نهایه المقال فی تکمله غایه الامال

اشارة

نام كتاب: نهاية المقال في تكملة غاية الآمال

موضوع: فقه استدلالى

نويسنده: مامقانى، ملا عبد اللّه بن محمد حسن

تاريخ وفات مؤلف: 1351 ه ق

زبان: عربى

تعداد جلد: 1

ناشر: مجمع الذخائر الإسلامية

تاريخ نشر: 1350 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

ص :1

نهاية المقال في تكملة غاية الآمال

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به ثقتي

الحمد للّه الّذي لا تحصى نعمه و لا تعدّ مواهبه و الصلاة و السّلام على أشرف رسله و أكرم بريّته و على الأطهار المعصومين من أهل بيته سيّما ابن عمّه و صهره و خليفته و الرّحمة و الرّضوان على حملة شرعه و حافظي طريقته و بعد فيقول المفتقر إلى اللّه الغنى عبد اللّه المامقاني عفى عنه ربّه ابن الشّيخ مدّ ظلّه انّى بعد ما حررت مبحث الخيارات من منتهى المقاصد مستوفى سنة ألف و ثلاثمائة و ستّ عشرة التمس سنة ألف و ثلثمائة و اثنتين و عشرين بعض علماء بلدة خراسان أيّام اقامتنا بها للزّيارة حضرة الشّيخ الوالد العلاّمة أدام اللّه ظلاله و جعلني فدائه إتمام غاية الآمال و تحرير الخيارات على نسق تعليقه على مكاسب الشيخ المحقّق العلاّمة الأنصاري الذي يقصّر عن وصفه الألسن و الأقلام أنار اللّه برهانه و أعلى في الرّوضات مقرّه و مقامه و بيعه فاعتذر روحي فداه بكثرة المشاغل و وفور الشواغل و أجاب التماسهم بتشريفه إيّاي بالأمر الأكيد على تحرير تعليق على مصنّف الشّيخ المعظم له في الخيارات على نمط مكاسب غاية الآمال و بيعه فامتثلت بعد الرّجوع من تلك السّفرة امره المطاع و أتيت بالميسور معتذرا به عن المعسور مسمّيا إيّاه بنهاية المقال في تكملة غاية الآمال مستمدّا من الملك المتعال انّه ولى ذلك و القادر عليه

الخيارات

مقدمتان

المقدمة الأولى في معنى الخيار

قال الشيخ المصنّف قدّس اللّه تربته الزكيّة الخيار لغة اسم مصدر من الاختيار اللام في الخيار للعهد الذكرى حيث قال قبل ذلك القول في الخيار (- اه -) مريدا باللاّم هناك الجنس و المراد هنا لفظ الخيار ثمَّ انّ كون الخيار لغة اسم مصدر من الاختيار ممّا صرّح به جمع من أهل اللغة قال في الصّحاح الخيار الاسم من الاختيار انتهى و مثله ما في القاموس و التّاج و اللّسان و غيرها و قال في النّهاية الأثيريّة و فيه اى في الحديث البيعان بالخيار ما لم يتفرّقا الخيار الاسم من الاختيار و هو طلب خير من الأمرين امّا إمضاء البيع أو فسخه (- اه -) و لكن ربّما يظهر من الفيومي في المصباح المنير خلاف ذلك حيث قال و الخيرة اسم من الاختيار مثل الفدية من الافتداء و الخيرة بفتح الياء من الخيار و الخيار هو الاختيار و منه يقال له خيار الرّؤية و يقال هو اسم من تخيّرت الشّيء مثل الطّيرة من تطيّر و يؤيّده قول الأصمعي الخيرة بالفتح و الإسكان و ليس بالمختار انتهى المهمّ ممّا في المصباح و وجه المخالفة انّه جعل الخيار و الاختيار شيئا واحدا و جعل الاسم منهما الخيرة ثمَّ أكد ذلك بمقابلة ما ذكره بقول من قال انّ الخيار اسم من تخيّرت الشّيء و أقول انّ المصرّحين بكونه اسم مصدر و إن كانوا جمعا كثيرين الاّ انّ ما ذكره النّحاة في الفرق بين المصدر و اسم المصدر يؤيّد مقالة الفيومي أعني كونه مصدرا و ذلك لأنّهم ذكروا انّ اسم المصدر هو الدّال على الحاصل من المصدر كالغسل حيث انّه الحاصل من الاغتسال فكان لفظ الاغتسال مصدرا و الغسل اسم مصدر و ذكروا أيضا انّ المصدر هو اللّفظ الّذي تجاوز فعله ثلثة أحرف و هو بزنة اسم حدث الثّلاثي كغسل و وضوء بضمّ أوّلهما في قولك اغتسل غسلا و توضّأ و ضوءا فانّ الغسل بزنة القرب و الوضوء بزنة الدّخول في قولك قرب قربا و دخل دخولا و من البيّن عدم وفاء شيء من الضّابطتين يكون الخيار اسم مصدر امّا الأوّل فلانّ معنى الخيار ليس حاصلا من الاختيار بل الاختيار فرع الخيار الّذي هو عبارة عن السّلطنة على الفسخ و امّا الثاني فلانّ الخيار ليس على زنة اسم الحدث الثّلاثي بل هو على زنة اسم الحدث المزيد اعني الضّرب الّذي هو من مصادر باب المفاعلة فبان من ذلك كلّه انّ مقتضى القاعدة كون الخيار مصدرا لاسم مصدر و ان صرّح جمع بكونه اسم مصدر فتأمّل قوله طاب ثراه و غلّب في كلمات جماعة من المتأخّرين في ملك فسخ العقد ظاهر العبارة وقوع النّقل في لفظ الخيار و قد صرّح بهذا المعنى فقيه آل يس (- قدّه -) حيث قال و شرعا حقيقة شرعيّة أو متشرعية ملك إقرار العقد اللاّزم و ازالته بعد وقوعه (- اه -) و أنت خبير بان دون إثبات النّقل في ذلك خرط القتاد بل الخيار لغة و عرفا و شرعا بمعنى الاختيار و التخيّر غاية ما هناك اختلافه باختلاف متعلّقاته فالخيار في العقود عبارة عن التخيّر بين فسخها و إمضائها و في غيرها عن التخيّر بين طرفيه فاللّفظ في كلّ من اللّغة و العرف و الشّرع بمعنى المشيّة في ترجيح أحد الطّرفين الجائزين لا انّ معناه لغة ذلك و شرعا غير ذلك و لا أقل من الشك في ثبوت النّقل و أصالة عدمه من الأصول المحكمة في أمثال المقام و العجب من بعضهم حيث سلّم النقل و قال انّه ليس من النّقل الى المباين لانّ معناه اللّغوي ملك مطلق الأمر الأعمّ من فسخ العقد و غيره قوله طاب ثراه على ما فسّره به في موضع من الإيضاح

ص:2

لا يخفى عليك ما في العبارة من المناقشة من حيث انّ تفسير الفخر للخيار بملك فسخ العقد غير قابل لان يكون علة لنسبة التّغليب إلى الجماعة و انّما كان يصحّ ان لو كان الفخر مفسّرا للخيار بعنوان بيان مصطلح المتأخّرين و عبارته خالية عن ذلك و انّما الموجود فيه (الإيضاح) بعد تعليل امتداد الخيار للوارث بامتداد المجلس الّذي مات فيه احد المتبايعين بأنّه مجلس ثبت فيه التخيير بين الفسخ و الإمضاء تخيّر المجلس و كلّ مجلس ثبت فيه التخيير تخيّر المجلس يمتدّ بامتداده و انّما يزول بمفارقته أو إسقاطه هو قوله و انّما قلنا التخيير و لم نقل الخيار لانّ الخيار ملك الفسخ و هو يحصل للوارث بالموت فهو قبل المجلس المذكور و امّا التخيير بين الفسخ و الإمضاء فمشروط بالعلم و الاستحالة تخيير الغافل انتهى فإنه ظاهره في تفسيره الخيار باجتهاده من دون ان يبيّن مراد الفقهاء (- رض -) و قد كان حقّ التّعبير ان يقول الماتن (- ره -) و غلب في كلمات جماعة من المتأخّرين منها الإيضاح في ملك فسخ العقد قوله طاب ثراه فيدخل ملك الفسخ في العقود الجائزة و في عقد الفضولي و ملك الوارث ردّ العقد على ما زاد عن الثلث و ملك العمّة و الخالة لفسخ العقد على بنت الأخ أو الأخت و ملك الأمة المزوّجة من عبد فسخ العقد إذا أعتقت و ملك كلّ من الزّوجين للفسخ بالعيوب غرضه بذلك الاعتراض على الجماعة بعدم كون تعريفهم مانعا و ربما أجاب عن ذلك فقيه آل يس بانّ المتبادر من العقد ما يقع مؤثّرا لأثره المقرّر له شرعا فلا يندرج فيه ما عدى الأخيرين بناء على توقّف ترتّب أثرها على على إمضاء من له الإمضاء كما انّ المتبادر من الملك في لسانهم ما يكون حصوله ناشئا عن سبب خاصّ مملك للفسخ شرعا فلا يندرج ما قبل الأخير لاستناده فيه إلى عدم ذلك السبب لا إلى وجوده و امّا ملك كلّ من الزّوجين للفسخ بالعيوب فلا ضير في دخوله و ان لم يكن ممّا يورث بعد ان يكون قابلا للإسقاط بناء عليه، لانّ ذلك كاف في اندراجه في حقيقة الملك هذا كلامه علا مقامه و أنت خبير بان ما ذكره من التّبادر لو تمَّ لاقتضى عدم اندراج ما عدى الأوّل و الأخيرين لا الأخيرين فقط لانّ العقد الجائز أيضا يقع مؤثّرا لأثره المقرّر له شرعا فإن كان لا بدّ من دعوى التّبادر فليقرّر بانّ المتبادر من العقد المضاف اليه الفسخ هو العقد الّذي مقتضاه بالذّات هو اللّزوم لو لا المانع و ما عدى الأخيرين غير مقتض للّزوم لأنّها بالذّات (- كك -) لكن الإنصاف سقوط دعويي التّبادر جميعا و الحقّ في الجواب انّ دخول ما ذكره من موارد ملك الفسخ انّما يقدح إذا قلنا بوقوع النّقل و انّ غرض المفسّر للخيار بملك فسخ العقد انّما هو بيان المعنى المنقول اليه و ليس (- كك -) لما مرّ من إنكارنا النقل من أصله قوله طاب ثراه و لعلّ التّعبير بالملك (- اه -) لا يخفى عليك ابتناء ما ذكره من كون التّعبير بالملك لبيان كون الخيارات للمعنونة من باب الحقوق لا الاحكام على كون المراد بالملك في عبارة الإيضاح هو المعنى المصطلح عليه المستلزم لجواز النّقل إلى الغير و الإرث و نحو ذلك و ليس (- كك -) قطعا بل المراد به انّما هو المعنى اللّغوي و هو التسلّط فمعنى قولهم الخيار ملك فسخ العقد هو انّ الخيار هو التسلّط على فسخ العقد و امّا التخير بين الإجازة و الرّد في الفضولي و التسلّط على الفسخ في العقود الجائزة فمندرجان في التّفسير غاية ما هناك عدم تعرّضهم لذلك هنا بل في محلّ يليق بكلّ منهما و كون قسم من المشيّة في ترجيح احد الطّرفين على الأخر من قبيل الحقوق و قسم أخر من قبيل الأحكام ممّا لا مدخل له في صدق التخيّر لغة و عرفا عليه كما لا يخفى بقي هنا شيء ينبغي التّنبيه عليه و هو انّ الخيار على ما عرفت عبارة عن السّلطنة على فسخ العقد و نقضه و قد ذكر بعضهم انّ السلطنة على الفسخ ليست بخيار نفسه بل هي من اثاره و احكامه و انّ الخيار حقّ خاصّ و اضافة مخصوصة بين العقد و الأشخاص يستتبع اثارا منها السّلطنة على الفسخ ثمَّ فرق بين الخيار و السّلطنة بأنّ الخيار من الحقوق يورث و يسقط بالإسقاط و السّلطنة كسائر الأحكام لا تورث و لا تسقط بالإسقاط ثمَّ استشهد على تغايرهما بأنّه قد لا يكون لذي الخيار سلطنة على الفسخ لحجره و قد يكون لغير ذي الخيار سلطنة كما في المستقبل بعد اقالة المقيل فانّ له الفسخ بناء على انّ الإقالة فسخ فاذا تبيّن انفكاك كلّ منهما من الأخر ظهر تغايرهما أقول انّ ما ذكره ممّا لا معنى له بل الخيار هو السّلطنة على الفسخ و تفسير الخيار بالإضافة المخصوصة بين العقد و الأشخاص لا يوجب مغايرة الخيار للسلطنة على الفسخ و دعوى كون الخيار من الحقوق و السلطنة من الأحكام كما ترى فإنّ السّلطنة على الفسخ أيضا إضافة مخصوصة بين العقد و الأشخاص و كما انّه يورث الخيار و يسقط بالإسقاط فكذا السّلطنة على الفسخ تورث و تسقط بالإسقاط و امّا ما استشهد به على مغايرتهما من انفكاكهما ففيه انّ المحجور عليه له كلّ من الخيار و السّلطنة على الفسخ شأنا و كونه محجورا عليه مانع من فعليّة تأثيرهما و بعبارة أخرى كما انّ مقتضى الخيار فيه موجود و انّما يمنع من تأثير المقتضى مانع و هو كونه محجورا عليه فكذا له مقتضى السّلطنة و يمنع من تأثيرها ذلك المانع لانّ مقتضى الخيار موجود مع المانع دون مقتضى السّلطنة فإنّ مقتضى كلّ من الخيار و السّلطنة انّما هو العقد مع بقاء المجلس أو كون المبيع حيوانا أو نحو ذلك و الفرض وجوده و كونه محجورا عليه مانع من تأثيره بالنّسبة إلى كلّ منهما و امّا تصوير السّلطنة بالنّسبة إلى المستقبل دون الخيار فان قلنا بعدم ثبوت نقل في لفظ الخيار و انّه باق على معناه اللّغوي و هو المشيّة في ترجيح احد الطرفين كما هو الحقّ لصدق الخيار على سلطنة المستقيل بعد اقالة المقيل على الفسخ أيضا و ان قلنا بثبوت اصطلاح فيه و عدم إطلاقه على غير الخيارات المصطلحة لقلنا انّ غاية ما هناك أعميّة السّلطنة من الخيار و ذلك غير ما يرومه ذلك البعض من تغايرهما ذاتا فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه من الحقوق لا من الأحكام قد كثر الكلام من المحقّقين في الفرق بين الحقّ و الحكم و لكنّهم لم يأتوا بضابط حاسم لمادّة الإشكال يرجع إليه في تشخيص الصّغريات و لذا اشتبه الأمر في جملة من الموارد و ليس ذلك لقصور فيهم شكر الله تعالى مساعيهم بل هو لقصور المبحوث عنه حيث انّ الاصطلاحين غير مأخوذين من الشّرع و لا جعل شيء منهما موضوعا لحكم في الكتاب و السّنة و انّما هما اصطلاحان جريا على السّنة المتأخرين و لذا لا حاجة لنا إلى تطويل المقال بنقل تمام ما قيل أو يقال و انّما نقتصر في ذلك على الإجمال فنقول لا ريب في انّ الحقّ و الحكم كلاهما مجعولان للشّارع الاّ انّ الحقّ مرتبة ضعيفة من الملك لوحظ في جعله الشّخص بحيث لا قوام له بدونه و الحكم لم يلحظ في جعله الشّخص و لذا انّ الأوّل يورث و يسقط بالإسقاط دون الثّاني و حيث انّه قد لوحظ الشخص في جعل الحقّ كان أثر الملاحظة جعل ربط بينه و بين الشّخص كالحبل الممدود بينهما فالحبل بيد الشّخص و متى فكّه من يده فامّا ان يكون على سبيل الأعراض و الإسقاط و امّا ان يكون على سبيل إعطاء الزمام بيد الغير فعلى الأوّل يزول الحقّ لفقد من يقوم به و يستحقّه و على الثاني ينتقل إلى الغير و متى مات ذو الحقّ قام وارثه مقامه و هذا بخلاف الحكم فإنّه لم يلاحظ الشّخص و لم يجعل الرّبط بينه و بينه حتّى يكون زمامه بيده يسقط بإسقاطه و ينتقل إلى الغير

ص:3

بنقله و إلى الوارث بموته فمثل حقّ الخيار و حقّ الشّفعة و نحوهما قد لوحظ الربط بينه و بين الشخص فإذا أسقطه سقط و إذا نقل إلى الغير انتقل و متى مات انتقل الى وارثه و هذا بخلاف حلّ الخبز و حرمة الخمر و كراهة الجبن و استحباب الهندباء و أمثال ذلك فإنّه لم يلحظ الربط في جعل تلك الأحكام بينها و بين الشخص و ان كان توجّه الخطاب بها إلى المكلّفين ثمَّ انّ السّقوط بالإسقاط و القابليّة للانتقال إلى الغير بالنّقل و إلى الوارث بالموت ليس من لوازم الحقّ دائما كما توهّم ضرورة انّه قد يكون الرّبط في مقام الجعل ملحوظا بين الشخص و بين المجعول و مع ذلك لا يسقط بالإسقاط و لا ينتقل إلى الغير بالنّاقل و لا إلى الوارث بالموت امّا المانع هناك كما في حقّ الاستمتاع أو لقوّة الرّبط و العلقة كحقّ الرّبوبية و المولويّة و الأبوة بل مطلق أقسام الولايات فليس كلّ حقّ موروثا و ساقطا بالإسقاط و منتقلا بالنّقل و لا كلّ ما لا ينقل و لا يسقط و لا يورث حكما فتلخّص من ذلك عدم ضابط هناك و لا دليل على شيء من الكلّيتين فلا بدّ في كلّ مورد من متابعة الدّليل و اللّه الهادي إلى سواء السّبيل قوله طاب ثراه و قد يعرّف بأنه ملك إقرار العقد و ازالته هذا التعريف قد صدر من عدّة من الأواخر و أبدل كاشف الظّلام الملك بالتسلّط و الظّاهر ان المراد واحد و زاد بعضهم التقييد بمدّة معلومة فقال و شرعا ملك إقرار العقد و ازالته بعد وقوعه مدّة معلومة و قد صدر ذلك من فاضل التنقيح و شيخ (- لك -) و سيّد الرّياض أيضا و اعترض على ذلك كاشف الظلام بانّ التقييد بمدّة معلومة يقتضي الاختصاص بالمشروط فيه الخيار إلى أجل معلوم فيخرج مثل خيار العيب و يمكن المناقشة فيه بانّ خيار الحيوان له مدّة معلومة و كذا خيار المجلس حيث انّ زمان الخيار زمان بقاء المجلس فكذا خيار العيب و الغبن و التّأخير و الرؤية بناء على فوريّتها فانّ المدّة (- ح -) هو الزّمان الّذي يمكن الفسخ فيه و قصر الزّمان لا يخرج ذلك عن المعلوميّة فتأمّل حتى يظهر لك عدم صدق المدّة المعلومة حتّى على القول بالفوريّة مع انّ بعض الخيارات ليس فوريّا و أيضا فالتّعريف ينبغي ان يكون على المذاهب و قد قال بعدم فوريّة عدّة من الخيارات جمع فالاعتراض في محلّه قوله طاب ثراه و يمكن الخدشة فيه بأنّه ان أريد (- اه -) فيه انّ التّصريح بكلا طرفي القدرة ممّا لا مانع منه أصلا سيّما بعد كون المراد ملك الأمرين جميعا بواسطة ملك التخيير بينهما لا كلّ واحد منهما بدون الواسطة حتّى يكون ذكر إقرار العقد مستدركا مع انّ كون القدرة و التسلّط على ازالة العقد عين التسلّط على ترك الفسخ على إطلاقه محلّ نظر بل منع فانّ من يجبره الحاكم على فسخ عقد لداع شرعي قادر على إزالة العقد و مسلّط عليه غير قادر على إبقائه على حاله إذ المراد هي القدرة الشرعيّة كما لا يخفى لا يقال انّ القدرة على الإزالة في الفرض ممنوعة بل هو مجبور على الإزالة غير قادر لأنّا نقول القدرة هنا غير منافية للمجبوريّة لانّ المراد بالقدرة هنا هو الملك و التمكّن فيصحّ ان يقال انّه مالك للإزالة و متمكّن منها دون الإقرار و المأخوذ في التعريف انّما هو الملك لا القدرة قوله طاب ثراه و ان أريد منه إلزام العقد و جعله غير قابل لان يفسخ ففيه انّ مرجعه إلى إسقاط حق الخيار فلا يؤخذ في تعريف نفس الخيار فيه منع كون مجرّد رجوع إلزام العقد إلى إسقاط حق الخيار مانعا عن أخذ الأوّل في تعريف الخيار لأنّ أوله انّما هو أوّل المسبّب إلى السبب و من الواضح إمكان أخذ أحدهما في تعريف الأخر و كفاك في ذلك تجويز العرف قولك الخيار هو التسلّط على إلزام العقد و فسخه و استقباحهم قولك الخيار هو التسلّط على إسقاط حقّ الخيار و إيجاد أثر العقد فإنّ الإلزام مسبّب و الإسقاط سبب و الفرق بينهما في مثل الفرض في غاية الوضوح قوله طاب ثراه مع انّ ظاهر الإلزام (- اه -) علّل هذا الظّهور والدي العلاّمة أدام اللّه تعالى ظلاله بانّ انفساخ العقد من احد الطّرفين مع بقائه من الطّرف الأخر غير معقول فقرينة المقابلة تقضى بأنّ الإلزام أيضا يراد به المطلق هذا و لكن يمكن منع الظّهور بل الخيار هو التسلّط على كلّ من الإلزام و الفسخ فان ثبت لأحدهما كان الإلزام من طرفه خاصّة و ان ثبت لهما كان الإلزام من الطّرفين و ذكر الإلزام في مقابل الفسخ و إن كان يمكن كونه قرينة على إرادة الإلزام المطلق كما انّ المراد هو الفسخ المطلق الاّ ان قرينة إرادة مطلق الإلزام أقوى و لو سلم فلا ضير في دعوى كون الخيار المشترك داخلا حكما و ان خرج موضوعا فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ما ذكرنا من معنى الخيار (- اه -) لا يخفى عليك ما في مراده بما ذكره من الاشتباه لانّه لم يعلم انّ مراده هو التّعريف الأوّل و الثّاني و ان كان الظّاهر انّ مراده به هو التعريف الأوّل بضميمة قوله و لعلّ التعبير بالملك (- اه -) و على كلّ حال فالتّبادر الّذي ادّعاه محلّ منع جدّا قوله طاب ثراه و سلطنة الرّجوع في الهبة (- اه -) ممّا ورد في الهبة ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن إبراهيم عن عبد الرّحمن بن حماد عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك فاذا خرجت إلى صاحبها فليس لك ان ترجع فيها الحديث أطلق الخيار على سلطنة الرّجوع في الهبة و هو مؤيّد لما مرّ منّا من دعوى بقاء الخيار على ما معناه اللّغوي

المقدمة الثانية في أصالة اللزوم

قوله طاب ثراه ذكر غير واحد تبعا للعلاّمة في كتبه انّ الأصل في البيع اللّزوم ظاهر العبارة كون تأسيس ذلك من العلاّمة (- ره -) و انّه لم يسبقه في ذلك احد من الفقهاء (- رض -) و هو (- كك -) ان أراد التّصريح بذلك و الاّ فذلك ظاهر كلام جمع ممّن تقدّمه أيضا و الأمر سهل و في مجمع الفائدة بعد نقل كلام (- كرّة -) انّه لعلّه يظهر عدم الخلاف في انّ مقتضى البيع هو اللّزوم مستندا إلى الكتاب و السّنة انتهى قوله طاب ثراه لانّ الشّارع (- اه -) ظاهر العبارة صدور جعل من الشّارع في البيع و هو كما ترى إذ لم يصدر منه الاّ الإمضاء الاّ ان يريد من وضعه تصرّفه بالإمضاء بعد إن كان أصل وضع البيع فيما بين النّاس على اللّزوم قوله طاب ثراه و الغرض تمكين كلّ من المتعاقدين (- اه -) هذا وجه ثان لأصالة اللّزوم و حاصله انّه لو لا اللزوم لانتفى الغرض المقصود من إيقاع العقد و هو تمكن كلّ من المتعاقدين من التصرّف فيما انتقل اليه فاللزوم مقتضى وضعه عند العرف قوله طاب ثراه احتمله في (- مع صد -) أقول قال في (- مع صد -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) في عدّ الأصل في البيع اللّزوم ما لفظه أي بناؤه على اللّزوم لا على الجواز و إن كان قد يعرض لبعض افراده الجواز و انّ الأرجح فيه ذلك نظرا إلى انّ أكثر أفراده على اللّزوم انتهى و ظاهره دعوى غلبة الأفراد و ربّما زاد على ذلك الفقيه المحقق الشّيخ على نجل الشّيخ الأجل الأكبر الشيخ جعفر (- قدّهما -) دعوى غلبة الأزمان حيث قال أو بمعنى الغالب في البيع اللّزوم حيث يراد عموم الأزمان و الأفراد و لا ينافي ذلك اقتضاء المصلحة لعروض الجواز عليه في بعض الأزمان أو في بعض المواطن كأسباب الخيار المشهورة أو فوات شرط معيّن أو وصف معيّن أو عروض الشّركة قبل القبض أو تبعّض الصّفقة و نحو ذلك أو عروض الفسخ بالإقالة أو الانفساخ بالتّلف قبل القبض و التّحالف عند التخالف في تعيين المبيع أو الثّمن في وجه إلى غير ذلك انتهى و ربّما احتمل فقيه آل يس (- قدّه -) عدم كون مراد المحقّق الثّاني (- قدّه -) بعبارة نسبه اليه المصنف (- رض -) و كون مراده انّ ظاهر صيغ العقود و الإيقاعات لغة و عرفا كون المنشأ بها مأخوذا فيها على جهة اللّزوم الّذي ينافيه

ص:4

الفسخ من دون الرّضا امّا لكونها موضوعة أو لاقتضاء الإطلاق ذلك فيكون أدلّة مشروعيّتها كافية في إثباته بناء على عدم ثقلها شرعا إلى ما يغاير معانيها عرفا فتأمّل قوله طاب ثراه و فيه انّه ان أراد غلبة الأفراد فغالبها ينعقد جائزا لأجل خيار المجلس أو الحيوان أو الشرط أقول فيه انّه لا وجه لهذا التّرديد بعد ظهور كلامه بل صراحته في إرادته غلبة الأفراد و (- ح -) فيكون الإيراد متّجها و يمكن الإيراد على المحقّق الثّاني بوجه أخر هو انّه بعد تسليم الغلبة في كلّ من الأفراد و الأزمان فلا دليل على حجّيتها كي تكون مستندا للأصل و الأصل حرمة العمل بالظنّ ثمَّ انّ ما ذكره الماتن (- رض -) من الإيراد قد صدر ممّن قبله أيضا على ما حكاه الشّهيد (- ره -) في محكي حواشيه حيث قال أورد هنا سؤال و هو انّ البيع لا ينفك عن خيار المجلس فيثبت فيه الخيار فيكون الأصل في البيع ثبوت الخيار لا اللّزوم ثمَّ قال و الجواب انّه ان أريد بالمجلس مجلس القرار معناه لجواز تجرّده في نحو المتعاقدين سائرين و ان أريد به مطلق المجلس حملناه على مجلس القرار انتهى ما عن الحواشي و هذا الجواب الّذي ذكره لا ربط له بالسّؤال لأنّ غرض السّائل القدح في الأصل بأنّ الغالب ثبوت الخيار لا اللّزوم فالجواب بما ذكره لا يرفع ذلك و اعترض عليه في مفتاح الكرامة بأنّ المتعاقدين سائرين في حكم المتعاقدين مستقرّين ما لم يتقدّم أحدهما على الأخر بخطوة ثمَّ قال الاّ ان يكون أراد بالسّائرين السّائرين متعاكسين انتهى و بالجملة فلا ربط لشيء من ذلك لما ذكره المورد إذ المورد لا ينكر اللّزوم مطلقا حتّى يجاب بسقوط الخيار بانتفاء سببه كالتفرّق و نحوه و انّما يقول ان الغالب وقوع البيع مقرونا بخيار من الخيارات فما معنى قولكم انّ الأصل في البيع اللّزوم و على هذا فالجواب بجواز تجرّد العقد عن الخيار في بعض الأحيان كما في المتعاقدين سائرين لا وقع له لعدم منافاة البعض للغلبة و بالجملة فالجواب عن السّؤال بناء على دعوى غلبة اللّزوم في البيع ممّا لا يتم فالأولى في الجواب ان يقال انّا انّما ندعي كون الأصل اللّزوم من باب دلالة الدّليل عليه فلا يقدح ثبوت الخيار في جملة من المواضع بدليل خاصّ مخصّص بدليل كون الأصل في البيع اللّزوم و لعلّه إلى ذلك يرجع ما أجاب به الفقيه الغروي (- ره -) بقوله في شرحه على خيارات اللّمعة انّ طروّ الجواز عليه في بعض الأحيان لا ينافي كون مشروعيّة على اللّزوم و الافتراق في الحقيقة رافع للمانع لا جزء من المقتضى و المقتضى لللزوم العقد بمقتضى ذاته الا ترى انّه لو اشترط سقوطه و بقي العقد بمقتضى ذاته سليما عن المعارض قضى باللّزوم على انّه لو لم ينفكّ البيع عن خيار المجلس لربّما أمكن القول بذلك و من المعلوم انفكاكه في عدّة مواضع كما إذا اشترط سقوطه أو اشترى من ينعتق عليه أو اشترى ليرث أو أسلم عبده الذّمي و بيع عليه أو قهر الحربي قريبه و باعه أو اشترى العبد نفسه ان جوزناه و كما في ذي الحقوين أو عقد الواحد عن اثنين عند بعض إلى غير ذلك انتهى فتدبّر قوله طاب ثراه و ان أراد غلبة الأزمان فهي في الأفراد المشكوكة (- اه -) ناقش فيه بعضهم بإمكان دعوى انّه إذا شكّ في لزوم فرد من البيع و جوازه فلا محالة يكون الشك في جوازه في زمان خاصّ فيلحق بالغالب من حيث الأزمان فينفع في الأفراد أيضا غاية الأمر جريان الحكم في الأفراد بسبب ملازمتها للازمان و ذلك غير ضائر قوله طاب ثراه مع انّه لا يناسب ما في القواعد من قوله و انّما يخرج من الأصل لأمرين ثبوت خيار أو ظهور عيب وجه عدم المناسبة على ما نبّه عليه الشّيخ الوالد العلامة جعلني الله تعالى فدائه هو انّ الخيار يثبت من أوّل وقوع العقد لا في الأزمنة المتأخرة حتى يكون ثبوته في شيء منها خروجا عن الغلبة بحسب الأزمان قوله طاب ثراه القاعدة المستفادة من العمومات (- اه -) هذا التّقرير هو الظّاهر من المحقق الأردبيلي (- ره -) و جماعة و يأتي الكلام في العمومات عند تعرّض الماتن (- ره -) لها فيما يأتي في مقام استعلام موارد جريان هذا الأصل (- إن شاء الله -) قوله طاب ثراه و هذا حسن لكنّه لا يناسب ما ذكره في كرّة في توجيه الأصل وجه حسنه متانته و وجود العمومات الدالّة عليه الّتي هي حجج شرعيّة و ليست مثل الغلبة حتى يناقش فيها أو مثل الاستصحاب حتّى يناقش بعدم كون الأصل المذكور (- ح -) أصلا برأسه و وجه عدم مناسبته لما في (- كرة -) انّه جعل في كرّة مستند الأصل الاستصحاب دون العمومات قوله طاب ثراه الاستصحاب أقول هذا هو الّذي سمعت من كرّة التّصريح به و تقريره انّ مقتضى اخبار عدم جواز نقض اليقين الاّ بيقين مثله هو بقاء اثر السّبب المعلوم حصوله عند حصول سببه الشّرعي و مصاحبة خيار المجلس في البيع مثلا أو غيره من وجوه الخيارات لا ينافي استصحاب اللزوم الذي يقتضيه السّبب بذاته لو لا المانع من تحقّقه فعلا و لا نريد باللّزوم الاّ عدم إمكان التسلّط شرعا على الفسخ من حيث نفس السّبب لا مطلقا و قال الشّيخ الفقيه الغروي (- قده -) في تقرير الاستصحاب انّ الأصل دوام ما كان سواء قلنا ببقاء الأكوان و احتياجها إلى المؤثّر أو قلنا بعدمه و عدم احتياجها استنادا إلى العرف و الشّرع فكلّما صدر من عبادة أو عقد أو إيقاع أو حكم يحكم ببقاء حكمه حتّى يثبت المزيل له و الخيار مبنى على رفع البقاء على بعض الوجوه فما يقال من انّ الخيار هو القدرة على الفسخ و لا ملازمة بينه و بين الفسخ الفعلي و المضاد للاستصحاب انّما هو الثّاني لا الأوّل لا وجه له لانتفاء الأول بانتفاء الثّاني حيث ينفى شرعا فتأمّل انتهى و وجه الأمر بالتأمّل ظاهر ضرورة انّ انتفاء الفسخ الفعلي شرعا ممّا لا يعقل له معنى الاّ نفي الشّارع القدرة على الفسخ و (- ح -) فعدّ عدم القدرة على الفسخ و نفي الشارع من الفسخ الفعلي شيئين متلازمين ممّا لا معنى له بل هما شيء واحد ثمَّ انّه لا يخفى عليك انّ الاستصحاب بالتقريب المذكور انّما يتمّ بناء على حجية الاستصحاب عند الشك في المقتضى أيضا و امّا على القول بعدم حجيّة إلاّ عند الشك في المانع بعد إحراز المقتضي فلا ضرورة عدم العلم باقتضاء العقد اللّزوم لو لا المانع و بعبارة أخرى نعلم انّ العقد أوجب انتقال كلّ من العوضين إلى غير صاحبه الأوّل و لكن لا نعلم مقدار استعداد ذلك للبقاء و انّه هل يبقى بعد عروض فسخ أحدهما أم لا لكن الإنصاف كون الاستصحاب هنا في رافعيّة الفسخ من أحدهما بعد إحراز استعداد الانتقال للبقاء لو لا المانع فالشك هنا في رافعيّة الشّيء الموجود مع انّه لو كان من الشك في المقتضى كان حجّة عندنا لإطلاق الأخبار لا تنقض المؤيّد بخصوص خبر القاساني الّذي مورده من الشك في المقتضى قطعا و امّا إشكال وقوع العقد جائزا بسبب المجلس فيستصحب الجواز و قد سمعت الجواب عنه و يأتي من المصنّف (- ره -) الإشارة إلى جوابه أيضا و ان شئت قلت انا ثبت اللّزوم بالاستصحاب حيث لا مجلس و لا سبب غيره من أسباب الخيار و نجري اللّزوم في غير ذلك بعد انقضاء المجلس في مورد وجوده بعدم القول بالفصل و ربّما نوقش في الاستصحاب بوجه أخر يأتي من المصنّف (- ره -) الإشارة اليه و إلى جوابه بقوله فيما يأتي و ربّما يقال انّ مقتضى الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك من العين (- إلخ -) قوله طاب ثراه الرّابع المعنى اللّغوي (- اه -) لا يخفى عليك ما في جعل هذا التقرير للأصل قسيما لما مرّ من التّقريرات ضرورة انّ كون وضع البيع شرعا على اللّزوم مجرّد دعوى فيلزم التعلّق في إثباته بالعمومات فيرجع إلى التقرير الثاني

ص:5

الاّ انّ يوجه بانّ وضع البيع عرفا و عادة على اللّزوم و الإمضاء من الشّارع انّما ورد على المتعارف المعتاد فكان شرعا (- كك -) قوله طاب ثراه نعم لو كان في أوّل انعقاده محكوما عليه (- اه -) ربّما زاد بعضهم على الماتن (- ره -) فادّعى عدم قدح ثبوت خيار المجلس في أصالة اللزوم بالتقرير الرّابع حتى بناء على كون الخيار حكما نظرا إلى إمكان دعوى ان وضع البيع عرفا و عادة على اللّزوم من أوّل الأمر و قد امضى الشارع ذلك بعد استثناء زمان كونهما في المجلس فذلك الزمان خرج تعبّدا و بقي ما بعده و لا يخلو ذلك من نظر قوله طاب ثراه و انّما جعل الخيار (- اه -) أراد بذلك دفع ما قد يدخل من انّا نجد وقوع العقد جائزا و بقائه على الجواز ما داما في المجلس و وجه الاندفاع انّ الجواز ليس من لوازم ذاته و لذا يسقط بالإسقاط و لا يثبت من رأس عند العقد متفارقين نعم لو كان الجواز من لوازم ذات البيع كما في الهبة لكان الدّخل في محلّه قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا ظهر وجه النظر في كلام صاحب الوافية (- اه -) ذكر ذلك في الوافية في ذيل الكلام على شرائط الرّجوع إلى أصل البراءة حيث غري إلى الشهيد (- ره -) في (- عده -) استعمال لفظ الأصل في مواضع منها صحيح و منها ما لا يذهل له وجه و عدّ من ذلك جملة من المواضع ثمَّ قال و أنت بعد ما أحطت بشرائط العمل بالأصل تتمكّن من معرفة الصحيح من غيره بعد اطلاعك في الجملة على الفروع الفقهيّة مثلا قوله الأصل في البيع اللّزوم ليس له وجه لانّ خيار المجلس ممّا يعمّ أقسام البيع و هكذا انتهى و وجه النّظر انّ خيار المجلس حق و ليس حكما حتى يقتضي كون ذات البيع مبنيّا على الجواز و ينافي المطلوب قوله طاب ثراه و سيأتي ما فيه (- اه -) أشار بذلك إلى قوله فيما يأتي بعد صفحة و ان أريد بها العلاقة الّتي كانت في مجلس البيع قوله طاب ثراه بقي الكلام في معنى قول العلاّمة في (- عد -) و (- كرة -) لا يخفى ما في العبارة من الخرازة إذ ليس عبارة (- كرة -) الاّ على الوجه الّذي سنحكيه عنها فحذف اجزاء الكلام و نسبة ما بقي إليها و البحث عن معناه ممّا لا معنى له كما نبّه على ذلك في غاية الآمال قوله طاب ثراه و توجيهه بعطف العام على الخاصّ كما في (- مع صد -) غير ظاهر (- إلخ -) ما نسبه إلى (- مع صد -) لم نجده فيه لانّه قال في (- عد -) الأصل في البيع اللّزوم و انّما يخرج عن أصله بأمرين ثبوت خيار و ظهور عيب انتهى و في (- مع صد -) ما لفظه ظهور العيب أيضا مقتضى للخيار فكان حقّه الاستغناء به الاّ ان يقال انّ ثبوت الخيار لا بسبب نقصان في نفس العين و صفاتها قسم برأسه و بسببه قسم أخر و انّ مباحث العيوب لسعتها حقيقة بأفراد فصل لها فلأجل ذلك جعل العيب قسما برأسه و هذا هو الملحوظ له و المطابق لفعله فإنّه في أقسام الخيار قال السابع خيار العيب و سيأتي انتهى و هذه العبارة كما ترى خالية عما غراه المصنف (- ره -) اليه و ليس في غيرها من كلماته تعرّض للتّوجيه المذكور و ربّما استظهر الشيخ الوالد العلاّمة أدام اللّه ظلاله انّ المصنف (- ره -) استنبط التّوجيه بعطف الخاصّ على العام من قوله أو انّ مباحث العيوب لسعتها حقيقة بأفراد فصل لها بتقريب أنّ سعة مباحثها لا توجب المباينة و انّما توجب الاعتناء و الاهتمام بها و افرادها بالذكر كما هو الشّأن في كلّ خاصّ أفرد بالذكر في مقابل العام و معلوم انّه قد وقع ذكرها بالعطف فيكون من عطف الخاصّ على العام ثمَّ اعترض روحي فداه عليه بانّ ما ذكره من سعة مباحث العيوب و استحقاقها لافراد فصل لها بخصوصها لا يدلّ على عطف الخاصّ على العام لا مطابقا و لا تضمّنا و لا التزاما حتّى يعترض عليه بانّ العطف الواقع في الكلام من قبيل عطف احد المتباينين على الأخر أمّا انتفاء الأوّلين فظاهر و امّا انتفاء الأخير فلأنّه يمكن ان يكون غرضه توجيها أخر للمباينة نظرا إلى انّها لما استحقّت لسعتها و كثرة مباحثها افراد فصل لها خرجت عن عنوان الاندراج تحت الكلّى الشّامل لها و صارت بمنزلة المباين فالعطف من قبيل المباين على المباين و لا أقلّ من سريان هذا الاحتمال في كلامه فلا وجه للاعتراض عليه بانّ المعطوف مباين للمعطوف عليه فكيف يجعل من قبيل عطف الخاصّ على العام لانّ مثل هذا الاعتراض انّما يتجه لو صرّح بأنّه من عطف العامّ على الخاصّ و قد عرفت عدم وقوعه هذا كلامه دام ظلاله و هو موجّه متين قوله طاب ثراه نعم قد يساعد عليه ما في (- كرة -) (- اه -) أي يساعد على توجيه ما في (- عد -) ما في (- كرة -) يعنى انّ ما في (- كرة -) يكون موجّها لما في (- عد -) لدلالته على المباينة و ربّما نوقش في ذلك بجريان الإشكال المتقدم في عبارة (- كرة -) أيضا من حيث المقابلة بين ثبوت الخيار و ظهور العيب لا ثبوت الخيار من جهة العيب حتّى تفترق العبارتان فتأمّل قوله طاب ثراه للتروّي خاصّة أي التدبّر و النّظر في أمر البيع حتى يدرك ما فيه صلاحه من الفسخ أو الإمضاء و قد أشار إلى ذلك بقوله في (- كرة -) في المسئلة الثانية من مسائل خيار المجلس و مقصود الخيار التروّي لدفع الغبن عن نفسه انتهى قوله طاب ثراه لكنّه مع عدم تمامه (- اه -) الوجه في عدم تماميّته ما أشار روحي فداه إليه في غاية الآمال من انتقاض الحصر ببيع الفضولي بناء على ما عرفت من انّ السّلطنة على الإجازة و الردّ فيه لا يسمّى خيارا على ما هو المتبادر من كلمات المتأخّرين و ببيع المعاطاة على مذهب المحقّق الثّاني (- ره -) من كونها بيعا قوله طاب ثراه و يمكن توجيه ذلك (- اه -) هذا التّوجيه انّما يتمّ ان لو كان العيب موجبا للأرش معيّنا و ليس (- كك -) بل هو موجب للتخيّر بين أخذ الأرش و بين الفسخ و من هنا وجّه بعضهم كلام العلاّمة (- ره -) بانّ التزلزل الحاصل في المعيوب لمّا كان موجبا لأحد الأمرين فسخ العقد و أخذ الأرش بخلاف التزلزل الحاصل في موارد سائر الخيارات حيث يوجب الفسخ فقط فلذا جعلهم لشيئين و عطف أحدهما على الأخر قوله طاب ثراه فالعقد بالنسبة إلى جزء من الثمن (- اه -) (11) ربّما نوقش في ذلك بعدم تعقّل الفسخ بالنسبة إلى جزء من الثمن الاّ بردّ ما يقابله من الثّمن ضرورة اقتضاء مقابلة المجموع بالمجموع مقابلة الأبعاض بالأبعاض فرجوع جزء من الثّمن إلى المشتري يقتضي رجوع مقابلة من الثّمن إلى البائع فلا بدّ من التزام كون هذا الفسخ مزيدا للعقد على تمام المبيع بتمام الثّمن موقعا إيّاه على مجموع المبيع و ما بقي من الثّمن فالتزلزل (- ح -) بالنّسبة إلى تمام العقد لا خصوص جزء من الثّمن قوله طاب ثراه لكنّه مبنىّ (- اه -) (12) أورد عليه بإمكان تصحيحه حتّى بناء على كون الأرش غرامة و عدم كونه جزءا من الثمن نظرا إلى عدّ العرف إيّاه جزء من الثّمن قد ردّ إلى المشتري فكأنّه قد انفسخ البيع الأول الواقع على المجموع و حدث بيع أخر واقع على ما بقي فالأرش و ان لم يكن جزءا حقيقة الاّ انّه بمنزلة الجزء ثمَّ استشهد على كونه بمنزلة الجزء بأنّه لو فرض فسخ البيع بعد أخذ الأرش بسبب أخر استرجع البائع الأرش أو ردّ إلى المشتري ما عدى مقداره من الثمن و لم يكن له دعوى كونه غرامة خارجيّة قد استوفاها و أقول انّ الإيراد المذكور غير متّجه و التّصحيح سقيم ضرورة أنّ مسامحة العرف يعدّ غير الجزء جزءا لا ينفع في تصحيح المطلب و حدوث بيع جديد ممّا لا يمكن التفوّه به و ما استشهد به عليل لانّ الفسخ يرفع العقد و ما كان من شئونه و الأرش من شئونه و ليس ذلك كأنّما حيث

ص:6

انّ ذلك صار ملكه قبل الفسخ و لا ربط له بالمعقود عليه بوجه بخلاف الأرش فتأمل قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الأصل بالمعنى الرّابع انّما ينفع (- اه -) يمكن المناقشة فيه بمنع كون الشك في لزوم عقد غير البيع من الشك في الحكم الشّرعي مطلقا بل قد يكون من الشك في الموضوع دون الحكم فيجري نظير تقرير الأصل بهذا المعنى في كلّ عقد كان بناء أهل العرف و العادة فيه على الجواز بدعوى ورود الإمضاء من الشّارع على ذلك المتعارف بين النّاس فاذا كان بنائهم على لزومه علم ورود الإمضاء على ذلك فيكون الأصل فيه اللّزوم قوله طاب ثراه فمنها قوله أَوْفُوا بِالْعُقُودِ دل على وجوب الوفاء بكلّ عقد (- اه -) وجه الدّلالة على الوجوب تضمّنه لصيغة الأمر التي هي حقيقة في الوجوب و اللاّم للاستغراق الموجبة لعموم العقود لكن ربما نوقش في عموم العقود بما ستسمع عند ثقل الإشكالات الموجّهة إلى التمسّك بالآية مع أجوبتها (- إن شاء الله -) (- تع -) قوله طاب ثراه و المراد بالعقد مطلق العهد (- اه -) قد ذكر المفسّرون و أهل اللّغة للعقود في الآية معاني الأول مطلق العهود الثّاني العهود الّتي أخذ الله سبحانه على عباده بالإيمان به و طاعته فيما أحلّ لهم أو حرّم عليهم حكاه الطّبرسي في محكي مجمع البيان عن ابن عبّاس قال و في رواية أخرى قال هو ما أحلّ و حرّم و ما فرض و حدّ في القران كلّه فلا يتعدّوا فيه و لا ينكثوا قال و يؤيّده قوله تعالى اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إلى قوله وَ لَهُمْ سُوءُ الدّارِ الثّالث عقود أمير المؤمنين عليه السّلام فعن علىّ بن إبراهيم في تفسيره عن الجواد عليه السلام انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عقد عليهم لعلىّ عليه السلام بالخلافة في عشرة مواطن ثمَّ انزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الَّتي عقدت عليكم لأمير المؤمنين (- ع -) الرّابع العهود الّتي كان أهل الجاهليّة عاهد بعضهم بعضا فيها على النّصرة و الموازرة و المظاهرة على من حاول ظلمهم و بغاهم أى أراد بهم سوء و ذلك هو معنى الحلف حكاه الطّبرسي عن ابن عبّاس و مجاهد و الرّبيع و ابن انس و قتادة و الضحّاك و السّري الخامس ان ذلك أمر من اللّه تعالى لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم بالعمل بما في التورية و الإنجيل في تصديق نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و ما جاء به من عند اللّه تعالى حكاه الطّبرسي عن ابن جريح و ابن صالح السّادس العقد الذي يتعاقدها النّاس بينهم و يعقد المرء على نفسه كعقد الأيمان و عقد النّكاح و عقد العهد و عقد البيع و عقد الحلف حكاه الطّبرسي عن ابن زيد و زيد بن أسلم و أقول لا ريب في ظهور كلمة العقود في العموم فتخصيصها بقسم خاصّ خلاف الظّاهر و من هنا لا يختصّ بعهود أمير المؤمنين عليه السّلام غاية ما هناك شمولها لها لكونها من جملة مصاديقها و افرادها و ذلك لا يوجب سقوط الآية عن مرتبة الدّلالة بالنّسبة إلى سائر مصاديق العقود و افرادها لانّ المورد لا يخصّص اللّفظ العامّ كما تقرّر في محلّه و على فرض تسليم الاختصاص بتلك العهود فلا ريب في كون ذلك من البطون و التّأويلات بل لا يخفى على المتتبّع الخبير ورود تأويل أكثر الآيات بأمير المؤمنين (- ع -) و أولاده المعصومين صلوات اللّه عليه و عليهم أجمعين و ذلك لا ينافي التمسّك بظواهرها بل ربّما يقال بناء على الاختصاص و عدم جواز التمسّك بالظّاهر انّ الميثاق لأمير المؤمنين عليه السلام عبارة عن وجوب اطاعته و ثبوت ولايته و قبوله مستلزم للالتزام بالأحكام كلاّ لكون التخلّف عنه تخلّفا عن إطاعته في ذلك الجزء المتخلّف عنه و من جملة التّكاليف العقود لكن فيه عدم إمكان التمسّك بالآية (- ح -) لتصحيح العقود المشكوك فيها لانّ طاعته تحصل بالامتثال فيما ثبت صحّته من العقود و كيف كان فالوجه الثّالث من الوجوه الستّة المتقدّمة ممّا لا مجال للالتزام به لاستلزامه التقييد من غير مقيّد و مثله الثّاني و الرابع لخلوهما عن القرينة المخصّصة لعموم اللّفظ و دعوى شهادة ما بعد الآية بالتخصيص بالعهد بالمعنى الثاني نظرا إلى انّ قوله (- تع -) أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ تفصيل بعد إجمال العقود كما صدرت من بعض المفسّرين لا وجه لها ضرورة انّ لازم ذلك اختصاص العقود بالأحكام الخمسة خاصّة و إطلاق العهد عليها خلاف الظّاهر و المعيار في باب الألفاظ على الظّهورات و لا قابليّة لما بعد الآية لان يكون قرينة لحملها على خلاف الظّاهر و امّا التّفسير الخامس ففساده أظهر من ان يحتاج إلى بيان لانّه مع كونه تخصيصا من غير مخصّص فيه انّ الخطاب للّذين أمنوا لا للّذين كفروا فلا ربط له بحال أهل الكتاب أصلا كما لا يخفى على المتأمّل فانحصر المراد ظاهرا على ما يقتضيه عموم اللّفظ في الأوّل و السّادس و على كلّ منهما فالآية تكون وافية بالدّلالة على مطلوب الجماعة من هذه الجهة هذا و ربّما ناقش بعضهم في دلالة الآية على التفسير الأوّل بأنّ المراد بالعقود إن كان مطلق العهود أعمّ من التّكاليف الإلهيّة و العهود الّتي بين الخلق و الخالق كالنّذر و شبهه و العهود الّتي بينهم بعضهم مع بعض كان اللاّزم امّا جعل الأمر للوجوب و إخراج المستحبّات و العقود الجائزة من باب التخصيص و امّا جعل الأمر للقدر المشترك بين الوجوب و النّدب فيشملهما و (- ح -) فتسقط الآية عن الدّلالة و فيه انّ الأمر حقيقة في الوجوب و التّخصيص اولى من المجاز كما اعترف به المورد فلا وجه لسقوط الآية عن الدلالة قوله طاب ثراه و المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد في نفسه (- اه -) قد ذكروا للوفاء المأمور به معاني أحدها ان يكون المراد بيان وجوب القيام بالمعقود دائما حتى يرد المزيل الشّرعي فتدل الآية (- ح -) على وجوب العمل على مقتضى كلّ عقد يعقدونه مطابقا لحكم العقل بحسن الوفاء بالعهد كما يشير اليه قوله صلّى اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم فيكون إيجابا للوفاء بكلّ عهد و شرط الاّ ما خرج بالدّليل فيكون معنى الآية انّه يجب الوفاء بكلّ عهد موثّق بينكم و بين اللّه كالنّذر و أشباهه أو من الله تعالى إليكم كالايمان به المعهود في عالم الذّر و بعده و أداء امانة التكليف التي حملها الإنسان أو بين أنفسكم بعضكم مع بعض كالبيع و أشباهه أو بين أنفسكم مع أنفسكم كالالتزامات و الاشتراطات على النّفس من غير جهة النّذر فيكون الأصل وجوب الوفاء بكل عهد موثّق خرج ما خرج بالدّليل كالشركة و المضاربة و أمثالهما فإنّها و إن كانت صحيحة لدليل الاّ انّها ليست بلازمة بالدّليل الخارجي و كالمغارسة و شركه الوجوه و الأبدان فإنّها محظورة رأسا من الخارج فكلّما يندرج في تجارة عن تراض يثبت صحّته منه و لزومه بتلك الآية و ما لا يندرج فيه لا يثبت صحّته و لزومه معابها بل يثبت الصّحة و اللزوم بهذه الآية (- ح -) لكونها مؤسسة للحكم و مقتضاه حلّية كلّ عقد و ترتّب ثمرته الّتي أرادها واضعوه خرج ما خرج بالدّليل و بقي الباقي فأصالة اللّزوم تثبت من الشّرع فيرجع في مجهول الحال إلى الآية و يحكم بصحّته و لزومه من دون حاجة إلى تتبّع أحوال العرف في انّ بنائهم كان على اللزوم أو الجواز فتثبت من الآية أصل الرّخصة و الإيجاب و اللّزوم إلى ان يثبت المنع و الاستحباب و عدم اللّزوم بدليل خارجي و يلزم من هذه المقالة سقوط ما صدر عنهم في بعض المقامات من منع الصحّة نظرا إلى انّ العقود من الوظائف الشرعيّة فهي موقوفة على التّوظيف و انّه لم يرد عليه نصّ بالخصوص ضرورة انّ عدم ورود نصّ بالخصوص لا يدلّ على عدم التّوظيف بعد ثبوته بالعموم ثانيها انّ المراد بيان الصّحة و ترتّب

ص:7

الثّمرة التي كانت منظورة للمتعاقدين يعني ما تعاقدون عليه بينكم فقد اجزته و رتّبت عليه الثّمرة الّتي تريدون منه فصار شرعيّا بان يكون الأمر من باب رفع الحظر و إثبات محض الرّخصة و جواز ما يفعلون و يلزمه ان يصير كلّما كان عندهم على وجه اللّزوم لازما و على وجه الجواز جائزا و لكن الآية على هذا لا تفيد كون الأصل في العقود اللّزوم بل الصّحة فقط فيحتاج إلى تتبع أحوال أهل العرف و متابعتهم في اللزوم و الجواز بل لا تفيد الآية حينئذ إلاّ صحّة العقود المتداولة بينهم حين الخطاب فلا يمكن التمسّك بها لتصحيح ما شكّ في صحّة من العقود كما لا يخفى ثالثها انّ المراد انّ ما جوّزنا لكم و حلّلناه و رتّبنا عليه الثّمرة من العقود فيجب عليكم الوفاء بمقتضاه مثل انّ عقد البيع في العرف كان هو نقل عين بعوض معلوم و قد صحّحه الشّارع و جوّزه و رتّب عليه الثّمرة الّتي أراده و بقوله تعالى أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ و مثل عقد المضاربة الّتي جوّزها بقوله إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ثمَّ قال أوفوا به يعني يجب الوفاء بمقتضاه من النّقل بمعنى استمرار ملكيّة الطّرفين لما ملكاه فالاية على هذا تثبت اللّزوم في جميع العقود المجوّزة و امّا العقود الممنوعة كالرّبا و الميسر و غيرهما فلا معنى لوجوب الوفاء بها بل لا يخفى عليك عدم إمكان التمسّك بالآية على هذا الصحة العقود المشكوك في صحّتها لحصره واجب الوفاء بما علم تجويز الشّارع له رابعها انّ المراد انّ ما بيّنا لكم جوازه من العقود و شرحنا لكم و ميّزنا اللاّزمة منها عن الجائزة و الرّاجحة عن المرجوحة فأوفوا بها على مقتضاه فاعتقدوا لزوم اللاّزمات و اعملوا بمقتضاه و جواز الجائزات و اعملوا بمقتضاه و هكذا أوفوا بجميع العهود الموثّقة و المواثيق المحكمة من الأيمان باللّه و اليوم الأخر و بتحليل ما أحلّ و تحريم ما حرّم و العمل بمقتضى ما فرضه من الفرائض و الأحكام و الحدود فتكون الآية من باب الإرشاد و الوعظ و الأمر بالمعروف لا من باب إنشاء الحكم و احداثه فلا يلزم على هذا الحكم بصحّة مشكوك الحال خامسها انّ المراد بالإيفاء وجوب القيام بمقتضى العقد و العهد ما دام المتعاقدان أو العاقد ان كان واحدا باقيا على العهد فما لم يرجعا أو أحدهما يكون الوفاء واجبا و مع رجوعهما أو أحدهما و فسخ العهد يرتفع الوجوب و ذلك كما في الشّركة مثلا فانّ المرئين إذا اشتركا في رأس مال و شرطا ان يكون الرّبح بينهما بالمناصفة فإنّ أصل العقد و إن كان جائزا يجوز لكلّ منهما الرّجوع إلاّ أنّهما ما لم يرجعا يجب عليهما الوفاء بالشّرط و على هذا فلا تفيد الآية لزوم العقد بالمعنى المتعارف و ان أفاد صحّة كلّ عقد إلى غير ذلك من الاحتمالات الّتي ذكرها الفاضل النّراقي (- ره -) في عوائده أخذا الأربعة الأوّل من الفاضل القمي (- ره -) في رسالة الفرق بين الخلع و الطّلاق بعوض و أقول لا يخفى على الفطن الخبير انّ حمل الأمر على مجرّد رفع الحظر كما هو مقتضي الاحتمال الثّاني أو على الإرشاد كما هو مقتضي الاحتمال الرابع خلاف الظّاهر و تقييد العقود بالمبيّن شرعا جوازها كما هو مقتضي الاحتمال الثالث تخصيص للعموم من غير مخصّص و تقييد من غير دليل فلا وجه للمصير اليه و مثله الحال في التقييد بحياة المتعاقدين أو العاقد إن كان واحدا فإنه مما يأباه عموم اللّفظ فانّ الوفاء بشيء عرفا و لغة عبارة عن العمل بمقتضاه و مقتضي العقد امّا تمليك أو ما شابهه و مقتضى لزوم الوفاء به البقاء على هذا الأثر و إيفائه وجوبا فلا رخصة في إبطاله و هو المدّعى من اللّزوم فإثبات الرّخصة بعد تلف احد المتعاقدين عند التعدّد أو العاقد عند الاتّحاد ممّا لا دليل عليه فتبيّن من ذلك كلّه دلالة ظاهر الآية على صحّة كلّ ما يسمّى عقدا عرفا و لزوم ترتيب الأثر إلى ان يثبت البطلان أو الجواز هذا كلّه مضافا إلى ابتناء الوجه الثّالث و الرّابع على كون اللام في العقود للعهد و ستعرف إنشاء اللّه تعالى انّ التحقيق خلافه قوله طاب ثراه فاذا حرم بإطلاق الآية (- اه -) قال الشّيخ الوالد العلاّمة روحي فداه في غاية الآمال انّ استفادة هذا المعنى من الآية غير متوقّفة على دلالتها على العموم بحسب الزّمان بل هي موقوفة على مجرّد وجوب الوفاء بنفس مضمون العقد و مؤدّاه لأنّه إذا كان مؤدّى البيع مثلا ما يحدث أثرا مستمرا و هو ملك رقبة المال كعقد النّكاح المحدث أثرا مستمرّا هو الزوجية الدّائمة كان مقتضى وجوب الوفاء به عبارة عن الالتزام بذلك الأثر المستمرّ إذ لا معنى لوجوب الوفاء بالعقد الاّ الالتزام بمؤدّاه على وجهه و المفروض استمراره فلا يحتاج إلى دلالة لفظ الآية على العموم بحسب الأزمان و لهذه الدقيقة لم يحم (- ره -) حول دلالتها على ذلك و ما قرع سمعك من البحث عن دلالتها على ذلك و عدمها فإنّما يظهر أثره في فوريّة شيء من الخيارات و عدم فوريّته قوله طاب ثراه فيستدل بالحكم التكليفي على الحكم الوضعي (- اه -) يعني انّه إذا دلّت الآية على حرمة التصرّف من احد المتبايعين فيما انتقل عنه بعد فسخ من انتقل اليه انتزع من ذلك فساد الفسخ من كلّ منهما إذا لم يكن برضى الأخر ضرورة انّ عدم جواز التصرّف بعد الفسخ ليس الاّ معنى عدم تأثير الفسخ و الاّ فلو اثّر الفسخ لكان التصرّف من المنتقل عنه في ملكه هذا بناء على جعل الأحكام الوضعيّة و امّا بناء على الانتزاع فأوضح إذ ليس فساد الفسخ (- ح -) إلاّ عبارة عن حرمة التصرّف فيما انتقل عنه قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا ظهر ضعف ما قيل (- اه -) لما بيّن تقريب الاستدلال بالآية أراد الإشارة إلى ردّ ما نوقش به في الاستدلال بها على اللزوم من انّ غاية ما في الآية انّما هو وجوب العمل بما يقتضيه العقد ان لازما فلازما و ان جائزا فجائزا فاللام في الآية للإرشاد على حذر الأمر بوجوب العمل بالأحكام إن واجبا فواجبا و ان ندبا فندبا إذ لا معنى لوجوب الوفاء بالعقد الجائز إلاّ ترتيب الأثر عليه ما لم ينفسخ و وجه ظهور ضعف هذه المناقشة ممّا سبق انّه فسّر فيما مرّ وجوب الوفاء بالعمل بما اقتضاه العقد في نفسه بحسب دلالته اللّفظية و اللّزوم و الجواز ليسا من مقتضيات العقد في نفسه بحسب دلالته اللّفظية بل هما من الأحكام الشّرعيّة للعقد مضافا إلى اقتضاء إطلاق الآية حرمة جميع ما يكون نقضا لمضمون العقد و ذلك يستلزم اللّزوم مع انّ حمل الأمر على الإرشاد خلاف الظّاهر لأنّ الأصل في الأمر ان يكون مولويّا و ربّما نوقش في دلالة الآية على الصحة و اللزوم بوجوه أخر أحدها انّ لازم الأخذ بعموم الآية هو الحكم بوجوب الوفاء بكلّ ما يخترع و يصدق عليه لغة و عرفا انّه عقد و ذلك ممّا لا يمكن الالتزام به و ينافيه حكمهم ببطلان جملة من العقود بل قيل انّ عدم وجوب الوفاء بكلّ مخترع يصدق عليه العقد مجمع عليه و هو (- كك -) و مقتضاه إجمال الآية إذ لا يعلم (- ح -) انّ الصّحيح ما هو و الباطل ما هو و أجيب عنه بوجوه الأوّل ما صدر من الفاضل القمّي (- ره -) في رسالته المتقدّم إليها الإشارة من حمل العقود على المتعارفة قال انّ العقود المتعارفة المتداولة في زمان نزول الآية من البيع و النّكاح و الصّلح و الهبة و الإجارة و نحوها مما ذكره الفقهاء (- رض -) لا ريب في تعارفها و تداولها في ذلك الزّمان أيضا و انّما هي المتداولة في زماننا هذا و الأصل عدم التّغيير و استدلالاتهم يرجع إلى إثبات هذه

ص:8

العقود و يتمسّكون بها في تصحيح هذه إذا شكّ في اشتراط شيء فيها أو وجود مانع عن تأثيرها و نحو ذلك لا تصحيح عقد برأسه و امّا مثل شركة الأبدان و المغارسة و الشّغار و نحو ذلك فان لم نجعل من أقسام هذه العقود بان بطلانها من جهة فقدان شرط أو وجود مانع فلا يلزم من إخراجها التخصيص الغير المرضي كما لا يخفى ثمَّ قال و الظّاهر انّ المراد بالإيفاء بالعقد العمل على مقتضاه ما دام باقيا فلا ينافي وجوب الإيفاء كون بعض العقود جائزا كالشّركة و المضاربة و نحوهما و بالجملة الظّاهر انّه ليس المراد من الأمر وجوب نفس العقود كما لا يخفى و لا وجوب الالتزام بها ابدا لجواز الفسخ في اللازمة منها بالتّقايل و الطّلاق أو غيرهما و كذا في الجائزة فالمراد هو وجوب الإيفاء على مقتضاها ما دامت باقية على حالها انتهى و فيه أوّلا انّه يكفي في صحّة أنواع العقود المتداولة في زمانه تقرير النّبي صلّى اللّه عليه و آله و ضرورة المذهب و الأخبار النبويّة و الوصويّة و الأليّة فلا حاجة إلى التكلف بالتمسّك بالاية لكونه (- ح -) أشبه شيء بالأكل من القفاء و اين ذلك و كيف هو ممّا هو محطّ نظر الجماعة من تصحيح جميع أنواع العقود المتداولة في ذلك الزمان و غيرها و جميع أفرادها المتداولة بالتمسّك بالآية لا خصوص المتعارفة نوعا فما ذكره في الحقيقة التزام بالإيراد لا انّه دفع له كما توهّم (- ره -) و ثانيا انّ الجمع المحلّى باللاّم حقيقة في العموم لا العهد كما تقرّر في محلّه و المجاز لا يصار إليه الاّ بقرينة هي في المقام مفقودة و لا ريب انّ ما ذكره حمل لللاّم على العهد و هو هنا ممنوع و ثالثا انّه خلاف ظاهر اللّفظ لانّه عامّ و لم يثبت حقيقة شرعيّة في لفظ العقد لأنّه في الأصل الجمع بين شيئين بحيث يعسر الانفصال كما قيل و المراد بالعقد هنا العهد الموثّق امّا على سبيل المجاز تسمية للمتعلق باسم المتعلّق أو من باب كونه من مصاديقه فالمراد بالعقود هنا العهود الموثّقة كما صرّح به جماعة من المفسّرين و لا دليل على التّخصيص بالمعهودة المتعارفة و رابعا انّ الآية على ما ذكره قصير مجملة لعدم القطع الاّ بتداول عدّة يسيرة من العقود المتعارفة فلا يعلم اندراج غيرها ممّا يراد التمسّك بالآية على صحّته تحت المتعارفة فتدبّر جيّدا الثّاني ما أجاب به هو (- ره -) بعد ذلك قائلا انّما ذكره أولا هو ما حقّقه في سالف الزّمان في وجه الاستدلال بالآية و انّ الّذي ظهر له بعد التأمّل عند تحرير الرّسالة عدم خلوّ الجواب المذكور عن الإشكال و جعل الحقّ في الجواب بعد الالتزام بأنّ إرادة مطلق العقود و العهود الموثّقة مراعاة للمعنى اللّغوي انّ لزوم التخصيص الغير المرضي يعنى ما يعبّرون عنه بتخصيص الأكثر لو سلّمنا أكثريّة الغير المتداولة في الشّرع انّما هو إذا أريد بعموم العقود العموم النّوعي و هو خلاف التّحقيق بل المراد هو العموم الأفرادي فاذا لوحظ الأفراد فلا ريب أنّ أفراد العقود المتداولة أكثر من افراد غيرها سيّما في مثل البيع و الإجارة و النّكاح فبعد منع ثبوت الحقيقة في لفظ العقد فيبقى على عموم المعنى اللّغوي فكلّما ثبت بطلانه بدليل كالميسر و الأزلام و الرّبا و الرّهان لغير ما جوّزوه في محلّه و المغارسة و نحوها فيخرج و يبقى الباقي و إلى ذلك ينظر استدلالهم بهذه الآية في لزوم العقد اللازم فالجواز في مثل الوكالة و المضاربة و الشركة و نحوها انّما ثبت بالمخصّص و الاّ نقلنا باللزوم فيها (- أيضا -) و لذلك تأمّل بعضهم في بطلان شركة الأبدان و الوجوه و نحوهما لو لم يكن إجماع فلا يلزم وجود الدّليل في كلّ واحد من خصوصيات العقود صحّة و لزوما بل المحتاج اليه الفساد و الجواز انتهى و الوجه فيما ذكره من كون ارادة العموم النّوعي خلاف التّحقيق كون ذلك خلاف الظّاهر كما انّ ارادة العموم الإضافي كالبيوع العربيّة و الّتي سبق إيجابها على القبول و الّتي وقعت بصيغة الماضي خلاف الظّاهر ضرورة انّ ارادة استغراق الأنواع و الأصناف من الألفاظ العامّة ممّا لم يقع في العرف و ليس معهودا في ما بينهم و انّما هي من تدقيقات العلماء بل ربّما يستأنس لذلك بما ورد من تفسير العقود بعهود أمير المؤمنين عليه السّلام فانّ مرجعه إلى العموم الأفرادي لعدم تعقّل العموم النوعي فيه بعد كون عهده عليه السلام نوعا واحدا فما بنى عليه الفاضل المذكور من كون المراد بالعقود الأفراد الشّخصيّة الخارجيّة و اللام للاستغراق الحقيقي للعهد في غاية الجودة فارتفع بذلك المحذور المذكور من لزوم التخصيص الغير المرضي لأنّ كثرة أفراد العقود الفاسدة بانتفاء الشّروط انّما هي بحسب أنواع تلك العقود الفاسدة و الاّ فالواقع في الخارج صحيحه أكثر من فاسده و كذا لا يلزم التخصيص الغير المرضي بإخراج العقود الفرضيّة و الجعليّة الّتي لم يرد بها الشّرع ضرورة عدم وقوع أكثرها في الخارج و وقوع عدّة منها لا يوجب المحذور المذكور الثّالث ما تنبه له بعض فضلاء الأواخر من ان تخصيص الأكثر انّما يمنع منه حيث ادّى إلى الاستهجان العرفي و هو انّما يحصل بعدم بقاء كثرة يعتد بها و هنا ليس (- كك -) حتّى لو أريد الأنواع لأنّ أنواع اللاّزم الوفاء بها كثيرة أيضا كما لا يخفى و هو جواب متين أحسن من سابقة لإمكان مقابلة الخصم الجواب السّابق بمنع أكثريّة أفراد العقود المتداولة من افراد غيرها و إن كان ذلك مردودا عليه بالوجدان الرّابع ما أجاب به صاحب الرياض (- قدّه -) بقوله بعد التمسّك بالعموم و القدح فيه بخروج الأكثر بالإجماع فيقيّد لأجله بالمتداول زمان الخطاب كما مرّ مع عدم معلوميّة كون ما نحن فيه منه محلّ نظر لا يستلزمه إجماله و عدم التمسّك به في شيء ممّا عدى محلّ الوفاق و هو مخالف لسيرة العلماء و طريقتهم المسلوكة فيما بينهم بلا خلاف يظهر بينهم في ذلك أصلا من جهة استنادهم إليه في محل النّزاع و الوفاق فالتّحقيق انّ الجمع بين الإجماعين يقتضي المصير إلى جعل الألف و اللاّم في العقود للعهد و الإشارة إلى جنس العقود المتداولة في ذلك الزّمان المعهودة و المضبوطة الان في كتب فقهائنا كالبيع و الإجارة و نحو ذلك لا خصوص اشخاص كلّ عقد عقد متداول فيه مع كيفيّاتها المخصوصة و المتداولة فيه من المحذور و (- ح -) نقول لا ريب في دخول هذا العقد في جنس تلك العقود و كونه فردا من افراده و ان جهل اشتراكه معها في الخصوصيّات و ذلك كما عرفت لا يوجب القدح في دخوله في العموم بل هو شامل له فيجب الوفاء به بمقتضاه انتهى المهمّ من كلامه و أنت خبير بأنّه يردّ عليه ما أوردنا على الجواب الأوّل الذي هو قريب منه ثانيها ما حكاه الإمام الوالد العلاّمة أدام اللّه تعالى ظلاله في غاية الآمال من ان لفظة أوفوا من قبيل خطاب المشافهة و هو مخصوص بالحاضرين و (- ح -) نقول انّ العقود بالنّسبة إليهم على أقسام ثلاثة ما كان سابقا على تاريخ نزول الآية و ما كان مقارنا له و ما كان متأخّرا عنه و لا بدّ من الالتزام بانّ المراد بلفظ الآية هما الأوّلان لأنّه ان أريد معهما الأخير لزم استعمال اللّفظ في أكثر من معنى لأنّ السابقة و المقارنة عقود موجودة و المتأخّرة عنه غير موجودة فلا بدّ بالنّسبة إلى الأخيرة من التعليق فيصير المحصّل أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الّتي اوجدتموها و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وجدت فلا بدّ من الالتزام باستعمال اللّفظ في غير الأخير تفصيّا عما ذكر و (- ح -) نقول انّ العقود السّابقة على نزول الآية و المقارنة لها غير معروفة عندنا و لا معلومة الحال لدينا فيصير اللّفظ مجملا أو ردّه دام ظلّه العالي بانّ ما أريد بلفظ العقود كلّي صالح للقسمين و كون بعض افراد الموضوع مقيّدا بالتعليق غير

ص:9

قادح لانّه غير مأخوذ فيما استعمل فيه اللّفظ و جميع الموضوعات الكلية من هذا القبيل الا ترى إلى قوله تعالى حرّمت عليكم الخمر فإنّه حكمه ليس مختصّا بالخمر الموجود و كذا قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ إلى غير ذلك من الخطابات المشتملة على الموضوعات الكلّية انتهى كلامه دام بقائه و هو جواب متين و جوهر ثمين يليق بان يكتب بالنّور على و جنات الحور و لله درّة ثالثها ما أورده بعض فضلاء الأواخر في رسالته من انّ الحمل على العموم انّما هو مع عدم وجود قرينة على خلافه أو وجود شيء صالح لان يكون قرينة فإنّهما يرفعان الظّهور المعتبر في الحمل على الحقيقة و لا ريب انّ سبق ذكر افراد معهودة سابقة يوجب صرف العموم إليها أو هو صالح للصّرف بمعنى انّه يحتمل كونه صارفا كما لو قال المولى المالك لعشرين بيتا و عشرين ثوبا لعبده اغسل كلّ يوم الثوب الفلاني و الفلاني مثلا إلى خمسة و اكنس البيت الفلاني و الفلاني إلى خمسة أيضا معيّنة من البيوت و الثياب ثمَّ قال بعد مضي أيّام في يوم اكنس البيوت و اغسل الثياب و اذهب إلى السّوق لانصرف إلى ما هو المعهود من ذلك لا إلى العموم و لا ريب انّ سورة المائدة من أواخر السورة المنزلة و لا شكّ ان قبل نزولها قد علم من الشّارع عهود و احكام معلومة من الواجبات و المحرّمات و صحة بعض العقود و بعض الإيقاعات فهذا يوجب كون الخطاب منصرفا إلى ما سبق دون العموم مضافا إلى كون قوله تعالى أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ تفسيرا للعقود كما في كلام بعض أهل التفسير و هو ممّا يضعّف الحمل على العموم و أنت خبير بما فيه فانا نمنع الانصراف حتّى في المثال المذكور الاّ مع وجود قرينة دالة على عدم مطلوبيّة غسل غير الخمس من الثّياب و الدور و نظير تلك القرينة هنا مفقودة فتحمل الآية على العموم و جعل ما بعد الآية قرينة قد عرفت في طي المطلب الأوّل ما فيه فلا يفيد هذا مجمل الجواب و تفصيله من وجوه أشار إليه الفاضل المذكور الأوّل انّ سورة المائدة إذا كانت أخر السّور في قول أو في أخر عهد النّبي صلّى اللّه عليه و آله فلا ريب في انتشار الأحكام و بيان الحلال و الحرام في ذلك فيحمل (- ح -) على العموم و لم يبق شيء من العهود حتى لا يدخل تحت الآية الشّريفة الثاني انّ كون ما سلف قرينة لإرادة العهد لا يكفي فيه السّبق فقط في الجملة بل لا بدّ من علم المخاطبين بذلك و لا نسلّم انّ المشافهين بخطاب أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الحاضرين في مجلس الوحي كانوا كلّهم عالمين بما سبق من العهود سيّما على القول بشمول خطابات القران للغائبين أيضا و ان لم نقل بشمولها للمعدومين و مجرّد سبق الذكر بالنّسبة إلى بعض لا يوجب صارفا بالنّسبة إلى الكلّ و توجه الخطاب بالنّسبة إلى الملتفت إلى القرينة و عدمه يكشف عن إرادة الحقيقة كما ان توجه الخطاب المطلق إلى الواجد للشّرط و الفاقد يدلّ على عدم الشرطيّة الثالث انّ سبق الذكر لو سلّم في الجميع لا يكفي أيضا إلاّ مع بقائه في الذّهن إلى حين الخطاب و الاّ فلا يكفي في كونه قرينة كما هو واضح و هو هنا غير ثابت و إثبات مثله بالاستصحاب و نحوه كما ترى الرّابع ان استدلال الأصحاب انّما هو في العقود المتعارفة بين النّاس و لا ريب في وجودها بين العهود السّابقة المعهودة و لا يحتاج إلى العموم إذ ليس لأحد ان يقول كان بعض من هذه العقود غير متعارفة إلى وقت نزول المائدة فلو أريد العهود السّابقة المعهودة سواء كان من اللّه أو من النّاس لدخل فيه محلّ بحث الأصحاب قلت في هذا الجواب نظر ضرورة كون دعوى وجود العقود الجارية بين النّاس أنواعا و أفردا بين العهود السّابقة المعقودة حال نزول الآية تخرصا و تخمينا محضا قابلا للإنكار كما لا يخفى الخامس انّ المراد بسبق الذكر الموجب للعهد ظاهرا في كلام المورد انّما هو بيان حكمه من اللّه تعالى كأحل اللّه البيع و نحوه و يحتمل بقاؤه بعض من العقود غير معلومة الحكم فعلم بعد سورة المائدة فلا يشمله الآية و هو مناقض لكلامه لانّه سلّم ارادة العموم من الآية في التكاليف و الأحكام الوضعيّة و العقود بين النّاس و نحو ذلك و هذا الإشكال ناظر إلى عدم كون العقود الفقهية داخلة في العهود بل أحكامها الثّابتة من اللّه تعالى من الحلّية و الصّحة و نحو ذلك داخلة فيها و هو خلاف الفرض السّادس انّ احتمال العهد انّما هو مع مطابقة الحكم في السّابق و اللاّحق كما في مثال البيت و الثّوب الّذي ذكره و امّا مع اختلاف الحكم فلا نسلم الانصراف كما لو قال يجوز لك غسل الأثواب الخمسة ثمَّ ذكر بعد ذلك انّه يجب غسل الأثواب و لم يثبت عندنا سبق الحكم بالعقود الفقهية و نحو ذلك من التكاليف بالأمر بالوفاء حتّى ينصرف ذلك الأمر اليه و انما سبق كونه حلالا و حراما أو صحيحا أو فاسدا أو نحو ذلك و وجوب الوفاء حكم جديد و إن كان مستلزما لبعض ما سبق و هذا غير ما ذكره من المثال و بينهما فرق السّابع انّ ارادة العهد من الآية بعد بيان الحكم سابقا يصير تأكيدا لما مضى من الأدلّة على الأحكام و يحتاج إلى ارتكاب التّأسي و غير ذلك و لا ريب أنّ التّأسيس أولى من التّأكيد و هذا ممّا يؤيّد عدم الاختصاص بالعهود الإلهيّة كما أشعر به كلام المورد إذ العهود الإلهيّة يعلم لزومها و عدمها من دليلها المثبت للاحكام وجوبا و تحريما و لا يحتاج إلى قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الثّامن انّ ظاهر كلام أهل التّفسير عدم ارادة العهد و هذا من عمدة القرائن على ذلك فإنّهم و ان اختلفوا في تفسيره و معناه لكنّهم لم يختلفوا من حيث ارادة ما سبق قبل سورة المائدة أو الأعمّ قلت في هذا الجواب نظر ظاهر أمّا أوّلا فلمنع اتّفاق المفسّرين على عدم ارادة العهد ضرورة انّ أكثر المعاني السّتة المزبورة في المطلب الأول حكايتها عن المفسّرين للعقود في الآية مبنى على كون اللاّم للعهد و منها عهود علىّ عليه السلام كما لا يخفى و امّا ثانيا فلانّ اتّفاق المفسّرين لا يغني من الحقّ شيئا التاسع انّ اطباق الأصحاب على التمسّك بها يكشف عن عموم الآية و عدم كون ما يتخيّل كونه صارفا صارفا فلا وجه للتمسّك بمجرّد الاحتمال البارد و ما ذكره من كون ما بعد الآية مضعفا لعمومه ان اعتمد في ذلك على مقتضى العرف و اللّغة فأي قاعدة تدلّ على ذلك إذ ذكر بعض افراد العموم بعده لا يوجب انحصاره فيه بل يدلّ على دخوله فيه جزما كما لا يخفى على من لاحظ العرف مضافا إلى انّ ظاهر كلامه احتمال الحمل على ما سبق بل ظهوره فكيف يعقل انحصاره فيما ذكر بعده من الأحكام القليلة و هذا مما يدلّ على ضعف الكلام السّابق فإنّه مخرج عن ارادة العهد بما سبق لدلالة ذكر هذه الأحكام بعده على دخولها في العموم جزما و إذا تعدّينا عن المعهود إلى غير المعهود كشف عن عدم ارادة العهد و لا فارق بين افراد غير المعهود قلت لا يخلو هذا الجواب أيضا عن نظر يظهر بالتأمّل رابعها ما حكاه الفاضل المذكور من انّه لو حمل الآية الشريفة على العموم لزم الجمع فيها بين إرادة التأكيد و التأسيس إذ لا ريب في انّ كون افراد العقود واجب الوفاء به ركنا معلوما قبل نزول الآية فيصير بالنّسبة إلى ذلك البعض تأكيدا أو بالنسبة إلى ما عداه تأسيسا و هو غير جائز إذ ما دلّ على عدم جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى يدلّ على عدم جواز هذا (- أيضا -) فلا بدّ امّا من الحمل على التّأكيد أو التّأسيس فلا عموم و حمله على باب التأسي (- أيضا -) خلاف الأصل كالتّخصيص فالترجيح يحتاج إلى دليل قلت مجمل الجواب منع عدم جواز الجمع بين إرادتي التأكيد و التّأسيس إذ هو (- ح -)

ص:10

من قبيل ذكر العام بعد الخاص و هو غير مستبشع و لا دليل على منعه و توضيح الجواب ما ذكره هو (- ره -) من انّ ما دلّ على المنع من استعمال المشترك في معنييه امّا عدم ثبوت الاستعمال و هو فيما نحن فيه ثابت و لا يمكن إنكاره ظاهرا و امّا لزوم التّناقض لو أدخلنا الوحدة و هو هنا غير موجود و ليس كون شيء تأكيدا و تأسيسا منحلاّ إلى معنيين حتّى يمنع منه و لم نجد مانعا من ذلك فعلى المستدلّ البيان و وقوعه عند أهل العرف كاف في صحّته و لا يصغى إلى قيام الدليل بعدم جوازه مع انّا نقول نحمله على التأكيد بقرينة ما مرّ من كلامه من سبق أكثر الأحكام و ندّعي دخول محلّ بحث الأصحاب تحته للعلم بغلبة وقوع العقود و عدم إمكان تأخير حكمه إلى أخر أيّام النّبي صلّى اللّه عليه و آله حتّى يعلم بسورة المائدة فيصير المشكوك فيه داخلا تحت الدّليل مرّتين أو نقول غاية الأمر الإجمال في كونه تأكيدا أو تأسيسا ابتداء فنقول هذا لا يضرّ في إثبات صحة العقود المشكوكة لأنّا نقول إن كان هذا المشكوك فيه ممّا علم وجوب الوفاء به قبل هذه الآية فهو صحيح و إن كان لم يعلم قبل ذلك فهو داخل في الآية لأنّها تأسيس على الظّاهر و هو اولى من التّأكيد فيكون المشكوك فيه معلوم الصّحة أمّا بالآية أو قبلها و هو المطلوب خامسها ما حكاه الفاضل المتقدّم ذكره أيضا من انّ العقد هو العهد الموثّق فعلى فرض العموم يدلّ على صحة كلّ عقد موثّق و العقد الفقهي ما لم يثبت صحّته و لزومه فهو غير موثّق و اللاّزم من ذلك (- ح -) الدّور لتوقّف إثبات الصحة شرعا بالآية على ثبوت الاستيثاق في العقد المشكوك و توقّف ثبوته على ثبوت الصحّة و اللّزوم الشّرعي إذ ما عداه غير موثّق و لو سلّم حصول التوثيق بالعرف أيضا من دون حاجة إلى شرع نقول أيضا هذا لا ينفع في مقام الاستدلال إذ المقصود إثبات صحّة كلّ عقد معروف أو غيره و ليس في شيء من ذلك استيثاق و مجرّد بناء المتعاقدين على عدم الفسخ لا يجعل ذلك موثقا لانّ ذلك انّما هو معنى أصل العهد فانّ المراد به العزم على الإتيان دون الفسخ فما لم يثبت استيثاق لا يدخل في الآية و انّى للمستدلّ بإثباته ثمَّ انّه أجاب أوّلا بانّ من فسّر العقد بالعهد المؤكّد صرّح بدخول عقود النّاس فيه فهو كاشف عن ارادته من التّوثيق معنى هو موجود فيها و الا لم يصرّح بدخولها و ثانيا بأنّه معارض بذكر أهل التّفسير و كثير من أهل اللغة دخول البيع و نظائر ذلك تحت العقد من دون إشارة إلى كون الدّخول من جهة لزومه الموجب للتّوثيق و ثالثا بانّ تصريح أهل التفسير على العموم قرينة على عدم ارادة التوثيق بما ذكروا رابعا بأنّه قد ذكر في الأخبار إطلاق العقد على هذه العقود المعروفة غالبا و هو كاشف عن دخولها تحت العقود في الآية من دون حاجة إلى اعتبار معنى التوثيق أو كفاية ما هو المعتبر في العقد في حصوله و خامسا بانّ العهد لمّا كان يتحقّق من جانب واحد فيكون من الجانبين وثوقا عرفا إذ لا ريب في انّ ما هو من الطّرفين أوثق ممّا هو من الواحد و هو موجود في العقود كلّها و إلى هذا المعنى يشير قول بعض أهل اللّغة انّ العهد يصير من جانب و العقد لا يكون الاّ بين اثنين و سادسا بانّ التوثيق ليس إلاّ التّأكيد و المبالغة و لا ريب انّ حقيقة العهد ليست الاّ الالتزام و هو يوجد بعقد القلب من دون حاجة إلى شيء أخر و العقود الفقهيّة يراد فيها الألفاظ بالصّيغ الخاصّة الجامعة لصراحة الدّلالة و غيرها ممّا اعتبر فيها و ان هذا الاّ توثيق العهد الصّادق بمجرّد النية بلا شبهة فالمناقشة في كون العقود الفقهيّة عقدا لغة موهون جدّا سيّما مع إطلاق بعض أهل اللغة كونه بمعنى العهد أو الرّبط بين شيئين فتدبّر قلت للخصم رمي الأجوبة الأربعة الأولى بسهم واحد و هو انّ البيع و نحوه من العقود المتعارفة ممّا علم استيثاقه من الأدلّة الشرعيّة فلا وجه لقياس ما لم يعلم استيثاقه عليها نعم الجوابان الأخيران لا بأس بهما ظاهرا فتدبر جيّدا سادسها ما حكاه الفاضل المذكور أيضا من انّ العقد إذا صار بمعنى العهد فنقول للعهد معان كثيرة منها الوصيّة و الأمر و اليمين و غير ذلك و ما نحن بصدد إثباته ليس داخلا في شيء من ذلك و لو سلّم ان يكون للعهد معنى يشمل المبحوث عنه فإرادته منه في الآية غير معلومة فيمكن ان يراد الوصايا الإلهيّة الموثّقة أو التكاليف اللاّزمة أو يراد مطلق الوصايا أو يراد الأوامر و الأيمان و الضّمانات و أقول مجمل الجواب انّك قد سمعت من أهل اللّغة إطلاق العقد على عقد البيع و العهد و اليمين و ذلك يكفينا في الاستدلال بعموم الآية و الجواب تفصيلا ما ذكره الفاضل المذكور بقوله و أنت خبير بانّ هذا الكلام من الوهن بمكان أمّا أوّلا فلانّ تفسير أهل اللّغة العقد بمعنى العهد لا يجعله قابلا لهذه الشقوق إذ هذا الكلام انّما هو فيما لو أطلق لفظ العهد و بينهما فرق عميق و امّا ثانيا فلانّ المفسّرين له بمعنى العهد ادخلوا فيه العقود الفقهيّة كما ذكر في عبارة أهل اللّغة و عبائر أهل التّفسير فلا وجه للرّمي بالإجمال و امّا ثالثا فلانّ عدّ هذه الأمور معاني للعهد ممنوع إذ كلّها مندرج تحت معنى عامّ هو المسمّى بالعهد و ليس مشتركا لفظيّا حتّى يقع الإجمال و لا يخفى كونه مشتركا معنويّا على من له ربط بطريقة أهل اللّغة و العرف و انس بضوابط أهل الاشتقاق فاللائق ارادة كلّ ما هو عهد و إلزام و التزام و توطئة و تمهيد و هو شامل لسائر ما ذكره كما يشمل كل العقود هذا مع ما في كلام أهل التفسير و كلمة الأصحاب من الشّهادة على دخول العقود الفقهية في الآية المرجح لهذا الاحتمال المخرج عن الإجمال سابعها ما حكاه هو (- ره -) أيضا من انّ العقد على ما علم من اللّغة هو الجمع بين شيئين بحيث يعسر الانفصال فاذا كان هو المعنى الحقيقي فيكون المراد في الآية معناه المجازي فيتّسع دائرة الكلام و مجال الجدال في الآية كما لا يخفى و أجاب عنه بانّ العقد في كلامهم انّما هو العهد كما عرفت أو مطلق الرّبط بحيث يشمل المحسوس و غيره و لو فرض اختصاصه بما ذكره فنقول لا ريب انّ الآية لا يراد بها انّ الأشياء الّتي جمعتم بينها و اوصلتم بعضها ببعض لا تفضلوا بينها إذ هذا لا ربط له بمنصب الشّرع و ليس مراد اللّه تعالى انّ من وصل حبلا بحبل أو بعيرا بحمار أو خشبا بجدار يحرم ان يفصل بينهما الاّ ان يراد بها أقرب المجازات و ليس الاّ ارتباط المعاملات و الشروط و نحو ذلك و ما قبله العباد من الالتزام بالتكاليف الإلهية و الرّوابط المجعولة بين الصّانع و بين مخلوقاته و هو شامل لمحلّ البحث و يؤيّده اطباق كلمة المفسّرين على هذا المعنى في الجملة فلا مجال للتكلم في الآية بما يوجب نقضا في الدّلالة فلا تذهل ثامنها ما صدر من بعض مشايخ العصر (- قدّه -) من انّ الملكيّة واقعا تنقسم إلى مستقرّة و متزلزلة و قد جعل الشّارع لكلّ منهما سببا و عقدا خاصّا و ليس في الواقع سبب يقتضي الملكيّة المطلقة و (- ح -) فان كان مدلول العقد و مسبّبه و أثره عرفا هي الملكية المستقرّة كان أخذه منه بغير رضاه نقضا لمقتضي العقد و حراما و إن كان مدلوله و أثره و مسبّبه الملكيّة المتزلزلة لم يكن ذلك (- كك -) و ان جهل المعرف مدلوله الواقعي مع الجزم بإفادته للملك في الجملة فلا محيص عن توقّفهم عن كونه ذلك نقضا أو ليس بنقض و دعوى القطع بانّ المدلول العقد مع قطع النّظر عن الشّرع انّما هي الملكيّة المستقرّة فيتعيّن الأوّل و يتمّ المطلوب ممّا لا ينبغي الإصغاء إليها كما لا يخفى على من راجع وجدانه و أنصف من نفسه ثمَّ استشهد على مرامه بالأخبار المفسّرة للعقد في الآية بالعهد بتقريب عدم

ص:11

العهد عرفا على البيع و انّه لا عبرة بالصّدق لغة و أنت خبير بما فيه فانّ إنكار صدق العهد على العقد عرفا في غاية الوهن و السّقوط و لو سلم فالصّدق لغة كاف بعد كون الحقّ تقدّم اللّغة عند تعارضها مع عرف زماننا لأصالة عدم النقل و دعوى تقدّم العرف نظرا إلى أصالة تشابه الأزمان الحاكمة على أصالة عدم النّقل لا وجه لها إذ لا دليل على اعتبار الأصل المذكور مضافا إلى انّ ما يحكيه اللغويّون انّما يحكونه من محاورات أهل زمانهم و ما قارب ذلك فيقدّم و امّا ما ذكره من انقسام الملكيّة إلى مستقرة و متزلزلة (- اه -) ففيه انّ التزلزل انّما ظهر من حكم الشّارع في جملة من العقود بجواز الفسخ من غير رضا المالك فيكون دليله مخصّصا لعموم وجوب الوفاء بالعقد و من البين انّ الشكّ في كون عقد متزلزلا مرجعه إلى ورود تخصيص أخر على عموم الآية و لا ريب في كون المحكم (- ح -) أصالة العموم بالنّسبة إلى المشكوك فلا تذهل هذا يا أخي ما وسعني من إيراد ما يتعلّق بتحقيق الحال في التمسّك بالآية وفّقنا اللّه تعالى و إيّاك لما يحبّ و يرضى قوله طاب ثراه فإنّ حلّية البيع الّتي لا يراد منها الاّ حلّية التصرّفات (- اه -) نوقش في ذلك بأنّه لا دلالة للاية الاّ على مجرّد حلّية البيع بمعنى التّمليك و التملّك و لا تعرض فيها لحلّية التصرّف بعد البيع حتى تشمل بإطلاقها ما كان بعد الفسخ و فيه انّ مدّعى المصنف (- ره -) انّ لازم حلّية البيع حلّية التصرّفات إذ لا معنى لحرمة نفس البيع حتى تنساق الآية لإثبات حلّية لكن الإنصاف أنّ الآية انّما سيقت لمجرّد إمضاء البيع في قبال تحريم الرّبا فلا نظر فيها إلى تحليل التصرّفات عموما لتشمل بإطلاقها للتصرف بعد الفسخ فتدبّر قوله طاب ثراه و منه يظهر وجه الاستدلال على اللّزوم بإطلاق حلّية أكل المال (- اه -) ربّما نوقش في ذلك بأنها و ان دلّت على حلّية التصرّفات الاّ انّه لا إطلاق لها بحيث يشمل التصرّف بعد الفسخ بل انّما وردت لبيان مجرّد كون الأكل بالتجارة حلالا و في عبارة الماتن (- ره -) الآتية و هي قوله لكن يمكن ان يقال إشارة إلى هذه المناقشة قوله طاب ثراه فدلالة الآيات الثلث على أصالة اللّزوم على نهج واحد الوجه في كون دلالتها جميعا على نهج واحد دلالتها جميعا على كون التّصرف الواقع بعد فسخ أحدهما بدون رضى الأخر ماضيا قوله طاب ثراه لكن يمكن ان يقال (- اه -) لمّا بين وجه الاستدلال بالآيات الثّلث أراد الإشارة إلى إمكان التّفرقة بين الأولي و الأخيرتين بأنّ الأولى إنّما وردت في مقام إعطاء القاعدة و لهذا تضمنت صيغة الأمر و صيغة العموم بخلاف الأخيرتين فإنّهما إنّما سيقتا لبيان مشروعيّة البيع في الجملة كما يدلّ عليه مقابلته في اولى الأخيرتين بتحريم الرّبا فحاصل الآيتين هو مجرّد بيان ان التصرّفات المترتّبة على البيع مشروعة محلّلة و ترتيب الآثار على التّجارة غير منهي عنه و امّا انّ هذا الحكم قد ورد في مقام إعطاء القاعدة و بيان انّ كلّ تصرف مباح سواء كان بعد فسخ أحدهما بدون رضى الأخر أو قبله فالظّاهر خلافه فلا يبقى وجه للتمسّك بإطلاقهما بالنّسبة إلى الحالات فينحصر المستند في الاستصحاب كما أفاد ذلك في غاية الآمال قوله طاب ثراه دلّ على حرمة الأكل بكلّ وجه يسمّى باطلا عرفا (- اه -) فيه انّ حكم العرف ببطلان أخذ البائع المبيع من المشتري من دون رضاه فرع علمهم بثبوت الملكيّة المستقرّة فالاستدلال بالفرع على الأصل لا وجه له و لا مجال لتوهم اتباع حكمهم بالاستقرار النّاشي من حكمهم بالبطلان ضرورة قصر اعتبار حكمهم بما يتعلّق بفهم الألفاظ من باب ما أرسلنا رسولا الاّ بلسان قومه دون مثل ذلك و بالجملة فحكم العرف بالبطلان مطلقا حتى مع عدم الحكم باستقرار الملك بالإنشاء السّابق مما لا مجال له و امّا مع حكمهم بالاستقرار فلا يسمع قولهم في تميز كون العقد الفلاني موجبا لاستقرار الملك و الأخر لتزلزله هذا و قد يقال انّ المتبادر من الباطل انّما هو الباطل الواقعي لا العرفي مع قطع النّظر عن الواقع الاّ انّ النّهي عنه مع عدم علم المخاطب به مستلزم للنّهي عن جميع محتملاته الاّ مع العلم برخصة الشّارع كما في التجارة و نحوها و لا علم بها مع الشك في اللّزوم و الجواز بمجرّد فسخ احد المتعاقدين بدون رضا الأخر فيحكم بالمنع منه ظاهر أو ذلك كاف في إثبات أصالة اللّزوم ظاهرا على نحو ثبوتها بالاستصحاب لكن قد يجاب بانّ غرضهم هو إثبات أصالة اللّزوم واقعا لا ظاهرا فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه و مما ذكرنا يظهر وجه الاستدلال بقوله ممّا لا يحلّ (- اه -) وجه الظّهور انّه دلّ على حرمة كلّ تصرّف في مال الغير لا تطيب نفس صاحب المال بذلك و لا ريب في انتقال المبيع إلى المشتري و الثّمن في مال الغير إلى البائع فيحرم تصرّف كلّ منهما فيما انتقل عنه ما لم تطب نفس صاحبه به و منها التصرّف بعد الفسخ قوله طاب ثراه و منها قوله تعالى النّاس مسلطون (- اه -) ربّما نوقش في دلالة الرّواية بأنّها إنما سيقت لبيان حكم أخر و هو انّ لصاحب المال التصرّف فيه بأنواع التصرفات المباحة ما دام ماله و اين ذلك من انّه ليس لغيره ان يخرجه من ملكه و لا منافاة بينهما أصلا و رأسا نعم لا يجوز لغيره التصرّف فيه بمجرّد قوله فسخت الاّ ان يثبت كونه سببا شرعيّا في خروجه عنه و دخوله في ملكه و أنت خبير بانّ ما ذكره اعتراف بالمطلب من حيث لا يشعر فانّ ما ذكره من عدم جواز التصرّف لغيره بمجرّد إنشاء الفسخ ما لم يثبت سببيّته شرعا للخروج عن ملكه عين المدّعى كما لا يخفى على المتأمّل قوله طاب ثراه و لكن لا يبعد منع صدق الشّرط في الالتزامات الابتدائيّة بل المتبادر عرفا هو الإلزام التّابع (- اه -) لا يخفى عليك انّه يردّ ما ذكره هنا ما ذكره في أوّل مبحث الشروط من كون الشّرط مشتركا معنويّا بين الابتدائي و الضّمني فراجع و تدبّر حتى يظهر لك ما بين كلاميه من المنافاة قوله طاب ثراه حتى في مثل قوله في دعاء التّوبة (- اه -) أراد بذلك دعاء التّوبة من أدعية الصّحيفة السّجاديّة حيث قال عليه الصّلوة و السّلام فيه فاقبل توبتي كما وعدت و اعف عن سيّئاتي كما ضمنت و أوجب لي محبّتك كما شرطت و لك يا ربّ شرطي ان لا أعود في مكروهك و ضماني ان لا أرجع في مذمومك و عهدي ان أهجر جميع معاصيك فانّ المراد بقوله كما شرطت اي كما شرطت محبّتك في ضمن ضمانك العفو عن سيّئات التّائب و المراد بقوله عليه السّلام و لك يا ربّ شرطي اي التزامي في ضمن التّوبة لكن في الاستشهاد المذكور نظر إذ لا دلالة في ذلك الاّ على استعمال الشّرط في الإلزام التّابع و ذلك مسلّم و اين ذلك من مطلوبه و هو عدم استعماله في الإلزام الابتدائي مع انّ مقتضى مدّعاه اعتبار كون الالتزام في ضمن البيع و نحوه و المستعمل في الدّعاء انّما هو مجرّد ربط الالتزام بغيره و ذلك أعمّ ممّا في القاموس قوله طاب ثراه و قوله عليه السّلام في أوّل دعاء النّدبة (- اه -) ما قبل العبارة هكذا اللهمّ لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك الّذين استخلصتهم لنفسك و دينك إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النّعيم المقيم الّذي لا زوال له و لا اضمحلال بعد ان شرطت عليهم الزّهد في درجات هذه الدّنيا الدنيّة و زخرفها و زبرجها فشرطوا لك ذلك وجه الدّلالة ان قال ما ذكره عليه السلام إلى انّ اللّه عزّ و جل قال لعباده من زهد في هذه الدّنيا أعطيه النّعيم المقيم فألزمهم بالزّهد في ضمن الوعد بإعطاء النّعيم المقيم و انّ العباد أجابوا ربّهم بطلب النّعيم المقيم و التزموا تبعا لطلبهم

ص:12

بالزّهد في هذه الدّنيا و الجواب عن هذه الفقرة على نحو الجواب عن سابقتها قوله طاب ثراه و منها الأخبار المستفيضة (- اه -) وجه الدلالة ظاهر فانّ نفس إثبات الخيار بالأسباب الخاصّة تدلّ على انّه لولاها لكان العقد لازما و تأمّل بعض مشايخ العصر (- قده -) في دلالتها لعلّه في غير علّة كما لا يخفى على المتأمل المنصف و ربّما ناقش بعضهم بانّ دلالتها على وجوب البيع و انّه لا خيار لهما بعد الرّضا انّما هو بلحاظ ما هو بمقتضى نفس البيع لا للأمور العارضة أحيانا من غبن و عيب و نحوهما و لأجل هذا لا يكون أدلّة سائر الخيارات مخصّصة لها و فيه انّ الاعتراف بكون اللّزوم هو مقتضى نفس البيع كاف في إثبات المطلوب لتوقّف الخروج عن ذلك المقتضي في مورد عروض العارض على قيام الدّليل على كون ذلك العارض سببا لتزلزل العقد كما لا يخفى قوله طاب ثراه فهذه جملة من العمومات (- اه -) ربّما حكى عن بعض اجلّة الفقهاء (- رض -) التمسّك لأصالة اللّزوم بأنّه لو لا انّ بناء العقد على اللزوم لاختلّ نظام العالم و انهدم أساس عيش بني أدم قال و هل تقدر على إنكار الاختلال فيما لو سلّطت الزّوجة مثلا على فسخ عقد النّكاح في جميع الأحوال و هل يجوز انهدام أساس العيش في ابتلاء النّاس بأنواع القتال و الغيظ و الطّيش لو لم يقدروا على إبقاء ما انتقل إليهم بالعقود في ملكهم من المناكح و الملابس و المساكن و المأكل و المشارب و غير ذلك انتهى قلت لزوم الاختلال في بعض الموارد لا يثبت الكلّية بل اللاّزم هو القصر على مورد الاختلال و غرضنا إثبات الكلّية فلا وجه لهذا الاستدلال قوله طاب ثراه و ربما يقال انّ مقتضى الاستصحاب (- اه -) حاصله انّ الشكّ في ارتفاع اثر العقد بفسخ أحدهما ناش من الشك في انّ المنتقل من أحدهما إلى الأخر هل هي السّلطنة التامة على العين بحيث لم يبق له في العين أصلا حتّى علقة الاسترجاع بالفسخ أم لا بل المنتقل انّما هي السّلطنة في الجملة مع بقاء علاقة للمالك في العين يسترجعها حيث ما أراد بالفسخ فاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك الأوّل بالمرّة سببي حاكم على استصحاب بقاء اثر العقد بعد فسخ المنتقل منه قوله طاب و رد بأنّه ان أريد بقاء علاقة (- اه -) محصله انّ سلطنة المالك السّابقة الموجبة لتسلّطه بواسطتها على سائر التصرّفات السّائغة قد أزيلت بحدوث السبب النّاقل لها منه إلى المنقول اليه قطعا و لا دليل على جواز وجه عن وجوه التصرّف و إن كان فسخا باعتبار وجودها قبل حدوث السبب كما لا دليل على حدوث سلطنة جديدة بملاحظتها أو بدونها فلا يتصوّر موضوع للاستصحاب حتّى يكون حاكما على الاستصحاب اثر السبب الشّرعي قوله طاب ثراه فهذه علاقة يستحيل اجتماعها (- اه -) أراد بذلك ان سلطنة إعادة العين في ملكه لا تجتمع مع الملك لأنّ الإعادة إنّما تفرض بعد الزّوال و السّلطنة بعد زوال الملك لم تثبت سابقا حتى تستصحب و السّلطنة على الفسخ الثّابتة في المجلس قد زالت بانقضاء المجلس قوله طاب ثراه فتأمّل وجه الأمر بالتّأمل انّه كما لا وجه مع تواتر الأخبار بانقطاع الخيار بالافتراق للرّجوع إلى استصحاب عدم انقطاع علاقة المالك من العين فكذا لا وجه للرّجوع إلى استصحاب المقتضي للّزوم و إن كان موافقا له في المقتضي لأنّ الدّليل الاجتهادي كما يرفع حكم الأصل المخالف له فكذا يسقط الأصل الموافق عن درجة الحجية فكان الأولى ان يقول انّه لا يجدي استصحاب العلاقة الّتي كانت في مجلس البيع بعد معلوميّة كون ثبوت تلك العلاقة بحكم الدّليل النّاطق بثبوتها مشروطا بعدم الافتراق بل قد يقال انّ الاستصحاب لا يجدي حتّى مع الشك في اشتراط عدم الافتراق أيضا نظرا إلى انّ المستصحب إذا كان تيقّن ثبوته منوطا بإحدى جهتين لا على التعيين فزالت إحديهما لا يجوز استصحابه لسريان الشكّ إلى الابتداء قوله طاب ثراه نعم هو حسن في خصوص المسابقة و شبهه (- اه -) قد يورد عليه بمنع الحسن حتّى بالنّسبة إلى المسابقة و شبهها نظرا إلى انّ كلّ عقد حتّى عقد المسابقة لا بدّ ان يكون له أثر فإذا شكّ في بقاء ذلك الأثر بعد فسخ أحدهما كان الأصل بقاء ذلك الأثر و عدم زواله فلا وجه للتفرقة بين ما يكون أثره الملك و بين غيره لعدم اختصاص جريان الاستصحاب بما إذا كان الأثر هو الملك بل هو جار بالنّسبة إلى سائر الاثار أيضا قوله طاب ثراه بناء على انّ المرجع (- اه -) يعني انّ التمسّك بالعمومات المزبورة لإثبات انّ العقد الخارجي الفلاني من مصاديق العقد اللازم مبني على تجويز التمسّك بالعمومات في الشبهات المصداقيّة فمن أجاز ذلك أجاز التمسّك هنا و من منع هناك من ذلك و انحصر سبيله في التمسّك بالاستصحاب و نحن قد نقحنا في الأصول عدم الجواز نظرا إلى انّ التمسّك بالعموم انّما هو بمعونة أصالتي العموم و الحقيقة فإذا علمنا بورود التّخصيص و شككنا في كون شيء من افراد العامّ أو المخصّص لم يكن لأصالة العموم مجرى لانّ كونه من افراد الخاصّ لا يوجب تخصيصها زائدا في العامّ حتى ينفى بالأصل و توضيح ذلك يطلب من محلّه قوله طاب ثراه كما إذا شكّ في انّ الواقع هبة أو صدقة فانّ الأصل عدم قصد القربة (- اه -) ربّما ذكر فقيه آل يس (- قدّه -) انّ هذا مبني على كون الهبة أعمّ من الصّدقة كما حكى عن (- كرة -) و (- لك -) فانّ صدور العقد المملّك على هذا التّقدير يكون معلوما و انّما يشكّ في الأمر الزّائد الموجب لزومها فينفى بالأصل (- ح -) و امّا بناء على انّهما نوعان متغايران فلا يتجه ما ذكره (- قدّه -) لأنّ الأصل المذكور غير قابل لتعيين أحدهما بل المعيّن (- ح -) بناء على تعميم العامّ المفرد المشكوك في خروجه عنه و اندراجه في الخاصّ هو الحكم في المقام بلزومه بناء على انّ عموم العقود في الآية المنظور هنا انّما هو بحسب الأفراد لا الأنواع و لا يحكم بكونه هبة جائزة بل يحكم بانقطاع سلطنة الدافع للمال عنه و عدم برّه به لو كان ناذرا للهبة كما لا يحكم بكونه صدقة بحيث يرتّب عليه لوازمها هذا كلامه (- قدّه -) و لم افهم له معنى محصّلا لأنّ الصّدقة و الهبة و ان كانتا نوعين يعتبر في الأولى قصد القربة دون الثانية الاّ انّ تغايرهما لا يقدح بعد كون الفارق بينهما اعتبار القربة و عدم اعتبارها فإنّه حينئذ يمكن تعيين كونها هبة بأصالة عدم قصد القربة لكن الإنصاف تماميّة ما ذكره لانّه إن كانت الهبة أعمّ من الصّدقة كان وقوع الهبة المطلقة معلوما و يرجع الشك إلى صدور قصد القربة حتى تكون قسما خاصّا من الهبة أم لا فإنّ أصالة عدم قصد القربة تنفى وقوع القصد فيؤخذ بالقدر المعلوم بخلاف ما لو كانتا متباينتين فانّ نفى قصد القربة بالأصل لا يثبت كون الواقع هبة لأنّ الأصول الشرعية لا تثبت اللوازم العقلية و العادية كما برهن على ذلك في محلّه و قد مرّ عدم حجيّة العام في تميز الشّبهات المصداقيّة نعم قد يناقش في ما ذكره الماتن (- ره -) من الأصل بمعارضة أصالة عدم قصد القربة بأصالة عدم قصد غيرها و قد يجاب بأنّ الأصلين إذا تعارضا و كان أحدهما ذا اثر دون الأخر كان الحكم لذي الأثر و سقط غيره عن الاعتبار و أصالة عدم قصد القربة هنا ذات اثر و هو عدم اللزوم دون أصالة عدم قصد غير القربة فإنّها لا اثر لها و ذلك لانّ اللّزوم قد رتّب شرعا على قصد القربة و لم يرتّب الجواز على قصد غير القربة فأصالة عدم قصد غير القربة

ص:13

لا اثر لها حتّى تعارض أصالة عدم قصد القربة قوله طاب ثراه لكن الاستصحاب المذكور انّما ينفع (- اه -) لمّا بين انحصار مستند أصالة اللّزوم عند الشك في المصداق في الاستصحاب بناء على عدم حجية العام في تميز الشّبهات المصداقية أراد ان يشير إلى الفرق بين ما إذا كان مستند أصالة اللّزوم هو العموم و بين ما إذا كان مستنده هو الاستصحاب و حاصل الفرق انّ العام بناء على حجيته في تميز المصاديق ينفع في تعيين العقد اللاّزم أيضا بخلاف الاستصحاب فإنّه لا ينفع إلاّ في إثبات صفة اللزوم و لا يعين العقد اللاّزم الاّ على القول بحجّية الأصول المثبتة قوله طاب ثراه فاذا شكّ في اشتغال الذمة بالعوض حكم بالبراءة (- اه -) قد يناقش في ذلك بانّ مقتضى أصالة احترام مال المسلم هو استحقاق العوض كما في صورة الاختلاف في المال المدفوع بعد عروض تلفه من دون تعدّ و لا تفريط بين المالك و بين القابض بدعوى المالك كونه قرضا و دعوى القابض كونه أمانة فإنّه مع عدم البينة يحكم على القابض بأدائه على احد القولين تمسّكا امّا بعموم على اليد أو بالأصالة المذكورة و مع جريان الأصالة المذكورة لا يبقى لأصالة البراءة محلّ أصلا بل قد يقال انّه لا مجرى للأصل هنا بعد العلم إجمالا إمّا باستحقاق الفاسخ المعوّض إن كان العقد هبة أو العوض إن كان بيعا فتأمّل قوله طاب ثراه و إذا شكّ في الضّمان مع فساد العقد حكم بالضمان لعموم على اليد إن كان هو المستند في الضمان بالعقود الفاسدة (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة جعلني اللّه (- تع -) فدائه انّ هذا مبنى على القول بانّ العمومات المخصّصة ترفع الشّبهة عن المصاديق عند الشك في دخولها في عنوان المخصّص أو دخولها في ما بقي من عنوان العام فكلامه (- قدّه -) هذا في قوّة ان يقال حكم بالضّمان لعموم على اليد إن كان هو المستند في الضّمان بالعقود الفاسدة و قلنا بانّ خروج بعض افراد اليد عن تحت ذلك العموم كيد الموهوب له لا يمنع عن الرّجوع اليه عند تردّد بعض مصاديقها بين يد الضّمان كيد القابض بالسّوم و غيرها كيد المتهب و المستودع و المستعير و الدليل على ما ذكرناه من التقييد قوله (- ره -) و إن كان المستند دخوله في ضمان العين أو قلنا بانّ خروج الهبة من ذلك العموم مانع من الرّجوع اليه فيما احتمل كونه مصداقا لهما كان الأصل البراءة أيضا أي كما لو شكّ في اشتغال الذّمة بالعوض هذا كلالة دام ظلاله و ما ذكره موجّه متين بقي هنا أمران لم يتعرّض لهما الماتن (- ره -) و نبّه عليهما فقيه آل يس (- قده -) الأوّل انّ اللّزوم و الجواز الثابتين لمحلّهما من العقود بالأصل أو بالعارض من طرفين أو من طرف واحد على ضربين أحدهما ما يجوز انقلابه إلى ضده باشتراط خيار رافع لللّزوم في اللاّزم أو اشتراط القرار و عدم الفسخ في ضمن عقد لازم الرّافع للجواز في الجائز ثانيهما ما لا يجوز فيه ذلك كالصدقة و الوقف و الضّابط انّ كلّ ما يعتبر في صحّته قصد التقرّب إلى اللّه تعالى للنّصوص المصرّحة بانّ ما كان للّه لا رجوع فيه فلا يصحّ اشتراط الخيار في شيء من هذه الأمور بل و في سائر الإيقاعات كالطّلاق و الرّجعة بالنّكاح بعده و العتق إلى غير ذلك الثاني انّه يجوز اجتماع اللّزوم و الجواز في عقد واحد كما في الرّهن فإنّه لازم من طرف الرّاهن و جائز من طرف المرتهن و (- كك -) الهبة فإنّها لازمة في حقّ المتّهب جائزة في حقّ الواهب و حكى قول في الهبة و الرّهن بالإلحاق بالجائز لإمكان الفسخ و لو بواسطة أحد الطّرفين و هو المرتهن و الواهب في المثالين و ردّ بان الفعل المشترك بين اثنين بمنزلة فعلين متعدّدين فلا يمنع اتّصافه باللّزوم بملاحظة أحدهما و بالجواز بملاحظة الأخر كما فيما شرط فيه الخيار لأحدهما خاصّة في البيع و نحوه و بالجملة الأسباب الشرعية المتصفة باللّزوم المطلق ذاتا أو عارضا ما عدى المشروط صحّته بالتّقرب اليه تعالى و ما جرى مجراه لا إشكال في قابليّتها لتعلّق الجواز بها بخيار حكمي أو مجعول من طرف المتعاقدين لأحدهما خاصّة أو لكلّ واحد و (- كك -) اللاّزم من جانب واحد إذا كان محلّ الخيار ذلك الاّ ان يكون منافيا لمقتضى العقد كما في الرّهن فإنّه لا يبعد ان يقال بمنعه من جانب الرّاهن لانّه مناف لمقتضى الرّهن الّذي علم انّ الغرض من مشروعيّته استيثاق الرّاهن على حقّه من الدّين و امّا المتّصفة بالجواز كالمعاطاة بناء على انّها بيع مثلا غير لازم فلا مانع من تعميم أسباب الخيارات لها من مجلس و غبن و عيب بناء على انّ الأسباب الشّرعيّة معرفات لا علل حقيقيّة و يصحّ اشتراط الخيار فيها على تقدير عروض اللّزوم لها أو مطلقا لأجل التسلّط على الفسخ عند الحاجة اليه أو لأجل انتقاله إلى الوارث فانّ الجواز الحكمي الثابت في الهبة مثلا أو المعاطاة لا يتعلّق به الإرث بعد فرض انه محض حكم شرعيّ و لذا لا يسقط بالإسقاط بخلاف الخيار المشروط مثلا فإنّه حقّ مخلوقيّ صالح لان يورث و امّا المشكوك منها من حيث الجواز و اللزوم كالقرض و المسابقة فلا إشكال في جواز إثبات الخيار فيها لفائدة تحصيل الجزم بثبوت التسلّط على الفسخ فيكون عمله موافقا للاحتياط و يجرى الكلام في المعاطاة بناء على احتمال اللزوم فيها

القول في أقسام الخيار

اشارة

قوله طاب ثراه و قد أنهاها بعضهم إلى أزيد من ذلك (- اه -) أقول قد اختلفت امذقة المصنّفين في تعداد الخيار فعدّها المحقّق في (- يع -) خمسة خيار المجلس و خيار الحيوان و خيار الشّرط و خيار الغبن و خيار التأخير و عدها في (- فع -) و (- عد -) و (- شاد -) و (- كرة -) و غيرها سبعة بإضافة خيار الرّوية و خيار العيب و عدّها في (- ثق -) ثمانية بإضافة خيار ما يفسد ليومه و خيار الرّؤية و خيار العيب إلى الخمسة التي في (- يع -) و عدّها في المستند مثل (- ئق -) ثمانية الاّ انّه أبدل خيار العيب بخيار الاشتراط و عدّها في الدّروس تسعة و في اللّمعة أربعة عشر الخمسة الّتي في (- يع -) و خيار ما يفسد ليومه و خيار الرّؤية و خيار العيب و خيار التدليس و خيار الاشتراط و خيار الشّركة و خيار تعذّر التسليم و خيار تبعّض الصّفقة و خيار التفليس لكن ليس شيء من ذلك مبنيّا على الخلاف في الثّبوت و عدمه بل هو جمع و استقصاء و اقتراح لا إيراد على احد منهم في اقتصاره على عدد دون الأخر لأنّ كلاّ منهم قد بيّن ما أهمل عدّه في طيّ المباحث و ربّما اعترض الفقيه الغرويّ (- قده -) في شرحه على خيارات اللّمعة على عدّ ماتنه الخيار أربعة عشر بأنّه ان بنى على التّداخل لم تكن أربعة عشر و ان بنى على الاختلاف في الصّور زادت ضعف الأصل و أكثر إذ من جملتها خيار الشّفعة إذا كان الشفيع بعيدا و خيار الخيار إذا باع و كان فيه خيار لغيره و خيار المرابحة بناء على استقلاله و خيار الواطئ إذا وطأ الجارية مولاها و باعها ناسيا أو عاصيا لاحتمال صيرورتها أمّ ولد و خيار مستحقّ قصاص النّفس أو قصاص الطّرف من العبد و خيار مستحقّ الحد رجما أو قتلا أو مطلقا و خيار الجلاّل و خيار الموطوء من الحيوان من المركوب و خيار الكفر لضرر السّؤر و خيار المكاتب قبل تحرير بعضه لو أجزنا بيعه و خيار خوف حدوث العيب و خيار خوف التّلف لكون العبد في الحرب أو في محلّ الطّاعون و خيار فساد العقيدة من أهل الإسلام و خيار التنجيس إلى غير ذلك ثمَّ قال و كما يرجع كثير ممّا ذكر إلى العيب و التّدليس و نحو ذلك يرجع ما ذكره المصنّف (- ره -) من خيار الشّركة و التّبعيض و نحوهما إليها فلا وجه للحصر الاّ ان يقال انّ ما ذكره أعمّ و أشمل ممّا ذكرنا

ص:14

و يريد الحصر بالنّسبة إلى ذلك و بناء الأصحاب في هذا الباب على ذكر أقسام الخيار العامّة البلوى الكثيرة الدّوران المتعرّض لها في الرّوايات الّتي لا يرجع بعضها إلى بعض فمن هنا اقتصر بعضهم على خمسة و اخرون على ثمانية و المصنّف (- ره -) في (- س -) على تسعة و الأمر في ذلك سهل انتهى

الأول القول في خيار المجلس
اشارة

قوله طاب ثراه في مسائل خيار المجلس (- اه -) قد اشتهر التّعبير عن هذا القسم من الخيار في السنة الفقهاء (- رض -) بخيار المجلس قال في (- لك -) انّ اضافة هذا الخيار إلى المجلس اضافة إلى بعض أمكنته فانّ المجلس موضع الجلوس و ليس بمعتبر في تحقق هذا الخيار بل المعتبر فيه مكان العقد مطلقا أو ما في معناه و الأصل فيه قول النّبي صلّى اللّه عليه و آله البيعان بالخيار ما لم يفترقا و هو أوضح دلالة من عبارة الفقهاء الاّ انه قد صار بمنزلة الحقيقة العرفية و إن كان للتسمية فيه خصوص لغة انتهى و أقول انّ ما ذكره من عدم اعتبار موضع الجلوس في تحقّق هذا الخيار ممّا لا ريب فيه بل في الرّياض و كشف الظلام و غيرهما الإجماع عليه و كفاك في ذلك ادارة البقاء في النّصوص مدار عدم الافتراق من غير إدارته مدار بقاء مجلس البيع و قد أشار بقوله أو ما في معناه إلى كفاية عدم افتراقهما بالأبدان و ان انتقلا مصطحبين إلى مكان أخر فالمراد بما في معناه الموضع الّذي ينتقلان اليه بعد العقد مصطحبين ثمَّ ان لازم كلامه كون اضافة الخيار إلى المجلس من باب اضافة الحال إلى المحلّ و ربّما قرّر المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) كونها من باب اضافة المسبّب إلى السّبب حيث قال لعلّ الإضافة من قبيل اضافة المسبب إلى السّبب كما في خيار الغبن اى خيار سبب ثوبته كون المتعاقدين في مكان العقد أو في حكمه مثل ان فارقاه مصطحبين انتهى و لعلّ ذلك أقرب من جعله من باب اضافة الحال إلى المحل أو مساو له و ليس بعيدا كما زعمه بعض الأواخر قوله طاب ثراه و أراد بالمجلس مطلق مكان المتبايعين حين البيع (- اه -) فلا يشترط في ثبوت الخيار اجتماعهما في مكان واحد عرفا فلو تناديا بالبيع من مكان بعيد ثبت الخيار لهما أيضا كما هو المصرّح به في عبائر كثير منهم كالتذكرة و (- س -) و كنز الفوائد و تعليق و (- شاد -) و (- مع صد -) و مفتاح الكرامة و غيرها بل قيل انّه لم يعرف فيه خلاف بيننا و الأصل في ذلك إطلاق النصوص و الفتاوى و عن بعض العامّة و هو الجويني على ما في (- كرة -) انّه قد أسقطه بذلك لانّه لا يجمعهما مجلس و لمقارنة المسقط له للبيع و لانّه من الأفراد النّادرة الّتي لا ينصرف إليها الإطلاق و ضعف الجميع ظاهر امّا الأوّل فلطهور عدم كون المجلس مدارا للحكم و انما المدار هو كون الطّرفين متبايعين و قد حصل و امّا الثاني فلمنع كون المسقط هو البعد بل تفرقهما عن موضعهما و لم يحصل ما داما في مكانهما و القياس باطل و امّا الثالث فلمنع الندرة الموجبة لانصراف الإطلاق إلى غيره قوله طاب ثراه و لا خلاف بين الإماميّة في ثبوت هذا الخيار (- ره -) قد ادّعى الاتّفاق على ذلك في الكفاية و (- ئق -) و في (- كرة -) انّه ذهب إليه علمائنا و في (- ف -) و الانتصار و مجمع الفائدة و الرّياض و موضعين من مفتاح الكرامة و خيارات الفقيه الغرويّ و المستند و الجواهر و هداية الأنام و غيرها انّ عليه الإجماع قال في (- ف -) البيع ينعقد بوجود الإيجاب من البائع و القبول من المشترى لكنّه لا يلزم المتبايعين بنفس العقد بل يثبت لهما فلكلّ واحد منهما بل لكلّ منهما خيار الفسخ ما داما في المجلس إلى ان يتفرّقا أو يتراضيا بالتّابع في المجلس و روى هذا في الصّحابة عن على عليه السّلام و عمر و عبد الله بن عبّاس و ابى هريرة و ابى بردة الأسلمي و به قال الحسن البصري و سعيد بن المسيّب و الزهري و عطاء و في الفقهاء الأوزاعي و احمد و إسحاق و ذهب طائفة إلى ان البيع يلزم بمجرّد العقد و لا يثبت فيه خيار المجلس بحال ذهب إليه في التّابعين شريح و النّخعي و في الفقهاء مالك و أبو حنيفة و أصحابه دليلنا إجماع الفرقة انتهى بل ادّعى بعض مشايخ العصر كونه من ضروريات المذهب أو الدّين الّذي لا يقدح فيه خلاف بعض المخالفين بعد اعترافه بأنّه خلاف سيّد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله انتهى فتأمّل قوله طاب ثراه و النّصوص به مستفيضة (- اه -) قد ادّعى تواترها في الجواهر و يأتي من الماتن (- ره -) أيضا دعوى تواترها فمنها النّبويّ المشهور البيعان بالخيار حتى يفترقا و رواه في (- ف -) على متن أخر حيث قال و روى نافع عن ابن عمر انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله قال المتبايعان كلّ واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرّقا الاّ بيع الخيار فاثبت للمتبايعين الخيار بعد تسميتهما متبايعين و كلّ اسم مشتق من فعل فإنّه يسمى به بعد وجود ذلك الفعل كالضّارب و القاتل و غير ذلك (- فكذلك -) المتبايعان فإنّهما يسمّيان بذلك بعد وجود التّبايع بينهما فالخير يقتضي إثبات الخيار لهما في تلك الحالة و عند المخالف انّه لا يثبت انتهى و منها الصّحيح الذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمد بن عبد الجبّار عن صفوان عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتّى يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلثة أيّام بيان قال في التنقيح انّه يسمّى المشترى بيعا تغليبا للفظ البائع كالعمرين و القمرين و انّما غلب البائع لأنّه أصل في الخيار لجواز ندمه غالبا انتهى و منها الصحيح على الصحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل هو ابن صالح الأسدي الثقة مدّ ظلّه و ابن بكير جميعا عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتّى يفترقا الحديث و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن جميل عن فضيل هو ابن يسار منه مد ظلّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال قلت له ما الشرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرّضا منهما و منها الصّحيح الذي رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال أيّما رجل اشترى من رجل بيعا فهو بالخيار حتّى يفترقا فاذا افترقا وجب البيع الحديث و منها ما رواه هو (- ره -) عن الحسن بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن على بن أسباط عن الرّضا عليه السّلام قال سمعته يقول الخيار في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري و في غير الحيوان ان يفترقا الحديث و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن الحسين بن عمر بن يزيد عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ التّاجران صدقا بورك لهما فاذا كذبا و خانا لم يبارك لهما و هما بالخيار ما لم يفترقا فان اختلفا فالقول قول ربّ السّلعة أو يتتاركا و رواه الصّدوق (- ره -) في محكي الخصال عن محمد بن موسى المتوكل عن محمد بن يحيى عن محمد بن احمد رفعه إلى الحسين بن زيد عن أبيه زيد بن على عن أبيه عن جدّه عليه السلام إلى غير ذلك من الأخبار و يأتي جملة أخرى في طيّ الفروع إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و الموثق الحاكي لقول على (- اه -) أشار بذلك إلى رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبيه عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن على عليه السلام قال قال على عليه السلام إذا اصفق الرّجل على البيع فقد وجب و ان لم يفترقا و هو و ان كان معتبر السّند بالموثّقية الاّ انّ جمعا حكموا بشذوذه

ص:15

فيطرح أو يحمل على التّقية لموافقته لمن تقدّم ذكرهم في عبارة (- ف -) من العامّة أو على ما حمله عليه الشّيخ (- ره -) من بيان افادة الملك قبل الافتراق و ان جاز الفسخ قبله أو على ما احتمله هو (- ره -) أيضا حمله عليه من كون المراد بالافتراق المنفي الافتراق البعيد دون القليل الملزم و ربّما احتمل بعضهم الحمل على احد المقامات الّتي يسقط فيها هذا الخيار كاشتراط سقوطه أو بيعه ممّن ينعتق عليه و نحو ذلك أو على كون المراد بالتفقّه الرّضا بالبيع و الالتزام به و الأمر سهل بعد شذوذ الخبر و مخالفته للإجماع و المتواتر من الأخبار و موافقته لمذهب من خالف النّبي صلّى اللّه عليه و آله في أربعمائة حديث منها البيعان بالخيار ما لم يفترقا كما اعترف به الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار مع كونه من الخفيّة قوله طاب ثراه و لا فرق بين أقسام البيع أقول قد صرّح بعدم الفرق بين أقسام البيع من النقد و النسية و السّلم و المرئي و الموصوف و التولية و المرابحة و غير ذلك جمع منهم العلاّمة في (- عد -) و (- كرة -) بل في الغنية انّه يدخل خيار المجلس في جميع ضروب البيع السّلم و غيره لإجماع الطائفة على ذلك انتهى و في مفتاح الكرامة انه من المعلوم اتفاق الفتاوى عليه و الأصل في ذلك إطلاق النصوص

مسألة هل يثبت خيار المجلس للوكيلين مطلقا و نقل الخلاف في المسألة

قوله طاب ثراه و لا في ثبوته للوكيلين في الجملة ظاهره نفى الإشكال عن ثبوت خيار المجلس للوكيل المستقلّ في التصرّف و مقابلته نفى الإشكال بنقل الخلاف في مطلق الوكيل تدلّ على إرادته بنفي الإشكال نفي الخلاف أيضا و هو كما ترى فانّ بعض الأواخر مال إلى نفي الخيار للوكيل حتى إذا كان مستقلا في التصرّف استنادا إلى أصالة اللزوم بعد انصراف البيعين إلى الأصلين فإن الغالب الشّائع في الاستعمال هو إطلاق المتبايعين على الأصلين فيبقى الوكيلان خارجين عن منصرف اخبار الخيار باقيين تحت أصالة اللزوم المحكمة في مورد الشك فلا تذهل قوله طاب ثراه و هل يثبت لهما مطلقا (- اه -) اى حتى فيما لو كانا وكيلين في مجرّد إجراء الصّيغة قوله طاب ثراه خلاف قلت الأقوال في ذلك خمسة أحدهما ما سمعت من عدم الثّبوت مطلقا ثانيها الثبوت مطلقا جزم به جماعة منهم فاضل الكفاية و سيّد الرّياض و سيّد مفتاح الكرامة و شيخ (- ئق -) و غيرهم قال في (- ئق -) و هو ثابت للمتبايعين سواء كانا مالكين أو وكيلين أو متفرّقين بعد انعقاد البيع بالإيجاب و القبول ثمَّ تمسّك لذلك بإطلاق النّصوص و الفتاوى و معادل الإجماعات بعد صدق المتبايعين على الوكيلين و نفى البعد عن هذا القول المحقق الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة ثالثها التّفصيل بين الوكيلين في المعاملة و بين الوكيلين في مجرّد إيقاع العقد مع مباشرة الموكّلين لتعيين الثّمن و المثمن و غير ذلك من لوازم المعاملة بثبوت الخيار للوكيلين في الثّاني دون الأوّل استظهره المصنّف (- ره -) من عبارة (- كرة -) الّتي سينقلها حيث قال فيما يأتي عن قريب إنشاء اللّه تعالى ان القول بثبوتها يعنى الخيارات لموقع الصّيغة لا ينبغي من الفقيه و الظّاهر عدم دخوله في إطلاق العبارة المتقدّمة عن (- كرة -) فانّ الظّاهر من قوله اشترى الوكيل أو باع تصرّف الوكيل بالبيع و الشّراء لا مجرّد إيقاع الصّيغة انتهى لكن قد يناقش بأنّ غاية ما تفيده العبارة على فرض ظهور الوكيل في الوكيل في البيع و الشّراء لا خصوص العقد انّما هو ثبوت الخيار للوكيل في البيع و الشّراء و امّا عدم ثبوته للوكيل في خصوص الصّيغة فالعبارة ساكتة عن ذلك مع انّ ظهور الوكيل في الوكيل في البيع و الشّراء ممنوع سيّما بعد تعبيره بتعاقد الوكيلين و كون ذلك قرينة على ارادته بالبيع و الشّراء في قوله لو اشترى الوكيل أو باع ما يشمل العقد و كيف كان محجّة هذا القول امّا على ثبوت الخيار للوكيلين في المعاملة و متعلّقاتها فالإطلاق و امّا على عدم الثّبوت للوكيلين في مجرّد إجراء الصّيغة فأصالة عدم دخوله في التوكيل في العقد و عدم انصراف الإطلاق إلى مثله و قد يناقش في أصالة عدم دخوله في توكيل العقد بانّ الخيار من توابع العقد فلا مجرى للأصل فالأولى ان يقرر بأنّ الأصل عدم ثبوت الخيار في العقد الواقع من الوكيل في خصوص العقد و الا فدخول الخيار في نفس التوكيل في العقد ممّا لا يعقل فتأمّل رابعها ما اختاره في (- لك -) حيث قال في شرح قول المحقق (- ره -) في (- يع -) و لكلّ من المتبايعين خيار الفسخ ما داما في المجلس ما لفظه إطلاق المتبايعين يشمل المالكين و الوكيلين و المتفرّقين لانّ المتبايعين من فعلا البيع و هو و إن كان عبارة عن الإيجاب و القبول فظاهر إطلاقه على من أوقع الصّيغة سواء كان مالكا أم وكيلا و إن كان عبارة عن نفس انتقال الأعيان ففاعل الانتقال و محدثه هو المتعاقدان أيضا لكن الحكم في المالكين واضح و امّا الوكيلان فان لم ينصّ لهما الموكّل على الخيار لم يكن لهما الفسخ فينتفي الحكم عنهما و ان وكلهما فيه فإن كان قبل العقد بنى على انّ التّوكيل فيما لا يملكه الموكّل هل يصحّ بوجه أم لا و سيأتي في بابه إنشاء اللّه تعالى فان لم نجوّزه لم يكن لهما ذلك أيضا و ان جوزناه أو كان التوكيل فيه بعد العقد في المجلس كان لهما الخيار ما لم يفترقا عملا بإطلاق الخبر انتهى خامسها ما اختاره الماتن (- ره -) بقوله و الأولى ان يقال (- اه -) و حاصله انّ الوكيل إن كان وكيلا في مجرد إجراء الصّيغة فليس له الخيار و إن كان وكيلا في التصرّف المالي كأكثر الوكلاء فان كان مستقلاّ في التصرّف في مال الموكّل بحيث يشمل توكيله فسخ المعاوضة بعد تحقّقها نظير العامل في القراض و أولياء القاصرين فالظّاهر ثبوت الخيار له و ان لم يكن مستقلاّ في التصرّف في مال الموكّل قبل العقد و بعده بل كان وكيلا في التصرّف على وجه المعاوضة كما إذا قال اشتر لي عبدا فالظّاهر (- ح -) عدم الخيار للوكيل قوله طاب ثراه و الاولى ان يقال (- اه -) قلت بل الأولى اختيار الإثبات مطلقا أو النفي مطلقا و مرجع الكلام إلى انّ البيعين في النص هل هما منصرفان إلى العاقدين المالكين ليبقى الوكيلان تحت أصالة اللزوم أم لا و نحن في ريب من تحقّق الانصراف لأنّ كثرة الوكلاء و كثرة إطلاق البيع و الشّراء على ما يصدر منهم تمنع من ذلك و لا أقل من الشك في الانصراف فيحكم أصالة عدمه و يبقى إطلاق النّصوص محكما سليما عن المعارض فان قلت ان شمول التّوكيل في مجرّد إجراء الصّيغة للوكالة في الخيار غير معلوم و الأصل عدمه فلا يندرج تحت الوكالة و لا يكون لخياره وجه قلت انّ الخيار ممّا لا وجه للتّوكيل و عدمه فيه لانّ الخيار من الآثار القهريّة للبيع و الشّراء فالتّوكيل في شيء منهما مع عدم الرّضاء بخيار الوكيل غير معقول فان قلت بمقالة المحقّق الثّاني (- ره -) من ان البيعين في الحديث يلزم ان يراد بهما العاقدان لأنفسهما فلا يعمان الوكيلين و لا الموكّلين لأنّه ان أريد بهما مالك المبيع و مالك الثمن لم يطابق أوّل الحديث أخره إلا إذا كان الوكيلان هما العاقدان لانّ قوله ما لم يفترقا لا يصدق في المالكين إذا كان العاقدان غيرهما لانّه يصير معناه حينئذ البيعان بالخيار ما لم يفترق المعاقدان و هو غير ظاهر الاّ ان يدعى وجود القرينة الدّالة على مرجع هذا الضمير و هي ذكر طروّ الافتراق المقتضى لسبق الاجتماع للعقد أو يقال انّ الحديث دالّ على حكم المالكين المتعاقدين لانّه الغالب و حكم ما إذا كان العاقد وكيلا مستفاد من الخارج قلت لا ينحصر الأمر فيما ذكره بل المراد بالبيعين البائع و المشترى فإذا صدق البائع و المشترى

ص:16

عرفا و لغة و شرعا على كلّ من الأصيلين و الوكيلين لم يكن إشكال في جريان الحكم في الوكيلين و من هنا قيل انّ الموجود في أكثر الرّوايات البيعان و في بعضها التّاجر و البيع امّا نفس الإيجاب و القبول أو النقل و على كلّ منهما فهو صادق عليه فتلخص من ذلك عدم الفرق بين المالكين و الوكيلين و المختلفين في ثبوت الخيار المذكور و لا في الوكيلين بين الوكيلين في مجرّد إجراء الصّيغة أو في جميع متعلّقات البيع و الشّراء لما مرّ و توضيحه انّ البيع عبارة عن النّقل و النّاقل هو العاقد و المساومة ليست ناقلة فإذا كان وكيلا في مجرّد اجراء العقد و عيّن المالكان العوض و المعوّض و قيود النّقل كان الوكيلان هما المتبايعان و المالكان ليسا الاّ متساومين فتدبّر قوله طاب ثراه لانّ المتبادر من النص غيرهما (- اه -) قد وقع الاستدلال لعدم ثبوت الخيار للوكيلين في مجرّد إجراء الصّيغة بوجوه أشار إلى عدة منها (- المصنف -) (- ره -) هذا أحدها و حاصله انّ المتبادر من نصوص خيار المجلس انّما هو غير الوكيلين في مجرّد اجراء العقد فيرجع فيهما إلى أصالة اللزوم و فيه منع التّبادر بل البائع هو النّاقل و الوكيل بإنشائه العقد ناقل كما لا يخفى قوله طاب ثراه و ان عممناه لبعض افراد الوكيل (- اه -) أراد بهذا البعض الوكيل المستقلّ في التصرّفات و أنت خبير بانّ التعميم لذلك يقتضي التعميم لمطلق الوكيل العاقد قوله طاب ثراه مضافا إلى انّ مفاد أدلّة الخيار (- اه -) حاصله انّ مفاد أدلّة الخيار انّما هو ثبوته لمن تسلّط على التصرّف في العوض المنتقل منه إلى صاحبه بالفسخ و الاسترداد فاذا شكّ في تسلّط الوكيل في مجرّد اجراء العقد على ما انتقل اليه لم يكن هناك ما يمكن التمسّك به في إثباته لأنّ أدلّة الخيار لا تثبت و لا تفيد ذلك لأنّها في قوّة ان يقال البيعان إذا تمكنا من ردّ ما عندهما كانا بالخيار ما لم يفترقا و معلوم انّ مثل هذا الكلام لا يفيد ثبوت الخيار لمن شكّ في تمكّنه من ردّ ما عنده و لا يرفع الشكّ في تمكّنه ضرورة انّ الأدلة المأخوذ فيها عناوين لا تفيد انطباقها على شيء من المصاديق إذا شكّ فيه و لم يتميز من الخارج انطباقها عليه و لكنّك خبير بما فيه لمنع كون السّلطنة على ردّ ما انتقل اليه قيد مفاد أدلّة الخيار و ربما تصدّى الشّيخ الوالد روحي فداه لتوجيه ذلك بانّ لازم الخيار ذلك فإنّه لمّا قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا أفاد أن لكلّ منهما ان يستردّ ما انتقل عنه إلى صاحبه و (- ح -) نقول انّه لمّا كان انتقال ما انتقل عنه بعنوان كونه عوضا عمّا انتقل من صاحبه اليه فلا جرم كان استرداده بعنوان إخراجه عن العوضيّة و لا يكون الاّ بالتسلّط على ردّ ما جعل عوضا عنه ثمَّ انّه دام ظلّه أخذ في المناقشة فيه بالمنع من كون معنى الخيار استحقاق استرداد ما انتقل عنه الى صاحبه و انّما هو استحقاق فسخ العقد و لازمه رجوع كلّ من العوضين إلى صاحبه الأوّل فسلطنة كلّ منهما على أخذ ما انتقل عنه إلى صاحبه و وجوب دفع ما انتقل من صاحبه إليه في مرتبة واحدة و ليس تسلّطه على الأخذ بعد الفراغ عن وجوب الدّفع فموضوع حكم ثبوت الخيار هما البيعان و صدقهما على الوكيلين في إجراء لفظ العقد معلوم لا مشكوك و ليس الموضوع البيعان المقيّد بثبوت التسلّط على ردّ ما انتقل اليه حتّى يقال انّ ثبوت التّسليط على ذلك مشكوك لا يفيده أدلّة الخيار كيف لا و لزوم تمكّن الفاسخ من ردّ ما انتقل اليه ممّا يتّجه المنع عن اعتباره في معنى الخيار أو كونه لازما له و يشهد به انّ منع الخيار موجود في خيار الشّرط و قد تقرّر عندهم انّه يجوز اشتراط الخيار لأجنبي و من المعلوم انّ الأجنبي ليس له التسلّط على ردّ شيء من العوضين نعم فسخه يصير سببا لتسلّط كلّ من المتبايعين على ردّ ما عنده و أخذ ما عند صاحبه و هذا محقّق فيما نحن فيه اعنى الوكيلين في مجرّد إيقاع العقد بعد فرض صدق البيعين عليهما هذا كلامه دام ظلاله و هو كلام متين و جوهر ثمين و حاصله انّ الماتن (- ره -) ان أراد بتمكّن الفاسخ من استرداد ما نقله الّذي اعتبره في ثبوت الخيار للشّخص تمكّنه من الاسترداد على وجه المباشرة منعنا من كونه معتبرا في الخيار أو لازما له و ان أراد به ما يعمّ ثبوته على وجه التّسبيب فأيّ مانع من ثبوته هاهنا بان يكون فسخ الوكيل في مجرّد إيقاع العقد سببا لتمكّن كلّ من المتعاقدين من ردّ ما انتقل اليه بعد فرض صدق البيعين عليهما و الاّ كان خروجهما مستندا إلى عدم صدق البيعين عليهما لا إلى عدم التمكّن من الاسترداد قوله طاب ثراه الا ترى انّه لو شكّ (- اه -) هذا استدلال على ما ادّعاه من اعتبار مفروغيّة التمكّن من استرداد ما انتقل منه إلى الأخر و حاصل الدليل انّ عدم إمكان الاستدلال بأدلّة الخيار على نفي الانعتاق و عدم وجوب العتق في صورة الشك الّتي أشار إليها انّما هو لعدم مفروغيّة السّلطنة المذكورة فلو لا اعتبار المفروغيّة المذكورة لكان يتّجه التمسّك بأدلّة الخيار لنفي الانعتاق في الفرض و لكن ربّما يناقش في هذا الاستدلال بمنع عدم صحّة التمسّك بأدلة الخيار لإثبات عدم الانعتاق في الفرض و ذلك لانّ الأصل الثّانوي في كلّ بيع هو الجواز ما داما في المجلس و كون المبيع ممّن ينعتق على المشترى مانع من ذلك فاذا شكّ في تحقّق المانع كانت أدلّة الخيار بضميمة أصالة عدم المانع محكمة نافية للانعتاق كما لا يخفى قوله طاب ثراه مضافا إلى ملاحظة بعض اخبار الخيار (- اه -) حاصله انّ ما قرن فيه خيار الحيوان بخيار المجلس و ان لم يكن خيار المجلس فيه مقيّدا بثبوته للأصيل حتّى تكون النّسبة بينه و بين ما أطلق فيه ثبوت خيار المجلس للبيعين هي العموم و الخصوص المطلق الاّ انّ السياق يقضى بعدم ثبوت خيار المجلس للوكيل في مجرّد الصّيغة كعدم ثبوت خيار الحيوان له لكن فيه أوّلا انّ خيار الحيوان و ان قرن بخيار المجلس في بعض الأخبار الاّ ان موضوع الأوّل فيه صاحب الحيوان و موضوع الثّاني البيعان و من البين عدم صدق صاحب الحيوان على الوكيل و صدق البيعين على الوكيلين في مجرّد إجراء الصّيغة و ثانيا انّ لازم ما ذكره من اتّحاد السّياق و المراد هو ان يلتزم اما بثبوت كلّ من الخيارين للوكيل المستقلّ في التصرّف أو عدم ثبوت شيء منهما له و هو و ان التزم هنا بالثّبوت لكن ما أظنّه يلتزم بذلك في خيار الحيوان ضرورة كون موضوعه صاحب الحيوان و بعبارة أخرى كما انّ لازم اتّحاد السّياق نفي ثبوت خيار المجلس للوكيل في مجرّد اجراء العقد كعدم ثبوت خيار الحيوان له فكذا لازمه نفي ثبوت خيار المجلس للوكيل المستقلّ في التصرّف أيضا كعدم ثبوت خيار الحيوان له فما باله أخذ بإحدى اللاّزمين و ترك الأخر فاثبت خيار المجلس للوكيل المستقل في التصرّف و ثالثا ان تقييد احدى الفقرتين لدليل لا يقتضي تقييد الأخر فتأمّل قوله طاب ثراه مع ان ملاحظة حكمه (- اه -) غرضه انّ حكمة جعل الخيار انّما هو الإرفاق لصاحب المال حتّى يختار الفسخ ان ندم في المجلس و جعل الخيار للوكيل في مجرّد العقد ينافي ذلك لانّه قد يختار المالك الإمضاء و يفسخ الوكيل و فيه أوّلا انا لم نفهم حكمة الخيار فضلا عن التمسّك به لعدم ثبوت الخيار للوكيل المزبور و لو فهمنا الحكمة لم يكن لنا التمسّك بها لعدم حجية العلل المستنبطة و ثانيا انّ الحكمة كما تنفى جعل الخيار للوكيل في مجرّد العقد فكذا تنفى جعل الخيار للوكيل المستقلّ في التصرّف قوله طاب ثراه مضافا إلى أدلّة سائر الخيارات (- اه -) فيه منع عدم جريان باقي الخيارات بالنّسبة إلى الوكيل في مجرد العقد و لو سلّم فعدم جريانها في حقّه لاختصاص موضوعها بالأصيل لا يقضى بعدم جريان هذا الخيار في حقّه بعد كون موضوعه البيع الصّادق على الوكيل في مجرّد العقد هذا و ربّما استدل

ص:17

بعضهم على عدم ثبوت خيار المجلس للوكيل في مجرّد اجراء العقد بوجه أخر و هو انّ ثبوته له مناف لما دلّ على سلطنة المالك على ماله إذا لم يرض بردّ الوكيل له و فيه انّ إطلاق دليل الخيار بعد صدق المبيع على الوكيل المذكور حاكم على إطلاق دليل السّلطنة قوله طاب ثراه و من جميع ذلك يظهر لك ضعف القول بثبوته للوكيلين المذكورين (- اه -) قد عرفت سقوط جميع ما ذكره و انّ الأقوى ثبوته للوكيلين المذكورين لكون البيع عبارة عن المبادلة و النّقل و من البين انّ النّاقل و المبادل حقيقة هو العاقد دون المالك لانّ الصّادر من المالكين انّما هي المساومة دون النّقل و المبادلة الحقيقيّة فالبائع هو العاقد و لذا لو عقد على مال غيره ثمَّ قال لم أبع مال فلان لعدّ كاذبا و لو قال بعت لعدّ صادقا و ليس موضوع هذا الخيار إلاّ البائع و توهم الفرق بين البيع و البائع خطاء و إنكار صدق البائع على العاقد مكابرة كما لا يخفى قوله طاب ثراه و أضعف منه تعميم الحكم لصورة منع الموكل (- اه -) فيه منع الأضعفيّة بل هو لازم القول بثبوته للوكيل في مجرّد العقد فإنّه بعد صدق البيعين على الوكيلين المزبورين يثبت لهما ذلك الخيار و يتسلّطان بذلك على الفسخ فاذا فسخا أو أحدهما كان البيع كان لم يكن رضى بذلك الموكّل أو لم يرض لكون ذلك من الآثار القهريّة لتحقّق موضوع هذا الخيار و هو كون الشخص بائعا و ليس ذلك ممّا يرجع امره الى الموكّل حتّى يدور مدار رضاه و ينتفي أثره بمنعه قوله طاب ثراه و على المختار فهل يثبت للموكّلين (- اه -) اختار الثّبوت في (- كرة -) حيث عطف في عبارته المزبورة في صدور المسئلة الموكّلين مع حضورهما في المجلس على الوكيلين و تبعه في ذلك جمع ممّن تأخّر عنه و اختار عدم الثّبوت ميلا في مفتاح الكرامة و استظهارا في مجمع الفائدة ثمَّ انّ كلاّ من القولين يجريان مع ثبوت الخيار للوكيل أيضا و عدمه فالأقوال أربعة الثبوت للموكّلين مع الثبوت للوكيلين و الثّبوت للموكّلين مع عدم ثبوته للوكيلين و عدم الثبوت للموكّلين مع الثبوت للوكيلين و عدم ثبوته لأحد منهم حجّة الأوّل اما على الثبوت للوكيلين فما مرّ من إطلاق النصّ و امّا على الثّبوت للموكّلين فهي انّ ثبوته للوكيل لكونه نائبا عنه يستلزم ثبوته للمنوب عنه و فيه نظر ظاهر لانّ الشّارع انّما جعل الخيار للمتبايعين فالمراد بهما ان كان هما المالكان لزم عدم الثّبوت للعاقدين الوكيلين و ان كان هما العاقدان لزم عدم الثّبوت للمالكين الموكّلين فإثباته للجميع ممّا لا دليل عليه و الملازمة بين الثبوت للوكيلين و بين الثّبوت للموكّلين ممنوعة لعدم الدّليل عليها بل هي غير معقولة حجّة الثّاني تبادر المالكين من البيعين و انّ الوكيلين فيما نحن فيه كالالة للمالكين و نسبة الفعل إلى المالكين شائعة و لذا لا يتبادر من قوله باع فلان ملكه الكذائي كونه مباشرا للصيغة مضافا الى انّ المستفاد من أدلّة سائر الخيارات و خيار الحيوان المقرون بهذا الخيار في بعض النّصوص كون الخيار حقّا لصاحب المال شرعا إرفاقا له و لازم ذلك ثبوته للموكّلين لأنّهما المراد ارفاقهما دون الوكيلين و في الجميع نظر لمنع تبادر المالكين من البيعين الا ترى انّه لو باع الوكيل مال الموكّل ثمَّ قال لم أبع مال فلان لعدّه العرف كاذبا و لو قال بعت عدّ صادقا و عدم تبادر مباشرة الصّيغة من قوله باع فلان ماله ممنوع و الحكمة لا عبرة بها حجّة الثالث تبادر العاقدين من البيعين فيندرجان في النّصوص لعدم صدق البائع لغة و عرفا الاّ على العاقد و الأصل عدم ثبوته للموكّلين و أيضا فبعد ثبوته للوكيلين لا يعقل ثبوته لغيرهما لانّ الشارع انّما جعل الخيار لاثنين كالأربع فإذا تبيّن كون الاثنين هما الوكيلان انتفى عن الموكّلين و قد يؤيّد ذلك بأنّه لو حلف على عدم البيع لم يحنث ببيع وكيله و إن كان قد يمنع ذلك فتأمّل حجة الرّابعة انصراف البيعين في النّصوص إلى العاقدين المالكين فيبقى البيع الصّادر من الوكيلين خارجا عن منصرف الإطلاق فيبقى تحت أصالة اللّزوم و الأقرب هو القول الثّالث لما مر من تبادر العاقدين من البيعين و لا دليل على ثبوته للموكّلين و دعوى انّ الخيار بالأصالة للمالكين و انّهما البيعان عرفا إذ يصدق عليهما المتبايعان مع وقوع البيع من الوكيلين ساقطة لانّ سببية التّوكيل للبيع الموجب للخيار لا يوجب ثبوت مقتضى الفعل الصّادر من الوكيلين للموجد لسبب سبب الخيار و صدق المتبايعين على الموكّلين مجاز بل البائع سواء كان بمعنى العاقد أو بمعنى النّاقل انّما هو الوكيل لا الموكّل الا ان يقال بعدم قدح كون الإطلاق مجازيا في شمول لفظ البيع لهما جميعا نظرا إلى انّ المدار في الأخبار على الانضمام العرفي و إن كان بعنوان المجاز فيكون استعمال قوله البيعان بالخيار من باب عموم المجاز اى من انتسب إلى البيع سواء كان بيعا حقيقة أو مجازا بل زاد بعضهم على ذلك إمكان دعوى كون إطلاق البيع على الموكّل أيضا على وجه الحقيقة قال و لا ينافي ذلك كون الموكّل أيضا بيعا حقيقة لإمكان كون فعل واحد منسوبا حقيقة إلى فاعلين أحدهما سبب و الأخر مباشر فيقال أحرق زيد عمروا و أحرق النّار عمروا كلّ منهما على وجه الحقيقة غاية الأمر انّ إحراق زيد انّما يكون بآلة و هذا لا ينافي كون النّسبة اليه على وجه الحقيقة فالنّار بالنّسبة إليه كالخشب بالنّسبة إلى الضّارب بل يمكن هذه الدعوى في جميع الأفعال التّوليديّة فالضّرب مؤدّب كما انّ زيدا الضّارب مؤدّب هذا كلام ذلك البعض و فيه انّ المفهوم عرفا من البيعين انّما هو البائع و المشترى فإثبات الخيار الاثنين من كلّ طرف ممّا لا دليل عليه لانّ مفاد الدّليل انّما هو إثبات الخيار في كلّ طرف لواحد امّا الوكيل أو الأصيل فإذا اعترف بكون استعمال البيع في الوكيل حقيقة و في الأصيل مجازا تعيّن اختصاص الخيار في الفرض بالوكيل إذ لا معنى للعدول من الحقيقة إلى المجاز من دون قرينة دالة عليه و هي في المقام مفقودة الاّ ان يقال انّ مفاد الخبر انّما هو ثبوت خيار واحد من كلّ طرف لا ثبوت خيار واحد لشخص واحد و (- المصنف -) لا يثبت خيارين من كلّ طرف بل يثبت خيارا واحدا لشخصين من كلّ طرف بحيث يكون الأثر لما يصدر أوّلا من أحدهما فسخا أو إمضاء فتأمّل و امّا ما ادّعاه من إمكان كون فعل واحد منسوبا حقيقة إلى فاعلين ففيه انّ ذلك انّما يتصوّر فيما إذا اشتركا في ذلك الفعل على حدّ سواء لا ما إذا كان أحدهما سببا و الأخر مباشرا فإنّه (- ح -) لا يسند الفعل حقيقة الاّ إلى المباشر الاّ مع ضعف المباشر بحيث لا يسند الفعل عرفا الاّ إلى السبب و من المعلوم عدم ضعف المباشر و هو الوكيل في المقام و العجب من دعواه كون نسبة الإحراق إلى زيد استعمالا حقيقيّا مع وضوح عدم كون زيد محرقا حقيقة بل مجازا لإيجاده السبب فلا تذهل قوله طاب ثراه فمجرّد ذلك لا يوجب الخيار لهما إلاّ إذا صدق (- اه -) لا يخفى عليك انّ لازم تمسكه فيما تقدّم لثبوت الخيار للموكّلين بالحكمة هو ثبوته لهما حتّى في صورة كون الموكّلين في غير مجلس العقد و اطلعا على عقد الوكيلين فما وجه ذهوله عن لازم دليله قوله طاب ثراه من انّ المستفاد (- اه -) قد عرفت سابقا عدم تماميّة الاستدلال بالحكمة قوله طاب ثراه و انّ ثبوته للوكيل (- اه -) فيه منع الملازمة لأنّ ثبوته للوكيل انّما هو لكونه عاقدا و بيعا فاذا لم يصدق هذا العنوان على المالك لم يكن لثبوت الخيار له معنى و إلى هذا أشار

ص:18

هو (- ره -) بالاستدراك بقوله الاّ ان يقال (- اه -) قوله طاب ثراه و لكن الوجه الأخير لا يخلو عن قوّة (- اه -) أراد بالوجه الأخير الوجه الثاني من الوجهين الذين هما طرفا الإشكال و هو ثبوت الخيار للموكل و التّعبير عن هذا الوجه بالأخير مبنىّ على تأخّر مدركه في الذكر و الاّ فمقتضى قوله في صدر العبارة و هل يثبت للموكلين (- اه -) هو كون الأخير عدم الثّبوت لا الثّبوت قوله طاب ثراه و (- ح -) فقد يتحقّق في عقد واحد الخيار الأشخاص كثيرة (- اه -) أراد بالأشخاص الكثيرة الموكّلين و الوكلاء المترتّبين في الوكالة كالوكيل و وكيل الوكيل و هكذا و منتظمين في سلك واحد واقعين في مرتبة واحدة كما لو وكل عشرة على ان يكون كلّ منهم متمكّنا من الاستقلال في المعاملة فاتّفقوا جميعا على إيقاع معاملة أو وكلوا غيرهم في إيقاع الصّيغة ذكر ذلك الشّيخ الوالد العلاّمة جعلني اللّه فدائه ثمَّ استظهر كون مراد الماتن (- ره -) الأوّل ولى فيما ذكره مدّ ظلّه نظر بل مراد الماتن (- ره -) هو الثّاني معيّنا بحيث لا يمكن كون الأوّل مرادا و ذلك لانّ إثبات الخيار للوكيل انّما هو لكونه بيّعا بسبب كونه عاقدا فاذا كانوا وكلاء مترتّبين لم يثبت الخيار إلاّ للأخير المباشر للعقد لانّ من عداه ليس مالكا و لا عاقدا فلا يصدق عليهم البيّع حتى يثبت لهم الخيار و من هنا ظهر انّ الوكلاء المنتظمين في مسلك واحد (- أيضا -) لا يكون لهم الخيار إلاّ إذا أوقعوا العقد جميعا بلسان واحد و امّا لو أوقعه واحد منهم أصالة و وكالة عن الباقين أو أوقعه أجنبي وكالة عنهم فلا يثبت الخيار الاّ للعاقد لعدم كون غيره و غير المالك بيّعا فما صدر منه روحي فداه من إثبات الخيار للوكلاء المتعددين المنتظمين في سلك واحد إذا وقعوا في مرتبة واحدة أو وكّلوا غيرهم في إيقاع الصّيغة ممّا لا وجه له فلا تذهل قوله طاب ثراه و ليس المقام من تقدّم الفاسخ على المجيز فانّ تلك المسئلة فيما إذا ثبت للجانبين و هذا فرض من جانب واحد هذا التّعليل على ظاهره عليل لان موضوع مسئلة تقدّم الفاسخ على المجيز انّما هو ما إذا كان كلّ من الفاسخ و المجيز ذا خيار مستقلاّ و هذا بخلاف المقام فانّ الخيار فيه لجنس البيع فاذا سبق العاقد المالك أو بالعكس في الفسخ كان فسخه مؤثّرا لكون الثّابت لهما خيارا واحدا فمن سبق اليه كان ما صدر منه مؤثّرا و ليس كون الجواز من جانبين أو من جانب واحد منشأ للفرق بين الموضعين كما يوهمه ظاهر تعليل المصنّف (- ره -) و الوجه في كون الخيار لجنس البيع ظاهر هذا على مذهب المصنّف (- ره -) و امّا على المختار من عدم ثبوت الخيار للموكل فيجري نظير الكلام فيما إذا وكل جمعا في الصّيغة فأوقعوها دفعة واحدة فإنّه لا يثبت لهم جميعا الاّ خيار واحد يؤثّر فسخ كلّ من سبق منهم و اعتبار اجتماع الجميع على الفسخ في تأثيره نظرا إلى انّ الثّابت للبيّع خيار واحد فلا أثر إلاّ لصدور الفسخ من جميعهم أو الإنفاذ من جميعهم فتأمّل قوله طاب ثراه وجوه اقويها الأخير (- اه -) الوجه في ذلك انّ إثبات الخيار لكلّ من الموكّل و الوكيل لمّا كان من باب كون المراد بالبيّع الجنس و كون كلّ من المالك و العاقد بيّعا عند (- المصنف -) (- ره -) كان لازم ذلك توقّف زوال الخيار على افتراق الجنس فما دام أحد أفراد الجنس من كلّ طرف موجود أ يصدق عدم افتراق جنس البيعين و ربّما اعترض بعضهم على الماتن (- اه -) بأنّ الأقوى كفاية تفرّق احد الشخصين الأصيل أو الوكيل في سقوط الخيار و علّل ذلك بانّ الحكم معلّق على صدق التفرّق لا على صدق عدم التفرّق و المفروض صدقه و إن كان بصدق عدم التفرّق (- أيضا -) مع بقاء أصيل أو وكيل و فيه منع عدم كون الحكم معلّقا على عدم التفرّق بعد كون نصّ الخبر جعل غاية الخيار عدم التفرّق و بقاء المجلس و لا ريب في صدق عدم تفرق الجنس و بقاء مجلس جنس البيعين ما دام في كلّ من الطّرفين الأصيل أو الوكيل باقيا و لا أقل من الشكّ في بقاء المجلس بعد تفرّق واحد من كلّ طرف و بقاء واحد من كلّ طرف فالأصل بقاء المجلس و أيضا فامّا ان يكون الافتراق شرطا في زوال الخيار كما هو ظاهر الجملة الشرطيّة في الخبر أو الافتراق مانعا من البقاء و الأصل عدم تحقّق الشّرط و عدم تحقق المانع لا يقال انّ الافتراق مانع من زوال الخيار أو انّ بقاء المجلس شرط في بقاء الخيار و الأصل عدم المانع و عدم الشّرط لأنّا نقول انّ عدم الافتراق إذا استصحب كان استصحابه مسقطا لأصالة عدم المانع لأنّ أصالة عدم الافتراق لا حالة سابقة لها و استصحاب بقاء المجلس مسقط لأصالة عدم الشرط لانّ الشّرط المحرز بالاستصحاب كالشّرط المعلوم الحصول كما لا يخفى قوله طاب ثراه فالظّاهر عدم الخيار (- اه -) قد مرّ انّ الحقّ ثبوت الخيار للوكيل في مجرّد العقد فيثبت لهذا أيضا مع مباشرته للعقد كما مرّ سقوط ما تمسّك به بقوله بل لما ذكرنا في القسم الأوّل من انّ إطلاق أدلّة الخيار (- اه -) قوله طاب ثراه الأقوى العدم لانّ المتيقّن (- اه -) قد يناقش في ذلك بانّ الثّابت عند البيع انّما هو خيار المالك و انّما الواقع بعد العقد نقل الخيار إلى الوكيل لا جعل الخيار حتّى يردّ بانّ مفاد أدلّة الخيار ثبوته حال العقد لا لحوقه بعده و على هذا فالمسئلة مبينّة على انّ الخيار يجوز نقله إلى الغير بعد العقد أم لا و لعلّ الماتن (- ره -) يرى عدم الجواز نظرا إلى دعوى كون مفاد الأخبار ثبوت الخيار لمن اليه زمام الرّقية و عدم قابليّته لان ينقل إلى الغير لكن ذلك محلّ تأمّل و الاّ لم يكن ليثبت الخيار للأجنبيّ المشروط له الخيار مع انّ لازم كونه من الحقوق هو جواز نقله فتأمّل كي يظهر لك إمكان منع كون الأصل في كلّ حق قبوله لانّ ينقل لانّ الحقوق منها ما يقبل النّقل و منها ما لا يقبل ذلك و لا دليل على انّ الأصل في الحقوق القابليّة للانتقال فتأمّل قوله طاب ثراه نعم يمكن توكيله في الفسخ أو في مطلق التصرّف فسخا أو التزاما (- اه -) الفرق بين التوكيل و بين تفويض الأمر إلى الوكيل بحيث يصير ذا حقّ خياري هو انّ التوكيل صالح لان يرتفع بالعزل و يمكن سلب الوكالة عن الوكيل قبل تصرّفه بخلاف التفويض فإنّه ليس قابلا للارتفاع فلا يجوز سلب الحقّ ممّن فوّض اليه لو قلنا بأنّه يصير ذا حقّ كما نبّه على ذلك الشيخ الوالد روحي فداه في غاية الآمال قوله طاب ثراه و ان جعلنا الإجازة كاشفة (- اه -) هذه العبارة تدلّ على كون عدم الثبوت للفضولييّن بناء على كون الإجازة ناقلة مسلّما و هو على مبناه من عدم ثبوت الخيار للعاقد المحض متين لعدم كون الفضوليين وكيلين مستقلّين في التصرّف و امّا على المختار من ثبوت الخيار للعاقد المحض (- فكذلك -) لأنّ إثباته له انّما هو لصدق البيع و النّاقل عليه فاذا كان النّاقل هنا هو الإجازة كان لازمه عدم ثبوت الخيار للفضوليين لعدم كونهما ناقلين و ثبوته للاصيلين ما دام مجلس الإجازة باقيا لكونهما ناقلين بالإجازة نعم بناء على المختار من كون الإجازة كاشفة كشفا حقيقيّا كما يدلّ عليه الخبر الوارد في تزويج الصّغيرين يلزم ثبوت الخيار للفضوليين ان لحقت الإجازة و هما في المجلس لانكشاف كونهما ناقلين فيثبت لهما الخيار لكونهما بيعين و اما لو انقضى المجلس قبل حصول الكاشف فلا خيار لأنّه حال بقاء المجلس لم ينكشف كونهما ناقلين و بعده ليس المجلس باقيا قوله طاب ثراه لا لعدم صدق المتبايعين (- اه -) أشار بذلك إلى ردّ صاحب الجواهر (- ره -) حيث علّل عدم الثبوت بعدم صدق المتبايعين عليهما لانّ البيع هو النّقل و لا نقل هنا قوله طاب

ص:19

ثراه لاندفاعه بانّ البيع النّقل العرفي (- اه -) فيه منع و الاّ للزم حصول الملك به من حينه من دون توقّف على كاشف لعدم دورانه في الأدلّة إلاّ مدار البيع العرفي و التّالي ممّا لا يلتزم به الماتن (- ره -) ففسد المقدّم مضافا إلى انّ المراد بالبيعين ليس هما العرفيّان و لو لم يتمّ بيعهما و لم ينفذ شرعا و الاّ للزم ثبوت الخيار للمتبايعين بالبيع العرفي في الباطل شرعا مع انّه (- قدّه -) لا يلتزم به لانّ المفروض الفساد و الخيار فرع الصّحة و التّماميّة و ربّما انتصر فقيه آل يس قدس سرّه لشيخه صاحب الجواهر و ردّ المصنّف (- ره -) بانّ التّعليل المذكور في كلام الأستاد صاحب الجواهر (- ره -) مبنىّ على مقدّمة و هي انّ استعمال اسم البيع له حالتان إحديهما أن يصحّ وقوعه في الاستعمال مجرّدا عن الإضافة الثانية ان لا ينفكّ عنها فلا يصحّ استعماله بدونها كلفظ الماء فإنّه يصحّ ان يطلق على الماء المطلق من دون اضافة ما يراد منه و لا يجوز إطلاقه على المضاف بدون اضافة اليه و البيع مع الإطلاق المفسّر في كلامه بالنّقل لا يصدق قبل لحوق الإجازة على بيع الفضولي الذي لا يستعمل فيه الاّ مع الإضافة و النّقل العرفي واقع تفسيرا للبيع المجرّد عن الإضافة و هو مغاير لمعناه مع الإضافة الّتي لا تنفك عنه فلا وجود للنّقل العرفي في الفضولي و قصده لا يستلزم تحقّق صدقه ثمَّ قال و يساعد على ذلك ما ذكره في تحديد البيع حيث قال ما نصّه كلام الأصحاب في تفسير البيع على اختلافه في القيود زيادة و نقصا منحصر في ثلثة نقل مخصوص أو انتقال أو عقد (- كك -) لا مطلقها قطعا كما عساه يتوهّم من تفسيره بأحدها في بعض العبارات على حسب تفسير أهل اللّغة غيره بالأعمّ كسعدانة نبت و نحوها ممّا يعلم منه كونه من هذا الجنس لا كشف تمام المعنى انتهى فالنّقل العرفي في البيعي ما يصحّ عرفا إطلاق اسم البيع المجرّد عن الإضافة عليه و من المعلوم انتفاء الصّدق في بيع الفضولي إلاّ بعد لحوق الإجازة و بعبارة أخرى النّقل العرفي لا يتحقّق صدقه الاّ بعد مسبّبه فلا يطلق على بيع الفضولي انّه بيع و لا على أثره انّه نقل فهو نقل مخصوص باقترانه بتمام السّبب هذا مع انّ قوله و هو موجود هنا غير متّجه بناء على انّ الإجازة ناقلة فيكون المقصود انّ للفضولي في عقده مجرّد التّهيئة للسّبب الذي يحصل به النّقل لانّ موضوع الإجازة و ان قلنا بكونها ناقلة لا يتحقّق بدون سبق العقد عليها باعتبار انّها الجزء الأخير من العلّة فلا تنعقد الاّ (- كك -) كما لا يتّجه بناء على انّها كاشفة لأنّ مفاد أدلّة الخيار ثبوته للمتعاقدين في نفس عقدهما الصّادر منهما بتراضيهما دون ما يتوقّف على رضا ثالث مثلا كما لعلّه يدلّ عليه جعل الافتراق مسقطا لخيارهما و قد علّل ذلك في بعض النّصوص بدلالته على الرّضا هذا كلامه علا مقامه قوله طاب ثراه فالوجه في عدم ثبوته للفضوليين فحوى ما تقدّم من عدم ثبوته للوكيلين الغير المستقلّين فيه مع ابتنائه على ما عرفت سابقا عدم تماميّته من عدم ثبوته للوكيلين الغير المستقلّين انّ التمسّك بالفحوى لا وجه له بعد جريان مستند عدم الثّبوت هناك و هو الأصل بعد كون المتبادر من النصّ غيرهما و التمسّك بالفحوى انّما يتمشّى فيما إذا ثبت الحكم في الأصل بنصّ غير دالّ على حكم الفرع إلاّ بالأولويّة و بالجملة فالوجه عدم ثبوت الخيار للفضولييّن لكن لا للفحوى بل للأصل بعد تبادر العقد التّام و هو الواقع من الأصيل أو الوكيل من أدلّة الخيار لكن الإنصاف خلاف ذلك لأنّا إذا قلنا بكون الإجازة كاشفة و كون النّاقل حقيقة العقد على الفضوليّين النّاقلان و البيعان فيلزم ثبوت الخيار لهما ما داما في مجلس العقد فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه نعم في ثبوته للمالكين بعد الإجازة (- اه -) الوجه في هذا الوجه هو دعوى صدق البيّعين على المالكين بسبب الإجازة و لكن فيه منع الصّدق بعد كون الإجازة كاشفة عن سبق النّقل كما هو الفرض مع انّ الأصل لزوم العقد فتأمّل قوله طاب ثراه و اعتبار مجلس الإجازة (- اه -) هذا بناء على كون الإجازة ناقلة وجيه لصدق النّاقلين و البيّعين على الأصيلين (- ح -) و إن كان في مبناه نظر أوضحناه في محلّه قوله طاب ثراه فتأمّل إشارة (- قدّه -) بذلك إلى انّ الإجازة و ان كانت بلفظ التزمت لا تزيد على إيقاع أصل عقد البيع فيكون الالتزام الحاصل منهما بمقداره و على حدّه فلا يرفع الخيار الّذي هو من لوازم العقد و توابعه كما نبّه على ذلك في غاية الآمال

مسألة هل يثبت خيار المجلس فيما إذا كان العاقد واحد عن اثنين أم لا

قوله طاب ثراه لنفسه أو غيره عن نفسه (- اه -) قال في غاية الآمال انّ العقد لنفسه لا يكون الاّ عن الغير فليس له الاّ قسم واحد و العقد لغيره قد يكون عن نفسه و قد يكون عن غيره و ما يكون عن غيره قد يكون ولاية و قد يكون وكالة فأقسام العقد للغير ثلثة قوله طاب ثراه فالمحكي عن ظاهر الخلاف (- اه -) حكى ذلك عن (- ط -) و إيضاح (- فع -) للقطيفي أيضا و هو خيرة بحر العلوم في المصابيح و صاحب مفتاح الكرامة و شيخ الجواهر و غيرهم قوله طاب ثراه لانّه بائع و مشتر (- اه -) أقول أرباب هذا القول قد استدلّوا بوجوه هذا أحدها و توضيحه ما في المصابيح من انّ الظّاهر من تعليق الخيار بالبيّع في قوله البيّعان بالخيار ما لم يفترقا هو ثبوته لهما من حيث هما بيّعان و يرجع بعد إسقاط الاثنينيّة من الحيثيّة لكون التثنية في قوّة التّكرار بالعطف إلى ثبوته للبائع من حيث هو بائع و للمشتري من حيث هو (- كك -) و العاقد الواحد بائع و مشتري فيثبت له الخيار بالاعتبارين و لا ينافي ذلك قوله عليه السّلام ما لم يفترقا إذ النّفي حقيقة في السّلب المطلق لا في عدم الملكة عمّا من شانه ذلك و الحقيقة مقدّمة على المجاز و من المعلوم انّه لا فرق في السّلب المطلق بين الواحد و المتعدّد سواء رجع النّفي إلى القيد و المقيّد أو إلى القيد و لا (- كك -) عدم الملكة و أنت خبير بانّا لو سلّمنا ما ارتكبه في تفسير البيّعين نقول انّ مؤدّى الخبر (- ح -) يصير هكذا للبائع من حيث هو بائع الخيار إلى ان يفارق المشترى و للمشتري من حيث هو (- كك -) الخيار إلى ان يفارق البائع و ذلك ينفعنا و لا يضرّنا و امّا ما أجاب به عن قوله ما لم يفترقا ففيه على فرض تسليم كون النّفي حقيقة في السّلب المطلق انّ الظّاهر المتبادر من هذه العبارة بالنّسبة إلى صدر الخبر هو توجّه النّفي إلى القيد خاصّة دون المقيّد و هم قد صرّحوا في محاوراتهم في هذا المبحث بانّ معنى العبارة انّ المتبايعين بالخيار ما لم يفارق أحدهما الأخر و يحصل البعد بينهما بما يزيد على وقت العقد فالمنفيّ انّما هو الافتراق دون من ترتّب عليه و صدر منه الافتراق و هما البيّعان و مبنى الكلام السّابق انّما يتمّ على رجوع النّفي إلى القيد و المقيّد و هو خلاف ظاهر الخبر و لا ريب في انّه لو دار الأمر بين التجوّز في صدر الخبر و هو المتبايعان أو عجزه و هو كلمة ما لم يفترقا مع انّه ليس من المجاز بل من ارادة غير الظّاهر من افراد الحقيقة كان الأولى الثّاني و لا أقلّ من الشّك و الأصل العدم مضافا إلى انّ قواعد الحقيقة و المجاز و سائر قواعد الألفاظ و الظّهورات النّوعيّة انّما يصار إليها عند فقد الظّهور الشّخصي و الاّ فمع الظّهور الشّخصي لا وجه للرّجوع إلى شيء منها كما حرّرناه في محلّه ضرورة انّ حال القواعد المشار إليها بالنّسبة إلى الظّهور الشخصي حال الأصول العمليّة بالنّسبة إلى الأدلّة ثانيها انّ المقتضى له في المتعدّد هو البيع و قد وجد في الواحد فيلحق به تنقيحا لمناط الحكم و لا اثر للتعدّد في الخيار و ان ورد النصّ به لوروده مورد الغالب مع قصد التّنصيص به على الاشتراك و التّوطئة لذكر التفرّق و لو اثر فيه لأثر في غيره ممّا ابتنى عليه فليسقط

ص:20

مع الاتّحاد أكثر الأحكام و فيه انّ المناط ممّا لا يقطع به هنا فلا يكون حجّة و الورود مورد الغالب لم يثبت و الأصل يدفعه و دعوى انّه لا اثر للتعدّد في الخيار استبعاد محض كما انّ ما ذكره في الذّيل استبعاد صرف ثالثها عموم النصّ أخذا بحقيقة النّفي و حملا للتثنية على عموم المجاز كما ينبّه عليه سوق النّصوص و الاقتران بخيار الحيوان في أكثرها و العموم فيه معلوم بالخصوص و في الصّحيح ما الشّرط في الحيوان قال ثلثة أيّام للمشتري قلت و ما الشّرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرّضا منهما و هذا الحديث يفصح عن المطلوب فإنّه مع تضمّنه لمّا ذكر عمّ المتّحد سواء لا فيعمّه جوابا و تعليلا ينشأ من التنبيه على علّة السّقوط بالافتراق فيعمّه حكما تمسّك بذلك في المصابيح و جوابه يظهر ممّا سبق في ردّ الوجه الأوّل و ليت شعري من اين استفاد العموم مع ظهور الدّليل في خلافه و الاقتران من أسباب الظّهور النّوعي و قد مرّ تقدّم الظّهور الشخصي عليه و لعمري انّه لو عرض اخبار خيار المجلس على أهل اللّسان بدويّهم و قرويّهم و بلديّهم قاصرهم و كاملهم لم يفهم احد منهم منها ما ذكره الجماعة و جاهدوا في إتقانه و بيانه مع انّ فهم بدويّ واحد مقدّم على تمام القواعد الأصوليّة و اللّغويّة كيف لا و ما أرسل اللّه رسولا الاّ بلسان قومه لا بالقواعد و نحوها فتدبّر قوله طاب ثراه مندفع باستقرار سائر أحكام المتبايعين (- اه -) الموجود في النّسخة الّتي عندي و هي أصحّ نسخ المتن هو كلمة الاستقرار بالرّاء و في بعض النّسخ إبدالها بالاستقراء بالهمزة و على كلّ منهما فما ذكره (- قدّه -) محلّ مناقشة لأنّ استقرار سائر أحكام المتبايعين في حقّ الواحد الّذي هو بائع و مشتري من جهتين لا ينفع في إثبات خيار المجلس الظّاهر دليله في التعدّد الحقيقي حتّى بناء على القياس لوجود الفارق هنا و هو عدم كون موضوع سائر الأحكام المتعدّد حقيقة بخلاف هذا و دعوى انّ جعل الغاية التفرّق المستلزم للتعدّد مبنىّ على الغالب كما صدرت من الماتن (- ره -) في ذيل هذه العبارة كما ترى لأنّه إن تمَّ في التّعبير بالتفرّق فلا يكاد يتمّ في العدول عن التّعبير بمفارقة المجلس إلى افتراق المتبايعين و امّا الاستقراء فلا حجّة فيه عند الماتن (- ره -) الّذي لا يعتبر مطلق الظنّ و دعوى حصول القطع من مثل هذا الاستقراء كما ترى قوله طاب ثراه من القول بالعدم (- اه -) ظاهر (- ير -) كون ذلك قولا لبعض الأصحاب لعدم كون وضع التحرير على نقل قول العامّة لكن أنكر ذلك في المصابيح فقال انّه لبعض العامّة و لا قائل به من الأصحاب و تبعه على ذلك في مفتاح الكرامة و الأمر سهل بعد وجود القائل به ممّن أشار إليه المصنّف (- ره -) من الأواخر و الأصل في ذلك انّ الأصل في البيع و غيره هو اللّزوم و انّما خرج من ذلك البيع الصّادر من اثنين ما داما في المجلس بحكم الأخبار الظّاهرة بل الصّريحة في الاثنينيّة و بقي ما عداه تحت الأصل و منه البيع الواقع من واحد و ان شئت قلت انّ قاعدة الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد النصّ تقتضي ذلك و ثبوت الخيار خلاف أصل اللّزوم فيقتصر على مورد النّصوص و هو البيع الصّادر من اثنين فإن تثنية البيّعين يقضى بالتّعدد الحقيقي و كذا تثنية يفترقا بل و نفس مادّة الافتراق ثمَّ الّذي في صحيحة الحلبي قوله (- ص -) حتّى يفترقا و ظهور حتّى في التعدّد الحقيقي غير خفيّ و في صحيح الفضيل ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار لهما بعد الرّضا منهما فانّ مجموع العبارة و تثنية يفترقا و افترقا و لهما و منهما ظاهر في التعدّد الحقيقي و كذا تثنية الضّمير في باقي الأخبار و احاديث قيام الباقر عليه السّلام عن مجلسه لا تدلّ الاّ على التعدّد فتدبّر قوله طاب ثراه و منه سقوط القول بانّ كلمة حتّى تدخل على الممكن و المستحيل (- اه -) وجه السّقوط ما أشار إليه الشيخ الوالد روحي فداه من انّ دخول كلمة حتّى على المستحيل انما يكون في صورة بيان استمرار المعنى أو استحالة انتفائه كما لو قال المعتقد باستحالة الرّؤية لا افعل الفعل الفلاني حتّى ارى اللّه جهرة و من البين انّ ما نحن فيه ليس من هذا القبيل و انّما هو من قبيل إمكان الغاية و المغيّى جميعا قوله طاب ثراه لكن الإشكال فيه (- اه -) وجه الإشكال انّ المناط انّما ينفع إذا كان مقطوعا و لا ينفع المحتمل منه و لا يمكن في الفرض القطع بالمناط مع قوّة احتمال مدخليّة الاثنينيّة و إمكان الافتراق في ثبوت هذا الخيار قوله طاب ثراه و الأولى التوقّف تبعا للتّحرير و (- مع صد -) قال في غاية الآمال انّه لا منافاة بين هذا الكلام و بين قوله آنفا خلافا للمحكي في (- ير -) من القول بالعدم لأنّ حكاية القول في التّحرير لا يقتضي اختياره فيه و هو ظاهر و كذا لا منافاة بينه و بين حكاية القول بثبوت الخيار عن المحقّق الثاني (- ره -) لأنّ الحاكي غير (- المصنف -) (- ره -) مع انّه يمكن ان يكون المحقّق الثاني (- ره -) قال بثبوت الخيار في غير (- مع صد -) و توقّف فيه قوله طاب ثراه ثمَّ لو قلنا بالخيار فالظاهر (- اه -) توضيح ذلك انّه على القول بثبوت الخيار للعاقد عن اثنين فلا إشكال في سقوطه باشتراط السّقوط في ضمن العقد و بإسقاطه بعد العقد و انّما الإشكال و الخلاف في انّه يبقى الى ان يحصل احد المسقطين لا غير أم له مسقط أخر على قولين أحدهما عدم السّقوط إلاّ بأحدهما و هو ظاهر الشّرائع و (- عد -) حيث عزيا القول الأخر إلى الشيخ (- ره -) في (- ط -) و القاضي و الشّهيد في الدّروس على ما حكى عنهما و صريح (- كرة -) و محكي تعليق (- شاد -) للكركي و هو لازم استضعاف المحقّق و الشّهيد الثّانيين و الميسي القول الأخر فتدبّر ثانيهما السّقوط بالمسقطين المذكورين و بمفارقة العاقد مجلس العقد حكاه في (- ط -) قولا و احتمله في (- لف -) و الإيضاح و غيرهما و افتى به الصيمري في محكي غاية المرام و غيره حجّة الأوّل أمران الأوّل انّ الواقع في الأخبار هو الافتراق و هو غير ممكن الحصول هنا و مفارقة المجلس ممّا لا دليل على إسقاطها للخيار بل الدّليل على خلافها واضح السّبيل الا ترى انّهما لو خرجا مصطحبين لم يبطل خيارهما فيبقى استصحاب الخيار في الفرض محكما الثّاني انّ العاقد في الحقيقة بمنزلة اثنين عاقد عنهما و خيار المجلس يمتدّ ما دام المتبايعان مصطحبين و هو يصاحب نفسه دائما فكان ثابتا دائما إلى ان يتحقّق مسقط من إسقاط أو تصرّف كما لا يخفى حجّة الثّاني أمور الأوّل ان تفرق المتعاقدين مسقط و حيث لا يمكن مفارقة شخص نفسه كان مفارقة مجلس العقد نازلا منزلة مفارقة أحدهما الأخر الثّاني لزوم الضّرر لو دام الخيار الثّالث لزوم زيادة الفرع الّذي هو العاقد على الأصل الّذي هو المتعاقدان و قد حمل عليه تنقيحا للمناط و قد كان الخيار في الأصل يزول بشيء معلوم فينبغي ان يكون في الفرع مثله و الاّ لخالفه الرّابع إطلاق ما دلّ على جواز بيع الوكيل ماله من موكّله و مال موكّله من نفسه و لو دام الخيار مع الاتّحاد وجب التّفصيل في الأخبار الدالّة على ذلك بان يفرّق فيها بين شراء الوكيل لنفسه فيلزم البيع بالاختيار و بين شرائه لغيره فيقف اللّزوم على الافتراق لانّ الوكيل يتوخّى مصلحة الموكّل و لا مصلحة له في دوام الخيار في الأوّل كما أنّها موجودة في الثاني و في الجميع نظر امّا الأوّل فلانّ التنزيل يحتاج إلى دليل هو في المقام مفقود و امّا الثّاني فلاندفاع الضّرر باشتراط سقوطه و الفسخ أو إسقاط الخيار و امّا الثالث فلانّ المخالفة مقلوبة لأنّ زوال الخيار في الأصل بالتفرّق فلو كان هاهنا لمفارقة المجلس تخالف الأصل و الفرع و امّا الرّابع فلانّ تصرّف الوكيل منوط بالمصلحة مطلقا فان وجدت

ص:21

مع استمرار الخيار صحّ و الاّ بطل بهذا الاعتبار و في المسئلة احتمالات أخر أحدها انّ مدّة خيار العاقد عن اثنين أقصى مدّة الخيار مع تعدّهما عادة لأنّ ذلك مدّة خيار المجلس شرعا و فيه نظر ظاهر ثانيها كونه على الفور لانّه المتيقّن من دليل ثبوت الخيار للعاقد عن اثنين فيقتصر في الخروج عن أصالة اللّزوم عليه ثالثها ما احتمله الشّهيد (- ره -) في محكي الحواشي من انّ المولى عليهما ان كانا حاضرين في المجلس فلهما الخيار إلى ان يتفرّقا الاّ انّ الولي قائم مقامهما في ذلك و فيه (- أيضا -) كسابقه نظر

مسألة في استثناء بعض الموارد التي قال بعض العلماء بعدم ثبوت خيار المجلس فيها

قوله طاب ثراه قد يستثنى بعض اشخاص المبيع (- اه -) قال بعض الأجلّة انّ عدّ هذه الأمور من المسقطات اولى بل متعيّن لانّ ترك عدّها منها انّما هو بزعم عدم المقتضى للخيار في مواردها و ذلك زعم فاسد لأنّ المقتضي للخيار هو العقد و كون المبيع ممّن ينعتق على المشترى و نحوه مانع فيتعيّن عدها من المسقطات و ما ذكره متين قوله طاب ثراه من ينعتق على احد المتبايعين لم افهم الوجه في التّعبير بالمتبايعين مع انّ من ينعتق على البائع قد انعتق بملكه إيّاه فلا ملك حتّى يبيعه فكان عليه عنوان المسئلة بشراء من ينعتق على المشترى كما فعله العلاّمة (- ره -) و غيره الاّ ان يكون غرضه من إدخال البائع تعميم الكلام لما إذا كان الثّمن مملوكا ينعتق على البائع كما إذا باع دارا بعبد هو أبو البائع فإنّه هل ينعتق بمجرّد وقوع العقد أم لا قوله طاب ثراه و المشهور كما قيل (- اه -) القائل هو صاحب (- ئق -) فإنّه وصف عدم الثّبوت بالشّهرة قوله طاب ثراه عدم الخيار مطلقا (- اه -) اى لا للبائع و لا للمشتري و قد اختار هذا القول في (- عد -) و (- كرة -) و (- مع صد -) و محكي تعليق (- شاد -) و غاية المرام للصّيمري و (- لك -) و غيرها قوله طاب ثراه بل عن ظاهر (- لك -) انّه محلّ وفاق (- اه -) لم نقف على ذلك في (- لك -) و إن كان عدم عثورى لا يقضى بالعدم قوله طاب ثراه و احتمل في (- س -) ثبوت الخيار للبائع (- اه -) الموجود في (- س -) احتمالان أحدهما ثبوت الخيار للبائع بالنّسبة إلى نفس العين دون المشترى امّا عدم الثّبوت للمشتري فلإطلاق أدلّة انعتاق العمودين بنفس الملك و امّا ثبوت الخيار للبائع فلمراعاة حقّه و أصالة عدم سقوط حقّه بمجرّد كون المشتري أحد عمودى المبيع ثانيهما الثبوت لكلّ من البائع و المشترى و قد تبعه في هذا الاحتمال جمع منهم صاحب (- ئق -) و لهم في ذلك مسالك فمنهم من بنى ذلك على عدم انتقال المبيع إلى المشتري إلاّ بسقوط الخيار فما داما في المجلس لم يملك من ينعتق عليه حتّى يترتّب عليه الانعتاق و (- كك -) ما لم تمض ثلثة أيّام لم يملك من ينعتق عليه و بيان فساد هذا المبنى يأتي عند تعرّض (- المصنف -) (- ره -) لذلك (- إن شاء الله -) (- تعالى -) و منهم من بنى ذلك على إطلاق أدلّة الخيار بعد استضعاف مستند المشهور و منهم من بنى على تعارض اخبار الخيار و اخبار العتق بالعموم و الخصوص من وجه و الترجيح لاخبار الخيار و أنت خبير بأنّه في غاية السّقوط و ليت شعري ما الّذي رجّح اخبار الخيار حتّى حكمت على اخبار العتق بل الأمر بالعكس كما جزم به في مفتاح الكرامة و غيره فرجّح اخبار العتق أوّلا بانّ العتق يترجّح عندهم بأدنى مرجّح و يغلب على غيره خيارا كان أو غيره قال فلا مجال لان يقال انّه لمّا ثبت الخيار كان الملك متزلزلا فلا يلزم حصول العتق إذ هو تابع للملك الثّابت و ثانيا بما فهمه المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة من عبارة (- كرة -) من عدم الخلاف فيه و ثالثا بأنّ أدلّة العتق أنصّ على هذا المورد من أدلّة الخيار و رابعا بانّ المشهور المعروف انّه يدخل في ملك المشترى بنفس العقد فينعتق بمجرّد الملك و العتق لا يقع متزلزلا و الحرّ لا يعود رقّا قال و من البعيد جدّا ما عساه يقال من انّه بالاختيار ينكشف عدم الملك انتهى و على تقدير تكافؤ الدّليلين يرجع إلى الأصل و هو يقتضي لزوم العقد فلا معنى للقول بالجمع بين الدّليلين بناء على إنكار قاعدة عدم وقوع العتق متزلزلا و عدم عود الحرّ رقّا فانّ الظّاهر انّها مجمع عليها فيما بينهم هذا كلّه ان قلنا انّ النّسبة بين اخبار الخيار و اخبار العتق هي العموم و الخصوص من وجه و يمكن ان يقال ان النسبة هي العموم و الخصوص المطلق و ذلك لانّ اخبار الخيار أطلقت ثبوت الخيار و اخبار العتق أفادت انعتاق العمودين بمجرّد الشّراء و هو مناف لثبوت الخيار فإثبات الانعتاق بمجرّد الشّراء يدلّ بالدّلالة الالتزاميّة على عدم ثبوت خيار المجلس و لا الحيوان فيما إذا كان المبيع احد العمودين فيقيّد به إطلاق ما دلّ على ثبوت خيار المجلس في كلّ بيع و خيار الحيوان فيما إذا كان المبيع حيوانا لكنّ الإنصاف انّه لا منافاة بين إطلاقات الخيار و بين الانعتاق بمجرّد الشّراء لانّ مفاد الأوّل انّ البيع مقتضى للخيار ما داما في المجلس و إلى ثلثة أيّام إذا كان المبيع حيوانا و اخبار العتق بضميمة قاعدة عدم عود الحرّ رقّا تفيد مانعيّة كون المبيع احد العمودين و حيث انّ اللاّزم هو الاقتصار في رفع اليد عن المقتضى على مقدار منع المانع و انعتاق العمودين بمجرّد الشّراء مع عدم عود الحرّ رقّا انّما يمنعان من استرداد البائع المبيع المنعتق على المشتري و استرقاقه و لا يمنعان من الفسخ و استرداد البدل من باب كون المنعتق في حكم التّالف فلذا نلتزم بأنّ للبائع ان يفسخ العقد بخيار المجلس أو الحيوان و يأخذ من المشترى القيمة لكون الإنسان قيميّا بل لا مانع من فسخ المشتري أيضا العقد بالخيار و استرجاعه الثّمن و اشتغال ذمّته بالقيمة بسبب كون المبيع في حكم التّالف بفعله فتدبّر و انتظر لتمام الكلام قوله طاب ثراه و الكلام فيه مبنىّ على المشهور (- اه -) يعنى انّ الخلاف في المسئلة و القول بعدم ثبوت الخيار مبنىّ على المشهور من حصول الملك في البيع الخياري بنفس العقد و امّا على القول بتوقّف حصول الملك على انقضاء الخيار فلا يتمشّى ذلك إذ لا إشكال في ثبوت الخيار لانّ المانع من الخيار هنا انّما هو حصول الانعتاق و لا ريب على هذا القول في توقّف الانعتاق على حصول الملك فعلى القول بتوقّف الملك على انقضاء الخيار لم يحصل الملك فضلا عن الانعتاق المتفرّع عليه المانع من ثبوت الخيار و لا دليل على الانعتاق بمجرّد الشّراء من غير ملك حتّى يلتزم بالانعتاق في الفرض حتّى بناء على عدم حصول الملك الاّ بعد انقضاء الخيار قوله طاب ثراه و الظّاهر انّه لا إشكال في عدم ثبوت الخيار بالنّسبة إلى نفس العين (- اه -) هذا مبنىّ على ما هو التّحقيق من كون النّسبة بين اخبار الخيار و اخبار الانعتاق هي العموم المطلق أو كون النّسبة هي العموم من وجه مع ترجّح اخبار العتق و ربّما يظهر من بعضهم إثبات الخيار في نفس العين (- أيضا -) نظرا إلى كون النّسبة بين اخبار الخيار و اخبار الانعتاق هو العموم من وجه مع ترجّح اخبار الخيار و لكنّه ضعيف كما عرفت قوله طاب ثراه فقد يقال انّه مقتضى الجمع (- اه -) هذا الجمع يتمّ بناء على كلّ من القولين في النّسبة بين اخبار الخيار و اخبار العتق من انّها هي العموم من وجه أو العموم المطلق امّا على الأوّل فلانّ التماس المرجّح بين العامين من وجه انّما هو عند عدم إمكان الجمع الصّحيح فإذا أمكن الجمع على هذا النّحو لم يكن للتّرجيح معنى و امّا على الثاني فكذلك كما عرفت قوله طاب ثراه و ما في (- كرة -) من انّه وطّن نفسه (- اه -) لما بنى على الجمع و كان تماميّته موقوفة على ردّ ما استدلّ به على نفي الخيار في المقام تصدّى لدفع الدّخل عليه بدليل النّافي و توضيح الدّليل انّ هذا العقد ليس عقد مغابنة

ص:22

من جهة المشتري لأنّه قد وطن نفسه على العتق و المقصود من الخيار ان ينظر و يتروّى لدفع الغبن عن نفسه و امّا من جهة البائع فهو و إن كان عقد معاوضة لكنّ النّظر الى جانب العتق أقوى و قد يقرّر بأنّه قد دخل في ملكه بمجرّد العقد كما هو الفرض و انعتق بمجرّد الملك و العتق لا يقع متزلزلا و الحرّ لا يعود رقّا و حكمة الخيار هنا منتفية في حق المشترى لأنّه قد وطن نفسه على الغبن المالى و المقصود من الخيار ان يتروّى لدفع الغبن عن نفسه مع قوّة جانب العتق على حقّ البائع كما قيل و لا دليل على قيام القيمة مقامه على نحو التّلف ان لم يكن على عدمه كما انّه لا يصغى الى تنزيله منزلته فضلا عن التزام كونه من أفراده لغة و عرفا و قد يعلّل عدم الخيار بالصّحيح فيمن ينعتق من الرّجال و النّساء و انّهم إذا ملكوا أعتقوا و انّهنّ إذا ملكن عتقن بل في كثير من النّصوص و العبارات نفى الملك و حقيقة النّقي و أقرب مجازاته ينفيان الخيار لأنّ أقرب المجازات نفى الأحكام و الآثار و أعظمها الخيار و الجواب امّا عن الدّليل الأوّل فأوّلا انّه أخصّ من المدّعى لاختصاصه بصورة علم المشتري بأنّ المبيع ممّن ينعتق عليه و ثانيا ما أشار إليه الماتن (- ره -) من انّ التوطين على شرائه عالما بانعتاقه عليه ليس توطينا على الغبن من حيث المعاملة كما انّ توطين البائع على بيعه عالما بانعتاقه على المشترى ليس توطينا على الغبن و عدم إمكان عود الرّق حرّا انّما يمنع من ردّ العين و استرداده و لا يمنع من الفسخ و أخذ القيمة كما لا يخفى و امّا عن الثاني فهو انّ نفى الملك لا يستلزم نفى الخيار و انّما آثار الملك البيع و الهبة و سائر التصرّفات المالكيّة قوله طاب ثراه لكنّ الإنصاف انّه لا وجه للخيار لمن انتقل اليه (- اه -) فيه منع ظاهر لأنّ غاية ما يستفاد من اخبار إيجاب التصرّف و الإتلاف سقوط الخيار انّما هو التصرّف و الإتلاف المتأخّران عن العقد الخياري و اين ذلك من تواطئهما على العقد الّذي هو سبب للتّلف الشرعي و بعبارة أخرى المسقط للخيار انّما هو الإتلاف الكاشف عن الرّضا بالبيع لا التّلف السّماوي و الشرعي و دعوى كون إقدامهما على المعاملة مع علمهما بالانعتاق على المشترى إقداما على إتلاف ماليّته و الإقدام عليه في حكم اشتراط سقوط الخيار في ضمن العقد ساقطة لعدم كون غرضهما بالبيع الإعتاق حتّى يكون إتلافا لماليّته بل هما انّما قصد البيع الذي كلّ من الخيار و الانعتاق من اثاره و الاّ فلو قصد المشتري بالشّراء الإعتاق بطل لانّ العتق فرع الملكيّة و لقد أجاد بعضهم حيث قال انّ الشّراء ليس إتلافا بحسب قصد المتعاقدين و ان علما انّ الحكم الشّرعي ذلك فهو كما لو باعا مع العلم بوجود خيار المجلس أو الحيوان فإنّه ليس اقداما على الخيار و جعلا له حتّى يكون راجعا الى خيار الشّرط و إذا لم يكن إتلافا فمقتضى العموم ثبوت الخيار غاية الأمر انّ نفس العين لمّا لم يمكن استرجاعها وجب دفع بدله و المفروض انّ الخيار انّما هو في العقد و ليس حقّا في العين فيكون المقام نظير ما إذا تلف احد العوضين انتهى فتدبّر قوله طاب ثراه تقديريّ لا تحقيقي (- اه -) نظره في بناء كون الاقدام على المعاملة إتلافا على كون الملك هنا تقديريّا لا تحقيقيّا إلى انّه على القول بكون الملك تقديريّا لا يكون اثر البيع إلاّ الإعتاق فيكون الإقدام على البيع اقداما على الإعتاق الذي هو إتلاف و هذا بخلاف ما لو قلنا بكون الملك تحقيقيّا لأنّهما قصدا بالمعاملة احداث الملكيّة دون الإعتاق الّذي هو إتلاف و لكن فيه أوّلا انّ الملك هنا تحقيقيّ و انّهما قصدا الى النّقل الحقيقي و الاّ لم يصحّ و لم يترتّب أثره لأنّ البيع انّما وضع للنّقل الحقيقي دون التّقديري و الانعتاق حكم قهريّ تعبّدي حتّى انّ الحقّ انّه لو لم يقصد بالشّراء إلاّ الإعتاق بطل العقد لكون العتق فرع الملكيّة و ثانيا انّ كون الشّراء إتلافا لا يتوقّف على كون ملك المشتري تقديريّا لانّ تملّكه و لو كان تحقيقيّا سبب لانعتاقه فورا الاّ ان يقال انّ التقييد بالتقديري لفرض القصد إلى الإتلاف فتأمّل قوله طاب ثراه فتأمّل يحتمل كون نظره في الأمر بالتأمّل الى ما مرّ من منع كون الملك هنا تقديريّا و ربّما جعل الشيخ الوالد العلاّمة أدام اللّه البارى ظلاله الأمر بالتّأمّل للإشارة إلى منع كون تواطئهما قبل العقد على العقد الّذي هو سبب للتّلف من التصرّف و الإتلاف الموجبين لسقوط الخيار لانّ ظاهر الأخبار كون المسقط هو التصرّف و الإتلاف المتأخّران عن العقد ثمَّ استدرك روحي فداه ذلك بقوله لكن سيأتي في كلامه (- ره -) تقوية عدم الخيار في صورة إقدام المتبايعين على المعاملة مع العلم بكون المبيع ممّن ينعتق على المشترى معلّلا بأنّهما قد تواطيا على إخراجه عن المالية الّذي هو بمنزلة إتلافه و ذلك يدلّ على انّه (- ره -) لا يرى التّفرقة بين التصرّف و الإتلاف المتأخرين و غيرهما و يعلم من ذلك انّ الأمر بالتأمّل هاهنا ليس لتوهين ما قبله بل لتأييده و تسديده بالأمر بالتدبّر فيه و الوصول الى وجهه و الظّاهر انّ الوجه فيه هو انّ الإتلاف يوجب انتفاء الموضوع عمدا و اختيارا فالإقدام عليه عن علم و عمد يقتضي إسقاط حقّه فيسقط انتهى كلامه دام ظلاله و أقول انّ إرجاع الأمر بالتّأمّل الى ما قبل قوله (- ره -) و الحاصل لا يخلو من بعد فالوجه كونه إشارة الى ما نبّهنا عليه قوله طاب ثراه و قد يقال (- اه -) القائل هو الشّيخ المحقّق فريد الأيّام الشّيخ أسد اللّه التستري (- قدّه -) في المقابيس و ربّما نوقش في ذلك بانّ هذا التّفصيل انّما يناسب إرادة إثبات الخيار بالنّسبة إلى نفس العين لا بالنّسبة إلى القيمة كما هو مراد المفصّل إذ على هذا لا فرق بين تقارن التّعلّقين و تقدّم أحدهما إذ غاية الأمر انّ العتق يحصل بمجرّد العقد فيكون بمنزلة تلف المبيع و هذا لا ينافي الخيار الّذي هو حقّ في العقد ثمَّ قال نعم لو قلنا انّ الخيار يتوقّف على الملك بخلاف العتق و انّ العقد لا يؤثّر في الملك أصلا و انّما أثره حصول الانعتاق من أوّل الأمر لا يثبت الخيار لكن هذا الوجه واضح الفساد مع انّه يكفيه الملك التّقديري الّذي لا بدّ من التزامه هذا كلام المناقش و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ نظر صاحب المقابيس في التفرقة بين القول بحصول الخيار بمجرّد العقد و العتق بعد حصول الملك انا ما و بين الفروض الثّلث الأخر إلى أنّه في الصّورة الأولى قد ثبت الخيار فلا يزول بعد عروض العتق و انّما يمنع العتق من أخذ العين دون القيمة و هذا بخلاف الفروض الثّلث الأخر فإنّ الخيار فيها مقارن للعتق أو متأخّر عنه فيمكن فيها دعوى عدم ثبوت الخيار حتّى بالنّسبة إلى القيمة نظرا الى دعوى أخصّية أخبار العتق فالتّفصيل ان تمَّ مستنده لجرى؟؟؟ بناء على إرادة إثبات الخيار بالنّسبة إلى القيمة (- أيضا -) لكن الشّأن في تماميّته فالأولى ردّه بمنع التماميّة من حيث انّ تقدّم تعلّق الخيار و تأخّره لا مدخل له بعد إمكان إعمال كلّ من اخبار الخيار و اخبار العتق و ارتفاع التّعارض بينهما فلا تذهل قوله طاب ثراه لأخصّية أخبار العتق (- اه -) قد بيّنا آنفا وجه الأخصيّة لكن قد عرفت انّ مجرّد الأخصيّة لا تنفع في نفى الخيار بعد عدم التّعارض بين العام و الخاص و إمكان العمل بهما جميعا بالحكم بالانعتاق و إثبات الخيار و الحكم باستحقاق الفاسخ البدل فراجع قوله طاب ثراه و كون القيمة

ص:23

بدل العين (- اه -) فيه منع توقّف استحقاق البدل على استحقاق المبدّل ان أريد باستحقاقه استحقاقه حقيقة لانتقاضه بموارد تلف المبدل حيث انّه لا معنى لاستحقاقه مع استحقاق بدله و لا يمكن فيها استحقاق المبدل حقيقة و ان أريد استحقاق المبدل فرضا و تقديرا فهو هنا موجود كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يحتمل قريبا الثّبوت جمعا بين الحقّين أراد بالحقّين حقي البائع و المبيع المعتق و الجمع بينهما عبارة عن بقائه على حريّته و رجوع ذي الخيار بالفسخ الّذي يستحقّه إلى القيمة كذا أفاد الشيخ الوالد العلاّمة أدام البارى ظلاله و لازمه عدم ثبوت الخيار للمشتري (- أيضا -) و لكن في العبارة مواضع تدلّ على إثبات الخيار للمشتري أيضا مثل قوله عملا بالنّصين فانّ المراد به نصوص الخيار نصوص الانعتاق و من البيّن انّ نصوص الخيار تضمّنت البيعين دون البائع وحده فالمراد بالحقّين حقّ الخيار الثّابت للبيّعين و حقّ الانعتاق الثّابت للمبيع قوله طاب ثراه و دفعا للمنافاة من البين (- اه -) المراد بالمنافاة المقصود دفعها هي المنافاة المتصوّرة في بادي النّظر بين استحقاق البائع للفسخ المقتضى لرجوع كلّ من العوضين الى صاحبه الأصلي لتعذّر عود المنعتق حرّا و وجه الدّفع انّه يفسخ فيرجع الى قيمة المنعتق لتعذّر عينه فيرتفع المنافاة قوله طاب ثراه و بالإجماع على عدم إمكان (- اه -) عطف على النّصين و توضيحه انّه لمّا كان لازم الاقتصار على العمل بالنّصين من دون ضمّ دليل أخر هو رجوع المشترى الى الثّمن و بقاء المبيع على الحريّة و لازم ذلك زوال يد البائع عن العوضين فلذا ضمّ الى العمل بالنصّين العمل بالإجماع على عدم إمكان زوال يد البائع عن العوضين ليحصل من الجمع بين الجميع استحقاق من له الخيار للفسخ و بقاء المبيع المنعتق على حريّته و رجوع البائع إلى القيمة قوله طاب ثراه فالأقرب الأخير (- اه -) أراد بالأخير ما ذكره بقوله و يحتمل قريبا الثّبوت قوله طاب ثراه أقول ان قلنا (- اه -) قال والدي روحي فداه في غاية الآمال انّ ظاهر إطلاق التّعليل بقوله نظرا الى انّ خروج احد العوضين (- اه -) غير واف بإثبات الحكم المقيّد المعلّل به لأنّ مؤدّى المعلّل هو انّه إذا وقع الفسخ كان لازمه ان ينتقل الملك الى من انتقل عنه أوّلا من ملك من انتقل إليه أوّلا و لا يكفى مجرّد الانتقال الى من انتقل عنه أوّلا على اىّ وجه كان و مؤدّى التعليل هو انّ خروج احد العوضين كالثمن مثلا من ملك البائع يستلزم دخول المبيع في ملكه و هذا القدر لا يعطى خصوصيّة كون انتقال المبيع من ملك المشترى الى ملك البائع و لكن الظّاهر انّه اعتمد في التّقييد على وضوحه ضرورة ان خروج احد العوضين عن ملك أحدهما و لو ببيعه على ثالث مثلا لا يستلزم دخول العوض في البيع الأوّل في ملكه فالمراد انّ خروج احد العوضين بوصف كونه عوضا عن ملك أحدهما المستلزم لهدم العوضيّة و هدم المعاوضة يستلزم دخول الآخر فيه و ربّما كان في التّعبير بأحد العوضين إشارة إلى التقييد أو ظهور فيه و أراد بقوله و لو تقديرا الملك الّذي يفرض آنا ما انتهى كلامه دام ظلاله ثمَّ اعلم انّه ربّما جزم بعضهم بالشقّ الأوّل من شقّي ترديد (- المصنف -) (- ره -) فاعتبر في الفسخ بالخيار أو التّقايل خروج الملك عن ملك من انتقل إليه إلى ملك من انتقل عنه نظرا منه في هذا الاعتبار الى انّ فسخ العقد عبارة عن حلّه و اعادة كلّ ما كان مفاده إلى الحالة السّابقة و مفاد العقد تمليك كلّ منهما صاحبه ماله بعوض فلازم الفسخ ردّ ما انتقل عنه الى ملكه و ردّ ما انتقل إليه إلى ملك مالكه الأوّل و فيه انّ كون فسخ العقد عبارة عن حلّه و اعادة ما كان مفاده و إن كان مسلّما الاّ انّ الإعادة قد تكون حقيقيّة كما إذا كانت العين باقية و قد تكون تنزيليّة بإعادة البدل كما إذا كانت العين تالفة أو خارجة عن ملكه فاعتبار خروج الملك عن ملك من انتقل إليه إلى ملك من انتقل عنه مطلقا ممنوع و الفسخ لا يقتضي إلاّ ردّ العين إن كانت موجودة و ردّ بدلها من العين و القيمة إن كانت تالفة أو كالتّالفة على انّا لو سلّمنا اعتبار عود الملك تقديرا نقول انّ عود الملك تقديرا و فرضا هنا (- أيضا -) ممكن كما يفرض المملوكيّة في الحرّ إذا أريد تقويمه و كما يفرض عود الملك في الأعيان التالفة بافة سماويّة و لقد أجاد ذلك البعض حيث قال لا نسلّم انّ لازم الوجه الأوّل ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) من عدم الخيار و ذلك لانّ العبد و ان لم يمكن كونه مملوكا للمشتري و يسترجعه البائع حقيقة الاّ انّه يمكن تقدير كونه مملوكا له فيقال بعد الفسخ انّ العبد الّذي تلف عند المشترى بالانعتاق كأنّه ملك البائع حين الفسخ و هو موجود عند المشترى فلا بدّ من إعطاء عوضه كما في سائر موارد الفسخ مع تلف العين و لا يعتبر تقدير ملكه له قبل الانعتاق ليكون منعتقا في ملكه بل يكفى تقدير ملكيّة حين الفسخ فتدبّر قوله طاب ثراه إذ برفع العقد لا يقبل المنعتق عليه لان يخرج من ملك المشترى الى ملك البائع و لو تقديرا (- اه -) الضّمير المجرور بعلى عائد إلى المشترى و كان الأولى ترك الجار و المجرور لانّ ذكره مضافا الى كونه موجبا لخفاء المقصود مشتمل على حزازة من جهة ذكر المشترى بعده مظهرا و كلمة لو في أخر العبارة وصليّة قوله طاب ثراه كما لو فرض بيع المشترى للمبيع في زمن الخيار ثمَّ فسخ البائع (- اه -) قال والدي روحي فداه في غاية الآمال انّ التشبيه راجع الى النّفي لا المنفيّ فإنّه لا يمكن في المفروض تقدير المبيع بعد الفسخ قبل الانعتاق خارجا عن ملك المشترى الى ملك البائع لكونه في حال الفسخ ملكا لمن اشتراه من المشترى انتهى كلامه دام ظلاله قلت قد أصاب مراد المصنّف (- ره -) و إن كان في أصل الدّعوى نظر ظاهر لانّ كون المبيع في حال الفسخ ملكا لمن اشتراه من المشترى إنّما يمنع من خروج المبيع بعد الفسخ قبل الانعتاق عن ملك المشتري الى ملك البائع حقيقة و لا يمنع من خروجه تقديرا و فرضا كما لا يخفى قوله طاب ثراه لأنّهما قد تواطيا على إخراجه عن المالية (- اه -) قد مرّ بيان سقوط ذلك في شرح قول الماتن (- ره -) لكنّ الإنصاف انّه لا وجه للخيار (- اه -) فراجع و تدبّر حتّى يظهر لك انّ الأقوى ثبوت الخيار لكلّ من البائع و المشترى و استحقاق البائع القيمة إذا فسخ و المشترى الثمن إن كان باقيا و بدله إن كان تالفا غاية ما هناك انّه إذا أخذ الثمن غرم قيمة العبد للبائع لتفويته عليه ماله قوله طاب ثراه فتأمّل استظهر روحي فداه في غاية الآمال كون الأمر بالتأمّل للإشارة إلى انّ أولويّة الدّفع من الرّفع انّما هي من قبيل الأولويّة الاعتباريّة الغير المتحقّقة فلا مجال لاعتبارها بحيث تصلح دليلا شرعيّا و يحتمل كونه للإشارة الى انّ سقوط الخيار بالإتلاف انّما هو لكشفه عن الرّضاء بالعقد فقياس الإقدام على البيع الّذي هو أعمّ من الرّضا بلزوم البيع قياس مع الفارق قوله طاب ثراه بناء على تملّك الكافر للمسلم اختيارا (- اه -) (11) الوجه في هذا القيد ظاهر ضرورة انّه بناء على ملكه له بالاختيار لا مانع من ثبوت الخيار و عوده اليه بالفسخ و ان حكمنا بوجوب بيعه عليه قهرا أيضا و يتصوّر بيع الكافر للعبد المسلم فيما إذا كان المولى مسلما و كان مالكا لعبد مسلم ثمَّ ارتدّ المولى فإنّه يباع عليه قهرا و الاّ فعلى القول الأظهر من عدم ملك الكافر للمسلم اختيارا لا يعقل ملكه بالشّراء و لا بالإرث لأنّ مورّثه إن كان مسلما يرث الكافر منه و ان كان كافرا لم يكن لملكه للمسلم سبيل الاّ ان يكون قد ارتدّ ثمَّ مات قبل ان يباع عليه

ص:24

عبده المسلم فانتقل الى وارثه قوله طاب ثراه فإنّه قد يقال (- اه -) في المسئلة أقوال أحدها هذا و حجّته ما أشار إليه المصنّف (- ره -) و الجواب امّا عمّا احتجّ به للشقّ الأوّل و هو عدم ثبوت الخيار بالنّسبة إلى العين من عدم جواز تملّك الكافر للمسلم فهو انّ الممنوع منه انّما هو الملكيّة المستقرّة دون مطلق الملك و غاية ما ثبت انّه إذا دخل في ملكه يباع عليه قهرا و هذا مسلّم و لكنّه لا يقتضي سقوط الخيار إذ لا مخصّص لإطلاقات الخيار و توهّم انّ المنفيّ مطلق الملك (- أيضا -) ساقط إذ لو لا ملكه إيّاه لم يكن لاستحقاقه ثمنه في صورة بيعه عليه قهرا وجه مع انّ النّاطق ببيعه عليه قد نصّ على دفع ثمنه اليه فقد روى حماد بن عيسى عن الصّادق عليه السّلام انّ أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه اتى بعبد ذمّي قد أسلم قال اذهبوا فبيعوه من المسلم و ادفعوا ثمنه لصاحبه و لا تقرّوه عنده و أية نفى السّبيل (- أيضا -) لا تنفى مطلق الملك و انّما تنفى استدامته و استقراره و امّا ما احتجّ به للشقّ الثاني و هو عدم ثبوت الخيار بالنّسبة إلى القيمة فجوابه يظهر ممّا سبق من منع توقّف الفسخ على رجوع العين الى مالكه الأصلي مع انّه على فرض التنزّل و تسليم ذلك يمكن تقدير عود المسلم الى ملك الكافر بمقدار يثبت عليه بدله لانّ المانع من تملّك الكافر للمسلم انّما هو كونه سبيلا منفيّا و الملك انا ما المصحّح للفسخ ليس بسبيل قوله طاب ثراه فيوافق مقتضى كلام فخر المحقّقين في الإيضاح (- اه -) هذه العبارة الّتي استفاد الماتن (- ره -) منها القول الثاني و هو عدم ثبوت الخيار للبائع و ثبوته للمشتري موجودة في بيع الإيضاح حيث انّه عند الكلام في ردّ العبد المسلم المشترى من كافر إذا ظهر به عيب قال ما لفظه الأقوى عندي انّ الكافر إذا أسلم يباع على سيّده من مسلم لانّه قد زال ملك السيّد عنه و بقي له حقّ استيفاء ثمنه في رقبته لا بمعنى انّه يملكه لانّ الملك سبيل و هو منفيّ لعموم الآية فهذا البيع الى الكافر استنقاذ و الى المشتري كالبيع انتهى و ظاهره ما في المتن و فيه ما أشار إليه قوله طاب ثراه و ان تردّد في القواعد (- اه -) الوجه في تردّده هو التردّد في انّ مطلق الملك من السبيل المنفيّ حتّى لا يمكن عوده اليه بالفسخ أو انّ المنفيّ الملك المستقرّ فلا مانع من عوده اليه بالفسخ و ان بيع عليه قهرا و من هنا ظهر وجه ثالث في المسئلة و هو التّفصيل بين العين و القيمة بجواز الفسخ بالنّسبة إلى القيمة دون العين فاذا فسخ أخذ القيمة دون العين امّا عدم استحقاق العين فلأنه نفى السّبيل و امّا استحقاق القيمة فلإطلاق الخيار بعد كون القيمة بدله و عدم منع أية نفى السّبيل عن أخذها لكن فيه انّ أية نفى السّبيل لا تمنع من أخذ العين (- أيضا -) و انّما تمنع من استقرار الملك و ذلك منتف بسبب البيع عليه قهرا قوله طاب ثراه و الأقوى في المسئلة (- اه -) ما اختاره هنا مناف لما اختاره في مبحث شروط المتعاقدين في ذيل الكلام على اشتراط كون المشترى مسلما فيما إذا كان المبيع عبدا مسلما فإنّه قد اختار هناك عدم الثّبوت مطلقا استنادا الى ما نقلناه عنه مع جوابه في شرح قوله فإنّه قد يقال و حكى هناك عن المحقّق الثاني في (- مع صد -) الاستدلال لثبوت الخيار لكلّ من البائع و المشترى بأنّ العقد لا يخرج عن مقتضاه بكون المبيع عبدا مسلما لكافر لانتفاء المقتضي لأنّ نفى السّبيل لو اقتضى ذلك لاقتضى خروجه عن ملكه ثمَّ تنظر فيه أوّلا بانّ عدم صلاحيّة نفى السّبيل لاقتضاء الخروج عنه لا وجه له لانّه عامّ و لم يخرج عن تحته الاّ الملك الابتدائي و ثبوت السّبيل بمقداره و هذا لا يستلزم خروج عود العبد المسلم الكافر بالفسخ عن تحته بأن ينتفي حكم نفى السّبيل فيثبت له السّبيل على العبد المسلم العائد إليه بفسخ البيع فيسقط بذلك أية نفى السّبيل عن قوّة اقتضاء الخروج عن مقتضى العقد و حاصل ما ذكره انّ تطرّق التّخصيص الى العام بوجه لا يوجب سقوط حجيّة في سائر الأفراد و فيه انّ خرج الملك الابتدائي عن تحت عموم نفى السّبيل لم يكن بدليل مخصّص بل انّما هو لعدم كون الملك المستعقب للبيع عليه قهرا سبيلا و هذا المعنى بعينه موجود في عود الملك بالفسخ فيلزم خروجه عن تحت العموم كخروج الابتدائي و ثانيا بانّ استلزام البيع للخيارات ليس عقليّا بل تابع لدليله الّذي هو أضعف من دليل صحّة العقد الّذي خصّ بنفي السّبيل فهذا اولى بالتخصيص به و فيه منع تخصيص دليل صحّة العقد بنفي السّبيل فانّ الحقّ صحّة العقد و لزوم بيعه عليه قهرا لانّ الآية انّما تنفى السّبيل الّذي لا يصدق مع الملك المقرون بالحجر عليه في التصرّف و البيع عليه قهرا فلا تنفى الآية الملك الحاصل بالفسخ أيضا مع الاقتران بالحجر و البيع عليه قهرا و ثالثا بأنّه على تقدير مقاومة دليل الخيار لاية نفى السّبيل يتساقطان فيرجع الى أصالة بقاء المال على ملك المشتري و عدم زواله بالفسخ و الرّجوع و فيه انّ دليل الخيار انّما يرفع اليد عنه إذا ثبتت حكومة الآية فاذا سلّم عدم حكومتها كان اللاّزم اتّباع دليل الخيار لعدم معاوضة الآية (- ح -) إيّاه لأنّها انّما تنفى السّبيل فاذا ثبت عدم كون الملك الملحوق بالحجر و البيع عليه قهرا سبيلا انتفى موضوع الآية و بقي دليل الخيار سليما عن المعارض فلا تعارض حتّى يتساقطا و يرجع الى الأصل و لعلّه الى هذا أشار الماتن (- ره -) عقيب هذا الوجه من النّظر بالأمر بالتأمّل و ربّما جعل والدي الشّيخ العلاّمة أدام اللّه ظلاله وجه الأمر بالتّأمّل هو الإشارة الى انّ فرض المقاومة يوجب الخروج عن مفروض المقام و مبناه و ذلك لانّ المقاومة مبنيّة على ان يكون نفى السّبيل حاكما على أدلّة الخيار و مع فرض عدم حكومته لا يكون حاكما على أدلّة صحّة العقد و على أدلّة الإرث فيتعارضان فيلزم الرّجوع في صورة اشتراء الكافر للعبد المسلم الّتي هي مورد التّعارض إلى أصالة الفساد و في الانتقال إليه بالإرث إلى أصالة عدم الانتقال فلا يبقى لبيع الكافر للمسلم (- ح -) وجه حتّى يفرض له خيار و يبحث عنه ثمَّ انّه روحي فداه احتمل عود الأمر بالتأمّل إلى الاعتراض الثّاني حيث قال و يمكن ان يكون إشارة إلى توهين ما ذكره من كون دليل صحّة العقد مخصّصا بنفي السّبيل من جهة انّه إذا فرض تخصيصه به و الحال انّه لا فرق بين دليل صحّة العقد و بين دليل الانتقال بالإرث لزم ارتفاع موضوع هذه المسئلة لانّ البحث عن ثبوت الخيار عند بيعه العبد المسلم من المسلم فرع تملّكه له و قد فرض انّ أدلّة الانتقال قد خصّصت بنفي السّبيل انتهى كلامه دام ظلاله و أنت خبير بما فيه لانّ الكلام في هذا الفرع انّما هو بناء على ثبوت ملكه له مع انّ الجواب عن الاعتراض ما مرّ و رابعا بأنّ إلزامه بإسقاط نحو خيار المجلس أو مطالبته بسبب ناقل يمنع الرّجوع و يلزم منه تخسير للمال ليس بأولى من الحكم بعدم جواز الرّجوع ليكون خروج المسلم عن ملك الكافر الى ملك المسلم بمنزلة التصرّف المانع من الفسخ و الرّجوع و يمكن المناقشة فيه بإثبات الأولويّة من حيث كون الحكم بعدم الجواز مستلزما لطرح أدلّة الخيارات بخلاف الإلزام بإسقاط الخيار فإنّه يقتضيه ما اقتضى إجباره على البيع و من جميع ما ذكرنا ظهر سقوط ما تمسّك به هناك على عدم ثبوت الخيار من انّ الفسخ احداث ملك فينتفى لعموم نفى السّبيل لتقديمه على أدلّة الخيار

ص:25

كما يقدّم على أدلّة البيع هذا مع انّ هذا الّذي ذكره مناف لما أسبقه في صدر المسئلة هناك من عدم تماميّة أية نفى السّبيل و منع حكومتها على عموم ما دلّ على صحّة البيع و العقد و حلّ أكل المال بالتّجارة و ربّما بنى المسئلة هناك على انّ الزّائل العائد كالّذي لم يزل أو كالّذي لم يعد قال فان قلنا بالأوّل ثبت الخيار لانّ فسخ العقد يجعل الملكيّة السّابقة كان لم تزل و قد أمضاها الشّارع و أمر بإزالتها بخلاف ما لو كانت الملكيّة الحاصلة غير السّابقة فإنّ الشّارع لم يمضها ثمَّ قال لكن هذا المبنى ليس بشيء لوجوب الاقتصار في تخصيص نفى السّبيل على المتيقّن انتهى و قد بان لك ما فيه ممّا مرّ من عدم نفى الآية الملكيّة الغير المستقرّة و قد تلخص من جميع ما ذكرنا انّ الأقوى هو ثبوت الخيار حتّى بالنّسبة إلى العين لكلّ من البائع و المشترى لإطلاقات الخيار بعد عدم منع الآية منه بعد اقتران الملك بالحجر عليه و قهره على البيع قوله طاب ثراه و قد مرّ بعض الكلام في ذلك فبشروط المتعاقدين قد بان لك ما ذكره هناك و انّ ما اختاره هنا مخالف لما اختاره هناك قوله طاب ثراه بناء على جوازه (- اه -) ينبغي الكلام إجمالا في هذا المبنى فنقول انّ شراء العبد نفسه من مولاه قد يكون لغيره و قد يكون لنفسه امّا الأوّل فالمشهور بين الأصحاب جوازه مطلقا سواء اذن له المولى في ذلك قبل العقد أم لا لوجود المقتضى و هو العقد بعد عدم كون العبد مسلوب العبارة بالمرّة و انّما المانع منه الحجر عليه الاّ بإذن المولى فاذا باشر شراء نفسه للموكّل من المولى كان اقدام المولى على بيعه من موكّل العبد إذنا له في قبول الوكالة فيقع العقد صحيحا و بعبارة أخرى صدور إيجاب البيع من المولى مخاطبا به إيّاه يدلّ ضمنا على اذنه له في قبول الوكالة عن الموكّل و لا يقدح عدم قابليّة المشترى للقبول في زمان الإيجاب لأنّ هذا الشّرط ليس على حدّ غيره من الشّروط المعتبرة في كلّ من المتعاقدين من أوّل الإيجاب إلى أخر القبول بل هو نظير اذن مالك الثّمن في الاشتراء حيث يكفى تحقّقه بعد الإيجاب و قبل القبول الّذي بنى المشترى على إنشائه فضولا و هناك قولان اخران أحدهما عدم الصّحة أرسله في (- ثق -) قولا بعد وصفه للقول بالصّحة بالشّهرة استنادا الى اشتراط مغايرة المشتري للمبيع حقيقة لا بالاعتبار و لاستلزام ذلك كون السيّد موجبا قابلا لان يد العبد كيد السيّد و إيجابه و قبوله بإذنه بمنزلة إيجاب السيّد و قبوله بنفسه و في الوجهين جميعا نظر امّا الأوّل فلمنع اعتبار المغايرة الحقيقيّة لعدم الدّليل على اعتباره و لو شكّ فأصالة عدم اعتباره الرافعة للشكّ المأخوذ في موضوع أصالة عدم ترتّب الأثر كافية في إثبات المطلوب فالمغايرة الاعتباريّة (- ح -) كافية و لا مجال للتمسّك بأصالة عدم كفاية الاعتباريّة لانقطاعها برفع أصالة عدم اشتراط المغايرة الحقيقيّة للشكّ المأخوذ في موضوعها و على ذلك بنوا في الأصول تقدّم الأصول السببيّة على الأصول المسببيّة فإن قلت انّ أصالة عدم اعتبار المغايرة الحقيقيّة ليست ذات أثر شرعيّ و الأصل المثبت للآثار الغير الشّرعيّة ليس بحجّة قلت أوّلا انا لا نريد إثبات صحّة العقد بأصالة عدم اعتبار المغايرة الحقيقيّة و انّما ندفع بها المانع و نثبت الصحّة بعمومات العقود و ثانيا انّا لو سلّمنا عدم اعتبار الأصل المذكور نقول انّ العقد مقتضى و الشكّ انّما هو في مانعيّة الاتّحاد الحقيقي و قد جرى ديدن العقلاء على عدم الاعتناء بالمانع المشكوك بعد إحراز المقتضي الاّ ان يمنع كون ذلك عقدا و هو كما ترى و امّا الوجه الثّاني ففيه انّ كون يده بمنزلة يد المولى و إيجابه و قبوله بمنزلة إيجاب المولى و قبوله لا يجدي في اتّحادهما لانّ التّنزيل أصرح شاهد على المغايرة و هو كاف كيف و قد حقّقنا في كتاب النّكاح من منتهى المقاصد كفاية المغايرة الاعتباريّة بين الموجب و القابل فضلا عن الحقيقيّة التنزيليّة مضافا الى انّ عقد العبد لا يبطل رأسا بل يقف على الإجارة فليقف هنا (- أيضا -) ثانيهما ما عن ابن البراج من انّه لا يصحّ ذلك الاّ ان يأذن سيّده له بذلك قبل العقد و لعلّ نظره الى انّ العقد لا يصحّ من الأجنبيّ إلاّ بعد تحقّق وكالته و وكالته لا تتمّ إلاّ بإذن المولى فما لم يأذن المولى له في ذلك و لم يجز وكالته لم يقع الشّراء بعد ذلك صحيحا و أنت خبير بانّ اجازة المولى و اذنه في الوكالة ليس شيئا زائدا على رضاه المستكشف بقول منه أو فعل و لا ريب في انّ نفس اقدامه على بيع العبد من العبد إمضاء للوكالة فيكون عقد البيع بعد ذلك واقعا بين المالك و بين الوكيل الثّابت الوكالة فيقع صحيحا ماضيا فما هو المشهور هو المنصور و امّا الثّاني و هو شراء العبد نفسه من المولى لنفسه فامّا على المشهور المنصور من عدم ملك العبد شيئا فلا معنى لصحّة البيع ان اشترى نقدا لانّه يعتبر في البيع كون الثمن للمشتري و المبيع للبائع و كلاهما هنا للمولى فلا يتحقّق البيع و ما صدر من بعضهم من التّفصيل بصحّة البيع ان جعلناه عبارة عن مبادلة مال بمال و عدم صحّته ان جعلناه عبارة عن التّمليك لا وجه له لانّ من جعل البيع عبارة عن مبادلة مال بمال يعتبر أيضا عدم كون الثّمن و المثمن جميعا شيئا واحدا لعدم تعقّل بيع الإنسان أحد ماليه بماله الأخر نعم لو اشترى العبد نفسه من المولى نسيئة و قلنا بانّ للعبد ذمّة يجوز ان يشترى لنفسه نسيئة و يستدين على ذمّته بإذن المولى صحّ و الاّ فلا و امّا على القول بانّ العبد يملك ففي شراء نفسه من مولاه لنفسه وجهان أحدهما المنع و الثّاني الجواز للاوّل منهما وجهان الأوّل انّ مقتضى البيع هو المغايرة بين البائع و المشترى و المبيع حقيقة و جوابه ما مرّ آنفا من منع اعتبار المغايرة الحقيقيّة الثاني عدم تعقّل تملّك الإنسان نفسه و دعوى كفاية المغايرة الاعتباريّة نظير تملّكه ما على نفسه كالدّين يبيعه الدّائن من المديون غاية الأمر انّه بعد هذا الاعتبار يسقط المال عن كونه مملوكا كما صدرت من بعضهم لا وجه لها لعدم الدّليل على كفاية المغايرة الاعتباريّة في تملّك الإنسان لنفسه و بيع الدين على من هو عليه ليس من هذا القبيل و إذ قد عرفت ذلك كلّه فاعلم انّه لا إشكال في ثبوت الخيار فيما لو اشترى العبد نفسه لموكّله من مولاه و امّا لو اشترى نفسه لنفسه من مولاه و قلنا بجواز ذلك فالأظهر أيضا ثبوت الخيار لإطلاق دليله فما عليه جماعة من عدم ثبوت الخيار له و لا للمولى حتّى بالنّسبة إلى القيمة نظرا الى انصراف أدلّة الخيار الى غير الفرض فيبقى هذا تحت أصالة اللّزوم لا وجه له لمنع الانصراف لفقد شيوع الاستعمال الّذي هو مناط الانصراف و ليس ندرة الفرد وجودا من أسباب الانصراف على التّحقيق و لو شكّ في الانصراف فالحكم هو الإطلاق نعم لمّا كان ملكه لنفسه موجبا لحريّته و الحرّ لا يعود رقّا كانت نتيجة الخيار السلطنة على أخذ القيمة عند الفسخ على نحو ما مرّ في شراء من ينعتق على المشترى قوله طاب ثراه فتأمّل وجه الأمر بالتّأمّل انّ عدم اندفاع الإشكال فرع وروده و هو مبنىّ على احتمال اعتبار قابليّة العين للبقاء و هو احتمال موهوم ضعيف و على تقدير الإغماض عن ضعفه يدفعه الأصل و ربّما احتمل بعض تلامذة (- المصنف -) (- ره -) كونه للإشارة الى انّ عدم قابليّة العين

ص:26

للبقاء إذا فرض كونه مانعا فإنّما يمنع من امتداد الخيار بامتداد المجلس و لا يقتضي سقوط أصل الخيار قوله طاب ثراه و غيرهما مثل مجمع الفائدة حيث عزى فيه (- أيضا -) ذلك الى علمائنا و في (- لك -) انّه لا خلاف فيه بين علمائنا و تمسّك لذلك في (- كرة -) بأنّ الأصل اللزوم و عدم عروض الجواز خرج عقد البيع لقوله عليه السّلام البيعان بالخيار فيبقى الباقي على اللّزوم بمقتضى عموم قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

مسألة لا يثبت خيار المجلس في شيء من العقود سوى البيع

قوله طاب ثراه بل جزم في (- كرة -) (- اه -) قال في (- كرة -) اعلم انّ العقد امّا ان يكون جائزا من الطّرفين كالشركة و الوكالة و القراض و الوديعة و العارية أو جائزا من احد الطّرفين لازما من الأخر كالضّمان و الكتابة و لا خيار في هذين القسمين امّا الجائز من الطّرفين فلأنهما بالخيار ابدا فلا معنى لخيار المجلس و امّا الجائز من أحدهما فلهذا المعنى من حيث هو جائز في حقّه و الآخر دخل فيه موطّنا نفسه على الغبن و مقصود الخيار التروّي لدفع الغبن عن نفسه انتهى قوله طاب ثراه و لعلّ مراده التصرّف المرخّص فيه شرعا للقابل أراد قدّس سرّه بهذا الحمل و التّوجيه لكلام الشّهيد دفع ما أورده عليه في مفتاح الكرامة من انّه مع انّه خاصّ بأحد الطّرفين لا دليل عليه كيف و الإذن المسوّغ للتصرّف حاصل بالعقد هذا و لكن على فرض اندفاع ذلك يبقى الإيراد عليه من وجه أخر و هو انّ ما ذكره غير معنى الخيار و من وجه ثالث و هو عدم معقوليّة مثل ذلك في الوديعة لامتناعه فيها مطلقا اللّهمّ الاّ ان يراد بالتصرّف فيما يتعلّق بالحفظ و هو بعيد قوله طاب ثراه فهو الّذي يمكن توقّفه على انقضاء الخيار الّذي جعل الشيخ (- ره -) أثرها البيع متوقّفا عليه حيث قال انّ البيع لا يملك الاّ بعد انقضاء مدّة الخيار قوله طاب ثراه و الّذي يخطر بالبال (- اه -) الّذي يظهر لي انّ النّزاع بين المثبت و النّافي لفظي فمن منع من دخول خيار المجلس في العقود الأربعة و غيرها ممّا عدا البيع أراد خيار المجلس المشروط بشروط خاصّة و المغيّى بغاية مختصّة هي افتراق المتبايعين و ان سلم الخيار العام الثّابت بنفس العقد الجائز الى أخر الأبد لو لا المانع و من حكم بدخول خيار المجلس فيها أراد الخيار العامّ الّذي هو اثر جواز العقد و يشهد بما ذكرنا عبارة (- ط -) و (- ئر -) فإنّه في الأوّل و ان صرّح بما سمعت من العبارة الاّ انّه قد صرّح في غير موضع متّصلا بذلك متقدّما و متأخّرا باختصاص خيار المجلس بالبيع فقال (- ره -) قبل ذلك بعدّة أسطر ما نصّه إذا أحال لغيره بمال عليه و قبل المحتال الحوالة لم يدخله خيار المجلس لانّه يختصّ بالبيع انتهى و قال بعد ذلك بيسير و امّا الشّفيع فقد ملك الشّقص بالثّمن و ليس له خيار المجلس لانّه ليس بمشتر و انّما أخذه بالشفعة انتهى دلّ على اختصاص خيار المجلس بالأخذ الّذي هو مشتري و قال بعد ذلك (- أيضا -) و امّا الإجارة فعلى ضربين أحدهما معيّنة مثل ان يقول أجرتك داري هذه أو فرسي هذا أو عبدي هذا شهرا من وقتي هذا أو يومي هذا فيذكر مدّة معيّنة فهذا لا يدخله خيار المجلس لانّه ليس ببيع انتهى و قال بعد عبارته المزبورة بلا فصل و امّا القسمة فعلى ضربين قسمة لا يردّ فيها و قسمة فيها ردّ و على الوجهين معا لا خيار فيها في المجلس لأنّها ليست ببيع انتهى الى غير ذلك من كلماته الصّريحة غاية الصّراحة في كون مراده بالخيار الّذي أثبته في الوكالة و العارية و الوديعة و القراض و الجعالة هو بمعنى الخيار الدّائم المعبّر عنه بجواز العقد و أصرح من ذلك عبارة (- ئر -) فإنّه مع تصريحه بمثل ما سمعت من الموارد في (- ط -) و غيرها صرّح في خصوص المقام بما يفيد كون مراده بالخيار جواز العقد دائما لأنّه قال (- ره -) و امّا الوكالة و العارية و الوديعة و القراض و الجعالة فلا يمنع من دخول الخيارين فيها مانع لانّ هذه العقود جائزة من جهة المتعاقدين غير لازمة فمن أراد الفسخ فسخ انتهى فإنّه صريح فيما قلناه و (- ح -) فاعتراض العلاّمة (- ره -) على إجماع (- ف -) و توهينه له بمخالفة المدّعى نفسه في (- ط -) لم يقع في محلّه قوله طاب ثراه فتأمّل جعل الشيخ الوالد روحي فداه الأمر بالتّأمّل للإشارة الى انّ كلام ابن إدريس (- ره -) حيث كان ظاهرا في المعنى المذكور من جهة التّعليل المذكور في كلامه فلا مناص من كون المراد به ما هو ظاهره و ان كان مؤدّاه في غاية البعد و الرّكاكة و امّا كلام الشّيخ (- ره -) فليس ظاهرا في ذلك فلا وجه لحمل كلامه عليه مع بعده لفظا و معنى و لا يصير كلام ابن إدريس (- ره -) قرينة على مراد الشّيخ (- ره -) و تفسيرا له قلت قد سمعت عبارة (- ئر -) و هي غير ظاهرة فيما استفاده منها الماتن (- ره -) و انّما هي كعبارة (- ط -) توافق ما استفدناه فتدبّر

مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد

قوله طاب ثراه و لا اشكال فيه لو قلنا (- اه -) قد أوضحنا في مبحثي الصّرف و السّلم من منتهى المقاصد الكلام في شرطيّة القبض قبل التفرّق بالنّسبة إلى العوضين في الصّرف و العوض فقط في السّلم و نقحنا وجوب التقابض وجوبا تكليفيّا (- أيضا -) مضافا الى الوجوب الشّرطي في الصّرف دون السّلم و لا يسع هذا المختصر لنقل ذلك كلّه فمن أراد ذلك راجعه و مجمل القول في ذلك انّهم اختلفوا في التقابض قبل التفرّق في الصّرف تارة في وجوبه الشّرطي فالمشهور بين الأصحاب الثّبوت بل لم ينقل في ذلك خلاف صريح و انّما حكى الشّهيد (- ره -) في محكي الحواشي قولا لم يسمّ قائله بالتّفصيل بين بيع الذّهب بالذّهب و الفضّة بالفضّة و بين بيع أحدهما بالآخر بالاشتراط في الأوّل دون الثّاني و اخرى في وجوبه الشّرعي فأثبته من القائلين بالوجوب الشّرطي الشّيخ (- ره -) في (- ط -) و الحلّي في (- ئر -) و العلاّمة في التذكرة و الشهيد في ظاهر (- س -) و نفاه جمع منهم و هو ظاهر سكوت اخرين و معظم الأصحاب في السّلم على الوجوب الشّرطي لقبض رأس المال قبل التفرّق و اثبت الوجوب الشرعي (- أيضا -) له العلاّمة في (- كرة -) فكلّ من قال في شيء من الموضعين بالوجوب الشّرعي قال بالوجوب الشّرطي (- أيضا -) و لا عكس فلا يتوهّم من مقابلة الماتن (- ره -) بينهما ارادته نقل القول بالوجوب الشّرعي دون الشّرطي قوله طاب ثراه امّا للزوم الرّبا كما صرّح به في صرف التذكرة قال في (- كرة -) لو تعذّر عليهما التقابض في المجلس و أراد الافتراق لزمهما ان يتفاسخا العقد بينهما فان تفرّقا قبله كان ذلك ربا و جرى مجرى بيع مال الرّبا بعضه ببعض نسيئة و لا يغني تفرّقهما لانّ فساد العقد انّما يكون به شرعا كما انّ العقد مع التّفاضل فاسد و يأثمان به انتهى فأفاد هذا الكلام كون قبض أحدهما بدون قبض الأخر موجبا للرّبا من جهة اشتمال المقبوض من جهة حصوله بيد القابض على الفضل على غير المقبوض من جهة عدم حصوله في يد من أريد انتقاله اليه هذا و لكن لا يخفى عليك ما في تعليل الوجوب الشّرعي بذلك من نظر لانّ بيع مال الرّبا بعضه ببعض نسيئة انّما يستلزم الرّبا و يحرم إذا كان الزّمان ممّا له قسط من الثّمن امّا الزّمان القصير الّذي لا يقابل بمال عرفا فليس بيع الرّبوي بمثله مؤجّلا بذلك الأجل رباء لعدم الزّيادة في أحد الطّرفين حتّى يكون رباء و المطلوب انّما هو إثبات وجوب التّقابض شرعا في الصّرف و السّلم قبل التفرّق و لو خطوتين و من المعلوم انّ زمان الافتراق خطوتين لا يقابل بمال عرفا و عادة فلا

ص:27

يكون ربا فالدّليل (- ح -) أخصّ من المدّعى لإثباته حرمة الافتراق قبل التقابض إذا كان الزمان طويلا يقابل بمال عادة مع ان الرّبا انّما يلزم في متّحدي الجنس و المدّعى أعمّ من ذلك لاندراج بيع الذّهب بالفضّة و بالعكس فيه مع انّه لا مانع من ذلك مع التفاضل لعدم لزوم الرّبا لاشتراطه باتّحاد الجنس و من المعلوم كون الذّهب و الفضّة جنسين فاستدلال العلاّمة قدّس سرّه ساقط من أصله و انّما الوجه في القول بالوجوب الشّرعي أيضا مع الوجوب الشّرطي في التّقابض في الصّرف كما هو المختار انّ الأخبار الواردة في خصوص التقابض قبل التفرّق في بيع الصّرف قسمان أحدها ما هو ظاهر أو نصّ في الإرشاد إلى الشّرطيّة و فساد العقد بالإخلال بالتقابض الى حال التفرّق مثل صحيحه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه قال إذا اشتريت ذهبا بفضّة أو فضّة بذهب فلا تفارقه حتّى تأخذ منه و ان نزى حائطا فانز معه حيث نهى عليه السّلام عن المفارقة و أمر بأن ينزو معه ان نزى حائطا فإنّ المراد به هو الوجوب الشّرطي قطعا إذ لو كان المراد هو الوجوب الشرعي لم يكن للأمر بالنّزو معه وجه لانّ التّارك للواجب (- ح -) انّما هو النّازى أوّلا كما لا يخفى و ثانيهما ما لم يظهر منه الإرشاد إلى الفساد و (- ح -) فما علم انّه للإرشاد يحمل عليه و يحتجّ به للوجوب الشّرطي و ما لم يعلم كونه للإرشاد فمقتضى القاعدة حمله على بيان الوجوب الشّرعي و الاحتجاج به له لانّ الحمل على الإرشاد خلاف الأصل فلا يصار اليه الاّ مع ظهور الخطاب فيه و على هذا ففي الأخبار دلالة على كلّ من الوجوب الشّرطي و الشّرعي و لا مخالفة في شيء منهما للإجماع فنفتي بهما جميعا و هذا بخلاف السّلم فإنّه لا خبر فيه يدلّ على اعتبار قبض رأس المال قبل التفرّق حتّى يمكن اجراء نحو هذه المقالة فيه و انّما استدلّوا هناك بوجوه ان تمّت لم تفد الاّ الوجوب الشّرطي دون الشّرعي و لذا قلنا في الصّرف بالوجوب الشّرعي و الشّرطي جميعا و جزمنا في السّلم بعدم الوجوب الشرعي و ممّا ذكرنا ظهر سقوط ما صدر من بعضهم من منع دلالة الأخبار على الوجوب الشّرعي قوله طاب ثراه و امّا الوجوب الوفاء بالعقد قد وقع الاستدلال لوجوب قبض رأس المال قبل التفرّق في السّلم وجوبا شرعيّا بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ من حيث انّ مقتضاه عدم جواز ابطال العقد فيجب اقباض الثمن و قبضه قبل التفرّق كي لا يبطل العقد و لكن فيه نظر ظاهر لمنع حرمة الإخلال بشرط العقد حرمة تشريعيّة و انّما المحرّم ترك الوفاء بالعقد بعد استجماعه لشروط الصحّة مراعاة لحال المعقود له لا ترك إيجاد أصل شرط صحّته فإنّه لا دليل على حرمته لانّ المشروط عدم عند عدم شرطه فلا عقد حتّى يجب الوفاء به و وجوب إيجاد العقد بإيجاد شرطه و حرمة ترك الإيجاد ممّا لا دليل عليه بل لو قلنا بكون التقابض شرط لزوم الصّرف لا شرط صحّته كما هو احد الوجهين في المسئلة لم يكن (- أيضا -) لهذا الاستدلال وجه لانّ العقد و ان حصل على هذا الفرض قبل التقابض الاّ انّه غير لازم و نقض العقد الغير اللازم جائز غير محرّم مع انّ الحقّ كونه شرط الصّحة كما نقحناه في منتهى المقاصد قوله طاب ثراه و ان لم يكن بنفسه مملّكا غرضه ان وجوب الوفاء بالعقد لا يختصّ بالعقد التّام المستعقب للأثر بل يعمّه و العقد المتوقّف تمام تأثيره على شيء و فيه ما عرفت قوله طاب ثراه لأنّ ثمرة الخيار (- اه -) علّة لعدم الإشكال في كون مبدإ الخيار من حين العقد بناء على وجوب التّقابض وجوبا تكليفيّا و هو تعليل حسن و تحقيق متقن و ربّما نوقش فيما ذكره بأنّه بعد وجوب التّقابض لا معنى للخيار الّذي لازمه عدم وجوب التّقابض فلو توقّف جريان الخيار على وجوب التّقابض لزم من وجوده عدمه و ما يلزم من وجوده عدمه فهو فاسد و أجيب تارة بأنّ الخيار انّما يتوقّف على وجوب التقابض لو خلى و طبعه و ان لم يكن واجبا من جهة الخيار و ردّ بأنّ القائلين بوجوبه يقولون به فعلا و لازمه عدم الحكم بالخيار و اخرى بأنّ وجوب التقابض معلّق على بقاء العقد و الخيار في الفسخ و الإبقاء لا يستلزم عدمه و انّما يمكن تفويت موضوعه و ذلك لا ينافي الوجوب المعلّق فوجوب التّقابض حاصل فعلا حتّى مع الخيار لكن له ان يفسخ العقد و يزيل موضوعه فهو نظير الصّوم حيث انّه واجب فعلا على المكلّف الحاضر عينا لكن له ان يسافر فيرتفع موضوع الوجوب فجواز السّفر لا ينافي وجوب الصّوم في موضوع الحاضر قوله طاب ثراه لانّ المفروض بقاء سلطنة كلّ من المتعاقدين (- اه -) حاصله انّ الفسخ يتعلّق بالعقد الموجب لانتقال كلّ من العوضين الى غير صاحبه به و بعد كون التقابض شرط الصّحة كما هو الحقّ فلا عقد حتّى يوجب الفسخ حلّه و أجاب عن ذلك بقوله و يمكن ان يكون أثره (- اه -) مريدا به انّ الفسخ كما يرفع الصّحة التّامّة عن العقد و يوجب حلّه فكذا يرفع الصحّة التأهّلية و الإيجاب و القبول الواقعان في الصّرف و السّلم لهما صحّة تأهّلية بمعنى تاهّلهما للتّماميّة و استعقاب الأثر على فرض لحوق التّقابض فالفسخ يزيل ذلك التّاهّل قوله طاب ثراه ثمَّ ان تفرّقا عن تراض لم يحكم بعصيانهما (- اه -) لا يخفى عليك منافاة ذلك لما سمعته منه آنفا من الحكم بوجوب التقابض قبل التفرّق وجوبا تكليفيّا للزوم الرّبا ضرورة انّه بعد لزوم الرّبا لا ينفع تراضيهما في رفع الحرمة نعم لو كان وجوب التّقابض من باب وجوب الوفاء بالعقد كان لارتفاعه بالتراضي وجه كما لا يخفى قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا يظهر الوجه (- اه -) قلت اما كون المبدء على القول بالنّقل من حين الإجازة فظاهر لا حاجة فيه الى ما سبق لانّه قبل الإجازة لا عقد و لا نقل حتّى يثبت الخيار و امّا كون المبدء على القول بالكشف (- أيضا -) من حين الإجازة فلا وجه له و ظهوره ممّا ذكره غير ظاهر و ربّما وجه بعضهم ذلك بانّ مبدأ الخيار و إن كان من حين العقد الاّ ان العقد لا يصير عقدا الاّ بعد الإجازة فمبدء عقدهما أوّل زمان الإجازة و الاّ فهو قبلهما غير مربوط بهما و لو على القول بالكشف فلا يعقل مالكيّة الفسخ قبلها بالنّسبة إليهما و إن كانت معقولة بالنّسبة إلى الفضوليين و أنت خبير بما فيه لأنّه ان أريد ملك الفسخ ملكا فعليّا ظاهرا و واقعا بحيث يمكن إيقاعه قبل لحوق الإجازة فهو ممنوع بالنّسبة إلى الفضوليّين (- أيضا -) لانّه قبل لحوق الإجازة لم يعلم تحقّق العقد حتّى يؤثر فسخهما المبنى على تحقّق العقد و ان أريد ملك الفسخ شأنا بحيث يستكشف بلحوق الإجازة ثبوتها في الواقع من حين العقد فذلك جار بالنّسبة إلى الفضوليّين و الأصيلين جميعا مع انّ ما ذكره الموجّه لم يسبق في كلام الماتن (- ره -) حتّى يصحّ قوله و ممّا ذكرنا يظهر بل مقتضى ما أسبقه الماتن (- ره -) من الاكتفاء في الخيار بالصّحة التأهّلية للعقد و انّه يصحّ الفسخ بمجرّد ثبوتها هو القول بكون مبدء الخيار في الفضولي بالنّسبة إلى الأصيلين من حين العقد لتحقّق الصّحة التّأهّلية بالنّسبة إلى عقد الفضوليّين فتدبّر قوله طاب ثراه لا خلاف ظاهر (- اه -) قد نفى الخلاف في ذلك جمع ففي مجمع الفائدة انّه لعلّه لا خلاف بيننا فيه و في (- ئق -) انّه لا خلاف فيه بين الأصحاب و في

ص:28

و في مفتاح الكرامة انّه لم أجد فيه مخالفا و في الرّياض و المستند انّه (- كك -) بلا خلاف يعرف و في كشف الظّلام انّه لا خلاف فيه حكاية و تحصيلا و في الجواهر انّه لا خلاف أجده فيه و في هداية الأنام لا نعرف في ذلك خلافا بيننا

القول في مسقطات خيار المجلس
مسألة في سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه في ضمن العقد

قوله طاب ثراه و عن الغنية الإجماع عليه قال في الغنية و لا يسقط إلاّ بأحد أمرين تفرق و تخاير فالتفرّق ان يفارق كلّ واحد منهما صاحبه بخطوة فصاعدا عن إيثار و التخاير على ضربين تخاير في نفس العقد و تخاير بعده فالأوّل ان يقول البائع بعتك بشرط ان لا يثبت بيننا خيار المجلس فيقول المشتري قبلت و الثّاني ان يقول أحدهما لصاحبه في المجلس اختر فيختار إمضاء العقد يدلّ على ذلك إجماع الطّائفة انتهى و هو ظاهر (- كرة -) (- أيضا -) حيث قال في بحث خيار الحيوان هذا الخيار و خيار المجلس يثبتان بأصل الشّرع سواء شرطاه في العقد أو أطلقا امّا لو شرطا سقوطه فإنّه يسقط إجماعا انتهى و قد ادّعى الإجماع الفقيه الغروي (- أيضا -) قوله طاب ثراه و يدلّ عليه (- اه -) قد وقع الاستدلال على ذلك في كلماتهم بوجهين أحدهما استصحاب لزوم العقد بعد اختصاص نصوص الخيار بحكم التّبادر بغيره و يمكن المناقشة فيه بمنع التبادر المعتبر فيبقى إطلاق نصوص الخيار محكما و من هنا ظهر انّ ما صدر من صاحب الجواهر (- ره -) من التمسّك بالأصل مع الشّك في تناول الأدلّة له في غير محلّه لانّ الشّك في التّناول علّة تامّة للتعلّق بأصالة الإطلاق كما قرّر في محلّه الثّاني ما تمسّك به في الغنية من قول النّبي صلّى اللّه عليه و آله البيعان بالخيار ما لم يفترقا الاّ بيع الخيار بتقريب انّه قد استثنى بيع الخيار و هو الّذي لم يثبت فيه الخيار بما قدّمه من حصول التخاير باشتراط سقوطه في العقد بان يقول البائع بعتك كذا بكذا بشرط ان لا يثبت بيننا خيار المجلس فيقول المشترى قبلت أو بالإسقاط بعد العقد بان يقول أحدهما لصاحبه في المجلس اختر فيختار إمضاء العقد بل عن بعض العامّة تفسيره بالأوّل خاصّة و أنت خبير بما فيه أوّلا من فقد الاستثناء في أخبارنا و النّبوي (- ص -) ضعيف السّند و لا جابر لهذه الفقرة منها و ثانيا انّه لا يعقل إرادة قسمي التخاير من المستثنى و لا مرجّح لأحدهما فكما يمكن ان يراد به اشتراط السّقوط في ضمن العقد فكذا يمكن ان يراد به ما في الخبر الأخر عنه صلّى اللّه عليه و آله انه قال المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا عن مكانهما فاذا افترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر فلا خيار بل قد يحتمل ان يكون المراد به الاّ البيع المشتمل على خيار الشّرط و نحوه فيكون استثناء من المفهوم قوله طاب ثراه و قد يتخيّل معارضته (- اه -) الضّمير للعموم اى قد يناقش في التمسّك بعموم الشروط بمعارضته لاخبار الخيار بالعموم من وجه و الرّجحان لتلك و المناقش هو صاحب الجواهر و الجواب ما في المتن من مساواة الطّائفتين في الاستفاضة أو التّواتر و قوّة السّند و ظهور الدّلالة و نحو ذلك فالترجيح من حيث الدّلالة و السّند مفقود و موافقة عمل الأصحاب في خصوص المقام لا يكون مرجّحا بعد العلم بانحصار مستندهم في عموم أدلّة الشّروط كما يظهر من كتبهم و يتبيّن من زبرهم فان قلت انّ المرجّح الدّلالي موجود و هو وجود العامّ في اخبار الخيار مثل قوله عليه السّلام في صحيح الحلبي المتقدّم أيّما رجل اشترى من رجل بيعا فهو بالخيار حتّى يفترقا الحديث و اخبار الشرط مطلقات و العامّ أقوى دلالة من المطلق خصوصا مع عروض التقييد له قطعا مع عدم ثبوت عروض التّخصيص للعام (- كك -) قلت أوّلا انّ خبر الحلبي ليس عامّا من حيث البيوع بل عمومه من حيث البائعين و ذلك لا يوجب قوّة دلالته من حيث البيوع (- أيضا -) قوّة مرجّحة له على إطلاق الشّروط و ثانيا انّ خبر الشروط (- أيضا -) عام و ليس بمطلق و ثالثا انّ الظّهورات الشخصيّة مقدّمة و لا قوّة هنا لظاهر اخبار الخيار على اخبار الشّرط كي ترجّح عليها فان قلت هب انّ المرجّح السّندي و الدّلالي مفقودان و لكن عمل الأصحاب مرجّح و كون مستندهم اخبار الشّرط ممنوع و لو سلّم فقد يصير مرجّحا (- أيضا -) لإطلاق ما دلّ على الترجيح به نصّا و فتوى و اعتبارا لاحتمال كشفه عن اقترانه بما يوجب تقديمه على معارضه من قرائن حاليّة أو مقاليّة لم تنقل إلينا استغناء عنها بعلمهم به قلت ما ذكرته كلّه خرص و تخمين لا يعتمد على مثله الاّ من يعتمد على الظّنون المطلقة و نحن لا نقول بذلك هذا قوله طاب ثراه و نحوه في الضّعف التمسّك بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (- اه -) المتمسّك هو صاحب الجواهر قوله طاب ثراه إذ فيه انّ أدلّة الخيار (- اه -) قد انتصر بعض مشايخ العصر (- قدّه -) لشيخه صاحب الجواهر (- قدّه -) فأجاب عن هذا الاعتراض بانّ المفروض هو الشكّ في تناول أدلّة الخيار لهذا البيع لو لا إعراض الأصحاب و أكثر المسلمين عنها هنا و (- ح -) فيراد بها البيع المجرّد عن الشّرط المذكور و أنت خبير بما فيه أوّلا من انّ المستدلّ لم يتمّ الاستدلال بالآية بالشكّ في تناول أدلّة الخيار للمقام فكون المفروض ذلك ممنوع فتأمّل و ثانيا من منع الشكّ في التّناول و لو كان لكان علّة تامّة و التعلّق؟؟؟ بأصالة إطلاق النصّ و اعراض الأصحاب لا يقدح سيّما بعد معلوميّة كون منشئه الأخذ بعمومات الوفاء بالشرط هذا و ربّما تصدّى بعضهم لتوجيه استدلال صاحب الجواهر (- ره -) فاحتمل كون غرضه انّ هذا العقد من حيث اشتماله على الشّرط كأنّه ينحلّ الى عقدين و بيع و شرط و أخصيّة دليل الخيار انّما تنفع بالنّسبة إلى حيثيّة البيعيّة لا بالنّسبة إلى حيثيّة الشرطيّة فلو فرضنا عدم وجود مثل قوله تعالى المؤمنون عند شروطهم أمكن إثبات وجوب الوفاء بالشّروط ب أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و إذا كان العقد المذكور بمنزلة عقدين و فرض انّ دليل الخيار اثبت الخيار في ذلك العقد من حيث بيعيته لا من حيث شرطيّته فيكون عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بالنّسبة إلى حيثيّة الشرطيّة حاكما على دليل الخيار و إن كان أخصّ منه إذ هو نظير ما إذا صالح عن إسقاط خياره بشيء فإنّ دليل وجوب الوفاء بهذا الصّلح و لو كان عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و هو أعمّ من دليل الخيار الاّ انّه مقدّم عليه و كذا إذا صالح على إسقاط الخيار في ضمن عقد البيع كما إذا قال بعتك و صالحتك عن خياري فقال الأخر قبلت فانّ مقتضى صحّة هذه المعاملة سقوط الخيار و لا يضرّه كون دليل وجوب الوفاء عموم أَوْفُوا فإنّه مخصّص بأدلّة الخيار بلحاظ كونه بيعا و باق على عمومه بلحاظ كونه صلحا قوله طاب ثراه لانسياق اخبار الخيار (- اه -) ربّما اعترضه بعض مشايخ العصر (- قدّه -) بانّ مرادهم بالسّقوط هنا كما لا يخفى على المتتبّع لعبارات الشّيخ (- ره -) و من تأخّر عنه فإنّها أجمع على الظّاهر على نحو عبارة الغنية السّابقة انّما هو عدم الثبوت من أوّل الأمر على وجه التّخصيص لأدلّة الخيار لا على وجه عروض المسقط له بعد ثبوته على نحو عروض النّذر و نحوه و إنكار ذلك ان لم يكن غفل عن ملاحظة كلامهم قد يشبه المكابرة خصوصا مع ملاحظة الاستدلال عليه بالنبوي الصّريح في التخصيص انتهى و أنت خبير بانّ الماتن (- ره -) ليس بصدد الجمع بين كلمات الأصحاب أو فهمها بل غرضه نفى التّعارض بين الأخبار و قد قرّره على وجه يليق ان يكتب بالنّور على خدود الحور كما لا يخفى على المتأمّل (- المنص -) و المتدبّر الغير المتعسّف قوله طاب ثراه منها صحيحة مالك بن عطيّة (- اه -) رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن

ص:29

ابن محبوب عن مالك بن عطيّة عن سليمان بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فكان الأنسب أن يسمّيها (- المصنف -) (- ره -) بصحيحة سليمان بن خالد لانّه الرّاوي عن الإمام عليه السّلام دون مالك بن عطيّة قوله طاب ثراه و الرّواية محمولة (- اه -) غرضه بذلك دفع ما قد يقال من انّ الشّرط في الخبر ابتدائيّ فلا يكون الخبر معمولا به حتّى ينفع الاستشهاد به و وجه الدّفع حمل الرّواية بقرينة الإجماع على صورة وقوع الاشتراط في ضمن عقد لازم و ربّما احتمل فقيه آل يس (- قده -) كون الجارية في مورد الرّواية لابن العبد ثمَّ بعد ذلك قال لها هل لك ان أعتقتك في مكاتبتك و قد كاتبها فوجب عليه دفع شيء من المال بناء على لزومه على المكاتب به فيكون الشرط المذكور مأخوذا في إعطائه لها فلا يحتاج إلى قرينة الإجماع الّذي ادّعاه الماتن (- ره -) لأجل تطبيق الرّواية على كون الشّرط فيها مأخوذا في عقد لازم فتأمّل قوله طاب ثراه لانّ الشّرط في ضمن العقد الجائز (- اه -) ربّما يزاد على ذلك فيقال بلزوم تبعيّة هذا الشّرط للعقد و ان قلنا بلزوم الشّرط في ضمن العقد الجائز (- أيضا -) و ذلك لانّ هذا الشّرط لا قوام و لا موضوع له غير العقد فانفساخ العقد موجب لزوال موضوع الشّرط المذكور و مثله كلّ شرط لا تقوّم له بدون العقد و هو كلام متين قوله طاب ثراه امّا الأوّل فلانّ الخارج (- اه -) محصّل هذا الجواب على ما في غاية الآمال دفع الدّور بمنع التوقّف من جانب لزوم الشّرط نظرا الى انّ لزوم الشّرط يستفاد من عموم مثل قوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم خرج ما خرج و بقي الباقي فهو عامّ مخصّص و العام المخصّص حجّة في الباقي و الشّرط في ضمن العقد الجائز الغير الباقي على الجواز ممّا لم يخرج بالتّخصيص فلزوم الشّرط موقوف على عموم قوله عليه السّلام المؤمنون عند شروطهم و ليس موقوفا على لزوم العقد المأخوذ فيه و بعبارة أخرى عموم الشّروط يشمل الشّرط الابتدائي و الشرط في ضمن العقد الجائز بالذّات الغير اللازم بالعرض و الشّرط في ضمن العقد اللازم بالذّات الغير الجائز بالعرض و الجائز بالعرض و الشّرط في ضمن العقد الجائز بالذّات اللاّزم بالعرض خرج الأوّلان من تحته بالإجماع و بقي الباقي و منه الفرض و (- ح -) نقول انّ لزوم العقد موقوف على لزوم الشّرط فعلا و لزوم الشّرط ليس موقوفا على لزوم العقد فعلا بل يتوقّف على لزومه بالذّات و ان جاز فعلا فالموقوف غير الموقوف عليه و هذا التّقرير اولى من تقرير (- المصنف -) (- ره -) كما لا يخفى و ربّما اعترض بعض مشايخ العصر (- ره -) على (- المصنف -) بأنّه لا مانع من لزوم التّابع ما دام المتبوع الجائز موجودا في الخارج فيجب على الوكيل مثلا ان يفعل ما شرط عليه في عقد الوكالة ما دام وكيلا و ان كان له ان يعزل نفسه عنها فلا يجب عليه ذلك و المستحيل لو سلّم فإنّما هو وجوب فعله على كلّ حال و ان فسخ الوكالة و ذلك غير لازم من عموم الشّروط كما هو واضح بأدنى تأمّل مع انّ وجوب عدم الفسخ الثّابت بالشّرط ليس عين لزوم العقد في وجه قوىّ نعم لو كان المراد منه الوجه الأخر أو التّخصيص و عدم ثبوت الخيار فيه ابتداء كما هو ظاهر المشهور كان عين لزومه أو بمنزلته الاّ انّ ذلك ممّا لا يستفاد من العموم المزبور كما مرّ مع انّه و ان لم يلزم منه التفكيك بينهما الاّ انّه غير دافع للدّور قلت ما ذكره (- قدّه -) ينحل إلى إيرادات ثلث أحدها منع عدم إمكان التفكيك بين التّابع و المتبوع في اللّزوم و الجواز و فيه انّه خلاف مقتضى التّأمّل ضرورة أنّ الفرع لا يزود على الأصل فكيف يعقل لزوم الشّرط مع جواز العقد المأخوذ ذلك في ضمنه و اللّزوم المقيد الّذي فرضه و مثّل له بالشّرط المأخوذ في عقد الوكالة ليس لزوما في الحقيقة كما لا يخفى على المتأمّل ثانيها منع كون لزوم الشرط في الفرض عين لزوم العقد و فيه انّه إنكار للوجدانى فانّ مؤدّى الشّرط في المقام ليس الاّ لزوم ذلك العقد و ثالثها انّه غير دافع للدّور و فيه انّه لا معنى للدّور بعد نفى التوقّف من احد الطّرفين بدعوى انّ لزوم الشّرط متوقّف على عموم المؤمنون عند شروطهم لا على لزوم العقد المأخوذ فيه فجواب (- المصنف -) (- ره -) موجّه متين فتدبّر قوله طاب ثراه و امّا الثّاني فلان (- اه -) قد أجيب عن الإشكال الثّاني بوجوه أشار المصنّف (- ره -) الى اثنين منها الأوّل ما في الرّياض من انّ ثبوت الخيار انّما هو مقتضى العقد المطلق لا المشروط بإسقاطه فإنّ مقتضاه (- ح -) هو السّقوط فيلزم لانّ الشّرط على هذا جزء من العقد و الى ذلك أشار الماتن (- ره -) بهذه العبارة المتضمّنة لتقريرين الثّاني انّ مقتضى الجمع بين دليل اعتبار عدم مخالفة الشّرط لمقتضى العقد و بين دليل الشّرط هو كون العقد مقتضيا لإتمام العلّة فيكون التخلّف ممتنعا شرعا و الى ذلك أشار الماتن (- ره -) بقوله مع انّ مقتضى الجمع (- اه -) الثّالث ما في الرّياض من منع كون الخيار من مقتضيات العقد بل هو حكم شرعي ثبت للعاقدين و فيه نظر ظاهر ضرورة انّه لو كان حكما لم يكن له إيجابهما إيّاه و إسقاطهما له بعد العقد الرّابع انّه اولى من اشتراط الخيار في العقد و قد جاز ذلك بالإجماع فكذا الفرض أشار الى ذلك في الجواهر و يمكن المناقشة فيه بانّ تجويزهم اشتراط الخيار إن كان لدليل خاصّ من نصّ أو إجماع كان هو المستند في مخالفة القاعدة و لم يمكن التعدّي منه الى غيره و إن كان لاخبار وجوب الوفاء بالشّروط كما هو الظاهر سرى الإشكال هنا (- أيضا -) الخامس انّ ذلك يستلزم عدم صحّة شيء من الشّروط في العقود لانّ مقتضاها لزوم الوفاء بها مطلقا فتخصيصها بالشّروط مخالف للقاعدة أشار الى ذلك في الرّياض و فيه منع بطلان التّالي إذ لنا التزام عدم صحّة شيء من الشّروط في العقود الاّ شرط قام على جوازه دليل بالخصوص السّادس انّ المتبادر من اخبار الخيار انّما هو الثبوت في صورة الخلوّ عن شرط السّقوط و ردّ بمنع التّبادر و عدم مساعدة شيء من العرف و اللّغة عليه و لذا قيل بانّ مرجع اشتراط السّقوط ليس الى نفى استحقاق الخيار شرعا كي يكون باطلا و انّما مرجعه إلى إيجاب اختيار لزوم العقد عليه فمع قبوله (- كك -) لا بأس به فتأمّل السّابع انّ قدح مخالفة الشّرط لمقتضى العقد في صحّته و وجوب الوفاء به لو سلم فإنّما يسلّم قدح ما يخلّ بما يعود الى مقوّم العقد بالنّقض كاشتراط عدم تملّك المبيع أو عدم التسلّط عليه أو نحو ذلك فيبقى عموم لزوم الوفاء بالشّرط محكما في غيره كما فيما نحن فيه قوله طاب ثراه و امّا الثّلث فلمّا عرفت (- اه -) فيه ما مرّ من منع التّبادر و ربّما يجاب بمنع كون ذلك من الإسقاط حقيقة بل المراد به مجرّد عدم الثّبوت ابتداء لا ارتفاع ما هو ثابت كي يورد عليه بذلك و قد نبّه على ذلك فقيه آل يس (- أيضا -) حيث قال الّذي يساعد عليه الفهم المستقيم انّ مراد الأصحاب من اشتراط عدم الخيار قصد نفيه بنفس الاشتراط المأخوذ في متن العقد إذ هو من الحقوق القابلة لذلك و مرجعه في الحقيقة و نفس الأمر إلى تقييد إطلاق البيع المقتضى لثبوته مع عدم التّصريح بالاشتراط نحو اشتراط التّأجيل في ثمن المبيع مثلا و غيره من الآثار الّتي هي من مقتضيات إطلاق العقد و يمكن الجواب بوجه أخر و هو انّ المراد باشتراط سقوطه

ص:30

بعد ثبوته انا ما تنبيه ما ذكر من الإشكالات انّما يجرى فيما إذا كان الشّرط في ضمن عقد البيع الخياري و امّا لو اشترط سقوطه في ضمن عقد أخر فإن كان بعد العقد قبل انقضاء المجلس انتفت الإشكالات بأجمعها لعدم توقّف لزوم الشّرط على لزوم العقد المسقط خياره حتّى يلزم الدّور و عدم منافاة الشّرط لمقتضى العقد الأخر و عدم كونه إسقاطا لما لم يجب و إن كان الاشتراط قبل العقد المشروط سقوط خياره زال الإشكال الأوّل و الثّاني بالنّسبة إليه دون الثّالث قوله طاب ثراه و يمكن ان يستأنس (- اه -) وجه الاستيناس لدفع الإشكال من هذا الوجه الثّالث ظاهر ضرورة انّه جوّز اشتراط سقوط الخيار قبل حصوله معلّلا بانّ المسلمين عند شروطهم فدلّ على انّ اشتراط سقوط الخيار ليس إسقاطا لما لم يجب أو انّه إسقاط غير قادح و المناقشة في ذلك بانّ مورد الرّواية إسقاط للخيار بعد ثبوته لا قبله لأنّ الحرّية تحصيل بمجرّد الكتابة ممنوعة لأنّ الحريّة لا تحصل الاّ بعد أداء مال الكتابة و لا يثبت الخيار لها الاّ بعد الحريّة و لذا قال على ان لا يكون لك الخيار إذا ملّكت نفسك (- اه -) و امّا الاستيناس لدفع الإشكال الثّاني بما في الخبر فلم افهم وجهه ضرورة عدم كون الشّرط في ضمن الكتابة و لا في ضمن النّكاح مع عدم منافاة الشّرط لشيء منهما نعم لو كان الإشكال مخالفة شرط سقوط الخيار لما في السّنة من كون البيعين بالخيار أمكن الاستيناس بالخبر من حيث تصحيحه للشّرط مع منافاته لما دلّ على كون المعتقة تحت عبد لها الخيار في فسخ النّكاح قوله طاب ثراه لانّ وجوب الوفاء (- اه -) قد يعلّل بانّ الالتزام بعدم الفسخ جعل عبارته الدالّة على الفسخ لاغية و هو غير بعيد فيسقط فما استند اليه (- المصنف -) (- ره -) في احتمال النّفود ضرورة كونه دعوى محضة لا دليل عليها لكن الإنصاف انّ وجوب الوفاء بالشّرط لا يقتضي أزيد من حرمة المخالفة و لا دلالة فيه على لغويّة فسخه لا مطابقة و لا تضمّنا و لا التزاما فاذا خالف الشّرط و فسخ كان عاصيا فاسقا لكن مضى فسخه و بطل البيع قوله طاب ثراه لوجوب إجباره (- اه -) ربّما ناقش في ذلك بعضهم بالمنع من وجوب إجباره عليه و فيه نظر ظاهر ضرورة انّه إذا كان الوفاء بالشّرط واجبا كان لازمه وجوب إجباره عليه مع الامتناع الاّ ان يمنع أصل وجوب الإجبار فتأمّل قوله طاب ثراه و عدم سلطنته على تركه (- اه -) ربّما نوقش فيه بأنّه ان أريد بذلك عدم السّلطنة الوضعيّة فهو أوّل الدّعوى و ان أريد عدم السّلطنة التكليفيّة فلا يجدي و يمكن الجواب تارة باختيار الشقّ الأوّل و إثبات الدّعوى بانّ الالتزام بعد الفسخ التزام بعدم تأثير لفظه و إنتاجه غير بعيد و اخرى باختيار الشق الثّاني مع دعوى كون ثمرة عدم السّلطنة التكليفيّة هي جواز إجباره على ذلك فتأمّل قوله طاب ثراه كما لو باع منذور التصدّق (- اه -) قد يورد عليه تارة بالمنع من بطلان البيع و اخرى بإبداء الفرق بينه و بين المقام بإمكان كون بطلان البيع هناك من جهة حدوث حق للفقير في العين المنذورة نظير حقّ الرّهانة فيكون هو المانع من تأثير البيع الاّ ان يجاب بجريان نظيره في المقام لحدوث حقّ للمشروط له في خيار المشروط عليه بمنعه عن العمل بمقتضاه كما قيل قوله طاب ثراه و الاحتمال الأوّل أوفق (- اه -) فيه ما عرفت من انّ دليل وجوب الوفاء بالشّرط لا يقتضي أزيد من حرمة المخالفة و لا دلالة فيه على لغويّة فسخه بشيء من الدّلالات الثّلث فالحقّ انّه لو فسخ عصى و لكن مضى فسخه لعمومات خيار المجلس بعد عدم المانع لانّ المانع منه حقيقة و تخيّلا شيء من أمور أحدها إسقاطه أو اشتراط سقوطه و الفرض عدمهما لانّ اشتراط عدم الفسخ غير اشتراط سقوط الخيار ثانيها انّ الالتزام بعدم الفسخ جعل عبارته الدّالة على الفسخ لاغية و فيه منع ظاهر لعدم الدّليل عليه بوجه حتّى يرفع اليد عن أصالة اعتبار لفظ البالغ العاقل المختار ثالثها ما في المتن من استلزام وجوب الوفاء بالشّرط عدم سلطنته على الفسخ بمعنى تمليكه سلطنته على الفسخ من المشروط له فلا تبقى له سلطنة على الفسخ حتّى يؤثر فسخه لأنّ تأثير الفسخ فرع سلطنته على الفسخ و الجواب عن ذلك ما قيل من انّ اشتراط عدم الفسخ التزام بعدم الفسخ و ليس تمليكا لنفس السّلطنة على الفسخ حتّى لا يبقى له السّلطنة المتفرّع عليها تأثير الفسخ رابعها ما في المتن من دلالة وجوب الوفاء بالشّرط على وجوب ترتيب آثار الشّرط و هو عدم الفسخ في جميع الأحوال حتّى بعد الفسخ و هذا الوجه يشبه الوجه الثّاني و فيه منع سقوط لفظه عن الأثر و انّ مقتضى عموم الشّروط هنا انّما هو عدم الفسخ لا ترتيب آثار عدم الفسخ ففسخه لا يؤثر إلا عصيانه بمخالفة ما وجب عليه من ترك الفسخ خامسها ما في المستند من انّ الفسخ منهيّ عنه و النّهى يقتضي الفساد و فيه منع اقتضاء النّهي في المعاملة الفساد إلاّ إذا فهم الإرشاد إلى الفساد من النّهى و ذلك في النّهي الحاصل بملازمة وجوب الوفاء بالشرط غير معقول مضافا الى انّ النّهى متوجّه إلى أمر خارج عن المعاملة سادسها انّ الشّرط قد أحدث حقّا للمشروط له في خيار المشروط عليه يمنعه عن العمل بمقتضى خياره كمنع حقّ الرّهانة من بيع العين و فيه منع حدوث هذا الحقّ في الخيار بل هو حقّ للمشروط له على المشروط عليه نفسه فاذا خالف عصى و مضى الفسخ فتدبّر قوله طاب ثراه و الأقوى عدم التأثير قلت الأقوى هنا (- أيضا -) التّأثير نحو ما مرّ بل الأمر هنا أظهر ضرورة انّ عمدة مستند (- المصنف -) (- ره -) في اختيار عدم التّأثير فيما تقدّم هي دعوى دلالة عموم وجوب الوفاء بالشّرط على لزوم ترتيب آثار الشّرط و هو عدم الفسخ في جميع الأحوال حتّى بعد الفسخ و ذلك ان تمَّ هناك لم يكن ليجري مثله هنا فيحكّم عموم دليل خيار المجلس في تصحيح الفسخ ان فسخ و ان عصى بترك الإسقاط المشروط عليه قوله طاب ثراه و هل للمشروط له الفسخ (- اه -) قد يخطر بالبال في بادي الأنظار انّ هذا الفرع ممّا لا ثمرة فقهيّة له لانّ المشروط له مسلّط على الفسخ على كلّ حال امّا لتخلّف المشروط عليه في الشرط أو لخيار المجلس و بعبارة أخرى لو لم يثبت له خيار تخلّف الشّرط فلا أقلّ من تسلّطه على الفسخ بسبب الخيار الثابت له في المجلس لكن التأمّل يقضي بخلاف ذلك لظهور الثمرة فيما لو شرط كلّ منهما على الأخر إسقاط الخيار فأسقط أحدهما و لم يسقط الأخر فهل يثبت لمن عمل بالشرط الخيار بسبب امتناع الآخر أم لا و تظهر (- أيضا -) فيما بعد الافتراق من مجلس البيع فيكون للمشروط له الفسخ حتّى بعد مفارقة المجلس بسبب إهمال المشروط عليه بالشّرط كما لا يخفى على المتأمّل قوله طاب ثراه و من انّ المقصود منه إبقاء العقد (- اه -) أورد عليه بعض من تأخّر عنه بمنع كون المقصود من اشتراط إسقاط الخيار إبقاء العقد محضا مطلقا بل إبقائه لازما غير متزلزل من جانب المشروط عليه و (- أيضا -) فالشّرط انّما هو الإسقاط و الفرض عدم حصوله لا مجرّد عدم الفسخ حتّى لا يحصل التخلّف الاّ بالفسخ فالأقوى ثبوت الخيار للمشروط له لا يقال انّ للمشروط له الفسخ بخيار المجلس لأنّا نقول نعم و لكن لا مانع من ثبوت الفسخ له من جهتين من جهة تخلّف الشّرط و من جهة المجلس و تظهر الثّمرة فيما لو أسقط خيار المجلس و فيما لو فارقه

ص:31

فانّ له الفسخ بناء على ثبوت خيار الشّرط بخلافه بناء على عدم الثّبوت ثمَّ على المختار ففي وقت صدق التخلّف و حصول الخيار وجهان و الأظهر ادارة الأمر مدار ظاهر شرطهما فان كان ظاهر كلامهما الإسقاط بعد العقد بلا فصل حصل التخلّف بمحض مضىّ زمان يمكن فيه الفسخ بعد العقد و ان لم يظهر من كلامهما ذلك لم يحصل التخلّف الاّ بافتراقهما الموجب لزوال موضوع خيار المجلس المشروط إسقاطه فتدبّر قوله طاب ثراه و الأولى بناء على القول (- اه -) ربّما أورد عليه بعضهم بأنّ تأثير الفسخ و عدمه لا مدخل له في صدق التخلّف بعد كون المفروض انّه لو لم يسقط يبقى الخيار المشروط إسقاطه و الفرض كونه بحيث لا يمكن اعادته و لو بإسقاط حقّ الشّرط ثمَّ قال و الحاصل انّه إذا قلنا ببقاء الخيار قبل الإسقاط فلا وجه لعدم صدق التخلّف سواء قلنا بتأثير الفسخ أم لا و (- ح -) فلا بدّ من الحكم بالخيار المشروط له و ان قلنا بعدم بقاء الخيار فلا معنى للإسقاط و لا لاشتراطه فرعان الأوّل انّ المشروط عليه إسقاط الخيار لو مات قبل إسقاطه فانتقل الخيار الى وارثه ففي وجوب الإسقاط على الوارث وجهان استظهر بعضهم العدم نظرا الى عدم كونه مشروطا عليه فله الفسخ (- ح -) و يؤثّر فسخه و ان قلنا بعدم تأثير فسخ المورّث لانّ المانع منه هو وجوب الوفاء بالشّرط و المفروض عدمه في حقّ الوارث فعلى هذا يكون للمشروط له خيار تخلّف الشّرط ما لم يفسخ الوارث هذا كلام ذلك البعض و هو من غرائب الكلام ضرورة أنّ قيام الوارث مقام المورث الموجب لانتقال الخيار إليه يقتضي وجوب الإسقاط عليه كوجوبه على المورث و بعبارة أخرى لا ينتقل الى الوارث الاّ ما كان للمورث فاذا كان المملوك للمورث العقد المشروط في ضمن عقده إسقاط خيار المجلس لم يعقل انتقال المال المذكور الى الوارث من دون القيد المذكور و (- أيضا -) فالوارث قائم مقام المورث فله ماله و عليه ما عليه فلزوم الإسقاط على الوارث (- أيضا -) في الفرض ممّا لا ينبغي الارتياب فيه الثّاني انّ شرط سقوط خيار المجلس قد يكون لتمامه و قد يكون للبعض لمبدئه أو لاخره أو وسطه مع ضبط المدّة كما إذا علما بمكثهما في مجلس العقد زمانا معيّنا و (- ح -) فقد يكون جواز بعد اللّزوم في المجلس كما إذا شرط العالمان ببقائهما في مكانهما إلى أربع ساعات سقوط خيار المجلس في السّاعتين الأوليين و عدم السّقوط في السّاعتين الأخيرتين و قد يكون لزوم بعد جواز كما لو شرطا في المثال سقوط الخيار في السّاعتين الأخيرتين فحسب و قد يكون جواز بين لزومين كما لو شرطا في المثال السّقوط في السّاعة الأولى و السّاعة الرّابعة و بقائه في السّاعتين المتوسّطتين و إذ قد عرفت ذلك نقول هل يجوز جميع ما ذكر من صور الإسقاط أم يختصّ الجواز بما إذا شرطا سقوط الكلّ وجهان من انّه حقّ ثابت في جميع اجزاء الزّمان و لا مانع من إسقاط بعض و إبقاء بعض و الأصل عدم المانعيّة و عموم وجوب الوفاء بالشّرط سالم و لصاحب الحقّ التصرّف في حقّه كيف شاء و أراد فإن النّاس كما انّهم مسلّطون على أموالهم فكذا هم مسلّطون على حقوقهم فلهم الجري فيها على مقتضى مشيّتهم و على وفق مقاصدهم و من انّه حقّ بسيط لا يقبل التبعيض و الأولى على فرض منع البساطة هو التّفصيل بين ما لو كان بعض الزّمان المسقط فيه الخيار من أوائل زمان الخيار اعنى الزّمان المتّصل بالعقد و بين ما لو كان البعض الأخير من الزّمان بالجزم بعدم جواز الأوّل لعدم معقوليّة عروض الجواز بعد اللّزوم عن الجواز و هو أمر معقول الاّ ان يقال انّ عروض الجواز بعد اللّزوم انّما لا يصحّ من غير سبب و امّا مع وجود سبب له فلا مانع منه فتأمّل جيّدا و مثل الكلام في إسقاط الخيار في بعض الزّمان إسقاطه بالنّسبة الى بعض المبيع دون بعض فانّ ذلك يتفرّع على انّ الفسخ هل هو قابل لان يتبعّض أم لا فعلى الأوّل يصحّ و على الثّاني يمنع و المسئلة محلّ اشكال لعدم دليل معتمد على شيء من الوجهين و ان اقتضى الأصل عدم التبعّض و يساعده الاعتبار عجّل اللّه تعالى فرج مظهر الحقّ و جعلني من المكاره فداه أمين يا إله طه و يس قوله طاب ثراه لعدم الدّليل على وجوب الوفاء به (- اه -) عمدة دليل هذا القول هو الأصل و إطلاقات الخيار و عموم بعض أدلّته و ما في العبارة متمّم للأصل و الإطلاق دافع لمعارضة أدلّة الشّروط إيّاه قوله طاب ثراه لانّ المتبادر (- اه -) قد يزاد على ذلك دعوى القطع بعدم ارادته من قوله عليه السّلام المؤمنون عند شروطهم حتّى لو فرض صدق الشّرط عليه عرفا و لغة نظرا الى انّ المراد بالخبر وجوب الوفاء بما يلتزمونه بالملزم الشّرعي و الاّ لوجب الوفاء بكلّ كلام يقع بينهم من الوعد و غيره و هو معلوم البطلان أشار الى ذلك في الجواهر و فيه نظر لانّ قيام دليل على خروج قسم من الشّرط عن إطلاق الوفاء بالشّرط لا يقتضي خروج غيره بل يكون المحكّم (- ح -) أصالة الإطلاق بالنّسبة الى غير المخرج كما لا يخفى لكن منع صدق الشّرط عليه كما في المتن لا بأس و امّا اخبار الشروط في النّكاح قبل العقد فلا عامل بها على ظاهرها كي يتمسّك هنا بفحويها فتأمّل سيّدنا في الرّياض نظرا الى تلك الأخبار لا وجه له قوله طاب ثراه و عن الشّيخ و القاضي (- اه -) هذا هو القول الثّاني في المسئلة و مستنده عموم الشّروط و قد عرفت ما فيه و ربّما ذكر بعض أواخر الفقهاء (- رض -) في المسئلة قولا ثالثا هو التّفصيل بين ما لو بنيا العقد على ذلك الشّرط فيصحّ و يلزم الشّرط و بين غيره فلا يصحّ و في عدّ ذلك قولا ثالثا في المسئلة نظر ظاهر إذ لا أظنّ إنكار القائلين بعدم صحّة الشّرط المتقدّم على العقد لهذا النّحو لكون المذكور قبل العقد الموقع عليه من الشّرط في ضمن العقد فيشمله عموم وجوب الوفاء بالشرط قطعا فتدبّر قوله طاب ثراه نعم يحتمل ان يريد الصّورة الأولى (- اه -) استدراك من قوله فهذا هو ظاهر كلام الشيخ (- ره -) يعنى يحتمل ان يريد الشّيخ (- ره -) الصّورة الأولى و قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ المعيّن من الشقّين اللّذين احتملهما في كلام العلاّمة (- ره -) هو الأوّل و ما أورده عليه من انّ هذا من المذكور في متن العقد مدفوع بأنّه و ان صدق عليه المذكور في متن العقد بناء على تعميمه بالنّسبة إلى المذكور بالتّفصيل و المذكور بالإجمال الاّ أنّ العلاّمة أراد بالواقع في متن العقد الشّرط الواقع بعينه و حقيقته تفصيلا في متن العقد و أراد بما استدركه بقوله نعم لو شرطا قبل العقد و تبايعا على ذلك الشّرط ما أشير بعنوان إجمالي إلى الشّرط المذكور قبل العقد تفصيلا و هذا التّفسير الّذي ذكرناه هو مقتضى الواقع من مراد العلاّمة (- ره -) و إن كان لازمه عدم توجّه إيراده (- ره -) على الشّيخ (- ره -) من محتملي كلامه المذكور في كلام المصنّف (- ره -) قوله طاب ثراه لانّه لا يلزم بنفس اشتراطه السّابق (- اه -) ربّما استشكل بعضهم في صحّة شرط عدم الخيار السّابق على العقد حتّى على القول بصحّة الشّروط الابتدائيّة بانّ صحّة العقد المطلق علّة تامّة لخيار المجلس فاشتراط عدم خيار المجلس قبل العقد مسقط لأثر العلّة التامّة و هذا بخلاف ما إذا وقع مشروطا بعدم الخيار فانّ العقد يخرج من إطلاقه بذلك و حاصل غرضه انّ شرط سقوط الخيار قبل العقد مناف

ص:32

لمقتضى العقد المطلق و كلّ شرط نافى مقتضى العقد فهو فاسد ثمَّ انّه أورد على نفسه سؤالا هو انا نستكشف بدليل الشّرط (- أيضا -) انّ البيع المطلق مقتضى و ليس بعلّة تامّة ثمَّ أجاب بعدم قابليّة دليل الشّرط لإثبات ذلك من حيث انّه لا يحدث بسببه خصوصيّة موجبة لطروّ عنوان أخر عليه فيحكم بحكم أخر لا يقتضيه بنفسه بل يقتضي نقيضه أو ضدّه و لا ينفع كون الشّرط خارج العقد في تصحيحه لأنّ علّة بطلان الشّرط المنافي لمقتضى العقد آتية في مثله (- أيضا -) ثمَّ انه استشكل بمخالفة الشّرط المذكور للسنّة النّاطقة باستعقاب البيع المطلق الخيار و كلّ شرط خالف السّنة فهو فاسد و أقول انّ ما ذكره انّما يتّجه بناء على كون البيع المطلق علّة تامّة للخيار و ذلك غير مسلم بل الثابت انّما هو كونه مقتضيا فتأمّل قوله طاب ثراه لانّ المتحقّق في السّابق امّا وعد بالتزام أو التزام تبرّعي (- اه -) هذا التّرديد لا وجه له لعدم كونه من الوعد في شيء بل هو التزام تبرّعي فيبنى على انّ الالتزام التبرّعي هل ينفذ أم لا بل يمكن منع كونه التزاما تبرّعيا (- أيضا -) بل هو التزام في ضمن التزام كما بنى عليه سيّدنا في مفتاح الكرامة حيث قال انّ الشّرط يعتبر إذا كان ملفوظا به قبل العقد و لا عبرة بالقصد ان لم يكن ملفوظا لقول النّحاة و بعض الفقهاء انّ المقدّر كالمذكور و مرادهم بالمقدّر المقدّر الصّناعي النّحوي و هو ما قضت به الصّناعة إمّا لتقدّم ذكره أو لقرينة حاليّة تشبه تقدّم الذكر كقولك للصّياد الغزال الغزال و كذا ما دلّ عليه اللّفظ كحذف المبتدإ أو الخبر أو حذف متعلّقات كلّ واحد منهما و كلام الشّيخ (- ره -) من هذا القبيل إذا بنى العقد على الشّرط كان يقول له أ تبيعني بشرط كذا فيقول له نعم و يوقع الصّيغة في الحال من دون ان يتقدّم العهد فكان كلام الشّيخ (- ره -) موافقا للقاعدة و لعموم الأمر بالوفاء بالعقود مع احتمال اختصاص النّص المثبت للخيار بحكم التّبادر بغير محلّ الفرض انتهى قوله طاب ثراه و ان وقع مبنيّا عليه لا يلزمه (- اه -) أشار بذلك الى ردّ ما سمعته من سيّدنا في مفتاح الكرامة و حاصل الردّ انّ التّقدير الّذي هو كالمذكور انّما يتصوّر فيما هو من ضروريّات العقد الّتي؟؟؟ يمكن جعل العقد دالاّ عليها و إنشائه إنشاء لها كالعوضين و قيودهما و هذا بخلاف الشّروط فإنّها خارجة عن ماهيّة العقد و ضروريّاته فلا يمكن ارادتها من العقد بدون ذكر قرينة لفظيّة دالّة عليها و يمكن المناقشة فيما ذكره بأنّه كما انّ العوضين و قيودهما ممّا يدلّ عليه العقد بالدّلالة الالتزاميّة فكذا في صورة تقييد الإنشاء بالشّرط الملفوظ قبل العقد المنويّ حال الإنشاء يدلّ العقد بضميمة القرائن على الشّرط فكما انّ عدم حصول العقد من دون العوضين يوجب دلالة لفظ العقد التزاما على العوضين و قيودهما فكذا الذكر قبل العقد و تقييد قصد الإنشاء به يوجب دلالة لفظ العقد عليه و لعلّه الى ما ذكرنا أشار بعض مشايخ العصر (- قدّه -) بقوله معترضا على الماتن (- ره -) انّ محلّ النّزاع ما إذا قيّد إنشائه للبيع بالشّرط السّابق و انّما لم يعده اعتمادا على سبقه عليه فكأنّه قد حذف الحال أو المصدر و صفته اعتمادا على القرينة كقيود العوضين الّتي لم تذكر في العقد اعتمادا عليها و الفرق بينهما عرفا و لغة لا يخلو من تحكّم و احتمال اعتبار التّصريح بالشّرط كأصل العقد لأصالة عدم ترتّب الأثر على المحذوف و نحوه مدفوع بالعمومات الّتي لا يصغى الى منع شمولها لذلك لا لغة و لا شرعا و لا عرفا و ان أمكن منع شمولها لما لم يبن عليه العقد أصلا و رأسا انتهى فتأمّل

فرع

قوله طاب ثراه و هو ما إذا نذر المولى ان يعتق عبده إذا باعه (- اه -) قد يناقش في قصر الفرض على ما إذا علّق النّذر على البيع بعدم اختصاص الحكم به و جريانه فيما لو نذر عتقه من دون تعليق على البيع فإنّه يجوز له ان يبيعه ببيع الخيار لعدم منافاته لنذره و لا يجوز له البيع بشرط عدم الخيار لمنافاته لنذره و كما يحصل الحنث فيما لو لم يشترط سقوط الخيار و لم يفسخ الى ان انقضى زمان الخيار في الصّورة الّتي فرضها فكذا يحصل الحنث بذلك في صورة عدم تعليق العتق المنذور على البيع فالتقييد بقوله إذا باعه لم يفهم وجهه هذا مضافا الى انّ ذكر هذا الفرع هنا ممّا لا وجه له لانّ اشتراط سقوط خيار المجلس فيه ممّا لا ينبغي الإشكال فيه لأنّ المنافي للنّذر انّما هو لزوم البيع و الجواز هنا باق بعد إسقاط خيار المجلس (- أيضا -) الى ثلثة أيّام بسبب كون المبيع حيوانا فلا تذهل قوله طاب ثراه لم يصحّ البيع (- اه -) ينبغي تقييد الفرض بما إذا لم يمكن عادة استرداد العين بإقالة أو شراء أو استيهاب أو نحو ذلك و الاّ لم يتحقّق المنافاة للنّذر المانعة من صحّة البيع قوله طاب ثراه و على قول بعض علمائنا من صحّة البيع مع بطلان الشّرط بلغو الشّرط و يصحّ (- اه -) اى يصحّ البيع و لازم هذا القائل من جهة صحّة النّذر ان يوجب على النّاذر بعد البيع شراء ذلك العبد من باب تحصيل مقدّمة العتق الّذي هو الملك نبّه على ذلك الشّيخ الوالد أنار اللّه برهانه

مسألة و من مسقطات خيار المجلس إسقاط هذا الخيار بعد العقد

قوله طاب ثراه و لا خلاف ظاهرا في سقوطه بالإسقاط (- اه -) قد نفى الخلاف فيه جمع و ادّعى الإجماع عليه اخرون قال في الكفاية لا اعلم خلافا بينهم في انّه يسقط بإيجابهما العقد و إلزامهما و إسقاط الخيار و لو أوجبه أحدهما خاصّة سقط خياره خاصّة انتهى و في الجواهر انّ السّقوط بذلك ممّا لا خلاف فيه و في الغنية عند تعداد المسقطات ما لفظه الثّاني ان يقول أحدهما لصاحبه في المجلس اختر فيختار إمضاء العقد يدلّ على ذلك إجماع الطائفة انتهى و في (- كرة -) بعد عدّ مسقطات خيار المجلس أربعة اشتراط سقوطه في متن العقد و الافتراق و التّخاير و التصرّف ما نصّه و امّا الثالث فإنّه يقطع خيار المجلس إجماعا و صورته ان يقولا تخايرنا و اخترنا إمضاء العقد أو أمضيناه أو اخترناه أو التزمنا به و ما أشبه ذلك فإنّه يدلّ على الرّضا بلزوم البيع انتهى و ادّعى كاشف الظّلام و فاضل المستند و بعض مشايخ العصر في هدايته تحصيل الإجماع عليه لكن تأمّل في الحكم المحدّث البحراني (- ره -) لعدم النصّ قال بعد عدّ إيجابهما من جملة المسقطات و حكاية نقل العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) الإجماع عليه ما نصّه و لقائل أن يقول انّه حيث لا نصّ على ما ذكروه هنا و قد عرفت انّ مقتضى العقد اللّزوم كما تقدّم ذكره في صدر البحث و هذا الكلام من قولهما اخترنا أو أمضينا لا يدلّ على أزيد ممّا دلّ عليه العقد بمقتضاه و إن كان ذلك مؤكّدا لما دلّ عليه العقد من اللّزوم و الرّوايات دلّت على انّهما بعد هذا العقد مؤكّدا أو خاليا من التّأكيد لهما الخيار و ان قالا ما قالاه من هذه الألفاظ الاّ ان يفترقا فيصدق هنا انّ لهما الخيار و ان قالا ما قالوه من هذه الألفاظ الاّ ان يقال انّ هذه الألفاظ في قوّة اشتراط سقوط الخيار فيرجع الى الأوّل و بالجملة فإنّ باب المناقشة غير مسدودة فيما ذكروه هنا انتهى و حاصله التمسّك بإطلاق ما دلّ على بقاء الخيار الى ان يفترقا و أنت خبير بتقييد الإطلاق بما دلّ على انّ لكلّ ذي حقّ إسقاط حقّه لا بإلحاقه باشتراط السّقوط في ضمن العقد كي يطالب بالدّليل على الإلحاق قوله طاب ثراه فحوى ما سيجيء من النّص الدالّ (- اه -) قد تمسّك (- المصنف -) (- ره -) لسقوط الخيار بإسقاطه بعد العقد بوجوه و هذا أحدها و الوجه في الأولويّة ظاهر ضرورة انّه إذا كان التصرّف مسقطا

ص:33

لكونه فعلا كاشفا عن الرضا فإسقاط التّصريح بالإسقاط بطريق اولى و ربّما تمسّكوا للمطلوب بوجوه أخر فمنها ما في المصابيح من انّ فسخ اللاّزم بالتّقايل يقتضي لزوم الجائز بالتّخاير و نوقش فيه بمنع الملازمة فتأمّل و منها ما في المصابيح (- أيضا -) من انّ الخيار يسقط بالافتراق لدلالته على الرّضا و التّخاير صريح في ذلك و فيه انّ السّقوط بالافتراق تعبّدي و لم يعلم كونه للدّلالة على الرّضا و منها ما في هداية بعض مشايخ العصر (- قدّه -) من فحوى ما ورد في خيار الحيوان من سقوطه بالإسقاط و فيه انّ الفحوى ممنوعة و مع المساواة قياس و منها ما في خيارات الفقيه الغرويّ (- قدّه -) من أصالة اللّزوم خرج من ذلك صورة عدم التخاير بالنصّ و الإجماع فيبقى الفرض تحتها و فيه انّ إطلاق نصوص الخيار و استصحابه محكمان على أصالة اللّزوم فلا وجه للتعلّق بها قوله طاب ثراه و لعلّه لفحوى تسلّط النّاس (- اه -) يمكن المناقشة في ذلك بمنع الفحوى بل علقة الملك أقوى من علقة الحقّ و ثبوت حكم للاقوى لا يستلزم ثبوته للأضعف فالمساواة فضلا عن الفحوى ممنوعة و لو سلّمت المساواة فهي غير مجدية قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الظّاهر سقوط الخيار بكلّ لفظ يدلّ عليه (- اه -) فلا يشترط فيه ما يشترط في صيغ العقود و الإيقاعات من العربيّة و الاعراب و نحو ذلك و لا كونه من الحقائق لأصالة عدم اشتراط ذلك كلّه على فرض الشكّ في الاشتراط مع انّ الشّكّ فيه (- أيضا -) لا سبب له بعد وضوح عدم كونه من العقود المبنيّة على النّقل و الانتقال فالاستشكال في عدم اعتبار الشّرائط نظرا الى استصحاب عدم سقوط الحقّ الاّ بالمتيقّن و الى ظاهر إجماع الأصحاب من اعتبار الصّراحة و غيرها في الإيقاعات اللاّزمة كالطّلاق و نحوه كما تعتبر في العقود كما صدر من الفقيه الغرويّ الشّيخ على (- ره -) في شرحه على خيارات اللّمعة لا وجه له لأنّ أصالة عدم اشتراط الأمور المذكورة حاكمة على استصحاب الخيار لكون تلك سببيّته و هذا مسبّبيا و الأوّل مقدّم على الثّاني و الإجماع على نحو يشمل الفرض ممنوع و لا حاجة لنا إلى التفصي عن أصالة عدم سقوط الحقّ بالإجماع أو باعتبار الاتّفاق على السّقوط بالفعل صريحه و ظاهره في المقام و القول اولى منه كما صدر منه (- ره -) قوله طاب ثراه و فحوى ما دلّ على كفاية بعض الأفعال (- اه -) قد ناقش في ذلك الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه بأنّه (- ره -) قد استظهر في باب الإجازة و الردّ كفاية الفعل الكاشف عن الرّضا بالعقد عرفا بحسب القاعدة و هو كون المناط هو الرّضا المعلوم للمشتري من الفضولي بما يدلّ عليه من قول أو فعل و ذلك المناط إن كان معتبرا فهو بعينه جار هاهنا و ليس الفعل الكاشف عن الرّضا منصوصا عليه هناك بخصوصه حتّى يقال انّه إذا كفى في العقد الصّادر من الغير كفى في العقد الواقع منه بنفسه بطريق اولى فالحاصل انّ الاستدلال بالفحوى يتوقّف على وجود أصل و فرع و لا أصالة و لا فرعيّة فيما نحن فيه بل وجود المناط فيهما على السويّة

مسألة لو قال أحدهما لصاحبه اختر فإن اختار المأمور الفسخ فلا إشكال في انفساخ العقد

قوله طاب ثراه فلا إشكال في انفساخ العقد (- اه -) الوجه في عدم الإشكال انّ العقد الخياري ينفسخ بفسخ احد الطّرفين من دون أمر الأخر فمع أمر الأخر بإعمال الخيار و إيكاله الأمر إليه فبالطّريق الأولى قوله طاب ثراه ففي سقوط خيار الأمر (- أيضا -) مطلقا (- اه -) لا يخفى عليك عدم خلوّ العبارة من سقط لانّ قوله ففي سقوط خبر مقدّم و المبتدإ المؤخّر و هو قوله وجوه أو قوله أقوال ساقط من قلمه الشّريف و يحتمل ان يكون أسقطه لوضوحه و الأمر سهل ثمَّ انّ منشأ الوجوه الثلاثة من انّ حقّ الممضى قد سقط بإسقاطه بنفسه و حقّ الأمر قد سقط بإسقاط وكيله و هو صاحبه المأمور بالإمضاء و من انّ الأمر بالاختيار أعمّ من التّوكيل و (- ح -) فإن أراد تمليك الخيار سقط حقّه بإنفاذ المأمور و الاّ فلا و من انّ التفويض توكيل فيكون كالتمليك في إيجاب إسقاط المأمور سقوط حقّه فالوجه الثّالث أوجه قوله طاب ثراه فخيارات السّاكت باق إجماعا (- اه -) قد ادّعى الإجماع في الرّياض و المصابيح و الجواهر و خيارات الفقيه الغرويّ و غيرها (- أيضا -) و جزم بعدم الخلاف فيه في (- ئق -) و في (- مع صد -) انّه لا بحث فيه و الوجه فيه استصحاب خياره بعد أعميّة السّكوت من الرّضا قوله طاب ثراه أقوال (- اه -) قد اختار القول الأول في (- ط -) و (- ف -) و الشّرائع و (- لف -) و (- عد -) و (- ير -) و الإيضاح و (- س -) و غاية المرام و تلخيص الخلاف و كنز الفوائد و (- لك -) و (- الروضه -) و (- مع صد -) و الميسيّة و الرّياض و (- ئق -) و غيرها على ما حكى بل في مفتاح الكرامة انّه المشهور المعروف و القول الثاني هو خيرة (- كرة -) و الثالث هو المنسوب في في (- مع صد -) و (- لك -) الى الشّيخ (- ره -) و ان استغرب ذلك في المصابيح نظرا الى تصريحه في (- ط -) و (- ف -) بخلافه و تبعه في الاستغراب سيّدنا في مفتاح الكرامة و لا يخفى ما فيه لانّ ما ذكر (- اه -) بعد كثرة كتب الشيخ (- ره -) و تعدّد فتاواه من قبيل إنكار غير المطّلع على المطّلع و هو كما ترى و كيف كان فحجّة الأوّل استصحاب الخيار بعد عدم دلالة الأمر بالتخيّر على الالتزام و لا على تمليك الخيار مضافا الى إطلاق النصّ و لعلّه الى الاستصحاب يرجع ما في (- ف -) من قوله إذا قال احد المتبايعين لصاحبه في المجلس بعد العقد اختر فان اختار إمضاء العقد انقطع بينهما الخيار و ان سكت أو لم يختر كان بالخيار كما كان الى ان قال دليلنا أنّا أجمعنا على انّ لهما الخيار قبل هذا القول فمن ادّعى انّ خيار أحدهما قد زال فعليه الدّلالة انتهى و حجّة الثاني لعلّها دعوى ظهور الأمر بالتخيير في تمليك الخيار من صاحبه فيسقط خياره بنفس الأمر و فيه منع الظهور مطلقا و حجّة الثّالث انّ الأمر بالتّخيير يحتمل التمليك لكن احتمالا غير واصل الى حدّ الظّهور كي يؤخذ به على الإطلاق فيتوقّف على قصده فان قصد التّمليك سقط و الاّ فلا و في المصابيح انّ الحقّ انّ قول القائل اختر يحتمل التّمليك و التّفويض و الاستكشاف فان قصد الأوّل سقط خياره و ان سكت الأخر أو الأخير لم يسقط و ان امضى و ان قصد التفويض سقط مع الإمضاء دون السّكوت و الظّاهر من التّخيير الأخير و لذا فرّقوا بين السّكوت و الإمضاء انتهى و يقرب من ذلك ما ذكره المصنّف (- ره -) بقوله الأولى ان يقال (- اه -) قوله طاب ثراه كما يظهر من باب الطّلاق (- اه -) قال الشّيخ العلاّمة الوالد قدّس اللّه تربته الزكيّة انّ الظّاهر انّه أشار بذلك الى الأخبار المذكورة في ذلك الباب كخبر عيسى بن القاسم عن ابى عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه قال سالته عن رجل خيّر امرئته فاختارت نفسها بانت منه قال لا انّما هذا شيء كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خاصّة أمر بذلك ففعل و لو اخترن أنفسهنّ لطلّقهن و هو قول اللّه (- تعالى -) عزّ و جل قُلْ لِأَزْواجِكَ الى أخرها قال في الجواهر بعد ذكره و هو ظاهر في الاحتياج الى الطّلاق بعد الاختيار و عن بعض النّسخ لطلّقن و (- ح -) يكون وجه اختصاصه واضحا امّا على الأوّل الموافق لظاهر استدلاله بالآية يكون اختصاصه بوجوب الطّلاق عليه لو اخترن أنفسهنّ انتهى قلت يظهر من الخبر بناء على النّسخة الأولى انّ التّخيير يفيد تمليك أمر الطّلاق و على الثّانية يفيد تمليك أمر المرية و معلوم انّ اختصاص التّخيير به (- ص -) من قبيل الأحكام فيكون فرع دلالة لفظ

ص:34

على تمليك الأمر و كخبر زرارة سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول انّ اللّه تعالى أنف لرسوله من مقالة قالتها بعض نسائه فأنزل الله تبارك و (- تع -) أية التخيير فاعتزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تسعا و عشرين ليلة في مشربة أمّ إبراهيم ثمَّ دعاهنّ فاخترنه فلم يك شيئا و لو اخترن أنفسهنّ كانت واحدة بائنة قال و سئلته عن مقالة المرية ما هي فقال انّها قالت يرى محمد صلّى اللّه عليه و آله انّه لو طلّقنا لا يأتينا الأكفاء من قومنا يتزوّجونا و المراد ان اللّه تعالى أنف له صلّى اللّه عليه و آله فخصّه بهذا التخيير فافهم قوله طاب ثراه و عليه يحمل (- اه -) يعنى على إسقاط الأمر خياره يحمل (- اه -) قوله طاب ثراه ما ورد في ذيل بعض اخبار خيار المجلس (- اه -) لم نعثر عليه فيما بأيدينا من أخبارنا الاّ ان يريد ما في محكي روايات العامّة من ذلك

مسألة و من مسقطات خيار المجلس افتراق المتبايعين

قوله طاب ثراه و لا إشكال في سقوط الخيار به (- اه -) قد نفى العلم بالخلاف فيه في الكفاية و جزم بعدم الخلاف فيه في (- ف -) و الرّياض و المستند و هداية الأنام و غيرها و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و (- كرة -) و المصابيح و الجواهر و هداية الأنام و غيرها و الأصل في ذلك النّصوص المستفيضة المحتمل تواترها في الجواهر فمن تلك الجملة النّبوي صلّى اللّه عليه و آله و صحاح محمّد بن مسلم و زرارة و الفضيل و الحلبي و خبري علىّ بن أسباط المزبورات عند الكلام في أصل ثبوت هذا الخيار الدالّة على السّقوط بالافتراق منطوقا في بعضها كصحيح فضيل و صحيح الحلبي و بمفهوم الغاية الّذي هو حجّة في غيرهما و منها الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن الحلبي عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّه قال انّ ابى عليه السّلام اشترى أرضا يقال لها العريض فلمّا استوجبها قام فمضى فقلت له يا ابه عجّلت القيام فقال يا بنيّ أردت أن يجب البيع و منها الصّحيح الذي رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسى عن محمّد بن ابى عمير عن أبي أيّوب الخزّاز عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول انّى ابتعت أرضا فلمّا استوجبتها قمت فمشيت خطا ثمَّ رجعت فأردت أن يجب البيع و رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن أبي أيّوب عمّن عرفت الاّ انّه قال أردت أن يجب البيع حين افترقنا و منها الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن أبي أيّوب عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول بايعت رجلا فلمّا بايعته قمت فمشيت خطا ثمَّ رجعت الى مجلسي ليجب البيع حين افترقنا و منها الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي في حديث قال و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ ابى اشترى أرضا يقال لها العريض فابتاعها من صاحبها بدنانير فقال أعطيتك ورقا بكلّ دينار عشرة دراهم فباعه بها فقام ابى فاتّبعته فقلت يا ابه لم قمت سريعا قال أردت أن يجب البيع و منها ما رواه هو (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن احمد بن الحسن عن عمر بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار بن موسى عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه في رجل اشترى جارية بثمن مسمّى ثمَّ افترقا فقال وجب البيع و ليس له ان يطأها و هي عند صاحبها الحديث بيان لعلّ المنع من وطيه لها و هي عند صاحبها انّما هو لكون إبقاء صاحبها لها عنده للاستبراء فافهم قوله طاب ثراه و لا في عدم اعتبار ظهوره (- اه -) و ذلك لإطلاق النّصوص و الفتاوى فلا فرق بين حصوله من الجاهلين أو العالمين أو المختلفين و لا بين النّاسيين للبيع أو الخيار و غيرهما و لا بين الافتراق له أو لغرض أخر قوله طاب ثراه و إن كان ظاهر بعض الأخبار (- اه -) في هذا الاستظهار تأمّل بل منع و انّما ظاهر الرّضا الرضا بأصل البيع فكأنّه قال فاذا افترقا مع رضاهما بالبيع عند إيقاعه فلا خيار لهما و على فرض الإشعار أو الظّهور فيما ذكره (- قدّه -) فلا ريب في لزوم رفع اليد عنه بعموم الجواب في خبر عمّار النّاشى من ترك الاستفصال و بتركه عليه السّلام استعلام رضا البائع بالبيع حين الافتراق فلا تذهل قوله طاب ثراه فاذا حصل الافتراق الإضافي و لو بمسماه ارتفع الخيار (- اه -) توضيح المقال في هذا المجال انّهم اختلفوا فيما به يحصل الافتراق المسقط للخيار على أقوال أحدها انّ المدار على الافتراق العرفي الإضافي خطوة كانت أو أقلّ و بعبارة أخرى المدار على مسمّى الافتراق عرفا فيصدق على ادنى الانتقال صرّح بذلك جماعة منهم العلاّمة في محكي (- ير -) و المحقّق و الشهيد الثّانيان في (- مع صد -) و (- لك -) و علاّمة المصابيح و غيرهم ثانيها انّ أقلّ ما يحصل به الافتراق خطوة صرّح بذلك جماعة قال في (- ف -) أقلّ ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا و قال الشّافعي يرجع الى العادة و قسّم أقساما انتهى و هو أي كفاية الافتراق بخطوة في إسقاط الخيار صريح (- ط -) و (- يب -) و (- صار -) و الغنية و الوسيلة و (- ئر -) و (- كرة -) و التنقيح و (- الروضه -) و مجمع البرهان و الدّروس و الجامع و غاية المرام و الميسية و غيرها بل ظاهر عبارة الغنية شمول إجماعه لذلك و هو الواقع فيما نفى في الرّياض الخلاف فيه و نفى في الجواهر الخلاف المعتدّ به فيه و ادّعى في خيارات الغرويّ الإجماع عليه و ربّما مال جمع من الأواخر إلى إرجاع هذا القول الى القول السّابق قال في المصابيح و يكتفى فيه بالمسمّى و يتحقّق بالخطوة قطعا و هي في كلامهم مثال و العبرة بمسمّى الانتقال بحيث يزيد ما بينهما من البعد على ما كان حال العقد كما صرّح به جماعة انتهى ثالثها عدم كفاية الخطوة و اعتبار الافتراق العرفي مع الجزم بعدم حصول الافتراق العرفي بخطوة و اثنتين و ثلث بل يحصل بخمس و ستّ اختاره في المستند و يقرب منه ما حكاه جمع من المشايخ الأواخر عن بعض المتأخّرين حجّة القول الأوّل انّ الافتراق في الأخبار لا يراد به الاّ طروّ الافتراق بعد العقد بحيث يريد ما بينهما من البعد لانّ الافتراق الحقيقي حاصل بينهما وقت العقد فلا يراد من الحديث الاّ الافتراق الطّارى بعده بالنّسبة إلى الهيئة الاجتماعيّة الحاصلة لهما حال العقد و إذ ليس هناك معنى شرعيّ فيصار الى الافتراق العرفي الإضافي و هو يحصل بأدنى مراتب الانتقال و حجّة الثاني هي حجّة الأوّل بضميمة عدم صدق الافتراق عرفا بأنقص من الخطوة لأنّ الغالب عدم حفظ النسبة الّتي كانت بينهما في مجلس العقد حتّى وقت صعوده على الحائط و نزوله كما أشار إليه الصّادق عليه السّلام في صحيحة منصور بن حازم بقوله في الصّرف و ان نزى حائطا فانز معه فمجرّد تقدّم البعض على البعض لا يضرّ و ان حصل به التفرّق لغة مضافا الى انّ الخيار قد ثبت بالعقد و سقوطه بالخطوة مقطوع به و بأقلّ منها مشكوك فيستصحب و حجّة القول الثّالث تظهر بنقل عبارة القائل به قال في المستند انّه نفى الخلاف عن الخطوة فإن ثبت الإجماع عليها و الاّ فسقوط الخيار بالافتراق بها و بالخطوتين مشكل لعدم تبادر مثلهما من الافتراق عرفا و عادة بل و كذا الخطوات الثلث و لا يفيد لفظ الخطأ في الصّحيح إذ لا يتعيّن فيه أقلّ الجمع لأنّه اخبار عن فعله (- ع -) فالمناط حصول الافتراق عرفا و الظّاهر حصوله بنحو من خمسة أو ستّة و ما زاد

ص:35

انتهى فاحتجّ على عدم كفاية الخطوة بعدم ظهور الصّدق بها عرفا و عادة كعدم الصّدق بالثنتين و الثلث ثمَّ تصدّى لدفع ما قد يورد عليه من انّ الأخبار المزبورة قد نصت على حصول الافتراق بالمشي خطا جمع خطوة ما بين القدمين في المشي و أقلّ الجمع ثلثة فيلزم سقوط الخيار بثلث خطوات و تقرير الجواب انّ ما ذكرته انّما كان يتمشى ان لو كان عليه السّلام أخبر بسقوط الخيار بمشي خطا فإنّه لو لا كفاية ثلثة لما كان يحكم بكفاية خطا الظّاهرة في ثلثة فما فوقها و ليس (- كك -) بل نقل لفعله (- ع -) و الفعل مجمل إذ كما يحتمل انّه مشى ثلث خطوات فكذا يحتمل انّه مشى أكثر من ذلك فبعد الإجمال يتعيّن الرّجوع الى العرف و لا يصدق الافتراق عرفا بخطوة و خطوتين و ثلث و فيه أوّلا منع عدم الصّدق عرفا لأنّا نجدهم يقولون إذا افترقا بخطوة انّه لم يفترقا في مقام التّحقيق و عدم المسامحة و عدم صحّة السّلب من علائم الحقيقة و جواز السّلب توسّعا تنزيلا للقليل منزلة المعدوم غير ضائر و الاّ فإنّهما لو تفارقا بخمس خطوات في مكان واحد يقال عرفا توسّعا و مسامحة انّهما لم يفترقا و أنتم لا تقولون به و ثانيا انّ صدق الافتراق لغة على الافتراق بخطوة ممّا لا ريب فيه و الشكّ في الصّدق عرفا كاف في المطلوب فإنّ الأصل عدم التّغيير و النّقل و دعوى انّ المتبادر من الافتراق المعتدّ به الغير الصّادق على خطوة و اثنتين و ثلث ممنوعة لمنع التبادر و بالجملة فالحق ادارة ذلك مدار العرف لانّه المرجع في الموضوعات المستنبطة بعد عدم ورود التّحديد من الشّرع فيكتفى فيه بالمسمّى عرفا و لا شكّ في صدقه على ادنى مراتب الانتقال و لا دليل على تعيين الخطوة و حكاية الإجماع محصّله و منقوله على عدم كفاية أقلّ من خطوة كما صدر من مولى مفتاح الكرامة لا حجّة فيها و أوهن من ذلك التعلّق بانّ العلماء اعرف بمداليل الألفاظ و بالعرف و العادة فتعيينهم للخطوة كاشف عن عدم صدق الافتراق عرفا بما دونها فانّ فيه أوّلا منع كشف تحديدهم عن العرف و ثانيا منع انسياق كلامهم للتّحديد الشّرعي أو العرفي بل هي في كلماتهم مثال فتدبّر ثمَّ انّ المعتبرين للخطوة أداروا ذلك مدار العرف قال الفقيه الغروي (- ره -) انّ المراد بالخطوة الخطوة المتعارفة إذ هي الّتي ينصرف إليها الإطلاق انتهى و هو بناء على التّحديد بالخطوة لا بأس به قوله طاب ثراه ثمَّ اعلم انّ الافتراق على ما عرفت من معناه يحصل بحركة أحدهما (- اه -) أقول قد أهمل الماتن (- ره -) جملة من فروع الافتراق و لا بدّ لنا من التعرّض لها الأوّل انّه قال الفاضل المقداد (- ره -) في التنقيح انّ الافتراق هنا ليس باللّفظ كما يقول أبو حنيفة بل بالأبدان و لو بخطوة و ذلك لانّه لمّا كان الاجتماع على التساوي انّما هو على الأبدان كان الافتراق بالأبدان (- أيضا -) انتهى قلت ما ذكره (- ره -) من كون المدار على الافتراق بالأبدان واضح و كفاك في ذلك الأخبار المزبورة الحاكية لفعله عليه السّلام مضافا الى عدم صدق الافتراق عرفا و لغة الأعلى الافتراق بالأبدان لكن الإشكال فيما عزاه الى ابى حنيفة فإنّه قد خالف النّبي صلّى اللّه عليه و آله في أصل ثبوت خيار المجلس فضلا عن بيان مسقطة الاّ ان يكون قال به على فرض التنزّل الثّاني انّه قال في (- كرة -) و يحصل بالتفرّق بالأبدان لا بالمجلس خاصّة لانصراف الإطلاق إليه عرفا انتهى و ما ذكره متين الاّ انّه عليه السّلام جعل المدار افتراقهما الظّاهر بل الصّريح في افتراقهما بالأبدان و لم يجعل المدار على مفارقتهما المجلس و تظهر الثمرة بين كون المدار على الافتراق بالأبدان و بين كونه بالمجلس انّه لو مضى أحدهما و الأخر باق في موضعه فعلى الأوّل يسقط خيارهما جميعا لحصول الافتراق بينهما بمضيّ أحدهما و على الثّاني لا يسقط خيارهما لعدم افتراقهما المجلس بل افتراق أحدهما و بهذا التّقريب تزيد الأخبار وضوحا في المطلوب لانّه (- ع -) اثبت اللّزوم بمجرّد مشيه عليه السّلام الثّالث انّ المراد بالافتراق هو الافتراق بتمام البدن لا أبعاضه فلو تبايعا مضطجعين أو مستلقيين أو إقدامهما متلاصقة ثمَّ قبض كلّ رجليه فحصلت فرجة عظيمة مع بقاء رأسيهما على حالهما فالخيار باق كما صرّح به الفقيه الغرويّ (- ره -) لانصراف إطلاق الافتراق الى افتراق تمام البدن الرّابع انّه لا يحصل التفرّق و الافتراق المسقط للخيار ببقائهما في المجلس و ضرب ساتر بينهما كما صرّح بذلك في (- ط -) و (- ئر -) و (- كرة -) و اللمعتين و (- لك -) و محكي (- ير -) و (- س -) و سائر ما تأخّر عنها بل في عبائر جمع من الأواخر منهم صاحب الجواهر (- ره -) ففي وجدان الخلاف فيه و في مفتاح الكرامة انّه لعلّه ممّا لا خلاف فيه عندنا و انّما نسب الخلاف الى بعض الشافعيّة انتهى و النّاسب هو العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) حيث قال لا يحصل التفرّق ببقائهما في المجلس و ضرب ساتر بينهما كستر و شبهه و يكون كما لو غمّضا عينهما و كذا لو شقّ بينهما نهر لا يتخطأ و كذا لو بنى بينهما جدار من طين أو جصّ و في الأخير للشّافعيّة وجهان أصحّهما عدم السّقوط لأنّهما في مجلس العقد انتهى و قد صرّح بعدم الفرق في الحائل بين الرّقيق كالسّتر و الغليظ كالحائط و المانع من الاجتماع كالنّهر العظيم و غيرها جمع و الأصل في المسئلة إطلاق النّصوص و الفتاوى بعد عدم صدق الافتراق على شيء من ذلك مجرّد إذ المفهوم منه تباعدهما عن الحدّ الّذي كانا عليه و امّا إسقاط بعض الشّافعيّة للخيار ببناء جدار بينهما فمبنىّ على ما يظهر من جمع منهم من ادارة الحكم مدار الافتراق عن المجلس فلو افترقا بالأبدان في مجلس واحد لم يقدح في الخيار و لو مشيا مصطحبين و فارقا المجلس سقط الخيار و على ذلك المبنىّ فالتّفريع في محلّه لصدق تعدّد المجلس ببناء حائط لا يضرب ساتر سيّما إذا كان رقيقا و ممّا يظهر منه ادارتهم الحكم مدار مجلس العقد ما حكاه في (- كرة -) عن الشّافعي من انّهما إن كانا في دار صغيرة لم يحصل التفرّق الاّ بان يخرج أحدهما من الدّار أو يصعد أحدهما إلى العلوّ و الأخر في السّفل و كذا المسجد الصّغير و السّفينة الصّغيرة لا يحصل التفرّق الاّ بالخروج منهما و إن كانا في دار كبيرة و كان أحدهما في البيت و الأخر في الصّفة حصل الافتراق أو يخرج أحدهما من البيت الى الصّحن أو يدخل من الصّحن الخامس انّ التفرّق من جهة العلوّ و الهبوط كالتفرّق من الجهات الأربع لإطلاق النصّ و صدق الافتراق عرفا السّادس انّه قال الفقيه الغرويّ (- ره -) انّه لو تكثّرت الخطأ على وجه الاستدارة فلا افتراق و أقول انّ ذلك انّما يتمّ على القول بعدم كفاية خطوة واحدة في الافتراق مع انّ مذهبه الكفاية فالفرع لا يلائم مختاره الاّ ان يريد بذلك ما إذا لم يوجب الخطاء على وجه الاستدارة زيادة الفصل بينهما عمّا كان حال العقد كما إذا كان الفاصل بينهما خمسة أذرع فاستدار في الخمسة اذرع السّابع انّه يعتبر في الافتراق المسقط للخيار صدوره في حال كون المفارق عاقلا فلو جنّ أو أغمي عليه فتفرّق لا عن شعور لم يسقط خيار المجلس للاستصحاب بعد تبادر افتراق العاقل من النصّ و هل ينقطع الخيار بنفس الجنون و الإغماء أم لا حكى الأوّل عن أحد وجهي الشّافعيّة تنزيلا لذلك منزلة الموت و فساده ظاهر لمنع الأصل أوّلا كما ستعرف (- إن شاء الله -) (- تعالى -) و وجود الفارق

ص:36

ثانيا لانّ الجنون ممكن الزّوال بخلاف الموت و (- ح -) فيكون الوليّ قائما مقامه قال في (- كرة -) لو جنّ احد المتعاقدين أو أغمي عليه قبل التفرّق لم ينقطع الخيار لكن يقوم وليّه أو الحاكم مقامه فيفعل ما فيه المصلحة من الفسخ أو الإجازة و هو أظهر وجهي الشّافعيّة و لهم وجه أخر مخرج من الموت انّه ينقطع و لو فارق المجنون مجلس العقد قال الجويني يجوز ان يقال ينقطع الخيار لانّ التصرّف انقلب الى القيّم عليه و عورض بأنّه لو كان (- كك -) لكان الجنون كالموت ثمَّ قال و لو خرس أحدهما قبل التفرّق فإن كان له اشارة مفهومة قامت مقام لفظه و ان لم تكن له اشارة مفهومة و لا حظ كان حكمه حكم المغمى عليه ينوب عنه الحاكم انتهى و لا يخفى عليك ان لازم قيام الوليّ مقامه كون المدار على تفرّقه الاّ ان يقال انّ مقتضى ما اعترفت به سابقا من عدم اعتبار القصد الى كون الافتراق لإسقاط الخيار و لا الالتفات اليه هو عدم اعتبار العقل فيكون افتراق المجنون و المغمى عليه مسقطا للخيار و لا معنى (- ح -) لقيام وليّه مقامه من هذه الجهة و ان قام مقامه من حيث الفسخ أو إسقاط الخيار بعد العقد على ما يراه صلاحا و يأتي هنا الفروع الآتية في الموت إنشاء اللّه تعالى الثّامن انّه لو مشيا و قرب أحدهما من صاحبه بمقدار بعد الأخر و قدر المساحة بينهما باق فهل يعدّ تفرّقا اشكال و استظهر الفقيه الغرويّ (- ره -) صدق الافتراق بذلك و لم افهم وجهه لأنّهما و ان فارقا موقف البيع إلاّ انّهما لم يفترقا لبقاء المساحة الّتي كانت بينهما حال البيع فالأظهر عدم سقوط الخيار لعدم صدق الافتراق بالأبدان عرفا نعم لو تباعد أحدهما عن الأخر بخطوة ثمَّ لحقه لم يمنع اللّحوق أخيرا من سقوط الخيار الحاصل بالتفرّق كما لم ينفع عوده عليه السّلام الى مجلس العقد في عود الخيار و من هنا علم انّه لا فرق في سقوط الخيار بالافتراق بين عوده اليه و عدمه و لا بين قصد العود و عدمه التاسع انّه لو تفرّقا بعد الشروع في العقد و رجعا قبل إتمامه فالظّاهر انّه لا يحكم بتحقّق التفرّق لانّ ظاهر النصّ و الفتوى كون المدار على الافتراق بعد تمام العقد العاشر انّهما لو مشيا مصطحبين لم يصدق التفرّق و لم يسقط الخيار لانّ المدار على مفارقة أحدهما الأخر لا عن المجلس قال في (- كرة -) قد عرفت انّ الحوالة في التفرّق على العادة فلو تبايعا و أقاما سنة في مجلسهما لم يتفرّقا بأبدانهما بقي الخيار و كذا لو قاما و تماشيا مصطحبين منازل كثيرة لم ينقطع الخيار لعدم تحقّق التفرّق و به قال أكثر الشّافعيّة و لباقيهم قولان غريبان أحدهما انّه لا يزيد الخيار على ثلثة أيّام لأنها نهاية الخيار المشروط شرعا و هو ممنوع و الثّاني قال بعضهم لو لم يتفرّقا لكن شرعا في أمر أخر و أعرضا عمّا يتعلّق بالعقد و طال الفصل انقطع الخيار و ليس بشيء انتهى الحادي عشر انّه قال الفقيه الغرويّ (- قدّه -) انّه لو كان البائع جماعة و المشترى واحدا و بالعكس أو كان الطّرفان و أجزنا اشتراك العاقدين في العقد الواحد كان يقول احد الوكلاء بعتك يا زيد و يقول الأخر و يا عمرو و هكذا أو يقول أحدهم بعتك الدّرهم و الأخر الدّينار فيقول المشترى قبلت و مثله تعدّد الوارث بناء على انّ المدار على تفرقته فهل يحصل التفرّق بالبعض أو بالكلّ أو كالتفرّق في باب الجماعة يناط بالصّدق العرفي أو يعطى كلّ حكمه وجوه أضعفها الأخير لعدم جواز التبعّض في الالتزام و الفسخ و مدرك الأوّلين صدق التفرّق و عدمه و لعلّ الأقوى الثّاني استصحابا لبقاء الخيار و هو الظّاهر من النصّ انتهى و أقول الأولى بناء ذلك على انّ العقد المذكور هل هو عقد واحد أو عقود متعدّدة فعلى الأوّل يبنى على تفرّق الجميع و على الثاني يجرى على كلّ حكمه لأنّه إذا وقع عقود متعددة في مجلس واحد كان لزوم كلّ منها بافتراق طرفيه و عدم جواز التبعّض في الالتزام و الفسخ انّما هو في العقد الواحد فالقول بدوران الحكم مدار تفرّق البعض مطلقا أو تفرّق الجميع مطلقا لا وجه له كما لا وجه لإطلاق استضعاف الوجه الأخير و استصحاب الخيار الّذي احتجّ به للوجه الثّاني انّما ينفع بناء على كون العقود المشتركة عقدا واحدا و الاّ لكان افتراق البعض مورثا للقطع بسقوط خياره فينتفى موضوع الاستصحاب بل لمن قصر حجيّة الاستصحاب على ما إذا لم يكن الشكّ في المقتضى المناقشة في الاستصحاب المذكور حتّى بناء على كون العقود المشتركة عقدا واحدا بأول الشكّ هنا الى استعداد الخيار للبقاء بعد افتراق البعض و امّا استظهار الوجه الثّاني من النصّ فلم افهم وجهه و هو ادرى بمواقع كلامه الثّاني عشر انّه لو باع الوكلاء شيئا واحدا عن شخص دفعة فقد صرّح الفقيه الغرويّ (- ره -) ببقاء الخيار ببقاء واحد منهم لانّ كلاّ منهم مع المشترى متبايعان فما دام واحد منهم باقيا يصدق عدم تفرّق المتبايعين و التقييد بالدّفعة واضح الوجه إذ لو سبق أحدهم كان المدار على تفرّقه و لم يكن بالباقين عبرة ضرورة انّ المال قد انتقل بالعقد الأوّل إلى المشترى و المنقول الى شخص لا ينقل ثانيا اليه من غير فسخ و لا نقل الى غيره فتكون العقود المتأخّرة لاغية و لكن يمكن المناقشة فيما افاده (- قدّه -) بانّ جميعهم (- ح -) بمنزلة عاقد واحد فاذا تفرّق بعضهم صدق انّ البائع غير باق في المجلس لتفرّق البعض الاّ ان يقال انّ المدار في بقاء الخيار ليس على بقاء المتبايعين بل المدار في سقوطه على افتراق المتبايعين و لا شكّ في انّ المتبايعين لم يفترقا لبقاء بعض احد الطّرفين لكن الإنصاف أنّ الفرع مشكل لخروجه عن منصرف النّصوص فتأمّل جيّدا و يمكن المناقشة بوجه أخر و هو انّا ان قلنا بانّ الخيار للموكّل كان المدار على تفرّقه فالفرع ساقط فتأمّل نعم إن كان للوكيل كان لبقاء الخيار ببقاء البعض وجه من حيث انّ لازم كون مبيعهم شيئا واحدا اتّحاد الخيار و اشتراكهم فيه فكلّ من تفرّق منهم كان ذلك منه إسقاطا لحقّه فلمن لم يسقط استيفاء الحقّ المشترك فتأمّل الثّالث عشر انّه لو كان وكيلا في الإيجاب و القبول و بعد إيقاع الإيجاب تولّى المشترى الموكّل القبول حصل العقد بهما و لم يندرج في عنوان التولّي للطّرفين الآتي ذكره و كان المدار على افتراق المشتري و الوكيل أو المشترى و الموكّل في الإيجاب على اختلاف القولين المتقدّمين في كون الخيار للوكيل أو الموكّل فراجع الرّابع عشر انّه لو استطال مكان العقد بحصوله حال العدو فعاد أحدهما بعد التّمام الى بعض المسافة دون الآخر حصل الافتراق المسقط للخيار كما هو واضح الخامس عشر انّهما لو جاءا مصطحبين و تنازعا في التفرّق بعد البيع فادّعاه أحدهما و انّ البيع قد لزم و أنكر الأخر قدّم قول المنكر مع يمينه لأصالة دوام الاجتماع و لصدق المنكر عليه عرفا و ربّما حكى في (- كرة -) عن الشّافعي في أحد قوليه البناء على الظّاهر بمعنى انّه ان قصرت المدّة قدّم قول المنكر مع اليمين و ان طالت قدم قول المدّعى لندور اجتماع المدّة الطّويلة فمدّعيه يدّعى خلاف الظّاهر فيقدّم قول مدّعى الفسخ بالتفرّق بناء على الظّاهر و ضعفه ظاهر كضعف ما عن الشّهيد (- ره -) في حواشيه من جعله الأصل لزوم البيع و الظّاهر الانصحاب فإنّ أصالة عدم الافتراق مقدّمة على أصالة اللّزوم و كون الظّاهر الانصحاب مطلقا محلّ منع و لو اتّفقا على التفرّق و قال أحدهما

ص:37

فسخت قبله لجلب المنافع من حال الفسخ المدّعى الى حال التفرّق و أنكر الأخر قدّم قوله مع اليمين لأنّ الأصل عدم الفسخ و لصدق المنكر عليه عرفا و عن الشّافعي في أحد قوليه تقديم قول مدّعى التصرّف لأنّه أعرف بتصرّفه و ليس بشيء لأنّ قول المدّعى فيما يدّعيه بيمينه انّما هو فيما لا يعلم الاّ من قبله و الفسخ ليس من ذلك القبيل و لو اتّفقا على عدم التفرّق و ادّعى أحدهما الفسخ و أنكر الأخر قدّم قول المنكر بيمينه للأصل و الصّدق و يكون المنافع الى حال التّداعي للمشتري و امّا بعد زمان التّداعي فيبنى على انّ دعوى الفسخ من مدّعيه فسخ من حينه أم لا فعلى الأوّل تكون المنافع كعين المبيع للبائع و على الثّاني فالجميع للمشتري السّادس عشر انّ ظاهر الافتراق في النصّ و الفتوى انّما هو الافتراق بالأجساد و في سقوط الخيار بافتراقهما بالأرواح بموتهما أو موت أحدهما وجهان احتمل أوّلهما العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و (- كرة -) و مال إليه في مجمع الفائدة و استقرّ به في محكي تعليق (- شاد -) و احتمل ثانيهما في (- عد -) و (- كرة -) و الإيضاح و استظهره في (- مع صد -) و افتى به في الغنية و محكي (- ير -) و (- س -) و غيرها بل هو صريح كلّ من أفتى بأنّ جميع أقسام الخيار موروث كما يأتي ذكرهم إنشاء اللّه تعالى حجّة الأوّل أمران الأوّل انّ مفارقة الدّنيا اولى من مفارقة المجلس فاذا سقط بمفارقة المجلس كان سقوطه بمفارقة الدّنيا اولى و فيه منع الأولويّة فإنّ المراد من الافتراق التّباعد في المكان و هو انّما يكون للجسم فلا يصدق بمفارقة الرّوح جسده و زاد في (- لك -) انّ الرّوح لا يعلم مفارقتها للمجلس فيستصحب الحكم الثّاني انّ ظاهر الرّوايات انّ البيعين بالخيار مع الحيوة لعود ضمير التفرّق إليهما فمع الممات يسقط الخيار تبعا لمتعلّقه ذكر ذلك الفقيه الغرويّ (- ره -) و فيه نظر ظاهر لكونه دعوى محضة فانّا و ان سلّمنا انّ البيعين بالخيار مع الحيوة لكن أخبار الإرث تفيد قيام حيوة الوارث مقام حيوة المورث في جميع الأشياء فسقوط الخيار بالممات الذي فرعه على كون خيار البيعين مع الحيوة دعوى محضة راجعة إلى الاجتهاد في مقابلة نصوص الإرث الاّ ان يقرّر بانّ الظّاهر المتبادر من اخبار الخيار انّما هو الثّبوت مع حيوة المتعاقدين فتبقى صورة موتهما أو أحدهما تحت أصالة اللّزوم لكنّ فيه انّ الخيار قد ثبت قطعا قبل الموت و الشكّ انّما هو في زواله و أدلّة الإرث تقتضي انتقاله الى الوارث و عدم زواله حجّة الثاني أمور الأوّل ما تمسّك به في الغنية من الإجماع حيث قال و خيار المجلس و الشرط موروث بدليل إجماع الطائفة انتهى الثّاني انّ ثبوت الخيار بالعقد معلوم و سقوطه ممّا لا دليل عليه فيستصحب كذا قرّره في (- مع صد -) ولى فيه نظر لأنّه ان أراد استصحاب الخيار الى حال الموت فلا حاجة اليه و ان أراد استصحابه بعد الموت كما هو الظّاهر فالموضوع متبدّل الثالث انّه لا ريب في كون الخيار من الحقوق و قد قام الإجماع و دلّ النصّ على انّ ما ترك الميّت من حقّ فلوارثه فاذا مات انتقل الى الوارث و الى ذلك أشار في الغنية بقوله بعد عبارته المزبورة و لأنّه إذا كان حقّا للميّت ورث كسائر حقوقه لظاهر القران الرّابع ما في الإيضاح من انّ مناط السّقوط الافتراق الاختياري و لهذا لو فرقا كرها لم يسقط و الافتراق الاختياري غير حاصل بالموت الخامس ما في الإيضاح (- أيضا -) من انّ المراد الافتراق في الأين و انّما يتحقّق بالأبدان و لم يحصل فالقول الثاني أظهر ثمَّ لا فرق في قيام الوارث مقام المورث في الخيار بين كونه حاضرا في مجلس موت المورث أم لا و انّما الكلام في مقدار امتداد الخيار بينه و بين الحيّ أو الوارث الأخر و الكلام تارة في الحاضر و اخرى في الغائب امّا الحاضر ففيه وجوه أحدها انّ المدار على مجلس الوارث و الطّرف الأخر من غير مدخليّة لبقاء الميّت في المجلس و أخذهم إيّاه إلى موضع أخر و بعبارة أخرى إذا كان الوارث حاضرا في مجلس النّزع انتقل اليه الخيار بموت مورّثه و كان المدار على افتراق الوارث مع الطّرف الأخر سواء أخذ الميّت أم لا نظرا الى انّ مفارقة الميّت للمجلس كمفارقة المخرج من المجلس كرها الممنوع من التّخاير فكما انتقل هناك الى مجلس زوال الإكراه للزوم الضّرر ببقاء الخيار دائما فكذا ينتقل هنا الى مجلس الوارث و قد يضعّف هذا الوجه بكونه قياسا و فيه منع بل هو تنقيح للمناط ان ثبت الحكم في الأصل فإنّ الخيار يتبع بقاء المجلس فاذا قام الوارث مقام المورث و كان هو بموته بمنزلة الجدار و كان المدار على عدم تفرّق القائم مقامه و لم يكن لتفرق الميّت اثر ثانيها كون المدار على مجلس الميّت و الطّرف الأخر فما داما في موضع العقد فالخيار باق و إذا افترقا أو أحدهما كان أخذ الميّت أو مضى الطرف الأخر سقط الخيار افتى به جمع في (- عد -) و محكي التحرير و (- مع صد -) و جعله في مفتاح الكرامة أولى و قواه الفقيه الغروي (- ره -) و عليه فلو فارق الطّرف الأخر أو أخذ الميّت سقط الخيار و ان لم يفارق الوارث الطّرف الأخر و لو فارق الوارث الطّرف الأخر لم يسقط الخيار ما لم يفارق الطّرف الأخر الحيّ الميّت و ربّما علّل ذلك في مفتاح الكرامة بانّ بقاء الخيار انّما يكون لانتفاء تفرّق المتعاقدين و ذلك انّما هو باعتبار بقاء الميّت مع العاقد الأخر و فيه انّ المفروض انتقال الخيار الى الوارث و لازمه كون المدار على بقائه (- أيضا -) فانّ المراد بالافتراق افتراق ذوي الخيار و الميّت كالجدار فلا عبرة ببقائه و ربّما علل الفقيه الغرويّ (- ره -) ذلك بالاستصحاب و ليت شعري ما ذا أراد بذلك فإن أراد استصحاب كون المدار على عدم افتراق المتبايعين فالموضوع متبدّل لأنّهما كانا حين التّبايع حيّين و الآن ميّتان أو ميّت و حيّ مضافا الى ما عرفت من انّ أخذ الميّت كأخذ الحيّ مكرها لا اثر له و ان أراد غير ذلك فهو اعرف ثالثها بقاء الخيار دائما من غير سقوط بالتفرّق كالعاقد الواحد على احد الوجهين احتمله الفقيه الغرويّ (- ره -) و بعض من سبقه و هو في غاية السّقوط لكون البقاء دائما خلاف مصلحة شرع الخيار لاستلزامه الضّرر و (- أيضا -) فموضوع هذا الخيار المجلس و لا معنى لبقائه بعد انقضائه و انّما الكلام فيمن هو المدار من الحضّار رابعها بقاء الخيار دائما بالنسبة إلى الميّت و امّا الطرف الأخر فيدور مدار ذهابه من المجلس كأحد الوجوه في المكره و فيه نظر من وجهين أحدهما الثّبوت بالنّسبة إلى الميّت دائما فإنّ فيه انّه مناف لانتقال الخيار الى وارثه فإنّه لا معنى لكون الخيار لشخص و المدار شخصا أخر مع انّ الثّبوت دائما قد عرفت ما فيه و الأخر دورانه بالنّسبة إلى الطّرف الأخر مدار ذهابه من المجلس فإنّه و إن كان في نفسه حقّا الاّ انّ اختلاف زمان هذا الخيار بالنّسبة إلى الطّرفين خلاف المعهود من الشّرع خامسها كون الخيار للوارث بعد موت المورث فوريّا فان اختار الردّ أو الإمضاء و الاّ سقط خياره و هذا (- أيضا -) بيّن السّقوط لانّ وضع هذا الخيار على البقاء ما دام الاجتماع باقيا فان بنى على الانتقال الى الوارث كان اللاّزم الدّوران مدار مجلسه و الاّ فهو ساقط من أصله هذا كلّه فيما إذا كان الوارث حاضرا في مجلس الموت و امّا إذا كان غائبا ففيه (- أيضا -) وجوه أحدها سقوط مجلس الميّت

ص:38

عن الاعتبار و امتداد الخيار الى ان يصل الخبر الى الوارث و ان بعد ما بينهما و لم يعلم أحدهما بمكان الأخر ذكره في (- عد -) و (- كرة -) و محكي تعليق (- شاد -) امّا سقوط مجلس الميّت عن الاعتبار فلمّا مرّ من كونه كالجماد و امّا امتداد الخيار الى ان يصل الخبر الى الوارث فقد علّله في (- كرة -) بقوله لئلاّ يبطل حقّ كان للمورث انتهى و أنت خبير بأنّ الحقّ إذا كان على وجه يعتبر فيه الحضور لم يكن من سقوطه و بطلانه بفقد شرطه مانع و خيار المجلس ممّا يعتبر فيه الحضور فلا ينتقل الى الوارث الغائب من أصله لأنّ كونه قابلا للإرث مقصور على صورة حضور الوارث لئلاّ يفوت الوصف العنواني و ربّما ناقش المحقّق الثّاني (- قدّه -) في (- مع صد -) في هذا الوجه بوجه أخر حيث قال هذا ليس بشيء لأنا إذا أسقطنا اعتبار الميّت امتنع الحكم ببقاء الخيار لانتفاء متعلّقه و هو عدم تفرّق المتبايعين ثمَّ انّا إذا أسقطنا اعتبار الميّت فالحكم ببقاء الخيار الى وصول الخبر دعوى لا مستند لها انتهى قلت ما ذكره ثانيا في محلّه كما أشرنا و امّا ما ذكره أوّلا ففيه انّه لا مانع من إسقاط اعتبار الميّت لكونه كالجماد و يكون بقاء الخيار لقيام الوارث مقامه كما مرّ ثمَّ على هذا الوجه هل يمتدّ الخيار بامتداد المجلس الّذي وصل فيه الخبر أم لا و على الثاني هل يكون فوريّا أو على المتراخي غير محدود بالمجلس وجوه اختار الفوريّة في (- كرة -) و الإيضاح و احتمل الأوّل بعضهم و الأخير بعض أخر قال في (- مع صد -) بعد عبارته المزبورة ما لفظه و أبعد منه امتداده بامتداد المجلس الّذي وصل فيه الخبر لانّ المراد من المجلس مجلس البيع لا مطلق المجلس فتحديده بهذا المجلس تحكّم فامّا ان يجعل على الفور أو يجعل على التّراخي غير محدود بالمجلس و الحقّ انّ هذه احتمالات واهية انتهى و ربّما يوافق التّحديد بالمجلس الاعتبار كما أشار إليه فخر الدّين (- ره -) في الإيضاح و هو انّ خيار المجلس منوط بمجلس البيع و قد تعذّر مجلس البيع فيبقى هذا لانتفاء غيرهما قطعا و (- أيضا -) مجلس وصول الخبر مجلس ثبت فيه التّخيير بين الفسخ و الإمضاء و كلّ مجلس ثبت فيه التّخيير تخيير المجلس يمتدّ بامتداده و انّما يزول بمفارقته أو إسقاطه ثمَّ قال و انّما قلنا التخيير و لم نقل الخيار لانّ الخيار ملك الفسخ و هو يحصل للوارث بالموت فهو قبل المجلس المذكور و امّا التخيير بين الفسخ و الإمضاء فمشروط بالعلم لاستحالة تخيير الغافل انتهى و أنت خبير بأنّه اعتبار محض لانّ المدار في هذا الخيار ليس على افتراق المجلس ليقاس عليه المجلس الّذي ذكره و الاّ للزم كون المدار افتراقهما مجلس العقد و انّما المدار على الافتراق بالأبدان فما ارتكبه قياس مع الفارق ثانيها سقوط الخيار عن أصله احتمله بعضهم و هو الوجه لما مرّ ثالثها بقاء الخيار دائما على نحو ما مرّ في الحاضر و ضعفه ظاهر كما مرّ ثمَّ انّ هذا كلّه مع اتّحاد الوارث فلو تعدّد جرى هناك الاحتمالات المزبورة مع الحضور و في ثبوت الخيار لكلّ واحد في مجلسه إذا كان غائبا و عدم الثّبوت ثمَّ لو اختلفا أو اختلفوا مع التعدّد في الفسخ و الإجازة ففي (- لك -) انّه يقدّم الفاسخ ثمَّ قال و في انفساخ الجميع أو في حصّته خاصّة ثمَّ يتخيّر الأخر لتبعّض الصّفقة وجهان أجودهما الأوّل ثمَّ قال و لو اعتبرنا تفرّق الوارث أو الأخر ففارق أحد الورثة لم يؤثر لعدم صدق الافتراق بين المتبايعين نظرا الى قيام الجميع مقام المورث ثمَّ قال و لنعم ما قال انّ في هذه الفروع كلّها اشكالا انتهى و أقول مثل تلك الفروع في عدم الخلوّ من الإشكال فروع أخر فمنها انّه بناء على ثبوت الخيار للوكيل في نفس الصّيغة و انتقال الخيار بالإرث فهل ينتقل إلى ورثة الوكيل أو ورثة الموكّل فانّ الفقيه الغرويّ (- ره -) ذكر فيه وجهين و منها ما إذا عزل الوكيل فانّ في بقاء الخيار له أو انتقاله الى الموكّل وجهين و منها انّه بناء على كون المدار على تفرّق الحيّ مع الميّت لو ذهب ببعض الميّت دون البعض فانّ فيه وجهين و قد يفصل بين الجزء الّذي تبقى الحيوة معه و غيره أو ما يتحقّق الاسم بدونه و ما لا يتحقّق صدق الاسم بدونه الى غير ذلك من الفروع المشكلة لفقد النصّ و عدم الانطباق على قاعدة يركن إليها في مقام العمل

مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن إكراه

قوله طاب ثراه المعروف انّه لا اعتبار (- اه -) لا يخفى انّ الإكراه على التفرّق له صور الأولى إكراههما على التفرّق و على عدم اختيار الفسخ و الإيجاب كان سدّ أفواههما أو هدّدا على التكلّم و الإشارة المفهمة بما يخاف منه إيقاع ما هدّد به الثّانية ان يكرهها على التفرّق و لا يكرها على الاختيار مطلقا لا فسخا و لا إيجابا الثّالثة ان يكرها على التفرّق و على اختيار الفسخ فقط الرّابعة عكس الثّالثة و هذه العبارة قد سيقت لبيان حكم الصّورة الأولى و قد وصف الماتن (- ره -) عدم سقوط الخيار (- ح -) بالمعروفيّة هنا و بالشّهرة في وسط كلامه بل في عبائر جماعة منهم مولى مفتاح الكرامة الجزم بعدم الخلاف فيه و في زبر اخرين منهم صاحب الجواهر (- ره -) نفى الخلاف فيه و في المصابيح انّه يشترط في التفرّق المسقط الاختيار فلو أكرها على التفرّق من غير اختيار لم يسقط الخيار للإجماع كما في الغنية و تعليق الشّرائع انتهى لكن في مفتاح الكرامة انّه لم يجد فيما عنده من نسخ تعليق (- شاد -) دعوى الإجماع و انا لم أجدها في الغنية و لكن كفى بعلاّمة المصابيح حاكيا عنهما و إن كان لا حجّة في الإجماع المنقول فان تمَّ شيء من الوجوه الّتي يأتي الإشارة إليها في كلام الماتن (- ره -) فهو و الاّ كان للتوقّف مجال و قد توقف في المسئلة المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و الفاضل السّبزواري (- ره -) في الكفاية بل جزم بعض الأواخر بسقوط الخيار بالافتراق عن اكراه فقال التحقيق انّ الافتراق مسقط بأيّ وجه حصل من غير فرق بين كونه على وجه القصد أو الشّعور أو على وجه النسيان أو الغفلة أو الاضطرار أو الإكراه أو نحو ذلك و ذلك لصحّة استناد الافتراق إليهما في جميع هذه الصّور و هو المدار إذ لا يعتبر في اسناد الفعل الى الفاعل الاّ قيامه به أو صدوره منه و لا يشترط فيه كونه على وجه القصد و الشّعور فضلا عن كونه على وجه الاختيار في مقابل الإكراه نعم بعض الأفعال يعتبر فيها القصد كالتّعظيم و التّأديب و نحو ذلك كما انّ بعضها لا يمكن صدوره الاّ بلا قصد كالسّهو و النّسيان و الغفلة أو بالاضطرار كالموت و السّقوط و نحو ذلك و في الحقيقة هذا راجع الى مادّة الفعل بمعنى انّه يعتبر في مادّته القصد أو الغفلة و عدم الشّعور و الاّ فالإسناد لا شرط له فالأفعال الّتي لا يشترط في صدق موادّها القصد و الاختيار لا يشترط في صدق إسنادها شيء و الافتراق من هذا القبيل انتهى و ما ذكره موجّه لو لا دليل اعتبار الاختيار في كون الافتراق مسقطا للخيار فانّ المنكرين للإسقاط لا يدعون كون الاختيار شرطا في صدق مطلق الافتراق حتّى يكون مقالة هذا البعض ردّا عليهم و انّما يدعون قيام الدّليل على اعتبار الاختيار في الافتراق المسقط ثمَّ ان في تمثيله لما لا يمكن صدوره الاّ بلا قصد بالسّهو و النّسيان و الغفلة نظرا ظاهرا و كذا تمثيله لما لا يمكن صدوره الاّ بالاضطرار بالسّقوط قوله طاب ثراه لأصالة بقاء الخيار بعد تبادر (- اه -) لا يخفى عليك انّه لو سلّم التّبادر لم يبق

ص:39

شكّ حتّى يحتاج الى الاستصحاب و الاّ لكان لمناقش ان يقول انّ الافتراق قد جعل مسقطا للخيار و الشكّ انّما هو في مانعيّة الإكراه من تأثيره أو شرطيّة الاختيار في تأثيره و من البين أنّ أصالتي عدم مانعيّة الإكراه و عدم شرطيّة الاختيار حاكمتان على الاستصحاب لكون الشكّ في بقاء الخيار ناشيا من المانعيّة و الشرطيّة و قد تقرّر في محلّه انّ الأصل السّببي مقدّم على المسبّبي فتأمّل قوله طاب ثراه و قد تقدّم في مسئلة اشتراط (- اه -) الّذي استشهد به فيما أشار إليه من الموضع هو استشهاد الإمام عليه السّلام بالنبويّ صلّى اللّه عليه و آله على رفع بعض الأحكام الوضعيّة فإنّه يشهد بعموم المؤاخذة فيه لمطلق الالتزام عليه بشيء و الرّواية الّتي تضمّنت الاستشهاد المذكور هي المصححة الّتي رواها الشيخ الحرّ في الوسائل عن احمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عن إسماعيل الجعفي عن ابى الحسن عليه السّلام قال سالته عن الرّجل يستكره على اليمين فيحلف بالطّلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك فقال لا ثمَّ قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وضع عن أمّتي ما أكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا و الحلف بالطّلاق و العتاق و ان لم يكن صحيحا عندنا من دون الإكراه أيضا الاّ انّ مجرّد استشهاد الإمام عليه السّلام في عدم وقوع آثار ما حلف به بوضع ما أكرهوا عليه يدلّ على انّ المراد بالنّبوي ليس خصوص المؤاخذة و العقاب الأخروي قوله طاب ثراه و يمكن منع التّبادر (- اه -) ربّما أيّد فقيه آل يس هذا المنع بإجماعهم على صدقه حقيقة على كلّ واحد منهما بمجرّد تباعد أحدهما عن الأخر و ان لم يشعر الثّاني بفعل الأوّل فإنّه يكشف عن كون المراد من الافتراق في النصّ و الفتوى مجرّد التفرّق و الانفصال بالتّباعد عن مجلس العقد كما نبّه عليه في الكفاية و على هذا فلا يحتاج في إدراج الاضطراري إلى ضميمة عدم القول بالفصل و احتمال خروج هذه الصّورة بالإجماع كما ترى لمخالفته لظاهر الكلّ من البناء على اتّحادهما في نسبة الافتراق ثمَّ انّ الفقيه المذكور زاد دعوى إمكان ان يقال انّ مفاد النّصوص اناطة الخيار مدار مجلس العقد و الحكم بأنّه المقتضى و إسقاط التفرّق له من حيث كونه مغيّرا لموضوع ذلك المقتضى و مزيلا له و من المعلوم تحقّق الإزالة بالتفرّق مطلقا و إن كان بدون اختيار ثمَّ قال و بالجملة يكون المراد من قولهم عليهم السّلام ما لم يفترقا انّه لم يحصل ما يخرجهما عن الهيئة الاجتماعيّة الّتي كانا عليه حين العقد انتهى قوله طاب ثراه فاذا دخل الاختياري المكره عليه دخل الاضطراري لعدم القول بالفصل (- اه -) فيه انّه إذا كان يسلّم عدم القول بالفصل بين الاختياري المكره عليه و الاضطراري و يسلّم مساعدة الدّليل على عدم دخول الاضطراري فما باله يلحق الاضطراري بالاختياري المكره عليه و لا يعكس مع انّه اولى و أوفق بفتوى الأصحاب البانين بزعمه على عدم الفصل فتدبّر قوله طاب ثراه مع انّ المعروف بين الأصحاب انّ الافتراق (- اه -) هذا تعرّض منه (- قدّه -) للصّورة الثّانية من صور الإكراه في صدر المقال و هي ما إذا أكرها على التخاير و سقوط الخيار هنا هو مقتضى تقييد جمع كثير عدم سقوط الخيار بالافتراق مكرها بما إذا منعا من التّخاير أيضا بل صرّح بسقوط الخيار في الفرض جمع كثير قاطعين به بل نفى في مفتاح الكرامة وجدان الخلاف فيه و علّله بانّ السّكوت عند التفرّق مع التّمكّن من التّخاير كما هو المفروض قرينة الإمضاء و إسقاط الخيار و ناقش فيه كاشف الظلام بانّ هذا فرع علمهما بسقوط الخيار عند مطلق التفرّق و الشّأن فيه و إطلاق توقّف السّقوط على الافتراق الظّاهر في الاختيار ينفيه على انّ هذا لا يتمّ فيما لو قطع بخلوّ ذهنهما و غفلتهما و ذهولهما عنه ثمَّ قال فلعلّ القول بعدم السّقوط (- مط -) لا (- يخلو -) من قوّة إن كان عليه موافق و لا إجماع انتهى و حاصل غرضه انّه ان كان المتبادر من الافتراق الاختياري منه كان مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين ما لو منعا من التّخاير و ما لو لم يمنعا و إن كان اللاّزم الإسقاط بالافتراق عن (- كرة -) مع المنع من التّخاير (- أيضا -) و أنت خبير بما فيه فانّا و ان كنّا نسلّم ظهور الافتراق في الاختياري منه لكن نقول انّ إطلاق توقّف السّقوط على الافتراق و عدم السّقوط بدونه قد قيّد قطعا بما دلّ على سقوط الخيار بالتّخاير من غير افتراق فيكون مؤدّى الدّليلين بعد الجمع بينهما عدم سقوط الخيار الغير المشروط سقوطه إلاّ بأحد أمرين على سبيل منع الخلوّ امّا الافتراق عن اختيار أو التّخاير عن اختيار فاذا حصل شيء منهما عن اختيار أوجب السّقوط فاذا حصل كرها لم يوجب السّقوط و لازم ذلك انّهما لو أكرها على التفرّق و لم يمنعا من التّخاير سقط الخيار لتركهما الخيار لكن الإنصاف متانة ما سمعت من كاشف الظّلام لأنّهما إذا أكرها سقط الافتراق عن الاعتبار و لم يوجب السّقوط فلا سبب لسقوط الخيار و مجرّد ترك التّخاير لا يوجب الإيجاب و لا يدلّ عليه فحالهما حال المتبايعين التاركين للتخاير ما داما في محلّهما نعم لو ظهر من القرائن الخارجيّة كون تركهما التّخاير مع تمكّنهما منه و افتراقهما كرها إرادتهما الإيجاب كان متّبعا و اين ذلك من الكلّية المدّعاة و دعوى شهادة مجرّد تركهما للتّخاير حين الافتراق كرها على الإيجاب مطلقا و في جميع الأوقات محلّ منع بالبديهة و من هنا أطلق في المصابيح و غيره عدم سقوط الخيار بالافتراق عن (- كرة -) و صرّح في الجواهر بانّ ترك اختيار الفسخ مع التمكن منه بعد الإكراه على الافتراق الّذي نزّله الشّارع منه منزلة العدم بالنّسبة إلى الإسقاط كالسّكوت في المجلس لا دلالة فيه عليه و لا وضع شرعا له كما هو واضح فيرجع الى استصحاب الخيار و نحوه ممّا مرّ و لك ان تقول انّه لمّا دلّ حديث الرّفع على كون الفعل المكره عليه كلا فعل كان مقتضاه عدم سقوط الخيار هنا (- أيضا -) إلاّ إذا كشف عدم الفسخ عن الرّضاء بالعقد كما إذا كان معتقدا اجتهادا أو تقليدا أو اختراعا السّقوط بالتّفرّق عن (- كرة -) (- أيضا -) و امّا مع عدم اعتقاد ذلك فلا و امّا الصّورة الثّالثة و هي ما لو أكرها على التفرّق و على الفسخ فقط فربّما صرّح الفقيه الغروي (- قدّه -) فيها بعدم سقوط الخيار و علّل بعدم تمكّنه من الفسخ و لم افهم معناه لأنّهما إذا أكرها على الفسخ فلهما قصد الفسخ حقيقة فكيف حكم بعدم التمكّن منه فالأولى ان يقال انّهما ان قصدا الى الفسخ عن طيب النّفس سقط الخيار و ان فسخا كرها لم يسقط كعدم السّقوط بالافتراق كرها و امّا الصّورة الرّابعة و هي عكس الثالثة فقد صرّح الفقيه الغرويّ (- قدّه -) فيها بسقوط الخيار فيها معلّلا بتمكّنه من الفسخ فتركه دليل الالتزام ثمَّ قال و الحاصل انّ المدار على التمكّن من الفسخ و عدمه و فيه ما في سابقة ضرورة انّ الإكراه على الإيجاب إن كان فلا يمكنه الفسخ و ان لم يكن خرج عن الفرض كما لا يخفى قوله طاب ثراه مضافا الى الشهرة المحقّقة (- اه -) هذا ينافي ما قرّره في الأصول من عدم حجّية الشّهرة و لو قال مضافا الى الإجماع المحكى المنجبر بالشّهرة لكان أهون من حيث ظهوره (- ح -) في كون المستند هو الإجماع المحكىّ و القول بحجيّته أهون من القول بحجّية الشّهرة و ان كنّا لسنا من القائلين بذلك

ص:40

قوله طاب ثراه و الى انّ المتبادر من التفرّق (- اه -) ربّما منع بعضهم هذا التّبادر المدّعى و يستشهد للمنع بانّ لازم هذا التّبادر عدم اعتبار التفرّق في حال الغفلة عن البيع أو في حال النّوم أو نحو ذلك و ذلك ممّا لا يلتزم به احد قوله طاب ثراه بقوله عليه السّلام في صحيحة الفضيل (- اه -) يمكن المناقشة في هذا الاستدلال أوّلا بأنّ ظاهر الخبر كما نبّهنا عليه سابقا انّما هو الرّضا بالعقد حينه لا الرّضا المتأخّر فالمراد و اللّه العالم انّهما إذا افترقا فلا خيار بعد الرّضا منهما بأصل العقد حين إيقاعه و بعبارة أخرى قوله عليه السّلام بعد الرّضا بمنزلة العلّة فكأنّه عليه السّلام قال انّ الرّضا بالعقد حين وقوعه مقتض لللّزوم و المجلس كان مانعا فاذا افترقا فقد زال المانع فيلزم أن يؤثّر المقتضي أثره و انّما قلنا ذلك ضرورة انّه لو أريد به الرّضا حال الافتراق لكان لازمه تقيّد إسقاط الافتراق للخيار بما إذا كان عن رضا بالعقد و لزومه فيلزمه عدم سقوط الخيار بالافتراق اختيارا مع عدم الرّضا بالعقد أو عدم الالتفات الى سقوط الخيار به و لا أظنّه و لا غيره يلتزم بذلك و ثانيا انّ مفاد الخبر على ما ذكره يكون سقوط الخيار بالافتراق كرها مع التمكّن من التّخاير و ذلك ممّا لا نمنعه و اين ذلك من عدم سقوطه بالافتراق كرها مع التمكّن من التخاير كما هو المدّعى فتدبّر جيدا و بالجملة فلو لم يكن الاّ استصحاب الخيار للشكّ في رافعيّة الافتراق عن (- كرة -) مع عدم التمكّن من التّخاير لكفانا و يكفي في إيراث الشكّ في الرّافعيّة الشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة و (- ح -) فان تمَّ شيء من الوجوه الأخر أوّلا لكانت مؤيّدات كالتّأييد بانّ شرع الخيار للإرفاق و لا رفق مع الإجبار فما صدر من المحقّق الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و السّبزواري في الكفاية من التّشكيك في المسئلة لعدم النصّ عليها ليس على ما ينبغي كيف لا و صاحب (- ئق -) الّذي عادته الجمود على النّصوص وافق الأصحاب هنا و أخذ في الطّعن عليهما حيث قال و كذا لو أكرها على التّفرّق فإنّه لا يسقط الخيار و الوجه فيه انّ الّذي دلّت الأخبار على كونه مسقطا انّما هو التفرّق الّذي هو فعل اختياريّ لهما فالتّفريق بينهما قهرا ليس (- كك -) فلا يكون داخلا تحت النّصوص و بذلك يظهر انّ ما ذكره في الكفاية بقوله و لا اعلم نصّا في هذا الباب و كذا قول المحقّق الأردبيلي (- ره -) و قيّد المفارقة المسقطة بالاختيار و ما رأيت له دليلا في النصّ و لعلّ وجهه ما يتخيّل من انّ الفعل الجبري بمنزلة العدم فإنّه ما فعله باختياره فكأنّه بعد باق في محلّه خصوصا إذا كان عارفا بالمسئلة و أراد الجلوس لعلّه يظهر له وجه يدلّ على مصلحته في هذا العقد انتهى غير موجّه و فيه ما عرفت من انّ مورد النصّ الموجب لسقوط الخيار هو الافتراق و التفرّق الظّاهر انّ في كونهما باختيار المكلّف و ارادته انتهى المهمّ ممّا في (- ئق -) بقي هنا شيء و هو انّ الفقيه الغرويّ (- ره -) بعد التمسّك لعدم العبرة بالتفرق عن (- كرة -) ببعض ما مرّ حاول إتقان المسئلة فقال فان قلت انّ الافتراق في الرّوايات و كلام الأصحاب ان اعتبر فيه العلم و القصد و الاختيار فافتراق النّائم و السّاهي و النّاسي و المدهوش و السّكران و المغمى عليه و المجنون و المجبور ليس بافتراق فالتمكّن من الاختيار و عدمه سيّان فبقاؤه من غير اختيار مع تملّكه حتّى يرتفع لا بأس به و ان دخل الافتراق و الحكم وضعيّ لا شرعيّ ينبغي ان يسقط الخيار بمجرّد حصوله بأيّ كيفيّة كان قلت لنا ان نلتزم بالأوّل بدعوى انّه المتبادر و انّ من ذكره عدى المجبور قد الحقه الإجماع بالمختار القاصد العالم و يبقى المجبور على وفق القاعدة و عليه منع ظاهر لعدم تحقّق الإجماع في ذلك كيف و في (- مع صد -) قد تأمّل في إلحاق المدهوش بالمجنون و لم ينصّ على حكم المسئلة احد من الأصحاب مع انّه على هذا يكون غير المجبور أسوء حالا منه أو نلتزم بالثّاني و نقول انّ المجبور فقط الممنوع من التّخاير أخرجه الإجماع و هو بعيد و الظّاهر انّ المنشأ الصّدق العرفي في الفرق بين ما ذكر و بين المجبور و انّ النّائم و السّاهي و نحوهما ينسب إليهما فعل الافتراق عرفا كالمختار القاصد بخلاف المجبور فإنّه لا يقال فيه افترق نعم يبقى الإشكال بالنّسبة إلى المجبور في افتراقه الغير الممنوع من اختياره فمقتضى ذلك عدم السّقوط فيه الاّ ان يكون الفارق الإجماع الى ان قال فان قلت بناء على انّ التفرّق المجبور عليه بحكم البقاء في المجلس و عدم التفرّق المجبور عليه بحكم البقاء في المجلس ينبغي ان يكون البقاء في المجلس و عدم التفرّق المجبور عليه بحكم التفرّق و تتصوّر فيه تلك الصّور الأربع قلت هو قياس مع الفارق لوجود الدّليل في الأوّل دون الثّاني مع انّ الأصل الاستصحاب كما يثبت الأوّل ينفي الثّاني فتأمّل انتهى كلامه علا مقامه و للنّظر فيه مجال فتدبّر جيّدا

مسألة لو أكره أحدهما على التفرق و منع من التخاير

قوله طاب ثراه سقوط خيارهما كما عن ظاهر المحقّق (- ره -) و العلاّمة و ولده السّعيد (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ وجه الاستظهار من المحقّق (- ره -) هو انّه قال و لو ضرب بينهما حائل لم يبطل الخيار عند الإكراه بما لو أكرها فيظهر منه انّه لو أكره أحدهما بطل الخيار و لكن لا يخفى عليك ما في هذه الاستفادة من الخفاء و امّا وجه الاستظهار من العلامة (- ره -) فهو انّه قال في ذيل العبارة الّتي سيحكيها الماتن (- ره -) عنه ما لفظه و الاّ فالأقرب سقوطه فيسقط خيار الأوّل انتهى و ذلك لانّه قال بسقوط خيار الثابت عند عدم منعه من المصاحبة و التّخاير و فرع على سقوطه سقوط خيار صاحبه المكره فقط سقط الخياران و إن كان سقوط أحدهما بالأصالة و سقوط الأخر بالتّبع و امّا وجه الاستظهار من فخر الدّين (- ره -) فليس الاّ تقريره في شرح العبارة المذكورة ما ذكره والده و عدم الاعتراض عليه و سيذكره (- المصنف -) (- ره -) و امّا وجه الاستظهار من السيّد عميد الدّين فهو (- أيضا -) تقرير ما ذكره العلاّمة (- ره -) في عبارته المذكورة قال في شرح (- عد -) في ذيل قول العلاّمة (- ره -) امّا الثابت فان منع من التخاير أو المصاحبة لم يسقط و الاّ فالأقرب السّقوط (- اه -) ما نصّه لانّه على تقدير ان لا يمنع من المصاحبة يكون اختياره للبقاء مفارقة فيسقط خياره و حينئذ يسقط خيار الأوّل و ان قلنا باستمرار خياره في صورة الإكراه لأنّ مفارقة أيّهما كان اختيارا يسقط الخيارين اتّفاقا انتهى و يؤكّد الظهور المذكور دعواه الاتّفاق لانّ الظّاهر انّه لا يذهل عن الاتّفاق الّذي ادّعاه هو بنفسه و لا يخالفه عمدا قطعا بل هذه هي العمدة في الاستظهار المذكور هذا كلام الشّيخ الوالد أنار اللّه برهانه ثمَّ انّ حجّة هذا القول هي تحقّق الافتراق المسقط لخيار المجلس و دعوى توقّف افتراقهما المجعول غاية لخيارهما على كونه عن اختيارهما ممنوعة بل يكفى حصوله عن اختيار أحدهما إذ لا أقلّ من الشكّ في التوقّف فأصالة عدمه هي المحكّمة بعد فقد الدّليل عليه بل الدّليل على خلافه لإطلاق ما دلّ على سقوطه الخيار بالافتراق فإنّه يشمل الفرض و بعبارة و ضحى لا ريب في سقوط خيارهما جميعا بالافتراق النّاشى من أحدهما فقط كما لو تحرّك أحدهما و الآخر ساكن فانّ الخيار يسقط بلا خلاف لصدق الافتراق إذ كما انّه يصدق

ص:41

على المتحرّك انّه فارق بحركة صاحبه فكذا يصدق على السّاكن انّه فارق المتحرّك بسكونه و (- ح -) فإذا أكره أحد الطّرفين على الافتراق كان سكون الأخر مع عدم المنع من المصاحبة افتراقا اختياريّا فيسقط به خيارهما جميعا و بذلك يسقط الاستصحاب المستدلّ به للقول الثّاني لعدم جريانه في قبال الإطلاق و التّبادر المدّعى ممنوع كما يأتي توضيحه عند منع الماتن (- ره -) إياه إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و ثبوته لهما الى قوله و محتمل الإرشاد (- اه -) عبارة (- شاد -) في مبحث الخيار خالية عمّا يحتمل ذلك و لعلّ العبارة المحتملة لذلك مذكورة في غير ذلك المبحث مناسبة ثمَّ انّ حجّة هذا القول تأتي إنشاء اللّه تعالى في كلام الماتن (- ره -) عند قوله و كيف كان فالأظهر في بادي النّظر ثبوت الخيارين (- اه -) قوله طاب ثراه و سقوطه في حقّ المختار خاصّة (- اه -) هذا القول مبنىّ على مقدّمتين الأولى توقّف حصول افتراقهما المجعول غاية لخيارهما على كونه عن اختيارهما و الأخرى كون اختيار كلّ منهما مسقطا لخياره خاصّة و في المقدّمتين جميعا نظر يطهر ممّا مرّ في كلامنا و ما يأتي في كلام الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه و فصّل في (- ير -) (- اه -) هذا التّفصيل مبنىّ على مقدّمتين الأولى كفاية حصول افتراقهما المجعول غاية لخيارهما عن اختيار أحدهما و الأخرى اعتبار كون المسقط فعلا وجوديّا و حركة صادرة عن اختيار أحدهما و عدم كفاية كونه تركا اختياريّا كالبقاء في مجلس العقد مختارا و أنت تعلم أنّ المقدّمة الاولى و ان سلّمناها آنفا الاّ أنّ الثانية ممنوعة أشدّ المنع لعدم الدّليل عليها و الأصل ينفي اعتبار كون المسقط فعلا وجوديّا و ليت شعري إذا غاب احد الطّرفين عن المجلس فما وجه مدخليّة بقاء الأخر في بقاء الخيار و لعمري انّ هذا القول أليق بمذهب العامّة القائلين بدوران الخيار مدار بقاء المجلس لإبقاء اجتماع المتعاملين فإنّه على ذلك القول يوجّه بقاء الخيار ببقاء غير المكره في المجلس بانّ المدار على المجلس و غيبة أحدهما عنه إذا كان عن اكراه سقط عن الأثر فصار المدار في بقاء الخيار على بقاء الأخر في المجلس لكن فساد المبنىّ ظاهر فيفسد البناء قوله طاب ثراه في شرح قول والده لو حمل أحدهما و منع من التّخاير لم يسقط خياره على اشكال (- اه -) هذه العبارة عبارة (- عد -) و قد جعل السيّد عميد الدّين (- ره -) منشأ الاشكال من حصول المفارقة المسقطة للخيار بقوله ما لم يفترقا و من كونه مكرها عليها فلا تكون صادرة منه فانّ الخبر اقتضى ثبوت الخيار لهما ما لم يتحقّق الافتراق المستند إليهما لدلالة قوله عليه السّلام ما لم يفترقا حيث أسند الافتراق المسقط إليهما انتهى قوله طاب ثراه الاّ انّه على كلّ حال صريح (- اه -) قال الوالد الشّيخ العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ وجه صراحته انّه بنى الخلاف في الثّابت على صدور فعل اختياريّ منه و عدمه فكلّ من منع من ثبوت الخيار له التزم بالصّغرى و هو كون ثبوت الثّابت فعلا اختياريّا و كلّ من اثبت الخيار منع الصّغرى المذكورة الّتي هي كون ثبوت الثّابت فعلا اختياريّا فتوجّه الإثبات و النّفي من المثبتين و النّافين الى الصّغرى صريح في تسليمهم الكبرى الكلّية خصوصا مع تعليله (- ره -) السّقوط في ذيل الكلام بقوله لانّه مختار في المفارقة إذ لو لا كون الكبرى مسلمة لم يكن للتعليل بذلك وجه و (- ح -) نقول انّه لو فرض انّ الباقي ذهب اختيارا لم يكن لأحد دعوى عدم كون الذّهاب اختياريّا و المفروض انّ إسقاط الافتراق الاختياريّ من قبيل المسلّمات فيكون عدم سقوط خياره ممّا لا خلاف فيه انتهى كلامه أنار اللّه برهانه و أنت خبير بما في دعوى صراحة عبارة الإيضاح في عدم الخلاف فبسقوط الخيار بذهاب الباقي اختيارا من النّظر بل المنع فانّ الصّريح ما لا يحتمل الخلاف و عبارة الإيضاح غير ظاهرة فيما عزى اليه فضلا عن الصّراحة و توجيه الصّراحة بأنّه لو لا مسلّمية الكبرى لم يكن للتّعليل وجه كما صدر منه قدّس سره مدفوع بانّ التّعليل به كما يحتمل كونه لمسلّمية الكبرى عند الجميع فكذا يمكن كونه لقيام الدّليل عليها عنده و جعل المطالب الخلافية كبرى القضايا بعد تمام الدّليل عليها في كلامهم غير عزيز قوله طاب ثراه و ظاهره كظاهر عبارة القواعد انّ سقوط خياره لا ينفكّ عن سقوط خيار الأخر فينتفي القول المحكى عن الخلاف و الجواهر (- اه -) قال والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ هذه العبارة قد تضمّنت دعويين أوليهما انّ ظاهر كلام فخر المحقّقين (- ره -) هو انّ سقوط خياره لا ينفكّ عن سقوط خيار الأخر و هذه الدعوى لا شاهد عليها بل الوجدان شاهد بخلافها إذ ليس في الكلام المذكور ما يمكن دعوى ظهوره فيما ذكر فالوجه ان يقال انّ ظهوره في ذلك انّما هو بالتقرير و عدم الاعتراض على ما ذكره والده في المتن الثّانية ما افاده بتفريع قوله ينتفي القول المحكى عن (- ف -) و الجواهر و هذه بحسب الظّاهر ممّا يتّجه عليه المنع لانّ ظهور كلامين من فقيهين في حكم لا يقضى بانتفاء خلافه من غيرهما و يمكن توجيهه بانّ مراده انّ ظاهر عبارة (- عد -) انّ عدم انفكاك سقوط خياره عن سقوط خيار الأخر انّما هو على الواقع و عند الجميع لا بحسب نظره وحده و مثله تقرير فخر المحقّقين (- ره -) و (- ح -) يكون تفريع انتفاء القول المذكور على ما ذكره في محلّه قوله طاب ثراه فتأمّل وجه التّأمّل ما في غاية الآمال من أنّه للإشارة الى ما سيأتي من احتمال انّ الشّيخ (- ره -) لعلّه أراد سقوط خيار التمكّن من التّخاير من حيث تمكّنه مع قطع النّظر عن حال الأخر فلا ينافي سقوط خيار الأخر من أجل التّلازم بين الخيارين من حيث اتّحادهما في الغاية قوله طاب ثراه بل حكى هذا القول عن ظاهر (- كرة -) أو صريحها و فيه تأمّل الحاكي هو السيّد العماد السيد محمّد جواد العاملي في مفتاح الكرامة و الموجود في (- كرة -) هكذا لو أكرها على التفرّق و ترك التخاير لم يسقط خيار المجلس و كان الخيار باقيا الاّ ان يوجد منه ما يدلّ على الرّضا باللّزوم و هو أظهر الطّريقين عند الشّافعيّة و الثّاني انّ في انقطاعه وجهين كالقولين في صورة الموت و هذا اولى ببقاء الخيار لأنّ إبطال حقّه قهرا مع بقائه بعيد و كذا لو حمل احد المتعاقدين و اخرج عن المجلس مكرها و منع من الفسخ بان يسدّفوه مثلا انتهى و لعلّ وجه تأمّل الماتن (- ره -) انّ دلالته على ما فهمه الحاكي مبنيّة على ان يكون المراد بقوله و كذا لو حمل احد المتعاقدين انّه لا يسقط خياره وحده فيبقى خيار الأخر و امّا لو كان المراد انّه لا يسقط الخيار أصلا من شيء من الطّرفين كما لو أكرها جميعا كما لعلّه الأقرب الى التشبيه فإنّه لا يفيد ما فهمه الحاكي فتدبّر قوله طاب ثراه للأصل أراد بذلك استصحاب الخيار بعد الشكّ في ارتفاعه بمفارقة أحدهما عن (- كرة -) و يرده ما مرّ في حجّة القول الأوّل من إطلاق النصّ قوله طاب ثراه و تبادر تقيّده بكونه عن رضا كليهما ممنوع (- اه -) وجه المنع ظاهر و الاّ للزم عدم سقوط الخيار بافتراق أحدهما الأخر مختارا مع كراهة الأخر للزوم العقد من دون مكره كما لو بنى أحدهما على الفسخ و قبل إنشائه الفسخ مشى الأخر خطوات فانّ لازم دعوى تبادر رضاهما بالبيع حين التفرّق عدم سقوط الخيار (- ح -) و لا أظنّ أنّ متّفقها يلتزم بذلك فضلا عن الفقيه اللبيب قوله طاب ثراه جعل مجرّد مشيه سببا (- اه -) (11) قد يناقش

ص:42

في ذلك بانّ مورد الخبر ما إذا مشى المختار و بقي الأخر الّذي لا اثر لفعله من باب الغفلة و من البين صدق الافتراق عرفا بالمشي مختارا بخلاف البقاء فمورد الخبر عكس المفروض و جعله مجرّد مشيه سببا مسلّم الاّ انّ مشيه كان مشى مختار لا مكره فتدبّر قوله طاب ثراه الاّ انّ ظهور الرّواية في عدم (- اه -) لا يخفى عليك انّه على ما اسبقناه من عدم تماميّة دلالة ما في صحيح الفضيل لا حاجة لنا الى جعل ما ذكر من إطلاق الأخبار الحاكية لفعله عليه السّلام معارضا له كي يحتاج الى المرجّح قوله طاب ثراه مثل ما إذا مات أحدهما و فارق الأخر اختيارا (- اه -) قال والدي العلاّمة أنار اللّه تعالى برهانه انّ هذه المسئلة غير المسئلة الّتي تأمّل فيها جماعة منهم العلاّمة (- ره -) و هي انّه هل يسقط الخيار بموت أحدهما في المجلس فانّ تلك المسئلة مفروضة فيما إذا كان الأخر باقيا في المجلس مع بدن الميّت و هذه فيما إذا فارق الأخر جسد الميّت فكلّ منهما مقيّدة بقيد مناقض لقيد الأخرى قوله طاب ثراه مع تأيّد ذلك بنقل الإجماع عن السيّد عميد الدّين (- اه -) قال والدي (- قدّه -) انّ المشار اليه باسم الإشارة هو سقوط الخيارين بمفارقة أحدهما اختيارا و الإجماع المنقول عبارة عن الاتّفاق الواقع دعواه في ذيل العبارة الّتي حكيناها عن السيّد المتقدّم ذكره في طيّ ما علّقناه على قول (- المصنف -) سقوط خيارهما كما عن ظاهر المحقّق (- ره -) قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل هو الإشارة إلى إمكان كون الغاية الّتي هي افتراقهما غاية لكون البيعين بالخيار على وجه التوزيع بان يكون افتراق كلّ منهما غاية لخياره فقط دون صاحبه و (- ح -) فلا يبقى وجه لقوله انّ الغاية إن حصلت سقط الخياران و الاّ بقيا لابتنائه على كون مجموع افتراقهما غاية لمجموع خيارهما كما أفاد ذلك الشّيخ الوالد قدّس سرّه قوله طاب ثراه مع انّ شمول عبارته لبعض الصّور الّتي لا يختصّ (- اه -) أراد ببعض الصّور ما إذا كان غير المتمكّن قد فوّض أمر خياره قبل حصول عدم التمكّن الى صاحبه فأكره على الافتراق على وجه يتمكّن من الفسخ و التّخاير فلم يفعل فإنّه يبطل خياره و خيار غير المتمكّن الّذي فوّض خياره اليه فلم يختصّ بطلان الخيار بالمتمكّن كما نبّه على ذلك والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه

مسألة لو زال الإكراه فالمحكي عن الشيخ و جماعة امتداد الخيار بامتداد المجلس

قوله طاب ثراه فالمحكي عن الشّيخ و جماعة (- اه -) اختار الشّيخ (- ره -) ذلك في (- ط -) و اختاره العلاّمة في محكي (- ير -) و ثاني الشّهيدين في (- الروضة -) قوله طاب ثراه لانّ الافتراق (- اه -) قد يتمسّك بوجه أخر و هو انّ الخيار يثبت بزوال الإكراه باعتراف الخصم فيستصحب الخيار الى انقضاء مجلس زوال الإكراه و هذا الاستصحاب حاكم على أصالة اللّزوم الاّ ان يناقش بانّ الشكّ فيه في المقتضى من حيث الشكّ في قابليّة الخيار الثابت حين زوال الإكراه للبقاء فيبنى على القول بحجيّة الاستصحاب عند الشكّ في المقتضى فتأمّل قوله طاب ثراه و لم يجعل مجلس زوال الإكراه بمنزلة مجلس العقد أراد انّه لم يرد في الأدلّة الشّرعيّة ما يدلّ على التنزيل المذكور حتّى يستفاد من عموم المنزلة كون الخيار فيه (- أيضا -) بالافتراق قوله طاب ثراه كما عن (- كرة -) (- اه -) لم أجد في (- كرة -) التّصريح بذلك الاّ ان تكون النّسبة لقياسه على موت احد المتبايعين و انتقال الخيار إلى الورثة كما يظهر ذلك من سيّدنا في مفتاح الكرامة حيث قال و في (- كرة -) انّه على الفور في مسئلة ما إذا مات احد المتبايعين و يظهر منه انّ هذه من سنخ تلك فيكون الفور (- ح -) مذهب ولده في الإيضاح و الشّهيد في حواشي الكتاب و المحقّق الثّاني في (- مع صد -) انتهى لكن في نسبة الفتوى الى شخص على وجه الجزم قياسا على تصريحه بما يزعم مماثلته إيّاه كما ترى قوله طاب ثراه و لعلّه لانّه المقدار الثّابت يقينا و الأخذ بالمتيقّن في الخروج عن أصالة اللّزوم لازم و لكن قد يجاب بانّ وضع هذا الخيار ليس على الفور بل على التّراخي فتأمّل و ربّما استدلّ لهذا القول بوجهين اخرين أحدهما انّ شرع الخيار انّما هو للإرفاق و دفع الضّرر و لا ريب في حصول الغرض بالخيار انا ما و فيه أوّلا انّه حكمة لا حجّة فيها و ثانيا انّ وضع هذا الخيار على السّعة في الزّمان فتأمّل الثّاني صدق الافتراق القاضي بالسّقوط على الافتراق كرها و انّما خرجنا عن إطلاق ما دلّ على سقوط الخيار بالافتراق بالإجماع على عدم السّقوط بالافتراق عن (- كرة -) و هو دليل لبّى يؤخذ منه بالقدر المتيقّن فيرجع في غيره إلى إطلاق السّقوط بالافتراق و فيه أوّلا منع صدق دعوى الافتراق على الافتراق عن اكراه و ثانيا انّ الاستناد في عدم سقوط الخيار بالافتراق عن كره إلى الإجماع لا وجه له لأنّه ان أراد المحصل فلا (- يخلو -) من خفاء و ان أراد المنقول كان اللاّزم عليه التعلّق بإطلاقه و ثالثا انّ رجوعه في غير مورد الإجماع إلى الإطلاق محلّ تأمّل لأنّ إطلاق ما دلّ على السّقوط بالافتراق يقتضي سقوط الخيار بمجرّد ارتفاع الإكراه لا ثبوته انا ما ثمَّ سقوطه فإنّه إذا اعترف بالسّقوط انا ما كان المرجع استصحاب الخيار الحاكم على أصالة اللّزوم و بالجملة فالوجه المذكور من الأدلّة الّتي إذا أصلح أوّلها فسد أخرها و إذا أصلح أخرها فسد أوّلها فإنّه ان ادّعى صدق الافتراق على الافتراق عن كره لزمه إسقاط الخيار به للإطلاق و لا ينفع الإجماع في تقييده بعد استناد المجمعين الى منع صدق الافتراق المحمول عليه إيراثه سقوط الخيار على الافتراق عن كره و الّذي يخطر بالبال القاصر هو التّفصيل في المسئلة بين ما لو زال الإكراه في حال اجتماعهما و بين ما لو زال في حال غيبة أحدهما عن الأخر يعود الخيار على الأوّل الى ان يتفرّقا بعد ذلك اختيارا و عدم عوده على الثّاني قلنا هنا دعاوي ثلث الاولى عود الخيار لو زال الإكراه في حال اجتماعهما و الوجه في ذلك ظاهر لانّ الشّارع قد أسقط الافتراق عن كره عن الاعتبار فاذا زال الإكراه و هما مصطحبان عاد كما لو ناما في محلّهما ثمَّ استيقظا و بعبارة أخرى الافتراق عن كره غير مسقط للخيار شرعا فاذا زال الإكراه استصحب الخيار الثّانية انّ المدار بعد ذلك على افتراق أحدهما عن الأخر دون مفارقتهما مجلس زوال الإكراه و تظهر الثمرة فيما لو فارقا مجلس زوال الإكراه و مشيا مصطحبين فانّ الخيار لا يسقط على ما قلناه و يسقط على القول الأخر و الوجه في هذه الدّعوى (- أيضا -) ظاهر امّا انّ المدار على افتراق أحدهما عن الأخر فلإطلاق ما دلّ على بقاء الخيار الى ذلك الوقت و امّا انّ المدار ليس على مفارقتهما المجلس فلعدم الدّليل عليه بل الدّليل و هو الإطلاق المشار اليه على خلافه واضح السّبيل فانّ المدار في هذا الخيار ليس على مفارقة المجلس كما زعمه بعض العامّة ليقاس مجلس زوال الإكراه على مجلس الخيار بل المدار على مفارقة أحدهما الأخر كما لا يخفى الثّالثة عدم ثبوت الخيار لو زال الإكراه و هما غير مجتمعين و الوجه في ذلك ظاهر (- أيضا -) إذ بعد فرض كون الافتراق كرها لغوا غير ذي أثر كان الافتراق الموجود بينهما حال زوال الإكراه كافيا في إسقاط الخيار فكأنّه لا استعداد للموضوع لبقاء الخيار فيه و ما ذكر من حجّة القول الثّاني لا يفيد عند التأمّل ثبوت الخيار عند اجتماعهما حال زوال الإكراه و امّا الاستصحاب فلانقطاعه بإطلاق ما دلّ على

ص:43

سقوط الخيار بالافتراق كما لا يخفى

مسألة و من مسقطات هذا خيار المجلس التصرّف

قوله طاب ثراه ذكره الشيخ (- ره -) في (- ط -) (- اه -) قد ذكر ذلك في (- ف -) (- أيضا -) حيث قال إذا وطأ في مدّة الخيار لم يكن مأثوما و لحق به الولد و كان حرّا و لزم العقد من جهته الى ان قال دليلنا إجماع الفرقة على انّ المشترى متى تصرّف في المبيع بطل خياره انتهى فإنّ إطلاقه المشترى و المبيع و الخيار يقضى بشمول مقاله و إجماعه للفرض قوله طاب ثراه و العلاّمة في (- كرة -) (- اه -) قد ذكر ذلك في (- عد -) و (- ير -) (- أيضا -) و تبعه ولده في الإيضاح و الفاضل المقدار في التنقيح و ثاني الشهيدين في (- لك -) و غيرهم قوله طاب ثراه و لعلّه لدلالة التعليل (- اه -) أراد بذلك قوله عليه السّلام فذلك رضا منه في صحيح ابن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال الشّرط في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري اشترط أم لم يشترط فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة الأيّام فذلك رضا منه فلا شرط قيل له و ما الحدث قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الى ما كان يحرم عليه قبل الشّراء دلّ بعموم التّعليل على سقوط الخيار بكلّ ما دلّ على الرّضا فيسري إلى خيار المجلس (- أيضا -) كما يسرى الى البائع (- أيضا -) فيسقط خياره أيضا بإيجاد ما يدلّ على الرّضا و التصرّف دالّ عليه قطعا فيوجب السّقوط بالنّسبة إليهما إن كان منهما و الى المتصرّف إن كان من أحدهما بل ربّما سرّى بعضهم ذلك الى تصرّف البائع في المبيع و المشترى في الثّمن فأفتى بدلالتهما على الفسخ و لا بأس به بعد الأخذ بالعلّة و ادارة الحكم مدار الكشف عن الرّضا الاّ ان يناقش في الصّغرى أعني دلالة التصرّف على الرّضا و الفسخ بالمنع منها و من إطلاقها فتأمّل قوله طاب ثراه فتأمّل استظهر الشيخ الوالد قدّس سرّه كون الأمر بالتأمّل للإشارة إلى أن المنفيّ الّذي هو الشّرط المذكور ليس قابلا لشمول شرط المجلس إذ ليس المراد بقوله ما اشترى الاّ الحيوان بدلالة ما قبله و ما بعده فلا يكون المراد بالشرط المنفيّ إلاّ خيار الحيوان ثمَّ قال قدّس سرّه الاّ ان يقال انّ المراد بما اشترى و إن كان هو الحيوان الاّ انّ الشّرط في الحيوان لا يختصّ بشرطه المختصّ به الغير الجاري في غيره فيشمل سائر الشّروط المشتركة بين غيره و بينه و منها خيار المجلس و إذا سقط خيار المجلس في الحيوان سقط في غيره بعدم القول بالفصل أو يقال انّه يستفاد منه انّ المناط انّما هو الرّضا المستكشف عنه بالتصرّف فيقال انّ المناط المدلول عليه بالخبر موجود في خيار المجلس (- أيضا -)

الثاني خيار الحيوان
اشارة

قوله طاب ثراه لا خلاف بين الإماميّة (- اه -) قد جزم بعدم الخلاف فيه جمع و استظهر عدم الخلاف فيه في مجمع الفائدة و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و (- ئر -) و الانتصار و (- كرة -) و غاية المراد و التنقيح و المهذّب البارع و المصابيح و الجواهر و المستند و خيارات الفقيه الغرويّ و هداية الأنام و محكي كشف الرّموز و غيرها بل في الجواهر انّه في الجملة ضروريّ بين علماء المذهب و الأصل في ذلك النّصوص المستفيضة المدّعى تواترها في (- كرة -) فمنها صحيح محمّد بن مسلم و خبر علىّ بن أسباط المزبوران في خيار المجلس و منها الصّحيح الّذي رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال في الحيوان كلّه شرط ثلثة أيّام للمشتري و هو بالخيار فيها ان شرط أو لم يشترط و منها الموثّق الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عن ابن سعيد عن الحسن بن علىّ بن فضّال قال سمعت أبا الحسن موسى الرّضا عليه السّلام يقول صاحب الحيوان المشترى بالخيار ثلثة أيّام و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عنه عن صفوان عن أبي أيّوب عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال المتبايعان بالخيار ثلثة أيّام في الحيوان و فيما سوى ذلك من بيع حتّى يفترقا و منها الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن جميل عن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له ما الشّرط في الحيوان قال ثلثة أيّام للمشتري الحديث و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل و ابن بكير جميعا عن زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال سمعته يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيّعان بالخيار حتّى يفترقا و صاحب الحيوان ثلث و منها الصّحيح الّذي رواه عبد اللّه بن جعفر الحميري في محكي قرب الإسناد عن احمد و عبد اللّه ابني محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علىّ بن رئاب قال سألت أبا عبد اللّه سلام اللّه عليه قال سئلت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل اشترى جارية لمن الخيار للمشتري أو للبائع أو لهما كلاهما فقال الخيار لمن اشترى ثلثة أيّام نظرة فاذا مضت ثلثة أيّام فقد وجب الشّراء الى غير ذلك من الأخبار الاتية في فروع المسئلة (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه و ظاهر النصّ و الفتوى العموم لكلّ ذي حيوة (- اه -) صغير بالذّات أو بالوصف كالجراد و دود القزّ و زنبور العسل و العلق و نحوها أو كبيرا كالدّواب و الأنعام و غيرها ناطقا كالإماء و العبيد أو غيره إنسيّا أو وحشيّا برّيا أو بحريّا و ان خرج من الماء لما أشار إليه (- قدّه -) من إطلاق النّصوص و الفتاوى بل في الأخبار ما هو صريح في العموم مثل صحيح الحلبي حيث أكّد فيه الحيوان بلفظ كلّ الّذي هو من ألفاظ العموم قوله طاب ثراه لانّه لا يباع من حينه (- اه -) مضافا الى انّ ثبوت الخيار في الثّلثة انّما يطلق على ماله استعداد البقاء ثلثة أيام في العادة و السّمك المخرج من الماء ليس (- كك -) فيكون خارجا عن منصرف الأخبار قوله طاب ثراه و يشكل فيما صار (- كك -) (- اه -) لا وجه لهذا الإشكال بعد انصراف غيره من نصوص الخيار فتبقى أصالة اللّزوم محكمة في مثل ذلك قوله طاب ثراه و في منتهى خياره مع عدم بقائه إلى الثّلثة وجوه (- اه -) احد الوجوه فوريّة الخيار الثّاني امتداده الى الموت الثالث بقائه فيما بعد الموت الى الثّلثة أو الى ان ينتن فيخرج عن الماليّة أو يحدث فيه نقص في ماليّته بان يجعل المنتهى أقرب الأجلين منهما و الوجه في ذلك انّه ان لم يكن مندرجا في نصوص خيار الحيوان لم يكن لأصل الخيار وجه لعدم الدّليل عليه و إن كان مندرجا لزم امتداده الى الثّلثة ان بقي حيّا أو مات و لم يخرج من الماليّة و امّا إذا مات قبل الثلاثة و خرج عن الماليّة بحيث عدّ تلفا فمقتضى قاعدة كون التّلف في الثّلثة من البائع دون المشترى بمعنى انفساخ العقد قبل التّلف انا ما كما يأتي تحقيقه في أحكام الخيار (- إن شاء الله -) (- تعالى -) هو سقوط الخيار و انفساخ العقد فالوجه الأوّل و الثاني ساقطان جزما و لا وجه لعدهما وجها فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه ثمَّ انه هل يختصّ هذا الخيار بالمبيع المعين (- اه -) قد أهمل الماتن (- ره -) التّصريح بجملة من فروع خيار الحيوان و احكامه و لا بدّ لنا من الإشارة إليها الأوّل انّه لا فرق في ثبوت الخيار المذكور ثلثة أيّام بين ان يكون بالحيوان علّة أم لا لإطلاق النصّ و الفتوى و امّا ما يظهر منه الاختصاص بما فيه علّة مثل الصّحيح الذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن الوشاء عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه سلام اللّه عليه قال عهدة البيع في الرّقيق ثلثة أيّام إن كان بها حبل أو برص أو نحو هذا و عهدته سنة من الجنون فما بعد السّنة فليس بشيء حيث دلّ بمفهوم الشّرط على الاختصاص بصورة الحبل أو البرص أو نحوه فلا عبرة به و لا قائل

ص:44

بمضمونه بل يمكن منع أصل الدّلالة نظرا إلى انّه عليه السّلام لم يكن بصدد بيان الخيار بل أراد بيان كون ضمان المبيع على البائع و ذلك لا يفيد عدم ثبوت الخيار في الثلاثة إذا لم يكن برص و لا نحوه كما لا يخفى الثّاني انّ ظاهر النصّ و الفتوى انّما هو تمام الحيوان فلو اشترى نصفه أو ثلثه أو ربعه أو الرأس أو اليد أو الرّجل كما هو المتعارف في أطراف عراق العرب فالأظهر عدم ثبوت خيار الحيوان لأصالة اللّزوم بعد الشكّ في اندراجه تحت الأدلّة و يحتمل الثّبوت لإطلاق الدّليل نظرا الى صدق بيع الحيوان عليه عرفا و لو مجازا لعلاقة الجزء و الكلّ مضافا الى عموم الحكمة فتأمّل نعم لو اشتركا في شراء حيوان بأجمعه ثبت لهما الخيار على وجه اشتراكهما فيه فلا تذهل الثّالث انّه لا فرق بين كون الحيوان مبيعا مستقلاّ أو منضمّا الى غيره للصّدق عرفا على وجه الحقيقة فيحكّم أصالة الإطلاق على أصالة اللّزوم و ما يقال من انّ ثبوت هذا الخيار على خلاف الأصل فيقتصر فيه على المتيقّن و المركّب من الدّاخل و الخارج خارج لا وجه له ضرورة انّ قاعدة الاقتصار لا تجري في قبال أصالة الإطلاق و خروج المركّب من الدّاخل و الخارج لا عبرة به بل العبرة بصدق مشتري الحيوان عليه و المفروض وجوده ثمَّ انّه على القول بثبوت الخيار فقد قال الفقيه الغرويّ (- ره -) انّه ليس له الفسخ في الحيوان فقط بل امّا ان يفسخ في الكلّ أو بمضيّ الكلّ قلت هذا على إطلاقه غير مستقيم و لا واضح لأنّه إذا كان عين قيمة كلّ من الحيوان و الضّميمة في البيع فما المانع من الفسخ في الحيوان خاصّة بل لا مانع من الفسخ حتّى مع عدم تعيين قيمة كلّ منهما بل باعها صفقة بقيمة معيّنة من غير تعيين ما قابل كلاّ منهما غاية هناك انّه إذا فسخ في صورة عدم تعيين ثمن كلّ منهما قوّم كلّ منهما على حدة و قسّط الثّمن عليهما بالنّسبة و استردّ بمقدار قيمة الحيوان من الثّمن بالنّسبة و لا مانع من الفسخ بوجه بل يمكن ان يقال انّ اختصاص الخيار بالحيوان يقتضي عدم جواز الفسخ في الضّميمة لكون البيع بالنّسبة إليها لازما و الجواز انّما هو بالنّسبة إلى الحيوان كما لا يخفى و التعلّق في المنع من الفسخ في البعض بلزوم الضّرر بالتّبعيض لا وجه له فانّ ذلك في غير الخيار الّذي مستنده الضّرر لا (- يخلو -) من اشكال لتعليلهم فيه بانّ الضّرر لا يجبر بمثله و كذا لا وجه للتعلّق بانّ الفسخ عائد إلى العقد و العقد واحد فلا يتبعّض و باب التّبعّض للصّفقة ليس فسخا لبعض العقد بل هو انفساخ من الأصل أو شيء قضى به الدّليل و وجه السّقوط انّ العقد و ان اتّحد لكنّه لتعدّد المبيع ينحلّ الى عقود متعدّدة الا ترى الى جواز الإقالة بالنّسبة إلى البعض و ليس ذلك إلاّ لأنّ العقد كصيغة الأمر يقع الامتثال ببعض أفراد المأمور به دون البعض و انّ العقد له تأثيرات متعددة فيرتفع البعض و يبقى الباقي فتأمّل ثمَّ على القول بعدم جواز الفسخ إلاّ في الكلّ لو فسخ في البعض فهل يصير فسخه لغوا أو يكون فسخا في الكلّ وجهان من انّه فسخ على وجه غير جائز و الانفساخ في الكلّ غير مقصود فيقع لاغيا و من انّ ذلك فسخ صدر من كامل فلا يلغو فتأمّل الرّابع انّه لا فرق في ثبوت الخيار المذكور بين ان يشترط في ضمن العقد ثبوته أو لم يشترط لإطلاق النصّ و الفتوى و تصريح جماعة كثيرة به بل وقع التّنصيص عليه في جملة من نصوص المسئلة و معاقد اجماعاتها كصحيح الحلبي المتقدّم و إجماع (- ف -) و (- ئر -) و الانتصار و غيرها مضافا الى انّ شرط الخيار لا يختصّ جوازه بالحيوان و لا بثلاثة أيّام فاختيار بيان ثبوت الخيار في الحيوان ثلثة أيّام يدلّ على انّ موردها ما لو لم يشترط و امّا مع الشّرط فقد يثبت أزيد من ثلثة أيّام في الحيوان و غيره ان شرط ذلك و قد لا يثبت حتّى في الحيوان إذا شرط سقوطه الخامس انّ الكلام في ثبوت الخيار هنا للوكيل و الموكّل أو لهما هو الكلام في ذلك في خيار المجلس و كذا الكلام في سقوط الخيار فيما لو اشترى من ينعتق عليه فراجع ما هناك يظهر لك ما هنا قوله طاب ثراه كما عن (- كرة -) (- اه -) قال في (- كرة -) بعد الاستدلال بالأخبار ما لفظه و لانّ العيب في الحيوان قد يثبت خفيّا غالبا و في الثلاثة يختبر و يظهر أثره فوجب ان يكون مشروعا دفعا للضّرر و لانّه يثبت في الشّاة المصراة فكذا في غيرها لانّ المناط هو ظهور العيب الخفيّ و لانّ الحيوان يغتذي و يأكل في حالتي صحّته و سقمه و يتحوّل طبعه قلما ينفكّ عن عيب خفيّ أو ظاهر فيحتاج إلى إثبات الخيار ليندفع عنه هذا المحذور انتهى قوله طاب ثراه نعم يظهر من بعض المعاصرين الأوّل و لعلّه الأقوى لم افهم المراد بهذا البعض و كلام صاحبي المقابيس و الجواهر خال من ذلك ثمَّ انّ في تقوية الوجه الأوّل مع جعله الثّاني هو المترائى من النصّ و الفتوى ما لا يخفى و التعلّق للاوّل بالحكمة المزبورة لا وجه له لعدم اطّرادها مع انّها هنا غير معلومة لإمكان كون الحكمة تباصر المشتري حتّى يعلم موافقة البيع لمصلحته أم لا فتدبّر

مسألة المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشتري

قوله طاب ثراه المشهور اختصاص (- اه -) قد سبقه في وصف هذا القول بالشّهرة في غاية المراد و (- س -) و التّنقيح و (- مع صد -) و (- الروضة -) و (- لك -) و مجمع الفائدة و المصابيح و كشف الظلام و الجواهر و خيارات الفقيه الغرويّ و غيرها و في الرّياض و المستند انّه الأشهر و في كشف الظلام انّ عليه الأكثر قوله طاب ثراه حكى عن الشّيخين (- اه -) هذا هو خيرة (- يه -) و (- ط -) و (- ئر -) و الغنية و (- يع -) و (- فع -) و (- كرة -) و (- عد -) و (- شاد -) و الإيضاح و اللّمعة و التنقيح و (- مع صد -) و مجمع الفائدة و الكفاية و الوسائل و الهداية و الرّياض و (- ئق -) و المصابيح و محكي المقنعة و المراسم و الوسيلة و (- ير -) و فقه القرآن للرّاوندي و كشف الرّموز و التّبصرة و (- لف -) و شرح (- شاد -) للفخر و تعليق (- شاد -) للكركرى و إيضاح (- فع -) القطيفي و الميسيّة و (- س -) و غيرها و هو المحكى عن ابى يعلى القاضي (- أيضا -) قوله طاب ثراه و الشاميين الخمسة (- اه -) قد اصطلحوا على التّعبير بالشّاميين بالتثنية عن الحلبي و القاضي و بالشّاميين الثلاثة عنهما مع الشّهيد و بالأربعة عنهم مع الكركي و بالخمسة عنهم مع الشهيد الثّاني و بالستّة عنهم مع ابى الحسن صاحب المدارك و بالسّبعة عنهم مع صاحب المعالم و بالثمانية عنهم مع العلائي ابن الكركي و بالتّسعة عنهم مع البهائي و بالعشرة عنهم مع الشيخ حسين والد البهائي و بالأحد عشر عنهم مع الميسي و بالاثني عشر عنهم مع الشّيخ محمّد بن صاحب المعالم فاحفظ هذه الاصطلاحات تنفعك قوله طاب ثراه و بالحلبيّين قد تضمّنت النّسخة المصحّحة كلمة الحلبيّين بالباء الموحّدة و لكن يبعده عدم قيام الاصطلاح في الحلبي بلفظ الجمع و انّما اصطلحوا بلفظ تثنية عن ابى الصّلاح و ابن زهرة و يبعّد كون العبارة هنا بالباء الموحّدة انّ أبا الصّلاح من جملة الشّاميّين الخمسة المشار إليهم فإذا أريد بالحلبيّين السّتة هو و ابن زهرة و أربعة اخرون لزم التكرار و انّما اصطلحوا في الحلّي بصيغة الجمع فيطلق الحلّيان على ابن إدريس و المحقّق و الحلّيون الثّلثة عليهما مع العلامة و الأربعة عليهم مع الفخر و الخمسة عليهم مع ابن سعيد و الستّة عليهم مع السيوري المقداد و السّبعة عليهم مع ابى العبّاس بن فهد و الثّمانية عليهم مع ابن القطّان و التّسعة عليهم مع العميدي و العشرة عليهم مع والد العلاّمة و الأحد عشر هم مع ابن طاوس و الاثنى

ص:45

عشر عليهم مع ابن سعيد الأكبر جدّ المحقّق قوله طاب ثراه و عن الغنية و ظاهر (- س -) الإجماع عليه (- اه -) قال في الغنية و يثبت خيار الثّلث في الحيوان بإطلاق العقد للمشتري خاصّة من غير شرط و في الأمة مدّة استبرائها بدليل الإجماع المتكرّر انتهى و قال في (- س -) ثالثها خيار الحيوان و هو ثلثة أيّام من حين العقد أو التفرّق للمشتري خاصّة و قال المرتضى لهما و الرّواية صحيحة إلاّ أنّ الشهرة رواية و فتوى بل الإجماع يعارضها انتهى و قد ادّعى الإجماع في المصابيح و مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و المستند (- أيضا -) و لكنّه كما ترى قوله طاب ثراه لعموم قوله عليه السّلام إذ افترقا وجب البيع (- اه -) قد وقع الاستدلال في كلماتهم للقول بالاختصاص بوجوه أشار الماتن (- ره -) بهذه العبارة و ما بعدها الى وجوه ثلث منها الرّابع انّ الأصل في البيع اللّزوم على ما مرّ خرج منه المشترى بعد مفارقته البائع إذا كان المبيع حيوانا بالاتّفاق و الإجماع فيبقى العقد بالنّسبة إلى البائع فيما بعد الافتراق على أصالة اللّزوم و من البين إمكان لزوم العقد من جهة و جوازه من جهة أخرى قلت التمسّك بالأصل إنّما يتّجه بعد ابطال النصّ الدّال على ثبوت الخيار للبائع (- أيضا -) الى الثّلثة و الاّ كان هو المرجع دون الأصل الخامس ما تمسّك به صاحب (- ئق -) و بعض من تأخّر عنه من عدّة اخبار مثل الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن ابن سنان يعنى عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه صلوات اللّه و سلامه عن الرّجل يشتري الدابّة و العبد و يشترط الى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدّابة أو يحدث فيه حدث على من ضمان ذلك فقال على البائع حتّى ينقضي الشّرط ثلثة أيّام و يصير المبيع للمشتري و مثله غيره ممّا بمضمونه و في دلالته نظر ظاهر ضرورة انّ غاية ما يدلّ عليه الخبر و ما ادّى مؤدّاه انّما هو كون تلف المبيع في زمان الخيار من مال البائع و لا دلالة فيه على ثبوت الخيار للبائع (- أيضا -) بشيء من الدّلالات الثّلث لانّ ضمان البائع كما يجامع ثبوت الخيار لهما فكذا يجامع ثبوته للمشتري خاصّة كما لا يخفى السّادس ما جعله في (- ئق -) مؤيّدا و بعض من تأخّر عنه دليلا من انّ الظّاهر انّ الحكمة في هذا الخيار انّ الحيوان مظنّة العيوب و هي قد تخفى كثيرا و لا تظهر غالبا و أيضا قد تتعلّق به أغراض لا يمكن الاطّلاع عليها الاّ بالاختيار و مرور الأيّام فضرب الشّارع للمشتري هذه المدّة لإمكان ظهور العيب حتّى يفسخ فيها و هذه الحكمة لا يظهر وجهها بالنسبة إلى البائع المطّلع على عيوب حيوانه فلا يكون الخيار مشروعا في حقّه لانتفاء وجه الحكمة فيه و أنت خبير بأنّه اعتبار و استنباط للعلّة و لا حجّة فيه كما لا يخفى قوله طاب ثراه منها صحيحة الفضيل (- اه -) وجه الدّلالة انّ اللاّم فيه للاختصاص و تخصيص المشترى بالذكر يقضى بقصر الخيار عليه مضافا الى مقابلته الثّلثة للمشتري بالمجلس للبيعين جميعا قوله طاب ثراه و نحوها صحيحة الحلبي (- اه -) وجه الدّلالة ظهور اللاّم في الاختصاص و الوصف في التقييد للفرق الظّاهر بين قولنا المشترى بالخيار و قولنا الخيار للمشتري و مثله في السّائمة زكاة و الزكاة في السّائمة و يؤكّد ذلك افراد الضّمير في قوله عليه السّلام بعد ذلك و هو بالخيار فيها قوله طاب ثراه و أظهر من الكلّ صحيحة ابن رئاب (- اه -) و مثلها في الدلالة ما رواه الرّاوندي في محكي فقه القران قال و عن فضيل قلت لابيعبد اللّه سلام اللّه عليه ما الشرط في الحيوان قال ثلاثة أيّام شرط ذلك في حال العقد أو لم يشترط و يكون الخيار للمبتاع خاصّة قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرّضا منهما الاّ ان يشترطا إلى مدّة معيّنة لكن المرويّ في الكافي و (- يب -) عن فضيل خلاف ذلك كما مرّ و ان قيل انّه لا ضير في ذلك لانّ الرّاوندي من القدماء فيكون أخذه من الأصول القديمة قوله طاب ثراه و عن سيّدنا المرتضى (- اه -) اختار السيّد ذلك في الانتصار و ابن طاوس في محكي البشرى و في (- لك -) انّه في غاية القوّة و مال إليه في (- الروضة -) و الكاشاني في المفاتيح و هو الّذي يقتضيه إطلاق عبارة (- ف -) المزبورة الاّ ان يناقش بما في مفتاح الكرامة أخذا من المصابيح من استظهار انّ غرضه إثبات أصل الخيار ردّا على العامّة و انّما احتجّ بالإجماع على ذلك دون العموم لتصريحه في (- يه -) و (- ط -) باختصاص المشترى به فليس الشيخ (- ره -) في (- ف -) موافقا لهما كما قد يتوهّم و لا أبو الصّلاح في الكافي لأنّه صرّح فيه بضمان البائع له على انّه لم يحكه احد عنه انتهى ما في المفتاح قوله طاب ثراه لأصالة جواز العقد (- اه -) يعنى انّ العقد كان جائزا ما داما كانا في المجلس فيستصحب اللّزوم بالنّسبة إليهما جميعا الى ثلثة أيّام و فيه من السّقوط ما لا يخفى إذ بعد اختصاص دليل الجواز بما إذا كانا باقيين على الاجتماع و التّصريح بلزوم العقد إذا افترقا لم يكن للاستصحاب مجرى قوله طاب ثراه و لصحيحة محمّد بن مسلم (- اه -) قد يستدلّ بصحيحة محمد بن مسلم الأخر و صحيح زرارة المتقدّمين المتضمّنين لقوله عليه السّلام صاحب الحيوان بالخيار ثلثة أيّام بعد الجمع بينهما و بين الثبوت للمشتري حيث انّ الجمع يقتضي الثبوت لهما و فيه انّ المراد بالصّاحب فيهما هو المشترى امّا أوّلا فلكونه من المجمل المبيّن في موثّق ابن فضال المتقدّم به حيث قال عليه السّلام صاحب الحيوان المشترى بالخيار ثلثة أيّام و حمل المجمل على المبيّن لازم و امّا ثانيا فلدلالة سياق الخبر على حصر خيار الحيوان في أحدهما على خلاف خيار المجلس و (- ح -) فإن أريد به البائع كانا مخالفين للإجماع لمعلوم على عدم اختصاصه بالبائع فتعيّن ان يكون المراد به صاحبه بعد العقد و هو المشتري مضافا الى انّه المتبادر لانّه قد انتقل اليه عنه قوله طاب ثراه و هي رجح بحسب السّند (- اه -) غرضه بذلك مقابلة من رجح اخبار القول بالاختصاص بالمشتري بالأكثريّة عددا و الأشهريّة رواية و فتوى شهرة تلحق الخبر المثبت بالشّواذ المتروكة بين الأصحاب بأنّ صحيح ابن مسلم أرجح سندا من صحيح ابن رئاب و الأصحّية من جملة المرجّحات و لكن باب المناقشة على ما ذكره مفتوحة أمّا أوّلا فلانا لو سلّمنا الأصحّية فلا ريب في انّ اعراض من عدا نادر من الأصحاب عن الأصحّ الموجود في الكتب الأربعة و تعلّقهم بالخبر الموجود في كتاب مرجوح بالنّسبة إلى الكتب الأربعة أقوى شاهد و أوضح دليل على انّ في الخبر الأصحّ سميّة ليست في الأخر و من هنا شاع بينهم و ذاع و ملأ الدّفاتر و نودي على المنابر انّ الخبر كلّما ازداد صحّة و اعتبارا ازداد بسبب إعراض الأصحاب عنه سقوطا و وهنا و امّا ثانيا فلانّ اخبار القول بالاختصاص عديدة غير منحصرة في صحيح ابن رئاب بل فيها ما رواه راوي رواية القول بعدم الاختصاص عنى محمّد بن مسلم و المرويّ عنه واحد فيهما و روى الأخر غيره من الثقات (- أيضا -) فيشبه ان يكون هذا هو الأصل و الأخر مرويّا بظنّ الموافقة لهما في المعنى فتكون روايته هذه في قبال تلك فيبقى صحيح ابن رئاب و غيره سليما عن المعارض و ربّما يرجّح اخبار القول بالاختصاص بوجهين اخرين غير شهرة الرّواية و الفتوى أحدهما أنّها أوفق بعمومات الكتاب و السّنة الّتي هي بلزوم البيع ناطقة و قد قال عليه السّلام ما وافق كتاب اللّه تعالى فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فدعوه ثانيهما انّ هذه الأخبار أبعد

ص:46

من التّقيّة لأنّ الشّيخ الحرّ العاملي (- ره -) احتمل في الوسائل حمل اخبار القول الأوّل على التقيّة و إن كان فيه نظر من حيث إطباق العامّة كما سمعت من الشيخ (- ره -) في (- ف -) و علم الهدى في الانتصار على عدم ثبوت الخيار لشيء منهما فلا يبقى (- ح -) للحمل على التقيّة وجه الاّ ان يبتني ذلك على ما يظهر من بعض الأخبار من عدم توقّف الحمل على التقيّة على وجود قول بذلك للعامّة و انّهم عليهم السّلام أوقعوا الاختلاف في الأخبار حقنا لدمائنا فيلزم التحرّي و الأخذ بما هو الأشهر مثلا و بذلك حزم في (- ئق -) حيث قال و احتمل في الوسائل حملها على التقيّة و لعلّه الأقرب و إن كان لا يحضرني الآن مذهب العامّة في هذه المسئلة لمّا عرفت في مقدّمات كتاب الطّهارة من انّ الحمل على التقيّة لا يتوقّف على وجود القائل بذلك منهم فإنّه لمّا كان الأصحاب سلفا و خلفا سوى المرتضى (- ره -) على هذا القول المشهور و اخبارهم كما عرفت متظافرة به فإنّه يعلم بذلك كونه مذهب الأئمّة (- ع -) عليهم السّلام و ليس لما خالف ذلك ممّا ورد عنهم عليهم السّلام محمل غير التّقيّة انتهى و فيه نظر ذكرناه في محلّه قوله طاب ثراه فالإنصاف انّ دلالتها بالمفهوم (- اه -) أراد بذلك إثبات أظهريّة أخبار القول بالثّبوت لهما و يمكن المناقشة فيما ذكره بمنع كون دلالة صحيح بن رئاب بالمفهوم و اىّ منطوق أقوى و امتن من قصر المجيب الحكم على احد الأفراد الّتي ردّد السّائل الحكم بينها و لعمري انّ ما ارتكبه من الحمل و التّأويل ممّا لا ينبغي صدوره من مثله و كيف يحتمل في حقّه عليه السّلام إخفاء بعض الحكم في جواب المستفسر عن حقيقة الحال المردّد بين الأطراف في السّؤال ان ذلك إلاّ تأخيرا للبيان و تعمية للمتفحّص عن الأحكام الشرعيّة فتأمّل قوله طاب ثراه من انّ خيار الحيوان للمشتري على البائع (- اه -) توضيحه انّ كون الخيار للمجموع كما يحصل بثبوته لكلّ منهما فكذا يحصل بكون الخيار للمشتري لأنّه إذا كان للمشتري الخيار على البائع صدق انّ الخيار بينهما و وجه كونه في غاية السّقوط مخالفته لظاهر عبارة الرّواية قوله طاب ثراه نعم هنا قول ثالث (- اه -) قلت هنا قول رابع و هو الفرق بين ما لو كان كلّ من الثّمن و المثمن حيوانا و بين ما لو كان أحدهما حيوانا و الأخر غير حيوان بالثّبوت لهما في الأوّل و للمشتري خاصّة في الثاني و قد حكى هذا القول في مفتاح الكرامة عن الصّيمري في غاية المرام ثمَّ قال (- ره -) و قد مال اليه أو قال به جماعة كأبي العبّاس (- ره -) و الكركي (- ره -) في المقتصر و تعليق (- شاد -) و القطيفي (- ره -) في إيضاح (- فع -) و الفاضل الميسي (- ره -) و الشّهيد الثّاني في (- الروضة -) لأنّهم بين مستوجه له و مقرّب و مقو له أو ناف عنه البعد و لم يحكم به سوى الصيمري و قد جعله في (- مع صد -) ثالث الأقوال و نفى عنه فيه البعد انتهى و لكن لا يخفى عليك انه لم يتقن النّقل لأنّ الّذي افتى به في (- لك -) و (- الروضة -) انّما هو ما نسبه إليه في المتن من الثّبوت لهما مع كون الطّرفين حيوانا و للبائع خاصّة مع كون الثّمن حيوانا دون المثمن و للمشتري خاصّة في عكسه قال في (- لك -) بعد إثبات الخيار لهما مع كون الطّرفين حيوانا و للمشتري مع كون المبيع حيوانا ما لفظه و لو كان الثّمن خاصّة حيوانا ثبت الخيار للبائع خاصّة على الأقوى انتهى و مثله ما في (- الروضة -) و يظهر اثر الفرق بين القولين فيما لو كان الثمن خاصّة فإنّ لازم القول الرّابع الّذي ذكرناه عدم ثبوت الخيار لهما لعدم كون الطّرفين حيوانا و لا للمشتري لعدم كون المبيع حيوانا و امّا على قول الشّهيد الثّاني (- ره -) فيثبت الخيار لصاحب الحيوان مطلقا ثمَّ انّ حجّة القول الرّابع هي صحيحة محمّد بن مسلم المزبورة حجّة للقول بالثّبوت بعد حمله على كون كلّ من المبيع و الثّمن حيوانا كما ارتكبه جماعة بل عزاه في الوسائل إلى أكثر الأصحاب و فيه انّ الحمل انّما يقبل عندنا إذا كان عليه شاهد من الأخبار أو ساعده فهم العرف كما بيّنا ذلك في المطارح و لا ريب في انتفاء كليهما في المقام فلا يصار اليه قوله طاب ثراه لعموم صحيحة محمّد بن مسلم (- اه -) هذا احد الوجوه المستدلّ بها للقول الثّالث الثاني الحكمة المتقدّم ذكرها في طيّ حجج القول بالاختصاص فإنّها مشتركة بين الجانبين و فيه انّه ان أريد بها العلّة المستنبطة فلا ريب في عدم جواز العمل بها ما لم تكن معلومة علما قطعيّا من عقل أو نقل من إجماع أو نصّ فتكون منقّحة و إن كانت منصوصة كفى فيها الظنّ لأنّ الدّلالة (- ح -) لفظيّة و ليس في المقام شيء منهما قطعا و ان أريد بها الحكمة في شرع الحكم و موافقته للاعتبار ففيه انّ هذه لا يناط بها الحكم لعدم انضباطها و اطّراد الحكم بدونها الثّالث انّه مقتضى الجمع بين اخبار الباب و فيه انّ أولويّة الجمع مهما أمكن حتّى مع فقد الشّاهد عليه منها و عدم مساعدة العرف إيّاه ممنوعة أشدّه كما لا يخفى على من راجع المطارح و الّذي يقتضيه التّحقيق هو قوّة هذا القول امّا أوّلا فلانّ إطلاق الصّحيحين المزبورين صاحب الحيوان محكّم و لا وجه لتقييده بالمشتري لمجرّد تقيّده به في موثق ابن فضال ضرورة انّ النّسبة بين قوله عليه السّلام صاحب الحيوان بالخيار ثلثة أيّام و بين قوله (- ع -) صاحب الحيوان المشترى بالخيار انّما هي الإطلاق و التّقييد الغير المتنافى ظاهرهما إذ لا مانع من ثبوت الخيار لصاحب الحيوان بائعا كان أو مشتريا و لصاحب الحيوان إذا كان مشتريا و قد تقرّر في صناعة الأصول اختصاص قاعدة حمل المطلق على المقيّد بما إذا تنافى ظاهرهما و امّا مع عدم التّنافي فيعمل بكلّ منهما بحياله و (- ح -) فيدور الخيار مدار صاحب الحيوان فإن كان هو البائع كان الخيار له دون المشترى و إن كان هو المشترى كان الخيار له دون البائع و إن كانا كلاهما كان الخيار لهما و لا يتوهّم مخالفة ذلك للأخبار المزبورة المشهورة رواية و فتوى و الإجماعات المنقولة على حدّ الاستفاضة الدّالة على اختصاص الخيار بالمشتري ضرورة انصراف تلك الأخبار الى ما لو كان المبيع حيوانا دون العوضين جميعا و دون الثّمن وحده فإنّه لا يشكّ أحد في تبادر ذلك من تلك الأخبار و العبائر و انسياقها لذلك فلا دلالة فيها على نفى الخيار للبائع إذا كان العوضان حيوانين أو الثمن خاصّة حيوانا فالقول بثبوت الخيار في الفرضين ليس مخالفة للقول المشهور و لا للمنقول من الإجماع بل هو قول بذلك مع زيادة لدليل كما لا يخفى و امّا ثانيا فلمّا تقرّر في محلّه من انّ تعليق الحكم على الوصف يقتضي العلّية و قد علّق عليه السّلام الحكم على كونه صاحب حيوان و منتقلا اليه الحيوان فيفيد عليه انتقال الحيوان الى شخص لثبوت الخيار له و يثبت بذلك المطلوب فتحصّل انّ الحقّ المؤيّد المنصور هو القول المشهور فيما إذا كان المبيع حيوانا دون الثّمن مع زيادة ثبوت الخيار للبائع خاصّة إذا كان الثمن خاصّة حيوانا و لهما إذا كان العوضان حيوانين و اللّه العالم قوله طاب ثراه لأنّ الغلبة قد تكون (- اه -) أراد بذلك انّ الغلبة النّاقصة يصحّ الاعتماد عليها في ذكر القيد الوارد على طبقها مع كون الحكم متعلّقا بأصل الطبيعة بخلاف الإطلاق فإنّه لا يصحّ الاعتماد في تقييده على الغلبة النّاقصة بأن يكون الحكم منوطا بما هو الغالب على وجه الغلبة النّاقصة فلا بدّ من كون الغلبة كاملة و السرّ في ذلك انّ ذكر القيد في الكلام يدور مدار نكتة رافعة لصيرورة القيد لغوا بخلاف الإطلاق مرادا به المقيّد فإنّه لا بدّ فيه من قرينة قويّة تصلح صارفة عن الظّهور الأصلي الّذي هو الإطلاق على وجه يصير اللّفظ ظاهرا في المقيّد و ليست إلاّ الغلبة الكاملة الصّالحة لتعيّن المقيد بخصوصه كما نبّه على ذلك الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه قوله طاب ثراه

ص:47

و لا صحيحة محمّد بن مسلم المثبتة (- اه -) المراد بها هي المتقدّمة عند ذكر مستند علم الهدى (- ره -) قوله طاب ثراه لكن الإشكال في إطلاق الصّحيحة الأولى (- اه -) أراد بها الصّحيحة المتضمّنة لقوله عليه السّلام و صاحب الحيوان بالخيار ثلثة أيّام و وصفها بالأولى لكونها أوّل ما ذكره بعد القول الثّالث قوله طاب ثراه فلا محيص عن المشهور (- اه -) قد عرفت انّ الحقّ الّذي لا محيص عنه هو القول الثالث

مسألة عدم الفرق بين الأمة و غيرها في مدة خيار الحيوان

قوله طاب ثراه لا فرق بين الأمة و غيرها (- اه -) اى من العبد و الحيوانات صرّح بذلك الحلّي في (- ئر -) و الشهيدان في اللّمعتين و محكي (- س -) و اخرون ممّن تأخّر عنهم بل نسبه في الرّياض إلى الأكثر قيل لعلّ مراده ظاهرهم قلت النّسبة في محلّها لأنّ الإطلاق في كلمات الفقهاء كغيرها معتبر قوله طاب ثراه بل عن الأوّل دعوى الإجماع (- اه -) قال في الغنية و الخيار في الأمة مدّة استبرائها بدليل الإجماع المتكرّر انتهى قوله طاب ثراه و ربّما ينسب هذا إلى المقنعة (- اه -) قال في المقنعة و (- ية -) لو ابتاع إنسان جارية و عزلها عند ثقة على استبرائها كانت النفقة عليها من مال البائع في مدّة الاستبراء فان هلكت فيها فمن ماله دون مال المبتاع انتهى و قريب من ذلك في المؤدّى عبارتا المراسم و الوسيلة و محكي الجامع قوله طاب ثراه و لم أقف لهم على دليل اى عدى إجماع الغنية الّذي هو كسراب بقيعة الاّ ان يحمل على صورة عدم قبض المشتري الأمة فيثبت خيار التّأخير لكنّه خلاف مصبّ عبائرهم و على اىّ حال فالأقوى عدم الفرق لإطلاق الأخبار بل عموم صحيح الحلبي المؤكّد للحيوان بالكلّ و خصوص صحيح ابن رئاب الّذي مورده الجارية و صحيح ابن سنان المتقدّم الصّريح في الشمول للجارية بقرينة الحبل مؤيّدا ذلك كلّه بإطلاق الإجماعات المزبورة في صدر المقال و نفى البعد عن القول الأخر نظرا الى ذهاب معظم الأصحاب اليه و حكاية الغنية الإجماع عليه كما صدر من سيّدنا في مفتاح الكرامة ساقط بالبداهة إذ قول المعظم لا حجّة فيه في قبال قول الحجّة المعصوم عليه السّلام و إجماع الغنية لا ينفع مع وجود الخلاف و دعوى الإجماع على خلافه من قوم فلا تذهل

مسألة في أن مبدأ خيار الحيوان من حين العقد

قوله طاب ثراه مبدء هذا الخيار من حين العقد (- اه -) هذا هو خيرة (- كرة -) و (- شاد -) و التنقيح و اللمعتين و غاية المراد و (- لك -) و (- مع صد -) و مجمع الفائدة و الكفاية و الرّياض و المستند و (- ئق -) و المصابيح و غيرها بل في المصابيح و خيارات الفقيه الغرويّ انّه ظاهر المعظم بل في مجمع الفائدة و المقابيس و غيرهما انّه المشهور بين الأصحاب ثمَّ لا يخفى عليك انّ لازم نزاعهم في كون مبدء خيار المجلس من حين العقد أو من حين التفرّق هو تسالمهم على ثبوت خيار المجلس في بيع الحيوان لكلّ من المتبايعين لإطلاق دليله و يظهر اثر ذلك بالنّسبة إلى البائع على القول المشهور من عدم ثبوت خيار الحيوان له فإنّه يثبت له خيار المجلس و كذا فيما إذا أسقطا خيار الحيوان في العقد أو بعده فإنّه يبقى لهما خيار المجلس و قد ادّعى في المقابيس الاتّفاق على دخول خيار المجلس في بيع الحيوان (- أيضا -) و مع ذلك فربّما احتمل بعضهم عدم الثبوت نظرا الى انّ لازم مقابلة خيار المجلس بخيار الحيوان و جعل مورد الأوّل غير الحيوان و مورد الثّاني الحيوان هو عدم جريان خيار المجلس في بيع الحيوان الا ترى الى قوله عليه السّلام في خبر علىّ بن أسباط الخيار في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري و في غير الحيوان ان يتفرّقا و مثله صحيح فضيل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له ما الشّرط في الحيوان قال ثلثة أيّام للمشتري قال قلت له و ما الشّرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا الحديث فتأمّل كي يظهر لك إمكان ان يقال انّ المراد بقوله ما الشرط في الحيوان هو السّؤال عن الحيوان من حيث كونه حيوانا فيكون المراد بقوله غير الحيوان غير الملحوظ بعنوان كونه حيوانا فيشمل الحيوان إذا لوحظ باعتبار كونه مبيعا لا باعتبار عنوان كونه حيوانا و مثله المراد في قوله عليه السّلام و فيما سوى ذلك من بيع كما نبّه على ذلك الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقرّه و مقامه قوله طاب ثراه لظاهر قوله عليه السّلام (- اه -) هذا أحد أدلّة هذا القول و وجه الظّهور هو انّ بيانه عليه السّلام منتهى كلّ من خيار المجلس و خيار الحيوان ظاهر في موافقتهما في المبدإ و مبدأ الأوّل من حين العقد فكذا الثّاني الثّاني ما تمسّك به في التنقيح و الإيضاح و غيرهما من انّ العلّة للخيار هو العقد فلو تأخّر عنه لزم تأخّر المعلول عن علّته و هو محال و فيه أوّلا النّقض بما لو اشترط في ضمن العقد الغير المقتضى للخيار الخيار من بعد العقد بيوم أو ساعة إلى عشرة ساعات مثلا فإنّه يجوز بلا خلاف فما هو الجواب عن لزوم تأخّر المعلول عن علّته فهو الجواب هنا و ثانيا الحلّ بانّ ذلك ليس من تأخّر المعلول عن علّته إذ بعد ثبوت انّ المبدء من حين التفرّق يكون العقد علّة للخيار من حين التفرّق و لازمه انّما هو امتناع تأخّر ثبوت الخيار من حين التفرّق لاستلزامه تأخّر المعلول عن علّته لا امتناع تأخّره من حين العقد لفقد العلّية بالنّسبة الى ما قبل التفرّق حتّى يلزم تأخّر المعلول عن العلّة و بعبارة وجيزة الوجه المذكور قاصر عن إثبات المطلوب ضرورة عدم إثباته علّية العقد للخيار من حينه حتى يلزم من القول بكونه من حين التفرّق تأخّر المعلول عن علّته فالتمسّك به فرع إثبات علّية العقد للخيار من حينه فإن أريد إثبات العلّية على ذلك النّحو بدليل أخر كان هو الحجّة دون هذا الوجه و ان أريد إثباته بهذا الوجه فلا دلالة فيه كما لا يخفى على المتدبّر البصير الثّالث انّه لو لا كون مبدئه من حين العقد للزم بطلانه لانّه لا يعلم مبدئه للجهل بوقت التفرّق و احتمال الزّيادة و النّقصان و هو يوجب الغرر أشار إليه في غاية المراد و فيه أوّلا النّقض بما لو شرط في ضمن العقد الواقع على غير الحيوان ثبوت الخيار له بعد التفرّق الى يومين مثلا فإنّه يصحّ بوفاق من الخصم فيلزم صحّة الفرض (- أيضا -) لعدم الفارق و ثانيا انّ احتمال الزّيادة و النقصان ممنوع لانّ مقدار المدّة ثلثة أيّام على كلّ حال و انّما الجهالة في مبدئه و هي غير قادحة لعدم الدّليل عليه و دفع الأصل له و قاعدة الغرر لا تقتضي ذلك و انّما الغرر فيما لو كان أصل مقدار المدّة مجهولة و ليس فليس الرّابع ما في كشف الظّلام من انّ الأصل اللّزوم فمهما أمكن رفع الخيار عن جزء من الزّمان فهو اولى بل هو متعيّن و لا ريب في انّه إذا جعل مدّة الخيار من حين العقد قلّت مدّة الخيار بتداخله مع خيار المجلس فالاقتصار على المتيقّن فيما خالف الأصل متعيّن و فيه ما لا يخفى قوله طاب ثراه خلافا للمحكي عن ابن زهرة (- اه -) فإنّه ساق الكلام على وجه الكلّية و قال اعلم انّ ابتداء المدّة للخيار من حين التفرّق بالأبدان لا من حين حصول العقد لانّ الخيار انّما يثبت بعد ثبوت العقد و هو لا يثبت الاّ بعد التفرّق فوجب ان يكون الخيار ثابتا من ذلك الوقت انتهى قوله طاب ثراه و كذا الشيخ و الحلّي (- اه -) (11) أصل هذه الشبهة و الاستظهار من الشهيد (- ره -) في غاية المراد و لا تخلو من نظر سيّما مع ظهور بعض عبائرهما في كون المبدء في هذا الخيار من حين العقد و كفاك منها قول الحلّي (- ره -) في (- ئر -) انّ المذهب مستقرّ في انّ الخيارين للمشتري في الحيوان بمجرّد العقد خيار المجلس و خيار الثلث

ص:48

انتهى قوله طاب ثراه نعم ربّما يستدلّ عليه بأصالة (- اه -) تقرير هذا الأصل انّه إذا كان مبدئه من حين العقد يكون انقضاء الثّلثة في زمان أقلّ منه في زمان يكون مبدئه من حين التفرّق فيستصحب فيه الخيار بقدر زمان ما بين العقد و التفرّق و فيه أوّلا انّ ظاهر الأدلّة يأبى من جريان الأصل و ثانيا انّ استصحاب الخيار بعد انقضاء ثلثة أيّام من حين العقد الى مضىّ مقدار زمان ما بين العقد و التفرّق فرع كون المبدء من حين التفرّق فلو اثبت كون المبدء من حين التفرّق بالاستصحاب لزم الدّور فتأمّل قوله طاب ثراه بل أصالة عدم حدوثه (- اه -) هذا تقرير أخر للأصل و الفرق بينه و بين التّقرير السّابق كون مجرى هذا أوّل المدّة و مجرى ذاك أخرها و تقرير الأصل انّ الخيار حادث و الأصل تأخّر حدوثه الى انقضاء المجلس و فيه أوّلا ما في سابقة من عدم جريانه في قبال ما مرّ من الدّليل و ثانيا انّه مثبت لانّ المقصود إثبات كون خيار الحيوان بعد انقضاء المجلس و كونه بعده من اللّوازم العاديّة لعدم كونه قبله و قد تقرّر في محلّه انّ الأصول المثبتة لا عبرة بها فتأمّل كي يظهر لك إمكان دعوى خفاء الواسطة و ثالثا انّه معارض بأصالة عدم التأخّر قوله طاب ثراه و بلزوم اجتماع (- اه -) الظّاهر انّه أراد بالمسبّب بالفسخ و بالسّببين خياري المجلس و الحيوان و يقرب من هذا الوجه ما تمسّك به في الإيضاح لهذا القول من انّ خيار المجلس يثبت حال العقد فلو ثبت خيار الحيوان (- أيضا -) (- ح -) لاجتمع المثلان و هو محال و أوضح من ذلك ما في التنقيح حيث استدلّ بلزوم اجتماع المثلين و اجتماع العلّتين على معلول واحد شخصيّ قال و كلاهما منفي بيان اللّزوم انّ مدّة خيار المجلس امّا ان يكون الثّابت فيها خيارين أو واحدا فإن كان الأوّل لزوم اجتماع المثلين و إن كان الثّاني لزم اجتماع العلّتين على المعلول الواحد ثمَّ انه أجاب عن ذلك بانّا نختار ثبوت خيارين و نمنع انّ كليهما مثلان لأنّ أحدهما خيار المجلس و هو ثابت للمتبايعين و الأخر خيار الحيوان أو هو ثابت للمشتري خاصّة ثمَّ سلم كون الخيارين واحدا ثمَّ قال و لا يلزم ما ذكرتم لانّ علل الشّرع معرّفات لا مؤثّرات و لذا اجتمعت في المجلس و العيب و خيار الرّؤية من غير خلاف قوله طاب ثراه و ما دلّ على انّ تلف (- اه -) هذا الوجه قد تمسّك به في المقابيس ثمَّ أجاب بأنّ ظاهر الأخبار كون التّلف في الثّلثة من البائع من حيث انّه في الثّلثة و كذا التصرّف على انّ الغالب وقوعهما بعد التفرّق و لو سلّمنا فاطلاقهما معارض بإطلاق ما دلّ على ثبوت الخيار للمشتري الشّامل لزمان المصاحبة و على زواله بتصرّفه مطلقا و بما يعطيه ظاهر بعض الأخبار الماضية من انّه لا فرق بين خيار المجلس و الحيوان إلاّ في أخر المدّة بقرينة المقارنة و انّه لا يثبت في الحيوان خيار الاّ ثلثة أيّام فإنّه على هذا امّا لا خيار في المجلس فيه أو يتداخل الخياران و الأوّل باطل بالاتّفاق فيبقى الثاني و هو المطلوب انتهى و أقول توضيح الاستدلال انّ مقتضى القاعدة هو كون التّلف في زمان الخيار المشترك من المشتري و الخيار المختصّ من البائع فلو كان مبدء خيار الحيوان من حين العقد لكان التّلف قبل التفرّق في زمان الخيار المشترك فيلزم كون التّلف من المشتري و الحال دلالة النصّ على كونه من البائع فعلم أنّ مبدئه من حين التفرّق حتّى يكون التّلف في زمان الخيار المختصّ بالمشتري و الجواب أوّلا انّ ذلك انّما يتمّ لو لا النصّ على كون خيار الحيوان (- أيضا -) من المشترك و قد عرفت وجوده فلم لا يكون الخبر المذكور مبتنيا على ثبوت الخيار لهما و ثانيا انّ الخبر ان لم يكن شاملا للتّلف قبل التفرّق لدعوى انصرافه الى التّلف بعده فلا شبهة في لزوم مخالفة الحكم للقاعدة مطلقا و إن كان شاملا للتّلف قبل الافتراق كما هو مقتضى الإطلاق لزم على كلّ حال تخصيص القاعدة به حتّى على القول بكون المبدء من حين التفرّق لأنّه إذا تلف في المجلس فمقتضى النصّ كونه من البائع مع انّ الخيار قبل التفرّق خيار مشترك مع انّ مقتضى القاعدة كونه (- ح -) على المشتري فالخبر على كل حال مخصّص للقاعدة فلا يدلّ على مدّعى المستدلّ بقي هنا وجوه أخر تمسّكوا بها لهذا القول اعنى كون المبدء من حين التفرّق الأوّل انّه لو كان المبدء من حين العقد لزم كونه مؤكّدا لخيار المجلس الى ان يفترقا و لو كان من حين التفرّق كان مؤسّسا و التّأسيس أولى من التّأكيد و فيه أوّلا انّ التّأسيس هنا خلاف ما وضع عليه العقد لأنه وضع على اللّزوم و ثانيا انّ الأولويّة ممنوعة و لو سلّمت فإنّما هي في الألفاظ كما إذا وردت عبارتان و احتمل تأدية إحديهما عين ما أدّته الأخرى و غير ما أدّته فإنّها تحمل على الثّاني امّا في الأحكام فلا و ثالثا انّ مخالفة الأولى غير قادحة سيّما مع افادة ظاهر الدّليل التأكيد فإنّ الظّواهر هي المعتمدة في باب الألفاظ و رابعا منع استلزام الثّبوت من حين العقد التأكيد بل لازم بقاء أحدهما بعد اشتراط سقوط الأخر في ضمن العقد هو التعدّد و التّأسيس الثّاني انّ الشّارع قد اثبت هنا خيارين و الأصل استقلال كلّ منهما برأسه و عدم تداخلهما و جوابه ما في المتن من قوله و يردّ التّداخل انّ الخيارين (- اه -) الثّالث ما سمعته في عبارة الشّيخ من انّ الخيار يثبت بعد ثبوت العقد و العقد لا يثبت الاّ بعد التفرّق فوجب ان يكون الخيار ثابتا من ذلك الوقت و الجواب عن ذلك من وجهين أحدهما ما في غاية المراد من انّا لا نسلّم توقّف ثبوت الخيار على ثبوت العقد ان عنى به اللّزوم كما هو صريح الحلّي و ان عنى به مطلق الثبوت فهو مسلّم و الإيجاب و القبول كافيان فيه ثانيهما النّقض بخيار المجلس و التزام ثبوته قبل ثبوت العقد بيّن البطلان لانّ المعلول لا يتقدّم على علّته و دعوى انّ السّبب المقتضى له هو الإيجاب و القبول و ان لم يثبت بهما العقد مشتركة الورود و لو سلّمنا فيلزم على هذا توقّف ثبوت الخيار على زواله إذ لا قائل بالفرق بين خيار المجلس و الشّرط و الثلاثة في توقّف الانعقاد على انقضائها فإذا كان ثبوت الخيار متوقّفا على الانعقاد لزم ما قلنا و هو يوجب الدور و (- أيضا -) على هذا يكون مبدء خيار الشّرط بعد الثّلثة أو بالعكس و لا يقولون به نعم لو قلنا بتخلّل ان قليل للزوم العقد بين التفرّق و ثبوت الخيارين و انّ المبدء فيهما بعده لا من حين التفرّق بلا فصل على ان يكون التّعبير به من باب المساحة اتّجه الدّليل لو تمّت الصّغرى و لكن في الجميع نظر لا يخفى الرّابع انّ العقد مقتض لللّزوم لو لا الخيار و المفروض وجود الجواز ما لم يفترقا فثبوت خيار الحيوان يتوقّف على لزوم العقد الحاصل بالتفرّق ذكره في المصابيح ثمَّ ردّه بانّ ارتفاع الخيار المخصوص لا يقتضي اللّزوم مطلقا بل اللّزوم اللاّزم من رفعه فيصحّ تعلّقه بالجائز هذا ما وسعنا من تحرير أدلّة الطّرفين و قد بان لك من ذلك كلّه انّ الثّبوت من حين التفرّق هو الحق اليقين و القول المتين لظاهر اخبار المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين قوله طاب ثراه كما استظهره بعض المعاصرين (- اه -) يحتمل ان يكون مراده به صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه قد قوى ذلك قوله طاب ثراه و إن كان بائعا (- اه -) التقييد بهذا من جهة انّ متملّك الحيوان انّما يتملّكه في مقابل الطّعام الّذي باعه على صاحب الحيوان قوله طاب

ص:49

ثراه و تمثيله بما ذكر مبنىّ (- اه -) وجه ابتناء التّقييد بما ذكر على عدم اختصاص الخيار بالحيوان المعيّن هو انّه ذكر انّه لو أسلم حيوانا و معلوم انّ اسلاف الحيوان أعمّ من ان يكون ذلك بجعله ثمنا بعنوان الكلّية بان يسلف شاة موصوفة بأوصاف رافعة للجهالة في مقدار من طعام معلوم ثمَّ يعوّض قبل التفرّق ما هو مصداق له في الخارج و من ان يكون بجعله ثمنا بعد تشخيصه في الخارج و لم يقيّد الممثل الحيوان بكونه مشخّصا في الخارج و معيّنا و لا يعتبر في تحقّق حقيقة السّلم كون ثمنه شيئا شخصيّا و لا جعل ذلك من شرائطه و انّما اشترط فيه وقوع قبض الثمن قبل التفرّق فلا يتمّ التمثيل بما هو أعمّ إلاّ بعد عدم اعتبار الاختصاص بالفرد منه و الاّ كان اللاّزم التقييد بما يفيد الاختصاص كما لا يخفى

مسألة لا إشكال في دخول الليلتين المتوسطتين في الثلاثة أيام

قوله طاب ثراه لا لدخول اللّيل في مفهوم اليوم بل للاستمرار المستفاد من الخارج غرضه (- قدّه -) بذلك انّ المستند في نفى الإشكال في دخول اللّيلتين المتوسّطتين ليس هي دعوى دخول اللّيل في مفهوم اليوم متى أطلق عرفا بل لظهور قولهم (- ع -) ثلثة أيّام في الأخبار في استمرار زمان الخيار من حين العقد الى انقضاء الثّلثة و لازم الاستمرار دخول الليلتين المتوسطتين فقولهم (- ع -) الشّرط في الحيوان ثلثة أيّام يدلّ على دخول الليلتين المتوسّطتين بالدّلالة الالتزاميّة العقليّة لأنّ لازم الاستمرار ذلك و من هذا ظهر الوجه في دخول اللّيالى الثلث عند التلفيق لانّ استمرار الخيار من حين العقد الى ثلثة أيّام المستلزم لثبوته في تتمّة اليوم الثالث يستلزم ثبوته في ليلة اليوم المتمّم كما لا يخفى قوله طاب ثراه فالظّاهر بقاء الخيار (- اه -) قلت بل الظّاهر بقاء الخيار الى ان يمضى من اللّيلة الرّابعة بمقدار ما مضى من ليلة العقد لانّ الظاهر عرفا من قوله عليه السّلام ثلثة أيّام انّما هو ثلثة أيّام و ثلث ليال حقيقة الّتي هي عبارة عرفا عن اثنتين و سبعين ساعة و لو شكّ فاستصحاب الخيار الى انقضاء اثنتين و سبعين ساعة محكم و ما ذكرناه من دخول المقدار المذكور من اللّيلة الرّابعة هو الّذي يقتضيه قول العلاّمة الطّباطبائي (- ره -) في المصابيح انّ المدّة مقدار ثلثة أيّام بلياليها تحقيقا لأنّه الأصل في التّحديد انتهى و من هنا ظهر دخول اللّيلة الأخيرة فيما لو باع أوّل طلوع الفجر مثلا و استقرب بعض مشايخ العصر (- قده -) عدم الدّخول نظرا الى صدق مضىّ ثلثة أيّام لغة و عرفا فيما لو باع أوّل فجر الجمعة مثلا بغروب يوم الأحد و لكنّه كما ترى بعد ما عرفت من ظهور الأيّام الثلاثة في اثنتين و سبعين ساعة قوله طاب ثراه و يحتمل النّقص (- اه -) هذا وجه ثالث في المسئلة و يضعفه ما أشار إليه (- المصنف -) (- ره -) قوله طاب ثراه قيل (- اه -) القائل هو العلاّمة (- ره -) الطباطبائي في المصابيح و تلميذه في مفتاح الكرامة قوله طاب ثراه فإن أراد اللّيلة السّابقة قلت لازم ما ذكره إلى أخر المسئلة هو اختلاف حال الخيار باختلاف أوقات البيع فلو باع في أوّل فجر الجمعة انقضى الخيار بغروب يوم الأحد و لم يكن خيار في اللّيلة الثّالثة و لو باع في ظهر الجمعة دخلت ليلة الاثنين لكون نصف يوم الاثنين متمّما للأيّام الثّلثة و كذا لو باع في غروب الجمعة و امّا لو باع نصيفة ليلة الجمعة فتدخل ليلتان و نصف اعنى نصف ليلة الجمعة و ليلتا السّبت و الأحد و هكذا و ربّما تمسّك بعضهم لعدم دخول اللّيلة الثّالثة بأصالة عدم دخول اللّيل خرجت اللّيلتان المتوسّطتان بظاهر الأدلّة و بقيت اللّيلة الأخيرة تحت الأصل و فيه انّ أصالة العدم بمعنى الاستصحاب لا مجرى لها لكون الحالة السّابقة هي وجود الخيار لا عدمه و أصالة العدم برأسها لم يثبت اعتبارها و لو سلّم فاستصحاب الخيار حاكم عليها و للفقيه الغرويّ الشّيخ على (- قدّه -) مسلك أخر حيث قال انّ مرجع البحث في دخول الليلة الأخيرة الى انّ اليوم هل هو مقول على ما بين طلوع الى المغرب أو عليه و على اللّيل بطريق الاشتراك اللّفظي أو المعنويّ أو انّ العدد من الأيّام موضوع بوضع أخر أو انّه مجاز في المفرد أو في العدد باعتبار الهيئة أو الدّخول بحسب الحكم لا الاسم و القرينة أو الدّليل بعد الطّفرة لانّ اليوم يقابل اللّيلة فهو ما بين طلوع الفجر الى غروب الحمرة المشرقيّة ثمَّ قال و لو ادّعى انّه أظهر فردي الحقيقة و يكون كالمشترك بين الكلّ و جزئه لم يكن بعيدا ثمَّ قال و امّا اللّيلة الأولى فغير بعيد ان يقال بأنّ الأيّام المتعدّدة إذا تعلّق بها الخطاب كأيّام الاعتكاف و الإقامة و التردّد ثلثين يوما و أيّام الحيض و أكثره و العدد و نحوها يجوز فيها إدخال اللّيلة الأولى و إخراجها فهي كالمشترك بين الكلّ و جزئه فإن أدخل اللّيلة صارت جزء و ليست بخارجة حتى تكون العشرة تسعة و الثلاثة اثنين لانّ الطّفرة لا معنى لها و بناء على التّعليق يلزم ذلك فيجوز أن ينوي الاعتكاف من المغرب و يدخل اللّيلة و لا بدّ من الإتيان بعشرة تامّة أو ينوي الصّبح و يخرجها و كذا في الإقامة و الحيض و الطّهر فتكون الأيّام عبارة عمّا لا يزيد عليها بياض مثلا فاذا زاد بياض جاء التلفيق بعد الطّفرة و للإجماع على مقارنة الخيار للعقد و لعدم لزوم ما زاد على العدد و الاّ كانت أيّام الإقامة عشرة و نصف و كذا الحيض و الطّهر و العدد و هكذا فهو مجاز قرينته ما ذكرناه أو مشترك لفظي أو معنويّ بين الكلّ و جزئه أو للدّخول تحت الحكم لا الاسم انتهى قلت قد أطال (- قدّه -) الكلام و لكنه لم يأت بما ترتضيه النّفس و تطمئنّ به و الحقّ ما عرفت من طهور الأيّام متى أطلقت في الأيّام مع لياليها فاليوم و إن كان حقيقة في البياض الاّ انّ الظّاهر من الأيّام الأيّام مع لياليها و اللّه العالم

مسألة مسقطات خيار الحيوان
الأول اشتراط سقوطه في عقد خيار الحيوان

قوله طاب ثراه أحدها اشتراط سقوطه (- اه -) أقول سقوط خيار الحيوان باشتراط سقوطه في ضمن عقد الشّراء ممّا صرّح به جمع قاطعين به بل غراه في (- ئق -) إلى الأصحاب و ادّعى الإجماع عليه في (- كرة -) و كشف الظّلام و خيارات الفقيه الغرويّ و غيرها و الكلام هنا دليلا و اشكالا و جوابا و فروعا هو الكلام في سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه حرفا بحرف فلا نعيد قوله طاب ثراه و لا بأس به (- اه -) و ذلك لعموم أدلّة وجوب الوفاء بالشّروط بعد عدم مخالفة سقوط بعضه للعقد و لا للكتاب و السّنة و لا فرق بين ان يشترطا سقوط جزء من أوّله أو وسطه أو أخره بعد القول بانحلال الخيار بحسب الآنات القابلة للفسخ الى حقوق متعدّدة نعم من قال بكون الخيار حقّا واحدا و اضافة خاصّة مستمرّة كالملكيّة و الزّوجيّة لزمه القول بسقوط ما بعد الزّمان المسقط خياره فإن كان الأوّل سقط الخيار بتمامه و إن كان الوسط سقط خياره و ما بعده لانعدام ما أوجبه العقد من الخيار في الزّمان المسقط خياره و المعدوم لا يعود الاّ بوجود أخر و الفرض عدم عقد أخر موجب له و قد نبّه بعضهم على ذلك و لكن سهى قلمه الشّريف في قصر سقوط اللاّحق على ما إذا كان المسقط هو الوسط مع انّ لازم التّعليل المذكور هو سقوط ما بعد المسقط مطلقا سواء كان المسقط هو الأوّل أو الوسط و عبارته هذا لا بأس به إذا شرط سقوط شيء من أوّله أو أخره و امّا سقوط شيء من وسطه بحيث لا يبقى طرفاه فلا يكاد يكون إلاّ إذا كان الخيار بحسب امتداده

ص:50

حقوقا متعدّدة لا حقا واحدا و اضافة خاصّة مستمرّة كالملكيّة و الزوجيّة و الاّ فلا بدّ من سقوطه بتمامه بسقوط وسطه (- اه -) فتراه قصر سقوط البقيّة على ما إذا كان ما قبلها المسقط هو الوسط مع انّ لازم التّعليل هو سقوط الجميع فيما إذا كان المسقط هو الأوّل

الثاني من مسقطات خيار الحيوان إسقاطه بعد العقد

قوله طاب ثراه و الثاني إسقاطه بعد العقد (- اه -) قد نفى الخلاف في سقوطه بذلك في الغنية و المصابيح و خيارات الفقيه الغروي و كشف الظّلام و غيرها و ادّعى الإجماع عليه في مفتاح الكرامة و غيره و الكلام أيضا هنا هو الكلام في سقوط خيار المجلس بالإسقاط بعد العقد حرفا بحرف مضافا الى قوله (- ع -) فذلك رضا منه في بعض الأخبار الآتية (- إن شاء الله -) (- تعالى -) و الى ما رواه الشيخ (- قدّه -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن ابى إسحاق عن الحسن بن ابى الحسن الفارسي عن عبد اللّه بن الحسن بن زيد بن علىّ بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رجل اشترى عبدا بشرط ثلثة أيّام فمات العبد في الشّرط قال يستحلف باللّه ما رضيه ثمَّ هو برئ من الضّمان دلّ على سقوط الخيار بالرّضا و الإسقاط ثمَّ انّ من جملة المسقطات لهذا الخيار انقضاء المدّة اعنى الأيّام الثلاثة بلا خلاف كما في الغنية و غيرها لدلالة جعل مدّة هذا الخيار ثلثة أيّام على عدم الخيار بانقضائها فإنّ مفهوم الغاية حجّة على الأظهر بل لا حاجة هنا الى المفهوم لأنّ الأصل لزوم البيع فيقتصر في الخروج منه على مفاد دليل الجواز هذا مضافا الى قوله (- ع -) في صحيح علىّ بن رئاب المتقدّم في أصل المسئلة الخيار لمن اشترى ثلثة أيّام نظرة فاذا مضت ثلثة أيّام فقد وجب الشّراء و حكى عن مالك انّه جعل مدّة هذا الخيار كمدّة الإيلاء و ضعفه ظاهر ثمَّ انّه قال في (- كرة -) انّه لا يسقط هذا الخيار بالرّضا بالعيب الموجود في الحيوان و لا بالتبرّي من العيوب قيل لعلّه استند الى عموم النصّ و انّه لا يجب انعكاس العلّة و انّما يجب اطّرادها لأنّها حكمة لا علّة حقيقيّة لأنّ شرع الخيار في الحيوان لخفاء عيبه غالبا و لا يلزم من ارتفاعه بالرّضا و الشّرط ارتفاع الخيار فتأمّل

الثالث من مسقطات خيار الحيوان التصرف

قوله طاب ثراه و لا خلاف في إسقاطه (- اه -) قد نفى الخلاف في ذلك في الغنية و (- لك -) و غيرهما (- أيضا -) و نسبه في (- ئق -) إلى الأصحاب و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و (- كرة -) و المصابيح و غيرها قال في (- ف -) إذا وطأ المشترى في مدّة الخيار لم يكن مأثوما و لحق به الولد و كان حرّا و لزم العقد من جهته الى ان قال دليلنا إجماع الفرقة على انّ المشترى متى تصرّف في المبيع بطل خياره و اخبارهم معروفة انتهى قوله طاب ثراه ففي صحيحة ابن رئاب قلت هذه الصّحيحة رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبد اللّه سلام اللّه عليه قال الشّرط في الحيوان ثلثة أيّام اشترط أم لم يشترط فإن أحدث (- اه -) قوله طاب ثراه و صحيحة الصّفار هذه الصّحيحة رواها الشيخ بإسناده عن الصّفا قوله طاب ثراه أو نعلها قال في المصباح المنير انعلت الخفّ بالألف و نعلته بالتثقيل جعلت له نعلا و هي جلدة على أسفله تكون كالنّعل للقدم و نعل الدابّة من ذلك و انعلتها بالألف و بغيرها في لغة جعلت لها نعلا انتهى و قال الشيخ الوالد قدّس سرّه انّ الأنسب ان يكون النّعل هنا بلفظ المصدر عطفا على الأخذ و امّا ركب فهي جملة ماضويّة معطوفة على قوله أحدث قوله طاب ثراه المراد بالحدث إن كان مطلق التصرّف (- اه -) لا يخفى عليك انّ كلمات الفقهاء في المقام في غاية الإجمال و الاضطراب تارة من حيث انّ التصرّف المسقط للخيار هل هو التصرّف الدّال على الرّضا الفعلي خاصّة أو يعمّه و التصرّف الغير الدالّ عليه بمعنى انّ مطلق التصرّف مسقط للخيار و اخرى من حيث انّه هل يعتبر في إسقاط التصرّف للخيار قصد الإسقاط أو يعمّه و ما إذا قصد الاستخبار أو الحفظ و ما إذا لم يقصد شيئا أصلا و قد مال المحقّق الأردبيلي (- ره -) الى انّ التصرّف (- مط -) مسقط و إن كان بقصد الاستخبار و الحفظ و تبعه صاحب الكفاية بل و صاحب (- ئق -) في التصرّف بقصد الاستخبار دون التصرّف بقصد الحفظ و نظرهم في التّعميم إلى إطلاق النّصوص بل عموم بعضها المقتضى لعدم الفرق بين أقسام التصرّف و ان ذكر بعض افراد العامّ أو المطلق للتمثيل لا يقضى بالتّخصيص و التقييد بهما سيّما إذا كان في كلام السّائل كالمكاتبة و المناقشة بظهور صحيحي ابن رئاب في اختصاص الحدث بما لا يشمل التصرّف النّاقل إذ المثال انّما هو ما ماثله ضعيفة ضرورة انّ ذلك و ان لم يكن من الصّنف المذكور لكنّه اولى قطعا و الّذي يقتضيه النّظر عاجلا هو دوران السّقوط مدار التصرّف الدالّ عرفا على الرّضا بالبيع كما يكشف عن ذلك تقييد النّظر في صحيح ابن رئاب بما إذا كان الى ما يحرم النظر اليه على غير المالك و تقييد ركوب ظهرها في صحيح الصفّار بما إذا كان فراسخ فإنّه مع ذلك لا يبقى وثوق بإطلاق الحدث في النّصوص بحيث يشمل التصرّفات المختصرة الّتي تصدر من غير المالك (- أيضا -) و التصرّفات المتوقّف عليها حفظ الدابّة و مع عدم الوثوق بالإطلاق المذكور لا يبقى ما يثبت به كون كلّ تصرّف مسقطا تعبّدا بل تكون الأخبار مسوقة لبيان إسقاط التصرّف الكاشف عن الرّضا للخيار فيكون إسقاطا فعليّا و لو شكّ في إسقاط غيره كان استصحاب الخيار محكما كما انّه المرجع فيما توقّف العرف في كشفه عن الرّضا و عدمه فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه بان مثل (- اه -) متعلّق بقوله معلّلا و قوله بانّ المسقط متعلّق بقوله استضعف اى استضعف التّعليل المذكور بانّ المسقط مطلق التصرّف قوله طاب ثراه توجب زهادة المشتري (- اه -) قال في المصباح زهد في الشيء و زهد عنه (- أيضا -) زهدا و زهادة بمعنى تركه و اعرض عنه الى ان قال و قال الخليل الزّهادة في الدّنيا و الزّهد في الدّين انتهى قوله طاب ثراه فهو لا يناسب إطلاقهم (- اه -) قلت عدم مناسبته لإطلاقهم متين و لكن ذلك لا يستلزم رفع اليد عن مفاد الدّليل و لا مانع من الأخذ به و المناقشة عليهم بعدم صحّة إطلاقهم قوله طاب ثراه يحتمل وجوها (- اه -) قلت الوجوه و الاحتمالات في ذلك كثيرة لكن الأظهر هو ما في المتن من الاحتمال الرّابع لما مرّ قوله طاب ثراه فانّ الظاهر منها عدم السّقوط بالتصرّف للاختبار و الحفظ (- اه -) (11) فيه انّ الحكم بعدم السّقوط بذلك لا ينافي الاحتمالين الأوّلين بعد وجود القرينة على خروج هذين النّوعين من التصرّف من حيث انّه لو كان كلّ تصرّف حتّى هذين مسقطا لزم كون مورد الخيار في غاية النّدرة لعدم انفكاك استرداد الحيوان من التصرّف فيه في الثلاثة فدلّ على انّ المراد بالتصرّف هو التصرّف المتوقّف على الملك الغير المباح لغير المالك إلاّ بالاذن و الرّخصة فتدبّر قوله طاب ثراه و ورود النصّ (- أيضا -) (- اه -) (12) عطف على قوله حكم بعضهم أي يؤيّده ورود النصّ به و وجه التأييد جعله عليه السّلام العرض على البيع مسقطا مع دلالته على الرّضا مع عدم كونه من التصرّف عرفا و أراد بالنصّ ظاهرا ما رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

ص:51

انّ أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط الى نصف النّهار فعرض له ربح فأراد بيعه قال ليشهد انّه قد رضيه ثمَّ ليبعه ان شاء فان اقامه في السّوق و لم يبع فقد وجب عليه و موضع الدّلالة ذيله لكن لا إطلاق فيه كما توهّم لانّه عليه السّلام أمره أوّلا بإقامة الشّاهد على إسقاط الخيار و إنفاذ البيع و حكمه (- ع -) بوجوب البيع عليه بالإقامة في السّوق لعلّه ليس لاقتضاء الإقامة في السّوق اللّزوم بل لإسقاطه الخيار و إنفاذه البيع قوله طاب ثراه و ممّا يؤيّد عدم إرادة الأصحاب (- اه -) هذا تأييد للوجه الثّالث و فيه انّ التعدّي انّما هو لتنقيح المناط و هو الدّلالة على الرّضا و لو نوعا و اين ذلك من إفادة دلالة الخبر على ذلك فتأمّل قوله طاب ثراه فتعيّن ارادة الوجه الثّالث (- اه -) لا يخفى عليك انّه يبعد هذا الوجه انّ تقدير الغلبة في العبارة على النحو الّذي ذكره خلاف الأصل و تأييده بحكم بعضهم بكفاية الدالّ على الرّضا و ان لم يعد تصرّفا كتقبيل الجارية للمشتري لا وجه له و لا تأييد فيه ضرورة انّ القبلة من أعظم التصرّفات و الاّ لجاز لغير المالك ارتكابه و التّالي باطل بالضرورة فالمقدّم مثله قوله طاب ثراه ذيل عبارة المقنعة الاّ ان يحدث فيه المبتاع حدثا يدلّ على الرّضا بالابتياع (- اه -) أراد بالدّلالة الدّلالة بحسب نوعه و الشّاهد على ارادته هذا المعنى دون خصوص الفعليّة تمثيله في مقام أخر للتصرّف بان ينظر من الأمة على ما يحرم لغير المالك و يعلم من ذلك انّه يمكن المناقشة في دلالة كلام من اقتصر على مجرّد قوله يدلّ على الرّضا من حيث ظهوره في الدّلالة الفعليّة أو احتماله لها كما نبّه على ذلك والدي العلاّمة قدّس اللّه نفسه الزكيّة قوله طاب ثراه في عبارة (- ط -) و إذا كان في طريق الردّ جاز له ركوبها (- اه -) وجه الاستشهاد بهذا الكلام هو عدم دلالة هذه الأفعال بنوعها أي في طريق الرّد على الرّضا قوله طاب ثراه و امّا الاستشهاد لذلك (- اه -) المشار اليه باسم الإشارة هو اعتبار الدّلالة على الالتزام و عدم كفاية مطلق التصرّف قوله طاب ثراه ففيه ما سيجيء (- اه -) أراد بما يجيء ما يذكره في تلك المسئلة في الأمر الرابع عند الردّ على المحقّق الأردبيلي (- ره -) و صاحب الكفاية بقوله و امّا بناء هذا العقد على التصرف فهو من جهة انّ الغالب الى ان قال أو من جهة تواطى المتعاقدين على ثبوت الخيار مع التصرّف (- أيضا -) الى أخر ما يذكره هناك قوله طاب ثراه مع انّ ترك العمل به لا يوجب ردّ الرّواية فتأمّل استظهر الشّيخ الوالد قدّس اللّه تربته الزكيّة كون الأمر بالتأمّل للإشارة الى انّ عدم إيجاب ترك العمل ببعض الرّواية ترك العمل ببعضها الأخر انّما هو فيما إذا كان هناك كلامان متغايران فكان قيام القرينة على ترك أحدهما و حمله على صدوره من الرّاوي سهوا غير موجب لترك الأخر من حيث انّه خبر عادل و الأصل فيه عدم السّهو فيجب الأخذ به و ما نحن فيه ليس من هذا القبيل لانّ جواز ردّ أصل الشّاة مدلول التزامي لقوله يردّ معها ثلثة امداد و لا مجال لترك المدلول المطابقي و الأخذ بما هو لازمه مضافا الى انّه لا يكون من العمل ببعض الرّواية و ترك بعضها على الوجه المذكور حتّى يجري أدلّة حجّية خبر الواحد بالنّسبة الى ما يراد الأخذ به

الثّالث خيار الشّرط
اشارة

قوله طاب ثراه و لا خلاف في صحّة هذا الشّرط (- اه -) قد نفى الخلاف فيه بين علمائنا في (- كرة -) و الكفاية (- أيضا -) و نفى وجدان الخلاف فيه في كشف الظّلام و ادّعى الإجماع عليه في المصابيح بل ادّعى في الجواهر كونه ضروريّا بين علماء المذهب قوله طاب ثراه و لا في انّه لا يتقدّر بحد عندنا (- اه -) بل يتّبع ما يشترط انه من المدّة بلا خلاف و لا اشكال بل ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و الانتصار و الغنية و (- كرة -) و غيرها و الأصل في ذلك عمومات الشّروط و خصوص الأخبار الآتية في جواز اشتراط ردّ مثل الثمن النّاطقة بجواز جعل المدّة سنة و ثلث سنين و قد أشار الماتن بالتقييد بقوله عندنا الى خلاف أبي حنيفة و الشّافعي و الثّوري حيث قالوا بأنّه لا يجوز اشتراط مدّة في العقد تزيد على ثلثة أيّام مستدلّين بقول عمر ما أحلّ لكم أوسع ممّا جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحنّان بن منقذ جعل له عهدة ثلثة أيّام ان رضى أخذ و ان سخط ترك و عن ابن عمر ان حنان بن منقذ اصابته امة في رأسه فكان يخدع في البيع فقال عليه السّلام إذا بايعت فقل لا خلابة و جعل له الخيار ثلثة أيّام و قوله لا خلابة عبارة في الشرع عن اشتراط الخيار ثلاثا إذا اطلقاها عالمين بمعناها كان كالتصريح بالاشتراط و لانّ الخيار غرر ينافي مقتضى العقد و انّما جوّز لموضع الحاجة فجاز القليل منه الّذي تدعو الحاجة إليه في الغالب و أخر حدّ القلّة الثّلثة لقوله تعالى فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ ثمَّ قال تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيّامٍ و أجاز رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للمهاجر ان يقيم بمكّة بعد قضاء مناسكه ثلثا و قال مالك يجوز في ذلك قدر ما يحتاج اليه فإن كان المبيع من الفواكه الّتي لا تبقى أكثر من يوم جاز الخيار فيها يوما واحدا و إن كان ضيعة لا يمكنه ان يصل إليها إلاّ في أيّام جاز الخيار أكثر من ثلث لانّ الخيار انّما يثبت للحاجة إليه فجاز حسب الحاجة و قد أجاب في (- كرة -) بعد نقل هذه الاستدلالات عنهم بأنّه لا عبرة بتحريم عمر فإنّه ليس أهلا لأنّ يحلّل أو يحرّم و جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لحنّان بن منقذ ثلثة أيّام لا يدلّ على المنع من الزّائد و لو كان الخيار مشتملا على غرر لما ساغ التّقدير بثلاثة أيّام و إذا كان الضّابط الحاجة وجب ان يتقدّر بقدرها كما قاله مالك و الغالب الحاجة الى الزيادة على الثلاثة و لمّا كانت الحاجة تختلف باختلاف الأشخاص و أحوالهم وجب الضّبط بما يعرفه المتعاقدان من المدّة الّتي يحتاجان إليها انتهى ما في (- كرة -) قوله طاب ثراه و الأصل فيه قبل ذلك أخبار العامّة (- اه -) دلالة هذه الأخبار على المطلوب واضحة بعد وضوح عدم مخالفته للكتاب و عدم تحليله حراما و لا تحريمه حلالا و الاستشكال بمخالفة ذلك لمقتضى العقد لانّ مقتضاه هو اللّزوم فاشتراط جواز مخالف لمقتضاه مدفوع أوّلا بأنّه لو كان الخيار مخالفا لمقتضى العقد لما أثبته الشّارع بأسباب أخر و قد ثبت بالمجلس و الحيوان و غيرهما ممّا مرّ و يأتي و ثانيا بانّ اللّزوم مقتضى العقد المطلق لا المشروط جوازه فانّ مقتضاه (- ح -) الجواز و يتّضح ذلك بملاحظة ما مرّ في جواب نظير هذا الإشكال عند الكلام في سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه بقيت هنا نكتتان الأولى انّ علامة المصابيح (- ره -) قد تمسّك لصحّة اشتراط الخيار بالكتاب و يحتمل ان يريد به أيّة وجوب الوفاء بالعقود نظرا الى انّ العقد المشروط فيه الخيار عقد فيجب الوفاء به فتأمّل الثّانية انّ خيار الشّرط هل هو على وفق القاعدة أم لا قد يقال انّا ان قلنا بثبوت صحّة الخيار للمتعاقدين و لأحدهما مع رضاء الأخر و انّ فكّ العقد لهما كما انّ لهما ربطه من دون نظر الى الشّرط و غيره و انّه لا يزيد على الإقالة كان خيار الشّرط على وفق القاعدة لأنّ الشّرط قد

ص:52

تعلّق بفعل من أفعال المكلّفين و هو مباح فيكون ملزما ما كان جائزا و ان قلنا ليس الأمر (- كك -) و انّ الخيار أمر غير الإقالة و لهذا يسقط بالفعل إجماعا دونها فإنّه محلّ خلاف و انّه لا يصحّ لهما من دون سبب يقتضيه فان قلنا انّ الشّرط يثبت الغايات كما يثبت الأسباب و يقوم مقام العقود و الإيقاعات إلاّ ما أخرجه الدّليل لشمول قولهم عليهم السّلام المؤمنون عند شروطهم لذلك و ما يظهر من استدلالهم عليهم السّلام به على ثبوت الغايات و ما يظهر من الأصحاب من انّ شرط تمليك العين أو المنفعة أو الإبراء أو سقوط الخيار و نحو ذلك على وفق القاعدة و قلنا انّه ليس في اشتراط مثل هذه الغاية منافات لمقتضى العقد الّذي قام الإجماع على المنع منه كان خيار الشرط على وفق القاعدة (- أيضا -) و المناقشة في ذلك باستلزامه تجويز اشتراط الجواز في العقود اللاّزمة مدفوعة بعدم فساد التّالي و لو ثبت بإجماع و نحوه كان هو المخرج هذا و ان قلنا انّ في شرط مثل هذه الغاية منافات لمقتضى العقد فان قلنا باقتضاء مخالفة الشّرط لمقتضى العقد بطلان الشّرط كان خيار الشّرط مخالفا لمقتضى القاعدة و غير داخل تحت العمومات و الاّ كان موافقا (- أيضا -) للقاعدة لكنّك قد عرفت ما في دعوى مخالفة شرط الخيار لمقتضى العقد من السّقوط ضرورة انّ اللزوم مقتضى العقد المطلق لا المشروط بالخيار فان قلت انّ اللّزوم من مقتضيات ذات العقد و لو صحّ اشتراط جوازه لصحّ اشتراط ان يكون العقد اللاّزم جائزا في نفسه و لا يقولون به على انّ بين عمومات الشّرط و بين ما دلّ على لزوم العقد عموما من وجه و ترجيح احد الدّليلين يحتاج إلى مرجّح و الترجيح بالأحاديث الخاصّة الواردة في خيار الشرط و الإجماع المنقول نكوص عن القاعدة و اقتصار فيها على المحلّ الخاصّ قلت أوّلا انّ اللّزوم من مقتضيات ذات العقد المطلق فلا مانع من لحوق الجواز بالاشتراط و استلزام تجويز اشتراط الجواز في مدّة خاصّة لتجويز اشتراط الجواز مطلقا ممنوع و لذا تريهم يشترطون في تجويز اشتراط الخيار كون المدّة مضبوطة فيعلم من ذلك انّ المنافي لمقتضى العقد اللاّزم انّما هو اشتراط جوازه مطلقا لا اشتراط الجواز في وقت دون وقت فتأمّل جيّدا و ثانيا انّه لا تعارض بين عمومات الشّروط و بين دليل لزوم العقد بعد كون اللّزوم مقتضى العقد المطلق لا العقد المشروط فيه الخيار و الشّرط جزء من العقد فيجب الوفاء به ثمَّ انّه قد يقال انّه بناء على موافقة اشتراط الخيار للقاعدة بالتقريب الأوّل فإنّما هو خيار المتعاقدين و امّا خيار الأجنبي فإن جعلناه توكيلا أمكن دخوله تحت الضّابطة و حكم بتسريته في جميع العقود لانّه كما انّ للمتعاقدين الفكّ بأنفسهما فلهما التوكيل في ذلك و ان جعلناه تحكيما كان مخالفا للضابطة لأنّه ليس للأجنبيّ قبل الشّرط الفكّ الاّ على سبيل التوكيل فيقتصر فيه على مورد الدّليل كما في البيع لقيام الإجماع فيه و ان خلت روايات الباب منه الاّ انّ ظاهر الأصحاب انّه تحكيم و انّه موافق للقاعدة و لذا صرّح في باب الإجارة جماعة بجريانه فيها و الظّاهر انّ اقتصار من اقتصر منهم فيها على ذكر اشتراط الخيار لهما أو لأحدهما و عدم ذكر الأجنبيّ اتّكال على البيع لا إشارة إلى عدم جريانه في ذلك ثمَّ لا يخفى انّه على التقريب الثّاني في موافقة خيار الشّرط للقاعدة كما لعلّه الأظهر لا يختلف الحال في جواز جعل الخيار لأجنبيّ بين كونه توكيلا أو تحكيما فتدبّر جيّدا

مسألة لا فرق بين اتصال زمان الخيار بالعقد أو انفصاله

قوله طاب ثراه لا فرق بين كون زمان الخيار متّصلا (- اه -) هذا ممّا صرّح به في (- عد -) و (- س -) و (- لك -) و (- الروضة -) و (- مع صد -) و المفاتيح و الكفاية و غيرها قيل و هو مقتضى إطلاق المدّة المتناولة للمتّصلة و المنفصلة في المقنعة و (- ية -) و الوسيلة و الغنية و (- ئر -) و (- ير -) و (- شاد -) و التبصرة و اللّمعة و الانتصار و غيرها قوله طاب ثراه و استدلّ له (- اه -) الضّمير المجرور يعود إلى الشافعي قوله طاب ثراه مع انّه كما في (- كرة -) منتقض بخيار التأخير و الرّؤية (- اه -) قال الشيخ الوالد قدّس سرّه انّه يستفاد منه انّ خيار الرؤية كصاحبه انّما يحدث عند رؤية المبيع الموصوف و وجدانه مخالفا للوصف و لازمه انّه لا يجوز إسقاطه بعد العقد و قبل الرّؤية لأنّه إسقاط ما لم يجب بقي هنا أمر ينبغي التعرّض له و هو انّه قال في مفتاح الكرامة هل يجوز ان يجعل الخيار لنفسه مدّة فإذا انقضت فأخرى جوّزه المصنف (- ره -) و الشهيد الثاني في (- لك -) و صاحب الكفاية و احتمله الشهيد (- ره -) في (- س -) احتمالا و كأنّه استظهر الاتّحاد من إطلاق الأكثر لكنّ المقتضى لجواز الانفصال مدّة واحدة مقتض لجوازه متعاقبا و قد قطع في (- س -) بالأوّل و قرب في (- ير -) الصّحة فيما لو شرط الخيار شهرا يثبت يوما و لا يثبت يوما فيكون الخيار خمسة عشر يوما و احتمل صحّته في اليوم الأوّل و بطلان العقد و لعلّه للتّدافع لانّ قوله لي الخيار شهرا يقتضي ان يكون تمام الشّهر و قوله يوما و يوما لا يقتضي نصفه فتأمّل و يحتمل الصّحة شهرا في ضمن شهرين على ان يكون شهرا مفعولا به لا مفعولا فيه و لو قال ولى الخيار في شهر يوما و يوما لا تعيّن الخمسة عشر انتهى و مقتضى الإطلاق الجواز في الجميع و التدافع بين قوله لي الخيار و قوله يوما و يوما لا ممنوع لانّ الكلام انّما ينتظر بآخره فقوله يوما و يوما لا قرينة على كون مراده بالشهر تمامه كي يدافع جعله ليوم دون يوم و لعلّه إلى ذلك أشار في مفتاح الكرامة بالأمر بالتأمّل قوله طاب ثراه بطل بلا خلاف (- اه -) قد ادّعى الاتفاق عليه في (- لك -) و ادّعى الإجماع عليه في المصابيح و مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و خيارات الفقيه الغروي و المستند و غيرها قوله طاب ثراه لصيرورة المعاملة (- اه -) هذا احد الوجوه المستدلّ بها و الثّاني ما تمسّك به في المصابيح من انّ العقود شرعت لقطع موارد الاختلاف و الإناطة بالمختلف مثار الاختلاف و هو كما ترى تمسّك بالحكمة فلا حجّة فيه و قد يجاب بانّ الشّرط كالصّلح يغتفر فيه من الجهالة ما يغتفر في الصّلح فتأمّل قوله طاب ثراه لا يسلّم إلى دياس و لا إلى حصاد (- اه -) قال في الوافي الدّياس دق الطعام بالغدان فيخرج من السّنبل و الحصاد قطع الزّرع بالمنجل انتهى و في مجمع البحرين الدّائس هو الذي يدوس الطّعام و يدقّه ليخرج الحبّ من السّنبل و هو الدّياس قلبت الواو ياء لكسرة الدال و منه حديث في السّلم لا يسلّم إلى دياس و لا إلى حصاد قوله طاب ثراه و ربّما يستدلّ على ذلك (- اه -) هذا هو الوجه الثّالث من الوجوه المستدلّ بها و المستدلّ هو كاشف الظلام و بعده صاحب الجواهر قوله طاب ثراه و فيه ان كون البيع بواسطة (- اه -) أراد بذلك انّ الواقع هنا كون البيع غرريّا من جهة اشتماله على الشّرط المجهول الموجب لذلك فهو الموصوف بكونه غرريّا لا الشّرط فيكون البيع مخالفا للسنة لما روى من انّ النبي (- ص -) نهى عن بيع الغرر لا نفس الشّرط كما هو مدّعى المستدلّ و لهذا تمسك (- المص -) (- ره -) قبل هذا بصيرورة المعاملة بذلك غرريّة قوله طاب ثراه فيشمله دليل نفي الغرر (- اه -) أراد به ما روى من انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الغرر و ليس في هذه الرّواية لفظ البيع و لكن لم يتحقّق انجبارها فتأمّل قوله طاب ثراه لكن لا يخفى سراية الغرر (- اه -) يعنى انّه يصدق على نفس البيع المشتمل على الشرط الّذي هو

ص:53

مجهول و مصداق للغرر انّه غرر فيكفي في الاستدلال عليه انّه بيع الغرر و انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن بيع الغرر فيكون الاستناد في فساده إلى فساد شرطه المخالف للكتاب

مسألة لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدة المجهولة و بين عدم ذكر المدة أصلا

قوله طاب ثراه مسئلة لا فرق في بطلان العقد (- اه -) اضافة البطلان إلى العقد تفيد إيراث جهالة مدّة الشرط بطلان العقد (- أيضا -) فضلا عن الشّرط و ذلك ممّا صرّح به جمع و حكى في مفتاح الكرامة عن ابى على و الشيخ و القاضي و ابني زهرة و إدريس القول ببطلان الشّرط دون العقد و استدلّ لهم بالأصل و عموم الكتاب و السّنة و إجماع الغنية و انّه (- ص -) أبطل ما شرط على عائشة من انّ ولاء بريرة لمولاها و أجاز العقد و بلزوم الدّور ثمَّ قال و الأصل معارض بمثله و مقطوع بغيره و الإجماع موهون و الخبر ضعيف و العموم انّما يتناول ما لم يعلم فساده و الثّمن هنا مجهول لما عرفته من تطرّق الجهالة إليه فكان العقد فاسدا ثمَّ انّ العموم مقيّد بالتّراضي و لا تراضي الاّ على الشرط الفاسد و الدّور معى لا تقدّمي انتهى و أقول ان كانت نسبة القول باختصاص البطلان في الفرض أيضا بالشرط لوجدانه التّصريح منهم به هنا و الاّ كما هو الظّاهر فالنسبة محلّ مناقشة إذ لا أظنّ تصحيح العقد هنا حتى من القائلين بعدم فساد العقد بفساد شرطه ضرورة انّ فساد الشّرط هنا انّما هو لإيراثه فساد العقد بالغرر لا بسبب أخر كي يمنع سراية الفساد منه إلى العقد و بعبارة أخرى لا قائل منهم بصحّة البيع الغرري فإذا كان إفساد الشّرط للغرر لزمهم إفساد العقد و امّا الأصل الّذي تمسّك به لهم فالظّاهر انّ المراد به أصالة عدم فساد العقد اللاّزم و ردها (- ح -) بالمعارضة لا وجه له كما هو ظاهر بل اللاّزم ردّها بانّ العقد و الشرط يقعان في ان واحد فلا صحة للعقد سابقة على فساد الشّرط كي تستصحب و لعلّ المراد بالدّوران فساد الشّرط يتوقّف على مخالفته العقد فلو توقّف فساد العقد على فساد الشّرط لزم الدّور و (- ح -) فالجواب انّ فساد الشرط كما ينشأ من مخالفته لمقتضى العقد فكذا ينشأ من المخالفة للكتاب و السّنة و لو سلّم فالمتوقّف عليه فساد الشّرط انّما هو المخالفة لمقتضى العقد و المتوقّف فساده على فساد الشرط انّما هو نفس العقد ثمَّ انّه لو ذكر الخيار في مدة مجهولة ثمَّ أسقطاه بعد العقد و اختار الإمضاء لم ينقلب صحيحا لانّه وقع فاسدا فلا عبرة به و الأصل بقاء المال على ملك بايعه و لم يوجد مزيل عنه فبقي على حاله كما نبّه على ذلك في (- كرة -) ثمَّ انّه لا يشترط تعيين المدّة بالأيّام فلو عيّنها بالشهر أو السّنة أو إلى العيد الفلاني جاز و ان احتمل الزّيادة و النّقصان بحسب الأيّام من جهة نقصان الشهور كما صرّح بذلك في المستند لأصالة عدم الاشتراط و للأخبار الآتية في شرط الفسخ عند ردّ مثل الثمن حيث انّ المدّة فيها السنة و السّنين المراد بها الهلاليّة قطعا و لو سلّم فتركه عليه السّلام الاستفصال بين كونها هلاليّة أو عدديّة كاف في إثبات المطلوب قوله طاب ثراه لاستواء الكلّ في الغرر (- اه -) بل الغرر في صورة عدم ذكر المدّة أصلا أو ذكر المدّة المطلقة أظهر لأنّ الإطلاق أو غل في الجهالة فيكون اولى بالمنع مضافا الى انّه لو صحّ فامّا ان يدوم الخيار و هو باطل بالإجماع أو يخصّ بمعيّن و هو تحكّم و تخصيص من غير مخصّص فتعيّن المطلوب و من هنا افتى بالبطلان في صورة عدم ذكر المدة أصلا في (- ط -) و المراسم و (- كرة -) و (- عد -) و (- لف -) و (- لك -) و الكفاية و محكي (- ير -) و غاية المرام و غيرها بل في الرّياض انّه الأشهر بين المتأخّرين و في الكفاية و المستند و المقابيس انّه الأشهر و عزّاه بعضهم الى علم الهدى (- ره -) و أنكره عليه اخرون نظرا إلى انّ صريحه في الانتصار خلافه و أنت خبير بأنّ صراحة عبارة الانتصار لا ينتفى اختياره لذلك في محلّ أخر و ربّما استظهر بعضهم هذا القول من الوسيلة و (- ئر -) و (- يع -) (- فع -) و الجامع و لعلّ ذلك لاعتبارهم تعيين المدّة و لكن لا يخفى عليك انّ اشتراط تعيين المدّة انّما يدلّ على قدح المدّة الغير المعيّنة و اين ذلك من اشتراط المدّة المعيّنة حتّى يقتضي البطلان عند إهمال المدّة أصلا قوله طاب ثراه خلافا للمحكي عن المقنعة (- اه -) و هو خيرة المصابيح و كشف الظلام و الجواهر و عن الشهيد في (- س -) الميل إليه قوله طاب ثراه فجعلوا مدّة الخيار في الصّورة الأولى ثلثة أيّام و يحتمل حمل الثانية عليها (- اه -) هكذا وجدنا العبارة في عدة فسخ و حقّ التّعبير ابدال الأولى بالثانية و الثانية بالثالثة و لو أبقيناها على ما وجدناها لزم توجيهها بما في حاشية الشّيخ الوالد قدس سرّه من قوله أراد يعني المصنّف (- ره -) بالصّورة الأعلى عدم ذكر المدّة أصلا و بالثانية ذكر المدّة المطلقة كان يقول بعتك على ان يكون لي الخيار مدّة و السرّ في ذلك انّه و ان كانت الصّور الّتي ذكرها هنا ثلثا أولها ذكره المدّة المجهولة كقدوم الحاج الاّ انّ حكم الأولى لمّا كان ممّا تقدّم في المسئلة السّابقة و كان عقد هذه المسئلة لبيان الأخيرتين كما يشهد به جعله الصّورة الأولى مقيسا عليها بالتّصريح على الفرق بينها و بين الأخيرتين من جهة تقدّم العلم بها سابقا جعل الأولى عبارة عن أولي الأخيرتين المقصودتين بالبيان و الثانية عبارة عن ثانيتهما ثمَّ استشهد (- قدّه -) لما ذكره بما في مفتاح الكرامة من جعل خلافهم في عدم ذكر المدّة أصلا و احتمال إلحاق صورة ذكر المدّة المطلقة بها قوله طاب ثراه و عن الانتصار و الغنية و الجواهر الإجماع عليه (- اه -) قد وقع التمسّك لما افتى به الجمع المتقدّم ذكرهم بوجوه أحدها الإجماع تمسّك بالمحصّل منه في (- ف -) و الانتصار و الغنية و جواهر الفقه قال في (- ف -) من اتباع شيئا بشرط الخيار و لم يسمّ وقتا و لا أجلا بل أطلقه كان له الخيار ثلثة أيّام و لا خيار له بعد ذلك ثمَّ نقل أقوال العامّة ثمَّ قال دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم انتهى و قال في الانتصار و ممّا انفردت به الإماميّة القول بانّ من ابتاع شيئا و شرط الخيار و لم يسمّ وقتا و لا أجلا مخصوصا بل أطلقه إطلاقا فإنّ له الخيار ما بينه و بين ثلثة أيّام ثمَّ لا خيار له بعد ذلك و باقي الفقهاء يخالفون في ذلك إلى ان قال دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع المتكرّر انتهى و قال في الغنية فإن شرط الخيار و لم يعيّن مدّة اعتبر بها يعنى بالثّلاثة بدليل الإجماع المتكرّر انتهى و قال في جواهر الفقه مسئلة إذا باع غيره بشرط الخيار و لم يعيّن أجلا و لا وقتا بل أطلق على ذلك إطلاقا هل يصحّ له الخيار أم لا الجواب الخيار يصحّ ثلثة أيّام فإذا مضت الثلاثة لم يكن له خيار لأنّ إجماع الطّائفة عليه انتهى و تمسّك في المصابيح بهذه الإجماعات المنقولة و نحن في ريب من حصول الإجماع و في شكّ من حجيّة منقولة الثّاني ما تمسّك به في الانتصار و الغنية من انّ الثلث هي المدّة المعهودة في الشريعة لضرب الخيار و الكلام إذا أطلق حمل على المعهود و فيه نظر ظاهر لمنع معهوديّة الثّلث مطلقا بل في الحيوان خاصّة الثالث ما أرسله في (- ف -) من اخبار الفرقة تمسّك به في المصابيح قائلا انّه لا يقصر عن مراسيل كتب الحديث و ان خلوها عنها لا يقدح فيها فإنّها لم توضع على الاستقصاء التامّ و الاّ لتكاذبت فيما انفردت و الحجّة فيما أورده في أيّ موضع ذكروه و قد أشار (- المص -) (- ره -) الى جوابه بقوله فيما يأتي عن قريب كأنّ الظّاهر بقرينة عدم تعرّض الشّيخ (- ره -)

ص:54

الرّابع ما أشار اليه مع جوابه المصنّف (- ره -) بقوله نعم قد روى في كتب العامّة ان حنان (- اه -) الخامس الأصل تمسّك به بعضهم و لم افهم المراد به الاّ ان يريد أصالة عدم قدح الإطلاق و فيه في قبال النّهى عن بيع الغرر ما لا يخفى السّادس إطلاق أو عموم اخبار لزوم الوفاء بالشّرط و فيه انّ أدلّة الغرر قد خصّت الشّروط بما لا يوجب جهالة أحد العوضين و لا ريب في اقتضاء الإطلاق الجهالة و الغرر السّابع ما تمسّك به بعضهم من انّ أفعال المسلمين و أقوالهم محمولة على ما هو الصّحيح و أنت خبير بانّ الحمل على الصّحيح انما يلزم إذا أمكن بأن كان له محمل صحيح و المفروض هنا عدمه الثّامن قوله عليه السّلام في الصّحيح المتقدّم في محلّه الشّرط في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري اشترط أو لم يشترط تمسّك به في المصابيح بتقريب انّه يدلّ بالفحوى على انّ الشّرط في غيره ثلثة مع الشّرط و المراد به امّا اشتراط الثلاثة أو مطلق الشرط و الأوّل غير مناسب لاطّراد الحكم في كلّ عدد فيراد الثاني و يكون المعنى ثبوت الثلاثة إذا أطلق الخيار و هو المطلوب كذا أفاد و أنت خبير بما فيه لانّه لا ينطبق على شيء من الدّلالات الثلث فالتقريب المذكور أشبه شيء باستفادة الحكم من الخبر بالرّمل و الأسطرلاب قوله طاب ثراه و قواه بعض المعاصرين المراد به هو صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه و كان التحديد تعبّديّا نظير التحديد الوارد في بعض الوصايا المبهمة أو يكون حكما شرعيّا ثبت في موضع خاص (- اه -) قال والدي الشيخ العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ الفرق بين الأمرين واضح فإنّ الأوّل تحديد للموضوع تعبّدا كما في تفسير لفظ الجزء الموصى به بالعشر و الثاني إمهال لذي الخيار المجهول تفضّلا مدّة ثلثة أيّام و جعل خيار له فيها من دون نظر إلى انّ المراد باللّفظ المجهول ما ذا و قد علم ممّا ذكرنا انّ الضمير المرفوع في آخر الكلام المخبر عنه بإهمال مدّة الخيار عائد إلى الموضوع الخاص قوله طاب ثراه و الحاصل انّ الدّعوى في تخصيص أدلّة نفي الغرر (- اه -) هذا الحاصل الّذي ذكره بمنزلة الصّغرى و قد ضمّ اليه ما بعد قوله و الانصاف ممّا هو كبرى و محصّل مجموعهما انّه لا بدّ في التخصيص من دليل و لا دليل هنا فينتفى التّخصيص قوله طاب ثراه إذ نعلم إجمالا انّ المجمعين اعتمدوا على دلالات اجتهاديّة استنبطوها من الأخبار (- اه -) يعني أنّهم استنبطوها من اخبار أخر غير ما أشار إليها الشّيخ (- ره -) فلا يكون إجماعهم المدّعى كاشفا عن الأخبار الّتي أشار إليها و لا ناظرا إليها فيكون التّعويل على نفس الإجماع الجابران صلح للتّعويل عليه ثمَّ انّه أشار إلى توهين الإجماع المدّعى في المقام بأنّ إجماعات القاضي و ابن زهرة مستندة غالبا إلى إجماع السيّد في الانتصار قوله طاب ثراه نعم قد روى في بعض كتب العامّة ان حنان (- اه -) الوجه في هذا الاستدراك ما تقدّم فيما حكيناه عن (- كرة -) من ان عمر قال ما أحلّ لكم أوسع ممّا جعل رسول اللّه (- ص -) لحنان بن منقذ بملاحظة انّه يستفاد منه ان حنان مع كونه كان يخدع في البيع لم يزد له رسول اللّه (- ص -) في جعل الخيار له على ثلثة أيّام فغيره أولى بان لا يكون له الخيار في أزيد من ذلك قوله طاب ثراه و في دلالته فضلا عن سنده ما لا يخفى (- اه -) علّل في الجواهر عدم الدّلالة بأنّه ذكر في (- كرة -) ان لا خلابة عبارة في الشّرع عن اشتراط الخيار ثلثا فإطلاقها مع العلم بمعناها كالتصريح و (- ح -) فلا يتأنّى من الحديث المذكور الدّلالة على حكم من لم يصرّح بتعيين المدّة لكن يبقى هنا شيء و هو انّ (- المص -) (- ره -) قال انّ الخلابة الخديعة و ذلك لا ينطبق على ما في (- كرة -) الاّ ان نقول انّ ما ذكره (- المص -) (- ره -) انّما هو معنى الخلابة بحسب الأصل و ان صار في الشرع عبارة عمّا في (- كرة -) كما افاده الوالد العلاّمة قدس اللّه روحه الزكيّة قوله طاب ثراه ثمَّ انّه ربّما يقال ببطلان الشّرط دون العقد (- اه -) قد تقدّم نقل القول المذكور و قائله و دليله و ردّه في شرح صدر عبارة المصنف (- ره -) في هذه المسئلة فراجع

مسألة مبدأ خيار الشرط من حين العقد

قوله طاب ثراه مبدأ هذا الخيار من حين العقد (- اه -) هذا ممّا افتى به في (- يع -) و (- كرة -) و (- لف -) و (- شاد -) و التنقيح و (- لك -) و مجمع الفائدة و المصابيح و كشف الظلام و خيارات الفقيه الغرويّ و المستند و محكي (- ير -) و غاية المرام و تعليق (- شاد -) و تلخيص الخلاف و غيرها و حجّته هي ما تقدّم من حجج القول بكون مبدء خيار الحيوان من حين العقد حرفا بحرف فراجع قوله طاب ثراه و عن الشيخ و الحلّي انّ مبدئه من حين التّفرّق (- اه -) قالا بذلك في صورة الإطلاق خلافا لمن مر و عبارة (- ف -) و (- ط -) و (- ئر -) صراح فيما غراه إليهما و وافقهما في ذلك السيّد ابن زهرة في الغنية و حجّتهم هي ما مرّ في المسئلة المشار إليها من حجج القول بكون مبدء خيار الحيوان من حين التفرّق و يردّها ما مرّ هناك مضافا إلى ما أشار إليه الماتن (- ره -) بقوله نعم يمكن ان يقال هنا (- اه -) و ربّما فصل سيّدنا في مفتاح الكرامة فيما لو كان المبيع حيوانا بقوله و تنقيح ذلك ان يقال إذا شرط مشتري الحيوان شرطا فامّا ان يكون انقص من الثلاثة أو أزيد أو مساويا و امّا ان يكونا عالمين أو جاهلين أو بالتّفريق و الظّاهر تأخير خيار الشّرط عن خيار الحيوان حيث يكونان عالمين مع قصر الشرط و تساوى المدّتين عملا بالعرف و لو زاد الشرط احتمل التّفصيل فيتأخر في مثل الأربعة و الخمسة و يتصل في نحو الشهر و الشهرين عملا بمقتضى العرف و يحتمل الاتّصال (- مط -) و التّأخير (- مط -) و ان علم به البائع فقط و علم انّ المشترى لا يعلم أو كان الأمر بالعكس كذلك فاحتمال البطلان فيهما قائم و امّا إذا كانا معا جاهلين و شرطا ثلثة أيّام أو أكثر أو أقلّ فاحتمالات و لا مجال فيها للبطلان فإنّ الصحيحة الشّاهدة بصحته شاهدة باتّصاله انتهى و أشار بالصّحيحة إلى الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن ابن سنان يعنى عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط إلى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدابة أو يحدث فيه حدث على من ضمان ذلك فقال عليه السّلام على البائع حتّى ينقضي الشرط ثلثة أيّام و يصير المبيع للمشتري و التقريب انّه قد دلّ على انّ خيار الشرط اعنى اليوم و اليومين داخل في خيار الحيوان و الاّ لجعلهما بعد خيار الحيوان و يرشد إليه انّه عليه السّلام قال فيه (- أيضا -) و إن كان بينهما شرط أيّاما معدودة فهلك في يد المشترى قبل ان يمضي الشرط فهو من مال البائع إذ الظاهر من الأيام المعدودة انها أكثر من ثلثة و في المسئلة احتمالان اخران أحدهما بطلان الشّرط لأنّه إذا لم يعيّن مبدئه كان كما لو لم يعيّن منتهاه في إيراث جهالة المدّة و فيه انّ الانصراف يزيل الجهالة و الأخر الرّجوع في ذلك إلى قصد المتبايعين فان اتّفق قصدهما بأن أراد كون المبدء من حين العقد و من حين التفرّق أو بعد الثلاثة في الحيوان اتّبع و ان اختلفا تحالفا و فسد الشّرط و تبعه العقد و فيه انّه ليس مخالفا لما مرّ من القولين لانّ النظر فيهما إلى ظاهر الحال و هنا إلى الواقع فتأمّل قوله طاب ثراه لكن لو تمَّ هذا لاقتضى كونه في الحيوان من حين انقضاء الثلاثة (- اه -) يعنى انّ التعليل المذكور على تقدير تماميّته تقتضي ان يكون مبدء خيار الشّرط المجعول في الحيوان من

ص:55

المتعاقدين أو من أحدهما مع قبول الأخر من حين انقضاء الثّلثة لان الثّلثة ليست زمانا يلزم فيه العقد لو لا الخيار المشترط

مسألة صحة جعل الخيار للأجنبي
اشارة

قوله طاب ثراه يصحّ جعل الخيار لأجنبيّ (- اه -) لا ريب جواز اشتراط الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما أو لأجنبيّ متحدا أو متعدّدا منفردا أو مع البائع أو مع المشتري أو معهما مع التّوافق في المدّة أو التخالف أو معهما في ذلك العقد أو غيره أو فيهما مع قيد الاجتماع فيه أو عدمه أو الاختلاف متّصل أو منفصل أو مختلف مع سبق الاتّصال أو الانفصال أو متّصل في البائع و منفصل في المشترى و ما عداه أو متّصل في المشترى و منفصل فيما عداه أو لهما (- كك -) أو للأجنبي مع أحدهما أو معهما (- كك -) و الأقسام كثيرة جدّا و الوجه في جواز الجميع عموم أدلّة الشّرط و قد نفي في الكفاية و الرّياض و كشف الظّلام و الجواهر و غيرها الخلاف في جواز جعل الخيار لأجنبيّ قوله طاب ثراه في عبارة (- كرة -) و شرط الخيار للعبد (- اه -) الوجه في صحّة البيع و الشّرط عموم الشروط و العقود و ربّما بنى بعضهم الوجهين على انّ العبد يملك مثل هذا الحق أم لا و يجاب بأنّه لا مانع من الصّحة على القول بعدم ملكه (- أيضا -) غاية ما هناك انّه بناء على ملكه له يكون الخيار له و على عدم ملكه يكون لمولاه و لا بأس به و الأظهر صحّة جعل الخيار له للعموم و ملكه له و اللّه العالم قوله طاب ثراه و حكى عنه الإجماع في الأجنبي (- اه -) الحكاية في محلّها لانّه قال في (- كرة -) هل يجوز جعل الخيار لأجنبيّ ذهب علمائنا اجمع إلى جوازه و انّه يصحّ البيع و الشّرط و به قال أبو حنيفة و مالك و احمد و الشافعي في أصحّ القولين لانّه خيار يثبت بالشّرط للحاجة و قد تدعو الحاجة إلى شرط للأجنبيّ لكونه اعرف بحال المعقود عليه و لانّه يصحّ ان يشترطاه لأحدهما دون الأخر فلذلك صحّ ان يشترطاه للأجنبيّ و للشّافعي قول انّه لا يصحّ و يبطل البيع معا لانّه خيار ثبت في العقد فلا يجوز شرطه لغير المتعاقدين كخيار الردّ بالعيب و الفرق انّ خيار العيب يثبت من جهة الشّرط بخلاف المتنازع انتهى و قد ادّعى الإجماع في المصابيح و الجواهر (- أيضا -) و حكى في الرّياض عن (- ف -) و الغنية (- أيضا -) دعوة أو لم أعثر عليه فيهما قوله طاب ثراه في عبارة الوسيلة و ان لم يجتمعا بطل (- اه -) كان وجه عدم الاعتبار بفسخ أحدهما فهم الاجتماع من الإطلاق و فيه نظر ظاهر قوله طاب ثراه في عبارة الوسيلة (- أيضا -) و إن كان لغيرهما نفذ البيع و كان المبتاع بالخيار (- اه -) لا يخفى عليك انّ صرفه الخيار عند فسخ الأجنبيّ المشروط له إلى المشتري لا وجه له يظهر بل فيه نظر أمّا أوّلا فلما في (- لف -) من انّه إذا جعل الخيار لأجنبيّ لم يكن لأحد المتبايعين خيار فان اختار الأجنبيّ الإمضاء نفذ و ان اختار الفسخ انفسخ و لا عبرة بالمتبايعين و امّا ثانيا فلانّ جعل رأي الأجنبيّ نافذا في الإمضاء و الرّضا دون الفسخ تحكّم بعد جعل خيار الفسخ و الإمضاء كليهما اليه و كون الأوّل موافقا لمقتضى القاعدة دون الثّاني و لا يصلح فارقا و امّا ثالثا فلانّ تخصيص المشترى بانصراف الخيار اليه دون البائع ليس له وجه مع فرض حصول الشرط منهما و من هنا جزم جماعة بمضيّ فسخه كامضائه و قد حكاه بعضهم عن (- ف -) و (- ط -) و (- كرة -) و (- ير -) و (- شاد -) و اللّمعة و (- لك -) و (- الروضة -) و كنز الفوائد و مجمع الفائدة أو غيرها و النّسبة فيما وقفنا عليه منها و هو الأغلب في محلّها بل نفي في مفتاح الكرامة وجدان الخلاف فيه الاّ من ابن حمزة و قد يحكى عن الشّهيد (- ره -) في (- س -) القطع باستقلال الأجنبيّ إذا انفرد و احتمال تقديم ما صدر منه مع الاجتماع في الشّرط مع المتبايعين أو أحدهما و الاختلاف في الفسخ و الرّضا وليته قطع بتقديم فعله (- ح -) كما قطع باستقلاله في صورة الانفراد و ذلك لانّه مقتضى ذكرهما له و اشتراطهما الخيار له معهما فتأمّل قوله طاب ثراه ثمَّ انّه ذكر غير واحد (- اه -) أشار بهذه العبارة إلى الوجهين في كون اشتراط الخيار للأجنبيّ من كونه توكيلا أو تحكيما و كلّ من الوجهين يظهر من كلام فريق منهم فمقتضى تصريح العلاّمة الشّريف في المصابيح و اتباعه بلزوم اعتماد المصلحة مطلقا على الأجنبي المشروط له الخيار معللين بكونه أمينا هو الأوّل و مقتضى تصريح اخرين بتقديم قوله إذا خالفهما هو الثاني إذ لا راى للوكيل مع الموكّل و لنا ان نرفع اثر النزاع من أصله بأن نقول انّ من الممكن ذهاب أحد إلى كونه توكيلا و اختياره مع ذلك تقديم قوله نظرا إلى انّه مقتضى جعل الخيار له في ضمن عقد لازم فهو كاشتراط مضىّ راى الوكيل في قبال الموكّل في ضمن عقد لازم و كذا من الممكن اختيار احد كونه تحكيما و ذهابه مع ذلك إلى لزوم مراعاته المصلحة نظرا إلى تبادر ذلك من الإطلاق و ربّما يشهد لما قلنا ان علاّمة المصابيح و من تبعه جزموا بتقديم قوله مع مخالفته لهما أو لأحدهما و مع ذلك أوجبوا اعتبار المصلحة عليه مطلقا و ربّما عزى الفقيه الغروي (- قدّه -) القول بكونه تحكيما لا توكيلا إلى ظاهر الأصحاب و لم أجد لشيء من الوجهين وجها صالحا للرّكون اليه و مجرّد شبهه بالوكالة لا يجعله منها كما لا يخفى فينبغي الرّجوع في كلّ ما يتفرّع على ذلك إلى مقتضى القاعدة فيه فيقدّم فسخه على إمضاء المتبايعين لانّ مقتضى جعل الخيار له مضىّ فسخه كما يقدّم الفاسخ على المجيز في جميع الموارد نظرا إلى أنّه بالفسخ ينتفي العقد فلا يبقى للإمضاء الّذي مرجعه إلى إسقاط الممضى خيار نفسه محلّ و امّا لزوم اعتباره المصلحة فلا دليل عليه و كونه أمينا ممنوع و الأصل برأيه ذمّته من ملاحظة المصلحة و اللّه العالم

فروع لم يتعرض لها الماتن ترتبط بخيار الشرط

قوله طاب ثراه ثمَّ انّه ربّما يتخيّل (- اه -) بقي هنا فروع لم يتعرض لها الماتن (- ره -) الأوّل انّه هل يجوز اشتراط الخيار بالنّسبة إلى بعض المبيع دون بعض أم لا جزم جمع من الأواخر منهم علاّمة المصابيح و غيره بالأوّل لعموم ما دلّ على جواز كلّ شرط لم يخالف الكتاب و السنة و لا لمقتضى العقد و لزوم الوفاء به و تأمّل في ذلك الفقيه الغروي (- ره -) بل قوى العدم قال لا بسبب ضرر التبعيض كما في الخيار الّذي مستنده الضّرر أو مطلقا و انّ الضّرر لا يجبر بمثله للانتفاء فيه بسبب الإقدام بل لوحدة العقد فيكون شرطا مخالفا لمقتضاه كما تقدم في خيار الحيوان نعم قد ادّعى الإجماع على جوازه بعض المتأخّرين فإن تمَّ فهو الحجّة و لكنّه محلّ منع انتهى قلت أراد ببعض المتأخّرين علاّمة المصابيح (- ره -) فإنّه قال و يجوز اشتراط الخيار في الكلّ و البعض للمتبايعين و غيرهما بالانفراد و الاجتماع مع التوافق و الاختلاف بالإجماع و عموم الأدلّة انتهى فتدبّر الثاني انّه يشترط تعيين الموضوع و المحلّ للخيار فلو اشترطاه لأحدهما لا على التّعيين أو لأحدهما أو الأجنبيّ لا على التّعيين (- أيضا -) أو في المبيعين لا على التعيين بطل الشرط و العقد للغرر فإن الأغراض تختلف و الأعواض تتفاوت بجعل الخيار لصاحب احد العوضين و قد جزم بلزوم اشتراط تعيين الموضوع و المحلّ جماعة منهم العلاّمة في (- عد -) و (- كرة -) و الطباطبائي في المصابيح بل في (- ف -) نفي الخلاف فيه حيث قال إذا باع عبدين و شرط مدّة من الخيار في أحدهما فإن أبهم و لم يعيّن من باعه منهما بشرط الخيار فالبيع باطل بلا خلاف لانّه مجهول انتهى بل قد يستظهر من عدم نقل العلاّمة في (- كرة -) الخلاف حتى من العامّة كونه مجمعا عليه و فيه ما لا يخفى الثالث انّه لو أوقع الوكيلان العقد و شرطا الخيار فان شرطاه لهما صحّ إذا كان بإذن الموكّلين و ان شرطاه للموكّلين اللّذين وقع العقد لهما صحّ (- أيضا -) لأصالة الجواز و عموم دليل

ص:56

دليل الشّرط في الموضعين بل في (- كرة -) دعوى الاتفاق على الثاني حيث قال لو جعل المتعاقدان خيار الشرط للموكّل الّذي وقع العقد له صحّ قولا واحدا لأنّه المشترى و البائع في الحقيقة و الوكيل نائب عنه انتهى الرّابع انّه قال في (- كرة -) انّه لو شرطه لفلان لم يكن للشّارط خيار بل كان لمن جعله له خاصّة و هو أحد قولي الشّافعي تفريعا على الجواز و في الأخر انّه يكون له و للآخر و يكون الأخر وكيلا و به قال أبو حنيفة و احمد لأنه نائب عنه في الاختيار فاذا ثبت للنّائب فثبوته للمنوب عنه اولى و ليس بجيّد اقتصارا على الشرط كما لو شرطا لأحدهما لم يكن للآخر شيء و كما لو شرطاه لأجنبيّ دونهما انتهى و لعمري انّ الأولويّة الّتي حكاها عن أبي حنيفة من الوجوه الاعتباريّة الّتي بها فسد الدّين إذ بعد كون مثبت هذا الخيار الاشتراط يلزم دوران الحكم مدار حصول سبب الخيار و هو الاشتراط فاذا اشترط للأجنبي فبما ذا يثبت للمشروط له الخامس انّه قال في (- كرة -) لو شرط الخيار لأجنبيّ كان له خاصّة دون العاقد فان مات الأجنبيّ في زمن الخيار ثبت الان له اى للعاقد لأنّ الحق و الرّفق له في الحقيقة انتهى ولى فيه نظر فانّ كون الحقّ و الرّفق للعاقد لا يوجب انتقال الخيار اليه بعد كون وضع هذا الخيار على الدّوران مدار الاشتراط بل اللاّزم امّا سقوط الخيار أصلا و رأسا بموت الأجنبيّ المشروط له الخيار أو الانتقال إلى وارثه و لعلّ الأوّل أظهر لأنّ إرث الخيار انّما هو فيما ثبت من قبل الشّارع دون ما ثبت من قبل المتعاقدين الاّ ان يتمسّك بعموم ما دلّ على انّ ما ترك الميّت من حق فلوارثه بعد صدق الحق على هذا الخيار و المسئلة محلّ تأمّل و اشكال و لعلّه يتّضح لك الحال فيها عند تعرّض الماتن (- ره -) لكون الخيار موروثا (- إن شاء الله -) (- تع -) قوله طاب ثراه أو بدخول الخيار بالأصل كخياري المجلس و الشّرط أو بالعارض كخيار الفسخ بردّ الثمن لنفس المتعاقدين (- اه -) قال والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه انّه أراد بخيار الشّرط مثل ما لو شرط لأجنبيّ ان يكون له الفسخ متى شاء من زمان العقد إلى ستّة أشهر مثلا فانّ ذلك الخيار ثابت بالأصل يعنى بأصل العقد بخلاف الفسخ بردّ الثّمن فإنّه يحصل له الخيار عند ردّ الثمن بان يكون ردّ الثمن ممّا يتوقف عليه ثبوت أصل الخيار أو يكون ردّ الثمن وقتا للخيار و على التقديرين لا يثبت الخيار للمشترط قبل ردّ الثمن كما سيأتي منه (- ره -) التّصريح بذلك في أوّل الوجوه الّتي يذكرها في بيع الخيار فمراده (- ره -) بخيار الفسخ بردّ الثّمن هو الوجه الأوّل من الوجوه الخمسة الآتية في كلامه (- ره -) و يحتمل انّه (- ره -) أراد بخيار الشرط خيار الحيوان لوقوع التعبير به عنه في بعض الأخبار لكن لا يخفى عليك بعد هذا الاحتمال

مسألة جواز اشتراط الاستيمار للمتبايعين

قوله طاب ثراه يجوز لهما اشتراط الاستيمار (- اه -) هذا ممّا صرّح به جمع كثير بل في مجمع الفائدة انّ المخالفة هنا ليست بظاهرة و في (- كرة -) انه (- كك -) عندنا و في (- مع صد -) انّه باتّفاقنا و استظهر الإجماع عليه كاشف الظلام و ادّعى الإجماع عليه في المصابيح و الجواهر و زاد في الثالث نفي الخلاف فيه بيننا و العمدة في ذلك عموم أدلّة الشّروط بعد كونه شرطا سائغا بالأصل ثمَّ انّ الفرق بين الاستيمار من أخر و بين جعل الخيار له واضح فانّ الفسخ و الإمضاء في الخيار للأجنبيّ و في الاستيمار إليه الأمر و الرأي خاصّة و ليس له فسخ و لا التزام و انّما هما للمستأمر بالكسر و قد صرّح بذلك جماعة بل عزاه في (- الروضة -) الى كلام الأصحاب حيث قال ظاهر معنى المؤامرة و كلام الأصحاب انّ المستأمر بفتح الميم ليس له الفسخ و لا التزام و انّما إليه الأمر و الرّأي خاصّة ثمَّ ناقش في كلام الشهيد (- ره -) بقوله فقول (- المص -) (- ره -) فان قال المستأمر فسخت أو أجزت فذاك و ان سكت فالأقرب اللّزوم و لا يلزم المستأمر الاختيار ان قرئ المستأمر بالفتح مبنيّا للمجهول أشكل بما ذكرناه و ان قرئ بالكسر مبنيّا للفاعل بمعنى المشروط له المؤامرة لغيره فمعناه ان قال فسخت بعد امره له بالفسخ أو أجزت بعد امره له بالإجازة لزم و ان سكت و لم يلتزم و لم يفسخ سواء فعل ذلك بغير استيمار أم بعده و لم يفعل مقتضاه لزم لما بيّناه من انّه لا يجب عليه امتثال الأمر و انّما يتوقّف فسخه على موافقة الأمر و هذا الاحتمال انسب بالحكم لكن دلالة ظاهر العبارة على الأوّل أرجح خصوصا بقرينة قوله و لا يلزم الاختيار فانّ اللّزوم المنفي ليس الاّ عمّن جعل له المؤامرة و قوله و كذا كلّ من جعل له الخيار فانّ المجعول له هنا الخيار هو الأجنبي المستشار لا المشروط له الاّ للمشروط له حظّا من الخيار عند أمر الأجنبي بالفسخ انتهى و اعترضه في مفتاح الكرامة بأنّه لعلّ غرض الشّهيد (- ره -) بيان ما هو المشهور بين الأصحاب و فائدة أخرى و القرينة على ذلك كلّه الشّهرة فحاصله انّ المستشار ان قال فسخت تسلّط المستشير على الفسخ و ان قال أجزت لزم و إليهما أشار بقوله فذاك و ان سكت لزم (- أيضا -) و بيّن انّه يجوز له السّكوت و لا يلزمه التّكلم و اختيار أحد الأمرين أو أراد انّ المستأمر بالكسر ان قال فسخت حيث يأمره المستشار بالفسخ أو أجزت فذاك و ان سكت لزم (- أيضا -) و لا يلزمه اى المستشير اختيار الفسخ و كذا كلّ ذي خيار لا يلزمه الاختيار و على الوجهين لا يتوجّه على العبارة ما وجّهه عليها في (- الروضة -) فليتأمّل و ان بقي كلامه على ظاهره كان مخالفا لما عليه الأصحاب و كان الفرق عنده بين المستأمر و المشروط له الخيار إذا كان أجنبيّا انّ الأوّل ليس له شيء من الأمر بعد الاستشارة بخلاف الثّاني فإنّه له الفسخ و الإمضاء بادئ بدء من أوّل الأمر لأنّه حاكم ذو خيار انتهى و أنت خبير بانّ مرجع ما ذكره إلى الوجه الثاني من الوجهين اللّذين احتملهما ثاني الشهيدين في عبارة ماتنه كما سمعت غاية ما هناك انّه (- ره -) استبعده لاحتياجه إلى الإضمار و سيّد مفتاح الكرامة استقر به بقرينة الشهرة و فيه منع قابليّة الشّهرة لكونها قرينة على ما ذكره فالحقّ انّ عبارة اللّمعة لا تخلو من شيء قوله طاب ثراه فإن أمره بالإجازة (- اه -) ربّما يظهر من المحقّق الثّاني (- ره -) في (- مع صد -) التّفصيل في صورة أمره بالإجازة بين ما لو كان ما أمر به صلاحا له فلا يجوز له الفسخ و بين ما لو خالف المصلحة فله الفسخ و ردّ بأنّه لا محلّ له لانّه لو امره بالالتزام وجب عليه سواء كان فيه مصلحة أم لا و ان امره بالفسخ لم يجب عليه امتثال امره سواء كان فيه مصلحة أم لا و تنقيح البحث ان يقال انّ جواز اشتراط الاستيمار ممّا لا ريب فيه لانّه من الشروط الجائزة فإن أمره بالفسخ تسلّط عليه و له الخيار بين ان يفسخ و ان لا يفسخ اشتمل على مصلحة أم لا لانّ المستشير لا يلزمه موافقة المستشار حيث يكون له مندوحة كما هو ظاهر لانّه لم يجعل له الخيار و ان امره بالالتزام الّذي هو مقتضى العقد فليس له المخالفة و إن كانت أصلح لأنّه لا تسلط له عليها الاّ بالشّرط و هو لم يشترط لنفسه خيارا و ان سكت فالأقرب اللّزوم و الحاصل انّ الفسخ يتوقّف على أمره لأنّه خلاف مقتضى العقد فيرجع إلى الشرط و امّا الالتزام بالعقد فلا يتوقّف على أمره لأنّه مقتضى العقد نعم لو اشترط احد المتبايعين على الأخر الفسخ لو أمره المستأمر بالفتح بالفسخ لزمه الفسخ بمجرّد امره به لانّ المسلمين عند شروطهم و ما ذكره (- المص -) (- ره -) انّما هو حكم اشتراط الاستيمار خاصّة و الاّ فلو شرط معه أمرا أخر من التسلّط على الفسخ حتّى مع أمره بالإمضاء أو وجوب الفسخ عليه لو امره به أو نحو

ص:57

ذلك لزم الوفاء بمقتضاه و ممّا ذكرنا ظهر انّ تعليل عدم جواز فسخه إذا أمره بالإمضاء بأنّ الغرض من الشّرط ليس مجرّد الاستيمار بل الالتزام بامره كما صدر من الماتن (- ره -) لم يقع في محلّه ضرورة اقتضاء العلّة لزوم الفسخ لو امره به مع انّهم لا يقولون به فالأولى تعليله بأنّ الأصل في البيع اللّزوم و لا يخرج عنه الاّ بأسباب منها اشتراط التسلّط على الفسخ و لم يوجد هنا شيء من تلك الأسباب فتدبّر قوله طاب ثراه فان اقتضى اشتراط الاستيمار ذلك الحق على صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه على الفسخ الضّمير المجرور بإضافة لفظ الصّاحب الأوّل يعود إلى المشترط و المجرور بإضافة الصّاحب الثاني يعود إلى الصّاحب الأوّل يعنى انّ اشتراط الاستيمار ان اقتضى ثبوت الحقّ على صاحب المشترط بان يكون عليه ان يستأمر فيفسخ إذا أمره الثالث فمعناه سلطنة صاحب الصّاحب يعنى المشترط على الفسخ و لو بالواسطة و التّسبيب بان يحكم عليه باستيمار الثالث و الفسخ إذا أمره و ليس المراد ثبوت السّلطنة للمشترط بنفسه ابتداء حتّى يمنع فيقال انّه ليس معنى اشتراط الاستيمار سلطنة المشترط على الفسخ بنفسه كما نبّه على ذلك الشيخ الوالد (- قده -) في غاية الآمال قوله طاب ثراه ثمَّ في اعتبار مراعاة المستأمر للمصلحة و عدمه وجهان العدم هكذا وجدنا النّسخة لكن لا بدّ من سقوط كلمة أظهرهما و أقربهما أو أجودهما أو نحو ذلك ثمَّ لا يخفى عليك انّ هنا فروعا أخر لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) و لا بأس بالتّعرض لها الأوّل انّهم اختلفوا في لزوم تعيين مدّة المؤامرة و ضبطها على قولين أحدهما اللّزوم و هو للقواعد و (- كرة -) و اللّمعتين و (- لك -) و المصابيح و محكي (- ير -) و (- شاد -) و (- لف -) و تعليق (- شاد -) و الميسية و مجمع الفائدة و الكفاية و غيرها بل في المصابيح انّه ظاهر الأكثر ثانيهما عدم اللّزوم و هو صريح الشّيخ (- ره -) في (- ف -) حيث قال إذا صحّ الاستيمار فليس له حدّ الاّ ان يشترط مدّة معيّنة قلّت أم كثرت و للشّافعي فيه وجهان أحدهما لا يصحّ حتّى يشترط و الثّاني ما قلناه من انّه يمتدّ ذلك ابدا انتهى و حكى نحوه عن (- ط -) حجّة الأوّل أنّ في الإطلاق غرر أو جهالة لأنّ الأعواض تختلف باختلاف زمان الخيار و المؤامرة و قد نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر و حجّة الثاني ما ذكره في (- ف -) بقوله عقيب عبارته المزبورة دليلنا انّه قد ثبت هذا الاشتراط مع الإطلاق فتقييده بزمان مخصوص يحتاج إلى دليل انتهى و الجواب انّ النّهى عن بيع الغرر دليل مقيّد كما قيّد به إطلاق اشتراط الخيار الأمر الثّاني أنّه يجرى في الاستيمار ما يجري في الخيار من انّه قد يكون للبائع أو المشتري أو لهما أو لأجنبيّ عنهما أو عن أحدهما مفردا أو مع البائع أو المشتري أو معهما متّصلا أو منفصلا أو متّصلا و منفصلا الى غير ذلك من أقسام اشتراط الخيار الثّالث انّ جماعة من أواخر الأصحاب صرّحوا بعدم اشتراط تعيين المؤامر باسمه بل بما يشخّصه و يميّزه بل في خيارات الفقيه الغرويّ (- ره -) انّه لو قيل بجواز استيمار من كان خلف الجدار و ان لم يعلم ما هو أو واحد من النّاس أو من جماعة محصورين و نحو ذلك بناء على انّ الشّرط كالصّلح في الجهالة لكان له وجه نعم يستثنى المبهم الذي لا وجود له انتهى قلت لو كان علّل جواز استيمار من ذكره بأصالة عدم اشتراط التّعيين بما يميّزه و انتفاء الغرر لكان اولى ممّا علّله به من كون الشّرط كالصّلح ضرورة انّ العلّة (- ح -) أخفى من مطلوبه إذ لا دليل على كون الشّرط كالصّلح و الاّ للزم جواز إهمال المدّة و لا يلتزم به الرّابع انّه هل لمن اشترط استيمار غيره فسخ العقد قبل الاستيمار أم لا وجهان جزم في (- كرة -) بالعدم حيث قال ليس للشّارط ان يفسخ حتى يستأمر فلانا و يأمره بالرد لانّه جعل الخيار له دون العاقد و هو أحد قولي الشّافعية و الثاني انّه يجوز له الرد من غير ان يستأمر و ذكر الاستيمار احتياطا و المعتمد الأوّل انتهى و وافقه على ذلك في (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و محكي تعليق (- شاد -) و الميسية و الكفاية و (- ط -) و في (- ف -) انّه إذا باعه بشرط ان يستأمر فلانا فليس له الرد حتى يستأمره انتهى و ربّما حكى في مفتاح الكرامة أنّه غري هذا القول إلى ظاهر المذاهب و لا يخفى ما فيه فإنّه أراد ظاهر مذهب الشّافعي لا ظاهر مذهب الأصحاب لأنّه قال و للشّافعي فيه وجهان أحدهما و هو ظاهر المذهب مثل ما قلناه (- اه -) و الوجه فيما اختاره الجماعة انّ الأصل في البيع اللّزوم كما مرّ و غاية ما ثبت باشتراط الاستيمار استحقاقه الفسخ بعد الاستيمار ففسخه قبل الاستيمار فسخ من غير حقّ فلا عبرة به فما عن العلاّمة (- ره -) في (- ير -) من انّ له الفسخ قبل الاستيمار لا وجه له كما لا وجه له بعد ما سمعت لتعليله بانّ الشرط لمصلحة المستأمر فله ان لا يلاحظها و يفسخ قبله لثبوت الخيار له كما انّ له الإمضاء لو لم يأمره به فانّ فيه ما عرفت من دوران الأمر مدار الاشتراط و امّا انّ له الإمضاء لو لم يأمره به فليس إلاّ لأنّ المشروط انّما هو توقّف الفسخ على امره لا الإمضاء و الاّ فلو شرط توقّف الإمضاء (- أيضا -) على امره لزم الأتباع الاّ ان يتّفقا على إسقاط الشّرط الخامس انه لو امره المشروط الاستيمار منه بالفسخ قبل ان يستأمره فعن ظاهر (- ط -) و (- ف -) و (- كرة -) و كنز الفوائد و تعليق (- شاد -) و (- لك -) انتفاء الخيار لانتفاء الشرط و لكن قرب في المصابيح الجواز نظرا إلى حصول الغرض بالاطّلاع على راى المستأمر و تنزيلا لعبارات الأصحاب على الغالب من ترتّب الأمر على الاستيمار ثمَّ قال و عليه يحمل قول العلاّمة (- ره -) في (- ير -) بجواز الفسخ قبل الاستيمار لتصريحه بعده بالمنع من الرد قبله و لظهور توقّف الرد على الأمر به بمقتضى الشّرط فيبعد ارادته الجواز قبل الأمر ثمَّ قال و لو شرطنا الاستيمار فاتّفق الأمر قبله قوى اللزوم مطلقا لامتناع الاستيمار بعد الأمر فيقوى سقوط اعتباره من أصله انتهى و ما استقر به غير بعيد ظاهرا إذ لا وجه لسقوط الفسخ بعد وضوح عدم كون الاستيمار معتبرا من باب الموضوعيّة بل من باب الطّريقيّة إلى الاطّلاع على راى المستأمر بالفتح السّادس انّه لو تعدّد المستأمر بالفتح و اختلفا فأمر أحدهما بالفسخ و الأخر بالإمضاء احتمل تقديم الأمر بالفسخ (- مط -) نظرا إلى انّ الأمر بالإمضاء لم يزد على ما كان أوّلا من جواز الإمضاء و احتمل تقديم الأمر بالإمضاء مطلقا نظرا إلى انّ الفسخ انّما يجوز مع اتّفاقهما عليه فاذا افترقا كان اللازم الأخذ بما يوافق حال أصل العقد و يحتمل تقديم الأسبق منهما و الوجوه تجرى فيما لو اتّحد المستأمر و اختلف رايه هذا إذا أطلق اشتراط الاستيمار و لو شرط تقديم أحدهما أو أحد الرّأيين عند الاختلاف أو سقوطهما معا عن الاعتبار كان المتبع ما اشترط

مسألة من أفراد خيار الشرط ما يضاف البيع إليه
اشارة

قوله طاب ثراه و عن غيرها الإجماع عليه قلت ممّن ادّعى الإجماع على ذلك الشيخ (- ره -) في (- ف -) و القاضي في جواهر الفقه و الثانيان في (- مع صد -) و (- لك -) و شيخ الأواخر في الجواهر قال في (- ف -) يجوز عندنا البيع بشرط مثل ان يقول بعتك إلى شهر فان رددت على الثمن و الاّ كان البيع لي فإن ردّ عليه وجب عليه ردّ الملك و ان جازت المدّة ملك بالعقد الأوّل و قال جميع الفقهاء انّ ذلك باطل يبطل به العقد دليلنا إجماع الفرقة و (- أيضا -) قوله صلّى اللّه عليه و آله الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب و لا سنّة و على من ادّعى المنع منه الدّلالة انتهى و في جواهر القاضي مسئلة إذا باع شيئا بشرط مثل ان بعتك إلى سنة أو شهر فان رددت على الثمن فالمبيع لي هل يصح ذلك أم لا الجواب هذا

ص:58

صحيح فاذا ردّ عليه المال وجب عليه ردّ الملك فان جازت المدّة ملك بالعقد الأوّل و انّما كان (- كك -) لقوله عليه السلام الشّرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب أو سنّة و من ادّعى المنع من ذلك فعليه الدّليل و لا دليل عليه و لأنّ إجماع الطّائفة عليه (- أيضا -) انتهى و قد حكى نقل الإجماع عليه عن الغنية و كنز الفوائد و ظاهر (- كرة -) و محكي شرح الإرشاد لفخر الإسلام و غيرها و نفي الخلاف في ذلك في المستند و غيره قوله طاب ثراه و هو ان بيع شيئا و يشترط الخيار لنفسه (- اه -) قال الشيخ الوالد قدّس اللّه نفسه الزكية في غاية الآمال الظّاهر انّ هذا من باب الاقتصار على ذكر أظهر أقسام بيع الخيار و الاّ فمن جملة أقسامه أن يشترط الخيار في أخر المدّة و منها ان يشترط له أوقاتا متعدّدة لخياره مثل ان يكون له الخيار في رأس كل ستّة أشهر إلى انقضاء سنتين و منها ما هو ملفّق من قسمين مثل ان يشترط ان يكون له الخيار إلى ستّة أشهر متى ما دفع الثمن ثمَّ لا يكون له الخيار إلى انقضاء ستّة أشهر و يكون له الخيار في رأس ستّة أشهر أو عكس ذلك قوله طاب ثراه منها موثقة إسحاق بن عمّار (- اه -) رواها الشّيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن إسحاق بن عمّار قال حدّثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سئله رجل و انا عنده (- إلخ -) هكذا في نسخة الوسائل المصحّحة على خطّ مؤلّفها و كذا التّهذيب و عليه فلا إرسال في الرّواية لأنّها رواية عمن سمع من الإمام عليه السلام و سماع من نفس الإمام عليه السلام نعم هي مرسلة بناء على ما أورده في مجمع الفائدة من إبدال العبارة بقوله أخبرني من سمع أبا عبد اللّه يقول و قد سئله رجل و انا عنده فقال (- اه -) حيث انّ ظاهره ان إسحاق لم يسمع من ابى عبد اللّه عليه السلام و انّما سمع ممن سمع منه و لذا اعترف في مجمع الفائدة بإرساله و قال انّه لا يضرّ إرسال إسحاق لأنّه مؤيّد و مقبول و قد نقل الشيخ الوالد قدس سرّه عن نسخة مصحّحة من الكافي عنده مقروة على الفاضل المجلسي (- قدّه -) و عن الوافي الرّواية على النّحو الّذي في مجمع الفائدة و الأمر سهل بعد التأيد بالعمل قوله طاب ثراه و تكون لك أحبّ إلىّ من ان تكون لغيرك هذا الكلام من قبيل قولهم و تسمع بالمعيدي خير من ان تراه فجعل لفظة تكون مبتدأ باعتبار تقدير لفظ المنسبك معه بالمصدر اى كونها لك أحبّ و قوله على ان تشترط لي بعد هذه الفقرة متعلّق بقوله أبيعك قبلها كما نبّه على ذلك الشيخ الوالد قدس سرّه في غاية الآمال قوله طاب ثراه أ رأيت لو كان للدّار غلّة لمن تكون الغلّة فقال الغلّة للمشتري أبدل هذه الفقرة في الكافي بقوله قلت فإنّها كانت فيها غلّة كثيرة فأخذ الغلّة لمن تكون الغلّة فقال الغلّة للمشتري و كتب الفاضل المجلسي (- ره -) عليه ما نصّه انّه يدلّ على انّ النّماء في زمن الخيار للمشتري فهو يؤيّد المشهور من عدم توقّف الملك على انقضاء الخيار و انّما كان التلف من المشترى لأنّ الخيار للبائع فلا ينافي المشهور انتهى قوله طاب ثراه و رواية معاوية بن ميسرة قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن احمد بن ابى بشير عن معاوية بن ميسرة قوله طاب ثراه و كان بينه و بين الرّجل الّذي اشترى الدّار خلطة هكذا وجدناه في المتن و بعض أخر من كتب الاستدلال لكن أبدل في الوسائل و محكي الوافي كلمة خلطة بلفظة حاصر و على الأوّل فالمراد انّ بينهما تعارف و مخالطة و على الثّاني فالمراد انّه كان جارا له لكون الحاصر بمعنى الجدار قوله طاب ثراه فانّ الرّجل قد أصاب في هذا المال (- اه -) اى أدرك منافعه و ربح فيه فتكون كلمة ربحا مفعول أصاب محذوفة قوله طاب ثراه و عن سعيد بن يسار (- اه -) قد رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن علىّ بن النّعمان عن سعيد بن يسار و وجه صحة السّند ظاهر قوله طاب ثراه فنعده (- اه -) هذا هو أصحّ النّسخ و هو صيغة المتكلّم مع الغير من الوعد و في بعض النّسخ فبعده و في ثالث فعندها و لا معنى لهما قوله طاب ثراه و عن ابى الجارود (- اه -) قد روى ذلك الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان بن عثمان عن ابى الجارود و قد قال في (- ئق -) بعد ذكر هذا الحديث انّ البيع في الخبر بمعنى الشّراء فإنّه من الأضداد كما ذكره أهل اللّغة انتهى و استظهر الشيخ الوالد قدّس اللّه تربته المطهّرة كون مراد صاحب (- ئق -) انّ مادة البيع الموجودة في ضمن الكلمتين الموجودتين في الحديث بمعنى الشّراء فيصير المعنى ان اشتريت من رجل شيئا على شرط الفسخ فإن أتاك بالثمن الذي أعطيته صحّ له استرداد ما اشتريته منه و الاّ لزم الشّراء و كان الشيء المشتري لك ثمَّ قال قدّس سرّه و هذا الاستعمال موافق لما ذكره في شرح القاموس مثالا لتفسيره بالشّراء من قوله يقال باعه إذا بادل ثمنه بسلعته انتهى كلامه علا مقامه و لا يخفى عليك انّ قوله (- ع -) بمالك ينافي تفسير البيع بالشراء لعدم تعارف التّعبير عن الثمن بالمال و (- أيضا -) فاستعمال البيع في خلاف الشّراء أشيع و أظهر و لا داعي إلى حمل البيع في الخبر على الشّراء لوضوح المراد بدونه غاية ما هناك انّ الخبر يدلّ على جواز اشتراط فسخ العقد عند ردّ المشترى المبيع أو مثله إلى وقت كذا عكس المفروض

ذكر ثمانية أمور متعلقة بهذه المسألة
الأمر الأول وجوه متصورة في اعتبار رد الثمن الثمن في بيع الخيار

قوله طاب ثراه يتصور على وجوه (- اه -) (11) أقول ذكر بعضهم وجها سادسا و هو اشتراط بيعه عليه إذا جاء بمقدار الثمن و سابعا و هو ان يجعل له الخيار طول المدّة و لكن يشترط عليه ان لا يفسخ الاّ بعد الرد فلو خالف و فسخ قبل الرد ففي التّأثير وجهان و ثامنا و هو ان يجعل الخيار في رأس المدّة بشرط ردّ مثل الثمن و أقول انّ صحّة هذه الصّور الثّلث ممّا لا ينبغي التأمّل فيه بعد عموم قاعدة الشّروط و عدم مخالفة هذه الشّروط للكتاب و لا السنة و لا لمقتضى مطلق عقد البيع و لكن لا إيراد على الماتن (- ره -) بإهمال الصّورة الأولى ضرورة خروجها عن فرض المسئلة موضوعا لانّ مفروضها اشتراط الفسخ عند ردّ مثل الثّمن و اين ذلك من اشتراط إنشاء بيع جديد و الثمرة بين الفرضين ظاهرة في موارد مثل عدم ثبوت خيار المجلس بالفسخ و ثبوته بالبيع الجديد و مثل انّ الفسخ يحصل بكلّ لفظ يدلّ عليه بخلاف البيع فإنّه يحتاج إلى صيغة خاصّة و امّا الصّورة السّابعة فهي عين الصّورة الثانية فلا وجه لعدّها صورة مغايرة لها فان قلت الفرق بينهما انّ السّلطنة على الفسخ في الصّورة الثانية غير حاصلة قبل ردّ الثمن بخلاف هذه الصّورة فإنّ السّلطنة حاصلة لكن اشتراط عدم اعمالها قلت انّ عبارة الماتن (- ره -) و إن كانت توهّم ما ذكرت من عدم حصول السّلطنة على الفسخ قبل الردّ في الصّورة الأولى الاّ انّ مراده بالسّلطنة الفعليّة لا الشّأنيّة و الاّ لم يبق معنى للخيار له في تمام المدّة فإنّ الخيار هو السّلطنة على الفسخ فاذا فرض حصوله لزم كون مراده من السّلطنة الّتي نفي حصولها قبل الرد هي السّلطنة الفعليّة فيكون المعنى ان يكون له الخيار و لا يكون له اعماله قبل ردّ الثمن و (- ح -) فتتحد الصّورة الثانية و السّابعة و امّا الثّامنة فلا بأس بعدّها مغايرة للخمسة قوله طاب ثراه الثّاني ان يؤخذ قيدا للفسخ (- اه -) (12) قد عرفت آنفا انّ مراده بالتسلّط على الفسخ انّما هو فعليّة الفسخ و بالخيار التسلّط الثاني على الفسخ ثمَّ انّ الفرق بين هذا الوجه و سابقة ظاهر نبّه عليه الشّيخ الوالد قدّس سرّه (- أيضا -) و هو انّ أصل ثبوت الخيار في

ص:59

الأوّل كان موقوفا على ردّ الثمن بخلاف الثّاني فإنّ الخيار فيه ثابت قبل ردّ الثمن و لكن فعليّة الفسخ و صحّة إنشائه موقوف على ردّ الثمن و بعبارة أخرى على هذا الوجه له في تمام المدّة الخيار و التسلّط على الفسخ المقارن لردّ الثمن أو المتأخّر عنه بخلاف الأوّل و يظهر اثر الفرق بينهما في انّ البائع له إسقاط الخيار قبل ردّ الثمن بناء على هذا الوجه من جهة تحقّق الخيار فعلا فلا يكون من قبيل إسقاط ما لم يجب بخلاف الأوّل فإنّ إسقاط الخيار فيه لا يخلو عن تأمّل و افتقار إلى التوجيه كما سيجيء ذكره في كلام (- المص -) (- ره -) في الأمر الرابع إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه الرّابع (- اه -) الفرق بينه و بين الثّالث انّ نفس الردّ في الثّالث كان سببا للفسخ كسببيّته قول فسخت لذلك بخلاف الرّابع فانّ المشروط انّما هو انفساخ المعاملة بنفسها عند حصول الرد من دون ان يكون الردّ سببا له كما لا يخفى قوله طاب ثراه و عليه حمل في الرّياض (- اه -) لا يخفى عليك انّ هذا الحمل ممّا لا شاهد عليه و انّ الأخبار من هذه الجهة مهملة و انّما سيقت لبيان صحة اشتراط استرداد المبيع عند ردّ مثل الثمن و امّا انّ الاسترداد هل هو بالفسخ الفعلي أو القولي فلا تعرّض في الأخبار لذلك قوله طاب ثراه و هذا هو الظّاهر من رواية معاوية بن ميسرة هذا الاستظهار كغيره ممّا يأتي في كلامه من الاستظهارات ممّا لا وجه له و الحقّ انّه لا ظهور في الأخبار و لا في عبائر فقهائنا الأبرار في شيء من الصّور ظهورا معتدا به بل إن كان فإشعار لا يبلغ حدّ الظّهور و (- ح -) فلقائل أن يقول انّا نتمسّك بعموم تلك الأخبار النّاشى من ترك الاستفصال على مشروعيّة كلّ من تلك الصّور فلو تمَّ العموم كان هو المعتمد في الصّحة في الصّور الخمس و الاّ لكفانا العموم النّوعي أعني عموم ما دلّ على وجوب الوفاء بالشّروط في تصحيحها و إيجاب الالتزام بها و الجري على مقتضاها بعد الوقوع في ضمن عقد لازم كما لا يخفى قوله طاب ثراه و هو ظاهر الوسيلة (- اه -) ربّما احتمل بعضهم كون مراد صاحب الوسيلة انّ الإقالة من جانب البائع و انّ ضمير لزمته يعود إلى المشتري المفهوم بقرينة الحال قال و لعلّ ارتكاب صاحب الوسيلة التّعبير عن الفسخ بالرد بالإقالة لأنّ العقد قبل تحقّق الرّد في المدّة لازم في حقّ المتعاقدين و عند الردّ فيها يقع الفسخ النّافذ في حقّهما فكان بذلك أشبه بالإقالة من حيث انّه لم يمض زمان قد تنجّز فيه الخيار و انّما الثابت منه سابقا خيار معلّق على شرط غير حاصل فتأمّل قوله طاب ثراه فان ابى أجبره الحاكم أو أقال عنه و الاّ استقلّ (- اه -) اى ان لم يأب المشترى استقلّ هو بالفسخ من دون حاجة إلى إجبار الحاكم إيّاه أو إقالته عنه نبه على ذلك الوالد العلاّمة قدّس اللّه نفسه المطهّرة ثمَّ قال و يمكن ان يكون المعنى انّه ان لم يكن حاكم استقلّ البائع بالفسخ من جهة التخلّص عن الضّرر ثمَّ قال و يوهن المعنى الأوّل انّه من قبيل توضيح الواضحات و يوهن الثّاني انّ مدخول كلمة إلاّ المركّبة من حرفي الشّرط و النّفي لا بدّ من ان يكون فعلا من جنس الفعل المثبت المتقدّم عليها و هنا لم يتقدّمها فعل بمعنى الكون و الوجود و في جملة من النّسخ استقيل بالفسخ و معناه انّه ان لم يأب المشترى استقيل هو بالفسخ اى طلب البائع منه الإقالة بطريق الفسخ انتهى قلت الظّاهر كون المراد هو المعنى الأوّل و كونه من توضيح الواضحات لا يضرّ لأنّ شأن الفقيه بيان الحكم جليّا كان أو خفيّا قوله طاب ثراه و مرجعه إلى احد الأوّلين يعنى انّ مرجع ما فهمه الأصحاب إلى أحدهما قوله طاب ثراه لكنّ الظّاهر صحة الاشتراط بكلّ من الوجوه الخمسة (- اه -) ربّما استشكل بعضهم في صحّة الوجه الأول بجهالة زمانه إذ هو من قبيل ما لو قيل بشرط ان يكون لك الخيار ان قدم الحاجّ أو ان جاء زيد و أقول لم اتصوّر لهذا الاشكال وجها الاّ ان يكون قد زعم هذا البعض انّ الصّورة الأولى انّما هي ما إذا لم يجعل مدّة لردّ الثمن و أطلق حصول الخيار بعد ردّ الثمن اى وقت كان حتّى يكون مثل قدوم الحاج و مجيء زيد و الحال انّ الأمر ليس (- كك -) و انّ مفروض الصّورة الأولى ما إذا اشترط حصول الخيار عند ردّ الثمن في المدّة الفلانيّة كما يشهد به قول الماتن (- ره -) و يكون مدّة الخيار منفصلة دائما عن العقد و مثل ذلك ليس من المجهول في شيء حتّى انّه لو قال بعتك بشرط الخيار لي عند مجيء الحاج ان جاؤا إلى أخر الشهر مثلا صحّ بلا شبهة و لا يضرّ جهالة زمان الردّ و المجيء من بين المدّة المضروبة و ان توقّف حصول الخيار عليه و الاّ للزم بطلان سائر الفروض المتوقّف فعليّة الفسخ فيها على الردّ و المجيء إذ لا اثر للخيار من غير التمكّن من الفسخ و ظنّي انّ هذا البعض زعم عدم تعيين مدّة ظرفا للردّ و ذلك عجيب لانّ البحث انّما هو على فرض ضرب المدة لذلك و لذا طوى الماتن (- ره -) اعادة ذلك في كلّ صورة فلا تذهل و يحتمل ان يكون قد تأمّل في صحّة الشرط من جهة جهالة زمان الردّ و إن كانت المدّة مضروبة و قد عرفت ما فيه من عدم القدح و عدم صدق الجهالة عليه ثمَّ انّه اعتذر عن الإشكال باستظهار عدم المانع من مثل هذا التّعليق في الشّروط معلّلا بأنّ العمدة في دليل منعه الإجماع المفقود في أمثال المقام و هو كما ترى إذ المانع ليس هو الإجماع حتّى يعتذر بعدمه هنا و انّما هو حديث النّهى عن الغرر فامّا ان يمنع الجهالة هنا أو يلتزم بالإشكال فتأمّل جيّدا ثمَّ انّ هذا البعض استشكل في الصّورة الثالثة بأنّه لا معنى لكون الردّ من حيث هو سببا الاّ ان يكون المراد جعله سببا بقصد إنشاء الفسخ به و هو خلاف ظاهر الشّرط فانّ ظاهره كون مجرّد الردّ سببا و معه يكون أشكل من الوجه الرّابع إذ يصير كما لو جعل النّظر في المرئاة سببا للفسخ و ان لم يقصد به إنشائه و من المعلوم بطلانه و الظّاهر انّ نظر المصنّف (- ره -) الى جعله سببا بان يقصد إنشاء الفسخ به كما يظهر منه في الأمر الثالث الّذي سيجيء و (- ح -) فلو ردّ لا بهذا القصد بل بان يفسخ بعده يلزم عدم كفايته انتهى و أنت خبير بانّ قول الماتن (- ره -) ان يكون ردّ الثمن فسخا فعليّا صريح في اعتبار قصد إنشاء الفسخ فلا مجال لاحتمال عدم اعتبار قصد الإنشاء حتّى يكون للاستشكال محلّ ليحتاج الى التوجيه بما ذكره قوله طاب ثراه فانّ فيه اشكالا من جهة (- اه -) دفع هذا الإشكال ما أشار إليه غير واحد من انّ توقّف المسبّبات على الأسباب الشرعيّة مسلّم لكن لا مانع من كون نفس الاشتراط من الأسباب على نحو الملكيّة حيث انّها تحتاج إلى سبب و قد يكون نفس الاشتراط سببا لها بناء على صحّة شرط النتيجة كلّية كما هو الحقّ و احتمال كون الانفساخ ممّا لا بدّ فيه من سبب خاصّ كالزوجيّة و الفرقة بين الزّوجين مدفوع بعموم دليله و توهّم كون احتمال مخالفة اشتراط سببية الردّ للفسخ للسنة مانعا من الرّجوع إلى العموم المذكور بعد تخصيصه بما إذا لم يخالف السنة من حيث كون الرّجوع إلى العموم المذكور في دفع المخالفة في المقام من باب الرّجوع إلى العموم في الشبهات المصداقيّة و قد منعوا من ذلك في الأصول مدفوع بانّ عدم المخالفة لا يتوقّف إحرازه على التمسّك بالعموم حتّى يمنع منه و انّما يدفع المخالفة بأصالة عدم ورود السنة على خلاف هذا الشّرط و عدم المنع منه في السنة ثمَّ يتمسّك بالعموم لإثبات الحكم و هو لزوم الوفاء فتدبّر

ص:60

الأمر الثاني الثمن المشروط رده إما في الذمة أو معينا

قوله طاب ثراه و يحتمل العدم (- اه -) اى عدم ثبوت الخيار للبائع نظرا إلى انّ اشتراط الردّ بمنزلة اشتراط القبض قبله فاذا لم يقبض لم يكن الردّ المتفرّع عليه المتسبّب للخيار حاصلا لكن يمكن المناقشة في ذلك بانّ من البيّن عدم كون القرض ممّا له موضوعيّة و انّما الغرض من اشتراط الردّ اشتراط حصول الثمن في يد المشتري فإذا كان البائع لم يقبضه كان حاصلا في يد المشترى و هو مطلوبه و مرامه فيلزمه ردّ المبيع إلى البائع و لا مجال للتعلّق بأصالة اللّزوم بعد حصول مسبّب الخيار و هو حصول الثمن في يد المشترى قوله طاب ثراه على اشكال في الأخير من حيث (- اه -) فيه انّ الفسخ انّما يقتضي شرعا أو لغة ردّ العين مع الإمكان إذا أطلق الفسخ و امّا إذا اشترط ردّ البدل مع إمكان ردّ العين فالاقتضاء ممنوع بل عموم دليل الاشتراط يقضى بعدم الاقتضاء و ما في كلام بعضهم من نفي الإشكال في الفساد نظرا إلى عدم تعقّل الفسخ مع كون العين باقية الاّ بردّ نفس العين الاّ مع معاملة جديدة و المفروض عدمها مدفوع بمنع عدم التعقّل و اىّ مانع من كون الاشتراط بمنزلة معاملة جديدة و كونه ناقلا للبدل إلى البائع مع وجود نفس العين (- أيضا -) قوله طاب ثراه و في جواز اشتراط ردّ القيمة في المثليّ و بالعكس وجهان منشأ الوجهين من عموم أدلّة الشّروط و من انّ الثابت بالفسخ انّما هو البدل و بدل المثلي المثل و القيميّ القيمة و الأظهر الجواز لقيام البدل الجعليّ بحكم عموم أدلّة الشّروط مقام البدل الأصلي قوله طاب ثراه فالظاهر عدم الخيار كان حقّ التّعبير ان يحكم بعدم الخيار جازما من دون ان يعبّر بالظّاهر ضرورة انّه بعد اشتراط الفسخ بردّ نفس العين لا يعقل بقاء الخيار مع تلفها سواء كان التّلف بفعل البائع أو المشتري أو الأجنبيّ أو بافة سماويّة قوله طاب ثراه و فيه نظر وجه النّظر هو منع افادة إطلاق اشتراط ردّ العين خصوص سقوطه بإتلاف البائع حتّى يبقى الخيار في إتلاف غيره على حاله نعم لو خصّا سقوط الخيار بما إذا كان التّلف بفعل البائع لزم اتّباع الشرط قوله طاب ثراه و امّا الثّالث (- اه -) أراد به صورة الإطلاق و بالثّاني صورة اشتراط ما يعمّ بدله و بالأوّل صورة اشتراط ردّ العين قوله طاب ثراه ان الإطلاق لا يحمل على العين فيه نظر ظاهر لما شاع و ذاع من انّ الإطلاق ينصرف إلى الشّائع المتعارف استعمال اللّفظ فيه و لا ريب في أنّهم متى أطلقوا الردّ أرادوا به ردّ العين قوله طاب ثراه و يدلّ عليه صريحا بعض الأخبار (- اه -) لا يخفى عليك ما في دعوى الصّراحة من النّظر ضرورة انّ من الأخبار ما هو نصّ في كون الثمن ما في الذّمة مثل صحيح سعيد بن يسار و ذلك لا ربط له بردّ العين و لا البدل و منها ما ليس ظاهرا في شيء من ردّ العين و البدل بل هو مهمل من هذه الجهة نعم يمكن استفادة دفع العين من دلالة خبر إسحاق على انّ بيع الدّار كان لحاجة إلى الثّمن و لازمه العادي إتلافه و التصرّف فيه و ذلك لا يسمّى ظهورا

الأمر الثالث رد الثمن في هذا البيع مقدمة لفسخ البائع أم لا

قوله طاب ثراه قيل ظاهر الأصحاب (- اه -) قلت قد أطلق اعتبار الفسخ بعد ردّ الثمن جمع من الأصحاب و ممّن نصّ على ذلك و أطلق المحقّق الكركي في (- مع صد -) و محكي تعليق (- شاد -) و الشهيدان في (- لك -) و محكي (- س -) و التطيفي في محكي إيضاح (- فع -) و المقداد في التنقيح و الصّيمري في محكي غاية المرام و الورع في مجمع الفائدة و علاّمة الأواخر في المصابيح و اتباعه في مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و الجواهر بل قد يستظهر ذلك من نحو (- يع -) و (- فع -) و (- ير -) و (- شاد -) و التبصرة و غيرها ممّا بنى على ما قبله من اشتراط الخيار للبائع مدّة مضبوطة مع قيد زائد و هو ردّ الثمن فيكون قد أشاروا إلى انّ خيار الشّرط على قسمين أحدهما ما يكون الخيار في فسخ العقد خاصّة سواء احضر الثمن أم لا و الثاني ما يكون الخيار مع شرط إحضار الثمن و هو ما نحن فيه فيتعقّبه الخيار بعد الردّ و لا ينفسخ البيع معه الاّ بالفسخ كما تقدّم حكاية التّصريح بذلك من الفاضل المقداد في التنقيح في ذيل العبارة لكنّ فيه انّه كما يمكن ان يكون الفارق بين الفرض و بين اشتراط الخيار هو توقّف الخيار على إحضار الثمن دون مطلق خيار الشّرط ليكون التّصريح بما هنا من باب التّصريح بالخاصّ اهتماما بشأنه بعد التّصريح بالعام فكذا يمكن ان يكون الفارق الحاجة في خيار الشرط إلى الفسخ دون المقام و يكون ذكر الفرض من باب المناسبة لخيار الشرط و الشّباهة له إيّاه و على اىّ حال فربّما يغري القول باعتبار الفسخ في الفرض أيضا إلى ظاهر الباقين من الأصحاب و لكن ظاهر عبارتي (- ف -) و جواهر الفقه المزبورتين بل صريحهما من حيث التعبير بوجوب ردّ المبيع بعد ردّ الثمن و ظاهر عدّة اخرى هو عدم اعتبار الفسخ و الحمل على الغالب من تعقيب الردّ بالفسخ كان يقول خذ دراهمك فقد فسخت كما صدر من علاّمة المصابيح لا شاهد عليه فلا يصار إليه حجّة القول الأوّل وجوه ذكرها في المصابيح و قد أشار إلى اثنين مع جوابهما في المتن الأوّل انّ الرد لا يدلّ على الفسخ أصلا و جوابه قوله (- ره -) و هو حسن (- اه -) و حاصله انّ إنكار الدّلالة كلّية ممّا يقضى الوجدان بخلافه و السّالبة الكلّية تزول بالإيجاب الجزئي و من البيّن ثبوت الدّلالة في بعض المقامات الثاني ان الردّ يدلّ على ارادة الفسخ و الإرادة غير المراد و جوابه انّ الردّ قد يدلّ على نفس الفسخ لا على إرادته كي يتأتّى تغاير الإرادة و المراد و قد أشار الماتن إلى ذلك بقوله و ما قيل (- اه -) الثالث انّ وجوب ردّ المبيع إلى البائع موقوف على عوده اليه بانفساخ الموقوف على الفسخ و القدرة انّما تتعلّق به دون الانفساخ فلا يصحّ اشتراطه إلاّ بواسطة الفسخ فيتوقّف وجوب الردّ عليه و لا يكون ردّ الثمن بمجرّده قاطعا للبيع و فيه انّ عدم تعلّق القدرة بالانفساخ الموجب لعدم صحّة اشتراطه مسلّم مقبول و لذا لا نقول بانّ المشروط هو الانفساخ بل نقول انّ المشروط ردّ الثمن فاذا حصل الانفساخ فكما انّ الفسخ مقدّمة مقدورة للانفساخ فكذا ردّ الثمن بعد اشتراط افادته الانفساخ في ضمن العقد اللازم فردّ الثمن من حيث هو و ان لم يكن قاطعا للبيع لكن إذا اشترط قطعة للبيع في ضمن العقد لازم كان مقتضى عموم أدلّة الشّروط افادته لذلك كما لا يخفى الرّابع انّ قضيّة كلام الأصحاب اشتراط الخيار بعد الردّ و هو خلاف الفسخ بنفس الردّ و أنت خبير بما فيه من منع الاقتضاء و لو سلّم فلا حجّة في قولهم ما لم يقم عليه دليل مضافا إلى ان اشتراط الخيار بعد الردّ أحد أقسام اشتراط الردّ و ذلك مسلّم لكنّا ندّعي جواز اشتراط انقطاع البيع بنفس الردّ فمن أنكر جواز ذلك و صحّته فعليه الدّلالة و ليس كما عرفت فتبقى عموم أدلّة الشروط محكما مؤيدا بأصالة الجواز و من هنا ظهر حجّة القول الثاني كما ظهر كونه الأقرب و إن كان الأقوى منه مدار ما أوقعاه من الشرط قاصدين من الصّور الخمس المزبورة و غيرها ثمَّ انّ علاّمة المصابيح قال انّ الفسخ كما يحتاج اليه على المشهور من انتقال المبيع بنفس العقد فكذا على القول بانتقاله بمضيّ الخيار أو

ص:61

العقد على هذا القول و ان لم يكن ناقلا من حينه غير انّه يفيد الملك إذا انقضى الخيار و لا يفسخ البائع فلا يستقرّ ملكه الاّ بالفسخ فالفسخ لا بدّ منه على القولين و ان افترقا في وجه الاحتياج لكونه على الأوّل لعود الملك و على الثاني لاستقراره انتهى و على منواله نسج؟؟؟ جمع ممّن عادتهم الجري على مجريه كسيّد مفتاح الكرامة و غيره قوله طاب ثراه مع انّ ظاهر الأخبار (- اه -) هذا الاستظهار فيه ما مرّ من كون الأخبار من هذه الجهة مهملة غير متعرّضة لبيانها

الأمر الرابع من مسقطات البيع الخياري سقوط هذا الخيار بإسقاطه بعد العقد

قوله طاب ثراه على الوجه الثّاني (- اه -) لا يخفى عليك جواز الإسقاط على الوجه الخامس (- أيضا -) لانّ الشّرط قد أحدث له حقّ إلزام البائع بالإقالة عند ردّ الثّمن فله ان يسقط ذلك الحقّ فلا وجه لقصر (- المصنف -) (- ره -) جواز الإسقاط بالوجهين الأوّلين بل ربّما أورد عليه بعضهم بجواز الإسقاط على الوجه الثالث و الرّابع (- أيضا -) و يمكن الجواب بانّ المشروط في العقد انّما هو كون الردّ فسخا فعليّا على الثالث و سببا للانفساخ على الرّابع و مؤدّى الاشتراط انّما هو جعل اثر للردّ أمضاه الشّارع بعموم المؤمنون عند شروطهم و لا دليل على انّ عدولهما عن ذلك المجعول يثمر في انحلال الجعل لانّ الحكم بجواز الإسقاط انّما هو من باب سلطنة النّاس على أموالهم و حقوقهم و المجعول هنا كما انّ له جهة حقّ فكذا له جهة انجعال ليس بيد احد (- فت -) قوله طاب ثراه بناء على انّ تحقّق السّبب و هو العقد كاف في صحّة إسقاط الحقّ أراد بذلك دفع اشكال لزوم إسقاط ما لم يجب الّذي يورد في أمثال المقام و حاصل الدفع انّه انّما يلزم الإشكال ان لو كان الإسقاط قبل تحقق سبب الخيار و مقتضية و هو العقد و امّا بعد حصول المقتضى فلا مانع من إسقاط ذلك الّذي يقتضيه هذا المقتضى و لو كان تحقّق الأثر بعد حين ففعليّة الاقتضاء كافية في الإسقاط و إن كان المقتضى بالفتح لا يتنجّز الاّ بعد حين فغرض (- المصنف -) (- ره -) انّ نفس الاقتضاء حيث انّ ثبوته للعقد حقّ للشّخص يجوز للشّخص إسقاطه فلا وجه لمناقشة بعضهم فيه بانّ الثّابت انّما هو سلطنة الشّخص على إسقاط نفس الحقّ لا سببه و كون سببه بيده لا يقتضي أزيد من كونه مختارا في إيجاده و عدمه لا مختارا في تأثيره كي لا يؤثّر إذا أسقطه انتهى فانّ فيه انّ غرض (- المصنف -) (- ره -) ليس هو تجويز إسقاط نفس السّبب بل إسقاط ما ثبت له من القابليّة لأن يؤثّر الأثر الفلاني و هذا لا مانع منه و عليه فيجوز الإسقاط حتّى في مورد كلام التّذكرة (- أيضا -) و ربّما علّل بعضهم جواز الإسقاط في أمثال المقام بانّ المانع من إسقاط ما لم يجب و القدر المسلّم من بطلانه ما إذا أنشأ الإسقاط في غير محلّ الثبوت و امّا إذا أنشأ سقوطه في محلّ ثبوته فلا مانع منه الاّ الإجماع و القدر المسلّم منه ما لم يوجد المقتضى و امّا إذا وجد فلا إجماع و لا مانع عقليّا (- أيضا -) بالفرض و فيه انّ المانع من عدم صحّة إسقاط ما لم يجب ليس هو الإجماع كما زعمه بل المانع انّ مفهوم الإسقاط قد أخذ فيه ازالة الثابت فيما لم يثبت هناك شيء لم يتحقّق إسقاط و هذا المعنى هو مستند المجمعين لا غير فالحقّ في الجواب ما أشار إليه الماتن (- ره -) من انّ المسقط انّما هو الأثر الثّابت للعقد فانّ ذلك الأثر لمّا كان عائدا إلى نفع المشروط له كان له إسقاطه قوله طاب ثراه الاّ ان يفرّق هنا بانّ المشروط له (- اه -) محصّل الفرق انّ الردّ ممّا يعدّ حقّا له بخلاف التفرّق و لهذا عبّر بأنّه مالك و بالتّملّك و الاّ فلا فرق بين الردّ و التفرّق في كون كلّ منهما فعلا اختياريّا لصاحب الخيار و كونه سببا لحدوث الخيار و إن كان سببيّة التفرّق من حيث كونه جزءا أخيرا للعلّة التّامّة لا علّة تامّة بحسب الذّات لكنّ الإنصاف عدم تماميّة الفرق و انّ الحقّ هو جواز الإسقاط حتّى في مفروض كلام التذكرة لأنّه و ان لم يملك الفسخ بالعقد لكن ملك ان يملكه فله إسقاط ملك ان يملك كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يسقط (- أيضا -) بانقضاء المدّة (- اه -) سقوطه بذلك ممّا لا خلاف فيه بل ادّعى جمع الإجماع عليه و الوجه في ذلك اقتضاء تعيين المدّة ارتفاعه بانقضائها فيرجع فيما بعد المدّة إلى أصالة اللّزوم من غير فرق بين ان يكون انقضاء المدّة بتركه الردّ و الفسخ في المدّة اختيارا و اضطرارا التفاتا أو غفلة أو زعما بقاء المدّة أو مكرها على ترك الردّ حتّى انه لو أخّر الفسخ لتعزير البائع إيّاه بالأخبار ببقاء الوقت الى أيّام فترك بالفسخ ثمَّ بان انقضاء المدّة بعد اخبار البائع بيوم مثلا سقط خياره قوله طاب ثراه و لو ظهر معيبا كفى في الردّ و له الاستبدال الجمع بين الحكم بكفاية ذلك في تحقّق الردّ و الحكم بان له الاستبدال ممّا لا وجه له لانّ الحكم بانّ له الاستبدال انّما هو لدعوى انصراف الردّ الى ردّ الثمن أو البدل صحيحا فاذا ردّ المعيب كان خارجا من المنصرف فيلزم الإبدال و (- ح -) فلقائل أن يقول إذا سلّمت الانصراف الى الصّحيح كان لازمه عدم كفاية ردّ المعيب في جواز الفسخ (- أيضا -) لانّه غير ما علّق عليه التسلّط على الفسخ و بعبارة أخرى فكما انّه إذا قال بشرط الخيار لي إذا رددت البدل الصّحيح للثمن لا يثبت له الخيار إذا ردّ المعيب فكذا إذا انصرف البدل الى الصّحيح فتأمّل قوله طاب ثراه و يسقط (- أيضا -) بالتصرّف (- اه -) ينبغي تقييد التّصرف بالتصرّف المزيل للعين المانع من الردّ ضرورة انّ السّقوط (- ح -) انّما هو لعدم إمكان الردّ المتوقّف عليه سلطنته على الفسخ و من البيّن فقد هذا المعنى فيما إذا تصرّف تصرّفا غير مانع من الردّ ثمَّ انّه قال والدي الشّيخ العلاّمة أعلى اللّه تعالى مقرّه و مقامه انّ مراده تصرّف البائع في الثمن المعيّن الّذي أخذه من المشترى و لم يتعرّض يعنى الماتن (- ره -) لتصرّف البائع في المبيع لانّه لا مجال لاحتمال كونه مسقطا للخيار لان تصرّف الرّجل فيما انتقل عنه مما لا مساس له بالإسقاط نعم لو كان التصرّف فيما انتقل عنه ممّن له خيار كان تصرّفه فيه فسخا و المفروض انّ البائع ليس له الخيار في هذا المقام و انّما الخيار للمشتري و على هذا فلا وقع لمّا كتبه العلاّمة المجلسي (- ره -) على صحيح سعيد بن يسار المتقدّم ذكره في كلام (- المصنف -) (- ره -) في طيّ اخبار المسئلة من انّه لعلّه يدلّ على عدم سقوط هذا الخيار بتصرّف البائع كما لا يخفى انتهى كلامه علا مقامه ثمَّ انّ سقوط خيار المشترى بتصرّفه في المبيع و خيار البائع بتصرّفه في الثمن هو خيرة المقنعة و (- ية -) و (- ف -) و (- ط -) و المراسم و جواهر الفقه و الغنية و (- ئر -) و الشّرائع و (- فع -) و (- عد -) و (- كرة -) و (- شاد -) و التّنقيح و (- مع صد -) و اللّمعتين و (- لك -) و محكي الكافي للحلبي و (- ير -) و شرح (- شاد -) للفخر و تعليق (- شاد -) للكركي و (- س -) و حواشي القواعد للشّهيد و غاية المرام و إيضاح (- فع -) و الميسيّة و غيرها بل في مفتاح الكرامة و الجواهر نفى وجدان الخلاف فيه و ربّما حكى في الرّياض و مفتاح الكرامة و غيرهما عن الغنية نفى الخلاف فيه و استظهر في المفتاح منه عدم الخلاف فيه بين المسلمين و من لاحظ عبارة الغنية ظهر له فساد النّسبة لأنّه قال و ينقطع هذا الضّرب من الخيار بأحد ثلثة أشياء انقضاء المدّة المضروبة له بلا خلاف و التخاير في أثنائها بدليل الإجماع من الطائفة و التصرّف في المبيع انتهى و هو كما ترى قد نفى الخلاف عن السّقوط بانقضاء المدّة و ادّعى الإجماع على السّقوط بالتّخاير و أهمل الاستدلال على السّقوط بالتصرّف و ربّما حكى في الجواهر و غيره عن (- ف -) دعوى الإجماع عليه و ليس فيه الاّ إطلاق قوله بعد بيان سقوط خيار المشتري بوطي الأمة

ص:62

دليلنا إجماع الفرقة على انّ المشترى متى تصرّف في المبيع بطل خياره انتهى و هو إن كان بإطلاقه الخيار يشمل خيار الشّرط الاّ انّ مورد كلامه خيار الحيوان و ان لم يصرّح به و يشهد بذلك انّه قال بعد ذلك و اخبارهم معروفة ذكرناها في الكتاب المقدّم ذكره انتهى حيث انّ الّذي ورد به النصّ انّما هو سقوط خيار الحيوان بالتصرّف كما لا يخفى نعم ما عزى الى (- مع صد -) من دعوى الإجماع عليه لا ينكر لانّه قال عقيب قول العلاّمة (- ره -) عند بيان حكم خيار الشّرط و يسقط بالتصرّف ما نصّه إجماعا هذا و ادّعى تحصيل الإجماع عليه الفقيه الغروي (- ره -) (- أيضا -) قوله طاب ثراه لإطلاق ما دلّ على انّ تصرّف ذي الخيار (- اه -) قد تمسّكوا للقول المشهور من سقوط خيار الشّرط بالتّصرّف بوجوه هذا أحدها و لعلّ نظره في التمسّك بالإطلاق عدم مخصّصية المورد و حينئذ فإليه يرجع ما تمسّك به في مفتاح الكرامة من العلّة المنصوصة في الحيوان الدالّة على انّ تصرّفه فيها امارة الالتزام بالرّضا المشعرة بأنّه المعيار في سقوط الخيار على الإطلاق و لو في هذا المضمار و أشار بالعلّة المنصوصة في الحيوان الى قوله عليه السّلام في صحيح ابن رئاب المتقدم عند الكلام في سقوط خيار الحيوان بالتصرّف فإن أحدث المشتري فيما اشترى حدثا قبل الثّلثة الأيّام فذلك رضا منه فلا شرط و لكن ناقش في ذلك في الجواهر بانّ الفاء فيه رابطة لا تعليليّة و يمكن الجواب بانّ المستدلّ لا يدّعى كون الفاء تعليليّة بل أراد انّ سوق الكلام يقتضي كون الجملة علّة فتأمّل ثمَّ انّ صاحب الجواهر (- ره -) بعد المناقشة المذكورة قال نعم بعد تعذّر إرادة الحقيقة من الحمل فيه وجب حمله على ارادة دلالته على الرّضا و (- ح -) لا تفاوت بين الحيوان و غيره ضرورة اعتبار ما دلّ عليه من الأفعال و الأقوال و المناقشة فيما لم يصل الى حدّ العلم في الأوّل يدفعها (- ح -) هذا الصّحيح و غيره و احتمال قصره على خصوص الحيوان كما ترى انتهى و لا بأس به و ربّما تمسّك بعضهم بالخبر المذكور بضميمة تنقيح المناط للقطع بعدم خصوصيّة للحيوان و تمسّك في مفتاح الكرامة به بضميمة الأولويّة قال لانّه متى سقط به الخيار الأصلي فالمشترط أولى بأن يسقط به انتهى و يمكن منع الأولويّة الثّاني ما تمسّك به في الجواهر من الإجماع المنقول بعد شهادة التتبّع له و هو كما ترى الثّالث انّ الشيخ و القاضي (- رهما -) نقلا ورود الأخبار من طريق الأصحاب بذلك محتجّين بها عليه و كفى بهما ناقلين تمسّك بذلك في مفتاح الكرامة و غيره بعد جبره بالشّهرة و تأييده بالإجماع و أنت خبير بأنّ الّذي ينجبر بالشّهرة انّما هو إرسال المتن لا إرسال المضمون الّذي مرجعه الى اجتهاد المرسل الرّابع القويّ الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ أمير المؤمنين (- ع -) قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط الى نصف النّهار فعرض له ربح فأراد بيعه قال فليشهد انّه قد رضيه فاستوجبه ثمَّ ليبعه ان شاء فان اقامه في السّوق و لم يبع فقد وجب عليه تمسّك به في (- ئق -) قائلا بعد إيراده أنّه حمل بعض الأصحاب الأمر بالإشهار على الإرشاد لو وقع النّزاع أو الاستحباب ثمَّ قال و الخبر صريح في انّه مع الالتزام بالعقد يسقط الخيار و ظاهره (- أيضا -) انّه يسقط بالتصرّف و ان اقامه في السّوق و جعله في معرض البيع و ان لم يبعه تصرّف مسقطا للخيار انتهى و فيه انّ ظاهر الخبر انّما هو السّقوط بالاستيجاب و الالتزام بالبيع و إسقاط الخيار و ذلك مسلّم لا ربط له بما نحن فيه و قوله عليه السّلام فان اقامه في السّوق (- اه -) ليس مسوقا لبيان سقوط الخيار بمجرّد التصرّف الّذي هو اقامته في السّوق و جعله في معرض البيع و انّما هو مسوق لبيان انّ الاستيجاب مسقط للخيار و إن كان الدّاعي اليه و هو ارادة البيع غير متفرّع على استيجابه فالمراد بذلك و اللّه العالم انّه ان اقامه في السّوق بعد استيجاب البيع و الالتزام به و إسقاط الخيار ثمَّ لم يبعه لم يكن عدم بيعه إيّاه سببا لعود الخيار الزائل بالإسقاط فالخبر أجنبيّ عمّا نحن قوله طاب ثراه و المحكى عن المحقق الأردبيلي و صاحب الكفاية إلى أخره قال في مجمع الفائدة اعلم انّى ما رأيت دليلا على كون التصرّف (- مط -) مسقطا و لا بيان للتصرّف الاّ ما تقدم من الرّواية الدّالة على بطلان الخيار بالتصرّف في الدابّة بالحدث و في الجارية باللّمس و التّقبيل و النّظر الى ما لا يجوز قبل الشّراء و (- أيضا -) ليس كلّ تصرّف في كلّ خيار مسقطا لما تقدّم من انّ التصرّف في خيار الغبن و خيار المجلس ليس بمسقط و لعلّ عندهم دليلا ما نعرفه من إجماع و نحوه فيما يقولون بسقوطه بالتصرّف انتهى و قال في الكفاية الظّاهر انّ الخيار لا يسقط بالتصرّف كما قاله بعض الأصحاب لظاهر الرّوايات انتهى قوله طاب ثراه لانّ المدار في هذا الخيار (- اه -) فيه انّه أخصّ من المدّعى لاختصاصه بتصرّف البائع و المدّعى أعمّ من ذلك قوله طاب ثراه و للموثّق المتقدّم المفروض في مورده تصرّف البائع (- اه -) أراد بالموثّق موثق إسحاق بن عمّار المزبور آنفا حيث انّ المفروض فيه تصرّف البائع في الثمن و بيع الدّار لأجل ذلك مع التّصريح في ذيل الخبر بكون الغلّة للمشتري و (- أيضا -) فيه دلالة على تصرّف المشترى في المبيع لكن مال والدي العلاّمة أعلى اللّه تعالى في الرّوضات مقامه معترضا على (- المصنف -) (- ره -) ما لفظه لا يخفى انّه لم يفرض في مورد الموثق وقوع التصرّف من البائع في الثّمن و انّما المفروض احتياجه الى بيع الدّار المساوي لما ذكره من بيع الدّار لأجل الحاجة و التصرّف الاّ ان يقال انّ تصرّف البائع لازم فرض احتياجه الى بيع الدّار لكن كان من اللاّزم عليه (- ره -) لو كان مراده هذا ان يذكر التصرّف بعد بيع الدّار لأجل الحاجة كما لا يخفى كما انّه ليس في كلام المحقّق الأردبيلي (- ره -) تصريح بتضمّن الرّواية وقوع التصرّف من البائع في الثمن لانّه (- ره -) قال في شرح الإرشاد ما نصّه انّ الظاهر عدم سقوط خيار الشّرط بالتصرّف (- مط -) لانّ غالبه الاحتياج الى الثمن و التصرّف فيه فلو كان تصرّف البائع فيه مسقطا لخياره فلا يترتّب عليه الفائدة و يؤيّده ما تقدّم من مرسلة إسحاق بن عمّار انّه باع رجل داره إلى سنة للاحتياج الى ثمنه قال لا بأس بهذا ان جاء بثمنها إلى سنة ردّها اليه و دلّت على انّه لو تصرّف المشترى (- أيضا -) فيه بأخذ الغلّة لم ينفسخ و هو ظاهر و يؤيّده (- أيضا -) عمل النّاس فانّ مدار شرط استرجاع الثّمن على التصرّف فيه و ليس الغرض من بيعه بذلك الشّرط الاّ التصرّف في الثّمن و بقاء الخيار إلى المدّة المشترطة فالظّاهر عدم السّقوط (- ح -) بل عدم سقوط خيار المشترى (- أيضا -) بالتصرّف في المبيع للأصل و الأدلّة المتقدّمة مع عدم دليل في السّقوط بالتصرّف (- مط -) و لانّ الغالب انّه انّما يشترى للانتفاع في الجملة في هذه المدّة بالمبيع في مقابلة ثمنه و الاّ كان يقرضه و يترك هذا البيع ليفوز بثواب القرض نعم يمكن ذلك في خيار الشرط الّذي ما اشترط فيه استرجاع البيع و لا استرجاع الثمن فإنّه كما يجوز اشتراط استرجاع المبيع يجوز اشتراط استرجاع الثّمن (- أيضا -) و هو ظاهر و الدّليل مشترك الاّ انّ مرسلة إسحاق في المبيع فقط ثمَّ على تقدير تسليم ذلك (- مط -) يمكن إخراج ما شرط فيه عدم سقوطه بالتصرّف سواء تلفّظ ذلك أو يكون ذلك من نيّتهما و قصدهما و يكون علمهما بأنّه انّما يفعلان ذلك للتصرّف كافيا و يمكن حمل كلام الأصحاب انّ التصرّف في خيار الشّرط مسقط على غير

ص:63

الصّور الّتي ذكرناها أو حمل تصرّف المشترى في الثّمن و البائع في المبيع تصرّفا و الاّ على الملك و الفسخ مثل البيع و العتق و قد عرفت صحّة إطلاق الخيار عليه مع الفسخ هذا كلام المحقّق الأردبيلي (- ره -) نقلناه بطوله لتسهيل الأمر على من أراد الوقوف على مجامع مطلوبه قوله طاب ثراه بما محصّله (- اه -) عين عبارته في المصابيح هكذا التصرّف المسقط للخيار ما كان في زمن الخيار و الخيار هنا بعد الردّ لكونه مشروطا به فيكون متأخّرا عنه و مقتضى النصّ و التعليلين المذكورين عدم السّقوط بالتصرّف الواقع قبله و هو (- كك -) لانّه تصرّف في وقت اللّزوم و لا يسقط به الخيار كما لا يسقط بالفسخ الصّريح على ما صرّحوا به و الخيار و إن كان مقدورا في المدّة المشترطة للقدرة على سببه الّذي هو الردّ الاّ انّ التمكّن منه لا يقتضي تحقّقه بالفعل و الحكم منوط بالفعليّة دون القوّة مع انّ القوّة غير مطّردة فيما اشترط فيه الردّ في وقت منفصل عن العقد كيوم بعد سنة فالسّنة لا خيار فيها بالفعل و لا بالقوّة انتهى قوله طاب ثراه و ناقش بعض من تأخّر (- اه -) هذا البعض هو صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه و تضعيف كثير من الأصحاب (- اه -) عطف على إطلاق العرف يعنى انّ الظاهر من تضعيف كثير من الأصحاب قول الشيخ هو كون مجموع المدّة زمان الخيار و توضيح ما ذكره على ما؟؟؟ افاده الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ الشّيخ (- ره -) قال بانّ المبيع لا يملك بالعقد وحده بل يملك به و بانقضاء زمان الخيار جميعا خلافا للأكثر حيث ذهبوا الى انّه يملك بمجرّد العقد فأوردوا على الشّيخ (- ره -) ببعض اخبار المسئلة الدالّ على ان غلّة المبيع للمشتري كموثقة إسحاق بن عمّار المتقدّمة في كلام (- المصنف -) (- ره -) و وجه الإيراد انّه لو كان تحقق ملك المبيع موقوفا على انقضاء زمان الخيار لم يكن وجه لتملّك المشترى نماء المبيع الّذي اشترط ردّه الى البائع عند ردّ الثمن ضرورة انّه لو لم يصر المبيع ملكا للمشتري كان اللازم بقائه على ملك البائع و مع بقائه على ملكه لا معنى لصيرورة النّماء ملكا للمشتري لانّ من المقرّر عندهم انّ النّماء يتبع الأصل في الملك و إذ قد عرفت ذلك نقول انّ وجه الاستشهاد بتضعيفهم قول الشيخ (- ره -) بمثل الموثقة المذكورة هو ان جميع ما يحصل من غلّة المبيع من حين قبض المشتري إيّاه الى ان يتحقّق الفسخ من البائع بردّ الثّمن انّما هي للمشتري و لو لا كون ثبوت الخيار من حين العقد الى ان يقع الفسخ من البائع مسلّما عندهم لم يكن لتضعيفهم ذلك وجه قوله طاب ثراه امّا الأوّل فلأنّه لا مخصّص (- اه -) قلت الحق هو التّفصيل بين ما إذا كانا قد اشترطا ردّ عين الثمن و بين غيره بكون التصرّف مسقطا على الأوّل لكون التصرّف في العين مع اشتراط ردّها تفويتا لمحلّ الخيار فيدلّ على الرّضا بسقوطه بخلاف الثّاني فإنّ التصرّف لا يدلّ على الرّضاء و لا يقتضي السّقوط من غير فرق بين ما إذا كان الثّمن كلّيا و ما إذا كان معيّنا اشترطا ردّ الأعمّ من العين و البدل و المخصّص لدليل سقوط الخيار بالتصرّف انّما هو ملاحظة حكمه شرع هذا الخيار و هي انتفاع البائع بالثمن في تلك المدّة فلو كان التصرّف مسقطا للخيار لكان نقضا للغرض و لازم ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) في ردّ هذا الوجه هو تفصيله بما فصّلناه لا قصر عدم السّقوط على ما إذا كان الثمن كلّيا لأنّ الكلّي يتشخّص بقبض الفرد و لذا لو شرط ردّ عين ما يقبضه مصداقا للكلّي لصحّ الشّرط و لزم الوفاء به قوله طاب ثراه و امّا الثاني فلانّ المستفاد (- اه -) قلت مضافا الى النقض بما إذا شرطا الخيار في كلّ ان الى شهر فانّ الخيار (- ح -) متقدّم على التصرّف و لا يتأتّى فيه ما ذكره قوله طاب ثراه و الظاهر عدم الاشكال (- اه -) نفيه للإشكال هنا مناف لما أسبقه من الإشكال في جواز الإسقاط على الأوّل و كذا يأتي منه (- ره -) الاستشكال في ذلك عن قريب بقوله و جاء فيه الإشكال في صحّة الإسقاط هنا و لو قولا (- اه -) قوله طاب ثراه ففيه انّها لا تقدح مع تحديد زمان التسلّط (- اه -) أراد بذلك بيان ما اسبقناه في أوّل هذا الأمر من انّ الجهالة إنّما تضرّ بالشرط المذكور إذا كان مجهولا صرفا و امّا إذا كان زمان التسلّط على الردّ و الفسخ معلوما كشهر و سنة فلا جهالة و لا قدح فيها و إن كان مبدء الخيار مجهولا فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه لكنّ الفرق يظهر بالتأمّل (- اه -) وجه الفرق على ما افاده الشيخ الوالد قدّس اللّه روحه الزكيّة انّ الجهالة إنّما تضرّ في الشّروط و غيرها من الأمور الّتي يبنى عليها المتعاقدان لا في جعل الشّارع قانونا كلّيا ينطبق في كلّ مورد على شيء من الأمور الشخصيّة و ما ذكره العلاّمة (- ره -) من قبيل الأوّل فيضرّ فيه الجهالة من حيث كونه اشتراطا من العاقد لأمر مجهول و ما ذكر في المناقشة من قبيل الثّاني لابتنائه على انّ الشّارع انّما جعل مبدء الخيار حين الردّ ثمَّ انّه أنار اللّه برهانه احتمل الفرق بوجه أخر و هو انّ مبدء الاستحقاق و التسلّط فيما ذكره العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) غير معلوم بخلاف ما نحن فيه فانّ مبدء الاستحقاق و التسلّط معلوم و المجهول انّما هو زمان تحقّق الفسخ فعلا ثمَّ قال (- قدّه -) و هذا الوجه انّما يتمّ بناء على جعل ما في (- كرة -) من قبيل الوجه الأوّل من الوجوه الخمسة المتقدّمة في كلام (- المصنف -) (- ره -) و جعل ما ذكره من قبيل الوجه الثّاني من تلك الوجوه

الأمر الخامس لو تلف المبيع كان من المشتري سواء كان قبل الرد أو بعده

قوله طاب ثراه و يحتمل عدم الخيار بناء على (- اه -) لقد أجاد من قال انّ اختلاف الحكم بثبوت الخيار و عدمه يدور في مثله مدار الشّرط المأخوذ في العقد فإن كانا اشترطا بقاء المبيع لم يكن إشكال في سقوط الخيار مع تلفه و ان لم يشترطا ذلك لم يكن إشكال في بقاء الخيار حتّى مع تلف المبيع و انّ المرجع في تعيين الاشتراط هو الظّهور لو كان و مع عدمه فالمتّبع هو أصالة الإطلاق و عدم الاشتراط و (- ح -) فلا وجه لما في المتن من احتمال الخيار مع استظهار الاشتراط بل كان عليه ان يجزم بعدم الخيار الاّ ان يكون نظره الى الواقع مع عدم اصابة الظّهور إيّاه و عدم موافقته له قوله طاب ثراه ثمَّ انّه لا تنافى بين شرطيّة (- اه -) غرضه بذلك بيان انّ حرمة إتلاف المشتري للمبيع و وجوب إبقائه له ليس من باب شرطيّة بقاء العين في السّلطنة على الفسخ حتّى يناقش بأنّ الشّرطيّة لا تدلّ على الحكم التّكليفي بل وجوب الإبقاء انّما هو للالتزام به في ضمن العقد بالدّلالة الالتزاميّة و مخالفة الالتزام و تفويت حق الغير محرّمة قوله طاب ثراه كما ذكره بعض المعاصرين (11) هذا البعض هو صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه قال عند الكلام في أحكام الخيار بعد نقل إلحاق الثمن بالمبيع عن بعضهم ما لفظه و هو من غرائب الكلام ضرورة كون النصّ و الفتوى في خصوص المبيع دون الثمن بل ظاهر خبر معاوية بن ميسرة من اخبار اشتراط الخيار بردّ الثمن انّ تلف الثمن من البائع و انّه ملكه و إن كان الخيار له (- إلخ -) قوله طاب ثراه و انّما المخالف لها هي قاعدة (- اه -) (12) الضّمير المجرور عائدا إلى القاعدة يعنى انّ المخالف لقاعدة كون التّلف في زمان الخيار ممن لا خيار له انّما هي قاعدة كون الخراج بالضّمان حيث انّ مفاد القاعدة الأولى كون التّلف هنا من المشترى و مفاد القاعدة الثانية كون التّلف من البائع لأنّه الّذي يستحقّ نماء الثّمن فيكون تلفه عليه و ربّما أورد بعضهم على (- المصنف -) (- ره -) أوّلا بأنّ حال قاعدة كون الخراج بالضّمان هي حال الرّواية بعينها في عدم المخالفة لقاعدة كون التلف ممّن لا خيار له من حيث

ص:64

هما (- كك -) و المخالفة في كلّ منهما إذا ضمّ الإجماع على كون نماء الثّمن للبائع و ثانيا بأنّ قاعدة التّلف حاكمة على قاعدة كون الخراج بالضمان لانّ معنى كون التّلف ممّن لا خيار له هو انفساخ البيع و رجوع التالف انا ما الى ملك من لا خيار له و تلفه في ملكه و معه فلا يبقى مجرى لقاعدة الخراج لأنّها انّما تقتضي كون الضّمان على مالك العين نعم من قال بإثبات القاعدة الضمان لتلف العين و ان لم يكن مالكا لها كالمستأجر و المستعير و أمثالهما أنكر الحكومة لكن الشأن في شمول القاعدة لمثل ذلك و ثالثا بأنّ قاعدة التّلف أخصّ من قاعدة الضّمان لاختصاص الأولى بتلف مال ذي الخيار في زمان الخيار المختصّ به بخلاف الثّانية فإنّها تجري في تلف مال غير ذي الخيار (- أيضا -) و أنت خبير بسقوط الإيرادات بأجمعها امّا الأوّل فلأنّه لا معنى لضمّ الإجماع إلى الرّواية لأنّهما متّحدان في المؤدّى لأنّ الرّواية نطقت بكون نماء الثمن للبائع و الإجماع نطق بذلك (- أيضا -) و ان أراد المورد كون مورد الإجماع شاملا لنماء الثمن و المبيع جميعا و ضمّ الإجماع على كون نماء المبيع للمشتري ان تمَّ الى ما نطق به الخبر من كون تلف المبيع من المشترى اتّجه عليه انّ الرّواية على هذا توافق القاعدة (- أيضا -) لجعلها التّلف ممّن لا خيار له و هو المشترى فالإيراد غير وارد و امّا الثّاني فلانّ مفاد القاعدة انّما هو كون الضّمان لتلف العين و ان لم يكن مالكا لها و لذا ترى اجراء أبي حنيفة إيّاها في كراية البغل الّذي اكتراها فتجاوز به عن المكان المشروط فيما بينهما و ورود النصّ بخلاف ذلك منّا لا يضرّ لانّه يكون مخصّصا للقاعدة و ان شئت العثور على تفصيل الكلام في القاعدة فراجع مسئلة ضمان المنفعة المستوفاة من العين المقبوضة بالبيع الفاسد من غاية الآمال و امّا الثّالث فلانّ قاعدة التّلف و إن كانت أخصّ من قاعدة الضّمان من الجهة المذكورة إلاّ انّها أعمّ منها من جهة أخرى و هي شمولها لما إذا كان ذو الخيار مالكا للنّماء أم لا كما إذا اشترط عدم كون النّماء له كما انّها تشمل ما إذا كان ذو الخيار مالكا للعين أم لا كما إذا اشترط الخيار لأجنبيّ و هذا بخلاف قاعدة الضّمان فإنّها لا تجري بالنّسبة الى غير مالك العين على ما زعمه المورد و اعترف به قوله طاب ثراه نعم الإشكال في عموم تلك القاعدة (- اه -) يأتي تحقيق ذلك عند تعرّض (- المصنف -) (- ره -) للقاعدة في أحكام الخيار إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و فيه مع ما عرفت (- اه -) أشار بذلك الى ما أسبقه من منع عدم ثبوت الخيار قبل الردّ (- مط -) و انّ ذلك يتبع الشّرط فان شرط تحقّق الخيار عند ردّ الثمن لم يكن قبله خيار و ان اشترط الخيار في تمام المدّة و علّق اعماله على ردّ مثل الثمن ثبت الخيار من حين العقد فغرضه (- قدّه -) من منع المبنى منع كلّية لا منعه (- مط -) ضرورة انّ عدم الخيار له قبل الردّ في الفرض الأوّل ممّا لا شبهة فيه قوله طاب ثراه فانّ دليل ضمان (- اه -) غرضه انّ البناء فاسد و انّ مقتضى قاعدة التّلف كون تلف الثمن قبل الردّ في صورة تعليق الخيار على الردّ (- أيضا -) من المشترى الّذي لا خيار له لشمول القاعدة للخيار المنفصل (- أيضا -) فالبائع له الخيار بعد الردّ و هو الخيار المنفصل فيلزم كون التّلف من مقابله و هو المشترى و ربّما أورد بعضهم على الماتن (- ره -) بعدم جريان القاعدة في الخيار المنفصل لقوله عليه السّلام في بعضها حتى ينقضي الشّرط و يصير المبيع للمشتري قال إذ في الخيار المنفصل قد حصل المبيع للمشتري أي صار ملكا مستقرّا له في زمان اللّزوم و هو قبل مجيء زمان الخيار انتهى و فيه انّ المراد بالصّيرورة في الخبر انما هي الصيرورة المستقرّة اللاّزمة و حصول الملك المستقرّ في الخيار المنفصل ممنوع لأنّ العلقة المعلّق تنجزها على الردّ كافية في إثبات التّزلزل للعقد و لذا لا يجوز للمشتري في الخيار المنفصل أيضا إتلاف المبيع كما لا يخفى ثمَّ لا يخفى عليك انّه ربّما يتّجه على (- المصنف -) (- ره -) اشكال و هو انّه إذا كان أصل مورد قاعدة كون التّلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له هو المبيع و كون جريان حكمه في الثمن من باب الإلحاق فما معنى جعله تلف المبيع من المشترى (- مط -) من غير فرق بين كون التلف قبل الردّ أو بعده و تفرقته في تلف الثمن فيما قبل الردّ و بعده و لقد كان ينبغي ان يذكر هذا الإشكال الّذي بناه على عدم الخيار قبل الردّ في الثمن في المبيع (- أيضا -) و لم أجد لهذا الإشكال دافعا فتدبّر جيّدا

الأمر السادس في تسلط البائع على الفسخ برد الثمن

قوله طاب ثراه مع انّ ما ذكره من اخبار المسئلة (- اه -) الأخبار الّتي ذكرها في (- ئق -) هي الأخبار المتقدّم نقلها من المصنّف (- ره -) في أوّل المسئلة من دون زيادة و لا نقيصة فمن حاول صدق مقالة الماتن (- ره -) فليلاحظ الأخبار المزبورة حتى يتبيّن له عدم دلالة شيء منها على اعتبار حضور الخصم في الفسخ قوله طاب ثراه فيما لم يصرّح باشتراط الرّد (- اه -) احترز بذلك عمّا لو اشترطا الردّ الى خصوص المشترى على وجه القيديّة فإنّه لا ينبغي الإشكال في عدم صحّة الفسخ (- ح -) ما لم يرد اليه نفسه امّا بإقباضه أو بإحضاره عنده عند امتناعه من القبض الاّ ان يشترط الإقباض منه نفسه بحيث لا يكون خيار إذا امتنع من القبض فإنّه يتبع الشّرط قوله طاب ثراه لانّ الظاهر من الردّ (- اه -) حاصله انّ ظاهر الدّفع إلى المشترى مع عدم التقييد بالخصوصيّة هو ارادة تملّك المشترى له و تحوّله من ذمّة البائع إلى ملك المشترى فإذا ضمّ الى ذلك كون الحاكم وليّ الغائب و المجنون و غيرهما من القاصرين (- مط -) و قيامه مقامهم في جميع الأمور أفاد حصول شرط الفسخ و قد استدلّ بهذا الوجه من أطلق مثل الفاضل القميّ (- قدّه -) حصول الشرط بردّه الى الحاكم و ذلك يكشف عن كون مراد من أطلق صورة عدم أخذ الردّ إلى المشتري بالخصوص قيدا و الاّ لم يجز هذا الوجه و قد تقرّر في الأصول انّ من جملة ما يستخرج به محلّ النزاع دليل المسئلة فمن هذا الدّليل يستكشف مراد المستدلّ به و ان صورة اشتراط الردّ الى خصوص المشترى خارجة من فرضه و انّه (- أيضا -) يسلّم عدم حصول الشّرط عليها بالردّ الى وكيله و وليّه و هو ظاهر قوله طاب ثراه و دعوى انّ الحاكم (- اه -) هذه الدّعوى احد الوجوه المستدلّ بها للقول الثاني الّذي مرّت من الماتن (- ره -) حكايته عن المولى المجاهد في مناهله و الثاني انّ الشرط انّما هو الفسخ إذا دفعه اليه فيبقى التسلّط على الفسخ بدفعه الى الحاكم مشكوكا و الأصل لزوم البيع و فيه انّ عموم دليل قيام الحاكم مقام القاصر مانع من التمسّك بأصالة اللّزوم الّتي مبناها امّا الاستصحاب الغير الجاري مع الدّليل أو عمومات لزوم الوفاء بالبيع و العقد الّتي هي عمومات نوعيّة يقدّم عليها العموم الشخصي الّذي هو هنا قيام الحاكم مقام القاصر الثّالث ما تمسّك به بعضهم من انّ لازم السّكوت عن الردّ الى غيره هو الاقتصار على الردّ اليه و انّ عموم دليل النّيابة و الولاية لا يجعل الردّ إلى الوليّ و الوكيل ردّا اليه بمعنى انّه لا يثبت تحقّق هذا الموضوع و المفروض انّ الحكم معلّق عليه و فيه انّه انّما يتّجه لو لا ظهور كون المراد من الردّ إلى المشتري حصوله عنده و امّا بعد الظّهور المذكور فلا وجه لما ذكره لانّ وضوح الغرض يكون قرينة على إلقاء خصوصيّة المشتريئيّة و قد نبّه على هذا الجواب المستدلّ (- أيضا -) قوله طاب ثراه فهل يصحّ له الفسخ الى قوله وجوه (- اه -) منشأ الوجه الأوّل امّا على أصل الردّ فهو انّ الولي

ص:65

قائم مقام القاصر فيكون الدّفع اليه بمنزلة الدفع إلى المشتري الكامل و امّا على جواز الدفع إلى الوليّ الأخر (- مط -) حتى مع إمكان الدّفع الى من اشترى ولاية فهو انّ الوليّين إذا كانا في درجة واحدة كانا بمنزلة شخص واحد في جواز الشّراء من أحدهما و دفع العوض إلى الأخر فتأمّل و منشأ الوجه الثّاني امّا على جواز الردّ فما مرّ و امّا على جواز الردّ إلى الوليّ الأخر مع عدم إمكان الدّفع إلى الوليّ المشتري فعموم دليل الولاية و امّا على عدم جواز الدّفع إلى الوليّ الأخر مع إمكان الدفع إلى الولي المشتري فهو ان مورد الدّليل انّما هو الدّفع إلى المشتري فالدّفع الى غيره مع إمكان الدّفع اليه لا وجه له للشكّ الموجب لاستصحاب اللّزوم فتأمّل و منشأ الوجه الثالث أصالة اللّزوم خرج من ذلك الدّفع إلى الوليّ المشتري فيبقى غيره تحت الأصل قوله طاب ثراه و لا يجرى ولايته (- اه -) عطف على لا يجوز اى حتّى لا يجرى ولايته (- اه -)

الأمر السابع إذا أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن فاللازم رد جميع الثمن

قوله طاب ثراه و لو شرط البائع الفسخ في كلّ جزء (- اه -) قد تنظر في صحّة اشتراط الخيار في كلّ بعض بردّ ما يقابله من الثّمن جمع منهم الشّهيدان و صاحب المستند قال في (- س -) و لو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثّمن و الخيار في بعضه ففي الجواز نظر انتهى و قال في (- لك -) و لو اشترط ارتجاع بعض ببعض الثمن أو الخيار في البعض ففي صحته نظر من مخالفة النّصوص و عموم المسلمون عند شروطهم و هو أوجه انتهى و قال في المستند بعد نقل عبارة (- لك -) ما لفظه و التحقيق انّه إن كان الشرط ردّ البعض دون ثبوت الخيار فالأوجه الصحة لعموم الوفاء بالشرط و إن كان ثبوت الخيار في البعض ففيه نظر لما عرفت من انّ دليله الإجماع و تحقّقه في البعض غير ثابت و الرّوايتان و شمولهما له غير ظاهر بل عدم الشمول أظهر أمّا الأولى فلحكمه عليه السّلام بانّ جميع المبيع لو تلف انّما هو من البائع و امّا الثانية فلأنّها قضيّة في واقعة و منه يظهر فساد الشّرط لو شرط خيار فسخ البعض الأخر في مدّة أخرى أو خيار فسخ الجميع بعضه في مدّة و بعضه في الأخرى انتهى و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ اشتراط الخيار بردّ الثمن لم يكن مخالفا للقاعدة حتّى ينحصر مستنده في الإجماع و الرّوايتين و يكون لصاحب المستند الردّ بفقد الإجماع هنا و ظهور الرّوايتين في ردّ الجميع بل الحكم انّما هو على طبق القاعدة و لو لا الإجماع و الرّوايتان لقلنا بصحّة الشرط من باب عموم المؤمنون عند شروطهم و المناقشة بمخالفة شرط الخيار للسّنة ممّا لم أفهم إذ لا سنّة تقضى بفساد الشرط المذكور فما صدر من الشهيدين (- رهما -) من التنظّر في صحّة اشتراط الفسخ في كلّ جزء بردّ ما قابله ليس له وجه و العجب من صاحب المستند (- ره -) حيث فصّل بين اشتراط ردّ البعض من دون ثبوت الخيار و بين اشتراط الخيار في البعض مع انّهما من واد واحد و لا فرق بينهما إلاّ في اللّفظ و الصّورة فتدبّر قوله طاب ثراه كان للمشتري خيار التبعيض (- اه -) فيه نظر لانّ مورد أدلّة خيار تبعّض الصّفقة ما لو لم يعلم المشترى بالتبعّض قبل البيع و ما لو لم يكن الدّاعي إلى التبعّض المشترى و هنا ليس (- كك -) لعلم المشترى بالتّبعّض لو لم يدفع جميع الثمن و (- أيضا -) فالمشتري هو السّبب في التبعّض بترك دفع بعض الثمن

الأمر الثامن كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن كذا يجوز للمشتري اشتراط الفسخ برد المثمن

قوله طاب ثراه الأمر الثامن أقول قد أهمل الماتن (- قدّه -) ذكر أمور أحدها انّه لا فرق في جواز اشتراط الفسخ عند ردّ الثمن بين إطلاق الردّ في المدّة و توزيعه عليها نجوما متساوية أو مختلفة مع اشتراط الخيار بنسبة الردّ و بدونه فإن أطلق توقف على ردّ الجميع و بالجملة فالمتّبع في ذلك هو لفظ الشّرط الثّاني انّه كما يجوز اشتراط الخيار عند ردّ الثمن فكذا يجوز اشتراط الخيار بفعل من أحدهما أو ترك من أحدهما كان يشترط الخيار ان أعطاه الشّيء الفلاني أو يشترط الخيار ان ترك الفعل الفلاني الثّالث انّه يجوز ان يشترط أحدهما على الأخر الفسخ عند ردّ الأخر ما انتقل اليه بحيث يكون الخيار للمردود اليه لا للرّاد كلّ ذلك لعموم أدلّة الشّروط قوله طاب ثراه كذا يجوز للمشتري (- اه -) هذا ممّا صرّح به جمع كثير منهم الشّهيدان في (- س -) و (- لك -) و المحقّق الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و فاضل الكفاية و صاحب كنز الفوائد و غيرهم للأصل و عموم أدلّة الشّروط و ظهور تساوى المتبايعين في هذا الحكم فيجوز لهما معا اشتراط الرّجوع فيما انتقل منهما بردّ ما صار إليهما سواء اتّحد الوقت أو اختلف قوله طاب ثراه و في جواز اشتراط ردّ بدله و لو مع التمكن من العين اشكال من انّه خلاف مقتضى الفسخ (- اه -) هذا أحد شقّي الإشكال و الشقّ الآخر عموم المؤمنون عند شروطهم و فيما ذكره نظر لانّ اقتضاء الفسخ رجوع كلّ من العوضين الى صاحبه انّما هو مع عدم الاشتراط و امّا مع اشتراط ردّ البدل مع إمكان ردّ العين فالاقتضاء ممنوع بل عموم دليل الاشتراط يقتضي بعدم الاقتضاء قوله طاب ثراه بل ليس فسخا في الحقيقة (- اه -) فيه انّه إذا كان ردّ البدل خارجا عن الفسخ في الحقيقة فكيف أجاز ذلك مع تلف العين و دعوى تأثير العجز عن العين في صدق الفسخ على ردّ البدل تحكّم واضح كما لا يخفى هذا كلّه مع انّ لفظ الفسخ لم يقع موضوعا للحكم في النّصوص حتى ينفع فهم حقيقته في إثبات المراد و هب انّ حقيقة الفسخ لا تتحقّق الاّ مع ردّ العين مع الإمكان لكنّ مقصدنا انّه لو شارطت ردّ البدل مع بقاء العين كان مقتضى عموم دليل الشروط صحّة الشرط المذكور و لزوم الوفاء به قوله طاب ثراه فتأمّل استظهر الشيخ العلاّمة الوالد أنار اللّه برهانه كون الأمر بالتّأمل إشارة الى انّ اشتراط إبقاء ما في الذمّة بغير جنسه انّما يتحقّق إذا كان ذلك بعد استقرار ما في الذمّة كما في تحويل الدّراهم الّتي في ذمّة المديون دنانير و امّا اشتراط ما ذكره من ردّ التالف المثلي بالقيمة و عكسه فليس وقوعه بعد الاستقرار فيكون من اشتراط ضمان المثلي بالقيمة الّذي هو غير مشروع فيكون حكمه عدم صحّة الاشتراط

مسألة عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع و خروج الإيقاعات عن عموم المذكور و البحث في ثبوته و عدمه في العقود

قوله طاب ثراه لا اشكال و لا خلاف (- اه -) لا يخفى عليك انّ غرضه نفى الخلاف في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع لا في جريانه في كلّ معاوضة لازمة ضرورة أنّه سينقل الخلاف في جريانه في جملة من المعاوضات اللاّزمة و منها الصّلح الّذي جعله من الأمثلة هنا فنفى الخلاف مخصوص بالشق الأوّل من العبارة و على هذا فالعبارة لا تخلو من ركاكة من حيث عدم صحّة عطف الجريان على عدم الاختصاص و عدم إمكان جعل جملة و جريان (- اه -) مستانفة لبقائها مبتدأ بلا خبر قوله طاب ثراه فلا معنى لدخول خيار الشّرط فيه (- اه -) وجه كونه بلا معنى ظاهر لكون اشتراط الخيار مع جواز العقد في نفسه تحصيلا للحاصل و لازم التعليل جواز اشتراط الخيار في العقود الجائزة إذا وقعت بسبب شرط و نحوه ثمَّ قد يناقش في ما ذكره بالنّقض باشتراط الخيار في العقد اللاّزم الّذي هو جائز لعارض كاشتراط الخيار في البيع الّذي هو ما داما في المجلس جائزا و الى ثلثة أيّام إذا كان المبيع حيوانا جائز و يجاب بالفرق بين اللاّزم بالذّات الجائز بالعرض و بين الجائز بالذّات فانّ الجواز في الأوّل حقّ يمكن إسقاطه فلا يكون اشتراط الخيار تحصيلا للحاصل لظهور ثمرته فيما إذا أسقطا خيار المجلس و الحيوان بخلاف الثّاني فإنّ الجواز فيه حكم غير قابل للإسقاط فيكون اشتراط الخيار تحصيلا للحاصل و فيه انّ تحصيل الحاصل انّما يقبح حيث يخلو التّحصيل عن فائدة و تتصوّر الفائدة للخيار المشروط في العقد الجائز فيما لو لم يتمكّن

ص:66

من الفسخ بالجواز بالذّات لعارض من نذر و شبهه و الاّ فلو كان مطلق تحصيل الحاصل ممنوعا لكان اشتراط الجائز بالعرض اولى بالجريان فان لم يكن اشتراط الجواز في الجائز بالعرض اولى تحصيلا للحاصل مع كون الجوازين من سنخ واحد لكونهما جميعا جواز بالعرض فاشتراط الجواز في الجائز بالذّات اولى بعدم كونه تحصيلا للحاصل لانّ الجوازين فيه من سنخين و ربّما ذكر بعضهم انّ اشكال تحصيل الحاصل انّما يلزم إذا كان الجواز في العقود الجائزة بمعنى جواز فسخها و امّا إذا كان الجواز فيها بمعنى رفع الأثر الحاصل بها فلا مجرى للإشكال المذكور لانّ جواز الفسخ و الحلّ غير رفع الأثر ثمَّ استظهر كون الجواز في الهبة و الوكالة و نحوهما بالمعنى الثّاني لأنّ غاية ما يكون فيها انّما هو عزل الوكيل و استرجاع العين في الهبة و الوديعة و العارية لا جواز فسخ عقدها الحاصل بالخيار ثمَّ أورد على نفسه سؤال الوجه في خروجه بذلك عن اللّغويّة ثمَّ أجاب بأنّه يكفي في الخروج عن اللّغويّة تمكّنه بهذا الاشتراط من الفسخ بالخيار المشروط حيث لا يتمكّن لنذر و شبهه من الفسخ بالجواز الثّابت للعقد بالأصالة و أنت خبير بما في ذلك كلّه فانّ الفسخ ليس الاّ حلّ العقد و رفع الأثر (- أيضا -) لا يكون الاّ بحلّ العقد فرفع الأثر و الفسخ بمعنى واحد و الأولى الجواب عن أصل اشكال تحصيل الحاصل بانّ الجواز بالذّات لا ينافي الجواز بالعرض فاشتراط الخيار لإيجابه الجواز بالعارض لا ضير فيه و يكون تأثيره فيما إذا نذر ان لا يفسخ بالجواز الثّابت لأصل العقد فالحقّ انّ اشتراط الخيار في ضمن العقود الجائزة لا بأس به لكن يبقى الإشكال من حيث انّه لا يلزم الشّرط من حيث انّ العقد جائز و لزوم الشّرط تابع للزوم العقد فلا يعقل لزوم الشّرط مع جواز العقد لاستلزامه مزيّة الفرع على الأصل و هو باطل و يندفع الإشكال من هذه الجهة بذكر الشّرط المذكور في ضمن عقد لازم كما إذا قال بعتك هذه الدّار بمائة دينار بشرط ان تكون وكيلا في بيع بستاني وكالة لازمة بشرط الخيار لي إلى شهر في عزلك عن الوكالة قوله طاب ثراه سوى النّكاح و الوقف و الإبراء و الطّلاق و العتق لا يخفى انّ استثناء الإبراء و الطلاق و العتق من العقود موقوف على تصرّف و تعميم في العقود أو جعل الاستثناء منقطعا كما نبّه على ذلك في غاية الآمال قوله طاب ثراه و ظاهرها (- اه -) هذا الظهور ممنوع الاّ ان يريد الظهور بالقرينة و هي عبارة (- ير -) قوله طاب ثراه كما يرشد اليه استدلال الحلّي (- اه -) وجه الإرشاد إرساله عدم الجريان في العقود إرسال المسلمات قوله طاب ثراه قيل لانّ المفهوم (- اه -) القائل هو العلاّمة الطّباطبائي (- قدّه -) في المصابيح حيث استدلّ على عدم جريان الخيار في الإيقاعات بابتناء الإيقاع على النّفوذ بمجرّد الصّيغة فلا يدخله الخيار و بانّ المفهوم من الشرط ما كان بين اثنين كما ينبّه عليه الصّحيح من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه عزّ و جلّ فلا يجوز و لا يجوز على الّذي اشترط عليه فلا يتأتّى في الإيقاع المتقوّم بالواحد و يمكن المناقشة فيما ذكره من منافاة الخيار للنّفوذ بمجرّد الصّيغة بأنّ الشّرط لا يمنع من النّفوذ بمجرّد الصّيغة و انّما يحدث الخيار و السّلطنة على الفسخ في ضمن المدّة متى ما اراده المشروط له قوله طاب ثراه و فيه انّ المستفاد من الأخبار (- اه -) في هذا الجواب نظر ظاهر ضرورة انّ العلاّمة الطّباطبائي (- ره -) لم يرد انّ المفهوم من الشّرط توقّفه على الإيجاب و القبول حتّى يتّجه عليه اعتراض (- المصنف -) (- ره -) و انّما أراد انّ الشّرط لا يقوم الاّ بشخصين ملتزم و ملتزم عليه و الإيقاع من طرف واحد فانّ المطلّق إذا اشترط الخيار لم يصدق الشّرط على ذلك لانّ المطلّقة ان أبت من الشرط لم يمض ابائها فلا يعقل منها الالتزام بالشّرط و قد أخذ الإلزام في مفهوم الشرط فاذا انتفى الالتزام انتفى صدق الشّرط و امّا استشهاد (- المصنف -) (- ره -) باشتراط الخدمة على العبد فلا وجه له لأنّ الخدمة ممّا يلتزم به العبد و له ان لا يلتزم فلا يقع العتق فيصدق الالتزام بخلاف اشتراط الخيار في الطّلاق فإنّه لا اثر لرضا المرية و لا ابائها في ذلك قوله طاب ثراه مضافا الى إمكان منع صدق الشّرط و انصرافه أشار بذلك الى ما أسبقه في أوّل المبحث من انّ الشّرط هو الإلزام التابع و استدلّ عليه بجملة من فقرات أدعية الصّحيفة و بقول أهل اللّغة فراجع قوله طاب ثراه بعدم مشروعيّة (- اه -) متعلّق بالاستدلال و حاصله انّ اشتراط الخيار انّما هو عبارة عن اشتراط السّلطنة على الفسخ فاذا كان الإيقاع ممّا لم يشرع فيه الفسخ لم يكن للاشتراط معنى قلت ان أراد بعدم المشروعيّة ثبوت عدم الشّرعيّة ففيه انّه عين الدّعوى و ان أراد عدم ثبوت المشروعيّة ففيه ما أشار إليه بعضهم من إمكان دعوى انّه لا يعتبر في نفوذ الشرط و صحّته مشروعيّة ما شرط بل يكفى كونه ممّا صحّ اعتباره عقلا و نفذ اشتراطه عرفا ضرورة شمول المؤمنون عند شروطهم له فيكون عمومه دليلا على إمضاء الشّارع لما يكون عرفا ماضيا و ان لم يعهد منه إمضائه بالخصوص الاّ ان يقال انّ الإيقاعات لم يعهد من العرف انحلالها و نقض أثارها بعد وقوعها حتّى يصحّ اشتراط ذلك فيها و يندرج تحت عموم الشّروط قلت يمكن ان يكون غرض الماتن (- ره -) شيئا أخر و هو انّ اعتبار ورود الشّروع بالشّرط في الإيقاع انّما هو لإحراز عدم منافاة الاشتراط لمقتضى الإيقاع فتأمّل و يمكن الاستدلال على عدم صحّة اشتراط الخيار في الإيقاعات بأنّ الفسخ عبارة عن حلّ العلقة الحادثة بالعقد و الإيقاع لا يحدث علقة حتى تكون قابلة للحلّ و انّما هو نفسه ازالة العلقة غالبا كما في الطلاق و الإبراء و العتق و نحو ذلك نعم يشكل ذلك في المكاتبة و نحوها (- فت -) و لقد قوّى بعضهم صحّة اشتراط الخيار في الإيقاعات و أطال في ذلك الكلام لكنّه لم يأت بما يخلو عن النّقض و الإبرام فإنّ غاية ما استدلّ به لذلك هو اخبار اشتراط الخدمة على العبد مدّة و أنت خبير بما فيه من النّظر الظاهر لاولى البصائر فإنّ اشتراط الخدمة لا مانع منه الاّ كون المشروط فيه إيقاعا فإذا منع من اختصاص الشّرط بما كان في ضمن العقد كان عموم المؤمنون عند شروطهم سليما بخلاف اشتراط الفسخ فإنّ عمدة ما يمنع منه هو ما أشرنا إليه من انّ الفسخ عبارة عن حلّ ما وقع و الإيقاع ليس ربطا حتى يكون قابلا للحلّ بل هو بنفسه حلّ ثمَّ انه استدلّ على مطلوبه بالموثق النّاطق بجواز اشتراط ردّ العبد الّذي أعتقه و زوّجه بنته في الرّق إن أغار بنته و الحال انّ الخبر ممّا اعرض عنه الأصحاب الاّ من شذّ و مثله لا يثبت الأمر الغير المعقول اعنى حلّ ما هو بنفسه حلّ و العجب من التزام هذا البعض بجواز الرّجوع في الإبراء مع التفاته إلى انّه إسقاط للحقّ و انّ الساقط لا يعود الاّ بسبب جديد كما انّ الخيار المسقط لا يمكن استعادته الاّ بسبب جديد و غاية ما ذكره في ردّ ذلك انّه لا مانع عقلا من استعادة السّاقط إذ له ان يرفع اليد عن معاهدته فيكون كما كان أوّلا و أنت خبير بانّ الصّادر منه انّما هو حلّ لا معاهدة فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و الرّجوع في العدّة (- اه -) توضيح ذلك انّ الطّلاق حلّ العلقة الزوجيّة فإذا وقع لم يكن معنى لفسخه و حلّه إذ المحلول لا ينحلّ حلّه فالرّجوع ليس فسخا للطّلاق بل هو حكم شرعيّ قد اذن الشارع في استعارة العلقة بالرّجوع قولا أو فعلا فتأمّل

ص:67

قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا في الإيقاع يمكن ان يمنع دخول الخيار فيما تضمّن الإيقاع (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة عطّر اللّه مرقده انّ مقتضى كون الصّلح عقدا انّه يتوقّف على الإيجاب و القبول حتى في مورد الإبراء و ان قلنا بانّ نفس الإبراء لا يتوقّف تحقّقه على القبول و ذلك بان يقول الدّائن للمديون مثلا صالحتك عن ديني الّذي استحقّه عليك فقال قبلت فهو عقد مفيد فائدة الإبراء و لا يلزم من إفادته فائدته أن يقع من دون قبول على القول بعدم توقّف الإبراء على القبول و يشير الى ما ذكرنا انّ (- المصنف -) (- ره -) قال فالصّلح المفيد فائدة الإبراء و لم يقل كالإبراء الواقع بلفظ الصّلح و منه يعلم انّ مراده (- ره -) بتضمّن العقد الإيقاع هو هذا المعنى قوله طاب ثراه و لا أقلّ من الشكّ (- اه -) فيه انّ المرجع عند الشكّ هو عموم المؤمنون عند شروطهم المزيل للشكّ في سببيّة الفسخ لرفع الإيقاع قوله طاب ثراه و لعلّه لتوقّف (- اه -) قد استدلّ لعدم جريان خيار الشّرط في النّكاح بوجوه أشار الماتن (- ره -) الى اثنين منها أحدها انّ ارتفاع النّكاح موقوف شرعا على رافع مخصوص و هو الطّلاق فلا يجرى فيه خيار الفسخ و فيه انّ أدلّة توقّف رفع النّكاح على الطّلاق تتقيّد بما إذا لم يشترط في ضمن العقد الخيار بحكم أدلّة الشّروط كما تقيّدت بما دلّ على فسخ النّكاح بالعيوب من الجنون و الجذام و نحوهما فكما انّ الفسخ بالعيوب جائز فكذا الفسخ بالاشتراط لو لا المانع ثانيها انّ التّقايل غير مشروع في النّكاح فلا يشرع اشتراط الفسخ و فيه انّه لا ملازمة بينهما بوجه و لذا ترى جريان اشتراط خيار الفسخ في بعض ما لا يجرى فيه الإقالة ثالثها ما في (- كرة -) من انّ النّكاح ليس عقد معاوضة و لا يقصد به العوض و لذا لا يعتبر فيه العلم بالمعقود عليها برؤية و لا وصف رافع للجهالة و يصحّ من غير تسمية العوض و مع عوض فاسد و (- ح -) فلا يصحّ اشتراط الفسخ فيه و فيه وضوح منع اختصاص مشروعيّة اشتراط الخيار بالعقد المقصود به المعاوضة لعموم ما دلّ على انّ المؤمنين عند شروطهم كيف و لو بنى على الاختصاص للزوم عدم صحّة شيء من الشّروط في عقد النّكاح لاتّحاد أدلّة الشّروط و كونها من واد واحد و التّالي باطل بالضّرورة و الإجماعات و المتواتر من حيث المجموع من الأخبار فالمقدّم مثله رابعها انّه مشاكل للعبادة في أثر ابتنائه على الاحتياط التّام و فيه انّ مجرّد المشاكلة للعبادة لا تقتضي ذلك و الاشتراط المذكور غير مناف للاحتياط بعد كونه في ضمن عقد لازم و اندراجه في أدلّة الشّروط مضافا الى النّقض بسائر الشّروط فانّ العبادة كما لا يدخلها الخيار فكذا لا تقرن بسائر الشروط خامسها انّه مسبوق بالتروّي و التأمّل و السّؤال عن حال الزّوجين فلا حاجة الى الفسخ حتّى يصحّ اشتراطه و فيه انّ التروّي قبل العقد موجود في البيع المتفق على جواز اشتراط الخيار فيه (- أيضا -) و كما انّ النّكاح يتزلزل بظهور العيب و التدليس فكذا البيع و (- ح -) فكما يجوز اشتراط الفسخ في البيع فيلزم جواز اشتراطه في النّكاح (- أيضا -) سادسها ما في (- كرة -) (- أيضا -) من انّ القصد في البيع المغابنة و الأسواق تختلف في الأسعار فجوّز له الخيار بعد العقد ليتبيّن سعره في حال العقد و النّكاح يقصد منه أعيان الزّوجين و ذلك لا يختلف و فيه ما في السّابقة سابعها ما في (- كرة -) (- أيضا -) من انّ اشتراط الخيار فيه يقضى الى فسخه بعد ابتذال المرية و هو ضرر عظيم عليها و لهذا وجب بالطّلاق قبل الدخول نصف المهر جبرا له و فيه انّ الضّرر الّذي أقدمت هي عليه بقبول اشتراط الخيار غير ضائر ثامنها قاعدة توقيفيّة العقود و فيه انّ قاعدة المؤمنون عند شروطهم حاكمة على تلك القاعدة لأنّها بيان الى غير ذلك من الوجوه القاصرة عن إثبات المطلوب فالعمدة في المسئلة هو الإجماع ان تحقّق قوله طاب ثراه و يظهر من محكي (- ئر -) و (- س -) وجود الخلاف فيه (- اه -) النّسبة في محلّها لانّه قال في (- ئر -) امّا عقد الوقف فلا يدخله الخياران معا على الصّحيح من المذهب انتهى فانّ التقييد بالصّحيح من المذهب دالّ على وجود الخلاف فيه لكن لم يظهر انّ الخلاف منّا أو من العامّة و عبارة (- س -) أدلّ على الخلاف قال (- ره -) و يصحّ يعنى اشتراط الخيار في جميع العقود الاّ النّكاح و لا يصحّ في الإبراء و العتق و الوقف على خلاف فيهما انتهى فما في مفتاح الكرامة من نفى الخلاف و ما في (- لك -) من دعوى الاتفاق محلّ تأمّل إذ كفى بالشّهيد ناقلا للخلاف قوله طاب ثراه و الكبرى في الصّغريين ممنوعة (- اه -) لما اقتصر على نقل الصّغريين الاولى انّ الوقف يشترط فيه القربة الثانية انّ الوقف فكّ الملك بعوض و كانت كبرى الأولى انّ كلّ ما يشترط فيه القربة فلا يجوز اشتراط الخيار فيه و كبرى الثانية انّ كلّ ما كان فكّ الملك بغير عوض لا يجوز اشتراط الخيار فيه أجاب عن الدّليلين بمنع الكبرى فيهما و وجه المنع عدم تحقّق الملازمة لا من جانب الشّارع و لا من جانب العقل لكن ينافي منعه الكبرى في الأولى ما سيأتي منه من تقوية عدم دخول الخيار في الهبة استنادا الى عموم ما دلّ على انّه لا يرجع فيما كان للّه تعالى بناء على انّ المستفاد منه كون اللزوم حكما شرعيّا لمهيّة الصّدقة و (- ح -) فكان الأولى عليه منع الكبرى في الثانية و منع الصّغرى في الأولى بمنع اشتراط القربة في صحّة الوقف و انّما هو شرط في ترتّب الثواب عليه و الاّ فلو وقف من غير قصد القربة صحّ و لم يثبت عليه و الّذي لا يجوز اشتراط الخيار فيه انّما هو ما يتوقّف صحّته على القربة لا كماله كما هنا قوله طاب ثراه و يمكن الاستدلال له بالموثقة المذكورة في مسئلة شرط الواقف كونه أحقّ بالوقف عند الحاجة (- اه -) لم يسبق منه (- قدّه -) في تلك المسئلة ذكر عين من هذه الرّواية و لا اثر نعم هي موجودة في كتب الأخبار فقد رواها الشّيخ (- ره -) بإسناده عن يونس بن عبد الرّحمن و محمّد بن سنان جميعا عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يتصدّق ببعض ماله في حيوته في كلّ وجه من وجوه الخير قال ان احتجت إلى شيء من المال فأنا أحق به ترى ذلك له و قد جعله للّه يكون له في حيوته فاذا هلك الرّجل يرجع ميراثا أو يمضي صدقة قال يرجع ميراثا على اهله و تقريب الاستدلال على ما افاده الشيخ الوالد العلاّمة عطّر اللّه مرقده المبارك انّ رجوعه في الميراث كناية عن بطلان الوقف من جهة اشتراط كونه أحقّ به فيكون الشّرط فاسدا و مفسدا كما هو المحكى عن الشّيخ (- ره -) في أحد قوليه و ابن إدريس و المحقّق في (- فع -) ثمَّ انّه قدّس اللّه روحه الزكيّة احتمل كون وجه الاستدلال هو انّ المراد بها هو انّه لو شرط عوده اليه عند حاجته صحّ الشّرط و بطل الوقف و صار حبسا يعود اليه مع الحاجة كما هو صريح فتوى المحقّق في (- يع -) و وجه عدم دخول شرط الخيار في الوقف هو كونه موجبا لبطلانه و صيرورته حبسا فلم يدخل الوقف بعنوان كونه وقفا خيار قوله طاب ثراه و قريب منها غيرها (- اه -) قد أشار بذلك إلى الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن يونس بن عبد الرّحمن و محمّد بن سنان عن إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يتصدّق ببعض ماله في حيوته في كلّ وجه من وجوه الخير قال ان احتجت إلى شيء

ص:68

من المال فأنا أحقّ به ترى ذلك له و قد جعله للّه يكون له في حيوته فاذا هلك الرّجل يرجع ميراثا أو يمضي صدقة قال يرجع ميراثا على اهله قوله طاب ثراه و في دلالتها على المدّعى تأمّل (- اه -) وجه التأمّل على ما نبّه عليه الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه هو إمكان كون المراد برجوعه ميراثا انّه بعد فرض حصول الحاجة من الواقف و بعد عود الوقف اليه ان رجع اليه بمقتضى اشتراط الخيار فاذا هلك بعد إن كان (- كك -) رجع المال الى ورثته ضرورة بطلان الوقف بحصول الحاجة و عوده اليه بمقتضى اشتراط الخيار ثمَّ انّه قدّس اللّه تربته المنوّرة استشهد لذلك بخبر إسماعيل بن الفضل المزبور نظرا الى انّ السّائل سئل عن صحّة الشرط و عدمها فإنّه على تقدير صحّته يكون أحقّ به ما دام حيّا فاذا هلك يبقى على الصّدقة لعدم حاجته اليه أو يرجع ميراثا فأجاب الإمام عليه السّلام عن ذلك كلّه بالرّجوع ميراثا بمعنى انّ الشّرط صحيح و إذا حصلت الحاجة رجع المال اليه و بعد رجوعه اليه لا يعود الى الوقف بل هو ميراث ثمَّ قال (- قدّه -) و منه يعلم وجه المراد في الموثقة لظهور اتّحاد المراد فيهما ثمَّ قال و ما ذكرناه في وجه التأمّل ينطبق على ظاهر ما ذهب اليه السيّد المرتضى (- ره -) من ان يصحّ وقفا فان احتاج كان منقطعا و الاّ كان مؤبّدا كما عبّر عنه في الجواهر لانّه (- ره -) قال في الانتصار و مما انفردت به الإماميّة القول بانّ من وقف وقفا جاز له ان يشترط انّه ان احتاج اليه في حال حيوته كان له بيعه و الانتفاع بثمنه الى ان قال و خالف باقي الفقهاء في ذلك و لم يجيزوا اشتراط الواقف لنفسه ما أجزناه و لا بيع الوقف على حال من الأحوال إلاّ ما رواه بشر عن ابى يوسف سنة تسع و سبعين انّه جعل للواقف الخيار في بيع الوقف و ان يجعل ذلك في وقف أفضل منه فهو جائز و ان مات قبل ان يختار إبطاله مضى الوقت على سبيله و قال أبو يوسف بعد ذلك لا يجوز الاستثناء في إبطال الوقف و الوقف جائز نافذ دليلنا اتفاق الطّائفة و لانّ كون الشيء وقفا تابع لاختيار الواقف و ما يشترط فيه فاذا شرط لنفسه ما ذكرناه كان كسائر ما يشترطه و ليس لهم ان يقولوا هذا شرط ينقض كونه وقفا و حبسا و خارجا من ملكه و ليس (- كك -) باقي الشّروط لانّه لا تنافى بينها و بين كون ذلك وقفا قلنا ليس ذلك يناقض كونه وقفا لأنه متى لم يختر الرّجوع فهو ماض على سبيله و متى مات قبل العود نفذ (- أيضا -) نفوذا تامّا و هذا حكم ما كان مستفادا قبل عقد الوقف فكيف يكون ذلك نقضا لحكمه انتهى ما في الانتصار ثمَّ انّ الوالد (- قدّه -) احتمل كون وجه تأمّل الماتن (- ره -) هو انّه بعد فرض كون المراد من الموثقة ما ذكر أوّلا في وجه التأمّل لا وجه لتقييد رجوع الوقف الى الواقف بكون الرجوع منوطا باختياره رجوعه اليه لعدم دلالتها على ذلك التقييد فنقول ليس في الموثقة دلالة على شيء من ثبوت الخيار له و عدمه إذ لا تفيد الاّ انّ الواقف أحق بالوقف ان احتاج اليه و ظاهره انّه يرجع الوقف اليه بمجرّد الحاجة لأنه يكون له الخيار في إعادته إلى ملكه و هذا حكم أخر للوقف لا مدخل له بثبوت الخيار فيه و عدمه هذا كلامه أعلى اللّه مقامه و أقول انّ وجهي التأمّل محلّ تأمّل لأنّ إطلاقه عليه السّلام كونه ميراثا من غير تقييد بما إذا احتاج و رجع يؤذن ببطلان الشّرط و العقد جميعا من أصله و الاعتذار عن ذلك بانّ المتبادر من رجوعه ميراثا انّه صحيح حبسا لانّ البطلان ليس فيه رجوع أصلا بل الشّيء الموقوف حينئذ باق على الملك رقبة و منفعة و لا (- كك -) الحبس فإنّ المنفعة تخرج عن ملكه مدّة الحبس فيصحّ الرّجوع بالنّسبة إليها حقيقة مدفوع بمنع التّبادر بعد ظهور كون غرض الرّاوي بالسّؤال عن رجوعه ميراثا أو المضي الاستكشاف بالرّجوع ميراثا عن فساد الشّرط و العقد و بالمضيّ صدقة عن صحّتهما و الاّ فكيف يعقل المضيّ صدقة بعد موت الحابس مع كون منتهى زمان الحبس حيوته و الحبس ينقضي بانقضاء زمانه و (- أيضا -) كما يصدق الرّجوع حقيقة بالنّسبة إلى خروج المنفعة عن ملكه بالحبس فكذا يصدق حقيقة بخروج العين و المنفعة عن ملك الميّت و الدّخول في ملك وارثه مع انّ رجع يأتي بمعنى صار كما في إنّا إليه راجعون قوله طاب ثراه في تلك المسئلة (- اه -) أراد بالمسئلة مسئلة اشتراط الرّجوع في الوقف عند الحاجة و قد استوفينا المقال في ذلك في كتاب الوقف من منتهى المقاصد فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه لعموم ما دلّ على انّه لا يرجع فيما كان للّه (- اه -) الدالّ على ذلك جملة من الأخبار فمنها ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن موسى بن بكر عن الحكم قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام انّ والدي تصدّق علىّ بدار ثمَّ بدا له ان يرجع فيها و ان قضاتنا يقضون لي بها فقال نعم ما قضت به قضاتكم و بئس ما صنع والدك إنّما الصّدقة للّه عزّ و جلّ فما جعل للّه عزّ و جلّ فلا رجعة له فيه الحديث و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن جعفر عليه السّلام عن أبيه عليهما السّلام قال من تصدّق بصدقة ثمَّ ردّت عليه فلا يأكله لأنّه لا شريك للّه عزّ و جلّ في شيء ممّا جعل له انّما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردّها بعد ما يعتق و منها ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال لا يرجع في الصّدقة إذا ابتغى بها وجه اللّه عزّ و جلّ الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه بناء على انّ المستفاد منه (- اه -) وجه ابتناء الاستدلال على ذلك ظاهر ضرورة انّه لو كان المراد به مجرّد النّهى عن الرّجوع تحريما لا تنزيها لم يتأتّ منه الدلالة على حكمه الوضعي الّذي هو عدم تأثير الرّجوع و عدم افادته انفساخها لكن لا يخفى عليك انّ المبنىّ محلّ مناقشة إذ قد يكون المراد مجرّد النّهى مع انّ الرجوع في هذه الأخبار ظاهر في الرّجوع ابتداء فمفادها مفاد ما دلّ على لزوم عقد البيع فلا دلالة فيها على عدم جواز الفسخ بالخيار المجعول في العقد المأخوذ قيدا فيه و ان شئت قلت انّ المنع انّما هو من الرّجوع في الصّدقة ما دامت العين باقية على عنوان كونها صدقة فاذا فسخنا بالخيار المشروط لم يكن الرّجوع في العين رجوعا في الصّدقة بل رجوعا في العين الّتي كانت قبل صدقة لكنّ الإنصاف ظهور الأخبار في مقصد (- المصنف -) (- ره -) بناء على إفادتها الحكم الشّرعي للصّدقة قوله طاب ثراه و لو شكّ في ذلك كفى (- اه -) قد تداول الماتن (- ره -) هذا المطلب في هذه المسائل و هو كما ترى لانّ الشكّ في السّببيّة انّما كان كافيا لو لم يكن عموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالشّروط موجودا فإنّه يزيل الشكّ و يثبت صحة الشّرط قوله طاب ثراه كالمحكي عن ظاهر الخلاف (- اه -) قال في (- ف -) الصّلح إذا كان معاوضة مثل ان يقرّ له بعين أو دين ثمَّ صالحه على ذلك لم يكن له بعد ذلك الرّجوع فيه و قال الشافعي هو مثل البيع يدخله خيار الشّرط و خيار المجلس و إن كان صرفا يدخله خيار المجلس وحده دليلنا ما روى عنهم عليهم السّلام و اتّفقنا عليه من جواز الشرط في ذلك و من ادّعى دخول الخيار فيه فعليه الدّليل و جعل ذلك بيعا يصحّ وجود الشرط فيه يحتاج الى دليل انتهى و فيه انّ اىّ دليل على دخول

ص:69

الخيار فيه فعليه الدّليل و جعل ذلك بيعا يصحّ وجود الشّرط فيه يحتاج الى دليل انتهى و فيه انّ اىّ دليل على دخول الخيار فيه أقوى من عموم أدلّة الشّروط و الحاجة الى جعل ذلك بيعا ممنوع بعد عدم اختصاص أدلّة الشّروط بالبيع و بالجملة فالدّال على دخول الخيار في البيع هو الدالّ على دخوله في الصّلح قوله طاب ثراه و قد تقدّم عن (- ير -) (- اه -) الغرض من التّفصيل هو الفرق بينما إذا وقع الصّلح معاوضة فيدخله خيار الشّرط و بينما إذا وقع عمّا في الذّمة مع جهالته أو على إسقاط الدّعوى بعد ثبوتها فلا يدخله التفصيل و لعلّ الدخول في الأوّل لعموم أدلّة الشّروط و عدم الدّخول في الثّاني لما أشار إليه الماتن (- ره -) بقوله لما تقدّم من الشكّ في سببيّة الفسخ لرفع الإبراء أو ما يفيد فائدته و إن كان فيه ما مرّ من منع كفاية الشكّ في السببيّة في البناء على عدم السّببيّة لأنّ عموم أدلّة الشّروط يزيل الشكّ و الّذي لا يرفع الإبراء انّما هو الفسخ الحادث بعد وقوع الإبراء و امّا إذا اشترط الخيار في عقد الإبراء فلا مانع من رفع الفسخ لأثر الإبراء لوقوعه (- ح -) معلّقا من أوّل الأمر كما لا يخفى قوله طاب ثراه و فيه انّ غاية الأمر كون وضعه على اللّزوم (- اه -) هذا جواب متين ضرورة انّ وضع البيع المتفق على دخول خيار الشّرط فيه (- أيضا -) شرعا و فرعا على اللّزوم فلو كان اقتضاء العقد للّزوم مانعا من جعل الخيار فيه لكان البيع اولى بذلك لأنّه أشدّ العقود لزوما قوله طاب ثراه مدّعين على ذلك الإجماع (- اه -) نسبة دعوى الإجماع إلى الثلاثة مع انّ الموجود في الغنية انّما هو نفى الخلاف لا دعوى الإجماع لا يتمّ الاّ بناء على دعوى كون نفى الخلاف دعوى للإجماع نعم عبارة (- ط -) و (- ئر -) صريحة في دعوى الإجماع حيث قالا فامّا خيار الشّرط فلا يدخل الصّرف أصلا إجماعا لأنّ شرط صحّة العقد القبض انتهى و لكن ظاهر التّعليل هو انّ الإجماع مستنبط من الإجماع على اشتراط القبض في الصّرف المنافي لثبوت الخيار و كيف كان فالإجماع في المقام ممنوع لظهور الخلاف في ذلك من جمع كثير فقد صرّح بثبوت الخيار فيه من الأواخر العلاّمة في (- لف -) و ولده في الإيضاح و الثانيان في (- مع صد -) و (- لك -) و في مفتاح الكرامة انّه ظاهر الأكثر كالمفيد و المرتضى و الدّيلمي و الطّوسي و القاضي و الحلبي و (- يع -) و (- شاد -) و تعليقه و (- س -) و مجمع البرهان و الكفاية و غيرهم ممّن أثبته في كلّ عقد سوى النّكاح و الوقف و الإيلاء و الطّلاق و العتق انتهى و في (- س -) انّا لا نعلم وجه المنع مع صحيح ابن سنان المؤمنون عند شروطهم انتهى و في المصابيح انّ الصّحيح من أدلّة الثبوت مشهور بين الفقهاء و المحدّثين قد رواه ائمة الحديث و الأقدمون من فقهاء أصحاب الأئمّة عليهم السّلام و لا رادّ له و لا معارض يخصّصه انتهى بل في (- لك -) انّه أطبق المتأخّرون على ثبوته و منع الإجماع انتهى و ان اعترض عليه علاّمة المصابيح بانّ من أعاظمهم المحقّق (- ره -) و لم يصرّح بشيء منهما و العلاّمة و اختلف قوله في ذلك فاثبت الخيار في ظاهر (- لف -) و منع الإجماع و نفاه في (- كره -) تارة و أثبته أخرى على اشكال و استشكله في (- ير -) و (- عد -) و الشهيد و قد حكى في (- س -) الإجماع عن الشّيخ (- ره -) و منعه عن العلاّمة مقتصرا على ذلك و ظاهره التوقّف فلم يثبت الإطباق المدّعى الاّ ان يحمل على اطباق غير المتوقّف منهم و ان اختلف قوله أو علم من ظاهر كلامه أو يجعل التّوقّف منعا فيصحّ الدّعوى الأولى دون الثّانية انتهى ما في المصابيح و أنت خبير بتماميّة الثّانية (- أيضا -) إذ نفس توقّفهم و إشكالهم دليل على عدم ثبوت الإجماع قوله طاب ثراه من انّ المقصود من اعتبار التّقابض (- اه -) قال والدي الشّيخ العلاّمة أنار اللّه برهانه في شرح العبارة انّ الواو في قوله و لم يبق للحال يعنى انّ المقصود من اعتبار التّقابض هو ان يحصل الافتراق في حال انتفاء العلقة بينهما و لو قلنا ثبوت الخيار لبقيت العلقة بينهما بعد التفرّق بثبوت سلطنة ذي الخيار على من عليه الخيار بفسخ العقد الواقع بينهما و انّما كان انتفاء العلاقة في حال افتراقهما مقصودا لأنّهما لو تفرّقا في الصّرف بإقباض من احد الطّرفين دون الأخر لزم الرّبا من جهة تساوى النّقدين في المقدار مع كون أحدهما مقبوضا و الأخر غير مقبوض الموجب لزيادة المقبوض على غيره بكون الأوّل حالاّ و الثاني مؤجّلا أو مؤخّرا مطلقا و هي مستلزمة للرّبا و لو تفرّقا في السّلم بدون اقباض الثّمن لزم بيع الكالي بالكالي و قد أشار (- المصنف -) (- ره -) إلى عبارة (- كرة -) و لم يذكرها بتمامها و ينبغي نقلها بعينها قال (- ره -) الأقرب عندي دخول خيار الشّرط في كلّ معاوضة خلافا للجمهور على تفصيل فالسلم يدخله خيار الشّرط و كذا الصّرف على اشكال فيه للعموم و قال الشافعي لا يدخلهما خيار الشّرط و ان دخلهما خيار المجلس لانّ عقدهما يفتقر الى التقابض في المجلس فلا يحتمل التأجيل و المقصود من اشتراط القبض ان يتفرّقا و لا علقة بينهما تحرّزا من الرّبا أو بيع الكالي بالكالي و لو أثبتنا الخيار لبقيت العلقة بينهما بعد التفرّق و نمنع الملازمة انتهى و وجه منع الملازمة هو انّ العلقة المرغوب عنها انّما هي العلقة الموجبة للرّباء أو بيع الكالي بالكالي من حيث انّه علّل مقصوديّة انتفائها في حال الافتراق بالتحرّز عن شيء منهما و من المقرّر الثابت انّ العلّة كما تفيد التّعميم كذلك تفيد التّخصيص على حسب الموارد و (- ح -) نقول انّه لا يلزم من ثبوت الخيار التّأدية إلى الرّبا أو بيع الكالي بالكالي و هو ظاهر ضرورة انّه يجوز ان يقبضه في المجلس و يشترط الخيار فتأمّل مع انه منقوض بالسّلم قوله طاب ثراه و مطلق الإجارة (- اه -) عطف على أقسام البيع لا على الصّرف قوله طاب ثراه و السرّ في ذلك انّ الشّرط القولي (- اه -) قال الشيخ الوالد عطّر اللّه مرقده في شرح العبارة انّه ان أراد من عدم الارتباط عدم كونهما من جنس واحد بان يكونا جميعا من مقولة الأفعال فهو مسلّم لكن يبقى الكلام في وجوب مراعاته و اعتباره و ان أراد منه انّ الشّرط القولي لا يرتبط بالإنشاء الفعلي من حيث الانضمام في الإفادة فهو ممنوع ضرورة تأتي ذلك بذكر الشّرط لفظا في حال اشتغالهما بتعاطى الثّمن و المثمن و من المعلوم حصول المطلوب بهما و ممّا يرفع البعد عن هذه المقالة ما نجده في عكس هذا الفرض من الاعتماد في دلالات الألفاظ على القرائن العقليّة و الحاليّة قلت ما ذكره أنار اللّه برهانه لا غبار عليه الاّ ان يدّعى انصراف أدلّة الشّروط الى العقود اللفظيّة و ليست بذلك البعيد قوله طاب ثراه و ذكر فيهما (- أيضا -) دخول الخيار في الصّداق (- اه -) قد صرّح بجواز اشتراط الخيار في الصّداق في (- ف -) و جواهر القاضي و (- كرة -) و (- عد -) و (- ير -) و اللّمعتين و (- لك -) و (- مع صد -) و (- الروضة -) و كشف اللّثام و غيرها بل في (- مع صد -) القطع به و في الكفاية انّه المشهور و في (- ئق -) نسبة الى الأصحاب تارة و استظهار عدم الخلاف فيه اخرى و ربّما استدلّ لذلك في (- ف -) بوجهين حيث قال إذا أصدقها دارا فشرط في الصّداق ثلثة أيّام شرط الخيار صحّ الصّداق و الشرط معا و النّكاح صحيح و للشّافعي في صحّة النّكاح قولان أحدهما يبطل و الثّاني يصحّ فاذا قال يصحّ فله في الصّداق ثلثة أوجه أحدها يصحّ المهر و الشرط معا كما قلناه و الثاني يبطلان معا و الثالث يبطل الشرط دون الصّداق دليلنا قوله صلّى اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم و لانّ هذا شرط لا يخلف الكتاب و السنّة فيجب ان يكون صحيحا انتهى و أنت خبير بانّ مرجع التعليلين الى واحد و ربّما استدلّ

ص:70

على ذلك بانّ ذكر المهر ليس شرطا في صحّة العقد الدّائم و لذلك يجوز اخلائه عنه و اشتراط عدمه فلا يضرّ اشتراط الخيار فيه مدّة مضبوطة لأنّ غايته فسخه و إبقاء العقد بغير مهر فتصير كالمفوّضة بضعها و هو جائز و (- ح -) فاذا اشترط أحدهما أو هما خيارا لم يكن الشرط منافيا لمقتضى العقد فيندرج في عموم المؤمنون عند شروطهم قوله طاب ثراه و فيه نظر (- اه -) وجه النّظر انّ تزويج الولي بدون مهر المثل تفريط و خيانة و تسلّط المولّى عليه على رفع ما أوقعه الولي على وجه التفريط و فسخه لا يستلزم دخول خيار الشرط فيه إذا أوقعه هو بنفسه و اشترط فيه الخيار فذلك أشبه شيء بما لو باع الولي أو الوكيل بدون ثمن المثل فانّ جواز فسخ المولّى عليه أو الموكّل لا يستلزم في حدّ ذاته جواز اشتراط الخيار في البيع إذا أوقعه هو بنفسه و ان اتّفق في الشّرع جوازه لدليل أخر قوله طاب ثراه و الأظهر بحسب القواعد الشرعيّة اناطة دخول خيار الشّرط بصحّة التّقابل (- اه -) فيه أوّلا انّ عموم أدلّة الشروط يقتضي اعتبار الشرط (- مط -) و لا مخصّص له بما إذا صحّ التقايل في العقد فمن ادّعى الاختصاص فعليه الدّلالة و انّى بذلك له و ثانيا ما أشار إليه بعضهم من منع الملازمة بين جواز الفسخ بالإقالة و بين اشتراط الخيار ضرورة انّه قد أخذ في صحّة الشّرط عدم منافاته لمقتضى العقد فقد يكون اللّزوم حكما ذاتيّا غير مفارق لعقد و يلزمه عدم صحّة اشتراط الخيار و مع ذلك تجرى فيه الإقالة فكونها حكما شرعيّا غير مناف لللّزوم بل هو مؤكّد له إذ لو لا اللّزوم لم يكن إلى الإقالة حاجة و ربّما ذكر بعضهم ان بين مورد الإقالة و مورد اشتراط الخيار عموما من وجه فقد لا يجوز اشتراط الخيار و تجوز الإقالة كما في الرّهن و الوقف بناء على كون شرط الخيار فيه منافيا لمقتضاه من الدّوام فإنّه (- ح -) لا يجوز اشتراط الخيار مع انّه لا مانع من الإقالة بعد تماميّته إذا كان الموقوف عليه معيّنا أو مع ولىّ الوقف العامّ و قد يجوز اشتراط الخيار و لا يجوز الإقالة كما في بعض الإيقاعات الّتي يمكن القول بجواز اشتراط الخيار فيها فإنّ الإقالة لا تجرى فيها لتوقّفها على طرفين و الإيقاع ذو طرف واحد

الرابع خيار الغبن
اشارة

قوله طاب ثراه و أصله الخديعة (- اه -) قال في تاج العروس مازجا بالقاموس و غبنه في البيع يغبنه غبنا بالفتح و يحرّك أو الغبن و بالتّسكين في البيع و هو الأكثر و بالتّحريك في الرّأي إذا خدعه و وكسه و قيل غبن في البيع غبنا إذا غفل عنه بيعا كان أو شراء انتهى و في المهذّب البارع انّ الغبن هو نقص قيمة أحد العوضين عن العوض المسمّى في العقد نقصا لا يتسامح بمثله عادة مع جهل من صار اليه النّاقص انتهى و ما ذكره بيان لمصطلح الفقهاء ظاهرا كما يشهد به قول الماتن (- ره -) و في اصطلاح الفقهاء (- اه -) قوله طاب ثراه قال في الصّحاح هو بالتّسكين في البيع و بالتحريك في الرّأي (- اه -) قال الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّه ربّما أوهم عبارة (- المصنف -) (- ره -) في بادي النّظر انّ مراد صاحب الصّحاح هو انّ الغبن بمعنى الخديعة يستعمل بالتسكين في البيع و بالتحريك في الرّأي فيصير الحاصل انّ الغبن في الرّأي عبارة عن ان يخدع الرّجل غيره في رأيه بأن يصرفه عن الحقّ إلى الباطل و ليس (- كك -) لانّه قال في الصّحاح ما لفظه الغبن بالتّسكين في البيع و الغبن بالتحريك في الرّأي يقال غبنته في البيع بالفتح اى خدعته و قد غبن فهو مغبون و غبن رايه بالكسر إذا نقص فهو غبين اى ضعيف الرّأي و فيه غبانة انتهى فقد علم من كلامه انّ الغبن في الرّأي لا يستعمل متعدّيا حتى يكون عبارة عن صرف الرّجل راى غيره عن الحقّ إلى الباطل و انّما يستعمل لازما و يؤيّده ما في المصباح من قوله غبنته في البيع و الشّراء غبنا من باب ضرب مثل غلب فانغبن و غبنه اى نقصه و غبن بالبناء للمفعول فهو مغبون اى منقوص في الثمن أو غيره و الغبنيّة اسم منه و غبن رايه غبنا من باب تعب قلّت فطنته و ذكاؤه انتهى قوله طاب ثراه و هو في اصطلاح الفقهاء (- اه -) قال الوالد عطّر اللّه مرقده (- أيضا -) انّ هذا التعريف شامل لما إذا كان المشترى غابنا و البائع مغبونا و بالعكس لانّ الضّمير المجرور بإضافة لفظ المال اليه يعود الى الشّخص المدلول عليه بالمقام كما في قوله تعالى لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ و معادله هو الأخر المضاف اليه لفظ الجهل و معلوم انّ زيادة أحد العوضين يستلزم نقص الأخر فمن ملك ماله بما يزيد على قيمته سواء كان هو المشترى أم البائع كان غابنا و كان الأخر مغبونا مشتريا كان أو بائعا و (- ح -) فلا يبقى حاجة الى عطف النّقيصة على الزّيادة بأن يقال بان يزيد على قيمته أو ينقص بل يصير لغوا لما عرفت من انّ زيادة أحد العوضين يستلزم نقيصة الأخر و المفروض انّه لم يعتبر في المملّك تشخيص كونه هو خصوص البائع أو المشتري هذا كلامه علا مقامه و أقول تعريفهم هذا غير واف بالقيود الّتي يأخذونها في الحكم فالأظهر أنه كسائر تعاريف الفقهاء بيان إجماليّ كما في قولك سعدان نبت قوله طاب ثراه و المراد بما يزيد أو ينقص العوض مع ملاحظة ما انضمّ اليه من الشّرط (- اه -) قال الوالد العلاّمة (- قدّه -) (- أيضا -) ما لفظه لا يقال انّه لم يسبق للنّقيصة ذكر حتّى يحتاج الى تفسير و يعطف على الزّيادة و انّه لو فرض انّ المراد بها النّقيصة اللازمة للزّيادة في الطّرف الأخر لم يكن وجه لعطفه بلفظه أو بل كان اللاّزم عطفه بالواو لأنّا نقول هذا الّذي وقع في كلامه (- ره -) من عطف النقيصة على الزّيادة بلفظه أو إشارة الى ما وقع تعريفه من الاختلاف في اللّفظ إذ قد عرفت انّه عرفه هو (- ره -) بما يتضمّن لفظة يزيد و قد عرّفه جماعة بما يتضمّن لفظ ينقص قال في مفتاح الكرامة قد صرّح جماعة منهم أبو العبّاس و الصّيمري بأنّ حقيقة الغبن نقص احد العوضين عن العوض المسمّى في العقد نقصا لا يتسامح بمثله عادة مع جهل من صار اليه النّاقص انتهى فتكون لفظة أو في كلام (- المصنف -) (- ره -) إشارة إلى قسمين قوله طاب ثراه و الظاهر انّ كون الزيادة ممّا لا يتسامح به شرط خارج عن مفهومه الضّمير للغبن اى عن مفهوم الغبن و ربّما أنكر بعضهم على الماتن (- ره -) ذلك و ادّعى عدم صدق الغبن إذا كانت الزيادة بما يتسامح به فيكون اشتراط الزّيادة ممّا لا يتسامح به داخلا في مفهومه و فيه نظر ظاهر قوله طاب ثراه بخلاف الجهل بقيمته أراد انّ الجهل بالقيمة داخل في مفهومه فلو كان عالما به لم يطلق عليه المغبون و قد يقال انّ الجهل بالقيمة غير داخل في مفهومه الاصطلاحي لاطلاقهما المغبون على من اشترى بأزيد من القيمة عالما و قولهم انّه مغبون و لكن لا خيار لانّه قد أقدم عليه بنفسه و امّا مفهومه لغة فالجهل معتبر في مفهومه لانّه لازم كون الغبن بمعنى الخديعة فان الخديعة لا تكون الاّ مع جهل المخدوع بالقيمة و أقول انّ ثبوت اصطلاح جديد للفقهاء محلّ تأمّل و انّما اللّفظ باق على معناه اللّغوي و الفقهاء أخذوا قيودا في إثبات الخيار و إطلاقهم المغبون على العالم بالقيمة من باب المسامحة في التّعبير بل مقتضى لفظة الخدعة اعتبار علم الغابن بالحال فلا يصدق مع جهله فتدبّر قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ثبوت الخيار به مع الشرط المذكور هو المعروف بين الأصحاب (- اه -)

ص:71

قد صرّح بثبوته في (- ف -) و (- ط -) و الوسيلة و الغنية و (- ئر -) و (- يع -) و (- فع -) و (- كرة -) و (- شاد -) و اللّمعتين و التّنقيح و (- مع صد -) و (- لك -) و مجمع الفائدة و الرّياض و مفتاح الكرامة و المصابيح و كشف الظّلام و خيارات الفقيه الغرويّ و الجواهر و غيرها و هو المحكى عن (- ير -) و التّبصرة و (- س -) و الحواشي المنسوبة إلى الشهيد (- ره -) و غاية المرام للصّيمري و تعليق (- شاد -) للكركي و إيضاح (- فع -) للقطيفي و الميسيّة و جامع الشرائع ليحيى بن سعيد و ظاهر باقي المتأخّرين من شارحين و محشّين على ما في مفتاح الكرامة و زاد على ذلك انّه إن كانت مسئلة التلقّي من سنخ هذه المسئلة كان جميع المتأخّرين مصرّحين به الاّ من شذّ و قال (- أيضا -) انّه ينبغي ان يكون مذهب القاضي لأنّه من أعاظم اتباع الشّيخ (- ره -) و قد نسبه الشّهيد (- ره -) إلى الأتباع انتهى بل في المهذّب البارع و (- الروضة -) و (- لك -) و الكفاية و المستند و الرّياض و محكي غاية المرام انّه المشهور و زاد في (- لك -) و الكفاية قوله خصوصا المتأخرين و عن إيضاح (- فع -) انّه كاد يكون إجماعا و في التنقيح انّ عليه المتأخّرون و عن (- س -) انّ عليه الشيخ (- ره -) و اتباعه و في (- ئق -) انّه المشهور بين المتأخّرين بل ظاهر (- كرة -) في موضع اتّفاق أصحابنا عليه و في موضع أخر كصريح الغنية و محكي (- لف -) الإجماع عليه قال في (- كرة -) الغبن سبب ثبوت الخيار عند علمائنا و قال بعد ذلك بمسائل ثلث انّما يثبت الخيار للمغبون دون الغابن بالإجماع انتهى بناء على رجوع الإجماع الى كلّ من الثّبوت للمغبون و عدم الثبوت للغابن و قال في الغنية السّبب الخامس للخيار ظهور غبن لم تجر العادة بمثله بدليل الإجماع انتهى و ربّما يتخيّل دلالة عبارة كشف الحقّ (- أيضا -) على دعوى الإجماع عليه لانّه قال ذهبت الإماميّة الى انّ الغبن بما لم تجر التغابن بمثله يثبت الخيار للمغبون انتهى و احتمال انسياقه لبيان ما اختصّت به الإماميّة مدفوع بانّ المخالفين بين قولين في ذلك و قد جزم بتحقّق الإجماع عليه الشيخ على (- ره -) نجل الشيخ الأكبر كاشف الغطاء (- ره -) و تأمّل في ثبوته في الكفاية و تصدّى لردّه في مفتاح الكرامة بقوله و كم من حكم معروف مشهور خلت عنه المقنعة و الانتصار و المراسم فعدم ذكر هؤلاء الثّلثة له مع تركهم لكثير من الأحكام لا يورث ريبة فيه و امّا الهداية و المقنع فقد خلى عنهما أكثر الأحكام و أبو على لم يزل موافقا للعامّة الى ان قال فقد ظهر انّ قول الشّهيدين (- رهما -) و من تأخّر عنهما انّ أكثر القدماء لم يذكروه كأنّه لم يصادف مخرة كما عرفت و لا وجه أصلا لاستظهار صاحب الكفاية عدم ثبوت الإجماع و قوله للتأمّل فيه مجال انتهى تذييل الثّابت بالغبن انّما هو التسلّط على الفسخ فقط لا التّفاوت بين الثمن و القيمة الموجب للغبن كما في خيار العيب و ذلك اعنى عدم ثبوت الأرش به هو المعروف من مذهب الأصحاب بل نفى وجدان الخلاف فيه في مفتاح الكرامة قال بل هم بين مصرّح بذلك أو ساكت انتهى و جزم في هداية الأنام بعدم الخلاف فيه بل في كشف الظّلام استظهار الإجماع عليه و في (- كرة -) و الجواهر و خيارات الغروي الإجماع عليه و كفانا في ذلك أصالة برأيه ذمّة الغابن من دفع الأرش بعد عدم الدّليل على وجوبه مضافا الى انّ الأرش عوض عن جزء فائت في العين أو صفاتها و ليس هنا شيء منهما لانّ المدفوع هو الّذي وقع عليه العقد بعينه من دون نقص في جزئه أو وصفه و انّما الغبن في القيمة و (- أيضا -) فدليل خيار الغبن عندهم انّما هو قاعدة الضّرر و لا ريب في زواله بمجرّد الخيار كما نبّه على ذلك في التنقيح حيث قال لا يثبت به أرش بل امّا الردّ و الإلزام بمقتضى العقد لزوال الضّرر بذلك و لأصالة لزوم مقتضى العقد و عدم الإلزام بشيء و لانّه ليس بعيب و لا أرش إلاّ في مقابلة العيب انتهى قوله طاب ثراه نعم المحكى عن المحقّق في درسه إنكاره و لا يعدّ ذلك خلافا في المسئلة (- اه -) قال الشيخ الوالد أنار اللّه برهانه انّ مقتضى ما ذكره من انّ ذلك لا يعدّ خلافا في المسئلة مع تشبيهه بسكوت جماعة عن التعرّض له و استدراكه حكاية المنع عن الإسكافي و الحكم بشذوذه هو ان يكون مراده (- ره -) بالإنكار المحكى عن المحقّق (- ره -) هو نفى العلم بثبوته في الشرع و لعلّ قوله (- ره -) لا يعدّ ذلك خلافا في المسئلة تعريض بصاحب الجواهر (- ره -) حيث قال بلا خلاف أجده فيه بين من تعرّض له عدا ما يحكى عن (- المصنف -) (- ره -) من إنكاره في حلقة درسه و الموجود في كتابه خلاف هذه الحكاية و استظهره في (- س -) من كلام الإسكافي انتهى و لكنّ الذي صرّح به في (- لك -) يقتضي انّ المنقول عن المحقّق (- ره -) ليس هو عدم العلم بثبوت هذا الخيار بل الحكم بالعدم قال فيها المشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخّرين منهم ثبوت خيار الغبن و كثير من المتقدّمين لم يذكره و نقل عن (- المصنف -) (- ره -) القول بعدمه انتهى و قال في (- ئق -) ما نصّه و نقل في الدّروس و كذا في (- لك -) عن المحقّق في الدّرس القول بعدمه و على هذا فما افاده (- المصنف -) (- ره -) ليس في محلّه و لعلّه اغترّ بتعبير صاحب الجواهر (- ره -) بلفظ الإنكار حيث فهم منه عدم العلم و لكن لا يخفى عليك انّ عبارة الجواهر لا تساعد على ذلك لانّه حكى فيها استظهار الشهيد (- ره -) في الدّروس الإنكار من الإسكافي و قد اعترف (- المصنف -) (- ره -) بأنّ المحكي عنه هو المنع انتهى كلامه علا مقامه و هو موجّه متين قوله طاب ثراه و استدلّ في (- كرة -) على هذا الخيار (- اه -) ربّما استدلّ بعضهم على ذلك بالسّيرة المستمرّة و في تماميّتها نظر و تمسّك بالمحصّل من الإجماع من مرّ ذكره و بالمنقول منه في الرّياض و كشف الظّلام و به بعد التتبّع في الجواهر و من لاحظ مطارح الأفهام ظهر انّه لا حظّ لنا هنا في التمسّك به لعدم حصوله و عدم حجيّة منقولة قوله طاب ثراه و يضعّف بمنع كون الوصف (- اه -) قد ضعف الاستدلال بالآية أوّلا بمنع عدم حصول التّراضي و الاّ كان العقد باطلا من أصله لا انّ فيه الخيار و ثانيا بانّ عدم الرّضاء على تقدير العلم لو سلّم لا ينافي الرّضاء الفعلي الّذي عليه المدار و إن كان الدّاعي له الجهل الا ترى الى عدم ثبوت الخيار فيما إذا اشترى شيئا و قد سبقه غلامه الى شراء مثله أو ولده أو زعم خلوّ بيته ثمَّ على بالعدم مع انّه لو علم بالحال عند الشّراء لم يكن ليشتري ذلك و ثالثا بما في المتن من منع كون الوصف المذكور عنوانا و رابعا بما أشار إليه في المتن (- أيضا -) بقوله (- ص -) مع انّ أخذه على وجه التقييد (- اه -) و خامسا بأن غاية ما تدلّ عليه الآية انّما هو جواز الأكل فيما كان تجارة عن تراض و عدم جوازه بالباطل و اين هذا من الخيار و من اين يثبت كون هذا بدون التّراضي باطلا ذكر ذلك في المستند ثمَّ قال مع انّ ظاهر قوله تجارة عن تراض كما صرّح به الأردبيلي (- ره -) في ايات الأحكام و نقله عن الكشاف و مجمع البيان اشتراط التّراضي حين العقد فالآية على عدم الخيار أدلّ انتهى و ربّما وجّه بعضهم الاستدلال بالآية بانّ المغبون إنّما أقدم على المعاملة بانيا على كون المبيع مساويا لماله؟؟؟ بحسب القيمة و الماليّة فكأنّه اشتراط المساواة و إذا كان أقلّ يكون من باب تخلّف الشّرط فاعتبار المساواة ليس على وجه التّقييد ليتوجّه عليه المنع أوّلا و استلزامه البطلان

ص:72

ثانيا و لا على وجه الدّاعي ليرد عليه ان تخلّفه لا يوجب شيئا بل هو من باب الشّرط الضّمني نظير وصف الصحّة فيكون معتبرا على وجه تعدّد المطلوب و لازم تخلّفه الخيار كما في سائر الشروط الصّريحة و الضمنيّة و أنت خبير بانّ ما ذكره (- أيضا -) غير تامّ لأنّ الآية انّما سيقت لبيان اعتبار طيب النّفس في التّجارة و لازمه البطلان مع عدم الرّضاء لا الخيار و لقد اعترف هو (- أيضا -) بذلك و زاد؟؟؟ على ذلك ما لا بأس بمراجعة قوله طاب ثراه و لو أبدل الآية بقوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ كان اولى (- اه -) وجه الأولويّة تماميّة دلالة هذه على زعمه دون تلك لكن في التّماميّة نظر ظاهر ضرورة انّ مفاد الآية انّما هو حرمة أكل ما يكون أكلا للمال بالباطل عرفا و المعاملة المخدوع فيها إن كانت من الباطل عرفا دلّت الآية على حرمة أكل المال معه و لا يدلّ على الخيار بوجه و دعوى انّها قبل اطّلاع المغبون و ردّه لا يكون من الأكل بالباطل بالإجماع و انّما يكون من الباطل بعده كما صدرت من الماتن (- ره -) لا وجه لها لانّ مقتضى إخراجه ما قبل صورة تبيّن الخدع بالإجماع يكشف عن انّ غرضه الإخراج الحكمي مع الاعتراف بكون المعاملة من الباطل موضوعا و لازمه بطلان المعاملة المغبون فيها من حين وقوعها و جواز التصرّف قبل التبيّن و الردّ للإجماع و انّ المغبون إذا علم و امضى و رضى زال البطلان و هذا ممّا لا يمكن الالتزام به و بعبارة أخرى المعاملة المغبون فيها من حين وقوعها امّا ان تكون من الباطل عرفا أو من الصّحيح فعلى الأوّل فلا دلالة في الآية على عروض الصحّة لها بالرّضاء بعد التبيّن و على الثاني فلا دلالة فيها على عروض البطلان عليها بالفسخ بعد التبيّن و ان شئت قلت انّ الآية انّما سيقت لبيان الحكم التّكليفي و هو جواز الأكل إذا كانت المعاملة صحيحة و حرمته إذا كانت فاسدة و امّا انّ الصّحيحة أيّة معاملة و الفاسدة أيّتها فلا تعرض في الآية لذلك أصلا قوله طاب ثراه لكن يعارض الآية (- اه -) فيه انّه لا معارضة بين الآيتين و انّما الثانية مبيّنة للمراد بالباطل في الأولى و انّ الباطل ما لا يكون تجارة عن تراض فاذا صدق في المقام التجارة عن تراض بعد ما مرّ منه عدم خروج الفرض عن موضوع التّراضي لزم الحكم بجواز الأكل لعدم كونه من الأكل بالباطل قوله طاب ثراه و يمكن ان يقال (- اه -) الفرق بين هذا التقرير و سابقة انّه في السّابق كان يثبت التعارض بين الآيتين ابتداء من دون ضمّ شيء و في هذا التّقرير يسلّم عدم التّعارض بدوا و انّما يثبت التّعارض بينهما بعد ضمّ عدم القول بالفصل الى الآية الثانية لكن قد عرفت انّه لا تعارض بين الآيتين و ان الثّانية مبيّنة للمراد بالأولى قوله طاب ثراه و استدلّ (- أيضا -) في (- كرة -) بأنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله (- اه -) قد استدلّ به في (- ف -) أيضا و لكن ردّه جمع بأنّه نبويّ عامّي لم نقف عليه في كتب الأصول بل في (- ئق -) و لا كتب الفروع فلا حجّة فيه و لم يبلغ اشتهاره بيننا درجة الخبر و مجرّد اشتهار مضمونها لا ينفع في الجبر ما لم يعلم استنادهم الى الخبر المذكور فضلا عمّا لو علم عدم الاستناد منهم اليه و لو تنزّلنا عن ذلك نقول انّه لا دلالة في الخبر على كون الخيار لأجل الغبن بل هو مطلق كما صرّح به العلاّمة (- ره -) في محكي المنتهى و قال لأجل إطلاقه افتى بعض العامّة بخيار المتلقّى و ان لم يغبن و انّما خصّه فيه و في غيره بصورة الغبن من جهة استنباط العلّة و المناسبة و هو عندنا غير صالح للاستناد نعم ربّما يظهر من (- لك -) التصريح بالعلّة في الرّواية حيث قال روى في تلاقى الرّكبان تخييرهم إذا غبنوا انتهى لكن لم نجد لما حكاه عينا و لا أثرا و لعلّ تقييده بالغبن بالنّظر الى تقييد الخيار في الفتاوى بذلك و اين ذلك من اشتمال الرّواية على التقييد المقتضى لكون العلّة للخيار هو الغبن قوله طاب ثراه و يمكن ان يمنع صحّة حكاية (- اه -) قال والدي العلاّمة أعلى اللّه في الرّوضات مقرّه و مقامه انّ محصّل هذا الكلام و مبناه بعد وضوح انّه لو لم يكن في الخبر ضعف لم يكن في الخبر مجال للجبر و الانجبار هو ان ليس كلّ ضعيف قابلا للانجبار حتّى لو لم يكن موجودا في كتب الأصحاب و السرّ في ذلك انّه إذا كان المجبور معمولا به من جهة افادته بنوعه للظنّ بان يكون من شانه ذلك ان لم يمنع منه مانع لم يكن مثل الخبر المفروض بنوعه مظنون الصّدور حتى بعد ملاحظة كون مضمونه موافقا لما عليه أكثر الأصحاب حتّى يفيد الظنّ لأنّه إذا لم يكن موجودا في الكتب المعروفة بينهم كشف ذلك عن عدم استنادهم إليه في العمل و مثل هذا النّوع لا يكون مظنون الصّدور بنوعه عند عدم المانع قوله طاب ثراه و أقوى ما استدلّ به في (- كرة -) و غيرها (- اه -) سبق الشيخ (- ره -) في (- ف -) العلاّمة (- ره -) في الاستدلال بهذه الأخبار المدّعى تواترها في رهن الإيضاح قال و تقريب الدلالة انّ هذا ضرر لأنّه إذا اشترى ما يساوى عشرة بمائة فانّ ذلك غاية الضّرر و قول النبي (- ص -) يبطله انتهى ما في (- ف -) قوله طاب ثراه و كان وجه الاستدلال (- اه -) قلت ان شئت قلت في التّقريب انّه قد دلّ الخبر على ما بيّناه في موضعه مستوفى على من انّ كلّ حكم مستلزم للضّرر فهو ليس من احكام الشّرع و لا شكّ في انّ لزوم البيع هنا مستلزم للضّرر فهو ليس حكما للشّرع بخلاف صحّة البيع فإنّها حكم أخر غير اللّزوم و لا يستلزم ضررا فهي ثابتة قطعا و هذا معنى الخيار قوله طاب ثراه و لكن يمكن الخدشة في ذلك (- اه -) أقول قد صدرت منهم المناقشة في ذلك بوجوه أخر أحدها انّ الدّلالة مبنيّة على انسياق الخبر لنفى الحكم الضّرري في شرع الإسلام و هو محلّ خدشة لإمكان انسياقه لبيان الحكم التّكليفي امّا بكون الجملة الخبريّة بمنزلة الإنشاء و النّفي بمنزلة النّهى و المعنى يحرم الضّرر و الضّرار أو ببقاء النّفي على حقيقة و تقدير لفظ بان يكون المراد لا ضرر و لا ضرار مشروعا أو مجوّزا أو مأذونا فيه في دين الإسلام و كذا يحتمل انسياقه لبيان نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة الأوّليّة يعنى انّ الأحكام الواقعيّة كلّها منافع بالنّسبة إلى المكلّفين لا ضرر فيها و كذا يحتمل انسياقه لبيان انّه لا ضرر خاليا عن التّدارك و الجبران في الإسلام فيكون مفاده دعوى انّ الضّرر المتدارك ليس بضرر و الجواب انّ الاحتمال الأوّل متعيّن و الاحتمالات الأخر ساقطة فتمّت الدّلالة امّا احتمال كون الخبر مسوقا لبيان الحكم التّكليفي على تقديرية فوجه سقوطه انّ حمل النّفي على النّهى و الجملة الخبريّة على الإنشائيّة في التقدير الأوّل و الإضمار في التقدير الثّاني مع حمل اللاّء النافية للحقيقة على نفى الوصف مجازاة لا يصار إلى شيء منها الاّ بقرينة واضحة هي في المقام مفقودة و لو شكّ فأصالة عدمها المقتضى لتحكيم أصالة الحقيقة محكمة و امّا احتمال انسياقه لبيان نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة فبعده و عدم اشتمال الخبر على ذلك على فائدة كاف في سقوطه و امّا الاحتمال الأخير فيدفعه انّه مجاز لا يصار اليه الاّ بقرينة هي في المقام مفقودة و بالجملة فالمدار في باب الألفاظ على الظّهورات الشخصيّة مع الإمكان و لا ريب في ظهور لفظ الحديث في نفى الحكم الضّرري في شرع الإسلام و اللّه العالم ثانيها انّ هذه الرّواية غير معمول بها على عمومها في إثبات الخيار عند الأصحاب و الاّ لأثبتت خيارات غير متناهية فهي مرميّة بالإجمال لأنّ الخارج منه أكثر من الدّاخل و فيه نظر ظاهر لمنع كون الخارج أكثر ان أريد الأنواع و عدم

ص:73

قدح خروج أكثر الأشخاص بعد دخول الأنواع ثالثها انّ الرّواية معارضة بأدلّة لزوم البيع أشار الى ذلك في المستند ثمَّ أجاب برجحان الرّواية بالأكثريّة و الأشهريّة في المورد و معاضدتها للاعتبار و الإجماعات المنقولة و سائر الوجوه المتقدّمة و على فرض تكافؤ الطّائفتين فالمرجع أصالة عدم اللّزوم و فيه انّ أصالة العدم ليست أصلا برأسها مع حكومة استصحاب اللّزوم عليها و لا تثبت اللّزوم على العقد بالآية و الرّواية كي يجاب بمعارضتها بأخبار نفى الضّرر بل بنفس اخبار الخيارات الدالّة على ان الأصل في البيع اللّزوم على ما مرّ بيانه في صدر المبحث رابعها انّه أخصّ من المدّعى ضرورة انتفاء الضّرر فيما لو بذل الغابن التفاوت مع انّ إطلاقهم يقتضي ثبوت الخيار هناك (- أيضا -) و من هنا التزم جمع باختصاص الخيار بما إذا لم يبذل الغابن التّفاوت و ستسمع توضيح ذلك إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه بانّ انتفاء اللّزوم و ثبوت التّزلزل (- اه -) قد التفت الى ذلك في المستند و أجاب عنه بتسليم اندفاع الضّرر بالتسلّط على أخذ التفاوت كاندفاعه بالخيار و دعوى الإجماع على بطلان الأوّل فتعيّن الثّاني و فيه منع الإجماع عليه قوله طاب ثراه بما حاصله انّ استرداد بعض (- اه -) يريد بذلك انّ مقتضى المعاوضة هو صيرورة كلّ من العوضين في قبال الأخر فاسترداد شيء من عين احد العوضين مع عدم ردّ شيء من الأخر و عدم فسخ المعاملة غير معقول و النّقض بالأرش لا وجه له لعدم وجود هذا المعنى هناك فانّ المدفوع هناك شيء خارج عن عين العوض بعنوان الجبر لما فات من المعوّض بخلاف المقام قوله طاب ثراه و يحتمل (- أيضا -) ان يكون نفى اللّزوم (- اه -) عطف على قوله إذ يحتمل ان يتخيّر بين إمضاء (- اه -) و الفرق بين هذا الاحتمال و سابقة ظاهر ضرورة انّ التخيير هناك للمغبون بين إمضاء العقد بكلّ الثمن و بين ردّه في المقدار الزّائد و هنا للغابن بين الفسخ في الكلّ و بين تدارك ما فات على المغبون بردّ القدر الزّائد أو بدله و ربّما ذكر بعضهم احتمالا رابعا و هو تعيين استرداد الزّائد على وجه الغرامة و خامسا و هو تخيّره بين الفسخ و الأرش و سادسا و هو تخيّر المغبون بين الفسخ و عدمه الاّ مع بذل الغابن للتفاوت فله الفسخ قبل بذل الغابن التفاوت و سابعا و هو بطلان البيع و ثامنا و هو تخيّر المغبون الاّ مع بذل التفاوت و لو من أجنبيّ لكن أجاد هذا البعض حيث اعترف بعد ذلك باقتضاء القاعدة نفى الحكم الّذي يأتي الضّرر من قبله لا جبران الضّرر بأيّ وجه حصل و بأيّ نحو كان و من البيّن انّ الموجب للضّرر انّما هو اللّزوم فيلزم بحكم القاعدة نفى اللّزوم بإثبات الخيار بين الفسخ في الكلّ و الإمضاء في الكلّ و إثبات الأرش و نحوه خلاف الأصل فلا تثبته القاعدة (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه إذ المحتمل ثبوت الخيار على الممتنع دون الباذل (- اه -) تعبيره بالاحتمال و جعله علّة لما جزم به من كون الشكّ في ارتفاع الخيار بالبذل لا في اندفاعه به ممّا لا يخلو من برودة إذ المحتمل لا يكون علّة للمجزوم به و الجزم بانّ الثّابت انّما هو الخيار على الممتنع دون الباذل لا يكاد يمكن لاحتمال ثبوت الخيار مطلقا و ارتفاعه بالبذل قوله طاب ثراه فتأمّل استظهر الشيخ الوالد قدّس اللّه روحه الزكيّة كون الأمر بالتّأمّل للإشارة إلى توهين مبنى المعارضة و أصل الأولويّة من كون الضّرر عبارة عن مطلق ما خالف الغرض و من المعلوم انّ الضّرر في العرف و اللّغة أخصّ من ذلك فلا يصدق الضّرر على أمثال ما ذكره هنا في طرفي الغابن و المغبون قوله طاب ثراه و قد يستدلّ على الخيار بأخبار واردة المستدلّ هو الشيخ الحرّ في الوسائل حيث قال باب ثبوت خيار الغبن للمغبون غبنا فاحشا مع جهالته محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن على عن أبي جميلة عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال غبن المسترسل سحت و عنهم عن احمد عن عثمان بن عيسى عن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال غبن المؤمن حرام انتهى المهمّ ممّا في الوسائل و تبعه في التمسّك بالخبرين صاحب الحدائق (- ره -) و زاد قوله عليه السّلام في رواية أخرى لا يغبن المسترسل فانّ غبنه لا يحلّ و قال في تقريب الدّلالة انّ هذه الأخبار و إن كانت مطلقة الاّ أنّها دالّة بإطلاقها على ما نحن فيه من تحريم الغبن في البيع و المنع منه فيثبت لصاحبه الخيار انتهى و أنت خبير بما في تفريعه ثبوت الخيار على حرمة الغبن من النّظر الظّاهر إذ لا ملازمة بين حرمة الغبن و بين ثبوت الخيار به و توضيح الجواب ان يقال أوّلا انّ الغبن في كلامهم الضّرر من جهة القيمة و هو في الأخبار المبيّنة للشّرع الخدع باقيا على معناه اللّغوي و لم يثبت النّقل و الأصل عدمه فالدّليل أخصّ من المدّعى لانّ المدّعي حرمة الإضرار من جهة القيمة و النّص لم يفد الاّ حرمة الخديعة فتأمّل و ثانيا انه قد خصّ الغبن في خبر إسحاق بالمسترسل و هو الّذي يعتمد عليك مع انّ حكمهم عامّ و ثالثا انّ التحريم متعلّق بالخدع و هو خارج عن المعاملة و على تقدير دخوله فهو قاض بالفساد لا الخيار قوله طاب ثراه فانّ ما عدى الرّواية الأولى ظاهرة (- اه -) قال الشّيخ الوالد أنار اللّه برهانه انّ مقتضى ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) كون الغبن بهذا المعنى متعدّيا و الظّاهر ممّا تقدّم من كلام الصّحاح كونه بهذا المعنى لازما الاّ ان يقال انّ إثبات الشيء لا يقتضي نفى غيره فيجوز ان يكون قد استعمل متعدّيا (- أيضا -) لكنّه ليس في الصّحاح و المصباح و القاموس و المجمع من ذلك عين و لا اثر و العلم عند اللّه قوله طاب ثراه و امّا الرّواية الأولى (- اه -) وجه الظّهور هو اشتمالها على لفظ السّحت المختصّ بالأموال قوله طاب ثراه فالعمدة في المسألة الإجماع المحكى (- اه -) قد عرفت انّه لا حظّ لنا في التمسّك به و ربّما يخطر بالبال القاصر في إثبات الخيار للمغبون وجه أخر كان هو الدّافع للأصل إن تمَّ و هو انّ من شروط صحّة المعاملة كونها عقلانيّة ضرورة عدم شمول دليل الإمضاء الشّرعي للمعاملات السّفهائية منها؟؟؟ فاذا وقعت المعاملة المشتملة على الغبن الغير المتسامح به عند العقلاء و التفت المشترى الى ذلك فإن أمضى البيع و رضى به اندرج برضاه النّاشى عن غرض عقلائي له في الرّضا بذلك في المعاملات العقلائيّة و لحقه الإمضاء الشّرعي و ان لم يرض بذلك لعدم غرض عقلائي جابر لنقص الغبن اندرج البيع في البيوع السّفهائيّة و فسدوا هذا هو الخيار المدّعى و لازم ما قلناه فوريّة الخيار لأنّه إذا لم يرض به بعد الالتفات اندرج في المعاملات السّفهائية ففسد لكن الفرق بين ما قرّرناه من الوجه و بين ما قرّره سائر الأصحاب انّا نحكم بفساد العقد بمجرّد عدم الرّضاء بالعقد من غير حاجة الى الفسخ بخلاف الأصحاب فإنّهم يحكمون بلزوم العقد بمجرّد ترك الفسخ بل التأمّل الصّادق في أدلّة الأصحاب يقضي بلزوم اختيارهم (- أيضا -) ما اخترناه من فساد العقد بمجرّد عدم الرّضاء و توقّف صحّته على الرّضاء لا فساده على الفسخ لأنّ الإجماع دليل لبىّ لا يؤخذ منه الاّ بالمتيقّن و هو ثبوت الخيار في الجملة و امّا انّ الصحّة متوقّفة على الرّضاء أو الفساد على الفسخ فلا صراحة في كلمات المجمعين في أحدهما بحيث ينعقد الإجماع على ذلك (- أيضا -) لو يشمله إجماعه على ثبوت الخيار و امّا حديث نفى الضّرر فمقتضاه فساد العقد بعدم الرّضا و صحّته بالرّضاء الجابر للضّرر و كذا غير ذلك من أدلّتهم فتأمّل

ص:74

مسألة اشتراط أمران في خيار الغبن
الأمر الأول جهل المغبون بالقيمة

قوله طاب ثراه يشترط في هذا الخيار أمران (- اه -) أقول هناك أمر ثالث لم يعتبره الماتن (- ره -) و قد اعتبره جمع و هو عدم دفع الغابن التّفاوت و الاّ لم يثبت الخيار و قد وقع الخلاف في اشتراط ذلك فيظهر اعتباره من العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) و (- عد -) على اشكال منه و ظاهر السيّد السّند في الرّياض وجود قائل به صريحا و خالف في ذلك الشّهيد (- ره -) في محكي (- س -) و المحقّق الثاني في (- مع صد -) و محكي تعليق (- شاد -) و أبو العبّاس في المهذّب البارع و ثاني الشّهيدين في (- لك -) و (- الروضة -) و الصّيمري في محكي غاية المرام و المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و غيرهم فلم يشترطوا ذلك حجّة الأوّل أصالة اللّزوم مع دفع الغابن التّفاوت بعد عدم جريان دليل الخيار هنا لأنّ الإجماع دليل لبىّ لا يؤخذ إلاّ بالمتيقّن منه و قاعدة الضّرر لا تجرى بعد ارتفاع الضّرر بأخذ التّفاوت و البيع لا يكون سفهائيّا بعد رجوع الزائد اليه و حجّة الثاني استصحاب الخيار الثابت قبل البذل بناء على انّ ثبوته غير مراعى بعدم البذل و بناء على عدم العموم الزّماني في دليل لزوم العقد من غير فرق بين ان يكون المثبت لهذا الخيار الإجماع أو حديث الضّرر أو غيرهما و ربّما تصدّى بعض الأواخر (- قدّه -) لاتقان هذا القول فقال و لا ينافي ثبوته بالإجماع وقوع الخلاف فيه في محلّ الفرض فإنّه ينسحب الى محلّ الخلاف بالاستصحاب ثمَّ أجاب عن قاعدة الضّرر بناء على كونها مستند المسئلة أوّلا بأنّ البذل لا يخرج المعاوضة المشتملة على الغبن عن اشتمالها عليه لأنّه هبة مستقلّة خارجيّة فهو من قبيل هبة الغابن الخارجيّة لا يسقط بها الخيار و فيه بحث و ثانيا بانّ غرض المغبون ربّما يكون عينا غريزة ذات قيمة فلا يندفع ضرره و ثالثا بانّ انتفاء الضّرر لا ينحصر في بذل التّفاوت بل يمكن الردّ (- أيضا -) قلت امّا استصحاب حال الإجماع ففيه كلام مذكور في الأصول و امّا الجواب الأوّل عن قاعدة الضّرر ففيه انّ قاعدة الضّرر و لم تدلّ على ثبوت الخيار للغبن كي يدور مدار حصوله بل مفادها ثبوت الخيار للضّرر و لا ريب في ارتفاع الضّرر ببذل التّفاوت فقوله انّ البذل لا يخرج المعاوضة المشتملة على الغبن عن اشتمالها عليه لا وقع له إذ البذل و ان كان لا يخرجها عن اشتمالها على الغبن لكن يخرجها عن اشتمالها على الضّرر كما لا يخفى و امّا الجواب الثاني ففيه منع صدق الضّرر عرفا على تملّك غير مطلوبه بقيمته السوقيّة و امّا الثالث فان تمَّ كان مانعا من التمسّك بالقاعدة على ثبوت الخيار و نحن نتكلّم هنا بعد الفراغ عن صحّة التمسّك بها و ما قلناه امتن ممّا تنظر به المجيب المذكور بنفسه في الجواب الثاني و الثّالث بقوله و فيهما نظر فانّ الغرض دفع الضّرر الخاصّ الّذي قضى بالخيار و هو نقص القيمة لا كلّ ضرر فتعلّق غرضه بخصوص العين لا مدخليّة له فلا وجه للثّاني و الضّرر قد اندفع بالبذل و قد وقع فلا حاجة الى فسخ العقد الذي لم يقع بعد منافاته للأصل فلا وجه للثّالث انتهى فتأمّل جيّدا ثمَّ انّ هذا كلّه انّما هو بناء على ما تمسّك به الأصحاب من الإجماع و قاعدة الضّرر و امّا على ما بنينا عليه في الحكم بالخيار من كون المعاملة سفهيّة فاللازم هو صحّة العقد ببذل التفاوت و قد يختلج بالبال الإشكال فيما بنينا عليه من وجه أخر و هو انّ البيع إذا كان حال العقد سفهائيّا كان اللاّزم فساده من أوّل الأمر و عدم افادة الرّضا بها بعد ذلك لغرض عقلائيّ الصحّة لأنّ ما وقع فاسدا لا تعرضه الصّحة الاّ ان يقال انّ المشترى لمّا لم يكن ملتفتا الى كون البيع سفهائيّا بقي معلّقا لفحوى عدم فساد عقد الفضولي فإذا رضى به بعد أخذ التّفاوت امّا لغرض عقلائيّ أو لبذل الغابن التّفاوت لحقه وصف الصّحة كلحوقه في الفضولي فتأمّل فإنّ المسئلة غير صافية عن ثوب الإشكال قوله طاب ثراه فلو علم بالقيمة فلا خيار (- اه -) هذا ممّا صرّح به في (- ط -) و (- عد -) و (- كرة -) و (- شاد -) و (- يع -) و اللمعتين و مجمع الفائدة و سائر ما تأخّر عنها قال في (- ط -) إذا اشترى شيئا فبان له الغبن فيه فإن كان من أهل الخبرة لم يكن له ردّه و ان لم يكن من أهل الخبرة فإن كان مثله لم تجر العادة بمثله فسخ العقد ان شاء و إن كان جرت لم يكن له الخيار انتهى بل في الجواهر و المتن نفى الخلاف فيه و في (- كرة -) و (- لك -) الإجماع عليه و الوجه في ذلك بعد عدم جريان أدلّة الخيار هنا انّه هو الّذي أقدم على الضّرر و ادخله على نفسه و النّاس مسلّطون على أموالهم فإنّ لكلّ أحد هبة ماله و صلحه و بيعه بأقلّ من ثمن المثل و بذلك يخرج عن أدلّة خيار الغبن بناء على تماميّتها هذا إذا قلنا بكونه ضررا امّا لو لم نقل به كما هو الأظهر نظرا الى انّ السّفيه لا يفعل مثل ذلك الاّ لغرض كانت صورة العلم بالقيمة خارجة موضوعا من غير حاجة الى الإخراج الحكمي و الى ذلك أو الى كون الغبن الخديعة و لا خديعة مع العلم أشار الماتن (- ره -) بقوله بل لا غبن ثمَّ انّ عدم ثبوت الخيار عند العلم هل هو لكونه علامة الرّضاء أو تعبّدا للأدلّة أو لعدم تحقّق اسم الغبن معه استظهر الفقيه الغروي (- ره -) الثاني مستندا في استبعاد الأوّل الى انّ لازمه اختصاص عدم الثّبوت بما إذا دلّ على الرّضاء و جعل الدّليل المتعبّد به إجماع (- كرة -) و (- لك -) و أقول الأظهر هو الأوّل و بطلان التّالي و هو اختصاص عدم الثّبوت بصورة دلالة العلم على الرّضاء ممنوع لكنّا نقول ان تخلّف السّكوت مع العلم عن الدّلالة على الرّضاء غير معقول لانّ العاقل لا يرتكب المعاملة المشتملة على الغبن الا عن رضا به لغرض عقلائيّ دعاه اليه امّا الوجه الثاني و هو التعبّد فيكفي في بعده عدم الدّليل عليه بعد عدم حجّية الإجماع المنقول و امّا الثالث فيبعّده انّ الحكم لم يعلّق في نصّ على الغبن كي يدور الأمر مدار صدقه قوله طاب ثراه و لو أقدم على غبن يتسامح به (- اه -) قد جزم بذلك الفقيه الغرويّ (- ره -) و الوجه فيه انّ اعتقاده بكونه ممّا يتسامح به لا يخرج المعاملة عن كونها سفهائيّة في الواقع فاذا تبين كونها (- كك -) واقعا توقّف صحة البيع على رضاه به لغرض عقلائيّ و لكن الأظهر في الفرض عدم الخيار لانّ كون المجموع ممّا لا يتسامح به لا يثبت الخيار بعد كون المقدار الذي أقدم عليه مرفوع الأثر فإذا اشترى ما يساوي خمسة دراهم بعشرة باعتقاد أنّه يساوي سبع دراهم فقد تسامح بثلث دراهم و (- ح -) فإن كان الدّرهمان ممّا يتسامح به لم يثبت له الخيار إن كانا ممّا لا يتسامح به ثبت له الخيار فالمدار في ثبوت الخيار على كون ما جهل به من الزّيادة ممّا لا يتسامح به لا المجموع منه و ممّا علم به و تسامح لانّ ما تسامح به زال أثره بعلمه و تسامحه كما لا يخفى قوله طاب ثراه ففي الخيار وجه (- اه -) الوجه في ذلك عموم قاعدة نفى الضّرر و انّ الأقدام على ما لا يتسامح به في نفسه لغرض عقلائيّ يتسامح به لأجله لا يوجب صحّة المعاملة فيما إذا ظهر زيادة العوض عن أصل المبيع و عنه مع الغرض العقلائي المنضمّ به فاذا كان يشترى صاع من تمر في الصّحراء بدينار و لا يشترى بدينار و نصف و اشترى هو ذلك بدينار و نصف زعما منه كون قيمته في ذلك المكان ذلك ثمَّ تبيّن انّ القيمة دينار فانّ خروج شراء الصّاع من تمر بذلك عن البيوع السّفهائيّة لا يستلزم خروج شرائه بدينار و نصف عنها فاذا تبيّن اشتباهه و عدم وقوع غرض عقلائيّ في قبال نصف الدينار توقّف صحّة البيع على رضاء المشترى بذلك لغرض عقلائيّ

ص:75

و الاّ بطل العقد ثمَّ انّه قد ظهر ممّا ذكرناه في الحاشية السّابقة انّ وجاهة ثبوت الخيار انّما هو فيما كان الزّائد ممّا لا يتسامح به منفردا و امّا إذا كان ممّا يتسامح به منفردا فالوجه فيه عدم ثبوت الخيار لما مرّ قوله طاب ثراه لم ينفع (- اه -) قد صرّح بذلك جمع بل ادّعى في (- كرة -) و (- لك -) الإجماع على عدم العبرة بالزيادة و النّقيصة بعد العقد قال في الأوّل و انّما تؤثر الزيادة الفاحشة في تزلزل العقد و ثبوت الخيار فيه لو تبيّنتا وقت العقد و لو كانتا بعده لم يعتد بهما إجماعا انتهى و قال في الثّاني و المراد بها يعني القيمة وقت العقد فلو عرف القيمة ثمَّ زاد أو نقص مع علمه أو تجدّدت الزّيادة أو النقيصة بعده فلا غبن و لا خيار له إجماعا انتهى قوله طاب ثراه و يحتمل عدم الخيار (- اه -) ما ذكره ممّا لا بأس به سيّما بناء على كون المستند في ثبوت هذا الخيار نفى الضّرر الاّ ان يقال انّه بوقوع العقد على الغبن و الضّرر قد ثبت الخيار و لا مانع من استصحابه فتأمّل قوله طاب ثراه و لو ثبت الزيادة أو النقيصة بعد العقد (- اه -) قد سمعت عبارة (- كرة -) و قال الشيخ الوالد قدّس اللّه تربته الزكيّة انّ قول (- المصنف -) (- ره -) بعد العقد إن كان متعلّقا بالزيادة أو النقيصة صار التعرّض لحكم هذه المسئلة تكرارا بل تناقضا لانّه احتمل فيها قبيل هذا عدم الخيار بعد ان ذكر انّ الحكم هو انّ الزيادة و النّقيصة بعد العقد لا تنفعان و إن كان متعلّقا بقوله و لو ثبت فمع بعد الحكم في نفسه مخالف لظاهر عبارة (- كرة -) فانّ قوله فيها و لو كانتا بعده لم يعتد بهما ظاهره انّ نفس الزّيادة و النقيصة بعد العقد قوله طاب ثراه و قد مرّ ذلك مشروحا في خيار المجلس لا يخفى عليك ما في إلحاق المقام بما هناك و قياسه عليه من النّظر ضرورة انّ الخيار هناك ثبت تعبّدا للبيعين و صدقه على الوكيل المستقلّ في التصرّف ظاهر بخلاف المقام فانّ الخيار انّما هو من باب قاعدة الضّرر و لا يصدق المتضرّر على الوكيل و انّما المتضرّر المالك فلا بدّ من ثبوت الخيار له خاصّة دون الوكيل الاّ ان يقال انّ المتضرّر و إن كان هو المالك الاّ انّ الوكيل (- المط -) نائب عنه في الأخذ بالخيار و الفسخ قوله طاب ثراه و بقول مدّعيه مع اليمين (- اه -) هذا احد الوجوه و قد استظهره في (- لك -) و قوّاه في (- الروضة -) و نفى عنه البعد في (- مع صد -) و مال إليه في محكي تعليق (- شاد -) قوله طاب ثراه لأصالة عدم العلم (- اه -) قد أخذ ذلك من شيخ (- لك -) و الغرض بذلك انّ المنكر من وافق قوله الأصل و مدّعى الجهل هنا منكر لموافقة قوله لأصالة عدم العلم فيقبل قوله بيمينه لانّ كلّ منكر فالقول قوله مع يمينه و لكن يمكن المناقشة في ذلك بانّ دوران تميز المدّعى من المنكر مدار مخالفة قول الأوّل للأصل و موافقة الثّاني ممنوع لعدم مساعدة الدّليل عليه و انّما المدار على صدق المدّعى و المنكر عرفا الحاكي له كون المدّعى من يترك لو ترك هو الدّعوى و المنكر خلافه و هنا لو ترك المشترى دعوى الجهل بالقيمة المتوقّف عليه ثبوت الخيار لتركه البائع و دعوى كون المشترى منكرا نظرا إلى إنكار العلم بالقيمة لا وجه لها بعد معارضة ذلك بإنكار البائع الجهل و كون المشترى هو الّذي يترك لو ترك الدّعوى و لكن لا يخفى عليك انّ ذلك انّما يتمّ بناء على كون الجهل بالغبن شرطا و امّا إذا كان الغبن مقتضيا للخيار و العلم بالغبن مانعا فلا يتمّ ذلك لانّه بعد تسالمهما على الغبن فمقتضى الخيار موجود و المدّعى لوجود المانع و هو العلم هو البائع فهو الّذي يترك لو ترك دعوى علم المشترى بالغبن المانع من ثبوت الخيار قوله طاب ثراه الحاكمة على أصالة اللّزوم (- اه -) أشار بذلك الى مستند الوجه الثاني في المسئلة و الى ردّه فالوجه؟؟؟ هو عدم الثّبوت مطلقا و المستند أصالة لزوم العقد فيستصحب الى ان يثبت المزيل و لم يثبت كون الغبن من دون ثبوت الجهل مزيلا و الردّ انّ الشكّ في اللّزوم ناش من الشكّ في تحقّق العلم المانع من ثبوت الخيار فاذا نفى المانع بالأصل زال الشّك المأخوذ في موضوع أصالة اللّزوم قوله طاب ثراه مع انّه قد يتعسّر (- اه -) هذا وجه ثان للثّبوت (- مط -) و يقرب منه ما قرّره بعضهم من انّ العلم و الجهل من الأمور الّتي تخفى غالبا فلا يطّلع عليها الاّ من قبل من هي به و من المقرّر المتّفق عليه تقديم قول المدّعى بيمينه فيما لا يعلم الاّ من قبله و سيظهر الجواب عن ذلك قوله طاب ثراه فتأمّل قد أشار بذلك الى ردّ الوجه المذكور و ذلك من وجوه أشار إليها الشّيخ الوالد العلاّمة قدّس اللّه سرّه في غاية الآمال محتملا في كلّ منها ان يكون وجها للتأمّل أحدها انّ مجرّد اتّفاق أهل؟؟؟ عسر على إقامة البيّنة لا يكفي في جريان حكم قبول قول المدّعى بيمينه و العلم و الجهل لهما أسباب و مسبّبات محسوسة موجودة من أهل الخبرة فإنّه سبب لكونه عالما و كإظهار الفرح بالمعاملة فإنّه مسبّب منه و كلّ ماله آثار ظاهرة أو أسباب محسوسة مقتضية له فإنّه ليس ممّا لا يعلم الاّ من قبله و إن كان هو بنفسه امرا غير محسوس فيجري عليه احكام المحسوس كيف لا و مجرّد الاتّفاق لو كفى كان اللازم كفايته في المحسوسات (- أيضا -) إذ قد يتعسّر بل قد يتعذّر إقامة البيّنة على شيء محسوس مدّعى مع انّه لا يقبل قول المدّعى فيه بيمينه ثانيها انّ اتفاق تعسّر إقامة البيّنة على الجهل و ان اثّر قبول قول المدّعى في مورده الاّ انّ ذلك لا يصير قضيّة كلّيّة حتّى يصحّ ان يقال انّ قول مدّعى الجهل يقبل (- مط -) و المقصود انّما هو الحكم على وجه القضيّة الكلّية ثالثها انّ قبول قوله من باب تعسّر إقامة البيّنة أو تعذّرها انّما يتمّ على تقدير كون من يقبل قوله مدّعيا و مدّعى الجهل في هذا المقام لا يصدق عليه تعريف المدّعى بعد جريان أصالة عدم العلم الحاكمة على أصالة اللّزوم لانّ من وافق قوله الأصل يكون منكرا قلت في هذا الوجه الثالث نظر من حيث ان المرجع في مصداق لفظ المدّعى و المنكر في النّصوص هو العرف و هو غير مساعد على موافقة الأصل و مخالفته بل الّذي يساعد على ذلك كون المدّعى من يترك لو ترك هو الدّعوى كما أوضحنا ذلك في قضاء منتهى المقاصد و هنا لو ترك المشترى دعوى الجهل المتفرّع عليه ثبوت الخيار لتركه البائع فالمنكر هو البائع و المدّعى هو المشترى فلا تذهل قوله طاب ثراه هذا كلّه إذا لم يكن المغبون (- اه -) ظاهر العبارة انّ القائل بالثّبوت انّما يقول به فيما إذا لم يكن المغبون من أهل الخبرة و ليس (- كك -) بل في المسئلة وجوه ثلث الثبوت (- مط -) و هو لمن عرفت و عدم الثبوت (- مط -) و التفصيل بين إمكان الجهل في حقّه فيثبت لما مرّ في منشأ الوجه الأوّل و بين عدم إمكان الجهل في حقّه فلا يثبت لاستصحاب اللّزوم على التقرير المزبور بعد عدم جريان منشأ الوجه الأوّل فيه من حيث انّ أصالة عدم العلم معارضة بظهور العلم و كون الجهل ممّا لا يعلم الاّ من قبله مدفوع بظهور علمه من القرائن قوله طاب ثراه مع انّ عموم تلك القاعدة ثمَّ اندراج المسئلة فيها محلّ تأمّل (- اه -) (11) قال الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى مقامه و مقرّه في وجه التأمّل ما لفظه امّا كون عمومها محلّ تأمّل فلانّ المعلوم من جريان حكمها هو ما لو كان المورد ممّا ليس له آثار ظاهرة و لا مسبّبات محسوسة بحيث يكون الأصل و الغالب فيه عدم الاطلاع عليه الاّ من قبله فلا تعمّ مثل ما نحن فيه من دعوى أهل الخبرة الجهل بقيمة ما اشتراه أو باعه ممّا له أسباب و مسبّبات ظاهرة بحيث يمكن دعوى ندرة خفاء الأمر و قد بيّنا في الحاشية السّابقة انّ ما له أسباب أو مسبّبات محسوسة فهو في حكم المحسوس و امّا عدم اندراج

ص:76

المسئلة فيها على تقدير تسليم عموم القاعدة من الحيثيّة المذكورة فلإمكان منع تعسّر إقامة البيّنة على جهله في المفروض هذا كلامه علا مقامه و لا غبار عليه قوله طاب ثراه لأصالة عدم التغيير (- اه -) لا يخفى عليك انّه لا كلّية لهذا الأصل بل انّما تنفع فيما إذا اتّفقا على كون القيمة قبل العقد ما وقع عليه العقد و اختلفا فادّعى المشترى نقصها حال العقد بما لا يتسامح به و أنكر البائع ذلك و ادّعى بقائها على ما كانت عليه حال العقد فإنّ أصالة عدم التّغيير عمّا كانت عليه حال العقد تقتضي تقديم قول منكر التّفاوت قوله طاب ثراه الاّ انّه لا يثبت به وقوع العقد على الزّائد حتّى يثبت الغبن (- اه -) الظّاهر انّ الوجه في عدم ثبوت وقوع العقد على الزّائد به هو كون أصالة تأخّر العقد على الزّائد عن القيمة بالنّسبة إلى وقوع العقد على الزّائد من الأصول المثبتة و هي ليست بحجّة و يمكن المناقشة في ذلك بخفاء الواسطة و نحو ذلك فتأمّل جيّدا

الأمر الثاني كون التفاوت فاحشا

قوله طاب ثراه الأمر الثّاني كون التّفاوت فاحشا (- اه -) قد صرّح باعتبار الشرط المذكور جمع كثير قاطعين به بل نفى في المستند العثور على خلاف فيه و استظهر الفقيه الغرويّ الإجماع عليه و الوجه في ذلك ظاهر لأنّ المسامحة العادية تكون شاهد حال على الرّضاء بذلك التفاوت و قد عرفت خروج الضّرر مع الرّضاء عن عمومات نفيه بل قد يقال انّ ما يتسامح به عادة لا يوجب الزّيادة أو النّقصان في القيمة لأنّ القيمة ليست شيئا معيّنا بل هي ما يقابل به الشيء عند أهل خبرته فاذا تسامحوا بشيء فيه لا يكون هذا تفاوتا في القيمة بل القيمة تكون هي الواقع بين طرفي عدم التّسامح و لا يجب كونها امرا معيّنا عرفا بل الزّيادة و النّقصان هذا كلّه مضافا الى أصالة اللّزوم بعد عدم جريان دليل الخيار في صورة التّفاوت المتسامح به لانّه امّا الإجماع و فقده هنا ممنوع حتّى استظهر من ذكر الإجماع على اللّزوم أو قاعدة الضّرر و جريانه هنا ممنوع لمنع صدق الضّرر لمثل ذلك عرفا أو ما قلناه من اندراج البيع في البيوع السّفهائيّة و عدم الاندراج في الفرض معلوم قوله طاب ثراه كما في (- كرة -) (- اه -) قال في (- كرة -) لمّا لم يقدر الشّارع للغبن حدّا عرف انّه قد أحال النّاس على العادة جريا على القاعدة المعروفة المعهودة عند الشّرع من ردّ الناس الى العرف بينهم في ما لم ينصّ فيه على شيء إذا تقرّر هذا فلا تقدير للغبن عندنا بل الضّابط ما قلناه من انّ ما لا يتغابن النّاس بمثله يثبت معه الخيار و ما يتغابن النّاس بمثله لا يثبت فيه خيار و قال مالك إن كان الثلث إلى أخر ما نقله الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه و لا يبعد دعوى عدم مسامحة النّاس فيه كما سيجيء التّصريح به عن المحقّق القميّ (- ره -) (- اه -) ربّما يتوهّم الإيراد على الماتن (- ره -) بانّ الخمس هنا عبارة عن خمس الثّمن أو القيمة و الخمس المذكور في كلام المحقّق القميّ (- ره -) كما سيأتي عبارة عن خمس تومان فيما لو بيع بخمس توأمين فلا مساس له بما نحن فيه و قد دفع الشيخ الوالد أنار اللّه برهانه هذا التوهّم بانّ مراد (- المصنف -) (- ره -) بالخمس الّذي حكى عن المحقّق المذكور التصريح بعدم مسامحة النّاس فيه هو ما ذكره في طرف غبن المشترى من زيادة الدّنانير على اربع توأمين فإنّها قد زادت عليها بتومان الاّ خمس تومان فالزّائد (- ح -) ثمانية قرانات بحساب زماننا و أربعة توأمين عبارة عن أربعين قرانا و الثّمانية خمس الأربعين قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الظاهر انّ المرجع عند الشكّ في ذلك هو أصالة ثبوت الخيار (- اه -) أقول إن كان المستند في إثبات الخيار بالغبن الفاحش هو الإجماع رجع الشكّ الى حصول الغبن الموجب لعروض الجواز للعقد فيرجع الى أصالة اللّزوم قطعا و أصالة الخيار (- ح -) لا معنى له و إن كان المستند هو قاعدة الضّرر جرى ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) من الوجهين الرّاجع ثانيهما إلى الأوّل و إن كان المستند كون المعاملة سفهيّة كان المرجع عند الشكّ في كونها سفهيّة أصالة عدمها و أصالة اللّزوم

بقي هنا شيء و هو أن المناط في الضرر الموجب للخيار كون المعاملة ضررية و كيفية تصوير الغبن من الطرفين

قوله طاب ثراه و الأظهر اعتبار الضّرر المالى (- اه -) هذا كلام متين لانّ المدار على صدق الضّرر واقعا و لازمه دوران الأمر مدار الضّرر المالى و مجرّد كون المتضرّر ملّيا لا يضرّ به ذلك لا يوجب عدم كون أصل المعاملة ضرريّة و على ما ذكرناه من كون المستند في خيار الغبن اندراج المعاملة في البيوع السّفهائيّة فالأمر أوضح لأنّ الضّرر ممّا يمكن دعوى دورانه مدار حال الشخص بخلاف كون المعاملة سفهيّة فإنّه لا يختلف الحال في ذلك بين الأشخاص بل المدار على نفس المعاملة مع الاقتران بزمان أو مكان أو غرض صحيح فلا تذهل قوله طاب ثراه و يمكن (- أيضا -) ان يلتزم الضّرر المالى (- اه -) فيه انّ المدار في جريان قاعدة الضّرر على الضّرر الدّنيوي فلا يفيد الجبر الأخروي في إزالة الضّرر المحقّق فتدبّر قوله طاب ثراه كما يشير اليه قوله عليه السّلام بعد شرائه ماء وضوئه (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد البرقي عن سعد بن سعد عن صفوان قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل احتاج الى الوضوء للصّلوة و هو لا يقدر على الماء فوجد تقدر ما يتوضّأ به بمائة درهم أو بألف درهم و هو واجد لها ا يشترى و يتوضّأ أو يتيمّم قال لا بل يشترى قد أصابني مثل ذلك و اشتريت و توضّأت و ما يشترى بذلك مال كثير قوله طاب ثراه و المحكى عن بعض الفضلاء في تعليقه على (- الروضة -) (- اه -) عبارة الفقيه المحقق الشيخ على الغرويّ (- ره -) في تعليقه على خيارات اللّمعة صريحة فيما حكى عن البعض و عبارته نظير عبارته فيمكن ان يكون هو المراد بالبعض قوله طاب ثراه الظّاهر انّ مثل هذا البيع (- اه -) (11) يؤيّد ما ذكره و يشهد به انّ عمدة دليل خيار الغبن عندهم هي قاعدة الضّرر و من المقطوع به عدم صدق الضّرر على مثل تلك المعاملة و كذا ليست المعاملة المذكورة سفهيّة فلا خيار فيها للبائع و لا للمشتري قوله طاب ثراه و منها ما ذكره بعض المعاصرين (- اه -) (12) أراد به صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه قال بعد إثباته الخيار لكلّ من المشترى و البائع ما لفظه بل لو فرض تصوّر الغبن فيهما كما إذا وقع البيع على شيء في عقد واحد و كان كلّ منهما بثمن معيّن في أحدهما الغبن على البائع و في الأخر الغبن على المشترى ثبت الخيار لهما معا انتهى و يردّه ما أشار إليه الماتن (- ره -) بل الأظهر عدم ثبوت الخيار للبائع و لا للمشتري في الفرض إذا كانت الزيادة مساوية للنقيصة و امّا مع عدم التساوي فالخيار للمغبون قوله طاب ثراه لكن ظاهر عبارة الشهيد (- ره -) و المحقّق الثّانيين ارادة ما عنون به هذا الخيار هو الغبن بالمعنى الأخصّ (- اه -) (13) قد عرفت في صدر الإشكال انّه قد نشأ منهما و الوجوه المذكورة انّما سيقت لتصوير مرادهما و دفع الإشكال عن مقالتهما فلا بدّ من مساعدة كلاميهما على ما يذكر توجيها لهما قوله طاب ثراه و يتصوّر غبنهما في أحد العوضين (- اه -) (14) الوجه بين هذا التصوير و بين ما حكاه عن مفتاح الكرامة أوّلا هو انّ هذا تصوير للغبن من الطرفين في أحد العوضين و الأوّل كان تصوير الغبن كلّ منهما فيما وصل اليه من العوض اعنى تصوير غبنهما في كلا العوضين قوله طاب ثراه و الأولى من هذه الوجوه هو الوجه الثالث (15) قد عرفت ما في الوجه الثّالث من عدم ملائمته لكلام من يراد دفع الإشكال عن مقالته مضافا الى انّه التزام بالإشكال و ليس دفعا له و ربّما أجاب بعضهم في تعليقه على المتن عن الإشكال بوجه أخر و هو انّ الغبن أعمّ من ان يكون من جهة التّفاوت في الماليّة عرفا في حدّ نفسه بان يكون

ص:77

قيمته في حدّ نفسه أزيد من الثّمن و ان يكون من جهة لزوم ضرر على المغبون من أجل المعاملة و إن كانت بثمن المثل كما لو فرض انّ له امة تسوى عشرة توأمين و لها ولد يسوى ستّين فباع الأمة بدون الولد بعشرين و فرض انّ الولد يموت بالتفريق بينه و بين امه فهذا البيع يوجب الضرر على البائع و إن كان بيعه بأزيد من ثمن المثل فكأنّه باع ما يساوى ستّين بعشرين و المشترى مغبون من جهة انّه اشترى ما يسوى عشرة بعشرين فكلّ منهما مغبون ثمَّ قال بل يمكن ان يقال انّ قيمة المال قد تختلف باختلاف الأشخاص فالأمة المفروضة قيمتها للبائع ستّون و للمشتري عشرة و الحاصل انّه يمكن دعوى انّ ماليّة المال الواحد في المكان الواحد تختلف باختلاف الأشخاص و معه يمكن فرض مقبوليّة كلّ منهما في المعاملة الواحدة انتهى و أنت خبير بانّ ما ذكره من الغرابة بمكان ضرورة انّ الغبن الموجب للخيار انّما هو النّقص في الماليّة و امّا صورة لزوم ضرر على المغبون من أجل المعاملة و إن كانت بثمن المثل فليست من الغبن موضوعا قطعا بل و لا حكما إذ لم يفت بثبوت الخيار فيه احد فيما عثرنا عليه و لم ينقل عن احد ذلك و مجرّد تضرّره لا يوجب ثبوت الخيار لأنّ قاعدة الضّرر لا تثبت الخيار مع انّها لا يتمسّك بها إلاّ في مورد عمل بها الأصحاب و لا عمل به هنا و قوله انّ قيمة المال تختلف باختلاف الأشخاص كما ترى فإنّ قيمة الشيء ما يسوى به و يواذيه في الماليّة من دون نظر الى الأشخاص و اختلاف الماليّة باختلاف الأشخاص ممّا لا يعقل له معنى كما هو واضح فالحقّ انّ الإشكال في محلّه و انّ الغبن بالنّسبة إليهما جميعا غير معقول و الالتزام بالإشكال أهون من ارتكاب ما يستبشع منه

مسألة ظهور الغبن شرط شرعي أو كاشف عقلي

قوله طاب ثراه و قولهم لا يسقط (- اه -) هذه العبارة لا تخلو من قصور إذ غرضه (- قدّه -) بذلك الاستشهاد به للاحتمال الثّاني و هو كون ظهور الغبن كاشفا عقليّا عن ثبوته حال العقد و لم يسبق ما يصحّ عطفها عليه و قد كان حقّ التّعبير ان يقول و ظاهر كلمات اخرين الثّاني و يشهد له قولهم لا يسقط (- اه -) ثمَّ انّ هذا الشاهد لا شهادة فيه على الثّاني لأنّ عدم السّقوط في كلماتهم أعمّ من عدم الثبوت من أوّل الأمر و من السّقوط بعد الثّبوت الا ترى الى قولهم يسقط خيار المجلس و الحيوان و غيرهما باشتراط سقوطه في ضمن العقد مع انّ الخيار لا يثبت قبل العقد حتّى يسقط باشتراط سقوطه في ضمن العقد كما لا يخفى الاّ ان يقال انّ السّقوط حقيقة في زوال الثابت و استعمالهم له في عدم الثبوت في موضع لقرينة لا يقتضي رفع اليد عن ظاهر كلامهم فيما لا قرينة فيه على ارادة خلاف الظّاهر لكنّ الإنصاف خلاف ذلك مع انّه لا حجّة في كلامهم هذا و قد يستشهد للثّاني (- أيضا -) بتمسّكهم بقاعدة الضّرر فإنّه يقتضي الثبوت من حين العقد لانّ السّبب و هو الضّرر قد ثبت بالعقد و كذا مقتضى ما تمسّكنا به هو ثبوت التّزلزل من حين العقد و توقّف اللّزوم على الرّضاء بعد الاطلاع على حقيقة الحال لغرض عقلائيّ فتأمّل قوله طاب ثراه و ممّا يؤيّد الأوّل انّهم اختلفوا (- اه -) لي في هذا التّأييد نظر ضرورة انّ الخيار مختصّ بالمغبون قطعا فتصرّف الغابن في الثمن حال جهل المغبون بالغبن جائز (- مط -) سواء قلنا بثبوت الخيار بظهور الغبن أو من حين العقد امّا على الثاني فظاهر و امّا على الأوّل فلوضوح انّ خيار احد المتبايعين لا يمنع من تصرّف الأخر فيه ما لم يفسخ العقد ضرورة انتقال ما في يد كلّ منهما إليه غاية ما هناك عدم كونه على وجه اللّزوم و ذلك غير مانع من التصرّف و الاّ لاقتضى المنع من التصرّف في سائر العقود الجائزة (- أيضا -) و التّالي باطل بالضّرورة فالمقدّم مثله قوله طاب ثراه و يؤيّده أيضا الاستدلال في (- كرة -) و الغنية (- اه -) في هذا التأييد (- أيضا -) نظر لانّ تعليق الخيار في تلقّى الرّكبان على دخول السّوق انّما هو لاختلاف الموارد بحصول الغبن و عدمه فعلّق على دخول السّوق و ظهور الغبن لذلك و مورد الاستدلال من الخبر في المقام انّما هو سببيّة الغبن للخيار الموجب لثبوته بمجرّد حصول السّبب غاية ما هناك توقّف ظهور المسبّب على ظهور السّبب هذا نعم يمكن تأييد الأوّل بأنّ الأصل لزوم البيع خرج من ذلك الجواز بعد ظهور الغبن بالإجماع و بقي ما قبل ظهور الغبن تحت الأصل فتدبّر قوله طاب ثراه و توضيح ذلك انّه ان أريد بالخيار (- اه -) فيه انّه لا وجه لهذا الترديد إذ لا شبهة و لا ريب في كون الخيار عبارة عن الشقّ الثاني من التّرديد و امّا الأوّل فإنّما هو من اثاره و توابعه و انّما الإشكال في انّ ثبوت نفس الخيار من حين العقد أو من حين ظهور الغبن و لا وجه للإشكال في ذلك (- أيضا -) لارتفاع الإشكال بملاحظة كلّ مبناه في أصل المسئلة فإن كان الإجماع كان اللازم القصر على المتيقّن و الحكم بالثّبوت من حين الظّهور و إن كان قاعدة الضّرر كان اللازم الإثبات من حين العقد لحصول السّبب من ذلك الوقت كما هو واضح لا سترة عليه قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الآثار المجعولة للخيار (- اه -) يظهر من كلامه هذا الى قوله و يظهر ثمرة الوجهين (- أيضا -) فيما لو فسخ (- اه -) كون القسم الثّاني و الثّالث من الآثار في كلامه ثمرة للنّزاع في كون المبدء من حين العقد أو من حين الظّهور و توضيحه انّه قد زعم ظهور الثمرة في مواضع فمنها إسقاط الخيار بعد العقد قبل ظهوره فإنّه يجوز على القول بكونه من حين العقد دون القول بكونه من حين الظّهور لكونه إسقاطا لما لم يجب و أنت خبير بما فيه لأنّ إسقاط الحقوق المحتمل حصولها ممّا ثبت جوازه شرعا الا ترى الى جواز إسقاط خيار المجلس و الحيوان و نحوهما في العقد مع انّه لا يحصل الاّ بعد تمام العقد بفضل في الحيوان على راى أي راى من جعل مبدء خيار الحيوان من حين الافتراق في المجلس و منها إسقاطه حال العقد مع عدم العلم به و فيه ما في سابقة و منها نفوذ التصرّفات النّاقلة قبل الظّهور بناء على ثبوت الخيار من حين الظّهور و عدم النّفوذ بناء على ثبوته من حين العقد و فيه انّه لا ملازمة بين النفوذ و بين الثّبوت من حين الظّهور لجواز التصرّف و نفوذه من كلّ منهما فيما انتقل اليه قبل ظهور الغبن و بعده و دعوى عدم نفوذ التصرّف في زمن الخيار لا شاهد عليها و الاّ لكان اللاّزم في خيار الحيوان و المجلس المنع من التصرف في المجلس و الثلاثة الاّ بعد الإمضاء و التّالي فاسد بالضّرورة فكذا المقدّم كيف لا و قد حكموا بسقوط خيار الحيوان و المجلس بالتصرّف قبل العلم بالخيار و بعده و لو لا نفوذ التصرّف لكان اللاّزم عدم الإسقاط كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يظهر ثمرة الوجهين (- أيضا -) في ما لو فسخ (- اه -) يعني انّا ان قلنا بانّ ظهور الغبن شرط شرعيّ لحدوث الخيار كان فسخه المذكور لغوا لوقوعه من غير سبب واقعي و ان قلنا بانّ الظّهور كاشف عن ثبوته حال العقد كان الفسخ مؤثّرا من جهة تحقّق سبب الخيار في الواقع

مسقطات خيار الغبن
الأول إسقاطه بعد العقد

قوله طاب ثراه مع العلم بمرتبة الغبن و لا مع الجهل بها (- اه -) كلمة لا في قوله و لا مع الجهل زائدة ينبغي إسقاطها لعدم صحّة المعنى و ليس ذلك معطوفا على كلمة الإشكال حتّى يعاد عليه كلمة لا و كيف كان فالمراد واضح و الأصل في صحّة هذا الإسقاط هو

ص:78

عموم ما دلّ على تسلّط النّاس على حقوقهم كاموالهم من غير معارض غاية الأمر انّه مع الجهل بمرتبة الغبن يدور الأمر مدار مقدار الإسقاط و كيفيّته فإن أسقط الغبن المسبّب عن أيّ مرتبة كانت فاحشا أو أفحش سقط مطلقا و ان أسقط الفاحش دون الأفحش لم يسقط الاّ الفاحش قوله طاب ثراه وجهان (- اه -) قلت الأظهر هو الوجه الأوّل لأنّ النّاس كما انّهم مسلّطون على أموالهم بحكم النصّ فكذا هم مسلّطون على حقوقهم كما يظهر من اخبار الحقوق و (- أيضا -) كما لا يحلّ مال امرء مسلم الاّ عن طيب نفسه فكذا لا يسقط حقّه الاّ عن طيب خاطره قوله طاب ثراه و من انّ الخيار أمر واحد (- اه -) هذا إنكار لما هو بمنزلة البديهي ضرورة تجزى أغلب الحقوق بل جميع الحقوق الماليّة كتجزّى الأموال فإنّ حقّ الشّفعة في دار يتجزّى بالنّسبة الى كلّ جزء منها و لذا لو باع نصف الدّار أو بيتا منها ثبت حقّ الشّفعة بالنّسبة الى ذلك و لو لا التجزّي للزم عدم الثبوت إلاّ في بيع الجميع و (- أيضا -) يسقط بإسقاط بعضه دون بعض و بالنّسبة إلى حصّة شريك مشاعا دون أخر كما هو واضح و التّفرقة بين حقّ الخيار و بين الشّتم و القذف لا وجه له لعدم الفرق بينهما إلاّ في كون الأوّل من قبيل الأقلّ و الأكثر الارتباطيين و الثّاني من قبيل الاستقلالين بل ربّما يمكن فرض الخيار (- أيضا -) من الاستقلالين بتكلّف ثمَّ على ما اخترناه من عدم سقوط الجميع في الفرض فهل يسقط بمقدار ما أسقطه فلو زعم انّ التّفاوت عشرة و أسقط ثمَّ ظهر أنّه مائة فهل يسقط العشرة و يبقى التّسعون أم لا وجهان أظهرهما السّقوط لعدم المانع و لسقوط الحقّ بإسقاطه و يظهر اثر النّزاع فيما إذا أسقط بعد ذلك تسعين و لم يمكن لغيبة أو موت استعلام انّه أراد التّسعين المتضمّن للعشرة السّابقة ليبقى عشرة أو التّسعين غيرها ليسقط الجميع فإنّه على القول بسقوط مقدار ما أسقطه أوّلا يسقط الجميع بإسقاط تسعين و على القول الآخر يبقى عشرة فتأمّل و يظهر (- أيضا -) فيما إذا تباينا على إعطاء الغابن التّفاوت و قلنا بسقوط الخيار به فإنّه على الأوّل ليس له أخذ العشرة في المثال بل التسعين فقط لأنّ الحقّ المسقط لا يعود حقّا بخلافه على الثّاني فإنّ له أخذ المائة فافهم قوله طاب ثراه لما ذكرنا من انّ الخيار حقّ واحد (- اه -) قد عرفت آنفا منع كون الخيار في أمثال المقام حقّا واحدا قوله طاب ثراه و هذا هو الأقوى فتأمّل (- اه -) قلت الأقوى هو الوجه الأوّل و هو البطلان لأنّه إذا انصرف الإطلاق على المتعارف كان الصّلح من غير المتعارف غير مقصود و العقود تتّبع القصود و حيث لا قصد فلا عقد فيبطل و لعلّه الى ذلك أشار الماتن (- ره -) بالأمر بالتّأمّل و استظهر الشّيخ الوالد (- قدّه -) كون الأمر بالتأمّل هنا امرا بالتعمّق و التدبّر في وجه المقصود قوله طاب ثراه كإبراء المالك الودعيّ المفرط من الضّمان (- اه -) يعنى قبل تلف الوديعة الّتي فرط فيها الودعيّ فإنّ الإبراء هناك صحيح باعتبار وجود السّبب الّذي هو التفريط و ان لم يتحقّق شرط فعليّة الضّمان و هو التّلف

الثاني من مسقطات خيار الغبن اشتراط سقوطه في متن العقد

قوله طاب ثراه قال في (- س -) في هذا المقام (- اه -) قد حكى عن الصّيمري في غاية المرام الجزم ببطلان العقد و الشرط كليهما هنا قوله طاب ثراه ثمَّ احتمل الفرق (- اه -) أراد (- ره -) انّ الغرر بعد حصوله في كلّ من موردي خيار الغبن و خيار الرّؤية بسبب اشتراط سقوط الخيار يسهل رفعه و إزالته في مورد الغبن من جهة انّ الغبن يحصل بزيادة المال في معرض البيع عن قيمته اللاّئقة به و إذا حصل الغرر بإسقاط الخيار أمكن جبره بالأرش فيقابل المال بما يليق به و ذلك على خلاف مورد خيار الرّؤية فإنّه انّما يتحقّق بسبب تخلّف شيء من الأوصاف و معلوم انّ الرّغبات تختلف باختلافها و ليست ممّا تجبر بالأرش فلا يتحقّق فيه سهولة إزالة الغرر الحاصلة في الغبن كما نبّه على ذلك الشّيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى مقامه ثمَّ قال و لكنّك خبير بأنّه قد يحصل من هذا البيان انّ هذا الوجه الّذي جعله الشّهيد (- ره -) مستندا للاحتمال ليس ممّا يصحّ الاستناد إليه في الحكم لأنّ سهولة إزالة الغرر بعد حصوله في ضمن البيع لا يخرج البيع المذكور عن عنوان بيع الغرر الّذي نهى النّبي (- ص -) عنه فتدبّر هذا كلامه رفع مقامه و هو كلام موجّه قوله طاب ثراه و لعلّ توجيه كلام الشهيد (- ره -) هو ان (- اه -) ربّما استدلّ بعضهم لمختار الشهيد (- ره -) بوجه أخر هو انّ هذا الخيار لا يسقط بالتصرّف كما تسمع إنشاء اللّه تعالى فلا يسقط بالشرط و فيه نظر ظاهر لمنع الملازمة بل ثبوت الفرق لكون التصرّف أضعف من الاشتراط كما هو واضح و بالجملة فلا وجه لرفع اليد عن عموم أدلّة الشروط بأمثال هذه التكلّفات قوله طاب ثراه لكن الأقوى الصحّة (- اه -) الوجه في ذلك هو عدم أدلّة الشّروط بعد عدم كون اشتراط سقوطه مخالفا للكتاب و لا السنّة و لا لمقتضى العقد فيشمله عموم ما دلّ على انّ المؤمنين عند شروطهم قوله طاب ثراه و ثبوت الخيار (- اه -) عطف على التّزلزل و مفسّر له قوله طاب ثراه و امّا خيار الرؤية (- اه -) (11) لمّا بيّن توجيه كلام الشهيد (- ره -) بالنّسبة إلى خيار الغبن و بقي توجيهه بالنّسبة إلى خيار الرّؤية تعرّض له بهذا الكلام قوله طاب ثراه و لا تنافى بين ان يقدّم على اشتراء العين (- اه -) (12) الوجه في عدم التّنافي ما نبّه عليه الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه من ان التزامه بعدم الفسخ (- ح -) إسقاط لما استحقّه و لا يتحقّق الإسقاط إلاّ بعد الاستحقاق فالّذي ينافي الاستحقاق انّما هو نفى الاستحقاق لا إسقاط الحقّ ثمَّ انّه (- قدّه -) قال و ممّا يرفع البعد عن هذا المقال ملاحظة العفو من اللّه تعالى في بعض ما حرّمته على عباده كالظّهار مثلا فإنّه مبغوض للّه تعالى لكنّه بعد ما فعله العبد قد عفى تعالى عنه و رفع ما يستحقّه العبد من العقاب فالمنافي للتّحريم انّما هي إباحة المنهيّ عنه لا إسقاط عقابه و العفو عنه قوله طاب ثراه فتأمّل (13) جعله الشيخ الوالد (- قدّه -) إشارة إلى دقّة المقصود و التدبّر في وجهه و الّذي يظهر لي انّه أشار بذلك الى ما وعده بقوله و سيجيء (- اه -) فإنّه أثبت عند الكلام في خيار الرّؤية التّنافي بينهما و رجوعه الى التّناقض و إبطاله للاشتراط الرّافع للغرر و عود الغرر بذلك ذكر ذلك عند الكلام في مسقطات خيار الرّؤية فراجع

الثالث من مسقطات خيار الغبن تصرف المغبون

قوله طاب ثراه و امّا الإجماع فهو غير ثابت (- اه -) (14) توضيح ذلك على ما افاده الشيخ الوالد (- قدّه -) انّ التصرّف بعد العلم بالغبن دليل على الرّضاء و الإجماع على ثبوت الخيار مع الغبن دليل لبّى و القدر المتيقّن منه انّما هي صورة عدم الرّضاء فلا يتحقّق مع وجوده الاّ ان يقال انّه قد قام الإجماع على ثبوت الخيار للمغبون بعد العلم بالغبن و قبل التصرّف لانّ اللازم على تقديري القول تكون ظهور الغبن شرطا شرعيّا للخيار و القول بكونه كاشفا هو الحكم بثبوت الخيار (- ح -) و انّما الشكّ في انّ التصرّف هل هو رافع للخيار أم لا فيكون المقام من قبيل الشكّ في الرافع فيجري الاستصحاب على مذهب (- المصنف -) (- ره -) لا من قبيل الشكّ في مقدار استعداد المقتضى كما في صورة الشكّ في كون الخيار على الفور أو على التّراخي و تعبيره (- ره -) بالدّفع إشارة إلى كون الشكّ في المقتضى لأنّ لازم كون التصرّف دافعا للخيار هو حدوث مقتضى الخيار في حال حدوثه أو بعده فيرجع الشكّ في الخيار على هذا الى الشكّ في مقتضية قوله طاب ثراه فتأمّل (15) يحتمل ان يكون الأمر بالتأمّل إشارة إلى كون الشكّ هنا في المقتضى كما سمعت فلا يجرى الاستصحاب

ص:79

و احتمل الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه ان يكون إشارة إلى دفع ما قد يتوهّم من انّ المجمع عليه هو ثبوت الخيار بشرط عدم التصرّف و مع وجود التصرّف يتبدّل الموضوع فاذا فرض وقوع الشكّ في كون التصرّف رافعا لم يجر الاستصحاب من حيث ارتفاع الموضوع و وجه الدّفع هو منع كون المجمع عليه ثبوت الخيار بشرط عدم التصرّف و انّما المجمع عليه هو ثبوته في حال عدم التصرّف و تبدّل الأحوال غير موجب لتبدّل الموضوع و الاّ لم يجر الاستصحاب في شيء من موارد الشكّ في رافعيّة الشيء الموجود هذا و لكنّا نقول انّ التمسّك بالاستصحاب ممّا لا وجه له حتّى بناء على كون الشكّ هنا في الرافع لانتفاء الإجماع بالخلاف فانّ الخلاف يكشف عن اختصاص الحكم المجمع عليه بما إذا لم يرض فتأمّل

الرّابع من المسقطات تصرّف المشتري المغبون

قوله طاب ثراه و من تأخّر عنه (- اه -) كالعلاّمة في (- كرة -) و محكي (- ير -) و الشّهيد في غاية المراد و ابن فهد في المهذّب البارع و الفاضل المقداد في التنقيح و المحقّق و الشهيد الثّانيين في (- مع صد -) و تعليق (- شاد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و شمس الدين في محكي كلامه و غيرهم قوله طاب ثراه و قيل انّه المشهور (- اه -) النّاقل للشّهرة هو ثاني الشهيدين في (- الروضة -) و الكاشاني في المفاتيح و الفقيه الغروي في خياراته قوله طاب ثراه و هو (- كك -) بين المتأخّرين هذا يدلّ على تأمّله في الشّهرة المطلقة و هو (- كك -) إذا لم يعنون المتقدّمون المسئلة في كلماتهم قوله طاب ثراه نعم ذكره الشيخ في خيار المشترى (- اه -) لمّا قيّد الشّهرة بكونها بين المتأخرين أشار بهذه العبارة إلى وجود التّصريح به في نظير المقام من الشيخ (- ره -) من بين القدماء قوله طاب ثراه و الظاهر اتّحاد هذا الخيار مع خيار الغبن كما يظهر من (- مع صد -) (- إلخ -) قال العلاّمة (- ره -) في الفرع الأوّل من فروع احكام الخيار ما لفظه لا يبطل الخيار بتلف العين فان كان مثليّا طالب صاحبه بمثله و الاّ القيمة انتهى و قال المحقّق الثاني (- ره -) في شرحه بعد كلام له ما لفظه و في بقاء خيار الغبن بعد التّلف تردّد سواء كان التّلف من البائع أم من أجنبيّ أم بافة الاّ ان يكون التّلف بالآفة قبل القبض فإنّه من ضمان البائع و على إطلاق كلامهم ينبغي ان يكون بعد القبض (- كك -) لاختصاص الخيار بالمشتري فينفسخ العقد في الموضعين الاّ ان التردّد في كلامه السّابق في فروع المرابحة في ثبوت الخيار للمشتري المكذوب في الأخبار برأس المال ينافي الحكم بانفساخ العقد انتهى المهمّ ممّا في (- مع صد -) وجه الاستشهاد انّه لو لا اتّحاد الخيار المذكور مع خيار الغبن لم يكن للتّنافي وجه من جهة تغاير موضوعي الحكمين قوله طاب ثراه لانّ الخيار غير مشروط (- اه -) و بعبارة أخرى مجرّد عدم الاسترداد لا يسقط الحقّ و الا لم يبق لاسترداد المثل أو القيمة وجه قوله طاب ثراه بل المتيقّن منه جواز ردّ العين (- اه -) فيه انّ حديث نفى الضّرر ليس دليلا لبيا كي يؤخذ منه بالقدر المتيقّن بل لازم التمسّك به لإثبات الخيار ثبوته حيث كان الضّرر موجودا و الفرض هنا عدم ارتفاعه و ما توهّمه (- قدّه -) من التّعارض بين ضرر المغبون و ضرر الغابن مدفوع بمنع كون قبول البدل ضررا كما ستسمع من الشهيد (- ره -) قوله طاب ثراه و لكن اعترض عليهم شيخنا الشهيد (- قدّه -) (- اه -) أشار بذلك إلى قول أخر في المسئلة فانّ في المسئلة قولين اخرين أحدهما عدم السّقوط لكن لا مع استرداد العين بل مع استرداد المثل إن كان مثليّا و القيمة إن كان قيميّا و هو الذي مال اليه الشّهيد (- ره -) في اللّمعة حيث قال بعد الحكم بما هو المشهور من سقوط الخيار بخروج المغبون فيه عن ملك من انتقل اليه ما لفظه و فيه نظر للضرر مع الجهل فيمكن الفسخ و إلزامه بالقيمة أو المثل و كذا لو تلفت العين أو استولدت الأمة انتهى و حجّة ما حكاه الماتن (- ره -) بهذه العبارة ثانيهما عدم السّقوط مع استرداد العين حتّى مع وجود المانع من الردّ احتمله المحقّق الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و غيره في غيره و حجّته انّ الخيار كان ثابتا قبل النّقل فيستصحب و حقّ المغبون سابق على حقّ من انتقل اليه بعد ذلك و السّابق رتبة يقدّم فيكون له بعد الفسخ استرداد العين و أقول امّا على القول بتوقّف انتقال الملك على انقضاء الخيار فقد يتراءى تماميّة هذا الوجه نظرا إلى انّ البيع و العتق و الوقف و الاستيلاد و أمثال ذلك فروع الملك و ما لم يرتفع الخيار لم يملك المتصرّف فتصرّفاته بالبيع و العتق و نحو ذلك لغو فاذا فسخ عاد المال إلى مالكه الأوّل و امّا على القول بالانتقال بمجرّد الصّيغة فلا وجه للاحتمال المذكور لانّه قد باع ما يملكه و أعتق ما يملكه و وقف ما يملكه و استولد مملوكته فلا معنى لعود مال المشترى إلى البائع و الحر رقّا و الوقف طلقا و أمّ الولد مملوكة بل قد يقال انّ لازم القول بتوقّف الانتقال على انقضاء الخيار بطلان البيع و العتق و الوقف و حرمة الوطي من أوّل الأمر لا عروض الفساد باختيار المغبون الردّ مضافا إلى انّ القول بتوقّف الانتقال على انقضاء الخيار ساقط و من قال به انّما يقول بتوقّفه على انقضاء المجلس و الأيّام في الحيوان و لا أظنّه يلتزم بالتوقّف على ارتفاع خيار الغبن (- أيضا -) فتأمّل كي يظهر لك صراحة أقوال أرباب هذا القول في إرادتهم بالخيار المتوقّف عليه حصول الملك خيار المجلس قوله طاب ثراه و الإنصاف انّ هذا حسن (- اه -) المشار اليه هو مختار الشّهيد (- ره -) و حسنه قد ظهر ممّا مرّ بناء على الاستناد في أصل ثبوت الخيار إلى قاعدة الضرر و امّا من استند في إثبات أصل خيار الغبن إلى الإجماع فيسوغ له نفي الخيار بالتصرّف المذكور نظرا إلى فقد الإجماع الاّ ان يكون ممّن يقول بحجيّة استصحاب حكم الإجماع فإنّ عليه (- أيضا -) الحكم ببقاء الخيار بعد التصرّف المذكور و امّا على ما ذكرناه من المبنى إن تمَّ اعنى كون المعاملة سفهيّة فالوجه ان يقال انّه بعد العلم بالحال ان ظهر صلاح جابر للغبن موجب لاندراج المعاملة في المعاملات العقلائيّة صحّ العقد الأوّل و التصرّف اللاّحق و لم يكن له خيار و الاّ فسد البيع الأوّل من أصله و فسد التصرّف اللاّحق بيعا كان أو عتقا أو وقفا أو استيلادا لوقوعها على ما لا يملك و لم ينتقل اليه كما لو ظهر المبيع أو المعتق بالفتح أو الموقوف أو المستولدة ملكا لغيره فتدبّر قوله طاب ثراه فيقتصر على مورد الإجماع فيه انّه لا وجه لدعوى الإجماع في المقام بعد عدم سبق عنوان المسئلة في كلمات الأوائل فلا وجه لقوله يقتصر على مورد الإجماع و لو كان أبدل لفظ الإجماع بالمتيقّن لسلم عن الإيراد قوله طاب ثراه ففي جواز الردّ وجهان (11) قلت الأوجه الأوّل ضرورة أنّ دليلهم على المنع لم يكن الاّ عدم إمكان الاستدراك و الفرض إمكانه هنا فيلزم الرد لعموم نفي الضّرر مضافا الى انّه اولى من التصرّف الجائز الّذي حكموا بالرد معه قوله طاب ثراه و عدم الخيار هنا اولى (12) قلت بل الأولى ثبوت الخيار لإمكان الرد و مجرّد كون الإمكان هنا بسبب جديد و الفسخ برفع السّبب السّابق لا يصلح فارقا لعدم ابتناء الأحكام على الاعتبارات سيّما في قبال عموم حديث نفي الضّرر كما لا يخفى قوله طاب ثراه من انّ مورد الاستثناء (- اه -) (13) لا يخفى عليك انّ اللاّزم هو الجري على مقتضى الدّليل فاذا كان دليلهم عدم إمكان الاستدراك لزمهم الحكم

ص:80

بعدم سقوط الخيار بالتصرّف الغير الموجب لتعذّر الردّ و الاستدراك كما انّ لازمه عدم سقوط الخيار لو لم يعلم بالغبن الاّ بعد انقضاء الإجارة قوله طاب ثراه و في لحوق الامتزاج (- مط -) أو في الجملة بالخروج عن الملك وجوه ثالثها عدم اللّحوق (- مط -) و حجّة اللّحوق ما أشار اليه و الوجه في عدم اللحوق استصحاب الخيار و أراد باللحوق في الجملة اللحوق عند الامتزاج المانع من الرد كالغير القابل للقسمة و عدم اللّحوق إذا كان الامتزاج على وجه لا يمنع من الردّ كالقابل للقسمة و هذا الوجه أقرب لدوران الأمر مدار إمكان الردّ و عدمه و ما هو قابل للقسمة يمكن ردّه بعد القسمة قوله طاب ثراه و لو تغيّرت بالزيادة العينيّة أو الحكميّة أو من الجهتين فالأقوى الردّ في الوسطى بناء على حصول الشركة في غيرها المانعة عن ردّ العين فتأمل قال والدي العلاّمة أعلى اللّه تعالى مقامه انّه هكذا نقلت العبارة عن أصل النّسخ و من المعلوم انّ الزيادة الحكميّة هي الوسطى و مثالها قصارة الثوب و نحوها ممّا كان وصفا عارضا موجب للمرغوبيّة و زيادة القيمة و امّا الأمر بالتأمّل فهو إشارة إلى توهين الردّ في الوسطى و ضعف بنائه على استثنائها من حصول الشّركة لما سيجيء في كلامه من حكمه بالاشتراك فيها قوله طاب ثراه فالظّاهر انّه لا وجه لسقوط خيار المغبون به (- اه -) لأصالة بقاء الخيار بعد عدم الدّليل على سقوطه فانّ ضرر المغبون لا يسقط بتصرّف من لا ضرر له عليه قوله طاب ثراه من وقوع العقد (- اه -) فيه التناقض ما لا يخفى لانّ العقد ان وقع في ملك الغابن فاللاّزم لزومه و عدم تسلّط احد على فسخه و ان وقع في ملك غيره فاللازم هو البطلان من رأس فسخ المغبون أم لا قوله طاب ثراه و مقتضى فسخ البيع الأوّل تلقّى الملك من الغابن قال والدي (- قدّه -) انّ ظاهر هذا الكلام هو انّ مجرّد فسخ البيع يوجب انفساخ البيع الثّاني من أصله فيتلقى المغبون المبيع من الغابن لا انّ للمغبون فسخ البيع الثّاني بعد فسخ البيع الأوّل لكنّ هذا غير ملائم للفظ التسلّط الّذي أخذه في عنوان الوجوه المذكورة في كلامه الاّ ان يقال انّه لمّا كان مقتضى فسخ البيع تلقّى الملك من الغابن كان للمغبون التسلّط على فسخ البيع الثاني من باب المقدّمة لتلقّيه الملك من الغابن لكن لا يخفى ما فيه من البعد قوله طاب ثراه امّا لانّ التصرف في زمان خيار الغير المتصرّف صحيح لازم (- اه -) اللاّم في كلمة الغير زائدة و اللاّزم اضافة كلمة غير إلى المتصرّف ثمَّ انّ ما في العبارة صغرى و الكبرى مطويّة لوضوحها و هي انّ المتصرّف هنا هو المغبون الّذي له الخيار و التصرّف الواقع انّما هو من المغبون كما هو المفروض في المقام قوله طاب ثراه لانّ معنى جوازه تسلّط احد المتعاقدين على فسخه ظاهر كلامه اجراء الوجوه الثّلثة المتقدّمة هنا (- أيضا -) و جريان الوجهين الأوّلين ظاهر و إن كان أظهرهما الثاني و امّا الثّالث فقد استند في إجرائه الى ما في العبارة من العلّة و يمكن المناقشة في ذلك بانّ تسلّط الغابن على الفسخ كاف في المطلوب لأنّه إذا فسخ المغبون استحقّ مطالبة الغابن بماله فاذا طالبه لزم الغابن الفسخ و ليس العقد لازما كي يتسبّب لعجز الغابن عن الفسخ و ردّ العين و الانتقال إلى البدل قوله طاب ثراه و يمكن النظر فيه بانّ فسخ المغبون (- اه -) قال والدي (- قدّه -) في توضيح العبارة انّه أراد أنّه إن كان مراده انّه إذا فسخ المغبون البيع الواقع بينه و بين الغابن دخل العين الّتي بذلها المغبون للغابن و انتقل من الغابن إلى غيره ببيع الخيار مثلا في ملك الغابن فعلى هذا يتّجه عليه انّه لا يبقى حاجة إلى فسخ البيع الّذي وقع من الغابن على العين الّتي أخذها من المغبون حتى يتكلّم في الفاسخ و يقال انّه يلزم الغابن بفسخ ذلك ذلك البيع فان امتنع فسخه الحاكم و ان امتنع فسخه المغبون و إن كان مراده انّه إذا فسخ المغبون البيع المذكور دخل بدل العين الموصوفة في ملكه فعلى هذا يرد عليه انّه إذا كان ما استحقّه بالفسخ هو بدل العين الّتي بذلها فكيف يعدل عنه إلى غيره و هو نفس العين هذا كلامه علا مقامه و أقول يمكن الجواب عن تنظر الماتن (- ره -) بأنّه لم يدخل بفسخ المغبون في ملكه العين و لا بد لها بل الثّابت له بالفسخ استحقاق مطالبة الغابن بالعين فلا محذور و انتقال ما بيد الغابن إلى ملكه انتقالا متزلزلا لا يمنع من ذلك و انما المانع الانتقال و الدّخول اللازم و لم يحصل كما هو الفرض قوله طاب ثراه لو اتفق عود الملك اليه لفسخ فإن كان ذلك قبل فسخ المغبون (- اه -) لي في هذا التفصيل نظر لان تملّك البدل انّما كان لمانع عن ردّ العين فاذا عاد الأصل ارتفع المانع و لم يكن لإلزام ذي المال بقبول بدله وجه و لم يقع تملّك البدل منه قبل العود على وجه لازم حتّى لا يسوغ له بعد إمكان ردّ العين المطالبة بها و هل ترى من نفسك الحكم بعدم استحقاق ذي مال أخذ بدل ماله لظنّ تلف الأصل ان يطالب بالأصل بعد ظهور بقائه حاشا و كلاّ قوله طاب ثراه و لو كان العود بعقد جديد فالأقوى عدم وجوب الرد (- مط -) (- اه -) فيه ما في سابقة من انّ الانتقال إلى البدل انّما هو لعدم إمكان الأصل فإذا عاد الإمكان عاد الاستحقاق و كون العود بعقد جديد أو بغيره غير فارق (- فت -) قوله طاب ثراه و فيه نظر لمنع تزلزل ملك المنفعة (11) يمكن المناقشة فيه بدعوى انّ ملك منفعة الملك المتزلزل لا بدّ و ان يكون متزلزلا و الاّ للزم مزيّة الفرع على الأصل فتأمّل قوله طاب ثراه و سيجيء ما يمكن ان يكون فارقا بين المقامين (12) قال والدي العلاّمة أعلى اللّه مقامه الظّاهر ان هذا دفع لما استدركه تأييدا للفاضل القمي (- ره -) و ان مراده بما يمكن ان يكون فارقا هو ما يحكيه عن (- لف -) من انّ الفائت لما حدث في محلّ معروض للزّوال لم يجب تداركه و غرضه بيان انّ ملك منفعة الملك المتزلزل و ان لم يكن متزلزلا و لذا لم يحكم العلاّمة (- ره -) بانفساخ الإجارة بعد التفاسخ في البيع الاّ انّ جهة الفرق بين التفاسخ و بين الفسخ بالخيار من حيث انّه ثبت في الأوّل أجرة المثل و لم يثبت في الثاني شيء هو انّ الإجارة المستتبعة للمنفعة الفائتة من المالك عند المستأجر بعد الفسخ حدث في محلّ معرض للزّوال لثبوت الخيار و لذلك لم يجب تدارك تلك المنفعة الفائتة و هذا بخلاف الإجارة المستتبعة للمنفعة الفائتة من المالك عند المستأجر بعد التفاسخ فإنّها لم تحدث في محلّ معروض للزّوال لانّ التّفاسخ أمر طار قد اتّفقا عليه من دون سبق سبب الخيار و لهذا وجب تداركها بأجرة المثل قوله طاب ثراه فالظّاهر ثبوت الشركة فيه (- اه -) (13) و ذلك لانّ عمل المسلم محترم لا يضيع إلاّ إذا وقع عدوانا و ظلما و الفرض هنا صدوره منه في حال سلطنة على ما في يده شرعا قوله طاب ثراه فالظاهر عدم شيء لمحدثها (14) خالف في ذلك ثاني الشهيدين في (- الروضة -) حيث حكم في الفرق بأن للمشتري أجرة عمله و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ العمل انّما يوجر عليه إذا استوجر الشخص لذلك إذا كان له أثر في زيادة قيمة المال و لا شيء منهما موجودا هنا و الأصل البراءة من الأجرة قوله طاب ثراه كما عليه المشهور فيما إذا رجع بائع الأرض المغروسة بعد تفليس المشتري (15) أشار بذلك إلى ما ذكره المشهور فيما إذا باع أرضا فغرسها المشترى ثمَّ حكم الحاكم بتفليسه فإنّهم ذكروا أن لبائع الأرض الرّجوع

ص:81

بعد تفليسه إلى رقبة أرضه كما هو الشّأن في كلّ من وجد عين ماله في أموال المفلّس و قد حكم الأكثر بأنّ البائع بعد رجوعه إلى أرضه لا يستحقّ قلع الغرس مطلقا لا بالأرش و لا بدونه فيصير الحال فيما غبن فيه مثله هناك قوله طاب ثراه و من انّ الغرس المنصوب الّذي هو مال (- اه -) لا يخفى عليك انّه ان تمَّ هذا فإنّما يصحّ وجها لعدم جواز القلع بلا أرش و لا يدفع القلع مع الأرش الّذي هو جزء المدّعى قوله طاب ثراه مضافا إلى مفهوم قوله عليه السّلام ليس لعرق ظالم حق (- اه -) قيل معناه ان يجيء الرّجل إلى الأرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض و الرّواية لعرق بالتنوين و هو على حذف مضاف أي لذي عرق ظالم فجعل العرق نفسه ظالما و الحقّ لصاحبه أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق و روى عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق و الحق العرق و هو احد عروق الشجر انتهى و قال الشيخ الوالد (- قدّه -) بعد نقله انّ إثبات الحقّ للعرق على الرّوايتين اسلس و أبلغ من الإضمار الّذي هو مع ردائته غير محتاج اليه و أقول انّ التمسّك بالرّواية محلّ تأمّل إذ فيه بعد الغضّ عن السّند انّها من مفهوم اللقب الضّعيف فلا يثبت المطلوب مع انّه على فرض الحجية إنّما يفيد ثبوت حقّ في الجملة لعرق غير ظالم و هو كما يتمّ باستحقاق الإبقاء فكذا يتمّ بالقلع بأرش فلا ينفى (- ح -) الوجه الآتي مع انه على فرض الغضّ عن جميع ذلك فعموم تسلّط النّاس على أموالهم يقتضي تسلّط صاحب الأرض على مطالبة صاحب الغرس بتخلية أرضه غاية ما هناك انّ ثبوت الحق تقتضي دفعه الأرش قوله طاب ثراه فعليه أرش طمّ الحفر (- اه -) الظّاهر انّ المراد بأرش طمّ الحفر الأجرة الّتي يأخذها الطامّ على عمله لا النّقص الحاصل في الأرض بواسطة الحفر و طمّها لو فرض وقوعه و إن كان حكمه على فرض وقوعه هو ضمان مالك الغرس إيّاه نبّه على ذلك والدي العلاّمة قدّس اللّه تربته الزكيّة و استشهد لذلك بأنّه لو كان المراد هو النّقص الحاصل في الأرض بواسطة الحفر كان اللاّزم اضافة الأرش إلى الحفر دون الطمّ قوله طاب ثراه ثمَّ إذا جاز القلع فهل يجوز للمغبون مباشرة القلع أم لا (- اه -) الأظهر عدم جواز مباشرة المغبون للقلع لانّه تصرّف في ملك الغير بغير رضاه مع عدم كونه غاصبا كي يجوز مباشرة دفعه بل غاية ما ثبت انّ له مطالبة المالك بالقلع فان امتنع كان غاصبا و جاز للمغبون الفاسخ دفعه بمباشرة القلع و الأولى مع ذلك أيضا مراجعة الحاكم ليجبره على القلع قوله طاب ثراه فتأمّل وجهه على ما افاده الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه انّ طول مدّة البقاء لا مدخل له فانّ كلاّ من اجرة بقاء الزّرع و اجرة بقاء الشجر إن كان على وجه يرفع الضّرر عن مالك الأرض ارتفع المانع عن تعيّن بقائه بالأجرة فيها و إن كان على وجه لا يرفع الضّرر لم يكن فرق بينهما في عدم جواز إبقائه على الأرض بالأجرة نعم قد يتّفق في بعض الموارد انّ بقاء الشجر تلك المدة المديدة يمنع من بعض التصرّفات المقصودة كما لو كانت تلك الأرض قابلة لبناء الدّار أو الخان مثلا فيها لو لم تكن مشغولة بتلك الأشجار و كان بقاؤها فيها مانعا و مفوتا لذلك الغرض فإنّه يصير طول مدّة البقاء (- ح -) مورثا للضّرر خصوصا إذا كانت الأجرة قليلة و منفعة بناء الدار و الخان عظيمة الاّ ان طول مدّة البقاء لم يصر هو السّبب و انّما أورث ما هو سبب و الأمر سهل لكن يبقى انّ مجرّد الاتفاق في بعض الأحيان لا يصحح إطلاق القول بالفرق بين الزّرع و الشجر لتعيّن الإبقاء بالأجرة في الأوّل دون الثّاني لأنّه مع عدم اطّراد كون طول البقاء في الشجر موجبا للضّرر يتّجه عليه انّه قد يتّفق مثل ما ذكر من الضّرر بالنّسبة إلى زرع الأرض بأن كان مقصوده بناء دار أو خان في زمان لو فات لم يتيسّر له مثل ذلك فتحصل من ذلك انّه كان اللاّزم (- ح -) التّفصيل بين ما لو كان بقاء كلّ من الزرع و الشجر مورثا للضّرر و بين ما لو لم يكن بقاؤه مورثا للضّرر بتعيّن البقاء بالأجرة في الثاني دون الأوّل إلى هنا كلامه رفع في الخلد اعلامه و ما ذكره وجها للتأمّل و ان كان سديد الاّ انّ ما مال اليه و جزم به أخيرا من تعيّن البقاء بالأجرة إذا لم يكن مورثا للضّرر ينافي أدلّة تسلّط النّاس على أموالهم و قاعدة الضّرر إنّما تجري إذا كان فعل الشخص للإضرار بالغير بحيث لا يكون غاية فعله إلاّ الإضرار بالغير لا ما إذا تصرّف في ملكه لداع عقلائيّ و تضرّر به الغير مع انّ الغابن بزرعه و غرسه في الأرض الّتي يعلم بتزلزل ملكه لها مقدّم على الضّرر فالأظهر في النّظر القاصر تخير مالك الأرض في كلّ من الغرس و الزّرع بين الرّضا بالبقاء بأجرة أو لا بها و بين المطالبة بتخلية الأرض من غير فرق في الحالين بين إيراث البقاء ضررا على صاحب الأرض و بين عدمه و لا بين إيراث القلع ضررا على صاحب الغرس و الزرع و عدمه و اللّه العالم قوله طاب ثراه و لا يجوز تصرّفه في مال غيره الاّ بإذنه (- اه -) هنا مقدمة طوى ذكرها لوضوحها و هي انّ القلع تصرّف من الغارس في أرض المغبون الفاسخ لاستلزامه نقصها قوله طاب ثراه اقويهما الثّاني الوجه في قوّته ما أشار اليه و أوضحناه في الحاشية السّابقة من انّ قاعدة السّلطنة محكمة ما لم يكن غاية فعل المتصرّف الإضرار بالغير و لا إضرار هنا فتدبّر قوله طاب ثراه فهو في حكم التّالف يرجع إلى قيمته (- اه -) المراد بالقيمة إن كان قيمة ماء الورد اتّجه عليه ان إثبات القيمة مطلقا ممّا لا وجه له بل اللاّزم إثبات المثل إن كان مثليا و القيمة إن كان قيميّا كما هو مقتضى كونه بحكم التّالف ثمَّ انّ جعل الامتزاج مطلقا بحكم التّلف محلّ تأمّل و انّما هو فيما إذا لم يكن للممتزج قيمة و امّا إذا كان الماء الورد الممتزج بالزّيت قيمة فلا وجه للرجوع الى البدل بل يكون شريكا مع الغابن في القيمة فيباع الممتزج و يقسم عليهما بالنّسبة و ذلك لوجود عين مال المغبون فلا وجه للعدول إلى البدل غاية ما هناك انّه قد فات وصف متاعه بسبب الامتزاج فيثبت على الغابن التّفاوت إن كان المزج المذكور منقصا لقيمة العين فالحقّ أنّ التّفرقة بين امتزاج ماء الورد بالزّيت و بين امتزاج الخلّ بالانجبين مما لا وجه له الا النظر إلى الغالب قوله طاب ثراه ففي كونه شريكا (- اه -) الظّاهر انّ المراد بالشركة هي الشركة في القيمة بمعنى صيرورة المقدار الّذي يخصّه على حسب نصيبه من الممتزج له فلو كان ماء ورده منّا يسوى درهما و زيت صاحبه؟؟؟ يسوى درهمين بيع الممتزج و صار لصاحب ماء الورد ثلث الثمن و لصاحب الزّيت ثلثاه و هل له الشّركة في العين بان يطالب في الفرض ثلث الممتزج عينا أم لا وجهان من انّ موضوع الشّركة القهريّة انّما هو امتزاج المتماثلين و لا دليل على انتقال ذيت شخص إلى أخر و ماء ورد الأخر إلى الأوّل و من انّ الشّركة في المتماثلين ليست من باب التعبّد بل من باب حكم العقل بعد عدم إمكان التفريق بالشركة قهرا و هذا العنوان موجود في الفرض لكن الإنصاف عدم صحّة الشّركة لأنّ العقل انّما يحكم بالشركة في العين مع التّماثل و امّا مع التخالف فلا يحكم بالشّركة في العين لعدم المقتضى لانتقال زيت أحدهما إلى الأخر و ماء ورد الأخر إليه في قباله غاية ما هناك انّه لعدم إمكان التميّز و التّشخيص يحكم العقل بالشّركة في القيمة لانحصار طريق إيصال حقّ كلّ أحد إليه في البيع و قسمة الثمن بالنّسبة نعم الامتزاج لا يزيل ملك صاحب الخلّ عن الخلّ و صاحب

ص:82

الأنجبين عن الأنجبين بل كلّ منهما مالك للاجزاء الّتي له في الممتزج لكن ذلك ليس من الشّركة في العين لانّ معناها ملك كلّ منهما لمقدار من المال المشترك بحيث يكون له سلطان على أخذ العين و ذلك هنا غير معقول و ان شئت توضيح المقال نقول انّ الشركة تتصوّر على وجوه أحدها صيرورة مقدار ما يوافق وزن الممتزج للمغبون فلو كان خله منا ملك منا من الخلّ الممتزج بالأنجبين و هذا هو الّذي قلنا انّه لا وجه له لعدم الدّليل على انتقال الخلّ إلى صاحب الأنجبين و انتقال الأنجبين إلى صاحب الخلّ ثانيها كون الأجزاء الخلّيّة لصاحب الخلّ و الأجزاء الأنجبينيّة لصاحب الأنجبين فيبيعان السّكنجبين و يلحظ ما لكلّ من الخلّ و الأنجبين من القيمة بالنّسبة ثالثها صيرورة ما يقابل قيمة الخلّ من الممتزج للمغبون فاذا كان خله منّا يسوى درهما و السّكنجبين كلّ من منّه بدرهمين كان له نصف منّ يفعل به ما يشاء من بيع و هبة و نحو ذلك و هذا (- أيضا -) بعيد لانّ انتقال جزء من خلّه إلى صاحبه و انتقال جزء من انجبين صاحبه اليه بلا سبب ممّا لا وجه له فتبيّن انّ الشركة بالمعنى الوسط هو الأوجه بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه و هو انّه لو أوجب المزج المذكور نقصا في قيمة الممتزجين أو في قيمة مال المغبون خاصّة فعلى المختار من كون مبدء خيار الغبن من حين العقد يمكن القول بضمان الغابن للنّقص الحاصل في مال المغبون لانّ تصرّفه و ان وقع في ملكه الاّ انّ الملك متزلزل فيلزم ضمانه لما لزم منه من نقص القيمة (- فت -) قوله طاب ثراه و من تغيّر حقيقته (- اه -) هذا تعليل لكونه كالمعدوم لكن لا يخفى عليك عدم تماميّته أمّا أوّلا فلمنع تغيّر الحقيقة بل هو من تغيّر الصّفة و امّا ثانيا فلمنع إيجاب تغيّر الحقيقة (- مط -) ارتفاع الخيار بل إذا لم يكن الممتزج حقيقة ثالثة ذات قيمة مؤدّية إلى الاشتراك و امّا إذا كان (- كك -) فالحق هو الاشتراك مع ان تغيّر الحقيقة لو كان مخرجا للعين عن ملك مالكه للزم خروج الأنجبين (- أيضا -) عن ملك صاحبه الاّ ان يفرّق بأنّ إخراج العين عن حقيقته انّما يوجب الخروج عن الملك إذا كان المغيّر هو الأجنبيّ ليثبت عليه البدل و امّا إذا غيّر مال نفسه فلا يعقل ثبوت البدل عليه في مال نفسه فلا يتمّ النّقض ثمَّ انّ الشيخ الوالد أنار اللّه برهانه قال انّ مقتضى ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) هنا مناف لما ذكره في المستهلك عرفا كماء الورد الممتزج بالزّيت لانّه حكم هناك بأنّه يرجع الى قيمته و معلوم انّ الرّجوع إلى القيمة انّما يتمّ مع الفسخ فيكون لازمه انّ للمغبون ان يفسخ البيع في تلك الصّورة و قد حكم هاهنا بانّ التّلف رافع للخيار ثمَّ قال (- قدّه -) الاّ ان يوجّه هذا الكلام بانّ التّلف رافع للخيار من العين فلا ينافي الرّجوع إلى القيمة انتهى كلامه رفع في الخلد اعلامه و لعمري انّ حمل كلام الماتن (- ره -) على ما وجّهه (- قدّه -) به لازم ضرورة عدم تعقّل سقوط الخيار من رأس و الاّ للزم سقوطه في جميع موارد الانتقال إلى القيمة و ذلك ممّا لا دليل عليه و لا يلتزم به احد و لا يتوهم انّ الفسخ عبارة عن حلّ العقد و ردّ كل من العوضين إلى صاحبه الأوّل فإذا كان الثّمن تالفا فلا موضوع للحلّ لأنّا نقول انّ المحلول انّما هو العقد و هو لم يزل و تلف الثمن لا يقدح للانتقال إلى بدله من المثل أو القيمة قوله طاب ثراه و في استحقاقه لأرش النّقص أو تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج أو من ثمنه وجوه (- اه -) الفرق بين أرش النّقص و تفاوت الرّداءة انّ النّقص هنا عبارة عن نقصان مقدار حصّة المغبون من العين المركّبة من الجيّد و الردى فيلاحظ قيمة تلك الحصّة المركّبة من الجيّد و الردي مقيسة إلى الجيّد الخالص المساوي لها في المقدار و تفاوت الرداءة عبارة عن التّفاوت الحاصل بين نفس الردى و الجيّد كما نبّه على ذلك والدي الشيخ العلاّمة أعلى اللّه في الروضات مقامه ثمَّ قال أو الظاهر ان أرش النّقص أقل من تفاوت الرداءة دائما أو غالبا ثمَّ قال و الوجوه الحاصلة من عبارة (- المص -) (- ره -) هنا أربعة حاصلة من ملاحظة كلّ من الاثنين الأخيرين مع الاثنين الأولين انتهى كلامه رفع في الخلد اعلامه و أقول منشأ استحقاقه شيئا انّ عين ماله موجودة لكنّها نقصت بالمزج فعلى المازج ان يدفع ضرر النّقص و امّا الوجوه الأربعة في كيفيّة الجبران فمنشأ الأوّل منها انّ النقص لمّا حصل بالمزج بالمجانس الردىّ كان اللاّزم بعد كون الحنطة مثليّة الجبر بالمثل و ذلك يكون بإعطاء أرش النّقص من عين الجنس الممتزج فلو كان الجيّد منّا يسوى درهمين و الردىّ منّا يسوى درهما و مزجا و كان الممزوج يسوى كلّ من منّه بدرهم و نصف كان لصاحب الجيّد منّ و ثلث منّ من الممتزج و منشأ الثّاني انّه حيث امتزج الجنسان اشترك صاحباهما و لا يعلم مقدار النّقص في الجيّد بسبب الخلط الاّ بان يباع الجميع و يقسم و يدفع مقدار أرش النّقص من الثمن لانّ انتقال عين الممتزج اليه ممّا لا وجه له و منشأ الوجه الثالث انّ مقدارا من الجيّد موجود في حصّة المغبون من الممزوج فليس على الغابن الاّ دفع مقدار ردائه الردى فإذا قبض المغبون في المثال المزبور منا كان نصف منّ منه جيّد أو نصف منّ رديّا فعلى الغابن جبران ردائه النّصف فيعطى من الحنطة بمقدار جبر الرّداءة و منشأ الوجه الرابع هو منشأ الثالث بزيادة انّه لا وجه للجبر من العين بل يلزم البيع حتّى يتبيّن مقدار الرّداءة و يجبر ذلك المقدار و هنا وجه خامس و هو استحقاقه أرش النّقصان من مال الغابن لا من خصوص الجنس الممتزج و لا من خصوص ثمنه لانّه فعلا ناقص بفعل الغابن و لا خصوصيّة للجنس الممتزج و لا ثمنه و الأصل برأيه ذمّة الغابن من دفع الأرش من خصوص الجنس الممتزج أو خصوص ثمنه فتأمّل هذا كلّه إذا كان المراد بثمن الجنس الممتزج هو الثمن في بيع متأخّر عن الفسخ و امّا حمل الثمن على الثمن في المعاملة كما صدر من بعضهم فاشتباه فانّ الثمن ليس الاّ ما تصرّف فيه الغابن و قد فرض انّه عروض ممزوج بمثله و قد ردّه إلى المغبون و انّما الكلام فيما يجبر به نقصه فلا تذهل قوله طاب ثراه احتمل الشركة (- اه -) هناك احتمالان اخران أحدهما سقوط الخيار لكون ذلك كالتّلف و التّلف مسقط للخيار و فيه منع كونه كالتّلف أوّلا و منع كون التّلف (- مط -) مسقطا للخيار ثانيا ثانيهما الرجوع إلى الصّلح نفي في (- لك -) خلوّه عن قوّة لبقاء ماله و أصالة بقاء خياره و هناك وجه خامس أجود ممّا سبق و هو ان يعطى نصف الممتزج و يؤخذ منه بمقدار ما عرضه من الجودة أمّا إعطاء النّصف فلأنّه وزن متاعه و امّا أخذ التفاوت منه فلعدم الدّليل على استحقاقه التفاوت من غير عوض و لعلّ الوجوه المزبورة في الممزوج بالأردى نية هنا حرفا بحرف فتزداد وجوه المسئلة فتأمّل قوله طاب ثراه و ردّه الشيخ (- ره -) في مسئلة رجوع البائع على المفلس بعين ماله بأنّه يستلزم الربا وجه استلزامه الرّبا هو انّ الحصّتين إذا كانتا متساويتين لزم في مفروض (- المص -) (- ره -) مثلا معاوضة ما يساوى نصف المجموع بما يساوى ثلثه

بقي الكلام في حكم تلف العوضين و تصرف الغابن فيما وصل إليه

قوله طاب ثراه فمقتضى ما تقدّم من (- كرة -) في الإخراج (- اه -) قد مرّ ذلك في صدر البحث الرّابع من المسقطات اعنى تصرّف المشترى المغبون ببيع و نحوه و قوله من تعليل بيان لقوله ما تقدّم و التعليل هو ما أشار إليه من عدم إمكان استدراك العين بعد الخروج عن الملك قوله طاب ثراه لكنّك قد عرفت الكلام في مورد التعليل (- اه -) أشار بذلك إلى قوله بعد نقل

ص:83

تعليل (- كرة -) هناك و هو بظاهره مشكل لانّ الخيار غير مشروط عندهم بإمكان ردّ العين (- اه -) قوله طاب ثراه فاذا فسخ عزم قيمة يوم التّلف أو يوم الفسخ أقول منشأ القول الأول انّه لمّا كان الفسخ حلاّ للعقد كان اللاّزم في البيع المتزلزل بقاء العوضين و لو ببدلهما و لازم ذلك ثبوت البدل من حين التّلف فاذا فسخ أخذ قيمة يوم التّلف لانّه يوم الانتقال إلى القيمة و منشأ الثاني منع اعتبار بقاء العوضين أو بدلهما إلى زمان الفسخ لعدم الدّليل عليه و لا معنى لثبوت البدل على التلف في حال كون الأصل و انّما ثبوت البدل عليه حال الفسخ فيلزم ان يكون الثّابت قيمة يوم الفسخ و هناك وجه ثالث و هو ثبوت قيمة يوم الدّفع نظرا إلى منع ثبوت البدل حال الفسخ و انّما الثّابت حال الفسخ هي العين و انّما ينتقل إلى البدل حال الدّفع فيلزم ان تثبت قيمة يوم الدّفع و لو سلّمنا كون الانتقال إلى البدل حال الفسخ نقول انّ الأصل في البدل هو المثل و الانتقال إلى القيمة انما هو للعجز عن العين و لذا لو تمكّن من المثل في الأثناء كلّف به لأنّه أقرب إلى العين فحيث لم يزل عاجزا من العين و المثل إلى حين الدّفع كان الانتقال إلى القيمة في ذلك الزمان فالأظهر ثبوت قيمة يوم الدّفع و حيث انّ بعض حضّار مجلس البحث أشكل عليه المطلب رأيت انّ أوضح المقال في ما يثبت في الذّمة و ذلك انّه ادّعى استحالة ثبوت العين التّالفة في الذّمة زعما منه كون المراد من ثبوت العين ثبوت نفس العين المعدومة و هو خطأ لأنّ المراد بالثبوت في الذّمة ليس هو صيرورة الشيء كالحلقة في عنق الإنسان بل المراد به انّ الخطاب بالخروج عن عهدة العين بأداء بدله يتوجّه إلى المكلّف من حين التلف لكن لمّا كان للبدل مصاديق ففي المثلي هو مثل حال إمكانه و القيمة حال تعذّر المثل و المراد كلّى المثل و القيمة بحيث لا يكون شخصيّا إلاّ بالأداء و لذا انّه لو كان المثل واحدا كان هو المصداق و لو تعدّدت بعد ذلك كان كلّ منهما يتخيّر بينهما الدّافع و لو كان المثل هو العين لم يكن لعروض التخيير وجه و لو تعذّر بعد ذلك المثل كان مصداق البدل هو القيمة و لو دعا إمكان المثل دعا المثل مصداقا و مصداقا هكذا و لو كان المثل حين تلف المثلي متعذّرا كان المصداق للبدل هي القيمة و لو أمكن المثل بعد ذلك عاد المثل مصداقا و هكذا و كلّ ذلك يكشف عن انّ الثابت هو الخروج عن كلّى العهدة و على هذا فالثابت في القيمي كلّي القيمة و لازم ذلك كون المدار في المتلفات على قيمة يوم الأداء دون يوم التّلف على انّ اعتبار يوم التّلف هنا غلط لانّه لا استحقاق يوم التّلف حتّى يكون المدار على قيمته و انّما يحدث الاستحقاق حين الفسخ فتدبّر جيّدا لتفهم لبّ المطلب قوله طاب ثراه و رجع الغابن إلى المتلف (- اه -) قد يناقش في ذلك بانّ المتلف إنّما أتلف المال في حال كونه للمغبون فلم يتلف مال الغابن حتى يكون له الرّجوع اليه و ليس الانتقال إلى البدل و أنت خبير بانّ هذه المناقشة انّما تتمّ بناء على ثبوت البدل في ذمّة المتلف حين الإتلاف و امّا على ما هو الأظهر من ثبوت العين في ذمّته و عدم انتقاله إلى البدل الاّ حين الاستيفاء فلا وجه لها لانّ الثّابت في ذمّة المغوون هي العين كما انّها هي الثابت في ذمة المتلف فللمغبون احالة الغابن بالعين على المتلف لأنّه أيضا يضمن العين بالفرض بل للغابن الرّجوع إلى المتلف من دون احالة المغبون و ذلك لانّه بعد الفسخ قد وجد الغابن ما ملكه بالفسخ في ذمّة المتلف كما لا يخفى قوله طاب ثراه ردّ على الغابن القيمة يوم التّلف (- اه -) الحقّ هنا (- أيضا -) ردّ قيمة يوم الدفع لما مرّ في صورة التّلف بافة سماويّة قوله طاب ثراه و ان فسخ أخذ الثمن (- اه -) الوجه في ذلك انّ الغابن حيث أتلف ما انتقل منه إلى المغبون في حال كون ذلك مال المغبون ثبت للمغبون في ذمّة الغابن على التحقيق عين المتلف بالفتح فاذا فسخ المغبون ثبت للغابن في ذمته (- أيضا -) عين المنتقل اليه المتلف فتتهاتر عين بعين و يأخذ المغبون من الغابن الثمن و ربّما أورد بعضهم على الماتن (- ره -) بأنّه لا وجه لما ذكره و انّ التحقيق انّ الغابن يغرم للمغبون القيمة يوم التّلف و يغرم المغبون له قيمة يوم الفسخ قال و يظهر الثّمر في تفاوت القيمتين انتهى و أنت خبير بما فيه ضرورة انّ الانتقال إلى القيمة انّما هو إذا لم يمكن الوفاء بالعين و الفرض هنا إمكان الوفاء بتهاتر عين بعين فلا معنى لإثبات القيمة حتى يثبت على الغابن قيمة يوم التلف و على المغبون قيمة يوم الفسخ هذا مضافا إلى انّ رمى إثبات انّ له أخذ الثمن بأنّه لا وجه له ممّا لا معنى له ضرورة انّ أخذ الثمن ممّا لا بدّ منه على كل تقدير لانّه عوض المبيع و لازم الفسخ استرداده على كلّ حال و انّما الكلام في انّه هل يتهاتر عين بعين أو يلزم كلا منهما دفع قيمة العين إلى الأخر و ليس في عبارة الماتن (- ره -) تعرّض لذلك و انّما تعرّض لأخذ الثمن الّذي لا اشكال فيه على كلّ حال فلا معنى لرمي عبارته بعدم الوجاهة قوله طاب ثراه لانّه لو اشترى عينا بعين فقبض إحديهما (- اه -) لفظة قبض بصيغة المجهول و الحكم ممّا صرّحوا به في فروع القبض و نفى بعضهم معرفة الخلاف فيه و احتجّوا امّا على الشق الأوّل و هو بطلان البيع الأوّل فبأنّ تلف المبيع قبل القبض من مال بايعه بمعنى انّ المبيع ينتقل قبل التّلف آنا ما إلى ملك البائع فيتلف منه فالتّلف مستلزم للانفساخ قبل التّلف بان و هو المطلوب و انّما يتمّ هذا الوجه ان لو قلنا انّ حكم الثمن في كون تلفه ممّن انتقل منه حكم المبيع و الاّ لم يفد الوجه المذكور الاّ بطلان البيع الأوّل في خصوص ما إذا كان التّالف هو المبيع كما لا يخفى و امّا على الشق الثاني و هو عدم بطلان البيع الثاني ببطلان الأوّل فبان لازم ما ذكر من مبنى الوجه الأوّل انّما هو انفساخ البيع من حين التلف اى قبله بان ما فيكون البيع الثاني مصادفا للملك ضرورة انّ العين المبيعة كانت ملكا خالصا للبائع و انّما طرء البطلان على العقد بعد انتقال العين فلا يؤثر فيما سبق من التصرّفات بل يلزم البائع الثاني دفع المثل إن كانت العين مثليّة و القيمة إن كانت قيميّة كما لو تلفت و بالجملة فلا سبيل إلى المعاوضة اللاّزمة لمجرّد حدوث مبدل المعاوضة الأولى بالنّسبة إلى الآن الواقع بعد المعاوضة الثّانية فان الحقّ متعلّق بثالث فيجعل بمنزلة التّلف لانّ المانع الشرعي كالمانع العقلي و كما يقدّر رجوعه إلى ملك ناقله هناك فكذا هنا هذا ما ذكرناه في شرح المسئلة في مبحث القبض و ما نسبه (- المص -) (- ره -) إلى الجماعة في تعيين قيمة يوم القبض ممّا لم نقف عليه و انّما وقع الخلاف بينهم هناك في انّ المدار على قيمة يوم البيع أو يوم التلف ثمَّ انّ قولهم هناك بانّ المدار على قيمة يوم التّلف انّما كان ينفع بعد ضمّ عدم الفرق بين المسئلتين ان لو كان الحكم هناك لنصّ أو إجماع و ليس (- كك -) لفقد الدليل المعتبر و انّما ذكروا ذلك هناك استنادا إلى ان القيمة حين البيع لم تكن لازمة على البائع و انّما لزمت بتلف العين الأخرى الموجب لبطلان البيع و هذه العلّة عندي محلّ نظر من حيث انّ تلف العين لا توجب ثبوت القيمة و انّما الثابت بالتّلف عهدة العين و بدله غاية ما هناك انّ البدل حين التّلف هو

ص:84

قيمة ذلك اليوم فاذا لم يقبض البدل كان الثابت في ذمّته (- أيضا -) كلّى البدل فالمدار على يوم الدفع من المثل إن كان مثليّا و وجد المثل و قيمة ذلك اليوم ان فقد المثل كما مرّ قوله طاب ثراه و هذا ظاهر بل صريح في انّ العبرة بقيمة يوم الانفساخ دون التلف الوجه في ذلك هو انّ التالف انّما هو غير المقبوض المبيع ثانيا و الّذي يغرم قيمته انّما هو المقبوض المذكور فيغرم قيمته يوم الانفساخ النّاشى من تلف العين الأخرى و لو كان المناط هو قيمة يوم التّلف كان اللاّزم غرامة يوم بيعه لانّه يوم تلفه شرعا و ان لم يتّفق له تلف حقيقي كما نبّه على ذلك الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه ثمَّ نبّه على أمر و هو انّ الشهيد الثّاني (- ره -) قال في (- لك -) انّه يستفاد من ذلك انّ تلف المبيع قبل قبضه انّما يبطل العقد من حينه لا من أصله و الاّ لاسترد العين و تظهر الفائدة في ذلك و النّماء انتهى قوله طاب ثراه و الفرق بين المسئلتين مشكل لا يخفى عليك انّ غرض الماتن (- ره -) من الاستشكال في الفرق بين المسئلتين انّما هو استفادة قولهم هنا بكون المدار على قيمة يوم الانفساخ من قولهم به هناك لإثبات المطلب بالإلحاق بما هناك فما اعترضنا به عليه في الحاشية السّابقة غير متّجه عليه قوله طاب ثراه و تمام الكلام في باب الإقالة إنشاء اللّه قد ذكروا في مبحث الإقالة في يوم القيمة وجوها أحدها انّه يوم التّلف نظرا إلى انّ الضّمان متعلّق بالعين ما دامت فاذا تلفت تعلّق بقيمتها يومئذ ذكر ذلك في (- لك -) و أتمه في الجواهر بأنّه ليس المراد من الضّمان اشتغال الذّمة بالقيمة يوم التّلف إذ لا يعقل اشتغال ذمّة المالك بقيمة ماله بل المراد قيام القيمة يوم التّلف مقام العين في صحّة تعلّق الإقالة لمعلوميّة بدلية المثل أو القيمة عن العين في كلّ ما يتعلّق بها و نوقش فيه بانّ القدر المعلوم انّما هو تعلّق الإقالة و نحوها يوم التّلف بالقيمة في الجملة لا بخصوص القيمة يوم التّلف بل هو عين النزاع ثانيها انّه يوم القبض نظرا إلى أنّه ابتداء زمان الضّمان و ردّ بانّ كون يوم القبض ابتداء الزّمان لا يدلّ على كون المدار على قيمة يوم القبض بشيء من الدلالات الثلث ثالثها انّه يوم الدّفع نظرا إلى انّه يوم معرفة القيمة الّتي هي عوض عن العين فيكون المدار عليها رابعها انّه يوم الإقالة نظرا إلى انّ العقد انّما يبطل من حينها و ينتقل العين إلى القيمة من حينها و (- أيضا -) فيوم الإقالة يوم التعلّق فإنّ القيمة يوم التّلف قد قامت مقام العين فاذا تغيّرت إلى يوم الإقالة قام كلّ قيمة مقام الأخرى إلى يوم الإقالة إذ ليس قيام القيمة يوم التلف مقام العين اولى من قيام كلّ من افراد القيمة مقام الأخرى بل هنا اولى بل الظّاهر انّ الّذي قام مقام الغير انّما هو كلّي القيمة و ان قارنت تلك الخصوصيّة في يوم التلف و لا تشتغل ذمّة بها تتشخّص فيبقى كلّ فرد من افرادها قائما مقام الأخر إلى يوم الإقالة فيتعيّن ذلك الفرد لانّه هو الّذي قارن الاستحقاق و هذا بخلاف القيمة في تلف المغصوب و نحوه ممّا تشتغل به ذمّة المتلف و نحوه يوم التّلف فتتشخّص (- أيضا -) بذلك و فيه (- أيضا -) نظر و هناك وجوه أخر مثل أعلى القيم من يوم التّلف و يوم القبض أو من يوم القبض أو يوم الدّفع و يوم القيمة إلى غير ذلك من صور الأعلى من بعض الوجوه الأربعة مع بعض و التّحقيق اعتبار قيمة يوم الدّفع لما مرّ من الوجه موضحا قوله طاب ثراه و لانّه ملك القيمة على المتلف (- اه -) فيلزم ملك المغبون الفاسخ عليه القيمة لأنّ ملك شيء واحد بتمامه على الشخصين لا يعقل

مسألة في جريان خيار الغبن في كل معاوضة مالية

قوله طاب ثراه و فيه ما لا يخفى أراد بما لا يخفى توجّه المنع إلى الملازمة بين كون مشروعيّته لقطع المنازعة و بين كون المغبون مقهورا على الالتزام بالغبن فيجوز ان يكون مشروعيّته لخصوص قطع المنازعة على وجه لا يلحق المغبون ضرر بل الظاهر ذلك كما نبّه عليه الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه قوله طاب ثراه و لعلّه للإقدام في هذين على رفع اليد (- اه -) هذا انّما يتّجه إذا كان اقدامه على الصّلح عن ذلك كائنا ما كان و امّا إذا أقدم عليه بزعم انّه مقدار كذا ثمَّ تبيّن خلافه فصدق الإقدام عليه ممنوع و المدار في الإقدام على ما يصحّ معه الامتنان الّذي نفى الضّرر في الشّرع لأجله فمتى ما حصل لم تجر القاعدة و لم يثبت الخيار كما لا يخفى قوله طاب ثراه نعم لو استدلّ باية التّجارة عن تراض أو النّهي عن أكل المال بالباطل (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ التّرديد بينهما مع كون المجموع أية واحدة للإشارة إلى مناط الاستدلال و الضّمير المجرور بإضافة لفظ الاختصاص اليه عائد إلى الآية و المراد بالاختصاص انّما هو الاختصاص الإضافي يعنى انّ الآية من بين موارد الغبن مختصّة بما إذا أقدم على المعاملة محتملا للضّرر مسامحا في دفع الاحتمال و الاّ فظهور شمول الآية للمعاملات الّتي تقابل فيها العوضان و تعادلا من الواضحات الّتي لا تكاد تنالها يد الارتياب فيصير الحاصل انّ الآية باعتبار التّجارة عن تراض و الانتهاء عن أكل المال بالباطل في ما يتعادل فيه العوضان من المعاملات مختصّة بما إذا احتمل المغبون الضّرر عند المعاملة فدخل فيها مسامحة في دفع الاحتمال قوله طاب ثراه و تعرّضهم لعدم جريان خيار المجلس في غير البيع (- اه -) الفرق بين هذا الخيار و خيار المجلس واضح لانّ الاقتصار في الخروج عن الأصل على مورد النص و الدليل لازم و مستند خيار المجلس هو النص الخاصّ المخصوص مورده بالبيع فلا يعدّى إلى غيره بخلاف هذا الخيار فانّ مستنده قاعدة الضّرر فكلّ مورد وجد الضّرر ثبت هذا الخيار

مسألة في أن خيار الغبن على الفور أو التراخي
اشارة

قوله طاب ثراه اختلف أصحابنا في كون هذا الخيار على الفور أو على التّراخي على قولين (- اه -) قد قوى القول الأوّل جمع منهم الشهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) و القول الثّاني هو خيرة جمع و استفاد في (- لك -) من إطلاق ماتنه المشيّة في قوله كان له الفسخ إذا شاء انّ الخيار فيه على التّراخي و ربّما استفاد بعضهم هذا القول من نزاع جمع منهم كما مرّ في سقوط الخيار بدفع الغابن التّفاوت لمنافاة ذلك الفوريّة الغير المنافية لذلك و هناك قول ثالث اختاره صاحب الجواهر (- ره -) و هو التّفصيل بين ما إذا حصل بالتأخير ضرر على الغابن فيكون على الفور و بين ما إذا لم يحصل فعلى التّراخي و احتجّ على الشّق الأوّل بأنّ ضرر المغبون فيما بعد أوّل زمان إمكان الفسخ يعارض ضرر الغابن بالتّأخير فيرجع فيما بعد زمان الفور إلى أصالة اللزوم و على الشق الثاني بالاستصحاب و أنت خبير بما في الشق الأوّل من توقّفه على كون مستند خيار الغبن قاعدة الضّرر و الاّ لم يكن لمقابلة ضرر المغبون بضرر الغابن وجه و (- أيضا -) فما ذكره على إطلاقه محلّ نظر لانّ مقتضى القاعدة عند تعارض الضّررين هو الحكم لاقويهما دون تساقطهما معا (- مط -) و الرّجوع إلى الأصل قوله طاب ثراه و هو المشهور قد نقل الشهرة في (- ئق -) و غيرها (- أيضا -) قوله طاب ثراه و قرره في (- مع صد -) (- اه -) (11) وجه الاستدلال انّه حيث كان العموم زمانيّا و خرج من تحته الزّمان الأوّل بالدّليل بقي ما بعد زمان الفور مشمولا للعموم قوله طاب ثراه و إن كان نفى الضّرر وجب الاقتصار على الزّمان الأوّل إذ به يندفع الضّرر (- اه -) (12) مراده انّه بترك الفسخ في الآن الأوّل من بعد الالتفات يكون راضيا بالضّرر فيكون كمن أقدم على ضرر نفسه و قد ادّعوا الإجماع على عدم ثبوت خيار الغبن فيما أقدم عليه عالما نعم يتقيّد دلالة ترك

ص:85

الفسخ على الرضا و كونه إدخالا للضّرر على نفسه بما إذا كان عالما بفوريّة الخيار و الاّ لم يكن ترك الفسخ دالاّ على الرضا و لا إدخالا للضرر على نفسه كما لا يخفى قوله طاب ثراه امّا في وجوب الاقتصار على المتيقّن فلأنّه غير متجه مع الاستصحاب (- اه -) لا يخفى عليك انّه بنى ردّ قاعدة الاقتصار على المتيقّن على تماميّة الاستصحاب و سيأتي ردّه للاستصحاب فيلزم تماميّة قاعدة الاقتصار على المتيقّن فلم يكن جميع الوجوه محلّ نظر كما زعمه (- قدّه -) قوله طاب ثراه و بذلك يظهر فساد دفع كلام (- مع صد -) (- اه -) الدافع هو صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه فساد ما قيل في الأصول (- اه -) القائل هو العلاّمة الطّباطبائي (- ره -) لكن قال بذلك في الاستصحاب المخالف للأصل و وجه الفساد ما أشار إليه (- المص -) (- ره -) بقوله و قد عرفت انّ مقام جريان الاستصحاب لا يجوز فيه الرجوع إلى العموم لكن لا يخفى عليك انّ (- المص -) (- ره -) قد نسي ما ذكره في فرائده في توجيه كلام هذا القائل حيث انّه في الأمر العاشر من تنبيهات الاستصحاب نقل كلامه و اعترضه بأنّه لا مجرى للاستصحاب مع جريان العموم ثمَّ قال و يمكن توجيه كلامه (- قدّه -) بانّ مراده من العمومات بقرينة تخصيصه الكلام بالاستصحاب المخالف هي عمومات الأصول و مراده بالتّخصيص للعمومات ما يعمّ الحكومة و غرضه أنّ مؤدّى الاستصحاب في كلّ مستصحب اجراء حكم دليل المستصحب في صورة الشك فكما انّ دليل المستصحب أخصّ من الأصول بمعنى تقدّمه عليها تخصيصا فالاستصحاب في ذلك متمّم لحكم ذلك الدّليل و مجريه في الزمان اللاّحق (- فكذلك -) الاستصحاب بالنّسبة إلى العمومات الاجتهاديّة فإنّه إذا خرج المستصحب من العموم بدليله و المفروض انّ الاستصحاب مجر لحكم ذلك الدّليل في اللاّحق فكأنّه (- أيضا -) مخصّص يعنى موجب للخروج عن حكم العامّ انتهى و هو توجيه لا غبار عليه فتدبّر قوله طاب ثراه نعم لو أحرز الموضوع من دليل لفظي (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّه يستفاد من هذا الكلام انه لو أحرز الموضوع من دليل لفظي على المستصحب بان ذكر في الدليل اللّفظي فيما نحن فيه انّ للمغبون الخيار مثلا جرى الاستصحاب و ان كان الشك في استعداد المقتضى كما انه لو كان الشك في الرافع جرى الاستصحاب (- مط -) و ان لم يدلّ على المستصحب دليل لفظي و ذلك بحكم المقابلة و عطف الثاني على الأوّل بلفظ أو و يؤيّده ملاحظة قوله فهو حسن على ما اشتهر من المسامحة في تشخيص الموضوع في استصحاب الحكم الشّرعي الثّابت بغير الأدلّة اللفظيّة المشخّصة للموضوع مع كون الشكّ من حيث استعداد الحكم للبقاء لكن ذلك غير موافق لما قرره في الأصول من عدم حجيّة الاستصحاب عند الشك في استعداد المقتضى قوله طاب ثراه ثمَّ انّه بنى المسئلة بعض المعاصرين (- اه -) احتمل بعضهم كون المراد به المحقّق التّستري و لكن الظّاهر انّ المراد به المحقّق الشيخ على نجل كاشف الغطاء (- رهما -) فإنّ العبارة هي عبارته (- ره -) في خياراته قوله طاب ثراه ففيه ان الكلّ متّفقون (- اه -) فيه انّ اتّفاق الكلّ لا حجّة فيه في مثل المورد ممّا لا يكشف اتّفاقهم عن راى المعصوم عليه السّلام و لعلّ هذا البعض لا يسلّم تماميّة دلالة أية لزوم الوفاء بالعقود و لذا يتمسّك بالاستصحاب قوله طاب ثراه تعيّن الرّجوع إلى أصالة فساد فسخ المغبون (- اه -) هذه الفقرة جواب لكلمة لمّا في قوله لانّه لمّا لم يجز التمسّك في الزمان الثاني بالعموم (- اه -) قوله طاب ثراه و فيه تأمّل (- اه -) وجه التأمّل هو منع كون تجويز التّأخير مطلقا ضررا على من عليه الخيار بعد فرض سلطنة من عليه الخيار على أنواع التصرّفات قبل الفسخ حتّى مثل التصرّف بالنّقل و الإتلاف و انّما كان يصدق الضّرر ان لو كان محجورا من ذلك فتدبّر

في أن المراد بالفورية هي الفورية العرفية

قوله طاب ثراه ثمَّ انّ مقتضى ما استند اليه للفوريّة عدا هذا المؤيّد الأخير هي الفوريّة العرفيّة (- اه -) أراد بالمؤيّد الأخير ما ذكره بقوله انّ تجويز التّأخير فيها ضرر على من عليه الخيار و وجه استثنائه على ما نبّه عليه الشيخ الوالد (- قدّه -) هو كون مؤدّاه أوسع من الفوريّة العرفيّة فهو موافق لما يستظهره من (- كرة -) و يشهد بما ذكر من الوجه ما يأتي في كلام (- المص -) (- ره -) من قوله مع انّ قيام الدّليل عليه مشكل الاّ ان يجعل الدليل على الفوريّة لزوم الإضرار لمن عليه الخيار فيدفع ذلك بلزوم المبادرة العرفيّة أوسع من الفور خصوصا بقرينة التّقييد بقوله بحيث لا يعد متواتيا فيه قوله طاب ثراه لكنّ الذي يظهر من التذكرة (- اه -) هذا الاستدراك لا يخلو من نظر لإمكان الفرق بين خيار العيب الّذي هو مورد كلام (- كرة -) و بين الفرض بانّ الخيار هناك من باب النصّ الخاصّ و رفع اليد عن إطلاقه و الحكم بالفور لا ينافي القول بكون الأمر فيه أوسع من الفور العرفي تشبّثا بالإطلاق في الجملة بخلاف المقام فإنّ أصل الخيار لمّا كان من باب قاعدة الضّرر لزم الاقتصار على الفور العرفي الّذي به يزول الضّرر قوله طاب ثراه (- اه -) (11) إذ لا فرق بين الجاهل بالغبن و الجاهل بحكمه قد يتوهّم منافاة ذلك لما اشتهر بينهم من معذوريّة الجاهل بالموضوع و عدم معذورية الجاهل بالحكم فان لازم ذلك هو الفرق هنا بين الجاهل بالغبن و بين الجاهل بحكمه بمعذوريّة الأوّل دون الثّاني و على هذا التوهّم فيوجّه عدم التّفرقة هنا بأنّه من باب انّ منشأ هذا الخيار هو قاعدة الضّرر و الضرر لا يزول بسبب الجهل بالحكم فيلزم ثبوت الخيار نعم لو كان الخيار من باب التعبّد اتّجه الفرق بين الجهل بالحكم و بين الجاهل بالموضوع و أنت خبير بسقوط التوهّم من أصله ضرورة اختصاص قاعدة معذوريّة الجاهل بالحكم بالأحكام التّكليفية و عدم تبدّل الأحكام الوضعيّة بالجهل حتى يتصوّر المعذوريّة فيها و حكم الغبن حكم وضعيّ كما هو ظاهر قوله طاب ثراه و يشكل بعدم جريان نفي الضّرر (- اه -) (12) قد يقال بانّ ذلك انّما يتّجه إذا احتمل هو الفوريّة ليصدق في حقه الإقدام على الضّرر بترك الفسخ و امّا إذا اعتقد التراخي فصدق الإقدام على الضّرر المانع من جريان قاعدة الضّرر ممنوع قوله طاب ثراه و المناط واحد (- اه -) (13) قد يمنع اتّحاد المناط فيهما و يفرق بينهما بكون الخيار في التّأخير للنص و هنا من باب قاعدة الضّرر (- فت -) قوله طاب ثراه ففيه نظر (14) وجه النّظر انّ القبول انّما هو لكونه منكرا من مخالفة قوله لأصالة عدم العلم فاذا كان ممّن لا يخفى عليه ذلك الحكم الاّ لعارض كان قوله مخالفا للظّاهر فيكون مدّعيا و (- ح -) و من أراد تميز المدّعى من المنكر على مخالفة قول المنكر الأصل جعله منكرا و من اداره مدار موافقة قوله الظّاهر جعله مدّعيا و حكم بعدم قبول قوله و نحن لمّا جعلنا المدار في قضاء منتهى المقاصد على انّ المدّعى من يترك لو ترك و المنكر من لو لم ينازعه احد لم ينازع هو كان اللاّزم هنا عدم قبول قول مدّعى الجهل إلاّ بالبيّنة و ذلك لانّ مقتضى فوريّة الخيار و مضىّ زمان يمكن فيه الفسخ هو سقوط خياره فهو في دعواه الجهل مدّعى لبقاء خياره فاذا لم يقم بيّنة لم ينفع أصالة عدم العلم (- مط -) فالأقوى عدم قبول قوله في دعوى الجهل (- مط -) و اللّه العالم

الخامس خيار التأخير
اشارة

قوله طاب ثراه الخامس خيار التّأخير (- اه -) (15) اتفق الأصحاب على عدم لزوم العقد في الفرض بعد الثلاثة أيّام و انّما اختلفوا في انّه هل يثبت الخيار بعد الثلاثة أو يبطل البيع من رأس فاختار الأوّل في المقنعة و الانتصار و (- ية -) و (- ف -) و المراسم و جواهر الفقه و الغنية و الوسيلة و (- ئر -) و (- يع -) و (- فع -) و (- كرة -) و (- شاد -) و التنقيح و اللمعتين و (- مع صد -) و (- لك -) و محكي (- ير -) و التّبصرة و (- لف -) و

ص:86

شرح (- شاد -) للفخر و (- س -) و المقتصر و تعليق (- شاد -) للكركي و المفاتيح و الهداية للحرّ و غيرها بل في محكي (- س -) انّ عليه الأكثر و في التنقيح تارة انّ هذا النّوع من الخيار من خواصّ أصحابنا لم يقل به احد من الجمهور و اخرى انّ التّلف بعد الثلاثة من البائع إجماعا و في الكفاية و المهذّب البارع و محكي إيضاح (- فع -) و غيرهما انّ عليه الأصحاب و في (- لك -) انّ هذا النّوع من الخيار ممّا أطبق الجمهور على عدمه كما أطبق أصحابنا على ثبوته انتهى قوله طاب ثراه و الأصل في ذلك قبل الإجماع المحكى عن الانتصار و الخلاف و الجواهر و غيرها (- اه -) قال في الانتصار ممّا انفردت به الإماميّة انّ من ابتاع شيئا معيّنا بثمن معيّن و لم يقبضا و لا قبض ثمنه و فارقه البائع بعد العقد ليمضي و ينقده الثّمن فالمبتاع أحقّ به ما بينه و بين ثلثة أيّام فإن مضت ثلثة و لم يحضر المبتاع الثمن كان البائع بالخيار إنشاء فسخ البيع و باعه من غيره و ان شاء طالبه بالثمن على التعجيل و الوفاء و ليس للمبتاع على البائع في ذلك خيار و لو هلك المبيع في مدّة الأيام الثلاثة كان من مال البائع و خالف باقي الفقهاء في ذلك و لم يقل احد منهم بهذا الترتيب الّذي رتّبناه دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع المتردّد انتهى و قال في (- ف -) من ابتاع شيئا معيّنا بثمن معيّن و لم يقبضه و لا قبض ثمنه و فارق البائع فالمبتاع أحقّ به ما بينه و بين ثلثة أيّام فإن مضت و لم يحضر الثمن كان البائع بالخيار بين فسخ البيع و بين مطالبته بالثمن و ان هلك المبيع في مدّة الثّلثة كان من مال البائع و خالف جميع الفقهاء في ذلك دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم انتهى و قال في جواهر الفقه مسئلة إذا باع شيئا معيّنا بثمن معيّن و لم يقبضه و لا قبض الثمن و فارق البائع و المشترى من يستحقّه منهما الجواب المشتري أحقّ بهذا البيع إلى ان يمضي ثلثة أيّام فإن مضت و لم يحضر الثمن كان البائع أحقّ به بعد ذلك و هو مخيّر بين فسخ البيع و بين المطالبة بالثمن لأنّ إجماع الطائفة على ذلك انتهى و قد ادّعى الإجماع على ذلك في الغنية و (- ئق -) و المستند و كشف الظلام و غيرها (- أيضا -) و نسبه في (- ئر -) إلى أصحابنا ثمَّ انّه ربما استدلّ بعضهم بوجه أخر و هو ما أرسله من الأخبار في (- ف -) و الغنية و غيرهما على الخيار لا البطلان المنجبرة بالشّهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة المستفيضة بل المتواترة كما في جواهر الكلام و فيه أوّلا انّ من المقطوع به إرادتهم بالأخبار الّتي أرسلوها هذه التي نطقت بأنّه لا بيع بينهما و ثانيا انّ الشّهرة إنّما تجبر ضعف السّند بعد وضوح الدّلالة لا الدلالة المبنيّة على اجتهاد المرسل قوله (- قدّه -) و بما في (- كرة -) المجرور متعلّق بقوله المعتضد فهو معطوف على قوله بدعوى قوله طاب ثراه من انّ الصّبر أبدا مظنّة الضرر (- اه -) ربّما يناقش في ذلك أوّلا بأنّ الضّرر كما يرتفع بالخيار فكذا يرتفع ببطلان البيع و فيه انّ الضّرورة تقدّر بقدرها و الضّرر إذا ارتفع بالخيار لم يكن مقتضى للبطلان نعم يمكن المناقشة فيه بأنّه بناء على الاعتماد على ذلك يلزم احالة ذلك على حصول الضرر بان يقال انّه حيث أوجب الصّبر الضّرر تخير و اين ذلك من ثبوت الخيار بعد ثلثة أيّام سواء كان ضرر في الصّبر إلى أقلّ منها أو لم يكن الصّبر إلى اضعافها ضررا و عدم الخيار قبل الثلاثة (- كك -) (- فت -) و ربّما ناقش بعضهم في التمسّك بقاعدة الضرر بوجه أخر و هو انّ الضّرر هنا لم ينشأ من البيع نفسه حتى يتوقف رفعه على إثبات التزلزل فيه و انما نشأ من تأخير القبض و لا معنى لتدارك الضّرر الناشي من قبل شيء بنفي حكم شيء أخر و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ القبض من متعلّقات البيع و متمماته و لذا يكون التّلف قبله من البائع فإذا حصل الضّرر من ترك القبض أمكن نفي حكم البيع لدفعه كما لا يخفى قوله طاب ثراه الأخبار المستفيضة (- اه -) هذه العبارة خبر للمبتدإ السّابق و هو قوله و الأصل قوله طاب ثراه منها رواية علىّ بن يقطين (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن عبد الرّحمن بن الحجّاج عن علىّ بن يقطين و السّند صحيح و تقريب الاستدلال به و بما بعده يأتي عند اشارة الماتن (- ره -) اليه (- إن شاء الله -) (- تع -) قوله طاب ثراه و رواية إسحاق بن عمّار (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن الهيثم بن محمّد عن ابان بن عثمان عن إسحاق بن عمّار قوله طاب ثراه و رواية ابن الحجّاج (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن عبد الرّحمن بن الحجاج و لو لا انّ الراوي عنه عليه السلام هو أبو بكر بن عيّاش لكان السّند صحيحا و توهّم صحّته نشأ عن عدم التفطّن لذلك قوله طاب ثراه ثمَّ قلت لا و اللّه لا أدعك أو أقاضيك كلمة أو بمعنى إلى ان أو الاّ ان و لعلّ الثّاني انسب قوله طاب ثراه و صحيحة زرارة (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل و ابن بكير عن زرارة و تسميته صحيحا مبنى على ما هو المختار من كون إبراهيم بن هاشم من الثقات لقرائن عديدة الّتي منها كونه من مشايخ الإجارة مضافا إلى دعوى السيد بن طاوس (- ره -) الاتّفاق على كونه من الثقات و ربّما ساق الشيخ الحرّ (- ره -) في الوسائل في طيّ أخبار الباب ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن صفوان عن ابن مسكان عن هذيل بن صدقة الطّحان قال سألت أبا عبد اللّه (- ع -) عن الرّجل يشترى المتاع أو الثوب و ينطلق به إلى منزله و لم ينقد شيئا فيبدو له فيردّه هل ينبغي ذلك له قال لا الاّ ان تطيب نفس صاحبه و أنت خبير بعدم دلالته على ما نحن فيه بوجه و انّما هو من اخبار الإقالة و هناك رواية أخرى موافقة للأخبار المزبورة في المضمون مخالفة لها في مدّة اللّزوم و هي ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن ابى إسحاق عن ابن ابى عمير عن محمّد بن أبي حمزة الثمالي عن علىّ بن يقطين قال سئلت أبا الحسن (- ع -) عن رجل اشترى جارية و قال أجيئك بالثمن فقال ان جاء بينه و بين شهر و الاّ فلا بيع له و رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن ابن فضال عن الحسن بن علىّ بن رباط عمّن رواه عن زرارة عن ابى عبد اللّه (- ع -) لكن لا عمل عليها لاشتراك ابى إسحاق في الأوّل بين الثقة و غيره و ان استظهر في مفتاح الكرامة كونه إبراهيم بن هاشم و إرسال الثاني بناء على احدى النّسختين و على فرض الصحّة فشذوذهما و ندرتهما و اعراض كافّة الأصحاب عنهما يمنع من العمل بهما فيطرحان أو يؤوّلان تبرّعا بالحمل على استحباب صبر البائع إلى شهر و ان كان له الخيار بعد الثلاثة و في مفتاح الكرامة انّ الأولى لمكان ظهور صحّتها أو حسنها ينبغي ان تحمل على بيان منتهى مدّة الصّبر فيكون للصّبر غايتان غاية وجوب و غاية جواز أمّا الأولى فهي الثّلثة و امّا الثانية فهي الثلاثون فيكون منتهى الصّبر في كلّ مبيع ثلثين انتهى و هو ممّا لا بأس به إن كان لمجرّد الجمع من دون ان يدان به و ربّما حكى عن الشيخ (- ره -) تخصيصه الحكم بالجارية و الإذعان به فيها و فيه نظر لعدم العمل بها من الأصحاب حتّى في موردها قوله طاب ثراه كما فهمه في (- ط -) (- اه -) فيه انّ الموجود في (- ط -) كما

ص:87

نقله انّما هو التعبير بلفظ الرّوايات و لا دلالة فيه على ما نسبه اليه من فهم البطلان المصطلح منها و لا على فتواه بذلك كما غري ذلك إليه في المهذّب البارع قوله طاب ثراه و توقّف فيه المحقّق الأردبيلي (- ره -) لم يتوقّف فيه المحقق الأردبيلي (- ره -) بل نفى البعد عن القول بالبطلان و استقربه في الكفاية و قد أشار صاحب الجواهر (- ره -) الى تضعيف نسبة القول بالبطلان إلى الإسكافي و الشيخ بتقييد نفى الخلاف بالمحقّق و إلى توهين قول من ذكر من الأواخر بتقييده بالمعتد به حيث قال لا خلاف محقّقا معتدّا به أجده فيه انتهى و على اىّ حال فقد احتجّ القائلون بالبطلان بالأخبار المزبورة المؤيّدة بمرسل (- ط -) المتقدّم بتقريب انّ الظاهر منها الانفساخ قهرا الّذي هو أقرب إلى الحقيقة من نفي اللّزوم و الحمل على نفي اللّزوم الّذي هو خلاف الظّاهر لا يصار اليه الاّ بقرينة واضحة هي في المقام مفقودة فتأمّل قوله طاب ثراه الاّ ان فهم العلماء و حملة الأخبار لنفي اللزوم (- اه -) قد أشار بذلك إلى تقريب الاستدلال بالأخبار المزبورة على الخيار و توضيح القول في ذلك ما قيل من انّ المراد بنفي البيع في الأخبار نفي لزومه لا مورد ذكرها في المصابيح أحدها كونه في معرض البطلان بخيار البائع لا انتفاء الصحة إذ المفهوم من نفيه للمشتري ثبوته للآخر و الصحّة لا تقبل التّبعيض الثاني تبادر ذلك منه و انصراف الإطلاق إليه بقرينة المقابلة و وقوع الحكم في حيّز الخيار الثّالث ظهور كون العلّة فيه دفع الضرر و انّما يندفع بالخيار و امّا البطلان فربّما كان أضرّ على البائع من التزام البيع فلا يصل به الارتفاق المطلوب و في المتن انّ فهم العلماء و حملة الأخبار لنفي اللزوم من نفي البيع ممّا يقرب دلالة الأخبار على الخيار و قد يظهر من العلاّمة (- ره -) في (- لف -) الاستشهاد للحمل المذكور بأنّ الأصل بقاء صحّة العقد و أنت خبير بما في كلّ من هذه الوجوه من النظر امّا الأوّل فلأنّه أشبه شيء بالمصادرة لانّ كونه في معرض البطلان بخيار البائع عين المدّعى و نفيه للمشتري انّما يدلّ على ثبوته للآخر إذا كان المنفي اللّزوم بكون النّفي للمشتري فإثبات كون النّفي للمشتري بكون المنفي اللّزوم دور فتأمّل هذا مضافا إلى انّ النّفي بالنّسبة إلى أحدهما و ارادة النّفي بالكلّية شائع فيما له طرفان و إلى انّه قد تضمّن صحيح ابن يقطين نفيه بالنّسبة إليهما جميعا كما سمعت في المتن و النسبة بينه و بين الأخبار المزبورة الإطلاق و التقييد الغير المتنافي ظاهرهما لانّ عدم البيع للمشتري يلائم عدمه لكلّ منهما جميعا فيلزم الأخذ به و تحكيمه على مفهوم القصر على المشترى في تلك كما هو واضح عند كلّ متأمّل منصف فان قلت بمقالة فاضل المستند من انّ البيع هو فعل صادر من البائع و نفيه حقيقة غير صادق لتحقّق البيع في السّابق و نفيه بعد الثلاثة لا معنى له إذ لا بيع (- ح -) (- مط -) فالمراد معناه المجازي و هو امّا البيع أو حكم البيع (- مط -) و استمراره أو صحّته (- ح -) أو لزومه و إذا تعددت المجازاة لزم الأخذ بالمتيقّن منها الّذي هو نفي اللّزوم و يعمل في الباقي بالأصل قلت من المقرّر في محلّه انّه إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازاة متعيّن و لا ريب في ان الصحة أقرب و إنكار الأقربيّة أو تعيّن الحمل عليه مكابرة واضحة مضافا إلى شهادة صحيح علىّ بن يقطين عليه و المناقشة في ذلك بصدق نفي اللزوم بينهما و لو بنفيه للبائع منهما كما صدر من جمع من الأواخر منهم صاحب الجواهر (- ره -) واضحة السّقوط بعد ما عرفت مضافا إلى ظهور مجموع قوله لا بيع بينهما في نفي الصّحة كما لا يخفى و امّا الثّاني فلانّ التبادر ممنوع بل لعلّ (- المص -) يعلم انّ المتبادر خلافه و أوهن من ذلك دعوى انصراف الإطلاق إليه فإنّه لا سبب للانصراف أصلا و الاستشهاد بقرينة المقابلة نظرا إلى انّ معنى قوله عليه السّلام ان جاء فيما بينه و بين ثلثة أيّام انّ البيع لازم و قد قابله بقوله عليه السّلام و الاّ فلا بيع له فيكون معناه انّه لا يلزم محلّ مناقشة ضرورة انّ كون المراد بقوله ان جاء بينه و بين ثلثة أيّام لزوم البيع فرع كون المنفيّ في مقابله اللّزوم فالتمسّك بالفرع للأصل ممّا لا وجه له و بتقرير أوضح إنّما يفهم المراد بالمقابل الّذي أجمل فيه الحال من مقابلة المبيّن فإن كان المراد بعدم البيع بطلانه كما هو الظاهر كان المراد بمقابله صحّته و إن كان المراد تزلزله كان المراد بالمقابل اللّزوم فالعكس كما ارتكبه الموجّه لا وجه له بل المراد و اللّه العالم انّه ان جاء فيما بينه و بين ثلثة أيّام فله بيعه الواقع بينهما ان لازما فلازما و ان جائزا لشرط خيار شهر و نحوه مثلا فجائزا و ان لم يجئ فيما بينه و بين الثلاثة فلا بيع له و هذا ظاهر بل صريح عند كلّ منصف في بطلان البيع و (- أيضا -) لو كان المراد بالفقرة الأولى هو اللّزوم للزم عدم شمول الخبر لما إذا جاء بالثمن قبل الثلاثة في البيع الجائز لشرط خيار شهر و نحوه فلا تذهل و امّا وقوع الحكم في حيّز الخيار فلم افهم له وجها أصلا و امّا الثالث فدعوى محضة و اعتبار صرف لا يناط به الأحكام الشرعيّة و امّا ما في المتن ففيه انّ كلاّ مكلّف بما فهم و فهم العلماء و حمله الأخبار لا يكون حجّة في حقّ غيرهم إلاّ إذا كشف عن قرينة واضحة لو اطّلعنا عليها لفهمنا بسببها ما فهموه و من اين يمكن إثبات ذلك هنا إذ غاية ما هنا دعوى كشف فهمهم عمّا هو قرينة عندهم و امّا انّها قرينة حتّى عندنا فلا سبيل لنا إلى إثباته و امّا ما سمعته من العلاّمة (- ره -) من التعلّق بالأصل و جعله شاهدا على الحمل مع الاعتراف بظهورها في خلاف ذلك فممّا لا يليق بأقلّ خدمه و تلامذته و ان اغترّ بجلالته جمع من أواخر المشايخ فتبعوه من غير تعمّق نعم ما اعترض به عليه في (- ئق -) من انّه كيف يختصّ النّفي باللّزوم كما ادّعاه مع انّه في ضمن الثلاثة (- كك -) لانّ لزومه مراعى بحصول التّقابض في ضمن الثلاثة منهما أو قبض أحدهما و ان اختلف وجه عدم اللّزوم في الحالين لا وجه له ضرورة انّ كون البيع مراعى على النّحو الّذي ذكره غير الجواز الموجب لتسلّط كلّ منهما على الفسخ و بالجملة فظهور الأخبار المزبورة في القول الثاني ممّا لا ينبغي صدور إنكاره من ذي ادنى مسكة و الظّهور حجّة شرعيّة لا يسوغ لنا التخلّف عنه فان قلت بمقالة سيّدنا في مفتاح الكرامة من انّا قد أصّلنا انّ الأخبار كلّما اشتدّ ظهورها في مخالفة المشهور مع وقوفهم عليها ضعفت عن الاستناد إليها فما ظنّك بما إذا كانت مخالفة للإجماع المستفيض نقله الشّاهد بصدقه تطابق الفتاوى عليه الاّ من شاذ لا يزال مخالفا قلت الّذي قرع سمعك تأصّله انّما هو انّ الأخبار كلّما ازدادت صحّت ازدادت بسبب إعراض الأصحاب عنها و هنا و ضعفا و امّا انّها كلّما اشتدّت ظهورا في مخالفة المشهور مع وقوفهم عليها ضعفت عن الاستناد إليها فكلاّ لا يقتضيه قاعدة و لا ينضبط بضابطة كيف لا و قد شاع بينهم و ذاع و ملأ الدفاتر و نودي على المنابر انّ فهم مجتهد ليس حجّة على غيره لكونه ظنّا لم يقم على حجيّة دليل و فيما نحن فيه قد علم عدم إعراض الأصحاب عن تلك الأخبار بل علم ركونهم إليها و عروجهم عليها و انّما سبب الخلاف فهم مضامينها و كلّ مكلّف بما فهم فان قلت أنت تستكشف بعمل الأصحاب بالخبر عن وجود قرينة هناك جابرة لضعفه فما بالك لا تستكشف بفهمهم عن وجود قرينة صارفة لهذه الأخبار عن ظواهرها قلت لمّا كان أمر السّند هيّنا و القرينة الجابرة عند الأصحاب جابرة عندنا غالبا اعتبرناه

ص:88

و استكشفنا القرينة من عملهم بخلاف القرينة الصّارفة و لذا لو كشف عملهم عن قرينة لو عثرنا عليها لفهمنا مثل ما فهموه لاعتبرنا فهمهم و لكنّا هنا منكرون الكشف عن القرينة الكذائيّة فالمخالف هنا انّما هو فهم المضمون لا نفس الرّواية و (- ح -) فان كنت من أهل الإجماع المنقول و مقدّمية على سائر الأدلّة طرّا فالكلام معك في المبنى و الاّ فيلزمك الأخذ بأخبار العترة الطّاهرة و الإذعان بما يظهر لك منها الاّ ان تكون ممّن يعرف الحقّ بالرّجال لا الرجال بالحقّ و عليك بالتدبّر و التأمّل لعلّك تقف على ما يؤيّد القول المشهور

في شروط خيار التأخير

قوله طاب ثراه و لا خلاف ظاهرا (- اه -) و في الرّياض انّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق على الاشتراط و ادّعى الإجماع عليه في المصابيح و قد تضمّن هذا القيد جملة من معاقد الإجماعات على أصل خيار التّأخير و يدلّ عليه انّ الخيار مخالف لأصالة اللّزوم فيلزم الاقتصار فيه على مورد النصّ و ليس الاّ عدم قبض الثمن قوله طاب ثراه و تبعه بعض المعاصرين (- اه -) أراد به صاحب الجواهر (- ره -) و وافقهما في ذلك سيّدنا في مفتاح الكرامة و كاشف الظّلام مستندين إلى انّه ليس في الأخبار ما يدلّ على اشتراط عدم اقباض المبيع بل إطلاقها يشمل صورتي إقباضه و عدمه و فيه انّ صحيح ابن يقطين المتقدّم مقيّد للإطلاق على انّ الإطلاق مبنىّ على انّ القبض في نحو المتاع هو الأخذ باليد لغلبة تحقّقه بعد عقد البيع و امّا على القول بانّ القبض فيه هو النّقل فليس للإطلاق ظهور في ذلك بل ظاهر السياق عدم تحقّقه و لعلّ استناد الأصحاب الى هذه الأخبار مع اشتراطهم عدم اقباض المبيع مبنىّ على كون القبض عندهم في نحو المتاع هو النّقل لا مجرّد القبض باليد قوله طاب ثراه أو احتمال قراءة (- اه -) لا يخفى عليك انّه على هذا الاحتمال يلزم قراءة بيعه بالضمّ و على قراءة قبض بالتشديد و بيعه بالتخفيف يلزم قرائته بالفتح قوله طاب ثراه لانّ استعمال البيع بالتّشديد مفردا نادر (- اه -) مضافا الى احتياجه إلى إضمار لفظ الثمن مع ركاكة التعبير عن الرّجل في أوّل السؤال بالبائع إذ لا داعي الى ذلك و لو كان أراد به البائع لجعل فاعل قبض الضّمير العائد الى الرّجل (- فت -) قوله طاب ثراه مع إمكان إجراء أصالة عدم التشديد نظير ما ذكره في (- الروضة -) من أصالة عدم المدّ في لفظ البكاء (- اه -) قال الشيخ الوالد قدّس اللّه تعالى روحه انّه ربّما يتوهّم انّ الفرق بين المقيس و المقيس عليه واضح لعدم اختلاف الهيئة في البكاء الاّ من حيث القصر و المدّ المدفوع بالأصل بخلاف البيع بالتخفيف و البيّع بالتشديد لاختلاف الهيئتين مضافا الى التّشديد و لكنّه يندفع بانّ الياء المتّصل بالباء ساكن على تقديري التخفيف و التشديد و الشكّ انّما هو في وجود الياء الثانية المكسورة على تقدير التشديد قوله طاب ثراه وجوه قلت مستند الوجه الأوّل انّ القبض ظاهر في القبض الصّحيح فاذا كان بدون اذن البائع كان شرعا كلا قبض و مستند الثالث انّ المطلوب هو القبض و قد حصل و كونه بغير اذن البائع لا يضرّ و مستند الثاني هو مستند الثالث بضميمة انّه إذا استردّ كانت الحكمة المقتضية لخيار التّأخير جارية هناك موجبة لثبوته و ان عدم الاسترداد مع الإمكان لعلّه يكشف عن إمضاء القبض الواقع بلا اذن قوله طاب ثراه رابعها ابتناء المسئلة (- اه -) هنا وجه خامس و هو الفرق بين الاسترداد فلا اثر للقبض و بين عدم الاسترداد الكاشف عن إمضاء القبض المذكور فيوجب سقوط الخيار و بين عدم الاسترداد الغير الكاشف فلا يوجب سقوطه فتدبّر قوله طاب ثراه و لعلّه الأقوى لا يخفى عليك ابتناء ذلك على كون مستند هذا الخيار قاعدة الضّرر و قد عرفت عدم تماميّتها فلا وجه لإدارة الحكم مدار الضّرر بل اللاّزم بناء هذا الفرع على اعتبار الإذن في القبض و عدم فعلى الأوّل يكون كلا قبض و على الثاني يكون قبضا فتدبّر قوله طاب ثراه فيجري دليل الضّرر بالتّقريب المتقدّم (- اه -) أراد بالتقريب المتقدّم ما ذكره في الاستدلال على أصل ثبوت خيار التّأخير من قوله حيث انّ المبيع هنا في ضمانه و تلفه منه و ملك لغيره لا يجوز التصرّف فيه هذا و لكن ناقش الشيخ الوالد (- قدّه -) في ذلك بأنّه مع سريان احتمال المقاصّة لا يتمّ التقريب المذكور و عدمه ضرورة انّ الضمان ليس ممّا يمنع من سريان احتمال المقاصة فتدبّر قوله طاب ثراه و لو مكّن المشترى من القبض فلم يقبض (- اه -) حكى عن العلاّمة (- ره -) في (- ير -) إسقاط الخيار به و نفى بعض الأواخر وجدان موافق له في ذلك ثمَّ بناه على القول بانّ القبض هو التخلية (- مط -) أو فيما يكون قبضه (- كك -) و الاّ فالأشبه بقاء الخيار و ان أسقطنا الضّمان به لمنع عموم بدليّة التمكين عن القبض و سند المنع بقاء حقّ الحابس فللبائع المنع من اقباض الثمن حتى يقبض الثّمن و للمشتري المنع من دفع الثمن حتى يقبضه البائع للمثمن قوله طاب ثراه لانّ ظاهر النصّ و الفتوى كون هذا الخيار إرفاقا للبائع و دفعا لتضرّره (11) فيه انّ الإرفاق و الضّرر من باب الحكمة فلا يدور الحكم مدارهما فالأولى التّعليل بأصالة اللّزوم بعد انصراف النّصوص إلى صورة عدم التمكين (- أيضا -) فتدبّر قوله طاب ثراه و فيه نظر (12) وجه النظر أوّلا انّ تركه إيّاه عنده أعمّ من التمكين و عدمه و من قبضه و تركه و عدمهما و لو قال ثمَّ يودّعه عنده لدلّ على القبض و التّرك عنده و ليس التعبير بيودع بل بيدع و ثانيا انّه على فرض الدّلالة على الغبن و الإيداع فغاية ما هناك وقوع السّؤال عن حكم صورة القبض و لا يلزم من ذلك عدم الخيار في صورة عدم التمكين فإنّ إثبات الشيء لا ينفى ما عداه و لعلّ مناط الخيار ما هو أعمّ قوله طاب ثراه و في كون قبض بعض المبيع ذلك كلا قبض (- اه -) (13) قد افتى بكون قبض البعض كلا قبض جمع جازمين به بل نفى وجدان الخلاف فيه في مفتاح الكرامة و نفى الخلاف فيه في الجواهر و المصابيح قال في الأخير لو انتفى القبض منهما و لو ببقاء البعض فالخيار باق في الكلّ بلا خلاف انتهى و الوجه في ذلك تبادر قبض الجميع من القبض في تلك الأخبار و ظهورها فيه مؤيّدا بفهم ابى بكر بن عيّاش الّذي هو من أهل اللّسان في خبر ابن الحجّاج المتقدّم حيث حكم عليه السّلام بثبوت الخيار في صورة قبض بعض الثمن مستندا الى قوله عليه السّلام من اشترى شيئا فجاء بالثّمن بينه و بين ثلثة أيّام و الاّ فلا بيع له قوله طاب ثراه و اشتراطه مجمع عليه نصّا و فتوى (- اه -) (14) قال الفقيه الغرويّ (- قدّه -) انّه لو ادّعى الإجماع المحصّل على هذا الشّرط لم يكن بعيدا قلت و ادّعى في المصابيح الإجماع على الاشتراط و في كشف الظّلام انّه الّذي يقتضيه ظاهرهم اجمع و في المستند انّه شرط بالإجماع و الأصل في ذلك أصالة اللّزوم في صورة القبض بعد كون مورد جميع الأخبار عدم قبض الثمن فلا إشكال في ذلك قوله طاب ثراه و قبض البعض كلا قبض (- اه -) (15) الجزم هنا بذلك لا يلائم ما صدر منه في سابقة من ذكر الوجوه الثلث مع كون المسئلتين من واد واحد قوله طاب ثراه لظاهر الأخبار (16) اعترضه الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه بمنع ظهور الأخبار في كون قبض البعض كالعدم بسكوتها عن ذلك ان لم نقل بانّ الظّاهر من عدم القبض في الأخبار

ص:89

عدم قبض شيء من الثمن قلت في استظهاره (- قدّه -) (- أيضا -) نظر قوله طاب ثراه و فيه نظر (- اه -) وجه النّظر امّا ضعف السّند بأبي بكر أو ضعف الدّلالة بعدم حجّية فهم أبي بكر لكن الإنصاف عدم توجّه الأوّل للانجبار بالعمل و لا الثّاني لأنّ التّبادر إلى أذهان أهل اللّسان و هو هنا أبو بكر و ابن الحجّاج معتبر و يمكن ان يكون وجه النّظر التأمّل في الدّلالة من حيث انّ أبا بكر انّما نقل قول الإمام عليه السّلام و لم يعلم انّه جعل المورد من الجملة الشرطيّة الأولى أو الثّانية و لم يبيّن انّ البيع الثاني صحيح أم لا و انّ خيار التّأخير ثابت للبائع بسبب تأخير المشتري بعض الثمن أم لا فلا يمكن الاستشهاد بفهم أبي بكر و فيه انّ توجيه أبي بكر الخطاب إلى المشتري و اقتصاره على نقل الخبر قرينة واضحة على إبطاله العقد الأوّل و ازالته حقّ المشترى الأوّل بسبب تأخيره إيصال بعض الثمن و ارتكاب البائع ما يوجب كونه فسخا فعليّا فتدبّر قوله طاب ثراه و القبض بلا اذن كعدمه (- اه -) احتمل بعضهم عدم اعتبار الإذن لأصالة عدم اشتراطه في القبض المسقط للخيار بعد منع ظهور الأخبار في الاشتراط مضافا الى استصحاب اللّزوم الثّابت من حين العقد و عدم عروض الجواز بعدم اذنه في القبض قوله طاب ثراه مع انّ ضرر ضمان المبيع (- اه -) فيه انّ المدار ليس على الضّرر كي يدور مدار بقائه و ارتفاعه بل المدار على القبض الظّاهر في القبض بإذن قوله طاب ثراه و ربّما يقال (- اه -) القائل هو العلاّمة الطباطبائي (- ره -) في المصابيح و تبعه سيّدنا في مفتاح الكرامة قوله طاب ثراه نعم لو كان القبض (- اه -) هذا تفصيل من الماتن (- ره -) بين القبض بحقّ و لا بحقّ فيكون وجها رابعا في المسئلة و احتمل بعضهم التّفصيل بين ما إذا كان المبيع و الثمن شخصيّين فلا يعتبر الإذن لأنّ العين مالهما فلهما قبضه و بين ما إذا كانا كليّين فلا يجوز القبض إلاّ بإذن و لا اثر للقبض بغير إذن لأنّ الكلّي لا يعود شخصيّا الاّ بالقبض عن رضاء من عليه الكلّى و فيه انّ مقتضى اشتراطهم في موضع هذا الخيار كون العوضين مشخّصين غير كليّين هو كون مورد كلامهم هنا هو الشخصي فيكون التّفصيل المذكور تفصيلا بين محلّ النّزاع و الخارج عن حريمه فتأمّل جيّدا و قال والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ هذا مبنىّ على مذهب (- المصنف -) (- ره -) من انّ مجرّد تمكين البائع المشترى من المبيع ينزل منزلة القبض فيخرج عن قاعدة ضمان البائع ما تلف قبل قبض المشترى كما دلّ عليه قوله (- ره -) في ذيل الشّرط الأوّل و ربّما يستظهر من قول السّائل (- اه -) و قال في أحكام القبض و هل يكتفى بالتخلية على القول بعدم كونها قبضا في سقوط الضّمان قولان لا يخلو السّقوط من قوّة و ان لم نجعله قبضا انتهى قوله طاب ثراه فتأمّل جعل الشيخ الوالد قدس اللّه تربته الزكية الأمر بالتّأمل للإشارة إلى انّه كان يمكنهم التعبير على وجه لا يكون عنوان المسئلة باسم البائع المناسب له اعتبار الإقباض و عدم قبض الثمن من جانبه فأخذهم العنوان باسم البائع ناظر الى ما ذكره القائل من اعتبار الإذن من البائع في قبض المبيع و كفاية مجرّد قبض الثمن من المشترى و لو بدون اذن من البائع أقول كون تعبيرهم إشارة الى ما ذكره (- قدّه -) في غاية البعد و لو سلّم فلا حجّة في قولهم بعد فقد هذا التعبير في الأخبار الّتي عليها المدار قوله طاب ثراه و لو أجاز المشتري قبض الثمن بناء على اعتبار الإذن كانت في حكم الإذن هذا ممّا افتى به العلاّمة الطباطبائي (- ره -) في المصابيح نظرا الى وضوح عدم مدخليّة الإذن حال القبض و خالف فيه الشيخ (- ره -) فمنع من كفاية الإذن اللاّحق للقبض في سقوط الخيار نظرا الى عدم حصول الإقباض و استضعفه في المصابيح بعد نقله و وجه الضعف ظاهر ضرورة القطع بعدم اعتبار الإقباض بهذا المعنى بل المراد حصوله في يد المنتقل اليه ثمَّ انّه بقي هنا أمور أخر متعلّقة بالشرطين لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) الأوّل انّ لازم جعل كلّ من قبض البائع الثمن و قبض المشترى للمبيع شرطا هو انتفاء الخيار بانتفاء احد الشرطين فلو قبض البائع الثمن قبل انقضاء الثلاثة سقط الخيار و ان لم يقبض المشترى المبيع و كذا ان قبض المشترى المبيع قبل انقضاء المدّة و ان لم يقبض البائع الثمن و قد صرّح بذلك جماعة حاكين الخلاف في ذلك عن الشيخ (- ره -) حيث حكى عنه إطلاق أنّ للبائع الفسخ متى تعذّر الثّمن و عن الشّهيد (- ره -) تقويته له في (- س -) و نفى عنه البعد في (- لك -) ثمَّ قوّى العدم حيث قال اعلم انّ للشّيخ (- ره -) قولا بجواز الفسخ متى تعذّر الثمن و قوّاه الشّهيد (- ره -) في (- س -) و كان مستنده خبر الضّرار إذ لا نصّ فيه بخصوصه و ليس ببعيد الاّ انّ التمسّك بلزوم العقد و وجوب الوفاء به أقوى و أخذه مقاصة يرفع الضّرر ان تمكّن و الاّ فلا يدفع بالفسخ انتهى و لا يخفى عليك انّ اخبار المسئلة تنفى قول الشيخ (- ره -) لانّه عليه السّلام اثبت البيع بإقباض الثمن قبل الثلاثة في صحيح زرارة و خبري ابن الحجّاج و إسحاق و هو بإطلاقه يشمل ما لو قبض المشترى المبيع أم لا و كذا اثبت عليه السّلام البيع في صحيح ابن يقطين بقبض المشترى المبيع و إطلاقه يشمل ما إذا قبض البائع الثمن أم لا و امّا قاعدة الضّرر فمع عدم تماميّتها في نفسها كما أشير إليه في أصل المسئلة و ما تقدّمها قد سمعت ما فيها من شيخ (- لك -) من انّ فائدة الفسخ التسلّط على العين فان تمكّن منها أخذها مقاصّة كغيرها و الاّ فلا فائدة له مضافا الى انّ البائع (- ح -) هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه بتسليم المبيع قبل أخذ الثمن الثّاني انّه لو قبض أحدهما أو كلاهما ما انتقل اليه فبان المقبوض مستحقّا للغير كلاّ أو بعضا لم يسقط الخيار إذ لا عبرة بالفاسد نعم قبض المعيب كقبض الصّحيح في سقوط خيار البائع به كما نبّه على ذلك في المصابيح و غيره و هو متين لكن أصل فرضه في الثمن واضح و امّا في المبيع فمبنى على عدم اعتبار كونه عينا و الاّ لكان ظهور كونه مستحقّا للغير موجبا لبطلان البيع من رأس فضلا عن الخيار كما لا يخفى و سيأتي الكلام في المبنى (- إن شاء الله -) (- تعالى -) الثّالث انّ القبض لما في الذمّة انّما يكون باحتسابه الرّابع انّه لا فرق في إسقاط الغبن للخيار بين ان يكون بنفسه أو وكيله في البيع و القبض أو الثّاني فقط أو بوليّه لإطلاق ما دلّ على قيام الوكيل و الولي مقام الموكّل و القاصر الخامس انّ الإتلاف من أحدهما لما انتقل اليه و هو في يد صاحبه قبض حكما لكونه أقوى منه السادس انّه قال الفقيه الغرويّ (- ره -) انّ القبض للمعيّن لا يعتبر فيه النيّة من القابض و لا يقدح فيه نيّة الخلاف و للكلّي لا تعتبر فيه النيّة منه (- أيضا -) على الأقوى و هل تقدح نيّة الخلاف كان يقبض على انّه عارية أو وديعة أو رهن و نحوها وجهان انتهى قلت الأظهر عاجلا اعتبار عدم نيّة الخلاف إذا نوى المعطى انّه مبيع أو ثمن لانّ المدار في أمثال ذلك على نيّة المعطى سيّما مع وجود سبب ملزم للإعطاء سابق على قصد الأخذ فتدبّر و انتظر لتتمّة الكلام في مبحث القبض (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه مع انّه في الجملة إجماعيّ (- اه -) قد ادّعى الإجماع عليه في المصابيح و مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و الجواهر و خيارات الفقيه الغروي (- ره -) و المستند و غيرها و الأصل في ذلك ما أشار إليه (- المصنف -) (- ره -) مؤيّدا بأنّ الواجب مع الشّرط مراعاة الأجل طال أو قصر فلا يتقدّر بالثّلاثة و إثباتها بعد الحلول خروج عن ظاهر الفتوى و الدّليل و بالجملة فالبيع في

ص:90

الأخبار المزبورة ينصرف الى الحال فيبقى المؤجّل تحت الأصل و من هنا صرّح العلاّمة (- ره -) في عبارته المزبورة من (- كرة -) و الجماعة المتقدّم حكاية دعوى الإجماع عنهم بعدم ثبوت الخيار في المؤجّل حتى إذا كان الأجل ساعة نظرا منهم الى الشكّ في ثبوت الخيار في المؤجّل و لو ساعة المقتضي للرّجوع إلى أصالة اللّزوم لكن لا يخفى عليك توجّه الإشكال على الّذين مالوا الى التمسّك في أصل المسئلة أو بعض فروعها بقاعدة الضّرر فإنّه يلزمهم الحكم (- ح -) بثبوت الخيار بالتأخير عن زمان انقضاء المدّة المشروطة بلا فسخ أو بفاصلة ثلثة أيّام لقاعدة الضّرر و كذا يلزم ذلك من استند في أصل المسئلة الى النّص و جعل دفع الضّرر عن البائع حكمة أو علّة الاّ ان يتعلّقوا هنا بالإجماع و يخرجوا به عن تحت القاعدة و ربّما استدلّ في المستند على عدم ثبوت الخيار في السّلف بعدم إطلاق البيع المطلق في الأخبار عليه و بظهور صحيحي زرارة و ابن يقطين في غيره لمكان قوله عليه السّلام ثمَّ يدعه في أوّلهما و ان قبض بيعه في الثّاني و على عدم ثبوت الخيار في النّسية إلى ظهور جميع الأخبار في غيره حيث انّ مبدء الثّلثة أيّام فيها بحكم التبادر وقت البيع فالحكم بأنّه ان لم يجئ بالثمن فيها يكون البائع ذا خيار قرينة على ارادة غير النّسية ثمَّ انّه (- ره -) أضاف الى ذلك انّه على القول بشمول تلك الأخبار للنّسيئة و السّلف يكون الأخبار الدّالة على لزوم كلّ من النّسية و السّلف المذكورة في ثانيهما معارضة مع تلك الأخبار بالعموم من وجه فلو لم يرجّح الأوليان فالمرجع إلى أصالة لزوم مطلق البيع و أقول ما ذكره أوّلا و ثانيا فلا بأس به و امّا ما اضافه الى ذلك فلا يخلو من نظر ضرورة انّه بعد تسليم شمول الأخبار للنّسيئة و السّلف فكما خصّت اخبار لزوم البيع الحال فكذا تخصّ اخبار لزوم النّسية و السّلف كما لا يخفى و كون التّعارض على وجه العموم من وجه المانع من التخصيص ممنوع بل التّعارض على وجه العموم المطلق لانّ اخبار لزوم السّلف و النّسية عامّة لما إذا أخّر المشتري تسليم الثمن و تسلّم المبيع أم لا و اخبار المسئلة خاصّة بما إذا أخّر و تخلّف فيخصّ بها عموم تلك فلا تذهل فرع لو شرط التّأجيل في البعض فاخّر الباقي فقد صرّح جمع منهم العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) و (- عد -) و ولده في الإيضاح و الكركي في (- مع صد -) و علاّمة المصابيح و السيّد في مفتاح الكرامة و غيرهم بعدم ثبوت الخيار بتأخير القبض و الإقباض و علّلوا ذلك بوجوه أحدها ما في المصابيح و غيره من تغيّر الصّورة الظّاهرة في حلول الجميع و أنت خبير بأنّه غير واف بالمطلوب بل لا بدّ من تتميمه بأنّه يخرج الفرض حينئذ عن تحت مدلول الأخبار فيرجع فيه الى أصالة اللّزوم و لعلّه (- ره -) ترك التّتميم إحالة إلى الوضوح ثانيها ما في (- مع صد -) و غيره من انّ قوله عليه السّلام و لا قبض الثمن في الرّواية يرشد الى كون الثّمن حالا لانّ المتبادر انّه عدم ملكة قلت هذا الوجه حاله حال سابقة ثالثها ما في (- مع صد -) و المصابيح و غيرهما من سقوطه في المؤجّل بالشّرط فيسقط في الكلّ لئلاّ يلزم التبعيض في الخيار فيلزم منه تبعيض الصّفقة و فيه انّ بطلان التّالي غير معلوم غاية ما هناك انّه بتبعّض الصّفقة يثبت الخيار للمشتري و لا مانع من ذلك رابعها ما في الإيضاح من انّ الأصل لزوم العقد خرج منه ما إذا كان الثّمن حالا إجماعا فبقي الباقي على أصله و هذا الوجه هو الّذي ينبغي الركون اليه و العروج عليه و ربّما استشكل العلاّمة (- ره -) في (- عد -) فيه ثمَّ قرب عدم الثبوت و لعلّ منشأ الإشكال ممّا ذكروا من جريان العلّة أو اتّحاد المناط و لكن العلّة غير معلومة و المناط غير منقّح فلا معدل عن الأصل الأصيل قوله طاب ثراه نصّ عليه الشيخ (- ره -) (- اه -) قد نصّ على ذلك في (- ط -) و (- ف -) و صرّح به في الانتصار و محكيّ المراسم و الوسيلة و غيرها بل يشمله إجماع (- ف -) و الانتصار و غيرهما كما سينبّه عليه (- المصنف -) (- ره -) و حجّة هذا القول أصالة اللّزوم بعد الشكّ في شمول الأدلّة للكلّي قوله طاب ثراه و هو ظاهر جامع المقاصد (- اه -) وجه الظهور ان تقييد نفى الفرق بين العيب و ما في الذمّة بكونه في الثمن يظهر منه ثبوت الفرق بينهما في المبيع قوله طاب ثراه و قال في الغنية (- اه -) في هذه العبارة مواضع للدّلالة على اشتراط كون المبيع عينا أو شبهه فمنها قوله (- ره -) انّ المشترى إذا لم يقبض المبيع (- اه -) فانّ ظاهره انّ المبيع ممّا له شأنيّة القبض لكن لم يتحقّق فعليّته و منها قوله هذا إذا كان المبيع ممّا يصحّ بقائه (- اه -) فان التّفصيل بين ما يصحّ بقائه و ما لم يصحّ بقائه انّما يتأتّى في الأعيان و الاّ فالخضراوات (- أيضا -) إذا بيع منها ما هو كلّى قابل للتّحقيق في ضمن أفراد كثيرة لم يصر ممّا لا يصحّ بقائه لتحقّقه في ضمن اىّ فرد كان و منها قوله (- ره -) ان تلف المبيع قبل الثّلثة من مال المشترى و بعده من مال البائع فإنّ ذلك ممّا لا مجال له الاّ فيما كان المبيع عينا قوله طاب ثراه مع انّا نقول انّ ظاهر المعيّن في معاقد الإجماعات التشخص العيني (- اه -) قال والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ هذا الكلام مرتبط بالاستدلال على أصل المسئلة و هو اشتراط كون المبيع عينا لا بتفسير الثّمن المعيّن فإنّه بعد ما استظهر من كلام الشيخ (- ره -) اطباق الجميع على الاشتراط المذكور و أيّده بتصريح التّحرير و المهذّب البارع و غاية المرام و ظاهر (- مع صد -) و حكى دعوى ابن زهرة الإجماع عليه أضاف الى ذلك ظهور المعيّن في معاقد إجماعات الانتصار و (- ف -) و الجواهر في التشخص العيني و انّه خرج الثمن بالإجماع فلا يشترط فيه التشخّص العيني و بقي المبيع و بهذا البيان ظهر انّ المراد بمعاقد الإجماعات انّما هي المعاقد المعهودة اعنى معاقد إجماعات الانتصار و (- ف -) و الجواهر و انّ قوله (- ره -) في مقعد إجماع الانتصار و (- ف -) و الجواهر (- اه -) انّما ذكره لإفادة الأخبار باللّفظ الواقع في عباراتهم ليصير ذلك توطئة و تمهيدا لهذا الكلام قوله طاب ثراه و امّا النّصوص فروايتا ابن يقطين (- اه -) الظّاهر انّ الوجه في نفى المناسبة هو عدم إمكان التعريض للبيع في الكلّي كما نبّه على ذلك والدي العلاّمة أنار اللّه برهانه ثمَّ ناقش في ذلك بإمكان المنع من كون المراد بالبيع خصوص العين المعرضة بل هو أعمّ منها و من الكلّى فيقال انّ (- المصنف -) (- ره -) قد اعترف في أثناء ما ذكره بعد هذا الكلام بأنّ الكلّي هنا أمر اعتباريّ يعامل في العرف و الشرع معه معاملة الأملاك و بعد الاعتراف بذلك ما المانع من جعل تعريضه للبيع بمنزلة تعريض العين و جعل تعريضه للبيع من قبيل معاملة الأملاك قوله طاب ثراه انصرافا لا يحوج ارادة المطلق إلى القرينة هكذا وجدنا العبارة فيما عثرنا عليه من نسخ المتن و لكن سياق الكلام يقتضي زيادة كلمة لا في قوله لا يحوّج ضرورة انّ اللّفظ المطلق إذا بلغ حدّا ينصرف الى بعض افراد ما وضع له احتاج إرادة الإطلاق إلى قرينة مانعة عن الانصراف و احتمل الشيخ الوالد قدس اللّه نفسه الزكيّة توجيه العبارة بأنّ المراد بالمطلق في العبارة هو اللّفظ على ما هو المصطلح عليه في الأصول و اضافة الإرادة اليه لأدنى ملابسة و المراد بها ارادة الفرد من المطلق فيصير المعنى المطلق المنصرف الى بعض افراده انصرافا لا يحوّج ارادة ذلك الفرد اى الفرد المنصرف إليه إلى القرينة و هذا معنى صحيح ضرورة انّ المطلق المنصرف الى فرد لا يحتاج في الدّلالة على ذلك الفرد إلى قرينة خارجيّة لأنّ نفس منشأ الانصراف قرينة على ارادة ذلك الفرد قوله طاب ثراه فقد ظهر ممّا ذكرنا

ص:91

ان ليس في أدلّة المسئلة (- إلخ -) هذه صغرى لكبرى مطويّة و هي انّه إذا فقد ما يجري في المبيع الكلّى بقيت أصالة اللّزوم في البيع و سائر العقود محكمة قوله طاب ثراه و ربّما ينسب التّعميم الى ظاهر الأكثر (- اه -) أشار بذلك الى ما صدر من العلاّمة الطّباطبائي (- ره -) في المصابيح فإنّه الّذي صدرت منه هذه النّسبة و تبعه فيها صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه و يحتمل ان يكون الاقتصار عليه لعنوان المسئلة في كلامه بغير الحيوان و هو المتاع (- اه -) لا يخفى عليك انّ غاية ما يقتضيه اختصاص العنوان بغير الحيوان هو انتفاء خيار الحيوان فيبقى بعد ذلك شاملا لخيار الغبن و العيب و خيار الرّؤية و غيرها قوله طاب ثراه و أوجه ما يقال الّذي استدلّ به لهذا القول وجوه ثلث هذا أحدها و ثانيها أصالة اللّزوم بعد انصراف الأخبار الى غير صورة ثبوت الخيار من جهة أخرى و ثالثها ما أشار إليه بقوله فيما يأتي حجّة للتّفصيل و لدلالة النصّ و الفتوى على لزوم البيع في الثّلثة فيختصّ بغير صورة ثبوت الخيار له (- اه -) قوله طاب ثراه و قد يفصل (- اه -) هذا التّفصيل هو الّذي جعله في المصابيح و كشف الظلام أجود و في مفتاح الكرامة أولى و في خيارات الفقيه الغرويّ أظهر و في المسئلة وجه ثالث احتمله في محكي (- س -) و هو ثبوت خيار التأخير (- مط -) سواء كان هناك خيار أخر أم لا و سواء كان الخيار الأخر للبائع أو للمشتري غاية ما هناك ان يكون مبدء الثّلثة في خيار التّأخير (- ح -) من حين انقضاء زمان الخيار الثابت بالعقد من خيار شرط أو حيوان أو مجلس قوله طاب ثراه و دعوى انّ المراد من الأخبار (- اه -) هذا جواب عن دليل المفصّل و توضيح هذا الجواب انّ غاية ما يستفاد من النصّ و الفتوى انّما هو لزوم العقد و لزوم العقد في الثّلثة من جهة التّأخير و ذلك لا ينافي عدم لزومه من جهة أخرى من شرط أو مجلس أو نحو ذلك و الأولى الجواب بأنّه ليس في الخبر من اللزوم و الجواز ذكر و انّما فيه انّه لا بيع و حمل بحكم الإجماع على ثبوت الخيار و مفهومه انّه ان جاء في ما بينه و بين ثلثة أيّام فلا خيار له و لا سلطنة على الفسخ للتأخير قوله طاب ثراه مدفوعة بأنّ التّأخير سبب (- اه -) هذا ردّ للجواب المزبور و دفع له و توضيح الدّفع انّ التّأخير سبب لثبوت الخيار و لا حكم من الأحكام يتقيّد بسببه لانّ الحكم أمر وحداني و ليس السّبب من جهاته و كيفيّاته حتّى يصحّ ان يكون قيدا له فالمراد بالحكم الخيار و بالسّبب التّأخير فيكون المعنى انّ التّأخير سبب لمطلق الخيار لا للخيار المقيّد بثبوته بالتّأخير فالثابت بعد الثلاثة هو الخيار المطلق فيلزم ان يكون المراد باللّزوم بقرينة المقابلة هو اللّزوم المطلق لا اللّزوم من جهة التّأخير فقط كما زعمه المورد ثمَّ انّ من هنا ظهر سقوط ما زعمه غير واحد من طلبة مجلس البحث من كون المراد بالحكم في عبارة المورد هو اللّزوم و بالسّبب هو التّأخير فإنّ فيه انّ المراد هو دعوى امتناع تقيّد الحكم بالسّبب و من البيّن انّ الممتنع انّما هو تقيّد الحكم بسببه لا بسبب حكم أخر فالمراد انّ حكما من الأحكام لا يتقيّد بسببه لا انّ حكما من الأحكام لا يتقيّد بسبب من الأسباب و لو كان غير سببه ضرورة أن تقيّد الحكم بشيء يكون سببا لحكم أخر فوق حدّ الإحصاء ألا ترى الى ان صحّة العقد مقيّدة بما إذا صدر من البالغ مع انّ البلوغ سبب لأحكام أخر و إذ قد عرفت ذلك فاعلم انّ الشّيخ الوالد أنار اللّه برهانه أوضح الدّفع بوجه أخر فقال (- ره -) يريد يعنى الدافع انّ اللّزوم حكم و حاصله حرمة الفسخ و الخيار (- أيضا -) حكم و حاصله جواز الفسخ و انّ الحكم أمر وحداني و ليس السّبب من جهاته و كيفيّاته حتّى يصحّ ان يكون قيدا له فيرتفع التّناقض من القضيّتين المتخالفتين نفيا و إثباتا و بانضمامه الى إحديهما و انضمام خلافه إلى الأخرى فلا يتحقّق تناقض لو قيل جواز الفسخ الناشي من السّبب الّذي هو الغبن موجود قبل مضىّ ثلثة أيّام و جواز الفسخ النّاشى من السّبب الّذي هو تأخير الثمن غير موجود و مثله الحال في اللّزوم و معلوم انّ الشيء الوحداني البسيط ان وجد سببه وجد و الاّ فلا و حيث انّ السّبب ليس صالحا لصيرورته من كيفيّات وقوع المسبّب لم يصحّ توجيه الإثبات إليه في صورة تعدّد الأسباب الشّأنيّة له و وجود واحد منها مع انتفاء غيره و توجيه النّفي إليه باعتبار ما لم يوجد لتوجّه النّفي و الإثبات إلى شيء واحد المستلزم للتّناقض قوله طاب ثراه و امّا ما ذكره من عدم تقييد الحكم بالسّبب فلا يمنع من كون نفى الخيار في الثّلثة من جهة التضرّر بالتّأخير و لذا لا ينافي هذا الخيار خيار المجلس توضيح ذلك ان عدم تعقّل تقيّد حكم من الأحكام بسببه مسلّم لكنّه لا يثبت المطلوب لانّ مقتضاه عدم تقيّد الخيار بسببه و هو التأخير و ذلك لا ينافي تقيّد اللّزوم بالتأخير الّذي ليس هو سبب اللّزوم و (- ح -) فيكون معنى الخبر ان البيع لازم في الثّلثة لعدم التضرّر بالتّأخير في الثّلثة و ذلك لا يمنع من ثبوت سبب أخر لعدم اللّزوم في الثّلثة غير التّأخير و قال الشيخ الوالد العلاّمة قدّس اللّه نفسه الزكيّة في شرح هذه العبارة انّ ظاهر ما ذكره هو تسليم انّ الحكم لا يتقيّد بالسّبب و تحرير الجواب بانّ ما نحن فيه خارج عن عنوان تلك القاعدة و على هذا فلا بدّ و ان يكون نظره الى انّ الخيار ليس حكما و ان يكون قد اعتمد في إفادة هذا المعنى على تسليم عدم تقييد الحكم بالسّبب و انّه لا يمنع من نفى الخيار (- اه -) حيث عبّر بلفظ الخيار و قابل بينه و بين الحكم و توضيحه انّ كلاّ من أقسام الخيار كالخيار المضاف الى المجلس و غيره نوع من الحقّ مسبّب من سبب خاصّ و يجمع الكلّ جنس قريب هو الخيار امّا كونه حقّا فلكونه ممّا يورث كما صرّحوا به و امّا كون كلّ منها نوعا مغايرا للآخر فلاختصاص كلّ بأحكام لا تترتّب على الأخر و على هذا فيصحّ ان ينتفي شيء منها بانتفاء سببه و يوجد الأخر بوجود سببه و ما يعطيه كلام المستدلّ من كون الخيار حكما انّما نشأ من مشابهة كلّ منها للآخر من حيث الاندراج تحت ذكر الجنس القريب الّذي هو الخيار ثمَّ قال (- قدّه -) فان قلت قد تكرّر في كلام (- المصنف -) (- ره -) احتمال انّ العقد سبب الخيار و على هذا فلا يتعدّد سببه قلت سببيّة العقد لا تنافى اعتبار انضمام شرط اليه فهو في خيار المجلس عبارة عن بقاء المجلس و في خيار الشّرط عن ذكر الشّرط و في خيار الحيوان وقوعه على الحيوان و هكذا في غير ذلك و معلوم انّ العقد باعتبار انضمامه إلى شيء من الشرائط غيره باعتبار انضمامه إلى الأخر هذا كلامه رفع مقامه و ما ذكره لا بأس به الاّ جعله العقد سببا للخيار و ذلك ممّا لا ينبغي التفوّه به ضرورة انّ الخيار ليس من جهة العقد بل من جهة التّأخير و الغبن و تخلّف الشرط و نحوها و انّما العقد محرز لموضوع يتوقّف عليه تأثير السّبب كما هو ظاهر قوله طاب ثراه و لا إشكال في تصوّره من المالكين مع اتّحاد العاقد من قبلهما قلت بل الظّاهر اختصاصه بهذه الصّورة و امّا لو كان وكيلا في المساومة و القبض و الإقباض (- أيضا -) ففي ثبوت الخيار بتأخير تسليم المبيع من طرف الموكّل في الشّراء من نفسه وكالة عن موكّله في البيع تأمّل بل مقتضى أصالة اللّزوم بعد اختصاص النّصوص بصورة التعدّد هو عدم ثبوت خيار التأخير (- ح -) فتأمّل قوله طاب ثراه فإنّ المحكى عن الصّدوق (- ره -) في المقنع انّه إذا اشترى جارية فقال (- اه -) قد افتى بذلك في الفقيه أيضا على ما حكى عنه

ص:92

قوله طاب ثراه ثمَّ انّ مبدء الثلاثة من حين التفرّق أو من حين العقد (- اه -) قد افتى بكون مبدئه من حين التفرق في المصابيح و خيارات الفقيه الغرويّ (- ره -) و الجواهر و غيرها مستظهرين ذلك من كلام الشيخين و السيّدين و القاضي و الدّيلمي و الحلّي و العلاّمة في (- لف -) و (- ير -) مستندين الى وجهين أحدهما دلالة الأخبار و فتوى الأصحاب و معقد إجماعهم على لزوم البيع في تمام المدّة و لو كانت من حين العقد لاشتملت على خيار المجلس فينتفى اللّزوم في المجموع بل الجميع في بعض الصّور كما إذا استمرّ المجلس ثلثة أيّام الثّاني ما أشار إليه الماتن (- ره -) بقوله من ظهور قوله عليه السّلام فان جاء (- اه -) و قد قال في المصابيح بعد التمسّك بهذين الوجهين انّه يتفارق الوجهان إذا اشترط في العقد سقوط الخيار فيكون المدّة من العقد على الأوّل لانتفاء المانع و من التفرّق على الثاني لعموم المقتضى انتهى و أقول ما ذكره من افتراق الوجهين في الأثر في محلّه لكنّ أصل الوجهين مدخولان امّا الأول فلما مرّ آنفا من منع دلالة الأخبار و الفتاوى على اللّزوم في تمام المدّة من جميع الجهات بل من جهة خيار التأخير فقط فلا يتمّ ما ذكره و امّا الثاني فلما أشار إليه (- المصنف -) (- ره -) بقوله و من كون ذلك كناية (- اه -) و الاّ ظهر انّ المبدء من حين العقد لظاهر الأخبار فإنّ الضّمير في قوله عليه السّلام ما بينه في الأخبار يرجع الى الشّراء لانّه المذكور و امّا الافتراق فغير مذكور في الأخبار و لا مدلول عليه بقرينة فيتعيّن عوده الى الشّراء اى ان جاء بالثّمن ما بين الشّراء و بين ثلثة أيّام و الاّ فلا بيع بينهما بقي هنا أمر لم ينبّه عليه الماتن (- ره -) صريحا و هو انّ هذا الخيار يختصّ بالبائع فلا يثبت للمشتري الخيار بتأخير البائع إقباض المثمن عن الثلاثة كما نصّ عليه جماعة منهم المفيد (- ره -) و علم الهدى و علاّمة المصابيح (- ره -) و غيرهم بل نفى في مفتاح الكرامة وجدان الخلاف فيه بل ادّعى في الانتصار و المصابيح و تعليق اللّمعة للغروي الإجماع عليه لاختصاص النّصوص و معاقد الإجماعات بالبائع فيرجع الى أصالة اللّزوم بالنّسبة إلى المشتري إذا أخّر البائع تسليم المثمن نعم من اعتمد في أصل المسئلة على قاعدة الضّرر يلزمه التسوية بين البائع و المشترى لمساواتهما في العلّة لكن قد عرفت فساد المبنى و عليه يتفرّع فساد ما في مفتاح الكرامة من احتمال ثبوت الخيار للمشتري بتأخير البائع تسليم المبيع مقيّدا بما إذا لم يرض المشتري بالتّأخير و لم يتمكّن من إجباره فإنّ فيه بعد اختصاص النّصوص بالبائع و عدم تماميّة قاعدة الضّرر و دعوى السيّدين الإجماع عليه ما لا يخفى على ذي مسكة

في مسقطات خيار التأخير

قوله طاب ثراه أحدها إسقاطه بعد الثلاثة بلا اشكال لما مرّ في وجه سقوط باقي الخيارات بالإسقاط من عموم ما دلّ على سقوط الحقوق بالإسقاط قوله طاب ثراه وجهان قد جزم بالعدم في المصابيح و مفتاح الكرامة و غيرهما من زبر الأواخر لاستصحاب الخيار بعد منع كون الإسقاط المذكور مسقطا لكونه إسقاطا لما لم يجب و هو غير معقول كما في نفقة الزّوجة قوله طاب ثراه و من انّ العقد سبب الخيار (- اه -) هذا احتجاج للقول بالسّقوط و ردّ لما ذكره من حجّة عدم السّقوط و توضيح الاستدلال انّ السّقوط هو مقتضى عموم ما دل على سقوط الحقوق بالإسقاط بعد منع كون الإسقاط في الثلاثة إسقاطا لما لم يجب لانّ السّبب و هو العقد قد حصل فيكفي في الإسقاط و الفرق بينه و بين نفقة الزّوجة انّه حقّ واحد مستمرّ بخلاف نفقة الزّوجة فإنّها حقوق موزّعة على الأزمنة و لكن الإنصاف سقوط هذا الاستدلال لانّ العموم انّما يفيد سقوط الحقوق بالإسقاط و الحقّ هنا قبل الثّلثة لم يحدث بعد و كون العقد سببا ممنوع و انّما سبب هذا الخيار هو التأخير فما لم يحصل التّأخير لم يحصل السّبب فلا محل للإسقاط و توهّم افادة دليل السّقوط بالإسقاط جواز الإسقاط قبل حصول السّبب (- أيضا -) جزاف من القول قوله طاب ثراه مضافا الى فحوى جوازه (- اه -) فيه انّ جواز اشتراط سقوطه في العقد بمعنى سقوطه قبل حدوثه و هو حال العقد ممنوع و لو سلّم فالأولويّة ممنوعة كما لا يخفى على من تأمّل فيما به يدفع اشكال اشتراط سقوط الخيار في ضمن العقد قوله طاب ثراه و الاّ فلننظر فيه مجال (- اه -) وجه النّظر انّ الخيار الّذي سببه شيء متأخّر عن العقد لا معنى لاشتراط سقوطه حين العقد لانّه اشتراط السقوط ما لم يحدث سببه بعد و ذلك غير معقول نعم الخيار الّذي سببه العقد يمكن توجيه الإسقاط فيه بأنّه إنشاء لعقد لازم ليس سببا لذلك الخيار فالحقّ ان يفصل بين ان يشترط إسقاط خيار التّأخير بعد حصول سببه و بين ان يشترط سقوطه بنفسه بعد حدوثه و بين ان يشترط سقوطه الآن و بين ان يكون الغرض إنشاء عقد لازم ابدا غير متزلزل بالتّأخير ثلثة أيّام فيصحّ الفرضان الأوّلان و في الرّابع وجهان و الصّحة غير بعيد و يبطل الثالث لكونه إسقاطا لما لم يوجد و توهّم انّه اولى من اشتراط التأجيل في الثمن و الكلّ متسالمون على اختصاص هذا الخيار بما إذا لم يشترط التّأخير فعدم ثبوته فيما إذا أسقطه في ضمن العقد اولى مدفوع بمنع الأولويّة لأنّه إذا اشترط الأجل تبدّل الموضوع و لم يكن المحلّ قابلا للخيار حتّى يكون من قبيل إسقاط ما لم يجب بخلاف المقام فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه فانّ المصرّح به في (- كرة -) صرّح به في (- عد -) (- أيضا -) قوله طاب ثراه و قيل بعدم السّقوط القائل صريحا هو العلاّمة الطباطبائي (- ره -) في المصابيح و هو الّذي احتمله في محكي (- س -) بل في المصابيح انه ظاهر الأكثر و علّل في مفتاح الكرامة الاستظهار من الأكثر بأنّهم ذكروا انّ له الخيار و لم يتعرّضوا للإحضار و عدمه ثمَّ أنصف و قال و ليس بتلك المكانة لأنّ الإطلاق في كلامهم مسوق لشيء أخر قوله طاب ثراه و امّا إذا استند فيه الى الضّرر (- اه -) ما ذكره من البناء حسن لكن الكلام معه في المبنى لمنع كون المستند في ذلك قاعدة الضّرر لعدم تماميّتها كما عرفت سابقا مضافا الى انّ اخبار المسئلة مطلقات فإطلاقها يحكّم في صورة عدم التضرّر ضرورة انّ قاعدة الضّرر عند عدم تضرّر البائع تكون ساكتة و الإطلاق ناطقا فيحكّم و مناقشة (- قده -) في الإطلاق بدعوى الانصراف إلى صورة التضرّر ممّا لا وجه له ضرورة أنّ الانصراف لا يكون إلاّ لغلبة الاستعمال الموجبة لعدم فهم العرف الشقّ الأخر من اللّفظ عرفا عند الإطلاق و ذلك في محلّ البحث غير موجود بل غير معقول كما لا يخفى على المتأمّل مضافا الى انّ لازم ما ارتكبه هو عدم إثبات الخيار بعد الثلاثة إذا لم يتضرّر بالتّأخير حتى إذا لم يحضر المشترى الثمن و لا أظنّ انّ أحدا يلتزم بذلك و استفادة كون العلّة هو الضّرر و الاستناد الى ذلك من قبيل الأخذ بالعلّة المستنبطة و حيث انّه لا قطع بها كانت كالقياس بل قياسا قوله طاب ثراه و دعوى انّ حدوث الضّرر (- اه -) قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّ هذا عدول منه (- ره -) عمّا أورده على صاحب الرّياض (- ره -) في مسئلة فوريّة خيار الغبن بما اعترف به ولده من احتمال ان يكون الضّرر علّة محدثة تكفي في بقاء الحكم الى ما ذكره هناك بقوله الاّ ان يدّعى انّه إذا استند الحكم الى الضّرر فالموضوع للخيار هو المتضرّر العاجز عن تدارك ضرره و هو غير متحقّق في الزّمان اللاّحق قوله طاب ثراه لانّه التزام فعلى بالبيع (- اه -) (11) فيه انّ أخذ الثمن التزام بالبيع المطلق لا البيع اللازم و دلالته

ص:93

على الرّضا بلزوم البيع ممنوعة و الاّ لدلّ على ذلك في خيار المجلس و غيره (- أيضا -) و التّالي فاسد فالمقدّم مثله نعم لو كشف في مورد عن الرّضا بالبيع و إسقاط الخيار أوجب السّقوط قوله طاب ثراه أو يكفي الظنّ فلو احتمل (- اه -) قال الشيخ الوالد قدّس سره انّ معنى كفاية الظنّ في هذا المقام بدلالة مقابلتها بقوله و هل يشترط افادة العلم هو اشتراط ما يعمّ الظنّ و يلزمه (- ح -) عدم كفاية ما دون الظنّ و بهذا الاعتبار فرّع عليها قوله فلو احتمل كون الأخذ بعنوان العارية أو غيرها لم ينفع و أراد بقوله أم لا يعتبر الظنّ (- أيضا -) انّه لا يشترط كما لا يشترط العلم قوله طاب ثراه و خبر الوجوه أوسطها لكنّ الأقوى الأخير قال والدي العلاّمة أعلى اللّه مقامه امّا وجه كونه خيرا من الأوّل فهو القطع بعدم اشتراط العلم بخصوصه لما ذكره من كون الفعل مع افادة الظنّ الفعلي امارة عرفيّة على الالتزام و قد علمنا انّ الشّارع اعتبر الأمارات العرفيّة المعتبرة عند العقلاء في مقاصدهم و امّا وجه كونه خيرا من الأخير فلكونه القدر المتيقّن من بين افراد ما كان رضا نوعيّا بالعقد و هذا لا ينافي كون الأخير هو أقوى منه من جهة قيام الدّليل على سقوط خيار الحيوان و الشّرط بما كان رضا نوعيّا و انّ أخذ الثمن من أوضح افراده و انّه لا يعتبر الظنّ الشخصي في دلالة التصرّف على الرّضا قوله طاب ثراه و غيرها كالقواعد و (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) قوله طاب ثراه للأصل أراد به استصحاب الخيار مع فقد المسقط شرعا و ردّ بانّ الرّضا و الالتزام بالبيع مسقط شرعي و قد حصلت الأمارة العرفيّة الدّالة عليه فيسقط به و يسقط بذلك الاستصحاب لحكومة أدلّة الأمارات على الاستصحاب لازالة الأمارة بسبب تنزّلها منزلة اليقين للشكّ المأخوذ في موضوع الاستصحاب قوله طاب ثراه و يحتمل السّقوط قد استظهر القول به في مفتاح الكرامة من الانتصار و المقنعة و (- ية -) و (- ف -) و المراسم و جواهر القاضي و الغنية و (- ئر -) و غيرها نظرا إلى أنّهم خيّروا البائع بين الفسخ و المطالبة بالثّمن و قابلوا بينهما فدلّ على سقوطه عندهم بالمطالبة هذا و ربّما ذكر بعضهم انّه على القول بفوريّة هذا الخيار يتعيّن القول بالسّقوط لاستلزامه التّأخير و ردّ بمنع إخلال مثل ذلك بالفوريّة لأنّ المراد بها العرفيّة أو يفرض في مقام لا يعلم بالخيار و قلنا انّ ذلك عذر لا يسقط به الخيار بناء على الفوريّة قوله طاب ثراه و فيه انّ سبب الخيار و التضرّر في المستقبل (- اه -) قد عرفت فيما مرّ انّ هذا الخيار تعبّد صرف و ان سببه التّأخير فما ذكره (- قدّه -) غير واضح

خيار التأخير على الفور أو التراخي

قوله طاب ثراه قولان في عدّهما قولين نظر فانّ القول بالتّراخي هنا هو ظاهر العلاّمة في (- كرة -) و صريح الشهيد (- ره -) في قواعده و اختاره في المصابيح (- أيضا -) و امّا الفور فقد نفى في المصابيح و تعليق اللّمعة للفقيه الغرويّ و الجواهر وجدان القائل به و نفى في مفتاح الكرامة وجدان المصرّح به و لعلّ الماتن (- ره -) عثر على ما لم يظفروا به قوله طاب ثراه فتأمّل احتمل الشيخ الوالد أعلى اللّه تعالى درجته كون الأمر بالتأمّل إشارة الى انّ قرب نفى اللّزوم رأسا إلى نفى الحقيقة اعتباريّ لا عرفيّ و المعتبر انّما هو الثّاني دون الأوّل و ذلك لانّ أهل العرف لا نصيب لهم من تمييز نفى اللّزوم رأسا عن نفيه على وجه الفور ثمَّ انّه (- قده -) قال و لكنّ الأظهر انّه اشارة إلى دفع هذا الاحتمال نظرا الى انّ ما ليس لهم فيه حظّ انّما هو نفس عدم اللّزوم الصّالح لان يكون على وجه الاستبراء و ان يكون على وجه الانقطاع و امّا ما يرجع الى توجيه النفي إلى مدخولة باعتبار نفى الذّات أو الصّفة أيّ صفة كانت من صفات المدخول فذلك ممّا لا ملجأ فيه الاّ أهل العرف و ما نحن فيه من هذا الباب ثمَّ قال طاب ثراه و يؤيّد عدم كون الأمر بالتأمّل لتوهين ما عقّب به بيان ما يترتّب على إهمال النصّ مصدّرا بفرض الإهمال و معقّبا بتعليل حاصل المقال على نحو التّرديد بين ظهور النّص و بين الاستصحاب

لو تلف المبيع بعد الثلاثة كان من البائع

قوله طاب ثراه إجماعا مستفيضا بل متواترا كما في الرّياض (- اه -) ادّعى الإجماع في (- ف -) و الانتصار و (- ئر -) و (- عد -) و التّنقيح و المهذّب البارع و الرّياض و المستند و كشف الظّلام و محكي جامع الشّرائع و كشف الرّموز و (- س -) و المقتصر و إيضاح (- فع -) و غاية المرام و غيرها و استظهر عدم الخلاف فيه في (- ئق -) و صرّح بعدم الخلاف فيه في (- لف -) و الإيضاح و الكفاية و تعليق اللّمعة للغروىّ و الجواهر و غيرها و ظاهر (- لك -) (- أيضا -) عدم الخلاف فيه حيث خصّ الخلاف بما قبل الثّلثة قوله طاب ثراه و القاعدة المجمع عليها عطف على قاعدة الملازمة أي قد يعارض النّبوي بالقاعدة المجمع عليها و هذه المعارضة قد صدرت من المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) حيث قال بعد تعليل الحكم بالنّبوي ما لفظه لكن قد تقرّر عندهم (- أيضا -) انّه إذا تلف المال في زمن الخيار فهو من مال من لا خيار له و إن كان لهما الخيار فتلف المبيع من البائع و الثمن للمشتري و ذلك يقتضي كون التّلف بعدها من المشترى ثمَّ أجاب (- قدّه -) بقوله الاّ ان يقال انّ ذلك بعد القبض أو يقال ببطلان البيع (- ح -) كما هو مذهب البعض و مدلول الأخبار انتهى و قد أخذ الجواب الأوّل منه في المصابيح و مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و غيرها حيث أجابوا باختصاص القاعدة الثّانية بالمقبوض كما هو معلوم من قواعدهم و امّا غيره فمن البائع (- مط -) سواء كان في زمن الخيار أو بعده أو قبله و زاد في الأخيرين الجواب بوجه أخر و هو اختصاص ما ذكر بالتالف في زمن الخيار أي في هذه الصّورة الخاصّة فلو أسقط البائع خياره كان التلف عليه و القاعدة الأولى جارية في جميع الصّور و زاد الماتن (- ره -) الإشارة إلى وجه ثالث و يأتي تنقيح دفع المنافاة في أحكام الخيار عند الكلام في القاعدة قوله طاب ثراه فالمشهور كونه من مال البائع (- أيضا -) (11) هذا القول هو خيرة (- ف -) و (- ية -) و (- ئر -) و (- عد -) و (- شاد -) و (- كرة -) و (- لف -) و الإيضاح و (- مع صد -) و اللّمعتين و (- لك -) و الرّياض و المصابيح و المستند و الكفاية و محكي التبصرة و (- ئر -) و (- س -) و شرح (- شاد -) للفخر و المقتصر و غاية المرام و كشف الرّموز و إيضاح (- فع -) و تعليق (- شاد -) و الميسيّة و غيرها و هو المنقول عن القاضي بل في المستند انّه الأشهر و في (- لك -) و محكي (- س -) و غاية المرام و تعليق (- شاد -) انّ عليه الأكثر و في غاية المراد و (- مع صد -) و (- ئق -) و المصابيح و مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و تعليق اللّمعة للغروىّ و غيرها انّه المشهور بين الأصحاب و في الرّياض انّه قد استقرّ رأي المتأخّرين عليه قوله طاب ثراه و عن الخلاف الإجماع عليه (- اه -) (12) قد تقدّمت عبارة (- ف -) الدّالّة على ذلك في صدر الكلام على خيار التّأخير و مثلها عبارة الانتصار المزبورة هناك قوله طاب ثراه خلافا لجماعة (- اه -) (13) مختار هذه الجماعة هو كون التّلف من مال المشترى و نسبة ذلك الى المفيد و ابن زهرة في محلّه لتصريحهما في المقنعة و الغنية بذلك بل ادّعى الإجماع عليه في الغنية و امّا نسبته الى السيّد المرتضى فلعلّ المراد بها اختياره لذلك في غير الانتصار ضرورة صراحة عبارة الانتصار المشار إليها في اختيار القول الأوّل و قد اختار هذا القول في المراسم و حكى عن ابى الصّلاح (- أيضا -) و ربّما خطأ جمع من الأواخر منهم علاّمة المصابيح و سيّد مفتاح الكرامة

ص:94

و المحقّق الفقيه الغرويّ (- قدّهم -) الشيخ احمد بن فهد (- قده -) في المهذّب البارع في نسبة القول الى سلاّر و ابى الصّلاح و هو في محلّه و ربّما عزى في (- كرة -) هذا القول الى الشيخ (- ره -) و خطأه في مفتاح الكرامة و لعلّه في غير محلّه لان موافقته للمشهور في (- ية -) و (- ف -) لا ينافي ذهابه الى هذا القول في كتاب أخر وقف عليه العلاّمة (- ره -) و لم يقف عليه السيّد (- قدّه -) هذا و في المسئلة قول ثالث لم يتعرّض له الماتن (- ره -) اختاره ابن حمزة في الوسيلة و هو انّه من ضمان البائع الاّ ان يكون البائع عرض التّسليم على المبتاع و لم يتسلّم المبتاع فيكون التّلف من المشترى حينئذ و لا موافق له في ذلك كما قيل لكن ربّما مال في مفتاح الكرامة إلى جعله موافقا للقول المشهور حيث قال انّه في (- ئر -) قيّده بما إذا لم يمكّنه من قبضه و قد عرفت ما أسلفناه عن (- ئر -) من اشتراطه عدم التمكين في أصل خيار التّأخير و على اعتبار ما في (- ئر -) و ما في (- ير -) يكون صاحب الوسيلة موافقا للمشهور لانّه قال و ان تلف المبيع كان من ضمان البائع و إن كان بغير تفريط منه الاّ ان عرض للتّسليم و لم يتسلّم المبتاع فعبارته مطلقة غير مقيّدة بكونه في الثّلثة كما فهمه (- المصنف -) (- ره -) في (- لف -) ثمَّ قال اى في مفتاح الكرامة و الوجه فيها تنزيل التمكين منزلة القبض في نقل الضّمان و مقتضى ذلك انّ المشترى يضمن عنده (- مط -) سواء كان التعذّر في الثّلثة أو فيما بعد فلا معنى لتخصيص التّلف بكونه في الثّلثة كما في (- لف -) و تنزيل التمكين منزلة النّقل مذهب الشيخ (- ره -) و جماعة حتّى انّه في (- ف -) ادّعى عليه الإجماع فينقدح إشكال في إطلاق الأكثرين القول بضمان البائع في الثلاثة كما يشكل إطلاق الجميع القول بضمانه فيما بعدها بناء على ثبوت إجماع (- ف -) و الاّ انحصر الإشكال فيمن قال بانّ التّمكين كالنّقل و لا يندفع الاّ باشتراط عدم التّمكين في أصل الخيار أو تخصيص محلّ النّزاع بما إذا لم يكن هناك تمكين و بذلك يتّضح انّ ما في الوسيلة موافق للمشهور و انّ نسبة الخلاف إليها لم تصادف مخرّها و الوهم أوّل ما نشأ من (- المصنف -) في (- لف -) و ولده و الشّهيد الأوّل انتهى ما في مفتاح الكرامة و سبقه في ذلك صاحب المصابيح و عليك بالتدبّر فيه قوله طاب ثراه و هو مع قاعدة ضمان المالك لماله يصلح حجّة لهذا القول أقول قد وقع الاحتجاج لهذا القول بوجوه الأوّل إجماع الغنية و جوابها ما أشار إليه (- المصنف -) (- ره -) بقوله و الإجماع معارض يعنى بإجماع (- ف -) و الانتصار بل موهون يعنى لمخالفته الأكثر الثّاني قاعدة ضمان المالك لماله و فيه ما في المتن من انّها مخصوصة بما إذا كان المال المشترى مقبوضا للمالك و امّا قبل القبض فالضّمان على البائع بحكم القاعدة الثّالث ما يقرب من سابقة من انّه مال انتقل إلى المشتري بنفس العقد و منع البائع إيّاه من التصرّف فيه لمصلحته ذكر ذلك في (- لف -) ثمَّ أجاب بمنع الملازمة بين انتقاله اليه و كون الضّمان على البائع قلت مضافا الى ثبوت الملازمة بين عدم القبض و بين كون ضمانه على البائع بحكم القاعدة و الى انتقاض ذلك بالتّلف بعد الثّلثة فما وجه الفرق بينهما نعم ربّما تصدّى في غاية المراد لتوجيه مستند المفيد (- ره -) بما يصير فارقا بين الصّورتين حيث قال قال المفيد لانّ العقد ثبت بينهما عن تراض منهما بخلاف ما بعد الثلاثة لأنّ البائع أحقّ به قلنا الظاهر انّه أراد لما ثبت العقد النّاقل للملك و لا خيرة للبائع فيه بل هو ممنوع به لحقّ المشترى صار كالمودّع بخلاف ما بعدها فإنّه إمساك لنفسه لثبوت الخيار له (- ح -) عند جماعة و لبطلان البيع كظاهر كلام ابن الجنيد و الشّيخ (- ره -) و هو في صحيحة علىّ بن يقطين عن ابى الحسن عليه السّلام و في رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام بخلاف صورة قبض الثمن و شبهها لانتفاء خيار البائع انتهى كلامه على مقامه و أنت خبير بما فيه لأنّا نتكلّم هنا على القول بالخيار دون القول بالبطلان و (- ح -) فكون الإمساك للمشتري أو له لا يكون فارقا مع انّا نمنع كون الإمساك بعد الثلاثة له (- مط -) بل إذا لم يرض بالعقد و الاّ كان للمشتري (- أيضا -) فما باله أطلق كون الضّمان بعد الثلاثة على البائع و بالجملة فالتعلّق بأمثال هذه الوجوه الاعتباريّة في قبال القاعدة لا وجه له الرّابع ما في المهذّب البارع من انّه لو حصل له نماء كان للمشتري فيلزم ان يكون التّلف عليه لانّه عليه السّلام قال الخراج بالضّمان و فيه انّ الملازمة ممنوعة و الخبر غير ثابت الحجّية و لو سلّم فلا يقاوم القاعدة المسلّمة المشار إليها قوله طاب ثراه فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه (- اه -) يعنى انّ المشترى ضامن لحقّ صاحب المال حتّى يردّ المشترى الى صاحب المال حقّه اى الثمن الّذي يستحقّه قوله طاب ثراه و هو الأقوى لا يخفى عليك انّ هذا القول بما قال به ابن حمزة فيما مرّ من التّفصيل بين عرض التّسليم و عدمه بكون الضّمان على الأوّل على المشترى و على الثاني على البائع قوله طاب ثراه قال في (- ية -) (- اه -) أراد بنقل ذلك الإشارة إلى انّه ربّما يظهر من (- يه -) خلاف ما تقتضيه القاعدة و استقرت عليه الفتوى من انّه لو قبض المشترى المبيع ثمَّ تلف كان من المشترى سواء كان في الثّلثة أو بعدها و قال الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه تعالى برهانه انّ هذا الكلام ليس مرتبطا بما قبله من مسئلة إسقاط تمكين البائع من القبض ضمانه و انّما هو مرتبط بأصل المسئلة و الغرض من ذكره تفسيره بما يوجب سقوط ما أورده العلاّمة (- ره -) عليه و لكنّك خبير بانّ التقييد في الفقرة الأولى بكون الهلاك قبل القبض و في الفقرة الثانية بكونه بعد القبض يوجب صراحة الفقرة الثالثة في العموم لصورتي وقوع الهلاك قبل القبض و بعده خصوصا مع التقييد فيها بقوله على كلّ حال و كون الحكم مخالفا للإجماع لا يصير دليلا على عدم غفلة الحاكم به عن الإجماع و (- ح -) فيكون التّعليل (- أيضا -) مخالفا للإجماع و هذا هو الّذي شجّع العلاّمة (- ره -) على الإيراد على الشّيخ (- ره -) ضرورة انّ كون الحكم مخالفا لمذهب المورد لا يسوغ الإيراد على من حكم بخلاف مذهبه قوله طاب ثراه مناف لتعليل الحكم بعد ذلك بقوله لانّ الخيار له بعد الثّلثة أيّام (- اه -) لم افهم معنى هذا التعليل لانّ مقتضى كون الخيار له بعد الثلاثة هو كون التّلف من مقابله لقاعدة انّ ما تلف في زمان الخيار فهو ممّن لا خيار له الاّ ان يريد بالخيار بطلان العقد كما هو احد قوليه لكنّه بعيد و بالجملة فالتعليل لا يكاد يفهم معناه و العجب من الماتن (- ره -) و المحشّين حيث انّهم لم ينبّهوا على ذلك و لعلّ القصور منّى

في خيار ما يفسد ليومه

قوله طاب ثراه كما في مرسلة محمّد بن أبي حمزة أشار بذلك الى ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن احمد عن يعقوب بن يزيد عن محمّد بن أبي حمزة أو غيره عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أو أبي الحسن (- ع -) في الرّجل يشتري الشيء الّذي يفسد من يومه و يتركه حتّى يأتيه بالثمن قال ان جاء فيما بينه و بين اللّيل بالثّمن فيها و الاّ فلا بيع له و روى الشيخ الحرّ العاملي (- ره -) في وسائل الشيعة عن الصّدوق (- ره -) بإسناده عن ابن فضّال عن ابن رباط عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطّيخ و الفواكه يوم الى اللّيل و ظاهر عبارة الفقيه كون ما نسبه إليه في الوسائل في محلّه لانّه قال بعد إيراد صحيحي زرارة المزبورة في خيار التّأخير ما لفظه و في رواية أخرى عن ابن فضّال عن الحسن بن علىّ بن رباط عمّن رواه عن

ص:95

ابى عبد اللّه عليه السّلام قال ان حدث بالحيوان حدث قبل ثلثة أيّام فهو من مال البائع و من اشترى جارية و قال للبائع أجيئك بالثمن فان جاء ما بينه و بين شهر و الاّ فلا بيع له و العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطّيخ و الفواكه يوم الى اللّيل انتهى لكن العلاّمة المجلسي الأوّل كتب في شرح قوله و من اشترى جارية انّه من كلام (- المصنف -) (- ره -) يعنى الصّدوق (- ره -) و لم افهم من اين استفاد ذلك و كيف كان فالخبر المزبور و إن كان مرسلا الاّ ان تلقّيهم له بالقبول يجبره ففي المصابيح و مفتاح الكرامة و تعليق اللّمعة و غيرها انّه منجبر بعمل الأصحاب و في محكي كشف الرّموز لا اعرف فيها مخالفا و في المهذّب البارع و محكي المقتصر و غاية المرام انّ على الرّواية عمل الأصحاب بل في الغنية و المصابيح الإجماع عليه فلا عذر في ترك الرّواية و الكلام في دلالتها على الخيار للبائع هو الكلام في دلالة الأخبار المتقدّمة في خيار التّأخير حرفا بحرف فيلزم القائل بالخيار هناك للأخبار القول به هنا للرّواية و القائل ببطلان البيع هناك للأخبار القول به هنا للرّواية من غير فرق قوله طاب ثراه و يدلّ عليه قاعدة نفى الضّرر (- اه -) قد عرفت فيما تقدّم عدم تماميّة دلالة قاعدة الضّرر على الخيار لانّ الضّرر كما يرتفع بالخيار فكذا يرتفع ببطلان البيع و لا معيّن لأحدهما فتأمّل مضافا الى ما في المستند من انّه ان أريد ضرر المشترى فهو ممّا أقدم بنفسه عليه حيث تركه و لم يأخذه مع انّ البيع من قبله ممكن و ان أريد ضرر البائع فهو انّما يكون لو جعلنا الفاسد من ماله و لكن لو قلنا انّه من مال المشترى فلا ضرر عليه و كون التّلف قبل القبض من مال البائع (- مط -) حتّى فيما كانت العين باقية و ان فسدت غير ثابت و لو سلّم فالضّرر انّما هو من الحكم بكون التلف قبل القبض من البائع لا من الحكم باللّزوم إذ مقتضى اللّزوم كون التلف من المشترى فلا ضرر لأجله على البائع فالحكم الموجب للضّرر كون التّلف من البائع فلو اثّر نفى الضّرر لأثّر في رفع هذا الحكم دون اللّزوم ثمَّ قال و لنعم ما قال انّ التّحقيق انّ كون التّلف قبل القبض على البائع نوع من الضّرر فدليله أخصّ (- مط -) من أدلّة نفى الضّرر فيجب تخصيصها به و لكون الضّرر الحاصل في المقام من افراد هذا النوع فلا يكون منفيّا في الشرع و لا داخلا تحت أدلّة نفى الضّرر فلا وجه للاستدلال بها في المقام انتهى كلامه علا مقامه و هو كلام موجّه متين قوله طاب ثراه نعم عبارات جماعة من الأصحاب لا تخلو من اختلال في التعبير أقول قد اختلفت عبارات الأصحاب في المقام من جهات و توضيح ذلك يتوقّف على إيراد جملة من عبائرهم ثمَّ الأخذ في استفادة المطلوب منها فعبارة (- ية -) و (- ئر -) و الوسيلة مذكورة في المتن و قال في الغنية بعد بيان خيار التّأخير ما نصّه هذا إذا كان المبيع ممّا يصحّ بقائه فان لم يكن (- كك -) كالخضراوات فعليه الصّبر يوما واحدا ثمَّ هو بالخيار على ما بيّناه انتهى و قال في (- كرة -) لو كان المبيع ممّا يسرع اليه الفساد كالفواكه و شبهها ممّا يفسد ليومه فالخيار فيه الى اللّيل لانّ الصّبر أكثر من ذلك يؤدّى الى تضرّر المشترى لو أبقيت السّلعة و طولب بالثّمن و الى تضرّر البائع لو لم يطالب انتهى و قال في (- عد -) لو اشترى ما يفسد ليومه فالخيار فيه الى اللّيل انتهى و قال في (- شاد -) و الخيار فيما يفسد الى اللّيل فان جاء بالثّمن و الاّ فالبائع أحقّ به انتهى و قال في (- فع -) و لو اشترى ما يفسد من يومه ففي رواية انّه يلزم البيع الى اللّيل فان لم يأت بالثمن فلا بيع له انتهى و قال في اللّمعة الخامس خيار ما يفسد ليومه و هو ثابت بعد دخول اللّيل انتهى الى غير ذلك من عبائرهم الّتي يكلّ عن استيفائها القلم و أنت إذا تأمّلت فيها ظهر لك انّ الاختلاف فيها تارة من حيث مدّة الخيار و اخرى من حيث مبدئه و ثالثة من حيث منتهاه فان صريح (- ية -) انّ الخيار يوم و لازمه كون مبدئه من أوّل النّهار و منتهاه أخره و هو الّذي يفيده قول العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و (- شاد -) و (- كرة -) الخيار الى اللّيل و من هنا قال في مفتاح الكرامة في شرح عبارة (- عد -) المزبورة انّ ظاهره انّ الليل غاية للخيار كما هو ظاهر (- ية -) و (- ئر -) و (- شاد -) و (- ير -) و التّبصرة و (- كرة -) و الإيضاح انتهى و لازم من جعل الخيار يوما كون المبدء من حين العقد إذ ليس غيره و ظاهر (- يع -) و (- فع -) و اللّمعة انّ المبدء من أوّل اللّيل ساكتين عن منتهاه و ظاهر من جعل الخيار الى اللّيل انّ اللّيل غاية للخيار لا مبدء له و قال في المصابيح انّه اختلفت عباراتهم في تأدية المراد بعد الإجماع عليه ففي الفقيه و (- ية -) و (- ئر -) و الوسيلة و الغنية و الجامع و النزهة و التحرير و التبصرة تقدير المدّة بيوم و في الشّرائع و (- فع -) و (- كرة -) و (- عد -) و (- شاد -) و اللّمعة امتدادها الى اللّيل من دون تعرّض للمبدء و التحديد باللّيل مشترك بين الجميع لكنّه قد جعله في (- ية -) و (- ئر -) و كتب العلاّمة (- ره -) غاية للخيار و في غيرها مبدأ له كما في النّص و يجب ردّ الأوّل إليه لوضوح المراد و ان بعد التّأويل انتهى و على منواله نسج اتباعه كسيّدنا في مفتاح الكرامة و الفقيه الغرويّ في تعليق اللّمعة بل زاد الثّاني دعوى تحصيل الإجماع على اللّزوم الى اللّيل من طرف البائع انتهى و أقول الذي يقتضيه التدبّر في كلماتهم هو توافقها؟؟؟ على اللزوم الى اللّيل فانّ الشيخ (- ره -) في (- ية -) و ان جعل الخيار يوما الظّاهر في كون أوّل اللّيل منتهى الخيار الاّ انّ قوله فان جاء المبتاع (- اه -) بقرينة مقابلته بقوله و الاّ فلا بيع له قرينة واضحة على كون مبدء عدم البيع له المفسّر عندهم بعدم لزوم البيع له الّذي هو الخيار هو أوّل اللّيل و انّ الخيار في صدر الكلام أريد به غير معناه و امّا عبارة الغنية فليس فيها ما يدلّ على تزلزل البيع قبل اللّيل بل هي دالّة على اللّزوم في اليوم و التّزلزل بعده و هو اللّيل و امّا عبارة (- ئر -) فالحال فيها هي الحال في عبارة (- ية -) و امّا عبارة (- كرة -) فقوله فيها الى اللّيل و إن كان ظاهرا في كون أوّل اللّيل منتهى الخيار لكن قوله لانّ الصّبر أكثر من ذلك (- اه -) المفيد للزوم الصّبر في النهار قرينة على كون المراد بالخيار غير معناه المصطلح و بقرينته تظهر الحال في عبارة (- عد -) (- أيضا -) و امّا عبارة (- شاد -) فالقرينة فيها فان جاء بالثمن و الاّ فالبائع أحقّ به و امّا عبارة (- فع -) فواضحة و كذا عبارة اللّمعة و ربّما جعلها بعضهم أحسن العبارات و ليس (- كك -) لانّ الخبر غير دالّ على الخيار كما مرّ و انّما الأحسن ما في الشّرائع حيث عبّر بمضمون الرّواية من غير تغيير ثمَّ انّه ربّما أورد جمع من الأواخر منهم علاّمة المصابيح (- قدّه -) في ما عدا عبارة (- س -) الإشكال من وجهين الأوّل انّ الغرض من الخيار دفع الضّرر بفسخ البيع قبل فساد المبيع و إن كان ممّا يفسد ليومه كما هو المفروض وجب ان يكون الخيار قبل اللّيل ليتأتّى للبائع فسخه (- كك -) الثّاني انّ البيع يقع في طرفي النهار و في الأثناء كما هو الغالب و ربّما اتّفق ليلا مع انقطاع السّوق و امتداده و التحديد باليوم اعنى النّهار كلّه من طلوع الفجر أو الشمس الى الغروب أو ببعض اليوم لا يطّرد في جميع الأزمنة الّتي يقع فيها البيع لانّ التّحديد إن كان بكلّ النّهار خرج عنه ما إذا وقع البيع في أثنائه أو في اللّيل و إن كان ببعض النهار خرج منه ما إذا وقع البيع في اللّيل و الحمل على مقدار اليوم خروج عن ظاهر النصّ و الفتوى و لا يتأتّى معه دفع الضّرر بالفسخ قبل فساد المبيع في الأكثر و انّما قصّروا الإشكال على غير عبارة (- س -) لانّه قال خيار ما يفسده المبيت و هو ثابت للبائع عند انقضاء النّهار و الأقرب اطّراد الحكم في كلّ ما يتسارع اليه الفساد عند خوف ذلك و لا يتقيّد باللّيل انتهى فإنّ

ص:96

الإشكال الأوّل اندفع عنه بفرضه فيما يفسده المبيت و الإشكال الثاني بطرده الحكم في كلّ ما يتسارع اليه الفساد عند خوف ذلك و من هنا قال في المصابيح انّه لقد أجاد الشهيد (- ره -) في (- س -) حيث حمل النصّ على ما يفسده المبيت نظرا الى الغالب في نحو الخضر و الفواكه و اللّحوم و الألبان و اليوم فيه على ما يشمل اللّيلة فإنّه استعمال شائع مراد فيما هو أصل لهذا الحكم و اثبت الخيار فيما هو (- كك -) عند اقتضاء النّهار و ردّ ما سواها الى ما يقتضيه الأصل و حديث الضّرار و دلالة الإيماء انتهى و لذا مال جمع من المتأخّرين و متأخّريهم إلى إثبات الخيار في كلّ ما يفسد عند خوف فساده يوما كان أو نصف يوم أو يومين و هكذا و أوّل من صدر ذلك منه الشّهيد (- ره -) فيما مرّ من عبارة (- س -) و الفاضل المقداد في التنقيح حيث قال التحقيق انّ الفساد الى اللّيل ليس ضابطا بل الى ان يشرف على الهلاك انتهى و قوّاه المحقّق الثاني و استحسنه الشهيد الثاني و استجوده غيره من الأواخر كسيّدنا في المصابيح و مفتاح الكرامة و كاشف الظّلام و الفقيه الغرويّ و غيرهم مستندين الى حديث نفى الضّرر و دلالة الإيماء قال في المصابيح و مقتضى ذلك ثبوت الخيار في غير مورد النصّ عند خشية فساده (- مط -) فلو كان ممّا يتسرّع اليه الفساد في بعض يوم فالخيار فيه قبل اللّيل و لو كان ممّا لا يفسد في يوم تربّص به البائع إلى خوف فساده فيتخيّر حينئذ و ان مضى عليه يومان و أكثر و احتمل العلاّمة (- ره -) في هذا انتظار اللّيل لورود التّحديد به شرعا و يضعّف بما ذكر بانّ مورد النصّ الفاسد ليومه و ليس هذا منه فيستمرّ فيه اللّزوم الى خوف الفساد بمقتضى الأصل السّالم عن المعارض انتهى و على منواله نسج في مفتاح الكرامة و زاد على ذلك قوله و بيانه انّ الأشياء منها ما يفسده المبيت و هو الغالب الكثير و هو الّذي ورد النصّ فيه و منها ما يفسد ليومين أو أكثر و هذان قليلان و قد أومى إليهما النصّ إيماء فكأنّه قيل في الخبر انّ الأشياء التي يفسدها المبيت غالبا و هي الغالبة الكثيرة يلزم البيع فيها في النّهار سواء بيعت في أوّله أو في أثنائه فإذا جاء اللّيل ثبت فيها الخيار سواء فسدت في أثناء الليل أو في أخره لأنّه ممّا يفسدها المبيت أو يقلّل الرّغبة فيها كما يقال هذا اللّحم بائت و هذا العنب بائت و نحو ذلك و بذلك يندفع عن الخبر و كلام قدماء الأصحاب كلّ اعتراض و وصمة و ليس فيه الاّ حمل اليوم على ما يشمل اللّيلة و هو في ذاته شائع و مراد في المقام لمكان التّعارف في ذلك إذ المراد من النصّ ما يفسده المبيت كما تلهج به النّاس فيكون حكم هذا النوع مستفادا من النصّ و النّوعان الآخران مستفادان من دلالة الإيماء انتهى و أنت خبير بما فيما ذكروه من النّظر و المناقشة امّا دفع الإشكال بما مرّ فلا يلائم الخبر و التّأويلات الّتي ارتكبوها لا شاهد على شيء منها و دلالة الإيماء ممنوعة نعم تنقيح المناط لا بأس بالتمسّك به ضرورة وضوح عدم مدخليّة خصوص ما يفسد ليومه فتأمّل و امّا تسرية الحكم الى غير مورد النصّ بمؤنة قاعدة الضّرر ففي غاية السّقوط بعد ما مرّ من عدم تماميّتها قوله طاب ثراه فانّ المراد بالعهدة عهدة البائع المراد بها انّ عليه الصّبر و حفظ المبيع للمشتري قوله طاب ثراه و لازم قول الأخر هناك جريانه هنا المراد بالقول الأخر ما نسبه في المسئلة الأخيرة من مسائل خيار التّأخير إلى جماعة من القدماء منهم المفيد و السيّدان و هو القول بكون التّلف من مال المشترى قوله طاب ثراه ثمَّ انّ المراد بالفساد في النصّ و الفتوى ليس الفساد الحقيقي (- اه -) قد حكى عن (- س -) و كنز الفوائد للعميدي و تعليق (- شاد -) للكركي التّصريح بانّ الفساد أعمّ من التّلف لغة و عرفا فيكفي فيه تغيير العين و نقص الوصف و ان لم يبلغ حدّ التّلف ثمَّ هل ينزّل فوات السّوق منزلة الفساد احتمله الشهيد (- ره -) للزوم الضّرر بنقص السّعر و استشبه في المصابيح و مفتاح الكرامة العدم اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن و أقول العدم و إن كان حقّا لكن يلزم علاّمة المصابيح و سيّد مفتاح الكرامة و غيرهما الالتزام بالتّنزيل منزلة الفساد لأنّهما كغيرهما من الأواخر اعتمدوا على قاعدة الضّرر في أصل المسئلة و فروعها فما بالهم أعرضوا عنها هنا

السادس خيار الرؤية
اشارة

قوله طاب ثراه و المستفيض (- اه -) صفة لموصوف محذوف اى المنقول المستفيض و قد صدر نقل الإجماع من كاشف الغطاء في شرحه على (- عد -) و ولده في تعليق اللّمعة و فاضل المستند و سيّدنا في مفتاح الكرامة و استظهر الإجماع كاشف الظّلام (- أيضا -) و استظهر عدم الخلاف فيه بيننا في مجمع الفائدة و ادّعى الاتّفاق عليه في (- ئق -) و نفى الخلاف فيه في الرّياض و في الكفاية انّه كأنّه لا خلاف فيه لكن سيأتي من الماتن (- ره -) نقل الخلاف في ذلك عن المفيد (- ره -) قوله طاب ثراه و استدلّ عليه (- أيضا -) قد استدلّ عليه بوجه أخر و هو انّ الخيار يثبت في المبيع المعيب و هذا مثله و فيه انّ ثبوت الخيار هناك لا يقتضي ثبوته هنا لانّ الظّهور على خلاف الوصف غير العيب الّذي هو الزّيادة أو النّقصان عن الخلقة الأصليّة و القياس ليس من مذهبنا قوله طاب ثراه منها صحيحة جميل (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن أيّوب بن نوح عن ابن ابى عمير و وجه صحة السّند (- ح -) ظاهر قوله طاب ثراه و لا بدّ من حملها على صورة (- اه -) الوجه في هذا الحمل ظاهر فانّ خلوّ الرّواية عن ذكر التّوصيف و المخالفة قادحة الاّ ان تحمل على صورة التوصيف و ظهور المخالفة بقرينة الإجماع على عدم جواز البيع بغير وصف و لا مشاهدة و الإجماع على لزوم البيع ما لم يخالف الموصوف و من هنا قال في المستند انّها و إن كانت خالية عن ذكر التّوصيف و المخالفة الاّ انّه لا بدّ من تقديرها للإجماع على اختصاص خيار الرّؤية لتلك الصّورة أو لأنّ ذلك معنى خيار الرّؤية مضافا الى انّ إطلاقها (- أيضا -) لو كان لكفى لشمول المطلوب و خروج ما خرج بالدّليل أو يتعدّى الى المطلوب بالأولويّة كما يتعدّى بها أو بعدم القول بالفصل الى غير مورد الصّحيحة و هو الّذي لم ير شيئا من المبيع ان جعلت المشار اليه بذلك تمام الضّيعة لا خصوص القطعة الغير المرئيّة و فيما إذا ظهرت الزّيادة و كان الخيار البائع انتهى و أقول انّ ما أشار إليه في طيّ كلامه من كون معنى خيار الرّؤية ثبوت الخيار بمخالفة المرئي للوصف ممّا لا بأس به فيغني عن التعلّق بالإجماع على عدم جواز بيع المجهول أو الإجماع على لزوم البيع ما لم يخالف الموصوف الوصف و لا الى عدم القول بالفصل بين مورد النصّ و المطلوب كما انّ عموم الجواب يغني عن التعلّق بعدم القول بالفصل بين مورد النصّ و غيره من المبيعات قوله طاب ثراه و قد يستدلّ (- أيضا -) بصحيحة زيد الشّحام (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن الحسن بن محبوب عن زيد الشّحام و هناك اخبار أخر قد استدلّ بها

ص:97

على المطلوب فمنها النّبوي (- ص -) المنجبر بما مرّ من الإجماعات المنقولة من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار و حاله في الإطلاق حال صحيح جميل فيقيّد بما قيّد به هو من ظهور الموصوف على خلاف الوصف و منها ما رواه في (- كرة -) من طريق الخاصّة انّهم سئلوا عن بيع الجرب الهرويّة فقال لا بأس به إذا كان لها بارنامج فان وجدها كما ذكرت و الاّ ردّها اى يجوز لها ردّها مع انّ الرّد ليس على الوجوب إجماعا بل المعنى ان شاء و هو معنى الخيار قال في (- كرة -) انّه أراد بالبارنامج كتابا يذكر فيه صفات السّلعة على الاستقصاء انتهى و هذا الخبر لو صحّ لكفانا مئونة غيره لكنّ القطع و الإرسال موهن له الاّ ان يجاب بعدم القدح لكون المرسل العلاّمة (- ره -) و ظهور ذكره عقيب النّبوي (- ص -) في كون المسئول هو صلوات اللّه عليه مضافا الى انجبار الإرسال بما مرّ من الإجماعات المنقولة المؤيّدة بعدم الخلاف و الاعتضاد بصحيح جميل المتقدّم و من ملاحظة مجموع ذلك يقطع الفقيه المنصف الفطن بالحكم المذكور و لا يختلج بباله اشكال فيه و منها ما دلّ من الأخبار على كراهة شراء ما لم يره مثل خبر عبد الأعلى بن أعين قال نبّئت عن أبي جعفر (- ع -) انّه كره شراء ما لم يره و أنت خبير بعدم دلالته على المطلوب بوجه لأنّ كراهة الشّراء أعمّ من ثبوت الخيار و عدمه قوله طاب ثراه الخبر (- اه -) قال في (- ئق -) بعد نقل الخبر ما لفظه و المراد انّه إذا اشترى عشرة مثلا مائة غنم فيدخل بيتا فيخرج من الغنم كيف ما اتّفق فاذا بلغ المخرج خمسة مثلا اخرج اسم رجل فمن خرج اسمه يعطيه هذه الخمسة فلم يجوّزه للغرر و عدم تحقّق شرائط القسمة إذ من شروطها تعديل السّهام أوّلا فربّما وقع في سهم بعضهم كلّها سمانا و في سهم الأخر كلّها هزالا و من أجل هذا انّه لو اشترى و الحال هذه فانّ له الخيار صرّح به في صحيح الشحّام إذا خرج الردىّ في ذلك السّهم و إذا أمكن القسمة بعد تعديل السّهام فإنّه لا مانع لأنّه يشترى مشاعا فان اقتسموا بالتّعديل فلا خيار و الاّ فإن خرج في سهمه الردىّ كان له الخيار في القسمة فالمنع في صحيح الشّحام مبنى على ما هو دأبهم من شرائهم مجهولا غير معدّل كما يشير اليه قوله عليه السّلام في رواية منهال انّما يصلح السّهام إذا عدلت القسمة انتهى و أنت خبير بانّ ما ارتكبه متعبة بلا ثمر و حمل للنّص على خلاف ظاهره من غير شاهد و استنباط علّة من غير قرينة لأنّ الخبرين جميعا خاليان عن التّصريح بخيار الرّؤية أو الإيماء إليه كما لا يخفى قوله طاب ثراه لم يعلم وجه الاستشهاد به الضّمير المجرور يعود الى صحيح زيد الشّحام بقرينة قوله لأنّ المشتري لسهم القصّاب (- اه -) و توهّم رجوعه الى خبر منهال اشتباه لانّه ذكره في (- ئق -) مفسّر الصحيح زيد لا شاهد الأصل المطلوب قوله طاب ثراه و يكون له خيار الحيوان (- اه -) قد يستبعد ذلك من حيث عدم توقّف خيار الحيوان على القبض و الخروج على خلاف الوصف فتأمّل قوله طاب ثراه و حكى عن بعض هذا البعض هو سيّدنا في مفتاح الكرامة فإنّه احتمل ذلك ثمَّ استبعده هو و يكفي في المسئلة الاتفاق الظّاهر الكاشف عن عدم القول بالفصل بين ظهور المبيع على خلاف الوصف أو ظهور الثمن (- كك -)

مسألة مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة

قوله طاب ثراه مسئلة مورد هذا الخيار بيع العين الشخصيّة الغائبة الوجه فيما ذكره انّ الخيار لمّا كان خلاف مقتضى أصالة اللّزوم لزم الاقتصار في الخروج عنه على مورد النصّ و ليس مورد النصّ هنا الاّ العين الشخصيّة الغائبة و لكن قد يقال انّ مورد صحيح زيد الشّحام المتقدّم ليس العين الشخصيّة فإنّ سهام القصّابين امّا من الكلّي الخارجي كالصّاع من الصّبرة أو من الحصّة المشاعة و قاعدة الضّرر (- أيضا -) تقتضي ثبوت الخيار عند تخلّف الوصف عند الرّؤية مضافا الى إمكان إدراجه في تخلّف الشّرط لانّ الشّراء إذا كان بالوصف فكأنّه اشترط الأوصاف في المبيع فاذا تخلّف الوصف ثبت الخيار نعم لا يثبت الخيار في الكلّي المطلق لأنّه إذا خرج المقبوض على خلاف الموصوف لزم البائع تبديل ذلك و تسليم ما هو مصداق الكلّى و لا يبقى للخيار محلّ و يحتمل ان يكون غرض الماتن (- ره -) من جعل مورده العين الشخصيّة الاحتراز عن الكلّى الصرف لا الكلّي الخارجي فتدبّر قوله طاب ثراه و ربّما يتراءى التنافي بين اعتبار ما يختلف الثمن باختلافه (- اه -) هذه العبارة و ما بعدها الى قوله ثمَّ انّ الخيار بين الردّ و الإمساك (- اه -) تضمنت إشكالات ثلثا في المقام مع أجوبتها الإشكال الأوّل ما تضمّنته العبارة و تحريره انّ جمعهم بين اعتبار ذكر الأوصاف الّتي يختلف الثمن باختلافها و بين اعتبار ذكر الأوصاف الّتي يلزم ذكرها في السّلم و دعواهم الإجماع على الفقرتين جميعا ممّا لا يكاد يفهم إذ قد يتسامح في السّلم فرارا من عزّة الوجود ما لا يتسامح به في القيمة و جوابه ما ذكره بقوله و يمكن ان يقال (- اه -) و حاصله انّ غرضهم بما يعتبر في صحّة السّلم هو ما يعتبر فيه من حيث هو و كلّ وصف له مدخل في القيمة فهو معتبر في السّلم و لا ينافي ذلك رفع اليد أحيانا عن بعض الأوصاف من جهة محذور الأداء الى عزّة الوجود و يمكن الجواب عن هذا الإشكال بما أجاب به عن الإشكال الثاني كما لا يخفى و ربّما أجاب الشّيخ المحقّق فقيه آل يس (- قدّه -) عن الإشكال بوجه أخر متين و هو انّ الصّفات اللاّحقة للشيء بالذّات أو بالعارض تارة تكون ممّا جرت العادة في مقام البيع المبنى على المداقّة على ملاحظتها وجودا و نفيا في عظم ماليّة العوضين و قلّتها فهذه الّتي يتعيّن عنده ذكرها حذرا من الغرر و الجهالة من حيث انّ تقدير التّعويض عن المثمن بالثمن زيادة و نقصا منوط فكانت بمنزلة المال المعيّن لأنّها المقوّمة له و تارة لا تكون ممّا جرت العادة فيها على هذا اللّحاظ و إن كانت مرغوبا في وجودها لتعلّق الغرض بها كأوصاف محاسن كلّ عضو مثلا من الجارية و هذا القسم لا يتوقّف دفع الضّرر لها عند المعاملة إلاّ في السّلم بالنّظر الى المثال المذكور من حيث ان ذكر وصف كلّ عضو من الحيوان ممّا هو غير معين خارجا يؤدّى الى عزّة الوجود الموجبة لرفع الوثوق بالحصول فيعود الأمر إلى الخطر في حصول السّلم و الغرر فالسّلم غير خارج في حدّ التّوصيف عن غيره إلى القلّة ثمَّ انّه (- ره -) فرع على ذلك سقوط ما في المتن من الإشكال الثّاني و الثّالث الآيتين و جعل منشأ التوهّم في الجميع عدم الالتفات الى تحديد الصّفات المقوّمة للمبيع بما جرت العادة على اعتبارها و ملاحظتها ميزانا في قدر ماليّة العوضين و ظنّه عمومها لكلّ ما يتعلّق به الغرض فلا تذهل قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الأوصاف الّتي يختلف الثّمن من أجلها (- اه -) هذا هو الإشكال الثّاني و جوابه ما ذكره بقوله و لا أجد في المسئلة أوثق من ان يقال انّ المعتبر هو الغرر العرفي (- اه -) قوله طاب ثراه مع انّا علمنا انّ الغرر العرفي أخصّ من الشّرعي ليس غرضه (- قدّه -) انّ للغرر حقيقة شرعيّة حتى يورد عليه بالمنع من ثبوتها بل غرضه انّ الغرر و إن كان موضوعا عرفيّا قد نهى النّبي (- ص -) عنه و لكن العرف قد يتسامحون في بعض الموارد فلا يرتّبون حكم الغرر على موضوع مع اعترافهم بكونه غررا فإطلاق النّهي عن الغرر يقتضي الحكم بالبطلان حتّى في مورد مسامحتهم و (- ح -) فالجواب ما أشار إليه (- ره -) من انّ العرف إذا لم يرتبوا اثر الغرر في مورد لم يثبت حكم الغرر فيه لانّ الخطاب قد ورد على طبق لسانهم و من أجل تفهيمهم فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه و أشكل من ذلك (- اه -) هذا متمّم

ص:98

الإشكال الثّاني و عبارة أخرى عنه و حاصله انّه إذا قلنا بلزوم ذكر جميع ما يختلف الثمن باختلافه في صورة التوصيف لزمنا القول باعتبار ذكر جميع ذلك فيما كان التوصيف قائما مقامه و هو الرّؤية و الثاني باطل لعدم التزامهم بذلك فيلزم ان يكون المقدّم مثله قوله طاب ثراه ثمَّ انّه يمكن الاستشكال (- اه -) هذا هو الإشكال الثّالث و حاصله انّ الجهل بوجود الصّفات المذكورة قيدا في المبيع غرر (- أيضا -) فكما يلزم الغرر عند عدم ذكر الأوصاف فكذا يلزم في صورة ذكرها (- أيضا -) و قد أجاب عن ذلك أوّلا بقوله و يمكن ان يقال انّ أخذ الأوصاف في معنى الاشتراط لا التقييد (- اه -) و ثانيا بقوله يمكن ان يقال ببناء هذا البيع على تصديق البائع (- اه -) و ناقش بعض من تأخّر عنه بانّ الاشتراط لا يرفع الغرر و انّه لا فرق بينه و بين التّقييد إذ المدار على رفع الجهل بالأوصاف و مجرّد الاشتراط لا يستلزم ذلك و ان أراد انّ مع الاشتراط لا يبقى احتمال الضّرر الّذي هو الموجب للنّهى عن الغرر لمكان كون تخلّف الشرط مثبتا للخيار ففيه انّ الخيار لا يرفع الغرر و الاّ لجاز بيع المجهول المطلق مع شرط الخيار بل لا معه (- أيضا -) من حيث وجود خيار المجلس مضافا الى انّه مع التقييد (- أيضا -) امّا ان يثبت عند التخلّف في الخيار أو يحكم بفساد البيع فلا يلزم الضرر على كلّ حال ثمَّ ناقش في الجواب الثّاني بأنّ الجهل لا يرتفع بذكر الأوصاف سواء كان الواصف هو البائع أو غيره ثمَّ أجاب عن الإشكال بأنّ اجتزائهم بذكر الأوصاف في رفع الغرر انّما هو من باب الاطمئنان بوجودها في المبيع و معه يرتفع الغرر و ليس اجتزائهم بمطلق التوصيف الحاصل من التّوصيف حتى مع عدم إيراث قول الموصف الاطمئنان بوجود الأوصاف حتّى يلزم الغرر الذي أورده المستشكل و أقول امّا مناقشة الأولى فيمكن الجواب عنها بالفرق بين صورتي التقييد و الشّرط بانّ التقييد يجعل المبيع عبارة عن المقيّد فالجهل بوجود القيد مورث للغرر و هذا بخلاف ما إذا اندرج في عنوان الاشتراط فانّ المبيع هو المطلق و الشّرط التزام في ضمن التزام و جهالة الشّرط (- أيضا -) و إن كانت تورث جهالة العقد فيعود محذور الغرر الاّ انّ دائرة الشرط أوسع من دائرة العقد فربّ جهالة لا تضرّ في الشرط و تضرّ في العقد فتأمّل جيّدا و امّا مناقشة الثانية فيمكن الجواب عنها بانّ غرض (- المصنف -) (- قدّه -) هو دعوى كفاية وصف البائع تعبّدا ككفاية اخباره بالكيل و الوزن و امّا جوابه عن الإشكال فليس بذلك البعيد و قد أخذ هذا البعض المناقشة في الجوابين و الجواب عن الإشكال كجملة من مطالبه من الشيخ الفقيه الماهر الشيخ محمّد حسن آل يس فلاحظ قوله طاب ثراه و صريح السّرائر تخييره (- اه -) قال في (- ئر -) في جملة كلام له في المقام ما لفظه فاذا عقد البيع ثمَّ رأى المشتري المبيع فوجده على ما وصفه البائع له كان البيع ماضيا لم يكن لأحدهما خيار و ان وجده على خلاف الصّفة كان له ردّه و فسخ العقد أو أخذ الأرش لا يجبر على واحد من الأمرين انتهى و ربّما يحتمل حمل كلامه على ما إذا كان الفائت هناك عينا أو وصفا له مدخل في صحّة البيع و سلامته كان يكون وجده أعور أو مقطوع اليد فيأخذ الأرش بخيار العيب لا ما إذا كان صفة محضة كما هو المراد بخيار الرّؤية فتدبّر قوله طاب ثراه و أضعف من هذا ما ينسب الى ظاهر المقنعة و (- يه -) و المراسم (- اه -) النّاسب هو سيّدنا صاحب مفتاح الكرامة و النّسبة بالنّسبة إلى (- ية -) و المراسم خطأ لصراحة عبارتيهما في الخيار قال في (- ية -) في باب الشّرط في العقود ما لفظه و إذا اشترى الإنسان ضياعا أو عقارا بحدودها و وصفها من غير ان يعاينها كان البيع ماضيا الاّ انّ له شرط خيار الرّؤية فإذا رآها فان وجدها كما وصفت له كان البيع ماضيا و ان لم يجدها على ما ذكرت أو لم يجد شيئا منها (- كك -) كان له ردّها على البائع و استرجاع الثمن انتهى و قال في المراسم البيع بالوصف على ضربين أحدهما يصحّ و الأخر لا يصحّ فامّا الأوّل فهو ان ينعت للمبتاع شيئا غير مشاهد موجودا كان في الوقت أو غير موجود فيبتاعه بالوصف فالبيع مراعى فان وجده على الوصف فيها و الاّ كان له ردّه انتهى نعم عبارة المقنعة صريحة في القول في البطلان حيث قال في باب الأعدال المجزومة ما لفظه و لا يجوز بيع المتاع في أعدال مجزومة و جرب مشدودة الاّ ان يكون له بارنامج يوقف منه على صفة المتاع في ألوانه و أقداره و جودته فإن كان ذلك (- كك -) وقع البيع عليه فمتى خرج المتاع موافقا للصّفات كان البيع ماضيا و ان خرج مخالفا لها كان باطلا انتهى قوله طاب ثراه لكن الموجود في المقنعة و (- يه -) انّه ان لم يكن على الوصف كان البيع مردودا و لا يبعد كون المراد بالمردود القابل للرّد لا الباطل فعلا أقول الموجود في باب البيع المضمون من المقنعة و إن كان هو التّعبير بالمردوديّة حيث قال من ابتاع شيئا معروفا بالصّفات كان ذلك ماضيا الى ان قال فان قبضه و وجده على الصّفة الّتي ابتاعه عليها كان البيع ماضيا و إن كان بخلاف الصّفة كان مردود انتهى الاّ انّ عبارته الّتي اسبقناها صريحة في البطلان غير قابلة للتّوجيه الّذي ذكره الماتن (- ره -) و امّا عبارة (- ية -) فقد عرفت صراحتها فالخيار من دون تعبير بكونه مردودا (- أيضا -) فلا تذهل قوله طاب ثراه لعدم الدّليل على البطلان بعد انعقاده صحيحا هذا انّما يتمّ وجها لضعف القول بالبطلان ان لو قال بعروض البطلان عند ظهور تخلّف الوصف و امّا لو قال بكشف ظهور تخلّف الوصف عن بطلان البيع من أصله فلا وقع لما ذكره (- قدّه -) قوله طاب ثراه عدى ما في مجمع البرهان (- اه -) قال في مجمع البرهان ما لفظه لي في أمثال هذا الخيار تأمّل لأنّ العقد انّما وقع على الموصوف بوصف خاصّ و الفرض عدم وجوده في هذا المتاع فلم يقع عليه العقد فكيف يصحّ فيه الخيار فمقتضى القاعدة بطلان هذا البيع لا الخيار و فيه ما عرفت من الدّليل على الخيار مع انّ كون مقتضى القاعدة هو البطلان من رأس ممنوع لانّ العقد انّما وقع على العين الشخصيّة مقيّدة بالقيد الفلاني و زوال القيد لا يوجب زوال ذات المقيّد بل وصف تقيّده فلا تكون العين ممّا لم يقع عليه العقد كي يفسد بل هي ممّا وقع عليه العقد بوصف خاصّ فاذا فقد الوصف لم يبطل البيع بل يتخيّر فدعوى مخالفة الخيار لمقتضى العقد لائحة السّقوط قوله طاب ثراه بأنّه اشتباه (- اه -) المجرور بالباء متعلّق بالدّفع المنصوب بان و الدّافع هو الشيخ الفقيه الغروي (- ره -) في تعليقه على خيارات اللّمعة حيث قال بعد بيان دليل المسئلة انّ القول بالبطلان في ذلك باعتبار عدم بقاء محلّ المعاملة فيكون البيع باطلا لا وجه له و سرّ الاشتباه عدم الفرق بين الوصف المعيّن للكلّيات و الوصف المعيّن في الشخصيّات و بين الوصف الذّاتي و العرضي مع انّ أقصى ما هناك انّه من باب تعارض الإشارة و الوصف و الإشارة أقوى انتهى و ذكر في مفتاح الكرامة ما يقرب منه حيث قال بعد نقل عبارة مجمع الفائدة انّه قد يقال انّ الوصف قد يكون معيّنا مشخّصا للمبيع كان يبيعه ثوبه الأسود فلو أعطاه ثوبه الأبيض لم يصحّ و ليس له الاّ الأسود فإن أمكن و الاّ بطل و الثاني

ص:99

ان يؤخذ رافعا للجهالة رافعا للغرر كان يبيعه الحنطة الدّقيقة الحمراء فان وجدها على غير تلك الصّفة لم يبطل البيع و انّما يثبت له الخيار أو يقال سلّمنا انّ العقد وقع على الموصوف بالوصف الخاص لكن لمّا فات الوصف صار كقبض الصّفقة فثبت الخيار فتأمّل أو يقال انّ الموصوف جزئي معيّن قد وقع العقد عليه الاّ انّه وقع غلط في الوصف كان يقول بعتك هذا الشيء و هو اسود و كان أبيض فحصل له الخيار لذلك فانّ له ان يرضى بما له من غير الوصف فيسقط حقّه و ان لا يرضى و فيه تأمّل ينشأ من تقديم الوصف على التعيين في النيّة و القصد و عدمه و قد قدّم الوصف على الإشارة في مثل ان يقول هذا الأسود و لم يكن (- كك -) فكيف في غيره انتهى فتأمّل قوله طاب ثراه مجازفة (- اه -) خبر لأنّ في قوله و من هنا يظهر ان دفع قوله طاب ثراه و منه المصرّاة (- اه -) اسم مفعول من التصرية بمعنى ترك الحلب و جمع اللّبن يقال صريت النّاقة من باب تعب فهي صريّة و صريتها صريّا من باب رمى و التضعيف مبالغة و تكثير قوله طاب ثراه فتأمّل الظّاهر انّه أشار بذلك الى توهين التمثيل لتخلّف الصّفة المقصودة الغير المقوّمة للمبيع ببيع ما يملك و ما لا يملك ضرورة عدم تخلّف الصّفة المذكورة الغير المقوّمة في المثال و انّما المتخلّف بعض المبيع و كون كلّ جزء من المبيع مقصودا بالذّات لا انّ ما يملك مقصود بالذّات و ما لا يملك بالتّبع أو انّه لم يقصد الاّ المجموع ضرورة انّ قصد المجموع قصد لأبعاضه بخلاف الصّحيح فانّ القصد اليه ليس قصدا للمعيب لكن يمكن الجواب عن هذه المناقشة بأنّه إذا صحّ العقد فيما يملك في الفرض لزم صحّة العقد عند تخلّف الوصف بطريق اولى فتدبّر قوله طاب ثراه فتأمّل يحتمل ان يكون الأمر بالتّأمّل للإشارة الى انّ العرف إذا خالف ضابط التغاير المذكور في الرّبا لم يكن للإحالة إليه وجه لانّه ببيان الشارع ضابط التغاير المذكور في باب الرّبا لم يكن للإحالة إليه وجه لانّه ببيان الشارع ضابط التغاير في باب الرّبا علم مصطلحه في التغاير و الاتّحاد و كلام كلّ متكلّم انّما يحمل على عرفه إذا لم يعلم له اصطلاح خاصّ و الفرض علمنا هنا بمصطلحه فلا يحمل كلامه الاّ عليه و يحتمل ان يكون للإشارة الى عدم انضباط العرف في ذلك لحكمهم بالمغايرة بمجرّد تخلّف وصف من الأوصاف

مسألة في خيار الرؤية و أنه فوري

قوله طاب ثراه الأكثر على انّ الخيار عند الرّؤية فوريّ (- اه -) القول بالفور هو صريح محكي (- ط -) و الوسيلة و الغنية و (- كرة -) و (- عد -) و (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و محكي (- ير -) و (- س -) و تعليق (- شاد -) و غيرها بل في الرّياض و الجواهر و المستند انّه الأشهر و في (- ئق -) انّه ظاهر كلام الأصحاب و عن الغنية نفى الخلاف فيه قوله طاب ثراه الاّ وجوب الاقتصار (- اه -) ربّما تمسّك بعضهم بوجه ثان و هو انّ خيار الرّؤية في الحقيقة خيار العيب و قد نفى في الغنية الخلاف عن كونه على الفور و فيه انّ الظّاهر من المتأخرين كافّة نفى الفوريّة عن خيار العيب من غير خلاف يعرف كما صرّح بذلك جمع بل ربّما احتمل بعضهم الإجماع عليه و ما في الغنية موهون بذلك قوله طاب ثراه و إن كان خلاف التحقيق (- اه -) قد علّل صاحب المستند إنكار الإطلاق بأنّه انّما ورد النصّ مورد مجرّد بيان ثبوت الخيار و لا تعرض فيه للفور و التّراخي فلا إطلاق و أشار الماتن (- ره -) بقوله كما نبّهنا عليه (- اه -) الى انّ كون الأخذ بالإطلاق خلاف التّحقيق انّما هو لما أشار إليه في خيار التّأخير من ورود الخبر لبيان مؤدّى قاعدة الضّرر و انّه بعد كون مستند الخيار قاعدة الضّرر لا يمكن القول بالتّراخي لارتفاع الضّرر بالخيار انا و الضّرورة تقدر بقدرها و الإنصاف انّ إنكار الإطلاق في صحيح جميل بل و صحيح الشحّام خلاف التدبّر ضرورة انّ السّؤال فما كان عن قضيّة خارجيّة كان اللاّزم عليه صلوات اللّه عليه بيان الحكم على وجه ينطبق على تلك القضيّة و لو كان فوريّا للزم عليه عليه السّلام البيان بل ظاهر السّؤال وقوع الفصل بين الرّؤية و بين السّؤال فلو لا التّراخي لم يكن لحكمه عليه السّلام بالخيار وجه و توهّم كون الجهل بالحكم عذرا و انّ المراد الفوريّة من حين العلم بها كما ترى و ما ذكره (- المصنف -) (- ره -) من ورود نصوص الخيار لبيان مؤدّى قاعدة الضّرر كما ترى (- أيضا -) ضرورة عدم قابليّة قاعدة الضّرر لتعيين كون المبدء بعد مضىّ ثلثة أيّام لا أقلّ و لا أكثر مع انّ الضّرر يختلف باختلاف الموارد فقد لا يحصل الضّرر بالتّأخير شهرا و قد يحصل بالتّأخير ساعة و هكذا في باقي الخيارات فالقول بالتّراخي هو الأظهر وفاقا لسيّدنا في الرّياض و اللّه العالم قوله طاب ثراه و بالتصرّف بعدها (- اه -) هذا في التصرّف الكاشف عرفا عن الرّضاء بلزوم البيع ليكون إسقاطا فعليّا للخيار متين و لكن في دلالة التصرّف على ذلك (- مط -) تأمّل الاّ ان يتمسّك بعموم التعليل في بعض اخبار خيار الحيوان فيكون مسقطا تعبّدا

في مسقطات خيار الرؤية و أنه يسقط بالتصرف

قوله طاب ثراه ففي سقوط الخيار وجوه (- اه -) أحدها السّقوط لأصالة اللّزوم بعد كون التصرّف مسقطا فعليّا ثانيها عدم السّقوط لاستصحاب الخيار المقدّم على أصالة اللّزوم من حيث كونه سببيا و كون التصرّف مسقطا حتّى مع الجهل بالحال و عدم الرّؤية ممنوع قوله طاب ثراه وجهان مبنيّان (- اه -) لا يخفى عليك ما في جعل الرؤية سببا مستقلاّ من النّظر لعدم تعقّل ذلك و عدم الدّليل عليه فهي امّا شرط أو كاشف و على كلّ منهما فالإسقاط جائز امّا على الكاشفيّة فظاهر لثبوت الخيار من حين العقد و امّا على الشرطيّة فلحصول السّبب و هو العقد مع انّ الأظهر الكاشفيّة و انّ السّبب هو العقد مع تخلّف الوصف فتدبّر قوله طاب ثراه كما عن (- يه -) و بعض (11) أراد بالنّهاية نهاية الشّيخ (- ره -) كما هو (- كك -) عند الإطلاق و الظّاهر انّه أراد بالبعض صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه نفى الرّيب عن ذلك قوله طاب ثراه ثمَّ انّه (- قده -) يثبت فساد هذا الشّرط (- اه -) (12) لمّا ذكر مستند الوجهين الأوّلين معبّرا بمن و من و طال الفصل اتى بمستند الوجه الثّالث مغيّرا لاصلوب الكلام معبّرا بما ترى قوله طاب ثراه و أقوى الأقوال أوّلها (- اه -) (13) أقول الأقوى هو التّفصيل بين الوثوق العادي بالصّفة المذكورة و بين عدمه بصحّة اشتراط السّقوط على الأوّل دون الثّاني تبعا لفقيه آل يس (- قدّه -) لانّ ارتباط الأوصاف بالعقد من وجهين أحدهما حصول المعلوميّة للمبيع و لا يتوقّف اعتبارها على علم الواصف بوجودها حين العقد بل يكفى العلم بها برؤية سابقة مثلا فيذكرها استنادا الى الاستصحاب و ثانيهما ثبوت الخيار على تقدير الانتفاء حين العقد و اشتراط سقوطه لا ينافي حصول المعلوميّة مع الوثوق العادي بذكر الوصف و امّا مع عدم الوثوق فلا يصحّ اشتراط السّقوط لثبوت الغرر في العرف و العادة مع سقوطه المقتضى للزوم العقد فانّ العقود اللاّزمة مبنيّة على المضايقة فيها بالنّسبة إلى المعلوميّة المعتبرة

ص:100

فيها و تقوية الماتن (- ره -) القول الأوّل مبنىّ على تخيّل التنافي بين التزام البائع بتلك الأوصاف و بين اشتراط سقوط الخيار نظرا الى رجوع الالتزام الى كون المبيع العين المخصوصة و وقوع العقد عليه بحيث يكون تخلّف الأوصاف موجبا لعدم حصول المقصود من العقد و رجوع اشتراط السّقوط الى الالتزام بتعلّق العقد بذات المبيع و إن كان فاقدا لما ذكر من الأوصاف قال و التنافي بين الأمرين واضح لكن فيه عدم التّنافي بينهما عند التّأمّل و العجب من إثباته التّنافي هنا مع جزمه عند الكلام في الثّاني من مسقطات خيار الغبن بعدم التّنافي بينهما و أوضحنا وجهه هناك فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه و انّما اعتمد المشترى فيها على أصالة الصّحة (- اه -) يمكن المناقشة في ذلك أوّلا بأنّ الاعتماد على أصالة الصّحة مع اشتراط البراءة لا يخرج العقد عن كونه غرريّا فمناط البطلان موجود هناك (- أيضا -) و ثانيا انّه إذا كان الاعتماد على أصالة الصّحة أمرا معلوما كان لازمه التزام البائع ضمنا بالصحّة فاشتراط التبرّي من العيوب ينافي ذلك الالتزام الضّمني فتأمّل قوله طاب ثراه و ظهر (- أيضا -) ضعف ما يقال (- اه -) القائل هو صاحب الجواهر

مسألة في عدم ثبوت هذا الخيار ببذل التفاوت أو إبدال العين

قوله طاب ثراه لا يسقط هذا الخيار ببذل التّفاوت و لا بإبدال العين (- اه -) هذا ممّا قطع به جمع و استظهر بعضهم عدم الخلاف فيه و أخر الإجماع عليه قوله طاب ثراه ففي (- س -) قال في (- س -) و لو شرط البائع إبداله ان لم يظهر على الوصف فالأقرب الفساد انتهى قوله طاب ثراه فيفسد و يفسد العقد لانّ فساد العقد بفساد شرطه في صورة إيراث الشّرط جهالة أحد العوضين ممّا لا كلام فيه كما برهن عليه في محلّه قوله طاب ثراه و بذلك ظهر ضعف ما في (- ئق -) (- اه -) وجه الضّعف انّ ظهور المبيع ذا الأوصاف لا ينفع في إزالة الغرر الذي كان موجودا حين العقد موجبا لبطلانه و في المسئلة وجه ثالث لفاضل المستند و هو انّه إن كان المشروط عدم الفسخ و تملك البدل بهذا العقد فهو فاسد قطعا لبطلان الشّرط و إن كان الأبدال بعقد أخر بعد زوال المبدل منه و فسخه فلا فساد فيه لانّه شرط سائغ قال و كان مراد (- س -) الأوّل فيكون صحيحا انتهى (- فت -)

مسألة في ثبوت خيار الرؤية في غير البيع

قوله طاب ثراه الظّاهر ثبوت خيار الرّؤية في كلّ عقد واقع (- اه -) قد يورد عليه بعدم الدّليل عليه و يردّ ما تمسّك به بعدم انحصار دليل اللّزوم في أية وجوب الوفاء بالعقود ان سلم دلالتها على ذلك فما ذكره ان لم يكن إجماعيّا لا شاهد عليه و يجاب بإمكان الاستدلال له بفحوى ما دلّ عليه في البيع أو بعمومه ان أريد به مطلق النّقل و لو بصلح و نحوه مع عدم القول بالفصل بينه و بين نحو الإجارة أو عدم الفرق بينهما فتدبّر

مسألة لو اختلفا فقال البائع لم يختلف صفة و قال المشتري قد اختلف

قوله طاب ثراه فلا يلزم ما لم يقرّ به (- اه -) المراد من اللّزوم المنفي في العبارة هو لزوم تعيين دفع الثمن بعد تردّد الواقع بين الحالين من الاختلاف و عدمه مع إمكان ان يقال انّ الأصل عدم حصول الصّفة إذا كانت عرضيّة كالخياطة و الكتابة كما انّ الأصل عدم وصول تمام الحقّ إلى المشتري بدفع ما يدّعيه البائع من كونه هو المبيع لو كانت الصّفة ذاتيّة قوله طاب ثراه و اللّزوم من احكام البيع المتعلّق بالعين على الوجه الثّاني و الأصل عدمه فيه انّ أصالة عدم تعلّق البيع بالعين على الوجه الثاني معارض بأصالة عدم تعلّقه على الوجه الأوّل فتتساقطان و تبقى أصالة عدم استحقاق المشترى للخيار و أصالة اللّزوم محكمة هذا مع انّ الحقّ انّ المدار في تميز المدّعى من المنكر على الصّدق العرفي لا مخالفة الأصل و موافقته و لا ريب في انّ المنكر عرفا هو البائع لأنه يترك المشترى لو ترك هو دعوى اختلاف الوصف و البيّنة على المدّعى فيكون القول قول صاحبه و هو هنا البائع بيمينه قوله طاب ثراه و قد تقدّم توضيح ذلك (- اه -) ذكر ذلك عند الكلام في الفرع الأوّل من فرعى مسئلة بيع العين بالمشاهدة السّابقة بعد مسئلة بيع الصّاع من الصّبرة فراجع و تدبر

مسألة لو نسج بعض الثوب فاشتراه على أن ينسج الباقي كالأول بطل

قوله طاب ثراه كما عن (- ط -) (- اه -) (11) بل قيل انّه الأشهر بل قيل انّه لم ينقل الخلاف فيه الاّ من (- لف -) قوله طاب ثراه بان بعضه عين حاضره (- اه -) (12) فيه منع البطلان فيما إذا كان البعض عينا و البعض في الذّمة فما ذكراه يشبه المصادرة قوله طاب ثراه و عن (- لف -) صحّته (13) أقول استدلّ بعضهم للصّحة بالأصل و العمومات و عدم الدّليل على بطلان البيع المتّحد المتعلّق بشخصيّ و كلّي في الذمّة بعد فرض ضبطه فتأمّل قوله طاب ثراه ثبت الخيار لتخلّف الشّرط (14) يمكن المناقشة في ذلك بالمنع من ثبوت الخيار في الصّورة الثّانية ضرورة كون الأزرع (- ح -) كلّيا و التخلف في بيع الكلّى لا يوجب الخيار بل تسلّط المشترى على مطالبة مصداق الكلّي الّذي وقع عليه العقد قوله طاب ثراه و كان للمشتري الخيار (15) لعلّ مراده انّ له الخيار بعد عدم إمكان جبر البائع على إحضار المصداق و الاّ لم يكن وجه للخيار

السابع خيار العيب
اشارة

قوله طاب ثراه إطلاق العقد يقتضي وقوعه مبنيّا على سلامة العين من العيب (- اه -) (16) قد جرت عادة الأصحاب على تصدير مبحث خيار العيب بهذا البيان و قد صرّح به الشّيخ (- ره -) و الحلّي و سائر من تأخّر عنهما من غير خلاف و لا اشكال و غرضهم بذلك التّوطئة لبيان إيراث ظهور العيب الخيار فإنّه لو لا اقتضاء الإطلاق سلامة العوضين من العيوب لم يكن لإثبات الخيار عند ظهور العيب في صورة الإطلاق وجه و ربّما ذكر بعضهم انّ الغرض بذلك بيان صحّة البيع بدون ذكر قيد الصحّة و انّه لا يكون من البيع الغرري حتى يكون باطلا و فيه انّه لو كان غرضهم ذلك لكانوا يصرّحون بعدم البطلان بعد الفراغ من بيان هذا الأصل و تريهم لا يفرّعون عليه الاّ ثبوت الخيار عند ظهور العيب لا أقول انّ لهم في صحّة العقد كلاما بل أقول انّ غرضهم بالعبارة ليس بيان ذلك و انّهم سكتوا عنه إحالة إلى الوضوح و انّما ذكروا العبارة توطئة لما هم بصدده من بيان إيراث ظهور العيب الخيار و كيف كان فالّذي يظهر من كلماتهم مستندا لهذا الأصل أمور أحدها انّه من باب اقتضاء الحال و انّ حال المتعاقدين يقتضي إرادتهما من المطلق الصّحيح قال كاشف الغطاء في محكي شرحه على (- عد -) الظاهر انّ الاقتضاء فيه اقتضاء حال بمعنى انّ عقد المعاوضة و الإيقاع و جميع ما تعلّق بالموجودات الخارجيّة من نذور و ايمان و وجوب و ندب من المطلقات يقتضي انّ العاقد لا يريد الاّ الصّحيح و انّه ما دفع العوض إلاّ في مقابلة ما هو الصّحيح و كذا النّاذر و الأمر يفهم من حالهما انّهما لا يريدان الاّ الصّحيح على وجه يظهر وجهه من بعض المقامات المتعلّقة بالماليّات كالزكوات و الكفّارات انتهى ثانيها أصالة كون الشيء على خلقته الأصليّة و لعلّ مستندها غلبة افراد الصّحيح في الخارج فانصراف المطلق الى السّالم انّما هو من باب البناء على انّ الأصل في جميع الكائنات من جمادات و نباتات و حيوانات ان تكون على نحو ما غلبت عليه حقيقتها من التّمام في الذّات و عدم النّقص في الصّفات أجناسا و أنواعا و أشخاصا من غير فرق بين المبيع و غيره ثالثها انّه إذا أطلق الشيء لم يفهم منه عرفا الاّ الصّحيح رابعها غلبة اقدام المتعاملين على المعاملة على الصّحيح الى غير ذلك من التعبيرات المتقاربة و الحقّ انّ منشأ اقتضاء الإطلاق السّلامة انّما هو الانصراف العقد (- المط -) بسبب غلبة استعماله في الصّحيح اليه و ما يتأتّى في كلام الماتن (- ره -) من المناقشات

ص:101

ستسمع دفعها إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه الأصل في المبيع من الأعيان و الأشخاص (- اه -) هذا ظاهر في الوجه الثّاني و قوله فإنّما بنى إقدامه على غالب ظنّه موضح لذلك حيث أشار الى انّ مستند أصالة السّلامة غلبة وجود الصّحيح الموجبة لظنّ المشترى بسلامة المبيع قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا يظهر انّ الانصراف (- اه -) أراد بما ذكره ما افاده من كون اقتضاء الإطلاق السّلامة من باب أصالة السّلامة الّتي منشأها الغلبة قوله طاب ثراه و لذا لا يجري في الأيمان و النّذور (- اه -) هذا انّما يكون شاهدا على المنع ان لو كان مراد مدّعى الانصراف دعوى انصراف أسماء الأعيان إلى الصّحيح و امّا لو كان غرضه دعوى انصراف المعاملات المطلقة الواقعة على الأعيان إلى الأعيان الصّحيحة فلا شهادة فيه عليه مع انّ منع الانصراف حتّى في الأيمان و النّذور لا يخلو من تأمّل قوله طاب ثراه و ثانيا عدم جريانه فيما نحن فيه (- اه -) فيه انّ كون المبيع عينا شخصيّة لا يمنع من جريان الانصراف لإمكان إيراث الانصراف وصفا في المبيع خارجا عن أصل حقيقته فاذا قال بعتك هذه الجارية و أطلق فكأنّه قال بعتك هذه الجارية الموصوفة بكونها صحيحة فإذا تخلّفت الصحّة ثبت الخيار غاية ما هناك انّه على الانصراف يستفاد الصّحة من الانصراف و على مبناه من أصالة السّلامة يستفاد التزام بالصّحة بحكم الأصل قوله طاب ثراه و ثالثا بانّ مقتضاه عدم وقوع العقد رأسا (- اه -) هذا الاقتضاء انّما يسلّم ان لو كان مقتضى الانصراف تقيّد المبيع بوصف الصّحة بحيث يكون قوله بعتك هذا العبد بعتك هذا العبد المقيّد بقيد لصحّة حتّى يلزم عند فقد القيد فقد المقيّد يكون العقد باطلا و ليس (- كك -) و انّما نظر مدّعى الانصراف الى كون الصّحة في المبيع وصفا خارجا عن أصل حقيقته يطلب مستقلاّ فيكون من باب تعدّد المطلوب فمثله مثل الشّروط إذا تخلّفت فكما انّ تخلّفها لا يوجب فساد العقد فكذا هنا كما نبّه عليه هو (- ره -) أيضا بالدفع الّذي يذكره و قد أجاد الفقيه الغروي (- قدّه -) حيث قال انّه بناء على الانصراف في المبيع المعيّن قد يغلب جانب الإشارة على الوصف خصوصا انّ الوصف غير مصرّح به بل المراد المبيع الأعمّ من الصّحيح و المعيب و هما بالنّسبة إلى صدق اللّفظ متساويان و لكن الإقدام ليس الاّ على الصّحيح للأصل المتقدّم يعني أصالة السّلامة بناء على غلبة الصّحيح قال و هذه الغلبة انّما تقضى بندرة الوجود لا ندرة الإطلاق فالعاقد قد قصد مدلول اللّفظ لكنّه توهّم الصّحيح و لا عبرة بالتّوهّم مع القصد الى مدلول اللّفظ في الجملة انتهى قوله طاب ثراه و دفع جميع هذا (- اه -) مبتدأ خبره جملة بان وصف الصّحة قوله طاب ثراه و لقد أجاد في الكفاية (- اه -) الظّاهر انّ وجه الاستجارة ظهوره فيما افاده هو (- ره -) من كون اقتضاء العقد الصّحة من باب أصالة السّلامة و لكن لا يخفى عليك عدم صراحة عبارة الكفاية في ذلك لانّ اقتضاء الإطلاق لزوم السّلامة أعمّ من كون اللّزوم من باب الأصل أو من باب الانصراف أو غير ذلك قوله طاب ثراه و لو باع كلّيا (- اه -) هذا من الماتن (- ره -) و ليس متمّما لعبارة الكفاية قوله طاب ثراه و يحتمل كونه من جهة الإطلاق (- اه -) الفرق بينه و بين سابقة كون الانصراف على الأوّل من باب ظاهر الحال و على الثاني من استعمال اللّفظ كثيرا في المنصرف اليه قوله طاب ثراه فتأمّل أشار (- قدّه -) بذلك الى منع الانصراف و فيه انّه لا وجه له ضرورة شيوع استعمال صيغة البيع عند الإطلاق في بيع العين الصّحيحة بحيث لا ينصرف الذّهن عند إطلاق العقد الاّ الى الصّحيح قوله طاب ثراه و يؤيّده ما ورد من رواية يونس (- اه -) (11) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس في رجل اشترى جارية على انّها عذراء فلم يجده عذراء قال يردّ عليه فضل القيمة إذا علم انّه صادق و لعلّ وجه جعله (- ره -) لها مؤيّدا لا دليلا هو الإشارة الى ما فيها من القطع و عدم ذكر الإمام عليه السّلام قوله طاب ثراه و منه يظهر ضعف ما حكاه في (- لك -) (- اه -) (12) قال في (- لك -) ربّما قيل انّ فائدة اشتراط الصّحة جواز الفسخ و ان تصرّف لو ظهر عيب فيفيد فائدة زائدة على الإطلاق كاشتراط الحلول انتهى و ربّما نفى في مفتاح الكرامة وجدان هذا القول لأحد من العامّة و الخاصّة و مع ذلك فقد استوجه في الجواهر الفرق المذكور نظرا الى اجتماع الجهتين في صورة الاشتراط فيعمل بالدّليلين الغير المتنافيين و توضيح ما ذكره انّ الإطلاق و ان افاده مفاد الاشتراط اعنى لزوم سلامة المبيع لكن أدلّة خيار الاشتراط غير جارية و انّما الجاري مع تخلّف الصّحة هو أدلّة خيار العيب فقط و امّا مع اشتراط السّلامة فكلّ من أدلّة خيار الشّرط و أدلّة خيار العيب جار فيعمل بهما جميعا لعدم المنافاة بينهما و بعبارة أخرى الإطلاق و ان اثّر أثر الاشتراط لكنّ التأثير انّما هو بمقدار قابليّة الموضوع فالجاري على الإطلاق انّما هو اثر الاشتراط الغير الدّائر مدار خصوص الاشتراط فحكم خيار الاشتراط انّما يدور مدار حصول وصف الاشتراط بخصوصه بخلاف لزوم السّلامة فإنّه حاصل مع الإطلاق (- أيضا -) فتأمّل قوله طاب ثراه و دعوى عدم دلالة الرّواية (- اه -) (13) لم أجد لمنع الدّعوى وجها فإنّه لا قرينة في الخبر على تصرّفه و لا على اشتراط بكارتها لاحتمال كون المراد به انّه اشتراها زعما منه كونها عذراء بانيا على أصالة السّلامة و يمكن المناقشة في دلالة الرّواية بوجه ثالث و هو انّها انّما تدلّ بناء على كون الثيبوبة في الإماء عيبا و سيأتي انّ المشهور خلافه

مسألة ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشتري على الرد و أخذ الأرش

قوله طاب ثراه مسئلة ظهور العيب في المبيع (- اه -) (14) أراد به ظهور سبق العيب العقد ضرورة منع العيب الحادث بعد العقد من الردّ كما ستعرف إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه يوجب تسلّط المشترى على الرّد و أخذ الأرش (- اه -) (15) لمّا كان الواو للجمع كان عطف أخذ الأرش على الردّ بالواو في غير محلّه و قد كان حقّ التعبير ان يقول يوجب تسلّط المشترى على شيء من الردّ و أخذ الأرش مخيّرا بينهما و الأمر سهل بعد وضوح المراد و قد صرّح بالتّخييرين الردّ و بين الإمساك و أخذ الأرش في المقنعة و (- ف -) و (- ية -) و المراسم و الوسيلة و (- ئر -) و (- فع -) و (- عد -) و (- كرة -) و (- شاد -) و اللّمعة و (- لك -) و الإيضاح و (- مع صد -) و المهذّب البارع و محكي الجامع و التّبصرة و (- س -) و الحواشي و المقتصر و تعليق (- شاد -) و غاية المرام و إيضاح (- فع -) و الميسيّة و غيرها بل هو المعروف من مذهب الأصحاب بل هو في الجملة ممّا لم أجد فيه مخالفا و لا متأمّلا و بعدم الخلاف فيه صرّح جمع من الأواخر منهم المحقق الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و الغنية و الرّياض و الجواهر و خيارات الفقيه الغرويّ و ظاهر (- كرة -) و مجمع الفائدة و الكفاية و غيرها و قد وقع الاحتجاج لذلك في كلماتهم بوجوه الأوّل الإجماع تمسّك بالمحصّل منه من سمعت و بالمنقول منه جمع الثّاني الأخبار الّتي أرسلها في

ص:102

(- ف -) على ذلك المنجبرة بالشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة و فيه انّ القابل للانجبار بالشهرة انّما هو إرسال المتن لا إرسال المضمون الراجع الى اجتهاد المرسل الثّالث أدلّة خيار الاشتراط يظهر من بعضهم التمسّك به و الى ردّه أشار الفقيه الغروي (- ره -) بقوله ليس مستند ثبوت هذا الخيار دخوله تحت خيار الاشتراط باعتبار انّ الصحّة أخذت شرطا ضمنيّا و ذلك لانّ الشّرط الضّمني المعتبر هو المراد من اللّفظ على جهة خصوص الشرطيّة المدلول عليه بالقرينة الحاليّة أو المقاليّة و ليس (- كك -) و لا أقلّ من الشكّ و الأصل عدم الاشتراط مع انّ الشرط الضّمني محلّ خلاف و هذا الخيار محلّ وفاق على انّه بناء على ذلك يكون له الردّ فقط لا التخيير بينه و بين الأرش و كون اشتراط الصحّة مع التصريح لا يفيد الاّ مجرّد التأكيد لا يقتضي بذلك انتهى و ما ذكره جيّد متين و بالحفظ جديرتين الرّابع ما في المتن من فقرة الفقه المنسوب الى الرّضا عليه التحيّة و الثناء و فيه عدم ثبوت النّسبة حتّى يكون ما فيه خبرا قابلا للجبر بالشّهرة الخامس ما رواه الجمهور من انّ رجلا اشترى غلاما في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان عنده ما شاء اللّه ثمَّ ردّه من عيب وجده به تمسّك في (- كرة -) و هو مع الغضّ عن سنده خال عن الأرش بالكلّية فلا دلالة فيه على تمام المدّعى بل قد يوهن دلالته على الردّ (- أيضا -) بانّ من البعيد ان يكون العبد عند العرب ما شاء اللّه و لا يستخدمونه بشيء أصلا فيكون الخبر دالاّ على جواز الردّ بعد التصرّف و لا نقول به السّادس ما تمسّك به في الرّياض من النّصوص المعتبرة و ساق منها المرسل كالصحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير بن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يشترى الثوب أو المتاع فيجد به عيبا قال ان كان الشيء قائما بعينه ردّه على صاحبه و أخذ الثّمن و إن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ رجع بنقصان العيب و هو كما ترى كسابقه في عدم الدّلالة على ثبوت الأرش بل انّما دلّ على جواز الرّد ما دام باقيا و ان تصرّف فيه الاّ ان يكون ثوبا قد تصرّف فيه احد التصرّفات المذكورة فإنّه يرجع (- ح -) بالأرش و ذلك لا يتمّ على ما قرّره و في مسائل الباب و ربّما تمّم في الرّياض دلالة المرسل بضميمة الإجماع و أنت خبير بأنّه في الحقيقة تمسّك بالإجماع لا الخبر الاّ ان يكون مراده بذلك ما في كلام بعضهم من تتميم المطلوب بعدم القول بالفصل بين الردّ و الأرش و فيه تأمّل و قد يتمّم المطلوب بوجهين اخرين يأتي من الماتن (- ره -) الإشارة إليهما الثّاني ما أشار اليه مع ردّه الماتن (- ره -) بقوله فيما يأتي عن قريب و أصعب منه جعله مقتضى القاعدة (- اه -) و إذ قد عرفت ذلك كلّه فاعلم انّه حيث فقد النصّ على الأرش في الفرض افترق المتأخّرون فرقتين فالأكثرون منه تعلّقوا بالإجماع و ربّما تصدّى الفقيه الغروي (- قدّه -) لتشييد بنيان ذلك حيث قال بعد قوله ليس المستند إلاّ الإجماع محصّله و منقوله ما نصّه فان قلت لزم على ذلك الجمود على مورد الإجماع من خصوص البيع و خصوص المشترى و لا تقولون به قلنا امّا بالنّسبة إلى الثمن فالظّاهر انعقاد الإجماع عليه كالثمن مع تساويهما في أغلب الأحكام مع انّ المناط منقّح لاتّحاد الطريق و امّا بالنّسبة إلى العقود الأخر فلا يبعد دعوى الإجماع على ذلك (- أيضا -) و تنقيح المناط انتهى و الأقلّون نفوا الأرش لعدم الدّليل عليه و خصّوا الخيار قبل التصرّف بالردّ و أوّل من تأمّل في ذلك المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و وافقه على ذلك المحدّثان الكاشاني و البحراني و (- ح -) فمن ثبت عنده الإجماع على الأرش في الفرض كان هو حجّته في إثبات الأرش و كذا من بنى على حجّية المنقول منه و من لم يتحقّق عنده الإجماع و لم يبن على حجّية المنقول منه لزمه الحكم بالتخيير بين الفسخ و الإمضاء و نفى الأرش بالأصل و في ثبوت الإجماع تأمّل و القول من غير دليل مشكل و مخالفة الأصحاب من غير دليل أشكل و الّذي يمكن الاستناد إليه في القول بما هو المشهور أمور الأوّل الأخبار النّاطقة بثبوت الردّ بضميمة عدم القول بالفصل بين ثبوت الرّد و بين ثبوت الأرش فكلّ من اثبت الردّ أثبت الأرش و خيّر بينهما الثّاني ضمّ الأخبار الكثيرة النّاطقة بثبوت الرّد عند ظهور العيب الى الأخبار الّتي أطلق فيها ثبوت الأرش بظهور العيب من دون تقييد بما بعد التصرّف فمنها مقطوع يونس المتقدّم في كلام الماتن (- ره -) حيث بيّنا إطلاقه و منعنا من ظهوره في صورة التصرّف خاصّة و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمّد عن ابن ابى عمير عن الحسن بن عطيّة عن عمر بن يزيد قال كنت انا و عمر بالمدينة فباع عمر جرابا هرويّا كلّ ثوب بكذا و كذا فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوبا فيه عيب فقال لهم عمر أعطيكم ثمنه الّذي بعتكم به فقالوا لا و لكنّا نأخذ منك قيمة الثّوب فذكر ذلك عمر لابيعبد اللّه عليه السّلام فقال يلزمه ذلك فانّ المشار اليه بذلك هو قيمة الثّوب و المراد بالقيمة ليس القيمة السّوقيّة لمجموع الثّوب لانّ لزومها ممّا لا وجه له فلزم ان يكون المراد بها قيمة النّقص و ذلك الأرش فأطلق ثبوته و لم يستفصل عن وقوع التصرّف و عدمه فان اقتسام المال المشترك ليس تصرّفا مسقطا للردّ بالعيب الّذي فيه و منها ما رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن جعفر عن أبيه انّ عليّا عليه صلوات اللّه الملك المنّان قضى في رجل اشترى من رجل عكّة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربّا فخاصمه الى على عليه السّلام فقال له على عليه السّلام لك بكيل الرّب سمنا فقال له الرّجل انّما بعته منك حكرة فقال له على عليه السّلام اشترى منك سمنا و لم يشتر منك ربّا فانّ السّمن الّذي أثبته عليه السّلام له ليس إلاّ الأرش عوض ما نقص بالعيب و حيث انّ إثبات الأرش في هذه الأخبار لا ينافي إثبات الرّد في الأخبار المشار إليها عملنا بالطّائفتين و أفتينا بالتخيير بين الردّ و الأرش و هذا الجمع لا يحتاج الى شاهد حتّى يناقش بفقده و الوجه في عدم حاجته الى الشاهد انّ الشّاهد انّما يحتاج إليه إذا كانت الطّائفتان متعارضتين و لا تعارض بينهما لأنّ إثبات شيء لا ينفى ما عداه فإثبات الردّ لا ينفى الأرش و إثبات الأرش لا ينفى الردّ فالعمل بهما جميعا لا مانع منه و لا توقّف له على شاهد بل يساعد عليه فهم العرف نعم ربّما يمنع من ذلك مرسل جميل المتقدّم حيث فصل بين صورتي التصرّف و عدمه بإثبات الردّ على الأوّل و الأرش على الثّاني و الجواب انّ إثباته الردّ في صورة عدم التصرّف لا دلالة فيه (- أيضا -) على نفى الأرش و لو فرض فيه اشعارا و نوع ظهور في ذلك سقط عن الاعتبار بسبب ما أثبت الأرش قبل التصرّف فاذا ضممناه الى مرسل جميل كان مفادهما بعد الجمع التخيير بين الردّ و الأرش قبل التصرّف و تعيّن الأرش بعد التصرّف الثّالث قاعدة الضّرر فإنّها توجب تسلّط المشترى على دفع ما يتضرّر به من العيب و كما انّ ضرره يندفع بالردّ فكذا يندفع بالأرش فيتخيّر بينهما و مجرّد اندفاع ضرره بالفسخ لا يوجب إلزامه به بل له المطالبة بدفع ضرره بما شاء من فسخ العقد و الإبقاء مع أرش العيب و ليس للبائع الامتناع من شيء ممّا اختاره المشتري لأنّ الضّرر اتى من جانبه و ما نوقش به في التمسّك بالقاعدة للمطلوب ساقط فانّ من جملة المناقشات النّقض بسائر الخيارات الّتي يستدلّ عليها بقاعدة الضّرر مع انّهم لا يقولون فيها بالأرش و فيه انّ عدم

ص:103

قولهم فيها بالأرش لدليل موجب للخروج به عن قاعدة لا يوجب صحّة النّقض في صورة فقد الدليل الخاص و لقد سبقنا عند الكلام في جملة من الخيارات المتقدّمة المناقشة في التمسّك لها بقاعدة الضّرر بانّ الضّرر كما يرتفع بالخيار فكذا يرتفع بالأرش و أجبنا عن ذلك بما ينبغي و منها انّ لازم ذلك كون الأمر إلى البائع بمعنى انّه ان ادّى الأرش فلا خيار للمشتري و الاّ فله الردّ و هذا خلاف مذهب المشهور حيث انّهم يقولون انّ الأمر بيد المشترى و انه يجوز له إلزام البائع بالأرش و فيه منع الملازمة بل لازم كون الضّرر من جانب البائع هو كون الأمر إلى المشتري جبر الضرر و حفظا لحقّه و منها انّ معنى الخبر انّما هو رفع الحكم الضّرري و هو هنا اللّزوم لا اللّزوم بلا أرش إذ لا مقتضى للأرش حتى يكون عدمه موجبا للضّرر و فيه انّه إنكار للبديهي ضرورة انّ اللّزوم فقط لا يوجب الأرش بل اللّزوم بلا أرش فكما يندفع الضّرر برفع اللّزوم فكذا يرتفع برفع قيده و هو عدم الأرش و منها انّ إلزام البائع بالأرش ضرر عليه و فيه انّ إتيان الضّرر من جانبه أسقط حقّه و جعل الخيرة إلى المشترى مع انّ تضرّر البائع بدفع الأرش ممنوع لانّه لا يدفع الاّ مقدار التفاوت و ذلك لا يعدّ ضررا و منها انّ المشترى هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه بترك التفحّص و التفتيش و فيه انّ إدخال الضّرر على نفسه انّما كان يتصوّر لو لا اعتماده في ترك الفحص على أصالة السّلامة الّتي هي من الأصول العقلائيّة كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يحتمل زيادة الهمزة (- اه -) قد ذكر هذا الاحتمال سيّد الرّياض (- قدّه -) على سبيل الجزم قوله طاب ثراه و قد يتكلّف لاستنباط هذا الحكم من سائر الأخبار و هو صعب أشار بذلك إلى أوّل الوجهين المتمّم بهما دلالة الأخبار على الخيار بين الردّ و الأرش و طريق التكلّف ان يقال انّ النّصوص قد نطقت بثبوت الأرش بعد التصرّف فثبوته قبل التصرّف أولى بالإذعان و وجه الصّعوبة منع القطع بالأولويّة بل الفارق موجود من حيث انّ إثبات الأرش بعد التصرّف انّما هو لتعذّر الردّ فشرع الأرش لدفع الضّرر بخلافه قبل التصرّف فانّ الردّ (- ح -) ممكن فلا ضرر حتّى يثبت الأرش و يشهد بذلك تفصيله (- ع -) في مرسل جميل المتقدّم و غيره بين التصرّف في المبيع و عدمه بالردّ و أخذ المبيع على الأوّل و أخذ الأرش على الثاني و ربّما قرّر بعض من تأخّر عنه طريق التّكليف بأنّه قد يدّعى انّ المراد من الردّ في الأخبار ردّ البيع في الجملة أعمّ من ان يكون بتمام الثمن بان يفسخ أو بالرّجوع بالأرش فإن أخذ الأرش (- أيضا -) ردّ البيع في الجملة حيث لم يبقه على حاله من مقابلة المبيع بتمام الثمن و أنت خبير بأنّه ممّا لا ينبغي التفوّه به ضرورة انّ الردّ عبارة عن ردّ المبيع أو البيع و لا يصدق شيء منهما على أخذ الأرش يوجه و توهّم انّ أخذ الأرش (- أيضا -) ردّ للبيع خطأ لأنّ ردّ البيع عبارة عن فسخه و حلّه و لا حلّ عند أخذ الأرش مع انّ الردّ في غير واحد من الأخبار معقّب بأخذ الثّمن و لا أخذ للثّمن عند أخذ الأرش قوله طاب ثراه و أصعب منه جعله مقتضى القاعدة (- اه -) أشار بذلك الى الوجه الثاني من الوجهين المتمّم بهما دلالة الأخبار على تمام المطلوب مع جوابيه و من أمعن النّظر في الجوابين ظهر له سقوط ما افاده بعضهم و أطال في تطبيق الحكم على القاعدة بما يؤول الى ما نقله (- المصنف -) (- ره -) مع انّ تعبه لم ينتج ما اراده من تطبيق الحكم المشهور على القاعدة إذ المشهور هو التخيير بين الردّ و الأرش بمعنى انّ للمشتري مطالبة البائع بأيّهما شاء و ليس للبائع الامتناع ممّا شاءه المشترى و لازم ما قرّره البعض توقّف الأرش على رضاء البائع بدفعه و الاّ تعيّن الردّ و هذا ممّا يخالف القول المشهور و ان شئت العثور على ما افاده فراجع كلامه و تأمّل حتى يظهر لك ما فيه قوله طاب ثراه ينافيه إطلاق الاخبار بجواز أخذ الأرش (- اه -) هذا مناف لما صرّح به في أوّل المطلب من عدم وجود ما يدلّ من الأخبار على التخيير بين الردّ و الأرش و انّ ما دلّ على الأرش يختصّ بصورة التصرّف المانع من الردّ و ان أراد بإطلاق الأخبار الأخبار الواردة في الأرش بعد التصرّف فلا يخفى عليك عدم صحّة ردّ الشّيخ (- ره -) بها لكونها في غير المفروض و ان أشار بذلك الى ما اسبقناه من الأخبار المطلقة للأرش عند ظهور العيب لم يكن لنفى الدال على ذلك من الأخبار في صدر المقال وجه فتدبّر قوله طاب ثراه ثمَّ انّ في كون ظهور العيب مثبتا للخيار أو كاشفا عنه ما تقدّم في خيار الغبن (- اه -) حيث انّه قد تقدّم تحقيق ذلك عند الكلام في خيار الغبن لم يكن لإعادة الكلام مع اتّحاد الطريق في المقامين وجه فراجع ما هناك و تدبّر قوله طاب ثراه و الظّاهر انّه ممّا لا خلاف فيه (- اه -) قد ادّعى الإجماع عليه في خيارات الفقيه الغرويّ و علّل تارة به و اخرى باتّحاد المناط و الأولى تبديله باتّحاد الطريق فإنّ قاعدة الضّرر جارية فيهما و ثالثة بإمكان حمل النصّ و الفتوى على ما يشمل الثّمن نظرا الى انّ الثمن مبيع (- أيضا -) و لو سلّم فخلّو النّصوص عن التعرّض لحال الثمن لا يدلّ على عدم جريان الحكم فيه بعد كون سبب الخلوّ غلبة عروض العيب في المبيع بخلاف الثّمن فانّ الغالب فيه كونه نقدا غالبا و الى ذلك أشار (- المصنف -) (- ره -) بقوله و إن كان مورد الأخبار (- اه -) و امّا قول المحقّق خاصّة عند قوله في (- يع -) فان ظهر به اى بالمبيع عيب سابق على العقد فالمشتري خاصّة بالخيار بين فسخ العقد و أخذ الأرش انتهى فليس لإخراج ظهور العيب في الثمن بل لتخصيص الخيار في صورة ظهور العيب في المبيع بالمشتري فغرضه انّه ليس كخيار المجلس يثبت للطّرفين كما هو واضح

في مسقطات خيار العيب
موارد سقوط الرد خاصة
الأول التصريح بالتزام العقد و إسقاط الرد و اختيار الأرش

قوله طاب ثراه أحدها التصريح بالتزام العقد (- اه -) قد صرّح بكونه مسقطا جمّ غفير بل في هداية الأنام للشيخ الفقيه الشيخ محمّد حسين الكاظمي (- قدّه -) انّه لا خلاف فيه بيننا بل بين المسلمين كما هو ظاهر الغنية و غيرها انتهى و الأصل في ذلك عموم ما دلّ من النصّ و الإجماع على تسلّط النّاس على حقوقهم كتسلّطهم على أموالهم المقتضي لكون الأصل في كلّ حقّ السّقوط بالإسقاط كما هو واضح و من هنا ظهر انّه انّما يسقط بمقدار ما أسقط فلو أسقط الردّ خاصّة كان له أخذ الأرش و لو أسقط الأرش خاصّة كان له الردّ و لو أسقطهما لم يكن له شيء منهما و كذا لو أسقط شيئا من الردّ و الأرش بالنّسبة إلى عيب دون عيب فيسقط ما أسقطه خاصّة و يبقى غيره لانّ الحقّ له فلا يسقط الاّ بمقدار ما أسقطه كما هو واضح ثمَّ الإسقاط لا يختصّ بلفظ بل كلّ ما دلّ عليه من الألفاظ كاف فيه لأصالة عدم التّعيين بعد عدم الدّليل عليه قوله طاب ثراه و لو أطلق الالتزام بالعقد (- اه -) الوجه في ذلك انّ الالتزام بالعقد ينافي الردّ و يجامع الأرش و لا ينافيه حتّى يدلّ على نفيه و الوجه في سقوط الأرش بإسقاط الخيار انّ خيار العيب تخيير بين الردّ و الأرش فإذا أطلق إسقاط الخيار كان دالاّ على إسقاط ما تردّد الأمر بينهما من الردّ و الأرش و الأولى ادارة الأمر مدار ما يفهم منه في عرف الناطق بذلك و كذا الحال في قوله أسقطت الخيار فيتّبع مدلول لفظه بحسب عرفه

الثاني من مسقطات خيار العيب التصرف في المعيب

قوله طاب ثراه كما في (- كرة -) قال في (- كرة -) تصرّف المشترى كيف كان يسقط الردّ بالعيب السّابق عند علمائنا انتهى و ادّعى الإجماع على سقوط الردّ بالتصرّف في (- لف -) و الغنية بل و في (- ف -) حيث قال من اشترى جارية فوطئها ثمَّ علم بعد الوطي انّ بها عيبا لم يكن له ردّها و له الأرش الى ان قال دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم انتهى و عن شرح الإرشاد لفخر الإسلام الإجماع على كلّ من سقوط الردّ و عدم سقوط الأرش و نفى

ص:104

كاشف الظّلام وجدان الخلاف في السّقوط باحداث المشترى حدثا في المبيع و نفى الخلاف المعتدّ به عنه في الجواهر قوله طاب ثراه و بقول أبي جعفر عليه السّلام في الصّحيح (- اه -) أراد بذلك ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام و في وصف الماتن (- ره -) له بالصّحة نظر ظاهر لضعف موسى بن بكر الواقع في السند فتدبّر قوله طاب ثراه و يدلّ عليه مرسلة جميل (- اه -) قد تقدّمت بسندها و قد عرفت انّها كالصّحيح قوله طاب ثراه خصوصا ما ورد في ردّ الجارية (- اه -) مثل ما روى عن علىّ بن أسباط عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام قال سمعته يقول الخيار في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري و في غير الحيوان ان يتفرّقا و احداث السّنة تردّ بعد السّنة قلت و ما أحداث السّنة قال الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم ان يردّ على صاحبه الى تمام السّنة من يوم اشتراه هذا و القرن معروف و فسّره في بعض الأخبار بالحدبة قوله طاب ثراه و امّا المرسلة فقد عرفت إطلاقها (- اه -) قد يقال انّ المرسلة لإرسالها تترك فيبقى لفظ الحدث في قوىّ زرارة (- مط -) و لو فرض إجماله كان اخبار منع وطى الأمة من ردّها بعد العلم بالعيب و إيجابه تعيّن الأرش مبيّنا له و فيه انّ هذا المرسل بحكم الصّحيح مضافا الى انجباره بالعمل و لفظ الحدث لا إطلاق فيه بل هو ظاهر في التصرّف المغيّر و اخبار منع وطى الأمة من ردّها قد تضمّنت حكما خاصّا فلا تدلّ على الكليّة بل يمكن جعل مرسل جميل المعلّق للردّ على قيام المبيع بعينه مفسّرا للحدث في قوى زرارة فما مال اليه الماتن (- ره -) هو الأظهر قوله طاب ثراه فانّ تعليله (- اه -) قد يناقش في هذا الاستظهار بأنّه لو كان إسقاط التصرّف عنده من باب الدّلالة على الرّضاء لكان يلزمه الفرق بين التصرّف قبل العلم بالعيب و بعده إذ لا دلالة للتصرّف قبل العلم بالعيب على الرّضاء بالبيع على العيب (- فت -) قوله طاب ثراه في ردّ ابن حمزة القائل بأنّ التصرّف بعد العلم بالعيب يسقط الأرش (- أيضا -) يأتي نقل مطلبه و مستنده و ما فيه عند تعرّض الماتن (- ره -) له في عداد الأمور الّتي يظهر من بعض الأصحاب سقوط الردّ و الأرش جميعا به إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه الاّ انّ المعروف خصوصا بين العلاّمة و من تأخّر عنه عدم الفرق في السّقوط بين وقوعه قبل العلم بالعيب أو بعده (- اه -) قد صرّح بعدم الفرق بين ما إذا كان التصرّف قبل العلم بالعيب أو بعده و لا في التصرّف بين الهبة و التّدبير و غيرهما في (- يع -) و (- فع -) و (- كرة -) و (- شاد -) و (- عد -) و (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و محكي (- س -) و تعليق (- شاد -) و هو ظاهر إطلاق الخلاف و جواهر الفقه و (- ئر -) و الجامع و التبصرة و اللّمعة و الكافي و غيرها و حجّتهم إطلاق الحدث في قوىّ زرارة المتقدّم المؤيّد بإطلاق الإجماع المحكى و لكن لا يخفى عليك انّ ظاهره كون العلم بالعيب بعد احداث الحدث و لازم الاقتصار فيما خالف أصالة عدم السّقوط على مورد النصّ هو قصر الحكم على التصرّف قبل العلم بالعيب الاّ ان يستند في إسقاط التصرّف السّابق على العلم بالعيب إلى قوىّ زرارة و في إسقاط التصرّف المتأخّر عن العلم بالعيب إلى دلالة التصرّف على الرّضاء بالمبيع لكن لا يخفى عليك انّ لازم هذا المبنى أمران أحدهما عدم الفرق في صورة كون الأحداث قبل العلم بالعيب بين دلالته على الرّضاء و بين عدم دلالته عليه لإطلاق النصّ بخلاف ما إذا كان التصرّف بعد العلم بالعيب فانّ اللاّزم هو التّفرقة بين ما يدلّ على الرّضا و بين ما لا يدلّ عليه كالتصرّف الصّادر عند نسيان العيب و الأخر ثبوت الأرش في صورة كون الأحداث قبل العلم بالعيب بلا اشكال للنصّ و ابتناء إثبات الأرش في صورة كون التصرّف بعد العلم بالعيب على الاعتماد في ثبوت الأرش في خيار العيب على الإجماع المنقول و امّا بناء على اختصاص ثبوت الأرش بما إذا لم يمكن الردّ كما عليه صاحب (- ئق -) (- ره -) بناء على اختصاص النصّ المثبت له به فيتجه هنا مذهب ابن حمزة من سقوط الأرش (- أيضا -) في صورة كون التصرّف بعد العلم بالعيب فتدبّر قوله طاب ثراه و الّذي ينبغي ان يقال و إن كان ظاهر المشهور خلافه (- اه -) هذا هو التحقيق الرّشيق و لا ينبغي الاستيحاش من مخالفة المشهور بعد خلوّ مذهبهم عن الدّليل قوله طاب ثراه خصوصا ما كان هذا التقييد فيه في غاية البعد كالنصّ بردّ الجارية (- اه -) وجه البعد ظاهر إذ من البعيد جدّا مضىّ ستّة أشهر على الجارية و سنة على المملوك من دون ان يأمرهم المولى بشيء من الخدمات من إغلاق الباب و الطّبخ و مناولة الماء و نحو ذلك

الثالث من مسقطات خيار العيب تلف العين أو صيرورته كالتالف

قوله طاب ثراه و هو (- أيضا -) لا يخلو عن شيء (- اه -) الشيء الّذي فيه هو انّ انعتاق العبد ليس ممّا قام على سقوط الخيار به دليل خاصّ فلا بدّ من إدراجه في عنوان عدم قيام الشيء بعينه قوله طاب ثراه و هو (- أيضا -) لا يخلو عن شيء (- اه -) (11) الشيء الّذي فيه هو انّ الانعتاق أمر قهري فلا يصدق عليه التصرّف الظّاهر في الاختياري منه و انّما الّذي يصحّ هو إدراجه في عنوان عدم قيام المبيع بعينه قوله طاب ثراه ثمَّ انّه لو عاد الملك إلى المشتري لم يجز ردّه (- اه -) (12) ان أراد بالعود العود بعد الخروج عن ملكه خروجا لازما فمتين لانّ خروجه عن ملكه لزوما قد أسقط حقّ الردّ و عوده بعود الملك يحتاج الى دليل و لا دليل فلا عود و لو شكّ فالأصل اللّزوم و ان أراد العود بعد الخروج عن ملكه متزلزلا فلا يخلو حكمه بعدم العود من نظر لإمكان المناقشة في أصل سقوط الردّ بالخروج متزلزلا بان يقال انّ المسقط امّا صدق عدم بقاء العين أو صدق التالف عليه و لا شيء من العنوانين صادقا مع تزلزل الخروج عن ملكه

فرع في أن وطي الجارية يمنع من ردها بالعيب

قوله طاب ثراه لا خلاف نصّا و فتوى (- اه -) (13) حكى في الجواهر عن (- س -) نقل الخلاف في ذلك عن الجعفي حيث قال و إذا وطأ الأمة ثمَّ علم بعيبها الّذي هو ليس بحبل لم يكن له ردّها عندنا و تعيّن له الأرش بلا خلاف الاّ من الجعفي كما في (- س -) و لا اشكال نصّا و فتوى بل الإجماع بقسميه عليه انتهى و لم أجد في (- س -) ما غراه اليه من النّقل و على اىّ حال فقد ادّعى الإجماع على الحكم في (- ف -) و الرّياض و كشف الظّلام و غيرها قال في (- ف -) من اشترى جارية و وطأها ثمَّ علم بعد الوطي انّ بها عيبا لم يكن له ردّها و له الأرش و به قال أبو حنيفة و سفيان الثّوري و هو المروي عن على عليه السّلام و قال الشّافعي و مالك و أبو ثور و عثمان البتّي له ردّها و لا يجب عليه مهرها إن كانت ثيّبا و إن كانت بكرا لم يكن له ردّها و قال ابن ابى ليلا يردّها و يردّ معها مهر مثلها و روى ذلك عن عمر بن الخطّاب دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم و قد ذكرناها و (- أيضا -) فقيه إجماع الصّحابة لأنّهم بين قائلين قائل يقول بما قلناه و الثّاني يقول يردّها و يردّ معها مهر نسائها و قول الشّافعي خارج عن إجماع الصّحابة و ذلك لا يجوز لانّه لا يجوز احداث قول ثالث إذا أجمعوا على قولين كما لا يجوز احداث قول ثان إذا أجمعوا على قول واحد انتهى و ربما يظهر دعوى الإجماع عليه من الانتصار (- أيضا -) و سيأتي نقل كلامه إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و علّل المنع في موضع من (- كرة -) بأنّ الوطي جناية (- اه -) (14) هذا التّعليل من العلاّمة (- ره -) لعلّه كجملة من تعليلاته من أجل إلزام العامّة بما ورد النصّ به عن أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم أجمعين و الاّ فمن الواضح

ص:105

عدم كون الوطي من الجناية لغة و لا عرفا نعم افتضاض البكر جناية و محلّ الكلام أعمّ من ذلك و ربّما يستشهد على عدم كون الوطي من الجناية بأمور فمنها انّه لو كان جناية لم يكن فرق بين الحرّة و الأمة و لزم في وطى الحرّة (- أيضا -) ذلك مع إكراهه إيّاها على ذلك و فيه انّ للعلاّمة الالتزام بعدم الفرق و جعل مهر المثل الثّابت في وطى الحرّة عن اكراه من باب أرش الجناية و منها انّ لازمه عدم الفرق بين العبد و الأمة فيلزم إثبات الأرش في وطى عبد الغير (- أيضا -) و منها انّ ثبوت الأرش في صورة الزّنا بجارية الغير المطاوعة محلّ اشكال و لو كان من باب الجناية كان مقتضى القاعدة ثبوت الأرش و أقول للمستدلّ الالتزام بعدم الفرق بين العبد و الأمة و الوطي شبهة أو زنا و إخراج وطئ العبد و الزّنا بجارية الغير بالدّليل الخاصّ فالعمدة في منع كون الوطي من الجناية عدم صدقها عليه لغة و عرفا ثمَّ انّ ما تمسّك به العلاّمة (- ره -) صغرى لكبرى مطويّة و هي ان كلّ جناية فهي مانعة من الردّ باعتراف الخصم و التقدير هكذا الوطي جناية و كلّ جناية فهي مانعة من الردّ فالوطي يمنع من الردّ و لكن لا يخفى عليك انّ العلاّمة (- قدّه -) لم يجعل الوطي جناية بل جاريا مجراها حيث قال بعد الاستدلال لسقوط الردّ في الفرض بالنصّ ما لفظه و لأنّ الوطي يجري مجرى الجناية لأنّه لا يخلو في ملك الغير من عقوبة أو مال فوجب ان يمنع الردّ كما لو كانت بكرا انتهى فنسبة القول بكون الوطي جناية إليه لا يخفى ما فيها قوله طاب ثراه فانّ فيه إشارة إلى انّه لو ردّها لا بدّ ان يردّ معها شيئا تداركا للجناية (- اه -) لا يخفى عليك انّ غاية ما فيه هو الإشارة إلى لزوم ردّ شيء معه إذا ردّه و امّا انّ ردّ الشيء من باب كونه تداركا للجناية فلا دلالة في الخبر عليه بوجه و لعلّه من باب ما علم من الشّرع من عدم خلوّ الانتفاع بالبضع عن عوض من مهر أو نحوه قوله طاب ثراه إذ لو كان الوطي مجرّد استيفاء المنفعة (- اه -) هذا تعليل لكون المردود تداركا للجناية و حاصله نفى كونه من باب استيفاء المنفعة مستشهدا بانّ ردّ العين المعيبة لا يستلزم ردّ عوض المنفعة المستوفاة قبل الردّ لكن لا يخفى عليك انّ العلّة انّما كانت تتمّ ان لو دار الأمر بين كونه تداركا للجناية و بين كونه عوض المنفعة المستوفاة و قد عرفت عدم انحصار الأمر فيهما حتّى يثبت أحدهما بنفي الأخر و انّ احتمال كونه من باب عوض البضع قائم فلا تذهل قوله طاب ثراه و هذا انّما وقع من احتمال أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه (- اه -) غرضه بذلك دفع دخل عن الرّواية فالدّخل انّ الاستعاذة انّما تكون عن شيء مستنكر و لا استنكار في الشّريعة في جعل أجر للبضع ضرورة تعبيرهم عن المنقطعات بالمستأجرات و ثبوت الأجر و العوض في وطى جارية الغير بالعقد عليها جهلا بأنّها مملوكة و نحو ذلك و الدّفع انّ ذلك قد صدر من أمير المؤمنين روحي فداه تقيّة في كيفيّة البيان فجرى في بيان الحكم الواقعي على مذاق رعيّته الّتي امتنعوا من البيعة له الاّ على طريقة الشيخين الّتي منها حرمة المتعة و أقول لو كان المستعيذ هو سائر الأئمة عليهم السّلام لم يكن ما ذكره (- قده -) بذلك البعيد لكن ستسمع نسبة ذلك الى أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه في رواية ابن ميسر و من المقرّر المعلوم انّه لم يكن هو (- ره -) ليتّقى في أصل الحكم و لا في كيفيّة بيانه لتسالمهم على كونه (- ع -) أفضل وافقه و لم يكونوا ينكرون ذلك حتّى يمكن في حقّه التقيّة و لعلّ ما قلناه في نفس (- المصنف -) (- ره -) (- أيضا -) حيث جعله توجيها عجاليا و في الجواهر انّ الأجرة في الصّحيحين للردّ على بعض العامّة القائلين بردّ الجارية غير الحبلى مع الأجر إن وطئت قلت ان تمَّ ما ذكره كان الاستعاذة (- ح -) من خصوص إثبات الأجر في ذلك الفرض و وجه الاستعاذة مخالفة ذلك للحكم الواقعي الّذي يعلم به الإمام عليه السّلام لا من إثبات الأجر كلّية حتّى ينافي قولهم عليهم السّلام هنّ مستأجرات قوله طاب ثراه ففي صحيحة ابن حازم (- اه -) قد رواها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قوله طاب ثراه و صحيحة محمّد بن مسلم (- اه -) قد رواها الشّيخ (- ره -) بإسناده عن ابن سعيد عن صفوان عن محمّد بن مسلم قوله طاب ثراه و في رواية طلحة (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد قوله طاب ثراه و ما عن حمّاد في الصّحيح (- اه -) قد رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى و رواه في محكي قرب الإسناد عن محمّد بن عيسى و الحسن بن ظريف و علىّ بن إسماعيل كلّهم عن حمّاد بن عيسى الاّ انّه قال انّ البيع لازم لا يردّها و يأخذ أرش العيب قوله طاب ثراه الى غير ذلك ممّا سيجيء (- اه -) أقول هناك اخبار لا يجيء ذكرها فمنها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد عن ابان عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه البصري قال سمعت أبا عبد اللّه سلام اللّه عليه يقول أيّما رجل اشترى جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردّها و ردّ البائع عليه قيمة العيب و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عن ابن سعيد عن فضالة عن ابان عن زرارة عن أبي جعفر صلوات اللّه و سلامه عليه قال كان علىّ بن الحسين عليهما السّلام لا يردّ الّتي ليست بحبلى إذا وطئها و كان يضع له من ثمنها بقدر عيبها و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن محمّد بن ميسر عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه قال كان علىّ سلام اللّه عليه لا يردّ الجارية بعيب إذا وطئت و لكن يرجع بقيمة العيب و كان علىّ عليه الاف التحيّة و السّلام يقول معاذ اللّه ان أجعل لها اجرا و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن رفاعة النّخاس قال سألت أبا عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه قلت ساومت رجلا بجارية فباعنيها الى ان قال قلت أ رأيت ان وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال ليس لك ان تردّها و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصّحة و العيب قوله طاب ثراه و استندوا في ذلك الى نصوص مستفيضة (- اه -) بل احتمل في الجواهر و غيره تواترها قوله طاب ثراه منها صحيحة ابن سنان قد رواها الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهيل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن ابن سنان قال سئلت أبا عبد اللّه صلوات اللّه عليه قوله طاب ثراه و رواية عبد الملك بن عمرو (11) هذه الرّواية صحيحة السّند و قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل بن صالح عن عبد الملك قوله طاب ثراه و مرسلة ابن ابى عمير (12) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن بعض أصحابنا عن سعيد بن يسار قوله طاب ثراه و رواية عبد الرحمن (13) قد رواها الكليني (- ره -) عن حميد عن الحسن بن محمّد عن غير واحد عن ابان عن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه البصري قوله طاب ثراه و صحيحة ابن مسلم (14) الصّحة انّما هي بالنظر الى طريق الشيخ (- ره -) حيث انّه رواها بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان عن محمّد بن مسلم و رواها الكليني (- ره -) عن حميد بن الحسن بن محمّد عن غير واحد عن ابان عن محمّد بن مسلم و هذا الطريق مرسل قوله طاب ثراه و رواية عبد الملك (15) هذه

ص:106

(- أيضا -) صحيحة لأنّه قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن جميل عن عبد الملك بن عمرو لكن الموجود في النّسخة ابدال قيمتها بثمنها مع زيادة قوله إذا كانت حبلى قوله طاب ثراه بل ادّعى على ظاهرها الإجماع في الغنية (- اه -) قلت قد ادّعاه في مجمع الفائدة و (- ئق -) (- أيضا -) قوله طاب ثراه خلافا للمحكي عن الإسكافي (- اه -) هذا خلاف في بعض الفروض و عدّه مخالفا للمشهور انّما هو باعتبار اقتضاء إطلاقهم عدم الفرق بين ما إذا كان الحمل من البائع أو من غيره بإذن البائع أو شبهة أو زنا لكن يمكن التأمّل في دلالة عبارة الإسكافي على الاختصاص لاحتمال ان يكون كون الحمل من البائع قيد الوجوب الردّ لا لجوازه الّذي هو محلّ البحث فتكون العبارة (- ح -) مبيّنة لحكم صورة كون الحمل من المولى ساكتة عن حكم ما إذا كان الحمل من غير المولى قوله طاب ثراه و هو ظاهر الشيخ (- ره -) في (- ية -) (- اه -) وجه استظهار ذلك من عبارة (- ية -) و كذا عبارة الوسيلة الآتية انّما هو إيجابهما الردّ حيث انّ الحمل لو لم يكن من البائع لا يجب الردّ و لكنّك خبير بعدم دلالة العبارتين على الاختصاص لأنّ غاية ما افادتاه انّما هو وجوب الردّ إذا كان الحمل من غير البائع بوجه نعم عبارة (- لف -) صريحة في اختيار الاختصاص و عبارة الرّياض نصّت بعدم خلوّ ذلك عن قوّة و لكن صرّح بعدم الاختصاص في (- كرة -) و (- مع صد -) و محكي الجامع و الكافي للحلبي و إيضاح (- فع -) قال في (- مع صد -) المشهور بين الأصحاب انّ الأمة تردّ بعيب الحمل بعد التصرّف بالوطي و ان لم يكن الحمل من البائع للأخبار الواردة بذلك انتهى و أراد بالأخبار إطلاقها بل عمومها النّاشى من ترك الاستفصال و هذا هو مستند المشهور و امّا القول بالاختصاص فقد احتجّ له في (- لف -) بأنّ الأصل لزوم البيع و عدم الردّ مع التصرّف خرج عنه ما لو كان الحبل من البائع لكون الجارية (- ح -) أمّ ولد لا يصحّ بيعها فيبقى الباقي على الأصل الى ان قال و تحمل الأحاديث على هذا انتهى قلت فيه أوّلا انّ أصالة اللّزوم الّتي تمسّك بها تقضى بعدم ثبوت الأرش لأنّ أخذ الأرش (- أيضا -) خلاف الوفاء بالعقد المأمور به الّذي هو مستند أصالة اللّزوم و هذا هو خلاف استصحاب اثر العقد الّذي هو مستند أخر للأصل المذكور مع انّه يثبت الأرش و ثانيا انّ التمسّك بالأصل العملي انّما يتمّ بعد إبطال الأصل اللّفظي الحاكم عليه الّذي هو هنا أصالة الإطلاق و هو قد أبطله بحمل النّصوص على صورة كون الحمل من البائع و فيه أوّلا ما نقّحناه في المطارح من عدم صحّة الجمع إلاّ إذا كان عليه شاهد من العرف أو الأخبار و شيء منهما غير موجود في المقام فالتقييد خال عن الوجه و ثانيا انّه على ما ذكره لا وجه لتقييد التصرّف بكونه بالوطي بل اللازم (- ح -) هو الردّ على كلّ حال لبطلان البيع من رأس بكونها أمّ ولد حال البيع أشار الى ذلك في (- مع صد -) و (- لك -) و دعوى ورود التقييد بالوطي مورد الغالب نظرا إلى انّه أظهر تصرّفات المشترى و أغلبها في الأمة الوطي بالضّرورة كما صدرت من بعض الأواخر واضحة السّقوط فانا لا نعرف لهذه الغلبة و الأظهريّة معنى فضلا عن ان تكون ضروريّة سيّما مع ملاحظة أوّل ما يقع من التصرّفات فإنّه بلا ريب الاستخدام و الاستخبار بالأمر بقضاء الحوائج و اىّ فتى الاّ النّادر من النّاس يكون أوّل تصرّفاته الوطي سيّما و الاستبراء واجب في بعض الموارد و مندوب في بعض أخر فإن قلت انّ ظاهر الجملة الخبريّة المستعملة في الأخبار المزبورة في الإنشاء انّما هو الوجوب و من البيّن انّه لا يجب الردّ إلاّ إذا كان الحمل من البائع فدلّ ذلك على اختصاص مورد النّصوص بصورة كون الحمل من البائع قلنا انّه كما تقرّر في علم الأصول إفادة الجملة الخبريّة المستعملة في الإنشاء الوجوب فكذا تقرّر انّ الأمر الواقع عقيب توهّم الخطر لا يفيد إلاّ الإباحة المحضة و توهّم الخطر هنا موجود قد نشأ من الأخبار المتقدّمة المانعة من ردّ الجارية بعد الوطي فالأمر بالردّ في الأخبار المذكورة لمجرّد اباحة الردّ غاية ما هناك انّه لو كان الحمل من المولى وجب الردّ بحكم ما دلّ على عدم جواز شراء أمّ الولد فان قلت انّ التّأمّل في الأخبار يقضى بكون موردها صورة كون الحمل من المولى ضرورة انّه لو كان الحمل منه كان البيع باطلا من أصله و كان الردّ واجبا و دفع العشر أو نصفه موافقا للقاعدة لكون الوطي واقعا في حال عدم جواز تملّكها بخلاف ما إذا كان الحمل من غير المولى فإنّه لا معنى للقصر بعد كون الوطي في ملك المشترى و كون الفسخ مبطلا للعقد من حينه لا من أصله و عدم إيجاب وطى المالك حال الوطي ضمانا عليه بوجه فدل ذلك على اختصاص مورد الأخبار بما إذا كان الحمل من غير المولى قلت انّ ذلك قد نشأ من الجمود على القواعد و حبّ تطبيق النّصوص عليها و الإنصاف يقضي بعدم شهادة القاعدة على كون النصّ خاصّا بمورد كون الحمل من المولى فتخصيص عموم الأخبار النّاشى من ترك الاستفصال المؤيّد بما ذكر من الاعتبار لا وجه له فالقول المشهور هو المؤيّد المنصور غاية ما هناك وجوب الردّ إن كان الحمل من المولى لكونها أمّ ولد و فساد العقد من رأس بخلاف ما لو كان من غير البائع فإنّه يتخيّر بين الردّ و الأرش كما لا يخفى قوله طاب ثراه الاّ انّ العمل على هذا الظاهر يستلزم مخالفة الظّاهر من وجوه (- اه -) هذا قريب ممّا صدر من الشهيد الثّاني (- ره -) في (- لك -) حيث بنى على تطبيق أصل الاستثناء على القاعدة فقال انّ تحرير هذه المسئلة يتوقّف على مقدّمات الاولى انّ تصرّف المشترى في المبيع المعيب يمنع من ردّه و ان جاز له أخذ الأرش الثّانية انّ الحمل في الأمة عيب سوى شرط خلوّها من الحمل أم لا لانّ ولادتها تشتمل على الخطر و هو نقص محض ان قلنا انّ الحمل لا يدخل في بيع الأمة كما هو المشهور و الاّ كان نقصا من وجه و زيادة من وجه و هو كاف في ثبوت الخيار (- أيضا -) الثّالثة انّ الوطي تصرّف بل هو من أقوى أنواع التصرّف فالأصل فيه ان يكون مانعا من الردّ الرّابعة انّ وطى المالك حال الوطي لا يستعقب عليه ضمانا للبضع لانّه تصرّف في ماله و ان فسخ البيع بعد ذلك الوجه من الوجوه المجوّزة له الخامسة انّ المولى لو وطأ الأمة جاز له بيعها مع عدم تيقّن الحمل ثمَّ ان ظهر بها حمل منه تبيّن بطلان البيع لكونها أمّ ولد و هذه المقدّمات كلّها إجماعيّة السّادسة أن وطى امة الغير جهلا بتحريمه يوجب على الواطى عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيّبا لدلالة النّصوص على هذا التقدير السّابعة انّ الفسخ بالعيب يبطل العقد من حينه لا من أصله لتحقّق الملك بالعقد و جواز الاستمرار عليه فلا معنى لرفع ما قد ثبت انتهى ما في (- لك -) و أقول انّ المقدّمات الخمس الأوّل قد اعترف هو (- ره -) بكونها اجماعيّة و لا يخفى انّ الأخبار بها عموما و خصوصا ناطقة أمّا الأولى فقد عرفت نطق جملة من الأخبار بها و امّا الثّانية فالأخبار الواردة في المقام بها ناطقة و امّا الثّالثة فيكفي في إثباتها (- أيضا -) الأخبار المشار إليها و امّا الرّابعة فالوجه فيها ظاهر لعدم مقتضى الضّمان و عدم تعقّل ضمان الإنسان لنفسه شيئا و امّا الخامسة فظاهرة (- أيضا -) لعموم تسلّط النّاس على أموالهم ما لم يعلم وجود المانع و كفاية الأصل في دفع المشكوك و امّا السّادسة فقد أشبعنا الكلام فيها في مبحث نكاح الإماء

ص:107

من منتهى المقاصد و مجملة انّ الحقّ هو ثبوت عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيّبا وفاقا للمقنع و (- ية -) و الوسيلة و المهذّب و الجامع على ما حكى للصّحيح الذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد و عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن العبّاس بن الوليد عن الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللّه سلام اللّه عليه في رجل تزوّج أمرية حرّة فوجدها امة قد دلّت نفسها له قال إن كان الّذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنّكاح فاسد قلت فكيف يصنع بالمهر الّذي أخذت منه قال ان وجد ممّا أعطاه شيئا فليأخذه و ان لم يجد شيئا فلا شيء له و إن كان زوّجها إيّاه وليّ لها ارتجع على وليها بما أخذت منه و لمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكرا و إن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها الحديث و امّا السّابعة فيأتي توضيح الكلام فيها عند تعرّض الماتن (- ره -) له في أحكام الخيار ثمَّ انّه (- قدّه -) انّما رتّب هذه المقدّمات ليرتّب عليها مخالفة النّصوص المزبورة في المقام لها و لذا قال بعد بيان إسقاط التصرّف في الأمة للردّ و بيان ورود النّصوص باستثناء مسئلتنا هذه ما نصّه و هذا الحكم كما ترى مخالف لهذه المقدّمات من حيث جواز الردّ مع التصرّف و في وجوب شيء على المشترى مع انّه وطأ أمته و في إطلاق وجوب نصف العشر مع انّ ذلك عقر الثيّب و المسئلة مفروضة فيما هو أعمّ منها انتهى ما يهمّنا الآن من كلامه زيد في إكرامه و أنت خبير بما في الاستشكال في المستفيض من الأخبار المعمول بها بالمخالفة للقواعد من الوهن ضرورة انّ قواعد الشرع ليست مثل المستقلاّت العقليّة غير قابلة للانخرام و التّخصيص و ليت شعري هل مستند القواعد الاّ النصّ و الإجماع القابلين للتخصيص بمثلهما سيّما بعد ما شاع و ذاع حتّى صار كالمثل السّائر انّه ما من عامّ الاّ و قد خصّ منه و لقد أجاد (- قدّه -) حيث نبّه على ذلك في ذيل كلامه بقوله انّ العدول عن ظواهر هذه النّصوص الكثيرة مع عمل الأصحاب بها المناسبة الأصول غير واضح انتهى فالقول بمضمون تلك الأخبار متعيّن قوله طاب ثراه إذ لا منشأ لتوهّم خطر ردّ الجارية (- اه -) قد عرفت ان منشأ توهم الخطر هو الأخبار المانعة من ردّ الجارية بعد الوطي فإنّ مقتضى إطلاقها هو المنع من ردّ الموطوئة (- مط -) فيكون سوق هذه الأخبار لرفع ذلك المنع في صورة كون الأمة حاملا و لا مانع من توهّم السائل كون المقام من موارد صحّة بيع أمّ الولد على فرض كون الحمل من المولى و قد يكون انّ الرّاوي لم يلتفت الى كونها أمّ ولد و بطلان بيعها و يشهد بالتوهم انّ الإمام عليه السّلام بعد حكمه بالردّ في صحيح ابن سنان نقل قول أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه بعدم الردّ في غير الحامل افهاما للرّاوي انّ منع الوطي من الردّ انّما هو عند عدم الحمل و دفعا لتوهّم السّائل هذا مضافا الى ما أشار إليه بعضهم من كون الأمر هنا كأكثر الأوامر الواردة في المعاملات للإرشاد فيكون إرشادا إلى ثبوت الردّ فيما إذا لم يكن الحمل من المولى و الى فساد المعاملة فيما إذا كان الحمل من المولى فلا يحتاج (- ح -) الى تنقيح توهّم الخطر كي يناقش بما سمعت قوله طاب ثراه الثاني مخالفة لزوم العقر (- اه -) قلت العقر بالضّم دية فرج المرية إذا غصبت على نفسها ثمَّ كثر حتّى استعمل في المهر قاله في المصباح المنير و توضيح ما في المتن انّ اخبار المسئلة أثبتت العشر و نصف العشر فيلزم حملها على ما إذا كان الحمل من المولى حتّى ينكشف بسبب كونها أمّ ولد بطلان البيع من أصله و الاّ لم يكن لإثبات ذلك على الواطى بعد وقوع الوطي في ملكه من حيث انفساخ العقد من حينه لا من أصله وجه فلا بدّ امّا من حمل تلك الأخبار على صورة كون الحمل من المولى أو إنكار قاعدة عدم العقر في وطى الملك أو إنكار قاعدة كون الردّ بالعيب فسخا من حينه و حيث لا يمكن إنكار القاعدتين يتعيّن حمل الأخبار على كون الحمل من المولى و فيه انّه كما يرتفع المحذور بحمل الأخبار على صورة كون الحمل من المولى فكذا يرتفع بالقول بثبوت العقر في خصوص الفرض فانّ عدم العقر في وطى الملك على إطلاقه ليس ممّا يأباه العقل و انّما ذلك من باب عدم تعقّل ثبوت شيء على الإنسان بالتصرّف في ملك نفسه و امّا ثبوت شيء عليه بعده الفسخ و ردّ المملوكة بسبب الوطي الواقع منه في حال ملكه ايّاها فلا يمنع منه عقل و لا نقل فلا مانع من الالتزام بثبوته تعبّدا للأخبار المزبورة و انّما رجّحنا القول بالثبوت المذكور على حمل الأخبار على صورة كون الحمل من المولى نظرا الى انّ إباء بعض تلك الأخبار عن ذلك الحمل إلجائنا إلى إبقائها على إطلاقها و الالتزام بالثّبوت المذكور و ممّا يأبى الحمل المذكور صحيحة ابن سنان المزبورة فإنّ ذكره عليه السّلام لقول علىّ صلوات اللّه و سلامه عليه قرينة على كون المراد بالردّ في صدر الخبر (- أيضا -) هو الردّ بالخيار إذ لو كان المراد في الصّدر هو الردّ بسبب بطلان البيع لظهور كونها أمّ ولد و بطلان البيع لكان نقله (- ع -) بكلام علىّ عليه الاف التّحيّة خاليا عن الفائدة لكونه أجنبيّا عن فرض أمّ الولد و حاشاهم من التكلّم بما لا ربط فيه و لا فائدة قوله طاب ثراه الثالث مخالفته لما دلّ على كون التصرّف (- اه -) هذا منه (- قدّه -) لعجيب لانّ نسبة هذه الأخبار الى ما نطق بكون التصرّف و الوطي مانعا من الردّ هي الخصوص و العموم و جعل العام مانعا من العمل بالخاص كما ترى بعد مقاومة الخاص بسبب الكثرة و الصّحة و الاعتضاد بالعمل للعام و قابليّة لتخصيصه و اىّ مانع من كون كلّ تصرّف و كلّ وطى مانعا الاّ هذا الوطي ان هذا الاّ سهوا من قلمه الشّريف قوله طاب ثراه الرّابع انّ الظاهر من قول السّائل (- اه -) في هذا الاستظهار نظر ظاهر عند أولي البصائر ضرورة انّ التّقييد بعدم علم البائع بالحمل كما يمكن ان يكون لإظهار انّه لو كان عالما به لم يكن ليبيعها لكونها أمّ ولده فكذا يمكن ان يكون لابداء انّه لو كان عالما بالحمل الّذي هو عيب لأخبر المشترى بذلك بل لعلّ الثاني أظهر و يشهد له شيوع ذكر السائلين بجميع قيود الفرض المسئول عنه إذا احتملوا مدخليّتها في الحكم كذكر ابن سنان في صحيحه المتقدّم عدم علم المشترى بالحبل في سؤاله عن حكمها قوله طاب ثراه و يشير اليه ما في بعض الرّوايات المتقدّمة (- اه -) فيه نظر لمنع الدّلالة فإن اكسائها أعمّ من تمليك الكسوة ايّاها حتى يستكشف بملكها لها عن كونها حرّة مع انّ أمّ الولد لا تكون حرّة إلاّ بعد فوت سيّدها و انعتاقها من نصيب ولدها مع انّ الحرائر لا يثبت في وطئها الثوب و انّما يثبت مهر المثل نعم مفوّضة البضع إذا وطئت يثبت في بعض الفروض الثوب و اين ذلك من الفرض فحمل الكسوة على كسوة تساوى نصف عشر قيمتها كما صدر من الشّيخ (- ره -) لازم و الاّ لكان الخبر معرضا عنه بين كافّة الأصحاب قوله طاب ثراه الخامس ظهور هذه الأخبار (- اه -) فيه أوّلا منع الظهور نعم لا نضايق من دعوى شمولها بإطلاقها لصورة التصرّف بالاستخدام و على فرض تسليم إسقاط مطلق التصرّف للردّ لا مانع من تقييد اخبار المقام بصورة عدم التصرّف بغير الوطي كما انّه لا مانع من تقييد ما دلّ على إسقاط التصرّف للردّ بإطلاق هذه الأخبار بان يقال انّ كلّ تصرّف مانع من الردّ إلاّ إذا كان العيب حملا فإنّه لا يمنع الردّ شيء من التصرّفات حتّى الوطي الذي هو أقواها بل هذا متعين لكون النّسبة بين أخبار إسقاط التصرّف للردّ و بين هذه الأخبار هو العموم المطلق لشمول تلك لما إذا كان العيب حملا أو غيره و التصرّف وطيا أو غيره و اختصاص هذه بما إذا

ص:108

كان العيب حملا فلا بدّ من تخصيص عموم تلك الأخبار بخصوص هذه و ثانيا انّه (- قدّه -) قد حقّق فيما سبق عن قريب عدم إسقاط مطلق التصرّف للردّ و انّ التصرّف المسقط قبل العلم بالعيب انّما هو المغيّر للعين أو المغيّر للهيئة و انّ إسقاط مثل حلب الدابّة و ركوبها و شبه ذلك من نحو اسقني ماء و أغلق الباب ممّا لا دليل عليه و قد تبعناه في تحقيقه ذلك فكيف نسي مع قرب العهد ما حقّقه هناك حتّى ارتكب ما ترى و بالجملة فلعلّ غرض الماتن (- ره -) من ذكر الوجوه الخمسة تشريح ذهن المشتغلين و الاّ فهو أجلّ من التأمّل في العمل بالأخبار الكثيرة المعتضدة بالعمل لذلك قوله طاب ثراه و تقييدها بصورة عدم هذه التصرّفات (- اه -) قد عرفت انّه بمقتضى تحقيقه السّابق لا حاجة الى هذا التقييد حتّى يناقش فيه بكونه تقييدا بالنّادر قوله طاب ثراه إذ يمكن تقييد الحمل (- اه -) قد عرفت عدم الحاجة الى هذا التقييد حتّى يترتّب عليه كون التعارض من قبيل العموم من وجه لعموم اخبار منع الوطي عن الردّ من حيث الشّمول لما إذا كان التصرّف وطيا أو غيره و قد عرفت انّ الحقّ كون النّسبة بين الطّائفتين هو العموم المطلق لإطلاق تلك منع الوطي من الردّ حملا كان العيب أو غيره و اختصاص هذه الأخبار بما إذا كان العيب حملا بل التحقيق عدم كون التعارض من العموم من وجه حتّى بناء على تقييد هذه بما إذا كان الحمل من المولى لانّ دلالتها على عدم منع التصرّف غير الوطي من الردّ فيما إذا كان الحمل من المولى ليست لفظيّة حتّى تلاحظ في النّسبة و انّما دلالتها على ذلك بالأولويّة حيث انّ الوطي إذا لم يمنع من الردّ فسائر التصرّفات بالطريق الأولى فالنّسبة هي العموم المطلق على كلّ حال قوله طاب ثراه ما عدى الوجه الثالث (- اه -) انّما استثناه لكونه أحد طرفي المتعارضين فلا يكون مرجّحا لنفسه و انّما سائر الوجوه تكون مرجّحة له قوله طاب ثراه وجب الرجوع الى عموم ما دلّ على انّ احداث الحدث مسقط (- اه -) قد عرفت تخصيص هذا العموم بحكم اخبار المقام بما إذا كان العيب حملا فإنّه (- ح -) لا يمنع التصرّف من الردّ و إن كان وطيا قوله طاب ثراه ثمَّ انّ المحكى عن المشهور إطلاق الحكم (- اه -) توضيح المقال في هذا المجال انّ كلمات الأصحاب هنا ان أبقيت على ظواهرها تشعّبت على أقوال ثلث أحدها ردّه معها نصف عشر ثمنها و هو مقتضى إطلاق المقنعة و الانتصار و (- ية -) و المراسم و الوسيلة و الغنية و (- ير -) و (- شاد -) و (- عد -) في صدر كلامه و الجامع و التبصرة و (- س -) و غيرها على ما حكى عن بعضها بل في (- مع صد -) انّه المشهور و في الكفاية انّه المعروف بين الأصحاب ثانيها ردّه معها عشر قيمتها و هو مقتضى إطلاق ما حكى عن الحلبي في الكافي ثالثها التفصيل ما بين لو كانت بكرا فيردّ معها العشر و بين ما لو كانت ثيّبا فيردّ نصف العشر افتى به في (- ئر -) و (- لف -) و (- كرة -) و (- عد -) في ذيل كلامه و (- مع صد -) و محكي إيضاح (- فع -) و الميسيّة و تعليق الاستبصار للفاضل المجلسي (- ره -) و المفاتيح و غيرها بل في (- ئر -) انّه لا خلاف فيه بيننا و ستسمع عبارته حجّة الأوّل إطلاق صحيحة ابن سنان و صحيحة عبد الملك و رواية سعيد المزبورات و حجّة الثّاني إطلاق الصّحيح الأخر لعبد الملك المتقدّم (- أيضا -) و حجّة الثالث هو الجمع بين الأخبار بحمل الطائفة الأولى على ما إذا كانت ثيّبا و حمل الثانية على ما إذا كانت بكرا و يشهد لهذا الحمل أمور فمنها مرسل الكليني (- ره -) المتقدّم و مراسيله عند الإنصاف لا تقصر عن مراسيل ابن ابى عمير و منها غلبة كون الحامل ثيّبا فيكون اخبار نصف العشر واردة مورد الغالب و يبقى خبر العشر محمولا على البكر و منها انّ الشّارع قد جعل عوض الوطي في الأمة عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيّبا و هذا منه و لكن قد يتصدّى لإرجاع خبر العشر في المقام الى اخبار نصف العشر تارة بالحمل على الغلط من النّاسخ أو الرّاوي بإسقاط لفظ النّصف ليطابق ما رواه هذا الرّاوي بعينه حكى ذلك عن التهذيبين و أيّده في محكي (- س -) بانّ الصّدوق (- قدّه -) ذكر هذا الخبر برجاله و فيه نصف العشر و اخرى بحمله على كون عشر الثمن نصف عشر قيمتها و أنت خبير بما في كلّ من الإرجاعين من النظر امّا الأوّل فلانّ الأصل عدم سقوط لفظ النّصف من الرّواية مع تأيّد الأصل برواية الكليني (- ره -) لها (- كك -) مع انّه أضبط المحدّثين و امّا الثّاني فلوضوح انّ الحكم لم يكن في قضيّة خاصّة حتّى يتأتّى الاحتمال المذكور بل السّؤال و الجواب وقعا على وجه الكليّة فلا مسرى للاحتمال فيه كما لا يخفى و ممّا ذكرنا ظهر سقوط إيقاع التعارض بين الطّائفتين و ترجيح اخبار نصف العشر إذ الترجيح فرع التعارض المنتفى بالاجتماع على أمر بما عرفت فان قلت كما انّ الترجيح فرع التعارض فكذا الجمع فرع المقاومة و الحجّية إذ لا معنى للجمع بين الحجّة و اللاّحجّة و من البيّن انّ صحيح العشر موهون بإطلاق النّصوص و الفتاوى على خلافه فكيف يكون مجرّد الجمع موجبا لتقييد الأخبار المعتبرة المطلقة المؤيّدة بفتاوى الطّائفة قلت انّ توقّف الجمع على حجيّة الطرفين مسلم لكن صحيح العشر حجّة شرعيّة كحجيّة اخبار نصف العشر و لا مانع من العمل بصحيح العشر الاّ مخالفته لإطلاق النّصوص و الفتاوى و هو عند التأمّل غير مانع لنزولها على الغالب فإنّه حيث كان الغالب كون الحامل ثيّبا كان إطلاق النّصوص و الفتاوى واردا عليه و قد يشهد لذلك نفى الخلاف في ذلك من الحلّي فالقول الثالث هو الحقّ المتين قوله طاب ثراه و لذا ادّعى عدم الخلاف في (- ئر -) (- اه -) قال في (- ئر -) فان وجد بها عيبا بعد ان وطئها لم يكن له ردّها و كان له أرش العيب خاصّة اللّهمّ الاّ ان يكون العيب من حبل فله ردّها على كلّ حال وطئها أو لم يطئها و يردّ معها إذا وطئها نصف عشر قيمتها إن كانت ثيّبا و إن كانت بكرا فعشر قيمتها بغير خلاف بيننا انتهى قوله طاب ثراه و مراده بما مضى كما يظهر لمن راجع كلامه ما ذكره سابقا (- اه -) لم نجد هذه العبارة في الغنية كما انّا لم نجد منه دعوى الإجماع على ثبوت نصف العشر و انّما افتى به من غير ان يذيله بدعوى الإجماع عليه قال (- ره -) فان وجد بها عيبا بعد ان وطئها لم يكن له ردّها و كان له أرش العيب خاصّة اللّهمّ الاّ ان يكون العيب من حبل فيلزمه ردّها على كلّ حال وطئها أو لم يطئها و يردّ معها إذا وطئها نصف عشر قيمتها انتهى قوله طاب ثراه و امّا الانتصار فلا يحضرني حتّى أراجعه (- اه -) قال في الانتصار و ممّا انفردت به الإماميّة القول بانّ من اتباع امة فوجد بها عيبا ما عرفه من قبل بعد ان وطئها لم يكن له ردّها و كان له أرش العيب الاّ ان يكون عيبها من حبل فله ردّها مع الوطي و يردّ معها إذا وطئها نصف عشر قيمتها و خالف باقي الفقهاء في ذلك الى ان قال دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه الإجماع المتردّد و ليس يجري وطى الثيّب مجرى وطى البكر لأنّ وطى البكر إتلاف لجزء منها و ليس (- كك -) الثيّب انتهى قلت ما ذكره في الذّيل ربّما يكشف عن كون نصف العشر في الثيّب (- فت -) قوله طاب ثراه ثمَّ انّ مقتضى الإطلاق جواز الردّ و لو مع الوطي في الدّبر (- اه -) قد استجود ذلك في (- لك -) و افتى به في (- كرة -) و محكي إيضاح (- فع -) و تعليق (- شاد -) و مجمع الفائدة و غيرها و علّله في الأوّل بأنّه

ص:109

وطئ في الجملة فيتناوله النصّ قوله طاب ثراه و يمكن دعوى انصرافه الى غيره (- اه -) يمكن منع الانصراف لكون المدار فيه على شيوع الاستعمال لا شيوع الوقوع و الثّابت في الخارج شيوع الوقوع لا شيوع الاستعمال ثمَّ لا يخفى عليك انّ هذا الفرع انّما يتأتّى على القول بجريان الحكم فيما إذا كان الحمل من غير المولى (- أيضا -) كما هو الأظهر و امّا على ما مال اليه الماتن (- ره -) من الاختصاص بصورة كون الحمل من البائع فلا اثر لهذا الفرع ضرورة وجوب الردّ (- ح -) من غير فرق بين أقسام الوطي و أقسام التصرّفات لبطلان العقد من رأس حينئذ لكونها أم ولد كما واضح قوله طاب ثراه و في لحوق التقبيل و اللّمس بالوطي وجهان (- اه -) فالعدم ظاهر الأكثر و اللّحوق هو الّذي جعله في (- لك -) أوجه قال (- ره -) هل يلحق به مقدّماته من اللّمس و القبلة و النّظر بشهوة وجهان من الأولويّة و استلزامه لها غالبا و من الاقتصار فيما خالف الأصل على مورد النصّ و توقّف في (- س -) و له وجه إن كان وقوع تلك الأشياء على وجه الجمع بينها و بين الوطي و لو اختصّ التصرّف بها فالإلحاق به من باب مفهوم الموافقة أوجه و إن كان استثنائها (- مط -) متوجّها للملازمة انتهى ما في (- لك -) و أنت خبير بأنّ الملازمة الغالبة غير مجدية في الإلحاق و الأولويّة الظّنيّة غير معتبرة و القطعيّة غير مسلّمة بل قد تمنع الظنيّة (- أيضا -) لأنّ الوطي مجبور شرعا بالعقر و لم يثبت جبر غيره بشيء و الرّد بلا شيء لا يظن مساواته للرّد مع شيء كما هو واضح و الأظهر عدم إلحاقها بالوطي في عدم المنع من الرّد فهي ان انفردت عنه مانعة من الرّد للقاعدة المقتصر في الخروج عنها على مورد النصّ نعم ان اجتمعت مع الوطي لم تمنع من الرّد قطعا لعموم النصّ النّاشى من ترك استفصال وقوع الوطي مع المقدّمات أو بدونها و الملازمة الغالبة مؤيّدة لذلك كما لا يخفى لكن لا يخفى عليك انّ ما ذكرناه انما هو على المشهور من منع مطلق التصرّف عن الردّ امّا على مختار الماتن (- ره -) الّذي تبعناه فيه من اختصاص المنع من الرّد بالتصرّف المغيّر المهيئة أو المتلف للعين فلا يمنع اللّمس و التّقبيل من الرّد لكونهما مثل اسقني ماء و أغلق الباب ثمَّ لا يخفى عليك انّ الكلام في هذا الفرع كسابقه في الاختصاص بما إذا كان الحمل من غير البائع ضرورة أنّه في صورة كونه منه يجب الرّد (- مط -) كما عرفت وجهه قوله طاب ثراه فقد استشكل في سقوط الرّد (- اه -) المستشكل هو المحقّق الثّاني (- ره -) في محكي تعليق (- شاد -) و الأقرب جواز الرّد لإطلاق ما دلّ على عدم إسقاط الوطي للرّد بعيب الحمل فيؤثر أثره و هو جواز الرّد و سقوط اثر العيب الأخر بالوطي الّذي هو من التصرّف المسقط لخيار العيب لا يوجب سقوط اثر عيب الحمل الغير السّاقط بالوطي قوله طاب ثراه من صدق كونها معيبة (- اه -) أراد انّه ان لوحظ الأول لزم عدم سقوط الرّد و ان لوحظ الثّاني لزم السّقوط و فيه انّ صدق كونها معيبة بغير الحمل غير موجب للسّقوط بالوطي (- مط -) بل إذا لم تكن معيبة بالحمل و الفرض وجود التعيّب بالحمل فلا معنى لتأثيره لمجرّد الاقتران بما سقط أثره بالوطي و لعلّه الى هذا يرجع ما اعترض به الماتن (- ره -) عليه و امّا ما اعترض به عليه بعض مشايخ العصر (- قدّه -) من ان مقتضى ما ذكره تساقطهما فيرجع الى أصالة اللّزوم بمطلق الحدث أو الى أصالة بقاء الجواز مع منع العموم المزبور ففيه انّه لا معنى للرّجوع الى الأصل مع بقاء اثر العيب الغير السّاقط بالوطي قوله طاب ثراه و فيه انّ كونها معيبة (- اه -) ربّما اعترض عليه بعض مشايخ العصر (- قدّه -) بانّ ما ذكره يقتضي سقوط الرّد بالوطي و الحبل يقتضي عدمه فيتعارضان و هو كما ترى ممّا لم افهم له محصّلا بل و لا معنى و عموم ما دلّ على الردّ بالحبل حتى بعد الوطي حجّة على المحقّق الكركي و من تبعه و دعوى انّ المتبادر منه ان لا تكون معيبة الاّ بالحبل فيقتصر في الخروج عن القاعدة عليه في غاية الوهن و السّقوط لمنع التبادر و قوّة العموم النّاشى من ترك الاستفصال كما لا يخفى قوله طاب ثراه ثمَّ انّ صريح بعض النّصوص و الفتاوى (- اه -) فمن الأخبار الصّريحة في ذلك صحيح ابن سنان و خبر محمّد بن مسلم و خبر سعيد بن يسار و ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن ابى المعزى عن فضيل مولى محمّد بن راشد قال سئلت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم فنكحها الّذي اشتراه قال يردّها و يردّ نصف عشر ثمنها و من كتب الفتاوى الناطقة بذلك الانتصار و الغنية و (- يع -) و (- س -) و الحواشي و غيرها قوله طاب ثراه لكن إطلاق كثير من الرّوايات يشمل العالم و مثل الرّوايات جملة من الفتاوى حيث انّ إطلاقها (- أيضا -) يشمل العالم و (- ح -) فقد يقال انّه قد تقرّر في محلّه انّ من شرائط حمل المطلق على المقيّد تنافى ظاهرهما و هو هنا مفقود بالضّرورة فينبغي الأخذ بالمطلقات أيضا و الفتوى بعدم الفرق بين العلم حال الوطي بالحمل و عدمه كما عن ظاهر (- يب -) الفتوى بذلك فلا وقع (- ح -) لما قيل من اقتضاء مخالفة الحكم للقواعد الاقتصار على المتيقّن ضرورة انّ ما دلّ عليه الإطلاق بحكم المتيقّن (- أيضا -) فعدم التّفرقة أظهر و اللّه العالم نعم لا وقع لما صدر من صاحب الجواهر (- ره -) من المناقشة في الأخبار المقيّدة بعدم العلم بكون التقييد في أسئلتها فقط فانّ فيه انّ الأجوبة لم تنطبق الاّ على الاسؤلة و كون العبرة بعموم الجواب لا خصوص السّؤال ليس هذا مورده كما لا يخفى على من أحاط خبرا بالمباحث الأصوليّة بقي هنا أمر لم يتعرّض له الماتن (- ره -) و هو انّه قد صرّح العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) بتقييد الحكم المزبور بما إذا كان الحمل سابقا على العقد و كون التصرّف بخصوص الوطي و ذلك ظاهر المقنعة و (- ية -) و الانتصار و المراسم و الوسيلة و الكافي و الغنية و (- ئر -) و (- يع -) و (- فع -) و الجامع و (- ير -) و (- شاد -) و التبصرة و (- س -) و إيضاح (- فع -) و الميسيّة و غيرها على ما حكى عن بعضها بل ذلك صريح أكثرها عند التّأمّل في أطراف عبائرها و إجماع الانتصار يشمل ذلك و عن تعليق (- شاد -) نسبة الثاني إلى كلام الأصحاب و الحجّة على ذلك كون مورد الأخبار ما جمع القيدين فيلزم الرّجوع في غيره و هو ما لو فقد أحدهما إلى القواعد الّتي منها منع الوطي من الرّد لكن يمكن المناقشة في القيد الأوّل بأنّ العيب الحادث بعد العقد قبل القبض مضمون على البائع فالحمل الحادث بعد العقد قبل القبض (- أيضا -) تردّ به الجارية حتّى بعد الوطي و الجواب انّ مقتضى القاعدة هو منع الوطي من الرّد و انّما خرجت الموطوئة الحامل بالنصّ و مورد النصّ انّما هو ما إذا كان الحمل سابقا على العقد فان قلت انّ أكثر الأخبار و ان تقيّد بالجعل الظّاهر في سبق الحبل على العقد الاّ انّ بعض الأخبار بإطلاقه يشمل ما إذا كان الحمل بعد العقد قبل القبض مثل خبر عبد الرّحمن المتضمّن لقوله الرّجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى (- إلخ -) فإنّ ترك الإمام عليه السّلام الاستفصال عن سبق الحمل العقد و تأخّره عن العقد مع سبقه من القبض يفيد شمول الحكم للصّورتين قلت انّ المتبادر من هذا الخبر (- أيضا -) سبق الحمل على العقد و ترك الاستفصال انّما يوجب العموم إذا لم يكن هناك معنى ظاهر و لو سلّم فهذا الخبر مع عدم نقاء سنده ليس قابلا لتخصيص ما دلّ على سقوط الخيار بالرّضاء بالبيع و من المعلوم انّ الوطي مع العلم بالحمل رضاء قطعيّ بالبيع فيمنع من الردّ جزما و امّا القيد الثّاني و هو كون التصرّف بخصوص الوطي فالوجه فيه (- أيضا -) ما عرفت من لزوم الاقتصار فيما خالف القاعدة على مورد النصّ و مورده ما إذا كان التصرّف وطيا و هو ممّا لا بأس به الاّ انّ التصرّف الّذي هو أوهن من الوطي لا يمنع الردّ امّا أوّلا فلما مرّ من انّ التصرّف المانع من الرّد انّما هو

ص:110

المغيّر للعين أو الهيئة دون نحو اسقني ماء و أغلق الباب و امّا ثانيا فلقضاء الأولويّة بعدم منع التصرّف الّذي هو أوهن من الوطي من الرّد كعدم منع الوطي منه ثمَّ لا يخفى انّ الحال في هذين القيدين هي الحال فيما مرّ من قيد الجهل بالحمل و نحوه في الاختصاص بما إذا كان الحمل من غير المولى و انّه في صورة كون الحمل من المولى يلزم الردّ (- مط -) لتبيّن فساد البيع بسبب كونها أمّ ولد فرع لو اشتبه الحمل فلم يعلم حدوثه عند البائع أو المشترى و قلنا بالقرعة و ألحقته بمن كان وطئها في حال كونها عند البائع ففي جواز الردّ به وجهان من الاقتصار على المتيقّن إذ لم يثبت بها موضوع السّبق على العقد الّذي هو موجب العيب و مناط الحكم و انّما ثبت بها حكمه شرعا من حيث اللحوق خاصّة و من أنّها أمارة كاشفة شرعا عن ثبوت ذلك على نحو قيام البيّنة عليه فالأظهر ثبوت الردّ بعدم منع الوطي به

الرابع من مسقطات خيار العيب حدوث عيب عند المشتري

قوله طاب ثراه أعني خياري المجلس و الحيوان و الشرط (- اه -) هذا منه (- قدّه -) مبنىّ على كون مورد قاعدة كون تلف المبيع و تعيّبه في زمان الخيار ممّن لا خيار له الخيارات الثّلث و امّا بناء على المختار من اختصاصها بخياري الحيوان و الشرط فينبغي القصر عليهما كما انّه على قول صاحب الرّياض و كاشف الظّلام من جريانها بالنّسبة الى جميع الخيارات يلزمه التعميم لها جميعا و تحقيق القول في مجرى القاعدة يأتي عند تعرّض الماتن (- ره -) له في أحكام الخيار (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه حتى في ثبوت الأرش فيه على الخلاف الآتي في أحكام القبض (- اه -) قد تعرّض (- قدّه -) لذلك في طيّ مسئلة تلف بعض المبيع قبل القبض فلاحظ قوله طاب ثراه و امّا الحادث في زمن الخيار (- فكذلك -) لا خلاف في انّه غير مانع من الردّ بل هو سبب مستقلّ موجب للردّ (- اه -) أشار بذلك إلى القاعدة المجمع عليها الآتية في أحكام الخيار من ان كلّ مبيع تلف في زمان الخيار فهو ممّن لا خيار له فانّ تلك القاعدة تشمل حدوث العيب في زمان الخيار (- أيضا -) و بعض نصوصها صريح في الشمول لذلك مثل صحيح عبد اللّه بن سنان قال سئلت أبا عبد اللّه عليه الاف التحيّة و السّلام عن رجل يشتري الدابّة أو العبد و يشترط الى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدابّة أو يحدث فيه حدث على من ضمان ذلك فقال على البائع حتّى ينقضي الشّرط ثلثة أيّام و يصير المبيع للمشتري و مرسل ابن رباط عن أبي عبد اللّه عليه الصّلوة و السّلام قال ان حدث بالحيوان قبل ثلثة أيّام فهو من مال البائع لكن كان على الماتن (- ره -) ان يقيّد عدم الخلاف في الفرض بما إذا لم يكن حدوث العيب من جهة المشترى و الاّ لم يكن مانعا من الردّ كما هو واضح قوله طاب ثراه بل الأرش على الخلاف الآتي فيما قبل القبض بناء على اتّحاد المسئلتين (- اه -) قلت مقتضى اتّحاد المسئلتين جريان ما اخترناه هناك هنا (- أيضا -) و هو (- قدّه -) قد اختار هناك أخيرا ثبوت الأرش و لذا أثبته هنا (- أيضا -) و نحن قد نفينا الأرش هناك و لازمه نفينا إيّاه هنا (- أيضا -) الاّ انّ الّذي يخطر ببالي القاصر هو إثبات الأرش هنا و ان نفيناه هناك و ذلك لانّ صورة التعيّب قبل القبض مورد قاعدة كون التلف قبل القبض من مال بائعه الظّاهرة في انفساخ العقد قبل التّلف و التعيّب بآن و مع الانفساخ لا محلّ للردّ و لا معنى للأرش و هذا بخلاف التعيّب في زمان الخيار فإنّه مورد قاعدة كون تلف المبيع أو تعيّبه في زمان الخيار من ضمان البائع و معنى الضمان في صورة التعيّب ثبوت أرش العيب على البائع و دعوى كون المراد بالضّمان في التّلف هو الانفساخ و كذا في التعيّب بقرينة الجمع بينهما في صحيح ابن سنان المتقدّم مدفوعة بمنع كون المراد بالضّمان الانفساخ مضافا الى ان كون التّلف من البائع مع انتقال العين إلى المشتري لما كان خلاف القاعدة و النصّ في التلف كان ناطقا بكونه من مال البائع التجأنا هناك الى ارتكاب خلاف القاعدة و قلنا بالانفساخ قبل التّلف انا ما و هنا لا داعي لنا الى ارتكاب خلاف القاعدة لكون التّعبير بالضّمان المعقول بالنّسبة الى غير المالك (- أيضا -) بل لا يعقل الضّمان الاّ من غير المالك إذ لا يضمن الإنسان لنفسه شيئا فإن قلت انّ مرسل ابن رباط المتقدّم عبّر في حدوث العيب (- أيضا -) بأنّه من مال بايعه قلت انّه قاصر السّند فلا يمكن ارتكاب خلاف القاعدة بالأخذ به فتأمّل قوله طاب ثراه أو بالأصل (- اه -) إطلاق ذلك يقتضي تعميمه قاعدة كون التّلف في زمن الخيار ممّا لا خيار له لجميع الخيارات و الاّ لكان يقيّده بخيار الحيوان أو به و بالمجلس و قد أشرنا الى انّ القول بالتّعميم للجميع أحد الأقوال في المسئلة قوله طاب ثراه ففي الردّ خلاف (- اه -) تحقيق القول في ذلك ان يقال انّه إذا حدث العيب في زمان الخيار أوجب ضمان البائع له بحكم قاعدة كلّ مبيع تلف أو حدث فيه عيب في زمان الخيار فهو في ضمان من لا خيار له و لازم ذلك ثبوت الأرش من دون ردّ الاّ انّ الردّ ثبت بالإجماع فيتخيّر بينهما و مع ثبوت الخيار له من هذه الجهة بين الردّ و الأرش له الخيار في الردّ بسبب الخيار الأخر الّذي حدث العيب في زمانه ما دام ذلك الخيار باقيا و إن كان المبيع المتعيّب في زمان الخيار معيبا كان له الخيار من هذه الجهة (- أيضا -) بين الردّ و الأرش فإذا زال الخيار الثّاني لانقضاء زمانه كما في المجلس و الثلاثة أو للإسقاط كما في خيار الشرط بقي الخيار من الجهة الأولى خاصّة إن كان المعيب قبل العيب الحادث في زمان الخيار صحيحا و من الجهة الأولى و الثالثة إن كان المبيع المذكور معيبا و لم يوجب انقضاء زمان الخيار الثاني و سقوطه سقوط الأوّل بوجه لانّ حدوث العيب في زمان الخيار اثبت ضمان البائع للأرش و زواله بانقضاء زمان الخيار الثاني ممّا لا دليل عليه فيستصحب الضّمان و توهّم انّ إيجاب العين الحادث في زمان الخيار للردّ انّما هو للخيار الثاني فإذا انقضى زمانه زال الخيار كما حكى عن المحقّق (- ره -) ممّا لم نفهمه ضرورة انّ الخيار الّذي حصل التعيّب في زمانه لم يكن علّة تامّة لثبوت الضّمان بل المقتضى للضّمان هو حدوث العيب في زمان الخيار فالخيار المنقضي زمانه شرط اقتضاء المقتضى و هو حدوث العيب فاذا زال الخيار لم يزل اقتضاء المقتضي لأنّ زمان الخيار ظرف الحدوث العيب و هو شرط لتأثير العيب الخارج لانّه شرط استدامة و لو شككنا في بقاء الضّمان و زواله كان استصحاب الضّمان محكما و اللّه العالم قوله طاب ثراه و لو كان حدوث العيب في مبيع صحيح في مدّة الخيار فالباب واحد (- اه -) الوجه في اتّحاد الباب ظاهر لأنّ المقتضي للضّمان انّما هو العيب الحادث في زمان الخيار فوجود عيب سابق على العقد انّما يؤثّر خيارا ثالثا و لا ربط له بالضّمان الحادث و لا بالخيار الثابت لسببه من حيوان أو شرط أو نحوهما قوله طاب ثراه مناف لما ذكره المحقّق في (- يع -) من انّ العيب الحادث (- اه -) أشار بذلك الى قول المحقّق في المسائل الّتي ألحقها بفصل العيوب الخامسة إذا حدث العيب بعد العقد و قبل القبض كان للمشتري ردّه و في الأرش تردّد و لو قبض بعضه ثمَّ حدث في الباقي حدث كان الحكم (- كك -) فيما لم يقبض و ما يحدث في الحيوان بعد القبض و قبل انقضاء الخيار لا يمنع الردّ في الثلاثة انتهى و هذه العبارة كما ترى لا تنافى ما غري إلى المحقّق في درسه لانّ مساقها عدم منع العيب الحادث بعد القبض و قبل انقضاء خيار الحيوان من الردّ بخيار الحيوان و لا تعرّض فيها لكون العيب الحادث نفسه سببا للردّ أو الأرش أم لا و على اىّ حال فالتحقيق ما عرفت قوله طاب ثراه فالمشهور

ص:111

انّه مانع من الردّ (- اه -) الوصف بالشّهرة للإشارة الى ما يأتي في كلامه من نقل خلاف المفيد (- ره -) قوله طاب ثراه بل عن شرح الإرشاد لفخر الإسلام و ظاهر الغنية الإجماع عليه (- اه -) قد ادعى الإجماع على ذلك و على ثبوت الأرش في (- ف -) و (- ط -) و خيارات الفقيه الغرويّ الشّيخ على (- ره -) و مفتاح الكرامة و محكي (- ئر -) و غيرها (- أيضا -) قال في (- ف -) إذا اشترى شيئا و قبضه ثمَّ وجد به عيبا و كان عند البائع و حدث عنده عيب أخر لم يكن له ردّه الاّ ان يرضى البائع بأن يقبله ناقصا فيكون له ردّه و يكون له الأرش ان امتنع البائع من قبوله معيبا و به قال الشافعي و قال أبو ثور و حمّاد بن ابى سليمان إذا حدث عند المشترى عيب و وجد عيبا قديما كان عند البائع ردّه و ردّ معه أرش العيب و قال مالك و احمد المشتري بالخيار بين ان يردّه مع أرش العيب الحادث و بين ان يمسكه و يرجع على البائع بأرش العيب القديم دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم انتهى و قال في (- ط -) إذا باع عبدا و قطع طرف من أطرافه عند المشترى ثمَّ وجد به عيبا قديما سقط حكم الردّ إجماعا و وجب الأرش انتهى و نفى الخلاف في سقوط الردّ و ثبوت الأرش في الرّياض و ادّعى الاتفاق عليهما في (- ير -) قوله طاب ثراه و يمكن الاستدلال على الحكم في المسئلة بمرسلة جميل المتقدّمة (- اه -) أراد بمرسل جميل ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في الرّجل يشترى الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا قال إن كان الشيء قائما بعينه ردّه على صاحبه و أخذ الثمن و إن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب و ربّما استدلّ به بعضهم للمطلوب بتقريب أخر هو عدم صراحته في كون الحوادث من خصوص المشترى و فيه نظر ظاهر ضرورة ظهور الخبر في كون ذلك كلّه من المشترى مع انّ الخياطة و الصّبغ ليستا من العيب فالخبر غير مسوغ لبيان سقوط الردّ بحدوث العيب في يد المشترى قوله طاب ثراه و استدلّ العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) (- اه -) قد يقرّر هذا الدّليل بوجه أخر و هو انّه لما كان القبض موجبا لانتقال ضمان المبيع اليه كان حدوث العيب فيه بمنزلة إحداثه فيه حدثا و لو كان من غير جهته إذا لم يكن حيوانا فنقصانه محسوب عليه فيمنع الردّ و يثبت الأرش لأنّه حقّ مالي ثبت بالعقد لوجوب تنزيله على صحّة البيع فيستصحب بقائه مع عدمه المانع و لا دلالة الحدوث العيب على إسقاطه إذ ليس من الرّضا و نحوه في شيء كما هو واضح و فيه انّ انحساب النقص على المشترى لا يقتضي منعه من الردّ و انّما يقتضي ثبوت أرش النّقصان الحادث للبائع بالردّ قوله طاب ثراه نعم لو علّل الردّ بالعيب القديم بكون الصّبر على العيب (- اه -) قد يجعل ذلك من أدلّة القول المشهور و يقرّر بانّ تسلّط المشترى على ردّ المعيب بالعيب السّابق على العقد ليس الاّ لكون صبره على المعيب ضررا عليه و لا ريب في انّ تدارك ضرر المشترى بجواز الردّ مع تضرّر البائع بالصّبر على العيب الحادث ممّا لا يقتضيه قاعدة نفى الضّرر و ان شئت قلت ان ضرر المشترى يعارض بضرر البائع فيكون إثبات الأرش للمشتري بالعيب السّابق طريقا للجمع بين الحقين و فيه أوّلا منع كون تسليط المشترى على الردّ لقاعدة الضّرر بل للنصّ و ثانيا انّ الجمع بين الحقّين بإثبات الأرش للمشتري ليس بأولى من الجمع بين الحقّين بإثبات الأرش للبائع فتأمّل ثمَّ انّه حيث سقط الوجوه الثلث التي هي حجج المشهور كان اللاّزم مخالفتهم و الرّجوع الى أصالة عدم مانعيّة العيب الحادث من الردّ بالعيب القديم و لكن ربّما خطر بالبال القاصر وجه اربع حجّة لهم و هو انّ ما دلّ على تسلّط المشترى على الردّ لا عموم فيه يشمل الفرض فيكون أصالة عدم تسلّطه على ذلك محكمة و يثبت الأرش بالنصّ و هذا الوجه لا بأس به ظاهر إذ لا إطلاق لأدلّة التسلّط على الردّ فانّ منها مرسل جميل المخصّص لجواز الردّ بصورة بقاء الشيء بعينه الظاهر و لو بقرينة الفقرة المقابلة له في البقاء من غير نقص و لا تعيّب كما لا يخفى قوله طاب ثراه و منها الإجماع و هو دليل لبّى يؤخذ منه بالمتيقّن و هو غير الفرض فيرجع في المقام إلى أصالة عدم التسلّط على الردّ المعتضدة بالإجماعات المحكية في عبائر من مرّ من أعيان الطّائفة قوله طاب ثراه الاّ انّ الإنصاف انّ المستفاد من التمثيل في الرّواية (- اه -) لا يخفى عليك انّ ما ذكره على طوله متعبة بلا ثمر بعد ما عرفت من عدم انسياق الخبر لبيان منع العيب من الردّ و ظهوره في كونه عليه السّلام بصدد بيان منع التصرّف من الردّ كما لا يخفى قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ظاهر المفيد (- ره -) في المقنعة المخالفة في أصل المسئلة (- اه -) قال في المقنعة ما لفظه فان لم يعلم بالعيب حتّى حدث فيه عيب أخر كان له أرش العيب المتقدّم دون الحادث ان اختار ذلك و ان اختار الردّ كان له ذلك ما لم يحدث هو فيه حدثا انتهى فانّ ظاهر إثبات الردّ فيما إذا كان العيب حادثا من غير مباشرة المشتري (- أيضا -) و إسقاطه للردّ إذا باشر هو احداث الحدث و هذا مخالف لما عليه غيره من منع العيب الحادث بعد القبض و انقضاء الخيار من الردّ (- مط -) قوله طاب ثراه لعدم الدّليل على الثبوت بعد السّقوط (- اه -) و لو شكّ فاستصحاب عدم جواز الردّ محكّم قوله طاب ثراه ثمَّ انّ صريح (- ط -) (- اه -) قلت بقي هنا مطلب أخر لم ينبّه الماتن (- ره -) عليه و هو انّه لا فرق في العيب الحادث بين كونه من جهة المشترى و غير جهته لإطلاق المستند نعم يستثنى منه ما لو كان المبيع حيوانا و حدث فيه العيب في الثّلثة من غير جهة المشتري فإنّه لا يمنع من الردّ و الأرش لأنّه (- ح -) مضمون على البائع بل الظّاهر ان كلّ خيار مختصّ بالمشتري (- كك -) و توضيح ذلك انّ كلمات جملة من الأصحاب في المقام و إن كانت شاملة بإطلاقها لصورتي كون العيب الحادث من جهة المشتري أو من غير جهته و لما إذا كان المبيع حيوانا أو غيره الاّ انّه يلزم تقييدها بما إذا لم يكن المبيع حيوانا و امّا الحيوان فينبغي التفصيل فيه بين ما إذا كان الحدث من جهة المشترى و بين ما إذا كان من غير جهته بالمنع من الردّ على الأوّل دون الثاني و من هنا قال في (- عد -) أو حدث عنده عيب أخر بعد قبضه من جهة (- مط -) أو من غير جهته إذا لم يكن حيوانا في مدّة الخيار انتهى و يتحقّق كونه من جهته بتقصيره في المحافظة على المبيع و خيالته و الوجه في عدم سقوط الردّ فيما إذا كان المبيع حيوانا و لم يكن العيب بعد القبض في الثلاثة من غير جهة المشترى انّ العيب الحادث في زمن الخيار من غير جهة المشتري مضمون على البائع على نحو ضمانه قبل القبض و من هنا كان على العلاّمة (- ره -) تعميم عدم سقوط الردّ في ما إذا كان العيب من جهة المشتري لمطلق زمان الخيار سواء كان خيار الثلاثة في الحيوان أو غيره لعدم اختصاص الضّمان المذكور بالحيوان كما لا يخفى

تنبيه العيب المانع من الرد تبعض الصفقة

قوله طاب ثراه بل الظّاهر المصرّح به في كلمات بعض الإجماع عليه (- اه -) (11) قد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر و نفى ظهور الخلاف فيه في الرّياض و صرّح بدعوى الإجماع عليه في (- ف -) و الغنية قال في (- ف -) إذا اشترى عبدين صفقة واحدة فوجد بأحدهما عيبا لم يجز له ان يردّ العبد المعيوب دون الصّحيح و له ان يردّهما و به قال الشّافعي و قال أبو حنيفة له ان يردّ المعيب دون الأخر دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم و (- أيضا -) انّ الصّفقة قد اشتملت عليهما

ص:112

فمن أجاز التّبعيض فيهما فعليه الدّلالة فامّا ردّ الكلّ فعليه إجماع الفرقة على ما قلناه انتهى و قد استدلّ بهذا الإجماع المنقول في مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و هو كما ترى قوله طاب ثراه لانّ المردود إن كان جزء مشاعا (- اه -) يقرب من هذا الوجه ما تمسّك به في (- لك -) و غيره من تضمّن ردّ أحدهما خاصّة ضرر تبعيض الصّفقة على البائع فلا يندفع الاّ بردّهما معا ان لم يتصرّف فيهما و لا في أحدهما و بأخذ أرش المعيب قوله طاب ثراه الاّ انّه يوجب الضّرر على المشترى (- اه -) فيه انّ ضرر المشترى لا اثر له لكونه ضررا أقدم هو عليه باختيار الردّ و ترك أخذ الأرش فيبقى جبر ضرر البائع بالخيار سليما و يسقط بذلك الاستدلال المذكور قوله طاب ثراه و يدلّ عليه النصّ المانع من الردّ بخياطة الثوب (- اه -) أراد بالضّمير المجرور بعلى سقوط الردّ فهذا دليل ثان للقول المعروف و أراد بالنصّ مرسل جميل المتقدّم و التقريب الّذي ذكره يحتاج إلى ضمّ انّه بعدم القول بالفصل بينه و بين ما يوجب التفريط يتمّ المطلوب لكن في الاستدلال نظر لانّ ذكر التّقطيع في المرسل يأبى عن كون المانع حصول الشركة و يدلّ على كون المانع هو تغيّر الهيئة و لا أقلّ من الشكّ في كون المانع حصول الشركة و الأصل عدم مانعيّته و عدم كونه هو المانع قوله طاب ثراه و قد يستدلّ (- اه -) المستدلّ هو صاحب الجواهر (- قدّه -) و ربّما استدلّ في مفتاح الكرامة و كشف الظلام بوجه أخر هو انّ الشيخ (- ره -) قد أرسل رواية بذلك و ما أرسله مثل ما أسنده و فيه انّ ما أرسله مثل ما أسنده إن كان قد أرسل متن الرواية و امّا إرسال المضمون فلا حجّة فيه بعد ابتنائه على فهمه و اجتهاده الغير المعلوم حجّيته في حقّ غيره قوله طاب ثراه مضافا إلى انّ اللازم من ذلك (- اه -) يمكن الجواب عن هذا الإيراد بمنع بطلان اللاّزم و اىّ مانع من الالتزام به بعد قضاء الدّليل به قوله طاب ثراه انّه لا يشكّ أحد في انّ دليل هذا الخيار (- اه -) هذا جواب ثان عن الاستدلال فالجملة فاعل الفعل المحذوف المتعلّق به المجرور اعنى قوله و فيه قوله طاب ثراه فيرجع إلى أصالة اللّزوم (- اه -) فيه انّ أصالة اللّزوم يلزم الخروج عنها بإطلاق النّصوص ردّ المعيب الشّاملة للمنفرد و المنضم إلى نحو الحيوان فتأمّل قوله طاب ثراه كما انّ للشّفيع (- اه -) هذا استيناس للمطلوب بما ذكروه في باب الشفعة من انّه لو باع حصّة من الدّار و البستان صفقة فلشريكه فيهما أخذ أحدهما بالشفعة و ان تبعّضت الصّفقة لكن فيه وضوح الفرق بين المقامين فانّ حقّه هناك في أحدهما غير شائع في حقّ الأخر بخلاف الفرض و تنقيح القول في مسئلتنا المبحوث عنها انّ الّذي تقتضيه القاعدة هو تسلّط المشترى في الفرض على ردّ القطعة المعيبة من قطعتي المبيع لإطلاق قوله عليه السّلام في المرسل إن كان الشيء قائما بعينه ردّه لكنّه إذا ردّه كان للبائع خيار تبعّض الصّفقة فله فسخ العقد في الجزء الصّحيح و هذا ليس مخالفا لما عليه الأصحاب من عدم تسلّطه على ردّ المعيب وحده إذ لعلّ المراد بالتسلّط المنفي في كلامهم هو التسلّط على ردّ المعيب و إمساك الصّحيح على غير تسلّط البائع عليه كما هو ظاهر السّلطنة و من البيّن عدم تسلّطه (- ح -) على ردّ المعيب وحده و إمساك الصّحيح و بالجملة فإن آل ما ذكره الأصحاب (رهم) إلى ذلك و الاّ فإن ثبت الإجماع على ما قالوه و الاّ لم يكن إلى رفع اليد عن إطلاق دليل الردّ داع الاّ ان يدّعى ظهوره في ردّ الجميع فتأمّل ثمَّ انّ هنا أمورا متعلّقة بالمقام لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) الأوّل انّه لا فرق في الحكم بين ما ينقص قيمته التّفريق كمصراعي الباب و زوجي الخفّ و بين غيره و لا بين حصول القبض و عدمه كما نصّ عليه كثير منهم بل قيل انّه ظاهر الجميع خلافا لبعض العامّة فأجاز ردّ المعيب خاصّة بعد القبض لأنّهما عينان لا ضرر في افراد أحدهما عن الأخر و وجد سبب الردّ فيه فجاز افراده بالردّ كما لو شرط الخيار في أحدهما و منع من ردّه خاصة قبله لما فيه من تبعّض الصّفقة في الإتمام و للبعض الأخر منهم فمنع من نحو المصراعين (- مط -) و أجاز في غيره (- مط -) لعدم الضّرر و ضعف الكلّ ظاهر الثاني انّه لو تصرّف فيهما أو في أحدهما أو في خصوص الصّحيح أو حدث عيب بعد القبض فيهما أو في خصوص الصّحيح أو المعيب سقط الردّ لانّ الصحيح و المعيب بمنزلة مبيع واحد بالنّسبة الى ذلك عندنا فالتصرّف في الصّحيح كالتصرّف في جزء من المبيع الواحد في إسقاط الردّ و كذا حدوث العيب في الصّحيح كحدوثه في جزء المبيع الواحد الثالث انّ الظّاهر انّ ما يدخل في المبيع بالشرط أو بالتبعيّة لا يجوز افراده بالردّ (- أيضا -) كما لا يجوز افراد المبيع به عنه فلا يجوز ردّ الجارية دون حملها كالعكس لا لتحريم التفرقة بل لاتحاد الصّفقة و لذا يعمّ الدابّة (- أيضا -) كما قيل و لو كان الحمل عنده لا بتصرّفه فالحمل له و لا يمنع من ردّ الأمّ ما لم تنقص بالحمل أو الولادة كما عن (- س -) و عن القاضي انّ إطلاق كون الحمل مانعا من الردّ لانّه امّا بفعله أو بإهماله لها حتّى ضربها الفحل و كلاهما تصرّف و عليه منع ظاهر نعم قد يدّعى كون الحمل (- مط -) عيبا عندهم و قد حدث عنده فيمنع من الردّ و ان لم تنقص قيمتها بذلك و في عموم ذلك لنحوه تأمّل ان لم يكن ظاهرا في غيره و أصالة البقاء محكمة و في (- كرة -) انّه لو حملت عنده ثمَّ اطّلع على عيب سابق فان نقصت بالحمل فلا ردّ و ان لم تنقص به فله الردّ و أطلق بعض الشّافعيّة كون الحمل الحادث عنده نقصا امّا في الجواري فلأنّه يؤثر في النشاط و الجمال و امّا في البهائم فلأنّه ينقص المأكول و ينقص الحمل عليها و الركوب و فيه نظر ظاهر قوله طاب ثراه فإنّ الأقوى فيه عدم جواز انفراد أحدهما (- اه -) ما قواه هو خيرة (- فع -) و (- عد -) و (- كرة -) و (- لف -) و (- شاد -) و (- ف -) و (- ط -) في المقام و محكي المقنعة و (- ية -) و المراسم و الوسيلة و الجامع و (- ير -) و التبصرة و كشف الرّموز و إيضاح (- فع -) و غيرها بل في التنقيح انّه مذهب الأكثر و في (- لف -) و (- لك -) و الجواهر و محكي إيضاح (- فع -) و المفاتيح و غيرها من كتب الأواخر انّه المشهور بين الأصحاب قوله طاب ثراه بانّ التّشقيص عيب مانع من الردّ (- اه -) أراد بذلك انّ حدوث العيب مانع من الردّ و التشقيص عيب لكن قد يناقش فيه على فرض تسليم صدق العيب عرفا على التشقيص بانّ العيب المانع من الردّ بمقتضى النصّ و الفتوى انّما هو العيب الحادث قبل الفسخ و امّا العيب الحادث بنفس الفسخ فلا دليل على منعه من الردّ قوله طاب ثراه خلافا للمحكي عن الشيخ (- ره -) في باب الشركة (- اه -) (11) اى باب الشركة من (- ط -) و (- ف -) و يأتي نقل حجج هذا القول في شرح قول الماتن (- ره -) و لا دليل على تعدّد الخيار هنا إلاّ إطلاق الفتاوى و النّصوص (- اه -) (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه و ظاهر هذا الوجه اختصاص جواز التفريق بصورة العلم (- اه -) (12) أشار بذلك إلى ما صدر من جمع من أوائل المتأخرين من التفصيل في المسئلة بين ما إذا كان البائع عالما بتعدّد المشترى و بين ما إذا كان جاهلا كما إذا وكّلا ثالثا فاشتراه لهما و لم يبيّن للبائع كون الشّراء لاثنين بجواز التفرق بردّ أحدهما حصّته و إمضاء الأخر حصّته في الأوّل و عدم الجواز في الثاني و لا يخفى عليك انّ من فصّل في المسئلة فإنّما فصّل بزعم انّ المانع من التفريق انّما هو كون التشقيص عيبا و بنى الجواز في صورة علم البائع بتعدّد المشترى على كون البائع (- ح -) هو الّذي أقدم على التشقيص بالبيع من شخصين و لكنّك قد عرفت و ستعرف انّ المنع ليس لكون التشقيص عيبا لظهور العيب المانع في الحاصل قبل الردّ لا الحاصل

ص:113

به و انّ غاية ما يوجبه التشقيص خيار البائع في فسخ العقد من رأسه و انّ المنع انّما هو لعدم المقتضى للرد (- ح -) من حيث ظهور دليله في ردّ مجموع المبيع فيبقى ردّ البعض تحت أصالة عدم الجواز فالتّفصيل المذكور ممّا لا وقع له عند التأمّل قوله طاب ثراه و استجوده في (- ير -) (- اه -) قال في باب الشّركة من (- ير -) ما لفظه لو اشترى احد الشريكين بمال الشركة و بان معيبا و جهل الشريك بعيبه و علم البائع انّ الثمن من مال الشركة انّ لهما الاختلاف في الردّ و الأرش قال و هذا التفصيل عندي جيّد لأنّ البائع عالم بأنّه مال شركة واحد الشريكين غائب و الأخر حاضر فهو في قوّة عقدين انتهى قوله طاب ثراه و قوّاه في (- مع صد -) (- اه -) و نفى عنه البعد في مجمع البرهان و استحسنه في محكي المفاتيح و حكى اختياره عن ظاهر تعليق (- شاد -) للكركي قوله طاب ثراه لانّ الثابت من الدّليل هنا خيار واحد (- اه -) ربّما وقع الاستدلال لهذا القول بوجوه أخر أحدها ما في (- ف -) من انّا أجمعنا انّ لهما الخيار عند الاجتماع و لا دليل على انّ لهما الردّ على الانفراد ثانيها أصالة عدم جواز ردّ كلّ منهما ثالثها انّ المثبت للخيار من النصّ و الإجماع مخصوص بحكم التّبادر و وقوع الخلاف بغير محلّ الفرض و هذا الوجه كالوجه المذكور في المتن يرجع إلى شيء واحد و هو التمسّك بالأصل بعد عدم الدّليل على ثبوت الخيار لكلّ منهما منفردا و هو انّما يتمّ بناء على منع شمول دليل الخيار لذلك كما ستسمع إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه إلاّ إطلاق الفتاوى و النّصوص (- اه -) هذا الإطلاق هو حجّة القول بجواز الافتراق في الفسخ و الإمساك مضافا إلى وجوه أخر أحدها ما في (- ف -) من انّ المنع من الردّ بالعيب يحتاج إلى دليل و الأصل جوازه و ليس هاهنا ما يدلّ على المنع منه انتهى و فيه انّ الردّ على خلاف الأصل فإنّ الأصل في البيع اللّزوم فالتمسّك لجواز الفسخ بالأصل ممّا لا وجه له و ان قيل انّه أراد بذلك التمسّك بعموم الأخبار النّاطقة بإيجاب العيب السّلطنة على الردّ ففيه انّه قد تمسّك بالعموم بعد ذلك فيكون تكرارا ثانيها انّ لكلّ منهما ردّ نصيبه مع ردّ الأخر فيكون له ردّه منفردا إذ لا مانع من ذلك الاّ توهّم تعيّب حصّته بالتشقيص و حدوث العيب عند المشترى مانع من الردّ بالعيب السّابق على العقد و فيه ما مرّ من ظهور العيب المانع في العيب الغير الحاصل من الردّ كما في الفرض بل قد يقال على فرض تسليم عموم العيب انّ التعيّب جاء من قبل البائع حيث باع من اثنين و لكن قد يجاب عن ذلك بمنع كون التعيّب من قبل البائع لأنّه إنّما باعهما صفقة واحدة غير مبعّضة و انّما التبعيض يحصل من المشترى و المقصود حصول المبيع في يد البائع كما كان قبل الخروج و خلاف ذلك ضرر عليه و علم البائع بذلك ليس فيه اقدام على الضرر الاّ على تقدير كون حكم المسئلة جواز التبعيض و هو محلّ الكلام و أقول لا ريب في ظهور العيب المانع من الردّ بالعيب السّابق على العقد في العيب الحادث في يد المشتري الّذي هو غير العيب الحادث بالردّ فيبقى الفرض تحت أصالة عدم سقوط الخيار غاية ما هناك انّ إيجاب التشقيص تضرّر البائع يحدث خيارا له فاذا ردّ أحدهما حصّته كان للبائع فسخ البيع من رأس في جميع المبيع لقاعدة الضّرر ثالثها انّ العقد المذكور يجرى مجرى عقدين بسبب تعدّد المشترى فانّ تعدّد البيع يتحقّق بتعدّد البائع و بتعدّد المشترى و بتعدّد العقد و لا ريب في انّ إمضاء أحد العقدين الخياريّين لا يمنع من ردّ الأخر و فيه أوّلا النّقض بتعدّد المبيع فانّ تعدّد البيع بالمعنى الّذي ذكره كما يحصل بتعدّد البائع و تعدّد المشترى فكذا يحصل بتعدّد المبيع فيلزم جواز ردّ احد المبيعين صفقة و إمساك الأخر و لا يلتزمون به كما مرّ و ثانيا بالحلّ بمنع تعدّد الخيار بنحو هذا التعدّد في العقد و منع تعدّد العقد بتعدّد البائع أو المشترى و تلخيص المقال في المسئلة انّ تعليل المنع بكون حدوث العيب في يد المشترى مانعا و كون التشقيص عيبا ممّا لا وجه له و كذا التمسّك للجواز بالأصل و نحوه بل مرجع الإشكال في المسئلة في الحقيقة إلى انّه هل يعمّ دليل الردّ لمثل الفرض أم لا فان تمَّ العموم كان هو الحجّة و الاّ كانت أصالة عدم الجواز محكمة و الإنصاف ظهور دليل الردّ في ردّ المبيع و هو ظاهر ظهورا عرفيّا معتدّا به في ردّ الجميع فيبقى ردّ البعض من غير دليل فيحكّم الأصل المؤيّد و عدم جواز فسخ المشترى الواحد في بعض المبيع و إمساك البعض إذ لو تمَّ العموم لاقتضى جواز ذلك أيضا كما لا يخفى قوله طاب ثراه لكن الظّاهر بعد التأمّل انصرافه (- اه -) قد يناقش في ذلك بمنع الانصراف لانّه على التحقيق لا يكون إلاّ لغلبة استعمال اللّفظ في معنى بحيث يكون استعماله في غيره نادرا و لا ريب في فقد ذلك في المقام فانّ قوله عليه السّلام في مرسل جميل و إن كان الشيء قائما بعينه ردّه على صاحبه و أخذ الثمن شامل للفرض فانّ حصّته من المبيع قائمة بعينها فيردّه على صاحبه و يأخذ الثمن و لو شكّ في منع الشركة من ذلك كانت أصالة عدم المانعيّة محكّمة لكنّ الإنصاف ما عرفت قوله طاب ثراه لكن لا ريب في انّ ردّ هذا المبيع منفردا (- اه -) فيه ما مرّ من ظهور دليل كون حدوث العيب مانعا من الردّ في العيب الحاصل قبل الردّ و امّا الحاصل بنفس الردّ فلا يشمله الدّليل و الأصل عدم مانعيّته من الردّ فتأمّل جيّدا ثمَّ انّه قد بقي هنا أمور متعلّقة بهذه المسئلة ينبغي التنبيه عليها الأوّل انّه صرّح جماعة منهم الشهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) بعدم الفرق في حكم المسئلة بين تعدّد العين و اتّحادها و لا بين ان يقتسما قبل الافتراق في الفسخ و الإمساك و عدمه و هو في محلّه لاتّحاد الطّريق في الجمع و من هنا قال كاشف الظلام انّ المسئلة مفروضة في كلمات الفقهاء في المبيع المتحد و الظاهر انّ الخلاف يجري في المتعدّد (- أيضا -) لعدم الفارق و إن كان ما ذكره أظهر في امتناع التبعيض فيه لأنّه أشدّ ضررا في تبعيضه و للزوم الشركة فيه في بعض الصّور الثاني انّه قال في (- لك -) لو كان المبيع عينين لكلّ واحد من المشتريين واحد بعينه و علم البائع بالحال و باعهما في عقد واحد فجواز التفرّق هنا أوضح و ان أمكن تمشّي الخلاف فيه نظرا إلى اتّحاد العقد انتهى قلت إن كان المانع من التفرّق هو حدوث العيب في المبيع بالتشقيص أو الشّركة كان اللازم في صورة تغاير حصّة كلّ منهما عن حصّة الأخر تجويز التفرّق لفقد المانع (- ح -) و إن كان دعوى ظهور دليل الرد في ردّ جميع المعيب و كان ردّ البعض خاليا عن الدّليل كما بنينا عليه كان اللازم التسوية في المنع بين كون المبيع عينين كلّ منهما لأحدهما معيّنا و بين كونه عينا واحدة أو عينين اشتركا فيها أو فيهما لوجود المانع (- ح -) في الصّورتين كما لا يخفى الثّالث انّ ما مرّ انّما هو حكم ظهور العيب في المبيع و امّا لو ظهر العيب في الثمن فإن كان العيب في جميعه فقد نفى جماعة الإشكال عن خيار البائع بذلك بين الردّ و الإمساك مع الأرش و إن كان في بعضه ففي جواز ردّه خاصّة وجهان أحدهما الجواز اختاره في الإيضاح نظرا إلى انّ العقد في قوّة التعدّد بسبب تعدّد المشترى و ضعّفه في (- لك -) بانّ التعدّد بالنّسبة إليه غير واضح و انّ الفرق بين المبيع و الثمن انّ المشترى الّذي يردّ انّما يردّ تمام حصّته فيكون

ص:114

كأنّه ردّ تمام المبيع نظرا الى تعدّده بالنّسبة إليه لا يتأتّى في الثمن لأنّ البائع إذا رده انّما يردّ عليهما معا إذ الفرض كونه مشتركا بينهما فاذا ردّ المعيب فقد ردّ على مستحقّه بعض حقّه و بقي البعض الأخر عنده و هو ممتنع ثانيهما عدم الجواز لأصالة عدمه بعد الشكّ في شمول دليل الردّ لذلك استظهره صاحب الجواهر (- ره -) و ربّما يظهر من شيخ (- لك -) التفصيل بين ما إذا كان الثمن متميّز الحصص و بين ما إذا لم يكن و اشترى بالمجموع شيئا مشتركا فظهر بأحدهما عيب و كان المعيب مساويا لحصّة صاحبه بالجواز في الأوّل و عدمه في الثّاني لأنّه (- ره -) قال بعد استضعاف الجواز بما مرّ ما نصّه نعم لو دفع كلّ من المشتريين جزء من الثمن متميّزا و اشترى بالمجموع شيئا مشتركا فظهر بأحدهما عيب و كان المعيب مساويا لحصّة صاحبه اتّجه جواز ردّه خاصّة لمالكه لتحقّق التعدّد انتهى و لعلّ نظره في ذلك على ما يظهر من مجموع كلاميه المذكورين انّ المبيع إذا تعيّب بالنّسبة إلى حصّة أحد المشتريين فردّها فقد ردّ تمام المبيع بالنّسبة اليه و هذا بخلاف ما إذا تعيّب بعض الثمن فإنّه إذا لم يكن ذلك البعض معيّنا لأحدهما بل مشتركا بينهما و ردّه البائع فإنّه يردّه عليهما معا و (- ح -) فاذا ردّ المعيب لم يردّ تمام المنتقل إلى من انتقل منه بل يردّ البعض و يبقى البعض امّا إذا كان الثمن متميّزا كان كالمبيع فان قلت انّ هذا الكلام في المبيع انّما يتمّ بالنّسبة إلى متميّز الحصص كالعينين المبيعتين بعقد واحد من شخصين مع تعيّن كلّ منهما لأحدهما امّا مع التشريك في كلّ من العينين أو مع اتّحاد العين المبيعة فمتى ردّ المعيب لم يكن ردّ المبيع عليه فقط بل المشترك فلا يصدق عليه انّه ردّ تمام المبيع بالنّسبة اليه و احتمال فرضه في خصوص العينين المعيّن لكلّ واحد منهما واحدة مع كونه خلاف ظاهر السّياق ينافي تخصيص التّفصيل بالثمن دون المبيع قلنا ليس المراد خصوص التّسليم بل الفسخ و (- ح -) فما كان مشاعا يفسخه (- كك -) و يكون البائع هو الشريك على الإشاعة مع المشتري الّذي يختار البقاء فكان الحاصل انّه متى ظهر في أحدهما عيب فإن كان ردّه ردّ التمام المنتقل اليه و لم يكن مستلزما لردّ غيره صحّ و الاّ فلا (- فت -) الرّابع انّ مفروض المسئلة ما إذا تعدّد المشترى و امّا إذا اتّحد المشترى ابتداء و تعدّد بعد ذلك للإرث و نحوه أو انعكس ففي جريان الأحكام المذكورة فيه وجهان من المماثلة لما مرّ و من اتّحاد الصّفقة و كون التعدّد طارئا و يتّضح ذلك بما مرّ في نظير المسئلة في فروع خيار المجلس فراجع و تدبّر

سقوط الأرش دون الرد في موضعين
الأول إذا اشترى ربويا بجنسه فطهر عيب في أحدهما

مسئلة يسقط الأرش دون الردّ في موضعين قوله طاب ثراه فلا أرش حذرا من الرّبا القول بعدم الأرش للشهيد (- قده -) في (- س -) و التّعليل بالحذر من الرّبا منه (- أيضا -) و وجه كون الأرش ربا انّه بعد فرض كون العوضين ربويّين لا يجوز بيع أحدهما بالآخر الاّ مثلا بمثل فاذا باع مثلا بمثل ثمَّ ظهر العيب و جوّزنا أخذ الأرش كان ما يأخذه بعنوان الأرش زيادة من طرفه أوجبها البيع و كلّ زيادة تثبت في معاوضة الرّبويين فهي رباء قوله طاب ثراه بعد ان حكاه وجها ثالثا لبعض الشافعيّة (- اه -) ظاهر العبارة انّ العلاّمة (- ره -) حكى عن الشافعيّة وجوها في مفروض المسئلة و ليس (- كك -) و انّما هو ذكر في ما إذا وجد العين معيوبة و حدث عنده عيب أخر وجوها ثلثة أحدها انّه ليس له الأرش و لا الردّ مجّانا و لا الردّ مع الأرش و جعل طريق التخلّص هنا فسخ البيع و إلزام المشتري بقيمته من غير الجنس معيبا بالعيب القديم سليما عن العيب الحادث ثانيها الفسخ مع رضاء البائع و ردّ المشترى العين مع أرشها و لا رباء ثالثها الرّجوع على البائع بأرش العيب القديم و امّا في صورة عدم حدوث عيب عند المشترى فقد ذكر وجوها ثلثة أخر أخذ الأرش (- مط -) و عدمه (- مط -) و الأخذ من غير الجنس و عدم الأخذ من جنسه و عبارته طويلة طوينا نقله فراجع قوله طاب ثراه حتّى يكون المقابل للمعيب الفاقد (- اه -) اى حتّى يلزم في حال المعاملة أن يجعل المقابل للمعيب الفاقد للصّحة انقص من المعيب من حيث المقدار ليساوي الصّحيح الأنقص للمعيوب الأزيد حتّى لا يلزم الرّبا قوله طاب ثراه لكن يمكن ان يدّعى انّ المستفاد (- اه -) غرضه بذلك ردّ ما أسبقه من وجه صحّة أخذ الأرش في الفرض و توضيح الردّ انّا إذا لاحظنا حكمه بكون الصّحيح و المعيب جنسا واحدا استكشفنا بذلك عن انّه لو ضمّ إلى المعيب ما يكون بإزاء وصف الصّحة صار رباء محرّما و من المعلوم انّ الأرش عوض عن وصف صحة الصّحيح ضمّ إلى المعيب فيصير أخذ الأرش رباء في المعاملة لكن فيه انّ حرمة الرّبا حكم ثبت على خلاف الأصل فيلزم القصر فيه على مورد النصّ و من لاحظ الأخبار و جاس خلال تلك الدّيار ظهر له تبادر حرمة التفاضل في أصل المعاملة و انّ شمولها للفضل الحاصل بسبب له تعلّق بالمعاملة تعلّقا خارجا عن نفس المعاملة غير معلوم و من المعلوم انّ الأرش ليس ثابتا بنفس المعاملة و جعل المتعاقدين و انّما هو غرامة أثبتها الشّارع لمن وصل اليه المعيب عند اختياره التّغريم كما يكشف عن ذلك عدم الحاجة إلى إسقاط الأرش في مواضع فمنها انّه لو اختار الإمساك من غير أرش جاز له ذلك و لم تكن حاجة إلى إسقاط الأرش و إبراء ذمّة البائع من ذلك و لو كان عوضا حقيقيّا عن وصف الصحة و بمنزلة الجزء للمعيب لاحتاج السّقوط إلى الإسقاط و منها انّه لا يتعيّن كون الأرش جزءا من الثمن فلا يجب على البائع ردّ جزء من الثمن و لو كان ظهور العيب كظهور كون بعض المبيع للغير و كان الأرش جزءا من المبيع للزم ردّ جزء من الثمن في قباله و لثبت للبائع عند اختيار المشتري الأرش خيار تبعّض الصّفقة و منها انّه لو اشترط المشترى على البائع صحّة المبيع ثمَّ تخلّف و ظهر معيبا لم يثبت الأرش بل الردّ فقط و لو كان الأرش عوضا حقيقيّا عن الصّحة معدودا جزء المبيع للزم ثبوته في الفرض المذكور (- أيضا -) فظهر انّ الأرش غرامة أثبتها الشّارع في صورة جهل المشترى بالعيب جبر الخاطرة و إرفاقا به عند اختياره الإبقاء و عدم الردّ فظهر انّ الأظهر عدم سقوط الأرش في الفرض لأنّ أصالة براءة الذمة محكمة بل عمومات الأرش بالجواز ناطقة بعد عدم الدّليل على كون الأرش ربا و زيادة في أحد العوضين فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و المسئلة في غاية الاشكال و لا بدّ من مراجعة أدلّة الرّبا و فهم حقيقة الأرش قد عرفت انّه لا إشكال في الجواز لما عرفت من عدم ظهور أدلّة الرّبا إلا في حرمة الزّيادة الثّابتة بأصل المعاملة و جعل المتعاقدين المعدودة تلك الزيادة جزء حقيقة أو حكما لأحد العوضين لا مطلق الفضل الحاصل بسبب له تعلّق بالمعاملة تعلّقا خارجا عن نفس المعاملة و لما عرفت من عدم كون الأرش جزءا للمبيع بل هو غرامة أثبتها الشارع و للّه درّ (- المصنف -) (- ره -) في تعبيراته الّتي منها عبارته هذه حيث أشار بها إلى ملاك المسئلة

الثاني ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة

قوله طاب ثراه ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة (- اه -) بان كانت القيمتان متساويتين أو كانت قيمة المعيب أزيد من قيمة الصّحيح كما في الخصاء في العبيد و فقد شعر العانة في الإماء الشّابات القابلات للافتراش قوله طاب ثراه فإنّه لا يتصوّر هنا أرش (- اه -) هذا إشارة إلى دليل من اثبت الردّ و أسقط الأرش في الفرض و تقريره انّ مقتضى الردّ هو العيب الدائر مدار الخيار موجود و المانع منه مفقود فيثبت و امّا الأرش فلا يتصوّر ثبوته في المقام لفقد نقص القيمة الّذي هو المدار في نقص الماليّة فإنّ الأرش تفاوت بين قيمتي الصّحيح

ص:115

و المعيب و إذ لا تفاوت بين القيمتين أو كان التفاوت و الزّيادة من جانب المعيب لم يمكن تعقّل الأرش و قد يعلّل سقوط الأرش في الفرض بوجهين اخرين أحدهما أصالة برأيه ذمّة البائع من ذلك بعد ظهور أدلة ثبوته أو صراحتها في العيوب التي توجب نقص القيمة و لا يجرى مثل ذلك في الرد بعد فرض كونه عيبا و دوران الخيار مدار وجود العيب نصّا و فتوى ثانيهما ما في الجواهر من انّ إثبات الأرش إضرار على البائع خصوصا إذا كان الخصى حيوانا يراد منه كثرة لحمه و شحمه و حرمة الفعل في الآدمي بل و في غيره كما عن نهاية الأحكام نسبته إلى علمائنا لا تنافي زيادة المال من جهته و ربّما لا يكون البائع فاعلا له بل قيل انّ المصرّح بجوازه في غير الآدمي كثيرون خلافا للقاضي و التّقى خاصّة فلم يجوّزاه انتهى و توهّم انّ منع المشترى من أخذ الأرش إضرار به مدفوع بانجبار ضرره بتسلّطه على الرد كما لا يخفى ثمَّ انّ الّذي ظهر من كلام الماتن (- ره -) في مفروض البحث وجهان سقوط الأرش مع بقاء الرد و بقاء الرد و الأرش جميعا و هناك وجه ثالث لم يتعرّض له الماتن (- ره -) و هو سقوط كلّ من الأرش و الرد امّا الأرش فلما عرفت و امّا الرد فلأصالة عدم تسلّط المشترى عليه بعد ظهور نصوص الرد في العيب المنقص للقيمة لا ما زاد فيها و ردّ بمنع ظهور المدّعى و بإطلاق ما دلّ على سببيّته العيب للرد سيّما مع يؤيّده بنفي شيخ الأواخر في الجواهر الخلاف في عدم سقوط الرد في الفرض بل ظهور عبارتي (- كرة -) و (- مع صد -) في الإجماع عليه و بأنّه مقتضى ما رواه ابن مسلم لابن ابى ليلى في الشعر على الرّكب كما ستعرف فإنّه أجلى من الخصاء في عدم نقص القيمة به فظهر انّ ثبوت الرد في الفرض ممّا لا ينبغي الإشكال فيه و انّ سقوط الأرش هو الأظهر ثمَّ انّه يتفرّع على المختار من القول لسقوط الأرش في الفرض انّه لو تصرّف المشترى قبل العلم بالعيب أو حدث فيه عيب لا بفعل المشترى فهل يسقط الرد كما في سائر الموارد أم لا بل يختصّ الفرض بعدم سقوط الرد بشيء منهما وجهان من عموم ما دلّ على سقوط الرد بالتصرّف و بحدوث العيب في المعيب و من انّ التزام المشترى (- ح -) بالصّبر على المعيب مع عدم تسلّطه على أخذ الأرش (- أيضا -) ضرر عليه مضافا إلى انّ من لاحظ اخبار الرد و الأرش ظهر له ظهورها في عدم سقوطهما جميعا في مورد وجود العيب إلاّ بالإسقاط و لا ريب في انّ التصرّف قبل العلم بالعيب ليس إسقاطا للخيار و لا رضا بالمعيب و كذا العيب الحادث من جهة غير المشترى و قد صرّح بالاحتمال الثاني في (- س -) و (- لك -) و الجواهر و زاد في الأخير القول بعدم سقوط الرد بالتصرّف قبل العلم بالعيب و لا بحدوث العيب عند المشترى فيما إذا اشترى ربويّا بجنسه و ظهر في أحد العوضين عيب ثمَّ حكى عن ظاهر محكي (- س -) التّفصيل بين التصرّف و بين حدوث العيب بالإشكال في الأوّل و تقوية بقاء الرّد في الثّاني و هو كما ترى و يأتي في كلام الماتن (- ره -) التعرّض لهذا الفرع بقوله عند تعداد ما يسقط به الرد و الأرش جميعا عند بعضهم و منها ثبوت أحد مانعي الرد (- اه -)

موارد سقوط الرد و الأرش معا
أحدها العلم بالعيب قبل العقد

قوله طاب ثراه أحدها العلم بالعيب قبل العقد (- اه -) قد صرّح بسقوط الرد و الأرش جميعا به جمع كثير كالشيخين الفاضلين و الشهيدين و سائر من تأخّر عنهم و تقدّمهم بل نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر و جزم بعدم الخلاف فيه في الرّياض و نفي في الغنية الخلاف في سقوط خيار العيب بالرّضا قوله طاب ثراه لانّ الخيار انّما ثبت مع الجهل (- اه -) هذا تمسّك بالأصل و تقريره انّ الأصل لزوم العقد فيلزم الاقتصار في الخروج منه على مورد النص و مورد نصوص خيار العيب صورة جهل المشترى بالعيب فيرجع في صورة العلم إلى أصالة اللّزوم و قد يستدلّ بوجه أخر و هو انّ اقدامه على الشراء مع العلم بالعيب رضا منه بالعيب و لا إشكال في عدم ثبوت الخيار في صورة الرّضاء بالمعيب قوله طاب ثراه و قد يستدلّ بمفهوم صحيحة زرارة المتقدّمة (- اه -) المستدلّ هو صاحب الجواهر (- ره -) و قد أراد (- قده -) بالصّحيحة خبر زرارة المتقدّم منه عند الكلام في كون التصرّف مسقطا للرد و قد نبهنا هناك على ما وصفه بالصحة من النّظر بعد وجود موسى بن بكر في السّند و أراد بالمفهوم مفهوم تقييده عليه السلام الخيار بما إذا لم يبيّن له فانّ مقتضى التقييد عدم سقوط الخيار في صورة بيان العيب للمشتري و انّما لم ينقل الماتن (- ره -) التمسّك بحسنة جعفر بن عيسى الآتية نظرا إلى كون التقييد بعدم علمه بالعيب في كلام السّائل دون الإمام عليه السلام فغاية ما هناك سقوط الخبر عن صورة علمه بالعيب و لعلّ نظر المستدلّ بها إلى انّ تقرير الإمام عليه السلام السائل على التقييد بعدم العلم الظّاهر في عدم الخيار في صورة العلم حجة قوله طاب ثراه و فيه نظر لعلّ وجه النّظر التأمّل في حجيّة مفهوم القيد أو انّ مفهوم الخبر انّما هو سقوط الخيار إذا بيّن له العيب و ذلك أخصّ من المطلوب إذ قد يكون عالما به من دون بيان البائع له و فيه أوّلا انّ عدم البيان كناية عن عدم العلم به لوضوح عدم اعتبار البيان من باب الموضوعيّة و ثانيا بإمكان إتمام المطلوب في صورة العلم من دون بيان البائع بعدم القول بالفصل أو بإطلاق عدم العلم في حسنة جعفر بن عيسى الآتية فرعان الأوّل انّه لو علم بالعيب قبل الشّراء ثمَّ نسيه حين العقد ففي سقوط الخيار به وجهان من أصالة اللّزوم بعد الشك في أصل ثبوت الخيار في الحال بل و إطلاق النّص و الفتوى بسقوطه بالعلم بالعيب و من إطلاق ما دلّ على ثبوته خرجت صورة العلم بالنص و الإجماع الظّاهرين في العلم به حال العقد فيبقى الفرض تحت الإطلاق و هذا أقرب لأنّ إطلاق ما دلّ على الثّبوت يبقى سالما بعد ظهور ما دلّ على السّقوط في العلم بالعيب حال العقد فلا يشمل النسيان حاله و امّا لو شكّ في حصول النسيان فأصالة عدمه و استصحاب العلم محكمتان الثّاني انّه ليس بحكم العلم بالعيب حال العقد في إسقاط الخيار الظن به أو الشّك فيه أو الوهم القوىّ لعدم قدح شيء من ذلك في أصالة السّلامة و الإطلاق دليل الخيار خرجت صورة العلم فيبقى الباقي

الثّاني تبرّي البائع عن العيوب

قوله طاب ثراه الثّاني تبرّي البائع عن العيوب (- اه -) قد صرّح بسقوط الرد و الأرش جميعا به في المقنعة و (- ط -) و (- ف -) و (- ية -) و المراسم و الوسيلة و (- فع -) و (- كرة -) و (- عد -) و (- شاد -) و اللمعتين و (- مع صد -) و محكي (- ير -) و الجامع و غيرها بل في هداية الأنام انّه لا خلاف فيه قوله طاب ثراه المصرّح به في محكي (- ف -) و الغنية (- اه -) قال في (- ف -) إذا باع عبدا أو حيوانا أو غيرهما من المتاع بالبراءة من العيوب صحّ العقد و برئ من كلّ عيب ظاهرا كان أو باطنا علمه أو لم يعلمه و به قال أبو حنيفة و للشافعي فيه ثلثة أقوال أحدها مثل ما قلناه و الثّاني انّه لا يبرئ من عيب بحال علمه أو لم يعلمه بحيوان كان أو بغيره و هو مذهب الإصطخري و به قال احمد و إسحاق و الثالث انّه لا يبرئ الاّ من عيب واحد و هو عيب بباطن الحيوان لم يعلمه البائع فامّا غير هذا فلا يبرئ منه سواء كان بباطن الحيوان أو بظاهر الحيوان أو في غير الحيوان علمه أو لم يعلمه و به قال مالك و هو الأظهر على مذهبهم فإن كان المبيع غير حيوان كالثياب و الخشب و العقار ففيها أقوال أحدها يبرئ بكلّ حال و الثاني لا يبرئ من عيب بحال و الثالث يسقط لانّه لا باطن بغير الحيوان الاّ و يمكن معرفته و لا يمكن ذلك في الحيوان و قال غيره من أصحاب الشّافعي المسئلة على قول واحد و انّه لا يبرئ الاّ من عيب واحد و هو عيب بباطن الحيوان لا يعلمه و لا يبرئ من عيب سواه و هذا هو المذهب و قال

ص:116

ابن ابى ليلى يبرئ من كلّ عيب يعدّه على المشترى فان وجد به عيبا غير الّذي عده البائع عليه كان عليه ردّه و لا يردّه بما عدّه عليه دليلنا إجماع الفرقة على انّ البراءة من العيوب صحيح و اخبارهم عامّة في ذلك فوجب حملها على ظاهرها و تخصيصها بعيب دون عيب يحتاج إلى دليل انتهى قلناه بطوله للانتفاع به فيما يأتي و قال في الغنية عند تعداد المسقطات أحدها اشتراط البراءة من العيوب حالة العقد فإنّه يبرئ من كلّ عيب ظاهرا كان أو باطنا معلوما كان أو غير معلوم حيوانا كان أو غيره بدليل إجماع الطّائفة انتهى قوله طاب ثراه إطلاق صحيحة زرارة المتقدّمة قد عرفت آنفا تقدّمها عند الكلام في كون التصرّف مسقطا للرد كما عرفت النّظر في وصفها بالصّحة و وجه الدّلالة تقييده عليه السلام ثبوت الأرش بما إذا لم يتبرّء إليه فإنّ مفهومه عدم ثبوت الأرش في صورة التبرّي لكن العجب من تنظّره في الاستدلال بها في صورة العلم بالعيب و استدلاله بها هنا مع انّ دلالتها في المقامين من باب مفهوم القيد و هذا يكشف عن انّ وجه نظره هناك لم يكن كون الدّلالة بالمفهوم ثمَّ لا يخفى عليك انّ المفهوم انّما يدل على بعض المقصود و هو سقوط الأرش بالتبري و لا دلالة فيه على سقوط الرد به كما لا يخفى و ربّما استدلّ للمطلوب في (- ف -) بعموم أدلّة الشّروط بعد كون اشتراط التبرّي غير مخالف للكتاب و لا السّنة و لا لمقتضى العقد قال (- ره -) بعد عبارته المزبورة و (- أيضا -) روى عن النبي (- ص -) انّه قال المؤمنون عند شروطهم فينبغي ان يكون على ما شرطا انتهى لكن ذلك لا يثبت ذلك على المختار من اختصاص لزوم الوفاء بالشّرط بصورة ذكره في العقد الاّ بعض المطلوب و هو ما إذا كان التبرّي في ضمن العقد فلا يشمل ما كان قبله من دون اشارة فيه اليه و المدّعى أعمّ من ذلك قوله طاب ثراه و مكاتبة جعفر بن عيسى الآتية (- اه -) يأتي ذكرها في المتن في المسئلة الرابعة من مسائل الاختلاف في المسقط و دلالته من وجهين أحدهما حكمه عليه السلام بثبوت الثمن الّذي هو فرع صحّة العقد الّتي هي فرع سقوط الخيار و الأخر تقريره عليه السلام الرّاوي في إسقاطه الخيار بالتبري و المناقشة فيها بكونها مكاتبة ساقطة بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة و الإجماعات المحكية كسقوط ما صدر من المحقّق الأردبيلي (- ره -) من المناقشة بمخالفتها للقاعدة من حيث انّ مقتضاها كون القول قول منكر سماع البراءة و هو عليه السلام قد حكم بخلافه و وجه السقوط ما في (- ئق -) من ظهور الخبر في انّ المشترى عالم بالنّداء و بالبراءة و انّه رضيه مع ذلك الاّ انّه لمّا تجدّد له زهده و عدم الرّغبة ادّعى عدم علمه بالعيوب و عدم سماعه النّداء فهذه الدّعوى انّما نشئت مدالسة من حيث زهده لا من حيث العيوب فلا يكون الخبر متضمنا لما لا نقول به بل هو الحجّة البديعة في المسئلة فتأمّل كي يظهر لك إمكان ردّ توجيه صاحب (- ئق -) بما يأتي إنشاء اللّه من (- المصنف -) (- ره -) الإشارة إليه عند الكلام في المسئلة الرّابعة من مسائل الاختلاف في المسقط فراجع و تدبّر لكن ذلك لا يقدح في الاستدلال بالخبر هنا لظهور السّؤال و الجواب في كون التبرّي مسقطا للخيار فلاحظ قوله طاب ثراه عدم الفرق بين التبرّي تفصيلا و إجمالا (- اه -) قد صرّح بعدم الفرق بينهما جمع كثير بل في (- مع صد -) انّه المشهور و في (- لف -) انّ المشهور انّه يستحبّ للبائع إذا أراد التبرّي من العيوب ان يفصّلها فاذا تبرّء منها اجمع من غير تفصيل في العقد برئ من الجمع اختاره الشيخان و سلار و أبو الصّلاح و ابن حمزة و ابن إدريس (- إلخ -) قوله طاب ثراه و لا بين العيوب الظّاهرة (- اه -) قلت و لا بين علم البائع و المشترى بالعيب و جهلهما و التفريق و لا بين الحيوان و غيره بل في (- لك -) انّه (- كك -) عندها مشيرا بذلك إلى ما مرّ في عبارة (- ف -) من أقوال العامّة و إجماع (- ف -) المتقدّم صريح في الشمول لجميع تلك الصّور و إطلاق النص عموم أدلّة الشّروط حجّة قوله طاب ثراه لاشتراك الكلّ في عدم المقتضى (- اه -) فيه انّ المقتضى للخيار هو العيب و اللاّزم انّما هو اقامة الدّليل على كون التبرّي (- مط -) مانعا فالأولى تعليل عدم الفرق بين صور التبرّي المزبورة بعمومات الشروط و إطلاق حسنة جعفر المشار إليها المؤيّد بإطلاق معاقد الإجماعات و ربّما احتجّ في (- لف -) لكفاية التبرّي الإجمالي بأنّه يتناول كلّ عيب فيدخل تحته الجزئيّات و انّه كما ذكر الجزئيّات كذا لو ذكر الإجمالي قوله طاب ثراه للمحكي في (- ئر -) عن بعض أصحابنا من عدم كفاية التبرّي إجمالا (- اه -) احتجّ بعضهم لذلك بأنّه بيع مجهول لجهالة الشّرط المؤدّية إلى جهالة العوضين إذ لا يعلم انّ اىّ عيب فيه قد برء منه البائع و ردّ بمنع الجهالة بعد المشاهدة و منع قدح الجهالة النّاشئة من العيب الباطني و ربّما يجاب عن الحجّة بأنّ التبرّي ان جعلناه عبارة عن شرط السّقوط فلا يخلو ان قلنا انّ الشّرط (- مط -) بالنّظر إلى الجهالة كالصّلح يكفي فيه الأول إلى العلم فلا كلام و ان لم نقل بذلك و اشترطنا فيه المعلوميّة كما في الثمن كان المخرج له في خصوص المقام الإجماعات المنقولة و إطلاق النّصوص كما عرفت مع انّه لو تمَّ لزم منه فساد العقد و لا أظنّهم يلتزمون بذلك و ان قلنا انّ التبرّي من العيوب شيء و اشتراط السّقوط شيء أخر و انّ التبرّي قائم مقام علم المشترى بالعيب لإقدامه على ذلك في المقامين و انّما رضي بالعيب فلا خيار له و لأنّه انّما يثبت الخيار لاقتضاء إطلاق العقد السّلامة فإذا صرّح بالبراءة فقد ارتفع الإطلاق من غير فرق بين ان يأخذه شرطا أو لا و بناء على ذلك لا إشكال لأنّها جهالة في أمر مع اعتبار جميع ما يعتبر اعتباره في صحّة البيع فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه أقول المفروض انّ الخيار لا يحدث (- اه -) غرضه بذلك ردّ ما دفع العلاّمة (- ره -) به التوهم و هو ردّ وجيه و الأولى دفع التوهّم المزبور أوّلا بالنّقض بسائر الخيارات حيث صحّ اشتراط سقوطها في ضمن البيع مع انّها لم تحصل حين الإسقاط بل انّما تثبت بعد تمام العقد فما هو جوابه عن اشكال لزوم إسقاط ما لم يجب فيها فهو جوابنا هنا بل يمكن النّقض بنفس التبرّي من العيوب الموجودة فإنّ الخيار حين التبرّي غير ثابت و انّما يثبت بعد تمام العقد فكما جاز ذلك فكذا يجوز التبرّي من العيوب المتجدّدة و ثانيا بالحلّ بانّ مرجع التبرّي من العيوب المتجدّدة و إسقاطه الخيار الحاصل بعد تمام العقد إلى إلزام المشتري بإسقاط الخيار عند تحقّق سببه و هو غير محظور بل يمكن ان يقال ان قيام الإجماع و دلالة النّصوص على جواز التبرّي من العيوب الموجودة حال العقد يكشف عن جواز التبرّي من الحادثة بعده إذ عدم إمكان التبرّي ممّا لم يجب حكم عقليّ غير قابل للتغيير في موضع دون موضع فاذا دلّ الدّليل في مورد على الجواز دلّ على عدم العبرة بذلك الحكم العقلي كلّية و كونه غير مسلم فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و الأمر سهل لعلّ وجه السّهولة انّ كلاّ من المعاني يستلزم الأخر فالتصريح بأحدها كاف في المطلوب (- فت -) قوله طاب ثراه ثمَّ ان تبرّي البائع (- اه -) بقي من فروع المسئلة أمور لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) الأوّل انّه هل تدخل العيوب المتجدّدة بعد العقد قبل القبض أو في زمن خيار المشترى في البراءة المطلقة أم لا وجهان بل قولان اختار في الجواهر الأوّل و قرب في (- كرة -) الثّاني حجّة الأوّل عموم اللّفظ و حجّة الثّاني انّ المفهوم و المتبادر إلى الذهن انّما هو التبرّي من الموجود حالة العقد و أقول الأولى الرجوع في ذلك في كلّ قضيّة شخصيّة إلى متفاهم عرفها في زمانها و مكانها ضرورة انّ الخيار حقّ للمشتري فلا يسقط الاّ بمقدار ما أسقطه و اللّفظ كاشف عن قصده فأيّ

ص:117

مقدار أفاد اللّفظ الصادر منه سقوطه حكم بسقوطه و يبقى الباقي بحكم الاستصحاب فالمدار في ذلك على عرف زمان المشترى و مكانه و مصطلح أهله الثّاني أنّ صورة التبرّي كما في (- مع صد -) و غيره ان يقول تبرّئت من جميع العيوب أو يقول بعتك هذا بكلّ عيب أو انا برئ من كلّ عيب و نحو ذلك ممّا يفيد ذلك الثّالث انه قد استظهر في مفتاح الكرامة و كشف الظّلام و غيرهما كفاية ذكر اللفظ المفيد للتبرّى قبل العقد كما يكفي ذكره في أثنائه و هو لا بأس به ضرورة انّ المذكور في العقد لا إشكال في كفايته لشمول أدلّة الشّروط له و امّا المذكور قبل العقد فالحسن المتقدّم ظاهر في كفايته نعم لولاه لكان اللازم هو التّفصيل بين العيب الموجود نظرا إلى كونه إسقاطا غير موقوف على لفظ خاصّ و بين المتجدّد الّذي يرجع التبرّي منه إلى إلزام المشتري بإسقاطه و لا ريب في انّ الإلزام انّما يحصل بما يذكر في متن العقد و يمكن ان يقال بناء على قطع النّظر عن الخبر بلزوم ذكر التبرّي في متن العقد حتّى يندرج تحت أدلّة الشّروط فانّ الإسقاط قبل العقد غير ممكن لانّ الخيار لم يثبت بعد فتأمّل كي يظهر لك إمكان دعوى كون التبرّي قبل العقد بمنزلة علم المشترى بالعيب قبل الرد في إيجابه ارتفاع اثر العيب من حيث إقدام المشترى على شراء المعيوب و الرّضاء به قوله طاب ثراه فالأقرب عدم ضمان البائع (- اه -) لعلّ الوجه فيما استقر به انّ كون التّلف في زمان الخيار من البائع ممّا أخذ في موضوعه خيار المشترى و علّق ضمان البائع على وقوع التّلف في زمان خيار المشتري فإذا فرض سقوط خيار المشترى و عدم ثبوته من أصله التبرّي البائع من العيب انتفى موضوع الحكم فينتفي الحكم لعدم تعقّل بقائه من غير موضوع كما لا يخفى

ذكر بعض الأصحاب أمورا يسقط الرد و الأرش بهما معا

قوله طاب ثراه كما صرّح به في غير موضع من (- كرة -) (- اه -) قد نقل بعضهم وجها أخر هو عدم سقوط شيء منهما لاستصحاب الخيار فإنّه ثبت بالعقد فاذا شكّ في زواله بزوال العيب قبل العلم أو قبل الرد استصحب بقائه و فيه انّ الشكّ في الزّوال لا وجه له بعد اختصاص أدلّة الخيار بصورة بقاء العيب فانّ استصحاب الخيار و إن كان مقدّما على أصالة عدم تسلّطه على الرد و الأرش و أصالة براءة ذمة البائع من دفع الأرش الاّ انّ الاستصحاب انّما يجرى عند العلم بالمقتضى و الشك في الرافع على قول و عند احتمال المقتضى على القول الأخر و عدم الاقتضاء هنا معلوم لاختصاص دليله بصورة بقاء العيب كما لا يخفى قوله طاب ثراه و لم أجد من تعرّض لهذا الفرع (- اه -) غرضه بذلك نفي كون ما قوّاه قولا بالفصل لكنّا نقول انّا لا نوهن ما قوّاه من القول بالتّفصيل بكونه قولا بالفصل كي يجيب بعدم تبيّن بنائهم على عدم الفصل لقلّة من تعرض للفرع بل نقول انّه لو كان البناء على التفصيل لكان عكس ما ارتكبه أولى بالإذعان ضرورة كون الرد ثابتا بالدّليل اللفظي و الأرش ثابتا باللّبى و هو الإجماع و لا ريب في انّ اللّبي إنّما يؤخذ بالمتيقّن منه و هو هنا صورة عدم زوال العيب قبل العلم أو قبل الرد بخلاف الدّليل اللّفظي فإنّ دعوى إطلاقه أسهل من التعدّي من المتيقّن من مورد اللّبي إلى المشكوك فما ارتكبه لم نفهم له عند التأمّل الصّادق وجها و القول الأوّل أظهر لما مرّ من ظهور دليل الخيار في صورة بقاء العيب فيبقى الفرض تحت أصالة اللّزوم بعد سقوط استصحاب الخيار كما عرفت قوله طاب ثراه و ردّ بأنّه دليل الرّضاء بالمبيع لا بالعيب فينبغي ان يسقط به الرد لا الأرش الثابت بسبب العيب و إطلاق قوىّ زرارة (- أيضا -) يقضى بثبوت الأرش و قد ادّعى في (- لف -) الإجماع على سقوط الرد هنا و وصف عدم سقوط الأرش بالشهرة قوله طاب ثراه فإنّ الأرش منتف لعدم تفاوت القيمة (- اه -) هذا انّما يتمّ بناء على عدم ثبوت الأرش فيما لا ينقص قيمته بذلك العيب و امّا على القول بثبوت الأرش فيه فلا يتمّ المطلوب بل انّما يسقط الرد فقط قوله طاب ثراه الاّ ان يقال انّ المقدار الثّابت (- اه -) الوجه في ذلك ان سقوط الخيار بالتصرّف انّما هو لدلالته على الرّضا فهو إسقاط فعلى للخيار و الفعل مجمل يؤخذ بالمتيقّن منه و المتيقّن من التصرّف انّما هو الرضاء بالمبيع و هو أعم من إسقاط الأرش و انّما المتيقّن منه إسقاط الرد فتدبّر قوله طاب ثراه و منها حدوث العيب في المبيع المذكور (- اه -) أراد بالمعيب المذكور المعيب الّذي لم ينقص قيمته بالعيب السّابق على العقد عند البائع و هو الّذي ذكره في الأمر السّابق ثمَّ انّ الوجه في سقوط الرد و الأرش به انّ العيب الحادث مضمون على المشترى فيمنع من الرد بالعيب السّابق و احتمل بعضهم عدم السّقوط بل يثبت الرد مع قيمة النّقص الحادث لو كان موجبا لها امّا ثبوت الرد فللزوم الضّرر المالى على المشترى بصبره على المبيع فان قلت انّ تضرّره بالصّبر معارض بتضرّر البائع بالفسخ و نقل المعيب إلى ملكه بعد خروجه عن ملكه سليما عن هذا العيب قلنا انّ المرجع عند تعارض الضّررين انّما هو استصحاب جواز الرد الحادث قبل حدوث هذا العيب و امّا ثبوت قيمة النّقص الحادث في يد المشترى عليه حين الرد فالوجه فيه ظاهر لكون المبيع بعد قبض المشتري إيّاه في ضمانه فعليه قيمة النّقص للبائع كما لا يخفى قوله طاب ثراه و الاستشكال هنا بلزوم الضّرر في محلّه (- اه -) يعنى انّ الاستشكال الّذي تقدّم في الأمر السّابق و هو انّه يلزم الضّرر على المشترى بصبره على المعيب و ان لم يكن له وجه هناك من جهة انّ العيب السّابق لم يكن ممّا يوجب ضررا ماليّا و كان المفروض هناك مجرّد وقوع التصرّف من المشترى من دون حدوث عيب بخلاف ما نحن فيه فانّ المفروض حدوث العيب الموجب للضرر المالى و الصّبر على إمساك المعيوب ضرر مالي فيجوز له الرد فان قلت قد تغيّر المبيع المعيوب سابقا حيث حصل فيه العيب الحادث و التّغيير مانع من الرد فكيف يسوغ للمشتري قلنا منع التغيير من الرد مختصّ بما إذا كان مورد الأرش بأن يأخذ المشتري الأرش فيكيّف عن الرد و هاهنا ليس (- كك -) لكون العيب السّابق ممّا لا أرش له و هذا هو الّذي ذكره (- المصنف -) (- ره -) بقوله و النص الدّال على اشتراط الرد (- اه -) جوابا عن سؤال مقدّر قوله طاب ثراه لأنّ الصّحة في هذا المبيع كسائر الأوصاف (- اه -) تعليل لإعطاء المشتري قيمة النّقص الحادث و الحال انّه قد كان المبيع معيوبا بعيب سابق و الدّاعي إلى ذكر هذا التّعليل هو احتمال ان يتوهّم متوهم وجوب مقابلة كلّ من العينين بالأخرى حتى يسقط ردّ قيمة النّقص من المشترى قوله طاب ثراه مع ما عرفت من مخالفة المفيد (- ره -) في أصل المسئلة (- اه -) أشار بذلك إلى ما ذكره في طيّ الرّابع من مسقطات خيار العيب من قوله ثمَّ انّ ظاهر المفيد (- ره -) في المقنعة المخالفة في أصل المسئلة و انّ حدوث العيب لا يمنع من الرد (- اه -) قوله طاب ثراه و منها ثبوت أحد مانعي الرد في المعيب (- اه -) (11) أراد بمانعي الرد تصرّف المشترى في المبيع المعيب و حدوث عيب فيه بعد القبض و قد ذكرهما المحقّق (- ره -) في (- يع -) بقوله و يسقط الرّد بإحداثه فيه حدثا كالعتق و قطع الثّوب سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده و بحدوث عيب فيه قبل القبض و يثبت الأرش حينئذ انتهى و انّما عبّر (- المص ره -) عن هذين بمانعي الرد مع انّه جعل مسقطات خيار العيب أربعة لأنّ التّصريح بالإسقاط الّذي هو أحدها من قبيل المسقط دون المانع و تلف العين الّذي هو ثالثها لا يبقى معه موضوع قابل للرد حتّى يعدّ مانعا من الرد و جعل الأوّل أوّلا باعتبار تقدّمه في كلامه حيث قال و منها التصرّف في المعيب

ص:118

و عبّر عن الثاني بالثّاني لتأخّره عن الأوّل في كلامه حيث قال و منها حدوث العيب في المعيب (- اه -) قوله طاب ثراه فظاهر جماعة كونه مانعا في ما نحن فيه من الرد أيضا كلمة (- أيضا -) متعلّقة بقوله فيما نحن فيه لا بالرد قوله طاب ثراه فيلزم وقوع الثمن بإزاء مجموع الثمن و وصف صحّته (- اه -) قد يتوهم منع وقوع الثمن بإزاء مجموع المثمن وصف صحّته نظرا إلى انّ وصف صحّة الثمن يقع بإزاء وصف صحّة المثمن و عينه في مقابل عينه و أنت خبير باندفاع هذا التوهم بما ذكره الماتن (- ره -) من انّ وصف الصّحة في الربويين لو كان يقابل بمال لجاز أخذ المشتري الأرش من البائع فعدم جوازه يكشف عن انّ وصف الصّحة في الرّبويّين ملغى من الطّرفين فاذا ادّعى ضمان البائع للأرش لزم ان يقابل جزء من الثمن بوصف صحّة المثمن فينقص الثمن عن نفس المعيب فيلزم الرّبا فتدبّر قوله طاب ثراه و الأوّل أولى لعلّ وجه الأولويّة مبنىّ على انّ الرّبا على قسمين ربا المعاوضة و ربا القرض و الفسخ ليس شيئا منهما قوله طاب ثراه اقتصر في (- ط -) على حكايتهما (- اه -) قال في (- ط -) إذا اشترى من غيره ابريقا من فضّة وزنه مائة درهم بمائة درهم و وجد به عيبا و حدث في يده عيب أخر فإنّه لا يجوز له ردّه لحدوث العيب فيه عنده و لا يجوز له الرّجوع بالأرش لأنّه ينقص الثمن من وزنه فيكون ربا و لا يجوز إسقاط حكم العيب فاذا ثبت ذلك فقد قيل انّه يفسخ البيع و يغرم المشتري قيمة الإبريق من الذّهب و لا يجوز ردّه على البائع لحدوث العيب عنده و يكون بمنزلة التّالف و قيل (- أيضا -) يفسخ البيع و يردّ الإبريق على البائع مع أرش النقصان الّذي حصل في يد المشترى و يكون ذلك بمنزلة المأخوذ على طريق السّوم إذا حدث فيه النّقص فإنّه يجب ردّه مع أرش النقصان انتهى قوله طاب ثراه و إلزام المشتري ببدله من غير الجنس (- اه -) عطف على ان يكون و المشترى مفعول المصدر و حاصله انّه لا يردّ العين بل يمسكها فيعطى بدلها الموصوف بما ذكره قوله طاب ثراه فانّ ظاهر الغنية إسقاطه للرد و الأرش (- اه -) لعلّه إلى خلافه أشار من وصف عدم فوريّة خيار العيب بالشهرة كصاحب الجواهر و بالمعروفيّة كصاحب المفاتيح و من قيد دعوى ظهور الاتفاق بما بين المتأخّرين كصاحب الرياض حيث قال ان ظاهر أصحابنا المتأخرين كافّة نفي الفوريّة عن الخيار قوله طاب ثراه بناء على ما تقدّم في سائر الخيارات (- اه -) متعلّق بقوله نعم في سقوط الرّد وحده له وجه لا بقوله و يحتمله (- أيضا -) عبارة الغنية المتقدّمة (- اه -) كما هو ظاهر قوله طاب ثراه و امّا الخبر الخاصّ فلم أقف عليه (- اه -) قلت يحتمل ان يكون غرض صاحب الكفاية بالخبر الخاصّ ما رواه الجمهور في رجل اشترى غلاما في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان عنده ما شاء اللّه ثمَّ ردّه من عيب وجده به لكنّه قاصر سندا الاّ ان يجير بالشّهرة و دلالة من حيث ظهوره في كون الرد عند وجدان العيب و لا بعد في ان يكون المملوك عند الشخص سنين و لا يعثر المولى على عيبه و القائل بالفوريّة انّما يقول بها بعد العثور على العيب و الخبر لا ينفيها قوله طاب ثراه فالقول بالفور وفاقا لمن تقدّم للأصل لا يخلو عن قوّة (- اه -) أراد بالأصل الاقتصار على المتيقّن في الخروج عن أصالة اللزوم و لا يخفى انقطاعها باستصحاب الخيار لكون الشك في عروض اللّزوم مسبّبا عن الشّك في بقاء الخيار و الاّ فحدوث الجواز زمانا مسلّم و لا يضرّ كون الاستصحاب من قبيل الشك في المقتضى لأنّه حجّة على الأظهر قوله طاب ثراه لأنّا عرفناه (- اه -) اى عرفنا الخلاف من الغنية قلت لكن لا يخفى عليك ما بين القدح في نفي (- لك -) و (- ئق -) الخلاف بمخالفة الغنية الغير الصّريحة و بين جعل ففي الغنية الخلاف في الفوريّة مؤيّدا مع مخالفة كثيرين و مخالفة الماتن (- ره -) إيّاه في نفي الأرش من التّنافي قوله طاب ثراه و التحقيق رجوع المسئلة إلى اعتبار الاستصحاب في مثل هذا المقام و عدمه (11) أراد بمثل هذا المقام ما إذا كان الشك في المقتضى و يحتمل ان يريد بذلك الإشارة إلى ما أسبقه عند الكلام في انّ خيار الغبن على الفور أو التّراخي من المناقشة و جريان الاستصحاب و إثباته التّراخي فراجع

مسألة هل يجب الإعلام بالعيب

قوله طاب ثراه لئلاّ يكون غاشّا (12) تحرير الدليل انّ عدم البيان غشّ و الغش حرام و ترك الحرام واجب فالبيان واجب قوله طاب ثراه و صريح (- كرة -) (13) قلت و كذا القواعد و (- فع -) و غيرهما قوله طاب ثراه كظاهر الشرائع (14) قلت بل صريحه حيث قال و إذا أراد بيع المعيب فالأولى إعلام المشتري بالعيب أو التبرّي من العيوب مفصّلة و لو أجمل جاز انتهى و حجّة هذا القول امّا على عدم الحرمة فأصالة برأيه ذمّة البائع من وجوب شيء من الأعلام و التبرّي عليه بعد عدم الدّليل على الوجوب غاية ما هناك ثبوت الخيار للمشتري عند الاطّلاع على العيب و امّا على الاستحباب فلعلّها الخلاص ممّا يوجب النّزاع و الشّقاق أو الإغراء بترك البيان فانّ ظاهر السّكوت الحكم بالسّلامة و لم يحرم في المقام لعدم بلوغه إلى حدّ يستقلّ العقل بقبحه قوله طاب ثراه ظاهر جماعة التّفصيل (- اه -) (15) أراد بهم المحقّق و الشهيد الثانيين في مع (- صد -) و (- لك -) و الفاضل الميسي و القطيفي في إيضاح (- فع -) و مستندهم صدق الغشّ فيما إذا كان العيب خفيّا دون ما إذا كان جليّا قوله طاب ثراه فالمحصّل من ظاهر كلماتهم خمسة أقوال (- اه -) (16) و هي استحباب الأعلام (- مط -) و وجوبه (- مط -) و وجوبه في العيب الخفي (- مط -) أو مع عدم التبرّي دون الجلي و التخيير بين الأعلام و التبري في الوجوب قوله طاب ثراه بل هذا الجمع ممكن في كلمات الأصحاب (- مط -) (- اه -) (17) لا يخفى عليك انّ هذا حمل من غير شاهد و المدار في كلمات الأصحاب على الظّاهر من الإطلاق و التقييد و غيرهما و استشهاده بما حكاه عن (- ئر -) في غير محلّه لانّ الاضطراب في كلام الحلّي غير عزيز و لو سلّم فكلام الفقيه لا يكون قرينة على ارادة خلاف الظّاهر في كلام صاحبه و من هنا ظهر ما في نفي سيّد الرّياض عن الخلاف جواز بيع المعيب عيبا ظاهرا مع عدم ذكر عيبه ان لم يكن غشا من النّظر فانّ ذلك منه مبنىّ على حمل عبارة (- ف -) و ما ضاهاها على العيب الخفي و هو كما ترى و كيف كان فالأظهر في المسئلة هو إدارة الحرمة مدار صدق الغشّ عرفا قوله طاب ثراه الاّ ان يقال انّ جهالة الجزء غير مانعة (- اه -) (18) قد سبقه في هذا الجواب المحقّق الكركي في مع (- صد -) و فيه انّه بعد فرض انّه جنس أخر ضمّ إليه فأيّ شيء تجديه معرفة الجملة و ما نظّره به إن كان في الجنسين المتغايرين فهو ممنوع و الاّ فليس بنظير فالأظهر في الجواب ما تسمعه من الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه الكلام في مزج اللّبن بمقدار من الماء (- اه -) (19) حاصل ما ذكره انّه لا مقتضى لفساد البيع ما لم يخرج الماء بالمزج عن حقيقته و لم يرتفع بذلك صدق اسم اللّبن عليه عرفا حقيقة و ليس ذلك من باب بيع اللّبن و غيره و انما هو من باب بيع اللّبن المعيب بالمزج الّذي لا يخرجه عن اسمه على نحو باقي عيوبه فلا جهالة في قدره أصلا و رأسا نعم لو كان المزج بحيث أخرجه عن حقيقته جرى اشكال جهالة القدر لكن إطلاق الجماعة محمول على الأوّل لغلبة عدم سلب المزج الاسم و لا اعتراض عليهم و أقول الإنصاف انّ ما ذكره في الجواب عن الإشكال متين و ملخّصه انّ المضمون يختلف فمنه ما إذا ضمّ و امتزج يدخل في الحقيقة حقيقة أو عرفا و منه ما ليس (- كك -) و الماء مع اللّبن من قبيل الأوّل فالمبيع حقيقة واحدة فتكفي معرفة جملتها بل قد يقال بكفاية

ص:119

معرفة الجملة حتى مع القطع بعدم الدّخول في الحقيقة لمجرّد إطلاق الاسم و جريان السّيرة عليه كخلط الحنطة بالشّعير بل بالتّراب و الدّهن بالأوساخ و نحو ذلك

مسائل في اختلاف المتبايعين
الأولى اختلاف المتبايعين في موجب الخيار

قوله طاب ثراه مع تعذّر ملاحظته لتلفه أو نحوه (- اه -) التّقييد بذلك للاحتراز عمّا إذا أمكن الاستعلام فإنّه يستعلم و يرتفع النزاع قوله طاب ثراه فالقول قول منكره بيمينه (- اه -) أراد بالمنكر منكر التعيّب الوجه في كونه منكرا يقبل قوله بيمينه ظاهر لانّه لو ترك دعوى التعيّب لتركه الطّرف الأخر قوله طاب ثراه نعم لو علم كونه نقصا (- اه -) الوجه في ذلك انّه إذا علم كونه نقصا و كان الشكّ في كونه عيبا يحلف المنكر على عدم كونه عيبا و ينتفي أثر العيب و هو الخيار بين الرد و الأرش و يبقى حكم النّقص و هو الخيار بين الرد و الإمساك مجّانا بحاله قوله طاب ثراه كان القول قول منكر تقدّمه (- اه -) و هو البائع غالبا و قد صرّح بانّ القول قوله جمع منهم الشيخ و الفاضلان و الشّهيدان و غيرهم بل نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه و نفى في هداية الأنام معرفة الخلاف فيه و علّلوه بان المدّعى هو المشترى باعتبار مخالفة دعواه لأصالة عدم تقدّم الحدوث على العقد و المنكر هو البائع لموافقة قوله للأصل المذكور و أقول أوّلا انّ الاستناد في جعل المشترى مدّعيا إلى مخالفة قوله لأصالة عدم تقدّم الحدوث على العقد و في جعل البائع منكرا إلى موافقة قوله لها ممّا لا وجه له لمعارضة أصالة عدم تقدّم الحدوث على العقد بأصالة عدم تقدّم العقد على الحدوث فانّ كلاّ من العيب و العقد حادثان لا محالة و أصالة تأخّر كلّ منهما تعارض أصالة تأخّر الأخر عند عدم معلوميّة تاريخ شيء منهما فالأولى الاستناد في جعل المشترى مدّعيا إلى مخالفة قوله لأصالة اللّزوم و في جعل البائع منكرا إلى موافقة قوله ايّاها و لعلّ الماتن (- ره -) أشار بالأصل إلى أصالة اللّزوم لكن الإنصاف صحّة الاستناد في جعل المشترى مدّعيا إلى مخالفة قوله لأصالة عدم تقدّم حدوث العيب على العقد (- أيضا -) نظرا إلى انّها و إن كانت معارضة بأصالة عدم تقدّم العقد على حدوث العيب الاّ انّه قد تقرّر في محلّه انّه إذا تعارض أصلان و كان أحدهما ذا اثر دون الأخر كان ذو الأثر حجّة دون الأخر و فيما نحن فيه موضوع خيار العيب هو تقدّم حدوث العيب على العقد فأصالة عدم تقدّم الحدوث على العقد و انقضاء الخيار الأخر تستعقب عدم الخيار لانّ عدم الخيار من الآثار الشّرعية لعدم التقدّم بخلاف أصالة عدم تقدّم العقد على حدوث العيب فإنّه ليس من إثارة الشرعيّة ثبوت الخيار و انّما أثره حدوث العيب قبل العقد و اثر ذلك ثبوت الخيار فأصالة عدم تقدّم العقد مثبت فتبقى أصالة عدم تقدّم الحدوث عن العقد سليمة عن المعارض و ثانيا انّ كون المدار في تميز المدّعى و المنكر على مخالفة قوله الأصل و الموافقة ممّا لا دليل عليه بل اللاّزم هو الرّجوع في ذلك إلى العرف و الّذي يساعد عليه العرف هو انّ المدّعى من يترك لو ترك هو الدّعوى و هنا لو ترك المشترى دعوى تسلّطه على الفسخ لتركه البائع و قد يخطر بالبال التّفرقة بين ما إذا تداعيا في التسلّط على الفسخ و عدمه من دون ذكر السّبب فالقول قول المنكر للتسلّط و هو البائع و بين النّزاع في أصل السّبب و هو تأخّر الحدوث عن العقد و تقدّمه عليه فيكونان متداعيين و يتخالفان و تسقط الدّعوى لكون كلّ منهما مثبتا لشيء و منكر الأخر (- فت -) قوله طاب ثراه و لعلّه لأصالة عدم تسليم البائع (- اه -) هذا التّوجيه محلّ نظر أمّا أوّلا فلانّ الأصل في العقد اللّزوم لا عدمه فلا وجه لقوله و عدم لزوم العقد و امّا ثانيا فلانّ موافقة قول المشتري لأصالة عدم تسليم البائع العين على الوجه المقصود ممّا لا يثمر بعد اقتضاء ما هو العمدة في التّميز و هو كون المدّعى من يترك لو ترك كون المدّعى هنا هو المشترى من حيث انّه لو ترك دعوى التسلّط على الفسخ لتركه البائع فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه و الاّ عمل عليها يعنى انّه ان شهدت القرينة القطعيّة عمل عليها و ذلك ممّا لا شبهة فيه و انّما الكلام في انّه هل يعتبر كون القرينة قطعيّة أم لا وجهان ثانيهما ظاهر (- ط -) و (- يع -) و (- فع -) و (- عد -) و (- كرة -) و (- شاد -) و الكفاية و غيرها حيث أطلقوا فيها شاهد الحال و أوّلهما صريح مع (- صد -) و (- لك -) و محكي (- س -) و غيره و قد يستظهر كون مراد المطلقين للقرينة (- أيضا -) القطعيّة منها و يستشهد لذلك بانّ الشيخ (- ره -) في (- ط -) و ان لم يصرّح بالقطع في القرينة لكنّه لما مثّل بما يفيده و قبل قول من شهدت له من دون يمين علمنا انّه أراد بها المفيدة للقطع و (- كك -) (- كرة -) و أقول امّا من صرّح بإرادة القطعي من شاهد الحال فلا إشكال في كلامه و امّا من لم يصرّح فكلامه مشتبه المراد و نحن نتكلّم على كلّ من التقديرين فنقول امّا ان كانت القرينة قطعيّة مثل ان يكون العيب زيادة إصبع أو قطع إصبع قد اندمل موضعه و قد اشتراه من يومه أو أمسه أو نحو ذلك فلا إشكال في كون القول قول المشترى من غير يمين كما انّه لو شهدت القرينة للبائع و كانت قطعيّة كطراوة الجرح مع تطاول زمان البيع قبل قوله من غير يمين ضرورة انّ احكام البيّنة و اليمين انّما تجري في مورد عدم تبيّن الحال و امّا في مثل ذلك ممّا كان فيه قرينة قطعيّة على صدق احد المتداعيين فلا مورد لليمين و لا البيّنة كما هو واضح و امّا إذا لم تكن القرينة قطعيّة فالّذي يظهر من الجماعة المتقدّم ذكر تقييدهم القرينة بالقطعيّة هو عدم اعتباره قال في مع (- صد -) انّ الشهيد (- ره -) في (- س -) اعتبر افادة ذلك القطع و ما أحسنه إذ القرائن المثمرة للظن الّذي لم يثبت من قبل الشّارع اعتباره يبعد المصير إليها ثمَّ قال و قد يستفاد من الحكم بشهادة الحال إذا أفادت القطع بثبوته سبق العيب التعويل على ما أثمر القطع و اليقين في كلّ موضع كالشّياع إذا بلغ مرتبة التّواتر فأثمر اليقين انتهى و أقول امّا ما ذكره من اعتبار القطع في أيّ موضع كان و من اىّ طريق حصل ففيه خلاف محرّر في كتاب القضاء و امّا ما ذكره من عدم العبرة بالقرائن المثمرة للظن فمتين جدّا لانّ اعتبار الظن في أمثال ذلك ممّا لا دليل عليه ثمَّ بناء على القول باعتبار الظنّ فلا ريب في لزوم اليمين ممّن له القرينة لما في مفتاح الكرامة من انّ أقصى ما تقتضيه شهادة الحال حينئذ ان ينقلب البائع مدّعيا للتّأخّر باعتبار مخالفة قوله للظّاهر و المشترى منكرا لموافقته إيّاه و ذلك لا يفيد الاّ تقديم قول المشترى بيمينه كما لا يخفى و الحقّ انّ القرينة الغير القطعيّة لا تثمر في قلب البائع مدّعيا و المشترى منكرا لان تميّز المدّعى و المنكر بمخالفة قول الأول للظّاهر و موافقة الثّاني إيّاه ممّا لا دليل له قوله طاب ثراه و فيه كلام في محلّه (- اه -) قد بيّنا في كتاب القضاء مستوفى عدم حجيّة بيّنة المنكر و عدم سقوط اليمين عنه بذلك قوله طاب ثراه فاذا حلف البائع فلا بدّ من حلفه على عدم تقدّم العيب (- اه -) هذا ممّا صرّح به في (- كرة -) و مع (- صد -) و (- لك -) و الرّياض و غيرها بل في الأخير انّه (- كك -) قولا واحدا و نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه و في كشف الظلام انّه إجماعيّ على ما يظهر لكن في الجواهر ان مقتضاه عدم الاكتفاء به لو حلف على نفي العلم و هو لا يخلو من اشكال قلت لا إشكال في ذلك بل هو في غاية المتانة ضرورة انّ مجرّد عدم علمه بالعيب لا ينفي خيار المشترى الثابت بظهور العيب و انّما النافي له عند فقد المشترى للبيّنة انّما هو يمين البائع بعدم وجود العيب حال العقد قوله طاب ثراه كما تدلّ عليه رواية حفص (- اه -) أشار

ص:120

بذلك إلى ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه و علىّ بن محمّد القاساني جميعا عن القاسم بن يحيى عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه قال قال له إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انّه له قال نعم قال الرّجل أشهد انّه في يده و لا أشهد انّه له فلعلّه لغيره فقال أبو عبد اللّه عليه السلام أ فيحلّ الشّراء منه قال نعم فقال أبو عبد الله عليه السلام فلعلّه لغيره فمن اين جاز لك ان تشترى و يصير ملكا لك ثمَّ تقول بعد الملك ذلك هو لي و تحلف عليه و لا يجوز ان تنبيه الى من صار ملكه من قبله إليك ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام لو لم يجز هذا لم يعمّ للمسلمين سوق

فرع في رد المعيب على الموكل إذا باعه الوكيل

قوله طاب ثراه ردّه على الموكّل لأنه المالك (- اه -) هذا في صورة تسليم للموكّل و وصول الثمن اليه مسلّم و امّا في صورة إنكاره ذلك فهو الأظهر لأنّ وصول الثمن اليه و عدم وصوله مما لا دخل له في الرد بالعيب ضرورة انّ المالك يسلّم كون المبيع له و انّه قد وكّل البائع في بيعه فبإيجاد الوكيل ما وكّل فيه زالت الوكالة فلا يردّ المشترى المعيب الاّ إلى المالك و لا يأخذ الأرش إلا منه غاية ما هناك انّه ينكر قبض الثمن و ذلك دعوى بين الموكّل و الوكيل و ذلك لا يوجب عدم جواز رجوع المشترى بالثمن على المالك بعد كون يد الوكيل يد الموكّل و من هنا افتى بردّه على الموكّل و أخذه الثمن منه أو إمساكه و مطالبته الموكّل بالأرش جمع منهم المحقّق (- ره -) في (- يع -) و العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و المحقّق و الشهيد الثانيان و غيرهم نعم غري جمع إلى الشيخ (- ره -) في (- ط -) القول في صورة إنكار الموكّل قبض الثمن من الوكيل بأنه يردّه على الوكيل دون الموكّل و النّسبة في محلّها لانّه قال في (- ط -) إذا وكّل رجلا في بيع ماله و قبض ثمنه فادّعى انّه قبض الثمن و تلف في يده أو دفعه اليه و صدقه المشترى على ذلك فقال الموكّل ما قبضته من المشترى كان القول قول الوكيل على أصحّ الوجهين فاذا حلف برئ فإن وجد المشترى بالمبيع عيبا كان له ردّه بالعيب فإن أقام البينة على انّه دفعه إلى الموكّل أو إلى الوكيل ثمنه كان له ردّ المبيع على أيّهما شاء و مطالبته بالثمن و ان لم يكن له بيّنة لم يكن له مطالبة الموكّل لانّه لم يثبت له دفع الثمن اليه و له مطالبة الوكيل بالثمن و ردّ المبيع إليه لأنّه أقرّ بقبض الثمن منه و ليس للوكيل مطالبة الموكّل و يكون القول قول الموكّل مع يمينه انّه لا يعلم انّه قبض الثمن من المشترى فإذا حلف لم يكن له مطالبته الاّ ان يقيم بيّنة على ما يدّعيه من قبض الثمن من المشترى و تلفه في يده أو دفعه اليه انتهى كلامه علا مقامه و هو في غاية الصّراحة فيما غري اليه و قد نقل العبارة على غير هذا الوجه في مفتاح الكرامة لكنّه اعترف بأنّ النّسخة التي نقلها منها كثيرة الغلط و لعلّه قد سقط منها من قوله لانّه لم يثبت إلى قوله بالثّمن و العجب من الشيخ صاحب الجواهر (- ره -) حيث انه مع اعتراف النّاقل المذكور بكون النّسخة كثيرة الغلط قد عوّل على النّقل المذكور فقال انّ المحكى من عبارة (- ط -) خال عمّا غري إليه ثمَّ ساق العبارة المغلوطة ثمَّ قال انّها كما ترى ظاهرة أو صريحة في الرد إلى الموكّل من دون مطالبته الثمن انتهى و هو كما ترى تصديق للعادل فيما يعترف بعدم وثوقه بصدق ما نقله مع انّ العبارة المغلوطة غير صريحة و لا ظاهرة فيما غراه اليه بل محتملة لذلك و لما غراه اليه مشتبهة المراد لانّ محل الاستفادة منها هو قوله (- ره -) و ان لم يكن ببيّنة لم يكن له مطالبة الموكّل بالثّمن و ردّ المبيع عليه لانّه ما أقرّ بقبض الثّمن منه (- اه -) و هو كما ترى انّما يكون ظاهرا أو صريحا في انّه يردّ المعيب إلى الموكّل و لا يطالبه بالثّمن ان لو كانت كلمة ردّ فعل ماض معطوفا على جملة لم يكن له مطالبته (- اه -) و هو غير معلوم لاحتمال كونها مصدرا مرفوعا معطوفا على اسم يكن و هو كلمة المطالبة أي لم يكن له مطالبة الموكّل بالثمن و لا ردّ المبيع عليه بل لعلّ سياق العبارة و لحاظ سلاستها يقتضي الثّاني سيّما مع انّه لو كان معطوفا على جملة لم يكن (- اه -) لم يكن للعلّة ربط بها فكان ذلك فصلا بين العلّة و المعلول و أغرب ممّا صدر من صاحب الجواهر (- ره -) ما صدر من بعض تلامذته من ارتكاب التكلّفات في عبارة (- ط -) من دون ان يراجع نسخة (- ط -) و كيف كان فقد احتجّ لهذا القول بأنّه لم يثبت وصول الثمن اليه حتّى يرد عليه المثمن المعيوب و انّما غاية ما هناك هو سقوط مطالبته به للوكيل بدعواه انّه قبضه و تلف منه مع يمينه بل و مطالبته للمشتري بناء على انّ ذلك مقتضى سقوط الحقّ عنه لاتّحاده و هذا السّقوط كما ترى لا يقتضي وصول الثمن اليه و لو بقبض الوكيل و فيه انّ الفرض وقوع العقد للموكّل فيكون المعاملة معه و يكون المبيع بعد ظهور العيب له و وصول الثمن اليه و عدمه لا مدخل الشيء منهما في المنع من ردّ المعيب إلى الموكّل بل قد لا يجوز ردّه على الوكيل إذ لم يكن وكيلا على قبضه عند ردّ المشترى بالعيب مضافا إلى انّ يد الوكيل يد الموكّل و قبضه قبضه ثمَّ على المختار لا ريب في جواز مطالبة المشتري الموكّل بالثّمن مع قيام البيّنة بدفع المشتري إيّاه إلى الوكيل إذ هو (- ح -) كدفعه إليه لأنّ يد الوكيل يد الموكل و امّا مع عدم قيام البيّنة بالدّفع و ثبوت الدّفع بحلف الوكيل عليه ففي جوازه مطالبة الموكّل بالثّمن وجهان مبنيّان على كون اليمين طريقا شرعيّا لإثبات وقوعه في الخارج كالبيّنة فيطالب به الموكّل أم لا بل هي لمجرّد سقوط الضّمان عن الوكيل فلا يطالب به الموكّل لعدم معلوميّة وصوله اليه أو إلى وكيله نعم للمشتري بعد الفسخ ان يأخذ المبيع مقاصّة عن الثمن بعد اعترافه بالوكالة و بقبض الوكيل الموجب لشغل ذمّة الموكل به في الواقع كما انّ الموكّل لدعواه بقاء الثّمن في ذمّة المشترى له ان يأخذ المبيع مقاصّة عن ثمنه مع التمكّن منه و العلم بعدم قبض وكيله الثمن هذا و لكن في (- كرة -) انّه إذا حلف الوكيل و قلنا ببراءة المشترى بذلك ثمَّ وجد المشترى بالمبيع عيبا فان ردّه على الموكّل و غرمه الثمن لم يكن له الرّجوع على الوكيل لاعترافه بانّ الوكيل لم يأخذ شيئا و ان ردّه على الوكيل و غرمه الثمن لم يرجع على الموكّل و القول قول الموكل في انّه لم يأخذ منه شيئا انتهى و فيه نظر فتدبر قوله طاب ثراه و لم يتمكّن الوكيل من اقامة البيّنة اى على حدوث العيب و هذا مبنىّ على سماع بيّنة المنكر أو على فرض التداعي بدعوى المشترى القدم و الوكيل الحدوث فتأمل قوله طاب ثراه لانّ دعواه على الوكيل يستلزم إنكار وكالته و على الموكل يستلزم الاعتراف به الوجه في كون دعواه على الوكيل مستلزما لإنكار الوكالة انّه لو كان وكيلا كان اللاّزم هو الرجوع على موكّله و غرضه من التّعليل انّ الاعتراف بالوكالة و الإنكار للوكالة متنافيان و يمكن الجواب بأنّه بعد فرض كون تحليفه المالك من باب مؤاخذته إيّاه بإقراره لا منافاة بين ذلك و بين مراجعته قبل ذلك على الوكيل ثمَّ انّ الضّمير المجرور بمن في ذيل العبارة يلزم تأنيثه لعوده إلى الوكالة قوله طاب ثراه لأصالة عدم حقّ له (- اه -) مضافا إلى انّ المشترى لو ترك دعوى كون المعيوب سلعة البائع لتركه البائع فصار البائع منكرا و كل منكر فالقول قوله بيمينه

المسألة الثانية اختلاف المتبايعين في مسقط الخيار

قوله طاب ثراه وجهان اقويهما الأوّل (- اه -) وجه القوّة انّ ظهور العيب كاشف عن ثبوت الخيار من حين العقد على ما تقدّم تحقيقه و (- ح -) فأصالة بقاء الخيار حاكمة على أصالة اللّزوم لكون تلك سببيّة و هذه مسبّبية و تقدّم الأولى على الثانية من الواضحات لارتفاع الشك المأخوذ في موضوع الثّانية بإجراء الأولى قوله طاب ثراه و العبارة المتقدّمة من (- كرة -) الى قوله تومئ إلى الثاني (- اه -) وجه الإيماء انه (- ره -) قال فيها لو كان المبيع معيبا عند البائع ثمَّ اقبضه و قد زال عيبه فلا ردّ لعدم

ص:121

موجبه انتهى فانّ التّعليل ناظر إلى التّعليل الّذي ذكره (- المصنف -) (- ره -) للثّاني قوله طاب ثراه لكن المحكى في (- كرة -) عن الشافعي في مثله التحالف (- اه -) لا يخفى عليك انّ قول الشّافعي أوفق بالقاعدة لأن كلاّ منهما في الفرض يدّعى ما ينكره الأخر و ينكر ما يدّعيه و ما هذا شانه فحكمه التحالف و (- ح -) فلا يفرق بين جريان أصالة بقاء القديم و عدمه و معارضتها بأصالة بقاء الجديد و عدمها لما نبهنا عليه مرارا و أوضحناه في قضاء المنتهى من عدم كون المدار في تميز المدّعى من المنكر على مخالفة الأصل و موافقته بل على الصّدق العرفي المنطبق عليه ميزان انّ المدّعى من يترك لو ترك هو الدّعوى و هنا كلّ منهما يترك لو ترك هو الدّعوى (- فت -) قوله طاب ثراه فلا إشكال في تقديم قول المشترى (- اه -) الوجه في عدم الإشكال فيه هو موافقة قوله لأصالة عدم الزيادة و كونه تاركا للبائع لو ترك هو دعوى الزّيادة قوله طاب ثراه الرابعة لو اختلفا في البراءة (- اه -) لا يخفى عليك انّ اختلافهما في البراءة انّما يكون بدعوى البائع التبري و ان كان المشتري إيّاه و لا يعقل الدّعوى مع إنكار البائع التبري لأنّ إنكاره إقرار منه على نفسه فيقبل من غير يمين و اين ذلك من قبول قوله مع اليمين اللّهمّ الاّ ان يفرض كون البائع منكرا فيما إذا كانت كيفيّة الدّعوى استحقاق المشترى الفسخ و البائع ينكره من غير ذكر سبب خاصّ فانّ القول حينئذ قول البائع بيمينه و قد ينزّل عليه ما في (- ط -) من انّه قد يكون البائع منكرا كان يدّعي المشتري ابتياعه السّلعة و به عيب فيقول البائع بعته بريئا من هذا العيب فله ان يحلّفه و اللّه لا يستحقّ ردّه علىّ لانّه قد يبيعه و به العيب ثمَّ يسقط الرد بالرضاء بالعيب انتهى بناء على ارادة البراءة من استحقاق الرد بقرينة أخر كلامه لانّ المراد نفي الاستحقاق باشتراط البراءة من العيوب فتدبّر قوله طاب ثراه قدّم منكرها (- اه -) هذا ممّا افتى به الشّيخ (- ره -) و الحلّي و الفاضلان و الشهيدان و الفاضل المقداد و المحقّق الثاني و غيرهم ممّن سبقهم و لحقهم بل نفى في الرّياض و غيره معرفة الخلاف فيه و الأصل في ذلك الأصل المجمع عليه رواية فتوى من انّ البيّنة على المدعى و اليمين على ما أنكر و المنكر هنا هو المشترى لأنّه يترك البائع لو ترك هو دعوى وقوع البراءة منه حال البيع و توهّم انّ المشترى غير تارك للبائع بترك البائع دعوى التبري إذ المشتري (- ح -) يطالب البائع بالأرش لو أمسك و بالثمن لو فسخ مدفوع بانّ المراد بالتّرك هو الترك بالنّسبة إلى تلك الدعوى بنفسها و هو هنا (- كك -) لانّ نزاعهما ليس في إيجاب العيب الخيار و لا في كون الثابت في المبيع عيبا بل في التبري المسقط للخيار فبالنّسبة إلى تلك الدعوى فالمشتري تارك للبائع ان ترك البائع دعوى التبري مضافا انّ الفسخ من المشترى غير متوقّف على عدم دعوى البائع البراءة بل هو يحصل بموجبة فاذا ثبتت البراءة ينكشف فساد الفسخ و إذا لم تثبت اثر الفسخ أثره قوله طاب ثراه لأصالة عدمها الحاكمة على أصالة اللّزوم (- اه -) وجه الحكومة انّ الشك في اللّزوم ناش من الشّك في التبري إذ لو لا التبري فدليل خيار العيب يدفع أصالة اللّزوم فإذا اجرى أصالة عدم التبري زال الشكّ المأخوذ في موضوع أصالة اللّزوم قوله طاب ثراه و ربّما يتراءى من مكاتبة جعفر بن عيسى (- اه -) هذه المكاتبة من قسم الحسن و قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الصّفار عن محمّد بن عيسى عن جعفر بن عيسى و وجه دلالتها على خلاف ما ذكره انّها تدلّ على تقديم قول مدّعى البراءة قوله طاب ثراه و لو لا توجيه الرّواية (- اه -) هذا انّما يتمّ بناء على اعتبار موافقة الظّاهر و مخالفته في تميز المنكر من المدّعى و تقدّم ذلك على الضّابطتين الأخريين و امّا على القول الأخر فلا يتمشى ما ذكره كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يمكن التفصّى عنه (- اه -) قد مرّ منّا ذكر ما يكون دافعا للإشكال و هو انّ تبرّي البائع يوجب إقدام المشترى على المعيوب و التزامه به فيزول اثر العيب و ان لم يكن التبري بعنوان الشّرط في ضمن العقد قوله طاب ثراه لانّه الموجب لسقوط الخيار (- اه -) علّل في مفتاح الكرامة كون اليمين هنا على نفي العلم بعد نقله إيّاه عن الشهيد (- ره -) في الحواشي بوجه أخر و هو انّ اليمين هنا على نفي فعل الغير لأنّ الإيمان أربعة يمين على إثبات فعل نفسه و يمين على نفي فعل نفسه و يمين على إثبات فعل غيره و يمين على نفي فعل غيره و كلّها على القطع و البتّ إلاّ الأخيرة فإنّها على نفي العلم و ما نحن فيه من الأخيرة انتهى و أنت خبير بأنّه كما يمكن ان تكون من الأخيرة فكذا يمكن ان تكون من الثّانية و هي اليمين على نفي فعل نفسه و هو هنا السّماع و يمكن ان تكون من الأولى و هي اليمين على إثبات فعل نفسه و هو قبول المعاملة المطلقة الغير المتبري فيها من العيوب و لقد أجاد صاحب الجواهر (- ره -) حيث قال انّ مرجعه إلى ما وقع عليه العقد إذ لا اثر للبراءة الّتي لم يسمعها المشترى و من هنا قال في المحكى عن (- ية -) و (- ير -) يحلف انّه لم يبرئ اليه من العيوب و باعه (- مط -) أو على الصّحة انتهى

المسألة الثالثة في اختلاف المتبايعين في الفسخ

قوله طاب ثراه و هل للمشتري المدّعي للفسخ الأرش (- اه -) قلت الأولى ادارة ذلك مدار مفاد كلامه فإن كان دعواه الفسخ على نحو مسقط للأرش (- أيضا -) الزم بمقتضى إقراره و ان لم تكن دعواه على النحو المتضمّن للإقرار بسقوط الأرش ثبت الأرش لأنّ الأصل بقائه قوله طاب ثراه وجهان (11) قلت أقربهما الثّاني لحكومة أصالة صحّة الفسخ على أصالة بقاء العقد قوله طاب ثراه ففي الحكم بتأخّر لتصحيح الفسخ وجه (- اه -) (12) يقرب هذا الوجه حكومة أصالة صحّة الفسخ على أصالة تأخّر العقد القول في ماهيّة العيب و ذكر بعض افراده

القول في ماهية العيب و بيان بعض أفراده

قوله طاب ثراه و امّا العيب فالظاهر من اللّغة (- اه -) (13) لم يقع في كتب اللّغة التعرّض لبيان حقيقة العيب احالة منهم ذلك إلى الوضوح بل تصدّوا لبيان المادّة و كفاك في معرفة المادّة قول الفيومي في المصباح المنير عاب المتاع عيبا من باب صار فهو عائب و عابه صاحبه فهو معيب يتعدّى و لا يتعدّى و الفاعل من هذا عائب و عيّاب مبالغة و الاسم العاب و المعاب و عيّبه بالتشديد مبالغة و عيّبه نسبه إلى العيب و استعمل العيب اسما و جمع على عيوب انتهى ثمَّ انّ غرض الماتن (- ره -) بما ذكره على طوله ان كان ضبط العيب عرفا فلا يخفى عليك ما فيه ضرورة انّ اللاّزم هو إرجاع الحكم مدار صدق العيب عرفا في الموارد الشخصيّة الجزئيّة فإنّ من العيوب ما يديره العرف مدار الحقيقة الأصليّة و منها مدار حال أغلب الأفراد و (- أيضا -) ففي مورد يقدّمون الغلبة الصنفيّة و في أخرى يعكسون و ان أراد بذلك تنقيح معنى الرّواية فلا يخلو (- أيضا -) من نظر لرجوع ذلك (- أيضا -) الى فهم العرف و الأولى في المقام الحوالة إلى العرف و جعل الضوابط المذكورة في كلمات الأصحاب له من قبيل التعاريف اللفظيّة للكشف عن العرف و من هنا اختلف عموما و خصوصا و إطلاقا و تقييدا و امّا ما رواه ابن مسلم فليس مسوقا لبيان المعنى الشرعي لا بطريق الحقيقة و لا المجاز بل لبيان الكشف عن المعنى العرفي (- أيضا -) لانّ الموضوعات العرفيّة الخفيّة قد يكشف عنه الشرع كما يكشف عن الموضوعات الشرعيّة و لو لا ذلك لأشكل التمسّك بهذه الضّابطة لعدم اطّرادها في أقسام العيوب و عدم انعكاسها ففي الحقيقة لا يمكن الرجوع فيه الاّ إلى العرف لعدم إمكان الضّبط و (- ح -) فما قضى العرف بكونه عيبا فالأمر فيه واضح و ما شكّ فيه فإن كان الضّابط المذكور في الرّواية كشفا للمعنى العرفي منطبقا عليه مقتضيا على وجه الظّهور كونه عيبا جرى عليه حكم العيب و ما شكّ فيه يرجع فيه إلى القاعدة من عدم ثبوت الرد و الأرش

ص:122

لأصالة اللّزوم كما لا يخفى على المتدبّر قوله طاب ثراه كالغلفة قال في المصباح المنير الغلفة و غلف غلفا من باب تعب إذا لم يختم فهو أغلف و الأنثى غلفاء و الجمع غلف مثل حمراء انتهى قوله طاب ثراه مع انّه لا أرش في تخلّف الشرط بلا خلاف ظاهر (- اه -) هذا مناف لما يحكيه في المسئلة الرّابعة من المسائل الّتي تعرّض لها في طيّ الكلام على حكم الشّرط الصحيح عن العلاّمة و الصّيمري من إثبات الأرش في بعض فروض تخلّف الشّرط قوله طاب ثراه لكن الوجه السّابق أقوى (- اه -) أراد بالسّابق المتقدّم عن قوله و امّا على الوجه الأوّل و إن كان لاحقا في مقام الذكر التّفصيلي قوله طاب ثراه ثمَّ انّ مقتضى ما ذكرناه دوران العيب (- اه -) حاصله عدم اعتبار إيجاب نقص الخلقة أو زيادتها لنقص الماليّة في صدق العيب و ترتّب حكمه و هذا هو ظاهر إطلاق المقنعة و (- ية -) و (- ط -) و (- ف -) و المراسم و الوسيلة و الغنية و (- ئر -) و (- يع -) و (- فع -) و (- شاد -) و اللّمعة و غيرها و هو المصرّح به في (- لك -) و (- الروضة -) ففي الأوّل انّه لا يعتبر مع ذلك كون الزائد و النّاقص موجبا لنقصان الماليّة لإطلاق النّصّ و الاتّفاق على انّ الخصاء عيب مع إيجابه زيادة الماليّة و كذا عدم الشعر على الرّكب انتهى و هو ظاهر المحقّق الثّاني بل صريحه (- أيضا -) حيث قال في (- مع صد -) و محكي تعليق (- شاد -) انّه كان عليه اى على ماتنه ان يقيّد قوله موجب لنقص الماليّة بقوله غالبا ليندرج فيه الخصاء و الجبّ فإنّهما يزيدان في الماليّة مع انّهما عيبان انتهى و يشهد بهذا القول انّ لازم اعتبار كون كلّ من الزّيادة و النّقص منقصا للماليّة عدم جريان حكم العيب في ما إذا حكم العرف بكون الزّيادة أو النّقص عيبا و لم يكن شيء منهما منقصا للماليّة و ذلك ممّا لا يمكن الالتزام به لكون العرف هو المتّبع في أمثال المقام فلا معنى لرفع اليد عنه كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يحتمل قويّا (- اه -) قد افتى بذلك في (- عد -) و (- كرة -) و محكي (- ير -) و الجامع قوله طاب ثراه كالخصاء هو بكسر الخاء المعجمة مع المدّ عبارة عن سلّ الأنثيين و إخراجهما على كيفيّة مشهورة عند أهل العرف غير مانعة من الوطي قوله طاب ثراه بناء على عدم منعها (- اه -) فإنّه يمنع من الردّ لو كان عيبا و لا يمنع لو لم يمكن و لا يخفى عليك انّه ان منع من الردّ لم يكن خيار لأنّ الأرش بسبب عدم نقص القيمة كما هو الفرض غير متصوّر قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجهه تضعيف المبنى نظرا إلى انّ موانع الردّ في خيار العيب منها ما يمنع من الردّ بخيار الشّرط مثل التّصريح بالتزام العقد و إسقاط الردّ و مثل التصرّف الكاشف عن الالتزام بالعقد و على هذا فالأمر بالتأمّل للإشارة إلى عدم ظهور الثمرة في جميع موانع الردّ و ان ظهرت فيما اختصّ مانعيّته من الردّ بخيار العيب مثل التّلف و احداث الحدث و ربّما جعل الأمر بالتأمّل إشارة الى انّ الوجه في التفرقة بين خيار العيب و خيار الشّرط بجعل التّلف و التصرّف و نحوهما مانعا من الردّ في الأوّل دون الثّاني هو إمكان تدارك ضرر المشتري بالأرش في الأول دون الثّاني إذ لا أرش فيه فاذا كان الفرض هنا عدم الأرش لعدم تعقّله من حيث عدم إيجاب النّقص نقصان القيمة لزم عدم سقوط الردّ بالموانع و فيه انّ مانعيّة الموانع المعهودة من الردّ في خيار العيب انّما هو للنصّ الخاصّ له لا لما ذكره من العلّة و مقتضى إطلاق النصّ سقوط الردّ بها في صورة عدم قابليّة المورد للأرش (- أيضا -) كما لا يخفى و لو كان إمكان جبر ضرر المشتري بالأرش علّة للزم عدم ثبوت الردّ في العيب أصلا و هو بيّن الفساد قوله طاب ثراه و في صورة حصول هذا النّقص (- اه -) عطف على قوله في طروّ موانع الردّ (- اه -) اى تظهر الثّمرة في صورة حصول هذا النّقص (- اه -) قوله طاب ثراه فإنّه لا دليل على انّ فقد الصّفة و ذلك لكون مورد الدليل هو التلف لا فقد الصفة و مقتضى الاقتصار على مورد الدّليل في مخالفة أصالة البراءة من الضّمان هو عدم تسرية الضّمان إلى صورة فقد الصّفة قوله طاب ثراه و للنّظر في كلا شقّي الثمرة مجال (- اه -) (11) أراد بالثمرة الثمرة الأخيرة و الاّ لعبّر بالثّمرتين لا بشقى الثّمرة و أراد بالشّقين ثبوت الضّمان على الأوّل و عدمه ثبوته على الثّاني و وجه النّظر امّا في الشقّ الأوّل فهو انّه على فرض اختصاص الضّمان بالعيب فالعيب منصرف إلى العيب المنقص للقيمة فيخرج الفرض عن تحت الدّليل و امّا في الشق الثّاني فهو انّ دليل الضّمان قبل القبض أو في مدّة الخيار غير مختصّ بالعيب بل يشمل فقد الوصف (- أيضا -) من حيث انّ المستند في الضّمان قبل القبض انّما هو قاعدة كون تلف المبيع قبل القبض من مال بايعه و في الضّمان في مدّة الخيار هو قاعدة كون التّلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له و قد عرفت فيما مضى و ستعرف إنشاء اللّه تعالى انّ المستفاد من دليل القاعدتين هو تنزيل التلف و النّقص و حدوث الحدث في زمان الخيار أو قبل القبض منزلة التّلف و النّقص و حدوث الحدث قبل العقد فكما انّ التّلف و حدوث الحدث قبل العقد ضمانه على البائع فكذا التّلف و حدوث الحدث بعد العقد قبل القبض أو في مدّة الخيار و فقد الصّفة مندرج تحت حدوث الحدث فيكون فقد الصّفة قبل القبض أو في مدّة الخيار كفقدها قبل العقد في كون ضمانه على البائع فلا وجه لنفي الدّليل على كون ضمان فقد الصّفة قبل القبض أو في مدّة الخيار على البائع قوله طاب ثراه و ربّما يستدلّ لكون الخيار هنا خيار العيب بما في مرسلة (- اه -) (12) قد رواها الكليني (- ره -) عن الحسين بن محمّد عن السيّاري قال روى عن ابن ابى ليلى انّه قدّم اليه رجل خصما له الخبر و ضعف سنده غير ضائر بعد الانجبار بعمل الأصحاب الذين عبّر كثير منهم كالفاضلين في (- يع -) و محكي (- ير -) و الشهيد في اللمعة و محكي (- س -) و غيرهم بلفظه و اخرون بما يرجع إليه ففي (- عد -) و (- كرة -) و (- شاد -) و التّبصرة انّه الخروج عن المجرى الطبيعي لزيادة أو نقصان و فسّر ذلك في مجمع الفائدة و غيره بالخروج عن أصل الخلقة ثمَّ المراد بأصل الخلقة انّما هي خلقة أكثر النّوع الّذي يعتبر فيه ذلك بالنّظر إلى الذّات و و الصّفات كما صرّح به جمع منهم شيخ (- لك -) و (- كك -) الحال في المجرى الطبيعي المعبّر به عن أصل الخلقة في عبائر جماعة قال في (- مع صد -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) و هو الخروج عن المجرى الطبيعي لزيادة أو نقصان ما لفظه ينبغي ان يكون مراده بالمجرى الطّبيعي ما جرت به العوائد الغالبة ليندرج فيه الأمور الّتي ليست مخلوقة أصلا ليكون على نهج مقتضى الطّبيعة أم لا ككون الضّيعة ثقيلة الخراج و منزل الجنود انتهى فتدبّر قوله طاب ثراه فلم أجد على ركبها (- اه -) (13) قال في مجمع البحرين الرّكب بالتّحريك منبت العانة فعن الخليل هو للمرئة خاصّة و عن الفرّاء هو للرّجل و المرية و منه ليس على ركبها شعر انتهى قوله طاب ثراه أمّا أوّلا فلانّ ظاهر الرّواية (- اه -) (14) فيه انّ الحكاية و ان ظهرت في انّ الردّ لم يكن لمجرّد عدم الشّعر بل لكونها في أصل الخلقة (- كك -) كما يفيده قوله و زعمت انّه لم يكن لها قطّ لكن ظهورها في كون ذلك للاستكشاف بفقد الشعر في أصل الخلقة عن مرض في العضو أو في أصل المزاج ممنوع جدّا بل هو ظاهر في خلافه لكشف عدوله عن الاعتذار بكشفه عن المرض إلى قوله أيّها القاضي إن كان عيبا فاقض لي عن عدم كون إباء قبول الخالي عانتها من الشعر لأجل الكشف عن المرض بل لمجرّد ارادته الفسخ فكان يتفحّص عن سبب مجوّز له فكيف لا و لو كان مستكشفا بفقد الشعر عن المرض لكان أجاب القاضي عن احتيال النّاس لإزالته بذلك بان قال انّ فقد الشّعر و إن كان مطلوبا لكن المطلوب منه انّما هو حيث لم يكن خلقيّا كاشفا عن المرض و (- أيضا -) لو كان إبائه لأجل الاستكشاف به عن المرض لم يكن

ص:123

يتأمّل ابن ابى ليلى بل إن كان الكشف معلوما عنده لحكم بالردّ بالمرض الّذي كونه عيبا مرغوبا عنه واضح و لو لم يكن الكشف معلوما عنده لراجع الأطبّاء في استعلام ذلك و لم يراجع محمّد بن مسلم و لو راجعه لكان يسئله عن فقد الكاشف عن المرض و لم يكن يسئل عن مطلق فقد الشعر و بالجملة فما ذكره (- المصنف -) (- ره -) ممّا لا وجه له أصلا و امّا استشهاده لما رامه بعدم اكتفاء المشترى في عذر الردّ بقوله لم أجد على ركبها شعرا حتّى ضمّ اليه دعواه انه لم يكن لها ففيه نظر ظاهر ضرورة انّ ضمّ دعوى انّه لم يكن قطّ انّما هو لإثبات كونه خلقيّا و عيبا لدفع ما ربّما يدخل عليه من كون فقد الشعر بالغرض غير موجب للردّ كما لا يخفى قوله طاب ثراه و امّا ثانيا فلانّ قوله عليه السّلام (- اه -) فيه انّه بعد اعترافه (- قدّه -) بانسباق كلامه عليه السّلام لبيان موضوع العيب لا معنى لتأمّله في جريان بعض الأحكام فانّ الموضوع متى تحقّق كان اللازم ترتّب جميع احكامه عليه و الاقتصار على الأحكام الظّاهرة الشائعة انّما يتأتّى في تنزيل موضوع بمنزلة موضوع أخر و تشبيهه به مثل قوله عليه السّلام الصّلوة بالبيت طواف و امّا لو كان الكلام مسوقا لبيان حقيقة الموضوع و ماهيّته فلا مجال للاقتصار على الأحكام الظاهرة بعد فرض كون غيرها (- أيضا -) من احكامه و مجرّد كون الغرض من بيان حقيقة الموضوع هي التوطئة لثبوت الأحكام ليس صالحا لصرف الكلام إلى إرادة الأحكام الظاهرة و الوجه في ذلك ظاهر ضرورة انه حيث كان الغرض تنزيل موضوع مكان موضوع أخر كان إطلاقه منزلا على الأحكام الظّاهرة الشّائعة و هذا لا يتأتى فيما سبق لبيان حقيقة الموضوع و ماهيّته و لعلّه إلى ذلك أشار (- قدّه -) بالأمر بالتأمّل قوله طاب ثراه و امّا ثالثا فلانّ الرّواية لا تدلّ على الزّائد (- اه -) فيه انّ عموم العامّ لا بسقط عن الاعتبار بخروج فرد أو فردين بالدّليل ما لم يبلغ إلى حدّ يوجب وهن العموم و هنا لم يخرج أكثر الأفراد كي يوجب وهن العموم و هو شامل لكلّ نقيصة و زيادة سواء كانتا موجبتين لنقص الماليّة أم لا فالتخصيص بالمنقصة الماليّة خاصّة ممّا لا وجه له بل هو مناف لمحكميّة أصالة العموم عند الشكّ في المخصّص فلا تذهل قوله طاب ثراه و امّا رابعا فلانّا لو سلّمنا (- اه -) لا يخفى عليك انّ هذا الكلام انّما يحسن ممّن لا يعمل بالضّعاف المنجبرة بالشهرة و العمل و الماتن (- ره -) من العاملين بها الغير المتجاوزين عنها فما باله تأمّل هنا فالإنصاف تماميّة الرّواية حجّة على عدم اعتبار المنقصيّة للماليّة في النّقص و الزيادة عن أصل الخلقة المعدودتين عيبا و لو أغمضنا عن ذلك لكفانا العرف و دعوى تخصيصه العيب بالمنقص للماليّة مكابرة كما يكشف عن ذلك اتفاقهم المحكى على كون الخصاء عيبا فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و قد ظهر ممّا ذكرنا انّ الأولى (- اه -) قد عرفت انّ الأولى حذف التنقيص للماليّة عن تعريف العيب كما صنعه جمع كثير قوله طاب ثراه و عليه يبنى قول (- مع صد -) قال في (- مع صد -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) في تعريف العيب هو الخروج عن المجرى الطّبيعي لزيادة أو نقصان موجب لزيادة الماليّة ما لفظه و قوله موجب لنقص الماليّة كان عليه ان يقيّده بقوله غالبا ليندرج فيه الخصاء و الجبّ فإنّهما يزيدان في الماليّة مع انّهما عيبان يثبت بهما الردّ قطعا انتهى المهمّ ممّا في (- مع صد -)

الكلام في بعض أفراد العيب
مسألة لا خلاف في أن المرض عيب

قوله طاب ثراه لا خلاف و لا إشكال في كون المرض عيبا قد سبقه في نفي الخلاف و الإشكال في ذلك غيره و ادّعى في (- كرة -) الإجماع عليه و الأصل في ذلك صدق العيب عليه عرفا و هو متّبع في باب المصاديق مضافا إلى كونه خارجا عن مقتضى الطّبيعة لعدم صدق المرض الاّ على خروج المزاج عن مجراه الطّبيعي قوله طاب ثراه يشمل حمّى يوم هي على المعروف ما تأتي في يوم من الأيّام و تذهب فيه ثمَّ لا تعود فلو عادت كلّ يوم لم تسمّ حمّى يوم بل حمى الورد أو يوما و يوم لا فحمّى الغب قوله طاب ثراه و ان لم يكن نوبة له في الأسبوع أشار بذلك إلى ما نبّه إليه في (- لك -) بقوله و ثبوت العيب بحمّى اليوم يتحقّق بان يشتريه فيجده محموما أو يحمّ قبل القبض فإنّه يجوز له الفسخ و ان ذهبت عنه الحمّى في ذلك اليوم و ليس المراد به ما ينوب يوما معيّنا من الأسبوع كما فسّره بعضهم فانّ ذلك لا يسمّى حمّى يوم و لا ما يأتي كلّ يوم انتهى قوله طاب ثراه الجذام هو بضمّ الجيم مرض سوداوى صعب يحمرّ معه العضو ثمَّ يسود ثمَّ ينقطع نعوذ باللّه منه و علائمه ضيق النّفس و تعجّر الوجه اى غلظته و ضخامته و صيرورته ذا عجر اى عقد و استدارة العين و كمودتها اى تغيّرها إلى الحمرة و بحّة الصّوت اى غلظته و نتن العرق و تساقط الشعر و غيرها قوله طاب ثراه و البرص هو بفتح الباء الموحّدة و الرّاء المهملة و سكون الصّاد المهملة مرض معروف و بسببه يحدث في البدن تغيّر لونه إلى السّواد أو إلى البياض لانّ سببه قد يكون غلبة السّوداء فيحدث السّواد و قد يكون غلبة البلغم فيحدث البياض قوله طاب ثراه و القرن (11) هو بسكون الرّاء كما في (- ية -) الأثيريّة و المصباح و القاموس و ظاهر الصّحاح و تحريكها كما عن الجمهرة لحم يكون في مدخل الذكر كالسّن يمنع الوطي كالغدة الغليظة و قد يكون عظما و عن ابن السّكيت و الفرّاء و الجوهري و في القاموس انّه العقل و انّ العفل و العفلة محركتين شيء يخرج من قبل النّساء و حياء النّاقة شبيه بالادرة الّتي للرّجال و الأدرة هي انتفاخ الخصية و قيل هو ورم يكون في مسلكى المرية فيضيق فرجها حتى تمنع الإيلاج و عن الأصمعي انّه سمّى قرنا لانّه اقترن مع الذكر خارج الفرج قوله طاب ثراه و الفتق (12) في (- ية -) الأثيريّة انّه بالتحريك انفتاق المثانة و قيل انفتاق الصّفاق إلى داخل في مراق البطن و قيل ان ينقطع اللّحم المشتمل على الأنثيين و ظاهر القاموس و الصّحاح انّه بالتّسكين و انّه علّة في الصّفاق كما في الأوّل و مراق البطن كما في الثّاني و في (- مع صد -) عن الغريبين انّه بالتحريك قال هكذا أقرأنيه الأزهري و حكى عن حاشية الفائق بخطّ بعض الأفاضل انّ هذا وهم و هو افتراء على الأزهري فإنّه وجد بخطّه بالإسكان و عليه صحّ انتهى قوله طاب ثراه و الرّتق (13) هو على ما في الصّحاح بالتحريك مصدر قولك أمرية رتقاء بيّنة الرّتق لا يستطاع جماعها لارتتاق ذلك الموضوع منها و نحوه ما في المصباح المنير و القاموس و في الأخير أو الّتي لا خرق لها الاّ المبال خاصّة و مرادهم بالارتتاق انّما هو الارتتاق بسبب الالتحام كما هو صريح مجمع البحرين حيث قال انّ الرّتق بالتحريك هو ان يكون الفرج ملتحما ليس فيه للذكر مدخل و ربّما يظهر من بعضهم كون الرّتق لحما نابتا كالقرن و العقل لا مجرّد الالتحام فقد ذكر في (- مع صد -) المعنى المزبور ثمَّ حكى في (- مع صد -) عن (- ير -) انّ الرّتق لحم ينبت في الفرج يمنع دخول الذكر و انّه مرادف للقرن و العقل ثمَّ قال في (- مع صد -) و كأنه أخذه فيما حكاه الشيخ (- ره -) في (- ط -) عن أهل الخبرة من تفسير القرن إلى ان قال يعني في (- ط -) و هو الّذي يسمّى العقل يكون كالرّتق سواء و هذا المعنى مشارك للأوّل في منع مقصود النّكاح و هو الاستمتاع الاّ ان الأوّل ألصق بمادّة الرّتق انتهى ما في (- مع صد -) و وجه الألصقيّة انّ الرتق لغة الالتئام و ذلك يصدق مع الالتحام دون نبت لحم كالقرن كما لا يخفى قوله طاب ثراه و القرع (14) قال في المصباح المنير هو بفتحتين الصّلع و هو مصدر قرع الرأس من باب تعب إذا لم يبق عليه شعر قوله طاب ثراه و الحول و الخوص و السّبل (15) هذه عيوب ثلثة في العين فالحول

ص:124

محرّكة ظهور البياض في مؤخّر العين و يكون السّواد في قبل الماق أو إقبال الحدقة على الأنف أو ذهاب حدقتها قبل مؤخّرها أو ان تكون العين كأنّما تنظر الى الحجاج و هو عظم ينبت عليه الحاجب أو ان تميل الى اللحاظ و امّا الخوص محرّكة ففي القاموس انّه غور العينين و نحوه ما في الصّحاح و في المصباح المنير انّ الخوص مصدر من باب تعب و هو ضيق العين و غورها و الحوص بالحاء المهملة محرّكة ضيق في مؤخّر العين كما في الصّحاح و المصباح و امّا السّبل محرّكة فغشاوة العين من انتفاخ عروقها الظّاهرة في سطح الملتحمة و ظهور انتساج شيء فيما بينهما كالدّخان انتهى و في الصّحاح انّه داء في العين شبه غشاوة كأنّه نسج العنكبوت بعروق حمر و عن الشّهيد (- ره -) انّه شعر يدخل من العين الى الجفن قوله طاب ثراه مبنىّ على عدّ موجبات الردّ (- اه -) في كون ذلك موجبا للردّ فضلا عن كونه عيبا تأمّل امّا عدم كونه عيبا فلعدم صدقه عليه عرفا و امّا عدم منعه من الردّ فلعدم اندراجه في شيء من موانع الردّ المزبورة و عدم دليل خاصّ على منعه من الردّ مستقلاّ

مسألة في أن الحبل عيب في الإماء

قوله طاب ثراه و رجّح المحقّق كونه عيبا (- اه -) لم أقف على ذلك في كلام المحقّق (- ره -) و لعلّه في موضع لم أعثر عليه قوله طاب ثراه الأقوى على قول الشيخ (- ره -) (- اه -) هذه التقوية مبنيّة على ما أسبقه من اعتبار نقص في الردّ بالعيب و قد عرفت آنفا ضعف المبنىّ و ليته أبدل العلّة بالتعليل بعدم صدق العيب عليه عرفا خرج الحمل في الإماء بالنّصوص و بقي في الحيوانات تحت أصالة اللّزوم بعد عدم صدق العيب عليه لكن يمكن الخروج عن الأصل بإلحاق غير الإماء بهنّ من باب ورود النصّ فيهنّ و قضاء تنقيح المناط بعدم الفرق بين سائر الحيوانات و بينهنّ فتأمّل قوله طاب ثراه و كيف كان فمقتضى كون الحمل عيبا (- اه -) قلت الحقّ هو التّفصيل بأنّه إن كان الوجه في كون الحمل عيبا هو النصّ كان حملها عند المشترى مانعا من الردّ و لم يجز الردّ حتّى بعد الوضع لاستصحاب المانعيّة و إن كان الوجه ما سمعت من (- كرة -) من عدم يقين السّلامة بالوضع أو عجز الحامل عن كثير من الخدمات كان الأولى تجويز الردّ بعد الوضع و عدم نقصها بالولادة لارتفاع المحتمل منعه من الردّ فتأمّل قوله طاب ثراه على ما تقدّم عن (- كرة -) (- اه -) قد تقدّم البحث منه (- ره -) في ذلك في ذيل الكلام على الرابع من مسقطات الردّ خاصّة فراجع قوله طاب ثراه الى ان قال و كذا حكم الدابّة (- اه -) هذه العبارة تنافى عبارته السّابقة النّاطقة بعدم كون الحمل في الحيوانات الصّامتة عيبا حيث جعل الحبل عند المشترى و النّقص بالولادة عيبا مانعا من الردّ و كلّما يمنع من العيوب من الردّ يردّ به إذا كان حدوثه عند البائع كما لا يخفى قوله طاب ثراه لكن صرّح في (- ط -) باستواء البهيمة و الجارية (- اه -) الظّاهر كون كلمة لكن سهوا من قلمه الشّريف عوض الواو ضرورة انّه لا يحتمل بناء على كلمة لكن الاّ كونه استدراكا من قوله و الأقوى على قول الشيخ (- ره -) ما اختاره في (- كرة -) (- إلخ -) و لا يخفى ما فيها أوّلا من الاختلال في نظم الكلام لانّه كان اللاّزم (- ح -) تقديم هذا الاستدراك على قوله و في (- كرة -) لو كان المبيع جارية (- اه -) و ثانيا انّه لو صحّ كونه استدراكا من قوله و الأقوى (- اه -) لكان يصحّ الاستدراك بعبارتى (- كرة -) و (- س -) أيضا عنه فلا تذهل قوله طاب ثراه مع انّ ظاهر العبارة الأولى كالتحرير و القواعد الفرق (- اه -) لا يخفى انّه (- ره -) أراد إثبات دلالة كلّ من العبارات على الفرق في الجملة و ان اختلف خصوصيّة الفرق الّذي افادته العبارة الأولى و خصوصيّة الفرق الّذي أفادته عبارة (- عد -) لأنّ الأولى أفادت الفرق بين الحمل الّذي يتبعه النّقص بالولادة و بين غيره و الأخيرة أفادت الفرق بين حمل الأمة و بين حمل غيرها من الحيوان فافهم قوله طاب ثراه لأنّه كالثمرة المتجدّدة على الشجرة (- اه -) يعنى كما انّهما ليسا من قبيل تصرّف المشترى (- فكذلك -) الحمل المفروض حصوله من غير تصرّف المشترى قوله طاب ثراه و الخيار له الواو حاليّة أي هو كالثمرة المتجددة و الثوب الّذي أطارته الرّيح في حال كون الخيار له قوله طاب ثراه يعنى انّ الحامل ردّت إلى البائع مع الزّيادة لا مع النقيصة (- اه -) (11) أراد بقوله لا مع النقيصة عدم ردّ الحامل معها و حاصله ردّ الأمّ مع ولدها لا وحدها قوله طاب ثراه و ابتناء حكمها بعد الوضع و عدم النّقص على ما تقدّم (- اه -) (12) قد عرفت في ذيل الكلام على الرّابع من مسقطات الردّ تحقيق القول في ذلك قوله طاب ثراه و امّا حمل غير الأمة فقد عرفت انّه ليس عيبا (- اه -) (13) لازم كلامه انّ من قال بكونه عيبا هو القول بمنعه من الردّ حتّى بعد الوضع و عدم النّقص لعدم جواز الردّ بزوال العيب و هو متّجه إن كان مستند القائل بكونه عيبا هو إلحاق غير الأمة من الحيوانات بها من باب تنقيح المناط فانّ النّقص لما كان (- مط -) لكونه عيبا كان مانعا من الردّ حتّى بعد الوضع و عدم النّقص بناء على عدم جواز الردّ بزوال العيب و امّا لو كان مستند القائل بكون الحمل في غير الأمة (- أيضا -) عيبا هو كونها في مورد الخطر فلا مانع من القول بعدم منعه من الردّ بعد الوضوح و عدم النّقص حتّى لو قلنا بعدم عود الردّ بزوال العيب و ذلك لانّ المانع و هو العيب لم يتحقّق ما لم تلد و تنقص بالولادة فمثله مثل ظهور أمارات العيب و انكشاف فقد العيب بعد ذلك لا مثل حدوث العيب و زواله بعد ذلك (- فت -) كي يظهر لك انّ مراد القائل بكونه عيبا هو كون نفس احتمال الخطر عيبا محقّقا لا انّ العيب هو تحقّق نقصه بالولادة حتّى يتأتّى ما ذكر قوله طاب ثراه و كان محقّقا هنا (14) اى لعجزها عن الحمل العظيم و نحوه مثلا

مسألة في الثيبوبة أنها ليست عيبا في الإماء

قوله طاب ثراه مسئلة الأكثر على انّ الثيبوبة ليست عيبا في الإماء (15) قد صرّح بعدم كونها عيبا في (- ف -) و (- يع -) و (- فع -) و (- عد -) و (- شاد -) و غيرها و بملزوم ذلك و هو عدم ثبوت الخيار في (- ط -) و (- كرة -) و الجامع و غيرها بل في الرّياض و (- ئق -) و الجواهر و غيرها انّه المشهور بين الأصحاب و قد أشاروا بالوصف بالشهرة و النّسبة إلى الأكثر إلى ظهور الخلاف في ذلك من القاضي حيث قال إذا لم يشترط الثيبوبة و لا البكارة فخرجت ثيّبا أو بكرا لم يكن له خيار و كان له الأرش انتهى و وجه الظّهور انّ الأرش لا يكون إلاّ في العيب فيكون عيبا و لعلّه لذا غري في (- لك -) الى ظاهر ابن البراج القول بكون الثيبوبة عيبا لكن يمكن المناقشة في ذلك بان ثبوت الأرش و إن كان من لوازم كون الشيء عيبا الاّ انّ ثبوت الخيار (- أيضا -) من لوازمه و إثبات اللاّزم انّما يدلّ على إثبات الملزوم فيما إذا لم ينف اللاّزم الأخر و هنا قد نفى احد اللاّزمين و هو الخيار و أثبت الأخر و هو الأرش فلا يدلّ إثبات الأرش على إثبات الملزوم مضافا الى انّه لم يفرق في إثبات الأرش بين خروجها ثيّبا أو بكرا و لو كان إثبات الأرش من باب كونها عيبا لم يكن لإثباته في صورة خروجها بكرا وجه نعم كلام الفاضل المقداد في التنقيح يميل الى كونها عيبا (- مط -) و كذا كلام الشهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) و (- الروضة -) و هو الّذي احتمله في محكي (- س -) قال في التنقيح لقائل أن يمنع كونها ليست عيبا لأنّها خارجة عن الخلقة الطبيعيّة بالنقصان و ينقص ثمن الجارية بسببها و لا نصّ على انّها ليست عيبا فما المانع من جعلها عيبا انتهى و توضيحه انّ الضابط المنصوص يقتضي كونها عيبا لانّه قال كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب و البكارة كانت في أصل الخلقة فنقصت و العرف (- أيضا -) لعلّه حاكم بكونها عيبا فيثبت عليها جميع احكام العيوب من الردّ و الأرش و نوقش

ص:125

في هذا الاستدلال بانّ كون العيب ما زاد عن خلقته الأصليّة انّما جاء من خبر ابن مسلم الضّعيف بابن ابى ليلى و لا جابر له هنا فيبقى الأصل محكما و فيه أوّلا انّ الضّعف قد انجبر بتلقّيهم له بالقبول و لا يعتبر الموافقة للشّهرة في كلّ مورد شخصي لصيرورته بتلقّيهم له بالقبول بمنزلة خبر صحيح و ثانيا انّا لو أغمضنا عن الضّابط المنصوص كفانا صدق العيب عرفا على الثيبوبة و هو كاف في لحوق احكام العيب عليها و دعوى أنّ للإماء (- مط -) حقيقة ثانويّة اعتباريّة مقدّمة على الحقيقة الأصليّة فالثيبوبة فيهنّ على طبق الحقيقة الثانويّة فليست عيبا فيهنّ و البكارة صفة كمال فيهنّ كما سمعته من الماتن (- ره -) عند الكلام في حقيقة العيب ممنوعة لا يساعد عليها الوجدان ان لم يساعد على خلافها كدعوى انّ العيب انّما يوجب الخيار إذا لم يكن غالبا في افراد الطّبيعة بحسب نوعها أو صنفها و ان غلبت في نوعها بل لعلّها أوضح منعا إذ الفرق بين الصّغيرة المجلوبة و غير المجلوبة كالمقطوع بعدمه و غلبة الثيبوبة في الكبيرة غلبة صنفيّة (- أيضا -) كغلبة البكارة في الصّغيرة مع انّها في الصّغيرة على طبق الخلقة الأصليّة و انّما عرضت الغلبة في خصوص الكبيرة منهنّ و ليست هناك غلبة نوعيّة في القدر المشترك بينهما كي تكون الصّنفية مقدّمة عليها كما هو واضح كوضوح ضعف ما قيل من ان البكارة صفة كمال بالنّسبة الى غير العاجز لا يصيّرها صفة نقص بالنّسبة اليه و ممّا ذكرنا ظهر الوجه فيما حكاه في (- كرة -) عن بعض الشافعيّة و نفى عنه الباس من القول بكونها عيبا في الصّغيرة دون الكبيرة قوله طاب ثراه بل في (- ير -) (- اه -) و عن كشف الرموز انّه لا خلاف بين الأصحاب في انّ الثيبوبة ليست عيبا يوجب الردّ و انّما اختلف عباراتهم في اشتراط البكارة انتهى قوله طاب ثراه و نسبه في (- لك -) (- اه -) و في (- ئق -) انّه أطلق جمهور الأصحاب انّ الثيبوبة ليست عيبا و في الكفاية انّه أطلق الأكثر ذلك قوله طاب ثراه و استدلّ عليه (- أيضا -) (- اه -) استدلّ بعضهم بوجهين اخرين أحدهما انّ الأصل في العقد اللّزوم خرج ما إذا وجد ما علم كونه عيبا فيرجع فيما شكّ في كونه عيبا إلى أصالة عدم كونه عيبا فتحكّم أصالة اللّزوم و فيه انّ ضابط كلّما نقص عن خلقته فهو عيب مزيل للشكّ المأخوذ في موضوع أصالة اللّزوم الثّاني الإجماع تمسّك به في مفتاح الكرامة حيث قال حجّة المشهور نفى الخلاف الظّاهر في الإجماع كنسبة إلى الأصحاب الى ان قال الإجماع معلوم و على تقدير انّ القاضي مخالف فخلافه نادر على انّه لم ينسب اليه الخلاف من الأساطين إلاّ الشّهيد (- ره -) في (- س -) حيث قال يشعر به مذهب القاضي انتهى و هو كما ترى قوله طاب ثراه برواية سماعة المنجبرة بعمل الأصحاب (- اه -) لو كان قد جعل العمل معاضدا لكان اولى من جعله جابرا ضرورة كون السّند من قسم الموثّق إذ قد رواها الشّيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن ذرعة بن محمّد عن سماعة و الإضمار غير قادح لكونه ناشئا من تقطيع الأخبار سيّما في اخبار سماعة من انّه مسند الى ابى عبد اللّه عليه السّلام في بعض النّسخ قوله طاب ثراه و امّا رواية سماعة فلا دلالة لها على المطلوب (- اه -) مضافا الى معارضتها بخبر يونس الآتي إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و لعلّ هذا هو مراد المشهور (- أيضا -) و يدلّ على ذلك (- اه -) في هذا الاستدلال نظر إذ كما انّ ثبوت الأرش عند تخلّف شرط البكارة يمكن ان يكون لكون الثيبوبة عيبا فكذا يمكن ان يكون لخصوص النصّ الآتي كما أشار إليه هو (- ره -) (- أيضا -) قوله طاب ثراه بل المشهور كما في (- س -) على ثبوت الأرش إذا اشترط البكارة (- اه -) قد اختلف الأصحاب فيما لو اشترط بكارة الأمة و بانت ثيّبا على أقوال أحدها عدم ثبوت شيء من الردّ و الأرش (- مط -) و هو ظاهر (- ية -) و (- ف -) و عبارة الكامل المحكية في (- لف -) و هي قوله ان ابتاعها على انّها بكر فوجدها ثيّبا لم يكن له ردّها و لا أرش في ذلك انتهى و في (- ية -) انّ من اشترى جارية على انّها بكر فوجدها ثيّبا لم يكن له ردّها و لا الرّجوع على البائع بشيء من الأرش لأنّ ذلك قد يذهب من العلّة و النّزوة انتهى ثانيها ثبوت الردّ و هو خيرة (- يع -) و (- فع -) و (- شاد -) و اللّمعة و غيرها و ظاهر الأوّلين كصريح الآخرين عدم ثبوت الأرش ثالثها ثبوت الأرش دون الردّ و هو ظاهر عبارة المهذّب للقاضي المحكية المتقدّمة آنفا من قوله ان اشترى جارية و لم يشترط انّها بكر أو ثيّب فخرجت ثيّبا أو بكرا لم يكن له خيار و كان له الأرش انتهى و يوافقه ما في (- ط -) من قوله روى أصحابنا انّه ليس له الخيار و له الأرش انتهى رابعها ثبوت الردّ و الأرش جميعا و هو خيرة (- ئر -) و (- كرة -) و (- لف -) و التنقيح و (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و محكي كشف الرّموز و (- ير -) و الاستبصار و الجامع و تعليق (- شاد -) و غيرها ثمَّ انّ أرباب هذا القول منهم من أطلق كالحلّي و غيره و منهم من قيّد ذلك بما إذا علم سبق الثيبوبة على العقد قال في (- لف -) التحقيق انّا نقول ان علم سبق الثيبوبة على العقد تخيّر المشترى بين الردّ و الأرش ان لم يكن تصرّف و له الأرش ان تصرّف و ان لم يعلم لم يكن له أرش و لا ردّ ثمَّ قال و لنعلم ما قال انّه هو الظّاهر من كلام الشيخ (- ره -) و إيّاه أعني لأنّ تعليله يعطى ذلك حيث قال فانّ ذلك يذهب بالعلّة و النّزوة انتهى ما في (- ية -) كما انتهى ما هنا من كلام العلاّمة (- ره -) و ربّما وصف في (- لك -) و (- ئق -) و خيارات الفقيه الغروي و محكي (- س -) هذا القول بالشهرة هذا ما عثرنا عليه من أقوال المسئلة حجّة الأوّل لعلّها أصالة اللّزوم و أنت خبير باندفاعها بما دلّ على ثبوت الخيار بتخلّف الشّرط نعم لا بأس في بادي النّظر بالتمسّك في ذلك بموثقة سماعة المزبورة آنفا و المناقشة في سندها بكون ذرعة و سماعة واقفيّين و الإضمار كما صدر عن العلاّمة (- ره -) في (- لف -) لا وجه له لأنّهما و إن كان واقفيّين إلاّ أنّهما موثّقان و الموثّقة حجّة على الأظهر و الإضمار غير قادح بعد الوثوق بكون منشئه تقطيع الأخبار فالأولى المناقشة في دلالته بانّ التعليل بان ذهاب البكارة يكون في حال مرض أو بأمر يصيبها أوضح شاهد على كون مورد عدم ثبوت شيء من الردّ و الأرش ما إذا لم يعلم سبق الثيبوبة على العقد و هو مسلّم فيكون الخبر دليلا على القول الرّابع حجّة القول الثّاني امّا على ثبوت الردّ فما دلّ على ثبوت الخيار بتخلّف الاشتراط و امّا على عدم ثبوت الأرش فالأصل بعد منع كون الثيبوبة عيبا و دعوى اختصاص الأرش بالعيب ممنوعة صغرى و كبرى كما ستعرف إنشاء اللّه تعالى و حجّة القول الثالث امّا على عدم ثبوت الردّ فالأصل و امّا على ثبوت الأرش فما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس في رجل اشترى جارية على انّها عذراء فلم يجدها عذراء قال يردّ عليه فضل القيمة إذا علم انّه صادق و أنت خبير بأنّه مع كونه أخصّ من المدّعى صاحب هذا القول غير مانع من إفادة أدلّة خيار الاشتراط ثبوت الردّ و الأصل لا يقاومها حجّة القول الرّابع امّا على ثبوت الردّ فأدلّة خيار تخلّف الشّرط و امّا على ثبوت الأرش فخبر يونس بعد اعتضاده أو انجبار عدم نسبة الى امام بالشّهرة و امّا على اختصاص الردّ و الأرش بما إذا علم سبق الثيبوبة العقد فامّا في جانب الردّ فهي ان تخلّف الشرط لا يعلم الاّ بالعلم بعدم حصول الثيبوبة بعد القبض إذ عند الشكّ في سبق الثيبوبة العقد فالأصل تأخرها و عدم حصول سبب الفسخ فما لم يعلم حصول سبب الخيار لم يثبت و امّا في جانب الأرش فهو ظهور التّعليل في الموثّق و صراحة القيد في خبر يونس في ذلك كما لا يخفى و قد يستدلّ على

ص:126

ثبوت الأرش في الفرض بانّ فوات البكارة ممّا يؤثّر في نقصان القيمة تأثيرا بيّنا و يردّ بأنّ الأرش جزء من الثمن و هو لا يوزّع على الشّروط و على اىّ حال فالقول الأخير أجود و اللّه العالم تنبيهات الأوّل انّا و ان جعلنا أرباب القول الرّابع فرقتين مطلقة لثبوت الأرش و الردّ و مقيّدة بما إذا علم سبق الثيبوبة العقد الاّ انّ أرباب القول الثاني (- أيضا -) (- كك -) الا ترى انّ منهم المحقّق في (- يع -) و قد خصّ ثبوت الردّ بصورة العلم بل لا يبعد دعوى انّ كلّ من أثبت شيئا من الردّ و الأرش أو كليهما يريد بذلك الثّبوت في صورة العلم دون الجهل ضرورة عدم معقوليّة إثباتهما أو أحدهما في صورة الجهل بتخلّف الشّرط و لعلّه من هنا نفى كاشف الظّلام الخلاف في عدم ثبوت شيء منهما في صورة الجهل حيث قال مازجا بالشرائع و ان جهل ذلك لم يكن له الردّ بلا خلاف حكاية و تفصيلا لانّ ذلك قد يذهب بالخطوة و بالعلّة و النّزوة انتهى و قد سبقه في نفى الخلاف في ذلك صاحب الرّياض (- ره -) و لعلّه مراده بالنّقل الثّاني انّه يثبت كونها حال البيع ثيّبة بالإقرار و بالبيّنة و بقرب زمان الاختيار لزمان البيع بحيث لا يمكن عادة تجدّد الثيبوبة فيه كما هو واضح الثالث انّ عدم ثبوت الردّ في صورة الجهل بتأخّر الثيبوبة عن العقد ليس لأصالة عدم تأخّرها لما تقرّر في محلّه من عدم الدّليل على حجيّة الأصل المذكور و معارضتها بأصالة عدم التقدّم بل لأصالة لزوم العقد و برأيه ذمّة البائع بعد التسليم الظّاهر في انّه تمام الحق كما هو واضح الرّابع انّه قال الفقيه الغروي (- ره -) انّ الثيبوبة تطلق على معنيين أحدهما الموطوئة و هو الّذي يظهر من صدر عبارة (- ية -) و المجمع و تقابلها البكر و هي الّتي لم تمسّ و هي المرادة في مسئلة سكوتها عند طلبها و في مسئلة الأولياء الثاني ذهاب العذرة و لو بحر فوص أو نزوة أو فضّ بإصبع و نحوه و نقابلها البكر من البكارة و هي العذرة و المراد بها التحام الفرج كما في أخر عبارة (- ية -) و المجمع و هي المرادة من باب ردّ العشر و نصف العشر في الإماء و الغالب إرادته في مهر المثل و الظاهر من معناها عندهم الأوّل و مبنى الأخير على الغالب و بناء على الوجه الأوّل لا يضرّ زوال التحام فرجها بغير الوطي و ان علم تقدّمه على العقد فضلا عن ان يشكّ فيه و بناء على الثاني يضرّ الأوّل دون الثّاني الاّ مع جهل تاريخ العقد و العلم بتاريخ زوال البكارة في وجه و الأقوى العدم تمسّكا بأصالة لزوم العقد كما في صورة جهل تاريخها و جهل تاريخ زوال البكارة و العلم بتاريخ العقد قوله طاب ثراه ثمَّ انّه نسب في (- كرة -) إلى أصحابنا (- اه -) قال في (- كرة -) لو شرط البكارة فكانت ثيّبا قال أصحابنا إذا اشتراها على انّها بكر فكانت ثيّبا لم يكن له الردّ لما رواه سماعة قال سالته عن رجل باع جارية على انّها بكر فلم يجدها على ذلك قال لا يردّ عليه و لا يجب عليه شيء انّه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها و الأقوى عندي انّه إذا شرط البكارة فظهر انّها كانت ثيّبا قبل الإقباض يكون له الردّ أو الأرش و هو نقص ما بينها بكرا و ثيّبا و ان تصرّف لم يكن له الردّ بل الأرش لأنّه شرط سائغ يرغب فيه العقلاء فكان لازما فاذا فات وجب ان يثبت له الخيار كغيره و يحمل الرّواية و فتوى الأصحاب على انّه اشتراها على ظاهر الحال من شهادة الحال بالبكارة و غلبة ظنّه من غير شرط انتهى ما في (- كرة -) قوله طاب ثراه و لو شرط الثيبوبة (- اه -) قد صرّح بثبوت الخيار بين الردّ و الإمساك مجّانا في الفرض في (- كرة -) و (- عد -) و (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و غيرها عملا بقاعدة خيار تخلّف الشّرط بعد كون الشّرط المذكور مشروعا لكونه عقلائيّا من حيث إمكان تعلّق غرض به للعجز عن افتضاض البكر أو غيره و قول الماتن (- ره -) لانّه قد يقصد الثيّب لغرض صحيح مسوق لبيان كون الشرط مشروعا صحيحا لتشمله أدلّة الشّروط و انّما جعلنا الإمساك مجّانا نظرا الى عدم تعقّل الأرش بعد زيادة القيمة بالبكارة و اختار في (- ط -) و محكي (- ير -) عدم ثبوت الخيار أصلا بكون ضدّها صفة كمال و فيه انّ صحّة الشّرط و ثبوت الخيار بتخلّفه غير مقيّدة بعدم كون ضدّه صفة كمال حتّى يلزم من فوات القيد هنا فوات المقيّد قوله طاب ثراه ذكر في (- كرة -) و (- عد -) (- اه -) قد افتى بذلك في (- لف -) و محكي (- ير -) و (- س -) (- أيضا -) و خالف في ذلك الشيخ (- ره -) في (- ف -) حيث قال إذا كان العبد غير مختون فلا خيار فيه صغيرا كان أو كبيرا و قال الشّافعي إن كان صغيرا لا خيار به و إن كان كبيرا كان له الخيار لانّه يخاف عليه من قطعه فامّا الجارية فلا خلاف انّه لا خيار فيها انتهى و حكى الفتوى بذلك عن (- ط -) و القاضي (- أيضا -) حجّة الأوّل انّه زيادة عن مجرى المعتاد عند النّاس و انّ فيه خطرا على المشترى لأنّه يجب ختانه عليه فربّما ادّى الى التّلف و لا تدليس أعظم من ذلك و إذا ثبت الخيار بتدليس ينقص بعض الصّفات فبالأولى ان يثبت في تدليس يؤدّى الى إتلاف العين و لا (- كك -) الصّغير و الأمة لعدم اعتباره فيهما و أنت خبير بأنّ شيئا من الوجهين لا يثبت المرام امّا الأوّل فلكون المدار على الزّيادة عن أصل الخلقة لا المعتاد عند النّاس و امّا الثّاني فلأنّه لا يثبت الكليّة بل يختصّ بما إذا تحقّق الخوف على وجه لا يرغب في بذل ما يبذل بإزائه و حجّة الثّاني أصالة صحّة العقد و لزومه بعد عدم كون الختان عيبا و الأولى ما في المتن من التّفصيل بينما إذا تحقّق الخوف و بينما إذا لم يتحقّق بثبوت حكم العيب على الأوّل دون الثّاني ثمَّ انّه قال في مفتاح الكرامة انّ المراد بالصّغير هنا ما دون البلوغ نظرا الى انّ ذلك انّما يجب في البالغ و المرجع إلى عادة الشّرع إذا وجدت بيقين و من ثمَّ لم يعتبر الختان في الأمة و ان اعتيد فلا معنى للرّجوع الى مقتضى العادة الغالبة حتّى لو كان السنّ دون البلوغ يغلب فيه وقوع الختان و ردّ به لما عرفت انتهى قلت الأولى في ذلك هو الرّجوع الى العرف لانّه المرجع في أمثال ذلك قوله طاب ثراه الغير المجدّر الجدري بفتح الجيم المعجمة و ضمّها و فتح الرّاء على التقديرين معروف و المجدّر و المجدور من فيه ذلك

مسألة عدم الختان في العبد الكبير من العيوب

قوله طاب ثراه فظاهر (- عد -) (- اه -) قال في (- عد -) و عدم الختان في الكبير دون الصّغير و الأمة و المجلوب من بلاد الشرك مع علم المشترى بجهله انتهى و هو بمفهوم القيد يدلّ على ما غراه الماتن (- ره -) اليه بناء على ما هو الأظهر في إعراب العبارة من قراءة المجلوب مجرورا عطفا على الأمة ليكون المعنى انّ عدم الختان في الكبير المجلوب من بلاد الشّرك ليس بعيب مع علم المشترى بجلبه لانّه لا ختان في بلاد الشّرك هكذا فسّره الشهيد (- ره -) فيما حكى عنه و تبعه في (- مع صد -) و ربّما احتمل في محكي الحواشي عطفه على الكبير و هو مع عدم مناسبة للتّقييد يحتاج الى تقدير مخالف للأصل

مسألة عدم الحيض من العيوب

قوله طاب ثراه عدم الحيض ممّن شأنها الحيض (- اه -) قد صرّح بكون ذلك عيبا جماعة بل في (- لك -) و (- ئق -) ان عليه الأكثر و في الكفاية انّه الأشهر و في الرّياض انّ عليه كافّة المتأخّرين و عن كشف الرموز انّ الأصحاب بين مفت و ساكت إلاّ المتأخر يعني الحلّي و في كشف الظّلام انّه المشهور بين المتقدمين و المجمع عليه بين كافّة المتأخّرين و في الجواهر انّه المشهور نقلا و تحصيلا بل لا خلاف أجده فيه الاّ من العجلي قوله طاب ثراه لانّه خروج عن المجرى الطبيعي (- اه -) فانّ النّقص أعمّ من نقص العيب و نقص الصّفة و (- أيضا -) فالحيض وصف مطلوب يترتّب عليه قبول الحمل و صحّة المزاج قوله طاب ثراه و لقول الصّادق (- اه -) أشار بذلك الى الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد

ص:127

جميعا عن ابن محبوب عن مالك بن عطيّة عن داود بن فرقد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى الى أخر ما في المتن قوله طاب ثراه و ليس التّقييد بمضيّ ستّة أشهر (- اه -) قد سبقه في هذا المقال ثاني الشهيدين (- رهما -) في (- لك -) فقال و في دلالته على اعتبار السّتة أشهر نظر فإنّه عليه السّلام انّما علّق الحكم على حيض مثلها و أراد به نفى الصّغر و الياس و إن كان ذلك مستفادا من إثبات الإدراك و نفى كونه عن كبر فانّ المعلوم انّ مثلها تحيض في تلك المدّة و أقلّ منها و السّؤال وقع عن تأخّر الحيض ستّة أشهر و الجواب لم يتقيّد به و (- ح -) فلو قيل بثبوت الخيار متى تأخّر حيضها عن عادة أمثالها في تلك البلاد كان حسنا انتهى و أجاب عنه في مفتاح الكرامة بأنّ معنى الخبر انّه إن كان أمثالها سنّا مع الاتفاق في البلد و المزاج في الجملة يوجد منها الحيض دونها يكون ذلك فيها عيبا مع حبس الحيض ستّة أشهر لا من كبر فكانت دالّة على حكم من تأخّر ستّة أشهر مع كون أمثالها تحيض مع عدم الكبر لأنّ الإشارة بذلك الى حبس حيضها ستّة أشهر فكان الجواب مقيّدا بذلك و هذا هو الذي فهمه العلماء المتقدّمون و ليس فيها دلالة على حكم الأقلّ من ستّة أشهر نفيا و لا إثباتا انتهى و ان شئت قلت انّ ضمير أمثالها في قول الإمام عليه السّلام ليس راجعا الى مطلق الأمة بل إلى الأمة المذكورة في السّؤال الموصوفة بمضي ستّة أشهر عليها و هي لا تحيض فلا يكون الجواب شاملا الاّ لما ذكر في السّؤال فيكون من تخصيص الجواب لا من تخصيصه اللهمّ الاّ ان يقال انّ ذلك في كلامه عليه السّلام و إن كان إشارة الى عدم الحيض المقيّد بكونه في ستة أشهر فلا يرد ما في (- لك -) الاّ انّ قوله عليه السّلام فهذا عيب ظاهر في انّه جعل المدار على تسميته عيبا و من المعلوم عدم توقّفه على مضىّ السّتة أشهر و (- ح -) فالواجب الرّجوع الى حصول صدق العيب عرفا و هو عدم تحيضها في مدّة تحيض ذوات أسنانها الموافقات لمزاجها في تلك المدّة لكن الإنصاف انّ قوله عليه السّلام فهذا عيب ليس المراد به انّه عيب عرفا كي يكون بمنزلة العلّة بالحكم و يسرى الحكم في مورد صدق العيب عرفا بل المراد انّه عيب شرعا فيكون عدم الحيض أقلّ من ستّة أشهر مسكوتا عن حكمه كما لا يخفى و من هنا يسقط ما سمعته من (- لك -) و قد نفى في الرّياض البعد عمّا في (- لك -) ثمَّ قال بل يثبت بمضيّ مدّة تحيض فيها ذوات أسنانها في تلك البلاد ثمَّ قال و منها ينقدح الوجه فيما ذكره بعض الأصحاب من انّ عدم تحيّض الحديثة البلوغ في المدّة المذكورة ليس عيبا يوجب الردّ بالبديهة فإنّ أمثالها لم يحضن فيها غالبا في العادة و يمكن ان ينزل على ذلك عبارة المتن و جماعة انتهى ما في الرّياض و أراد بالبعض المحقّق الأردبيلي (- ره -) فإنّه قال ينبغي ان لا يكون مجرّد بلوغ تسع سنين و التأخّر ستّة أشهر موجبا لذلك لانّه قد عرف بالتجارب أنّه متأخّر عن عشر سنين و عن اربع عشر سنة بل ينبغي النّظر إلى أمثالها سنا؟؟؟ و مع الاتفاق بالبلد و بالمزاج في الجملة فإن وجد منها دونها يكون عيبا انتهى و أقول انّ ما ذكره المحقّق المذكور لا ينافي ما ذكره الأصحاب لأنّهم عبّروا بكونها في سنّ من تحيض و التّعبير في النصّ بالمدركة الّتي بمعنى من أدركت الطمث فتأمّل و أوضح من ذلك قوله عليه السّلام فهذا عيب فإنّ البديهة قاضية بأنّه لا يكون عدمه عيبا إلاّ إذا كان في السّن المتعارف حصوله فيه لا مطلق جواز وقوعه شرعا فإنّه كان السّؤال عن المدركة فملاحظة ذلك مع تقييده في الجواب بعدم الكبر ممّا يستفاد منه ذلك كما لا يخفى قوله طاب ثراه ثمَّ انّ حمل الرّواية (- اه -) هذا تعريض بصاحب الجواهر (- ره -) حيث قال يجب تقييد الردّ بما إذا لم يتصرّف في هذه المدّة و الاّ كان له الأرش كغيره من العيوب إذ احتمال استثناء ذلك منها بانّ التصرّف لا يسقطه لإطلاق الردّ في الصّحيح المزبور مع استبعاد عدم التصرّف في هذه المدّة مخالف لظاهر الفتاوى و للأدلّة السّابقة على تعيين الأرش معه المرجّحة بها عليه و إن كان التعارض من وجه انتهى ما في الجواهر و ما ذكره موجّه و اعتراض الماتن (- ره -) عليه ممكن الدّفع بانّ المراد ليس مطلق التصرّف بل التصرف الدالّ على الرّضا فتأمّل ثمَّ كما ينبغي التّقييد بعدم التصرّف فكذا ينبغي التّقييد بما إذا لم يكن حال الشّراء عالما بعيبها و ما إذا لم يكن عدم الحيض مستندا الى سبب حادث عند المشترى بعد ثلثة الحيوان ضرورة انّ العلم بالحال يسقط اثر العيب و حدوثه في الثلاثة موجب لكون الضّمان على البائع بمعنى انفساخ العقد على المشهور قوله طاب ثراه و ظاهر الحلّي في (- ئر -) عدم العمل بمضمون الرّواية رأسا قال في (- ئر -) قد روى انّ من اشترى جارية لا تحيض في مدّة ستّة أشهر و مثلها تحيض كان له ردّها لانّ ذلك عيب هذا إذا لم يتصرف فيها أورد ذلك شيخنا (- ره -) في نهايته من طريق الواحد إيرادا لا اعتقادا انتهى و هو كالنصّ في عدم عمله بالرواية

مسألة في أن الإباق من العيوب

قوله طاب ثراه الإباق عيب بلا اشكال و لا خلاف (- اه -) قد نفى معرفة الخلاف فيه في مفتاح الكرامة و الجواهر و محكي (- ير -) و ادّعى في (- ط -) الإجماع على انّ له الخيار و يدلّ على كونه عيبا حكم العرف بذلك ضرورة كونه بحكم التّالف بل هو أبلغ من السّرقة لغيره لأنّه سرقة لنفسه في الحقيقة قوله طاب ثراه و يدلّ عليه صحيحة أبي هشام الآتية في عيوب السّنة (- اه -) هكذا وجدت في النّسخة المصحّحة من المتن و هو سهو من قلمه الشريف أو قلم النّاسخ و الصّحيح ابى همام بالميم بعد الهاء ثمَّ انّه (- ره -) لم يف بما وعده و لم يورد الرّواية في طيّ اخبار عيوب السّنة و المراد بها هي الصّحيحة الّتي رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى و غيره جميعا عن احمد بن محمّد عن ابى همام قال سمعت الرّضا (- ع -) يقول يردّ المملوك من احداث السّنة من الجنون و الجذام و البرص فقلت كيف يردّ من احداث السّنة قال هذا أوّل السّنة فإذا اشتريت مملوكا فحدث شيء من هذه الخصال بينك و بين ذي الحجّة رددته على صاحبه فقال له محمّد بن على فالإباق قال ليس الإباق من ذا الاّ ان يقيم البيّنة انّه كان أبق عنده قوله طاب ثراه لكن في رواية محمّد بن القيس (- اه -) أشار بذلك الى الصحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن صفوان عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال قضى علىّ عليه السّلام انّه ليس في إباق العبد عهدة الاّ ان يشترط المبتاع و مثله ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن الصّفار عن احمد بن محمّد بن عيسى عن ابن ابى عمير عمّن رواه عن محمّد بن أبي حمزة عمّن حدّثه عن أبي جعفر عليه السّلام قال ليس في الإباق عهدة و حملها على ما أشار إليه الماتن (- ره -) بقرينة صحيح ابى همام متعيّن للزوم حمل المطلق على المقيّد بل في قوله عليه السّلام في صحيح محمّد بن القيس الاّ ان يشترط المتاع نوع اشعار بكون مورد الخبر هو الإباق بعد العقد و بالجملة فالردّ به انّما هو إذا كان حاصلا قبل العقد و بعده قبل القبض أو بعد القبض قبل التصرّف و قبل انقضاء زمان الخيار فلو كان حاصلا بعد العقد و القبض و التصرّف أو قبل التصرّف بعد الثّلثة لم يجز الردّ بلا كلام ضرورة انّ العيب انّما يوجب الردّ إذا كان حادثا عند البائع أو عند المشترى في زمان الخيار كما تقدّم و انّما قيّدنا عدم ترتّب الأثر على الإباق عند المشترى بما إذا لم يكن في زمان الخيار نظرا الى كون ضمان المبيع في زمان الخيار على البائع الاّ ان يكون قد تصرّف المشترى بعد العلم بالعيب قوله طاب ثراه من الشكّ في كونه عيبا (- اه -) و أصالة اللّزوم بعد الشكّ المذكور محكمة الى ان يحصل اليقين بسبب الخيار و هو الاعتياد و قد حكى هذا القول في (- لك -) و (- الروضة -) عن بعض الأصحاب و عقّبه فيهما بتقويته قوله طاب ثراه وفاقا لظاهر (- يع -) (- اه -) قال في (- يع -)

ص:128

الإباق الحادث عند المشترى لا يردّ به العبد امّا لو أبق عند البائع كان للمشتري ردّه انتهى و وجه الظّهور تعليقه الحكم على الإباق عند البائع الصّادق على الإباق مرّة قوله طاب ثراه لكون ذلك نقصا (- اه -) مضافا الى إطلاق صحيح ابى همام المتقدّم قوله طاب ثراه و لا يشترط إباقه عند المشترى قطعا (- اه -) يعنى انّ الإباق الكائن عند البائع موجب للخيار من دون توقّف تأثيره على تجدّد الإباق من المملوك عند المشتري لإطلاق النصّ و الفتوى و صدق العيب على الإباق عند البائع فروع الأوّل انّه لو تاب الأبق و حصلت له ملكة الطّاعة ثمَّ بيع ففي الردّ بالإباق السّابق وجهان من إطلاق النصّ و الفتوى و استصحاب كونه عيبا و من الأصل و انّ ذلك كالعيب الحادث الزائل قبل العقد الثّاني انّ مقتضى ما قلناه من كون الإباق عيبا هو عدم اختصاص أثره بالردّ خاصّة بل يتخيّر بين الردّ و الأرش لأنّه حكم العيب (- مط -) الثّالث انّه لو شرط المشترى انّ له الخيار ان أبق العبد عنده بعد زمان الخيار أو قبله بعد التصرّف صحّ الشّرط و لزم العمل به مع ضبط المدّة كما في سائر الشّروط و في قوله عليه السّلام في مرسل أبي حمزة المتقدّم الاّ ان يشترط المبتاع اشارة اليه كما لا يخفى

مسألة الثفل الخارج عن العادة في الزيت و البذر من العيوب

قوله طاب ثراه الثّقل الخارج عن العادة في الزّيت و البذر (- اه -) الثفل بالضّم و الثّافل ما استقرّ تحت الشّيء من كدره قاله جمع من أهل اللّغة و المراد بالزّيت دهن الزّيت و بالبذر دهن بذر الكتان كما قاله جمع فالمضاف و هو الدّهن و ما أضيف إليه البذر و هو الكتان محذوفان و قد يقال انّه دهن البزر و يطلق البزر على الدّهن قال في الصّحاح البزر بزر البقل و غيره و دهن البزر و بالكسر أفصح انتهى و في القاموس البزّار بياع بزر الكتان اى زيته انتهى و في المصباح بزر البقل و نحوه بالكسر و الفتح لغة و لا يقوله الفصحاء الاّ بالكسر فهو أفصح و الجمع بزور انتهى ثمَّ لا يخفى عليك انّ البزر هنا بالزّاء أخت الرّاء و ربّما يظهر من مجمع البحرين انّه بالذّال المعجمة حيث قال و من كلام الفقهاء الثفل في البذر عيب و هو بفتح الباء و كسرها مفسّر بدهن الكتّان (- اه -) و قد ذكر ذلك في مادّة ب ذ ر و لكنّه سهو من قلمه كما لا يخفى على المتتبّع ثمَّ انّ الماتن (- ره -) احترز بالخارج عن العادة عن الثّقل الغير الخارج عن المعتاد فإنّه لا يوجب ردّا و لا أرشا علم بالمشتري أم لا كما صرّح بذلك جمع قاطعين به بل في الرّياض و كشف الظّلام استظهار الإجماع عليه للأصل و العمومات السّليمة عن المعارض امّا لانّ ذلك ليس بعيب أو لأنّ جريان العادة بذلك يجعله بمنزلة الشرط و داخلا تحت إطلاق البيع و لا مجال (- ح -) لاحتمال فساد البيع لمكان جهالة قدر المبيع المقصود بالذّات كما قد يتسارع ذلك في بادي الإنظار إلى الخيال ضرورة ان الشّأن في ذلك كالشّأن في معرفة مقدار السّن و ظرفه جملة من دون العلم بالتّفصيل فيكون مثل ذلك غير قادح مع معرفة مقدار الجملة لصدق المعلوميّة (- ح -) و المناقشة بأنّ كفاية معرفة وزن السّمن بظرفه خارجة بالإجماع كما تقدّم أو مفروضة في صورة انضمام الظّرف المفقود هنا لأنّ الدّردي غير متموّل كما صدرت من الماتن (- ره -) لا وجه لها ضرورة انّه يكفينا في تصحيح البيع المذكور العمومات بعد حمل النّهى عن الغرر بحكم التبادر على ما لم يندرج تحت جملة معروفة كما في الشّعير مع ما فيه من التّراب و التّين و غير ذلك و لو قدح الكثير لقدح القليل لعدم الفرق بعد اتّحاد باب الشّبهة الغير المنفكّ عنها شيء لو بنى على تلك المداقة و من هنا ظهر الجواب عن تفرقته (- قدّه -) بين السّمن مع ظرفه و بين السّمن مع درده ضرورة انّه لو تمَّ ما ذكره من الفرق فيما ذا يفرق بين السّمن مع ظرفه و بين الشعير مع ترابه و تبنه فتدبّر ثمَّ انّ لازم إطلاق صحيح ميسر الآتي إيجاب الدّردي الغير الخارج عن العادة (- أيضا -) الخيار لانّه عليه السّلام علّق ثبوت الردّ على عدم العلم بالدّردى و مثله عبارة (- ية -) و (- ئر -) و محكي الجامع و (- ير -) و لكن التأمّل الصّادق يشهد بخلافه ضرورة انّه إذا جرت العادة بمقدار من الدّردي أوجبت العادة كونه معلوما فاندرج فيما يعلم به الّذي نفى عليه السّلام في الرّواية الخيار فيه ثمَّ انّ الثفل المعلوم وجوده في الزّيت لا يوجب الردّ و لا الأرش سواء كان خارجا من العادة أو موافقا لها كما صرّح بذلك جمع منهم المحقّق (- قدّه -) بل في الرّياض و كشف الظلام و غيرهما نفى الخلاف فيه و الوجه في ذلك أصالة اللّزوم مضافا الى صحيح ميسر المتقدّم و الى انّه عند الخروج عن العادة و إن كان عيبا عرفا و عادة بالضّرورة لكن اقدامه عليه على علم منه منع من تحقّق خياره فيه و مثله ما لو أقدم على شرائه من غير علم منه لكنّه تصرّف بعد العلم بالحال فإنّه يسقط بذلك خياره كما هو واضح قوله طاب ثراه يثبت به الردّ و الأرش (- اه -) قد صرّح بذلك جمع كثير بل نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر و الأصل في ذلك صدق العيب عليه عرفا و كونه على غير أصل وضعه و طبيعته الجارية بين النّاس قوله طاب ثراه و في رواية ميسر (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه و عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن ابى عمير و علىّ بن حديد جميعا عن جميل بن درّاج عن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له رجل اشترى ذقّ زيت فوجد فيه درديّا قال فقال إن كان يعلم انّ ذلك يكون في الزّيت لم يردّه و ان لم يكن يعلم انّ ذلك يكون في الزّيت ردّه على صاحبه و هي صحيحة على الأظهر لأنّ رجال السّند الى ميسر بن عبد العزيز أصحّاء و امّا هو فقد وثقه علىّ بن الحسن بن فضال و رواية جميل الّذي هو ممّن قام الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه مؤيّد لذلك قوله طاب ثراه زقّ زيت يجد درديّا الزّق بالزّاي المعجمة المكسورة ثمَّ القاف المشدّدة الظّرف و في المصباح انّ بعضهم يقول ظرف زيت أو قير و الدّردي من الزيت و غيره ما يبقى في أسفله قاله في المجمع قوله طاب ثراه نعم في رواية السّكوني (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن جعفر صلوات اللّه و سلامه عليه قوله طاب ثراه عكّة العكّة بتثليث العين إنية السّمن قوله طاب ثراه فوجد فيها ربّا الرّب بضمّ الرّاء المهملة ثمَّ الباء الموحّدة المشدّدة دبس الرطب إذا طبخ و قبل الطّبخ هو صفر قاله في المصباح و غيره قوله طاب ثراه و هذه الرّواية بظاهرها مناف (- اه -) يمكن الجواب عن ذلك بعد عدم كون الرّب من الثّقل في شيء بأنّ حكمه عليه السّلام بان له بمقداره سمنا لعلّه من جهة انّ المبيع مقدار كلّي في الذّمة و المدفوع وفاء عنه فلمّا تبيّن كونه ناقصا وجب على البائع إكماله و امّا لو كان المبيع هو الموجود الخارجي الّذي في هذه العكّة على انّه كذا فظهر ناقصا فقد سبق البحث فيه و انّ له الخيار بين قبوله بجميع الثمن و بين فسخ البيع لانّ ذلك من تخلّف الشّرط لا من تبعّض الصّفقة و لا من بيع المعيب و لو سلّم ظهور النصّ في ذلك فلا محيص من حمله على ذلك و نحوه لقصوره سندا عن الخروج به عن القواعد و وصفه بالصّحة كما صدر من صاحب الجواهر (- ره -) سهو من قلمه الشّريف قوله طاب ثراه نقصا في الزّيت من حيث الوصف (- اه -) (11) كما لو كان ممتزجا بالزّيت غير مميّز منه و كان قد أورث الكدر فيه قوله طاب ثراه موجب للردّ أو الأرش (12) إلى هنا عبارة (- ير -) قوله طاب ثراه و ان لم يفد الاّ نقصا في الكمّ (- اه -) (13) كما لو كان مميّزا من الزّيت منفصلا نازلا إلى أسفل الظرف مثلا قوله طاب ثراه فيلحق بما سيجيء في الصّورة الثالثة (- اه -) (14) أراد بها الصّورة الثالثة من صور ما لم يفد الاّ نقصا في الكمّ و هي الّتي يذكرها بقوله و لو باعه ما في العكّة من الزّيت

ص:129

على انّه كذا و كذا رطلا فتبيّن نقصه عنه (- اه -) و ذلك لانّه لمّا كان إطلاق شراء العكّة بمنزلة اشتراطهما كون ما في العكّة زيتا و المفروض علمهما بوزن الزّيت مع العكّة الّذي هو بمنزلة العلم بوزن المظروف شرعا كان ذلك ممّا يلحق بما لو باع ما في العكّة من الزّيت مع اشتراطهما كون الزيت كذا و كذا رطلا فاذا ظهر ناقصا كان للمشتري تخلّف الوصف أو الجزء على خلاف فتدبّر

مسألة في أن مطلق المرض من العيوب و أن بعضه يرد إلى سنة

قوله طاب ثراه هذا هو المشهور (- اه -) أشار بذلك الى خلاف بعضهم في بعض الأربعة فإنّ الجنون لم يخالف فيه بل و لا استشكل فيه احد و استشكل في الجذام في (- لك -) و في البرص المحقّق الأردبيلي (- ره -) و خالف في القرن جمع تسمع ذكرهم إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه ففي رواية علىّ بن أسباط (- اه -) أشار بذلك إلى القوي الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن علىّ بن أسباط عن ابى الحسن الرّضا عليه الاف التحيّة و الثناء قال سمعته يقول الخيار في الحيوان ثلثة أيّام للمشتري و في غير الحيوان ان يتفرّقا و احداث السّنة تردّ بعد السّنة إلى أخر ما في المتن و الى صدر الرّواية أشار الماتن بقوله في حديث خيار الثّلثة يعنى خيار ثلثة أيّام الحيوان قوله طاب ثراه و في رواية ابن فضّال (- اه -) قد رواها الصّدوق (- ره -) في محكي الخصال عن محمد بن على ماجيلويه عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن احمد عن محمّد بن عيسى عن ابن فضال عن ابى الحسن الثاني صلوات اللّه و سلامه عليه و متنها على ما في المتن قوله طاب ثراه و في الكافي (- اه -) رواية (- يب -) و الكافي مخالفة لرواية الخصال و ذلك ان الكليني (- ره -) رواها عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن ابى الحسن الرّضا صلوات اللّه و سلامه عليه قال تردّ الجارية من اربع خصال من الجنون و الجذام و البرص و القرن القرن الحدبة الاّ انّها تكون في الصّدر تدخل الظّهر و تخرج الظّهر و رواه في (- يب -) بإسناده عن سهل عمّن عرفت الاّ انّه قال و القرن و الحدبة لأنّها تكون في الصّدر (- اه -) و قال المجلسي (- ره -) في حواشي الكافي ان ذكر الحدبة في رواية ابن فضال على تقدير رواية الكافي الظّاهر انّه تفسير للقرن و هو خلاف المعروف بين الفقهاء و اللّغويّين بل فسّروا بأنّه شيء كالسّن يكون في الفرج يمنع الجماع و على رواية (- يب -) تكون معطوفة على الأربع و هو بعيد و قيل المراد به انّ القرن و الحدبة مشتركان في كونهما بمعنى النّتو لكن أحدهما في الفرج و الآخر في الصّدر و لا يخفى بعده و بالجملة يشكل الاعتماد على هذا التّفسير هذا كلام المجلسي (- ره -) بتغيير يسير و على منواله جرى في (- ئق -) قوله طاب ثراه و في الصّحيح عن محمّد بن على (- اه -) رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن محمّد بن عبد الحميد عن محمّد بن على عن الرّضا عليه الاف التحيّة و الثّناء قال سمعته يقول يردّ المملوك إلى أخر ما في المتن و بمضمونه صحيح ابى همام المتقدّم عند الكلام في إباق المملوك قوله طاب ثراه و احتمل بعض كونه الحلبي (- اه -) هذا البعض هو المحقّق الأردبيلي (- ره -) قوله عليه السّلام هذا أوّل السّنة (- اه -) الظاهر انّ المشار اليه بقوله عليه السّلام هذا أوّل السّنة أخر ذي القعدة حيث جعل أخر السّنة ذي الحجّة و (- ح -) فجعل أخر ذي القعدة أوّل السّنة باعتبار كونه زمان المخاطبة و صدور الرّواية و مثل ذلك شائع عرفا حيث تراهم عند المثال يجعلون أوّل المدّة حين التكلّم و ربّما حكى عن العلاّمة المجلسي (- ره -) انّه فسّر الرّواية بأنّه إذا كان البيع أوّل المحرّم قال لأنّه أوّل السّنة و المراد انتهاء ذي الحجّة ثمَّ قال و احتمال كون سنتها كالزكاة احد عشر شهرا بعيد انتهى و أنت خبير بانّ ما ذكره من التفسير مثل ما استبعده من الاحتمال في البعد لعدم ظهور قوله و بين ذي الحجّة إلاّ في أوّلها و جعل أوّل السّنة أوّل المحرّم لمجرّد كونه أوّل تبدّل التاريخ ممّا لا وجه له فما قلناه متعيّن و اللّه العالم قوله طاب ثراه و من هنا استشكل المحقّق الأردبيلي في الجذام (- اه -) هذا سهو من قلمه الشّريف لانّ المحقّق الأردبيلي (- ره -) انّما استشكل في البرص دون الجذام و امّا الجذام فالمستشكل فيه هو الشهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) حيث قال يبقى في حكم الجذام إشكال فإنّه يوجب العتق على الثاني قهرا كما سيأتي و (- ح -) فإن كان حدوثه في السّنة دليل على حدوثها قبل البيع لأنّها تكمل في البدن سنة ثمَّ تخرج فيكون عتقه على البائع فيكشف ظهوره عن بطلان البيع فلا يتّجه الخيار و ان عمل على الظّاهر كان حدوثه في ملك المشترى موجبا لعتقه قبل ان يختار الفسخ إذ ليس له اختيار حتّى يتحقّقه و متى تحقّقه حكم بعتقه شرعا قبل الفسخ فيشكل جوازه بعد العتق و قد تقدّم نظيره ثمَّ انّه (- ره -) أجاب عن الإشكال بقوله و يمكن حلّه بانّ الحكم بعتقه بالجذام مشروط بظهوره بالفعل كما هو ظاهر النصّ و لا يكتفى بوجوده في نفس الأمر فلا يعتق على البائع قبل بيعه لعدم ظهوره و لا بعده قبل الفسخ لعدم ملكه و عتقه عن المشترى موقوف (- أيضا -) على ظهوره و هو متأخّر عن سبب الخيار فيكون السّابق مقدّما فيتخيّر فان فسخ عتق على البائع بعده و ان اختار الإمضاء عتق على المشترى بعده فينبغي تأمّل ذلك انتهى كلامه علا مقامه و أنت خبير بان كلاّ من الإشكال و الجواب منظور فيه امّا الجواب فيأتي وجه النّظر فيه في كلام الماتن (- ره -) و امّا أصل الإشكال ففيه أوّلا ما أشار إليه في مفتاح الكرامة و الجواهر و غيرهما من زبر الأواخر من انّه لا إشعار في شيء من النّصوص بانّ الفسخ بهذه العيوب لمكان ظهور سبقها عند البائع حتّى يتّجه القول بسبق الخيار فانّ ابن إدريس الّذي هو الأصل في هذا الإشكال قال في (- ئر -) انّ الدّليل على المسئلة الإجماع و ما بنا حاجة الى ما قاله شيخنا في مقنعة من انّ أصول هذه الأمراض يتقدّم ظهورها سنة و لا يتقدّمها بأكثر من ذلك لانّ هذا يؤدّى الى بطلان البيع لأنّ البائع باع ما لا يملك لانّ الرّقيق ينعتق بالجذام من غير اختيار مالكه و انّما الشارع حكم بانّ الرّقيق يردّ من هذه العيوب ما لم يتصرّف فيه ما بين شرائه من سنة انتهى و ثانيا ما في (- ئق -) من انّ الانعتاق بالجذام و نحوه انّما هو في الملك المستقرّ الّذي لا يتعقّبه خيار و لا فسخ و ما نحن فيه ليس (- كك -) فإنّه مراعى بمضيّ السّنة سالما من العيوب المذكورة إذ مع ظهورها في هذه المدّة فله ردّه فهو غير مستقرّ و ملخّص البحث ان هذه الرّوايات مع كثرتها و صحّة بعضها صريحه في الردّ بهذه العيوب الّتي من جملتها الجذام و قد اتّفقت على الردّ به على انّ ما ذكروه من الخيار في الصّورة المذكورة سيأتي إنشاء اللّه تعالى ما فيه و ما روى في الانعتاق بالجذام انّما هو رواية السّكوني و إن كان ظاهرهم الاتفاق على القول بها و هي تضعف عن معارضة هذه الأخبار و لو ثبتت المعارضة و المنافاة فالواجب العمل بهذه الأخبار و حمل رواية السّكوني على استقرار الملك قال و بذلك يظهر ما في قوله تفريعا على ما قدّمه فان فسخ عتق على البائع بعده و اين هذا التفصيل من ظاهر الأخبار المذكورة و هي انّما تضمّنت الردّ بظهور احد هذه العيوب خاصّة انتهى و ربّما يظهر من بعضهم تسليم الإشكال في الجملة و القول بالانعتاق و استحقاق المشترى الرّجوع على البائع بالثمن و بانفساخ العقد من رأس حينئذ من دون حاجة الى الفسخ لأنه قد تلف بعيب مضمون على البائع فهو كالعمى في الثلاثة و حينئذ فيكون المراد بالردّ في نصوص المقام الأعمّ منه و من الردّ بالخيار و قد يحتمل ان لا يكون انفساخا فله الخيار (- ح -) بين فسخ العقد و الرّجوع بالثمن و بين الإمضاء و المطالبة بالأرش لكن يجب (- ح -) عدم ملاحظة الحريّة فيقوّم عبدا صحيحا و عبدا مجذوما إذ على تقدير ملاحظتها لا تبقى لها قيمة فلا جهة (- ح -) للأرش بل يتعيّن كونه انفساخا كما في كلّ عيب مذهب للماليّة كما نبّه على ذلك في الجواهر ثمَّ قال و لعلّ ذلك لازم على ما ذكره في (- لك -) (- أيضا -) فيما لو منع مانع من

ص:130

ردّه من حدوث عيب و نحوه ثمَّ أجذم فإنّه لا محيص له (- ح -) عمّا ذكرنا من القول بالانفساخ قهرا أو اختيار الأرش على الطريق المذكور انتهى و أقول لا يخفى عليك إباء ظاهر الأخبار عن الانفساخ قهرا الّذي التزم به البعض المذكور بل ظاهر قوله عليه السّلام رددته في الأخبار المشار إليها انّما هو الفسخ دون الانفساخ و أوهن من ذلك جعل الردّ بمعنى الفسخ بالنّسبة الى غير الجذام و بمعنى الانفساخ بالنّسبة اليه و الّذي يقتضيه التدبّر المقرون بالنّصفة انّما هو القول بإيجاب الجذام كالجنون الخيار لانّ هذه الأخبار قد نطقت بالخيار بحدوث الجذام ما بين العقد و بين سنة و خبر السّكوني دلّ على إيجاب الجذام الانعتاق و إطلاقه يشمل السّنة و ما بعدها فالنّسبة بينهما هي العموم من وجه فيحمل خبر السّكوني على الحدوث بعد السّنة أو يحكم بانّ تقدّم سبب الخيار يوجب توقّف الانعتاق على إمضاء العقد و لو في غير المقام و بالجملة فرفع اليد عن الأخبار المذكورة المؤيّدة بعمل كافّة الطّائفة ممّا لا وجه له أصلا بقي هنا شيء و هو انّا قد أشرنا إلى استشكال المحقّق الأردبيلي (- ره -) في البرص و لا بدّ من نقل اشكاله قال (- ره -) و في البرص اشكال لورود أنّ العهدة فيه ثلثة أيّام و في رواية عبد اللّه بن سنان المتقدّمة في خيار الحيوان عن ابى عبد اللّه صلوات اللّه و سلامه عليه عهدة المبيع في الرّقيق ثلثة أيّام إن كان بها حبل أو برص أو نحو هذا و عهدته السّنة من الجنون فما بعد السّنة فليس بشيء و الظاهر انّها صحيحة إذ ليس فيه من به شيء إلاّ الحسن بن على الوشاء الظّاهر توثيقه من كتب الرّجال و لهذا قد سمّى ما هو فيه بها و الأصل أدلّة لزوم البيع يؤيّده و يمكن حمل غيرها على استحباب قبوله للبائع أو الثّانية على كراهة ردّه و ان جازوا و لعلّه اولى من الحمل الأوّل و أنسب بالعبارة و يوافق المشهور (- فت -) انتهى و أجاب عنه في (- ئق -) بترجيح اخبار المقام على حسن بن سنان بالصّحة و الكثرة و الاعتضاد باتّفاق الأصحاب على عدّ البرص هنا ثمَّ احتمل كون لفظ البرص في الحسنة تحريف مرض من بعض الرّواة قال فانّ قرب التحريف من احد هذين اللّفظين إلى الأخر ممّا لا ينكر انتهى و أقول ما ذكره من رجحان اخبار المقام على الحسنة في غاية المتانة بناء على المعارضة و ربّما يمكن منع المعارضة من أصلها نظرا انّ المراد بالخبل و البرص و نحوهما في الموثقة انّما هو السّابق كما يشهد به التعبير بكان و المقارنة بالخبل الغير المتبيّن في ثلثة أيّام فمورد الحسنة انّما هو ثبوت الخيار بالبرص السّابق على العقد إذا علم به قبل انقضاء الثلاثة و لا تعرّض في ذلك لحال البرص الحادث بعد العقد أو بعدها إلى سنة فتبقى اخبار المسئلة عن المعارض سليمة قوله طاب ثراه و ليس التعارض من باب المطلق و المقيّد (- اه -) بل هو من باب السّكوت و البيان كما لا يخفى قوله طاب ثراه و فيه انّ ظاهر هذه الأخبار (- اه -) حاصل هذا الإيراد إفساد مبناه اعنى تأخّر ظهور الجذام عن سبب الخيار و وجه الفساد انّ سبب الخيار ليس الاّ ظهور الجذام و ليس شيئا أخر متقدّما عليه كي يتمشّى ما ذكره الموجّه من تأخّر العتق عن الظّهور المتأخّر عن سبب الخيار بل سبب الخيار و سبب الانعتاق كلاهما ظهور الجذام و توهّم انّ سبب الخيار انّما هو العقد و سبب الانعتاق هو ظهور الخيار ساقط لانّ السّبب عبارة عمّا استند اليه المسبّب و الخيار غير مستند الى العقد بل الى ظهور الجذام كما لا يخفى و قد لوّح الى ما ذكرنا في مفتاح الكرامة بقوله بعد نقل جواب (- لك -) قد تأمّلنا ذلك فلم نعرف الوجه الوجيه في تأخّر ظهوره عن سبب الخيار إذ الظّاهر انّ سبب الخيار ظهور احد هذه الخصال كما يظهر من الأخبار منتهى و سبقه الى ذلك صاحب (- ئق -) (- ره -) قوله طاب ثراه لعدم قيام المال بعينه (- اه -) أشار بذلك الى الضّابط المستفاد من مرسلة جميل المتقدّمة في الثاني من مسقطات هذا الخيار و هو التصرّف قوله طاب ثراه و الإجماع المدّعى في (- ئر -) و الغنية (- اه -) قد نسب جواز ردّ الرّقيق من الجنون و الجذام و البرص الحادثة بين العقد و بين سنة الى أصحابنا تارة و ادّعى الإجماع عليه اخرى و نسبه الى الشّارع ثالثة و ادّعى في الغنية الإجماع على انّ الرقيق عبدا كان أو امة يردّ من الثلاثة المذكورة الحادثة إلى مدّة سنة إذا لم يمنع من الردّ مانع قوله طاب ثراه ثمَّ انّ زيادة القرن ليس في كلام الأكثر (- اه -) بل وقع الاقتصار في غالب كلماتهم منها المقنعة و (- ية -) و الوسيلة و (- شاد -) و غيرها على ذكر الثلاثة الأوّل و لكن حكى القول بكون ذلك من احداث السّنة عن الإسكافي و الشهيد (- ره -) في (- س -) و ابن سعيد في الجامع و حجّتهم مستفيض الأخبار مثل خبر علىّ بن أسباط و خبري ابن فضال المتقدّمة و بها يرفع اليد عن حجّة المنكر و هو أصالة اللّزوم بعد خلوّ صحيحة أبي همام عنه مع وروده في مقام التهديد و الضّبط لهذه الأمور فإنّ الأصل ينقطع بالنّصوص المشار إليها و خلوّ صحيح ابى همام لا يضرّ بعد وجوده في المستفيضة فإنّ الصّحيحة (- ح -) ساكتة و المستفيضة ناطقة به و النّاطق مقدّم على السّاكت و لا يضرّ عدم نقاء سند المستفيضة بعد تجابر بعضها ببعض بل في مجمع الفائدة أنّ المظنون كون محمّد بن على هو الحلبي فيصحّ السّند قلت مضافا الى وجود القرن في الصّحيحة (- أيضا -) على رواية الشيخ (- ره -) في محكي (- يب -) قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ظاهر إطلاق الأخبار (- اه -) قلت يظهر من الأصحاب في سقوط خيار أحداث السنة بالتصرّف أقوال أحدها سقوط الردّ بمطلق التصرّف و ثبوت الأرش و هو خيرة (- ئر -) و (- عد -) و (- شاد -) و (- لك -) و محكي (- س -) و ظاهر (- مع صد -) و غيرها و الأصل في ذلك إطلاق ما دلّ على سقوط الخيار بالتصرّف بل في (- ئر -) هنا دعوى الإجماع على السّقوط و حيث انّ كلامه قد تضمّن نكتا لطيفة أجبت إيراده برمّته قال (- ره -) بعد التفرقة بين العيوب بثبوت الخيار بالحادث بعد العقد من الثلاثة دون غيرها من العيوب و التعلّق في ذلك بالإجماع ما لفظه و لئن خطر بالبال و قيل الفرق بينها و بين غيرها من العيوب هو انّ غيرها من العيوب بعد التصرّف ليس للمشتري الردّ و العيوب الثلاثة له الردّ بعد التصرّف فافترقت هذه العيوب من هذا الوجه الّذي ذكرتموه قلنا له هذا خلاف إجماع أصحابنا و مناف لأصول المذهب لأنّ الإجماع حاصل على انّ بعد التصرّف في المبيع يسقط الردّ بغير خلاف بينهم و الأصول مبنيّة مستقرّة على هذا الحكم فان قيل فما بقي لاستثنائهم العيوب الثّلثة و انّما تردّ بها الرّقيق ما بين الشّراء و بين سنة معنى و لا فائدة قلنا الفائدة و المعنى هو الوجه الّذي قدّمناه ليسلّم هذا الإجماع و الأصول الممهّدة لأنّ الكلام و الأخبار في الرد إلى سنة من الثلاثة العيوب مطلق لم يذكر فيه تصرّف ا و لم يتصرّف و الشّارع إذا خاطبنا بخطاب مطلق يجب علينا ان نحمله على إطلاقه و عمومه الاّ ان يكون تخصيص و تقييد لغويّ أو عرفيّ أو شرعي فيرجع في إطلاقه إليه لأنّ المطلق يحمل على المقيّد إذا كان الجنس واحدا و العين واحدة و الحكم واحد كما قال اللّه تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ فاذا سئلنا عن دم السّمك هل هو نجس أم لا فجوابنا بأجمعنا انّه طاهر فان استدلّ عليها بالآية المتقدّمة الّتي أطلق

ص:131

الدّم فيها و دم السّمك دم بغير خلاف قلنا فقد قال اللّه تعالى في أية أخرى أَوْ دَماً مَسْفُوحاً فقيّد بالسّفح و دم السّمك غير مسفوح فيجب ان يحمل المطلق على المقيّد لأنه حكم واحد و عين واحدة و جنس واحد فان قيل هذا قياس و القياس عندكم باطل قلنا معاذ اللّه ان يكون ذلك قياسا بل أدلّة مقرّرة في أصول الفقه ممهّدة عند من احكم أصول هذا الشأن و (- كك -) قد يخصّ العام بالأدلّة و نحكم بالخاصّ على العامّ و أمثلة ذلك كثيرة مذكورة في مظانّها انتهى ثانيها عدم سقوط الردّ هنا بالتصرّف (- مط -) و هو الّذي يقتضيه إطلاق المقنعة و (- ية -) و الوسيلة و الغنية و الأصل في ذلك إطلاق الأخبار المزبورة كما أشار الى ذلك في مجمع الفائدة بقوله انّ الأخبار الدالّة على الردّ هنا خالية عن قيد عدم التصرّف بل هو ظاهر الردّ مع التصرّف (- أيضا -) لبعد عدم التصرّف سنة و لو بمثل اسقني ماء و أغلق الباب في مملوك اشتراه للخدمة كما مرّ غير مرّة و لانّ عدم التفصيل في مثله يفيد العموم بل نصّ في ذلك فلا يبعد استثناء هذه العيوب (- أيضا -) من عدم جواز الردّ مع التصرّف مع انّه قد تقدّم عدم نصّ صريح في المنع كلّية و على تقديره (- أيضا -) يجوز التخصيص هذه الرّواية و ليس تقييد هذه بعدم التصرّف بأولى من عدم تقييد تلك بعدم هذه العيوب و استثنائها منه بل الظّاهر انّ هذه اولى لما تقدّم من البعد و لكن القائل به غير ظاهر و هم اعرف انتهى و ردّ بأنّه لا استبعاد في حمل الإطلاق على صورة عدم التصرّف بعد ان لم يكن جوابا للسؤال عن أمر واقع و فيه نظر يظهر وجهه إنشاء اللّه تعالى ثالثها السّقوط بالتّصرف المغيّر للعين أو الصّفة دون غيره و هو ظاهر (- يع -) حيث قال هذا الحكم يثبت مع عدم الإحداث فلو أحدث ما يغيّر عينه أو صفته ثبت الأرش و سقط الردّ انتهى و اعترض في (- لك -) على المحقّق (- ره -) بقوله الأجود انّ مطلق التصرّف مانع من الردّ كغيرها من العيوب و ان لم يوجب تغيّرا انتهى و فيه ما مرّ عند الكلام في التصرّف المسقط من انّ المسقط انّما هو التصرّف المغيّر للعين أو الصّفة دون مطلق التصرّف و (- ح -) فأخبار الباب تقيّد بما دلّ على السّقوط بالتصرّف المغيّر للعين و الصّفة و يبقى إطلاقها بالنّسبة إلى التصرّف الغير المغيّر للعين أو الصّفة محكما و توهّم انّ النّسبة بين هذه الأخبار و بين ما دلّ على السّقوط بالتصرّف هي العموم من وجه لشمول إطلاق هذه الأخبار لصورتي التصرّف و عدمه و شمول ما دلّ على السّقوط بالتصرّف المغيّر لما إذا كان العيب من احداث السّنة أو غيره و لا مرجّح في البين مدفوع بأنّ النّسبة بين جميع اخبار الردّ بالعيب و بين دليل سقوط الردّ بالتصرّف المغيّر على هذا هي العموم من وجه فتقييدهم الأدلّة بالثاني يكشف عن فهمهم حكومة الثّاني على الأدلّة نظرا الى كون إطلاق أخبار الردّ بالعيب واردا أمور بيان مجرّد سببيّة العيب للردّ فلا إطلاق له يشمل صورتي التصرّف و عدمه حتّى تكون النّسبة هي العموم من وجه فكذا فيما نحن فيه لا إطلاق لهذه الأخبار يشمل صورتي التصرّف المغيّر و عدمه لكنّ الإشكال من جهة أخرى هنا و هو انّ مورد ما دلّ على مانعيّة التصرّف المغيّر من الردّ انما هو العيوب المتعارفة السّابقة على العقد فلا يشمل أحداث السّنة فمانعيّة التصرّف هنا لا يكون الاّ للكشف عن الرّضا فالتصرّف الكاشف مانع دون غيره و لا يكشف التصرّف إلاّ إذا كان بعد العلم بحدوث أحد الأحداث لا قبله و على هذا فالحقّ هو التّفصيل بين التصرّف السّابق على حدوث شيء من العيوب الأربعة المذكورة أو اللاّحق على الحدوث و السّابق عن علم المشترى به و بين التصرّف الكاشف عن الرّضاء بعد الحدوث و العلم به بالسّقوط في الأخير دون غيره امّا السّقوط في الأخير فواضح و امّا عدم السّقوط في غيره فلاستصحاب الخيار و أصالة عدم السّقوط و إطلاق الأخبار بعد اختصاص دليل السّقوط بالتصرّف بغيره إذ ليس الاّ النّص أو الدّلالة على الرّضاء و لا ريب في اختصاص مورد الأوّل بصورة تأخّر التصرّف عن العلم بالعيب بل اختصاصه بغير العيوب الأربعة و امّا الثاني فاختصاصه بصورة التأخّر واضح لعدم دلالة التصرّف السّابق على الحدوث أو العلم بالحدوث على الرّضا عرفا بالوجدان فتدبّر بقي هنا أمور متعلّقة بأحداث السّنة ينبغي التنبيه عليها الأوّل انّ الظّاهر كون الردّ بأحداث السّنة رخصة لا عزيمة بمعنى انّ العقد لا يفسد بذلك بل يثبت له الخيار بين الردّ و الإمساك و الوارد في تلك الأخبار و إن كان جملة خبريّة مستعملة في الإنشاء و مقتضى ذلك الوجوب الاّ انّ وقوعها موقع توهّم الخطر للزوم البيع يفيد الإباحة بل لنا منع كون الجملة مستعملة في مقام الإنشاء بل هي خبريّة سيقت لبيان مجرّد استحقاق الرّد و على اىّ حال فلا ينبغي التأمّل في كون المراد الخيار الثّاني انّ الأخبار كما ترى قد خلت عن ذكر الأرش لو اختار الإمساك عند عروض شيء من الأحداث المذكورة في ضمن السّنة بل الواقع فيها انّما هو ثبوت الردّ و لا دليل على الأرش و الأصل برأيه ذمّة البائع منه و ما دلّ على ثبوت الأرش في العيب لو اختاره المشترى منصرف الى العيب المتعارف الحاصل قبل القبض و انقضاء خيار الثّلثة و شموله لإحداث السّنة غير معلوم و الأصل عدمه و قد جزم بما قلناه في (- ئق -) حيث قال ان ظاهر الأصحاب هو انّه بظهور احد هذه العيوب في ضمن السّنة يتخيّر بين الردّ و الأخذ بالأرش كما هو قضيّة خيار العيب و الرّوايات المذكورة على كثرتها انّما تضمّنت الردّ خاصّة و هي موافقة للرّوايات الّتي قدّمناها في خيار العيب حيث انّها انّما تضمّنت الردّ خاصّة و امّا الأرش فإنّما هو في صورة التصرّف المانع من الردّ انتهى و لكن ظاهر الجواهر إرسال ثبوت الأرش لو اختار الإمساك حتّى قبل التصرّف إرسال المسلمات و عدم الدّليل عليه مع كونه على خلاف الأصل كاف في بعده فتدبّر الثّالث انّه لو حدث شيء من العيوب المذكورة بعد انقضاء السّنة من العقد لم يكن إشكال في عدم ثبوت الخيار للمشتري لأصالة اللّزوم بعد اختصاص مورد الأخبار بالحادث في السّنة و التوقيت فيها بالسّنة مضافا الى قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدّمة عند الكلام في البرص فما بعد السّنة فليس بشيء الرّابع انّ السّنة هل هي ظرف لحدوث العيب حتّى يجوز الفسخ بعدها بالعيب الحادث فيها أم لا بل هي ظرف للحدوث و الفسخ جميعا وجهان استظهر بعضهم الأوّل بل في كشف الظلام استظهار اتفاق الأصحاب على انّ حدوث احد هذه الأشياء في ضمن السّنة ممّا بين العقد و انتهاء السّنة موجب للخيار فيما بعد السّنة (- أيضا -) امّا مطلقا أو بشرط ان لا ينافي الفورية على اختلاف الرّأيين في حكم الخيار من الفور أو التّراخي و امّا اخبار المسئلة فعلى أقسام فمنها ما يفيد بإطلاقه الوجه الأوّل مثل صحيح ابى همام حيث أطلق فيه الردّ من الأحداث الّتي ظرفها سنة العقد و مثله خبر محمّد بن على و منها ما يفيد الثّاني مثل خبر ابن فضال المتقدّم حيث انّ قوله عليه السّلام في أربعة أشياء خيار سنة ظاهر في كون السّنة ظرفا للخيار (- أيضا -) (- فت -) و منها ما ينافي ذيله صدره مثل خبر علىّ بن أسباط حيث قال عليه السّلام في صدره انّ احداث السّنة تردّ بعد السّنة و قال عليه السّلام في ذيله فمن اشترى فحدث فيه هذه الأحداث فالحكم ان يردّ على صاحبه الى تمام السّنة من يوم اشتراه فانّ الصّدر صريح في الوجه الأوّل و الذيل ظاهر في الوجه الثّاني و انّما جعلناه ظاهرا و الصّدر صريحا لاحتمال ان تكون الغاية في الصّدر غاية لتأثير الحدوث في الردّ لا غاية لنفس الردّ و (- ح -) فصراحة الصّدر تحكم على ظهور الذّيل و يؤيّد بإطلاق صحيح ابى همام و خبر محمّد بن على فيترجّح بذلك الوجه الأوّل و يقصده باستظهار

ص:132

الاتّفاق المزبور فتدبّر جيّدا

خاتمة في ذكر عيوب متفرقة

قوله طاب ثراه خاتمة في عيوب متفرّقة قلت هناك أمور أخر عدّت من العيوب لم يذكرها الماتن (- ره -) و لا بأس بالتعرّض لها فمنها ظهور المملوك المشترى خنثى فانّ ذلك عيب قطعا لصدق المعيوب عليه عرفا مضافا الى دلالة الضّابط المزبور عليه و منها التخنيث و قد ادّعى في (- ط -) الإجماع على كونه عيبا و هو على ما في الصّحاح و القاموس و المصباح التثنّي و الانعطاف و اللّين و عن المازني انّ المخنّث الّذي تشبّه بالنّساء في اطلاقهنّ و كلامهن و حركاتهنّ و حكى نحوه عن الشهيد (- ره -) في الحواشي و حكى عن العياذ ذلك مع زيادة انّ ذلك امّا خلقة أو تصنّعا من الفسقة و في (- مع صد -) انّه الممكّن من نفسه قلت هو على التّفسير الأخير عيب جزما إذا كان ذلك عادة له لحكم العرف بكونه عيبا لكن في مفتاح الكرامة نفى وجدان من فسّره بذلك من الفقهاء و أهل اللّغة قال و في (- كرة -) مخنّثا أو ممكّنا من نفسه فعطف بأو الدّال على المغايرة انتهى و امّا على التفاسير الأخر فلا ينطبق عليه الضّابط المزبور و (- ح -) فان حكم العرف بكونه عيبا و الاّ كان للنّظر مجال و منها الجهر و هو مرض في العين أثره عدم البصر في الشمس و العشاء و هو سواء البصر باللّيل أو عدم البصر أصلا و الخفش و هو صغر العينين مع ضعف البصر و الجحظ و هو خروج مقلّة العين و كون ذلك كلّه عيوبا ممّا لا اشكال فيه بعد قضاء العرف بذلك و منها الجبّ و هو استيصال الخصية و الخصاء و هو سلّ الخصيتين و قد صرّح بكون كلّ منهما عيبا جماعة قاطعين به بل في (- لك -) و ظاهر (- كرة -) و (- مع صد -) الاتّفاق عليه و كفانا في ذلك حكم العرف بذلك مضافا الى انطباق الضّابط المنصوص عليه من غير فرق بين إيجابهما نقص القيمة أم لا لما مرّ من عدم الدّليل على تخصيص النّقيصة و الزّيادة بالمنقصتين للماليّة و لازم ذلك ثبوت كلّ من الأرش و الردّ في ذلك و قد مرّ بعض الكلام فيه و نقل وجهين اخرين فيه و عرفت انّ نظر من منع من ثبوت حكم العيب عليه من الردّ و الأرش الى ما بنى عليه من اعتبار إيجاب نقص المالية في الزّيادة و النّقص المثبتين للعيب و فيه أوّلا ما مرّ من منع اعتبار ذلك و ثانيا ما في مفتاح الكرامة من منع عدم نقص الماليّة بهما قال (- ره -) لا ريب في نقص قيمة المجبوب و الخصىّ عند التجّار و أصحاب الأشغال لعجزهما عن أكثر أفعال الفحول من نسل و غيره و انّما يرغب إليهما بعض افراد النّاس كالحكّام و السّلاطين لرؤية نسائهنّ و دخولهما عليهنّ و هذا نفع ألغى الشّارع منفعته و جعل ذلك النقصان و ما ترتّب عليه حراما لأنّ حرمة الخصاء في الآدمي محلّ وفاق و في غير الآدمي ظاهر نهاية الأحكام الإجماع عليه حيث قال منع علمائنا من خصاء الحيوان و الّذي وجدناه قائلا بالمنع في غير الآدمي انّما هو القاضي و التّقى و المصرّحون بالجواز من المتأخرين كثيرون و امّا حرمة ما ترتب على ذلك اعنى نظر الخصيّ إلى مالكته فقد حكى عليها الإجماع في (- ف -) و ظاهر فقه القرآن و لم نجد مخالفا قبل (- المصنف -) (- ره -) في (- لف -) فقد اتّضح انّهما ناقصان نقصا ماليّا الى ان قال و منه يعرف الحال في الخصيّ غير الآدميّ على انّه لا يجزى في الزكاة و لا في الهدى و لا الأضحية انتهى لكن الإنصاف عدم نقص الماليّة فيهما لأنّ حرمة الفعل و حرمة ما يترتّب عليه لا يقتضي مقصده بعد كون القيمة بيد الناس و زيادة قيمة المملوك بالجبّ و الخصاء عندهم بالوجدان و الأمر في غير الآدميّ أوضح فالأولى ما قلناه من منع اختصاص الزّيادة و النّقيصة بالمنقصتين للماليّة فلا تذهل و منها استحقاق القتل في الرّدة أو القصاص و القطع بالسّرقة و الجناية و الاستسعاء في الدّين و يتصوّر الاستسعاء في الدّين كما في مفتاح الكرامة فيما إذا استدان بغير اذن مولاه على قول بعض الأصحاب و فيما إذا أفسد العبد مالا لاخر فضمنه المولى في بيعه و على اىّ حال فقد صرّح بكون ذلك عيبا جماعة بل في (- كرة -) الإجماع عليه صريحا و لعلّ الأصل في ذلك قضاء العرف بذلك لكونه في معرض التّلف و اىّ عيب أعظم من ذلك و منها كون الضّيعة منزل الجنود و ثقيل الخراج عدّهما في (- كرة -) من العيوب و لعلّ ذلك لأنّهما يقلّلان الرّغبات و ينقصان الماليّة و فيه تأمّل نعم لو صدق عليه العيب عرفا اتّجه ذلك و قد يقال انه لا فرق في الخراج بين أخذه بظلم أو غيره و المراد بثقله ان يكون فوق المعتاد في أمثال ذلك و في (- مع صد -) انّ مثله ما إذا صار للظّلمة عليها سبيل خارج عن العادة و لو بمرّة و عن بعض العامّة إلحاق ما لو كان الى جانبها قصّار يؤذى بصوت الدّق و يزعزع الأبنية و فيه خفاء و منها بول الكبير على الفراش عبدا كان أو امة و قد صرّح بكونه عيبا جماعة بل في الجواهر انّه المشهور و في (- كرة -) انّه عيب عندنا و الأصل في ذلك كونه مرضا و قد مرّ الإجماع على كون المرض عيبا مضافا الى قضاء العرف بكونه عيبا و لكن خالف في ذلك الشيخ (- ره -) و القاضي قال في (- ف -) إذا كان العبد يبول في الفراش لا يثبت فيه الخيار سواء كان صغيرا أو كبيرا و قال الشّافعي يثبت الخيار في الكبير دون الصّغير و قال أبو حنيفة يثبت في الجارية دون العبد دليلنا ما قلناه من انّه لا دليل على انّ ذلك عيب يوجب الردّ انتهى و أقول أيّ دليل امتن من حكم العرف بكونه عيبا نعم ما افتى به أبو حنيفة من التّفرقة بين العبد و الأمة بناء على استحساناته في غاية السّقوط كسقوط ما عن بعض الشّافعيّة من تحديد الصّغر الغير المحدود معه البول على الفراش عيبا بسبع سنين بل المرجع في ذلك العرف و لعلّ التحديد للكشف عنه لكنّه غير مطّرد كما لا يخفى و منها الزّنا و السّرقة و في ذلك وجوه أحدها كون كلّ منهما عيبا (- مط -) صرّح به في (- مع صد -) و هو قضيّة إطلاق محكي (- ير -) و الجامع و (- س -) و في (- ط -) انّه إذا وجده سارقا كان له الخيار إجماعا انتهى ثانيها عدم كون ذلك عيبا و به صرّح في (- ف -) بالنّسبة إلى الزّنا حيث قال إذا اشترى عبدا أو امة فوجدهما زانيين لم يكن له الخيار و قال الشّافعي له الخيار و قال أبو حنيفة في الجارية له الخيار و في العبد لا خيار له دليلنا ما قلناه في المسئلة الأولى سواء انتهى و أراد بما قاله أصالة صحّة العقد و عدم الدّليل على ثبوت الخيار ثالثها التفصيل بين الاعتياد و عدمه بكونهما عيبين على الأوّل دون الثّاني و هو صريح (- عد -) و ربّما نسب في (- كرة -) الوجه الأوّل إلينا و هو الّذي رجّحه في (- مع صد -) حيث قال ظني أنّ الاعتياد غير شرط لأنّ الإقدام على القبيح مرّة يوجب الجرية عليه و يصير للشيطان عليه سبيل و لترتّب وجوب الحدّ الّذي لا يؤمن معه الهلاك عليها و على هذا يكون شرب الخمر و النّبيذ عيبا كما في (- ير -) و (- س -) و قد مال في (- كرة -) الى عدمه انتهى و أقول انّ الضّابط المنصوص ساكت في المقام فينحصر الأمر في العرف و الظّاهر صدق العيب عرفا على اعتياد شيء من المحرّمات و امّا المرّة الواحدة فصدق العيب عليها مشكل و أصالة اللّزوم محكمة و قد يحمل إطلاق (- ف -) عدم كونه عيبا على صورة عدم الاعتياد و امّا ما قد يستأنس به لكون ارتكاب الكبيرة عيبا (- مط -) من انّه يقتل صاحبها في الثالثة أو الرّابعة ففيه انّ القتل في الثالثة أو الرّابعة لا يجعل المرّة الأولى عيبا بل يكون العيب فعله ثالثا أو رابعا مع معلوميّة وقوع الحدّ عليه و امّا بناء على عدم شرعيّة إجراء الحدود في زمان الغيبة أو شرعيّته و القطع بعدم وقوعه فلا يكون عيبا في المرّة الثالثة و الرّابعة (- أيضا -) ثمَّ على القول الأوّل و الثالث لو حصلت التوبة الخالصة المعلوم صدقها ففي زوال الحكم بالخيار وجهان من زوال سببه و من استصحاب ثبوته و ربّما علّل الزّوال في مفتاح الكرامة

ص:133

بأنّه إذا ثبتت التّوبة الصّادقة كما فرض انتفى الفسق و ثبتت العدالة الموجبة للإمامة و قبول الشهادة فأيّ عيب يبقى بعد ذلك و فيه نظر و ربّما فصّل كاشف الظلام بأنّه إن كانت التّوبة متحقّقة قبل العلم و لم يعلمها الاّ بعده فالظّاهر انّه يزول معها الخيار و ان تحقّقت بعده فالظاهر بقاء الخيار و أنت خبير بأنّه تفصيل بين محلّ النزاع و الخارج عن حريمه إذ في صورة حصول التوبة قبل العلم لا سبب للخيار من رأس حتّى يصحّ دعوى زوال الخيار بالتوبة و الكلّ متّفقون (- ح -) على عدم ثبوت الخيار فيكون مرجع التّفصيل الى اختيار بقاء الخيار كما لا يخفى و منها البخر و الذّفر و الصّنان اعنى النّتن أو رائحة الإبط و في كون ذلك عيبا وجوه أحدها كونه عيبا (- مط -) و هو مقتضى إطلاق محكي الجامع و القاضي و الحلّي و العلاّمة في (- كرة -) و (- ير -) و الشهيد (- ره -) في محكي (- س -) و غيرهم ثانيها كونه عيبا إذا لم يكن قابلا للعلاج و هو صريح (- عد -) ثالثها كونه عيبا في الجارية دون العبد لكن يثبت به الخيار فيه لانّه خارج عن الأمر الطبيعي كالعيب و هو خيرة العلاّمة في (- لف -) رابعها نفى كون ذلك عيبا و هو المحكى عن (- ف -) و (- ط -) و قد يقال انّ عموم ما دلّ على انّ نقصان الوصف كالعين بالنّسبة إلى أصل الخلقة و الخروج عن الأمر الطبيعي يقوّى الوجه الأوّل و انّ إطلاق الشيخ (- ره -) عدم كونه عيبا مبنىّ على ارادة النجر النّاشى من صفرة الأسنان الزائلة بالاستياك و نحوه دون ما يكون عن خلل في المعدة فإنّه عيب في الأمة بلا ريب و في العبد على الظّاهر لكونه من الخروج عمّا يقتضيه أصل الطّبيعة و التقييد بعدم قبوله للعلاج لا وجه له لأنّ جملة من العيوب كالامراض و نحوها قابلة للعلاج و لم يقيّدوا كونها عيبا بعدم القبول للعلاج الاّ ان يكون المراد بالقبول للعلاج الزوال بسرعة و سهولة لا ما يحتاج الى الدّواء و طول العناء و (- ح -) يكون البخر الغير المعدود من العيوب العارض من وسخ الأسنان و تخيّل كون العارض الزائل بسرعة (- أيضا -) عيبا نظرا إلى انّه قد يسار العبد و يكلّمه فيؤذيه ساقط و الأولى إحالة ذلك كلّه الى العرف لانّه المرجع في أمثال المقام و لاختلافه بالنّظر الى الموارد فقد يعدّون البخر العارض الزّائل في مملوك عيبا و قد لا يعدّ الثابت في أخر من العيوب و منها العسر و هو العمل باليسار مع ضعف اليمنى عكس المعتاد و قد صرّح بكونه عيبا في (- مع صد -) و محكي (- ير -) و (- س -) و استشكل فيه في (- عد -) و توقّف في (- كرة -) و الإيضاح من خروجه عن مجرى الطبيعي فكان كخلوّ الرّكب عن الشّعر و من حصول المنافع المقصودة من اليمين و كون ذلك من الخروج عن مجرى الطبيعي ممنوع فتحكّم أصالة اللّزوم الاّ ان يحكم العرف بكونه عيبا فيتّبع و منها الحمق البيّن فقد قيل بكونه عيبا و هو غير بعيد للنّقص عن مجرى الطّبيعي للغالب و منها الاستحاضة فقد قيل بكونها عيبا لكونها مرضا و فيه تأمّل و منها نجاسة ما يحتاج تطهيره الى مئونة أو منقصا للعين فقد عدّ ذلك من العيوب و منها كثرة السّهو و النسيان للخروج عن مجرى الطبيعي و منها الشّلل و الخرس و البكم و فقد احد الحواس و كونه ذا قروح أو أثاليل أو بهق أو كونه أبيض الشّعر في غير أوانه و نحو ذلك لكون جملة منها خروجا عن المجرى الطبيعي و جملة أخرى من المرض قوله طاب ثراه قال في (- كرة -) انّ الكفر ليس عيب (- اه -) قد صرّح بعدم كونه عيبا في (- ط -) و (- عد -) و محكي الجامع و (- ير -) و موضع من المهذّب (- أيضا -) بل في (- لف -) انّه المشهور للأصل بعد عدم خروجه بذلك عن الطبيعة الأصليّة و خالف في ذلك الإسكافي فحكم فيما حكى عنه بكونه عيبا و هو المحكى عن الشّيخ (- ره -) و موضع أخر من المهذّب و عن الشهيد (- ره -) في (- س -) و الحواشي تقوية ذلك و في (- لف -) انّه غير بعيد عن الصّواب لانّه نقص في التصرّف إذ لا يتمكّن من عتقه و لا وطئه و لا تزويجه بالمسلمة و استشكل في ذلك في (- مع صد -) من انّه ليس خارجا عن مجرى الطبيعي و من انّ قوله عليه السّلام كلّ مولود فإنّه يولد على الفطرة يدلّ على خروجه عنه و فيه منع دلالة قوله عليه السّلام على كون مجرى الطبيعة الإسلام ثمَّ انّ محلّ النّزاع انّما هو الكفر الّذي يقرّ اهله عليه فمثل الارتداد الموجب لهدر الدّم عيب قطعا لكونه في معرض التّلف و كذا محلّ البحث ما إذا لم يشترط الإسلام و الاّ ثبت بتخلّفه الخيار دون الأرش لاختصاصه بالعيب و مثل الاشتراط ما إذا اقتضاه إطلاق العقد و لعلّه الى ذلك ينظر تقوية الماتن (- ره -) كونه موجبا للردّ في غير المجلوب مع تصريحه بعدم كونه عيبا و عدم ثبوت الأرش قوله طاب ثراه و ذكر في (- كرة -) انّ الصّيام و الإحرام (- اه -) قد صرّح بذلك في (- عد -) و (- س -) و (- ير -) (- أيضا -) لفقد الضّابط و قد خالف في ذلك الشهيد (- ره -) في محكي الحواشي فعدّها من العيوب و لعلّه التخيّل كونها كحمى اليوم و فصّل في موضع أخر من (- كرة -) بأنّ الأمة لو ظهرت معتدّة فإن كان زمان العدّة قصيرا جدّا فلا خيار له لانّه لا يعدّ عيبا و لا ينقص الماليّة و لا الانتفاع به و إن كان طويلا احتمل ثبوت الخيار لتفويته منفعة البضع بهذه المدّة فكان كالمبيع لو ظهر مستأجرا و قال ان استعقب فسخ التزويج عدّة كان التّزويج و الاّ فلا انتهى قوله طاب ثراه أو ولد زناء (- اه -) قد عدّ كون المملوك ولد زناء من العيوب في (- س -) و احتمل في محكي الحواشي كونه عيبا في الجارية لحصول النّقص في نسب الولد و تطرّق ضعف في اعتقاده لما ورد من ان ولد الزنا لا ينجب و انّه لا بطهر إلى سبعة أبطن و ضعّفه الكركي بانّ المقصود من الجارية الماليّة لا الاستيلاد و ليس هذا بخارج عن مجرى الطبيعي قوله طاب ثراه أو زهيدا قال في المصباح المنير زهد في الشيء و زهد عنه (- أيضا -) زهدا و زهادة بمعنى تركه و اعرض عنه فهو زاهد و الجمع زهّاد و يقال للمبالغة زهيد بكسر الزاء و تثقيل الهاء الى هنا فلتحتم هذا المجلّد حامدا مصلّيا و قد انتهى الحال بي إلى هنا في الثّلث الأخير من ليلة السّبت التاسع و العشرين من شهر شعبان المعظّم من شهور سنة ألف و ثلثمائة و ثلث و عشرين مع ضيق الحال و تشتّت البال و اختلال الخيال بسبب عوارض الدّهر الخوّان الّتي أعظمها فقد الأبوين قدّس سرّهما و كثرة الدّين فمن وجد فيه خللا فليصلحه قربة الى اللّه تعالى و ليعذرنى لأني كنت و الحمد للّه تعالى على كلّ حال لو كان غيري عليها لملّ و عجز عن تحرير صفحة واحدة و الحمد للّه تعالى على كلّ حال و الصّلوة و السّلام على النبي و الآل و يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) الكلام في المجلّد اللاّحق في الأرش مستعينا من خالق العرش و الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلوة و السّلام على محمّد و إله الطيّبين الطّاهرين

ص:134

القول في الأرش
اشارة

القول في الأرش بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و به نستعين الحمد للّه على جزيل نعمه و الصّلوة و السّلام على أشرف رسله محمّد و إله المشتقّين من نوره سيّما ابن عمّه و صهره و خليفته و الرّحمة و الرّضوان على فقهائنا و رواه أحاديثنا و مشايخنا الحافظين لشرعه و طريقته و بعد فيقول العبد المفتقر إلى رحمة اللّه الغنى عبد اللّه المامقاني عفى عنه ربّه ابن الشيخ (- قدّه -) انّ هذا هو المجلد الثاني من تعليقنا على خيارات الشيخ المحقّق الأنصاري قدس اللّه نفسه الزكيّة المسمّى بنهاية المقال في تكملة غاية الآمال وفّقنا اللّه تعالى لإتمامه و نفعنا به و سائر إخواننا المؤمنين إنّه لطيف بعباده قادر على إنفاذ مراده

الأرش لغة و اصطلاحا

قال الشيخ الإمام الماتن أنار اللّه تعالى برهانه و أعلى في الرّوضات مقرّه و مقامه القول في الأرش و هو لغة كما في الصّحاح و عن المصباح و (- ية -) (- اه -) قال في الصّحاح الأرش دية الجراحات انتهى و قال في المصباح المنير أرش الجراحة ديتها و الجمع أروش مثل فلس و فلوس و أصله الفساد يقال أرّشت بين القوم إذا أفسدت ثمَّ استعمل في نقصان الأعيان لأنّه فساد فيها انتهى و قال في النّهاية الأثيريّة قد تكرّر فيه اى في الحديث ذكر الأرش المشروع في الحكومات و هو الّذي يأخذه المشترى من البائع إذا اطّلع على عيب في المبيع و أروش الجنايات و الجراحات من ذلك لأنّهما جابرة لهما عمّا حصل فيها من النّقص انتهى و أقول انّ ظاهر عبارة الصّحاح انّ الأرش حقيقة في دية الجراحات و لازمه كونه مجازا في غيرها و ظاهر عبارة المصباح كونه حقيقة في الفساد و انّ دية الجراحات و تفاوت ما بين القيمتين و نحوهما من مصاديقه فيكون من الاشتراك و ظاهر عبارة (- ية -) عكس عبارة الصّحاح اعنى كونه حقيقة في أرش العين مجازا في أرش الجراحات و الجنايات أو مشتركا بينهما فكلماتهم هنا مضطربة قوله طاب ثراه و عن القاموس انّه الدّية (- اه -) قال في تاج العروس مازجا بالقاموس ما لفظه الأرش الدّية أي دية الجراحات سمّى أرشا لأنّه من أسباب النّزاع و قيل انّ أصله الهرش نقله ابن فارس الى ان قال و قال أبو منصور أصل الأرش الخدش ثمَّ يقال لما يؤخذ دية لها أرش و أهل الحجاز يسمّونه النّذر الى ان قال و الأرش طلب الأرش و قد أرش الرّجل كعنى طالب بأرش الجراحة قال الصّاغاني و عن ابى نهشل الأرش الرّشوة رواه عنه شمر و لم يعرفه في أرش الجراحات و قد تكرّر ذكر الأرش المشروع في الحكومات و هو ما نقص العيب من الثّوب سمّى بذلك لانّه سبب للأرش و الخصومة و النّزاع يقال بينهما أرش اى اختلاف و خصومة و قال القتيبي الأرش ما يدفع بين السّلامة و العيب في السّلعة لأنّ المبتاع للثوب على انّه صحيح إذا وقف فيه على خرق أو عيب وقع بينه و بين البائع أرش اى خصومة و اختلاف و هو من الأرش بمعنى الإغراء تقول أرّشت بين الرجلين إذا أغريت أحدهما بالآخر و أوقعت بينهما الشرّ فسمّى ما نقص من الثوب أرشا إذا كان سببا للأرش و الأرش الإعطاء و قد أرشه أرشا أعطاه أرش الجراحة انتهى فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه منها ما نحن فيه (- اه -) أراد (- ره -) بما نحن فيه ما صدر من الفقهاء (- رض -) في تفسير اللّفظ قال في (- عد -) الأرش جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المبيع عن الصّحيح انتهى و قال في مفتاح الكرامة انّه قصد بذلك الردّ على بعض الجمهور حيث قالوا هو نقص قيمة المعيب و قد يظهر ذلك من علىّ بن بابويه و الصّدوق فورد عليهم انّه لو كان (- كك -) لزم أخذ الثمن و المثمن و قد نهى عنه النبي صلّى اللّه عليه و آله بقوله لا يجمع بين العوض و المعوّض لواحد انتهى ثمَّ انّه قد صرّح جمع كثير من الأصحاب بأنّ طريق معرفة الأرش و أخذه ان يقوم المبيع صحيحا تارة و معيبا اخرى و ينظر في نسبة النقيصة من القيمة و يأخذ من الثمن بتلك النّسبة فلو اشتراه بمائة ثمَّ ظهر معيبا و قوّم صحيحا بثمانين و معيبا بأربعين أخذ البائع نصف الثمن و هو خمسون لانّ نسبة الأربعين إلى الثّمانين على النّصف و لو اشتراه بخمسين و قوّم صحيحا بمائة و معيبا بخمسين استردّ من الثمن بنسبة الخمسين إلى المائة و هو النّصف فيؤخذ في المثال خمس و عشرون لا الخمسون و الوجه في ذلك ظاهر ضرورة انّ الّذي فات عليه بسبب العيب انّما هو نسبة ما بين القيمتين من الثمن و لكن ربّما يظهر من جملة من عبائر القدماء (- قدهم -) انّ المأخوذ تفاوت ما بين القيمتين (- مط -) من دون نسبة الى الثمن قال في المقنعة يقوّم الشيء صحيحا و يقوّم معيبا و يرجع الى البائع بقدر ما بين الثمنين انتهى و نحوه ما في (- ية -) و ما حكى عن والد الصّدوق (- ره -) و لعلّه الى ردّ هؤلاء أورد الجمهور الموافقين لهم في ذلك أشار الحلّي (- ره -) بقوله في (- ئر -) هذا ممّا يغلط فيه بعض الفقهاء فيوجبون الأرش بين القيمتين و العجب من الشيخ (- ره -) انّه مع توضيحه الحال في (- ط -) و بيان فساد هذا القول كيف اختار في (- ية -) ذلك قال في (- ط -) و طريق ذلك يعني الأرش ان تقوّم الجارية صحيحة فإذا كانت تساوى ألفا ثمَّ قوّمت معيبة فاذا قيل تسعمائة فقد علمنا انّه نقص عشر قيمتها فيرجع بعشر ثمنها و انّما قلنا يرجع بما نقص من الثّمن دون القيمة لأنّه لو رجع بما نقص من القيمة لأدّى الى ان يجتمع للمشتري الثمن و المثمن جميعا و هو إذا اشترى من رجل جارية تساوى ألفي درهم بألف درهم و وجد بها عيبا نقص نصف قيمتها و هو ألف درهم و حدث عنده عيب أخر يمنع من ردّها فإنّه لو رجع بما نقص من العيب من القيمة لوجب ان يرجع بنصف الألفين درهم فيحصل عنده الثمن و هو ألف درهم و المثمن هذا لا يجوز و يخالف ذلك إذا غصب جارية فاقتضها فإنّه يلزمه ما نقص من قيمتها إجماعا لأنّه لا يؤدّى الى اجتماع البدل و المبدل انتهى و لا يخفى عليك انّ ما ذكره دليلا انّما هو صغرى الدّليل و امّا الكبرى فمطويّة لغاية وضوحها و هي انّ الجمع بين الثمن و المثمن غير مشروع و كيف كان فما في (- ية -) فاسد لما ذكر و لعلّ الّذي دعاه الى ذلك متابعة ظاهر جملة من الأخبار مثل قوله عليه السّلام في خبر طلحة بن زيد المتقدّم في مسئلة العلم بعيب الأمة المشتراة بعد وطيها تقوم و هي صحيحة و تقوم و بها الدّاء ثمَّ يردّ البائع على المبتاع فضّل ما بين الصّحة و الداء و قوله عليه السّلام في صحيح منصور و لكن يردّ عليه بقدر ما نقصها العيب و قوله عليه السّلام في صحيحة محمّد بن مسلم المزبورة هناك و لكن تقوم ما بين العيب و الصّحة فيردّ و قوله عليه السّلام في خبر عبد الرّحمن المتقدّم هناك و ردّ البائع عليه قيمة العيب و قوله عليه السّلام في خبر محمّد بن ميسر المتقدّم هناك و لكن يرجع بقيمة العيب و قوله عليه السّلام في خبر النّخاس المذكور هناك و (- لك -) ان تأخذ قيمة ما بين الصّحة و العيب و لكنّك خبير بأنّ الحقّ ما قلناه لما مرّ و (- ح -) فهذه الأخبار مع عدم صراحتها في المخالفة امّا ان تنزل كعبائر الجماعة المتقدّم ذكرهم على الغالب من شراء الشّيء بقيمته ليكون التفاوت بين قيمة الصّحة و قيمة العيب مساويا لما نسبة الى الثمن كنسبة قيمة الصّحيح الى المعيب و امّا ان يوجّه الأخبار بكون المراد بردّ فضل ما بين الصّحة و الدّاء ردّ ما نسبة الى الثمن كنسبة قيمة الصّحيح إلى قيمة المعيب بقرينة أخبار أخر صراح في كون الأرش جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح دون تفاوت ما بين القيمتين (- مط -) و ذلك مثل قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدّم في الموضع المشار اليه و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب و قوله عليه السّلام

ص:135

في صحيحة زرارة المزبورة هناك و كان يضع له من ثمنها بقدر عيبها لكن الإنصاف عدم صراحة هذين الخبرين و ما ضاهاهما (- أيضا -) فالحمل على الغالب من مساواة الثمن للقيمة اليوميّة للمبيع اولى كما نبّه عليه الماتن (- ره -)

في أن الضمان بعين بعض الثمن أو بمقدار منه

قوله طاب ثراه نعم يشكل الأمر في المقام من جهة أخرى (- اه -) يمكن الجواب عن هذا الإشكال بوجه أخر و هو انّ ضمان المعاوضة و إن كان يقتضي انفساخ المعاوضة بالنّسبة إلى الفائت المضمون في مقابله الاّ انّ الدّليل الدّال على الصّحة اخرج الفرض عن تحت القاعدة قوله طاب ثراه مع انّ ظاهر جماعة عدم تعيّنه منه (- اه -) قد صرّح جمع بعدم كون الأرش جزء من الثمن و المثمن و لذا لو نذر بيع شيء لم يف بإعطائه أرشا و لا يجرى عليه حكم العرف من اشتراط التقابض في المجلس و نحو ذلك قوله طاب ثراه لأصالة عدم تسلّط المشترى (- اه -) لا يخفى عليك حكومة استصحاب السّلطنة بالتّقرير الآتي على أصالة عدم تسلّط المشترى على شيء من الثمن قوله طاب ثراه مضافا الى إطلاق قوله عليه السّلام في روايتي حمّاد (- اه -) فيه انّ الإطلاق قد سبق لبيان حكم أخر و هو مجرّد إثبات الأرش و لا تعرّض فيه لما نحن فيه بوجه قوله طاب ثراه عدى ما يتراءى من ظاهر التعبير (- اه -) ربّما يخطر بالبال وجه أخر لوجوب كون التّدارك بجزء من عين الثمن بوجه أخر هو انّ ظهور العيب كاشف عن عدم لزوم البيع بالنّسبة الى ذلك الجزء من الثمن بل هو متزلزل فان اختار الفسخ عاد اليه جميع الثمن و ان اختار الإمضاء و طالبه بالأرش عاد اليه الجزء من الثّمن فكما انّه لو اختار الردّ كان له مطالبة البائع بعين الثمن إن كان باقيا لاستصحاب بقاء سلطنته عليه في الجملة فكذا لو اختار الإمضاء و مطالبته بالأرش له مطالبة البائع بعين الجزء من الثمن للاستصحاب فتأمّل قوله طاب ثراه و استظهر المحقّق الثاني (- اه -) قال في (- مع صد -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و لو اختلف الجنسان فله الأرش ما داما في المجلس فان فارقاه فإن أخذ الأرش من جنس السّليم بطل فيه و ان كان مخالفا صحّ انتهى ما لفظه مقتضى الحكم الواقع في عبارة (- المصنف -) (- ره -) هنا أمور الى ان قال الثّاني انّه لا يتعيّن كونه من جنسها لظاهر قوله و إن كان مخالفا و قد صرّح في (- ير -) بذلك ثمَّ قال و يشكل بانّ الحقوق الماليّة انّما يرجع فيها الى النّقدين فكيف الحقّ الواجب باعتبار نقصان في أحدهما انتهى قوله طاب ثراه و يمكن دفع هذا الإشكال (- اه -) يمكن المناقشة في هذا الدّفع بأنّه لو كان مثل ما ذكره من التّوجيه مخرجا للحقّ عن كونه ماليّا للزم عدم وجود حقّ مالي أصلا إذ ما من حقّ ماليّ الاّ و يمكن تكلّف مثل ما ذكره فيه قوله طاب ثراه و على الثاني فينبغي بطلان البيع (- اه -) الوجه في ذلك ظاهر ضرورة انّ العوض قد أخذ في موضوع المعاوضة فالجمع بين الثمن و المثمن ينافيه فتأمّل جيّدا فإنّه دقيق نافع

في أن معرفة كيفية الأرش بمعرفة قيمتي الصحيح و المعيب

قوله طاب ثراه يعرف الأرش بمعرفة قيمتي الصّحيح و المعيب (- اه -) اعلم انهم قد ذكروا فيما هو المدار من وقت تقويم الصّحيح و المعيب وجوها أحدها انّ المدار على القيمة حال العقد اختاره الشهيدان (- رهما -) في (- لك -) و محكي الحواشي و المحقّق الثّاني و الفاضل الورع الأردبيلي (- ره -) و غيرهم نظرا الى انّ الثمن يومئذ قابل للمبيع و هو وقت دخوله في ملكه و وقت استحقاقه الأرش ثانيها اعتبار قيمته حين القبض و هو الّذي حكاه في محكي (- ير -) عن الشيخ (- ره -) نظرا إلى انّه يوم دخول المبيع في ضمانه و حين استقرار الملك إذ المبيع في معرض الانفساخ لو حصل التّلف و يضعّف بانّ ذلك لا دخل له في اعتبار القيمة (- ح -) مع كون استحقاق الأرش قبله و بعبارة و ضحى وقت القبض انّما يصحّ اعتباره ان لو كان الضمان حاصلا بسبب مقارن للقبض و ما نحن فيه ليس (- كك -) ضرورة حصول الضّمان للأرش بنفس العقد في الواقع كما لا يخفى ثالثها اعتبار أقلّ الأمرين من قيمة يوم العقد و يوم القبض حكاه في (- لك -) عن الشيخ (- ره -) و هو خيرة أكثر الشّافعيّة كما قيل و ربّما غري في مفتاح الكرامة إلى فخر الدّين (- ره -) في الإيضاح الميل اليه و عبارة الإيضاح لا يساعد ذلك و علّل هذا الوجه في الإيضاح بأنّه المتيقّن و توضيحه ما في (- مع صد -) و غيره من انّ القيمة إن كانت يوم البيع أقلّ فالزّيادة حدثت في ملك المشترى و لانّ يوم البيع وقت الاستحقاق و إن كان يوم القبض أقلّ فالنّقص من ضمان البائع لأنّه وقت الاستقرار و يضعف بأنّ القلّة لا دخل لها إذ المدار على وقت اشتغال الذمّة بالأرش و لا ريب في انّه في أوّل انات الدّخول في ملك البائع رابعها كون المدار على القيمة حال استحقاق الأرش باختياره أو بحصول المانع من الردّ احتمله في الجواهر و جعله اولى من الاحتمالين السّابقين نظرا الى انّ ذلك الوقت هو وقت استحقاق الأرش إذ قبله كان البائع مخيّرا بين الردّ و الأرش فهو غير مستحقّ على التعيين و لذا لا تشتغل به ذمّة البائع بخصوصه الاّ مع أحد الأمرين و يضعّف بأنّه لا منافاة بين ان يكون ذلك (- ح -) وقت الاستحقاق و كون المستحقّ هو الأرش في زمن البيع أو غيره و عدم استحقاقه للأرش على التعيين قبل اختياره له لا يقتضي ما ذكره بعد كشف اختياره للأرش عن استحقاقه له من حين العقد فتأمّل خامسها ما احتمله بعض مشايخ العصر (- قدّه -) من اعتبار الأقلّ من زمان البيع الى زمن الاستحقاق لخصوص الأرش لأصالة البراءة من الزّائد عليه كما هو الشأن في نظائره و لاستصحاب ملكه الثابت بالعقد بناء على انّه جزء من الثمن مع أصالة عدم تسلّط المشترى على انتزاع ما زاد عليه منه و لا على مطالبته البائع بذلك الى غير ذلك من الأصول السّالمة عن المعارض سادسها اعتبار الأكثر من حين البيع الى حال الاستحقاق احتمله (- أيضا -) بعض مشايخ العصر (- قدّه -) نظرا الى عدم العلم بتدارك العيب المضمون الاّ بذلك و فيه نظر فتأمّل جيّدا فرعان الأوّل انّ ما ذكر من اعتبار وقت العقد انّما هو حيث تكون القيمة وقت العقد مضبوطة معروفة و امّا إذا لم تعلم القيمة فإن علم مغايرتها لوقت النزاع لم يمكن الاّ الصّلح و الاّ فقد رجّح الحكم بالمساواة فيهما أخذا بأصالة عدم تغيّر الحال (- فت -) الثّاني انه لو كان العيب الّذي يراد استعلام أرشه حادثا في زمن الخيار مثلا بناء على استحقاق الأرش فالمتّجه كما في الجواهر ملاحظة القيمة حين حدوثه أو حال تعيّن استحقاقه بالاختيار أو التصرّف مثلا و أقول الحال هنا هي الحال في العيب السّابق لاتحاد المناط في المقامين غاية ما هناك ابدال يوم البيع بيوم حدوثه و ابدال يوم القبض بيوم انقضاء الخيار فلا تذهل قوله طاب ثراه و ان احتمل في غير الأوّل الاكتفاء بالواحدة (- اه -) هذا الاحتمال قويّ إذا أورث قول الواحد الوثوق و الاطمئنان لا لما ذكره من لزوم الجرح للمنع من الشخصي منه و عدم اعتبار النّوعي و لا لاعتبار الظنّ في مثل ذلك لعدم الدّليل على اعتباره بل لعموم ما دلّ على قبول قول العادل خرج منه ما كان من قبيل الشهادة و بقي الباقي بل لنا نفى اعتبار العدالة (- أيضا -) و الاكتفاء بالوثوق من كلام غير العادل ضرورة دوران أفعال العقلاء في أمور معاشهم مدار الوثوق و الاطمئنان مضافا الى الأصل بعد عموم ما دلّ على اعتبار قول المقوم و المميّز و نحوهما قوله طاب ثراه ففي كفاية الظنّ أو الأخذ بالأقلّ وجهان (- اه -) (11) أظهرهما الثاني لأنّ الأصل برأيه ذمّة البائع عمّا زاد عن القدر المتيقّن فانّ العلم

ص:136

بالبراءة انّما هو يعتبر بمقدار العلم بالشغل و اشتغال ذمّة البائع بما زاد عن الأقلّ غير معلوم فتدبّر قوله طاب ثراه مسئلة لو تعارض المقوّمون (- اه -) قد كنت سابقا عند مذاكرتى متن الكتاب رأيت انّ كلامه (- قدّه -) في اختلاف المقوّمين و تصوير الأرش غير خال من الغموض و لتوقّفه على المحاسبة يصعب افهام المبتدى كما هو حقّه في مجلس المباحثة و انّ ما يفهمه اليوم قد ينساه الى الغد و يعيد السّؤال فخطر في البال القاصر ان اشرح عبارته شرح المزج و أضيف إليه ما ينبغي إضافته تسهيلا للمبتدئين و تيسيرا للمدرّسين و المباحثين و إذ قد آل الأمر في هذا التعليق بي إلى هنا رأيت ان أغيّر أسلوب الكلام و اصرف النّظر إلى أخر المسئلة من التّعليق و أدرج هنا الشرح المزبور ففعلت متوكّلا على اللّه تعالى قال الماتن (- ره -)

في تعارض المقومين و طريق تحصيل التفاوت بين القيمتين

مسئلة لو تعارض المقوّمون في قيمة المتاع المبيع المنكشف عيبه الّذي اختاره المشترى إمضاء العقد الواقع عليه مع الأرش فهناك احتمالات أحدها ما صدر احتماله من جمع و اليه مع مستنده أشار الماتن (- ره -) بقوله فيحتمل تقديم بيّنة الأقلّ للأصل أي أصالة برأيه ذمّة البائع عمّا زاد على الأقل و أصالة عدم استحقاق المشترى ما زاد على ذلك فانّ البيع وقع صحيحا و المتيقّن انّما هو اشتغال ذمّة البائع بأرش العيب في الجملة فليس عليه الاّ ما علم اشتغاله به و هو الأقلّ و الأصل برأيه ذمّته عمّا زاد على ذلك و عدم استحقاق المشتري للزائد و من ذلك ظهر سقوط توهّم انّ ذمّة البائع قد اشتغلت بالأرش يقينا و اليقين بالاشتغال يستدعي اليقين بالبراءة وجه السّقوط انّ المعتبر انّما هو اليقين بالبراءة عن القدر الّذي تعيّن الاشتغال به و الاشتغال بما زاد عن الأقلّ غير متيقّن كي يعتبر اليقين بالفراغ منه كما لا يخفى على المتأمّل و ثانيها تقديم بيّنة الأكثر لأنّها مثبتة للزّيادة و فيه انّ بيّنة الإثبات إنّما تقدّم حيث كانت بيّنة النّفي ساكتة عن الزّيادة و امّا إذا كانت نافية لها كما في الفرض فكلاّ فالأولى تعليله باستصحاب ضمان الأرش ما لم يدفع الأكثر فإنّ الاستصحاب حاكم على أصالة البراءة المستدلّ بها لتقديم الأقلّ فتأمّل و ثالثها الرجوع الى القرعة لأنّها لكلّ أمر مشتبه ظاهرا معلوم واقعا و الحال هنا على هذا المنوال و نوقش في ذلك بما ستسمع من (- المصنف -) (- ره -) من حكومة قاعدة الجمع على قاعدة القرعة و فيه ما ستسمع إنشاء اللّه تعالى و رابعها الرّجوع الى الصّلح لتشبّث كلّ من المتبايعين بحجّة شرعية ظاهريّة و المورد غير قابل للحلف لجهل كلّ منهما اى كلّ من المتبايعين اللّذين اختار كلّ منهما قول احد المقوّمين بالواقع فيتعيّن الصّلح لا يقال لا معنى لما ارتكبته من إرجاع ضمير التثنية إلى المتبايعين لاستلزامه عدم انطباق الكلام على العنوان لانّ الاختلاف انّما هو بين المقوّمين لا بين البائع و المشترى لأنّا نقول انّ استلزامه لعدم الانطباق ممنوع ضرورة انّه عند اختلاف المقوّمين لما كان البائع يختار بمقتضى الطّبع الأقل و المشترى الأكثر فيختلفان فلذا عاد الضّمير إليهما مع انّا لو أرجعنا الضّمير الى البيّنتين لم يصحّ تعليل كون المورد غير قابل للحلف بجهل كلّ منهما بالواقع بل كان اللاّزم تعليله بأنّ البيّنة لا تكلّف بالحلف و ليست تلك من وظيفتها فحيث علّل بعدم القابليّة للحلف علم عود الضّمير الى المتبايعين و كيف كان فيردّ هذا الوجه اعنى تعيّن الصّلح انّه لا مقتضى للصّلح بعد تعيّن قول مدّعى الأقلّ للأصل أو لزوم الجمع مضافا الى انّ عدم إمكان الحلف (- مط -) ممنوع انّه قد يكون المتداعيان من أهل الخبرة فيدّعيان العلم بكون القيمة ما ذكره بيّنة و خامسها التّساقط و الرّجوع الى الأصل امّا لكونه مقتضى القاعدة عند تعارض الدّليلين أو الأمارتين و امّا لقصور دليل حجّية البيّنة عن صورة شمول التعارض و سادسها تخيّر الحاكم لامتناع الجمع و فقد المرجّح و فيه انّ الجمع ممكن و هو الوجه السّابع في المسئلة و قد نبّه عليه (- المصنف -) (- ره -) بقوله و لكن الأقوى من الكلّ ما عليه الشيخ المفيد (- ره -) في المقنعة و المحقّق في (- يع -) و (- فع -) و العلاّمة في المختلف و محكي سائر كتبه و الشهيدان و المحقّق الثّاني و غيرهم بل نسب إلى الأصحاب تارة و الى المعظم اخرى من وجوب الجمع بينهما (11) اى بين البيّنتين بقدر الإمكان (12) لأنّه عمل بالجميع في الجملة و لا ظلم فيه على أحدهما بل هو عدل بينهما إذ لا ترجيح لأحدهما على الأخر و لانّ كلاّ منهما حجّة شرعيّة يلزم العمل بها فاذا تعذّر العمل به في تمام مضمونه وجب العمل به في بعضه (13) و كون حقّ التعبير تأنيث الضّميرين المجرورين بالباء و الضّمير المضاف اليه كلمة المضمون و الضّمير المضاف اليه كلمة البعض و كيف كان فاذا قوّمه أحدهما بعشرة فقد قوّم كلاّ من نصفه المشاع بخمسة و إذا قوّمه الأخر بثمانية فقد قوّم كلاّ من نصفه المشاع بأربعة فيعمل بكلّ منهما في نصف المبيع و قولاهما و إن كانا متعارضين في النّصف (- أيضا -) كالكلّ فيلزم بما ذكر (14) من الجمع طرح كلا القولين في النّصفين (15) جميعا الاّ انّ طرح قول كلّ منهما في النّصف مع العمل به في النّصف الأخر أولى في مقام أدلّة العمل بكلّ بيّنة من طرح كلتيهما أو إحداهما رأسا و هذا معنى قولهم انّ الجمع بين الدّليلين و العمل بكلّ منهما و لو من وجه اولى من طرح أحدهما رأسا و لذا جعل (16) الشهيد الثاني (- ره -) في تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة الحكم بالتنصيف فيما لو تعارضت البيّنتان في دار في يد رجل يدّعيها كلّ منهما (17) حيث قال في القاعدة الثامنة و التسعين انّه إذا تعارض دليلان فالعمل بهما و لو من وجه اولى من إسقاط أحدهما بالكليّة لأنّ الأصل في كلّ واحد منهما الأعمال فيجمع بينهما بما أمكن لاستحالة الترجيح من غير مرجّح و من فروع القاعدة ما إذا اوصى بعين الى ان قال و منها ما إذا قامت البيّنة بأنّ جميع الدار لزيد و قامت أخرى بأنّ جميعها لعمر و كانت في يدهما أو لم يكن في يد واحد منهما فإنّها تقسّم بينهما انتهى ما في تمهيد القواعد و إذا ثبت ذلك هناك كان ما نحن فيه (- كك -) بل ما نحن فيه أولى بمراعاة هذه القاعدة من الدّليلين المتعارضين في أحكام اللّه تعالى لأنّ الأخذ بأحدهما كلّية و ترك الأخر (- كك -) في التكاليف الشرعيّة الإلهيّة لا ينقص عن التبعيض من حيث مراعاة حق اللّه سبحانه لرجوع الكل الى امتثال أمر اللّه سبحانه بخلاف مقام التكليف بإحقاق حقوق النّاس و ان في التبعيض مراعاة للجميع و لو في الجملة و لعلّ هذا هو السرّ في عدم تخيّر الحاكم عند تعارض أسباب حقوق الناس في شيء من الموارد (18) هذا و (19) لكن قد يستشكل ما ذكرنا تارة بعدم التعارض بينهما عند التّحقيق لانّ مرجع بيّنة النّفي الى عدم وصول نظرها و حدسها إلى الزّيادة فبيّنة الإثبات المدعية للزيادة سليمة (20) عن المعارض و اخرى بأنّ الجمع فرع عدم اعتضاد احدى البيّنتين بمرجّح و أصالة البراءة هنا مرجّحة للبيّنة الحاكمة بالأقلّ (21) فيلزم تقديمها على بيّنة الأكثر و لا وجه للجمع بين الراجح و المرجوح و ثالثة بانّ في الجمع مخالفة قطعيّة (22) لكلّ من البينتين في نصف المال و إن كان فيه موافقة قطعيّة (23) لكلّ منهما في النّصف الأخر لكن التخيير الّذي لا يكون فيه الاّ مخالفة احتماليّة اولى منه (24) هذه هي وجوه الإشكال في القول بالجمع بين البينتين و يندفع (25) الوجه الأوّل بأنّ المفروض انّ بيّنة النّفي تشهد بالقطع على نفى الزّيادة واقعا و ان بذل الزائد في مقابل المبيع سفه (26) فلا معنى لجعل البيّنة بيّنة النّفي من قبيل لا ادرى بل هي من قبيل ادرى العدم و (- ح -) فلا تكون بيّنة الإثبات للزّيادة سليمة بل مبتلاه بمعارضة بيّنة الأقلّ و يندفع (27) الوجه الثاني بما قرّرناه (28) في مبحث التعادل و التراجيح من مباحث الأصول من انّ الأصول الظاهريّة لا تصير مرجّحة للأدلّة الاجتهاديّة (29) لأنّ الأصول ناظرة

ص:137

إلى الظّاهر و الأدلّة الاجتهاديّة ناظرة إلى الواقع فلا سنخيّة بينهما حتّى يصحّ جعل أحدهما مرجّحا للآخر بل انّما تصلح الأصول مرجعا في المسئلة لو تساقط الدليلان من جهة ارتفاع ما هو مناط الدّلالة فيهما لأجل التعارض كما في الظاهرين المتعارضين كالعامّين من وجه المطابق أحدهما للأصل حيث يرفع اليد عنهما و يرجع الى الأصل لا انّه يرجّح أحدهما بالأصل و ما نحن فيه ليس من هذا القبيل من حيث انّ إمكان الجمع بينهما يحفظهما عن التساقط و الحاصل ان بينة الزيادة تثبت امرا مخالفا للأصل و معارضتها بالأخرى النّافية لها لا توجب سقوطها بالمرّة لفقد المرجّح فيجمع بين النفي و الإثبات في النّصفين و يندفع الوجه الثالث بانّ ترجيح الموافقة الاحتماليّة الغير المشتملة على الموافقة القطعيّة المشتملة عليها انّما هو في مقام الإطاعة و المعصية الراجعتين الى الانقياد و التجرّي حيث انّ ترك التجرّي أولى من تحصيل العلم بالانقياد بخلاف مقام إحقاق حقوق النّاس فانّ مراعاة الجميع اولى من إهمال أحدهما رأسا و ان اشتمل على اعمال الأخر إذ ليس الحق فيهما لواحد كما في حقوق اللّه سبحانه ثمَّ انّه لمّا كانت قاعدة القرعة مميّزة للواقع معيّنة للحقّ الصّحيح من البيّنتين و كان لازم تعيّن الحقّ و تميّز الواقع زوال موضوع الجمع من حيث حصول الموافقة المنزّلة بحكم ما نطق بكون القرعة لكلّ أمر مشكل منزلة الموافقة القطعيّة تصدّى الماتن (- قده -) لتوهين القرعة هنا و إتقان الجمع فقال انّ قاعدة الجمع حاكمة على دليل القرعة و سبقه في هذه الدّعوى غيره و قد وقع الاحتجاج على ذلك بوجهين أحدهما ما ذكره بعضهم من انّ الجمع لمّا كان عملا بالدّليلين كان مقدّما على العمل بالواقع لتقدّم ما هو قاعدة في تشخيص الدّليل على ما هو قاعدة ظاهريّة في تشخيص الحكم الشرعي الفرعي و فيه من الضعف ما لا يخفى فإنّه لا يعقل تقدّم الدّليل على الواقع فانّ الدّليل انّما يتبع لكشفه عن الواقع فمع إمكان تحصيله لا يبقى للرّجوع الى الدّليل وجه مضافا الى إمكان الإقراع بين البيّنتين لتعيين إحديهما فيكون رجوعا الى ما يشخّص الدّليل بخلاف الجمع فإنّه ليس تشخيصا للدّليل بل هو قاعدة ظاهريّة في مقام العمل ثانيهما ما ذكره الماتن (- ره -) بقوله لأنّ المأمور به هو العمل بكلّ من الدّليلين لا بالواقع المردّد بينهما إذ قد يكون كلاهما مخالفا للواقع نعم لو كان انحصار الواقع فيهما ثابتا لكان للإقراع بينهما لتشخيص نفس الواقع المردّد بينهما وجه و إذ ليس فليس فهما اى البيّنتين المتساويتين سببان مؤثّران بحكم الشّارع في حقوق الناس فيجب مراعاتها و اعمال أسبابها بقدر الإمكان على النهج الّذي ذكرنا من التنصيف في المبيع و أنت خبير بما في هذا التعليل من النّظر امّا أوّلا فلأنّه أخصّ من المدّعى لإمكان العلم بعدم خروج الواقع عنهما فيتعيّن (- ح -) القرعة لتميّز الواقع و امّا ثانيا فلانّ ترجيح احد البيّنتين المتعارضتين بالقرعة ممّا استفاض به النّص عن أهل البيت عليهم السّلام و ان شئت روينا لك عدّة منها فمن تلك الجملة الحسن بمثنى الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن مثنى الحنّاط عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال قلت له رجل شهد له رجلان بانّ له عند رجل خمسين درهما و جاء اخران فشهدا بانّ له عنده مائة درهم كلّهم شهدوا في موقف قال أقرع بينهم ثمَّ استحلف الّذين أصابهم القرعة باللّه انّهم يشهدون بالحقّ و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عن موسى بن القسم و على بن الحكم جميعا عن عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السلم قال كان على عليه السّلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهودهم عددهم سواء و عدلهم سواء أقرع بينهم على أيّهما تصير اليمين و كان يقول اللّهمّ ربّ السّموات السّبع و ربّ الأرضين السّبع أيّهم كان له الحقّ فادّه اليه ثمَّ يجعل الحقّ للذي يصير عليه اليمين إذا حلف و منها الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن البزنطي عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في شاهدين شهدا على أمر واحد و جاء اخران فشهدا على غير الّذي شهدا الأوّلان و اختلفوا قال يقرع بينهم فأيّهم قرع عليه اليمين فهو اولى بالقضاء و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن ابى يزيد العطّار عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل كانت له امرأة فجاء رجل بشهود أن هذه الامرأة امرأة فلان و جاء اخران فشهدا أنّه أمرية فلان فاعتدل الشهود و عدلوا فقال يقرع بينهم فمن خرج سهمه فهو المحق و هو اولى بها و منها الصحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين شهدا على أمر و جاء اخران فشهدا على غير ذلك فاختلفوا قال يقرع بينهم فأيّهم قرع فعليه اليمين و هو اولى بالحقّ و منها الموثق الذي رواه هو (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن عن ذرعة عن سماعة قال ان رجلين اختصما الى علىّ عليه السّلام في دابّة فزعم كلّ واحد منهما انها نتجت على مذوده و اقام كلّ منهما بيّنة سواء في عدد فأقرع بينهما سهمين فعلّم السهمين كلّ واحد منهما بعلامة ثمَّ قال اللّهمّ ربّ السموات السّبع و ربّ الأرضين السّبع و ربّ العرش العظيم عالم الغيب و الشهادة الرّحمن الرّحيم أيّهما كان صاحب الدّابة و هو اولى بها فاسئلك ان تقرع و يخرج سهمه فخرج سهم أحدهما فقضى له بها الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المثبتة للقرعة في خصوص تقديم احدى البيّنتين بها عند تعارضهما و قد عمل بها ابن ابى عقيل و لم يثبت إعراض الأصحاب عنها اعراضا موهنا لها و قد قرّرنا في المطارع انّ الأعراض موهن لا انّ عملهم شرط حتّى يناقش هنا بعدم تحقّق عملهم و إطلاقها بل عموم بعضها النّاشى من ترك الاستفصال يشمل صورة احتمال كون الواقع مخالفا لكلتا البيّنتين فسقط ما في المتن من المناقشة في القرعة باحتمال كون الواقع خارجا عنهما جميعا مع انّ جريان القرعة لا يختصّ بصورة وجود واقع يعلم مطابقة احد الطّرفين له فإنّها تجري فيما لا واقع فيه أصلا فضلا عمّا إذا كان واقع يحتمل مخالفته لطرفي الشّبهة جميعا و ما تداوله في (- الروضة -) و غيرها من انّ القرعة إنّما تجري فيما إذا اشتبه ظاهرا و كان معلوما واقعا منظور فيه ضرورة ان من جملة الموارد الّتي أفتوا فيها بالقرعة تعيين حصّة كلّ من الشريكين بعد قسمة المال الّذي كان مشاعا بينهما مع انّ لازم الشّركة المشاعة عدم تعيين شيء من العين لأحدهما واقعا (- أيضا -) ثمَّ ان تمسّكنا في المقام ليس بعمومات القرعة حتّى يناقش فيها بوهنها من جهة كثرة ورود التخصيص عليها الموجب لذلك الوهن توقّف العمل بها على جابر من الأصحاب و نحوه و لم يحرز العمل هنا بل مستندها هي الأخبار المزبورة الخاصّة بتعارض البيّنتين فلا وجه لتركها و توهّم عدم جريان تلك الأخبار في المقام من حيث كون موردها صورة إمكان اليمين بعد تعيين المرجع من البيّنتين و لا يمكن الحلف هنا لعدم علم الطرفين بالواقع مدفوع أوّلا بأنّ جملة من الأخبار و ان ذكر فيها اليمين الاّ انّ جملة أخرى مطلقة فنأخذ بالمطلقات و نؤيّدها بما ذكر فيه اليمين و ثانيا على فرض تسليم اختصاصها بصورة إمكان اليمين يمكن التمسّك بها في صورة إمكان اليمين بسبب كون الطّرفين من أهل الخبرة و قطع كلّ منهما بصحّة ما ذكرته بيّنة و يتمّم في صورة عدم إمكان اليمين بعدم القول بالفصل و بالجملة فلا عذر لنا في ترك تلك الأخبار و إذ قد أخذنا بها و أحرزنا بها ما يلزم الأخذ به شرعا من البيّنتين لم يبق تعارض فلا يبقى للجمع موضوع هذا كلّه مضافا الى انّ ما ذكره من الجمع مستلزم لارتكاب ما هو أبعد من الواقع فانّ احتمال المطابقة للواقع في كلّ من البيّنتين أزيد من احتماله في ما تركّب

ص:138

من الأخذ بقول كلّ منهما في النّصف و توجيه الماتن (- ره -) للجمع بما مرّ مدفوع بأنّه و إن كان أخذا بكلّ منهما في النّصف الاّ انّه بعد التأمّل بالنّظر الى كون المجموع مبيعا واحدا طرح للبيّنتين جميعا في المجموع و بالجملة فالقول بالترجيح بالقرعة متعيّن و اللّه العالم ثمَّ انّ الماتن (- ره -) لما اختار الجمع بينهما تصدّى لتوضيح الكلام في طريق الجمع فقال انّ المعروف بين القائلين به من الأصحاب في طريق الجمع بين البيّنات هو الجمع بينهما في قيمتي الصّحيح فيؤخذ من القيمتين اللّتين ذكرهما المقوّمان من الطرفين للصّحيح نصفهما نائب عن فاعل يؤخذ و (- أيضا -) يؤخذ من الثلث ثلثها و من الأربع ربعها و هكذا في المعيب أي يؤخذ من القيمتين المذكورتين للمعيب نصفهما و من القيم الثلث له ثلثها و من الأربع ربعها و هكذا ثمَّ بعد ذلك يلاحظ النّسبة بين نصف القيمتين للصّحيح المأخوذ (11) قيمة للصّحيح و بين (12) نصف القيمتين للمعيب المأخوذ (13) قيمة للمعيب و يؤخذ بتلك النّسبة فإذا كان إحدى قيمتي الصّحيح اثنى عشر و الأخرى ستّة و إحدى قيمتي المعيب أربعة و الأخرى اثنين (14) جمعت الاثنى عشر مع الستّة فصارت ثمانية عشر و أخذ للصّحيح (15) نصفها أعني التّسعة (16) و جمعت الأربعة و الاثنان فصارت ستّة و (17) أخذ للمعيب (18) نصفها اعنى الثّلثة و (19) من البيّن انّ التّفاوت (20) بين التّسعة و الثلاثة بالثلثين فيكون الأرش ثلثي الثمن (21) و هذا الطريق هو الّذي افاده غير واحد و نوقش فيه بأنّه لا داعي إلى النّصف بل لو أخذ مجموع القيمتين من الطّرفين مع الاختلاف فيهما أو ضعف الطّرف الّذي اتّفق عليه المقوّمان بعد أخذ مجموع القيمتين من الطّرف المختلف فيه مع الاختلاف في أحدهما و لوحظ النّسبة كفى ففي المثال يجمع الاثنى عشر و السّتة فتصير ثمانية عشر و يجمع الأربعة و الاثنان فتصير ستّة و تلاحظ النسبة بين السّتة و الثمانية عشر و التّفاوت بالثلثين فلا داعي إلى تنصيف القيمتين بعد الجمع من كلّ من الطّرفين لانّ نسبة الكلّ الى الكلّ عين نسبة النصف الى النّصف و يحتمل الجمع (22) بين الصّحيح و المعيب بطريق أخر و هو ان يرجع الى البيّنة في مقدار التّفاوت (23) و ذلك بان تلاحظ النّسبة بين صحيح كلّ منها و معيبها فالتّفاوت بين الاثنى عشر و الأربعة بالثلثين و كذا بين الستّة و الاثنين و يجمع بين البيّنات فيه (24) اى في التّفاوت من غير ملاحظة القيّم (25) فيؤخذ من البائع ثلثا الثمن و هذا الطريق الثاني منسوب الى الشهيد (- ره -) على ما في (- الروضة -) (26) حيث قال فيها و قيل ينسب معيب كلّ قيمة إلى صحيحها و يجمع قدر النّسبة و يؤخذ من المجتمع بنسبتها و هذا الطريق منسوب الى المصنّف (- ره -) انتهى ما في (- الروضة -) و عن إيضاح النافع اختيار ذلك قائلا انّه الحقّ و ان الأوّل ليس بجيّد انتهى و حاصله (27) اى حاصل طريق الشهيد قد يتّحد مع طريق المشهور كما في المثال المذكور فان التفاوت بين الصحيح و المعيب على قول كلّ من البيّنتين بالثلثين كما ذكرنا في الطريق الأوّل و قد يختلفان كما إذا كانت إحدى قيمتي الصّحيح اثنى عشر و الأخرى ثمانية و قيمة المعيب على (28) قول المقوّم الأوّل عشرة و على (29) قول المقوم الثّاني خمسة فعلى (30) الطريق الأوّل (31) المشهور تجمع قيمتا الصّحيح و هما اثنا عشر و ثمانية فتصير عشرين و تنصف و يؤخذ نصف مجموع قيمتي الصّحيح (32) و اعنى (33) بنصفهما العشرة (34) و تجمع قيمتا المعيب و هما العشرة و الخمسة فتصير خمسة عشر و تنصف و (35) يؤخذ نصف قيمتي المعيب و هو (36) اى نصفهما سبعة و نصف فالتّفاوت (37) بين العشرة و السّبعة و نصف بالرّبع فالأرش (38) (- ح -) فالأرش ربع الثمن (39) المسمّى اعنى ثلثة من اثنى عشر لو فرض الثمن اثنى عشر و على (40) الطريق الثاني (41) و هو طريق الشهيد (- ره -) يؤخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب على احدى البينتين (42) أعني البيّنة المقوّمة للصّحيح باثني عشر و للمعيب بعشرة بالسّدس (43) لانّ التّفاوت بينهما اثنان هما سدس الاثنى عشر و على (44) البيّنة الأخرى (45) و هي الّتي قوّمت الصّحيح بثمانية و المعيب بخمسة ثلثة أثمان (46) لأنّ الثمانية تزود على الخمسة بثلاثة اثمان و مجموع التفاوتين من الاثنى عشر المجعول ثمنا ستّة و نصف لانّ ثلثة أثمان الاثنى عشر أربعة و نصف و ذلك لانّ ثلثة أثمان الثمانية ثلثة و ثلثة أثمان الأربعة واحد و نصف و المجموع أربعة و نصف و السّدس من الاثنى عشر اثنان فإذا أضيف ذلك الى الأربعة و نصف صارت ستّة و نصفا و ينصف المجموع (47) مجموع التفاوتين أعني ستّة و نصف من اثنى عشر جزءا و يؤخذ نصفه و هو ثلثة و ربع و قد كان (48) التفاوت في (49) الطريق الأوّل ثلثة و قد ينقص عن (50) الطريق الأوّل كما إذا اتّفقا على ان قيمة المعيب ستّة و قال إحديهما قيمة الصحيح ثمانية و قال الأخرى عشرة فعلى (51) الطريق الأوّل (52) المشهور يجمع القيمتان (53) للصّحيح أعني الثمانية و العشرة فيكون المجموع ثمانية عشر و يؤخذ نصفهما (54) و هي تسعة و نسبته (55) اى نسبة التسعة و ذكر الضّمير باعتبار العدد إلى السّتة (56) المجعولة قيمة للمعيب في قولهما جميعا بالثلث (57) فيؤخذ من اثنى عشر إذا كانت هي الثمن ثلثها و هي أربعة و على (58) الطريق الثّاني (59) المنسوب الى الشّهيد (- ره -) يكون التفاوت على احد البيّنتين ربعا (60) لأنّ السّتة تنقص عن الثمانية بربع و على (61) البيّنة الأخرى خمسين (62) لأنّ الستّة تنقص عن العشرة بخميسها فيؤخذ نصف الرّبع و نصف الخمسين فيكون ثمنا و خمسا و هو ناقص عن الثلث بنصف خمس (63) لأنّه إذا كان الثمن اثنى عشر كان ثمنه واحدا و نصفا و خمسه اثنين و خمسين و من المعلوم انّ النّصف عبارة عن خمسين و نصفا فاذا جمعن المجموع يصير ثلثة و أربعة أخماس و نصف خمس و هو ينقص عن ثلث الاثنى عشر و هو أربعة بنصف الخمس و توضيح هذا المقام انّ الاختلاف (64) بين البينتين امّا ان يكون في الصّحيح فقط مع اتفاقهما على المعيب و امّا ان يكون في المعيب فقط (65) مع اتفاقهما على الصّحيح و امّا ان يكون فيهما فان كان (66) الاختلاف بينهما في الصّحيح فقط كما في المثال الأخير (67) يعني قوله و قد ينقص عن الأوّل كما إذا اتّفقا على انّ قيمة المعيب ستّة و قالت إحديهما قيمة الصّحيح ثمانية و قال الأخرى أنّها عشرة فعلى الطّريق المشهور ان شئت جمعت الصّحيحتين فصارت ثمانية عشر و المعيبتين فصارت اثنى عشر و التفاوت بينهما الثلث و هو الأرش و ان شئت أخذت نصف الصّحيحتين و هي تسعة و نسبة الى المعيبة و هي ستّة و التفاوت بالثلث و هو الأرش و على طريق الشهيد (- ره -) يلاحظ التفاوت بين السّتة و الثمانية و هو الرّبع و بين السّتة و العشرة و هو الخمسان و يجمع التّفاوت و ذلك من الاثنى عشر المفروض كونه ثمنا خمسة و خمسان لانّ ربع الاثنى عشر ثلثة و خمسيه أربعة و أربعة أخماس و المجموع سبعة و أربعة أخماس ثمَّ تسقط نصف الرّبع و الخمسين و هو الثمن و الخمس من الاثنى عشر و به يحصل الاختلاف بين الطريقين لان التفاوت على الطريق المشهور هو الثلث و هو الأربعة من الاثنى عشر و على هذا الطّريق أربعة إلاّ نصف خمس لانّ ثمن الاثنى عشر واحد و نصف و خمسه اثنان و خمسان و المجموع ثلثة و نصف و خمسان و هي تنقص عن الأربعة بنصف خمس بل ربّما ذكر (- المصنف -) (- ره -) انّ الظاهر التفاوت دائما (68) قال لأنّك قد عرفت انّ الملحوظ على الطريق المشهور نسبة المعيب (69) و هو في المثال الأخير ستّة إلى مجموع قيمتي الصّحيح (70) حقّ العبارة النّصف مفردا مضافا الى القيمة المثنّاة أي نصف قيمتي الصّحيح المجعول (71) ذلك النصف قيمة منتزعة (72) من القيمتين فانّ مقتضى الطريق المشهور في المثال الأخير نسبة الستّة إلى التّسعة الّتي هي نصف الثمانية و العشرة اللّتين هما قيمتا الصّحيح و النّسبة بينهما الثلث اعنى الثلاثة و (73) هذا بخلافه على الطريق الأخر (74) المنسوب الى الشهيد (- ره -) فانّ الملحوظ فيه انّما هو نسبة المعيب (75) أعني الستّة الى كلّ من القيمتين (76) و هما الثّمانية

ص:139

و العشرة اى باعتبار تفاوت صحيح كلّ من القيمتين و معيبهما ففي المثال التفاوت بين الستّة و الثمانية بالربع و هو اثنان و بين الستّة و العشرة بالخمسين أعني أربعة فيؤخذ من الاثنى عشر المفروض ثمنا ربع و هو ثلثة و خمسان و هما أربعة و خمسان فالمجموع سبعة و أربعة أخماس و نصفه أربعة إلا نصف خمس و قد كان التفاوت على طريق المشهور أربعة لأنّها ثلث الاثنى عشر ثمَّ انّه (- ره -) لما ذكر نسبة المعيب الى كلّ من القيمتين وصفها بأنّها المستلزمة لملاحظة أخذ نصفه اى نصف الصّحيح مع نصف الصحيح الأخر ليجمع بين البينتين في العمل و المفروض في هذه الصّورة ان نسبة المعيب و هي الستّة إلى التسعة الّتي هي مجموع نصفي قيمتي الصّحيح الّتي هي طريقة المشهور مخالفة لنسبة نصفه اى ثلثة الّتي هي نصف الستّة التي هي قيمة المعيب الى كلّ من النّصفين و هما الأربعة و الخمسة و ذلك لانّ نسبة الستّة إلى التّسعة بالثلث و نسبة الثّلثة إلى الأربعة الّتي هي نصف إحدى قيمتي الصّحيح بالرّبع و الى الخمسة الّتي هي نصف القيمة الأخرى للصّحيح بالخمسين و من البيّن مغايرة الثلث لكلّ من الرّبع و الخمسين و الى ذلك أشار الماتن (- ره -) بتعليل مخالفة النسبة بين الطريقين بان نسبة الكلّ يعنى الستّة إلى الكلّ يعنى التسعة تساوى نسبة الثلاثة الّتي هي نصفه اى نصف الستّة الى كلّ من نصفي ذلك الكلّ و هو الأربعة و النصف في المثال (11) فكما انّ التفاوت بين الستّة و التسعة بالثلث فكذا التّفاوت بين الثلاثة و بين الأربعة و نصف بالثلث و لا (12) (- كك -) نسبة الثلاثة الّتي هي نصف الكلّ الى كلّ من النّصفين المركّب منهما ذلك الكلّ (13) و هي الستّة كالأربعة (14) الّتي هي نصف الثمانية التي هي إحدى قيمتي الصّحيح و الخمسة (15) التي هي نصف القيمة الأخرى للصّحيح فإنّها اعنى نسبة نصف الكل الى كلّ من النصفين المركّب منهما ذلك الكلّ لا تساوى نسبة الكلّ الى الكلّ لانّ نسبة الكلّ الى الكلّ بالثلث و نسبة الثلاثة الّتي هي نصف الكلّ إلى الأربعة الّتي هي إحدى النّصفين المركّب منهما الكلّ بالرّبع و الى الخمسة الّتي هي النّصف الأخر بالخمسين و الثلث غير الرّبع و غير الخمسين بل النصف المنسوب الى احد بعضي المنسوب إليه كالأربعة نسبته مغايرة لنسبة الى البعض الأخر أعني الخمسة و هكذا غيره من الأمثلة (16) الّتي تظهر بالتأمّل ثمَّ انّ ما ذكره كلّه انّما هو فيما إذا كانت البيّنة اثنتين و لو كانت ثلثا كما لو اتّفقت على انّ قيمة المعيب ستّة و قالت إحديهما انّها صحيحة ثمانية و قالت الثانية أنّها عشرة و الثالثة انّها اثنتا عشر فإن شئت جمعت القيم الصّحيحة فصارت ثلثين و أخذت ثلثها و هي عشرة و جعلتها الصّحيحة و نسبتها إلى المعيبة و هي الستّة و التفاوت بالخمسين فتأخذ خمسي الثمن أرشا و ان شئت كرّرت المعيبة ثلثا فصارت ثمانية عشر و نسبتها الى الثلاثين و التفاوت (- أيضا -) بالخمسين فتأخذ خمسي الثمن هذا على المشهور و امّا على طريقة الشّهيد (- ره -) فتجمع تفاوت ما بين الستّة و الثّمانية و هو الرّبع و ما بينها و بين العشرة و هو الخمسان و ما بينها و بين الاثنى عشر و هو النّصف و تأخذ ثلث الجميع و تأخذ من الثمن بحسابه و يظهر بين الطّريقين تفاوت (- أيضا -) ففيما إذا كان الثمن اثنى عشر تأخذ على طريق المشهور أربعة و أربعة أخماس لأنّها خمسا الاثنى عشر و على طريق الشّهيد (- ره -) فربع الثمن ثلثة و خمساه أربعة و أربعة أخماس و نصفه ستّة و المجموع ثلثة عشر و أربعة أخماس و ثلثها أربعة و ثلثة أخماس فالتفاوت خمس ثمَّ ان هذا كلّه هو الكلام في صورة الأولى و هو ما إذا كان الاختلاف في الصّحيح فقط و امّا الصّورة الثانية أعني كون الاختلاف في المعيب فقط كما إذا اتفقا على ان قيمتها الصّحيحة اثنى عشر و اختلفت في المعيبة فقالت إحديهما هي عشرة و قالت الأخرى انّها ستّة فطريق أخذ التّفاوت امّا على المشهور فامّا بتنصيف المعيبتين و نسبة النصف إلى الصّحيحة فيظهر التفاوت بالثلث لانّ التفاوت بين الثمانية الّتي هي نصف الستّة عشر التي هي مجموع المعيبتين و بين الاثنى عشر الّتي هي قيمة الصّحيح هو الثلث و امّا بجمع القيمتين فتكون ستّة عشر و تكرير الصّحيحة فتكون أربعة و عشرين و التفاوت بينهما (- أيضا -) بالثّمانية الّتي هي ثلث الأربع و العشرين و امّا على طريق الشهيد (- ره -) فبنسبة العشرة إحدى المعيبتين الى الاثنا عشر القيمة الأخرى و أخذ التّفاوت و هو السّدس و نسبة الستّة الّتي هي القيمة الأخرى للمعيب إلى الاثنى عشر و أخذ التفاوت و هو النّصف و التفاوت بينهما بالثلث فانّ السّدس ثلث النّصف و (- ح -) فيتّحد الطريقان بل ربّما استظهر المصنّف (- ره -) عدم التفاوت دائما حيث قال و إن كان الاختلاف في المعيب فقط فالظاهر عدم التفاوت بين الطريقين أبدا لانّ نسبة الصّحيح الى نصف مجموع قيمتي المعيب على ما هو طريق المشهور مساوية لنسبة نصفه (17) اى نصف الصّحيح الى نصف إحديهما (18) أي نصف احدى القيمتين المعيبتين و نصفه الأخر (19) أي النصف الأخرى للصّحيح الى نصف (20) القيمة الأخرى (21) للمعيب و ذلك كما إذا اتفقا على كون الصّحيح اثنى عشر (22) و اختلفا في المعيب فقالت إحديهما المعيب ثمانية و قالت الأخرى ستّة فإن تفاوت (23) ما بين السّبعة (24) الّتي هي نصف الثمانية و الستّة اللّتين هما قيمتا المعيب و (25) بين الاثنى عشر التي هي قيمة الصّحيح (26) انّما هو السّدس و الرّبع فانّ سدس الاثنى عشر اثنان و ربعها ثلثة و المجموع خمسة و هي التفاوت بين السّبعة و الاثنى عشر و هذا التفاوت المأخوذ على الطريق المشهور مساو لنصف مجموع تفاوت الثمانية مع الاثنى عشر لانّ نسبة الأوّلين (27) يعني الثمانية و الاثنى عشر بالثّلث و (28) نسبة الآخرين (29) يعنى الستّة مع الاثنى عشر بالنّصف و نصفهما (30) اى نصف الثّلث و النصف السّدس و الرّبع و هذا بعينه تفاوت السّبعة و الاثنى عشر (31) كما عرفت و لو كانت البيّنات ثلثا و اتّفقت على الاثنى عشر صحيحا و اختلفت في المعيبة فقالت الأولى أنّها عشرة و قالت الثانية انّها ثمانية و قالت الثالثة انّها ستّة كرّرت الصّحيحة ثلثا فصارت ستّة و ثلثين و ضممت القيم المعيبة فصارت أربعة و عشرين و أخذت ثلثها ثمانية و نسبتها الى الثلاثين أو جمعت السّدس و النّصف و الثّلث و أسقطت ثلثه من الثمن فانّ التّفاوت هو الثلث (- أيضا -) و هكذا و امّا الصّورة الثّالثة فقد تعرض لها الماتن (- ره -) بقوله و ان اختلفا في (32) كلّ من الصحيح و المعيب على كلتا البيّنتين فيتّحد الطريقان دائما كما إذا قوّمه إحديهما صحيحا باثني عشر و معيبا بستّة و قوّمها الأخرى صحيحا بستّة و معيبا بثلاثة فانّ نصف الصّحيحين أعني التّسعة (33) نصف الاثنى عشر و الستّة تفاوته مع نصف مجموع المعيبين و هو الأربعة و نصف (34) نصف الستّة و الثّلثة عين نصف تفاوت الاثنى عشر مع الستّة و الستّة مع الثّلثة (35) و ذلك لانّ تفاوت التسعة مع الأربعة و نصف النصف و تفاوت الاثنى عشر مع الستّة (- أيضا -) النّصف و تفاوت الستّة (- أيضا -) مع الثلاثة النّصف و الحاصل انّ كلّ صحيح (- ح -) ضعف المعيب فيلزمه كون نصف الصّحيحين ضعف نصف المعيبين (36) هذا إذا اتّحدت النّسبة و (37) امّا ان اختلفت النّسبة فقد يختلف الطّريقان و قد يتّحدان و قد تقدّم مثالهما في أوّل المسئلة (38) فلا نطيل بالإعادة و لو كانت البيّنات ثلاثا فقالت احديها انّ قيمته اثنا عشر صحيحا و عشرة معيبا و الثانية عشرة صحيحا و ثمانية معيبا و الثالثة ثمانية صحيحا و ستّة معيبا فالقيم الصّحيحة ثلثون و المعيبة أربعة و عشرون و التفاوت بينهما ستّة هي خمس القيم الصّحيحة فيرجع بخمس الثمن و هو اثنان و خمسان من الاثنى عشر هذا على الطريق المشهور و امّا على طريق الشهيد (- ره -) فيجمع سدس الثمن و هو

ص:140

اثنان من الاثنى عشر و خمسة و هو اثنان و خمسان و ربعه و هو ثلثة فيكون المجموع سبعة و خمسين فيسقط من الثمن ثلثها و هو اثنان و خمسان و ثلث الخمس فيزيد على الطّريق المعروف بثلث الخمس في المثال و قد يتّحد الطريقان (- ح -) فيما إذا كانت احدى القيمتين اثنا عشر صحيحا و أربعة معيبا و الأخرى ستّة صحيحا و اثنين معيبا فانّ التفاوت النّصف على كلّ منهما و كذا لو كانت الأولى ستّة معيبا و الثانية ثلثة معيبا فان التفاوت النصف على كلّ منهما و لو كانت الأولى ثمانية معيبا و الثانية أربعة فإن التّفاوت الثلث على كلّ منهما و هكذا هذا تحرير القولين في كيفيّة الجمع بين البيّنتين و ما بينهما من النّسبة و قد وقع الاحتجاج على الطريق المشهور بخبر عبد اللّه بن عمر الوارد في الأضاحي قال كنا بمكّة فأصابنا غلاء في الأضاحي اشترينا بدينار ثمَّ بدينارين ثمَّ بلغت سبعة ثمَّ لم توجد بقليل و لا كثير فوقع هشام المكاري الى ابى الحسن عليه السّلام فأخبره بما اشترينا و انا لم نجد فوقع عليه السّلام انظروا الى الثمن الأوّل و الثّاني و الثالث فاجمعوا ثمَّ تصدّقوا بمثل ثلثة و قد عمل به الأصحاب في محلّه بل قالوا انّ الضّابط ان تجمع القيمتان أو القيم و يتصدّق منسوبة إلى القيم بالسويّة من الثلث الثلث و من الأربع الرّبع و هكذا و اقتصار بعضهم على الثلث انّما هو لمتابعة الرّواية و الاّ فالمراد ذلك و هو قريب ممّا قلناه بل لعلّ مقتضى اختلاف البيّنات هو تعدّد القيم باعتبار تفاوت الرّغبات فيكون كالشيء الواحد الّذي له قيم متعدّدة و مقتضى العدل الجامع بين حق المشترى و البائع هو ما ذكره الأصحاب و تضمّنه الخبر المذكور فليست المسئلة (- ح -) من تعارض البيّنات كي يجرى فيها حكمه هكذا أفاد جمع من الأواخر منهم صاحب الجواهر و فيه نظر ظاهر ضرورة وضوح الفرق بين المبحث و بين مورد الخبر امّا أوّلا فلكون مورد النصّ ممّا هو من حقوق الخالق و مفروض البحث من حقوق المخلوق و الفرق بينهما بيّن و امّا ثانيا فلانّ ظاهر الخبران القيم في الأضحية المتعدّدة واقعا بحسب تعذّر الأزمنة فلمّا تعذّرت الأضحية سقط الخطاب بها فجعل الشارع المتصدّق بالقيمة المنتزعة من تلك القيم الواقعيّة بدلا عنها تعبّدا و اين ذلك من تعدّد الطّرق الظاهريّة للقيمة المتّحدة في الواقع كما هو المفروض هنا و احتجّوا الخيرة الشّهيد (- ره -) بان فيه اعمال كلّ من البينتين ببعض ما قامت عليه من التفاوت على وجه لا يفضل أحدهما عن الأخر ضرورة كونه هو الّذي اختلفت البيّنات فيه و التقويم مقدّمة له لا انّه ينتزع قيمة جديدة خارجة عن المجموع كما هو مقتضى الطّريق الأوّل إذ هو ليس جمعا فيما اختلفت فيه البيّنات من التفاوت الذي هو على مقتضى احديها الثلث مثلا و على مقتضى الأخرى الربع مثلا بل اللائق بعد القطع بانحصار التفاوت في أحد الأمرين و لم يعلم به على الخصوص تنصيف مقتضى كلّ من البينتين و الحكم بكونه الأرش اعمالا لكلّ منهما في النصف و ربّما تصدّى (- المصنف -) (- ره -) لتنقيح رجحان هذا الطريق بناء على المباني فقال ما لفظه ثمَّ انّ الأظهر بل المتعيّن في المقام هو الطريق الثّاني المنسوب الى الشهيد (- ره -) وفاقا للمحكي عن إيضاح (- فع -) حيث ذكر ان طريق المشهور ليس بجيّد و لكنّه لم يذكر وجهه و يمكن إرجاع كلام الأكثر إليه كما سيجيء و وجه تعيّن هذا الطريق انّ أخذ القيمة من القيمتين يعنى من القيمتين الصّحيحتين أو القيمتين المعيبتين فعدّ كلّ قيمتين قيمة و ملاحظة النّسبة بين نصف الصّحيحتين و نصف المعيبتين على طريق المشهور أو أخذ النّسبة المتوسّطة من النّسبتين يعنى نسبة كلّ صحيح إلى معيبه على الطريق الثّاني لا يخلو من احد وجهين لانّه امّا ان يكون للجمع بين البيّنتين أو البيّنات باعمال كلّ واحد منهما أو منها في نصف العين كما ذكرنا مفصّلا و امّا (11) ان يكون لأجل ان ذلك توسّط بينهما (12) اى بين البائع و المشترى لأجل الجمع بين الحقّين (13) اى حقّهما بتنصيف ما به التفاوت نفيا (14) لنصف الزّيادة الّتي يدعيها إحديهما و إثباتا (15) لنصف الزيادة التي ينكرها الأخرى على النّهج الّذي ذكرناه أخيرا في الجمع بين البيّنتين كما يحكم بتنصيف الدّرهم الباقي من الدّرهمين المملوكين لشخصين إذا ضاع أحدهما المردّد بينهما من عند الودعي (16) من دون تفريط و (17) لو لم تكن هنا بيّنة تشهد لأحدهما بالاختصاص بل و لا ادّعى أحدهما اختصاصه بالدّرهم الموجود فعلى الأوّل (18) يعني كون أخذ القيمة من القيمتين للجمع بين البينتين فاللاّزم و إن كان هو جمع نصفي قيمتي الصّحيح و المعيب (19) اى نصف قيمتي الصّحيح و نصف قيمتي المعيب و لذا اثنى النّصف و القيمة في العبارة ثمَّ قال كما فعله المشهور (20) ثمَّ بيّن طريق الجمع بقوله بان يجمع (21) و لا يخفى انّ الجمع هنا ليس على معناه اللّغوي و هو الضمّ حتى يصير المجموع عشرين بل المراد به ان يلاحظ كلّ من العددين و هما الاثنى عشر و الثمانية المفروضتان قيمتين للصّحيح في المثال المتقدّم (22) عند قوله في أوائل الكلام و قد يختلفان (- اه -) و يؤخذ نصف إحديهما (23) كالستّة مثلا نصف الاثنى عشر قيمة نصف المبيع صحيحا (24) فقوله قيمة مفعول ثان للأخذ مضاف الى لفظ النصف فهو في تقدير اللاّم فكأنّه قال و يؤخذ نصف إحديهما قيمة لنصف المبيع و نصف الأخرى (25) كالأربعة نصف الثمانية قيمة للنّصف الأخر منه (26) اى من المبيع و لازم ذلك (27) اى لازم هذا الجمع و الملاحظة و الأخذ هو كون تمام المبيع بعشرة (28) لأنّ الستّة نصف الاثنى عشر و الأربعة نصف الثمانية إذا جمعتا صار المجموع عشرة و (29) قوله يجمع (30) معطوف على قوله يجمع في قوله بان يجمع الاثنى عشر و الثمانية فهو منصوب بان و معناه (- أيضا -) الملاحظة دون الضمّ فالمعنى و ان يجمع قيمتا المعيب أعني العشرة و الخمسة و يؤخذ لكلّ نصف من المبيع المعيوب نصف من أحدهما و لازم ذلك كون تمام المبيع بسبعة و نصف (31) لأنّه إذا أخذ نصف العشرة و هي خمسة و نصف الخمسة و هو اثنان و نصف كان المجموع سبعة و نصفا الاّ انّه لا ينبغي ملاحظة نسبة المجموع من نصفي إحدى القيمتين أعني العشرة (32) أراد بإحدى القيمتين القيمة الصّحيحة و هي و إن كانت قيمتين لمقوّمين الاّ انّه بعد جمعهما و أخذ نصفهما صار كانّ نصفهما قيمة و ثنى النّصف باعتبار كون الجمع بين احدى الصّحيحتين مع نصف الصّحيحة الأخرى ثمَّ أشار الى المنسوب اليه بقوله الى المجموع من نصف (33) القيمة الأخرى أعني سبعة و نصفا كما نسب الى المشهور (34) و أراد بالقيمة الأخرى قيمة المعيب المستفادة من القيمتين للمعيب بأخذ نصف كلّ منهما وليته ثنّى النصف هنا كما ثناه في قوله من نصفي إحدى القيمتين (- اه -) ثمَّ انّه (- ره -) أخذ في تعليل قوله لا ينبغي بقوله لأنّه إذا فرض لكلّ نصف من المبيع قيمة تغاير قيمة النصف الأخر وجب ملاحظة التفاوت بالنّسبة الى كلّ من النّصفين صحيحا و معيبا و أخذ الأرش لكلّ نصف على حسب تفاوت صحيحه و معيبه (35) ضرورة انّ الجمع بين البينتين يقتضي الأخذ بقول كلّ منهما في نصف المبيع و لازمه لزوم مراعاة التّفاوت على النّحو الّذي ذكره و (- ح -) فالعشرة (36) الحاصلة من الجمع بين الصّحيحتين أعني الاثنى عشر و الثمانية و تنصيفهما ليست قيمة لمجموع الصّحيح الاّ باعتبار انّ نصفه (37) اى نصف المبيع مقوم لستّة و نصفه الأخر بأربعة (38) و مجموع الستّة و الأربعة عشرة و كذا السّبعة و نصف (39) الحاصلة من الجمع بين القيمتين للمعيب أعني العشرة و الخمسة ليست قيمة لمجموع المعيب

ص:141

الاّ باعتبار انّ نصفه مقوّم بخمسة و نصفه الأخر باثنين و نصف و جمعهما سبعة و نصف فلا وجه لما هو مقتضى الطريق المشهور من أخذ تفاوت ما بين مجموع العشرة الّتي هي قيمة الصّحيح و السّبعة و نصف الّتي هي قيمة المعيب بل لا بدّ من أخذ تفاوت ما بين الأربعة الّتي هي قيمة نصف المبيع المقوّم صحيحا بها و الاثنين و نصف الذي هو قيمة نصف المبيع المقوّم معيبا بها الكائن ذلك التّفاوت لنصف المبيع و تفاوت ما بين الستّة قيمة النّصف الأخر للمبيع المقوّم صحيحا بها و الخمسة قيمة النّصف الأخر للمبيع المقوّم معيبا بها الكائن ذلك التّفاوت للنّصف الأخر من المبيع و إذا أخذنا التفاوت على هذا الوجه كما هو طريق الشهيد (- ره -) كان التفاوت بين الأربعة نصف الثمانية و الاثنين و نصف نصف الخمسة ثلثة أثمان لأنّ الأربعة ثمانية انصاف و الاثنين و نصف خمسة انصاف و التفاوت ثلثة انصاف و كان التفاوت بين الستّة و الخمسة سدس فيؤخذ من البائع ثلثة اثمان الثمن و سدسه أرشا للمبيع فلو كان الثمن في المثال اثنى عشر أخذ من البائع ثلثة و ربع لأنّه يؤخذ من الستّة نصف الاثنى عشر سدسه و هو واحد و من الستّة الأخرى ثلثة أثمانها و هي اثنان و ربع لانّ ثلثة أثمان الأربعة واحد و نصف و ثلثة اثمان الاثنين ثلثة أرباع و المجموع اثنان و ربع و ذلك مع الواحد ثلثة و ربع و حاصل العلة الّتي رجّح الماتن (- ره -) بها طريق الشّهيد (- ره -) هو انّ في طريقه اعمال كلّ من البيّنتين ببعض ما قامت عليه من التّفاوت على وجه لا يفضل أحدهما عن الأخر ضرورة كونه هو الّذي اختلفت البيّنات فيه و التقويم مقدّمة له لا انه ينتزع قيمة جديدة خارجة عن المجموع كما هو مقتضى طريق المشهور إذ هو ليس جمعا فيما اختلف فيه البيّنات من التفاوت الّذي هو على مقتضى إحديهما الثلث مثلا و على مقتضى الأخرى الرّبع مثلا بل اللاّئق بعد القطع بانحصار التفاوت في أحد الأمرين و لم يعلم به على الخصوص تنصيف مقتضى كلّ من البينتين و الحكم بكونه الأرش اعمالا لكلّ منهما في النّصف و توهّم انّ حكم شراء شيء موصوف بأنّه تغاير قيمتا نصفه (11) اى كانت قيمة أحد نصفيه غير قيمة النّصف الأخر كما في المقام حكم ما لو اشترى بالثمن الواحد مالين معيبين مختلفين في القيمة صحيحا و معيبا (12) و ذلك بان اشترى عبدا و جارية (13) صفقة باثني عشر فظهر (14) جميعا معيبين و (15) الحال انّ العبد يسوى أربعة صحيحا و اثنين و نصف معيبا و الجارية تسوى ستّة صحيحة و خمسة معيبة فإنّه لا شكّ في انّ اللاّزم في هذه الصّورة ملاحظة مجموع قيمتي الصّفقة صحيحة و معيبه أعني العشرة (16) الحاصلة من جمع القيمتين الصّحيحتين و هما الأربعة و الستّة و السّبعة و نصف (17) الحاصلة من جمع القيمتين المعيبتين و هما الاثنان و نصف و الخمسة و أخذ التّفاوت (18) بين العشرة و السّبعة و نصف و هو الرّبع من (19) أصل الثمن (20) المسمّى أعني الاثنى عشر و هو (21) اى ربع الثمن المسمّى ثلثة إذا فرض الثمن اثنى عشر (22) و حقّ العبارة رفع الاثنين بالألف لكونه نائب فاعل لفرض كما لا يخفى و هذا الّذي ذكرنا هو طريق المشهور فيما نحن فيه (23) فطريق المشهور هو المتعيّن دون طريق الشهيد (- ره -) مدفوع خبر لقوله و توهّم (- ره -) و التقدير انّ توهّم ما ذكر مدفوع بانّ الثمن (24) و هو الاثنى عشر مثلا في المثال (25) الّذي ذكره المتوهّم لما كان موزّعا على العبد و الجارية بحسب قيمتها (26) السّوقيّة فإذا أخذ المشتري ربع الثمن (27) يعنى الثلاثة أرشا فقد أخذ للعبد ثلثة اثمان قيمته و للجارية سدسه (28) اى سدس قيمتها فكان عليه تأنيث الضّمير كما (29) لا يخفى و هذا الذي ذكرنا هو الطريق المختار لأنّه أخذ (30) من الثمن من تقابل الجارية أعني سبعة و خمسا سدسه و هو واحد و خمس و من مقابل العبد أعني أربعة و أربعة أخماس ثلثة اثمان و هو واحد و أربعة أخماس (31) و توضيح ذلك انّه إذا فرض القيمة الصّحيحة للعبد أربعة و القيمة الصّحيحة للأمة ستّة كان الفرق بينهما خمسا للعبد خمسان و للأمة ثلثة أخماس لأنّ الأربعة مع الستّة تصير عشرة و خمسا هما أربعة و ثلثة أخماسها ستّة فيلزم ان يجعل للعبد من الثمن المسمّى خمساه و للأمة ثلثة أخماسه و خمسا الاثنى عشر المجعول ثمنا في المثال أربعة و أربعة أخماس لأنّ خمسي العشرة أربعة و خمسي الاثنين أربعة أخماس و أيضا ثلثة أخماس الاثنى عشر سبعة و خمس لانّ ثلثة أخماس العشرة ستّة و ثلثة أخماس الاثنين ستّة أخماس فاجعل خمسة أخماس من الستّة أخماس واحدا وضعه على الستّة فتصير سبعة و يبقى خمس فيصير المجموع سبعة و خمسا فاتّضح ما ذكره من انّ مقابل الجارية سبعة و خمس و مقابل العبد أربعة و أربعة أخماس أي سبعة و خمس من اثنى عشر و أربعة و أربعة أخماس من اثنى عشر و امّا انّ سدس السّبعة و خمس واحد و خمس فظاهر لانّ سدس الستّة واحد و سدس الواحد و خمس خمس و امّا انّ ثلثة أثمان الأربعة و أربعة أخماس واحد و أربعة أخماس فلان ثلثة أثمان الأربعة واحد و نصف و ثلثة أثمان الأربعة أخماس خمس و نصف خمس لأنّه إذا فرض الأصل ستّين كان أربعة أخماسه ثمانية و أربعين لأنّ خمس السّتين اثنى عشر فاذا كرر الاثنى عشر اربع مرّات صارت ثمانية و أربعين و ثلثة أثمان الأربعين خمسة عشر و ثلثة أثمان الثمانية ثلثة و المجموع ثمانية عشر و خمس الستّين اثنا عشر و نصف خمسة ستّة و المجموع ثمانية عشر فتبيّن انّ ثلثة أثمان الأربعة أخماس خمس و نصف خمس و إذا أضفت ذلك الى الثلاثين نصف السّتين صارت ثمانية و أربعين و ذلك أربعة أخماس السّتين و إذا أضفت الأربعة أخماس إلى الواحد صارت واحدا و أربعة أخماس و ذلك المطلوب و إذ قد عرفت ذلك فاعلم أنّ الثلاثة الّتي هي ربع الثمن (32) المسمّى أعني الاثنى عشر منطبق على السّدس (33) المأخوذ من مقابل قيمة الجارية و ثلثة أثمان (34) المأخوذ من مقابلة قيمة العبد و وجه الانطباق انّ السّدس واحد و خمس كما عرفت و الثّلثة الأثمان واحد و أربعة أخماس فإذا جمعتهما صارتا ثلثة و هذا بخلاف ما نحن فيه فانّ المبذول في مقابل كلّ من النّصفين المختلفين بالقيمة أمر واحد و هو نصف الثمن (35) و التعدّد و الاختلاف انّما حصل من تعدّد المقوّمين و اختلافهم فالمناسب لما نحن فيه فرض شراء كلّ من الجارية و العبد في المثال المفروض بثمن مساو للآخر بان اشترى كلاّ منهما بنصف الاثنى عشر في عقد واحد أو عقدين فلا يجوز (- ح -) أخذ الرّبع من اثنى عشر بل المتعيّن حينئذ ان يأخذ من ستّة الجارية سدس (36) لانّه مقتضى تقويم صحيحها بستّة و معيبها بخمسة و التفاوت بينهما بالسّدس و من ستّة العبد اثنان و ربع (37) لانّه مقتضى تقويم صحيحه بأربعة و معيبه باثنين و نصف و التّفاوت بينهما بثلاثة اثمان فيجمع الواحد و الاثنان و ربع فيصير مجموع الأرش ثلثة و ربعا و هو المأخوذ في المال المتقدّم على الطريق الثّاني (38) كما أسبق ذكره عند قوله في صدر المقال و قد يختلفان كما إذا كانت إحدى قيمتي الصحيح اثنى عشر و الأخر ثمانية (- اه -) و قد ظهر ممّا ذكرنا (39) كلّه انّه لا فرق بين شهادة البيّنات بالقيم أو شهادتهم بنفس النسبة بين الصّحيح و المعيب و ان لم يذكروا القيم (40) لاتحادهما في النتيجة كما هو ظاهر ثمَّ انه (- قده -) لما ورد عند الشروع في وجه أظهريّة طريق الشهيد (- ره -) بين ان يكون أخذ القيمة من القيمتين على طريق المشهور للجمع بين البنتين باعمال كلّ منهما و بين ان يكون ذلك لأجل الجمع بين الحقين و استوفى الكلام على الشق الأوّل أراد الكلام على الشق الثاني فقال (- ره -) انّ هذا كلّه إذا كان

ص:142

مستند المشهور في أخذ القيمة الوسطى هو العمل بكلّ من البيّنتين في جزء من المبيع و امّا إذا كان المستند مجرّد الجمع بين الحقّين على ما ذكرناه أخيرا بأن ينزل القيمة الزّائدة الّتي قوم المبيع بها احدى البينتين و يرتفع النّاقصة الّتي قوّمته بها الأخرى حتى تكون القيمتان جميعا على حدّ سواء فالمتعيّن الطريق الثاني أيضا يعني طريق الشهيد (- ره -) سواء شهدت البيّنتان بالقيمتين كان قالت إحديهما انّه صحيحا باثني عشر و معيبا بثمانية و قالت الأخرى أنّه صحيحا بستّة و معيبا بأربعة أم شهدتا بنفس النسبة بين الصحيح و المعيب كان قالت إحديهما انّ النّسبة بين الصحيح و المعيب بالسّدس و قالت الأخرى بثلاثة اثمان و امّا إذا شهدتا بنفس التفاوت فلأنّه إذا شهدت إحديهما بأن التفاوت بين الصحيح و المعيب بالسّدس و هو الاثنان من الاثنى عشر المفروض ثمنا و شهدت الأخرى بأنّه أي التّفاوت بثلاثة اثمان و هي الأربعة و نصف من الاثنى عشر المفروض ثمنا و هذا هو الأقرب الى المطلوب و أهل بعد فرض الثّمن اثنى عشر فما في المتن من قوله و هو الثلاثة من ثمانية لا يخلو من مناقشة و على اىّ حال فاذا شهدتا (- كك -) زدنا على السّدس (11) و هو اثنان المجعولة في كلام البيّنة الأولى ما ينقص من ثلثة اثمان (12) و ذلك ان التفاوت بين سدس الاثنى عشر و هو اثنان و بين ثلثة أثمانه و هو أربعة و نصف اثنان و نصف فينصف هذا التفاوت و يجعل نصفه و هو واحد و ربع على الاثنين المجعول تفاوتا في كلام الأولى و يبقى نصفه الأخر و هو واحد و ربع على حاله و (13) إذا فعلنا ذلك صار كلّ واحد من التفاوتين بعد التعديل سدسا (14) و هو اثنان و نصف سدس (15) و هو واحد و ثمنه (16) اى ثمن السّدس و هو ربع الواحد و هو (17) اى السّدس و نصفه و ثمنه من الثمن المفروض أعني اثنى عشر ثلثة و ربع (18) لان مجموع الاثنين و الواحد و ربع الواحد يصير ثلثة و ربعا و (- ح -) فيكون التفاوت ثلثة و ربعا كما ذكرنا سابقا (19) هذا إذا شهدت البيّنتان بنفس التفاوت و (20) امّا ان شهدت البيّنتان بالقيمتين (21) اى شهدت كلّ منهما بقيمتين صحيحة و معيبة فمقتضى الجمع بين حقّي البائع و المشترى في مقام إعطاء الأرش و أخذه (22) الإعطاء من البائع و الأخذ من المشترى تعديل قيمتي كلّ من الصّحيح و المعيب بالزيادة و النقصان بأخذ قيمة (23) المتّصفة بكون نسبته الى المعيب (24) و اللازم تأنيث الضّمير المضاف إليه النّسبة لعوده إلى القيمة و على كلّ حال فيعتبر كون نسبة تلك القيمة إلى المعيب دون نسبة القيمة الزائدة و فوق نسبة (25) القيمة النّاقصة فيؤخذ من الاثنى عشر (26) المجعولة في شهادة الأخرى قيمة للصّحيح و العشرة من الثمانية و الخمسة (27) المجعولة قيمة للمعيب قيمتان (28) نائب فاعل لقوله يؤخذ أي يؤخذ قيمتان إحديهما للصّحيح و (29) الأخرى للمعيب (30) متصفتان تلك القيمتين بان نسبة إحديهما إلى الأخرى (31) يعني نسبة كلّ صحيح إلى معيبه تزيد على السّدس بما (32) اى بمقدار ينقص من ثلثة اثمان (33) بسبب أخذ نصف زيادتها على السّدس و جعل ذلك على السّدس بيان ذلك انّه إذا كان تفاوت احد الصّحيحين مع معيبه السّدس و تفاوت الأخر مع معيبه ثلثة اثمان كان مقتضى التّعديل الأخذ من ثلثة اثمان للسّدس بمقدار يتساويا في النّسبة ففي المثال يؤخذ سدس الاثنى عشر و هو اثنان و ثلثة أثمانه و هو أربعة و نصف و يجمع فيصير ستّة و نصفا و ينصف فيصير ثلثة و ربعا و (- ح -) فيؤخذ قيمتان يزيد صحيحهما على المعيب بسدس و نصف سدس و ثمن سدس (34) و ذلك بان يجعل القيمة الصّحيحة ستّة و المعيبة أربعة و ربعا فالسّتة تزود على الأربعة و ربعا بسدس و هو واحد و نصف سدس و هو نصف الواحد و ثمن سدس و هو ربع الواحد فمجموع الزيادة اثنان الاّ ربعا فيؤخذ هذا المقدار من التفاوت أرشا فإذا كان الثمن اثنى عشر درهما كان الأرش ثلثة و ربعا لانّ العدد الّذي تزود الاثنى عشر عليه بسدس و نصف سدس و ثمن سدس انّما هي تسعة إلاّ ربعا فتلك الزيادة في صورة كون الثّمن اثنى عشر هو الأرش و من هنا يمكن إرجاع كلام الأكثر (35) المتضمّن للطّريق الأوّل المشهور الى الطّريق الثاني (36) الّذي عليه الشهيد (- ره -) بان يريدوا من أوسط القيم المتعدّدة للصحيح و المعيب القيمة المتوسّطة بين القيم لكلّ منهما (37) اى من الصّحيح و المعيب من حيث نسبتها (38) اى نسبة تلك القيمة المتوسطة إلى قيمة الأخر فيكون مرادهم من أخذ قيمتين للصّحيح و المعيب (39) أخذ قيمة متوسطة من حيث نسبة إحديهما إلى الأخرى بين أقوال جميع البيّنات المقوّمين للصّحيح و الفاسد و ليس في كلام الأكثر انّه يجمع قيم الصّحيح و ينتزع منها قيمة و (- كك -) (40) يجمع قيم المعيب (41) و ينتزع منها قيمة ثمَّ تنسب احدى القيمتين المنتزعتين إلى الأخرى (42) على التفصيل المتقدّم الا ترى الى كلام الشيخ المفيد (- ره -) كيف خلى عن ذلك حيث قال في المقنعة فإن اختلف أهل الخبرة عمل على أوسط القيم انتهى و نحوه في (- يه -) و (43) قال المحقّق (- ره -) في (- يع -) عمل على الأوسط (44) فتريه خلى عن تفسير الوسط بالوسط من حيث العدد و من الممكن إرادتهم الوسط من حيث النّسبة و بالجملة فكلّ من عبّر بالأوسط يحتمل ان يريد الوسط من حيث النّسبة لا من حيث العدد (45) لكن الإنصاف أنّ خلوّ كلام جمع من تفسير الوسط بالوسط من حيث العدد كخلوّها عن تفسيره بالوسط من حيث النّسبة لا يقدح بعد نقل جمع الوسط من حيث العدد عن المشهور و كفى بالشهيد الثاني (- ره -) المتقن في النقل ناقلا للقول المشهور في قبال قول الشهيد (- ره -) هذا مع (46) انّ غاية ما يعلّل به جعل القولين واحدا و النزاع منتفيا هو ان المستند في الجميع هو ما ذكرنا من وجوب العمل بكلّ من البينتين في قيمة نصف المبيع (47) و هو كما ترى لا يقضى باتّحاد القولين لان النزاع انّما هو في انّ العمل بكلّ من البيّنتين في قيمة نصف المبيع هل يحصل بالطريق المشهور أو بطريق الشهيد (- ره -) فالنزاع ثابت معنى لا انه لفظيّ نعم لو لم يكن بيّنة أصلا لكن علمنا من الخارج (48) بقرائن قطعيّة انّ قيمة الصّحيح امّا هذا أو ذاك و (- كك -) قيمة المعيب (49) امّا هذا أو ذاك فان قلنا بالتعيين بالقرعة كما هو الحق فهو و (50) ان لم نقل بالقرعة أو الأصل (51) الجاري في كلّ مورد بحسبه فاللازم (- ح -) الاستناد في التنصيف الى الجمع بين الحقّين على هذا الوجه و قد عرفت انّ الجمع (52) يحصل بتعديل التفاوت لأنّه الحقّ دون خصوص القيمتين المحتملتين (53) هذا ما عندنا و اللّه العالم (54) بحقائق احكامه و إذ قد تمَّ ما التزمنا فيه بشرح المزج فلنعد الى اسلوبنا السّابق و هو التّعليق فنقول قال الماتن (- ره -)

القول في الشروط التي يقع عليها العقد
اشارة

القول في الشروط (- اه -) (55) لما كان ثبوت الخيار بتخلّف الشرط متوقّفا على فهم حقيقة الشّرط و شروط صحّته و كان الكلام في ذلك مطوّلا عدل عمّا جرى عليه الى هنا من تعداد الخيارات الى جعل الكلام في الشروط مستقلاّ و ذكر ثبوت الخيار بتخلّفه في عداد احكامه و الشروط جمع الشرط كالعقود جمع العقد و يجمع الشروط على الشّرائط (- أيضا -) كما صرّح به بعض اللّغويين و ربّما يظهر من المصباح انّ جمع الشرط شروط و ان الشرائط جمع الشريطة بمعنى الشرط قال في المصباح و جمع الشرط شروط مثل فلس و فلوس و الشريطة في معناه و جمعها شرائط انتهى قوله طاب ثراه و هو بهذا المعنى (- اه -) (56) احترز به عن الشرط بالمعنى الثّاني حيث جعله اسما جامدا قوله طاب ثراه في البيع و غيره (- اه -) (57) لا يخفى عليك انّ الموجود في القاموس انما هو كلمة نحوه بدل غيره و الفرق بينهما ظاهر لشمول كلمة الغير للعقود الجائزة (- أيضا -) بخلاف كلمة نحوه الاّ ان يريد

ص:143

بالنحوية المماثلة في مجرد العقد به دون اللزوم فتأمل.

قوله طاب ثراه و قد أطلق على النذر أو العهد أو الوعد في بعض أخبار الشرط في النكاح (- اه -) لعله أشار بذلك الى ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن الحسن عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن منصور برزج عن عبد صالح (عليه السلام) قال: قلت له: إن رجلا من مواليك تزوج إمراة ثم طلقها فبانت منه فاراد أن يراجعها فأبت عليه إلا أن يجعل للّه عليه أن لا يطلقها و لا يتزوج عليها فاعطاها ذلك، ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ قال: "بئس ما صنع و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل و النهار، قل له: فليف للمرأة بشرطها فان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و اله) قال: المؤمنون عند شروطهم" فان ظاهر الخبر إطلاقه (ع) الشرط على النذر أو العهد أو الوعد، و استدلاله (ع) بالنبوي لذلك دليل على شمول لفظ الشرط لذلك، و ذلك آية كونه حقيقة في الأعم، و إلا لم يتم إستدلاله (ع) به على ذلك، لكن يمكن الجواب بانه لا دلالة في الرواية على إطلاق الشرط على البدوي منه بل ظاهرها إطلاقه على إشتراط المرأة لذلك عليه و بناء عقدها على ذلك فتكون الرواية على خلاف مطلب الماتن أدل.

قوله طاب ثراه و قد اعترف في الحدائق بأن إطلاق الشرط على البيع كثير في الأخبار (- اه -) فمن تلك الأخبار ما نطق بعدم جواز شرطين في شرط مفسرا ذلك في غيره ببيعين في بيع.

قوله طاب ثراه و أما دعوى كونه مجازا فيدفعها (- اه -) ما أبعد ما بين هذا الدفع و بين ما ذكره في صدر مبحث الخيارات عند تمسكه لأصالة اللزوم بعموم "المؤمنون عند شروطهم" من نفي البعد عن منع صدق الشرط على الالتزامات الابتدائية قال: (بل المتبادر عرفا هو الالزام التابع)، ثم إستشهد بموارد إستعمال اللفظة، ثم أيدّ مقالته بما سمعته من القاموس فلاحظ كي يتبين لك ما بين المقامين من المنافاة.

قوله طاب ثراه إستدلال الامام (ع) بالنبوي "المؤمنون عند شروطهم" فيما تقدم من الخبر (- اه -) أراد به خبر منصور برزج الذي ذكرناه. قوله طاب ثراه و مع ذلك فلا حجة فيما في القاموس (- اه -) الوجه في عدم الحجية هو أن الأخذ بقول اللغوي انما هو من باب الأخذ بقول أهل الخبرة، و الرجوع الى أهل الخبرة انما هو حيث لا ينكشف خطؤه، فاذا انكشف في الفرض خطؤه بزعم المصنف لم يكن قوله حجة، لكن لا يخفى عليك أن إستفادة الماتن من عبارة القاموس هنا و في أول مبحث الخيارات جعل الشرط مجازا في الالزام الابتدائي أو غير صحيح محل مناقشة لاحتمال أن يكون قول صاحب القاموس مسوقا لبيان بعض الاستعمالات لا الحصر في ذلك.

قوله طاب ثراه فقد تلخص مما ذكرنا أن للشرط معنيين عرفيين و آخرين إصطلاحيين (- اه -) الحق ان الشرط في اللغة بمعنى الربط و التعليق، و المعنيان العرفيان و الاخران الاصطلاحيان مأخوذة من ذلك، فان الالزام و الالتزام في البيع و نحوه بشيئ نوع من الربط بين العقد و بين الملتزم به، و الربط المحكم بين الشيئين يقتضي عدم المربوط عنه عند عدم المربوط به، و إطلاق النحاة الشرط على ما دخله أداة الشرط من جهة تحقق معنى الربط فيه كما أن تسميتهم للأدوات بأداة الشرط انما هو لافادتها معنى الربط، و كذا إطلاق الأصوليين الشرط على ما لا يلزم من وجوده الوجود مأخوذ من ذلك.

و الذي يدل على كون الشرط بمعنى الربط هو التبادر و صجة سلب إسم الشرط عما لا ربط فيه، و لا يطلق عند العرف (شرطت عليك أو عليه كذا) إلا بعد وقوع فعل و معاملة بين المتشارطين يكون الشرط مرتبطا به، و تفسير صاحب القاموس لا ينافي ما ذكر لأنه قيد الالزام و الالتزام بكونه في بيع و نحوه، و مثل ذلك مما نلتزم به، و انما المدعى عدم صدق الشرط على مطلق الالتزام و الالزام عند أهل اللسان و انما يصدق عليه العهد و التعاهد، و لقد أجاد بعض من سبق من المشايخ (قدهم) حيث أفاد ذلك و قال: (التحقيق إن الشرط في العقد انما هو بمعنى الربط و إحداث العلاقة بين العقد و ما شرط و هو المعنى اللغوي للشرط، و لا يطلق الشرط على الالزام المستقل الذي لا ربط له بشيئ آخر، و المراد من قولهم: بعتك و شرطت عليك كذا - اني أنشأت البيع و التمليك و ربطته بالأمر الفلاني أي جعلتهما مرتبطين في الانشاء و الاحداث بمعنى إرادة وقوعهما معا مرتبطين)، و حينئذ فالأظهر كون استعمال الشرط في الابتدائي مجازا لعدم حصول المعنى اللغوي الأصلي و هو الربط، و قد عرفت صحة سلب الشرط عنه عرفا و انه عهد و ليس بشرط فتدبر جيدا. قوله طاب ثراه لا يحمل عليهما الاطلاقات العرفية بل هي مرددة بين الأولين (- اه -) قد يتخيل ان المعنى الثاني أشهر المعنيين و اكثرهما إستعمالا فتكون الشهرة و الكثرة قرينة على الحمل عليه، و فيه تأمل لفقد الشهرة المرجحة كما لا يخفى، على أنك قد عرفت عدم تعدد المعنى و أن الشرط ليس إلا بمعنى الربط و إحداث العلقة فمتى ما وجدنا لفظ الشرط في كتاب أو سنة أو كلام فقيه حملناه على معنى الربط، فمعنى الشرط في قوله (عليه السلام): "المؤمنون عند شروطهم" هو الربط أي هم عند روابطهم و إلتزاماتهم المربوطة بالعقود و نحوها فتأمل جيدا.

قوله طاب ثراه "المؤمنون عند شروطهم" هو الشرط باعتبار كونه مصدرا (- اه -) ربما جعل المحقق الشيخ علي الغروي (قده) المراد بالشرط في النبوي هو المعنى الثاني و استظهر ذلك من كلام الاكثر، ثم حكى عن بعض المتأخرين حمله على المعنى المصدري - يعني ما يلزم أو يلتزم به - ثم إستشكل في ذلك بانه بناء على ذلك يقتضي وجوب الالتزام بكل ما التزم به المؤمن و لو بغير طرق الوعد، و لا قائل به من الأصحاب.

و أنت خبير بأن الحق ما ذكره الماتن من كونه بالمعنى المصدري إذ لا معنى لقولك:

المؤمنون عند ما يلزم من عدمه العدم، بخلاف قولك: المؤمنون عند إلزاماتهم و التزاماتهم، فاضافة الشروط الى ضمير المؤمنين و سياق الكلام قرينة هنا على إرادة المعنى الأول. و أما ما إستشكله المحقق الغروي ففيه ان تلك مرحلة أخرى فان كان المراد مطلق الالزام و الالتزام لزم ما ذكره إلا أن يخص بدليل آخر، و إن كان المراد الالزام و الالتزام في ضمن العقد فلا إشكال من رأس و يأتي توضيح الكلام في ذلك عند الكلام في شروط صحة الشرط عند البحث في توقف لزومه على كونه في ضمن عقد أم لا إن شاء اللّه تعالى.

و ربما إحتمل في العوائد كون استعمال لفظ الشرط في شرط ضمن العقد باعتبار المعنى الثاني (بناء على ما هو المعروف و المشهور منهم في مسائل البيع من أن بقاء إستمرار العقد و لزومه موقوف على أن يسلم الشرط لمشترطه فان لم يسلم له يفيد التخيير بين فسخ العقد المشروط فيه و امضائه سواء شرط ذلك في ضمن العقد أم لا، فيكون الشرط مما ينتفي العقد بانتفائه، و هذا و ان لم يكن مجمعا عليه بل و لا مشهورا في جميع العقود، و لكن يمكن أن يكون الاطلاق بالاعتبار المذكور و أطلق فيما لا ينتفي استمرار العقد بانتفاء الشرط أو أطلقه من لا يرى الخيار بعدم سلامة الشرط لمشترطه تطفلا من باب التجوز)، ثم انه إحتمل كون إستعمالهم باعتبار المعنى الأول نظرا الى (أن كل ما يشترط في ضمن العقد فهو مما إلتزمه المتعاقدان أو أحدهما في ضمن العقد فيكون الشرط ملتزما به، سواء قدّر بين المتعاقدين صيرورة ذلك الملتزم شرطا بالمعنى الأول أو لا) ثم جعل ظاهر قول الاكثر بخيار الفسخ مع عدم سلامة الشرط هو الأول - يعني كون الشرط في كلامهم عبارة عما يلزم من عدمه عدم المشروط - ثم

ص:144

جعل استدلالهم بعموم المؤمنون عند شروطهم في فروع الباب موافقا لإرادة الثاني يعني الإلزام و الالتزام لئلا يلزم استعمال المشترك في كلماتهم في معنييه أو حمل اللّفظ على معنييه الحقيقي و المجازي و أقول قد عرفت انّ الشّرط ليس الاّ بمعنى الرّبط و ان كلاّ من المعنيين العرفيين و الاصطلاحيين مأخوذ من ذلك فلا حاجة الى ما ذكره كلّه قوله طاب ثراه و على كلّ تقدير ففي الأخبار عنه (- ح -) بقوله ثلثة أيّام مسامحة (- اه -) وجه المسامحة أن ثلثة أيّام ظرف للخيار فلا يحمل على لفظ الشرط بل اللازم على الاحتمال الأوّل تقدير لفظ الخيار قبل كلمة الثّلثة ليكون التقدير هكذا ما المقرّر من الشرع في الحيوان و الملزوم به المتبايعان قال عليه السّلام خيار ثلثة أيّام و على الاحتمال الثاني تقدير لفظة المدّة قبل الشّرط ليكون التقدير ما مدّة الخيار في الحيوان قال ثلثة أيّام قوله طاب ثراه نعم في بعض الأخبار في الحيوان كلّه شرط ثلثة أيّام و لا يخفى توقفه على التوجيه مقتضى العدول عن إثبات المسامحة في الأخبار بقوله ثلثة أيّام الى ما ذكره بعد كلمة نعم هو عدم المسامحة في هذه الفقرة و عدم التوقف على التوجيه مع انه لا حاجة الى التقدير في هذه الفقرة لكون معناه انّ في الحيوان كلّه خيار ثلثة أيّام فيكون قد سقطت كلمة العدم قبل كلمة توقّفه من قلم الناسخ أو الماتن (- قدّه -) و على فرض كون العبارة على ما سطرت فالغرض من التوقّف على التوجيه لم يعلم

في شروط صحة الشرط

قوله طاب ثراه الكلام في شروط صحّة الشرط (- اه -) ينبغي قبل الأخذ في ذلك بيان أمور لها تعلّق بهذا الباب الأوّل انّ الظاهر كون المراد بالشرط في المقام ما كان من الشّرائط المستقبلة دون الماضية و المقارنة كما ينبئ عنه اشتراط الإباحة و المقدوريّة و نحوهما فلو قال بعتك العبد بشرط ان يكون حبشيا خرج عن مفروض البحث و (- ح -) فيكون اشتراط الماضي و المقارن داخلا في خيار الرّؤية أو الوصف أو العيب أو التدليس في بعض الأحيان و ربما جعلوا محقّق الوقوع في المستقبل كطلوع الشمس قسيما للشّرط و سمّوه بالصّفة كما لا يخفى الثّاني انّه قد يخطر بالبال في بادي النّظر في المقام اشكال هو انّ صحّة الشرط و لزومه موقوفان على صحّة العقد و صحّة العقد موقوفة على التنجيز فيه و الشّرط ينافي التنجيز فيلزم من وقوع الشّرط فساد العقد و من فساد العقد فساد الشّرط و ما يلزم من وجوده عدمه فهو باطل و الجواب انّ القادح هو التعليق في الإنشاء و الحاصل بالشرط انّما هو التعليق في المنشأ و من هنا يقال انّه لا ريب في انّ الإنشاء لا يقبل التعليق بمعنى تعليق نفس الإنشاء إذ ليس له مدلول وراء لفظه و انّما يحصل بلفظه كالاخبار فلو علّق كان كالاخبار بأنّه سينشئ بعد ذلك فلا إنشاء بالفعل كما انّه لا كلام في تعليق المنشأ سواء كان على معلوم الوقوع أو مشكوكه أو مظنونه لأنّ المنشأ كما ينشأ مقيّدا مرّة و مطلقا اخرى (- كك -) ينشأ معلّقا مرّة و منجّزا اخرى و الترديد و التشكيك في وقوع المعلّق عليه لا يقدح فإنّه لا يعود إلى الإنشاء لأنّه قد حصل الجزم به على احد التقديرين و كون كلّ من التّقديرين غير مجزوم به في الواقع لا ينافي ذلك و لهذا صحّ إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته و الاّ فنافلة في العبادات الّتي شرطها الجزم بالنسبة و من ذلك دخول المأموم في الصّلوة مع الشّك في إدراك الإمام راكعا و الاستصحاب لا يفيد جزما و نحو ذلك هذا و لكن قد يقال انّ العقود لا يجوز التّعليق فيها و لو باعتبار المنشأ لأنّها مبنيّة على وقوع أثارها من حينها و نحن نقول انّه إن كان على ذلك إجماع أو كان مفاد صيغ العقود ذلك أو كان التعليق و لو باعتبار المنشأ منافيا للعقد و الاّ فللنظر فيه مجال واسع بل منع اكيد و قد يريد جواز التّعليق في المنشأ تجويز الأصحاب إجارة الدّار بعد سنة و ما ادّعاه العلاّمة (- ره -) من الإجماع على صحّة التوكيل لو قال أنت وكيلي في بيع عبدي إذا قدم الحاج و غير ذلك الاّ ان يقال انّ شيئا من ذلك لا يقتضي المدّعى لانّ مقارنة وقوع آثار الصّيغ لها حاصلة فيها لانّ ملك ما بعد سنة حاصل للمستأجر الآن و ترتّب عليه ثمرات الملك بعد سنة من الآن فيجوز له إجارته من غيره بعد سنة الآن و امّا قدوم الحاج فهو قيد للبيع لا للتوكيل و لهذا نقل العلاّمة (- ره -) أيضا الإجماع على عدم جواز تعليق الوكالة على شرط و لا وصف فالإنصاف قدح التعليق (- مط -) و (- ح -) فيجاب عن الإشكال بمنع اقتضاء الشرط في ضمن العقد التعليق ضرورة أن مشترط عتق العبد مثلا لا يعلّق البيع على العتق و الا لدار من حيث توقف العتق على الملك فلو علّق حصول البيع على حصول العتق لدار بل الاشتراط إلزام في العقد مشروع أثره لزوم العتق بعد حصول البيع و ربّما يكشف عما قلناه من كون الاشتراط غير التعليق قول الفاضل المقدار (- ره -) في التنقيح عقد البيع قابل للشّرط لا للتّعليق على الشّرط امّا الأوّل فلعموم قوله صلّى اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم و لأدلّة وجوب الوفاء بالعهد و امّا الثّاني فلأنّه يعتمد الرّضا لقوله تعالى إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ و لا رضاء الا مع الجزم و لا جزم مع التعليق لانّه يعرضه عدم الحصول و لو قد علم حصوله كالمعلّق على الوصف نحو ان طلعت الشمس أو جاء الشهر لانّ الاعتبار بجنس الشرط دون أنواعه و افراده فاعتبر المعنى العام دون خصوصيات الأفراد انتهى حيث تراه جعل الشرط غير التعليق على الشرط فليتدبر الثالث انه قد يقال انّ الشّروط في العبادات الصّرفة غير سائغة فشرط السّفر و الحضر في الصّوم و شرط الاعتكاف و الإحرام على خلاف القاعدة و الظّاهر انّ المراد به فيها معنى الإلزام و الالتزام على سبيل الاستقلال لا على سبيل الرّبط و الانضمام و يحتمل ان يكون صوريّا محضا و امّا الإيقاعات فلا تدخل فيها الشروط لانّ الشّرط بحسب العقد يستدعي إيجابا و قبولا و هما منتفيان فيها و اما الشّرط في العتق فإنّما هو للدليل على خلاف القاعدة و امّا العقود اللاّزمة بالأصل فلا خلاف و لا إشكال في جريان الشروط فيها بل الاجتماع بقسميه عليه و الأخبار به عموما و خصوصا مستفيضة بل متواترة معنى و امّا العقود اللازمة بالعارض فقد مثّل لها بعضهم بالهبة المعوّضة و للرّحم و للثّواب و حكم بأنّه يجرى فيها حكم اللاّزم بالأصل قال و انّما تفترقان في الأثر فإنّ الشرط في العقود اللاّزمة بالذّات توجب الخيار بالتخلّف عنها بخلاف اللاّزمة بالعرض فانّ الظّاهر انّ الإخلال به فيها لا يوجب الاّ العصيان و أقول أوّلا انّ التمثيل لللازم بالعرض بالهبة المعوّضة و للرّحم و للثواب لا وجه له بل هي من اللاّزم بالذّات لوقوعها لازمة من حين حدوثها لا انّها تقع جايزة ثمَّ يعرضها اللّزوم و ثانيا انّ التفرقة بين اللازم بالذّات و اللازم بالعرض بثبوت الخيار بتخلّف الشّرط المذكور في ضمن الأوّل دون الثاني لا وجه له ضرورة انّ ملاك ثبوت الخيار بتخلّف الشّرط موجود فيهما على السّواء و التفرقة ممّا لا شاهد عليها فتدبّر و امّا العقود الجائزة من الجانبين و إن كانت فعليّة فلا يلزم الوفاء بالشرط المذكور في ضمنها إذ لا معنى للزوم التابع مع جواز المتبوع لكونه من مزيّة الفرع على الأصل نعم فائدة الشرط فيها الوجوب مع قيد الاستمرار على المشروط فيكون من قبيل الوجوب الشرطي و امّا

ص:145

العقود الجائزة من جانب و اللاّزمة من أخر ففي الشرط المذكور في ضمنها وجوه أحدها اللزوم لعمومات الشّروط خرج الشرط المذكور في ضمن العقد الجائز من الطّرفين بالإجماع و بقي الجائز من طرف واحد تحت العموم ثانيها عدم اللزوم (- مط -) نظرا إلى انّ العموم لا يشمل الفرض بعد كون الشرط عبارة عمّا التزم به في ضمن عقد و كون غيره وعدا و استلزام لزوم الشرط مع عدم لزوم العقد المذكور فيه الشرط مزيّة الفرع على الأصل ثالثها ملاحظة حكم كلّ جانب بالنسبة إليه نظرا إلى انّ من كان العقد لازما من طرفه قد التزم بالمعاملة و التزم بالشرط في ضمنها فلزوم الشرط من جانبه لا يستلزم مزيّة الفرع على الأصل بخلاف من كان العقد جائزا من جانبه فان محذور مزية الفرع على الأصل قائم في جانبه فتدبّر الرّابع انّ الشرط ليس تعليقا للعقد و لا لدوامه و لا للزومه و انّما هو إلزام أخر مرتبط بالعقد فلا يفترق الحال بين ذكره بلفظ الشرط أو بأدواته مع قصد عدم التّعليق لكن ربّما يظهر من بعض الأصحاب عدم جواز ذكره بالإدارة و اعتبار كونه بلفظ الشرط و لعلّ ذلك لصراحة الأداة في التعليق مع انه غير مقصود و مطابقة الدال للمدلول معتبرة في العقود و الشرط يرجع إلى كيفيّة في العقد الخامس انه قد اشتهر على السنة الفقهاء (- رض -) انّ الشّروط كأحد العوضين في جميع الأشياء و قد يقال انه ليس على ظاهره بل المراد بذلك شبهها بالعوض في بعض الوجوه كثبوت الخيار عند عدمها كما في تبعيض الصّفقة و أمثاله و لذلك تصحّ في المنافع و الحقوق و لا يعط عليها الثمن و ان تفاوت الثمن و المثمن من أجلها نقصا و زيادة من البائع و المشترى كالأجل و يجتزى فيها من العلم بما يجتزى به في الصّلح أو المعاطاة و العقود الجائزة كما يبنى عن ذلك شرط ضمان الغرامة و اشتراط الحمل و إسقاط الخيارات و شرط النفقة للخادم و مئونة الدّابة و انّ كلّ ما يقترضه للمعاملة بينهما و شرط الزكاة على المشترى من حاصل الزّرع و شرط اجرة الوزان و الميزان و الكيلة و المكيال و النّقاد و نحوها و دعوى خروج ذلك كلّه بالدليل لا وجه لها و كفانا في ذلك عموم أدلّة الشروط بل و عموم أدلّة العقود بالنّسبة إليها و ان تقيّدت بالنّسبة إلى نفسها كما في البيع بنواهى الغرر فما يظهر من تضاعيف كلمات كثير منهم من انّ الشّرط بمنزلة الثمن فيكون حكمه حكمه على اختلاف احكامه باختلاف العقود فيعتبر في شرط البيع ما يعتبر في ثمنه و في شرط الصّلح ما يشترط في ثمنه و هكذا ليس على ظاهره ظاهرا و الاّ فلا دليل عليه و احتمال كونه كالثمن في البيع (- مط -) و لا يختلف باختلاف العقود فيكون في باب الصّلح اسوء من ثمنه بعيد جدّا كما لا يخفى

أحد الشروط في صحة الشرط كونه داخلا تحت القدرة

قوله طاب ثراه ان يكون داخلا تحت قدرة المكلّف (- اه -) الغرض من ذلك اعتبار كونه مقدورا له عادة و لا يضرّ في ذلك احتمال عروض المانع منه فيما بعد ذلك كما انّه لا ينفع احتمال عروض القدرة بعد ذلك فيما كان غير مقدور عادة فعلا فما لا يخدل تحت قدرته عادة و ليس من فعله لا يجوز اشتراطه و ذلك كجعل الزّرع سنبلا حيث انّه من فعل اللّه (- تعالى -) و كذا لا يجوز اشتراط ما كان فعل غيره ممن لا سلطنة له عليه مثل عبده فلو شرط عليه عمل عبده صحّ لعدّ العرف إيّاه قادرا عليه بسبب قدرته على إلزام عبده به بخلاف ما لو شرط عمل أجنبيّ فإنّه لا يدخل تحت قدرته عادة فيكون اشتراطه سفها نعم لا بأس به إذا كان مرجع اشتراط فعل الغير إلى تسبيب المشروط عليه اقدام ذلك الغير على ذلك العمل كما لو قال بعتك هذا و اشترطت عليك ان تستأجر زيدا لان يخيط ثوبي مع كون استيجاره زيدا للخياطة ممكنا عادة و نظير ذلك ما لو باعه الزّرع و التزم بان يخدمه إلى ان يصير سنبلا و كذا لو باع البسر و التزم بان يخدمه إلى ان يصير تمرا بقي هنا شيء و هو انّه ان باع شيئا و اشترط المشترى على أجنبي في ضمنه عملا و التزم ذلك الأجنبيّ بذلك فالأظهر عدم لزوم ذلك الشرط لانّ الشرط عبارة عن التزام في ضمن التزام أخر مع اتّحاد الملتزم بهما جميعا و اللزوم انّما يلحق الالتزام الثاني بسبب اتّصاف الالتزام الأوّل به و لذا قلنا بعدم لزوم الشرط في ضمن العقد الجائز لاستلزام مزيّة الفرع على الأصل فالالتزام من الأجنبي المذكور لا يندرج في عنوان الشّرط حتّى يشمله عموم النّبويّ صلّى اللّه عليه و آله بل هو و عدلا يجب الوفاء به بل يستحبّ فما صدر من بعضهم من استظهار لزوم ذلك نظرا إلى شمول النبوي له اشتباه فتدبّر قوله طاب ثراه لكنّ انّ المراد به (- اه -) قد سبقه في هذا الاستظهار الشهيد (- ره -) في بعض حواشيه كما ستسمع عبارته و فيه نظر ظاهر لانّ مجرّد كون اشتراط حدوث فعل مباح من المشروط عليه ممّا لا يرتكبه العقلاء لا يمنع من تعرّض الفقهاء (- رض -) لعدم صحّته و استبعاد بيانه من شأن الفقهاء لا وجه له لأنّ شأن الفقيه تميز ما يجوز و يصحّ ممّا لا يجوز و لا يصح سواء كان عدم الصّحة لعدم كونه عقلائيّا أو لجهة أخرى و لهذا قال في (- لك -) بعد نقل هذا الاستظهار عن الشهيد (- ره -) انّه حسن ان أرادوه و ان اشترك الأمران في البطلان انتهى فان ظاهره التأمّل في إرادتهم ذلك و هو في محلّه سيّما بالنّسبة إلى عبارة (- يع -) الآتية و نحوها ممّا اشتمل الجعل على ضمير يعود إلى البائع قوله طاب ثراه قال الشهيد في محكي حواشيه عبارته المحكية هكذا المراد به اى باشتراط جعل الزّرع سنبلا و البسر تمرا اشتراط ان يجعل اللّه الزّرع سنبلا له لا اشتراط ان يجعله البائع سنبلا فان ذلك و ان كان باطلا (- أيضا -) الاّ انّه غير مراد هنا لأنّهم إنما يفرضون ما يجوز ان يتوهّم العاقل لا ما يمنعه انتهى قوله طاب ثراه مضافا إلى عدم الخلاف فيه (- اه -) قد احتجّ بعضهم للشرط المذكور بالإجماع و فيه انّ المحصّل منه غير حاصل و المنقول ليس بحجّة كما نقّحنا القول في ذلك في المطارع هذا مع ظهور الخلاف في ذلك من الشيخ و القاضي كما سيشير اليه الماتن (- ره -) و يتصدّى للتوجيه و ستعرف ما في التوجيه إنشاء اللّه (- تعالى -) قوله طاب ثراه عدم القدرة على تسليمه (- اه -) هذه الجملة خبر لقوله فالوجه و حاصله التمسّك لاعتبار الشرط المذكور بقاعدة الغرر و فيه منع الغرر بذلك سيّما مع الجبر بالخيار و ربّما استدلّ بعضهم لاعتبار الشرط المذكور بوجه أخر و هو مخالفته للكتاب و السّنة بل و العقل (- أيضا -) لاستحالته إمضاء الشارع لذلك بل المنع منه لعلّه اولى من المنع عن الشرط المحلّل للحرام و أنت خبير بان لازم ذلك رجوع هذا الشرط إلى اشتراط عدم المخالفة للكتاب و السّنة فلا يكون لتخصيصه بالعنوان و جعله شرطا أخر في قبال ذلك وجه فالأولى في نظري القاصر تعليل الشرط المذكور بانّ ما يدخل تحت قدرة المكلّف و لا يرجع إلى إرادته و مشيّته مما يحتمل الوقوع و عدم الوقوع فيكون مرجع اشتراطه في ضمن العقد تعليقا للعقد على حصوله و التعليق في العقود مبطل لها و يمكن تعليله بان ما لا يدخل تحت قدرة المكلّف لا يعقل التزامه بإيجاده فإن التزم كان التزامه لغوا و كذبا فلا يؤثر بل ربّما يمكن استفادة هذا الشرط في صحّة الشّروط من أدلّة الشروط نظرا إلى انّ الشرط هو الإلزام و الالتزام فمعنى قوله صلّى اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم لزوم التزام المؤمنين بالزاماتهم و التزاماتهم و اقدامهم على أدائها و هذا المعنى غير متأت فيما لا يدخل

ص:146

تحت قدرته ضرورة عدم صحّة أمر غير القادر على شيء به فالشرط المذكور لا ريب في اعتباره في صحّة الشرط و لا اشكال قوله طاب ثراه و يمكن توجيه كلام الشيخ (- ره -) (- اه -) فيه انّ ظاهر كلام الشيخ و القاضي المحكيين ابيان عن هذا التوجيه و المدار في تشخيص الوفاق و الخلاف انّما هو على ظواهر كلماتهم كما لا يخفى قوله طاب ثراه الاّ ان يحمل على صورة الوثوق (- اه -) قد يعترض عليه بانّ هذا الوثوق قد يحصل بالنّسبة إلى فعله تعالى و لو بدعاء و نحوه فينبغي على ما ذكره الحكم بصحّته (- أيضا -) و لا أظنّه يلتزم بذلك و مجرّد غلبة الوثوق في فعل غيره تعالى و عدمها في فعله (- تعالى -) غير قاض بالفرق بينهما مع انّه لا فرق بين اشتراط بيعه (- مط -) و على زيد فيما يرجع إلى القدرة و عدمها مع ظهور إجماعهم على صحّة الأوّل فكذا الثاني فالّذي يظهر انّ الجميع ممّا يدخل في قدرته و لو لانّه الجزء الأخير من العلة عند اجتماع غيره من الأجزاء و الشرائط أو لإمكان تحصيله و لو بالوسائط البعيدة و ذلك كاف في ذلك نعم لو انكشف عدم قدرته عليه أصلا تبين عدم صحّته من حين الاشتراط كما لو نذر فعل شيء بزعم القدرة عليه فتبيّن عدمه إذ هما مشتركان في الإلزام بالمقدور واقعا كسائر الملزومات الشرعيّة و العادية بخلاف تجدّد العجز عنه بعد القدرة عليه فإنه قد يسلّط على الخيار كما جزم به بعضهم فتأمّل و لو لا ادارة الحكم مدار صحة توجيهه بالأمر بالإتيان به فإن كان توجيه الخطاب صحيحا كان اشتراطه جائزا و الاّ فلا قوله طاب ثراه و من افراد غير المقدور ما لو شرط (- اه -) قد صرّح بفساد نحو هذا الشرط جمع من الأواخر معلّلين بعدم دخول ذلك تحت قدرته لكون المرجع فيه الشرع و الأولى تقرير الدّليل بأنّ أدلّة الشروط لا تفيد الاّ كونه من الملزمات لما هو فعل مشروع جائز كالنّذر و العهد لا انّه مؤسس و مشرّع لما علم عدم مشروعيّته أو شكّ فيه و (- ح -) فلا يصحّ الاشتراط لما علم شرعيّته و بالجملة فالصّحيح من الشّرط هو اشتراط ما علم من دليله حصوله بمطلق ما يدلّ على الالتزام به و على هذا فلا يجوز اشتراط فراق الزّوجة من غير طلاق نعم يصحّ اشتراط إيقاع الصّيغة المقتضية للطّلاق و نحوه و يجوز اشتراط الوكالة و تحمل كلفة الأعمال و ان لم يذكر صيغة بل يستحقّ العمل عليه بنفس الشّرط لعدم توقّف حل استيفائه منه عليها إذ لا ريب في جواز تبرّعه به و قبوله منه بل ربّما قيل بجواز اشتراط ملك عين مخصوصة و انّه يملكها بنفس الشّرط من غير حاجة إلى تجديد عقد الهبة لأنّها من العقود الجائزة الّتي لا يعتبر فيها لفظ خاصّ فيكفي (- ح -) عبارة الشّرط مع القبول في تحقّق أثرها كاشتراط الوكالة و غيرها الاّ انّه ربّما استشكل صاحب الجواهر (- ره -) في حصول الملك قبل القبض لاعتباره فيها قال و (- ح -) يكون المراد بما في الشرط من الملك ملك ان يملك ثمَّ قال اللّهم الاّ ان يقال انّها في الفرض كالهبة المعوّضة بناء على اشتراط الملك فيها بالقبض ثمَّ قال فتدبّر جيدا فانّ ذلك كلّه كما ترى ضرورة وفاء دليل الشرطيّة بصحّة اشتراط آثار العقود على وجه يلحقه حكم العقد الّذي لا يتناول الشّرط نعم قد يقال بصحّة اشتراط اثر العقد الّذي لا دليل على انحصار سببه في العقد الّذي هو من أسباب حصوله كالملك الّذي ليس في الأدلّة ما يقتضي انحصار سببه في الهبة و نحوها و إن كان الهبة تفيده لا انّه منحصر فيها فهو (- ح -) ملك شرطي لا ملك الهبة الّتي هي اسم للعقد المخصوص المعلوم عدم كون الشرط منه بل لعلّ الحرية (- أيضا -) (- كك -) فيصحّ اشتراطها على وجه يكون هو السّبب في حصولها و ليس ذلك من العتق الّذي هو عبارة عن الإيقاع المخصوص و (- ح -) فالضّابط في الأثر الّذي يجوز اشتراطه هو ما لا دليل على انحصاره في سبب خاص من عقد أو إيقاع و إن كان يحصل بهما فيشمله (- ح -) عموم المؤمنون و امّا ما دلّ على انحصاره في السبب المخصوص الّذي هو عقد أو إيقاع فلا يصحّ اشتراطه للتعارض من وجه و لا ترجيح و الأصل عدم ترتّب الأثر انتهى كلامه علا مقامه و هو جيّد في الغاية و بما ذكره يظهر الحال في المشكوك ضرورة تحكّم أصالة عدم ترتّب الأثر و عدم ارتفاعها الاّ بجريان عموم الشروط المتوقّف على العلم بقابلية المشروط للاشتراط الغير الحاصل بالعموم بعد البناء على عدم جواز التمسّك بالعمومات في الشبهات المصداقيّة و لعلّ ذلك يزداد وضوحا فيما يأتي إنشاء اللّه تعالى

الثاني من شروط صحة الشرط كون الشرط سائغا في نفسه

قوله طاب ثراه الثّاني ان يكون الشرط سائغا في نفسه (- اه -) اعتبار هذا الشرط ممّا لا خلاف فيه ينقل و لا اشكال يحتمل لوضوح عدم معقوليّة لحوق إمضاء الشّارع بالحرام و في موثق إسحاق الآتي كفاية لكن في جعل هذا الشرط شرطا مستقلاّ مغايرا لاشتراط عدم المخالفة للكتاب و السّنة نظر ظاهر فان غير السّائغ مخالف للكتاب و السّنة فكان يغني عن هذا الشّرط اشتراط عدم المخالفة الاّ ان يكون ذكر اشتراط عدم المخالفة للكتاب من باب ذكر العام بعد الخاصّ و لكن ذلك لا يكون عذرا في ذكر الخاصّ و هو اشتراط عدم تحليل الحرام و عدم تحريم الحلال و لعلهم تبعوا النّصوص في ذكرهما عنوانين و في تفسير المحلّل للحرام و المحرم للحلال مسالك يأتي الإشارة إليها من الماتن (- ره -) و يأتي منا شرحه إنشاء اللّه تعالى

الثالث من شروط صحة الشرط أن يكون فيه غرض عقلائي

قوله طاب ثراه بمكيال معيّن أو ميزان معيّن (- اه -) غرضه المكيال المعيّن من افراد المكاييل المتساوية في المقدار و الميزان المعيّن من افراد الموازين المتساوية في المقدار و الاّ فالتعيين في صورة اختلاف المكاييل و الموازين لازم فضلا عن ان يكون جائزا قوله طاب ثراه و الوجه في ذلك انّ مثل ذلك لا يعدّ حقّا (- اه -) يمكن تعليل ذلك بوجه أخر و هو ان الإمضاء إنّما لحق العقود و الشروط العقلائيّة فالعقد أو الشرط الّذي لا غرض معتدّا به فيه للعقلاء لا يستعقب الأكثر لكونه خارجا عن العمومات الممضية داخلا تحت أصالة الفساد و عدم الاعتبار قوله طاب ثراه و لو شكّ في تعلّق غرض صحيح به حمل عليه (- اه -) لعلّ الوجه في ذلك انّ الأصل في كل عقد أو شرط صدر من عاقل بالغ هي الصّحة و التضمّن للغرض الصّحيح و المانع من جريان العمومات انما هو اللغويّة و الخلوّ عن الفائدة فإذا شك في وجود المانع أحرز عدمه بالأصل لكن هذا انّما هو بناء على كون الخلوّ عن الغرض العقلائي المعتدّ به مانعا كما هو مقتضى مستند الشرط المذكور و امّا لو كان التضمّن للنّفع المعتد به شرطا فالأصل يقتضي خلاف ذلك لانّ الأصل عدم حصول الشرط كما لا يخفى قوله طاب ثراه و لاستغراق أوقاته بالخدمة (- اه -) و هذا بخلاف العبد المسلم فإنّه لا يجب عليه الخدمة في أوقات العبادات الموقّتة المضيقة قوله طاب ثراه و من انّ الإسلام يعلو (- اه -) لعلّ نظره في التمسّك بالنص إلى انّ اشتراط كون العبد كافرا إعلاء للكفر و فيه نظر ظاهر لمنع كونه إعلاء له لأن المقصوديّة في البيع لا تقتضي العلوّ في الرّتبة و المانع من صحّة الشّرط انّما هو الخلوّ عن الفائدة و الغرض تعلّق الغرض بالشرط المذكور فيصحّ

الرابع من شروط صحة الشرط أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة

قوله طاب ثراه ففي النبوي المروي صحيحا (- اه -) الّذي عثرت عليه بهذا المضمون هو ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن على بن إسماعيل الميثمي عن حمّاد عن عبد اللّه بن المغيرة عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لامرئته ان نكحت عليك أو؟؟؟ فهي طالق قال ليس بذلك شيء انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال من اشترط شرطا سوى كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه و طريق الشيخ (- ره -) الى علىّ بن إسماعيل صحيح و كذا من بعد علىّ بن إسماعيل و اما

ص:147

هو فحسن كالصّحيح و لعلّ الماتن (- ره -) عثر عليه من طريق صحيح فوصفه بالصّحة قوله طاب ثراه و في المروي موثقا (- اه -) أشار بذلك إلى الموثق الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده إلى الصّفار عن الحسن بن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمّار عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام انّ علىّ بن أبي طالب عليه السلام كان يقول من اشترط لامرئته شرط (- إلخ -) ما في المتن قوله طاب ثراه و في صحيحة الحلبي (- اه -) لم أقف للحلبي على رواية إلاّ واحدة متنها لا يخلو من تغاير لما في المتن و سندها ضعيف بعلىّ بن حديد و هي ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسى عن علىّ بن حديد عن ابى المعزى عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا عليهما فقال أحدهما لصاحبه أعطني رأس المال و الريح لك و ما قوى فعليك فقال لا بأس به إذا اشترط عليه و إن كان شرطا يخالف كتاب اللّه فهو ردّ إلى كتاب اللّه عزّ و جلّ الحديث و لعلّ الماتن (- ره -) وقف على ما غفلنا عنه قوله طاب ثراه و في صحيحة ابن سنان (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول من اشترط (- اه -) قوله طاب ثراه و في صحيحة أخرى (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن نضر بن سويد عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال المسلمون عند شروطهم (- اه -) و له صحيحة ثالثة رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الإماء لا تباع و لا توهب قال يجوز ذلك غير الميراث فإنّها تورث لانّ كلّ شرط خالف الكتاب باطل قوله طاب ثراه و في رواية محمّد بن قيس (- اه -) هذه الرواية حسنة و قد رواها الصّدوق (- ره -) بإسناده عن محمّد بن قيس مع زيادة قوله و أصدقته هي بعد قوله تزوج أمرية قوله طاب ثراه و في معناها مرسلة ابن بكير (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن فضّال عن ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه و في رواية إبراهيم بن محرز (- اه -) لا يخفى عليك كونها أجنبية عن مفروض البحث فلا وجه لعدّها من جملة؟؟؟ المسئلة لعدم كون موردها من الشرط في ضمن العقد بل هو تفويض كما لا يخفى قوله طاب ثراه فاشتراط ولاء المملوك انما جعل في النبوي مخالفا لكتاب اللّه بهذا المعنى (- اه -) و ذلك لانّه ليس فيما بأيدينا من الكتاب ما يخالف ذلك و انّما هو مخالف للسّنة التي قال عليه السّلام في بيانها الولاء لمن أعتق هذا و لكن قد يقال انّ خبر إبراهيم بن محرز و؟؟؟ مسلم ظاهر ان في كون المراد بالكتاب القران المجيد حيث ساق عليه السلام بعد بيان فساد الشرط المخالف للكتاب الآيات و عليه فيلزم تقييد إطلاق الأخبار المذكورة الدالة على جواز كلّ شرط لم يخالف الكتاب بحسنة محمد بن قيس المزبورة الناطقة بفساد الشرط بمخالفتها للسّنة لكن الإنصاف ان لا تعارض بين النبوي و بين خبري إبراهيم و ابن مسلم لانّ ظاهر النبويّ كون الكتاب مطلق ما كتبه اللّه على عباده من احكام الدّين فيشمل ما في الكتاب و ما في السّنة و ظاهر الخبرين كون ما في الكتاب ممّا كتبه اللّه تعالى فلا تعارض بينهما فيعمل بهما و يحكم بكون كتاب اللّه تعالى مطلق ما كتب اللّه تعالى بل يمكن المناقشة في ظهور الخبرين في كون المراد بالكتاب القران إذ ليس فيهما الاّ الاستدلال على بطلان الشّرط بالآية بل الأوّل أجنبيّ من الفرض بالمرة كما عرفت قوله طاب ثراه لكن ظاهر النبوي و إحدى صحيحتي ابن سنان (- اه -) تصدير العبارة بكلمة لكن لا وجه له لعدم ارتباطها بسابقها و كون ما فيها مطلبا أخر ثمَّ انّ وجه ظهور النبوي و الصّحيحة الأولى لابن سنان في اعتبار الموافقة واضح امّا في النبوي فلجعله (- ص -) عدم كون الشرط في كتاب اللّه مانعا من صحّته و امّا في صحيح ابن سنان فلتقييده الشروط بالموافقة لكتاب اللّه تعالى بخلاف بقيّة الأخبار حيث جعلت المخالفة للكتاب مانعة من صحّة الشرط قوله طاب ثراه نظرا إلى موافقة ما لم يخالف كتاب اللّه بالخصوص لعموماته (- اه -) فالموافقة للكتاب (- ح -) ليست على ظاهرها و هي الموافقة بالخصوص بل أعمّ منه و من الموافقة لعموماته كما لا يخفى قوله طاب ثراه و فيه انّ ما ذكر لا يوجب الانحصار فان التزام (- اه -) (11) لا يخفى عليك انّ ما ذكره من الجواب غير متّجه ضرورة انّ مخالفة التزام فعل الحرام للكتاب المحرّم له لا يستلزم مخالفة التزام ترك المباح (- أيضا -) للكتاب و القائل انّما ادّعى عدم مخالفة التزام ترك المباح للكتاب و المجيب قد اعترف (- أيضا -) بذلك و فعل الحرام و ان كان مخالفا للكتاب الاّ انه من قبيل مخالفة نفس المشروط و الملتزم للكتاب و امّا الالتزام بالحرام فليس مخالفا للكتاب لعدم الدّليل على حرمة نفس الالتزام و انما المحرّم نفس الملتزم به امّا الخبر المزبور الدال على كون اشتراط ترك التزوّج و التستري مخالفا للكتاب فيأتي الوجه فيه إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه ثمَّ ان المراد بحكم الكتاب و السّنة (- اه -) (12) غرضه بذلك بيان معنى المخالفة للكتاب و السّنة و تفسيرها على وجه يرتفع ما يخطر ببال النّاظر في الأخبار المزبورة المشترطة في صحّة الشّرط عدم مخالفته للكتاب و السّنة من الإشكال و تقرير الإشكال انّه إن كان المراد بالمخالفة المنافاة لما دل على ذلك من عموم الكتاب و السّنة و إطلاقاتهما لزم ان يكون كلّ شرط مخالفا للكتاب و السّنة فان من شرط في البيع ان يعطيه دينارا زائدا على ثمن المبيع فقد خالف عموم الكتاب و السّنة الدالين على عدم وجوب ذلك و (- كك -) من شرط عليه عتق المبيع أو بيعه من زيد أو شرط خيارا في البيع و نحو ذلك فقد شرط ما يخالف ما دلّ من الكتاب و السّنة على عدم لزوم العتق و البيع و لزوم العقد فأين الشرط الغير المخالف لهما و لازم ذلك هو الاستثناء المستغرق الموجب للبطلان و إن كان المراد من المخالفة مخالفة الأحكام المنجّزة في الكتاب و السّنة التي لا يصحّ فيها اشتراط خلافها فيكون المعنى الاّ ما خالف ما دلّ من الكتاب و السّنة على حكم غير قابل لاشتراط خلافه و لازمه ان كلّ مقام لا ندري ان هذا ممّا يمكن اشتراطه أو لا يمكن لا يجوز لنا التمسك بعموم المؤمنون عند شروطهم لانّ عموم الشّروط انّما هو في مقام لم يكن إطلاق الكتاب و السّنة قاضيا بعدم جواز شرط خلافه و نحن لا نعلم ذلك الاّ بعد العلم بصحّة اشتراط خلافه و الفرض انّه (- أيضا -) يتوقّف على شمول هذه العمومات فيلزم الدّور و ان علم من الخارج جواز اشتراط خلافه أو عدم جوازه فلا بحث فيه و لازم هذا الكلام سقوط هذه العمومات من الحجية بالمرّة مضافا إلى انّ المعيار في معرفة المنجز من حكم الكتاب و السنة و ما يجوز فيه اشتراط الخيار غير موجود فانّ ظاهر ما اقتضاه الكتاب و السّنة هو تسلّط النّاس على أموالهم و برأيه ذممهم عن التّكليف و لزوم العقد و نحو ذلك و من اين يعلم انّ هذا مقيّد بما إذا لم يشترط خلافه أو مطلق قابل للتقييد أو غير قابل و غاية ما في الباب تعارض عمومات الشروط مع ما دلّ من الكتاب و السّنة على الحكم بالعموم من وجه و كما يمكن تقديم جانب الكتاب يمكن ترجيح جانب الشروط و توهّم انّ التعارض فرع التكافؤ و ليس لأنّ أدلّة الأحكام مطلقة و عمومات الشروط مقيدة بعدم المخالفة للكتاب و السّنة

ص:148

فحيث وقع التّعارض يسقط دليل الشّرط لانّه من موارد المخالفة مدفوع بما ذكر من استلزام ذلك بطلان الشّروط بأجمعها لعدم خلوّها عن المخالفة الكتاب بعموم أو خصوص و حيث أشكل الحال بما ذكر تصدّى جمع من الأواخر للكلام في معنى المخالفة للكتاب و السّنة على وجه يرفع الإشكال و لهم في ذلك طرق و مسالك أحدها ما في المتن و حاصله اختيار الشق الثّاني و الجواب عن اشكال الدّور بإحراز عدم قضاء إطلاق الكتاب و السنة بعدم جواز شرط خلافه و أصالة عدم المخالفة الرّاجعة إلى أصالة عدم ثبوت الحكم على وجه لا يقبل تغييره ثمَّ التمسّك بعموم المؤمنون عند شروطهم و أنت خبير بما في تماميّة هذا الأصل من النّظر و ذلك لإمكان ان يقال انّ مجرى الأصل انّما هو حيث ثبتت المخالفة لتحكم الشرعي و كان الشكّ في انّ الحكم المخالف هل هو قابل للتغيير أم لا فأصالة عدم المخالفة لا مجرى لها إذ لا شكّ في المخالفة بل الشكّ في القابلية للتغيير فالأصل عدم القابليّة و امّا أصالة عدم ثبوت الحكم على وجه لا يقبل التّغيير بالشّرط فلا مجرى لها (- أيضا -) بعد وضوح ثبوت الحكم و رجوع الشكّ إلى قابليّة للتّغيير و عدم قابليته فإنّ الأصل إنّما يجرى في مورد الشك فاذا كان الشكّ في الفصل لا يجري الأصل في الجنس باعتبار دخول الفصل فيه فإنّه إذا علم كون حيوان في الدّار و شكّ في كونه ناطقا أم لا لا يجري أصالة عدم وجود الحيوان النّاطق بل أصالة عدم كون الحيوان ناطقا فكذا هنا لا يجري أصالة عدم ثبوت الحكم على وجه لا يتغيّر لمعارضتها بأصالة عدم ثبوته على وجه يتغيّر بل انّما يجرى أصالة عدم قابليّته للتغيير و لا مجال للتعلق بأصالة عدم منع المخالفة الخاصة من صحّة الشرط امّا أوّلا فلدلالة النصوص على قدح المخالفة و اما ثانيا فلكون أصالة عدم القابليّة للتغيير سببيّة لأنّ الشكّ في منع المخالفة الخاصّة ناشئ من الشكّ في القابليّة للتغيير بالشّرط كما لا يخفى فالحقّ انّ المدار في المخالفة المقتضية لفساد الشّرط مخالفته للحكم الثّابت بعموم الكتاب أو السنة أو خصوصهما مطلقهما أو مقيّدهما مع ثبوت عدم قابليّة ذلك الحكم للتغيّر بمغير من شرط و نحوه و (- ح -) نقول انّ الشّروط على أقسام فمنها ما هو موافق للكتاب و السنة و لا إشكال في صحّته و منها ما هو مخالف للحكم الشرعي الظاهر من دليله عدم التغيير بشيء من الشرط و نحوه و هذا لا إشكال في فساده و منها ما خالف الحكم الظّاهر من دليله القابليّة للتغيير بالشرط و هذا لا إشكال في صحّته و منها ما خالف الحكم المشكوك في كونه على وجه يقبل التغيير أم لا و هذا هو محل الإشكال و التوقّف و عدم البناء على صحّته فالشّرط المخالف للحكم الشرعي وضعيّا كان أو تكليفيّا لا يصحّ الاّ إذا علم من دليله القابليّة للتغيير بالشرط أو علم من دليله كونه حقّا لا حكما محضا فما شكّ في قابليّته للتغيير لا يصحّ بعد وجود المخالف له من الكتاب و السّنة و على اىّ حال فاصل الإشكال يرتفع باختيار الشق الأوّل و منع اللّزوم بفهم القابليّة بالتغيير من جملة من أدلّة الأحكام أنفسها فضلا عمّا قام الدّليل من نصّ أو إجماع على جوازه حيث يكون ذلك قرينة على قابليّة الحكم المخالف له للتغيّر كما لا يخفى و ان شئت نبّهناك على بعض ما يقتضيه التأمّل مثل انّه عليه السلام حكم بفساد اشتراط كون الطّلاق و الجماع بيد المرية في رواية محمّد بن قيس المزبورة و بكونها مطلقة قهرا ان تزوّج عليها أو تسرّى أو هجرها في خبر ابن مسلم المتقدّم و حكم بصحّة اشتراط ان لا يطلقها أو لا يتزوّج عليها مع اقتضاء الكتاب و السنة جواز التزويج و التطليق فكما انّ اشتراط كونها مطلّقة مخالف لقوله (- تعالى -) فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ كما أفاده الإمام عليه السلام فكذا اشتراط ان لا يتزوّج عليها مخالف للاية فيشكل الحال في تجويز الثّاني و المنع من الأوّل و حلّه و اللّه العالم انّ جواز النّكاح للرّجال الثابت بالآية قابل للتبدّل كما يكشف عن ذلك حرمته مع الضّرر مثلا فجوز عليه السلام اشتراط تركه و امّا المنع من اشتراط كونها مطلقة ان تزوّج عليها فتعليله عليه السلام له بالآية لعلّه صوري و انّما المانع من صحّته منافاته لكون الطّلاق بيد من أخذ بالسّاق الظّاهر دليله في عدم القابليّة للتغيّر و بالجملة فالتميّز بين الموارد يحتاج إلى فهم صائب وفّقنا اللّه تعالى و إيّاك لذلك ثانيها ما سلكه الفقيه الغروي (- ره -) من انّ المتبادر من مخالفة الكتاب و السنة مخالفة ما ثبت منهما بالخصوص على نحو نعلم انّ الحكم (- كك -) من دون تعلّقه بشيء أخر و ان هذه العبارة ليست الا كقوله اطلع أباك إلاّ فيما خالف الشرع أو قول الرّجل لصديقه انّى أطيعك و اسمع قولك الاّ فيما خالف أمر اللّه تعالى فان معناه انّ أمر الأب أو المولى أو الصّديق مثلا (- أيضا -) من الملزمات سواء كان بإلزام الشرع أو بالتزام المكلّف بنفسه و يكون المراد انّ مع قطع النظر عن الأمر و نهيه يلاحظ الشرع فان كان للشرع أمر و نهى و جعل في هذه الواقعة فالمتّبع ذلك و ان كان الشّارع رخّص في ذلك أو سكت و لم يحكم بأحد الطّرفين فالمتبع في ذلك أمرك فكذا في الشرط فان مقتضى الدليل ان الشرط (- أيضا -) من الملزمات لأحد الطرفين امّا الفعل أو التّرك فان كان هناك للشّارع حكم بأحد الطرفين إلزاما فلا عبرة بالشّرط لو خالفه كتعارض اطاعة المولى و الأب مع اطاعة الشّارع و ان لم يكن (- كك -) فالمتّبع الشّرط قال هذا واضح لا اشكال فيه فنقول امّا الأحكام الشّرعيّة وضعيّة كانت أو تكليفيّة لو اشترط تغيّرها عمّا هي عليها كاشتراط حرمة الماء أو حلّ الخمر أو عدم ضمان الغاصب أو عدم كون البيع مملّكا و نحو ذلك فلا ريب في بطلانه و لا يحتاج إلى إدراجه في مخالفة الكتاب و السنة بل ليس معنى المخالفة مثل ذلك إذ الأحكام ليست في قدرة المكلّفين و شرط أمر غير مقدور باطل إذ الشّرط يجب الوفاء به كالعقد و لا يشمل دليل الشرط نحو ذلك حتى يحتاج إلى الاستثناء و هذا ممّا لا يتفوّه به أجنبيّ عن الفنّ فضلا عن الفقيه النبيه و اى معنى لقولك بعتك و شرطت ان لا تكون الصّلوة واجبا أو الجناية عمدا غير موجب للقصاص إذ المقصود من الشّرط الوفاء و هذا غير مقدور حتّى يوفى به و كون المراد بمخالفة الكتاب ذلك كلام يضحك الثّكلى و حيث انّ الشّرط انّما هو في الأمور المقدورة فيرجع الأمر إلى اشتراط الفعل أو التّرك لا تغيّر نفس الحكم فاذا صار (- كك -) فنقول شرط الفعل يوجب إلزامه و شرط التّرك يوجب لزوم التّرك فإن كان الفعل المشروط حراما كشرب الخمر و نكاح الخامسة فالشّرط مخالف للسّنة أو للكتاب و (- كك -) لو كان التّرك المشروط ممنوعا منه كشرط ان لا تصلّى أو لا تصوم أو لا تطأ زوجتك الدّائمة سنة و نحو ذلك و امّا لو كان الفعل أو التّرك ممّا رخّص فيه كطلاق الزّوجة و بيع الدّار و أكل الرّمان و القعود يوم الجمعة في الدّار و المسير إلى مكان و نحو ذلك ممّا لا أمر للشّارع فيه و لا نهى فيجوز اشتراط فعله و تركه من دون اشكال و ليس داخلا في مخالف الكتاب و السنة و قولنا انّ اشتراط عدم التسرّي و نحو ذلك ممّا خالف السنة انّما هو لنصّ خاصّ و بالجملة فحاصل المراد ان كلّ شرط لو قطع النّظر عن لزوم الشّرط و لوحظ الشّرع لم يرد فيه ما يدل على الإلزام فيه بفعل أو ترك فلا مانع من اشتراطه كما لا مانع من اشتراط ما يوافق الشّرع في لزوم الفعل أو التّرك فيكون كالنّذر على فعل الواجب أو ترك الحرام فيصحّ لانّ علل الشرع معرّفات

ص:149

لا مانع من اجتماعها ثالثها ما سلكه الفاضل النّراقي (- قده -) و يأتي إنشاء اللّه تعالى نقل كلامه عند اشارة الماتن (- ره -) اليه مريدا ببعض مشايخه المعاصرين إيّاه و الحق ما عرفت قوله طاب ثراه مثل رواية منصور بن يونس (- اه -) قلت يوافقها في المؤدّى خبر منصور بن بزرج المتقدّم في شرح قوله (- قده -) و قد أطلق على النّذر أو العهد أو الوعد في بعض اخبار النكاح فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه فيمكن حمل رواية محمّد بن قيس (- اه -) الظاهر انه سهو من قلمه الشريف و ان الصحيح رواية ابن مسلم بدل محمد بن قيس لأنّها الّتي يجرى فيها الحمل الذي ذكره و امّا خبر محمّد بن قيس فصريح في عدم كون المشروط وقوع الفراق بنفس التزويج بل التزويج سبب لسلطنتها على تطليق نفسها متى شائت نعم لمحمّد بن قيس رواية أخرى قريبة في المؤدّى لخبر ابن مسلم المتقدّم يحتمل ارادة الماتن (- ره -) برواية محمّد بن قيس تلك بزعم انّ ما نقله تلك و هي ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن الحسن بن على بن يوسف الأزدي عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في رجل تزوّج أمرية و شرط لها ان هو تزوّج عليها أمرية أو هجرها أو اتخذ عليها سريّة فهي طلق فقضى في ذلك ان شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء و في لها بما اشترط و ان شاء أمسكها و اتخذ عليها و نكح عليها و توضيح القول في اشتراط ان لا يتزوّج عليها أو لا يتسرّى انه لا خلاف في بطلانه و قد ادّعى الاتفاق عليه كاشف اللّثام و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و الأصل في ذلك خبر محمّد بن قيس المذكور و خبر ابن مسلم المتقدّم في كلام الماتن (- ره -) و ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن على بن إسماعيل الميثمي عن حماد عن عبد الله بن مغيرة عن ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لامرئته ان نكحت عليك أو تسرّيت فهي طالق قال ليس ذلك بشيء انّ رسول اللّه (- ص -) قال من اشترط شرطا سوى كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه لكن ربّما يمكن المناقشة في ذلك بانّ حكمه عليه السلام بفساد الشّرط انّما هو لأدائه إلى وقوع الطّلاق قهرا مع انّه بيد من أخذ بالسّاق لا لاشتراط ان لا يتزوّج عليها و لا يتسرّى و يشهد به حكمه عليه السلام بصحة اشتراط ان لا يتزوّج عليها و لا يتسرى في جملة من الأخبار فمنها الصّحيح الذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن صفوان عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرّجل يقول لعبده أعتقتك على ان أزوّجك ابنتي فإن تزوّجت عليها أو تسرّيت فعليك مائة دينار فأعتقه على ذلك أو تسرّى أو تزوّج قال عليه شرطه و منها الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه يعني البصري انّه سئل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لغلامه أعتقتك على ان أزوّجك جاريتي هذه فان نكحت عليها أو تسرّيت فعليك مائة دينار فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرّى عليه مائة دينار و يجوز شرطه قال يجوز عليه شرطه قال و قال أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل أعتق مملوكه على ان يزوّجه ابنته و شرطه عليه ان تزوّج أو تسرّى عليها فعليه كذا و كذا قال يجوز و منها الموثق الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن الحسين بن عثمان و محمّد بن أبي حمزة جميعا عن إسحاق بن عمّار و غيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال سالته عن الرجل يعتق مملوكه و يزوجه ابنته و يشترط عليه ان أغارها أن يردّه في الرق قال له شرط بيان الظاهر انّ الإغارة من الغيرة بالكسر و هي كما في المجمع نفرة طبيعة تكون عن بخل مشاركة الغير في أمر محبوب له فتكون الإغارة (- ح -) كناية عن التزوّج و التسرّي و بالجملة فهذه الأخبار جوّزت اشتراط عدم التزوّج و التسرّي و (- ح -) فيقع التّعارض بين الأخبار و يجمع بينها بحمل النّاطقة بفساد الشرط على ما إذا اشترط وقوع الطّلاق قهرا ان تزوّج عليها أو تسرّى و المصحّحة على ما لو أطلق الاشتراط أو شرط غرامته بشيء ان أوقع الشرط فان قلت انّ الحمل المذكور لا يتمشى لظهور الأخبار المزبورة أوّلا في فساد شرط عدم التزوّج و عدم التسرّي من حيث هو بل خبر ابن مسلم كالصريح في ذلك حيث استشهد عليه السلام في الإفساد بآيتي حلّ التزويج و التسرّي مع انّ المراد بالطلاق فيها ليس هو الطلاق المصطلح بل هو بمعناه اللّغوي يعنى انّه شرط انفساخ النّكاح ان تزوّج عليها أو تسرّى و ذلك غير مخالف للكتاب بل كلّ مشروط ينتفي بانتفاء شرطه فالظّاهر ان بين الطّائفتين تعارضا لكن إطباق الأصحاب على فساد الشرط يوهن هذه الأخبار قلت الإنصاف انّه لا تعارض بين الطائفتين أصلا ضرورة ان مفاد الطائفة الأولى فساد اشتراط ان لا يتزوّج عليها أو لا يتسرّى و مفاد الثّانية اشتراط غرامة شيء ان تزوّج عليها أو تسرّى و بينهما تباينا كلّيا فانّ مطلوب المشترط على الأوّل عدم وقوع التزوّج و التسرّي منه أصلا و لا ريب في مخالفته للكتاب بخلاف الثاني فإنّ مطلوب المشترط فيه الغرامة إن تسرّى أو تزوّج من دون نظر إلى أصل عدم وقوع التزوّج و التسرّي و لا ريب في عدم مخالفته للكتاب بوجه و حيث انتفى التّعارض تعيّن الأخذ بالطائفة الاولى في محلّ البحث و العمل بالأخرى في موردها نعم ينافي ذلك خبر منصور المزبور لكن عن الاستبصار حمله على التّقية لموافقة ذلك العامة و عن (- يب -) الجواب بالفرق بين النذر و الشّرط قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّه أشار بذلك إلى تضعيف الحمل نظرا إلى ظهور الخبر في سببيّة الشرط لوقوع الطلاق قوله طاب ثراه فانّ ما دلّ على انّه لا يملك ولد حرّ (- اه -) هذه الفقرة قد وردت في رواية سماعة و هي ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن البزوفري عن احمد بن إدريس عن احمد بن محمّد عن أبي أيوب عن سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مملوكة أتت قوما و زعمت أنّها حرّة فتزوّجها رجل منهم و أولدها ولدا ثمَّ انّ مولاهم أتاهم فأقام عندهم البيّنة انّها مملوكة و أقرّت الجارية بذلك فقال تدفع إلى مولاها هي و ولدها و على مولاها ان يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير اليه قلت فان لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به قال يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤدّيه و يأخذ ولده قلت فانّ ابى الوالدان يسعى في ثمن ابنه قال فعلى الإمام ان يفتديه و لا يملك ولد حرّ و قد حكى المحقّق الكركي في مع (- صد -) عن المحقّقين ضبط كلمة الحرّ بالتنوين دون الإضافة و قال في وجه الاستدلال به على عدم صحّة اشتراط الحريّة بأنّ النكرة في سياق النّفي للعموم و المعنى و لا يملك الولد المحكوم بحريته بحال ثمَّ أورد على نفسه بانّ المشروط حريته محكوم برقيته ثمَّ أجاب بأنّه حرّ بدون الشّرط فلا يكون الشرط سببا لرقيّته بنصّ الحديث و أقول قد ذكرنا عند التعرض لتفصيل المسئلة في مبحث نكاح الإماء من منتهى المقاصد انّ الظهورات في الألفاظ تدور مدار الافهام و ان ضبط المحققين لها بالتنوين لا يكون حجّة بعد ظهور العبارة في الإضافة فإنّه لا يخفى على أرباب الذوق السّليم كون الإضافة أليق بالاستدلال على لزوم فداء الإمام عليه السلام له ضرورة انّه على التنوين يحتاج إلى مقدّمة أخرى و هي انّ هذا الولد حرّ بخلافه على الإضافة فإنّه يدلّ على المطلوب و للمانع ان يمنع من حريته و (- ح -) فما في التنقيح من انّ من أضاف فقد وهم لا وجه له ثمَّ ان المشهور بين الأصحاب هو صحّة اشتراط رقية الولد بل لم ينقل في ذلك خلاف إلى زمان المحقّق

ص:150

و لكن لم نجد لهم في ذلك مستندا صحيحا و الأظهر هو عدم الصّحة وفاقا للمحقّق و الشهيد الثانيين و صاحبي الكفاية و الحدائق لظهور الرّواية في عدم إمكان رقيّة ولد الحرّ في الشريعة مضافا إلى انّ الولد ليس ملكا للحرّ من الأبوين ليصحّ اشتراطه للمولى و كما لا يصحّ رقيّة من ولد حرّا فكذا من سيولد حرّا لانتفاء السّلطنة في الموضعين و يؤيّد ففي السّلطنة أنّ الوالد لو أقر برقيّة ولده لم ينفذ هذا الإقرار على الولد و توضيح القول في المسئلة يطلب من منتهى المقاصد قوله طاب ثراه و منها ارث المتمتّع بها (- اه -) قد اختلفوا في إرث المتمتّع بها فالمشهور العدم للنّصوص المستفيضة و قال القاضي بالثبوت (- مط -) و علم الهدى بالثبوت الاّ مع اشتراط عدمه ثمَّ انّ القائلين بعدم الثبوت عند الإطلاق اختلفوا في صحّة اشتراط الإرث على قولين قال بكلّ منهم جمع و وصف كلّ منهم بالشهرة و ان وصف المحقّق الثبوت بالأشهرية و عدم الصحة و ان كان مقتضى القاعدة من حيث انّ الاشتراط ليس بسبب شرعيّ جعلي الثبوت الإرث و انّ أسباب الإرث محصورة و ليس هذا منها و ما ليس بسبب شرعيّ لا يمكن جعله سببا و لا مقتضى للتوارث هنا إلاّ الزوجية فان صدق على المتعة الزّوجة الّتي دلت الآية و الرّواية على ثبوت الإرث لها ورثت على كلّ حال و ان لم يشترط ثبوته و بطل شرط نفيه و ان لم تصدق عليها الزّوجة لم يثبت الإرث بالاشتراط لانّه شرط توريث من ليس يوارث و لكن خرجنا عن القاعدة بالنصوص النّاطقة بالتّوارث مع الاشتراط الكاشفة عن قابليّة عدم التّوارث الثابت في المتعة للتغير بالشرط ففي الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمّد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرّضا عليه السلام قال تزويج المتعة نكاح بميراث و نكاح بغير ميراث ان اشترطت كان و ان لم تشترط لم يكن و رواه الحميري في محكي قرب الإسناد عن احمد بن محمّد بن عيسى عن احمد بن محمّد بن ابى نصر و الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن محمّد بن مسلم قال سئلت أبا عبد اللّه عليه السلام كم المهر يعني في المتعة فقال ما تراضيا عليه إلى ان قال و ان اشترطا الميراث فهما على شرطهما و امّا ما رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن البرقي عن الحسن بن الجهم عن الحسن بن موسى عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن الرّجل يتزوج المرية متعة و لم يشترط الميراث قال ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط فقد حمله الشيخ (- ره -) في الاستبصار على كون المراد بالاشتراط فيه اشتراط عدم الميراث اى اشترط عدم الميراث أو لم يشترط و الّذي يقرّب هذا الحمل انّ الذي يظهر من الأخبار انّ عدم الميراث كان يذكر سابقا في ضمن عقد المتعة فيحتمل ان يكون المراد بالاشتراط ما كان متعارفا من اشتراط عدم الميراث لكنه يبعده ظهوره بقرينة السّئوال في اشتراط الميراث فالأولى ترجيح الصّحاح المزبورة بالاصحية و الأكثريّة و الموافقة لعموم المؤمنون عند شروطهم و امّا الطعن في سند خبر سعيد بان طريقة البرقي و هو مشترك بين ثلثة محمّد بن خالد و أخيه الحسن و ابنه احمد و الكل ثقاة على قول الشيخ (- ره -) و لكن النجاشي ضعّف محمّدا و قال ابن الغضائري حديثه يعرف و ينكر و يروى عن الضّعفاء و يعتمد المراسيل و إذا تعارض الجرح و التّعديل فالجرح مقدّم و ظاهر حال النجاشي انّه أضبط الجماعة و أعرفهم بحال الرّجال و امّا ابنه احمد فقد طعن فيه كما طعن على أبيه من قبل و قال ابن الغضائري كان لا يبالي عمّن أخذ و نفاه احمد بن محمّد بن عيسى من قم لذلك و لغيره كما صدر ذلك كله من شيخ (- لك -) حتى انّه قال بعد ذلك انّ حال هذا النسب المشترك مضطرب لا تدخل روايته في الصّحيح انتهى فلا وجه له لأنّ أحمد بن محمّد في السّند انّما هو ابن عيسى بقرينة رواية محمّد بن احمد بن يحيى عنه و من المقرر أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى إنّما يروى عن محمّد بن خالد البرقي لا ابنه احمد و لا أخيه الحسن فالاشتراك قد ارتفع بالقرينة و قد وثقه الشيخ و العلاّمة في (- خلاصة -) و يشهد بصحّة روايته احمد بن محمّد بن عيسى عنه مع انّه ارتكب بالنّسبة إلى من يروى عن الضّعفاء ما ارتكب و كذا القميون و العجب انّه حكى عنه في حواشيه على (- الروضة -) انّ قول (- جش -) لا يقتضي الطّعن فيه نفسه بل في من يروى عنه انتهى فكيف أخذ به هنا و تقدّم الجرح (- مط -) ممنوع بل المدار على الرّجحان الشخصي الموجود هنا و الأضبطيّة مرجوحة هنا بما عرفت فالأظهر صحّة السّند و توضيح القول في المسئلة يطلب من مبحث نكاح المتعة من منتهى المقاصد قوله طاب ثراه و منها انّهم اتّفقوا على جواز اشتراط الضمان في العارية (- اه -) قد ادعى اتفاق النصّ و الفتوى على ذلك في (- ئق -) و ادّعى الإجماع عليه في (- ف -) و الغنية و (- كرة -) و (- مع صد -) و (- لك -) و غيرها و الأصل في ذلك النّصوص الخاصّة المستفيضة مثل قول الصّادق عليه السلام في صحيح الحلبي إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الاّ ان يكون اشترط عليه و الاّ فالحكم المذكور مخالف للقاعدة لا للمناقشة في شمول عموم المؤمنون عند شروطهم له بمخالفة الضّمان لمقتضى العارية إذ فيه ان عدم الضمان انّما هو مقتضى إطلاق عقد العارية و منافاة الشّرط لإطلاق العقد غير ضائر بل لانّ الشّرط في ضمن العقد الجائز غير لازم و الاّ للزم مزيّة الفرع على الأصل و من البيّن انّ عقد العارية من العقود المتفق على جوازها فكيف يلزم الشرط في ضمنه و يزيد ذلك وضوحا بملاحظة انّه لو وقع شرط مباح أخر غير اشتراط الضّمان في عقد العارية لا يلتزمون بلزوم الوفاء به مع انّ التفرقة بين الشّروط في ذلك لا معنى له و توضيح المسئلة زيادة على ذلك يطلب من عارية منتهى (- صد -) قوله طاب ثراه و اشتهر عدم جوازه في الإجارة (- اه -) قد وصف ذلك بالشهرة في الجواهر و هداية الأنام و بالاشهريّة في الكفاية و الرياض و الدلائل و استندوا في ذلك إلى أصالة برأيه ذمّة المستأجر من الضّمان مع عدم التعدّي و التفريط و عموم ما دلّ على عدم ضمان المستأجر العين المؤجرة بعد مخالفة الشّرط المذكور لمقتضى عقد الإجارة فإنّ مقتضاها عدم ضمان المستأجر العين المؤجرة ما لم يتعدّ أو يفرط و أنت خبير بانّ اشتراط الضمان انّما ينافي مقتضى إطلاق عقد الإجارة لا مطلقها و من العجب انّهم مع تجويزهم اشتراط الضّمان في العارية كيف منعوا من اشتراط الضّمان هنا مع انّهما من واد واحد من هذه الجهة فكما انّ مقتضى الإجارة عدم ضمان المستأجر فكذا مقتضى عقد العارية هو عدم ضمان المستعير لغير الذهب و الفضّة فكيف جاز هنا و لم يجز هناك و لا تعارض بين عمومات الشّروط و عمومات عدم ضمان المستأجر حتى ترجح الاولى بالشهرة فإنّ عمومات الشروط تخصّص عمومات عدم ضمان المستأجر فإن قلت ان جواز الشّرط المذكور في العارية انّما هو لدليل خاصّ فلا يمكن إلحاق الإجارة بها بعد حرمة القياس في مذهبنا قلت انا لا نثبت الحكم بالقياس بل بعمومات الشّروط بل لو جرينا على الإلحاق لجاز هنا من باب أولويّة الإجارة بمعنى الشرط المذكور فيها من حيث انّ العارية مع كونها عقدا جائزا غير قابل للزوم الشرط المذكور فيه إذا لزم اشتراط الضّمان فيه كانت الإجارة الّتي هي عقد لازم اولى بذلك مع انّه لا حاجة إلى الإلحاق لورود النصّ

ص:151

الخاصّ بجوازه مثل ما رواه الحلي نقلا عن كتاب موسى بن بكر عن العبد الصّالح عليه السّلام قال سالته عن رجل استأجر ملاّحا و حمله طعاما في سفينته و اشترط عليه ان نقص فعليه فقال جائز قلت فربّما زاد قال يدّعى هو انّه زاد فيه قلت لا قال فهو لك و من هنا قال بصحّة الشرط المذكور جمال المحقّقين في حاشية (- الروضة -) و استظهره في الرياض و مال اليه المحقّق الأردبيلي (- ره -) و الفاضل الخراساني بل قالا به و ادّعى الإجماع عليه في طي ضمان الصّانع ما يهلك تحت يده من الانتصار فان قلت ان الكلام انّما هو في اشتراط ضمان المستأجر للعين الموجزة و الخبر انّما دلّ على ضمان الموجر متاع المستأجر الموضوعة في عين المؤجرة باشتراط الضّمان فالخبر أجنبي عن محلّ البحث قلت يتمّم المطلوب بعدم القول بالفضل مع انّ المناط ضمان الأمين للعين الّتي هي امانة في يد أخر (- فت -) و ان شئت توضيح الحال زيادة على ذلك فراجع اجارة منتهى (- صد -) قوله طاب ثراه أو عدم مشروعيته (- اه -) عطف على قوله عدم ضمانه في نفسه من غير اقدام عليه يعنى انّ الإشكال ينشأ من الشكّ في انّ مقتضى أدلّة عدم ضمان الأمين عدم ضمانه في نفسه من غير اقدام عليه حتى لا ينافي إقدامه على الضمان و الشك في انّ مقتضى أدلّة عدم ضمانه هو عدم مشروعيّة ضمانه و تضمينه و لو بالأسباب كالشرط في ضمن عقد تلك الأمانة أو غير ذلك قوله طاب ثراه و الأشهر على الجواز (- اه -) كلمة على هنا زائدة لأنّ الأشهريّة وصف القول دون الأشخاص فكان حقّ التّعبير ان يقول و الأشهر الجواز أو يقول الأكثر على الجواز ثمَّ الجواز و الصّحة خيرة الشيخ (- ره -) في (- ية -) و القاضي في محكي المهذّب و ابن حمزة في الوسيلة و ابن سعيد في محكي الجامع و العلاّمة في (- لف -) و الشهيد في اللّمعة و ظاهر غاية المراد و الفاضل المقداد في التنقيح و ثاني الشهيدين في (- الروضة -) و ظاهر (- لك -) و فاضل الكفاية و غيرها بل في الرياض انّه الأشهر و حجّتهم على ذلك أمور الأوّل انّ ذلك شرط مقصود للعقلاء و الأغراض تتعلّق باللّبث في المنازل و الاستيطان في البلدان الّتي حصل بها الأنس و النّشو و ملازمة الأهل و رعايتهم مصلحتها و ذلك أمر مهمّ فجاز شرطه في النّكاح توصّلا إلى هذا الغرض المطلوب المشتمل على الحكمة الواضحة الثّاني عموم المؤمنون عند شروطهم الثّالث الصحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد و عبد اللّه ابني محمّد بن عيسى عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن ابى العبّاس عن أبي عبد اللّه (- ع -) في الرجل يتزوّج المرية و يشترط ان لا يخرجها من بلدها قال يفي لها بذلك أو قال يلزمه ذلك و يؤيده ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الصّفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام انّ على بن أبي طالب (- ع -) كان يقول من شرط لامرئته شرطا فليف لها به فانّ المسلمين عند شروطهم الاّ شرطا حرّم حلالا أو أحلّ حراما قوله طاب ثراه و جماعة على المنع (- اه -) فمنهم الشيخ (- ره -) في الخلاف و محكي (- ط -) و الحلي (- ره -) في (- ئر -) و فخر المحققين فيما حكى عنه و المحقّق الثاني (- ره -) في مع (- صد -) و احتجّ على ذلك في الخلاف بالإجماع و الأخبار و في (- ئر -) بأنّه شرط مخالف للكتاب و السّنة لأنّ الاستمتاع بالزوجة في الأزمنة و الأمكنة حق للزّوج في أصل الشرع و كذا السلطنة له عليها في ذلك حقّ له ثابت فاذا شرط ما يخالفه وجب ان يكون باطلا و أقول امّا الإجماع فيرده وجود الخلاف فيه من جمع بل و منه في (- ية -) و امّا الأخبار فلم نقف عليها و قد بيّنا مرارا أن إرسال المضمون الرّاجع إلى اجتهاد المرسل و فهمه غير قابل للحجية بالانجبار مع عدم وجود الشهرة الجابرة هنا و امّا حجّة الحلّي فقد ردّها في (- لف -) بمنع وجوب خروجها معه (- ح -) فإنّه المتنازع و ليس وجوب الخروج مع عدم الشرط مقتضيا لوجوبه معه و لم يرد ابن إدريس على الدّعوى شيئا و كلّ شرط فإنّه يمنع مباح الأصل و لا يكون باعتبار ذلك منافيا للكتاب و السّنة قوله طاب ثراه فان لم يحصل له بنى على أصالة عدم المخالفة (- اه -) قد عرفت ما في هذا الأصل من النّظر قوله طاب ثراه ثمَّ انّ بعض مشايخنا المعاصرين بعد ما خصّ الشرط (- اه -) أراد بهذا البعض النراقي فإنّه قال في عوائده انّ المراد بشرط خالف الكتاب أو السّنة ان يشترط اى يلتزم امرا مخالفا لما ثبت من الكتاب أو السنة و هو يشترط ضدّ ذلك الحكم و خلافه اى يكون الشرط امرا مخالفا لما ثبت في أحدهما سواء كان من الأحكام الطلبيّة أو الوضعيّة و ذلك كما إذا ثبت من الكتاب و السّنة ان أمر المرية ليس بيدها فيشترط ان يكون أمرها بيدها و ثبت انّ الطّلاق بيد الزّوج فيشترط ان لا يكون الطّلاق بيده و ثبت انّ النّاس مسلّطون على أموالهم فيشترط ان لا يكون مسلّطا على أمواله أو على مال معين و ثبت انّ الخمر حرام فيشترط ان يكون حلالا و ثبت انّ المال المشتبه حلال فيشترط ان يكون مال مشتبه حراما و ثبت انّ النّظر إلى زوجته حلال فيشترط ان يكون حراما و ثبت انّ المبيع للمشتري و الثمن للبائع فيشترط ان لا يكون له إلى غير ذلك قال و امّا اشتراط ان لا يتصرّف المشترى في المبيع مدّة معلومة فهو ليس مخالفا للكتاب و السّنة إذ لم يثبت فيهما تصرّفه حتى يكون شرط عدم تصرّفه شرطا مخالفا لأحدهما بل انّما ثبت جواز تصرّفه و المخالف له عدم جواز تصرّفه فلو اشترط يكون باطلا امّا اشتراط عدم التصرّف فهو ليس مخالفا للكتاب و السّنة فان قلت ثبت من الكتاب و السنة جواز التصرّف فيما يشتريه و الشّرط يستلزم عدم جوازه فهو (- أيضا -) مخالف للكتاب و السّنّة قلت لا نسلم انّ الشرط يستلزم عدم جواز التصرف لانّ المشروط هو عدم التصرّف دون جوازه نعم إيجاب الشارع للعمل بالشرط يستلزم عدم جواز التصرّف و ليس المستثنى في الأخبار شرط خالف إيجابه أو وجوبه كتاب اللّه أو السّنة بل شرط خالف ذلك الشّرط الكتاب و السّنة و الشّرط هو عدم التصرّف فان قلت هذا يصحّ إذا كان الشّرط في المستثنى بمعنى المشروط و امّا إذا كان بالمعنى المصدري حتى يكون المعنى إلزام خالف كتاب اللّه تعالى و السّنة فيكون شرط عدم التصرّف (- أيضا -) (- كك -) إذا كان التزامه يخالف جواز التصرّف الثابت من الكتاب و السّنة قلنا لا نسلم ان التزام عدم التصرّف يخالف جواز التصرّف ما لم يثبت جواز عدم التصرّف ما يلزم به و امّا شرط فعل شيء ثبت حرمته من الكتاب و السّنة أو ترك شيء ثبت وجوبه أو جوازه منهما فهو ليس شرطا مخالفا للكتاب و السّنة إذا لم يثبت من الكتاب و السّنة فعله أو تركه بل حرمة فعله أو تركه و لكن يحصل التعارض (- ح -) بين ما دلّ على حرمة الفعل أو الترك و بين أدلّة وجوب الوفاء بالشرط فيجب العمل على مقتضى التعارض فما وجد فيه مرجّح من إجماع و نحوه أخذ به و ما لم يكن فيه مرجّح يعمل بما يقتضيه القواعد و الأصول هذا ما افاده الفاضل المذكور و نوقش فيما ذكره أوّلا بأن تفسير المخالفة بثبوت حكم بهما فيشترط ضدّه ان أريد بذلك ثبوت الحكم بهما على وجه لا يمكن اشتراط خلافه يعنى علم انّ الشرط لا يغيّره كما هو ظاهر الأمثلة من الطّلاق و نحوه فذلك يوجب عدم جواز التمسّك بعموم الشروط في شيء من المقامات إذ المعنى (- ح -) صحّة الشرط

ص:152

فيما ليس (- كك -) في نفس الأمر فما لم يعلم جواز الشّرط لا يمكن فيه الاشتراط و معه فلا نفع للعمومات و احتمال إرادة إخراج ما علم مخالفته للكتاب و السّنة فالمشكوك فيه يصحّ اشتراطه و ان دلّ على خلافه ظاهر كتاب أو سنّة لاحتمال تقيّدهما بعدم اشتراط الخلاف بعيد عن ظاهر الدّليل مضافا إلى كمال بعد فهم الحكم المنجّز من الكتاب و السّنة بحيث لا يقبل التقييد باشتراط الخلاف فإنّه لا يكاد يتحقّق لتوقّفه على التّصريح فإنّ الإطلاق و نحو ذلك لا يفيد هذا المعنى و ان أريد ثبوت الحكم في ظاهر الكتاب و السّنة و إن كانت قابلة للتقييد فإخراج ما خالف مثل ذلك استثناء مستغرق و ثانيا بان اشتراط كون الخمر حلالا و الماء حراما و نحو ذلك لا دخل له في الشروط في ضمن العقود فان ذلك مبنىّ على غرض المتعاقدين و تغير الأحكام لا غرض للمتعاقدين فيه و فهم اشتراط تغيّر الأحكام من قوله الاّ ما خالف الكتاب و السّنة في غاية البعد عن اللّفظ مع شهادة جملة من الشروط المخالفة المذكورة في الأخبار على خلافه و ثالثا بان ظاهر كلامه انّ المراد من المخالفة هو المخالفة بالمطابقة دون ما يخالفهما بالتّلازم و نحو ذلك و لا ريب في انّ اشتراط عدم التصرّف في المال أيضا مخالف للكتاب و السّنة فان مقتضاهما تصرّف المالك في ملكه و قوله انّ عدم التصرّف غير مناف مردود بان عدم تصرّفه بطريق اللّزوم مناف لذلك و المقصود بالشرط إلزام عدم التصرّف لا عدم التصرّف و لو اختيارا و لا وجه لقوله انّ إلزام الشارع يقتضيه لانّ كلّ حكم ثابت بالشّرط انّما يقتضيه إلزام الشرع و الاّ فالشرط لا يثبت حكما فلو قال بشرط ان لا يطأ الزوجة أو لا يتسرى عليها أو نحو ذلك لكان الحكم المنافي هنا (- أيضا -) لإلزام الشّرع فان ما ثبت من الشّرع هو جواز الوطي و التسرّي و عدمهما لا ينافي جوازهما مع انّهم عدوّها من الشرط المخالف للكتاب و السّنة و رابعا بأن إخراج شرط ترك الواجب أو فعل المحرّم من مخالف الكتاب و السّنة بديهي الفساد لانّ الواجب و المحرّم إن كان دليلهما اقتضى الوجوب و الحرمة (- مط -) بحيث لا يمكن اشتراط خلافه بمعنى عدم تبدّل الحكم به فيصير الشرط مخالفا للكتاب و السّنة مثل الطّلاق قطعا و ان لم يكن (- كك -) فيتعارض الدّليلان كما ذكره لكن الفرض انّ دليل الشرط مقيّد بعدم مخالفته لهما فكيف يعقل التعارض فأينما وقع التعارض ابتداء ظهر بطلان الشّرط لانّه داخل في مخالف الكتاب نعم لو كان عموم الأمر و النّهى (- أيضا -) مقيّدا بما إذا لم يشترط في البيع خلافه لزم التكافؤ بين المتخالفين و الفرض انّه ليس (- كك -) فكيف يمكن ان يقال بتعارض دليل الشرط مع إطلاق الكتاب و السّنة القاضيين بالوجوب و التحريم و على فرض الإمكان فقد يتفق فيهما (- أيضا -) ما ثبت عدم جواز تبدّله بالشرط فلم لا يكون داخلا في مخالف الكتاب و خامسا بما في المتن قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا من انقسام الأحكام الشرعية المدلول عليها في الكتاب و السّنة على قسمين يظهر لك معنى قوله عليه السلام (- اه -) قد اختلف انظار الفقهاء (- رض -) في فهم المراد بالاستثناء على مسالك تضمّنت عبارة الماتن (- ره -) الإشارة إلى ثلثة منها أحدها ما سلكه بقوله فانّ المراد بالحلال و الحرام فيها ما كان (- كك -) بظاهر دليله (- اه -) ثانيها ما حكاه بقوله و ربّما قيل في توجيه الرّواية و توضيح معناها (- اه -) ثالثها ما حكاه عن الفاضل القمي (- ره -) و هنا مسالك أخر لا بأس بالإشارة إليها أحدها ما عن بعضهم من انه مجمل لانّ كلّ شرط فهو ملزم لأحد الطرفين و لازم ذلك كون كلّ شرطا محرّما لحلال أو محلّلا لحرام فانّ اشتراط عدم الفسخ يوجب تحريم الفسخ الحلال و كذا اشتراط عدم إخراج الزّوجة من بلدها و اشتراط خيار الفسخ يوجب تحليل الحرام فانّ الفسخ لو لا الشرط كان حراما و على هذا فيلزم الاستغراق في الاستثناء و فساده و إن كان يشهد بعدم كونه مرادا الاّ انّ القرينة على تعيين المراد يورث الإجمال و لازم هذا الكلام انّ عمومات الشروط (- أيضا -) ساقطة عن الحجيّة لأنّها مخصّصة بالمجمل على هذا الفرض فلا بدّ في إثبات صحّة كلّ شرط من دليل خاصّ من نصّ أو إجماع و مثل هذا الخبر (- ح -) الخبر الوارد في انّ الصّلح جائز بين المسلمين الاّ ما أحلّ حراما أو حرّم حلالا ثانيها ما سلكه الفقيه الغروي (- قده -) من ان تحليل الحرام و تحريم الحلال ليس المتبادر منه تغيير الأحكام الإلهيّة كما زعم بل المراد منه المنع عمّا هو حلال شرعا و الإلزام بما هو محرّم شرعا و لا شبهة في انّ ما كان حرمته و حلّيته منوطتين بحصول العقد لم يتحقق بعد فاشتراط المنع عمّا لو كان العقد (- مط -) لاقتضى جوازه أو الرّخصة فيما لو كان العقد مطلقا لاقتضى المنع عنه ليس من هذا الباب و هذا لا غبار عليه و امّا ما هو محلّل أو محرّم بأصل الشرع فنقول إذا شرط المنع من الأوّل و الإلزام بالثاني فمرّة يكون الرّخصة في فعل المحلّل معلوما بحيث لا يقبل المنع بأمر أخر كالصّلوة الواجبة و نحو ذلك و كذا المنع عن فعل المحرّم كشرب الخمر و هذا القسم لا بحث في دخوله تحت الرّواية و عدم جواز مثل هذا الشرط و مرّة يكون الرّخصة و المنع مطلقين لا يعلم انّهما هل هما قابلان للتقييد بأمر أخر ملزم أم لا (- فح -) يتعارض ما دلّ من الشرط على إلزامه أو منعه و ما دلّ من الشرع على تحريمه أو جوازه مثلا إذا قال بعتك و شرطت عليك ان تعتق عبدك نقول عدم العتق كان حلالا بأصل الشرع و الشّرط قد حرمه عليه و لو قال بعتك و شرطت ان يكون سكنى دارك لي سنة فقد حلّل لنفسه ما كان حراما عليه و نظائر ذلك (- أيضا -) ممّا يحرّم و يحلّل من احد الجانبين فعلا و تركا ما لم يكن (- كك -) على هذا القياس و هذا الذي أوقع الإشكال و حلّه ان عدم العتق كان حلالا (- مط -) أو بشرط عدم وجود ملزم للعتق فإن كان من الأول فلا بحث لنا فيه و قد ذكرنا ان بعد معلوميّة ذلك فلا بحث في بطلان الشرط و إن كان من الثاني فنعلم ان وجود ملزم للعتق ممكن شرعا و عدم العتق ليس حلالا (- مط -) بل في بعض الصّور فنقول لا ريب في انّ مع قطع النّظر عن الاستثناء يقضى دليل الشرط بلزوم العتق جائنا عدم جواز اشتراط ما يحرّم الحلال فنقول لا نسلّم كون عدم العتق بعد الاشتراط حلالا حتى يكون الشّرط محرّما له و بعبارة أخرى احتمال كون الشرط ملزما و عدمه يوجب الشكّ في انّ الترك للعتق حلال أم لا لانّ ذلك من تغاير الموضوع و متى لم يعلم ثبوت الحل و الحرمة على الموضوع بقول مطلق لا يكون تخلّف ذلك تحريما للحلال أو عكسه فالمسلم انّما هو حلّية عدم العتق ما لم يكن هناك ملزم فاذا جاء دليل الشرط و كان ملزما فقد خرج الحلال عن موضوعه الذي كان فيه حلالا و تبدّل إلى موضوع أخر فلم يكن الحلال حراما بهذا الشرط ابدا و (- كك -) نقول انّ حرمة سكنى الدّار الّذي للغير ليس على إطلاقه بل حيث لا يكون هناك أمر محلل من اذن و نحوه و أخذ الشرط ذلك مع قبول الأخر يخرج ذلك عن كونه سكنى دار الغير بدون اذنه و بعبارة أخرى يبدّل الموضوع المحرم إلى موضوع محلّل بأصل الشرع و يلزمه لا انّه يحلّل الحرام فان الحلال و الحرام لا يتبدّلان بذلك و بالجملة عمدة الإشكال ان كلّ شرط محلّل لما هو حرام بدونه و محرّم لما هو حلال بدونه فكيف يمكن استثناء القسمين و الحلّ انّ المراد منهما كون الشرط محلّلا لما هو حرام بمعنى اقتضائه الرّخصة فيما منعه الشارع و محرّما لحلال بمعنى اقتضائه المنع عمّا رخّص فيه الشرع و هذا لا يكون الاّ مع بقاء موضوع الحكمين بحاله كالحلال المطلق الّذي لا يمكن تحريمه بوجه

ص:153

و الحرام (- كك -) و امّا الأمور الّتي لها حلّية و حرمة قابلة للزوال بتغيير وصف أو حالة أو نحو ذلك فلو جاء شيء حلّل الحرام أو حرّم الحلال بمعنى تغييره له من حالته السابقة إلى حالته أخرى مغايرة لها في الحكم فانّ ذلك لا يعدّ تحليلا للحرام بل هو تحليل للحلال كانقلاب سائر الموضوعات الخارجيّة إذ لا شبهة في ان مال الغير ينقلب من الحرمة إلى الحلّ بإذن المالك كانقلاب الخمر خلاّ فيصير الحاصل انّ الشرط الممنوع منه ما كان مرخّصا لحرام لا يمكن تقليبه حلالا بهذا الشرط و نحوه و ما كان مانعا عن حلال لا يمكن المنع عنه بملزم من الملزمات و هذه العبارة لو أطلقت في العرف لكان معناه ذلك فانّ الرّجل إذا قال لصديقه أطيعك في كلّ أمر ما لم تحلّل علىّ حلالا و لم تحرّم على حلالا لا يستفاد منه الاّ ما كان حلالا أو حراما لا يمكن التخلّف و التجاوز عنه و لو امره الصّديق بأكل خبز خاص أو نهاه عن شرب ماء بالخصوص لم يكن منافيا لكلام ذلك أصلا و امّا مثل عدم جواز اشتراط عدم التسري أو عدم التزوج عليها فليس بطلانه بمجرّد ما دلّ على عدم جواز تحريم الحلال إذ لنا ان نقول لا نسلّم حلّية التسرّي و التزويج بقول مطلق بل ما لم يكن هناك ملزم بالترك و لكن الدليل على عدم جواز مثل ذلك و عدم مشروعيّة إلزام ترك ذلك و الحاصل انّ موارد النصوص شاهدة على ان المراد بالتحريم و التحليل عبارة عن ورود الحكم بعد الشرط على ما كان يرد عليه مخالفه قبل الشرط من دون لزوم تغيّر موضوع و تبدّل ممكن شرعا و إن كان كلّ شرط مغيّرا للموضوع في الجملة في كلّ مقام لكن غرضي كون ذلك تغييرا قابلا لتغيير الحكم هذا كلام الفقيه الغروي (- قده -) و أشار بقوله كما زعم في صدر كلامه إلى ردّ كلام الفاضل النراقي الآتي نقله من الماتن (- قده -) و أراد بالإشكال الّذي التزم أولا بوقوعه اشكال عدم صحة شيء من الشروط على ما قرره إذ ما من شرط الاّ و هو محرّم لما هو حلال و ملزم لترك ذلك المحلّل و حاصل ما ذكره في دفعه انّ مطلق الحلال لا ينافي المنع للشّرط لإيجاب الاشتراط انقلاب الموضوع فلا يلزم تحريم الحلال إلاّ في مورد قيام الدّليل على عدم قابلية حلال لان يكون ممنوعا بالاشتراط و لكن لا يخفى عليك ان الإمام عليه السّلام في مقام إعطاء الضابطة و على ما قرّره لا يبقى لهذا الضابط مصداق إذ اىّ حلال قام الدليل على عدم قابليّة الشرط لا؟؟؟ حلّه و احداث المنع منه و قد نبّه على هذا الإشكال الماتن (- ره -) حيث انّ مسلكه مأخوذ من هذا المسلك و إليه مرجعه و مئاله و ظاهره الالتزام بالإشكال و سنذكر لك ما فيه ثالثها ما سلكه بعضهم من انّ المراد بالحلال و الحرام ما هو (- كك -) بأصل الشرع من دون توسّط العقد بمعنى ان حلّية الشيء قد تكون بعد حصول العقد كحلية التصرّف و الانتفاع و نحو ذلك في المبيع و نحوه و (- كك -) الحرمة كعدم جواز فسخ العقد و عدم جواز استرجاع العوض و نحو ذلك و قد يكون الحلّ و الحرمة في شيء ثابتا على وجه لا دخل له بالعقد كحلية الماء و حرمة الخمر و نظائر ذلك فإن كان من قبيل الأوّل فجاز تحريم الحلال و تحليل الحرام فيه و إن كان من قبيل الثّاني فليس ذلك فيه بجائز و استشهد على ذلك باتفاقهم على صحّة شرائط خاصّة تكون منافية لمقتضى العقد كاشتراط عدم الانتفاع مدّة معيّنة و سقوط خيار المجلس و الحيوان و ما شاكله و لا ريب في انّ قبل الشّرط بمقتضى العقد يحل الانتفاع (- مط -) و الرد في زمان الخيار و يحرم بعده فقد حرّمت الشّروط ما كان حلالا بتوسّط العقد قبله و على هذا فالضابط في الشروط الّتي لم تحرّم الحلال بأصل الشّرع و بالعكس هو الجواز الاّ ان يمنع منه مانع من نصّ أو إجماع و أورد على هذا التفسير الفاضل النراقي أوّلا بأنّه تخصيص بلا دليل و تقييد بلا مفيد و ردّه في العناوين بالمنع حيث وجّه ذلك بانّ الحلّ و الحرمة الحاصلين بالعقد بعد لم يحصل فلو وقع العقد خاليا عن الشرط أوجب هذا الحلّ و الحرمة و اما لو وقع مقيّدا بالشرط فليس فيه تحليل لحرام و تحريم لحلال لانّ الحكم يقع من أوّل الأمر (- ح -) على الحلّ أو الحرمة و لا يكون هناك شيء محرّم يحلّ بالشرط بل يصير هو حلالا ابتداء نعم لو لم يكن هناك شرط و العقد وقع على إطلاقه لكان حراما و هو لا ينفع في ذلك و كذلك في تحريم الحلال فانّ من شرط في الإجارة مثلا ان لا يسكنها غيره لم يحرّم حلالا لأن حليّة إسكان الغير انّما هو فرع وجود الإجارة (- مط -) غير مقيّد بالشرط و الفرض انّه وقع مقيّدا من الأصل فوقع الإسكان غير مأذون فيه حتى يحرّم بالشرط بخلاف ما لا ربط له بالعقد فانّ الحلال (- ح -) حلال لا ربط له بالعقد و كذا المحرّم فاشتراط ترك الأوّل و فعل الثاني موجب للتحليل و التحريم المبطلين للشّرط و ثانيا بأنه يوجب التّفرقة بين اشتراط سكنى البائع مدّة معيّنة في دار باعها و بين اشتراط سكناه في دار أخرى للمشتري غير تلك الدّار في تلك المدّة و جواز الأوّل و عدم جواز الثاني و هو ليس (- كك -) و كذا يستلزم الفرق بين اشتراط عدم الانتفاع بالمبيع مدّة و بين عدم الانتفاع بغيره ممّا هو من مال البائع أو المشترى و هو مما لا وجه له قوله طاب ثراه ثمَّ انّه يشكل الأمر في استثناء الشرط (- اه -) قد يقال انّ منشأ هذا الاشكال انّما هو جعل الحلال الذي يكون الشرط محرّما له الواقع في عبارة الحديث عبارة عن جائز الطرفين و (- ح -) فيندفع الإشكال بجعل الحلال في الرواية عبارة عن مطلق الجائز فيشمل الواجب المطلق (- أيضا -) مثل اشتراط ترك ما يجب على الزّوج من الحقوق الثابتة للزّوجة من حيث الزوجية كترك للاتفاق عليها و القسم لها بناء على وجوبه و ترك الخروج من مسكنها لأداء ما وجب عليها من حجّة أو صلة رحم عند إيجاب العقوق و هكذا و كذا يشتمل اشتراط المداومة على ترك النوافل و ترك زيارة المشاهد المشرفة مما يعلم من مذاق الشرع انّ الرّخصة في فعلها لازمة فتأمّل قوله طاب ثراه و لذا ذكر في مثال الصّلح المحرّم للحلال ان لا ينتفع بماله (- اه -) قال في (- لك -) فسّر تحليل الحرام بالصّلح على استرقاق حرّ أو استباحة بضع بلا سبب لإباحة غيره أو ليشربا أو أحدهما الخمر و نحو ذلك و تحريم الحلال بان لا يطأ أحدهما حليلته أو لا ينتفع بماله و نحو ذلك و الاستثناء على هذا متّصل لانّ الصّلح على مثل هذه باطل ظاهرا و باطنا و فسّر بصلح المنكر على بعض المدّعى أو منفعته أو بدله مع كون أحدهما عالما ببطلان الدّعوى كما سبق تحريره و الاستثناء عليه يكون منقطعا للحكم بصحّته ظاهر أو انّما هو فاسد في نفس الأمر و الحكم بالصّحة و البطلان انّما يطلق على ما هو الظّاهر و يمكن كونه متّصلا نظرا إلى بطلانه في نفس الأمر و هذا المثال يصلح للأمرين معا فإنّه محلّل للحرام بالنّسبة إلى الكاذب و محرّم للحلال بالنّسبة إلى المحق انتهى و قد ذكرنا بعض الكلام في ذلك في كتاب الصّلح من منتهى المقاصد فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه و بين ترك الوطي الذي ورد جواز اشتراطه (- اه -) أشار بذلك إلى ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن احمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن محمّد بن عمّار عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل جاء إلى امرئته فسألها أن تزوّجه نفسها فقالت أزوّجك نفسي على ان تلتمس منى ما شئت من نظر و التماس و تنال منّى ما ينال الرّجل من أهله إلاّ انّك لا تدخل فرجك في فرجي و تلذذ بما شئت فإنّي أخاف الفضيحة قال ليس له منها الاّ ما اشترط و عنه عن احمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة عن محمّد بن أسلم الطّبري عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل تزوّج بجارية عاتق على ان لا يفتضّها ثمَّ

ص:154

أذنت له بعد ذلك قال إذا أذنت له فلا بأس قوله طاب ثراه و كذا بين ترك شرب العصير المباح الذي ورد عدم جواز الحلف عليه (- اه -) هذه الرّواية لم أقف عليها في مظانها من كتب الأخبار و انّما عثرت على ما رواه محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره عن عبد اللّه بن سنان قال سالته عن رجل قال امرئته طالق أو مماليكه أحرار إن شربت حراما و لا حلالا قط فقال امّا الحرام فلا يقربه ان حلف أو لم يحلف و اما الحلال فلا يتركه فإنه ليس لك ان تحرّم ما أحلّ اللّه انّ اللّه يقول لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ اللّه لكم دلّ على جواز تحريم الحلال باليمين و لا يضرّ كون مورد السّؤال الحلف بالطّلاق و العتاق قوله طاب ثراه و ربّما قيل في توجيه الرواية (- اه -) هذا القائل هو الفاضل النراقي (- قده -) في عوائده فإنّه قال انّ فاعل حرّم و أحلّ هو الشّرط فالمستثنى شرط حرم ذلك الشرط الحلال أو أحلّ الحرام و هذا انّما يتحقّق مع اشتراط حرمة حلال أو حليّة حرام لا مع اشتراط عدم فعل حلال فإنّه لو قال بعتك هذا و شرطت عدم جواز التصرّف في المبيع أو حرمته أو حلية النظر إلى وجه زوجتك يكون الشرط حرّم الحلال أو أحلّ الحرام بخلاف ما لو قال و شرطت عدم التصرّف في المبيع فانّ الشرط لم يحرّم التصرّف نعم لو أجاز الشّارع ذلك الشرط فإجازته و إيجاب الوفاء به حرّم الحلال و لم يقل الاّ شرط حرّم إيجابه حلالا و التّفصيل انّ معنى قوله المسلمون عند شروطهم الاّ شرط حرّم حلالا أو أحلّ حراما اما ان إلاّ شرط حرّم وجوب الوفاء به شرعا الحلال إلى أخر عبارة العوائد المنقولة في المتن مع إسقاط يسير غير مخلّ قوله طاب ثراه لا افهم معنى محصّلا لاشتراط حرمة الشيء (- اه -) هذا الاعتراض مأخوذ من صاحب العناوين فإنه قال في مقام الاعتراض على صاحب العوائد انّ أدلّة الشروط لا تدلّ على الشروط الغير المقدورة و من المعلوم ان تغيير الأحكام ليس في قدرة المتشارطين و لا معنى لقوله بعت بشرط ان يكون الخمر حلالا فانّ ذلك شيء لا يحتمل دخوله تحت أدلّته حتى يحتاج إلى استثنائه ثمَّ قال و بالجملة بطلان مثل هذا الشرط ممّا لا خفاء فيه و لكن ليس معنى قولنا ما أحلّ حراما أو حرّم حلالا ذلك لانّه خلاف المتبادر قطعا و دعوى انّ ما عدى ذلك يوجب التقدير ممنوعة فإنّه لو شرط ترك فعل واجب أو فعل شيء محرّم فلا ريب في انّ الشرط أوجب تحليل الحرام بل هو حلّل حراما و من العجب انّه ذكر في شرط ترك الواجب أو المباح أو شرط فعل الحرام انّ الشرط (- ح -) لا يكون محلّلا و محرّما بل إيجاب الشّارع الوفاء يوجب ذلك فلا يسند ذلك إلى الشرط إلى ان قال انّ معنى عبارة الاستثناء ان يكون الشّرط و الإلزام محلّلا للحرام الواقعي لا ان يبدّل الحكم بالحرمة على الحكم بالحلية و بعبارة أخرى الظاهر من ذلك ان تحليل الحرام عبارة عن تحليله مع بقائه على حرمته واقعا و ظاهرا و تحريم الحرام عبارة عن تحريمه مع كونه حلالا كذلك و ليس معناه إلاّ الإلزام بالفعل في الأوّل و بالترك في الثاني و اما تغيير الحكم بان يجعل الحرام حلالا في أصل الواقع و بالعكس فلا يسمّى تحليلا للحرام بل هو تبديل حكم الحرمة بالحلّ و هذا المعنى واضح عند العرف هذا كلامه علا مقامه قوله طاب ثراه و للنظر مواضع من كلامه مجال (- اه -) قلت من مواضع النظر عدّة اشتراط فعل المرجوحات و ترك المباحات و فعل المستحبات من المحرّم للحلال فانّ سقوط ذلك واضح و منها جعله المستثنى مسوقا للمنع من احداث قاعدة كلّية فإنّ فيه انّه خلاف ظاهر الرّواية و منها تخصيصه الحلال و الحرام الواقعين في الرواية بالكلّي مع انّهما وقعا منكرين فيشملان الكلّى و الجزئي كما لا يخفى

الخامس من شروط صحة الشرط أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد

قوله طاب ثراه ان لا يكون منافيا لمقتضى العقد قد صرّح باعتبار هذا الشرط جمع بل نفي الخلاف فيه في الغنية حيث قال انّ من الشروط الفاسدة بلا خلاف ان يشترط ما يخالف مقتضى العقد مثل ان لا يقبض المبيع و لا ينتفع به انتهى بل في هداية الأنام انّ الإجماع بقسميه عليه قوله طاب ثراه مثلا المعروف عدم جواز المنع عن البيع و الهبة في ضمن عقد البيع (- اه -) ظاهر العبارة أنّه مثال لما اتفقوا على عدم جوازه و انّ جواز اشتراط عتقه بعد البيع مثال لما اتّفقوا على جوازه و لكن لا يخفى عليك عدم تحقّق الاتّفاق على المنع من اشتراط عدم البيع و الهبة و سينقل هو (- ره -) عن العلامة الاستشكال فيه و عن بعض من تأخّر عنه القول بصحّته و توضيح المقال انّ المشهور بين الأصحاب هو فساد اشتراط ان لا يبيع المبيع أو لا يهبها أو لا يعتقها أو لا يطأها بل قد استظهر من بعضهم دعوى الإجماع عليه و عللوه بمنافاة هذه الشروط لمقتضى العقد إذ مقتضى العقد ان يكون ملكه و من لوازم الملك هو تسلّطه على البيع و الهبة و العتق و الوطي و أقول امّا الإجماع فغير محقّق بل و لا منقول صريحا بل هو معلوم العدم و كفاك كاشفا عن عدمه استشكال العلامة (- ره -) في بطلان اشتراط عدم البيع و العتق و تأمّل المحقّق في (- فع -) في فساد اشتراط عدم بيع الأمّة و هبتها إذ كيف يحتمل غفلتهما عن إجماع الأصحاب مع انّهما خرّيتا هذه الصناعة و محقّقاها و علامتاها فلو كان هناك إجماع لم يكونا ليستشكلا و بعد ذلك فلا يصغى إلى احتمال الإجماع في المسئلة و امّا تعليل المنع بالمنافاة لمقتضى العقد ففي غاية الوهن أمّا أوّلا فلما ستعرف (- إن شاء الله -) (- تعالى -) من عدم تسليم اشتراط صحّة الشّرط بعدم مخالفته للعقد إلاّ إذا عاد عليه بالنّقض كاشتراط عدم الملك في المبيع و الثمن و اشتراط عدم التسلّط على التصرف بوجه و امّا اشتراط ان لا يعتق أو لا يبيع أو لا يطأ أو لا يهب فليس شيء منها مناقضا لأثر العقد فانّ مقتضى العقد انّما هو التسلّط على التصرّف في الجملة و هو حاصل و لا دليل على كون مقتضاه التسلّط على جميع التصرّفات (- مط -) حتّى العقد المشروط فيه عدم بعض التصرّفات كيف لا و لو تمَّ ما ذكرت للزم عدم صحّة اشتراط كون منفعة الدّار المؤجرة قبل البيع للمستأجر إلى انقضاء الإجارة و التالي مقطوع البطلان فكذا المقدم و امّا ثانيا فلانه قد ورد النص بجواز اشتراط ترك البيع و الهبة الا ترى إلى الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن عبد اللّه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الإماء لا تباع و لا توهب قال يجوز ذلك غير الميراث فإنّها تورث لان كلّ شرط خالف الكتاب باطل فإنه كما ترى صريح الدلالة واضح المقالة في جواز اشتراط ترك البيع و الهبة فلو كان مقتضى العقد بهذا المعنى مضرّا قادحا لم يكن يحكم عليه السلام بصحّة الشرط و يؤيده ما تقدّم من الخبرين المتقدّمين آنفا المجوّزين لاشتراط عدم الوطي في النكاح فإنه لو كان منافاة مقتضى العقد مع عدم عوده اليه بالنّقض قادحا لم يكن لتجويز اشتراط عدم الوطي في النكاح وجه فان قلت انّ ممّا شاع و ذاع انّ اعراض الأصحاب ممّا يسقط الخبر عن الحجية و قد نفى كاشف الرموز العثور على عامل بالرّواية فما بالك؟؟؟؟ بمضمون هذه الأخبار قلت انّ اعراض الأصحاب عنها ممنوع كيف و قد تأمّل في المسئلة كلّ من عثر عليها كالفاضلين في (- كرة -) و (- فع -) و عدم وجدان العامل بها على فرض التسليم غير ظاهر فانّ القادح انّما هو بنائهم على الإعراض لا مجرّد عدم ظهور عملهم سيّما بعد احتمال عدم عثورهم عليه و بنائهم في الإفساد على ما زعموه

ص:155

من مخالفة الشروط المذكورة لمقتضى العقد و قدح المخالفة و لو لمقتضى إطلاق العقد فان قلت ان بنيت في تصحيح اشتراط عدم البيع و الهبة و الوطي على الصحيحة و الخبرين فعلى ما ذا تعتمد في تصحيح اشتراط عدم العتق و أمثاله قلت حيث جاز اشتراط عدم البيع و الهبة كشف ذلك عن عدم قدح مخالفة الشّرط لمقتضى إطلاق العقد فالحكم في غير مورد النص بالمناط القطعيّ الّذي هو غير القياس الظني بل لو لا الخبر المزبور لكفانا النص المجوّز لاشتراط عدم الوطي في استفادة عدم قدح مخالفة الشرط لمقتضى إطلاق العقد في صحّته ضرورة أنّ منافاة اشتراط عدم الوطي في النّكاح لمقتضى إطلاق العقد أظهر من منافاة اشتراط عدم الوطي في بيع الأمة لمقتضى عدم إطلاق عقد البيع ضرورة انّ وضع النّكاح للوطي دون وضع شراء الأمة هذا مع انّا لو تنزّلنا عن ذلك كلّه و تركنا الرواية فلسنا زاعمين بفساد الشّروط المذكورة و لا مستوحشين من الانفراد بعد وجود عمومات الشروط السّالمة عن المعارض إذ ليس ما يحتمل المعارضة إلاّ توهّم المنافاة لمقتضى العقد الذي عرفت و ستعرف ما فيها فالحق صحّة الشروط المذكورة و أمثالها و العلم عند اللّه (- تعالى -) قوله طاب ثراه و جواز اشتراط عتقه بعد البيع بلا فصل أو وقفه قد صرّح بجواز اشتراط عتق المملوك في بيعه جمع كثير قاطعين به بل في الرّياض و الجواهر و هداية الأنام و محكي غاية المرام نفي الخلاف فيه و في المهذّب البارع انّ عليه علمائنا اجمع و في (- ط -) و الغنية و غاية المراد و (- لك -) و محكي الإيضاح و غيرها الإجماع عليه و قد افترقوا في دليل ذلك فرقتين فجماعة منهم تمسّكوا بعمومات الشروط من غير معارض لعدم منافاة الشّروط المذكور لكتاب و لا سنّة و عدم كونه محرّما لحلال و لا محلّلا لحرام و اخرون زعموا اقتضاء القاعدة فساد الشرط المذكور لمنافاته لمقتضى العقد فلا يندرج تحت العمومات فتكلّفوا الاحتجاج له تارة بالإجماع و اخرى بانّ العتق مبنىّ على التّغليب لأنّ عناية الشارع بفكّ الرّقبة بأدنى سبب يقتضيه تعرف من تتبع مسائل العتق و من دلائل ابتنائه على التغليب ثبوت السّراية إلى المجموع بالشّقص و نحن نقول أوّلا انّ كون اشتراط العتق منافيا لمقتضى العقد ممنوع إذ ليس مقتضاه إلاّ الملكيّة و هي حاصلة و الاّ لم يصحّ العتق بل شرط العتق من الشروط المؤكّدة لمقتضى العقد ضرورة انّه لا عتق إلاّ في ملك فاشتراط عتقه مؤكّد لانتقاله إلى المشتري كما لا يخفى و ثانيا على فرض تسليم المنافاة انّا نمنع البطلان بمثل هذه المنافاة كما مرّ و يأتي (- إن شاء الله -) (- تعالى -) و ثالثا انّه بعد تسليم المنافاة و الإذعان بافسادها للشرط لا معنى للاستدلال بكون العتق مبنيّا على التّغليب بعد ما تحقّق من انّه لا عتق إلاّ في ملك و ذلك لانّ مقتضى تسليم المنافاة و تسليم ابطالها للشرط هو الحكم بعدم الانتقال و التغليب انّما هو فيما يملك لا في مال للأجنبيّ محضا و الاّ للزم نفوذ عتق احد لعبد غيره و لا يلتزم بذلك احد بعد ما ورد النص و قام الإجماع على انّه لا عتق إلاّ في ملك فالحق هو تماميّة دلالة العمومات و موافقة صحّة اشتراط العتق للقاعدة و الإجماع دليل أخر أو مؤيّدا للعمومات لظهور كونها مستند المجمعين و تنقيح الكلام في أطراف المقال يستدعي التنبيه على أمور الأوّل انّهم بعد اتّفاقهم على جواز اشتراط عتق المملوك في بيعه اختلفوا في إطلاقه و تقييده على قولين أحدهما انّه يجوز (- مط -) سواء شرط عتقه عن المشترى نفسه أو أطلقه أو شرط عتقه عن البائع و هذا هو الّذي يقتضيه إطلاق جمع منهم المحقّق في (- يع -) و قد قطع به اخرون بل ظاهر (- كرة -) الإجماع عليه حيث قال يجوز اشتراط العتق (- مط -) و بشرط ان يعتقه عن المشترى و به قال الشّافعي اما لو شرط العتق عن البائع فإنّه يجوز عندنا خلافا للشّافعي لأنّه شرط لا ينافي الكتاب و السّنة انتهى ثانيهما اختصاص الجواز بما إذا شرط العتق عن المشترى نفسه أو أطلق و امّا لو شرط عتقه عن البائع فلا يصحّ و به افتى اخرون منهم الشهيدان في (- لك -) و (- الروضة -) و محكي (- س -) و الفاضل المقداد (- ره -) في محكي التنقيح و قد يستفاد ذلك من العلاّمة (- ره -) في (- عد -) من حيث انّ مفهوم قوله لو باعه العبد بشرط العتق (- مط -) أو عن المشترى صحّ هو عدم جواز اشتراطه عن البائع حجّة الأوّل عمومات أدلّة الشروط و إطلاق معاقد الإجماعات المزبورة و حجّة الثاني انّه لا عتق إلاّ في ملك و البائع بعد النّقل ليس مالكا فيكون الشّرط مخالفا للسّنة مضافا إلى منافاته لمقتضى العقد قلت أمّا المنافاة لمقتضى العقد فممنوعة بعد كون اشتراط العتق مؤكّدا للملك و امّا المخالفة بالسّنة فيمكن المناقشة فيها بانّ المعتق انّما هو المشترى و هو مالك حين العتق و عود ثواب العتق إلى الغير لا يخرج المالك عن كونه معتقا لكن الإنصاف ان يكون العتق عن البائع غير عود ثوابه اليه بل المراد بعتقه عنه هو وقوع العتق عنه وفاء لنذر أو كفّارة أو قربة إلى اللّه (- تعالى -) و اين ذلك من إهداء ثوابه اليه فالحقّ انّ الرّواية تقتضي فساد اشتراط عتقه عن المالك و قد يجاب عنها بانّ غايتها الدّلالة على وجوب تحقّق الملك في العتق و هو أعمّ من ان يكون المعتق عنه هو المالك أو غيره و لا دلالة فيها على اشتراط ملك المعتق عنه في صحّة العتق و ردّ بمنافاة ذلك لما فهمه الأصحاب من الرّواية من اشتراط ملك المعتق عنه في الصّحة كما يظهر من تكلّفاتهم دخوله في ملك المعتق عنه آنا ما ليصحّ عتقه عنه و إن كان قد يقال انّ هذا الصحيح شغل ذمّة المعتق عنه بالقيمة لا للعتق لكن تعليلهم التّكليف المذكور بالخبر ينافي ذلك و إن كان يحصل معه (- أيضا -) شغل الذّمة و (- ح -) فيتّجه الاستدلال بالرّواية على المنع فتدبّر و ربّما وجّه الجواز في الجواهر بعد تسليم اشتراط ملكيّة المعتق عنه في صحّة العتق بانّ اشتراط العتق عن البائع اشتراط لإدخاله في ملكه ثمَّ عتقه عنه قال و لا بأس به بعد ان لم يكن الشرط بيعه عليه لعدم توقّف العتق المشترط عليه انتهى و فيه انّ اشتراط إدخاله في ملكه ثمَّ عتقه عنه و ان لم يكن اشتراطا لبيعه عليه لكنّهما متساويان في الفساد لانّ المنع من اشتراط بيعه عليه ليس الاّ لاستلزامه الدّور و هذه العلّة موجودة في اشتراط إدخاله في ملكه فكلاهما من واد واحد فلا وجه لإبطال أحدهما و تصحيح الأخر بل كان الأولى عليه منع عدم جواز الأوّل لمنع الدّور كما يأتي عند الكلام في الشرط البائع من شروط صحّة الشرط (- إن شاء الله -) (- تعالى -) الثّاني انّه لا إشكال في جواز اشتراط عتقه عن المشترى نفسه تبرّعا و مجّانا و كذا لو شرط عتقه عن كفّارة المشتري فإنه يصحّ و في (- لك -) انّ فائدة الشّرط التخصيص لهذا العبد بالإعتاق و في الجواهر انّ فائدة عدم اجزاء العتق تبرّعا عن الشّرط إذا كان للبائع غرض بذلك قلت و له فائدة ثالثة هي إرادة تحصيل برأيه ذمّة المشترى سريعا لتساهله لولاه الثّالث ان اشتراط العتق عليه لا يمنع من نيّة القربة لكون الحال فيه هي الحال في العبادات المستأجرة عليها و كذا لزوم العتق عليه بالشّرط لا يخرجه عن كونه تبرّعيا كما في العبادات المستحبّة المستأجر عليها فإنّها قبل الإجارة كانت مستحبّة فلزمت بالإجارة فاللزوم العرضي لا ينافي الاستحباب الذاتي و لا يخرج العمل عن كونه مستحبّا الرّابع انّ فيمن يستحقّ العتق المشروط وجوه و احتمالات تأتى

ص:156

(- إن شاء الله -) (- تعالى -) عند تعرض الماتن (- ره -) لذلك عند التعرّض لجواز إسقاط المشروط له الشرط في المسئلة السّادسة من المسائل الّتي يذكرها عن قريب في طي مسئلة حكم الشرط الصحيح و الفاسد فانتظر الخامس انّه هل يجوز للمشتري ان ينوي العتق المشروط عليه على وجه الإطلاق عن العتق الواجب عليه كفّارة عن محرّم أو لا الأظهر ذلك لانّ المشروط عليه انّما هو المهيّة المطلقة فله إيجادها في ضمن فرد خاصّ نعم لو شرط عليه العتق استحبابا لم يجز له العتق عن الكفّارة لتغاير المهيّتين بالوجوب و النّدب و ربّما فصل في ذلك في (- لك -) حيث قال اما عتقه عن الكفّارة فإن قلنا الحقّ فيه للّه تعالى لم يجز كالمنذور و ان قلنا انّه للبائع (- فكذلك -) ان لم يسقط حقّه و ان أسقط جاز لسقوط وجوب العتق (- ح -) و كذا ان قلنا انّه للعبد و على ما اخترناه لا يصحّ (- مط -) انتهى و أراد بما اختاره اجتماع الجهات فيه كما يأتي نقله إنشاء اللّه تعالى و الحقّ ما قلناه من الفرق بين كون المشروط العتق المطلق فإنّه يحصل في ضمن الكفّارة بخلاف ما لو شرط العتق ندبا السّادس انّه ربّما اعتبر في (- لك -) في حصول الوفاء بشرط العتق ان يوقعه المشترى بسبب مباح و فرع عليه عدم حصول الوفاء بما إذا نكل به فانعتق عليه قهرا و هو ممّا لا بأس به امّا أوّلا فلان ظاهر الشرط و المتبادر منه انما هو وقوع مشروطه مباشرة بالقصد اختيارا و ليس الانعتاق القهري منه و الانعتاق بالتنكيل قهري و إن كان سببه و هو التنكيل اختياريا فإنّه يصدق و الحال هذه انّ العتق ليس باختياري و امّا ثانيا فلانّ هنا لو كان فردا من افراد الشرط لكان محرّما مخالفا لكتاب اللّه عزّ و جلّ فلا يلزم كما تقدّم هذا و لكن لا يخفى عليك إمكان المناقشة في ذلك كلّه بانّ المشروط إذا كان مطلق العتق كان المطلوب هو المهيّة فيحصل بأيّ سبب كان و ان عصى بالتنكيل و امّا الوجهان ففي الأوّل انّ المباشرة و الاختيار في السّبب كاف في كون المسبّب واقعا عن مباشرة و اختيار و الاّ لم تكف الصّيغة الواقعة عن مباشرة و اختيار لمحض كون العتق واقعا بها قهرا فالحال في التنكيل هي الحال في الصّيغة كما لا يخفى و في الثاني ان فساد الشّرط لو قيّد وقوعه بالتنكيل لا يقتضي عدم حصول البراءة مع عدم التقييد بعد إن كان المشروط مطلق العتق الحاصل بأيّ سبب من أسبابه وجد و حصل و بالجملة فعدم كفاية العتق بالتنكيل في حصول الوفاء بشرط العتق و ان صرّح به في محكي (- كرة -) و الإيضاح و الحواشي و (- س -) و المهذّب البارع و غاية المرام و (- مع صد -) و مجمع الفائدة و غيرها الاّ ان سبيله غير ظاهر و طريقه غير واضح و الوجهان المزبور ان غير تامّين و كذا ما تمسّك به في الإيضاح من انّه كلّما يجزى عن العتق المطلق المشترط صحّ اشتراطه بالتعيين بطريق الأولويّة و يلزمه قولنا كلّما لم يصحّ اشتراطه بالتّعيين لم يجز عن العتق المطلق المشترط و هذا لا يصلح اشتراطه بالتعيين فلا يجزى عن العتق المطلق المشترط و هو المطلوب فانّ فيه منع انّ كلّما لم يصحّ اشتراطه بالتّعيين لم يجز عن العتق المطلق فإنّه عين الدّعوى و كذا ما تمسّك به من انه لو ذكره صريحا لم يصحّ الشّرط فاذا لم يذكره فأولى ان لا يدخل في الشرط فانّ فيه منع الأولويّة نعم ما تمسّك به من انصراف الإطلاق إلى السّبب المباح لا بأس به ان تمَّ فتأمّل جيّدا السّابع انّه صرّح جماعة منهم شيخ (- لك -) بان ظاهر الشّرط يقتضي إيقاع المشروط مجّانا و فرّعوا عليه عدم حصول الوفاء بشرط العتق فيما لو أعتق و شرط على المعتق عوضا من خدمته أو غيرها و هو في محلّه و توضيح ذلك انّهم ذكروا فيما إذا أعتق المشروط عليه العتق و شرط على المعتق عوضا من خدمة أو غيرها وجوها أحدها عدم حصول الوفاء من المعتق بالكسر بشرط العتق لانصراف الشرط إلى العتق مجّانا فيتخيّر البائع (- ح -) بين فسخ البيع و إمضائه لإيجاب تخلّف الشرط الخيار و (- ح -) فان فسخ نفذ العتق لبنائه على التغليب و رجع البائع بقيمة العبد كالتالف و هذا الوجه هو خيرة العلاّمة في (- كرة -) ثانيها عدم حصول الوفاء و تخيّر البائع بين الإمضاء و بين الفسخ و الرّجوع بعين العبد لفساد العتق بوقوعه على خلاف ما وجب ثالثها حصول الوفاء لفساد شرط العوض فيبقى العقد صحيحا مجّانيا و الوجه الأوّل هو الأوجه بعد بناء العتق على التّغليب و عدم الدّاعي إلى فساد شرط العوض و يمكن ان يخرج في المسئلة وجه رابع و هو حصول الوفاء مع صحّة العقد و صحّة شرط العوض في ضمنه لمنع انصراف الإطلاق إلى المجانيّة بل المراد بالمطلق الماهيّة و لا ريب في حصولها و لو مع الشرط (- فت -) الثامن انّ الشهيد الثاني (- ره -) قال في (- لك -) ان ظاهر الشرط يقتضي إيقاعه مباشرة ثمَّ قال بعد شطر له من الكلام انّه هل يشترط وقوعه عن المشتري مباشرة أم يكفي وقوعه (- مط -) وجهان و تظهر الفائدة فيما لو باعه بشرط العتق فعلى الأوّل يحتمل بطلان البيع لانّ شرط العتق مستحقّ عليه فلا يجوز نقله إلى غيره و صحّته مع تخيّر البائع ثمَّ ان أعتق المشتري الثاني قبل فسخه نفذ و قدّر كالتالف و الاّ أخذه و على الثاني يصحّ كما أعتقه بوكيله و الذي يدلّ عليه الإطلاق و الحكم في باقي الشروط انّه لا يقتضي مباشرتها بنفسه الاّ مع التعيّن و هذا الشرط لا يزيد على غيره انتهى و نوقش فيه أوّلا بمنافاة ذكره الوجهين لما جزم به قبل ذلك بسطر من اقتضاء ظاهر الإطلاق المباشرة و ثانيا بأنّ إلحاق هذا الشرط بباقي الشروط ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى اجزاء الوكيل فيه لصدق الوفاء بالشرط عليه لغة و عرفا و ليس عتق المشتري الثّاني فعلا للمشتري الأول كي يصدق عليه الوفاء بالشّرط بخلاف فعل الوكيل فإنّه يعدّ فعلا له عرفا و لغة و كون العتق بسبب اشتراطه عليه لا يعدّ عرفا فعلا للمشترط و ان كان مستحقّا له كما هو واضح و ربّما أورد عليه في الجواهر بوجه ثالث هو انّه لا وجه لاحتمال البطلان على الأوّل و إن كان هو خيرة محكي (- ير -) و (- كرة -) و المهذّب البارع إذ لا ينقص عن بيعه من دون اشتراط العتق الّذي صرّح هو (- ره -) و غيره بانّ للبائع إمضائه قال في (- عد -) و (- س -) و (- كرة -) و (- مع صد -) و (- الروضة -) انه لو باع العبد المشروط عليه عتقه أو وقفه تخير البائع بين الفسخ و الإمضاء اى فان فسخ بطلت هذه العقود بل قد يقال بالصّحة حتى مع الفسخ فتكون له القيمة (- ح -) نحو ما سمعته في الخيار اللهم الاّ ان يقال انّ ذلك إذا لم يكن الشرط في العين المتصرّف بها امّا هي كالعبد المشروط عتقه مثلا فقد يفرق بينه و بين الخيار بتعلّق الحق فيه بالعين كالرهن بخلافه و (- ح -) فعلى ذلك يتجه ما في (- لك -) من البطلان بناء على ارادة عدم النفود منه (- فت -) فإنّه قد يقال انّه لا دليل على اقتضاء تعلّق الشرط بالعين عدم تأثير البيع الّذي يقتضي الإطلاق صحته و ترتّب أثره عليه نعم باعتبار ثبوت الحقّ بالعين بعده لاستصحابه يتّجه تسلّط من له الشرط على فسخ التصرّف المزبور المنافي لنفود الشرط الذي جعل الشارع المؤمن عنده و قال انّ شرطه فيفسخه (- ح -) و يطالب المشتري بإنفاذ شرطه كما في غيره من الحقوق السّابقة على العقود المتعلّقة بها كالشفعة و أرش الجناية و تعلّق حق الدين بالتركة و نحو ذلك و به يترجّح (- ح -) على ما دلّ على لزوم التصرّف اللاحق الّذي حصل في العين مستحقّا فيها ذلك و (- ح -) يتّجه بقاء البيع الأوّل على اللّزوم بناء على اعتبار تعذّر الوفاء بالشّرط في تزلزله لا مجرّد عدم الوفاء به و ربّما كان ما ذكرناه محتمل عبارة (- س -) قال و لو أخرجه أي العبد المشترط عتقه ببيع أو هبة أو وقف فللبائع فسخ ذلك كلّه بناء على كون المراد انّ له فسخ هذه

ص:157

التصرّفات دون البيع الأوّل و له إمضائها بإسقاط حقّه من الشرط نعم ظاهر غيره بل صريح بعض انّ له فسخ هذه التصرّفات بفسخ البيع الأوّل فيترتّب عليه فسخها ان لم يسقط حقّه من الشرط و هو لا يخلو من وجه بناء على ثبوت الخيار للبائع في البيع الأوّل بمجرّد عدم وفاء المشترى بالشرط و (- ح -) فالمتّجه كونه مخيّرا على الوجهين فتأمّل جيّدا فانّ ذلك عين التحقيق في المسئلة و هو الموافق للقواعد و ان لم أجده محرّرا هذا كلام صاحب الجواهر (- ره -) بطوله و عليك بالتدبر في معانيه حتى يظهر لك ما فيه التّاسع انّه هل يثبت للمشروط عليه بالعتق ولاء أم لا وجهان جزم بأوّلهما في (- عد -) و الإيضاح و (- مع صد -) و غيرهما و احتمل الثاني في (- كرة -) و (- س -) و غيرهما حجّة الأوّل عموم قولهم صلوات اللّه عليهم أجمعين الولاء لمن أعتق و حجّة الثاني انّه عتق واجب بعقد البيع فلا يستعقب ولاء لتخصّص عمومات الولاء بالعتق المندوب ورد بأنّه ليس من الواجب الذي ينتفي معه الولاء ضرورة انّ له الإخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق و غيره فالعتق في الحقيقة مستند إلى اختياره فيكون متبرّعا فيستعقب الولاء و أقول انّا لو سلّمنا وجوب العتق عليه بالشرط فليس كلّ واجب غير مستعقب للولاء ضرورة ظهور الأخبار الناطقة بعدم استعقاب العتق الواجب الولاء المخصّصة للعمومات في الواجب بالشرع فيبقى الواجب بالشرط و نحوه تحت العمومات فالقول الأوّل (- ح -) هو الأظهر و اللّه العالم ثمَّ على المختار لا يجوز اشتراط كون الولاء المذكور للبائع لما قام عليه الإجماع و نطقت به النّصوص من عدم جواز اشتراط البائع كون الولاء له و قد مرّ الخبر المتضمّن لقضيّة بريرة فتذكر العاشر انّه هل يجوز لكلّ من البائع و المشترى اقالة البيع و استقالته قبل العتق أم لا وجهان أظهرهما الأوّل لعمومات الإقالة و الاستقالة و منشأ الثاني تعلّق حقّ الغير بالعتق و إن كان تبعا لحقّ البائع و فيه انّه لا وجه لبقاء التابع مع زوال المتبوع و لا لمنعه من ازالة المتبوع كما لا يخفى و من هنا ظهر جواز الفسخ بالخيار لذي الخيار منهما بشرط أو عيب أو مجلس أو نحو ذلك الحادي عشر انّ الظاهر انّ للمشتري استخدام المملوك قبل العتق بل و له الاستمتاع بالجارية حتى بالوطي لعدم منافاة ذلك كلّه لحقّ البائع فلا مخرج لعموم تسلط الناس على أموالهم و عموم ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ و (- ح -) فلو تعيبت أو حملت منه ثمَّ أعتقها فقد وفى بالشرط و صحّ عندنا لعدم خروجها بالاستيلاد عن ملكه خلافا لبعض العامّة فمنع من عتقها نظرا إلى استحقاقها العتق في الجملة فلا يكون عتقه لها عتقا تبرّعا و ضعفه في غاية الظهور قوله طاب ثراه و منها ما ذكره في (- س -) في بيع الحيوان (- اه -) أقول قد اختلفوا في جواز اشتراط كون الرّبح بين الشريكين و الخسران على أحدهما في عقد الشركة على قولين اختار علم الهدى الصّحة محتجّا على ذلك بإجماع الطائفة حيث قال و ممّا انفردت به الإماميّة القول بانّ المشتركين مع تساوى ماليهما إذا تراضيا بان يكون لأحدهما من الرّبح أكثر ممّا للآخر جاز ذلك و (- كك -) إذا تراضيا بأنّه لا وضيعة على أحدهما أو انّ عليه من الوضيعة أقلّ ممّا على الأخر جاز (- أيضا -) الى ان قال دليلنا الإجماع المتكرّر انتهى و خالف في ذلك ابن زهرة في الغنية فأفتى ببطلان الشرط المذكور بل ظاهر (- كرة -) إرسال ذلك المسلّمات حجّة القول الأوّل أمور الأوّل إجماع الانتصار و هو كما ترى الثاني عمومات العقود الثالث عمومات الشروط بعد عدم مخالفة الشرط المذكور للكتاب و لا لمقتضى العقد من حيث انّ كون الخسران عليهما مقتضى إطلاق عقد الشركة لا مطلقة نعم يمكن المناقشة في التمسّك بعمومات الشروط بأنّهم قد التزموا من غير خلاف بينهم ينقل بانّ الشرط الّذي يلزم الوفاء به انما هو ما كان في ضمن عقد لازم و ان الشرط في ضمن العقد الجائز وعد محض لا يجب الوفاء به بل يستحب و تسالموا على كون عقد الشركة في العقود الجائزة فلا يتمّ الاستدلال نعم لو شرطا ذلك في ضمن عقد أخر لازم أمكن الالتزام بصحّته و لزوم الوفاء به لكنّه خارج عن حريم النزاع الرّابع صحيح رفاعة قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن رجل شارك رجلا في جارية له فقال ان ربحنا فيها فلك نصف الربح و إن كانت وضيعة فليس عليك شيء فقال لا ارى بذا بأسا إذا طابت نفس صاحب الجارية و يمكن المناقشة في ذلك بأنّه خارج عن الشركة المصطلحة لكون الجارية لأحدهما و الشركة المصطلحة لا تكون إلاّ إذا كان من كلّ منهما مال و لو فرض كون المراد بالمشاركة المذكورة بيع صاحب الجارية نصفها من صاحبه و اشتراط قسمة الرّبح بينهما و اختصاص صاحب الجارية بالخسران كان ذلك من الشرط في ضمن عقد لازم و الغرض الاشتراط في ضمن عقد الشركة فتغاير الدليل و المدّعى حجّة القول الثاني انّ الشرط المذكور مخالف لمقتضى عقد الشركة فيفسد و فيه ما مرّ من انّه مناف لمقتضى إطلاق الشركة لا مطلقة لأنّا نمنع كون ثبوت الخسران عليهما من لوازم مطلق عقد الشركة بل هو من لوازم إطلاقه فالحقّ انّ الشرط المذكور لا مانع من صحّته نعم لا نسلّم لزومه لكونه في ضمن عقد جائز و هو عقد الشركة إذ لا يعقل لزوم الشّرط مع جواز العقد فلو فرض اشتراطه في ضمن عقد لازم أخر كان الأظهر صحّته و لزومه و اللّه العالم قوله طاب ثراه و منها ما اشتهر بينهم (- اه -) قد تقدّم الكلام في ذلك و فيما بعده من اشتراط عدم إخراج الزّوجة من بلدها و اشتراط توارث الزّوجين في المتعة عند إشارته (- قدّه -) إليها عند الكلام في معنى المخالفة للكتاب و السّنة فراجع قوله طاب ثراه و لأجل صعوبة دفع ما ذكرنا من الإشكال (- اه -) قد اضطربت كلماتهم في بيان المراد بالمخالفة لمقتضى العقد و لهم في ذلك مسالك و الذي يقتضيه النظر هو ان يقال انّ الشرط إن كان مناقضا للعقد و رافعا لما هو مقتضى ذاته و ما لا تتحقّق ماهيّته الاّ به كاشتراط عدم الملك في العقود المملّكة و عدم حلّ شيء من الاستمتاعات في النّكاح و عدم السّلطنة على الانتفاع في الإجارة و نحو ذلك فلا إشكال في فساده للوجهين اللذين استدلّ بهما في المتن و غيره و ان لم يناقض حقيقة العقد فإن كان مخالفا للكتاب و السّنة على التفسير المتقدم فلا إشكال في فساده (- أيضا -) و امّا إذا نافى مقتضى إطلاق العقد فلا إشكال في عدم إيجابه الفساد و لا ضابط كلّيا لتميّز ذلك و الإحالة إلى نظر الفقيه و ما يفهمه من الأدلّة على النحو الذي ذكره الماتن (- ره -) هو الوجه و اللّه العالم

السادس من شروط صحة الشرط أن لا يكون الشرط مجهولا

قوله طاب ثراه الشرط السّادس ان لا يكون الشرط مجهولا (- اه -) تحقيق القول في المقام انّ الشرط المجهول على قسمين أحدهما ما يؤدّى جهالته إلى جهالة أحد العوضين مثل اشتراط تأجيل أحد العوضين مدّة مجهولة و الأخر ما لا يؤدّى جهالته إلى جهالة شيء من العوضين و الفرق بين القسمين في غاية الظهور فإنّه لو قال بعتك هذا بألف إلى سنة بشرط انّه ان حدث كذا في خلال المدّة كان الثمن خمسين ادّى جهالة الشرط إلى جهالة الثمن من حيث هو عوض بخلاف ما لو قال بعتك بألف إلى سنة بشرط انّه ان حدث كذا في خلال السّنة وهبت إلى خمسمائة منها أو أسقطتها فإنّه لا يوجب الجهل في العوض لأن العوض هو الألف و شرط هبة العوض أو إسقاطه لا يوجب جهل العوض و كذا لو قال بعتك بمائة مؤجّلا إلى سنة و شرطت انّه ان حدث كذا كان الثمن معجّلا عنده جاء الجهل في العوض و لو قال بعتك بمائة مؤجلا إلى سنة

ص:158

بشرط انّه ان حدث كذا أعطيتك الثمن عنده لم يدخل الجهل في العوض إلى غير ذلك من الأمثلة و إذ قد عرفت ذلك نقول امّا القسم الأوّل فلا ريب في بطلانه لبطلان العقد المتوقّف على صحّته صحّة الشّرط و لا أظنّ وجود خلاف في ذلك بل قيل انّ عليه علمائنا اجمع لشمول النهى عن بيع الغرر لذلك قطعا و امّا القسم الثاني ففي صحّته و فساده وجهان بل قولان حجّة الأوّل عمومات الشروط من غير معارض و حجّة الثّاني انّ النهى عن الغرر في البيع شامل للعقد ذي الشّرط المفروض فيه الغرر و ان لم يصدق على الشرط انّه بيع أو منه أو ثمن أو منه لانّ المراد النهى عن الغرر في عقد البيع و لو بالنّسبة إلى ما فيه من الشرط كما هو واضح و أنت خبير بما فيه ضرورة انّ المتبادر من النّهى انّما هو النهى عن إيقاع العقد على ما فيه غرر و ليس الشرط ممّا وقع عليه العقد قطعا و انما هو إلزام في ضمنه بشيء أخر و ان لم يكن وقوع البيع عليه كالأعمال و نحوها و دعوى انّ جهالته تستلزم جهالة أحدهما دائما لأنّ له قسطا منه عندهم عهدتها على مدّعيها إذ قد يكون الشرط غير ملحوظ للمتعاقدين على وجه ببذل بعض الثمن لأجله و لعلّه من هنا فرق في (- كرة -) في حمل الحيوان و بعض الدّجاجة و ما للعبد المجهول المقدار بما حكاه عنه الماتن (- ره -) و أوضح من دعوى شمول النهى للفرض سقوطا دعوى اندراج كلّ شرط في اسم كلّ عقد وقع فيه فان صحّة السّلب عنه أقوى شاهد على خلافها بعد عدم الدليل على المساواة في الحكم و كذا دعوى استلزام جهالة الشرط الجهالة فيهما نظرا إلى ان له مدخليّة فيهما ضرورة أنّها دعوى محضة لا شاهد عليها في العرف و لا اللغة و لا الشرع و مدخليّته الّتي هي بمنزلة الداعي لا تقتضي ذلك قطعا و لا يندرج بسببها في دليل منع الجهالة في الثمن و المثمن كما هو واضح فهو (- ح -) قسم من الملزمات برأسه و ان اعتبر في إلزامه وقوعه في ضمن عقد لازم كما نبّه على ذلك في الجواهر ثمَّ قال و لذا صحّ اشتراط ما لا يصحّ وقوع العقد المشترط فيه عليه كاشتراط المنفعة و نحوها في عقد البيع و العين في عقد الإجارة و تصفّح ما ذكره الأصحاب من صحّة اشتراط الرّهن و الضامن و العتق و نحو ذلك مع انّ في مطلقها جهالة لا تغتفر في نظيره في البيع انتهى و بالجملة ففساد الشرط المجهول جهالة ايلة إلى العلم غير مؤدية إلى جهالة شيء من العوضين محلّ تأمّل بل منع و عمومات الشروط محكمة و قد نبّهنا في الأمر الخامس من الأمور التي صدرنا بها مبحث الشّروط على سقوط دعوى كون الشرط كأحد العوضين في جميع الاحكام فتذكر و امّا الجهالة الّتي لا تؤل الى العلم فقد يوجّه فيها البطلان نظرا إلى أنّه مثار النزاع و لم يعهد نظيره في الشرع بل المعلوم منه خلافه فتأمّل جيّدا ثمَّ انه قد ظهر ممّا مرّ النظر فيما في العناوين من انّ الشرط لما كان مرتبطا بالعقد فيكون بمنزلة وصف مأخوذ في أحد العوضين من جهة المعاوضة و حكمه بمنزلة أصل العوضين فكما انّ العوض لو كان مجهول الوصف تبطل المعاملة للزوم الغرر فكذلك الشرط إذا تجهل بنفسه أو شرط على نحو يوجب تزلزلا و تردّدا في العوض قابلا للنّقص و الزيادة يبطل لانّ ذلك راجع إلى أصل العوض و لا فرق في الجهالة بين كونها في أصل المفهوم أو العين و بين كونها في المجموع المركب المقصود و لو باعتبار المعتبر و قصد القاصد انتهى فانّ ما ذكره حقّ بالنسبة إلى الجهالة المؤدية إلى جهالة أحد العوضين دون غير المؤدّية إليها كما عرفت نعم قد أجاد (- قدّه -) فيما افاده بعد ذلك من انّ الشرط المذكور حيث بطل فإنّما يبطل حيث كان ذلك العقد ممّا لا يقبل الجهالة لأن إبطال هذا الشرط للعقد و كونه باعثا على تخلّف شرطه صار سببا لبطلانه فيدور مدار ذلك فإن كان العقد ممّا يداق فيها كالبيع و الإجارة و نحو ذلك يبطل فيه اشتراط ما يؤدى إلى الجهالة و إن كان مما يتحمّل الجهالة كالصّلح مثلا فلا بأس فيه بذلك لكن ذلك يتبع مقدار التحمل فان كان يتحمّل الجهالة الآئلة إلى العلم كما في الصلح على ما نختاره (- فكذلك -) في الشرط فيجوز اشتراط ما يوجب جهالة (- كك -) و إن كان يتحمل الجهالة (- مط -) فيجوز اشتراط ما يوجب الجهالة كيف كانت كما لا يخفى على المتأمّل

السابع من شروط صحة الشرط أن لا يكون مستلزما لمحال

قوله طاب ثراه و الاّ جاء الدّور (- اه -) فيه منع ظاهر لانّ المتوقّف على ملكه انّما هو بيعه و ملكه و ملكه غير موقوف على بيعه بل انّما هو متوقّف على شرائه فللوقوف غير الموقوف عليه فلا دور قوله طاب ثراه و قد تقدّم تقرير الدّور مع جوابه في باب النقد و النسية (- اه -) هذا سهو من قلمه الشريف و حق العبارة كلمة يأتي بدل كلمة تقدّم و ظنّي انه كان أوّلا كتابه هذا على غير هذا الترتيب و كان مبحث النقد و النّسية مقدّما على مبحث الشروط ثمَّ أخّره و ذهل عن هذه العبارة و قد ذكر الدور و جوابه في المسئلة الأخيرة من مسائل النقد و النسية عند التعرض لحكم بيع الشيء من غيره بشرط ان يبعه المشترى من البائع فلاحظ

الثامن من شروط صحة الشرط أن يلتزم به في متن العقد

قوله طاب ثراه لان المشروط عليه ان إنشاء التزام (- اه -) قد وقع الاستدلال لعدم كفاية تواطئهما على الشرط قبل العقد من دون ذكرهما إيّاه فيه بوجوه هذا أحدها و الثاني انه لا حقيقة شرعيّة للشّرط فلا محيص عن حمل خطاباته عند إطلاق اللفظ و تجرّده عن القرائن على المعنى العرفي و اللّغوي للشرط لانّ اللّه تعالى ما أرسل رسولا الاّ بلسان قومه و العرف و اللّغة متطابقان على عدم إطلاق الشرط على الالتزام الابتدائي من غير عقد و من البيّن انّ لحوق العقد على التواطي من غير اشارة فيه إلى الشرط لا يخرجه عن كونه التزاما ابتدائيّا و الوجه فيما ادّعيناه من تطابق العرف و اللّغة ظاهر امّا الأوّل فلوضوح انه لو قيل شرط فلان على نفسه كذا لم يتبادر منه الاّ الشرط الضّمني و امّا الثاني فلقول صاحب القاموس الشرط إلزام الشيء و التزامه في البيع و نحوه فان ظاهره كون استعماله في الإلزام الابتدائي مجازا فلا يصار اليه الاّ بقرينة (- فت -) الثالث انّ من البيّن عدم حصول النقل و الانتقال بالقصد وحده بل انّما شرع اللفظ لإظهار ما في الضمير فلا يؤثّر اللّفظ الإنشائي إلاّ ما افاده ظاهره فاذا لم يشيرا إلى الشرط في ضمن العقد لم يكن الملزم حاصلا فلا يؤثّر الرّابع أصالة عدم وجوب الوفاء بالشرط الغير المذكور في العقد و أصالة عدم ثبوت الخيار بتعذّره الخامس انّك قد سمعت منّا في مقدّمات المبحث انّ الشرط في العقد انّما هو بمعنى الرّبط و احداث العلقة بين العقد و ما شرط و لازم ذلك عدم إطلاقه على الإلزام المستقلّ الّذي لا ربط له بشيء أخر فالارتباط يقتضي وقوعه بحيث لا يتم العقد قبله و لا يقع هو قبل العقد لانّ كلاّ منهما يستلزم الاستقلال و هو خلاف موضوع الشرط على ما مرّ فما تقدّم على العقد و تأخّر عنه لا عبرة به لفوات الارتباط و إن كان مقصودا حال العقد إذ القصد الخالي عن الدّلالة لا عبرة به لكونه من قبيل الدّواعي الّتي لا تؤثر شيئا بالنسبة إلى العقد بل قد يظهر من كثير من عبائرهم في كثير من المقامات عدم اعتبار ما أضمر في العقد إضمارا و بنى عليه العقد لقرينة حاليّة أو مقاليّة و انّ الشرط بمنزلة الصّيغة لا بدّ من التصريح به و إن كان فيه نظر ضرورة دخول ذلك تحت إطلاق الشروط فتشمله الأدلّة فإنّ أمر الشرط لا يزيد على العوضين و قد اجتزى به فيهما و الاّ لما اكتفى بقبلت وحده السّادس رواية ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال (- ع -)

ص:159

إذا شرطت على المرية شرطا فرضيت به و أوجبت التزويج فادد عليها شرطك الأوّل بعد النّكاح فإذا أجازته فقد جاز و ان لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشرط قبل النكاح و هي كما ترى صريحة في عدم كفاية التّواطي على الشرط قبل العقد و الظاهر انّ المراد ببعد النّكاح بعد الإيجاب أو بعد القبول متّصلا به كما لا يخفى قوله طاب ثراه و ظاهر عبارتي (- يع -) و (- كرة -) (- اه -) لم افهم وجه الاستظهار من عبارة (- يع -) فإنّ العبارة هكذا لو باع غلامه سلعة ثمَّ اشتراها بزيادة جاز ان يخبر بثمن الثاني ان لم يكن شرط اعادته و لو شرط لم يجز لأنه خيانة انتهى و هو كما ترى أعمّ من صورة قصدهما (- أيضا -) نعم عبارة (- كرة -) ظاهرة بل صريحة فيما استظهره منها لأنّها هكذا إذا باع شيئا و شرط الابتياع حال البيع لم يجز لاستلزامه الدّور و يجوز لو كان ذلك من قصدهما و لم يذكراه لفظا في العقد فاذا باع غلامه أو صاحبه أو ولده سلعة ثمَّ اشتراها بزيادة من غير شرط الابتياع جاز و ان قصد بذلك الأخبار بالزائد كره و كذا يكره ان يواطئ وكيله فيبيع ما اشتراه منه ثمَّ يشتريه بأكثر ليخبر به في المرابحة انتهى قوله طاب ثراه لكن قد تقدّم في خيار المجلس النظر في هذه النسبة إلى الخلاف بل المختلف فراجع الذي ذكره في خيار المجلس انما هو عدم صحّة النسبة إلى الخلاف و لم يذكر ممّا يتعلّق بعبارة (- لف -) هناك شيئا نعم ما هنا من تكذيبه النّسبة إلى (- لف -) حقّ لأنّ عبارة (- لف -) صريحة في خلاف ما عزى إليه لأنه قال مسئلة قال في (- ف -) لو شرطا قبل العقد ان لا يثبت بينهما خيار بعد العقد صحّ الشرط و لزم العقد بنفس الإيجاب و القبول و عندي في ذلك نظر فانّ الشرط انّما يعتبر حكمه لو وقع في متن العقد نعم لو شرطا قبل العقد و تبايعا على ذلك الشرط صحّ ما شرطاه انتهى لكنّه كما ترى نسب إلى (- ف -) ما منع الماتن (- ره -) أراد الشيخ (- ره -) ذلك من كلامه قوله طاب ثراه بعد ملاحظة رجوع الشرط إلى جزء من احد العوضين (- اه -) قد عرفت في مقدّمات المبحث المنع من رجوع الشرط إلى جزء من احد العوضين بالمعنى الّذي يتخيّل فسقط الاستدلال و بقي الشرط المذكور خاليا عن مستند و منفيّا بالأصل و العمومات

مسألة في حكم الشرط الصحيح و تفصيله و وجوب الوفاء بالشرط

قوله طاب ثراه كعدم الخيار للمكاتبة الّتي أعانها ولد زوجها (- اه -) أشار بذلك إلى الصّحيح الذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن مالك بن عطيّة عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سالته عن رجل كان له أب مملوك و كانت لأبيه أمرية مكاتبة قد أدّت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد هل لك ان أعينك في مكاتبتك حتّى تؤدى ما عليك بشرط ان لا يكون لك الخيار على ابى إذا أنت ملكت نفسك قالت نعم فأعطاها في مكاتبتها على ان لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك قال لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم قوله طاب ثراه كما يصحّ نذر مثل هذه الغايات (- اه -) لما كان من المسائل العويصة و الفروع المشكلة مسئلة نذر النتيجة و الغاية و قد ابتنى عليها فروع كثيرة في أبواب الفقه و كان تعرّض لها الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه في غاية الآمال و لم يستوف المقال فيها حقّ الاستيفاء لزمنا استيفاء المقال فيها هنا مراعاة لما عليه وضع الكتاب من كونه تكلمه لغاية الآمال و إن كان خارجا عن وضع التحشية فنقول و باللّه التوفيق ان جعل الإنسان شيئا صدقة أو حيوانا أضحية أو نحو ذلك يقع تارة بالفعل بان يتصدّق به على الفقير أو يذبح الحيوان أضحية مثلا و لا ريب و لا شبهة في صحّة ذلك و اخرى بالقول و هذا هو المبحوث عنه و يقع البحث عنه تارة في كيفيّة السّبب الصّحيح شرعا و اخرى في انّ التصرّف في العين المتعلّق بها النّذر المعلّق على شرط قبل وقوع الشرط صحيح جائز أم لا امّا الحجة الأولى اعنى البحث عن السّبب الصّحيح فتوضيح القول فيها انّ السّبب على أقسام الأوّل مجرّد جعل المال صدقة أو الحيوان أضحية مقرونا بالشرط أو بدونه بان يقول جعلت هذا المال أو المال الفلاني صدقة أو هذا الحيوان أضحية و يقصد القربة من دون اقترانه بالنّذر و ما قام مقامه من العهد و اليمين الثّاني نذر الأسباب و الأفعال بأن ينذر إعطاء المال للفقراء في سبيل اللّه و التضحية بالحيوان و ذبحه في سبيل اللّه الثّالث نذر النتيجة و الغاية بأن ينذر صيرورة المال صدقة للفقراء أو صيرورة الحيوان أضحية أو ماله مال زيد أو داره وقفا و نحو ذلك امّا القسم الأوّل ففي كونه من أسباب فك الملك شرعا و انه بمجرّد قوله جعلته صدقة أو جعلته أضحية هل يخرج عن ملكه و يصير للّه تعالى يستحقّه عباده الفقراء أم لا وجهان أظهرهما في النظر هو الثّاني وفاقا للمحقق الثاني و خلافا لجماعة منهم الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه قال (- قدّه -) في فروع بيع الفضولي من غاية الآمال انّ الأقوى هو الأوّل فيخرج عن ملكه بمجرّد قوله المذكور و كذا لو اتى بالجملة الاسميّة فقال هذه صدقة أو أضحية و قصد القربة إذ لا مانع من استعمال الجملة الاسميّة في مقام الإنشاء و قد تحقّق صحّته في الطلاق و العتق ثمَّ قال (- قده -) بل نعمّم المقال و نقول انّ مثل ذلك يجري في كلّ ما يجعل للّه الاّ الوقف ففيه خلاف و على هذا فلو جعل شيئا صدقة و اتى باللفظ الدّال على ذلك فقال جعلته صدقة أو هذه صدقة خرج عن ملكه و لم يكن له العود اليه و (- كك -) فيما تعارف من تسبيل الماء في المشهدين الشريفين فلو قال سبّلت هذا الماء أو هذا الماء سبيل خرج عن ملكه و لم يكن له العود اليه بل ذهب الشيخ (- ره -) في خصوص الأضحية إلى أنها تتعيّن بالشراء بنيّة الأضحية قال في كتاب الضّحايا من (- ط -) إذا اشترى شاة تجري في الأضحية بنيّة انها أضحية ملكها بالشراء و صارت أضحية و لا يحتاج ان يجعلها أضحية بقول و لا نيّة مجددة و لا تقليد و لا إشعار لأنّ ذلك انّما يراعى في الهدى خاصّة فإذا ثبت ذلك أو كانت في ملكه فقال قد جعلت هذه أضحية فقد زال ملكه عنها و انقطع تصرّفه فيها فان باعها فالبيع باطل لانّه باع مال غيره فان كانت قائمة ردّها فان ماتت فعليه ضمانها و هكذا لو أتلفها قبل وقت الذبح كان عليه ضمانها و الضّمان يكون بقيمتها يوم أتلفها انتهى و الوجه ما ذكرناه و هو الذي صرّح به العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) حيث قال و يتعيّن بقوله جعلت هذه الشاة أضحية و لو قال للّه علىّ التضحية بهذه تعيّنت انتهى و حكى عن (- كرة -) و عبارتها في مبحث الضّحايا لا تفي بالحكم بشيء إذ لم يذكر هناك سوى قول الشيخ (- ره -) المتقدّم ذكره و أقوال العامّة و حكى عن (- س -) انّه قال فيها و لو كانت في ملكه تعيّنت بقوله جعلتها أضحية فيزول ملكه عنها و ليس له إبدالها و ان أتلفها أو فرط فيها فتلفت فعليه قيمتها يوم التّلف و ان أتلفها غيره فله ارفع القيم عند الشيخ (- ره -) فيشترى به غيرها هذا كلامه (- ره -) خلافا للمحقّق الشيخ على (- ره -) في حاشية (- شاد -) حيث كتب على العبارة الّتي قدّمنا نقلها عنه ما نصّه ينبغي ان لا يتعيّن الاّ بنذر و شبهه انتهى و هذا هو الذي يوهم ما حكى عن السيد (- ره -) و من بعده من انّ من نذر الإنعام صدقة لا يجب عليه فيها الزكاة فهو (- ره -) و كلّ من تعرّض للمسئلة فرضوا المانع من الزكاة خصوص النّذر دون جعلها صدقة مثلا فربّما أوهم ذلك مصيرهم إلى المنع من صيرورة الشيء صدقة أو صيرورة الشاة أضحية بما ذكرناه و لكن لا يبعد ان يكون ذكر النّذر من باب كونه ممّا يتحقّق به المانع لا من باب انحصاره فيه فلاحظ كلماتهم في باب الزكاة و تدبّر هذا كلامه بطوله علا مقامه و محصّله ان هنا قولين أحدهما الصحة و حصول فكّ الملك به و الأخر العدم و قد قلنا في صدر المقال انّ الأقوى خلافا له

ص:160

(- قده -) هو الثاني لنا على ذلك ان انفكاك الملك و زواله يحتاج إلى سبب موظّف من الشّارع و لا دليل على سببيّة مجرّد قوله صدقة و نحوه و لو بلسان الأخبار مزيلا لملكه ما لم يندرج في شيء من العناوين الموظّفة من النّذر و شبهه و لو شكّ فالأصل بقاء الملك و السّلطنة و عدم زوالهما و يؤيّد ذلك انّهم ذكروا من غير خلاف ينقل باشتراط القبض في لزوم الصّدقة ان لم يشترط في صحّتها فكيف حكموا في الأمثلة المزبورة بالتعيّن بمجرّد اخباره بكون المال صدقة أو إنشائه لذلك و لا يتوهّم اختصاص اعتبار القبض فيما لم يسبق فيه إنشاء إذ فيه انّهم اعتبروا القبض بعد اعتبار الإيجاب و القبول فهو معتبر معهما احتجّوا للصّحة و اللّزوم بوجوه أحدها قوله (- تعالى -) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ خصوصا بملاحظة الرّواية النّاطقة بتفسير العقود فيه بالعقود تمسّك به (- قدّه -) و فيه نظر ظاهر ضرورة عدم العبرة بمطلق العهد إجماعا فالتفسير لا اعتماد عليه و العقد لغة و عرفا لا يتحقق في الخارج الاّ بطرفين فكيف أدرج (- قدّه -) الفرض مع كونه من طرف واحد تحت عموم الآية الثّاني العمومات الواردة فيما جعل للّه مثل قوله عليه السّلام ما جعلته للّه (- فف -) به و في خبر الحكم ما جعل للّه فلا رجعة فيه و قوله عليه السلام في رواية محمّد بن مسلم ما جعل للّه في طاعة فليقضه تمسّك بها هو (- قدّه -) و ايّدها بقول أمير المؤمنين (- ع -) لما بشّر بعين ينبع بشّر الوارث هذه صدقة بتّاء بتلاء في حجيج بيت اللّه و أمثالها ممّا هو مذكور في كتب الأخبار و أنت خبير بعدم تأييد في هذا الخبر لكون مورده الصدقة البتلاء التي ليست إلاّ عبارة عن الوقف الّذي لا ربط له بمفروض البحث أصلا و امّا الأخبار التي تمسّك بها ففي دلالتها على مرامه أعلى اللّه درجته نظر ظاهر ضرورة انّ مفادها انّما هو لزوم الوفاء بما جعله اللّه و ذلك مسلّم و لا ينفعه لعدم معلوميّة صدق الجعل للّه على مجرّد قوله هذه الدار صدقة أو هذه الشّاة أضحية و الاخبار المتمسّك بها لا تثبت ذلك و دعوى صدق الجعل للّه عرفا على ذلك على فرض تسليمها مندفعة باستلزام ذلك وهن الأخبار بكثرة التخصيص لخروج النّذر بصيغة فاسدة و على عمل غير راجح و مجرّد العقد القلبي و نحو ذلك ممّا لا يسع المستدلّ قدس سره الالتزام به فتكون العمومات المزبورة من العمومات الموهونة بكثرة التخصيص المتوقف العمل بها على جابر من شهرة و نحوها كما هو الحال في عمومات القرعة و نحوها و لا جائز في المقام الثالث مرسل ابن ابى عمير الآتي عند الكلام في القسم الثّاني تمسّك به بعضهم و فيه انّ مورده الصّدقة دون النّذر الرّابع ما حكى (- قده -) عن شيخه و ماتنه (- قدّه -) التمسّك به في مجلس البحث من قوله صلّى اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم اى ملتزمون بها بتقريب انّه ليس معنى الشرط سوى الإلزام و الالتزام يعنى انّ المؤمنين ملتزمون بالتزاماتهم لا يتجاوزون ما التزموه على أنفسهم و قد أريد به الإنشاء و ليس حكمه مخصوصا بالشروط في ضمن العقد بل يجري في كلّ التزام و لذلك تمسّك به المحقّق الأردبيلي (- ره -) في المقام و فيه ما في سابقة من عدم العبرة بإطلاقه و الاّ للزم تخصيص الأكثر و قد اعترف بهذا المعنى هو (- أيضا -) حيث أورد على شيخه باختصاص الشروط بما كان في ضمن شيء من العقود و العهود المستقلّة ثمَّ انه (- قده -) قال انّ محصّل المقال انّ الأدلّة تعطى لزوم الوفاء و عدم جواز الرّجوع و يوافقها فتوى جماعة فلا مانع من الالتزام بمؤدّاها قلت قد عرفت عدم الدليل على ذلك و مجرّد فتوى جمع لا عبرة به فيبقى تحت الأصل و قاعدة التّوقيف ثمَّ انّه أنار اللّه برهانه قال انّ الإنشاء المذكور كما يؤثّر في خروج الأضحية عن الملكيّة يمكن ان يقال بتأثيره في غير ذلك ممّا يقصد به القربة و لم يثبت فيه من الشارع اعتبار لفظ خاصّ كالوقف و الهبة و البيع و ان توقّف على القبول و كفى باللّه قابلا للقربات و الصّدقات الّتي هي له تعالى ثمَّ قال بل يمكن القول بتأثيره في الوقف العام من غير توقّف على قبول غيره (- تعالى -) لو لم يكن إجماع على اشتراط القبول من غيره تعالى انتهى كلامه علا مقرّه و مقامه و هو كما ترى لا ينطبق على القواعد الّتي منها اعتبار القبض في الصّدقة و الوقف فكيف حكم بخروجه عن ملكه بمجرّد الإيجاب و امّا القسم الثاني أعني نذر الأسباب بأن ينذر التضحية به أو إعطائه للفقراء و التصدّق به أو وقفه أو نحو ذلك فلا خلاف و لا إشكال في صحّته و لزومه لانّه متيقّن الاندراج تحت أدلّة النّذر ثمَّ فيه وجوه ثلثة أحدها انّه يجب عليه ذلك الفعل ابتداء في المطلق و بعد حصول الشرط في المعلّق على شرط من دون زيادة انتقال المال إلى المنذور له و لا زيادة ثبوت حق له في ذلك فلا يصحّ له المطالبة به و الاقدام على دعويه فمع مخالفة النّاذر لا يترتّب عليه سوى العقاب و امّا جواز مطالبة المنذور له فلا نعم يصحّ للحاكم الشرعي ردعه من باب الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر ثانيها القول بأنه يثبت زيادة على وجوب أصل الفعل حق للمنذور له في المال المنذور بمعنى انّه يجب على الناذر صرفه اليه و على هذا فلا يخرج العين المنذورة عن ملكه بمجرّد النذر الاّ انّه يجب عليه إخراجه عن ملكه بصرفه إلى المنذور له فالثابت (- ح -) انّما هو حقّ للمنذور له لا تملكه للعين بالفعل ثالثها القول بأنه يثبت بالنّذر المتعلّق بالسبب خروج العين المنذورة عن ملك النّاذر و هذا الوجه اردء الوجوه إذ لا معنى لخروج العين عن ملكه بلا سبب فإنّه إنّما نذر ان يخرجه عن ملكه فلم يحصل منه قصد إلى الخروج فعلا و لا معنى للخروج من غير سبب فضلا عن الخروج من غير قصد و قد رجّح الشيخ الوالد (- قدّه -) الوجه الثاني نظرا إلى انّه هو المطابق للقاعدة من وجوب الوفاء بالنّذر بمعنى إيجاد متعلّقة و ليس متعلق النّذر الاّ فعل سبب الخروج عن الملك فكيف يترتّب هو على النذر بمجرّد إيجابه من دون إيجاده فمقتضى النّذر وجوب فعل ما نذره فيثبت بذلك حقّ للمنذور له بمعنى انّه يجب صرفه المنذور اليه كما هو خيرة الأكثر فيبطل بذلك القول بخروج العين المنذورة عن ملكه بمجرّد نذر السّبب و كذلك يبطل احتمال انّه يثبت مجرّد وجوب الفعل من دون ثبوت حق للمنذور له و ما ذكره (- قدّه -) موجّه الاّ انّ الأوجه هو الوجه الأوّل ضرورة انّه لم يلتزم بالفعل للمنذور بل للّه على نفسه فالمطالب بالكسر به هو اللّه تعالى دون المنذور له فلا حقّ له ثابتا يجوز له مطالبته و انّما المطالب هو الحاكم من باب الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر (- فت -) و أوهن من القول بثبوت الحق له القول بانتقاله إلى وارثه لو مات قبل قبض العين المنذورة كما صدر من المحقق جمال الدين و المصنّف (- قدّهما -) نظرا إلى كون مقتضى الحق ان يورث فبعد ثبوت الحق يلزمه الإرث فإنّ فيه انّ الناذر انّما نذر إعطاء المال للمنذور له دون وارثه فاذا مات المنذور لزمه صرف المال فيما يرجع ثوابه اليه و ملك الوارث له فرع ملك المنذور له إيّاه قبل الموت و الفرض عدمه فلا وجه لانتقاله إلى وارثه لأنّ الإرث انتقال مال من ميّت إلى حيّ و هذا المال لم ينتقل في حال حيوة المنذور له اليه حتى ينتقل بموته إلى وارثه الحيّ كما لا يخفى كما لا وجه لما ذكراه بعد ذلك من انّه لو مات النّاذر قبل إيفاء الحقّ وجب على وارثه إيفائه إلى المنذور له إذ فيه انّ المكلّف بالإيفاء هو الوصيّ لأنّه القائم مقام الميّت و المكلّف بإيفاء ما عليه و تفريع ذمّته دون الوارث الّذي ليس له الاّ أخذ حصّته الاّ ان يكون الوصيّ هو الوارث فيكون عليه الإيفاء لكن لا بعنوان الوارثيّة بل بعنوان الوصاية كما لا يخفى و امّا القسم الثالث و هو نذر الغايات و النّتائج ففيه خلاف و اشكال و المراد بنذر النتائج ما هو الغاية و المقصود

ص:161

من قول أو فعل فيدخل فيه نذر كونه مبيعا أو موجرا أو نحو ذلك من نتائج العقود و الإيقاعات و مسبّباتها و كذا يدخل فيه نذر صيرورة المال صدقة الّتي هي نتيجة التصدّق به و نذر كون الحيوان أضحية الّذي هو نتيجة التضحية و ربّما اخرج صاحب الجواهر نذر كون الحيوان أضحية عن العنوان و جعل نذر النتائج عبارة عن نذر وقوع ماله أسباب شرعيّة من العقود و الإيقاعات كالنّكاح و البيع و الطّلاق و العتق و نحو ذلك الاّ ان التأمّل يقضى بعموم العنوان قائلا و دليلا و قال الشيخ الوالد طاب ثراه في كتاب الزكاة من الذرائع انّ محلّ البحث هنا هو انّ نذر الغايات الموقوفة على الأسباب الشرعيّة كالنكاح و الطلاق و الوقف و نحوها هل يكفي في وقوع تلك الغايات من دون افتقار إلى إيجاد أسبابها الخاصّة و امّا لو نذر صيرورة درهم معيّن صدقة فيخرج الدّرهم عن ملكه و يصير ملكا للفقير قبل ان يسلّمه اليه و لم يجز له ابداله (- ح -) أو لا بدّ من إيجاد أسبابها الشرعيّة كما في نذر المبادي أو لا يصحّ نذر الغايات من أصله قلت حاصل كلامه (- قدّه -) انّ هنا نزاعين أحدهما في صحّة نذر الغاية و عدمها و الأخر الافتقار إلى إيجاد السّبب و عدمه بعد صحّة النّذر و قد جعل طاب ثراه بعد ذلك محلّ البحث هنا أصل الصّحة و عدمه و قد تصدّى (- قده -) في غاية الآمال لنقل القولين في الصّحة فقال ان في صحّة نذر النتائج خلافا فذهب (- المصنف -) (- ره -) وفاقا لجماعة إلى الصّحة قال في الشرائع و لو قال ان ملكتك فأنت حرّ لم ينعتق الاّ ان يجعله نذرا و قال في (- س -) و لو علّق بالملك فهو لغو الاّ ان يجعله نذرا أو عهدا أو يمينا و (- ح -) ان قال للّه علىّ إعتاقه إن ملكته فلا بدّ من صيغة و ان قال للّه علىّ انه حرّ ان ملكته ففي افتقاره إلى الصّيغة نظر من تصريح الرّواية بالعتق و قطع المحقق (- ره -) بافتقاره إلى الصّيغة لئلاّ يقع العتق في غير ملك و يضعف بالاكتفاء بالملك الضّمني كملك القريب آنا ما ثمَّ يعتق انتهى فان جعله الافتقار إلى الصّيغة محلّ النّظر يدلّ على تسليم الصّحة و قال في (- الروضة -) بعد قول الشّهيد (- ره -) و لا يجوز تعليقه على شرط ما لفظه نعم لو نذر عتق عبده عند شرط انعقد النّذر و انعتق مع وجود الشرط إن كانت الصّيغة انه ان كان كذا من الشروط السّائغة فعبدي حرّ و وجب عتقه ان قال فللّه علىّ ان أعتقه و المطابق للعبارة الأوّل لأنّه العتق المعلّق لا الثاني فإنّه؟؟؟ و مثله القول فيما لو نذر ان يكون ماله صدقة أو لزيد أو يتصدّق به أو يعطيه لزيد فإنّه ينتقل عن ملكه بحصول الشرط في الأوّل و يصير ملكا قهريّا بخلاف الأخير فإنه لا يزول ملكه به و انّما يجب ان يتصدّق أو يعطى زيدا فان لم يفعل بقي على ملكه و ان حنث و يتفرّع على ذلك إبرائه منه قبل القبض فيصحّ في الأوّل دون الثاني انتهى و قال في (- لك -) في شرح قول المحقّق (- ره -) و لو قال ان ملكتك فأنت حرّ لم ينعتق مع الملك الاّ ان يجعله نذرا إذا علّق عتقه على ملكه له ففساد العتق من وجهين وقوعه من غير المالك و تعليقه على الشرط و يستثنى من ذلك ما لو جعله نذرا أو ما في معناه كللّه علي إعتاقه إن ملكته فيجب عتقه عند حصول الشرط لعموم الأمر بالوفاء للنذر و لا ينعتق بنفسه عند حصول الشرط لانّ العتق مشروط بانتقاله إلى ملكه و لو انا فلو عتق بمجرّد ملكه لزم العتق في غير ملك كذا استدلّ (- المصنف -) (- ره -) و أجيب بجواز الاكتفاء بالملك الضّمني كملك القريب انا ثمَّ يعتق هذا إذا كانت الصّيغة للّه علىّ انه حرّ ان ملكته و نحوه و اما لو كانت للّه علىّ إعتاقه فلا إشكال في افتقاره إلى الصّيغة انتهى ما في (- لك -) فان الكلمات المذكورة و أمثالها ظاهرة في كون صحة نذر النتائج مسلّمة عند أربابها غاية ما في الباب وقوع الخلاف في الافتقار إلى الصّيغة فتنظّر فيه الشهيد (- ره -) في (- س -) في الموارد المذكور اعنى نذر العتق و نفاه ثاني الشهيدين في (- الروضة -) في المورد المذكور و غيره من نذر كون ماله صدقة أو لزيد و لا يخفى ان ما حكى من تعليل المحقق (- ره -) بطلان العتق المعلّق لا يعطى بطلان نذر النتائج بل يدلّ على صحّته حيث أسند البطلان إلى الملك و الاّ لكان اللازم إسناده اليه و إلى عدم صحّة نذر النّتائج فإسناده إلى الأوّل وحده يدلّ على انّه لو نذرها في الملك بان قال للّه على انّه حرّ ان حججت صحّ نذره و مثله الجواب عنه بانّ ذلك يصحّ بفرض الملك انا ليقع العتق في الملك أو بانّ ذلك يرجع إلى نذر الفعل و ينصرف إلى إيجاد السّبب فان تصحيح النّذر المذكور بأحد التّأويلين يدلّ على تسليم صحّة أصل النّذر و إن كان يتّجه على الأول انّ لازمه هو تحقّق العتق و ان لم يتعقّبه ملك العبد بالسّبب الشرعي بعد ذلك لكنّه يدفع بالالتزام بان الملك آنا ما ليس في مطلق قول من قال ان ملكتك فأنت حرّ لوجه اللّه بل يختصّ بما لو تعقبه سبب الملك ظاهرا فيكشف وقوعه في الخارج عن تحقّق الملك انا ما عند تكلّمه بصيغة العتق المعلّق على الملك و ربّما أورد عليه في الجواهر (- أيضا -) بان التزام ذلك بعد ان دلّ الدّليل على عتق القريب بدخوله في ملك قريبه للجمع بينه و بين لا عتق إلاّ في ملك امّا في المقام فلا دليل على انعتاقه بذلك كي يلتزم التقدير المذكور و أدلّة النّذر شرعا تقتضي وجوب الوفاء بالمنذور على شرائطه الشرعيّة لا انّها تشرع الشيء لنفسه و الاّ لصحّ الطلاق بدون صيغته بنذره مثلا و كذا النّكاح و غيره و هو معلوم البطلان و من هنا صرّح بعضهم بوجوب الصيغة في الفرض و يتّجه على الثاني انّه يخرج عن الفرض و يرجع البحث إلى انّ التجوز عن نذر الفعل بلفظ النتيجة المسبّبة عنه هل يجوز أم لا بل نقول انّ بعض موارده من قبيل ما تسالم عليه الجميع مثل مسئلة نذر حيوان معيّن أضحية و لهذا قال في الجواهر بعد قول المحقّق (- ره -) إذا نذر أضحية معيّنة زال ملكه عنها و كانت امانة في يده للمساكين بلا خلاف أجده فيه بنينا بل في كشف اللّثام إجماعا كما في (- ف -) الاّ عن بعض العامّة و لعلّه الحجّة انتهى الاّ انّه (- ره -) اخرج هذه المسئلة عن مسئلة نذر النّتائج بناء على جعله مسئلة نذر النتائج عبارة عن نذر ما هو مسبّب من الأسباب المقررة شرعا من مثل الطّلاق و النّكاح و العتق و البيع و نحو ذلك من العقود و الإيقاعات و لذلك قال في ذيل المسئلة و بذلك كلّه يظهر لك ان المقام له خصوصيّة لا من مسئلة نذر النتائج و من هنا يتّجه الاقتصار فيه على الأضحية و لا يلحق بها العقيقة فضلا عن غيرها بل قد يتوقّف في إلحاق اخرى النّذر به فتأمّل جيّدا انتهى ثمَّ انّ ما عرفته من الجماعة حكى القول به عن ابن حمزة (- أيضا -) و خالف في ذلك صاحب (- ك -) على ما حكى عنه فان ظاهره الحكم بالبطلان و مثله جمال المحققين في كتاب العتق من حواشي (- الروضة -) و وافقهما صاحب الجواهر هذا كلام الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه في غاية الآمال في تحرير القولين في المسئلة نقلناه بطوله لما فيه من الفائدة المهمّة و على هذا المنوال جرى في كتاب الزكاة من الذرائع فقال انّ الأقوى صحّة نذر الغايات وفاقا لغير واحد من الأصحاب بل ادّعى بعضهم على صحّة اطباق الخاصّة و العامّة بمعنى انّ الصحة الالتزام بالغاية في الجملة و وقوعه في الاستعمالات العرفيّة ممّا لا يظهر فيه خلاف بينهم و انما الخلاف في انه هل يكفي مجرّد الالتزام بها في وقوعها أو لا بدّ من إيقاع صيغة أخرى تكون سببا شرعيّا لحصولها ثمَّ استشهد على المسلّمية بعبارة (- س -) و (- الروضة -) و (- لك -) المزبورة ثمَّ قال إلى غير ذلك من كلماتهم الظاهرة في انّ الخلاف و الاشكال في باب

ص:162

نذر الغايات انما هو في الافتقار إلى إيجاد السّبب عند حصول الشرط و عدم الافتقار اليه لا في صحّته و عدم صحّته فان التصفّح في كلماتهم يعطى تسالمهم على انّ النّذر المذكور لا ضير فيه و ان الالتزام بالغاية له معنى عرفي معقول بل يظهر منهم الإجماع على عدم الافتقار إلى إيجاد السّبب في بعض الموارد كما في العتق ان علّقه على الملك إلى أخر ما ذكره (- قدّه -) و أقول قد اضطربت كلمات النّقلة في هذه المسئلة فمنهم من نقل فيها قولين و منهم من نقل ثلثة أقوال و منهم من نقل أربعة ثمَّ انّ الناقلون (- أيضا -) اختلفوا في القائلين و منشأ هذا الاضطراب كون الكلام هنا في الكلية فكلّ من وجد أحدا قال في فرع من فروع الكلية بشيء عزى اليه ذلك في الكلية و لم يتبيّن المراد (- أيضا -) لجملة منهم بل قد يظنّ النّاظر في كلماتهم لفظيّة النزاع بينهم و انّ القائل بالبطلان يريد عدم ترتّب المسبّب بمجرّد النّذر من دون إيجاد سببه و انّ القائل بالصّحة يريد صحّة النّذر و ترتّب الأثر و هو لزوم إيجاد السّبب عليه و حيث ان تنقيح ذلك ليس به كثير فائدة مع توقّفه على نقل شطر وافر من كلماتهم اقتصرنا على ما صدر من جمع من نقل أقوال في المسئلة و نسبة كلّ منها إلى بعض و نعود إلى ملاحظة الأدلّة فإنها هي المرجع و المعوّل فنقول المذكور في كلماتهم احتمالات و أقوال أحدها صحّة نذر النتيجة و ترتب الأثر عليه من غير حاجة الى إيجاد سبب المنذور بعد ذلك و هذا و ان نقله بعضهم على وجه الكلية لكن الفقيه الماهر يقطع بأنه لا أصل له ضرورة عدم تعقل ان يقول أحد بكفاية نذر كون المرية زوجة و الزوجة مطلّقة و المال مبيعا من دون إيجاد السّبب الخاصّ المجعول لذلك في الشريعة ثانيها البطلان رأسا و عدم وجوب الوفاء به و لا يجب إيجاد السبب (- أيضا -) قال به سيّدنا صاحب (- ك -) و غري إلى المحقق الخونسارى (- ره -) (- أيضا -) و لعله مأخوذ من الدّليل الآتي الّذي اقامه على الفساد و فيه انه صرّح بعد ذلك بصحة النّذر و وجوب إيجاد السّبب بعده إلاّ إذا صرّح النّاذر بإرادة الغاية من غير سبب فيفسد فيكون ذلك تفصيلا في المسئلة لا قولا بالفساد (- مط -) و لقد قال بعض أهل الاستقامة انى كلّما تتبعت لم أجد قائلا بالفساد غير صاحب (- ك -) ثالثها الصّحة مع الاحتياج إلى سبب أخر غير النّذر (- مط -) غري ذلك بعضهم إلى صريح المحقّق الثاني و المحقّق جمال الدين الخوانساري في حاشية (- الروضة -) و ظاهر صاحب الإشارات في منهاجه في المسائل المتعلّقة بنذر العتق و هو الذي اختاره (- المصنف -) (- ره -) فيما حرّره في الزكاة رابعها الصحة مع التفصيل في الاحتياج إلى السّبب و عدمه بينما إذا كان للغاية المنذورة سبب خاصّ كالنّكاح و الطلاق و نحوهما فيحتاج إلى إيجاد السّبب و بينما إذا لم يكن للغاية المنذورة سبب خاصّ كالصّدقة و العتق فلا يحتاج إلى إيجاد السّبب و هذا هو خيرة جمع من محقّقي الأواخر و هو المغرى إلى المحقّق و العلاّمة في (- شاد -) و (- عد -) و الشهيدين في (- س -) و (- الروضة -) و ظاهر (- لك -) حجّة القول الأوّل أمران الأوّل أدلّة وجوب الوفاء بالنّذر كتابا و سنة مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله ما جعلته للّه (- فف -) به و نحوه و فيه ما يأتي من قصور ذلك عن إثبات عدم الحاجة إلى سبب أخر الثاني عدّة من الأخبار فمنها موثق إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له رجل كان عليه حجّة الإسلام فأراد أن يحجّ فقيل له تزوّج ثمَّ حجّ فقال ان تزوجت قبل ان أحجّ فغلامي حرّ فتزوّج قبل ان يحجّ قال عليه السلام أعتق غلامه فقلت لم يرد بعتقه وجه اللّه فقال انه نذر في طاعة اللّه و الحج أحقّ من التزويج و أوجب عليه من التّزويج قلت فان حجّ تطوّعا قال و ان كان تطوّعا فهي طاعة للّه قد أعتق غلامه فانّ قوله عليه السّلام قد أعتق غلامه ليست جملة إنشائية بل جملة خبريّة بدلالة كلمة قد المختصّة بالأخبار فتدلّ (- ح -) على وقوع العتق بنفس النّذر المذكور و لا يجب إيجاد سبب العتق بعد ذلك و هو و ان لم يتضمّن إنشاء النّذر لكن الأصحاب حملوه عليه بقرينة قوله عليه السّلام انّه نذر بناء منه على عدم صحّة التعليق في إنشاء العتق و منها صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال سالته عن الرّجل تكون له الأمة فيقول يوم يأتيها فهي حرّة ثمَّ يبيعها من رجل ثمَّ يشتريها بعد ذلك قال لا بأس بأن يأتيها قد خرجت عن ملكه فانّ تعليل عدم الباس بالخروج عن ملكه يعطي انّه لو لم يبعها لكان النّذر منعقدا موجبا لوقوع المنذور و هو كونها حرّة بإتيانها كما هو مقتضى السّؤال و منها الخبر عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام عن رجل قال عند موته كلّ مملوك لي قديم فهو حرّ لوجه اللّه قال ان اللّه عزّ و جل يقول حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ فما كان من مماليكه اتى له ستّة أشهر فهو قديم حرّ و هذا و ان ورد في غير النّذر لكنّهم استندوا إليه في النّذر (- أيضا -) و منها رواية إبراهيم بن عبّاس قال سمعت على بن موسى الرّضا عليه السّلام يقول حلفت بالعتق و لا احلف بالعتق الاّ أعتقت رقبة و أعتقت بعدها جميع ما أملك إن كان أرى أنّي خير من هذا و أومى بيده إلى عبد اسود من غلمانه بقرابتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الاّ ان يكون لي عمل صالح فأكون أفضل منه دلّ على انه إذا حلف بالعتق وفى و نوقش فيه بوروده مورد التقيّة لأنّ الحلف بالعتق و الطّلاق مذهب العامّة و ليس من مذهبنا و أجيب بأنّ مذهبهم جعل العتق زجرا للعمل من دون صيغة و مورد الخبر هو الحلف باللّه الّذي هو مثل النّذر و العهد في الأثر و وجوب الوفاء بعده و منه يظهر عدم قدح كون مورده الحلف دون النذر الّذي كلامنا فيه لانّ حكمهما من الجهة المبحوث عنهما واحد و منها مرسل ابن ابى عمير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل تكون له جارية فتؤذيه امرئته أو تغار عليه فيقول هي عليك صدقة فقال ان كان جعلها للّه و ذكر اللّه فليس له ان يقربها و ان لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء فانّ قوله عليه السّلام فليس له ان يقربها ظاهر في خروجها عن ملكه و انّها ليست جاريته بعد النّذر الذي قصد به القربة خصوصا بقرينة مقابلته بقوله عليه السّلام و ان لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء و احتمال ان يكون النّهى عن القرب من جهة تعيّنها للصّدقة و لو بان يكون تحقّق المسبّب بعد إيجاد السّبب بعيد و على تقدير التسليم لا يقدح في مقابلة من يقول مع صحّة النّذر بلزوم إيجاد السّبب في ترتب المسبّب عليه و إن كان يقدح في مقابلة من يقول بوقوع السّبب بنفس صيغة النّذر هكذا أفاد الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه و عندي انّ هذا الخبر أجنبيّ عن مسئلة النّذر و انّما الموجود فيه إنشاء عقد الصّدقة و قد حكم عليه السّلام بلزومها لحصول العقد و لحوق القبض الّذي هو التّخلية و رفع اليد و لا ربط للخبر بالنّذر حتى يكون من نذر النتيجة و يدلّ على المطلوب فلا تذهل ثمَّ لا يخفى عليك عدم دلالة الأخبار المذكورة على عدم الحاجة إلى إيجاد السّبب حجّة القول الثاني أمران الأوّل ما افاده كلام صاحب (- ك -) (- ره -) في نهاية المرام في شرح قول المحقّق (- ره -) في كتاب النّذر و روى إسحاق بن عمّار عن أبي إبراهيم عليه السّلام في رجل قال ان تزوّجت قبل ان أحجّ فغلامي حرّ فبدأ بالنكاح تحرّر العبد و فيه إشكال الاّ ان يكون نذرا ما نصّه و في السّند قصور فانّ راويها و هو إسحاق بن عمّار قيل انّه فطحي و في المتن اشكال من وجهين أحدهما انّ ما تضمّنت

ص:163

الرّواية من اللّفظ لا يقتضي الالتزام لخلوّه عن صيغة اليمين و النّذر و العهد و يمكن دفعه بانّ المراد بذلك الأخبار عن الصّيغة المقتضية للالتزام كما يدلّ عليه قوله عليه السّلام انّه نذر في طاعة اللّه لان هذا اللّفظ هو الملزم و ثانيهما انّ المملوك انّما يتحرّر بصيغة العتق فاذا نذر صيرورته حرّا فقد نذر امرا ممتنعا فحقّه ان يقع باطلا نعم لو نذر عتق العبد صحّ النّذر و وجب العتق و حصل التحرر به و لعلّ المراد بقوله فغلامي حرّ انه حيث صار منذور العتق فكأنه قد صار حرّا لانّ ماء له إلى الحريّة و بالجملة فهذه الرّواية قاصرة عن إثبات الأحكام الشرعيّة و المتّجة الرّجوع فيما تضمّنته إلى القواعد المقرّرة انتهى و توضيح ما ذكره و تقريره بوجه أو في انّ متعلّق النّذر لا بد و ان يكون فعلا مقدورا للنّاذر حتّى يصلح ان يكون موردا للأمر بوجوب الوفاء و غيره من التكاليف الشرعيّة و ظاهر انّ صيرورة العبد حرّا و أمثاله كصيرورة المال مبيعا أو الزوجة طالقا أو الملك وقفا أو صدقة ليست من قبيل الأفعال الصّادرة من المكلّف لا أصالة و لا توليدا بل هي أوصاف خارجية للأعيان الخارجيّة أو أمور اعتبارية منتزعة منها فإن غاية الشيء من العوارض الخارجة عن قدرة المكلّف فلا يصحّ تعلّق النّذر بها لعدم مقدوريّتها بل لا يعقل للالتزام بكون الشيء متّصفا بتلك الأوصاف معنى و هل هو الاّ كالالتزام بكون الشيء أسود أو طويلا أو حلوا أو نحو ذلك من الأوصاف الّتي لا يكاد يتصوّر للالتزام بها معنى معقول و أورد عليه جمال المحقّقين (- ره -) بما نصّه انّ قصور السّند كما ذكره لكن قد عرفت عدم وقع الوجه الأول من وجهي الإشكال في المتن و أشار بذلك إلى ما ذكره في ردّ اشكال المحقّق (- ره -) في (- فع -) من انّ الرّواية كالصّريحة في انه كان على وجه النّذر فلا وقع للإشكال و امّا الوجه الثّاني فيرد عليه انّه يكفي لصيغة العتق انّه حرّ و قد عرفت انّه لا دليل على عدم صحّة التعليق مع النّذر فلا مانع من انعتاقه به و لا يكون نذره نذر أمر ممتنع و ما ذكره من التأويل و إن كان ممكنا لكنّه خلاف ظاهر الرّواية فإنّ ظاهرها وقوع العتق بمجرّد ذلك فلا يصار إلى التأويل إلاّ بدليل و ليس فلم يبق الاّ قصور السّند و كأنه لا قصور فيه لأن الأدلّة تامّة لوجوب الوفاء بالنذر مع عدم المعارض تكفي للحكم و الرواية تصلح مؤيّدا و مؤكّدا لها و ما ذكره من انّ المتجه الرّجوع إلى القواعد المقرّرة ففيه انّه بعد الحمل على النّذر لا رجوع فيه عن القواعد المقررة و كأنّه غفل عن مسئلة التعليق مع النّذر بعدم شهرته في كلام الأصحاب فقال ما قال انتهى و بالجملة فالوجه المذكور لا وجه له و قد نوقش فيه بوجهين أحدهما انّ الغايات و النتائج و ان لم تكن أفعالا بالأصالة و لا بالتوليد الاّ انّ مجرد ذلك لا يوجب عدم المقدوريّة ضرورة أنّ إيجاد نفس تلك الأوصاف من الأمور المقدورة و لو بتوسّط إيجاد أسبابها الشرعيّة و من المقرّر في محلّه انّ المقدور بالواسطة مقدور و لا يلزم في متعلّق النّذر ان يكون فعلا و لهذا لم يلتزم بذلك احد بل القدر اللاّزم ان يكون امرا راجحا مقدورا فبعد كون الالتزام المذكور صحيحا شرعا مندرجا تحت عموم الأمر بالوفاء بالنّذر لا بدّ من إيجاد السّبب من باب المقدّمة و بعبارة اخرى انّ عدم معقوليّة النذر المذكور نظرا إلى كون الالتزام بالأوصاف الخارجيّة كالالتزام بالأعيان الخارجيّة في عدم المعقوليّة قرينة على ارادة الالتزام بالأسباب الشرعية الّتي هي الأفعال المقدورة و من البيّن انّ الأمر إذا دار بين الحكم يكون الكلام غلطا و بين إرجاعه إلى محمل صحيح تعيّن الثّاني و الحال هنا على هذا المنوال فان عدم معقوليّة الالتزام بالنتائج لو سلّم فإنّما هو إذا أريد الالتزام بنفس النتائج بدون إرادة الأسباب و امّا لو كان معنى الالتزام هو الالتزام بإيجاد أسبابها فلا ضير فيه قطعا و التأويل في الكلام بدليل العقل و تقديمه على التّخطئة باب واسع يجري في الكتاب و السّنة و سائر الاستعمالات الصّحيحة و توهّم انّ الصحة في المقام الأوّل مدفوع بإطباق الأصحاب على الصّحة و ان اختلفوا في انّ الغاية تقع بنفس النّذر أو انّه لا بدّ فيها من إيجاد السّبب و هو أمر أخر يبحث عنه بعد الفراغ عن أصل الصّحة مضافا إلى انّ صحّته مدلول عليها بجملة من الأخبار و ثانيهما انّ دعوى عدم معقوليّة النّذر المذكور ممنوعة بل هو بنفسه صحيح لا داعي فيه إلى تجشّم التّأويل و ذلك لان نذر الغاية في نظر أهل العرف و استعمال أهل اللّسان أمر معقول و التزام خاصّ على نهج خاصّ متداول في الاستعمالات واقع في المحاورات من دون تجوّز فيه و لا تأويل فيكون معنى الالتزام بكون المال لزيد هو الالتزام بترتيب جميع آثار ملكيّة زيد على ذلك و يكون قوله على ان يكون هذا المال له بنفسه إنشاء لهذا المعنى و الالتزام بترتيب جميع آثار الملك منشأ لانتزاع صفة في الملك قابلة لترتيب جميع الآثار عليها لأن الملكية على ما صرّح به ثاني الشهيدين (- رهما -) صفة في العين منتزعة منها و هي كونها بحيث يصحّ الانتفاع بها و ببدلها و بعد صحّة النذر المذكور و كونه معقولا يندرج تحت الأدلّة الدّالة على وجوب الوفاء بالعهود المعبّر عنها في الآية بالعقود و لا معنى لوجوب الوفاء بالالتزام المذكور الا ترتيب جميع آثار الملكية الشرعيّة الناشئة من الحكم التكليفي المستفاد من تلك الأدلّة فإيجاب الشارع الوفاء به ينتزع منه حصول صفة في العين و هي من لوازم الملك و خواصّه الّتي لا توجد في غيره كما هو معنى خاصّة الشيء و من البيّن انّ المعنى المذكور كما يتحقق تارة بإيجاد سببه و ملزومه الذي هو فعل المكلّف يتحقّق اخرى بحكم الشارع بوجود جميع لوازمه و اثاره و وجود ترتيب خواصّه و المقام من قبيل الثاني لان مقتضى وجوب الوفاء بهذا النّذر ترتيب جميع لوازم الملك و هي لا تنفك عن ملزومها الّذي هو الملك تحقيقا لمعنى الملزوم فانّ النّذر المذكور على ما أشرنا إليه معناه انّى التزمت بكون المال لزيد و جعلته له و أخرجته عن ملكي و أزلت سلطنتى عنه فاذا حكم الشّارع بوجوب إمضاء هذا الالتزام العرفي كما هو مقتضى وجوب الوفاء به الأمر إلى انّ ما التزم به النّاذر من كون الملك لزيد أمر متحقّق ثابت في الشرع و هذا نظير الصّلح الّذي هو من أسباب الملك قطعا فانّ معناه عند التأمّل هو رفع اليد عن المال و لا ريب في حصول الملك به و لبّ هذا المعنى اعنى رفع اليد موجود في النّذر المذكور و نظير وقوع البيع بألفاظ الكنايات على القول بوقوعه بها كقول المالك سلّطتك على هذا المال أو جعلته لك و نحو ذلك ممّا يدلّ بدلالة الاقتضاء عرفا على ثبوت الملكيّة فإنّ السلطنة المطلقة من لوازم الملكيّة فينتقل من لوازم الملك إلى الملك كالانتقال من الأمر بالغسل أو الاجتناب إلى نجاسة ما أمر بغسله و الاجتناب عنه و يترتّب عليه جميع آثار النجاسة من نجاسة ما لاقاه مع الرّطوبة و بطلان الصّلوة مع لبسه إن كان ملبوسا و حرمة أكله أو شربه و بيعه و شرائه و نحو ذلك من أحكامه الشرعيّة و لعلّ منشأ القول بالبطلان هو توهّم كون المتعلّق نفس المسبّبات بشرط عدم إيجاد أسبابها و يدفعه أنّ الاستحالة على هذا و إن كانت ظاهرة الاّ انّ النّذر المذكور المتعلّق بالمسبّبات قد صدر حال الإطلاق و عدم التقييد بانتفاء الأسباب و ظاهر انّ هذا المطلق أمر مقدور و لو بتوسّط إيجاد الأسباب و المقدور بالوساطة كالمقدور بدونها و هذا المقدار كاف في المقدوريّة و عدم كون المسبّبات من قبيل الأفعال لا يضرّ في مقدوريّتها لانّ

ص:164

إيجاد الأوصاف بإيجاد أسبابها بعد كونها مقدورة ممّا لا غائلة فيه غاية الأمر كونها من الأوصاف التوليديّة لا الأفعال التوليديّة و من ذلك يظهر ان متعلّق النذر عند التحقيق هي الأسباب و إن كان في الظّاهر متعلّقا بالمسبّبات و الغايات الثاني من حجّتي القول الثّاني ما تمسّك به جمال المحققين (- ره -) في حاشية (- الروضة -) حيث قال بعد ان أورد على صاحب (- ك -) بما عرفت ما نصّه و هاهنا كلام أخر و هو انّ في عموم أدلّة النّذر بحيث يشمل مثل هذا النّذر تأمّلا فإنّ المتبادر الشائع من النّذر هو ان يكون متعلّقه فعلا يصلح بعد النّذر للإتيان به و الوفاء بالنّذر و لعدمه فيحنث و تجب الكفّارة و الرّوايات الواردة في موارد النّذر انّما هي فيما هو من هذا القبيل كما يظهر بتصفّحها و امّا نذر أمر يقع بالنّذر لا محالة و لا يمكن حنثه فغير معهود و لم يرد به نصّ صريح و يؤيّد ذلك معناه اللّغوي على ما هو المشهور من انّه من النّذر بمعنى الوعد كما ذكره الشارح في شرح (- يع -) و سبق منه في هذا الشرح (- أيضا -) فان الوعد انّما هو فيما يمكن الوفاء به و عدمه و كون معناه شرعا يشمل ذلك ممّا لم يثبت و على هذا فيشمل التمسّك لصحّة مثل هذا النّذر بعموم أدلّة النّذر نعم الرّواية المذكورة بظاهرها تدلّ على صحّة هذا النّذر وجوب العمل به لكن يشكل التمسّك بمجرّد ذلك مع قصور سندها و الروايات الواردة في العتق المعلّق بالملك كما نقلناها لا تصلح دليلا عليه إذ على تقدير حملها على النّذر لا دلالة لها على وقوع العقد بمجرّد ذلك كما ذكرنا لكن الظاهر من كلام جماعة من أجلاّء أصحابنا في هذا النّذر و أمثاله من نذر الصّدقة و الأضحية كما سيجيء شمول النذر لمثل ذلك أيضا و هم أعلم الاّ انّه ما لم يظهر إجماع عليه يشكل التمسك و لم يظهر ذلك لنا إذ ليس هذه المسائل في كلام كثير منهم و لا يبعد ان يقال في هذه المسئلة انّ مثل هذا النّذر و ان لم يكن من الأفراد المعهودة للنّذر لكن يصلح مؤكّدا لما تعلّق به إذا كان متعلّقة ممّا يقع بما أوقعه كالعتق في مثالنا هذا و (- ح -) نقول إذا لم يثبت الإجماع على عدم صحّة العتق المشروط مع ضمّ مثل هذا النّذر فيمكن التمسّك لصحّته بالعمومات الواردة في العتق و ان لم يظهر مستندهم في استثنائه من القاعدة المذكورة لما عرفت من عدم ظهور دليل لهم على القاعدة (- أيضا -) إلاّ الإجماع فإذا لم يثبت الإجماع في هذه الصّورة لعمومات العتق تصلح سندا للحكم بصحّته و الرّواية المزبورة ممّا تصلح مؤيّدا و مؤكدا له انتهى كلام المحقق جمال الدين (- قدّه -) و حاصل ما ذكره في وجه المنع انّ النتائج مسببات شرعيّة لها أسباب مخصوصة محصورة في الشريعة كالبيع و العتق و الوقف و النّكاح و نحوها فكون الشيء مبيعا لا يتحقّق إلاّ بإيجاد سببه الشرعي الّذي هو عقد البيع و كون العبد حرّا لا يوجد إلاّ باحداث سببه الشرعي الّذي هو إنشاء العتق و على هذا القياس كون المال وقفا و المرية زوجة و أمثال ذلك فإنّها تتوقّف على أسبابها الشرعيّة و لم يثبت كون مجرّد النّذر كافيا في حصول تلك الغايات و النّتائج في الشريعة بل أدلّة النّذر شرعا تقتضي وجوب الوفاء بالمنذور على شرائطه الشرعيّة لأنها تشرع الشيء لنفسه كما صرّح به في الجواهر و قال بعده و الاّ لصحّ الطّلاق بدون صيغة بنذره مثلا و كذا النّكاح و غيره و هو معلوم البطلان ثمَّ قال و من هنا صرّح بوجوب الصّيغة في الفرض و لعلّه كذلك للأصل و لانّه ليس من الإيقاع في شيء كما أوضحناه سابقا و لانّ النّذر انّما يتعلّق بفعله هذا كلامه في مسئلة نذر العتق المعلّق على الملك و ذكر في مسئلة نذر أضحية معيّنة في كتاب الصّيد و الذباحة ظهور أدلّة النّذر في كونه من الملزمات لانّه سبب يقوم مقام العتق و الطّلاق و النكاح و الإجارة و غيرها ممّا كان ظاهر أدلّة توقّفه على إنشاء مخصوص و صيغة مخصوصة هذا و قد أجيب عمّا ذكر دليلا ثانيا للقول الثاني بالمنع من انّ المتبادر من أدلّة النّذر كون متعلّقه فعلا قابلا للوفاء به و الحنث لما عرفت من انّه يكفي كونه وصفا مقدورا و لو توليدا بواسطة الأسباب و ليس من شرط النّذر كونه قابلا للحنث و انّما يكفي كونه قابلا للنّقض و هو في المقام موجود و انحصار الأسباب فيما عدى النّذر ممنوع لانّ الوقوع بمقتضى نفس الالتزام المذكور في بعض الموارد بعد اقتضاء ثبوت اللّوازم ثبوت الملزوم كما هو مفاد وجوب الوفاء أو وجوب ترتيب جميع الآثار ممّا لا غائلة فيه غاية ما في الباب ان لا يكون علّة تامّة بل يكون من قبيل المقتضي كالإيجاب الصّادر من الموجب فإنّه نوع من الالتزام و هو مفتقر في تمام تأثيره إلى القبول و قد يفتقر إلى انضمام القبض كما في الوقف و الهبة و الصّرف و السّلم مضافا إلى ما قد عرفت من انّ النّذر المذكور يمكن إرجاعه إلى نذر الأسباب لأن ما نحن بصدده انّما هو تصحيح الالتزام و إخراجه عن الاستحالة و اللّغوية لا الالتزام بوقوع الملتزم بنفس ذلك الالتزام من دون حاجة إلى إيجاد شيء من الأسباب و امّا ما ترى من اطباقهم على وقوع العتق بمجرّد النّذر من دون اشتراطهم إيقاع صيغة العتق بعد ذلك فذلك ممّا قام عليه الإجماع بخصوصه و منشأ الإجماع المذكور بعض الأخبار الدالة عليه و عدم البناء على وقوع الملتزم في جملة من المواضع كالنّكاح و الطلاق و نحوهما من العقود و الإيقاعات الشرعيّة انّما هو من دلالته الأخبار و قيام الإجماع على اعتبار ألفاظ مخصوصة في مثل ذلك لا من جهة بطلان النّذر و لو لا تلك الأدلّة لقلنا بالوقوع بمجرّد النّذر المذكور في ذلك أيضا و قد يقرّر الجواب بان مقتضى صحّة النّذر المذكور و وجوب ترتيب جميع آثار الملكية أو الحريّة أو غيرهما عليه بحكم عموم وجوب الوفاء بالعقد و استكشاف تحقق الملزوم الّذي هو الملكيّة ليس الاّ كون النّذر المذكور من الأسباب الشرعيّة لحصول الملك في الجملة بمعنى أنّه كالإيجاب الصّادر من الموجب لا انه علّة تامّة لحصوله لانّ حصول الملك في الواقع تابع للعناوين الخاصّة حسبما يدلّ عليه الأدلّة الشرعيّة فإنّ معنى الالتزام بكون الشيء كذا و ان كان امرا واحدا معقولا في العرف الاّ انّ المتعلّق ان كان ممّا لا يقتضي وقوعه إلى قبول و لا إلى قبض يقع بمجرّد هذا الإنشاء كما في العتق و ان افتقر إلى قبول من الغير فلا بدّ من تعقّبه بالقبول كما في البيع و الصّلح و ان افتقر إلى قبض فلا بدّ من تعقّبه به كما في الهبة و احتمال حصول الملك القهري مدفوع بانّ سبب الملك القهري منحصر في الموت بل نزيد على ما ذكر و نقول انّ العقد ان كان ممّا يعتبر فيه اللّفظ الصّريح كما في النّكاح و الطلاق على ما هو المقرّر من لزوم كمال الاحتياط فيهما فلا بدّ من ان يكون الإنشاء المذكور بالألفاظ الصّريحة و لا تكفي الكنايات هذا هو تحرير حجّتي القول ببطلان نذر الغايات رأسا مع اجوبتهما و لو أمعنت النّظر في ذلك انحلّ الوجهان إلى وجوه فظهر لك الجواب عنها و ان شئت أشرنا إلى الوجوه و أجوبتها الأوّل ما سمعت من سيّد (- ك -) من انّ المسبّب انّما يتحقّق بعد وجود سببه فاذا نذر حصول المسبّب في الخارج من دون سببه فقد نذر امرا ممتنعا لعدم تعقّل وجود المسبّب قبل وجود السّبب فيبطل و فيه انّه انّما يتمّ حجة على من صحّح نذر النتائج من دون افتقار إلى إيجاد أسبابها و امّا على ما مرّ من اختيار القول بالصّحة مع اعتبار إيجاد السّبب فيندفع ذلك بان حصول المسبّب من دون إيجاد سببه و إن كان ممتنعا الاّ انّ النّذر التزام و لا مانع من تعلّقه بأمر ممتنع إذا كان له آثار ممكنة راجعة إلى النّاذر الا ترى انّ الحلف بالعتاق و الطّلاق أمر شائع

ص:165

بين النّاس صحيح مفيد لهما عند العامّة من دون صيغة مع انّ الحلف كالنّذر ليس الاّ التزاما بالمحلوف عنه و انّما الفرق بينهما على مذهبنا في إمضاء الشارع و عدمه و الاّ فلا مانع من القول بصحّته و ترتيب الأثر عليه بمجرّده من دون صيغته كما عليه العامّة بل و من المقرّر عند محقّقي الأواخر أنّ حقائق الإيقاعات و العقود حتّى البيع و الهبة و غيرهما من أسباب التمليك انّما هي معاهدات على الالتزام بالآثار و الوقوف عليها فإذا أمر الشارع بالوفاء و علمنا بأنّه أمضاها حكمنا بحصول المقصود قهرا و انّ المعاهدة بآثار شيء سبب عند الشارع لحصوله و اىّ فرق بين الصّلح و النّذر في قابليّة التأثير فكيف يستفاد من قوله (- تعالى -) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ كونه سببا لخروج المال عن ملكه و لا يستفاد من قوله عزّ من قائل وَ بِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُوا كون النّذر و الالتزام بحريّة عبده و صدقة ماله للّه سببا لحصول الملتزم به الثّاني انّ الغايات الشرعيّة لها أسباب معيّنة و ليس النّذر منها و فيه انّ أدلّة النّذر ناهضة بجعله سببا إذا لم يقم دليل على انحصار أسبابه مع انّه لا يقضى بالفساد رأسا و انّما يقتضي وجوب إيجاد سببها عملا بالنّذر و ذلك ممّا نلتزم به الثالث ان النذر على ما فسّر به الشهيد الثاني (- ره -) في (- الروضة -) و نقله في (- لك -) عن أهل اللّغة هو الوعد و هو لا يتعلّق بغير الأفعال فاذا تعلّق بالصّفات وقع باطلا و كان خارجا عن النّذر المأمور بالوفاء به و فيه بعد النقض بالحلف لكونهما من باب واحد ما عرفت من انصرافه (- ح -) الى الوعد بالالتزام بالآثار التي هي من الأفعال فاذا وعد اللّه الالتزام بآثار الغاية المنذورة كان ماضيا عند اللّه بعموم الأدلّة و يستفاد من هذا الالتزام الممضى عند اللّه حصول الغاية عنده كامضاء سائر العقود و الإيقاعات الرّابع انهم اشترطوا في صحّة النّذر ان يكون متعلّقة فعلا فاذا كان غاية صار باطلا و أنت خبير بأنّه ان رجع إلى سابقة ففيه ما عرفت و الاّ كان افتراء عليهم أو مصادرة الخامس انّ أدلّة النذر انّما وردت في وجوب الالتزام بالأسباب لا في مقام تشريع كونه سببا و فيه ما مرّ من انّ مفاد أدلّة النّذر انّما هو لزوم الوفاء بما نذره غاية ما هناك اختلاف المنذورات فما يكفي فيه النذر يلزم الوفاء به فيه و ما يعتبر فيه إيجاد سبب خاصّ يلزم الوفاء بالنّذر بإيجاد ذلك السّبب السّادس انّ المستفاد من أدلّة النّذر كونه ممّا يتعقّبه البر و الحنث و مع البناء على حصول الغاية قهرا لا يتصوّران و فيه منع الاستفادة أوّلا و إمكان مراعاتهما على القول بحصول الغاية في الالتزام بالآثار ثانيا فلو أكل الصّدقة المنذورة حنث و إن كانت قد خرجت عن ملكه و هذا و ان لم يوجد مصرّح به الاّ انّ إطلاق كلامهم في نذر الصّدقة قاض بذلك حجّة القول الثالث امّا على صحّة نذر النّتائج في قبال القول بالبطلان رأسا فما مرّ في حجّة الأوّل مضافا إلى خبر علىّ بن راشد قال قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام انّ أمرية من أهلنا اعتلّ لها صبي فقال اللّهم ان كشفت عنه ففلانة جاريتي حرّة و الجارية ليست بعارفة فأيّما أفضل تعتقها أو تصرفها في وجوه البرّ فقال عليه السّلام لا يجوز الاّ عتقها و امّا على الافتقار إلى إيجاد السّبب فهي انّ الدّليل الدّال على سببيّة العقد الفلاني أو الإيقاع الفلاني للأثر الفلاني دالّ بالتضمن على عدم ترتّب الأثر من دون حصول السّبب الفلاني مضافا إلى خبر علىّ بن راشد المذكور الظاهر في الحاجة إلى إنشاء صيغة العتق بعد ذلك حجّة القول الرّابع امّا على الصّحة و الحاجة إلى إيجاد السّبب فيما كان للغاية المنذورة سبب شرعي فما مرّ في حجّة الثالث و امّا على عدم الافتقار إلى إيجاد سبب أخر غير النّذر فيما إذا لم يكن للغاية المنذورة سبب خاصّ فالأصل و عمومات وجوب الوفاء بالنّذر و العهد و ظاهر بعض الأخبار المتقدّمة في حجّة الأوّل و النّذر كاف في حصول الغاية إذا لم يكن دليل على خلافها نعم إن كانت الغاية ممّا قرّر الشّارع لها سببا خاصّا تعبّدا لم تحصل بغيره نذرا أو غيره فلا يصحّ نذر كونه مبيعا أو كونها زوجة أو طالقا لانّ لها صيغا خاصّة لا يقوم مقامها ما يرادفها من الألفاظ فكيف بالنّذر فاذا نذر أحدها وجب عليه إيجاد الصّيغة مقدّمة للوفاء بالنّذر و لا (- كك -) الملكية و الوكالة لعدم انحصارهما في صيغة خاصّة نعم لو قصد الناذر حصول الأوّل بلا صيغة بطل النّذر لتعلّقه بأمر محال غير مقدور و إرجاع النّذر إلى الالتزام بالآثار حسبما شرحناه حسن لو لم يكن مانع و دليل اعتبار الصيغة مانع مخصّص لعموم أدلّة النّذر لانّ عمومها ليس بأقوى من عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و ان أبيت عن ذلك فالمرجع أصالة العدم بعد تعارضها بالعموم و الخصوص من وجه فصار المدار في تبيّن القسمين على المضايقة في السّبب و المواسعة فكلّ غاية كان بناء الشرع في سببها على المضايقة لزم بمقتضى النّذر إيجاد السّبب إلاّ إذا قصد وجودها بلا سبب فيبطل و لا يشترط قصد السّبب بل يكفي عدم قصد شيء من الأمرين فتحصل من ذلك كلّه انّ القول الثالث هو الأظهر و توضيح الحال في أطراف المقال في هذا القول على ما تعرض له الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه انّ نذر النتيجة بالمعنى الأعمّ المأخوذ في عنوان المسئلة لا يخلو امّا ان يكون ممّا اعتبر فيه صيغة خاصّة كالنكاح و الطلاق و البيع و العتق و أمثالها من العقود و الإيقاعات أو لا يكون (- كك -) كالتضحية و التصدّق على الفقراء و العطية امّا الثاني فالوجه فيه هو الحكم بصحّة النّذر و وقوع المنذور بصيغته و لا يحتاج إلى صيغة أخرى فلو نذر صيرورة حيوان معيّن أضحية أو كون المال صدقة أو كونه لزيد صحّ النّذر و وقع من حينه و لا يحتاج إلى صيغة أخرى و لهذا حكموا في مسئلة الأضحية من دون خلاف بخروج الحيوان عن ملك مالكه من حين النّذر و قد عرفت نفي الخلاف من صاحب الجواهر و نقل الإجماع عن الشيخ (- ره -) في (- ف -) و عن كشف اللّثام في تلك المسئلة و يستفاد من حكمهم ذلك نكتة و هي انّ الوصف التوليدي قابل لتعلّق النّذر به شرعا لاستحالة وقوع الممتنع فيتعدّى إلى جميع نظائر الأضحية و من احكام هذا القسم انّه ان ترك مقتضى النّذر لم يحنث و لم يترتب عليه الكفارة لأنّ المنذور قد وقع بمجرّد إيقاع صيغة النّذر لعدم كونه من أفعال المكلّف حتّى يتوقف على إيجاده بعد ذلك نعم يأثم بعدم ترتيب آثار النّذر على المنذور و امّا الأوّل فهو على قسمين لانّه امّا ان يكفي في إيجاده صيغة النّذر و إن كان له سبب خاصّ بسبب حصول ذلك السّبب الخاصّ في ضمن صيغة النّذر كما لو نذر حريّة عبد معيّن و امّا ان لا يكفي ذلك و الأوّل (- أيضا -) على قسمين لانّه امّا ان يكون معلّقا على شرط سائغ غير التملّك كما لو قال اللّه علىّ انّ عبدي فلانا حرّ ان أقدم ابني من السّفر سالما و امّا ان لا يكون معلّقا على شرط أصلا كما لو قال للّه علىّ انّه حرّ على المشهور المنصور من جواز النّذر الغير المعلّق على شرط (- فح -) نقول امّا وجه كفاية صيغة النّذر عن صيغة العتق و إفادتها مفادها في القسم الأوّل فما عرفت في تضاعيف الكلمات السّابقة من انّ صيغة العتق عبارة عن قوله فلان حرّ و انّ الاشتراط انّما هو للنّذر و لا يضرّ في انعقاده اتّفاقا و ليس راجعا إلى العتق حتى يقدح في صحّته و امّا حكم القسمين الأخيرين فحكم القسم الثاني منهما وقوع المنذور بوقوع صيغة النّذر

ص:166

لتحقّق صيغة العتق في ضمن صيغة النذر و المفروض انّها غير معلّقة على أمر غير واقع و لا مشروطة بشرط ليس بحاصل و لا حاجة إلى إيقاع صيغة العتق بعد ذلك و حكم الأوّل وقوعه عند وقوع الشرط من دون حاجة إلى صيغة أخرى (- أيضا -) و امّا الافتقار إلى صيغة أخرى في نذر العتق المعلّق عن شرط الملك عند الجماعة فهو من جهة انتفاء الشرط العتق الّذي هو عبارة عن الملك بدلالة قوله عليه السّلام لا عتق إلاّ في ملك و ظاهر انّ حال نذر الوقف العام حال نذر الحريّة فلو قال للّه على ان يكون هذه العين وقفا أو موقوفة أو صدقة مؤيّدة سواء قرنه بالشرط أم لا كان حكمه ما عرفت و الثاني على أقسام لانّه اما ان يكون النّاذر قد قصد بنذر النتيجة نذر إيقاع سببها و قصد وقوع نفس المسبّب في المستقبل لا بشرط بمعنى ان يكون إطلاق المسبّب لحالة على ما هو المركوز في نظره من إيقاع المسبّب على الوجه المقرّر في الشرع أو قصد وقوع نفس المسبّب بمجرّد وقوع صيغة النّذر مع القصد الى عدم إيجاد السّبب فالأوّل حكمه صحّة النّذر و انعقاده قطعا الاّ انّه لا يكون المنذور (- ح -) سوى إيجاد السّبب لانّ العقود تابعة للمقصود فلا وجه لكون المقصود هو إيقاع السّبب و كون الواقع هو نفس المسبّب فيجب عليه إيقاع الصّيغة فلو نذر صيرورة المال مبيعا أو المرية زوجة كان المنذور بعد كون المراد إيجاد سببهما هو إيقاع صيغتهما و لا يتحقّق المسبّب بمجرّد إيقاع صيغة النّذر فلو ترك إيقاع السّبب الّذي هو الصّيغة لزمه الحنث و لم يحرم التصرّف في المال في المثال الأوّل مع الحنث لانّه ما لم يبعه فهو ماله و النّاس مسلّطون على أموالهم و بالجملة فهذا القسم ممّا لا خلاف في صحّته و لا اشكال بل هو خارج عن محلّ البحث داخل في نذر المبادي و لو بالكناية إلاّ إذا منعناها في صيغة النّذر فيكون من نذر الغاية و الثّاني حكمه صحّة النّذر لانّه قصد امرا مقدورا غاية ما هناك انّه مقدور بالواسطة و المقدور بالواسطة مقدور و هو و ان لم يكن من الأفعال التوليديّة الاّ انّه من الأوصاف التوليدية و لا يلزم في متعلّق النّذر كونه فعلا و انما يعتبر فيه كونه امرا مقدورا و لو بالواسطة و إلى هذا القسم ينظر رواية علىّ بن راشد و حسنة إسحاق بن عمّار و ما بعدهما من الصّحيح و الرّواية الأخيرة و الثّالث حكمه البطلان فلو نذر ان تكون أمته زوجة لزيد بلا سبب بطل النّذر لأنّها غير مقدورة و لو بالواسطة لأنّ الزّوجيّة شرعا موقوفة على عقد النّكاح فاذا نذرها بلا سبب فقد نذر امرا ممتنعا و النّذر انّما يوجب ترتّب الحكم إذا كان مشروعا و ليس مشرعا لأمور و احكام غير مشروعة و لو قصدها مجرّدة عن التقييد بالعدم صحّ و لزم السّبب مقدّمة و كذا لو نذر كونه مبيعا و طالقا و لو نذر ان يكون ماله بدلا عن مال زيد فهذا (- أيضا -) فاسد بناء على انحصار المعاوضة شرعا في البيع و الصّلح و نحوهما من العقود المتعارفة و هذا بخلاف ما كان البناء في سببه على المواسعة فإنه يكفي صيغة النّذر (- ح -) في حصوله و لا يحتاج إلى صيغة أخرى إلاّ إذا قصدها فيجب المسبّب (- ح -) لانّ وجوب الوفاء بالنّذر انّما هو بحسبه في قصده و لا يضرّ قصد عدم السّبب هنا للعمومات تنبيهات الأوّل انّه ليس المقام ممّا يعرض على أهل التعارف كما افاده بعضهم في طيّ الكلمات المذكورة من انّ عدم المعقوليّة قرينة على صرف كلام من نظر المسبّب إلى السّبب لانّ هذا انّما يتمشى في فهم كلام الغير و الكلام هنا في تكليف الناذر فيما بينه و بين اللّه تعالى الثاني انّه ربّما تصدّى بعضهم لتأسيس الأصل في عدم الحاجة في نذر النتيجة إلى إيجاد السّبب بتقريب انّ الظّاهر و المنساق من إنشاء نذر الغايات كونه علّة تامّة لتحقّق الغاية في كلّ مقام خرج من ذلك ما دلّ الدّليل على افتقاره إلى إيجاد الأسباب الخاصّة و بقي الباقي فيكون معنى وجوب الوفاء به في كلّ مقام هو ترتيب الآثار الشرعيّة عليه الاّ فيما دلّ الدليل على توقّفه على سبب أخر و معناه فيه إيجاده في الخارج و ممّا يشهد لظهور إنشائه في ذلك انّا نعلم انّ مقصود النّاذر في العتاق و الطّلاق هو جعل أصل النّذر علّة تامّة للغاية و لا يوجد السّبب بعد ذلك و إن كان اعتقاده غير صحيح الا ترى انّ المتعارف في مقام الحلف بالطّلاق عند العوام و العامّة هو ذلك فإنّهم يقصدون وقوع الطّلاق أو العتاق بنفس هذا الكلام و يعتقدون وقوعها و فساد الاعتقاد بذلك لا يوجب فساد الالتزام و من ثمَّ ورد النص بالافتقار في مثل ذلك إلى إيجاد سببهما و لم يفد النص البطلان و هو (- أيضا -) من الأدلّة على صحّة نذر الغاية كما انّ ما دلّ من الأخبار على عدم الافتقار في ذلك إلى إيجاد السّبب (- أيضا -) من الأدلّة بل دلالته على الصّحة أظهر من دلالة ما دلّ على الافتقار لا يقال لا شكّ في بطلان النذر و الحلف الواقعين على العتاق و الطّلاق عندنا فكيف يصحّ لك الحكم بالصّحة و الافتقار إلى إيجاد السّبب مع انّ الافتقار إلى إيجاد السّبب في هذين الأمرين كما هو المدلول عليه ببعض هذه الأخبار شاهد على لغوية النذر المذكور و عدم تأثيره في حصول العتق و الطّلاق ضرورة أنّ إيجاد سببهما علة تامّة لحصولهما لا نقول لا نسلّم البطلان و عدم التّأثير فيما إذا كان قصد النّاذر وقوعهما بمجرّد النّذر المذكور اعنى حصولهما بشرط عدم إيجاد سببهما إذ من البين عندنا عدم حصولهما بمجرّد ذلك خلافا للعامّة في قولهم بحصولهما بمجرّد ذلك و امّا لو كان النّاذر من الطّائفة المحقّقة عارفا بالمسائل الشرعيّة فلا وجه للحكم ببطلان نذره بل لا بدّ من الحكم بإرادة الالتزام العرفي الّذي لازمه بعد الاندراج تحت أدلّة وجوب الوفاء إيجاد سببهما و لعلّ مدعى بطلان نذر الغاية نظر إلى هذه الصّورة الّتي هي نذر الغاية بشرط لا و امّا نذرها بشرط شيء فصحّته واضحة و تأثيره وجوب إيجاد السّبب بخلاف كون النذر باطلا من أصله فإنه لا يقتضي وجوب إيجاد السّبب أصلا نعم هذا كلّه فيما إذا كان متعلّق النّذر ملكا عامّا كما إذا نذر كون شيء ملكا للفقراء أو صدقة لهم و امّا النذر الخاص كان ينذر كونه ملكا لزيد مثلا فان قلنا بكفاية هذا الإنشاء في الملكية لزيد و وقع القبول من زيد فلا اشكال و ان لم يقع منه القبول فالأمر مشكل و ان قلنا بالافتقار إلى الإيجاب و القبول فيتوقّف الحكم بالملكيّة له على حصولهما فان حصلا حصلت و الاّ فلا الثّالث انّ عبادة نذر الغايات لما كانت بظاهرها غير واقعة على طبق القواعد نظرا إلى انّ الالتزام بوجود الوصف الخارجي بظاهره ممّا لا معنى له لخروج ذلك عن قدرة المكلّف فلا بدّ بعد القول بصحّته كما هو الصّحيح من ارتكاب التّأويل فيه بأحد الأمرين على وجه منع الخلوّ و الجمع معا أحدهما الإرجاع إلى إرادة إيجاد الأسباب لا بمعنى انّ النّذر تعلّق من أوّل الأمر بإيجاب الأسباب بل بمعنى انّ وجوب الوفاء بهذا النذر المفروض صحة إيجاد الأسباب من باب المقدّمة للوفاء بالنّذر لانّ الالتزام بالغاية أمر عرفي معقول لا داعي إلى صرفه إلى الالتزام بإيجاد الأسباب و ان احتمله بعض الأصحاب ثانيهما الإرجاع إلى إرادة ترتّب الآثار الشرعيّة المترتّبة على الغايات بمعنى انّ مقتضى وجوب الوفاء بالنّذر المتعلّق بالغاية وجوب ترتيب أثارها الشرعيّة عليها و هذا التّأويل إنّما يرتكب فيما يكون النّذر المذكور كافيا في حصول الغاية كما

ص:167

في الطّلاق و منه يعلم انّ التأويلين لا يجتمعان و لا يرتفعان الرّابع انّه لو شكّ في قصد النّاذر عمل بأصالة عدم قصد السّبب القاضية بالصحة من دون سبب و ان علم القصد و شكّ في تعلّقه بوجود السّبب أو عدمه لزم السّبب و ربّما احتمل بعض المحقّقين (- ره -) كفاية النّذر بدون سبب لأصالة عدم قصد السّبب و يعارضها أصالة عدم قصد عدم السّبب فيتساقطان فيجب السّبب لأصالة بقاء الملك مثلا في ملك النّاذر و الوجه هو الأخذ بظاهر اللّفظ في الموضعين و مقتضاه حصول الغاية بلا سبب الخامس انّه لو كانت الغاية مما بنى في سببها على المضايقة لكن لم يقم دليل على انحصار سببها في أمر أو أمرين غير النّذر كفى النّذر (- أيضا -) في حصولها لأنّك قد عرفت في تقريب الاستدلال بعمومات النّذر طريقين مرضيين أحدهما إدخال إنشاء النّذر في إنشاء السّبب و الثّاني جعله سببا مستقلاّ فغاية ما يلزم من المضايقة في سببه عدم صلاحيّة نذرها ان يكون من سببه و امّا كونه مستقلاّ فلا ففي العتق يلزم بنفس النّذر و إن كانت صيغة النّذر مبنيّة على المضايقة كالطّلاق لعدم الدّليل على عدم حصول الحريّة إلاّ بالإعتاق فكون النّذر (- أيضا -) سببا لا مانع منه و يمكن جعل الوكالة الغير العقديّة مما بنى في سببه على المواسعة لأنّ التّوسعة انما هي في التصرّفات الإذنيّة فإنّها التي توسّع فيها و لا يأتي فيها احكام عقد الوكالة الثابتة لها تعبّدا و امّا الوكالة العقديّة فليس الأمر فيها على المواسعة فيتّجه (- ح -) ما ذكره المحقّق الثاني من وجوب إجراء الصّيغة لو اشترطها في الرّهن (- فت -) و امّا العتق فهو و إن كان من الأوّل للمضايقة في صيغته فمقتضى ما ذكر إرجاع نذره (- أيضا -) الى السّبب لكن مع ذلك يحتمل الانعتاق بلا سبب إذا كانت العبارة للّه علىّ انّه حرّ كما ذكره في بعض تحقيقات حاشية (- الروضة -) لوجهين أحدهما الأخبار الواردة فيه المشار إليها فإنّها بالقياس إلى ما دلّ على انحصار صيغته في إنشاء التحرير صريحا أخصّ (- مط -) و أجيب عن ذلك بانّ ظاهر بعض الرّوايات المتقدمة و إن كان حصول الانعتاق بالنّذر كخبر إسحاق بن عمّار و الخبر المروي عن الرّضا عليه السلام في عتق كلّ عبد قديم الاّ انّ الظاهر من بعضها الأخر هو وجوب الإعتاق بعد النّذر كرواية علىّ بن راشد بناء على ظهور قوله عليه السلام لا يجوز الاّ عتقها في الإعتاق و رواية إبراهيم بن عبّاس المتقدّم فتعارض الطائفتان و تقدّم الثانية لإمكان الجمع بحمل الاولى على المجاز بالمشارفة تنزيلا لمن يجب إعتاقه منزلة من عتق الثّاني انّه لا فرق بين قوله فلان حرّ و بين قوله للّه علىّ انّه حرّ في كون كلّ منهما إنشاء للتحرير صريحا و أجيب بوضوح الفرق بين إنشاء النّذر و إنشاء التحرير و استحالة جمعهما في صيغة واحدة كما لو قال للّه على لو بعتك فرسي هكذا فانّ هذا لا يصلح صيغة للأمرين النّذر و البيع معا كما لا يخفى فالمتعيّن في نذر التّحرير وجوب الإعتاق بصيغة أخرى بعد النّذر (- مط -) و ربّما أفرط بعضهم فطرد الحكم في نذر جميع الغايات حتّى الصّدقة و الوكالة و حكم بعدم تحقّقهما (- أيضا -) بالنذر بل بالتصديق و التوكيل بعده و ضعفه ظاهر و قد يقال في تقوية القول بعدم الحاجة إلى صيغة العتق بعد نذر الانعتاق انّ كون صيغة العتق مبنيّة على المضايقة انّما يبطل به الوجه الأوّل و هو ان يجعل النّذر إعتاقا و امّا الوجه الأخير الرّاجع إلى كون النّذر سببا في عرض الإعتاق فلا مانع من جريانه هنا إذ المدار فيه على عدم الدّليل على حصر السّبب و لا دليل على عدم تحقق العتق إلاّ بالإعتاق كعدم تحقّق الزوجيّة إلاّ بالنّكاح و من ذلك كلّه ظهر انّ الوجهين قد يجتمعان و قد يفترقان ففي مثل الوكالة ممّا لا مضايقة في سببه و لا دليل على انحصاره في شيء أو شيئين يجري الوجهان معا فلو نذر الوكالة صحّ جعله توكيلا لانّه كاشف عن الإذن في التصرّف قطعا و صحّ (- أيضا -) كونه سببا لتحقّقها نظرا إلى عمومات الوفاء بالنّذر و في مثل العتق لا يجري إلاّ الوجه الأخير و في مثل الصّدقة ينعكس الأمر لو قام الإجماع على انحصاره في التمليك الاختياري على تأمّل منشئه التّوسعة في سببها من حيث القول و الفعل و ربّما رجّح بعض المحقّقين الوجه الأخير نظرا إلى انّ إدراج النّذر في إنشاء الأسباب فيما يثبت فيه المواسعة في صيغة يستلزم البناء على ثبوت الأحكام التعبديّة الثابتة لأسباب الغايات في نذرها و قد مرّ الاشكال فيه و خروجه عن مشرب الفقهاء لأنّهم لو جوّزوا نذر البيع مثلا فلا يلتزمون في نذره بأحكام البيع كما لا يخفى هذا مع الغضّ عمّا في مساعدة العرف على صدق إنشاء البيع أو العتق أو الصّدقة أو غيرها كالوكالة و الرهانة على إنشاء النّذر من المنع الواضح و الاّ فالإنصاف لا يصدقه بل مقتضى الإنصاف الخدشة في الوجه الأخير (- أيضا -) أمّا أوّلا فبالنّقض بنذر العبادات فإنّه لا يصلح سببا لشرعيّة عبادة جديدة و امّا ثانيا فبالحل بان عدم الدّليل على انحصار السّبب غير كاف بل لا بدّ من الدّليل على صحّة كون النّذر سببا من جهة أخرى غير العمومات كما انّه لا بدّ في نذر عبادة من قيام الدّليل على مشروعيّتها من غير عمومات النّذر و لا يكفي عدم الدّليل على عدم مشروعيّتها و دعوى الفرق بين العبادات و المعاملات في المقام كما ترى ثمَّ لو قام إجماع في خصوص مقام على صحّة نذر الغاية اتّبعناه و الاّ فالمتّبع أصالة العدم و في المسئلة قول أخر نقله (- المصنف -) (- ره -) عن بعض في خصوص نذر الصّدقة و هو خروجها عن ملك النّاذر بمجرّد النّذر إذا قصد الصّدقة العرفيّة و هي الإعطاء دون السّبب كالعقد المشتمل على الإيجاب و القبول مثلا و الاّ وجب السّبب مستدلاّ عليه بوجوه أحدها انّه يصير كالزكاة يجب صرفها إلى مستحقّها و ردّ بأنّه إذا أمر الشارع ابتداء بالدّفع استفيد منه خروج المأمور به بالدّفع عن ملك المأمور لأنّ الأمر بالدّفع عن المالك الحقيقي يدلّ على عدم تقريره له على الملكيّة و استحقاق المدفوع اليه له و لذا استفدنا ملكيّة الفقراء من أوامر الزكاة و امّا إذا لم يكن ابتداء بل لأجل التزام المأمور بذلك بنذر و شبهه فلا دلالة عليه إذ المفروض انّه التزم بالتصدّق بمعنى احداث ملكيّة الفقير بالدّفع و لازم ذلك بقائه في ملك النّاذر بعد النّذر ليتحقّق الدّفع بعنوان التمليك إذ لو كان خارجا بنفس النّذر امتنع في حقّه الإتيان بما التزم فيمتنع الأمر بالدّفع فيما يستفاد منه الخروج عن ملكه و قال بعضهم انّ محلّ الكلام ما إذا تعلّق النّذر بالدّفع بعنوان التمليك لا بالتصدّق الذي هو سابق الدفع بعنوانه و مقتضى وجوب الوفاء بالنّذر وجوب الدّفع فانّ دلّ الأمر به على عدم تقرير الشّارع له على ملكه و خروجه إلى ملك المستحقّ دلّ عليه في المقامين و الاّ فلا إذ لا مدخلية لكون الأمر ابتدائيا في ذلك الاّ ان يدّعى الفرق عرفا لا عقلا و هو كما ترى تحكم واضح و الصّواب ان يردّ بمنع المبنى إذ لا دلالة للأمر بالدفع من المالك الحقيقي على عدم تقريره له على ملكه عقلا و لا عرفا و انّما استفدنا ذلك من أوامر الزكاة بمعونة الدّليل الخارجي من الأخبار الصّريحة في شركة الفقراء مع الأغنياء و لو لا لم يثبت للفقراء حقّ لا في العين و لا في الذّمة كزكاة الأبدان الاّ ان يفرق بينها و بين زكاة المال بان الدّفع فيها لم يتعلّق بالعين بل بالذّمة بخلاف زكاة المال و منذور الدّفع فإنّ الأمر فيها متعلّق بالدّفع عن عين و هو لا ينفك عن ثبوت حقّ للمدفوع اليه بل لا معنى للحقّ في العين الاّ ذلك الثّاني ما رواه في الكافي في باب النذر

ص:168

عن الخثعمي فيمن نذر ان يتصدّق بجميع ما يملك ان عافاه اللّه فلمّا عوفي خرج عن داره و ما يملكه ليبيعها و يتصدّق بثمنها فلمّا سئل الإمام عليه السّلام أمره بأن يقوّم جميع ذلك على نفسه و يتصرّف و يتصدّق بقيمتها تدريجا حتى يؤدى ما عليه و ردّ بمنع الدّلالة لجواز ان يكون امره عليه السّلام لكونه وليا للفقراء لا لكونه خارجا عن ملكه بالنّذر بل لا يصحّ لوجوب الصّدقة (- ح -) بالعين فكيف يقوّم و يدفع القيمة تدريجا فالرّواية بالدّلالة على خلاف المقصود اولى و قال بعض المحققين (- قده -) و لنعم ما قال انّ امره (- ع -) لا ينطبق على القاعدة على التقديرين الاّ من باب الولاية و مع قطع النّظر عن امره عليه السّلام لا دلالة فيها على شيء منهما فتكون الرّواية من هذه الجهة مجملة غير دالّة على الخروج و لا على البقاء الثالث ما رواه علىّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال و سالته عن الصّدقة تجعل للّه مثوبة هل له ان يرجع فيها قال إذا جعلتها للّه فهي للمساكين و ابن السّبيل فليس له ان يرجع فيها و ردّ يمنع الدّلالة و انه لا مساس له بالمدّعى بشيء لأنّها انّما وردت لبيان حكم الصّدقة لزوما و جوازا لا لبيان تحقّق مفادها منجّزا أو معلّقا على إيجاد السّبب مع ان محلّ الكلام نذر الصّدقة بمعنى الإعطاء دون الغاية أو السّبب و ليس فيها دلالة على شيء من ذلك مع ان موردها الصّدقة دون النّذر فتدبّر و امّا الجهة الثانية أعني البحث عن انّ التصرّف في العين المتعلّق بها النّذر صحيح جائز أم لا و توضيح القول فيه انّ النّذر المذكور امّا ان يكون مطلقا أو يكون معلّقا على شرط كما إذا قال للّه علىّ ان أعتق عبدي ان رزقني اللّه ولدا و على الأوّل فامّا ان يكون موقتا كما إذا نذر الإعتاق يوم الجمعة أو غير موقّت كما لو نذره بدون تعيين وقت و المراد بالإطلاق التنجيز مقابل التعليق لا ما يقابل التقييد كي يقال انّ التوقيت ينافي الإطلاق و ان تقسيم المطلق إلى الموقّت و غيره تقسيم للشيء إلى نفسه و إلى غيره و إذ قد عرفت ذلك نقول امّا المنجز الموقّت فلا اشكال و لا خلاف في إيجابه المنع من التصرّف في المتعلّق بها النّذر ضرورة وجوب الوفاء بالنّذر و التصرّف بغير الجهة المنذورة تفويت للواجب فيمنع منه و امّا المنجّز غير الموقّت فالحكم فيه مثل الحكم في الموقّت في المنع من التصرّف على غير الجهة المنذورة ضرورة وجوب الوفاء به كلّ ان فالتصرّف بغير تلك الجهة يمنع منه لتفويته الواجب و امّا النّذر المعلّق على شرط ففي منعه من التصرّف في العين قبل حصول الشرط تصرّفا مفوّتا لموضوع النّذر على تقدير حصول الشرط كبيع العين و هبتها و نحو ذلك وجوه و محلّ البحث ما إذا كان الشرط المعلّق عليه محتمل الحصول و عدمه و امّا إذا كان الشّرط المعلّق عليه معلوم الوجود في المستقبل أو معلوم العدم فهما خارجان عن حريم البحث نظرا إلى أول الأول إلى المنجّز الذي قد عرفت عدم الخلاف في إيراثه المنع عن التصرّف و فساد النّذر من أصله في الثاني من حيث تعليقه على ممتنع ثمَّ ان احد الوجوه إيراث النذر المذكور المنع من التصرّف (- مط -) و ثانيها عدم إيراثه ذلك (- مط -) ثالثها التّفصيل بين ما إذا قصد إبقاء المال فيمنع من التصرّف و بين ما إذا لم يقصده فلا يمنع حجّة الأوّل الّذي عليه جمع من المحقّقين انّ المنساق من النّذر المذكور عرفا انّما هو الالتزام بإبقاء المال إلى زمان حصول المعلّق عليه و صرفه في الجهة المنذورة بعد حصوله فإتلافه بعد النّذر و قبل حصول المقصود يعدّ في العرف حنثا و نقضا لذلك الالتزام و لذا يذم من باع ما نذر التصدّق به على الفقراء معلّقا على مجيء المسافر مثلا قبل مجيئه و لا يصغى إلى اعتذاره بعدم تحقّق مقصوده بعد و توهّم انّ المراد هو التصدّق على تقرير بقاء المال و انّه بعد الإتلاف لا شيء هناك حتّى يجب التصدّق به لانّ الحكم يرتفع بارتفاع محلّه و انّ الحنث لا يتحقّق الاّ بترك المنذور و بعد تحقّق المقصود و بقاء المال كما هو مأخذ القول بجواز التصرّف و الإتلاف (- مط -) في حيّز المنع و السّند وضوح صدق الحنث عرفا بمجرّد الإتلاف و لو قبل حصول المقصود لما أشرنا إليه من انّ الالتزام بشيء على تقدير حصول أمر كما هو مفاد النّذر المعلّق يستفاد منه عرفا الالتزام بإبقاء متعلّق ذلك الشيء إلى زمان حصول المعلق عليه و يعدّ تصرّفه فيه قبل مجيء ذلك الزمان نقصا لذلك الالتزام منافيا له الا ترى انّه لو تعاهد اثنان على ذبح شاة مثلا على تقدير مجيء مسافر ثمَّ باعها أحدهما قبل مجيئه يعدّ ذلك منه نقضا لذلك العهد بل قد يقال انّ التصرّف فيه مناقض لتلك القضية الشرطيّة عقلا (- أيضا -) إذ لا يصدق الالتزام بالشيء على تقدير مع الإتلاف قبل ذلك التقدير نعم لا نضايق من عدم ترتيب آثار الملتزم نظرا إلى أصالة العدم بعد عدم مناقضته للالتزام المذكور لكن عدم منافاة التصرّف مع ترتيب احكام الملتزم لا يوجب عدم ترتيب آثار الالتزام و من هنا يظهر انّ القول بجواز التصرّف قبل حصول المعلّق عليه و هو زمان الشكّ في حصوله و عدم العلم بما ينتهى اليه الحال تمسّكا بأصالة عدم الحصول ناشئ عن غفلة و ذهول لانّ التصرّف المذكور و ان لم يكن منافيا لآثار الملتزم لكنه مناف لآثار الالتزام بل أصل هذا الالتزام عند التأمّل التزام يأمر على تقدير عدم العلم بحصول ما علّق عليه ضرورة انّ التعليق لا يكون الاّ حال الجهل بوقوع ذلك التّقدير و الا فمع العلم بعدم الوقوع لا فائدة في التّعليق و الالتزام بل لا يتحقّق مع العلم بالعدم التزام كما في قولك للّه علىّ ان أتصدّق بهذا المال لو عاد هذا الميّت حيّا و الحاصل انّ النّذر المذكور يفيد عرفا الالتزام بإبقاء المال فإتلافه حنث له و ان شئت نظيرا للمقام من الشرعيّات فلاحظ ما ذكروا في باب الفضولي من انّ من كان أصيلا في أحد طرفيه لا يجوز له فسخ البيع ابتداء قبل اقدام صاحبه عليه على وجه يكون النقض مستندا اليه بل يجب عليه البقاء على ما الزم به نفسه بمقتضى وجوب الوفاء إلى ان يبتدئ صاحبه بالفسخ فيجوز له (- ح -) لكن بينه و بين المقام فرق و هو انّه يجوز للناذر نقض النّذر إذا قطع بعدم تحقّق المعلّق عليه في وقته لانّه ليس حنثا و لا يجوز الفسخ للأصيل في الفضولي و لو مع القطع بعدم اجازة صاحبه على ما هو مقتضى وجوب الوفاء به و ذلك على المختار من كاشفيّة الإجازة اللاّحقة ظاهر فيجب على الأصيل ترتيب جميع آثار الملك قبل الإجازة لكونها على القول بالكشف دالة على وقوع البيع من أوّل الأمر تامّا بالإيجاب و القبول و امّا على القول بكونها نافلة فالظّاهر جواز الفسخ للأصيل (- أيضا -) حجّة الثّاني وجوه الأوّل صحيح محمّد بن مسلم الوارد فيمن نذر عتق الأمة الدال على جواز بيعها قبل الوقت الّذي علّق تحريرها على مجيئه كما صرّح بذلك ثاني الشّهيدين و هما معترضا بالخبر المذكور على الفاضلين قال في كتاب العتق من (- الروضة -) مازجا كلامه بقول الشهيد (- ره -) و لو نذر عتق امة ان وطأها فأخرجها عن ملكه قبل الوطي ثمَّ أعادها إلى ملكه لم تعد اليمين لصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال سالته عن الرّجل يكون لها؟؟؟؟ فيقول يوم يأتيها فهي حرّة ثمَّ يبيعها من رجل ثمَّ يشتريها بعد ذلك قال لا بأس بأن يأتيها قد خرجت عن ملكه ثمَّ قال و حمل ما أطلق فيها من التعليق على النّذر ليوافق؟؟؟؟ و يشهد له (- أيضا -) تعليله الإتيان بخروجها عن ملكه و لو لم يكن منذورا لم يتوقف ذلك على الخروج كما لا يخفى إلى ان قال و يتفرّع

ص:169

على ذلك جواز التصرّف في المنذور المعلق على شرط لم يوجد و هي مسئلة إشكالية و العلاّمة (- ره -) اختار في التحرير عتق العبد لو نذر ان فعل كذا فهو حرّ فباعه قبل الفعل ثمَّ اشتراه ثمَّ فعل و ولده استقرب عدم جواز التصرّف في المنذور المعلّق على الشرط قبل حصوله و هذا الخبر حجّة عليهما انتهى و وجه كونه حجّة عليهما كما صرّح به بعض المحقّقين هو انّ الخبر صحيح و قد دلّ على انّها تخرج بالبيع عن الملك فيكون صحيحا و هو تصرّف في المنذور قبل حصول الشرط بناء على انّ مدلول الصّحيحة هو النّذر فيلزم منه ذلك الثّاني ان المنذور المذكور لا يقتضي ان يد من حرمة نقضه و المنع من التصرّف في الشيء و ذلك لا يكون الاّ مع بقاء ذلك الشيء لأنّ الحنث الذي هو ترك التصدّق بالمنذور مثلا لا يصدق الاّ بعد حصول المعلّق عليه و بقاء المال و امّا مع إتلافه قبل ذلك فلا يبقى موضوع للحنث و بالجملة الالتزام بان يتصدّق بالمال على تقدير مجيء زيد لا يقتضي إلاّ وجوب التصدّق بالمال حال حصول المجيء فلا محلّ لا لوجوب التصدّق و لا لحرمة الحنث الثالث انّ مقتضى عموم سلطنة النّاس على أموالهم هو جواز التصرف في المال المذكور خرج منه ما إذا حصل المعلّق عليه و هو باق لأنه ممنوع من التصرّف في المال قطعا و امّا قبل حصوله فلم يعلم خروجه منه لأنا نشكّ في انّ النّذر المذكور هل أوجب حجرا على المالك أم لا فنقول الأصل عدم كونه سببا للحجر و الأصل بقاء السّلطنة و الأصل (- أيضا -) عدم تحقّق المعلّق عليه فان قضيّة عموم السّلطنة و أصالة عدم تحقّق الشرط صحّة ترتيب جميع آثار الملكية على المال المزبور و جواز التصرّف فيه بأيّ نحو كان و أجيب عن هذه الوجوب أوّلا إجمالا بأنّ التصرّف في المال المذكور نقض للالتزام المزبور عرفا فيكون ممنوعا من التصرّف فلا بدّ من الاقتصار في الصّحيحة المذكورة على خصوص موردها أو تنزيلها على محمل لا ينافي المنع من التصرّف و قد بيّنا سابقا انّ الالتزام بشيء على تقدير تعهد بإبقاء الشيء إلى حصول ذلك التقدير و ثانيا تفصيلا امّا عن الأوّل فبان التصرّف في المنذور بالنّذر المشروط انّما يمنع منه من حيث كونه منافيا لمقتضى النّذر و لازمه و قد ذكرنا ان يرفع الموضوع رفع الشرط أو السّبب لعدم حصوله من أوّل الأمر ليس منافيا و مناقضا لمقتضاه سواء كان من فعل النّاذر كما لو قال للّه علىّ ان أتصدّق على الفقير بدرهم ان ضربت زيدا فترك ضربه أو من فعل الغير كما لو قال للّه على كذا ان جاء زيد ثمَّ انه طلب من زيد ترك المجيء و مورد الصّحيحة من هذا القبيل لانّه حيث نذر ان تكون الأمة حرّة ان وطأها انما أراد وطيها الشرعي بعنوان كونها مملوكة له فكأنه قال للّه على حريّة مملوكتي المتّصفة بهذه المملوكيّة الخاصّة أن وطأتها فاذا باعها فقد ارتفع موضوع النّذر و ارتفاع الموضوع ليس منافيا للحكم و انّما هو علّة في ارتفاعه بنفسه و محلّ البحث انّما هو التصرّف قبل حصول الشرط بما يناقض مدلول النّذر و ينافيه فالمانع انّما يمنع من ذلك و مورد الصّحيحة ليس من هذا القبيل فلا يتمّ للمجوّز الاحتجاج بها على المانع و بتقرير أخر الخبر المزبور غير ناهض حجّة على العلاّمة و ولده ضرورة وضوح الفرق بين بيع الأمة الّذي دلّ الخبر على جوازه و ما شابهه من التصرّفات الّتي لا تعدّ نقضا للالتزام و بين بيع ما نذر ان يتصدّق به على تقدير قدوم زيد و أمثاله من التصرّفات الّتي تعدّ في العرف نقضا للالتزام فالذي دلّ عليه الخبر هو جواز التصرّفات الّتي تكون من النوع الأوّل أو خصوص بيع الأمة على تقدير عدم التعدّي عن مورد النّص و محلّ الإشكال انّما هي التصرّفات التي تكون من النوع الثاني إذ لا إشكال في جواز النوع الأوّل أعني التصرّفات الّتي لا تعدّ نقضا للالتزام و يرتفع معها موضوع النّذر من غير افتقار في ذلك إلى النص فان من البيّن انّ ما هو معيار المنع في النوع الثّاني و هو صدق الحنث و عدم التمكّن من الوفاء بالنّذر على تقدير حصول الشرط غير آت في التصرّفات الّتي تكون من النّوع الأوّل من غير فرق في ذلك بين ما إذا كان الشّرط من فعل النّاذر كالوطي الّذي هو مورد الخبر أو من غيره و التمس منه النّاذر ان لا يوجده أو يكون فعلا لغيره بحيث لا يقدر الناذر على إعدامه و لو بالتسبيب كطلوع الشمس و دخول الشهر و نحوهما من أفعاله (- تعالى -) بل نقول انّه على تقدير اختصاص البحث في المسئلة الّتي محلّ الاشكال بما إذا كان الشرط خارجا عن اختيار الناذر و يكون القائل بالمنع من التصرّف قائلا بالمنع من خصوص ذلك لا (- مط -) كما صرّح به جمال المحقّقين (- ره -) في حاشية (- الروضة -) حيث علّق على قول الشهيد الثاني في عبارته المزبورة و هي مسئلة إشكالية قوله الظاهر ان عدم الجواز على القول به انّما هو في شرط لم يكن باختيار الناذر و فعله كقدوم زيد و شفاء المريض إذ جواز التصرّف قبل حصول الشرط لا يخلو عن اشكال لاستلزامه عدم إمكان الوفاء بالنّذر على تقدير حصول الشرط و امّا إذا كان الشّرط من فعل المكلّف باختياره فلا يظهر إشكال في جواز التصرّف قبله إذ لا يلزم منه سوى ان لا يجوز له فعل الشّرط فلا محذور فيه خصوصا انّ التصرّف المذكور ممّا يؤكّد عدم وقوع الشّرط و (- أيضا -) إذا كان الحكم في المسئلة المفروضة انحلال النّذر لخروج ملكه فلا وجه لعدم جواز مثل هذا التصرّف قبل وجود الشرط أصلا الاّ ان يتمسّك بسؤال السّائل مع فضله و معرفته بأصول المسائل عن حكم المسئلة مع عدم علمه بما حكم عليه السّلام به عن انحلال النّذر فيها كما هو الظاهر فإنّه يستفاد منه جواز التصرف في المنذور قبل حصول الشرط (- مط -) و لا يخفى ضعفه انتهى فعدم نهوض الصّحيحة حجّة على الفاضل و ولده أوضح ضرورة انّه إذا كان الشرط غير مقدور للنّاذر يكون المنع من التصرّف قبل حصول الشرط لاستلزامه عدم إمكان الوفاء بالنّذر على تقدير حصول الشّرط و الخبر المذكور لا يدلّ على جواز التصرّف في هذا النّوع بل في خصوص ما إذا كان الشرط كالوطي و نحوه ممّا يكون مقدورا للنّاذر بناء على التعدّي عن المورد و عدم الاقتصار عليه و القول بالجواز هنا لا يستلزم القول بالجواز فيما إذا كان الشرط غير مقدور له كما هو محلّ البحث فيما عرفته من المسئلة الّتي هي محلّ الإشكال و لا ينافي القول بالمنع هناك و ظاهر انّ هذا الوجه اعنى لزوم عدم التمكّن من الوفاء بالنّذر على تقدير حصول الشّرط لا يجرى فيما إذا كان الشرط من فعل النّاذر أو فعلا للغير يقدر على إعدامه و لو بالتسبيب و الجواز في ذلك ممّا لا اشكال فيه خصوصا بملاحظة انّ التصرّف المذكور من النّاذر ممّا يدلّ على عدم وقوع الشّرط منه و (- أيضا -) إذا كان الحكم المفروض انحلال النّذر بالخروج من الملك فلا وجه لعدم جواز مثل هذا التصرّف قبل وجود الشرط و التمسّك بسؤال السّائل قد سمعت من المحقّق جمال الدين (- ره -) استضعافه نعم على تقدير كون النزاع في جواز التصرّف في المنذور قبل حصول الشرط و لو كان الشّرط من فعل النّاذر يعمّ الاعتراض على العلاّمة (- ره -) و ولده بانّ الخبر المذكور حجّة عليهما و قد عرفت انّ النزاع ليس في مطلق

ص:170

التصرّف و بالجملة محلّ الكلام شيء و مورد الصّحيحة شيء أخر و ليس القول بشيء في أحدهما مستلزما للقول به في الأخر و قد يجاب عن الاستدلال بالصّحيحة بوجه أخر و هو المنع من كون النّذر الّذي هو مورد الصّحيحة نذرا معلّقا لتكون حجّة على الفاضل و ولده إذ الظاهر انّه من باب النّذر المطلق الموقّت و التوقيت غير التعليق و لا يخفى ما فيه ضرورة انّ الغرض بقوله فيقول يوم يأتيها فهي حرّة ليس الاّ تعليق التحرير على الإتيان منها و ذكر يوم الإتيان ليس من التوقيت في شيء و انّ الوقت في الموقّت لا بدّ من كونه معيّنا فإذا أهمل التعيين و أدار الحكم مدار الوصف علم كون المراد التعليق على الصّفة دون التوقيت و امّا عن الوجه الثاني فبان دعوى اختصاص مخالفة النذر بما إذا لم يكن أتلف المنذور بعد وجود الشرط ممنوعة لما عرفت من أهل العرف و الفقهاء لا يفرّقون في صدق الحنث و نقض الالتزام بين ما ذكر و بين ما لو أتلفه في حال احتمال تحقّق الشرط في المستقبل مع عدم الاعتناء به و عدم ترقّب حصوله فأدلّة وجوب الوفاء بالنّذر كافية في الدلالة على المنع من التصرّف في المنذور بإتلافه و امّا عن الثالث فبأنّه بعد صدق الحنث على التصرّف في المنذور بإتلافه و دلالة أدلّة وجوب الوفاء بالنّذر على الحنث بقسميه اللّذين هما صورتا إتلاف المنذور مع الشك في انّه يحصل الشرط أم لا و إتلافه بعد حصول الشرط بعنوان عدم الوفاء بالنّذر تكون تلك الأدلّة حاكمة على ما دلّ على سلطنة النّاس على أموالهم و قد يقرّر الجواب بانّ التمسّك بعموم سلطنة النّاس على أموالهم و بأصالة العدم لا ينفع في إثبات جواز التصرّف لانّ النّذر المعلّق على شيء كقدوم زيد معناه الالتزام بمتعلّقه في أزمنة الشّك في وجود ذلك الشيء الّذي هو مورد أصالة العدم فيكون التصرّف فيه بالإتلاف في تلك الأزمنة منافيا لذلك الالتزام و ظاهر ان أصالة عدم وجود ذلك الشّيء لا ترفع احتمال وجوده الذي عليه علّق النذر المذكور و هل اجراء هذا الأصل هنا الاّ كإجرائه فيما إذا نذر ان يعطى فقيرا درهما في عدم تحقّق الإعطاء فيه و يدلّك على انّ النذر المذكور التزام بمتعلّقه في أزمنة الشّك في وجود ذلك الشيء لغوية النّذر المذكور مع العلم بتحقّق ذلك الشيء أو بعدم تحقّقه بل لا يعقل له معنى مع العلم بأحد الأمرين و هذا الكلام على تقدير ان يراد بالأصل الاستصحاب أو غيره ممّا أشير إليه في الاستدلال و الوجه في الكلّ انّ الالتزام بشيء على تقدير حصول أمر معناه عرفا على ما تكرّر إليه الإشارة هو التعهّد بإبقاء ذلك الشيء إلى ان يتحقّق ذلك الأمر و هذا الالتزام لا يرتفع بالأصل بأي معنى كان و يكون التصرّف فيه موجبا لرفع اليد عن ذلك الالتزام و بعد كون النّذر المذكور من أوّل الأمر واقعا في مورد الأصل واقعا على خلاف مقتضى الأصل و كون النّاذر ملتزما بالشيء حال احتمال الشرط و زمان الشك في وجوده لا مسرح لإجرائه في الكلام أصلا و إن كان إجرائه مقيّدا فإنّما هو بالنّسبة إلى ترتيب آثار الملتزم و الكلام في آثار الالتزام على ما بيّنا سابقا حجّة الثّالث دعوى عدم صدق نقض الالتزام صورة عدم قصد الإبقاء و اختصاص صدقه بصورة قصد الإبقاء و الجواب وضوح الصّدق في كلتا الصّورتين و دعوى الاختصاص في الأوّل غير مسموعة و السّند ما عرفت من معنى النذر المعلّق عرفا فتلخص من ذلك كلّه انّ القول الأوّل أظهر و اللّه العالم بقي هنا أمور ينبغي التنبيه عليها الأوّل ان ما ذكر انّما هو فيما إذا تعلّق النّذر بأمر معيّن و امّا إذا تعلّق بكلي ثمَّ عيّنه النّاذر في شيء معيّن فهل حكمه حكم المعيّن من أوّل الأمر في كونه موجبا للحجر من التصرّف أم لا وجهان حكى أوّلهما عن الشهيد (- ره -) استنادا إلى عدم الفرق بعد التعيين و هو كما ترى لوضوح الفرق فانّ المعيّن أوّلا غير المعيّن بعد ذلك فانّ التعيّن بتعيين المالك يتوقف على ثبوت للمالك في التّعيين ليتعيّن الكلّي في الذّمة بتعيينه في فرد و ذلك ممّا لا دليل عليه بوجه كما لا دليل على إلحاق المعيّن بالعرض بالمعيّن من أوّل الأمر حكما و ربّما يستأنس للتعيّن بتعيين المالك بما ورد في نظيره من رواية دالّة على انّ الهدى لو ضلّ و غاب عن صاحبه بعد التقييد و الإشعار سقط التكليف بالهدي عن صاحبه و وجب على كلّ من وجده ان يذبحه و يعلّق عليه رقعة مكتوبا فيها هذا هدى بتقريب انّ المناط في البابين واحد لأنّ الهدي الواجب عليه كلّى كما في المقام و قد دلّت الرّواية على انه يتعيّن بتعيين المكلّف إيّاه في خصوص المفقود فيلزم ان يكون الحال فيما نحن فيه (- كك -) و أنت خبير بأنّ أحكام الحجّ تعبّدية صرفة فثبوت حكم على خلاف القاعدة للنص الخاصّ لا يجدي في إلحاق غيره به بعد حرمة القياس و اتّحاد المناط غير معلوم و المظنون منه غير مثمر الثاني ان ما ذكر من منع التصرّف في متعلّق النذر انّما هو فيما إذا كان التصرّف منافيا للالتزام و امّا إذا لم يكن منافيا له كما إذا تسبّب لانتفاء الشرط باختياره على وجه يكون التصرّف رافعا لموضوع النّذر كما إذا نذر ان يتصدّق بألف درهم على الفقراء على تقدير مجيء زيد عنده ثمَّ التمس من زيد ترك المجيء اليه فأجابه أو نذر وطى الجارية على تقدير حصول أمر ثمَّ باعها قبل حصول ذلك الأمر فالظّاهر انّ مثل هذا لا يعدّ منافيا للالتزام إذ لم يقع المعلّق عليه (- ح -) حتّى يعدّ الترك المذكور مناقضا للالتزام و على هذه الصورة ينزل صحيح محمّد بن مسلم المتقدّم فان بيع الأمة ليس مناقضا لنذر عتقها أن وطأها كما إذا قتلها أو قطع أليته أو سلّ أنثييه أو نحو ذلك ممّا يزول معه المحلّ الموجب لانحلال النّذر و لا دلالة فيها على جواز التصرّف في النّذر المعلّق قبل حصول الشرط فيما إذا كان التصرّف مناقضا للالتزام حتى يكون حجّة على الفاضل و ولده حيث ذهبا إلى جواز التصرّف في المنذور كما اعترض عليهما الشهيد (- ره -) لانّ مورد الخبر هي الصورة الّتي أشرنا إليها و مراد الفاضلين هي الصّورة الّتي يعد التصرّف نقضا للالتزام لا (- مط -) و لا شبهة في عدم الجواز في الصّورة المذكورة الثالث انّ التصرف في المتعلّق بها النّذر المعلّق على شرط قبل حصول الشرط بناء على المختار من حرمته لكونه موجبا لترك الوفاء بالنّذر هل يعدّ حنثا حتّى يترتّب عليه الكفّارة أم لا وجهان بل قولان أوّلهما لصاحب الرّياض و ثانيهما (- للمصنف -) (- ره -) حجّة الأوّل كونه تركا للنّذر بإزالة موضوعه و ترك الإتيان بالمنذور حنث موجب للكفّارة حجّة الثاني انّ عدم الوفاء بالنّذر شيء و ترك الشيء بعد الالتزام شيء أخر و الحنث هو الثّاني و اللازم من التصرّف المذكور هو الأوّل و ان شئت توضيح ذلك فلاحظ الفرق بين الصّوم بدون النيّة و بين الصوم مع تعمّد الإفطار بعد الشّروع فيه و قس ما نحن فيه بالأوّل و موجب الكفّارة بالثّاني تعرف انه لا ملازمة بين الأمرين هكذا أفاد الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه و قوى لذلك الثاني و أنت خبير بانّ المنع من التصرّف لم يكن الاّ لكون المنساق من النّذر المذكور عرفا هو الالتزام بإبقاء المال و انّ إتلافه بعد النّذر و قبل حصول المقصود يعدّ في العرف حنثا فاذا عدّ حنثا فما باله (- قدّه -) لا يلتزم بالكفّارة قوله و ترك الشيء بعد الالتزام به شيء أخر قلنا ترك إبقاء المال بعد الالتزام بالإبقاء حنث على ما اعترف به طاب

ص:171

ثراه فيوجب الكفّارة فالوجه الأوّل أقوى لكن ذلك فيما إذا صادف الواقع بان يتبيّن بعد ذلك حصول الشرط المعلّق عليه ممّا لا شبهة فيه و امّا لو تبيّن بعد ذلك عدم حصول المعلّق عليه فلا عقاب عليه بل اللّوم المترتب على التجرّي و هل تجب الكفّارة (- ح -) أم لا وجهان نظير الوجهين في كفّارة الإفطار إذا أفطر في أهله ثمَّ سافر فإنّه كما انّ الكفّارة هناك ان كانت مترتّبة على إفطار الصّوم لم تجب و إن كانت مترتبة على الأكل المحرّم وجبت فهنا لا بدّ من التأمّل في انّ كفارة النذر هل هي مترتّبة على مخالفة النّذر أو على العصيان لعدم الوفاء بالنّذر و التحقيق ان تارك المقدّمة في مثل المقام تارك لذيها حكما كتارك السّير مع القافلة في الحجّ فإنّه تارك للحجّ حكما أي في استحقاق العقاب و امّا انّه تارك للواجب حقيقة حتى يترتّب عليه الحكم الوضعي الثابت بتركه ففيه اشكال مذكور في محلّه فلاحظ و تدبّر جيّدا الرّابع انه حيث حرم التصرّف و كان منهيّا عنه فهل يفسد لو كان التصرّف بيعا و نحوه من العقود و الإيقاعات أم لا وجهان يبنيان على مسئلة النهي في المعاملات و الأظهر عدم إيجابه الفساد و ليس النهى هنا نهيا خاصّا حتّى يفهم منه الإرشاد إلى الفساد و انّما استفيد النهى من دليل حرمة خلف النّذر بعد كون التصرّف بالإتلاف و الإخراج عن الملك حنثا فلا مسرى للإرشاد هنا و قد قيل انّ ظاهر المعظم في مسئلة العبد هو الإثم كما في الرّياض حيث صرّح بعدم جواز بيع العبد ناقلا لإجماع السيّد عليه و انّه لو فعل كان صحيحا لأنّ النهي لا يقتضي الفساد و كذا في فرع الرّهن و ناهيك عن هذا انّ المحقّق الثّاني (- ره -) جعل التّرك أحوط و يمكن استكشاف اراء العلماء في هذه المسئلة من ارائهم في مسئلة جواز تصرّف من عليه الخيار إذ الظّاهر انّهما من واد واحد و هو صيرورة العين متعلّقة لحقّ الغير الاّ انه نظير النذر المنجز دون المعلّق فمع التنجز لا إشكال في حرمة التصرّف فيه و امّا فساده ففيه إشكال لأنّ النهي عن الضدّ لا يقتضي الفساد و لم أجد نصّا فيه من هذه الجهة فإن تمَّ دليل الفساد في المعلّق كان في المنجّز بطريق اولى و الاّ فالحكم بالفساد في المنجّز (- أيضا -) يصير محلّ اشكال و الّذي ينبغي ان يقال انّه إن كان النّذر متعلّقا بالغاية و لم يكن معلّقا على شرط و لا موقّتا بوقت كما إذا قال للّه علىّ ان يكون عبدي حرّا فان قلنا بحصول العتق قهرا فلا اشكال لوقوع التصرّف (- ح -) فيكون فاسدا بلا اشكال و ان قلنا انه يحتاج إلى إيجاد السّبب فلا إشكال في حرمة التصرّف لما مر و امّا الفساد ففيه اشكال من أصالة العدم و عموم أدلّة نفوذ التصرّفات من البيع و نحوه و من انّه أقوى من حقّ الخيار للبائع المانع من نفوذ تصرّف المشترى عند الأكثر و كذا حقّ المشروط له الّذي قيل انّه لا خلاف و لا إشكال في كونه مانعا من صحّة البيع و سائر النواقل و دعوى انّ قضيّة السلطنة على الأموال جواز التصرّفات الناقلة قبل إجراء الصّيغة مدفوعة بأنّ العين متى صارت محلاّ لحقّ الغير كان التصرّف فيها موقوفا على الإجازة و اىّ حق أقوى من صيرورتها محلاّ للخيار أو لوجوب التحرير أو التصدّق مع انّه لو تمَّ فساد التصرّف في المعلّق و الموقّت قبل الشرط و الوقت كان الأمر هنا أسهل و امّا لو كان نذر الغاية موقّتا كما إذا قال للّه علىّ ان يكون مالي صدقة في شهر كذا فقد يقال بعدم صحّة بيعه (- أيضا -) بعد النّذر و مثله نذر السّبب منجّزا من غير توقيت و وجهه انّه بعد البناء على صحّة هذا النذر و حصول المنذور به من دون سبب أخر يتعلّق به حق الغير فعلا و ان لم يخرج عن ملك الناذر الاّ عند الوقت فمقتضى القاعدة فساد بيع العبد المنذور عتقه بعد الوفاة لأنه من نذر الغاية الموقّت (- فت -) و امّا إذا كان النّذر الموقّت متعلّقا بالسّبب كما لو نذر ان يتصدّق به في الوقت الآتي ففي صحّة بيعه قبله وجهان من بقاء المال في ملك النّاذر و عموم تسلّط الناس على أموالهم و من انّ النّذر جعله متعلقا لحق الغير كحق الخيار لمن هو له بل هنا أقوى فلا ينفذ فيه السّبب النّاقل (- فت -) الخامس انّ الحال في المنع من التصرف في العين المتعلّق بها النّذر في كلّ من صورتي نذر الأسباب و نذر النتيجة بناء على المختار من صحّة نذر الغايات على حدّ سواء لاتّحاد الطريق فيهما و هو اقتضاء النذر المذكور عرفا الالتزام بإبقاء المال إلى زمان حصول المعلّق عليه و صرفه في الجهة المنذورة بعد حصوله و كون إتلافه بعد النّذر و قبل حصول المقصود في العرف حنثا و نقضا لذلك الالتزام فلا تذهل السّادس انا و ان جزمنا في صدر المقال بخروج المنجّز الموقّت عن حريم النزاع و جزمنا فيه بحرمة التصرّف في العين المتعلّق بها النّذر الاّ ان بعض المحققين (- ره -) خصّ المنجز الغير الموقّت بالإخراج عن حريم البحث و نقل الوجوه الثلاثة المتقدّمة في النذر المعلّق على شرط في المنجز الموقّت (- أيضا -) و قوىّ هو ما قويناه معلّلا بأنّه إذا كان من قصده التّعليق على بقاء الموضوع كان قال للّه علىّ ان أعتق عبدي أو أتصدّق بمالي في شهر رمضان لو بقي المال بحاله كان وجوب العتق (- ح -) مشروطا بالبقاء و يكون مقدمة للوجوب لا للوجود و لا اشكال عقلا و نقلا في عدم وجوب المقدّمات الوجوبيّة كالاستطاعة بخلاف ما لو لم يكن البقاء شرطا لا في اللّفظ و لا في القصد فانّ العتق في شهر رمضان (- ح -) يكون واجبا عليه على الإطلاق قبله و يكون البقاء (- ح -) مقدّمة وجوديّة فيحرم عليه التصرّف في المنافي للبقاء مقدّمة و ان لم نقل باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ ثمَّ قال مشيرا إلى القول الثّالث و هو التفصيل بين ما لو كان من قصد النّاذر التّعليق على إبقائه الموضوع فيجوز ما لم يكن (- كك -) فلا ما لفظه و قد يقال بخروج التفصيل المذكور عن محلّ البحث و هو النذر المطلق الموقّت إذ من الواضح لزوم مراعاة قصد الناذر إطلاقا و تقييدا لو علم به انّما البحث في حكم ما لا تعليق فيه ظاهرا و مقتضى القاعدة فيه كونه من قبيل الواجبات الموقّتة قبل مجيء وقتها الّتي لا يجب مقدّماتها الوجوديّة قبل الوقت لانّ توقيت الطّلب يجعله مشروطا بلا خلاف و كذا توقيت المطلوب على الأصحّ فلا فرق بين ان يقول الأمر إذا جاء يوم الجمعة فصم أو سافر أو يقول صم يوم الجمعة أو سافر فيها في عدم تنجّز الخطاب و عدم اقتضائه وجوب المقدّمات قبلها و فيه أوّلا منع جواز تفويت القدرة في الواجبات الموقتة قبل الوقت أو تفويت بعض المقدّمات الوجوبيّة مثل اراقة الماء قبل دخول الوقت (- مط -) أو المقدمات الغير الرّاجعة إلى تنويع المكلّف على ما تقرّر في الأصول و ثانيا وضوح الفرق بين التكليف الابتدائي الموقّت و بين ما كان مسبّبا عن النذر و شبهه لانّ مقتضى وجوب الوفاء به عدم تفويت مقدّمات المنذور في وقته عرفا لانّ الوفاء بالنّذر و العهد قاض بالبقاء على حالة الامتثال إلى زمانه الا ترى انّه لو وعدك إنسان بشيء ثمَّ بذله من غيرك قبل الوقت يعدّ عندك و عند النّاس مخلفا لوعده و النذر (- أيضا -) وعد للّه تعالى و معاهدة معه على شيء في وقته فكيف يجوز الخلف اختيارا و بالجملة فالأصحّ عدم جواز التصرّف المنافي قبل الوقت سواء كان النّذر متعلّقا بالغاية في موارد صحّته أو متعلّقا بالمبدء فلو تصرّف حنث فتدبّر

ص:172

جيّدا هذا ما تيسّر لنا من الكلام في نذر النتيجة

و الكلام فيه يقع في مسائل
الأولى في وجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعي

قوله طاب ثراه لظاهر النبوي (- اه -) لما ثبت صحة العقود و لزوم الوفاء بها كانت الشروط خارجة عن اسم العقد و كانت أمورا لاحقة يربطها العاقد بالعقد و يقصدهما معا على نحو التركيب فيحتاج في إثبات صحّة هذا الرّبط و لزومه و وجوب الوفاء به إلى دليل تصدّوا لإثبات ذلك و استدلوا عليه بأمور أحدها النبوي المرويّ مستفيضا بل متواترا المؤمنون عند شروطهم وجه الاستدلال انّ ذلك من الجمل الخبريّة المستعملة في مقام الإنشاء فيقتضي وجوب الوفاء بالشّرط و اليه يرجع ما قيل من انّ المتبادر من العبارة الوقوف عند الشّرط و انّ ظاهره تحتم ذلك و عدم جواز مخالفته و ربّما استدلّ بعض الفضلاء على عدم صحّة حمل الكلام على الاخبار المحض بأمور فمنها ان ذلك مستلزم للكذب إذ ربّ مؤمن و مسلم لا يقف عند شرطه و دعوى انّ ذلك بيان لوصف المؤمن و المسلم و ان من لم يقف عند شرطه فليس بمؤمن و لا مسلم مدفوعة ببعد ذلك عن سياق النّصوص و مذاق الشرع و مخالف للأدلّة القاطعة و لو سلم فلا يقدح في الاستدلال ضرورة انه إذا حكم الإمام عليه السّلام بان من لم يقف على شرطه خرج عن الإسلام و الايمان كشف عن وجوب الوقوف بمقتضى الذّم و التّهديد و منها فهم الأصحاب ذلك خلفا عن سلف و ذلك كاشف عن كونه معناه أو عن وجود قرينة دالّة عليه و منها ما أشار إليه في المتن من استثنائه عليه السّلام من عصى اللّه فإنّه دالّ على ان من لم يقف فقد عصى و منها استدلال الامام عليه السّلام بذلك في جملة من الأخبار المتقدّمة فانّ في النّبوي (- ص -) لو كان اخبارا صرفا غير مستعمل في مقام الإنشاء لم يكن لاستدلاله عليه السّلام به وجه ثمَّ انّ هذا الوجه كسابقه كما يدلّ على إرادة الإنشاء بالأخبار يدلّ على الوجوب (- أيضا -) مضافا إلى انّ المتبادر منه الوجوب و (- أيضا -) فأقرب المعاني إلى الجملة الخبريّة المستعملة في الإنشاء هو الوجوب و (- أيضا -) فقد دلّت جملة من تلك الأخبار على الوجوب في المقامات الخاصّة فتثبت الكليّة بعدم القول بالفصل فثبوت أصالة الصّحة في الشروط الاّ ما دلّ الدّليل على بطلانه ممّا لا بحث فيه لا يقال لعلّ المراد بهذه الشّروط ما ألزموه أو التزموا به بسبب من الأسباب الملزمة فلا يدلّ على انّ نفس الشرط أيضا من الملزمات لأنّا نقول أوّلا انّ الظاهر من الوقوف عند الشرط كلّ ما حصل به الرّبط و الإلزام و التقييد بما دلّ عليه من دليل من الشّرع خلاف الظاهر مع انّ ذلك يصير تأكيدا (- ح -) إذ بعد ثبوت الملزم الشرعي لا شبهة في وجوب الوقوف فلا يحتاج إلى البيان بقوله المسلمون عند شروطهم فظهر انّ المراد تأسيس قاعدة كليّة من صحة كل ما يصدق عليه انّه شرط و ثانيا انّ استثناء المخالف للكتاب و السّنة و المحلّل للحرام و المحرّم للحلال في الأخبار المتقدّمة أقوى شاهد على كون نفس الشرط من الملزمات ضرورة انه لو كان المراد بالشروط هي الشرط الذي دلّ عليه دليل شرعيّ لم يعقل المخالفة و لا المحلّلية و المحرّمية و ثالثا انّ الإمام عليه السّلام استدلّ على لزوم الوفاء بالشرط بالنبوي (- ص -) فلو كان المراد بالشرط ما ثبت لزومه و صحّته من دليل شرعي فكيف جعل عليه السلام هذا دليلا على صحّة الشّرط لا يقال ان لازم ما ذكر هو وجوب الوفاء بكلّ ما تعهّد به فلم خصّوه بما في ضمن العقد لأنّا نقول أوّلا انّ الشرط ليس بمعنى مطلق الإلزام و الالتزام حتى تكون الأخبار دالّة على ان كلّ إلزام و التزام يجب الوفاء به إذ قد عرفت في مقدّمات المبحث انّ الشرط بمعنى الرّبط و لا يطلق على التعهّد المستقلّ انه شرط بل لا يقولون فلان شرط على فلان كذا الاّ إذا كان مرتبطا بعمل أو بإجارة أو بقرض أو نحو ذلك و (- ح -) فلا يدلّ عموم الشّروط الاّ على الوقوف في الشرط الواقع في ضمن المعاملة و ثانيا انه قد ورد في النّصوص انّ كلّ شرط قبل عقد النّكاح لا يلتفت اليه و لا يجب الوفاء به و قام الإجماع على ذلك فلو كانت العمومات دالّة على ذلك لاستشكلوا في ذلك مع اختلاف النصوص الخاصّة (- فت -) الثّاني ممّا استدلّوا به ما أشار الماتن (- قدّه -) بقوله مضافا إلى عموم وجوب الوفاء (- اه -) و توضيح التقريب انّ ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود يدلّ على صحّة الشرط الواقع في ضمن العقد امّا لانّ ذلك كالجزء من العقد و القيد منه فاذا وقع الارتباط بينه و بين العقد في قصد المتعاقدين فالوفاء بالعقد يقتضي الوفاء به لانّه من كيفيات العقد و لا فرق بين ما اعتبر في الأركان و بين ما لوحظ من الخارج بل هذا في الحقيقة يرجع إلى صفة في أركان العقد فيكون المبيع الفرس المرتبط بكذا و الثمن السيف المرتبط بكذا فلا بدّ من الوفاء بالشّرط حتى يحصل الوفاء بالعقد و اما لان الشرط بنفسه عهد من العهود و قد دلّت الآية على لزوم الوفاء بالعهود و لا يضرّ الانصراف إلى المتعارف هنا لانّ الشرط في ضمن العقد من العهود المتعارفة الشائعة فكما يشمل العقد الأصلي يشمل الشرط الثّالث انّ المعاملات ليست مبنيّة على التعبّد و الاختراع و انما هي أمور مجعولة عند العقلاء على نحو يتمّ بها النظام و الشارع قرّرهم على ذلك فكلّ معاملة شائعة بين الناس يحكم بصحّتها لكشفه عن تقرير الشّارع الاّ ما ورد المنع عنه و لا منع من الشرع من أخذ الشروط في ضمن العقود إذ لو كان لاشتهر و تواتر كسائر المعاملات الفاسدة سيّما بعد عموم البلوى و شدّة الحاجة مع انه قد انعكس الأمر فيكشف عن رضاه به و هو المدّعى قوله طاب ثراه كشرط العتق (- اه -) أبدله في (- لك -) بشرط رهن شيء على الثمن فإنه لا يصير رهنا بمجرّد الشرط بل لو جعله رهنا لم يصحّ لعدم لزوم الثمن لذمّة المشتري (- ح -) الّذي هو شرط صحّة الرهن بل لا بدّ له من صيغة أخرى بعد البيع انتهى قوله طاب ثراه و فيه انّ المعروف بينهم انّ الشرط بمنزلة الجزء (- إلخ -) فيه ما مرّ منّا في مقدّمات المبحث من منع كون الشرط بمنزلة الجزء من احد العوضين بالمعنى الّذي يزعم قوله طاب ثراه و انّ مقتضى القاعدة (- اه -) عطف على جملة مع انّ المعروف (- اه -) فهو إيراد ثان على الشهيد (- ره -) ففيه منع إباء القاعدة اللفظية عن ارادة ذلك المعنى بحيث ينحلّ اليه العقد المذكور في ضمنه الشرط قوله طاب ثراه و انّ رجوعه (- اه -) عطف على جملة و ان مقتضى (- اه -) فهو إيراد ثالث و يمكن الجواب عن ذلك بان المرتكز في ذهن المتعاملين انّما هو تعليق لزوم العقد و ثباته على حصول الشرط لا تعليق نفس النقل حتى يلزم المحذور قوله طاب ثراه ان لازم هذا الكلام (- اه -) هذه الجملة مبتدأ مؤخّر و فيه مع انّ المعروف (- اه -) التي هي خبر مقدّم و يمكن الجواب عنه بنظير جواب الإيراد السّابق ان (- يق -) انّ المعلّق على الشرط لو كان أصل النّقل لكان اللاّزم عند فقد الشرط ارتفاع النقل من رأس و ليس (- كك -) بل المعلّق على الشرط انّما هو ثبات العقد و لزومه فلازم تخلّف الشرط هو زوال اللزوم و هو مسلّم لا محذور فيه

المسألة الثانية في إجبار الممتنع عن الوفاء بالشرط و عدمه

قوله طاب ثراه ظاهر جماعة ذلك (- اه -) من هؤلاء الجماعة ثاني الشهيدين في (- لك -) بل قيل انّ عليه الأكثر و انه المشهور بل عن الغنية و (- ئق -) الإجماع عليه قوله طاب ثراه و ظاهر التحرير خلافه (- اه -) قد يستظهر ذلك من كلّ من أطلق ثبوت الخيار بعدم وفاء المشروط عليه بالشّرط كالمحقّق في (- يع -) و غيره في غيره قوله طاب ثراه و هل يكون حقّا للّه (- اه -) يأتي إنشاء اللّه تعالى في المسئلة السّادسة من

ص:173

المتن التعرض لذلك قوله طاب ثراه ما ذكره في (- مع صد -) و (- لك -) (- اه -) حقّ العبارة ان يقول و ما يظهر من (- مع صد -) و (- لك -) (- اه -) و ذلك (- اه -) لان (- مع صد -) و (- لك -) خاليان من قول انا إذا قلنا بوجوب الوفاء فلا كلام في ثبوت الإجبار و انما الموجود في الأوّل قوله و اعلم انّ في إجبار المشترى إلى أخر ما نقله عنه في المتن و الموجود في (- لك -) عند قول المحقّق (- ره -) إذا شرط العتق في بيع المملوك فإن أعتقه فقد لزم البيع و ان امتنع كان للبائع خيار الفسخ ما لفظه ظاهره ثبوت الخيار بمجرّد امتناع المشروط عليه و ان قدر المشروط له على إجباره على الوفاء و هو احد القولين في المسئلة و وجهه أصالة عدم وجوب الوفاء و للمشروط له وسيلة إلى التسلّط بالفسخ ففائدة الشرط (- ح -) جعل البيع اللازم عرضة للزّوال عند فقد الشرط و لزومه عند الإتيان به و القول الأخر وجوب الوفاء بالشرط و عدم تسلّط المشروط له الاّ مع تعذّر تخليصه لعموم الأمر بالوفاء بالعقد و المؤمنون عند شروطهم الاّ من عصى اللّه و هذا هو الأجود فعلى هذا لو امتنع من الوفاء و لم يمكن إجباره رفع امره إلى الحاكم ليجبره ان كان مذهبه ذلك فان تعذّر فسخ انتهى و وجه دلالة العبارة على انّه لا كلام في ثبوت الإجبار بناء على وجوب الوفاء انّه علّل عدم ثبوت الإجبار بعدم وجوب الوفاء فيلزمه مسلّميّة ثبوت الإجبار بناء على وجوب الوفاء فتدبّر قوله طاب ثراه فيجبر على تسليمه (- اه -) لعموم ما دلّ على جواز إجبار من له المال و الحقّ من عليه المال و الحق

المسألة الثالثة في أنه هل للمشروط له الفسخ مع التمكن من الإجبار فيكون مخيرا بينهما أم لا يجوز له الفسخ إلا مع تعذر الإجبار

قوله طاب ثراه و لا نعرف مستندا للخيار (- اه -) يعنى الخيار بين الفسخ و الإجبار و ربّما استدل بعضهم للخيار المذكور بانّ فوات الشرط يوجب الضّرر على صاحبه و جبره امّا بإجباره على الأداء و امّا بفسخ العقد المشروط فيه و حيث لا دليل على تعيين أحدهما يتخيّر في ذلك و يضعف بأنّه إن كان له الإجبار على أخذ حقّه فلا وجه لفسخ العقد المحكوم شرعا بلزومه إذ لا معارض له الان فامّا ان لا يلتزم بجواز الإجبار و امّا ان لا يقول بجواز الفسخ لانّه بعد إمكان الإجبار عقلا و شرعا فهو قد فوّت على نفسه الشّرط مضافا إلى ما دلّ على لزوم الوفاء الموجب للإجبار لو امتنع و من هنا يظهر انّه لو أمكن للشارط أخذ الشّرط من دون توسّط دفع المشترط فله ذلك كما لو تسلّط المشترى على البيع فانّ له أخذه و ان لم يرض البائع في غير ما يشترط في صحّته القبض فلو لم يأخذ فليس له فسخ العقد لانّه فوته على نفسه ما دام باقيا على إمكانه قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّ وجه التأمّل هو منع كون الامتناع من الشرط نقضا للعهد لانّ الشرط التزام في ضمن التزام فنقض الالتزام الثاني ليس نقضا للالتزام الأوّل (- فت -)

المسألة الرابعة لو تعذر الشرط فليس للمشترط إلا الخيار

قوله طاب ثراه الرابعة لو تعذّر الشرط فليس للمشترط الاّ الخيار (- اه -) هذه الفقرة تنحلّ إلى مطلبين أحدهما عدم ثبوت غير الخيار الثّاني ثبوت الخيار بين الرد و الأرش و (- المصنف -) (- قدّس سره -) قد تصدّى لبيان علّة الأوّل و سكت عن الثاني فيلزمنا توضيح القول فيه فنقول انه صرّح بذلك جمع كثير بل أرسل اخرون ذلك إرسال المسلّمات و ادّعى غير واحد الاتفاق عليه و في خيارات الفقيه الغروي انّه لا كلام فيه و انّ ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه انتهى و قد وقع الاستدلال عليه في كلماتهم بوجوه الأوّل انّ ثبوت الخيار هو مقتضى الشّرط فان معناه انّه لو انتفى فلا عقد و تنظر فيه الفاضل النراقي (- قدّه -) بانّ ذلك انّما يتمّ إذا كان مراد المتعاقدين من الشرط الشرط الأصولي و هو ما ينتفي المشروط بانتفائه و امّا لو أرادا منه مجرّد الإلزام و الالتزام فلا معنى له مع انّ هذا لو تمَّ للزم بطلان العقد لانّه المشروط لا خيار الفسخ و جعل المشروط اللّزوم لا وجه له و ردّ بانّ العاقد إذا شرط فإن أراد به الانتفاء عند الانتفاء لأصل العقد فلا وجه للخيار بل لازمه البطلان و إن كان لدوامه (- فكذلك -) لارتفاع المشروط بارتفاع شرطه و إن كان للزومه فلا وجه لقول العاقد شرطت في لزوم العقد فان ذلك حكم وضعيّ توقيفي فلا وجه لاحتمال انّ الشرط أصولي ينتفي بانتفائه الثّاني أنّ التراضي في العقد على سبيل اللزوم و الاستمرار و انّما وقع لهذا الشّرط و لم يعلم من الطّرفين إخراج مالهما عن ملكهما على سبيل اللّزوم الاّ مع تحقّق الشرط فمع انتفائه لهما الرّجوع إلى مالهما و ردّه الفاضل المذكور بانّ الظاهر من العقد الرّضا بالانتقال مع التزام الشرط و قد تحقّق الالتزام إذ لا يشتمل على غير ذلك و امّا الالتفات الى عدم الشّرط و عدم الرّضاء معه فالأصل عدمه و لا يعتبر ذلك الاحتمال في شيء من العقود إجماعا و لذا لو اشترى أحد شيئا و قبضه ثمَّ تلف بعد ثلثة أيّام مثلا لا يحصل له خيار و لا يقال انّه لم يعلم إخراج ماله عن ملكه على سبيل اللّزوم الاّ مع عدم التلف في هذه المدّة مع انه لو التفت إلى هذا الاحتمال أو علمه حين العقد لم يرض بالشرط و الحاصل انّ الملتفت إليه في العقود انّما هو ما يستفاد من اللّفظ فاذا دلّ لفظ على التراضي بالنّقل مع التزام شيء يحكم بالرّضاء مع ذلك الالتزام و امّا انّه لو لم يتحقّق ما التزم به فهو أمر خارج لا دخل له بالعقد و اىّ فرق بين هذا الشّرط و بين ما إذا باع شيئا بشيء أخر يسلّمه المشترى بعد مدّة و نقص قيمة ذلك الثمن عند التسليم نقصانا كثيرا أو باعه بثمن إلى مدّة و مات المشترى في تلك المدّة و نقل المبيع إلى غيره و لم يخلف شيئا و امّا أصالة عدم التراضي إلاّ مع سلامة الشّرط فهي مدفوعة بما هو الظاهر من اللّفظ و هو الرّضا مع التزام الشرط و قد تحقّق و هذا للظهور معتبر بالإجماع القطعي و الاّ لم يسلم عقد لأحد بل لوضع ظهور ذلك لكفى الإجماع القطعي في ذلك هذا كلامه و أجيب عن ذلك باحتمال كون المراد بوقوع التّراضي مع الشرط وقوع العقد على هذا النّحو فاذا تعذّر ذلك فلا بدّ من مدفع لفوات هذا المقصود و ليس الاّ الخيار و انّه ليس في كلامهم الالتفات إلى العدم عند العدم حتى يمنع أو يتقى بالأصل و لا يحتاج إلى احتمال عدم التراضي بل المدّعى انه من المعلوم انّهما قاصدان لهذا المركّب و قد فات و اىّ فرق بين فوات المركّب من العقد و الشّرط و فوات العقد على المركّب بفوات بعض اجزائه و ليس في ظاهر لفظهما الرّضا بالعقد كيفما كان حتى يتمسّك به في عدم الخيار إذ ظاهر العقد الرّضا بالمجموع المركّب و اين الظّاهر الدّال على الرّضا كيفما كان قلت مقتضى ما ذكره المجيب هو بطلان العقد من رأس لا ثبوت الخيار كما لا يخفى الثّالث ما تمسّك به بعضهم من قاعدة الضّرر بتقريب انّ الشرط هو الرّبط فالإلزام و الإيجاب وقع على أمرين مع الارتباط فاذا فات أحدهما فقد دخل الضّرر فيسلّط على الخيار دفعا له و ليس هذا لتبعّض الصّفقة حتى يسقط العوض لانّ الشرط ليس جزءا و ان كان له قسط من الثمن و انّما هو كالوصف و الأوصاف لا تقابل بالأعواض و ان تفاوت بها القيم و قولهم له قسط من الثمن معناه انّ له دخلا في ذلك لا انّه مقابل بالعوض و هذا الوجه متين و توهّم انّ الضّرر كما يرتفع بالخيار فكذا يرتفع بالبطلان من رأس كما ترى ضرورة أنّ الضّرورة تقدّر بقدرها فاذا كان الضرر يرتفع بالخيار فلا معنى للبطلان الرابع الإجماع

ص:174

تمسّك به بعضهم و حجية مقصورة على مدعيه الخامس ما تمسّك به في المستند من الضعيف بابى الجارود زياد بن المنذر كالصّحيح لكون الرّاوي عنه ابان المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه الذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان بن عثمان عن ابى الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال ان بعث رجلا على شرط فإن أتاك بمالك و الاّ فالبيع لك بتقريب انّ الشرط فيه يعمّ بإطلاقه كلّ شرط فانّ لفظة ما في قوله مالك موصولة و اللاّم جارة فيثبت المطلوب في جميع الموارد و ان جعلت لفظه ما جزء للكلمة و (- كك -) اللام و كون الجار لكلمة المالك بكسر اللاّم فامّا ان يراد بالمال المشروط (- مط -) أو مجازا أو يخصّ الشرط بالمالي و يتعدّى إلى غيره بالإجماع المركّب و يثبت تمام المطلوب و (- كك -) في الشروط التي للمشتري و خياره و امّا ارادة الثمن من المال فهو مع كونه تخصيصا بلا مخصّص يوجب لغويّة قوله على شرط الاّ ان يخصّ بشرط إتيان الثّمن في وقت معيّن خاصّة و هو (- أيضا -) تخصيص بلا مخصّص مع انّه (- أيضا -) يثبت المطلوب بضميمة الإجماع المركّب و امّا تخصيص الشرط بشرط خيار الفسخ مع عدم الإتيان بالثمن فهو تخصيص لا وجه له بل هو إخراج للأكثر و امّا كون المراد من قوله فالبيع لك الخيار فالوجه فيه ظاهر لقضاء العرف بذلك إذ لا معنى لكون البيع له الاّ كون اختياره اليه و هل هو الاّ الخيار فتدبّر قوله طاب ثراه لعدم دليل على الأرش كان الأولى التمسّك بأصالة برأيه ذمّة المشروط عليه من بذل التّفاوت و جعل عدم الدّليل على ثبوت الأرش منقّحا لمجرى أصل البراءة فانّ مجرّد عدم الدّليل لا يكفي في نفي الأرش ثمَّ انّ القول بعدم ثبوت الأرش هو ظاهر جمع منهم الشهيد (- ره -) في (- س -) و صريح اخرين و المراد بالأرش هنا هو تفاوت ما بين وجود الشرط و عدمه قوله طاب ثراه و ظاهر العلاّمة (- ره -) ثبوت الأرش (- اه -) قال في (- عد -) في فروع البيع بشرط العتق انّه لو مات أو تعيّب بما يوجب العتق رجع البائع بما نقصه شرط العتق فيقال كم قيمته لو بيع (- مط -) و بشرط العتق فيرجع بالنّسبة من الثّمن انتهى قوله طاب ثراه و ضعّف في (- س -) قول العلاّمة (- اه -) ربّما ردّ تضعيف (- س -) بانّ الثمن لم يوزع على الشرط بحيث يجعل بعضه مقابلا له و انّما الشرط محسوب مع الثمن و قد حصل باعتباره نقصان في القيمة فطريق تدارك النّقص هو الرّجوع بالنقيصة و أقول انّ هذا الكلام و إن كان لا بأس به في ردّ الشهيد (- ره -) لكنّه لا يردّ أصل مختاره بل هو الأظهر عند التأمّل لأنّ الشّرط و إن كان له تأثير في زيادة الثمن و نقصه الاّ انّ ذلك بمجرّده لا يقتضي جواز إلزام المشتري بالنّقص فقط لعدم الدّليل عليه و الاستدلال عليه بكونه بمنزلة الثمن قبل القبض و تلف الثمن قبل القبض مضمون على المشترى مدفوع بمنع شمول أدلّة ذلك لمثل هذا و الحكم على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورد اليقين و هو المبيع و الثمن لا ما هو بمنزلتهما من غير دليل على التنزيل فالقول (- ح -) هو الأقرب نعم لو كان المشترى هو المتلف للعبد أو غيره من المبيعات أو المعيّب له بما يوجب تعذّر الوفاء بالشرط رجع عليه لكونه ضارّا و متلفا امّا في التلف من قبل اللّه تعالى فالقول بالرّجوع عليه بما يقابله مشكل ثمَّ على تقدير الرّجوع بالنّقيصة فظابط استخراج تلك النّقيصة على نحو ما سمعته من العلاّمة (- ره -) و توضيحه انّه يقوم بدون الشرط و يقوم معه و ينظر التفاوت بين القيمتين و ينسب إلى القيمة التي هي مع شرط العتق و يؤخذ من المشترى مضافا إلى الثمن بمقدار تلك النّسبة من الثمن فلو كانت قيمته بدون الشّرط مائة مثلا و معه ثمانين لكان التفاوت عشرين نسبتها إلى الثمانين انّها ربعها فيؤخذ من المشترى بمقدار ربع الثمن و يسلّم إلى البائع لأنّه هو الّذي تسامح به البائع في مقابل الشرط للعتق فتدبّر

المسألة الخامسة لو تعذر الشرط و قد خرج العين عن سلطنة المشروط عليه بتلف أو بنقل أو رهن أو استيلاد

قوله طاب ثراه ففي رجوعه عليه بالقيمة (- اه -) المراد بالرجوع بالقيمة في القيمي و الاّ ففي المثلي لا معنى للرّجوع بالقيمة ضرورة انّ المثل حيث يمكن أقرب الإبدال إلى العين و انّما الرّجوع إلى القيمة حيث لا يمكن الرّجوع بالمثل كما لا يخفى قوله طاب ثراه تقدّمت في أحكام الخيار (- اه -) احكام الخيار لم تتقدّم الاّ ان يكون غرضه التقدّم تصنيفا لكنّه خلاف ظاهر التّعبير و لو كان غرضه ذلك لكان يقول قد حرّرنا في أحكام الخيار لظهور كلمة تقدّم في التقدّم ترتيبا و ظنّي أنّ (- المصنف -) (- ره -) كان قد كتب سابقا هذا الكتاب شرحا على الشرائع و مبحث احكام الخيار و النّقد و النسية مقدّمان هناك على مبحث الشّروط ثمَّ لما عدل عن الشرح إلى الاستقلال بقي جملة من المواضع مثل المقام فلم يبدل كلمة تقدّم بكلمة يأتي قوله طاب ثراه أو مع اذن المشروط له (- اه -) جعل صورة الإذن من الوجوه كما ترى ضرورة انّ اذنه في ذلك إسقاط للشرط و هو جائز قطعا و موجب لصحّة العقد فلا وجه لمقابلته باحتمال البطلان فالظاهر انّه سهو من قلمه الشريف قوله طاب ثراه و ظاهر ما اخترناه (- اه -) يعنى انّ ظاهر عبارة (- س -) ما اخترناه من التّفصيل لكن لا يخفى عليك خلوّ عبارة (- س -) عن حكم العتق و انّ له فسخه أم لا ثمَّ انّه اثبت له السّلطنة على الفسخ و مدّعى الماتن (- ره -) هو الانفساخ قوله طاب ثراه و يحتمل ضعيفا غيره يعنى انّ عبارة (- س -) تحتمل ضعيفا عدم ارادة القول بما قال به من التفصيل نظرا إلى احتمال ارادته بالفسخ فسخ العقد الأوّل لمعنى ما أوقعه المشترى و وجه ضعف هذا الاحتمال انّ الإتيان بكلمة كلّه قرينة على ارادته باسم الإشارة البيع و الهبة و الوقف لكن قد عرفت انّ عبارة (- س -) مع ذلك غير دالّة على ما اختاره الماتن (- ره -) و الأقوى في النّظر القاصر هو تسلّطه على فسخ ما أوقعه المشتري حتّى العتق لانّ بناء العتق على التّغليب انّما هو حيث وقع على الملك الّذي لا مانع من عتقه و حقّ الغير مانع من ذلك (- فت -)

المسألة السادسة في أن للمشروط له إسقاط شرطه إذا كان قابلا للإسقاط

قوله طاب ثراه لعموم ما تقدّم في إسقاط الخيار و غيره من الحقوق أشار بما تقدّم إلى ما أسبقه في خيار المجلس من التمسّك بالقاعدة المسلّمة من انّ لكلّ ذي حقّ إسقاط حقّه لفحوى تسلّط الناس على أموالهم فحقوقهم أولى بأن يتسلّطوا عليها و أقول ان تسلّطهم على حقوقهم و قدرتهم على إسقاطها مسلّم لكن نفس الأولوية المذكورة مما يمكن المناقشة فيه بان يقال انّ العلقة في المال لما كانت قويّة كان لهم التصرّف بأيّ نحو شاءوا و ذلك لا يستلزم تسلّطهم على حقوقهم التي المعلقة فيها أضعف من علقة المال (- فت -) قوله طاب ثراه قال في (- كرة -) الأقوى عندي انّ العتق المشروط اجتمع فيه حقوق (- اه -) أقول في كون العتق المشروط حقّا لمن وجوه أحدها انّه حقّ للّه تعالى و هو المستظهر من الشهيد (- ره -) في (- س -) نظرا إلى أنّه غاية يتقرّب بها إلى اللّه (- تعالى -) فهو كالملتزم بنذر و شبهه في كونه عبادة ثانيها انّه حقّ للبائع استقربه في (- عد -) نظرا إلى تعلّق غرضه به و مسامحته في الثمن لأجل هذا الشرط ثالثها انّه حقّ للعبد احتمله في (- لك -) و غيره نظرا إلى استلزامه زوال الحجر عنه و تحريره و ملكه نفسه و تسلّطه على تصرّفات الأحرار رابعها كونه حقّا للجميع نظرا إلى انّه لا منافاة بين الحقوق فيجوز اجتماعها فيه لاجتماع أثارها فإنّ تعدّد الآثار و اللّوازم

ص:175

يدلّ على تعدّد الملزومات و إلى هذا الوجه يميل كلام (- لك -) و به جزم في (- كرة -) و التحقيق ما ذكره الماتن (- قدّه -) ثمَّ انّهم ذكروا موضعين مظهر ثمرة النّزاع الأوّل انّه بناء على الأوّل لا يسقط بإسقاط البائع و لا العبد و على الثاني يسقط بإسقاط البائع دون العبد و على الثالث يسقط بإسقاط العبد دون البائع و على الرّابع لا يسقط إلاّ بإسقاط الجميع الثّاني انّه على الأول لا يكون للبائع و لا العبد مطالبة المشتري بالعتق إذا أخّر و على الثاني فالمطالبة للبائع دون العبد و على الثالث فالمطالبة للعبد دون البائع و على الرّابع فليس لأحدهما المطالبة لانّ من له بعض الحقّ ليس له مطالبة جميعه و يمكن المناقشة في الثمرتين بأنّ الإسقاط و المطالبة من آثار الماليّة و البيع و الاشتراط فلا يكون ذلك إلاّ للبائع و إن كان لغيره أيضا حقّ من وجه أخر و لعلّه إلى ذلك أشار المحقّق الثّاني (- ره -) بقوله بعد عبارته في (- مع صد -) المحكية في المتن و لما لم يكن للأوّلين تعلّق للماليّة ساغ قطع النّظر في البحث عن المسئلة عنهما لانّ البحث هنا انّما هو لأجل تحقّق ما يترتّب على ذلك من أحكام الماليّة فحسن إطلاق كون الشرط حقّا للبائع انتهى و لعلّه بنى على ذلك في (- لك -) حيث انّه مع ميله إلى كونه حقا للجميع قال ان شرطت العتق مستثنى من الشروط القابلة لإسقاط مستحقّها انتهى فمنع من الإسقاط (- مط -) و إن كان يمكن المناقشة فيه بفقد ما يخصّص أدلّة تسلّط الناس على حقوقهم كاموالهم و عدم كون شرط العتق عتقا كي يمكن تبديله فتأمّل جيّدا

المسألة السابعة في عدم تقسيط الثمن على الشرط

قوله طاب ثراه و قد حكى عن (- ط -) (- اه -) قلت حكى ذلك عن التبصرة و (- ير -) و اللّمعة و ظاهر غاية المراد (- أيضا -) قوله طاب ثراه مضافا إلى فحوى الرّواية الآتية (- اه -) قلت جميع حجج القولين في الصّورة الآتية آتية هنا حرفا بحرف قوله طاب ثراه لانّ المبيع هو الموجود الخارجي (- اه -) هذا الوجه قد ذكره في الإيضاح بتقرير قريب من هذا و هو انّه جعل الثمن كلّه في مقابل هذا العين الموجودة و كون كذا بقدرها من صفاتها و ليس ذلك عيبا لانّه ليس بخروج عن المجرى الطّبيعي بل هو صفة كمال فاذا فقدت كان له الفسخ أو الإمضاء بالجميع كما لو اشترى عبد أعلى انّه كاتب فخرج غير كاتب و كسائر التّدليسات قوله طاب ثراه و الجواب انّ كونه من قبيل الشرط (- اه -) قد يقرّر الجواب بوجه أخر و هو انه و إن كان بصورة الشّرط لكنّه في الحقيقة من اجزاء المبيع على الوجه الّذي تسمعه من صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّ التأمّل في قضاء العرف بذلك هنا و الاّ لحكم به في سائر الشّروط المعتنى بها (- أيضا -) قوله طاب ثراه و الأقوى فيه ما ذكر من التقسيط (- اه -) ما قوّاه هو خيرة (- ية -) و (- ئر -) و (- يع -) و (- عد -) في باب الصّرف و (- لف -) و (- شاد -) و ظاهر التنقيح و مجمع الفائدة و الرّياض و ما تأخّر عنه و هو المحكى عن التبصرة و (- س -) و إيضاح (- فع -) و غيرها بل في الإيضاح و (- لك -) و المهذّب البارع و محكي غاية المرام و غيرها انّ عليه الأكثر و في الرّياض انّه حكى الشهرة عليه جماعة قوله طاب ثراه لما ذكر سابقا من قضاء العرف (- اه -) قد وقع الاستدلال لهذا القول بوجوه هذا أحدها و توضيحه ما في الجواهر من انّ المذكور و إن كان بصورة الوصف و الشرط اللّذين لا يوزّع عليهما الأثمان لكنها اجزاء من المبيع حقيقة خارجيّة فيفوت بفواتها بعض المبيع (- ح -) فيثبت الخيار المزبور بتخلّف الوصف الّذي هو بعض من المبيع و بذلك افترق عن باقي الأوصاف الّتي لا ترجع إلى اجزاء من المبيع و كان الخيار فيها بتخلف الوصف بين الفسخ و القبول بتمام الثمن لكون الفائت ليس جزء مبيع يقابل شيئا من الثمن بل وصفه و ما نحن فيه ليس من ذلك قطعا بل هو لا ينقص عن وصف الصّحة الّذي يثبت الخيار بفقده بين الرد و القبول بالأرش الثّاني انّ المبيع معين مقدّر بقدر معيّن و لم يحصل ذلك القدر فيقسط الثّمن عليه و على الفائت ان اختار المشتري الإمضاء و له الفسخ لفوات بعض المبيع و هو لا يقصر من فوات وصف ذكر ذلك في (- لك -) ثمَّ أجاب بقوله و يشكل التقسيط بأنّ الفائت لا يعلم قسطه من الثمن لانّ المبيع مختلف الأجزاء فلا يمكن قسمته على عدد الجريان انتهى و فيه أوّلا منع عدم إمكان التّقسيط بل يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة فيقال كم قيمة الأرض بهذه الصفة و بهذا القدر و كم قيمة الموجودة فيؤخذ الموجودة و ينقص من الثمن التّفاوت كما هو واضح و ثانيا انّ اشكال التقسيط لا يقتضي إضراره بقبول الأقلّ بتمام الثمن فتأمّل الثّالث انّه وجده ناقصا فكان له أخذه بقسطه من الثمن كما لو اشترى الصّبرة على انها عشرة أقفزة فبان تسعة و كذا المعيب له إمساكه و أخذ أرشه و مرجع ذلك إلى إدراجه تحت عمومات خيار العيب الرّابع ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن على بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن ذبيان عن موسى بن أكيل عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل باع أرضا إلى أخر ما في المتن مع زيادة كلمة ذلك قبل كلمة بحدوده و تبديل كلمة فليوفيه بكلمة فليؤخذ و زيادة قوله و عليه الوفاء بتمام المبيع بعد قوله و يكون البيع لازما عليه و السّند قوىّ بل موثق و بالعمل و ما مرّ من الاعتبار مؤيّد نعم اشتماله على ما تفرّد به الشيخ (- ره -) من التّتميم بالأرض الّتي إلى جنبها ربّما يوهنه الا انّ ترك الرّواية مع الوثوق بسندها لا وجه له بعد عدم قدح سقوط الذّيل في الأخذ بالصّدر الخامس ما في مفتاح الكرامة من انّ نقص الأجزاء ليس بأنقص من العيب إذ العائب جزء حقيقي فهو أولى بأن يكون له قسط من الثمن بخلاف العيب فإنّ الغائب لأجله ليس له قسط من الثمن مع انّه في المعيب (- أيضا -) إنّما رضي بالثمن المعين و النصّ في المقامين موجود بل لو لم يكن نصّ هنا لقضت الأولويّة العرفيّة التي هي حجّة عندهم بذلك هذا و فيه نظر قوله طاب ثراه و لا بأس باشتماله على حكم مخالف للقواعد (- اه -) أراد بهذا الحكم ما في ذيل الرّواية من تتميم الأرض بما في جنبها من الأرض الّتي للبائع على تقدير وجودها عنده و قد عمل بهذه الفقرة الشيخ (- ره -) كما ستسمع إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و زاد بعض هؤلاء ما فرّق به في (- ط -) بين الصّورتين (- اه -) جملة ما فرّق به في (- ط -) مفعول زاد اى زاد بعض هؤلاء الاستدلال بما فرّق به في (- ط -) (- اه -) و قد كان الأولى ابدال الباء في قوله بأنّ الفائت بمن حتى تكون الجملة بيانا لما فرّق به في (- ط -) و بدلا عنها و مفعولا لزاد و قد أراد بالبعض شيخ (- لك -) فإنّه هو الّذي ذكر هذا الوجه و ربّما قرّر بعضهم هذا الوجه بوجه أخر و هو انّ ما فات لا قسط له من الثمن لاستحالة تقسيط الثمن على الأجزاء أو القيم لعدم الفائت و عدم المماثل له فاستحال تقوّمه فاستحال ثبوت قسط له ففواته كفوات صفة كمال و هو كم و الكم عرض فكان كالتّدليس و فرق بينه و بين ما إذا باع عبدين فبان أحدهما مستحقّا لأنّ في هذه لم يعلم المبيع و هو مجموع العبدين و هنا قد سلم المبيع و هو مجموع الأرض و انما فقد منها كونها بقدر الجريب الواحد عشر مرّات مثلا و هلا وصف يعدّ كمالا و لا يعدّ نقصه عيبا و ردّ بإمكان كون طريق التقويم بان هذه الأرض الشّخصيّة من غير زيادة عليها و نقيصة على فرض أنّها عشرة أذرع و لو للاشتباه فيها كذا و على فرض أنّها خمسة قيمتها كذا فينسب احدى القيمتين إلى الأخرى و يؤخذ من الثمن بنسبة فلا يحتاج (- ح -) إلى إضافة شيء إليها كي يستشكل بأنّه يستحيل تقويمه لعدم المماثل حتّى يجاب عنه

ص:176

بان الغالب في الأرض التساوي فيفرض كونه مساويا لها مع انّه قد يستشكل بأنّه قد يفرض كونها مختلفة فيلزم كون الفائت مختلفا على نسبة اختلافها إذ الجميع كما ترى قوله طاب ثراه الاّ ان يدّعى استلزام ذلك جهالة ثمن المبيع (- اه -) ربّما جعل بعضهم أداء التقسيط إلى جهالة الثمن في الجملة و التفصيل دليلا مستقلاّ و أجيب عنه بأنّه لا جهالة حال العقد بعد الإقدام منهما على مقابلتها بالثمن على انّها عشرة كما انّه لا يقدح الجهالة في التقسيط بعد معلوميّة المقابلة في الجملة و بأنّا إذا قسّمنا الثمن على القيمة فلا جهالة في جملة و لا تفصيل على انّه وقع مثله كثيرا ليس إذا وجد عيبا و قد حدث عند عيب أخر أخذ أرشه فصار الثمن مجهولا في الجملة و التفصيل و عساك ان تقول بالفرق لأنّه في المعيب وقع في الابتداء على الجملة و صحّ بها و هنا يكون واقفا في الابتداء و فيه على تقدير تسليمه و ما كاد ليكون انّه لا يتمّ فيما إذا باع عشرة أذرع مشاعة بينه و بين غيره و لم يجز شريكه إلى غير ذلك و تجشّم جعل هذا من باب الصّفة حتى تكون الأرض موصوفة بكونها قدر الجريب الواحد عشر مرات حتّى يكون كالتدليس ممّا لا ينبغي إذ ما من شيء الاّ و يمكن ان يتجشّم له صفة مثل هذه الصّفة كما نبّه على ذلك في مفتاح الكرامة قوله طاب ثراه ثمَّ انّ المحكى عن الشيخ (- ره -) العمل بذيل الرّواية المذكورة قال في (- ية -) و ان كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض وجب عليه ان يوفيه تمام ما باعه إيّاه انتهى و افتى الأكثر كما في الإيضاح بخلاف ذلك و انّه ليس للمشتري الأخذ من الأرض الّتي يجنبها و الّذي يظهر لي هو العمل بالرواية لقوّة سندها و تماميّة دلالتها و عدم تبيّن اعراضهم عنها و عدم عملهم بالذّيل كما حكاه القطيفي في محكي إيضاح (- فع -) أعمّ من الأعراض و ما في مفتاح الكرامة من انّه لا جابر لها في خصوص ذلك كما ترى لعدم كونها ضعيفة حتّى يحتاج إلى الجابر و ذلك انّ الصّدوق (- ره -) رواها في الفقيه بإسناده عن عمر بن حنظلة و قد قال في أخر الكتاب انّ ما كان فيه عن عمر بن حنظلة فقد رويته عن الحسين بن احمد بن إدريس (- ره -) عن أبيه عن محمّد بن احمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة انتهى و أقول امّا محمّد بن احمد بن يحيى و محمّد بن عيسى و صفوان فحالهم في الجلالة أظهر من ان يحتاج إلى البيان و امّا عمر بن حنظلة فقد وثّقه الشهيد (- ره -) و كفى به موثقا و امّا داود فقد وثقه النّجاشي و غيره مضافا إلى كون الراوي عنهما صفوان المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه و امّا أحمد بن إدريس الأشعري فقد وثّقه جماعة منهم النجاشي و امّا الحسين بن احمد بن إدريس فقد قامت شواهد على وثاقته منها كونه من مشايخ اجازة الصّدوق (- ره -) و منها ترضيه عليه كما ذكره حتّى قال بعض الأجلاّء انّه ترحّم عليه عند ذكره أزيد من ألف مرّة و منها رواية مثل الصّدوق (- ره -) عنه بل ربّما احتمل الميرزا محمّد في رجاله كونه المراد بالحسين في قول العلاّمة (- ره -) في (- الروضة -) الحسين الأشعري القمي أبو عبد اللّه ثقة انتهى و بالجملة فالخبر المذكور ان لم يكن من الصّحيح موضوعا فلا ريب في كونه منه حكما فلا عذر في تركه و امّا المناقشة في دلالته بتنزيل ما في ذيله على كون المبيع عشرة أجر؟؟؟ كليّة مع تقارب الأرض ظنا منهما كون هذه الأرض المحدودة الطرفين من مصاديقها فلمّا مسحا تبيّن عدمه فعليه اضافة ما يجعلها من مضايقها أو على كون العشرة المبيعة مبدئها من هذا المكان ظنّا منهما انتهائها إلى كذا أو بالعكس فلمّا تبيّن لهما العدم فعليه الإضافة مع الإمكان و الاّ فله خيار التبعّض فساقطة جدّا لإباء ظاهر الرّواية عن التنزيلين جميعا و الظّواهر لا ترفع اليد عنها إلاّ بقرينة ظاهرة هي في المقام مفقودة تنبيهان الأوّل انّه على القول الأوّل لو لم يعلم للبائع بالنّقصان فهل يثبت له (- أيضا -) الخيار احتمله في (- لف -) و المهذّب البارع و (- لك -) و غيرها بل عن (- ير -) انه حكاه قولا و قوّاه نظرا إلى انّ البائع لم يرض الاّ يبيعها بالثّمن اجمع و لم يسلم له لكن في ثبوت الخيار بذلك نظرا (- فت -) و على تقدير الثبوت هل يسقط ببذل المشترى جميع الثمن جزم به في التحرير و (- لف -) و المهذّب البارع و غيرها لحصول ما رضى به و احتمل في (- لك -) العدم لثبوت الخيار فلا يزول بذلك كالغبن لو بذل الغابن التفاوت و فيه وضوح الفرق بين خيار الغبن و المقام لانّ خيار الغبن ثبت بالنّص فيستصحب عند الشك الناشي من بذل التفاوت بخلاف المقام الّذي يرتفع بالبذل نفس دليل الخيار الثاني انّه صرّح في (- يع -) و غيره بجريان حكم الأرض في كلّ ما يختلف اجزائه و هو انّما يتمّ بناء على موافقة ما تضمّنه النص للقاعدة و امّا على مخالفته لها فيلزم الاقتصار على مورد النص قوله طاب ثراه الثالث ان يتبيّن الزيادة عمّا شرط (- اه -) أراد بذلك تبيّن الزيادة في متساوي الأجزاء و فيه وجوه أحدها ان الزّيادة للبائع و لا خيار للمشتري و قد صرّح به جماعة و صرّح بكون الزّيادة للبائع في (- ط -) و (- شاد -) و التنقيح و غيرها و نفى الشكّ فيه في مجمع الفائدة و نفى الكلام فيه في التنقيح و لعلّ الوجه في ذلك تقدّم الوصف على الإشارة مع أصالة اللّزوم مضافا إلى انقسام الثمن على اجزاء الطّعام لتساويها ثانيها ثبوت الخيار للبائع في الفسخ و الإمضاء بجميع الثمن و ليس له شيء من الزيادة و هو الّذي استقرّ عليه رأي العلاّمة (- ره -) في مبحث الشروط من (- عد -) و صحّحه ولده في محكي شرح (- شاد -) و قوّاه في الإيضاح و ظاهر (- كرة -) و مجمع الفائدة اختياره بل في الثاني انّه ظاهر القوانين الشرعية و علّل بانّ المبيع هو العين الشخصيّة الموصوفة بكونها مقدارا مخصوصا بالثمن المعيّن و فوات الوصف لا يخرج الجميع عن كونها مبيعا فيتخيّر البائع لفوات الوصف بين الفسخ و الإجارة بالثمن ثالثها كون الزيادة للبائع و تخير المشترى بين الفسخ و الرّضا بالمبيع للشركة الّتي هي عيب عندهم و لم يدخل على الرّضا بها و لتبعّض الصّفقة و هو خيرة التبصرة و (- س -) في موضع منه و في (- مع صد -) انّه ينبغي الجزم به رابعها صحّة البيع و تخيّر البائع بين تسليم المبيع زائدا و بين تسليم القدر المشروط فإن رضي بالجميع فلا خيار للمشتري لأنّه زاد خيرا و ان اختار تسليم القدر المشروط تخيّر المشترى بين الفسخ و بين الأخذ بجميع الثمن المسمّى فإن رضي بالأخذ فالبائع شريك له استقربه في (- لف -) ثمَّ احتمل تخيّره لتضرّره بالشركة و عدمه لأنّه رضي ببيع الجميع بهذا الثمن فاذا وصل اليه الثمن في البعض كان اولى و لانّ الضّرر حصل بتقريره خامسها ما في المتن من التفصيل و هو أجود الأقوال قوله طاب ثراه و حكمه يعلم ممّا ذكرنا (- اه -) توضيحه انّهم ذكروا في تبيّن الزيادة في مختلف الأجزاء وجوها بل أقوالا أحدها ثبوت الخيار للبائع بين الفسخ و الإمضاء بالثمن افتى به جمع منهم القاضي و ابن حمزة و المحقّق في (- يع -) استنادا إلى انّ المبيع هو العين المشخصة موصوفة بكونها مقدارا مخصوصا بالثمن المعيّن و فوات الوصف لا يخرج الجميع عن كونه مبيعا نعم يتخيّر البائع لفوات الوصف بين الفسخ و الإجارة بالثمن و قد يقرّر وجهه بعدم موجب التقسيط هنا ضرورة اختصاص إيجاب التبعيض ذلك بالمشتري فلم يبق إلاّ جهة تخلّف الوصف الموجب ضررا على البائع لو كان البيع لازما قبلت له الخيار بالطريق المذكور و إلزام المشتري هنا بإعطاء ما يخصّ الزّيادة على نسبة الثمن أو تخيّره بين ذلك و بين الفسخ ممّا لا دليل عليه و الأصل براءة ذمته من ذلك ثانيها

ص:177

بطلان البيع من رأس احتمله جماعة منهم الشيخ (- ره -) في (- ط -) و العلاّمة في (- عد -) بل عن العلاّمة (- ره -) في التبصرة اختيار ذلك و علّل بوجوه فمنها جهالة المبيع لأنّ الزّيادة غير معيّنة و منها ان المبيع ذلك الموصوف بالوصف المنتفي فيكون منتفيا و منها ما في التنقيح من انّه صحته تستلزم إجبار البائع على تسليم جملة المبيع لو امتنع و اللازم باطل لأنّ الزّائد ملكه و لا إجبار على تسليم ملكه فيبطل الملزوم و هو صحّة البيع و منها انّ البائع لم يقصد بيع الزّيادة و المشترى لم يقصد شراء البعض ثالثها التفصيل المتقدّم حكايته في الصّورة السّابقة عن العلاّمة (- ره -) في (- لف -) و أقول امّا احتمال البطلان من رأس فساقط رأسا لسقوط الوجوه المستدلّ بها له امّا الأوّل فلوضوح انّ عدم معلوميّة الزيادة غير قادح بعد كفاية المشاهدة في مختلف الأجزاء كالأرض و الثوب و كون المبيع هو العين المشاهدة غاية ما هناك زيادة توصيف لا يوجب فقده الاّ الخيار و قد يقال انّ المبيع بحسب الصّورة هو المجموع و قد تجدّد كون الزائد ليس منه بعد الحكم بصحّة العقد (- فت -) و امّا الثّاني فلان لازمه هو بطلان البيع بتخلّف الوصف و ذلك ممّا لا يلتزم به احد حتّى المستدلّ في غير الفرض و امّا الثالث فمصادرة لأنّ كون الزائد ملكه عين المتنازع و امّا الرابع فلمّا ذكر في ردّ الثاني و امّا القول الأوّل المفتي به في (- ط -) و الوسيلة و (- يع -) و (- كرة -) و (- شاد -) و محكي التنقيح و (- مع صد -) و (- لك -) و غيرها فلا بأس به لكن لا على إطلاقه بل الوجه ان يقال انّ الصّحة لا ريب فيها لانّ العقد قد جرى على المجموع مشارا إليه غاية ما هناك انّه قدّره بقدر معيّن فزاد عليه و لا دليل على قدح الزيادة في الصّحة و الأصل مع الشك محكّم غاية ما هناك إيجاب الزيادة الخيار لكن لا (- مط -) بل إن كان مع عدم العلم بالزّيادة حال البيع و الاّ كان هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه و توهّم كون المسئلة ما إذا باعه قطنا فبان انه كان فيبطل البيع مدفوع بأنه على فرض تسليم الحكم في المقيس عليه فهو في المقيس ممنوع للفرق بين ما يخرج على خلاف الجنس و غيره امّا القول الثالث فلا يخلو (- أيضا -) من وجه إذ كما ان تضرّر المشتري بأخذ الناقص في الصّورة الثانية أوجب خياره فكذا تضرّر البائع هنا بدفع الزائد يوجبه فتأمّل جيّدا ثمَّ تنبّه لأمرين الأوّل انّه قد يناقش فيما صدر من جمع منهم المحقّق (- ره -) في (- يع -) من القول بثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ و الإمضاء ببعض الثمن في طرف النقيصة و ثبوت الخيار للبائع بين الإمضاء بتمام الثمن و المثمن و بين الفسخ في طرف الزّيادة بأنّ لازم إيجابهم التقسيط هناك هو إيجاب تبعيض الثمن هنا و يجاب باجتماع الحيثيتين هناك دون الفرض لكن قد يناقش بأنّه و إن كان التبعيض لا يوجب تقسيطا بالنّسبة إلى البائع الاّ انّ مقتضاه كون الزّيادة للبائع كما صرّح به بعضهم و احتمله أخر و لا يكون له خيار (- ح -) و احتماله للتضرّر بعيب الشركة يدفعه أوّلا انّه هو الّذي غرّ نفسه و ثانيا عدم الضّرر عليه بعد إن كان قادما على مقابلة الجميع بالثمن فظهور الشركة في الحقيقة نفع لا ضرر عليه و التسلّط بمثله على الخيار محلّ شكّ بل منع لأصالة اللّزوم نعم لا بأس بالنسبة إلى المشتري (- ح -) لأنّه أقدم على كون الجميع له فظهور الشركة عيب بالنّسبة إليه فلا ريب (- ح -) في ضعف الاحتمال المذكور و أضعف منه حمل عبارة (- يع -) و نحوها عليه ضرورة ظهوره في كون متعلّق الخيار مجموع الأرض بجميع الثمن فالتحقيق كون الزّيادة و النّقيصة من واد واحد و الظاهر انّه من تخلّف الوصف فيهما لانّ المفروض كون المبيع عينا مشخّصة محدودة غير قابلة للزيادة و النقيصة الاّ انه وصفها البائع بمقدار مخصوص و أخذها المشترى على ذلك فتخلّف فحصل الضّرر منه على البائع أو المشتري فيثبت الخيار فليس في الحقيقة فواته مفوّتا لجزء من المبيع لما عرفت من انه محدّد مشخص غير قابل للزّيادة و النّقيصة كما نبّه على ذلك في الجواهر الثّاني انّه لو قال المشترى للبائع لا تفسخ فإني أقنع بالقدر المشروط و الزيادة لك ففي سقوط خيار البائع وجهان من انّه إذا ثبت استصحب و من انتفاء سبب الخيار و هو الضّرر و هذا أقرب و امّا لو قال لا تفسخ حتى أزيدك في الثمن لما زاد ففي (- كرة -) انّه لا يكون له ذلك و لا يسقط به خيار البائع قولا واحدا قلت الأظهر جريان الوجهين هنا (- أيضا -) فتدبّر

القول في حكم الشرط الفاسد
إن الشرط الفاسد لا تأمل في عدم وجوب الوفاء به بل هو داخل في الوعيد

قوله طاب ثراه كاشتراطه بيع المبيع من البائع (- اه -) هذا مبنىّ على ما أشار إليه من الدّور و قد مرّ منّا عند الكلام في الشرط السابع بيان سقوطه قوله طاب ثراه حكى أوّلهما عن الشيخ و الإسكافي (- اه -) الظاهر انّ التعبير بالأوّل هنا و بالثاني بعد ذلك سهو من قلمه الشريف ضرورة انّ خيرة الشيخ (- ره -) في (- ط -) و ابن سعيد في محكي الجامع و القاضي هو القول بعدم الإفساد دون الإفساد و حكاه في (- لف -) عن الإسكافي و كذا خيرة العلاّمة و الشّهيدين و الكركي و اتباعهم هو القول بالإفساد دون عدم الإفساد فإنّ صريح (- عد -) و (- لف -) و (- كرة -) و (- شاد -) و اللّمعتين و (- مع صد -) و (- لك -) هو القول الأوّل دون الثّاني و هي أي الإفساد خيرة مجمع الفائدة و الكفاية و محكي شرح (- شاد -) للفخر و (- س -) و المهذّب البارع و تعليق (- شاد -) و (- فع -) و الميسيّة و حواشي الشهيد (- ره -) و غيرها بل في الفوائد انّ عليه الأكثر و في خيارات الغرويّ و غيره انّه المشهور شهرة محصّلة بين المتأخّرين بل كاد ان يكون إجماعيّا عندهم و منقولة على لسان بعض الفحول انتهى قوله طاب ثراه لعموم الأدلّة (- اه -) أراد بذلك عمومات العقود و الشّروط و التّجارة و البيع قوله طاب ثراه عدى وجوه أحدها ما ذكره في (- ط -) (- اه -) هناك وجوه أخر لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) أحدها ما في التنقيح من ان قضيّة الشّرط انّه إذا أبطل بطل المشروط به و الاّ لم يكن شرطا و أنت خبير بأنّه وهم نشأ من ارتكاز مصطلح الأصوليّين في ذهنه من انّ الشّرط ما يلزم من عدمه العدم و قد نبّهنا في مقدّمات المبحث على انّه اصطلاح خاصّ لا يحمل عليه اللّفظ في الخطابات و انّ الشّرط هنا هو الإلزام و الالتزام الثّاني ما في الإيضاح من انعدام المشروط بعدم شرطه لعدم استلزام الشرط المشروط في الوجود فلو لم يستلزم عدمه لجاز كون كلّ شيء شرطا لغيره و هو محال و أنت خبير بأنه نظير سابقه فجوابه جوابه و ربّما أجاب عنه في الإيضاح بقوله و التحقيق انّ هذه الشروط شروط بالمجاز لأنها تابعة للعقد و العقد سبب فيها فلا يعقل كونها شرطا له و الاّ لدار بل هي صفات للبيع تختلف الأغراض باختلافها و لا يعدّ فقدها عيبا انتهى و للمحقّق الثاني (- ره -) في (- مع صد -) اعتراض عليه ينبغي ملاحظته و ملاحظة ما ردّ به الاعتراض في الجواهر الثّالث ما في العوائد من انّ العقود تابعة للقصود و المقصود هو الأمر المركّب من الشرط و غيره فاذا بطل الشرط بطل المقصود لانتفاء الكلّ بانتفاء جزئه قال التّفصيل انّ ترتّب الأثر على كلّ عقد يتوقف على قصد إنشاء هذا الأثر بسببه

ص:178

و إيجاده منه فما لم يقصد ذلك لم يترتّب عليه ذلك الأثر فإن كلّ اثر فاسد قصد من العقد لا يترتّب عليه و يقع العقد فاسدا و على هذا فالعقد المتضمّن للشّرط الفاسد إذا صدر من شخص فالظاهر أنّ الأثر الّذي قصد إنشائه منه هو المركّب من التزام هذا الشرط الفاسد فيفسد بفساد جزئه و قصد الجزء الصّحيح في ضمنه غير كاف لانّ قصد الكلّ لا يكفي في قصد الجزء فاذا لم يكن الجزء مقصودا منفردا لم يترتّب عليه حكم و إنشاء الأثر المجرّد عن هذا الالتزام غير ظاهر و الأصل يقتضي عدم ترتّب الأثر فقصد إنشاء الأثر الصّحيح الّذي هو المتوقّف عليه في الصّحة غير معلوم و ظهور الهيئة التركيبيّة للصّيغة و هي المتضمّنة للشرط في قصد الأثر الصّحيح و هو المجرّد من التزام هذا الشّرط غير ظاهر ان لم يكن في خلافه ظاهرا فتحقّق السّبب لحصول الأثر غير ثابت ليكون العقد فاسدا لأصالة عدم ترتّب الأثر بل لا يبعد الحكم بالفساد و ان علم قصد إنشاء الأثر المجرّد من التزام هذا الشّرط لانّ تلك الهيئة ظاهرة في قصد إنشاء المركّب و كون مثلها مؤثّرة في حصول جزء المركّب بمجرّد قصده غير معلوم هذا كلامه بطوله و ما مرّ في جواب الوجه الثاني كاف في ردّه و تلخيص الجواب انّ الحكم بصحّة عقد النّكاح مع فساد شرطه يقتضي صحّة كلّ عقد بفساد شرطه لا لانّ الحكم بالصّحة يرجع الى الحكم بان قاصد العقد المقيّد قاصد للمطلق كي يمنع بدلالة الوجدان على خلافه بل لكشف ذلك عن كفاية القصد الى العقد المقيّد في صحّة العقد مع فساد شرطه و بعبارة أخرى يدلّ على انّ هذا المقدار و هذا النحو من العقد كاف و ليس قابلا للاختلاف باختلاف العقود كما لا يخفى و من هنا ظهر سقوط ما في العناوين من تقرير الدّليل بانّ العقد تابع للقصد و انّ الشرط المأخوذ في ضمن العقد بمنزلة الجزء من العوضين و قيّد به العوضان تعلّق القصد بالمقيّد و انّ المراد بالشرط الواقع في ضمن العقد ربط المعاملة به لا التزام خارجي لنفسه فمتى تحقق الرّبط و فسد الشرط فما وقع عليه القصد من المركب لم يقع و المطلق لم يتعلّق به القصد فلا وجه لوقوعه و ليس العقد دالاّ على وقوع المعاملة و ان انتفى الشرط بل هو دالّ على عدمه بدونه الرّابع أصالة عدم ترتّب الأثر على القصد الفاسد شرطه و عدم انتقال العوضين من مالكهما الأوّل و فيه انّه لا مجرى للأصل في قبال العموم قوله طاب ثراه الثاني انّ التّراضي انّما وقع (- اه -) لا يخفى أنّه الى هذا الوجه يرجع ما في (- لف -) من انّ البائع إنّما رضي بنقل سلعته بهذا الثمن المعيّن على تقدير سلامة الشرط له و كذا المشتري إنّما رضي ببذل هذا الثمن في مقابلة العين على تقدير سلامة الشرط له فاذا لم يسلم لكلّ منهما ما شرط له كان البيع باطلا لانّه يكون تجارة عن غير تراض قوله طاب ثراه فان العرف يحكم في هذه الموارد يكون الفاقد نفس المطلوب ربّما زعم بعض الطلبة الغلط في العبارة و ان حقها لا يحكم بدل يحكم و هو اشتباه فانّ المراد بالفاقد هو الفاقد للوصف و كونه نفس المطلوب هو الذي يقتضيه سوق الكلام لا عدم كونه المطلوب قوله طاب ثراه الثالث رواية عبد الملك (- اه -) هذه الرّواية صحيحة لأنّه رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسى عن علىّ بن الحكم عن عبد الملك و رجاله ثقاة و متنه على ما في نسخة مصحّحة من الوافي كما في المتن و لكن في نسخة الوسائل أبدل قوله و كيف يستقيم و حدّ ذلك بقوله كيف يستقيم وجه ذلك فجعل الواو جزء الكلمة و أبدل الحاء المهملة بالجيم المعجمة و الدّال المهملة بالهاء و على اىّ حال فلم افهم وجه الاستدلال بالرّواية بل هي أجنبيّة عن الفرض رأسا ضرورة انّه على فرض كون المراد بلا ينبغي الحرمة فغاية ما تدلّ عليه الرّواية (- ح -) هي حرمة البيع المذكور و اين ذلك من فساده فإنّ النّهي في المعاملات لا يوجب الفساد و لو تنزّلنا عن ذلك و سلّمنا انفهام الفساد منها بدعوى كون النّهى فيها للإرشاد إلى الفساد نقول انّ فساد هذا الفرض بخصوصه انّما هو للرّواية بناء على تماميّة دلالتها و قد أفاد الماتن (- ره -) و غيره من الأساطين انّ محلّ النزاع و البحث انّما هو ما إذا لم يكن هناك دليل تعبّدي من نصّ أو إجماع على فساد عقد بفساد شرط خاص فلا يمكن التمسّك بالرّواية بناء على تماميّتها على الكلية قوله طاب ثراه و رواية الحسين بن منذر (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن عيسى عن ابن ابى عمير عن حفص بن سوقة عن حسين بن منذر و السّند من الحسن قوله طاب ثراه فيطلب مني العينة (- اه -) قد وقع الخلاف في تفسير اللفظة و حيث انّ الماتن (- ره -) أورد الرواية في المسئلة الأخيرة من مبحث النّقد و النّسية و هي مسئلة جواز بيع العين الشخصيّة المشتراة بثمن مؤجّل من بايعه و غيره قبل حلول الأجل و بعده و كان الاستدلال بها هناك موقوفا على فهم معنى لفظة العينة دون المقام كانت احالة بيان معناه الى هناك انسب فراجع ما هناك ان شئت العثور على معنى اللفظة قوله طاب ثراه و رواية علىّ بن جعفر (- اه -) قد رواها (- رض -) في كتابه و رواها الحميري في محكي قرب الإسناد عن عبد اللّه الحسن عن جدّه علىّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال سالت عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم ثمَّ اشتراه بخمسة دراهم ا يحلّ قال إذا لم يشترطا و رضيا فلا بأس قوله طاب ثراه فلعلّ البطلان فيه للزوم الدّور كما ذكره العلاّمة (- اه -) هذه العبارة لا تخلو من مسامحة لأنّ كلامه في فساد العقد بمطلق الشرط الفاسد و العلاّمة لم ينكر الدّور في الشرط المحال مثل اشتراط بيع المبيع في ضمن العقد و قوله بل التحقيق (- اه -) أيضا ارجع الكلام بذلك مع انّ المبحث أعمّ من ذلك و ما ذكره من التحقيق منظور فيه لما مرّ من تقوية صحّة اشتراط بيع المبيع و سقوط الدّور و عدم قصد البيع المستدلّ بهما لفساده فلا تذهل قوله طاب ثراه ما عن المشايخ الثلاثة عن الحلبي (- اه -) طرقهم إلى الحلبي صحاح و المراد بالحلبي هو عبيد اللّه بن على الحلبي و المتن في الكتب الثلاثة متقارب مفادا و الدّلالة في غاية الظهور حيث انّه صلوات اللّه عليه و آله صحّح البيع و العتق و أبطل الشرط فدلّ على انّ الشرط الفاسد المخالف للكتاب و السّنة لا يفسد العقد و هو المطلوب قوله طاب ثراه و حملها على الشرط الخارج (- اه -) و أوضح من هذا الحمل سقوطا ما قد يحتمل من حملها على التقيّة من حيث ذهاب العامة إلى بطلان الشرط مطلقا مع صحّة العقد فإنّه في غاية السّخافة سيّما بعد استفاضة الرواية بين الخاصّة و العامّة و وقوع الخلاف عندهم (- أيضا -) في ذلك حتّى انّه من ظريف ما يحكى عن محمد بن سليمان الدّهلي قال حدّثنا عبد الوارث بن سعيد قال دخلت مكّة زادها اللّه شرفا فرأيت فيها ثلثة كوفيّين أحدهم أبو حنيفة و ابن ليلى و ابن شبرمة فصرت الى ابى حنيفة فقلت ما تقول فيمن باع بيعا و شرط شرطا فقال البيع فاسد و الشّرط فاسد فأتيت ابن ابى ليلى فسألته فقال البيع جائز فأتيت ابن شبرمة فسألته فقال البيع و الشرط جائزان فرجعت الى ابى حنيفة فقلت له انّ صاحبيك قد خالفاك فقال لست ادرى ما قالا حدّثني عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه انّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله نهى عن بيع و شرط فأتيت ابن ابى ليلى فقلت انّ صاحبيك قد خالفاك فقال ما ادرى ما قالا حدّثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انّها قالت لما اشتريت بريرة جاريتي شرط علىّ مواليها أن أجعل ولائها لهم إذا أعتقتها فجاء النّبي صلّى اللّه عليه و آله و قال الولاء لمن أعتق فأجاز البيع

ص:179

الشرط فأتيت ابن شبرمة فقلت انّ صاحبيك قد خالفاك قال لست ادرى ما قالا حدّثني مشعر بن محارب بن زياد عن جابر بن عبد اللّه قال ابتاع النبي صلّى اللّه عليه و آله منّى بعيرا بمكّة فلما نقّدني الثمن شرطت أن يحملني إلى المدينة فأجاز النّبي (- ص -) البيع و الشرط هذا فقد ظهر حجّية الصّحيح المذكور كالصحيح الذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان عن عيص بن القاسم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قالت عائشة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّ أهل بريرة اشترطوا ولائها فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الولاء لمن أعتق و بذلك كلّه ظهر سقوط ما في (- لف -) من ردّ استدلال الشيخ (- ره -) بقضيّة بريرة بالطّعن في السّند و إيراد متن طويل ينافي متن الصّحيح المذكور و الظاهر انه (- قدّه -) لم يعثر على الصحيحين المزبورين قوله طاب ثراه الأولى عن أحدهما (- اه -) أراد بالأولى مرسلة جميل و الّذي وجدته انّ خبر جميل مسند غير مرسل و سنده حسن كالصّحيح لأنه رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن علىّ بن إسماعيل الميثمي عن ابن ابى عمير و علىّ بن حديد جميعا عن جميل بن درّاج عن أحدهما عليه السّلام قوله طاب ثراه و الثانية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (- اه -) أراد بالثانية صحيح الحلبي و قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و السّند صحيح على المختار حسن على المشهور من عدم صحّة إبراهيم و لعلّ وصف الماتن (- ره -) للرواية بالصّحة لاختياره ما اخترناه من صحّة إبراهيم أو لعثوره على سند أخر صحيح غير هذا قوله طاب ثراه و يؤيّده ما ورد في بطلان الشروط الفاسدة في ضمن عقد النكاح (- اه -) حيث نطقت بفساد الشّروط و صحّة النّكاح مثل الأخبار النّاطقة بفساد اشتراط وقوع الطّلاق قهرا عليه على الزّوجة ان تزوّج عليها أو تسرّى مثل خبر محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل تزوّج أمرية و شرط لها ان هو تزوّج عليها أمرية أو هجرها أو اتّخذ عليها سيرته فهي طالق فقضى في ذلك انّ شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء و في لها بما شرط و ان شاء أمسكها و اتّخذ عليها و نكح عليها و مثل صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قضى في رجل تزوّج أمرية و أصدقته هي و اشترطت عليه ان بيدها الجماع و الطّلاق قال خالفت السّنة و ولّيت حقّا ليست بأهله فقضى انّ عليه الصّداق و بيده الجماع و الطلاق و ذلك السّنة الى غير ذلك مما يقف عليه المتّبع في اخبار شروط النّكاح و وجه الاستدلال بهذه الأخبار مع ان موردها النكاح انه لا ريب و لا إشكال في مساواة النكاح لغيره من العقود في وصف العقديّة المقتضي للتبعيّة للقصد فاذا ثبت عدم إفساد الشرط في النكاح كان المستفاد من دليل ذلك كفاية القصد الى المقيّد في القصد الى المطلق في تحقّق عنوان العقد فلو كان تعذّر الخصوصيّة موجبا لبطلان ما وقع عليه التراضي على النحو الخاصّ لكان اللاّزم اقتضاء التعذّر في النكاح (- أيضا -) البطلان فاذا صحّ في النّكاح صحّ في غيره لاتّحاد الطريق كما لا يخفى على كلّ متأمّل منصف و من هنا ظهر سقوط ما في خيارات الفقيه الغرويّ (- قدّه -) من الجواب عن الأخبار المذكورة تارة بأنّه ليس فيها ما يقضى بالعموم بحيث يجعل ذلك قاعدة فيها و أقصى ما في الباب انّه قد وردت الأخبار فيه في خصوص بعض الشروط فيقتصر في ذلك على موردها و اخرى بأنّ باب النّكاح (- مط -) خرج بالدليل فيكون من باب الأسباب و مستثنى من تبعيّة العقود للقصود فانّ فيه انّه حيث ثبت عدم الإفساد في خصوص شرطا و في خصوص باب النّكاح كفى في إثبات الكليّة بعد كون المدار على حصول عنوان العقد في الجميع و لعلّه بالنّظر الى ما ذكره (- قدّه -) عدّها الماتن (- ره -) مؤيّدا لا دليلا لكنّه كما ترى قوله طاب ثراه و قد يستدلّ على الصّحة (- اه -) قد يستدلّ بوجوه أخر أحدها الإجماع تمسّك به في الغنية و هو كما ترى الثاني أصالة الصّحة في العقود و ردّ بالانقطاع بما مرّ من الأدلّة الدالّة على الفساد و المعارضة بأصالة عدم الانتقال و فيه انّه لم يتمّ شيء من الأدلّة كي ينقطع به الأصل و أصالة عدم الانتقال لا تعارض أصالة الصّحة لأنّ الشكّ في الانتقال ناش من الشك في صحّة العقد فإذا اجرى أصالة الصّحة الّتي هي هنا أصل سببي سقط أصالة عدم الانتقال الّتي هي مسببيّة الثّالث انّ التراضي قد تعلّق بكل من العقد و الشرط فاذا امتنع أحدهما بقي الأخر لأنّ مدخليّة الشرط في التراضي لا تزيد على مدخليّة الثمن و المثمن و أوصافهما فاذا لم يبطل العقد بظهور بعض الثمن أو المثمن مستحقّا أو تعذّر بعض أحدهما أو انكشف فقد بعض الصّفات المأخوذة في البيع كالكتابة و الصّحة فكذا لا يبطل بفساد الشرط ضرورة انّ القصد الى العقد لو كان منتفيا بفوات بعض قيود متعلّق الرّضا كان اللازم فواته بفوات شيء من ذوات الثمن و المثمن و اوصافهما قوله طاب ثراه و فيه ما لا يخفى (- اه -) بيانه انّ الدور معى كما في الصّلوة و اجزائها فإنّ مجموع الصّلوة متوقفة على اجزائها من حيث الصّحة و اجزائها من حيث الصّحة متوقفة على مجموعها و ربّما أجاب في المهذّب البارع عن الدور بان تسويغ الشّرط ليس بشرط في الحقيقة لصحّة العقد حتّى يلزم الدّور بل هي صفات للبيع فما كان منها سائغا داخلا تحت القدرة لزم باشتراطه في العقد كما لو شرط صفة كمال في المبيع و ان لم يكن سائغا بطل العقد لا من حيث فوات شرطه بل من حيث وقوع الرّضا عليه و شروط الصّحة انّما هي المذكورة في أوّل الكتاب مثل كمال المتعاقدين و كون المبيع ممّا ينتفع به معلوما فهذه شروط الصّحة فيبطل العقد بفقد أحدها بخلاف هذه الشروط فلا دور و لم افهم معنى كلامه فتأمّل قوله طاب ثراه و الإنصاف أنّ المسئلة في غاية الإشكال (- اه -) الحقّ انّ القول بعدم إفساد الشرط الفاسد المتنازع فيه للعقد في غاية الوجاهة و الظهور و لا اشكال فيه بوجه لما عرفت قوله طاب ثراه مع جهله بفساد الشرط (- اه -) التقييد به للاحتراز عن صورة العلم فانّ الفقيه الغرويّ (- ره -) احتمل الثبوت حتى في صورة العلم نظرا إلى انّه انّما رضى بالعقد مع الشّرط فإلزامه بالعوض من دون سلامة الشرط له إضرار به فينفى اللزوم بقاعدة الضّرر و لعلّ نظر الماتن (- ره -) في التقييد بصورة الجهل إلى انه في صورة علمه بفساد الشرط حال العقد يكون مقدما على ضرر نفسه فلا يبقى لقاعدة الضّرر مجرى و يمكن المناقشة في إطلاق ذلك بأنه انما يتصوّر حيث لا يحتمل الخيار و الاّ كان مغرورا قوله طاب ثراه و يظهر من بعض مواضع (- كرة -) (- اه -) أقول ظهور عبارة (- كرة -) الّتي نقلها في التردّد و الإشكال لا ينكر الاّ انّ أصل التردّد لا وجه له بعد البناء على إيجاب فساد الشرط فساد العقد فانّ استصحاب الإفساد (- ح -) محكم

لو ذكر الشرط الفاسد قبل العقد لفظا و لم يذكر في العقد

قوله طاب ثراه و يظهر من (- لك -) هنا قول ثالث (- اه -) لا يخفى عليك انّ أصل الفرع ساقط عنا لكنّه مع الغضّ عمّا اخترناه فهذا التّفصيل متين ضرورة أنّ إفساد الشّرط الفاسد للعقد على القول به انّما هو لكون المقصود هو المجموع فاذا بطل الجزء بطل الكلّ لخلوّ الخالي عن الشرط عن القصد و لا ريب في انّ هذا كما يقتضي فساد العقد بفساد الشّرط الضّمني فكذا يقتضي فساده بفساد الشرط المنفصل مع اعتقادهما التّأثير ضرورة أنّ اعتقادهما التأثير يدعو الى قصدهما إلى إيقاع المقيّد و حيث انّ الشّرط فاسد في نفسه و لانفصاله خلى الخالي عن الشرط عن القصد فيكون ما قصد غير واقع و ما وقع غير مقصود بل لازم ذلك

ص:180

هو القول بفساد العقد إذا أوقعاه بظنّ تأثير الشرط الغير الفاسد و المنفصل عن العقد ضرورة أنّ ظنّهما يدعوهما الى القصد إلى إيقاع المركّب فاذا فسد الشّرط بسبب الانفصال فسد العقد لخلوّ الفاقد للشرط عن القصد منهما اليه فالحقّ بناء على فساد العقد بفساد الشرط هو تفصيل (- لك -) و اعتراض الماتن (- ره -) عليه غير موجّه ضرورة أنّ علمهما بفساد الشرط يمنع من قصدهما الى المركب بعد فرضهما عاقلين كما لا يخفى

الكلام في أحكام الخيار

من أحكام الخيار أنه موروث بأنواعه و أنه غير متوقف على إرث المال

قوله طاب ثراه الخيار موروث بأنواعه بلا خلاف بين الأصحاب كما في الرّياض و ظاهر (- ئق -) (- اه -) قال في الرّياض الخيار بأنواعه يورث مشروطا كان أو لازما بالأصل أي بأصل الشرع بلا خلاف بل ظاهرهم الإجماع عليه انتهى و في (- ئق -) انّه صرّح به الأصحاب و بالنظر الى ذلك عزى الماتن (- ره -) نفى الخلاف الى ظاهره و في (- لك -) انّه لا شبهة فيه و عن إيضاح (- فع -) انه لا كلام فيه و في المستند انّه ان مات من له الخيار انتقل الخيار الى الوارث بالإجماع المحقّق و المحكى من موضعين من (- كرة -) و ظاهر (- ئر -) انتهى و استظهر في المناهل الاتفاق عليه و في كشف الظلام انّه إجماعي محصّلا على الظاهر و منقولا في غير موضع انتهى و في الجواهر انّه لا خلاف معتدا به فيه بل ظاهرهم الإجماع عليه قلت قد أشار بتقييد الخلاف الّذي نفاه بالمعتدّ به الى ما صدر من العلاّمة (- ره -) في (- عد -) كما نبّه على ذلك بقوله في طيّ الكلام و ما في (- عد -) من احتمال سقوط خيار المجلس بالموت فيما لو مات أحدهما لأولويّة مفارقة الدّنيا من مفارقة المجلس ليس خلافا في المسئلة عند التأمّل على انّه في غاية الضّعف ضرورة أن التباعد بالمكان الظاهر في الجسم من الافتراق لا في الرّوح التي لم يعلم مفارقتها للمجلس فلا ريب (- ح -) في انتقاله الى الوارث انتهى و قد مر عند الكلام في سقوط خيار المجلس بافتراق المتبايعين توضيح الحال في عدم سقوط خيار المجلس بالموت وفاقا لجمع فراجع قوله طاب ثراه و في (- كرة -) انّ الخيار عندنا موروث (- اه -) هذا هو ما ذكره في أحد الموضعين و في موضع أخر انّ خيار الشّرط موروث عند علمائنا قوله طاب ثراه و كذا ما تردّد بينهما للأصل (- اه -) أراد بالأصل أصالة عدم قابليّة المشكوك كونه حقّا للانتقال الى الوارث أو أصالة عدم الانتقال و ان شئت قلت انّ القابليّة للانتقال شرط في البناء على الانتقال فاذا شكّ في القابليّة كانت أصالة عدم القابليّة محكمة و ليس كون شيء محكما مانعا عن الانتقال حتّى تدفع المانعيّة بالأصل عند الشكّ قوله طاب ثراه عدى ما دلّ على انتفاء الخيار بالتصرّف معلّلا بأنّه رضى كما تقدّم (- اه -) وجه دلالة هذه الفقرة انه لو كان الخيار حكما لم يكن لسقوطه بالرّضا وجه لانّ عمدة ما هو فارق بين الحقّ و الحكم كما بيّناه إجمالا في صدر الكتاب هو قابليّة الأوّل للتغيير و الإسقاط بخلاف الثاني قوله طاب ثراه الثاني كونه حقّا قابلا للانتقال (- اه -) يمكن المناقشة فيما ذكره من توقّف تماميّة دلالة العمومات على كون الخيار حقّا قابلا للانتقال بانّ عموم الكتاب و السّنة قد اقتضى انتقال كلّما ترك الميّت من حقّ و مات عنه و من البين كون الخيار ممّا مات عنه الميّت فالعمومات قد اقتضت كون الأصل في كلّ حقّ قابليّة للانتقال بل المحتاج الى الدليل بعد ورود العمومات هو إثبات كون حقّ من الحقوق غير قابل للانتقال كحق الشّفعة الّذي ورد النصّ بعدم انتقاله و قال به جمع من الأصحاب فالحقّ تماميّة دلالة العمومات على المطلوب من دون حاجة الى الإجماع فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و التمسّك في ذلك باستصحاب بقاء الحق (- اه -) المشار اليه بذلك هو كون الخيار قابلا للانتقال و ربّما يتمسّك لأصل انتقال الخيار الى الوارث بالاستصحاب بتقريب انّ الخيار كان ثابتا في حيوة المورّث و الأصل بقائه بعده عملا بالاستصحاب تمسّك بذلك في المناهل و فيه انّ الخيار في حيوة المورّث انما كان ثابتا للميّت فبعد موته ان استصحب الخيار له كان منافيا للمدّعى من كونه للوارث مضافا الى تبدّل الموضوع و ان أريد استصحاب كونه للوارث فلا حالة سابقة له و ان اثبت الانتقال الى الوارث بالعموم خرج عن كونه تمسّكا بالأصل و ربّما احتجّوا لإرث الخيار بوجوه أخر أحدها انّ الخيار لو كان يسقط بموت المورث لما صحّ الصّلح عليه و لما وجب الوفاء بالشرط الّذي في ضمنه و التالي بقسميه باطل لقوله (- تعالى -) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قوله (- تعالى -) اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ و عموم قوله (- ص -) الصّلح جائز بين المسلمين الاّ ما أحلّ حراما أو حرّم حلالا و قوله (- ع -) المؤمنون عند شروطهم تمسّك به في المناهل و فيه نظر لأنّ الملازمة بين جواز الصّلح عليه و بين الإرث ليست الاّ لعمومات الإرث فالجمع بين ذلك و بين التمسّك بالعموم لا وجه له و أيضا فالتمسّك لجواز الصّلح عليه بعموم جواز الصّلح من التمسّك بالعموم في تميز الشّبهات المصداقيّة الّذي أعرض عنه المحقّقون نظرا الى ورود العموم مورد بيان حكم أخر و هو هنا جواز الصلح (- مط -) و امّا انّ الذي يجوز الصلح عليه ما ذا فلا دلالة في العموم على تعيينه كما لا يخفى ثانيها انّ الخيار لو كان يسقط بموت المورّث للزم ترتّب الضّرر في خيار الغبن و العبث في الشرط و الأصل عدمه لعموم قوله عليه السّلام لا ضرر و لا ضرار تمسّك بذلك (- أيضا -) في المناهل و هو كما ترى ضرورة ان لزوم العبث في الاشتراط ممنوع لانّه ما دام حيّا يكون له الخيار و هو كاف في عدم لزوم العبث و امّا لزوم الضّرر في خيار الغبن فلا يوجب انتقال الحقّ إلى الوارث و لو كان فلا ينفع في إثبات الكليّة أعني انتقال سائر الخيارات الاّ ان يتمّم بعدم القول بالفصل بين خيار الغبن و سائر الخيارات و لم يشر اليه ثالثها استصحاب تزلزل ملكيّة الطرف الأخر الموجب لثبوت الخيار للوارث بالإجماع المركب تمسّك به بعضهم و ردّه في المستند بمعارضته بأصالة عدم حدوث خيار الوارث أو غيره المزيل للتّزلزل لانّه ليس الاّ كون الملك بحيث يثبت فيه الخيار لأحد و يمكن تقرير ذلك بانّ الموضوع متبدّل لانّ المالك حين التزلزل هو المورث و الان هو الوارث فاستصحاب التزلزل لا وجه له (- فت -) رابعها انّ ملكيّة ذي الخيار لما انتقل اليه كانت متزلزلة فيجب كونها (- كك -) للوارث (- أيضا -) تمسّك به بعضهم و ردّه في المستند بمنع الملازمة فإن ملكيّته للوارث ثابتة بعمومات الإرث و هي ظاهرة في المستقرة و لو منع الظهور فالأصل عدم تسلّطه على الطّرف الأخر فظهر من ذلك كلّه انّ العمدة في المسئلة انّما هي عمومات الإرث من الكتاب و السّنة و خصوص ارث الوارث لكل ما ترك الميّت من حقّ قوله طاب ثراه لم يمنع انتقال الخيار الى الوارث (- اه -) الوجه في ذلك عمومات الإرث بعد عدم تحقّق مانع و الأصل عدم مانعيّة الدّين من ذلك قوله طاب ثراه كالزّوجة غير ذات الولد أو (- مط -) (- اه -) أشار بالترديد الى ما وقع بين الأصحاب من الخلاف في انّ المحرومة من الأراضي و أعيان العقار هل هي الزّوجة غير ذات الولد أو هي و ذات الولد و قد نقّحنا القول في ذلك في إرث منتهى المقاصد و قوّينا القول الثاني فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه و لذا قوّى بعض المعاصرين (- اه -) أراد بهذا البعض صاحب الجواهر (- ره -) حيث قال بعد الاستدلال لانتقال الخيار المشروط للأجنبيّ لا على جهة المباشرة بإطلاق النصّ و الفتوى و دفع دعوى انّه انّما يورث تبعا للمال

ص:181

بأنّها لا شاهد عليها بل يكفى فيه تعلّقه بالمال كالشفعة بل قد يورث ما لا تعلّق له بالمال كحق القذف و حقّ القصاص ما لفظه و من ذلك يظهر لك قوّة القول بإرث الزّوجة غير ذات الولد للخيار فيما إذا اشترى أرضا و له الخيار لو باعها (- كك -) انتهى قوله طاب ثراه و يضعّفه ان حقّ الخيار (- اه -) يمكن الجواب عن هذا الإيراد بانّ عدم انتقال العلاقة الاّ الى وارث يكون كالميّت في كونه مالكا لان يملك ممنوع بل الحق أنّها كما تنتقل الى وارث يكون كالميّت في كونه مالكا فكذا تنتقل الى وارث يكون كالميّت في كونه مالكا لان يملك من غيره و كما انّ الأجنبيّ المنصوب من قبل المالك يتسلّط بعلقة الخيار على استرداد العين الى من نصبه فكذا الزوجة تتسلّط على استرداد العين إلى ورثة زوجها و كما انّ الأجنبيّ منصوب من قبل العاقد فكذا الزّوجة منصوبة من قبل الشارع بحكم عمومات الإرث قوله طاب ثراه لأنّها بالخيار لا ترد شيئا من الأرض إلى نفسها و لا إلى أخر هي من قبله فيه انّها و إن كانت لا ترد الى نفسها و لا إلى أخر هي من قبله الاّ انّها تردّ الى وارث من هي بنصب الشارع منصوبة من قبله و هو الزّوج فان الخيار لمّا كان حقّا و كان كلّ ما ترك الميّت من حق فلوارثه كان مقتضى ذلك ثبوت الخيار للزّوجة (- أيضا -) و كان توقف انتقال الخيار الى شخص على كونه كالميّت في كونه مالكا لان يملك العين بالفسخ محتاجا الى الدّليل و لا دليل على ذلك و الأصل عدم التوقّف قوله طاب ثراه فلا ينتقل هذه العلاقة الاّ الى من هو (- كك -) من ورثته (- اه -) قد عرفت انّ هذا الحصر ممّا لا دليل عليه و انّ عموم انتقال ما ترك الميّت من حق الى وارثه محكم قوله طاب ثراه فلو علّل بإرثها دار (- اه -) هذا الدّور محل نظر ضرورة أنّ إرثها للمال انّما يتوقّف على فسخها و فسخها لا يتوقف الا على إرثها للخيار فالموقوف و الموقوف عليه متغايران فلا دور فان قلت انّ إرثها للمال متوقّف على فسخها و فسخها متوقّف على إرثها للخيار و إرثها للخيار متوقّف على إرثها للمال في صريح كلام الفخر فيلزم الدّور قلت أوّلا انّ إرثها للثمن غير متوقف على إرثها للمال فانّ الوارث قد يرث الخيار و لا يرث المال كما نقل الميّت أمواله جميعا و امضى الوارث فإنّه لا يرث المال و يرث ما كان للميّت من الخيار و قد يرث المال و لا يرث الخيار كما في الزّوجة على قول في بعض الفروض فارثها للخيار غير متوقف على إرثها للمال حتى يتمّ تصوير الدّور و ثانيا على فرض التنزل انّ إرثها للمال بمعنى ملكها للثمن متوقّف على فسخها و فسخها متوقّف على إرثها للخيار و إرثها للخيار ليس متوقفا على إرثها للمال بمعنى استقرار ملكها للثّمن بل استقرار ملكها للثمن انّما يكون بعد الفسخ المتأخر عن إرثها للخيار فكيف يتوقّف إرثها للخيار عليه و ان أراد بإرثها للمال الّذي أوقف عليه المعترض ارث الخيار مجرّد استحقاقها لان تملك ففيه (- أيضا -) منع لان استحقاقها لان تملك مع الخيار انّما يحصلان في ان واحد فلا تأخر حتى يحصل التوقّف فان قلت انّ صريح كلام الفخر تعليل إرثها للخيار بانّ لها حقّا في الثمن و من المعلوم انّ ذلك يتوقّف على إرثها للخيار ضرورة انّها لو لم ترث الخيار لم ترث من الثمن و قد علّل الخيار بذلك قلت توقّف استحقاقها لنصيبها من الثمن على إرثها للخيار غير معلوم و عدم إرثها من الثمن لو لم ترث الخيار غير ضروري ضرورة إمكان دعوى انّها لا ترث من الخيار لكون متعلّقها الأرض و ترث الثمن بعد الفسخ بناء على عوده الى الميّت فلا تذهل قوله طاب ثراه و قد حمل العبارة على هذا المعنى السيّد العميد (- اه -) قد حملها عليه الشهيد (- ره -) (- أيضا -) في محكي الحواشي قوله طاب ثراه فإنّه بعد بيان منشأ الإشكال على ما يقرب من الإيضاح (- اه -) قال في جامع المقاصد في شرح عبارة (- عد -) المزبورة انّ هذا الاستثناء من محذوف يدلّ عليه قوله موروث تقديره لجميع الوارث أو نحوه فيكون التّقدير الخيار موروث لجميع الوارث مقسوم عليه كالمال إلاّ الزّوجة غير ذات الولد في الأرض فإنّها لا ترث من الخيار المتعلّق بها سواء كانت مبيعة أو مشتراة على اشكال ينشأ من انّه حق خارج عن الأرض فترث منه و من انّه من الحقوق المتعلّقة بها فإرثه تابع لإرثها و مع انتفاء التابع ينتفي متبوعه و الأقرب من هذا إلى أخر ما في المتن من عبارة (- مع صد -) قوله طاب ثراه و حمل الشارحان (- اه -) أراد بهما الشيخ الفخر و السيّد العميد أو الأول مع الشهيد (- رهما -) قوله طاب ثراه و هو خلاف الظاهر (- اه -) أقول الحق في معنى عبارة (- عد -) هو ما فهمه الشارحان فإن أهل البيت ادرى بما فيه و ما اعترض به هذا المحقق عليهما ساقط بحذافيره امّا الأوّل فلمنع الظهور و التبادر الّذي ادّعاهما بل العبارة مسبوقة لبيان انّ الخيار موروث بالحصص كالمال فيكون قوله ذلك إشارة إلى الإرث المسوق له الكلام و يشهد به قوله لترث من الثمن الذي هو غاية للفسخ و بيان لأثر الأقربيّة و امّا الثاني الذي أشار إليه بقوله مع انه من حيث الحكم غير مستقيم (- اه -) فلانتقاضه بما إذا كان المال الموروث غير الأرض و قد ملّك الورثة ما زاد عن حقّها بموت المورث فكما تملك هناك ابطال استحقاقهم لذلك و إخراجها عن ملكهم فكذا هنا مضافا الى انّا لا ندّعي انفرادها بالخيار بل هي شريكة معهم في ذلك فاذا اجتمعوا على الفسخ كان ابطال استحقاقهم منها و منهم جميعا لا منها فقط غاية ما هناك انّها في غير الأرض شريكة و في الأرض ليست بشريكة و امّا الثالث الذي أفاده بقوله و (- أيضا -) فإنّها إذا ورثت (- اه -) فلأنّه يلزم من إرثها من الخيار بطلان حقّها من الثمن إذ المدار في الخيار على الإرفاق بالتسلّط على الفسخ و الاّ فالإمضاء من لوازم العقد و حيث انّ الفسخ مخالف للمصلحة فيما إذا باع أرضا و لا (- كك -) فيما لو اشترى كانت الأولويّة ممنوعة غاية ما هناك انه يدّعى انّها في صورة الشراء ورثت غير حقّها من الأرض الّتي اختصموا بملكها و فيه انّها ورثت حقّا و هو الخيار الموروث و نسبته الى الثمن و المثمن في مرتبة واحدة كما نبّه على ذلك في مفتاح الكرامة

مسألة في كيفية استحقاق كل من الورثة للخيار
اشارة

قوله طاب ثراه الأوّل ما اختاره بعضهم (- اه -) قد يستظهر ذلك من قول العلاّمة (- ره -) في (- ير -) لو ورث اثنان عن أبيهما خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الأخر من الردّ دون الأرش انتهى و وجه الظهور انه لم يثبت الخيار للطّرف الأخر برضاء أحدهما بل أسقط به حقّ الأخر قوله طاب ثراه الثاني استحقاق كلّ منهم خيار (- اه -) هذا الوجه هو ظاهر العلاّمة في (- كرة -) بعد تدقيق النظر في مجامع كلامه فإنّه (- ره -) قال عند الكلام في خيار المجلس انّه لو فسخ بعضهم و أجاز الأخر فالأقوى انّه ينفسخ في الكلّ كالمورّث لو فسخ في حيوته في البعض و أجاز في البعض انتهى فإن تقوية الانفساخ في الكلّ و إن كان ظاهرا في نفسه في الوجه الأوّل كما استظهرناه من (- ير -) (- أيضا -) الاّ انّ تقييد الانفساخ بكونه كالمورث لو فسخ في بعض و أجاز في بعض أظهر شاهد في إرادة هذا الوجه لانّ فسخ المورّث في حيوته و إجازته في البعض الأخر لا يوجب الانفساخ في الكلّ الاّ بمعنى الانفساخ في البعض برضاه و ثبوت خيار التبعّض في الباقي فيلزم ان يكون في المشبّه (- أيضا -) (- كك -) قضاء لحق التشبيه قوله طاب ثراه الثالث استحقاق مجموع الورثة (- اه -) (11) هذا هو خيرة (- عد -) و الإيضاح و (- لك -) و محكي (- س -) و إيضاح (- فع -) و غيرها و اختاره الماتن (- ره -) (- أيضا -) قوله طاب ثراه فلا يجوز لأحدهم الاستقلال بالفسخ لا في الكلّ و لا في حصّته (- اه -) (12) فان قلت انّ ذلك يستلزم بطلان حق شخص لعدم

ص:182

اعمال الأخر حقّه قلنا الحق إذا كان مشتركا لم يجز إعماله إلاّ برضا الشّريك كما لو جعل الخيار للاجنبيّين على سبيل التوافق فتدبّر قوله طاب ثراه كالامضاء و الفسخ من ذي الخيار بتصرف واحد و ذلك كما لو اشترى عبدا بجاريّة مع الخيار له فقال أعتقهما و سيتعرّض الماتن (- ره -) لذلك إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه الاّ ان تجزيه الخيار بحسب متعلّقه كما تقدّم ممّا لم يدلّ عليه أدلّة الإرث (- اه -) يمكن ان يقال انّ تجزية الخيار لا تحتاج إلى دلالة أدلّة الإرث على ذلك بل حيث دلّ دليل الإرث على تجزية المال بين الورثة ثبتت تجزية الخيار بحكم العقل و ذلك انّ المال انّما ينتقل إلى الورثة و يتجزّى بينهم على ما كان عليه من الوصف عند المورّث و حيث انّ الملك عند المورّث متزلزل و لا دليل على إيجاب موته لزوم الملك انتقل المال بالعنوان الّذي هو عليه من الملك الجائز إلى ورثته فكلّ جزء منه انتقل الى احد الورثة فهو مال لذلك الوارث على وجه التزلزل و الملك المتزلزل يجوز فسخه فلكلّ من الورثة فسخ ملكه بالنّسبة إلى سهمه فحسب فالقول الثاني لعلّه أظهر غاية ما هناك انّه إذا فسخ أحدهم في نصيبه تسلّط البائع على الفسخ بسبب تبعّض الصّفقة و اللّه العالم قوله طاب ثراه و الاّ فلا دليل على الانفساخ في شيء منه (- اه -) قد عرفت انّ الدّليل على الانفساخ في كلّ جزء بفسخ من انتقل اليه ذلك الجزء هو تزلزل ملكه و انفساخ كلّ ملك متزلزل بفسخ صاحبه قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّ وجهه منع عدم وجود ذلك في الفرض و إبداء وجوده نظرا إلى انّه كما انّ عفو احد الشّركاء هناك إضرار على غير العافي فكذا إمضاء أحد الشركاء أو فسخه إضرار بغيره فيلزم بناء على التعلّق بقاعدة الضّرر التعلّق بها كلّية و جعل مفادها أصلا ثانويا فتدبّر قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ما اخترناه من الوجه الأوّل (- اه -) أراد بالوجه الأوّل الأوّل من وجهي الوجه الثالث اى معنييه أو انّ لفظ الأوّل سهو من الناسخ فهو زائد و اللام في الوجه للعهد إشارة إلى الوجه الثالث بدلالة المقام فتدبّر قوله طاب ثراه بعد ان احتمل الوجه الثاني (- اه -) وجه دلالة كلامه الآتي على الاحتمال انه عنون الفرع أوّلا بعنوان التردّد ثمَّ استقرب المنع فيدلّ ذلك على احتماله للثاني و الاّ لذكر الأوّل بلسان الجزم و الفتوى قوله طاب ثراه و أصرح منه ما تقدّم من عبارة (- ير -) ثمَّ (- كرة -) قد مرّ منّا بيان وجه دلالة عبارة (- ير -) و أراد بعبارة (- كرة -) عبارته التي حكاها (- ره -) آنفا عند كلامه في خيار العيب و وجه دلالتها ظاهر قوله طاب ثراه قد يدلّ على انّ فسخ الزوجة (- اه -) فيه نظر ظاهر لعدم دلالة العبارة على ما استفاد منها بوجه و انما سيقت لبيان ثبوت الخيار للزّوجة فيما إذا اشترى الزّوج المورّث بخيار و لا تعرّض فيها لكيفيّة اعمالها للخيار بوجه و ليت شعري من اين استفاد ما ذكره قوله طاب ثراه و يندفع بأنّ الحقّ إذا كان مشتركا (- اه -) كان اللازم ان يقيّد الشركة بالإشاعة إذ لو كان الحقّ مشتركا لا على وجه الإشاعة لم يتوقّف إعمال أحدهما خياره على رضا الأخر و (- أيضا -) فما ذكره من الجواب فرع القول بالاشتراك و امّا على ما اخترناه من الوجه الثاني و هو استحقاق كلّ منهم خيارا في نصيبه فلا يتأتى ما ذكره

فرع فيما إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم

قوله طاب ثراه و إن كان على الميّت دين مستغرق (- اه -) كلمة و ان وصليّة يعنى ان ثبوت دين مستغرق على الميّت لا يمنع من فسخ الورثة لأنّ للمحجور عليه فسخ العقد الخياري السابق على الحجر بخياره كما صرّحوا بذلك في كتاب التفليس من غير خلاف بينهم يظهر و بعدم وجدان الخلاف فيه صرّح في الجواهر و هداية الأنام و غيرهما و استظهر الاتفاق عليه في المناهل لأصالة بقاء الخيار الّذي كان ثابتا قبل الحجر بعد عدم الدّليل على قابليّة الحجر لرفع ذلك و انّ الحجر على البالغ الرّشيد مخالف للأصل و قاعدة تسلّط النّاس على أموالهم فيجب الاقتصار في الخروج عنه على ما قام عليه الدّليل و لا دليل في المقام يخرج به عن الأصل و القاعدة بل الدليل يوافقهما و ليس هذا مترتّبا على الحجر و لا من لوازمه العقليّة و لا الشرعيّة و لا العرف حتى يثبت بثبوته مضافا الى وجوه أخر قاصرة قوله طاب ثراه و في اشتراط ذلك بمصلحة الدّيان و عدمه وجهان (11) قلت بل وجوه ثلثة أحدها اعتبار مراعاة الغبطة (- مط -) و هو ظاهر المحقّق الورع الأردبيلي في مجمع الفائدة ثانيها عدم الاعتبار (- مط -) فيجوز له كلّ من الفسخ و الإمضاء سواء تضرّر به الغرماء أم لا و هو ظاهر إطلاق (- يع -) و صريح (- ط -) و (- مع صد -) و (- لك -) و محكي (- ير -) و غيرها ثالثها الاعتبار في الفسخ بالعيب و عدم الاعتبار في الفسخ بالخيار و هو خيرة العلاّمة في (- كرة -) و (- شاد -) و الشهيد (- ره -) فيما حكى عنه حجّة الأوّل تعلّق حقوق الغرماء بأعيان أمواله فلا يسوغ له التصرّف فيها بما يبطل حقّهم أفاد ذلك في مجمع الفائدة حيث قال قد يختلج بالخاطر انّ سبب الحجر في الابتداء موجود في الاستدامة و هو حفظ مال النّاس و عدم التضييع فكما منعه الحاكم عن البيع في الابتداء (- كك -) يمنعه في غيره مع اشتماله على عدم الغبطة خصوصا بالنسبة الى عدم الفسخ فإنّه لا يكلف بشيء أصلا مع المصلحة و لغيره فان فسخه مثلا يصير سببا لتضييع مال الدّيان في الجملة فسند الإجماع هنا (- أيضا -) موجود و مجرّد وجود سببه حال عدم الحجر لا يقتضي ذلك (- مط -) حتّى مع وجود الدّليل على عدمه و بالجملة ما اعرف الفرق بين منعه من البيع بقوله لا تبع و بين منعه من الفسخ بقوله لا تفسخ فانّ كلّه تصرّف مالي موجب لفوت مال الديّان في الجملة بل في الثاني قد تعرض المصلحة لهما فلا يبعد جعل مدار الأمر في غير الابتداء (- مط -) على المصلحة كما في الردّ بالعيب فانّ الوجه الّذي ذكره له في (- كرة -) بعينه جار في الخيار انتهى المهمّ ممّا في مجمع الفائدة و أنت خبير بأنّه مختل النظام ضرورة انّه ان تمَّ ما ذكره من عدم الفرق بين الابتداء و الاستدامة و ان سبب الحجر في الابتداء موجود في الاستدامة لاقتضى عدم جواز الفسخ (- مط -) حتى مع الغبطة إلاّ بإذن الغرماء كما كان الحال (- كك -) في التصرّف الابتدائي فادّعائه ما ذكره و إفتائه بالجواز مع الغبطة ممّا لا يجتمعان مضافا الى انّ ما ذكره من عدم الفرق لا وجه له امّا أوّلا فلوضوح الفرق بينهما لانّ التصرّف الابتدائي تعلّق الحجر به من دون تزلزل بخلاف الاستدامة فإن تعلّقه به متزلزل و لقد أجاد من قال انّ الحجر يقتضي تعلّق حق الغرماء بمال الفلس على حسب كيفيّة ملكه في اللزوم و التزلزل فان ملكه لازما تعلّق به حقّ الغرماء تعلّقا لازما و ان ملكه متزلزلا تعلّق به حقّهم تعلّقا متزلزلا لا انّ بالحجر تختلف جهة ملكه فمع كون الملك بالنّسبة إليه متزلزلا لا يبقى على حاله بعد الفلس و امّا ثانيا فلانّ عدم الفرق عنده و في نظره لا ينفع بعد وضوح الفارق بينهما و هو وجود الدّليل على الحجر عليه من التصرّف المبتدء و هو الإجماع و فقده على الحجر عليه من الاستدامة و ان أراد الإلحاق فلا وجه له لكونه قياسا ممنوعا منه الاّ ان يعمّ دليل المقيس عليه للمقيس أو يشمله العلّة المنصوصة في الدّليل أو يقطع باتّحاد المناط فيهما أو يثبت هناك عدم القول بالفصل و لا شيء من ذلك موجود في المقام ضرورة انّ الإجماع دليل لبّى لا عموم له و هو في المستدام مفقود و العلّة المنصوصة لا تكون إلاّ في الدّليل اللّفظي و لا دليل لفظيّا هنا و القطع باتّحاد المناط في المبتدء و المستدام دونه خرط القتاد و عدم الفصل ممنوع لوضوح الفصل منهم بين المقامين بحيث لم يظهر بينهم فيه خلاف حجّة القول الثاني الأصل بعد عدم كون الفسخ بالخيار و العيب

ص:183

ابتداء تصرّفا في المال حتى يشمله الإجماع على المنع منه بل هو أثر أمر ثابت قبل الحجر المانع له من ابتداء التصرّف في المال و ان شئت قرّرت ذلك بان منع البالغ الرّشيد من التصرّف في ماله مخالف للأصل عموم تسلّط النّاس على أموالهم فيلزم الاقتصار في الخروج عنه على مورد اليقين و حيث انّ دليل المنع هو الإجماع و مورده التصرّف المبتدء بقي التصرّف المستدام تحت الأصل و العموم و ربّما يظهر من مجمع الفائدة التمسّك لذلك باستصحاب الخيار حيث قال في شرح قول ماتنه و له اجازة بيع الخيار و فسخه من غير اعتبار الغبطة ما نصّه وجهه التسلّط و الأصل و (- أيضا -) قد وجد سبب الفسخ و اللّزوم وقت عدم الحجر فيوجد سببه انتهى و هو لا بأس به فان قلت انّه انما يتم في الفسخ بالخيار و لا يتأتى في الفسخ بالعيب لتأخر ظهور سلب الفسخ عن الحجر عليه قلت انّ العيب و ان ظهر بعد الحجر الاّ ان ظهوره يكشف عن تحقّق سبب الفسخ قبل الحجر عليه ضرورة انّ الموجب للخيار انّما هو العيب الموجود حال العقد لا المتجدّد في يد المشترى كما تقرّر في محلّه حجّة القول الثّالث ما أشار إليه في (- كرة -) بقوله و فارق الفسخ و الإجازة بالخيار الردّ بالعيب لانّ العقد في زمن الخيار متزلزل لا ثبات له فلا يتعلّق حقّ الغرماء بالمال و يضعف تعلّقه به بخلاف ما إذا خرج معيبا و إذا ضعف التعلّق جاز ان لا يعتبر شرط الغبطة انتهى و أنت خبير بأنه كما انّ العقد في زمن الخيار متزلزل لإثبات له فكذا في زمن وجود العيب متزلزل في الواقع فهما مشتركان في التزلزل غاية ما هناك انّ العقد الخياري متزلزل ظاهرا و واقعا و العقد على المعيوب مع الجهل بالعيب متزلزل واقعا لا ظاهرا و ربما حكى عن الشهيد (- ره -) بيان وجه الفرق بين الردّ بالخيار و بين الردّ بالعيب بانّ الخيار يثبت بأصل العقد لا على طريق المصلحة فلا يتقيّد بها بخلاف الردّ بالعيب فإنّه يثبت على طريق المصلحة فيتقيّد بها ثمَّ قال و فيه نظر لانّ كلاّ من الخيارين ثابت بأصل العقد و انّما افترقا بأن أحدهما ثابت بالاشتراط و الأخر بمقتضى العقد و لم يقل احد بتقييد فسخ العيب في غير الفلس بالمصلحة فاعتبار الغبطة هنا مع كونه ليس من التصرّفات المبتدئة ليس بجيد ثمَّ قال و لو قيل انّ الحكمة الباعثة على إثبات خيار العيب هو الغبطة نظرا الى نقص العيب قلنا مثله في الخيار فانّ حكمة الخيار مع انّ الأصل في البيع اللّزوم لانّه لم يوضع الاّ ليملك كلّ من المتعاوضين مال الأخر انّما هي إمكان أن يتجدّد لذي الخيار ما يوجب ارادة الفسخ فلا يجد السّبيل اليه فشرع الخيار لذلك و من ثمَّ ثبت في الحيوان ثلثة أيّام من غير شرط لانّ الحيوان ممّا يشتمل على أمور خفيّة لا يطّلع عليها ابتداء غالبا بخلاف غيره و لما أمكن في غيره ذلك شرع اشتراط الخيار و ممّا قد تخلّف من افراد العيب ما لا غبطة في ردّه بل الغبطة في قبوله غالبا خصّا العبد فإنّه عيب مع استلزامه زيادة القيمة و مثله الفسخ بخيار بمجرّد التشهّي فالحكم فيهما واحد و بالجملة فالقواعد الكليّة في الأحكام أخرجت الأمور الحكميّة عن بعض موضوعاتها الجزئيّة انتهى و قد أشار الى ما ذكره من الاعتراض في جامع المقاصد و (- الروضة -) (- أيضا -) حيث أفادا انّ كلاّ منهما ثابت بأصل العقد على غير جهة المصلحة و إن كانت الحكمة المسوّغة هي المصلحة و الإجماع على جواز الفسخ بالعيب و ان زادت القيمة فضلا عن الغبطة فيه و اعترضها في مفتاح الكرامة بانّ ما ذكراه في وجه النّظر لا يدفع الفرق لانّه و إن كان ثبوت الخيار بأصل العقد و انّ الحكمة المسوغة للخيار مطلقا انّما هي لمصلحة صاحبه لكن جهات المصلحة متغايرة فالخيار الأصلي كخيار الشرط و الحيوان لم يتقيّد بشيء كخيار العيب و الغبن فإنّ الأوّل مقيّد بالضرر و الثاني بالنّقص بل له في الأوّل اختيار أصل العقد و عدمه بخلاف الثاني فإنّ حقّ الغرماء متعلّق بخيار الحيوان مثلا تعلّقا ضعيفا جدّا لانّ العقد من أصله متزلزل بخلاف خيار العيب فانّ تعلّق حقّهم فيه أقوى فإنه مع إرادته أي المفلّس الاختيار فيه يراعى فيه مصلحة ماله لئلاّ يفوت منه شيء أو يأخذ النّاقص كما حكيناه عنه آنفا عن (- كرة -) فهذه المصلحة غير الأوّل فقول الشّهيد (- ره -) انّ الخيار ثابت بأصل العقد على طريق المصلحة فلا يتقيّد بها أراد به مصلحة الغبن و العيب و الفرق واضح يفيد اعتبار الغبطة في الثاني أي العيب دون الأوّل فقول المعترض في وجه النظر انّ كلاّ منهما ثابت بأصل العقد على غير جهة المصلحة ليس بتام و ما فرضه من انه يمكن ان تكون قيمة المبيع مع كونه معيبا أزيد من الثمن و مع ذلك يجوز فسخه إجماعا بالعيب هو الوجه في إثبات الخيار كما عرفت و من ثمَّ قيل هنا باعتبار الغبطة في الثّاني و هو عين المدّعى فليتأمّل في ذلك جيّدا ثمَّ قال و المناسب في بيان المنع ان يقال انّ الإجماع منعقد على جواز البيع بأزيد من القيمة أو انقص منها فتجري رعاية الغبطة في الأوّل (- أيضا -) لوجود العلّة و يمكن الجواب بأنّه إن كان عالما بها وقت البيع فهو كالهبة و ان لم يعلم بها فهو داخل في الثاني لوجود الغبن نعم لو كانت الزيادة في طرفه أشكل الفرق بينهما و الفسخ (- ح -) (- مط -) فليتأمّل جيّدا انتهى و هو كما ترى و ان أطال الاّ انه لم يأت بما يدفع الأصل و يثبت اعتبار الغبطة في الفسخ بالعيب و الأصل كاف في دفع الاعتبار قوله طاب ثراه و من أنّهم قائمون مقام الميّت (- اه -) هذا الوجه هو الأظهر ضرورة ان سلطنة الورثة على فسخ العقد انما هي لقيامهم مقام المورّث فعليهم ما على المورث و (- أيضا -) فمن ينتقل اليه المال بالفسخ عند عدم المانع هو المكلّف بردّ الثمن عينا أو مثلا أو قيمة إلى المشتري

مسألة لو كان الخيار لأجنبي فمات فهل ينتقل لوارثه أم لا

قوله طاب ثراه مسئلة لو كان الخيار لأجنبي (- اه -) بقي من فروع ارث الخيار جملة ممّا لم يتعرّض له الماتن (- ره -) لا بأس بالإشارة الى عدّة منها أحدها انّ انتقال الخيار الى الوارث في صورة الإطلاق ممّا لا ريب فيه و امّا لو شرط في ضمن العقد عدم انتقال الخيار الى الوارث ففي صحّته و لزوم العقد بموته وجهان من عموم أدلّة الشروط و كون الثابت من الإجماع انتقال ما أطلق فيه الخيار و من عموم ما دلّ على انتقال ما ترك الميّت من حقّ الى وارثه و كون هذا الشرط مخالفا للسّنة فلا يندرج تحت أدلّة الشروط فتبقى أدلّة إرث الحقوق سليمة عن المعارض فتحكّم نعم لو شرط له الخيار بشرط المباشرة له بلسانه صحّ الشرط و لزم و لم ينتقل الخيار بموته الى وارثه لعدم قابليّة للانتقال من حيث فقد قيده الّذي هو كونه صادرا من المشروط له مباشرة بلسانه الثاني انه لو أسقط بعض الورثة أو كلّ منهم ماله من الخيار لم يكن له الرّجوع بعده لا لما في المستند من انّ الثابت من الإجماع خيار غير مثل ذلك الشخص و لا يفيد الاستصحاب لانّ الثّابت له أوّلا لم يكن الاّ حقّه قبل الإسقاط أي ما لم يسقط فيتعارض الاستصحابان بل لعموم ما دلّ على سقوط الحقوق بالإسقاط فإنّ الوارث ليس بأسلط من المورّث و خيار المورث يسقط بالإسقاط من غير خلاف فخيار الوارث بطريق اولى و انّما قلنا انّ المستند ليس هو ما في المستند ضرورة توقّف تماميّته على انحصار دليل ارث الخيار في الإجماع و ليس (- كك -) لوجود العموم (- أيضا -) الثّالث انه لو كان الخيار خيار المجلس ففي اعتبار حضور

ص:184

الوارث في مجلس الموت في انتقاله اليه و عدمه وجهان تقدّم الكلام عليهما مع سائر فروعه عند الكلام في خيار المجلس و لو كان الخيار خيار غبن اعتبر فيه الفوريّة لعدم ثبوت الزّائد منها من الإجماع و في (- لك -) و المستند و غيرهما انّ الفوريّة المعتبرة فيه من حين بلوغ الخبر و علمه بالفوريّة و لو كان الخيار خيار شرط بأقسامه ثبت للوارث في بقيّة المدّة المضروبة و لو كان خيار الحيوان ثبت له فيما بقي من الثّلثة و لو كان في الصّورتين غائبا أو حاضرا و لم يبلغه الخبر حتّى انقضت المدّة سقط خياره كما صرّح به الشّيخ (- ره -) و جماعة من غير خلاف يعرف بينهم للأصل و لأنه لو كان المورّث حيّا لسقط خياره بانقضاء المدّة فكذا الوارث الّذي ثبت له ما ثبت للمورّث على حدّ ثبوته له لكن ربّما احتمل في محكي (- كرة -) ثبوت الخيار له على الفور عند اطّلاعه بعد انقضاء المدّة على انتقال الخيار اليه و لم افهم وجهه و يبعّده انّه لو نسي المورث في حال حيوته ثبوت الخيار له ثمَّ ذكر بعد انقضاء المدّة لم يثبت له الخيار أصلا فإثبات الخيار انا ما للوارث تفضيل للفرع على الأصل من غير دليل و لا شاهد التّاسع انّه هل يجب اعلام الوارث بانّ له حقّا في فسخ العقد أو إعلام وليّه إذا كان قاصرا أو غائبا وجهان أقربهما العدم لأصالة البراءة و دعوى انّ حقّ الخيار كالمال في وجوب اعلام صاحبه به مع جهله به في غير محلّها بل ذلك مستند الى تقصير صاحب الحقّ أو قصوره و الفرق بين الحقّ و المال انّه في الأوّل لا شيء بيد من عليه الحقّ بحيث يجب إيصاله الى صاحبه بخلاف المال فإنّه عين مملوكة للغير فإيصاله اليه يتوقف على اعلامه فيجب الرّابع انه هل يختصّ ارث الخيار بالخيارات التي هي في البيع أم لا بل يشمل جميع الخيارات حتى ما في الصّلح و الإجارة و نحوهما وجهان أقربهما الثّاني لعدم اختصاص دليل الانتقال بخيارات البيع نعم من لم تتمّ عنده دلالة عمومات الإرث و استند في الحكم بإرث الخيار إلى الإجماع كان عليه الأخذ بالمتيقّن لكون مستنده (- ح -) لبّيا يلزمه القصر على المتيقّن ثمَّ على المختار لو كان الخيار في الصّلح ما دام العمر بناء على جواز الجهالة في الصّلح فالظّاهر انّه لا يورث لانقطاعه بالموت و عدم بقائه بعده فلا يصدق انّ الميّت ترك حقّا قوله طاب ثراه كما في (- ير -) (- اه -) حيث قال لو جعل الخيار لأجنبيّ فمات فالوجه عدم سقوط الخيار بل ينتقل الى الوارث لا الى المتعاقدين انتهى و أراد بالوارث وارث الأجنبيّ المجعول له الخيار قوله طاب ثراه أو الى المتعاقدين (- اه -) اختار ذلك في (- كرة -) حيث قال ان مات الأجنبي في زمن الخيار ثبت الآن له اى العاقد انتهى المهمّ من كلامه قوله طاب ثراه أو سقوطه كما اختاره غير واحد من المعاصرين (- اه -) قال بذلك سيّدنا في مفتاح الكرامة و فاضل المستند و غيرهما قوله طاب ثراه و ربّما يظهر من القواعد (- اه -) قال في (- عد -) لو شرط المتعاقدان الخيار لعبد أحدهما ملك المولى الخيار و لو كان لأجنبي لم يملك مولاه و لا يتوقف على رضاه إذا لم يمنع حقّا للمولى فلو مات لم ينتقل الى مولاه و كذا لو مات الأجنبيّ المشروط له الخيار انتهى و انما سمّاه ظاهرا لا نصّا لأنّه انّما يدلّ بالمطابقة على عدم الانتقال الى وارثه و لا يدلّ على السقوط الاّ بالالتزام من حيث انّ لازم عدم الانتقال الى وارثه هو السقوط قوله طاب ثراه و من انّه حقّ لمن اشترط له (- اه -) فيه انّ مجرّد كون الحق و الرّفق للمعاقد لا يوجب انتقال الخيار اليه بعد دوران هذا الخيار مدار الاشتراط و (- أيضا -) فكون الحقّ لهما لا دليل على إيجابه الانتقال إليهما بحيث يخصّ به عمومات الإرث قوله طاب ثراه و هذا لا يخلو عن قوّة (- اه -) قلت الأقوى هو التفصيل بأنّه ان فهم من لفظ المشترطين للخيار خصوصيّة مباشرة الأجنبيّ للفسخ كان الحق هو السّقوط بموته و الاّ كان الأظهر انتقاله الى وارثه لعموم النبوي (- ص -) الناطق بانتقال ما تركه الميّت من حق الى وارثه قوله طاب ثراه لأجل الشكّ في مدخليّة نفس الأجنبي (- اه -) هذا التعليل لا يلائم مدّعاه لانّ مدّعاه قوّة القول بسقوط خيار الأجنبيّ بموته و الشكّ في مدخليّة الأجنبي الموجبة لعدم انتقاله الى وارثه علّة لجريان أصالة عدم المدخليّة القاضية بالانتقال الى وارثه لعموم النبوي (- ص -) فالتعليل بذلك سهو من قلمه الشّريف قوله طاب ثراه فيظهر من ذلك فساد الوجه المذكور نقضا و حلاّ امّا فساده نقضا فلمّا أشار إليه من الانتقاض بعبد الأجنبي و امّا فساده حلاّ فلما أشار إليه حاكيا عنه (- ره -) من عدم توقّف اعمال العبد الخيار على اذن المولى و رضاه إذا لم يمنع حقّا للمولى و ان شئت تحقيق القول في المسئلة ذكرنا لك مطالب الأوّل انّه لا خلاف و لا إشكال في صحّة جعل الخيار للمملوك مع اذن المولى و رضاه بذلك ضرورة عدم كون عبارة العبد و تصرّفاته كعبارة المجنون و السّكران و تصرّفاته غير كاشفة عمّا في الضّمير كشفا صحيحا بل قصور عبارته و تصرّفاته لمراعاة سلطنة المولى عليه فاذا رضى المولى زال المانع و امّا إذا لم يرض المولى و كان اعمال الخيار مزاحما و منافيا لحقّه و مفوّتا لخدماته الّتي هي على العبد لم يصحّ جعل الخيار له بلا خلاف (- أيضا -) و لا اشكال و انّما الخلاف و الإشكال في انّه إذا لم يكن جعل الخيار له و اعماله الخيار منافيا لحقّ المولى فهل يصحّ جعل الخيار له أم لا وجهان بل قولان من عموم ما دلّ على جواز جعل الخيار لمن تراضى المتبايعان عليه و من انّ قابليّة المحلّ شرط في صحّة الجعل و المملوك لا يقدر على شيء و اعمال الخيار شيء فلا يقدر عليه و إذا لم يقدر عليه كان جعل الخيار له بدون اذن المولى لغوا فان قلت ان ما نطق بعدم قدرته على شيء منصرف إلى الشيء المنافي لحق المولى و اعمال الخيار غير مناف لحق المولى فيخرج من تحت تلك الأدلّة و يبقى تحت عموم ما نطق بجواز جعل الخيار لمن تراضيا عليه بعد عدم كون العبد مسلوب العبارة قلت الانصراف المدّعى ممنوع لانّ منشئه عند التحقيق انّما هو غلبة الاستعمال الموجبة لانصراف الذّهن عند إطلاق اللّفظ في نظر أهل العرف الى ذلك المعنى الشّائع و ليس الشّائع المنسبق الى الذهن من قوله تعالى لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ هو ما ينافي حقّ المولى مضافا الى انّ في الأخبار ما يشهد بشمول الشيء المنفي القدرة عليه من العبد في الآية لما لا ينافي حقّ المولى مثل ما ورد في عدم قدرته على الطلاق من دون اذن المولى مثل الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (- ع -) قالا المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه إلاّ بإذن سيّده قلت فانّ السيّد كان زوّجه بيد من الطّلاق قال بيد السيّد ضرب اللّه عبدا مملوكا لا يقدر على شيء أ فشيء الطّلاق و صحيح شعيب العقرقوفي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سأل و انا عنده اسمع عن طلاق العبد قال ليس له طلاق و لا نكاح امّا تسمع اللّه تعالى يقول عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ قال لا يقدر على طلاق و لا نكاح إلاّ بإذن مولاه الى غير ذلك من الأخبار لا يقال انّ الحق كما قرّرته في مبحث نكاح الإماء من منتهى المقاصد هو التفصيل في طلاق العبد بين ما إذا كانت زوجته امة المولى زوجها إياه و بالعقد و بين ما إذا كانت امة غيره أو حرّة بصحّة طلاق العبد في الصّورة الثّانية و اختصاص عدم الصّحة منه بالصّورة الأولى جمعا بين الأخبار بشهادة خبر ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللّه (- ع -) عن العبد هل يجوز طلاقه فقال إن كانت أمتك فلا ان اللّه (- تعالى -) يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شيء و إن كانت

ص:185

امة قوم اخرين أو حرّة جاز طلاقه من دون اذن المولى و من المعلوم كون طلاقه لامة السيّد نوع تصرّف منه في مال السيّد فأخبار كون الطلاق بيد السيّد بعد حملها على ما إذا كانت زوجته امة المولى لا تنافى ما ذكر من انصراف أدلّة عدم قدرته على شيء إلى الشيء المنافي لحق المولى لأنا نقول انّ كون طلاقه لامة المولى تصرّفا منه في ماله ممنوع و لو سلّم فمنعه من النكاح بدون اذن المولى (- مط -) و منعه من طلاق زوجته الّتي هي أمة المولى (- مط -) كاف في دفع الانصراف المزبور إذ لو كان ذلك صحيحا لكان اللازم قصر منعه من النّكاح بما إذا كان نكاحه منافيا لحقّ المولى و كذا إطلاقه مع انّهم أطلقوا المنع في المقامين هذا و لكن الّذي يقتضيه التحقيق هو صحّة جعل الخيار للعبد لعموم ما دلّ على جواز جعل الخيار لمن تراضى عليه المتعاقدان بعد كون العبد غير مسلوب العبارة غاية ما هناك توقّف اعماله الخيار على اذن السيّد لكونه مملوكا لا يقدر على شيء و ذلك بمجرّده لا يمنع من جعل الخيار له بل لقائل أن يقول بصحّة فسخه أو إجازته من دون اذن المولى نظرا الى انّ غاية الأمر هو عصيانه و إثمه بتصرّفه في نفسه من دون اذن السيّد لكن النّهى (- مط -) لا يوجب في المعاملة الفساد خصوصا النهي الناشي من معصية السيّد (- فت -) الثّاني انّه إذا صحّ جعل الخيار للعبد امّا مطلقا على قول أو مع اذن السيّد على القول الأخر لم يكن ذلك الخيار للمولى و لم يكن للمولى اعمال الخيار من دون مراجعة العبد لانّ الشروط تتبع الالتزامات الصّادرة بالألفاظ في ضمن العقود و جعل الخيار للعبد لا يدلّ عرفا على جعل الخيار للمولى بشيء من الدّلالات الثّلث و ما دلّ على انّما كان للعبد فهو لمولاه لا يشمل المقام لكون مورده الأموال و الحقوق الغير الرّاجعة إلى غيره و هنا الخيار و إن كان حقّا للعبد الاّ ان للمتبايعين تعلّقا به كما لا يخفى الثالث انّ حال الخيار المجعول للحرّ الأجنبي في انتقاله الى وارثه بموته و وارث العبد هو المولى فيجري هنا ما قلنا به في الأجنبي الحرّ

مسألة و من أحكام الخيار سقوطه بالتصرف بعد العلم بالخيار

قوله طاب ثراه و قد ذكر جماعة (- اه -) بل عن بعض الأساطين نسبة الى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه و عن الغنية ففي الخلاف في حصول الفسخ بتصرّف كلّ منهما فيما انتقل عنه إذا لم يكن دالاّ على ارادة الفسخ فضلا عما لو علم منه عدم الدلالة أو كان الظاهر ذلك و حكى في (- ط -) و (- ئر -) و ظاهر (- كرة -) الإجماع على حصول الفسخ بوطي البائع الأمة في زمان الخيار و علّل تارة بأنّ هذا التصرّف لو لم يكن فسخا لكان حراما شرعا لوقوعه على ملك الغير على المشهور من انتقال المبيع بنفس العقد لا بانقضاء الخيار و الأصل في فعل المسلم وقوعه على الوجه السّائغ الصّحيح فيكون فسخا و اخرى بأنّ الفسخ كما يحصل بالقول يحصل بالفعل و التصرّف كما يدل على الرضاء و الإمضاء فكذا يدلّ على الفسخ بل دلالته على الفسخ أقوى و أقول امّا أصالة الصّحة فيأتي في كلام الماتن (- ره -) التكلم فيها إجمالا و امّا الوجه الثّاني فإن أراد به دلالة التصرّف المذكور على الفسخ عرفا المستلزم لعدم كونه فسخا فيما إذا لم يدلّ عليه فلا بأس به و يدور الأمر (- ح -) مدار الدلالة على الفسخ عرفا و ان أرادوا كونه فسخا تعبدا فمحلّ نظر كما نبّه عليه في الجواهر (- أيضا -) تعلّقا بعدم الدّليل ان لم يكن إجماعا على الحاقه بالتصرّف الملزم بناء على السقوط به تعبّدا ثمَّ أشار الى ردّ الوجهين المذكورين بقوله و دعوى الدلالة عليه كدلالته في المنتقل اليه على الإمضاء يدفعها ما عرفت من عدم دوران السّقوط في المقيس عليه على الدلالة و ليس في الأدلّة ما يقتضي التعبّد هنا بل ليس فيها ما يقضى باعتبار غير مقطوع الدلالة عليه من الأفعال إلاّ فحوى ما دلّ عليه في الإمضاء و يمكن منعها ان لم ترجع الى التنقيح و منعه لعدم ان لم يكن إجماعا كما هو مفروض المسئلة ثمَّ قال و امّا الاستدلال عليه بان هذا التصرّف لو لم يكن فسخا لكان ممنوعا منه شرعا لمصادفته ملك الغير على المشهور من الانتقال بنفس العقد و الأصل في تصرّفات المسلمين وقوعها على الوجه السّائغ الصّحيح فيكون فسخا كما ترى ضرورة عدم انحصار وجه الصّحة في ذلك و لا يتمّ في إجراء العقد خاصّة عليها و كون الفضولي على خلاف الأصل لا ينافي قدحه في الدلالة على انّ المراد الفسخ به تعبّدا كالامضاء فلا تنقّح دلالته على عدم ارادة الفسخ به نعم لا بأس بذكر هذه الأمور مؤيّدة بعد دعوى الإجماع على الفسخ بكلّ ما لو وقع في المنتقل اليه كان اجازة و يكون هو العمدة (- ح -) انتهى المهمّ من كلامه و أقول امّا على القول بكون التصرّف في المنتقل اليه مسقطا للخيار إذا دلّ على الرضا و انّ صحيح ابن رئاب غير مسوق الاّ لبيان السقوط حيث دلّ على الرّضاء فلا إشكال في عدم انفساخ العقد بالتصرّف في المنتقل عنه الاّ حيث دلّ التصرّف المذكور على ارادة الفسخ لاستصحاب العقد بعد عدم الدليل على كون التصرّف المذكور مسقطا (- مط -) و امّا على القول بكون التصرّف المذكور مسقطا للخيار (- مط -) دلّ على الرّضا عادة أم لا تعبّدا شرعيّا فالأظهر (- أيضا -) عدم انفساخ العقد بالتصرّف المذكور الاّ حيث دلّ على ارادة الفسخ لاختصاص دليل التعبّد الشّرعي بسقوط الخيار بالتصرّف في المنتقل اليه و حمل انفساخ العقد بالتصرّف في المنتقل عنه قياس لا نقول به الاّ ان يدّعى الإجماع على اتّحاد ما يحصل به الإجازة و الفسخ كما استظهره الماتن (- ره -) لكن الإنصاف انّ في تحقّقه نظر (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه دلّ ذلك بضميمة حمل فعل المسلم على الصّحيح شرعا (- اه -) فيه نظر ظاهر ضرورة انّ حمل فعل المسلم على الصحيح لا يفيد ارادته الفسخ إذ الصّحيح من التصرّف شرعا ما لم يكن محرما و كما ان حرمة تصرّفه فيما انتقل عنه ترتفع بالفسخ فكذا ترتفع بابتناء التصرّف على اطمينان المتصرّف برضا من انتقل منه اليه بتصرّفه فما دام احتمال ابتناء تصرّفه على الرّضا المتحصّل بشاهد الحال و نحوه موجودا لم يدلّ تصرّفه على فسخ العقد و خطائه في استفادة الرّضا لو كان لا يرفع الصّحة الّتي هي هنا عبارة عن عدم حرمة التصرّف و أصالة عدم ابتناء تصرّفه على فهم الرّضا لا تثبت ابتنائه على فسخ العقد مع انها معارضة بأصالة عدم ابتنائه على قصد الفسخ الاّ ان يجاب عن المعارضة بأنّ الأولى مؤثرة و الثانية بلا اثر و الأصل المؤثر مقدّم (- فت -) و مثل احتمال ابتنائه التصرّف على زعم الرّضا في منعه من استفادة الفسخ من التصرّف احتمال ابتنائه على الغفلة عن انتقال المتصرّف فيه منه الى صاحبه و أصالة عدم الغفلة إنّما تنتفي وقوع أصل الفعل غفلة عنه و امّا الغفلة عن الانتقال منه فلا تنفيه الأصل (- فت -) فظهر من ذلك كلّه انّ أصالة حمل فعل المسلم على الصّحيح لا تنفع في المقام و من ذلك ظهر انّ جعل الماتن (- ره -) الأمر هنا أسهل من مسئلة دلالة التصرّف على الرّضاء لم يقع في محلّه و انّ الأمر هنا أشكل لورود النصّ بدلالة الفعل على الرّضاء و عدم ورود نصّ بدلالته على الفسخ بل يمكن إبداء الفرق بين المقامين من وجه أخر و هو انّ الإجازة عبارة عن الرّضا بالعقد و إنفاذه بخلاف الفسخ فإنه حلّ للعقد و فكّ له و من البيّن كون استكشاف الرّضا بالعقد بالفعل أسهل من استفادة الفسخ منه فتدبّر قوله طاب ثراه و هنا كلام مذكور في الأصول (- اه -) أشار بذلك الى ما ذكره في كلماته الأصوليّة من المناقشة في اخبار أصالة الصّحة بأنّ غاية ما يستفاد منها انّما هو تبرئة فعل المسلم من وقوعه على الوجه المحرّم و عدم تعمّده الفاسد و انّه لا دلالة فيها على لزوم حمل فعل المسلم على الصّحيح الواقعي فلاحظ ما ذكره

ص:186

هناك و تدبّر قوله طاب ثراه كما صرّح به في (- مع صد -) (- اه -) قال في القواعد و المجعول فسخا للبيع من البائع اجازة من المشترى لو أوقعه و الإجارة و التزويج في معنى البيع انتهى و قال في (- مع صد -) في شرح الفقرة الثانية من العبارة ما لفظه أمّا الإجارة فلأنها تمليك للمنفعة و الأصل فيها ان لا تكون فضوليّة و النّكاح لا يقصر عن الإجارة انتهى قوله طاب ثراه و المراد بهذا الأصل الظاهر (- اه -) لما كان أصالة عدم الفضوليّة معارضة بأصالة عدم الفسخ فسّر الأصل بالظاهر لدفع المعارضة لأنّ الظّاهر إن كان حجّة كان دليلا فلا يعارضه الأصل مع انّه يندفع بتفسير الأصل بالظّاهر اعتراض أخر عن الأصل و هو انّ أصالة العدم ليست أصلا برأسها عند جمع و عدم الفضوليّة مع وقوع العقد لا حالة سابقة لها لكن الإنصاف انّ أصل العدم أصل برأسها و مستنده بناء العقلاء حيث انّهم يرتّبون آثار العدم على ما يشكون في حدوثه نعم أصل تفسير الأصل بالظاهر و تقديمه على الأصل محلّ نظر من حيث انّ هذا الظاهر لا دليل على حجيّته و لذلك فالأصل مقدّم على الظّاهر عند التعارض قوله طاب ثراه فهو حاكم على أصالة عدم الفسخ (- اه -) الضّمير يرجع الى أصالة عدم قصد العقد عن الغير و تذكيره باعتبار لفظ المراد المقدّر المدلول عليه بكلمة لو أريد و وجه الحكومة انّ الشكّ في الفسخ ناش من الشكّ في قصد العقد عن الغير فضولا فاذا دفع هذا القصد بالأصل لم يبق شكّ في الانفساخ فأصالة عدم الفضوليّة سببيّة مقدّمة على أصالة عدم الفسخ المسببيّة هذا و لكن يتّجه على التمسّك بأصالة عدم قصد العقد عن الغير فضولا معارضة بأصالة عدم قصده عن نفسه و أصالة عدم ارادته بهذا الفعل الفسخ و أصالة عدم الفضوليّة انّما تكون سببيّته ان لو كان دلالة الفعل لو خلى و طبعه على الفسخ مسلّما و انّى له إثباته قوله طاب ثراه كما ذكره في الإيضاح و (- مع صد -) (- اه -) قال في (- عد -) عقيب عبارته المزبورة آنفا و العرض على البيع و الإذن فيه كالبيع على اشكال انتهى و قال في الإيضاح ما لفظه ينشأ من دلالتهما بالالتزام على الالتزام بالبيع فيكون من البائع فسخا و لهذا يحصل بهما الرّجوع من الوصيّة و من انّها لا تقتضي إزالة الملك و ليست بعقود لازمة و من المحتمل صدورها عن تردّده في الفسخ و الإجازة فهي أعمّ و لا دلالة للعام على الخاص انتهى و على منواله جرى في (- مع صد -)

مسألة هل يحصل الفسخ بالتصرف أو قبله متصلا به
اشارة

قوله طاب ثراه هل الفسخ يحصل بنفس التصرّف (- اه -) تظهر الثمرة بين القولين في حرمة التصرّف المذكور على الأول لوقوعه في ملك الغير و حلّه على الثاني لوقوعه على العين بعد الانفساخ و عودها اليه و ربّما يظهر من صاحب الجواهر (- ره -) إنكار هذه الثمرة كما لا يخفى على من لاحظ كلامه بطوله و حاصله دعوى اختصاص ما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير بغير اذنه بما لم يقارنه الملك من التصرّف فيبقى التصرّف المذكور مندرجا تحت الأصل و فيه منع الاختصاص الّذي ادّعاه فإنّه لا مخصّص لأدلّة حرمة التصرّف فيما للغير فتدبّر قوله طاب ثراه و ظهور اتفاقهم (- اه -) عطف على قوله ظهور كلماتهم الّتي جعله منشأ للقول الأوّل و سينقل حجّتين أخريين لهذا القول عن التّذكرة عن بعض العامّة و ينقل جواب العلامة و الشهيد عنهما و ربّما احتجّ بعضهم بوجه أخر و هو ان سبق الملك على التصرف شرط في حلّه و صحّته و عود الملك اليه هنا انّما يحصل بالتصرّف و لا سبب غيره لعود الملك سابق عليه فيقع التصرّف في ملك الغير و يحرم و يمكن المناقشة في ذلك بان سبق الملك شرط في حلّ التصرّف لا في إيجابه الفسخ و لا مانع من حرمة التصرّف و إيجابه الفسخ مع انه لا ملازمة بين عدم صدق الملك و بين حرمة التصرّف إذ قد يكون التصرّف لاستكشاف رضا المالك به على فرض حصول الفسخ به فتدبّر قوله طاب ثراه و يمكن ان يحمل (- اه -) قد يجعل هذا متمّما لوجه ثان بان يقال انّ الفسخ يحصل بالقصد المقارن بالتصرف فيتقدّم و يحصل الشرط و (- ح -) فقولهم بكون التصرّف فسخا محمول على كونه دالا عليه و ان لم يتحقق به قوله طاب ثراه و الحكم في باب الهبة و الخيار واحد (- اه -) حيث انه (- قدّه -) حكم باتّحاد الحكم في المقامين لزمنا نقل كلماتهم و استدلالاتهم هناك لتزداد بصيرة في المقام فنقول انّهم اختلفوا في صحّة بيع الواهب العين الموهوبة بالهبة الّتي يجوز الرّجوع فيها بعد اقباض العين على قولين أحدهما البطلان و هو خيرة (- ط -) و (- يع -) و محكي المهذّب و الجامع ثانيهما الصّحة و هو خيرة (- عد -) و (- شاد -) و (- لف -) و الإيضاح و (- مع صد -) و (- لك -) و محكي الحواشي و الكفاية و غيرها و ظاهر (- يع -) انّ به قائلا ممّن تقدّم عليه و لم نقف عليه و ربّما قرّر جماعة البحث بانّ البيع هل يكون فسخا لا غير أو فسخا و عقدا فاستقرب في (- عد -) الثاني و الأوّل هو خيرة من أبطل البيع و ظاهره كصريح (- لك -) اتفاقهم على انّ الفسخ يحصل بذلك و انّما الخلاف في صحّة البيع لكن ظاهر غاية المراد و غيره انّه لا إجماع على ذلك حيث قال انّه بناء على قول الشيخ (- ره -) يحتمل الفسخ و عدمه لعدم التصريح به حجّة القول ببطلان البيع مع حصول الفسخ به أمور الأوّل انّه بالقصد و القبض قد انتقل المال من ملك الواهب الى ملك المتّهب و إن كان انتقالا قابلا للزّوال بالفسخ فبيعه قبل الفسخ وقع في ملك الغير فلم ينفذ و لا يقدح كونه دالاّ على الفسخ لانّ غايته ان يكون فسخا موجبا لنقل الملك اليه لكن هذا الانتقال لم يحصل الاّ بالبيع فيكون البيع واقعا قبل الانتقال ضرورة تقدّم السّبب على المسبّب فوقع على ملك الغير فلم يكن صحيحا و ردّ بأنّه إذا لم يصحّ العقد يلزم ان لا يحصل الفسخ عنده و انّ الجماعة يقولون انّ حصول الفسخ كاشف عن حصول الفسخ بالقصد إلى إيقاعه الثّاني و الثالث نظير ما سينقله في المتن عن (- كرة -) عن بعض العامّة و ينقل الجواب عنهما و حجّة القول الثاني أمور الأوّل انّ العقد يدلّ على تحقّق ارادة الفسخ قبل العقد فيكشف العقد عن حصول الفسخ بالقصد اليه قبيل البيع و حاصله حصول الفسخ بالقصد من دون لفظ و فيه انّه كما ترى لا ينطبق على قواعدهم الدالّة على اعتبار اللّفظ في الكشف عن المراد و كشف العقد لا يجدي بعد اعتبار كون الانكشاف قبل البيع حتى يكون من البيع في الملك الثاني ما في الإيضاح و (- مع صد -) و غيرهما من انّ ثبوت الفسخ فرع صحّة العقد في نفسه لأنّه أثره فلو كان البيع فاسدا لم يترتب عليه أثره و هو الفسخ و زاد في (- لك -) قوله مع الاتفاق على انّ الفسخ يحصل بذلك و انّما الخلاف في حصولهما معا به ثمَّ انّه تنظّر في ذلك في (- لك -) بمنع توقّف الفسخ على صحّة العقد بل على حصول لفظ يدلّ عليه و إيقاع البيع على هذا الوجه يدلّ على ارادة الفسخ فيقتضيه و ان تخلّفت صحّة البيع من حيث اشتراط تقدّم الملك عليه الثالث عموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود فإنّه يدلّ على صحّة البيع المذكور و فيه انّ العموم المذكور يخصّص بما دلّ على انّه لا بيع إلاّ في ملك و الفرض هنا عدم حصول الملك قبل البيع الرابع ما تمسّك به في (- لك -) و جعله اولى من سابقيه من انّ القصد يدلّ على ارادة الفسخ و الغرض من الألفاظ المعتبرة في العقود الدلالة على الرّضا الباطني لأنّه هو المعتبر و لكن لما لم يمكن الاطلاع عليه نصب الشارع الألفاظ الصّريحة دالّة عليه و اعتبرها في صحّة العقد كما نبّهوا عليه كثيرا في أبوابه و (- ح -) فالعقد المذكور يدلّ على تحقق

ص:187

ارادة الفسخ قبل العقد فيكشف العقد عن حصول الفسخ بالقصد اليه قبل العقد أو نقول إذا تحقّق الفسخ بهذا العقد انتقلت العين الى ملك الواهب فكان العقد بمنزلة الفضولي و قد ملكها من إليه الإجازة فيلزم من قبله كما لو باع ملك غيره ثمَّ باعه أو باع ما وهبه ثمَّ ملكه و نحو ذلك و اولى بالجواز هنا لأن بائع ملك غيره قد لا يقصد بيعه على تقدير كونه مالكا له بخلاف هذا فإنّه قاصد الى البيع (- مط -) كما لا يخفى الخامس ما تمسّك به في الجواهر و جعله الأولى من باقي الأدلّة و هو إطلاق ما دلّ على الرّجوع الشامل للافراد الفعليّة و القوليّة و منها (- ح -) البيع و العتق و نحوهما إذ ليس المراد منه تصوّر معنى الفسخ و ادّعائه بل و لا تصوّر معنى الرّجوع و إنشائه و انّما المراد إيجاد ما يدلّ عليه أو يقتضيه من قول أو فعل و منه المفروض فيكون (- ح -) دالاّ على صحّة البيع و لو بالتزام الاكتفاء في اشتراط الملك فيه بنحو ذلك فيؤثّر عقد البيع (- ح -) فسخ ملك المتّهب و رجوع الملك الى الواهب و انتقاله عنه كما اثر عقد بيع الأب على ولده انتقالا من المشترى الى البائع و تحريرا لانّه مقتضى الجمع بين لا عتق إلاّ في ملك و من اشترى أباه أعتق عليه و قلنا بكفاية الترتّب الذاتي عن الزّماني جمعا بين الأدلّة و كذا في المقام فإنّه بعد ان شرع الوجوب بالبيع لا محيص عن التزام ذلك كلّه فيه كما انّه بعد شرع الرّجوع بالوطي مثلا كان فعله سببا لفسخ الملك على المتّهب مثلا مقارنا لدخوله في ملك الواطى لكن يقع الوطي في ملك فلا يكون اوّله محرّما و ثانية محلّلا و المقام من هذا القبيل عند التأمل فلا وجه (- ح -) لهذه الإشكالات التي منها انّه لا وجه لاقتضاء البيع صيرورة الملك لشخصين في زمان واحد إذ ليس هو بأعظم من اقتضائه الملك و الخروج عنه في زمان واحد في صورة شراء الأب و الترتيب الذّاتي آت هنا بان يقال اقتضى الانفساخ الدخول في ملك البائع انتهى ما في الجواهر و أنت خبير بأن إطلاقات الرّجوع واردة مورد بيان مجرّد السّلطنة على الرّجوع و امّا ان الرّجوع بما ذا يحصل فلا تعرّض فيها له حتى يتمسّك بها و لو سلّم فإنّما تدلّ على حصول الفسخ بالبيع المذكور و امّا صحّة البيع فلا دلالة فيها عليه حتى يلتجئ الى الالتزام هنا بمثل ما التزموا به فيمن اشترى أباه من الملك انا ما على ما أطال به و بعبارة أخرى لما كان الانعتاق هناك فرع صحّة البيع كان مفاد دليل الانعتاق بالدلالة الالتزاميّة صحّة البيع انا ما بخلاف المقام فان حصول الفسخ لكشف فعله عن ارادة الفسخ و إيقاعه لا يتوقّف على صحّة البيع حتّى يستفاد من ذلك بالالتزام صحّة البيع السّادس ما في الإيضاح من أنّه بأوّل جزء منه تنفسخ الهبة فيبقى المحلّ قابلا لمجموع العقد و أنت خبير بأنّه ان أراد بأوّل جزء منه أوّل جزء من الإيجاب ففيه ان كلّ جزء من اجزاء الإيجاب محتاج إليه في حصول النّقل و ان أراد بلفظ أو فعل سابق على الإيجاب خرج عن محلّ البحث لانّ الكلام فيما إذا وقع البيع من غير سابقة فاسخ أخر و الّذي يقتضيه التدبّر في المقام انّ مجرّد الإقدام على البيع أعمّ من الفسخ لاحتماله الفضوليّة و (- ح -) فان لم توجد قرينة معيّنة لإرادة الفسخ من البيع فلا إشكال في بطلان البيع و عدم حصول الفسخ و ان وجدت قرينة فامّا ان تكون بنفسها دالّة على الفسخ أم لا بل شاهدا على عدم ارادة الفسخ بالبيع فعلى الأوّل يحصل الفسخ قبل البيع و يصحّ البيع و على الثاني يحصل الفسخ بالبيع و لا يصحّ البيع إذ لا بيع إلاّ في ملك و حصول الفسخ بأوّل جزء منه و قد عرفت ما فيه فلا تذهل قوله طاب ثراه و أجاب في (- كرة -) عن الأوّل بمنع عدم صحة حصول الفسخ (- اه -) يمكن الجواب بوجه أخر و هو انّ العقد هنا مفقود من أصله و ليس الاّ الفسخ ضرورة انّ الفسخ ابطال للعقد الواقع فاذا بطل ذلك و ارتفع عادت الملكيّة السابقة من غير حاجة الى عقد فلا وقع للدّليل (- ح -) قوله طاب ثراه و قد يستدلّ للصحّة (- اه -) المستدل هو صاحب الجواهر (- ره -) و قد أشرنا إجمالا الى كلامه و ان شئت نقلنا لك كلامه بطوله لتكون على بصيرة قال (- ره -) انه إذا كان التصرّف بالانتفاع كالمسّ و التقبيل و الوطي و نحوها فيمكن القول بحصول الفسخ بها و انه مقارن للدّخول في الملك من غير اثم تحكيما لما دلّ على انّ له الفسخ بأي فاسخ يكون المستفاد من نفس ثبوت الخيار له على ما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير بحمله على ما لا يقارنه الملك من التصرّف خصوصا مع خفاء اندراج هذا الفرد فزمان الفسخ (- ح -) و الدخول في الملك و اللّمس واحد و لا بأس به الى ان قال بل يمكن القول به في البيع و نحوه بناء على اعتبار سبق الملك فيه و نحوه لعدم الدّليل بل مقتضى إطلاق الأدلّة خلافه و قوله (- ع -) لا بيع إلاّ في ملك لا يقتضي أزيد من اعتبار أصل الملك في البيع على وجه يشمل المقارن في مثل الفرض الّذي هو من باب ترتّب المعلولات الغير المتنافية بعللها و إن كانت العلّة في وجود الجميع واحدة فيترتّب (- ح -) على التصرف الفسخ المقتضى لعود الملك للفاسخ المقتضى لانتقاله عنه إلى المشتري المقتضى للانعتاق لو فرض كونه أبا له ثمَّ قال و ربّما يؤيّده ما ذكروه في الوكالة من حصول عقدها بالقبول فعلا من الوكيل بان يفعل ما وكّل فيه من تزويج أو بيع أو نحوهما فإنّ الوكالة و البيع حصلا بعلّة واحدة و الظاهر عدم زيادة اعتبار الملك في شيء على اعتبار الوكالة فيه فانّ بيع الوكيل و المالك سواء في ذلك و بالجملة لا مانع من تسلسل العلل المترتّب على كلّ منها معلولها و ان اتحد العلّة الأولى و لا يعقل حصول المعلومات المتنافية لعلّة واحدة كما هو واضح ثمَّ قال و ممّا يؤكّد المقام ظهور إرادة القائل بكون البيع فعلا فاسخا الصّحيح منه لا الفاسد الّذي يكون فسخه من الدّلالة على إرادته لأنّه فسخ بالتصرّف بل هو صريح استدلالهم على الفسخ بأصالة الصّحة في العقد انتهى و فيه ما مرّت الإشارة إليه عند نقل حاصل كلامه آنفا مضافا الى ما أورده عليه في المتن قوله طاب ثراه و توهّم انّ الفسخ إذا جاز (- اه -) قد مرّ توضيح هذا التوهم و جوابه في الوجه الخامس من حجج القول الثاني من مسئلة بيع الواهب العين الموهوبة الّتي تعرّضنا لها آنفا

فرع حكم من اشترى عبدا بجارية فقال أعتقهما

قوله طاب ثراه لأنّ الإجازة إبقاء للعقد (- اه -) في هذا التعليل و ما ذكر (- قدّه -) من الجواب نظر امّا الأوّل فلوضوح ان مجرّد كون عتق العبد اجازة للعقد لا يقتضي تقديمه و امّا الثّاني فلان توقّف عتق كلّ منهما على عدم عتق الأخر لا يكون ردّا على من زعم تقدم عتق العبد قوله طاب ثراه لان ملك أحدهما يستلزم خروج الأخر عن الملك و من المعلوم انّ ترجيح أحدهما على الأخر ترجيح من غير مرجّح فيفسد العتقان جميعا ولى فيما اختاره تأمّل و اشكال و الذي يقتضيه النّظر عاجلا ان يقال انّا اما ان نقول بانّ المبيع يملك بنفس العقد كما هو المشهور أو نقول بأنّه يملك بانقضاء الخيار كما هو القول الأخر فعلى الأوّل فالأظهر صحّة عتق العبد لأنه قد ملكه بالعقد كما ملك البائع الجارية فعتقه على العبد وقع في حال ملكه إيّاه و العتق مبنى على أدنى علقة و التصرّف في زمان خيار الحيوان ملزم للعقد بنصّ الرواية الشاملة بإطلاقها للفرض و لا مانع هنا من نفوذ عتق العبد الاّ كون عتق الجارية فسخا للبيع بالنّسبة إليها و مانعيّة مثل ذلك ممنوع لان دليل كون التصرّف فيما انتقل عنه إن كان هو الإجماع فهو دليل لبّى لا حجّة فيه هنا و إن كان المناط فهو منقّح هنا و الأصل عدم المانعيّة فيبقى العتق بالنّسبة الى ما يملكه و هو العبد نافذا ملزما للبيع و بالنّسبة إلى الجارية

ص:188

لغوا إذ لا عتق إلاّ في ملك و عتق مملوك و غير مملوك بصيغة واحدة غير فاسد بالنّسبة إليهما جميعا بل بالنّسبة الى غير المملوك خاصّة كما لا يخفى و على الثاني فيصحّ العتق بالنّسبة إلى الجارية دون العبد لما ذكر و في المسئلة وجهان اخران أحدهما الرّجوع الى القرعة و تعيين المعتق به لعمومات القرعة الاّ ان يناقش بان موردها هو المشكل ظاهرا المعلوم واقعا و هنا الإشكال من جهتين و فيه ما حققناه؟؟؟ غير مرّة من منع الاختصاص بالمورد المذكور و انّها تجري في المشكل ظاهرا و واقعا (- أيضا -) كما في المال المشترك المقسوم نعم لا بأس بالمناقشة فيها بانّ التمسّك بها لوهنها بكثرة ورود التخصيص عليها مبنى على انجبار وهنها بعمل الأصحاب في الموارد الخاصّة و لا قائل بها هنا ثانيهما إلزام الحاكم له بتعيين مراده من الفسخ و الإجازة و انعتاق من اقتضى الفسخ أو الإجازة ملكه له (- فت -)

مسألة و من أحكام الخيار عدم جواز تصرف غير ذي الخيار
اشارة

قوله طاب ثراه و لكن خلاف الشيخ (- ره -) و ابن سعيد مبنى (- اه -) قد ناقش هو (- ره -) في هذا البناء بقوله بعد عدّة أسطر و يمكن ان يقال انّ قول الشيخ (- ره -) و من تبعه (- اه -) قوله طاب ثراه نعم استشكل فيه في (- لك -) (- اه -) قال في (- لك -) في شرح قول المحقّق (- ره -) في كتاب الرّهن من (- يع -) و يصحّ الرّهن في زمن الخيار سواء كان للبائع أو للمشتري أولهما بانتقال الملك بنفس البيع على الأشبه انتهى ما لفظه مقتضى التعليل انّ الرّاهن هو المشترى بناء على انتقال الملك اليه و إن كان ثمَّ خيار خلافا للشيخ (- ره -) حيث حكم بعدم انتقال الملك اليه لو كان الخيار للبائع أولهما و يشكل (- ح -) جواز رهن المشترى في الصّورتين و ان قلنا بملكه لما فيه من التعرّض لإبطال حق البائع و مثله بيعه و ما أشبه من الأمور النّاقلة للملك و تحرير المسئلة يحتاج الى التطويل نعم لو كان الخيار له خاصّة فلا اشكال و يكون الرّهن مبطلا للخيار و كذا يجوز للبائع رهنه لو كان الخيار له أولهما و يكون فسخا للبيع انتهى قوله طاب ثراه و ان شرحها في (- الروضة -) بما لا يخلو عن تكلّف (- اه -) قال في اللّمعة بعد نفى صحّة رهن الوقف و رهن المصحف عند الكافر و رهن الطّير في الهواء ما لفظه و يصحّ الرّهن في زمن الخيار و إن كان للبائع لانتقال المبيع بالعقد على الأقوى و يصحّ رهن المرتدّ و لو عن فطرة الى أخر ما قال و قال في (- الروضة -) مازجا و يصحّ الرّهن في زمن الخيار لثبوت الثمن في الذّمة و ان لم يكن مستقرّا و إن كان الخيار للبائع لانتقال المبيع الى ملك المشترى بالعقد على الأقوى لأنّ صحّة البيع تقتضي ترتيب أثره و لان سبب الملك هو العقد فلا يتخلّف عنه المسبّب و على قول الشيخ (- ره -) بعدم انتقاله الى ملك المشترى إذا كان الخيار للبائع أولهما لا يصحّ الرّهن على الثمن قبل انقضائه انتهى و ظاهر قوله في الذيل لا يصحّ الرّهن على الثمن انّه فهم من عبارة اللّمعة انّ المراد بالرّهن في زمن الخيار رهن البائع الثمن في زمن الخيار و هو كما ترى إذ عليه كان اللازم ابدال البائع بالمشتري و المبيع بالثمن و المشترى بالبائع بأن يقول و إن كان الخيار للمشتري لانتقال الثمن الى ملك البائع بالعقد (- اه -) و ذلك لانّ الفرد الأخفى يؤتى به جملة وصليّة و ليس جواز رهن البائع الثمن عند كون الخيار له بأخفى من رهنه في صورة كون الخيار للمشتري بل الأمر بالعكس لانّ رهن غير ذي الخيار إذا جاز مع تسلّط صاحبه على فسخ العقد و حلّ الرّهن كان جواز رهن ذي الخيار الذي لا خيار لصاحبه أولى بالإذعان و (- أيضا -) لو كان مراد ثاني الشهيدين (- ره -) هنا بالرّهن رهن الثمن لم يناسبه التّعليل بثبوت الثمن في الذّمة بل هذا التعليل يناسب رهن المشترى المبيع و حاصل العلّة انّه حيث ثبت في ذمّة الثمن كان له رهن المبيع المنتقل إليه في قبال الثمن فكون مراد الشهيد الثاني (- ره -) بانّ من رهن المبيع الثمن غير معلوم حتى يتوجّه الإشكال عليه من خصوص التّعليل الذي في كلامه و التعليل الّذي في عبارة اللّمعة و امّا ما في ذيل عبارة (- الروضة -) فهو و إن كان يشهد بكون مراده بالرّهن في الصّدر رهن الثمن الاّ انّ حمله على سهو القلم و انه محرف المثمن أهون من الالتزام بارتكاب التعليلين الغير الصّحيحين فلا وجه (- ح -) لما صدر من سلطان العلماء (- رض -) من إبقاء كلمة الثمن على ما هي عليه و الاعتراض على (- الروضة -) بعدم صحّة الوصل و لا التّعليل حيث قال الظاهر انّ المراد رهن المشترى للمبيع في زمن الخيار كما يظهر من الوصل و التعليل فان كون الخيار للبائع يؤثّر في تزلزل المبيع في يد المشترى فيكون فردا خفيّا للمسئلة الحاكمة بجواز رهن المبيع و على ما شرحه الشارح كان الفرد الخفي هو ما كان الخيار للمشتري فإنّه هو الموهن بعدم لزوم دين على المشترى و خيار البائع لا دخل له في ذلك إلاّ بالواسطة فلا يكون فردا خفيّا و امّا التعليل فلانه على ما شرحه الشارح كان المناسب للتّعليل ان يقال لثبوت الثمن في ذمة المشترى بالعقد (- فت -) انتهى و لعلّه الى ما ذكره أشار الماتن (- ره -) بالتكلّف لكن الصّحيح ما ذكرنا فتدبّر قوله طاب ثراه بل لعلّ القول بعدم الانتقال منشئه (- اه -) في كون ذلك منشئه تأمّل فتدبر قوله طاب ثراه و قيل بانفساخه (- ح -) من حينه (- اه -) قد تحصل من الماتن (- ره -) الى هنا نقل أقوال أحدها عدم الجواز (- مط -) و هو خيرة (- ط -) و من وافقه ثانيها الجواز (- مط -) استظهره من عبارة (- يع -) في كتاب الرّهن ثالثها الفرق بين الخيارات الأصليّة و الخيارات المجعولة بالشرط بالجواز في الأولى و المنع في الثانية يظهر الميل اليه أو القول به من الماتن (- ره -) رابعها الفرق بين العتق و غيره من التصرّفات بنفوذ العتق دون التصرّفات الأخر استظهره من كلمات بعضهم خامسها الفرق بين الإتلاف و التصرّفات الناقلة بالمنع من الأوّل و تجويز غيره لكن مع انفساخه من أصله عند فسخ ذي الخيار سادسها هو القول الخامس مع الانفساخ من حينه قوله طاب ثراه حجّة القول بالمنع (- اه -) قلت و حجّة القول الثّاني هي عموم ما دلّ على تسلّط الناس على أموالهم لأنّ محلّ النزاع انما هو تصرّف من انتقل اليه العين من غير خيار له مع الخيار لصاحبه و لا يمنع من التعلّق بالعموم ما ذكر في تقرير حجّة القول الأوّل ضرورة انّ شيئا من الإتلاف و التصرّفات الناقلة لا يوجب سقوط الخيار بعد إمكان الرجوع الى البدل بالفسخ فان قلت انّ حقّ الخيار متعلّق بالعين بخصوصها بالتقريب المزبور في حجّة الأوّل فاتلافها إتلاف لهذا الحقّ و ان انتقل الى بدله لو تلف بنفسه كما انّ تعلّق حقّ الرّهن ببذل العين المرهونة بعد تلفها لا يوجب جواز إتلافها على ذي الحقّ قلنا انّ تعلّق الحق بالعين بخصوصها ممنوع و الاستشهاد له بحكمهم بسقوط الخيار عند وقوع التصرّف الناقل بإذن ذي الخيار ساقط أمّا أوّلا فلمنع ابتناء حكمهم ذلك على كون حق الخيار متعلّقا بالعين بخصوصها بل هو مبتن على دلالة نفس الإذن بالتصرّف الناقل عرفا التزاما على إسقاط الخيار و امّا ثانيا فلانّ حكمهم بذلك لا يثبت الحقّية بل لنا على فرض تسليم انحصار دليله في تعلّق الحقّ بالعين بخصوصها منع حكمهم أيضا و يزداد ما ذكر من عدم تعلّق حقّ الخيار بالعين بخصوصها وضوحا بملاحظة قول الماتن (- ره -) في وجه النّظر فانّ الثابت من خيار الفسخ (- اه -) و حجّة القول الثالث ما أشار إليه (- المصنف -) (- ره -) بقوله فالجواز لا يخلو عن قوّة في الخيارات الأصليّة إلى قوله كما لا يخفى و فيه منع اقتضاء الظهور المذكور الّذي هو نوعي اشتراط البقاء بل (- ح -) يتبع الموارد فمتى ما ظهر الاشتراط في مورد شخصي ظهورا عرفيّا في اشتراط إبقاء العين لم يكن للآخر التصرّف فيه بالإتلاف و النّقل لكن ذلك ممّا يلتزمه به جميع أرباب الأقوال لعموم المؤمنون عند شروطهم بعد شمول

ص:189

الشرط للشرط المدلول عليه بالالتزام و اين ذلك من الكليّة المدّعاة هذا مضافا الى انّ المنافي لاسترداد العين عند الفسخ انّما هو الإتلاف لا التصرّف النّاقل فإنّه غير مانع من ردّ العين (- مط -) بل فيما إذا كان عتقا أو وقفا أو بيعا لازما فلا تذهل و حجّة القول الرّابع امّا على عدم جواز غير العتق من الإتلاف و التصرّفات فحجّة الأوّل و امّا على الجواز في العتق فهي بنائه على التغليب فإنّه ليس بأبلغ من عتق بعض العبد المشترك فإنّه ينفذ في حصّة شريكه فكذا في المقام و فيه انه إن كان عموم تسلّط النّاس على أموالهم محكما فليحكم (- مط -) و الاّ فلا دليل على النفوذ كما إذا أعتق ملك غيره أو أعتق الصّبي أو المجنون أو المفلس فإنّه لا يمضى و النّفوذ في حصّة الشريك مع انّه للنصّ و القياس لا اعتماد عليه مع انّه قياس مع الفارق لانّ العتق في البعض قد تنجّز لملكه إيّاه و جواز تصرّفه فيه فيسري في البعض الأخر و هنا قد بنى المنع في غير العتق على حجره من التصرّف (- مط -) فالفرض كما إذا أعتق أحد الشريكين المحجور عليه حصّته من العبد فإنه لا أظن أحدا يلزم بنفوذه بل لا ينفذ قطعا و حجّة القول الخامس امّا على المنع من الإتلاف فحجّة الأوّل و امّا على الجواز في التصرّفات فهي عدم منعها من نقل العين لانّ البيع متزلزل بعد فاذا فسخ ذو الخيار انفسخ البيع الثاني و عاد المال الى صاحبه الثاني ثمَّ الى صاحبه الأوّل كما إذا باع احد مال غيره معتقدا كونه له ثمَّ ظهر انه لغيره و لم يجز المالك الواقعي البيع فانّ البيع ينفسخ و يعود المال الى صاحبه و قد أشار الى تتمة ذلك و جوابه الماتن (- ره -) بقوله عدى ما يتخيّل من ان تملّك العاقد الثّاني مبنىّ على العقد الأوّل و حجة القول السّادس اما على ما عدى كون الانفساخ من حين الفسخ فحجّة الخامس و امّا على كون الانفساخ من حين فسخ العقد الأوّل فهي انّ مقتضى الفسخ هو تلقّى كلّ من العوضين من ملك كلّ من المتعاقدين فلا يجوز ان يتلقّى الفاسخ الملك من العاقد الثاني بل لا بدّ من انفساخ العقد الثاني بفسخ الأوّل و رجوع العين الى ملك المالك الأوّل ليخرج منه الى ملك الفاسخ و دعوى انّ ملك العاقد الثّاني إلى وقت الفسخ فتلقى الفاسخ الملك بعد الفسخ من العاقد الأوّل مدفوعة بعدم معروفية التملك الموقت في الشرع و أقول لا يخفى عليك سقوط ذلك كلّه بعد ما عرفت من كون الاشتراء بفسخ ذي الخيار كان لم يكن و كشف فسخه عن بطلان البيع أو الشّراء من أوّل الأمر الاّ ان يجاب بما مر فيجاب بمنع انفساخ العقد بعد إمكان الرجوع الى البدل اعنى المثل في المثليّ و القيمة في القيمي فظهر من ذلك كلّه انّ القول الثاني أقرب و اللّه العالم قوله طاب ثراه و هو اللائح؟؟؟ (- اه -) لا يخفى عليك عدم خلوّ العبارة من الرّكاكة لكون هذه الجملة جملة مستقلّة فاصلة بين المستثنى و المستثنى منه اعنى قوله فلا داعي و قوله عدى ما يتخيّل و لو أبدل العبارة بقوله كما هو اللاّئح لكان أهون قوله طاب ثراه امّا فيما نحن فيه فانّ العين ملك للعاقد الثّاني (- اه -) هذا انّما يتمّ فيما إذا كان العقد لازما و امّا إذا كان جائزا فعدّ ذلك تعذّرا لا دليل عليه فيبقى دليل عود الملك بالفسخ إلى الأوّل و تسلّط الناس على أموالهم محكما

فرعان
الأول هل يمنع عن التصرف المعرض لفوات حق ذي الخيار من العين

قوله طاب ثراه كالعلاّمة في (- عد -) (- اه -) قد قال بذلك هو في (- لف -) و (- ير -) و الحلّي في (- ئر -) و الفخر في الإيضاح (- أيضا -) نظرا الى الأصل بعد حصول الملك بنفس العقد و عموم تسلّط الناس على أموالهم ثمَّ ان حملت انتقل إلى القيمة مع فسخ ذي الخيار كما هو خيرة (- ير -) و الإيضاح و (- مع صد -) و ظاهر (- ئر -) و (- لف -) و كنز الفوائد و غيرها على ما حكى عن بعضها لمكان الجمع بين الحقوق فيسقط حقّ البائع من العين و يكون له أخذ القيمة لأنّ أمّ الولد لا يجوز بيعها و حق البائع من الخيار لا يجوز إسقاطه و احتمال أخذ العين لسبق حقّه على الاستيلاد ضعيف و في مفتاح الكرامة انه يتعلّق بوطي المشتري (- كك -) أحكام ستّة ثلثة منها لا تختلف باختلاف الأقوال و ثلثة تختلف امّا ما لا يختلف فسقوط الحدّ و نصب الولد و حرّيته لأنّ الوطي صادف ملكا أو شبهة فدرء الحدّ و ثبت النّسب و الحريّة و امّا التي تختلف فالمهر و قيمة الولد و كونها أمّ ولد و امّا حلّ الوطي و عدمه فيجيئان على القولين كما عرفت فإن أجاز البائع البيع و قلنا الملك يثبت بالعقد فقد صادف الوطي الملك فلا مهر و لا قيمة ولد و تصير أمّ ولده و ان قلنا انّما ينتقل بانقضاء الخيار و العقد معا فقد وطأ في ملك البائع فيجب المهر و في قيمة الولد وجهان بناء على القولين في انّ الحمل هل له حكم أم لا فان قلنا به وجب لانّ العلوق كان في ملك البائع و ان قلنا لا حكم له لم يجب بل يوضع في ملك المشترى و في الاستيلاد وجهان و ان فسخ البائع العقد فان قلنا انّ الملك ينتقل بالعقد لا يجب المهر و تصير أمّ ولد و يضمن قيمتها لا ثمنها و ان قلنا انّ الملك لا ينتقل بالعقد فقد صادف الوطي ملك البائع فيجب المهر و قيمة الولد و لا تصير أمّ ولد الاّ ان تنتقل إلى المشتري بسبب أخر فالقولان

الثاني هل يجوز إجارة العين في زمان الخيار بدون إذن ذي الخيار

قوله طاب ثراه و من ابطال هذا التصرّف (- اه -) فيه منع إبطاله السّلطنة أبدا بل في زمان الإجازة خاصّة و ذلك غير ضائر و الاّ لا وجب عدم صحّة بيع العين الماجورة فالوجه الأوّل هو الأظهر و اللّه العالم قوله طاب ثراه ثمَّ انه لا إشكال في نفوذ التصرّف بإذن ذي الخيار (- اه -) التصرّف في العبارة بإطلاقه يشمل التصرّف المخرج عن الملك و المغيّر للعين و غيره و هو كما ترى محلّ منع نعم ظاهر قوله و امّا لانّ التصرّف (- اه -) هو التصرّف المخرج عن الملك و المغيّر للعين و عليه فالأمر سهل و تدبّر قوله طاب ثراه و لو اذن و لم يتصرّف (- اه -) هذا الخلاف مبنى على اختلاف المسلك في الحكم بلزوم البيع بالإذن للغير في التصرّف فمن استند الى الوجه الأوّل أعني دلالة الاذن على الالتزام بالعقد عرفا لم يفرّق بين تصرّف المأذون و عدمه و من استند الى الوجه الثاني خصّ لزوم البيع بصورة لحوق التصرّف لعدم تحقّق تفويت محلّ الحق الاّ بعد التصرّف كما لا يخفى

مسألة المشهور أن المبيع يملك بالعقد و أثر الخيار تزلزل العقد

قوله طاب ثراه المشهور انّ المبيع يملك بالعقد (- اه -) هذا هو خيرة (- ط -) و (- ئر -) و (- يع -) و (- فع -) و (- عد -) و (- لف -) و (- شاد -) و الإيضاح و التنقيح و (- مع صد -) و (- لك -) و محكي (- ير -) و جواهر الفقه و كنز الفوائد و كشف الرموز و نقد الشرائع و المعالم و تعليق (- شاد -) و غاية المرام و تلخيص (- ف -) و غيرها بل نسبه في التنقيح الى المحقّقين من الأصحاب و في غاية المراد انه المنصور عند المتأخرين و في الرّياض انه الأشهر و في محكي كشف الرّموز انّه الأظهر بين الأصحاب و عليه العمل و في (- لك -) و مجمع الفائدة تارة كالإيضاح و المهذّب البارع و الكفاية و المستند و محكي (- مع صد -) و المقتصر و الكشف انّ عليه الأكثر و اخرى كالتذكرة و (- ئق -) و محكي غاية المرام و تعليق (- شاد -) انّه المشهور بين الأصحاب بل عن ظاهر (- ئر -) هنا و صريحه في باب الشفعة الإجماع عليه قوله طاب ثراه و حكى المحقّق و جماعة (- اه -) امّا نسبة الحكاية إلى جماعة ففي محلّها فانّ ممّن نسب ذلك الى الشيخ (- ره -) هو العلاّمة (- ره -) في (- لف -) و الفاضل المقداد في التنقيح بل في غاية المراد انّ المشهور نسبة ذلك الى الشيخ (- ره -) و امّا نسبة الحكاية إلى المحقّق فلم أجد لها مستندا لخلوّ ما عثرنا عليه من كتب المحقّق عن ذلك و العجب من سيّدنا في مفتاح الكرامة حيث نسب حكاية ذلك عن الشيخ (- ره -) إلى الشرائع و (- فع -) مع انّ الكتابين خاليان عن تسمية القائل و انّما المذكور فيهما قول مجهول للقائل و لعلّه أراد فيهما به الإسكافي و قد صدر هذا الاحتمال من

ص:190

شيخ (- لك -) حيث قال في شرح قول المحقّق المبيع يملك بالعقد و قيل به و بانقضاء الخيار (- اه -) انّه يظهر من ابن الجنيد إطلاق القول بذلك فلعلّ القول المحكي يعني في المتن اشارة اليه انتهى قوله طاب ثراه فيوافق المشهور (- اه -) قد سبقه في الميل إلى إثبات موافقة الشيخ (- ره -) في الأكثر سيّدنا في مفتاح الكرامة و ما في المتن تلخيص لكلامه و حيث انّ مرجع ما ذكره الى الحدث و التخمين و أخذ كلامه في موضع من الكتابين شاهدا على مراده في الموضع الأخر و ذلك ممّا لا معنى له سيّما في كلمات الشيخ (- ره -) المختلف كلامه في مبحث واحد فضلا عن مبحثين أعرضنا عن تطويل المقال بنقل ما صدر منه و ان شئت فراجعه قوله طاب ثراه لكن النّسبة لا تخلو عن تأمّل لمن لاحظ باقي العبارة (- اه -) تمام العبارة كما في كتاب المفلّس من (- ط -) هكذا و إذا باع عينا بشرط خيار ثلثة أيّام ثمَّ أفلسا أو أحدهما قيل فيه ثلثة أوجه أحدها يجوز للمفلّس منها اجازة البيع لانّ ذلك ليس بابتداء ملك و الملك قد سبق بالعقد المتقدم و الثاني انّ له اجازة البيع إذا كان حظّه في الإجازة أو ردّه إذا كان حظّه في الردّ دون الإجازة و امّا أن يجيز و الخطّ في الردّ فلا لانّه محجور عليه فممنوع من التصرّف الاّ فيما فيه مصلحة لمال أو حظ و الثالث انّ هذا مبنىّ على انّه متى ينتقل الملك الى المبتاع إذا كان في العقد شرط خيار الثلاثة فمن قال ينتقل بنفس العقد قال له الإجازة و الفسخ و من قال لا ينتقل الملك الاّ بانقطاع الخيار لم يجز إمضاء البيع و من قال انتقال الملك موقوف فإن أجاز البيع تبيّنا انّ الملك انتقل بالعقد فإنّه لا يجوز له الإجازة و يكون بمنزلة من يقول ينتقل الملك بانقطاع الخيار لانّ بفعله يتبيّن انتقال الملك فكان ممنوعا منه و الأوّل أصحّ الوجوه انتهى و وجه تأمّل (- المصنف -) (- ره -) في النّسبة بعد ملاحظة ذيل العبارة انّه قابل الوجه الأوّل بالوجه الثالث و حيث انّ وجه الثالث هو بناء الحكم على انّ الملك متى ينتقل إلى المشترى هو صحّة الوجه الأوّل (- مط -) سواء قلنا بالانتقال بنفس العقد أو بعد انقضاء الخيار أو وقوف العقد فلا يدلّ تصحيحه الوجه الأوّل على اختياره حصول الملك بنفس العقد لكن فيه ان تعليله الوجه الأوّل بعدم كون ذلك ابتداء ملك و ان الملك قد سبق بالعقد المتقدّم يكشف عن اختياره حصول الملك بنفس العقد و الاّ لم يكن للتّعليل به وجه غاية ما هناك انه يتّجه عليه الاعتراض بأنّه لا وجه لمقابلة الوجه الأوّل المعلّل بحصول الملك بنفس العقد بالوجه الثالث المبنى على التفصيل في زمان انتقال المال إلى المشتري كما لا يخفى قوله طاب ثراه و قد تقدّم حكاية التوقّف عن ابن الجنيد (- اه -) ان أراد بالتوقف المتقدّم حكايته عن الإسكافي القول بتوقّف الملك على انقضاء الخيار لا التوقّف عن الفتوى كما هو ظاهر العبارة في بدو النّظر ثمَّ انّ المتحصّل في المسئلة أقوال أحدها القول المشهور اعنى حصول الانتقال بنفس العقد ثانيها الانتقال بانقضاء الخيار و هو خيرة الإسكافي ثالثها الانتقال بنفس العقد فيما إذا كان الخيار لهما أو للبائع وحده و الانتقال بانقضاء الخيار إذا كان الخيار للمشتري وحده مع زواله عن ملك البائع بنفس العقد رابعها التفصيل بين خيار العقد و خيار الحيوان بالانتقال بنفس العقد في الأوّل و بانقضاء الخيار في الثاني و هو الّذي مال اليه أو قال به الفاضل الخراساني في الكفاية و المحدّث البحراني في (- ئق -) و سيذكر الماتن (- ره -) حجّة القولين الأوّلين و امّا الثالث فلم نقف له على حجّة و كفاك في ضعفه ما أشار إليه الشهيد (- ره -) في غاية المراد بقوله بعد نقله انّ هذا الكلام يشمّ منه التناقض استسلافا لكون الملك لا يخلو عن مالك و لا مالك غيرهما قطعا و قد صرّح بزوال ملك البائع مع الحكم بعدم انتقاله إلى المشترى مع انّه إذا لم ينقل اليه كان ملكا للبائع زائلا غير زائل و ملك المشترى ثابتا غير ثابت و انّه تناقض ثمَّ حكى الجواب بانّ الموقوف هو الملك المستقرّ ثمَّ ردّه بأنّه يصلح تأويلا للكلام الأوّل فيرتفع الخلاف و امّا القول الرابع فقد احتجّ له في (- ئق -) بأنّ الأخبار مختلفة بالنّسبة إلى اختلاف الخيارات ففي بعضها ما يوافق المشهور و في بعض أخر ما يوافق القول الأخر قال فمن الأخبار الدالّة على الأوّل الأخبار الواردة في خيار الشّرط و قد تقدّمت كموثقة إسحاق بن عمّار و رواية معاوية بن ميسرة فإنّهما صريحتان في كونه زمن الخيار ملكا للمشتري و انّه لو تلف في تلك المدّة كان من ماله و عليها يحمل ما أطلق من اخبار المسئلة و يؤيّده (- أيضا -) انّ المتبايعين أقدما على ان يكون المبيع للمشتري و انّما شرطا خيارا في مدّة معيّنة فالبيع على اللزوم كما هو مقتضاه و ليس للبائع إلاّ مجرّد الخيار و من الأخبار الدّالة على القول الأخر صحيحة ابن سنان المتقدّمة في خيار الحيوان الدالّة على انّه إذا اشترى الدابّة أو العبد و اشترط الى يوم أو يومين فيموت العبد أو الدّابة أو يحدث فيه حدث فضمان ذلك على البائع حتى ينقضي الشرط و يصير المبيع للمشتري فإنّها ظاهرة في عدم الملك للمشتري و إن كان الأصحاب حملوها على استقرار الملك ثمَّ ساق موثق عبد الرّحمن و رواية عبد اللّه بن الحسن المزبورات في خيار الحيوان ثمَّ قال و هي ظاهرة كما ترى في انّ موت الحيوان في الشرط من البائع الاّ ان يلتزم المشترى بالبيع المسقط للخيار ثمَّ قال و بالجملة فأخبار خيار الحيوان كما ترى مشتركة في ان تلفه مدّة الخيار من مال البائع فهي خلاف ما عليه القول المشهور من انّ المبيع ملك المشترى الموجب لكون التلف من ماله و خلاف ما تقدّم من نقله عن الشيخ (- ره -) الى ان قال انّ الأولى و الأليق هو الوقوف في كلّ حكم على ما يقتضيه النصوص المتعلّقة بذلك الحكم و عدم الوثوق بهذه القاعدة التي يؤسّسونها انتهى و أقول ما ذكره (- قدّه -) و إن كان غارا للنّاظر ابتداء لكنّ التّأمّل الصّادق أوضح شاهد على فساده ضرورة انّه إذا كان أفتى في خيار الشرط بحصول الملك من حين العقد نظرا الى الأخبار الدالة على كون التلف في زمان خيار الشّرط من المشترى و افتى في خيار الحيوان بحصول الملك بانقضاء الخيار عروجا على الأخبار الّتي ساقها فبما ذا يجيب عمّا تضمّنه صحيح ابن سنان من كون التلف على البائع في خيار الشّرط (- أيضا -) حيث قال عليه السّلام و إن كان بينهما شرط أيّام معدودة فهلك في يد المشترى فهو من مال البائع فكأنّه (- ره -) غفل عن ذلك ففصّل بين خيار الحيوان و خيار الشرط و التحقيق انّ التّلف له أحكام خاصّة وقع الاتفاق منهم على تلك الأحكام مع خلافهم هنا فأخبار كون التّلف على المشترى لا دلالة فيها على القول الأوّل كما انّ اخبار كون التّلف على البائع لا دلالة فيها على القول الثّاني و امّا صحيح الحلبي الآتي فسيأتي إنشاء اللّه تعالى الجواب عنه قوله طاب ثراه و أكل المال إذا كانت تجارة (- اه -) قد استدلّ بهذه الآية في الإيضاح و التنقيح و غيرهما (- أيضا -) بتقريب انّه (- تعالى -) علّق اباحة التصرّف على التجارة عن تراض فلو لم يكن يفيد الملك لما جاز التعليق عليه و ردّه في المستند بمنع الملازمة بين تعليق الملك عليه و بين افادته الملك و فيه انّ الآية صريحة في حلّ الأكل و التصرّف إذا كان التجارة عن تراض و لا نعني بالملك الاّ ذلك قوله طاب ثراه مما ظاهره كون العقد علّة تامّة (- اه -) لو لا هذا الاستظهار لكان يمكن ردّه بانّ الخصم لا ينكر حلّ البيع بل يقول انّ البيع لا يحصل الاّ بالعقد و انقضاء الخيار جميعا قوله طاب ثراه و يدلّ عليه لفظ الخيار (- اه -) لعلّ نظره في ذلك الى انّ الخيار ليس الاّ تسلّط ذيه على

ص:191

فسخ الملك و ردّه فلو لا انّ الملك قد حصل بالعقد لم يكن للفسخ محلّ و على هذا فجميع اخبار الخيارات تدلّ على المطلوب قوله طاب ثراه و ربّما يتمسّك بالأخبار الواردة في الغنية (- اه -) قد ذكرنا سابقا انا نبيّن معنى الغيبة في أواخر مبحث النقد و النسية في شرح خبر الحسين بن المنذر ثمَّ ان سيّدنا العاملي قد تمسّك في مفتاح الكرامة بطوائف أخر من الأخبار فمنها اخبار خيار التأخير المشتملة على انّه ان جاء قبل الثلاثة فله بيعه و الاّ فلا بيع له و منها الأخبار الدالّة على سقوط الخيار بالخطوة و التفرق فإنه يدلّ على حصول الملك و البيع قبله و انّما يجب بعده و منها مفهوم الأخبار الدالّة على انّ كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه من دون تقييد بمضيّ زمن الخيار و أنت خبير بإمكان المناقشة امّا في الطائفة الأولى فبأنّ استحقاق البائع للمبيع بتأخير المشترى اقباض الثمن عن الثلاثة لا يدلّ على المطلوب بوجه من وجوه الدلالة و امّا في الثانية فبأنّه ليس في الأخبار لفظ السقوط كي يستظهر منه الثبوت قبله و (- أيضا -) فثبوت الخيار قبل التفرّق غير ثبوت الملكيّة قبله و امّا في الثالثة فبأنّ كون التلف بعد القبض من المشترى الذي هو مفهوم تلك الأخبار و منطوق غيرها و إن كان يقتضي الملكيّة الاّ انّ تقييد كون التلف بعد القبض من المشترى بما إذا كان الخيار للبائع كما يأتي بيانه عند التعرّض لتلك المسئلة يوهن ذلك لاستلزامه التفصيل في حصول الملك بالعقد بين ما إذا كان الخيار للبائع أو للمشتري هو خرق للإجماع المركب و (- أيضا -) يعلم من التأمّل انّ احكام التّلف أحكام خاصّة لا تنضبط بقاعدة قوله طاب ثراه مثل صحيح يسار بن يسار (- اه -) قد أورد (- قدّه -) هذه الرواية في أواخر مبحث النقد و النّسية في مسئلة بيع العين الشخصيّة المشتراة نسيئة من بايعه قبل حلول الأجل و ذكرنا هناك انّ الصحيح بشار بن يسار لا يسار بن يسار فراجع قوله طاب ثراه فانّ في ذيلها دلالة (- اه -) وجه الدّلالة انّه (- ص -) نفى كون البقر و الغنم و المتاع بقرة و غنمه و متاعه و نفى ذلك يدلّ على انّه بقر من اشتراه منه و غنمه و متاعه و لو كان حصول الملك موقوفا على انقضاء الخيار لم يكن لنفى كونه بقرة و متاعه و غنمه وجه ضرورة انّه لم ينقض الخيار فعلا لعدم انقضاء ثلثة الحيوان فلو كان الملك متوقّفا على انقضاء الخيار لكان بقرة و غنمه و متاعه قوله طاب ثراه صحيحة محمّد بن مسلم (- اه -) أشار بذلك الى الصحيح الذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز و صفوان عن العلاء جميعا عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال سالته عن رجل الخبر قوله طاب ثراه كما يظهر من قولهم في اخبار أخر (- اه -) مثل ما رواه اى الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن محمّد بن عيسى عن يحيى بن الحجّاج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قال لي اشتر لي هذا الثوب و هذه الدابّة و بعنيها أربحك فيها كذا و كذا قال لا بأس بذلك اشترها و لا تواجبه البيع قبل ان تستوجبها أو تشتريها قوله طاب ثراه و أشدّ ضعفا من الكلّ ما قيل هذا القول يقرب ممّا تمسّك به في الإيضاح و التنقيح من انّه قد تقرّر في الأصول انّ الصحّة عبارة عن ترتّب الأثر فحال وقوع العقد ان وصف بالصحّة ثبت المطلوب و ان لم يوصف فلا خيار لترتّبه على العقد الصّحيح و الفرض عدمه و الجواب ان للخصم ان يتصرّف في الأثر و يقول ان اثر العقد الغير المستعقب للخيار هو الملك من حينه و اثر العقد الغير المستعقب هو الملك من حين انقضاء زمان الخيار فيكون صحّة العقد الغير الخياري عبارة عن ترتّب الملكيّة من حينه و صحّة العقد الخياري عبارة عن قابليّة لحصول الملك به عند انقضاء الخيار و هذه القابليّة حاصلة من حين العقد فلا محذور ثمَّ هناك وجوه أخر اعتباريّة أهمل الماتن (- ره -) ذكرها و لا بأس بنقلها أحدها ما تمسّك به في الإيضاح و التّنقيح و غيرهما أخذا من (- لف -) من انّ المقتضى حين العقد موجود و العارض لا يصلح للمانعيّة فيثبت الملك من حينه أمّا المقتضي فهو العقد و قد وجد فيؤثر من حينه و الوجه في كونه مقتضيا أمور فمنها انّه السّبب الشرعي لنقل العين هنا و لذلك عرّفوه بأنّه انتقال عين أو تمليك عين و بعبارة أخرى أحسن البيع تمليك بدليل قوله ملكتك فيثبت به الملك كسائر البيوع لانّ التمليك يدلّ على نقل الملك إلى المشترى و يقتضيه لفظه و الشرع قد اعتبر و قضى بصحّته فيجب ان يعتبره فيما يقتضيه و يدلّ عليه لفظه و منها انّه لو لم يكن سببا أوّلا لم يكن سببا بعد الخيار لانّ الافتراق لا مدخل له منفردا عن العقد فكذا لا مدخل له حالة الانضمام لأصالة البقاء يعنى الاستصحاب و منها انّه كلّما وجد العقد ثبت الملك و كلّما انتفى العقد انتفى الملك فيكون هو المؤثر عملا بالدّوران و امّا عدم صلاحيّة العارض للمانعيّة فلأنه ليس الاّ ثبوت الخيار و هو غير مناف للملك كما لو باع عرضا بعرض فوجد كلّ منهما فيما انتقل اليه عيبا هذا غاية ما قيل في تحرير هذا الوجه و يمكن المناقشة فيه بمنع اقتضاء العقد الانتقال من حينه بل هو مقتضى للانتقال في الجملة أن لازما فمن حينه و ان جائزا فمن حين الانقضاء و الوجوه المتمسّك بها للاقتضاء ساقطة امّا الأوّل فلا يثبت إلاّ السببيّة في الجملة الغير المنافية للقول الثّاني فإنّ القائل بالانتقال بالانقضاء لا يقول بأنّ السببيّة هو الانقضاء فقط بل هما معا أو العقد فقط الاّ انّ تأثيره مغيّى بالانقضاء و امّا الثّاني فلان الممنوع ليس هو السّببيّة (- مط -) بل خصوص السّببيّة التامّة المنحصر فيها و الوجه المذكور لا يثبت إلاّ السّببيّة في الجملة المسلّمة بين المتنازعين جميعا هذا مضافا الى ان الافتراق هنا غير مطلق الافتراق فلا استصحاب سلّمنا لكنّه معارض بمثله كان يقال كان المال غير مملوك قبل العقد فليكن بعده (- كك -) (- فت -) و امّا الثّالث فمع ما فيه من شبهة المصادرة بزعم الخصم انّ الدوران ليس بحجّة عندنا ما لم تكن العلّية مستفادة من خطاب أو مقطوعا بها من عقل أو عادة مستمرّة لا تنحرم لانّ تلازم الوجود و العدم لا يدلّ على العلّية كما في الجوهر و العرض و الحدّ و المحدود و الحركة و الزّمان المعلولين المتساويين على انّ التلازم في الانعكاس غير واجب في الأحكام كما في المشقّة للتقصير الثاني ما تمسّك به في التنقيح من انّه لو لم ينتقل بالعقد إلى المشتري لكان موقوفا و (- ح -) لم يكن فرق بين بيع المالك و بين الفضولي و استحالة اللازم ظاهر و فيه أوّلا منع الملازمة ان أريد بالوقوف الوقوف على الإجازة و ان أريد به الوقوف على انقضاء الخيار فلا مانع منه و ان أريد به التزلزل فهو مسلّم عند الجميع الى الانقضاء و ثانيا منع بطلان عدم الفرق بين بيع المالك و بيع الفضولي الثالث انّ للمشتري التصرّف و لا سبب له الاّ الملك هنا إذ الإذن الضمني لا يقوم بنفسه بل بالعقد حكى في غاية المراد التمسّك به عن بعضهم ثمَّ أجاب بمنع الصّغرى إذا أريد به التصرّف المنجّز و بمنع الكبرى ان أريد به مطلق التصرّف و هو متين الرابع انّه صحيح و الاّ لبطل الخيار فيتبعه غايته حكاه في غاية المراد ثمَّ قال و ردّ بأنّ الغاية صلاحيّة الملك إذا حصل شرطه و الملك الحقيقي من توابع اللّزوم قوله طاب ثراه و قد يستدلّ (- أيضا -) بالنّبوي (- اه -) قد استدلّ به

ص:192

صاحب الجواهر (- ره -) و قال انّ معناه انّ الرّيح في مقابلة الخسران لانّ الخراج اسم للفائدة الحاصلة في المبيع و المراد أنّها للمشتري كما انّ الضرر الحاصل بالتّلف عليه فهو دالّ على المطلوب قلت وجه الدّلالة على ما ذكره انّ كون النّماء في زمان الخيار للمشتري و التلف عليه فرع ملكه لأصل المبيع فالخبر دالّ على المطلوب باللّزوم قوله طاب ثراه استدلّ للقول الأخر (- اه -) أراد بالقول الأخر القول الثاني أعني توقّف الانتقال على انقضاء الخيار و المستدلّ بهذا الوجه هو سيّدنا في مفتاح الكرامة و استدلّوا على ذلك بوجوه أخر أحدها ما في المراد من أصالة بقاء الملك على ما كان عليه حتى يثبت السّبب المزيل و الاتفاق واقع على انّ العقد مع انقضاء الخيار مزيل و كونه مزيلا قبله غير معلوم فيرجع الى الأصل و الجواب عن ذلك واضح إذ كما انّ العقد مع الانقضاء مزيل فكذا هو وحده مزيل لملك البائع بحكم أية حلّ الأكل مع التجارة عن تراض و غيرها ممّا مرّ المورث مجموعه للفقيه الاطمئنان بحصول الملك بالعقد الثاني ما تمسّك به في (- لف -) من انّ العقد الخياري قاصر فلا ينقل الملك كالهبة قبل القبض و قرّره في التنقيح و غيره بانّ البيع مع الخيار قاصر عن البيع من غير خيار و القصور ليس الاّ لعدم افادة الملك لانّه لو أفاد الملك لما كان قاصرا بل مساويا و هذا خلف و أجاب في (- لف -) بالمنع من القصور عن افادة الملك قال و اعنى به قبوله للفسخ فذلك لا يوجب القصور و لا عدم نقل الملك كالمعيب و قرّره في التنقيح بالمنع من انّ القصور ليس الاّ لعدم افادة الملك لجواز ان يكون لعدم اللزوم و ذلك كاف في الفرق و الأولى ان (- يق -) انّ قصور العقد الخياري عن العقد الغير الخياري مما لم يرد به نص و انّما غاية ما ثبت توقّف لزوم العقد على انقضاء الخيار و امّا توقّف حصول الملك عليه فلا دليل عليه و الأصل عدم التوقّف الثّالث ما تمسّك به في غاية المراد من انه كلّما توقّف ثبوت البيع على انقضاء الخيار توقّف الملك على انقضاء الخيار لكن المقدّم حقّ فالتّالي مثله و الملازمة بيّنة و امّا بيان حقيّة المقدّم فلان أحد الأمرين لازم امّا إحداث قول ثالث أو ثبوت المطلوب و الأوّل محال فثبت الثاني بيان الملازمة رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خيار المجلس فاذا افترقا فقد وجب البيع و المراد بالوجوب الثبوت لأنه (- كك -) لغة و الأصل عدم النّقل فان عمّ الخيار فهو المطلوب و الاّ افترق أقسام الخيار فيلزم احداث الثالث ثمَّ قال و لا يعارضه دلالة رواية غياث بن إبراهيم عن الصّادق عليه السّلام بإسناده الى على عليه السّلام إذا صفق الرّجل على البيع فقد وجب و ان لم يفترقا لضعف سندها أوّلا و لجواز كون الافتراق شرطا لا جزء علّة فيجوز استناد الثبوت الى العقد انتهى و أقول أوّلا انّ الوجوب استعمل في اللّغة بمعنى اللّزوم (- أيضا -) كما هو صريح الصّحاح و القاموس و (- ية -) و المصباح و غيرها قال في الأوّلين وجب يجب وجوبا لزم و ثانيا انا ان لم نضايق من كون الوجوب في الخبر بمعنى الثبوت نقول انّ المراد بالثّبوت اللزوم كيف لا و لو لا ذلك للزم عدم حصول البيع قبل انقضاء الخيار و حيث انّه بيّن البطلان لوضوح حصول البيع عرفا قبله فتعيّن كون المراد اللّزوم مضافا الى شهادة الأدلّة المزبورة على ذلك قوله طاب ثراه مثل صحيحة ابن سنان (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا عن ابن محبوب عن ابن سنان يعنى عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل الخبر قوله طاب ثراه و رواية عبد الرّحمن (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد عن ابان بن عثمان عن عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه البصري قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل الخبر قوله طاب ثراه و مرسلة ابن رباط (- اه -) أراد بها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علىّ بن فضال عن الحسن بن علىّ بن رباط عمّن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه و النبوي المروي في قرب الإسناد (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن ابى إسحاق عن الحسن بن ابى الحسن الفارسي عن عبد اللّه بن الحسن بن زيد بن علىّ بن الحسين عن أبيه عليه السّلام عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رجل اشترى عبدا بشرط ثلثة أيّام فمات العبد في الشّرط قال يستحلف باللّه ما رضيه هو ثمَّ برئ من الضّمان قوله طاب ثراه و هذه الأخبار انما تجدي في مقابل من ينكر (- اه -) لا يخفى عليك ما في العبارة من الخلل فإنّ الأخبار المذكورة انّما تجدي من ينكر تملّك المشترى مع اختصاص الخيار لا في مقابله و لا يبعد ان يكون لفظ في مقابل مشخوطا؟؟؟ عليه في أصل النسخ فكتبه النّساخ غفلة قوله طاب ثراه و على اىّ حال فهذه الأخبار امّا ان تجعل مخصّصة (- اه -) يعنى انّ الأمر في الأخبار المستدلّ بها للقول الثاني دائر بين أمرين أحدهما ان تجعل مخصّصة لأدلّة المشهور الّذي هو حصول الملك بنفس العقد يعنى عموم أدلّة البيع و التّجارة عن تراض و اخبار الخيار و جعلها مخصّصة انّما هو بضميمة قاعدة تلازم الملك و الضّمان لأنّ الأخبار المذكورة انّما أفادت ضمان البائع فإذا ضمّ إليها تلازم الملك و الضمان حصل ان المال باق على ملك البائع في زمان خيار المشترى فتصير الأخبار الدالّة عليه مخصّصة لأدلّة لزوم البيع لانّه يصير حاصل المجتمع من الأمرين انّ عقد البيع لازم الاّ العقد الّذي اشتمل على خيار المشتري فإنّه ليس بلازم لبقاء المبيع على ملك المشترى و ثانيهما ان تجعل مخصّصة لقاعدة التّلازم بين الملك و الضّمان و جعلها مخصّصة انّما هو بضميمة أدلّة المشهور المعبّر عنها في كلام (- المصنف -) (- ره -) بأدلّة المسئلة تفنّنا في العبارة يعني الأدلّة الدالّة على حصول الملك بنفس العقد و ذلك لانّ الأخبار المذكورة انّما أفادت كون المبيع في ضمان البائع فإذا ضمّ إليها أدلّة المشهور التي مقتضاها صيرورة المبيع ملكا للمشتري بنفس العقد حصل منهما انّ المبيع في زمان الخيار المختصّ بالمشتري ملك له و لكن البائع ضامن له عند التلف فيحصل منه التخصيص في قاعدة التلازم بمعنى انّ التلازم بين الملك و الضّمان حاصل إلاّ في البيع الّذي اشتمل على خيار مختصّ بالمشتري ثمَّ إذا دار الأمر بين التخصيصين فلو لم يكن مرجّح لأحدهما لزم الرّجوع الى أصالة عدم حصول الملك بنفس العقد لكنّ الشهرة المؤيّدة بالإجماع المحكي ترجّح ارتكاب تخصيص قاعدة التلازم و لسيّدنا في مفتاح الكرامة كلام في المقام يعجبني نقله قال (- ره -) انّ اخبار القول الأوّل قد تعاضدت و اعتضدت بالشهرة العظيمة بل بالإجماع مع صراحة أخبار الشرط و مخالفة جمهور فقهاء الجمهور كأبي حنيفة و مالك و الشافعي في أحد أقواله و الموافق لنا احمد و الشافعي في أحد أقواله فما قيل من انا مخالفون للعامّة كافّة غير صحيح و امّا هذه الأخبار فهي على أخصّيتها من المدّعى و شذوذها فيما حاولوها منها و عدم صراحتها فيه و عدم العاضد لها سوى الأصل المعارض بأصل برأيه الذمّة من المنافع المتلفة عند المشترى مثلا فقد حملت على محامل قد قيل انّ أجودها الحمل على التقيّة و فيه بعد و قد حمل قوله عليه السّلام في الصّحيحة يعني صحيحة ابن سنان حتى ينقضي الشرط و يصير المبيع للمشتري على استقرار الملك إذا قصى ما دلّت

ص:193

عليه هذه الأخبار انّ التلف في المدّة ممّن لا خيار له و هذا مجمع عليه بين الأصحاب فكان بالنصّ و الإجماع مستثنى من قاعدة الباب القائلة بحصول الملك بمجرّد العقد المستلزمة لكون التّلف من المشترى كما استثنينا بالنّص و الإجماع (- أيضا -) انّ التلف قبل القبض من مال بايعه سواء كان للمشتري خيار أم لا بمعنى انّه انفسخ العقد من حينه و يقدر دخوله في مال البائع انا ما قبل التّلف و يكون التّلف كاشفا فما دلّت عليه هذه الأخبار الّتي نحن فيها بظاهرها من عدم صيرورة المبيع قبل انقضاء الخيار للمشتري يراد منه عدم اللّزوم و الاستقرار كما ذكروه في الصّحيحة و لم يبق إلاّ الأصل و لا بقاء له مع عدم الدّليل هذا كلامه علا مقامه و في بعض ما ذكره نظر مثل إيقاعه التعارض بين استصحاب عدم حصول الملك ما لم ينقضي الخيار و بين أصل البراءة من المنافع المتلفة في زمان الخيار فان فيه انّ الاستصحاب المذكور حاكم على أصل البراءة لكونه سببيّا و الذي يقتضيه النّظر الدّقيق هو انّه لا سبيل للترجيح في المسئلة لان مضمون كلّ من اخبار الطرفين و مدلوله المطابقي أعني كون التّلف ممّن لا خيار له و هو المشترى في طائفة و البائع في أخرى مشهور بين الأصحاب و انما التّعارض بين لازميهما بناء على ثبوت الملازمة بين كون النماء للمشتري و التّلف منه و بين ملكه بالعقد و (- ح -) فلا مسرى للترجيح بل الحقّ ما سلكه فاضل المستند من نفى اللزوم بين الحكم بكون التلف من أحدهما و بين ثبوت الملكيّة له لعدم دليل على هذه الملازمة من عقل و لا شرع و لذا يكون التلف من البائع قبل القبض و ان لم يكن خيار فيه (- أيضا -) و كذا في زمان الخيار للمشتري عند القائلين بتملكه فالاستدلال بذلك ساقط رأسا فتدبّر جيّدا تذييل لا يخفى عليك انّ الكلام في الثمن هنا هو الكلام في المبيع حرفا بحرف كما صرّح بذلك جماعة قاطعين به بل في المصابيح انّ الثمن في ذلك كلّه كالمبيع إجماعا لاستحالة انتقال احد العوضين دون الأخر لخروجه عن حقيقة المعاوضة و استلزامه الجمع بين العوض و المعوّض فعلى المختار ينتقل الثمن إلى البائع من حين العقد كما ينتقل المبيع إلى المشتري (- كك -) انتهى و الأصل في ذلك عموم أدلّة المسئلة فلاحظ

مسألة و من أحكام الخيار كون المبيع في ضمان من ليس له الخيار

قوله طاب ثراه فلا اشكال و لا خلاف في كون المبيع في ضمان البائع (- اه -) قد صرّح بكون التلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له جماعة قاطعين به بل في مفتاح الكرامة تارة نفى وجدان الخلاف فيه و اخرى انّ كون التلف ممّن لا خيار له قاعدة لا خلاف فيها و في كشف الظّلام انّ التلف بعد القبض في مدّة الخيار ممّن لا خيار له من غير خلاف يعرف بين الأصحاب فيما أجده و في الجواهر انّ الإجماع بقسميه عليه و في الغنية انّه إذا هلك المبيع في مدّة الخيار فهو من مال البائع الاّ ان يكون المبتاع قد أحدث فيه حدثا يدلّ على الرضا فيكون هلاكه من ماله انتهى قوله طاب ثراه و يدلّ عليه ما تقدّم في المسئلة السّابقة من الأخبار (- اه -) أراد بها صحيح ابن سنان و خبر عبد الرّحمن و مرسلة ابن رباط و النبويّ المرويّ في قرب الإسناد قوله طاب ثراه من غير فرق بين أقسام الخيار (- اه -) هذا هو احد الوجوه في المسئلة جزم به في الرّياض و كشف الظلام و هناك وجهان اخران أحدهما اختصاص القاعدة بخياري الشّرط و الحيوان و هو خيرة العلاّمة الطّباطبائي ردّه نظرا الى اختصاص النّصوص بهما و الاقتصار فيما خالف أصالة كون الضّمان على المشترى القابض المالك بنفس العقد على مورد النصّ و الإجماع بل ربّما يدّعى كونهما هما المراد ان بعبارة من غيّي الضّمان بانقضاء زمن الخيار و مدّته فإنّه ليس لغيرهما من الخيارات زمان و مدّة حتى خيار المجلس فانّ مدّته غير مضبوطة و فيه نظر لعدم ظهور المدّة و الزّمن في المدّة المضبوطة فشمولهما لخيار المجلس متّجه نعم إخراجه بدعوى اختصاص الدّليل بغيره في محلّه ان تمَّ و مثله لو استند في إخراجه الى انّ مورد القاعدة ما إذا كان الخيار لأحدهما فإنّ خيار المجلس يثبت لهما جميعا ثانيهما الشمول لخيار المجلس (- أيضا -) و هو الّذي مال اليه الماتن (- ره -) في صدر المقال مستدلاّ عليه بقوله عليه السّلام ليس على الذي اشترى ضمان حتّى يمضى شرطه هذا و قد استدلّ القائلون بعموم القاعدة لجميع أقسام الخيارات بوجهين أحدهما ما أشار إليه الماتن (- ره -) من المناط و ثانيهما تتميم النّصوص بعدم القول بالفصل و الى ردّه أشار الماتن (- ره -) بقوله فيما يأتي لكن الإنصاف انه لم يعلم من حال احد (- اه -) قوله طاب ثراه الا ترى انّ المحقّق الثاني (- ره -) (- اه -) قال في جامع المقاصد في شرح قول العلامة (- ره -) في أخر خيار العيب و لو اقتصّ منه فلا ردّ له و له الأرش ما لفظه اى لو اقتصّ من الجاني في يد المشترى فلا ردّ لان ذلك عيب قد حدث في يده فيكون مضمونا فامتنع الردّ لكن له المطالبة بالأرش إذا كان جاهلا بالعيب كما لو حدث في المعيب عيب أخر عند المشترى الجاهل بعيبه و لا يخفى انّ هذا حيث يكون الاقتصاص في غير زمان الخيار المختصّ بالمشتري فانّ في زمان هذا الخيار مضمون على البائع ما لم يفرّط المشترى انتهى و الظاهر انّ استشهاد الماتن (- ره -) بهذا الكلام على انّ المراد بالخيار ليس هو مطلق الخيار انّما هو من جهة التقييد بان كون الاقتصاص من العبد الجاني من ضمان البائع انما هو إذا كان في خيار المشترى و وجه الاستشهاد انه لو كان المراد بالخيار هو مطلق الخيار كان التقييد لغوا لوجود مطلق الخيار من جهة كون الجناية في العبد الجاني عيبا يورث الخيار للمشتري فالمراد بالخيار المقيّد به غير ذلك كالحاصل بالشرط و نحوه (- فت -) قوله طاب ثراه و في الاعتماد على هذا الاستظهار تأمّل (- اه -) وجه التأمّل إمكان المناقشة في الظّهور بأنه قد ورد في تفسير الشرط في بعض الرّوايات بخيار الحيوان من حيث جعله عليه السّلام قوله ثلثة أيّام بدلا من الشرط في قوله عليه السّلام حتى ينقضي شرطه ثلثة أيّام و يصير المبيع للمشتري و على هذا فلا يبقى للاستظهار المذكور محلّ قوله طاب ثراه على تأمّل في خيار المجلس (- اه -) وجه التأمّل اختصاص مورد الأخبار بخياري الحيوان و الشرط فيلزم الاقتصار في مخالفة قاعدة كون تلف المبيع بعد القبض من المشترى عليها قوله طاب ثراه فهو غير بعيد (- اه -) قد سبقه في الميل إلى إلحاق تلف الثمن بتلف المبيع في الحكم المذكور أو القول به سيّدنا في مفتاح الكرامة و قال به في الرّياض (- أيضا -) و خالف في ذلك صاحب الجواهر (- ره -) فأفتى باختصاص الحكم بالمبيع و عدم جريانه في الثمن و هو الأظهر لأصالة بقائه على ملك البائع إلى زمان التّلف و التلف انّما يكون من مال من وقع في ملكه و لا دليل هنا على انفساخ البيع و رجوعه إلى المشتري قبل التّلف انا ما كي يكون من ماله و الأصل عدم الانفساخ مضافا الى قاعدة كون التّلف بعد القبض من مال من انتقل اليه بعد اختصاص اخبار المسئلة بالمبيع قوله طاب ثراه نظرا الى المناط الذي استفدناه (- اه -) قد ناقش آنفا في المناط فكيف اعتمد عليه هنا قوله طاب ثراه مضافا الى استصحاب ضمان المشترى له (- اه -) فيه نظر ضرورة انّ الضّمان قبل القبض من احكام عدم القبض فاذا وقع القبض فقد انتفى موضوع الضمان و الاستصحاب لا يجرى مع تبدّل الموضوع كما برهن عليه في بابه قوله طاب ثراه (- فت -) وجه التأمّل على الظاهر منع كون مورد الأخبار الثمن المعيّن ان لم تكن ظاهرة

ص:194

في كونه كلّيا قوله طاب ثراه و مع ذلك كلّه فظاهر عبارة (- س -) (- اه -) قد استظهر ذلك من (- ط -) و (- ف -) و (- عد -) و جواهر القاضي (- أيضا -) و لكن ليس لهم مستند ظاهر قوله طاب ثراه في الفرع السادس (- اه -) الموجود في أكثر نسخ الكتاب هو الفرع السّابع و الموجود في نسختنا المصحّحة السّادس بدل السّابع و هو الصحيح لأنّ العبارة مذكورة في (- س -) في المسألة السادسة دون السّابعة و وجه دلالة العبارة على عدم الانفساخ انّه جمع بين بقاء الخيار و بين كون التلف من البائع في صورة اختصاص الخيار بالمشتري فإنه لو كان التّلف بعد القبض في زمان الخيار المختصّ موجبا لانفساخ العقد لم يكن لبقاء معنى قوله طاب ثراه و العبارة محتاجة إلى التأمّل من وجوه (- اه -) قد عدّ الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقرّه و مقامه مواضع ثلثة من العبارة قابلة للتأمّل فيها جعلها مشار إليها بالوجوه في عبارة الماتن (- ره -) أحدها تقييده رجوع البائع بالبدل عند فسخه بصورة عدم ضمانه و وجه التّأمّل انّه مع كون الخيار للبائع و فسخه لا يتصوّر ضمانه حتّى يكون للتقييد بعدم ضمانه وجه فان ضمانه لا يتصوّر إلاّ إذا اختصّ الخيار بالمشتري ليكون البائع من لا خيار له و يكون التّلف منه ثانيها حكمه بغرامة البدل في صورة كون ضمان المبيع عليه و وجه التأمّل انه مع كون الخيار له لا يعقل ضمانه حتى يكون منشأ؟؟ لغرامة البدل و ذلك لاعترافه (- قدّه -) بانّ التّلف بعد القبض في زمان خيار المشترى من البائع فالضّمان على البائع دون المشترى (- اه -) فما معنى غرامته البدل ثالثها قوله و لو أوجبه المشتري (- اه -) و وجه التأمّل ظهور العبارة في انّ له ان لا يوجبه مع انّه اعترف أوّلا بانفساخ العقد عند التّلف قبل القبض و أقول الإنصاف انّه لا وجه لشيء من هذه التأمّلات امّا الأوّل فلإمكان تصوير ضمان البائع مع كون الخيار له فيما إذا كان التّلف بمباشرته أو تسبيبه الّذي هو أقوى من فعل المباشر فإنه (- ح -) يكون الضّمان عليه فعلى القول بعدم سقوط خياره بالإتلاف المذكور يتمّ وجه التقييد و يكون تقدير العبارة انه لو أفسخ البائع رجع بالبدل بدل المبيع إلى المشتري الاّ ان يكون البائع هو الّذي أتلف فلا يرجع على المشترى بل يفسخ و يردّ الثمن و لا شيء عليه و امّا الثاني فلإمكان تصوير ضمانه فيما إذا كان هو المتلف للمبيع نظير سابقة و فيما إذا لم يكن الخيار مختصّا به بل كان الخيار مشتركا فإنّه (- ح -) لا ضمان على البائع لاختصاص مورد قاعدة كون التلف ممّن لا خيار له بالخيار المختصّ بالمشتري و امّا الثالث فلانّ عدم تأثير الإيجاب في تضمين البائع كما يمكن ان يكون لمانع أخر فكذا يمكن ان يكون لعدم أثر للإيجاب رأسا و عدم شرعيّته لحصول الانفساخ عند التلف قوله طاب ثراه و ربّما يحتمل انّ معنى قولهم (- اه -) هذا الاحتمال و ما بعده من الاحتمالات بعيدة و لا شاهد على شيء منها و لو كان فلا دليل يساعد على مقالتهم (- ح -) كما لا يخفى قوله طاب ثراه و منه حكم الشارع عليه بالإتلاف (- اه -) كما إذا ارتدّ و وجب قتله فقتل أو عاد الخلّ خمرا مثلا فحكم الشارع بإتلافه أو أقعد العبد أو عمى فأوجب الشارع عتقه و هكذا قوله طاب ثراه سقط به الخيار (- اه -) الوجه في ذلك هو كونه تصرّفا قد مرّ سقوط الخيار به قوله طاب ثراه و لانّ الفسخ موجب لرجوع العين قبل تلفها في ملك الفاسخ (- اه -) كلمة الفاسخ هنا و في قوله ملكا تالفا للفاسخ و في قوله فإنّه لا يتعيّن للدّفع الى الفاسخ سهو من النّساخ و الصّحيح المفسوخ عليه بدل الفاسخ في المواضع الثّلثة ثمَّ انّ أصل التّعليل لا يتمّ الاّ على القول بكون الفسخ حلاّ للعقد من أصله و لا يخفى فساد المبنى بل هو حلّ له من حينه فلا معنى لعوده الى ملك المفسوخ عليه قبل التّلف بل الصّحيح تقديره حين الفسخ ملكا للفاسخ في ذمّة صاحبه أو بالعكس فتدبّر

مسألة و من أحكام الخيار أنه لا يجب على المتبايعين تسليم المبيع و الثمن في زمن الخيار

قوله طاب ثراه ففيه نظر من جهة عدم الدّليل (- اه -) ناقش في ذلك بعضهم بمنع شمول الأموال في النبوي لمثل ذلك و بانّ المراد بها ما يشمل الحقّ المالي فيكون لكلّ منهما سلطنة عليه فليس للآخر إجبار صاحبه على التسليم لمنافاة ذلك لسلطنته (- أيضا -) و فيه نظر ظاهر ضرورة وضوح فساد منع الماليّة بعد تسليم ملك المبيع بنفس العقد و الأولى تعليل الحكم اعنى عدم وجوب التسليم بانّ كلاّ من المتبايعين و ان ملك ما انتقل اليه بنفس العقد الاّ انّ الملك متزلزل و شمول أدلّة تسلّط النّاس على أموالهم للأموال الغير اللاّزم ناقلها غير معلوم (- فت -) كي يظهر لك انّ المرجع عند الشكّ في الشمول انّما هو أصالة الإطلاق

مسألة في عدم سقوط الخيار بتلف العين

قوله طاب ثراه قال في (- عد -) لا يسقط الخيار (- اه -) قد وصف بعضهم عدم بطلان الخيار بتلف العين بالشّهرة و علل بالاستصحاب و العمومات مع عدم كونه من المسقطات له عقلا أو شرعا إلاّ إذا استلزم الالتزام كما إذا كان بإتلاف صاحب الخيار لما انتقل اليه مع عدم خيار لصاحبه معه أو استلزم الفسخ كما إذا كان بإتلافه لما انتقل عنه أو استلزم الانفساخ قهرا كما إذا تلف قبل القبض أو في مدّة الخيار أو في الجملة على البحث السّابق ثمَّ لا يخفى عليك عدم ملائمة ما ذكروه هنا لما ذكروه في مسئلة كون التلف قبل القبض من مال بايعه و بعد القبض ممّن لا خيار له فانّ من أطلق ذلك هناك مريدا بكون التّلف من البائع انفساخ العقد قبل التّلف بان عود التالف ملكا للبائع يلزمه هنا إطلاق كون التّلف مبطلا للخيار الموقوف على العقد المحكوم ببطلانه بالتلف و من قيّد ما هناك بكون التالف المبيع فقط أو كون الخيار خيار الشّرط و الحيوان أو هما و المجلس أو يكون التّلف بافة سماويّة أو نحو ذلك ممّا مرّ في المسئلتين يلزمه التقييد هنا (- أيضا -) و لمّا كان العلاّمة (- ره -) قد أطلق هناك كون التلف قبل القبض من البائع و بعده ممّن لا خيار له يلزمه هنا الجزم ببطلان الخيار بالتّلف فالاعتراض عليه بمنافاة حكمه هنا بعدم بطلان الخيار بحكمه هناك بكون التّلف من البائع قبل القبض و ممّن لا خيار له بعده اولى من الاعتراض عليه بعدم وجاهة إطلاقه عدم البطلان كما صدر من المحقّق الثّاني (- ره -) الاّ ان يعتذر عن العلاّمة (- ره -) بعدم ارادته بكون التّلف من البائع انفساخ العقد انا ما قبل التّلف بل يريد ان العقد باق و البائع ضامن و إن كان ذلك في غاية البعد من كلامه و ممّا افاده شراح مقاله و ممّا ذكرنا من منافاة الحكم هنا بعدم بطلان الخيار بالتّلف لما مرّ منهم من كون التلف قبل القبض من البائع و بعده ممّن لا خيار له بالمعنى المتقدّم منه للتّلف ظهر ما فيما صدر من جمع من الأعلام في المقام من الخلط في الكلام فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه ليس على إطلاقه كما اعترف به في (- مع صد -) (- اه -) قال في (- مع صد -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) في (- عد -) لا يبطل الخيار بتلف العين فإن كان مثليّا طالب صاحبه بمثله و الاّ القيمة ما لفظه إطلاق العبارة يتناول جميع أقسام الخيار من المجلس و الحيوان و الشّرط و غيرها و كذا يتناول ما إذا كان الخيار للبائع أو للمشتري أولهما و إطلاق التناول يتناول ما إذا كان بافة سماويّة أو ارضيّة بتفريط من المشترى أو لا و ما إذا كان من البائع أو من المشترى أو من أجنبيّ سواء كان التّلف قبل قبض المشتري أم بعده و بعض هذه الصّور غير مراد له قطعا و بعضها ممّا يتوقّف في إرادته ثمَّ أخذ في بيان تفصيل أحكام الأقسام بما لا نطيل بنقله فراجعه إن شئت قوله طاب ثراه بل عن (- ط -) و بعض أخر الجزم بالعدم (- اه -) (11) أراد بالبعض ابن المتوّج البحراني معاصر المقداد فإنّه قد حكى عنه (- أيضا -) القول بالسّقوط و مستندهما ما أشار إليه الماتن (- ره -) و فيه منع اختصاص الردّ بصورة البقاء إذ مع

ص:195

التّلف ينتقل الى المثل أو القيمة فإن قلت انّ الانتقال الى البدل ضرر على البائع قلنا كما انّ الانتقال الى البدل ضرر على البائع فكذا سقوط الخيار ضرر على المشترى و ليس الأوّل أرجح من الثّاني بل الرّجحان للثّاني حيث انّ البائع هو الّذي أدخل الضرر على نفسه بإيجاد سبب الخيار و هو الكذب في الأخبار مع انّه لا ضرر في الانتقال الى البدل بوجه لانّه امّا المثل أو القيمة السّوقيّة قوله طاب ثراه لوجود المقتضى و عدم المانع (- اه -) هذا احد الوجوه المتمسّك بها لهذا القول و الوجه في وجود المقتضى ظاهر لانّ سبب الخيار هو المقتضى ابتداء و استدامة و امّا عدم المانع فلانه ليس ما يتصوّر مانعا الاّ التّلف و هو غير صالح للمانعيّة لما عرفت و لو شكّ فالأصل عدم مانعيّة الثّاني استصحاب الخيار و التّلف لا يوجب تبدّل الموضوع بعد وجود البدل من المثل أو القيمة الثالث عموم رجوع المغرور على من غرّه بناء على دلالته على الخيار الرابع انّ الكذب في الأخبار مقتضى للخيار و لم يثبت اشتراطه بالعلم بذلك قبل التّلف فمع التّلف أو انتقاله عن ملكه انتقالا لازما أو وجود مانع من ردّه كالاستيلاد يردّ على البائع مثله أو قيمته و يأخذ هو منه الثمن أو عوضه مع فقده قوله طاب ثراه إذ لم يدلّ أدلّة الخيار من الأخبار و الإجماع (- اه -) فيه نظر ظاهر لانّ المذكور في الأخبار و معاقد الإجماعات انّما هو الخيار بين الفسخ و الإمضاء دون التسلّط على الردّ و الاسترداد مضافا الى انّ عمدة دليل غالب الخيارات قاعدة الضرر و هي كما تجري في صورة وجود العين فكذا تجري في صورة تلفها كما لا يخفى على المتدبّر فالأظهر عدم سقوط الخيار بالتّلف للاستصحاب و القاعدة و الإطلاق في بعض الأخبار و اللّه العالم

مسألة في أنه لو فسخ ذو الخيار فالعين في يده مضمونة

قوله طاب ثراه مسئلة لو فسخ ذو الخيار (- اه -) أراد بذلك الفسخ من دون اطّلاع صاحبه كما يشهد به قوله (- ره -) إذ الفسخ انّما هو من قبله و الوجه في ذلك ظاهر إذ لو كان الفسخ بحضور صاحبه كان إبقاء صاحبه ما في يد الفاسخ عنده و عدم استرداده منه استئمانا إيّاه فيكون ما في يده أمانة مالكيّة لا يضمنها الاّ بتعدّ أو تفريط كسائر الأمانات ثمَّ انه قد بان (- لك -) ممّا ذكرنا دلالة العبارة تضمّنا على انّ الفسخ بالخيار لا يتوقف صحّته و إيجابه بطلان البيع على حضور الخصم و ذلك ممّا صرّح به في (- ف -) و (- ط -) و الغنية و (- عد -) و (- كرة -) و غيرها بل نفى الخلاف فيه في المبسوط و كذا لا يتوقّف على الحضور عند الحاكم و لا على قضائه و لا على الإشهاد كما صرّح بذلك (- أيضا -) جماعة منهم العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و غيره بل في مفتاح الكرامة انّ ظاهر الجميع الإجماع عليه قلت قد حكى الشهيد (- ره -) في (- س -) انّه حكى عن الإسكافي انّه قال يشترط في الخيار المختصّ في الفسخ و الإمضاء إلاّ بحضورهما انتهى و الأقوى عدم التوقف على شيء من ذلك لنا أصالة البراءة من اشتراط شيء من ذلك السّليمة عن المعارض المؤيّدة بأنّه رفع عقد يفتقر الى رضا شخص كالطلاق فلم يفتقر الى حضوره و مثله الكلام في عدم توقّف الإمضاء على شيء من ذلك بل قد يدّعى صراحة صحيح الحلبي و خبر الشّحام في عدم توقّف الالتزام على حضور الخصم فقد روى الصّدوق (- ره -) بإسناده عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن الرّجل يبتاع الثوب من السّوق لأهله و يأخذه بشرط فيعطى الرّبح في أهله قال ان رغب في الرّبح فليوجب الثمن على نفسه و لا يجعل في نفسه ان يردّ الثوب على صاحبه ان ردّ عليه و رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان عن المفضل بن صالح عن زيد الشّحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فإنّه ظاهر في كون إيجاب البيع من دون حضور الخصم و لا الحاكم و لا الشّاهد موجبا للزومه كما يشهد به النّهى عن قصد ردّ الثوب على صاحبه ان ردّ عليه إذ لو كان حضور أحد هؤلاء شرطا لم يكن لقصده اثر حتى يصحّ النّهى عنه حجّة الإسكافي لعلّها انّه لو لم يكن الفسخ أو الإمضاء بحضور الخصم أو الحاكم أو الشاهد لم يسمع دعواه فيكون الفسخ أو الإمضاء لغوا و (- أيضا -) روى ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السّكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط الى نصف النّهار فعرض له ربح فأراد بيعه قال ليشهد انّه قد رضيه فاستوجبه ثمَّ ليبعه إنشاء فان اقامه في السّوق و لم يبع فقد وجب عليه و الجواب امّا عن الأوّل فبأنّ اعتبار حضور أحد هؤلاء في سماع دعواه الفسخ أو الإمضاء و إن كان مسلّما نظرا الى عدم كون الفسخ و الإمضاء ممّا لا يعلم الاّ من قبله الاّ انّ كلامنا انّما هو في الواقع يعنى انّ الانفساخ أو اللّزوم واقعا لا يتوقّفان على حضور أحد هؤلاء و اين ذلك من اعتبار الحضور في سماع دعواه في الظّاهر و اثر الفرق يتبيّن في انّه لو فسخ من غير حضور أحدهم لم يكن له ترتيب أثر الإمضاء و لو امضى لم يكن له ترتيب اثر الفسخ بينه و بين اللّه تعالى و إن كان سماعه ظاهرا موقوفا على الثّبوت الشرعي هذا مضافا الى انّه لو كان الوجه في قول الإسكافي ما قلناه لكان يلزمه عدم الاكتفاء بحضور الخصم من غير شاهد و لا حاكم ضرورة انّه لو أنكر بعد ذلك كان كما لو لم يظهر فكان عليه (- ح -) اعتبار حضور الشاهد أو الحاكم من غير فرق بين ان يحضر الخصم أم لا و امّا عن الثّاني فهو انّ الأمر فيه للإرشاد إلى إيجاد سبب عدم وقوع النزاع بينهما بعد ذلك قوله طاب ثراه بلا خلاف على الظّاهر (- اه -) قد نفى وجدان الخلاف فيه في مفتاح الكرامة (- أيضا -) قوله طاب ثراه و لكنّ المسئلة لا تخلو عن اشكال (- اه -) لم افهم لهذا الإشكال وجها و الأظهر ما عليه الجماعة قوله طاب ثراه ففي ضمانها (- اه -) قد اختار الضّمان في الإيضاح و (- مع صد -) و محكي حواشي الشهيد (- ره -) للاستصحاب قوله طاب ثراه و ضعّفه في (- مع صد -) (- اه -) حاصل ما ذكره تحكيم الاستصحاب و يمكن الجواب بأنّها انّما كانت مضمونة بحكم البيع و قد زال السّبب من البائع و قد رضى بكونها في يد المشترى فانقطع الاستصحاب و الأصل برأيه ذمّته فعدم الضّمان أوجه

القول في النقد و النسيئة

اشارة

قوله طاب ثراه القول في النقد و النّسيئة أقول لا بدّ من بيان معنى الكلمتين امّا النّقد فقد فسّره جمع منهم الفيروزآبادي في القاموس بخلاف النّسية فيكون مرجعه إلى أنّه الحال و في الصّحاح نقدته الدراهم و نقد له الدراهم أي أعطيته فانتقدها اى قبضها و في المصباح المنير نقدت الدّراهم نقدا من باب قتل و الفاعل ناقد و الجمع نقاد مثل كافر و كفّار و انتقدت (- كك -) إذا نظرتها لتعرف جيّدها و زيفها و نقّدت الرّجل الدّراهم بمعنى أعطيته فيتعدّى الى مفعولين و نقدتها له على الزّيادة (- أيضا -) فانتقدها اى قبضها انتهى و في النّهاية الأثيريّة نقد ثمنه أي أعطانيه نقدا معجّلا انتهى و الّذي يظهر من مجموع كلمات أهل اللّغة انّه ان نسب النّقد الى الثمن أو الى الدّراهم و الدّنانير مع ذكر مفعول أخر كقولك نقدت الثمن أو نقدت الرّجل الدّراهم كان بمعنى تعجيله و جعله حالا و ان نسب الى الدّرهم و الدينار من غير ذكر مفعول أخر كقولك نقدت الدّراهم كان بمعنى تميز جيّدها من رديّها و ربّما يظهر من بعض كلماتهم كعبارة الصّحاح المزبورة و غيرها انّ النّقد بمعنى القبض و هذا هو الّذي يجزم به صاحب البصيرة فإنّ المعنى الجامع بين المعاني هو هذا فانّ النّقد بمعنى تميّز الجيّد (- أيضا -) أخذ في مفهومه القبض كما لا يخفى و يظهر

ص:196

اثر الفرق بين تفسيره بالحال و بين تفسيره بالقبض في انّه على الأوّل يصدق في النقد على الحال العرفي كالقبض في المجلس و ان طال من غير توسّع و على الثاني لا يصدق النّقد الاّ على المقبوض بمجرّد البيع و يكون إطلاقه على غير المقبوض حين البيع بلا فصل توسّعا بفرض غير المقبوض بالفعل مقبوضا و ربّما يظهر الثاني من مولانا في (- لك -) حيث قال النقد مأخوذ من قولك نقدته الدّراهم و نقدت له أي أعطيته فانتقدها اى قبضها و المراد به البيع بثمن حال فإنّه مقبوض بالفعل و القوّة انتهى فتأمّل جيّدا و امّا النّسية فمأخوذة من النّسئ بمعنى التأخير قال في الصّحاح نسأت الشيء نساء اى أخّرته و (- كك -) انسأته فعلت و أفعلت بمعنى تقول استنسأته فأنسأني الى ان قال و النّسائة بالضمّ التأخير مثل الكلاة و كذلك النّسيئة على فعلية تقول نساء البيع و انسأته و بعته بنسئة و بعته بكلاة و بعته بنسئة أو بأخرة انتهى و حكى في (- لك -) عن الهروي انّه قال سمعت الأزهري يقول أنسأت الشيء إنساء و نسيئا اسم وضع موضع المصدر الحقيقي انتهى و يوافقه في التّصريح بكون النسيء اسما عبارة القاموس قال في تاج العروس و نساء الشيء نساء باعه بتأخير تقول نسأته البيع و انسأته فعل و افعل بمعنى و بعته بنسئة بالضمّ و بعته بكلاة و نسيئة على فعيلة اى بعته بأخرة محركة و النّسيئة و النّسيء بالمد الاسم منه انتهى و بالجملة فالمراد بالنّسئة هنا هو البيع مع تأجيل الثمن و تأخيره كما هو واضح قوله طاب ثراه قال في (- كرة -) ينقسم البيع باعتبار التأخير و أقول قد صدر منهم (- قدّهم -) تقسيم البيع تارة بالنّسبة إلى تعجيل الثمن و المثمن و تأخيرهما و التفريق إلى أربعة أقسام و اخرى بالنسبة إلى كافة متعلقاته إلى عشرة فما زاد امّا الأوّل فتقريره انّه امّا ان يقع مطلقا أو مشروطا و على الثاني فامّا ان يكون الشرط تعجيل الثمن و المثمن جميعا أو تاجيلهما جميعا أو تعجيل الثمن و تأجيل المثمن أو بالعكس فالأوّل و أوّل الثاني هو النقد و ثاني الثاني بيع الكالي بالكالي و الثالث السّلم و الرّابع النّسيئة و بعبارة أخرى أخصر العوضان امّا حالان و هو النّقد أو مؤجّلان و هو الكالي بالكالي أو الثمن حال دون المثمن و هو السّلف أو بالعكس و هو النّسية أمّا النّقد و النّسية و السّلم فلا خلاف في مشروعيّتها و امّا بيع الكالي بالكالي فقد ادّعى في التنقيح الاتفاق على بطلانه و في (- الروضة -) انّه انعقد الإجماع على فساده و ادّعى الإجماع عليه في الغنية و كشف الظّلام (- أيضا -) و قد روى من طريق العامّة انّه نهى النّبي (- ص -) عن بيع الكالي بالكالي و فسّره غير واحد منهم بأنّه بيع النّسية بالنّسئة و بعبارة أخرى بيع المضمون المؤجّل بمثله و يظهر من النّهاية الأثيريّة أنّ الكالي بالكالي هو الدّين بالنّسئة حيث فسّر ذلك بأنّه بيع المؤجّل بعد حلوله على المشترى بأجل أخر فإنّه (- ح -) دين لا نسيئة إذ المراد ببيع الدين بالدّين على ما صرّح به بعضهم و يظهر من اخرين بيع شيء مستقرّ في ذمّة أحد قبل العقد بشيء مستقرّ في ذمّته (- أيضا -) قبل ذلك أو في ذمّة أخر ثالث قبل حلولهما امّا بيع دين متحقّق قبل العقد و إن كان مؤجّلا بالأصل ثمَّ حلّ بثمن مؤجّل يكون دينا بهذا العقد الثّاني فلا يسمّى بيع دين بدين و ان أطلقه بعض المحقّقين على بيع الدّين نسيئة الظاهر فيما استظهرناه من النهاية الأثيريّة و في (- لك -) انّه بالهمزة بيع النّسية بالنّسئة على ما فسّره جماعة من أهل اللّغة اسم فاعل من المراقبة كان كلّ واحد من المتبايعين يكلأ صاحبه اى يراقبه لأجل ماله الّذي في ذمّته و فيه (- ح -) إضمار أي بيع مال الكالى بمال الكالئ أو اسم مفعول كالدّافق فلا إضمار انتهى و الوجه فيما نبّه عليه من الحاجة الى الإضمار على الأوّل واضح ضرورة استحالة ورود البيع على المتعاقدين لكن لا يخفى عليك انّه على الثاني (- أيضا -) يحتاج إلى إضمار لفظ المال غاية ما هناك انه على الأول بالإضافة و على الثّاني بالتوصيف و كيف كان فهو على التقديرين مجاز من تسمية الشّيء بما يئول إليه لأن حال العقد هنا ليس هناك كالي و بالجملة فقد اضطربت كلماتهم في تفسير العبارة و قد يقال انّ ظاهر تعبيرهم بالكالي دون الدّين قصر التّحريم على بيع المضمون المؤجّل بالمؤجل دون الدّين بالدّين بالمعنى الّذي مرّ مع انّ أخبارهم خالية عن التعبير بالكالي و انّما الموجود في أخبارهم هو النّهى عن بيع الدّين بالدين كما ورد في رواية طلحة بن زيد في الصّحيح في بيع الدّين قال لا يبيعه نسأ و امّا نقدا فيبيعه بما شاء و الّذي يقتضيه التحقيق و يرتضيه النّظر الدقيق هو انّ المراد ببيع الكالي بالكالي هو بيع الدّين بالدّين و ذلك لانّ بطلان بيع الكالي بالكالي متفق عليه و كذا بطلان بيع الدّين بالدّين و امّا بيع الدّين بالنّسئة و النّسية بالنّسئة فمختلف فيه فيلزم ان يكون المراد ببيع الكالي بالكالي ما اتفقوا على بطلانه لا ما اختلف فيه و الاّ للزم كون كلّ من المترادفين مخالفا للآخر و إذ قد عرفت ذلك ناسب ان نتعرّض هنا لكلّ من مسئلة بيع الدّين بالدّين و مسئلة بيع الدّين بالنّسئة و بيع النّسية بالنسئة إجمالا و نوكّل توضيح ذلك الى المسئلة العاشرة من المقصد الثالث من الفصل العاشر في السّلف من منتهى المقاصد فنقول امّا المسئلة الأولى فمجمل القول فيها انّه لا يجوز بيع الدّين السّابق على العقد بدين سابق على العقد (- مط -) سواء كانا حالّين ابتداء أو بعد انقضاء اجلهما أو مختلفين قبل حلول الأجل أو بعده بلا خلاف في ذلك ينقل و لا اشكال يحتمل و قد استفاض نقل الإجماع عليه و الأصل في ذلك الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يباع الدّين بالدّين و امّا المسئلة الثانية فبيانها انّهم اختلفوا في بيع الدّين بعد حلوله بالثمن المؤجّل على قولين أحدهما الحرمة و البطلان و هو خيرة الحلّي و كثير بل في الجواهر انّه المشهور و ثانيهما الكراهة و هو خيرة المحقّق و جماعة استنادا إلى أصالة عدم المانعيّة و عمومات البيع و العقود و التجارة السّليمة عن المعارض إذ ليس للقائلين بالحرمة إلاّ أمرين أحدهما أصالة الفساد و عدم ترتّب الأثر و سقوطها بعد وجود العمومات و أصالة عدم المانعيّة واضح الثاني انّ المؤجّل يقع عليه اسم الدّين فيكون من بيع الدّين بالدّين و هو منهي عنه بالنصّ و الإجماع و ناقش في ذلك في (- لك -) بمنع إطلاق اسم الدّين حقيقة الاّ على ما ثبت في الذمّة و العوض هنا لا يثبت في الذّمة إلاّ بعد العقد فلم يتحقّق بيع الدّين بالدّين و انّما يصدق بيع الدّين بالدّين إذا كان العوضان معادينين قبل المعاوضة كما لو باعه الدّين الذي في ذمّته بدين أخر له في ذمّته أو في ذمّة ثالث أو تبايعا دينا في ذمّة غريم لأحدهما بدين في ذمّة غريم للآخر و نحو ذلك لاقتضاء الباء كون الدّين نفسه عوضا و المضمون الذي لم يكن ثابتا في الذّمة قبل ذلك لا يعدّ جعله عوضا بيعا بدين و امّا قولهم اشترى فلان كذا بالدّين مريدين به انّ الثمن في ذمّته لم يدفعه فمن باب المجاز يريدون به انّ الثمن بقي في ذمّته دينا بعد البيع و لو لا ذلك كلّه للزم مثله في الحال لإطلاقهم فيه ذلك نعم الدّين المبيع يطلق عليه اسم الدّين قبل حلوله و بعده فلا بدّ في المنع من دين أخر يقابله و أجاب عن ذلك في الجواهر بمنع كون المراد بالنصّ ذلك لا غير قال و تعلّق الباء أعمّ إذ يمكن كون المراد المنع من بيع الدّين بالدّين المقابل للعين و الحال اى لا تبع

ص:197

الدّين بهذا الصّنف من البيع فيكون التّعريف إشارة الى هذا القسم من البيع المعهود في الذّهن و (- ح -) فأظهر الفردين المؤجّل في العقد لا العكس و أنت خبير باباء ظاهر الخبر عمّا ذكره و ثاني الشّهيدين لم يكن ينكر إطلاق الدّين على ما يكون دينا بالعقد بل كان يدعى كون الإطلاق مجازا و ان قوله عليه السّلام لا يباع الدّين بالدّين ظاهر في بيع ما في الذّمة بما في الذّمة فما عليه المحقّق فهو الأقرب و اللّه العالم و من هنا ظهر الحال في المسئلة الثالثة و هي بيع النّسية بالنّسئة و توضيح الكلام في ذلك كلّه و في سائر أقسام بيع الدّين يطلب من الموضع المتقدّم إليه الإشارة و امّا الثاني أعني تقسيم البيع بالنّسبة إلى كافّة متعلّقاته إلى عشرة فما زاد فبيانه انّه قد صرّح جماعة منهم المحقّق الثّاني في (- مع صد -) بان أنواع البيع عشرة قالوا لأنّها اما ان تنسب إلى الأجل و هي أربعة لأنّه امّا ان يكونا حالّين و هو النّقد أو مؤجّلين و هو بيع الكالي بالكالي أو الثمن حالا و هو السّلف أو العوض و هو النّسية و امّا ان تنسب الى الأخبار برأس المال و عدمه و هو (- أيضا -) أربعة لانّه امّا ان يخبر به أولا و الثاني المساومة و الأوّل امّا ان يبيعه برأس المال أولا فالأوّل التّولية و الثّاني امّا ان يبيعه بريح أولا فالأوّل المرابحة و الثاني المواضعة و امّا ان تنسب إلى المساواة بين العوضين فهو اثنان لأنّه إن وجبت المساواة فهو الربوي و ان لم تجب فهو غيره و قد أشار الى الأقسام العشرة في (- عد -) (- أيضا -) و عن شيخ المتأخرين الشهيد (- قدّه -) انّه قال هذه هي الأقسام المشهورة و لعلّهم أرادوا بها التنبيه على غيرها لا الحصر فيها إذ هنا أقسام أخر للبيع باعتبارات أخر لأنّه بالنّسبة إلى القبض في المجلس ثلثة لأنّه ان وجب قبضهما في المجلس فهو الصّرف و ان وجب قبض الثمن فهو السّلم و ان لم يجب فهو الباقي و بالنّسبة إلى الخيار و عدمه أربعة لانّه امّا ان يكون فيه خيار أم لا و الأوّل امّا خيار عام و هو المجلس أو خاصّ بحسب أمر خارج و بالنّسبة إلى التقدير ثلثة لانّه امّا ان يكون مقدرا دائما كالنّقدين أو غير مقدّر دائما كالحيوان أو مقدّرا في حال دون حال كالثّمرة و بالنّسبة إلى العين و الدّين أربعة لأنّه لا يخلو امّا ان يكون الثمن و المثمن عينين أو دينين أو الثمن عينا و المثمن دينا أو بالعكس و لا يستلزم الأجل و بالنّسبة إلى إقرار المبيع و الثمن في الملك ثلثة لانّه امّا ان لا يستقرّ أصلا كالمعاوضة على من ينعتق عليه أو يستقرّ في حال دون حال كالمتزلزل من خارج كالمتضمّن لشرط أو المستحقّ للشفعة أو يكون مستقرّا دائما و هو ما عداه ممّا لا خيار فيه و بالنّسبة إلى الافتقار إلى الضّميمة ثلثة لانّه امّا ان يفتقر دائما و هو العبد الأبق و الحمل و اللّبن في الضّرع أو في حال دون حال كالثمرة قبل بدو صلاحها أو لا يفتقر أصلا و هو ما عدى ذلك انتهى المحكى من كلامه زيد في إعلاء مقامه و قال في الوسيلة ان البيع ينقسم عشرين قسما بيع الأعيان المرئية و بيع خيار الرّؤية و بيع النّسية و بيع السّلف و بيع المرابحة و بيع الصّرف و بيع الجزاف و بيع الغرر و بيع تبعّض الصّفقة و بيع الحيوان و بيع الفضولي و بيع الإقالة و بيع الثمار و بيع المياه و بيع الديون و الأرزاق و بيع ما لم يقبض و بيع ما يباع حملا بعد حمل أو جزة بعد جزة و بيع يدخله الرّبا و البيع الفاسد و احكام الردّ بالعيب انتهى و لا يخفى ما في تقسيمه من النّظر و تقسيم الشّهيد (- قدّه -) امتن و لعلّ المتدبّر البصير يزيد في تعداد الأقسام على ما ذكره الشهيد (- ره -) (- أيضا -) لكن ليس فيه كثير فائدة و انّما نبّهناك عليه طردا للباب و تذكارا للأقسام و لذا لم نطل الكلام في ذلك

مسألة في أن إطلاق العقد يقتضي النقد

قوله طاب ثراه مسئلة إطلاق العقد يقتضي النّقد (- اه -) قال في مفتاح الكرامة انّ معنى قولهم إطلاق العقد يقتضي حلول الثمن انّما هو عدم تقييده بالشرط و الفرق بين ما يقتضيه مطلق العقد و بين ما يقتضيه إطلاق العقد انّ ما يقتضيه الأوّل انّما هو من لوازمه مثل تعيين الثمن و المثمن و هي لا تنفك عنه فلا يصحّ اشتراط خلافها الاّ ما شرع للإرفاق كخيار الحيوان و المجلس فليتأمّل ذلك و انّ ما يقتضيه الثّاني يصحّ اشتراط خلافه كما فيما نحن فيه ثمَّ انّ البيع النّقد لما كان عبارة عن بيع الحال بالحال كان تعبير (- المصنف -) (- ره -) بالنقد اولى ممّا في كلام الأكثر من التّعبير بالثمن الحال إذ يتّجه عليهم انّ مقتضى أدلّتهم عدم الفرق بين الثمن و المثمن في اقتضاء إطلاق العقد الحلول و التّعجيل و لذا تعرّض في المقنعة لهما فلا وجه لاقتصارهم على ذكر ذلك في الثمن خاصّة و إن كان يمكن الاعتذار لهم عن ذلك بأنّهم هنا بصدد بيان حال تأجيل الثمن و ان محلّ التعرّض لتأجيل المثمن و تعجيله مبحث السّلم فليس اقتصارهم على ذكر الثمن من باب القصر عليه و ربّما اعتذر في مفتاح الكرامة بوجه أخر و هو كون مرادهم بذلك الإشارة إلى وجوب اقباض الثمن قبل ان يتسلّم المبيع كما حكى مثله في الإجارة على العين من ظاهر جماعة و فيه نظر ظاهر ضرورة صدور القصر المذكور من غير القائلين بذلك (- أيضا -) ثمَّ انّ ما ذكره الماتن (- ره -) من اقتضاء إطلاق العقد تعجيل الثمن ممّا صرّح به جماعة كثيرة من غير خلاف ينقل بل جزم في الغنية و الرّياض و (- ئق -) و المستند و غيرها بعدم الخلاف فيه و قد وقع الاحتجاج لذلك في كلماتهم بوجوه ذكر المصنّف اثنين منها و الثّالث انّ الإطلاق ينصرف الى الفرد الشّائع المتعارف الاستعمال و لا ريب في شيوع استعمال البيع المطلق في الحال بحيث لو أريد المؤجّل لقيّد بالنّسئة الرابع ما في المستند من انّه لو لا الحلول (- ح -) فاما ان ينصرف إلى أجل معيّن و هو تحكّم باطل أم لا ينصرف فيلزم ابطال البيع و هو فاسد إجماعا و نصّا فتعيّن الحلول و الوجهان غير خاليين من شوب المناقشة فتدبّر قوله طاب ثراه و يدلّ على الحكم المذكور (- أيضا -) الموثّق (- اه -) قد رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و متنه كما في المتن لكن في النّسخة المعتمدة زاد الفاء قبل كلمة قال و أبدل قوله شرطا بقوله اشترطا و المراد بالاشتراط المعلّق عليه كونه نقد اشتراط التّأخير كما يظهر بقرينة المقابلة و الدلالة واضحة قوله طاب ثراه و لو اشترطا تعجيل الثمن كان تأكيد المقتضى الإطلاق على المشهور (- اه -) قد قطع جمع من الأصحاب بانّ من اتباع شيئا و اشترط التّعجيل كان الثمن حالا بل لا خلاف و لا إشكال في ذلك لعموم أدلّة الشّروط و لزوم الوفاء بالعقود و انّما وقع الكلام في انّه هل لاشتراط التعجيل ثمر فارق بينه و بين الإطلاق أم لا بل هو مؤكّد لمقتضى الإطلاق فالمشهور كما في الرّوضة و المتن هو الثّاني و حكى عن بعضهم الأوّل مستندا الى دعوى وجود الفرق من وجهين أحدهما انّه على الإطلاق لا يجب الدّفع إلاّ بمطالبة المنتقل اليه بخلاف الاشتراط فإنّه يوجب وجوب الدّفع عليه من غير مطالبة ثانيهما انّه على الإطلاق لا يثبت بالتّأخير خيار بخلافه على الاشتراط فإنّ التّأخير معه يوجب الخيار و تحقيق الحقّ يتوقّف على البحث عن كلّ من الوجهين امّا الثّاني فيأتي من المصنّف (- ره -) التعرّض له و امّا الأوّل فبيانه انه قال بعض الأواخر انّ المراد بالحلول استحقاق البائع المطالبة بالثمن بمجرّد العقد فيجب على المشترى دفعه اليه (- ح -) فورا ان لم يكن له خيار أو كان و لم يفسخ ثمَّ قطع بعدم وجوب المبادرة عليه بدفعه اليه بدون مطالبته إن كان العقد (- مط -) ثمَّ اختار وجوب المبادرة مع اشتراط التعجيل و على هذا المنوال نسج صاحب الجواهر (- ره -)

ص:198

حيث قال انّ الإطلاق يفيد استحقاق المطالبة في كلّ وقت كما هو مقتضى الحلول في كلّ دين امّا وجوب الدّفع فعلى المطالبة فعلا و (- ح -) فاشتراط التّأجيل يفيد وجوب الدّفع بدونها فهو أمر غير ما يقتضيه العقد انتهى و أنت خبير بأنّه لا فارق بين الإطلاق و بين اشتراط التّعجيل بوجه سيّما بعد الاعتراف بكون الإطلاق منصرفا الى المعجّل فاللاّزم امّا القول باقتضاء العقد التقابض من غير مطالبة كما هو ظاهر جمع أو القول بعدم وجوب المبادرة إلى الدّفع من دون مطالبة نظرا الى الأصل فالفرق بين الإطلاق و الاشتراط ممّا لا ارى له وجها نعم لا نضايق من وجوب المبادرة من دون مطالبة عند اشتراط ذلك في ضمن العقد لكنّه غير اشتراط التعجيل كما لا يخفى قوله طاب ثراه لكونه خلاف (- اه -) علّة لقوله لا ان يعجل (- اه -) و الموجود في جملة من النّسخ كلمة لكنّه بدل لكونه و النّسخة التي عندي مصحّحة و الموجود فيها كلمة لكونه و سوق العبارة (- أيضا -) يعيّن ذلك و ربّما ناقش بعض الأجلّة بالمنع ممّا في المتن و ادّعى كون المتفاهم العرفي دفعه و لو مع عدم المطالبة و هو كما ترى قوله طاب ثراه مع انّ مرجع عدم المطالبة (- اه -) هذا توجيه أخر لمقالة المشهور و توضيحه انا لو تنزّلنا عن دعوى كون المفهوم عرفا من اشتراط التعجيل ارادة عدم المماطلة و التّأخير عن زمان المطالبة فلا أقلّ من دعوى كشف عدم مطالبة المستحقّ في زمان استحقاقه لها عن إلغاء هذا الحق المشروط اعنى التّعجيل في هذا المقدار من الزّمان و هذا هو الظّاهر من عبارة (- المصنف -) (- ره -) و بذلك ظهر لك سقوط ما اعترض به بعضهم على الماتن (- قدّه -) من انّه مع فرض كون مفاد الشّرط الدّفع و لو مع عدم المطالبة لا نسلّم ان عدم المطالبة راجع الى إسقاط الحقّ توضيح السّقوط انّ المصنّف (- ره -) انّما تنزّل عن دعوى كون المتفاهم عرفا من اشتراط التعجيل ارادة عدم المماطلة عن زمان المطالبة و سكت عن الالتزام بخلاف ذلك و عليه فدعوى الكشف موجّهة و لم يلتزم بانفهام وجوب الدّفع و لو مع عدم المطالبة متى تفسد دعوى الكشف كيف لا و (- المصنف -) (- ره -) يجلّ عن ارتكاب مثل هذا التهافت الّذي أخذه عليه هذا البعض سلّمه اللّه تعالى قوله طاب ثراه و كيف كان (- اه -) أشار بذلك الى الخلاف في انّ عدم دفع المشترى الثمن في أوّل أزمنة وجوبه عليه هل يوجب تسلّط البائع على الفسخ أم لا فانّ في ذلك أقوالا أربعة أحدها التسلّط مطلقا و هو الذي احتمله قويّا في (- لك -) و استحسنه الماتن (- قدّه -) ثانيها عدم التسلّط مطلقا حكاه بعضهم قولا ثالثها التّفصيل بين الإطلاق و الاشتراط بالثبوت على الثاني دون الأوّل و هو الّذي يظهر من الشهيد (- ره -) فيما حكى عن الدّروس حيث جعل فائدة الشّرط ثبوت الخيار إذا عيّن زمان النّقد فأخلّ المشترى به رابعها التفصيل بين إمكان إجباره على التعجيل و عدمه حجّة الأوّل انّ فائدة الشّرط المأخوذ في العقد اللازم هو اللّزوم من جانب المشترط عليه و الخيار من جانب المشترط على تقدير عدم إتيان المشروط عليه به و فوات وقت إمكانه كي يلزم به و حيث فهم من الإطلاق اشتراط التعجيل جرى الخيار فيه (- أيضا -) مع الإخلال به لعين ما ذكر في صورة التّصريح باشتراط التعجيل و حجّة الثّاني منع اقتضاء نفس الشّرط ثبوت الخيار للمشترط عند تخلّف الشرط و انّما ثبت الخيار عند تخلّف الشّرط الدليل و حجّة الثّالث امّا على ثبوت الخيار عند اشتراط التعجيل فما دلّ على ثبوت الخيار بتخلّف الشّرط و امّا على عدم الثبوت عند الإطلاق فهي انّه مع الإطلاق لا يفهم ذلك على سبيل التقييد و العلّية بل غايته انّ التعجيل داع لا يرتفع اللّزوم بارتفاعه و يمكن تعليل عدم الثّبوت مع الإطلاق بأنّ مورد اخبار خيار التّأخير انّما هو الإطلاق و قد دلّت على لزوم البيع الى ثلثة أيّام لكن مقتضى ذلك التفصيل بعدم ثبوت الخيار مع الإطلاق قبل الثلاثة و ثبوتها بعدها و حجّة الرّابع انّه مع إمكان الإجبار لا دليل على جواز الفسخ و الأصل لزوم البيع و الى جوابه أشار (- المصنف -) (- ره -) بقوله (- قدّه -) فيما يأتي و لا حاجة الى تقييد الخيار (- اه -) و أقول لا ينبغي الرّيب في عدم ثبوت الخيار بالتّأخير مع إطلاق العقد الاّ بعد الثلاثة بالقيود المزبورة في خيار التأخير و امّا مع اشتراط التّعجيل فالحال فيه هي الحال في الإخلال بسائر الشروط في إيجاب الخيار و عدمه و في التقييد بصورة عدم إمكان الإجبار و إمكانه فما عن (- س -) لعلّه الأجود و اللّه العالم قوله طاب ثراه و لا يقدح في الإطلاق عدم تعيين زمان التعجيل (- اه -) أراد بالإطلاق إطلاق اشتراط التعجيل لا إطلاق أصل العقد و قد أشار بالعبارة إلى ردّ صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه ناقش في صحّة اشتراط التعجيل بتعدّد افراد التّعجيل و اختلافها فلا يصحّ مع الشّرط عدم التعيين للجهالة ثمَّ قال و على تقدير الصّحة فدعوى التسلّط على الخيار بالإخلال به في أوّل وقت يمكن منعها لعدم صدق الإخلال بالشّرط حتّى تنتفي سائر الأفراد نحو التكليف بالمطلق انتهى و حاصل الجواب انّ تعدّد افراد التعجيل و اختلافها لا يوجب جهالة الشّرط الموجبة لفساده بعد انصراف التّعجيل المطلق الى الدّفع في أوّل أزمنة إمكان الدّفع عرفا فمثل التعجيل المطلق مثل العقد المطلق فكما ينصرف ذاك الى المعجّل فكذا ينصرف هذا إلى أظهر أفراد التعجيل عرفا و بعد انصرافه اليه يكون بحكم اشتراط ذلك فيوجب تأخير الدّفع عن أوّل أوقات الإمكان الخيار فالانصراف المذكور يخرجه عن الشّباهة بالتكليف بالمطلق و يجعله نحو التكليف بفرد من المطلق (- فت -) قوله طاب ثراه و لا حاجة الى تقييد الخيار هنا بصورة عدم إمكان الإجبار على التّأجيل أشار بهذه العبارة إلى أخرها إلى ردّ صاحب الجواهر (- ره -) (- أيضا -) فإنّه أورد على ما في (- س -) و غيره من إطلاق إثبات الخيار في صورة الإخلال بالتعجيل المشترط بأنّه لا بدّ من تقييد الخيار بعد إمكان الإجبار كما في (- لك -) و الاّ أجبر على الوفاء به انتهى و العبارة تنحلّ إلى إيرادين أحدهما ما أشار إليه بقوله لانّ المقصود هنا (- اه -) و حاصله انّ الغرض هنا هو الإشارة الى انّ اشتراط التعجيل يقتضي ثبوت الخيار عند تخلّف ذلك كما في الإخلال بسائر الشّروط المأخوذة في ضمن سائر العقود يوجب الخيار للمشروط فمن أهمل قيد عدم إمكان الإجبار فإنّما عوّل على بيان ذلك في مبحث الشّروط فمن اعتبر عدم إمكان الإجبار في إيجاب تخلّف الشرط الخيار اعتبر هنا (- أيضا -) و من لم يعتبر ذلك هناك لم يعتبره هنا قلت ما ذكره و إن كان يصحّ عذرا ان لو كان غرض صاحب الجواهر (- ره -) منع صحّة الإحالة الى ذلك المقام و ليس (- كك -) بل الظاهر ان غرضه دفع توهم ثبوت الخيار (- مط -) ثانيهما ما أشار إليه بقوله مضافا الى عدم جريانها (- اه -) و حاصله انا لو سلّمنا تقيّد ثبوت الخيار بتخلّف سائر الشروط بعدم إمكان إجبار المشروط عليه على الوفاء بالشرط فلا نسلّم تقييد ثبوت الخيار بفوات التعجيل المشروط بعدم إمكان الإجبار و ذلك لانّه قبل زمان انقضاء التعجيل لا يجوز الإجبار لأنّ الإجبار انّما يكون عند امتناع من عليه الحقّ من أدائه و لا يتحقّق الامتناع الاّ بانقضاء زمان نقد الثمن و بعد انقضاء زمان التعجيل لا ينفع الإجبار لأنّه غير الزّمان المشروط فيه الأداء هذا و ربّما أجاب عن ذلك بعضهم أوّلا بأنّه انما يتمّ ان لم يكن زمان التعجيل المشترط ممتدّا بحيث يتصوّر له أوّل و أخر أو كان (- كك -) و قلنا بجواز تأخيره إلى أخر زمانه كما هو الحقّ و امّا ان قلنا بعدم جواز ذلك و انّ التأخير عن أوّل وقته موجب للخيار كما اختاره (- المصنف -)

ص:199

(- قدّه -) فيتصوّر الإجبار و يجري في المقام حكمه فإنّه لو أخّر عن أوّل زمانه يكون له الخيار إذا لم يمكن إجباره بناء على التقييد به إذ (- ح -) يكون إجباره عليه إجبارا على الوفاء بالشرط لانّ المفروض سعة زمانه و إن كان يجب المبادرة عليه في أوّل أوقاته و ثانيا انّه بناء على عدم امتداد زمان التّعجيل أو امتداده مع جواز التّأخير إلى أخر زمانه (- أيضا -) و إن كان لا يتصوّر الإجبار بعد فوات الوقت الاّ انّه يتصوّر قبله غاية ما هناك انّه بناء على عدم توسعة زمانه له إجباره عليه من أوّل الأمر كما في الواجب المضيق إذا علم من حال المكلّف البناء على تركه على فرض توسعته و جواز التّأخير إلى أخر أزمنة له إجباره في الجزء الأخر من الوقت فما ذكره (- المصنف -) لا وجه له

مسألة في جواز اشتراط تأجيل الثمن مدة معينة

قوله طاب ثراه مسئلة يجوز اشتراط تأجيل الثمن (- اه -) هذا ممّا صرّح به جمع كثير من الأصحاب من غير خلاف ينقل بل نفى في (- كرة -) العلم بالخلاف فيه و حكى في مجمع الفائدة عن (- كرة -) دعوى الإجماع عليه و استظهر الإجماع عليه في الرّياض و ادّعى تحقّقه في المستند و الجواهر و الأصل في ذلك عمومات العقود و البيع و الشروط و خصوص الأخبار المستفيضة بل المتواترة معنى الآتية في طي المسائل إنشاء اللّه تعالى المؤيّدة بالسّيرة المستمرّة في الأعصار و الأمصار كافّة من غير نكير من صلحاء الطّائفة و بدعاء الضّرورة إليه كما نبّه عليه في (- كرة -) بقوله لو شرط تأجيل الثمن في صلب العقد فإنّه يصحّ و يكون البيع نسيئة لأنّ الحاجة تدعو الى الانتفاع بالمبيع معجّلا و استغناء مالكه عنه و حاجته الى الثّمن مؤجّلا فوجب ان يكون مشروعا تحصيلا لهذه المصلحة الخالية عن المبطلات انتهى لكن في جعل ذلك دليلا كما صدر منه (- ره -) ما لا يخفى و الأولى ما صدر منّا من جعله مؤيّدا بقي هنا أمور ينبغي التنبيه عليها الأوّل انّه لا فرق في جواز التّأجيل بين جميع الثمن و بعضه فلو أجّل بعضا و عجّل البعض الأخر جاز بلا إشكال لإطلاق الأدلّة الثّاني انّ مقتضى اشتراط تأخير الثمن مدّة معيّنة هو كون التّأخير حقّا لكلّ من البائع و المشترى بحيث انّه لو دفع المشترى قبل الأجل كان للبائع الامتناع من تسلّمه و لو طالب البائع قبل الأجل كان للمشتري الامتناع من دفعه كما ستعرف توضيحه (- إن شاء الله -) (- تعالى -) و انّما الكلام في انّه لو شرط المشترى جواز التأخير لنفسه بان يكون حقّا له فقط بحيث لو دفعه قبل الأجل لم يكن للبائع الامتناع من تسلّمه فهل يجوز ذلك أم لا وجهان استظهر أوّلهما بعض اجلّة المعاصرين و زاد انّه يكون من بيع النّسية ثمَّ قال انّ شرط جواز التّأخير يدخله في النّسية إذا كان صريحا و امّا إذا كان بالالتزام فإن كان المقصود بيان الأمرين بأن يكون المراد من قوله بشرط ان تعجّله في اليوم أو لا تؤخّره عن هذا اليوم جواز التّأخير إلى أخر اليوم و عدم جواز تأخيره عنه كان من المؤجّل (- أيضا -) و امّا إذا كان المقصود مجرّد عدم التّأخير في اليوم فليس منه ثمَّ قال بل يمكن ان يقال انّه إذا طالب قبل أخره يجب أدائه فيكون فائدة الشرط عدم جواز التّأخير عن اليوم و انه لو أخّره يكون من تخلّف الشّرط انتهى و تأمّل في ذلك صاحب المستند (- ره -) حيث قال لو لم يشترط التّأخير و لكن شرط جواز التأخير إمّا صريحا نحو قوله بعتك بشرط ان يكون لك التّأخير إلى عشرة أيّام أو التزاما نحو بعتك بشرط ان لا تؤخّر الثمن عن عشرة أيّام حيث انّه يفهم منه عرفا انّ له التّأخير ما دون العشرة و منه قوله بعتك بشرط ان تؤدّى الثمن أو تعجّله في اليوم فإنّه يستلزم جواز التّأخير ما لم يفت اليوم ففيه اشكال سيّما إذا كان زمان تجويز التّأخير قليلا بالنّسبة إلى جعله نسيئة مع انّ شرط التّأخير ساعة نسيئة قطعا أو كان الزمان طويلا بالنّسبة إلى احتمال كونه نقدا نحو سنة فانّ الظاهر انّ الأوّل نقد سيّما إذا قال بشرط ان تؤدّى الثمن اليوم أو الساعة و الثاني نسيئة سيّما إذا قال بشرط ان يكون التأخير إلى سنة أو لا تؤخّر عن السّنة مع انّ شرط التّأجيل يكون نسيئة من غير فرق بين الزمان القليل أو الكثير و يحتمل ان يشترط في التعجيل عدم شرط التّأخير (- مط -) و لا تجويزه إلاّ في مدّة قليلة لا ينافي التعجيل عرفا نحو ساعة أو يوم و يظهر من (- لك -) و غيره ان شرط التعجيل في هذا اليوم مثلا نقد حيث عيّن مثل زمان التعجيل و تظهر الثمرة في مواضع كثيرة منها خيار تأخير الثمن عن ثلثة فتأمّل انتهى و قد نظر فيما جعله ثمرة الى ما تقرّر في مبحث خيار التّأخير من اشتراطه بعدم كون الثمن مؤجّلا و الا لم يكن للبائع خيار التّأخير و لو قصر الأجل و لعلّ الأمر بالتّأمّل للإشارة الى انّ المدار هناك على جواز التأخير و لو لم يصدق عليه النسية و المؤجّل كما نبّه على ذلك بعضهم و أقول الّذي يظهر لي انّ كلّ بيع أجّل في ثمنه كان من النّسية سواء كان التّأجيل على نحو ظرفيّة تمام أجزاء الأجل للدّفع أو كان على نحو ظرفيّة أخر الأجل للأداء لأنّ كلّ ما لم يعجّل فيه الثمن و اشترط تأخيره و لو زمانا قصيرا فهو من النّسية و عمومات البيع و التّجارة و العقود و الشّروط تقضى بصحّته غاية ما هناك انّه على الأوّل في أيّ جزء من اجزاء الزّمان دفع المشترى الثمن لزم البائع تسلّمه منه و ليس له مطالبة المشترى به الى ان يكون أواخر الأجل و على الثاني لا يجب على البائع تسلّم الثمن قبل حلول الأجل ان دفعه المشترى و ليس للبائع مطالبة به الاّ بعد انقضاء الأجل و الاشكال في صحّة الأوّل لا وجه له كما لا وجه لإلحاقه عند قصر المدّة بالنّقد و بالجملة فكلّ بيع اشترط فيه تأخير الثمن يجرى عليه حكم النّسية و يصحّ و منه ما لو باع بشرط ان يكون له مطالبة الثمن الى شهر بل و كذا لو باع بشرط ان لا يطالب بالثمن الى شهر لاستوائهما في عدم مشروعيّة المطالبة قبل الشهر و العجب من بعضهم حيث فرق بينهما و جعل الأوّل من المؤجّل نظرا الى كونه في معنى تجويز التأخير إلى الشهر دون الثّاني حتّى قال انّه لو خالف و طالبه قبل تمام الشهر وجب الأداء كما لو نذر ان لا يطالب دينا أصلا أو الى زمان كذا أو في خصوص هذا الثّمن فإنّه لا يستلزم التّأجيل و أقول انّ اشتراط عدم المطالبة كنذر عدم المطالبة يوجب حرمة المطالبة عليه و ذلك كاف في جعله من المؤجّل فتأمّل قوله طاب ثراه الغير المسامح فيها احترز بذلك عن الجهالة المسامح فيها عرفا فإنّه قد صرّح جمع بعدم قدحها و قالوا انّه لا بأس بالتّأجيل الى أخر ساعة من اليوم الفلاني مع انّ السّاعة (- أيضا -) لها اجزاء بل و (- كك -) ساعات اليوم بل اليوم بالنّسبة إلى الشّهر و السنّة و نحو ذلك ما لم يصرّح بما يختلف فيه ذلك كما في الوزن فان وزن مائة يختلف غالبا بمثاقيل عديدة و هو مغتفر الاّ ان يصرّح فيقول بعتك مائة منّ أو مائة منّ إلاّ عشرة مثاقيل بالتّرديد و كذا في تراب الحنطة و نحو ذلك و الوجه في ذلك كلّه مسامحة العرف بأمثال ذلك و عدّهم ذلك من المعيّن الموجب لارتفاع الغرر و قد ادّعى في المستند الإجماع بل الضّرورة على اغتفار هذا القدر من الاختلافات قوله طاب ثراه فلو لم يعيّن بطل بلا خلاف ظاهرا قد استظهر عدم الخلاف فيه في مفتاح الكرامة (- أيضا -) و نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر و كشف الظّلام و معرفة الخلاف فيه في المستند و الرّياض و جزم بعدم الخلاف فيه في الكفاية و المفاتيح و في مجمع الفائدة كانّ دليله الإجماع و في الجواهر انّه يمكن تحصيل الإجماع عليه قوله طاب ثراه للغرر و قد تمسّك للبطلان باستلزام عدم التعيين على الوجه المذكور الغرر و الجهالة حتّى في الثمن لأنّ للأجل قسطا من الثمن عرفا و عادة جماعة و ناقش الفاضل النّراقي في المستند في ذلك بعد نقله بمنع لزوم الغرر في جميع الموارد قال كيف و لا غرر في قولك بعتك إلى أخر الشهر مع احتمال تسعة و عشرين و ثلثين و يحصل الغرر بقولك بعتك إلى تسعة و عشرين الشهر أو ثلثين ثمَّ قال و كذا في تفاوت عشرة أيّام و نحوها

ص:200

في نسيئة سنة نعم لا مضايقة في قبول لزوم الغرر فيما يختلف الثمن به عرفا و عادة فإن الزّمان قيد و وصف للثّمن يختلف باختلافه ما بإزائه البتّة فأدلّة المنع عن بيع الغرر يمنع عن مثل ذلك فلو ثبت الإجماع المركّب في جميع الموارد فهو و الاّ فلا وجه للاستدلال على بطلانه بالغرر انتهى و أقول ما ذكره (- قدّه -) متين و عدم القول بالفصل بعد تبيّن كون مستندهم حديث النّهى عن الغرر غير مجد و الأصل في غير صورة لزوم الغرر في كلّ مورد جزئي شخصي يقتضي البراءة من اشتراط أمر زائد و عمومات البيع و العقد و التجارة تقضى بالصّحة نعم ربّما تمسّك الفاضل المزبور بعد ذلك بوجه أخر يكون هو الدافع للأصل و المخصّص للعمومات ان تمَّ قال (- ره -) عقيب كلامه المذكور ما نصّه نعم يصحّ الاستدلال بالجهل بناء على الأصل الّذي أصلناه في كتاب العوائد من أصالة عدم صحّة جعل ما في الذّمة ثمنا الاّ ما ثبت فيه الصّحة و هو ما كان معلوما قدرا و جنسا و وصفا و قيدا انتهى كلامه رفع مقامه و الأصل الذي أشار إليه لا بأس به و يعجبني نقل كلامه في العوائد لتكون على خبرة من حقيقته قال (- ره -) في العائدة الثانية و الخمسين ما نصّه قد ذكرنا في العوائد المتقدّمة في أوائل الكتاب أصالة عدم صحّة ملك المعدوم و أصالة عدم الملكيّة إلاّ ما خرج منها بدليل و يثبت منهما أصالة عدم جواز جعل الثمن ما في الذمّة لأنّ الثمن يصير بالبيع ملكا للبائع لأنّ البيع نقل ملك بعوض ملك أخر فلا بدّ ان يكون ممّا ثبت جواز تملّكه شرعا و لم يثبت فيما في الذّمة على سبيل الكلّية بنحو يشمل جميع افراده و شقوقه و صوره فاللازم فيه الاقتصار على موضع الثبوت و يتفرع عليه أصالة عدم صحّة البيع بالثمن الذمّي المجهول و لو لم يكن فيه غرر إذ لا دليل على صحّة جعل مثل ذلك ثمنا و منه ما لو دخله الجهل في قيده أو وصفه أو زمان أدائه و لو بقدر قليل و احتفظ بذلك الأصل فاجره في موارد مدّة النّسية و شرط الخيار و نحوهما فانّ الفقيه ربّما ينظر في كلمات الفقهاء في تلك المباحث و يرى تصانيفهم في اختلاف مدّة النسية و الخيار و الشرط و نحوهما و استدلالهم لها بالغرر و الجهل و يرى عدم لزوم الغرر في جميع الموارد و لا يعلم وجه ضرر أمثال تلك الجهالات انتهى كلامه على مقامه و لعمري انّ ما أسّسه أصل أصيل و هو لاعتبار الضّبط بما يحتمل الزّيادة و النقيصة إن تمَّ امتن دليل لكن ربّما يخطر بالبال القاصر عدم خلوّ ذلك عن مناقشة ضرورة انّه قد بنى ذلك على عدم صحّة ملك المعدوم و مستنده في ذلك ما ذكره في العائدة العاشرة من انّ المعدوم انّما يمتنع وجوده و تحقّقه في الخارج امّا بعينه أو بوصفه فيمتنع بيعه و منه بيع احد هذين الشيئين غير معيّن لامتناع وجود غير المعيّن مع وصف عدم التعيين و يمكن تحقّقه و وجوده فإن كان يوجب الغرر فالأصل عدم صحّة بيعه على ما مرّ و ان لم يوجبه فالأصل فيه (- أيضا -) عدم الصّحة بمقتضى الأخبار الصّريحة الدالّة على اشتراط المملوكيّة حال البيع في المبيع و ما لا وجود له بعد ليس ملكا (- ح -) هذا كلامه و لا يخفى عليك ابتناء جميع ما ذكره ممّا يتعلّق بالمقام على الأخبار المشترطة للمملوكيّة حال البيع في المبيع في صحّة بيعه و أنت خبير بتقيّد تلك الأخبار بأخبار النسية و السّلم فلا دلالة لها في هذين المقامين على البطلان فما ذكره (- قدّه -) ساقط بحذافيره و ان تعلّق بعدم معقوليّة ملك ما لم يوجد بعد و لم يملكه المنتقل منه لقلنا انّ أدلّة النّسية و السّلم كافية في ردّ مثل ذلك الحكم العقلي إن تمَّ لكنّ الإنصاف تماميّة ما ذكره سيّما ان قرّرناه بانّ منصرف اخبار البيع و التجارة انّما هو النّقد و صحّة النّسية على خلاف الأصل و الأخبار الدّالة على اشتراط المملوكيّة حال البيع في المبيع في صحّة بيعه و انّما خرجنا عن مقتضى ذلك بأخبار النّسية فينبغي ملاحظة مقدار دلالة تلك الأخبار و حيث انّها بين وارد في الأجل المحروس من النّقص و الزّيادة و بين مهمل من هذه الجهة لزم الأخذ بالقدر المتيقّن منها و الرّجوع في غيره الى الأصل و الأخبار المقتضية لعدم صحّة بيع المعدوم فيثبت المطلوب فتدبّر جيّد قوله طاب ثراه و لما دلّ في السلم (- اه -) مثل ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين (- ع -) لا بأس بالسّلم كيلا معلوما إلى أجل معلوم و لا تسلم الى دياس و لا الى حصاد و وجه الاستدلال عدم القول بالفصل من هذه الجهة بين السّلم و النّسية قوله طاب ثراه و لا فرق في الأجل (- اه -) قد صرّح بأنه ليس للمدّة المضروبة في النّسية حدّ في النّقصان و الزّيادة جماعة كثيرة قاطعين به بل في (- ئق -) انّه المشهور بين الأصحاب و عن ظاهر محكي المفاتيح الإجماع عليه و في المستند انّه لا خلاف معتدّا به فيه و في الرّياض انّه لا يعلم خلاف فيه منّا عدى الإسكافي و الأصل في ذلك الأصل و إطلاقات جواز النّسية و عمومات العقود و البيع و التجارة و لم نعثر على ما حكى الإسكافي دليلا نعم هناك روايتان أوردهما الماتن (- ره -) احتمل المحدّث البحراني (- ره -) كونهما مستنده قوله طاب ثراه و عن الإسكافي المنع عن التّأخير إلى ثلث سنين الّذي حكاه جمع عن الإسكافي هو المنع عن التأخير الى أكثر من ثلث سنين و لازمه الجواز الى ثلث سنين و هذا ينافي حكاية (- المصنف -) (- ره -) قوله طاب ثراه مثل رواية أحمد بن محمّد (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد عن احمد بن محمّد قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام انّى أريد الخروج الى بعض الجبال فقال ما للنّاس بدّ من ان يضطربوا سنتهم هذه فقلت له جعلت فداك انّا إذا بعناهم بنسئة كان أكثر للرّبح قال فبعهم بتأخير سنة الى أخر ما في المتن و انّما أوردنا هذا المقدار للتنبيه على ما أسقطه (- المصنف -) من الخبر و ما أبدله من كلماته قوله طاب ثراه و المحكى عن قرب الإسناد (- اه -) رواه عبد اللّه بن جعفر في محكي قرب الإسناد عن احمد بن محمّد بن عيسى عن احمد بن محمّد بن ابى نصر و المتن كما في المتن الاّ انّ كلمة قد قبل كلمة فتح قد أسقطها الماتن (- ره -) و أبدل كلمة ان قيل كلمة أردت بإذا قوله طاب ثراه و ظاهر الخبرين الإرشاد لا التحريم فضلا عن الفساد هذا إشارة إلى الجواب عن الخبرين و قد سبقه في ذلك صاحب الجواهر (- ره -) و حاصله انّهما وردا مورد الإرشاد الى انّ طول الأجل يؤدّى الى تلفه أو صعوبة تحصيله فلا دلالة في الخبرين على التحريم فضلا عن الفساد حتّى يكونا شاهدين على مقالة الإسكافي هذا و ربّما أجيب عن الخبرين بوجوه أخر أحدها ما في مفتاح الكرامة من عدم انطباقهما على مذهب الإسكافي و أقول انّ عدم انطباق الأوّل ظاهر لمنعه من التّأخير ثلث سنين و مذهب الإسكافي على ما حكاه صاحب (- ئق -) و غيره هو تجويز ذلك و المنع ممّا زاد على الثلث و امّا عدم انطباق الثاني فلم افهم وجهه ضرورة دلالته على المنع عمّا زاد عن ثلث سنين و هو بعينه مذهب ابى على ثانيها انّهما ضعيفان سندا و أنت خبير بانّ سند خبر قرب الإسناد من الصّحيح و عدم تواتر الكتاب لا يقدح بعد اشتهاره و شيوع العمل باخباره ثالثها الحمل على التقيّة لذهاب بعض العامّة الى ما تضمّناه و فيه أوّلا انّ الحمل على التقيّة من فروع التعارض المفقود في المقام إذ لا تعارض بين المطلق و المقيد و ثانيا

ص:201

انّ الحمل بمجرّد الموافقة لبعض غير معلوم من العامّة ممّا لا وجه له كما قرّر في محلّه بل لا بدّ من كونه مذهب جلّهم أو كونه ممّا حكّامهم و قضاتهم اليه أصيل رابعها الحمل على الكراهة ذكره في (- ئق -) قال لما يستلزمه من طول الأجل أو من حيث صعوبة تحصيله بعد هذه المدّة الطّويلة لما هو معلوم من أحوال النّاس في نقل أداء الدّين و لا سيّما إذا كان بعد أمثال هذه المدّة و يمكن المناقشة فيما ذكره بأنّ النهي حقيقة في الحرمة و الحمل على الكراهة خروج عن الظاهر من غير قرينة و العجب منه (- ره -) حيث انّه دائما يشنّع على الأصحاب في حملهم الأمر على النّدب و النّهى على الكراهة بمجرّد ضعف سند الخبر أو اعراض الأصحاب عنه فما باله ارتكب هو ذلك هنا خامسها انّ اعراض الأصحاب كافّة عن العمل بهما يمنع من الأخذ بهما لكشفه عن سميّة فيهما قلت لو لا ذلك لكان العمل بهما متعيّنا للزوم حمل المطلق في كلماتهم كمحاورات عبيدهم على المقيّد لكن اعراض نقدة الفن كاف في الوهن و الاسقاط لهما عن درجة الكافية للمطلقات مع إمكان ان يقال انّهما في نفسهما متعارضان فيسقطان و تبقى العمومات المؤيّدة بالأصل محكمة قوله طاب ثراه نعم يبقى الكلام في انّه إذا فرض حلول الأجل (- اه -) هذا في الحقيقة مستند القائل بعدم جواز الإفراط فالتّاجيل الى ما لا يبقى اليه المتبايعان غالبا و يقرّر تارة بأنّ المؤجّل يصير حالاّ بموت البائع فيكون الأجل مجهولا لأنه لا تعلم تدري نفس بأيّ وقت تموت و اخرى بما في المتن و في التّقريرين جميعا نظر امّا الأوّل فلانّ الحلول بموت من عليه الدّين حكم شرعي فلا يورث جهالة و لذا اتّفقوا على الجواز في صورة عدم الإفراط مع الحلول بالموت فيه (- أيضا -) نعم لو جعل الأجل الى ان يموت كانت المدّة مجهولة و امّا الثّاني فلمنع لغويّة اشتراط ما زاد على ما يحتمل بقاء المشتري إليه ضرورة إمكان الصّلح بعد البيع على المدّة الزّائدة عن مدّة العمر الطبيعي بشيء لأنّ للأجل قسطا من الثمن و (- أيضا -) لا فرق عند التحليل بين المدّة المقطوع عدم بقاء المشتري إليها و بين المظنون بقائه إليها بعد معلوميّة عدم اطمئنان احد ببقائه و لو ساعة فإن كان احتمال ترتّب الفائدة النّاشى من احتمال البقاء كافيا كان احتمال ترتّبها النّاشى من الصّلح على الأجل الزّائد قبل الموت (- كك -) لا لعدم الفرق بينهما فتدبّر جيّدا فإنّه لا يخلو من دقّة بقي هاهنا شيء ينبغي التنبيه عليه و هو انّه حيث حلّ الأجل في المؤجّل بموت المورث فهل للوارث خيار فسخ البيع أم لا وجهان ينشئان من انّ للأجل قسطا من الثّمن و قد فات بالحلول فلا يمكن تداركه و الفسخ دافع للضّرر الحاصل بذلك و من أصالة اللّزوم مع عدم التّقصير من البائع في فوات الأجل الّذي له قسط من الثمن كما في المدّة القصيرة بالموت و (- أيضا -) فالبيعان قد أقدما على ذلك مع علمهما بعدم تعيّشها عادة الى ذلك الزّمان فالعقد وقع على ذلك و هنا احتمال ثالث هو الفرق بين ما لو بذل له البائع من الثمن بنسبة ما فات من الأجل و بين ما لو لم يبذل بعدم الخيار على الأوّل و ثبوته على الثاني يظهر من صاحب الجواهر (- ره -) الميل اليه و هو بناء على القول بالخيار متعيّن لاندفاع الضّرر ببذل التّفاوت الاّ انّ الشأن في إثبات الخيار المتوقّف على وجود دليل قاهر دافع لأصالة اللّزوم و انّى للمحتمل بذلك فعدم الثبوت أشبه و العلم عند العالم على الإطلاق تعالى و تقدّس قوله طاب ثراه و المهرجان هو السّادس عشر من مهرماه أوّل الخريف قوله و نحوهما كالفضيح عيد النّصارى و الفطير عيد اليهود و أمثال ذلك قوله طاب ثراه و قال بعضهم لا (- اه -) الموجود في نسخ المتن هكذا و قال بعضهم لا و سواء اعتبر معرفتهما أو لا و لو عرفا انتهى و لكن الموجود في النّسخة المعتبرة من (- كرة -) هكذا و قال بعضهم لا يعتبر و يكتفى بمعرفة النّاس و لو اعتبر معرفتهما أوّلا و لو عرفا كفى انتهى قوله طاب ثراه ثمَّ الأقوى اعتبار (- اه -) أقول قد بقي فروع أخر للمسئلة لم يتعرّض لها الماتن (- ره -) و لا بدّ من الإشارة إليها الأوّل انّه لو كانت نهاية الأجل معلومة عندهما كهلال الشهر الاّ انّ نفس الأجل مجهول عندهما لتردّده بين يومين أو ثلثة مثلا من جهة تمام الشهر و نقصانه ففي جواز ذلك وجوه أحدها الجواز عزى ذلك الى ظاهرهم للإطلاقات مع منع شمول الغرر لنحو ذلك ثانيها العدم (- مط -) و هو الّذي يقتضيه الأصل المذكور في مستند اعتبار تعيين المدّة ثالثها الجواز في مثل الشهر الهلالي لا في الباقي من أخره لمكان التسامح في الأوّل دون الثاني عادة و فيه انّ مجرّد التسامح لا يكون دليلا بل امّا ان يكون هناك إطلاق مقتضى للجواز أم لا فإن كان كان هو الحجّة (- مط -) مؤيّدا بأنّ اشتراط التّعيين انّما هو للتحرّز عن النزاع و التشاجر و ذلك منتف هنا و الا لكان المرجع هو الأصل المتقدّم إليه الإشارة الثاني انه لو كانت الغاية المشتركة بين أمرين أو أمور في سنة أو شهر أو سنين أو شهور أو أيّام كالنفر من المنى المشترك بين أمرين و شهر ربيع المشترك بين الشهرين و كذا الجمادى و الجمعة المشتركة بين جمعات السّنة و رجب المشترك بين الشهر من السّنين و نحو ذلك ففي جواز التّأجيل بها قولان أحدها عدم الجواز و هو خيرة جماعة و الأخر ما حكاه في اللّمعة قولا حيث قال فلا يناط بما يحتمل الزيادة و النّقصان كمقدم الحاج و لا بالمشترك كنفرهم و شهر ربيع و قيل يصحّ و يحمل على الأوّل انتهى و في مفتاح الكرامة بعد نقله انا لم نظفر بقائله بعد تتبّع تامّ انتهى و كفى بالشهيد (- ره -) ناقلا حجّة الأوّل الأصل المتقدّم و لزوم الغرر و الجهالة و حجّة الثاني انّه قد علّق الأجل على اسم معيّن و هو يتحقّق بالأوّل و ينصرف اليه و فيه منع الانصراف فالأصل محكم و في المسئلة وجهان اخران أحدهما ما في (- كرة -) من الفرق بين ما لو قال إلى الجمعة فيحمل على الأقرب و كذا في غيره من الأيّام قضيّة للعرف المتداول بين النّاس بخلاف جمادى و ربيع ثانيهما ما تضمّنته عبارة (- الروضة -) من الحمل على الأقرب مع قصده قال (- ره -) عقيب التمسّك للقول الّذي حكاه ماتنه بما مرّ ما نصّه لكن يعتبر علمهما بذلك قبل العقد ليتوجّه قصدهما إلى أجل مضبوط فلا يكفى ثبوت ذلك شرعا مع جهلهما أو أحدهما به و مع القصد لا إشكال في الصّحة و ان لم يكن الإطلاق محمولا عليه ثمَّ قال و يحتمل الاكتفاء في الصّحة بما يقتضيه الشّرع في ذلك قصده أم لا نظرا الى كون الأجل الّذي عيّناه مضبوطا في نفسه شرعا و إطلاق اللّفظ منزّل على الحقيقة الشرعيّة انتهى و اعترض عليه أوّلا ببعد ما ذكره من الاحتمال لمنع تنزيل الإطلاق عليها (- مط -) بل انّما هو في لسان الشارع خاصّة لعدم دليل عام يدلّ على التعدّي و ثبوته في بعض المواضع لا يوجبه الاّ بالقياس الممنوع عندنا أو الاستقراء الغير الثابت قطعا ذكر ذلك في الرّياض و مفتاح الكرامة و حاصله انّ التنزيل المذكور انّما يكون في الحقائق الشرعيّة اى الألفاظ الموضوعة في لسان الشارع لذلك لا المتعلّق بها حكم شرعيّ و إن كانت في أنفسها مشتركة لعدم تبادرها و لو سلّم ذلك و انّ سبيله سبيل الحقيقة الشرعيّة لما أجرينا عليه حكمها بالنّسبة الى كلّ مستعمل بل ذلك انّما يتمّ في خطاب الشارع أو المتشرّعة في مخاطباتهم الشرعيّة دون النّاس في محاوراتهم فيما بينهم لعدم الدّليل الموجب للتعدّي من تبادر و غيره و قضيّة ثبوته في نذر المتوكّل ان يتصدّق بمال كثير مع الجواد عليه السّلام مع خروجها عمّا نحن فيه و عمّا قاسوه عليه لا يقضي بالتعدّي الى القياس المحرّم أو الاستقراء الغير التّامّ و ثانيا بان تخصيص محلّ البحث بما إذا قصد المتعاملان ما يراد من الإطلاق عند الشارع بعد فرض علمهما بأنّه منصرف عنده الى زمان

ص:202

معيّن و موقوف على الاكتفاء بمثل ذلك و الظاهر عدمه لوضوح الجهالة فيه و ثالثا انه لا حقيقة شرعيّة في المقام ضرورة انّ الشارع لو حكم هنا بالانصراف إلى أوّلهما فليس الاّ لاقتضاء العرف فيه ذلك و (- ح -) فمع الانصراف عرفا متّجه (- فت -) جيّدا الثّالث انه لو علم المتعاقدان بالغاية و قصداها و لكن لم يذكرا في العقد لفظا دالاّ على ذلك عرفا ففي جوازه وجهان من العمومات و انتفاء الغرر و من الأصل المتقدّم و انّ ذلك مثار؟؟؟ النزاع و التّشاجر و قد شرعت العقود لحسم مادّة ذلك و لو ذكرا ذلك في العقد و لكن لم يلتفتا حينه الى مقدار ما بقي إلى الغاية ففي الاكتفاء بمعرفتهما به عند الالتفات و الحساب الوجهان المذكوران (- فت -) جيّدا الرّابع انّ اللاّزم انّما هو تعيين المدّة بما يتفاوت التعيين به من اليوم و الشهر و السّنة أو الى الوقت الفلاني و إذا عيّن بواحد من هذه الأمور لا يضرّ الاختلاف بالآخر فلو عيّن باليوم لم يضرّ جهالة ساعاته و لو عيّن بالشهر لم يقدح جهالة أيّامه و لو عيّن الى عيد الأضحى لم تضرّ جهالة عدد الأيّام اليه و الوجه في ذلك امّا اغتفار هذا الاختلاف عرفا كما مرّ من صاحب المستند أو الإجماع كما ادّعاه هو أو الأخبار المتضمّنة لمثل السّنة و السّنتين مع اختلاف أيّامها الخامس انّه قال في المستند لو أجّل بالغاية بأن يقول بعتك نسيئة الى أخر الشهر يحلّ الأجل بمجرّد تمام الشهر و كذا لو قال إلى أوّل الشهر الفلاني أو الى يوم الجمعة فيحلّ بمجرّد دخوله و لو أجّل بالظّرفية كان يقول بعتك بمائة درهم تؤدّيها في يوم أوّل الشهر الفلاني فلا يحلّ بمجرّد دخول ذلك اليوم بل الظاهر انّه إن كان ممّا يكون اختلافه قليلا يتسامح به لم يضرّ و الاّ بطل فلو قال بعتك بان تؤدّى ثمنها في الشهر الآتي بطل و كذا لو قال بعتك بان تؤدّى ثمنها في السّنة الآتية و لو قال بعتك بان تؤدّى ثمنها في يوم أوّل الشهر و يوم أوّل السّنة الفلانيّة صحّ فتأمّل انتهى و ما ذكره لا بأس به فلعلّ الأمر بالتّأمل للإشارة إلى اقتضاء الأصل المتقدّم حكايته عنه لزوم تعيين الجزء من اليوم (- أيضا -)

مسألة فيما إذا باع بثمن حالا و بأزيد مؤجلا

قوله طاب ثراه مسئلة لو باع بثمن حالاّ و بأزيد منه مؤجّلا ففي المبسوط و (- ئر -) و عن أكثر المتأخرين أنه لا يصحّ (- اه -) أقول في المسئلة وجوه أحدها البطلان و هو خيرة (- لف -) و الإيضاح و اللّمعتين و (- لك -) و التنقيح و (- شاد -) و (- مع صد -) و مجمع الفائدة (- أيضا -) و هو المحكى عن (- ير -) و كشف الرّموز و المفاتيح و إيضاح (- فع -) و غيرها بل في مجمع الفائدة انّه ظاهر الأكثر و في الرّياض و المستند انّه الأشهر و في (- ئق -) انّه المشهور و قد يحكى القول بالبطلان عن المراسم و الوسيلة و الغنية (- أيضا -) و لا يخفى على من لاحظ عبائرها فساد النّسبة لعدم التعرّض فيها الاّ لبطلان البيع بثمنين إلى أجلين ثانيها صحّة العقد و استحقاق المشترى المبيع بأقلّ الثمنين نسيئة الى الأجل المذكور في العقد ثالثها بطلان البيع الاّ ان يمضيه البيعان بعد العقد فيكون للبائع أقلّ الثمنين في أخر الأجلين رابعها كراهة المعاملة المذكورة خامسها بطلان البيع لكن ان تلف المبيع لم يكن للبائع إلاّ أقلّ الثمنين و كان للمشتري تأخير الثمن إلى المدّة الّتي ذكرها سادسها ما حكاه في مفتاح الكرامة عن كشف الرّموز عن الراوندي من انّ على المشترى الثمن الأقل في الأجل الأقلّ قوله طاب ثراه و علّله في (- ط -) و غيره بالجهالة (- اه -) تمسّك بذلك في (- لف -) و اليه يرجع ما في الإيضاح من انّه لم يقع على عقد واحد و لا ثمن معيّن و توضيح ذلك ما في التنقيح من انّ التّأخير غرض مقصود فيكون له دخل في الثمن زيادة و نقصانا فمع عدم ضبطه لا يعلم قدر الثمن فيبطل البيع (- أيضا -) لعدم الجزم ببيع واحد و كان باطلا فكان كما لو قال بعتك هذا أو هذا انتهى و أنت خبير بما فيه من الوهن و السّقوط ضرورة انّ الجهالة انّما تكون مع عدم التّعيين و الفرض هنا تعيين كلّ من الثمنين قدرا و وصفا و جنسا فأيّ جهالة بعد ذلك فيه و عدم الجزم ببيع واحد لا دليل على قدحه بعد فقد الغرر و الجهالة و لقد أجاد المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) حيث قال انّ دخوله تحت الغرر النفي و الجهل الممنوع غير ظاهر لانّ الاختيار اليه انتهى فان قلت بمقالة صاحب الجواهر (- ره -) من انه و إن كان لا جهالة في صفقة الثمن و لكنّها متحقّقة في أصل الثمنيّة بمعنى انه لم يعلم بعد قبول المشترى ذلك ما صار ثمنا للجميع و هو مناف لسببيّة العقد (- أيضا -) لا أقلّ من الشكّ في تأثيره على هذا الحال و دعوى تعيينه (- ح -) و اختيار المشتري ينافي إنشائية العقد و سببيّة المقتضية ترتّب الأثر عليه بالفراغ منه و دعوى الكشف (- ح -) مع انه لا شاهد عليها لا تجدي في رفع الجهالة حين العقد قلت أوّلا انّ تحقّق الجهالة في أصل الثمنيّة ممنوع إذ قد علم ان الثمن حالاّ كذا و مؤجّلا كذا و ثانيا على فرض التحقّق انّ غاية ما قام عليه الدّليل قدح الجهالة في صفقة الثمن المورثة للغرر و امّا قدح جهالة أصل الثمنيّة فممنوع و لا أقلّ من الشكّ المقتضى لجريان أصالة عدم القدح المسبّب منه الشكّ في سببيّة العقد فإذا اجرى أصالة عدم القدح انتفى موضوع أصالة عدم سببيّة العقد و من ذلك ظهر سقوط ما ذكره بعد ذلك من منافاة التعيين باختيار المشتري لإنشائيّة العقد المقتضية لترتّب الأثر عليه بالفراغ منه فان فيه انّ إنشائيّة العقد غير مفقودة في المقام لان كلّ عقد فهو موجب لترتّب اثر ما وقع هو عليه و هذا العقد قد وقع على العين بثمن حالاّ و أخر نسيئة و أثره ليس إلاّ لسلطنة كلّ من المتعاملين على ما انتقل سلطنته اليه و هنا قد انتقل سلطنة المبيع إلى المشتري بثمن حالاّ و بآخر نسيئة فأيّهما اختار فهو مسلّط عليه بحكم العقد و من هنا ظهر انّه لا حاجة الى الكشف كي يناقش فيه بخلوّه عن الشّاهد قوله طاب ثراه و يدلّ عليه (- أيضا -) (- اه -) ربّما استدلّ عليه بوجهين اخرين لم يشر إليهما الماتن (- ره -) أحدها ما في الإيضاح من انّه لو صحّ ذلك لصحّ البيع بما يختاره المشترى من مبلغين معينين لكن التّالي باطل فالمقدّم مثله و الملازمة ظاهرة انتهى و فيه منع بطلان التّالي و لو سلّم فنمنع الملازمة سيّما بعد قيام الدّليل هنا على الصّحة كما ستسمع (- إن شاء الله -) (- تعالى -) الثّاني ما في المستند من أصالة عدم صحّة جعل ما في الذّمة ثمنا الاّ ما ثبت فيه الصّحة و هو ما كان معلوما قدرا و جنسا و وصفا و قيدا على ما تقدّم توضيح تقريرها في المسئلة السّابقة و الجواب انّ الأصل يخرج عنه بما ستسمع من الصّحيح و القوى مع انّ الثمن هنا معلوم من جميع الجهات كما مرّ بيانه قوله طاب ثراه ما رواه في الكافي (- اه -) هذه الفقرة ذيل رواية محمّد بن قيس الآتية فالصّدر مناف للذّيل و الّذي يرفع المنافاة هو كون الأمر في هذه الفقرة للإرشاد المحض بقرينة الفقرة الاولى فمراده (- ع -) و اللّه العالم لا توقّع المعاملة المذكورة بل غيّنوا الثمنين قبل العقد لئلاّ تتضرّروا باستحقاق أقلّ الثّمنين إلى أبعد الأجلين فلا يدل هذه الفقرة على مطلوب المستدلّ قوله طاب ثراه نظرة النّظرة بفتح الأوّل و كسر الثّاني و فتح الثّالث الإمهال و التّأخير و الظّاهر انّ الكلمة منصوبة بنزع الخافض لكن قام مقام الخبر كما قام مقامه الحال في ضربي العبد مسيئا و أتمّ تبيينى الحقّ منوطا بالحكم قوله طاب ثراه و يؤيّده ما ورد من النّهى (- اه -) النّاطق بذلك روايات فمنها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن احمد بن الحسن بن فضّال عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث رجلا الى أهل مكّة و امره أن

ص:203

ينهاهم عن شرطين في بيع و قد وصفه جماعة بالموثقيّة ولى فيها نظر لاشتراك عمرو بن سعيد بين المدائني الموثق و بين ابن هلال الّذي لم ينصّ عليه بمدح و لا قدح و يعرف انّه الأوّل كما افاده المحقّق الكاظمي في تميز المشتركات برواية موسى بن جعفر البغدادي عنه و بالطّبقة (- أيضا -) فإنّ الأوّل معدود من رجال الرّضا عليه السّلام و الثاني من رجال الصادق و الباقر عليهما السّلام و الرواية المذكورة عن الصّادق عليه السّلام فيشبه ان يكون عمرو في سندها هو الثاني الغير المنصوص على حاله و منها ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد (- أيضا -) عن محمّد بن الحسين عن علىّ بن أسباط عن سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن و الظّاهر انّ السّند من الموثق و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصّادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام في مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله قال و نهى عن بيعين في بيع و قد جعل الماتن (- ره -) هذه الاخبار مؤيّدة للقول بالبطلان و جعلها بعضهم دليلا و الجواب عنها من وجوه أحدها انّ شرطين في بيع غير محرّم قطعا بل يجوز اشتراط شروط متعدّدة في بيع واحد و ظاهر البيعين في بيع بيع متاعين بثمنين في صيغة واحدة و هو غير محرّم (- أيضا -) قطعا فلا بدّ امّا من طرحها للإجمال أو حمل النّهى فيها على الكراهة و تفسير الشيخ (- ره -) و ابن زهرة و ابن الأثير لها بما ينطبق على ما نحن فيه غير معتبر بعد كون ذلك منهم اجتهادا غير معتبر في أمثال المقام بل المدار في عالم الألفاظ على الظّواهر و البيع نقدا بكذا و نسيئة بكذا ليس من البيعين في بيع لانّ تعدّد البيع انّما يكون بتعدّد الثمن و المثمن لا يجعل الثمن نقدا كذا و نسيئة كذا فالاخبار المذكورة على ظاهرها هو بيع شيئين بعقد واحد بثمنين غير معمولة بها و غير ظواهرها ليس حجّة فيلزم الطّرح أو حمل النّهى على الكراهة ثانيها انّه لو لم يكن المراد من البيعين في بيع بيع سلعتين بثمنين بعقد واحد فلا أقلّ من احتمال العبارة لذلك و لمحلّ البحث فيكون الصّحيح و القوى الإتيان مبيّنين لها موجبين لاختصاص النّهى فيها بغير محلّ البحث ثالثها ما نبّه عليه في الوسائل من عدم دلالتها على بطلان البيع و النّهى قد لا يستلزمه فيبقى دليل الصّحة سالما عن المعارض قوله طاب ثراه الاّ انّ في رواية محمّد بن قيس (- اه -) هذا شروع في مستند القول الثاني و الرّواية قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى نجران عن عاصم بن حميد عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام الحديث و نوقش في سنده بالاشتراك قال في (- لف -) و الجواب عن الحديث بالمنع من صحّة السّند فانّ محمّد بن قيس مشترك بين اشخاص منهم من لا تقبل روايته فلعلّ راوي الحديث ذلك المردود انتهى و قد ضعف السّند في التنقيح (- أيضا -) بالاشتراك و لعلّه منشأ تضعيف اخرين منهم شهيد (- الروضة -) و أنت ان كنت من أهل الخبرة بأحوال الرّجال يظهر لك انّ محمّد بن قيس و إن كان مشتركا بين الثقة و غيره لكن الّذي يروى عن أبي جعفر عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام و يروى عنه عاصم بن حميد انّما هو محمّد بن قيس البجلي العدل الثقة و حيث انّا أوضحنا في غير مقام كون إبراهيم بن هاشم من ثقاة الأصحاب لكونه من مشايخ الإجازة في مثل بلدة قم الّتي كان أهلها يخرجون الراوي بأدنى وهن مضافا الى دعوى ابن طاوس اتفاق الأصحاب على كونه ثقة فصحّة السّند هنا ممّا لا ريب فيه عندنا و لا اشكال قوله طاب ثراه و في رواية السّكوني (- اه -) هذه هي الرّواية الثّانية من الروايتين اللّتين استدلّ بهما أرباب القول الثّاني و قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن البرقي عن النوفلي عن السّكوني عن جعفر عليه السّلام الى أخر ما في المتن و النوفلي و السكوني قويّان و العمل على روايتهما في غاية الشيوع بين الأصحاب و ربّما نوقش في الاستدلال بالخبرين على القول الثاني بوجوه أحدها ما في (- لف -) من انّهما غير دالّين على مطلوبهم لجواز ان يكون قد عقد البيع بالثمن الأقلّ فقد أثم انّ البائع جعل له تأخير الثمن بزيادة فحكم عليه بأنّه ليس له الاّ الثمن الأوّل و ان صبر البائع إلى الأجل و أنت خبير بأنّه لو بنى على المناقشة في اخبار أهل البيت عليهم السّلام بمثل ذلك من المحامل البعيدة و الاحتمالات الغير السّديدة لم يبق للمسلمين الى نيل الاحكام طريق كيف لا و المدار في الاخبار كغيرها على الظواهر العرفيّة و الخبران صريحان فضلا عن ظهورهما في البيع بثمن نقدا و بآخر نسيئة ثانيها ما عن بعضهم من المناقشة في رواية السّكوني بانّ ما فيها من قضايا الأحوال فلعلّه كان حكمه (- ع -) عن علم منه (- ع -) بما يوجب ذلك في تلك الواقعة و في الصّحيح بعدم ظهوره في وقوع البيع و الصّفقة بتلك المعاملة بل غاية الدلالة على وقوع الإيجاب و الجواب امّا عن الأوّل فهو ان مجرّد الاحتمال لا يوجب سقوط ذلك عن الدّلالة و الحجّية سيّما مع قوله (- ع -) بعد ذلك ليس له الاّ أقلّ النقدين إلى الأجل الّذي أجّله بنسئة و امّا عن الثّاني فبأنه من غرائب الكلام بعد قوله عليه السّلام من باع الظّاهر في وقوع البيع و الصّفقة مضافا الى عدم كونه الاّ حكم قضيّة فرضيّة فلا يتمشّى ما ذكره و لعلّه اشتبه هذا المورد فأراد الإيراد على القوى فغلط في التسمية بخبر محمّد بن قيس مع انه غير جار في القوى (- أيضا -) بعد قوله باع بيعا ثالثها ما حكاه في (- ئق -) عن بعض مشايخه من المناقشة في الصّحيحة بمنافرة قوله عليه السّلام في الذّيل من ساوم بثمنين إلى أخر ما تقدّم في المتن في حجّة القول الأوّل لما ذكره عليه السّلام أوّلا من حيث انّ ظاهر الفقرة المذكورة انّ المراد بها انّه لا يجوز هذا الترديد بل لا بدّ من ان يعيّن أحدهما قبل العقد و يوقعه عليه و أجاب عن ذلك بعض المحقّقين على ما في (- ئق -) بأنّه لعلّ معنى الفقرة الأخيرة انّه لا بدّ من ان يعيّن كلّ واحد منهما قبل وقوع العقد فلا منافرة قلت هذا الجواب ارتكاب لخلاف الظّاهر لبعد إطلاق كلمة أحدهما و ارادة كلّ واحد منهما فالحقّ في الجواب ان يقال أوّلا انّ الأمر في تلك الفقرة للإرشاد كما مرّت الإشارة الى ذلك آنفا و ثانيا على فرض تسليم كون الأمر للوجوب فلا منافرة (- أيضا -) إذ لا مانع من حرمة تلك المعاملة مع عدم فسادها بل لزومها و استحقاق البائع أقلّ الثمنين إلى أبعد الأجلين رابعها انّ الخبرين مخالفان للأدلّة العقليّة و النّقليّة لأنّ المالك انّما رضي بالبيع بالثمن الكثير نظرة فكيف يلزم بأقلّهما نسيئة و من المعلوم اشتراط رضى الطّرفين في العقد صدر ذلك من المحقّق الأردبيلي و أجيب عن ذلك أوّلا بأنا أوجبنا له أقلّ الأمرين في أبعد الأجلين لا بمعنى انّه يجب له الثمن الأقلّ و يكون عليه الصّبر إلى الأجل الأبعد بل نقول يجب عليه الثمن حالاّ أو في الأجل الأقرب فإن صبر عليه البائع لم يزد الثمن بمجرّد الصّبر و ان طالبه عاجلا كان له ذلك فلا جهالة و لا يرد عليه ما ذكرت و ردّه في مفتاح الكرامة بأن هذا التنزيل بعيد عن مورد الخبر على انّه لم يدفع الإيراد عند التّأمّل قلت امّا بعده عن مورد الخبر فلوضوح صراحة قوله عليه السّلام ليس له الاّ أقلّ النقدين إلى الأجل الّذي أجّله بنسئة و قوله عليه السّلام هو

ص:204

بأقلّ الثمنين و أبعد الأجلين في انّ وقت استحقاقه للمطالبة بالثمن انّما هو بعد مضىّ الأجل و امّا عدم دفعه الإيراد فلبداهة انّه لو صبر البائع إلى الأجل لزيادة الثمن كان أخذ المبيع بأقلّ الثمنين مخالفا لرضاه فيكون مخالفا للقاعدة و ثانيا بأنه قد رضى بالثمن الأقل فليس له الأكثر في البعيد و الاّ للزم الرّبا إذ تبقى الزّيادة في مقابلة تأخير الثمن لا غير فان صبر الى البعيد لم يجب له أكثر من الأقلّ صدر نحو ذلك من العلاّمة (- ره -) في (- لف -) و فيه ان كون الثمن في مقابل تأخير ثمن المبيع ربا ممنوع و انما يكون ربا في القرض لا في أجل البيع كيف لا و قد شاع و ذاع و ملأ الدّفاتر و صار من المثل السّائر أن للأجل في البيع قسطا من الثمن مضافا الى انّه لم يدفع الإيراد و هو لزوم الأخذ بغير رضى المالك فالحقّ في الجواب عن أصل الإيراد على الخبرين ان يقال انّ رضى المالك الصّوري لا عبرة به في قبال رضى المالك الحقيقي و ردّ الخبر الصّحيح المؤيّد بالقوى بالمخالفة للعقل من قبيل الاجتهاد في مقابل النصّ و المخالفة للنّقل غير قادح بعد كشف بعض اخبارهم عليهم السّلام عن بعض و تقيّد مطلقاتها بمقيّداتها و عموماتها بمخصّصاتها و الحال ان ما دلّ على اعتبار النصّ لم يصدر الاّ ممّن صدر عنه هذا الخبر فلا عذر في تركه لهذه الأعذار الواهية الغير المقبولة لدى أرباب الطّريقة القويمة فما صدر من بعض الأجلّة من الإشكال في نهوض الرّوايتين لتأسيس الحكم المخالف لأدلّة توقّف الحلّ على الرّضا كأنّه لم يقع في محلّه فتأمّل خامسها انّهما مخالفان لشهرة القدماء احتمل ذلك في المستند ثمَّ أجاب بأنّه بعد فتوى جمع من الأجلّة على طبقها لا وجه له سادسها ما يأتي من (- المصنف -) (- ره -) بقوله و يمكن حمل الرّواية (- أيضا -) على انّ الثمن هو الأقل (- إلخ -) و هو قريب من الإشكال الأوّل ففيه ما مرّ قوله طاب ثراه و عن ظاهر جماعة العمل بهما (- اه -) فمن تلك الجماعة المفيد و الشّيخ و الشهيد (- ره -) في (- س -) على ما ستسمع عباراتهم و قد وقع الاحتجاج لهذا القول بوجهين اخرين أحدهما عمومات العقود و التّجارة و البيع تمسّك بها في (- لف -) ثمَّ أجاب بالمنع من العموم و أنت خبير بما في كلّ من الاحتجاج و الجواب امّا الأوّل فلانّ غاية ما تدل عليه العمومات المشار إليها انّما هو صحّة العقد و اين ذلك من استحقاق أقلّ الثمنين في أبعد الأجلين فالدّليل أخصّ من المدّعى بل مقتضى صحّة العقد لزوم الوفاء به و لازم ذلك لزوم أقلّ الثمنين ان دفع حالاّ و أكثرهما ان دفع بعد المدّة المضروبة في ضمن العقد و امّا الثاني فلما في منع عموم الآيات من الوهن و السّقوط الثاني انّه يجوز استيجار خيّاط بدرهم ان خاطه اليوم أو فارسيّا و بدرهمين ان خاطه روميّا أو في غد و لو كان الثمن هنا مجهولا لكان مال الإجارة هناك (- كك -) فاذا صحّت الإجارة صحّ البيع و أجاب عنه في (- لف -) أوّلا بالمنع في المقيس عليه (- أيضا -) و للقول بالبطلان فيه (- أيضا -) و ثانيا بعد التسليم بإبداء الفرق بانّ العقد في الإجارة يمكن ان يصحّ جعالة يحتمل فيه الجهالة بخلاف البيع و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ ما وقع بصيغة الإجارة لا يصير جعالة و الا لزم كون الإجارة على كافّة الصّنائع جعالة و عقدا جائزا و لا أظنّ انّ أحدا يلتزم بذلك و ثالثا بإبداء الفرق بانّ العمل الذي يستحقّ به الأجرة لا يمكن وقوعه الاّ على احد الصّنفين فيتعيّن الأجرة المسمّاة عوضا له فلا يقضى الى التنازع بخلاف صورة النزاع قلت لعمري انّى ان لم أشاهد كلامه لانكرت صدور مثله عنه ضرورة انه كما انّ العمل الّذي يستحقّ به الأجرة لا يمكن وقوعه الا على احد الصّنفين فكذا البيع الّذي يستحق البائع به الثمن لا يمكن وقوعه الاّ على احد الوجهين امّا حالاّ أو مؤجّلا بالأجل المضروب له في ضمن العقد فما وجه الفرق بافضاء البيع المذكور الى التّشاح دون المسطور و أعجب منه ما ذكره بعد ذلك رابعا من انه لو ساوى البيع لوجب ان يكون له أقلّ الأجرتين في أقرب الأجلين أو أكثرهما في أبعدهما و ليس (- كك -) انتهى فإنّه كما ترى مغالطة صرفة و تعمية محضة ضرورة انّ لزوم أقلّ الأجرتين في أبعد الأجلين و أكثرهما في أقربهما في الإجارة انّما هو لوقوع العقد عليه (- كك -) و كون قلّة الأجل هناك مطلوبة و لذا كثر الأجر و قلّ مع زيادة المدّة بخلاف البيع فإن للأجل قسطا من الثمن و لذا يقلّ الثمن مع قلّة الأجل و يكثر مع كثرته هذا مضافا الى انّ للخصم ان يلزمه بقبول الصّحة فيما إذا استأجره على خياطة ثوب بدرهمين ان خاطه اليوم و أربعة دراهم ان خاطه غدا و يقيس عليه الفرض فالحق في الجواب عن الوجه المذكور امّا منع الجواز في المقيس عليه أو منع القياس كما لا يخفى قوله طاب ثراه و هذا الكلام يحتمل (- اه -) قد ساق (- قدّه -) هذه العبارة لإثبات إجمال عبارة المقنعة بذكر احتمالات اربع فيها و قد سبقه في الاحتمالين الأوّلين سيّدنا في مفتاح الكرامة و الّذي يظهر لي انطباق العبارة على ما فهمه منها فخر المحقّقين (- قدّه -) من اختيار القول الثاني أعني صحّة العقد و استحقاق المشتري أقلّ الثمنين إلى أبعد الأجلين تعبّدا و امّا الاحتمالات فساقطة امّا الأوّل فلابتنائه على كون المراد بعدم الجواز الحرمة و لم يثبت بل المراد به المعنى اللّغوي و هو عدم المضيّ فيكون حاصل العبارة انّه لا يمضى البيع بأجلين على التخيير ليصحّ الأخذ حالاّ بالأقلّ و مؤجّلا بالأكثر بل يمضي ان وقع (- كك -) بأقلّ الثمنين إلى أبعد الأجلين و امّا الاحتمال الثاني فيبعّده خلو العبارة عن التنبيه على كون ذلك حكم التّلف مضافا الى انّ مقتضى القاعدة مع التلف هو الرّجوع الى المثل أو القيمة لا الرّجوع بأقلّ الثمنين الى أكثر الأجلين و التعلّق في العدول عن مقتضى القاعدة بالنصّ لا وجه له بعد عدم كون مورده صورة التلف و عدم موافقة حكمه للقاعدة و امّا الاحتمال الثالث فيبعّده عدم وجود ما يفيد ذلك في العبارة لأنّ عدم الجواز فيها ان حمل على المعنى اللّغوي أفاد ما قلناه و ان حمل على المعنى الشرعي كان صريحا في الحرمة و امّا الاحتمال الرّابع ففيه مع إباء العبارة عنه انّ مقتضى فساد الشرط بقاء العقد مردّدا بين النقد و النسية و هو واضح الفساد و لو أفسد اشتراط الأجل (- أيضا -) لم يكن لما في العبارة من الاستحقاق إلى أبعد الأجلين معنى قوله طاب ثراه كما عن ظاهر السيّد في النّاصريّات (- اه -) قال في الناصريّات المكروه ان يبيع الشيء بثمنين بقليل إن كان الثمن نقدا و بأكثر منه نسيئة انتهى و لازم ما تضمّنته العبارة لزوم الوفاء بمقتضى العقد و دفع أقلّ الثمنين ان دفعه المشترى حالاّ و أكثرهما ان دفعه بعد مضى الأجل المضروب لأنّ النّهي التنزيهي لا يوجب الفساد و هذا هو القول الرّابع لكن احتمل في مفتاح الكرامة كون مراده بالكراهة المعنى اللّغوي أي الحرمة قوله طاب ثراه و عن الإسكافي (- اه -) هذه العبارة ظاهرة في القول الخامس و حجّته امّا على بطلان البيع فأدلّة القول الأوّل و امّا على لزوم أقل الثمنين إلى أبعد الأجلين فالصّحيح و القوى بعد حملهما عليه و فيه انّ أدلّة القول الأوّل قد ظهر لك ما فيها و الحمل المذكور لا شاهد عليه و مخالف لظاهر الخبرين بل صريحهما قوله طاب ثراه و في النهاية (- اه -) قد تصفحت كتاب (- ية -) فلم أجد من هذه العبارة فيها عينا و لا أثرا و انّما الموجود فيها هو قوله ان ذكر المتاع بأجلين و نقدين مختلفين بان يقول ثمن هذا المتاع كذا عاجلا و كذا أجلا كان له أقلّ الثمنين و أبعد الأجلين انتهى و لم يحك في (- لف -) (- أيضا -) عن (- ية -) الاّ هذه العبارة و هي ظاهرة في القول الثاني قوله

ص:205

طاب ثراه و عن موضع من الغنية (- اه -) هذه العبارة ناطقة بالقول الثالث و حجّة الجمع بين اخبار القول الأوّل و اخبار القول الثّاني باستفادة الفساد من النّهي في الأولى و حمل الثانية على صورة إمضاء المتعاقدين بعد العقد فيكون للبائع (- ح -) أقلّ الثمنين في أخر الأجلين و فيه من الضّعف ما لا يخفى لمنع كون النّهي في الاخبار للحرمة و لو سلم فمنع اقتضائه الفساد (- مط -) و (- أيضا -) فظاهر صحيح محمّد بن قيس و القوى بابى عن هذا الحمل بل هما صريحان في الصّحة و (- أيضا -) فاذا فرض الفساد فما معنى الصّحة بعد ذلك بامضائهما إذ المراد بامضائهما إن كان تحصيل رضاهما فهو قد كان حاصلا حين البيع (- أيضا -) و بالجملة فسقوط هذا القول أظهر من ان يحتاج الى بيان أو يتوقّف على اقامة بيّنة أو برهان قوله طاب ثراه و عن سلاّر (- اه -) هذه العبارة ظاهرة في القول الأوّل قوله طاب ثراه و عن القاضي (- اه -) هذه العبارة (- أيضا -) كعبارة الغنية ظاهرة في القول الثالث و قد عزاه إليه في المهذّب البارع (- أيضا -) قوله طاب ثراه و قال في (- لف -) (- اه -) قد مرّ نقل ذلك عنه مع جوابه في الجواب عن الرّابعة من المناقشات الموجّهة الى الصّحيح و القوى قوله طاب ثراه و في (- س -) (- اه -) هذه العبارة ظاهرة في القول الثّاني قوله طاب ثراه لأنّه في مقابل الزّيادة الساقطة شرعا (- اه -) قال بعضهم انّ الأولى تقدير الماتن (- ره -) ذلك بقوله لانّ الشرط المذكور فاسد فلا وجه للزوم الأجل ثمَّ فرّع على ذلك سقوط توجيهه بعد ذلك بقوله الاّ ان يقال انّ الزيادة (- اه -) من حيث انّ الشرط إذا كان سقوط حقّ المطالبة في مقابل الزّيادة فمع بطلانه لا يبقى الإسقاط و بعبارة أخرى معنى بطلان الشّرط بطلان الإسقاط فلا يمكن فساد المقابلة مع عدم فساد الإسقاط ثمَّ ناقش فيما مثل به الماتن (- ره -) من مسئلة حقّ القصاص بعبد الغير أو بحرّ بالمنع من السّقوط و ذلك (- أيضا -) نظرا الى انّ معنى صلح الحقّ إسقاطه بعوض فاذا لم يكن العوض عوضا كيف يتحقّق الإسقاط ثمَّ قال نعم لو كان معناه نقل الحق إليه في مقابل العوض أمكن ان يقال انه يتضمّن إسقاط الحقّ فمع بطلان الصّلح (- أيضا -) يتحقّق الإسقاط إذ يمكن ان يكون المعاملة الفاسدة إنشاء فعليّا للإسقاط كما يكون إنشاء للفسخ أو الإجازة هذا كلامه و ما ذكره موجّه فتدبّر قوله طاب ثراه و يمكن (- أيضا -) حمل الرّواية (- اه -) قد مرّ عند نقل المناقشات الموجّهة الى الخبرين الإشارة الى ذلك مع جوابه قوله طاب ثراه و لعلّ هذا مبنىّ (- اه -) أراد بذلك رفع ما بين حكم الجماعة أوّلا بالبطلان و الفساد و ثانيا بوجوب الأقلّ في أبعد الأجلين من التنافي و حاصل ما ذكره حمل البطلان في كلامهم على بطلان الشّرط بسبب اشتراط الزّيادة و الصّحة على صحّة البيع و لزوم ما جعل فيه ثمنا و هو الأقلّ إلى الأجل قوله طاب ثراه فهو حكم تعبّدي (- اه -) أقول بعد البناء على هذا الحكم التعبّدي ينبغي التنبيه على أمرين الأول انّه لا فرق بين قبول المشترى البيع به بالنّقد أو بالأكثر بالنّسئة أو قبله على الترديد لإطلاق النصّين و فتوى العامل بهما فإنّه بتمام العقد صار حكمه شرعا ذلك فلا اثر لاختياره (- ح -) و ليس للبائع مطالبته بالاختيار بل قوله عليه السّلام في الصّحيح فخذها بأيّ ثمن شئت و اجعل صفقتها واحدة فليس له الاّ أقلّهما و إن كانت نظره؟؟؟ صريح فيما قلناه و لكن قد (- يق -) انّ محلّ النزاع مختصّ بما لو قبله المشترى على تخيير البائع و انّه على الأوّلين يلزم بما اختاره على القول بالصّحة و (- ح -) استحقاق البائع عليه اختياره لأحدهما وجهان أقربهما العدم للأصل و لما قبل من انّه ليس لهما التخيير بين الأمرين إجماعا و منه يظهر بطلان الإلزام بما اختاره إذ ليس له ذلك و (- ح -) فيلزم بما في النصّ ابتداء و على الأوّل فلا يلزم بذلك الاّ بعد تعذّر الاختيار و ظاهر النصّ يدفعه و قد يحمل النصّ و نحوه على لزوم أقلّ الثمنين على المشترى حالاّ و ان تأخّر أدائه إلى أبعد الأجلين جهلا أو قهرا أو تسامحا أو نحو ذلك و (- ح -) فللبائع المطالبة به قبل الأجل و سقوط هذا الحمل لبعده عن ظاهر الخبرين مع عدم الشاهد عليه واضح و قد يقال أخذا من الماتن (- ره -) انّ هذا العقد قد أفاد إسقاط حقّ البائع من التعجيل بهذه الزّيادة فإذا بطلت الزّيادة لكونها ربا لم يلزم منه بطلان الإسقاط كما احتمل نظير ذلك في مصالحة حقّ القصاص بعبد يعلمان حرّيته و ملك الغير له و (- ح -) فلا يستحقّ البائع الزائد و لا المطالبة قبل الأجل لكن المشترى لو أعطاه قبله وجب عليه القبول إذ لم يحدّث له بسبب المقابلة الفاسدة حقّ في التّأجيل حتى يكون له الامتناع من القبول قبل الأجل و انّما أسقط حقّه من التعجيل خاصّة و فيه انّ ذلك مع تسليمه فإنما يتم مع العلم بالفساد لا (- مط -) إذ لا ريب في عدم إفادته الإسقاط مع الجهل لا في القصاص و لا هنا لا لغة و لا عرفا و لا شرعا بعد تنزيل النصّ على الأوّل كما هو ظاهر المحكى عن الراوندي الثّاني انه لو قيل المشتري أحد الشيئين من النقد بثمن و النّسية بثمن فقد قيل بخروجه عن محلّ النّزاع و بانّ فيه وجهين من وجود المقتضى من الإطلاقات و غيرها و ارتفاع المانع و من الشك في تأثير نحو هذا الإيجاب الّذي لم يجزم موجبه بأحدهما بالخصوص و قد نفى في الجواهر خلوّ الأوّل عن قوّة بناء على عدم منع مثل هذه الجهالة قال و الاّ فالثاني أقوى قلت نحن و ان بنينا على عدم قدح مثل هذه الجهالة الاّ انّ قوله عليه السّلام خذها بأيّ ثمن شئت يشمل الفرض الاّ ان يقال انّ مراده خذ بعد القبول على نحو إيجاب البائع فيبقى القبول على غير ذلك النّحو بان يقبل الحال بالقليل أو المؤجّل بالكثير خارجا عن مدلول النصّ باقيا تحت العمومات المقتضية للصّحة قوله طاب ثراه فلا ينبغي الإشكال في بطلانه (- اه -) قد افتى بالبطلان هنا سلاّر في المراسم و ابن حمزة في الوسيلة و المحقّق في الشرائع و العلاّمة في (- شاد -) و (- ير -) و الشهيدان في اللّمعتين و المحقّق الثاني في (- مع صد -) و غيرهم و مستندهم في ذلك امّا ما مرّ من اخبار النّهي عن بيع في بيع و قد عرفت عدم انطباقها على الفرض أو إجمالها أو حديث النّهى عن الغرر و الجهالة و قد عرفت عدم جريانه هنا لعدم الجهالة القادحة في ذلك لمعلوميّة الثمن على كلّ من التقديرين أو الأصل المتقدّم من فاضل المستند و لا ريب في سقوطه بعمومات العقود و التجارة و البيع و بيع النّسية قوله طاب ثراه و في التحرير (- اه -) (11) قال في (- ير -) لو باعه بثمنين إلى أجلين بأن يقول بعتك بدينار الى شهر و بدينارين الى شهرين بطل قولا واحدا انتهى قوله طاب ثراه و ان لم ينسب ذلك في (- س -) (- اه -) (12) قال في (- س -) و لو باعه (- كك -) إلى أجلين فكالأوّل عند المفيد مع انّه حكم بالنّهي عن البيع في الموضعين انتهى المهمّ ممّا فيه قوله طاب ثراه لكن عن الرّياض (- اه -) (13) قال في الرّياض اعلم ان ظاهر الأصحاب عدم الفرق في الحكم صحّة و بطلانا بين ما تقدّم و بين ما لو كان المبيع المتردّد ثمنه إلى أجلين كشهر بدينار و شهرين بدينارين فإن كان إجماع و الاّ كما يقتضيه قوله بطل من دون إشارة إلى خلاف من فتوى أو رواية كان المختار هنا أقوى منه فيما مضى لفقد المعارض فيه لاختصاص النصّ (- مط -) بالصّورة السّابقة و عدم ثبوت الإجماع كما هو المفروض انتهى و قد حكى القول بالصّحة في الفرض

ص:206

ثاني الشّهيدين في (- لك -) عن جماعة و كفى به ناقلا و هو الأقوى للعمومات المتقدّم إليها الإشارة بعد سقوط مستند البطلان كما عرفت قوله طاب ثراه ثمَّ انّ العلاّمة في (- لف -) (- اه -) قد مرّ نقل كلامه عند ذكرنا المستند القائلين بالصّحة في أصل المسئلة فراجع

مسألة في عدم وجوب دفع الثمن المؤجل قبل حلول الأجل

قوله طاب ثراه مسئلة لا يجب على المشترى دفع الثّمن المؤجّل قبل حلول الأجل و ان طولب إجماعا (- اه -) قلت قد ادّعى الإجماع عليه في الرّياض و الجواهر و كشف الظلام و المستند و غيرها بل زاد في الجواهر دعوى كونه ضروريّا قوله طاب ثراه لانّ ذلك فائدة اشتراط التّأجيل يعنى انّه لما اشترطا التّأجيل و كان الوفاء بالشرط واجبا لم يكن لذي الحقّ المطالبة و لم يجب على المديون الأداء و الاّ للغى الشرط مضافا الى انّ الأصل برأيه ذمّة المشترى من الدّفع قبل الحلول قوله طاب ثراه و فيه تأمّل لعلّ وجه التأمّل هو الإشارة إلى أنّه اعتبار محض لا حجّة فيه و الى انّ كون القبول قبل الأجل موجبا للمنّة (- مط -) ممنوع فلازم الدّليل ادارة الأمر مدار لزوم المنّة و عدمه و ربّما تمسّك بعضهم بأصالة برأيه ذمّة ذي الحق من لزوم القبول قبل الأجل قوله طاب ثراه و يمكن تعليل (- اه -) هذا الوجه وجيه و مرجعه الى التمسّك بقاعدة لزوم الوفاء بالشّرط حيث انّها تقتضي في المقام لزوم تحمّل من عليه الحقّ حفظ الحقّ الى أن ينقضي الأجل قوله طاب ثراه و اندفع (- أيضا -) ما يتخيّل (- اه -) المتخيّل هو المحقّق الورع الأردبيلي (- ره -) حيث احتمل الوجوب مستندا الى وجوه أشار هو (- ره -) إليها الأوّل ما حكاه الماتن (- ره -) من انّ الأجل لرعاية حال المشترى و الترفه له كالرّخصة له لا لأجل البائع و لهذا يزاد الثمن فاذا حصل الثمن الزائد للبائع نقدا فهو غاية مطلوب التجار فلا ينبغي الامتناع عنه و أنت خبير بأنّ غاية ما يفيده هذا الوجه أولويّة ذلك للبائع امّا وجوبه عليه المستلزم للعقاب على الترك في مقابلة الأصل بدون دليل شرعي بل بمجرّد أنّ الأصلح له ذلك فلا مع انّ الأغراض لا تنحصر لجواز تعلّق شرط البائع بتأخير القبض إلى الأجل سيّما إذا ظهر ذلك من حاله وقت العقد و قد يقال انّه إذا توفّرت المصلحة للبائع انتفت المفسدة من جميع الوجوه و حيث لا يكون في امتناعه قاصدا لغرض من أغراض العقلاء بل لمجرّد السّفه يقبضه الحاكم عنه و تبرء ذمّة الدافع بذلك و فيه من الوهن ما لا يخفى لعدم الدّليل على ولاية الحاكم في مثل الفرض حتّى يكون قبضه مشروعا و مسقطا للحقّ عن الدافع بل الحاكم انّما له التصرّف فيما كان امتناع الممتنع غير مشروع و امّا مع المشروعيّة كما هنا فكلاّ فالحقّ انه ليس للحاكم هنا القبض فضلا عن برأيه ذمّة المشترى بذلك الثاني انه قد يتضرّر المشترى بعدم الأخذ و فيه نظر ظاهر لانّ تضرّره إذا لم يكن مستندا الى فعل البائع الصّادر منه بغير حقّ لم يوجب شيئا كما انّ البائع لو تضرّر بعدم تعجيل ما يستحقّه من المشترى مؤجّلا لم يوجب لزوم دفع المشترى حقّه عاجلا الثالث انّ الظاهر ان الحق ثابت و الأخذ مع دفع صاحبه واجب عندهم عقلا و نقلا و قد أفاد الأجل عدم وجوب الدّفع لا عدم وجوب الأخذ و فيه انّه أشبه شيء بالمصادرة أو التعمية فإنّ الأخذ مع دفع صاحبه انّما يجب أخذه إذا كان معجّلا و امّا المؤجّل فوجوب أخذه مع الدّفع قبل الأجل أوّل الكلام كما انّ عدم إفادة الأجل عدم وجوب الأخذ عين المتنازع الرّابع انّ الظاهر من قولنا بعتك هذا بكذا إلى مدّة كذا انّ زمان الأداء الى تلك المدّة موسّع فذلك الزّمان نهاية الأجل للتّوسعة بمعنى عدم التضييق إلاّ في ذلك الزّمان كالواجبات الموسّعة و فيه نظر ظاهر ضرورة وضوح الفرق بين الواجبات الموسّعة و بين المقام فانّ الواجبات الموسّعة قد تعلّق الخطاب بتاديتها على سبيل التخيير فالشارع فيها مستحقّ لما طلب في كلّ وقت تقدّم أو في بدله الى الوقت الذي لا بدل له فيتعيّن بخلاف ما هنا فإنّه لا طلب و لا خطاب بل هو كشغل الذمّة بالموقّت قبل الوقت فإنّه تعليقيّ هذا مضافا الى انّ قوله بعتك إلى مدّة كذا ظاهر في ظرفيّة كلّ جزء من الزّمان للاستحقاق و محلّ النّزاع ما إذا باعه مؤجّلا بأن قال بعتك هذا بدرهم بأجل يوم مثلا و بالجملة فالقول المشهور هو المؤيّد المنصور لانّ الوجوب حكم شرعيّ يترتّب على تركه العقوبة و المؤاخذة منه سبحانه فلا بدّ له من دليل واضح من أية أو رواية و التقريبات المزبورة الواهية لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية و دفع أصالة برأيه الذمّة كما هو واضح عند كلّ ذي درئه نعم لو كان غرضهما من التّأجيل سقوط وجوب الأداء عمّن عليه الثمن من دون كونه ملزما بالدّفع عند حلول الأجل بل يكون له الدّفع أيّما وقت شاء كان وجوب القبول على البائع ان دفع المشترى قبل الأجل قويا متعيّنا قوله طاب ثراه ففي كتاب الدّين من (- كرة -) و (- عد -) انّه لو أسقط المديون أجل الدّين (- اه -) مقتضى إطلاق العبارة عدم الفرق بين رضا من له الدّين بالإسقاط و عدمه و صريح عبارة (- مع صد -) صحّة الإسقاط عند رضاه بذلك حيث قال امّا لو تقايلا (- اه -) فليس ما في (- مع صد -) موافقا لما في (- كرة -) و (- عد -) قوله طاب ثراه و فيه انّ الحقّ المشترط في العقد اللاّزم (- اه -) قد سبقه في هذا الإيراد صاحب الجواهر (- قدّه -) حيث قال انّ ثبوته بالعقد اللاّزم لا يمنع من سقوطه بالإسقاط كاشتراط الخيار و نحوه ثمَّ أجاب بوجه أخر حيث قال و يمكن منع أحقيّة صاحب الدّين فيه و اتّفاق وجود مصلحة له في ذلك لا ينافي كونه من حقوق المشترى كالخيار المشروط له ثمَّ قال مشيرا الى ردّ قول المحقّق الثاني (- ره -) امّا لو تقايلا في الأجل (- اه -) ما لفظه كما انّه يمكن منع مشروعيّة التقايل فيه خاصّة دون أصل العقد و لو صحّ رجع الى الإسقاط و مع فرض انّه من حقوق المشتري خاصّة لم يعتبر اتفاق البائع معه على الإسقاط الّذي هو بمنزلة الإبراء بل هو منه كما أومى إليه هو (- ره -) في حاشية (- شاد -) في مسئلة التعجيل بالنّقيصة بل لعلّه الظّاهر من (- عد -) في باب السّلم ثمَّ قال و ما في الرّياض من انّه نمنع استلزام انحصار فائدته في الرّخصة للمشتري بعد تسليمه وجوب الأخذ على البائع مع مخالفته الأصل الخالي عن المعارض من النصّ و الإجماع لاختصاصه بغير صورة الفرض يدفعه ما عرفت من اقتضاء العقد ذلك و انّ الشرط المزبور حقّ للمشتري خاصّة فليسقط بإسقاطه كغيره من الشرائط الّتي له على البائع انتهى كلامه علا مقامه نقلناه بطوله للحاجة إليه فيما يأتي و لا يخفى عليك انّ دعوى اختصاص الحقّ المذكور بالمشتري ممّا يأباه ظاهر الحال فان من الواضح تعلّق غرض كلّ من البائع و المشترى به و ما هذا شأنه فالأصل فيه كونه حقّا لهما و حصر الحقيّة في المشتري ممّا لا دليل عليه و الأصل كاف في دفعه قوله طاب ثراه و حقّ صاحب الدّين لا يمنع من مطالبة من أسقط حقّ نفسه هذا جواب عن العلّة الثانية و هي قوله و لأنّ في الأجل حقّا لصاحب الدّين (- اه -) و الضمير المضاف إليه المطالبة يعود إلى الحقّ و جملة من أسقط حقّ نفسه مفعول المطالبة و الفاعل هو الضّمير المستتر العائد الى صاحب الدّين و يحتمل عوده الى صاحب الدّين و يكون المفعول الضمير المستتر العائد إلى الحقّ قوله طاب ثراه و يمكن ان يقال انّ مرجع التأجيل (- اه -) فيه منع ظاهر ضرورة وضوح الفرق بين الإسقاط الّذي هو ازالة للحقّ بعد ثبوته و بين جعل العقد على وجه لا مقتضى للحقّ فيه فانّ النّسية قسيم النّقد و ليس قسما

ص:207

منه و عبارة النقد مع اشتراط سقوط حقّ المطالبة بل هي إنشاء بيع لا مقتضى فيه للمطالبة قبل الأجل فعدم استحقاق المطالبة قبل الأجل حقّ للمشتري و سلطنة له على البائع بمنعه من ماله الى ان ينقضي الأجل فإذا أسقط المشتري هذا الحقّ سقط من جانبه قوله طاب ثراه الا ترى انّه لو شرط في العقد التبرّي من عيوب (- اه -) هذا من باب إسقاط خيار العيب و قد عرفت ما نحن فيه ليس من قبيل الإسقاط للحقّ بل هو من باب جعل العقد على وجه لا مقتضى فيه للحقّ قوله طاب ثراه فلا يرد عليه منع صحّة التقايل (- اه -) أشار بذلك الى ردّ ما سمعته من صاحب الجواهر (- ره -) في عبارته المتقدّمة من قوله كما انّه يمكن منع مشروعيّة التّقايل فيه خاصّة دون أصل العقد قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو منع تعدّد الحقّ كلّية و انّه يختلف باختلاف الموارد فيتّحد فيما إذا باع بشرط استحقاق المشتري تأخير الثمن و عدم استحقاق البائع الأجل بحيث يكون له الامتناع من قبوله إذا دفع المشترى و يتعدّد فيما إذا باع بشرط الأجل في الثمن بالنّسبة إليهما و لكن لا يخفى عليك إذ التشايع المتعارف هو جعل الأجل حقّا لهما جميعا قوله طاب ثراه و هذا لا دخل له بما ذكره (- مع صد -) (- اه -) غرضه بذلك إبداء الفرق بين تعليل (- كرة -) و تعليل (- مع صد -) و انّ العلّة في عبارة (- كرة -) هي كون الأجل صفة تابعة لا تفرض بالإسقاط عن متبوعه نظير الجودة و الصّحة و نحوهما و في عبارة (- مع صد -) عبارة عن اشتراكهما في الحقّ فلا يسقط بإسقاط أحدهما منفردا

مسألة في وجوب قبول الثمن إذا دفعه عند حلول الأجل

قوله طاب ثراه وجب على مالكه قبوله (- إلخ -) هذا ممّا صرّح به في (- ط -) و الوسيلة و (- ئر -) و (- فع -) و (- كرة -) و (- عد -) و (- شاد -) و (- لف -) و اللّمعة و سائر ما تأخّر عنها من غير خلاف ينقل و قد نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه و استظهر الإجماع عليه في كشف الظّلام و ادّعى الإجماع عليه في الرّياض قوله طاب ثراه مدفوع بأنّ مشروعيّة (- اه -) ربّما اعترضه بعض مشايخ العصر (- قدّه -) بان غرض المورد انّما هو بيان قصور دليل نفى الضرر عن إثبات الوجوب على البائع عينا بإمكان شرعيّة القبض عنه و ان لم يجب عليه (- كك -) قال و منه يظهر ضعف الإيراد عليه انتهى و أنت خبير بانّ ما ذكره لعلّه ناش من عدم التعمّق ضرورة انّ بدليّة شيء عن شيء اضطرارا لا ينافي وجوبه عينا و قصور دليل نفى الضّرر عن إثبات الوجوب على البائع عينا انّما كان يتمّم المطلوب ان لو كان شرعيّة قبض الحاكم عنه أحد طرفي التخيير أو البدل الاختياري و الفرض كونه بدلا اضطراريّا فلا تذهل ثمَّ انه ربّما أجيب عن المناقشة الّتي عبّر عنها الماتن (- ره -) بالتوهّم و دفعه بأجوبة أخر أحدها ما في الجواهر من انّ الثّابت من الأدلّة انّما هو وجوب القبض من حيث الدفع خصوصا قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فانّ وجوب الوفاء بها يتبع وجوب الدّفع و وجوب القبول و (- ح -) فاذا انتفى القبول سقط اعتباره إذ هو كالدّفع من المديون يجب عليه أوّلا فإذا امتنع جاز التقاص من ماله و اعترضه بعض تلامذته من مشايخ العصر (- قدّه -) بأنّه لا إشكال في ثبوت وجوب القبول و انّما الإشكال في دلالة نفى الضّرر عليه فما ذكره علاّمة الجواهر غير دافع للإيراد قلت هذا اعتراض موجّه الثّاني منع جواز قبض الحاكم بمجرّد امتناعه من القبض بل الّذي تقتضيه القاعدة هو إجبار الحاكم له على القبض نظرا الى انّ امتناعه بغير حقّ أسقط اعتبار رضاه الحديث نفى الضّرر الّذي مورده كان من هذا القبيل كما أشار إليه الماتن (- ره -) فجواز قبض الحاكم عنه بمجرّد امتناعه غير ثابت حتى يكون رافعا للضّرر مانعا من جريان القاعدة و ناقش في هذا الجواب بعض مشايخ العصر (- قدّه -) بنظير ما سبق منه في ردّ الماتن (- ره -) من انّ الغرض منع افادة قاعدة نفى الضّرر وجوب القبض عينا بعد شرعيّة القبض عنه ثمَّ قال قولك انّ القبض عنه مع إمكان قبضه و لو كرها غير ثابت الجواز مدفوع بنقل الكلام إلى صورة تعذّر مباشرته للقبض أصلا حتّى مع الكره إذ لا ريب في تولّى الحاكم له (- ح -) لانّ السّلطان ولى الممتنع انتهى و أنت خبير باندفاع ذلك بنظير ما مرّ في جواب اعتراضه على جواب الماتن (- ره -) ضرورة انّ تولّى الحاكم له في صورة تعذّر مباشرته للقبض ليس الاّ من باب البدليّة الاضطراريّة فلا ينافي جريان قاعدة الضّرر في حال الاختيار الثالث انّ ظاهر جمع عدم اعتبار الحاكم هنا أصلا كما سيجيء (- إن شاء الله -) (- تعالى -) توضيح الحال فيه فانتفى ما حسبه المناقش دافعا للضّرر هذا و ربّما يناقش في دلالة قاعدة الضّرر بوجه أخر و هو انّ الضّرر كما يرتفع بإلزامه بالقبض فكذا يرتفع بجعل تلف المال بغير تفريط المشترى من مال البائع كما هو واضح و فيه انّ كون التّلف من البائع فرع تشخص حقّه فيما بيد المشترى فما لم يقبضه لا يتشخّص له حتّى يكون تلفه منه فتتمّ (- ح -) دلالة القاعدة على المطلوب (- فت -) قوله طاب ثراه بناء على انّ الممتنع من يمتنع (- اه -) أشار بذلك الى الخلاف في انّ قبض الحاكم للمال المدفوع في الفرض ثمنا الممتنع صاحبه و هو البائع من تسلّمه هل هو لازم بمجرّد الامتناع أو يتوقّف على تعذّر جبره على التّسليم فانّ في ذلك وجهين من عموم ولاية الحاكم و من انّ ولايته فرع تعذّر الأصيل و لو بالإجبار ضرورة انّ ولايته من باب الحسبة فما دام تسلّم المالك ممكنا لا تثبت ولايته و هذا هو الأشبه و من هنا ظهر وجوب إجباره للبائع على التسلّم مع الإمكان حسبة كما هو وظيفته قوله طاب ثراه إذا لم يسئله ضمير الفاعل مستتر يعود الى المديون و الضّمير البارز المتّصل يعود الى الحاكم و التقدير انّه لو لم يسئل المشترى عن البائع تسلّم الثمن لم يكن للحاكم مطالبة المشترى به مع رضاء البائع ببقائه عند المشتري ضرورة انه لا ولاية (- ح -) للحاكم مع رضاء المالك بكونه في ذمّة المديون لكن عن المحقّق الثاني (- ره -) في (- مع صد -) انه لو لم يسئل الدّافع الحاكم القبض لم يجب على الحاكم قبضه و انّه يجوز ذلك له و ان لم يسئله و هو كما ترى قد علّق على سؤال المشتري خصوص الوجوب و التزام بالجواز (- مط -) فإن أراد الجواز عند دفع المشترى ففيه منع ولايته قبل تعذّر تسلّم البائع و ان أراد الجواز (- مط -) المستلزم لجواز مطالبته للمشتري بالثمن ففيه منع ظاهر و لعلّ الثّاني غير مراد له لتصريحه بعدم جواز إجبار الحاكم للبائع على القبض ان لم يسئله المشترى الدافع قال لانّ يده يد رضى بها المدفوع له و لم يصدر منه ما ينافيها (- فت -) قوله طاب ثراه و استبعد غيره و هو في محلّه (- اه -) المستبعد هو الشهيد (- ره -) في (- س -) و وجه كون الاستبعاد في محلّه انّ وجوب قبضه فرع ولايته و ولايته فرع تعذّر تسلّم البائع و ذلك لا يحصل الاّ بتعذّر الإجبار قوله طاب ثراه لأنه من المعروف الّذي يجب الأمر به على كلّ احد (- اه -) يمكن المناقشة في ذلك بانّ الإجبار غير الأمر بالمعروف و الواجب على كل أحد انما هو الثّاني و امّا الأوّل فيندرج في عنوان الحسبة المخصوصة بالعدول (- فت -) قوله طاب ثراه أقواه العدم (- اه -) (11) لأنّ الأصل برأيه الذمّة و لكن الأقرب الوجوب لاندراجه في عنوان الحسبة فيجب حفظ المال المسلم المحترم عن التلف (- فت -) قوله طاب ثراه فان تلف فعلى ذي الحق (- اه -) (12) هذا في الجملة ممّا لا خلاف فيه يظهر و انّما الخلاف في إطلاقه و تقييده فعن الشيخين (- رهما -) في المقنعة و (- ية -) و ابن حمزة في الوسيلة و المحقّق في (- يع -) و (- فع -) و سلاّر في المراسم و القاضي و ابى الصّلاح و غيرهم الإطلاق و عن الشيخ (- ره -) في

ص:208

(- ط -) و الحلّي في (- ئر -) و جماعة تقييد ذلك بصورة عدم التمكّن من حين الامتناع الى حين التّلف من تسليمه الى الحاكم و الاّ تعيّن تسليمه إليه فإن ترك مع الإمكان كان التّلف من المشترى بل ربّما حكى عن بعض دعوى الشهرة على ذلك و حجّة القولين امّا على كون التلف من البائع في الجملة في صورة عدم تفريط المشتري فهي قاعدة نفى الضّرر فانّ في هلاكه من المشترى ضررا عظيما و ظلما فيكون منفيّا لقاعدة الضّرر و امّا حجّة الأوّل على الإطلاق فأمور أحدها أصالة عدم تعيّن دفعه الى الحاكم مع وجود المالك بل لنا منع جواز الدّفع اليه (- ح -) فضلا عن التعيّن إذ غاية ما دلّ الدّليل عليه انّ الحاكم وكيل عن الغائب امّا مع حضور المالك فلا دليل على ولايته بوجه فتحكّم أصالة العدم و يرتفع ما كان مانعا من جريان قاعدة الضّرر و فيه انّ إنكار ولاية الحاكم في أمثال المقام مكابرة لأنّه كما يقوم مقام الغائب فكذا يقوم مقام الممتنع عمّن يجب عليه للعمومات و خصوص ما ورد من جملة من الموارد الخاصّة الّتي يقف عليها المتتبّع الا ترى إلى أخذ الزكاة منه قهرا و تولية النيّة عنه و أداء ديونه و ما يجب عليه من نفقة و نحوها من ماله ثانيها ما تمسّك به كاشف الظلام من وجوب القبض على البائع و هو متمكّن منه فلا عذر له إذ الممتنع من أخذ حقّه مع تمكّنه منه هو المضيّع له و الأصل و عدم الدّليل قاضيان بعدم وجوب الدفع الى الحاكم اى الوكيل مع وجود الأصيل و تمكّنه من التسلّم بل غاية ما قام الدليل عليه من إجماع و غيره انّما هو وجوب الدّفع الى المالك خاصّة و فيه انّه بعد تسليمه وكالة الحاكم عنه (- ح -) قهرا كما هو صريح كلامه لا معنى لمنع وجوب الدّفع اليه مع الإمكان سيّما بعد صدق المفرط عليه بترك الدّفع اليه و لا ينافي ذلك تفريط المالك (- أيضا -) ضرورة أنّ تفريطه لا يرفع اثر تفريط غيره كما لا يخفى ثالثها انّ القبض هو التخلية الصّادقة عرفا بمجرّد ذلك و الواجب على المشترى انّما هو الإقباض و الواجب على البائع انّما هو القبض فاذا عصى المالك بترك ما يجب عليه فلا يجب على المشترى شيء أخر بسبب عصيان البائع على نحو المقاصّة الّتي هي بعكس المقام فكما يستقلّ المقاصّ بتملّك مال المديون بمجرّد قبضه له من دون اقباض المديون دون اقباض المديون له فكذا يستقلّ المديون بتمليك صاحب الدّين بمجرّد إقباضه له من دون قبضه منه و رضاه به و أنت خبير بأنّه انّما يتمّ بناء على عدم ولاية الحاكم في مثل المقام و قد عرفت انّه خلاف التحقيق و (- ح -) فعصيان المالك لا يرفع اثر تفريط المشترى المديون بترك الدّفع الى الحاكم و قياس ذلك على المقاصّة لا وجه له مع انّ الحكم في المقيس عليه (- أيضا -) غير مسلّم بل لنا اعتبار اذن الحاكم هناك (- أيضا -) كما عليه جماعة و امّا حجّة الثاني على التقييد فهي الاقتصار فيما خالف الأصل الدالّ على عدم تعيّن الثمن للبائع حيث كان كلّيا الاّ بقبضه أو قبض من يحكمه على محلّ الوفاق و هو صورة فقد الحاكم و التفاتا الى اندفاع الضّرر عن المشترى بالدّفع الى الحاكم فلو قصّر كان كالمفرط في المال من حيث تمكّنه من دفعه الى مستحقّه أو نائبه فيكون من ماله تمسّك بذلك في الرّياض و تماميّته موقوفة على عدم تماميّة مستند القول الأوّل و إذ قد عرفت عدم تماميّة ذلك بان لك أقربيّة القول الثّاني قوله طاب ثراه و لكن لم يخرج عن ملك مالكه (- اه -) هذا حجّة القول بجواز تصرّف المشترى فيما عزله في الفرض قوله طاب ثراه و قاعدة مقابلة الخراج بالضمان غير جارية هنا قد احتجّ القائل بعدم جواز تصرّف المشترى فيما عزله بهذه القاعدة بتقريب انّه إذا لم يكن التلف من المشترى فكيف يكون له التصرّف فيه و كيف يكون النّماء له و الى ردّه أشار الماتن (- ره -) بالحكم بعدم جريانها هنا و الى الوجه في عدم الجريان قوله طاب ثراه و يمكن ان يقال انّ الحقّ قد سقط من الذمّة (- اه -) هذا احد الجوابين عن اشكال الجمع بين الحكم ببقاء ملكيّة الدّافع و بين الحكم بكون التّلف من ذي الحقّ و الجواب الثاني ما نبّه عليه بقوله و يمكن ان يقال بأنّه يقدر انا ما (- اه -) و لي في الجوابين جميعا نظر من حيث انّ كلاّ من تعلّق الحق به تعلّق حقّ المجني عليه بالعبد الجاني و تقدير الدّخول في ملك ذي الحق انا ما قبل التلف على خلاف الأصل و القاعدة فلا يصار اليه الاّ بدليل و ليس ضرورة عدم اقتضاء قاعدة الضّرر ذلك فالوجه الثاني أظهر فيكون المدفوع بالعزل ملكا للبائع و يتشخّص الكلّى فيه و يكون النماء للبائع و التلف منه و يمنع من تصرّف المشترى فيه الاّ برضاء البائع بإحدى طرقه و توقف تشخّص الكلّى على قبض ذي الحق غير ضائر بعد قابليّة قاعدة الضّرر لإلغاء قبضه و عدم قبضه و جعل عزل المديون بمنزلة قبض ذي الحق نعم يختصّ ذلك بصورة تعذّر قبض الحاكم و الاّ توقّف زوال ملك الدافع عنه و حدوث ملك ذي الحقّ على قبض الحاكم قوله طاب ثراه لأنّ شرعيّة عزله (- اه -) قد وقع الإشارة الى هذا الوجه في عبارة (- مع صد -) حيث قال إذا امتنع المالك من القبض و تعذّر الحاكم زال الضّمان عن الدّافع بالتّعيين لكن هل هو مشروط بالحفظ بمجرى العادة فيكون أمينا أم لا فلا يكون الحفظ واجبا عليه لم أجد به تصريحا للأصحاب لكن قوّة التأمّل في كلامهم تشهد للثّاني حيث أطلقوا نفى الضّمان عنه دفعا للضّرر و لو وجب الحفظ الدائم لبقي الضرر المحذور و الزم بالضمان بالتقصير فيه انتهى و ما احتمله من وجوب الحفظ (- مط -) يمكن استظهاره من (- يع -) و غيرها ممّا قيّد فيه كون التلف من البائع بعدم تفريط المشترى في الحفظ و لعلّ وجهه انّه مال امرئ مسلم محترم فيجب حفظه على عامّة المسلمين و هو أحدهم و أقربهم و تساهل المالك في حفظ ماله لا يوجب ارتفاع حرمة ماله قوله طاب ثراه و كذا يفعل الحاكم لو قبضه (- اه -) قد ذكر ذلك في سلم (- لك -) و أنت خبير بما فيه فان قبض الحاكم انّما شرع للحفظ و الصّيانة فالتسوية بين الحاكم و بين المديون و جواز التخلية للحاكم يستلزم إلغاء قبض الحاكم بل اللازم على الحاكم حفظه و الإيصال إليه بأيّ طريق أمكن و لو بالإجبار فإن تعذّر قبضه الى ان يموت و دفعه الى وارثه و مع عدمهم يتصدّق به عن الإمام الذي هو وارث من لا وارث كما لا يخفى

مسألة في عدم جواز تأجيل الثمن الحال بأزيد منه

قوله طاب ثراه المصرّح به في غيره (- اه -) ممّن صرّح بعدم الخلاف فيه صاحب الجواهر و ادّعى بعضهم الإجماع عليه و الأصل في ذلك الأدلّة الدالّة من الكتاب و السّنة المتواترة و الإجماع القطعي على حرمة الرّبا بعد وضوح كون الفرض ربا لانّ حاصله يرجع الى إعطاء الزائد في مقابلة الناقص إذ لا ثمن للأجل على حدة لأنّ الأجل ليس جزءا حقيقيّا من احد العوضين و إن كان يختلف العوضان باختلافه و جريان الرّبا هنا هو الفارق بين هذه الصّورة و بين الصّورة الآتية اعنى التعجيل بالنّقصان لعدم جريانه فيها لأنّه في الحقيقة حذف شيء من ماله عن الغريم و لا شكّ في جواز حذف؟؟؟ الكلّ فالبعض بطريق اولى فلا يرد ما قد يتوهّم من انّ الأدلّة الدالّة الآتية على جواز تلك الصّورة شاملة لهذه فما وجه التفرقة قوله طاب ثراه فعن مجمع البيان عن ابن عبّاس انه كان الرّجل من أهل الجارية (- اه -) ليس في مجمع البيان لفظ من أهل الجارية و الموجود فيه انما هو لفظ منهم بدله و لم يعلم انّ السّهو من قلم الماتن (- ره -) أو من الحاكي و على فرض صحّة الحكاية فليس لأهل الجارية

ص:209

معنى مناسب فيما حضرني من كتب اللّغة إلاّ أهل النّعمة قوله طاب ثراه و يؤيّده بل يدلّ عليه حسنة ابن ابى عمير أو صحيحته (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و التّرديد بين حسنه و صحّته بالنّظر الى الخلاف في كون إبراهيم بن هاشم من الثّقات أو الحسان و قد نبّهنا في غير موضع على كونه من الصّحاح لكثرة القرائن على ذلك مضافا الى دعوى السيّد بن طاوس الاتّفاق على كونه من الثّقات فالحقّ صحّة السّند مضافا الى انّ الشيخ (- ره -) قد رواها بطريقين اخرين صحيحين أحدهما بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام و الأخر بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه و يدلّ عليه بعض الأخبار (- اه -) ستسمع إنشاء اللّه تعالى عند تعرّضنا عن قريب لتفصيل ذلك على تلك الأخبار و أشار (- قدّه -) بقوله حتّى صاروا موردا لاعتراض العامّة إلى صحيح ابن الحجّاج الآتي قوله طاب ثراه و يؤيّده بعض الاخبار الواردة في باب الدّين فيما إذا اعطى المديون بعد الدّين شيئا (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه في الوسائل في باب جواز قبول الهدية و الصّلة ممّن عليه الدّين عن ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن الحسين بن ابى العلاء عن إسحاق بن عمّار عن ابى الحسن عليه السّلام قال سئلته عن الرّجل يكون له مع رجل مال قرضا فيعطيه الشيء من ربحه مخافة ان يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله من غير ان يكون شرط عليه قال لا بأس بذلك ما لم يكن شرطا قوله طاب ثراه و ظهر (- أيضا -) انّه يجوز المعاوضة اللازمة (- اه -) لما لم يساعده الزمان على الوفاء بما وعده من توضيح هذه المسئلة في باب الشروط أو كتاب القرض ناسب ان ننوب عنه في الوفاء و توضيح الكلام فيها فنقول انّه يجوز اشتراط التّأجيل بالزّيادة في عقد لازم كبيع و نحوه بان يبيع ذو الحقّ شيئا من المديون بتلك الزّيادة بعقد لازم و يشترط في ضمنه تأجيل ذلك الحال في ضمن هذا العقد سواء اشترط تأجيل ثمن المبيع الثاني مع ذلك السّابق الثّابت في ذمّته أم اقتصر على اشتراط تأجيل السّابق و هذا من الحيل الشرعيّة للتخلّص من الرّبا فيستدين مائة دينار مثلا قرض الحسنة ثمَّ يشترى خاتما قيمته درهم بخمسة دنانير و يشترط في ضمن العقد عدم تسلّط المقرض على استعادة المائة دينار أو المائة و الخمسة جميعا إلى سنة و الغرض من هذا التقرير انّما هو جواز الزّيادة و الا فيمكن اشتراط تأجيل الحق الحال في ضمن عقد لازم من غير زيادة كما حكى التّصريح به عن (- كرة -) و (- شاد -) و (- عد -) في التنقيح و غاية المرام و إيضاح (- فع -) و (- مع صد -) و الميسية و (- لك -) و (- الروضة -) و الكفاية و مجمع الفائدة و غيرها بل في محكي الأخير احتمال عدم الخلاف فيه و بالجملة فقد صرّح بجواز التّأجيل بالزيادة على الوجه المذكور جمع كثير قاطعين به بل استظهر في (- ئق -) و كشف الظّلام اتفاق الأصحاب عليه و نفى بعض من تأخّر معرفة الخلاف فيه و الأصل في ذلك بعد عمومات الوفاء بالعقود و التزام الشروط طائفة من الأخبار فمنها الموثق بابن إسحاق كالصّحيح لابن ابى عمير الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن ابن ابى عمير عن محمّد بن إسحاق بن عمّار قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام يكون لي على الرّجل دراهم فيقول أخّرني بها و انا أربحك فابيع حبّة تقوم علىّ بألف درهم بعشرة الاف درهم أو قال بعشرين ألفا و أؤخّره بالمال قال لا بأس و منها ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن على بن حديد عن محمّد بن إسحاق بن عمّار قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام انّ سلسبيل طلبت منّي مائة ألف درهم على ان تربحني عشرة الاف فأقرضها تسعين ألفا و أبيعها ثوبا أو شيئا تقوم بألف درهم بعشرة الاف درهم قال لا بأس قال الكليني (- ره -) و في رواية أخرى لا بأس به أعطها مائة ألف و بعها الثوب بعشرة ألف و اكتب عليها كتابين و منها ما رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن رجل له مال على رجل من قبل عينة عيّنها إياه فلمّا حلّ عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوى مائة درهم بألف درهم و يؤخّره قال لا بأس بذلك قد فعل ذلك ابى (- رض -) و أمرني أن افعل ذلك في شيء كان عليه و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن عبد الملك بن عتبة قال سالته عن الرّجل يريد ان أعينه المال أو يكون لي عليه مال قبل ذلك فيطلب منّى مالا أزيد على مالي الّذي عليه ا يستقيم أن أزيده مالا و أبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم فأقول أبيعك هذه اللّؤلؤة بألف درهم على ان أؤخّرك بثمنها أو بمالي عليك كذا و كذا شهرا قال لا بأس و منها ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن ابى على الأشعري عن الحسن بن على بن عبد اللّه عن عمّه محمّد بن أبي عبد اللّه عن محمّد بن إسحاق بن عمّار قال قلت للرّضا عليه السّلام الرّجل يكون له المال فيدخل على صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم و يؤخّر عنه المال الى وقت قال لا بأس به قد أمرني أبي ففعلت ذلك و زعم انّه سئل أبا الحسن عليه السّلام عنها فقال مثل ذلك و منها ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن إبراهيم بن إسحاق عن محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن رجل كتب الى العبد الصّالح عليه السّلام يسئله انّى أعامل قوما أبيعهم الدّقيق اربح عليهم في القفيز درهمين إلى أجل معلوم و انّهم سئلونى أن أعطيهم عن نصف الدقيق دراهم فهل من حيلة لا ادخل الحرام فكتب إليه أقرضهم الدّراهم قرضا و ازدد عليهم في نصف القفيز بقدر ما كنت تربح عليهم و منها الصّحيح الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن صفوان عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال سئلته عن الصّرف الى ان قال فقلت له اشترى ألف درهم و دينارا بألفي درهم فقال لا بأس بذلك انّ ابى كان اجرى على أهل المدينة مني فكان يقول هذا فيقولون انّما هذا الفرار لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم و لو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار و كان يقول لهم نعم الشّيء الفرار من الحرام الى الحلال الى غير ذلك من الأخبار المنجبرة أو المعتضدة بعمل الطّائفة فلا ينبغي بعد ذلك الإشكال في المسئلة و لكن مع ذلك فقد وقع الاستشكال من وجوه أحدها ما حكى عن الشهيد (- ره -) من الاستشكال في خصوص شرط أجل القرض في ضمن عقد لازم بانّ الشّرط في ضمن العقد اللاّزم يجعله جائزا فكيف ينعكس و يصير القرض الّذي هو جائز لازما بالشرط و الجواب انّ الشرط انّما يجعل العقد اللازم جائزا ما لم يحصل فاذا وجد في الخارج لزم العقد و شرط لزوم القرض حيث يحصل من حين الشّرط يلزم به العقد الجائز و هو القرض و بقي العقد المشروط فيه لزوم القرض على لزومه (- فت -) كي يظهر لك إمكان المناقشة في ذلك بان لزوم أجل القرض موقوف على لزوم العقد المشروط فيه لزوم القرض فلا معنى لتوقّف لزوم العقد المذكور على لزوم العقد و الاّ لدار فالأولى في الجواب ان يقال انّ جواز العقد من جهة لعارض الشّرط لا يمنع من لزوم

ص:210

الوفاء بمقتضى الشرط المضطرب و إلا لما لزم الوفاء بشيء من الشروط في ضمن العقود لتوقف لزوم الوفاء على لزوم العقد المتضمّن لذلك الشّرط فلو كان العقد المتضمّن للشّرط جائزا من جميع الجهات لم يتمّ المطلوب و هذا هو الاشكال المزبور عند الكلام في خيار الشّرط مع جوابه فراجع و تدبّر ثانيها ما حكاه في دين (- مع صد -) عن الشّهيد (- ره -) قال (- ره -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) لو شرط الأجل في القرض لم يلزم و لكن يصحّ ان يجعل اجله شرطا في عقد لازم فيلزم ما لفظه انّ الشهيد (- ره -) أورد إشكالا في المقام حاصله انّه ان أريد بلزومه توقّف العقد المشروط فيه عليه فمسلّم لكنّه خلاف المتبادر من كونه لازما إذ العقود المشروط فيها شروط لا تقتضي لزومها بل فائدتها تسلّط من تعلّق غرضه بها على الفسخ بالإخلال بها و ان أريد لزوم ذلك الشرط في نفسه بمعنى انّه لا سبيل إلى الإخلال به لم يطرد الاّ ان يفرّق بين اشتراط ما سيقع و ما هو واقع و يجعل التّأجيل من قبيل الواقع فيتمّ ثمَّ قال و يمكن الجواب بانّ المراد بكون الشرط لازما وجوب الوفاء به كما وجب الوفاء بالعقد اللازم لانّه من جملة مقتضياته و تسلّط من تعلّق غرضه به على الفسخ بدونه لا ينافي هذا المقدار من اللّزوم من طرف العاقد الأخر فيكون الشرط و العقد لازمين من طرف المشترى و من طرف من تعلّق به غرضه يكون لازما مع الإتيان بالشرط لا بدونه و هذا معنى واضح صحيح الى ان قال و ما ذكروه من الفرق بين الشرط الّذي سيفعل و غيره (- أيضا -) متّجه فلا يبعد ان يقال إذا شرط الحال في عقد لازم كان كما لو شرط في العوض الواقع في ذلك العقد فيلزم بهذا الشّرط و هذا هو المفهوم من إطلاق الأصحاب تأجيل الحال في عقد لازم و ليس هو كاشتراط ان يفعل الفعل الثّاني انتهى و في الإشكال و الجواب جميعا غرض فتدبّر ثالثها ما صدر من بعض المعاصرين شفاها من الوسوسة في اشتراط لزوم أجل القرض بانّ تسلّط الدائن على مطالبة المديون بحقّه حيثما شاء من الأحكام لا الحقوق و الحكم لا يبدّل و لا يمكن اشتراط خلافه في عقد و أنت خبير بانّ ذلك ناش من القصور و قلّة الفهم و الاشتغال عن الفقه بما لا يضرّ جهله ضرورة وضوح كون ذلك حقّا لا حكما مع انّ الأخبار المزبورة كافية في الجواز رابعها ما حكاه كاشف الظلام عن المولى الوحيد البهبهاني (- ره -) من منع الشرط المزبور و تحريم الحيل الشرعيّة نظرا الى انّ العقود تتبع القصود و أرباب استعمال هذه الحيل لا يقصدون الحقيقة أصلا و لعلّه مراد المحدّث البحراني (- ره -) بالبعض في قوله بعد نقل الأخبار و العجب انّه مع هذه الاخبار الّتي رأيت و اتّفاق الأصحاب على ذلك كان بعض من يدّعى الفضل من المعاصرين بل الأفضليّة ينكر ذلك و يقول ببطلانه مستندا الى انّ البيع المذكور غير مقصود و ما هو الاّ محض اجتهاد في مقابلة النّصوص و ردّ على أهل الخصوص انتهى و الإنصاف عدم خلوّ شيء من كلامي الوحيد و المحدّث عن مناقشة امّا الأوّل فلكونه نزاعا في الصّغرى و نحن انّما نتكلّم على فرض الفراغ منها و المحاكمة بين العلمين ان يقال انّه ان أراد المحقّق الوحيد عدم الجواز و عدم الصحّة حتّى إذا وطّن المتبايعان نفسيهما في هذه المعاملات على الوفاء بذلك على كلّ حال و إن كان لامضائه داع من الصّبر بالدّين الحال إلى الأجل و نحو ذلك ففيه منع ظاهر ضرورة عدم سبب للبطلان (- ح -) بعد حصول العقد بأركانه و شرائطه و كون الأكل أكلا بالتّراضي لا الباطل و ان أراد تسليم الصّحة فيما إذا تمَّ أركان العقد و شرائطه الّتي منها القصد الى النّقل و الانتقال حقيقة و منع الصّحة و عدم كفاية الصّورة المحضة مع عدم قصد النّقل و الانتقال في الحقيقة فهو في غاية الجودة و المتانة و هذا هو الّذي يظهر من مجامع كلامه المحكى و امّا المحدّث البصير فإن أراد إثبات الصحّة فيما إذا تمَّ أركان العقد و حصل القصد الى النّقل فلا اعتراض عليه بوجه لكن لا نزاع له (- ح -) مع المولى الوحيد و ان أراد إثبات الصّحة (- مط -) و كفاية الصّورة و ان لم يقصد النّقل في الحقيقة استنادا الى الأخبار المزبورة نظرا الى دعوى ظهورها في كفاية الصّورة المحضة ففي مقالته نظر ظاهر ضرورة انّ الظهور المدّعى لو سلّم فلا حجّة فيه في قبال القطع باشتراط موافقة القصد للعقد و عدم كفاية اللّفظ وحده فلا بدّ (- ح -) تنزيل الأخبار عليه و (- ح -) فلا يكون التنزيل المذكور اجتهادا في مقابلة النّصوص بل إكراما للنّصوص عن إبقائها على مخالفة المقطوع به فتأمّل جيّدا خامسها ما استجوده بعض الأواخر (- قده -) من الاستشكال بان تجويز ذلك مناف للحكمة الباعثة على تحريم ما يتوصّل إلى إباحته بالحيل المعروفة و بعبارة أخرى تجويز ذلك مناف للحكمة الباعثة على تحريم الرّبا و نحوه و أنت خبير بانّ ذلك اجتهاد في مقابل النّصوص الصّراح في ذلك الا ترى الى قوله (- ع -) نعم الشّيء الفرار من الحرام الى الحلال سادسها ما قد يتخيّل من معارضة الأخبار المزبورة بما رواه الشيخ (- ره -) عن يونس الشّيباني قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام الرّجل يبيع البيع و البائع يعلم انه لا يسوى و المشترى يعلم انّه لا يسوى الاّ انّه يعلم انّه سيرجع فيه ليشتريه قال فقال يا يونس انّ رسول اللّه (- ص -) قال لجابر بن عبد اللّه كيف أنت إذا ما ظهر الجور و أورثهم الذّل فقال له جابر لا بقيت الى ذلك الزمان و متى يكون ذلك بأبي أنت و أمّي قال إذا ظهر الرّبا يا يونس فهذا الرّبا فان لم تشتره منه ردّه عليك قال قلت نعم قال فقال عليه السّلام لا تقرّبنه لا تقرّبنه و أنت خبير بانّ قصور سنده مع فقد الجابر له بل وجود الموهن و هو إعراض الأصحاب عنه يأبى عن معارضته للأخبار المزبورة فيطرح أو يحمل على شيء من أمور أحدها ما حكاه في (- ئق -) عن بعض مشايخه من الحمل على الكراهة ثانيها ما صدر من المحدث الكاشاني في محكي الوافي من حمله له على صورة عدم القصد الى النّقل حقيقة حيث قال فيما حكى عنه انّه لا منافاة بين هذا الخبر و الاخبار المتقدّمة لأنّ المتبايعين هنا لم يقصد البيع و لم يوجباه في الحقيقة و هناك اشترطا ذلك في جوازه انتهى ثالثها ما في (- ئق -) من حمله على التقيّة لما دلّت عليه الاخبار المتقدّمة من تشديد العامّة في المنع من هذه الصّورة و كيف كان فلا إشكال في المسئلة قوله طاب ثراه و ظهر (- أيضا -) من التّعليل المتقدّم في رواية ابن ابى عمير (- اه -) أقول هذه المسئلة كسابقتها في لزوم تعرّضنا لها فنقول انّه قد صرّح بجواز تعجيل ثمن المبيع المؤجّل و سائر الحقوق الماليّة المؤجّلة بنقصان منها جمع قاطعين به بل في (- ئق -) انّه صرّح به الأصحاب من غير خلاف يعرف في الباب و نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه بل ادّعى بعض الأواخر الإجماع عليه صريحا و الاخبار بذلك مستفيضة و لا فرق في الحكم بين ان يبرئه ممّا يسقطه إبراء و بين ان يصالحه صلحا أمّا الإبراء فهو عبارة عن الحذف و الاسقاط و لا مانع منه قطعا بل لا مانع من الإبراء من الكلّ فمن البعض اولى سيّما و الاسقاط هنا ليس خاليا عن النّفع بالكليّة بل له نفع ما في الجملة و هو أخذ الباقي حالاّ و امّا الصّلح فوجهه عموم دليله و هو في الحقيقة صلح بمال على إسقاط حقّ و هو التّأخير إلى أجل فأيّ مانع منه و هو المسمّى عندهم بصلح الحطيطة و الاخبار الدالّة على جواز ذلك مطلقة غير مخصّصة لذلك بصورة الصّلح بل يستفاد منها الأمران معا باعتبار دلالتها على

ص:211

انّ مطلق التراضي كاف فمنها صحيح الحلبي المتقدّم في كلام الماتن (- ره -) الّذي عبّر عنه بحسنة ابن ابى عمير و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابان عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن الرّجل يكون له على الرّجل الدّين فيقول له قبل ان يحلّ الأجل عجّل لي النّصف من حقّي على ان أضع عنك النّصف ا يحلّ ذلك لواحد منهما قال نعم و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد عن ابان عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن رجل اشترى جارية بثمن مسمّى ثمَّ باعها فربح فيها قبل ان ينقد صاحبها الّذي هي له فأتاه صاحبها يتقاضاه و لم ينقد ماله فقال صاحب الجارية للّذين باعهم اكفوني غريمي هذا و الّذي ربحت عليكم فهو لكم قال لا بأس و رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن محمّد الحلبي و عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال بعض الفضلاء في شرح الرّواية الظّاهر انّه باعهم المشترى بأجل فلمّا طلب البائع الأوّل منه الثمن حط عن الثمن بقدر ما ربح ليعطوه قبل الأجل و هذا جائز كما صرّح به الأصحاب و ورد به غير واحد من الأخبار انتهى و هو متين ضرورة انّه لو كان الثمن نقدا فإنّه لا معنى لهذه المصالحة بإسقاط بعض حقّه ليكفوه غريمه كما لا يخفى

مسألة في جواز بيع العين الشخصية بثمن مؤجل من بايعه و غيره

قوله طاب ثراه فلا خلاف فيه الاّ بالنّسبة الى بعض صور المسئلة (- اه -) أراد بالبعض ما إذا اشترى البائع نسيئة المبيع من المشترى بعد حلول الأجل قبل قبض الثمن بجنس الثمن الّذي باعه منه أوّلا مع الزّيادة عن القدر الّذي باعه به أو النقيصة و لازم جمع الصّور انّ للمستثنى منه صورتين أخيرتين و هي (- كك -) فإنّ الأولى شراء البائع نسيئة المبيع من المشترى قبل حلول الأجل إذا لم يكن شرط ذلك على المشترى في ضمن البيع الأوّل و جواز ذلك ممّا افتى به جمع كثير بل استظهره في مجمع الفائدة عدم الخلاف فيه تارة و قال كان الإجماع دليله اخرى و قد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر و جزم في المستند بعدم الخلاف فيه تارة و ادّعى عليه الإجماع أخرى و في الرّياض انّه لا خلاف فيه فتوى و نصّا عموما و خصوصا و في مفتاح الكرامة انّه لا خلاف فيه و استظهر في كشف الظّلام تحصيل الإجماع عليه و قد جزم بعدم الخلاف فيه الماتن (- ره -) (- أيضا -) لكن ذلك من هؤلاء على كثرتهم و مداقتهم عجيب لصراحة عبارة المراسم في المخالفة حيث قال (- ره -) ان باع ما ابتاعه إلى أجل قبل حلول الأجل فبيعه باطل و ان باعه بعده و ان لم يوف ثمنه جاز ذلك انتهى و قد تنبّه لذلك سيّدنا في مفتاح الكرامة و نبّه على عدم وجدان نقل خلافه من احد و على اىّ حال فحجّة القول المعروف أمور أحدها وجود المقتضى و هو ملك المشترى الأوّل للمبيع بنفس العقد و فقد المانع إذ ليس الإبقاء الثمن في عهدته للأجل المضروب في ضمن العقد و ذلك لا يصلح للمانعيّة و لا أقلّ من الشكّ فالأصل عدم المانعيّة الثاني عمومات العقود و البيع و التجارة الثالث الأخبار الخاصّة المستفيضة مثل صحيح بشار بن يسار و صحيحة منصور بن حازم و حسنة الحسين بن المنذر و رواية قرب الاسناد الآتيات في كلام الماتن (- ره -) و حجّة سلاّر لعلّها الصّحيح الذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال سئلت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يكون له على الرّجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك فاتى الطالب المطلوب ليبتاع منه شيئا قال لا يبعه نسئا فامّا نقدا فليبعه بما شاء و أنت خبير بانّ مورده غير مورد البحث لعدم كون المفروض فيه ابتياع ما باعه منه و عدم دلالته على كون الطّعام و البقر و الغنم منتقلا الى المطلوب بالشّراء من الطّالب فهو أجنبيّ عن مراد سلاّر و ما قلناه في وجه مغايرة مورده لمورد البحث هو الوجه لا ما ارتكبه في الجواهر أخذا من مفتاح الكرامة من احتمال كون شيئا تصحيف نساء و لا ما ارتكبه الكاشاني في محكي الوافي من تقييد الشيء بكونه من ذلك المتاع الّذي عليه ضرورة كون كليهما اجتهادا بلا شاهد و تقييدا من غير قرينة و إذ قد تبيّن عدم انطباق الرّواية على مورد البحث ظهر عدم الحاجة الى حملها على الكراهة كما ارتكبه في الرّياض حيث قال انّ فيه إجمالا مع احتمال الحمل على الكراهة جدّا جمعا بينه و بين ما تقدّم لعدم مكافئة له قطعا انتهى و الوجه في عدم المكافئة على فرض الانطباق ظاهر للشذوذ رواية و فتوى فالقول المعروف ممّا لا يرتاب فيه ذو ادنى مسكة الصّورة الثّانية شراء البائع نسيئة المبيع من المشترى بعد حلول الأجل قبل قبض الثمن بمثل ثمنه من غير زيادة و لا نقيصة و بغير جنس ثمنه بزيادة أو نقيصة حالاّ و مؤجّلا و ذلك (- أيضا -) ممّا صرّح به جماعة قاطعين به بل نفى في الرّياض ظهور الخلاف فيه و نفى في كشف الظّلام وجدان الخلاف فيه و جزم في الجواهر بعدم الخلاف فيه و في مجمع الفائدة انّه لا كلام فيه و ظاهر غاية المراد (- أيضا -) عدم الخلاف فيه لتخصيصه الخلاف بغير الفرض و عن حواشيه على (- عد -) التصريح بعدم الخلاف فيه و عن كشف الرّموز الإجماع عليه و الأصل في ذلك بعد العمومات إطلاق صحيحة منصور بن حازم و حسنة بشار الآتيتين في المتن بل عمومهما النّاشى من ترك الاستفصال كإطلاق أو عموم ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام رجل تعيّن ثمَّ حلّ دينه فلم يجد ما يقضى أ يتعيّن من صاحبه الذي عيّنه و يقضيه قال نعم بناء على انّ العينة هو الشّراء نسيئة و مثله الحال في الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن يحيى عن هارون بن خارجة قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام عينت الرّجل عينة فحلّت عليه فقلت له اقضني فقال ليس عندي فعيّني حتّى أقضيك فقال عيّنه حتّى يقضيك و رواه الصّدوق رحمه اللّه بإسناده عن صفوان الجمّال عن الصّادق عليه السّلام و مثلهما الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سأله رجل زميل لعمر بن حنظلة عن رجل تعيّن عينة الى أجل فإذا جاء الأجل تقاضاه فيقول لا و اللّه ما عندي و لكن عيّني (- أيضا -) حتّى أقضيك قال لا بأس ببيعه بيان الزّميل الرّفيق في السّفر الّذي يعينك على أمورك و الزميل الرّديف قاله في المجمع و خصوص موثق يعقوب بن شعيب و عبيد بن زرارة أو صحيحهما سئلا أبا عبد اللّه عن رجل باع طعاما بمائة درهم الى أجل فلمّا بلغ ذلك الأجل تقاضاه فقال ليس عندي دراهم خذ منى طعاما فقال لا بأس به فإنّما له دراهم يأخذه بها ما شاء الى غير ذلك من الأخبار الدالّة إطلاقا أو عموما نصوصا أو ظهورا عليه فلا اشكال فيه قوله طاب ثراه و عن الشهيد (- ره -) انّه تبع الشيخ جماعة (- اه -) قاله في غاية المراد و لكن في مفتاح الكرامة انا لم نظفر بهم قوله طاب ثراه فالأقوى هو المشهور (- اه -) قد اختار هذا القول اعنى الجواز في (- يع -) و (- كرة -) و (- عد -) و (- لف -) و (- شاد -) و الإيضاح و اللّمعتين و غاية المراد و (- مع صد -) و التنقيح و مجمع الفائدة و الكفاية و (- ئق -) و الرّياض و محكي (- س -) و التلخيص و حواشي الشهيد و المقتصر و إيضاح النافع و الميسية و غيرها و حكاه في غاية المراد و غيره

ص:212

عن الشيخ المفيد و ابن سعيد و في (- لف -) و الإيضاح عن ابى المظفّر والد العلاّمة بل في (- فع -) انّه أشهر الرّوايتين و في (- ئق -) و مفتاح الكرامة و المستند انّه المشهور بل في الثّاني انّه قد نقلت الشهرة في عدّة مواضع و هي معلومة بل كاد يكون إجماعا انتهى و قد وقع الاستدلال على ذلك تارة بأصالة الجواز و اخرى بما في المتن من العمومات و الاخبار و ثالثة بما في (- لف -) من انّه مال مملوك تصحّ المعاوضة عليه و يمكن نقله و قد وقع عليه عقد البيع فيكون صحيحا عملا بالعلّة و يمكن تقريره بوجود المقتضى و انتفاء المانع قوله طاب ثراه في صحيحة يسار بن يسار (- اه -) الموجود في النّسخة من نسخ المتن يسار بن يسار بالياء المثنّاة من تحت ثمَّ السّين المهملة ثمَّ الرّاء فيهما و هو سهو و انّما الموجود في النّسخ المعتبرة من كتب الاخبار بشار بن يسار بالباء الموحّدة ثمَّ الشّين المعجمة في الأوّل و الرّواية قد رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن شعيب الحدّاد عن بشار بن يسار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام الى أخر ما في المتن مع زيادة لفظة به بعد قوله لا بأس مع تقديم قوله و لا بقرك على قوله و لا غنمك و قد وصف الرّواية بالصّحة في الرّياض و الجواهر و المتن و هذا الطّريق ليس من الصّحيح لانّ منصور بن يونس بن بزرج واقفي موثق و لعلّ الوصف بالصّحة بالنّظر الى الطريق الأخر و هو الكليني (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان بن شعيب و عموم الجواب النّاشى من ترك الاستفصال يقتضي عدم الفرق بين الشّراء حالاّ و مؤجّلا بالثمن الأوّل أو زيادة أو نقصان قوله طاب ثراه و صحيحة ابن حازم (- اه -) قد رواها الصّدوق (- ره -) بإسناده عن منصور بن حازم و رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم مع زيادة كلمة (- لك -) بعد الموصول و قبل كلمة عندي و دلالتها انّما هي على بعض المطلوب و هو ما إذا اشترى بذلك الثمن قوله طاب ثراه و رواية الحسين بن المنذر (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن عيسى عن ابن ابى عمير عن حفص بن سوقة عن الحسين بن المنذر و السّند من الحسن قوله طاب ثراه فيطلب العينة (- اه -) قد وقع الخلاف في تفسير اللّفظة ففي السّرائر انّ العينة بالعين غير المعجمة المكسورة و الياء السّاكنة و النّون المفتوحة مخفّفة و الهاء المنقلبة عن تاء و معناها في الشّريعة هو ان يشترى السّلعة بثمن مؤجّل ثمَّ يبيعها بدون ذلك نقدا ليقضى دينا عليه ممّن قد حلّ له عليه فيكون الدّين الثّاني و هو العينة من صاحب الدّين الأوّل روى ذلك أبو بكر الحضرمي مأخوذ ذلك من العين و هو النّقد الحاضر انتهى و يوافقه فيما ذكره في تفسير العينة عبارة النّهاية الأثيريّة و هي قوله و في حديث ابن عبّاس انّه كره العينة هو ان يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمّى ثمَّ يشتريها منه بأقلّ من الثمن الّذي باعها به فان اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من أخر بثمن معلوم و قبضها ثمَّ باعها المشترى من البائع الأوّل بالنّقد بأقلّ من الثمن فهذه (- أيضا -) عينة و هي أهون من الاولى و سمّيت عينة لحصول النّقد الّذي لصاحب العينة لأنّ العين هي المال الحاضر من النّقد و المشترى إنّما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجّلة انتهى ما في (- ية -) و في الصّحاح انّها السّلف و عن بعض الفقهاء هي ان يشترى السّلعة ثمَّ إذا جاء الأجل باعها على بائعها بثمن المثل و أزيد و عن بعضهم انّها شراء ما باعه نسيئة فعلى التّفسير الأوّل و الأخير يكون الخبر دالاّ على المطلوب و على الثّاني و الثالث لا يدلّ كما هو واضح عند المتدبّر قوله طاب ثراه و قد يستدلّ (- أيضا -) برواية يعقوب (- اه -) المستدلّ هو العلاّمة (- ره -) في (- لف -) قوله طاب ثراه و في دلالتها نظر (- اه -) وجه النّظر انّ قوله خذ منّى طعاما لا يفيد كون الطّعام عين الطّعام الّذي اشتراه لانّ الطّعام في قوله خذ منّى طعاما نكرة و (- ح -) فيخرج الخبر عن محلّ البحث و قد سبق الشهيد (- ره -) الماتن (- ره -) في المناقشة في دلالة الرّواية مبيّنا لوجه النّظر حيث قال في غاية المراد بعد حكايته عن (- لف -) التمسّك به ما لفظه و لم يذكر يعنى (- لف -) وجه دلالته و ليس ظاهر الدلالة على المطلوب لانّ قوله لا بأس به و ان عاد الى الطّعام فليس بلازم ان يكون عين المبيع و ليس النّزاع الاّ فيه هنا و إن كان الشيخ (- ره -) في (- ف -) منع شراء طعام بها زائدا لاستلزامه بيع الطّعام بالزّيادة سلّمنا أنّه عائد إلى عين المبيع لكن لا تصريح بشرائه بنقيصة أو زيادة ثمَّ قال فان استدلّ بقوله يأخذ بها ما شاء منعنا عمومه سلّمنا لكن الشمول للطّعام المبيع بأن يأخذ بعضه بدراهمه أو أزيد منه بها و هو غير المتنازع إذ النزاع في ان يأخذه بأقلّ من دراهمه أو أزيد منها و ليس ذلك عين هذا و لا مستلزما له غايته أنّه يأخذه ببعض دراهمه نسيئة أخذ أزيد بجميع دراهمه في انّه إضرار بالمشتري و أخذ بعضه بدراهمه نسيئة واحدة بأزيد من دراهمه لانّه حيف على البائع انتهى و لا يخفى ما في عبارته من التعقيد و المراد واضح قوله طاب ثراه من رواية خالد بن الحجّاج (- اه -) قد رواها الشيخ بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن خالد بن الحجّاج قوله طاب ثراه و رواية عبد الصّمد (- اه -) رواها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القسم بن محمّد عن عبد الصّمد بن بشر و ربّما وقع الاستدلال في كلماتهم للشّيخ بخبرين اخرين أحدهما ما رواه عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى ثوبا ثمَّ ردّه على صاحبه فأبى أن يقبله إلاّ بوضيعة قال لا يصلح له ان يأخذه فإن جهل و أخذه بأكثر من ثمنه ردّ على صاحبه الأوّل ما زاد و ناقش فيه الشهيد (- ره -) في غاية المراد بظهوره في انّ المردود على جهة الإقالة و الظّواهر حجّة و قد اجمعوا على عدم جواز الزّيادة و النّقيصة فيها و أبطلوها بها على ان لا يصلح من عبارات الكراهة في بعض الموارد و لا يتعيّن لها أو للحرمة الا بالقرائن و لا قرينة هنا على أحدهما فيسري إليه الإجمال ثانيهما رواية محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام من اشترى طعاما و علفا إلى أجل فلم يجد صاحبه فليس شرطه الاّ الورق؟؟ فان قال خذ منّى بسعر اليوم ورقا فلا يأخذ إلاّ طعامه أو علفه فان لم يجد شرطه و أخذ ورقا لا محالة قبل ان يأخذ شرطه فلا يأخذ إلاّ رأس ماله لا يظلمون و لا يظلمون قال في غاية المراد بعد حكاية الاحتجاج بها لمذهب الشيخ (- ره -) انّ هذه الرّواية ذكرها في (- يب -) في باب السّلم و هي صريحة فيها فلا دلالة فيها انتهى و ما ذكره متين لكون الخبر أجنبيّا عن النّسية بل مورده عكسها اعنى حلول الثمن و تأجيل المثمن و ليس ذلك الاّ السّلف قوله طاب ثراه لا يظهر من رواية خالد دلالته (- اه -) قد نوقش في رواية خالد بوجوه أحدها ضعف السّند بخالد بن الحجّاج الكرخي المجهول ثانيها عدم الانطباق على مدّعى الشيخ (- ره -) امّا أوّلا فلاختصاص مورده بالطّعام و مدّعاه أعمّ و دعوى التتميم بعدم القول بالفصل مدفوعة بنقل جماعة قولا بتخصيص الحكم بالطّعام و امّا ثانيا فلتخصيص الشّيخ (- ره -) ذلك بالعين الّتي باعها و حكم بالجواز في غيرها و مورد الرّواية أعمّ من ذلك و امّا ثالثا فلتخصيصه المنع بالزّيادة و النّقيصة امّا بالمثل فجائز عنده و الرّواية ظاهرة في المنع من الجميع فان قلت انّ الشيخ (- ره -) قد جمع بين هذه الرّواية و بين خبر عبيد و يعقوب المتقدّم بحمل ذلك على صورة المساواة و هذه على صورة النّقص و الزّيادة فلا

ص:213

اعتراض عليه بوجه قلت نعم و لكن يتّجه الاعتراض عليه (- ح -) بعدم الشّاهد على ذلك الجمع و عدم اعتبار الجمع الاقتراحى كما لا يخفى ثالثها ما في المتن من عدم الدّلالة امّا أوّلا فلعدم التصريح فيه بانّ الطّعام الّذي عرضه المديون عليه هو طعامه الّذي باعه إيّاه و امّا ثانيا فلما أشار إليه الماتن (- ره -) من انّ كلمة لا خير فيه من أمارات الكراهة قلت بل يمكن دعوى انسياق الجواب للإرشاد بل هو الظاهر منه عند التأمّل رابعها ما في المستند من انّ الشّهرة العظيمة قد أخرجت الخبر عن الحجّية و فيه نظر و امّا خبر عبد الصّمد فقد نوقش فيه أوّلا بالقدح في السّند بالقسم بن محمّد و ثانيا بعدم الانطباق على مدّعاه لكون مورده (- أيضا -) الطّعام و إطلاقه عدم الجواز الشّامل للزيادة و النقيصة و المساواة و ثالثا بعدم الدلالة على مدّعاه بوجه من الوجوه لانّه عليه السّلام رخّص أوّلا في الشراء بسعر اليوم ثمَّ لمّا طمع السّائل ان يرخّص له في أخذ طعامه الّذي دفعه اليه عينا مع انّ القيمة قد زادت و الحال انّه لا يستحقّ الاّ الدّراهم فلم يرخّص له الاّ ان يأخذه بسعر يومه فلا دلالة فيه على عدم الجواز حتّى إذا أخذه بسعر اليوم النّاقص أو الزّائد ممّا وقع الشّراء أولا عليه قوله طاب ثراه على قاعدة كلّية تظهر من بعض الاخبار (- اه -) لا يخفى عليك انّ ما أسّسه من القاعدة غير معوّل عليها لانّ علل الشّرع ليست عللا حقيقيّة و لو سلّم فالّذي يدلّ عليه الخبر هو كون البيع طعاما بطعام علّة للحكم فيسري من مورد النصّ الى كلّ مورد يكون (- كك -) و اين ذلك من التسرية الى كل ما كان البيع شيئا بشيء و لو لم يكونا من الطّعام فلا تذهل قوله طاب ثراه و امّا الحكم في المستثنى (- اه -) أراد بالحكم عدم جواز الشّراء و ذلك ممّا صرّح به جمع كثير منهم الشيخ (- ره -) و الفاضلان (- رهما -) الشّهيدان (- رهما -) و غيرهم قوله طاب ثراه فهو المشهور (- اه -) قلت بل في الرّياض تارة نسبة كالحدائق إلى الأصحاب و اخرى نفى الخلاف فيه و نفى في الكفاية العلم بالخلاف فيه و استظهر في كشف الظّلام و محكي المفاتيح الاتّفاق عليه و يشتمله استظهار عدم الخلاف فيه و احتمال الإجماع عليه في مجمع الفائدة و لكن مع ذلك كلّه فقد تأمّل في الجواهر في نفى الخلاف نظرا إلى إطلاق الجواز في المقنعة و (- ية -) و محكي (- ير -) و الى انّه يظهر من (- مع صد -) و (- لك -) و غيرهما عدم اعتباره لاقتصارهم على نقل الاستدلال لذلك بالدّور و عدم قصد النّقل معه و ردّ الوجهين قلت لعلّه بالنّظر الى ما ذكره وصف الماتن (- ره -) عدم الجواز بالشّهرة مؤذنا بوجود الخلاف فيه لكن لا يخفى عليك انصراف إطلاق الجواز في الكتب الثلاثة إلى صورة عدم الشّرط و عدم كون ما حكاه عن (- مع صد -) و (- لك -) خلافا في المسئلة بل منشأ ذلك عدم البناء على استقصاء الكلام فدعوى عدم العلم بالخلاف في المسئلة في محلّه و وصف الماتن (- ره -) عدم الجواز بالشهرة لا وجه له قوله طاب ثراه فاندفع عنه نقض جماعة ممّن تأخّر عنه (- اه -) من جملة من نطق بذلك الشهيد (- ره -) في غاية المراد و وجه الاندفاع ظاهر قوله طاب ثراه و قرّر الدّور في (- مع صد -) هذا التقرير الطف من تقرير الشهيد (- ره -) في غاية المراد بأنّه يلزم توقّف شرائه من المشترى على تملّك المشترى قطعا الموقوف على صحّة البيع الموقوف على حصول شرط اعنى الشّراء فيتوقّف الشيء على نفسه و هو محال انتهى و إن كان مرجعها إلى أمر واحد قوله طاب ثراه و اخرى بالحلّ (- اه -) ذكر هذا الجواب في (- مع صد -) و سبعة الشهيد (- ره -) في غاية المراد حيث قال لا نسلّم توقّف صحّة البيع على حصول شرطه بل توقّف لزومه و لا يلزم من رفع اللّزوم رفع الصّحة لأنّه أخصّ و رفع الأخصّ أعم منّ رفع الأعمّ و العام لا يستلزم الخاصّ انتهى و ربّما أجيب بوجه أخر و هو منع توقّف تملّك المشترى على تملّك البائع بل تملّكه موقوف على العقد المتأخّر عن ملك المشترى ذكر ذلك في (- لك -) و فيه انّ توقّف العقد المتأخّر على تملّك المشترى المتوقّف على تملّك البائع كاف في إثبات الدّور فما ذكره (- ره -) كرّ على ما فرّ منه قوله طاب ثراه و ثالثة بعدم جريان (- اه -) قد أشار الى هذا الجواب في (- الروضة -) بقوله و أوضح لتملّك المشترى ما لو جعل الشرط بيعه من البائع بعد الأجل لتخلّل ملك المشترى فيه انتهى قال في مفتاح الكرامة معناه انّ ملك المشترى (- ح -) قد تخلّل في طول الأجل لأنّه مع شرط البيع قبل الأجل يمكن للبائع فسخه بعد بيعه في كلّ عام بخلاف اشتراط البيع بعد مدّة الانقطاع هذا الخيار في أثناء المدّة من البائع و تحقّق ملك المشترى و لزومه فيه و هذا الشّرط يجعل العقد جائزا بعدم اللّزوم ثمَّ قال استضعافا لهذا الجواب و سابقة ما لفظه و ما ألزموه به وجيه لكنّه إن كان يذهب الى انّ الشّرط في العقد و البيع بالشرط يتوقّف صحّة البيع عليه لا لزومه و يقول باللّزوم في المواضع المذكورة بالإجماع و غيره لم يكونوا أنصفوه فيما أوردوه و الاّ فما كان ذلك ليخفى على مثل العلاّمة (- ره -) فليتأمّل و هذا منهم (- أيضا -) مبنىّ على عدم القول بلزوم العقد المشروط فيه و إلزام المشروط عليه بالشرط كما هو مذهب جماعة منهم الشهيد الثّاني (- ره -) و مع القول به فدفع الدّور واضح لانّه (- ح -) لا يتوقّف ملكيّة له على بيعه (- أيضا -) هذا (- فت -) قوله طاب ثراه بانّ الفرض حصول القصد الى النّقل (- اه -) توضيحه ما في (- الروضة -) من انّ الفرض حصول القصد الى ملك المشترى و انّما رتّب عليه نقله ثانيا بل شرط النّقل ثانيا يستلزم القصد الى النّقل الأوّل لتوقّفه عليه و لاتّفاقهم على انّهما لو لم يشترطا ذلك في العقد صحّ و ان كان من قصدهما ردّه مع انّ العقد يتبع القصد و المصحّح له ما ذكرناه من انّ قصد ردّه بعد ملك المشترى له غير مناف لقصد البيع بوجه و انّما المانع عدم القصد الى نقل الملك إلى المشتري أصلا بحيث لا يترتّب عليه حكم الملك انتهى قوله طاب ثراه و استدلّ عليه في (- ئق -) (- اه -) قد سبق في ذلك صاحب الكفاية و هما قد استدلاّ بخبر علىّ بن جعفر المتقدّم (- أيضا -) و لعلّه سقط من قلم الماتن (- ره -) كما يشهد له تعرّضه له في مقام الجواب بقوله و امّا رواية علىّ بن جعفر فهي أظهر في اختصاص الحكم بالشراء الثاني (- إلخ -) و ربّما وقع الاستدلال في كلماتهم بوجهين اخرين أحدهما ما في مفتاح الكرامة و كشف الظّلام من التعلّق بإجماع الطّائفة و هو حجّة على من حصّله ثانيهما انّ الشرط المذكور فاسد لكونه مخالفا لمقتضى العقد و هو السّلطنة على البيع و تركه و الشرط الفاسد مفسد للعقد و فيه منع صغرى و كبرى أمّا الأولى فلمنع المنافاة لمقتضى العقد لان ذلك ليس سلبا للسّلطنة بل نفس اشتراط البيع تقرير للسّلطنة و إتقان لها كاشتراط عتق المملوك و امّا الثانية فلمّا مرّ تحقيقه في باب الشّروط من انّ الأظهر عدم فساد العقد بفساد الشّرط قوله طاب ثراه و قد يرد دلالتها (- اه -) قلت الرادّ هو صاحب الجواهر (- ره -) و العجب من مناقشة بعضهم في سندها (- أيضا -) مع انّ رجال السّند الى الحسين ثقاة و حسين حسن مضافا الى الاعتضاد بالشّهرة العظيمة و الإجماع المنقول قوله طاب ثراه و فيه ما لا يخفى (- اه -) (11) قد خفي ذلك علىّ و لم افهم وجه تأمّله في الجواب بعد عدم صراحة البأس في الحرمة فضلا عن الفساد و قد اعترف هو (- ره -) غير مرّة بانّ البأس في الاخبار أعمّ من الحرمة و الكراهة و انّه انّما يتعيّن لأحدهما بالقرينة مع انّه لو سلّم دلالته على الحرمة فهي أعمّ من الفساد بل لعلّ قول السّائل أ يحلّ قرينة على كون المراد الحرمة لا الفساد فما تسمع منه (- قدّه -) من دعوى انّ الحرمة المستفادة من الباس ليس إلاّ الحرمة الوضعيّة كما ترى (- فت -)

ص:214

جيّدا قوله طاب ثراه و قد ترد (- أيضا -) بتضمّنها (- اه -) هذا الرّاد (- أيضا -) هو صاحب الجواهر (- ره -) قوله طاب ثراه و قد يرد (- أيضا -) بانّ المستفاد من المفهوم (- اه -) هذا الرد (- أيضا -) من صاحب الجواهر و له (- قدّه -) و ردّ رابع و هو انّ ظاهر خبر علىّ بن جعفر هو اشتراط البيع بنقيصة بل لعلّه المراد من خبر ابن المنذر فالتّعدية إلى المساوي و الزائد تحتاج الى دليل و ثبوت إجماع معتدّ به هنا على عدم الفصل محلّ منع إذ لم يحك عن احد التعرّض لأصل الشرط المزبور قبل (- المصنف -) (- ره -) الاّ عن (- ظ -) خاصّة في باب المرابحة و لعلّه لذلك و غيره أومأ أوّل الشهيدين (- رهما -) الى التردّد في ذلك في المحكى من غاية المراد بقوله إن كان في المسئلة إجماع فلا بحث ثمَّ قال انّ المتّجه بناء على العمل بالنّصوص المزبورة الجمود عليها فلا يتعدّى لغير البيع من العقود و لا له إذا كان الثمن عينا في وجه أو كان الشرط بيعه من غير البائع أو نقله اليه لغير البيع و لا لاشتراطه في عقد أخر و نحو ذلك ممّا لا دلالة فيها عليه كي يتجه تخصيص عموم أدلّة الشروط بها و دعوى التنقيح مع عدم المنقّح كما ترى بل لو لا مخافة المخالفة لإجماع الأصحاب لأمكن حمل هذه النّصوص على الإثم بالاشتراط كما عرفت أو على ارادة مع شرط البيع بنقيصة لانّه كالحيلة في تربية الدّراهم أو غير ذلك انتهى قلت أو على الإرشاد إلى أداء الاشتراط الى وقوع البيع قهرا لا عن طيب النّفس و الرّضا و بالجملة فالاعتماد في الحكم المخالف لعمومات البيع و التّجارة و العقود و الشروط على مثل ذلك الخبر الغير الظّاهر في البطلان جرئة عظيمة قوله طاب ثراه و فيه انّ الحرمة المستفادة (- اه -) قد عرفت آنفا ما فيه و انّ الباس لا دلالة فيه على البطلان قوله طاب ثراه و امّا لكونه فاسدا غير مفسد لا يخفى عليك انّ مقتضى قواعد العربيّة عطف العبارة بأو إذ لم يسبق كلمة امّا في المعطوف عليه و هو قوله لعدم ذكر الشرط في العقد

القول في القبض

اشارة

قوله طاب ثراه و هو لغة الأخذ (- مط -) أو باليد أو بجميع الكفّ على اختلاف عبارات أهل اللّغة أقول قد نطق بالأوّل كلام الجوهري حيث قال في الصّحاح قبضت الشيء قبضا أخذته و القبض خلاف البسط و يقال صار الشيء في قبضك و قبضتك أي في ملكك الى ان قال القبضة بالضمّ ما قبضت عليه من شيء يقال أعطاه قبضة من سويق أو تمر اى كفى منه انتهى و مثله ما في المصباح المنير من قوله قبضت الشيء قبضا أخذته و هو في قبضته اى ملكه الى ان قال و قبض عليه بيده ضمّ عليه أصابعه انتهى و نطق بالثّاني عبارة الفيروزآبادي على ما استفاده منها محبّ الدّين في تاج العروس حيث قال مازجا بالقاموس ما لفظه قبضه بيده يقبضه تناوله بيده ملامسة كما في العباب و هو أخصّ من قول الجوهري قبضت الشيء قبضا أخذته و يقرب منه قول اللّيث القبض جمع الكفّ على الشيء و قيل القبض الأخذ بأطراف الأنامل و هذا نقله شيخنا و هو تصحيف و الصّواب انّ الأخذ بأطراف الأنامل هو القبض بالصّاد المهملة انتهى ما في التّاج و نطق بالثالث كلام ابن الأثير حيث قال في نهايته القبض الأخذ بجميع الكف انتهى و أقول قد يقال انّ كلام من أطلق القبض في الأخذ يرجع الى دعوى العلم باستعماله في مطلق الأخذ و التقييد يرجع الى نفى العلم بالاستعمال في الأخذ بغير اليد فيقدّم قول مدّعى العلم على نافى العلم و قد يجاب بإرجاع الإطلاق إلى العلم باستعماله في المطلق و التقييد الى العلم بعدم كونه حقيقة إلاّ في الأخذ باليد و مطلق الاستعمال أعمّ من الحقيقة و المجاز فيقدّم قول من قيّد و التحقيق انّ القبض في اللّغة بمعنى مطلق الأخذ و انّ التقييد باليد و الكفّ بالنّظر الى غالب استعمالاته و قول الجوهري الّذي هو أضبط كاف في تأييد ما قلناه و استفاده محبّ الدّين التقييد بكونه باليد من عبارة ماتنه خطاء ضرورة انه لو كان الكون باليد مأخوذا في معنى القبض لكان يقول قبضه يقبضه تناوله بيده فقوله قبضه بيده تناوله بيده صريح في انّ الكون باليد غير مأخوذ في مفهوم القبض فلا مخالفة بين كلامه و كلام الجوهري و لا أخصيّته كما زعمه الشارح فلا تذهل

مسألة القول في ماهية القبض و بيان حقيقته
اشارة

قوله طاب ثراه بعد اتفاقهم على انّها التخلية في غير المنقول (- اه -) قد ادّعى الإجماع على انّ القبض فيما لا ينقل كالعقار و الأراضي و البساتين و المزارع و نحوها هو التخلية في الغنية و التنقيح و الرّياض و محكي كشف الرموز و ظاهر (- ف -) و في محكي مجمع الفائدة انّه لا يبعد عدم النّزاع في الاكتفاء بالتخلية فيما لا ينقل خصوصا في سقوط الضّمان و يأتي بيان المراد بالتخلية عند اشارة الماتن (- ره -) الى تفسيرها عن قريب (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه صرّح به المحقّق في (- يع -) (- اه -) قد صرّح به في (- فع -) (- أيضا -) و عزاه في (- لف -) الى القيل و في (- عد -) إلى رأي قوله طاب ثراه و عن التنقيح نسبته الى (- ط -) (- اه -) قد خطأه في نسبة ذلك الى (- ط -) سيّدنا في مفتاح الكرامة نظرا إلى عبارة (- ط -) الاتية و لكن في الخطاء نظر لاحتمال انّ الفاضل المقداد عثر على ما عزاه إليه في مقام أخر من (- ط -) و على اىّ حال فقد احتجّ لهذا القول بوجوه الأوّل ما في التنقيح من انّه استعمل في التخلية إجماعا فيما لا ينقل و لا يحوّل فيجب ان يكون (- كك -) في غيره و يكون حقيقة في هذا المعنى إذ لو استعمل في المنقول بمعنى أخر لكان امّا حقيقة فيهما فيلزم الاشتراك أو مجازا في الأخر فيلزم المجاز و كلاهما على خلاف الأصل و اليه يرجع ما في محكي كشف الرّموز من انّ لفظ القبض في اللّغة هو الأخذ باليد و نقل في الشرع إلى التخلية في العقارات و الأرضين إجماعا و في غيره خلاف فتنزيله على الحقيقة الشرعيّة أرجح لأنّ اللّفظ إذا دار بين الحقيقة اللّغويّة و الشرعيّة فالترجيح لطرف الشرع انتهى و ردّ بانا لا نسلّم انّه نقل في الشّرع إلى التخلية في غير المنقول بل هي فيه ممّا توافقت عليها الحقائق الثلاثة إذ وضع اليد على الكلّ متعسّر بل متعذّر و كون البعض كافيا و قبضا عرفا غير ظاهر و لا يمكن غير الوضع سلّمنا و لكن معيار الحقيقة الشرعيّة هو ان يكون معروفا عند المتشرّعة بذلك المعنى لا ما إذا كان الأمر بالعكس قلت لعمري انّى لأقضي العجب من كلام كاشف الرّموز فإنّه قد اعترف بانّ القبض في اللّغة هو الأخذ باليد و ادّعى انّ موضع النّقل عنه شرعا هو العقار و الأرضون و لازم ذلك الرّجوع في غير مورد النّقل الى المعنى اللّغوي و الحقيقة الشرعيّة و إن كانت مقدّمة على اللّغويّة الاّ انّ الحقيقة الشرعيّة هنا في غير العقار غير موجودة كي تعارض الحقيقة العرفيّة و تترجّح عليها فقوله اللّفظ إذا دار بين الحقيقة اللّغويّة و الشرعيّة فالترجيح لطرف الشرع مسلّم لكن لا حقيقة شرعيّة هنا كما لا يخفى الثاني أصالة البراءة بالنّسبة إلى ضمان البائع المبيع و العمومات بالنّسبة إلى التقابض و أنت خبير بانّ استصحاب الضمان الى ان يحصل اليقين بوجود سبب الارتفاع حاكم على أصالة البراءة و التمسّك بالعمومات في تميز الشّبهات المصداقيّة محلّ كلام الثّالث ما في مفتاح الكرامة من انّ الإقباض و التقبيض و القبض و التسليم الواجب على البائع ليس هو النّقل الّذي هو فعل المشترى و لا وضع اليد و القبض بها لانّ ذلك فعل المشترى فلا معنى لإيجابه على البائع إذ لا يجب عليه على الظّاهر ان يأخذ بيد المشترى و يضعها على المبيع و لا يجب عليه كيله إن كان مكيلا و قد كان كاله بحضوره و علمه و انّما تجب عليه التّخلية و هي رفع يده عنه و الاذن له في القبض مع عدم

ص:215

المانع بحيث يسهل عليه قبضه بسرعة عرفا فكانت هي المعتبرة في سقوط الضّمان عن البائع (- مط -) و ذلك هو الّذي ينبغي ان يعقل و لا ينبغي ان يكون محلّ النزاع كما هو الشّأن في سائر الحقوق و قد صرّحوا بانّ الغاصب إذا وضع المغصوب عند المالك بحيث يسهل عليه تناوله تبرء ذمّته و (- كك -) الحال في المواريث و سائر الأموال المشتركة بعد قسمتها و تمكين صاحبها منها و رفع المانع عنها بل قيل انّ ذلك جار في الدّيون الى ان قال بل صرّحوا في هذا المقام (- أيضا -) انّه جعل أمر المبيع اليه و مكّنه منه فلم يأخذه لا ضمان عليه أي البائع الى ان قال و قد يستشهد له بقولهم في باب الغصب بتحقّق إثبات اليد و الغصب في الدابّة بركوبها و هي واقفة و الفراش بالجلوس عليه من دون نقل كما أيّده بذلك الشّهيد (- ره -) في حواشيه و قال المحقّق الثاني (- ره -) لا ينحصر ذلك في الدابّة و الفراش و لا يبعد ان يكون الاستيلاء في كلّ شيء بحسبه و هو الظّاهر من غصب (- كرة -) انتهى و أقول انّ ما ذكره انما ينفع على فرض التماميّة في جريان الأحكام المترتّبة على قبض البائع على التّخلية و لا مساس لذلك بإثبات كون القبض كلّية هو التّخلية ليترتّب عليها جميع احكام القبض حتّى المتوقّف منها على فعل المشترى كما هو المدّعى فالدّليل على فرض تماميّة أخصّ من المدّعى كما هو واضح قوله طاب ثراه الثّاني انّه في المنقول النّقل (- اه -) هذا هو الّذي عزاه في (- عد -) إلى راى و في مفتاح الكرامة إلى المحقّق الثاني (- ره -) في (- مع صد -) و استقربه الشيخ فخر الدّين (- ره -) في الإيضاح حاكيا له عن بعض متقدمي الأصحاب تارة و عن والده في (- لف -) اخرى و سيظهر لك انّ قول والده في (- لف -) غير ما عزاه اليه و ربّما استظهر في مفتاح الكرامة من الإيضاح نسبة ذلك الى (- ط -) و القاضي و ابن حمزة ثمَّ خطّائه في ذلك و من لاحظ الإيضاح و علم جعله قول الشيخ (- ره -) و من تبعه قسيما للقول المذكور ظهر له انّ الاشتباه من قلم المستظهر فكيف كان فحجّة هذا القول أمور الأوّل قضاء العرف بذلك و من عادة الشّرع ردّ النّاس الى ما يتعارفونه من الاصطلاحات فيما لا ينصّ على مقصوده باللّفظ تمسّك به في (- لف -) للقول الّذي اختاره و ولده لما اختار القول الثّاني و ظنّ موافقة والده في (- لف -) له احتجّ بما احتجّ به و أنت خبير بما في قضاء العرف بذلك من النّظر الثّاني استصحاب عدم ترتّب آثار القبض ما لم يحصل النّقل في المنقول و الكيل و الوزن في المكيل و الموزون قلت هذا حسن ان لم تتمّ شهادة العرف بحصول القبض بدون النّقل و الكيل و الوزن و الاّ كان ذلك رافعا للشكّ المأخوذ في موضوع الاستصحاب الثالث خبر ان استدلّ بكلّ منهما على جزء من المدّعى فاستدلّ على اعتبار النّقل في المنقول بما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال عن عقبة بن خالد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في رجل اشترى متاعا من رجل و أوجبه غير انّه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال أتيتك غدا (- إن شاء الله -) (- تعالى -) فسرق المتاع من مال من يكون قال من مال صاحب المتاع الّذي هو في بيته حتّى يقبض المتاع و يخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمتاع ضامن لحقّه حتّى يردّ ماله اليه قال في (- لف -) في تقريب الاستدلال انّه عليه السّلام جعل النّقل قبضا لانّه علّل زوال الضّمان به و لا خلاف في انّه معلّل بالقبض فكان هو القبض انتهى و استدلّ على اعتبار الكيل و الوزن في المكيل و الموزون بالصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن علىّ بن النّعمان عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرّجل يبيع البيع قبل ان يقبضه فقال ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتّى تكيله أو تزنه الاّ ان تولّيه الذي قام عليه و التّقريب على ما في (- لف -) انّه جعل عليه السّلام الكيل و الوزن قبضا للإجماع على تسويغ بيع الطّعام بعد قبضه و الجواب امّا عن الخبر الأوّل فأوّلا بضعف السّند مع عدم الجابر و ثانيا بأن غاية ما يدلّ عليه الخبر انّه يعتبر في انتقال الضّمان من البائع إلى المشتري نقل المتاع و إخراجه من بيت البائع و ليس فيه تفسير القبض بأنّه عبارة عمّا ذا ليكون هو المدار في أحكام القبض مع انّ ظاهر الخبر ممّا لا يقول به احد من اعتبار الإخراج من البيت في انتقال ضمان المبيع من البائع إلى المشترى فان قلت انّ الإخراج من البيت في الرّواية نظير الإخراج من اليد كناية عن رفع اليد و التخلية للمشتري حتّى لا يبقى من مقدّمات الوصول إلى المشتري إلاّ ما هو من فعله قلت على ما ذكرت (- أيضا -) لا تدلّ الرّواية على كون القبض هو النّقل بل لازم ما ذكرت كونه التخلية و رفع الموانع من استيلاء المشترى عليه فان قلت انّ الإجماع منعقد على ارتفاع الضّمان عن البائع بالقبض و عدم ارتفاعه بغيره فلو لم يكن نقله قبضا و قبضه نقله لما توقّف انتقال الضّمان إلى المشترى على ذلك في الرّواية غاية ما هناك صرف الإخراج عن البيت إلى إرادة إخراجه عن اليد و الاستيلاء دون النّقل قلت هذا اعتراف منك بدلالة الرّواية على كفاية إخراج البائع المبيع عن يده و لا نعني بالتّخلية إلاّ ذلك و امّا عن الخبر الثّاني فهو انّ غاية ما يدلّ عليه انّ البيع قبل القبض لا يجوز حتّى يكيله أو يزنه و هو لا يستلزم كون القبض ذلك بشيء من الدّلالات الثلث فان قلت نستفيد ذلك بضميمة ملاحظة السؤال قلنا انّه اى مانع من ان يسئل السّائل عن انّه هل يجوز البيع قبل القبض فيجب عليه السّلام بأنّه لا يجوز بدون الكيل بل لا بدّ من الكيل الذي يتحقّق في ضمنه القبض و لا بدّ من القبض و شيء أخر فإن قلت ان منشأ الدّلالة فيه انعقاد الإجماع على مرجوحيّة البيع قبل القبض و ان اختلفوا في انّه على الكراهة أو التّحريم مع ظهور الصحيح في عدم المرجوحيّة (- مط -) في البيع و ما ذلك الاّ لكون الكيل أو الوزن قبضا فيكون نفس الإجماع المذكور شاهدا على الدّلالة و ما قد يتوهّم من انّه لعلّه كما ترتفع المرجوحيّة بالقبض فكذا ترتفع بالكيل و الوزن عملا بالرّواية في الثاني مدفوع أمّا أوّلا فبأنّ ظاهر مطابقة الجواب للسّؤال تعيّن ان يكون هذا قبضا و المنكر مكابر و امّا ثانيا فلأنّه لو كان غير القبض يقوم مقامه و ليس منه لنبّهوا عليه فسكوت الكلّ منه قاض بأنّهم ما فهموا من الرّواية إلاّ كون الكيل قبضا قلنا انّ مرجوحيّة البيع قبل القبض لا تستلزم ما ذكره بعد كون الكيل أعمّ من القبض فاذا حصل الكيل فقد حصل القبض و زيادة فلا يبقى سبب للمرجوحيّة لا أقول ان المرجوحيّة ترتفع بالكيل تعبّدا للخبر المذكور بل لحصول القبض و هو التّخلية في ضمن الكيل و مطابقة الجواب للسّؤال لا تقتضي كون الكيل قبضا كما ادّعاه بل تدلّ على كفاية الكيل و ذلك كما يمكن ان يكون لأجل كون الكيل قبضا يمكن ان يكون لكونه قبضا و زيادة كما هو واضح قوله طاب ثراه الثالث ما في (- س -) (- اه -) حجّة هذا القول امّا على اعتبار النّقل في الحيوان و الوضع في اليد في الثوب فالعرف امّا على اعتبار الكيل و الوزن و العد فيما يعتبر في بيعه ذلك فصحيحة معاوية المزبورة مع إلحاق المعدود بالمكيل و الموزون نظرا إلى إلحاقه بهما في عدم صحّة بيعه بالمشاهدة و انّه لا بدّ من اعتباره لعدم القول هناك بالفرق أصلا كما في (- لك -) و غيره و الجواب منع قضاء العرف بالفرق بين الحيوان و غيره و منع دلالة الصّحيحة عليه كما مرّ و منع الإلحاق لكونه قياسا قوله طاب ثراه و عن (- ف -) قال في

ص:216

(- ف -) القبض فيما عدى العقار و الأرضين نقل المبيع الى مكان أخر و به قال الشافعي و قال أبو حنيفة القبض هو التخلية في جميع الأشياء انتهى و في (- الروضة -) انّ هذا القول أجود الأقوال قلت و حجّته أمور الأول ما تمسّك به في (- ف -) بقوله متّصلا بعبارته المذكورة دليلنا انّ ما اعتبرناه لا خلاف انّه قبض و ما ادّعوه لا دليل على ثبوته قبضا انتهى قلت لعل مراده التعلّق باستصحاب عدم حصول القبض ما لم ينقل و استصحاب عدم ترتّب احكام القبض ما لم يحصل اليقين بحصول القبض بالنّقل و قد نبّهنا آنفا على جوابه و انّه انّما ينفع لو لم يثبت كون القبض حاصلا بما دون النّقل الثاني ما في الغنية من إجماع الفرقة حيث قال و القبض فيما لا يمكن نقله التخلية و رفع الخطر و كذا حكم ما يمكن ذلك فيه ممّا يتّصل بها من الشجر و ثمره المتّصل به و البناء و فيما عدى ذلك التحويل و النّقل كلّ ذلك بدليل إجماع الطائفة انتهى و حجّيته مقصورة على مدّعيه الثّالث ما في (- الروضة -) من قضاء العرف بذلك حيث قال مازجا باللّمعة و القبض في المنقول كالحيوان و الأقمشة و المكيل و الموزون و المعدود نقله و في غيره التّخلية بينه و بينه بعد رفع اليد عنه و انّما كان القبض مختلفا (- كك -) لانّ الشارع لم يحدّه فيرجع فيه الى العرف و هو دليل على ما ذكر انتهى و أقول انّ النّقل و إن كان موجبا لصدق القبض عرفا الاّ انّ مجرّد ذلك لا يجدي في إتمام مطلوبه بل عليه إثبات عدم حصول القبض عرفا بما دون النّقل و انّى له ذلك فانا نرى بالوجدان صدق القبض عرفا بما دون النّقل كالأخذ باليد و نحوه كما لا يخفى قوله طاب ثراه الخامس ما في (- ط -) (- اه -) قال في (- ط -) ما لفظه و كيفيّة القبض ينظر في المبيع فإن كان ممّا لا ينقل و لا يحوّل فالقبض فيه التخلية و ذلك مثل العقار و الأرضين و إن كان ممّا ينقل و لا يحوّل فإن كان مثل الدّراهم و الدّنانير و الجوهر و ما يتناول باليد فالقبض فيه هو التّناول و إن كان مثل الحيوان كالعبد و البهيمة فإنّ القبض في البهيمة ان يمشى بها الى مكان أخر و في العبد ان يقيمه الى مكان و إن كان اشتراه جزافا كان القبض فيه ان ينقله من مكانه و ان اشتراه مكايلة فالقبض فيه ان يكيله انتهى و قد حكى هذا القول عن القاضي (- أيضا -) و اختاره في (- شاد -) و التنقيح و المهذّب البارع و محكي (- ير -) و موضع من (- كرة -) بل في المهذّب البارع و محكي غاية المرام و إيضاح (- فع -) و المقتصر انّه المشهور بين الأصحاب و أنت خبير بما في دعوى الشهرة في مثل هذه المسئلة الشهيرة بالخلاف و الإعضال من قديم الدّهر مع تشتت الأقوال من سابق العصر و كيف كان فحجّة هذا القول قضاء العرف بذلك و كلّ لفظ في الخطابات لم يعلم فيه مراد الشّارع فالمرجع فيه العرف لانّه تعالى لم يرسل رسولا الاّ بلسان قومه تمسّك بذلك و بالشهرة في المهذّب البارع و الشهرة ممنوعة و انطباق العرف على مدّعاهم باعتبار التناول في قبض ما يتناول و النّقل في قبض ما يحوّل و الكيل و الوزن في المكيل و الموزون ممنوع قوله طاب ثراه و زاد في الوسيلة (- اه -) قال في الوسيلة القبض يختلف باختلاف المبيع فقبض ما يمكن تناوله باليد التناول و قبض الحيوان الاستياق الى مكان أخر و قبض المماليك إقامتها في موضع أخر و قبض المكيل و الموزون الكيل و الوزن و المعدود العد و ما بيع جزافا فالنّقل و قبض الأرضين و العقارات التخلية بين المتاع و بينها انتهى قوله طاب ثراه و نسب عبارة (- يع -) (- اه -) اى عبارته في نقل هذا القول و نسبته الى القيل و النّاسب هو ابن فهد و غيره ممّن سمعت قوله طاب ثراه السّابع ما في (- لف -) (- اه -) ربّما حكى هذا القول عن المحقّق الثاني في تعليق (- شاد -) و حجّته هي ما تقدّم حجّة للقول الثاني حرفا بحرف و أنت خبير بكون ذلك أخصّ من مدّعاه لانّه اكتفى في المنقول بالنّقل و الأخذ باليد فيبقى اكتفائه بالأخذ باليد غير مشمول للدّليل فكان عليه إتمام حجّته بالتعلّق في كفاية الأخذ باليد بقضاء العرف بذلك قوله طاب ثراه الثامن انّها التّخلية (- اه -) حجّة هذا القول امّا على كون القبض بالنّسبة إلى انتقال الضّمان إلى المشتري التخلية فالوجه الثالث من أدلّة القول الأوّل و امّا على عدم كونه بالنّسبة إلى النّهي عن بيع ما لم يقبض فاستصحاب المنع الى ان يحصل اليقين بالجواز بالنّقل أو استيلاء اليد أو نحو ذلك ثمَّ انّ هناك قولين اخرين لم ينقلهما الماتن (- ره -) أحدهما انّه في غير المكيل و الموزون الاستقلال و الاستيلاء عليه باليد و فيهما الكيل و الوزن قوّاه في (- لك -) و حجّته تظهر بنقل كلامه قال (- ره -) و الأجود الرّجوع في معناه الى العرف في غير المنصوص و هو المكيل و الموزون لأنّ القاعدة ردّ مثل ذلك اليه حيث لم يرد له تحديد شرعي و العرف يدلّ على انّ إقباض غير المنقول يتحقّق بالتّخلية مع رفع يد البائع عنه و عدم مانع للمشتري من قبضه و امّا في المنقول فلا يتحقّق الاّ باستقلال يد المشترى به سواء نقله أم لا و كذا في طرف البائع بالنّسبة إلى المثمن و هذا مطّرد في المكيل و الموزون و غيرهما إلاّ أنّهما خرجا عنه بالنصّ الصحيح فيبقى الباقي و هذا هو الأقوى انتهى و أنت قد عرفت ما في دلالة الصّحيح من المناقشة بل المنع الظّاهر ثانيهما انّه لا يفسّر بشيء بل يرجع في كلّ شيء إلى العرف اختاره الفاضل الكاشاني في المفاتيح و حجّته انّ لفظ القبض من الموضوعات المستنبطة و لا ريب في انّ المرجع فيها هو العرف و لا يخفى عليك انّ ما ذكره و إن كان حقّا الاّ انّ مرجعه الى التوقف في المسئلة ضرورة انّ كون المرجع فيها هو العرف و اللّغة ممّا لا يخفى على احد و انّما النزاع في تميز العرف و تشخيصه ليكون مرجعا في الفروع و منجيا من الإشكال و الّذي ينبغي ان (- يق -) هو انّه لا ريب و لا إشكال في كون القبض موضوعا لجملة من الأحكام الشّرعيّة و المسائل الفرعيّة كانتقال ضمان المبيع إلى المشترى به ان لم يكن له خيار و كون الضّمان قبله على البائع و جواز بيع ما اشتراه بعد القبض (- مط -) و تحريمه أو كراهته على بعض الوجوه قبله و امتناع فسخ البائع بتأخير الثمن و تشخيص ما في الذمّة و غير ذلك من احكام البيع و الرّهن و الصّدقة و الهبة و النّذر و غير ذلك ممّا يقف عليه الخبير المتدرّب في الفقه و من البيّن اللاّئح انّ المرجع في الألفاظ الدائر مدارها الحكم هو العرف و اللّغة و اللّغة فقط انّ فقد العرف أو اضطرب لانّ اللّه تعالى لم يرسل رسولا الاّ بلسان قومه و اصطلاح أمّته الاّ ان يكون له اصطلاح خاصّ و الفرض هنا عدمه و قد سمعت من أهل اللّغة التّصريح بانّ القبض هو الأخذ كما عرفت خطاء من زعم تقيّد القبض بكونه باليد فاذا كان القبض من القابض الأخذ كان الإقباض عبارة عن الإعطاء و إيجاد مقدّمات الأخذ برفع اليد عنه و الاذن في الأخذ مع عدم المانع بحيث يسهل عليه قبضه بسرعة عرفا فالاقباض في كلّ شيء هو رفع اليد و الإذن في الأخذ مع عدم المانع و (- ح -) فيكون تخليته في غير المنقولات و الإذن للمشتري في التصرّف إقباضا و تصرّف المشترى و لو بأخذ مفتاح الدار قبضا و رفع اليد عن غير المنقول و الإذن في الأخذ إقباضا و ادنى التصرّف قبضا و هكذا في الدابّة و غيرها رفع اليد بفكّها من القيد اقباض و التصرّف أخذ و بالجملة فالاقباض عبارة عن الإعطاء و القبض عبارة عن الأخذ و الإعطاء و الأخذ من المفاهيم الواضحة عند أهل التّحاور فما ترتّب على الإقباض من الأحكام يترتّب على ما صدق

ص:217

عليه عرفا أخذ الشيء و ما يترتّب على القبض يترتّب على ما صدق عليه الأخذ عرفا من غير اعتبار الكون باليد في شيء منهما و على ذلك يساعد العرف (- أيضا -) عند إمعان النّظر و إنعام الفكر ثمَّ انّ ما حرّرناه و افدناه أوضح و اجلى ممّا افاده شيخنا و مولانا العلاّم في جواهر الكلام و إن كان ما سطره (- أيضا -) من غوالي اللّئالي قال الّذي في النّفس انّ المراد به في جميع المقامات التي اعتبره الشارع في صحّتها أو لزومها أو غيرهما من الأحكام تحويل السّلطنة العرفيّة من المنقول منه الى المنقول اليه سواء حصل له السّلطنة الشرعيّة قبله بالعقد كما في البيع و نحوه أو لا كالوقف و الهبة و نحوهما و لا ريب في حصولهما بالتّخلية في عين المنقول بمعنى رفع المنافيات للمنقول اليه مع رفع يد النّاقل و الإذن منه ضرورة صيرورته بذلك كالنّاقل في قبضه لعقاره و لا يحتاج (- ح -) وصول المنقول اليه بنفسه أو وكيله الى المنقول أو تصرّفه فيه بل لا يحتاج الى مضىّ زمان و إن كان بعيدا عن المنقول اليه لصدقها بدونه قطعا كصدق دخوله في قبضته و استيلائه و تحت يده بذلك كالمنقول منه و ليس الإذن المزبور لتوقّف جواز قبض المشترى للمبيع عليها كي يرد بأنّه لا دليل عليه بعد ان ملكه بالعقد بل لتوقّف تحقّق التّخلية المعتبرة في حصول السّلطنة العرفيّة في مثله عليها و الاّ فالأقوى عدم اعتبار الإذن فيما كان قبضه بغير التخلية حيث لا يكون له الحبس ليسلم الثمن أو المثمن نعم هي معتبرة حيث يكون له ذلك على الوجه الذي عرفته سابقا و كذا لا ريب في حصولها في المنقول بالاستيلاء على العين استيلاء يستطيع به النّقل و الأخذ و غيرهما من أحوال المالك من غير حاجة الى وقوع ذلك منه فعلا ضرورة صدق تحقّق المراد من القبض بطرح العين بين يدي المنقول اليه على وجه يتمكّن من الفعل فيها كيف يشاء نقلا و أخذا و نحوهما إذ ليست أمواله التي بيده و يصدق عليها انّها مقبوضة له و تحت قبضته و في يده الاّ (- كك -) من غير حاجة الى المماسة و التصرّف الحسيّين و ليس ذلك كالتّخلية المزبورة في غير المنقول إذ من الواضح الفرق بين تحقّق السّلطتين عرفا في ذلك فإن أراد القائل بالتخلية (- مط -) ما يشمل ذلك بدعوى انّها في المنقول غيرها في غيره فمرحبا بالوفاق هذا ما أهمّنا من كلامه زيد في إعلاء مقامه بقي هنا أمور ينبغي التعرّض لها لعدم تنبيه الماتن (- ره -) عليها الأوّل انه لو كان المبيع بيد المشترى قبل البيع فهل يتوقّف تحقّق القبض على تجديد الإذن أم لا وجوه أحدها التوقّف (- مط -) نظرا الى انّ تحقّق القبض (- ح -) ممّا لا بدّ له من سبب من تخلية أو تسليم أو نحو ذلك و الكل حاصل فانحصر السّبب في الإذن الجديد و فيه ما عرفت من عدم توقّف القبض و لا التخلية على الإذن بالمعنى المصطلح و انّما يتوقّف على الأعلام حيث لا يكون المشترى عالما بالخلوّ فاذا كان في يده انتفى موضوع الأعلام و الأصل عدم اشتراط الاذن بالمعنى المصطلح ثانيها عدم التوقّف (- مط -) نظرا الى انّ القبض و التخلية حاصلان قبل العقد و تحصيل الحاصل محال و كون التصرّف السّابق على العقد غير مشروع في صورة كون القبض بغير اذن لا يخرجه عن كونه قبضا غاية ما هناك انّه قبل العقد كان قبضا محرّما فيتحقق الملكيّة عاد مباحا و ذلك حكم تكليفي لا ربط له بالحكم الوضعي ثالثها التفصيل بين ما لو كان القبض السّابق على البيع بإذنه و بين ما لو كان بغير اذنه بالتوقّف على الإذن الجديد في الثّاني دون الأوّل احتمل ذلك في (- لك -) حيث قال لو كان المبيع بيد المشترى قبل الابتياع فإن كان بغير اذن البائع فلا بدّ من تجديد الاذن في تحقّقه بالنّسبة إلى دفع التحريم أو الكراهة و امّا بالنّسبة إلى نقل الضّمان فيحتمل قويّا تحقّقه بدونه كما لو قبضه بعده بغير اذن البائع و يحتمل توقّف الأمرين على تجديده لفساد الأوّل شرعا فلا يترتّب عليه اثر و لو كان بإذنه كالوديعة و العارية لم يفتقر الى تجديد اذن و لا تخلية انتهى و أنت خبير بانّ العقد مشتمل على الإذن الشرعيّة فيكون إقباضا و استمرار المشترى على يده قبضا و لا دليل من نصّ أو إجماع على اعتبار ما زاد على ذلك فالأصل عدم الاعتبار و ما دلّ بإطلاقه على الاعتبار منصرف الى ما إذا كان المبيع حين بيعه بيد المشترى فما دلّ على انّ المبيع إذا تلف قبل قبضه فهو من مال البائع مخصوص بما إذا تلف و كان بعد بيد البائع و كذا ما دلّ على مرجوحيّة بيع المكيل قبل قبضه مخصوص بذلك و الى ما ذكرنا أشار في الجواهر بقوله لا وجه لاعتبار الاذن في المنقول حيث لا يكون له الحبس كما لو باعه بثمن في ذمّة البائع مثلا لانتقاله الى ملكه بالعقد و الغرض انّه في يده و في قبضته و كون اليد سابقا عدوانا لا ينافي انتقال استمرارها الى غير العدوان و ليس ذا كالقبض المتوقف صحّة العقد عليه فانّ اعتبار الإذن في ذلك (- مط -) متّجه بخلاف المقام المتّجه فيه على الظّاهر عدم الفرق ثمَّ نبّه على نكتة بقوله نعم لا ببعد بقاء حق الحبس له إذا لم يكن الثمن واصلا اليه فيحرم عليه التصرّف بناء على اقتضائه ذلك و يبقى له الخيار بعد الثّلثة امّا انتقال الضّمان و زوال الحرمة و الكراهة فالوجه تحقّقها به لصدقه و دعوى ارادة الصحيح منه بدعوى انّه يشترط فيه شرعا الإذن و بذلك ينقسم (- ح -) الى الصّحيح و الفاسد دعوى في دعوى لا شاهد على شيء منهما خصوصا مع انّ الأخذ ضمان المشترى (- فت -) انتهى و أراد بأصالة ضمان المشترى استصحاب الضّمان الثابت عليه بالأخذ قبل التملّك بغير اذن المالك و لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو الإشارة إلى تبدّل الموضوع الموجب لعدم جريان الاستصحاب نعم يثبت ضمانه له بانتقاله اليه و كونه في يده فتدبّر جيّدا و ربّما احتمل بعض مشايخ العصر (- قدّه -) في اعتبار تجديد الإذن فيما يتوقّف تأخير العقد و لزومه على القبض وجوها ثالثها اعتباره فيما يتوقّف صحّته عليه ثمَّ نفى البعد عن عدم الاعتبار (- مط -) ان لم يكن إجماع على عدمه لحصول الشرط عرفا الاّ مع الجهل و ما نفى عنه البعد قريب جدّا (- فت -) جيّدا الثّاني انه لو كان المبيع مشغولا بملك البائع فلا يخلو اما ان يكون منقولا كالصندوق المشتمل على أمتعة البائع أو يكون غير منقول كالدار المشتملة على الأمتعة امّا في الأوّل فيكفي في قبضه على ما اخترناه أخذه مشغولا بأمتعة البائع و على ما اختاره صاحب الجواهر (- ره -) حصول السّلطنة عليه (- كك -) و على القول بالنّقل نقله (- كك -) و بالجملة فيكفي القبض على التفاسير قبل التفريغ في نقل الضّمان و غيره حتى مع عدم اذن البائع في نقل الأمتعة ضرورة ان المتوقّف عليه صحّة القبض انّما هو الإذن في نقل المبيع ان لم يدفع المشترى الثمن و الاّ لم يتوقّف صحّة القبض على اذن البائع في نقل المبيع (- أيضا -) و على اىّ حال فاذا كان قبضه للمبيع صحيحا لم يمنع من ترتّب احكامه عليه حصول اثم في ضمنه و هو التصرّف في أمتعة البائع بنقل الصّندوق من غير اذنه و احتمل في (- لك -) توقف انتقال الضّمان إلى المشتري فضلا عن غيره من احكام القبض على اذن البائع في نقل الأمتعة (- أيضا -) بناء على كون القبض النقل و أنت خبير بأنّه ممّا لا شاهد عليه و امّا الثاني فالحال كما في الأوّل بل هو أوضح لعدم توقّف القبض على النّقل لعدم إمكانه فبمجرّد استيلاء المشترى عليه يتحقّق القبض و يجرى عليه احكامه و احتمل في (- لك -) هنا (- أيضا -) عدم الاكتفاء بالتّخلية و ردّه في الجواهر بأنّه أضعف من سابقة الثالث انّه لو كان المبيع مشتركا بين البائع و غيره ففي (- لك -) انه على ما اخترناه و إن كان منقولا فلا بدّ من اذن الشريك في تحقّق القبض لتوقّفه على إثبات اليد و التصرّف في حصّة الشّريك و إن كان غير منقول ففي توقّفه عليه قولان أجودهما

ص:218

العدم لأنّ حقيقة قبض ما هذا شانه رفع يد المالك عنه و تخلية المشترى بينه و بينه و هذا لا يقتضي التصرّف في مال الشّريك و وجه الاشتراط انّ وضع اليد و التسلّط على التصرّف لا يمكن بدون التصرّف في حصّة الشّريك ثمَّ قال و على تقدير التوقّف على اذنه بوجه فان اذن الشّريك فيه و الاّ نصب الحاكم من يقبضه اجمع بعضه امانة و بعضه لأجل البيع و اختار العلاّمة (- ره -) في (- لف -) الاكتفاء (- ح -) بالتخلية لأنّ المانع الشرعي من النقل كالمانع العقلي في العقار ذكر ذلك في باب الهبة و الحكم واحد بل فيها أقوى انتهى قلت لا يخفى عليك انّ المتوقّف على اذن الشّريك انّما هو جواز القبض لا صحّته و ترتّب الأثر لما نبّهنا عليه آنفا من انّ حصول اثم في ضمنه لا يمنع من حصول القبض عرفا و شرعا المستلزم لترتّب اثاره عليه بل قد يقال بتحقّقه و ان لم يحصل له النّقل الحسّي بل بمجرّد حصول سلطنة البائع له و هي تامّة و المنع من جهة الشّريك أمر خارج عنها لا ينافي تسلّط المشترى على ذلك كتسلّط البائع فما صدر منه (- ره -) من إيقاف حصول القبض على اذن الشّريك لا وجه له بل القبض حاصل و القابض مع عدم الإذن آثم فاسق و (- ح -) فان وقع التشاحّ بينه و بين الشريك في استيفاء المنفعة رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي و أصلح بينهما بالصّلح أو القسمة و من هنا ظهر انّ الحال في غير المنقول أوضح و حصول القبض بتخلية البائع و تصرّف المشتري أجلي و كون التصرّف و السّلطنة من غير اذن الشّريك لا يقدح في تحقّق القبض و ان أوجب الإثم من حيث استلزام وضع المشترى يده متضمّنا للتصرّف في حصّة الشّريك نعم ما ذكره بعد ذلك من انّه مع امتناع الشّريك من الإذن بنصب الحاكم من يقتبضه اجمع بعضه امانة و بعضه لأجل البيع متين كما هو الحال في كلّ ممتنع من أداء حقّ غيره لكن ذلك انّما هو لاستباحة القبض لا لأصل تحصيله فلا تذهل الرّابع انّه قال في (- لك -) لو كان المبيع في مكان لا يختصّ بالبائع كفى في المنقول نقله من حيّز الى أخر و إن كان في موضع يختصّ به فان نقله من مكان إلى أخر بإذنه كفى (- أيضا -) و إن كان بغير اذنه كفى في نقل الضّمان خاصّة كما مرّ و لو اشترى المحلّ معه كفت التخلية في البقعة و فيه وجهان أصحّهما الافتقار الى النّقل كما لو انفرد بالبيع و لو أحضره البائع فقال له المشترى ضعه ففعل تمَّ القبض لأنّ البائع (- ح -) كالوكيل فيه و ان لم يقل شيئا أو قال لا أريده ففي وقوعه بذلك وجهان و ينبغي الاكتفاء به في نقل الضّمان كما لو وضع المغصوب بين يدي المالك دون غيره انتهى و أقول امّا ما ذكره أوّلا من التفرقة بين ما لو كان المكان مختصّا بالبائع و بين ما لو كان مختصّا بغيره بكفاية النّقل من حيّز الى أخر على الثّاني (- مط -) و مع الإذن في الأوّل و بغير إذن بالنّسبة إلى نقل الضّمان فلا ارى له وجها و الوجه حصول القبض بناء على توقّفه على النّقل بالنّقل من مكان إلى أخر سواء كان في مكان مختصّ بالبائع أو بغيره و سواء كان بإذن أم لا بالنّسبة الى جميع احكام القبض لصدق القبض على ذلك لغة و عرفا و شرعا و استلزامه لمحرّم لا يخرجه عن كونه قبضا كما مرّ و (- أيضا -) ما الّذي فرّق بين نقل الضّمان و غيره من احكام القبض في صورة كون النقل في الموضع المختصّ بالبائع من غير اذن منه و امّا ما ذكره بعد ذلك من اعتبار النّقل فيما لو اشترى المنقول مع غير المنقول مع كون النّقل في غير المنقول فلا ارى له (- أيضا -) وجها إذ لا دليل على اعتبار النّقل هنا و ممّا ذكر ظهر ما في تفرقته في الحكم الأخير بين سقوط الضّمان و ما عداه من احكام القبض (- فت -) جيّدا الخامس انّ لازم القول بكون القبض في المكيل و الموزون هو الكيل و الوزن هو لزوم الكيل و الوزن للمبيع و توقّف احكام القبض عليه فلا يكفى الكيل و الوزن الحاصل قبل المساومة و البيع و يأتي الكلام في حكم بيع ما لم يكل أو يوزن عند تعرّض الماتن (- ره -) فيما يأتي إنشاء اللّه تعالى السّادس انّه قد صرّح كثير منهم باتّحاد معنى القبض في جميع الموارد بل قد يستظهر من كثير من العبادات الإجماع عليه و هو بناء على المختار من أنّه الأخذ (- مط -) لا بأس به و كذا بناء على القول بأنّه التخلية (- مط -) أو النقل (- مط -) أو الاستيلاء (- مط -) لاتحاد المناط (- ح -) في البيع و غيره من موارده و امّا على القول بالفرق بين المكيل و الموزون و غيرهما باعتبار الكيل و الوزن في الأوّلين للنصّ ففي تعديته إلى باقي الموارد نظر بل منع للأصل مع عدم وضوح المناط و دعوى الإجماع على عدم الفرق ممنوعة و ذلك إشكال أخر على القائلين يكون القبض في المكيل و الموزون هو الكيل و الوزن لاستلزامه اختلاف القبض في المكيل و الموزون بالنّسبة إلى النّواقل و ان التزم بالتّفرقة بعض أرباب الأقوال الأخر (- أيضا -) فعن القاضي انّه لا يكفي في الرّهن التّخلية و لو قلنا بكفايتها في البيع لانّ البيع موجب لاستحقاق المبيع فيكفي التمكين منه وهنا لا استحقاق بل القبض سبب في الاستحقاق قلت مصبّ كلامه يقتضي لحوق الهبة و الوقف و الصّدقة و نحوها بالرّهن في ذلك لاتّحاد الطّريق الذي ذكره في الجميع و أنت خبير بما في التّفرقة بين الموارد من النّظر السّابع انا نبّهنا في طيّ كلماتنا المذكورة على انّ استلزام القبض محرّما لا يمنع من جريان احكامه عليه بعد صدق حصوله عرفا و قد عثرت الان على إذعان المحقّق الأردبيلي (- ره -) و المحدّث البحراني (- ره -) و غيرهما (- أيضا -) بذلك قال في (- ئق -) بعد نقل ما مرّ في الأمر الأوّل حكايته عن شيخ (- لك -) ما لفظه لا دليل على ما ذكره لا من النصّ و لا من الاعتبار و عقد البيع قد اقتضى النّقل إلى المشترى و القبض و التسليم الى المشتري حاصل و الفرق بين كون القبض قبل البيع شرعيّا أو غير شرعيّ مع كونه لا دليل عليه لا ثمرة له بعد ما عرفت و مع كونه غير شرعي قبل البيع لا يمنع من كونه شرعيّا بعد البيع و الانتقال اليه بالعقد الصّحيح و بالجملة فشروط صحّة البيع كلّها حاصلة فلا وجه لما ذكره انتهى الثّامن انّ لازم جعل القبض في المكيل و الموزون عبارة عن الكيل و الوزن عدم اعتبار شيء أخر معهما في تحقّق القبض فيشكل باستلزام ذلك حصول القبض بالكيل و لو لم يرفع البائع يده و لكن المحقّق الثّاني (- ره -) تصدّى في جامع المقاصد لبيان المراد بما يرتفع به الإيراد حيث قال المراد به يعنى بالكيل الكيل الّذي به يتحقّق اعتبار المبيع و لا بدّ من رفع البائع يده عنه فلو وقع الكيل و لم يرفع البائع يده فلا تسليم و لا قبض انتهى فتدبّر التّاسع انّ إطلاق بعضهم كالعلاّمة (- ره -) في (- عد -) و غيره في غيره الكيل و الوزن يقتضي الاكتفاء بأيّهما كان و لكن الإطلاق غير مراد قطعا بل المراد الكيل فيما يكال و الوزن فيما يوزن فلو كال ما يوزن أو وزن ما يكال لم يحصل القبض عند القائل بحصوله به ضرورة انّ المعتبر هو ما لا بدّ من اعتبار المبيع به لا (- مط -) كما لا يخفى على المتأمّل قوله طاب ثراه أقول لا شكّ انّ القبض (- اه -) قلت هذا خارج عن جميع الأقوال العشرة المتقدّمة و حاصله التّفرقة بين احكام القبض و انّه من البائع التخلية و التمكين و من المشترى الاستيلاء فكلّ ما ابتنى من الأحكام على فعل البائع يدور مدار التخلية و ما ايتنى منها على فعل المشترى يدور مدار الاستيلاء و هذا خارج عن جميع ما تقدّم من الأقوال كما هو واضح قوله طاب ثراه (- فح -) نقول امّا ما اتّفق عليه من كفاية التّخلية (- اه -) أقول

ص:219

عبارة الماتن (- ره -) في المقام لا تشبه سائر عبائره لعدم مراعاة قواعد العبارة فيها لانّه اتى بامّا المفصّلة و لم يأت بعدها بمقابلها من الجملة المصدرة بامّا الثانية و كلمة ان في قوله ان أريد (- اه -) الظّاهر انّها وصليّة فيكون جواب امّا قوله فقد عرفت و يكون انّ في قوله و ان فسرت (- اه -) وصليّة (- أيضا -) و الضّمير المستتر يرجع الى التّخلية و لازمه الإتيان بالضّمير في انّ و ليس في قوله فقد عرفت انّه ليس (- اه -) مؤنّثا (- أيضا -) ليرجع إلى التخلية و بالجملة فالعبارة غير سليمة؟؟ بل و لا صحيحة فتدبّر قوله طاب ثراه و ان فسّرت برفع جميع الموانع و اذن المشترى في التصرّف (- اه -) أشار بذلك إجمالا إلى تفسير التّخلية و توضيح القول في ذلك انّ التّخلية في اللّغة بمعنى التّرك قال في القاموس خلّى الأمر و تخلّى منه و عنه تركه انتهى و لا ريب في توقّف حصولها على رفع البائع ما يمنع المشترى من القبض من يد البائع أو يد غيره و انّما الكلام في اعتبار أمر أخر ففي الغنية أنّ التّخلية أمر أخر غير رفع المانع انتهى و فيه دلالة على اعتبار أمر أخر فيها و مثل ذلك في الدّلالة على انّ التخلية أمر أخر غير رفع المانع عبارة (- س -) و ما يحتمل اعتباره مضافا الى دفع المانع أمور أحدها الإذن للمشتري في القبض صرّح باعتباره في (- لك -) و (- الروضة -) و غيرهما و لا بأس به إذ بدونه لا يرتفع سلطنة المتوقّف على رفعها حصول التخلية نعم ربّما احتمل في مفتاح الكرامة عدم الحاجة الى الإذن بعد انتقاله اليه و دخوله في ملكه ثمَّ استدرك انّه إذا كان في بيت المالك فبمجرّد فهم الرّضا لا يقال انّه قبضه و سلّمه كما يشير اليه خبر عقبة المتقدّم ثمَّ احتمل كون التقييد بالإذن لانتفاء سلطنة البائع لو أراد حبسه لقبض الثمن فإنّه إذا لم يأذن كان له الحبس أو يحمل على نحو الهبة و الوقف ثانيها اللّفظ الخاصّ و قد صرّح بعدم اعتباره في (- لك -) حيث قال و لا يختصّ ذلك أي الإذن بلفظ بل كلّ ما دلّ عليه كاف فيه و قد لا يكتفى فيها باللّفظ الصّريح مع وجود المانع انتهى فافاده (- ره -) أمرين أحدهما عدم اعتبار اللّفظ الخاصّ في الإذن بل يكفى كلّ ما دلّ عليه و الأخر عدم كفاية الإذن مجرّدا و لو باللّفظ الصّريح إذا كان هناك مانع و الوجه في الأمرين جميعا واضح ففي الأوّل الأصل بعد عدم وجود ما يدلّ على اعتبار اللّفظ الخاصّ و في الثاني انّ الإذن لا يثمر في صدق التخلية عرفا مع وجود المانع ثالثها كون المبيع غير مشغول بما يتعلّق بالبائع و قد صرّح في (- مع صد -) بعدم اعتباره حيث قال لا يتحقّق التّخلية إلاّ برفع المانع يده و يتحقّق برفعها و إن كان المبيع مشغولا بماله انتهى رابعها مضىّ زمان يمكن فيه وصول المشتري اليه و قد نفى اعتباره في (- لك -) و (- الروضة -) قال في الأوّل ما يكتفى فيه بالتخلية و إن كان عقارا فقبضه رفع يد البائع عنه مع تمكّن المشترى كما مرّ و لا يشترط مع ذلك مضىّ زمان يمكن فيه وصول المشتري اليه أو وكيله لانّ ذلك لا مدخل له في القبض عرفا نعم لو كان بعيدا جدّا بحيث يدلّ العرف على عدم قبضه بالتخلية كما لو كان ببلاد اخرى اتّجه اعتبار مضىّ الزّمان و الحاصل انّ مرجع الأمر إلى العرف حيث لم يضبطه الشرع و إن كان منقولا كالحيوان فعلى ما اخترناه من اشتراط نقله أو وضع اليد عليه الحكم واضح و على الاكتفاء بالتّخلية يحتمل كونه كالعقار كما مرّ و اعتبار مضىّ زمان يمكن من قبضه و نقله لإمكان ذلك فيه بخلاف العقار انتهى و كأنّه أراد الردّ على من قال انّه يشترط في التّخلية مقارنة رفع اليد لوصول المشتري إليه (- مط -) بعيدا كان أو قريبا حتّى يدلّ ذلك على القبض عرفا فنفاه الاّ فيما إذا كان المبيع بعيدا جدّا بحيث لو رفع اليد بعد العقد في غيبة المشتري لم يعد عرفا من القبض وقت وصوله اليه فلا بدّ من زمان يمكنه وصوله اليه ليتحقّق المقارنة و يدلّ العرف على انّ التخلية لأجل القبض و (- ح -) فلو تلف المبيع بعد رفع يده و قبل وصول المشتري إليه فهو في ضمان البائع و ربّما احتمل في مفتاح الكرامة كون الحكم في المنقول بناء على الاكتفاء فيه (- أيضا -) بالتخلية (- كك -) ثمَّ احتمل اعتبار مضىّ زمان يتمكّن فيه من قبضه و نقله لإمكان ذلك فيه بخلاف العقار و أنت خبير بأنّه بعد كون المدار على التخلية لا معنى لاعتبار مضىّ الزّمان بعد عدم كونه مأخوذا في مفهوم التخلية لغة و لا عرفا و في مجمع الفائدة انّ الظّاهر انّه لا يحتاج الى مضىّ زمان يمكن فيه الوصول اليه و أيّده بأنّه قد يوصى بمثل الأراضي أو يهب في بلد بعيد و القول بعدم حصول الملك الاّ بعد الوصول اليه و وضع اليد أو معنى زمان (- كك -) بعيد و الأصل بنفيه و أقول قد بان (- لك -) ممّا ذكر كلّه انّ الحقّ في معنى التخلية انّها رفع المانع للمشتري من قبض المبيع إن كان هناك مانع و الاّ فبالإذن فيه بكلّ ما دلّ عليه من قول أو فعل أو إشارة و قد ينكر اعتبار الإذن نظرا الى انتقال الملك بالبيع و نحوه اتّفاقا فبقاؤه عند البائع محتاج الى الإذن من المشترى و أنت خبير بانّ المراد بالإذن هنا انّما هو الإعلام برفع المانع لا الإذن بمعناه المتعارف فلا يأتي ما ذكر من كون البقاء عند البائع محتاجا إلى اذن المشترى و ليس تصرّف المشترى محتاجا إلى اذن البائع و حيث كانت التخلية عبارة عن التّرك تحقّقت بمجرّد رفع اليد المانعة فاشتغال المبيع بملك البائع غير مانع بعد رفع يده عن المبيع و ان وجب عليه التفريغ و لو كان مشتركا غير منقول فالأجود انّه لا يتوقّف على اذن الشريك لعدم استلزامه التصرّف فيمال الشريك كما لا يخفى قوله طاب ثراه فنقول امّا رفع الضّمان (- اه -) قلت قد عرفت انّ القبض بمعنى الأخذ فكلّما صدق عليه أخذ المبيع عرفا ينتقل بصدور ذلك من المشترى ضمان المبيع اليه و على هذا فلا فرق بين النّبوي و بين رواية عقبة في المؤدّى إلاّ في اعتبار الإخراج من البيت الّذي لا قائل به كما عرفت قوله طاب ثراه فتعيّن لأمر أخر و ليس الاّ لكون ذلك قبضا (- اه -) قد استشهد في مفتاح الكرامة (- أيضا -) لكون المراد بالكيل و الوزن في صحيح ابن وهب المتقدّم القبض بوقوع التّعبير عنهما بالقبض في صحيحة منصور و صحيحة علىّ بن جعفر و رواية أبي بصير المذكورات في المتن و أنت خبير بانّ التعبير فيها عن الوزن و الكيل بالقبض لا يدلّ على كون القبض في المكيل و الموزون هو الكيل و الوزن و انّه لا يحصل بدونهما بل الظّاهر انّ الحاصل بالكيل و الوزن قبض و زيادة فكني عن الكيل بالقبض إطلاقا لاسم الجزء على الكلّ و ربّما يشهد بعدم انحصار قبض المكيل في الكيل صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام من احتكر طعاما أو علفا أو ابتاعه بغير حكرة و أراد ان يبيعه فلا يبيعه حتّى يقبضه و يكتاله حيث جمع عليه السّلام بين القبض و الكيل فلو كانا شيئا واحدا لم يسع ذلك و احتمال كونه عطف تفسير كما في مفتاح الكرامة مدفوع انّه خلاف الظاهر و لا شاهد عليه مع انّ العرف و اللّغة يساعدان على انّ بينهما عموما من وجه و إن كان الغالب اجتماعهما و لعلّ ذلك هو السّبب في الاقتصار بأحدهما في النّصوص كما اعترف بذلك في مفتاح الكرامة بقوله و قد يكون التّعبير عنهما بالقبض في هذه الأخبار لانّ الغالب في الكيل و الوزن ان يقعا في حال القبض و النّقل فصحّ إطلاق القبض عليهما و ان لم يكونا قبضا انتهى فلا دلالة في التّعبير بأحدهما عن الأخر على اتّحادهما أو تلازمهما كما قد يتخيّل فتدبّر

فرعان
الأوّل لو باع دارا أو سفينة مشحونة بأمتعة البائع و مكنه منها كان قبضا

قوله طاب ثراه و إن كان في موضع يختصّ به فالنّقل من زاوية إلى

ص:220

اخرى بغير اذن البائع لا يكفى لجواز التصرّف (- اه -) هذا ممّا لا نفهم له محصّلا لانّ العقد يوجب انتقال المال الى ملك المشترى و لازم الانتقال جواز تصرّفه بما شاء فتوقيف جواز تصرّفه على اذن البائع في القبض ممّا لا دليل عليه كما لا يخفى

الفرع الثاني في قبض المكيل و الموزون و عدم جواز بيع المكيل قبل قبضه

قوله طاب ثراه الثاني قال في (- لك -) (- اه -) كان الأولى التعرّض لهذا الفرع عقيب تعرّضه لحكم بيع ما يكال أو يوزن قبل الكيل و الوزن لكون ذلك كالمبنى لهذا الفرع لكن الأمر سهل قوله طاب ثراه و إن كان الأوّل ففي افتقاره (- اه -) أشار بذلك الى الخلاف في انّ توقّف بيع المكيل و الموزون على الكيل و الوزن هل يعمّ ما لو كيل أو زون قبل البيع بمحضر المشترى فيجب الكيل و الوزن بعده (- أيضا -) مرّة أخرى أم لا بل يختصّ بما إذا لم يكل و لم يوزن بمحضر المشترى كما إذا باعه قدرا معيّنا منه من صبرة مشتملة عليه فإنّهم اختلفوا في ذلك على قولين و قد يعنون البحث بانّ وجوب الكيل و الوزن هل هو من حيث كونهما شرطا في صحّة البيع أو انّ وجوبهما من حيث كونهما قبضا للبيع يترتّب عليهما ما يترتّب على القبض الّذي هو النّقل و الأخذ باليد و نحو ذلك في غير المكيل و الموزون ذكر ذلك في (- ئق -) و فيه نظر ظاهر لانّ القول بالشرطيّة لا يستلزم عدم وجوب الكيل و الوزن بعد العقد إذا كان كيلا أو موزونا قبله بل للقائل بالشرطيّة أن يقول انّه شرط متأخر في تماميّة البيع يجب حصوله بعد العقد تعبّدا سواء حصل قبله أم لا و عبارة أخرى للقائل بعدم كونهما قبضا ان يقول بوجوبهما تعبّدا (- مط -) سواء كيل أو وزن قبله أم لا و كذا للقائل بكونها قبضا ان يقول بعدم الحاجة الى وصولهما بعد العقد كما لو حصل القبض بالأخذ و التخلية أو النّقل قبل البيع فإنّه لا يجب حصوله بعد العقد مرّة أخرى على وجه فالأولى عنوان البحث بما قلناه من انّ وجوبهما تعبدا أو للقبض هل يعمّ صورة حصولهما قبل العقد و عدم حصولهما أم لا بل يختصّ بما إذا لم يحصلا قبل العقد وجهان أوّلهما خيرة (- لك -) و ثانيهما خيرة المحقّق الأردبيلي (- ره -) و جمع ممّن تأخّر عنه قوله طاب ثراه من إطلاق توقف الحكم (- اه -) هذا من اللّف و النّشر المشوّش فانّ هذا الوجه مستند لعدم اعتبار الكيل و الوزن ثانيا و مقتضى ترتيب اللّف تقديم دليل الافتقار الى الاعتبار ثانيا و على اىّ حال فقد تمسّكوا لعدم الافتقار الى الاعتبار بوجوه هذا أحدها و الثاني ما في مجمع الفائدة من الأصل و لعلّه أراد بذلك أصالة البراءة من وجوب الكيل و الوزن ثانيا الثالث ما في المجمع (- أيضا -) من انّه تحصيل للحاصل الرّابع ما فيه (- أيضا -) من دلالة صحيحة معاوية بن وهب المتقدّمة عليه حيث قال ما لم يكن كيل أو وزن فإنّه كالصّريح في انّ الاحتياج انّما يكون مع عدم الكيل لا معه غاية الأمر أنّه (- ح -) يلزم ان يكون قد اشتراه بغير كيل و لا وزن فان ثبت عدم جواز ذلك بالدّليل تقيّد به و لكن ما ثبت و لا إجماع لأنّه نقل في شرح (- يع -) عن بعض الأصحاب جواز بيع المكيل و الموزون مع المشاهدة بغيرهما و عن ابن الجنيد بيع الصّبرة مع المشاهدة من غير كيل انتهى و ربّما تصدّى في مفتاح الكرامة لتأييد هذا القول بجملة من كلمات الطائفة قال (- قدّه -) قد وجدناهم في غير الباب اجمعوا على انّ المشاهدة لا تكفي في المكيل و الموزون سواء كان عوضا أو ثمنا و انّه لا بدّ من اعتباره بأحدهما و قد حكى على ذلك الإجماع في (- ف -) و غيره كما بيّناه في محلّه فكان الاعتبار بالكيل و الوزن في المقام شرطا في الصّحة و لم يتعرّضوا في المقام للقبض أصلا و وجدناهم اجمعوا على انّه لو أخبره البائع بكيله ثمَّ باعه بذلك صحّ و لم يتعرّضوا فيه (- أيضا -) للاعتبار ثانيا لأجل القبض بل قال في (- ط -) و موضعين من (- كرة -) ان قبضه بغير كيل صحيح و انّ له التصرّف فيه قبل كيله و قد قالوا انّ الأخبار في المقام قائم مقام الاعتبار و قد دلّت على ذلك (- أيضا -) الأخبار و دلّت (- أيضا -) على انّه لا يجوز لهذا المشترى ان يبيعه حتّى يكيله و في (- ئر -) جوّز له بيعه من دون كيل إذا أخبره بما أخبر به البائع و وجدنا (- المصنف -) في (- كرة -) قال لو كان طعاما و أخر ينظر اليه فهل لمن شاهد الكيل شراؤه بغير كيل امّا عندنا فنعم و هو أحد روايتي أحمد قال و كذا لو كاله البائع للمشتري ثمَّ اشتراه أي الأخر الّذي ينظر اليه و هاتان العبارتان قد دلّتا على انّه لا يجب كيله مرّة أخرى ليتحقّق قبض المشترى له ثمَّ قال و قد وجدناهم اتّفقوا على انّه يجوز بيع المسلم بعد حلوله و قبل قبضه بمجانس الثمن ربويّين كانا أم لم يكونا إذا لم يكن بين الثمنين الربويّين تفاوت بزيادة و لا نقيصة و هذا الإجماع محصّل بيّناه في محلّه و لعلّ ذلك هو التّولية و لا نلتفت إلى إجماعي (- ط -) على المنع في السّلم و الخلاف انّما هو في صورة التفاوت فالمفيد و الحلّيون على الجواز و الشيخ في (- ية -) و جماعة على المنع و الحقّ الجواز على كراهيّة و وجدناهم اختلفوا في بيع ما لم يقبض مع قطع النّظر عن التّفاوت بزيادة الثمن و عدمه على أقوال ذكرناها في باب السّلم و قد وجدناهم قالوا ممّا يقوم مقام الكيل ان يبيعه مقدارا معيّنا من صبرة يقطع باشتمالها عليه ثمَّ يهبه الباقي لأنّ هذا بمنزلة الكيل لانّ بيعه (- كك -) بمنزلة اعتباره و لهذا يصحّ البيع الى غير ذلك ممّا ساقه في مفتاح الكرامة و أطال بنقل الكلمات و إيراد الرّوايات و لا حاجة الى إطالة المقال بنقل كلامه بطوله و انّما المهمّ تنقيح الحال على مقتضى ما يناله الفهم القاصر من الأخبار فنقول انّا قد نبّهنا فيما مرّ و ننبّه فيما يأتي إنشاء اللّه تعالى على انّ القبض و الكيل و الوزن أمران و ليس المراد بأحدهما الأخر و ظهور بعض الأخبار في كون المراد بالقبض الكيل أو الوزن لا يوجب رفع اليد عن ظاهر ما أدار الحكم فيه على القبض الظاهر عرفا في الأخذ و التسلّم و ظاهر ما أدار الحكم فيه على الكيل الظّاهر في الاعتبار بالمكيال و سنقول إنشاء اللّه تعالى انّ لازم العمل بالطّائفتين جميعا بعد عدم التعارض و التمانع بينهما و فقد القرينة على اتّحاد المراد منهما هو انّ من اشترى مكيلا أو موزونا توقّف جواز بيعه ذلك من غيره على أمرين أحدهما قبضه المبيع من البائع فلا يجوز بيعه من أخر قبل قبضه و تسلّمه المبيع من البائع إلاّ تولية و الأخر كيله أو وزنه للمبيع فلا يجوز بيعه من أخر من غير كيله و لا وزنه و لكن ليس في شيء من تلك الأخبار كما ستسمعها إنشاء اللّه (- تعالى -) دلالته على اعتبار كون الكيل بعد البيع الأوّل أو قبله و (- أيضا -) ليس الكيل لكونه قبضا حتى يعتبر مرّة أخرى في المكيل و قد بيّنا في فروع الكلام على اشتراط العلم بقدر المبيع بالكيل أو الوزن أو العدّ انه لو كيل عنده مكيل شخصيّ لغيره جاز له بعد ذلك شرائه منه و لا يجب الكيل مرّة أخرى و ان شئت توضيح ذلك صوّرنا لك فروض المسئلة فنقول أحدها ان يشترى مائة منّ من حنطة و قد كيل أو وزن عنده قبل العقد أو بعده و قبض المبيع و هنا لا إشكال في جواز بيعه من غيره من غير حاجة الى الكيل أو الوزن مرّة اخرى ان رضى به المشتري الثّاني كما صرّح به خبر ابن الكرخي حيث قال قلت فاذا قبضته جعلت فداك فلي أن أدفعه بكيله قال لا بأس بذلك إذا رضوا و مفهوم قوله عليه السّلام في صحيحة ابن وهب المتقدّمة ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتّى تكيله أو تزنه دلّ بالمفهوم على انّه ان كيل أو وزن فبعه من دون كيل و مفهوم صحيح الحلبي المزبور في الرّجل يبتاع

ص:221

الطّعام ثمَّ يبيعه قبل ان يكال قال لا يصلح له ذلك دلّ بمفهومه على انّ بيع المبيع بعد ان يكال صالح و ما رواه في الكافي و (- يب -) مسندا عن عبد الكريم بن عمرو قال قلت لابيعبد اللّه (- ع -) اشترى الطعام فأكتاله و معى من قد شهد الكيل و انّما أكيله لنفسي فيقول بعينيه فأبيعه إيّاه على ذلك الكيل الّذي اكتلته قال لا بأس و خبر سماعة قال سئلته عن شراء الطّعام و ما يكال و يوزن هل يصلح شرائه بغير كيل و لا وزن فقال امّا ان تأتي رجلا في طعام قد كيل و وزن تشترى منه مرابحة فلا بأس ان اشتريته منه و لم تكله و لم تزنه إذا كان المشتري الأوّل قد أخذه بكيل أو وزن و قلت له عند البيع إنّي أربحك كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك فلا بأس الثّانية ان يشترى مائة منّ من حنطة و كيل أو وزن عنده قبل العقد أو بعده و لكنّه لم يقبضه بعد و لم يتسلّمه و هذا لا يجوز له بيعه ما لم يقبض لما يأتي من الأخبار الكثيرة الناطقة بتوقّف صحّة بيع المكيل و الموزون على قبض البائع له من البائع الأوّل الثّالثة ان يشترى مائة منّ من حنطة و لم يكل عنده و لم يوزن و لكن اعتمد على قول البائع في اخباره بالكيل و الوزن و هذا الشراء لا إشكال في صحّته و انّما الإشكال في جواز بيعه إيّاه من غيره بغير كيل و لا وزن فهل يجوز أم لا الأظهر العدم سواء ما بعد ان يقبضه و ما قبله امّا قبله فلعدم صحّة البيع قبل القبض و امّا بعده فلعدم جواز بيع المكيل و الموزون الاّ بعد كيل البائع الثاني له و عدم حجّية اخبار البائع الأوّل بالوزن في حق المشترى الثاني و إن كان حجّة في حقّ المشترى الأوّل و قد نطق بذلك شطر من الأخبار و قد أوضحنا الحال فيه عند الكلام في الشّرط الخامس من شروط العوضين من منتهى (- صد -) و ممّا نطق بذلك خبر سماعة و خبر محمّد بن حمران قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انّه كاله فصدّقناه و أخذناه بكيله فقال لا بأس فقلت ا يجوز ان أبيعه كما اشتريته بغير كيل قال لا امّا أنت فلا تبيعه حتّى تكيله و قد نبّهنا في الموضع المشار اليه على انّ المتحصّل من الأخبار بعد استيفائها و التأمّل فيها هو اختصاص جواز الشراء على اخبار البائع بالكيل أو الوزن بما إذا كان إخبارا ناشئا عن الحسّ بان يكون قد كيل عنده فلا يجوز الاعتماد على اخباره النّاشى من اخبار غيره و لعلّ ذلك يوافق القاعدة (- أيضا -) لأنّ إخباره إذا كان هو الّذي كال أو كيل عنده اخبار ذي اليد بخلاف اخباره بأخبار من باعه إيّاه بكونه قد كيل فإنّه إخبار بأخبار غير ذي اليد فلا يعتبر لانّه بالبيع الأوّل خرج المبيع عن يد البائع الأوّل فلا يكون إخباره حجّة و لا الأخبار المبنىّ على اخباره و هنا كلمات أخر متعلّقة بالمقام حذفناها لخلوّها عن ثمرة قوله طاب ثراه و من انّ الظّاهر ان ذلك لأجل القبض (- اه -) هذا احد الوجوه المستدلّ بها للافتقار الى اعتبار جديد بعد العقد و ربّما أيّد في (- ئق -) هذا الوجه بوقوع التعبير عن الكيل و الوزن في هذا المقام بالقبض في جملة من الأخبار و عدّ منها صحيحة منصور بن حازم و صحيحة علىّ بن جعفر و صحيحة معاوية بن وهب و رواية أبي بصير المزبورات و أقول امّا الدليل ففيه منع ظاهر لمنع كون اعتبار الكيل لأجل القبض بل ظاهر الأخبار انّه واجب مستقلّ فلو سلّم فالمقبوض قبل البيع لا يلزم قبضه ثانيا بعد البيع و قد أجاب الماتن (- ره -) عن هذا الدليل في ذيل الكلام بما ينبغي ان يفهم و أما التأييد ففيه منع كون المراد بالقبض في الأخبار المزبورة الكيل و الوزن بل قد عرفت انّ لازم الجمع بين الأخبار بعد عدم الشاهد على اتّحاد المراد بالكيل و القبض هو وجوب الأمرين جميعا بمعنى توقّف صحّة البيع على عدم جواز بيع ما يكال أو يوزن قبل الكيل و الوزن و على قبض المشتري الأول المبيع قبل البيع الثاني فدعوى اتّحاد المراد بالقبض و الكيل و الوزن في الأخبار ممّا لا شاهد عليها كما لا يخفى قوله طاب ثراه و يدلّ عليه قوله عليه السّلام الاّ ان يولّيه (- اه -) هذا ثاني الوجوه المستدلّ بها للقول بالافتقار الى الاعتبار ثانيا و يردّه منع الملازمة إذ لنا ان نقول بانّ اعتبار الكيل و الوزن انّما هو لاشتراط صحّة البيع بهما و مع ذلك نلتزم باختصاص دليل هذا الاشتراط بغير التّولية و قد ردّ الماتن (- ره -) هذا الوجه في ذيل الكلام فلاحظ و تدبّر جيّدا و الوجه الثّالث إطلاق الأخبار الآتية المانعة من بيع المكيل و الموزون قبل القبض و قبل الكيل و الوزن من غير تقييد بما إذا لم يكن قد كيل أو وزن أو بما إذا لم يكن قد قبض قبل ذلك و الإطلاق حجّة (- فت -) قوله طاب ثراه أقول يبعد التزام القائلين بهذا القول (- اه -) لقد أجاد (- قدّه -) في هذا الاستبعاد و استوفى المقال في ذلك فعليك بإمعان النّظر فيما ذكره قوله طاب ثراه ثمَّ الظاهر انّ مراد (- لك -) ممّا نسبه الى العلاّمة (- اه -) لا يخفى عليك انّه بمجرّد هذا الاستظهار الّذي لا مستند له لا يمكن تخطئته الشهيد الثّاني (- ره -) الّذي هو خريت هذه الصّناعة في نقله بعد عدم نسبة ذلك الى موضع خاصّ من كلماتهم فلعلّهم صرّحوا بذلك في موضع لم يعثر عليه المحقّق الماتن (- قدّه -) و مجرّد عدم عثوره (- ره -) لا يدلّ على العدم قوله طاب ثراه و أظهر من ذلك فيما ذكرنا ما في (- ط -) فإنّه بعد ما صرّح باتّحاد معنى القبض في البيع و الرّهن (- اه -) قال في المبسوط و كلّ ما كان قبضا في البيوع كان قبضا في الرّهن و الهبات و الصّدقات لا يختلف ذلك و من جملته انّ المرهون ان كان خفيفا يمكن تناوله باليد فالقبض فيه ان يتناوله بيده و إن كان ثقيلا مثل العبد و الدابّة فالقبض فيه ان ينقله من مكان الى مكان و إن كان طعاما و ارتهن مكيالا من طعام بعينه فقبضه ان يكتاله و ان ارتهن صبرة على انّ كيلها كذا فقبضه (- أيضا -) ان يكتاله و ان ارتهنها جزافا فقبضه ان ينقله من مكان الى مكان انتهى

القول في وجوب القبض
مسألة في وجوب تسليم كل من المتبايعين ما استحقه الأخر

قوله طاب ثراه يجب على كلّ من المتبايعين تسليم ما استحقّه الأخر (- اه -) أراد بذلك الوجوب عند إطلاق العقد و عدم اشتراط التأخير و انما قيّد العبارة بصورة الإطلاق في جملة من كلماتهم منها (- يع -) حيث قال إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع و الثّمن و قال في (- لك -) احترز بالإطلاق عمّا لو شرط تأجيل أحدهما أو تسليمه قبل الأخر فإنّه (- ح -) يختصّ وجوب التسليم بالحال و من شرط تقديمه أوّلا و لو شرط تاجيلهما و كانا عينين صحّ (- أيضا -) و كان خارجا من الإطلاق انتهى ثمَّ انّ اقتضاء العقد تسليم البائع المبيع و المشترى الثمن فورا بحيث يجب على كلّ منهما البدار الى ذلك و انّهما ان تعاسرا تقابضا ممّا لا كلام فيه و في الجواهر انّه لا خلاف فيه و قد يستظهر من التنقيح الإجماع عليه حيث قال الحقّ عندنا انّ إطلاق العقد يقتضي وجوب التّسليم على كلّ من البائع و المشترى للمبيع و الثمن من غير أولويّة تقديم انتهى و الأصل في ذلك اقتضاء العرف ذلك فيتبعه الوجوب شرطا لعموم قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و غيره بل الظاهر ذلك و ان لم يطالب كلّ منهما الأخر بذلك فلا يجوز لأحدهما التّأخير إلاّ برضاء الأخر ضرورة أنّه بتمام العقد يتمّ ملك كلّ منهما للعوض فإبقائه في اليد محتاج الى الإذن فتدبّر جيّدا ثمَّ ان امتنعا من التقابض مع عدم رضا كلّ منهما بامتناع الأخر عصيا و أجبرا على التقابض و لو امتنع أحدهما أجبر الممتنع كما صرّح بذلك جمع كثير من خلاف ينقل و الوجه في

ص:222

ذلك عموم ما دلّ على إجبار الممتنع عن أداء حق غيره و المجبر هو الحاكم لأنّه شانه و تكليفه لأدلّة الحسيّة و يحتمل جواز الإجبار بل وجوبه على جميع المكلّفين نظرا الى كون التّسليم من المعروف الّذي يجب الأمر به على كلّ مكلّف لكن لا يخفى انّ الإجبار غير الأمر فإن شمله أدلّة الأمر بالمعروف و الاّ اختصّ بالحاكم ثمَّ انّ الواجب هل هو التقابض و انّه مع امتناعهما يجبران جميعا عليه أم لا بل لأحدهما أولويّة في وجوب التّسليم فيجبر الأولى أوّلا على التسليم ثمَّ يجبر الأخر وجهان بل وجوه أشار الماتن (- ره -) الى اثنين منها قوله طاب ثراه و غيرها (- اه -) كاللّمعتين و التنقيح و شرح (- شاد -) للفخر و غاية المرام و الكفاية و ظاهر محكي الجامع و هو المحكى عن الإسكافي (- أيضا -) بل في مجمع الفائدة و الرّياض انّ عليه الأكثر و زاد في الثّاني انّ عليه عامّة من تأخّر و نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه بين المتأخرين قوله طاب ثراه و عن ظاهر التنقيح الإجماع عليه (- اه -) لعلّه لقوله انّه (- كك -) عندنا قوله طاب ثراه لما في (- كرة -) (- اه -) توضيحه ما في (- لف -) و غيره من انّ حالة انتقال المبيع إلى المشتري هي حالة انتقال الثمن إلى البائع فلا أولويّة بل كلّ منهما قد وجب عليه حقّ صاحبه و الى ذلك يرجع ما قيل من انّ العقد يوجب حكمهما معا و لا مرجّح لأحدهما على الأخر فامّا ان يقيد التقابض فيجبران عليه عند الامتناع دفعة أو لا يفيد فلا يجبران عليه أصلا فامّا انّ أحدهما يجبر على التقديم دون الأخر فلا مأخذ له قوله طاب ثراه و عن (- ف -) (- اه -) قال في (- ف -) إذا باع شيئا بثمن في الذّمة فقال البائع لا أسلم المبيع حتى اقبض الثمن و قال المشترى لا أسلم الثمن حتّى اقبض المبيع فعلى الحاكم ان يجبر البائع على تسليم المبيع أوّلا ثمَّ يجبر المشترى على تسليم الثمن بعد ذلك بعد ان يحضر الثمن و المبيع و قال الشافعي فيه ثلثة أقوال و الثاني يجبر البائع و هو ظاهر كلامه و الثاني يجبر كلّ واحد منهما مثل ما قلناه و هو الصّحيح عندهم و الثّالث لا يجبر واحد منهما و قال أبو حنيفة و مالك يجبر المشترى على تسليم الثمن أوّلا دليلنا على ما قلناه انّ الثّمن انّما يستحقّ على المبيع فيجب أوّلا تسليم المبيع ليستحقّ الثّمن فاذا سلّم المبيع استحقّ الثمن فوجب حينئذ إجباره على تسليمه فلا بدّ إذا ممّا قلناه انتهى و قد اختار ذلك في (- ط -) (- أيضا -) و تبعه عليه ابن زهرة في الغنية و القاضي و حكى في الرّياض عن الحلبي في (- ئر -) متابعته و خطّائه في مفتاح الكرامة و قد نوقش في حجّته بالمنع لاستواء العقد في إفادة الملك لكلّ منهما فتملّك كلّ منهما تابع لتملّك الأخر فيحصلان دفعة و ربّما انتصر في مفتاح الكرامة لأرباب هذا القول بقوله و لعلّهم يعنى المشهور ما أنصفوهم حيث ناقشوهم بعدم الأولويّة مبالغين في ذلك إذ لعلهم أرادوا انّ البيع و الشراء يبنى الحال فيهما على المتعارف بين الناس و المتداول بين التجار و غيرهم من انّ البائع إذا لم يسلّم المبيع يعاب عليه طلب الثمن فلا يطلبه ما لم يسلم بل في الغالب انّ البائع أحوج فإذا تبايعا على ما هو المتعارف لم يجب الدّفع و الإعطاء إلاّ عليه على انّهم مطبقون على الظّاهر في باب الإجارة على انه لا يجبر المستأجر على دفع الأجرة إلا بعد تسليم العين ثمَّ قال و الغرض انّه ليس بتلك المكانة من الضّعف انتهى قلت من لاحظ هذا الوجه بعين الإنصاف ظهر له انّ اللازم انّما هو البناء على المتعارف في كلّ عصر و مصر بالنّسبة الى من فيهما فإن كان المتعارف سبق البائع أجبر البائع أوّلا و إن كان المتداول سبق المشتري أجبر هو أوّلا و إن كان مجرى العادة التسالم معا أجبرا معا عليه و كون مقتضى العقد ملك كل منهما للعوض لا ينافي ذلك الا ترى حكمهم بوجوب تبقية مشتري النّخلة المؤبّرة الثمرة عليها الى أو ان الصّلاح حتى مع عدم الاشتراط مع ان مقتضى انتقال النّخلة إلى المشتري تسلّطه على ماله و ليس إيجاب الإبقاء إلاّ بالنّظر الى جريان العادة بذلك فيتقيّد الشّراء و الملك بذلك ففيما نحن فيه و إن كان العقد مؤثرا ملك كلّ منهما للعوض في ان واحد الاّ انّ جريان العادة بسبق أحدهما يقيّد العقد بذلك و على هذا فيتخرّج في المسئلة وجه خامس يكون هو الأقرب و انّما سمّيناه خامسا لأنّ في المسئلة وجهين اخرين لم يتعرّض لهما (- المصنف -) (- ره -) أحدهما تقديم أحدهما بالقرعة فيقرع بينهما فمن اقتضت القرعة أولويّته اجبر هو أوّلا احتمله الحلّي (- ره -) في (- ئر -) و لعلّ مستنده عمومات القرعة و فيه انّ عمومات القرعة يتوقّف الأخذ بها على تمسك الطائفة بها كما هي الحال في كلّ عام سرى اليه الوهن بسبب كثرة ورود التخصيص عليه ثانيهما إجبار المشتري أوّلا بدفع الثمن ثمَّ إجبار البائع بدفع المثمن احتمله بعضهم و هو الّذي افتى به أبو حنيفة و مالك و مستنده دعوى كون الثمن هو الأصل و المتوقّف عليه ملك المثمن و فيه نظر ظاهر قوله طاب ثراه و قد صرّح بعض أخر (- أيضا -) بعدم الخلاف هذا البعض هو سيّدنا في مفتاح الكرامة قوله طاب ثراه و لعلّ الوجه فيه (- اه -) هذا الوجه (- أيضا -) أصله من صاحب مفتاح الكرامة قوله طاب ثراه فلا يردان وجوب التّسليم (- اه -) المورد هو المحقّق الأردبيلي (- ره -) و وجه سقوط الإيراد أنّ الامتناع عند امتناع صاحبه هو مقتضى إطلاق العقد فلا يكون ظلما

مسألة في وجوب تسليم المبيع و تفريغه من أمواله

قوله طاب ثراه ففي غير واحد من الكتب (- اه -) من جملة تلك الكتب (- لك -) فإنّه قد صرّح به في ذلك بل عزاه إلينا قال لا يتوقّف صحّة التّسليم على التفريغ فلو سلّمه مشغولا فتسلّمه حصل القبض عندنا و يجب التفريغ مع ذلك انتهى قوله طاب ثراه و كان المشترى جاهلا كان له الخيار (- اه -) أراد بالخيار السّلطنة على فسخ العقد و إبقائه و ذلك ممّا صرّح به جمع و علّله في الرّياض و الجواهر بقاعدة الضّرر و فيه انّ قاعدة الضّرر لا تثبت السّلطنة على الفسخ فقط لانّ الضّرر كما يرتفع بالسّلطنة على الفسخ و الإبقاء مجّانا فكذا يرتفع بالتخيّر بين الفسخ و الإبقاء بعوض الاّ ان يجاب بأنّ الضّرورة تقدّر بقدرها و انّه بعد ارتفاع الضّرر بتسليطه على الفسخ لم يكن لتسليطه على أخذ الأجرة و العوض وجه و ربّما زعم بعضهم كون ذلك من قبيل العيوب فيثبت خيار العيب و فيه منع صدق الزّيادة و النقصان من الخلقة الأصليّة على فوات الانتفاع زمانا فلا يكون من العيب فتأمّل قوله طاب ثراه و في ثبوت الأجرة لو كان لبقائه أجرة إلى زمان الفراغ وجه منشأه صدق تفويت المنفعة فيضمن عوضها لانّ من أتلف عينا أو فوت منفعة ضمن قوله طاب ثراه وجب الصّبر الى بلوغ أو انه للزوم تضرّر البائع بالقلع (- اه -) (11) قلت يمكن القول بأن للمشتري مطالبة المقلع في صورة علم البائع بالحال و عدم بيانه ذلك للمشتري لأنه ملك الأرض بالعقد و ضرر القلع على البائع مسلوب الأثر بسبب اقدامه عليه بالمبيع المطلق الّذي لازمه الانتقال من حينه و لزوم التفريغ من ساعة (- فت -) قوله طاب ثراه و لو احتاج تفريغ الأرض إلى هدم شيء هدمه (- اه -) (12) قال بعض مشايخ العصر (- قدّه -) انّه لا يبعد تسلّط المشترى على إلزام البائع بعد الهدم و الكسر و الحفر بتفاوت قيمة الأرض محفورة و غير محفورة و قيمة الدار مستهدمة و غير مستهدمة و الصّندوق صحيحا و مكسورا و نحو ذلك و منعه من تسوية الأرض و إصلاح الدار ثمَّ قال نعم لو طلب ذلك من البائع وجبت اجابته إليه لأنّ ذلك نوع من أداء حقّه مع احتمال عدمه للأصل ان لم يكن إجماع على خلافه و تعليله بوجوب تسليم المبيع

ص:223

اليه متمكّنا من الانتفاع به كأنّه عليل كتعليل وجوب إخراجه بتوقّف التّسليم عليه و وجوب إصلاحه بأنّه إتلاف لبعض المبيع لحقّ وجب عليه ثمَّ قال و دعوى انّ ذلك من الشرائط الضّمنيّة الّتي قد اقتضاها إطلاق العقد ممّا لا يساعد عليها الوجدان انتهى و أقول امّا ما نفى عنه البعد ففي غاية البعد إذ لا دليل عليه بل الدّليل على خلافه واضح السّبيل فان الواجب على البائع بمقتضى إطلاق العقد انّما هو تسليم المبيع مفرّغا و اعادة المبيع على ما كان عليه حال البيع فإثبات التفاوت عليه ممّا لا وجه له إذ الأصل برأيه ذمّته من وجوب دفع التّفاوت و تخيّل انّ الملك للمشتري فله منع البائع من التصرّف فيه بالإصلاح فيجب عليه دفع التفاوت فاسد لانّ منعه من تصرّف البائع لا يثبت اشتغال ذمّة البائع ببذل التفاوت إذ ليس له الاّ مطالبة المبيع على ما كان عليه حال العقد فاذا امتنع من تمكين البائع في الإعادة فقد أقدم على ضرر نفسه فلا تذهل و امّا ما ذكره بعد ذلك من احتمال عدم وجوب اجابة البائع المشترى الى إعادة المبيع على ما كان عليه حال العقد بإصلاح ما هدّمه مقدّمة للتفريغ ففي غاية الوهن و أوهن منه تعلّقه لذلك بالأصل ضرورة انه انّما اشترى الصّحيح فكيف يسوغ للبائع تسليم المعيب و جواز الهدم لا ينافي وجوب الإصلاح لأداء حقّه الّذي ملكه بالعقد الصّحيح و أغرب من ذلك كلّه توهينه تعليل وجوب الإصلاح بوجوب تسليم المبيع إلى المشتري متمكّنا من الانتفاع به و تعليل وجوب الإخراج بتوقّف التّسليم مفرغا الواجب عليه على ذلك و هو (- ره -) ادرى بما قال و أجلّ من التفوّه بهذا المقال نعم استضعافه لتعليل وجوب الإصلاح بأنّه إتلاف لبعض المبيع لحقّ وجب عليه في محلّه لان هذه العلّة لا تثبت وجوب الإصلاح و انّما يسوغ التمسّك به لجواز الهدم و نحوه و امّا توهينه كون وجوب التّسليم مفرغا و جواز الهدم و وجوب الإصلاح من الشرائط الضمنيّة التي اقتضاها إطلاق العقد فلا وقع له و إنكاره الوجدان إنكار للوجدان قوله طاب ثراه الإعادة (- مط -) كما في (- يع -) (- اه -) قال في (- يع -) و لو هدمه بغير اذن شريكه وجب عليه اعادته انتهى و اختاره العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) و المحقق الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و حجّته انّه بهدم الجدار قد ضمنه و الأصل في الضمان ان يكون بالمثل فيلزم اعادة ما هدّمه قوله طاب ثراه و الأرش (- كك -) كما عن العلامة (- اه -) قد اختار ذلك في (- عد -) و (- كرة -) و ولده في الإيضاح و حجّته أمران الأوّل انّ ضمان المثل انّما يكون في المثلي و الجدار قيمي و ليس مثليّا على انّ العين موجودة و الزائد انّما هو الصّفة فعليه أرش ما بين قيمته منهدما و مأمورا و ردّ بأنّه قد تكون قيمته بعد الهدم قليلة جدّا و قيمة الجدار الصّحيح كثيرة جدّا و بان الجدار و إن كان قيميّا باصطلاحهم الاّ انّ العرف قد يقضي بالمماثلة في بعض الجدران إذ المطلوب كونه حائلا و مانعا و لا يريدون في مثل ذلك إلاّ المماثلة في الجملة الثّاني أصالة برأيه ذمّته من إلزامه بالإعادة بنفسه أو بواسطته مع انّ المعهود في ضمان المتلفات انّما هو شغل الذمّة بالمال مثلا أو قيمته و ذلك متعذّر في الحائط و نحوه بخلاف الأرش فإنّ الذمة مشغولة به كما في سائر نظائره و دعوى انّ دفع الأرش هنا على وجه يجبر ضرر الشريك غير ممكن لأنّه ان أريد به ما يخصّ الشريك من مقابل الهيئة الفائتة فهو ممّا لا يجدي في عمارة الجدار الذي قد تحقّق الضّرر بهدمه و لو لفوات حصّة الشّريك فلم يكن في ذلك جبر لضرره و ان أريد به ما قابل تمام الهيئة ففيه أنّها مشتركة بين الهادم و الشّريك و الإنسان لا يضمن لنفسه شيئا كما صدرت من صاحب الجواهر (- ره -) يدفعها مع انتقاضها بصورة تعذّر المثل انّه لا يجب عليه عمارة حصّته (- أيضا -) مع قطع النظر عن حصّة الشريك و امّا مع النظر اليه فلا بأس بأن يضمن لنفسه (- أيضا -) كما يضمن الرّهن لو أتلفه من جهة حقّ المرتهن مع انّ الظاهر منهم ارادة الشق الأوّل و به يندفع الضّرر من حيث نقص المال و لا دليل على وجوب دفع غيره كما في سائر الإتلافات فتدبّر قوله طاب ثراه كما عن (- س -) (- اه -) قد حكى ذلك عن حواشي الشهيد (- ره -) (- أيضا -) و حجّته هي حجّة الأوّل فيما إذا كان المماثل و لو في الجملة ممكنا و امّا مع عدم إمكان المماثل فلا طريق الى التضمين إلاّ القيمة و قد يستدلّ لهذا القول بما مرّت إليه الإشارة من انّ الجدار و إن كان قيميّا باصطلاحهم الاّ انّ العرف قد يقضي بالمماثلة في بعض الجدران المطلوب منه كونه حائلا و مانعا و لا يريدون في مثل ذلك إلاّ المماثلة في الجملة مؤيّدا ذلك بعدم معلوميّة مقدار الأرش لاحتماله ان يراد به تفاوت ما بين قيمته منهدما و مأمورا كما عن الحواشي و غيرها و لان يراد به مقدار ما يصرف في بنائه بمثل البناء الأوّل كما مال اليه بعضهم و قد يناقش في ذلك بانّ إرادة النّاس لا دخل لها في تعيين ما اشتغلت به الذّمة بالهدم المزبور من كونه عملا أو مالا و المعهود من الشرع هو الثاني دون الأوّل و دعوى حكومة العقل به عهدتها على مدّعيها و الظنّ به مع تسليم حصوله غير مجد و امّا التّأييد المذكور ففيه انّ الأرش انّما هو الأوّل قطعا كما في نظائره الّتي تبقى عين المال فيها و يذهب منها بعض صفاتها مع ان لو سلّم التردّد في ذلك كان اللاّزم أقلّ الأمرين لأصالة برأيه الذمّة من الأكثر

مسألة لو امتنع البائع من التسليم

قوله طاب ثراه احتمله في (- مع صد -) (- اه -) قد نظر في ذلك الى انّ جواز الحبس غير سقوط حقّ المنفعة و لا يلزم من ثبوت الأوّل الثّاني و قد يؤيّد بأنّهم أفتوا في باب الإجارة بأنّه يجوز للخيّاط حبس الثوب ليأخذ أجرته للإذن فيه و ذلك لا يرفع عنه ضمانه و أنت خبير بانّ المباح لا يستعقب ضمانا و ما أفتوا به في باب الإجارة إن كان لنصّ مخرج عن القاعدة اختصّ بمورده و الاّ منعناه (- أيضا -) و من هنا نفى الأجرة في الفرض في (- كرة -) و (- لك -) و (- الروضة -) و غيرها قوله طاب ثراه و على المشترى نفقة المبيع (- اه -) هذا ممّا صرّح به جمع قال في (- لك -) و حيث يكون الحبس سائغا فالنفقة على المشترى لأنّه ملكه فان امتنع منها رفع البائع امره الى الحاكم فان تعذّر أنفق بنيّة الرّجوع و رجع بها عليه كما في نظائره انتهى و ما ذكره متين قوله طاب ثراه و في (- مع صد -) (- اه -) فيه أوّلا انّ التوقّف في المسئلة التي أشار إليها (- أيضا -) في غير محلّه بعد كونها زوجة و منع الحبس من وجوب الإنفاق مختصّ بحكم التّبادر بصورة كونه بغير حقّ و هو النشوز و ثانيا ما أشار إليه الماتن (- ره -) من إمكان الفرق بين النّفقة في المقامين و وجه الفرق ان نفقة الزّوجة في مقابلة الاستمتاع فاذا حبست نفسها أمكن ان لا تستحقّ شيئا لعدم تمكينها إيّاه من المعوّض و هذا بخلاف نفقة المملوك الّذي حبسه غيره قوله طاب ثراه ففي وجوب اجابته وجهان (- اه -) من انّه قد انتقل إلى المشترى و انّ البائع إنّما استحق الحبس لاستيفاء حقّه و تصرّف المشترى فيه و هو في يد البائع لا ينافي حقّ البائع فليس له منعه منه بل يجب عليه إجابته إيّاه و من انّ حبسه إيّاه قد جاز لحقّه و منعه إيّاه من التصرّف لعلّه ادعى الى استيفاء حقّه و قد استظهر الوجه الأوّل في (- مع صد -) و الحقّ انّه ان توقّف حصول غرضه الّذي حبسه لأجله عليه جاز له منعه من التصرّف و الاّ فلا لانّ النّاس مسلّطون على أموالهم فمنعه من الانتفاع مع عدم توقّف حقّه عليه ظلم و إضرار فيحرم قوله طاب ثراه و لو كان امتناعه

ص:224

لا الحقّ (- اه -) لم يتعرّض الماتن (- ره -) لما إذا غصب ثالث المبيع من يد البائع قبل قبض المشتري إيّاه و حيث انّ جمعا من الفقهاء (- رض -) عنونوا ذلك في المقام و كان محلّ حاجة لم يكن بأس في ان نوضح الكلام في ذلك في طيّ مطالب الأوّل انّه إن أمكن في الفرض استعادته في الزّمان اليسير الّذي لا يشتمل مضيّه على فوات منفعة مقصودة بحيث يستلزم فواتها نقصا معتبرا و فوات غرض مقصود عرفا على المشترى لم يكن للمشتري بذلك فسخ العقد و وجب على البائع السّعى في تخليص البيع من يد الغاصب و تسليمه الى المشتري كما صرّح بذلك في (- عد -) و (- شاد -) و (- مع صد -) و اللمعتين و (- لك -) و غيرها بل نفى في مفتاح الكرامة وجدان الخلاف فيه و نفى في هداية الأنام المعرفة بالخلاف تارة و استظهر الإجماع عليه اخرى و الوجه امّا في عدم ثبوت الخيار للمشتري فأصالة لزوم العقد و انتفاء الضّرر و امّا في وجوب السّعى على البائع في الاستخلاص فلتوقّف التّسليم الواجب عليه على ذلك فلا إشكال الثّاني انه لو لم يمكن في الفرض المذكور الاستخلاص في الزّمان اليسير بان تعذّر أصلا أو أمكن لكن بعد زمان يفوت فيه غرض عقلائي للمشتري ثبت له الخيار بين الفسخ ثمَّ الرّجوع بالثمن و بين الرّضا بالمبيع و الصّبر و ارتقاب حصوله في يده و ذلك (- أيضا -) ممّا صرّح به من صرّح بالمطلب الأوّل و نفى فيه (- أيضا -) في مفتاح الكرامة وجدان الخلاف فيه و الّذي يحتمل استنادهم إليه أمران أحدهما الإجماع على ثبوت الخيار تعبّدا و فيه نظر بل منع ثانيهما قاعدة الضّرر و فيه انّ الضّرر هنا لم ينشأ من جهة لزوم العقد كي يرفعه و انّما نشأ من بعض المخلوقين على بعضهم كما لو كان بعد القبض إذ لا فرق بينهما من هذه الجهة فالتحقيق انّ الغصب إن كان تلفا فاللاّزم انفساخ العقد به رأسا و الاّ فالتخيير لا دليل عليه فان قلت انّ الغصب ليس تلفا لبقاء عينه و إمكان الانتفاع بها بالعتق و لكنّه مفوت للتّسليم الّذي هو بمنزلة الشيء المشروط في العقد فلا يتأتّى فواته الاّ بالخيار نعم الغصب الّذي لا يمكن الانتفاع به و لا يحتمل حصوله (- كك -) يكون بمنزلة التلف في تأثيره انفساخ البيع قلت لا دليل على إيجاب فوات التسليم الخيار و كونه بمنزلة الشرط في العقد لا يقتضي إيجابه الخيار مع ان إمكان الانتفاع به بالعتق مخصوص ببعض صور المسئلة و بالجملة فالأصل لزوم العقد و كون النّقص و الضّرر على من انتقل اليه بعد ان كان حادثا بعد العقد و لا مخرج عن ذلك إذ ليس هو تلفا كي يجري قاعدة كون التّلف قبل القبض من مال البائع مع انّ جريانها يقتضي انفساخ العقد لا الخيار كما قالوا و هم ادرى بمواقع كلماتهم و أدلّة فتاويهم لكن كلاّ مكلّف بما فهم و نحن لم نفهم للخيار معنى سيّما بعد إن كان الضّرر حادثا بعد العقد فتدبّر جيّدا لعلّك تقف على مستند يمكن الركون إليه في ذلك و يصحّ العروج عليه فيما هنالك فروع الأوّل انّ إطلاق كلماتهم يشمل ما لو أمكن استخلاصه و لو بعد حين و ما لو لم يمكن أصلا و الأجود على فرض تسليم الخيار تخصيصه بالصّورة الأولى و امّا الثانية فالأقوى فيها انفساخ البيع من رأس لما مرّ في مسئلة كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع من ان تعذّر الوصول الى المبيع كالتلف في انفساخ العقد به لرواية عقبة المنجبرة الّتي موردها السّرقة بل لعلّ العرف يطلقون التّلف على تعذّر الوصول فيشمله النّبوي (- ص -) (- أيضا -) الثّاني انّ إطلاق كلماتهم يشمل ما لو تمكّن المشترى من استعارته من الغاصب في زمان يسير و قصّر و ما لو لم يتمكّن من ذلك بل ربّما صرّح بالتّعميم بعض الأواخر و لعلّه لوجوب التسليم على البائع فلا يجب على المشترى السّعى في مقدّمات ذلك و التسلّم من غير تسليم البائع و فيه نظر ظاهر ضرورة بنائهم الخيار على الضّرر فإذا أمكنه الاستخلاص و ترك كان هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه الاّ ان يقال انّ الضّرر قد ورد عليه و المكلّف بالتسليم غيره و الأصل عدم وجوب الدّفع عليه الثّالث انّه لو اختار الصّبر ففي جواز الفسخ له بعد ذلك وجهان من الأصل و من استصحاب الخيار بل وجود سببه و هو التضرّر في كلّ ساعة و انّه كما لو انقطع المسلم فيه فأجاز ثمَّ أراد الفسخ و من هنا اختار العلاّمة (- ره -) في محكي (- كرة -) الجواز الرّابع انه ان تلف المبيع في الفرض في يد الغاصب فان كان بدون اختيار المشترى الصّبر و لا تصرف منه في العين بالعتق و نحوه فلا إشكال في انّه من مال البائع فينفسخ البيع و يرجع المشترى على البائع و البائع على الغاصب و إن كان مع اختيار الصّبر بدون تصرّف فيه فوجهان ظاهر (- لك -) بل صريحه اختيار الانفساخ و لعلّه لإطلاق ما دلّ على كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع و احتمل بعضهم كون ذلك بمنزلة القبض نظرا الى كون الرّضا المذكور قبضا و استضعفه في الجواهر ثمَّ قال بل لو تصرّف في المبيع بنظر أو لمس و نحوه و هو في يد الغاصب لم يكن قبضا عرفا بل الرّضاء بالبقاء في يد البائع ليس قبضا فضلا عن الغاصب كما صرّح به خبر عقبة بن خالد المتقدّم انتهى و ما ذكره قوىّ متين ثمَّ انّ ذلك إذا كان التّلف في يد الغاصب أو البائع بافة من اللّه تعالى امّا إذا كان منهما أو من أجنبيّ فالظاهر جريان الخلاف السّابق في باب تلف المبيع قبل القبض بغير الآفة السّماويّة من الرّجوع الى مقتضى القاعدة أو تخيّر المشترى بين الرّجوع بالثمن أو مطالبة المتلف بالمثل أو بالقيمة بل قد (- يق -) انّ التّلف في يد الغاصب بافة من اللّه تعالى بمنزلة إتلاف الغاصب لا يقضى بانفساخ البيع بل هو كإتلاف الأجنبيّ في إيجابه الرّجوع الى احد الأمرين المذكورين من القاعدة أو الخيار لكنّه لا يخلو من بعد المطلب الثّالث انه لا يلزم البائع أجرة المدّة الّتي استوفاها الغاصب و ذلك هو احد القولين في المسئلة و قد صرّح به جمع كثير منهم العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) و محكي (- ير -) و الشّهيدان في اللّمعتين و (- لك -) و المحقّق الكركي في جامع المقاصد و الصّيمري في محكي غاية المرام و المحقّق الأردبيلي و غيرهم و عن الشهيد (- ره -) في الحواشي نسبة الى إطلاق الفقهاء (- رض -) بل لم أعثر في ذلك على خلاف صريح نعم تنظر في ذلك في (- عد -) و تردّد في الكفاية و ظاهر الإيضاح ففي المسئلة وجهان فمبنى الوجه الأوّل المفتي به و هو عدم اللّزوم أصالة برأيه ذمّة البائع من ذلك ضرورة انّ المضمون عليه انّما هو العين و ما كان من توابعها الدّاخلة في البيع و ليست المنفعة من هذا القبيل و انّما هي نماء المبيع فلا تكون مضمونة و منشأ الاحتمال الثاني وجوه الأوّل انّ العين مضمونة عليه و المنفعة من توابعها فتكون مضمونة و فيه نظر ظاهر ضرورة انّ مجرّد التبعيّة لا دليل على إيجابها الضّمان بعد كون ضمان البائع مخالفا للقاعدة و كون مورد النصّ العين دون المنفعة الثاني انّ ذلك نقص دخل على المبيع قبل القبض فيكون من ضمان البائع و فيه انّ المضمون على البائع انّما هو تلف المبيع و امّا النقص الداخل عليه فكونه مضمونا عليه ممّا لا دليل عليه فيبقى تحت قاعدة كون التّلف ممّن انتقل اليه الثّالث انّ المنفعة كالنماء المتّصل و قد قيل انّه مضمون كما لو سمن في يد البائع ثمَّ هزل و فيه انّ الحق عدم ضمان البائع النماء المتّصل الحاصل بعد العقد لاختصاص دليل الضّمان بالمبيع فيبقى النماء تحت الأصل و لو سلّم فقد يقال انّ النّقص الدّاخل على المبيع من أجنبيّ ضمانه مع اختيار المشترى اللّزوم على الأجنبيّ لا على البائع فيختصّ

ص:225

(- ح -) الغاصب بالرّجوع عليه

الكلام في أحكام القبض
مسألة من أحكام الضمان انتقال الضمان ممن نقله إلى القابض

قوله طاب ثراه إجماعا مستفيضا (- اه -) قد ادّعى الإجماع في الغنية و (- ئر -) و (- مع صد -) و (- الروضة -) و المستند و الجواهر و محكي كشف الرّموز و غيرها و نفى معرفة الخلاف فيه في الكفاية و نفى الخلاف فيه عندنا في (- كرة -) و جزم بعد الخلاف فيه في مجمع الفائدة قوله طاب ثراه و مرجعه الى ما ذكره في (- كرة -) قد سبقه في ذلك الشيخ (- ره -) في (- ط -) و تبعه المحقّق و الشّهيد الثّانيان و غيرهما بل في مفتاح الكرامة انّه لا خلاف فيه بينهم قوله طاب ثراه فيوهم ضمانه بالمثل و القيمة (- اه -) قد صرّح بعدم ضمانه للمثل و القيمة جمع منهم المحقّق الثّاني (- ره -) في (- مع صد -) حيث قال ليس للمشتري مطالبة البائع بالمثل و القيمة لما قلناه من انّ معنى كونه مضمونا عليه انّه بالتّلف ينفسخ العقد و يرجع الى ملكه و ليس هو كغيره من المضمونات الّتي تضمن بالمثل أو القيمة لأنّ المشتري ما استقرّ ملكه للمبيع حيث لم يقبضه فكان متزلزلا فعند التّلف تعذّر احد العوضين فبطلت المعاوضة انتهى و غرضه انّه لا مال للمشتري حتّى يطالب البائع بعد التّلف بمثله أو قيمته و يمكن الاستدلال على عدم استحقاقه المثل و لا القيمة بوجه أخر أجلي و هو انّ استحقاق المطالبة بالمثل أو القيمة انّما هو من آثار الضّمان الّذي هو من آثار الإتلاف و هنا لا إتلاف من البائع لأنّ الفرض كما ستسمع إنشاء اللّه تعالى هو كون التلف بافة من اللّه تعالى من غير تفريط من البائع و الاّ فلو كان التلف منه أو بتفريطه ثبت الضّمان بلا ريب و حيث كان المفروض عدم كون التّلف من البائع كان حكمه حكم الأمين لا يضمن المثل و لا القيمة فتعيّن بطلان البيع من حين التّلف بدليل خاصّ هو النصّ و الإجماع كما عرفت لا الضّمان المسوغ لمطالبة المشتري البائع بالمثل أو القيمة لأنّه ممّا لا دليل عليه قوله طاب ثراه و يدلّ على الحكم المذكور (- أيضا -) رواية عقبة بن خالد (- اه -) قد رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال عن عقبة بن خالد و لا يضرّ ضعف سندها بمحمّد بن عبد اللّه بن هلال بعد انجبارها بعمل الطّائفة كما لا يقدح تضمّنها للإخراج من البيت الّذي لا يقول به احد لكون الإخراج من البيت كناية عن الإخراج عن السّلطنة و رفع اليد فلا تكون الرّواية متضمّنة لما لا يقول به احد حتّى توهن بذلك قوله طاب ثراه و لعلّ الرّواية أظهر في الدلالة (- اه -) وجه الأظهريّة ظهور الجواب عقيب السّؤال في كون التّلف من مال البائع (- فت -) قوله طاب ثراه و يترتّب على ذلك كون النّماء قبل التّلف للمشتري (- اه -) قد ذكر في الرّياض في ذلك وجهين حيث قال هل النّماء بعد العقد قبل التّلف بالآفة للمشتري أو البائع وجهان مبنيّان على انّ التلف هل هو امارة الفسخ للعقد من حينه أو من أصله ظاهر (- لك -) و غيره الأوّل مشعرا بدعوى الاتّفاق عليه و هو مقتضى القاعدة و استصحاب الحالة السّابقة لكن ينافيه ظاهر النصّ كعبارات الجماعة فيحتاج الى تقدير دخوله في ملك البائع انا ما و يكون التّلف كاشفا عنه مثل دخول الدّية في ملك الميّت و العبد المأمور بعتقه في ملك المعتق عنه و حكى الثاني في (- كرة -) وجها انتهى قلت لم افهم من (- لك -) الإشعار بالاتّفاق نعم استظهر في مفتاح الكرامة عدم الخلاف فيه و ما ذكره من كون ذلك مقتضى القاعدة لا بأس به لانّ البيع يملك بالعقد فيتبعه النّماء كما لا بأس باستصحاب ملك المشترى النّماء قبل التّلف و امّا ما ذكره من ظهور النصّ و عبائر الجماعة في خلاف ذلك فلا يخلو من نظر ضرورة انّ كون التّالف من مال البائع الموجود في النصّ و الفتوى لا اشعار فيه بكون الفسخ من أصله فضلا عن الظهور و امّا ما ذكره من التقدير ففي الجواهر انّه قد لا يحتاج اليه و يكون المراد من النصّ و الفتوى ان حكم هذا التّالف ما لو كان مالا للبائع أي لا يستحقّ بالعقد ثمنا على المشترى بمعنى انّه يبطل اثر العقد بالنّسبة الى ذلك و إن كان قد تلف و هو على ملك المشترى و أقصاه تحكيم النّبوي المنجبر بعمل الأصحاب على غيره ممّا يقتضي خلافه و كان مقصوده المقدّر مراعاة رجحان الجمع على الطّرح انتهى و أقول انّ ما ذكره (- قدّه -) لا يخلو من إجمال و توضيحه انّ لنا قاعدتين إحديهما ملك المشترى المبيع بنفس العقد و الأخرى كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع و صاحب الرّياض (- قدّه -) زعم وقوع التّعارض بين القاعدتين و كون حكمهم بالدّخول انا ما في ملك البائع قبل التّلف و كون التّلف كاشفا عنه مسوقا لدفع ما زعمه من الإشكال فاعترض عليهم بعدم الظّهور من النصّ و غرض صاحب الجواهر (- ره -) هو الاعتراض عليه بان ما ذكره جمع بين القاعدتين جميعا و لكن فيه ما لا يخفى بل الرافع لإشكال التعارض ما ذكر عند الكلام في أصل المسئلة من انّ التعارض بين هذه القاعدة و قاعدة ملك المشترى المبيع بنفس العقد انّما هو على وجه العموم و الخصوص المطلق فأدلّة هذه القاعدة مخصّصة لأدلّة تلك و امّا تصريحهم بالدّخول انا ما في ملك البائع قبل التّلف فالوجه فيه انّما هو الاقتصار فيما خالف الأصل على القدر المتيقّن لأنّهم لمّا فهموا من الأخبار عدم مطالبة البائع بالمثل أو القيمة كما هو ظاهر قوله عليه السّلام من مال بائعه لأنّ قضيّة نسبة المال إلى البائع هي ان يكون قد خرج عن ملك المشترى و دخل في ملك البائع و ضمان المثل و القيمة انّما يتصوّر ان لو كان التّلف من مال المضمون له و انّما يجب عليه دفع الثّمن الّذي دفعه المشتري اليه و كان ذلك في الحقيقة انفساخا وجب الاقتصار في محلّه على المتيقّن و هو أخر زمان قد اتّصل بحين التّلف و لذا حكموا بانّ النّماء المتجدّد بين العقد و التّلف للمشتري فلم يبق الاّ استبعاد دخوله في ملكه قبل التّلف انا ما بلا دليل و فيه انّ الدّليل موجود بعد ان تبيّن دلالة الرّواية عليه بضميمة الأصل مضافا الى انّه لما انعقد الإجماع على عدم ملك العوض و المعوّض بلا تجدّد سبب من إتلاف و نحوه من احد المتعاقدين و قام الدّليل هنا على استحقاق المشترى لما دفعه من الثمن مع انّه مالك للثمن الى حين تلفه لوجوب استمرار حكم العقد وجب الحكم برجوع المثمن الى ملك البائع و الثمن الى ملك المشترى في ان التّلف جمعا بين الأدلّة كما وجب الحكم بدخول الدّية في ملك الميّت انا ما فأجروا عليها حكم المتروكات فتقضي منها ديونه و تخرج الحقوق و تقسم بين الورثة على نحو سائر الماليّات و لذا ترى انّ الشّهيد الثاني (- ره -) لما نقل في (- لك -) عن (- كرة -) وجها بانّ الفسخ هنا بانّ الفسخ هنا يكون من أصله قال و عليه فلا يحتاج الى تقدير دخوله في ملكه و ما هذا الاّ من جهة إلغاء الأصل الموجب لتنزيل الرّواية على ما قرّرناه و عدم حصول الموجب الّذي ذكرناه و بانفساخ العقد من أصله لا يحصل جمع بين ملك العوض و المعوّض حتّى يحتاج الى التقدير بل ينكشف بالتّلف عدم ملك المشترى للمثمن أصلا قوله طاب ثراه و فيه معناه الرّكاز الّذي يجده العبد قال في المصباح المنير الرّكاز المدفون من المال في الجاهليّة فعال بمعنى مفعول كالبساط بمعنى المبسوط و الكتاب بمعنى المكتوب و يقال هو المعدن و أركز الرّجل اركازا وجد ركازا انتهى قوله طاب ثراه و عليه يحمل رواية عقبة (- اه -) هذه هي الحجّة في إلحاق تعذّر الوصول اليه بالتّلف حيث انّ موردها السّرقة و الاّ فمقتضى القاعدة هو قصر الحكم على ما يصدق معه التّلف عرفا لاقتضاء

ص:226

لزوم الاقتصار فيما خالف أصالة بقاء ملك المشترى التّالف المقتضى لكون التّلف منه على مورد النصّ و هو التّلف قبل القبض فكلّما صدق هذا العنوان جرى الحكم و يرجع في غيره الى الأصل قوله طاب ثراه لبقاء الماليّة (- اه -) الوجه في بقائها هو إمكان الانتفاع به بعتق و نحوه قوله طاب ثراه و في غير موضع ممّا ذكره تأمّل (- اه -) لعلّ من جملة مواضع التأمّل إطلاقه كون وقوع الدّرة في البحر و انفلات الطّير و الصيد من التّلف مع انّ ذلك مقيّد بما إذا لم يكن استعادته و قد كان عليه تقييده بذلك إذ قد يرجى استعادته كما جعل رجاء عود العبد مانعا من الانفساخ و منها تقويته سلطنة البائع على فسخ العقد بمجرّد هرب المشترى مع انّه غير مندرج في شيء من عناوين الخيارات قوله طاب ثراه فلو وقع بغير إذن ذي اليد كفى (- اه -) الوجه في ذلك هو دوران الحكم مدار القبض الّذي هو الأخذ و الأصل عدم اشتراط كونه بإذن ذي اليد قوله طاب ثراه و لو لم يتحقّق الكيل و الوزن (- اه -) يأتي في باب بيع ما لو لم يقبض توضيح الحال في ذلك إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه لا يخلو السّقوط من قوّة و ان لم نجعله قبضا (- اه -) لم افهم وجه القوّة بل هو ممّا لا وجه له أصلا إذ بعد كون الحكم مرتّبا في النصّ و الفتوى على القبض و عدم صدق القبض لغة و لا عرفا و لا شرعا على التخلية كما هو الفرض يصدق على التّلف بعد التّخلية قبل القبض انّه تلف قبل القبض فيترتّب عليه كون التّلف من البائع و مثله الحال في وضع اليد من دون نقل بناء على اعتبار النّقل فيه قوله طاب ثراه فالظّاهر عدم الخلاف (- اه -) قد تنظر في الحكم سيد الرّياض و لعلّه للإطلاق و منع انصرافه الى غيره فيكون التّلف من البائع و العقد منفسخا بذلك و يرجع هو على البائع بالثمن و البائع عليه بمثل المبيع إن كان مثليّا أو قيمته إن كان قيميّا و لعلّ هذا أشبه لمنع الانصراف المبنى على شيوع الاستعمال المفقود في المقام و لا أقلّ من الشكّ المورث لتحكيم أصالة الإطلاق (- فت -) قوله طاب ثراه ففي كونه كالتّلف السّماوي وجهان من استصحاب الضّمان الثابت قبل تصرّفه جهلا و من انّه قد تصرّف في ملكه و أتلفه فلا يكون ضمانه على البائع و لا تغرير منه حتّى يزول اثر فعل المالك و انّ النصّ منصرف الى غير الفرض (- فت -) قوله طاب ثراه لعموم التّلف في النصّ (- اه -) فان قوله عليه السّلام من مال صاحب المتاع حتّى يقبض المتاع دالّ على علّية عدم قبض المبيع لكون التّلف من البائع و النبوي (- ص -) (- أيضا -) يشمل بإطلاقه للفرض قوله طاب ثراه فيتخيّر المالك (- اه -) فيه انّ تخيير المالك لا وجه له إذ لا ضرر عليه و انّما الضّرر على المشترى حيث لم يسلم له المبيع و لم يسلّم اليه قوله طاب ثراه اقويهما العدم (- اه -) وجه القوّة انّ جواز الحبس على خلاف القاعدة فيلزم الاقتصار فيه على مورد النصّ و هو نفس المبيع و بدليّة القيمة لا تقتضي جريان جميع احكام العين عليها قوله طاب ثراه الاّ انّ المتعيّن منها هو التخيير (- اه -) (11) لا يخفى عليك انّ الأظهر هنا هو انفساخ البيع لان مورد خبر عقبة هي السّرقة الّتي هي أخذ الأجنبي للمبيع فلا وجه لترك الحكم في مورد النصّ و جعل إتلاف من لا يعرف بعينه كالسّرق من التّلف السّماوي كما صدر من شيخ الجواهر (- ره -) و غيره إن كان جعل اصطلاح فلا مشاحة فيه لكن لا يضرّنا و لا ينفع الخصم و إن كان بيانا لمفهوم الرّواية ففي غاية السّقوط و تعليل استحقاق المشتري إلزام الأجنبيّ بالمثل أو القيمة بإتلافه عليه ماله لا وجه له بعد افادة النصّ خروج المبيع من ملكه الى ملك البائع و حرمة الإتلاف على الأجنبي لكونه عاديا فيطالب (- ح -) بما أتلفه لا ينافي تحقّق الانفساخ به للنصّ و إن كان اثما بالفعل

مسألة تلف الثمن المعين قبل القبض كتلف المبيع المعين

قوله طاب ثراه و بالجملة فالظّاهر عدم الخلاف في المسئلة (12) بل يظهر من بعضهم دعوى الاتفاق عليه و عن ظاهر (- ف -) دعوى الإجماع عليه لكن لا يخفى عليك انّ ظاهر قصر جماعة على ذكر البيع هو عدم لحوق الثمن بالمبيع في الحكم المذكور و به افتى بعض الأواخر صريحا نظرا منه الى انّ الحكم مخالف لقاعدة انتقال كلّ من العوضين بنفس العقد المقتضية لكون التّلف ممّن انتقل عليه فيقتصر في الخروج عنها على مورد النصّ و الإجماع و هو المبيع و يبقى الثّمن تحت القاعدة قوله طاب ثراه و يمكن ان يستظهر من رواية عقبة (- اه -) (13) ربّما نوقش في ذلك بانّ الضّمان فيه أعمّ من الانفساخ الحاصل بتلف المبيع و فيه نظر قوله طاب ثراه بناء على صدق المبيع على الثمن (- اه -) (14) أراد بالصّدق لغة و التفرقة في العرف و إن كانت موجبة للقصر على المبيع لكون الخطاب محمولا على العرفي عند التّعارض الاّ انّ ذلك موقوف على العلم بتحقّق العرف في أيّام صدور الخطاب و الأصل عدمه قوله طاب ثراه كما قال في (- كرة -) (- اه -) (15) غرضه بنقل العبارة إثبات صدق المبيع على الثمن بإطلاق العلاّمة (- ره -) إيّاه عليه و الإنصاف ان صدق المبيع على الثمن لغة غير معلوم و إطلاق العلامة (- ره -) أعمّ من الحقيقة قوله طاب ثراه و ظاهر هذا الكلام كونه مسلّما بين الخاصّة و العامّة (16) قلت الخروج عن القاعدة المقتضية لكون التّلف ممّن انتقل اليه بمثل ذلك مشكل فالقصر على البيع أقوى و اللّه العالم ثمَّ انّه بقي فرع لم يتعرّض له (- المصنف -) (- ره -) و هو انّه لو كان عدم القبض لامتناع المشترى من التسلّم فقد صرّح جمع بكون التّلف منه بل نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه تمسّكا بالأصل السالم عن معارضة القاعدة بعد انصرافها الى غيره و لي في ذلك نظر و إشكال لأنّ الانصراف على فرض تسليمه لا يجري في خبر عقبة لكون مورده عدم القبض لامتناع المشترى فان قلت انّ الرّواية ضعيفة قلت قد انجبرت بالشهرة و صارت حجّة بديعة فما معنى رفع اليد عنها و التعلّق بالأصل و كذا الحال فيما لو كان التّأخير بالتماس منه بعد العرض عليه و التمكين منه نعم بناء على القول بكون القبض هو التخلية يكون التمكين و التخلية قبضا و يكون التّلف بعد ذلك من المشترى لكن قد عرفت انّ القول بكون القبض عبارة عن التخلية بمعزل عن التحقيق بل القبض من البائع هو الإعطاء و من المشترى هو الأخذ فينبغي استعلام انّ القبض المعلّق عليه انتقال الضّمان إلى المشتري هل هو بمعنى إعطاء البائع أو أخذ المشترى و الحقّ انّ المدار على حصولهما جميعا لأصالة بقاء الضّمان و كون مورد خبر عقبة ترك المشترى المبيع في يد البائع المستلزم لكون المدار على أخذ البائع فالقول بالضّمان لا يخلو من قوّة ان لم يكن إجماعا على خلافه

مسألة لو تلف بعض المبيع قبل قبضه
اشارة

قوله طاب ثراه و فيه تأمّل (- اه -) (17) لعلّ وجهه اتّحاد نقصان الجزء و نقصان الصّفة في الحكم لاشتراكهما في الاندراج تحت النّقص عن الخلقة الأصليّة الّذي هو ميزان العيب الموجب للخيار بين الرد و الأرش فجعل نقصان الجزء أظهر بالنّسبة إلى ثبوت الأرش من نقصان الوصف ممّا لا وجه لكن ظاهر قول الماتن (- ره -) بعد ذلك بل ظاهر (- يع -) (- اه -) هو كون تأمّله في أصل ثبوت الأرش هنا و عليه فوجه التأمّل ما سيأتي من حجّة القول بعدم ثبوت الأرش قوله طاب ثراه فتأمّل (18) لعلّ وجهه انّ عبارة (- يع -) انّما نطقت بالتردّد في ثبوت الأرش في صورة نقص القيمة بسبب حدوث حدث فيه و التردّد ليس ظاهرا في العدم

الكلام في حكم العيب الحادث قبل القبض

قوله طاب ثراه و الظاهر المصرّح به في كلام غير واحد (- اه -)

ص:227

قد صرّحوا بذلك هنا و في فروع بيع الحيوان و فروع العيب بل قطع به في المهذّب البارع و نفى الخلاف فيه في مجمع الفائدة و الكفاية و الجواهر و غيرها و استظهر اتّفاق الأصحاب عليه في (- ئق -) و كشف الظّلام و في باب بيع الحيوان من (- الروضة -) انّه موضع وفاق و عن كشف الرّموز الإجماع عليه و لكن اعترف جماعة بعدم العثور في ذلك على نصّ و عليه فان تمَّ الإجماع كان هو الحجّة و الاّ فللتأمّل مجال واسع لبقاء قاعدة كون النّقص على من انتقل اليه بعد حدوثه في زمان استقرار ملكه عليه سليمة عن المتعارض و ربّما تعلّق في الجواهر في ذلك بأصالة صحّة العقد و الضّرر بإلزامه بقبوله على هذا الحال و انّه قد علم من حكم التّلف قبل القبض إرفاق الشارع بالمشتري خاصّة دون البائع و جبر ضرره المشابه للانفساخ انّما هو بالخيار و أنت خبير بما فيه ضرورة انّ الثابت سابقا انّما هو الصّحة و اللزوم معا فاستصحاب أحدهما و هو الصّحة دون الأخر و هو اللّزوم ممّا لا وجه له و امّا ما أشار إليه من علّة الإرفاق ففيه انّه علّة مستنبطة لا اعتماد عليها في تأسيس الأحكام الشرعيّة مع انّ لازم إلحاق نقص القيمة بالتّلف هو ابطال البيع كما في الأصل لا إثبات الخيار نعم لا بأس بقاعدة الضّرر في نفسها الاّ انّه لا مجرى لها في قبال كون النّقص على من وقع النّقص في ملكه و (- أيضا -) كما انّ إلزام المشتري بقبول النّاقص ضرر عليه فكذا إلزام البائع باسترداد المبيع ناقصا ضرر عليه و لا مزيّة لضرر المشترى ان لم تكن المزيّة لضرر البائع الموجبة لتقديم حاله نظرا الى عدم وقوع النّقص في ملكه بل في ملك المشترى و بالجملة فما تعلّق به في إثبات الحكم لا وجه له فالأولى التعلّق في ذلك بالنبوي (- ص -) كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه و خبر عقبة بضميمة عدم القول بالفصل بين التّلف و نقص القيمة بعيب حادث فان تمَّ ذلك كان هو الحجّة و الاّ كانت القاعدة المشار إليها محكمة ثمَّ ان غير واحد من الأواخر منهم صاحب الجواهر (- ره -) صرّح بعدم الفرق في ذلك بين كون العيب بافة سماويّة أو بفعل البائع أو الأجنبيّ و إطلاق كلمات الباقين يقضى بعدم الفرق نعم صرّح كاشف الظلام و غيره باختصاص الحكم بما إذا كان نقص القيمة بعيب حادث في المبيع فلو كان لتفاوت السّوق لم يثبت الخيار فأصالة اللّزوم بالنّسبة إلى النّقص الحاصل من تفاوت السّوق محكمة ثمَّ انّه كما لا خلاف في انّ للمشتري في الفرض الردّ فكذا لا خلاف في انّ له الإمساك مجّانا بل في مجمع الفائدة انه إجماع و الوجه فيه ظاهر لتسلّط الناس على أموالهم و حقوقهم و كذا لا إشكال في جواز الإمساك مع الأرش بالتراضي من الطرفين بل نفى بعضهم الخلاف فيه و ادّعى أخر الإجماع عليه و استدلّ على ذلك بأنّه أكل مال بالتراضي و هذا كلام مجمل فان كان المراد بقاء جواز امتناع الدافع بعد ذلك و رجوعه عن عطائه و انّما هو بمنزلة الهبة فلا بأس به و إن كان المراد انّه يجوز التّعاوض على الردّ بدفع الأرش في مقابلة قهر البائع عليه فمن المعلوم انّ ذلك لا يكون الاّ بطريق الصّلح عن الحق و (- ح -) فالدّليل على المطلوب هو عموم أدلّة العقود و أدلّة الصّلح و على اىّ حال فلا إشكال في الحكم قوله طاب ثراه ففي (- ف -) عدمه مدّعيا عدم الخلاف فيه (- اه -) قال في (- ف -) إذا حدث بالمبيع عيب في يد البائع كان للمشتري الردّ و الإمساك و ليس له اجازة البيع مع عدم الأرش و لا يجبر البائع على بذل الأرش بلا خلاف فان تراضيا على الأرش كان جائزا و به قال ابن شريح و ظاهر مذهب الشّافعي انّه لا يجوز دليلنا قوله عليه السّلام الصّلح جائزا بين المسلمين الاّ ما حرّم حلالا أو أحلّ حراما انتهى و ربّما حكى نفى الخلاف في ذلك عن (- ط -) (- أيضا -) و قد اختار هذا القول في (- ظ -) و (- ئر -) و نكت (- ية -) و محكي كشف الرّموز و غيرها و حكاه الحلّي (- ره -) عن المفيد في المقنعة قوله طاب ثراه لأصالة لزوم العقد و انّما ثبت الردّ لدفع تضرّر المشترى (- اه -) لا يخفى عليك ما في التمسّك بأصالة اللّزوم مع الالتزام بانّ له الردّ من النظر الظّاهر إذ لازم اللزوم عدم التسلّط على الردّ (- أيضا -) و كون الردّ لدفع ضرر المشترى لا ينفع بعد اندفاع الضّرر بالأرش (- أيضا -) كالردّ فلا معنى للقصر على الردّ الاّ ان يقال انّ الضرورة تقدر بقدرها فاذا كان الضرر مرتفعا بالسّلطنة على الردّ فقط لم يكن لإثبات الأرش وجه و الخروج عن أصالة اللزوم في الردّ لقاعدة الضّرر لا يوجب الخروج عنها في الأرش من دون دليل و قد يستدلّ على هذا القول بأصالة برأيه ذمّة البائع من الأرش بعد عدم كون العيب بفعل منه و بلزوم الاقتصار في الخروج عن قاعدة كون التّلف و النّقص من المنتقل اليه على القدر المتيقّن قوله طاب ثراه و اختاره العلامة و الشهيدان (- ره -) قد اختاره المحقّق (- أيضا -) في (- يع -) و (- فع -) و اختاره العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و (- شاد -) و (- كرة -) و (- لف -) و محكي (- ير -) و المقتصر و الفخر في الإيضاح و الشهيدان في اللمعتين و (- لك -) و محكي (- س -) و الفاضل المقداد في التنقيح و المحقق الكركي في (- مع صد -) و محكي تعليق (- شاد -) و الورع الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة و هو ظاهر الوسيلة و غاية المراد بل صريح الثاني (- أيضا -) قوله طاب ثراه بل عن (- لك -) انّه المشهور (- اه -) النّسبة في محلّها بل عن ظاهر (- كرة -) الإجماع عليه و إن كان هو كما ترى و حكى عن الفاضل القطيفي في إيضاح (- فع -) انّه قال الّذي يقتضيه النّظر السّليم ثبوت الخيار للمشتري بين الردّ و الأرش لكن ان اختار الأرش فللبائع الخيار في الفسخ و لم اسمع من قال بهذا من أصحابنا انتهى و أقول قد جعل أوّلا ما ذكره مقتضى النظر السّليم و اعترف أخيرا بكونه خرقا للإجماع فالذيل ينافي الصدر قوله طاب ثراه و استدلّوا عليه بانّ الكلّ مضمون (- اه -) قد يقرّر الدليل بوجه أخر و هو انّ الأرش عوض عن جزء فائت و إذا كانت الجملة مضمونة على البائع قبل القبض (- فكذلك -) اجزائها و أوصافها لأنّ المقتضي للضّمان في الجميع و هو عدم القبض موجود في الصّفات و الاجزاء فيثبت الحكم قوله طاب ثراه و أورد عليه (- اه -) ربّما قرّر الإيراد في مفتاح الكرامة بأن المشبّه به لا ضرر فيه على البائع لأنّ التّلف موجب لبطلان البيع الموجب للتسلّط على استرداد الثمن خاصّة و لا (- كك -) ما نحن فيه فانّ فيه ضرر على البائع لعدم رضاه ببذل العين إلاّ في مقابلة تمام الثمن فأخذ المبيع منه ببعضه من غير رضاه تجارة عن غير تراض و يؤيّده انّ المال للمشتري فيكون العيب و التّلف منه خرج التّلف بدليله و بقي الباقي و لا ينتقض بأخذ الأرش في العيب السّابق على العقد بدعوى ورود دليل المنع فيه (- أيضا -) لانّه مع علم البائع بالعيب فلا نقض إذ قد يكون الوجه في أخذ الأرش المقابلة له بإقدامه على الضرر و التغرير و امّا مع الجهل فيدفع بالإجماع و فيه بلاغ مضافا الى الاعتبار و النّصوص ان تمّت دلالتها على ذلك لكن قد يدعى في المقام الأولويّة العرفيّة و هي حجّة هذا و قد تبعه في تقرير الردّ بهذا الوجه كاشف الظّلام و هو كما ترى و ليت شعري كيف صار دفع الأرش و أخذ الثمن المسمّى ضررا على البائع و لم يكن ردّ الثمن إلى المشترى و فوات وصف المبيع منه ضررا قوله انّ التّلف موجب لبطلان البيع الموجب للتّسلّط على استرداد الثّمن خاصّة مردود بانّ التّلف و ان أوجب استرداد الثمن خاصّة لكن

ص:228

مع عدم بقاء شيء للبائع بخلاف المقام الّذي لا يفوت منه الاّ مقدار الأرش فكيف عدّ الأرش ضررا عليه و ذهل عن كون ذهاب وصف المبيع ضررا عليه الاّ ان يجيب بانّ ضرر ذهاب الوصف ينجبر بتسلّطه على الفسخ و بعد ارتفاع الضّرر بالسّلطنة على الفسخ لا يبقى لإثبات الأرش وجه فتأمّل ثمَّ انّ الأولى تقرير الإيراد على أصل الدّليل بوجه أخر و هو انّ مقتضى القاعدة هو كون التّلف و النّقص ممّن انتقل اليه خرجنا عن ذلك في تلف العين كلاّ أو بعضا بالنّبوي و غيره و بقي فوات الوصف بعد عدم صدق التّلف عليه و عدم اندراجه في النّبوي و غيره تحت القاعدة و من هنا ظهر سقوط ما يذكره الماتن (- ره -) في دفع الإيراد و تنقيح القول بثبوت الأرش بقوله و يدفع بان وصف الصّحة لا يقابل ابتداء (- اه -) و قد تفطّن هو (- قدّه -) (- أيضا -) لذلك فقال في ذيل كلامه انّه قد يشكل الحكم المذكور بعدم الدليل على ضمان الوصف (- إلخ -) مضافا الى ما يخطر بالبال القاصر من انه على فرض لحوق فقد الوصف بالتّلف فاللاّزم انفساخ العقد فيه كانفساخه في التّلف و اين ذلك من ثبوت الأرش و السّلطنة على الردّ فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و يؤيّد ما ذكرنا من اتّحاد معنى الضّمان (- اه -) ربّما جعل الصّحيحة بعضهم دليلا للقول بثبوت الأرش بتقريب انّ الحدث بإطلاقه أو عمومه النّاشى من ترك الاستفصال يشمل نقص الجزء و الصّفة و قد اثبت ضمانه على البائع و كون بعض ما في الخبر و هو توقّف الملك على انقضاء الخيار متروك الظاهر غير ضائر على انّه قد يحمل صيرورة المبيع على استقراره و لزومه و قد يحمل مصير المبيع اليه على ارادة قبضه و ان بعد و القول بانّ الظاهر من الحدث ما كان من قبيل الموت خلاف الظّاهر كذا قيل في توجيه الخبر و أنت خبير بأنّه لو سلّم ذلك ففيه قصور من وجه أخر هو عدم دلالته على ان تعلّق الضّمان بالبائع مشروط بكونه قبل القبض بل هو دالّ على تعلّقه به قبل انقضاء زمان الخيار و قد ينقضي الخيار قبل القبض و قضيّة المفهوم (- أيضا -) ان ليس عليه في هذه الصّورة ضمان و ذلك خلاف غرض المستدلّ و تتميم المطلوب بعدم القول بالفصل بين كون الضّمان في زمان الخيار على البائع و بين كونه بعد انقضائه قبل القبض كما ترى و ربّما استدلّ في (- لف -) و الإيضاح و التنقيح على هذا القول بوجه ثالث و هو انّ إلزام المشتري بالردّ أو الإمساك مجّانا نوع ضرر عليه إذ الحاجة أقدمته على المعاوضة و الاّ لم توجد فإلزامه بجميع الثمن ضرر عظيم لانّه دفعه في مقابلة الجميع بصفاته فلا يجب دفعه عن العوض و فيه ما مرّت إليه الإشارة من انه كما ان إلزام المشتري بالردّ أو الإمساك مجانا ضرر عليه فكذا إلزام البائع بدفع الأرش ضرر عليه و كما انّ المشترى دفع الثمن في مقابلة الجميع بصفاته فكذا البائع قد دفع المبيع في مقابل جميع الثمن و العيب حدث في ملك المشترى و لقد أجاد سيّدنا في مفتاح الكرامة حيث قال في مقام الجواب انّ حاجة المحتاج لا تؤثر أثرا في مال أخر و هؤلاء الفقراء محتاجون إلى أموال الأغنياء و مع ذلك لا يجوز أخذهم منهم قهرا شيئا قوله طاب ثراه فان كان هو المشترى فلا ضمانه بأرشه (- اه -) قلت و لا بالردّ و الوجه في ذلك ظاهر لأنّه بمنزلة إتلافه الجميع لاختصاص دليل الخيار بما إذا لم يكن هو المباشر لإحداث العيب و احتمال الانفساخ في إتلاف الجميع مع رجوع البائع عليه بالمثل و القيمة مع تسليمه في نفسه لا مساغ لجريانه هنا مع ان فساد الاحتمال المذكور كنار على علم لاختصاص دليل كون الضمان على البائع ما لم يقبض المبيع بما إذا كان التّلف أو التعيّب بغير فعل المشترى بحكم الانصراف قوله طاب ثراه و الاّ كان له على الجاني أرش جنايته (- اه -) اى ان لم يكن العيب من المشترى و لا بافة سماويّة بأن كان بفعل الأجنبي كان للمشتري على الجاني أرش جنايته لما أشار إليه الماتن (- ره -) ثمَّ انّ إطلاق العبارة يشمل ما إذا كان العيب بفعل أجنبيّ أو بفعل البائع و لكن في صورة كون العيب بفعل البائع وجوه ثلثة أحدها ثبوت الخيار بين فسخ العقد و الإمساك بالأرش افتى به في (- لك -) حيث قال انّه لو كان العيب من البائع أو من أجنبيّ تخيّر المشترى بين الرّجعة على المتلف بالأرش و بين فسخ العقد انتهى و الوجه في الخيار إطلاق دليله و في الأرش ضمان من أتلف ثانيها ثبوت الأرش من غير خيار نظرا الى انصراف إطلاق دليل الخيار لما إذا كان التّلف من غير البائع فلا يثبت إلاّ الأرش للإتلاف ثالثها عدم ثبوت الخيار لانصراف دليله الى غير الفرض و عدم ثبوت الأرش لأنّ الأرش ظاهر في التفاوت بالنّسبة إلى الثمن و اللاّزم انّما هو ثبوت ما بين القيمتين فتدبّر قوله طاب ثراه و مع الفسخ يرجع البائع على الأجنبيّ بالأرش الوجه في ذلك ظاهر ضرورة كون المبيع بالفسخ مال البائع فيكون هو المطالب للأجنبي بالأرش هذا إذا فسخ المشترى العقد و امّا لو لم يفسخ فهل يرجع الى البائع بعوض النّقص أو الى التلف وجهان من انّ المبيع في ضمان البائع فيكون هو المطالب بالتفاوت غاية ما هناك انّه يرجع به على المتلف و من انّ ضمان البائع للمبيع بالنّسبة الى ما إذا كان التّلف من الأجنبي غير معلوم فلا رجوع عليه بل على المتلف و الإنصاف شمول دليل كون المبيع في ضمان البائع لما إذا كان التّلف بفعل أجنبيّ فيكون مخيّرا بين الرّجوع على كلّ من البائع و المتلف كما في الغصب

الأقوى حرمة بيع المكيل و الموزون قبل قبضه إلا تولية

قوله طاب ثراه لصحيحة منصور بن حازم المرويّة في الفقيه (- اه -) و رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه و صحيح الحلبي في الكافي (- اه -) رواه في الكافي عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان و فضالة بن أيّوب عن ابان جميعا عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و دلالته مبنيّة على كون كلمة لا يصلح دالّة على الحرمة و امّا بناء على انّها من الألفاظ المشتركة فلا تدلّ إلاّ بمعونة باقي الأخبار و (- أيضا -) مورده البيع قبل الكيل و الوزن فلا ربط له بالبيع قبل القبض ثمَّ انّ الاستدلال به مع ان مورده الطّعام انما هو لدلالته على بعض المطلوب قوله طاب ثراه و صحيحة الأخرى في الفقيه (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) (- أيضا -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي و موضع الدّلالة ذيلها حيث يدلّ على المنع من بيع الطعام بل مطلق المكيل بحكم عموم العلّة و دلالته على بعض المدّعى و هو المستثنى منه و لا تعرّض فيه للمستثنى و هو جواز البيع قوله طاب ثراه اشتروا بزّا البزّ من الثّياب أمتعة التّاجر و منه البزّاز قوله طاب ثراه و رواية معاوية بن وهب (- اه -) هذه (- أيضا -) صحيحة السّند لانّ الشيخ (- ره -) رواها بإسناده عن الحسين بن سعيد عن علىّ بن النّعمان عن معاوية بن وهب ثمَّ انّه قال في الوافي بعد ذكر الحديث ما لفظه يعني الاّ ان يبيعه تولية أي الثّمن الّذي اشتراه و هو معنى الّذي قام عليه انتهى و أنت خبير بأنّ الّذي قام عليه يشمل غير الثمن (- أيضا -) و يشهد بذلك ما ذكره العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) حيث قال و لبيع المرابحة عبارات أكثرها دورانا على الألسنة ثلثة الأولى بعتك بما اشتريت أو بما بذلت من الثمن و ربح كذا الثّانية بعتك بما قام علىّ و ربح كذا أو بما هو علىّ و ربح كذا الثّالثة بعتك برأس المال و ربح كذا فاذا قال بالصّيغة الأولى لم يدخل فيه إلاّ الثمن خاصّة و إذا قال بالثانية دخل فيه الثمن و ما عزمه من اجرة الدّلال و الكيال و الحمّال و الحارس و القصار

ص:229

و الرّفاء و الصّباغ و الخياط و قيمة الصّبغ و اجرة الختان و تطيين الدّار و سائر المؤن الّذي يحفظ فيه المتاع لانّ التربّص ركن في التجارة و انتظار الأرزاق و امّا المؤن الّتي يقصد بها استيفاء الملك دون الاسترباح كنفقة العبد و كسوته و علف الدابة فلا تدخل فيه انتهى و على هذا فيستفاد من الرّواية وقوع التولية على الوجه الّذي تضمّنته هذا و لكن لي في انطباق الرّواية على محلّ البحث نظر من حيث انّ السّؤال و إن كان عن البيع قبل القبض الاّ انّ الجواب بعدم جواز بيع المكيل و الموزون الواقع عليهما الشراء من غير كيل و لا وزن الا بعد ان يكيله أو يزنه اخرج الرّواية عما نحن بصدده فانّ هناك أمرين أحدهما عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض و الأخر عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل ان يكال أو يوزن و المسئلتان انّما يرجعان إلى أمر واحد ان قلنا انّ القبض في المكيل و الموزون هو الكيل و الوزن و امّا على ما حقّقناه من كونه بمعنى الأخذ (- مط -) أو على الأقوال الأخر فالموضوعان متغايران و لا يكون الحكم في أحدهما حكما في الأخر فإنّه (- ح -) لو كيل و وزن بمحضر المشترى و لكنه لم يأخذه و لم يتسلّمه فلازم الخبر المذكور صحّة البيع و لازم القول بتوقّف صحّة بيع المكيل و الموزون على القبض عدم الصّحة و (- أيضا -) لو لم يكل و لم يوزن لكن المشترى قبضه فلازم القول المذكور صحّة بيعه له و لازم الرّواية عدم الصّحة كما لا يخفى قوله طاب ثراه و صحيحة منصور في الفقيه قد رواها الشيخ (- ره -) (- أيضا -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد عن ابان عن منصور قوله طاب ثراه و صحيح الحلبي (- اه -) لم أقف على سند هذه الرّواية و كفى بالماتن (- ره -) مصحّحا قوله طاب ثراه و خبر حزام (- اه -) رواه الحسن بن محمّد الطّوسي في مجالسه عن أبيه عن ابن حمويه عن الهزالى عن أبي خليفة عن مسدّد بن شرهد عن ابى الأحوص عن عبد العزيز بن رقية عن عطا بن ابى رياح عن حزام بن حكيم بن حزام قوله طاب ثراه و مفهوم رواية خالد بن الحجّاج رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن مسكان عن ابن الحجّاج الكرخي و زاد بعد ما في المتن من قوله كما اشتريت قوله و ليس لك ان تدفع قبل ان تقبض قلت فاذا قبضته جعلت فداك فلي أن أدفعه بكيله قال لا بأس بذلك إذا رضوا قوله طاب ثراه و مصحّحة على بن جعفر (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن علىّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام انه سئل أخاه موسى بن جعفر عليهما السّلام عن الرّجل إلى أخر ما في المتن و زاد قوله و سئلته عن الرّجل يشترى الطّعام أ يحلّ له ان يولّى منه قبل ان يقبضه قال إذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فإن ربح فلا بيع حتّى يقبضه و الى هذه الزّيادة أشار الماتن (- ره -) بقوله و في معناها روايته الأخرى و روى في الوسائل عن كتاب علىّ بن جعفر و عن الحميري في قرب الإسناد عن عبد اللّه بن الحسن عن علىّ بن جعفر و متنه مثل ذلك في السّؤالين و الجوابين جميعا و إذ قد عرفت ذلك كلّه فاعلم انّ صحيحة منصور الأولى و رواية معاوية بن وهب و صحيحة علىّ بن جعفر المزبورات منطبقة على تمام مدّعى الماتن (- ره -) من حرمة بيع المكيل و الموزون قبل القبض مرابحة و جواز البيع تولية و بها و مثلها في الانطباق على تمام مدّعى الماتن (- ره -) خبران اخران أحدهما خبر ابى بصير الآتي في المتن ثانيهما الموثق الّذي رواه الشيخ (- ره -) (- أيضا -) بإسناده عن الحسين بن سعيد (- ره -) عن ذرعة عن سماعة قال سئلته عن الرّجل يبيع الطّعام أو الثمرة و قد كان اشتراها و لم يقبضها قال لا حتّى يقبضها الا ان يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم من نصيبه من شركته بربح أو يولّيه بعضهم فلا بأس و بهذه الأخبار يجمع بين الأخبار الأخر و امّا سائر ما ساقه الماتن (- ره -) من الاخبار فدلالتها على تمام مدّعاه بالاجتماع و الاّ فكلّ منها متضمّن لبعض مطلوبه فإنّ صحيحة الحلبي الأولى نطقت بالشقّ الأول من مطلوبه و هو المنع من بيع المكيل قبل القبض و كذا صحيحته الأخرى و صحيح منصور الثاني و خبر حزام و مفهوم خبر خالد بن الحجّاج الكرخي و امّا صحيح الحلبي الثالث فقد تضمّن الشقّ الأوّل و كذا الثاني و هو جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض تولية الاّ انّ مورده خصوص الطّعام كما لا يخفى قوله طاب ثراه خلافا للمحكي عن الشيخين (- اه -) قال في المقنعة لا بأس ببيع ما استوجبه المبتاع قبل قبضه إيّاه و يكون قبض المبتاع الثاني له نائبا عن قبض الأول و يكره ذلك فيما يكال أو يوزن و ليس بمفسد للبيع و لا مانع عن مضيّه انتهى و قد اختار ذلك في (- يع -) و (- فع -) و (- لف -) و الإيضاح و التنقيح و (- مع صد -) و مجمع الفائدة و محكي الكافي لأبي الصّلاح و (- س -) قوله طاب ثراه و المشهور بين المتأخّرين قد ادّعى الشهرة بين المتأخرين في (- ئق -) و الجواهر (- أيضا -) و قد وقع الاستدلال في كلماتهم على هذا القول بوجوه غير ما أشار إليه الماتن (- ره -) من النّصوص و غيرها الأوّل الأصل تمسّك به في مجمع الفائدة و الظاهر انّه أراد بذلك أصالة البراءة من حرمة بيع المكيل و الموزون قبل القبض و أنت خبير بأنّ الأصل يخرج عنه بما مرّ من الأخبار الثّاني ما في المجمع (- أيضا -) من انّ عموم القران و الأخبار الدالّة على جواز البيع يدلّ على الجواز و أنت خبير بلزوم تخصيص العمومات بما تقدّم من النّصوص الخاصّة الثالث ما في المجمع (- أيضا -) من التمسّك بالعقل و لم افهم للجمع بينه و بين التمسّك بالأصل وجها الاّ ان يريد بالأصل الإباحة و البراءة الشرعيتين و بالعقل حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان و الجواب ان اىّ بيان أعظم من الأخبار المزبورة الرّابع ما في المجمع (- أيضا -) من التمسّك بقوله (- ص -) الناس مسلّطون على أموالهم و أنت خبير بما في دلالته على جواز البيع من التأمّل و لو سلّم فهو عام و يخصّ بالأخبار المزبورة الخامس ما تمسّك به هو (- ره -) (- أيضا -) من حصول التراضي و عدم المانع عقلا و عدم الخروج عن قانون و قاعدة و أنت خبير بما فيه في قبال الاخبار المزبورة و اىّ مانع أعظم من الاخبار المزبورة السّادس ما تمسّك به في (- لف -) من انّه عقد صدر من اهله و وقع في محلّه فكان سائغا كغيره و فيه منع الوقوع في محلّه بعد نطق الأخبار المزبورة بالمنع عنه السّابع ما في (- لف -) (- أيضا -) من انّ الطّعام مملوك يجوز التصرّف فيه قبل قبضه لمشتريه بجميع أنواع التصرّف فجاز له بيعه و فيه ما في سابقة قوله طاب ثراه مثل ما في الفقيه في ذيل رواية الكرخي المتقدّمة (- اه -) قد جعل الشيخ ذلك رواية مستقلّة رواها بإسناده عن خالد بن الحجّاج الكرخي قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام الى أخر ما في المتن قوله طاب ثراه و رواية جميل رواها ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن علىّ بن حديد عن جميل بن درّاج و مثلها و مثل سابقها روايات أخر تمسّكوا بها فمنها ما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن صفوان عن ابن مسكان عن إسحاق المدائني قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القوم يدخلون السّفينة يشترون الطعام فيتسامون بها ثمَّ يشتريه رجل منهم فيسئلونه فيعطيهم ما يريدون من الطّعام فيكون صاحب الطّعام هو الّذي يدفعه إليهم و يقبض الثمن قال لا بأس ما أريهم الاّ و قد شركوا الحديث و منها صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل أمر رجلا يشترى له متاعا فيشتريه قال لا بأس بذلك انّما البيع بعد ما

ص:230

يشتريه و منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال سئلته عن رجل أتاه رجل فقال اتبع لي متاعا لعلّي أشتريه منك بنقد أو بنسئة فابتاعه الرّجل من اجله قال ليس به بأس انّما يشترى منه بعد ما يملكه تمسّك بها و بسابقها في مجمع الفائدة قائلا في التّقريب ان في الابتياع مسامحة بان يشترى ثمَّ هو يشترى منه كما هو ظاهر و ان قوله بعد التملّك و بعد الشّراء كالصّريح في الجواز قبل القبض (- مط -) و اعترضه في (- ئق -) بانّ المتاع فيهما مطلق شامل بإطلاقه للمكيل و الموزون و غيرهما و الواجب تخصيصهما بما عدى المكيل و الموزون كما أفصحت به صحيحة منصور بن حازم الّتي هي أدلّ من تلك الأخبار من قوله عليه السّلام إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن (- إلخ -) فإنّها قد فصّلت بين المتاع المكيل و الموزون و غيرهما و به يجب الحكم على إطلاق الخبرين قوله طاب ثراه و من ذلك يعلم ما في الاستيناس للجمع بالكراهة بخبر ابى بصير قد روى ذلك الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمّد عن علىّ بن ابى بصير و المستأنس هو المحقّق الأردبيلي (- ره -) فإنّه استشهد أوّلا بورود أكثر أخبار المنع بلفظ لا يصلح الظّاهر في الكراهة و بهذا الخبر قائلا انّه صريح في الكراهة مرابحة و كراهة المكيل و الموزون قبل القبض و عدم البأس في غيرهما ثمَّ قال و لا يضرّ الكلام في السّند بجهل القسم بن محمّد و اشتراك غيره أو ضعفه ان علم لأنّه مؤيّد انتهى و وجه ظهور سقوط الاستيناس يأتي في كلام الماتن (- ره -) و ربّما اعترض في (- ئق -) على الاستيناس المذكور بانّ قوله عليه السّلام في الرّواية ما يعجبني أعمّ من التحريم و الكراهة و هذا اللّفظ يساوق قولهم في مواضع ما أحبّ الّذي قد وقع استعمالهم في التحريم في مواضع و سياق الخبر ظاهر في ذلك ثمَّ قال و بذلك يظهر ما في قوله و هذه صريحة في الكراهة و ما ادرى من اين حصلت له هذه الصّراحة مع الإجمال في اللّفظ المذكور و دلالة السّياق على ما ذكرنا من التحريم انتهى و هو اعتراض موجّه قوله طاب ثراه فانّ ذلك يوجب رفع الكراهة رأسا (- اه -) هذا تعليل لتبيّن سقوط الاستيناس ممّا ذكره قوله طاب ثراه و ربّما يستدلّ على الجواز بصحيحة الحلبي (- اه -) أراد بالأولى الصّحيحة الّتي رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمّد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن الرّجل يشتري الثمرة ثمَّ يبيعها قبل ان يأخذها قال لا بأس به ان وجد ربحا فليبع و بالثّانية الصّحيحة الّتي رواها هو (- ره -) بإسناده عنه عن صفوان و فضالة عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام انه قال في رجل اشترى الثمرة ثمَّ يبيعها قبل ان يقبضها قال لا بأس به و المستدلّ بهما هو المحقّق الأردبيلي (- ره -) في مجمع الفائدة قائلا في التقريب انّ الثمرة مكيل بل طعام على بعض الإطلاقات و انّ الأولى صريحة في الجواز مع إرادة المرابحة (- أيضا -) انتهى و اعترضه في (- ئق -) بانّ الخبرين ليسا من محلّ البحث حيث انّ الظّاهر من الأخبار من المكيل و الموزون هنا ما أمكن كيله و وزنه بالفعل لا بالقوّة قريبة أو بعيدة و الثّمرة انّما هي من قبيل الثاني مع انّهما أخصّ من محلّ البحث و معارضتان بموثقة سماعة المتقدّمة و بذلك يظهر ما في قوله و لا يخفى أنّ الثمرة مكيل فإنّه ان أراد بالفعل فهو ليس (- كك -) كما هو ظاهر لكلّ ناظر و ان أراد بالقوّة فهو ليس محلّ البحث الّذي دلّت عليه الأخبار قوله طاب ثراه و ربّما يستأنس للجواز بالأخبار (- اه -) جعل صاحب الجواهر ذلك من الأدلّة و حكى اتّحاد المسئلتين عن صريح (- لك -) و (- الروضة -) قوله طاب ثراه بل الظّاهر (- اه -) قلت النّصوص المزبورة (- أيضا -) شاهد بتغاير موضوع المسئلتين و يشهد بذلك (- أيضا -) انّه قال بالحرمة هنا من قال بالجواز هناك كالمحدّث البحراني (- قدّه -) قوله طاب ثراه ثمَّ انّ صريح (- ير -) و (- س -) الإجماع على الجواز في غير المكيل و الموزون (- اه -) قد ادّعى الإجماع بقسميه عليه في الجواهر و نفى الخلاف فيه في التنقيح و كشف الظّلام و يدلّ عليه الأصل و عمومات البيع و التجارة و العقود و خصوص مفهوم التقييد بما إذا كان المبيع مكيلا أو موزونا في جملة من الأخبار المزبورة و منطوق جملة أخرى مثل قوله عليه السّلام في صحيح منصور بن حازم فان لم يكن كيل أو وزن فبعه و قوله (- ع -) في خبر منصور الأخر لا بأس بذلك ما لم يكن كيل و لا وزن و خبر أبي حمزة و غير ذلك من الأخبار المزبورة الدالّة مفهوما و منطوقا على ذلك قوله طاب ثراه مع انّ المحكى في (- كرة -) عن بعض علمائنا القول بالتحريم (- مط -) (- اه -) يعنى حتى إذا لم يكن مكيلا و لا موزونا و يدلّ على هذا القول ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن احمد بن الحسن بن علىّ بن فضّال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمّار عن أبي عبد اللّه قال بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه رجلا من أصحابه واليا فقال له انى بعثت الى أهل اللّه يعني أهل مكّة فإنها هم عن بيع ما لم يقبض و عن شرطين في بيع و عن ربح ما لم يضمن لكن فيه عدم نقاء سنده فلا حجّة فيه فتبقى الأخبار المجوّزة لبيع ما لا يكال و لا يوزن سليمة عن المعارض و على فرض التعارض فهي أرجح من وجوه لا تخفى قوله طاب ثراه و التفصيل بين المكيل و الموزون و غيرهما قد قال بالتحريم في المكيل و الموزون (- مط -) و الجواز في غيرهما ابن ابى عقيل قال فيما حكى عنه في (- لف -) كلّ من اشترى شيئا ممّا يكال أو يوزن فباعه قبل ان يقبضه فالبيع باطل و إن كان ممّا لا يكال و لا يوزن كالثياب و الورق و الأرضين و الرقيق فباعه من قبل ان يقبضه فالبيع جائز و الفرق بينهما انّ السّنة جائت عن رسول اللّه (- ص -) بإبطال بيع الطّعام و جميع ما يكال و يوزن قبل القبض و أجاز فيما سوى ذلك انتهى بل عن الشهيد (- ره -) في (- س -) نسبته الى كثير من الأصحاب و حكاه بعضهم عن الحسن بن عيسى و حجّة هذا القول جملة من الأخبار فمنها صحيح معاوية بن وهب المزبورة بناء على كون المراد بالتولية فيها التوكيل في الكيل و الوزن و أنت خبير بظهورها و لو بقرينة الأخبار الأخر في التولية المصطلحة مضافا الى ما مرّ من كون الخبر أجنبيّا عمّا نحن بصدده و منها الصّحيحة الأولى لمنصور بن حازم المتقدّمة و حالها كسابقتها في ابتناء دلالتها على هذا القول على كون المراد بالتّولية التوكيل في الكيل و الوزن أو في القبض و قد عرفت انّه خلاف الظّاهر من كلمة التولية و ان فسّرها بذلك في هذه الرّواية الصّدوق (- ره -) فيمن لا يحضره الفقيه حيث قال عقيبها ما لفظه يعنى انّه يوكل المشترى يقبضه بل ظاهر الوسائل كونه من الرّواية حيث قال بعد عنوان الباب ما نصّه محمّد بن علىّ بن الحسين بإسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (- ع -) قال إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتّى تقبضه الاّ ان تولّيه فاذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه يعنى انّه يوكل المشترى في قبضه انتهى حيث لم يشر الى كون التفسير من الصّدوق (- ره -) و ساقه على وجه يوهم كونه من الرّواية الاّ انّ الظّاهر بل المقطوع به كونه من الصّدوق (- ره -) كما جزم به الكاشاني في محكي الوافي و يشهد به رواية الشيخ (- ره -) للخبر بهذا الطّريق من غير تفسير و حيث كان التفسير من الصّدوق (- ره -) لم يكن حجّة و أخذنا بظاهر الرّواية و هو التولية المصطلحة و منها صحيح عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه و ابى صالح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و متنه كسابقه و فيه ما فيه و منها موثق سماعة المتقدّم بناء على عدم كون المراد بالتّولية فيها هي التولية المصطلحة لكن قد عرفت فساد المبنى و منها ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن عدّة من

ص:231

أصحابه عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال سئلته عن رجل اشترى متاعا ليس فيه كيل و لا وزن أ يبيعه قبل ان يقبضه قال لا بأس بتقريب ان تقييد السّائل بأنّه ليس فيه كيل و لا وزن يكشف عن كون المنع عن بيع المكيل و الموزون قبل القبض كان مسلّما بين أوائل الطّائفة و أنت خبير بانّ هذا المقدار لا يضرّنا لانّ هذه الاستفادة لا تثبت المنع حتى تولية حتّى يعارض الأخبار المزبورة و على فرض التّعارض فالمجوّزة للتولية أخصّ فتخصّ به هذه الرّواية و غيرها ممّا أطلق فيه المنع كما عرفت قوله طاب ثراه و هو قول الشيخ (- ره -) في (- ط -) مدّعيا عليه الإجماع (- اه -) قال في (- ط -) إذا ابتاع شيئا و أراد بيعه قبل قبضه فان كان طعاما لم يجز بيعه حتى يقبضه إجماعا و امّا غير الطّعام من سائر الأموال فإنه يجوز بيعه قبل القبض انتهى و هو الّذي يظهر من عبارة (- ف -) و المقنع و هو المحكى عن القاضي في المهذّب و ابن زهرة في الغنية و الظّاهر من ابن حمزة في الوسيلة حيث منع بيع الطّعام قبل القبض سواء كان مبيعا أو قرضا و قال ان غير الطّعام يجوز بيعه قبل القبض على كلّ حال الاّ ان يكون سلفا و حجّة هذا القول إجماع (- ف -) و (- ط -) و الغنية البيّن سقوطه في مثل المقام و النّصوص الواردة في الطّعام بعد تقييد إطلاق المكيل و الموزون في جملة من الأخبار المزبورة بالطعام حملا للمطلق على المقيّد و فيه انّه قد تقرّر في محلّه انّ من شروط حمل المطلق على المقيّد و العامّ على الخاصّ تنافى ظاهرهما و انّه لا معنى لحمل المطلق على المقيّد مع توافق ظاهرهما كما هنا حيث لا مانع من توقف صحّة بيع الطّعام على القبض و توقّف بيع مطلق المكيل و الموزون على القبض فلا تنافي كي يسوغ الحمل قوله طاب ثراه و هنا سادس اختاره في التحرير (- اه -) حجّة هذا القول امّا على الجواز في غير الطّعام فأدلّة الجواز (- مط -) المزبورة و امّا على التفصيل في الطّعام فصحيحة على بن جعفر و صحيحة منصور و خبر سماعة المزبورات و تحقيق القول في المسئلة انّ من الواضح عند كلّ منصف متدبّر ان اخبار الجواز (- مط -) ما بين ضعيف السّند و قاصر الدّلالة فتبقى اخبار القول بالحرمة سليمة عمّا يصلح للمعارضة و حمل النّهى على الكراهة من غير معارض مكافئ ممّا لا وجه له و اشتمال بعض أخبار الحرمة على كلمتي لا يصلح و لا يعجبني غير قادح بعد وجود النّهى الظّاهر في الحرمة في جملة منها الموجب لحمل لا يصلح و نحوه من الألفاظ المشتركة عليها مع ان حمل اخبار المنع على الكراهة ليس بأولى من حمل اخبار الجواز على بيع التولية بل العكس اولى لما سمعته من (- المصنف -) (- قدّه -) فالحقّ (- ح -) هو حمل اخبار الجواز بناء على تكافؤها لما يعارضها على بيع التولية و حمل اخبار المنع على غير التولية و الشّاهد على ذلك الأخبار السّابقة المفصّلة بالجواز تولية و المنع مرابحة و مواضعة و المناقشة في هذه الأخبار بعدم ذهاب المعظم الى العمل بمضمونها مدفوعة بأن مجرد عدم قول المعظم بذلك لا يوهن تلك الأخبار مع صحّتها و استفاضتها و كون الحجّة فيها دون قول المعظم فالحقّ الّذي به أدين اللّه تعالى هو عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل قبضهما إلاّ تولية و كذا عدم جواز بيعهما قبل الكيل و الوزن إلاّ تولية نعم لو لا ما في اخبار الجواز من ضعف السّند و قصور الدّلالة لكنّا خصّصنا الحكم بما إذا لم يوكّل المشترى في القبض و الكيل و الوزن و جوّزنا البيع قبل القبض و الكيل و الوزن مع التوكيل بغير تولية (- أيضا -) و من العجيب ما في كشف الظّلام من انّ أدلّة الجواز في أعلى افراد القوّة لقطعيّة سندها و كمال وضوح دلالتها و تأيّدها بالعقل و الاعتبار و ليس (- كك -) اخبار المنع فانّ فيه انّه إنكار للواضح و ما ادرى ما الذي دعاه الى وصف اخبار المنع بعدم الصّحة مع انّ أكثرها صحاح ظاهرة الدّلالة ان هذا و أمثاله الاّ ناشئا من الاغترار بالشهرة و لو كانت محكية و لو في مثل هذه المسئلة الّتي فيها أقوال عديدة بل من تدبّر في اخبار المسئلة ظهر له انّ الحكم بالتحريم كان شائعا مشهورا في الصّدر الأوّل بين أصحاب الأئمّة عليهم السّلام كما يشير اليه خبر علىّ بن حمزة و صحيح الحلبي المشتمل على شراء البرّ و صحيح منصور حيث يشعر بتوهّم الرّاوي سريان التحريم الى غير المكيل و الموزون فتدبّر جيّدا بقي هنا شيء و هو انّه هل كون البيع مرابحة مانع عن جوازه قبل القبض و الكيل و انّ كونه تولية مجوّز وجهان فعلى الأول يجوز كلّ ما سوى المرابحة من المواضعة و التّولية و المساومة و على الثّاني يختصّ الجواز بالتولية و يدلّ على الأوّل صحيح علىّ بن جعفر حيث أدار المنع مدار الرّيح فيلزم منه جواز التولية و المساومة و المواضعة لعدم الرّيح مع شيء منها و يساعد على ذلك قاعدة الاقتصار في الخروج عن تحت الأصل و العمومات و الإطلاق على المتيقّن و يدلّ على الثاني قوله (- ع -) في رواية أبي بصير المزبورة الاّ ان يولّيه كما اشتراه إذا لم يربح فيه أو يضع (- اه -) دلّ على المنع من المواضعة (- أيضا -) مؤيّدا بإطلاق المنع من بيع المكيل قبل القبض فيقتصر في الخروج عن تحت الإطلاقات على القدر المتيقّن و هو البيع تولية و في الجواهر بناء منه على ما اختاره من الكراهة انّه قد يقوى في النّفس خفّة الكراهة فيها بالنّسبة إلى التولية إذ الظاهر انّ المراد من النّصوص انّه مع البيع مرابحة ينبغي الكيل و الوزن و عدم الاكتفاء بالأخبار كما هو المناسب لأخذ الرّبح و دفعه اما إذا لم يكن له فيه ربح فاللائق أخذه منه كما اشتراه بالأخبار و نحوه و لا ينبغي مداقته لعدم حصول ربح له فلا ريب في أولويّة المواضعة (- ح -) فلاحظ النّصوص و تأمّل ما ذكرناه تجده واضحا انتهى قلت بناء على القول بالكراهة يمكن الالتزام بما ذكره و استنتاج ذلك من النّصوص إلاّ انّك قد عرفت انّ الأقوى هو الحرمة دون الكراهة و (- ح -) فالأظهر تخصيص المنع بالمرابحة و التجويز في غيرها لانّ صحيح علىّ بن جعفر (- ع -) حجّة و إن كانت دلالته على المطلوب بالمفهوم بخلاف خبر ابى بصير فإنّه لقصور سنده لا حجّة فيه و إن كانت دلالته بالمنطوق الاّ ان يقال انّ مفهوم صحيح علىّ بن جعفر ليس قابلا لتقييد الأخبار الكثيرة الدّالة على المنع إلاّ في التولية فيؤخذ بإطلاقها لكونه أقوى (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه كما قيل انّه موضوع له لغة (- اه -) قال في المصباح المنير و في العرف الطّعام اسم لما يؤكل مثل الشراب اسم لما يشرب و جمعه اطعمة انتهى و في النّهاية الأثيرية انّ الطّعام عام في كلّ ما يؤكل و يقتات من الحنطة و الشعير و التّمر و غير ذلك انتهى و عن شرح الشفاء انّ الطّعام ما يؤكل و ما به قوام البدن و يطلق على غيره مجازا قوله طاب ثراه و حكى عن بعض أهل اللّغة (- اه -) قال في المصباح المنير إذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطّعام عنوا به البرّ خاصّة انتهى و في القاموس انّ الطّعام البرّ و في تاج العروس انّ به فسّر حديث ابى سعيد في صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير و قيل أراد به التّمر و هو الأشبه لأنّ البرّ كان عندهم قليلا لا يتّسع لإخراج زكاة الفطر و قال الخليل العالي في كلام العرب انّ الطّعام هو البر خاصّة و في الأساس عنه الغالب بدل العالي و هذا من الغلبة كالمال في الإبل انتهى قوله طاب ثراه كما يظهر من الاستدلال في (- كرة -) للمانعين بضعف الملك (- اه -) فيه انّ هذا التّعليل لا يخصّص الحكم بالعين و ان اختصّت العلّة به لوجود الدّليل العام مع انّ العلّة

ص:232

اعتباريّة لا اعتماد عليها في الشخصي (- أيضا -) فالأظهر عدم الفرق في الحكم المذكور بين المبيع المعيّن الشّخصي و الكلّي لإطلاق ما مرّ من الدّليل قوله طاب ثراه و هو المحكى عن صريح العماني (- اه -) قد سمعت عبارته آنفا و تبعه كاشف الظّلام و احتجّ لذلك بأنّ النّهي يقتضي الفساد شرعا و لذا ترى انّ المعروف بين الفقهاء ذلك في سائر المعاملات مع انّ المحقّق في الأصول عندهم العكس لانّ ذلك بالنّظر الى العقل و اللّغة و قد نقل الإجماع على الفساد شرعا في النواهي المتعلّقة بنفس المعاملة من حيث هي كمحلّ البحث دون ما يتعلّق بها لأمر خارج كتزوّج العبد بدون اذن سيّده ثمَّ قال و يدلّ على هذا التّفصيل مضافا الى انعقاد الإجماع على الشق الأوّل كما سمعت الأخبار الواردة في تزوّج العبد بأنه لم يعص اللّه و انّما عصى سيّده فإنها ظاهرة كمال الظّهور في انّ عصيان اللّه تعالى بنفس المعاملة المحرّمة لذاتها مفسد لها كالنّهي عن معاملة الرّبا و بيع المجهول و عصيانه لأمر خارج كعصيان السيّد الملتزم لعصيان اللّه بالواسطة لا يفسدها انتهى و يمكن تعليل الفساد بأن النواهي المذكورة للإرشاد إلى الفساد كما في أكثر نواهي المعاملات و ربّما أيد هذا القول في (- لك -) بأنّ النّهي راجع الى نفس البيع فيبطل كبيع المجهول و نحوه و يتعلّق النّهي بمصلحة لا تتمّ إلاّ بإبطاله و قد يقال انّ أكثر الأخبار ظاهرة في البطلان لظهور عدم الجواز في الحكم الوضعي و ردّ بمنع الظهور المذكور بل هي ظاهرة في الحكم التكليفي قوله طاب ثراه الاّ انّ المحكى عن (- لف -) (- اه -) قد احتجّ لذلك بما تقرّر عندهم في الأصول من عدم اقتضاء النّهي في المعاملات الفساد و قد عرفت ردّ كاشف الظّلام لذلك بانّ عدم الاقتضاء لغة لا ينافي قيام الدّليل الشّرعي على الاقتضاء (- مط -) أو في مورد دون أخر قوله طاب ثراه و هو ظاهر (- مع صد -) في شرح قول (- المصنف -) (- قدّه -) و لو أحال (- اه -) أراد (- بالمص -) مصنّف القواعد و لو كان قال مصنّفه لكان أجود و وجه ظهور عبارة (- مع صد -) في القول بالجواز قوله في طيّ كلام له انّ المنع انّما هو من بيع ما لم يقبض و إذا كان احد المالين سلما دون الأخر لم يتعيّن لكونه مبيعا لإمكان اعتباره ثمنا إذ لا معيّن لأحدهما انتهى فإنه نصّ في اختصاص المنع بالمبيع و سيأتي من (- المصنف -) في أواخر التنبيه الثّالث نقل هذه العبارة قوله طاب ثراه و يؤيّده تعليل المنع لم أعثر على ما أشار إليه من التّعليل في أية و لا رواية و لا معقد إجماع و لا حاجة لنا الى التمسّك في قصر الحكم على المبيع إلى الرّواية المذكورة كي يناقش فيها بما ذكره الماتن (- ره -) بل يكفينا في ذلك كون الحكم و هو توقّف جواز البيع على القبض أو الكيل على خلاف الأصل و القاعدة المأخوذة من العمومات بعد كون مورده المبيع فيقتصر على المنصوص و يرجع في غيره الى الأصل و العمومات و بنائهم على عدم الفصل بين المبيع و الثّمن غير معلوم بل المعلوم باعتراف من الماتن (- ره -) عدمه حيث حكى البناء على عدم اللّحوق عن جمع من الأصحاب فلا تذهل قوله طاب ثراه و كيف كان في المسئلة محلّ اشكال من حيث اضطراب كلماتهم (- اه -) لا وجه للاستشكال في المسئلة لعدّة من عبائرهم المشتبهة المحتملة لإجراء الحكم في غير البيع من أحكام المعاوضة بعد عدم الدّليل على الإلحاق و كون مقتضى مخالفة الحكم للأصل و القاعدة هو الاقتصار على مورد النصّ و هو الانتقال اليه بالبيع و نقله إيّاه بالبيع و على هذا فلو ملك مالا بالإرث أو الصّداق للمرئة أو عوض الخلع أو الهبة أو نحو ذلك جاز له بيع ذلك الشيء قبل القبض و قبل الكيل و الوزن مرابحة و غيرها للأصل و عموم تسلّط النّاس على أموالهم بعد فقد المانع و كذا ان ملك بالشّراء شيئا جاز له جعله صداقا و هبة من غيره و وقفه و إجارته و النّذر به و سائر التصرّفات فيه كما صرّح بذلك كلّه جمع بل نفى غير واحد وجدان الخلاف فيه في جملة من الفروض قال في (- لك -) المنع على القول به مشروط بأمرين انتقاله بالبيع و نقله به فلو انتقل بغيره أو نقله بغيره لم يحرم امّا الأوّل فلا نعلم فيه خلافا و امّا الثاني فهو المشهور غير انّ الشيخ (- ره -) الحق به الإجارة محتجّا بأنّها ضرب من البيوع و هو ممنوع و (- كك -) منع من الكتابة بناء على انّها بيع العبد من نفسه و هو مع تسليمه لا يستلزم المنع لانّ العبد ليس ممّا يكال أو يوزن و غاية المنع عندنا ان يكون المبيع مقدّرا بهما و قد استثنى بعض المانعين من الميراث ما لو كان الموروث مبيعا للمورث قبل قبضه فإنه لا يجوز للوارث بيعه (- ح -) و فيه نظر لانّ انتقاله الى الوارث بالإرث واسطة بين المبيعين و كذا القول في الصداق إذا كان المصدّق قد اشتراه و لم يقبضه ثمَّ أصدقه و أرادت المرية أن تبيعه قبل القبض و مثل عوض الخلع من جانب المرية المشترية له قبل القبض إذا أراد الزّوج بيعه و الاستثناء في الجميع غير واضح لثبوت الواسطة انتهى و قال في التنقيح ما لفظه فوائد الأولى لم نسمع خلافا بين أصحابنا و غيرهم في جواز بيع الأمانات قبل قبضها لتمام الملك و عدم كونها مضمونة على من هي في يده و كذا المملوك الإرث الاّ ان يكون المورث ملكه بالشّراء و لم يقبضه و كذا لو اشترى من مورّثه ثمَّ مات البائع قبل قبضه و المشترى وارث لجميع ماله فإنّه يجوز بيعه قبل قبضه لانّه بحكم لقبوض الثانية لم نسمع خلافا (- أيضا -) بين أصحابنا في جواز بيع ما ملك بغير بيع كالصّلح و غيره قبل قبضه الثالثة ظاهر أصحابنا (- أيضا -) و يكاد يكون إجماعا امّا ملك بالبيع يجوز التصرّف فيه و نقله قبل قبضه بما عدى البيع من النواقل و التصرّفات كالصّلح و الإجارة و المزارعة و المساقاة و الكتابة و العتق و الوقف و الرّهن و الإصداق و التّزويج و الإقراض إلاّ ما نقل عن الشيخ في (- ط -) من منع الإجارة و الكتابة انتهى الى غير ذلك من كلماتهم المتضمّنة لنفي الخلاف المؤيّد لما قلناه قوله طاب ثراه و عليه فلو كان عليه سلم لصاحبه فدفع اليه دراهم و قال اشتر لي بها طعاما و اقبضه لنفسك جرى فيه الخلاف (- اه -) هذا يتصوّر على وجهين الأوّل ان يقول اقبضه لي ثمَّ اقبضه لنفسك و الثّاني ان يقول اشتر لي بها طعاما و اقبضه لنفسك امّا الأوّل فتوضيح القول فيه انّه قد صرّح بصحّة الشّراء و القبض الأوّل الواقع عن الموكّل منهم الشيخ (- ره -) و العلاّمة و الشهيد (- ره -) و المحقّق و الشهيد الثانيان و غيرهم في (- ط -) و (- عد -) و (- لف -) و (- مع صد -) و (- لك -) و محكي الحواشي و (- س -) بل قطع بذلك بعضهم و عن غاية المرام للصّيمري نفى الخلاف فيه و وجهه ظاهر لكونه واقعا عن وكالة فتشمله عمومات الوكالة و إطلاقاتها كظهور الوجه في انتقال الضّمان من البائع الى الأمر لأنّ قبض الوكيل قبض الموكّل و امّا القبض الثاني الواقع لنفسه ففي صحّته و ترتّب الآثار اعنى انتقال الضّمان و برأيه ذمّة الموكّل و جواز البيع من غيره عليه قولان أحدهما عدم الصّحة و هو خيرة الشيخ (- ره -) في (- ط -) و القاضي ابن البراج ثانيهما الصّحة و هو خيرة العلاّمة في (- لف -) و الشهيد في محكي (- س -) و الحواشي و الصّيمري في غاية المرام و الثانيين في (- مع صد -) و (- لك -) و صاحب (- ئق -) و غيره من الأواخر حجّة الأوّل أمور الأوّل انه لا يجوز ان يتولّى الواحد طرفي العقد و فيه منع ظاهر بل الحق الجواز كما نقّحنا القول في ذلك في فروع عقد النّكاح من منتهى المقاصد الثاني ما في (- لك -) من انه لا يجوز ان يكون وكيلا عن غيره في قبض حقّ نفسه من نفسه و فيه انه عين الدّعوى الثّالث ما أشار إليه الماتن (- ره -) من صحيح الحلبي و خبر عبد الرّحمن و أنت خبير بان لسان

ص:233

الأوّل لسان الاستحباب و كذا الثاني و على فرض كون ذلك امرا فالظاهر أنّه للإرشاد الى عدم ارتكاب ما يلحقه التّهمة كما يكشف عن ذلك ما رواه الحلبي متّصلا بهذه الرّواية و ما رواه شعيب حيث تضمّنا كما تسمعهما إنشاء اللّه تعالى الجواز مع عدم التّهمة حجّة القول الثّاني أمور الأوّل انّ الأصل جواز ذلك و من منع فعليه الدّلالة الثّاني عمومات الوكالة و إطلاقاتها مع كفاية المغايرة الاعتباريّة الثّالث قول الحلبي في ذيل صحيحة المذكورة في المتن و سئلته عن الرّجل يكون له على الأخر أحمال من رطب أو تمر فيبعث اليه بدنانير فيقول اشتر بهذه و استوف منه الّذي لك قال لا بأس إذا ائتمنته و صحيح شعيب المذكور في المتن فإنّهما صريحان في الجواز و التقييد فيهما يكشف عن انّ المنع في الخبرين الآخرين لخوف التّهمة و انّه متى أمن من التّهمة جاز له الشّراء فظهر انّ القول الثّاني هو الأظهر و امّا الثّاني فالأظهر فيه (- أيضا -) الصّحة للأصل و إطلاقات الوكالة بل صحيح شعيب أدلّ على صحّة ذلك من الأوّل و لا يحتاج الى ان يقبض أوّلا بنيّة أنّه لذي الدّراهم ثمَّ يقبض بعد ذلك بل يكفى قبضه لما اشتراه إذا كان مشخّصا بنيّة انّه وفاء عمّا له في ذمّته و أقصاه انّه يكون استيفاء ممّا لم يقبضه بإذنه بل لو كان ما اشتراه كلّيا يمكن الاكتفاء بقبض الغريم عوضا عمّا له في ذمّته عن القبض أوّلا بعنوان أنه لذي الدّراهم و إطلاق الخبر المذكور شاهد عليه كما نبّه على ذلك في الجواهر ثمَّ قال و لو دفع اليه دراهم و قال خذها بدل الطّعام جاز لانّه استيفاء من غير الجنس بل لو قلنا انّه بيع للطّعام على من هو عليه قبل قبضه جاز (- أيضا -) بناء على المختار من كراهة ذلك لكن عن (- ط -) انّه لم يجز لانّه بيع المسلم فيه قبل قبضه و هو غير جائز و فيه ان الدّفع بدله أعمّ من البيع و لو سلم فقد عرفت التحقيق قوله طاب ثراه لكن في صحيحة الحلبي (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمد و عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي و قد عرفت حملنا لهذا الخبر على استحباب التّرك تارة و على الإرشاد إلى الفرار من التّهمة أخرى و كتب الكاشاني في محكي الوافي في ذيل الرّواية ما لفظه انّما منعه ان يتولّى شراء ذلك بنفسه لانّه ربّما يكون الدّراهم المبعوثة أزيد من رأس ماله فإذا أخذها مكانه توهّم انّه ربا و فقه هذه المسئلة انّ البائع إذا ردّ الدّراهم على انّه يفسخ البيع الأوّل لعجزه عن البيع المضمون فأخذ الزّائد على رأس المال منه غير جائز و إذا دفعها على ان يشترى بها المضمون جاز فالأخبار المتضمّنة لمنع أخذ الزائد في هذا الباب و اللّذان يتلوانه كلّها محمولة على الأوّل و المتضمّنة لجوازه محمولة على الثّاني و الجواز لا يخلو عن كراهة الاّ للفقيه بالمسئلة كما يشعر به بعض تلك الأخبار و بهذا يندفع التّنافي عنها الاّ بما في الاستبصار انتهى قوله طاب ثراه و في موثقة عبد الرّحمن (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن غير واحد عن ابان عن عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه قال سئلت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أسلف دراهم في طعام فحلّ الّذي له فأرسل إليه بدراهم فقال اشتر طعاما و استوف حقّك هل ترى به بأسا قال يكون معه غيره يوفيه ذلك قوله طاب ثراه من انّه لو كان له على غيره طعام من سلم (- اه -) قد وقع الخلاف في جريان حكم البيع قبل القبض في هذا الفرض فالشيخ في (- ط -) و المحقق و العلاّمة على الجريان و الشيخ في (- ف -) و المحقق و الشهيد الثانيان على عدم الجريان بل ظاهر (- ف -) الإجماع عليه و نسبة (- لك -) الى (- ف -) موافقة (- ط -) سهو من قلمه الشّريف قوله طاب ثراه و قد علّل ذلك في (- يع -) بأنّه قبضه (- اه -) هذه صغرى القضيّة و الكبرى انه يكون من قبيل بيع ما لم يقبض فيجري الخلاف لكن فيه ان قبضه عوضا عن ماله ليس بيعا قطعا و هو (- ره -) قد اعترف بكون الحكم المذكور و الخلاف المزبور خاصّا بالبيع غير جار في شيء من المعاوضات الأخر فلا وقع (- ح -) لما يجاب به عن الإشكال من انّ الواقع حوالة و الحوالة تلحق بالبيع ضرورة أنّ اللّحوق بالبيع في بعض الأحكام الدليل لا يستلزم اللّحوق فيما لا دليل عليه سيّما الحكم المخالف للقاعدة اللاّزم ان يقتصر على مورده و هو المبيع خاصّة كما هو واضح قوله طاب ثراه و على كلّ تقدير يمكن تعميم محلّ الخلاف (- اه -) لا يخفى عليك ما في هذا التعميم من البعد و المخالفة لظاهر جملة من كلماتهم قوله طاب ثراه و اعترضه في (- لك -) بانّ مورد السّلم (- اه -) قال في مفتاح الكرامة بعد نقل هذا الاعتراض عن (- لك -) انّه كلام جيّد لكن إذا لم يكن مبيعا كيف تلحقه احكام المبيع من التلف و الخيار و النّماء و لم يدّع انّه عين المبيع أوّلا و بالذّات بل صار بعد التّعيين مبيعا و انصبّ العقد عليه نعم يفرّق بينه و بين المعيّن بما ذكره و ذلك لا يقضى بكونه غير مبيع نعم يقضى بكونه غير معيّن و قد اعترف بذلك صاحب (- لك -) في باب الصّرف فيما إذا كان العيب من الجنس في غير المعيّن قال له الردّ و الإمساك بالأرش مع اختلاف الجنس في المطالبة بالبذل و ان تفرّقا لأنّ الإمساك بالأرش لا يتمّ إلاّ إذا كان مبيعا الى ان قال و قد طفحت عباراتهم بصدق اسم المبيع عليه في باب الخيار و الصّرف و السّلم و القبض الى غير ذلك ممّا لا يكاد يحصى و كلامهم في باب الإجارة فيما إذا وقعت على عين موصوفة في الذّمة كالصّريح في أنّها مستأجرة في عدّة مواضع خصوصا فيما إذا غصب و تعذّر البدل ثمَّ قال و أقصى ما يمكن ان يقال انّ الأصل عدم كونه مبيعا و لا يخرج عنه الاّ في موضع نصّوا عليه و حكموا به و في غيره نقول انّه وفاء و الأصل بعد التعيين ممنوع الى ان قال و مرادهم بقولهم الأمر بالكلّي ليس أمرا بشيء من جزئيّاته انّها ليست مأمورا به أوّلا و بالذّات و إن كانت مأمورا بها ثانيا من باب المقدّمة بالأمر بالكلّي لمكان التلازم الخارجي انتهى و أنت خبير بما في معارضة دعوى كونه مبيعا بلحوق جملة من احكام المبيع عليه من النّظر كما تنبّه له هو (- ره -) (- أيضا -) فانّ لحوق جملة من الأحكام إن كان لدليل كان هو الفارق و الاّ منعنا اللّحوق و (- أيضا -) دفع الجزئي بعد بيع الكلّى ليس من باب بيع الجزئي لا أوّلا و لا آخرا بل هو من باب الوفاء و كلّما رتّبوه عليه من احكام البيع فهم المطالبون بدليله و لو من إجماعهم فيقتصر عليه و مسئلة الإمساك بالأرش تجامع جعله وفاء لا بيعا لأنّ أخذه لازما من باب الوفاء مع ظهور عيبه بعده ضرر لا يندفع الاّ بالخيار و اين دلالته على ارادة الشهيد الثّاني (- ره -) البيع قوله طاب ثراه لكن يرد على ما ذكره الشهيد (- ره -) (- اه -) قد سبقه فيما اعترض به على على الشهيد (- ره -) صاحب الجواهر (- ره -) حيث قال ان ما ذكره الشّهيد (- ره -) لو سلم فإنّما هو في الفرد الّذي يتشخّص بالدفع و القبض امّا الّذي يتشخّص بعقد الحوالة كما في المقام فقد يمنع صدق اسم المسلم عليه إذ هي عقد مستقلّ تحصل به ملك ما في الذّمة و لا ينصب عقد السّلم عليه انتهى لكن لا يخفى عليك ما في جمع الماتن (- ره -) بين تسليم عدم تشخيص المبيع في ضمن الفرد الخاصّ و بين دعوى صدق الانتقال إلى المشترى من المنافاة فلا تذهل قوله طاب ثراه و المسئلة تحتاج الى فضل تتبع (- اه -) تحقيق القول في المسئلة انّ المنهيّ عنه انّما هو بيع ما لم يقبض و لم يكل و لم يوزن و فرض المسئلة خارج عن ذلك عرفا و لغة فلا يجرى عليه أحكامه إلاّ ما قام الدليل على اللّحوق و لا دليل على لحوق حكم حرمة البيع أو كراهته فلا وجه للإطالة نعم ربّما التزم المحقّق و الشهيد الثّانيان (- رهما -) بالكراهة في المسئلة لكن لا من باب الإلحاق بمسئلة البيع قبل القبض بل خروجا عن شبهة خلاف الشيخ (- ره -) و الجماعة

ص:234

و تحرّزا ممّا هو مظنّة التحريم و فيه تأمّل لعدم تسبّب ذلك للكراهة الشرعيّة كما لا يخفى قوله طاب ثراه و استدلّ في (- ئق -) على الجواز أقول قد وقع الاستدلال عليه في كلماتهم بوجوه الأول ما في (- ف -) من انّ الأصل جوازه و المنع يحتاج الى دليل الثاني عمومات البيع و التجارة و العقود و تسلّط النّاس على أموالهم خرج عنها بيع ما لم يقبض فيبقى الفرض تحتها الثالث ما في (- لك -) من انّ المنع من بيع ما لم يقبض تحريما أو كراهة مشروط بشرطين انتقاله بالبيع و نقله به و ما ذكر في هذا الفرض و ان كان بيعا حيث انّ السّلم فرد من أفراده الاّ انّ الواقع من المسلم اما حوالة لغريمة في القبض أو وكالة له فيه و كلّ منهما ليس يبيع و دعوى انّ الحوالة ملحقة بالبيع في حيّز المنع قوله طاب ثراه الرابع ذكر جماعة انّه لو دفع الى من له عليه طعام (- اه -) عزاه في (- ئق -) إلى الأصحاب و نفى في الجواهر وجدان الخلاف فيه و لكنّا قد وجدنا العلاّمة (- ره -) في (- لف -) قد استقرب الجواز و الصّحة و جعله قضاء للطّعام بجنس الدّراهم أو قرضا للدّراهم ثمَّ انّ الجماعة كما صرّحوا بعدم صحّته للمدفوع اليه معلّلين بامتناع الشّراء بمال الغير لغيره ما دام على ملك الغير و لو بإذنه اقتصارا على المتيقّن من إطلاق أدلّة البيع فتبقى أصالة الانتقال بحالها و يقرب منه ما في المتن من العلّة فكذا صرّحوا بعدم صحّته للدّافع نظرا إلى انّه غير مأذون فيه فما اذن فيه و هو الشّراء لنفسه لم يقع و الشّراء للمالك غير مأذون فيه فلا يقع و الّذي يقتضيه التدبّر هو صحّة الشّراء و القبض ان علم من الدافع ارادة القبض للطّعام بجنس الدّراهم أو قرضا للدّراهم أو إرادة معنى غيرهما يصحّ كما لو علم منه إرادة استيفائه بعد الشّراء و قبضه له و انّ التعبير بكون الشراء له لكونه راجعا اليه و ان لم يعلم شيء من ذلك فأصالة عدم انتقال المال الى الغريم الّذي اشترى بمال الغير و أصالة عدم برأيه ذمّة المديون بالطّعام بدفع غيره محكمة فتدبّر جيّدا

مسألة فيما لو كان له طعام على غيره فطالبه في غير مكان حدوثه في ذمته
أحدها أن يكون المال سلما

قوله طاب ثراه مع عدم اشتراط تسليمه بالمدينة (- اه -) احترز بذلك عمّا لو اشترط ذلك أو كان منصرف الإطلاق فإنّه لا إشكال في لزوم الوفاء به للعمومات قوله طاب ثراه فلا إشكال في عدم وجوب أدائه في ذلك البلد (- اه -) قد نفى الشّبهة في ذلك في (- لك -) و نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر و عن ظاهر الإيضاح الإجماع عليه و الوجه في ذلك انصراف الإطلاق إلى بلد العقد الاّ ان لكون هناك قرينة على خلاف ذلك فما في (- ئق -) من انّى لم أقف على ما ادّعوه هنا من انّه مع الإطلاق يتعيّن التسليم في بلده فان وجد الدّليل ثمَّ ما رتّبوه على ذلك و الاّ فلا فليتأمّل انتهى لا وجه له إذ أيّ دليل امتن من الانصراف الكاشف عن مراد المتعاقدين فما ذكره (- قدّه -) لا يصغى اليه بعد كون الانصراف كالشرط الّذي جعل اللّه المؤمن عنده و (- أيضا -) فالأصل برأيه ذمّة المسلف من الدّفع في غير البلد المنصرف إليه الإطلاق ثمَّ انّه لا فرق في الحكم بين ان تكون قيمته في بلد المطالبة مخالفة لقيمته في بلده أو مساوية كما صرّح بذلك في (- لك -) نافيا عنه الشبهة و هو الّذي يقتضيه إطلاق غيره و لكن استشكل في ذلك المحقّق الثّاني (- ره -) في (- مع صد -) حيث قال و يشكل بأنّه ربّما لم يكن مريدا الى بلد السّلف أو انّ المسلم فيه لا يوثق بعوده اليه و الظّفر به هناك بل ربّما يكون قد هرب من المسلف فلم يظفر به الاّ بعد مدّة فيكون منعه من مطالبته مفضيا الى ذهاب حقّه ابدا و طريقا إلى مدافعة الغريم عن أداء الحقّ دائما و ذلك ضرر بيّن مع كون الدّين حالا و الاستحقاق له ثابتا ثمَّ قال و التحقيق ان يقال له المطالبة به إن كان في موضع المطالبة مثل بلد السّلف أو أدون و إن كان أكثر فله المطالبة بقيمة بلد السّلم لتعذّر المثل و لو أتاه برهن أو ضمين و تهيّأ للمسير مع أوّل رفقة فالظاهر عدم وجوب الصّبر لما فيه من الضّرر و تأخير الدّين الحال المستحقّ انتهى و فيه أوّلا ما في مفتاح الكرامة من انّه لو فرض الضّرر في بعض موارده كما لو علم بالقرائن انّ المديون لا يرجع الى تلك البلدة أو انّ الحق يفوت بالتّأخير اتّجه (- ح -) رفع امره الى الحاكم ليجبره على احد الأمرين دفع العين أو القيمة في بلد التّسليم أو دفع العين فيها بوجه يمكن امّا لو كان المسلم اليه مصاحبا له في الطّريق الى بلد التّسليم و وكّل في تسليمه فيه فالأمر كما قالوه لانّ ذلك هو الّذي اقتضاه الأمر الشرعيّ فالعدول عنها (- مط -) غير جيّد و امّا ما حقّقه ففيه انّا نمنع حصول الارتفاق فيما ذكره (- مط -) لجواز ان يكون المدين قادرا على عين الحقّ في بلد التسليم عاجزا عنها في الأخر و إن كان انقص قيمة فيحصل الضّرر عليه بذلك مع مخالفة ما شرط عليه من الارتفاق أو دلّ عليه الإطلاق و المؤمنون عند شروطهم و ثانيا انّ التفصيل بين مساواة القيمة أو نقصانها و بين الزّيادة بمطالبته بالعين في الأوّل و القيمة في الثّاني ممّا لا وجه له بل اللاّزم امّا تجويز المطالبة في الصّورتين أو المنع منها فيهما ضرورة انّ الموجب للانتقال إلى القيمة ليس الاّ تعذّر المثل و صدق التعذّر على زيادة القيمة عن بلد السّلم ممنوع و حصول الضّرر بالزّيادة ليس تعذّرا سيّما مع ملاحظة انّه هو المقصّر بعدم إحضاره في بلد التّسليم كما لا يخفى بل في الجواهر انّا لو قلنا انه يجب عليه في ذلك اليوم التسليم في العراق و هو متعذّر فالمتّجه فيه السّقوط لقبح التّكليف بما لا يطاق و يبقى خطاب الوضع و هو ثبوت الدّين لا انّه ينتقل إلى القيمة قياسا على تعذّر المسلم فيه في بلد السّلم بعد بطلان القياس عندنا انتهى فلا تذهل قوله طاب ثراه و لو طالبه في ذلك البلد بقيمة في بلد وجوب التّسليم و تراضيا على ذلك قال الشيخ (- ره -) لم يجز (- اه -) توضيح ذلك انّهم اختلفوا في جواز الدّفع للمديون و الأخذ لذي الحقّ في الفرض على أقوال أحدها عدم الجواز افتى به الشيخ (- ره -) و جماعة الثاني الجواز مع الكراهة و هو خيرة المحقّق في (- يع -) و جماعة بل قيل انّ عليه الأكثر الثالث الجواز من غير حرمة و لا كراهة و هو خيرة جملة من متأخري المتأخّرين بل في (- ئق -) انّ الظاهر انّه المشهور بين المتأخّرين حجّة الأوّل أمران الأوّل انّ القيمة عوض من مال السّلم و دفعها عوضا عنه من قبيل بيع الطّعام على من هو عليه قبل قبضه و هو غير جائز لأن المفروض كونه طعاما و أنت خبير بأنّه انّما يتمّ ان لو باع ما في ذمّته بالقيمة و الفرض خلافه نعم لو تمَّ أحد الأمرين لتمّ ما ذكره امّا دعوى كون ذلك بيعا (- مط -) أو دعوى انّ المحرّم مطلق الاستبدال و الأمران ممنوعان ضرورة كون ذلك استيفاء للحقّ غايته بغير جنسه و مثل ذلك لا يسمّى بيعا و حرمة مطلق الاستبدال ممّا لا دليل عليها فهو على فرض تسليم كونه معاوضة لا تلازم بينها و بين البيع فان قلت انّ الظّاهر انه لا خلاف في انحصار المعاوضات فيما ذكره الفقهاء في كتبهم و لم نر أحدا منهم زاد على الأخر قسما من المعاوضات فاذا لم يكن هذا مع كونه معاوضة بيعا فما ذا اذن من المعاوضات قلت انّ عدم تعرّضهم للفرض لا يمنع من جريان عمومات العقود بعد كونه وفاء بتراض فصدق اسم العوضيّة على ذلك لا يقتضي المنع منه بعد عدم كونه بيعا و عدم وقوع عقد السّلف عليه و اختصاص دليل الحرمة لو تمَّ بالبيع كما مر الثاني ان عقد السّلف لم يجر على القيمة و لم يدلّ دليل على استحقاقها انّما المستحقّ هو الطّعام فان جازت المطالبة فبالطّعام و الاّ فلا مطالبة بالقيمة نعم إذا تعذّر الطّعام و حرم من جهة المطالبة

ص:235

به انتقل إلى القيمة حكى كاشف الظّلام التمسّك به عن بعضهم ثمَّ حكى عنه الجواب بانّ الطّعام لما حلّ و كان المسلّم اليه مقصّرا في عدم حضوره عند الاستحقاق في مكان التّسليم و لا مانع من تسليمه في ذلك المكان الاّ عدم حضوره فيه مع انه حقّ واجب عليه من باب المقدّمة فإذا أسقط المسلم حقّه من المطالبة بالطّعام و أسقطناه انتقل الى جواز المطالبة بالقيمة في مكان التّسليم جمعا بين الحقّين ثمَّ انّ الحاكي (- قدّه -) قال و لنعم ما قال انّ هذا السّؤال و الجواب انّما ينطبقان على مسئلة جبر المسلم اليه و عدمه و ذكرهما هنا غفلة لأنّ الكلام الآن في جواز التراضي على ذلك و عدمه و ستسمع مسئلة الجبر و كان متخيّل هذا الوجه على غفلة عن محلّه غافلا و متغافل عمّا إذا انقطع المسلف عنه عند الحلول و كان لذلك متعذّرا على المسلم إليه فإنّه ينتقل و الحال هذه إلى القيمة البتّة لأنّ المبيع لا يمكن المطالبة به لاستلزام ذلك التّكليف بما لا يطاق مع انّ القيمة لم يجر عليها العقد حتّى ينتقل إليها و أقول الغفلة انّما هو من الحاكي ضرورة انّ المحكى عنه انّما هو محقّق (- مع صد -) و هو انّما ذكر ذلك في مسئلة جبر المسلم و لم يذكر هنا كما لا يخفى على من راجعه انتهى حجّة الثاني هي الوجه الأوّل من حجّة الأوّل بضميمة انّ البيع قبل القبض مكروه غير محرم و الى ذلك أشار الماتن (- ره -) بقوله و على ما قلناه يكره ثمَّ ان ذلك بناء على كون ما نحن فيه بيعا موضوعا أو حكما و امّا بناء على ما عرفت من المنع من ذلك فقد يحتجّ للكراهة بالخروج من خلاف الشّيخ (- ره -) و الخلاص من الشّبهة و قد نبّهنا آنفا على عدم افادة ذلك الكراهة الشرعيّة حجّة الثّالث أمور الأوّل أصالة برأيه ذمّة المسلم من حرمة الدّفع و ذمّة المسلم اليه من حرمة الأخذ و لا يخفى عليك انّه انّما ينفع بناء على حرمة البيع قبل القبض و امّا على القول بالكراهة فلا يخلو التمسّك بأصل البراءة من نظر لعدم رفعها الكراهة فالأجود التعلّق بأصالة عدم جريان حكم البيع قبل القبض عليه بعد عدم كونه بيعا عرفا الثّاني عموم تسلّط النّاس على أموالهم و جواز ما تراضيا عليه الثّالث طائفة من الأخبار فمنها المرسل كالصّحيح لابن ابى عمير الّذي رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن ابى عمير عن ابان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (- ع -) في الرّجل يسلم الدّراهم في الطّعام إلى أجل فيحلّ الطّعام فيقول ليس عندي طعام و لكن انظر ما قيمته فخذ منّى ثمنه فقال لا بأس بذلك و منها ما رواه هو (- ره -) عن سهل بن زياد عن معاوية بن حكيم عن الحسن بن علىّ بن فضال قال كتبت الى ابى الحسن عليه السّلام الرّجل يسلفني في الطّعام فيجيء الوقت و ليس عندي طعام أعطيه بقيمته دراهم قال نعم و منها الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين و عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتّى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام و وجد عنده دوابا و متاعا و رقيقا يحلّ له ان يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال نعم يسمّى كذا و كذا بكذا و كذا صاعا و قد يناقش في دلالته بأن الأصحاب جعلوا القبض هنا من باب الاستيفاء و هو قد دلّ على المعاوضة لقوله و يسمّى (- إلخ -) و يوجّه بأنّه لعلّهم فهموا انّه لما كانت القيمة عروضا لا دراهم فلا بدّ من تشخيصها في مقابلة الطّلب الّذي له فيحصل بذلك استيفاء حقّه و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الصّفار عن محمّد بن عيسى عن علىّ بن محمّد و قد سمعته من على قال كتبت اليه رجل له على رجل تمر أو حنطة أو شعير أو قطن فلمّا تقاضاه قال خذ بقيمة مالك عندي دراهم ا يجوز له ذلك أم لا فكتب يجوز ذلك عن تراض منهما إنشاء اللّه الى غير ذلك من الأخبار فالقول الأخير هو الّذي بالقبول جدير و امّا ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن يحيى عن بنان بن محمّد عن موسى بن القاسم عن علىّ بن جعفر قال سئلته عن رجل له على أخر تمرا و شعيرا و حنطة يأخذ بقيمته دراهم قال إذا قوّمه دراهم فسد لأنّ الأصل الّذي اشترى به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم و رواه الحميري في محكي قرب عن عبد اللّه بن الحسن عن جدّه عن علىّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال سئلته (- إلخ -) فلا ينافي ما ذكرناه لظهوره بمؤنة العلّة فيما إذا فسخ البيع و أخذ عوض الدّراهم الّتي أعطاه دراهم تزود عليها أو تنقص في زمان الحلول فانّ ذلك هو الرّبا اما إذا أسقط حقّه من الطّعام بقيمته فلا يندرج في الرّبا بوجه و الأصل و الأخبار كافية في تجويزه و لو فرض عدم دلالة الخبر على ذلك فلا يعارض الأخبار المذكورة المؤيّدة بالعمل و المعتضدة بالأصل و عموم تسلّط النّاس على أموالهم مع انّ الخبر المذكور ممّا لم يعمل به الشّيخ (- ره -) (- أيضا -) بناء على عدم الإطلاق على ما قلناه فيترك للشّذوذ (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه قولان المشهور كما قيل العدم الواصف بالشهرة هو صاحب (- ئق -) و في (- لك -) و مفتاح الكرامة تارة انّه الأشهر و اخرى انّ عليه الأكثر قوله طاب ثراه الواجب في ذمّته هو الطعام لا القيمة (- اه -) هذا صغرى الدّليل و كبراه انّ ما في ذمّته لا يجب دفعه في البلد المذكور فالأولى ان لا يجب دفع ما لم تجر عليه المعاوضة و لم يقتضيه عقد السّلم مضافا الى الأصل قوله طاب ثراه و عن جماعة منهم العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) قال في مفتاح الكرامة انّى وجدت (- المصنف -) في (- كرة -) في موضعين منها لم يصرّح بالخلاف المذكور و لعلّه في موضع أخر زاغ عنه النّظر نعم هو خيرة (- مع صد -) انتهى قوله طاب ثراه لانّ الطّعام الذي يلزمه (- اه -) فيه انّ لزوم الدّفع (- ح -) غير مسلّم حتى يترتّب عليه نزول فقد الطّعام الّذي يلزمه دفعه منزلة فقده في بلد التسليم و بعبارة أخرى ليس ثمَّ طعام يلزمه دفعه حتّى ينتقل إلى القيمة قوله طاب ثراه و توضيحه انّ الطّعام قد حلّ (- اه -) هذا التقرير من المحقّق الثّاني (- ره -) في (- مع صد -) و قد جعله بعضهم دليلا أخر لقول العلاّمة (- ره -) و تمسّك بعضهم بوجه ثالث و هو انّ منع المالك من المطالبة بحقّ حال و جعله متوقفا على الوصول الى بلد السّلم ضرر ظاهر فإنّه ربّما لم يكن له عزم العود الى ذلك البلد أصلا أو انّ الوصول اليه يحتاج إلى أضعاف المسلم فيه من المؤمن أو انّ المسلم اليه قد لا يظفر به بعد ذلك فيفوت حقّه بالكلّية و ما يقتضيه العقد من ارتفاق المسلّم اليه بالتسليم في البلد المعيّن قد تحمّله المسلّم اليه فلو لا الانتقال إلى القيمة لضاع حقّه إذ ليس له المطالبة بالعين فلو لم نجعل له المطالبة بالقيمة على الوجه الّذي ينتفي به ضرر المسلم لأدّى إلى ضياع حقّه رأسا حكى الاستدلال بذلك في (- لك -) ثمَّ أجاب بأن هذه العلل لا توجب الانتقال إلى القيمة متى طلبها المسلم بل مع خوف ضياع حقّه بدونه للعلم بأنّه يختلف الضّرر في موارد كثيرة بل غير ما ذكر كما لو كان المسلم فيه مصاحبا له في الطريق الى البلد المعيّن للتسليم أو وكّل في تسليمه فيه و نحو ذلك فانّ ذلك هو الّذي اقتضاه الأمر الشّرعي فالعدول عنه إلى القيمة (- مط -) غير جيّد نعم لو فرض الضّرر في بعض موارده كما لو علم بالقرائن انّ المديون لا يرجع الى تلك البلدة و لم يوكل في الإيفاء توكيلا يوجب تحصيل الحقّ فانّ الحقّ يفوت بالتأخير اتّجه (- ح -) رفع الأمر إلى الحاكم ليجبره على دفع

ص:236

العين أو القيمة في بلد التّسليم أو دفع العين فيها بوجه يمكن انتهى و هو متين قوله طاب ثراه فتعذّر البراءة مستند الى غيبته (- اه -) إذ لا مانع من التّسليم الاّ عدم حضوره في ذلك المكان مع انّه حقّ واجب عليه من باب المقدّمة فإذا أسقط المسلم حقّه من المطالبة بالطّعام و أسقطناه إرفاقا بحال المسلم اليه انتقل حقّ المسلم إلى القيمة في مكان التسليم جمعا بين الحقّين و ليس كانقطاع المسلف فيه عند الحلول فانّ تعذّر العوض يمنع من استحقاق المطالبة به لانّه يستلزم التّكليف بما لا يطاق و القيمة لم يجر عليها العقد لكن في الاستدلال المذكور نظر ضرورة ان مثل هذه التّعليلات لا يوجب الانتقال إلى القيمة متى طالبها المسلم و هي لم يجر عليها عقد و لا دلّ دليل على استحقاقها و انّما المستحقّ هو الطّعام فان ثبتت المطالبة فذاك و الاّ فلا مطالبة بالقيمة و لا فرق في ذلك بين ان يكون المسلم اليه قد قصّر أو لم يقصّر و الوجه في الثّاني ظاهر و لهذا لم يفرض المسئلة فيه و امّا الأوّل فلا ريب في انّ تقصيره لا يوجب ما ذكره عقلا و لا شرعا و لعلّه الى ذلك أشار في الجواهر بالجواب بانّ الحلول أعمّ من ذلك و التقصير مع إمكان فرض عدمه هو أعمّ منه (- أيضا -) و لا تعارض بين الحقّين حتّى يجمع بينهما بذلك على انّ اللّه تعالى قد جمع بينهما بإمرة المؤمنين بالوفاء بالشروط

الثّانية ان يكون ما عليه قرضا

قوله طاب ثراه الثّانية ان يكون ما عليه قرضا (- اه -) توضيح القول في ذلك انّه إذا استقرض منه بالعراق طعاما أو غيره فان اشتراط الأداء في بلد التّسليم أو أطلق اشتراط الدّفع في بلد معيّن غير بلد التّسليم لزم ذلك و لم يجب على المديون دفعه في غير البلد الّذي تعيّن الدّفع فيها كبلد التّسليم عند الاشتراط أو الإطلاق أو بلدة معيّنة عند اشتراطها كما لا يجب على الغريم القبول في غير بلد تعيّن الدّفع فيها نعم ان تراضيا بالدّفع في البلد الواجب دفعه فيها جاز ذلك للأصل و عمومات تسلّط النّاس على أموالهم و حقوقهم بعد فقد المانع المحتمل في صورة السّلم و هو بيع الطّعام المنتقل بالبيع قبل قبضه فإنّه ان جعل الدّفع وفاء فواضح و ان جعل بيعا كان بيعا لغير المنتقل بالبيع و معه لا بأس إجماعا كما تقدّم و من هنا نفى في (- لك -) الشّبهة عن الجواز هنا و عن الصّيمري في غاية المرام نفى الخلاف فيه و لا بأس به ظاهرا و انّما الخلاف في انّه هل للغريم المطالبة بالمثل أو القيمة في غير البلدة الّتي تعيّن الدّفع فيها أم لا وجهان بل قولان بل وجوه و أقوال أحدها ما عن (- لف -) من انّه يجب على المديون دفع المثل وقت المطالبة فإن تعذّر فالقيمة بسعر العراق اى بلد القرض و في (- مع صد -) ان فيه قوّة و هو الّذي يظهر من المحقّق الورع الأردبيلي الميل ثانيها ما عن (- ط -) و (- كرة -) و (- ير -) و غاية المرام من انّه لا يجبر على دفع الطّعام و انّما يجبر على دفع قيمته بسعر العراق بل قيل انه يلوح من غاية المرام و القاضي انّه لا خلاف فيه و إن كان فيه ما لا يخفى ثالثها انّه لا يجبر على شيء منهما و انّما يجبر على الدّفع في البلد الواجب دفعه فيها و هو خيرة العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) و ثاني الشهيدين (- رهما -) في (- لك -) و جماعة من الأواخر حجّة الأوّل ما تمسّك به في (- ئق -) ممّا رواه الشيخ (- ره -) في الموثق عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن رجل لي عليه مال فغاب عنّى زمانا فرأيته يطوف حول الكعبة فأتقاضاه قال قال لا تسلّم عليه و لا تردعه حتّى يخرج من الحرم محلّ التسليم قال المستدلّ ان ترك الاستفصال يفيد العموم في المقال كما ذكروه في غير مقام قلت أراد بترك الاستفصال تركه بين ان محلّ التسليم هل كان هو الحرم أو مكان أخر و بين انّ المال هل كان من القرض أم من غيره و أنت خبير بانّ مساق الرّواية انّما هو ملاحظة حرمة الحرم و لا دلالة فيها على انّ المطالبة بعد الخروج من الحرم هل هو بالدّفع في موضع الملاقاة أو في موضع التّسليم و بعبارة أخرى غاية ما تدلّ عليه الرّواية جواز المطالبة بعد الخروج من الحرم و نحن لا نمنع من جواز المطالبة في غير بلد التسليم بالتّادية في بلد التّسليم و انّما الممنوع منه المطالبة بالدّفع في غير مورد الوجوب و الخبر لا عموم فيه من هذه الجهة يقتضي الجواز كما لا يخفى مع انّ ظاهره كون المديون هاربا منه ممّا في الأداء و المطالبة معه لا نمنعها الاّ انّه لا يطالبه بالمثل و القيمة بل يخيّره بين شيء منهما و بين المضيّ معه الى بلد التسليم كما هو واضح حجّة الثاني هي الثالث من حجج القول الأوّل من القولين في السلم من ان منع المالك من المطالبة بحق حالّ و جعله متوقّعا على الوصول الى بلد السّلم ضرر فحيث لم نجعل له المطالبة بالعين لزم من نفى استحقاقه المطالبة بالقيمة تضييعا لحقه الى أخر ما مرّ موضحا مع جوابه حجّة الثالث انّ الإطلاق منزّل على قبضه في بلده فليس للمقرض المطالبة به في غيره كما انّه لو بذل له المقرض لم يجب عليه قبضه (- أيضا -) لما في نقله الى ما عيّنه الشارع مرضعا للقبض من المؤنة و إذا لم يجب عليه دفع عين الحقّ فكذا قيمته لعدم وقوع المعاوضة عليها و لو شكّ فالأصل عدم وجوب دفعه في غير بلد التعيين كذا قيل و قد يناقش فيه أوّلا بأنّ إطلاق القرض ليس كإطلاق البيع و شبهه فان تخصيص وجوب التّسليم في بلد العقد هناك ممّا يستفاد من نفس إطلاق العقد بخلاف القرض فانّ الظّاهر انّه مبنىّ على حلول ردّ المثل متى طلبه المقرض أو دفعه المقترض الاّ ان يشترط أحدهما الدّفع في مكان معيّن فانّ الظّاهر لزومه لقاعدة الشّرط كما سيجيء في محلّه و إذ كان الإطلاق (- كك -) فإنّه ظهر وجوب الدّفع متى طولب به كالغصب خلافا لمن اشترط مصلحة المقرض ثمَّ قال المناقش اعنى كاشف الظّلام نعم قد يستثنى ما إذا اختلف المكافاة في قيمته المثلي فيكون في موضع المطالبة أكثر بأن يقال بعدم وجوب الدّفع (- ح -) للضّرر الاّ ان يرضى المقترض بقيمة موضع القرض جمعا بين الحقّين ثمَّ تنظّر فيه بأنّه بعد تسليم اقتضاء العقد الحلول (- مط -) فأيّ دخل لزيادة القيمة و نقصها و الاّ لأثّر زيادة القيمة في مكان القبض عن قيمة وقت القرض في الانتقال إلى القيمة ثمَّ قال سلّمنا انّ إطلاق القرض يقتضي تعيين تسليم مثله في بلده و لكن نقول ثانيا بأنّ إطلاق القول بعدم وجوب الدّفع على المقترض حتى لو كان ممّا لا يوثق بعوده على حدّ ما قرّرناه في الإشكال في السّلم لا وجه له كما سمعت ثمَّ قال و ليعلم انه بناء على الجواب الأوّل من هذين يكون المطالبة بالطّعام أو القيمة في بلد المطالبة و على الثّاني يكون المطالبة بقيمة بلد التّسليم انتهى كلامه علا مقامه و أقول قد كان يخطر بالبال قبل العثور على مقالة الإشكال بتقرير أخر و هو انّهم صرّحوا بانّ القرض من العقود الجائزة و من آثار العقد الجائز ان لكل من الطّرفين الفسخ متى شاء و أحبّ و انّ الشرط المذكور في ضمنه غير لازم الوفاء و الاّ لزم مزيّة الفرع على الأصل ثمَّ الفسخ كما يكون يقول فسخت فكذا يكون بالالتزام و على هذا فيلزم جواز المطالبة بمال القرض في أيّ موضع شاء و أحبّ مثلا ان أمكن و قيمته ان تعذّر المثل سواء شرط الدّفع في موضع التّسليم أو في موضع أخر معينا أو أطلق وجه اللّزوم انه إذا كان القرض جائزا جاز الفسخ و كانت المطالبة فسخا بالالتزام و اشتراط الدّفع في موضع التّسليم لا يؤثر بعد عدم لزوم المشروط فيه و من هنا يظهر ما في تسليم الفاضل المذكور لزوم الشرط نظرا الى عمومات الشّروط فإنّها مخصّصة بالشروط المذكورة في ضمن العقود

ص:237

اللازمة كما ظهر انّ الحقّ هو القول الأوّل من وجوب دفع المثل على المديون حيثما طالبه المقرض مع الإمكان و مع التعذّر فالقيمة قوله طاب ثراه ثمَّ انه اعترض في (- لف -) بتعيّن قيمة بلد القرض (- اه -) لعلّ نظره في ذلك الى ان موضع القرض هو موضع اشتغال الذّمة بذلك فتتعيّن قيمة ذلك الموضع قوله طاب ثراه و فيه تأمّل (- فت -) وجه التأمّل انّ موضع التّسليم و إن كان موضع اشتغال الذّمة الاّ انّ المشتغل به هناك انّما هي العين و امّا الانتقال إلى القيمة و اشتغال الذّمة بها فموضعه موضع المطالبة فيلزم ان يكون المدار على قيمته لا قيمة بلد القرض و يومه قوله طاب ثراه و ظاهر بعض عدم جواز المطالبة (- اه -) قد عرفت آنفا القائل به و دليله كما عرفت سقوطه و لعلّه الى ما تقدّم من وجوه السّقوط أشار الماتن (- ره -) بالأمر بالتأمّل في ذيل العبارة

الثالثة أن يكون الاستقرار من جهة الغصب

قوله طاب ثراه انّه لا يجوز مطالبته بالمثل (- اه -) تقييد المطالبة بالمثل يكشف عن جواز مطالبته إيّاه في غير بلد الغصب (- أيضا -) في الجملة و هو (- كك -) بلا اشكال فيما يطالبه به على أقوال أحدها ما عزاه الماتن (- ره -) الى الشيخ و القاضي استنادا الى ما في المتن ثانيها المطالبة بالمثل حيث كان و بالقيمة الحاضرة عند المطالبة و الإعواز و هو خيرة (- يع -) و (- عد -) و (- شاد -) و (- مع صد -) و (- لك -) و عن الشيخ يوسف والد العلاّمة و غاية المرام (- أيضا -) اختيار ذلك نظرا إلى انّه حقّ ثبت عليه بعد و انه فيعمّ كلّ مكان و هو مؤاخذ بأسوء الأحوال و وجه وجوب القيمة عند الإعواز انّه وقت الانتقال من المثل إلى القيمة في المثلي ثالثها ما اختاره في محكي (- لف -) من الإجبار على دفع المثل فان تعذّر فقيمة بلد الغصب كالقرض نظرا في وجوب دفع المثل حيثما طالبه ذو الحقّ الى ما عرفت من حجّة الثّاني و في كون المطالب عند تعذّر المثل قيمة بلد الغصب إلى انّه موضع اشتغال الذّمة و فيه ان بلد الغصب هو موضع الاشتغال بالعين و قد تعذّرت و امّا الاشتغال بالقيمة فموضعه موضع الانتقال إلى القيمة بالتعذّر فتدبّر قوله طاب ثراه و يحتمل وقت التعذّر لانّه وقت الانتقال إلى القيمة فيه انّ الانتقال إلى القيمة عند تعذّر العين ليس مستقرّا بل هو في كلّ آن على سبيل البدل مخاطب بدفع المثل مع التمكّن أو القيمة مع الإعواز و لو كان الانتقال إلى القيمة حين التعذّر مستقرّا لما عاد الخطاب بالعين إذا عاد التمكّن فتعيّن قيمة يوم الدّفع هو الأظهر يقول مصنّف هذه الحاشية عبد اللّه المامقاني انّ هناك عدّة مسائل قد تداول الفقهاء (- رض -) التعرّض لها في باب القبض لم يتعرّض لها الماتن (- قدّه -) و لا بأس بختم الكتاب بها الأولى انه إذا قبض المشترى المبيع ثمَّ ادّعى نقصانه و لم يكن حين الكيل أو الوزن حاضرا فالقول قول المشترى فيما وصل اليه مع يمينه و البيّنة بيّنة البائع فإن أقامها و الاّ حلف المشترى و أخذ التّفاوت و ذلك ممّا صرّح به جمع قاطعين به بل في الرّياض انّه (- كك -) قولا واحدا بل عن (- كرة -) نسبته إلى علمائنا و غاية ما تمسّكوا به لذلك وجهان أحدهما ما في هداية الأنام لبعض مشايخ العصر (- قدّه -) من التعلّق بظهور اتفاقهم عليه المعتضد بمخالفة من جعل اللّه تعالى الرّشد في خلافهم قال فإنّهم ذهبوا الى غير ذلك كما في (- كرة -) بل لعلّ المقام ممّا ورد الأخذ فيه بخلاف قول قاضى البلد إذا لم يرد فيه نصّ عنهم الثّاني أصالة عدم وصول حقّ المشترى إليه السّالمة عن معاوضة الظّاهر و غيره كما صرّح به غير واحد فيكون منكرا و البائع مدع و البيّنة على المدّعى و اليمين على من أنكر و في الوجهين جميعا نظر امّا الأوّل فلانّ المحصّل منه غير حاصل و المنقول صريحا غير موجود و لو كان فليس حجّة و تأييد ذلك بمخالفة من جعل الرّشد في خلافه لا وجه له لانّ ذلك انّما هو عند تعارض الخبرين و ما ذكره من انّ المقام ممّا ورد الأخذ بخلاف قاضى البلد ساقط لكون مورد ذلك (- أيضا -) الخبرين و الاّ فأصول قواعد الدّعوى من كون اليمين على المنكر و البيّنة على المدّعى احكام نبويّة مشتركة بيننا و بينهم كما لا يخفى و امّا الثّاني ففيه أوّلا ان تميز المدّعى من المنكر غير منحصر في الأصل بل له طرق أخر بل الحق الحقيق بالقبول كما بيّناه غير مرّة كون المرجع في ذلك الصّدق العرفي ضرورة انّ المدّعى و المنكر من الموضوعات المستنبطة المتعيّن استفادتها من العرف و اللّغة و المدّعى عرفا من يترك لو ترك هو الدّعوى و المنكر من يترك هو ان تركه غيره و نحن نرى هنا بالعيان ان المشترى لو سكت لسكت عنه البائع فينبغي ان يكون القول قول البائع مع يمينه ان لم يقم المشترى بيّنة على دعواه و ثانيا انه على فرض البناء في التميّز على كون المدّعى من يخالف قوله الأصل و المنكر من يخالف قوله الأصل نقول كما ان قول المشترى يوافق أصالة عدم وصول حقّه اليه فكذا قول البائع يوافق أصالة عدم نقص ما قبضه المشترى عن حقّه فالأصلان متعارضان بل الحكم للثّاني منهما لانّ الشكّ في وصول حقّه إليه ينشأ من الشكّ في نقص ما قبضه عن حقّه فأصالة عدم النّقص سببيّة و أصالة عدم الوصول مسبّبيّة و السّببي مقدّم على المسبّبي بلا ريب كما تقرّر في محلّه فيكون الموافق للأصل المعتبر هو قول البائع فيلزم ان يكون القول قوله مع يمينه و بالجملة فلم افهم لما ذكروه (- قدّهم -) من تقديم قول المشترى بيمينه من مستند و لا وجه بل الّذي يقتضيه التحقيق هو تقديم قول البائع بيمينه الاّ ان يكون للمشتري بيّنة فتسمع قطعا و لا يقدح في صحّة ما اخترناه ذهاب بعض العامّة اليه على ما قيل فان سلوك العامي مسلكا هو حقّ عندنا لا يمنع من اختيار ذلك المسلك و لا يرفع عنه وصف الحقيّة و الحقّ أحقّ ان يتبع بل قد يؤيّد ما قلناه أصالة الصّحة في دفع المسلم و قبضه إذ الفرض انّه قبض على انّه تمام الحقّ و صحّة كلّشيء بحسبه كما في الجواهر فتأمّل المسئلة الثّانية إذا قبض المشترى المبيع ثمَّ ادّعى نقصانه و كان قد حضر عند الكيل و الوزن فالقول قول البائع بيمينه و البيّنة بيّنة المشترى و ذلك أحد الأقوال في المسئلة و أشهرها بين الطائفة بل عن (- كرة -) نسبة الى علمائنا بل في الرّياض نفى وجدان الخلاف فيه و كأنه لم يطلع على غيره من الأقوال للنّدرة و قد تصدّى لتوجيه هذا القول في (- لك -) بأنّ الأصل و إن كان عدم وصول المشتري إليه في الصّورتين الاّ انّ العمل على الظّاهر فانّ الظّاهر انّ صاحب الحقّ إذا حضر استيفاء حقّه يحتاط لنفسه و يعتبر مقدار حقّه فيكون هذا الظّاهر مرجّحا لقول البائع و مقوّيا لجانبه و معارضا للأصل فيقدم قوله بيمينه قال و هذا ممّا رجّح فيها الظّاهر على الأصل و هو قليل ثمَّ قال و يمكن توجيهه بوجه لا يحصل به التعارض بان يقال انّه عند قبضه للحقّ و قبل دعواه الاختبار المؤدّي إلى النّقصان كان يعترف بوصول حقّه اليه و قبضه له كله فاذا ادّعى بعد ذلك النقصان كان مدّعيا لما يخالف الأصل إذ الأصل برأيه ذمّة البائع من حقّه بعد قبضه و يخالف الظّاهر (- أيضا -) كما قلناه فيبقى الأصل و الظّاهر على خلاف دعواه فان قيل هذا يستلزم قبول قول البائع (- مط -) لعين ما ذكرتم من التعليل قلنا إذا لم يحضر المشترى الاعتبار لا يكون معترفا بوصول حقّه اليه لعدم اطّلاعه عليه حتّى لو فرض حصول ما يقتضي الاعتراف يكون مبنيّا على ظاهر الحال و معتمدا على قول غيره الّذي يمكن تطرّق الخلل اليه كثيرا بخلاف ما لو حضر و (- أيضا -) فان البناء على ظاهر الحال لا يقتضي الإقرار بوصول حقّه اليه بوجه حتّى لو صرّح بأن الّذي وصل

ص:238

الى تسليمه على انّه مجموع المبيع بناء على الظاهر و ركونا الى قول الغير لم يكن إقرارا بوصول جميع حقّه اليه بخلاف ما لو أقرّ بقبض الجميع بناء على حضوره الاعتبار فإنّه يكون إقرارا صحيحا فيتحقّق الفرق انتهى كلامه علا مقامه و هو و ان دقّق النّظر و حقّق الأمر الاّ انّ الكلام معه في المبنى إذ ليت شعري أي دليل دلّ على تميز المدّعى من المنكر بموافقة الأصل و مخالفته و موافقة الظّاهر و مخالفته ا ليس اللّفظان من موضوعات الأحكام في الكتاب و السّنة أم ذهل عن ان اللّه تعالى ما أرسل رسولا الاّ بلسان قومه و انّه يرجع في خطاباته و خطابات رسوله (- ص -) الى عرف القوم و لسانهم أم يشكّ في ان المدّعى في العرف من يتركونه ان ترك هو الدّعوى أم يتأمل في انّ المشترى هنا لو ترك دعوى النّقيصة لتركه البائع فالمشتري هو المدّعى و البائع هو المنكر و البيّنة على المدّعى (- مط -) و اليمين على المنكر دائما فالحقّ الجري في المسئلتين على مسلك واحد و هو الرّجوع الى العرف و تقديم قول البائع في الفرضين و اللّه العالم و ربّما تأمّل صاحب (- ئق -) (- أيضا -) في الحكم المشهور فمنع أوّلا من حجّية الظّهور ثمَّ ناقش فيه باحتمال السّهو و الغفلة من المشترى و الاعتماد على كيل البائع و وزنه و الحقّ ما عرفت تنبيهات الأوّل انّه حكى عن العلاّمة (- ره -) انّه فصّل في (- كرة -) بتقديم قول مدّعى التمام ان اقتضى النّقص بطلان العقد كالتصرّف بعد التفرّق و السّلم و الاّ فيقدّم قول مدّعى النّقص و عن (- س -) احتمال ذلك قيل و لعلّه لاندراج الأوّل في مدّعى الصّحة و الفساد بخلاف الثّاني و إن كان قد يناقش كما في الجواهر يمنع كون الأوّل (- كك -) بعد فرض عدم اعترافه بما يقتضي الحكم عليه بالصّحة كما لو قال قبضته بإخبار البائع أنّه تمام و الفرض تسليم البائع ذلك مجرّد ذلك لا يقتضي الحكم عليه بصحّة العقد المشترط فيه التقابض الّذي مقتضى الأصل عدم حصوله و إن كان قد وقع العقد بمعنى الإيجاب و القبول إذ ذلك بمجرّده لا يقتضي حصول الشرط المتأخّر كما هو واضح خصوصا بعد ملاحظة نظائره ممّا يشترط في صحّته القبض كالرّهن و الهبة و نحوهما بل ربّما زاد بعض مشايخ العصر (- ره -) فاعترض على التوجيه المذكور بأن أصالة العدم جارية في المقامين و أصالة صحّة العقد بمعنى ترتّب أثره عليه انّما تجري بعد البناء على صحّته ظاهرا و ترتّب أثره شرعا من المتعاقدين و لو في الجملة و بعد الإقرار بوقوع البيع مثلا ثمَّ النّزاع فيها و أنت خبير بما فيه ضرورة أن تسالمهما في الفرض على وقوع البيع حاصل و كذا على وقوع القبض و انّما النزاع في صحّة القبض و فساده و قد قام الإجماع على تقديم مدّعى الصّحة و من هنا يتوجّه الإشكال على ما سمعت من شيخ الجواهر بان عدم تماميّة التّوجيه في بعض فروض المسئلة كقوله قبضت بإخبار البائع أنّه تمام لا يقتضي رفع اليد عن قاعدة تقديم قول مدّعى الصّحة حتى في المورد الذي لا مانع من جريانه فيه بعد عدم ثبوت اتّفاقهم على عدم الفصل كما لا يخفى فالأولى ردّ التّوجيه بمنع رجوع دعوى التمام الى دعوى الصّحة و دعوى النّقص الى دعوى الفساد كي تجري القاعدة ضرورة ان صحّة كلّشيء بحسبه و صحّة القبض عبارة عن وقوعه على النّحو الشرعي كإقباضه من المشترى أو وكيله و هما في الفرض متسالمان على الصّحة بهذا المعنى و انّما النّزاع في حصول قبض ذي الحقّ جميع الحقّ أو بعضه و ذلك لا ربط له بدعوى الصّحة و الفساد بوجه و دعوى انّ صحّة القبض عبارة عن أخذ جميع الحق واضحة السّقوط الثاني انه ربّما يحكى عن أية اللّه في (- لف -) قول أخر في المسئلة الثّانية و هو ان القول قول البائع بيمينه ان ادّعى المشترى نقصا كثيرا و الوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل قال في الجواهر و كأنّه لحظ عدم الظّهور يعنى ظهور الحضور في تماميّة المقبوض في الأخير يعني قلّة التّفاوت بخلاف الأوّل ثمَّ قال و فيه منع قلت لا وجه للمنع بعد كون المبنى في تقديم قول البائع في الفرض ظهور الحضور في التّماميّة فالأجود توجيه المنع إلى أصل البناء على كون المدّعى من خالف قوله الظّاهر كما ارتكبه هو (- ره -) في المسئلة الأولى حيث قال و احتمال ان القول قول البائع بيمينه ان ادّعى المشترى نقصانا كثيرا قد لا يخفى مثله على القابض بخلاف القليل الّذي يمكن خفائه نحو ما تسمع من (- ير -) في صورة الحضور ناشئا من ملاحظة معارضة الظّاهر للأصل في الأوّل بخلاف الثّاني يدفعه منع الظهور (- مط -) مع عدم الحضور أوّلا و منع حجّيته بحيث يعارض الأصل ثانيا و دعوى انّه به يكون البائع منكرا بناء على انّه ما وافق الظّاهر فيقدّم (- ح -) بيمينه يدفعها مضافا الى ما عرفت منع تسليم كون المنكر ذلك بل القول بأنّه ما وافق قوله الأصل أقوى منه نعم لو فرض قرائن تشهد بكذب المدّعى على وجه يحصل العلم للحاكم لم تسمع دعواه لذلك كما لو ادّعى قبض حقّه بعنوان انّها وزنه و كان من أهل الخبرة انتهى كلامه علا مقامه فلا تذهل الثالث انّ ما ذكر انّما هو فيما لو اعترف المشترى بقبض المبيع و ادّعى نقصانه و امّا لو قال حضرت و لم تعطني جميع حقّي الّذي وقع عليه العقد و قال البائع قد أقبضت فقد صرّح جماعة منهم العلاّمة (- ره -) في (- عد -) و الشهيد (- ره -) في اللّمعة و محكي (- س -) و الحواشي و المحقّق و الشّهيد الثانيان في (- مع صد -) و (- لك -) و (- الروضة -) و غيرهم بانّ القول قول المشترى بيمينه سواء حضر الاعتبار أم لا بل في مفتاح الكرامة انّه ممّا لم يجد فيه مخالفا و لا متأمّلا و في كشف الظّلام انّ الظاهر انّه لا خلاف فيه بل عليه الإجماع على الظاهر المصرّح بما يظهر منه ادّعائه في الكفاية و الرّياض انتهى و الوجه في ذلك انّه في الفرض السّابق كانا متّفقين على قبض المبيع و انّما كان المشتري يدّعي النّقص و البائع ينكره و هذا بخلاف الفرض فإنّهما لم يتّفقا هنا على تسليم المبيع و انّما البائع يدّعيه و المشترى ينكره فهنا لو ترك البائع دعوى الإقباض لتركه المشترى لا يقال ان ترك المشترى غير متصوّر بعد مطالبته بعد ذلك بالمبيع بل الّذي يترك النزاع لو ترك صاحبه الدّعوى هو البائع فإنّ المشتري لو ترك دعوى عدم وصول الحقّ إليه لسكت البائع لأنّا نقول انّ اعتراف البائع لوقوع البيع اقتضى اشتغال ذمّته بالمبيع و لازم ذلك كونه مدّعيا لأنّه يدّعي تحصيل البراءة و المشترى ينكر ذلك و انّ البائع يترك دعوى تحصيل البراءة لسكت المشترى و مطالبته له بالمبيع لا يقتضي كونه مدّعيا بعد كون الاشتغال ثابتا باعتراف المنكر و من هنا ظهر الفرق على المختار في أصل المسئلة بينها و بين الفرض و امّا على مذهب الجماعة من الفرق هناك بين الحضور و عدمه بتقديم قول البائع في الأوّل و قول المشترى في الثّاني و إطلاق تقديم قول المشترى في الفرض فالفرق انّهما لم يتّفقا على تسليم المبيع و انّما البائع يدّعيه و المشترى ينكره و لا يلزم من حضور المشترى الاعتبار حصول تسليمه و امّا في المسئلة الأولى فقد اتّفقا على تسليم ما يعدّ انه مبيعا و المشترى يدّعي نقصانه عن القدر المعيّن و لا يلزم من هذا انّه يجب ان يكون القول قول البائع (- مط -) حضر المشترى الكيل أم لم يحضر لأنّه إذا لم يحضر الاعتبار لا وجه لتقديم قول البائع لأنّه انّما بنى على قول غيره و تمسّك بظاهر الحال و تطرّق الخلل اليه كثير بخلاف ما لو حضر و (- أيضا -) فالبناء على ظاهر الحال لا يقتضي وصول حقّه بوجه فإنّه لو صرّح بأنّ الّذي وصل الىّ تسلّمته على انّه مجموع المبيع بناء على الظّاهر و ركونا على قول الغير لم يكن إقرارا بوصول حقّه إليه فالأصل في المقام عدم وصول حقّه اليه و بقاؤه عند البائع و ليس لهذا الأصل معارض من ظاهر و غيره

ص:239

كما في الشق الأخر فكان قوله بيمينه هو المقدّم و الى ذلك أشار الشيخ الشهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) بقوله و لو انّه مع فرض حضوره ادّعى عدم قبض جميع حقّه محوّلا لها عن دعوى الغلط قبل قوله (- أيضا -) لأصالة عدم قبض الجميع و ما ذكر من الأصل الأخر و الظّاهر منتف هنا إذ يلزم من حضور المشترى الاعتبار قبضه لجميع حقّه و هو واضح و هذه من الحيل الّتي يترتّب عليها الحكم الشّرعي فإنّه مبنىّ على القواعد الظّاهرة المنضبطة انتهى (- فت -) الرّابع انّ الظّاهر اتّحاد الحكم المزبور في المعدود و لو مذروعا كالمكيل و الموزون و ان اقتصر بعضهم على الثاني كما نبّه على ذلك في مفتاح الكرامة و الجواهر و غيرهما لاتّحاد الطريق في الجميع الخامس انّه على القول بالفرق بين حالتي الحضور في أصل المسئلة فهل حضور الوكيل كحضور الموكّل وجهان أشبههما الاتّحاد لاتّحاد الطريق (- فت -) جيّدا السّادس انه قال في الجواهر انّ المدار في الظاهر الّذي يترتّب عليه الحكم هو ما كان متحقّقا في غالب الأفراد لا ما اتّفق باعتبار فرد خاصّ قد انضمّت اليه بعض القرائن الحاليّة أو المقاليّة (- فت -) جيّدا انتهى و هو متين بناء على اعتبار الظّاهر في المقام كما عليه الجماعة المسئلة الثّالثة انه لو اشترى عينا بعين و قبض إحديهما ثمَّ باع ما قبضه و تلفت العين الأخرى في يد بائعها بطل البيع الأوّل و لا سبيل إلى إعادة ما بيع ثانيا بل يلزم البائع قيمته لصاحبه و هذا الذي ذكرناه ينحلّ الى حكمين صرّح بهما جمع كثير قاطعين بهما بل في (- ئق -) نسبتهما إليهم بل نفى بعضهم معرفة الخلاف فيهما و هو في محلّه إذ لم يحك خلاف في ذلك و لم نقف على من تأمّل فيهما أو خالف و الحجّة امّا على الحكم الأوّل و هو بطلان البيع الأوّل فهي ان تلف المبيع قبل القبض من مال بايعه بمعنى انّ المبيع ينتقل قبل التّلف آنا ما الى ملك البائع فيتلف منه فالتّلف مستلزم للانفساخ قبل التّلف بان و هو المطلوب لكن لا يخفى عليك انّ هذا الوجه انّما يتمّ حجّة على إطلاق الحكم المذكور ان لو قلنا ان حكم الثمن في كون تلفه ممّن انتقل منه حكم المبيع و الاّ لم يفد الوجه المذكور الاّ بطلان البيع الأوّل في خصوص ما إذا كان التّالف هو المبيع كما لا يخفى و امّا حجّة الحكم الثّاني و هو عدم بطلان البيع الثّاني ببطلان الأوّل فهي ان لازم ما ذكر من مبنى الوجه الأوّل انّما هو انفساخ البيع من حين التّلف اى قبله بآن فيكون البيع الثّاني مصادفا للملك ضرورة ان العين المبيعة كانت ملكا خالصا للبائع و انّما طرء البطلان على العقد بعد انتقال العين فلا يؤثر فيما سبق من التصرّفات بل يلزم البائع الثاني دفع المثل إن كانت العين مثليّة و القيمة إن كانت قيميّة كما لو تلفت العين و بالجملة فلا سبيل الى بطلان المعاوضة الصّحيحة اللازمة لمجرّد حدوث مبطل المعاوضة الأولى بالنّسبة إلى الآن الواقع بعد المعاوضة الثانية فان الحقّ هنا متعلّق بثالث فيجعل بمنزلة التّلف لانّ المانع الشرعي كالمانع العقلي و كما يقدر رجوعه الى ملك ناقل هناك فكذا (- فت -) جيّدا تنبيهات الأوّل انّه قد يحتمل في المقام وقوف العقد الثّاني على حصول القبض من الطّرف الأخر نظرا الى تعلّق حق الغير بالمبيع على تقدير التلف فلا يكون ملكا (- مط -) للبائع و فيه انّ المنافي لذلك انّما هو فعليّة الحق لا (- مط -) و ان لم يجز إتلافه بأكل و نحوه مع انّه جائز قطعا الثاني انّ المعتبر هل هو القيمة يوم البيع أو يوم تلف العين الأخرى وجهان من انّه وقت تعذّر المثل و من انّ القيمة (- ح -) لم تكن لازمة للبائع و انّما لزمت بتلف العين الأخرى الموجب لبطلان البيع و لعلّ الثّاني أجود الثّالث انه لو كان العقد الثاني جائزا و لو لخيار فيه ففي وجوب فسخه عليه وجهان من أنّه كالهبة قبل التصرّف و من الأصل و منع كونه كالهبة و هذا أقرب و عليه فهل يجب لو اختار الفسخ دفع العين الى مالكه الأوّل أم لا وجوه ثالثها التّفصيل بين ما بعد دفع القيمة و ما قبله بوجوب دفع العين على الثاني دون الأوّل و منشأ الاحتمال الأوّل الّذي قوّاه في الجواهر انّه و إن كان للفسخ مدخلا في الملك من حينه الاّ انّ المملّك الأوّل قد انفسخ ففسخ العقد الثّاني يرجعه على مقتضى العقد الأوّل المفروض انفساخه فيعود الملك الى مالكه الأوّل بمجرّد فسخ العقد نعم لو كان انتقاله اليه بعقد جديد كهبة و نحوها اتّجه عدم وجوب دفع العين عليه و منشأ الاحتمال الثّاني انّ دخولها في الملك بالفسخ بمنزلة الملك الجديد و بالتّلف قد اشتغلت ذمّة المشترى بقيمتها و لا تعلّق للبائع بها مع كونها في ملك غيره و لا دليل على برأيه ذمّته منها و تعلّق حقّ البائع بالعين بمجرّد تجدّد ملك لها و الأصل البقاء فيهما معا و لا شاهد على كون التّلف في هذه الصّورة ليس موجبا لشغل ذمة المشترى بالقيمة و انّما هو موجب لعدم تملّكه للعين بالسّبب الجديد فتكون فائدته عود الملك إلى الأوّل ابتداء أو بعد دخوله في ملك المشترى انا ما بل قد يقال بان المبيع المقبوض لو خرج عن ملك المشترى ثمَّ عاد اليه قبل تلف عوضه ثمَّ تلف العوض قبل قبضه و انفسخ البيع لم يرجع المبيع إلى بائعه و انّما يوجب له قيمته على المشترى للأصل و لأنّها هي المستحقّة حال خروجه عن ملكه و لانّ الانفساخ انّما يوجب رجوع ما أثره نفس العقد المنفسخ ما دام باقيا على حاله اقتصارا على المتيقّن في مخالفة الأصل لا رجوع الملك (- مط -) اللهمّ الاّ ان يتمّ إجماع على عدمه و على رجوع الملك (- مط -) بمجرّد مقارنة الانفساخ لكون الملك للمشتري و نحوه و انّى له بذلك و منشأ الاحتمال الثّالث انّه مكلّف بردّ العين و انّما ينتقل إلى القيمة بتعذّره أو بكونها في ملك غيره حال دفعها و كلاهما مفقودان في صورة الفسخ قبل دفع القيمة و هذا بخلاف ما بعد دفع القيمة ضرورة ملك البائع (- ح -) للقيمة بمجرّد قبضها و لا دليل على جواز فسخه له و الرجوع بعينه فتأمّل جيّدا الرّابع انّه لو تلف العين الأخرى في يد بائعها ثمَّ باع المشترى ما قبضه فلا ريب في وقوف بيعه على إجازة البائع الأوّل ضرورة رجوع الملك بمجرّد التّلف من غير فرق بين علم المشترى و جهله و لكن في مجمع الفائدة انّه إن كان البيع الثّاني قبل التّلف فذلك غير بعيد و إن كان أعمّ كما هو ظاهر المتون فليس بواضح قلت لعلّ ذلك لعطف التّلف على البيع بالواو في نحو عبارة (- يع -) الاّ انّ الموجود في كثير منها كالقواعد و (- كرة -) و محكي (- ير -) و (- س -) و غيرها العطف بثمّ و هو مراد الباقين بل و ظاهرهم كما قيل و لعلّه (- كك -) اعتمادا على ظهور الحكم الخامس انه لو لم يقبض المشترى المبيع من المشترى الثّاني و تلفت العين الأخرى لم يبطل بيعه كما يستظهر من كثير من العبارات من غير خلاف فيه يعرف لاتّحاد المناط و لكن في (- كرة -) انّه لو تلفت العين الأخرى قبل قبض المشترى بطل البيعان و كان مراده بالأخرى كما قيل هي المبيعة ثانيا لا الباقية في يد بائعها و لكن عن (- ط -) انّه إذا اشترى من رجل عبدا بثوب و قبض العبد و لم يسلّم الثّوب فباع العبد صحّ بيعه لأنه قبضه و انتقل ضمانه إليه إذا باعه و سلّمه الى المشترى ثمَّ تلف الثّبوت الّذي في يد البائع انفسخ البيع و لزمه قيمة العبد لبائعه لأنّه لا يقدر على ردّه بعينه فهو بمنزلة المستهلك و ان باعه و لم يسلّمه حتّى تلف العبد و الثّوب جميعا في يده بطل البيعان معا و حكى نحو ذلك عن (- كرة -) و الأجود هو ابطال البيع الثّاني (- أيضا -) نظرا الى نحو ما مرّ في بطلان البيع الأوّل (- فت -) جيّدا السّادس انّه قال في الجواهر لو جهل تاريخ كلّ من البيع الثّاني و التّلف اتّجه البطلان بناء على ان مقتضى تعارض الأصلين الاقتران الّذي لا ريب في البطلان مع تحقّقه و اما إذا قلنا بعدم الاقتران و ان الأصل يقتضي عدمه أيضا فيمكن الصحّة تمسّكا بأصالتها الناشئة من إطلاقات البيع و عموماتها فتأمّل انتهى و أشار بالأمر بالتأمّل إلى أن أصالة الصّحة لا تثبت التأخر المتوقف عليه الصحة فالبناء على البطلان أوجه فتدبّر جيّدا صورة خطّ المصنّف ادام اللّه بقاءه هذا ختام الكلام في هذا الكتاب و الحمد للّه تعالى على ان وفقني للإتمام و الصّلوة و السّلام على محمّد خير الأنام و آله البررة الكرام و قد انتهى الحال بي إلى هنا مع تشويش الفكر و البال يوم الاثنين سادس شهر صفر سنة ألف و ثلث مائة و اربع و عشرين من الهجرة الشريفة النبويّة عليه و على آله ألف صلاة و تحيّة سنة 1324 و قد فرغت من تسويد هذه النسخة الشريفة (21) من ذي قعدة الحرام سنة ألف و ثلثمائة و اربع و أربعين من الهجرة النبويّة حرّره احمد بن الشيخ محمّد حسين الزّنجاني

ص:240

حاشية على رسالة في التقية

تحرير محل النزاع

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به ثقتي

الحمد للّه على ما منح و أنعم و الصّلوة و السّلام على أشرف ولد أدم محمّد و إله مصابيح الظّلم سيّما ابن عمّه و صهره و خليفته على العرب و العجم و بعد فيقول العبد الأوّاه الفاني عبد اللّه المامقاني عفى عنه ربّه ابن الشيخ قدّس سرّه انّى منذ فراغي من نهاية المقال تعليق خيارات حضرة الشّيخ المحقّق الأنصاري أنار اللّه برهانه و أعلى في رياض الخلد مقرّه و مقامه كانت تحدّثني نفسي بالتعليق على الرّسائل السّت الملحقة بالكتاب المذكور في الطّبع و هي رسالة التقيّة و رسالة العدالة و رسالة القضاء عن الميّت و رسالة المواسعة و المضايقة و رسالة من ملك شيئا ملك الإقرار به و رسالة نفى الضّرر حتّى يتمّ به و بنهاية المقال و بتعليق حضرة الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه و رفع في فراديس الجنان اعلامه المسمّى بغاية الآمال التعليق على ما بين دفّتي الكتاب المذكور الّذي هو اليوم مرجع أهل العلم كافّة و كان يمنعني من ذلك كثرة المشاغل و الاشتغال بتحرير ما هو الأهمّ الى ان ساعدنى سواعد التّوفيق من الرّب الرّؤف على الشروع في ذلك مستمدّا منه سبحانه و تعالى و متوكّلا عليه و سائلا منه ان يخلص نيّتي فيه و ينفعني به يوم يجزى المحسنين و سمّيته بالقلائد الثّمينة على الرّسائل السّت السّنيّة قال الشّيخ المحقّق الماتن قدّس اللّه نفسه الزكيّة في رسالة التقيّة التقيّة اسم لاتقى يتّقى (- اه -) حكى في تاج العروس عن الجوهري انّه قال اتّقى يتقى أصله أو تقى يوتقى على افتعل قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها و أبدلت منها التّاء و أدغمت فلمّا كثر استعماله على لفظ الافتعال توهّموا انّ التّاء من نفس الحرف فجعلوه اتّقى يتّقى بفتح التّاء فيهما ثمَّ لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه به فقالوا تقى يتّقى مثل قضى يقضى انتهى و قال في القاموس اتّقيت الشيء و تقيته و اتقيته تقى و تقيّة و تقاء ككساء حذرته انتهى قوله طاب ثراه و المراد هنا التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ احترز بالقول و الفعل عن الاعتقاد و قد صرّح بعضهم بذلك فقال انّ التقيّة هي مخالفة الحقّ قولا أو فعلا لا اعتقادا و الوجه في الاحتراز واضح ضرورة عدم اطلاع من يتّقى منه على ما في القلب حتّى يتّقى منه فيه و احترز بقيد التّحفظ عن ضرر الغير عن الموافقة لغرض أخر ضرورة عدم كون مطلق الموافقة تقيّة بل الموافقة للخوف على النّفس أو العرض أو المال و لذا قيّدها به جمع فقالوا ما يرجع الى انّ التّقية هي مخالفة الحقّ قولا أو فعلا لا اعتقادا عند الخوف على النّفس أو البضع أو المال أو القريب بالنّسب أو بعض المؤمنين و للشّهيد (- ره -) في قواعده تعريف أخر قال (- ره -) المداهنة في قوله تعالى وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ معصية و التقيّة غير معصية و الفرق بينهما انّ الأوّل تعظيم غير المستحق لاجتلاب نفعه أو لتحصيل صداقته كمن يثنى على ظالم بسبب ظلمه و يصوّره بصورة العدل أو مبتدع على بدعته و يصوّرها بصورة الحقّ و التقيّة مجاملة النّاس بما يعرفون و ترك ما ينكرون حذرا من غوائله كما أشار إليه أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب (- ع -) و موردها غالبا الطّاعة و المعصية فمجاملة الظالم فيما يعتقده ظلما و الفاسق المتظاهر بفسقه اتّقاء شرّهما من باب المداهنة الجائزة و لا يكاد يسمّى تقيّة انتهى و أقول ظاهر صدر كلامه حرمة المداهنة مطلقا لكن ذيل كلامه كشف عن ذلك و دلّ على انّه ليس كلّ مداهنة معصية بل ما كان منها من غير خوف و شرّ فلا بأس بما كان منها لاتّقاء الشرّ فحالها حال التقيّة الاّ انّ الفرق بينهما في اعتقاد من يتّقى منه بحقيّة ما اتّقى منه فيه و عدم اعتقاد من يداهن معه بحقّية فعله أو قوله قوله طاب ثراه بمجرّد الإذن فيها (- اه -) تأنيث الضّمير مع كون اسم ان كلمة الفعل انّما هو باعتبار رجوعه إلى التقيّة قوله طاب ثراه فالواجب منها ما كان لدفع الضّرر الواجب فعلا أقول يدلّ على الوجوب (- ح -) الأدلّة الأربعة امّا العقل و الإجماع فظاهران بل هو من الضّروريّات و امّا الكتاب فقوله عزّ من قائل لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً و قوله سبحانه و تعالى إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ و امّا الأخبار فالدّال عليه منها عموما ما استفاض أو تواتر من قوله صلّى اللّه عليه لا ضرر و لا ضرار في الإسلام بناء على ما يأتي تنقيحه من انّ المراد به انه ليس في الإسلام مجعول ضرريّ و الدّال عليه منها خصوصا كثير متجاوز عن حدّ التّواتر المعنويّ و لا بأس بنقل جملة منها و هي طوائف فمنها ما نطق بأنّها من الدّين و الإيمان و جنّة المؤمن و حرزه و ترسه مثل الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن معمّر بن خلاّد قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القيام للولاة فقال قال أبو جعفر عليه السّلام التقيّة من ديني و دين ابائى و لا ايمان لمن لا تقيّة له و كالصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن ابى عمر الأعجمي قال قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام يا أبا عمر انّ تسعة أعشار الدّين في التقيّة و لا دين لمن لا تقيّة له و الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن محمّد بن إسماعيل عن علىّ بن النّعمان عن عبد اللّه بن مسكان عن عبد اللّه بن ابى يعفور قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول التقيّة ترس المؤمن و التقيّة حرز المؤمن و لا ايمان لمن لا تقيّة له الحديث و ما رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن محمّد بن مروان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كان ابى يقول و أيّ شيء أقرّ لعيني من التّقية انّ التقيّة جنّة المؤمن و ما رواه هو (- ره -) عن ابى على الأشعري عن الحسن بن على الكوفي عن العبّاس بن عامر عن جابر المكفوف عن عبد اللّه بن ابى يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال اتّقوا على دينكم و احجبوه بالتقيّة فإنّه لا ايمان لمن لا تقيّة له انّما أنتم في النّاس كالنّخل في الطّير و لو انّ الطّير يعلم ما في أجواف النّخل ما بقي منها شيء إلاّ أكلته و لو انّ الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبّونا أهل البيت عليهم السّلام لأكلوكم بألسنتهم و لبخلوكم في السرّ و العلانية رحم اللّه عبدا منكم كان على ولايتنا و الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال التقيّة ترس اللّه بينه و بين خلقه و ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي العلل عن المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي عن جعفر بن محمّد بن مسعود عن أبيه عن محمّد بن نصير عن احمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن ابى بصير قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام التقيّة دين اللّه عزّ و جلّ قلت من دين اللّه فقال اى و اللّه من دين اللّه لقد قال يوسف أيّتها العير انكم لسارقون و اللّه ما كانوا سرقوا شيئا و ما رواه هو (- ره -) في محكي صفات الشّيعة عن جعفر بن محمّد بن مسرود عن الحسين بن محمّد بن عامر عن عمّه عبد اللّه بن عامر عن محمّد بن ابى عمير عن ابان بن عثمان عن الصّادق عليه السّلام انّه قال انّه لا دين لمن لا تقيّة له و لا ايمان لمن لا ورع له و ما رواه سعد بن عبد اللّه في محكي بصائر الدّرجات عن احمد بن محمّد بن عيسى و محمّد بن الحسين بن ابى الخطّاب عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن المعلّى بن خنيس قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام يا معلّى اكتم أمرنا و لا تذعه فإنّه من كتم أمرنا و لا يذيعه اعزّه

ص:241

اللّه في الدّنيا و جعله نورا بين عينيه يقوده إلى الجنّة يا معلّى ان التقيّة ديني و دين ابائى و لا دين لمن لا تقيّة له يا معلّى انّ اللّه يحبّ ان يعبد في السرّ كما يحبّ ان يعبد في العلانية و المذيّع لأمرنا كالجاحد له و ما رواه هو (- ره -) عنهما عن الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال انّ ابى كان يقول أيّ شيء أقرّ للعين من التقيّة ان التّقية جنّة المؤمن و ما رواه علىّ بن محمّد الخزّاز في محكي الكفاية عن محمّد بن علىّ بن الحسين عن احمد بن زياد بن جعفر عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن علىّ بن معبد عن الحسين بن خالد عن الرّضا عليه السّلام قال لا دين لمن لا ورع له و لا ايمان لمن لا تقيّة له و انّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة قيل يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى متى قال الى قيام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا الحديث و ما رواه احمد بن خالد البرقي في محكي المحاسن عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عن سماعة بن مهران عن ابى بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال لا خير فيمن لا تقيّة له و لا ايمان لمن لا تقيّة له و ما رواه محمّد بن مسعود في تفسيره عن الحسن بن زيد بن على عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن أبيه عليه السّلام قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لا ايمان لمن لا تقيّة له و يقول قال اللّه تعالى إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً و منها ما نطق بتفسير الصّبر و الحسنة في الآية بها و السّيئة بتركها مثل الصّحيح على المختار في إبراهيم الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم و غيره عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا قال بما صبروا على التقيّة وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ قال الحسنة التقيّة و السّيئة الإذاعة و ما رواه هو (- ره -) عنه عن أبيه عن حمّاد عن حريز عمّن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ قال الحسنة التقيّة و السيّئة الإذاعة و قوله عزّ و جلّ اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ قال الّتي هي أحسن التقيّة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ و ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي معاني الأخبار عن محمّد بن الحسن عن الصّفار عن محمّد بن الحسين عن علىّ بن أسباط عن علىّ بن أبي حمزة عن ابى بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا قال اِصْبِرُوا على المصائب وَ صابِرُوا على التقية وَ رابِطُوا على من تقتدون به وَ اتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ و منها ما ورد في تفسير إلقاء النّفس في التهلكة بترك التّقية مثل ما رواه محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره عن حذيفة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ قال هذا في التقيّة و منها ما نطق بوجوبها مثل قول الصّادق عليه السّلام في رواية الأعمش استعمال التقيّة في دار التقيّة واجب و لا حنث و لا كفّارة على من حلف تقيّة يدفع بذلك ظلما عن نفسه و منها ما نطق بمحبوبيّتها و كونها سدّا بيننا و بين الأعداء مثل ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمّد بن خالد و الحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن حسين بن ابى العلاء عن حبيب بن بشير قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام سمعت ابى يقول لا و اللّه ما على وجه الأرض شيء أحبّ الى من التقيّة يا حبيب انّه من كانت له تقيّة رفعه اللّه يا حبيب من لم تكن له تقيّة وضعه اللّه يا حبيب انّ الناس انّما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا و ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي معاني الأخبار عن أبيه عن علىّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس بن عبد الرّحمن عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول ما عبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخباء قلت و ما الخباء قال التقيّة و ما رواه هو في محكي الخصال عن أبيه عن احمد بن إدريس عن محمّد بن ابى الصّهبان عن محمّد بن أبي عمير عن جميل بن صالح عن محمّد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال كان ابى يقول يا بنىّ ما خلق اللّه شيئا أقرّ لعين أبيك من التقيّة و منها ما نطق بذمّ تركها مثل ما رواه الحلّي (- ره -) في مستطرفات السّرائر نقلا من كتاب مسائل الرّجال و مكاتباتهم الى مولينا علىّ بن محمّد عليهما السلام من مسائل داود الصّرمي قال قال لي يا داود لو قلت انّ تارك التقيّة كتارك الصّلوة لكنت صادقا و ما رواه الشيخ حسن بن الشيخ الطّوسي (- قدّهما -) في محكي مجالسه عن أبيه عن الفحّام عن المنصوري عن عمّ أبيه عن الإمام علىّ بن محمّد عليهما السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال قال الصّادق عليه السّلام ليس منّا من لم يلزم التقيّة و يصوننا عن سفلة الرّسيّة و بهذا الاسناد قال قال سيّدنا الصّادق عليه السّلام عليكم بالتقيّة فإنّه ليس منّا من لم يجعلها شعاره و دثاره مع من يأمنه لتكون سجيّة مع من يحذره و منها ما جعلها فيه جهاد المؤمن مثل ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي العلل عن احمد بن الحسن القطّان عن الحسن بن على السّكرى عن محمّد بن زكريّا الجوهري عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه قال سمعت الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول المؤمن علويّ الى ان قال و المؤمن مجاهد لانّه يجاهد أعداء اللّه عزّ و جل في دولة الباطل بالتقيّة و في دولة الحقّ بالسّيف و منها ما تضمّن الأمر بها مثل قول الصّادق عليه السّلام في رسالته الى أصحابه و عليكم بمجاملة أهل الباطل تحمّلوا الضّيم منهم و إياكم و مماظّتهم دينوا فيما بينكم و بينهم إذا أنتم جالستموهم و خالصتموهم و نازعتموهم الكلام بالتقيّة الّتي أمركم اللّه ان تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم الحديث و قوله عليه السّلام لسفيان بن سعد عليك بالتقيّة فإنه سنّة إبراهيم الخليل عليه السّلام الى ان قال عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض ثمَّ قال عليه السّلام و لقد أدّبه اللّه عزّ و جلّ بالتقيّة فقال اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا الآية يا سفيان من استعمل التقيّة في دين اللّه فقد تسنّم لذروة العليا من القران و انّ عزّ المؤمن في حفظ لسانه و من لم يملك لسانه ندم الحديث الى غير ذلك من الأخبار و فيما ذكرناه كفاية و ستأتي جملة أخرى إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و المستحبّ منها ما كان فيه التحرّز عن معارض الضّرر (- اه -) المعارض بفتح الميم جمع المعرض بمعنى محلّ العروض و يمكن المناقشة في التمثيل للمستحبّ من التقيّة بما ذكره بانّ ظاهر بعض الأخبار وجوب معاشرتهم و لازمه حرمة هجرهم فلا يكون ما ذكره مثالا للمستحبّ و قد افتى الشيخ الحرّ (- ره -) بوجوب عشرة العامّة بالتقيّة استنادا الى ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن الحسن بن على عن درست الواسطي قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ما بلغت تقيّة أحد تقيّة أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الأعياد و يشدّون الزنانير فأعطاهم اللّه أجرهم مرّتين و عنه عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن هشام الكندي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول إيّاكم ان تعملوا عملا نعيّر به فانّ ولد السّوء يعيّر والده بعمله كونوا لمن انقطعتم اليه زينا و لا تكونوا علينا شينا صلوا في عشائرهم و عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و لا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم و اللّه ما عبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخباء قلت و ما الخباء قال التقيّة و عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن محمّد بن جمهور عن احمد بن حمزة عن الحسين بن المختار عن ابى بصير

ص:242

قال قال أبو جعفر عليه السّلام خالطوهم بالبرانيّة و خالفوهم بالجوانيّة إذا كانت الإمرة صبيانيّة و ما رواه محمّد بن على بن الحسين في الخصال عن أبيه عن سعد عن أيّوب بن نوح عن ابن ابى عمير عن سيف بن عميرة عن مدرك بن الهزهاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة النّاس الى نفسه فحدّثهم بما يعرفون و ترك ما ينكرون و بعض هذه الأخبار و إن كان قابلا للمناقشة في الدّلالة على الوجوب الاّ ان بعضها الأخر دال عليه فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه و المباح ما كان التحرّز عن الضّرر و فعله مساويا (- اه -) لا تخلو العبارة من حزازة و إن كان المقصود واضحا فان ضمير فعله يرجع الى الضّرر و لا معنى لفعل الضّرر و قد كان الأولى ان يقول ما كان التحرّز عن الضّرر و فعل المضرّ و ارتكابه متساويين في نظر الشارع قوله طاب ثراه و يدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد بن عيسى عن زكريّا المؤمن عن عبد اللّه بن أسد عن عبد اللّه العطّار قال قلت لابيجعفر عليه السّلام رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما ابرأا عن أمير المؤمنين عليه السّلام فبرئ واحد منهما و ابى الأخر فخلّى سبيل الّذي برئ و قتل الأخر فقال امّا الّذي برئ فرجل فقيه في دينه و امّا الّذي لم يبرئ فرجل تعجّل إلى الجنّة قوله طاب ثراه كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر (- اه -) الحال في إظهار كلمة الكفر مثل الحال في البراءة عن أهل البيت عليهم السّلام فيتّضح هذا بما يأتي إنشاء اللّه تعالى من توضيح تلك و البعض الّذي نقل عنه رجحان التّرك لعلّه الشهيد (- ره -) فإنّه قال في (- عده -) ما لفظه التقيّة تبيح كلّ شيء حتّى إظهار كلمة الكفر و لو تركها (- ح -) إثم إلاّ في هذا المقام و مقام التبرّي من أهل البيت عليهم السّلام فإنّه لا يأثم بتركها بل صبره امّا مباح أو مستحب و خصوصا إذا كان ممّن يقتدى به انتهى و لكن جعل ذلك مثالا للتقيّة المكروهة محلّ مناقشة لابتنائه على كون ترك المستحبّ مكروها كما أشار الماتن (- ره -) اليه و هو في محلّ المنع كما حقّق في محلّه و بيان المراد بالمكروه هنا لا يدفع الإيراد و ما ادرى ما الّذي دعاهم الى تقسيم التقيّة إلى أقسام خمسة حتّى يلتجأوا الى هذه التمحلات الصّادرة منه (- قدّه -) و من الشهيد (- ره -) قوله طاب ثراه و المحرّم منه ما كان في الدّماء أقول حرمة التقيّة في الدّماء و عدم جواز قتل احد ممّن دمه محترم تقيّة من المسلّمات الإجماعيّات بل الضّروريّات حتّى صار بينهم كالمثل السّائر انّه لا تقيّة في الدّماء و الأصل في ذلك انّ شرع التقيّة و تسويغها انّما هو لحفظ النّفس المحترمة فلا يعقل الإذن في إتلاف نفس الغير لحفظ نفسه للزوم نقض الغرض إلاّ إذا كان المحفوظ نفس نبيّ أو وصىّ و الأخبار النّاطقة بأنّه لا تقيّة في الدّماء كثيرة و في بعضها الإشارة الى ما لوّحنا اليه من العلّة ففي الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن عبد الجبّار عن صفوان عن شعيب الحدّاد عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال انّما جعل التقيّة ليحقن بها الدّم فاذا بلغ الدّم فليس تقيّة و روى الشيخ حسن بن الشيخ الطّوسي (- رهما -) بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار عن يعقوب يعنى ابن يزيد عن الحسن بن علىّ بن فضّال عن شعيب العقرقوفي عن أبي حمزة الثّمالي قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لم تبق الأرض الاّ و فيها منّا عالم يعرف الحقّ من الباطل و قال انّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدّم فاذا بلغت التقيّة الدّم فلا تقيّة و ايم اللّه لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل إنّما نتّقي و لكانت التقيّة أحبّ إليكم من ابائكم و أمّهاتكم و لو قد قام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه ما احتاج الى مسائلتكم عن ذلك و لا قام في كثير منكم من أهل النّفاق حد اللّه قوله طاب ثراه كالترتيب في تسبيح الزّهراء صلوات اللّه عليها و ترك بعض فصول الأذان أقول امّا تسبيح الزّهراء سلام اللّه عليها فترتيب العامّة فيه هو تقديم التّسبيح ثمَّ التحميد ثمَّ التكبير عكس المشهور بيننا و ظاهر بعضهم عدم الخلاف لهم في ذلك و انّ خلافهم في العدد فبين قائل بأنّها تسع و تسعون يتساوى التسبيحات الثّلث عددا و بين قائل بأنّها مائة بزيادة واحدة في التكبيرات و امّا القول بأنّها مائة مقدّم فيها التكبير على التحميد و التحميد على التسبيح فقد قيل انّه ليس لأحد منهم و امّا في الأذان فإنّ فصوله عند علمائنا ثمانية عشر التكبير أربعا و كلّ من الشهادتين و الدّعاء إلى الصّلوة و الى الفلاح و الى خير العمل و التكبير و التّهليل مرّتان مرتان و خالف الجمهور في ذلك تارة في عدد التكبير في أوّله فأبو حنيفة و الشّافعي و أبو يوسف و احمد و الثوري و مالك على انّه مرّتان و اخرى في الدّعاء الى خير العمل فإنّهم منعوه و أطبقت الإماميّة على استحبابه و كونه جزء منه و ثالثة في عدد التّهليل في أخره فإنّهم كافّة اقتصروا على مرّة و أطبقت الإماميّة على انّه مرتان قوله طاب ثراه و في بعض ما ذكره (- ره -) تأمّل لعلّ هذا البعض الّذي جعله محلّ التأمّل هو جعله التقيّة المستحبّة مطلق التقيّة في المستحبّ فانّ فيه ان استحباب الفعل لا ينافي وجوب التقيّة فيه بالجري على مذاق المتّقى منه فان شرع التقيّة لحقن الدّم فاذا كان الإتيان بمستحبّ على طريقنا سببا لالتفات الخصم الى كون الفاعل شيعيا و إيذائه له بإراقة دمه أو إتلاف ماله و نحو ذلك حرم الإتيان بذلك المستحبّ على طبق طريقنا فاستحباب الفعل لا يستلزم استحباب التقيّة فيه كما انّ وجوبه لا يستلزم وجوب التقية فيه لدوران وجوب التقيّة و عدمه مدار خوف الضّرر و عدمه فمع خوف الضّرر تجب التقيّة واجبا كان الفعل أو مستحبّا و مع عدمه لا تجب واجبا كان أو مستحبّا فقد تجب التقيّة في المستحبّ بل و المباح و قد لا تجب في الواجب كما هو ظاهر و بالجملة فنتيجة استحباب الفعل انّما هو جواز تركه و لا ملازمة بين ذلك و بين استحباب التقيّة فيه على تقدير الإتيان به مع وجود مقتضى وجوب التقيّة فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و الأصل في ذلك أدلّة نفى الضّرر و حديث رفع عن أمتي تسعة (- اه -) أمّا أدلّة نفى الضّرر فتسمعها في رسالة نفى الضّرر إنشاء اللّه تعالى و امّا حديث الرّفع فالمراد به المرويّ في التوحيد في باب الاستطاعة و في الخصال و من لا يحضره الفقيه في الصّحيح عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال رسول اللّه (- ص -) رفع عن أمتي تسعة أشياء الخطأ و النّسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطرّوا اليه و الطّيرة و الحسد و التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الإنسان بشفة و روى احمد بن محمّد بن عيسى في محكي نوادره عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول وضع عن هذه الأمّة ستّ خصال الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطرّوا اليه و روى العيّاشي في تفسيره عن عمرو بن مروان الخزّاز قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول قال رسول اللّه عليه و آله رفعت عن أمّتي أربع خصال ما اضطرّوا اليه و ما نسوة و ما أكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ذلك في كتاب اللّه عزّ و جلّ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا به و قول اللّه إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ قوله طاب ثراه مضافا الى عمومات التقية (- اه -) قلت و الى طائفتين أخريين من الأخبار الأولى ما نطق من الأخبار

ص:243

المستفيضة بأنّه ما من شيء حرّمه اللّه الاّ و قد أحلّه اللّه لمن اضطرّ إليه الثّانية ما نطق من الأخبار بجواز الحلف تقيّة و عدم ترتّب اثر عليه بضميمة عدم القول بالفصل بين الحلف و غيره مثل الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى الصّباح قال و اللّه لقد قال جعفر بن محمّد عليهما السّلام انّ اللّه علّم نبيّه صلّى اللّه عليه و آله التنزيل و التّأويل فعلّمه رسول اللّه (- ص -) عليّا عليه السّلام قال عليه السّلام و علّمنا و اللّه ثمَّ قال ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه في يمين في تقيّة فأنتم منه في سعة و ممّا هو حاو لمضمون الطّائفتين جميعا ما رواه احمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال إذا حلف الرّجل تقيّة لم يضرّه إذا هو اكره و اضطرّ اليه و قال ليس شيء ممّا حرّم اللّه الاّ و قد أحلّه لمن اضطرّ اليه قوله طاب ثراه مثل قوله عليه السّلام في الخبر (- اه -) هذا الخبر بهذا المتن لم أقف عليه بعد فضل التتبّع نعم وردت أخبار تؤدّي ذلك مثل الصّحيح على المختار في إبراهيم الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن ابن أذينة عن إسماعيل الجعفي و معمّر بن يحيى بن سالم و محمّد بن مسلم و زرارة قالوا سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول التقيّة في كلّ شيء يضطرّ اليه ابن أدم فقد أحلّه اللّه له و الصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عنه عن أبيه عن حمّاد عن ربعي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال التقيّة في كلّ ضرورة و صاحبها اعلم بها حين تنزل به و كالصّحيح الّذي رواه هو (- ره -) عنه عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن ابن ابى عمر الأعجمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انّه قال لا دين لمن لا تقيّة له و التقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ و المسح على الخفّين و ما رواه هو (- ره -) عنه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انّ المؤمن إذا أظهر الإيمان ثمَّ ظهر منه ما يدلّ على نقضه خرج ممّا وصف و أظهر و كان له ناقضا الاّ ان يدّعى انّه انّما عمل ذلك تقية و مع ذلك ينظر فيه فإن كان ليس ممّا يمكن ان تكون التقيّة في مثله لم يقبل منه ذلك لانّ للتقيّة مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له و تفسير ما يتّقى مثل ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحقّ و فعله فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ممّا لا يؤدّى الى الفساد في الدّين فإنّه جائز و ما رواه احمد بن أبي عبد اللّه البرقي في محكي المحاسن عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن ابن مسكان عن عمر بن يحيى بن سالم عن أبي جعفر عليه السّلام قال التقيّة في كلّ ضرورة و ما رواه علم الهدى (- ره -) في محكي رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النّعماني مسندا عن على عليه السّلام قال و امّا الرّخصة الّتي صاحبها فيها بالخيار فانّ اللّه نهى المؤمن ان يتّخذ الكافر وليّا ثمَّ منّ عليه بإطلاق الرّخصة له عند التقيّة في الظاهر ان يصوم بصيامه و يفطر بإفطاره و يصلّى بصلوته و يعمل بعمله و يظهر له استعمال ذلك موسّعا عليه فيه و عليه ان يدين اللّه تعالى في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه من المخالفين المسئولين على الأمّة قال اللّه لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ فهذه رحمة تفضّل اللّه بها على المؤمنين رحمة لهم ليستعملوها عند التقيّة في الظّاهر و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّ اللّه يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بفرائضه الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه و غير ذلك من الأخبار المتفرّقة في الموارد مثل ما ورد في غسل الوجه و اليدين في الوضوء ثلثا ثلثا للتقيّة و كذا غسل اليدين منكوسا و كذا مسح الرّأس كلّه و مسح ظاهر الأذنين و باطنهما و غسل الرّجلين الى الكعبين ثلثا كما أمر عليه السّلام علىّ بن يقطين بذلك كلّه و نهاه عن المخالفة مدّة و كذا ما ورد في الحجّ و اليمين كاذبا و أكل ذبيحة النّاصب و نحو ذلك للتقيّة قوله طاب ثراه و جميع هذه الأدلّة حاكمة (- اه -) الوجه في الحكومة ظاهر ضرورة ان الحكومة على ما تقرّرت في محلّها ان يكون احد الدّليلين بمدلوله اللّفظي متعرّضا لحال الأخر و رافعا لحكمه عن بعض افراد موضوعه و أدلّة التقيّة (- كك -) فإنّها ترفع الأحكام الشرعيّة في مورد الخوف من المخالفين للحق قوله طاب ثراه و امّا المستحبّ من التقيّة فالظاهر وجوب الاقتصار فيه على مورد النصّ (- اه -) ضرورة عدم تحقّق موضوع التقيّة الواجبة حتّى يلحقه الحكم و هو جواز التقيّة و وجوبها فيبقى دليل ذلك الفعل سليما فإن كان مباحا كان على اباحته و إن كان محرّما كذمّ بعض رؤساء الشيعة و نحو ذلك كان باقيا على حرمته بعد فرض عدم تحقّق الخوف المجوّز لارتكاب المحرّم قوله طاب ثراه و قد ورد النصّ (- اه -) قد أسبقنا نقل هذه الرّواية عند التمثيل به للمستحبّ من التقيّة فلاحظ و مثله ما رواه احمد بن أبي عبد اللّه البرقي في محكي المحاسن عن ابن محبوب عن عبد اللّه بن سنان في حديث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال و قال عليه السّلام عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و اشهدوا لهم و عليهم و صلّوا معهم في مساجدهم الحديث و ما رواه الصّدوق (- رض -) بإسناده عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه قال يا زيد خالقوا النّاس بأخلاقهم صلّوا في مساجدهم و عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و ان استطعتم ان تكونوا الأئمّة و المؤذنين فافعلوا فإنكم إن فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفريّة رحم اللّه جعفرا ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه و إذا تركتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية فعل اللّه بجعفر ما كان اسوء ما يؤدّب أصحابه و ما رواه الحلّي (- ره -) في أخر السّرائر نقلا عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن ابن سنان عن جابر الجعفي قال سالته انّ لي جيرانا بعضهم يعرف هذا الأمر و بعضهم لا يعرف و قد سألوني أن أؤذّن لهم و أصلّي بهم فخفت ان لا يكون ذلك موسّعا لي فقال اذّن لهم و صلّ بهم و تحرّ الأوقات و ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن علىّ بن الحكم عن معاوية بن وهب قال قلت له كيف ينبغي لنا ان نصنع فيما بيننا و بين قومنا و بين خلطائنا من النّاس ممّن ليسوا على أمرنا قال تنظرون إلى أئمّتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون فو اللّه انّهم ليعودون مرضاهم و يشهدون جنائزهم و يقيمون الشهادة لهم و عليهم و يؤدّون الأمانة إليهم الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه فنقول انّ الظّاهر (- اه -) قلت بل الظّاهر عدم ترتيب آثار البطلان إلاّ في مورد قيام دليل خاصّ على البطلان و ذلك انّ لازم حكومة أخبار التقيّة على أدلّة الأحكام هو خروج مورد التقيّة عن تحت مداليلها و رفع الشارع اليد عن ترتيب ذلك الأثر في موردها إذ بعد عدم ثبوت الحكم التكليفي لا يمكن ترتّب الوضعي سيّما بناء على الانتزاع فالتكتّف للتقيّة غير محرّم و لا مبطل و لا موجب للقضاء و كذا السّجود على ما لا يصحّ السّجود عليه و كذا فعل بعض ما يحرم على المحرم و كذا الأكل و الشّرب للصّائم قبل المغرب تقيّة كلّ ذلك لما قلنا من انّ لازم الحكومة ذلك فكلّ مورد قام دليل خاصّ على اثر من آثار الفساد كان ذلك الدّليل مقيّدا لأدلّة التقيّة بالنّسبة إلى لازمها و ما لم يقم فيه دليل خاصّ فمقتضى القاعدة فيه عدم ترتّب آثار البطلان لا يقال انّ ما ذكرته انّما يصحّ في الآثار المطلقة دون مفروض الماتن (- ره -) من الآثار العامّة لصورتي الاختيار و الاضطرار

ص:244

لأنّ النّسبة (- ح -) بين دليل تلك الآثار و بين أدلّة التقيّة هو العموم من وجه لشمول دليل الآثار لحالي الاختيار و الاضطرار و شمول أدلّة التقيّة لتلك الآثار و غيرها لأنّا نقول أوّلا انّ التقيّة من حيث كونها فردا من افراد الاضطرار يكون دليله أخصّ من دليل ثبوت تلك الآثار حتّى في حال الاضطرار فيخصّ به و تبقى حكومة أدلّة التقيّة على حالها و ثانيا انه على فرض تسليم العموم من وجه مع عدم المرجّح يلزم التوقف لا ترتيب آثار البطلان (- فت -) كي يظهر لك انّ ترتيب آثار الصّحة هو المحتاج الى الدّليل فاذا لم يقم عليه دليل كفى في ترتّب آثار البطلان بل الإنصاف بعد التّأمّل يقضي بصحّة ما افاده الماتن (- ره -) إن كان غرضه ترتيب آثار البطلان بعد ارتفاع التقيّة لا حالها و ذلك لانّ أدلّة التقيّة و إن كانت حاكمة على أدلّة الأحكام و لازم ذلك ترتيب آثار الصّحة إلاّ أن شرعيّة التقيّة لما كانت مقيّدة بمورد الخوف تقيّد ترتّب آثار الصّحة على المأتي به تقيّة بما دام الخوف و التقيّة باقيا فهو كالتيمّم على المشهور المختار من كونه مبيحا لا رافعا فكما انّ التيمّم مبيح ما دام العذر باقيا فيجوز له الدّخول في كلّ مشروط بالطّهارة ما دام السّبب باقيا و لا يجوز بعد زواله فكذا ترتّب آثار الصّحة على المأتي به تقيّة مقيّد بما دام السّبب باقيا يترتّب على الوضوء المأتي به تقيّة آثار الوضوء الصحيح و يصحّ واقعا كلّ ما اتى به معه لأنّ الأمر الواقعي الاضطراري يقتضي الأجزاء كما برهن عليه في محلّه فاذا زال السّبب زال مقتضى الصّحة فيترتّب الحكم الواقعي و لا يجوز له الدخول في المشروط بالطّهارة و كذا إذا توضّأ بالنبيذ تقيّة يترتّب على وضوئه جميع آثار الصّحة حتّى انّه ما دامت التقيّة لا يترتّب آثار نجاسة الأعضاء عليه لما مرّ من حكومة دليل التقيّة على دليل ثبوت أثر النجاسة حال الاضطرار فاذا زالت التقيّة زالت الإباحة و ترتّبت أحكام النجاسة و لا يتوهّم انّ لازم ذلك هو اعادة ما اتى به من العبادة تقية لما عرفت من انّ الأمر الاضطراري يقتضي الأجزاء فلا يتحقّق الفوت المترتّب عليه ثبوت القضاء فمن صلّى متكتّفا أو متوضّيا بالنبيذ أو منكوسا أو نحو ذلك تقيّة أو أفطر في وقت إفطار العامّة تقيّة لا يلزمه قضاء صلوته و لا صومه لانّ صلاة مثله و صومه في نظر الشّارع ذلك و قد اتى به فيلزمه الأجزاء و لا يصدق الفوت المترتّب عليه لزوم القضاء و عليك بإمعان الفكر في هذا المجال فإنّه في غاية الدقّة و الإشكال و يأتي من الماتن (- ره -) اعادة الكلام في ذلك في المقام الرّابع قوله طاب ثراه نعم لو قلنا بدلالة حديث رفع التّسعة (- اه -) الأظهر عندي كون المرفوع هو جميع الآثار بقرينة استدلال الإمام عليه السّلام به على رفع اثر اليمين الكاذبة عند التقيّة و الإكراه و الاضطرار و لا فصل بين ذلك و بين سائر الآثار و قد سبق آنفا صحيح ابى الصّباح و موثق سماعة النّاطقان بذلك و في الصّحيح الّذي رواه احمد بن أبي عبد اللّه في محكي المحاسن عن أبيه عن صفوان بن يحيى و احمد بن محمّد بن ابى نصر جميعا عن ابى الحسن عليه السّلام في الرّجل يستكره على اليمين فيحلف بالطّلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك فقال لا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وضع عن أمّتي ما أكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا فقصر المرفوع على المؤاخذة كما أنصف به الماتن (- ره -) لا وجه له نعم كون المرفوع في حديث الرّفع جميع الآثار لا يستلزم ترتّب آثار الصحّة لأن دليل ثبوت تلك الآثار حتى في حال الاضطرار أخصّ من رفع اثر الاضطرار كما لا يخفى قوله طاب ثراه فتأمّل وجه الأمر بالتأمّل امّا الإشارة الى ما نبّهنا عليه من كون لازم استدلال الإمام عليه السّلام بالنبوي (- ص -) لرفع آثار اليمين هو كون المرفوع جميع الآثار دون خصوص المؤاخذة أو الإشارة الى ما نبّهنا عليه من انّ لازم حكومة أدلّة التقيّة على أدلّة الأحكام هو حكومتها على أثارها (- أيضا -) لكن قد عرفت ما فيه قوله طاب ثراه لما تقرّر في محلّه من انّ الأمر بالكلّي (- اه -) أشار بذلك الى ما تقرّر في مسئلة اقتضاء الأمر الاجزاء من عدم الإشكال في اقتضاء الأمر الواقعي الاضطراري الأجزاء لقضاء العرف و العادة بذلك مضافا الى دلالة الأدلّة الدالّة على لزوم الأداء على الأجزاء عن الإعادة و القضاء لأنّ المأمور إذا اتى بالمأمور به في حال الاضطرار على الوجه الثابت في حق المضطرّ فقد امتثل الأمر بالطبيعة فلو بقي مع ذلك أمر بالتّدارك من جهة الطّبيعة كان امرا بتحصيل الحاصل نعم يجوز ان يصدر أمر أخر بالتدارك على الوجه الأكمل بعد ارتفاع العذر لعدم المانع منه عقلا و نقلا الاّ انّه مع الشكّ في صدور مثل ذلك الأمر يعود الحال الى الشكّ في التّكليف ثانيا و هو ممّا ينفيه أصل البراءة و ان شئت شرح الحال في ذلك فراجع المقام المشار اليه من بشرى الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه و غيره قوله طاب ثراه و انّه هل يجوز لهم البدار أو يجب عليهم الانتظار قد رجّحنا في محلّه جواز البدار لانّ مرجع طلب الطّبيعة مع التّوسعة في الوقت الى التخيير في إتيانه في أيّ جزء من الوقت شاء المكلّف و التخيير في الشيء تخيير في لوازمه فما لم يرد دليل خاصّ بوجوب الانتظار كان مقتضى القاعدة جواز البدار و ان شئت توضيح الحال فراجع مسئلة صلاة ذي الجبائر و صلاة المتيمّم في الفقه و مبحث الأجزاء في الأصول قوله طاب ثراه فيشترط في الثّاني كون الشرط أو الجزء (- اه -) أراد بالثاني فرض شمول الأوامر العامّة بتلك العبادة لحال التقيّة و الوجه في اعتبار هذا الشّرط الأوّل ظاهر ضرورة انّه لو كان دليل الشّرطيّة و الجزئيّة شاملا لحال الاضطرار و التقيّة كان ذلك الدّليل مقيّدا لذلك الأمر العام فيدور الأمر بين أمور ثلثة أحدها الإتيان بتلك العبادة جامعة لذلك الشّرط و الجزء و الثّاني الإتيان بها بدونهما و الثّالث ترك تلك العبادة رأسا و الأوّل مناف لحكومة أدلّة التقيّة على أدلّة الأحكام مناقض لامتنان اللّه سبحانه على عباده برفع الأحكام الضرريّة عنهم و عدم تكليفهم بما يضرّهم و الثاني مناف لدليل الشرطيّة و الجزئيّة حتى في حال الاضطرار بضميمة قاعدة انتفاء المركّب بانتفاء جزئه أو شرطه فيكون المأتي به لغوا فاسدا و الثالث خلاف الفرض لانّ الفرض الأمر بتلك العبادة حتّى في حال التقيّة قوله طاب ثراه و ان لا يكون للمكلّف مندوحة (- اه -) هذا هو الشرط الثاني من شرطي فرض شمول الأوامر العامّة بتلك العبادة لحال التقيّة و الوجه في اشتراطه ما يأتي منه قدس سرّه عند التعرض له بقوله بقي الكلام في اعتبار عدم المندوحة (- اه -) و لكن سيأتي (- إن شاء الله -) (- تعالى -) انّ الأظهر عدم اعتبار هذا الشّرط قوله طاب ثراه و هذان الأمران غير معتبرين في الأوّل امّا عدم اعتبار الشّرط الأوّل فلانّ قيام الدّليل الخاصّ على الإذن في الامتثال حال التقيّة يكشف عن كون الشرط أو الجزء المتعذّر للتقيّة مختصّا بحال الاختيار فيسقط اعتبار هذا الشّرط بخلاف الثّاني فإنّ الإذن فيه لمّا كان على وجه العموم لزم اعتبار ذلك الشّرط و اما عدم اعتبار الشرط الثّاني في الأوّل فلعلّه لشمول إطلاق الدّليل الخارجيّ لحالتي وجود المندوحة و عدمها و لازمه (- ح -) اختيار التّفصيل الآتي من المحقّق الثّاني في مسئلة اعتبار عدم المندوحة و يأتي من الماتن (- قدّه -) على حسب ما وعد به بقوله و سيأتي (- اه -)

ص:245

بيان وجه عدم اشتراط الشرطين في الأوّل قوله طاب ثراه و يشترط في الأوّل (- اه -) لا وجه لقصر هذا الشّرط على القسم الأوّل ضرورة انّه ان تمَّ ما ادّعاه من كونه المتبادر من لفظ التقيّة في الأخبار لجرى ذلك بالنّسبة إلى القسم الثّاني (- أيضا -) و الاّ فلا فيهما فتدبّر قوله طاب ثراه لانّ المتبادر التقيّة (- اه -) لما كان يتّجه على قوله (- قدّه -) لانّه المتيقّن من الأدلّة (- اه -) انّه لا يؤخذ بالقدر المتيقّن الاّ عند إجمال الدّليل و الأخبار الواردة في الإذن في العبادات على وجه التقيّة مطلقة اتى بهذا التعليل لإنكار الإطلاق و دفع ما ربّما كان يتّجه على تعليله المذكور فاذا كان المتبادر التقيّة من مذهب المخالفين لم يمكن إطلاق لتلك الأخبار حتّى يتمّ الاعتراض قوله طاب ثراه لكن في رواية مسعدة بن صدقة الآتية (- اه -) هذا ردّ للاشتراط المذكور و يأتي منه (- قدّه -) ذكر الرّواية في أواخر الأمر الأوّل من الأمور الّتي ألحقها بهذا المقام و تقدّم منّا نقل هذه الرّواية بسندها في المقام الأوّل عند الكلام في إيراث التقيّة الواجبة إباحة كلّ محظور و وجه دلالتها على عدم اختصاص التقيّة بمذهب المخالفين انه عليه السّلام جعل تفسير ما يتّقى ان يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحق و فعله و عقّبه عليه السّلام بقوله (- ع -) فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة ممّا لا يؤدّى الى الفساد في الدّين فإنّه جائز فإنّ قوم السّوء يشمل المخالفين و غيرهم كما هو ظاهر قوله طاب ثراه مع كفاية عمومات التقيّة في ذلك (- اه -) هذا ردّ ثان للاشتراط المذكور و هو موجّه متين و نضيف الى ذلك كفاية العمومات النوعيّة و هي أخبار نفى الضّرر و اخبار تحليل الاضطرار كلّ محرّم و حديث الرّفع و غير ذلك ممّا مرّت إليه الإشارة قوله طاب ثراه لما يظهر بالتتبّع في اخبار التقيّة الّتي جمعها في الوسائل (- اه -) قد نقلنا لك من أوّل الكتاب الى هنا أغلب تلك الأخبار و يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) نقل الباقي فلاحظ و تدبّر تجده (- قدّه -) صادقا في استظهاره و دعواه قوله طاب ثراه و كذا لا إشكال في التقيّة (- اه -) هذه العبارة ليست على ما ينبغي أمّا أوّلا فلعدم معطوف عليه لهذا العطف إذ لم يسبق منه نفى خلاف أو إشكال في شيء حتّى يعطف عليه هذه الجملة المتضمّنة لكلمة كذا و لا يمكن عطف هذه الجملة على قوله (- قدّه -) في أوائل المقام فلا ينبغي الإشكال في اجزاء المأتي به ضرورة انّ كلامه في الشرط المعتبر في الوجه الأوّل من وجهي الإذن لم يتمّ بعد و انما كلامه الى قوله بقي الكلام في بقيّة كلامه في ذلك الشّرط و امّا ثانيا فلانّ ظاهر العبارة نفيه الإشكال في الجواز هنا و في قوله بل و كذا التقيّة في العمل على طبق الموضوع الخارجيّ و الحال انّ تعليلهما بقوله فانّ الظّاهر خروج هذا عن منصرف أدلّة الإذن (- اه -) ظاهر في المنع و امّا ثالثا فلانّ ما ذكره من العلّة غير منتجة لعدم الجواز كما سنشير اليه و الّذي أظنّ و إن كان ظنّي لا يغني من الحقّ شيئا انه (- قدّه -) لمّا عدل عمّا ذكره في ردّ شرط الوجه الأوّل من كون التقيّة من مذهب المخالفين بكفاية عمومات التقيّة في تجويز التقيّة من غير المخالفين أراد بهذه العبارة بيان كفاية عمومات التقيّة في جواز التقيّة من غير مذهب المخالفين بل و التقيّة في العمل على طبق الموضوع الخارجيّ (- أيضا -) و انّ غرضه بالتّعليل عدم الاندراج في الأدلّة الخاصة و على كلّ حال فالعبارة لا تخلو من قصور و تشويش قوله طاب ثراه فانّ الظاهر خروج هذا عن منصرف أدلّة الإذن (- اه -) أقول لو سلّمنا هذا الظّهور و ما كنّا لنسلّمه لكفانا عمومات التقيّة و رفع آثار ما اضطرّ اليه و رفع آثار الاضطرار و نحو ذلك ممّا أشرنا إليه في تجويز التقيّة في القسمين اللّذين أشار إليهما كما لا يخفى قوله طاب ثراه و امّا في الوجه الثّاني فهذا الشّرط غير معتبر قطعا (- اه -) مراده بالوجه الثّاني فرض شمول الأوامر العامّة بتلك العبادة لحال التقيّة كما هو ظاهر

بقي الكلام في اعتبار المندوحة و عدم اعتبارها

قوله طاب ثراه فإنّ الأصحاب بين غير معتبر له (- اه -) قد وقع الاحتجاج لهذا القول بأمرين الأوّل الأخبار الدالّة على الحث العظيم على الصّلوة مع المخالف و وعد الثواب عليها حتى ورد انّ الصّلوة معهم كالصّلوة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مع استلزام ذلك ترك بعض الواجبات أحيانا الثّاني انّ الظّاهر من الأخبار مثل ما رواه العيّاشي بسنده عن صفوان عن ابى الحسن عليه السّلام و في أخرها الوارد في غسل اليدين قلت له يردّ الشّعر قال إن كان عنده أخر فعل و الاّ فلا و غير ذلك هو انّ التقيّة أوسع من غيرها من الأعذار فالمعتبر فيها ترتّب الضّرر على ترك التقيّة في اجزاء العبادات و شرائطها مع إتيانها بحسب متعارف حال الفاعل فلا يجب على الحاضر في ملأ المخالفين ان يستتر عنهم حتى لو كان ضيفا عندهم أو مضيفا لهم و الخروج من مسجدهم أو تأخير الصّلوة من السّوق الى البيت بل حثّ الشّارع على السّلوك معهم كسلوك بعض الأخوان مع بعض فالضّرر يعتبر بالنّسبة الى هذا الموضوع و بالنّظر الى هذه الحالة نعم التعرّض لفعل العبادة في محضرهم من غير اقتضاء العادة له محلّ اشكال و لا ينافيه ما ورد في الأخبار المستفيضة من الحضور في مساجدهم لانّ الظّاهر انّ ذلك (- أيضا -) بالنّسبة الى أهل البلد فيلزم بحسب العادة التجنب عنهم لا بالنّسبة الى من هو عابر سبيل لا مناسبة له بأهل البلد فإنّه لا يبعد ان يقال انّ الأولى في حقّه عدم التعرّض لذلك قوله طاب ثراه و بين معتبر له كصاحب المدارك قد نقل اعتبار ذلك عن الشيخ (- ره -) في (- ف -) (- أيضا -) و قد وقع الاحتجاج لهذا القول بوجوه الأوّل انتفاء الضّرر مع وجود المندوحة فيزول المقتضى للفعل الواقع على وجه التقيّة فيلزم الإتيان بالمأمور به على وجهه و يمكن المناقشة فيه بانّ الضرر انّما هو في مخالفتهم في العمل الصّادق مع وجود المندوحة نعم لا تصدق الضّرورة و الاضطرار مع وجود المندوحة و ذلك لا يقدح بعد كفاية عمومات التقيّة في التجويز الثاني وجوب الاقتصار على المتيقّن ممّا يرفع التكليف الأصلي الأولى فيبقى ما دلّ على ذلك التّكليف الأوّل سالما و لا يخرج عن العهدة إلاّ به و يمكن المناقشة في ذلك بانّ الاقتصار على المتيقّن انّما كان يلزم لو لا إطلاق أخبار التقيّة و الفرض وجوده الثالث ما تمسّك به الماتن (- ره -) في أواخر كلامه بقوله (- قدّه -) نعم في بعض الأخبار ما يدلّ على اعتبار عدم المندوحة (- اه -) و يأتي (- إن شاء الله -) (- تعالى -) هناك بيان ما فيه من النّظر قوله طاب ثراه ثمَّ ردّه بأنّ الإذن في التقيّة (- اه -) (11) فيه انّ الاذن في التقيّة و الإتيان بالعبادة على وجه الإطلاق يقتضي سقوط الإعادة و القضاء لما برهن عليه في محلّه و أشرنا إليه آنفا من انّ الأمر الواقعي الاضطراري يقتضي الإجزاء فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه ظاهر قوله في المأذون بالخصوص (- اه -) (12) هذا الاستظهار في محلّ المنع بل مراده بالتمكّن من فعله قبل خروج الوقت زوال موجب التقيّة لا ازالته هو بمضيّه الى مكان خال عمّن يتّقى منه و مراده بوجود المندوحة للمكلّف وجود المندوحة للمكلّف فعلا بالمضيّ إلى المكان الفارغ ممّن يتّقى منه و مع ذلك لا يكون ذلك قولا باعتبار عدم المندوحة (- مط -) لانّ تفصيل المحقق الثاني (- ره -) انما هو بين ما ورد فيه بخصوصه و ما لم يرد فيه ذلك باعتبار عدم المندوحة في الثاني دون الأوّل قوله طاب ثراه لما سيجيء من مخالفته لظواهر الأخبار (- اه -) (13) مضافا الى ما يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) منا هنا من مخالفته للقاعدة (- أيضا -) قوله طاب ثراه و على اىّ تقدير فيردّ (- اه -) (14) هذا الإيراد موجّه متين لا غبار عليه

ص:246

قوله طاب ثراه و الحاصل انّ الفرق بين كون متعلّق التقيّة (- اه -) نعم يفترقان في انّ الأجزاء في المأذون فيه بالخصوص انّما هو بالدّلالة اللّفظيّة و في المأذون فيه بالعموم انّما هو بقاعدة اقتضاء الأمر الواقعي الاضطراريّ الأجزاء و ذلك ليس فارقا كما هو ظاهر قوله طاب ثراه على الخلاف و التّفصيل المذكور في مسئلة اولى الأعذار (- اه -) يعنى الخلاف في جواز البدار أو وجوب البدار أو وجوب الانتظار الى ان يتضيّق الوقت أو التفصيل بين صورة اليأس من ارتفاع العذر إلى أخر الوقت فيجوز البدار و صورة عدم الياس فيجب الانتظار و قد قرّرنا في محلّه انّ مقتضى القاعدة بعد كون توسعة وقت المأمور به تخييرا بين اجزاء الوقت هو جواز البدار (- مط -) إلاّ في مورد قيام الدّليل الخاصّ على وجوب الانتظار فراجع مظانّه و تدبّر جيّدا قوله طاب ثراه ثمَّ انّ الّذي يقوى في النّظر (- اه -) ما قوّاه (- قدّه -) هنا هو الحقّ المتين كما سنوضّحه و نبيّن سقوط ما زعمه مستند الاعتبار عدم المندوحة بتبديل موضوع التقيّة بموضوع الأمن إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه لانّ حمل أخبار الإذن في التقيّة (- اه -) مضافا الى انّ مقتضى القاعدة انّما هو عدم اعتبار انتظار زمان التمكن من إتيان الفعل على غير وجه التقيّة لأنّ ذلك العمل المأمور به إن كان واجبا فوريّا فلا إشكال في جواز الإتيان به من دون انتظار بل وجوبه لانّ نفس دليل ذلك الواجب يمنع من تأخيره و إن كان واجبا موسّعا (- فكذلك -) لانّ معنى الوجوب الموسّع هو جواز الإتيان بالمأمور به في كلّ جزء من اجزاء الوقت المحدود بالطّرفين الأوّل و الأخر و من المعلوم انّ الإذن في الشيء اذن في لوازمه و من هنا نقول بأنّه يراعى في كلّ جزء من اجزاء الوقت ما هو واقع فيه ككونه حاضرا أو مسافرا أو كونه متلبّسا بشيء من الأعذار فيأتي بالمأمور به على حسب مقتضى حالته الّتي هو عليها و لا ينتظر تبدّل شيء منها بالآخر نعم لو قام دليل خاصّ على لزوم التّأخير كما في التيمم بناء عليه كان الدّليل الخاصّ هو المتّبع قوله طاب ثراه إذ الظّاهر منها الإذن بالعمل على التقيّة في أفعالهم المتعارفة (- اه -) و دعوى ان تبديل الموضوع هو المتعارف في الأمور المهمّة كما ترى قوله طاب ثراه مثل رواية أحمد (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسى عنه و انّما سمّاها رواية لإبراهيم بن شيبة الأصبهاني القاساني المجهول و يمكن المناقشة في الاستدلال بها بعد الإغماض عن السّند أوّلا بأن لفظ موضع فيه نكرة و جملة لا تجد بدا صفة له و لا بدّ من اشتمالها على ضمير فالتّقدير موضع لا تجد فيه بدّا من الصّلوة معهم و المتمكّن من الانتقال الى موضع أخر يصدق عليه انّه لا يجد في ذلك المكان بدّا و ثانيا انّ هذا الكلام لا يأبى من كونه منساقا بسياق سائر الأخبار المنساقة لبيان الضّرورة بحسب حال الفاعل و ان شئت قلت انّ المقصود من انتفاء العلاج انتفاؤه بحسب المتعارف فالضّرورة عبارة عن الضرورة العرفيّة و ثالثا انا لو تنزّلنا عن ذلك كلّه نقول انّ النّسبة بين هذا الخبر و بين الأخبار الظّاهرة في عدم اعتبار عدم المندوحة هو الإطلاق و التقييد الغير المتنافيين فيعمل بهما جميعا قوله طاب ثراه و نحوها ما عن الفقه الرّضوي (- اه -) التمسّك بهذا عجيب لانّه مع عدم ثبوت حجّية الكتاب ليس فيه من اعتبار عدم المندوحة عين و لا اثر و لا تصريح و لا اشارة و انّما مساقه بيان مجرّد الرّخصة في الصّلوة مع من يتّقى منه ساكتا عن الكيفيّة قوله طاب ثراه و في رواية معمّر بن يحيى (- اه -) قد رواها احمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عن ابن فضّال و فضالة عن معمّر بن يحيى قال قلت لابيجعفر عليه السّلام انّ معي بضائع للنّاس و نحن نمرّ بها على هؤلاء العشار فيحلّفونا عليها فنحلف لهم فقال وددت انّى اقدر على ان أجيز أموال المسلمين كلّها و احلف عليها كلّما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقيّة و بمضمونها أخبار عديدة مثل ما رواه هو (- ره -) عنه عن إسماعيل الجعفي قال قلت لابيجعفر عليه السّلام أمرّ بالعشّار و معى المال فيستحلفوني فإن حلفت تركوني و ان لم أحلف فتّشوني و ظلموني فقال احلف لهم قلت ان حلّفوني بالطّلاق قال فاحلف لهم قلت فانّ المال لا يكون لي قال تتّقي مال أخيك و ما رواه ابى الصّباح و قد تقدّم نقله في تعليقاتنا على المقام الأوّل و ما رواه الصّدوق (- ره -) في العيون مسندا عن الرّضا عليه السّلام في كتابه إلى المأمون و التقيّة في دار التقيّة واجبة و لا حنث على من حلف تقيّة يدفع بها ظلما عن نفسه الى غير ذلك من الأخبار التي عقد لها في كتاب الإيمان من الوسائل بابا و أنت خبير بمنع ورود خبر معمّر و أشباهه في مورد الحصر فهي قضيّة عامّة بحسب مدلولها و لا ينافي ذلك ثبوت قضيّة عامّة أخرى أعمّ من الأولى و لا يلزم بناء العام على الخاصّ فيما إذا كانا متوافقى الظاهر و قد اعترف الماتن (- ره -) آنفا بأنّ جملة من الأخبار تعطي انّ المناط هي الضرورة بحسب حال الفاعل مضافا الى انّ لنا ان نقول بعد تسليم كون الرّواية مسوقة للحصر انّ المراد بالضرورة هي الضّرورة بحسب حال الفاعل كما لا يخفى قوله طاب ثراه و عن دعائم الإسلام (- اه -) وجه الدّلالة امره بالصّلوة في البيت و جعل الصّلوة معهم تطوّعا و فيه منع دلالتها على الحصر أوّلا و لو سلّم فالمراد بها الاضطرار العرفي كما يكشف عن ذلك اخبار جواز الحلف تقيّة للاضطرار مع وجود المندوحة العادية في أغلب مواردها و لعلّه لذا عدّها (- قدّه -) مؤيّدا لا دليلا

بقي هنا أمور

الأول في ذكر الأخبار الواردة في التقية و تفاسيرها

قوله طاب ثراه فمراعات عدم المندوحة في الجزء من الزّمان الّذي يوقع فيه الفعل أقوى مع انّه أحوط أقول كونه أحوط واضح لا مرية فيه و امّا انّه أقوى ففي محل المنع بل الأشبه عدم اعتبار عدم المندوحة للأصل بعد عدم الدّليل عليه بل ظهور الأخبار في خلافه فان قلت انّ مقتضى الأصل بل العقل انما هو امتثال التكاليف الواقعيّة الاختياريّة و لا يجوز العدول عنها الاّ بدليل ضرورة انّ العدول عمّا قرّره المولى لا يجوز الاّ بترخيص منه و ليس هناك دليل صريح و لا ظاهر يدلّ على جواز التقيّة في الإتيان بالصّلوة متكتّفا مثلا بمجرّد كون المجلس مشتملا على أشخاص يتّقي منهم من جهة الإتيان بالصّلوة بدون التكتّف على تقدير كون الحال بحيث يسهل عليه الخروج من المجلس إلى الصّلوة في مكان قريب أو نحو ذلك نعم دلّ الدّليل على التقيّة عند الاضطرار لكن من المعلوم انّه لا يتحقّق مع إمكان الخروج الى بيت من بيوت الدّار مثلا و نحو ذلك قلت أوّلا انّ دليل التقيّة غير منحصر فيما دلّ على التقيّة عند الاضطرار إذ قد عرفت انّ هناك أخبارا أطلقت شرعيّة التقيّة حتى عند عدم الاضطرار بل أمرت بحضور جمائعهم و الاعتداد بما يصلّى خلفهم للتقيّة و حيث انّ الطّائفتين غير متنافيتين ظاهرا لم يتأتّ حمل الثانية على الأولى بل لزم العمل بهما كما مرّت الإشارة اليه و لو شكّ في اشتراط عدم المندوحة كان الأصل كافلا لمنعه و ثانيا انّ المراد بالاضطرار هو الاضطرار العرفي المجامع صورة وجود المندوحة و لذا أطلق عليه السّلام فيما مرّ آنفا من الأخبار الحلف لهم تقيّة من دون استفصال عن المندوحة بالمضيّ من طرف أخر و نحوه و عدمه قوله طاب ثراه في طيّ الأمر الأوّل فمجرّد الأمر بالتقيّة لا يوجب امتثال العبادة في ضمن الفعل الفاقد لذلك الجزء أو الشّرط تقيّة (11) هذا انّما هو على مختاره من كون المرفوع في حديث الرّفع هو

ص:247

خصوص المؤاخذة و امّا على ما رجّحنا من كون المرفوع جميع الآثار فينبغي افادة الحديث رفع الجزئيّة أو الشرطيّة في صورة الضّرورة و التقيّة إلاّ فيما ثبت شرطيّته أو جزئيّته حتى في حال الاضطرار فانّ دليله (- ح -) مخصّص لحديث الرّفع كما مرّت إليه الإشارة فراجع و تدبّر جيّدا قوله طاب ثراه كالوضوء مع المسح على الخفّين أو غسل الخفين و الصّلوة مع المخالف (- اه -) فممّا ورد في الأوّل ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حمّاد بن عثمان عن محمّد بن النّعمان عن ابى الورد قال قلت لابيجعفر عليه السّلام انّ أبا ظبيان حدّثني انّه راى عليّا عليه السّلام أراق الماء ثمَّ مسح على الخفّين فقال كذب أبو ظبيان اما بلغك قول على عليه السّلام فيكم سبق الكتاب الخفّين فقلت فيهما رخصة فقال لا الاّ من عدوّ تتّقيه أو ثلج تخاف على رجليك و لم أقف على ما ورد في الثّاني بالخصوص و ظنّي انّ ذلك سهو من القلم و انّ الصّحيح غسل الرّجلين لا غسل الخفّين و امّا الثالث فقد ورد فيه اخبار كثيرة عقد لها بابا في أبواب الجماعة من وسائل الشّيعة و في عدّة منها انّ من صلّى معهم في الصّف الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الصّف الأوّل و في اخرى انّ من صلّى معهم يكتب له أجر من صلّى خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يدخل معهم في صلوتهم فيخلف عليهم ذنوبه و يخرج بحسناتهم و في ثالثة مضامين أخر فراجعها إن شئت و تدبّر قوله طاب ثراه منها قوله عليه السّلام التقيّة في كلّ شيء (- اه -) قد مرّ منّا نقل هذا الخبر مسندا في أواخر المقام الأوّل و سنده صحيح على المختار حسن على المشهور في إبراهيم بن هاشم قوله طاب ثراه و منها ما رواه في أصول الكافي (- اه -) لم أقف بعد فضل التتبّع في أصول الكافي في باب التقيّة و غيره من أغلب الأبواب هذه الرّواية و انّما الموجود فيه رواية ابن ابى عمر الأعجمي المتقدّم منّا نقله عند بيان الماتن (- ره -) في المقام الأوّل إباحة التقيّة كلّ مخطور قوله طاب ثراه و في معنى هذه الرّواية روايات أخر واردة في هذا الباب (- اه -) الرّوايات الناطقة بحرمة شرب النبيذ و المسح على الخفّين كثيرة متجاوزة عن حدّ الاستفاضة و هي أصناف فمنها ما استثنى فيه شرب المسكر و المسح على الخفّين كالرّواية الّتي أوردها الماتن (- ره -) بتبديل شرب المسكر بالنبيذ و منها ما زاد فيه استثناء متعة الحجّ مثل الحسن على المشهور الصّحيح على المختار الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد عن حريز عن زرارة قال قلت لابيجعفر عليه السّلام في المسح على الخفّين تقيّة فقال ثلث لا اتّقى فيهنّ أحدا شرب المسكر و المسح على الخفّين و متعة الحجّ قال زرارة و لم يقل الواجب عليكم ان لا تتّقوا فيهنّ أحدا الخبر و منها ما تضمّن عدم التقيّة في شرب المسكر ساكتا عن غيره مثل الموثق الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن حنّان قال سمعت رجلا يقول لابيعبد اللّه عليه السّلام ما تقول في النبيذ فإنّ أبا مريم يشربه و يزعم أنّك أمرته بشربه فقال معاذ اللّه ان أكون أمرته بشرب مسكر و اللّه انه لشيء ما اتقيت فيه سلطانا و لا غيره قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ مسكر حرام و ما أسكر كثيره فقليله حرام لكنّ الإنصاف عدم دلالته على ما ذكرنا و هو عدم التقيّة في شرب المسكر و انّما المراد به عدم التقيّة في الفتوى بشرب المسكر (- فت -) قوله طاب ثراه ثمَّ انّ مخالفة ظاهر المستثنى في هذه الرّوايات لمّا اجمع عليه (- اه -) قد نقل هذا الإجماع جمع منهم الشيخ (- ره -) في الخلاف و العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) و المنتهى و الشهيد (- ره -) في كرى و غيرهم في المسح على الخفّين و نقل الخلاف فيه عن الصّدوق (- ره -) في الهداية خاصّة و يدلّ على خيرة المجمعين في المسح على الخفّين خبر ابى الورد المتقدّم آنفا المتضمّن لقوله فقلت فيهما أي في المسح على الخفّين رخصة فقال لا الاّ من عدوّ تتّقيه أو ثلج تخاف على رجليك و في شرب المسكر ما رواه محمّد بن عمر الكشي في كتاب الرّجال عن نصر بن الصّباح عن إسحاق بن يزيد بن محمّد البصري عن جعفر بن محمّد بن الفضيل عن محمّد بن علىّ الهمداني عن درست بن ابى منصور قال كنت عند ابى الحسن موسى عليه السّلام و عنده الكميت بن يزيد فقال للكميت أنت الّذي تقول فالآن صرت إلى أميّة و الأمور لها مصائر قال قلت ذلك و اللّه ما رجعت عن إيماني و انّى لكم لموال و لعدوكم لقال و لكنّي قلته على التقيّة قال اما لئن قلت ذلك انّ التقيّة تجوز في شرب الخمر قوله طاب ثراه أو حمله على بعض المحامل مثل اختصاص الاستثناء بنفس الإمام عليه السّلام قد صدر من الأصحاب في الجمع بين الأخبار المثبتة للتقيّة في المسح على الخفّين و شرب المسكر و الأخبار النافية لها بحمل الثانية على شيء من محامل أحدها انّ الإمام عليه السّلام أراد انّ عدم الاتقاء من خواصّه عليه السّلام فلا يعمّ جميع المؤمنين بل يجب عليهم الاتقاء و استشهد لذلك بتعبيره عليه السّلام بلا اتّقى في صحيح زرارة المزبور آنفا و هو ظاهر كلام زرارة المتقدّم في ذيل الصّحيحة و نوقش في ذلك بأنّه لا يلائم الأخبار المذكورة مثل قوله عليه السّلام التقيّة في كلّ شيء إلاّ في شرب المسكر و المسح على الخفّين بل صحيحة زرارة المنقولة عن باب اطعمة الكافي قلت لابيجعفر عليه السّلام هل في المسح على الخفين تقيّة قال لا تتّقي في ثلث قلت و ما هن قال شرب المسكر و المسح على على الخفين و متعة الحجّ صريحة في نهى الراوي عن ذلك و أقول منافاة الحمل المذكور لبعض تلك الأخبار غير قابلة للإنكار و لكن صحيحة زرارة في اشربة الكافي ليست على ما نقلت فانّ الموجود في نسخة مصحّحة مقروّة على العلاّمة المجلسي (- ره -) و عليها اجازته لا نتّقي بالنّون نفيا لا بالتّاء نهيا و على هذا فتكون شاهدة لهذا الحمل ثانيها انّ مقصود الإمام عليه السّلام انه في خصوص المسح على الخفّين لا تجب التقيّة لأنّ حكمها فيه مجرّد الجواز كما في إظهار كلمة الكفر و انّما تجب في غير ذلك و هذا هو محتمل كلام زرارة المتقدّم (- أيضا -) و نوقش فيه بأنّه لا يلائم نهى الرّاوي عنه في صحيح زرارة المنقولة عن اطعمة الكافي و فيه أوّلا ما عرفت من انّ الموجود في نسخة الكافي لا نتّقي دون لا تتّقي نهيا و ثانيا انّ النّهى هنا ليس للإلزام لما تقرّر في محلّه من عدم إفادة النهي الواقع في مورد توهّم الوجوب الإلزام ثالثها حمل الأخبار المانعة عن التقيّة في المسح على الخفّين على الضّرر النّوعي الحاصل في حقّ الشّيعة بمعنى انّ الحكمة الملحوظة في عدم لحوق ضرر للنّوع غير معتبر هنا و يحمل خبر ابى الورد على الضّرر الفعليّ دون التقيّة المبنيّة على ملاحظة الضّرر النّوعي على الشّيعة باشتهارهم بمخالفة جمهور النّاس و استشهد بعضهم لهذا الحمل بعطف الثلج الّذي يخاف منه على رجليه عليه بعد وضوح كون المعتبر في المعطوف الضّرر الشّخصي ثمَّ قال انّ هذا الحمل مبنىّ على انّه لا يعتبر في التقيّة ضرر فعلىّ على التّرك بل الحكمة فيها ملاحظة الضّرر اللاّحق من اجتماع الشّيعة على تركها و اشتهارهم بخلافها و نوقش في هذا الحمل بانّ خبر ابى الورد و إن كان ظاهرا في بيان الضّرر الفعليّ من جهة ظهور قوله عليه السّلام الاّ من عدوّ تتّقيه في ذلك و كذا من جهة عطف الخوف من الثلج عليه الاّ انّ لازم الجمع المذكور هو ان تكون صحيحة زرارة و نحوها يراد بها النّهى عن الفرد الغير المتعارف للمطلق و قد تقرّر في الأصول انّ النهى عن المطلق الذي له فرد متعارف و غيره يجب ان يرجع الى أصل الطّبيعة أو الى الفرد المتعارف مع كون الجمع المذكور ليس مستندا الى دليل و لا شاهد و انّما هو مجرّد اقتراح رابعها ما حكى عن الشّيخ (- ره -)

ص:248

من الحمل على انّ المراد بنفي التقيّة في الطّائفة الثّانية هو نفيها مع المشقة اليسيرة التي لا تبلغ الى حدّ الخوف على النفس أو المال خامسها انّ المراد لا اتّقى أحدا في الفتوى بها لانّ ذلك معلوم من مذهبه عليه السّلام فلا يبقى وجه للتقيّة فيها سادسها انّ هذه الثّلثة لا يقع فيها الإنكار من العامّة غالبا لأنّهم لا ينكرون متعة الحج و حرمة المسكر و نزع الخفّ مع غسل الرّجلين و الغسل اولى منه عند انحصار الحال فيهما على ما نصّ عليه بعضهم سابعها انّ المراد انّه لا تقيّة حيث لا ضرر لانّ مذهب علىّ عليه السّلام فيه معروف عندهم الى غير ذلك من المحامل البادرة الّتي يقدّم عليها ترجيح اخبار الثبوت بإعراض الأصحاب عن العمل بأخبار النّفي و الفتوى بمقتضاها قوله طاب ثراه و منها موثّقة سماعة (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى عن سماعة و قد أبدل في نسخة الوسائل كلمة فدخل الإمام عليه السّلام بقوله فخرج الإمام عليه السّلام قوله طاب ثراه و منها قوله عليه السّلام في موثّقة مسعدة بن صدقة (- اه -) قد مرّ نقل هذه الرّواية بسندها في المقام الأوّل عند الكلام في إباحة التقيّة الواجبة كلّ محظور و تسميته (- قدّه -) لها موثّقة مع مسلّمية كون مسعدة عاميّا تبرّيا و تضعيف جمع منهم العلاّمة المجلسي (- ره -) إيّاه في الوجيزة انّما هو بالنّظر الى ما حكاه المحقق البهبهاني (- ره -) في تعليقته عن جدّه الفاضل المجلسي الأوّل (- قدّه -) من قوله الّذي يظهر من اخبار مسعدة بن صدقة في الكتب انّه ثقة لأنّ جميع ما يرويه في غاية المتانة موافق لما يرويه الثقات و لهذا عملت الطّائفة بما رواه بل لو تتبّعت وجدت اخباره أسدّ و امتن من اخبار مثل جميل بن درّاج و حريز بن عبد اللّه انتهى كلامه علا مقامه قوله طاب ثراه و منها قوله عليه السّلام في رواية أبي الصّباح (- اه -) قد أسبقنا نقلها عند استدلاله في المقام الأوّل لإباحة التقيّة كلّ محظور وليته (- قدّه -) وصفها بالصّحة فإنّ رجالها ثقاة فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه نظير قوله عليه السّلام النّاس في سعة ما لم يعلموا (- اه -) لم أقف بعد مقدار من التتبّع على سند هذه الرّواية و انّما يتمسّكون بها في كتب الأصول مرسلا عن الصّادق عليه السّلام قوله طاب ثراه بناء على شموله لما لم يعلم جزئيّته أو شرطيّته كما هو الحقّ (- اه -) أشار بذلك الى خلاف الأصوليّين في انّ المرجع عند الشكّ في الأجزاء و الشّرائط هو البراءة أو الاحتياط و الى اختياره هناك البراءة و من قال بها نفى القضاء و الإعادة

الأمر الثاني في تحقق التقية مع الخوف الشخصي بلا ريب

قوله طاب ثراه و لا يبعد ان يكتفى بالخوف (- اه -) بل يتعيّن ذلك لصراحة جملة من اخبار الباب في عدم اختصاص التقيّة بالضّرر الشّخصي و كفاية النّوعي و شخص مسلم أخر في تسويغها مثل ما نطق بالحلف كاذبا للتقيّة من الظّالم و العشّار لتخليص مال للغير و ما نطق بالأمر بالتقيّة لحقن دماء الشّيعة كخبر الاحتجاج الآتي منه (- قدّه -) نقله في أواخر الرّسالة و ما كثر منهم عليهم السّلام من الفتوى بموجب التقيّة إلقاء للخلاف بين الشيعة و حقّنا لدمائهم و عليك بإعادة النّظر في صحيح ابن ابى يعفور و خبر المعلّى بن خنيس و غيرهما من الأخبار الّتي تقدّم نقلنا لها عند نقل أخبار التقيّة تزداد في المقام بصيرة إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و يؤيّده بل يدلّ عليه إطلاق قوله عليه السّلام ليس منا (- اه -) أراد بذلك رواية المنصوري المتقدّم منّا عند تعداد اخبار التقيّة روايته عن الشّيخ حسن بن الشيخ الطّوسي (- رهما -) مسندا عن الصّادق عليه السّلام فلاحظ قوله طاب ثراه نعم في حديث ابى الحسن الرّضا عليه السّلام (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه في الوسائل عن محمّد بن على بن ابى طالب الطّبرسي في الاحتجاج عن ابى محمّد الحسن بن على العسكري عليهما السّلام في حديث انّ الرّضا عليه السّلام جفا جماعة من الشّيعة و حجبهم فقالوا يا بن رسول اللّه (- ص -) هذا الجفاء العظيم و الاستخفاف بعد الحجاب الصّعب قال لدعواكم أنكم شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام و أنتم في أكثر أعمالكم مخالفون و مقصّرون في كثير من الفرائض و تتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في اللّه و تتّقون حيث لا تجب التقيّة و تتركون التقيّة حيث لا بدّ من التقيّة و أنت خبير بعدم منافاته لما حقّقه (- قدّه -) لانّه مع كونه قضيّة في واقعة لا يعلم وجهها قد عاتب عليه السّلام على ترك التقيّة كما عاتب على فعلها في غير محلّها و اين ذلك ممّا نحن بصدده من كفاية الخوف من الضّرر النّوعي الّذي سائر الأخبار نصّت به

الأمر الثالث في أنه لو خالف التقية في محل وجوبها هل يبطل العمل أم لا

قوله طاب ثراه فان السّجود يقع منهيّا عنه فيفسد (- اه -) هذا مبنىّ على كون النّهى عن العبادة للوصف المفارق مقتضيا للفساد و الاّ توقّف الإبطال على زوال قصد القربة و لزم الصّحة ممّن غفل أو جهل بالحكم فنوى القربة فلا تذهل و لما ذكرنا افتى هو (- ره -) في كتاب الطّهارة بأنه لو مسح على البشرة مع التقيّة بطل عمدا إذا لم يتداركه و صحّ لا مع العمد و وجّه بارتفاع الأمر بالتقيّة عند الذّهول عنها لكونه كالنهي عن الغصب يختصّ توجيهه بمن كان ملتفتا قوله طاب ثراه لانّ وجوبه من جهة التقيّة (- اه -) قد أشار بذلك الى ما تنقح في محلّه من انّ التكتّف في الصّلوة كالنّظر إلى الأجنبيّة في الصّلوة خارج عن عنوان البحث عن اقتضاء النّهي في العبادة الفساد لخروجها عن حقيقة الصّلوة غاية ما في الباب انّ الصّلوة ظرف له و ظاهر انّ النهى عن المظروف ممّا لا يسرى الى الظرف فالنّهي عن التكتّف لا عن الصّلوة نعم وقع البحث في دخوله في عنوان البحث حكما و بنى على انّ النّهى في مثله للإرشاد أو للتحريم فتفسد العبادة على الأوّل دون الثّاني و لذا فهم بعض الفقهاء (- رض -) من النّهى عن التكتّف معنى الإرشاد فأفتى بإبطاله للصّلوة و هو كما ترى قوله طاب ثراه و توهّم انّ الشّارع (- اه -) (11) نظير هذا التوهّم قد صدر من صاحب الجواهر (- ره -) حيث اعترض على احتمال انّ النّهى في الوضوء ماسحا على البشرة في مورد التقيّة لوصف خارج فلا يقتضي البطلان بظهور أدلّة التقيّة في كون تكليفه ذلك و لهذا صرّح بالبطلان في مقام يجب الغسل للتقيّة فخالف و مسح جماعة من الأصحاب و هما من واد واحد انتهى و الى التوهّم و جوابه أشار الماتن (- ره -) بالعبارة قوله طاب ثراه مع انّ الظّاهر عدم الخلاف في بطلان الوضوء (- اه -) (12) نفى الخلاف لا نثق به إذ لو كان اتفاقيّا لما احتمل الشهيد الثاني (- ره -) في روض الجنان عدم فساد الوضوء حتى في صورة العمد استنادا الى توجه النّهي إلى أمر خارج و ان اعترض عليه صاحب الجواهر (- ره -) بما ذكر آنفا من ظهور أدلّة التقيّة في كون تكليفه ذلك و اعترض عليه الماتن (- ره -) في كتاب الطّهارة بانّ الأمر الخارج المتّحد مع المأمور به في الوجود فلا ينفع كونه خارجا و الوجه في ذلك انّ الوصف الخارج الّذي جعله الشهيد الثّاني (- ره -) متعلّقا للنّهي انّما هو ترك التقيّة و متّحد مع الإتيان بفعل المسح على البشرة في الوجود لعدم انفكاكهما و صحّة حمل أحدهما على الأخر قوله طاب ثراه و ممّا يدلّ على انحلال المسح الى ما ذكرناه من الصّورة و قيد المباشرة قول الامام عليه السّلام لعبد الأعلى (- اه -) (13) أشار بذلك الى ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن علىّ بن الحسن بن رباط عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّه عزّ و جلّ قال اللّه (- تعالى -) ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ امسح عليه قوله طاب ثراه و ممّا يؤيّد ما ذكرنا ما ذكره غير

ص:249

واحد من الأصحاب (- اه -) قد صرّح بتقدّم الغسل في (- كرة -) و كرى و البيان و روض الجنان و (- ئق -) و (- ك -) و الذّخيرة و غيرها غايته جعله في الأوّلين أولى من المسح على الخفّين و في الباقي متعيّنا بل نسب في الذّخيرة تعيّنه إلى الأصحاب و علّله في الجواهر بكونه أقرب الى المأمور به لما فيه من الإلصاق و كون الرّجل من أعضاء الوضوء بخلاف الخف ثمَّ تنظّر فيه و قال في ذيل كلامه انّ الأولى بناء المسئلة على انّ مباشرة اليد لبشرة الرّجل بالنّداوة واجبة بالأصالة أو للمقدّمة فإن كان الأوّل اتّجه الوجوب و الاّ فلا و لعلّه عند الشكّ يبنى على الوجوب الأصلي فتأمّل جيّدا و اعترض عليه أوّلا بأنّ بناء المسئلة على الوجهين انّما يصحّ إذا كان كلّ منهما ممّا له محتمل و لا محتمل لكون مباشرة اليد لبشرة الرّجل واجبة بالأصالة لوضوح فساده و ما ذكره من انّه عند الشكّ يبنى على الوجوب الأصليّ و إن كان مسلّما الاّ انّه لا مجال للشكّ حتّى يحكم عليه بما ذكره و ثانيا بأنّه إذا كان البناء على بناء المسئلة على أمثال ما ذكر من المباني كان الأولى ان تبنى على انّ النّسبة بين المسح و الغسل هو العموم من وجه و انّ القصد إلى شيء منهما يصرف الفعل الى ما قصده (- فت -) ثمَّ انّ الوجه في جعل الماتن (- ره -) ذلك مؤيّدا لا دليلا هو عدم قيام نصّ و لا إجماع به و نسبة صاحب الذّخيرة ذلك الى الأصحاب لا يثبته بعد قلّة التعرّض للفرع

الأمر الرابع في ترتب آثار الصحة على العمل الصادر تقية

قوله طاب ثراه المقام الرّابع في ترتّب آثار الصحّة على العمل الصّادر تقيّة (- اه -) هذا اعادة لما مرّ في المقام الثّاني فلا وجه لعدّه رابعا وليته الحق ما هنا بالمقام الثّاني و كيف كان فقد ذكرنا هناك ما عندنا في ذلك فراجع و تدبّر جيّدا قوله عليه السّلام ان ملك الرّجل عليه (- اه -) هكذا في نسخ المتن و هو سهو من القلم و الصّحيح ان حملك الوجل عليه و الوجل بالواو بمعنى الخوف كما هو ظاهر قوله عليه السّلام حشاشتك الموجود في نسخة معتبرة حشاشة نفسك و المعنى واحد قوله طاب ثراه و انّ إظهار براءتك كلمة منّا في المتن بعد هذه العبارة ساقطة و هي موجودة في النسخة المعتبرة و الحاجة إليها ظاهرة قوله عليه السلام لا يقدح فينا في النسخة المعتبرة بعد هذه الجملة و لا ينقصنا قوله (- ع -) و لا تبرء (- اه -) لا يخفى عدم ملائمة النّهى لمساق الرّواية و الموجود في نسخة معتبرة و لئن تبرء و هو الصّحيح قوله عليه السّلام به تمكّنها في النّسخة المعتبرة بدل هذه الكلمة به تمسّكها قوله عليه السّلام فإنّك شاحط (- اه -) الشّحط بالدم الاضطراب و التمرّغ فيه و في النسخة المعتبرة شائط و الشّوط هو الجري إلى الغاية قوله عليه السّلام متعرّض في النسخة المعتبرة معرّض بدل متعرّض قوله عليه السّلام أعداء الدّين (11) في النّسخة أعداء دين اللّه قوله طاب ثراه و فيها دلالة على أرجحيّة اختيار البراءة (- اه -) (12) و مثلها في الدّلالة على ذلك ما رواه محمّد بن مسعود العيّاشي في محكي تفسيره عن عبد اللّه بن عجلان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سالته فقلت له انّ الضحّاك قد ظهر بالكوفة و يوشك ان ندعى إلى البراءة من علىّ عليه السّلام فكيف نصنع قال فابرء منه قلت أيّهما أحبّ إليك قال ان تمضوا على ما مضى عليه عمّار بن ياسر أخذ بمكّة فقالوا له ابرء من رسول اللّه (- ص -) فبرء منه (- ص -) فانزل اللّه عزّ و جلّ عذره إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ و ما رواه هو (- ره -) فيه عن ابى بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انه قيل له مدّ الرّقاب أحبّ إليك أم البراءة من على عليه السّلام فقال الرّخصة أحبّ الىّ أما سمعت قول اللّه عزّ و جل في عمّار إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ و ما رواه هو (- ره -) عن الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال انّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان و أظهروا الكفر و كانوا على إجهار الكفر أعظم أجرا منهم على اسرار الإيمان الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه لكن في اخبار كثيرة (- اه -) (13) مقتضى هذا التعبير ان قوله انّه قال ستعرضون (- اه -) هو الموجود في الأخبار الكثيرة و الحال انّ الموجود في الأخبار مؤدّاه لا نفسه و انّما هذه عبارة الإرشاد و قد كان حق التعبير ان يقول لكن في اخبار كثيرة المنع من ذلك بل عن المفيد (- ره -) (- إلخ -) و كيف كان فمن تلك الأخبار ما رواه الشيخ حسن بن الشيخ الطوسي (- ره -) في محكي مجالسه عن أبيه عن محمّد بن محمّد عن محمد بن عمر الجعابي عن احمد بن محمّد بن سعيد عن يحيى بن زكريّا بن شيبان عن بكر بن مسلم عن محمّد بن ميمون عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن أبيه (- ع -) عن جدّه (- ع -) قال قال أمير المؤمنين عليه السّلام ستدعون إلى سبّي فسبّوني و تدعون الى البراءة منّى فمدّوا الرّقاب فانّى على الفطرة و ما رواه هو (- ره -) عن أبيه عن هلال بن محمّد الحفّار عن إسماعيل بن على الدّعبلي عن علىّ بن على أخي دعبل بن على الخزاعي عن علىّ بن موسى الرّضا عليه السّلام عن أبيه (- ع -) عن آبائه عليهم السّلام عن علىّ بن أبي طالب عليه السّلام انّه قال انكم ستعرضون على سبّي فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني الا و انكم ستعرضون على البراءة منّى فلا تفعلوا فانّى على الفطرة و ما رواه محمّد بن الحسين الرّضى (- رض -) في محكي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال اما انّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تقتلوه الا و انّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي فأمّا السبّ فسبّوني فإنّه لي زكاة و لكم تجارة و امّا البراءة فلا تبرؤا منّي فإني ولدت على الفطرة و سبقت الى الإيمان و الهجرة الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه ففي موثّقة مسعدة بن صدقة (- اه -) (14) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قوله عليه السّلام يا عمّار ان عادوا فعد (- اه -) زاد في النسخة المعتبرة بعد هذه الفقرة قوله (- ع -) فقد انزل اللّه عذرك و أمرك ان تعود ان عادوا قوله طاب ثراه و في رواية محمّد بن مروان (- اه -) (15) قد روى الكليني (- ره -) ذلك عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل عن محمّد بن مروان قال قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام ما منع ميثم رحمه اللّه من التقيّة فو اللّه لقد علم انّ هذه الآية نزلت في عمّار و أصحابه الاّ من اكره و قلبه مطمئنّ بالإيمان فظهر انّه سقط من قلمه الشريف بين قال و كلمة القسم كلمات قوله عليه السّلام فتبرّأ واحد منهما (16) هذا غير مرتبط بسابقه و أظنّ انّه قد سقط من قلمه الشريف ما قبله فإنّه جزء خبر ورد في رجلين تقدّم نقله في أوائل المقام الأوّل فلاحظ قوله طاب ثراه و عن كتاب الكشّي (- اه -) (17) قد روى ذلك الكشي في كتاب الرّجال عن جبرئيل بن احمد عن محمّد بن عبد اللّه بن مهران عن محمّد بن على الصيرفي عن علىّ بن محمّد عن يوسف بن عمران الميثمي قوله عليه السّلام في روضتى (18) الموجود في نسخة معتبرة في درجتي بدل روضتى و كلاهما محتملان الاّ انّ الوثوق بتلك النّسخة أتم و اللّه العالم بالحقائق تمّت و الحمد للّه

ص:250

حاشية على رسالة في العدالة

في بيان معان العدالة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه و الصّلوة على محمّد و آله الأطهار قوله طاب ثراه العدالة لغة الاستواء (- اه -) أقول العدالة لغة مأخوذة من العدل ضدّ الجور قال في الصّحاح العدل خلاف الجور و منه قول بعض الشّعراء يمدح بعض العلماء المتصدّين لرفع الخصومة بين الناس عهدي به و بداود إذا حكما للعدل و الجور إقبال و ادبار انتهى و (- ح -) فتكون بمعنى الاستقامة و الاستواء و يقال هذا عدل هذا اى مساو له و اعتدل الشيئان اى تساويا قال في التاج مازجا بالقاموس العدل ضدّ الجور و هو ما قام في النفوس انّه مستقيم و قيل هو المتوسّط بين الإفراط و التفريط الى ان قال كالعدالة و العدولة بالضمّ و المعدلة بكسر الدّال و المعدلة بفتحها الى ان قال و يقال العدل السّوية و قال ابن الأعرابي الاستقامة انتهى و قال ابن الأثير ما لفظه في أسماء اللّه تعالى العدل هو الّذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم و هو في الأصل مصدر سمّى به موضع العادل و هو أبلغ منه انتهى و الظّاهر انّ ما في المبسوط و السّرائر من انّها الاستواء غير مناف لما في (- مع صد -) و مجمع الفائدة من أنّها الاستقامة و لا لما في الرّوض و موافقيه من انّها الاستواء و الاستقامة ثمَّ اعلم انّه يقال رجل عدل و أمرية عدل و نسوة عدل و رجال عدل و رجلان عدل على معنى رجلان عدلان و رجال عدول و نسوة عادلات فالعدل مصدر لا يثنّى و لا يجمع و لا يؤنّث فإن رأيته مجموعا أو مثنّى أو مؤنّثا فعلى انه قد جرى مجرى الوصف الّذي ليس بمصدر ذكر ذلك محبّ الدّين في التّاج و حكى عن شيخه انّه قال انّ العدل بالنّظر الى أصله و هو ضدّ الجور لا يثنّى و لا يجمع و بالنّظر الى ما صار اليه من النّقل للذّات يثنّى و يجمع ثمَّ حكى عن الشّهاب انّه قال المصدر المنعوت به يستوي فيه الواحد المذكّر و غيره و هذا الاستواء هو الأصل المطّرد فلا ينافيه قول الرضىّ انّه يقال رجلان عدلان لانّه رعاية لجانب المعنى ثمَّ حكى عن ابن جنّى انّه قال قولهم رجل عدل و امرءة عدل انّما اجتمعا في الصّفة المذكورة لأنّ التذكير انّما أتاها من قبل المصدرية فإذا قيل رجل عدل فكأنّه وصف بجميع الجنس مبالغة كما تقول استوفى على الفصل و حاز جميع الرّئاسة و النبل و نحو ذلك فوصف بالجنس اجمع تمكينا لهذا الموضع و تأكيدا و جعل الأفراد و التّذكير امارة للمصدر المذكور و (- كك -) القول في خصم و نحوه ممّا وصف به من المصادر و قد حكى عن ابن جنّى أمرية عدلة انّثوا المصدر لما جرى وصفا على المؤنّث و ان لم يكن على صورة اسم الفاعل و لا هو الفاعل في الحقيقة و انّما استواه لذلك جريها وصفا على المؤنّث قوله طاب ثراه كما يظهر من محكي المبسوط و (- ئر -) التعبير بالظهور انّما هو من جهة انه لم يقع التصريح في الكتابين بلفظ المصدر بل جعلا المتساوي خبرا عن الإنسان ففي شهادات (- ط -) ما لفظه العدالة في اللّغة ان يكون الإنسان متعادل الأحوال متساويا انتهى و مثله بعينه في شهادات السّرائر قوله طاب ثراه و قد اختلف الأصحاب في بيان ما هو المراد من لفظها الوارد في كلام المتشرّعة بل الشارع (- اه -) لا ينبغي الإشكال في عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة التّعينيّة في لفظ العدالة نعم استظهر صاحب الجواهر (- ره -) ثبوتها ثمَّ قال انّا لو لم نقل بالحقيقة الشرعيّة فيها فالمجاز الشرعي لا شكّ في ثبوته و هو كاف انتهى و فيه تأمّل نعم و قد وقع استعمال هذه اللّفظة و بعض ما تصرّف منها في الكتاب و السّنة و كلمات المتشرعة قال اللّه سبحانه و تعالى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ و عن تفسير مولانا العسكري (- ع -) عن رسول اللّه (- ص -) قال في قوله تعالى وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ قال ليكونوا من المسلمين منكم قال اللّه تعالى شرّف المسلمين العدول بقبول شهادتهم و جعل ذلك من الشّرف العاجل لهم و من ثواب دنياهم و اخبار أهل البيت عليهم السّلام مشحونة باستعمال اللّفظ و بعض ما يتصرّف منها و ستمرّ عليك جملة منها إنشاء اللّه ثمَّ انّ العدالة في اصطلاح أهل الحكمة و الأخلاق و العرفان عبارة عن تعديل قوى النّفس و تقويم أفعالها بحيث لا يغلب بعض على بعض و توضيح ذلك على ما قيل انّ النّفس الإنسانيّة قوّة عاقلة هي مبدء الفكر و التميّز و الشرف الى النظر في الحقائق و التأمل في الدقائق و قوة غضبيّة هي مبدء الغضب و الجرية لدفع المضارّ و الإقدام على الأهوال و الشوق الى التسلّط على الرّجال و قوّة شهويّة هي مبدء لطلب الشّهوة و اللذّات من المأكل و المشارب و المناكح و سائر الملاذ البدنيّة و الشهوات الحسيّة و هذه القوى متباينة جدّا فمتى غلب أحدها انقهرت الباقيات و ربّما أبطل بعضها فعل بعض و الفضيلة البشريّة تعديل هذه القوي لأنّ لكلّ من هذه القوى طرفي إفراط و تفريط فامّا القوّة العاقلة فالسّفاهة و البلاهة و القوّة الغضبيّة التهوّر و الجبن و القوّة الشهويّة تحصل من تعديلها فضيلة العفّة و إذا حصلت هذه الفضائل الثّلث الّتي هي في حاقّ الأوصاف و تعادلت حصل منها فضيلة رابعة و ملكة راسخة هي أمّ الفضائل و هي المعبّر عنها بالعدالة فهي إذا ملكة نفسانيّة تصدر عنها المساواة في الأمور الصّادرة من صاحبها و تحت كلّ من هذه الفضائل الثلث المتقدّمة فضائل أخرى و كلّها داخلة تحت العدالة فهي دائرة الكمال و جماع الفضائل على الإجمال قوله طاب ثراه على أقوال (- اه -) قد تداول بين الأواخر نقل أقوال خمسة أو ستّة في حقيقة العدالة نقل الماتن (- ره -) منها ثلثة ثمَّ أشار الى قولين اخرين أنكر كونهما قولين في المسئلة و سننقل (- إن شاء الله -) (- تعالى -) عند نقله القول الثالث قولا رابعا فهذه ستّة أقوال و ينبغي التنبيه هنا على أمر يتوقّف عليه الاستدلال بالأخبار الواردة في موارد خاصّة كخصوص الإمامة و خصوص الشّهادة أو نحوهما و هو انّه لا فرق في حقيقة العدالة المعتبرة في الإمام و المعتبرة في الشّاهد و المعتبرة في القاضي و المفتي و نحو ذلك من مقامات اعتبارها بل قيل انّه لا خلاف في ذلك و انّ الخلاف انّما وقع في بعض المقامات في أصل اعتبارها كالوصيّ و امّا بناء على اعتبارها فهم متّفقون على معناها المتّفق عليه و المختلف فيه و كيف كان فاصل الحكم اعنى عدم الفرق بين موارد اعتبارها ممّا لا ينبغي الإشكال فيه بل نفى بعضهم الخلاف فيه و ذلك الى زمان صاحب (- ئق -) مسلّم ظاهرا و امّا هو فقد خالف في ذلك حيث فرّق بين الحاكم الشرعي و بين الشّاهد و امام الجماعة و غيرهما و أطال في تنقيح ذلك و نحن نورد كلامه و نردفه بما يقتضيه الإنصاف قال (- ره -) اعلم انه قد صرّح جملة من أصحابنا منهم شيخنا العلاّمة المجلسي (- ره -) في كتاب البحار و شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني و تلميذه المحدّث الشيخ عبد اللّه بن صالح البحراني انّ العدالة المشروطة في الإمامة و الشّهادة و القضاء و الفتوى أمر واحد بأيّ الأقوال الثلاثة المتقدّمة فسّرت كان جميع ذلك مشتركين فيها و قد جرينا على هذا القول سابقا في جملة من زبرنا و كتبنا؟؟؟ و الّذي ظهر لنا الآن بعد التأمّل في الأخبار بعين الفكر و الاعتبار انّ العدالة في الحاكم الشرعي من قاض و مفت أخصّ ممّا ذكرنا من معنى العدالة بأيّ المعاني المتقدمة اعتبرت لأنّه نائب عن الإمام عليه السّلام و جالس في مجلس النبوّة و الإمامة و متصدّ للقيام بتلك الدّعامة فلا بدّ فيه من مناسبة للمنوب عنه بما يستحقّ به النيابة و ذلك بان يكون متصفا بعلم

ص:251

الأخلاق الّذي هو السّبب الكلّى للقرب من الملك الخلاّق و هو تحلية النفس بالفضائل و تخليتها من الرّذائل و إن كان هذا العلم الان قد عفت مراسمه و انطمست في هذه الأزمنة معالمه و انّما المدار الآن بين النّاس على العلم بهذه العلوم الرّسميّة المجامعة للفسق في جلّ من تسمّى بها و يكفيك في صحّة ما ذكرنا قول أمير المؤمنين عليه السّلام لشريح يا شريح جلست مجلسا لا يجلسه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ أو شقيّ و يدلّ على ما ذكرناه جملة من الأخبار و منها ما رواه الثّقة الجليل أبو منصور احمد بن ابى طالب الطّبرسي في كتاب الاحتجاج بسنده الى الإمام العسكري (- ع -) و هو موجود (- أيضا -) في تفسيره عن الرّضا عليه السّلام قال قال علىّ بن الحسين (- ع -) و ساق الخبر الطّويل الآتي إنشاء اللّه تعالى في طيّ أخبار القول بالملكة ثمَّ قال و قد اضطرب في التفصّي عن هذا الخبر شيخنا الشيخ سليمان و تلميذه المحدّث المتقدّم ذكرهما بناء على ما قدّمنا نقله عنهما من حكمهما باتّحاد معنى العدالة في كلّ من اشترط اتّصاله بها فقال المحدّث الصالح المذكور في كتاب منية الممارسين في أجوبة الشيخ يس بعد الكلام في العدالة و ما به يتحقّق و نقل هذا الخبر ما صورته انّه محمول على تعريف الإمام عليه السّلام و الوليّ و من يحذو حذوهما من خواصّ الصّلحاء و خلّص أهل الإيمان الّذي لا تسمح الأعصار منهم إلاّ بأفراد شاذّة و احاد نادرة و يرشد اليه قوله عليه السّلام فذلكم الرّجل نعم الرّجل فيه تمسّكوا و بسنّته فاقتدوا بل لا يبعد ان يكون مراده عليه السّلام الإمام عليه السّلام خاصّة و يرشد اليه قوله عليه السّلام في أخر الحديث فإنّه لا ترد لهم دعوة و لا تخيّب لهم طلبة و يكون غرضه عليه السّلام الردّ على الزّيديّة و من حذا حذوهم من القائلين بالاكتفاء في الإمام بظهور الصّلاح و الورع كيف و ما ذكر لا يتحقّق إلاّ في الأولياء الكمّل فلو اعتبر ذلك لعظم الخطب و اختلّ النّظام و انسدّ باب القضاء و الفتيا و التّقليد و الشهادات و الجمعة و الجماعات و الطّلاق و غير ذلك هكذا حقّقه شيخنا في الكتاب المذكور و هو متين جدّا أقول أشار بذلك الى ما نقله في أثناء كلامه المتقدّم في المسئلة عن شيخه المذكور في كتاب العشرة الكاملة ثمَّ قال و أقول انّ سياق الحديث دالّ بجملته على انّ المراد تصعّب أمر الإمامة العامّة و تشديد أمرها و قرينة الرّئاسة عليها شاهدة كما لا يخفى و الاّ فلا يستقيم حمله على غيره أصلا قطعا لما تقدّم في رواية ابن ابى يعفور من المعارضة الصّريحة من قوله عليه السّلام حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في النّاس و ما تقدّم في رواية علقمة و غيرهما ممّا هو صريح في المعاوضة واضح في المناقضة و لا يجوز التّعارض في كلامهم (- ع -) و لا التناقض مع انّ هذه الرّواية شاذة فالترجيح للأكثر المشهور بين الأصحاب المتلّقاة بينهم بالقبول المعتمد عليها في الفتوى و قد اجمعوا على ترك العمل بظاهر هذه الرّواية فقد قال الصّادق عليه السّلام خذ بما اشتهر بين أصحابك و دع الشاذ الّذي ليس بمشهور فان المجمع عليه لا ريب فيه و اللّه الهادي انتهى كلامه زيد مقامه و أقول لا ريب انّ الّذي أوجب لهما نور اللّه مرقديهما ارتكاب هذه التأويلات البعيدة و التمحّلات السّخيفة الغير السديدة انّما هو صعوبة المخرج عن هذه الشّروط المذكورة الّتي اشتمل عليها الخبر و عدم سهولة القيام بها كما أمر سيّما مع قولهم بعموم ذلك في إمام الجماعة و الشّاهد و الاّ فمع تخصيص الخبر بالنّائب عنهم عليهم السّلام في القضاء و الفتوى لا استبعاد فيه عند من تأمّل في غيره من الأخبار المؤيّدة له كما سيظهر لك إنشاء اللّه تعالى و صعوبة الأمر بالنّسبة إلى القضاء و الفتوى اللّذين هما من خواصّ النّائب عنهم عليهم السّلام لا يوجب طعنا في الخبر فإنّه انّما نشأ من المكلّفين باجلالهم بما أخذ عليهم في الجلوس في هذا المجلس الشريف و المحلّ المنيف فإنّه مقام خطير و منصب كبير كما سيظهر لك إنشاء اللّه تعالى و أكّد الشّبهة المذكورة ما اشتهر بين النّاس في أكثر الأعصار و الأمصار من انّ النّائب عنهم هو كلّ من كانت له اليد الطّولى و المرتبة العليا في هذه العلوم الرّسميّة و ان لم يتّصف بشيء من علم الأخلاق سيّما انّ هذا العلم قد اندرست مراسمه و انطمست معالمه كما أشرنا إليه آنفا و الّذي يدلّ على ما قلناه من خروج هذا الخبر بالنّسبة إلى النّائب عنهم عليهم السّلام أوّلا ما ذكره الإمام العسكري عليه السّلام في التفسير المتقدم ذكره من الكلام قبل هذا الخبر ثمَّ صبّ عليه هذا الخبر و صاحب الاحتجاج إنّما أخذه من الكتاب المذكور قال حدثني ابى عليه السّلام عن جدّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّ اللّه تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من النّاس و لكن يقبضه بقبض العلماء فاذا لم ينزل عالم الى عالم يصرف عنه طلاّب حطام الدنيا و حرامها و يمنعون الحقّ من اهله و يجعلونه لغير اهله و اتّخذ النّاس رؤساء جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا أو أضلّوا و قال أمير المؤمنين عليه السّلام يا معشر شيعتنا المنتحلين لمودّتنا إيّاكم و أصحاب الرّأي فإنّهم أعداء السّنن تفلّتت منهم الأحاديث ان يحفظوها و أعيتهم السّنة ان يعوها فاتّخذوا عباد اللّه حولا و ماله دولا فذلّت لهم الرّقاب و أطاعهم الخلق أشباه الكلاب و نازعوا الحق اهله و تمثّلوا بالأئمّة الصّادقين و هم من الكفّار الملاعين فسئلوا فاتّقوا ان يعترفوا بأنهم لا يعلمون فعارضوا الدّين بأدائهم فضلّوا و أضلّوا اما لو كان الدّين بالقياس لكان باطن الرّجلين اولى بالمسح من ظاهرهما و قال الرّضا عليه السّلام قال علىّ بن الحسين عليهما السّلام إذا رأيتم الرّجل الحديث إلى أخره و هو كما ترى واضح فيما ادّعيناه صريح فيما وعيناه و سياق كلامه عليه السّلام و إن كان بالنّسبة إلى علماء العامّة الاّ انّه شامل لمن حذا حذوهم في الإخلال بتلك الشروط سيّما مع ما في الرّواية المذكورة و الدّخول في هذا الأمر الخطير مع الاتّصاف بتلك الأمور المذكورة و ثانيا ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) في الكافي بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه كان يقول يا طالب العلم انّ العلم ذو فضائل كثيرة فراسة التواضع و عينه البراءة من الحسد و اذنه الفهم و لسانه الصّدق و حفظه الفحص و قلبه حسن النيّة و عقله معرفة الأشياء و الأمور و يده الرّحمة و رجله زيارة العلماء و همّته السّلامة و حكمته الورع و مستقرّه النّجاة و قائده العافية و مركبة الوفاء و سلاحه لين الكلام و سيفه الرّضا و قوسه المداراة و جيشه مجاورة العلماء و ماله الأدب و ذخيرته اجتناب الذّنوب و زاده المعروف و مائه الموادعة و دليله الهدى و رفيقه محبّة الأخيار أقول انظر أيّدك اللّه تعالى الى ما دلّ عليه هذا الخبر الشّريف من جعله هذه الأخلاق الملكوتيّة أجزاء من العلم و الات له و أسبابا و أعوانا فكيف يكتفى في علم العالم و الرّجوع اليه و الاعتماد في الأحكام الشرعيّة بمجرّد اتّصافه بالعلوم الرسميّة و عدم اتّصافه بهذه الأخلاق الملكوتيّة قال المحقّق المدقّق ملاّ محمّد صالح المازندراني في شرحه على الكتاب ما صورته نبّههم على انّ العلم إذا لم تكن معه هذه الفضائل الّتي بها يظهر اثاره فهو ليس بعلم حقيقة و لا يعدّ صاحبه عالما الى ان قال بعد شرح الفضائل المذكورة ما لفظه و هو أربعة و عشرون فضيلة من فضائل العلم فمن اتّصف بالعلم و اتّصف علمه بهذه الفضائل فهو عالم ربّاني و علمه نور الهى متّصل بنور الحقّ مشاهد لعالم التّوحيد بعين اليقين و من لم يتّصف بالعلم أو اتّصف به و لم يتّصف علمه بشيء من هذه الفضائل فهو جاهل ظالم لنفسه بعيد عن عالم الحقّ و علمه جهل و ظلمة يردّه

ص:252

إلى أسفل السّافلين و ما بينهما مراتب كثيرة متفاوتة بحسب تفاوت التركيبات في القلّة و الكثرة و بحسب ذلك يتفاوت قربهم و بعدهم عن الحقّ و الكلّ في مشيّة اللّه تعالى ان شاء قربهم و رحمهم و ان شاء طردهم و عذّبهم انتهى كلامه علت في الخلد اقدامه و هو كما ترى صريح فيما قلناه واضح فيما ادّعيناه و روى في الكتاب المذكور بسنده الى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال طلبة العلم ثلثة فاعرفهم بأعيانهم و صفاتهم فصنف يطلبه للجهل و المراء و صنف يطلبه للاستطالة و الختل و صنف يطلبه للفقه و العقل فصاحب الجهل و المراء موذ ممار متعرّض للمقال في أنديه الرّجال يتذاكر العلم و صفة الحلم و قد تسربل بالخشوع و تخلّى من الورع فدقّ اللّه من هذا خيشومه و قطع منه حيزومه و صاحب الاستطالة و الختل ذو خبّ و ملق يستطيل على مثله من أشباهه و يتواضع للأغنياء من دونه فهو لحلوانهم هاضم و لدينه حاطم فأعمى اللّه على هذا خبره و قطع من آثار العلماء أثره و صاحب الفقه و العقل ذو كئابة و حزن و سهر قد تحنّك في برنسه و قام اللّيل في حندسه يعمل و يخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شانه عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق اخوانه فشدّ اللّه من هذا أركانه و أعطاه يوم القيمة أمانة الى غير ذلك من الأخبار المذكورة و غيره أقول و (- ح -) فاذا كانت العلماء كما ذكره عليه السّلام في هذه الصّفات الذميمة و الأخلاق الغير القويمة فكيف يكتفى بمجرّد ظاهر الاتّصاف بهذه العلوم الرسميّة و عدم استنباط أحوالهم و تميز الفرد الّذي يجوز الاقتداء به و هل كلام الإمام زين العابدين عليه السّلام في هذا الخبر الاّ لاستعلام هذا الفرد المشار إليه في هذا الخبر من هذين الفردين المشابهين له في بادي النّظر و لا ريب انّهم لاشتراكهم في بادي الأمر في الخضوع و الخشوع و الاتّصاف بهذه العلوم الرسميّة يدقّ الفرق و يحتاج الى مزيد تلطّف و تأمّل و يؤيّد ما قلناه ما ذكره المحدّث الكاشاني (- ره -) في بعض رسائله حيث قال انّ من أهل الشّقاء لمن يبطّن شقائه فيلتبس امره على الذين لا يعلمون ثمَّ انّه ليتوغل في الخفاء لتنبّله؟؟؟ في الشّقاء فيذهب على الألبّاء اولى الذّكاء حتى انهم يحسبون انّهم مهتدون لشدّة الشّبه بين الفريقين و كثرة الشّبه بين النجدتين و ليس الاتّفاق بالإذعان لمكان النّفاق في نوع الإنسان و كلّما كان احد المتقابلين من الأخر أبعد كان الاشتباه أكثر و أشدّ فإنّ أرباب الرّئاسة الدينيّة أمرهم في الأغلب غير مبيّن لمكان المرائين و هذه هي المصيبة الكبرى و الفتنة العظمى لبيضة المسلمين و هي الّتي أوقعت الجماهير في الهرج فامالتهم عن سبيل المخرج إذ من الواجب اتّباع الأذناب للرأس و الرّأس قد خفي في نفاق النّاس و لذلك تقاتل الفئة الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر اللّه انتهى و بالجملة فإنّه لمّا كان علم الأخلاق الّذي هو عبارة عن تحلية النّفس بالفضائل و تخليتها من الرّذائل أحد أفراد العلوم بل هو أصلها و أساسها الّذي عليه مدارها بل هو رأسها و هو الممدوح في الآيات و الأخبار بقوله (- تعالى -) إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و قوله فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ الآية فانّ الخشية و الإنذار إنّما تترتّب على علوم الآخرة لا هذه العلوم الرّسميّة و (- كك -) الأخبار و قد عرفت من الأخبار و كلام جملة من العلماء الأبرار انّ من العلماء من هو خال من تلك العلوم أو متّصف بأضدادها مع تلبسه بلباس العلماء الأبرار و إظهار الخشوع و الخضوع و الانكسار و قد دلّت الأخبار على الحث عن الرّكون الى هؤلاء و الانخداع بما يظهرونه و الاغترار فالواجب (- ح -) هو البحث و الفحص عن أحوال العلماء و التميّز بين الفسقة منهم و الأبرار كما نصّ عليه الخبر المشار اليه و غيره من الأخبار الجارية في هذا المضمار و (- أيضا -) فإنّه لا يتحقّق نيابة هذا العالم و صحّة تقليده و وجوب متابعته الاّ بوجود شروطها و من جملتها العلم باتّصافه بتلك الصّفات الجليلة و التخلّي من كلّ منقصة و رذيلة و الأخبار الّتي دلّت على الاكتفاء في العدالة بحسن الظّاهر كما هو الأظهر أو الإسلام إنّما موردها الشاهد و الإمام و لا دلالة فيها على التعرّض للنّائب عنهم عليهم السّلام الّذي هو محلّ البحث في المقام و (- ح -) فلا معارض لهذا الخبر و أمثاله فيما ادّعيناه و لا مناقض له فيما قلناه و بذلك يظهر لك ما في كلام ذينك الفاضلين من القصور لعدم اعطائهما التأمّل حقّه في الأخبار و ما أطال به ذلك الشيخ الصّالح بعد نقل كلام أستاده من المعارضة الصّحيح عبد اللّه بن ابى يعفور و نحوها و طعنه في الخبر المذكور بالشذوذ مع ما عرفت من تأيّده بالأخبار الواضحة المنار و كلام جماعة من علمائنا الأبرار و من أراد الوقوف على صحّة ما ذكرناه زيادة على ما رسمناه في هذا الكتاب فليرجع الى كتابنا الدرّة النجفيّة فإنّه قد أحاط بأطراف الكلام بإبرام النقض و نقض الإبرام في المقام هذا كلام صاحب (- ئق -) نقلناه مع طوله في الغاية لقطع العذر و أقول ان شيئا ممّا ذكره لا يدلّ على مغايرة العدالة في إمام الجماعة و الشّاهد و نحوهما مع المعتبرة في القاضي و المفتي ضرورة انّ جملة من الصّفات المذكورة في تلك الأخبار معتبرة في كلّ عادل لكون خلافها حراما موجبا للفسق كأكثر الصّفات المذكورة في الخبر الأوّل الّذي ساقه فإنّها موجبة للفسق المانع من كلّ من الشهادة و الإمامة و القضاء و الفتوى و ليت شعري هل تجوز امامة و قبول شهادة من نصب الدّين فخّا للمحارم المقتحم لها لو تمكّن أو من كان محبّا للرّئاسة الباطلة أو من يحرّم ما أحلّ اللّه و يحلّل ما حرّم اللّه أو من يدلّس و يظهر خلاف ما عليه باطنه أو من لا يبالي ما فات من دينه حاشا و كلاّ لا يرضى به احد لا هو و لا المحدّثان المذكوران و لا غيرهم و كذا الحال في الخبر الثّاني فإنّ المفتي بغير علم الضالّ المضلّ و صاحب الرّأي و القياس و نحوهما لا تقبل له شهادة و لا يصحّ الاقتداء به في الصّلوة فضلا عن القضاء و الفتوى مع انّ فقراته صريحة في كونه واردا مورد الاعتراض على علماء العامّة و خلفائهم و بالجملة فالأخبار الّتي ساقها و العبارات الّتي سطرها لا تفيد مغايرة العدالة المعتبرة في القاضي و المفتي للعدالة المعتبرة في الإمام و الشّاهد و انّما تفيد صعوبة الأمر بالنّسبة إلى العالم بمعنى كون أسباب الفسق الخفيّة فيه أكثر من غيره و الاّ فلا إشكال في صحّة فتوى من كان عدلا تاركا للكبائر و الإصرار على الصّغائر نعم هناك محرّمات قد يبتلى بارتكابها العالم دون غيره كالتدليس و حبّ الرّئاسة و نحوهما و أنت إذا تأمّلت هذا الميزان و واظبت عليه و لاحظت الأخبار و كلمات العلماء الأخيار الّتي ساقها و أكثر من إيرادها في الدّرر النجفيّة بان لك صدق ما قلناه و قصور ما ساقه عن إثبات مطلبه و الوفاء بمرامه فلاحظ و تأمّل جيّدا و بالجملة فجملة من الأوصاف المذكورة في الأخبار و الكلمات المشار إليها ممّا يعتبر في تحقّق العدالة المشروط قبول الشّهادة و الايتمام بها فضلا عن القضاء و الفتوى و جملة أخرى منها آداب و أوصاف كمال للعالم الّذي يتّبع رايه و قوله و ينقاد لأمره و نهيه و جملة ثالثة مختصّة بإمام الأصل صلوات اللّه عليه فهو (- ره -) و ان أتعب نفسه و أطال و أرعد و أبرق و ترنم و غرّد و اتى بما زعم انّه حجّة لمقصده بديعة و لمرامه وافية و للغليل مروية و للعليل شافية الاّ انّه لم يأت إلاّ بما هو كسراب بقيعة و لم يصف لنا منه الاّ السّجع و القافية لانّه لم يأت بما

ص:253

يفيد مغايرة العدالة المعتبرة في القاضي و المفتي للمعتبرة في الشّاهد و إمام الجماعة و كانّ حبّ المطلب إلجائه إلى النزاع اللّفظي و لعمري انّ ما اتى به من الأخبار يلتزم بمؤدّاها المحدّثان المذكوران و غيرهما و لا ربط له بالتفرقة في العدالة بين مواردها و ليته وافق الأصحاب في اتّحاد العدالة في إمام الجماعة و الشّاهد و القاضي و المفتي و ادّعى في القاضي و المفتي اشتراط أمر أخر سوى العدالة و هو كونه مخالفا لهواه و ليت شعري كيف غفل مع إصراره المذكور عن اشتراط الحجّة المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه و جعلنا من أعوانه و أنصاره و من كلّ مكروه فداه فيمن يقلّد مخالفة الهوى الّذي هو السمّ النّافع و المرض المهلك و انه رأس المفاسد كلّها و مبدء الشرور جلّها و لكن ذلك أمر زائد على العدالة و شرط أخر اعتبره الإمام عليه السّلام فيمن يقلّد فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه الثّاني انّها عبارة عن مجرّد ترك المعاصي أو خصوص الكبائر (- اه -) بان يكون الإسلام موردا لها لا جزء منها كما انّه مورد للفسق (- أيضا -) بمعنى انّ المسلم إذا اتّصف بترك المعاصي واقعا فهو موصوف بالعدالة من جهة تجنّبه عن المعاصي و ان فارقها فهو موصوف بالفسق من جهة ارتكابها فهذان الأمران وصفان للمسلم و مقسمهما و موردهما هو لا الكافر فانّ الكافر لا عدل و لا فاسق قوله طاب ثراه الثالث (- اه -) نقل بعضهم قولا رابعا غير الأقوال الثلاثة و غير القولين الآتيين في المتن و هو انّها عبارة عن الإسلام الواقعي و عدم الفسق لا عدم ظهوره سواء كان ذا ملكة راسخة أم لا و هو ظاهر عبارة (- ف -) حيث حكم بقبول شهادة من يعرف إسلامه و لا يعرف فسقه فانّ ظاهره انّ اعتبار الإسلام داخل في حقيقة العدالة و اعتبار عدم معرفة الفسق انّما هو من باب الطريقية إلى عدمه و اعتبار معرفة الأوّل من باب الطّريق الى نفسه و عدم معرفة الثاني من باب الطّريق الى عدمه فالمتحصّل منها (- ح -) يكون ما ذكرناه و لكن لا يخفى عليك انّه لا ثمرة عمليّة بين هذا القول و القول الثّاني إذ لا ثمرة بينهما تنفع في الأحكام المتعلّقة بالعدل و الفاسق و انّما الثمرة بينهما في تسمية الكافر فاسقا و عدمه هذا و ربّما أنكروا الّذي الشيخ العلاّمة روّح اللّه تعالى روحه و نوّر ضريحه تثليث الأقوال فضلا عن تربيعها قال (- قدّه -) بعد نقل ما في المتن ما لفظه التحقيق عندي هو انّ في المقام قولين أحدهما انّها عبارة عن الملكة و الثّاني انّها عبارة عن الحالة و كلّ من عبّر بالكيفيّة أو الهيئة انما أراد الحالة و هو واضح بعد التنبيه عليه و ذلك لانّ ما جعل القول الثاني عبارة عنه و هو مجرّد ترك المعاصي ليس إلاّ عبارة عن القول بأنّها حالة تبعث على ترك المعاصي و الاّ فلو فرض انّه حبس عن أوّل بلوغه إلى مدّة مديدة بحيث ترك ارتكاب المعصية قهرا فلم يتّفق صدور شيء من افرادها منه (- ح -) فانّ ذلك ممّا لم يقل به احد و يشهد بذلك انّ صاحب الوسيلة و أبا الصّلاح (- رهما -) انّما عبّرا بلفظ الاجتناب و هو لا يصدق على الترك القهري لأنّه عبارة عن التّرك الاختياري النّاشى عن داع و ذلك الدّاعي عبارة عن الحالة المقتضية للتّرك و امّا القول الثّالث اعنى جعلها عبارة عن الاستقامة الفعليّة عن ملكة فإنّه عبارة أخرى عن ملكة الاستقامة لانّ من جعلها عبارة عن الملكة لم يرد بذلك انّها عبارة عن مجرّد الملكة المنفكّة عمّا تضاف إليه لأنّ جعل ذلك مناطا للاحكام غير معقول كما انّ وجودها على ذلك الوجه غير معقول و قد اعترف هو (- ره -) ببعض ما قلناه بعد شطر من الكلام حيث قال فانّ الاجتناب خصوصا مع ضمّ العفاف اليه لا يكون بمجرّد الترك ثمَّ قال و بمعناه المحكى عن الجامع حيث أخذ في تعريف العدالة الكف و التجنّب انتهى فقد علم من جميع ما ذكر انّ في معنى العدالة قولين أحدهما انّها عبارة عن الملكة الباعثة على ملازمة التّقوى و في معناه انّها عبارة عن الاستقامة الفعليّة النّاشئة عن الملكة الثّاني انّها عبارة عن الحالة المقتضية لملازمة التقوى و في معناه انّها عبارة عن الاستقامة الفعليّة النّاشئة عن الحالة هذا كلام الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى مقامه و هو ممّا لا بأس به و قد نبّه على ذلك الماتن (- ره -) (- أيضا -) بقوله فيما يأتي عن قريب ثمَّ الظّاهر رجوع القول الأوّل الى الثّالث اعنى اعتبار الاجتناب مع الملكة (- إلخ -) قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل انّ المفيد (- ره -) جعل العدل من كان معروفا بالدّين و الورع و الكفّ و ذلك لا يدلّ على كون العدالة عبارة عن الملكة إذ المعروفيّة بشيء لا يستلزم وجود ذلك الشيء واقعا حتّى يحتجّ به على المدّعى بمعونة ظهور الفرق بين الكفّ عن كيفيّة و بين مجرّد الترك كما لا يخفى قوله طاب ثراه أحدهما الإسلام و عدم ظهور الفسق و هو المحكىّ عن ابن الجنيد و المفيد (- رهما -) (- اه -) قال ابن الجنيد (- ره -) فيما حكى عنه ما لفظه إذا كان الشّاهد حرّا بالغا مؤمنا بصيرا معروف النّسب مرضيّا غير مشهور بكذب في شهادة و لا بارتكاب كبيرة و لا إصرار على صغيرة حسن التيقّظ عالما بمعاني الأقوال عارفا بأحكام الشّهادة غير معروف بحيث على معامل و لا تهاون بواجب من علم أو عمل و لا معروفا بمباشرة أهل الباطل و الدّخول في جملتهم و لا بالحرص على الدّنيا و لا تساقط المروّة من أهواء أهل البدع الّتي يجب على المؤمنين البراءة من أهلها فهو من أهل العدالة المقبول شهادتهم انتهى و قال الشيخ المفيد (- ره -) في المقنعة العدل من كان معروفا بالدّين و الورع عن محارم اللّه انتهى و قال الشيخ (- ره -) في (- ف -) ما لفظه إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما و لا يعرف فيهما جرحا حكم بشهادتهما و لا يقف على البحث الاّ ان يجرح المحكوم عليه فيهما بان يقول هما فاسقان (- فح -) يجب عليه البحث الى ان قال دليلنا إجماع الفرقة و اخبارهم و (- أيضا -) الأصل في الإسلام العدالة و الفسق طار عليه يحتاج الى دليل و (- أيضا -) نحن نعلم انّه ما كان البحث في أيّام النبيّ (- ص -) و لا في أيّام الصّحابة و لا أيّام التّابعين و انّما هو شيء أحدثه شريك بن عبد اللّه القاضي و لو كان شرطا ما أجمع أهل الأعصار على تركه انتهى و في (- ئق -) انّ ممّن بالغ في ترجيح هذا القول الشهيد الثّاني (- ره -) في (- لك -) و سبطه في (- ك -) و المحدّث الكاشاني و الفاضل الخراساني و غيرهم قوله طاب ثراه و الثّاني حسن الظّاهر (- اه -) قال في الجواهر المراد بالظّاهر خلاف الباطن الّذي لا يعلم به الاّ اللّه تعالى و بحسنه كونه جاريا على مقتضى الشّرع بعد اختياره السّؤال عن أحواله انتهى قوله طاب ثراه نسب إلى جماعة (- اه -) عزاه في (- ئق -) الى أكثر متأخّري المتأخّرين و عزاه أخر إلى العلاّمة (- ره -) و عامّة من تأخّر قوله طاب ثراه و لا ريب انّهما ليسا قولين في العدالة و انّما هما طريقان للعدالة (- اه -) هذا ممّا لا بأس به بل هو المطمئنّ به امّا أوّلا فلعدم دلالة عباراتهم بعد التأمّل الصّادق على ما نسبوه إليهم و عدم وفاء أدلّتهم الّتي أقاموها و عدم فهم الأساطين هذا المعنى منها امّا عبائرهم فلان منها قول الإسكافي كلّ المسلمين على العدالة الى ان يظهر خلافها انتهى فهل ترى من نفسك ان تستفيد منها بعد عبارته السّابقة آنفا انّ مذهبه في أصل معنى العدالة غير الملكة مع انه بالغ في ذكر أوصاف لا تنفكّ عن الملكة بل عبارته هذه في نفسها ظاهرة في إعطاء طريق ظاهري إلى العدالة و منها عبارة المفيد المزبورة فإنّها ظاهرة في انّ العدل الّذي

ص:254

ينتفع به و يركن إليه في الأمور الّتي يرجع فيها اليه هو من كان معروفا بملكة الدّيانة و الورع عن محارم اللّه و من عرف عنه هذه الحالة لا انّ العدل في نفسه هو هذا و ذلك لأنّ من المتّفق عليه بينهم ان تحقّق الدّين في نفس الأمر معتبر في العدالة فاعتبار معروفيّته بالدّين قرينة واضحة على ارادته تفسير العدل المعلوم عدالته و الاّ لكان حق التعبير ان يقول من كان مؤمنا معروفا بالورع فانّ كلامهم انّما هو في الورع عن محارم اللّه تعالى انّه معتبر في الواقع أو في الظّاهر و هذا واضح للمتأمّل مع انّه لا دلالة فيه على الاكتفاء بمجرّد الإسلام و عدم ظهور الفسق بل ظاهره اعتبار معرفة الملكة منه و يزيدك توضيحا و شرحا لمرادهم ملاحظة كلمات معاصريهم و ملاحظة كلماتهم في سائر المقامات سيّما عبارة الشيخ (- ره -) في سائر كتبه كالنّهاية الّتي عبّر فيها عن العدالة بعبارة صحيحة ابن ابى يعفور الصّريحة في انّها ملكة العفاف و السّتر و المبسوط على ما سيأتي عبارته و قس عليهما كلمات من يقتنع بحسن الظّاهر فإنّها بين ظاهرة و صريحة فيما قلناه فلا حاجة الى إطالة الكلام بذكرها أمّا أدلّتهم فإنّها ليست الاّ الاخبار الّتي تأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) و هي صريحة أيضا في انّها في مقام ذكر معرّف العدالة لا نفسها و امّا فهم الأساطين و رؤساء الفنّ من كلماتهم ما ذكرناه فشواهده (- أيضا -) كثيرة بل لم نر من فهم منها خلاف ما ذكر إلاّ شرذمة من متأخّري المتأخرين قال لسان القدماء المحقّق (- قدّه -) في المسئلة الثامنة من النّظر الثاني من قضاء الشرائع ما لفظه الحاكم ان عرف عدالة الشاهدين حكم و ان عرف فسقهما اطرح و ان جهل الأمرين بحث عنهما و كذا لو عرف إسلامهما و جهل عدالتهما توقّف حتّى يتحقّق ما يبنى عليه من عدالة أو جرح و قال في (- ف -) يحكم به و به رواية شاذّة انتهى و هو ظاهر أو صريح في انّ الشيخ (- ره -) قائل بأنّ الإسلام و عدم ظهور القبيح مظهر العدالة لا انّه هي و تبعه في ذلك غيره و أوضح شاهد على هذا المعنى انّه كغيره ذكر أوّلا الحكم الأوّل كالمفروع عنه بحيث يظهر منه انّ الشيخ (- ره -) موافق له فيه و انما خلافه معه في الكاشف و المظهر و أصرح منه ذكر الشهيد (- ره -) في (- س -) و محكي كرى القولين في عنوان ما يعرف به العدالة قال في (- س -) و تعلم العدالة بالشياع و المعاشرة الباطنة و صلاة العدلين خلفه و لا يكفي الإسلام في معرفة العدالة خلافا لابن الجنيد (- ره -) و لا التّعويل على حسن الظاهر على الأقوى انتهى و تبعه على ذلك الخراساني في الذّخيرة و المحقّق الثّاني في محكي الجعفريّة و غيرهما و يدلّك على هذا المعنى بأوضح دلالة دعوى جمع الاتفاق على انّها عبارة عن الملكة النفسانيّة الباعثة على ملازمة التقوى مثل الشيخ نجيب الدين العاملي (- ره -) حيث نسبه في محكي كلامه الى العلماء و مثل السّيوري (- ره -) في كنز العرفان حيث نسبه الى الفقهاء (- رض -) و مثل المحقّق الأردبيلي (- ره -) حيث نسبه في مجمعه الى الموافق و المخالف و احتمال عدم اعتدادهم بأصحاب هذين القولين مع كثرتهم سيّما أصحاب القول بحسن الظّاهر في دعويهم الاتّفاق قدح في أساطين الفنّ و رؤساء المذهب و قال في (- لك -) مع ما فيها من الاضطراب في التعبير عن هذين القولين في شرح قول المحقّق (- ره -) و لا يجوز التعويل في الشهادة على حسن الظّاهر ما لفظه و من اكتفى بالإسلام و جعله دالاّ على العدالة اكتفى بحسن الظّاهر بطريق اولى انتهى و امّا ثانيا فلأنّه لو كان مذهب هؤلاء الأساطين انّ نفس العدالة هو الإسلام و عدم موجب الجرح أو حسن الظّاهر لزمهم محذور لا يلتزم به ذو ادنى مسكة فكيف بأعلام العقلاء و ذلك لانّ من المقرّر عندهم انّ الفسق عبارة عن الخروج عن طاعة اللّه و انّ العدالة و الفسق متضادّان لا يجتمعان بحال و من البيّن انّ الإسلام و عدم ظهور الفسق لا مضادّة له مع الفسق الّذي هو الخروج عن طاعة اللّه سبحانه و هكذا حسن الظّاهر إذ كثيرا ما يكون الإنسان مدلّسا في نفسه فاسقا في عقر داره الاّ انه بظاهر حاله لم يظهر منه فسق للنّاس بل ما رأوا منه الاّ الخير و على هذه الحكاية يلزمهم ان يلتزموا بأحد أمرين امّا تجويز اجتماع الضدّين ضرورة انه يصدق في حق هذا الرّجل المدلّس انّه مسلم حسن الظّاهر لم يظهر منه فسق و انّه خارج عن طاعة اللّه تعالى أو قارب المعصية أو الالتزام بكون العدالة من الأمور الّتي يكون وجودها الواقعي عين وجودها الذّهني و كون الفسق الّذي هو من الأمور الواقعيّة على واقعيّة مضادّا لها فيكون قولهم على حدّ قولك الحركة و عدم ظهور السّكون ضدّان بل يلزمهم انّه لو فرض عدم وجود أحد في العالم الاّ عدل واحد ان لا يوصف بالعدالة لعدم وجود من يظهر عنده عدم الفسق أو حسن الظّاهر اللّهم الاّ ان يتكلّف عن الأوّل بأنّ الفسق (- أيضا -) من الأمور الظّاهريّة و يعبّر عنه بمن ظهر عنده العصيان و عن الثاني بأنّ المراد بالعدل العدل الشّأني و لكنّك خبير بفساد التكلّف كفساد اللّوازم بل لعلّه دفع فاسد بالأفسد ضرورة انّ لازم التكلّف المذكور ان يحكم بكون العلم بعصيان الإنسان مفسّقا و عدم العلم به معدّلا و انّ من كان ظاهر الصّلاح في مدّة سنين ثمَّ ظهر كونه عاصيا في نفسه في تلك المدّة ان يقولوا في حقّه كان عدلا واقعيّا فصار بطريان العلم بحاله فاسقا و إن كان طريان العلم في زمان حصلت له ملكة العدالة الى غير ذلك من المفاسد الّتي لا يمكن الالتزام بها و بالجملة لا ينبغي الرّيب في انّ ذكر هذين القولين في هذا المقام سهو بيّن من ذاكرهما نعم ربّما يوجد في بعض عبائرهم حمل العدالة على حسن الظّاهر أو على الإسلام أو على عدم ظهور الفسق أو العكس و هو تعبير تسامحىّ و إسناد مجازيّ و كان النّكتة فيه التنبيه على زيادة الاهتمام بذكر طريقين تعبّديين كالأصول العملية إلى حدّ كانّ الشارع هجر الواقع و لم يحمل احكام العدل الاّ عليهما زعما منهم انّ روايات الباب ناطقة بهذا المعنى على ما ستأتي الإشارة إليها و غير ذلك و هذا واضح لمن تأمّل كلماتهم أدنى تأمّل بل ربّما يوجد في كلامهم التّسامح بما يزيح العلّة كما وقع ذلك لثاني الشّهيدين (- رهما -) في (- لك -) و (- الروضة -) و لا أظنّك بعد ما اصغيناك من البيان تحوم حول هذه الحكاية و تتوهّم وجود هذين القولين و ربّما احتمل تنزيل عبارة (- ف -) السّابقة و هي قوله الّذي يعرف إسلامه و لا يعرف فيه جرح على كلّ من القول الثّاني و الثّالث و الرّابع نظرا إلى انّها و إن كانت في مقام ذكر تعريف العدالة الاّ انّه يمكن تطبيقها على كلّ من الثلاثة بان يكون العدالة في نظره هو الإسلام و عدم الفسق جاعلا لعدم ظهور الفسق دليلا على عدمه أو مجرّد عدم الفسق و يكون ذكر الإسلام من باب المورد و المقسم لا من باب جزء المعرّف أو خصوص الملكة و يكون الإسلام دليلا عليها و عدم وجدان موجب الجرح دليلا على عدم وجوده هذا و لكنّ الأظهر في محتملاته بحسب ظاهر عبارته هو الأوّل و بحسب ذيل كلامه هو الأخير امّا ظهور نفس لفظه في الأوّل فلمّا مر و امّا ظهوره بمعونة ذيله في الأخير فلان قوله أخيرا و (- أيضا -) الأصل في المسلم العدالة و الفسق طار لا يلائم شيئا من الأوّلين و ذلك لانّ مراده من الأصل ليس هو القاعدة و الاّ لكان مصادرة ضرورة أنّ دعواه من أوّل الأمر ليست الاّ انّ القاعدة كون الإسلام و عدم ظهور الفسق عدالة و ليس مراده بالأصل هو الأصل العملي من البراءة و الاشتغال و الاستصحاب و التخيير لعدم التيام شيء منها كما لا يخفى بل المراد به الظّاهر فمعناه انّ الظاهر من حال المسلم العدالة لاقتضاء إسلامه لها فاسلامه بحكم الظّهور دليل و مقتضى لعدالته و من

ص:255

المعلوم انّ جعل الإسلام دليلا و مقتضيا للعدالة لا يلائم كونها نفس الإسلام و الاّ للزم اتّحاد الدّليل و المدلول و لا كونها مجرّد اجتناب المعصية من المسلم و الاّ للزم زيادة قوله و الفسق طار فتعيّن الأخير للإجماع بل الضّرورة على عدم خروج العدالة عن هذه الأربعة فاحتمال أمر خامس منفيّ بهما فيكون كلامه في قوّة الإسلام الّذي هو بحسب الصّورة عبارة عن الاعتقاد القلبي و الإقرار اللّساني و بحسب اللبّ عبارة عن تسليم الأمر الى اللّه سبحانه يقضى لو خلّى و طبعه بكون صاحبه ذا خشية و خوف من ربّه و تعفّف عن محارمه فيه يستدلّ على الملكة و بالإسلام و عدم طروّ الفسق على عدم طريان القادح في الملكة فعند التّحقيق الإسلام عنده دليل الحالة النّفسانيّة الّتي هي العدالة و كون الفسق طارئا حادثا مسبوقا بالعدم دليل على عدم مجيء القادح للملكة و هو الفسق الفعليّ و بالجملة عبارته (- ره -) بعد ضمّ ذيلها تفيد انّ العدالة عنده عبارة عن الملكة الرّادعة بالرّدع الفعلي الغير المجامع لطريان المعصية هذا و لك إرجاع سائر عبارات الأصحاب الّتي استفيد منها أقوال ستّة إلى القول الثّالث حتّى يكون مال الكلّ إلى الملكة الرّادعة فعلا بل لعلّ هذا متعيّن امّا عبارات أصحاب القول الرّابع فلمّا ذكرناه في بيان معنى عبارة (- ف -) بل لعلّ غيرها أوضح منها و امّا عبارات أصحاب القول الثّاني فلانّ الظّاهر من قول الحلّي (- ره -) العدل في الدّين ان لا يخلّ بواجب و لا يرتكب قبيحا انّه الّذي يكون من خلقه و عادته و طريقته عدم الإخلال لا من يتفق له هذا المعنى الا ترى إلى النكرة المنفيّة القاضية بالدوام و الاستمرار الّذي لا ينفكّ عن الملكة و على مثلها فقس ما سواها فانّ الظّاهر من عبارة كلّ من يظهر منه ثاني الأقوال ليس الاّ انّ العدل عبارة عمّن يكون عادته و طريقته الاجتناب عن الكبائر لمثل ما قلناه في عبارة (- ئر -) بل الظاهر من النكرة الواقعة في سياق النّفي في عبائرهم هو اعتبار عدم وقوع الكبيرة منه على الدّوام و بعد ضمّ هذا المعنى الى ما علم منهم من عدم لزوم الاستدامة على الترك في تمام العمر و الا لكان وجود العدل أعزّ من الكبريت الأحمر و هل راى منكم الكبريت الأحمر و يلزم عدم الاعتداد بعدالة أحد؟؟؟ إلاّ بعد موته و تبيّن حاله انّه لم يكن يقترف شيئا من الكبائر يتعيّن حملها على ارادة من كان من خلقه و طبيعته الثّانويّة و عادته المستقيمة عدم ارتكابها فانّ هذا أقرب معانيها بعد تعذّر حملها على ظاهرها بل المستفاد منها بعد التأمّل اعتبار الأمرين الملكة و عدم الارتكاب الفعليّ معا كما عليه أصحاب القول الثالث و ربّما يحكى عن القاضي انّه اعتبر في العدالة السّتر و العفاف و عن ابى الصّلاح اعتباره فيها التعفّف و اجتناب القبائح و عليها فيكون حال عبارتهما أوضح من ان يحتاج إلى التأمّل ضرورة أنّ السّتر و العفاف ليسا إلاّ أمرين نفسانيين و حالتين راسختين رادعتين بل حالهما (- ح -) كحال عبارة (- ية -) و هي انّ العدل الّذي تقبل شهادته من كان ظاهره ظاهر الايمان ثمَّ يعرف بالستر و العفاف و امّا كلمات أصحاب القول الأوّل فلاتفاقهم ظاهرا على انّها تزول بالكبيرة و يحدث الفسق الّذي هو ضدّها بل الظّاهر من تعبيرهم عنها بالملكة و الهيئة الراسخة و الحالة النفسانيّة هي الملكة الفعليّة الّتي ينافيها صدور الكبيرة قال الشهيد (- ره -) في كتاب الصّلوة من الذكرى و زكاة نكث (- شاد -) ان العدالة هي ملكة راسخة تبعث على ملازمة التقوى بحيث لا تقع منه الكبيرة و لا الإصرار على الصّغيرة و الظاهر انّ الحيثيّة في كلامه بيان لقوله تبعث لا قيد توضيحيّ للملازمة و بالجملة فظاهر عباراتهم و إن كان في بادي النّظر يعطى معاني ستّة للعدالة الاّ انّها عند التأمّل بالنّظر الدّقيق ترجع الى واحد نعم يبقى فيها الاختلاف من وجهين أحدهما انّ الظاهر ممن عبّر عن العدالة بالملكة انّها عبارة عن الحالة الراسخة النفسانيّة الرّادعة عن الكبائر الموجبة للاجتناب عنها و الظّاهر من أكثر عبارات من عبّر بغيرها عن الاجتناب النّاشى عن الملكة أو هما معا حتى يكون عبارة عن الاستقامة الظاهريّة في الأفعال و الباطنيّة في الأحوال و ثانيهما انّ الظّاهر من كلمات بعضهم انّها عبارة عن الملكة النفسانيّة المجرّدة الاّ انّ ترتيب آثار العدل عليها مشروط بالاجتناب فعلا و من كلمات اخرين انّها عبارة عن الملكة الفعليّة الّتي ينافيها الارتكاب فالاجتناب الفعلي على الأوّل كالشّرط لها و على الأخير كالجزء و الأمر فيهما سهل إذ لا يترتّب عليهما فائدة مهمّة عمليّة و إن كان الأظهر في النّظر انّها عبارة عن الاجتناب الناشي عن الملكة فإنّ الظاهر من لفظ الصّائن و السّاتر و العفيف و أمثالها انّها كيفيّة نفسانيّة و انّ الاجتناب بمنزلة الجزء منها لا الشرط ثمَّ انّه قال في الذّخيرة انّه اعتبر المتأخّرون في معنى العدالة الملكة الّتي تبعث على ملازمة التقوى و المروّة و المراد بالملكة الهيئة النفسانيّة الرّاسخة و لم أجد في كلام من تقدم على (- المصنف -) (- ره -) و ليس في الأخبار منه اثر و لا شاهد عليه فيما اعلم و كأنّهم اقتفوا في ذلك أثر العامّة حيث يعتبرون ذلك في مفهوم العدالة و يوردونه في كتبهم انتهى و هو من غرائب الكلام و عجائب الأوهام فإنّ العلاّمة (- ره -) لم يرد بتعبيره عن العدالة بالملكة إلاّ دفع تعبير العامّة عن الخاصّة و تفسير مراد من سلف عليه من أساطير الطّائفة و شرح ما ورد من أصحاب العصمة و تطبيق ما عند الأصحاب مع ما عليه علماء الأخلاق من انّ الشهرة إذا اعتدلت بين الإفراط و التفريط حصلت كيفيّة وحدانيّة شبهة بالمزاج كأنّها تحصل بين الفعل و الانفعال و من انكسار صورة كلّ من الإفراط و التفريط بالآخر و بعد حصولها يلزمها التقوى و المروّة و أشباهها بالمزاج و رسوخها في النّفس بعسر زوالها بسرعة و ليست من قبيل الأحوال التي يسرع زوالها فهي نظيرة الحكمة المتوسّطة بين البلادة و الجربزة و الشّجاعة المتوسّطة بين التهوّر و الجبن و السخاوة المتوسّطة بين البخل و الإسراف و إفادة انّ معناها عندهم ليس امرا مباينا لما في العرف و اللّغة من انّها الاستواء و كون الإنسان معادل الأحوال كما في (- ط -) و الاستقامة كما في (- مع صد -) و مجمع الفائدة أو هما كما عن الرّوض و غيره بل هي قسم خاصّ من الاستواء و الاستقامة أو كون الشخص بحيث لا يميل به الهواء فيجور في الحكم كما في مجمع البحرين أو كونه مرضيّا يقنع به كما في المصباح بل فيه عن بعض العلماء انّ العدالة صفة توجب مراعاتها الاحتراز عمّا يخلّ بالمروّة عادة ظاهرا فالمرّة الواحدة من صغائر الهفوات و تحريف الكلام لا يخلّ بالمروّة ظاهر الاحتمال الغلط و النسيان و التّأويل بخلاف ما إذا عرف منه ذلك و تكرر فيكون الظّاهر الإخلال و يعتبر عرف كلّ شخص و ما يعتاد من لبسه و تعاطيه للبيع و الشّراء و حمل الأمتعة و غير ذلك فاذا فعل ما لا يليق به لغير ضرورة قدح و الاّ فلا انتهى ما في المصباح و بالجملة فغرض العلاّمة (- ره -) إفادة انّ معناها عند المتأخرين و القدماء و العامة و الخاصة و علماء الأخلاق و الحديث و الفقه بل و علماء اللغة أمر واحد لا خلاف فيه عند التحقيق و انّما الاختلاف في التعبير و لنعم ما قيل عباراتنا شتّى و حسنك واحد هذا و لكن الإنصاف انّ دعوى اطباق الكلّ على انّ المراد بالعدالة هي الملكة النفسانيّة الرّاسخة الرادعة ممّا لا يمكن الالتزام به لاستلزامه نسبة الخطاء الى جمّ غفير من أعيان الفقهاء (- رض -) الّذين نقلوا فيها أقوالا ثمَّ انّ ما ذكرناه من إنكار القول بكون حسن الظّاهر و سابقة قولين في حقيقة العدالة انّما هو توضيح ما أشار إليه الماتن (- ره -) و قد خرجنا هنا عن عنوان التّعليق و ربّما تنظّر في ذلك والدي

ص:256

العلاّمة أنار اللّه برهانه و أعلى في روضات الجنان مقامه في الذرائع بان كون قول على خلاف الواقع و كونه ممّا يتّجه عليه الإشكال لا ينفى وجوده و انّما ينفي صحّته و انّ ذكر جماعة للقولين طريقين للعدالة لا يصلح قرينة على كون مراد غيرهم (- أيضا -) ذلك بعد ظهور عبارته في تفسير نفس العدالة و قد تقرّر في علمه ان كلام فقيه لا يصير قرينة على كون مراد فقيه أخر هو ما يقتضيه كلام الأوّل بل كلام واحد في كتاب واحد لا يصير قرينة على كون مراده بالكلامين امرا واحدا و لهذا تريهم يقولون انّ الشيخ (- ره -) مثلا اختار في باب الحيض من (- ط -) مثلا كذا و في باب الطّلاق غيره بل يقولون قد عدل في الثّاني عن الأوّل هذا كلامه علا مقامه و هو كلام متين لو لا ما مرّ من استلزام كونهما قولين في المسئلة المحذور الّذي لا يتحمّله ذو مسكة فضلا عن اعلام العقلاء و الالتزام بذهولهم عن لازم مذهبهم أبعد و الإنصاف أنّ المتأمّل الفطن لا يصفو عنده الأمر في المقام بل كلّما ازداد فيه تأمّلا زاد ذلك عنده إبهاما و اللّه العالم بالحقائق قوله طاب ثراه ثمَّ الظّاهر رجوع القول الأوّل الى الثالث (- اه -) قد مرّ في ذيل القول الثالث نقل التنبيه على ذلك من الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه و منّا زيادة توضيح لذلك آنفا

في أن العدالة هل هي الملكة أو الاستقامة الظاهرة

قوله طاب ثراه و يدلّ عليه (- اه -) قد وقع الاستدلال لهذا القول بوجه أخر لم يشر اليه الماتن (- ره -) و قد حكاه في الجواهر بقوله و حجّتهم على ذلك كما قيل ان العدالة لغة هي الاستقامة و عدم الميل الى جانب أصلا فإنّ الفسق ميل عن الحقّ و الطّريق المستقيم و موضوعات الألفاظ يرجع فيها إلى اللّغة و العرف فلا بدّ ان يكون في الواقع استقامة لأنّ الألفاظ أسامي للمعاني الواقعيّة لا ما ثبت شرعا أو ظهر عرفا إذ ذلك خارج عن معنى اللّفظ جزما فحيث صارت العدالة شرطا فلا بدّ من ثبوتها و العلم بها لانّ الشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط فمقتضى ذلك هو العلم بعدم الميل بحسب نفس الأمر و لا يحصل ذلك إلاّ بالمعاشرة الباطنيّة بحيث يحصل من ملاحظة حاله الوثوق و الاطمئنان بأنّه لا يميل و هو معنى الملكة و الهيئة الرّاسخة و كذلك الحال في لفظ الفاسق و هو أمر معروف مشاهد في كثير من النّاس بالنّسبة الى بعض المعاصي كالزنا بالأمّ و اللّواط بالولد و نحو ذلك و إن كانت مراتبهم في ذلك و نحوه متفاوتة فمنهم من له ملكة البعض و منهم من له ملكة الجميع فلا يمكن (- ح -) للإنسان أن يعلم عدالة شخص حتّى يعلم انّ له ملكة يعسر عليه مخالفة مقتضاها بالنسبة الى جميع المعاصي و لا يكون ذلك بالاختيار الباطنيّ و تتبّع الآثار حتّى تطمئنّ نفسه بحصولها في الجميع كما في الحكم بسائر الملكات من الكرم و الشجاعة و نحوهما و ربّما ادّعى بعضهم انّه يمكن ردّ كلام أكثر المتقدّمين الى ذلك كما انّه حمل الأخبار على ارادة تتبّع الآثار المطلعة على الملكة سيّما صحيحة ابن ابى يعفور ثمَّ ردّ الدّليل المذكور بقوله لكنّه كما ترى في غاية الضّعف بل عليه لا يمكن الحكم بعدالة شخص ابدا الاّ في مثل المقدّس الأردبيلي (- ره -) و السيّد هاشم على ما ينقل من أحوالهما بل و لا فيهما فإنّه أيّ نفس تطمئنّ بأنّه كان يعسر عليهما كلّ معصية ظاهرة و باطنة كلاّ انّ ذلك لبهتان و افتراء بل الإنسان من نفسه لا يعرف كثيرا من ذلك انتهى ما أهمّنا الآن ممّا في الجواهر و قال والدي العلاّمة أعلى اللّه مقرّه و مقامه بعد نقله ما لفظه امّا ما ذكر من الحكم بكون ذلك في غاية الضّعف مع احالته على الوجدان فلم افهم وجهه و امّا ما ذكره من انّه بناء على هذا المسلك الّذي سلكه المستدلّ لا يمكن الحكم بعدالة شخص فهو ناظر إلى انّه لا يصحّ من الشارع اناطة أمور مبتلى بها مطلوبة له كامامة الجمعة و الجماعة و الشهادة و جواز التّقليد و غير ذلك بموضع غير ممكن الحصول فيعلم من هاهنا انّ المراد بالعدالة شرعا غير هذا المعنى و لكنّك خبير بانّ هذا استبعاد محض قد أبرزه بصورة عدم الإمكان و لا يصحّ دعوى عدم وقوعه الّذي هو أقرب من عدم الإمكان فدعوى عدم الإمكان أولى بعدم الصّحة و اىّ عقل يحكم بامتناع صيرورة المحرّمات مبغوضة و قد شاهدنا بعض الصّلحاء بهذا الوصف و ليس المراد مبغوضيّة المحرّمات للطّبائع بحسب أصل الفطرة حتّى يستبعد ذلك و انّما المراد مبغوضيّتها بواسطة الإنس و الاعتياد بالأفعال الحسنة هذا كلام الوالد (- قدّه -) و هو كلام موجّه ثمَّ انّ صاحب الجواهر (- ره -) زاد على ما مرّ نقله عنه فقال و من العجب تنزيل صحيحة ابن ابى يعفور على الاطمئنان في حصول الملكة في جميع المعاصي بواسطة اجتناب المذكور فيها منها الّتي هي بالنسبة إليه في جنب العدم و كيف يعرف الشخص ببعض أحواله مع انا نرى بالعيان تفاوت النّاس أجمع في ذلك فكم من شخص تراه في غاية الورع متى قهر بشيء أخذ يحتال و يرتكب ما لا يرتكبه غيره من المحرّمات في قهر من قهره كما ترى ذلك كثيرا في أهل الأنفة و الأنفس الابيّة و أخر متى اصابه ذلّ و لو حقير ارتكب من الأمور العظيمة الّتي تستقرّ بها نفسه ما لا يفعله أعظم الفسّاق بل أغلب النّاس (- كك -) و إن كانت أحوالهم فيه مختلفة فمنهم بالنّسبة إلى ماله و منهم بالنّسبة إلى عرضه و منهم بالنّسبة إلى أصحابه و اتباعه فدعوى انّه بمجرّد الخلطة المطلعة على جملة من أحواله يحصل الجزم و الاطمئنان بأنّه في سائر المعاصي ظاهرها و باطنها ما عرض له مقتضاها و ما لم يعرض له ملكة يعسر له مخالفتها مقطوع بفساده انتهى ما في الجواهر و اعترضه الشيخ الوالد قدّس اللّه تربته الزكيّة بقوله امّا بطلان دعوى حصول ملكة الاجتناب عن جميع المعاصي بالاجتناب عن جملة قد ذكرت صراحة في الصّحيحة المشار إليها فواضح و كذا حصول الاطمئنان بالاجتناب عن الجميع بواسطة الاجتناب عن تلك الجملة لأنّها ليست الاّ شرب الخمر و الزّنا و الرّبا و عقوق الوالدين و الفرار من الزّحف و لكن لا يلزم من تسليم هذا المقدار بطلان الاستدلال على ملكة الجميع لانّه ذكر فيها اجتناب الكبائر الّتي وعد اللّه عليها النّار و الكبائر جمع محلّى باللاّم فيفيد العموم خصوصا بملاحظة الوصف الّذي قد ذكر له ممّا هو سار في جميع افراد الجنس و هو كونها قد أوعد اللّه عليها النّار و قد ذكر الجملة المعدودة من باب المثال ثمَّ عقّبها بقوله و غير ذلك و امّا ما ذكره بقوله فكم من شخص تراه في غاية الورع (- اه -) ففيه أنّ أمثال هذا الشخص ليسوا من أهل الورع و وجودهم فيما بين النّاس لا يوجب انتفاء أرباب الملكة قوله طاب ثراه مضافا الى الأصل (- فت -) قد احتمل الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه (- تعالى -) في الفراديس مقرّه و مقامه في الذّرائع في مراد شيخه (- قدّه -) بهذه العبارة بعد نقلها أمرين أحدهما انّ مراده بالأصل أصالة الاشتغال التفاتا الى انّ الجمعة بناء على وجوبها أو الصّلوة الواجبة الّتي أصلها واجب و الايتمام فيها مستحبّ ممّا ثبت اشتغال الذّمة بها و لا ريب في انّ الإتيان بها مؤتمّا بصاحب الملكة مبرئ للذّمة و الإتيان بها مؤتمّا بغير صاحب الملكة ممّا لم يعلم كونه مبرئ و مقتضى قاعدة الاشتغال هو الإتيان بالأوّل فإنّه المحصّل للبراءة اليقينيّة الّتي لا بدّ منها بعد العلم بالاشتغال ثمَّ قال (- قدّه -) و كانّ وجه التأمّل هو انّ العدالة الواقعة في معقد إجماعاتهم مجمل قد ثبت اشتراط الجمعة أو الجماعة به و هو ممّا له قدر متيقّن من جهة ثبوت الاشتراط به و هو مطلق الكيفيّة أو مجرّد ترك المعاصي و ان لم يكن مستندا إلى الملكة و يبقى اشتراط ما زاد على ذلك مشكوكا و قد تحقّق من مذهب المستدلّ انّ المرجع عند الشكّ في شرطيّة شيء أو جزئيّته للمأمور به انّما هو أصل البراءة فيؤخذ بالمتيقّن شرطيّته و يترك الالتزام بما زاد عليه هذا كلامه على مقامه و أقول انّ ما ذكره (- قدّه -)

ص:257

في تقرير الأصل يستلزم كون ما استدلّ به شيخه (- قدّه -) أخصّ من المدّعى لانّ البحث انّما هو في مطلق العدالة من غير تخصيص بالصّلوة خلفه و لا بمقام الشهادة و لا القضاء و لا الولاية و لا الفتوى و لا الوصاية و لا الوكالة بناء على اعتبارها فيهما و لذا وضع المستدلّ البحث في رسالة مفردة مع انّ أصالة الاشتغال انّما تثبت حرمة الايتمام بغير ذي الملكة و لا تثبت كون العدالة عبارة عن الملكة الاّ على القول بإثبات الأصول العمليّة لللّوازم العادية البعيدة و هو كما ترى و امّا ما ذكره (- قدّه -) وجها للتأمّل ففيه منع انحصار دليل اشتراط العدالة في الإمام في الإجماع بل النّصوص بذلك مستفيضة و قد أوردها هو (- قدّه -) قبل ذلك بعدّة أوراق الاّ ان يقول انّها واردة مورد مجرّد تشريع الايتمام بالعدل و ليست مسوقة لبيان مصداق العدل لكن فيه انّ جملة منها قد سيقت لبيان ذلك كما لا يخفى على من راجعها و لعلّه تأتي الى بعضها الإشارة (- إن شاء الله -) (- تعالى -) ثانيهما ان يكون مراد شيخه (- قدّه -) بالأصل أصالة التوقيف و أصالة عدم جواز الايتمام بغير ذي الملكة و يكون الأمر بالتأمّل للإشارة إلى انّه في المورد الّذي يكون متعلّق الشكّ هي الشرطيّة أو الجزئيّة يكون أصل البراءة حاكما على أصالة التوقيف و أصالة عدم الجواز التي هي بمعناها هذا كلامه رفع مقامه و أقول جعل الأصل عبارة عن أصالة التوقيف و أصالة عدم جواز الايتمام و عدم كفاية إشهاد غير ذي الملكة في الطّلاق و الوصيّة و نحوهما و عدم جواز تسليط أحد في مال أو حقّ بشهادة غير ذي الملكة و نحو ذلك ممّا لا بأس به الاّ انّ جعل الأمر بالتأمّل إشارة إلى كون المقام من موارد الشكّ في الشرطيّة فيه أوّلا انّه لا يجري في جملة من الموارد و ثانيا انّ الشكّ هنا ليس في الشرطيّة لأنّ شرطيّة العدالة محرزة و معلومة و الشكّ انّما هو في حقيقتها و إرجاع الشكّ إلى شرطيّة الملكة في العدالة فيرجع الى أصالة عدم الاشتراط فيه انّ أصالة عدم اشتراط الملكة لا يثبت تحقّق العدالة في غير ذي الملكة الاّ على القول بالأصول المثبتة فالأولى جعل الأمر بالتأمّل إشارة إلى انّ أصالة عدم جواز الايتمام و الاشهاد و نحو ذلك لا تثبت كون غير ذي الملكة عدلا الاّ على القول بالأصول المثبتة و قد بيّنا في محلّه سقوطه أو الى انّ أصالة عدم اشتراط الملكة حاكمة عليها لكونها مسببيّة ضرورة انّ الشكّ في صحّة الائتمام بذي الحالة الفاقد للملكة و قبول شهادته و ترتيب الأثر على حكمه و قضائه و الالتزام بتصرّفاته إذا كان وليّا ناش من الشكّ في اشتراط الملكة فإذا نفى الاشتراط بالأصل زال الشكّ المأخوذ في موضوع أصالة عدم صحّة الايتمام و نحوه نعم ما تمَّ من أدلّة القول باعتبار الملكة وارد على أصالة عدم الاشتراط قوله طاب ثراه و الاتفاق المنقول المعتضد بالشّهرة المحقّقة بل عدم الخلاف بناء على انّه لا يبعد إرجاع كلام الحلّي (- ره -) الى المشهور كما لا يخفى وجه الإرجاع انّ مراده بقوله حدّ العدل هو الّذي لا يخلّ بواجب و لا يرتكب قبيحا انّما هو دوام عدم إخلاله بالواجب و استمرار تركه للقبائح الّذي هو لازم الملكة و توهّم انه لا يحصل الاتّفاق بمجرّد إرجاع قول الحلّي (- ره -) الى القول بالملكة فإنّ هناك قولين اخرين أحدهما حسن الظّاهر و الأخر ظهور الأسلم و عدم ظهور الفسق مدفوع بانّ الماتن (- ره -) قد جعل آنفا هذين القولين قولين في الكاشف عن الملكة لا في نفس العدالة و يمكن المناقشة في هذا الدّليل بانّ وجود الخلاف في حقيقة العدالة من الواضحات و ليت شعري كيف يمكن التعويل على الاتفاق المحكى المعلوم اشتباه الحاكي في نقله من حيث عظم الخلاف و اضطراب كلمات الأصحاب في ذلك مع انّ في حجيّة الاتّفاق المحكى الغير المنكشف خلافه بحثا ذكرناه في المطارح فكيف بالمنكشف خلافه فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه و الى ما دلّ على اعتبار الوثوق (- اه -) عطف على قوله الى الأصل فهو دليل ثالث في كلامه و أشار بما دلّ على اعتبار الوثوق بدين إمام الجماعة و ورعه الى الأخبار النّاطقة بذلك المستدلّ بها لهذا القول مثل ما رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن علىّ بن مهزيار عن ابى علىّ بن راشد قال قلت لابيجعفر عليه السّلام انّ مواليك قد اختلفوا فأصلّي خلفهم جميعا فقال لا تصلّ الاّ خلف من تثق بدينه و ما رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة عن احمد بن محمّد بن يحيى الخادقى عن الحسن بن الحسين عن إبراهيم عن المرافقي و عمرو بن الرّبيع البصري عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام انّه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف الإمام تولاّه و تثق به فإنّه يجزيك قرائته الحديث و ما رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن قتيبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال إذا كنت خلف امام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قرائته فاقرأ أنت لنفسك الخبر قوله طاب ثراه مع انّ الوثوق لا يحصل (- اه -) هذا مسوق لتقريب الاستدلال بتلك الأخبار و توضيحه ما في ذرائع الشيخ الوالد نور اللّه ضريحه من انّ الدّين كما في مجمع البحرين و غيره هو وضع الهى لاولى الألباب يتناول الفروع و الأصول قال اللّه تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلامُ و (- ح -) يكون الوثوق بدينه عبارة عن الوثوق بأصوله و فروعه و هو لا يحصل بمجرّد ترك المعاصي و لو في جميع ما مضى من عمره ما لم يعلم أو يظنّ فيه ملكة التّرك و لا يتوهّم انّ المراد بالوثوق بمن يريد الايتمام به انّما هو كون الإمام غير مخالف و كونه إماميّا كما وقع في بعض الأخبار إرادة ذلك منه لانّه يمنع من ارادة المخالف في الرّواية الأولى انّ السّائل قد صدر سؤاله فيها بقوله انّ مواليك قد اختلفوا فالسؤال إنّما توجّه الى استفسار حكم الايتمام بهم فيكون من الموصولة في الجواب مرادا بها المعهود الّذي توجّه إليه السّؤال و لا اشكال فيه و امّا الرّواية الثّانية فإنّها تضمّنت كون الإمام الّذي يريد الايتمام به ممّن يتولاّه فيكون من أصحابه و على هذا فيكون نفى الوثوق في السؤال الواقع في أخر الرّواية المذكورة عبارة عن عدم الوثوق بأفعاله لا بعقيدته هذا كلامه علا مقامه و هو تقريب حسن و لا مجال للمناقشة بكون موردها الايتمام فتكون أخصّ من المدّعى لما يأتي إنشاء اللّه تعالى توضيحه من انّ العدالة المعتبرة في الإمام و الشّاهد و القاضي و الولي و نحوهم شيء واحد و حقيقتها في الجميع واحدة قوله طاب ثراه و اعتبار المأمونيّة و العفّة (- اه -) عطف على اعتبار الوثوق بدين إمام الجماعة و التقدير و الى ما دلّ على اعتبار المأمونيّة و قد كان الأولى إعادة كلمة ما دلّ و على اىّ حال فهو استدلال بطائفة أخرى من الأخبار فمنها ما عن تفسير الإمام عليه السّلام عن جدّه أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ قال ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقظّه فيما يشهد به و تحصيله و تميزه فما كلّ صالح مميّزا و لا محصّلا و لا كلّ محصّل مميّز صالحا و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن سماعة عن ابى بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا و منها ما رواه هو (- ره -) بإسناده عن عبد اللّه بن المغيرة قال قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السّلام رجل طلّق امرئته و اشهد شاهدين ناصبيين قال كلّ من ولد على الفطرة و عرف بالصّلاح في نفسه جازت شهادته الى غير ذلك من الصّفات المعتبرة للمأمونيّة و العفّة و الصّيانة و الصّلاح و غيرها من الصّفات النفسانيّة

ص:258

في الشّاهد الّذي لا فرق بينه و بين القاضي و الإمام و الولي و نحوهم في وصف العدالة و لعلّ التقريب انّها علّقت قبول الشهادة على هذه الأوصاف النّفسانيّة فيلزم ان تكون العدالة عبارة عن الصّفة النّفسانيّة لا مجرّد عدم ارتكاب المعاصي لكنّ الإنصاف عدم صراحتها في المطلوب و هناك قسم أخر من الأخبار لم يشر اليه الماتن (- ره -) و قد وقع من بعضهم الاحتجاج به لهذا القول و هو ما عن تفسير الإمام عليه السّلام عن علىّ بن الحسين عليهما السّلام و عن احتجاج الطّبرسي عن الرّضا عليه السّلام قال إذا رأيتم الرّجل قد حسن سمته و هديه و تمادت في منطقه و تخاضع في حركاته فرويد الا يغرّنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدّنيا و ركوب المحارم بها لضعف نيّته فنصب الدّين فخّالها فهو لا يزال يختلّ النّاس بظاهره فان تمكّن من حرام اقتحمه و إذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويد الا يغرّنكم فان شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو عن المال الحرام و ان كثر و يحمل نفسه على شوهاء قبيحة يأتي منها محرّما فاذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويد الا يغرّنكم حتى تنظروا ما عقدة عقله فما أكثر من ترك ذلك اجمع ثمَّ لا يرجع الى عقل متين فيكون ما يفسده يجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله و إذا وجدتم عقله متينا فرويد الا يغرّنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله أو يكون مع عقله على هواه و كيف محبّته للرّئاسات الباطلة و زهده فيها فانّ في النّاس من خسر الدّنيا و الآخرة ترك الدنيا و يرى أنّ لذّة الرّئاسة أفضل من لذة الأعمال و النعم المباحة المحلّلة فيترك ذلك اجمع طلبا للرّئاسة حتّى إذا قيل له اتّق اللّه أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم و لبئس المهاد فهو يخبط خبط عشواء يقود أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة و يمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه فهو يحلّ ما حرّم اللّه تعالى و يحرم ما أحلّ اللّه لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد شقي من أجلها فأولئك الّذين غضب اللّه عليهم و لعنهم و أعدّ لهم عذابا مهينا و لكن الرّجل كلّ الرّجل نعم الرّجل هو الّذي جعل هواه تبعا لأمر اللّه و قواه مبذولة في رضى اللّه يرى الذّل مع الحقّ أقرب الى عزّ الأبد مع العزّ في الباطل و يعلم ان قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤديه إلى دوام النّعيم في دار لا تبيد و لا تنفد و ان كثير ما يلحقه من سرّاتها إذا تبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له و لا زوال فذلكم الرّجل نعم الرّجل فيه تمسّكوا و بسنّة فاقتدوا و الى ربّكم به فتوسّلوا فإنّه لا تردّ له دعوة و لا تخيّب له طلبة و أقول انّ هذه الرّواية و إن كانت دالّة على اعتبار الملكة و عدم كفاية ترك المحرّمات الاّ انّه لا دلالة فيها على كون ذلك معتبرا في الاستشهاد و الايتمام و القضاء عنده و انّما ظاهرها بيان حال من هو قابل لان يكون رئيسا عامّا للمسلمين و امّا ما يقتدى به فيهم فلا دلالة فيها على المدّعى و ربّما أجاب عن ذلك في الجواهر بأنّه مع كونه غير معلوم السّند و مرويّا في غير الكتب الأربعة و محتملا للتعريض به الى أناس خاصّين كالأوّل و الثّاني و أصحابهما و قاصرا عن معارضة غيره من الأخبار المكتفية بحسن الظّاهر حتى على مذهب الخصم قال في الوسائل انّه بيان لا على مراتب العدالة لا لأدناها بل قال انّه مخصوص بمن يؤخذ عنه العلم و يقتدى به في الأحكام الدينيّة كما هو ظاهر لا بإمام الجماعة و الشّاهد و هو جيّد جدّا انتهى ما في الجواهر و أجاب عنه شيخنا الوالد العلاّمة طيّب اللّه رمسه بان كون الحديث مذكورا في تفسير الإمام عليه السّلام عن علىّ بن الحسين عليهما السّلام و في الاحتجاج عن الرّضا عليه السّلام لا يخلو عن افادة الوثوق بصدوره و ان كون الحديث مرويّا في الكتب الأربعة و إن كان يوجب قوّته لكن كونه مرويّا في غيرها لا يوجب الوهن فيه خصوصا مع كون الاحتجاج من جملة الكتب المعتبرة مضافا الى أنّه يؤيّده الشهرة المحكية و امّا كونه محتملا للتعريض به الى أناس خاصّين فهو خلاف الظّاهر فلا يعبؤ به و امّا معارضته بأخبار حسن الظّاهر فستعرف الجواب عنها إنشاء اللّه تعالى و امّا ما ذكره صاحب الوسائل من اختصاصه بمن يؤخذ عنه العلم لا بإمام الجماعة و الشّاهد فهو ممنوع و لو سلّمنا ذلك في الشّاهد منعناه في إمام الجماعة هذا كلامه رفع في الخلد مقامه و أقول ما ذكره (- قدّه -) موجّه الاّ إنكاره ظهور الخبر في اعتبار الصّفات الّتي تضمّنها في والى المسلمين فانّ ذلك خلاف الإنصاف و العجب من تفرقته (- قدّه -) بين الشاهد و امام الجماعة مع وضوح اتّحادهما في العدالة المعتبرة فيهما و الحقّ انّ الخبر لا ربط له بتفسير العدالة و انّما سيق لبيان ما يعتبر في مرجع المسلمين كما لا يخفى قوله طاب ثراه صحيحة ابن ابى يعفور (- اه -) هذه الجملة فاعل كلمة يدلّ ثمَّ انّ هذه الصّحيحة قد رواها الصّدوق (- ره -) في الفقيه بإسناده عن عبد اللّه بن ابى يعفور و الشيخ (- ره -) في (- يب -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن محمّد بن موسى عن الحسن بن على عن أبيه عن علىّ بن عقبة عن موسى بن أكيل النّميري عن ابن ابى يعفور و في المتن في الكتابين اختلاف بالزّيادة و النّقصان و نحن ننقله و نشير الى موضع الاختصاص لتعلم انّ ما عداه من مورد الاشتراك قال ابن ابى يعفور قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام بم يعرف عدالة الرّجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم و عليهم فقال ان تعرفوه بالسّتر و العفاف و كفّ البطن و الفرج و اليد و اللّسان و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النّار من شرب الخمر و الزّنا و الرّبا و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و غير ذلك و الدّلالة على ذلك كلّه ان يكون سائر الجميع عيوبه حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك و يجب عليهم تزكيته و إظهار عدالته في النّاس و يكون منه التّعاهد للصّلوات الخمس إذا واظب عليهنّ و حفظ مواقيتهنّ بحضور جماعة من المسلمين و ان لا يتخلّف عن جماعتهم في مصلاّهم الاّ من علّة فإذا كان (- كك -) لازما لمصلاّه عند حضور الصّلوات الخمس فإذا سئل عنه في قبيلته و محلّته قالوا ما رأينا منه الاّ خيرا مواظبا على الصّلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاّه فانّ ذلك يجيز شهادته و عدالته بين المسلمين و ذلك انّ الصّلوة ستر و كفّارة للذّنوب و ليس يمكن الشّهادة على الرّجل انّه يصلّى إذا كان لا يحضر مصلاّه و يتعاهد جماعة المسلمين و انّما جعل الجماعة و الاجتماع إلى الصّلوة لكي يعرف من يصلّى ممّن لا يصلّى و من يحفظ مواقيت الصّلوة ممّن يضيع و لو لا ذلك لم يكن احد ان يشهد على أخر بصلاح لانّ من لا يصلّى لا صلاح له بين المسلمين فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله همّ بان يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور في جماعة المسلمين و قد كان منهم من يصلّى في بيته فلم يقبل منه ذلك و كيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممّن جرى الحكم من اللّه عزّ و جلّ و رسوله صلّى اللّه عليه و آله فيه الحرق في جوف بيته بالنّار و قد كان يقول لا صلاة لمن لا يصلّى في المسجد الاّ من علّة و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا غيبة لمن صلّى في بيته و رغب عن جماعتنا و من رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه و إذا رفع الى امام المسلمين أنذره و حذّره فان حضر جماعة المسلمين و الاّ أحرق عليه بيته و من لزم جماعتهم حرمت عليه غيبته و ثبتت عدالته بينهم و تقريب الاستدلال على ما نبّه عليه جمع منهم الماتن (- ره -) و أوضحه الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه انّه لمّا سئل ابن ابى يعفور بقوله بم يعرف عدالة الرّجل أجاب (- ع -) بقوله ان يعرفوه بالسّتر و العفاف و بكف البطن و الفرج (- اه -) فأسند المعرفة إلى ضمير

ص:259

الجمع العائد إلى النّاس المراد بهم بحكم العادة جميع من يخالطه و يباشره و من المعلوم انّ صيغة المضارع انّما تدلّ على الدّوام و الاستمرار المراد به في هذا المقام بحكم العرف وقوع ذلك في زمان متطاول و جعل متعلّق المعرفة المستمرّة على الوجه المذكور ما هو من الأوصاف النفسانيّة أعني الستر و العفاف و كفّ الأعضاء المذكورة ثمَّ عطف على قوله يعرفوه قوله يعرف بصيغة المجهول استغناء عن فاعله بما علم من قوله يعرفوه و جعل متعلّقه ما ينطبق على الملكة من جهة تعلّق الاستمرار به و هو اجتناب الكبائر لأن الاستمرار على الاجتناب لا يكون الاّ عن ملكة و ما ذكر هو مقتضى ظاهر السّياق و (- ح -) نقول انه ينطبق للمعرفة في الجواب على المعرفة في السّؤال و ينطبق متعلّقها على العدالة الّتي هي متعلّق المعرفة فيه فيتمّ المطلوب من جهة انّه قد وقع مجموع الصّفات النفسانيّة معرّفا للعدالة و لا يصحّ ان يكون هذا المجموع الّذي هو المعرّف أخصّ من العدالة الّتي هي المعرّف بل لا بدّ من مساواته لها نعم قد يكون المعرّف بالكسر أعمّ إذا كان من المعرّفات الجعليّة كما جعل عليه السّلام في هذه الصّحيحة كون الإنسان ساترا لعيوبه معرّفا لهذه الأمور و لكن ليس مع ذلك موضع الاستدلال و مناطه و مقتضى القواعد هو كون المعرّف حقيقيّا الاّ ان يعلم كونه جعليّا كما علم في هذا المقام من تغييره عليه السّلام سياق العبارة حيث اتى عليه السّلام في جواب قول السّائل بم يعرف عدالة الرّجل بقوله عليه السّلام ان يعرفوه بالسّتر ثمَّ انّه عليه السّلام عدل عن ذلك الى قوله (- ع -) و الدّلالة على ذلك كلّه ان يكون ساترا لجميع عيوبه ثمَّ انّ الشيخ الوالد قدّس سرّه لما قرّر تقريب الدّلالة على الوجه المذكور عدل عن ذلك فقال (- ره -) انّ الاستدلال بالصّحيحة موقوف على ان يكون قوله (- ع -) ان يعرفوه بالسّتر و العفاف خبرا عن مبتدء محذوف مدلول عليه بالسّؤال بأن يكون تقدير الجواب انّ معرفة العدالة هي معرفة السّتر و العفاف فينطبق المعرفة على المعرفة و السّتر و العفاف على العدالة و ليس (- كك -) لأنّ السّؤال انّما هو عمّا يتحقّق به المعرفة فالمجرور بالباء الّذي هو المسئول عنه عبارة عن الأمارة الّتي بها يعرف العدالة و على هذا فلا بد من انطباق الجواب عليها فيكون قوله عليه السّلام ان يعرف ممّا حذف منه الخافض و مثله مطّرد كما صرّح به ابن مالك بقوله و الحذف في انّ و ان مطّرد مع أمن لبس كعجبت ان يدو و على هذا يكون تقدير الجواب يعرف عدالة الرّجل بان يعرفوه يعنى الناس و المراد بهم في الحقيقة مخالطوه و مباشروه بالسّتر و العفاف و حاصله انّ الأجنبي المتصدّي لمعرفة عدالة الرّجل يعرفها بمعرفة مخالطيه إيّاه بالسّتر و العفاف و اشتهاره بذلك عندهم و هو ظاهر فيكون معروفيّته بالسّتر و العفاف امارة على العدالة و (- ح -) نقول ان معروفيّته بالستر و العفاف لا تكون دليلا على انّ العدالة عبارة عن السّتر و العفاف إذ يجوز ان يكونا من لوازمها بل يجب ذلك لاستحالة اتحاد المعرّف و المعرّف كما لو قال السّائل بم يعرف الاجتهاد فقيل في جوابه يعرف بإتقان البحث و تنقيح التصنيف و من المعلوم انّ ذلك ليس معنى الاجتهاد و حقيقته و انّما هو من جملة لوازمه و اثاره انتهى كلامه رفع مقامه و أقول لمّا كان هذا الصّحيح أتمّ أخبار الباب و أعرفها و اضطربت في خصوص دلالته كلمات الأواخر لزمنا بسط الكلام في شرح بعض فقراته على ما يناسب المقام فنقول قول ابن ابى يعفور بم تعرف عدالة الرّجل (- اه -) يحتمل وجهين بحسب اللّفظ و وجهين بحسب المعنى فيحتمل ان يكون تعرف مجرّدا بصيغة المجهول و ان يكون مزيدا فيه بصيغة التّفعيل المجهول و على الوجهين يحتمل ان يكون مراده السّؤال عن علامة العدالة و معرّفاتها و أماراتها و ما يستدلّ به عليها بعد فراغ السّائل عن معرفة حقيقتها و ماهيّتها بعد العلم الإجمالي بها و بثمراتها و فوائدها و محصّل الأوّل السّؤال عن الأمارة العرفيّة و الثّاني السؤال عن المعرّف المنطقي و الأوّل انسب بالأوّل و الثّاني بالثّاني و الأوّل أظهر بالنّظر الى نفس هذه الفقرة و الفقرة التّالية لها فانّ الظّاهر من المعرّف عرفا هو الأمارة و العلاّمة و حقّ السّؤال عن حقيقة الشيء بما هو ان يقول ما العدالة لا بم تعرف العدالة و قبول الشهادة فعلا من غايات نفس العدالة ضرورة انّ نفس العدالة الواقعيّة لا تؤثّر إلاّ أهليّة صاحبها لان يكون مقبول الشهادة و امّا القبول الفعلي الظّاهري من الفقرة التّالية فهو من آثار المعرفة بها و الثاني أظهر بالنّظر الى فقرات جواب الإمام عليه السّلام حيث انّه عليه السّلام ذكر أوّلا حقيقتها ثمَّ ذكر دليلها و أماراتها بحيث يعلم منه انّ سؤال السّائل انّما كان عن الحقيقة و المعرّف لا عن العلامة و المعرّف العرفي و بعد ملاحظة جوابه عليه السّلام لا محيص عن صرف السّؤال عن ظاهره قال الإمام عليه السّلام ان تعرفوه بالسّتر و العفاف أقول المراد بهما و اللّه العالم ما يرادف الحياء و العفّة قال في الصّحاح رجل ستير اى عفيف و جارية ستيرة انتهى و عليه فالعفاف عطف تفسير له و فسّره في القاموس بالخوف و الحياء و عليه فينبغي ان يكون المراد به الاستحياء من اللّه سبحانه بقرينة قوله و الدّليل على ذلك كلّه ان يكون ساترا لعيوبه فانّ المراد به السّتر من النّاس و الاستحياء منهم و مقتضى لزوم مغايرة الدّليل للمدلول كون المراد بالسّتر في المدلول الاستحياء من اللّه سبحانه فكأنه جعل الاستحياء من اللّه عدالة و الاستحياء من النّاس كاشفا عنه و دليلا عليه و لو لا ذلك لكان الدّليل عين المدلول و (- ح -) فيكون المراد من العفاف التعفّف عن المعاصي فيكونان متقارنين لا مترادفين لانّ العفاف بالفتح و التعفيف عبارة عن الامتناع و كفّ النفس كما في المصباح و المجمع ثمَّ انّ السّتر و العفاف و كف النّفس من الصفات النّفسانيّة و الأفعال الباطنيّة لا من الأمور الظّاهريّة و الاّ لما احتاجت الى جعل دليل عليها و المراد كفّ البطن و الفرج و اليد و اللّسان لا خصوص زجر النّفس و حبسها عن ارتكاب المعاصي البطنيّة من كلّ من أكل الحرام و النجس و أشباههما و المعاصي الفرجيّة من الزنا و اللّواط و المساحقة و ما قاربها و المعاصي اليديّة من الضّرب و القتل و السّرقة و أضرابها و المعاصي اللّسانيّة من الكذب و الفرية و البهتان و الغيبة و النّميمة و أشباههما لا الكف عن مطلق الذنوب و يكون ذكر الجوارح لكون معاصيها أغلب و أكثر من غيرها و على اىّ حال فلا ريب في انّها ليست بأنفسها من الصّفات و الأفعال الظّاهريّة بل المراد الأفعال الباطنيّة و (- ح -) فالمراد بها نفس هذه الأفعال الباطنيّة النّاشئة عن ملكاتها الباعثة لها لا مجرّد صدور هذا الفعل الباطني و لو على سبيل الاتّفاق و ذلك لمكان قوله (- ع -) ان تعرفوه بالسّتر و العفاف و الكفّ إذ من البيّن عدم صدق المعروفيّة بالستر و العفاف و الكفّ الاّ على صاحب ملكتها و الأوّل أقرب بالنّظر الى لفظها و الى قوله (- ع -) و يعرف باجتناب الكبائر تأكيدا لها أو تعميمها بعد التخصيص و الثّاني انسب بقاعدة أولوية التأسيس من التأكيد فيكون قوله (- ع -) و يعرف باجتناب الكبائر إشارة إلى شرط الملكة الرّادعة اعنى الاجتناب الفعلي و على الاحتمالين اللّذين لكلّ منهما وجهة تدلّ هذه الفقرة الشريفة بنفسها أو بضميمة الفقرة التّالية لها على انّ العدالة عبارة عن ملكة ترك المعاصي المقترنة بتركها فعلا أو المشروطة به و تصديرها بالمعرفة مع انّها خارجة عن معنى العدالة فإنّها عبارة عن الملكة الموصوفة لا عن معرفتها انّما هو للإشارة الى انّ الانتفاع بها و ترتيب ثمراتها عليها انّما يحصل بعد معرفتها على ما أشرنا إليه عن قريب و كيف كان فهذه الفقرة الشريفة بيان واضح

ص:260

و حدّ جامع مانع للعدالة و ليس المراد منها بيان علاماتها حتى يكون جوابا عمّا يظهر من عبارة السّائل في بادي النّظر إذ عليه يكون حاصل الجواب اعتبار العلم و المعرفة بالسّتر و العفاف و الكفّ و الاجتناب في أوّل الأمر و الاجتزاء في أخر الأمر في ضمن قوله عليه السّلام و الدّليل على ذلك (- اه -) بحسن الظّاهر و هما كالمتهافتين أو يكون هذه الفقرة الشريفة و التالية لها أمارتين مستقلتين أو امارة واحدة و يكون قوله عليه السّلام و الدّلالة (- اه -) امارة على الامارة و هو كالإحالة على المحال أو هو هي لامتناع ان يجعل حسن الظّاهر الّذي يستكشف منه حال الباطن دليلا على العلم و المعرفة بالباطن الاّ ان يتكلّف فيه بحمله على ارادة العلم و المعرفة الشرعيّة بمعنى انّه عليه السّلام جعل حسن الظّاهر مرآة و دليلا على العلم بالملكة تعبّدا شرعيّا قهريّا حتّى يكون المحصّل انّك إذا رأيت منه حسن الظّاهر فعامل معه معاملة من تعلم بكونه ذا ملكة فيكون رؤيتك هذه دليلا على المعرفة التعبديّة فتكون الرّواية الشريفة على حدّ قوله عليه السّلام من صلّى الخمس في جماعة المسلمين فظنّوا به كلّ خير و قوله عليه السّلام من لم تره بعينك يرتكب ذنبا و لم يشهد عليه شاهدان من أهل العدالة و السّتر فشهادته مقبولة و أمثالهما أو تكون مشيرة الى انّ الطريق أوّلا و بالذّات إلى العدالة هو العلم و المعرفة و ثانيا و بالعرض هو حسن الظّاهر و بعد اللّتيا و الّتي يكون ذكر المعرّف الأوّل و هو العلم بالملكة مستغنى عنه ضرورة انّ جعل ستر العيوب من النّاس و عدم العلم بارتكاب المعصية طريقا ظاهريّا الى نفس العدالة و الى معرفتها مغن عن جعل العلم بالاجتناب طريقا بل جعل الأخصّ طريقا بعد كون الأعمّ في نظر الجاعل مجعولا طريقا مستدرك محض فلا محيص ظاهرا عن ان يكون المراد من قوله عليه السّلام أو يعرفوه إلى أخر الفقرتين هو المعرف المنطقي لا الأصولي مع انّ المقصود و هو كون العدالة من قبيل الملكات الباعثة على اجتناب المعاصي أو الاجتناب النّاشى عن الملكة مفهوم من الرّواية الشّريفة على سبيل الظّهور بل الصّراحة على كلّ تقدير كما لا يخفى على المتدبّر و ربّما يتوهم إمكان حمل الرّواية على ما يوافق القول بأنّ العدالة عبارة عن نفس اجتناب الكبائر بدعوى انّ المراد من الستر و العفاف و الكفّ ملكاتها و الغرض منها ذكر المعرّف الأصولي لا المنطقي على ما هو الظّاهر منها و قد جعلت ملكة هذه الأمور دليلا و علامة عليها أنفسها فيكون المتحصّل من الرّواية انّ العدالة عبارة عن نفس اجتناب الذّنوب بالكبيرة و دليلها و مرآتها ملكة السّتر و العفاف و ملكة كلّ شيء دليل واضح عليه و هذا كما ترى بعيد غاية البعد نظرا إلى انّه عليه السّلام لم يجعل الملكة دليلا على العدالة و انّما جعل المعرفة دليلا عليها و لازمه ان يكون عبارة عن نفس الملكة و الا لزم الالتزام بانّ مفادها انّ العدالة عبارة عن مجرّد اجتناب الكبائر و انّ دليلها ملكاتها و دليل الملكة معرفتها و دليل المعرفة حسن الظاهر و عدم الاطّلاع على صدور المعصية و هو كما ترى تأويل ركيك مناف لسائر فقرات الرّواية على ما سمعت و ستسمع إنشاء اللّه تعالى سيّما قوله عليه السّلام و يعرف باجتناب الكبائر فانّ على جميع الاحتمالات الاتية في هذه الفقرة يكون الاجتناب على هذا القول نفس العدالة لا من معرّفاتها فكيف يحمل قوله عليه السّلام ان يعرفوه بالسّتر و قوله عليه السّلام و يعرف على المعرّف الأصولي لا المنطقي على انّ حملها على هذا الوجه مع ما فيه من الركاكة يوجب إلغائها عن الاعتبار و خروجها عن الحجيّة و تفسير العدالة بمجرّد ترك الذّنوب مخالف للعرف و اللّغة و كلمات العامّة و الخاصّة و الفقهاء و أهل الخلاف و غيرهم على ما حقّقناه سابقا و قلنا انّ هذا القول لا يظهر من أحد إلاّ في بدو النّظر فلاحظ و تدبّر قال عليه السّلام و يعرف باجتناب الكبائر الّتي أوعد اللّه عليها النّار قيل انّه يحتمل ان يكون يعرف منصوبا بلفظ ان فيكون التّقدير و ان يعرف باجتناب الكبائر و يحتمل ان يكون مضموما عطفا على مجموع ان يعرف يعنى انّ العدالة تعرف بالسّتر و العفاف و الكفّ و تعرف باجتناب الكبائر فعلى الأوّل يكون المجموع معرّفا واحدا و على الثّاني يكون كلّ منهما معرفا برأسه و يحتمل ان لا يكون قوله (- ع -) ان يعرفوه اعادة لقوله عليه السّلام يعرف بل يكون يعرف مقدّرا و يكون التقدير و يعرف بان يعرفوه بالسّتر اى يعرف بالمعروفيّة بهذه الصّفات و يكون لقوله عليه السّلام و يعرف (- ح -) الاحتمالان المذكوران (- أيضا -) و لكن يختلف المطلوب بذينك الاحتمالين كما لا يخفى و هناك احتمال أخر و هو ان يكون قوله و يعرف ابتداء للكلام و يكون المستتر فيه راجعا الى السّتر و العفاف و الكفّ يعنى انّ العدالة هي السّتر و العفاف و الكفّ و يعرف السّتر و العفاف و الكفّ الّذي هو العدالة باجتناب الكبائر و لا يحتاج إلى معرفة الكفّ عن جميع المعاصي و هذا هو ظاهر الأكثر حيث اقتصروا على الأخير في تعريف العدالة باجتناب الكبائر فيكون هو معرّفا للسّتر و العفاف و الكفّ و يكون ما بعده امّا معرّفا للمجموع أو للحكم باجتناب الكبائر فتأمّل ثمَّ انّ الظّاهر من توصيف الكبائر بالّتي أوعد اللّه عليها النّار انّ المراد بالكبيرة كلّ معصية أوعد اللّه تعالى عليها بالخصوص النّار و المراد بالصّغيرة ما عديها و يأتي الكلام في الكبيرة و الصّغيرة اتّحادا و افتراقا موضوعا و مصداقا عند تعرّض الماتن (- ره -) لذلك إنشاء اللّه تعالى قال عليه السّلام و الدّلالة على ذلك كلّه ان يكون ساترا لعيوبه (- اه -) أقول لمّا سئل عليه السّلام عمّا يعرف به عدالة الرّجل و أجاب (- ع -) بأنّها تعرف بمعرفة كونه من أهل السّتر و العفاف و كفّ الجوارح الأربع و كونه مجتنبا عن الكبائر و كان في معرفة ذلك خفاء لكونها في غاية الصّعوبة بيّن (- ع -) ثانيا انّ الدّليل على ذلك و السّبيل الى معرفته كونه ساتر الجميع عيوبه متعاهدا للصّلوات الخمس و حفظ مواقيتهنّ و حضور جماعة المسلمين غير متخلّف عن جماعتهم ثمَّ انّك قد عرفت انّ المراد بالسّتر هنا هو الاستحياء من النّاس و المراد بالسّتر في أوّل الخبر هو الاستحياء من اللّه تعالى حتى يكون الأوّل دليلا على الثاني و الاّ لزم اتّحاد الدّليل و المدلول قال عليه السّلام و يكون منه التّعاهد للصّلوات الخمس (- اه -) لمّا كان للسّائل أن يسئل عن انّ السّتر و الاجتناب الى اىّ حدّ يلزم ان يكون ساترا عند من له معاشرة و مصاحبة و خلطة أو كلّ من لم يكن عالما بعيوبه من أجل ستره و لو في مدّة قليلة أم لا بل يستدعي الحكم بالعدالة أكثر من ذلك بيّن عليه السّلام انّ مجرّد الرّؤية لا يكفي في ذلك بل ينبغي ان يكون لازما للمصلّي و مع ذلك إذا سئل عن قبيلته و أهل محلّته الّذين عاشروه في مدّة طويلة و اطّلعوا على بعض خبايا امره شهدوا بهذين الأمرين قال عليه السّلام و ذلك انّ الصّلوة ستر و كفّارة للذّنوب (- اه -) لمّا حكم عليه السّلام أوّلا بأنّ العدالة تعرف بالسّتر و العفاف و الكفّ و اجتناب الذّنوب ثمَّ جعل دليل ذلك التعاهد للصّلوات و كان وجه ذلك خفيّا بيّنه عليه السّلام بقوله و ذلك انّ الصّلوة ستر اى دافع و حاجز و كفّارة للذّنوب كما قال اللّه سبحانه إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ قال عليه السّلام و ليس يمكن الشهادة على الرّجل بأنّه يصلّى (- اه -) لمّا كان للسّائل أن يقول انّ الصّلوة إذا كانت كفّارة للذّنوب فهي تكفي في الحكم بالعدالة و لا حاجة الى حضور جماعة المسلمين و كيف جعل ترك ذلك المستحبّ قادحا في العدالة بيّن عليه السّلام انّ اشتراط حضور جماعتهم ليس لكونه في نفسه دليلا على الاجتناب من الذّنوب و كفّارة لها بل لانّه لما لم يمكن معرفة كون احد ساعيا في صلواته حافظا

ص:261

لمواقيتهنّ و الشهادة بان يصلّى الاّ عند تعاهده للجماعة و حضور المصلّى فلذلك جعل التعاهد لها من متمّمات الحكم بالعدالة قال روحي فداه انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله همّ بان يحرق (- اه -) لمّا كان للسّائل أن يقول إذا كان اشتراط التعاهد لما ذكرت فلو علمنا ان أحدا يصلّى في بيته لزم ان يكون كافيا و لم يكن حاجة الى تعاهد الجماعة استأنف عليه السّلام كلاما أخر و قال انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (- اه -) يعنى انّ ما ذكر كان سببا لشرع الجماعة و لمّا كان تركها في أوائل الإسلام مؤدّيا إلى ترك الصّلوة غالبا همّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأن يحرق قوما في منازلهم و إن كان فيهم من يصلّى في بيته لاستقرار ذلك الأمر المستحبّ الموجب لاستقرار الواجب فلأجل ذلك لم يحكم بالعدالة في صدر الإسلام ما لم يحضر الجماعة و إن كان إتيانه بالصّلوة في بيته معلوما هذا قوله طاب ثراه فيدور الأمر بين حمل السّؤال على وقوعه عن المعرّف المنطقي (- اه -) المعرّف المنطقي هو ما يحمل على الشّيء ليفيد تصوّره اما بكنهه أو بوجه يمتاز به عن جميع ما عداه و لذا اشترطوا فيه ان يكون مساويا للمعرّف بالفتح أو أجلي و حكموا بعدم صحّة التعريف بالمباين و لا بالأعمّ و لا بالأخصّ و لا بالأخفى و لا بالمساوي له في الظهور و الخفاء ضرورة أنّ المباين للشيء لا يحمل عليه حتّى يفيد تصوّره و الأعمّ كتعريف الإنسان بالحيوان لا يفيد تصوّره بالكنه و لا بوجه يمتاز به عن جميع ما عداه و الأخصّ و ان جاز ان يفيد تصوّره بالكنه أو بوجه يمتاز عن جميع ما عداه الاّ انّ الأخصّ لما كان أقلّ وجودا في العقل و أخفى في نظره و شأن المعرّف ان يكون اعرف من المعرّف ليفيد التّعريف فائدة لم يجز التعريف بالأخصّ و من هنا ظهر الوجه في عدم صحّة التعريف بالاخفى و المساوي قوله طاب ثراه و (- ح -) فلا يصلح ان يراد بها الاّ نفس اجتناب الكبائر المسبّب عن ملكة العفاف و الكفّ و هو القول الثّاني هذا مناف لما أفاده في ذيل القول الثّاني بقوله و ظاهر هذا القول انّها عبارة عن الاستقامة الفعليّة في أفعاله و تروكه من دون اعتبار كون ذلك عن ملكة انتهى فانّ ذلك صريح في عدم اعتبار الملكة عند أهل القول الثّاني و هذا صريح في اعتبارها اللّهمّ الاّ ان يوجّه بانّ مراده بالنّفي هناك نفى اعتبار الملكة في مفهوم العدالة و كفاية الاستقامة الفعليّة و بإثبات الملكة هنا هو إثبات ملكة العفاف و الكفّ و هي غير ملكة العدالة (- فت -) و كيف كان فقد استدلّ للقول الثّاني بأمرين أحدهما أصالة عدم اشتراط الملكة و هذه الأصالة حاكمة على الأصل المتقدّم من الماتن (- ره -) الاستدلال بها للقول الأوّل لأنّ تلك مسببيّة ضرورة انّ الشكّ في صحّة الائتمام بذي الحالة الفاقد للملكة و قبول شهادته و ترتيب الأثر على حكمه و قضائه و الالتزام بتصرّفاته إذا كان وليّا ناش من الشكّ في اشتراط الملكة فإذا نفى الاشتراط بالأصل زال الشكّ المأخوذ في موضوع أصالة عدم صحّة الايتمام و نحوه نعم ما تمَّ من سائر أدلّة القول باعتبار الملكة حاكم على أصالة عدم الاشتراط ثانيهما عدّة من الأخبار فمنها ما رواه الشيخ الحرّ (- ره -) في الوسائل عن كتاب ابى عبد اللّه السّياري صاحب موسى و الرضا عليهم السّلام قال قلت لأبي جعفر الثّاني عليه السّلام قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصّلوة فيقدم بعضهم فيصلّى بهم جماعة فقال إن كان الّذي يؤمّهم ليس بينه و بين اللّه طلبة فليفعل وجه الدّلالة انّ من بلغ و لم يصدر منه ذنب و لم تمض مدّة يمكن تحقّق الملكة فيها فهو ممّن ليس بينه و بين اللّه طلبة و كذا من تاب و لم تحصل له ملكة بعد و من هنا قال صاحب الوسائل بعد ذكر الرّواية ما لفظه لعلّ المراد انّه ليس عليه ذنب لم يتب منه فإنّه يتحقّق بذلك انتفاء الطّلبة و الفسق عنه انتهى و الطّلبة بفتح الأوّل و كسر الثّاني ككلمة الحاجة كما في الصّحاح و (- ية -) الأثيريّة و كانّ التعبير بهذا اللّفظ عن الذّنب مبنىّ على انّ له حاجة الى العفو عنه و الجواب عن الرواية أوّلا انّها ضعيفة السّند إذ قد ضعف أبا عبد اللّه السيّاري العلاّمة (- ره -) في (- خلاصة -) و في منتهى المقال انّه استثنى من رجال نوادر الحكمة و ثانيا انّ الخبر لو ابقى على ظاهره لدلّ على شرطيّة اعتقاد نفسه في جواز اقدامه على الإمامة و قد برهنّا في فروع شاهدي الطّلاق من منتهى المقاصد على فساده و ثالثا انّ عدم الطّلبة عليه من اللّه تعالى لما كان غالبا لا يوجد في غير ذي الملكة فلذا ورد على ما هو الغالب (- فت -) جيّدا و منها الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن عبيد اللّه بن احمد عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرّجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق النّاس و الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمّار بن مروان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أو قال سأله بعض أصحابنا عن الرّجل يشهد لأبيه أو الأب لابنه أو الأخ لأخيه فقال لا بأس بذلك إذا كان خيّرا جازت شهادته لأبيه و الأب لابنه و الأخ لأخيه و الجواب انّ لفظ الخيّر مجمل فيفسّر بما مرّ من اخبار القول الأوّل مع إمكان دعوى انّ كونه خيّرا لا يكون إلاّ إذا كان ذا ملكة موجبة لملازمة التقوى و الخيرورة (- فت -) و منها خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ثلث من كنّ فيه أوجبت له أربعا على النّاس من إذا حدّثهم لم يكذبهم و إذا وعدهم لم يخلفهم و إذا خالطهم لم يظلمهم وجب ان يظهروا في النّاس عدالته و تظهر فيهم مروّته و ان تحرم عليهم غيبته و ان تجب عليهم اخوّته و الجواب انّه ظاهر في استمرار وجود الأوصاف الثلاثة فيه و من اللاّئح انّه لا يكون الاّ عن ملكة قوله طاب ثراه مدفوعة أوّلا (- اه -) كلمة أوّلا سهو من قلمه الشريف لانّه لم يتبعه بجواب ثان قوله طاب ثراه خصوصا بملاحظة أنّ طريقيّة ملكة ترك المعاصي لتركها ليست امرا مجهولا عند العقلاء لا يخفى انّ مجرّد كونه امرا معلوما لا ينافي السّؤال عنه لكثرة السّؤال في الاخبار عن الأمور المعلومة عند العقلاء فانّ غرض السّائل تحصيل الإمضاء من الإمام عليه السّلام لما عليه العقلاء قوله طاب ثراه إذ لا حاجة غالبا (- اه -) هذا استبعاد صرف لا يخفى وهنه على من مارس الأخبار و تبيّن عنده عدم كونهم عليهم السّلام فيها في مقام الفصاحة و البلاغة حتى يراعى فيها نكاتها بل في مقام بيان الحكم الشّرعي و إفهام السّائل و ان استلزم التكرار قوله طاب ثراه لانّ الضّمير في يعرف (- اه -) قد أسبقنا في شرح الرّواية الإشارة إلى الوجوه المحتملة في هذه الفقرة فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه من قبيل المعرّف المنطقي للعدالة لا المعرّف الشرعي في اصطلاح الأصوليّين (- اه -) قد عرفت آنفا المراد بالمعرّف المنطقي و ان شئت العثور على الفرق بين المعرّفات قلنا انّ المعرّف بالفتح قد يكون النّظر اليه من حيث لفظه فيعرّف بلفظ أخر يشاركه في المفهوم كقولهم سعدانة نبت و يقال له التعريف اللّفظي و جامعه تبديل لفظ بلفظ و ذلك شأن اللّغوي و لذا تسمّى بالمعرّف اللّغوي و قد يكون النّظر اليه من حيث مفهومه فيعرّف بما ينطبق لما في الخارج و لا يتعدّاه و يقال لهذا التعريف شرح الاسم و شأن الأصولي هو ذلك و لذا يسمّى بالمعرّف الأصولي و اعتبار الأصوليّين في التعريف الجهة الجامعة و المانعة انّما هو لرعاية الانطباق لما في الخارج و ليس للأصولي بما هو (- كك -) تعريف لفظ الاسم

ص:262

لانّ وظيفته البحث عن أشياء تقع في طريق الاستنباط و لفظ موضوع بحثه بما هو لا يحكم عليه بشيء و انّما الّذي يحمل عليه الحكم الشّرعي هو ما صدق عليه ذلك الاسم فعلى الأصولي أن يعرّف مفهومه الجامع بين المصاديق و المانع عن غيرها ثمَّ يبحث عنه ليشمل نتيجة بحثه لكلّ من تلك المصاديق فيحصل غرضه من فنّه و (- كك -) ليس للأصولي بما هو تعريف ماهيّة الاسم لعدم مدخل لمعرفتها فيما هو غرض الأصولي و قد يكون النّظر اليه من حيث ماهيّته فيعرف تارة بجنسه و فصله القريبين و يسمّى حدّا تامّا أو بالفصل فقط أو هو مع الجنس البعيد و يسمّى حدّا ناقصا و اخرى بخاصّة مع الجنس و يسمّى رسما تامّا أو بخاصّة فقط أو هي مع الجنس البعيد و يسمّى رسما ناقصا و كلّ ذلك شأن المنطقي فإنّه الباحث عن ماهيّات الأشياء و لذا يسمّى المعرّف منطقيّا لكن وظيفة المنطقي منحصرة في تعريف ما هو من المقولات العشر و ليس له التعدّي إلى غيرها لانحصار الماهيّات فيها بخلاف الأصولي فانّ المفاهيم الاعتباريّة حيث انّها كثيرة غير محصورة فهو في فسحة يعتبر اىّ مفهوم شاء نعم لا بدّ له من رعاية ما يكون جامعا مانعا مثمرا في مقام الاستنباط و قد يكون النّظر اليه من حيث كونه موضوعا جليّا من دون تعلّق غرض الى تفسير لفظه أو معرفة مفهومه أو ماهيّته و (- ح -) يعرّف بان ينصب له علامات و دلالات بحيث يكون حصولها كاشفا عن حصوله كما في الموضوعات الشرعيّة المجعولة المعتبرة في ترتيب الأحكام مثل حدّ الترخّص بالنّسبة إلى السّفر فانّ الشارع جعله و اعتبره في ترتّب الحكم و نصب له علائم كخفاء الأذان و الجدران و مثل هذه الكواشف المجعولة من قبل الشّارع يسمّى معرّفا شرعيّا و لا يصحّ تسمية هذه العلائم بغير ذلك من المعرّفات إذ ليس لها الاّ الكشف عن حصول موضوع جعليّ بلا تعرّض لجهة تفسير اللّفظ أو بيان المفهوم أو الماهيّة كما لا يخفى قوله طاب ثراه امّا على الأوّل فلعدم (- اه -) في العبارة سقط لانّه لا يأتي منه (- قدّه -) قوله و امّا الثاني و العلّة المذكورة في العبارة لا تلائم استبعاد الحمل على المعرّف المنطقي و انّما تلائم استبعاد الحمل على المعرّف الشرعي و ظنّي و اللّه العالم انّ العبارة ما يقرب من هذا امّا على الأوّل فلعدم كون الأمور المذكورة مفيدة لتصوّر كنه العدالة أو تميزها عن جميع ما عداها و امّا على الثاني فلعدم كون الأمور المذكورة أمورا عرفيّة (- اه -) قوله طاب ثراه و الثالث (- أيضا -) بعيد (- اه -) يمكن نفى البعد باختيار الشق الأوّل من التعليل و هو كون الاجتناب عن ملكة و عدم قدح التكرار إذا كان لتوضيح الأمر للسّائل مع عدم كونه (- ع -) في مقام إظهار الفصاحة و البلاغة قوله طاب ثراه أحدهما (- اه -) يمكن المناقشة فيه بأن معرفة الاجتناب عن جميع الكبائر وجداني يحصل بأدنى معاشرة لكلّ احد بخلاف معرفة الملكة فانّ إحرازها صعب سيّما للعامي فمعرفة الاجتناب أسهل من معرفة الملكة سيّما للعامي

في اعتبار المروة و عدمه في العدالة

قوله طاب ثراه ثمَّ المشهور بين من تأخّر عن العلاّمة (- ره -) اعتبار المروّة (- اه -) و عن المصابيح انّه المشهور بين الأصحاب بل عن الشيخ نجيب الدّين العاملي (- ره -) نسبة الى العلماء و لعلّ مراده المتأخّرون ضرورة عدم أخذ المتقدّمين ذلك في تعريفهم ثمَّ انّ ما نسبه (- قدّه -) إلى العلاّمة (- ره -) هو اختياره في (- عد -) حيث قال في مقام تعداد صفات الشّاهد ما لفظه الخامس العدالة و هي كيفيّة راسخة تبعث على ملازمة التقوى و المروّة الى ان قال السّادس المروّة فمن يرتكب ما لا يليق بأمثاله من المباحات بحيث يستسخر به و يهزء به كالفقيه يلبس القباء منكوسا و يأكل و يبول في الأسواق أو يكبّ على اللّعب بالحمّام و أشباه ذلك من الإفراط في المزاح يردّ شهادته لأنّ ذلك يدلّ على ضعف عقله أو قلّة مبالاته فيه و كلّ ذلك يسقط الثقة بقوله انتهى و دلالتها على ما عزى اليه (- ره -) ظاهرة و إن كان في العبارة نظرا من جهة أخرى حيث أخذ المروّة تارة في مفهوم العدالة و اخرى شرطا مستقلاّ في قبول الشّهادة و لو لا عبارته الأولى لكشفت الثانية عن عدم دخولها في مفهوم العدالة و لغت النّسبة و لكن الأولى صريحة فيما عزى اليه ثمَّ انّ المروّة لغة الإنسانيّة كما في الصّحاح و الرّجوليّة اى الكمال فيها كما في العين و المحيط و في الاصطلاح هيئة نفسانيّة تحمل الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل الأفعال و العادات و في (- لك -) و غيره انّ في ضبط المروّة عبارات متقاربة مثل انّ صاحب المروّة هو الّذي يصون نفسه عن الأدناس و يشينها عن النّاس أو انّه الّذي يتحزّر ممّا يسخر به و يضحك أو انّه الّذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه و مكانه و بالجملة المروّة مجانبة ما يؤذن بخسّة النّفس و دنائة الهمّة من المباحات و المكروهات و صغائر المحرّمات الّتي لا تبلغ حدّ الإصرار فمنها الأكل في الأسواق و المجامع في أكثر البلاد الاّ ان يكون الشخص سوقيّا أو غريبا لا يكرّث بفعله و منها مدّ الرّجلين في مجالس النّاس و منها ما إذا لبس التّاجر ثوب الحمّالين و نحوهم بحيث يصير مضحكة و منها البول في الشرائع وقت سلوك النّاس و كشف الرّأس في المجامع و الأسواق إذا كان ممّن لا يليق به مثله و منها تقبيل أمته و زوجته في المحاضر أو يحكى لهم ما يجرى معها في الخلوة و منها لبس الفقيه لباس الجندي و منها الإكثار من الكلمات المضحكة و منها الخروج من حسن العشرة و المضايقة من الأهل و الجيران و المعاملين من اليسير الّذي لا يناسب حاله و منها نقل الماء و الأطعمة بنفسه ممّن ليس أهلا لذلك إذا كان عن شحّ و ظنّة و يختلف ذلك كلّه باختلاف الأشخاص و الأحوال و الأوقات و البلاد و لو ارتكب بعض ذلك تخفيفا بالمؤنة و اقتداء بالسّلف التاركين للتكلّف و التقيّد بالرّسوم المبتدعة لم يكن ذلك قادحا في المروّة على قول بعض الأصحاب و امّا ما ورد في الشّرع رجحانه كالاكتحال بالإثمد و الحنّاء فلا حرج فيه و إن كان منكرا في أكثر البلاد و مستهجنا عند العامّة قوله طاب ثراه و امّا كلام غير الشيخ (- ره -) ممّن تقدّم (- اه -) ظاهره الميل الى دعوى شهرة عدم اعتبار المروّة في مفهوم العدالة عند الأصحاب و سينطق (- ره -) بذلك عن قريب بقوله و الحاصل انّه لو ادّعى المتتبّع انّ المشهور بين من تقدّم على العلاّمة (- ره -) عدم اعتبار المروّة (- اه -) و ما ذكره ليس بذلك البعيد لانّه ظاهر كلّ من أهمل ذكرها في تعريف العدالة و ظاهر المحقّق الأردبيلي (- ره -) (- أيضا -) شهرة ذلك حيث قال المشهور في الأصول و الفروع انّها ملكة راسخة في النّفس تبعث على ملازمة التقوى بترك الكبائر و عدم الإصرار على الصّغائر و ضمّ في البعض المروّة (- أيضا -) انّما اعتبرها في قبول الشّهادة شرطا له لا شطرا للعدالة و بعض ما اعتبرها أصلا كالمتن و الشرائع و قد اعتبرها في (- عد -) شرطا و شطرا حيث أخذها في تعريف العدالة و عدّها على حدّة من شرائط قبول الشّهادة كأنه للإشارة إلى اعتبارها في قبول الشهادة سواء اعتبرت شرطا للعدالة أم لا انتهى قوله طاب ثراه لانّ الدّليل على اعتبار العدالة في الإمام (- اه -) حاصله عدم الدّليل على اعتبار المروّة في مفهوم العدالة و قد وقع الاستدلال على عدم اعتبارها في كلماتهم بوجهين اخرين أحدهما أصالة عدم اعتبار اجتناب منافيات المروّة في تحقّق العدالة و عدم قدح ارتكابها في

ص:263

العدالة و احتمال انّ العدالة من الحقيقة الشرعيّة فما شكّ في اعتباره فيها ينبغي ان يعتبر لأصالة عدم تحقّق الشّرط فاسد أوّلا بالمنع من الحقيقة الشرعيّة فيها و ثانيا بحكومة أصالة عدم الاشتراط على أصالة عدم تحقّق الشّرط و ثالثا بأنّ الأخبار أظهرت ما يراد منها مع انّ ذكرها في مقام البيان كالصّريح في عدم اعتبار أمر زائد فيها و دعوى انّ الاحتياط قاض بذلك مدفوعة بأنّ الأصل عدم وجوب الاحتياط مع انّ الاحتياط غير منضبط فقد يكون في الثّبوت و قد يكون في العدم كمعانى العدالة الثّاني إطلاق جملة من الأخبار الواردة في الإمام و الشّاهد و غيرهما الخالية عن اعتبار ذلك المجوّزة للايتمام و الشّهادة و يؤيّد ذلك ما روى من انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يركب الحمار العاري و يردف خلفه و انّه كان يأكل ماشيا إلى الصّلوة بمجمع من النّاس في المسجد و انّه كان يحلب الشّاة و نحو ذلك مع انّه قد ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام في الزّهد ما لو وقع في مثل هذا الزّمان لكان أعظم مناف للمروّة بالمعنى الّذي ذكروه مثل ما ورد في رقع جبّته حتّى أستحيي من راقعها و كانّ الّذي دعى الجماعة إلى اعتبار المروّة وجودها في بعض الأخبار لكن من المعلوم انّها ليست بالمعنى الّذي ذكره بل هو كقول أمير المؤمنين عليه السّلام في جواب سؤال جويرية عن الشرف و العقل و المروّة و امّا المروّة فإصلاح المعيشة و روى عن الرّضا عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال قال رسول اللّه (- ص -) ستّة من المروّة ثلثة منها في الحضر و ثلثة منها في السّفر فأمّا التي في الحضر فتلاوة القران و عمارة المسجد و اتخاذ الاخوان و امّا الّتي في السّفر فبذل الزّاد و حسن الخلق و المزاح في غير معاصي اللّه و عن الصّادق عليه السّلام المروّة و اللّه ان يضع الرّجل خوانه بفناء داره و المروّة مروّتان مروّة في الحضر و مروّة في السّفر فأمّا الّتي في الحضر فتلاوة القران و لزوم المساجد و المشي بين الإخوان في الحوائج و النّعمة ترى على الخادم تسرّ الصّديق و تكبت العدوّ و امّا في السّفر فكثرة الزاد و طيبه و بذله و كتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك و كثرة المزاح في غير ما يسخط اللّه الى غير ذلك لكن لا يخفى عليك انّ المروّة بهذا المعنى غير ما ذكره الأصحاب قطعا على انه لا دلالة فيه على اعتبارها في العدالة بل لعلّ بعض ما يخالف المروّة بالمعنى الّذي ذكره الأصحاب ممّا يؤكّد العدالة و إن كان من المنكرات عرفا كما انّ بعضه ممّا يستلزم الطّعن في عرض الرّجل ممّا ينحلّ الى محرّم على انّ الأوّل ممّا يمكن دعوى اشتراطه في الشّهادة لا أخذه في العدالة الاّ ان يحصل منه عدم الاطمئنان بمبالاته في الدّين و ينقدح حسن ظاهره كما نبّه على ذلك في الجواهر و غيره و بالجملة فالأقوى عدم شرطيّة اجتناب منافيات المروّة في تحقّق العدالة و عدم مانعيّة ارتكابها عنها نعم لو كشف ذلك عن قلّة المبالات بالدّين بحيث لا يوثق منه التحرّز عن الكبائر و الإصرار على الصّغائر منع ذلك من ترتيب آثار العدالة عليه من حيث كشف ذلك عن فقدها بسبب ارتكاب المزيل للعدالة لا كون نفس ذلك مزيلا فتدبّر قوله طاب ثراه و غاية ما يمكن ان يستدلّ لاعتبارها في العدالة المستعملة في كلام الشّارع صحيحة ابن ابى يعفور (- اه -) قد وقع الاستدلال في كلماتهم لاعتبار المروّة في حقيقة العدالة بأمور الأوّل أنّ منافي المروّة يدلّ على ضعف عقل فاعله و قلّة مبالاته و كلّ ذلك يسقط الثقة بقوله تضمّنته عبارة (- عد -) المزبورة و قد يقرّر ذلك بانّ مخالفة المروّة إمّا لخبل أو نقصان عقل و قلّة مبالاة أو حياء و على كلّ حال فلا ثقة بقوله و لا فعله و قد قالوا عليهم السّلام الحياء من الإيمان و لا ايمان لمن لا حياء له بل و ربّما يشير الى ذلك حديث البرذون حيث قال لا اقبل شهادته لأنّي رأيته يركض على برذون و أجاب الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه تعالى برهانه عن هذه الحجّة بأنّها وجه اعتباريّ لا يجترئ بها على تخصيص عمومات أدلّة الشهادة و الجماعة قلت لقائل أن يقول انّ العمومات قد خصّصت بأدلّة اعتبار العدالة في الشاهد و الإمام و المستدلّ يستكشف بارتكاب منا في المروّة عن فقد العدالة الثّابت شرطيّتها جزما فالأولى الجواب بمنع الكشف و منع دلالته على ضعف عقل فاعله و لا قلّة مبالاته في الشرعيّات و انّما يكشف عن عدم اعتنائه بالنّاس و لقد أجاد صاحب الجواهر (- ره -) حيث قال انّ دعوى التلازم بينها و بين التقوى ممنوعة أشدّ المنع فإنّ أولياء اللّه يقع منهم كثير من الأشياء التي ينكرها الجهلة نعم لا يبعد قدح بعض الأشياء الّتي تقضى بنقصان عقل فاعلها كما إذا لبس الفقيه مثل لباس أقبح الجند من غير داع الى ذلك بل قد يقال انّها محرّمة (- ح -) بالعارض للأمر بحفظ العرض انتهى الثّاني انّ منافيات المروة منافية لمعنى العدالة التي هي الاستواء و الاستقامة فإذا كان الرّجل بحيث لا يبالي بشيء من الأشياء المنكرة عرفا فلا ريب في عدم استقامته بل قد يقال انّ منافيات المروّة تورث شكّا في دلالة حسن الظّاهر على الملكة أو على حسن غيره ممّا لم يظهر منه ضرورة كون المراد منه ما هو منكر في العادة و مستقبح فيها من دون ملاحظة مصلحة يحسن بها كما في بعض الأمور الواقعة من بعض الأولياء الّتي لا قبح فيها في العادة مع العلم بوجهها (- فت -) الثّالث انّه حكى عن الماحوزيّة دعوى الإجماع على اعتبارها و فيه أوّلا انّه غير ثابت بل نقل عنه نفسه انّه قال ليس يبعد عدم اعتبارها لأنّه مخالفة للعادة لا الشرع و هو ظاهر في عدم ثبوت الإجماع عنده و ثانيا منع حجيّة الإجماع المنقول سيّما في مثل هذه المسئلة التي خلت عبارات القدماء عن التعرّض لها بالمرّة الرّابع قوله عليه السّلام في خبر ابن سنان المتقدم عند ذكر حجج القول الثاني في أصل العدالة و تظهر فيهم مروّته و قول الكاظم عليه السّلام في حديث هشام لا دين لمن لا مروّة له و لا مروّة لمن لا عقل له و قوله عليه السّلام في خبر عامر الطّائي الوارد في علامات المؤمن من عامل الناس فلم يظلمهم و حدّثهم فلم يكذّبهم و وعدهم فلم يخلفهم كان ممّن حرمت غيبته و كملت مروّته و ظهر عدله و وجب اخوّته و أنت خبير بقصور هذه الأخبار عن افادة اعتبار المروّة في العدالة الخامس صحيح ابن ابى يعفور المتقدّم تمسّك بكلّ فقرة منه بعض بالتقريب الّذي ذكره الماتن (- ره -) و يندفع الجميع بانّ المنساق و المتبادر من الفقرات المذكورة انّما هو ممّا لا مساس له بالمروّة لأنّ الظّاهر من كونه معروفا بالسّتر انّما هو معروفيّته يتصور المعاصي لا مطلق العيوب حتّى ما لو كانت عرفيّة و كذا الظّاهر المتبادر من كفّ البطن و الفرج خصوصا في كلمات أهل العصمة عليهم السّلام و من اقتفى أثرهم من أهل الشرع انّما هو الكفّ عن الحرام فلا يدلّ شيء من الفقرات المذكورة على اعتبار الاجتناب من منافيات المروّة في العدالة هذا مجمل الجواب و توضيحه ما في المتن قوله طاب ثراه الثّالثة قوله عليه السّلام و الدال على ذلك (- اه -) الموجود في الرّواية و الدّلالة دون و الدّال و المعنى واحد و كذا في الرّواية ساترا لجميع عيوبه بدل ساترا لعيوبه و على كلّ حال فالتقريب تعميم العيوب الشرعيّة و العرفيّة قوله طاب ثراه لا يعتبر في العدالة تركه و لا في طريقها ستره (- اه -) هكذا في نسخة مصحّحة و في سائر النّسخ تركها و سترها و الأوّل هو الصّحيح لانّ مرجع الضّمير كلمة غيرهما

ص:264

قوله طاب ثراه و كيف كان فالمتّبع هو الدّليل و ان لم يذهب اليه الاّ قليل و قد عرفت الأدلّة (- اه -) لا يخفى عليك انه لم يذهب منه الاّ نقل أدلّة القول الأوّل و امّا باقي الأقوال فلم يسبق منه إشارة إلى أدلّتها و لا إلى أجوبتها مع انّ أدلّة سائر الأقوال ان تمّت صارت حاكمة على أدلّة القول الأوّل فكان يلزمه التعرّض لها و قد سبق منّا نقل حجّة القول الثّاني في ذيل تكلّمه على صحيحة ابن ابى يعفور و يأتي نقل حجّة القول بكونها عبارة عن حسن الظّاهر عند تعرّضه (- قدّه -) لبعض أدلّته فيما يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) و لا بأس بنقل أدلّة القول بكونها عبارة عن الإسلام و عدم ظهور الفسق و أجوبتها ليتمّ ما ذكره الماتن (- ره -) فنقول هي أمور أحدها إجماع الخلاف و قد تقدّمت عبارته عند نقل هذا القول كما مرّت المناقشة في إرادته هذا القول من عبارته و على فرض التنزّل فمثل هذا الإجماع الموهون بالشهرة على الخلاف لا اعتماد عليه و كيف يستدلّ بفعل الصّحابة و التّابعين و من والاهم مع ما شوهد منهم من ردّ شهادة سادة المؤمنين و قبول شهادة أعداء الدّين و عن (- يب -) انّ أبا يوسف ردّ شهادة ابن ابى يعفور و قال إنّك رافضيّ مع علمه بأنّه صدوق فبكى و قال نسبتني إلى قوم أخاف ان أكون منهم فقبله و دعوى استقرار طريقة الفرقة النّاجية على قبول شهادة أبناء جنسهم و أهل نحلتهم من غير فحص عن الملكة ممنوعة أشدّ المنع بل في الجواهر إمكان دعوى تبيّن فساده بالإجماع المحصّل بملاحظة كلام المتقدّمين من الأصحاب ثمَّ حمل كلام الشيخ (- ره -) على انّ مراده كبعض الاخبار انّه لا يحتاج الى الفحص و التفتيش حتّى يقف انّ الرّجل لا ذنب له باطنا بل يكفى عدم ظهور الفسق بعد الخلط و الاختبار و ناقش في الإجماع المذكور بمخالفته لفتواه في النّهاية بلفظ صحيحة ابن ابى يعفور في معنى العدالة الثّاني أصالة الصّحة في أفعال المسلمين و أقوالهم الّتي هي من الأصول المسلّمة المنصوصة و هي مستلزمة للحكم بأنّه لم يقع منه ما يوجب الفسق فيكون عدلا لعدم الواسطة بينهما و قد فرض نفى الشّارع لأحدهما فتعيّن الأخر و قد تفسّر هذه الأصالة بالظّهور فيقال انّ الظّاهر من حال المسلم ان لا يترك الواجبات و لا يفعل المحرّمات و لهذا لو نسبه الى خلاف ذلك يفسق و يعذّر و فيه ما حقّقناه في محلّه من انّ أصالة الصّحة الجارية في أفعال العباد لا تثبت امرا و لا يترتّب عليها اثر سوى الصّحة الفاعليّة لا الفعليّة اى نفى المعصية عن العامل من حيث انّه عامل و انّه ليس في فعله هذا بعاص ربّه و مخالفا لأمره و من البيّن انّ إثبات هذا المعنى لا ينفعه كيف و هذه الأصالة جارية في اعمال الفسّاق و الظّلمة ممّن نعلم بعدم كونهم عدولا بل هم أصحاب ملكات أنحاء الفسوق و أنواع المعاصي و مع ذلك تجري في حق أفعالهم و أقوالهم المجهولة الحال أصالة الصّحة فإن كانت الأصالة نافعة لإثبات العدالة فلم لا ينفع في حقّ هؤلاء و ليس ذلك الاّ لعدم صلاحيّتها لإثبات الملكة و عدم قيام دليل على اعتبارها فيما زاد على عدم صدور المعصية من العامل و لذا اقتصرنا في إثبات أصالة الصّحة في العقود و الإيقاعات الّتي يحكمون فيها من جهتها بالصّحة الواقعيّة و يعدّون من جهتها مدّعى الفساد مدّعيا على التمسّك بالإجماع إذ لم تف لإثباتها بهذا المعنى الأخبار الواردة في ذلك المضمار فلاحظ بعين الاعتبار الثّالث الأخبار فمنها صحيح حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان و لم يعدل الآخران قال فقال إذا كان أربعة من المسلمين ليسوا يعرفون بشهادة الزّور أجيزت شهادتهم جميعا و أقيم الحدّ على الذي شهدوا عليه انّما عليهم ان يشهدوا بما أبصروا و علموا و على الوالي ان يجيز شهادتهم الاّ ان يكونوا معروفين بالفسق و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناد صحيح ظاهرا عن عبد اللّه بن المغيرة قال قلت للرّضا عليه السّلام رجل طلّق امرئته و اشهد شاهدين ناصبيّين قال إن كان ممّن ولد على الفطرة و عرف بالصّلاح في نفسه جازت شهادته قال في الذّخيرة و ليس في اسناد هذا الخبر من يتوقّف في شأنه إلاّ أحمد بن محمّد بن يحيى الّذي روى عنه الصّدوق (- ره -) و هو غير موثّق في كتب الرّجال و الظّاهر انّ ذلك غير قادح في صحّة الرّواية لأنّ أحمد بن محمّد المذكور من مشايخ الإجازة و ليس بصاحب كتاب و النّقل من الكتب الّتي هي الواسطة في نقلها رعاية لاتّصال الاسناد خصوصا اخبار الفقيه فإنّها منقولة من الكتب المعتمدة كما صرّح به مؤلّفه و الكتب الّتي كانت معروفة في زمانهم فلا يضرّ ضعف مشايخ الإجازة انتهى و وجه دلالته على المطلوب على ما نبّه عليه الوالد العلاّمة أعلى اللّه مقامه انّ الضّمير في كان راجع الى الشّاهد المفهوم من كلام السّائل دون النّاصبيّين و الاّ كان اللازم ان يثنّى الضّمير فيكون المراد إعطاء قاعدة كلّية هي انّ الشّاهد إن كان معروفا بالصّلاح بعد إن كان ممّن ولد على الفطرة قبلت شهادته و الاّ فلا و النّاصبي لا يكون ممّن يعرف بالصّلاح إذ لا فساد أعظم من النّصب و مساق الكلام مشعر بانّ الجواب قد ورد في مقام التقيّة فجمع عليه السّلام بين بيان الواقع و بين التقيّة و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) بالإسناد السّابق عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام قال من ولد على الفطرة و عرف بصلاح في نفسه جازت شهادته و منها ما رواه الشيخ (- ره -) في الموثّق عن عبد اللّه بن ابى يعفور عن أخيه عبد الكريم عن أبي جعفر عليه السّلام قال تقبل شهادة المرية و النسوان إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات معروفات بالسّتر و العفاف مطيعات للأزواج تاركات البذاء و التبرّج الى الرّجال في أنديتهم و منها ما رواه الشيخ (- ره -) في الصّحيح عن محمّد بن عيسى عن يونس عن بعض رجاله عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن البيّنة إذا أقيمت على الحقّ أ يحلّ للقاضي ان يقضى بقول البيّنة من غير مسئلة إذا لم يعرفهم قال فقال خمسة أشياء يجب على النّاس الأخذ بها بظاهر الحكم الولايات و المناكح و المواريث و الذّبائح و الشّهادات فاذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسئل عن باطنه و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي المجالس عن صالح بن علقمة عن أبيه انّه قال للصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام يا ابن رسول اللّه (- ص -) أخبرني عمّن تقبل شهادته فقال يا علقمة كلّ من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته قال فقلت تقبل شهادة مقترف الذّنوب فقال يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترف بالذّنوب لما قبلت إلاّ شهادة الأنبياء و الأوصياء صلوات اللّه عليهم أجمعين لأنّهم هم المعصومون دون سائر الخلق فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا و لم يشهد عليه شاهدان فهو من أهل العدالة و السّتر و شهادته مقبولة و إن كان في نفسه مذنبا و منها خبر عبد الرّحيم القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول إذا كان الرّجل لا تعرفه بأم النّاس يقرأ القران فلا تقرء خلفه و اعتدّ بصلوته و منها ما عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال لشريح و اعلم انّ المسلمين عدول بعضهم على بعض الاّ محدودا بحدّ لم يتب منه أو معروف بشهادة زور أو ظنين و منها مرسل ابن ابى عمير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوم خرجوا من خراسان و كان يؤمّهم رجل فلمّا صاروا إلى الكوفة علموا أنّه يهوديّ قال عليه السّلام لا يعيدون الى غير ذلك من

ص:265

الأخبار الّتي هي أكثرها قاصر السّند و جميعها قاصر الدّلالة لأنّها لم تنطق بكون العدالة عبارة عن الإسلام مع عدم ظهور الفسق لإمكان كون ذلك من كواشف العدالة لا نفسها مع انّ في دلالتها على الكاشفيّة (- أيضا -) كلاما يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) عند الكلام في كواشف العدالة كما يأتي إنشاء اللّه تعالى توضيح الجواب عن هذه الأخبار و نقل وجوه أخر احتجّ بها للكاشفيّة يأتي نحوه هنا مع جوابه و من الغريب التمسّك بالخبر الأخير فإنّه نصّ في عدم اعتبار الإسلام (- أيضا -) في العدالة لو ابقى على ظاهره و لو حمل على كون العدالة شرطا علميّا في الامام كان أجنبيّا عمّا نحن فيه و ربّما استدلّ بعض الأواخر لتزييف هذا القول بوجوه أحدها الأخبار المشترطة في قبول شهادة الشّاهد كونه عدلا و في بعضها كونه خيّرا و ردّ بأنّ أصحاب هذا القول لا ينكرون اشتراط العدالة بل يكتفون بالحكم بثبوتها بمجرّد الإيمان مع عدم ظهور الفسق لأنّ العدالة ليست شرطا عندهم بل الفسق مانع كما تخيّل أو ان العدالة عندهم عبارة عن ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق و إن كان هو محتملا في كلامهم بل يومي اليه بعض أدلّتهم الثّاني انّ لازم هذا القول هو الحكم بعدالة المخالفين و فساده أظهر من ان يحتاج الى بيان و فيه انّ هذا القائل اعتبر عدم ظهور الفسق و اىّ فسق أعظم و أوزر من إنكار الولاية الثّالث انّ قوله (- تعالى -) وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ صريح في اعتبار أمر أخر وراء الإسلام لأنّ الخطاب فيها للمسلمين و ضمير منكم راجع إليهم فيدلّ على اعتبار إسلام الشّاهدين و يكون قوله (- تعالى -) ذَوَيْ عَدْلٍ دالاّ على اعتبار صفة العدالة بعد حصول الإسلام فهي أمر زائد على مجرّد الإسلام و دعوى انّ غاية ما يدلّ عليه الآية اعتبار الاتّصاف بأمر زائد على مجرّد الإسلام فنحمله على عدم ظهور الفسق كما صدرت من شيخ (- لك -) و غيره مدفوعة بأنّه لا ريب في انّ المتبادر من لفظ العدالة لغة و عرفا و شرعا أمر وجوديّ و صفة ثبوتيّة لا مجرّد أمر عدميّ فإذا قيل فلان عدل أو ذو عدالة فإنّما يراد به انّ له أوصافا وجوديّة توجب صدق هذا العنوان عليه كما لا يخفى الرّابع انّ العرف و اللّغة المحكّمين في ألفاظ الكتاب و السّنة ينفيان تحقّق العدالة بمجرّد ذلك فضلا عن ان يحقّقا وجوده و ردّ بأنّ العدالة من المعاني الشرعيّة فيرجع فيها اليه و قد سمعت ما دلّ على انّها عبارة عن ذلك فيه و لا مدخل للعرف و اللّغة هنا و فيه ما مرّ من عدم تماميّة دليل هذا القول فالأولى الجواب بانّ الشرع ورد بأنّها الملكة الرّادعة فلا يبقى مجال للرّجوع الى العرف و اللّغة قوله طاب ثراه منها ما ذكره المولى الأعظم (- اه -) قد سبقه في هذا الإشكال السيّد صدر الدّين و سبق السيّد (- ره -) الشهيد الثّاني (- ره -) حيث لوّح اليه بقوله في (- لك -) بعد نقل القول بحسن الظّاهر و جعله له امتن دليلا و أكثر رواية ما لفظه و حال السّلف تشهد به و بدونه لا يكاد تنتظم الأحكام للحكام خصوصا في المدن الكبيرة و القاضي القادم إليها عن بعد انتهى و قد تفوّه بذلك صاحب (- ئق -) (- ره -) (- أيضا -) حيث قال انّ العدالة بمعنى الملكة لا تكاد توجد إلاّ في المعصوم عليه السّلام أو من قرب من مرتبته كما لا يخفى على ذوي الأفهام مع انّه لا يمكن الاطلاع عليها الاّ بعد مدّة مديدة و مخالطة أكيدة و تعمّق شديد و ربّما لا يتيسّر ذلك و به ينسدّ أبواب الأمور المشروطة بالعدالة مثل الجمعات و الجماعات و الفتاوى و الشهادات انتهى قوله طاب ثراه و الجواب عن ذلك كلّه (- اه -) لقد أجاد (- قدّه -) في هذا الجواب و أفاد و اتى بما هو الحق المراد و ربّما قرّرنا الجواب في منتهى المقاصد قبل العثور على جواب الماتن (- ره -) هذا بانّ المتفوّه بهذا الإشكال كأنّه لم يتحقّق مذهب الأصحاب كما هو حقّه و مستحقّه فزعم انّ العدالة عند القائل بالملكة عبارة عن قوّة قويّة و ملكة راسخة رادعة متلوّا أخرها العصمة و ليس الأمر (- كك -) بل لا يقول به احد من علمائنا الأخيار و لا يدلّ عليه شيء من الأخبار بل المراد بها ثبوت حالة و صفة و قوّة للنّفس و حصول خوف و خشية من اللّه تعالى في القلب بحيث يترك بسببها المعصية عند ابتلائه بها خشية متعارفة على حالة متعارفة ابتلاء متعارفا و لا يراد منها حصول حالة أو ملكة فيه توجب تعسّر وقوع المعصية منه في أيّ مرتبة فرضت و بأيّ حالة كان فلذا قيل لربّ نوع العدول المحقّق الأردبيلي (- ره -) على ما نقل ما ترى فيما لو اجتمعت في خلوة مع أمرية أجنبيّة لابسة أحسن الزّينة متطيّبة بأحسن الطيب و كانت في غاية الجمال و لم يمكن تحليلها و أرادت منك الفعل القبيح فاستعاذ باللّه تعالى من ان يبتلى بذلك و لم يستطع ان يزكّى نفسه و بالجملة العبرة انّما هي بالحالة المتعارفة الرّادعة على سبيل المتعارف فلا يقدح فيه عدم تمالك الإنسان نفسه في بعض الأحيان لفرط هيجان القوّة الشهويّة أو الغضبيّة مثلا بحيث لا يتمكّن من زجر النّفس فيه الاّ من هو كالكبريت الأحمر أو أعزّ منه و من البيّن انّ الحالة و الملكة المذكورة الّتي بها يدافع الإنسان مع الهوى في أوّل الأمر و ان صارت مغلوبة في أخرها أحيانا غير عزيزة في النّاس بل شائعة و الحاصل انّ دعوى المناقش ندرة حصول الملكة إن كانت ناظرة إلى المرتبة العليا منها كما استظهرناها من كلامه فهي نادرة الحصول جزما و اناطة الشرعيّات عليها موجبة لاختلال النّظام قطعا و لكن الأصحاب لا يقولون به فلا يلزمهم اللّوازم الفاسدة الّتي ذكرها المستشكل و إن كانت ناظرة الى ما ادّعيناه و استفدناه من كلمات الأصحاب فليس فيه ندرة و لا في إناطة الأمور عليه عسر و لا اختلال بل في الاقتصار على ما دونه تضييع للحقوق و إخلال بالنظام هذا كلّه هو الجواب عن الإشكال في أصل معنى العدالة و امّا الإشكال في طريقها و الاطلاع عليها فيندفع بما سيأتي إنشاء اللّه تعالى من عدم انحصار طريقها في العلم كي يصعب تحصيلها بل يكتفى بالظنّ الاطمئناني و الوثوق بل دونهما و ليس في تحصيله صعوبة و لا اختلال ثمَّ انّ الظاهر من اشكال الوحيد (- قدّه -) و من سبقه و لحقه هو العدول عن المذهب المشهور الى القول بأنّها عبارة عن حسن الظاهر فرارا عن الإشكال و (- ح -) فيتّجه عليهم ما تقدّم عند نقل الأقوال من الماتن (- ره -) و منّا و يأتي عن قريب إيراده على هذا القول مضافا الى انّ أصحاب القول بأنّ العدالة ملكة يجعلون حسن الظّاهر بل مطلق الظنّ طريقا إليها امّا من باب الوصف أو من باب التعبّد و لا ريب في شيوع وجود هذا الطريق و عدم النّدرة فيه و بعد ذلك فأيّ ثمرة للنزاع في انّها عبارة عن حسن الظّاهر أو انّها عبارة عن الملكة و حسن الظاهر طريق إليها اللّهمّ الاّ ان يقول المستشكل انّ العدالة عبارة عن حسن الظّاهر و ان علم تخلّفه عن الواقع كما قضيّة إطلاق حكاية هذا القول و عليه تتحقّق الثّمرة بينهما الاّ انّ هذا القول بمكان من السّخافة لا يخفى

في ذكر طرق معرفة العدالة

قوله طاب ثراه قال بعض السّادة (- اه -) الظّاهر انّ المراد به صاحب الضّوابط (- ره -) في دلائله و لقد أجاد (- قدّه -) فيما أفاد فاذا قوبل ما سمعته من المولى الوحيد (- قدّه -) بهذا أنتج كون ما عليه المشهور من كون العدالة ملكة و حسن الظاهر بل مطلق الظن طريقا إليها جمعا بين الحقّين و مراعاة للجانبين كما لا يخفى قوله طاب ثراه و اهراقهم (- اه -) هذا من غلط الناسخ و الموجود في نسخة مصحّحة ابدال هذه الكلمة بكلمة و احراقهم بالحاء المهملة قوله طاب ثراه فكما انّ علماء الأخلاق عبّروا عن تعديل القوى الثلث بالعدالة (- اه -) قد نظرنا الى شرح هذه العبارة

ص:266

في نقلنا تعريف العدالة على مذاق علماء الأخلاق في أوائل الرّسالة بعد نقل معناها اللّغوي فلاحظ ما هناك و تدبّر قوله طاب ثراه مع ان حسن الظّاهر (- اه -) هذا جواب أخر أشرنا اليه مع ما ربّما يتّجه عليه و ردّه آنفا قوله طاب ثراه ينافي كون العدالة هي الملكة (- اه -) وجه المنافاة ظاهر ضرورة أنّ الملكات ليست من الأحوال الّتي تحصل و تزول بسرعة بل حصولها يحتاج الى التمرّن و خروجها كدخولها فلا بدّ على القول بأنّها ملكة من التزام عدم الزّوال بمجرّد صدور المعصية و على فرض الالتزام بالزّوال لا بدّ من عدم القول بالرّجوع بمجرّد التّوبة كما هو ظاهر قوله طاب ثراه و الجواب ما تقدّم من انّ العدالة ليست عندهم هي الملكة (- اه -) قد قرّرنا في منتهى المقاصد الجواب قبل العثور على تقرير الماتن (- ره -) هذا بانّ قدح صدور المعصية في العدالة أمر لا يمكن إنكاره كيف و قد انخدع من جهة ذلك أهل القول بأنّ العدالة عبارة عن حسن الظّاهر و نطقت بالقدح اخبار الباب و عبارات الأصحاب فلصدور المعصية مضرّة لا محالة في العدالة على الأقوال فيها سواء قلنا بأنّ العدالة عبارة عن الملكة الرّاسخة الرّادعة فعلا المانعة (- كك -) عن صدور المعصية كما لا يبعد استظهاره من الأخبار و من كلمات جماعة من الأخبار حيث يصرّحون بأنّها تزول بالمعصية أو قلنا بأنّها لا تزول بمخالفة مقتضاها في بعض الأحيان قضاء لحقّ ظواهر جملة من العبائر انّها عبارة عن الملكة المقتضية لا بقيد الخلوّ عن المعارض و المانع و بالجملة إنكار كون صدور المعصية قادحا في العدالة امّا بذهاب المقتضى لها ان قيل بأنّها عبارة عن الملكة الرّادعة فعلا المقتضية للتقوى و المروّة الغير المجامعة بما يمنع عن مقتضاها أو لطريان المانع عن تأثيرها ان قيل انّها عبارة عن مجرّد الملكة ممّا لا وجه له بل قادحيّة من مسلّمات القائلين بأنّها عبارة عن الإسلام و عدم ظهور الفسق ان ثبت مثل هذا القول لهم فما ظنّك بأصحاب القول بأنّها ملكة نعم في زوالها على المسلكين فرق من جهة انّه على القول بأنّها عبارة عن الملكة الرّادعة فعلا زوال حقيقي و على القول الأخر زوال تعبّدي قد تعبدنا به من جهة إجماع و نحوه و امّا عودها بالتّوبة فهو على المسلك الأخير حقيقيّ لعدم طريان الزّوال عليها حقيقة و انّما عرض عليها حكم الزّوال قبل التّوبة عروضا تعبّديّا و بالتوبة يزول هذا العارض فتبقى الملكة الرّاسخة سليمة عن القادح و امّا على المسلك الأوّل فلنا ان ندّعي الرّجوع حقيقة بدعوى انّ النّدم على المعصية عقيب صدورها يعيد الحالة السّابقة و هي الملكة المتّصفة بالمنع إذ لا فرق حقيقة بين تمنّع ملكته عن ارتكاب المعصية و بين من توجب عليه تلك الملكة النّدم على ما مضى منه فحالة الندم بعينها هي الحالة المانعة فعلا فانّ الشّخص حال النّدم على المعصية يعسر صدور المعصية منه فهو متّصف بالملكة الرّادعة فعلا و لنا ان ندّعي الرّجوع تعبّدا بمعنى انّ الشّارع تعبّدنا بحكم قوله عليه السّلام لا كبيرة مع الاستغفار بأنّ التّوبة تزيل المعصية بنفسها و خواصّها و لوازمها الّتي منها القدح في العدالة و الحاصل انه لا منافاة بين القول بأنّ العدالة ملكة و بين القول بزوالها بنفسها أو بحكمها بصدور المعصية بحكم الأخبار و الإجماع و برجوعها بالتّوبة تعبّدا بحكم ما دلّ على انّه لا كبيرة مع الاستغفار أو حقيقة و واقعا حسبما بيّناه قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو الإشارة إلى تزييف القول باتّصاف مرتكب المعصية بالملكة بمجرّد النّدم و تعيّن القول بكون رجوع العدالة بالتّوبة من باب التعبّد الشرعي على الوجه الّذي سمعت تقريره منّا قوله طاب ثراه لانّ المعدّل انّما ينطق عن علم (- اه -) و بعبارة أخرى المعدّل ليس له ان يشهد بالعدالة إلاّ بعد علمه بها كغيرها من سائر أفراد المشهور به فاذا فرض شهادته بها و هي على هذا القول عبارة عن الملكة يتعارض قوله مع قول الجارح أشدّ معارضة فكيف يرجّح عليه بل الترجيح لا يستقيم الاّ على القول بأنّها عبارة عن حسن الظاهر قوله طاب ثراه و أنت خبير الى قوله فتأمّل هذا ردّ لما جعله المستشكل مرشدا الى مطلوبه و قوله بعد هذا و الجواب جواب عن أصل الإشكال و أشار بالأمر بالتأمّل الى انّ الجرح انّما يناقض العصمة دون العدالة ضرورة أنّ المعدل و إن كان يشهد بكونه ذا ملكة في نفس الأمر و الواقع الاّ انّ الملكة من الواقعيّات الّتي قد يتخلّف مقتضاها بارتكاب المعصية بخلاف العصمة فإنّه لا تخلّف لمقتضاها دائما أبدا قوله طاب ثراه و الجواب هذا جواب عن أصل الإشكال و قد قرّرنا الجواب في منتهى المقاصد قبل العثور على هذا الجواب بان تنزيل كلام المشهور على انّ العدالة عندهم حسن الظّاهر قد ظهر ضعفه ممّا مرّ عند تحرير الأقوال من عدم تعقّل القول بكون الملكة عبارة عن حسن الظاهر و عدم مساعدة كلماتهم عليه و امّا سائر فقرات كلام المستشكل فيظهر ضعفه بما حرّرناه في مسئلة تعارض الجرح و التعديل من كتاب القضاء و مجمل الجواب انّ ثبوت الملكة لشخص لا ينافي صدور الفسق منه إذ ليست الملكة عبارة عن العصمة حتّى لا تجامع الفسق و (- ح -) فالمعدّل انّما يشهد بكونه ذا ملكة مانعة عن ارتكاب الكبائر و الجارح يشهد بصدور المعصية منه المزيلة للملكة فلا تنافى بينهما على انا لو تنزّلنا عن ذلك نقول انّ الإشكال انّما كان يتّجه ان لو كان مسئلة تقديم الجارح على المعدّل من المسلّمات حتّى ينافي تسالمهم على التقديم هناك على قولهم بالملكة هنا و ليس (- كك -) بل الشيخ (- ره -) في (- ف -) صرّح هناك بالتوقّف بل هو الّذي تقتضيه القاعدة الأوّلية لأنّ الأصل في تعارض البيّنتين هو التّساقط و عدم اعمال شيء منهما و التوقّف و لذا بنينا على ذلك في تلك المسئلة و لو لا طول الكلام فيها لتعرّضنا لها هنا فعليك بمراجعة ما حرّرناه في منتهى المقاصد حتّى تزداد بصيرة و قد حرّرنا ذلك في شرح أواخر المسئلة الثّامنة في حكم معرفة الحاكم الشّاهدين و عدم معرفته من النّظر الثّاني في الآداب من كتاب القضاء من الشّرائع قوله طاب ثراه و منها ما ذكره في مفتاح الكرامة (- اه -) ليته (- قدّه -) عيّن محلّ ذكره لهذا الإشكال فإنّي بعد فضل التتبّع في مظانّه من مفتاح الكرامة لم أقف على عين منه و لا اثر نعم له كلام في مبحث الجماعة ربّما يظهر منه الميل الى القول بحسن الظّاهر في تفسير العدالة قد عدل عنه بعد ذلك قال (- ره -) في ذيل الكلام انّه لو علم بعد الصّلوة فسق الإمام أو كفره أو كونه محدثا فلا اعادة بعد نقل الشهرة و الاتفاق و الإجماع عليه من جمع و ذكر ما قيل فيه أو يقال ما لفظه و ليعلم انّ كلامهم و كذا الأخبار في هذا المقام كالصّريح في الاكتفاء بالظنّ في العدالة و انّها حسن الظّاهر الاّ ان تقول انّ هذا مبنىّ على انّه قد اجتهد في معرفة عدالته قبل الصّلوة و حصّلها على الوجه المعتبر و هي المعاشرة الباطنة و شهادة عدلين أو الشّياع و نحو ذلك ثمَّ تبيّن الخلاف امّا إذا قصّر فانّ صلوته باطلة انتهى فإن كان نظر الماتن (- ره -) في النّسبة الى هذه العبارة فلا يخفى عليك عدم انسياقها للإشكال على القول بالملكة أوّلا و عدوله ثانيا و إن كان نظره الى غير ذلك فلم نقف عليه قوله طاب ثراه مع انّ صحّة صلاة المأموم ليست اجماعيّة هذا ممّا اعترف به المستشكل (- أيضا -) بناء على صحّة النّسبة حيث

ص:267

نقل الخلاف عن السيّد (- ره -) و الإسكافي (- ره -) كليهما و الى خلافهما نظر من وصف عدم الإعادة بالشهرة و كونه خيرة الأكثر

في نقل كلمات من حكى عنه بأن العدالة حسن الظاهر و عدم مطابقته

قوله طاب ثراه و حيث انّه حكى هذا القول عن خصوص بعض القدماء (- اه -) مقتضى سياق العبارة رجوع اسم الإشارة كضمير حكايته في العبارة المتّصلة بهذه العبارة إلى القول بكون العدالة عبارة عن حسن الظّاهر و مقتضى نقله لعبارة المقنعة و تكلّمه فيها هو رجوعهما الى القول بكونها هي الإسلام و عدم ظهور الفسق لانّ المنسوب إلى عبارة المقنعة منه (- قدّه -) و من غيره هو هذا القول لكن مقتضى نقله لعبارة (- ية -) هو رجوع الضّمير و اسم الإشارة إلى القول بحسن الظّاهر فعبارة المتن هنا لا تخلو من تشويش قوله طاب ثراه فلا بأس ان نشير الى عدم مطابقة هذه الحكاية للواقع (- اه -) هذا غير مناقض لما مرّ منه (- قدّه -) عند نقل الأقوال من نسبة القول بكون العدالة عبارة عن الإسلام و عدم ظهور الفسق إلى الإسكافي و المفيد و (- ف -) لانّه نسبه هناك إلى المحكى عن هؤلاء و تصدّى هنا لإبطال الحكاية غايته كون ما ارتكبه خلاف التّرتيب فكان يقتضي ذكر ما هنا هناك لكن لا يخفى عليك كون وضع هذه الرّسائل السّت على عدم التّرتيب و النّظم عكس المكاسب و البيع و الخيارات و لعلّ الوجه عدم اعادته النّظر في هذه ثانيا بعد ان حرّرها في ابتداء الاشتغال كما يحكى قوله طاب ثراه و لا يحضرني كلام غيرهم أقول ليته استحضر عبارة (- ف -) التي مرّ منا نقلها عند نسبته القول المذكور إلى المحكي عنه حتّى يجيب عنها بأنها مسوقة لبيان ترتيب آثار العدالة على من علم إسلامه و لم يعلم فسقه لأصالة العدالة في المسلم و اين ذلك من كون نفس الإسلام و عدم ظهور الفسق عدالة بل قوله (- ره -) الاّ ان يجرح المحكوم عليه فيهما بان يقول هما فاسقان (- فح -) يجب عليه البحث (- اه -) صريح في انّ العدالة عنده شيء غير الإسلام و عدم ظهور الفسق و الاّ لكان الاستثناء المذكور في كلامه لغوا و ليته استحضر عبارة الإسكافي الّتي أسبقنا نقلها هناك و أجاب بأنّ الفقرات المذكورة فيها ظاهرة في انّه بصدد بيان ما به ينكشف العدالة لا بيان حدّ العدالة فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه و سيأتي ما يمكن ان يوجّه به هذا القول (- اه -) إن كان المشار اليه باسم الإشارة القول بكون العدالة عبارة عن حسن الظّاهر كان مراده بما يأتي جعل حسن الظّاهر طريقا تعبّديا إلى الملكة قوله طاب ثراه و ان استدلّ له بعض متأخّري المتأخّرين (- اه -) قد تصدّى والدي الشيخ العلاّمة أنار اللّه برهانه و أعلى في فراديس الجنان مقرّه و مقامه لبيان مستند هذا القول فقال انّ حجّته الأخبار المستفيضة لكنّها لا تخلو عن اختلاف في المؤدّى كما انّ الّذي يظهر من كلماتهم من الأقوال في تحرير هذا القول مختلفة فمنهم من يعطى كلامه انّ مراد القائل بهذا القول انّما هو كون العدالة عبارة عن حسن الظّاهر بنفسه و (- ح -) نقول إن كان مراد القائل هو هذا المعنى أمكن الاستدلال عليه بقول الصّادق عليه السّلام في رواية أبي بصير لا بأس بشهادة الضّيف إذا كان عفيفا صائنا و قوله عليه السّلام في رواية العلاء بن سيابة عن الملاّح و المكاري و الجمّال لا بأس بهم تقبل شهاداتهم إذا كانوا صلحاء و ما عن أمالي الصّدوق (- ره -) بسنده عن الكاظم عليه السّلام من صلّى خمس صلوات في اليوم و اللّيلة في جماعة فظنّوا به خيرا و أجيزوا شهادته و هذه الرّواية و ان تضمّنت بعض حسن الظّاهر الاّ انّه يتمّ المطلوب بعدم القول بالفصل بين البعض المذكور في الرّواية و غيره و ما عن الهداية للشيخ الحرّ (- ره -) روى انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان إذا تخاصم اليه رجلان الى ان قال و إذا جاؤا بشهود لا يعرفهم بخير و لا شرّ بعث رجلين من خيار أصحابه يسئل كلّ منهما من حيث لا يشعر الأخر عن حال الشّهود في قبائلهم و محلاّتهم فاذا أثنوا عليهم قضى (- ح -) على المدّعى عليه و ان رجعا بخبر شين و ثناء قبيح لم يفضحهم و لكن يدعو الخصمين الى الصّلح و ان لم يعرف لهما قبيلة سئل عنه الخصم فان قال ما علمت الاّ خيرا أنفذ شهادتهما و منهم من صرّح بانّ مراد من قال بهذا القول اعنى اعتبار حسن الظّاهر انّما هو كونه طريقا إلى الملكة و كاشفا عنها فان كان مراد القائل بذلك هذا المعنى صحّ الاستدلال عليه بما عن سيّدنا العسكري عليه السّلام في تفسيره في قوله تعالى ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقّظه فيما يشهد به و تحصيله و تميزه فما كلّ صالح مميّز و ما كلّ محصّل مميّز صالح و انّ من عباد اللّه لمن هو أهل لصلاحه و عفّته و لو شهد لم تقبل شهادته لقلّة تمييزه فاذا كان صالحا عفيفا مميّزا محصّلا مجانبا للمعصية و الهدى و الميل و التّحامل فذلك الرّجل الفاضل و لا ريب في انّ اجتماع جميع هذه الأوصاف لا يتمّ الاّ على الملكة و لا فرق بين الشّهادة و الإمامة كما صرّح به جملة من فقهائنا و منهم من صرّح بانّ حسن الظّاهر و إن كان معتبرا من باب الكشف و الطريقيّة لكن المكشوف عنه ليس هي الملكة و هو الّذي يعطيه كلام صاحب الجواهر (- ره -) و حاصل ما ذكره (- ره -) انّه لا يمكن الاطّلاع من أفعال الرّجل و أقواله و أحواله الاّ على بعضها و انّه لا يمكن العلم بحصول ملكة الاجتناب عن جميع المعاصي بالاطّلاع على وقوع ترك جملة منها و لكن الإنصاف انّ هذا مخالف للوجدان فقد حصل لنا الظنّ بل الاطمئنان بكون جملة من العلماء الّذين منّ اللّه علينا بالتشرف بملاقاتهم من أهل الملكة بل بكون بعض من لم يندرج في سلك العلماء (- كك -) و الوقوع أخصّ من الإمكان انتهى كلام الوالد علا مقامه و أقول امّا الكلام في كون حسن الظاهر كاشفا عن العدالة فيأتي إنشاء اللّه تعالى عند الكلام فيما تثبت به العدالة و تنكشف به و امّا القول بكون العدالة عبارة عن حسن الظاهر فقد أغرب جمع من متأخّري المتأخّرين كسيّدنا (- ره -) في الرّياض و شيخ الأواخر (- ره -) في الجواهر بل و صاحب (- لك -) و جماعة حيث استدلّوا لذلك بأخبار القول بالملكة الواضحة الدّلالة في كون العدالة من الأوصاف الباطنيّة و الكيفيّات الواقعيّة فلم يرضوا بأصل دعوى وجود مثل هذا القول حتّى جعلوا دليل المشهور دليلا له بل اختار صاحب الجواهر (- ره -) هذا المذهب اتكالا عليه و اقتصر في تقريب الاستدلال بالرّوايات على مجرّد دعوى ظهورها في ردّ القول بالملكة و أنت بعد الإحاطة بما مرّ تعرف ما في هذه الدّعوى و غاية ما قيل أو يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال لهم بهذه الرّوايات وجوه أحدها ان ظاهر هذه الرّوايات شرطيّة حسن الظّاهر في قبول شهادة الرّجل و صحّة الصلاة خلفه و غير ذلك و ظاهر ما دلّ على اعتبار العدالة في قبول الشهادة و صحّة الايتمام انّها (- أيضا -) شرط فيهما فمقتضى ظاهر الدّليلين انّهما شرطان مستقلاّن كالذكورة و الإيمان و لكن ضمّهما إلى الإجماع المحقّق النّافي لكونهما شرطين متغايرين مختلفين يثبت كونهما راجعين إلى أمر واحد و إرجاع ما دلّ على اشتراط حسن الظّاهر الى اعتبار الاستقامة الباطنيّة غير ممكن لكونه نصّا بالنّسبة الى ما دلّ عليه فلا محيص عن العكس و التزام كون المراد من العدالة الاستقامة الظّاهريّة الّتي يتّصف بها الإنسان في ظاهر الحال و احتمال كون أحدهما مثبتا للطّريق و الأخر لذي الطّريق كما يقوله

ص:268

أهل الملكة يأباه ظاهر الوجدان و أنت خبير بما في هذا التقريب فإنّه سلوك لغير الطريق إذ الرّوايات السّالفة بين ناطقة بأنّ العدالة عبارة عن الصّفة الباطنيّة من غير تعرّض لحسن الظّاهر و بين جاعلة له مرآة و دليلا إليها و انّها أمر باطني ورائه منكشف به فالجمع بين الدّليلين بكون مفاد أحدهما جعل الطّريق و مفاد الأخر بيان ذي الطريق متعيّن بل ليس هذا من الجمع بل هو عمل بظاهر الأدلّة بل صريحها و استظهار الاتّحاد إن كان ناشيا من الجمع الّذي ادّعاه فواضح الفساد و إن كان من أمر أخر فهو مجرّد دعوى لا دليل عليها إذ ليس في الأدلّة ما يقضى باتّحادهما حتى يتمسّك بظاهره ثانيها انّ للصّيانة و العفّة و الأمانة و مجانبة الهوى و السّتر و الصّلاح و الكفّ و التميّز و الفضل و غيرها مرتبتين و مقامين مرتبة ظاهرا و مرتبة باطنا كما انّ لكتاب اللّه تعالى مراتب و عوالم بحسب عالم اللّوح و عالم الوحي و عالم الكتابة و عالم القراءة و كما انّ حرمة مسّ المحدث الكتاب محمول على العالم الكتبي لانّه يناسب المسّ دون غيره و لذا نزّل قوله عزّ من قائل لا يمسّه الاّ المطهّرون عليه (- فكذلك -) لزوم اتكال الغير على صيانة الرّجل و عفّته و ستره و صلاحه و ديانته و أمانته ينبغي ان ينزّل على مرتبتها و عالمها الظّاهري لأنّه الّذي تصل يد الأغيار إليه لا عالمه الباطني و الواقعي لقصور أيديهم عن الوصول اليه و ان هذا الاّ حسن الظّاهر فليكن هو الملحوظ في هذه الأخبار دون غيرها و هو المطلوب و أنت خبير بما فيه أوّلا من انّ هذه الصّفات بحسب المتفاهم منها عرفا المنصرف إليه ألفاظها ليست إلاّ أمورا معنويّة باطنيّة و مما يظهر منها في الظّاهر هو من أثارها و ثمراتها لا هي بأنفسها و ثانيا من انتقاضه بما إذا علم تخلّف الحالة النّفسانيّة عن الحالة الظّاهرة فإنّ لازم هذا هو الحكم بعدالته أيضا و هو مخالف للإجماع بل الضّرورة و موجب لاجتماع الفسق و العدالة في محلّ واحد و هما متضادّان بالضّرورة و ثالثا من انّ كونها امرا باطنيّا لا يقدح في إمكان الاطّلاع عليها بعد وجود الآثار الظّاهرة لها كالعلم و الجهل و الشجاعة و الجبن و الجود و النخل و التوكّل و التسليم و الصّبر و غيرها من الأخلاق الجميلة و الرّذيلة بل و النّبوة و الإمامة و العصمة و أمثالها من الصّفات الباطنيّة الّتي يمكن الاطّلاع عليها علما بملاحظة أثارها و ما يظهر من أفعال أربابها فضلا عن الظنّ الاطمئناني أو مطلق الظنّ و هذا واضح لا سترة عليه و رابعا من انا لو أغمضنا عن ذلك كلّه نقول انّ هذا المعنى ان استقام و تمَّ فهو انّما يتمّ في بعض الأخبار السّابقة و امّا في بعضها الأخر و لعلّه الأكثر و هو الّذي جعل حسن الظّاهر مرآة و دليلا على العدالة و الحالة الباطنيّة كصحيحة ابن ابى يعفور و غيرها فلا كما لا يخفى و فيه الكفاية و لعلّ الّذي غرّه افتقارها الى المبرز في ترتيب أحكامها و عدم ترتيبها بدونه فزعمها هو و هو كما ترى ضرورة عدم توقّف تحقّقها على بروزها و الاّ لزم الدّور نعم ترتيب أحكامها عليها متوقّف على ظهورها كما هو الشّأن في كافّة موضوعات الأحكام سيّما ما كان من قبيل الصّفات الباطنيّة فليس الحال فيما نحن فيه الاّ كالحال في التّكاليف الواقعيّة الّتي يتوقّف العلم بها على وجودها قبله و ان توقّف فعليّتها في حق المكلّفين على علمهم بها أو قيام دليل عندهم عليها ثالثها انّ الأخبار و إن كانت ظاهرة في كون حسن الظّاهر طريقا إليها الاّ انّ ظاهرها انّه طريق تعبّدي بمعنى انّه يحكم بجميع أحكام العدالة عند الاطلاع على حسن الظّاهر و انّ حسن الظاهر عدل شرعا فالعدالة و إن كانت في الواقع اعتبارها عن استقامة واقعيّة مسبّبة عن الملكة الاّ انّ الاستقامة الظّاهريّة قد جعلت طريقا تعبّديّا إليها بحيث كأنّها صارت موضوعا مستقلاّ لا تلاحظ فيه الطّريقيّة و لا يلتفت الى ذي الطّريق و لذا يستحقّ إطلاق اسم ذي الطّريق عليه كما يطلق أسامي جميع الموضوعات الواقعيّة كالملكيّة و الزّوجيّة و الطّهارة و النّجاسة و الوقت و القبلة و غيرها على مؤدّيات الطّرق الظّاهريّة كالاستصحاب و أصالة الصّحة و أصالتي العموم و الإطلاق و أصالة الحقيقة و أصالة عدم القرينة و غيرها من الأدلّة التعبّديّة و الحاصل انّه بعد دوران رحى العدالة و ترتيب أحكامها و أثارها مدار حسن الظّاهر وجودا و عدما و عدم النّظر الى وجود الملكة علما أو ظنّا حتّى انّ وجودها الواقعي لا يفيد شيئا بل يعامل معها مع عدم حسن الظّاهر معاملة عدمها فهو المستحقّ لتسميته عدالة و لتفسير العدالة به لا غيره و بهذا يصطلح الفريقان و ترتفع الثمرة بين القولين من حيث العمل و تتمحّض الثّمرة في العلم و الجواب عنه مضافا الى ما سيأتي إنشاء اللّه تعالى من اعتبار افادة حسن الظّاهر الظنّ بل الوثوق بالملكة و عدم كونه طريقا تعبّديّا انّه لا يوجب تفسير العدالة به الاّ مسامحة و انّه مخالف لظاهر كلام القائل بأنّها عبارة عن حسن الظّاهر إذ مقتضاه عدم ملاحظة الملكة رأسا حتى مع العلم بعدمها و اين هذا من الطريقيّة فليس هذا الاّ توجيها بما لا يرضى به صاحبه بل عليه يرجع النّزاع بينهم لفظيّا و هو لا يناسب بمقام العلماء الأزكياء و ما ذكره من الشّواهد و النّظائر الّتي أطلقت فيها أسامي الموضوعات الواقعيّة على مؤدّيات الطّرق فهو (- أيضا -) محلّ مناقشة نظرا الى انّ إطلاقها عليها ليس الاّ باعتبار أنّ مؤدّياتها أمور واقعيّة و الواقعيّات منكشفات بها فالأسامى المذكورة قد أطلقت على الواقعيّات في الواقع لا على مؤديّات الطّرق على انّها مؤدّيها فليس الأمر على ما ذكره لا في المقيس و لا في المقيس عليه رابعها ما مرّت الإشارة اليه و الى جوابه في شرح صحيح ابن ابى يعفور و مجمل الكلام مع من يقول بأنّ العدالة عبارة عن حسن الظّاهر هو ما يأتي من الماتن (- ره -) بقوله و بالجملة فهذا القائل ان أراد انّ حسن الظّاهر هي العدالة الواقعيّة (- إلخ -) و بما ذكرنا كلّه ظهر لك النّظر فيما في المقام الثّالث من المقامات في العدالة عند الكلام في شروط إمام الجمعة من صلاة (- ئق -) حيث تمسّك للقول بكون العدالة عبارة عن حسن الظّاهر بعد اختياره له بالأخبار بتقريب طويل من تأمّل فيه علم اعترافه بكون العدالة عبارة عن الملكة و قد طوينا نقل كلامه لطوله فراجع و تدبّر و لعلّه مراد الماتن (- ره -) ببعض متأخّري المتأخّرين في العبارة قوله طاب ثراه مثل قوله عليه السّلام لا بأس بشهادة الضّيف (- اه -) أشار بذلك الى خبر ابى بصير الّذي أسبقنا نقله عند تعرّضه (- قدّه -) لأدلّة القول بالملكة كما انّه أشار بقوله لا بأس بشهادة المكاري إلى رواية العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام المتقدّم آنفا في طيّ كلام الشّيخ الوالد قدّس سرّه كما تقدّم هناك عبارة تفسير العسكري عليه السّلام قوله طاب ثراه مثل قوله عليه السّلام من عامل النّاس (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الصّدوق (- ره -) في الخصال عن احمد بن إبراهيم بن بكير عن زيد بن محمّد عن عبد اللّه بن احمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرّضا عليه السّلام عن على عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من عامل النّاس فلم يظلمهم و حدّثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم فهو ممّن كملت مروّته

ص:269

و ظهرت عدالته و وجبت اخوّته و حرمت غيبته قوله طاب ثراه و قوله عليه السّلام من صلى الخمس (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الصّدوق (- ره -) في الأمالي عن جعفر بن محمّد بن مسرور عن الحسين بن محمّد بن عامر عن عمّه عبد اللّه بن عامر عن محمّد بن زياد الأزدي يعني ابن ابى عمير عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال من صلّى خمس صلوات في اليوم و اللّيلة في جماعة فظنّوا به خيرا و أجيزوا شهادته قوله طاب ثراه و ما ورد في قبول شهادة القابلة (- اه -) أشار بذلك إلى رواية جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال شهادة القابلة جائزة على انه استهلّ أو برز ميّتا إذا سئل عنها فعدلت قوله طاب ثراه و ما ورد انّ الشّاهد إذا كان ظاهره مأمونا (- اه -) أشار بذلك الى مرسل يونس المتقدّم عند التعرّض لأدلّة القول بأنّ العدالة هو الإسلام مع عدم ظهور الفسق قوله طاب ثراه و في قبول شهادة المسلم (- اه -) عطف على محلّ انّ الشّاهد في العبارة السّابقة و التقدير و ما ورد في قبول شهادة المسلم (- اه -) و قد أشار بذلك الى قوله عليه السّلام في صحيح محمّد بن مسلم المتقدّم في طيّ ما تعرّضنا له من أدلّة القول الثّاني لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرّجل الواحد إذا علم منه خير قوله طاب ثراه و أنت لا تصلّ الاّ خلف (- اه -) كلمة أنت زائدة و الصّحيح كلمة قوله عليه السّلام بدل أنت ليكون إشارة إلى خبر ابى علىّ بن راشد الآتي عن قريب إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه يظهر اندفاع (- اه -) وجه الاندفاع ما ذكره من دلالة صحيحة ابن ابى يعفور على طريقيّة حسن الظّاهر فلا يبقى وجه لقول هذا القائل انّ كون حسن الظّاهر طريقا إلى العدالة خلاف ظاهر الاتّحاد قوله طاب ثراه فان قلت ان أراد أهل الملكة (- اه -) أقول نختار كون حسن الظّاهر طريقا من باب الظنّ النّوعي و ليس فيه مخالفة لظاهر الأخبار المتقدّمة لأنّ الغرض من عدم السّؤال عن باطنه و ترتيب آثار العدالة على حسن ظاهره هو عدم لزوم الفحص عن الواقع بعد حصول هذا الطّريق أو نقول بكون طريقيّة حسن الظّاهر من باب الظنّ الشّخصي و انّ الأخبار وردت مورد الغالب حيث انّ الغالب إيراث حسن الظّاهر الظنّ بل الاطمئنان بوجود الملكة في ذي الحسن فلا تذهل قوله طاب ثراه بحيث كأنّها صارت موضوعا مستقلاّ (- اه -) قد مرّ تقرير ذلك مع جوابه في الثّالث من تقريبات الاستدلال بالأخبار على كون العدالة عبارة عن حسن الظّاهر فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه قلت أوّلا انّه سيجيء (- اه -) يجيء ذلك منه (- قدّه -) تارة بعيد هذا في جواب الإشكال على جعل حسن الظّاهر ضابطا للعدالة و اخرى في أخر الرّسالة فانتظر قوله طاب ثراه و رواية ابى علىّ بن راشد (- اه -) أراد بذلك ما رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن علىّ بن مهزيار عن ابى علىّ بن راشد قال قلت لابيجعفر عليه السّلام انّ مواليك قد اختلفوا فأصلّي خلفهم جميعا فقال لا تصلّ الاّ خلف من تثق بدينه و رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن سهل عمّن عرفت و زاد و أمانته فنقل الماتن (- ره -) مبنىّ على رواية الشّيخ (- ره -) قوله طاب ثراه و قوله عليه السّلام في قوله تعالى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ (- اه -) (11) مقول قوله عليه السّلام قد سقط من قلمه الشريف فإنه قد أراد بذلك ما مرّ ممّا عن تفسير الإمام عليه السّلام عن جدّه أمير المؤمنين (- ع -) في تفسير الآية قال ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته و تيقّظه فيما يشهد به و تميزه فما كل صالح مميّزا و لا محصّلا و لا كلّ محصّل مميّزا صالحا فافهم قوله طاب ثراه فهو معارض بأدلّة اعتبار الوثوق و ليس من قبيل الحاكم عليها (12) الوجه في ذلك ظاهر لأنّ الحكومة هو كون احد الدّليلين بمدلوله اللّفظي متعرضا لحال الدّليل الأخر و رافعا للحكم الثّابت بالدليل الأخر عن بعض افراد موضوعه فيكون مبيّنا لمقدار مدلوله مسوقا لبيان حاله و متفرّعا عليه و هذا المعنى غير متصوّر هنا لدلالة خبر يونس المتقدّم و نحوه على قبول شهادة من كان مأمون الظّاهر و دلالة خبر ابى علىّ بن راشد المزبور آنفا و نحوه على اعتبار الوثوق فهما متعارضان لعدم تعرّض أحدهما لحال الأخر و لا رافعا للحكم عن بعض افراد موضوعه كما هو ظاهر قوله طاب ثراه فهو و ان كان حاكما عليها (- اه -) (13) الوجه في ذلك ظاهر ضرورة اعتبار تلك الوثوق و الاطمئنان بالملكة و دلالة هذه على كفاية حسن الظاهر فهذه قد رفعت حكم اعتبار الوثوق بالملكة عن بعض افراد الموضوع و هو ذو حسن الظّاهر فجوّزت ترتيب الآثار على من كان ظاهره حسنا قوله طاب ثراه انّ هذه كلّها منصرفة إلى الغالب (- اه -) (14) هذا الكلام في غاية المتانة و الجودة و لا يرتاب فيه ذو ذوق سليم رزقه اللّه فهم الحانهم و قد أشرنا (- أيضا -) اليه آنفا قوله طاب ثراه و هو انّه يمكن ان يقال انّ ظاهر أدلّة اعتبار الوثوق (- اه -) (15) هذا في غاية البعد لإباء لسان الأخبار عن كون اعتبار الوثوق من باب الموضوعيّة بل ظاهرها الاعتبار من باب الطريقيّة كما لا يخفى على الفطن الممارس

في عد الكبائر التي وردت في كتاب الله عز و جل

قوله طاب ثراه ثمَّ كون المعصية كبيرة تثبت بأمور (- اه -) (16) لمّا كان زوال العدالة على الأقوال فيها بارتكاب المعاصي الكبيرة ممّا لا خلاف فيه بينهم و لا اشكال بل الإجماع محقّقا و منقولا مستفيضا عليه بل لعلّه من الضّروريّات للأخبار المتواترة الناطقة بذلك تصدّر التميز الكبائر من غيرها و حيث انّه فرع كون المعاصي قسمين كبيرة و صغيرة لزمنا قبل الأخذ في توضيح التميّز الكلام في انّ المعاصي هل هي على قسمين كبيرة و صغيرة أو انّها قسم واحد بمعنى أنّها بأجمعها كبائر اختلفوا في ذلك على قولين أوّلهما خيرة الشيخ (- ره -) في (- ط -) و (- ية -) و ابن حمزة في الوسيلة و الفاضلين و الشّهيدين و جمهور المتأخّرين و في (- لك -) انّ عليه الأكثر و نسب إلى الإسكافي و الدّيلمي (- أيضا -) بل عن ظاهر الصّيمري و الحبل المتين للبهائي الاتّفاق عليه و على هذا القول يبتني تعريف العدالة بأنّها ملكة تبعث على اجتناب الكبائر و الإصرار على الصّغائر و القول الثّاني و هو انّ كلّ معصية كبيرة نظرا الى اشتراكها في مخالفة أمر اللّه سبحانه و نهيه لكن يطلق الكبير و الصّغير على الذنب بالإضافة الى ما فوقه و ما تحته فالقبلة للأجنبيّة بالنّسبة إلى الزّنا صغيرة و بالنّسبة إلى النّظر بشهوة كبيرة هو خيرة الشيخ المفيد (- ره -) و القاضي و الحلّي و الطّبرسي و الشّيخ في محكي العدّة بل ظاهر الطبرسي و الحلّي الاتفاق عليه قال في مجمع البيان بعد نقل هذا القول و الى هذا ذهب أصحابنا (- رض -) فإنّهم قالوا المعاصي كلّها كبيرة لكن بعضها أكبر من بعض و ليس في الذّنوب صغيرة و انّما يكون صغيرا بالإضافة الى ما هو أكبر و يستحقّ العقاب عليه أكثر انتهى و قال في (- ئر -) بعد نقل القول بالتقسيم الى الكبائر و الصّغائر و عدم قدح الثّاني نادرا في قبول الشهادة عن (- ط -) ما نصّه و لا ذهب إليه أحد من أصحابنا لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها انتهى و الحاصل انّ الوصف بالكبر و الصّغر إضافي عند هؤلاء و منهم من جعل الإضافة على ثلثة أقسام أحدها بالإضافة إلى الطّاعة و هو انّ

ص:270

المعصية ان زاد عقابها على ثواب تلك الطّاعة فهي كبيرة بالنّسبة إليها و ان نقص فهي صغيرة و ثانيها بالإضافة إلى معصية أخرى و هو انّ عقابها ان زاد على عقاب تلك المعصية فهي كبيرة بالنّسبة إليها و ان نقص فهي صغيرة و ثالثها بالإضافة إلى فاعلها و هو انّها ان صدرت من شريف له مزيد علم و زهد فهي كبيرة و ان صدرت ممّن هو دون ذلك فهي صغيرة حجّة القول الأوّل أمور الأوّل قوله سبحانه و تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً بتقريب انّه دلّ على انّ اجتناب بعض الذنوب و هي الكبائر يكفّر السّيئات و هو يقتضي كون السّيئات المشار إليها غير كبائر و قريب منه في الدّلالة قوله تعالى اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ و روى الصّدوق (- ره -) مرسلا عن الصّادق عليه السّلام انّه قال من اجتنب الكبائر كفر اللّه عنه جميع ذنوبه و ذلك قوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً الثّاني الأخبار المستفيضة فمنها ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن ابن بكير عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (- ع -) قال إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ * الكبائر فما سواها قال قلت دخلت الكبائر في الاستثناء قال نعم و قريب منه ما رواه (- ره -) بالإسناد عن إسحاق بن عمّار و منها مرسل الصّدوق (- ره -) قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي قال و قال الصّادق عليه السّلام شفاعتنا لأهل الكبائر من شيعتنا فأمّا التّائبون فإنّ اللّه يقول ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ و منها ما في مسند ابن ابى عمير عن موسى بن جعفر عليه السّلام في حديث قال قال النّبي (- ص -) لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار و منها الأخبار الكثيرة الآتية في تفسير الكبائر و تعدادها و تفصيلها إنشاء اللّه تعالى و منها ما دلّ من الأخبار الواردة في ثواب بعض الأعمال من انّه مكفّر للذّنوب إلاّ الكبائر الى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبّع في أبواب جهاد النّفس من وسائل الشّيعة الثّالث انّه لو لم يكن في الذّنوب صغائر يتوقّف حصول الفسق بها على الإصرار لزم ان لا يوجد عادل أصلا إذ الإنسان لا ينفكّ عن الصّغائر إلاّ المعصوم و في ذلك تعطيل الأحكام الكثيرة المبنيّة على وجود العدل و تفويت للمنافع العظيمة الدينيّة و الدنيويّة و تضييع للحقوق و فيه من الحرج و الضّيق ما لا يخفى و قد قال تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قال عزّ من قائل يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و أجاب الحلّي (- ره -) عن ذلك بانّ تدارك الذّنب بالاستغفار ممكن و مع الاستغفار و التوبة لا يبقى للذّنب اثر و اعترض عليه بوجهين أحدهما انّ التوبة متوقّفة على العزم على عدم المعاودة و العزم على ترك الصّغائر متعذّرا و متعسّر لأنّ الإنسان لا ينفكّ عنه غالبا فكيف يتحقّق العزم على تركها ابدا مع ما جرى من حاله و حال غيره من عدم الانفكاك عنها و أقول هذا الإشكال و إن كان وروده على أصحاب هذا القول أشدّ لكنّه متوجّه الى غيرهم (- أيضا -) في الجملة إذ الظّاهر انّ التوبة من الذّنب واجب اتّفاقا من غير فرق بين الصّغيرة و الكبيرة فإذا اعتبر في التّوبة العزم على الترك و عدم المعاودة جاء الإشكال فهذا الاشكال لازم لوجوب التّوبة من غير اختصاص له بهذا القول نعم وروده على هذا القول باعتبارين وجوب التّوبة و اعتبار العدالة و من لم يعتبر في التّوبة العزم على التّرك كما هو مذهب جمع من الأصحاب و يدلّ عليه بعض الأخبار كما يأتي لم يحتج إلى زيادة نظر في دفع هذا الإشكال كما نبّه على ذلك في الذّخيرة و ثانيهما انّه لا يكفي في التّوبة مطلق الاستغفار و إظهار النّدم حتى يعلم من حاله ذلك و هذا قد يؤدّى الى زمان طويل يفوت معه الغرض من الشهادة و نحوها فيبقى الحرج و لعلّ القائلين بأنّ كلّ معصية كبيرة بالنسبة إلى معصية أخرى لا يقدح عندهم في العدالة الذّنب (- مط -) بل القادح عندهم التّظاهر به و الإكثار منه و عدم المبالات بحيث لا يظهر فيه اثر للتّقوى و الورع عن محارم اللّه تعالى أو يقال القادح في العدالة هو ارتكاب الذّنوب بحيث لا يصحّ توصيفه بالورع و التقوى عرفا و هذا أمر يختلف بحسب الأوقات و الأحوال و أنواع المعاصي فقليل من بعض أنواعها كثير كالقتل يقدح فيها و كثير من بعض أنواعها لا يقدح فيها كبعض المعاصي الّتي يبتلى بها النّاس غالبا و لا ينفكّ عنها الاّ البالغون في التّقوى المتناهون في الإخلاص و ان صحّ إطلاق الكبيرة عليها بالنّسبة إلى ذنب أخر أصغر منه أو يقال بعض أنواعها و هو ما اختصّ باسم الكبيرة عند الفرقة الأخرى كالقتل و الزّنا و عقوق الوالدين و أشباه ذلك قادح عندهم في العدالة (- مط -) و امّا غيرها فيقدح مع الإكثار و الإصرار و ان اشترك الكلّ في كونها كبيرة ببعض الاعتبارات و قد نقل بعض الأصحاب الإجماع على انّ مثل القتل و الزّنا و العقوق قادح في العدالة (- مط -) و لعلّ هذا الوجه أقرب الى التحقيق و أنسب إلى الضّبط و قد يقال من قبلهم انّ المراد بالعدل عندهم من اجتنب من الأكبر و لم يصرّ على الأصغر متى عنّ له معصيتان إحديهما أكبر و الأخرى أصغر و هو ضعيف كما نبّه على ذلك في الذّخيرة حجّة القول الثّاني أمران الأوّل اشتراك الجميع في مخالفة أمره تعالى و نهيه و لذلك جاء في الحديث لا تنظر الى ما فعلت و لكن انظر الى من عصيت و الجواب انّ كون الجميع مخالفة له تعالى لا يمنع من كون بعضها كبيرة و بعضها صغيرة فانّ الذنوب المتحقّقة بين العباد من بعضهم بالنّسبة الى بعض يوصف بالكبر و الصّغر فيقال فلان عصى السّلطان عصيانا عظيما و أذنب ذنبا كبيرا و يقال الذّنب الفلاني كبير و الذنب الفلاني سهل صغير فاشتراك الجميع في مخالفة اللّه سبحانه لا ينافي وصف بعضها بالكبر و بعضها بالصّغر بل و (- كك -) عرفا في معاصي العبد للّه تعالى فيصدق على قتل النّبي أو هدم الكعبة أنّه ذنب عظيم و اثم كبير و على ترك ردّ السّلام مثلا انّه ذنب صغير الثّاني طوائف من الأخبار فمنها الأخبار النّاطقة بأنّ كلّ معصية شديدة مثل خبر زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال الذنوب كلّها شديدة و منها الأخبار الناطقة بأنّ كلّ معصية توجب لصاحبها النّار و منها الأخبار الدالّة على التّحذير من استحقار الذنوب و استصغارها مثل خبر ابى بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال سمعته يقول اتّقوا المحقّرات من الذّنوب فانّ لها طالبا يقول أحدكم أذنب و استغفر انّ اللّه عزّ و جلّ يقول نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ و قال عزّ و جلّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّهُ إِنَّ اللّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ الى غير ذلك من الأخبار المذكورة في أبواب جهاد النّفس من الوسائل و ربّما أيّد هذا القول في الذّخيرة بما رواه الكليني (- ره -) بإسناد محتمل الصّحة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار و ما رواه ابن بابويه (- ره -) بسند ضعيف عن النّبي (- ص -) انّه قال لا تحقّروا شيئا من الشرّ و ان صغر في أعينكم و لا تستكثروا شيئا من الخير و ان كبر في أعينكم فإنّه لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار ثمَّ قال وجه التّأييد انّ المراد بالإصرار الإقامة على الذّنب بعدم الاقدام على التوبة و الاستغفار كما قال جماعة من المفسّرين في تفسير قوله تعالى وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا و روى الكليني (- ره -) عن جابر

ص:271

عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال الإصرار أن يذنب الذّنب فلا يستغفر و لا يحدّث نفسه بتوبته فذلك الإصرار و روى من طرق العامّة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله ما أصرّ من استغفر ثمَّ قال لكن هذا تأييد ضعيف لجواز ان يكون المراد بالإصرار المداومة عليه أو العزم على المعاودة فإنّ ذلك أنسب باللّغة قال الجوهري أصررت على الشّيء أي أقمت عليه و دمت به انتهى و قال ابن الأثير أصرّ على الشّيء يصرّ إصرارا إذا لزمه و داومه و ثبت عليه و قال في القاموس أصرّ على الأمر لزم و قريب منه كلام ابن فارس في المجمل و امّا الرّواية فضعيفة السّند انتهى ما في الذّخيرة و الجواب عن الأخبار انّ ما دلّ على كون بعض المعاصي أكبر من بعض حاكم على ما دلّ على انّ كلّ معصية شديدة أو انّ كلّ معصية توجب لصاحبها النّار و لا منافاة بين النّهى عن استحقار الذّنب و بين كون بعض الذنوب أعظم من بعض لأنّ الأخير ناظر الى الواقع و أصل مرتبة الذّنب لا بالالتفات الى انّ الذي عصاه هو الملك الجليل تعالى شانه و الأوّل ناظر الى انّ من يعصيه العبد هو الملك الجليل عزّ شانه و يشهد بما ذكرنا تعليل جملة من الأخبار النّاهية عن استحقار الذّنب ذلك بكون الإصرار كبيرة مثل خبر الحسين بن زيد عن الصّادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام في حديث المناهي انّ رسول اللّه (- ص -) قال لا تحقّروا شيئا من الشرّ و ان صغر في أعينكم و لا تستكثروا شيئا من الخير و ان كثر في أعينكم فإنه لا كبير مع الاستغفار و لا صغير مع الإصرار و الأخبار بهذا المضمون كثيرة مذكورة في أبواب جهاد النّفس و تأتي جملة منها إنشاء اللّه تعالى فتلخّص من ذلك كلّه انّ القول المشهور بين جمع من الأقدمين و عامّة من تأخّر من تقسيم الذّنوب الى كبيرة و صغيرة هو الأظهر و اللّه العالم و إذ قد عرفت ذلك فلنرجع الى ما في المتن و نقول انّ لهم في تميز الكبائر من الصّغائر حتّى يترتّب على كلّ منها حكمه مسالك أحدها ما سلكه الماتن (- ره -) في العبارة الثّاني ما سلكه العلاّمة الطباطبائي (- قدّه -) فيما حكى عنه حيث اختار ما هو المشهور من انّ الكبائر هي المعاصي الّتي توعّد اللّه سبحانه عليها النّار مستندا في ذلك الى جملة من الأخبار و فيها الصّحيح و غيره لكن يظهر ممّا نقل عنه انّه عمّم الوعيد بالنّار الى الصّريح و الضّمني و انّه حصر الوارد في الكتاب في أربع و ثلثين منها أربعة عشر ممّا صرّح فيها بخصوصها بالوعيد بالنّار الأوّل الكفر باللّه العظيم لقوله تعالى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و غير ذلك و هي كثيرة الثّاني الإضلال عن سبيل اللّه لقوله تعالى ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ نُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ و قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ الثّالث الكذب على اللّه و الافتراء عليه لقوله تعالى وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ و قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ و أورد عليه في الجواهر بأنّه ليس في الثّانية ذكر النّار قلت هو على مبنى العلاّمة الطّباطبائي (- ره -) إيراد موجّه حيث جعل الميزان توعيد اللّه بالنّار الاّ انّه لا يخفى عليك تعليل كون القذف من الكبائر في صحيح عبد العظيم المتقدّم بتوعيد اللّه على القاذف بالعذاب العظيم و لازمه كون ما توعّد اللّه عليه بالعذاب الشديد كما في الافتراء من الكبيرة (- أيضا -) و لعلّ السيّد (- قدّه -) بالنّظر الى إيراد صاحب الجواهر (- ره -) عدّ الافتراء و الكذب واحدا و هما في الحقيقة واحد فيندفع الإيراد بكفاية التّوعيد بالنّار في الآية الأولى الرّابع قتل النّفس الّتي حرّم اللّه قتلها قال اللّه سبحانه وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً و قال عزّ و جلّ وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً الخامس الظّلم قال اللّه عزّ و جلّ إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً السّادس الرّكون الى الظّالمين قال اللّه تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ السّابع الكبر لقوله تعالى فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الثّامن ترك الصّلوة لقوله (- تعالى -) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ الآية التاسع المنع من الزّكوة لقوله تعالى اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ العاشر التخلّف عن الجهاد لقوله سبحانه فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ قالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ الحادي عشر الفرار من الزّحف لقوله (- تعالى -) وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ الثّاني عشر أكل الرّبا لقوله عزّ و جلّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ الثالث عشر أكل مال اليتيم ظلما لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً الرّابع عشر الإسراف لقوله عزّ و جلّ وَ أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النّارِ و امّا المعاصي التي وقع التّصريح فيها بالعذاب دون النّار فهي أربع عشرة الأول كتمان ما انزل اللّه لقوله عزّ و جلّ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ (وَ لا يُزَكِّيهِمْ) وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الثّاني الإعراض عن ذكر اللّه عزّ و جلّ لقوله تعالى وَ قَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَ فِيهِ وَ ساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً الثّالث الإلحاد في بيت اللّه عزّ و جلّ لقوله تعالى وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ الرّابع المنع من مساجد اللّه لقوله (- تعالى -) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ الخامس أذيّة رسول اللّه (- ص -) لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً السّادس الاستهزاء بالمؤمنين لقوله عزّ و جلّ اَلَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بيان لمز من باب ضرب عابه و به قرء السّبعة و من باب قتل لغة و أصله الإشارة بالعين قاله في المصباح السّابع و الثّامن نقض العهد و اليمين لقوله تعالى اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ . وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ التّاسع قطع الرّحم قال اللّه تعالى اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدّارِ و قال عزّ من قائل فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ و أورد عليه في الجواهر بان كلمة أولئك في الأولى لم يعلم كونها إشارة الى كلّ واحد من النّقض و القطع و الإفساد و الثّانية مع ذلك لم تشتمل على وعيد العذاب الاّ ان يقال انّه يفهم من اللّعن و ما بعده و أقول الظّواهر حجّة عندنا و ظاهر الآية رجوع أولئك الى جميع من ذكر بعد كلمة الموصول العاشر المحاربة و قطع السّبيل قال اللّه تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ و أورد عليه في الجواهر بأنّه قد يرجع اسم الإشارة إلى الكفر و الوعيد على الأمرين معا قلت و يشهد بذلك تمسّك الإمام عليه السّلام بالآية الثّانية في قبال بعض طلقاء بنى العبّاس لعنهم اللّه سبحانه الحادي عشر الغناء لقوله (- تعالى -) وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ الثّاني عشر الزنا قال اللّه (- تعالى -) وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً الثّالث عشر إشاعة الفاحشة قال اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الرّابع عشر قذف المحصنات قال اللّه تعالى اَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ و امّا المعاصي التي يستفاد من الكتاب العزيز وعيد النّار عليها ضمنا و لزوما فهي ستّة الأوّل الحكم بغير ما انزل اللّه قال اللّه تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ الثّاني اليأس من روح اللّه عزّ و جلّ قال اللّه (- تعالى -) وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ الثّالث ترك الحجّ قال اللّه (- تعالى -) وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ الرّابع عقوق الوالدين قال اللّه (- تعالى -) وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيًّا مع قوله (- تعالى -) وَ خابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ و قوله (- تعالى -) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ الخامس الفتنة لقوله (- تعالى -) اَلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ السّادس السّحر قال اللّه (- تعالى -) وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ هذه جملة الكبائر المستنبطة من الكتاب العزيز بناء على المختار في معنى الكبيرة و هي أربع و ثلثون و قال (- ره -) في أثناء كلامه على ما نقل عنه انّه انّه قد يتعقّب الوعيد في الآيات خصالا شتّى و أوصافا معدودة و لا يعلم انّها للمجموع أو للآحاد فلذلك طوينا ذكرها و (- كك -) الوعيد على المعصية و الخطيئة و الذّنب و الإثم و أمثالها و هذه أمور عامّة و قد علمت انّ الوعيد عليها لا يقتضي كونها كبائر انتهى و اعترضه في الجواهر أوّلا بأنّه بناء على حصر الكبائر في هذا العدد يلزم ان يكون ما عداها صغائر و انّه لا يقدح في العدالة فعلها بل لا بدّ من الإصرار و بدونه تقع مكفّرة لا تحتاج بالنّسبة إلى دفع العقاب بها الى توبة فمثل اللّواط و شرب الخمر و ترك صوم شهر رمضان و شهادة الزّور و نحو ذلك من الصّغائر الّتي لا تقدح في عدالة الرّجل و لا تحتاج إلى توبة بل تقع مكفّرة و لا تثبت بها جرح و هو واضح الفساد و كيف يمكن الحكم بعدالة شخص قامت البيّنة على انّه لاط بغلام في زمان قبل أداء الشّهادة بيسير كما لا يخفى على المخالط بطريقة الشّرع و ان شئت فانظر الى كتب الرّجال و ما يقدحون به في عدالة الرّجل على انّ رواية ابن ابى يعفور السّابقة ان يعرفوه بالسّتر و العفاف و كفّ البطن و الفرج و اللّسان و نحو ذلك بل في ذلك إغراء للنّاس في كثير من المعاصي من جهة استحقاق العقاب بعد معرفة ان لا عقاب عليه و ثانيا بأنّه قد ورد في السّتة في تعداد الكبائر ما ليس مذكورا فيما حصره مع النصّ عليه فيها بأنّها كبيرة و قوله عليه السّلام انّ الكبيرة كلّما توعّد اللّه عليها بالنّار لا ينافيه و لو لكونه عليه السّلام يعلم كيف توعّد اللّه عليها بالنّار قصارى ما هناك انّا بحسب وصولنا ما وصلنا كيف وعد اللّه عليها النّار فنحكم بكونه كبيرة و ان لم نعرف كيف وعد اللّه عليها النّار فانظر الى ما في حسنة عبيد بن زرارة لما سئله عن الكبائر فقال عليه السّلام هنّ في كتاب علىّ عليه السّلام سبع الى ان قال فقلت فهنّ أكبر المعاصي قال نعم قلت فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصّلوة قال ترك الصّلوة قلت فما عددت ترك الصّلوة في الكبائر فقال اىّ شيء أوّل ما قلت قال قلت الكفر قال فانّ تارك الصّلوة كافر يعنى من غير علّة كيف ادخل ترك الصّلوة في الكفر مع استحضاره عليه السّلام لقوله (- تعالى -) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ و ثالثا بأنه قد قال اللّه (- تعالى -) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ . وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ فإنّه ان أريد بالإشارة إلى الأخير أو الى كلّ واحد فقد حكم بالفسق و احتمال إرادة الإصرار بعيد كاحتمال ارادة ما لا ينافي العدالة من الفسق بل مجرّد المعصية أو من غير مجتنب الكبائر و رابعا بأنّه قد ورد في السّنة التوعّد بالنّار و اىّ توعّد على كثير من المعاصي و بناء على ما ذكر لا بدّ و ان يراد بها امّا الإصرار عليها أو من غير مجتنب الكبائر و كلّه مخالف للظّاهر من غير دليل يدلّ عليها و خامسا بانّ فيما رواه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى ذكر من جملة الكبائر شرب الخمر معلّلا ذلك بانّ اللّه تعالى نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان و ترك الصّلوة متعمّدا أو شيئا ممّا فرض اللّه لانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال من ترك الصّلوة متعمّدا فقد برئ من ذمّة اللّه و ذمّة رسوله فانظر كيف استدلّ عليه السّلام على كونه كبيرة بما ورد في السّنة و سادسا بأنّه نقل جمع الإجماع على

ص:272

قوله طاب ثراه ثمَّ كون المعصية كبيرة تثبت بأمور (- اه -) (16) لمّا كان زوال العدالة على الأقوال فيها بارتكاب المعاصي الكبيرة ممّا لا خلاف فيه بينهم و لا اشكال بل الإجماع محقّقا و منقولا مستفيضا عليه بل لعلّه من الضّروريّات للأخبار المتواترة الناطقة بذلك تصدّر التميز الكبائر من غيرها و حيث انّه فرع كون المعاصي قسمين كبيرة و صغيرة لزمنا قبل الأخذ في توضيح التميّز الكلام في انّ المعاصي هل هي على قسمين كبيرة و صغيرة أو انّها قسم واحد بمعنى أنّها بأجمعها كبائر اختلفوا في ذلك على قولين أوّلهما خيرة الشيخ (- ره -) في (- ط -) و (- ية -) و ابن حمزة في الوسيلة و الفاضلين و الشّهيدين و جمهور المتأخّرين و في (- لك -) انّ عليه الأكثر و نسب إلى الإسكافي و الدّيلمي (- أيضا -) بل عن ظاهر الصّيمري و الحبل المتين للبهائي الاتّفاق عليه و على هذا القول يبتني تعريف العدالة بأنّها ملكة تبعث على اجتناب الكبائر و الإصرار على الصّغائر و القول الثّاني و هو انّ كلّ معصية كبيرة نظرا الى اشتراكها في مخالفة أمر اللّه سبحانه و نهيه لكن يطلق الكبير و الصّغير على الذنب بالإضافة الى ما فوقه و ما تحته فالقبلة للأجنبيّة بالنّسبة إلى الزّنا صغيرة و بالنّسبة إلى النّظر بشهوة كبيرة هو خيرة الشيخ المفيد (- ره -) و القاضي و الحلّي و الطّبرسي و الشّيخ في محكي العدّة بل ظاهر الطبرسي و الحلّي الاتفاق عليه قال في مجمع البيان بعد نقل هذا القول و الى هذا ذهب أصحابنا (- رض -) فإنّهم قالوا المعاصي كلّها كبيرة لكن بعضها أكبر من بعض و ليس في الذّنوب صغيرة و انّما يكون صغيرا بالإضافة الى ما هو أكبر و يستحقّ العقاب عليه أكثر انتهى و قال في (- ئر -) بعد نقل القول بالتقسيم الى الكبائر و الصّغائر و عدم قدح الثّاني نادرا في قبول الشهادة عن (- ط -) ما نصّه و لا ذهب إليه أحد من أصحابنا لأنّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها انتهى و الحاصل انّ الوصف بالكبر و الصّغر إضافي عند هؤلاء و منهم من جعل الإضافة على ثلثة أقسام أحدها بالإضافة إلى الطّاعة و هو انّ

ص:

انّ الإصرار على الصّغيرة من جملة الكبائر ثمَّ قال اعنى صاحب الجواهر (- ره -) انّ دفع ذلك كلّه بانّ المراد انّ الكبيرة كلّما توعّد اللّه عليه بالنّار و بعض الأشياء الّذي قام الدّليل عليه ينافيه جعل ذلك ضابطا و من هنا توقّف في الحكم بكبر بعض الأشياء الواردة في السّنة مع عدم دخولها تحت هذا الضّابط ثمَّ قال و (- أيضا -) قوله (- ره -) خيرا انّه قد يتعقّب الوعيد في الآية خصالا شتّى و أوصافا متعدّدة لا يعلم انّها للمجموع أو للآحاد فلذلك طوينا ذكرها و فيه انّه إذا كان اجتناب الكبيرة شرطا مثلا في تحقّق العدالة و غيرها فلا يمكن الحكم بالعدالة حتّى يعلم اجتناب الكبيرة و لا يكون الاّ باجتناب جميع ما يحتمل أنه كبيرة نعم لو قلنا انّ فعل الكبيرة مانع من الحكم بالعدالة لاتّجه القول بذلك لأنّا لا نعلم انّه كبيرة و لعلّه (- قدّه -) أراد الشكّ في الاندراج في التعريف فيتّجه له (- ح -) عدم اجراء حكم الكبيرة على مثله لكون المتيقّن الأخير في الآية و غيره محلّ شكّ فيه انتهى ما في الجواهر و هو كلام موجّه متين الاّ استشهاده في الاعتراض الأوّل بكلمات أهل الرّجال فانّ فيه ما لا يخفى على من استحضر كتب الرّجال من إفراطهم في أمر العدالة و مناقشتهم في الرّاوي بما لم يعلم حرمته فضلا عن كونه كبيرة المسلك الثّالث ما سلكه و الشيخ الأجل الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء (- قدّه -) من انّ الكبيرة ما عدّه أهل الشرع كبيرا عظيما و ان لم يكن كبيرا في نفسه كسرقة ثوب ممّن لا يجد غيره مع الحاجة و الصّغيرة ما لا يعدّونه كبيرا كسرقته ممّن يجده و كانّ مبناه هو انّ لفظ الكبيرة أو الكبائر ممّا وقع في الكتاب و السّنة و لم يثبت فيه حقيقة شرعيّة و قد تقرّر في محلّه انّ ما لم يثبت فيه حقيقة شرعيّة من ألفاظ الكتاب و السّنة يجب حمله على ما يفهم منه عرفا و اعترضه في الجواهر بأنّه يلزمه مخالفة كثيرة ممّا جائت به الأخبار المعتبرة الدّالة على كون الشيء من المعاصي كبيرة بل بعض ما توعّد اللّه عليه بالنّار على انّه ان أراد بأهل الشّرع عامّتهم فهم قد يستعظمون ما علم انّه من الصّغائر في الشرع و بالعكس و ان أراد العلماء فكلامهم مضطرب في الكبيرة اللّهم الاّ ان يريد ان العلماء و العوام يستعظمونه مع الغفلة عن بحث الكبائر و الصّغائر لكن على كلّ حال هو ضابط غير مضبوط فانّ الذّنب قد تستعظم من جهة قلّة وقوعه و ترتّب مفاسد أخر عليه و نحوه و قد لا يستعظم من جهة تعارفه و نحوه انتهى و هو اعتراض موجّه متين و ربّما أورد الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه على مبنى الشيخ كاشف الغطاء (- ره -) أوّلا بأنّه انّما يتمّ بالنّسبة إلى المفاهيم فإنّها هي الّتي يعوّل فيها على العرف لاستفادتها من ألفاظ الكتاب و السّنة دون المصاديق و ما نحن فيه من قبيل الثّاني و ثانيا بأنّه لا يتمّ الاّ فيما لم يرد به نصّ و بيان عنهم عليهم السّلام و قد ورد البيان فيما نحن فيه المسلك الرّابع ما نقل عن بعضهم من انّك ان أردت أن تعرف الفرق بين الصّغيرة و الكبيرة فأعرض مفسدة الذّنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فان نقصت عن أقلّ مفاسدها فهي من الصّغائر و الاّ فمن الكبائر مثلا حبس المحصنة للزّنا بها أعظم مفسدة من القذف مع انّهم لم يعدوه من الكبائر و كذا دلالة الكفّار على عورات المسلمين و نحو ذلك ممّا يفضي الى القتل و السّبي و النّهب فانّ مفسدته أعظم من مفسدة الفرار من الزّحف قيل و منه يخرج الوجه في قول من قال إلى السّبعمائة أقرب منها الى سبعين أو سبعة و فيه ان مفاسد المعاصي مستورة علينا كما انّ مصالح العبادات مجهولة عندنا بل فيما عدّ من الكبائر ما لا نجد فيه قبحا أو نجد فيه و هنا يسيرا كالإسراف المعدود من الكبائر فإنا لا نجد فيه مفسدة واضحة تنتهي به الى حدّ الكبيرة بل ربّما أمكن استشعار سهولة الأمر فيه ممّا رواه في محكي العيون عن الرّضا عليه السّلام قال ليس في الدّنيا نعيم حقيقي فقال له بعض الفقهاء عمّن حضره فيقول اللّه سبحانه ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ما هذا النّعيم في الدّنيا ا هو الماء البارد فقال له الرّضا عليه السّلام و على صوته كذا فسّرتموه أنتم و جعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد و قال غيرهم هو الطّعام الطيّب و قال اخرون هو طيب النّوم و لقد حدّثني ابى عليه السّلام عن أبيه أبي عبد اللّه عليه السّلام انّ أقوالكم هذه قد ذكرت عنده في قول اللّه عزّ و جلّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فغضب و قال انّ اللّه عزّ و جلّ لا يسئل عباده عمّا تفضّل عليهم به و لا يمتنّ بذلك عليهم و الامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف الى الخالق عزّ و جلّ ما لا يرضى المخلوقون به و لكن النّعيم حبّنا أهل البيت و موالاتنا يسئل اللّه تعالى عنه بعد التّوحيد و النبوّة لأنّ العبد إذا وفى ذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الّذي لا يزول المسلك الخامس ما سلكه صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه قال الّذي يظهر انّ الكبائر لم يثبت لها حقيقة شرعيّة بل هي باقية على معناها اللّغوي و المراد بها هنا كلّ معصية عظيمة في نفسها لا من جهة المعصىّ و ذكر في معرفة ذلك وجوه أحدها ورود الأخبار بأنّه كبيرة و قال انّ الّذي يتحصّل منها بعد إلغاء مفهوم العدد في بعضها أو حمله على معنى لا ينافي المطلوب كالاكبريّة و نحوها أربعون الأوّل الكفر باللّه الثّاني إنكار ما انزل اللّه الثالث اليأس من روح اللّه الرّابع الأمن من روح اللّه الخامس الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و على الأوصياء صلوات اللّه عليهم و عن رواية مطلق الكذب السّادس المحاربة لأولياء اللّه (- تعالى -) السّابع قتل النّفس الّتي حرم اللّه الثّامن معونة الظالمين التّاسع الكبر العاشر عقوق الوالدين الحادي عشر قطيعة الرّحم الثانى عشر الفرار من الزّحف الثالث عشر التعرّب بعد الهجرة الرابع عشر السّحر الخامس عشر شهادة الزّور السّادس عشر كتمان الشّهادة السّابع عشر اليمين الغموس الثّامن عشر نقض العهد التّاسع عشر تبديل الوصيّة العشرون أكل مال اليتيم ظلما الحادي و العشرون أكل الرّبا بعد البيّنة الثّاني و العشرون أكل الميتة و الدّم و لحم الخنزير و ما أهل لغير اللّه الثّالث و العشرون أكل السّحت الرّابع و العشرون الخيانة الخامس و العشرون الغلول و عن رواية مطلق السّرقة السّادس و العشرون البخس في المكيال و الميزان السّابع و العشرون حبس الحقوق من غير عذر الثامن و العشرون الإسراف و التبذير التاسع و العشرون الاشتغال بالملاهي الثلاثون القمار الحادي و الثلاثون شرب الخمر الثاني و الثلاثون الغناء الثالث و الثّلثون الزّنا الرابع و الثّلثون اللّواط الخامس و الثلاثون قذف المحصنات السّادس و الثلاثون ترك الصّلوة السّابع و الثّلثون منع الزّكوة الثامن و الثّلثون الاستخفاف بالحجّ التّاسع و الثلاثون ترك شيء ممّا فرض اللّه (- تعالى -) الأربعون الإصرار على الذّنب ثانيها توعّد النّار عليها في الكتاب أو السّنة صريحا أو ضمنا ثالثها ان لا يكون عليها توعّد بالنّار و لكن يكون قد وقع التشديد على الفعل أو التّرك تشديدا يكون أعظم من التوعّد بالنّار كالبراءة منه و لعنه و كونه كالزّاني بامّه مثلا و نحو ذلك ممّا يعدّ لعظمته أزيد من التوعّد بالنّار بعد فرض أنّه معصية رابعها ان يكون ممّا بقي عظمته في أنفس أهل الشرع و ان لم نعثر على غير النّهى هذا ما أفاده في الجواهر بتغيير يسير موجب لسهولة تحصيل مقصده و قال الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى في الجنان مقرّه و مقامه انّ هذا الطّريق الأخير يشبه

ص:274

ما مرّ من شيخه كاشف الغطاء الّذي اعترضه هو (- ره -) بأنّه ضابط غير مضبوط و قد تنبّه لهذا المعنى فلذلك قال في ذيل الاعتراض ما لفظه فان قلت انّه وارد عليك (- أيضا -) قلت انا نأخذه بعد فقد ما يدلّ على عظمته من الكتاب و السّنة و غيرهما و الفرق بيننا و بينه انّه يجعله ضابطا حتّى فيما ورد من الأخبار انّه كبيرة عظيمة و نحن نأخذه بعد فقد ذلك لأنّ الظاهر من العظمة عندهم و عدم المسامحة فيهم و عدم نسبة التقوى لفاعله و غير ذلك مع عدم ما ينافيها من الأدلّة ان يكون مأخوذا عن صاحب دينهم فتأمّل انتهى ما في الجواهر و قد أجاد شكر اللّه سعيه حيث استوفى عدد الكبائر المستفاد من الأخبار و أشار الى انّ اعتماده على كون المعصية كبيرة من جهة عظمها في أنفس أهل الشّرع انّما هو حيث لم يرد فيها نصّ فيندفع عنه ما أورده هو (- ره -) على شيخه المشار اليه من انّ الأخبار تدفع ما ذكره و الى انّ ذلك انّما هو من باب الكشف عن رأي الحجّة عليه السّلام كما عرفت من قوله (- ره -) في ذيل الكلام يكون مأخوذا عن صاحب دينهم فيندفع عنه ما أورده هو (- ره -) على الشيخ المشار اليه من كون ما ذكره من المعيار غير مضبوط و ذلك لانّ الاستكشاف عن رأي الحجّة عليه السّلام عنوان كلّى يعرفه المستنبط فمتى حصل له ذلك وجب عليه اتّباع الحكم الحاصل به و ليس فيه ردّ إلى الجهالة و لا يخفى انّه لو كان قد أضاف الى ما ذكره من الأمور الّتي يثبت بها كون المعصية كبيرة أمرين اخرين هما ما جعله الماتن (- ره -) في الأمر الرّابع و الخامس ممّا يثبت به كون المعصية كبيرة كان أجود قوله طاب ثراه و قد عدّ منها في الحسن كالصّحيح (- اه -) قد رواه الصّدوق (- ره -) في العيون بأسانيده عن الفضل بن شاذان عن الرّضا عليه السّلام في كتابه إلى المأمون قال الإيمان هو أداء الأمانة و اجتناب جميع الكبائر و هو معرفة بالقلب و إقرار باللّسان و عمل بالأركان و اجتناب جميع الكبائر و هي قتل النّفس الّتي حرّم اللّه الى أخر ما في المتن الاّ انّه قد سقط من قلمه الشّريف قوله (- ع -) و الزنا قبل قوله عليه السّلام و اللّواط و زاد بعد اللّواط شهادة الزّور و زاد التّاء بعد من غير عسر و ليست في النّسخة المعتمدة و لم افهم وجه توصيفه الخبر بأنّه حسن كالصّحيح فانّ للصّدوق (- ره -) في العيون الى الفضل بن شاذان طرق ثلثة فيها ما هو الصّحيح و هو عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النّيسابوري عن علىّ بن محمّد بن قتيبة النّيسابوري عن الفضل بن شاذان و الفضل حاله أظهر من ان يبيّن و علىّ مع كونه من مشايخ الصّدوق (- ره -) الذين أكثر النقل عنهم مرضيّا؟؟؟ عليهم و كونه معتمدا عليه عند الكشّي قد أورده العلاّمة (- ره -) في (- الخلاصة -) في القسم الأوّل و صحّح حديثه و صحّح في التحرير حديثا هو في طريقه و وثّقه في تميز المشتركات و امّا عبد الواحد فمع كونه من مشايخ الصّدوق (- ره -) المعتبرين الّذين أخذ عنهم الحديث و قد أكثر الرّواية عنه مرضيّا؟؟؟ عليه قد وصف العلاّمة (- ره -) في التّحرير الرّواية المتضمّنة لإيجاب ثلث كفّارات على من أفطرت محرّم و هو في طريقها و لعلّ الماتن (- ره -) لم يمعن النّظر في حاله فعدّ الرّواية حسنا لكونه إماميّا ممدوحا كالصّحيح لكونه من مشايخ الإجازة قوله عليه السّلام و الياس من روح اللّه (- اه -) الرّوح بفتح الرّاء المهملة الرّاحة و الاستراحة و الحيوة الدائمة قوله عليه السّلام و اليمين الغموس بفتح الغين المعجمة اسم فاعل و هي اليمين الكاذبة الفاجرة الّتي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه بانّ الأمر بخلافه و ليس فيها كفّارة لشدّة الذّنب فيها سمّيت بذلك لأنّها تغمّس صاحبها في الإثم ثمَّ في النّار كما صرّح به في المجمع و غيره قوله عليه السّلام و الإسراف و التّبذير قال في مجمع البحرين قد فرّق بين الإسراف و التّبذير بانّ التّبذير الإنفاق فيما لا ينبغي و الإسراف الصّرف زيادة على ما ينبغي قوله طاب ثراه الثاني النصّ المعتبر (- اه -) قلت من تلك النّصوص ما رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد عن ابن محبوب قال كتب معى بعض أصحابنا الى ابى الحسن موسى عليه السّلام يسئله عن الكبائر كم هي و ما هي فكتب عليه السّلام الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه النّار كفّر عنه سيّئاته إذا كان مؤمنا و السّبع الموجبات قتل النّفس الحرام و عقوق الوالدين و أكل الرّبا و التعرّب بعد الهجرة و قذف المحصنة و أكل مال اليتيم و الفرار من الزّحف و ان شئت العثور على بقيّة تلك الأخبار فراجع أبواب جهاد النّفس من الوسائل قوله طاب ثراه صحيحة عبد العظيم (- اه -) قد رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى قال حدّثني أبو جعفر الثّاني عليه السّلام قال سمعت ابى عليه السّلام يقول قال سمعت ابى موسى بن جعفر عليه السّلام يقول دخل عمرو بن عبيد (- إلخ -) قوله عليه السّلام و الغلول غلّ غلولا من باب قعد و أغلّ خان في المغنم و غيره قاله في المصباح و غيره قوله طاب ثراه كما ورد النّص عن النهى عن الصّلوة خلف العاق لوالديه (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن عمر بن يزيد انّه سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امام لا بأس به في جميع أموره عارف غير انّه يسمع أبويه الكلام الغليظ الّذي يغيظهما اقرء خلفه قال لا تقرء خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا و غرضه (- قدّه -) مجرّد المثال و الاّ فالعقوق من أمثلة القسم الأوّل و الثّاني و الثالث (- أيضا -) و مثله ما تضمّنته الرّواية من قطع الرّحم فإنّه ممّا ينطبق على القسم الأوّل لعدّ الكاظم و الرّضا و الجواد عليهم السّلام له من الكبائر و على القسم الثالث لقوله سبحانه اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدّارِ و على هذا القسم لقوله عليه السّلام في هذه الرّواية ما لم يكن عاقّا قاطعا قوله طاب ثراه و يدلّ عليه قبل الإجماع (- اه -) قد يناقش في دعوى الإجماع عليه مع كون الحكم المذكور فرع القول بانقسام المعصية إلى الكبيرة و الصّغيرة الّذي قد عرفت الخلاف فيه و الخلاف في الفرع يستلزم الخلاف في الأصل و يجاب بأنّ القائلين بكون الذّنوب كلّها كبائر ملتزمون بكون ما يراه الآخرون صغيرة قادحة في العدالة حتّى بدون الإصرار فمعه يكون قادحا بالطريق الأولى فيكون الأصحاب متسالمين على كون ارتكاب الصّغيرة مع الإصرار قادحا و بهذا الاعتبار يتمّ الإجماع قوله طاب ثراه منها انه لا صغيرة (- اه -) هذا مرويّ من طرق العامّة و الخاصّة و مضمونه مرويّ مستفيضا فمن الأوّل ما رواه الكليني (- ره -) عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار و من الثاني ما رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصّادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام في حديث المناهي انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لا تحقّروا شيئا من الشرّ و ان صغر في أعينكم و لا تستكثروا شيئا من الخير و ان كثر في أعينكم فإنه لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار قوله طاب ثراه و منها ما رواه في العيون (- اه -) (11) قد أشار بذلك الى ما نقله بطوله في أوّل الكلام على ما يثبت به كون المعصية كبيرة و منها (- أيضا -) مسند الأعمش عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام في حديث قال و الكبائر محرّمة و هي الشّرك باللّه و قتل النّفس الّتي حرّم اللّه الى ان قال عليه السّلام و ضرب الأوتار و الإصرار على صغائر الذّنوب قوله طاب ثراه بسنده الحسن كالصّحيح (- اه -) (12) قد بيّنا آنفا انّه عند التّأمّل صحيح لا حسن كالصّحيح قوله طاب ثراه و الظّاهر بقاؤه على المعنى اللّغوي (- اه -) (13) وجهه

ص:275

عدم الدّليل على النّقل و الأصل عدمه قوله طاب ثراه أعني الإقامة و المداومة عليه و ملازمته (- اه -) قال ابن الأثير في نهايته ما لفظه فيه اى في الحديث ما أصرّ من استغفر أصرّ على الشيء يصرّ إصرار إذا لزمه و داومه و ثبت عليه ثمَّ قال و أكثر ما يستعمل في الشرّ و الذّنوب يعنى من اتّبع الذّنب بالاستغفار فليس بمصرّ عليه و ان تكرّر منه انتهى و في القاموس أصرّ على الأمر عزم انتهى قوله طاب ثراه و لا إشكال في انّ العاصي (- اه -) قد أهمل (- قدّه -) هنا امرا ينبغي التعرّض له و هو انّه هل يعتبر في تحقّق معنى الإصرار كون الأفراد المأتي بها من نوع واحد أو يكفي اشتراكها في الجنس وجهان أظهرهما الثّاني لصدق الإصرار على الذّنب و تكراره وفاقا للفاضل الخراساني (- قدّه -) في الذّخيرة و خلافا للشّيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه تعالى برهانه حيث استظهر الأوّل و قد بسط المقال فيه في الذّخيرة حيث قال المراد بالإصرار على الصّغيرة الإكثار منها سواء كان من نوع واحد أو من أنواع مختلفة و قيل المراد به على نوع واحد منها و قيل يحصل بكلّ منهما و نقل بعضهم قولا بانّ المراد به عدم التوبة و هو ضعيف و قسّم بعض علمائنا الأعلام الإصرار إلى فعلىّ و حكمي فالفعلي هو الدوام على نوع واحد من الصّغائر بلا توبة أو الإكثار من جنس الصّغائر بلا توبة و الحكمي هو العزم على فعل تلك الصّغيرة بعد الفراغ منها و هذا ممّا ارتضاه جماعة من المتأخّرين و النّص خال عن بيان ذلك لكن المداومة على نوع واحد من الصّغائر و العزم على فعل تلك الصّغيرة بعد الفراغ منها يناسب المعنى اللّغوي المفهوم من الإصرار و امّا الإكثار من الذّنوب و ان لم تكن من نوع واحد بحيث يكون ارتكابه للذّنب أغلب من اجتنابه عنه إذا عنّ له من غير توبة فالظّاهر انّه قادح في العدالة بلا خلاف في ذلك بينهم و نقل الإجماع عليه المصنّف (- ره -) في التّحرير فلا فائدة في تحقيق كونه داخلا في مفهوم الإصرار أم لا و يفهم من العبارة المنقولة عن المحقّق انّه غير داخل في معنى الإصرار و كذا من كلام (- المصنف -) (- ره -) حيث قال في باب الشّهادات من هذا الكتاب و بالإصرار على الصّغائر أو في الأغلب و نحوه قال في (- عد -) و قال في (- ير -) و عن الإصرار على الصّغائر و الإكثار منها ثمَّ قال و امّا الصّغائر فإن داوم عليها أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردّت شهادته إجماعا و على كلّ تقدير فالمداومة و الإكثار من الذّنب و المعصية غير قادح في العدالة و امّا العزم عليها بعد الفراغ ففي كونه قادحا تأمّل ان لم يكن ذلك اتّفاقيّا و في صحيحة عمر بن يزيد السّابقة إشعار بالعدم إذ الظّاهر ان إسماع الكلام المغضب للأبوين معصية انتهى ما في الذّخيرة و أقول لا ينبغي التأمّل في عدم اعتبار كون الذّنب الّذي أصرّ عليه من نوع واحد بل يكفي إكثاره لصغائر مختلفة لإطلاق النّصوص و الفتاوى و لو فرض الشكّ فأصالة عدم اشتراط كونها من نوع واحد حاكمة على استصحاب العدالة كما لا يخفى قوله طاب ثراه و حكم الجميع انّه إن كان عازما على العود فالظّاهر صدق الإصرار عرفا (- اه -) فيترتّب عليه حكمه و هو إيراث الفسق و زوال العدالة و يدلّ على ذلك مضافا الى ذلك ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن ابى على الأشعري عن محمّد بن سالم عن احمد بن نضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال الإصرار أن يذنب الذّنب فلا يستغفر اللّه و لا يحدّث نفسه بالتّوبة فذلك الإصرار قوله طاب ثراه و قد عدّ عليه السّلام في حديث العقل و الجهل (- اه -) أشار بذلك الى ما رواه الكليني (- ره -) في أواسط باب العقل و الجهل في أوائل أصول الكافي عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد عن علىّ بن حديد عن سماعة بن مهران قال كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و عنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل و الجهل فقال أبو عبد اللّه (- ع -) اعرفوا العقل و جنوده تهتدوا قال سماعة فقلت جعلت فداك لا نعرف الاّ ما عرّفتنا فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ اللّه عزّ و جلّ خلق العقل و هو أوّل خلق من الرّوحانيّين عن يمين العرش من نوره فقال له أدبر فأدبر ثمَّ قال له اقبل فأقبل فقال اللّه تبارك و تعالى خلقتك خلقا عظيما و كرّمتك على جميع خلقي قال ثمَّ خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيّا فقال له أدبر فأدبر ثمَّ قال له اقبل فلم يقبل فقال له استكبرت فلعنه ثمَّ جعل للعقل خمسة و سبعين جندا فلمّا راى الجهل ما أكرم اللّه به العقل و ما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل يا ربّ هذا خلق مثلي خلقته و كرّمته و قوّيته و انا ضدّه و لا قوّة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال نعم فان عصيت بعد ذلك أخرجتك و جندك من رحمتي قال قد رضيت فأعطاه خمسة و سبعين جندا فكان ممّا اعطى العقل من الخمسة و السّبعين الجند الخير و هو وزير العقل و جعل ضدّه الشرّ و هو وزير الجهل و الإيمان و ضدّه الكفر الى ان قال و التوبة و ضدّها الإصرار و الاستغفار و ضد الاغترار الحديث قوله طاب ثراه (- فت -) لعلّ وجه التأمّل هو الإشارة الى انّ غاية ما يدلّ عليه الخبر انّما هو كون الإصرار ضدّ التّوبة و اين ذلك من كون مجرّد ترك التّوبة و العزم على العود من دون فعل إصرارا قوله طاب ثراه و في حسنة ابن ابى عمير (- اه -) قد رواها الصّدوق (- ره -) في محكي التوحيد عن احمد بن زياد بن جعفر الهمداني عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن محمّد بن ابى عمير قال سمعت موسى بن جعفر عليه السّلام يقول (- اه -) و سمّاها حسنة باعتبار إبراهيم بن هاشم و قد أوضحنا في محلّه انّه ثقة فالسّند من الصّحاح دون الحسان قوله طاب ثراه لكن العرف يأباه (- اه -) لا يخفى عليك انّ العرف انّما يرجع اليه عند فقد الظّهور فاذا اعترف بظهور الأخبار في صدق الإصرار على العزم بعد فعل الأوّل قبل التوبة لم يضرّ عدم صدق الإصرار عليه عرفا قوله طاب ثراه و امّا العزم المجرّد فالظّاهر عدم الإصرار بمجرّده (- اه -) هذا ممّا لا ينبغي التّأمل فيه غايته كشف العزم المجرّد عن خبث السّريرة فلا يترتّب على الإصرار أثر

في عدم انفكاك المعصية عن الإصرار بترك التوبة بناء على وجوب التوبة

قوله طاب ثراه و قد أجاب بعض السّادة المعاصرين (- اه -) الظّاهر انّ المراد به صاحب الضوابط في دلائله و يدلّ على مختار هذا البعض جملة من الأخبار مثل خبر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً قال الكبائر الّتي أوجب اللّه عزّ و جلّ عليها النّار و ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي ثواب الأعمال عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن احمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن الفضيل عن ابى الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ قال من اجتنب الكبائر ما أوعد اللّه عليه النّار إذا كان مؤمنا كفّر اللّه عنه سيّئاته دلّ على تكفير الصّغائر باجتناب الكبائر و أطلق ذلك و لم يقيّد بما إذا تاب الاّ ان يقال انّ قوله عليه السّلام إذا كان مؤمنا يزيل الإطلاق نظرا الى انّ المؤمن لا بدّ و ان يندم على ما ارتكبه من الصّغائر فما أجاب به الماتن (- قدّه -) هو الحقّ المتين قوله طاب ثراه لو صلحت دالة (- اه -) كلمة دالّة بمنزلة المنصوب بنزع الخافض اى لو صلحت للدّلالة قوله طاب ثراه لم يفرق (11) هكذا في نسخة المتن و الصّحيح لم تفرق بالتّاء لأنّ الكلمة خبر لجملة و أدلّة تكفير الأعمال و يعتبر تأنيث خبر المؤنّث قوله طاب ثراه و ثالثة

ص:276

في حكمها بعد الوجود (- اه -) حيث انّه (- قدّه -) لم يف بالوعد بالنّسبة الى هذه الثّالثة لزمنا استيفاء المقال فيها فنقول انّ التوبة إذا تحقّقت بشرائطها أوجبت ترتّب آثار العدالة من جواز الايتمام و سماع الشّهادة و نحو ذلك على التّائب لما يأتي في كلام الماتن (- ره -) من إزالة التوبة الذّنب و للشّهيد الثّاني (- ره -) في (- لك -) في المقام تفصيل يعجبني نقله قال (- ره -) التّوبة تنقسم الى ما هي بين العبد و بين اللّه تعالى و هي الّتي يندفع بها اثم الذّنب و الى توبة في الظّاهر و هو الّذي يتعلّق بها الشّهادات و الولايات فامّا التّوبة الأولى فهي أن يندم على ما مضى و يترك مثله في الحال و يعزم على ان لا يعود اليه و يكون الباعث على ترك القبيح قبحه ثمَّ إن كانت المعصية لا يتعلّق بها حقّ اللّه تعالى و لا للعباد كالاستمتاع بما دون الوطي فلا شيء عليه سوى ذلك و ان تعلّق بها حقّ مالي كمنع الزّكوة و الغصب و الجنايات في أموال النّاس فيجب مع ذلك تبرئة الذمّة منه بان يؤدّى الزّكوة و يردّ أموال النّاس ان بقيت و يعزم بدلها ان لم تبق أو يستحلّ من المستحقّ فيبرئه منها و لو كان معسرا نوى الغرامة له إذا قدر و ان تعلّق بالمعصية حقّ ليس بمالي كما لو زنا أو شرب الخمر فان لم يظهر فيجوز ان يظهره و يقرّبه ليقام عليه الحدّ الاّ ان يكون ظهوره قبل قيام البيّنة عليه عند الحاكم كما سيأتي من سقوط الحدّ بالتّوبة قبل قيام البيّنة (- مط -) و إن كان حقّا للعباد كالقصاص و القذف فيأتي المستحقّ و يمكّنه من الاستيفاء فان لم يعلم المستحقّ وجب في القصاص ان يخبره و يقول انا الذي قتلت أباك مثلا و لزمني القصاص فإن شئت فاقتصّ و ان شئت فاعف و في القذف و الغيبة ان بلغه فالأمر (- كك -) و ان لم يبلغه فوجهان من انّه حقّ ادمىّ فلا يزول الاّ من جهته و اليه ذهب الأكثر و من استلزامه زيادة الأذى و وعر القلوب و على الأوّل يأخذه فلو تعذّر الاستحلال منه بموته أو امتناعه فليكثر من الاستغفار و الأعمال الصّالحة عسى ان يكون عوضا عمّا يأخذه يوم القيمة من حسناته ان لم يعوّضه اللّه تعالى عنه و لا اعتبار فيه بتحليل الورثة و ان ورثوا حدّ القذف امّا الحق المالي إذا مات مستحقّه فإنّه ينتقل الى وارثه و يبرئ بدفعه إليهم و بإبرائهم منه و هكذا ينتقل من وارث إلى أخر و متى دفع هو أو أحد من ورثته أو بعض المتبرّعين الى الوارث في بعض الطّبقات برء منه و ان بقي إلى يوم القيمة ففي مستحقّه أوجه أحدها رجوعه الى صاحب الحقّ الأوّل و هو المرويّ في الصّحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال إذا كان للرّجل على الرّجل دين فمطله حتّى مات صالح ورثته على شيء فالّذي أخذ الورثة لهم و ما بقي فهو للميّت يستوفيه منه في الآخرة و ان لم يصالحهم على شيء حتّى مات و لم يقض عنه فهو للميّت يأخذه به و المراد بالصّلح على شيء في الأوّل امّا على بعض الحقّ مع إبقاء البعض في ذمّته أو الصّلح على وجه غير لازم امّا لاستلزامه الرّبا أو لعدم العلم بالمستحقّ بمقدار الحقّ مع علم من عليه الحقّ به أو نحو ذلك و الاّ فلو وقع على الجميع برء منه و إن كان بأقلّ و هو صلح الحطيطة كما تقدّم في بابه و الوجه الثاني انّه يكتب لكلّ وارث مدّة عمره أو عوض المظلمة ثمَّ يكون لاخر وارث و لو بالعموم كالإمام عليه السّلام لانّ ذلك قضيّة التّوارث لما يترك الميّت لعموم الكتاب و السّنة و الثّالث انّه ينتقل بعد موت الكلّ الى اللّه تعالى لأنّه الباقي بعد فناء كلّ شيء و هو يرث الأرض و من عليها و هو خير الوارثين و أصحّها الأوّل و امّا التّوبة الظّاهرة فالمعاصي تنقسم الى فعليّة و قوليّة امّا القوليّة كالقذف فاختلفوا في حدّ توبته فقيل ان يكذّب نفسه فيما كان قذف به سواء كان صادقا في قذفه أم كاذبا ثمَّ إن كان كاذبا فتكذيبه نفسه مطابق للواقع و إن كان صادقا ورّى باطنا بما يخرجه عن الكذب في تكذيبه نفسه مع كونه غير كاذب في نفس الأمر و انّما ألزمه التكذيب (- مط -) لانّ اللّه تعالى سمّى القاذف كاذبا متى لم يأت بالشّهداء على ما قذف به لقوله (- تعالى -) اَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ الى قوله فَأُولئِكَ عِنْدَ اللّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ و للنّصوص بذلك و اختار في (- ط -) و (- ئر -) انّ حدّ التّوبة ان يكذّب نفسه إن كان كاذبا و يعترف بالخطاء إن كان صادقا لانّ تكذيبه نفسه مع عدم كونه كاذبا في نفس الأمر قبيح فيكفيه الاعتراف بالخطاء و الأوّل أظهر للنّصوص و امّا الغيبة فتوبتها النّدم و التأسف على ما تحمّله من الوزر و الاستغفار لنفسه و لمن اغتابه كما ذكره و الاستحلال من المغتاب مع إمكانه فلو لم يمكنه و لو لكونه مثيرا للفتنة و جالبا للضّغائن كفى الندم و الاستغفار لنفسه و للمغتاب و امّا الفعليّة كالزّنا و السّرقة و الشرب و كذا الكذب و نحوه من القوليّة فإظهار التّوبة منها لا يكفي في قبول الشّهادة و عود الولاية لأنّه لا يؤمن ان يكون له في الإظهار غاية و غرض فاسد فيختبر مدّة يغلب على الظنّ فيها انّه قد صلح عمله و سريرته و انّه صادق في توبته و لا يتقدّر ذلك بمدّة معيّنة لاختلاف الأمر فيه باختلاف الأشخاص و أمارات الصّدق و عند بعض العامّة يتقدّر بمضيّ الفصول الأربعة لأنّ لها أثرا بيّنا في تهيّج النّفوس و انبعاثها لمشتهياتها فاذا مضت على السّلامة أشعر ذلك بحسن السّريرة و اكتفى بعضهم بستّة أشهر لظهور عوده إن كانت فيها غالبا و لو كانت المعصية ممّا يترتّب عليها حقّ مالي فلا بدّ من التخلّص منه كالأولى انتهى المهمّ ممّا في (- لك -) مع تغيير يسير فيما لا بدّ من تغييره و اعترضه في الجواهر من وجهين أحدهما انّه لا وجه لاعتباره الخلاص من توابع الذّنب في التوبة الّتي بين العبد و بين ربّه لأنّ التوبة عبارة عن النّدم على وقوع الذّنب منه و العزم على عدم إيقاعه و اعتبار أزيد من ذلك فيها لا دليل عليه و دعوى انّ النّدم على ذلك لا يتحقّق الاّ بالخلاص ممّا تبعه منه واضحة الفساد ضرورة كون ذلك واجبا أخر نعم لو فرض كون التّابع من افراد الذّنب الّذي فرض التّوبة عنه اتّجه (- ح -) ذلك لعدم تحقّقها (- ح -) بدونه كما لو تاب عن ظلم النّاس و الفرض وجود مالهم عنده فلا توبة في الحقيقة عن ذلك الاّ مع الخروج عمّا في يده و إرجاعه إليهم بطريقه الشّرعي و الاّ فهو باق على الظّلم بخلاف ما لو تاب عن قتل النّفس مثلا و ان قصّر ببذل القصاص من نفسه إذ هو ذنب أخر و قلنا بجواز التبعيض في التّوبة و يمكن تنزيل كلام من أطلق على ذلك بل قد يظهر من البهائي في أربعينه المفروغيّة من ذلك فإنّه بعد ان ذكر جملة من الكلام في التوبة و الخروج من توابع الذّنب نحو ما سمعته منهم قال و اعلم انّ الإتيان بما تستتبعه الذّنوب من قضاء الفوائت و أداء الحقوق و التمكين من القصاص و الحدّ و نحو ذلك ليس شرطا في صحّة التّوبة بل هذه واجبات برأسها و التّوبة صحيحة بدونها و بها تصير أكمل و أتمّ و هو صريح فيما قلناه و لا ينافي ذلك ما ورد في بعض النّصوص المحمولة على إرادة التّوبة من سائر الذّنوب مثل ما نقل عن نهج البلاغة إذ لا يخفى عليك كون المراد التّوبة من سائر الذّنوب بل الظّاهر ارادة الفرد الكامل منها ضرورة انّه كما لا يكفي في جلاء المرئات قطع الأنفاس و الأنجرة المسوّدة لوجهها

ص:277

بل لا بدّ من صيقلها و ازالة ما حصل بحرمها من السّواد كذلك لا يكفي في جلاء القلب من ظلمات المعاصي و كدوراتها مجرّد تركها و عدم العود إليها بل يجب محو آثار تلك الظّلمات بأنوار الطّاعات فإنّه كما يرتفع إلى القلب من كلّ معصية ظلمة و كدورة كذلك يرتفع اليه من كلّ طاعة نور و ضياء بل الأولى محو ظلمه كلّ معصية بنور طاعة تضادّها بان ينظر التّائب الى سيّئاته مفصّلة و يطلب لكلّ سيّئة منها حسنة تقابلها فيأتي بتلك الحسنة على قدر ما اتى بتلك السّيئة فيكفّر استماع الملاهي مثلا باستماع القران و الأحاديث و المسائل الدينيّة و هكذا كما يعالج الطبيب الأمراض بأضدادها و قد تكفّل علماء الأخلاق ببيان هذه المقدّمات هذا ما في الجواهر و أقول ما ذكره كلّه حسن الاّ انّه لا يتّجه ردّا على الشيخ (- لك -) لأنّه لم يعتبر الخلاص من تبعة ذنب في التوبة منه و انّما اعتبر الخلاص من التّبعات مقدّمة لحصول العدالة نظرا إلى انّه ما دامت التبعة باقية فالفسق باق بل لا أظنّ الالتزام متّفقة بعدم حصول التّوبة عن ذنب خاصّ الاّ بالخروج عن تبعاته المخصوصة فضلا عن مثل الشّهيد الثّاني (- ره -) الّذي هو خرّيت هذه الصّناعة الثّاني انّ ظاهر كلامه هو الخروج عن الحقّ المالي بالإيصال إلى صاحبه و الوارث البعيد و إن كان من متبرّع على وجه لم يبق عليه شيء و فيه انّ الظّلم بحبس المال عن صاحبه لا يرتفع بالإيصال إلى الوارث و انّما يفيد الوصول إلى الوارث ارتفاع الظّلم عنه بنفس المال و امّا الحبس حقّ فالظّاهر تعلّقه به اللهمّ الاّ ان يقال انّ التوبة تكفّر ذلك و فيه ما فيه فإنّها لا ترفع حقوق النّاس و انّما هي ترفع عقاب الذّنب من حيث التوعّد عليه من اللّه تعالى عقلا أو سمعا على خلاف لهم ذلك و امّا حقّ النّاس فلا بدّ من وصوله إلى مستحقّيه و لا طريق لهذا الحقّ و أمثاله ممّا ليس لأحد العفو عنه الاّ صاحبه الاّ التوسّل إلى اللّه تعالى شأنه في تحمّل ذلك عنه و الإلحاح عليه في ذلك و التضرّع في الابتهال و نحوها فلعلّ اللّه يعوّضه يوم القيمة بما يرضيه عن مظلمته كما هو الرّجاء به و إلى ذلك أشير في الأدعية المأثورة عنهم عليهم السلام و من ذلك يظهر انّ المال الّذي لم يوص له إلى وارثه إلى أخر الأبد يصحّ مطالبة الجميع به و إن كان الأخير منهم يطالب بعينه و غيره يطالب به من حيث حبسه و قاعدة العدل تقتضي الانتصاف منه للجميع و أقول لعلّ مراد شيخ (- لك -) (- أيضا -) ليس هو البراءة من حقّ الحبس بدفع المال لدلالة ما اعتبره من لزوم التّوبة من الحقوق على لزوم التوبة من الذّنب الّذي ارتكبه بحبس الحقّ فتدبّر و قد تلخّص من جميع ذلك عود العدالة بالتّوبة المطمئنّ بصدورها مع شرائطها المعتبرة من المذنب و قد نفى وجدان الخلاف في ذلك في المستند و نفى في مجمع الفائدة البعد عن كونه إجماعيّا لكن في المستند انّ مرادهم من عود العدالة بالتّوبة العود الحكمي فلا اشكال و كذا ان أريد العود الحقيقي و قلنا بكون العدالة حسن الظّاهر أو الاجتناب المنبعث عن صفة نفسانيّة أو صفة باعثة على الاجتناب الفعلي إذ ليس المراد من حسن الظّاهر أو الاجتناب المذكور كونه (- كك -) دائما بل المراد انّه حين يتّصف بذلك فهو عادل و ان لم يكن قبله عادلا و لا شكّ انّ بعد العلم بالتّوبة يعلم لأجلها حسن ظاهره و يكون (- ح -) مجتنبا اجتنابا منبعثا عن صفة نفسانيّة بعثته على التّوبة نعم قد يشكل على القول بكون العدالة ملكة راسخة كالشّجاعة و السّخاوة كما هو ظاهر أكثر المتأخّرين فانّ في زوالها بفعل كبيرة إشكالا لأنّ فعل كبيرة لا ينافي تلك الملكة كما اشتهر ان الصّدوق قد يكذب ثمَّ في عودها بعد الزّوال بمجرّد التوبة (- أيضا -) اشكالا و يمكن التفصّى عن الأوّل بأنّهم لا يقولون بأنّ العدالة المعتبرة شرعا هي تلك الملكة فقط بل هي مع مقارنته بعدم فعل الكبيرة أي مع الاجتناب عنها فبمجرّد الارتكاب تزول العدالة الشرعيّة عنه ضرورة انتفاء الكلّ بانتفاء جزئه و بذلك يحصل التفصي عن الإشكال (- أيضا -) فانّ التّوبة لما كانت مزيلة لأثر الارتكاب أو كانت محصّلة للاجتناب المطلوب كما أشير اليه أو كانت قائمة شرعا مقام الاجتناب تعود العدالة الشرعيّة فالمراد زوال العدالة و عودها دون نفس الملكة أو انّ المراد بالزّوال و العود المذكورين انّ غاية ما يحصل من معرفة الملكة و لو بالمعاشرة التامّة الباطنيّة هي المعرفة الظنيّة و هي ترتفع بارتكاب كبيرة فإنّه كما يمكن ان يكون ذلك الارتكاب مع بقاء الملكة و بعث الأمور الخارجيّة على الارتكاب يمكن ان يكون لانتفاء الملكة أوّلا فالمراد زوال معرفة العدالة ثمَّ بعد ندامته و توبته يحصل الظنّ بكون الاجتناب لأصل الملكة و انّ الارتكاب انّما هو لأجل غلبة الأمور الخارجيّة هذا ما تيسّر لنا من الكلام في التوبة و ان شئت زيادة على ذلك فراجع كتب الأخبار و الأخلاق و الكلام و تدبّر قوله طاب ثراه و يعبّر عنه بالندم (- اه -) هذا الندم هو الّذي و رد في الأخبار الحثّ عليه و انّه موجب للغفران ففي مرسل عمرو بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول انّ الرّجل ليذنب الذّنب فيدخله اللّه به الجنّة قلت يدخله اللّه بالذّنب الجنّة قال نعم انّه يذنب فلا يزال خائفا ماقتا لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنّة و في خبر ابان بن تغلب قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه الاّ غفر اللّه له قبل ان يستغفر و ما من عبد أنعم اللّه عليه نعمة فعرف انّها من عند اللّه الاّ غفر اللّه له قبل ان يحمده و في خبر علىّ الجهضمي عن ابي جعفر عليه السلام قال كفى بالنّدم توبة ثمَّ انّ ظاهر أكثر الأخبار و ظاهر جملة من فقرات أدعية الصّحيفة اتّحاد التوبة مع النّدم و كون الندم توبة ففي موضع منها الهى إن كان الندم من الذّنب توبة فإنّي و عزّتك من النّادمين و في المناجات الأولى من الأدعية الخمسة عشر الهى إن كان الندم توبة إليك فإذا اندم النّادمين و ان كان الاستغفار حطّة للذّنوب فانّى لك من المستغفرين قوله طاب ثراه ظاهر الأكثر نعم (- اه -) قلت يدلّ عليه ما يأتي في المتن نقله عن نهج البلاغة نعم الظّاهر انّ العود بعد ذلك لا يكون كاشفا عن فساد التوبة الأولى ضرورة أنّ التوبة إذا كانت عبارة عن النّدم و العزم على عدم العود فاذا حصلت على هذا النّحو ترتّب عليها أثرها و هو الغفران فاذا عاد لم يكن لزوال الغفران وجه يعقل و يرشد إلى ما ذكرنا خبر ابى بصير قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام يا ايّها الّذين أمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا قال هو الذّنب الّذي لا يعود فيه ابدا قلت و أيّنا لم يعد فقال يا أبا محمّد انّ اللّه يحبّ من عباده المفتن التوّاب فانّ المفهوم منه حصول التّوبة بالنّدم و العزم على عدم العود و ان عاد بعد ذلك و مثل صحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يا محمّد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التّوبة و المغفرة اما و اللّه انّها ليست إلاّ لأهل الإيمان قلت و ان عاده بعد التّوبة و الاستغفار من الذّنوب و عاد في التّوبة قال يا محمّد بن مسلم أ ترى العبد المؤمن يندم على ذنبه و يستغفر منه و يتوب ثمَّ لا يقبل اللّه توبته قلت فان فعل ذلك مرادا يذنب ثمَّ يتوب و يستغفر فقال كلّما عاد المؤمن بالاستغفار و التّوبة عاد اللّه عليه بالمغفرة و انّ اللّه غفور رحيم يقبل التّوبة و يعفو عن السّيئات فإيّاك أن تقنّط المؤمنين من رحمة اللّه قوله طاب ثراه مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله لا كبيرة مع الاستغفار (- اه -) أشار بذلك إلى مسند ابن ابى عمير المتقدّم عند الكلام في انّ

ص:278

الذّنوب على قسمين كبيرة و صغيرة قوله طاب ثراه و قوله عليه السّلام دواء الذّنوب الاستغفار (- اه -) أشار بذلك إلى قول النبي (- ص -) في خبر السّكوني لكلّ داء دواء و دواء الذنوب الاستغفار قوله طاب ثراه و نحو ذلك مثل مرسل المفيد (- ره -) قال قال رجل يا رسول اللّه (- ص -) انّى أذنب فما أقول إذا ثبت قال استغفر اللّه فقال إنّي أتوب ثمَّ أعود فقال كلّما أذنبت استغفر اللّه فقال إذا تكثر ذنوبي فقال عفو اللّه أكثر فلا تزول تتوب حتّى يكون الشيطان هو المدحور و أصرح من ذلك خبر الفضيل بن عثمان المرادي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اربع من كنّ فيه لم يهلك بعدهنّ الاّ هالك يهمّ العبد بالحسنة فيعملها فان لم يعملها لم يكتب عليه شيء و ان هو عملها أجلّ سبع ساعات و قال صاحب الحسنات لصاحب السّيئات و هو صاحب الشمال لا تعجل عسى ان يتبعها بحسنة تمحوها فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ أو الاستغفار فان قال استغفر اللّه الّذي لا إله الاّ هو عالم الغيب و الشّهادة العزيز الحكيم الغفور الرّحيم ذو الجلال و الإكرام و أتوب اليه لم يكتب عليه شيء و ان مضت سبع ساعات و لم يتبعها بحسنة و استغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السّيئات اكتب على الشقي المحروم و ما رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمّد بن خالد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ما من مؤمن يقارف في يومه دليلته أربعين كبيرة فيقول و هو نادم استغفر اللّه الذي لا إله الاّ هو الحيّ القيّوم بديع السّموات و الأرض ذا الجلال و الإكرام و اساله ان يصلّى على محمّد و إله و ان يتوب علىّ الاّ غفر اللّه له و لا خير فيمن يقارف في يومه أكثر من أربعين كبيرة إلى غير ذلك من الأخبار و الّذي يقتضيه التدبّر في الأخبار انّ التوبة تحصل بالنّدم و العزم على عدم العود و انّ الاستغفار مكمل لذلك فتدبّر جيّدا

في أن التوبة مغايرة للاستغفار و في معنى الاستغفار

قوله طاب ثراه و عدّهما جندين من جنود العقل (- اه -) قد مرّ آنفا سند هذا الخبر و محلّ الحاجة منه فلاحظ قوله طاب ثراه كما في الخبر المشهور المرويّ في نهج البلاغة (- اه -) قد نقل (- قدّه -) الخبر بالمعنى و متنه المرويّ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (- ع -) انّ قائلا قال بحضرته استغفر اللّه فقال ثكلتك أمّك أ تدري ما الاستغفار الاستغفار درجة العلّيين و هو اسم واقع على ستّة معان أوّلها النّدم على ما مضى و الثّاني ترك العود إليه أبدا و الثالث ان تؤدّى إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى اللّه عز و جل أملس ليس عليك تبعة و الرابع ان تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها فتؤدّي حقّها و الخامس ان تعمد إلى اللّحم الّذي نبت على السّحت فتذيبه بالأحزان حتّى يلصق الجلد بالعظم و ينشو بينهما لحم جديد و السّادس ان تذيق الجسم أم الطّاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول استغفر اللّه و يوافقه في المؤدّى ما رواه في محكي تحف العقول عن كميل بن زياد انّه قال لأمير المؤمنين (- ع -) العبد يصيب الذّنب فيستغفر اللّه فقال يا ابن زياد التوبة قلت ليس قال لا قلت كيف قال انّ العبد إذا أصاب ذنبا قال استغفر اللّه بالتّحريك قلت و ما التّحريك قال الشفتان و اللّسان يريد ان يتبع ذلك بالحقيقة قلت و ما الحقيقة قال تصديق القلب و إضمار ان لا يعود إلى الذّنب الّذي استغفر منه الحديث قوله طاب ثراه و يدلّ عليه من الكتاب تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً الاية قد سقط من قلمه الشريف شيء و الصّحيح قوله (- تعالى -) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ - وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ الآية ثمَّ لا يخفى عليك ما في استدلاله بالآيتين على الوجوب من المناقشة ضرورة انّ الوجوب ان ثبت فإنّما هو بصيغة الأمر و قد التزم هو (- قدّه -) آنفا بانّ أوامر التّوبة إرشاديّة فلا معنى للاستدلال بها هنا على الوجوب و امّا الأخبار الّتي تمسّك بها فهي على كثرتها قد اقتصرت على بيان ثمرة التّوبة و خلت عن الأمر فالأولى الاستدلال للوجوب بحكم العقل المذكور و لا بأس بإيراد عدّة من الأخبار الّتي أشار إليها للتيمن بها و تبيّن صدق ما قلناه من خلوّها عن الأمر بها فمنها خبر معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول إذا تاب العبد توبة نصوحا اجله اللّه فسترة عليه في الدّنيا و الآخرة قلت و كيف يستر عليه قال ينسى ملكيه ما كتبا عليه من الذّنوب و يوحى إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه و يوحى إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان عليك من الذّنوب فيلقى اللّه حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذّنوب و منها صحيح ابى عبيدة قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول انّ اللّه تبارك و تعالى أشدّ فرحا بتوبة عبده من رجل؟؟؟ راحلته و زاده في ليلة ظلماء فوجدها فاللّه أشدّ بتوبة عبده من ذلك الرّجل براحلته حين وجدها و منها خبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له و المقيم على الذّنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ و منها خبر ابى بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول اوحى اللّه إلى داود النّبي (- ص -) يا داود انّ عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثمَّ رجع و تاب من ذلك الذّنب و أستحيي منّى عند ذكره غفرت له و أنسيته الحفظة و أبدلته الحسنة و لا أبالي و انا أرحم الراحمين و منها خبر السّكوني عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن أبيه (- ع -) عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه (- ص -) انّ للّه فضولا من رزقه ينجاه من شاء من خلقه و اللّه باسط يده عند كلّ فجر لمذنب اللّيل هل يتوب فيغفر له و يبسط يده عند مغيب الشّمس لمذنب النّهار هل يتوب فيغفر له و منها مرسل ابن ابى عمير المرفوع قال انّ اللّه اعطى التّائبين ثلث خصال لو اعطى خصلة منها جميع أهل السّموات و الأرض لنجوا بها قوله عزّ و جلّ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فمن أحبّه اللّه لم يعذّبه و قوله فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ و ذكر الايات و قوله إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ الآية إلى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه بأنّه دافع للضّرر (- اه -) توضيحه انّ الذّنب مستعقب للعقاب و التوبة مزيلة له عقلا و نقلا فيجب لوجوب دفع الضّرر المظنون فضلا عن المقطوع به كما هو ظاهر قوله طاب ثراه يقع في مقامات لا يخفى انّه قدّس سرّه و ان لم يفصّل بين المقامين الآخرين و هذا المقام بكلمة الثّاني و الثّالث الاّ انّه ذكر ما ينبغي ان يذكر فيهما و سنشير عند كلّ مطلب بأنّه مطلب المقام الفلاني إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه جزم بالأولى في (- س -) و لعلّه لعموم (- اه -) التّعبير عن الثّبوت بكلمة الأولى سهو من النسّاخ و الصّحيح كلمة الأوّل ثمَّ انا نقول انّ ما دلّ على قبول شهادة العادل يدلّ بإطلاقه أو بتنقيح المناط القطعي على قبول شهادته الفعليّة بعد كونها كالقوليّة في فقد الاحتمالات القادحة و الموهنة و لو بحكم الأصول و نحوها و غاية الفرق بين القول و الفعل انّ الاحتمالات المنافية في الفعل أكثر من القول و ذلك غير قادح بعد جعل المناط كون الفعل كالقول في الدّلالة فما افتى به في الدّروس قوىّ و ربّما استدلّ الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه لذلك بما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد

ص:279

القسم بن محمّد عن محمّد بن يحيى الخثعمي عن عبد الرّحيم القصير قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول إذا كان الرّجل لا تعرفه يؤمّ النّاس فيقرء القران فلا تقرء و اعتدّ بصلوته قال (- قدّه -) و قد شهد الشهيد (- ره -) في (- س -) باعتبار سنده قلت لم اعرف وجه شهادة الشهيد (- ره -) بعد شهادة رواية الحسين بن سعيد بكون المراد بالقسم بن محمّد هو الجوهري الواقفي الضّعيف مضافا الى جهالة حال عبد الرّحيم و كيف كان فتقريب الاستدلال على ما افاده الوالد (- قدّه -) انّه عليه السّلام في الايتمام بمن لا يعرفه و يجد النّاس يأتمون به و كلامه عليه السّلام مطلق شامل لما إذا لم يكن النّاس المؤتمّون معلومي العدالة فيشمل ما لو كانوا مجهولي الحال أو كانوا بأجمعهم فسّاقا أو مختلفين كما يشمل ما لو كانوا جميعا أهل العدالة غاية ما هناك انّه يخرج صورة كونهم بأجمعهم فسّاقا لفحوى ما دلّ على عدم قبول شهادة الفاسق و قوله و يبقى الباقي و مجهول الحال (- أيضا -) ساقط عن درجة الاعتبار الاّ انه يمكن ان يكون اجتماع المجهولين مفيدا للظنّ بل الوثوق و الاطمئنان في كثير من الأحيان كما يحصل من اجتماع أقوالهم الشياع و الظّاهر انّه ناظر إلى صورة افادة الظنّ و يلزمه التقييد بما عدى العدالة من الأمور المعتبرة شرعا في الشّاهد الكاشفة عن جهة مطابقة قوله الواقع ككونه عارفا بأنه لا يجوز الايتمام بالفاسق و لا مجهول الحال و كونه غير متّهم في ايتمامه ببعض الأغراض الفاسدة انتهى كلامه رفع مقامه و أقول عنوان الوثوق و الاطمئنان المعبّر عنه بالعلم العادي غير عنوان الشّهادة فإنّ الاعتماد على الأوّل انّما هو من باب بناء العقلاء و على الثاني من باب التعبّد الشرعي و لذا يعتبر في الثّاني عدالة الشّاهدين و لا يعتبر في الأوّل شيء بل يكون الملاك فيه الاطمئنان و ان حصل من فعل الفسّاق فإن أراد (- قدّه -) إثبات جواز الاعتماد على الوثوق الحاصل بفعل جماعة كما هو ظاهر كلامه أنار اللّه برهانه لم يكن حاجة إلى الاستدلال بالخبر لكون الاعتماد على الوثوق و الاطمئنان ممّا استقرّ عليه بناء العقلاء مع انّ الخبر كما يحتمل ذلك يحتمل كونه من باب الشّهادة الفعليّة و ان أراد إثبات حجيّة الشّهادة الفعليّة استنادا إلى الخبر ففيه مع انّ الخبر غير صريح في ذلك انّ إسقاط اعتبار العدالة في الفاعل ممّا لا وجه له و عبارة الشهيد (- ره -) في (- الروضة -) صريحة في اعتبار ذلك من باب الشهادة الفعليّة حيث قال و تعلم بالأخبار المستفاد من التّكرار المطلع على الخلق من التخلّق و الطّبع من التكلّف غالبا و بشهادة عدلين بها أو شياعها و اقتداء العدلين به في الصّلوة بحيث يعلم ركونهما اليه تذكية و لا يقدح المخالفة في الفروع الاّ ان تكون صلوته باطلة عند المأموم انتهى و ما ذكره موجّه مع فقد الاحتمالات القادحة على نحو فقدها في القول فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه تكلّف ضعيف (- اه -) الوجه في ذلك ظاهر ضرورة أعميّة الكتابة من التلفظ بالمكتوب أوّلا و عدم جعل التلفّظ المكتوب لفظا ثانيا قوله طاب ثراه و هي انّ كلّ طريق يجوز للإنسان ان يعمل عليه كالاستصحاب (- إلخ -) أقول هذه الكلّية أعني جواز استناد الشّاهد في شهادته على ما يجوز له الاستناد إليه في عمله من الأصول و الأمارات الشرعيّة و المعاملة معها معاملة الواقعيّات في مقام الشّهادات ممّا لا ينبغي التأمّل فيه كما أوضحنا ذلك في البحث الثّاني من المقصد الرّابع من النّظر الثّالث في كيفيّة الحكم من كتاب القضاء من منتهى المقاصد في شرح قول المحقّق (- ره -) و مع توجّهها يعنى اليمين يلزمه الحلف على القطع مطّردا فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه كما يظهر هذه الكلية من رواية حفص بن غياث (- اه -) هي ما رواه ثقة الإسلام (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه و علىّ بن محمّد القاساني جميعا عن القاسم بن يحيى عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال له رجل إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انّه له قال نعم قال الرّجل أشهد انّه في يده و لا أشهد انّه له فلعلّه لغيره فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام أ فيحلّ الشّراء منه قال نعم فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام فلعلّه لغيره فمن اين جاز لك ان تشتريه و يصير ملكا لك ثمَّ تقول بعد الملك هو لي و تحلف عليه و لا يجوز ان تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثمَّ قال أبو عبد اللّه (- ع -) لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق قوله طاب ثراه امّا لو لم تثبت هذه الكلّية كما هو ظاهر المشهور (- اه -) أقول في كون عدم ثبوت الكلّية ظاهر المشهور نظر بل منع كما لا يخفى على من راجع ما حرّرناه في الموضع المتقدّم إليه الإشارة من كتاب القضاء و في شرح المسئلة الاولى من المسائل الثلث الملحقة بالطّرف الثاني فيما به يصير شاهدا من كتاب الشّهادات من الشّرائع قوله طاب ثراه و امّا الشّهادة القوليّة (- اه -) هذا هو المقام الثّاني من المقامات الّتي وضع فيها الكلام و ما ذكره من عدم الخلاف و الإشكال في قبول قول العدلين في التذكية و الجرح في محلّه و أشار بما استدلّ به أوّلا من عموم حجيّة شهادة العدلين إلى ما ذكرناه في شرح أوائل المقصد الثالث من النّظر الثّالث في كيفيّة الحكم من كتاب قضاء الشرائع في مقام إثبات حجيّة البيّنة (- مط -) و عدم اختصاص حجيّتها بالمرافعة عند الحاكم من قول الصّادق (- ع -) في خبر مسعدة بن صدقة كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم انّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثّوب يكون عليك فقد اشتريته و هو سرقة أو المملوك عندك و لعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر فبيع أو أمرية تحتك و هي أختك أو رضيعتك و الأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو نقوم به البيّنة و قوله عليه السّلام في صحيح حريز إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم مضافا إلى إطلاق الأخبار الواردة في شروط قبول الشّهادة مثل الأخبار المزبورة الواردة في تفسير العدالة المتوقّف عليها قبول شهادة الرّجل بين المسلمين إلى غير ذلك من الأخبار السّليمة عن المعارض قوله طاب ثراه ما ورد من فعل النّبي (- ص -) (- اه -) قد تقدّم الخبر النّاقل لفعله (- ص -) هذا عند الكلام في مراد المفسّر للعدالة بحسن الظاهر فلاحظ قوله طاب ثراه و فحوى ما دلّ على اعتبارها في الجرح (- اه -) أشار بذلك إلى خبر علقمة المتقدّم نقله في طيّ الأخبار المستدلّ بها على كون العدالة عبارة عن الأسلم و عدم ظهور الفسق و هو بمنطوقه يدلّ على قبول الشّهادة في الجرح و بمفهومه و فحواه على قبولها في التعديل قوله طاب ثراه و هل هي معتبرة تعبّدا (- اه -) هذا هو المقام الثّالث من المقامات في إثبات العدالة بالشّهادة قوله طاب ثراه لكن مقتضى هذا التفصيل (- اه -) ما ذكره من التّفصيل وجيه و ما ذكره هنا من الملازمة و اللاّزم ممنوع إذ لا مانع من اعتبار العدالة في الشّاهد تعبّدا و اختصاص حجيّة شهادته بما إذا لم يظنّ خطاؤه أو اشتباهه كما لا يخفى

في انّ مطلق الظنّ بالعدالة هل هو معتبر أم لا

قوله طاب ثراه بقي الكلام في انّ مطلق الظنّ بالعدالة هل هو معتبر أم لا (- اه -) ينبغي لنا البحث هنا عن مطلق كواشف العدالة فنقول لا ريب و لا إشكال في كشف العلم و كفايته و كونه ؟؟؟ الحجج و ليس فوقه شيء و انّما الكلام في انّ ادنى الكواشف أيّ شيء و انّه هل يتعدّى من العلم به الّذي هو أقوى الحجج إلى أمر أخر أم لا فقد اشتهر و تداول عندهم انّ في المقام أقوالا ثلثة لعلمائنا الأعلام الأوّل انّ المعتبر بعد العلم حصول الظنّ الغالب بحصول ملكة العدالة المستند إلى البحث و الفحص و التتبع في أحوال من يريد معرفة

ص:280

عدالته على وجه ينكشف له ظنّا خلقه من تخلّقه و باطنه من ظاهره و هو المنسوب إلى المتأخرين الثّاني جواز التعويل على حسن الظّاهر و هو المنسوب إلى جمع من القدماء الثّالث ما نسب إلى الإسكافي و المفيد و الشيخ في (- ف -) و جماعة (- رهم -) و هو انّه يكفي في معرفة حاله ظهور الإسلام و عدم ظهور الفسق و لكنّ التأمّل في عبارات الأصحاب و روايات الباب يقضى بوجود وجوه خمسة أو ستّة في ذلك أحدها مقالة الإسكافي و الشّيخ (- رهما -) من جواز الاكتفاء بظهور الإسلام و عدم ظهور الفسق ثانيها عدم جواز الاعتماد الاّ على العلم بالملكة عزى إلى الشّهيد (- ره -) في باب الجماعة من (- س -) و لم نتحقّقه لانّه قال و تعلم العدالة بالشّياع و المعاشرة الباطنة و صلاة العدلين خلفه و لا يكفي الإسلام في معرفة العدالة خلافا لابن الجنيد (- ره -) و لا التّعويل على حسن الظّاهر على الأقوى انتهى فانّ مراده من قوله و تعلم انّما هو العلم الشرعي لا الواقعي بدليل قوله و صلاة العدلين ضرورة عدم سببيّتها بل و لا صلاة ألف عادل للعلم القطعي بعدالة الإمام نعم هو مذهب بعض الفقهاء الأواخر (- رض -) ثالثها جواز الاتّكال على حسن الظّاهر تعبّدا أو ظنّا نوعيّا و هذا هو الذي يفسّرون به كلام القائل باعتبار حسن الظّاهر و لذا يذكرونه في قبال قولهم رابعها كفاية مطلق الظنّ النّاشى من المعاشرة كما هو قضيّة إطلاق بعضهم خامسها اعتبار خصوص الاطمئنان و الوثوق النّاشيين من المعاشرة و المزاولة كما هو ظاهر الأكثر فهذه وجوه و أقوال خمسة بل ستّة لتعدّد القول بالاتّكال على حسن الظّاهر تعبّدا و القول بالاعتماد عليه من باب الظنّ النّوعي حجّة القول الأوّل أمور الأوّل و الثّاني و الثّالث الإجماع و أصالة الصّحة في فعل المسلم و الأخبار المستفيضة و قد تقدّمت هذه الوجوه عند نقلنا لحجج هذا القول في شرح قول الماتن (- ره -) و كيف كان فالمتّبع هو الدّليل و ان لم يذهب اليه الاّ قليل (- اه -) كما تقدّم الجواب عن الأوّلين و امّا الأخبار فالجواب عنها انّه ليس منها بعد الغضّ عن أسانيد أكثرها و وهن جميعها بالهجر بمخالفة المشهور و غيرها ما يتضح دلالته على هذا المذهب سوى صحيح حريز و خبر صالح بن علقمة في الجملة بل جملة منها على خلاف ذلك أدلّ مثل مرسلة يونس الّتي اعتبر في قبول الشّهادة مأمونيّة الظّاهر الّتي هي من أعلى مراتب حسن الظّاهر و خبر عبد اللّه بن المغيرة الذي تقدّم انّه خارج مخرج التّقيّة من حيث التّصريح فيه باعتبار معرفة الصّلاح الّذي هو عبارة عن حسن الباطن و ملكة العدالة المعلومة الانتفاء في النّاصبي فكأنّه عليه السّلام عدل عن التصريح بالجواب عن سؤال السّائل تقيّة إلى إعطاء قاعدة كلّية كي يحصّل السّامع حال محلّ السّؤال و مثل خبر عبد اللّه و حسنة البزنطي عن ابى الحسن عليه السّلام قال قلت كيف طلاق السّنة قال يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل ان يغشاها بشاهدين عدلين كما قال عزّ و جلّ في كتابه فإن خالف ذلك ردّ الى كتاب اللّه عزّ و جلّ إلى ان قال قلت فإن أشهد رجلين ناصبيّين على الطّلاق أ يكون طلاقا فقال من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطّلاق بعد ان يعرف منه خير و العجب من ثاني الشهيدين (- رهما -) حيث انّه في باب الطّلاق من (- لك -) بعد ان أورد حسنة البزنطي قال و هذه الرّواية واضحة الفساد و الدّلالة على الاكتفاء بشهادة المسلم في الطّلاق و لا يردان بعد ان يعرف خيرنا في ذلك و ذلك لانّ الخير قد يعرف من المؤمن و غيره و هو نكرة في سياق الإثبات لا يقتضي العموم فلا ينافيه مع معرفة الخير منه بالّذي استظهر من الشّهادتين و الصّلوة و الصّيام و غيرها من أركان الإسلام ان لم يعلم منه ما يخالف الاعتقاد الصّحيح لصدق معرفة الخير منه معه و في الخبر مع تقديره باشتراط شهادة عدلين ثمَّ اكتفى بما ذكر تنبيه على انّ العدالة هي الإسلام فإذا أضيف إلى ذلك ان لا يظهر الفسق كان اولى انتهى و تبعه في هذا الكلام بعض من تأخّر عنه و ظاهره الاكتفاء بشهادة سائر المخالفين بل تحقّق العدالة فيهم و ان الرّواية ناطقة بهذا المعنى و أنت خبير بأنّه ممّا يمكن تحصيل القطع بمخالفته لقواعد الأصحاب في الفروع بل و الأصول حتّى على القول بأنّ العدالة هي الإسلام مع عدم ظهور الفسق إن كان به قائل إذ لا فسق أعظم من الكفر بل التحقيق انّ المراد بالخبر ليس الاّ ملكة العدالة و لو تطبيقا بينها و بين سائر الرّوايات فانّ بعض اخبارهم يكشف عن بعض و عدول الإمام عليه السّلام عن التّصريح بعدم كفاية إشهاد النّاصبي في الطّلاق انّما هو على نوع من التقيّة و امّا خبر عبد الرّحيم و نحوه فخارج مخرج حكم أخر لكونه ناظرا إلى مقام جواز الاتّكال في التّعديل على صلاة جماعة خلف رجل مسلم لأنّه من جملة طرق العدالة و قد عرفت في كلام الماتن (- ره -) انّه أفتى بمضمونها جماعة من أهل الملكة شارطين حصول الظنّ و الاطمئنان بعدالة الإمام من جهة فعلهم كما هو منصرف الرّواية و امّا الخبر النّافي للباس عن شهادة اللاّعب بالحمّام إذا لم يعرف بفسق فإنّما هو ناظر إلى مجرّد عدم قدح اللّعب المذكور في نفسه في العدالة و امّا مرسل ابن ابى عمير فإنّه ناظر إلى صحّة الايتمام إذا تبيّن فسق الإمام أو كفره بعد الصّلوة و إلى انّ العدالة شرط علميّ في الإمام لا واقعيّ كما افتى به عامّة الأصحاب سوى الإسكافي و علم الهدى و امّا انّ الاتّكال على عدالته من أوّل الأمر هل هو بمجرّد ظهور الإسلام أو بحسن الظّاهر أو غير ذلك الّذي هو محلّ البحث فلا تعرّض فيها له أصلا و رأسا كما لا يخفى و امّا خبر عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امام لا بأس به في جميع أموره عارف غير انّه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما اقرء خلفه قال لا تقرء ما لم يكن عاقّا قاطعا فإنّما هو ناظر إلى انّ مجرّد إسماع الكلام الغليظ للأبوين لا يوجب الفسق بعد إحراز العدالة فيه و احتمال كون إسماعه لمصلحة دينيّة أو برضاهما أو غير ذلك و حاصله انّه بعد إحراز صفة العدالة في شخص لا يقدح فيه صدور ما بظاهره يحتمل الطّاعة و المعصية بل يحمل أفعاله و أقواله على الصّحيح كغيره أو هو محمول على وقوع التوبة منه أو على وقوعه مكفّرا عنه إذا لم يصرّ عليه أو غير ذلك و الاّ فهو بظاهره مخالف للإجماع و لا يقول به الشيخ (- ره -) فلا بدّ له من تأويله بل هو مخالف لمقصود الشيخ (- ره -) حيث جوّز الصّلوة على من ظهر فسقه و هو (- ره -) لا يقول به بل يشترط عدم ظهور الفسق و هذا واضح و امّا ما مرّ من قول أمير المؤمنين (- ع -) لشريح فهو وارد مورد الغالب فانّ الغالب فيمن ليس بفاسق العدالة ضرورة قلّة الواسطة في الغاية بل لعلّها ليس لها مصداق في الخارج بل مصاديقها فرضيّة محضة فهو بالدّلالة على المختار أحقّ و امّا صحيح حريز و خبر صالح بن علقمة فهما و إن كانا لا يخلو ان يحكم إطلاقهما من الدلالة على هذا المذهب لكن لا محيص من تقييدهما بغيرهما من سائر الرّوايات كما هو قضيّة المطلق و المقيّد اللّذين أريد منهما أمر واحد و كان المكلّف به فيهما امرا واحدا و الحاصل انّه لا شيء من الرّوايات المذكورة

ص:281

ناهضا بإثبات مقصد المستدلّ مضافا إلى معارضتها بأقوى منها سندا و دلالة و اعتضادا و عملا و عددا و تأييدا فلا محيص عن طرحها أو تأويلها على فرض دلالتها الرّابع انّه لو لا كفاية الإسلام و عدم ظهور الفسق لم ينتظم الأحكام للحكّام خصوصا في المدن الكبيرة و القاضي القادم إليها من بعد مع عدم خلطته و اختباره لهم ضرورة اقتضاء اعتبار غيره تعطيل كثير من الأحكام حتّى يختبرهم أو يكون عنده من هو مختبرهم و مخالطهم و لا ريب في كونه حرجا و عسرا و تعطيلا كيف و النّاس في كثير من الأمكنة لا يتمكّنون من ذلك في طلاقهم و ديونهم و غير ذلك ممّا يحتاجون فيه إلى العدل و أنت خبير بأنّه في غاية السّقوط لكونه مجرّد استبعاد و استيحاش و دعوى العسر و الحرج ممنوعة و دعوى الاختلال و ابطال الحقوق مقلوبة ضرورة انّا لو اقتصرنا في إثبات الحقوق و احقاقهما على مجرّد اخبار من ظهر منه الإسلام و لم يظهر منه الفسق لزم تضييع الحقوق و كيف يوثق في أمر دين الخلق و دنياهم و فروجهم و أموالهم و اعراضهم و دمائهم بمن لا يستوثق منه للأمانة و الصّدق و الصّلاح و قد مرّ في طيّ الكلام على الإشكالات الّتي أوردوها على القول بالملكة في ردّ كلام السيّد صدر الدّين نقل تقريب لطيف من بعض السّادة الخامس إطلاق قوله تعالى وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ حيث لم يقيّده بشيء و لا ينافيه قوله تعالى في أية أخرى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ إذ لا كلام في لزوم الشّاهد ذا عدل و انّما الكلام في انّه هل يحكم بعدالة المسلم حتّى يظهر خلافها أم لا و لا تعرّض في الآية الثّانية لهذا المعنى فيبقى إطلاق الأولى سليما عن المعارض و الجواب انّه لا محيص عن تقييد إطلاق الآية الأولى بالأخيرة و غيرها حتّى على مذهب المستدلّ فإنّه غير منكر لشرطيّة العدالة و انّما يذهب إلى الاكتفاء في معرفتها بظهور الإسلام و عدم ظهور الفسق و الوجه فيه مضافا الى الإجماع على اعتبار العدالة في الشّاهد و إلى الأخبار المتواترة انّهما من قبيل المطلق و المقيّد اللّذين أحرز فيهما اتّحاد التّكليف و لا محيص في مثلهما من حمل المطلق على المقيّد و ان لم نقل بحجيّة مفهوم الوصف كما هو محرّر في محلّه (- فح -) يصير مفاد الآية و استشهدوا شهيدين عدلين من رجالكم و بعد هذا بل بدونه لا دلالة فيها بوجه من الوجوه على كفاية ظهور الإسلام و عدم ظهور الفسق في إثبات العدالة ان لم يظهر منها لزوم حصول العلم بالعدالة كغيرها من سائر الموضوعات و لو بمعونة انّ الجهل بالشّرط جهل بالمشروط و لا يكفي مجرّد عدم العلم بانتفائها كما زعمه الشّهيد الثّاني (- ره -) في (- لك -) قائلا انّ اعتبار العدالة في الشّاهد اقتضى اعتبار أمر زائد على الإسلام لأنّ الإسلام داخل في قوله من رجالكم و لكن لا يدلّ على وجوب العلم بوجودها لانّ الآية المطلقة اقتضت قبول المسلم من رجالنا الشّامل بإطلاقه للفاسق و غيره و أية الوصف بالعدالة دلّت على اعتبار أمر زائد و هو اعتبار ان لا يكون فاسقا أمّا إثبات وصف أخر زائد على عدم العلم بالفسق فلا و اقلّه انّه المتنازع انتهى و هو؟؟؟ فهمه خارج عن مبلغ عقولنا و بالجملة فلا شيء من الوجوه المذكورة ناهضا لإثبات هذا المذهب كما لا يخفى على المتدرّب حجّة القول الثاني امّا على كفاية العلم بالملكة فهي انّه ليس فوقه شيء و امّا على عدم كفاية غيره فالأصل و الأدلّة الدّالة على عدم حجيّة غير العلم و حرمة العمل به سيّما في الموضوعات الّتي ادّعى الإجماع فيها بالخصوص على الحرمة بعد منع دلالة جملة من الأخبار و القدح في أسانيد جملة أخرى بل في بعضها دلالة على اعتبار العلم و المعرفة فينبغي ان ينزّل عليه غيره كي ينطبق الكلّ على القاعدة و منع نهوض دليل أخر و فيه انّ ما ذكره و إن كان بحسب القاعدة الأوّلية مسلّما الاّ انّه سيتّضح لك إنشاء اللّه تعالى دلالة الأخبار المعتبرة المنجبرة على الاجتزاء بالظنّ و الأمارات بل و دلالة الفعل و قاعدة العسر و الحرج بل و الهرج على عدم لزوم الاقتصار على العلم حجّة الأقوال الباقية الّتي الحقّ فيها و فيها الحقّ بعد الفراغ عن تعسّر تحصيل العلم غالبا أو دائما الأخبار الخاصّة الّتي مضى شطر منها مثل صحيح ابن ابى يعفور المتقدم في طيّ أدلّة القول بالملكة و خبر عامر الطّائي و خبر إبراهيم بن زياد الكرخي و مرسل يونس و خبر ابى علىّ بن راشد و غيرها ممّا مرّت إليه الإشارة عند تعرّض الماتن (- ره -) لدليل حسن الظّاهر و ما مرّ من إرسال النّبي صلّى اللّه عليه و آله رجلين يسئلان عن حال الشّاهد في قبيلته إلى غير ذلك من الأخبار الّتي استند إليها أرباب الأقوال المشار إليها فالقائل بالقول الثالث أعني طريقيّة حسن الظّاهر تعبّدا شرعيّا يأخذ بإطلاقها مدّعيا انّ نفس ستر العيوب و حضور جماعة المسلمين و عدم الظّلم و عدم الكذب و عدم خلف الوعد و مأمونيّة الظاهر و غيرها قد جعلت في هذه الرّوايات دليلا على العدالة من غير ان يعتبر فيها وصف ظنّ أو اطمئنان أو وثوق و لازمها بحكم إطلاقها كفاية الاجتزاء بها و ان كان الظنّ على عدم كون صاحبها صاحب الملكة فليست حالها الاّ كحال الأصول العمليّة الّتي تعبّدنا الشّارع بها و ان لم يكن لنا ظنّ على طبقها بل و لو ظننا على خلافها نعم لو علم بتخلّفها عن الملكة لم يجز الاجتزاء بها كما لا يجوز الأخذ بالأصول العمليّة إذ الطّريق و ان كانت طريقيّته من باب التعبّد لا يعتدّ به بعد العلم بتخلّفه عن الواقع و ما شرط فيه الوثوق و المأمونيّة فهو و ان كان مقيّدا لإطلاقها الاّ انّ سنده غير صحيح بل و دلالته غير نقيّة فلا يصلح للتقييد فينبغي ان يؤخذ بإطلاقها و إن كان الأحوط عند هذا القائل الاقتصار على حسن الظّاهر و انّه ليس حاله الاّ كحال البيّنة و الإقرار و اليد و خبر الواحد و الأصول العمليّة و اللّفظية على القول باعتبارها تعبّدا من غير اشتراط افادة الظنّ و عمدة نظره إلى مثل قوله عليه السّلام من صلّى الخمس في جماعة فظنّوا به كلّ خير حيث أمر عليه السّلام بالظنّ مع انّه غير مقدور لنا بل هو أمر قد يحصل و قد لا يحصل فليس الغرض منه الاّ ترتيب آثار المظنون و ان لم يحصل ظنّ نظير قوله عليه السّلام لا تنقض اليقين الاّ بيقين حيث انّ عدم نقضه مع ارتفاعه أمر غير مقدور لنا فلذا نزّلوه على عدم لزوم ترتيب آثار المتيقّن فكذلك في المقام حرفا بحرف و مثل قوله عليه السّلام ظهرت عدالته فانّ مراده (- ع -) من حكمه بظهورها مع انّ الضّرورة قائمة بانّ مجرّد عدم الظّلم و الكذب و الخلف لا يوجب ظهور العدالة و العلم بها ليس الاّ الظّهور الشرعي و الحكم التعبّدي و معاملة العدل معه على حدّ معاملته مع النّاس معاملة العدول و مثل قوله عليه السّلام من لم تره بعينك يرتكب معصية فهو من أهل العدالة و السّتر حيث رتّب الحكم بالعدالة و السّتر على مجرّد عدم رؤية المعصية و عدم الاطّلاع عليها بل و مثل قوله عليه السّلام إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسئل عن باطنه حيث اقتصر فيه على مجرّد مأمونية الظّاهر و نهى عن تفتيش الباطن نظير قوله عليه السّلام في لحوم أسواق المسلمين كل و لا نسئل و مثل صحيحة ابن ابى يعفور حيث اكتفى

ص:282

عليه السّلام بستر العيوب و حرّم التفتيش عمّا وراء ذلك إلى غير ذلك ممّا ظاهره كفاية مجرّد ظهور السّتر و العفاف و حسن الظّاهر من غير اعتبار حصول وصف الظنّ و لو ادنى مراتبه و امّا القائل بالقول الرّابع اعنى اعتبار الظنّ النّوعي فتقريبه قريب من التقريب المذكور و شواهده أكثر فإنّ حسن الظاهر لو خلّى و طبعه يفيد الظن بحسن الباطن فانّ الظّاهر عنوان الباطن فيؤول حاصل الأخبار إلى انّهم عليهم السّلام اعتبروا حسن الظّاهر الّذي هو في نفسه يفيد الظنّ فكان في قوّة اعتبارهم له لكونه مقيّدا له لو خلّى و طبعه و امّا القائل بالقول الخامس اعنى اعتبار افادة حسن الظّاهر الظن الفعلي اىّ مرتبة منه كان فهو ناظر إلى انصراف هذه الرّوايات و الأخذ بغالب أفرادها فإنّ حسن الظّاهر لا ينفكّ عن الظنّ بالملكة غالبا و عليه ينزّل قوله عليه السّلام فظنّوا به كلّ خير فانّ الظنّ لما كان غالب الحصول و الأمر به امرا بالمقدور فلا مانع من الأخذ بظاهره و امّا القائل بالوجه السّادس اعنى اعتبار الوثوق و الاطمئنان كالماتن (- ره -) فقد نظر بعد دعوى انصراف الأخبار إليه إلى خصوص قوله عليه السلام إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا فإنّ الايتمان بالظّاهر لا يمكن إلاّ إذا اطمئنّ من الباطن و قوله عليه السلام لا تصلّ الاّ خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه و ورعه و قوله عليه السّلام لا تصلّ الاّ خلف من تثق بدينه و أمانته فإنّ الوثوق بالدين و الأمانة و الورع لا يحصل ما لم يطمئنّ بالملكة بل و قوله (- ع -) إذا كان الرّجل صالحا عفيفا مميّزا محصّلا مجانبا للمعصية و الهوى و الميل و المحائل فذلك الرّجل الفاضل فانّ الظّاهر منه حصول الوثوق و الاطمئنان بوجود هذه الصفات فيه و هذا بحكم مفهومها و فحاويها أخصّ (- مط -) من سائر الرّوايات فلا مجال الاّ تخصيصها بها فان قلت انّ أصل اعتبار العدالة في الشّاهد و امام الجماعة و أمثالهما انّما هو من باب الموضوعيّة و التعبّد لا الطّريقيّة و المرئاتيّة و لذا لا يعملون فيها بالمرجّحات الدّاخليّة و لا الخارجيّة و ليس حال اعتبارها الاّ كحال اعتبار الذكورة و الاّ لوجب الرّجوع إلى المرجّحات عند تعارض البيّنات فاذا كان حال أصل اعتبارها من باب التعبّد فكيف يكون أصل دليلها من باب الوصف بل ينبغي ان يكون دليلها و كاشفها (- أيضا -) تعبّديا قلت على فرض تسليم كون أصل اعتبار العدالة في الشّاهد و الإمام و نحوهما من باب التعبّد المحض لا ملازمة بين الأمرين و كم من أمر كان اعتباره من باب التعبّد و كان الطريق المجعول له من باب الوصف كما في أغلب طرق الأحكام و من لاحظ الأخبار المشار إليها يراها كالشمس في رابعة النّهار ناطقة باعتبار حسن الظّاهر من باب الطّريقيّة بل هو في حدّ نفسه له طريقيّة إلى العدالة كما في سائر آثار الصّفات الباطنيّة و لكنّه لمّا كان امرا غير علميّ افتقر إلى الجعل و الاعتبار من الشّارع فحاله حال خبر الواحد و الإقرار و اليد و أمثالها من الأمارات الّتي يكون لها في حدّ أنفسها طريقيّة و كاشفيّة و الشّارع قد حكم بحجيّتها و جواز العمل بها الاّ انّه جعلها طريقا و مرآتا فان قلت انّ قوله عليه السلام لا تصلّ الاّ خلف من تثق بدينه و أمانته و قوله عليه السّلام فاذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا و إن كان بظاهره دالاّ على انّ اعتبار حسن الظّاهر انّما هو من باب بالطّريقيّة و انّه يعتبر فيه الوثوق الاّ انّ قوله عليه السلام من صلّى الخمس و قوله عليه السّلام من عامل النّاس و أمثالهما حاكمة عليهما على حذو حكومة أدلّة الاستصحاب على ما دلّ على اعتبار الطّهارة في الصّلوة و اعتبار الوقت فيها فكما انّ الاستصحاب يدرج الوضوء و الوقت المستصحبين في الوضوء الواقعي و يحكم بأنّ الصّلوة معهما صلاة مع الطّهارة الواقعيّة في الوقت الواقعي (- فكذلك -) قوله عليه السّلام من صلّى في خمس و غيره يدلّ على انّ من كان من صفته حضور الجماعة و عدم الظّلم في المعاملة و عدم الكذب في المحادثة و عدم التخلّف في المواعدة فهو محكوم في نظر الشّارع بالعدالة الواقعيّة و ينبغي ان يعامل معاملة العدل اليقيني فكيف بالعدل الظنّي أو الاطمئناني فلا محيص عن القول باعتباره من باب التعبّد و حمل الوثوق و الايتمان على الوثوق و الايتمان النّوعي أو الشّخصي قلت فيه أوّلا ما ذكرناه قريبا من انّ مفاد هذه الرّوايات ليس إلاّ افادة أصل الحجيّة و وجوب الأخذ بحسن الظّاهر و امّا من حيث أصل الطريقيّة فهو ليس بمجعول و ينبغي ان تلاحظ من تلك الجهة طريقة العرف فإن كان أهل العرف يعدّونه طريقا و ان لم يفد الظنّ كما ربّما يظنّ و ليس كان له وجه في الجملة و الاّ كما هو الظّاهر في النّظر فإنّك تريهم لا يحكمون بأن الشجاعة و الكرم و غيرهما من الصّفات النّفسانيّة إلاّ بعد رؤية تكرار أثارها منه و العدالة منهما فلا وجه له و بعبارة أخرى الظّاهر من الأخبار السّابقة احالة الشّارع أمر استكشاف الملكة على ما هو طريق عند أهل العرف إليها و هي المعاشرة و المزاولة الموجبة للاطّلاع الظنّي الاطمئناني على حالة الباطني المميّزة لخلقه من تخلّقه و جعلها حجّة واجبة الاتباع على حدّ غيرها من الأمارات الّتي تحتاج حجيّتها إلى الجعل فلا دلالة له فيها بوجه من الوجوه على حجيّة هذه الأمور من باب التعبّد الشّرعي و لعلّ استفادة هذا المعنى لا تحتاج الى مزيد تأمّل فمرجع الأخبار الحاكمة بزعمك هو الأخبار المحكوم عليها و ثانيا انّ الأخبار الحاكمة المشار إليها منصرفة إلى ما إذا حصل من الأمارات المذكورة فيها الاطمئنان و الوثوق و ثالثا سلّمنا عدم كونها ناظرة إلى طريقة العرف و عدم كونها منصرفة إلى صورة حصول الاطمئنان و لكنّا نقول انّ شرائط الحكومة في المقام مفقودة فإنّ قوله عليه السّلام من عامل النّاس (- اه -) و قوله عليه السّلام من صلّى الخمس (- اه -) و أمثالهما ليست بحيث تعدّ لاغية لو لا قوله عليه السّلام إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا الخبر و قوله عليه السّلام لا تصلّ الاّ خلف من تثق بدينه و أمانته كما هو واضح و كذا سائر ضوابط الحكومة بل لا محيص من العكس فان قلت انّ النّسبة بينهما ليست بالعموم و الخصوص المطلق بل كلّ عام من وجه و خاصّ من أخر من حيث انّ قوله عليه السّلام من عامل النّاس اعتبر المعاشرة و لم يعتبر الوثوق و الطّمأنينة و قوله عليه السّلام إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا اعتبر المأمونيّة و الوثوق و لم يعتبر المعاشرة فكيف يخصّص الأوّل بالأخير قلت أوّلا انّ الظّاهر من الخبر الأخير هو حصول الايتمان من المعاشرة و المزاولة لاموره و أحواله فهو أخصّ من صاحبه و ثانيا سلّمنا العموم من وجه و مع ذلك (- أيضا -) لا يجب العمل بهما في مادّة الافتراق تخصيصا لعموم منطوق كلّ بمفهوم الأخر بل يعمل بهما في مورد الاجتماع و ليس هو الاّ ما إذا حصل الايتمان بحصول الملكة بعد المعاشرة و بهما يقيّد قوله (- ع -) في صحيح ابن ابى يعفور و الدّلالة على ذلك كلّه ان يكون ساترا لعيوبه فإنّه و إن كان بإطلاقه يدلّ على نفي كلا القيدين بل لا يعتبر سوى السّتر للعيوب ظاهرا سواء حصلت منه طمأنينة بحصول الملكة أم لا و سواء اطّلع على كونه ساترا بالمعاشرة أو غيرها إلاّ انّهما أخصّ منه فلا محيص عن تخصيصه بمفهومهما معا و على مثلها فقس ما سواها على انّه يمكن دعوى انصرافه إلى صورة حصول الاطمئنان بالتّقريب السّابق و إلى

ص:283

الاطّلاع على كونه ساترا بالمعاشرة لكونه أغلب و أشيع على فرض إطلاقه من هذه الجهة قلنا ان نلتزم بإطلاقه و إطلاق أمثاله ممّا اعتبر فيه الاطلاع بحسن الظّاهر بقول مطلق و نقول بعدم الحاجة إلى المعاشرة بل من اين حصل العلم و الاطّلاع بحسن الظّاهر فهو كاف و ظهور قوله عليه السّلام من عامل النّاس و أشباهه في اعتبار المعاشرة انّما هو من باب ذكر الأفراد الشّائعة ضرورة أنّ الاطلاع على حسن الظّاهر لا يحصل غالبا الاّ بها و الاّ فلو فرض له الاطّلاع من جهة أخرى كما إذا تواتر انّ زيدا حسن الظّاهر و لم ير منه صغيرة و لا كبيرة بحيث حصل من ذلك الوثوق بالملكة فينبغي الجزم بكفايته و ربّما يدلّ عليه ما مرّ من قضيّة إرسال النّبي (- ص -) رجلين من خيار أصحابه يسئلان عن حال الشاهدين بل الظاهر منه جواز التعويل على مجرّد الاطّلاع على الظّاهر فما ظنّك بالمقام الّذي هو مجرّد معاملة العدل معه لا الشّهادة على العدالة فإن قلت انّ مقتضى كثير من الأخبار المذكورة كصحيحة ابن ابى يعفور و مرسلة يونس و غيرهما هو حصول العلم بكونه حسن الظّاهر عند كلّ أحد دائما لمكان حذف المتعلّق و هذا ممّا لا يمكن الالتزام به لانّ الاطّلاع على هذا المعنى أشكل بمراتب من الاطّلاع على الملكة النّفسانيّة فلا بدّ من تنزيلها أو صرفها إلى حصول العلم بكونه حسن الظّاهر و لو في الجملة عند بعض النّاس في بعض الأحيان و انّه يحكم بالعدالة بأدنى معاشرة و لا تقولون به قلت انّ هناك امرا ثالثا ينصرف اليه ظواهر الأخبار المذكورة و هو المعاشرة بالقدر المعتدّ به عرفا الّذي يستكشف منه و لو كشفا ظنّيا عن الملكة في حقّ من تحقّق في حقّه ذلك فان قلت انّ ظاهر جملة من الأخبار هو اعتبار حصول العلم و المعرفة بالحالة الباطنيّة كقوله عليه السّلام بعد ان يعرف منه خير و قوله عليه السّلام و عرف بصلاح في نفسه و مقتضاه عدم جواز الاعتماد على مجرّد الوثوق فكيف التّوفيق قلت على فرض ظهورها فيما ذكر و عدم ارادة الخير و الصّلاح الظّاهرين منها و عدم عمومها للوثوق الّذي يعامل أهل العرف معه معاملة العلم و ينزّلون كثيرا من كلمات الشّارع عليه لا محيص عن تنزيلها عليه و الاّ لزم احالة الأمر على طريق لا ينتفع به لندرة وجوده في الغاية أو طرحها لكونها مثبتة لحكم عسر موجب لاختلال النّظام كما لا يخفى و حاصل الكلام و فذلكة المرام انّ المستفاد من هذه الرّوايات بعد ضمّ بعضها إلى بعض و بعد ملاحظة منصرفها و ظواهرها انّ الشّارع قد رضى في استعلام عدالة الرّجل و ملكته الواقعيّة و في الحكم بتحقّقها بالسّلوك من المسلك الّذي يسلكونه أهل العرف من المعاشرة المعتدّ بها الكاشفة ظنّا اطمينانيّا عن الملكة المذكورة و كون جملة منها موهونة في حدّ نفسها بالإرسال و الضّعف لا يقدح بعد انجبارها بفتوى المشهور و عملهم بل لعلّ في سليم السّند منها الكفاية فتلخّص من ذلك كلّه انّ ما اختاره الماتن (- ره -) من اعتبار المعاشرة الموجبة لسكون النّفس و الاطمئنان أقرب إلى القاعدة و أنسب بالأخبار الواردة و به اتّضح وهن سائر الوجوه و الأقوال مضافا إلى ما يرد على القائل بكون اعتبارها من باب التعبّد أو الظنّ النّوعي من انّ الظّاهر و الباطن أمران إضافيّان فالظّاهر لأجل البلد باطن بالنّسبة إلى غيرهم و الظّاهر لأهل المحلّة باطن بالنّسبة إلى باقي أهل البلد و الظّاهر للجيران باطن لباقي أهل المحلّة و الظّاهر لأهل البيت باطن للجيران و الظّاهر للزّوجة باطن لغيرها و قد تكون السّلسلة بالعكس فلا يظهر لزوجته ما يظهر لغيرها و لا يظهر لأهل بلده ما يظهر لغيرهم و هكذا فجعل طريق العدالة مجرّد حسن الظّاهر من غير اعتبار حصول الوصف يخرجه عن ان يكون مضبوطا تنبيهات الأوّل انّ المراد بالوثوق و الاطمئنان انّما هو الظنّ الّذي لا يزول بمجرّد تشكيك المشكّك أو عروض ادنى القوادح بل تركن اليه النّفس و تطمئنّ به و لو في أدنى مرتبة الاطمئنان عملا بإطلاق الأخبار بل لو بنينا على اعتبار أقوى مراتبه لزم عسر الاطّلاع على العدل بل تعذّره غالبا فيختلّ أمر الشّرعيّات كما لا يخفى الثّاني انّ ما ذكر كلّه انّما هو الكلام في طريق الملكة الّتي هي تمام حقيقة العدالة أو جزئها و امّا طريق عدم وقوع المعصية الفعليّة الّذي هو بمنزلة جزئها الأخر أو شرطها فالظّاهر في النّظر كفاية أصالة العدم و استصحابه في إحرازه بل و أصالة الصّحة على بعض الوجوه و لعلّه إجماعيّ فمستند الحكم بالعدالة عند التحقيق أمران أحدهما الظنّ بالملكة أو الوثوق بها أو ظهور الإسلام أو حسن الظّاهر على اختلاف المذاهب و الأخر أصالة عدم صدور المعصية فعلا أو استصحابه أو أصالة الصّحة فتدبّر جيّدا الثّالث انّه قد بان لك بما فصّلناه إلى هنا وجه الخلاف الّذي ذكروه في انّ الأصل في المسلم هل هو أصالة العدالة أو الفسق أو التوقّف فذهب بعضهم الى انّ الأصل فيه العدالة و هذا ممّا يتفرّع على تفسير العدالة بمجرّد الإسلام و عدم ظهور الفسق و مستنده ما مرّ من مستنده و جوابه جوابه و ذهب جمع إلى انّ الأصل فيه الفسق نظرا إلى انّ الأصل التّكليف و اشتغال الذّمة بالعبادات و التّكاليف و الأصل عدم خروجه عن عهدتها حتّى يعلم قيامه بها و هذا هو المناسب للقول بأنّها الملكة لأنّ الأصل عدم حصول الملكة حتّى يحصل الاطّلاع عليها فأدلّة القول بالملكة تدلّ عليه و الحقّ هو التوقّف حتّى يعلم أحد الأمرين من عدالة أو فسق و لازمه عدم ترتيب آثار شيء منهما ما لم يعلم قوله طاب ثراه و يمكن الإيراد عليه أوّلا (- اه -) قد عرفت جواب الإيرادين ممّا ذكرناه هذا أخر ما أردنا إيراده في التعليق على رسالة العدالة و الحمد للّه تعالى على أنعم به علىّ من النّعم الظّاهرة و الباطنة و الصّلوة و السّلام على محمّد و إله أشرف البريّة و اللّعنة الدّائمة على أعدائهم و مخالفيهم و منكريهم أجمعين و يتلوه شرح القضاء عن الميّت و الحمد للّه ربّ العالمين

ص:284

حاشية على رسالة في القضاء على الميت

اشارة

بسم اللّه سبحانه و تعالى و له الشكر و الحمد و الصّلوة و السّلام على خير الخلق محمّد و إله الطّهر العمد و بعد فقد قال الإمام الماتن المحقّق الأنصاري قدّس اللّه نفسه الزكية مسئلة في قضاء الصّلوة عن الميّت و أقول القضاء بالمدّ و قد يقصّر كما صرّح بذلك جمع من أهل اللّغة قد استعمل في لغة العرب على معان عديدة ربّما انتهت إلى عشرة بل زادت عليها فمنها الأداء و الإتيان بالشّيء و منه قولهم قضى ما عليه من دين أو غيره أي أدّاه و اتى به و في المصباح المنير و غيره انّ منه قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ اى ادّيتموها و كذا منه قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ أي ادّيتموها و أتيتم بها ثمَّ قال في المصباح انّه استعمل العلماء القضاء في العبادة الّتي تفعل خارج وقتها المحدود شرعا و الأداء إذا فعلت في الوقت المحدود و هو مخالف للوضع اللّغوي لكنّه اصطلاحيّ للتميّز بين الوقتين انتهى قيل و من القضاء بمعنى الأداء و الإتيان قولهم قضى نحبه كأنّه لما كان موته لازما لا محالة صار ذلك كالحق الّذي عليه يطالب به فاذا مات فقد ادّى ما عليه و صرّح في التّاج بانّ استعمال قضى بمعنى مات مجاز و منها الفراغ قيل و منه قوله تعالى فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ اى قتله و فرغ منه و قيل انّ قوله تعالى فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ و قوله تعالى فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ (- أيضا -) من هذا القبيل و في وسائل المحقّق الكاظمي (- قده -) انّه يحتمله قولهم قضى نحبه و قضيت حاجتي و منها المضيّ و الإتمام فإنّ القاضي يمضي الأمر و يفعله و يتمّه و منه قوله سبحانه فَلَمّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ الآية و قوله جلّ ذكره قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ اى تمَّ و مضى و منها البلوغ و النّيل و منه قوله جلّ من قائل فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها اى بلغ ما يريد و ناله و قضيت حاجتي اى نلته و منها الإنهاء و الأعلام قال في التّاج و قضى اليه أنهاه و منه قوله تعالى وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أي أنهيناه اليه و ابلغناه ذلك انتهى و منها البيان و منه قوله سبحانه مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ اى يبيّن لك بيانه و منها الحتم و الأمر و منه قوله سبحانه وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ و ربّما جعله غير واحد بمعنى الحكم و ما ذكرناه أظهر و منه (- أيضا -) قوله تعالى ثُمَّ قَضى أَجَلاً اى حتم بذلك و أتمّه قاله في التّاج و غيره و منها الصّنع و الخلق كما في قوله جلّ شانه فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ اى صنعهنّ و احكمهنّ و قال في تاج العروس مازجا بالقاموس و يكون القضاء بمعنى الصّنع و التقدير يقال قضى الشيء قضاء إذا صنعه و قدّره و قوله تعالى فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ اى خلقهن و عملهنّ و صنعهنّ و قدّرهنّ و احكم خلقهنّ و منه القضاء المقرون بالقدر و هما أمران متلازمان لا ينفد أحدهما عن الأخر لأنّ أحدهما بمعنى الأساس و هو القدر و الأخر بمنزلة البناء و هو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء و منه قول ابى ذويب و عليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السّوابغ تبّع انتهى و منها الحكم كما في قوله سبحانه وَ اللّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ اى يحكم به فيكون القاضي الحاكم قال في التّاج القضاء بالمدّ و يقصر الحكم قال الجوهري أصله قضاى لانّه من قضيت الاّ انّ الياء لمّا جائت بعد الألف همزت قال ابن أبي برى صوابه بعد الألف الزّائدة طرفا همزت قضى عليه و كذا بين الخصمين يقضى قضيا بالفتح و قضاء بالمدّ و قضية كغنية مصدر و هي الاسم (- أيضا -) اى يحكم عليه و بينهما فهو قاض و ذلك مقضي عليه انتهى و منها فصل الأمر قولا أو فعلا و عن ابن فارس في المقاييس انّه أصل صحيح يدلّ على أحكام الأمر و إتقانه و إنفاذه انتهى و منه قوله سبحانه ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ . إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها إلى غير ذلك من المعاني الّتي يمكن إرجاع بعضها إلى بعض بل عن ابى إسحاق دعوى كون مرجع الجميع إلى الإتمام و انّ المعاني الأخر مصاديقه و افراده نظرا إلى انّ تمام كلّ شيء بحسبه فيكون مشتركا معنويّا و هو خير من الاشتراك اللّفظي الّذي المجاز خير منه كما تقرّر في محلّه و على كلّ حال فقد سمعت من الفيومي التّصريح بأنّ إطلاق القضاء على خصوص الإتيان بالموقّت في خارج وقته اصطلاح من العلماء و ليس الاستعمال في هذه الخصوصيّة من المعاني اللّغوية فما صدر من بعض مشايخنا (- قدّه -) من زعم انّه من المعاني اللّغوية و انّ منه قوله عليه السّلام من فاتته فريضة فليقضهما كما فاتته لا وجه له ثمَّ انّه قال في المصباح المنير انّ القضاء على جميع المعاني مصدر فتأمّل

في نقل بعض الأخبار الواردة في انتفاع الميت بما يفعله الأحياء

قوله طاب ثراه فعن الانتصار بعد اختيار انّ الوليّ (- اه -) ما عزى إلى الانتصار موجود فيه قال (- ره -) في باب الصّوم مسئلة و ممّا ظنّ انفراد الإماميّة به و لها فيه موافق و سنذكره القول بانّ الصّوم يقضى عن الميّت كانّا فرضنا رجلا مات و عليه أيّام من شهر رمضان لم يقضها بغير عذر فيتصدّق عنه لكلّ يوم بمدّ من طعام فان لم يكن له مال صام عنه وليّه فإن كان له وليّان فأكبرهما و باقي الفقهاء يخالفون في ذلك و لا يرون انّه يصام عن الميّت في قضاء شهر رمضان و في النّذر بل يتصدّق عنه و حكى عن ابى ثور انه يصام عن الميّت في قضاء شهر رمضان و في النّذر و هذه موافقة للإمامية و الحجّة للإماميّة الإجماع المتكرّر و قد طعن بما نقوله بقوله تعالى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى و انّ ذلك ينبغي ان يكون سعى غيره له و بما روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله من قوله عليه السّلام إذا مات المؤمن انقطع عمله الاّ من ثلث صدقة جارية و ولد صالح يترحّم عنه و علم ينتفع به و لم يذكر الصّوم منه و الجواب عن ذلك انّ الآية انّما تقتضي ان لا يثاب الإنسان إلاّ بسعيه و نحن لا نقول الميّت يثاب بصوم الحيّ و تحقيق القول في هذه المواضع إلى أخر ما نقله الماتن (- ره -) الاّ انّ في بعض الفقرات غلطا من النّاسخ غير مغيّر للمعنى فمنها قوله في صوم الولي و الصّحيح في صوم وليّه و منها قوله و الثّواب في هذا الفعل و الصّحيح و الثواب على الحقيقة في هذا الفعل و منها قوله لأجل هذا الفعل و الصحيح لأجل هذا العمل و منها قوله و سبب عن صومه و الصّحيح و سبب صومه و منها قوله و قيل صام عنه و الصّحيح و لانّه حصلت له به علقة قيل لأجلها صام عنه قوله طاب ثراه ثمَّ ساق أخبارا نبويّة (- اه -) قال في الانتصار بعد ذكر ما نقل عنه في المتن ما لفظه و خبرهم هذا معارض لما يروونه عن عائشة ان النّبي صلّى اللّه عليه و آله قال من مات و عليه صيام صام عنه وليّه و في خبر أخر انّ أمرية جائت إلى النبي (- ص -) فقال انّه كان على أمّي صوم شهرا فأقضيه عنها فقال صلّى اللّه عليه و آله أ رأيت ان كان على أمّك دين أ كنت تقضيه قالت نعم فقال صلّى اللّه عليه و آله فدين اللّه أحقّ ان يقضى و بما رواه ابن عبّاس عن النّبي (- ص -) في صوم النّذر انّه أمر وليّه ان يصوم عنه انتهى ما في الانتصار قوله طاب ثراه و تبعه في جميع السيّد أبو المكارم (- اه -) هذه النّسبة (- أيضا -) في محلّها فإنّه قال في الغنية في مبحث قضاء الصّلوة ما لفظه و من مات

ص:285

و عليه صلاة وجب على وليّه قضاؤها و ان تصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ اجزئه فان لم يستطع فعن كلّ اربع بمدّ فان لم يجد فمدّ لصلاة النّهار و مدّ لصلاة اللّيل و ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره و طريقة الاحتياط و كذلك نقول في وجوب قضاء الصّوم و الحجّ على الوليّ و قوله تعالى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى و ما روى من قوله صلّى اللّه عليه و آله إذا مات المؤمن انقطع عمله الاّ من ثلث لا ينافي ما ذكرناه لأنّا نقول انّ الميّت يثاب بفعل الوليّ و لا انّ عمله لم ينقطع و انّما نقول انّ اللّه تعالى تعبّد الوليّ بذلك و الثّواب له دون الميّت و يسمّى قضاء عنه من حيث حصل عند تفريطه و يعارض المخالف في قضاء العبادة عن الميّت بما رووه عن عائشة ثمَّ ساق الخبرين الأوّلين من الأخبار المتقدّمة في عبارة الانتصار و قال عقيب الثّاني و مثل ذلك رووا في الحجّ في خبر الخثعميّة عنه (- ص -) حين سالته عن قضائه عن أبيها ثمَّ ساق رواية ابن عبّاس قوله طاب ثراه ثمَّ من بعده الفاضل في المختلف نسبة الجواب عن الآية بما ذكره السيّد (- ره -) إلى (- لف -) في محلّها فإنّه عنون المسئلة تفصيلا و أجاب عن الاستدلال بالآية بمثل جواب الانتصار قوله طاب ثراه مع انّ الشّهيد (- ره -) في (- كرى -) حكى عنه (- اه -) قال في (- كرى -) في ذيل أحكام الأموات ما لفظه البحث السّادس فيما يلحق من الأفعال بعد موته قال الفاضل (- ره -) امّا الدّعاء و الاستغفار و الصّدقة و أداء الواجبات الّتي تدخلها النّيابة فإجماع قال اللّه تعالى وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ و قال اللّه تعالى وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ و قد سبق في الدّعاء للميّت عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله اغفر حيّنا و ميّتنا و عن الأئمة عليهم السّلام نحو ذلك و في الفقيه عن الصّادق عليه السّلام انّ الميّت يفرح بالترحّم عليه و الاستغفار كما يفرح الحيّ بالهديّة تهدى اليه و روى انّ النّبي (- ص -) قال لعمرو بن العاص لو كان أبوك مسلما فاعتقتم عنه أو تصدّقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك و في البخاري و غيره عن ابن عبّاس قال رجل انّ أختي نذرت ان تحجّ و انّها ماتت فقال النّبي (- ص -) لو كان عليها دين أ كنت قاضيه قال نعم قال فاقض دين اللّه فهو أحقّ بالقضاء و امّا ما عداهما فعندنا انّه يصل اليه روى ابن بابويه عن الصّادق عليه السّلام ستّة تلحق المؤمن بعد وفاته ولد يستغفر له و مصحف بخلفه و غرس يغرسه و صدقة ماء يجريه و قليب يحفره و سنّة يؤخذ بها من بعده قلت هذا الحديث يتضمّن المهمّ من ذلك إذ قد روى ابن بابويه (- ره -) (- أيضا -) عن الصّادق عليه السّلام من عمل من المسلمين عن ميّت عملا صالحا أضعف له اجره و نفع اللّه عزّ و جلّ به الميت قال و قال عليه السّلام يدخل على الميّت في قبره الصّلوة و الصّوم و الحجّ و الصّدقة و البرّ و الدّعاء و يكتب أجره للّذي فعله و للميّت انتهى المهمّ الآن ممّا في (- كرى -) قوله طاب ثراه و قد حكى أكثرهما في الذكرى (- اه -) حيث انّ وضع التّعليق على استيفاء ما أهمله الماتن (- ره -) لزمنا نقل ما في (- كرى -) بطوله تتميما للفائدة و تكميلا للعائدة غايته انّا نترك ذكر ما سطره الماتن (- ره -) من متون الاخبار فرارا من التّكرار قال في (- كرى -) بعد عبارته المزبورة ما لفظه و لنذكر هنا احاديث من هذا الباب ضمنها السّعيد المرتضى رضىّ الدّين أبو القاسم علىّ بن الطّاوس الحسيني طيّب اللّه سرّه كتابه المسمّى غياث سلطان الورى لسكّان الثّرى و قصد به بيان قضاء الصّلوة عن الأموات الحديث الأوّل رواه الصّدوق (- ره -) في كتاب من لا يحضره الفقيه و قد ضمن صحّة ما اشتمل عليه فإنّه حجّة بينه و بين ربّه انّ الصّادق عليه السّلام سأله عمر بن يزيد أ نصلّي عن الميّت فقال نعم حتّى انّه ليكون في ضيق فيوسّع عليه ذلك الضّيق ثمَّ يؤتى فيقال له خفّف عنك هذا الضّيق بصلاة فلان أخيك عنك الثّاني ما رواه علىّ بن جعفر في مسائله عن أخيه موسى عليه السّلام قال حدّثني أخي موسى بن جعفر عليهما السّلام قال سألت أبي جعفر بن محمّد عليهما السّلام عن الرّجل إلى أخر ما في المتن من متن الرّواية مع ابدال قوله عليه السّلام إذا فعل بقوله عليه السّلام إذا جعل ثمَّ قال و لفظ ما أحبّ للعموم و جعلها نفسها للميّت دون ثوابها ينفي أن تكون هديّة صلاة مندوبة الثّالث من مسائله (- أيضا -) عن أخيه موسى عليه السّلام و سأله عن الرّجل هل يصلح ان يصلّى و يصوم عن بعض اهله بعد موته فقال نعم يصلّى ما أحبّه و يجعل ذلك للميّت فهو للميّت إذا جعله له الرّابع ما رواه الشيخ أبو جعفر الطّوسي بإسناده إلى محمّد بن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يصلّى عن الميّت قال نعم انه ليكون في ضيق فيوسّع عليه ذلك ثمَّ يؤتى فيقال له خفّف عنك هذا الضّيق بصلاة فلان أخيك الخامس ما رواه بإسناده إلى عمّار بن موسى السّاباطي من كتاب أصله المرويّ عن الصّادق عليه السّلام عن الرّجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه صوم هل يجوز له ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه الاّ مسلم عارف السّادس ما رواه الشيخ (- ره -) (- أيضا -) بإسناده الى محمّد بن ابى عمير عن رجاله عن الصّادق عليه السّلام في الرّجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال يقضيه اولى النّاس به السّابع ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني (- ره -) في الكافي بإسناده إلى ابن ابى عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه اولى النّاس به الثّامن هذا الحديث بعينه عن حفص بطريق أخر إلى كتابه الّذي هو من الأصول التّاسع ما روى في أصل هشام بن سالم من رجال الصّادق و الكاظم عليهما السّلام و يروى عنه ابن ابى عمير قال هشام في كتابه و عنه عليه السّلام قال يصل إلى الميّت الدّعاء و الصّدقة و الصّلوة و نحو هذا إلى أخر ما في المتن العاشر ما رواه علىّ بن أبي حمزة في أصله و هو من رجال الصّادق و الكاظم عليهما السّلام إلى أخر ما في المتن و عقبه بقوله أقول و هذا (- أيضا -) ذكره ابن بابويه (- ره -) في كتابه الحادي عشر ما رواه الحسين بن الحسن العلوي الكوكبي في كتاب المنسك بإسناده إلى علىّ بن حمزة قال قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام أحجّ و أصلّي و أتصدّق عن الأحياء و الأموات من قرابتي و أصحابي قال نعم صدّق عنه و صلّى عنه و لك أجر أخر بصلوتك إيّاه قال ابن طاوس رحمة اللّه عليه يحمل في الحيّ على ما تصحّ فيه النيابة من الصّلوة و يبقى الميّت على عمومه الثّاني عشر ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة إلى أخر ما في المتن من متن الحديث ثمَّ قال و هذا الحسن بن محبوب يروى عن ستّين رجلا من أصحاب ابى عبد اللّه عليه السّلام و روى عن الرّضا عليه السّلام و قد دعى له الرّضا عليه السّلام و اثنى عليه فقال فيما كتبه انّ اللّه تبارك و تعالى قد أيّدك بحكمة و أنطقها على لسانك قد أحسنت و أصبت أصاب اللّه بك الرّشاد و يسرّك للخير و وفّقك لطاعته الثّالث عشر ما رواه محمّد بن ابى عمير بطريق أخر عن الإمام عليه السّلام يدخل على الميّت في قبره الصّلوة و الصّوم و الحجّ و الصّدقة و البرّ و الدّعاء قال و يكتب أجره للّذي يفعله و للميّت قال السيّد هذا عمّن أدركه محمّد بن ابى عمير من الأئمّة عليهم السّلام و لعلّه عن مولانا الرّضا عليه السّلام الرابع

ص:286

عشر ما رواه إسحاق بن عمّار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول يدخل على الميّت في قبره الصّلوة و الصّوم و الحجّ و الصّدقة و البرّ و الدّعاء قال و يكتب أجره للّذي يفعله و للميّت الخامس عشر روى ابن بابويه عن الصّادق عليه السّلام يدخل على الميّت في قبره الصّلوة و الصّوم و الحجّ و الصّدقة و العتق السّادس عشر ما رواه عمرو بن محمّد بن يزيد قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ الصّلوة و الصّوم و الصّدقة و الحجّ و العمرة و كلّ عمل صالح ينفع الميّت حتّى انّ الميّت ليكون في ضيق فيوسّع عليه و يقال انّ هذا بعمل ابنك فلان و بعمل أخيك فلان أخوه في الدّين قال السيد قوله عليه السّلام أخوه في الدين إيضاح لكلّ ما يدخل تحت عمومه من الابتداء بالصّلوة على الميّت أو بالإجارات السّابع عشر ما رواه علىّ بن يقطين و كان عظيم القدر عند ابى الحسن موسى عليه السّلام في كتاب المسائل عنه (- ع -) قال و عن الرّجل يتصدّق على الميّت و يصوم و يعتق و يصلّى قال كلّ ذلك حسن و يدخل منفعته على الميّت الثّامن عشر ما رواه علىّ بن إسماعيل الميثمي في أصل كتابه قال حدّثني كردوين قال قلت لابيعبد اللّه (- ع -) الصّدقة و الحجّ و الصّوم يلحق بالميّت فقال نعم قال فقال هذا القاضي خلفي و هو لا يرى ذلك قال قلت و ما انا و ذا و اللّه لو أمرتني ان اضرب عنقه لضربت عنقه قال فضحك قال و سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصّلوة على الميّت أ تلحق به قال نعم قال و سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت انى لم أتصدّق بصدقة مذ ماتت أمّي إلاّ عنها قال نعم قلت افترى غير ذلك قال نعم نصف عنك و نصف عنها قلت أ تلحق بها قال نعم قال السيّد (- ره -) قوله الصّلوة على الميّت أي الّتي كانت على الميّت أيّام حيوته و لو كانت ندبا كان الّذي يلحقه ثوابها دون الصّلوة التّاسع عشر ما رواه حمّاد بن عثمان في كتابه قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام انّ الصّلوة إلى أخر ما في المتن من متن الرّواية مع زيادة قوله أخوه في الدّين العشرون ما رواه عبد اللّه بن جندب قال كتبت إلى ابى الحسن عليه السّلام اساله عن الرّجل إلى أخر ما في المتن من متنه و بعده عبارة السيّد الحادي و العشرون ما رواه محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري انّه كتب إلى الكاظم عليه السلام مثله و أجاب مثله الثّاني و العشرون ما رواه ابان بن عثمان عن علىّ بن مسمع قال قلت لابيعبد اللّه (- ع -) انّ أمي هلكت و لم أتصدّق بصدقة كما تقدّم إلى قوله فيلحق ذلك بها قال نعم قلت و الحجّ قال نعم قلت و الصّلوة قال نعم قال ثمَّ سألت أبا الحسن (- ع -) بعد ذلك (- أيضا -) عن الصّوم فقال نعم الثّالث و العشرون ما رواه الكليني (- ره -) بإسناده إلى محمّد بن مروان قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ما يمنع الرّجل منكم ان يبرّ والديه حيّين و ميّتين يصلّى عنهما و يتصدّق عنهما و يحجّ عنهما فيكون الّذي لهما و له مثل ذلك فيزيد اللّه ببرّه و صلوته خيرا كثيرا الرّابع و العشرون عن عبد اللّه بن سنان عن الصّادق (- ع -) قال الصّلوة الّتي حصل وقتها قبل ان يموت الميّت يقضى عنه اولى النّاس به إلى هنا ما أهمّنا الآن ممّا في (- كرى -) قوله طاب ثراه و منها قضيّة الخثعميّة (- اه -) حكى في (- كرى -) عن السيّد (- ره -) الاستدلال بدليل مركّب من قضيّتين هذه القضيّة دليل احد شطريه قال (- ره -) ما لفظه ثمَّ ذكر السيّد بن طاوس (- ره -) انّ الصّلوة دين و كلّ دين يقضى عن الميّت امّا انّ الصّلوة تسمّى دينا ففيه أربعة أحاديث الأوّل ما رواه حمّاد عن أبي عبد اللّه الصّادق (- ع -) في اخباره عن لقمان عليه السّلام و إذا جاء وقت صلاة فلا تؤخّرها لشيء صلّها و استرح منها فإنّها دين الثّاني ما ذكره ابن بابويه في كتاب آداب المسافر إذا جاء وقت الصّلوة فلا تؤخّرها لشيء صلّها و استرح منها فإنّها دين الثّالث ما رواه ابن بابويه في كتاب معاني الأخبار بإسناده إلى محمّد بن الحنفيّة في حديث الأذان لمّا اسرى بالنّبي (- ص -) الى قوله ثمَّ قال حيّ على الصّلوة قال اللّه جلّ جلاله فرضتها على عبادي و جعلتها لي دينا إذا روى بفتح الدال الرّابع ما رواه حريز بن عبد اللّه عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل عليه من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصّبح و لم يصلّ صلاة ليلته تلك قال يؤخّر القضاء و يصلّى صلاة ليلته تلك و امّا قضاء الدّين عن الميّت فلقضية الخثعميّة لمّا سالت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت يا رسول اللّه انّ ابى أدركته فريضة الحجّ إلى أخر ما في المتن و لكن لا يخفى عليك عدم دلالة الحديث الرّابع على مطلوب السيّد لخلوّه عن إطلاق الدّين على الصّلوة قوله طاب ثراه انّ ابى أدركته الحج (- اه -) قد سقط بين كلمة أدركته و كلمة الحجّ كلمة فريضة و الصّحيح أدركته فريضة الحجّ قوله طاب ثراه في رواية مسائل علىّ بن جعفر إذا فعل ذلك له الموجود في نسخة الذّكرى إذا جعل ذلك بدل فعل ذلك قوله طاب ثراه و قريب منه رواية أخرى له أشار بذلك الى الحديث الثّالث من الأحاديث المتقدّم نقلها عن الذكرى قوله طاب ثراه في رواية أصل علىّ بن أبي حمزة لا بأس به فيما صنع (- اه -) قد سقطت كلمة يوجر قبل قوله فيما صنع قوله طاب ثراه في رواية أصل هشام أو يعلم من جميع ذلك هذا غلط من النّاسخ و الصّحيح أو يعلم من صنع ذلك قوله طاب ثراه و في هذا الظّهور تأمّل لعلّ وجه التأمّل انّ السّخط و إن كان انّما يكون لترك الواجبات أو ارتكاب المحرّمات الاّ انّ رفع السّخط بموجب الأخبار كما يكون بأداء الواجب عنه فكذا يكون بإتيان المستحبّات و الأمور الخيريّة عنه الا ترى إلى ما ورد عنهم عليهم السّلام من انّه مرّ عيسى بن مريم (- ع -) بقبر يعذّب صاحبه ثمَّ مرّ به من قابل فاذا هو ليس يعذّب فقال يا ربّ مررت بهذا القبر عام أوّل و هو يعذّب و مررت به العام و هو ليس يعذّب فأوحى اللّه جلّ جلاله اليه يا روح اللّه قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا و أوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه و مثله كثير في الأخبار مع انّ إصلاح الطّريق و إيواء اليتيم لا ربط لهما بأداء الواجبات عن الميّت و يحتمل ان يكون وجه التّأمّل هو الإشارة الى انّ الوصول ظاهر في وصول الثّواب الّذي هو لازم الاستحباب لكنّه محلّ منع فالوجه هو الأوّل قوله طاب ثراه في خبر ابن محبوب و الصّدقة و الدّعاء قد سقط بين الكلمتين كلمة و البرّ و هو موجود في النّسخ المعتبرة قوله طاب ثراه و نحوها روايتا إسحاق بن عمّار و ابن ابى عمير أشار بهما إلى الحديث الرّابع عشر و الثالث عشر من الأحاديث المتقدّم نقلها عن (- كرى -) قوله طاب ثراه و منها روايات ابن مسلم و ابن ابى يعفور (- اه -) هذا تلخيص ما في (- كرى -) فإنّه (- ره -) قال بعد عبارته المزبورة بلا فصل ما لفظه ثمَّ ذكر رحمه اللّه يعنى ابن طاوس عشرة أحاديث تدلّ بطريق العموم الأوّل ما رواه عبد اللّه بن ابى يعفور عن الصّادق عليه السّلام قال يقضى عن الميّت الحجّ و الصّوم و العتق و فعاله الحسن الثّاني ما رواه صفوان بن يحيى و كان من خواص الرّضا و الجواد عليهما السّلام و روى عن أربعين رجلا من أصحاب الصّادق عليه السّلام و ساق عين متن سابقة الثّالث ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و ساق المتن السّابق ثمَّ قال الرّابع ما رواه العلاء بن رزين في كتابه و هو

ص:287

احد رجال الصّادق عليه السّلام و ساق المتن السّابق ثمَّ قال الخامس ما رواه البزنطي رحمه اللّه و كان من رجال الرّضا عليه السلام و ساق المتن السّابق ثمَّ قال السّادس ما ذكره صاحب الفاخر و ساق ما في المتن ثمَّ قال السّابع ما رواه ابن بابويه رحمه اللّه عن الصّادق عليه السّلام قال من عمل من المسلمين عملا صالحا عن ميّت أضعف اللّه اجره و نفع اللّه به الميّت الثّامن ما رواه عمر بن يزيد قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من عمل من المؤمنين عن ميّت عملا صالحا أضعف اللّه اجره و ينعّم بذلك الميّت التّاسع ما رواه العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و ساق المتن الأوّل العاشر ما رواه حمّاد بن عثمان في كتابه قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من عمل من المؤمنين عن ميّت عملا صالحا أضعف اللّه اجره و ينعّم بذلك الميّت قلت و روى يونس عن العلاء بن رزين عن عبد اللّه بن ابى يعفور عن الصّادق عليه السّلام قال يقضى عن الميّت الحجّ و الصّوم و العتق و الفعل الحسن و ممّا يصلح هنا ما أورده في (- يب -) بإسناده عن عمر بن يزيد قال كان أبو عبد اللّه عليه السلام يصلّى عن ولده في كلّ ليلة ركعتين و عن والديه في كلّ يوم ركعتين قلت جعلت فداك كيف صار للولد اللّيل قال لانّ الفراش للولد قال و كان يقرأ فيها القدر و الكوثر فانّ هذا الحديث يدلّ على وقوع الصلاة عن الميّت من غير الولد كالأب و هو حجّة على من ينفى الوقوع أصلا أو ينفيه الاّ من الولد انتهى اللّهم ما في (- كرى -) قوله طاب ثراه و مثلها رواية عمر بن محمّد بن يزيد أشار بذلك إلى الخبر السّادس عشر من الأحاديث الأربع و العشرين المزبورة قوله طاب ثراه مثل ما عن الكليني (- ره -) (- اه -) قد رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن على عن الحكم بن مسكين عن محمّد بن مروان قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (- إلخ -) ما في المتن الاّ انّه سقط لفظ الرّجل بعد كلمة يمنع و كلمة و يحجّ عنهما بعد قوله عليه السّلام و يتصدّق عنهما و أبدل قوله فيزيده اللّه عزّ و جلّ ببرّه بقوله فيرزقه اللّه برّه قوله طاب ثراه و حكى عن الحسين بن الحسن الطّوسي (- اه -) هذا هو الخبر الحادي عشر من الأحاديث الأربع و العشرين المزبورة و لكنّه الكوكبي لا الكدكنى كما في المتن قوله طاب ثراه فقد روى في الفقيه (- اه -) العجب من عدم ذكره لمتن الرّواية و ها انا موردها لك روى الصّدوق (- ره -) بإسناده عن عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق بن عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوى قال قال يعطى من يصوم عنه في كلّ يوم مدّين و رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق بن عمّار لكنّه معارض بأخبار مستفيضة ناطقة بانّ من نذر صوم يوم معيّن فعجز عنه تصدّق لكلّ يوم بمدّ من حنطة قوله طاب ثراه عمّا هو عليه (- اه -) الظّاهر ان كلمة عمّا هو سهو من النّاسخ و انّ الصّحيح عمّن هو عليه قوله طاب ثراه فتأمّل الأمر بالتأمّل امّا للإشارة إلى انّ مستند عموم النّيابة إذا كان ما دلّ على مشروعيّة قضاء دين اللّه عمّا هو عليه لم يكن معنى لإلحاق المستحبّات به لعدم كونها دينا فالموضوع متعدّد أو إلى انّ عدم القول بالفصل لا حاجة إليه بعد جريان الأولويّة القطعيّة فإنّه إذا صحّت النّيابة في الواجبات صحّت في المستحبّات بالأولويّة (- فت -) قوله طاب ثراه المعتضد بقضيّة تعاقد صفوان (- اه -) قد جعل السيّد بن طاوس (- ره -) ذلك من الأدلّة دون المؤيّدات حيث قال على ما حكى عنه الشهيد (- ره -) في (- كرى -) ما لفظه و يدلّ على ان الصّلوة عن الميّت أمر مشروع تعاقد صفوان بن يحيى و عبد اللّه بن جندب و علىّ بن النعمان في بيت اللّه الحرام انّ من مات منهم يصلّى من بقي الصّلوة صلوته و يصوم عنه و يحجّ عنه ما دام حيّا فمات صاحباه و بقي صفوان فكان يفي لهما بذلك فيصلّى كلّ يوم و ليلة خمسين و مائة ركعة و هؤلاء من أعيان مشايخ الأصحاب و الرّواة عن الأئمة عليهم السّلام ثمَّ انّ الشهيد (- ره -) في (- كرى -) بعد نقل ذلك حكى عن السيّد بن طاوس (- ره -) ما يؤيد المطلوب حيث قال قال السيّد (- ره -) و حسنا قال انّك إذا اعتبرت كثيرا من الأحكام الشرعيّة وجدت الأخبار فيها مختلفة حتّى صنّف لأجلها كتب و لم تستوعب الخلاف و الصّلوة عن الأموات قد ورد فيها مجموع هذه الأخبار و لم نجد خبرا واحدا يخالفها و من المعلوم انّ هذا المهمّ في الدين لا يخلو عن شرع بقضاء أو ترك فاذا وجد المقتضى و لم يوجد المانع علم موافقة ذلك للحكمة الإلهيّة و قد ذكر ذلك الأصحاب لأنّهم مفتون بلزوم قضاء الصّلوة على الوليّ انتهى

في تعين قضاء الصلوات الفائتة على ولي الميت

قوله طاب ثراه ثمَّ المشهور انّ القضاء معيّن على الوليّ (- اه -) قد حكى العلاّمة (- ره -) في (- لف -) تعيّن القضاء على الوليّ عن الشيخين و ابني بابويه و السيّد المرتضى و بنى الجنيد و البرّاج و حمزة و إدريس (- رهم -) و قد وصف ذلك بالشهرة في باب الصّوم من (- ئق -) و المستند و الجواهر و غيرها بل في الكفاية انّه المعروف من مذهب الأصحاب بل نفى بعضهم الخلاف فيه الاّ من العمّاني و ادعى في (- ف -) و (- ئر -) و الغنية الإجماع عليه و نسبه في المنتهى إلى علمائنا و لكنّك قد سمعت آنفا عبارتي الانتصار و الغنية الصّريحتين في تخيير الوليّ بين القضاء و التصدّق مدّعيين عليه الإجماع و قد حكى القول بذلك عن العمّاني (- أيضا -) و عبارته المنقولة في (- لف -) هذه قد روى عنهم عليهم السّلام في بعض الأحاديث انّ من مات و عليه قضاء من شهر رمضان صام عنه أقرب النّاس اليه من أوليائه كما يقضى عنه دينه و (- كك -) من مات و عليه صلاة قد فاتته و زكاة قد لزمته و حجّ قد وجب عليه قضى عنه وليّه بذلك كلّه جاء نصّ الأخبار بالتّوقيف عن آل الرّسول (- ص -) عن لسان مخبريه من شيعتهم و قد اعتلّ من قال من الشيعة بهذا الخبر بان قال زعم من أنكر علينا هذا ممّن خالفنا انّ الميّت جائز ان يحجّ عنه و لا يجوز ان يصام و يصلّى عنه ردّا على رسول اللّه (- ص -) و خلافا لأمره و قد جاء الخبر في قضاء الصّوم و الصّلوة عن الميّت كما جاء في قضاء الحجّ عنه فلم كان أحدهما أولى بالقضاء عنه من الأخر لو لا التحكّم في دين اللّه و الخروج عمّا سنّه رسول اللّه (- ص -) و قد روى انّ من مات و عليه صوم من رمضان تصدّق عنه عن كلّ يوم بمدّ من طعام و بهذا تواترت الأخبار عنهم عليهم السّلام و القول الأوّل مطرح لانّه شاذّ انتهى و ما في المتن من نقل هذا القول عن الإسكافي لم افهم وجهه و انّما حكى في (- لف -) عنه القول المشهور كما انّ ما في (- لف -) من نقل القول المشهور عن السيّد المرتضى لعلّه في غير الانتصار و الاّ فقد سمعت عبارته الصّريحة في موافقة العمّاني و بالجملة فحجّة المشهور الأخبار الكثيرة الّتي ربّما يقال انّها قريبة من التّواتر أو متواترة تأتي جملة منها في كلام الماتن (- ره -) و ربّما استدلّ لذلك في (- لف -) بأنّها عبادة فاتت بعد وجوبها فوجب قضاؤها عنه كالحجّ و بأنّه دين اللّه تعالى فدخل تحت قوله (- ع -) للخثعميّة و قد سالته عن قضاء الحجّ أ رأيت لو كان على أبيك دين أ كنت تقضيه قالت نعم قال فدين اللّه أحقّ ان تقضى

ص:288

و بعموم قوله تعالى فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ * و لم ينصّ في الآية على المباشرة في القضاء قلت في الوجه الأوّل و الأخير نظر امّا الأوّل فلأنّه قياس لا نقول به و امّا الأخير فلانّ ظاهر الآية المباشرة و كفاية النّيابة هي المحتاجة إلى الدّليل حجّة العمّاني و السيّدين أمور الأوّل الإجماع سمعت التمسّك بهما من السيّدين (- رهما -) و فساده بعد كون المشهور خلافه كنار على علم الثّاني قاعدة الاحتياط تمسّك به السيّد بن زهرة في عبارة الغنية المزبورة و وهنه ظاهر ضرورة انّ الاحتياط في متابعة القول المشهور لأنّ برأيه ذمّة الوليّ بالقضاء مسلّم عند الطرفين و براءتها بالتصدّق ممّا ينكره الأكثر فالقصر على القضاء و عدم التخيير بينه و بين التصدّق أحوط الثالث ما سمعته من العمّاني من دعوى تواتر الأخبار بذلك و يدفعه انّ التتبّع قاض بأنّه ليس هنا خبر يدلّ عليه سوى الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي جعفر الثّاني عليه السّلام قال قلت له رجل مات و عليه صوم يصام عنه أو يتصدّق عنه قال يتصدق فإنّه أفضل و الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن علىّ الوشّاء عن ابان بن عثمان عن ابى مريم الأنصاري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إذا صام الرّجل شيئا من شهر رمضان ثمَّ لم يزل مريضا حتّى مات فليس عليه قضاء و ان صحّ ثمَّ مرض حتّى يموت و كان له مال تصدّق عنه فان لم يكن له مال تصدّق عنه وليّه و الجواب انّ الصّحيحتين غير قابلتين لمعارضة أخبار القول المشهور لكثرة تلك عددا و اعتضادها بالشهرة العظيمة و المخالفة للعامّة كما صرّح به جماعة فيحمل الصّحيحتان المذكورتان على التقيّة على انّ صحيح ابى مريم قد رواه الكليني و الصّدوق (- رهما -) اللّذان هما أضبط بمتن مغاير للمتن المذكور و هو قوله ان صحّ ثمَّ مات و كان له مال تصدّق وليه مكان كلّ يوم بمدّ و ان لم يكن له مال صام عنه وليّه فيكون اختلاف المتن موهنا أخر على انّ مورد الخبرين خصوص الصّوم و المدّعى أعمّ منه و من الصّلوة و لم يرد في الصّلوة ما نطق بالإذن في التصدّق فالقول المشهور هو المنصور و العجب من رمى العمّاني له بالشذوذ مع انّ العكس أولى بالإذعان ثمَّ انّ ما عليه المشهور من انّه لو لم يكن له ولىّ تصدّق عنه من صلب ماله لا بأس به

الكلام في القاضي عن الميت

قوله طاب ثراه و امّا القاضي (- اه -) توضيح القول في ذلك انّه اختلف فقهائنا (- رض -) في تفسير الوليّ الّذي ورد النصّ بأنّه القاضي على أقوال أحدها انّه الولد الذكر و مع التعدّد فالأكبر من الأولاد الذّكور اختاره المحقّق في (- يع -) و جماعة و يأتي من الماتن (- ره -) نسبته إلى الشيخ و أكثر من تأخّر عنه بل في (- لك -) انّه المشهور بين المتأخّرين ثانيها ما ذكره المفيد (- ره -) بقوله فان لم يكن له ولد من الرّجال قضى عنه أكبر أوليائه من اهله و أولاهم به و ان لم يكن الاّ النّساء و قال في (- س -) بعد نقله انّه ظاهر القدماء و الأخبار و المختار و قال العلاّمة (- ره -) بعد نقله عن المفيد و هذا الكلام فيه حكمان الأوّل انّ الولاية لا تختصّ بالأولاد و الثّاني انّه مع فقد الرّجال يكون الولي هو الأكبر من النّساء ثالثها التّعميم بالنّسبة الى النّساء لا بالنّسبة إلى غير الأولاد من أصناف الورثة فقد حكى عن ابن برّاج انّه قال على ولده الأكبر من الذكور ان يقضى عنه ما فاته من ذلك و من الصّلوة (- أيضا -) فان لم يكن له ذكر فالأولى به من النّساء و قال في (- لف -) بعد نقل ذلك و هو موافق للحكم الثّاني من حكمي المفيد يعني الثّاني في كلامه المتقدّم و هو التعميم بالنّسبة إلى النّساء رابعها انّه عبارة عن الأولى بالميراث من الذكور (- مط -) حكاه في (- ك -) عن ابن الجنيد و ابني بابويه (- رهم -) ثمَّ اختاره و تبعهم على ذلك في (- ئق -) و المستند و لازم هذا القول كما صرّح به في المستند بعد اختياره هو كون الولاية على ترتيب الطّبقات في الإرث فمع الأب و الابن لا ولىّ سواهما و مع فقدهما تنتقل الولاية إلى الطّبقة الثّانية ممّن عدى النّساء و من هنا يظهر سقوط ما في الجواهر من نفى وجدان من عمل بالنّصوص على طبقات الإرث حجّة القول الأوّل أمور تمسّك بها في الجواهر و غيره الأوّل انّ المنساق من الوليّ هنا هو الولد خصوصا مع ملاحظة الشهرة و ردّ بالمنع بعد عدم وضع الوليّ للولد الأكبر بل هو موضوع لمن هو أقرب من غيره و اولى و هو يشمل الولد (- أيضا -) بل غيره إذا فقد هو و فقد الولد و لا مخصّص من موجبات الانصراف و الشهرة على فرض تحقّقها متأخّرة عن زمان صدور الأخبار فلا تصلح قرينة للمخاطبين بها اللهمّ الاّ ان تجعل كاشفة عن قيام قرينة عند صدورها فتأمّل الثّاني قوله سبحانه فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي فإنّ المراد به الولد فكذا هنا و ردّ بإمكان كون الإطلاق في الآية من باب الانطباق لا من باب الخصوصيّة الثّالث ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد يعنى ابن الحسن الصفار قال كتبت إلى الأخير عليه السّلام رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيّام و له وليّان هل يجوز لهما ان يقضيا عنه جميعا خمسة أيّام أحد الوليّين و خمسة أيّام الأخر فوقع عليه السّلام يقضى عنه أكبر ولديه عشرة أيّام ولاء إنشاء اللّه تعالى تمسّك به في الجواهر بناء على ما عن الحرّ العاملي (- ره -) من انّ روايته (- كك -) و إن كان الموجود فيما عندنا من الأصول ولييه لا ولديه و أقول في نسخة الوسائل المعتمدة (- أيضا -) وليّيه و كذا في نسخة من الكافي مصحّحة جدّا مقروة على الفاضل المجلسي (- ره -) و عليها اجازته بخطّه للأمير أبي طالب الحسني الحسيني و على ذلك فلا تدلّ المكاتبة على المطلوب و لا أقلّ من الاضطراب في المتن لذلك الاّ ان يقال ان تثنية الوليّ توهم كون المراد بالوليّين الولدين ضرورة ان أبا الميّت أكبر دائما من ابنه فلا وجه لإدارة الأمر مدار الأكبريّة فحيث اداره مدارها علم انّ المراد بالولي الولد (- فت -) الرّابع الموثّق كالصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن الحسين عن فضالة عن الحسين بن عثمان عن سماعة عن ابى بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل سافر في رمضان فأدركه الموت قبل ان يقضيه قال يقضيه أفضل أهل بيته تمسّك به في الجواهر باعتبار كون الولد هو أفضل أهل البيت بسبب اختصاصه بالحباء قال بل ظاهر الأصحاب في كتاب الميراث تعليل الحباء بانّ عليه القضاء بل ربّما فرّعوا عليه حرمان فاسد العقل و نحوه ممّن لم يكن صالحا للقضاء من الحبوة و قد اعترف في (- كرى -) بأنّ الأكثر قد قرنوا بين الحبوة و بين قضاء الصّلوة انتهى و ردّ بأنّه قد تضمّن التعبير بالأفضل و الظّاهر منه انّما هو كونه (- كك -) في نفسه لا باعتبار اختصاصه بشيء من مال الميّت يعطى إيّاه و امّا تعليل الحباء بانّ عليه القضاء فقد أوضحنا في كتاب الميراث من منتهى المقاصد خلوّه عن المستند الخامس صحيح حفص و مرسل حمّاد المذكور ان في المتن تمسّك بهما في الجواهر جاعلا الولد هو المراد بالوليّ فيهما بناء على انّه هو الأولى من جميع النّاس بالميراث باعتبار اختصاصه بالحبوة و فيه انّ الأولى به ظاهر في الأقرب إليه عرفا دون خصوص الولد و لذا انّ الرّاوي سئل ثانيا بأنّه إن كان اولى النّاس بميراثه أمرية فإنّه يكشف عمّا قلناه و قد التفت هو (- ره -) الى هذا المعنى و تكلّف للجواب عنه بقوله و لا ينافيه قوله فإنّ (- إلخ -) ضرورة كون المراد انّه إذا اتفق اختصاص المرية بالإرث و (- ح -) يكون المراد من اولى النّاس فردا معيّنا لا انّه مطلق يدور

ص:289

يدور الحكم مداره في جميع الطّبقات و لئن كان في ذلك نوع تكلّف أمكن جبره بالشهرة فإنّها صالحة لذلك و نحوه باعتبار حصول الظنّ بكون ذلك هو المراد دون غيره و إنكار الشهرة المعتدّ بها يدفعه التتبّع بل لم أجد من عمل بهذه النّصوص على طبقات الإرث انتهى المهمّ ممّا في الجواهر و أنت خبير بما فيه من منع جبر الشهرة للدّلالة على فرض تسليم ثبوت أصل الشّهرة و كشفها عن القرينة إن كان مظنونا له فليس مظنونا لغيره حجّة القول الثّاني أمران أحدهما قوله عليه السّلام في الرّضوي و إذا كان للميّت وليّان فعلى أكبرهما من الرّجال ان يقضى عنه و ان لم يكن له ولىّ من الرّجال قضى عنه وليّه من النّساء و الجواب عدم ثبوت نسبة الكتاب إلى الإمام عليه السّلام و لو سلّم فلا يعارض صحيح حفص و نحوه ممّا نفى فيه القضاء عن النّساء ثانيهما إطلاقات إثبات القضاء على الوليّ و الجواب أوّلا منع الإطلاق لورودها مورد إثبات القضاء على الولي في الجملة من دون نظر إلى تعميم في الأشخاص أو تخصيص كما يشهد بذلك إطلاق الحكم في صدر بعض الأخبار و التفصيل في ذيله بعد السّؤال بتخصيص الحكم بمن عدى النّساء و ثانيا على فرض تسليم الإطلاق لزوم تقييدها بصحيح حفص و نحوه ممّا نفى فيه القضاء عن النّساء حجّة القول الثّالث وجوه الأوّل الأصل المندفع بالدّليل الثّاني انّ الأولاد أولى النّاس بميراثه و لهذا يحجبون من عداهم حتّى الأب و فيه انّ الأولاد أولى من غيرهم عند وجودهم و هو لا ينفى كون غيرهم اولى عند فقدهم الثّالث أنّهم أوفر حظّا من الغير و أكثر نصيبا منه فهم الأولى فيجب ان يكونوا مختصّين بالإرادة من اللّفظ و ردّ بانّ الظّاهر من الأولى بالميراث هو ان يكون مقدّما في الإرث على غيره فلا يشمل من كان أكثر خطّأ من غيره و أوفر نصيبا منه عند وجودهما معا على انّ كونه أوفر نصيبا مطلقا ممنوع كما لا يخفى على من أحاط خبرا بفروض الميراث الرّابع الإجماع المركّب بتقريب انّ كلّ من قال ينفى الوجوب عن النّساء قال باختصاصه بالأولاد كما يظهر من تتبّع الفتاوى و يشير اليه بعض العبارات و ردّ بانّ دعوى الإجماع المركّب في مثل هذه المسئلة من المجازفات جدّا كيف و الأقوال متشتتة و العبارات مختلفة و الحكايات متفاوتة الخامس انّ إطلاقات الوليّ مجملة فينبغي الاقتصار في الحكم على القدر المتفق عليه و هو الأولاد و ردّ بأنّ إطلاق الولي و إن كان مجملا الاّ انّ تفسيره بأولى الناس بالميراث ينفى إجماله حجّة القول الرّابع صحيح حفص و مرسل حمّاد المذكور ان في المتن فتلخّص من ذلك كلّه انّ هذا القول الأخير هو الأظهر للصّحيح المذكور الصّريح المعتضد بالمرسل و بما صار اليه المعظم في مبحثي غسل الميّت و الصّلوة عليه الا ترى انّ صاحب الجواهر (- ره -) مع التزامه هنا بما مرّ نقله عنه قال هناك انّ المراد بوليّ الميّت هو اولى النّاس بميراثه كما صرّح به غير واحد من الأصحاب بل نفى الخلاف عنه بعضهم ناسبا له إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه و لعلّ ذلك يكون كالقرينة على انّ المراد بالأولى فيما تقدّم من النّصوص ذلك ان لم نقل انّه المتبادر و المنساق منه انتهى و أشار بالنّصوص إلى رواية غياث بن إبراهيم الرازي عن جعفر (- ع -) عن أبيه (- ع -) قال يغسّل الميّت اولى النّاس به قوله طاب ثراه لإطلاق صحيحة حفص (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن على بن إبراهيم عن أبيه و عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابى عمير عن حفص بن البختري عن ابى عبد الله عليه السلام قوله طاب ثراه و في مرسلة حماد (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن على الوشاء عن حمّاد بن عثمان عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قوله طاب ثراه و رواية ابن سنان (- اه -) هو الحديث الرّابع و العشرون من الأخبار المتقدّمة في عبارة (- كرى -) المتقدّم نقلها قوله طاب ثراه مع انّ حكم المشهور باستحقاق الولد (- اه -) فيه انّ ما أشار إليه من حكمه تخصيص الأكبر من الأولاد بالحبوة ليس في النّصوص منها عين و لا اثر بل لم أقف بعد التتبع في كلام احد من الأصحاب ذلك و حكم المشهور بذلك انّما هو للتعبّد بالنّصوص المستفيضة الناطقة بذلك و مجرّد ثبوت تلك الأعيان له تعبّدا لا يدلّ على أولويّته بل لو كانت الأولويّة تثبت بمثل هذه الاعتبارات جرى في أولويّة الأب نظيره قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ الأمر بالتأمّل للإشارة إلى انّ توجيه تقديم الأب بما ذكره لا وجه له لانّه لا يصلح دليلا و لا رافعا للإشكال عن الدّليل بعد فرض كونه عبارة عن مثل قوله عليه السلام يصلى على الجنازة أولى النّاس به و كان الأولى بمعنى الأكثر نصيبا كما هو ظاهر اللّفظ المؤيّد بما ذكره من صحيحة الكنّاسي و (- ح -) فالأولى على هذا التقدير ان يقال انّ تقديم الأب على الابن في الصّلوة إجماعيّ كما هو مقتضى كلام العلاّمة (- ره -) في باب صلاة الأموات من (- كرة -) حيث نسبه إلى علمائنا و جعله في (- ك -) مذهب الأصحاب لا يعلم فيه خلافا فيكون الإجماع مخرجا عن عموم ما دلّ على انّ الأكثر نصيبا مقدّم على غيره في الصّلوة على الميّت فهو مخصّص و قرينة على المراد بالعام و بمثل هذا التّوجيه يتمّ ما ذكره العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) لتوضيح مبنى ما ذهب اليه الشّيخ (- ره -) فإنّه قال قال الشّيخ (- ره -) في (- ط -) الأب أولى ثمَّ الولد ثمَّ ولد الولد ثمَّ الجدّ الأب ثمَّ الأخ للأبوين ثمَّ الأخ للأب ثمَّ الأخ للأمّ ثمَّ العمّ ثمَّ الخال ثمَّ ابن العمّ ثمَّ ابن الخال و بالجملة الأولى بالميراث اولى بالصّلوة فعلى قوله الأكثر نصيبا يكون أولى لأنّه قدّم العمّ على الخال مع تساويهما في الدّرجة و كذا الأخ للأب مع الأخ للأمّ انتهى و ذلك لانّه لو لم يلتزم بخروج الأب بالإجماع لا تنقض ما ذكره من المبنى لانّ الابن أكثر نصيبا من الأب (- فت -) كي يظهر لك ان أكثريّة نصيب الابن من الأب ليس على وجه الكليّة بل قد يزود عليه كما إذا كان للميّت أبوان و أولاد كثيرون لا يبلغ سهم كلّ منهم من الثلاثين اللّذين هما مشتركان بينهم بعد إخراج ثلث التّركة للأبوين سدسا فيأخذ الأب سدسا و يأخذ الولد أقلّ منه الاّ ان يراد بنصيب الولد نصيب النّوع لا الاحاد و هو كما ترى بعد كون المدار على الشّخص نعم بناء على كون المدار النّوع كما بنى عليه الماتن (- ره -) يتمّ ذلك قوله طاب ثراه فما يظهر من بعض المعاصرين (- اه -) قوله طاب ثراه وجب الرّجوع إلى أصل البراءة (- اه -) الوجه في ذلك ظاهر ضرورة انه بعد جريان احتمالين متساويين في الرّواية تصير مجملة و من المعلوم انّ المرجع عند إجمال النصّ في الشبهة الوجوبيّة هو البراءة قوله طاب ثراه و كلّ من نفاه عنهنّ نفاه عمّن عدا الولد (- اه -) هذه الكليّة و الكلّية الّتي بعدها غير مسلّمة فإنّك قد سمعت منه اختيار القول الرّابع و هو نفيه عنهنّ و إثباته على الولد و غيره من ذكور الورثة مع نقله عن الإسكافي و ابني بابويه (- رهم -) و مخالفة هؤلاء الأربعة تكفي في نقض عدم القول بالفصل قوله طاب ثراه ثمَّ المراد من كلامهم (- اه -) هذا ممّا صرّح به جمع منهم الشّهيد الثاني (- ره -) في (- لك -) حيث قال في شرح قول المحقّق (- ره -) في (- يع -) و الوليّ هو أكبر أولاده الذكور ما لفظه و المراد بالأكبر من ليس هناك ذكر أكبر منه فلو لم يخلّف الميّت الاّ ذكرا واحدا تعلّق به الوجوب انتهى قوله طاب ثراه و لمكاتبة الصّفار (- اه -) قد أسبقنا نقلها في أدلّة القول الأوّل من الأقوال

ص:290

في القاضي و وجه الاستدلال بها انه عليه السّلام لم يرخّص في تحمّل كلّ من الوليّين لنصف ما على الميّت بل اثبت الكلّ على وجه التّعيين على أكبر ولديه و أراد بوجه التأمّل الذي وعد بإتيانه قوله عند الكلام في سقوط القضاء عن الوليّ بفعل الغير و على اىّ تقدير فقوله عليه السّلام يقضى عنه ليس مستعملا في الوجوب بقرينة تقييده بالولاء فليت شعري كيف استدلّ به المشهور على وجوب تقديم الأكبر عند تعدّد الأولى بالإرث الاّ ان يقال انّ الاستصحاب مناف لوجوب المبادرة إلى إبراء ذمّة الميّت فلو جاز لغير الولي القضاء لم يرجّح انفراد الوليّ به على المشاركة فظاهر الرّواية لو حمل على الوجوب نافي مذهبهم في جواز تبرّع الغير و لو حمل على الاستحباب لم يدلّ على مذهبهم من تعيين القضاء على الأكبر انتهى كلامه علا مقامه قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل انّه إذا كان تعلّق التكليف به لاتّصافه بوصف ليس في أخيه كان فقد أخيه للوصف مانعا من تأثير أصل العنوان فيه أثره فإذا بلغ زال المانع و اثّر عنوان بنوة الميّت التّأثير الّذي ثبت لبنوّة أخيه فتدبّر قوله طاب ثراه ممّا ذكرنا في تقديم البالغ على غيره عند المساواة (- اه -) يعنى من انّ التكليف قد تعلّق بالبالغ فيستصحب بقاؤه بعد بلوغ الأخر قوله طاب ثراه و من إطلاق تقديم الأكبر في النّص (- اه -) أراد به مكاتبة الصفّار الّتي أسبقنا نقلها قوله طاب ثراه و الأوّل لا يخلو من قوّة وجه القوّة دعوى انصراف الإطلاق الى غير الفرض فيبقى البلوغ هو المؤثّر بعد وجود المانع و هو الصّغير في الأخر و لو شك فالاستصحاب كاف و ربّما يورد عليه بانّ إطلاق الأدلّة الّذي تمسّك به للوجه الثّاني يتمّ بدلالتها على كون موت المورّث و قد أهمل في قضاء ما فاته سببا لتعلّق القضاء بالورثة و هذا المعنى ممّا يستوي فيه البالغ و الصّغير فهما مشتركان كما لو أتلفا معا مال غيرهما فأيّهما صار قابلا لتوجيه الخطاب اليه عاجلا أو أجلا توجّه اليه الخطاب و يقرّب ذلك القول بالاشتراك فيما لو تساووا في السن و البلوغ كما اختاره هو (- ره -) هناك قوله طاب ثراه و لو استووا في السّن (- اه -) في هذه المسئلة أقوال ثلثة أشار إليها الماتن (- ره -) أحدها ما حكاه (- قدّه -) عن الحلّي (- ره -) من سقوط القضاء عنهما و النّسبة في محلّها فإنّه نقل في (- ئر -) عن الشيخ (- ره -) انّه قال فإن كانوا جماعة في سنّ واحد كان عليهم القضاء بالحصص أو يقوم به بعضهم فيسقط عن الباقين ثمَّ قال و هذا غير واضح لانّ هذا تكليف كلّ واحد بعينه و ليس من فروض الكفايات بل من فروض الأعيان فإذا صام واحد منهم ما يجب على جميعهم لم تبرء إلاّ ذمّة من صام و ما وجب عليه فحسب و ذمم الباقين مرتهنة حتّى يصوم ما تعيّن عليهم و وجب في ذمّة كلّ واحد بانفراده و الّذي يقتضيه الأدلّة و يجب تحصيله في هذه الفتيا انّه لا يجب على واحد منهم قضاء ذلك لانّ الأصل برأيه الذمّة و الإجماع غير منعقد على ذلك و القائل بهذا شيخنا أبو جعفر الطّوسي (- ره -) و الموافق له من أصحابنا المصنّفين قليل جدّا و السيّد المرتضى (- ره -) لم يتعرّض لذلك و (- كك -) شيخنا المفيد (- ره -) و غيرهما من المشيخة الجليلة فإنّما أجمعنا على تكليف الولد الأكبر و ليس هاهنا ولد أكبر و التّعليل غير قائم هاهنا من استحقاقهم السّيف و المصحف و ثياب بدنه فجميع ما قيل و ورد في عين مسئلة الولد الأكبر لم يصحّ في الجماعة انتهى ما في (- ئر -) و اعترضه في (- لف -) بأنّ أصالة برأيه الذمّة انّما يكون معتبرا لو لم يقم دليل على خلافه و عدم الإجماع لا يقتضي نفي جميع الأدلّة فإنّ الإجماع دليل خاصّ و عدم الخاص لا يستلزم عدم العام و قوله ليس هذا أكبر ليس بجيّد بل كلّ واحد منهم أكبر و التّعليل ممنوع و لو سلّمناه لكن العلّة هي هو صلاحيّة الاستحقاق لا نفسه كما لو لم يكن هناك سوى هذه الأشياء أو كان هناك دين مستوعب و الصّلاحيّة هنا ثابتة انتهى ما في (- لف -) و أقول جميع ما ذكره في محلّه الاّ دعواه كون كلّ واحد منهم أكبر فإنّ فيه ما لا يخفى قوله طاب ثراه أو ثبوته عليهما (- اه -) هذا هو القول الثّاني الّذي حكاه في (- لف -) عن القاضي ابن البرّاج حيث قال قال ابن البرّاج فان لم يكن له من الولي الأولاد إلاّ توأمان كانا مخيّرين أيّهما شاء قضى عنه فان اختلفا أقرع انتهى و مرجع هذا القول عند التّحقيق إلى الوجوب الكفائي فيجب تمام ما فات الميّت من العبادة على كلّ منهما على سبيل الكفاية و الظّاهر انّ مستنده ما دلّ على انّ القرعة لكلّ أمر مشكل و أورد على هذا القول بوجوه أحدها ما في (- لف -) من انّ قول ابن البرّاج غلط لأنّ القرعة لا تثبت عبادة في الذمّة لم تكن و لا تستعمل في العبادات ثانيها ما في الجواهر من انّ المنساق من أمثال ذلك ممّا هو قابل للتّوزيع هو الاشتراك على وجه التوزيع نعم هو متّجه فيما لا يقبله كاليوم الواحد على ما صرّح به الفاضل و الشّهيدان و غيرهم فلهما (- ح -) ان يوتعاه معا و لا ينافي ذلك اتّحاده في ذمّة الميّت ضرورة عدم توقّف البراءة منه على التّعيين ثالثها ما نبّه عليه الماتن (- ره -) بقوله ثمَّ انّ حكم القاضي بالقرعة (- اه -) و يمكن المناقشة بوجه رابع و هو انّ عمومات القرعة لكثرة ورود التّخصيص عليها صارت موهونة فلا يجوز الأخذ بها إلاّ إذا انجبرت يعمل الطّائفة و لا عمل عليها هنا من غير القاضي قوله طاب ثراه أو على طريق التوزيع كما عن المشهور وفاقا للشيخ (- ره -) (- اه -) قد سمعت في كلام ابن إدريس (- ره -) نقل عبارة الشيخ (- ره -) و قد تبعه في ذلك أكثر الأصحاب و استدلّ في (- لف -) لذلك بعد اختياره امّا على الوجوب عليهم بالحصص فبأنّ اولى النّاس المثبت عليه القضاء في صحيح ابن البختري و مرسل حمّاد كما يتناول الواحد يتناول الكثير و توضيحه ما في المتن و بان كلّ واحد منهم لو انفرد لوجب عليه القضاء فلا يسقط هذا الحكم باجتماعه مع غيره لبقاء الحقيقة حالة الاجتماع و بأنّه ميّت عليه صوم واجب فيجب القضاء و ليس أحدهم بالوجوب اولى من الباقين فتعيّن عليهم بالحصص و امّا على السّقوط عن الباقين بتحمّل البعض للكلّ فبأنّه كالدّين و لذا جعله النّبي صلّى اللّه عليه و آله في قضيّة الخثعميّة دينا و بانّ أولى النّاس بتناول الواحد و الكثير و بمرسل الصّدوق (- ره -) في الفقيه عن الصّادق (- ع -) قال إذا مات الرّجل و عليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من اهله قوله طاب ثراه ثمَّ انّ حكم القاضي بالقرعة (- اه -) هذا هو الاعتراض الثالث من الاعتراضات على القاضي المتقدّم إليها الإشارة عند قوله قوله طاب ثراه و ممّا ذكرنا يعلم حكم ما إذا كان الواجب (- اه -) غرضه انّ اتّحاد اليوم و عدم إمكان تقسيطه يوجب ثبوته عليهما جميعا كفاية قوله طاب ثراه و في ثبوت الكفّارة عليهما (- اه -) أقول في حكم الكفّارة في صورة كون ما على الوليّ يوما واحدا و اتيانهما جميعا بالقضاء لو أفطرا بعد الزّوال و كان قضاء شهر رمضان على القول بوجوب كفّارة إفطاره في القضاء عن الغير (- أيضا -) وجوه أحدها وجوبها على كلّ منهما لصدق القضاء عن شهر رمضان على صوم كلّ منهما ثانيها وجوب كفّارة واحدة عليهما بالسويّة لكون القضاء في الواقع أحدهما و حيث لا ترجيح كانت بالسّوية ثالثها كون وجوبها على الكفاية كأصل الصّوم رابعها التّعيين بالقرعة لأنّها لكلّ أمر مشكل و فيه أوّلا انّ القرعة لكلّ أمر

ص:291

مشكل ظاهرا معلوم واقعا و هنا الأمر مشكل ظاهرا و واقعا فتأمّل كي يظهر لك منع اختصاصها بالمعلوم واقعا و لذا ثبتت في قسمة المشاع مع الاشكال واقعا و ثانيا انّ عمومات القرعة لوهنها لا يعمل بها إلاّ في مورد الانجبار و لا جابر هنا خامسها السّقوط عنهما استقربه في (- س -) و استوجهه في (- لك -) و نفى عنه البعد في (- ك -) لانتفاء ما يدلّ على وجوب الكفّارة في القضاء على وجه يتناول ذلك و أورد عليه بأنّه يكفي الإطلاق بعد فرض تناول القضاء للنّفس و للغير و الاّ جاز الإفطار في المقام و غيره بلا اثم فضلا عن الكفّارة سادسها ما قوّاه الماتن (- ره -) من التّفصيل نظرا في الإيجاب عليهما في صورة المقارنة إلى إطلاق دليل الكفّارة بعد عدم إمكان التّرجيح و في الإثبات على المتأخّر في صورة الترتيب إلى أنّه بإفطار الأوّل تعيّن على الثّاني فكان إفطاره إفطارا للقضاء و يأتي في بيان وجه التّأمّل ما فيه ثمَّ انّه قال في (- س -) انّه لو أفطر أحدهما فلا شيء عليه إذا ظنّ بقاء الأخر و الاّ أثم لا غير و في (- ك -) انّ مقتضى ذلك جواز الإفطار بعد الزوال مع ظنّ بقاء الأخر و ربّما يناقش فيه بانّ صوم كلّ منهما يصدق عليه انّه صوم واجب من قضاء شهر رمضان فلا يجوز الإفطار فيه بعد الزّوال اللّهم الاّ ان يناقش في وجود العموم المتناول لذلك كما في الكفّارة قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل إمكان المناقشة في الشقّ الأوّل بانّ عدم إمكان الترجيح لا يعيّن ثبوته عليهما بعد إمكان إثبات كفّارة واحدة عليهما بالسّوية و الإطلاق (- أيضا -) لا يثبت أزيد من كفّارة واحدة و في الشّق الثاني بأن تعيّن الصّوم على الثاني بإفطار الأوّل ممنوع أوّلا لإمكان قضائهما في يوم أخر و لو سلّم فالتعيّن على الثّاني لا يخرج إفطار الأوّل عن كونه إفطار قضاء شهر رمضان و يمكن الجواب عن المناقشة في الشقّ الأوّل بأنّ مقتضى الإطلاق هو ثبوت كفّارة على كلّ من أفطر في قضاء شهر رمضان بعد الزّوال و يصدق على كلّ منهما هذا العنوان فيجب على كلّ منهما كفّارة برأسها فالتّفصيل لا وجه له بل ان شمل دليل وجوب الكفّارة في إفطار قضاء شهر رمضان بعد الزّوال للمقام فالمتّجه الوجه الأوّل و الاّ فالمتّجه الأخير الّذي عليه الشهيدان (- ره -) و الانصاف خروج الفرض عن منصرف الإطلاقات فالوجه الخامس أشبه و اللّه العالم قوله طاب ثراه فبعد الحكم بتوزيعهما يكون الواجب كفائيّا منهما الشروع (- اه -) في العبارة نوع مسامحة و الموجود في بعض النسخ المصحّحة يكون واجبا كفائيّا الشروع و في بعض النّسخ المصحّحة الأخر يكون الواجب كفائيّا منهما هو الشروع و الأوّل انسب قوله طاب ثراه و لا يشترط في القاضي الحريّة (- اه -) حكى عن بعضهم التوقّف في وجوب القضاء المذكور على الرّقيق لمنع صدق كونه وليّا و معارضة حقّ السيّد بل ربّما قيل انّه يسري الإشكال إلى الكافر (- أيضا -) لعدم ولايته و ردّ باندفاع الإشكال سيّما بعد زوال المانع لانّ حال القضاء حال سائر التّكاليف المتعلّقة بالعبادات الّتي قد امرا بها بقي هنا من فروع القاضي أمران الأوّل انّه هل يشترط في تعلّق الوجوب بالوليّ كما له بالبلوغ و العقل حين موت مورّثه أم يراعى الوجوب بكماله فيتعلّق (- ح -) لو كان غير كامل عند موته قولان اختار أوّلهما الشهيد (- ره -) في (- كرى -) حيث قال الأقرب اشتراط كمال الوليّ حالة الوفاة لرفع القلم عن الصّبي و المجنون و يمكن إلحاق الأمر به عند البلوغ بناء على انّه سيجيء و انّها تلازم القضاء امّا السّفيه فاسد الرّأي فعند الشيخ (- ره -) لا يحبى فيمكن انتفاء القضاء عنه و وجوبه أقرب أخذا بالصّوم و الشيخ نجم الدّين لم يثبت عنده منع السّفيه و الفاسد من الحبوة فهذا اولى بالحكم بوجوب القضاء عليهما انتهى و أقول ما ذكره (- قدّه -) من التّلازم بين القضاء و الحبوة و فرّع عليه مسئلة الوجوب على السّفيه عجيب إذ كيف خفي على مثله خلو النصوص عن ذلك و عدم قيام دليل عليه بوجه كما لا يخفى على من راجع مبحث الميراث من كتابنا الكبير منتهى المقاصد و كيف كان فقد حكى اختيار ما قرّبه أوّلا عن الإيضاح و حاشية (- شاد -) و كشف الغطاء و قد يتمسّك لعدم وجوبه بعد الكمال بالاستصحاب و فيه نظر لتبدّل الموضوع و لذا اختار في الجواهر الوجه الثّاني حيث قال لا يعتبر بلوغ الولي عند الموت بل و لا عقله لإطلاق الأدلّة التي ليس في شيء منها ظهور في كون تعلّق القضاء بذمّة الوليّ من حين الموت بل و لا اشعار بكماله حينه بل هي ظاهرة في كونها من باب الأسباب نحو من أجنب اغتسل و من أتلف مال غيره فهو له ضامن و أشباههما ممّا لا ينافيه رفع القلم عن الصّبي و المجنون و من ذلك يعلم ما في التمسّك لعدم الوجوب باستصحابه انتهى و لقد أجاد فيما أفاد سيّما في الجواب عن حديث الرّفع بجعل المقام من احكام الوضع دون ما أبداه الماتن (- ره -) و تعارفه تلامذته (- رهم -) من انّ المرفوع هو قلم المؤاخذة خاصة فإنّ فيه ما أشرنا إليه في محلّه من ان تمسك الإمام عليه السّلام لعدم ثبوت الكفّارة على من حلف كاذبا عند التقيّة و الضّرورة بحديث الرّفع يكشف عن انّ المرفوع جميع الآثار الشرعيّة نعم في تعبير شيخ الجواهر (- ره -) بقوله من أجنب اغتسل نظر ظاهر و كان عليه ابداله بقوله من واقع أجنب و الأمر سهل هيّن الثّاني انّه لو اشتبه الأكبر احتمل السّقوط و القرعة و التوزيع و إن كان الأشبه الأوّل لأصالة البراءة بالنّسبة الى كلّ منهما كواجدي المني في الثوب المشترك و إن كان التزام من عيّنته القرعة أحوط فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و لا يشترط (- أيضا -) خلوّ ذمّته (- اه -) قد صرّح بذلك في (- كرى -) (- أيضا -) حيث قال لا يشترط خلوّ ذمّته عن صلاة واجبة لتغاير السّبب فيلزمان معا و الأقرب الترتيب بينهما عملا بظاهر الأخبار و فحاويها نعم لو فاته صلاة بعد التحمّل أمكن القول بوجوب تقديمها لانّ زمان قضائها مستثنى كزمان أدائها و أمكن تقديم المتحمّل لتقدّم سببه انتهى

الكلام في المقضي عن الميت

قوله طاب ثراه و امّا المقضي فالمحكي عن المشهور انّه جميع ما فات عن الميّت (- اه -) قد اضطربت كلماتهم في نقل الأقوال في هذه المسئلة فقد نسب في (- كرى -) ما وصفه الماتن (- ره -) بالشهرة إلى ظاهر ابن ابى عقيل و ابن البرّاج و ابن حمزة و الفاضل في أكثر كتبه و مقتضى إطلاقه هو عدم الفرق بين ما تمكّن من قضائه بالبرء من المرض و القدوم من السّفر و نحوهما و بين ما لو لم يتمكّن و نقل العلاّمة (- ره -) في (- لف -) عن الشيخين و ابني بابويه و السيّد المرتضى و ابن الجنيد و ابن البرّاج و ابن حمزة و ابن إدريس التفصيل بين لو تمكّن من قضائه ببرء و قدوم و نحوهما و بين ما لو لم يتمكّن بالوجوب في الأوّل و عدمه في الثّاني و هو مخالف للمتن من وجهين أحدهما تفصيله ما أطلق الماتن (- ره -) نقله عن المشهور و الأخر نقله عن الحلّي (- ره -) التّفصيل المذكور من دون فرق بين أسباب الفوت و نقل الماتن (- ره -) عنه التّفصيل بين المرض و غيره من أسباب الفوات مع الإطلاق من حيث التمكّن من القضاء و عدمه و الانصاف أنّ عبائرهم مختلفة و من أخذ بظواهر عبائر الأصحاب تحصّلت عنده في المسئلة أقوال أحدها وجوب قضاء جميع ما فاته و هو الّذي يقتضيه إطلاق عبارة الغنية المزبورة في أوّل الرّسالة و حجّة هذا القول إطلاق ما دلّ على وجوب قضاء ما فات الميّت من العبادات على وليّه ثانيها التفصيل الذي سمعت من (- لف -) نسبته إلى جماعة و عبارة (- ية -) صريحة في ذلك لانّه قال فان لم يصحّ

ص:292

المريض و مات من مرضه الّذي أفطر فيه يستحبّ لولده الأكبر من الذّكور ان يقضى عنه ما فاته من الصّيام و ليس ذلك بواجب عليه فان برء مرضه ذلك و لم يقض ما فاته ثمَّ مات وجب على وليّه القضاء عنه و (- كك -) إن كان قد فاته شيء من الصّيام في السّفر ثمَّ مات قبل ان يقضى و كان متمكّنا من القضاء وجب على وليّه ان يصوم عنه إلى ان قال و المرية (- أيضا -) حكمها حكم ما ذكرناه في انّ ما يفوتها من الصّيام بمرض أو طمث لا يجب على احد القضاء عنها الاّ ان تكون قد تمكّنت من القضاء فلم تقضه فإنّه يجب القضاء عنها و يجب (- أيضا -) القضاء عنها ما يفوتها في السّفر حسب ما قدّمناه في حكم الرّجال انتهى و مثله ابن حمزة في الوسيلة حيث اثبت القضاء استحبابا على الولي فيما لو مات بذلك المرض و وجوبا فيما لو برئ منه و لم يقض و حجّة هذا القول امّا على وجوب قضاء ما تمكّن من قضائه و توانى عنه فحجة القول الأوّل و اما على عدم وجوب قضاء ما لم يتمكن من قضائه فأمور الأوّل انّ من فات منه صوم أو صلاة بعذر لم يكن مكلّفا به حال العذر لاستحالة التّكليف بالممتنع و كذا بعده إلى ان مات لانّ الفرض عدم تمكّنه من القضاء و ما لم يجب عليه كيف يجب قضائه على وليّه الثّاني الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن محمّد بن يحيى عن ابى بصير عن أبي عبد اللّه (- ع -) قال سالته عن أمرية مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوّال فأوصتني أن أقضي عنها قال هل برئت من مرضها قلت لا ماتت فيه قال لا يقضى عنها فانّ اللّه لم يجعله عليها قلت فإني اشتهى ان أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال كيف تقضى عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت ان تصوم لنفسك فصم و مورده و إن كان خصوص المرض الاّ انّ التعليل فيه يسرّى الحكم إلى سائر الأعذار من السّفر و نحوه الثّالث المرسل الموثّق المنجبر إرساله بعمل الأكثر الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن علىّ بن الحسن بن فضّال عن محمّد و احمد ابني الحسن عن أبيهما عن عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل يموت في شهر رمضان قال ليس على وليّه ان يقضى عنه ما بقي من الشهر و ان مرض فلم يصم رمضان ثمَّ لم يزل مريضا حتّى مضى رمضان و هو مريض ثمَّ مات في مرضه ذلك فليس على وليّه ان يقضى عنه الصّيام فان مرض فلم يصم شهر رمضان ثمَّ صحّ بعد ذلك فلم يقضه ثمَّ مرض فمات فعلى وليّه ان يقضى عنه لانّه قد صحّ فلم يقض ما وجب عليه و يمكن الاستدلال على المطلوب بعدة أخبار أخر فمنها الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن علىّ بن الحكم عن العلاء بن رزين عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال سألته عن رجل أدركه شهر رمضان و هو مريض فتوفّي قبل ان يبرئ قال ليس عليه شيء و لكن يقضى عن الّذي يبرئ ثمَّ يموت قبل ان يقضى و منها الفقرة الأولى من صحيح ابى مريم المتقدّم منّا في شرح وجوب القضاء على الولي و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المريض في شهر رمضان فلا يصحّ حتّى يموت قال لا يقضى عنه و الحائض تموت في شهر رمضان قال لا يقضى عنها و منها الموثّق الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عنه عن محمّد بن الحسين بن ابى الخطّاب عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان و هو مريض لا يقدر على الصّيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوّال قال لا صيام عنه و لا يقضى عنه قلت فامرئة نفساء دخل عليها شهر رمضان و لم تقدر على الصّوم فماتت في شهر رمضان أو في شهر شوّال فقال لا يقضى عنها بعد حمله على عدم التمكّن من القضاء في شوّال بقرينة ما مرّ مضافا إلى نوع اشعار فيه (- أيضا -) و منها الموثّق الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده عن علىّ بن الحسن بن فضّال عن علىّ بن مهزيار عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن محمّد قال سالته عن الحائض تفطر في شهر رمضان أيّام حيضها فإذا أفطرت ماتت قال ليس عليها شيء إلى غير ذلك من الأخبار و امّا استحباب قضاء ما لم يتمكّن من قضائه فلم أقف على مستنده و موثّق ابى بصير المتقدّم ينفيه حيث منعه من الصّوم بنيّة القضاء حتّى مع وصيّتها لا يقال يمكن الاحتجاج لذلك بالإطلاقات بعد حمل الأمر فيها على مطلق الطلب غايته قيام القرينة على ارادة الوجوب فيما لو تمكّن من القضاء و لم تقم فيما لو لم يتمكّن من القضاء قرينة فيحمل على الاستحباب لأنّا نقول انّه مع استلزامه استعمال اللّفظ بإطلاق واحد في معنيين اجتهاد في قبال نصّ موثق ابى بصير المزبور فلا عبرة به ثالثها انّه لا يقضي الوليّ إلاّ ما فات الميّت في مرض موته خاصّة نقل الماتن (- ره -) نسبة بعضهم له إلى الحلّي و ابن سعيد (- رهما -) و هو بالنّسبة إلى الحلّي (- ره -) اشتباه قطعا و امّا ابن سعيد فيمكن صدق النّسبة بالنّسبة اليه و لكنّه لا دليل عليه بل الأخبار الآتية في حجّة القول الخامس تدفعه رابعها التفصيل بين الصّلوة و الصّوم بانّ الواجب على الوليّ قضاء ما فات الميّت من الصّلوة في مرض موته خاصّة و امّا الصّوم فيلزمه قضاء ما فاته و تمكّن من قضائه و لا يجب عليه قضاء ما فاته و مات قبل زوال العذر و التمكّن من القضاء و هذا التفصيل هو خيرة الحلّي (- ره -) بعد الجمع بين كلاميه في كتابي الصّلوة و الصّوم قال (- ره -) في أخر باب قضاء الصّلوة من كتاب الصلاة ما لفظه و العليل إذا وجبت عليه صلاة فأخّرها عن أوقاتها حتّى مات قضاه عنه ولده الأكبر من الذكران و يقضى عنه ما فاته من الصّيام الّذي فرّط فيه و لا يقضى عنه الاّ الصّلوة الفائتة في حال مرض موته فحسب دون ما فاتته من الصّلوة في غير حال مرض الموت انتهى و قال في باب حكم المسافر و المريض و العاجز من كتاب الصّوم ما لفظه فان لم يصحّ المريض و مات من مرضه الّذي أفطر فيه يستحبّ لولده الأكبر من الذكور ان يقضى عنه ما فاته من الصّيام و ليس ذلك بواجب عليه فان برئ من مرضه ذلك و لم يقض ما فاته ثمَّ مات وجب على وليّه ان يقضى عنه و (- كك -) ان فاته شيء من الصّيام في السّفر ثمَّ مات قبل ان يقضى و كان متمكّنا من القضاء وجب على وليّه ان يصوم عنه انتهى فانّ الجمع بين العبارتين يقضى بما نسبناه اليه من التّفصيل المغاير للقول الثالث و أنت خبير بأنّه تقييد للإطلاقات في الصّلوة بغير مقيّد و تخصيص لعموماتها من غير دليل و لقد أجاد الشهيد (- ره -) في (- كرى -) حيث قال مشيرا إلى ذلك انّ تخصيص ابن إدريس (- ره -) خال عن المأخذ انتهى خامسها ما حكاه العلاّمة (- ره -) في (- لف -) عن الشيخ (- ره -) في (- يب -) من انّ ما يفوت في السّفر يجب على الولي قضائه على كلّ حال سواء مات في السّفر أو تمكّن من قضائه و لم يقضه و لازمه التّفصيل في المرض و الطّمث بين التمكّن من القضاء و عدمه بالوجوب في الأوّل و العدم في الثّاني كما عليه أهل القول الثّاني و حجّة هذا القول في الشقّ الثّاني ما مرّ من حجّة القول الثّاني و في الشق الأوّل من الأخبار فمنها الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد عن علىّ بن الحكم عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال سالته عن أمرية مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها قال امّا الطّمث و المرض فلا و امّا السّفر فنعم و منها ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن على بن الحسن بن فضّال عن على بن أسباط عن علاء عن محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في أمرية حاضت (مرضت) في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت و ماتت قبل ان يخرج شهر رمضان هل يقضى عنها قال اما الطمث و المرض فلا و اما السفر فنعم و منها الموثّق الّذي رواه هو (- ره -) بإسناده

ص:293

عنه عن محمّد بن الرّبيع عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يسافر في شهر رمضان فيموت قال يقضى عنه و ان أمرية حاضت في شهر رمضان فماتت لم يقض عنها و المريض في رمضان لم يصحّ حتّى مات لا يقضى عنه و أجاب في (- لف -) عن الأخبار بعد منع السّند بالحمل على الاستحباب أو الوجوب مع كون السّفر معصية قال و العذر المسقط لا يستعقب العقوبة لكونه سائغا فلا يجب على الوليّ انتهى و أنت خبير بما فيه إذ السّند بين صحيح و موثّق كما عرفت و الحمل على الاستحباب كالحمل على كون السّفر معصية ممّا لا شاهد عليه فلا يصار اليه و سقوط التّكليف عاجلا ما دام العذر لا ينافي ثبوت قضائه بعد رفع العذر و التّحقيق انّ هذه الأخبار مع اعتبار سندها و خلوّها عن المعارض و التيامها مع اخبار القول الثاني لكون مورد تلك المرض و الحيض و النّفاس و مورد هذه السّفر موافقة للقاعدة من حيث انّ المريض و الحائض و النّفساء لما لم يكن متمكّنا من رفع العذر لم يكن مخاطبا بالصّوم في تلك الحال فاذا مات قبل انقضاء الشهر كما هو مورد هذه الأخبار فقد مات قبل خطاب القضاء فلا تكليف عليه حتّى يقوم الوليّ مقامه بخلاف ما لو مات بعد انقضاء الشهر و حصول القدرة من القضاء فإنّه خوطب بقوله عليه السّلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته فاذا توانى فيه قام وليّه مقامه و هذا بخلاف المسافر فإنّه لمّا كان قادرا على رفع العذر و امتثال الأمر بقصد الإقامة و حضور الوطن و كان المقدور بالواسطة مقدورا فلذا كلّف وليّه بالقضاء و ان مات في ذلك السّفر فقول (- يب -) و ان قلّ القائل به الاّ انه في الصّوم بالخصوص متين جدّا تجتمع عليه الأخبار و يوافقه الاعتبار و هذا القول هو خيرة المقنع (- أيضا -) و عن (- ك -) الجزم به سادسها ما حكاه في (- كرى -) عن المحقّق (- ره -) و السيّد عميد الدّين (- ره -) و نفى عنه البأس حيث قال و قال الشيخ نجم الدّين بن سعيد (- ره -) في كتابيه كقول الشيخين و في البغدادية له المنسوبة إلى سؤال جمال الدّين بن حاتم الشعر (- ره -) الّذي ظهر انّ الولد يلزمه قضاء ما فات الميّت من صلاة و صيام العذر كالمرض و السّفر و الحيض لا ما تركه الميّت عمدا مع قدرته عليه و قد كان شيخنا عميد الدّين قدس اللّه لطيفه ينصر هذا القول و لا بأس به فانّ الرّوايات تحمل على الغالب من التّرك و هو انّما يكون على هذا الوجه امّا تعمّد ترك الصّلوة فإنّه نادر نعم قد يتّفق فعلها لا على وجه المبرئ للذمة و الظّاهر انّه ملحق بالتعمّد للتّفريط و رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول الصّلوة الّتي دخل وقتها قبل ان يموت الميّت يقضى عنه أولى أهل بيته وردت بطريقين و ليس فيها نفي لما عدتها الاّ ان يقال قضيّة الأصل تقتضي عدم القضاء الاّ ما وقع الاتّفاق عليه و انّ المعتمد مؤاخذة بذنبه فلا يناسب مؤاخذة الوليّ لقوله (- تعالى -) وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى انتهى و الجواب امّا عن حمل الأخبار على الغالب فبما في المتن و امّا عن دعواه كون الأصل عدم القضاء فبالمنع فإنّ الأصل الثانوي يقتضي ثبوت قضاء كلّ ما فاته و امّا عمّا في الذّيل فبالمنع من كون ثبوت القضاء على المتعمّد من باب المؤاخذة و انّما هو من آثار الفوت سواء كان عن عصيان أم لا فلا يتأتّى ما ذكره و المختار في المسئلة هو التّفصيل بين الصّلوة و الصّوم بوجوب قضاء ما وجب على الميّت قضائه مطلقا سواء كان فوته لمرض أو سفرا و ترك عمديّ لإطلاق الأخبار المزبورة المثبتة للقضاء على الوليّ و عدم وجوب قضاء ما لم يجب قضائها عليه لفوته بحيض أو نفاس مع الموت قبل الطّهر و إمكان القضاء أو فوته بإغماء و ان مضى مقدار القضاء بعد زوال الإغماء بناء على احد الأقوال هناك من عدم وجوب قضاء ما فات حال الإغماء أو فوته بإغماء مع موته قبل الإفاقة و التمكّن من القضاء بناء على القول الأخر و هو وجوب القضاء على المغمى عليه لما مرّ في القول الثّاني من عدم تعقّل ان يجب على الولي قضاء ما لم يجب على الأصيل قضائه مضافا إلى العلّة في موثّق ابى بصير المتقدّم هناك من قوله عليه السّلام كيف تقضى عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها و امّا الصّوم فيلزم الوليّ قضاء ما فات الميّت في السّفر (- مط -) حضر و تمكّن من قضائه أم لا للأخبار المزبورة في حجّة القول الخامس و كذا يلزمه قضاء ما فات الميّت بمرض أو حيض أو نفاس و تمكّن من قضائه ثمَّ مات و لا يلزمه قضاء ما فات الميّت و مات قبل التمكّن من قضائه لما مرّ في حجّة الثّاني و هذا الّذي اخترناه ان وافق القول الخامس فمرحبا بالوفاق و الاّ فيكون المختار قولا سادسا و لا مانع من ذلك بعد مساعدة الأدلّة و عدم قيام إجماع في المسئلة على خلافه قوله طاب ثراه و الأقوى الأوّل إن أراد بالأوّل ما جعلناه أوّلا اتّجه عليه تقيّد ما تمسّك به من الإطلاق بما مرّ في حجّة الثّاني و ان أراد به ما جعلناه ثانيا لم يكن به بأس و إن كان ما اخترناه أقوى قوله طاب ثراه و دعوى انصرافها إلى ما فات لعذر ان سلّم فهو تبادر ابتدائي (- اه -) هذه الدّعوى قد سمعتها من الشهيد (- ره -) حيث نفى الباس عن مختار المحقّق و السيّد عميد الدّين (- رهما -) استنادا إلى انّ الرّوايات تحمل على الغالب من التّرك و هو انّما يكون على وجه العذر و استحسنه في (- ك -) و قوّى في الرّياض احتمال ظهور سياق الأخبار في ذلك و جوابه منع الغلبة بل الغالب تعمّد الترك كما لا يخفى على من له ادنى خبرة بأحوال أهل القرى و البوادي و دعوى الانصراف فيها ما في المتن و من غريب ما اتّفق في المقام ما صدر من صاحب (- ئق -) حيث أيّد قول المحقّق و العميد بانّ روايات وجوب القضاء منها ما صرّح فيه بالسّبب الموجب للتّرك من الأعذار الّتي هي الحيض و المرض أو السّفر و منها ما هو مطلق و مقتضى القاعدة هو حمل مطلقها على مقيّدها فانّ فيه انّ مقتضى القاعدة هو عدم حمل المطلق على المقيّد في المقام من حيث عدم تنافي ظاهرهما و حمل المطلق على المقيد مشروط بالتّنافي و لا تنافي بين وجوب القضاء عند الفوت بأحد الأعذار و بين وجوبه عند مطلق الفوت و لو بالترك عمدا كما لا يخفى قوله طاب ثراه في أحوال المرضى و المغارمين (- اه -) الكلمة الثّانية غلط من قلم النّاسخ و الصّحيح في أحوال المرضى و أمثالهم قوله طاب ثراه بل يمكن دعوى شمول الرّوايات للمفعولة فاسدة (- اه -) هذه الدّعوى وجيهة سيّما بالنّسبة إلى صحيحة حفص بن البختري المزبورة و نحوها ممّا وقع فيه السّؤال عمّن مات و عليه صلاة أو صيام شامل للمفعولة على وجه الفساد لأنّ المأتي به فاسدا لا يسقط الأمر و لا يجزى عن المأمور فيبقى في ذمّته و لم يستفصل المعصوم عليه السّلام و أطلق الأمر بالقضاء قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل انّ الرّوايات كما تشمل المفعولة فاسدة فكذا كلام المحقّق (- ره -) و موافقيه يشمل ذلك فيكونون مفصّلين بين المفعولة فاسدة و المتروكة عمدا و لا يبقى لدعوى عدم الفصل وجه قوله طاب ثراه و على اىّ حال فالظّاهر انصراف الإطلاق في النّص و الفتوى إلى ما وجب عليه أصالة (- اه -) هذا الانصراف ممنوع سيّما مع كون جملة من الأخبار المزبورة في صدر الباب من قبيل العام باعتبار ترك الإمام عليه السّلام الاستفصال عن انّ ما عليه هل وجب أصالة أو بولاية أو استيجار أو نحو ذلك و مثله لا يجرى فيه دعوى الانصراف سيّما مع كونه إطلاقيّا فما احتاط (- قدّه -) به هو الأظهر

ص:294

وفاقا للشّيخين و جماعة ثمَّ بناء على الاختصاص بما وجب أصالة فهل يعمّ الحكم في الصّيام مطلق الواجب أو يختصّ بصوم شهر رمضان قولان أوّلهما خيرة الشيخين و جماعة و ثانيهما هو المحكى عن ظاهر ابني بابويه و ابن ابى عقيل و استجوده في المستند و الأوّل أقوى لنا على ذلك أمور الأوّل إطلاق صحيحة حفص بن البختري المزبورة عند الكلام في القاضي بل عمومه النّاشى من ترك الإمام عليه السّلام الاستفصال فإنّه سئل حفص أبا عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال يقضى عنه اولى النّاس بميراثه الحديث حيث لم يستفصل عن انّ الصيام هل هو قضاء شهر رمضان أو غيره من صوم الكفّارة و النّذر و نحو ذلك و الصّلوة هل هي اليوميّة أو غيرها و انّهما ثبتا عليه أصالة أو بولاية أو استيجار و مناقشة صاحب المستند بعدم ظهور الجملة الخبريّة المستعملة في مقام الإنشاء في الوجوب واهية كما أوضحناه في الأصول الثّاني القويّ الّذي رواه الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن سهل بن زياد عن الحسن بن على الوشاء عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام قال سمعته يقول إذا مات رجل و عليه صيام شهرين متتابعين من علّة فعليه ان يتصدّق عن الشّهر الأوّل و يقضى الشّهر الثّاني حيث انّ مورده غير قضاء شهر رمضان و لا يضرّ إثبات التصدّق عن الشهر الأوّل لكفاية إثباته قضاء الشهر الثّاني في إثبات المطلوب بعد عدم القول بالفصل و عمل المشهور بالخبر في مورده و المناقشة فيه بالإجمال لعدم تعيّن من يجب عليه فلعلّه الميّت يعنى تعلّق بذمّته الأمران واهية ضرورة انّ الميّت كيف يتصدّق و يقضى فلا بدّ ان يكون المتصدّق و القاضي حيّا و ليس إلاّ الوليّ بالإجماع الثالث العلّة المنصوصة في صحيح ابى بصير المتقدّم في حجّة الثّاني من الأقوال في المقضي أعني قوله عليه السّلام لا يقضى عنها فانّ اللّه لم يجعله عليها دلّ على عليّة جعل اللّه العمل على الميّت لقضاء الوليّ فيعمّ كلّ مجعول صوم شهر رمضان كان أو غيره فتأمّل كي يظهر لك انّ عليّة عدم الجعل لعدم القضاء لا تستلزم عليّة كلّ جعل لثبوت القضاء و ربّما استدلّ بعضهم بتعليل قضاء الوليّ في مرسل ابن بكير المزبور بعد صحيح ابى بصير بأنّه قد صحّ اى المريض فلم يقض ما وجب عليه و ردّ بانّ معنى قوله عليه السّلام قد صحّ فلم يقض ما وجب عليه هو انّه لم يفعل ما وجب بزوال المريض و هو القضاء ضرورة أنّ الأداء لم يكن واجبا عليه لعدم تمكّنه منه و (- ح -) نقول انّ جريان هذه العلّة موقوف على إحراز وجوب القضاء في الواجب الّذي هو غير صوم شهر رمضان و هذا عين محلّ البحث فيكون مصادرة حجّة القول الثّاني أصالة برأيه ذمّة الوليّ من قضاء غير صوم شهر رمضان و أنت خبير بسقوطها بما مرّ و زاد في (- كرى -) التمسّك بأنّه القدر المتيقّن حيث قال لو مات هذا الوليّ فالأقرب أنّ وليّه لا يتحمّلها لقضية الأصل و الاقتصار على المتيقّن سواء تركها عمدا أو لعذر انتهى فتدبّر

الكلام في المقضي عنه

قوله طاب ثراه من جهة اختصاص رواية حمّاد (- اه -) مثلها في كون السّؤال عن الرّجل خبر الصفّار و خبر ابى بصير المزبوران منه عند الكلام في القاضي و صحيح حفص المتقدّم قبل خبر حمّاد في المتن و قد كان الأولى ان يقول من جهة كون مورد صحيح حفص و مرسل حمّاد الرّجل (- اه -) فانّ في تركه صحيح حفص و ذكره مرسل حمّاد نوع إيهام إلى إطلاق صحيح حفص و ليس (- كك -) قوله طاب ثراه و انصراف رواية ابن سنان (- اه -) هذا الانصراف الّذي ادّعاه ممنوع لانّه من التّبادر الإطلاقي كما سيشير (- قدّه -) اليه نحو الانصراف المتقدّم منه في المقضيّ منعه قوله طاب ثراه كما صرّح به الحلّي (- ره -) (- اه -) قال في (- ئر -) قال شيخنا أبو جعفر (- ره -) و المرية (- أيضا -) حكمها ما ذكرناه في انّ ما يفوتها من الصّيام بمرض أو طمث لا يجب على احد القضاء عنها الاّ ان تكون قد تمكّنت من القضاء فلم تقضه فإنّه يجب القضاء لما يفوتها بالسّفر حسب ما قدّمناه في حكم الرّجال هكذا أورده شيخنا أبو جعفر (- ره -) في نهايته و الصّحيح من المذهب و الأقوال انّ إلحاق المرية في هذا الحكم بالرّجال يحتاج إلى دليل و انّما إجماعنا منعقد على انّ الوالد يتحمّل ولده الأكبر ما فرّط فيه من الصّيام يصير ذلك تكليفا للولد إلى ان قال و ليس هذا مذهبا لأحد من أصحابنا و انّما أورده شيخنا إيرادا لا اعتقادا انتهى و غرضه الاستدلال بالأصل بمعنى عدم الدّليل بعد اختصاص الإجماع بالرّجل و يلوح من كلام العلاّمة (- ره -) في (- لف -) انّه زعم انّ ابن إدريس (- ره -) يريد الاستدلال على انتفاء الحكم عن المرية باختصاص الإجماع بالرّجل و لهذا قال و قول ابن إدريس (- ره -) الإجماع على الوالد ليس حجّة إذ دلالة دليل على حكم ليس دليلا على انتفاء ذلك الحكم في صورة أخرى ثمَّ انّه شدّد النّكير عليه فقال و قوله ليس هذا مذهبا لأحد من أصحابنا جهل منه و أيّ أحد أعظم من الشيخ (- ره -) خصوصا مع اعتضاد قوله بالرّوايات و الأدلّة العقليّة مع انّ جماعة قالوا بذلك كابن البرّاج و نسبة قول الشيخ (- ره -) إلى أنّه إيراد لا اعتقاد غلط منه و ما يدريه بذلك مع انّه لم يقتصر على قوله ذلك في النّهاية بل في (- ط -) (- أيضا -) انتهى و الانصاف انّه خالف الإنصاف فيما ذكره قوله طاب ثراه و هي و (- كرة -) قلت بل و (- لف -) فإنّه قد استقرب فيه قول الشيخ (- ره -) قوله طاب ثراه الاّ انّ الموجود في (- الروضة -) (- اه -) وصف قول الحلّي بالشهرة كما في (- الروضة -) غريب قوله طاب ثراه مضافا إلى مصحّحة أبي حمزة (- اه -) هذا التعبير لم يقع على ما ينبغي لأنّه انّما كان يصحّ ان لو سبق التمسّك بوجه أخر حتّى يضيف اليه التمسّك بالصّحيحة و يمكن ان يكون قد سقط من قلمه الشّريف التمسّك بأصالة اشتراك الرّجال و النساء في الحكم كما فعل في (- لف -) حيث تمسّك أوّلا بأنّ الغالب تساوى المرية الذكور في الأحكام الشرعية التّكليفيّة ثمَّ اتبعه بالتمسّك بالصّحيحة و إن كان فيه ما يأتي و يمكن توجيه ما في المتن بانّ قوله (- قدّه -) و دعوى الانصراف (- اه -) ينحلّ إلى قوله فالأقوى اللّحوق لإطلاق خبر ابن سنان و دعوى الانصراف فيه ممنوعة مضافا إلى مصحّحة (- اه -) فيكون قد أضاف التمسّك بالصّحيحة على التمسّك بإطلاق لفظ الميّت في رواية ابن سنان و كيف كان فقد وقع الاحتجاج للإلحاق بأمور أحدها ما أشرنا إليه من أصالة الاشتراك و فيه انّ مفاد أصالة الاشتراك انّما هو ثبوت ما كلّف به الرّجال في حقّ النّساء و المكلّف هنا في الفرضين الولد الذكر و ليس مرجع النزاع إلى مشاركة البنت له في ذلك و جريان حكم المقضي عنه الذكر في حق المرية بوجوب قضاء ولدها عنها لا ربط له بأصالة الاشتراك بوجه لرجوع التّكليف إلى غير المرية و الرّجل المقضي عنهما ثانيها ما في (- كرى -) من التمسّك بظاهر الرّوايات قال و لفظ الرّجل للتّمثيل لا للتّخصيص انتهى و أقول الظّاهر انه أراد بظاهر الرّوايات إطلاق الأخبار المزبورة المعبّر فيها بالميّت الصّادق على الرّجل و المرية جميعا بعد كون ما عبّر فيه بالرّجل تمثيلا لا تخصيصا على انّه على فرض عدم كونه تمثيلا فالنّسبة بينه و بين ما عبّر فيه بالميّت الإطلاق و التّقييد الغير المتنافي ظاهرهما فيعمل بهما جميعا ثالثها ما في (- لف -) من انّ إبراء ذمم المكلّفين أمر مطلوب للشارع قضيّة بحكمته تعالى و رحمة على العالمين و القضاء على الوليّ طريق صالح كما في حقّ الرّجال فيجب عليه في حقّ المرية قضاء للمناسبة و أنت خبير بأنّه اعتبار صرف لا حجّة فيه رابعها الأخبار مثل ما في المتن من صحيحة ابن أبي حمزة و قد سبق نقلها منّا في حجّة الخامس من الأقوال في المقضي و مثلها موثّق محمّد بن مسلم و شطر من موثق منصور بن حازم المزبورين هناك

ص:295

و كذا صحيح ابى بصير المتقدّم في حجّة ثاني الأقوال هناك و قال العلاّمة (- ره -) في (- لف -) مشيرا إلى صحيح ابى بصير ما لفظه و الاستدلال بهذا الحديث من وجوه الأوّل سؤاله (- ع -) هل برئت من مرضها قال لا فأجابه بسقوط القضاء و لو لا انّ البرء موجب للقضاء لما صحّ هذا السّؤال الثّاني تعليله عليه السّلام عدم القضاء عنها بعدم إيجابه عليها و عند انتفاء العلّة ينتفي المعلول فيجب القضاء عنها عند الإيجاب الثّالث تعليل تعجّبه عليه السّلام في قوله كيف تقضى شيئا لم يجعله اللّه عليها بانتفاء الإيجاب فيجب ان ان يكون مع الإيجاب يجب القضاء انتهى و ربّما أورد على الاستدلال بالنّصوص بأنّ غاية ما يستفاد منها انّما هو مشروعيّة القضاء و هو أعمّ من الوجوب كما انّ إثبات مشروعيّته فيها من دون تعيين القاضي أعمّ من إثباتها على الوليّ على حسب الرّجل و أجيب بأنّه متى ثبتت المشروعيّة ثبت الوجوب اختصّ ذلك بالوليّ ضرورة معلوميّة عدم الوجوب على سائر النّاس و ربّما أجيب بما في المتن من انّ المسئول عنه هو نفس الوجوب لما ذكره في المنتهى من الاتّفاق على الاستحباب في الصّور المفروضة في النّصوص فتدبّر قوله طاب ثراه اقويهما العدم ما قوّاه هو المتين لما أشار إليه من الإطلاقات مضافا إلى أصالة عدم اشتراط حريّة المقضيّ عنه في وجوب القضاء على الوليّ قوله طاب ثراه ثمَّ انّ حكم الجارية حكم العبد الميّت (- اه -) لما عرفت من لحوق المرية بالرّجل و عدم اشتراط الحريّة في المقضي عنه و كلّ من قال بهما قال بما في المتن بقي هنا فرعان لم يتعرّض لهما الماتن (- ره -) الأوّل انّه قال كاشف الغطاء (- ره -) انّ من لم يتيقّن شغل ذمّة الميّت فلا شيء عليه و ليس قول الميت حجّة عليه و أقول فتح هذا الباب يؤدّى إلى عدم القضاء عن الميّت الاّ نادرا لانّ الغالب عدم علم الوليّ بما فات الميّت من الصّلوة و الصّيام في عمره فهو من قبيل ما لا يعلم الاّ من قبله فيلزم قبول قوله فيه الثّاني انّه إذا علم الوليّ انّ على الميّت صلاة أو صوما و لم يعرف كميّته فقد قيل انّه يجب الإتيان منه حتّى لا يبقى عالما ببقاء شغل ذمّته و نظر القائل في ذلك إلى انّ المرجع في الشكّ في التّكليف الوجوبي المردّد بين الأقلّ و الأكثر هو البراءة من الأكثر و ما نحن فيه من فروع ذلك نعم إتيانه بما يعلم به عدم بقاء شيء منه اولى و أحوط

في أحكام القضاء و شروطه و فيه مسائل

المسألة الأولى في أن القضاء عن الميت نيابة عنه لا أنه تكليف أصلي على الولي

قوله طاب ثراه فيقصّر ما فاته سفرا (- اه -) هذا تفريع على اعتبار ما كان معتبرا في فعل الميّت كما انّ قوله و لا يجب عليه الإخفات (- اه -) تفريع على قطع النّظر عمّا يعرض باعتبار خصوص مباشرة الفاعل له كما يكشف عن هذا المعنى قوله (- ره -) و الفرض بينهما و بين القصر و الإتمام (- اه -) و ضمير التثنية يرجع إلى الجهر و الإخفات و ستر جميع البدن و عدمه اى الفرق بين الجهر و الإخفات و ستر جميع البدن و عدمه و بين القصر و الإتمام انّ القصر و الإتمام (- اه -) و هذا الفرق يدركه الفقيه و يستنبطه من لسان الأدلّة كما لا يخفى على من حام حول هذا الوادي قوله طاب ثراه و لكن الأقوى وجوب الانتظار مع رجاء زوال الأعذار فالأحوط الاستنابة مع عدمه (- اه -) لمّا كان مذهبه (- قدّه -) وجوب انتظار صاحب العذر زوال عذره عند رجاء الزّوال و عدم وجوب الانتظار عند عدم رجاء الزّوال قوىّ في صورة الرّجاء لزوم الانتظار و فرّع عليه احوطيّة الاستنابة مع عدم الرّجاء لكن ظاهر العبارة انّ الاحتياط وجوبيّ و هو ينافي اختياره عدم وجوب الانتظار عند عدم رجاء الزّوال الاّ ان يتعلّق بانّ شغل ذمّته بقضاء الميّت يستدعي البراءة اليقينيّة و لا تحصل إلاّ بالاستنابة لكن فيه نظر بل منع لانّه بعد عدم وجوب الانتظار عليه عند عدم رجاء الزّوال و عدم الدّليل على وجوب الاستنابة لما أشار إليه من عدم كونها أحد فردي الواجب المخيّر حتّى يتعيّن بتعذّر الفرد الأخر يحصل له اليقين بالبراءة من ذلك الشغل بالإتيان بالعمل على حسب ما كلّف به في حال العذر و لو قال فالأقوى وجوب الانتظار مع رجاء زوال العذر و عدمه مع عدمه و إن كان الأحوط مع عدمه الاستنابة (- اه -) حتّى يكون الاحتياط استحبابيّا لكان اولى و أتقن و يمكن دعوى كون ذلك مراده (- أيضا -) بتقريب انّ تقييد الوجوب بالرّجاء يكشف عن تقويته عدم الوجوب عند عدم الرّجاء فيكون الاحتياط احتياطا بعد الفتوى فيكون استحبابيّا ثمَّ انّه حيث انّ المختار في غير فاقد الماء من اولى الأعذار هو عدم وجوب الانتظار حتّى مع رجاء الزّوال كان المختار هنا لزوم إفطار فاقد الماء مع رجاء وجدانه له إلى ان يجده و جواز مباشرة غيره من اولى الأعذار كالمتضرّر بالماء و صاحب الجبيرة للقضاء على حسب تكليفه العذري و إن كان الانتظار عند رجاء الزّوال و الاستنابة عند عدم الرّجاء اولى و أحوط و اللّه العالم قوله طاب ثراه نعم لا يجب قضاء صلاة الميّت صحيحا (- اه -) يعنى انّه لو اتى الميّت قبل موته بصلاة أو صوم باعتقاد الصحّة و كان معتقدا لوليّ فساد ما اتى به هو لم يجب على الولي قضاء ذلك المأتي به و قد كان ينبغي تقييد اعتقاد الصحّة في العبارة بما إذا كان اعتقاده عن طريق شرعيّ من اجتهاد أو تقليد حتّى يكون اعتقاده ذلك طريقا إلى الواقع موجبا لسقوط الأمر حتّى مع المخالفة للواقع و امّا لو كان اعتقاده عن تقصير فيجب على الوليّ قضاء ما اعتقد فساده لفقد الطريق القائم مقام الواقع للميّت فيصدق الفوت المثبت للقضاء على الوليّ و لعلّه أهمل القيد لوضوحه

المسألة الثانية هل الملحوظ في كونه دينا الأمر الأدائي أو الأمر القضائي

قوله طاب ثراه وجهان أظهرهما من أدلّة العبادة عن الميّت و انّها كأداء الدّين عنه الأوّل (- اه -) أشار بذلك إلى ما مرّ منه في أوائل الرّسالة من التمسّك بقضيّة الخثعميّة النّاطقة بلزوم قضاء دين اللّه عن الميّت قوله طاب ثراه لانّ ظاهر إطلاق الدّين على العبادة (- اه -) يكشف عن ذلك الأحاديث الثلاثة المتقدّم نقل روايتها عن السيّد بن طاوس (- ره -) النّاطقة بأنّه إذا جاء وقت صلاة فلا تؤخّرها لشيء صلّها و استرح منها فإنّها دين حيث أطلق عليه السّلام الدّين على الصّلوة الأدائيّة و يمكن الاستدلال لما اختاره (- قدّه -) بموثّق ابى بصير المتقدّم عند الكلام في القاضي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل سافر في رمضان فأدركه الموت قبل ان يقضيه قال يقضيه أفضل أهل بيته فانّ الضّمير في كلمة يقضيه راجع إلى صوم رمضان فيكون أفضل أهل بيته قاضيا لصوم شهر رمضان لا لقضاء صوم شهر رمضان احتمال رجوع الضّمير الثّاني إلى القضاء المدلول عليه بكلمة يقضيه الأولى بعيد جدّا نعم يمكن التمسّك للثّاني بمرسل حمّاد المزبور عند المتكلّم في القاضي من المتن قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في الرّجل يموت و عليه دين من شهر رمضان من يقضيه قال اولى النّاس به حيث أطلق الدّين على القضاء و ارجع ضمير يقضيه اليه (- فت -) قوله طاب ثراه و هذا مثل الترتيب بين الفوائت فإنّه بناء على اعتباره في القضاء باعتبار دليل خارج (- اه -) كلمة فإنّه ساقطة من قلمه الشريف و الصّحيح إثباتها ليكون قوله باعتبار خبر انّ قوله لكن تدعى الشّروط (- اه -) واو الجمع في كلمة الشّروط زائدة و الصّحيح الشرط مفردا قوله طاب ثراه نعم لا يستبعد ان يظهر من أدلّة الترتيب (- اه -) هذا انّما كان يتمّ لو كان القول بالترتيب لدليل لفظيّ و اما بناء عدم تماميّة أدلّته اللفظيّة و انحصار مستنده في الإجماع كما لا يبعد فيشكل الاستظهار المذكور بعد وضوح كون الإجماع دليلا لبيّا يقتصر على المتيقّن

ص:296

من مورده

المسألة الثالثة في سقوط القضاء عن الميت بفعل الغير

اشارة

قوله طاب ثراه كما عن الشيخ (- ره -) و جماعة (- اه -) ممّن اختار ذلك المحقّق (- ره -) في الشّرائع و ممّن اختار عدم السّقوط المحقّق الثّاني في (- مع صد -) قوله طاب ثراه لعموم ما دلّ على انّ الصّلوة و الصّوم عن الميّت يكتب له أشار بذلك إلى الأخبار المتقدّم في شرح أوائل الرّسالة نقل روايتها عن ابن طاوس (- ره -) فلاحظ وجه الاستدلال انّه إذا كتب له برئت ذمّته قوله طاب ثراه و ما دلّ على انّ العبادة في ذمّة الميّت كالدّين (- اه -) هذا هو الوجه الثّاني من حجج السّقوط و المراد بما دلّ هو قضيّة الخثعميّة التي أشار إليها و قد أسبق نقلها في أوائل الرّسالة و مثلها ما تقدّم في أوائل الرّسالة روايته في عبارة (- كرى -) عن البخاري و غيره عن ابن عبّاس قال رجل انّ أختي نذرت ان تحجّ و انّها ماتت فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله لو كان عليها دين أ كنت قاضيه قال نعم قال فاقض دين اللّه فهو أحقّ بالقضاء بل لو صحّ سنده لكان دليلا قويما على السّقوط بفعل الغير ضرورة عدم وجوب قضاء الأخت على الأخ قوله طاب ثراه و يدلّ على السّقوط مضافا إلى ما ذكرنا الموثّقة (- اه -) هذا هو الوجه الثالث من حجج القول بالسّقوط و المراد بالموثّقة هو الحديث الخامس من الأحاديث الأربع و العشرين المتقدّم منا في أوائل الرّسالة نقلها عن (- كرى -) عن ابن طاوس و قد رواها عن أصل عمّار بن موسى السّاباطي عن الصّادق عليه السّلام عن الرّجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه صوم (- اه -) و يمكن المناقشة في الاستدلال بها بانّ المطلق لم يرد هنا الاّ لبيان حكم أخر و هو مشروعيّة قضاء العارف و عدم مشروعيّة قضاء غير العارف فهو لبيان جنس الحكم دون الإطلاق فلا يصحّ التمسّك به قوله طاب ثراه و مرسلة الفقيه (- اه -) يمكن المناقشة في دلالتها بابتناء الاستدلال بها على تأويل بعيد لا يساعد عليه دلالة اللّفظ و انّها بظاهرها معارضة بما دلّ على انّ القضاء انّما يجب على الولد الأكبر فتطرح في مقابلة ذلك قوله طاب ثراه و الموثّق كالصّحيح (- اه -) قد أسبقنا في حجّة ثاني الأقوال في القاضي إيراد سند هذا الموثّق و متنه و يمكن المناقشة في الاستدلال به هنا بانّ الظّاهر انّ المراد بالأفضل هو الأفضل بحسب المتعارف في أنظار النّاس و هو الأوجه و الأعظم عندهم و قد عبّر به عن الأكبر لغلبة انطباقه و انّ ما ذكره (- قدّه -) من التقريب تأويل بعيد لا يساعد عليه اللّفظ أصلا فتأمّل قوله طاب ثراه و زاد في (- كرى -) (- اه -) ظاهر التّعبير بالزيادة استدلال الشهيد (- ره -) في (- كرى -) أوّلا بالأصل و ثانيا بأنّ الصّلوة لا تقبل التحمّل عن الحيّ و ليس (- كك -) بل اقتصر على التمسّك بالثّاني و لا يخفى انّ مراده بالصّلوة الّتي منع من قبولها التحمّل عن الحيّ هي خصوص الواجبة دون المندوبة بقرينة ما مرّ في ذيل الخبر الحادي و العشرين من الأحاديث الأربع و العشرين المتقدّم في أوائل الرّسالة نقلها في كلامه الّذي نقلناه هناك فلاحظ قوله طاب ثراه نعم يمكن ان يستدلّ لهم بمكاتبة الصفّار (- اه -) قد مرّ نقل سندها في حجّة القول الأوّل في القاضي و الجواب عنها أنها مضطربة المتن فلا تعارض ما مرّ في حجّة القول بالسّقوط فالقول بالسّقوط أظهر و اللّه العالم قوله طاب ثراه فقوله عليه السّلام يقضى عنه ليس مستعملا في الوجوب (- اه -) الحق حمل الرّواية على الوجوب و كون قيد الولاء فيها للاستحباب لا يمنع من الأخذ بالنّسبة إلى ما عدى القيد بظاهر الوجوب و كذا لا ينافي الوجوب سقوطه بتبرع الغير كما في كلّ واجب لا يعتبر فيه الصّدور من الشخص بالخصوص قوله طاب ثراه لم يدلّ على مذهبهم بتعيين القضاء على الأكبر (- اه -) كلمة بتعيين غلط من النّاسخ و الصّحيح من تعيّن القضاء على الأكبر قوله طاب ثراه على ما يظهر من (- كرى -) (- اه -) (11) أقول للشهيد (- ره -) في (- كرى -) في وصيّة الميّت بقضاء الصّلوة عنه عبارتان الأولى ما تصدّى فيه لإثبات وجوب إنفاذ وصيّته مع قطع النّظر عن وجود الولي و عدمه قال (- ره -) في ذيل أحكام الجنائز من كتاب الطّهارة بعد إثبات دخول النّيابة في أداء الواجبات بما مرّ في أوائل الرّسالة منّا نقله عنه من الأخبار و غيره ما لفظه إذا تقرّر ذلك فلو اوصى الميّت بالصّلوة عنه وجب العمل بوصيّته لعموم قوله (- تعالى -) فمن بدّله بعد ما سمعه فإنّما إثمه على الذين يبدّلونه و لانّه لو اوصى ليهودي أو نصراني وجب إنفاذ وصيّته فكيف الصّلوة المشروعة لرواية حسين بن سعيد بسنده إلى محمّد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اوصى بماله في سبيل اللّه قال أعطه لمن اوصى به و إن كان يهوديّا أو نصرانيّا انّ اللّه عزّ و جلّ يقول فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ و ذكر الحسين بن سعيد في حديث أخر عن الصّادق عليه السّلام لو انّ رجلا اوصى ان أضع في يهوديّ أو نصراني لوضعته فيهم انّ اللّه يقول فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ الآية انتهى ما أهمّنا ممّا في (- كرى -) هنا و الأخرى ما تصدّى فيها لسقوطها بالوصيّة عن الوليّ و ما يخرج عنه الأجرة مع الوصيّة بالاستيجار قال (- ره -) في مبحث قضاء الصّلوات لو اوصى الميّت بقضائها عنه بأجرة من ماله أو أسندها إلى أحد أوليائه أو إلى أجنبيّ و قيل فالأقرب سقوطها عن الوليّ لعموم وجوب العمل بما رسمه الموصى ثمَّ قال لو قلنا بعدم قضاء الوليّ ما تركه الميّت عمدا أو كان لا ولىّ له فإن أوصى الميّت بفعلها من ماله أنفذ و ان ترك فظاهر المتأخّرين من الأصحاب عدم وجوب إخراجها من ماله لعدم تعلّق الفرض بغير البدن خالفناه مع وصيّة الميّت لانعقاد الإجماع عليه و بقي ما عداه على أصله و بعض الأصحاب أوجب إخراجها كالحجّ و صبّ الأخبار الّتي لا ولىّ فيها عليه و احتجّ (- أيضا -) بخبر زرارة قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام انّ أباك قال لي من فرّ بها فعليه أن يؤدّيها فقال صدق ابى عليه ان يؤدّى ما وجب عليه و ما لم يجب عليه فلا شيء عليه فيه ثمَّ قال أ رأيت لو انّ رجلا أغمي عليه يوما ثمَّ مات فذهبت صلوته أ كان عليه و قد مات أن يؤدّيها فقال لا قال الاّ ان يكون أفاق من يومه فظاهره أنّه يؤدّيها بعد موته و هو انّما يكون بوليّه أو ماله فحيث لا ولى يحمل على المال و هو شامل لحالة الإيصاء و عدمه ثمَّ قال لو اوصى بفعلها من ماله فان قلنا بوجوبه لو لا الإيصاء كان من الأصل كسائر الواجبات و ان قلنا بعدمه فهو تبرع يخرج من الثّلث الاّ ان يجيزه الوارث انتهى فانّ عبارته الأولى أطلقت لزوم إنفاذ الوصيّة بالصّلوة على الإطلاق و الثّانية عمّمت سقوط القضاء عن الوليّ بالوصيّة للقضاء بأجرة من ماله أو مال الوليّ أو مال أجنبيّ و لازم السقوط هو وجوب الفعل على الموصى اليه و لذا أسند الماتن (- ره -) الوجوب إلى ظاهر (- كرى -) دون صريحه قوله طاب ثراه و في دلالته على المدّعى نظر (- اه -) (12) الظّاهر انّ الضّمير يعود إلى الإجماع لعدم سبق دليل أخر و (- ح -) فوجه النّظر انّ إجماع (- كرة -) إجماع على قضيّة مهملة لا كلّية فلا يدلّ على المدّعى قوله طاب ثراه نعم استدلّ عليه (- اه -) (13) قد سمعت الاستدلال من (- كرى -) في عبارته الأولى و دلالته فيما إذا اوصى بالاستيجار من ماله موجّهة و امّا فيما إذا اوصى بالقضاء عنه تبرّعا أو بأجرة أسندها إلى وليّه أو إلى أجنبيّ فمحلّ تأمّل لأنّ ظاهر الآية و الأخبار انّ لزوم إنفاذ الوصيّة و حرمة التّبديل انّما هو فيما له عليه سلطنة من ماله و شبهه و لا سلطنة له على مال الوليّ و لا مال الأجنبيّ

ص:297

و لا بدنه نعم إذا قبل الموصى إليه فقد وعده بذلك و الوفاء بالوعد ليس واجبا فقها و ان وجب أخلاقا و خبر ابى بصير الآتي في كلام العلاّمة (- ره -) يدلّ بالتقرير على شرعيّة الوصيّة بالقضاء عنه تبرّعا دون وجوب إنفاذها فتدبّر جيّدا و تظهر الثّمرة بين الوصيّة النّافذة كما إذا اوصى بالاستيجار من ماله و غير النّافذة كما إذا اوصى بالقضاء عنه تبرّعا سقوطها عن الوليّ على الاولى بمجرّد لزوم الوصيّة فتأمّل و توقّف السّقوط في الثّاني على وقوع القضاء من الموصى إليه في الخارج قوله طاب ثراه ففيه نظر عرفت وجهه (- اه -) غرضه بذلك ما افاده من حكومة أدلّة الوصيّة على دليل الوجوب بالولاية فإنّ مقتضاها السّقوط عن الولي بعد الوصيّة و عدم الوجوب عليه بموت الموصى قوله طاب ثراه لكن لا يجب تحصيل العلم أو الظنّ (- اه -) نظره في نفي الوجوب إلى أصالة برأيه ذمّته بعد انصراف دليل الوجوب إلى صورة فقد الوصيّة لكن يمكن دعوى تقيّد الانصراف بما إذا عمل بالوصيّة فما لم يحرز العمل بها يكون التّكليف باقيا عليه لبقائه تحت الإطلاق (- فت -)

في صحة الاستيجار و سقوط ذمة الميت بفعل الغير

قوله طاب ثراه حيث قال في (- كرى -) (- اه -) لم ينقل تمام العبارة و ينبغي نقلها بتمامها لتضمّنها ما ينفع في إتقان الأمر قال (- ره -) فيما مرّت الإشارة إليه من كتاب الطّهارة ما لفظه قد حكى ابن حمزة في كتابه في قضاء الصّلوة عن الشيخ ابى جعفر محمّد بن الحسين الشوهاني انه كان يجوّز الاستيجار عن الميّت و استدلّ ابن زهرة (- ره -) على وجوب قضاء الولد الصّلوة بالإجماع على انّها تجري مجرى الصّوم و الحجّ و قد سبقه ابن الجنيد (- ره -) بهذا الكلام حيث قال و العليل إذا وجبت عليه الصّلوة و أخّرها عن وقتها إلى ان فاتت قضاها عنه وليّه كما يقضى حجّة الإسلام و الصّيام قال و (- كك -) روى أبو يحيى عن إبراهيم بن سالم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فقد سويّا بين الصّلوة و بين الحجّ و لا ريب في جواز الاستيجار على الحجّ قلت هذه المسئلة اعنى الاستيجار على فعل الصّلوة الواجبة بعد الوفاة مبنيّة على مقدّمتين إحديهما جواز الصّلوة عن الميّت و هي إجماعيّة و الأخبار الصّحيحة ناطقة به كما تلوناها و الثانية انّه كلّما جازت الصّلوة عن الميّت جاز الاستيجار عنه و هذه المقدّمة داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة الّتي يمكن ان يقع للمستأجر و لا يخالف فيها احد من الإماميّة بل و لا من غيرهم لانّ المخالف من العامّة إنما منع لزعمه انّه لا يمكن وقوعها للمستأجر عنه امّا من يقول بإمكان وقوعها له و هم جميع الإماميّة فلا يمكنه القول بمنع الاستيجار الاّ ان يخرق الإجماع في إحدى المقدّمتين على انّ هذا النوع قد انعقد عليه الإجماع من الإماميّة الخلف و السّلف من عهد المصنّفين و ما قبله إلى زماننا هذا و قد تقرّر أنّ إجماعهم حجّة قطعيّة فإن قلت فهل لا اشتهر الاستيجار على ذلك و العمل به عن النّبي (- ص -) و الأئمّة عليهم السّلام كما اشتهر الاستيجار على الحجّ حتّى علم من المذهب ضرورة قلت ليس كلّ واقع يجب اشتهاره و لا كلّ مشهور يجب الجزم بصحّته فربّ مشهور لا أصل له و ربّ متأصّل لم يشتهر امّا لعدم الحاجة إليه في بعض الأحيان لندور وقوعه و الأمر في الصّلوة كذلك فانّ سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة و النّافلة على حدّ لا يقع من احد منهم إخلال بها الاّ لعذر بعيد كمرض موت أو غيره و إذا اتّفق فوات فريضة بادروا إلى فعلها لأنّ أكثر قد ملئهم على المضايقة المحضة فلم يفتقروا إلى هذه المسئلة و اكتفوا بذكر قضاء الولي لما فات الميّت من ذلك على طريقة النّدور يعرف هذه الدّعاوي من طالع كتب الحديث و الفقه و سيرة السّلف معرفة لا يرتاب فيها فخلف من بعدهم قوم تطرّق إليهم التّقصير و استولى عليهم فتور الهمم حتّى آل الحال إلى انّه لا يوجد من يقوم بكمال السّنن إلاّ أوحديّهم و لا مبادر بقضاء الفائت إلاّ أقلّهم فاحتاجوا إلى استدراك ذلك بعد الموت لظنّهم عجز الولي عن القيام به فوجب ردّ ذلك إلى الأصول المقرّرة و القواعد الممهّدة و فيما ذكرناه كفاية على انّ قضاء الصّلوة عن الميّت غير متروك ذكره بين أرباب المذهب المباينة للشّيعة على طرف النّقيض و لا مهمل روايته عند نقله حديثهم انتهى المهمّ ممّا في (- كرى -) قوله طاب ثراه و حكى الإجماع (- أيضا -) عن الإيضاح و (- مع صد -) (- اه -) قال في الإيضاح و قال في كتاب الإجارة من (- مع صد -) يصحّ الاستيجار للجهاد و الحجّ و الصّلوة لمن لا يجب عليه و يقع عن المستأجر بالإجماع و لقوله (- ص -) في حديث الخثعميّة فدين اللّه أحقّ ان يقضى انتهى و لا يحضرني إرشاد الجعفريّة قوله طاب ثراه و يدلّ على المسئلة مضافا إلى ما عرفت انّ المقتضى (- اه -) لا يخفى عليك ما في العبارة من المسامحة فإنّ مقتضى التمسّك بوجوه و جعل الإجماعات أوّلا هو جعل هذا الوجه ثانيا و عمومات الإجارة ثالثا و عمومات العقود رابعا و عمومات الصلح خامسا لا كما صنع (- قدّه -) و كيف كان فقد يناقش في هذا الاستدلال تارة بمنع المقتضي في خصوص المورد نظرا إلى انّ العبادة لم يعلم كونها من قبيل المنفعة المباحة بالقياس إلى من تجب عليه نظرا إلى انّه يشترط فيها المباشرة و تولّى غير من يجب عليه موقوف على اذن الشّارع و رفعه للمباشرة و تحقّقه ممنوع و لهذا قالوا انّه لا يجوز التوكيل في العبادة و اخرى بإبداء المانع و هو انّ العمل المقصود في المقام انّما هي العبادة فلا تتحقّق بغير قصد القربة و أخذ الأجرة على العمل ممّا يمنع من قصد القربة و المناقشتان جميعا مردودتان أمّا الأولى فلانّ الأحاديث و الإجماعات المزبورة في صدر الرّسالة كافية في إثبات رفع الشّارع الأمر بالمباشرة بسبب الموت مضافا إلى انّه لو تمّت المناقشة لزم عدم شرعيّة قضاء الولي (- أيضا -) لها و الاعتذار بقيام الدّليل فيه يقابل بقيام الدّليل هنا (- أيضا -) و امّا الثانية فلما يأتي في كلام الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه كما في رواية تحف العقول (- اه -) أراد (- قدّه -) بذلك الخبر الّذي نقله بطوله في أوّل المكاسب المتضمّن لقوله عليه السّلام و امّا تفسير الإجارة فإجارة الإنسان نفسه أو ما يملكه أو يلي أمره من قرابته أو دابّته أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الإجارات إلى أخر الفقرات المقاربة من ذلك فراجع و أراد بغيرها نحو ما رواه علم الهدى (- ره -) في رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النّعماني مسندا عن علىّ عليه السّلام في بيان معايش الخلق قال و امّا وجه الإجارة فقوله عزّ و جلّ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ فأخبرنا سبحانه انّ الإجارة أحد معايش الخلق إذ خالف بحكمته بين هممهم و إرادتهم و سائر حالاتهم و جعل ذلك قواما لمعايش الخلق و هو الرّجل يستأجر الرّجل في ضيعته و اعماله و احكامه و تصرّفاته و أملاكه و لو كان الرّجل منّا يضطرّ إلى ان يكون بنّاء نفسه أو نجّارا أو صانعا في شيء من جميع أنواع الصّنائع لنفسه و يتولّى جميع ما يحتاج اليه من إصلاح الثّياب و ما يحتاج اليه من الملك فمن دونه ما استقامت أحوال العالم بتلك و لا اتّسعوا له و لعجزوا عنه و لكنّه أتقن تدبيره لمخالفتهم بين هممهم و كلّما يطلب ممّا ينصرف اليه همّته ممّا يقوم به بعضهم لبعض و ليستغني بعضهم بعض

ص:298

في أبواب المعايش الّتي بها صلاح أحوالهم لكن لا يخفى عليك انّ التمسّك بهذه العمومات يتوقّف على إحراز كون قضاء الصلاة و الصوم عن الغير مباحا كما مرّ إثباته قوله طاب ثراه و رمسه و الأظهر جواز التبرّع عنها من غيره (- اه -) قد سهى هنا قلم النّاسخ و الصّحيح التبرّع بها بدل التبرّع عنها قوله طاب ثراه فإن أراد أصالة الفساد بمعنى عدم سقوطه (- اه -) لا يخفى عليك انّ للكاشاني (- ره -) ان يختار هذا الشقّ الأوّل من التّرديد و يقول انّ ما أورد من عدم تعقّل الفرق بين فعل الأجير و فعل المتبرّع ليس الاّ تقريرا للجامع في القياس و الغرض الاحتراز منه فالأولى ان يقال في ردّ اختيار الشقّ الأوّل انّك قد عرفت في أوائل الرّسالة نقلنا عن الشّهيد (- ره -) في (- كرى -) عشرة أحاديث دالّة على انّ الميّت يقضى عنه على وجه الإطلاق أو العموم فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه و فيه تغليب لجهة الماليّة (- اه -) فيه انّ ذلك لا اثر له في هذا المقام لانّ الغالب انّ أخذ المال للاكتساب و انّ الدّاعي على الإقدام على العمل هو تحصيل المال فلا يفيد في التقرّب بالعمل و ليس معنى جهة ماليّته الاّ انّه يتوقّف الوصول اليه غالبا على بذل المال و هذا لا يقتضي ان يكون الدّاعي لاقدام الأجير على العمل هو قصد القربة فلا فرق بينه و بين سائر العبادات و لكنّه لا يلزم من تساوى الحجّ و غيره كون التساوي في الصّحة بل يتساويان في الفساد من جهة عدم قصد القربة فلا بدّ من توجيه تحقّق قصد القربة في الحجّ فبما ذا وجّهه جرى مثله في الصّلوة و الصّوم قوله طاب ثراه ثمَّ انّ النّائب إذا وصل إلى مكّة (- اه -) إن كان هذا مصحّحا أمكن إبداء نظيره في الصّوم و الصّلوة فإنّ الأجير انّما يأخذ الأجرة ليهيّئ طعام السّحور و الفطور و اراحة النّفس من همّ المعاش فاذا صار وقت الإمساك أو أراد الإتيان لقضاء الصّلوة أمكن التقرّب بها و بالصّوم مثل ما إذا لم يأخذ الأجرة قوله طاب ثراه و ربّما يستفاد هذا من كلام بعض من سبقه كما سيجيء (- اه -) أراد بالبعض المحقّق الثّاني (- ره -) في (- مع صد -) في عبارته الّتي يأتي منه (- قدّه -) نقل بعضها قوله طاب ثراه و الجواب عنه أوّلا بالنّقض (- اه -) قد صدر منهم في الجواب عن الإشكال المذكور وجوه أشار الماتن (- ره -) الى ثلثة منها هذا أحدها و الثّاني ما افاده بقوله و امّا ثانيا (- اه -) و الثالث ما افاده بقوله فالتحقيق في الجواب ان يقال قد عرفت سابقا انّ معنى النّيابة هو تنزيل الشخص منزلة الغير (- اه -) و هناك أجوبة أخر أحدها ما ذكره بعضهم من انّ العبادات المستأجر عليها خرجت بالإجماع و مقتضى هذا الجواب انّه لا يعتبر فيها قصد القربة و ضعفه ظاهر ثانيها ما ذكره المحقّق البهبهاني (- ره -) في حواشي (- ك -) بقوله و امّا منافاة الأجرة لقصد الإخلاص في العبادات ففيه انّ نفس الإجارة لا تحتاج إلى النيّة و انّما المحتاج فعل نفس العبادة و الإجارة من العقود اللاّزمة شرعا و بعد اللّزوم الشّرعي يجب الوفاء بها (- فح -) يتحقّق القربة و الإخلاص كما إذا حلف احد ان يفعل شيئا أو يصلّى عن ميّت فقبل الحلف لم يكن واجبا عليه و بعده صار واجبا و عند الفقهاء (- رض -) انّ الملتزم بالنّذر و العهد و اليمين و الإجارة حالها واحد و قد عرفت السّبب نعم إذا كان الفعل بقصد الأجرة في صورة عدم تحقّق اجارة و من جهة الأجرة لم يكن صحيحا و إذا فعل للّه (- تعالى -) من حيث انّه تعالى يحبّ الإحسان على أهل الإيمان فهو صحيح فإذا اعطى بعد الفعل الصّحيح شيئا إحسانا من جهة انّ جزاء الإحسان إحسان يمكن ان يكون أخذه صحيحا و حلالا من هذه الجهة لأنّه عوض و اجرة فتأمّل انتهى و هو كما ترى ضرورة انّ وجوب الوفاء بعقد الإجارة بعد وقوعه توصّلي لا يفيد الإقدام عليه كونه على وجه القربة مع انّ امتثال وجوب الوفاء بعقد الإجارة مغاير للتّقرب بفعل الصّلوة و كأنّه أخذ هذا الجواب ممّا ذكره صاحب المفاتيح (- ره -) في تصحيح الاستيجار للحجّ بعد الالتفات إلى انّه لا فرق بين الحجّ و غيره من العبادات فيجب الجميع بعد الاستيجار و هذا المقدار حقّ فيرد على صاحب المفاتيح (- ره -) مؤاخذة وجه الفرق و لعلّه إلى ما ذكرنا أشار (- قدّه -) بالأمر بالتأمل في ذيل كلامه ثالثها ما ذكره المحقّق المذكور (- أيضا -) بقوله بعد كلامه السّابق مع انّه إذا كان أخذ الأجرة برضا اللّه تعالى و تحصيل ضروريّ معاشه فيمكن أن يتأتّى قصد الامتثال و القربة فتأمّل انتهى و فيه انّ تحصيل الواجب من المعاش لا يصحّح قصد القربة في العمل الّذي استوجر عليه بإزاء ما يعيش به إذا اتى به لداعي أخذ الأجرة الّتي يعيش بها و لعلّه إلى ذلك أشار بالأمر بالتأمّل رابعها ما افاده حضرة الشّيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى في الجنان مقامه بقوله بعد استحسانه جواب الماتن (- ره -) و يمكن ان يقال بعد ان قام الإجماع على جواز الاستيجار لقضاء العبادات عن الميّت انّا نوجّه المقام بنظير ما يقال في التّوكيل في دفع الزكاة و الخمس من انّه يجب في كلّ منهما قصد القربة لكونهما من قبيل العبادة و انّ ناوي القربة انّما هو الموكّل لوجوب العبادة عليه بالأصالة و تتحقّق منه هذه النيّة عند تسليمه المال إلى الوكيل أو عند اذنه له في قبض المال و دفعه فاذا دفع الوكيل المال إلى مستحقّه كان هذا الدّفع الصّادر من الوكيل الّذي يده يد الموكّل عبادة قد نواها الموكّل عند اقباض المال أو الإذن في قبضه فنقول فيما نحن فيه انّ الموصى بالاستيجار لقضاء عبادته ينوي عند وصيّته الامتثال لأوامر تلك العبادة بفعل من يقوم مقامه إجمالا فاذا اتى النّائب الّذي فعله فعل المنوب عنه بصورة العبادة المشروعة عدا قصد القربة وقعت العبادة صادرة عن قصد الموصى إلى الامتثال بها لأمر اللّه (- تعالى -) إذ ليست النيّة إلاّ عبارة عن الدّاعي و هو حاصل من الموصى و على هذا القياس فعلى الولي إن كان هو المستأجر فإنّه ينوي تحصيل الامتثال عند الاستيجار الاّ انّه يشكل الأمر فيه من جهة انّ العبادة انّما هي عبادة الميّت دون الوليّ المستأجر فلا تفيد نيّته كما انّه يشكل الأمر في جريان التّوجيه المذكور بالنّسبة إلى صورة مباشرة الولي بنفسه للقضاء إذا لم يكن صدور الفعل منه ممّا التمسه الميّت المولّى عليه منه لأنّ العبادة عبادته فيلزم ان يكون هو القاصد للقربة على هذا التّوجيه و لكن يهوّن الأمر في هذين الإشكالين توجّه الأمر من اللّه (- تعالى -) إلى الوليّ بإتيانه بقضاء ما فات من المولّى عليه فهو يقصد امتثال الأمر بالقضاء عن المولّى عليه و هو معنى قصد القربة فإذا استأجر غيره كان قصد الامتثال لذلك الأمر مركوزا في نظره فلا اشكال هذا كلام الوالد طاب رمسه و له وجه قوله طاب ثراه انتهى غرضه بذلك إنهاء الجواب بالحلّ الّذي نقله بقوله و قد يقرّر بما حاصله (- اه -) قوله طاب ثراه فالتّحقيق في الجواب ان يقال (- اه -) قد ذكر (- قدّه -) هذا الجواب في بعض مصنّفاته الأخر ثمَّ أورد على نفسه بانّ الموجود في الخارج من الأجير ليس إلاّ الصّلوة عن الميّت مثلا و هذا هو متعلّق الإجارة و النّيابة فان لم يمكن الإخلاص في متعلّق الإجارة لم يترتّب على تلك الصّلوة نفع و ان أمكن لم يناف الإخلاص لأخذ الأجرة كما ادّعيت و ليست النّيابة عن الميّت في الصّلوة المتقرّب بها إلى اللّه شيئا و نفس الصّلوة شيئا أخر حتّى يكون الأوّل متعلّقا للإجارة و الثّاني مورد الإخلاص ثمَّ أجاب بأنّ القربة المانع اعتبارها عن تعلّق الإجارة هي المعتبرة في نفس متعلّق الإجارة و ان اتّحد خارجا مع ما يعتبر فيه القربة ممّا لا يكون متعلّقا للإجارة فالصّلوة الموجودة في

ص:299

الخارج على جهة النّيابة فعل للنّائب من حيث انّها نيابة عن الغير و بهذا الاعتبار ينقسم في حقّه إلى المباح و الرّاجح و المرجوح و فعل للمنوب عنه بعد نيابة النّائب يعنى تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه في هذه الأفعال و بهذا الاعتبار يترتّب عليه الآثار الدّنيويّة و الأخرويّة لفعل المنوب عنه الّذي لم يشترط فيه المعاشرة و الإجارة تتعلّق بالاعتبار الأوّل و التقرّب بالاعتبار الثّاني فالموجود في ضمن الصّلوة الخارجيّة فعلان نيابة صادرة عن الأجير النّائب فيقال ناب عن فلان و فعل كأنّه صادر عن المنوب عنه فيمكن ان يقال على سبيل المجاز صلّى فلان و لا يمكن ان (- يق -) ناب فلان فكما جاز اختلاف هذين الفعلين في الآثار فلا ينافي اعتبار القربة في الثّاني جواز الاستيجار على الأوّل الّذي لا يعتبر فيه القربة و قد ظهر ممّا قرّرناه وجه ما اشتهر بين المتأخرين فتوى و عملا من جواز الاستيجار على العبادات للميّت و انّ الاستشكال في ذلك بمنافاة ذلك لاعتبار التقرّب فيها ممكن الدّفع خصوصا بملاحظة ما ورد من الاستيجار للحجّ و دعوى خروجه بالنصّ فاسدة لأنّ مرجعها إلى عدم اعتبار القربة في الحجّ و أضعف منها دعوى انّ الاستيجار على المقدّمات كما لا يخفى مع انّ ظاهر ما ورد من استيجار مولانا الصّادق عليه السّلام للحجّ عن ولده إسماعيل كون الإجارة على نفس الأفعال انتهى ما أفاد الماتن (- ره -) و لعمري انّه أحسن ما قيل في حلّ الإشكال المذكور و ربّما أورد عليه بعض من تأخّر عنه من تلامذته بوجهين مع توضيح منّا أحدهما انّ أمر النيابة لو كان منوطا بتنزيل نفسه منزلة المنوب عنه و إتيانه بالعمل و التقرّب به بعنوان انّه منوب عنه حتّى انّ المنوب عنه هو المتقرّب في الحقيقة كما يعطيه كلامه (- ره -) لكان اللاّزم على الفقهاء (- رض -) ان ينبّهوا عليه لانّ هذا المعنى الّذي ذكره معنى دقيق جدّا لا يتنبّه له العوام بل و لا كثير من الخواصّ فاذا فرض كون ذلك قوام عمل النّواب للزم بيانه لئلاّ تبطل أعمالهم مع انا نرى انّهم لم يبيّنوا ذلك و ان النّواب في العبادات بأسرها لم يفهموا الدقيقة المذكورة فلا يلتفتون إلى التنزيل المذكور فيلزم على ما ذكره إهمال الفقهاء (- رض -) لأمر لازم يعمّ به البلوى و عدم صحّة شيء من اعمال النّواب من حيث عدم صدور ذلك التنزيل منهم و أنت خبير بما فيه فانّ الفقهاء (- رض -) اكتفوا عن بيان هذا المقال بما يفيده على وجه الكمال و هو لفظ النّيابة ضرورة انّها ليست إلاّ عبارة عن قيام الإنسان مقام غيره و ان شئت عبّرت عنه بإقامة الإنسان نفسه مقام غيره و ليس معنى التنزيل الّذي ذكره الماتن (- قدّه -) الاّ هذا و من المعلوم انّ كلّ من ناب عن غيره فان تنزيل نفسه منزلة ذلك الغير مركوز في ذهنه في مقام الإتيان بذلك العمل و إن كان على وجه البساطة الّتي لا يستطيع بيان تفصيلها الاّ العلماء كما هو الشّأن في غالب الأمور المركوزة في أذهان العوام فلا يلزم ما رامه المورد من إهمال الفقهاء (- رض -) ما يجب بيانه و لا بطلان عمل الإجراء لانّ ذلك المعنى البسيط المركوز في أذهانهم كاف في صحّة العمل كما في الدّاعي البسيط الّذي يكتفي به عن قصد تفصيل اجزاء العمل و غيرها الثّاني انّ ذلك مخالف لظاهر ما رواه عبد اللّه بن سنان عن الصّادق عليه السّلام في خصوص استيجاره رجلا ليحجّ عن ابنه إسماعيل حيث قال عليه السّلام في ذيل الرّواية يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجّة بما اتفق من ماله و كان لك تسع بما أتعبت من بدنك و مثله قوله عليه السّلام في رواية أخرى و لك تسع و له واحدة فإنّ ظاهرهما انّ العامل هو المتقرّب بالعمل و الاّ لم يكن للرّجل تسع من الثّواب و على ما افاده الماتن (- ره -) لا يكون المتقرّب بالعمل الاّ المنوب عنه وحده و لا يستحقّ الثّواب الاّ هو فلا يكون للعامل شيء من ذلك ثمَّ قال و بالجملة فتصحيح العبادات المستأجر عليها على الوجه المذكور غير مستقيم بل الأجير يعمل العمل متقرّبا للمستأجر فالعامل هو المتقرّب من دون تنزيل لا المنوب عنه و لعلّ الوجه في ذلك هو منع وجوب المباشرة في الواجبات الاّ ما خرج بدليل خاصّ استنادا إلى الجمع بين عمومات المعاملات من الكتاب و السّنة و بين أدلّة الواجبات و على هذا فيكون الإنسان مخيّرا بين إيجاد المأمور به بنفسه و بين إيجاده بواسطة نائبه ثمَّ ذكر انّه لا منافاة بين الإخلاص و بين أخذ الأجرة لأنّها ليست وجها للعمل و عنوانا للمأمور به حتّى ينافي قصدها قصد الإخلاص بل من جملة الدّواعي إلى إيجاد الفعل فقد لا يستطيع الإنسان و لا يقدر على إيجاد الواجب إلاّ بأجرة كما لو اشتاق إلى الجهاد الواجب كفاية فلم يتمكّن منه الاّ بان يصير أجيرا لغيره فيأخذ منه الأجرة و يستعدّ للجهاد هذا ما افاده المورد و فيه انّ خبر ابن سنان و نحوه ساكت عن الكيفيّة و انّ الإتيان هل هو على وجه التنزيل أو انّه يتقرّب بنفسه و يأتي للمنوب عنه و ما استشهد به على ما ادّعى دلالة الحديث عليه من كون تسع له قاصر عن إثبات مدّعاه لإمكان القلب عليه بانّ الحديث قد تضمّن كون واحدة لإسماعيل فلو كان الثّواب دليلا على كون المثاب هو المتقرّب للزم ان يكون إسماعيل هو المتقرّب مضافا إلى ان سياق الحديث يعطي انّ ذلك من باب التفضّل لانّ قوله عليه السّلام لك تسع في مقابل قوله (- ع -) كان لإسماعيل حجّة معناه و اللّه العالم انّ تسع حجّات له لا تسعة أجزاء من حجّة واحدة و يشهد بانّ ما ذكر هو المراد بالخبر ما روى مسندا عن عمرو بن سعيد السّاباطي انّه كتب إلى أبي جعفر عليه السّلام يسئله عن رجل اوصى اليه رجل ان يحجّ عنه ثلثة رجال فيحلّ له ان يأخذ لنفسه حجّة منها فوقع عليه السّلام بخطّه و قرأته حجّ عنه إنشاء اللّه تعالى فانّ لك مثل اجره لا ينقص من اجره شيء إنشاء اللّه (- تعالى -) و روى مرسلا عن الصّادق عليه السّلام عن الرّجل يحجّ عن أخر له من الأجر و الثّواب شيء فقال للّذي يحجّ عن الرّجل أجر و ثواب عشر حجج و يغفر له و لأبيه و لامّه و لابنه و لابنته و لأخيه و لأخته و لعمّه و لعمّته و لخاله و لخالته انّ اللّه واسع كريم قوله طاب ثراه كون الفعل المقصود حصول التقرّب (- اه -) قد سقطت كلمة به بعد كلمة المقصود من قلم النّاسخ و الصّحيح إثباتها قوله طاب ثراه ممّا أمر به استحبابا و ارادة الشّارع (- اه -) ابدال الضّمير بالتاء في كلمة ارادة من سهو القلم و الصّحيح و اراده عطفا على أمر به قوله طاب ثراه الاّ ما يسمع من وصول النّفع إلى الميّت (- اه -) افراد كلمة يسمع مع جمع الضّمير المجرور في قوله و الحامل لهم سهو من القلم و الصّحيح الاّ ما يسمعون بصيغة الجمع قوله عليه السّلام و لك تسعة بما أنعمت من ربك (- اه -) هذا سهو من القلم و الصّحيح بما أتعبت من بدنك قوله طاب ثراه قال في (- عد -) (- اه -) هذه العبارة لا دخل لها بالمقاوم و انّما المراد بها إيجار نفسه للإتيان بالصّلوة الواجبة على نفسه لانّه قال عند تعداد شروط الإجارة ما لفظه السّابع إمكان حصولها للمستأجر فلو أجر من وجب عليه الحجّ مع تمكّنه نفسه للنّيابة عن غيره لم يقع و كذا لو أجر نفسه للصّلوات الواجبة عليه فإنّها لا تقع عن المستأجر و هل تقع عن الأجير الأقوى العدم انتهى و من هنا علم انّ تأنيث ضمير عليه و تذكير تقع في المتن سهو من القلم قوله طاب ثراه و (- مع صد -) (- اه -) لا بأس بنقل عين عبارة جامع المقاصد لتزداد بصيرة في المقام قال (- ره -) في شرح عبارة (- عد -) المذكورة ما لفظه اى لو أجر من وجبت عليه صلاة نفسه لغيره ليصلّي الصّلوة الواجبة على الأجير لم يصحّ الإجارة قطعا لانّه لا يمكن حصولها للمستأجر فلا يصحّ بذل العوض اجارة في

ص:300

مقابلها و هل تقع عن الأجير حيث انه صلاّها عن نفسه الأقوى عند المصنّف (- ره -) العدم و وجه القوّة انّه لم يفعلها عن نفسه لوجوبها عليه بالأصالة بل بالإجارة ليأخذ العوض في مقابلها فلا تكون مطابقة لما في ذمّته لأنّ التي في ذمّته هي الواجبة بالأصالة و لمنافاته الإخلاص (- ح -) لأنّ العبادة مفعولة لغاية حصول الأجرة و الإخلاص انّما يتحقّق بقصد القربة خاصّة لقوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ و يحتمل الصّحة لأنّ ذلك باعث و علّة في حصول الدّاعي كالأمر بالصّلوة و غيرها ممّن يطاع و كما في الاستيجار للصّلوة عن الميّت و الحجّ و غيرهما من العبادات و يجاب بانّ الباعث متى كان غاية اقتضى الفساد إذا نافي الإخلاص و الصّلوة و نحوها في الاستيجار عن الميّت و الحيّ متى لحظه فيها فعلها لحصول الأجرة (- أيضا -) اقتضى الفساد و ليس من لوازم حصول الأجرة فعلا قصدها عنده أو يقال انّ هذه خرجت بالإجماع و كيف كان قدم الصّحة أظهر انتهى قوله طاب ثراه كما زعمه البعض (- اه -) يحتمل ان يكون المراد به المحقّق البهبهاني (- ره -) باعتبار ما مرّ منّا نقله عنه من أوّل جوابيه عن الإشكال قوله طاب ثراه و جعله غاية التقرّب (- اه -) قد سقط حرف العطف قبل كلمة التقرّب الّتي هي مبتدء لا مضاف إليه لكلمة الغاية قوله طاب ثراه لتبرّى ذمّة المنوب عنه (- اه -) هكذا وجدته في نسخ المتن و الصّحيح لتبرء بالتخفيف و الهمزة دون التّشديد و الياء قوله للزم الدّور (- اه -) هذا سهو من النّاسخ و الصّحيح للزوم الدّور ليكون مصدرا لا فعل ماض قوله طاب ثراه و فيه نظر (- اه -) وجه النّظر لعلّه الفرق بين النّذر و الإجارة بأنّ الوجوب الحاصل بالنّذر تعبّدي لا ينافي الإخلاص بل يؤكّده بخلاف الوجوب الحاصل بالإجارة فإنّه توصّلي قوله دون ما ذكره الشّهيد (- ره -) في الذكرى من الاستدلال عليه بمقدّمتين (- اه -) قد أسبقنا نقل عبارة (- كرى -) المشتملة على الاستدلال بالمقدّمتين فراجع و تدبّر قوله طاب ثراه نعم تعلّق الأمر (- اه -) قد سقط من النّسخ قبل هذه العبارة متّصلا بها قوله و صحّة الاستيجار موقوفة على صحّة قصد التقرّب بذلك العمل المستأجر عليه قوله طاب ثراه و هذا ليس متعلّقا (- اه -) هذا من غلط النّاسخ و الصّحيح و هذا ليس منه قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ما ذكرنا من الاتفاق على صحّة الاستيجار (- اه -) توضيح ذلك انّه قد وقع الخلاف تارة في تبرّع الأجنبيّ عن الوليّ و في معناه تبرّع احد الوليّين المتساويين في السّن بالقضاء عن الأخر و اخرى في استيجار الوليّ غيره و في معناه استيجار احد الوليّين صاحبه لقضاء ما في ذمّته قال العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) و كذا يجوز للوليّ أن يستأجر عنه من يصوم انتهى و قال الشّهيد (- ره -) في (- س -) لو استأجر الولي غيره فالأقرب الإجزاء سواء قدر أو عجز و لو تبرّع الغير بفعله احتمل ذلك انتهى و قال في (- س -) (- أيضا -) لو استأجر أحدهما صاحبه على الجميع بطل في حصّة الأجير و لو استأجره على ما يخصّه فالأقرب الجواز انتهى لكنّه صار إلى خلافه في (- كرى -) فقال الأقرب انّه ليس له الاستيجار لمخاطبته بها و الصّلوة لا تقبل التحمّل عن الحيّ ثمَّ احتمل الجواز و ثالثة في الملازمة بين جواز الاستيجار و جواز التبرّع فقد عرفت من كلام (- س -) نفيها حيث أجاز استيجار الغير و لم يجز تبرّعه و انّما احتمله احتمالا و أثبتها في الجواهر مدّعيا عليه الضّرورة فإنّه (- ره -) بعد ان استدلّ على سقوط القضاء عن الوليّ بالتبرّع قال و منه ينقدح جواز استيجار أحد الوليّين الأخر على ما يخصّه كما صرّح به في (- س -) بل و استيجارهما الأجنبيّ لاتّحاد المدرك و هو انّه عمل جاز التبرّع به فجاز الاستيجار عليه كالعكس و ان فرّق بينهما في (- س -) فاستقرب الجواز في الأوّل و احتمله في الثاني لكنّه في غير محلّه ضرورة تحقّق التلازم بينهما كما هو مفروغ عنه في محلّه و لا ينافي ذلك وجوبه على الوليّ ضرورة ارتفاع موضوع الوجوب بأداء الأجير كما هو واضح ثمَّ حكى تقوية صاحب (- ك -) للقول بانّ الوجوب تعلّق بالولي و سقوطه بفعل غيره يحتاج إلى دليل ثمَّ قال قلت بل ضعفه ظاهر كما لا يخفى على من أحاط بنصوصهم عليهم السّلام و فهم رموزها و ما لحنوه من القول فإنّه لا يستريب في جواز التبرّع و متى جاز جاز الاستيجار و متى جاز معا و وقع الأداء برئت ذمّة الوليّ لفراغ ذمّة الميّت (- ح -) الّتي شغلها كان سببا للوجوب عليه على وجه التّأدية عنه كالدّين إذ قد عرفت انّ التحقيق وقوع ذلك عن الميّت و إبرائه له من خطاب القضاء لا انّه يقع للولي نفسه كما زعم بعضهم انتهى و ممّا افاده يظهر غرابة ما في المستند حيث قال في عداد فروع مسئلة قضاء الوليّ ما لفظه السّادس يجوز لغير الوليّ قضاء الصّوم عن الميّت تبرّعا و قد مرّ ما يدلّ عليه في بحث الصّلوة و لا ينافيه وجوبه على الولي كما لا ينافي جواز التبرّع بأداء دين زيد عن وجوب أدائه عليه السّابع الحقّ عدم السّقوط عن الوليّ بتبرّع الغير و لا باستئجاره أو وصيّة الميّت بالاستيجار للأصل فان قيل بفعل الغير تبرء ذمّة الميّت و لا صوم عليه فلا معنى لقضاء الوليّ عنه قلت ما ارى مانعا من قضاء متعدّد عن واحد و لا ضير في ان يشتغل ذمّة أحد بشيء و يجوز؟؟؟؟؟؟؟؟ بالتّعاقب فإن أمثال هذه الأمور ليست ممّا يقاس على المحسوسات و قد مرّ بيان ذلك مستوفى في كتاب الصّلوة انتهى و قال في كتاب الصّلوة هل يجوز للولي استئجار ما يجب عليه من القضاء أم لا الأقرب الثّاني وفاقا للحلّي و المنتهى و الذكرى و الحدائق لأصالة عدم السّقوط عنه بفعل الغير و استصحاب الوجوب و عدم جواز الاستنابة في الصّلوة عن الحيّ و الوليّ حيّ و التكليف عليه و الفرق بينه و بين وصية الميّت ظاهر إذ في صورة الوصيّة لم يثبت الوجوب على الوليّ بخلاف المورد فانّ الوجوب ثبت عليه و السقوط يحتاج إلى دليل خلافا للمحكي عن (- كرة -) و صوم (- س -) و ابن فهد فجوّزوا الاستيجار لانّ قوله يقضى الوارد في أكثر تلك الأخبار ليس صريحا في المباشرة و لدلالة الأخبار على كون الصّلوة دينا و الدّين يصحّ ان يقضيه كلّ احد و لقوله عليه السّلام في رواية عمّار لا يقضيه الاّ رجل مسلم عارف دلّ على جواز قضاء كلّ احد و لقبول القضاء عن الميّت النّيابة و الاستيجار و يردّ الأوّل بأنّ قوله عليه السّلام يقضيه حقيقة في قضائه بنفسه لانّه معناه فكيف ليس صريحا بل هو المتبادر منه و الاستيجار ليس معنى لقوله (- ع -) يقضى و الثّاني بأنّا لا نسلّم انّ كلّ دين ممّا يصح ان يقضيه كلّ احد و لهذا لا تصحّ الصّلوة عن الحيّ و التعليل في قضيّة الخثعميّة لو ثبت فإنّما ينفع في موضع الانجبار لضعفها سلّمنا و لكنّ الكلام ليس في سقوط الصّلوة عن الميّت بل عن الولي و لا استبعاد في سقوطها عنه بفعل الغير و بقائها على ذمّة الوليّ (- أيضا -) لتعلّق الوجوب به أوّلا و لذا نقول بالوجوب عليه لو تبرّع احد بالصّلوة للميّت (- أيضا -) فان قلت لا صلاة على الميّت (- ح -) حتّى يجب قضاؤها على الولي قلنا كانت عليه الصّلوة حين الوفاة و صار هو سببا لتعلّق الوجوب بالوليّ فيستصحب وجوبه (- ح -) عليه و ان سقط عن الميّت بفعل غيره تبرّعا و لذا لو استأجر الوصي أحد القضاء ما لا يجب على الوليّ من فوائت الميّت لا يرتفع الوجوب عن الأجير بتبرّع غيره مع انّ في صحّة هذه الصّلوة إجارة و سقوطها عن الميّت نظر فانّ وجوبها عينا على الولي ينافي السّقوط بفعل الغير و لو كان لما وجب قضاء على ولىّ عينا ابدا بل يكون واجبا عليه و على سائر النّاس تخييرا و يكون واجبا كفائيّا و هم لا يقولون به و لا يقولون

ص:301

بعقاب غير الوليّ مع التّرك و هو معنى الوجوب العيني و إذا وجب عليه عينا فلا معنى لوجوبه على غيره (- أيضا -) بمعنى انّه لو فعله لسقط (- أيضا -) و الثالث بأنّه لا كلام في جواز قضاء كلّ احد عن الميّت بل الكلام في جواز استيجار الوليّ فيما وجب عليه و جواز قضاء ما وجب على الوليّ و الرّابع بمنع قبول مطلق القضاء للاستنابة و الاستيجار و السّند واضح ممّا مرّ انتهى ما في المستند و فيه مواقع للنّظر فمنها قوله لا ارى مانعا من قضاء متعدّد عن واحد (- اه -) فانّ فيه انّه غير معقول على سبيل الحقيقة نعم يتصوّر التعدّد في القضاء على سبيل الاحتياط بأن يؤتى بالثاني احتياطا عن احتمال فساد الأوّل سواء كان الآتي بالثّاني هو الأوّل أم غيره و لكن الإتيان على سبيل الاحتياط ممّا لا دخل له بالمقام و منها قوله و لكن الكلام ليس في سقوط الصّلوة عن الميّت بل عن الوليّ و لا استبعاد في سقوطها عنه بفعل الغير و بقائها على ذمّة الوليّ (- أيضا -) (- اه -) فانّ فيه انّ الكلام ليس في سقوط الصّلوة و لا في سقوط الصّيام عن الوليّ و انّما الكلام في سقوط القضاء عنه و معلوم انّ القضاء بعنوان كونه قضاء لا مجال لبقائه بعد سقوطه عن الميّت المقضيّ عنه و منها قوله كانت عليه الصّلوة حين الوفاة و صار هو سببا لتعلّق الوجوب بالوليّ فيستصحب وجوبه (- ح -) عليه و ان سقط عن الميّت بفعل غيره فانّ فيه انّه لما كان الواجب عليه القضاء و قد سقط عن الميّت لا يبقى موضوع للقضاء حتّى يستصحب و منها قوله لو استأجر الوصيّ أحد القضاء ما لا يجب على الوليّ من فوائت الميّت لا يرتفع الوجوب عن الأجير بتبرّع غيره فانّ فيه انّ لقائل أن يقول انه تنفسخ الإجارة لفوات محلّها إذ لم يقم على هذا الحكم نصّ و لا إجماع و مقتضى القاعدة ما ذكرناه من انفساخ عقد الإجارة إذ لم يبق له محلّ بعد فعل المتبرّع أو غيره فمحصّل الكلام انّ ما أورده على وجوه موافقينا في محلّه لكنّا نستدلّ بقوله عليه السّلام يقضى و مناط الاستدلال هو مادّة القضاء لا عدم اقتضاء المباشرة لأنّ الحقّ اقتضاء الفعل المسند الى الفاعل المباشرة و ذلك لانّ مادّة القضاء تنتفي بإقدام الغير على الإتيان به بتبرّع أو غيره فيرتفع الأمر عن الوليّ و منها قوله (- ره -) فانّ وجوبها عينا على الوليّ ينافي السّقوط بفعل الغير (- اه -) فانّ فيه انّ السّقوط بانتفاء الموضوع لا ينافي الوجوب العيني ألا ترى انّه لو صار اجير النقل متاع من مكان الى مكان أخر وجب عينا فاذا تلف المتاع سقط عنه الوجوب فتدبّر جيدا

حاشية على رسالة في المواسعة و المضايقة

مسألة الأقوال في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

و له الحمد و به نستعين.

قال الشّيخ المحقّق الأنصاري قدّس اللّه تربته الزكيّة مسئلة اختلفوا في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة على أقوال قوله طاب ثراه أحدها عدم الوجوب (- مط -) (- اه -) و عدم بطلان الحاضرة لو قدّمها متّحدة كانت الفائتة أو متعدّدة ليومه أو لغير يومه الى غير ذلك ممّا يعلم بمقابلة بقيّة الأقوال الآتية و قال في الجواهر في تحرير هذا القول انّه لا يعتبر في صحّة الفوائت تقدّمها على الحاضرة و لا في صحّة الحاضرة أو غيرها من العبادات ان تتأخّر عنها و لم يجب فعلها فورا متى ذكرها و لم يجب العدول من الحاضرة لو ذكرها في الأثناء إليها و لم يحرّم التشاغل بسائر ما ينافي فعلها من مندوبات أو واجبات موسّعة أو مباحات أو غير ذلك ثمَّ لما نقل القائلين بهذا القول قال ما لفظه و ان كان لم يصرّح بعضهم بجميع ما ذكرناه في العنوان عند شرح المتن الاّ انّه لازم ما ذكره منه و لو بمعونة عدم القول بالفصل أو غيره كما يومي اليه ملاحظة كلامهم في تحرير هذا النّزاع قديما و حديثا فإنّهم ذكروا جملة من أهل القول بالمواسعة المحضة كعليّ بن أبي شعبة و الحسين بن سعيد و ابن عيسى و الجعفي و الواسطي و الصّدوقين و غيرهم مع انّه ليس في المحكى من كلام هؤلاء إلاّ التصريح ببعض ما سمعته في العنوان من فعل الحاضرة في أوّل وقتها أو عدم إيجاب العدول منها إليها أو غير ذلك ممّا لا تلازم بينه و بين القول بالمواسعة المحضة من كلّ وجه و ما ذاك الاّ لاكتفائهم في القول بها بهذا التّصريح ببعض ما عرفت كما انّ القول بالمضايقة (- كك -) و الاّ لو اقتصر بالنّسبة الى كلّ عبادة على ما نصّت عليه و صرّحت به و جعل قولا مستقلاّ لأمكن إنهاء الأقوال في المسئلة الى عشرين أو ثلثين لاختلاف العبارات بالنّسبة الى ذلك اختلافا شديدا خصوصا عبارات القدماء التي لم يراع فيها السّلامة من الحشو و نحوه و من المعلوم خلاف ذلك كلّه عند كلّ محرّر للخلاف و النّزاع في المقام قوله طاب ثراه و هو المحكىّ عن الحلبي (- ره -) في كتابه (- اه -) لا يخفى عليك انّ المتن في نقل القائلين بالأقوال في هذه المسئلة عيال على مفتاح الكرامة فإنّه قد استوفى ذلك و منه أخذ الماتن (- ره -) و صاحب الجواهر و في تعبير الماتن (- ره -) بالحلبي المطلق الظّاهر في السنة الفقهاء (- رض -) في أبي الصّلاح تقى بن نجم الحلبي تلميذ الشيخ الطّوسي قدس سرّه مسامحة بعد عدم كون المراد به أبا الصّلاح بل الشيخ الثقة الجليل الفقيه عبد اللّه بن أبي شعبة الحلبي في أصله الّذي أثنى عليه الصّادق عليه السّلام عند مرضه له عليه و صحّحه و استحسنه و قال انّه ليس لهؤلاء أي المخالفين مثله و عدّه الصّدوق (- ره -) من الكتب المشهورة الّتي عليها المعوّل و إليها المرجع بل أمر السيّد المرتضى (- ره -) بالرّجوع اليه و الى رسالة ابن بابويه مقدّما لهما على كتاب الشّلمغاني لمّا سئل عن أخذ ما يشكل من الفقه من هذه الثلاثة قوله طاب ثراه و الحسين بن سعيد هو الأهوازي الّذي هو من أصحاب الرّضا و الجواد و الهادي عليهم السّلام و جلالته مشهورة و هو مصنّف الكتب الثلاثين الحسنة الّتي يضرب بها المثل في الإتقان و الجودة و قد عدّه المحقّق (- ره -) في المعتبر في جملة الفقهاء المعتبرين الّذي اختار النّقل عنهم ممّن اشتهر فضله و عرف تقدّمه في نقل الأخبار و صحّة الاختيار و جودة الاعتبار قوله طاب ثراه و عن الجعفي (- اه -) حكى القول به عنه في كتابه الفاخر الّذي ذكره في أوّله انّه لا يروى فيه الاّ ما اجمع عليه و صحّ من قول الأئمّة عنده و حكى هذا القول عن ابى الفضل محمّد بن احمد بن مسلم في كتاب مفاخر المختصر (- أيضا -) و كذا عن عماد الدّين محمّد بن على كما في محكي المصابيح و العماد الطّوسي كما في محكي العزيّة و الشيخ علىّ بن الحسين الصّدوق (- ره -) في المقنع و الفقيه و السيّد ضياء الدّين بن الفاخر و ابى يعلى الطّبري الدّيلمي و على بن عبيد اللّه بن بابويه و منتجب الدّين صاحب الفهرست المشهور و قد صنّف في المسئلة رسالة سمّاها العصرة ردّا على بعض من عاصره

ص:302

و لعلّه ابن إدريس قوله و الشّيخ الإمام أبو طالب (- اه -) قال في الجواهر انّه غير صاحب الوسيلة و في غاية المراد انّه نصير الدّين عبد اللّه بن حمزة الطّوسي قلت و هذا يشهد بمقالة صاحب الجواهر لانّ صاحب الوسيلة هو أبو جعفر محمّد علىّ بن حمزة الطّوسي قوله طاب ثراه و عن ولد ولده (- اه -) هو نجيب الدّين يحيى بن احمد بن يحيى بن سعيد سبط ابن إدريس (- ره -) و حكى ذلك عن الشّيخ يحيى نجم الدّين بن الحسن بن سعيد (- أيضا -) و حكاه في مفتاح الكرامة عن الشيخ (- ره -) في مواضع من (- يب -) قوله طاب ثراه و عن العلاّمة (- ره -) في كثير من كتبه (- اه -) حكى ذلك عن (- كرة -) و المنتهى و نهاية الأحكام و التّحرير و التلخيص و القواعد في غير مبحث قضاء الصّلوات و الإرشاد و التّبصرة قوله طاب ثراه و عن والده و ولده و ابن أخته حكى ذلك عن شرح الإرشاد و الإيضاح لولده قوله طاب ثراه و أكثر من عاصره لما في (- لف -) من نقله عن أكثر من عاصره من المشايخ قوله طاب ثراه و الشهيد (- ره -) اختار ذلك في الذكرى و (- س -) و اللّمعة و القواعد الشهيديّة و محكي البيان قوله طاب ثراه و المحقّق الثّاني (- ره -) حكى ذلك عنه في (- مع صد -) و فوائد الشّرائع و تعليق (- فع -) و حاشية (- شاد -) و الجعفريّة قوله طاب ثراه و السّيوري هو الفاضل المقداد كما انّ ابن القطّان هو تلميذه محمّد بن شجاع القطّان قوله طاب ثراه و ابن فهد حكى ذلك عن محرّرة و مقتصره و عن تلميذه علىّ بن هلال الجزائري و تلميذ بن فهد قوله طاب ثراه و الصّيمري حكى عنه اختيار ذلك في كشف الالتباس و حكى ذلك عن الميسي (- أيضا -) في الميسية و ابن ابى جمهور الأحسائي و الفوائد الملّية و شرح المفاتيح للشيخ هادي بن أخي الفيض القاشاني و الفاضل الخراساني قوله طاب ثراه و الشّهيد الثّاني و ولده (- اه -) (11) حكى ذلك عنه في تمهيد القواعد و الفوائد المليّة و الرّوض و (- الروضة -) و (- لك -) و عن ولده الشيخ حسن في الاثنى عشريّة و عن ولد ولده الشيخ محمّد في شرح الاستبصار قوله طاب ثراه و الشيخ البهائي (- ره -) (12) حكى ذلك عنه في الحبل المتين و حكى (- أيضا -) عن والده الشّيخ حسين بن عبد الصّمد و تلميذه الشيخ جواد بن سعيد الكاظمي قوله طاب ثراه و السيّد نعمة اللّه (- اه -) (13) حكى ذلك عنه في شرح (- يب -) و شرح الغوالي قوله طاب ثراه و جماعة من علماء البحرين (14) منهم السيّد ماجد و الشيخ سليمان البحرانيّان و الفاضل الماحوزي و غيرهم و حكى (- أيضا -) عن فيض اللّه بن عبد القاهر و الفاضل المجلسي و والده و المحقّق الشّيرواني و الشيخ أسد اللّه التستري و غيرهم قوله طاب ثراه و قد صرّح جماعة بدعوى الشهرة عليه (- مط -) أو بين المتأخّرين (- اه -) (15) حكى دعوى انّه المشهور بين المتأخّرين عن كشف الالتباس و الفوائد المليّة و شرح الجواد و (- ئق -) و دعوى انّه مذهب أكثر المتأخرين عن (- كرى -) و الذّخيرة و حبل المتين و البحار و المفاتيح و موضع أخر من كشف الالتباس و عن الذّخيرة انّه كان القول بالمواسعة مشهورا بين المتقدّمين (- أيضا -) بل عن المصابيح نسبته الى أكثر الأصحاب على الإطلاق و عن شرح الغوالي نسبته الى المشهور بين المتقدّمين (- أيضا -) بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه كما يأتي نقله في رابع حجج هذا القول في كلام الماتن (- ره -) إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و هؤلاء مع اتّفاقهم على جواز تقديم الحاضرة (- اه -) (16) القول باستحباب تقديم الحاضرة هو المحكى عن ظاهر الصّدوقين و الجعفي و الواسطي و صريح الصّوري و زاد في مفتاح الكرامة حكايته عن عبد اللّه الحلبي و الفاضل في (- كرة -) و القول باستحباب تقديم الفائتة هو المحكى عن العلاّمة و والده و ولده و مشايخه المعاصرين له و أكثر المتأخرين عنه بل في مفتاح الكرامة انّه المشهور بين المتأخرين و امّا القول بوجوب تقديم الحاضرة فقد حكى الماتن (- ره -) عن بعضهم استظهاره عن جمع من القدماء و يردّه ما في مفتاح الكرامة من دعوى الإجماع على خلافه حيث انه بعد نقل ما ظاهره وجوب تقديم الحاضرة عن كتاب مفاخر المختصر و كتاب النّقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النّبي (- ص -) قال ما لفظه و قد يقال انّ ما يظهر من هذين الكتابين مخالف للإجماع المعلوم لأنّه لم يقل احد بوجوب تقديم الحاضرة كما يظهر منهما اللّهمّ الاّ ان يقال المراد الاستحباب انتهى و تبعه في الجواهر حيث انّه بعد نقل استحباب تقديم الحاضرة عمّن عرفت قال ما لفظه بل ربّما ظهر من بعضهم وجوبه لكن يجب ارادته الاستحباب منه للإجماع من الطّائفة نقلا و تحصيلا على جواز التقديم و عدم ترتّب الفائتة على فعلها انتهى قوله طاب ثراه و من نصّ على استحباب تأخير الحاضرة (- اه -) (17) قال في الجواهر لعلّ ترجيح الفائتة عند من ذكره نظرا الى الاحتياط الّذي لا ينافي ترجيح الحاضرة بالذّات من حيث انّها صاحبة الوقت المحتمل ارادة من ذكره كما لا يخفى على الملاحظ المتدبّر فيكون النزاع لفظيّا انتهى فتأمّل قوله طاب ثراه و الحاصل انّ لكلّ من استحباب تأخير الحاضرة (- اه -) (18) لا يخفى انّ التمسّك بأدلّة المسارعة و الاحتياط مع النصّ الخاصّ من الطّرفين من قبيل التمسّك بالعام بعد ورود الخاصّ و هو كما ترى الاّ ان يكون الغرض منه التّأييد أو فرض تساقط الخاصّين بالتّعارض و التّعادل و فقد المرجّح و لكنّه مجرّد فرض لا واقع له قوله طاب ثراه و سيجيء لهذا مزيد بيان (- اه -) (19) يجيء ذلك منه في التنبيه الأوّل من تنبيهات المسئلة و لو قال عند بيان اخبار المسئلة بدل عند بيانه لكان أحسن قوله طاب ثراه ففي صور الاجتماع نحكم باستحباب كلّ شيء لأمرين على سبيل التخيير (- اه -) (20) هذا مخالف لما يأتي اختياره منه (- ره -) في التنبيه الأوّل من التّفصيل قوله طاب ثراه فتأمّل (21) لعلّ وجه التأمّل انّ مجرّد كون مستند القائل بالرّجحان العمومات لا يثبت قول نافى أفضليّة تقديم الفائتة (- أيضا -) برجحان تقديم الحاضرة إذ قد يبنى على معارضة عمومات رجحان تقديم الحاضرة بأدلة تقديم الفائتة بعد حملها على الرّجحان فيتساقطان فيقول بالتخيير بينهما في الفضيلة كما قد يشعر به نفى أفضليّة تقديم الفائتة من دون اتباعه بأفضليّة تقديم الحاضرة و يشهد بأنّه المراد بالأمر بالتأمّل عبارته الآتية قوله طاب ثراه فتأمّل (22) لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو انّ جريان أدلّة المسارعة إلى الخير بالنّسبة الى كلّ من الفائتة و الحاضرة على حدّ سواء فلا يمكن التعلّق بها في إثبات فضل تقديم الحاضرة و يشهد بأنّه وجه التأمّل جعله بعد هذا عمومات المبادرة إلى الطّاعات جارية فيهما جميعا قوله طاب ثراه و ضعف كلا القولين و بيان الفرق بين المستحبّين المتزاحمين مع أهميّة أحدهما و الواجبين كذلك موكول الى محلّه (23) محلّ شرح ذلك مبحث الضدّ من علم الأصول و مجمل القول في ذلك انّه إذا اجتمع مستحبّان في وقت لم يزاحم استحباب أحدهما استحباب الأخر و إن كانا مضيقين لجواز ترك كلّ منهما فيتوجّه الأمر بكلّ منهما على سبيل التخيير سواء تساويا في الرّجحان أم اختلفا و لم يوجب أفضليّة أحدهما أفضل الأخر و إذا اجتمع واجبان موسّعان تخيّر (- أيضا -) بين تقديم أيّهما شاء ضرورة انّ لازم سعة الوقت تخيّره في مقام تقديم أيّهما شاء و بعد وسعة الوقت للآخر (- أيضا -) و إن كان أحدهما موسّعا و الأخر مضيّقا تعيّن المضيّق لمزاحمته الموسّع بسبب ضيق وقته من غير عكس و إن كانا مضيّقين فان قام الدّليل على أهميّة أحدهما عند الشّارع فالمشهور تعيّن الإتيان به لسقوط الأمر بالآخر بعد دوران الأمر بينهما و عدم إمكان

ص:303

الأمر بهما القبح الأمر بمتضادّين و قبح ترجيح المرجوح على الرّاجح فتعيّن الرّاجح و ربّما عدّ من الأهميّة ان يكون أحدهما حقّ النّاس و الأخر حقّ اللّه سبحانه و هو على إطلاقه غير مسلّم فربّ حق اللّه اولى و أهمّ من حقّ النّاس كحفظ نفس الإمام عليه السّلام فإنّه أهمّ من جميع حقوق النّاس و ان لم يقم دليل على أهميّة أحدهما من الأخر تخيّر المكلّف بينهما ضرورة انّه بعد عدم وفاء الوقت بهما يقبح الأمر بهما جميعا لأنّ الأمر بشيء في وقت لا يسعه قبيح و لا مرجّح فيحكم العقل بتخييره بينهما و قد صدر الخلاف فيما ذكرنا من وجهين أحدهما ما عن الفاضل التّوني (- ره -) حيث قال بالتّخيير بين المضيقين و عدم تعيّن الأهمّ و ضعفه ظاهر ضرورة انّ المراد بالأهمّ هو ما ثبت وجوب تقديمه على الأخر بالدّليل و بعد قيام الدّليل على ذلك كيف يمكن الحكم بالتخيير و حيث انّ الفاضل التّوني (- ره -) أجلّ من القول بذلك وجّه بعضهم كلامه بأنّه أراد بالأهميّة التي جرّم معها بالتّخيير المزيّة بالقياسات و الاستحسانات كما إذا دار الأمر بين إنقاذ غريقين و كان أحدهما عالما أو هاشميّا أو تقيّأ أو نحو ذلك من الأمور الّتي يخطر ببال أكثر النّاس كونها سببا للتّرجيح فإنّه لا عبرة به ما لم يقم دليل معتبر عليه و يشهد بإرادته ذلك عدم تعرّض الشّارح السيّد صدر الدّين له و لو كان غرضه التخيير حتّى مع قيام الدّليل المعتبر على أهميّة أحدهما و تعيّنه لم يعقل سكوت السيّد الشّارح (- قدّه -) عنه ثمَّ لا يخفى عليك انّه على ما حملنا عليه كلام الفاضل التّوني (- ره -) لا يكون النّزاع بينه و بين غيره لفظيّا لانّ من الأصحاب من اكتفى في تعيين الأهمّ بالأهميّة المظنونة بل المحتملة (- أيضا -) كالمحقّق الماتن (- ره -) فإنّه مال أو قال بكفاية الأهميّة المعيّنة المحتملة فضلا عن الأهميّة المعيّنة المظنونة في لزوم تقديم الطّرف المذكور نظرا الى انتفاء مقتضى التخيير مع احتمال أهميّة أحدهما على الأخر إذ القاضي بالتخيير و الحاكم به هو العقل و هو انّما حكم به مع تساويهما في نظره و إذا احتمل رجحان أحدهما على الأخر فمناط حكم العقل بالتخيير و موضوعه و هو التّساوي غير محرز فكيف يحكم بالتّخيير (- ح -) مع انّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة و مع احتمال كون أحدهما أهم عند الشّارع من الأخر وجب الأخذ بالقدر المتيقّن الّذي به يتحقّق البراءة اليقينية و قد تبع الماتن (- ره -) في ذلك جمع من تلامذته منهم الشيخ الوالد العلاّمة أعلى اللّه تعالى في رياض الخلد مقرّه و مقامه بل زاد (- قدّه -) القول برجحان الأهميّة المظنونة أو المحتملة قال (- قدّه -) في البشرى انّ مراتب الأهميّة مختلفة فربّما تبلغ إلى مرتبة موجبة لعدم رضا الشّارع بترك الأهمّ و الأخذ بغيره و هي مرتبة الوجوب كما لو دار الأمر بين إنقاذ نبيّ و إنقاذ مؤمن و ربّما تبلغ مرتبة توجب رجحان تقديم الأهمّ على غيره رجحانا غير مانع من النقيض و هي مرتبة الاستحباب كما لو دار الأمر بين إنقاذ عالم عادل و عامّي عادل و لا ريب في وجوب التّرجيح بالأولى و رجحانه بالثانيّة ثمَّ ان حصل القطع في المقامين فلا اشكال و ان حصل الظنّ ببلوغ الأهميّة إلى مرتبة اليقين أو الرّجحان أو احتمل ذلك في أحد الطّرفين دون الأخر فلا بدّ من تقديم طرف المظنون أو المحتمل في صورة كون الأهميّة معيّنة لقاعدة الاشتغال نظرا الى دوران الأمر بين التعيين و التخيير و معلوم انّ اليقين بالبراءة (- ح -) لا يحصل الاّ بتقديم الطّرف المظنون أو المحتمل و عليه بناء العقلاء و تزاحم الواجبين مع أهميّة أحدهما و هو دليل هذه القاعدة و من هنا يظهر انّه لو كان أصل وجود الأهميّة المعيّنة مظنونا أو محتملا في أحد الطّرفين وجب تقديمه (- أيضا -) للقاعدة و امّا لو كان أصل وجود الأهميّة المرجّحة مظنونا أو محتملا في أحد الطّرفين يكون تقديمه راجحا (- أيضا -) بحكم العقل كما انّه في صورة القطع بوجودها (- كك -) و كما انّه في صورة القطع ببلوغ الأهميّة مرتبة الترجيح أو الظنّ ببلوغها أو الشكّ في بلوغها كان (- كك -) (- أيضا -) و اما مع العلم بانتفاء الأهميّة رأسا فقد عرفت انّ الحكم هو التخيير و لكن هذا التخيير عقليّ لا شرعيّ و الفرق بينهما انّه على الأوّل يبقى خطاب كلّ من الواجبين المتزاحمين على حاله الاّ انّه من جهة تزاحمهما و عدم إمكان الجمع بينهما يجيء التخيير في امتثالهما من جانب العقل فهما واجبان على وجه التعيين في الواقع الاّ انّ التخيير انّما هو في امتثالها بخلاف الثّاني فإنّ وجوب الواجبين انّما هو على وجه التخيير في الواقع فعلى الثّاني لا بدّ من التصرّف في الخطابات الواقعيّة بتقييدها بالنّسبة الى من تزاحم في حقّه الواجبان حيث تحمل على التخيير بالنّسبة اليه و على الأوّل يقع التصرّف و التقييد في خطابات وجوب الإطاعة مثل قوله تعالى أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ الآية حيث انّ ظاهرها وجوب اطاعة الأوامر الشرعيّة على وجه التّعيين لا التخيير و ربّما توهّم بعضهم انّه يظهر اثر الفرق بين التخيير العقلي و الشّرعي في ترتّب عقابين على الأوّل إذا ترك طرفي التخيير جميعا الاّ انّ هناك أمرين و مطلوبين في الواقع غاية ما في الباب انّ العقل من جهة المزاحمة خيّر بينهما في مقام الامتثال فاذا اتى بواحد منهما سقط عقاب الأخر من جهة معذوريّته من حيث عدم إمكان الامتثال و إذا تركهما جميعا فقد ترك مطلوبين و خالف أمرين فيستحقّ عقابهما و هذا بخلاف الثّاني فانّ الواجب أوّلا انّما هو أحدهما فليس هناك الاّ مطلوب واحد مردّد بين أمرين على وجه التخيير فاذا ترك الإتيان بهما لم يكن الاّ تاركا لمطلوب واحد و فيه نظر بيّن لانّ الثواب و العقاب انّما يترتّبان على الإطاعة و المخالفة و ليسا من لوازم الأحكام الواقعيّة و الإطاعة في صورة التخيير العقليّ لا تتيسّر الاّ بواحد فلم يتحقّق العصيان الاّ بتركه فلم يلزم الاّ مخالفة واحدة فلا يكون الاّ عقاب واحد كما انّ الواجب على تقدير كون التخيير شرعيّا انّما هو الإتيان بأحد الأمرين تخييرا و لا يلزم من مخالفته إلاّ مخالفة واحدة و لا يترتّب عليها الاّ عقاب واحد و هو واضح هذا ما افاده الشيخ الوالد (- قدّه -) في تنقيح ما اختاره تبعا لشيخه المحقّق الماتن (- قدّه -) و الأكثر ولي في ذلك نظر ظاهر لمن تدبّر ضرورة انّ الثّابت انّما هو التّكليف بالقدر المشترك و مرجع الشكّ في تعيّن محتمل الأهميّة أو مظنونها بظنّ غير معتبر الى الشكّ في التّكليف بما زاد عن القدر المشترك فأصالة البراءة من ذلك التّكليف الزّائد محكّمة حتّى على القول بالاشتغال في صورة دوران الأمر بين التّعيين و التخيير الشرعيّين و العقليّين ضرورة انّ الدّوران بينهما هناك انّما هو لإجمال مراد الشّارع بعد ثبوت التكليف إجمالا و دورانه بين ما هو واجب و ما ليس بواجب أصلا و رأسا بالذّات فالبناء على الاشتغال هناك لو سلّم إلحاقا له بالمتباينين فهو غير مسلّم في مسئلة تزاحم الواجبين فانّ مراد الشّارع لا إجمال فيه لوجود مقتضى وجوب كلّ منهما في نفسه و عود الشكّ الى المانع لهذا المقتضي في الجانب المرجوح و لا ريب في كونه شكّا بدويّا تجرى فيه أصالة البراءة و دعوى انّ مناط حكم العقل بالتخيير و موضوعه و هو التّساوي غير محرز فكيف يحكم بالتّخيير مردودة بمنع كون موضوع حكم العقل هو التّساوي حتّى يعتبر إحرازه بل موضوعه هو وجود المقتضى للامتثال في ضمن كلّ منهما مع عدم إمكان الجمع فلا يسع العقل بعد ما راى ذلك الاّ الحكم بالتخيير من حيث ان ترك الكلّ مخالفة بلا عذر و الإتيان بالجميع غير مقدور و الامتثال بالقدر الممكن لازم و الترجيح لم يقم عليه دليل كما هو الفرض فلا جرم يحكم بالتخيير ما لم يرد من الشّرع معيّن و من المعلوم انّ ورود المعيّن لا يكون الاّ بدليل معتبر و الفرض عدمه بعد عدم قيام الدّليل على اعتبار الظنّ و الاحتمال في المقام فتلخّص من جميع ما ذكرنا

ص:304

انّ الأظهر عدم كفاية الأهميّة المعيّنة المحتملة أو المظنونة بظنّ غير معتبر فان كان غرض الفاضل التّوني (- ره -) ذلك فمرحبا بالوفاق و إن كان غرضه التخيير حتّى مع المعيّن المعتبر دليله فنحن معرضون عنه مرتضون قولا ثالثا في المسئلة و كذا ظهر ممّا ذكرنا الفرق بين المستحبّين المتزاحمين مع أهميّة أحدهما و بين الواجبين (- كك -) كما ظهر حال قول الفاضل التّوني (- ره -) الّذي استضعفه الماتن (- ره -) و امّا القول الأخر الّذي ضعفه اعنى القول بالترجيح بالأهميّة مع الحكم ببقاء الأخر على صفة الوجوب على فرض عصيان المكلّف بترك الأهمّ فمبنيّ على قضيّة الترتّب الّتي دون إثباتها خرط القتاد فإنّ غاية ما هناك هو الإمكان الّذي هو أعمّ من الوقوع و لم يقم دليل على وقوعه فلا نقول به قوله طاب ثراه و عن المختلف نسبة القول بالمضايقة إلى الدّيلمي (- ره -) ما حكاه عنه في (- لف -) لم يقيّده بالمراسم بل قال و قال سلاّر كلّ صلاة فاتت بعمد أو تفريط يجب فيها القضاء على الفور و ان فاتت بسهو وجب قضاؤها وقت الذّكر انتهى و العبارة الّتي حكاها الماتن (- ره -) لا تنافى هذه الحكاية لأنّ تلك شطر من كلامه و شطره الأوّل قرينة على مراده بالباقي و نحن ننقل لك تمام عبارته قال (- ره -) كلّ صلاة فاتت فامّا ان يكون قد فاتت بعمد أو بتفريط أو بسهو فامّا الأوّل و الثّاني يجب فيهما القضاء على الفور و الثالث على ضربين أحدهما يسهو عنها جملة فهذا يجب قضائه وقت الذّكر له ما لم يكن أخر وقت فريضة حاضرة و الثّاني ان يسهو سهوا يوجب الإعادة كما بيّناه و هذا (- أيضا -) يجب ان يقضيه على الفور هذا كلامه الّذي نقل مضمونه في (- لف -) و امّا كلامه الّذي نقله (- ره -) فهو بعد ذلك بلا فصل و لا دلالة فيه على التوسعة الاّ من باب الإطلاق المقيّد بعبارته الأولى فلو لا الاّ عبارته الثانية أمكن نسبة القول بالمواسعة إليه بالنّظر الى إطلاق كلامه الاّ انّ عبارته الأولى صريحة في المضايقة فتكون مقيّدة للثّانية فالحق أنّ الدّيلمي (- ره -) من أهل القول بالمضايقة من غير فرق بين الفائتة المتحدّدة و المتعدّدة لإطلاقه وجوب قضاء الفائتة وقت الذكر على الفور قوله طاب ثراه و ممّن يظهر منه اختيار هذا المحقّق الآبي تلميذ المحقّق (- ره -) (- اه -) أب بلدة باليمن منها الشّيخ الجليل الحسن بن ابى طالب اليوسفي الآبي تلميذ المحقّق (- ره -) و هو صاحب كتاب كشف الرّموز

في وجوب المبادرة إلى القضاء فورا و عدمه و نقل الأقوال في ذلك

قوله طاب ثراه ثمَّ انّ هؤلاء إنّما صرّحوا بالتفصيل (- اه -) لمّا كان هناك مسئلتان الأولى وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة و الأخرى المواسعة في القضاء و المضايقة عنون الماتن (- ره -) المسئلة الأولى و أدرج فيها الثّانية و لذا تعرّض هنا لحال الموجبين لتقديم الفائتة و بيّن انّهم بين قائل بالمواسعة كصاحب (- ك -) و قائل بالمضايقة كصاحب هديّة المؤمنين و وجه استظهار الماتن (- ره -) من صاحب (- ك -) المواسعة و عدم وجوب المبادرة انّه ردّ أدلّة المضايقة بعد نقلها و أجاب عن كلّ واحد واحد منها قوله طاب ثراه و امّا المحقّق فالمحكي عنه فيما عدى الشّرائع (- اه -) قد صرّح المحقّق (- ره -) في المعتبر بالاستحباب بقوله و تترتّب الفوائت على الحواضر استحبابا لا وجوبا ثمَّ استدلّ عليه بما ليس هنا محلّ نقله ثمَّ أخذ في الاستدلال على ما عزى إليه في المتن من عدم الفوريّة بما يأتي إنشاء اللّه (- تعالى -) نقله في محلّه و صرّح بذلك في (- فع -) (- أيضا -) حيث قال و تترتّب الفائتة على الحاضرة و في وجوب ترتّب الفوائت على الحاضرة تردّد أشبهه الاستحباب انتهى قوله طاب ثراه بل استظهر من كلامه في المعتبر و العزيّة نفى الفوريّة فيها (- أيضا -) (- اه -) لا تحضرني الغرية و امّا المعتبر فعبارته صريحة في نفى الفوريّة لا ظاهرة فإنّه قال (- ره -) بعد نقل تمسّكهم بأنّه مأمور به على الإطلاق و الأوامر المطلقة على التّضييق و الجواب عنه بمنع دلالة الأوامر المطلقة على الفور و لا التّراخي و انّما تدلّ على الوجوب المحتمل لكلّ واحد من الأمرين ما لفظه على انّ القول بالتضييق يلزم منه منع من عليه صلوات كثيرة ان يأكل شبعا و ان ينام زائدا عن الضّرورة و لا يتعيّش الاّ لاكتساب قوت يومه له و لعياله و انّه لو كان معه درهم ليومه حرم عليه الاكتساب حتّى تخلو يده و التزام ذلك مكابرة صرفة و التزام سوفسطائي و لو قيل قد أشار أبو الصّلاح الحلبي الى ذلك قلنا نحن نعلم من المسلمين كافّة خلاف ما ذكره فإنّ أكثر النّاس تكون عليهم صلوات كثيرة فاذا صلّى الإنسان منهم شهرين في يومه استكثره النّاس انتهى المهمّ من كلامه زيد في إكرامه قوله طاب ثراه و امّا الشّرائع فقد قال فيها (- اه -) عبارة الشرائع على ما نقلها الاّ انّه سقط من قلم الماتن (- ره -) بعد قول المحقّق (- ره -) و المغرب على العشاء قوله سواء كان ذلك ليوم حاضر أو صلوات يوم فائت قوله طاب ثراه كما قيّده به في (- لك -) و (- ك -) (- اه -) قال في (- لك -) في شرح قوله و يجب قضاء الفائتة ما لفظه المراد بالفائتة هنا المتّحدة فإنّ مذهبه وجوب تقديمها على الحاضرة مع السّعة (- مط -) دون المتعدّدة كما سيأتي انتهى و قال في (- ك -) المراد انّ الفائتة الواحدة يجب قضاؤها وقت الذكر مقدّما على الحاضرة ما لم يتضيّق وقت الحاضرة دون المتعدّدة فإنّه لا يجب تقديمها على الحاضرة عنده انتهى و الّذي يظهر لي بعد تصفية الذّهن عدم الحاجة في العبارة الى ما ذكراه من القيد لانسياقها لبيان وقت القضاء كما فهمه الماتن (- ره -) دون مسئلة وجوب المبادرة كما فهماه قدّس سرّهما قوله طاب ثراه و الاّ فالأحسن في التعبير عن وجوبه (- اه -) مقتضى نظم العبارة ان يكون المراد بقوله و الاّ اى و ان لم يكن الترتيب لازما لوجوب المبادرة (- اه -) لكن (- ح -) لا يصحّ ما جعله جزء للشّرط إذ لو كان الترتيب غير لازم للزم ان لا يعتبره المحقّق و لو كان لازما تعبّدا لا لوجوب المبادرة لكان ما عبّر به في محلّه فاللاّزم (- ح -) جعل قول الماتن (- ره -) و الاّ بمعنى و ان لم يعبّر عن عدم وجوب الترتيب في المتعدّدة بعدم وجوب المبادرة إليها فلا أقلّ من كون التعبير عن وجوبه في الواحدة بوجوب المبادرة أحسن فترك المحقّق (- ره -) التعبيرين الحسنين جميعا يكشف عن انّ قوله و يجب قضاء الفائتة وقت الذّكر (- اه -) مسوق لبيان وقت القضاء خاصّة لا لبيان وجوب المبادرة إلى القضاء وقت الذكر فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه انّ حكمه في وجوب التّزيف حكم الواحدة (- اه -) هذا من غلط النّاسخ و الصّحيح كلمة الترتيب بدل التّزيف قوله طاب ثراه و الظاهر انّ المراد بيوم الفوات (- اه -) قد سبق الماتن (- ره -) في ذلك صاحب (- ك -) حيث قال بعد نقل كلام (- لف -) هذا ما لفظه و كأنّه أراد باليوم ما يتناول النّهار و اللّيلة المستقبلة و الاّ لم يتحقّق تعدّد الفوات مع ذكره في يوم الفوات و سعة وقت الحاضرة انتهى قوله طاب ثراه بل المتعيّن هو الثّاني كما يظهر بالتدبّر في كلامه (- اه -) (11) قد عرفت تعيّن ذلك عند سيّد (- ك -) (- أيضا -) و لكنّا نقول ان أراد الماتن بكلام العلاّمة (- ره -) الظّاهر باعتقاده في تعيّن اللّيلة الثّانية ما حكاه من عبارة (- لف -) ففيه انّ هذه العبارة لا دلالة فيها على ما ادّعاه من الظّهور بوجه ان لم ندّع ظهور التعبير باليوم فيما يشمل اللّيلة السّابقة دون المستقبلة ضرورة انّه لو كان مراده اللّيلة المستقبلة لزم إطلاقه اليوم على اللّيل في قوله في يوم الفوات و قوله حتّى يمضى ذلك اليوم بخلاف ما لو كان مراده اللّيلة الماضية لكون اليوم في العبارتين (- ح -) مستعملا في معناه الحقيقي و ان أراد بكلام العلاّمة مجموع ما في (- لف -) أمكن استظهار ارادته اللّيلة المستقبلة من اليوم من صحيحة زرارة الآتية الّتي تمسّك بها لمختاره و ممّا عقّبها به من قوله لا يقال هذا الحديث يدلّ على وجوب الابتداء بالقضاء في

ص:305

اليوم الثّاني لأنه عليه السّلام قال و إن كان المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل ان تصلى الغداة إن كان الأمر للوجوب و الاّ سقط الاستدلال به لأنا نقول جاز ان يكون الوجوب في الأوّل دون الثّاني لدليل (- إلخ -) وجه الدلالة انّه جعل أول اليوم الثاني من طلوع الفجر حيث جعل السائل قضاء المغرب و العشاء قبل الغداة من تقديم القضاء في اليوم الثّاني و هو في الجواب لم يمنع من ذلك بل أنكر كون ذلك على وجه الوجوب فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و ظاهر هذه العبارة يوهم العدول (- اه -) الوجه في ذلك انّه بناء على تفصيله المزبور كان يقتضي أن يفصل بين فائتة اليوم و فائتة الأيّام السّابقة لوجوب العدول على الأوّل و الاستحباب على الثاني لا الاستحباب (- مط -) الملائم للقول بالمواسعة المطلقة و يمكن الجواب بوجهين أحدهما ما افاده الماتن (- ره -) بقوله الا انّ الّذي يعطيه (- اه -) و الأخر ان القول بالترتيب بين نوافل اليوم و بين الحاضرة لا يستلزم إيجاب العدول (- أيضا -) لإمكان اقتصاره في إيجاب الترتيب بما إذا التفت قبل الدّخول في الحاضرة إلى وجود فائتة عليه للنّص و قوله فيما إذا دخل في الحاضرة غفلة عن الفائتة بعدم وجوب العدول لأصالة البراءة بعد حمل صحيح زرارة و نحوه على الاستحباب بل لعلّ هذا الجواب أظهر ممّا أجاب به الماتن (- ره -) لما ستعرف ما فيما أجاب به من عدم مساعدة عبارة (- لف -) عليه بخلاف هذا الذي ذكرناه فانّ استدلاله لعدم وجوب العدول بأنّه دخل في الحاضرة دخولا مشروعا فلا يجب عليه العدول بل يجوز له الإتمام يكشف عن ارادته ما قلناه و إن كان يتّجه عليه (- ح -) انّه لا داعي إلى حمل الأمر في صحيح زرارة بالعدول على الاستحباب بعد ظهوره في الوجوب و عدم قرينة على كون المراد خلاف ظاهر صيغة الأمر فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه الاّ انّ الّذي يعطيه التدبّر في كلامه انّ مراده من الفريضة الحاضرة (- اه -) أراد بالحاضرة المختلف فيها بينه و بين أرباب المضايقة المطلقة الحاضرة الّتي دخل فيها غافلا عن فائتة ما قبل اليوم و بالمختلف فيها بينه و بين أرباب المواسعة المطلقة الحاضرة الّتي دخل فيها غافلا عن خصوص فائتة اليوم و لو أبدل الماتن (- ره -) الفريضة الحاضرة بالفائتة لكان أولى لأنّها المختلف فيها تارة بينه و بين أهل القول بالمضايقة المطلقة حيث انّهم يقولون بوجوب الترتيب حتّى بين الحاضرة و فائتة ما قبل اليوم و هو ينكره و اخرى بينه و بين أهل المواسعة المطلقة حيث انّهم لا يعتبرون تقديم الفائتة على الحاضرة حتّى إذا كانت الفائتة من ذلك اليوم و هو (- ره -) يعتبر فيها التقديم ثمَّ انّ ما ادّعاه من إعطاء التدبّر في كلام العلاّمة (- ره -) ارادته بالفريضة الحاضرة المختلف فيها بينه و بين أهل المضايقة المطلقة لم افهم وجهه ضرورة إطلاق عبارته الّتي نقلها على وجه تشمل الفائتة فيها فائتة اليوم و ما قبله جميعا فيكون عدم إيجابه العدول على الإطلاق منافيا لما مرّ من التفصيل في الترتيب و امّا دليله فصريح في فائتة اليوم لانّه استدلّ لجواز العدول و عدم وجوبه بصحيحة الحلبي و صحيحة زرارة الصّريحتين في فائتة اليوم فيكون ما هنا منه عدولا عمّا ذكره سابقا الاّ ان يوجّه بما اسبقناه من منع الملازمة بين الترتيب بين فائتة اليوم و الحاضرة في بدو الأمر و بين لزوم العدول بعد الدخول في الحاضرة غفلة عن الفائتة لإمكان القول بلزوم الترتيب ابتداء لا استدامة و إن كان يتّجه عليه (- ح -) ما مرّ من ظهور الخبرين في الوجوب فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه ثمَّ انّ ظاهر العبارة السّابقة (- اه -) منشأ هذا الاستظهار انّما هو كلمة ذكر و لم يذكر في تلك العبارة من حيث انّ الذّكر لا يكون الاّ عن نسيان و يمكن المناقشة فيما ذكره بأنّه كما يصدق ذكر الفائتة بذكر ما نسي أدائه فكذا يصدق بذكر القضاء بعد تفويت الأداء عمدا أو لعذر من الأعذار غير النسيان فإنه لو ترك الصّلوة عمدا أو لعذر غير النّسيان ثمَّ ذهل عنها ثمَّ ذكر بعد دخول وقت صلاة اخرى صدق عليه انّه ذكر الفائتة في يوم الفوات كما انّه لو ذهل و لم يذكر بعد ذلك صدق عليه انّه ذكرها بعد يوم الفوات فشمول العبارة بإطلاقها لما كان أصل التّرك لعذر غير النّسيان أو عمدا غير بعيد و اللّه العالم قوله طاب ثراه و هل يقدّم الجميع على الحاضرة لثبوت الترتيب بين الحاضرة و فوائت اليوم و ثبوت الترتيب بين فوائت اليوم و ما قبلها (- اه -) حيث بنى (- قدّه -) هذا الفرع على المسئلتين لزمنا شرح الكلام فيهما حتّى يتبيّن الحال في هذا الفرع فنقول هنا مسئلتان الأولى ثبوت الترتيب بين الحاضرة و فوائت اليوم و ذلك ممّا وقع فيه الخلاف و ستسمع من الماتن (- ره -) الأقوال فيه و منه و منّا التنبيه على أدلّتها و بيان انّ الأقوى عدم ثبوت الترتيب بين الحاضرة و الفوائت (- مط -) من غير فرق بين الفائتة الواحدة و المتعدّدة و لا بين فوائت اليوم و ما قبلها الثّانية ثبوت التّرتيب بين الفوائت بعضها مع بعض و قد افتى بذلك جمّ غفير من الأصحاب بل في (- كرى -) و المفاتيح و الذخيرة و الكفاية انّه المشهور بل في المعتبر انّه اتّفق الأصحاب على ترتيبها و عن المنتهى نسبته إلى علمائنا و عن كنز الفوائد نسبته إلى الإماميّة و نسبه في (- مع صد -) و موضع من (- كرى -) إلى الأصحاب و نفى الخلاف فيه في مجمع الفائدة و في مفتاح الكرامة لم أجد مخالفا و لا متوقّفا الاّ صاحب الكفاية و عن (- ف -) و التنقيح و التذكرة دعوى الإجماع عليه صريحا نعم حكى في (- كرى -) عن بعض من صنّف في المضايقة و المواسعة القول باستحباب الترتيب بين الفوائت دون الوجوب و لكنّه عقّبه بأنّه بعيد مردود بما اشتهر بين الجماعة و رماه بعض الأواخر بالشّذوذ و الضّعف و كيف كان فقد وقع الاحتجاج للقول المشهور بوجهين الأوّل عموم قوله عليه السّلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته تمسّك به جمع بدعوى انّه عامّ بالنّسبة إلى المادّة و الهيئة و يمكن المناقشة في ذلك أوّلا باحتمال كون المشبّه به الفوت دون كيفيّة الفوات و يكون الفائدة في التشبيه التّنبيه على انّ القضاء زجر على الفوت و جزاء عليه و ذلك متعارف في المحاورات فتريهم يقولون لمن أتلف شيئا أوجد بدله كما أتلفته و لا يريدون بذلك إلاّ افهام انّ ذلك جزاء الإتلاف من دون إرادتهم مساواة البدل للمبدل منه في الكيفيّة و لذا قد يصرّحون باعتبار المماثلة بينهما بعد التشبيه و قد لا يصرّحون به و يقبلون عند عدم التّصريح مطلق البدل العرفي و يعتبرون المماثلة من جميع الجهات عند التّصريح به و ثانيا على فرض تسليم كون المشبّه به كيفيّة الفوات بما ناقش به صاحب الذّخيرة (- ره -) من انّ عموم التشبيه فيه بحيث يقتضي المماثلة من جميع الجهات حتّى بالنّظر الى الأوصاف الاعتباريّة غير مسلّم و ردّ بعضهم له بأنّ إطلاق التشبيه مع عدم وجود وجه ظاهر ينصرف اليه بعموم وجه المماثلة كما هو المتبادر من ذلك و من جملة ما يندرج تحت وجه الشّبه هو الترتيب بل هو من أظهر أفراد وجه الشّبه لأنه من شرائط الصّحة ممكن الدّفع بانّ حمل التشبيه على العموم عند عدم وجه ظاهر للشّبه و إن كان مسلّما الاّ انّ وجه الشّبه هنا ظاهر في غير الترتيب لانّ الخطابات إنّما تجري على طريقة العرف و ليس أغلب المتشرعين ملتفتين الى الترتيب و التبادر عندهم انّما المادّة و الهيئة و يزداد هذا الذي ذكرناه وضوحا بالالتفات الى التّعبير في الرّواية

ص:306

بلفظ الواحد المنكر دون لفظ فرائض بصيغة الجمع و إن كان للمنع هناك (- أيضا -) مجالا و التّعليل بأنّه من شرائط الصّحة غير مجد بعد عدم صلاحيّة الموضوع لجريان الترتيب فيه و ثالثا بأنّه قد ورد في أخبارنا ما تضمّن بيان وجه الشّبه و هو الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد عن حريز عن زرارة قال له عليه السّلام رجل فاتته صلاة من صلاة السّفر فذكرها في الحضر قال يقضى ما فاته كما فاته إن كانت صلاة السّفر أدّاها في الحضر مثلها و إن كانت صلاة الحضر فليقض في السّفر صلاة الحضر كما فاتته فلا يعمّ سائر الكيفيّات على وجه يشمل محلّ البحث نعم لو تحقّق كون الرّواية المطلقة الخالية عن بيان وجه الشّبه نبويّا متلقّى بالقبول سقط هذا الوجه الاّ ان يجعل الصّحيح مبيّنا للنبوي صلّى اللّه عليه و آله فتأمّل و رابعا على فرض التنزل عن ذلك و تسليم عموم التّشبيه نقول انّ من المعلوم بالإجماع و نحوه انّ أكثر الكيفيّات غير معتبرة في القضاء فلو فاتت الصّلوة منه مستلقيا أو مضطجعا أو قاعدا أو مع التّيمّم أو بلا ساتر أو قصرا في الكيف كصلاة المطاردة أو إلى القبلة المحتملة كالصّلوة إلى جهة واحدة أو في ساتر من حرير لضرورة أو حرب أو مع نجاسة البدن مع تعذّر التّطهير أو بلا طهور بناء على وجوب الصّلوة على فاقد الطّهورين فإنّه يتعيّن عليه بعد رفع العذر ان يقضى على الوجه التامّ الّذي يتمكّن منه و كذا لو فاتته جماعة جاز له القضاء منفردا و بالعكس أو في مكان شريف أو مكان يكره فيه الصّلوة جاز له العكس بل لا يبعد جواز قضاء ما فاتته قائما عند عدم التمكّن الاّ من القعود أو الاستلقاء أو الاضطجاع و ما فاتته عند تمكّنه من الطّهارة المائيّة عند العجز الاّ عن الترابيّة و هكذا الى غير ذلك من الكيفيّات الكثيرة المعلوم عدم اعتبارها في المأتي بها قضاء بل لا يعتبر في المأتي بها قضاء إلاّ الموافقة للفائت في القصر و الإتمام و الجهر و الإخفات في الجملة و إذ قد عرفت ذلك نقول انّ عموم التشبيه المذكور ممّا تطرقه تخصيصات كثيرة موهنة له فلا يتمسّك به لما تقرّر في محلّه من عدم صحّة التمسّك بالعام الموهون بتطرّق تخصيصات كثيرة عليه و خامسا على فرض التنزّل عن جميع ما ذكر و تسليم عموم التشبيه نقول لا بدّ و ان يكون وجه الشّبه الكيفيّات المجعولة للشّارع فلا يتناول الكيفيّات الرّاجعة إلى الأمور العاديّة و من البديهيّ انّ كون صلاة ظهر يوم الخميس قبل ظهر الجمعة و هكذا من الأمور الملازمة لجريان العادة على سبق زمان من زمان و لا ربط له بالشّارع بوجه حتّى يكون من الكيفيّات الّتي يمكن التمسّك بالتشبيه على اعتبارها و يمكن ان يقال انّه ليس لزوم مراعاة الترتيب بينها ممّا يتوجّه إليه الأنظار عند سماع مثل هذا التشبيه ضرورة عدم كون ذلك من كيفيات الفائتة بل هو من الأمور الاتفاقيّة الحاصلة بسبب تعاقب الزّمان و تدريجيّته الثّاني الأخبار الخاصّة فمنها الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه و عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حمّاد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال إذا نسيت الصّلوة أو صلّيتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدء بأولهنّ فأذّن لها و أقم ثمَّ صلّها ثمَّ صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لكلّ صلاة الحديث بتقريب انّ الضّمير المضاف اليه يرجع الى الصّلوات الفائتة فيصير المراد أولهنّ في الفوات و احتمال انّ المراد اولى المأتي بها مردود بتوقّفه على الإضمار أو الاستخدام بل قيل انّ رجوع الضّمير إلى المأتي به غير متّجه لأنّ الأولى منها على هذا التقدير تصير مبدوّا بها قهرا فلا يبقى وجه للأمر بالابتداء بها فإنّه بمنزلة ان يقال ابدء بالّتي تبتدئ بها نعم يمكن المناقشة بأنّ الخبر مسوق لبيان عدم اعتبار الأذان في غير ما يبتدئ به و انه يكتفى فيما بعده بإقامة إقامة و ليس مسوقا لبيان الترتيب بين نفس الفوائت على نحو ما فاتت و منها الصّحيح الّذي رواه الشّيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن العبّاس بن معروف الأشعري عن عبد اللّه بن المغيرة عن حريز عن محمّد مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلّى الصّلوات و هو جنب اليوم و اليومين و الثّلثة ثمَّ ذكر بعد ذلك قال يتطهّر و يؤذّن و يقيم في أوّلهن ثمَّ يصلّى و يقيم بعد ذلك في كلّ صلاة فيصلّى بغير أذان حتّى يقضى صلوته و أنت خبير بأنّه أوضح من سابقة في الانسياق لبيان كفاية أذان واحد في أوّل المجلس فيؤذّن لما بدء به و يقيم لغيره و هو غير ما نحن فيه و منها خبر جميل بن درّاج الآتي في اخبار المواسعة عن ابى عبد اللّه قال قلت له الرّجل يفوته الأولى و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة قال يبدأ بالوقت الّذي هو فيه فإنّه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخل ثمَّ يقضى ما فاته الأوّل فالأوّل و دلالته عند الإنصاف ظاهرة لانّ الفاء للتّرتيب و سنده معتبر و لو كان فيه قصور بالإرسال في بعض طرقه فبالشهرة العظيمة منجبر و منها قوله عليه السّلام فيما روى عن أصل الحلبي الآتي في الطّائفة الثّانية من اخبار المواسعة فليصلّ الفجر ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء و مثله قوله عليه السّلام في مصحّحة ابى بصير الآتية هناك و كذا قوله عليه السّلام فيها فليصلّ المغرب ثمَّ ليدع العشاء الآخرة حتّى تطلع الشمس فانّ التّعبير بثمّ ظاهر في الترتيب و منها قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة الطّويلة الآتية في رابع أدلّة المضايقة و إن كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك فابدء بهما قبل ان تصلّى الغداة ابدء بالمغرب ثمَّ العشاء فإنّ اعادته الابتداء بالمغرب ثمَّ العشاء بعد امره بالابتداء بهما نصّ في الترتيب بين الفوائت و قوله عليه السّلام بعد ذلك فان خشيت ان تفوتك الغداة إن بدئت بهما فابدء بالمغرب ثمَّ صلّ الغداة ثمَّ العشاء فإنّ أمره بتقديم المغرب ظاهر في الترتيب و حمل الأمر بتقديم الفائتة على الحاضرة فيها على الاستحباب لقرينة كما مرّ لا يستلزم حمل الأمر بمراعاة الترتيب بين نفس الفوائت على الاستحباب من دون قرينة عليه كما لا يخفى فالقول باستحباب الترتيب بين الفوائت كما مرّت حكايته عن (- كرى -) عن بعض من صنّف في المواسعة لا وجه له و لا مستند الاّ دعوى كون صيغة افعل و ما في معناها من الجمل الخبريّة المستعملة في الإنشاء ظاهرة في النّدب و قد أوضحنا فساد هذه الدّعوى بما لا مزيد عليه في محلّه و كانّ صاحب الذّخيرة لم يقف على صحيح جميل و ما بعده ممّا هو ظاهر أو صريح في الترتيب حيث اقتصر على نقل النّبوي و صحيح زرارة الأولى و ناقش في الأوّل بأن صحّة الرّواية غير ثابتة و الظّاهر انّها من طريق العامّة سلّمنا لكن اقتضاء التشبيه المماثلة من جميع الجهات بحيث يشمل مثل هذه الأوصاف الاعتباريّة غير واضح سلمنا لكن المراد اعتبار كلّ وصف معتبر في ماهيّة الصّلوة لا (- مط -) و الترتيب ليس بمعتبر في ماهيّة الصّلوة لأنّه لو صلّى على غير الترتيب سهوا صحّت صلوته سلّمنا لكن لا يجب الترتيب في الأداء إذا فاته السّابق سهوا بناء على ما اخترناه من المواسعة فلا ينهض هذا الدّليل حجّة على عموم الدّعوى سلّمنا لكن المعتبر في الأداء تأخّر بعض الصّلوات عن صلاة اخرى حاضرة و قضاء غيرها فرعاية المماثلة في قضاء اللاّحقة لا يقتضي تأخّرها عن قضاء الصّلوة السّابقة ثمَّ أورد على الثّاني بانّ الأمر في أخبارنا غير واضح الدّلالة على الوجوب سيّما مع معارضته بالأخبار المطلقة الاّ ان يستعان في ذلك بالشهرة بين الأصحاب و بالجملة للتوقّف في هذه المسئلة طريق و طريق الاحتياط رعاية الترتيب انتهى

ص:307

و فيه انّ الأمر ظاهر في الوجوب كما برهنّا عليه في محلّه و قد عرفت نصوصيّة صحيحة زرارة في الترتيب و ظهور غيرها من الأخبار و ورود الصّحيح و نحوه في مورد خاصّ غير قادح بعد عدم القائل بالفرق بين الأصحاب فلا عذر للتوقف في المسئلة و اللّه العالم تنبيهات الأوّل انّ ما ذكر انّما هو فيما لو علم الترتيب و امّا لو جهل ففيه أقوال أحدها سقوط الترتيب حكى ذلك عن العلاّمة (- ره -) في (- ير -) و فخر المحقّقين في الإيضاح و جماعة من المتأخرين منهم الشّهيدان و صاحبا (- ك -) و الذّخيرة و استظهره بعضهم من قواعد العلاّمة (- ره -) ثانيها عدم السّقوط فيلزم تحصيل الترتيب بالتكرار و هو خيرة العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) حيث قال و لو نسي ترتيب الفوائت كرّر حتّى يحصّله انتهى ثالثها وجوب تقديم ما ظنّ سبقه اختاره الشهيد (- ره -) في (- كرى -) رابعها وجوب تقديم مظنون السّبق و محتمله فإن انتفى الظنّ و الاحتمال جميعا صلّى كيف شاء و هو خيرة الشّهيد (- ره -) في (- س -) حيث قال و لو اشتبه ترتيبها صلّى بحسب ظنّه أو وهمه و لو انتفيا صلّى كيف شاء حجّة القول الأوّل أمور الأوّل انّ وجوب الترتيب مخالف لأصالة البراءة منه و أصالة عدم شرطيّة و حصول البراءة من الشغل المعلوم فيقتصر في الخروج عنها على مورد النصّ و هو معلوم الترتيب فيبقى مشكوكه تحت الأصلين و اليه يرجع تمسّك بعضهم بالأصل بعد عدم ظهور تبادر صورة الجهل من الإطلاق بل ظهور عدمه كما صدر من جملة من الأصحاب الثّاني إطلاق الأدلّة و صدق الامتثال بالإتيان بغير ترتيب الثّالث انّ تحصيل الترتيب بالتكرار في صورة الجهل مستلزم للعسر و الحرج و الضّيق في كثير من الصّور فينسحب الحكم في الجميع لعدم القول بالفصل كما صرّح به الشهيد الثّاني و صاحب الذخيرة و ربّما قرّر الشّهيد (- ره -) في (- كرى -) هذا الوجه بتقرير أخر و هو انّ إيجاب الترتيب من غير تكرار على الجاهل بالترتيب تكليف بالمحال و إيجاب التكرار المحصّل له الحرج المنفيّ و ناقش فيه بعضهم بأنّه انّما يتمّ في الجهل بأصل التّكليف و هو الذي يجري فيه أصل البراءة و امّا إذا علم اشتغال الذّمة بشيء و وقع الشك في المبرئ فلا بدّ من الاحتياط و ليس هذا من قبيل الأقلّ و الأكثر حتّى يجري أصل البراءة في الزّائد لأنّ المفروض انّه علم بفوائت فرائض لكنّه يشكّ في ان أيّتها المقدّمة و أيّتها المؤخّرة و أقول هذه المناقشة من صاحبها الّذي هو خرّيت صناعة الأصول و الفقه لغريبة ضرورة أنّ المستدلّ يمنع من العلم بالتّكليف بالترتيب في صورة الجهل و يستدلّ في نفيه بأصالة البراءة فاصل التكليف بالترتيب غير محرز حتّى يستدعي يقين البراءة فهو لا يدّعى كونه من الأقلّ و الأكثر و انّما يقول انّه من الشكّ في شرطيّة الترتيب في صورة الجهل بعد ظهور دليله في صورة العلم و المناقش ممّن يقول بالبراءة عند الشكّ في الشرطيّة فمناقشته ساقطة و (- أيضا -) يقول المستدلّ انّ الترتيب الثّابت يسقط في صورة الجهل لحكومة قاعدة نفى الحرج على أدلّة التّكاليف و التأمّل في تحقّق الحرج في جملة من صور المسئلة لا وقع له و عدم القول بالفصل مصرّح به في كلام جماعة الرّابع انّه انسب بسماحة الملّة و سهولتها فتأمّل الخامس حديث رفع التسعة الّتي منها النّسيان و المناقشة بأنّ المرفوع خصوص المؤاخذة لا جميع الآثار الّتي منها الحكم الوضعي مردودة بما بيّناه في محلّه من كشف استدلال الإمام عليه السّلام بالنبوي صلّى اللّه عليه و آله على رفع اثر اليمين الكاذبة و عدم وجوب الكفّارة فيها عند الضرورة عن انّ المرفوع جميع الآثار حجّة القول الثّاني قد قرّرت بوجهين أحدهما ان أصل الصّلوة الّتي اشتغلت ذمّة المكلّف بها موقّتة موظّفة مرتّبة بحسب الزّمان فان صلاة الظهر الواجبة قبل الأمس مقدّمة على صلاة الفجر التي أوجبها اللّه تعالى أمس و كذا غيرها ممّا فات أمس و الخطاب السّابقة قد ورد قبل الخطاب اللاّحقة فيجب امتثال السّابقة قبل اللاّحقة و من المعلوم انّ الإتيان بالقضاء على وجه الترتيب مبرئ قطعا بخلاف الإتيان به على خلاف الترتيب فانّ كونه موجبا لبراءة الذمّة مشكوك و مقتضى قاعدة الشّغل انّما هو لزوم الإتيان بالمتيقّن و ثانيهما انّ مقتضى ما دلّ على وجوب الإتيان بما فات كما فات هو وجوب الترتيب بين الفوائت لما عرفت من انّها فاتت مرتّبة و الترتيب من جملة كيفيّات الفائتة المقضيّة فيجب الإتيان بها بتلك الكيفيّة و يدفعهما جميعا انّ اللّه سبحانه أوجب في كلّ جزء من اجزاء الزّمان الّتي أشير إليها صلاة من دون تقييد بتقديم ما أوجبه في شيء من تلك الأجزاء على ما أوجبه في الجزء الأخر و غاية ما هناك انه تعالى أمر بفعل إحديهما في وقت و بفعل الأخرى في وقت أخر و تقدّم احد الوقتين على الأخر أمر قهري لم يعتبره الشّارع قيدا في المأمور به و على هذا فلا ينهض شيء من الوجهين المذكورين لإثبات وجوب الترتيب فالترتيب غير داخل في حقيقة القضاء و حيثما ثبت فإنّما يثبت بدليل خاصّ و لذا جروا في الصّوم على الأصل بعد عدم ورود دليل على الترتيب في قضائه و التمسّك بقاعدة الاشتغال و إمكان الامتثال بالتّكرار المحصّل له قد عرفت الجواب عنه حجّة القول الثّالث ما أشار إليه في (- كرى -) بقوله و لو ظنّ سبق بعض فالأقرب العمل بظنّه لانّه راجح فلا يعمل بالمرجوح انتهى و فيه انّ ترك المرجوح الى الرّاجح و إن كان قاعدة عقليّة معتبرة لكن موردها ليس إلاّ صورة ثبوت التكليف و دوران الأمر بينهما و قد عرفت انّ أصل ثبوت التّرتيب في صورة الجهل محلّ منع و مدفوع بأصالة عدم الشرطيّة مضافا الى انّ الّذي يلزم تقديمه عقلا انّما هو محرز الرّجحان و لا دليل على حجّية الظنّ هنا حتى يكون محرزا للرّجحان حجّة القول الرّابع عدم جواز ترجيح المرجوح على الرّاجح و بيانه انّ ما يحتمل المطابقة أرجح ممّا لا محتمل فيه للمطابقة و الأوّل هو الّذي عبّر عنه بالوهم و جوابه كسابقه و بعبارة أخرى الّذي سرى اليه الشكّ هو انّ اللّه سبحانه هل أراد الترتيب و جعله قيدا للمأمور به أم لا إذ لو علم انّه قيد لم يبق للعقل شكّ في اعتباره و كذا لو علم انّه لم يجعله اللّه قيدا فإنّه لا يسرى الى العقل شكّ في عدم اعتباره و حيث كان متعلّق الشكّ هو إيجاب الشّارع للترتيب صار المقام مجرى أصل البراءة دون الاشتغال فتلخّص انّ القول الأوّل هو الحقّ المعوّل نعم لا يخفى عليك انّه يكفى في العلم بالترتيب تبيّن بطلان جميع ما اتى به في مدّة معيّنة كشهر أو سنة أو تمام ما مضى من بلوغه في اللّحوق بمعلوم الترتيب في لزوم الترتيب لاندراجه في الأخبار المزبورة ثمَّ على القول الثّاني ففي (- ك -) انّه يجب على من فاته الظّهر و العصر من يومين و جهل السّابق ان يصلّى ظهرا بين عصرين ليحصل الترتيب بينهما على تقدير سبق كلّ منهما و لو جاء معهما مغرب من ثالث صلّى الثلث قبل المغرب و بعدها و لو كان معها عشاء فعل السّبع قبلها و بعدها و لو انضمّ إليها صبح فعل الخمس عشرة قبلها و بعدها و الضّابط تكريرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات و هي اثنان في الأوّل و ستّة في الثّاني و رابعة و عشرون في الثالث و مائة و عشرون في الرّابع حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقا من الاحتمالات في عدد الفرائض المطلوبة ثمَّ قال و يمكن حصول الترتيب بوجه أخصر ممّا ذكر و أسهل و هو ان يصلّى الفوائت المذكورة بأيّ

ص:308

ترتيب أراد تكريرها (- كك -) ناقصة عن عدد أعاد تلك الصّلوة بواحدة ثمَّ يختم بما بدء به فيصلّي في الفرض الأوّل الظّهر و العصر ثمَّ الظّهر أو بالعكس و في الثّاني الظّهر و العصر ثمَّ المغرب ثمَّ يكرّر مرّة أخرى ثمَّ يصلّى الظّهر و في هذين لا فرق بين الضّابطين من حيث العدد و في الثالث يصلّى الظّهر ثمَّ العصر ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء و يكرّره ثلث مرّات ثمَّ يصلّى الظّهر فيحصل الترتيب بثلاثة عشر فريضة و في الرّابع يصلّى أربعة أيّام متوالية ثمَّ يختم بالصّبح و لا يتعيّن في هذا الضّابط ترتيب مخصوص و لو فاتته صلاة سفر و حضر و جهل الأوّل فعلى السّقوط يتخيّر و على اعتبار الترتيب يقضى الرّباعيّات من كلّ يوم مرّتين تماما و قصرا انتهى ما في (- ك -) و قد سبقه في ذلك جدّه في (- الروضة -) و زاد بعد قوله (- ره -) و مائة و عشرون في الرّابع قوله (- ره -) و لو أضيف إليها سادسة صارت الاحتمالات سبعمائة و عشرين و صحّته على الأوّل من ثلث و ستّين فريضة و هكذا و زاد عليه سلطان العلماء (- رض -) قوله و لو أضيف إليها سابعة صارت الاحتمالات خمسة الاف و أربعين و يصحّ من مائة و سبعة و عشرين و لو أضيف إليها ثامنة صارت الاحتمالات أربعين ألف و ثلثمائة و عشرين و يصحّ من مائتين و خمس و خمسين صلاة انتهى و قد استرحنا بحمد اللّه تعالى عن هذه التّطويلات باختيار القول الأوّل الثّاني انّ لازم وجوب الترتيب بين الفوائت عدم جواز اشتغال من زاد عن واحد في ان واحد بالقضاء عن ميّت واحد معلوم ترتيب فوائته لتفويته الترتيب و لا مجال لتوهّم اختصاص الترتيب بالمنوب عنه خاصّة ضرورة نزول النّائب منزلته فيلزمه الإتيان على التّرتيب الّذي كان عليه نعم يجوز اشتغال متعدّدين عن واحد في أوان مختلفة مع قصد كلّ منهم الابتداء ممّا وقف عليه الأخر و لذا تداول الأواخر عند استيجار اثنين فما زاد عن واحد تقسيم اللّيل و النّهار بينهم بتعيين يوم أو نصف يوم و ليلة أو نصف ليلة لكلّ منهم و لكنّهم لا يشترطون غالبا مبدء اليوم و لا إتمام قضاء اليوم في كلّ قسط من الوقت و الحال انّه لازم لانّه لو بدء أحدهما من الصّبح و ختم على العشاء و بدء الأخر من المغرب و ختم على العصر فات الترتيب فيلزم اشتراط ابتدائهما من فريضة واحدة من اليوميّة و الختم على الخامسة و لو ختم أحدهما قبل إتمام صلاة يوم و ليلة و بدء الأخر من ابتداء اليوم و اللّيلة كان الأوّل مفوّتا لترتيب الثّاني نعم يمكن دعوى اغتفار نيّة الثّاني الابتداء عمّا بعد ما ختم عليه الأوّل للتعيّن واقعا و حصول الترتيب قهرا كما لا يخفى (هذا) ما بنيت عليه في سالف الزمان و الذي يختلج بالبال اليوم هو جواز نيابة اثنين فما زاد عن ميت واحد في آن واحد و عدم لزوم تقسيط الزمان للاجزاء و ذلك لما مر من كون مسألة النيابة عن الغير مبنية على تنزيل الحي نفسه منزلة الميت (و لا مانع) من نزول اثنين منزلة واحد فيأتي كل منهما على الترتيب بتقديم الظهر على العصر و العصر على المغرب و المغرب على العشاء و العشاء على الصبح و هكذا و لا دليل على لزوم الترتيب بين الأيام بل بين صلوات كل يوم و الأصل عدم اشتراط الترتيب بين عمل نائب و بين عمل النائب الأخر و عدم مانعية اقتران عمل نازل منزلته بعمل نازل أخر منزلته كما لا يقدح في الصوم و لا في الحج حيث يجوز قضاء اثنين عن واحد صوم يومين في يوم واحد اتفاقا و يجوز نيابة شخصين عن واحد في سنة واحدة أحدهما حجة الإسلام و الأخر حجة النذر و هكذا و ليس غرضي من ذلك قياس الصلاة بالصوم و الحج بل التمسك بالأصل بعد إثبات عدم امتناع نيابة اثنين عن واحد في عملين متحدي الجنس بل لازم إطلاق وجوب قضاء صلوات الأب على ولديه المتساويين في السن جميعا من دون تقييد بعدم اشتغالهما بالقضاء في آن واحد هو جواز ما قلناه بل مقتضى التدقيق قصر لزوم الترتيب في القاضي عن نفسه على صلوات يوم واحد و عدم لزوم الترتيب بين صلاة يوم و صلاة اليوم الأخر فيجوز له ان يقضى عشرين ظهرا ثمَّ عشرين عصرا ثمَّ عشرين مغربا ثمَّ عشرين عشاء ثمَّ عشرين صبحا و لا يجوز له بناء على القول بالترتيب ان يقضي عشرين عصرا ثمَّ عشرين ظهرا و هكذا وجه الدقة ان لزوم الترتيب لما كان على خلاف الأصول كما عرفت لزم الاقتصار في الخروج عنها على مورد النص و لم يثبت من النصوص سوى لزوم الترتيب في صلاة اليوم دون صلاة يوم و صلاة اليوم السابق و يؤيّد ذلك ان الترتيب بين ظهر يوم و عصره و بين مغرب يوم و عشائه شرعي فيلزم في حال القضاء مراعاته و هذا بخلاف الترتيب بين ظهر اليوم و ظهر اليوم الأخر فإنه عادىّ زمانيّ فلا يلزم مراعاته و عدم القول بالفصل غير ثابت فليتعمق قوله طاب ثراه بناء على القول بترتيب الفوائت بعضها مع بعض (- اه -) في التعبير بالبناء نوع إيماء إلى تمريض المبنى و قد عرفت انّ المبنى ممّا لا ينبغي التأمّل فيه وليته غيّر التعبير و جعل الترتيب بين الحاضرة و الفائتة على قول و جزم بالترتيب بين الفوائت بأن يقول لثبوت الترتيب بين الفوائت بعضها مع بعض مع ثبوت الترتيب بين الحاضرة و فوائت اليوم على قول قوله طاب ثراه أو لا يجب الاشتغال بشيء لعدم التمكّن من فعلها الاّ بعد ما اذن في تأخيره (- اه -) أراد بما اذن في تأخيره فائتة اليوم فيكون حاصل التعليل ان فائتة ما قبل اليوم لا يمكن الإتيان بها الاّ بعد فائتة اليوم المأذون في تأخيره عن الحاضرة و (- ح -) يتّجه عليه انّ هذا التّعليل لا يلائم فرضه المسئلة لانّه فرضها فيما لو وسع الوقت للجميع فلا تكون فائتة اليوم (- ح -) بناء على القول بالترتيب ممّا اذن في تأخيره عن الحاضرة فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه فتأمّل وجهه التأمّل في إطلاق لكلامه الشّامل لذلك قوله طاب ثراه وجوه لا يبعد أوّلها ثمَّ ثالثها على القول بالفوريّة مع الترتيب (- اه -) ليته اقتصر بناء على الفوريّة و الترتيب على تقوية الأوّل دون نفى البعد عنه ثمَّ عن الثالث و ذلك لانّه بناء على الفوريّة و الترتيب مع سعة الوقت للجميع لا عذر في ترك شيء من الكلّ كما لا يخفى قوله طاب ثراه الرّابع ما حكى عن المحقّق في الغريّة (- اه -) الفرق بين هذا القول و بين قوله في سائر كتبه الّذي عدّه الماتن (- ره -) ثانيا انّ مقتضى إطلاقه هناك عدم الفرق في عدم وجوب الترتيب عند تعدّد الفائتة بين فوائت اليوم و فوائت سائر الأيّام بخلافه هنا فإنّه أثبت الترتيب في فوائت اليوم و ان تعدّد الفائت و قصر الفرق بين اتّحاد الفائتة و تعدّدها بلزوم الترتيب في الأوّل دون الثاني بما إذا كان الفائت من يوم أخر قوله طاب ثراه و لا على عصره على ظهره (- اه -) كلمة على الأصلي زائدة و الصحيح و لا عصره على ظهره قوله طاب ثراه الخامس ما عن ابن جمهور (- اه -) حكى ذلك عنه في (- لك -) الجامعيّة و الفرق بينه و بين سابقة طاهر و كذا بينه و بين القول الثّاني لشمول وجوب الترتيب في الفائتة الواحدة في القول الثّاني لفائتة اليوم و يوم أخر و القصر في هذا القول على واحدة اليوم و كذا الفرق بينه و بين القول الثالث واضح لشمول الترتيب هناك في فائتة اليوم الواحدة و المتعدّدة و القصر في هذا القول على الواحدة قوله طاب ثراه في الوسيلة حيث قال (- اه -) في العبارة سقط و تحريف و الصحيح هكذا و امّا قضاء الفرائض فلم يمنعه وقت الاّ عند تضيّق وقت الصلاة الفريضة الحاضر وقتها و هو ضربان إمّا فائتة نسيانا أو تركها قصدا و اعتمادا فان فاتته نسيانا و ذكر فوقتها حين يذكرها الا عند تضيّق وقت الفريضة فإن ذكرها و هو في صلاة فريضة عدل بنيّتها الى القضاء ما لم يتضيق وقت الحاضرة و ان تركها قصدا جاز له الاشتغال بالقضاء الى أخر وقت الحاضرة و ان قدّم الحاضرة في وقتها على القضاء كان أفضل (- إلخ -) قوله طاب ثراه و هذا اردء الاحتمالات (- اه -) لم افهم وجه الرّداءة و لا وجه كون الأوّل أقوى بل الأخير أقوى الاحتمالات ضرورة إمكان دعوى انصراف أدلّة وجوب الترتيب بين الفوائت و كذا أدلّة وجوب المبادرة إلى المنسيّة الى ما قبل الدّخول في الصّلوة و امّا بعد الدخول فالأصل البراءة من وجوب العدول و وجوب المبادرة و هذا بخلاف النصّ النّاطق بالعدول إلى السّابقة لو ذكرها في أثناء المتأخّرة فإنّ مورده مفروض البحث فالقول بانّ العدول من باب الدّليل الخاصّ أوجه قوله طاب ثراه و امّا المتروكة قصدا فظاهره عدم وجوب الترتيب (- اه -) لعلّ نظره في القول بذلك إلى أصالة البراءة من وجوب الترتيب بعد كون مورد دليل الترتيب صورة النسيان و عدم شمول قوله عليه السّلام كما فات للتّرتيب كما مرّت الإشارة الى ذلك عند الكلام في الترتيب بين الفوائت و (- ح -) فيكون نظره في القول باستحباب تقديم الحاضرة إلى إطلاق ما نطق بفضل التعجيل في إتيان الفرائض قوله طاب ثراه و العذر على ما ذكره صاحب هذا القول (- اه -) (11) هذه النّسبة في محلّها لكن لا بهذا الفصل اليسير بل قبله بأربعة عشر سطرا قال (- ره -) قبل ذلك بقرب ما لفظه فصل في أوقات الصّلوة لكلّ صلاة فريضة وقت يفضل عنها و له أوّل و أخر فالأوّل وقت من لا عذر له و الأخر وقت من له عذر ثمَّ تعرّض لبيان أقسام الصّلوات ممّا لها قضاء و ما لا قضاء له ثمَّ قال بعد ثلث صفحة و امّا الأعذار الّتي تجوز لها تأخير الصّلوة إلى أخر الوقت فأربعة السّفر و المطر و المرض و شغل تركه يضرّ في دينه أو دنياه انتهى المهمّ ممّا في الوسيلة قوله طاب ثراه فتأمّل (12) وجه التأمّل هو منع ظهور العذر في كلامه فيما عدى الصّلوة بعد خلوّ كلامه عن قرينة لذلك و شمول إطلاق الشغل الّذي يضرّ تركه بدينه لذلك قوله طاب ثراه السّابع ما تقدّم عن العزيّة (- اه -) (13) اى ما تقدم نقله في عبارة الغريّة المتقدّمة في القول الرّابع عن قوم قوله طاب ثراه و هو المحكى عن ظاهر كلام القديمين (- اه -) (14) انّما نسب ذلك الى ظاهرهم لاحتمال عبائر أكثرهم كون ما فيها من تقديم الفائتة لبيان استحباب التقديم لا وجوبه و ان كان ظاهر العبائر من حيث كونها في مقام بيان الوظيفة هو الوجوب الملازم للمضايقة و قد استوفى الكلام في المقام في مفتاح الكرامة بنقل عبارة الحسن بن عيسى العماني

ص:309

و ابى علىّ بن الجنيد الإسكافي و القاضي أبي القاسم بن عبد العزيز و ابى الصّلاح الحلبي و جمل العلم و العمل للسيّد المرتضى و المقنعة و (- ف -) و (- ط -) و (- ية -) و المراسم و غيرها و تكلّم في كلّ منها بما ينبغي طوينا نقلها لعدم الاهتمام الكثير بها فعليك بمراجعة مفتاح الكرامة إن شئت العثور عليها قوله طاب ثراه و حكاية هذا القول عن أكثر القدماء مستفيضة و حكى غير واحد انّه المشهور (- اه -) نسبه الى أكثر القدماء في محكي المفاتيح و المصابيح و الذّخيرة و رسالة الماحوزي و الحدائق و الى أكثر علمائنا في موضع من (- كرة -) و جعله مذهب أكثر الأصحاب في محكي (- س -) و (- مع صد -) و العزيّة و الهلاليّة و موضع من كشف الرّموز و تمهيد القواعد و زاد في محكي الأخير قوله خصوصا عند المتقدّمين و وصفه بالشّهرة المطلقة في محكي كشف الالتباس و بالشّهرة عند القدماء في محكي تخليص التلخيص و غاية المراد و بالشّهرة خصوصا المتقدّمين في محكيّ الرّوض و الفوائد الملّية و غيرها بل ادّعى جمع الإجماع عليه كما يأتي نقله في حججه لكن تعجّب في الجواهر ممّن ادّعى شهرة القول بالمضايقة و الإجماع عليها و قال انّه لقد أجاد من منعها على مدّعيها و كيف و قد عرفت انّ ذلك يعني المواسعة مذهب جمّ غفير من قدماء الأصحاب و متأخّريهم ممّن اشتهرت أقوالهم و كثرت اتباعهم و تفرّقت أمصارهم من قمّيهم و خراسانيهم و شاميّهم و عراقيّهم و ساحليهم و اصبهانيّهم و كاشانيهم و فيهم من هو من أجلاّء أصحاب الأئمّة عليهم السّلام و من لا يصدر إلاّ بأمرهم و من أدرك الغيبتين و من انتهى اليه في زمانه أمر الرّئاستين و أقرّ له بالفقه و صدق اللّهجة و إن كان لم يصرّح بعضهم بجميع ما ذكرناه في العنوان إلى أخر عبارة الجواهر المتقدّمة في أوّل الرّسالة قوله طاب ثراه و شرح الجمل (- اه -) المراد بالجمل جمل العلم و العمل للسيّد المرتضى (- ره -) و بشرحه شرح القاضي ابن البرّاج له قوله طاب ثراه و هو المحكى عن صريح المرتضى (- ره -) (- اه -) حكى في (- لف -) عن علم الهدى انّه قال في المسائل الرسيّة ما لفظه الصّلوة في أوّل وقتها لمن عليه فريضة فائتة منهيّ عنها و النّهى يدلّ على الفساد و لأنّها مفعولة في غير وقتها المشروع لها لانّه بالذكر تتعيّن عليه الفائتة في ذلك الوقت بعينه فاذا صلّى في هذا الوقت غير هذه الصّلوة كان مصلّيا لها في غير وقتها فتجب عليه الإعادة فإن كان محتاجا الى تعيّش يسدّ به جوعته و ما لا يمكنه دفعه من خلّته كان ذلك الزّمان مستثنى من أوقات الصّلوة كاستثناء الحاضرة عند التضيّق و لا يجوز له الزّيادة على مقدار الزّمان الّذي لا بدّ منه في طلب ما يمسك به الرّمق و حكم من عليه فرض نفقته في وجوب تحصيلها كحكم نفقة نفسه و امّا فرض يومه و ليلته في زمان التعيّش فلا يجوز ان يفعله إلاّ في أخر الوقت كما قلناه فانّ الوجه في ذلك لا يتغيّر بإباحة التعيش و امّا النّوم فيجري ما يمسك الحيوة منه في وجوب التّشاغل مجرى ما يمسك الحيوة من الغذاء و تحصيله ثمَّ قال و ليس الفرائض الفائتة غير الصّلوة جارية مجرى الفائتة من الصّلوة في تعيّن وقت القضاء فانّ من فاته صيام أيّام من شهر رمضان فإنّه مخيّر في تقديم القضاء و تأخيره الى ان يخاف هجوم الرّمضان الثّاني فيتضيّق عليه (- ح -) القضاء و يجوز لمن عليه صيام من شهر رمضان ان يصوم نذرا عليه أو يصوم عن كفّارة لزمته و لو صام نفلا (- أيضا -) لجاز و ان كان مكروها و ليس (- كك -) الصّلوة الفائتة انتهى كلامه علا مقامه و قال في (- لف -) بعد نقله و الجواب المنع من النّهى فان احتجّ بما روى من قوله عليه السّلام لا صلاة لمن عليه صلاة منعنا صحّة النّقل فان السّند لم يثبت عندنا سلّمناه و لكن نمنع النّهى فانّ الصّيغة اخبار و رفع الأفعال لا يصحّ بل الصّفات و يحتمل الجواز و يحتمل الكمال سلّمنا لكن الحاضرة صلاة عليه فيبقى قوله عليه السّلام لا صلاة كما يحتمل الحاضرة يحتمل الفائتة و ليس حمله على إحديهما أولى من حمله على الأخرى فإن حمل عليهما حمل قوله عليه السّلام لا صلاة على النّافلة و هو الأقرب سلّمنا لكن لم لا يجوز ان يكون المراد إذا تضيّق وقت الحاضرة فإنّه (- ح -) يصدق عليه انّ عليه صلاة قطعا بحيث لا يجوز له تأخيرها و لا تركها و عن قوله انّها مفعولة في غير وقتها المشروع لها بأنّها ممنوع فانّ الوقت بأسره وقت للحاضرة قبل القضاء فكذا بعده و ما ذكره من الالتزام بترك الاشتغال في المباحات و الطّاعات المندوبة و غير ذلك فإنّه من أعظم الحرج و قد بيّنا بطلانه انتهى ما في (- لف -) و يتّجه على ما ذكره من إنكار سند الخبر ما في (- كرى -) من انّ الشيخ (- ره -) أورده في (- ط -) و (- ف -) مرسلا و في (- يب -) بطريق معتبر عن علىّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال سالته عن صلاة الجنائز إذا احمرّت الشمس أ يصلح أو لا قال لا صلاة في وقت صلاة قال إذا وجبت الشّمس فصلّ المغرب ثمَّ صلّ الجنائز انتهى قوله طاب ثراه فالقول بأنّ الفوريّة و الترتيب متلازمان لا يخلو من نظر (- اه -) قال في الجواهر بعد نقل القول بفوريّة القضاء في جميع الأوقات إلاّ وقت ضيق الأداء أو الاشتغال بما لا بدّ منه من ضروريّات المعاش و ترتّبه على الحاضرة عن جمع من أهل المضايقة ما لفظه نعم لم ينصّوا جميعهم على جميع ما سمعته في العنوان لكنّهم قد اتّفقوا جميعا كما قيل على التّرتيب بل نصّ المفيد و المرتضى و القاضي و الحلبيان و الحلّي منهم على فوريّة القضاء بل لعلّه ظاهر القديمين و الشيخ و الآبي (- أيضا -) بل حكى المفيد و القاضي و أبو المكارم و الحلّي الإجماع على ذلك فالفوريّة و الترتيب (- ح -) متلازمان عندهم و إن كانا ليسا (- كك -) في نفس الأمر بمعنى انّ كلّ من قال بالترتيب قال بالفوريّة و بالعكس لأنّ هؤلاء عمدة أهل هذا القول بل هم أصله و أسّه و يشهد له تحرير هذا النزاع من بعضهم بالمضايقة و المواسعة و من أخر بالترتيب و عدمه و لو لا التّلازم المزبور لاختلف الحكم و تعدّد الخلاف بل عن ابى العبّاس التصريح بانّ الترتيب هو القول بالمضايقة و عدمه هو القول بالمواسعة كما عن الصّيمري ما يقرب منه الى أخر ما في الجواهر و أقول لا نمنع كون الترتيب و الفوريّة متّحدين متلازمين عند جمع الاّ انّه لا حقيقة للملازمة لا عقلا و لا شرعا لجواز القول بالترتيب من دون المضايقة و بالعكس كما افاده الماتن (- قدّه -)

في ذكر وجوه الاحتجاج بالمواسعة المطلقة

الأول الأصل و ذكرت خمسة وجوه في تقريره

قوله طاب ثراه احتجّ للقول بالمواسعة المطلقة بوجوه (- اه -) قد استدلّ العلاّمة (- ره -) في (- لف -) لهذا القول بوجوه أخر سمّاها وجوها معقولة في قبال المنقولة أحدها انّ القول بوجوب الترتيب يستلزم تكليف ما لا يطاق و اللاّزم باطل فالملزوم مثله قال (- ره -) بيان الشرطيّة من وجوه أحدها انّه يستلزم معرفة العبد بالوقت المتّسع للصّلوة بحيث لا يقصر عنها لاستلزامه التّكليف بالمحال و هو الفعل بالوقت القاصر عن العبادة و لا يزيد عليها بحيث لا تؤدّى الصّلوة قبل حضور وقتها لأنّه منهيّ عنه و معرفة مطابقة الفعل للوقت تستلزم معرفة أجزاء الوقت و مقابلتها لاجزاء الفعل بحيث يقع كلّ جزء من الفعل في وقته المختصّ به من غير تقدّم و لا تأخّر و ذلك عين تكليف ما لا يطلق و ثانيها انّه يستلزم معرفة انتصاف اللّيل أو ثلثة على الخلاف في وقت العشاء و انّما يتمّ ذلك بإدراك أجزاء اللّيل و اعتبار مطابقة اوّله لاخره بحيث لا يفضل أحدهما عن الأخر و لا يقصر عنه و هو تكليف ما لا يطاق و ثالثها انّه يستلزم معرفة طلوع الشمس من تحت الأفق

ص:310

بحيث يقع انتهاء الصّلوة قبله و يقع الطّلوع بعده بغير ان يفصل بينهما زمان و ذلك تكليف ما لا يطاق انتهى و فيه أوّلا منع كون اعتبار معرفة الأوقات الثّلثة تكليفا بما لا يطاق كيف لا و لو كان (- كك -) لجرى نحوه في جملة من التكاليف الإلهيّة و لزم ان نكون سدى و ثانيا انّه ان تمَّ انّما يدفع القول بالمضايقة الصّرفة و لا يثبت ما هو مدّعاه من المواسعة المطلقة الثّاني انّ القول بوجوب الترتيب ملزوم لأحد محالين فيكون محالا و بيان الملازمة أنّه ملزوم لتجويز الصّلوة قبل وقتها أو القول بتعدّد تكليف ما ثبت وحدة التّكليف به لأنّ المصلّي إذا عرف انّه صلّى قبل التضيّق لظنّه التضيّق فامّا ان يجب عليه الإعادة و هو الأمر الثّاني و امّا ان لا يجب و هو الأمر الأوّل انتهى و الجواب انّا نختار بناء على المضايقة الشقّ الثّاني أعني لزوم الإعادة و لا يلزم تعدّد التّكليف بل نقول انّ الصّلوة الواقعة بظنّ ضيق الوقت لم يكن عليها أمر واقعا و انّما المأمور به واقعا شيء واحد هو ما يوقعه ثانيا بعد الالتفات الى وقوع الأولى في حال السّعة و الاّ فلو كان على الأوّل أمر واقعا لاقتضى الإجزاء و لم يحتجّ إلى الإتيان ثانيا الثّالث انّ لازم وجوب الترتيب منتف فينتفى الملزوم أمّا المقدّمة الأولى فلانّ العلم بوجوب الترتيب لازم لوجوب الترتيب و العلم منتف فينتفى الوجوب امّا المقدّمة الأولى فلان وجوب الترتيب ممّا يعمّ به البلوى لاشتراك المكلّفين في الاحتياج إليه إذ يبعد انفكاك المكلّفين من وجوب القضاء لتجدّد الأعذار و لو في العمر مرّة واحدة فلو كان واجبا لعلمه المكلّفون بأجمعهم و امّا الثّانية فظاهرة فانّ العلم حاصل بانتفاء العلم به و امّا المقدّمة الثّانية و هي وجوب انتفاء الملزوم عند انتفاء اللاّزم فظاهرة انتهى و أنت خبير بما فيه من انّ جملة ممّا يعمّ به البلوى قد خفي حكمها على المكلّفين فليكن هذا منها و (- أيضا -) فانتفاء الوجوب عند انتفاء العلم ليس إلاّ لأصالة البراءة فلا يكون هذا الوجه دليلا مستقلاّ بل يرجع إليها الرّابع انّه لو وجب الترتيب لوجب في أخر الوقت و التالي باطل بالإجماع و بالنّصوص الدالّة على تعيين الحاضرة عند تضيّق وقتها فالمقدّم مثله و بيان الشرطيّة انّ المقتضى للتّرتيب (- ح -) ليس الاّ وجوب الإتيان بالفائت كما هو و الفائت في نفسه متقدّم على الحاضرة (- مط -) فيجب الإتيان به (- مط -) مقدّما على الحاضرة (- مط -) انتهى و فيه منع الملازمة بين وجوب الترتيب ما لم يتضيّق وقت الحاضرة و بين عدم وجوبه إذا تضيّق و المقتضى لوجوب الترتيب و إن كان هو وجوب الإتيان بالفائت كما هو و الفائت متقدّم على الحاضرة الاّ انّه لا يستلزم وجوب الإتيان بالفائتة مقدّمة على الحاضرة حتّى في صورة ضيق الحاضرة لأنّ ما دلّ من النصّ و الإجماع على أهميّة ذات الوقت مانع من تأثير ذلك المقتضي أثره عند تضيّق وقت الحاضرة الخامس انّ الفائتة امّا ان يتعيّن لها وقت لا يجوز تأخيرها عنه أولا و الأوّل باطل و الاّ لكانت قضاء على تقدير خروج ذلك الوقت خاليا عن فعلها بالنّسبة اليه و ليس (- كك -) إجماعا و انّما هي قضاء بالنّسبة إلى وقتها المضروب لها أوّلا فيتعيّن الثّاني و هو المطلوب و لا ينتقض ذلك بالواجب على الفور لانّه ليس الفور من حيث انّ الوقت وقت له خاصّة بل من حيث وجوب المبادرة بخلاف صورة النزاع فانّ الخصم يقول انّ وقتها حين الذكر انتهى و فيه أوّلا منع بطلان الأوّل و منع فساد لازمه و هو كون الفائتة بالنّسبة إلى الوقت الثاني (- أيضا -) قضاء و منع الإجماع الّذي ادّعاه و ثانيا انّ الحق عدم كون الفائتة من الموقّت و قول الخصم انّ وقتها حين الذكر ليس غرضه به الاّ وجوب المبادرة إليها و لا مانع مع القول بكون الفائتة من الموقّت من إيجاب تقديم الفائتة على الحاضرة ما لم يتضيّق الحاضرة للدّليل تعبّدا ان تمَّ دليله السّادس انّ القول بتحريم الحاضرة في أوّل وقتها مع القول بجواز غيرها من الأفعال ممّا لا يجتمعان و الثاني ثابت فينتفي الأوّل امّا ثبوت التّنافي فلانّ المانع (- ح -) من فعل الحاضرة في أوّل وقتها انّما هو الاشتغال بغير القضاء و هو متحقّق في كلّ فعل يضاد فعل الفائتة من الفرائض كالحجّ و الجهاد و أداء الزكاة و النّذورات و قضاء الدّيون و طلب الرّزق الواجب و من النّوافل و المباحات كالنّوم و الأكل الزّائد على أقلّ مراتب الشّبع و الشّرب الأزيد ممّا يمسك الرّمق و غير ذلك من جميع الأفعال و امّا ثبوت الثّاني فبالإجماع الدالّ على جواز ذلك قبل القضاء فيكون (- كك -) بعده و بالإجماع على عدم إفتاء أحد من فقهاء الأمصار في جميع الأعصار بتحريم زيادة لقمة أو شرب جرعة أو طلب استراحة من غير تعب شديدا و المنع من فعل الطّاعات الواجبة و المندوبة لمن عليه قضاء و لأنّ الإجماع واقع و الأخبار متطابقة على استحباب الأذان و الإقامة لكلّ صلاة فائتة بانّ من فاته صلوات كثيرة يجتزى بالأذان في أوّل ورده و الإقامة في البواقي لا يقال انّهما من أفعال الصّلوة و مقدّماتها لأنّا نقول نمنع كونها من أفعال الصّلوة و مقدّمات الصّلوة غير الصلاة انتهى و فيه أوّلا انّ دعوى الإجماع على عدم تحريم سائر الأفعال مع نقله في أوّل المسئلة ذهاب جمع إلى الحرمة ممّا لا يجتمعان و ثانيا انّ اخبار الأذان و الإقامة واردة مورد بيان حكم أخر و هو الاستحباب و الرّجحان و المشروعيّة و ثالثا انّ إنكاره كون الأذان و الإقامة جزء لا حجّة فيه على الخصم بعد إن كان المعتبر في القضيّة كونها ضروريّة أو مسلّمة فلا يكون ما ذكره حجّة على من يقول بالجزئيّة أو المقدّمية الواجبة و الشّرطيّة الدّائمة السّابع انّ أوّل وقت الحاضرة امّا ان يخرج عن كونه وقتا لها مع الفوات أولا و الأوّل باطل و الاّ لكان إيقاع الحاضرة فيه مع النسيان يوجب الاستئناف لإيقاع الصّلوة في غير وقتها و انّه موجب للإعادة بالإجماع انتهى و فيه انّه لا مانع من الالتزام بخروج أوّل الوقت عن كونه وقتا للحاضرة بالنّسبة إلى الملتفت خاصّة دون النّاسي كخروج أوّل الوقت عن كونه وقتا بالنّسبة إلى الحائض الّتي تعلم بأنّها تطهّرت في أثناء الوقت و لا تألى فاسدا لذلك هذا على فرض تسليم عدم وجوب الإعادة على من اتى بالحاضرة في أوّل الوقت ناسيا مع اشتغال ذمّته بالفوائت و الاّ لكان الأمر أوجه و كان الالتزام بخروج أوّل الوقت عن كونه وقتا للحاضرة ما دامت ذمّته بالفوائت مشغولة خاليا عن المانع الثّامن انّ وجوب الترتيب يستلزم سقوط وجوب نيّة القضاء و اللاّزم باطل بالإجماع فالملزوم مثله بيان الشرطيّة انّ المقتضى لوجوب النيّة انّما هو التّميز بين الأفعال الصّالح وقوعها في الوقت الواجب و لا شكّ في انّ الحاضرة عند القائل بوجوب القضاء غير جائزة في أوّل وقتها و انّما يصلح ذلك الوقت للفائتة لا غير فكان يستغنى المكلّف عن نيّة القضاء انتهى و فيه منع الإجماع المدّعى كيف لا و مسئلة وجوب نيّة الوجه خلافيّة في مثل الفرض ان لم نقل انّ الأقوى عدم الوجوب و ان أراد الإجماع على لزوم التميز و التعيين قلنا انّ إمكان أن يأتي المكلّف بالحاضرة عصيانا يكفي في لزوم تعيين القضاء و لا يكفى مجرّد تعيّن القضاء واقعا في ذلك الوقت في تعيينه بعد إمكان إتيان المكلّف بالحاضرة عصيانا

ص:311

فتدبّر التّاسع انّه لو وجب الترتيب لبطل اجراء اسم الفائتة على القضاء و الحاضرة على الأداء و التّالي باطل فالمقدّم مثله بيان الشرطيّة انّ الفائتة عبارة عن صلاة حاضرة فاتت المكلّف في وقت وجب عليه إيقاعها فيه تحقيقا أو تقديرا فإطلاق هذا الاسم يدلّ على زمان متقدّم يصحّ صلاة الحاضرة فيه و هو المطلوب و امّا الحاضرة فإنّما سمّيت بذلك لحضور وقتها فإطلاق هذا الاسم يقتضي جواز قطعها في أوّل وقتها إذ المانع من صحّتها عند الخصم إيقاعها في غير وقتها و أنت خبير بأنّه يشبه التّعمية ضرورة انّ إطلاق اسم القضاء على الفائتة انّما هو باعتبار الزّمان الّذي فات منه إتيانها فيه و إطلاق الحاضرة على الأداء انّما هو باعتبار كون جميع الوقت لها بالأصالة و ان صار بعضه بالعرض وقتا للفائتة أو باعتبار انّ بعض الوقت (- ح -) للحاضرة و ان شئت قلت انّ وصف الأداء انّما هو للموقّت و الفائتة غير موقّتة بوقت خاصّ بل تجب انا فانا بخلاف الحاضرة قوله طاب ثراه و تقريره من وجوه خمسة الأوّل أصالة البراءة (- اه -) الظّاهر انّه جعل أوّلا تقريرات الأصل خمسة ثمَّ زاد السّادس و غفل عمّا هنا فالصّحيح ابدال الخمسة بالستّة ثمَّ انّ الفرق بين التقريرات هو رجوع الأوّل إلى نفى فوريّة القضاء و ضيقه و نظر الثّاني إلى صحّة صلاة الحاضرة و عدم لزوم العدول إلى الفائتة إذا ذكرها و نظر الثالث الى عدول المصلّى من الحاضرة الموسّعة إذا ذكر الفائتة في أثنائها و نظر الرّابع الى جواز فعل الحاضرة مع سعة الوقت و نظر الخامس الى جواز الشّروع في الحاضرة عمدا مع تذكّر الفائتة (- أيضا -) و نظر السّادس إلى إباحة منافيات الفائتة ثمَّ انّ أحسن التّقريرات هو الأوّل لسلامته عن الخدشة و المناقشة ان لم يقم دليل على الفور و المضايقة قوله طاب ثراه فان قلت انّ الاحتياط على خلافه (- اه -) كان مقتضى حسن الترتيب ان يجعل ذلك من حجج القول بالمضايقة و يجيب عنه بما أجاب به هنا عن السّؤال و على اىّ حال فملخّص تقرير الأصل على المضايقة انّ الأصل الاحتياط امّا من حيث الفوريّة لتيقّن عدم المؤاخذة على تقدير التعجيل و عدم الأمن منه على تقدير التأخير (- مط -) أو مع اتّفاق طروّ العجز و امّا من حيث تيقّن امتثال الحاضرة على تقدير تأخيرها عن الفائتة أو إيقاعها في ضيق الوقت و الشكّ في الامتثال لو قدّمها على الفائتة و مجمل الجواب انا قد قرّرنا في الأصول انّ الأصل عند الشكّ في الأجزاء و الشّرائط هي البراءة دون الاحتياط و الشكّ في كلّ من الترتيب و الفوريّة شكّ في الشرطيّة و الأصل البراءة منها نعم حسن الاحتياط ممّا لا نأباه لكنّه لا يثبت مقصد المستدلّ كما لا يخفى قوله طاب ثراه فلا يستقيم الالتزام بذلك هنا عن قبلهم (- اه -) هكذا في النّسخ و الصحيح من قبلهم فهو سهو من النّاسخ قوله طاب ثراه فليس لعدم اتّصاف الفعل حقيقة بالوجوب فما قبل الجزء الأخير (- اه -) هذا (- أيضا -) سهو من قلم النّاسخ و الصّحيح في ما قبل الجزء الأخير قوله طاب ثراه و يرد عليه انا حقّقنا في الأصول (- اه -) و ان شئت قلت انّ الذي يمكن استصحابه انّما هو الصحّة التأهّلية و هي غير مجدية فإنّ صحّة الأجزاء الواقعة في حال النّسيان لا تقتضي صحّة ما يلحقها بعد الذكر بتلك النيّة فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و فيه انّه ان أريد أصالة البراءة (- اه -) هنا مقدّمة مطويّة لوّح إليها بالتّرديد بين أصل البراءة و الاستصحاب و هي انه قد تقرّر في محلّه انّ أصالة العدم لا دليل على اعتبارها من حيث هي و انّما تعتبر إذا رجعت الى شيء من الأصول المعتمدة و الّذي يمكن جريانه منها هنا أصالة البراءة عن التكليف بالعدول و استصحاب عدم وجوب العدول الّذي كان قبل التذكّر فإن أراد المستدلّ الأوّل اتّجه عليه كون الشكّ في المكلّف به و ان أراد الثّاني اتّجه عليه تبدّل الموضوع بزوال النّسيان الّذي كان مناط الجواز و أقول انّا نختار الشق الأوّل و نمنع كون الشكّ في المكلّف به و جريان قاعدة الاشتغال ضرورة حكومة أصالة عدم شرطيّة نيّة العدول في صحة إتمام الصّلوة على قاعدة الاشتغال لانّ الشكّ في بقاء الشّغل بعد إتمامه ينشأ من الشكّ في شرطيّة العدول فاذا جرت أصالة عدم الشرطيّة أزالت الشكّ المأخوذ في موضوع قاعدة الشّغل و بالجملة فالشكّ يرجع في المقام الى التّكليف فتجري البراءة دون المكلّف به حتّى يجرى الشّغل قوله طاب ثراه و لا ريب انّ الشكّ في مشروعيّة الحاضرة (- اه -) لا يخفى عليك انّ ما ذكره هنا انّما هو في مقام إلزام الخصم و الاّ فلا يخفى انّ أصالة البراءة من وجوب التضييق المتقدّم تقريرها هي المحكّمة لكون الشكّ في المشروعيّة ناشئا من الشكّ في الضّيق فاذا اجرى الأصل السّببي و هي البراءة من الضّيق انتفى موضوع المسبّبي إذ لا يبقى للشكّ في المشروعيّة (- ح -) وجه مضافا الى انّ ما أشير إليه آنفا من عدم حجيّة أصالة العدم إلا إذا آلت إلى شيء من الأصول المعتبرة جار هنا (- أيضا -) و لا ريب في عدم الأوّل امّا أصالة البراءة فعلى خلافها و امّا الاستصحاب فلا مجرى له هنا لكون الشكّ في المشروعيّة بدويّا لا حالة سابقة له فتأمّل كي يظهر لك إمكان دعوى انّ تشريع الأحكام من اللّه تعالى و بيانها من النّبي (- ص -) أمران حادثان مسبوقان بالعدم فلا مانع من جريان الاستصحاب لقيام مقتضية أو دعوى انّ مراده استصحاب عدم العلم بورود الإذن به لكن (- ح -) يردّه أصالة البراءة لكون مفادها عدم الحاجة الى ورود الإذن و كفاية عدم ورود الأمر في قبح العقاب قوله طاب ثراه و أصالة عدم اشتراطها بخلوّ الذمّة عن الحاضرة (- اه -) عطف على أصالة اباحة فعل الحاضرة و الضّمير المؤنث في اشتراطها يرجع الى الحاضرة فلا بدّ من كون الحاضرة في العبارة سهوا من النّاسخ و الصّحيح أصالة عدم اشتراطها بخلوّ الذمّة عن الفائتة قوله طاب ثراه و يرد على الأصل الأوّل (- اه -) هذا جواب تفصيلي و الجواب الإجمالي عدم جريان أصالة الإباحة في العبادات الاّ ان يعوّل على الإطلاقات من جهة عدم مقيّد لها لكنّه (- ح -) لا يكون تمسّكا بالأصل بل بالدّليل و هو الإطلاق و كلامنا هنا انّما هو في الأول قوله طاب ثراه فمرجع الكلام الى الشكّ في حرمة الحاضرة و إباحتها و لأصل الإباحة (- اه -) قد سقط الألف قبل كلمة لا من قلم النّاسخ و الصّحيح و الأصل الإباحة قوله طاب ثراه و ثانيا انّ أصالة عدم الحرمة الحاضرة (- اه -) (11) الألف و اللاّم في الحرمة زائدة من النّاسخ و الصّحيح أصالة عدم حرمة الحاضرة بالإضافة قوله طاب ثراه فتأمّل (12) لعلّ وجهه الإشارة الى انّ وجوب الحاضرة بالذّات ثابت و الشكّ انّما هو في الحرمة العارضة فإذا نفيت الحرمة العارضة بالأصل بقي وجوب الحاضرة بالذّات محكّما قوله طاب ثراه و هذا الاستدلال حكاه بعض المعاصرين عن (- لف -) (- اه -) (13) هذه الحكاية في محلّها و المراد ببعض المعاصرين الّذي حكى عنه الاعتراض على هذا الوجه بأنّه فاسد هو العلامة التستري و لو أبدل ما ذكره بانّ الموضوع قد تبدّل باشتغال ذمّته بالقضاء و قد تقرّر في محلّه اعتبار بقاء الموضوع في صحّة الاستصحاب لكان أخصر فتأمّل قوله طاب ثراه و الثّاني استصحاب الحكم الكلّى (- اه -) (14) هذا مبنى على المشهور من حجيّة استصحاب حكم اللّه الكلّى و امّا على مذهب

ص:312

الخونسارى (- ره -) في أحد قوليه من عدم حجيّته فلا يتأتّى ذلك قوله طاب ثراه امّا (- مط -) كما هو مذهب بعض (- اه -) أراد بالبعض غالب الأخباريّين حيث عزى إليهم القول بحجيّة الاستصحاب في الأمور الخارجيّة شرعيّة كانت كالطّهارة أو غيرها كالرّطوبة و عدم حجيّة في الأحكام الشرعيّة الكليّة قوله طاب ثراه أو فيما يحتمل مدخليّة وصف الموضوع (- اه -) قد اشترط الأصوليّون في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و جعل جمع منهم الماتن (- ره -) المراد بالموضوع ما عدى الحكم من المحكوم عليه و القيود اللاّحقة للقضيّة من الزّمان و المكان و الحال و التميز و غير ذلك و بالبقاء تقرّره ذهنا في الزّمن الثّاني على حسب تقرّره الّذي كان في الزّمن الأوّل و قد أشار بهذه العبارة إلى مبناه المذكور قوله طاب ثراه الاّ ان يريد من الأصل هناك أصالة البراءة (- اه -) لا يخفى عليك انّ زيادة واو العطف قبل أصالة البراءة من غلط النّاسخ و الصّحيح ما سطرنا قوله طاب ثراه لم يكن له الاستصحاب ممّا نحن فيه (- اه -) قد غلط الناسخ بكتابة ممّا نحن فيه بدل فيما نحن فيه فالثّاني هو الصّحيح قوله طاب ثراه و القول بأنّ الحرمة المقدّمية ثوب الفساد (- اه -) هكذا في النسخ و هو سهو من الناسخ و الصّحيح تورث الفساد ثمَّ انّ الواو في العبارة بمعنى مع و التقدير فهذا الأصل انّما يثمر في ردّ من قال بوجوب الترتيب من جهة اقتضاء فوريّة القضاء تحريم الحاضرة مع القول بأنّ الحرمة المقدّمية تورث الفساد (- إلخ -) قوله طاب ثراه فهذا الأصل انّما يثمر في ردّ من قال (- اه -) لم افهم وجها لما ذكره لانّ اقتضاء فوريّة القضاء تحريم الحاضرة و إيراث الحرمة المقدّميّة الفساد ان تمّا كانا حاكمين على الأصل فكان الأولى ان يجيب عن الأصل بأن اباحة المنافي لفعل الفائتة من المباحات الذاتيّة لا يستلزم صحّة الحاضرة قبل الفائتة قوله طاب ثراه منهم المحقّق الثّاني (- ره -) في شرح القواعد في باب الدّين (- اه -) قد قال ذلك في شرح قول العلاّمة (- ره -) في أوائل كتاب الدّين في انّ المديون المطالب لا تصحّ صلوته في أوّل وقتها قال (- ره -) بعد جملة من الكلام في ذلك ما لفظه فان قيل يمكن الاحتجاج بأنّ أداء الدّين مأمور به على الفور و لا يتمّ الاّ بترك العبادة الموسّعة و ما لا يتمّ الواجب الاّ به فهو واجب و ما وجب تركه ففعله منهيّ عنه فيثبت الصّغرى قلنا في قوله و ما لا يتمّ الواجب الاّ به فهو واجب بحث فإنّه ان أريد بذلك العموم منع لانّ الواجب الموسّع لم يقم دليل على انّ تركه يكون مقدّمة لواجب أخر مضيّق و ظاهر الأوامر الواردة به الإطلاق في جميع وقته الاّ ما أخرجه دليل و ان أريد به ما سوى ترك الواجب فهو حقّ الاّ انّ المتنازع فيه من قبيل ما كان فيه ترك الواجب هو المقدّمة فإن قيل وجوب القضاء على الفور ينافي وجوب الصّلوة في الوقت الموسّع لأنه حين وجوب الصّلوة إذا تحقّق وجوب القضاء على الفوريّة يلزم تكليف ما لا يطاق و هو باطل و ان لم يبق خرج الواجب عمّا ثبت له من صفة الوجوب الفوريّ قلنا لا نسلّم لزوم تكليف ما لا يطاق إذ لا يمتنع ان يقول الشارع أوجبت عليك كلاّ من الأمرين لكن أحدهما موسّع و الأخر مضيق فان قدّمت المضيّق فقد امتثلت و سلّمت من الإثم و ان قدّمت الموسّع فقد امتثلت و أثمت بالمخالفة في التقديم و الحاصل انّ الأمر يرجع الى وجوب التقديم و كونه غير شرط في الصّحة و الامتثال مع انتقاضه بتضيّق الوقت فإنّه ان بقي الوجوب لزم ما سبق و ان خرج لزم خروج الواجب عن صفة الوجوب مع انه لا دليل على التّرجيح إذ هما واجبان مضيّقان قد تعارضا فلا بدّ من خروج أحدهما عن صفة الوجوب لئلاّ يلزم المحذور و الدّلائل تدلّ على خلافه و مع تسليمه فلا دليل يقتضي خروج واحد بعينه من الصّلوات في أخر الوقت و قضاء الحقّ المضيّق فالحكم بصحّة الصّلوة في أخر الوقت (- أيضا -) باطل لانّه يستلزم الترجيح بلا مرجّح و لانتقاضه بمناسك يوم النحر فانّ الترتيب فيها واجب و لو خالف اجزء عن الواجب الّذي في الذّمة و انّما تجزي ان لو كانت واجبة مع عدم الترتيب لامتناع اجزاء غير الواجب عن الواجب و انّما يعقل الوجوب على التقديرين و التّأثيم على تقدير واحد بخصوصه بناء على ما قدّمناه فلو كان وجوب شيء يقتضي إيجاب ما يتوقّف عليه و إن كان مقابله واجبا لامتنع الأجزاء هنا و في كلّ موضع أشبهه و هذا من غوامض التحقيقات و هذا الأصل يبتني عليه كثير من المسائل فيجب التنبّه له و لا شكّ انّ الحكم بعدم الصّحة أحوط و أزجر للنفوس عن التّهاون في أداء الحقوق الفوريّة و إن كان الفقه هو القول بالصّحة انتهى كلامه رفع مقامه نقلناه بطوله لما فيه من استيفاء المقال قوله طاب ثراه فقد أنكره غير واحد و لا (- يخلو -) من قوّة ممّن أنكر ذلك صاحب الفصول و وجه عدم خلوّه عن قوّة انّ كون مؤدّى الأصل حكما ظاهريّا عذريّا لا يلائم اتّفاقهم على عدم الفصل بين مؤدّى الأصل و بين حكم أخر لأنّ نظر الاتفاق الى الواقع دون الظّاهر و نظر الأصل إلى الظاهر دون الواقع فلا يلتئمان

الثاني من حجج القائلين بالمواسعة الإطلاقات

قوله طاب ثراه و قد ضبطها بعض المعاصرين في طوائف من الكتاب و السّنة (- اه -) قد استدلّ للقول بالمواسعة في (- لف -) بآيتين من الكتاب الأولى قوله سبحانه أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ قال و بيان الاستدلال به يتوقّف على مقدّمات احديها انّ الأمر للوجوب و قد تبيّن ذلك في أصول الفقه و هو إجماع منّا الثّانية انّ الأمر هنا ليس مختصّا بالنّبي (- ص -) بل هو متناول للأمّة كتناوله النّبي (- ص -) و هو مجمع عليه (- أيضا -) و لقوله (- ص -) صلّوا كما رأيتموني أصلّي و لقوله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ * الثّالثة انّ المراد بالصّلوة هنا اليوميّة و هو إجماع (- أيضا -) إذ المراد بالدّلوك امّا الزوال أو الغروب فيتناول امّا الظّهر و العصر أو المغرب و العشاء أو الجميع الرّابعة انّه عامّ و هو ظاهر امّا في حقّ المكلّفين فبالإجماع إذ لا يختصّ به احد و الاّ لزم التخصيص من غير دليل و امّا في الوقت فبقوله الى غسق اللّيل و هو يدل على التّخيير بين الإتيان بالصّلوة في كلّ جزء من اجزاء الوقت فتخصيص أحد الأجزاء به ترجيح من غير مرجّح أو تخصيص من غير دليل لأنّا سنبطل أدلّة القائلين بالمضايقة (- إن شاء الله -) (- تعالى -) لا يقال المقدّمات كلّها مسلّمة إلاّ الأخيرة فإنّا نمنع العموميّة بالنّسبة إلى المكلّفين و بالنّسبة الى اجزاء الوقت لما سيأتي من وجوب التضييق على من فاتته الصّلوة لأنّا نقول العموم ظاهر لإمكان الاستثناء لكلّ فرد من افراد المكلّفين و لكلّ جزء من اجزاء الوقت و صورة النّزاع يمكن استثناؤها فيكون تناوله لها كتناوله لغيرها و الأدلّة الّتي يذكرونها سنبطلها (- إن شاء الله -) سلّمنا ثبوت أدلّتكم لكنّها تدلّ على وجوب قضاء الفوائت في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة و لانّه يدلّ على وجوب الحاضرة من أوّل وقتها إلى أخره فليس ترجيح احد الواجبين اولى من الأخر فيبقى المكلّف مخيّرا في الجمع بينهما بان يقدّم ما شاء منهما الآية الثّانية قوله (- تعالى -) يا ايّها الّذين أمنوا أقيموا الصّلوة قال و لا خلاف في انّ الأمر للوجوب و لا وجوب لغير الفرائض المعيّنة فتعيّن الأمر بها و إيجابها عامّ فلا يتخصّص بوقت و لا بحال الاّ بدليل لا يقال نحن لا نمنع وجوب اليوميّة مثلا بهذه الآية و بغيرها من الأدلّة لكنا قد أجمعنا على انّها واجب موسّع و الأمر بالقضاء مضيّق لقوله عليه السّلام من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها و إذا اجتمع الموسّع و المضيّق قدم المضيّق إجماعا لأنا

ص:313

نقول نمنع وجوب القضاء مضيّقا و يدلّ عليه البراءة الأصليّة و قوله عليه السّلام فليقضها إذا ذكرها نقول بموجبة إذ وجوب القضاء متعلّق بالذكر لكن الواجب ينقسم الى موسّع و مضيّق و ليس في الحديث ما يدلّ على التضييق فلا يبقى حجّة انتهى المهمّ ممّا في (- لف -) و للشّهيد (- ره -) في غاية المراد في تقريب الاستدلال بالآيتين كلام ينبغي ملاحظته قوله طاب ثراه الأولى ما دلّ على وجوب الحواضر على كلّ مكلّف حين دخول وقتها (- اه -) مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر و إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة و صحيح الفضل بن شاذان عن الرّضا عليه السّلام قال انّما جعلت الصّلوة في هذه الأوقات و لم تقدّم و لم تأخّر لأنّ الأوقات المشهورة المعلومة الّتي تعمّ أهل الأرض فيعرفها الجاهل و العالم أربعة غروب الشمس مشهور معروف تجب عنده المغرب و سقوط الشّفق مشهور معلوم تجب عنده العشاء و طلوع الفجر مشهور معلوم تجب عنده الغداة و زوال الشمس مشهور معلوم عنده تجب الظهر و لم يكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الأوقات الأربعة فجعل وقتها عند الفراغ من الصّلوة الّتي قبلها إلى أخر الخبر المذكور في أواسط باب العاشر من أبواب مواقيت الوسائل الصّريح في وجوب الحاضرة على كلّ مكلّف حين دخول وقتها قوله طاب ثراه و وجوب قضائها على كلّ من فاتته (- اه -) الدال على ذلك كثير و من جملتها الأخبار النّاطقة بانّ من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته و ما مرّ في الرسالة السّابقة من الأخبار النّاطقة بأنّ الصّلوة الّتي دخل وقتها قبل ان يموت الميّت يقضى عنه اولى النّاس به و ما ورد في المغمى عليه مثل صحيح ابى بصير المرادي عن أحدهما عليهما السّلام قال سالته عن المريض يغمى عليه ثمَّ يفيق كيف يقضى صلوته قال يقضى الصّلوة الّتي أدرك وقتها و ما ورد من الأخبار في الحائض من وجوب قضاء ما مضى بمقدارها من الوقت مثل خبر يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال أمرية دخل عليها وقت الصّلوة و هي طاهر فأخّرت الصّلوة حتّى حاضت قال تقضى إذا طهرت و ما ورد في النفساء مثل موثق عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في المرية يصيبها الطّلق أيّاما أو يوما أو يومين فترى الصّفرة أو دما قال تصلّى ما لم تلد فان غلبها الوجع ففاتها صلاة لم تقدر ان تصلّيها من الوجع فعليها قضاء تلك الصّلوة بعد ما تطهّر ثمَّ انّ الاستدلال بهذه الأخبار و اخبار وجوب الحواضر على كلّ مكلّف امّا ان ينحلّ الى استدلالين فيكون التمسّك بتلك بتقريب شمول إطلاقها لما إذا كانت عليه فائتة و ما إذا لم تكن و التمسّك بهذه بتقريب شمول إطلاقها لما إذا كان في وقت فريضة حاضرة و ما إذا لم تكن و عليه فيكون الواو في عبارة الماتن (- ره -) للعطف و امّا ان يرجع الى استدلال واحد بتقريب انّ مقتضى الجمع بين الإطلاقين هو التخيير بين الفرضين في تقديم أيّهما شاء و عليه فيكون الواو في العبارة بمعنى مع و ظاهر المتن سلوك الطّريق الأوّل و سلك بعض الأواخر الطريق الأخير ثمَّ أورد على نفسه بأنّه يحتمل انّ دخول الوقت سبب لتعلّق وجوب الأداء و ان منع من المبادرة مانع كمن استيقظ من النّوم بعد مضىّ مقدار اربع ركعات من الزّوال فإنّه يتعلّق به وجوب العصر و لكنّه لا يؤثّر في مقابلة ظواهر الإطلاقات المشار إليها (- فت -) قوله طاب ثراه لكن المشار في تلك الإطلاقات إذا اتّصف (- اه -) هذا من غلط النّاسخ و الصّحيح لكن المتأمّل في تلك الإطلاقات إذا أنصف لا يجد من نفسه الاّ ما ذكرنا قوله طاب ثراه كتاخّرها عن الفائتة ما عدى موضع الجبهة (- اه -) قد سقط من قلم النّاسخ كلمة و طهارة قبل قوله ما عدى الجبهة قوله طاب ثراه الثانية ما دلّ بعمومه أو إطلاقه على صلاحيّة جميع أوقات الحواضر (- اه -) مثل قول الصّادق عليه السّلام في صحيح زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظّهر و العصر جميعا الاّ انّ هذه قبل هذه ثمَّ أنت في وقت منهما جميعا حتّى تغيب الشّمس و خبر معاوية بن ميسرة قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام إذا زالت الشّمس في طول النّهار للرّجل ان يصلّى الظهر و العصر قال نعم و ما أحبّ ان يفعل ذلك كلّ يوم و قوله عليه السّلام في خبر ربعي انّا لنقدّم و نؤخّر و ليس كما يقال من أخطأ وقت الصّلوة فقد هلك و انّما الرّخصة للنّاسي و المريض و المدنف و المسافر و النّائم في تأخيرها الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه من عدم صلاحيّة الفعل (- اه -) في العبارة سقط و الصّحيح انّ مراده من عدم صلاحيّة الزّمان عدم صلاحيّة الفعل في ذلك الوقت قوله طاب ثراه الثّالثة ما دلّ على انّه إذا دخل وقت الفريضة لا يمنع من فعلها شيء إلاّ أداء نافلتها (- اه -) هذه الأخبار كثيرة مستفيضة و لكن في نقل متونها في المتن سهوا فانّ المتن الأوّل هو قول الصّادق عليه السّلام ليزيد بن خليفة الاّ انّه قال لم يمنعك و المتن الثاني إلى قوله الاّ انّ بين يديها سجّة هو قوله عليه السّلام لمالك الجهني إذا زالت الشّمس فقد دخل وقت الصّلوتين فاذا فرغت من سجّتك فصلّ الظّهر متى ما بدا لك و امّا ما بعده فإنّما هو قول الصّادق عليه السّلام للحرث بن المغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الاّ انّ بين يديها سبحة و ذلك إليك ان شئت طوّلت و ان شئت قصّرت و قريب منه قوله عليه السّلام لذريح المحاربي إذا زالت الشمس فهو وقت لا يحبسك منه الاّ سبحتك تطيلها أو تقصّرها الى غير ذلك ممّا يفيد هذا المعنى و السّبحة بضمّ السّين و الباء المشدّدة و الحاء المهملة المفتوحة التطوّع من الذّكر و الصّلوة قيل سميّت بذلك لأنه يسبّح فيها قوله طاب ثراه و الّذي يكشف عمّا ذكرنا ما عن محمّد بن احمد بن يحيى (- اه -) كلمة الموصول ساقطة من قلم الناسخ و الصّحيح إثباتها لتكون فاعل يكشف و الرّواية رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن سعد بن عبد اللّه عن محمّد بن احمد بن يحيى و في المتن الّذي ساقه الماتن (- ره -) سهو من قلم النّاسخ و الصّحيح زالت بدل زال و دخل وقت الصّلوتين بدل دخل الصّلوة قوله طاب ثراه و المتأمّل يجد بعد الإنصاف انّ هذه كلّها أجنبيّة عن المطلب (- اه -) لورودها مورد بيان حكم أخر فلا إطلاق لها من هذه الجهة حتّى يتمسّك به كما لا إطلاق لها يثبت جواز الالتزام بهذه السّنن فيما إذا استلزمت فوات وقت الفريضة قوله طاب ثراه السّادسة ما دلّ على انّه لا تعاد الصّلوة الاّ من خمسة و على انّ فروض الصّلوة سبعة أو عشرة أراد بالأوّل صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال لا تعاد الصّلوة الاّ من خمسة الظّهور و الوقت و القبلة و الرّكوع و السّجود و بالثّاني صحيح زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الفرض في الصّلوة فقال الوقت و الطّهور و القبلة و التوجّه و الرّكوع و السّجود و الدّعاء و امّا ما دلّ على انّ فروض الصّلوة عشرة فلم أقف عليه و وجه الاستدلال انّ مقتضى إطلاق الأوّل عدم إعادة الحاضرة بتقديمها عمدا على الفائتة و مقتضى الثّاني عدم كون تقديم الحاضرة من الفروض و الجواب عنها ما افاده الماتن (- ره -) و للّه درّة قوله طاب ثراه السّابعة ما دلّ على تأكّد استحباب المبادرة (- مط -) إلى الصّلوة في أوائل أوقاتها (11) و لا سيّما في أوائل فضيلتها حتى قسّم الوقت الى وقت الفضيلة و وقت الأجزاء فجعل وقت الفضيلة قسما من أصل الوقت و هذه الأخبار كثيرة مذكورة في أبواب الأوقات من الوسائل بل يستفاد من بعض الأخبار انّ ما

ص:314

عدى وقت الفضيلة ليس وقتا ففي ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخي قال سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام متى يدخل وقت الظّهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضى من زوالها أربعة أقدام انّ وقت الظّهر ضيّق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر فقال انّ أخر وقت الظّهر هو أوّل وقت العصر فقلت فمتى يخرج وقت العصر فقال وقت العصر الى ان تغرب الشمس و ذلك من علّة و هو تضييع فقلت له لو انّ رجلا صلّى الظّهر بعد ما يمضى من زوال الشمس أربعة أقدام أ كان عندك غير مؤدّ لها فقال إن كان تعمّد ذلك ليخالف السّنة و الوقت لم يقبل منه كما لو انّ رجلا أخّر العصر الى قرب ان تغرب الشمس متعمّدا من غير علّة لم يقبل منه انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد وقّت للصّلوات المفروضات أوقاتا و حدّ لها حدودا في سنّة للنّاس فمن رغب عن سنّة من سنّة الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّه و روى الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن عبيس عن حمّاد عن محمّد بن حكيم قال سمعت العبد الصّالح عليه السّلام و هو يقول انّ أوّل وقت الظهر زوال الشمس و أخر وقتها قامة من الزّوال و أوّل وقت العصر قامة و أخر وقتها قامتان و روى عن الحجّة المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه و جعلنا فداه انّه قال ملعون ملعون من أخر المغرب الى ان تشتبك النّجوم ملعون ملعون من أخّر الغداة إلى ان تنقضي النّجوم الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المستدلّ بها بتقريب أنّها بإطلاقها شاملة لمن ليس عليه فائتة و من عليه فائتة أو فوائت يمكنه الجمع بين تقديمها و بين إدراك فضيلة الوقت و من لا يمكنه ذلك فهي بإطلاقها تتناول الجميع مؤيّدا بما في جملة منها من التعليل المقتضى لتعميم الحكم بالنّسبة إلى الكلّ و لكنّك خبير بما فيه من انسياق هذه الأخبار لبيان حكم أخر و إفادة جهة أخرى هي مجرّد تشريع الوقت و تعيينه مع قطع النّظر عن العوارض و الجهات الموجبة لترجيح غيره أو تعيينه فلا ينافيها ما دلّ على تقديم الفائتة إن تمّت دلالته قوله طاب ثراه مضافا الى انّ الاستحباب المذكور (- اه -) الموجود في النّسخ الاستصحاب و هو من قلم النّاسخ و الصّحيح الاستحباب قوله طاب ثراه لانّ استحباب بعض افراد الواجب (- اه -) هذا هو الصّحيح فما في بعض النّسخ من ابدال كلمة البعض بكلمة التعلّم من غلط النّاسخ قوله طاب ثراه و قد ذكرنا (- أيضا -) في أوائل المسئلة (- اه -) أشار بذلك الى ما افاده بعد نقل القول الأوّل عن جمع بقوله و هؤلاء مع اتفاقهم على جواز تقديم الحاضرة بين من يظهر منه وجوبه (- إلخ -)

الثالث من وجوه الاحتجاج لأهل المواسعة الأخبار الخاصة و هي ثلاث طوائف

قوله طاب ثراه فمن ذلك إطلاق الأخبار الكثيرة المشتملة على الأمر بالقضاء (- اه -) الأخبار الناطقة بانّ من فاتته فريضة فليقضها و ان من لم يأت بالفريضة في وقتها يلزمه قضائها كثيرة و وجه الاستدلال بها أنّها أطلقت وجوب القضاء و لم تقيّد بالفوريّة و لا أوّل أوقات الإمكان و لا مقدّما على الحاضرة و الجواب ما افاده الماتن (- ره -) من ورودها مورد بيان حكم أخر و هو مجرّد تشريع القضاء و إيجابه من دون نظر الى الكيفيّات و القيود حتى يكون لها إطلاق بالنّسبة الى ما نحن فيه قوله طاب ثراه و لا سيّما ما ورد في الحائض و النّفساء (- اه -) قد عثرت على إنكار بعض الأواخر على المستدلّ بذلك بأنّه لا قضاء عليهما و لا أمر متوجّها إليهما فضلا عن دلالته على الوسعة أو الضّيق و أجاب عنه أخر بأن غرض المستدلّ هو الاستدلال بما ورد في نفى القضاء عنهما بتقريب انّ تخصيصهما بالذكر و نفى القضاء عنهما يدلّ على شرعيّة القضاء بالنّسبة إلى غيرهما من المكلّفين قال و ليست هذه الدّلالة من مفهوم الوصف مجرّدا بل هي ممّا يعطيه مساق الكلام و أقول الظّاهر اشتباه المعترض و المجيب جميعا و انّ غرض المستدلّ هو الاستدلال بما سبق نقله في شرح الطائفة الأولى ممّا نطق بوجوب قضاء ما مضى من وقته قبل الحيض و النّفاس و ما بقي من الوقت بمقداره بعد الطّهر من الحيض و النّفاس و تقريب الاستدلال (- ح -) انّه لو كان تقديم الفائتة لازما للزم عدم وجوب الحاضرة عليها فيما مضى من أوّل الوقت قبل التضيّق فلا وجه لوجوب قضائها عليه و يشهد بما بيّناه من مراد المستدلّ عبارة الماتن (- ره -) فانّ معنى قوله و لا سيّما ما ورد في الحائض أي ما ورد من الأمر في الحائض و أصرح منه قوله بعد ذلك خصوصا الأوامر الواردة في الحائض و النّفساء (- اه -) و ذلك لا ينطبق على ما ذكره المجيب و انّما ينطبق على ما ذكرناه ثمَّ انّ الاستدلال بالتقريب الذي ذكرناه ممكن الردّ بانّ عروض الحيض بعد أوّل الوقت بيسير يكشف عن تضيّق الوقت في الواقع فلزوم القضاء انّما هو لذلك فتدبّر قوله طاب ثراه فتأمّل جدّا وجه التأمّل انّه بناء على انّ الأمر للفور لا يكون الزّمان الثّاني و الثالث مشمولا لمدلول صيغة الأمر حتّى يمتثل به نعم بناء على عدم الدّلالة على الفور فشموله عند الإطلاق للزّمان الثّاني و الثالث موجّه قوله طاب ثراه مثل رواية زرارة المحكيّة عن الخصال (- اه -) قد رواها في الفقيه (- أيضا -) بسنده الصّحيح عن زرارة قوله طاب ثراه فلا بدّ من تأويلها على وجه لا ينافي التعجيل (- اه -) لا حاجة الى التّأويل لأنّ الغرض بقوله متى أحبّ أيّ زمان أحبّ حتى زمان طلوع الشمس و غروبها و قيامها في وسط السّماء فلو صادف وقت الوجوب فيما يجب فيه التعجيل احد هذه الأوقات لم تمنع المصادفة من الامتثال فقوله متى أحبّ لا منافاة فيه للتّعجيل فيما ثبت التعجيل فيه حتى يحتاج إلى التّأويل قوله طاب ثراه مع انّ العبارة المذكورة ليست برواية (- اه -) فيه انّ غرض الأصل على مولينا الصّادق عليه الصّلوة و السّلام و استحسانه له جعله بحكم الرّواية فلا وجه لهذه المناقشة قوله طاب ثراه و يرد عليه انّ الظّاهر عدم كون القول المذكور متنا لرواية (- اه -) غرضه بذلك انه ليس من إرسال المتن حتى ينجبر بالعمل و انّما هو من إرسال المضمون الّذي لا ينجبر بالعمل عند أهل التحقيق لأوله إلى اجتهاد المرسل الّذي ليس بحجّة في حقّ غيره من المجتهدين قوله طاب ثراه و منها رواية عمّار (- اه -) (11) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدّق عن عمّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه و فيه أوّلا (- اه -) (12) لا يخفى عليك انّه (- قدّه -) و ان أتعب النّفس و دقق النّظر الاّ انّ المتأمّل المنصف لا يشكّ في ردّ الخبر لأهل القول بالمضايقة لإذنه عليه السّلام في تأخير القضاء الى اللّيل الّذي لا يجامع القول بالمضايقة و ما أجاب به من طرف أهل المضايقة مدفوع بانّ الانتظار الى زمان اجتماع الشّروط غير الانتظار الى اللّيل و لو كان الأمر على ما ذكره لكان عليه السّلام يفرّق بين اجتماع الشّروط بالنّهار فيقضيها بالنّهار و الاّ فباللّيل مضافا الى ما في الخبر من ترك الاستفصال بين السفر الضّروري و غيره و اعتذار الماتن (- ره -) بعدم اقتضاء مقام السّؤال للاستفسار لم افهم وجهه بعد التأمّل فضلا عن كونه واضحا كما ادّعاه و من المقرّر في محلّه انّ ترك الاستفصال يفيد العموم في المقال الاّ ان يكون أحد طرفي محلّ السّؤال ظاهرا من السّؤال بقرينة عادية أو لفظيّة و لا شكّ

ص:315

في عدم ظهور السّفر في الضّروري لإعادة و لا لفظا لا لغة و لا عرفا فتدبّر جيّدا بقي هنا شيء و هو ان تمام ما في المتن إيراد واحد و لم يأت بثان له فكلمة أوّلا في بدو كلامه مستدرك و لعلّها سهو من النّاسخ قوله طاب ثراه و منها رواية أخرى عن عمّار (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن علىّ بن خالد عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدّق بن صدقة عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و المتن على ما في المتن مع زيادة له بعد لا يجوز و ابدال الواو في و يقضيها بالفاء قوله طاب ثراه و يرد عليه انّ المنع التحريمي (- اه -) قد نبّه على ذلك الشيخ (- ره -) في (- يب -) بقوله بعد نقله و هذا خبر شاذّ لا تعارض به الأخبار المطابقة لظاهر القران انتهى فان شذوذه انّما هو بناء على كون المنع فيه تحريميّا كما هو ظاهره و قال الشيخ الحرّ (- ره -) انّ الخبر مخصوص بالسّفر فيمكن حمله على مرجوحيّة القضاء نهارا لكثرة الشّواغل للبال و قلّة التوجّه و الإقبال أو على الصّلوة على الرّاحلة قوله طاب ثراه و يرد عليه انّ ظهور لفظ الدّين (- اه -) الإنصاف أنّ التأمّل في ظهور لفظ الدّين في الفريضة لم يقع في محلّه و لا أقلّ من شموله للفريضة و النّافلة فيثبت المطلوب و هو (- ره -) و ان اتى بما يثبّط المتكلّم عن الكلام خوفا من ان يرمى بفقده للذّوق الاّ انّ الحق أحقّ بأن يتفوّه به و ان رمى المتفوّه به بما رمى و من لا ذوق له لا يكلّف الاّ بما فهمه قوله طاب ثراه و فيه انّ الأمر بالصّلوة ليس للوجوب قطعا (- اه -) لو سلّمنا كون الأمر للإرشاد لدلّ (- أيضا -) على المطلوب لأنّ إرشاده عليه السّلام الى ان يصلّى مع كلّ صلاة صلاة و عدم امره عليه السّلام بالاشتغال دائما بالقضاء الى ان يتمّ و تفرغ ذمّته كاف في نفى المضايقة و دعوى انّ قضاء السّائل كان على وجه الاستحباب ممنوعة لعدم الشّاهد على ذلك و احتمال ذلك مدفوع بالأصل مضافا الى انصراف إطلاق القضاء الى الواجب نعم المناقشة هنا بنحو ما في سابقة من نفيه الفوريّة دون الترتيب موجّهة الاّ انّ نزاعنا هنا في الفوريّة و امّا الترتيب فهي مسئلة اخرى تقدّمت قوله طاب ثراه و هو مخالف للأخبار الكثيرة الصّحيحة المعمول عليها عند الأكثر و امّا ما في مقابلها من جملة ناطقة بالقضاء فإنّها ممّا اعرض عنها الأكثر مضافا الى انّ القائل به و هو الصّدوق (- ره -) في المقنع حمل اخبار القضاء في الفقيه على الاستحباب قوله طاب ثراه و منها الأخبار المستفيضة الدالة على مرجوحيّة قضاء الفريضة (- اه -) هذه الأخبار على كثرتها خلت حسب اطّلاعى عليها من التصريح بقضاء الفريضة بل هي بين ما ورد في مطلق القضاء أو قضاء النّافلة مثل ما رواه في محكي العلل مسندا عن سليمان بن جعفر الجعفري قال سمعت الرّضا عليه السّلام يقول لا ينبغي لأحد ان يصلّى إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان فاذا ارتفعت وصفت فارقها فتستحبّ الصّلوة في ذلك الوقت و القضاء و غير ذلك فاذا انتصفت النّهار قارنها فلا ينبغي لأحد ان يصلّى في ذلك الوقت لأنّ أبواب السّماء قد غلّقت فاذا زالت الشمس و هبّت الرّيح فارقها بناء على إبقاء القضاء على إطلاقه و عدم جعل كلمة تستحبّ قرينة على ارادة قضاء النافلة و الاّ كان مخصوصا بقضاء النّافلة و بين ما ورد في مطلق الصّلوة مع الظّهور في ابتداء النّافلة مثل ما رواه الشيخ (- ره -) مسندا عن محمّد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال لا صلاة بعد الفجر حتّى تطلع الشمس فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال انّ الشمس تطلع بين قرني الشّيطان و تغرب بين قرني الشيطان و قال (- ع -) لا صلاة بعد العصر حتّى تصلّى المغرب و مرفوعة محمّد قال قال رجل لابيعبد اللّه عليه السّلام انّ الشمس تطلع بين قرني الشيطان قال نعم انّ إبليس اتّخذ عرشا بين السّماء و الأرض فإذا طلعت الشمس و سجد في ذلك الوقت النّاس قال إبليس لشياطينه انّ بنى أدم يصلّون لي و بمضمونهما أخبار عديدة قوله طاب ثراه و يرد عليه انّه مخالف للأخبار الكثيرة الواردة على خلافها (- اه -) مثل ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي إكمال الدّين و إتمام النّعمة عن محمّد بن احمد السّنسانى و علىّ بن احمد بن محمّد الرّقاق و الحسين بن إبراهيم المؤدّب و على بن عبد اللّه الورّاق قالوا حدّثنا أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي قال كان فيما ورد على الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمرى قدّس اللّه روحه في جواب مسائل الى صاحب الدّار عجّل اللّه تعالى فرجه و امّا ما سئلت من الصّلوة عند طلوع الشمس و عند غروبها فلئن كان كما يقول النّاس انّ الشمس تطلع بين قرني الشيطان و تغرب بين قرني الشيطان فما أرغم أنف الشيطان بشيء أفضل من الصّلوة فصلّها و أرغم أنف الشيطان بل في الأخبار ما منع في الوقتين من كلّ صلاة الاّ القضاء المطلق أو قضاء النّافلة فيكون مشعرا بالمضايقة في القضاء مثل الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى عن علىّ بن بلال قال كتبت إليه في قضاء النّافلة من طلوع الفجر الى طلوع الشمس و من بعد العصر الى ان تغيب الشفق فكتب عليه السّلام لا يجوز الاّ للمقتضي فامّا لغيره فلا فانّ المراد بالمقتضى إن كان هو المعهود في كلام السّائل كان مورده قضاء النافلة و الاّ فمطلق القضاء و على الثّاني لا يدلّ على مطلب الخصم و انّما يدلّ على الأوّل دلالة ضعيفة قوله طاب ثراه و الأخبار الدّالة صريحا على عدم المنع عن قضاء الفريضة متى ذكرها (- اه -) عطف على الأخبار الكثيرة في العبارة المزبورة و التقدير و يرد عليه (- أيضا -) انه مخالف للأخبار الدالّة صريحة على عدم المنع (- اه -) و هذه الأخبار مستفيضة تأتي في حجج القول بالمضايقة إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه فالأولى حملها على التقيّة الضمير المؤنّث لما تمسّك به من الأخبار المانعة من الصّلوة في الوقتين و قد أوضحنا في أواخر مبحث الأوقات من صلاة منتهى المقاصد في شرح المسئلة الخامسة من المسائل الملحقة بالأوقات تعيّن حمل الأخبار المانعة على التقيّة لموافقتها لطريقة العامّة فإنّه في غاية التشديد في المنع بل يؤذون غاية الأذيّة و ربّما يقتلون بالاتّهام بالتتبّع فكان اللازم على الأئمة عليهم السّلام منع الشّيعة عن الصّلوة في هذه الأوقات أشدّ منع حقنا لدمائهم على انّ هذه التعليلات عليلة تناسب طريقة العامة أمّا التعليل بانّ الشمس تطلع بين قرني الشيطان فيردّه ما أشار إليه الإمام المنتظر عجّل اللّه (- تعالى -) فرجه و جعلنا فداه من انّه ما أرغم أنف الشيطان بشيء أفضل من الصّلوة و امّا التّعليل بانّ الشيطان يخبر جنوده بانّ السّاجدين عند طلوع الشمس و غروبها يسجدون له فيردّه انّ سجود المصلّى ليس غالبا إلى جهة الشمس بل إلى جهة الكعبة فالصّلوة في هذا الوقت للّه تعالى إلى جهة الكعبة أقرب الى الاعتبار حتى لا ينحصر المتعبّد (- ح -) في عبدة الشّيطان فيغترّ جنده بعدم عابد لغيره فيكون الصّلوة (- ح -) إلى القبلة أرغم لأنوفهم و يردّ العامّة ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي الخصال عن عبد اللّه بن احمد الفقيه عن علىّ بن عبد العزيز عن ابى نعيم عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن عائشة انّه دخل عليها يسئلها عن الركعتين بعد العصر قال و الّذي ذهب بنفسه يعنى نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما تركهما حتّى لقي اللّه عزّ و جلّ و حتّى ثقل عن الصّلوة و كان يصلّى كثيرا من صلوته و هو قاعد فقلت انّه لما ولّى عمر نهى عنهما قال صدقت

ص:316

و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان لا يصلّيهما في المسجد مخافة ان يثقل على أمّته و كان يحبّ ما خفّ عليهم و يمكن استشمام ورود اخبار المنع تقيّة من الأخبار الناطقة بأنّ قضاء صلاة اللّيل بعد الغداة و بعد العصر من سرّ آل محمّد المخزون فانّ في جعل ذلك من سرّهم يومي الى ذلك كما يومي اليه ما في ذيل خبر مفضّل بن عمر قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك تفوتني صلاة اللّيل فأصلّي الفجر فلي أن أصلّي بعد صلاة الفجر ما فاتنى من صلاة اللّيل و انا في مصلاّي قبل طلوع الشمس فقال نعم و لكن لا تعلم به أهلك فيتّخذونه سنّة قوله طاب ثراه و ان اشتمل بعضها على ما يخالف العامّة (- اه -) هذا البعض لم أقف عليه بعد التتبّع المعتدّ به و هو ادرى بما قال على انّ اشتمال الخبر على ما يخالف العامة لا يمنع من حمل فقرته الأخرى الموافقة لهم على التقيّة كما نبّه (- قدّه -) عليه لإمكان زوال التقيّة حين بيان الفقرة المخالفة لهم أو جعله (- ع -) بيان فقرة موافقة لهم تقيّة مقدّمة لبيان فقرة أخرى مخالفة لهم بيانا للحكم الواقعي كما أوضحنا ذلك في محلّه قوله طاب ثراه مثل مصحّحة ابن مسلم (- اه -) أراد بذلك الصّحيح الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلاء عن محمّد بن مسلم قال سالته عن الرّجل الحديث و لا يقدح الإضمار بعد كون المضمر مثل محمّد بن مسلم قوله طاب ثراه و نحوها مصحّحة الحلبي أراد بذلك الصّحيح بإبراهيم على المختار الحسن على المشهور الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل فاتته صلاة النّهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد المغرب و ان شاء بعد العشاء و قريب منه الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب و عن القاسم بن محمّد جميعا عن الحسين بن ابى العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال اقض صلاة النّهار أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار كلّ ذلك سواء و مسند جميل بن درّاج قال سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن قضاء صلاة الليل بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس قال نعم و بعد العصر الى اللّيل فهو من سرّ آل محمّد المخزون الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه بناء على القول بحرمة النّافلة و لو قضاء في وقت الفريضة (- اه -) قد أوضحنا الكلام في المبنى بما لا مزيد عليه في منتهى المقاصد في شرح العبارة الأخيرة من الشرائع في أوقات الصّلوة قبل المسائل الملحقة بالأوقات و ذكرنا انّ القول بالمنع من ابتداء النّافلة و قضاء الرّاتبة في وقت الفريضة و إن كان مشهور الاّ انّ مقتضى الجمع الدّلالي بين اخبار المسئلتين هو القول بالكراهة فهو الأقوى و ان شئت توضيح ذلك فراجع الموضع المشار اليه من منتهى المقاصد قوله طاب ثراه و يرد عليها انّ الظاهر (- اه -) هذا الظهور لا يخلو من منع لخلوّه عن المنشأ و التعبير بذلك في بعض الأخبار لا يستلزم حمل المطلق (- أيضا -) على النّافلة بعد عدم وصول استعمال صلاة النّهار و اللّيل في نافلتهما حدّ هجر المعنى اللّغوي و هو مطلق الصّلوة الشّامل للفرض و النّفل جميعا قوله طاب ثراه و لا (- ح -) إشكال في انّ الحكم قضاء الأوّل في الليل و الثاني في النّهار (- اه -) قد سقطت كلمة في اللّيل من قلم الناسخ و الصّحيح إثباتها ثمَّ انّى لم افهم معنى نفى الإشكال لأنه إنّما ينتفي الإشكال فيما ذكره بعد ثبوت المضايقة و الترتيب بين فائتة اليوم و بين حاضرته و لم يثبت شيء منهما بعد بل النزاع فيهما و نستدلّ بهذا الخبر و نحوه على نفيهما قوله طاب ثراه نعم هذا لا يتمشّى في بعضها مثل قوله (- اه -) قد مرّ آنفا صحيح ابى العلاء النّاطق بذلك و بمضمونه أخبار عديدة قوله طاب ثراه الاّ انّه يمكن حملها على دفع توهّم المنع الحاصل من مثل رواية عمّار المتقدّمة (- اه -) هذا الحمل انّما يناسب من كان مسلكه اتّباع الدّليل فتواه و لا يناسب الماتن (- ره -) الّذي شأنه ادارة فتواه مدار الدّليل و مثله الحال في الحمل الّذي ذكره بعد ذلك كما لا يخفى قوله طاب ثراه لكنّها لانتفى التفصيل المتقدّم عن (- لف -) (- اه -) يعنى التفصيل بين فائتة اليوم و غيرها بلزوم تقديم الأولى على الحاضرة دون الثّانية و عدم المنافاة مبنى على ما أسبقه الماتن (- ره -) من استظهار كون مراده بيوم الفوات اليوم و اللّيلة المقبلة و الوجه في عدم المنافاة (- ح -) انّ المغرب و العشاء (- ح -) يكونان من فائتة اليوم السّابق فلا يلزم تقديمهما على الحاضرة على مختار (- لف -) و اما بناء على الاحتمال الأخر و هو كون المراد باليوم اليوم و اللّيلة التي قبلها فردّ الرّواية مختار (- لف -) ظاهر قوله طاب ثراه لكن الإنصاف انّ عدّ هذين الكلامين من الرّواية مشكل (- اه -) ما ذكره (- قدّه -) بالنّسبة إلى عبارة كتاب الفاخر موجّه و امّا بالنّسبة الى ما عن أصل الحلبي ففيه أوّلا ما مرّ من انّ عرض الأصل المذكور على مولينا الصّادق عليه السّلام و استحسانه له كما اعترف به هو (- ره -) فيما سبق جعله مثل رواية صحيحة معتبرة و ثانيا انّ الشهيد (- ره -) روى في (- كرى -) نحو ذلك بسنده عن ابن سنان عن الصّادق عليه السّلام قال ان نام رجل أو نسي ان يصلّى المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما و ان خاف ان تفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء و ان استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصّبح ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء و رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن سنان يعنى عبد اللّه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و السّند صحيح و الدّلالة ظاهرة فلا عذر في تركه قوله طاب ثراه رواية أبي بصير المصحّحة (- اه -) (11) قد رواها الشّيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى عن شعيب عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و شعيب هو ابن يعقوب العقرقوفي بقرينة رواية حماد بن عيسى عنه و أبو بصير هو الأعمى الضّعيف بقرينة رواية شعيب عنه و لعلّ من وصف الرّواية بالصّحة نظر الى وجود حمّاد بن عيسى المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه قبلهما على انّ الشهرة العظيمة و تعاضد الروايات تغنى عن ملاحظة السّند و متن الرّواية على ما في النّسخة المعتبرة يخالف ما نقله الماتن (- ره -) في بعض الفقرات اختلافا غير مخلّ بالمعنى قال (- ع -) ان نام رجل و لم يصلّ صلاة المغرب و العشاء أو نسي فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّيهما و ان خشي ان تفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصّلوتين فليصلّ المغرب و يدع العشاء الآخرة حتى يذهب شعاعها ثمَّ ليصلّها قوله طاب ثراه مع انّ الرّواية مروية عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن مسكان أو ابن سنان (- اه -) (12) الموجود في نسخة المتن كلمة أو الدّالة على التّرديد و الصّحيح الواو لورود الرواية (- كك -) عنهما جميعا امّا رواية ابن سنان فقد سمعتها في الحاشية السّابقة منا نقلا عن (- كرى -) و (- يب -) و امّا رواية ابن مسكان فهي الصّحيحة الّتي رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ان نام رجل أو نسي ان يصلّى المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما فان خاف ان تفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصّبح ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس غايته تضمّن رواية ابن مسكان هذه قوله عليه السّلام قبل طلوع الشمس و خلوّ خبر ابن سنان عن ذلك (- أيضا -) قوله طاب ثراه بل هو قول جماعة من فقهائنا (- اه -) (13) بل نفى

ص:317

في (- ف -) الخلاف عن ذلك بالنّسبة إلى المضطرّ و قد اختار هذا القول المحقّق (- ره -) (- أيضا -) في المعتبر و جزم به في الأواخر صاحب (- ك -) قوله طاب ثراه و عن المحقّق (- ره -) في المعتبر (- اه -) قد رواه في (- كرى -) (- أيضا -) عن جميل بن درّاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و قال انّه صريح في تقديم الحاضرة و في متنه اختلاف يسير غير مغيّر للمعنى قال (- ره -) قد روى جميل بن درّاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فيمن يفوته الظهران و المغرب و ذكر عند العشاء الآخرة قال يبدأ بالوقت الّذي هو فيه فإنّه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخل ثمَّ يقضى ما فاته الأوّل فالأوّل و قد سقط من قلم ناسخ المتن كلمة يبدأ قبل كلمة الوقت فلا تذهل قوله طاب ثراه كما هو مذهب جماعة (- اه -) منهم الشيخان في المقنعة و (- ية -) و علم الهدى في الناصريّات قوله طاب ثراه بناء على انتهاء المغرب بذلك (- اه -) كما حكى عن ابى الصّلاح في حقّ المضطرّ قوله طاب ثراه أمكن حمل قوله يبدأ بالوقت (- اه -) هذا متعيّن لخلوّه عن المحذور بل لعلّ في عدوله عن قوله يبدأ بالعشاء الى قوله عليه السّلام يبدأ بالوقت الذي هو فيه إيماء اليه و امّا الاحتمال الّذي ذكره بعد هذا ففي غاية البعد قوله طاب ثراه و منها موثّقة عمّار (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن سعد بن عبد اللّه عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعد عن مصدّق عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قوله طاب ثراه بناء على انّ المراد مغرب اللّيلة السّابقة (- اه -) هذا خلاف ظاهر الخبر و انّما ظاهره فوات مغرب ليلته الّتي هو فيها و يتمّ الخبر بناء على انقضاء وقت المغرب بانتصاف اللّيل و بقاء الوقت الاضطراري للعشاء الى الفجر كما هو قول في المسئلة غير بعيد قوله طاب ثراه الاّ انّ الأظهر ما ذكرنا (- اه -) و أظهر مما ذكره هو الاحتمال الأوّل لغناه عن التقدير قوله طاب ثراه فانّ صدرها و ذيلها كالصّريح في جواز تقديم الحاضرة على الفائتة (- اه -) لي في دلالة الصّدر على ذلك نظر لتوقّفها على ارادة الوقت الموسّع من وقت العشاء و ذلك يستلزم حمل هذه الفقرة على ما يخالف المشهور في وقت المغرب من دون داع و لا مقتض و يمكن ان يقال انّ المراد بوقت العشاء (- ح -) الوقت المختصّ بها اعنى مقدار اربع ركعات من أخر النّصف الأوّل من اللّيل فالإتيان بالعشاء (- ح -) لا يدلّ على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة عند السّعة بل عند الضّيق و على ما ذكر فهذا الخبر يوافق تفصيل (- لف -) بناء على كون أوّل اليوم طلوع الشمس و أخره أخر ما بين طلوعى اليوم الثّاني فيكون امره عليه السّلام بتقديم العشاء على الفجر في الفقرة الثّانية لكون العشاء (- ح -) فائتة اليوم و امره بتقديم الظّهر على الفجر في الفقرة الثّالثة لكون الفجر من فائتة اليوم السّابق فلا تتقدّم على ظهر اليوم فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه لكن يرد عليها (- اه -) يمكن الجواب بانّ تضمّن الخبر ما هو خلاف المشهور لا يمنع من العمل به بعد عدم كونه معرضا عنه بين الأصحاب بسبب عدم قول احد بمضمونه على انّه يمكن ان يقال بما ذكر من كون المراد بوقت العشاء الوقت المضيّق من أخر الوقت و اولى منه جعل المراد بوقت العشاء الوقت المختصّ بها للنّاسي و المضطرّ و هو من نصف اللّيل الى الفجر فانّ المغرب (- ح -) قضاء و العشاء للنّاسي أداء على قول لا يخلو من قرب و (- ح -) فلا يدلّ الخبر على تفصيل (- لف -) بل على عدم الترتيب (- مط -) فتأمّل قوله طاب ثراه مع انّ الضابط المذكور لا (- يخلو -) من إجمال (- اه -) الضّابط المذكور في الذّيل لا يمنع من العمل بما في الصّدر مضافا الى ورود المبيّن له و هو خبر الصّيقل الّذي ساقه الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه فعلى وجه الأولويّة (- اه -) (11) اى على وجه الفضيلة و الاستحباب قوله طاب ثراه و هو ما عن الشيخ (- ره -) بإسناده عن الصّيقل (- اه -) (12) قد رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد الصّيقل قوله طاب ثراه و منها ما عن الشيخ (- ره -) عن إسماعيل بن هشام (- اه -) (13) جعل إسماعيل بن هشام سهو من النّاسخ أو الماتن (- ره -) إذ ليس في الرّجال منه ذكر و انّما الموجود إسماعيل بن همام بن عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه ميمون البصري مولى كندة و إسماعيل هذا يكنّى أبا همام و هو يروى عن الرّضا عليه السّلام و قد نصّ جمع على انّه ثقة هو و أبوه و جدّه و الّذي يظهر لي انّ هذه الرّواية كالفقرة الأولى من الرّواية السّابقة أجنبيّة عمّا نحن فيه و انّ المراد بوقت العصر فيها الوقت المختصّ بها من أخر النّهار ثمَّ انى بعد ما ذكرت ذلك وقفت على سند الرّواية و كلام للشيخ (- ره -) عقيبها فوجدت اصابتى في أمر السّند و المتن جميعا فقد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن محمّد بن علىّ بن محبوب عن العبّاس بن معروف الأشعري عن إسماعيل بن هشام عن ابى الحسن عليه السّلام و المتن على ما ساقه الماتن (- ره -) و السّند صحيح و قد حمله الشيخ (- ره -) على تضيّق وقت العصر قوله طاب ثراه و منها ما عن الصّدوق و الشيخ (- رهما -) بإسنادهما (- اه -) (14) قد رواها الصّدوق (- ره -) بإسناده عن إسحاق بن عمّار و رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن ابى عمير عن سلمة صاحب السّابري عن إسحاق بن عمّار و وجه الدّلالة انّ إمضائه عليه السّلام ما صلاّه من الحاضرة و عدم حكمه عليه السّلام ببطلانها و لا بالعدول بنيّتها إلى الفائتة يكشف عن جواز تقديم الحاضرة عند السّعة على الفائتة و حمل ذلك على نسيان وجود القضاء أو وجوده بعيد قوله طاب ثراه نعم ظاهر الرّواية الاستحباب (- اه -) (15) يمكن النّظر في هذا الاستظهار بخلوّ لفظ الرّواية عمّا هو قرينة الاستحباب و امّا الحمل على محتمل الفوات فيبعّده ان قضائه مستحبّ غير واجب و الجماعة في المستحبّة غير مشروعة الاّ ان يقال انّ عدم مشروعيّتها انّما هو في المسنونة بالذّات لا الواجبة المعادة قوله طاب ثراه فمن جملة ذلك ما استفاض من قصّة نوم النّبي صلّى اللّه عليه و آله (- اه -) (16) فمنها الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسن بن محبوب عن الرّباطي عن سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول انّ اللّه أنام رسوله عن صلاة الفجر حتّى طلعت الشمس ثمَّ قام فبدأ فصلّى الركعتين قبل الفجر الحديث و منها الموثق الّذي رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال سالته عن رجل نسي ان يصلّى الصّبح حتّى طلعت الشّمس قال يصلّيها حين يذكرها فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رقد نام عن صلاة الصّبح حتّى طلعت الشمس ثمَّ صلاّها حين استيقظ و لكنّه تنحّى عن مكانه ذلك ثمَّ صلّى و منها ما رواه الصّدوق (- ره -) في محكي التّوحيد عن علىّ بن احمد بن عبد اللّه عن أبيه عن جدّه أحمد بن أبي عبد اللّه عن علىّ بن الحكم عن أبان الأحمر عن حمزة بن طيّار عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال انّ اللّه أمر بالصّلوة أو الصّوم فنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الصّلوة فقال انا أنيمك و انا أوقظك فإذا قمت فصلّ ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك و (- كك -) الصّيام أنا أمرّضك و انا اصحّك فاذا شفيتك فاقضه و منها الصّحيح الّذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النّضر بن سويد عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى إذا دحر الشمس ثمَّ استيقظ فعاد ناديه ساعته و ركع ركعتين

ص:318

ثمَّ صلّى الصّبح و قال يا بلال مالك فقال بلال أرقدني الّذي أرقدك يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال و كره المقام و قال نتم بوادي الشيطان و منها ما رواه الشهيد (- ره -) في (- كرى -) بسنده الصّحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا حضر وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتّى يبدأ بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عيينة و أصحابه فقبلوا ذلك منّى فلمّا كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السّلام فحدّثني انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال من يكلؤنا فقال بلال انا فنام بلال و ناموا حتى طلعت الشمس فقال يا بلال ما أرقدك فقال يا رسول اللّه (- ص -) أخذ بنفسي الّذي أخذ بأنفسكم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة قال يا بلال أذن فأذن فصلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ركعتي الفجر و أمر الصّحابة فصلّوا ركعتي الفجر ثمَّ قام فصلّى بهم الصّبح و قال من نسي شيئا من الصّلوة فليصلها إذا ذكرها فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي قال زرارة فحملت الحديث الى الحكم و أصحابه فقالوا نقضت حديثك الأوّل فقدمت على أبي جعفر عليه السّلام فأخبرته بما قال القوم فقال يا زرارة إلا أخبرتهم انه قد فات الوقتان جميعا و انّ ذلك كان قضاء من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ اعلم لم افهم وجه اقتصار الماتن (- ره -) على نقل ما تضمّن نوم النّبي (- ص -) من اخبار جواز التنفّل لمن عليه قضاء مع ما يرد عليه من المخالفة للمنصب الشريف و لم يتعرّض لما خلى عن ذلك من تلك الأخبار مثل موثق ابى بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئلته عن رجل نام عن الغداة حتّى طلعت الشمس فقال يصلّى ركعتين ثمَّ يصلّى الغداة و موثق عمّار عن أبي عبد اللّه (- ع -) قال لكلّ صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين الاّ العصر فإنّه يقدّم نافلتها فيصير ان قبلها و هي الركعتان اللّتان تمّت بهما الثماني بعد الظهر فإذا أردت ان تقضى شيئا من الصّلوة مكتوبة أو غيرها فلا تصلّ شيئا حتى تبدء فتصلّي قبل الفريضة الّتي حضرت ركعتين نافلة لها ثمَّ اقض ما شئت الحديث و صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال قلت رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصّبح و لم يصلّ صلاة ليلته تلك قال يؤخّر القضاء و يصلّى صلاة ليلته تلك فإنّ دلالة هذه الأخبار على المواسعة في القضاء و عدم فوريّته ظاهرة بل فيها دلالة على نفى الترتيب (- أيضا -) لأنّ القائل بالترتيب كما يقدّم القضاء على الفريضة فكذا يقدّمه على نافلتها و هذه الأخبار نطقت بتقديم النافلة و بمعونة هذه الأخبار يلزم التصرّف في الأخبار الآتية في أدلّة المضايقة المانعة من التنفّل لمن عليه قضاء فريضة قوله طاب ثراه و لا إشكال في سندها و لا دلالتها (- اه -) امّا سندها فظاهر بعد ما عرفت من حال أسانيدها و امّا دلالتها فلان قضاء نافلة الفجر قبل قضاء فريضة الصّبح يكشف عن عدم المضايقة في القضاء مضافا الى ما في (- كرى -) من انّ في قول الباقر عليه السّلام الا أخبرتهم انّه قد فات الوقتان إلى أخره (- أيضا -) دلالة على المواسعة في القضاء قوله طاب ثراه و من شدّة وثوقهم بها استنبطوا منها أحكاما (- اه -) ممّن استنبط منها أحكاما الشّهيد (- ره -) في (- كرى -) حيث قال بعد نقل الخبر ما لفظه و فيه فوائد منها استحباب ان يكون للقوم حافظا إذا ناموا صيانة لهم عن هجوم من يخاف منه و منها ما تقدّم من انّ اللّه تعالى أنام نبيّه لتعليم أمّته و لئلاّ يعيّر بعض الأمّة بذلك و لم أقف على رادّ لهذا الخبر من حيث توهّم القدح في العصمة به و منها انّ العبد ينبغي ان يتفأّل بالمكان و الزّمان بحسب ما يصيب فيهما من خير و غيره و لهذا تحوّل النّبي (- ص -) الى مكان أخر و منها استحباب الأذان للفائتة كما يستحبّ للحاضرة و قد روى العامّة عن أبي قتادة و جماعة من الصّحابة في هذه الصّورة انّ النبي (- ص -) أمر بلالا فاذّن فصلّى ركعتي الفجر ثمَّ أمره فأقام فصلّى صلاة الفجر و منها استحباب قضاء السّنن و منها جواز فعلها لمن عليه قضاء ان كان قد منع منه أكثر المتأخّرين و قد تقدّم حديث أخر فيه و منها شرعيّة الجماعة في القضاء كالأداء و منها وجوب قضاء الفائتة لفعله (- ص -) و وجوب التأسّي به و قوله فليصلّها و منها ان وقت قضائها ذكرها و منها ان المراد بالآية ذلك و منها الإشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه السّلام الا أخبرتهم انه قد فات الوقتان إلى أخره و هو نظير خبره السّالف عنه عليه السّلام انتهى المهمّ ممّا في (- كرى -) قوله طاب ثراه و الانصاف انّ نوم النّبي (- ص -) (- اه -) ما أنصف به هو الحق اليقين عند كلّ من كمل يقينه بمراتب النبي (- ص -) و أهل بيته عليهم السّلام و دقق النّظر في معنى العصمة و لاحظ ما نطق بأنه (- ص -) كانت له أرواح خمس منها روح القدس و انّه لا يصيبه (- ص -) الحدثان و لا يلهو و لا ينام قلبه و ان نامت عيناه و كيف يعقل ممّن هذا حاله ذهوله عن الصّلوة الّتي هي من أوجب الواجبات و أقرب القربات قوله طاب ثراه الاّ ان يقال بإمكان سقوط أداء الصّلوة عنه (- ص -) (- اه -) لا يخفى عليك انّه انما كان يرفع هذا المحمل النّقص عنه صلّى اللّه عليه و آله ان لو كان أخبره اللّه تعالى قبل ذلك بسقوط الأداء عنه و امّا مع عدم الأخبار فالنوم عن الصّلوة الّتي يعتقد وجوبها مع عدم نوم قلبه نقص عليه ينافي عصمته و مرتبته مضافا الى انّ سقوط الأداء يستلزم سقوط القضاء (- أيضا -) فقضائه صلّى اللّه عليه و آله مع عدم ورود أمر جديد يكشف عن كونه قضاء لما فات من الأداء الواجب كما لا يخفى قوله طاب ثراه فتأمّل وجه التأمّل لعلّه الإشارة إلى انّه لم يدلّ بوجه على سقوط الأداء عنه (- ص -) كما هو المدّعى أو الى أنّه قرن النّوم بالسّهو فكما يلزم توجيه الخبر بالنّسبة إلى الجزء الثّاني فكذا بالنّسبة إلى الجزء الأوّل قوله طاب ثراه و قوله (- ص -) لأصحابه (- اه -) ليته أمر عقيب هذه الفقرة (- أيضا -) بالتأمّل ليكون إشارة إلى احتمال كون إطلاق فمتم من باب التغليب لانّه كان واحدا و هم كثيرون قوله طاب ثراه في كفاية الفاخر (- اه -) الصحيح كتابه الفاخر بدل كفاية الفاخر

الرابع من حجج القول بالمواسعة الإجماعات المنقولة

قوله طاب ثراه و منها ما عن المعتبر (- اه -) في عبارة المعتبر الّتي نقلها و كذا عبارة (- لف -) تغيير يسير لما في النّسختين و قد أسبقنا نقل عبارة الأوّل في شرح قول الماتن (- ره -) في أواسط الكلام على القول الثّاني بل استظهر من كلامه في المعتبر و العزيّة نفى الفوريّة فيها (- أيضا -) انتهى و نقل عبارة الثّاني في الوجه السّادس من الوجوه الّتي حكينا عنه الاحتجاج بها للمواسعة عند شروع الماتن (- ره -) في حجج المواسعة

الخامس من حجج القائلين بالمواسعة لزوم الحرج العظيم

قوله طاب ثراه لزوم الحرج العظيم (- اه -) قد تمسّك به في (- لف -) حيث قال انّ الترتيب مشقة عظيمة و حرج كثير و ضرر عظيم فيكون منفيا أمّا الأولى فلاشتماله على ضبط الوقت و الترصّد لاواخر كلّ صلاة و حفظ الوقت الباقي عن تطرّق الزّيادة و النقصان لفعل الفريضة الحاضرة و لا شكّ بين العقلاء انّ ذلك من أعسر الأشياء و امّا الثّانية فللإجماع و لقوله (- تعالى -) ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار و قوله (- ص -) بعثت بالحنيفيّة السّمحة السّهلة انتهى و فيه أوّلا منع المشقّة و الحرج و الضّرر و ثانيا انّ الحرج النّوعي لا يثبت الحكم كلّية بل يدور مدار تحقّقه فحيثما تحقّق تسبّب لارتفاع الحكم فغاية ما يتأتى منه هنا على فرض التّسليم هو عدم الضّيق على وجه

ص:319

يتضمّن العسر و الحرج و الضّرر و اين ذلك من التّوسعة الصّرفة و بعبارة اخرى انّما يصحّ ذلك حجّة على من يدّعى المضايقة المحضة و اين ذلك من التوسعة المطلقة كما لا يخفى قوله طاب ثراه الّذي يشهد بنفيه الأدلّة الثّلثة بل الأربعة أراد بالأدلّة الثلاثة الكتاب و السّنة و الإجماع المستدلّ بها على القاعدة مثل قوله (- تعالى -) ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قوله سبحانه يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و قوله تعالى لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها و بالدّليل الرابع دليل العقل الّذي قرّره بعضهم على نفى الحرج لكنّه غير تامّ و لذا لم يعدّه ابتداء من أدلّة القاعدة و انّما أشار إليه من باب الترقّي و شرح ذلك يطلب من مظانّه من الكتب المصنّفة في شرح قواعد الفقه كعوائد النراقي و العناوين و غيرهما

في ذكر أدلة القائلين بالمضايقة

قوله طاب ثراه الأوّل الأصل (- اه -) قد مرّ منه (- قدّه -) تحرير الأصل بوجه أخر في ذيل الوجه الأوّل من وجوه تقرير الأصل للقول بالمواسعة كما مرّ جوابه هناك فلاحظ قوله طاب ثراه لما تقرّر في محلّه من انّ احد الأصلين إذا كان الشكّ في مجراه سببا للشكّ في مجرى الأخر فهو حاكم على صاحبه الوجه في ذلك ظاهر ضرورة انّ اجراء الأصل السّببي يزيل الشكّ المأخوذ في موضوع المسبّبي فلا يبقى للأصل المسبّبي مجرى قوله طاب ثراه أمّا لغة كما عن الشيخ (- ره -) و جماعة (- اه -) منهم المحقّق (- ره -) في موضع من المعتبر و كثير من فقهاء العامّة و متكلّميهم كالسكّاكى و ابى الحسين الكرخي و ابى بكر الصّيرفي و ابى حامد و الحنفيّة و المالكيّة قوله طاب ثراه و امّا شرعا كما عن السيّد (- ره -) (- اه -) قد عزى القول بذلك و دعوى الإجماع عليه الى السيّد بن زهرة (- ره -) (- أيضا -) و عبارته في الغنية لا تساعد النّسبة فلعلّ الحاكي عثر كلام أخر له في غيرها قوله طاب ثراه و امّا عرفا كما يظهر من بعض أدلّة بعض المتأخّرين (- اه -) مثل تمسّك بعضهم للفور بانّ صيغة الأمر و ان لم تكن موضوعة لغة إلاّ لمطلق الطّلب الأعمّ من الفوري و المتراخي فيه الاّ انّ الظّاهر من الطّلب عرفا هو الفور و الجواب المنع منه و من سابقيه كما نبّه عليه الماتن (- ره -) امّا منع الظهور العرفي فلانّا نرى انّ العرف لا يفهمون منه الفور الاّ مع القرينة لا (- مط -) و امّا شرعا فلمنع إجماع السيّدين (- رهما -) و كيف خفي الإجماع على الشيخ المعاصر لهما بل كيف خفي ذلك على المدّعى نفسه هنا حتّى نقل الخلاف في المسئلة و انّما ادّعى الإجماع المذكور في مسئلة اخرى و امّا لغة فلانّ المتبادر من الأمر انّما هو إدخال المصدر في الوجود من غير خطور فور و لا تراخى كما لا يخفى قوله طاب ثراه و في رواية زرارة (- اه -) أراد بذلك ما رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فإن كنت تعلم انّك إذا صلّيت الّتي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدء بالّتي فاتتك فانّ اللّه عزّ و جلّ يقول أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي و ان كنت تعلم انّك إذا صلّيت الّتي فاتتك فاتتك الّتي بعدها فابدء بالّتي أنت في وقتها و اقض الأخرى قوله طاب ثراه و مثلها في تفسير الآية صحيحة أخرى لزرارة (- اه -) قد تقدّم نقل هذه الصّحيحة بتمامها عند الكلام في اخبار نوم النبي (- ص -) قوله طاب ثراه و مثل رواية حمّاد (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الطّاطري عن ابن زياد عن حمّاد عن نعمان الرّازي الاّ انّ في متنها في النّسخة المعتبرة اختلافا مع ما ساقه الماتن (- ره -) من المتن في فقرات غير مغيّرة للمعنى فانّ الموجود هناك فذكر بدل فذكرها و فليصلّ حين ذكر بدل فليصلّها عند ذكرها قوله طاب ثراه و رواية يعقوب (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن سعد عن محمّد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن الرّجل ينام عن الغداة حتّى تنزغ الشمس ا يصلّى حين يستيقظ أو ينتظر حتّى تنبسط الشمس فقال يصلّى حين يستيقظ قلت يوتر أو يصلّى الركعتين قال بل يبدأ بالفريضة و السّند صحيح و بزغ الشمس طلوعها قوله طاب ثراه و مثل ما دلّ من الأخبار على انّ عدّة صلوات (- اه -) (11) هذه أخبار عديدة فمنها الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال اربع صلوات يصلّيها الرّجل في كلّ ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أدّيتها الحديث و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن على بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن هاشم بن ابى سعيد المكاري عن ابى بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال خمس صلوات تصلّيهنّ في كلّ وقت صلاة الكسوف و الصّلوة على الميّت و صلاة الإحرام و الصّلوة التي تفوت و صلاة الطّواف من الفجر الى طلوع الشمس و بعد العصر الى اللّيل و منها ما رواه هو (- ره -) عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان و عن احمد بن إدريس عن محمّد عبد الجبّار جميعا عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمّار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول خمس صلوات لا تترك على حال إذا طفت بالبيت و إذا أردت أن تحرم و صلاة الكسوف و إذا نسيت فصلّ إذا ذكرت و صلاة الجنازة الى غير ذلك من الأخبار قوله طاب ثراه و لذا حملها على مجرّد الإذن (- اه -) (12) لم افهم وجه مخالفة هذا الحمل لظاهرها بل من لاحظ الأخبار و تدبّر فيها عثر على تعيّن هذا الحمل و ان مساقها انّما هو رفع المنع الثابت في جملة من الأخبار من الصّلوة عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند قيامها في وسط السّماء فلا تذهل قوله طاب ثراه مثل صحيحة أبي ولاّد (- اه -) (13) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن ابى ولاّد قال قلت لابيعبد اللّه عليه السّلام انّى كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة و هو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء فصرت يومي ذلك أقصّر الصّلوة ثمَّ بدا لي في اللّيل الرجوع الى الكوفة فلم أدر أ صلّى في رجوعي بتقصير أم بتمام و كيف كان ينبغي ان أصنع فقال إن كنت سرت في يومك الّذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت ان تصلّى بالتقصير لأنّك كنت مسافرا الى ان تصير الى منزلك قال و ان كنت لم تسر في يومك الّذي خرجت فيه بريدا فانّ عليك ان تقضى كلّ صلاة صلّيتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تبرع من مكانك ذلك لأنّك لم تبلغ الموضع الّذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصّرت و عليك إذا رجعت ان تتمّ الصّلوة حتّى تصير الى منزلك قوله طاب ثراه و صحيحة زرارة (- اه -) (14) قد رواها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انه سئل عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلّها أو نام عنها فقال يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار الحديث قوله طاب ثراه و الجواب امّا عن الآية (- اه -) (15) قد أجاب في (- لف -) عن الآية بالمنع من حملها على الفائتة لا غير قال و ليس المراد بقوله تعالى لِذِكْرِي وقت ذكري قطعا لاحتمال إرادة أقم الصّلوة لطلب ذكري لا غير حملا على التّساوي بل ما ذكرناه أرجح امّا أوّلا فلأنّه أعمّ و امّا ثانيا فلانّ تعقيب الآية بالجزاء على السّعى

ص:320

يشعر بإرادة الإخلاص لتحصيل الثّواب المستند الى فعل العبادة لوجه اللّه تعالى لا غير سلّمنا انّ المراد لوقت الذكر لكن كما يحتمل الفائتة يحتمل الحاضرة فإنّ الحاضرة يجب أداؤها إذا ذكرها في وقتها بل هذا اولى من التخصيص بالفائتة لندوره سلّمنا التّخصيص بالفائتة لكنّا نقول بموجبة و هو وجوب الفائتة عند الذكر لكن وجوبا مضيّقا أو (- مط -) و الأوّل ممنوع و الثّاني مسلّم انتهى قوله طاب ثراه ممّا لا يحتاج الى بيان وجوه إجمال الآية أو بعضها (- اه -) قد تعرّض في الذّكرى لبيان وجوه الإجمال حيث أجاب عن الاستدلال بالآية بأنّ المفسّرين ذكروا فيها وجوها منها هذا و منها انّ الصّلوة تذكّر بالمعبود و تشغل القلب و اللّسان بذكره و منها انّ اللاّم للتّعليل أي لأنّي ذكرتها في الكتب و أمرت بها و منها انّ المراد لذكري خاصّة أي لا ترائي بها و لا تشبها بذكر غيري و منها انّ المراد لا ذكرك بالثّناء و منها انّ المراد باللاّم التّوقيت فيشمل جميع مواقيت الصّلوة و (- ح -) لا يتعيّن ما ذكرتم للإرادة إذ خبر الواحد لا ينهض حجّة في مخالفة المشهور مع معارضته بمثله سلّمنا لكن نمنع الوجوب المضيّق فإنّ الأمر لا يدلّ على الفور و قد تحقّق في الأصول انتهى ما في (- كرى -) و منه يظهر مراد الماتن (- ره -) بقوله آنفا و اللاّم يحتمل فيه وجوه و كذا الذكر قوله طاب ثراه و الصّحيحة الأخرى لزرارة (- اه -) قد سقط من قلمه الشّريف خبر هذا المبتدى و يشبه ان يكون السّاقط بعد كلمة نوم النّبي (- ص -) قوله قد نطقت بتحوّل النّبي (- ص -) قوله طاب ثراه و امّا الأخبار (- اه -) أحسن الأجوبة عن الأخبار الظّاهرة في الترتيب انّ غاية ما فيها هو الظّهور في لزوم الترتيب بين الفائتة و الحاضرة و قد عرفت انّ في اخبار المواسعة ما هو نصّ في عدم لزوم الترتيب حتّى في الفائتة الواحدة لذلك اليوم فيحمل الظّاهر على النصّ و يحمل الدّال على الترتيب على رجحانه و ان شئت قلت انّ الدّال على الترتيب نصّ في رجحانه ظاهر في تعيّنه و الدّال على عدم الترتيب نصّ في عدم وجوب الترتيب ظاهر في عدم رجحانه (- أيضا -) فيرفع اليد عن الظّاهرين و يؤخذ بالنّصين فينتج رجحان الترتيب و عدم لزومه و ان شئت قلت انّ اخبار المواسعة صريحة في صحّة الحاضرة إذا قدّمها على الفائتة و اخبار المضايقة لا صراحة في شيء منها في بطلان الحاضرة و فسادها لو قدّمت على الفائتة و لا في حرمة سائر المنافيات فالأخذ بالنصّ و حمل غيره على الاستحباب لازم فتدبّر جيّدا و أجاب في (- لف -) عن هذه الأخبار بالقول بموجبها و هو وجوب الفائتة عند الذّكر و امّا انّ الوجوب مضيّق فممنوع قوله طاب ثراه مخالف لصحيحة زرارة الأخرى الصّريحة في نفى الإعادة (- اه -) أراد بذلك الصّحيح الّذي رواه الصّدوق (- ره -) بإسناده عن زرارة قال سألت أبا عبد اللّه (- ع -) عن الرّجل يخرج مع القوم في السّفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصّلوة التي كان صلاّها ركعتين قال تمّت صلوته و لا يعيد ثمَّ لا يخفى عليك انّ كلمة الأخرى في عبارة الماتن (- ره -) زائدة إذ لم ترد في المسئلة عن زرارة صحيحتان بل صحيحة واحدة و هي هذه فتسميتها بالأخرى لا وجه لها قوله طاب ثراه و هو ضعيف لمخالفته ظاهر السّؤال (- اه -) قد يزاد على ذلك انّ قوله عليه السّلام فليقض ما لم يتخوّف ان يذهب وقت هذه الصّلوة الّتي قد حضرت (- اه -) صريح في كون المراد بالقضاء في الجواب هو القضاء المصطلح و يمكن الجواب بمنع الصّراحة بعد جريان مثله في أداء الصّلوة الأولى من الصّلوتين المشتركتين في الوقت كالظّهرين و العشائين متى ما بقي من الوقت بمقدار أداء المتأخّرة قوله طاب ثراه و يؤيّده قوله (- ع -) في صحيحة أخرى لزرارة (- اه -) يأتي نقل هذه الصّحيحة منه (- قدّه -) في رابع أدلّة هذا القول إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه أو على الاستحباب بمعونة ظهور بعض ما تقدّم من اخبار المواسعة (- اه -) هذا تلويح منه (- قدّه -) الى ما جعلناه آنفا أحسن الأجوبة من الأخذ بالنّصين و ترك الظّاهرين قوله طاب ثراه و يظهر ذلك لمن لاحظ كتاب الوسائل في باب عدم كراهة القضاء في وقت من الأوقات (- اه -) قد ساق في الباب المذكور صحيحة زرارة الّتي أسبقنا نقلها عن قريب النّاطقة بأنّ أربع صلوات يصلّيها الرّجل في كلّ ساعة ثمَّ صحيح حمّاد بن عثمان سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل فاته شيء من الصّلوات فذكر عند طلوع الشمس أو عند غروبها قال فليصلّ حين يذكر ثمَّ خبر حبيب قال كتبت الى الرّضا عليه السّلام تكون علىّ صلاة نافلة متى أقضيها فكتب (- ع -) في أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار ثمَّ خبر معاوية المتقدّم نقله مع صحيحة زرارة المذكورة ثمَّ خبر ابى بصير المتقدّم أيضا هناك ثمَّ صحيح محمّد بن مسلم قال سألته عن الرّجل تفوته صلاة النّهار قال يصلّيها ان شاء بعد المغرب و ان شاء بعد العشاء ثمَّ صحيح الحلبي قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل فاتته صلاة النّهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد المغرب و ان شاء بعد العشاء ثمَّ خبر الحسين بن مسلم الأجنبي عن المطلوب ثمَّ خبر حسان بن مهران قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قضاء النّوافل قال ما بين طلوع الشمس الى غروبها ثمَّ خبر عبد اللّه بن ابى يعفور عن أبي عبد اللّه (- ع -) في قضاء صلاة اللّيل و الوتر تفوت الرّجل ا يقضيها بعد صلاة الفجر و بعد العصر فقال لا بأس بذلك ثمَّ خبر سليمان بن هارون قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قضاء الصّلوة بعد العصر قال انّما هي النّوافل فاقضها متى شئت ثمَّ خبر ابن ابى يعفور قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول صلاة النّهار يجوز قضائها أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار ثمَّ خبر الحسين بن ابى العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال اقض صلاة النّهار أيّ ساعة شئت من ليل أو نهار كلّ ذلك سواء ثمَّ خبر جميل المزبور قال سألت أبا الحسن الأوّل (- ع -) عن قضاء صلاة اللّيل بعد طلوع الفجر الى طلوع الشّمس قال نعم و بعد العصر الى اللّيل فهو من سرّ آل محمّد المخزون ثمَّ خبر المفضّل بن عمران المتقدّم النّاطق بجواز قضاء ما فات من صلاة اللّيل قبل طلوع الشمس ثمَّ خبر نعمان الرّازي المتقدّم في أوّل أخبار هذا القول ثمَّ خبر احمد بن النضر و احمد بن محمّد بن ابى نصر في بعض إسناديهما قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن القضاء قبل طلوع الشمس و بعد العصر فقال نعم فاقضه فإنّه من سرّ آل محمّد (- ص -) قوله طاب ثراه مثل صحيحة زرارة (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه و عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (- ع -) قال إذا نسيت صلاة أو صلّيتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدء بأوّلهن فأذّن لها و أقم ثمَّ صلّها ثمَّ صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لكلّ صلاة قال و قال أبو جعفر عليه السّلام و إن كنت قد صلّيت الظّهر إلى أخر ما في المتن الاّ انّ في بعض فقراتها سهوا من قلم النّاسخ فمنها قوله (- ع -) و متى ما ذكرت صلاة فاتتك صلّها و الصّحيح صلّيتها و منها قوله (- ع -) و قد صلّيتها ركعتين و الصّحيح و قد صلّيت منها ركعتين و منها قوله (- ع -) و قم و صلّ العصر و الصّحيح و قم فصلّ العصر و منها قوله (- ع -) حتى دخلت المغرب و الصّحيح حتى دخل وقت المغرب و منها قوله (- ع -) فإن كنت قد صليت من المغرب و الصّحيح و إن كنت الى غير ذلك ممّا لا يخلّ بالمعنى قوله طاب ثراه أو بعد فراغك فانوها الأولى (- اه -) هذا دالّ على خلاف ما هو المشهور من عدم جواز العدول بعد الفراغ من الصّلوة و لكنّا قد بيّنا في منتهى

ص:321

المقاصد انّ جواز العدول بعد الفراغ (- أيضا -) لا يخلو من وجه قوله طاب ثراه و رواية صفوان (- اه -) قد رواها الكليني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلام و السّند صحيح و المتن على ما ساقه (- قدّه -) الاّ انّ الجواب فقال كان أبو جعفر أو كان ابى (- ع -) يقول (- اه -) قوله طاب ثراه و رواية أبي بصير (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن محمّد بن سنان عن ابن مسكان عن ابى بصير قال سالته عن رجل الحديث و كلمة تصلّى في أخر المتن قد أبدلت في النّسخة المعتمدة بتقضى و الإنصاف عدم دلالة الرّواية على مقصد المستدلّ لانّ مورده نسيان الظّهر حتّى دخل وقت العصر و من البيّن انّ الظّهر بعد دخول وقت العصر ليس بقضاء فلا يكون من محلّ البحث و لذا جعل الماتن (- ره -) أوّل الدّال من فقرات صحيح زرارة المتقدّم قوله (- ع -) و ان كنت قد ذكرت انّك لم تصلّ العصر حتّى دخل وقت المغرب فانّ ما قبله من الفقرات ليس من اجتماع القضاء و الأداء بل من اجتماع الأدائين قوله طاب ثراه و رواية البصري (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن الحسين بن محمّد الأشعري عن معلّى بن محمّد عن الوشاء عن ابان بن عثمان عن عبد الرّحمن بن ابى عبد اللّه البصري قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل الى أخر ما في المتن من متنه مع قوله عليه السّلام بعده و إن كان صلّى العتمة وحده فصلّى منها ركعتين ثمَّ ذكر انّه نسي المغرب أتمّها بركعة فتكون صلوته للمغرب ثلث ركعات ثمَّ يصلّى العتمة بعد ذلك و سند الرّواية من القوى و دلالتها لا بأس بها الاّ ان حملها على الاستحباب بقرينة أخبار المواسعة بالتقريب المتقدّم متعيّن قوله طاب ثراه و رواية معمر بن يحيى (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) بإسناده عن الطّاطري عن محمّد بن زياد عن حمّاد عن معمر بن يحيى قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام الخبر قوله طاب ثراه احديها قوله عليه السّلام و ان كنت ذكرت (- اه -) جعل ذلك أوّل الفقرات انّما هو بالنّظر الى ما أشرنا إليه آنفا من كون ما قبله من الفقرات من اجتماع الأدائين دون الأداء و القضاء كما لا يخفى على المتدبّر قوله طاب ثراه فتعيّن حمل الأمر على الاستحباب (- اه -) قد عرفت تعيّن هذا الحمل حتّى فيما لم يتضمّن من الأخبار ما تضمّن هذا الخبر ممّا لا يقول به المشهور لاقتضاء حمل الظّاهر على النصّ ذلك و لا وجه لما جعله الماتن (- ره -) سبب حمل الخبر على الاستحباب لانّ اشتمال الخبر على ما يخالف المشهور لا يمنع من الأخذ بما لا يخالف المشهور من مفاده و انّما القادح اشتماله على ما لا يقول به احد قوله طاب ثراه من جهة انّ الأمر في الصّحيحة بالعدول من العصر الى الظّهر (- اه -) لم افهم لهذا القطع وجها إذ ليس إلاّ صيغة الأمر الظّاهرة في الوجوب ما لم تقم قرينة على خلافه و اخبار المواسعة المزبورة قرينة على ارادة النّدب من الأمر بالعدول فيتعيّن حمله عليه و توهّم انّ نفس العدول لا يكون فيما يجب فيه الترتيب كما ترى لإمكان رجحان العدول فيما رجح فيه الترتيب كوجوبه فيما وجب فيه الترتيب فما ادّعاه (- قدّه -) من أولوية رفع اليد عن الظّهور المتقدّم لا وجه له قوله طاب ثراه و حاصل الجواب عن هذه الصّحيحة (- اه -) قد عرفت انّ الجواب بصيرورة أخبار المواسعة قرينة على ورود أوامر هذه الصّحيحة للنّدب أولى بالإذعان و امتن قوله طاب ثراه فتأمّل وجه التأمّل هو الإشارة الى انّ ما ذكر انّما يسقط الفقرتين الأوليين عن الدّلالة دون جميع الأربع لعدم ابتناء الأخيرتين على القول بكون أخر وقت اجزاء المغرب زوال الحمرة قوله طاب ثراه و رواية البصري الضّعيفة بمعلى بن محمّد (- اه -) قد أشرنا الى انّ سندها من القوي لأنّ كون معلّى بن محمّد من مشايخ الإجازة يجبر ضعفه على انّ صاحب المعراج عدّ حديثه صحيحا قوله طاب ثراه لإمكان حمل هذه الاستحباب (- اه -) (11) قد عرفت تعيّن ذلك و كونه مقتضى الجمع الدّلالي بين اخبار الطّرفين و قد لوّح الى هذا الجمع في المعتبر حيث جعل من جملة الأجوبة عن أخبار المضايقة انّها غير دالّة على موضع النزاع لانّ غايتها وجوب الإتيان بالفائتة ما لم تتضيّق الحاضرة و نحن نقول بموجبة إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما لم تتضيق الحاضرة بل الخلاف في الترتيب و لا يلزم من وجوب قضائها عند الذكر ما لم تتضيّق الحاضرة وجوب ترتيبها على الحاضرة و سقوط وجوب الحاضرة كما يقال خمس صلوات تصلّى في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة منها الكسوف و الجنازة و ليستا مرتّبتين على الحاضرة ترتيبا يمنع الحاضرة قوله طاب ثراه و السيّد في الغنية و الحلّي في السّرائر (- اه -) (12) عبارة الغنية خالية عن دعوى الإجماع عليه و امّا السّرائر فقد تضمّن ذلك قال (- ره -) في مبحث الأوقات و من فاتته صلاة فريضة فليقضها اىّ وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يتضيّق وقت فريضة حاضرة فان تضيّق وقت صلاة حاضرة بدء بها ثمَّ بالّتي فاتته فان كان قد دخل وقت الصّلوة الحاضرة قبل تضيّق وقت الصّلوة الفائتة و قد صلّى منها شيئا قبل الفراغ منها فالواجب عليه العدول بنيّة الى الصّلوة الفائتة ثمَّ يصلّى بعد الفراغ منها الصّلوة الحاضرة و على هذا إجماع أصحابنا منعقد انتهى قوله طاب ثراه و حكى عن الشّهيد (- ره -) في غاية المراد انّه قال في رسالته المعمولة في هذه المسئلة (- اه -) (13) هذه العبارة غير مستقيمة إذ ظاهرها انّ الشهيد (- ره -) حكى في غاية المراد عن رسالة له نفسه في المسئلة انّه قال هناك ذلك و ليس (- كك -) بل الرّسالة لابن إدريس (- ره -) و قد حكى في غاية المراد عنها هذه العبارة حيث استدلّ للمضايقة بوجوه قال الأوّل الإجماع نقله كثير منهم كابن إدريس فإنّه قال (- ره -) في رسالته المسمّاة خلاصة الاستدلال انّ ذلك ممّا أطبقت الإماميّة (- إلخ -) فكان على الماتن (- ره -) ان يقول و حكى عن الشّهيد (- ره -) في غاية المراد انّه حكى عن الحلّي انّه قال في رسالته الى أخره أو يقول و حكى عنه الشهيد (- إلخ -) قوله طاب ثراه و هذه الإجماعات المحكية (- اه -) (14) هذا من الماتن (- ره -) كلام صوريّ سوفسطائي لتشييد صورة الدّليل و الاّ فهو أجلّ من ان ينزّل مثل هذا الإجماع المنقول الموهون منزلة الخبر الصّحيح العالي السّند مع ما نعهد من مسلكه في الأصول و الفقه من الدقّة مع اعتدال السّليقة و استواء الطّريقة قوله طاب ثراه معتضدة بالشهرة المطلقة كما عن كشف الالتباس (- اه -) (15) ممّا اقضى منه العجب اضطراب الأنقال في هذه المسئلة فقد أسبقنا عند تعداد الأقوال حكاية نقل الشهرة عليه بين المتأخّرين عن كشف الالتباس و غيره عن بعضهم عقيب نقل القول بالمواسعة و حكى ذلك الحاكي بنفسه عند نقل القول بالمضايقة عن كشف الالتباس انّ وجوب تقديم الفائتة (- مط -) هو المشهور و عن تخليص التّلخيص و غاية المراد انّه المشهور عند القدماء و عن الرّوض و القوائد الملّية انّه المشهور خصوصا عند المتقدّمين و عن (- س -) و (- مع صد -) و العزيّة و الهلاليّة و موضع من كشف الرّموز انّه مذهب أكثر الأصحاب و عن تمهيد القواعد انّه مذهب أكثر الأصحاب خصوصا عند المتقدّمين و عن (- كرة -) انّ عليه أكثر علمائنا و الجمهور و عن (- كرى -) و موضع أخر من كشف الالتباس انّ ظاهر الأكثر الوجوب على الفور و عن موضع أخر من (- كرة -) نسبة وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة مع الإمكان و اتساع الوقت الى أكثر علمائنا و عن المفاتيح و المصابيح و الذخيرة و رسالة الماحوزى و (- ئق -) نسبة وجوب تقديم

ص:322

الفائتة الى أكثر القدماء قوله طاب ثراه و يكفي في ردّه بعد النقض بانّ الثّقات (- اه -) اشتمل بعض النّسخ على واو العطف قبل كلمة النّقض و هي غلط من النّاسخ قوله طاب ثراه و من انّه انّما روى (- اه -) هكذا في بعض النّسخ و الصّحيح حذف الواو لتكون الجملة جواب المفيد (- ره -) قوله طاب ثراه لا ريب في ضعف الوجهين لما ذكر و لغيره (- اه -) لعلّه أشار بغير ما ذكر إلى إمكان ردّ الأوّل مضافا الى ما ذكر بانّ ترتّب الفوائت لو سلّم فإنّما هو للدّليل و القياس ليس من مذهبنا و الأصل البراءة من الترتيب بين الفائتة و الحاضرة و ردّ الثّاني بأنّ جريان حكم الفائتة على الحاضرة لو كانت فائتة لا يستلزم جريان حكمها عليها قبل ان تكون فائتة قوله طاب ثراه نعم يمكن توجيهه بانّ المراد (- اه -) يمكن المناقشة في ذلك بمنع معلوميّة كون السّبب في ترتيب الفوائت هو التقدّم في الوقت بل انّما كان لدليل غير معلوم السّبب غير جار فيما نحن فيه فيحكّم الأصل قوله طاب ثراه فمنشأ الترتيب بين الفوائت (- اه -) قد سقط من قلم النّاسخ بعد قوله فمنشأ الترتيب بين الفوائت قوله هو منشأ الترتيب قوله طاب ثراه و يمكن الاستدلال لما ذكر بإطلاق أدلّة (- اه -) يردّه ما أسبقه من ورود تلك الإطلاقات مورد بيان حكم أخر فلا يتأتّى ما أجاب به هنا بقوله و لكن يندفع قوله طاب ثراه هذا خلاصة الكلام في أدلّة القولين المشهورين (- اه -) أراه لم يتعرّض لمستند بقيّة الأقوال و حيث انّ وضع التّعليق على التعرّض لما أهمله الماتن (- ره -) بما نقول؟؟؟ حجّة القول الثّالث الّذي جعله الماتن (- ره -) ثانيا و عزاه الى المحقّق (- ره -) في كتبه امّا على المواسعة عند تعدّد الفائتة فجملة من أدلّة المواسعة كالأصل و العمومات و الأخبار الخاصّة الدّالة على جواز تقديم الحاضرة على المتعدّدة حسبما مر تفصيلها و تحقيق دلالتها و امّا على التّرتيب و المضايقة عند اتّحاد الفائتة فجملة من أدلّة المضايقة بعد الجمع بينها و بين أدلّة المواسعة بحمل تلك على ما إذا تعدّدت الفائتة و هذه على ما إذا اتّحدت و قد تمسّك في (- ك -) على وجوب تقديم الفائتة الواحدة بصحيحة صفوان المزبورة في رابع أدلّة المضايقة النّاطقة بلزوم تقديم الظّهر المنسي على المغرب ما لم يتضيّق و على جواز تقديم الحاضرة على الفوائت مع التعدّد بصحيحة ابن سنان المزبورة عقيب الكلام على خبر ابى بصير في الطّائفة الثّانية من اخبار المواسعة و مضمون صحيح ابن سنان المذكور اذنه عليه السّلام في تقديم صلاة الفجر الأداء على المغرب و العشاء الفائتين و أنت خبير بأنّه كما دلّ صحيح صفوان المذكور على المضايقة مع اتّحاد الفائتة فكذا دلّ بعض الأخيار على المواسعة مع اتحاد الفائتة مثل موثّق عمّار المتقدّم في الطّائفة الثّانية من اخبار المواسعة و خبر قرب الإسناد المزبور هناك النّاطق بتقديم الظّهر الأدائى على الفجر القضاء فامّا ان يتساقطا و يرجع الى الأصل و الإطلاقات الدالّة على الوسعة و امّا ان يجمع بين القسمين بحمل النّاطق بالمواسعة على الرّخصة و النّاطق بالمضايقة على الاستحباب على الوجه المتقدّم من كون النّسبة بين الطّائفتين نسبة النصّ و الظّاهر حجّة القول الرّابع الّذي جعله الماتن (- ره -) ثالثا و عزاه الى (- لف -) امّا على المواسعة في غير فائتة اليوم فجميع ما تقدّم من أدلّة المواسعة و امّا على وجوب تقديم فائتة اليوم على الحاضرة سواء تعدّدت أو اتّحدت فصحيحة صفوان المتقدّم إليها الإشارة آنفا و صحيحة زرارة الطّويلة المزبورة في اخبار المضايقة قال في (- لف -) بعد الاستدلال بهما مشيرا إلى الثّانية ما نصّه لا يقال هذا الحديث يدلّ على وجوب الابتداء بالقضاء في اليوم الثّاني لأنّه عليه السّلام قال و إن كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدء بهما قبل ان تصلّى الغداة فإن كان الأمر فيه للوجوب دلّ على ما قلناه من وجوب الابتداء بالقضاء في اليوم الثّاني و الاّ سقط الاستدلال به لأنّا نقول جاز ان يكون الوجوب في الأوّل دون الثّاني لدليل فإنّه لا يجب من كونه للوجوب (- مط -) كونه للوجوب في كلّ شيء و لانّ كلّ صلاة متأخّرة يجب أداؤها بعد المتقدّمة عليها لوجوب الترتيب و لأنّها ظهر يوم مثلا فتجب بعد صبحه لا يقال انّما يجب ذلك لو بقي وقت الصّبح امّا إذا خرج و صارت قضاء في الذّمة فلم قلتم بوجوب بقاء التقديم لأنّا نقول التقديم واجب في نفسه و إيقاع الغداة في وقتها واجب أخر و لا يلزم من فوات الواجب الثّاني فوات الأوّل انتهى و أنت خبير بانّ ما ذكره كلام صوريّ و امّا ما أجاب به عن السّؤال الأوّل ففيه انّه إذا جاز كون صيغة الأمر في الثّاني مستعملا في النّدب جاز ذلك في الأوّل و الجواز أعمّ من الوقوع و ان أراد الوقوع فإن أراد بالدّليل الّذي صار قرينة على استعمال الأمر في الثّاني في النّدب أخبار المواسعة ففيه انّ اخبار المواسعة دلّت على استعمال الصّيغة في النّدب في الأوّل (- أيضا -) كما عرفت و امّا ما ذكره من انّ كلّ صلاة متأخّرة يجب أداؤها بعد المتقدّمة عليها لوجوب الترتيب ففيه انّ ذلك في الأداء مسلّم و امّا في القضاء فهو عين الدّعوى فيكون جعله جزء الحجّة مصادرة و امّا ما أجاب به عن السّؤال الثّاني ففيه انّ الوقت قيد للعبادة ففوات الوقت موجب لفوات الوجوب لفوات الأمر بفوات قيد المأمور به فبقاء وجوب التقديم الثّابت في الوقت لا دليل عليه سيّما بعد البناء على انّ القضاء بأمر جديد و استصحاب وجوب التقديم لا ينفع في قبال أدلّة المواسعة المحكّمة لما مرّ ثمَّ اعلم انّ بعض من ذهب الى هذا التّفصيل جعل الأولى تقديم فائتة غير اليوم (- أيضا -) مستدلا بالاحتياط و اخبار المضايقة الشّاملة لفائتة اليوم و غيرها فيحمل على الطّلب المطلق جمعا بينها و بين ما سبق فتدبّر حجّة القول الخامس و السّادس اللّذين جعلهما الماتن (- ره -) رابعا و خامسا و عزى الأوّل إلى المحقّق في العزية و الثّاني الى ابن ابى جمهور قد ظهرتا مع جوابهما من حجّة الثالث و الرّابع حجّة القول السّابع الّذي جعله الماتن (- ره -) سادسا و عزاه الى ابن أبي حمزة امّا على الشّق الأوّل و هو وجوب تقديم الفائتة نسيانا فهي أكثر أخبار المضايقة حيث تضمّنت فوريّة الفائتة و تقديمها على الحاضرة و وردت في خصوص المنسيّة فتعميمها للعمديّة قياس لا نقول به مع انّه مع الفارق لأنّ الصّلوة اليوميّة ليس لها وقت الاّ وقت واحد يحرم تأخيرها عنه (- مط -) و وقت العمديّة هو وقت أدائها و قد فات باختياره و عصيانه فبقي وجوبها من غير توقيت و امّا المنسيّة فوقتها زمان ذكرها فكما لا يجوز تأخير الحاضرة عن وقتها اختيارا فكذا لا يجوز تأخير المنسيّة عن وقتها (- كك -) بل يجب المبادرة إليها في ذلك و تحرّي الأقرب فالأقرب فوجب تقديمها (- أيضا -) على الحاضرة في السّعي للتّلازم بين الحكمين فاذا كان هو الفارق امتنع القياس حتّى عند أربابه و لا يلزم منه اتصاف القضاء بالأداء في وقت الذكر لأنّ التّسمية بهما مبنيّة على ملاحظة الوقت الأوّل فما وقع بعد قضاء و ان فعل في أوّل زمان تعلّق التّكليف به و امّا على الشقّ الثاني و هو جواز تأخير ما فوّته عمدا و تقديم الحاضرة عليها فالأصول و الأخبار الخاصّة و المطلقة المتقدّمة في أدلّة المواسعة بعد تخصيصها بالعمديّة و الجواب انّ اخبار المواسعة ما بين مطلق يبعد حملها على خصوص العمديّة من غير مقيّد و بين واردة في الفائتة لنسيان أو نوم و بعض أخبار المضايقة مطلق يتناول الجميع و في بعضها أطلق الفوات فيه أوّلا ثمَّ ذكر ما يوجب تقييده بالثّاني بناء على انّ تخصيص الضّمير يقتضي تخصيص المرجع

ص:323

مضافا الى انّ ما ذكر ان الفرق بين الفوات عمدا و الفوات نسيانا اعتبار ضعيف بل التأمّل يقضي بأولويّة الضّيق في الفائتة العمديّة منه في الفائتة نسيانا نظرا الى انّ النّاسي لم يعص في فوات الصّلوة منه بخلاف العامد و قواعد العدل تقتضي التضييق على العاصي دون المعذور كما لا يخفى حجّة القول الثّامن الذي جعله الماتن (- ره -) سابعا و عزاه إلى العزيّة من الفرق بين الوقت الاختياري و الاضطراري بالتضييق في الأوّل دون الثّاني هي أدلّة المضايقة بعد حمل مطلقها على مقيّدها و هو ما إذا لم يخش فوات وقت الحاضرة و حمل ذلك على فوات وقتها الاختياريّ لشيوع الاستعمال في ذلك و لدلالة صحيحة صفوان و غيرها على ذلك و الجواب عن ذلك هو الجواب عن أدلّة المضايقة بالوجوه المتقدّمة الّتي أمتنها ما نبّهنا عليه من الجمع الدّلالي بين أخبار المواسعة و اخبار المضايقة بحمل الأولى على بيان الجواز و الأخيرة على بيان الاستحباب و قد تلخّص من جميع ما ذكرنا انّ القول بالمواسعة المطلقة و عدم فوريّة القضاء و عدم الترتيب بينه و بين الحاضرة هو الحق المتين و اللّه العالم قوله طاب ثراه الاّ ذيل صحيحة زرارة (- اه -) قد عرفت الجواب عن ذلك و انّ الأمر فيه للنّدب بقرينة أخبار المواسعة قوله طاب ثراه الأوّل انّه على القول بعدم وجوب التّرتيب هل يستحبّ (- اه -) قد تقدّم منه بعض الكلام عقيب تحرير القول الأوّل فلاحظ قوله طاب ثراه و خصوص الصّحيحة الطويلة (- اه -) أراد بها صحيحة زرارة المزبورة في رابع أدلّة المضايقة لكنّها انّما نطقت بتقديم العصر الفائتة على المغرب الحاضرة لا تقديم المغرب الحاضرة على العصر الفائتة كما سطره (- قدّه -) و هو سهو من قلمه الشريف أو من قلم النّاسخ على بعد و (- ح -) فشهادة الصّحيحة انّما هو لتقييد تقديم العصر الفائتة بما إذا لم يستلزم فوات وقت المغرب الحاضرة فإنّه بعد حمل الوقت على وقت الفضيلة كما لعلّه ظاهر الأخبار تتمّ شهادتها على ما افاده (- قدّه -) (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه فانّ حمل الأمر (- اه -) خبر كلمة انّ قد سقط من قلمه الشّريف و لا يبعد ان يكون كلمة ممكن بعد قوله في وقت اليوميّة قوله طاب ثراه نعم لو أخذ بإطلاق قوله عليه السّلام لا صلاة (- اه -) لا يخفى انّ الأخذ بإطلاقه ممّا لا يصحّ الالتزام به قوله طاب ثراه نعم لا يبعد ان يستفاد (- اه -) ما نفى البعد عنه متعيّن و تنظّره ساقط من أصله لأنّ ملاك الترجيح إذا كان معلوميّة أهميّة ذات الوقت و الأولويّة بوقته جرى نحوه في الفرض كما هو ظاهر قوله طاب ثراه و الاّ لم يجز هذا بناء على الاستفادة الّتي ذكرها متين الاّ انّ دون تلك الاستفادة خرط الفتاة إذ ليس لها منشأ في الأدلّة و الحدس و التخمين ليس بحجّة قوله طاب ثراه و وجب الاقتصار على أقلّ الواجب (- اه -) هذا محلّ نظر حتّى بناء على استفادة وجوب المبادرة من أدلّة فوريّة القضاء لأنّ فوريّة القضاء لا تستلزم رفع ما كان ثابتا بالذّات من التخيير بين افراد المقضي طولا و قصرا جمعا للآداب و خلوّا عنها كما نبّه (- قدّه -) على ذلك بقوله الاّ ان يقال بعد ثبوت التخيير (- اه -) و ما ناقش به فيه يأتي ما فيه إنشاء اللّه (- تعالى -) قوله طاب ثراه و فيه انه مسلّم (- اه -) يمكن الجواب عن ذلك بدعوى استفادة التخيير الشرعي بين الأفراد من أدلّة استحباب الأمور المعهودة في الصّلوة فإنّ الإذن في الشيء اذن في لوازمه و لذا التجأوا في إيجاب الاقتصار على أقلّ الواجب في صورة ضيق الوقت الى التعلّق باهميّة الوقت و من المعلوم انّ القضاء ليس من الموقت قوله طاب ثراه و من انّ الواجب هو الفعل (- اه -) هذا أوجه من سابقة و أوجه منه ما أفاده أخيرا من اختلاف الشرائط فيلزم في كلّ شرط ملاحظة دليله قوله طاب ثراه مقتضى القاعدة الأوّل (- اه -) (11) هذا متين و ليس لنا عن القاعدة معدل مضافا الى انّ دليل وجوب الترتيب بين الفوائت أقوى من دليل الترتيب بين الحاضرة و الفائتة فمراعات الأوّل أولى قوله طاب ثراه السّادس (- اه -) (12) أقول السّابع انّك قد عرفت انّ لازم القول بالمواسعة عدم الترتيب بين الفائتة و الحاضرة و لازم القول بالمضايقة هو الترتيب و فوريّة القضاء بل قد عرفت انّ الماتن (- ره -) عدّ الأقوال في مسئلة الترتيب أقوالا في مسئلة المواسعة و المضايقة و امّا الترتيب بين الفوائت فقد مرّ منّا التنبيه على عدم ثبوته عند اشارة الماتن (- ره -) الى ذلك في ذيل نقله للقول الثّالث من الأقوال في المسئلة فلاحظ و تدبّر ثمَّ لا يخفى عليك انّ المراد بالترتيب بين الحاضرة و الفائتة الّذي أثبته جمع (- مط -) و اخرون في بعض الصّور على ما مرّ انّما هو الترتيب بين الحاضرة اليوميّة و فائتها و امّا الفرائض الأخر مثل الكسوفين و العيدين و الزّلزلة و سائر المخاوف السّماويّة فلا ترتيب بين بعضها مع بعض و لا بين حاضرتها و فوائتها بل يتخيّر المكلّف بينها ما لم يتضيّق وقت واحدة منها فاذا تضيّقت تعيّنت لذلك و قد صرّح بعدم الترتيب بين غير اليوميّة حاضرة و فائتة جمّ غفير من الأصحاب بل في الرّوض انّه المشهور بل ربّما ادّعى الإجماع عليه و عن فخر الإسلام في شرح الإرشاد و المهذّب البارع الإجماع عليه و الوجه في ذلك أصالة عدم الاشتراط و أصالة البراءة من وجوب الترتيب بعد اختصاص نصوصه باليوميّة و نقل الشهيد (- ره -) في (- كرى -) عن بعض مشايخ الوزير السّعيد مؤيد الدّين العلقمي وجوب الترتيب فيها (- أيضا -) استنادا الى عموم قوله عليه السّلام من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته و قوله عليه السّلام يقضى ما فاته و جعله في (- كرة -) و نهاية الأحكام احتمالا و نفى عنه البأس في (- كرى -) و جعله في (- ك -) أحوط و أنت خبير بقصور ما تمسّك به من النّبوي لما عرفت عند الكلام في التّرتيب بين الفوائت من قصور النّبوي (- ص -) عن إثبات الترتيب بين الفوائت اليوميّة فضلا عن الفرض و انّما المنساق منه هو كيفيّة نفس الفريضة كما يشعر به افراد لفظ الفريضة المقتضى لملاحظة حال الفريضة فيحكّم ما مرّ من أصل البراءة و أصالة عدم اشتراط الترتيب و اللّه العالم بالحقائق قوله طاب ثراه فهل يجب تقديم ما أمكن (- اه -) (13) قلت مقتضى القاعدة الوجوب لانّ كلاّ من المحتملات (- ح -) واجب فتكون تلك الفائتة كالفوائت المتعدّدة فكما يلزم تقديم ما وسعه الوقت اربع من الصّلوات المتجانسة على الحاضرة فكذا ما وسعه الوقت من المحتملات في الفرض كما لا يخفى على من له قلب أو القى السّمع و هو شهيد تمَّ و الحمد للّه و يتلوه قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به

ص:324

حاشية على رسالة من ملك شيئا ملك الإقرار به

في بيان معنى ملك الشيء و محتملاته و بيان مدرك هذه القاعدة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به نستعين

قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به

قوله طاب ثراه قال شيخ الطّائفة (- اه -) أراد انّه قال ذلك في (- ط -) و النّسبة في محلّها و كلمة قال في المتن مكرّرة و قد كان ينبغي ان يبدل الثّاني بقوله ما لفظه أو ما نصّه و كلمة قبض منه من سهو النّاسخ و الصّحيح قضى منه قوله طاب ثراه و قال المحقّق (- ره -) في الشّرائع (- اه -) العبارة موجودة في الشّرائع لكن الموجود فيه قبل بدل صحّ و لعلّ تبديله به سهو من النّاسخ و مثل عبارة (- يع -) في التمسّك بالقاعدة و إرسالها إرسال المسلّم عبارة (- لك -) حيث قال انّما قبل إقرار المأذون في التجارة لأنّ تصرّفه نافذ فيما اذن له فيه منها فينفذ إقراره بما يتعلّق بها لانّ من ملك شيئا ملك الإقرار به انتهى قوله طاب ثراه و قد استدلّ على تقديم قول الوكيل (- اه -) ضمير الفاعل يرجع الى المحقّق (- ره -) فإنّه قال في كتاب الوكالة ما لفظه إذا ادّعى الوكيل التصرّف و أنكر الموكّل مثل ان يقول بعت أو قبضت قيل القول قول الوكيل لأنّه أقرّ بما له ان يفعله و لو قيل القول قول الموكّل أمكن لكن الأوّل أشبه انتهى و وجه استشهاد الماتن (- ره -) بهذه العبارة أنّه علّل تقديم قول الوكيل بصغرى طوى معها كبرى كلّية هي انّ من ملك شيئا ملك الإقرار به و قال في (- عد -) الثالث ان يختلفا في التصرّف كان يقول تصرّفت كما أذنت في بيع أو عتق فيقول الموكّل لم تتصرّف بعد فالأقرب تقديم قول الوكيل لأنّه أمين و قادر على الإنشاء و التصرّف إليه (- إلخ -) قوله طاب ثراه و نحوه العلاّمة (- ره -) في القواعد في تلك المسئلة (- اه -) قال في (- عد -) و لو كان العبد مأذونا في التّجارة فأقرّ بما يتعلّق بها قبل و يؤخذ ما أقر به ممّا في يده انتهى و ليت الماتن (- ره -) استشهد بعبارة القواعد الّتي قبل ذلك بيسير و قد ساقها مساق تأسيس الأصل حيث قال الثّاني المقرّ و هو قسمان مطلق و محجور فالمطلق ينفذ إقراره بكلّ ما يقدر على إنشائه انتهى و في موضع ثالث من (- عد -) يصحّ إقرار المكاتب بالبيع و الشّراء و العين و الدّين لانّه يملكه في ملك الإقرار به انتهى و في رابع إذا أقرّ بائع العبد بغصبه من أخر فإن كان إقراره في مدّة الخيار انفسخ البيع لأنه يملك فسخه فيقبل إقراره بما يفسخه انتهى ما في (- عد -) و وافقه على ذلك المحقّق الكركي في شرحه و قال في موضع خامس من (- عد -) لو أقرّ أي الزّوج بالرّجوع في العدّة قبل قوله لأنه يملك الرّجعة (- ح -) انتهى و قال في (- شاد -) كلّ من يملك التصرّف في شيء ينفذ إقراره به فيه كالعبد المأذون له في التجارة إذا أقرّ بما يتعلّق بها انتهى قوله طاب ثراه و صرّح في جهاد (- كرة -) (- اه -) حيث قال لو أقرّ المسلم بأمان المشرك فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان صحّ إقراره و قبل منه إجماعا و إن كان في وقت لا يصحّ منه إنشاؤه كما لو أقرّ بعد الأسر لم يقبل قوله الاّ ان يقوم بيّنة بأمانة قبل الأسر انتهى ولي في استشهاد الماتن (- ره -) بهذه العبارة لمطلوبه نظر فانّ قبول إقراره في الشّق الأوّل ليس من حيث كونه إقرار مالك الأمر و الاّ للزم قبوله فيما لو أقرّ بعد الأسر بالأمان بل من حيث كون الإقرار بالأمان في وقت يصحّ فيه إنشاء الأمان إنشاء للأمان بعد عدم لفظ خاصّ فيه فالتفصيل بين وقت يصحّ فيه الأمان و ما بعده أقوى شاهد على عدم كون ما ذكره من فروع القاعدة نعم تمسّك بالقاعدة مرسلا لها إرسال المسلّم في جهاد (- كرة -) بعد ذلك بأوراق حيث قال في طيّ الكلام على الحميل الّذي يجلب من بلاد الشرك ما لفظه فإذا أخذ الطّفل من بلاد الشرك كان رقيقا فإذا أعتقه السّابي نفذ عتقه قاله الشّافعي و يثبت له الولاء عليه فان أقرّ هذا المعتق بنسب نظرت فان اعترف بنسب أب أو جدّ أو أخ أو ابن عمّ لم يقبل منه الاّ ببيّنة لأنّه يبطل حقّ المولى من الولاء و هو حسن فإن أقرّ بولد ففيه ثلثة أوجه أحدها لا يقبل إقراره لما تقدّم و الثّاني يقبل لانّه يملك ان يستولد فيملك الإقرار بالولد (- إلخ -) نعم في عبارة (- ط -) ما يكشف عن كون قبول إقراره بالأمان مبنيّا على القاعدة حيث قال فإن أقرّ مسلم انّه كان أمن هذا الأسير قبل الأسر لم يقبل منه لانّه لا يملك عقد الأمان في هذا الحال فلا يملك الإقرار به انتهى فانّ التّعليل يكشف عن انّ قبول إقراره قبل الأسر بالأمان انّما هو للقاعدة قوله طاب ثراه على ما يظهر من (- كرة -) و يلوح من الشّيخ (- ره -) (- اه -) سينقل عبارة (- كرة -) الّتي استظهر منها ذلك و امّا عبارة الشّيخ (- ره -) الّتي استلوح منها ذلك فهي قوله (- قدّه -) في وكالة (- ط -) امّا إذا اختلفا يعنى الوكيل و الموكّل في التصرّف فادّعى الوكيل التصرّف مثل ان يقول بعت المال الّذي وكّلتني في بيعه فينكر الموكّل و يقول ما بعته بعد أو يصدّقه في البيع و يكذّبه في قبض الثمن و الوكيل يدّعى القبض قيل فيه قولان أحدهما انّ القول قول الوكيل لانّه يملك هذا العقد و القبض فاذا ادّعى ذلك كان القول قوله كما لو ادّعى الأب تزويج بنته الكبيرة فأنكرت البكر كان القول قوله سواء ادّعى تزويجها قبل بلوغها أو بعد و الثّاني انّ القول قول الموكّل (- إلخ -) حيث افتى بقبول قول الأب في تزويج ابنته فإنّه بملاحظة ما أثبته في كتاب النّكاح من الولاية الإجباريّة للأب و الجدّ على البكر الرّشيد للنصّ يتمّ استلوح الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه نعم تأمّل فيه جامع المقاصد على ما سيأتي الظّاهر سقوط كلمة في قبل جامع (- صد -) لأنّ التأمّل وقع في (- مع صد -) لا من (- مع صد -) و يمكن ان يكون بإسقاط كلمة في من الماتن (- ره -) مسامحة في التعبير و تأتي عبارة (- مع صد -) المتضمّنة للتأمّل بعد ورقة في شرح قول العلامة (- ره -) لو قيل للوليّ زوّجت بنتك (- اه -) قوله طاب ثراه قال في (- كرة -) (- اه -) هذه هي العبارة الّتي قال انّها ظاهرة في عدم الخلاف بين الخاصّة و العامة في قبول قول المولّى الإجباري عليها في النّكاح و الوجه امّا في إذعان الخاصّة بذلك فهو تعليله عدم قبول إقراره عندنا بعدم الولاية الإجباريّة عليها و لازمه نفوذ إقراره على من له عليها ولاية إجباريّة و انّما قيدنا الولاية بالإجباريّة لانّ فرضه العبارة فيمن له ولاية الظّاهر بقرينة التعليل في الولاية الغير الإجباريّة و امّا في إذعان العامّة بذلك فهو تعليقهم نفوذ إقراره عليها على ولايته الإجباريّة فيدور النّفوذ مدارها ثمَّ انّ العبارة الّتي نقلها فيها تغيير يسير مع ما في النّسخة المعتبرة من جهات فمنها وجود كلمة عنها بعد كلمة لانتفاء الولاية و منها حتّى تساعده البالغة بدل حتّى يساعدها المرية و منها بما وكّل فيه بدل بما هو وكيل فيه و منها زيارة إقراره عليها بعد لم يقبل في أخر العبارة قوله طاب ثراه و يظهر منه الجزم بالتفصيل (- اه -) قال في (- كرة -) في فروع دعوى اثنين العقد على المرية ما لفظه مسئلة لو ادّعيا على الوليّ السّبق فان لم يكن مجبرا لم تسمع الدّعوى عليه و لم يحلف لانّه لو أقرّ لم يقبل إقراره كالأخ و العمّ و الوكيل و إن كان مجبرا كالأب و الجدّ له فالوجه سماع الدّعوى عليه لأنّ إقراره مقبول و من يقبل إقراره تتوجّه بالدّعوى عليه اليمين و هو أظهر انتهى المهمّ ممّا في (- كرة -) و هو صريح فيما عزاه اليه قوله طاب ثراه فنقول انّ المراد بملك الشّيء (- اه -) قال المحقّق الشيخ أسد اللّه التستري (- ره -) في تفسير فقرات القاعدة ما لفظه انّما اعتبر كون الشيء مملوكه لوقوع الإشكال أو الخلاف النّادر في بعض أقسام المملوك كتصرّف غير الأب و الجدّ من الأولياء و الوكيل و المأذون و المراد

ص:325

بالشّيء حيث أخذ قيدا للتصرّف ما يعمّ الأعيان الموجودة في الخارج و المجعولة في الذمّة و كذا المنافع و الحقوق غير التصرّف الى ان قال و التصرّف أعمّ من القولي و الفعليّ و المراد بالملك أوّلا هو ما يحكم به ظاهرا بمقتضى سببه و ان حكم بعد الإقرار بخلافه في بعض صوره و المراد بملك الإقرار بالتصرّف هو تسلّطه على الإقرار بفعله و نفوذه فيه كنفوذ نفس التصرّف و بملك الإقرار بأصل الشيء من الأعيان و نحوها هو تسلّطه على الإقرار به لغيره و نفوذه فيه كنفوذ نفس الملك المحكوم به ظاهرا هذا ما أهمّنا من كلامه علا مقامه قوله طاب ثراه نعم يملك بعض التصرّفات الماليّة مثل الوصيّة و الوقف و الصّدقة (- اه -) هذا ممّا ذهب اليه جمع من أصحابنا فيمن بلغ عشرا للنصّ الوارد بذلك و مثل الثلاثة عتقه لكنّا قد أوضحنا في وقف منتهى المقاصد عدم الإذعان بذلك في وقفه و صدقته و عتقه وفاقا للأكثر لقصور ما نطق بذلك لضعف السّند و اختلاف المدّة من العشر و الثّمان و نحوهما عن تقييد ما دلّ من الإجماع و النّص على رفع القلم عن الصّبي حتّى يحتلم نعم وافقنا في وصيّة المنتهى أكثر الأصحاب في إنفاذ وصيّة من بلغ عشرا مع كونه بصيرا و كون وصيّته في وجوه البرّ لأقاربه للنّصوص المعتبرة سندا الواضحة دلالة المخالفة لعمدة من يتّقى منه و هو أبو حنيفة فراجع المسئلتين في الموضعين حتّى تتبيّن لك حقيقة الحال قوله طاب ثراه و لهذا أطبقوا على الاستناد إليها في صحّة إقرار الصّغير بالأمور المذكورة (- اه -) هذا الإطباق غير ثابت لأنّ أصل نفوذ وصيّته محلّ خلاف فكيف يكون نفوذ إقراره بها متّفقا عليه الاّ ان يريد اتّفاق القائلين بنفوذ الأمور المذكورة منه و ذلك (- أيضا -) غير ثابت فانّ صاحب الجواهر (- ره -) مع إذعانه بنفوذ وصيّته إذا بلغ عشرا في وجوه البرّ لأقاربه تأمّل في كتاب الإقرار في نفوذ إقراره بالوصيّة حيث قال في شرح قول المحقّق (- ره -) في الشّرائع و الصّبي لا يقبل إقراره و لو كان بإذن وليّه امّا لو أقرّ بما له فعله كالوصيّة صحّ ما لفظه على ما صرّح به غير واحد لقاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به الّتي طفحت بها عباراتهم بل صريح بعضهم انّه لا خلاف فيها عندهم و انّه لا ينبغي ان يقع و إن كان لنا فيه اشكال فيما زاد على مقتضى قوله عليه السّلام إقرار العقلاء على أنفسهم جائز و نحوه ممّا سمعته في محلّه و منه ما نحن فيه ضرورة عدم التلازم بين جواز وصيّته بذلك و جواز إقراره به و لعلّه لذا قال الكركيّ في حاشية لا يصحّ انتهى ما في الجواهر نعم صريح جمع منهم الشهيد (- ره -) في غاية المراد ثبوت الملازمة المذكورة فإنه قال في غاية المراد في حكم إقرار الصّبي بالوصيّة في المعروف ما ملخّصه ان كلّ من جوّز وصيّته في ذلك جوّز إقراره بها و من منع منع من الإقرار ضرورة ان تنفيذ الإقرار بالشيء فرع جواز التصرّف في ذلك الشيء انتهى ملخّصا و في (- مع صد -) و لو جوّزنا وصيّته بالمعروف جوّزنا إقراره بها لانّ كلّ من ملك شيئا ملك الإقرار به و نحوه عبارة (- لك -) و (- الروضة -) و قال صاحب (- ك -) في نهاية المرام لو جوّزنا وصيّة الصّبي في المعروف جوّزنا إقراره بها لان كلّ من ملك شيئا ملك الإقرار به انتهى و قال في (- س -) لا يقبل إقرار الصّبي بما ليس فعله و ان اذن له الوليّ و لو سوّغنا له الوصيّة و الصّدقة و الوقف قبل إقراره فيها انتهى لكن لا يخفى عليك انّه ينافي ما ادّعاه الماتن (- ره -) من الاتفاق ما يأتي منه (- قدّه -) قبل صفحة من أخر الرّسالة من نقل إنكار قبول إقرار الصّبي في وصيّته عن (- كرة -) و تأمّله فيما يأتي في دلالة عبارة (- كرة -) على الإنكار يأتي ما فيه (- إن شاء الله -) (- تعالى -) قوله طاب ثراه ثمَّ التسلّط على التصرّف (- اه -) الوجه في الأعميّة ظاهر لما عرفت من عبائر المستدلّين بالقاعدة في صورة الوكالة و الولاية فلا تختصّ بالأصالة بعد كون مستندها عند القائل بها إرسال هؤلاء لها إرسال المسلّمات قوله طاب ثراه حيث اختار في الشرائع عدم قبول إقرار المريض (- اه -) قال في الشرائع بعد إثبات الإرث كسائر الأصحاب لها إلى سنة من حين الطّلاق ما لم تتزوّج أو يبرئ من مرضه الّذي طلّقها فيه ما لفظه و لو قال طلّقت في الصّحة ثلثا قبل و لم ترثه و الوجه انّه لا يقبل بالنّسبة إليها انتهى و قد رجّحنا في طلاق المنتهى قبول قوله وفاقا للمبسوط و غيره ما لم تثبت هي وقوعه في المرض لكن لا من باب هذه القاعدة بل لوجه أخر ذكرناه هناك قوله طاب ثراه و قد نصّ الشهيد (- ره -) على ذلك (- أيضا -) في (- لك -) (- اه -) حيث قال في ذيل شرح عبارة (- يع -) المزبورة في إقرار العبد المأذون ما لفظه و هل يشترط في نفوذه وقوع الإقرار حالة الإذن أم ينفذ فيه و ان وقع الإقرار بعد زواله وجهان أظهرهما الأوّل كما لو أقرّ الولي بتصرّف في مال المولّى عليه بعد زوال الولاية انتهى قوله طاب ثراه كما عن نهاية المرام (- اه -) قال صاحب (- ك -) في نهاية المرام العبد لو كان مأذونا في التجارة فأقرّ في حال الإذن بما يتعلّق بها قبل و كذا لو أقرّ بما له فعله كالطّلاق قوله طاب ثراه بل هو صريحة في مسئلة الجهاد المتقدّمة (- اه -) أراد بمسئلة الجهاد إقرار المسلم بأنه أمن الشرك قبل الأسر و قد أسبقنا نقل عبارة (- ط -) في ذلك فراجع قوله طاب ثراه و ما سيأتي منه من عدم نفوذ إقرار الزّوج (- اه -) الإنصاف انّ ما يأتي منه (- ره -) غير مناف لما هنا لانّ غرضه فيما يأتي ليس هو إنكار القاعدة بل إبداء عدم الحاجة إليها لأنّها بمنزلة الأصل الّذي لا يعارض الدّليل و ان شئت أوضح من ذلك قلنا انّ غرضه (- ره -) فيما يأتي من كلامه انه بعد حصول الرّجعة بإقراره ذلك لا حاجة الى إدراجه في عنوان الإقرار و التعلّق في نفوذه بالقاعدة فهو نظير ما لو أنكر الطّلاق حيث يجعل ذلك رجوعا و يستغنى عن جعله منكرا و ترتيب آثار الإنكار عليه فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه فيحتمل أمورا (- اه -) الإنصاف غاية صعوبة الجزم بتعيّن شيء من هذه الاحتمالات لعدم كون مستند القاعدة رواية يستفاد المراد من لفظها بالقرائن و انّما مستندها كلمات الأصحاب و هي بعد اختلافها لا يكون ظاهر كلام كلّ واحد منهم حجّة في تميز شيء من الاحتمالات قوله طاب ثراه و بهذا يجمع بين حكمي المحقّق و العلاّمة (- رهما -) (- اه -) قد مرّت عباراتهما في تقديم قول الوكيل فيما إذا ادّعى على الموكّل إتيان ما وكّل فيه و امّا عبارتهما في تقديم قول الموكّل فيما إذا ادّعى الوكيل شراء العبد بمائة فهي قول المحقّق (- ره -) في الشّرائع بعد تلك المسئلة بثلث مسائل السّادسة إذا وكّله في ابتياع عبد فاشترى بمائة فقال الموكّل اشتريته بثمانين فالقول قول الوكيل لأنّه مؤتمن و لو قيل القول قول الموكّل كان أشبه لأنّه غارم انتهى و قال في (- عد -) لو قال اشتريت بمائة فقال الموكّل بخمسين احتمل تقديم قول الوكيل لأنّه أمين و الموكّل لانّه غارم و الوكيل إن كان الشراء بالعين لانّه غارم ما زاد على الخمسين و الموكّل إن كان الشراء في الذمّة لأنّه الغارم انتهى و وجه التّنافي بين هاتين العبارتين و عبارتيهما المزبورتين ظاهر حيث قدّما هناك قول الوكيل و هنا قول الموكّل و وجه الجمع انّ نزاعهما في العبارة المزبورة انّما هو فيما وقع بينهما و هنا فيما يرجع الى ثالث كما نبّه عليه الماتن (- ره -) بقوله و معنى ذلك انّ الوكيل يريد (- اه -) لكنّا قد بيّنا في وكالة منتهى المقاصد ان الأقرب هو تقديم قول الوكيل هنا (- أيضا -) فراجع و تدبّر جيّدا قوله طاب ثراه قال في المبسوط (- اه -) (11) غرضه من نقل هذه العبارة الاستشهاد بها على انّ المراد بقبول إقرار الوكيل بالنّسبة إلى الأصيل انّما هو فيما كان مرجع النزاع إليهما لا ما لو رجع النزاع الى ثالث و محلّ الشّاهد قوله (- ره -) في ذيل العبارة و يخالف المسئلة الأولى (- اه -) قوله طاب ثراه لكن المحقّق

ص:326

في الشّرائع تنظر في الفرق (- اه -) قال في الشرائع في أخر كتاب الوكالة ما لفظه العاشرة لو وكّله بقبض دينه من غريم فأقرّ الوكيل بالقبض و صدّقه الغريم و أنكر الموكّل فالقول قول الموكّل و فيه تردّد امّا لو امره ببيع سلعة و تسليمها و قبض ثمنها فتلف من غير تفريط فأقرّ الوكيل بالقبض و صدّقه المشتري فأنكر الموكّل فالقول قول الوكيل لانّ الدّعوى هنا على الوكيل من حيث سلّم المبيع و لم يتسلّم الثمن فكأنّه يدّعي ما يوجب الضّمان و هناك الدّعوى على الغريم و في الفرق نظر انتهى و أقول اختلف الأصحاب في الفرع الأوّل فقدّم جمع منهم قول الموكّل بيمينه و اخرون قول الموكّل بيمينه و اتفق من عدى العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) على ما قيل على تقديم قول الوكيل في الفرع الثاني و فرّقوا بين المقامين بما أشار إليه المحقّق (- ره -) في العبارة ممّا توضيحه انّ قول الموكّل و إن كان في المقامين معتضدا بالأصل الاّ انّ قوله هناك ليس يتضمّن دعوى على الوكيل لأنّه يدّعي بقاء المال على المدين دون الوكيل لاعترافه بأنّه لا يستحقّ على الوكيل شيئا بخلاف المقام فانّ قوله يتضمّن الدّعوى على الوكيل بما يوجب الخيانة و هو تسليمه المبيع قبل قبض الثمن فكأنّه يدّعي ما يوجب الضّمان عليه و وجه نظر المحقّق (- ره -) في الفرق بين المسئلتين اشتراكهما في كون الدعوى على الغريم لانّ الموكّل هنا (- أيضا -) يعترف بعدم استحقاقه على الوكيل شيئا فلو كان هذا الاعتراف كافيا في حصر الدّعوى من الموكّل على الوكيل فليكف في المقامين و الاّ فلا في المقامين إذ من البيّن عدم مدخليّة لتفريط الوكيل و عدمه في ذلك بحيث يكون سببا للفرق بينهما في الحكم المذكور مع منع دوام التفريط مع انّه قد يكون مأذونا في تسليم المبيع قبل قبض الثمن مع انّ الوكيل يدّعى قبض الثمن فلا تفريط منه بزعمه و مجرّد زعم الموكّل انه مفرّط فيه في بعض الأحوال غير قاض بدعواه به عليه مع انّه قد لا يخطر كون ذلك تفريطا من الوكيل ببال الموكل أصلا مع انه لو ادّعى الموكّل التّفريط على الوكيل كان القول قول الوكيل بيمينه لكونه منكرا و بالجملة فالمقامان متّحدان في كون الفعل فعل الوكيل و كون الدّعوى على الغير دون الوكيل و ان شئت زيادة توضيح لذلك فراجع ما حرّرناه في شرح العبارة في منتهى المقاصد قوله طاب ثراه و ربّما يدّعى الإجماع على القضيّة المذكورة (- اه -) قال في مفتاح الكرامة مشيرا الى قول العلاّمة (- ره -) في (- عد -) المقرّ المطلق يعنى غير المحجور ينفذ إقراره بكلّ ما يقدر على إنشائه ما لفظه هذا معنى قولهم كل من ملك شيئا ملك الإقرار به و هي قاعدة مسلّمة لا كلام فيها و قد طفحت بها عباراتهم انتهى و استدلّ في محكي الرّياض في مضىّ إقرار البالغ عشرا بالوصيّة في المعروف بانّ من ملك تصرّفا في شيء ملك الإقرار به (- أيضا -) بلا خلاف ظاهرا انتهى و قال الفاضل التستري (- ره -) في جامع الفوائد على ما حكى عنه العلاّمة الشيخ أسد اللّه التستري (- ره -) في شرح قول العلاّمة (- ره -) في (- عد -) لو أقرّ أي الزّوج بالرّجوع في العدّة قبل قوله لانّه يملك الرّجعة (- ح -) ما لفظه لا اعرف فيه خلافا واضحا بل و لا ينبغي ان يقع الخلاف فيه للزوم تصديق المؤمن إذا أخبر عن فعل في وقت فوّض اليه ذلك الفعل في ذلك الوقت كما نبّه عليه المصنّف (- ره -) بقوله لأنه يملك (- اه -) قوله طاب ثراه بمعنى انّ استدلال الأصحاب (- اه -) قد استوفى العلاّمة التستري صاحب المقابيس في بعض رسائله تقرير هذا المعنى على وجه أو في حيث قال الظّاهر انّ الأصحاب استنبطوا من استقراء الأخبار المتفرّقة في تضاعيف أبواب الفقه و الأحكام المتشعّبة المتفق عليها بينهم ممّا ذكر في أحكام الدّعاوي و الاختلاف و الإقرار و الطلاق و العدد و العتق و الوصيّة و الأمانات و الولايات و الطّهارة و النجاسة و التذكية و غيرها و من السّيرة المستمرّة الجاري عمل النّاس عليها لزوم سماع قول ذي اليد و تصديقه فيما يتعلّق بالتّكليف و العمل أو الحكم في كلّ ما يده عليه و امره إليه ما لم يثبت خلافه سواء كان من الأموال أم من الحقوق حتّى حقّ الحفظ في الأمانات و وضعها في المواضع المأمور بالوضع فيها و سواء خالف قوله الأصل أم وافقه و سواء اثبت بذلك حقّا على نفسه أم لنفسه أم لغيره حتى انّه لو تداعى اثنان فيما هو في يد ثالث فأقرّ به لأحدهما و نفاه عن الأخر صدّق فيه و إن كان غاصبا و قدّم به قول المقرّ له مع انّه بإقراره قد نفى اثر يده عن نفسه و قد فهموا من تملّك الشيء و التسلّط عليه و كونه بيده ثبوت ذلك من جهة التصرّف ابتداء و من جهة الإقرار به تبعا و من ثمَّ قبلوا إقرار الصّبي بالوصيّة مع عموم أدلّة المنع له و حكوا ثبوت ذلك عندهم بالإجماع المركّب و لم يفرق معظمهم بين من كان يده على الشيء أصالة أو ولاية أو وكالة و جعلوا التوكيل بتفويض الموكّل أمر ما وكّل فيه اليه و إثبات ما لنفسه له بمنزلة مالك أخر مستقلّ بذلك الشيء كالأب و الجد في نكاح الصغير و الوصيّين المستقلّين و الوكيلين (- كك -) فإنّ إقرار كلّ من هؤلاء بما يده عليه ينفذ عليه و على الأخر كتصرّفه فكذا الوكيل بالنّسبة إلى الموكّل و ان اختلف تملّكهما بالأصالة و التبعيّة فإنّ القدر المشترك بينهما كان في إثبات الحكم المذكور فمن استنبط من تلك المدارك المعتبرة ما استنبطوا منها و وقف على ما وقفوا عليه فليحمد المنعم الفيّاض على ما هداه اليه و من قصرت فطنته عن نيل ذلك فقد حقّ له الرّجوع في ذلك إليهم و التّعويل فيه عليهم و ليس هذا تقليد أولا قولا بما لا دليل له بل عملا باتّفاقهم الكاشف إجمالا عن وجود الدّليل فيما لا يعلم دليله و قد تقرّر عندنا في الإجماع انّه كما قد يكون كاشفا عن الحكم الواقعي الواصل إليهم بطريق التّظافر و التّسامع خلفا عن سلف عن أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم (- كك -) قد يكون كاشفا عن الحكم الظّاهري الثابت بالدّليل المعتبر و ان لم يكن قطعيّا و هذا هو الغالب فيما عدى الضّروريّات بل لا سبيل الى غيره في كلّ ما لم يقطعوا به من النظريات و فيه يكثر الاختلاف في معرفة الإجماع بحسب الاختلاف في الحدس المختلف باختلاف الأنظار و المسائل و تتبّع الأقوال و الدّلائل و ليس لأحد ان ينكر هذا القسم منه و لا حجّيته إذ لا ريب في انّا إذا اجلنا النّظر في أحوال الأصحاب و طريقتهم و لاحظنا مع شدّة اختلافهم و تباين ارائهم في الأصول و الفروع و كثرة تشاجرهم في الأدلّة الشرعيّة و مدلولاتها و الترجيح بينها و عدم مخالفتنا فيها لأقوالهم بأسرها بل موافقتنا غالبا لمعظمها أو أكثرها ثمَّ اطّلعنا على فتاوى معظمهم أو المعروفين منهم أو اجمعهم بناء على فرض إمكان العلم اليقيني بأقوال الجميع فيما عدى الضّروريّات و رأيناها متطابقة على حكم من الأحكام فإنّه كثيرا ما يحصل لنا القطع بإصابتهم الدّليل المعتبر في ذلك بحيث لو وقفنا على ما وقفوا عليه لحكمنا بما حكموا به و لم نتخطّه الى غيره كما قد يحصل مثل ذلك من نحو الاتّفاق المزبور الحاصل لسائر أرباب الفنون كأهل اللّغة و غيرهم فيما يتعلّق بفنونهم و من المعلوم انّ فقهاء الأصحاب على جلالتهم و مهارتهم و تثبّتهم و ورعهم و صرف افكارهم و أعمارهم في فنّهم ليسوا أدنى مرتبة من غيرهم من أرباب العلوم فحصول القطع المزبور من إجماعهم المذكور أمر وجدانيّ شائع معلوم لا يصادمه برهان الخصوم فيكون الاعتماد (- ح -) على العلم الإجمالي بوجود الدّليل على الحكم و هو حجّة كالتّفصيلى لعموم ما دلّ على حجيّة العلم و ليس هذا موضع تحقيق ذلك انتهى كلام المحقّق التّستري علا مقامه و ما ذكره موجّه الاّ انّ النّزاع في الصّغرى فانّ الوثوق الحاصل من كلمات من تقدّم نقل كلماتهم يزول بملاحظة عدم التزام جمع بالقاعدة أو تردّدهم فيها كما أشار الى ذلك الماتن (- ره -) و ممّن أنكرها صاحب الجواهر (- ره -) في كلامه المتقدّم و أعظم منه خرّيت هذه الصّناعة

ص:327

العلاّمة الطّباطبائي في المصابيح فإنّه أجاب عن استدلال بعضهم بالقاعدة على قبول قول الوكيل في إيقاع الفعل الّذي وكّل فيه بما لفظه انّه ليس المراد من قولهم ملك الإقرار به نفوذ الإقرار في حقّ الغير بل قبول دعوى المأذون من المالك أو الشارع في تصرّفاته المأذون فيها و ليس هذا من الإقرار في شيء و من ثمَّ لم يسمع قوله الاّ بيمينه مع فرض التنازع كما صرّحوا به في الوكيل و غيره و لو أريد به الإقرار حقيقة لوجب القول بنفوذه من غير يمين كسائر الأقارير انتهى فانّ هذا الكلام من مثل هذا النحرير القمقام يثبّطنا عن الإذعان بما افاده المحقّق التستري على انّا لو أغمضنا عن ذلك نقول لا يثبت بما صدر منهم إلاّ قضيّة مهملة إذ لا يفيد في استفادة المراد بفقرات القاعدة كلام واحد أو اثنين منهم و قد عرفت من الماتن (- ره -) تنقيح اختلاف كلماتهم في إفادة المراد بفقراتها فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه فهذه العلاّمة (- ره -) رجّح تقديم قول الموكّل عند دعوى الوكيل قبل العزل (- اه -) أشار بذلك الى قول العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) لو صدّق الموكّل الوكيل في البيع و نحوه و لكن قال كنت عزلتك قبل التصرّف و قال الوكيل بل كان العزل بعد التصرّف فهو كما لو قال الزّوج راجعتك قبل انقضاء العدّة و قالت انقضت عدّتي قبل ان راجعتنى و (- ح -) يحتمل تقديم قول الوكيل لأصالة صحّة تصرّفه و تقديم قول الموكّل لأصالة سبق العقد و التحقيق ان كلّ واحد منهما يدّعى التقديم و الأصل عدمه فلا أولويّة من هذه الحيثيّة فتبقى أصالة بقاء الملك على صاحبه خاليا عن المعارض انتهى و قد كان على الماتن (- ره -) ان يبدل قوله دعوى الوكيل قبل العزل التصرّف دعوى الوكيل التصرّف قبل العزل حتّى يكون قبل العزل ظرفا للتصرّف و ينطبق على المحكى لا ظرفا للدّعوى كما هو ظاهر تقديم الظرف على التصرّف قوله طاب ثراه و تبع المحقّق (- ره -) في تقديم دعواه نقصان الثمن (- اه -) قد مرّ منا آنفا نقل عبارة (- يع -) و (- عد -) الكاشفة عمّا في العبارة فلاحظ و تدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و يظهر من فخر الدّين (- اه -) قد مرّ منّا في شرح قول الماتن (- ره -) و ما سيأتي من عدم نفوذ إقرار الزّوج (- اه -) منع ظهور ذلك منه (- قدّه -) في إنكار القاعدة فلاحظ قوله طاب ثراه و تردّد في ذلك في موضع من القواعد (- اه -) لعلّه أشار بذلك الى قوله في (- عد -) لو ادّعى الرّجعة في وقت إمكان إنشائها قدّم قوله مع احتمال تقديم قولها (- فح -) لا يجعل إقراره إنشاء لها انتهى و انّما قيّده بموضع من (- عد -) نظرا الى قوله قبل ذلك لو أقرّ بالرّجعة في العدّة قبل قوله لانّه يملك الرّجعة انتهى و عليك بالتدبّر لعلّك تقف على ما يرفع التّنافي بين العبارتين قوله طاب ثراه حيث تردّد في قبول إقرار العبد المأذون (- اه -) قال في (- عد -) لو كان مأذونا في التجارة فأقرّ بما يتعلّق بها قبل انتهى و قال المحقّق الثّاني (- ره -) في شرحه في (- مع صد -) انّما قبل إقرار المأذون لأنّه لولاه لزم الإضرار بالمدين بوجوب الصّبر الى ان ينعتق مع انّ الإذن في التجارة يقتضي جواز الاستدانة و ذلك يفضي الى انصراف الرّغبات عن مداينة العبيد فيؤدّي إلى اختلال حال التجارة و استشكل (- المصنف -) (- ره -) القول في (- كرة -) و هو إشكال في موضعه انتهى و يمكن المناقشة في عدّ ذلك تردّدا في القاعدة بأنّه انّما ابدى مانعا من القول بطبقها و اين ذلك من إنكار أصلها كما زعم الماتن (- ره -) و ربّما يشهد بما قلناه تمسّك الشّهيد الثّاني (- ره -) في (- لك -) بالقاعدة لقبول إقرار العبد المذكور و قرّر العلاّمة (- ره -) على اشكاله في ذلك في (- كرة -) و علّل تقريره بإبداء المانع الصّغروي حيث قال في شرح عبارة (- يع -) المزبورة النّاطقة بالقبول في الفرض ما لفظه انّما قبل إقرار المأذون في التجارة لأنّ تصرّفه نافذ فيما اذن له فيه منها فينفذ إقراره بما يتعلّق بها لأنّ من ملك شيئا ملك الإقرار به و لأنه لولاه لزم الإضرار و انصراف النّاس عن مداينة العبيد فيختلّ نظام التجارة ثمَّ قال و في (- كرة -) استشكل القول و عذره واضح لعموم الحجر على المملوك الاّ ما دلّ عليه الإذن و هو التجارة و كون الاستدانة من لوازمها ممنوع و لو سلّم افتقارها إليها في بعض الموارد فلا يدلّ على الملازمة و لو سلّمت فاللاّزم غير بيّن فلا يدلّ الإذن فيها على الإذن فيها بالالتزام و ظاهر انتفاء دلالتي المطابقة و التضمّن انتهى المهمّ ممّا في (- لك -) انظر يرحمك اللّه تعالى الى استدلاله بالقاعدة و عدم تأمّله فيها و ابدائه في تقرير (- كرة -) على الإشكال مانعا فكان على الماتن (- ره -) امّا عدّ (- لك -) (- أيضا -) متأمّلا في القاعدة أو عدم عدّ المحقّق الثّاني من المتامّلين فيها قوله طاب ثراه في شرح قول العلاّمة (- ره -) (- اه -) عبارة (- عد -) هكذا و لو قال زوّجت بنتك من فلان فقال نعم بقصد اعادة اللّفظ للإنشاء فقال الزّوج قبلت صحّ على اشكال و لو قصد الأخبار كذبا لم ينعقد و عبارة (- مع صد -) على ما سطره الاّ انّ الموجود فيها ان بدل إذا في قوله إذا لم يكن (- اه -) و يمكن المناقشة في استفادة التأمّل في القاعدة من عبارة (- مع صد -) بأنّه لم ينكرها و انّما عارضها بعلّة أخرى بل لعلّ قوله و ينبغي التأمّل لذلك ظاهر في قبوله القاعدة لأنّه بمنزلة قوله لو لا القاعدة لقضينا بأصالة العدم الاّ انّ القاعدة أورثت لنا التّأمل في الحكم قوله طاب ثراه لكنّ الإنصاف أنّ القضيّة المذكورة في الجملة اجماعيّة (- اه -) لا يخفى عليك انّ كون قضيّة مهملة مجملة مجمعا عليها لا تنفع في الاستدلال بها في موارد الشكّ كما مرّت الإشارة الى ذلك منّا قوله طاب ثراه الاّ انّه وافق الأصحاب في إقرار الصّبي (- اه -) قد سمعت عند شرح دعوى الماتن (- ره -) اطباقهم على الاستناد إلى القاعدة في صحّة إقرار الصّبي في الأمور المذكورة عبارة (- مع صد -) النّاطقة بذلك قوله طاب ثراه مع إمكان ان يكون مراده عدم الحاجة (- اه -) قد بيّنا هذا المعنى عند نقله كلام الفخر سابقا و أشرنا إلى نظيره في عبارة القواعد المزبورة عن قريب قبل التفاتنا الى إشارته (- قدّه -) الى هذا المعنى فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه و كيف كان فلم أجد فقيها أسقطه عن استقلال التمسّك (- اه -) قد سمعت إسقاط علاّمة المصابيح (- ره -) و شيخ الجواهر (- ره -) و غيرهما للقاعدة عن استقلال التمسّك و لعلّه أراد من تقدّم عليهما من الفقهاء (- رض -) فتأمّل قوله طاب ثراه و كذا ظاهر فتواه في (- عد -) بانّ المريض لو أقرّ (- اه -) (11) الموجود في (- عد -) في باب إقرار المريض بعد إنفاذ إقرار المريض مع التّهمة من الثلث و مع عدمها من الأصل في جملة من الموارد هو قوله و لو أقرّ بوارث فالأقرب اعتبار التهمة و عدمها و كذا إقراره بإحبال الأمة أو إعتاق أخيه المملوك و له عمّ انتهى و فيه دلالة على ما عزاه اليه الماتن (- ره -) لكن لا (- مط -) بل مع التهمة كما لا يخفى قوله طاب ثراه الاّ ان يبنى على عدم العبرة بمخالفة العلاّمة (- اه -) (12) هذا ممّا لا يمكن التفوّه به لأنّه إذا لم يكن مخالفة مثل العلاّمة أية اللّه تعالى قادحة في الإجماع إذا لتسهّل الأمر في دعوى الإجماع إلى الغاية و كيف يطمئنّ الفقيه عند مخالفة أمثاله بصدور الحكم من الإمام عليه السّلام أو وجود مستند قويم له قوله طاب ثراه مع انّ عبارتها لا تخلو عن الحاجة الى التأمّل (- اه -) (13) لم أفهم للتّأمّل وجها بل عبارة (- كرة -) صريحة في عدم نفوذ إقرار الصّبي في وصيّته أيضا لأنّه قال يشترط في المقرّ البلوغ فاقارير الصبيّ لاغية سواء كان مميّزا أو لا و سواء كان اذن له الوليّ أو لا عند علمائنا الى ان قال و لنا و للشّافعيّة قول في صحة تدبيره و وصيّته فعلى هذا القول عندنا و عند الشّافعي يصحّ إقراره بهما و الحق ما تقدّم لأنّ إقراره لا يصحّ بغير ذلك و بغير ما اذن له فيه فكذا بهما و بالبيع و الشّراء

ص:328

كالمجنون انتهى قوله طاب ثراه و ظاهر ان ليس مستند له الاّ القضيّة المذكورة (- اه -) هذا الظهور ممنوع كما نبّهنا عليه عند نقل عبارة (- كرة -) في أوائل الرّسالة قوله طاب ثراه و اعتبار إقرار الولي و الوكيل (- اه -) عطف على اعتبار قول الصّبي و الوجه فيما افاده (- قدّه -) ظاهر لكن قد عرفت من علاّمة المصابيح المنع من كون إقرار الولي و الوكيل من باب القاعدة لعدم اندراجه في الإقرار كما يكشف عن ذلك اعتبارهم ضمّ اليمين إلى إقراره و لو كان اعتباره من باب الإقرار لما احتاج الى ضمّ اليمين قوله طاب ثراه و الحاصل انّ بين هذه القاعدة و قاعدة الايتمان عموما من وجه (- اه -) لجريان هذه القاعدة فيمن يملك أمر الشيء حال ملك الأمر أمينا كان أو غيره لا بعد زوال ملك الأمر و جريان قاعدة الايتمان في الأمين خاصّة حال الاستيمان و بعدها لا في غير الأمين فلكلّ منهما عموم من جهة و خصوص من جهة أخرى قوله طاب ثراه ثمَّ انّه يمكن ان يكون الوجه في القضيّة المذكورة (- اه -) الإمكان لا نمنعه الاّ انّ الكلام في الوقوع و كونه علة فإنّه ممّا لا شاهد عليه بوجه بل هو مجرّد حدس و تخمين و مجرّد كون هذا الظّهور أقوى من ظهور حال المسلم كما نبّه عليه بقوله و لو تأمّلت هذا الظّهور (- اه -) لا يدلّ على اعتباره بعد قيام الدّليل على اعتبار ظهور حال المسلم دون هذا الظهور و الأولويّة غير مقطوعة و الإلحاق من دونها قياس لا نقول به و قد نبّه على ما ذكرنا هو (- ره -) في أخر كلامه بقوله و لكن الظهور المذكور لا حجيّة فيه (- اه -) فلاحظ قوله طاب ثراه فانّ الشيخ (- ره -) حكم في (- ط -) (- اه -) عبارة (- ط -) خالية عن التعرّض لدفع النفقة عن نفسه و انّما تضمّنت قبول إقراره قال (- ره -) إذا وجد عبدا فلا يخلو امّا ان يكون صغيرا أو مراهقا أو كبيرا فان كان صغيرا له ان يلتقط بعد ان يعلم انّه عبد لأنّه يجري مجرى المال و ان كان مراهقا كبيرا مميّزا فإنّه كالضّوال مثل الإبل و الخيل ليس له ان يلتقطه فإن أخذه يرفعه الى الحاكم و يأخذه الحاكم فان كان الحظّ في حفظه حفظه و ينفق عليه حتّى يجيء صاحبه و إن كان الحظّ في بيعه باعه و حفظ ثمنه على صاحبه و قال كنت أعتقته قبل هذا فهل يقبل إقراره أم لا قيل فيه وجهان أحدهما يقبل لانّه غير متّهم في هذه لأنه يقول لا أريد الثمن و الثّاني لا يقبل قوله لانّ بيع الحاكم كبيعه و لو باعه ثمَّ قال كنت أعتقته قبل البيع لم يقبل قوله و الأوّل أصحّ و الفرق بين بيعه و بيع الحاكم انه إذا أقرّ ببيع نفسه فإنّه يكذب نفسه و ليس كذلك بيع الحاكم لانّه لا يكذب نفسه انتهى ما في (- ط -) و هو كما ترى خال من التعرّض لدفع النفقة عن نفسه

حاشية على رسالة لا ضرر

في بيان معنى القاعدة و بيان مدركها و حالها مع الأدلة المعارضة لها في الظاهر

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به ثقتي

قوله طاب ثراه في رسالة نفى الضّرر و لا بدّ من ذكر الأخبار (- اه -) الوجه في اللاّبديّة دليل انحصار القاعدة فيها كما سننبّه عليه (- إن شاء الله -) (- تعالى -) في ذيل الكلام على المراد بالأخبار فيتوقّف الكلام في القاعدة و فهم مؤدّاها على ذكر الأخبار و البحث عن معناها قوله طاب ثراه ففي موثقة زرارة (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن عدّة من أصحابه عن احمد بن محمّد بن خالد عن أبيه عن عبد اللّه بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام و وصف (- المصنف -) (- قدّه -) لها بالموثّقيّة انّما هو باعتبار عبد اللّه بن بكير حيث انه فطحيّ موثّق وثّقه جمع منهم الشيخ (- ره -) في الفهرست و العلاّمة (- ره -) في الخلاصة و غيرهما لكن لا يخفى عليك أمران الأول انّ عبد اللّه بن بكير مشترك بين جماعة منهم عبد اللّه بن بكير الأرجاني و هو مرتفع القول ضعيف و منهم عبد اللّه بن بكير عبد يائيل الّذي دفع أمير المؤمنين عليه السّلام إليه راية كنانة يوم خروجه من الكوفة إلى صفّين و منهم عبد اللّه بن بكير بن أعين بن سنسن أبو على الشيباني و الّذي كان فطحيّا موثّقا هو هذا و يعرف كونه هو برواية عبد اللّه بن جبلة أو ابن ابى عمير أو علىّ بن الحكم أو ابن أذينة أو الحسن بن على بن فضال أو أحمد بن الحسن بن علىّ بن فضال أو القاسم بن عروة أو علىّ بن رئاب أو منصور بن يونس أو الحسين بن سعيد أو محمّد بن عبد الجبّار المشهور بابن ابى الصّهبان عنه على ما صرّح به في مشتركات الكاظمي (- ره -) و لا يخفى انّ الرّاوي عنه في السّند المذكور ليس أحد هؤلاء و لعلّ تعيين انّه ابن بكير بن أعين بروايته عن عمّه زرارة حيث عدوّه من جملة من يروى عنه الثّاني انّ عبد اللّه بن بكير بن أعين ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه و عملت الطّائفة بما رواه و أقرّوا له بالعظمة و قد عدّ العلاّمة (- ره -) في (- لف -) في مسئلة تبيّن فسق الإمام روايته من الصّحاح لحكاية إجماع العصابة فلا تذهل قوله طاب ثراه انّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط (- اه -) سمرة بفتح السّين المهملة و ضمّ الميم شجر معروف صغار الورق قصار الشّوك و له برمة صفراء يأكلها النّاس و ليس في العضاة شيء أجود خشبا من السّمرة ينقل إلى الغري فتغمى به البيوت و به سمّى جمع منهم سمرة بن جندب بن هلال الفزازى أبو سعيد و قيل أبو عبد الرّحمن و قيل أبو عبد اللّه و قيل أبو سليمان حليف الأنصار مات بعد أبي هريرة و جندب بضمّ الجيم و الدّال أو فتح الثاني أو كسر الأوّل و فتح الثاني على اختلاف اللّغات فيه الّتي أضعفها الأخير جراد معروف و قيل هو الذكر من الجراد و قيل انّه الصّدى يصرّ باللّيل و يقفز و يطير و قيل هو أصغر من الصّدى يكون في البراري و به سمّى جمع منهم جندب بن هلال و العذق بالعين المفتوحة و الذّال السّاكنة وزان فلس النّخلة تجملها عند أهل الحجاز و الجمع اعذق و عذاق كافلس و كتاب و هو المراد هنا دون العذق بالكسر بمعنى العرجون بما فيه من الشّماريخ؟؟؟ و جمعه أعذاق كاحمال و الحائط الجدار و البستان (- أيضا -) من النخيل إذا كان عليه حائط قوله طاب ثراه فقال صلوات اللّه عليه و آله لك بها عذق في الجنّة (- اه -) قد سقط من قلمه الشّريف كلمة يمدّ لك أو مذلّل قبل قوله (- ص -) في الجنّة و المراد بالمدّ واضح و بالمذلّل ما في المجمع من قوله و ذلّلت قطوفها تذليلا اى ان قام ارتفعت اليه و ان قعد تدلّت عليه و قيل معناه لا تمتنع على طالب انتهى قوله طاب ثراه و في رواية الحذّاء (- اه -) قد رواها الصّدوق (- ره -) بإسناده عن الحسن الصّيقل عن ابى عبيدة الحذّاء قال قال أبو جعفر عليه السّلام كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بنى فلان فكان إذا جاء الى نخلته ينظر إلى شيء من أهل الرّجل يكرهه الرّجل قال فذهب الرّجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فشكاه فقال يا رسول اللّه انّ سمرة دخل علىّ

ص:329

بغير اذنى فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه فأرسل إليه رسول اللّه (- ص -) فدعاه فقال يا سمرة ما شأن فلان يشكوك و يقول يدخل بغير اذنى فترى من اهله ما يكره ذلك يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ثمَّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسرّك ان يكون لك عذق في الجنّة بنخلتك قال لا قال لك ثلثة قال لا قال ما أراك يا سمرة إلاّ مضارّا اذهب يا فلان فاقطعها و اضرب بها وجهه و انّما عبّر (- المصنف -) (- ره -) عنه بالرّواية لأنّ في الحسن بن زياد الصّيقل جهالة و كذا في طريق الصّدوق (- ره -) اليه قوله طاب ثراه و في رواية ابن مسكان (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن علىّ بن محمّد بن بندار عن احمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه عن بعض أصحابنا عن عبد اللّه بن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام انّ سمرة بن جندب كان له عذق و كان طريقه إليه في جوف منزل رجل من الأنصار و كان يجيء و يدخل الى عذقه بغير إذن الأنصاري فقال الأنصاري يا سمرة لا تزال تفجأنا على حال لا نحبّ ان تفجأنا عليها فاذا دخلت فاستأذن قال لا استاذن في طريقي و هو طريقي إلى عذقي قال فشكاه الأنصاري إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأرسل إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأتاه فقال له انّ فلانا قد شكاك و زعم انّك تمرّ عليه و على اهله بغير إذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل فقال يا رسول اللّه (- ص -) استاذن في طريقي إلى عذقي فقال له رسول اللّه (- ص -) خل عنه و لك مكانه عذق في مكان كذا و كذا قال لا قال و لك اثنان قال لا أريد فجعل يزيده حتّى بلغ عشرة اعذق فقال لا فقال لك عشرة في مكان كذا و كذا فأبى فقال (- ص -) خلّ عنه و لك مكانه عذق في الجنّة فقال لا أريد فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّك رجل مضار و لا ضرر و لا ضرار على المؤمن قال ثمَّ أمر بها رسول اللّه (- ص -) فقلعت ثمَّ رمى بها اليه فقال رسول اللّه (- ص -) انطلق فاغرسها حيث شئت و انّما سمّاها الماتن (- ره -) رواية لما في طريقها من الإرسال و جهالة بعض رجاله قوله طاب ثراه و في هذه القصّة إشكال (- اه -) وجه الإشكال انّه كما انّ دخول سمرة من غير استيذان ضرر على الأنصاري فكذا منع السّمرة من التصرّف في ملكه و قلع نخلته ضرر عليه فضرر الأنصاري معارض بضرر سمرة فما الّذي أوجب دخول الأنصاري في عنوان من ينفى عنه الضّرر بخلاف سمرة و كيف يتمّ تعليل النّبي (- ص -) امره بالقلع و تقديمه ضرر الأنصاري بقوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار مع انّ المورد من تعارض الضررين فترجيح أحدهما على الأخر بسبب عدم الضرر و الضّرار مناف للقاعدة و ظاهر الماتن (- ره -) الالتزام بالإشكال و الاعتذار بعدم منعه من التمسّك بهذه الأخبار المتضمّنة لنفي الضّرر و الضّرار في موارد الضرر و ربّما أجيب عن الإشكال بأنّ قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار تعليل لكون سمرة مضارّا كما أشار (- ص -) إليه في رواية الحذاء بقوله (- ص -) لا أراك يا سمرة إلاّ مضارّا و لمّا كان الإضرار بالغير (- مط -) حراما و كان سمرة مضارّا منعه (- ص -) أوّلا من الإضرار بالأنصارى فلما لم يمتنع من ذلك دفع الضّرر عن الأنصاري بقلع عذق سمرة فكان كون سمرة قاصدا للضّرر سلب احترام ماله فبقي ضرر الأنصاري بغير معارض فنفاه صلّى اللّه عليه و آله بالأمر بالقلع و ربّما احتمل بعضهم كون هذه الأخبار مسوقة لبيان حكم الإضرار كما هو مقتضى مواردها و يدفعه ما تقرّر في محلّه من انّ العبرة بعموم الجواب و انّ خصوصيّة المورد لا تخصّصه و احتمل أخر كون هذه الاخبار مسوغة لبيان انّه إذا تعارض الضّرران و كان دفع الضّرر عن أحدهما مع عدم الإضرار بالآخر ممكنا لزم دفعه فإنّه صلّى اللّه عليه و آله أراد الجمع بين الحقّين بأن يستأذن سمرة عند الدّخول أو يبيع نخلته بأعلى القيم أو نحو ذلك فلم يرض فأمر (- ص -) بقلعها و رميها لتبيّن قصد سمرة الإضرار بالأنصارى من غير عكس فتصرّف سمرة و إن كان في ملكه الاّ انه لما كان بحيث يتضرّر الأنصاري و كان ضرر سمرة ممكن الدّفع بالاستيذان عند ارادة الدّخول أو بيعه العذق بأعلى القيم كان ممّا له جابر بخلاف ضرر الأنصاري فلهذا قدّم صلّى اللّه عليه و آله ضرر الأنصاري على ضرر سمرة فقد استفيد من الحديث انّ تصرّف المالك في ملكه إذا استلزم تضرّر الجار مع إمكان دفعه بحيث لا يتضرّر المالك حرام منفيّ قوله طاب ثراه و منها رواية عقبة (- اه -) قد رواها الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عبد اللّه بن هلال عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و تسميته رواية لعلّها باعتبار محمّد بن عبد اللّه بن هلال المجهول حاله و الاّ فالّذين قبله ثقتان و عقبة حسن قوله طاب ثراه و منها ما عن (- كرة -) (- اه -) قد أرسله هو (- ره -) في محكي نهاية الأحكام و الشّهيد (- ره -) في (- كرى -) و غيرهما (- أيضا -) بل هو من الأخبار النبويّة المشهورة بين الفريقين المستدلّ بها في كتبهم في العلمين الفقه و الأصول بحيث لو ادّعى تواتره لم يكن بعيدا كما لا يخفى على المتدبّر قوله طاب ثراه و منها رواية هارون بن حمزة الغنوي (- اه -) قد رواها الشيخ (- ره -) في (- يب -) بإسناده عن محمّد بن احمد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن يزيد بن إسحاق شعر عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و قد سقط من قلم الماتن (- ره -) بين كلمة مريضا و كلمة يباع كلمة و هو و كلمة فجاء ليست في النسخة و انّما الموجود فأشرك و في بعض النسخ بدل ثمنه كلمة ثمانية و الغنوي بالغين المعجمة و النّون و شعر بالشين المعجمة و العين المهملة و الرّاء لقب يزيد بن إسحاق بن ابى السّخف الغنوي و لم افهم وجه تسمية الماتن (- ره -) هذه رواية مع انّ محمّد بن احمد و محمّد بن الحسين حالهما في الثقة مشهورة و يزيد بن إسحاق فيه مدح عظيم و حكم العلاّمة (- ره -) بصحّة حديثه و الشهيد الثّاني (- ره -) بتوثيقه و هارون بن حمزة قد وثّقه المجلسي (- ره -) في الوجيزة و حكى عن المفيد (- ره -) (- أيضا -) توثيقه فلاحظ و تدبّر قوله طاب ثراه و منها رواية أخرى لعقبة (- اه -) سند هذه الرّواية عين سند روايته الأولى قوله طاب ثراه هذه جملة ما عثرنا عليها (- اه -) قلت هناك اخبار أخر مرادفه أو مقاربة للأخبار المذكورة لم يسطرها (- قدّه -) فمنها ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن احمد بن محمّد عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه (- ع -) قال انّ الجار كالنّفس غير مضارّ و لا اثم بيان كلمة غير مضار امّا منصوب حالا أو مرفوع خبرا بعد خبر عن الجار و الخبر الأوّل كلمة كالنّفس و ذلك شائع و قد افاده ابن مالك بقوله و أخبروا باثنين أو باكثرا عن واحد كهم صراط شعرا فتكون الجملة عليه إنشائيّة ثمَّ انّه قال الجوهري في الصّحاح إثمه اللّه في كذا ياثمه اى عدّه عليه اثما فهو مأثوم انتهى و (- ح -) فلعلّ المراد بالحديث انّ الرجل كما لا يضارّ نفسه و لا يوقعه في الإثم أو لا يعدّ عليه الأمر اثما فكذا ينبغي ان لا يضر جاره و لا يوقعه في الإثم بل يبعده و لا يعدّ عليه الأمر إثما أي لا ينسب إليه الإثم بسبب الأمر الّذي رآه منه فيحمل ما صدر منه على المحمل الصّحيح أو يعفو عنه و منها ما رواه الكليني (- ره -) عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسن قال كتبت الى ابى محمّد عليه السّلام رجل كانت له رحى على نهر قرية و القرية لرجل فأراد صاحب القرية ان يسوق الى قريته الماء في غير هذا النّهر و يعطّل هذه الرّحى ا له ذلك أم لا فوقع عليه السّلام يتّق اللّه عزّ و جلّ و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضرّ أخاه المؤمن و منها الحسن على المشهور في إبراهيم الصّحيح على المختار الّذي رواه الكليني (- ره -) عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حمّاد عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سالته عن الشيء يوضع على الطّريق فتمر الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره فقال كلّ شيء يضرّ بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه و مثله الحسن الذي رواه الشيخ (- ره -) بإسناده عن احمد بن محمّد عن علىّ بن النّعمان عن ابى الصّباح الكناني قال قال أبو عبد اللّه (- ع -)

ص:330

من أضرّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن و صحيحة البزنطي عن حمّاد عن معلّى بن خنيس عنه عليه السّلام قال من أضرّ بطريق المسلمين شيئا فهو له ضامن بيان الشيء منوّنا بمعنى يسير فكأنّه قال من أضرّ بطريق المسلمين إضرارا يسيرا فهو وصف للمفعول المطلق و هو إضرارا حذف المفعول و أقيم وصفه مقامه و ذلك جائز كما أشار إليه ابن مالك بقوله و قد ينوب عنه ما عليه دلّ كجدّ كلّ الجد و افرح الجذل و عن بعض الأفاضل (- ره -) انّه قال في معنى هذه الأخبار الثلاثة انّ مقتضى الحديث انّ من أضرّ في الطريق على احد بشيء فهو ضامن على ان يكون لفظتا الباء و من بمعنى في و يكون المجرور متعلّقا بقوله عليه السّلام أضرّ و يكون الطريق ظرفا للإضرار و يحتمل ان يكون ظرفا للشيء و يكون المجرور متعلّقا بمحذوف و يكون المعنى من أضرّ شيئا كائنا في طريق المسلمين أو بشيء كائن فيه فهو ضامن و مئال المعنيين واحد و يمكن ان يكون المجرور بيانا للشيء و يكون الباء في الحديث الأخر بمعنى من و يكون المعنى من أضرّ بشيء من الطّريق بان نصب فيه ميزابا أو حفر فيه بئرا أو وضع فيه حجرا أو رشّ فيه ماء أو غير ذلك ممّا يوجب الضّرر على المسلمين فهو ضامن لما يتلف بسبب ذلك الضّرر و الفرق بين هذا المعنى و سابقيه انّ هذا أخصّ منهما لاختصاصه بما إذا كان الضّرر بسبب احداث أمر في الطّريق و عمومها انتهى ثمَّ انّه ربّما يتأمّل في دلالة هذه الأخبار الثلاثة على ما هو المقصود في الباب و يجاب بإمكان الاستدلال بها امّا على الحكم الوضعي فبتقريب أنّ الضّرورة قائمة على عدم الفرق بين الطّريق و غيره و لو عند الفقهاء (- رض -) و امّا على الحكم التكليفي فبقيام الملازمة بين الضّمان من العاقل البالغ المختار العالم العامد في الفعل و بين الحرمة (- فت -) كي يظهر لك كون هذه الأخبار أجنبيّة عن القاعدة كما تنبّه عليه في ذيل شرح الثّاني من تنبيهات المتن إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه مضافا الى (- اه -) قلت و الى تأيّدها بعمل الأصحاب بل بقاعدة نفى العسر و الحرج كما ذكره بعض الأعلام و تخيّل انّ القاعدة عقليّة لا مدخل فيها للأخبار غلط قوله طاب ثراه و لم أعثر عليه (- اه -) قد عثرنا على ذلك فوجدنا صدق النسبة فإنّه (- ره -) قال في أواخر كتاب الرّهن في مسئلة ما لو أقرّ الراهن بعتق عبده المرهون ما لفظه و ثالثها العتق فنقول يجب عليه فكّ الرهن و أداء الدّين فاذا تعذّر و بيع في الدين وجب افتكاكه فان بذله المشترى بقيمته أو بأقلّ وجب فكّه و لو بذله بالأزيد و لو بأضعاف قيمته فالأصحّ وجوب فكّه عليه لوجوب تخليص الحرّ فإنّه لا عوض له الاّ التخليص و لا يمكن إلا بالأزيد من قيمته و ما لا يتمّ الواجب الاّ به فهو واجب و احتمال عدمه لإمكان استلزامه الضّرر بان يحيط بمال الرّاهن و الضّرر منفي بالحديث المتواتر ضعيف و لا وجه له عندي انتهى قوله طاب ثراه امّا معنى الضّرر فهو معلوم عرفا (- اه -) لا يخفى عليك ما في العبارة من المسامحة حيث انّ الابتداء بكلمة امّا يقتضي أن يعطف عليه قوله و امّا الضّرار و قد اكتفى بما في عبارة ابن الأثير من قوله و الضّرار و كيف كان فالضّرر عرفا بل و لغة ضدّ النّفع قال في تاج العروس مازجا بالقاموس الضرّ و يضمّ لغتان ضدّ النّفع أو الضرّ بالفتح مصدر و بالضمّ اسم و هما لغتان كالشهد و الشّهد فاذا جمعت بين الضرّ و النّفع فتحت الضّاد و إذا أفردت الضرّ ضممت إذا لم تستعمله مصدرا كقولك ضررت ضرا هكذا تستعمله العرب كذا في لحن العوام للزّبيدى و قال أبو الدّقيش كلّ ما كان من سوء حال و فقر أو شدّة في بدن فهو ضرّ و ما كان ضدّ النّفع فهو ضر يقال ضرّه يضرّه ضرّا و ضرّ به و أضرّه إضرارا و أضرّ به و ضارّه مضارة و ضرارا بالكسر بمعنى و الاسم الضّرر فعل واحد و الضّرار فعل اثنين و به فسّر الحديث لا ضرر و لا ضرار اى لا يضرّ الرّجل أخاه فينقصه شيئا من حقّه و لا يجازيه على إضراره بإدخال الضّرر عليه و قيل هما بمعنى و تكرارهما للتّأكيد انتهى قوله طاب ثراه إذا فعل به مكروها (- اه -) الظّاهر انّ المراد به ما في كلام ابن الأثير من تفسيره بنقص شيء من حقّه كما يشهد به قوله و قد يطلق على نقص في الأعيان فإنّ مقابلة فعل المكروه بنقص في الأعيان شاهد على انّ المراد بفعل المكروه النقص في حقّه قوله طاب ثراه و الضّرر فعل الواحد (- اه -) لا يخفى عليك انّ هذا المعنى لا يلائم جملة من الأخبار المزبورة لعدم تأتّيه في قول النّبي (- ص -) انك رجل مضارّ و لا في قول الصّادق عليه السّلام هذا الضرر قوله طاب ثراه و قيل الضّرر ما تضرّر به (- اه -) هذا فرق ثان بينهما و لهذا الاختلاف ادّعى بعضهم إجمال معنى الضّرار و ربّما قيل في الفرق بين اللفظتين انّ الضّرر هو الاسم و الضّرار هو المصدر فيكون المراد بالحديث النّهى عن إيصال الضّرر الى الغير و عن نفس الفعل الّذي هو المصدر و نحن نقول انّ كون الضّرر اسما أو مصدرا لا يغيّر معناه إذ مئال كلّ من الاسم و المصدر في المعنى الى واحد فمعنى الخبر ما سبق نقله من أهل اللّغة إذ هو المتبادر عرفا من ذلك اللّفظ و لا ينافيه إتيان الضّرر بمعنى أخر سواه و الحاصل انّ الضّرر هو ضدّ النّفع و بمعناه الإضرار و امّا الضرار فان قلنا انّ معناه معنى الضّرر و انّهما متّحدان بحسب المعنى كما هو ظاهر بعض أهل اللّغة على ما عرفته فالأمر واضح و ان قلنا بأنّه ليس بمعنى الضّرر بل معناه ما أخذ فيه المجازات أو الاثنينيّة أو انّ معناه ان تضرّ صاحبك من غير ان تنتفع كان مغايرا لمعنى الضرر الاّ انّ الظّاهر من رواية هارون بن حمزة المتقدّمة هو عدم اعتبار شيء من المجازات و الاثنينيّة لكن المعنى الأخير مناسب فيها قوله طاب ثراه أحدها حمله على النّهى (- اه -) حكى هذا الوجه عن البدخشى و غرضه انّ الجملة الخبريّة بمنزلة الإنشاء و النفي بمعنى النّهى و المعنى يحرم الضّرر و الضّرار فتكون الأخبار على هذا مسوقة لبيان حكم تكليفي و يساعد على ذلك قول النّبي (- ص -) في قصّة سمرة ما أريك إلاّ رجلا مضارّا حيث ذمّه على الإضرار و فعل الضّرر و يقرب من هذا القول ما احتمله الفاضل النّراقي (- قدّه -) في العوائد من بقاء النفي على حقيقته و ورود الخبر لبيان الحكم التكليفي (- أيضا -) بتقدير لفظ فالتقدير لا ضرر و لا ضرار مشروعا أو مجوّزا أو مأذونا فيه في دين الإسلام و نوقش في المعنيين جميعا بانّ حمل النّفي على النّهى و الجملة الخبريّة على الإنشائيّة و كذا الإضمار على الثّاني مع حمل لا النافية للحقيقة على نفى الوصف مجازات لا يصار إليها إلاّ مع القرينة و لا قرينة لشيء من تلك المجازات فلا وجه للحمل عليها لا يقال انا ان سلّمنا عدم القرينة على المعنى الثّاني فالقرينة على الأوّل موجودة و هو الضّرر الواقع في قضيّة سمرة فإنّه قرينة على ارادة بيان حرمة الضّرر لأنّا نقول انّ الضّرر لو كان قد بقي على حاله و لم يقترن بما يمنع عن دلالته صحّ قرينة على المعنى الأوّل الاّ انّ المانع قد اقترن به و هو قرينة المقام و هو انّ النّبي (- ص -) لم يكن بصدد بيان حرمة ذلك الضّرر الواقع في تلك القضيّة بل كان بصدد بيان انه ليس في حكم من أحكام الإسلام من حيث هو إسلام ضرر بمعنى انّ شرع الإسلام ليس على وجه الضّرر بان يكون في شيء من أحكام الإسلام ضرر و (- ح -) لا يبقى للضّرر الواقع صلاحيّة لصيرورته قرينة على ما يدّعى كما هو ظاهر و الحاصل انّ ارادة الحكم التّكليفي من الأخبار لا وجه لها و ربّما يستشهد لعدم ارادة الحكم التكليفي بأمور فمنها انه صلّى اللّه عليه و آله اثبت الشفعة للشّريك في رواية عقبة المزبورة بقوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار و من البيّن انها ليست من الأحكام التّكليفيّة و انما هي من الأحكام

ص:331

الوضعيّة فحملها على إرادة الحرمة لا يتمّ إذ ليس في موارد الشفعة فعل يتعلّق به الحرمة مع انّ الإمام عليه السّلام أثبتها بحديث الضّرر بيان ذلك على ما افاده حضرة الشيخ الوالد أنار اللّه برهانه في البشرى و مجلس البحث انّه إذا باع الشّريك حصّته من غير شريكه فالفعل الّذي يحتمل النّهى عنه امّا إيقاع العقد أو إبقائه و لا إشكال في عدم حرمة الأوّل و عدم تعقّل تعلّق النّهي بالثّاني إذ الإبقاء انّما هو فعل اللّه عزّ و جلّ دون المكلّف مع انّ حرمة الإبقاء بعد تسليمها لا يستفاد منها ثبوت الشّفعة إذ لا منافاة بين حرمة الإبقاء و عدم ثبوت حقّ الشّفعة للشّفيع و بالجملة لا يمكن استفادة الحكم الوضعي الّذي هو الشّفعة هنا من النّهى المتعلّق بالإبقاء كما انّه لا يمكن استفادة فساد اللّفظ من النّهى المتعلّق ببيع الزّاد و الرّاحلة في حقّ من وجب عليه الحجّ و نظير ذلك النّهى المستفاد من مخالفة الوفاء بالشّروط المأمور به فيما لو اشترى ثوبا و اشترط ان يبيعه البائع ثوبا أخر ثمَّ انّ البائع باعه من غيره فإنّه يحرم البيع الثّاني و مع ذلك يحكم بصحّته و لا يمكن استفادة الحكم الوضعي أعني الفساد من الحكم الطّلبي الّذي هو التحريم و الوجه في ذلك عدم تعلّق النّهي بماهيّة المعاملة و أركانها و انّما تعلّق بأمر خارج فإنّ النّهي عنها انّما هو من جهة النّهي عن عدم الوفاء بالعقد المتحقّق في ضمنها لا من حيث هي كما في البيع الرّبوي و (- كك -) النّهى عن بيع الزاد و الرّاحلة انّما هو من جهة حرمة تفويت الحجّ لا من حيث هو و امّا استفادة فساد الصّلوة و بطلانها من النّهى عن إيقاعها في المكان المغصوب و اشتراط اباحة المكان بهذا النّهى فإنّما هي من جهة عدم حصول الامتثال بالأمر المتعلّق بالصّلوة و مرجعه الى عدم جواز اجتماع الأمر و النّهى لا من مجرّد دلالة النّهى على الفساد كما لا يخفى و منها انّ الفقهاء (- رض -) يستدلّون بهذه الأخبار على ثبوت الخيار للمغبون و غيره من ذوي الخيار و لا ريب في انّ ثبوت الخيار للمغبون و غيره ليس من الأحكام التكليفيّة في شيء لعدم حرمة البيع المشتمل على الغبن و المبيع المعيوب و نحو ذلك بل نزيد على ذلك و نقول انّ الخيار انّما يثبت في صورة الغفلة حين العقد عن الغبن و العيب و نحوهما و من البيّن عدم الحكم التكليفي في حال الغفلة فلا يتأتّى (- ح -) حمل الأخبار على ارادة بيان الحكم التّكليفي و منها انّه لو كانت الأخبار مسوقة لبيان الحكم التّكليفي أعني حرمة الضّرر لم يصحّ ما تداوله الفقهاء (- رض -) من الاستدلال بها على نفى وجوب الوضوء عند العلم بالضّرر أو خوفه و نفى وجوب الحجّ عند العلم بالضّرر في الطريق و نحو ذلك بل لزم قصر اجراء القاعدة على أفعال العباد إذ لا معنى لقولك في أمثال الوضوء و الحجّ و نحوهما و يحرم إيجاب الوضوء و نحوه على اللّه سبحانه و منها انّ من المقرّر في محلّه انّ الاستدلال بقاعدة الضّرر لإثبات الخيار للمغبون و الشفعة للشّريك و نحوهما انّما هو مبنى على كون المراد بالضّرر النّوعي منه ضرورة انّه قد لا يكون الغبن ضررا بالنّسبة إلى مغبون و قد لا يكون عدم الشّفعة ضررا على شريك و ذلك مناف لجعل لا بمعنى النهي إذ النّهي لا يتوجّه الاّ الى الأشخاص دون الأنواع الاّ ان (- يق -) انّ النّهى انّما يتعلّق بالأشخاص في ضمن الأنواع ألا ترى الى انّ الحرمة في قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ قد توجّهت الى كلّ فرد فرد في ضمن النوع (- فت -) و منها انّ قوله (- ص -) في الإسلام كما في بعض طرق الحديث لا يناسب كون لا بمعنى النّهي إذ الإسلام عبارة عن الأحكام فيصير المعنى يحرم فعل الضّرر في الأحكام و لا خفاء في ركاكته لانّ ذكر في الإسلام (- ح -) غير ملائم امّا لو كان بالمعنى الأخر فيكون المعنى انّه لم يجعل الشّارع في الإسلام حكما يلزم منه الضّرر على احد يعنى انّ الحكم المشتمل على الضّرر ليس من الإسلام و لا من أحكامه المجعولة قوله طاب ثراه الثّاني (- اه -) النّفي على هذا التقدير يكون باقيا على حقيقته و يكون الكلام استعارة فكأنّه في مقام دعوى انّ الضّرر المتدارك ليس بضرر كادّعاء انّ الرّجل الشجاع أسد فلا يلزم إضمار الاّ انّ فيه ما سيشير اليه الماتن (- ره -) قوله طاب ثراه الثالث (- اه -) قد صدر منهم وجهان اخران رابع تقدّم في ذيل الكلام على الأوّل و خامس و هو كون المراد نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة الأولية يعنى انّ الأحكام الواقعيّة كلّها منافع بالنّسبة إلى المكلّفين لا ضرر فيها أصلا و فيه انّ هذا المعنى غير منساق من اللّفظ بوجه سيّما بمعونة النّظر في مواردها مثل قضيّة سمرة و رواية عقبة و رواية التشريك في الرّأس و الجلد كما هو ظاهر قوله طاب ثراه ان يراد به نفى الحكم الشّرعي (- اه -) حاصل هذا المعنى انّه ليس من احكام دين الإسلام ما يوجب ضررا فكلّ ما تضمّن ضررا ليس منها و لا من مجعولات الشّارع فلم يرض اللّه سبحانه لعباده بضرر لا من جانبه تعالى و لا من جانب بعضهم بالنّسبة إلى أخر ممّا فيه ضرر غير مرضى عنده سبحانه قوله طاب ثراه و ان قال به بعض الفحول (- اه -) هذا البعض هو الفاضل النّراقي (- ره -) في عوائده قوله طاب ثراه لانّ الضّرر الخارجي (- اه -) قد نوقش في الاحتمال الثّاني بوجوه أحدها انّه مجاز لا يصار اليه الاّ بدليل مفقود في المقام ثانيها ما افاده الماتن (- ره -) و حاصله انّ مجرّد أمر الشّارع بتدارك الضّرر بعد وقوعه لا يجعله بمنزلة العدم و لو تنزيلا بل التنزيل انّما يصحّ بعد تحقّق التّدارك بالفعل و توضيح ذلك انّ الضّرر الواقع الصّادر من المكلّف لا يتدارك بأمر الشّارع بالتّدارك حتّى ينزّل منزلة عدمه بخلاف ما لو كان حكم الشارع في واقعة حكما ضرريّا فإنّه يمكن تداركه بحكم أخر مثل تجويز الشّارع قتل خمسة مشتركين في قتل واحد فإنّه متدارك بحكمه بلزوم دفع أربعة أخماس الدّية إلى وليّ كلّ واحد منهم و بالجملة الضّرر المتدارك فعلا غير الضّرر المحكوم بلزوم تداركه و التّنزيل انّما يصحّ في الأوّل دون الثّاني فهو الأقرب الى المعنى الحقيقي أعني نفى حقيقة الضّرر دونه قوله طاب ثراه مضافا الى انّ ظاهر قوله (- ص -) (- اه -) هذه هي المناقشة الثّالثة على الاحتمال الثّاني و توضيحها انّ الظّاهر انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله في الإسلام متعلّق بالضّرر فهو ظرف له و الإسلام عبارة عن الأحكام و لا شكّ في انّ الأحكام ليست ظرفا للافعال المشتملة على الضّرر الغير المتدارك إذ لا معنى لمثل قولنا ليس أفعال مشتملة على الضّرر في الأحكام الشّرعيّة اللهمّ الاّ ان يجعل كلمة في للسّببيّة فيكون المراد انّه ليس أفعال مشتملة على الضّرر الغير المتدارك بسبب الأحكام الشّرعيّة و ذلك لحكم الشّارع بالتّدارك و هو كما ترى لانّ جعل كلمة في للسّببيّة تجوّز مفتقر الى الدّليل كما لا يخفى قوله طاب ثراه مع انّ اللاّزم من ذلك (- اه -) هذه هي المناقشة الرّابعة و توضيحها انّه على تقدير حمل الضّرر المنفيّ في الأخبار على الضّرر الغير المتدارك لا يصحّ التمسّك بها لنفى الحكم الضّرري المتعلّق بالمكلّف مثل نفى وجوب الوضوء لإثبات التيمّم عند التضرّر من استعمال الماء و مثل نفى وجوب الحجّ مع العلم بالضّرر أو ظنّه في الطريق فانّ الشّارع لم يجعل للضّرر الواقع فيهما تداركا و المعنى المذكور للحديث مقتضاه الأخبار عن انّ كلّ ضرر متدارك بحكم الشّرع و ليس ضرر غير متدارك فلازم ذلك

ص:332

ان يكون ضرر الوضوء الحاصل من استعمال الماء متداركا و ليس (- كك -) و (- ح -) فلا ينطبق الحديث على ارتفاع الوضوء و وجوب التيمّم فكان اللاّزم ان لا يتمسّكوا به مع انّهم لم يفرّقوا في الاستدلال بالقاعدة المستفادة من ذلك الحديث بين الضّرر المتعلّق بنفس المكلّف و غيره كما عرفت و هناك مناقشة خامسة تأتي من الماتن (- ره -) في التنبيه الثّاني إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه مع انّ العلماء لم يفرّقوا في الاستدلال بالقاعدة (- اه -) في هذه العبارة إيماء إلى انحصار مستند القاعدة في الأخبار المزبورة ضرورة انّه لو كان لها مستند أخر لكان للخصم ان يبنى عدم فرقهم على ذلك المستند دون الأخبار و هذا الّذي يستفاد من العبارة هو الحق السّديد و ربّما يحكى عن بعضهم الاستناد في إثبات القاعدة إلى العقل و الكتاب (- أيضا -) و ردّ بانّ العقل لا حكم له بما يساوق مدلول الأخبار و الكتاب العزيز لم يشتمل ممّا يناسب ذلك على شيء إلاّ أية نفى العسر و الحرج لو ادّعى انّ كلّ عسر ضرر على ما توهّم و هو ممنوع نعم لو كان العسر خارجا عن طوق البشر أمكن صدق الضّرر عليه قوله طاب ثراه و امّا المعنى الأوّل فهو مناف (- اه -) قد تقدّم في ذيل المعنى الأوّل نقل المناقشات الصّادرة منهم فيه و الى بعضها أشار الماتن (- ره -) بهذه العبارة فلاحظ ما مرّ و تدبّر قوله طاب ثراه فتبيّن ممّا ذكرنا انّ الأرجح في معنى الرّواية بل المتعيّن هو المعنى الثالث (- اه -) وجه التعيّن عدم محذور فيه أصلا و عدم مخالفته لظاهر اللّفظ ضرورة بقائه على حقيقته من نفى حقيقة الضّرر في الأحكام لكن لا يخفى عليك انّ عليه لا يمكن الاستدلال بالقاعدة على إثبات حكم وضعيّ الاّ ان يكون نفى الحكم المشتمل على الضّرر مستلزما لثبوت حكم وضعيّ مثل نفى لزوم البيع و عدم وجوب الوفاء به مع الغبن فإنّه مستلزم لثبوت الخيار للمشتري و كون العقد جائزا بالنّسبة إليه فتأمّل

في التنبيه على أمور سبعة

الأول في أن دليل القاعدة حاكم على عموم أدلة الكتاب

قوله طاب ثراه و ينبغي التنبيه على أمور (- اه -) قد أهمل (- قدّه -) أمورا ينبغي التنبيه عليها تكميلا للفائدة و تتميما للعائدة الأوّل انه ليس في الكتاب و السّنة ما يعارض هذه القاعدة على وجه الكلّية بحيث يدلّ على ثبوت الضّرر في الأحكام على وجه العموم نعم ربما يوجد في موارد خاصّة ما يكون مخصّصا لهذه القاعدة و امّا الأحكام المثبتة للتّكاليف و إن كانت مشتملة على الضّرر فقد نبّه الماتن (- ره -) على حكومة القاعدة عليها و سنشرحه (- إن شاء الله -) (- تعالى -) فلا تعارض بينهما و ذلك لا اشكال فيه و انّما الإشكال في انّه قد تقرّر في محلّه انّه إذا كثر التّخصيص على العام أوجب ذلك الوهن في دلالته و لم يمكن التمسّك بعمومه فيما شكّ في اندراجه تحته إلاّ إذا انجبرت دلالته بعمل الأصحاب و لا ريب في انّ الحال في هذه القاعدة على هذا المنوال لكثرة ورود التخصيصات عليها فيلزم إيقاف العمل بها على الانجبار بعمل الأصحاب و من هنا توقّف الفاضل التوني (- ره -) عن إثبات الضّمان بالقاعدة نظرا الى عدم تمسّك احد من الفقهاء (- رض -) من زمن الشيخ (- ره -) الى يومنا هذا بها في باب الضّمانات و الّذي يستند إليه في الحكم بتوقّف العمل بالعام الموهون بكثرة التخصيص على الجبر بعمل الأصحاب أمران أحدهما انّ العمل بالعمومات سيّما ما كثر عليه التخصيص مشروط بالفحص عن المخصّص في مظانّه الى ان يحصل الياس منه و لا ريب في انّ مظانّ مخصّصات هذه القاعدة ليست مضبوطة حتّى يرجع إليها فإنّ أكثر مخصّصات هذه القاعدة ممّا ثبت بالإجماع و لم يثبت بالكتاب و السّنة إلاّ أقلّ قليل منها و لمّا كثر ذلك صار الحال الى انّ كلّ مورد لم يعلم بدخوله و لا خروجه يحصل الضّمان بانعقاد الإجماع على خروجه من تحتها نظرا الى الغالب من انعقاد الإجماع على خروج المستثنيات ففي مورد الشك فيه لا بدّ من الرّجوع الى عمل الأصحاب سيّما مثل الشّيخ (- ره -) و الفاضلين و الشهيدين (- قدّهم -) و أضرابهم حتى يزول الظنّ القائم على خروج المورد عن تحت القاعدة لأنّ ذلك الظنّ موهن لظهور العام بالنّسبة الى ذلك المورد المشكوك فيه و قد تسبّب من كثرة التّخصيصات الحاصلة بالإجماع فلا بدّ من جبر دلالته من ازالة ذلك الظنّ و (- ح -) فان قلنا بكفاية عدم اعراضهم في انجبار وهن الدّلالة المسبّب من الظنّ بخروج مورد الشكّ عن تحت القاعدة فهو و الاّ فلا بدّ من ثبوت عملهم به فعدم اعراضهم أو ثبوت عملهم في مورد الشكّ يكشف عن عدم تخصيص ذلك المورد و إخراجه عن تحت العام فيحصل للعامّ ظهور بالنّسبة إليه فإن قلت ان بلغ كثرة ورود التخصيصات إلى مرتبة الاستهجان سقط العام عن درجة الاعتبار و كان استعماله في الخاصّ من اردء الاستعمالات لاشتماله على استعمال اللّفظ في أبعد المعاني المجازيّة فليحمل قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار على احد المعاني المزبورة من ارادة تحريم الإضرار و نحوه دون نفى الحقيقة المستلزم المستهجن على ما هو المفروض و ان لم تبلغ الى تلك المرتبة فلا معنى للفرق بين هذه القاعدة و سائر العمومات المخصّصة بتخصيصات كثيرة و لا وجه لتخصيص الوهن في الدّلالة بهذه القاعدة بل يلزم ان يعتبر فيها ما يعتبر في سائر العمومات من لزوم الفحص و غيره قلنا انّه لا إشكال في ورود تخصيصات كثيرة عليها و انّه موجب للوهن في دلالتها لكن ورود تخصيصات كثيرة يتصوّر على وجهين أحدهما ان لا يبقى بعد التخصيص الاّ فردا و فردان أو افراد يسيرة غير معتدّ بها كالثّلثة في جنب العشرين ثانيهما ان يبقى افراد معتدّ بها في أنفسها كالتسعة بالنّسبة إلى العشرين فإنّه و ان كان الباقي أقلّ من النّصف (- ح -) الاّ انّه في نفسه عدد معتدّ به و الاستهجان انّما هو في الأوّل دون الثاني فلا يتّصف بالاستهجان و (- ح -) نقول لا ريب في انّ الباقي تحت هذه القاعدة بعد التخصيصات الكثيرة المخرجة لأكثر افرادها افراد معتدّ بها فلا استهجان من هذه الجهة و امّا تطرّق الوهن إليها من جهة كثرة التّخصيص فهو يزول بالرّجوع الى عمل الأصحاب فلا يمكن قياس هذه القاعدة بالعمومات الّتي كثر التخصيص إليها بحيث أوجب الاستهجان و لا العمومات الّتي لم يكثر تطرّق التخصيص إليها ثالثهما حصول العلم إجمالا بعدم بقاء هذا العموم على حاله بمعنى انّا قد علمنا إجمالا بورود تخصيصات كثيرة عليه بحيث لا يطمئنّ بعدم كون المورد الّذي يراد اجراء حكم العام عليه مخرجا من تحته الاّ بعد ثبوت عمل الأصحاب به في ذلك المورد لا بمعنى انّ عمل الأصحاب فيه موجب لازالة العلم الإجمالي و رفعه حتّى يمنع من ذلك بل بمعنى انّ أطراف العلم الإجمالي انّما هو ما عدى موارد عمل الأصحاب فهي ليست داخلة في أطراف العلم الإجمالي من أوّل الأمر الاّ انّه قبل الفحص عن عملهم كان هذا المورد المشكوك محتمل الدّخول في جملة تلك الموارد التي لم يعمل الأصحاب به فيها و هي الّتي كانت أطراف العلم الإجمالي فبعد الفحص و تحقّق عملهم بالعام فيه يكشف ذلك عن عدم دخوله في أطرافه لا انّ الفحص يزيل العلم الإجمالي من أصله حتّى يمنع ذلك هذا كلّه ما افاده حضرة الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى و أقول لا يخفى عليك انّ لازم الوجه الأوّل من الوجهين اللّذين استدلّ بهما على اعتبار عمل الأصحاب في الأخذ بهذه القاعدة هو كفاية عدم اعراضهم عنها و ان لم

ص:333

ينصّوا على الأخذ بها ضرورة كفاية ذلك المقدار في الفحص المعتبر في العمل بالعام و لازم الوجه الثاني هو اعتبار عملهم بها و عدم كفاية سكوتهم فالوجهان مختلفا المؤدّى و نحن نقول انّه لا يعتبر في العمل بالعموم المذكور سوى ما يعتبر في سائر العمومات من الفحص عن المخصّص و ذلك لا يقتضي شرطيّة العمل بل و لا مانعيّة مجرّد سكوتهم عن التمسّك به بل و لا فتوى جمع غير معتدّ به منهم بخلاف مؤدّاه نعم اعراضهم عنه و تنصيصهم على عدم الأخذ به متى تحقّق يوجب وهنه كما في سائر الأخبار المظنونة الصّدور و الوجه الأوّل من الوجهين المذكورين لا ينافي ما قلناه و امّا الثّاني فالجواب عنه منع تحقّق تخصيص الأكثر المورث للوهن في العام المذكور المحوج الى الجبر بالعمل لاحتمال كون خروج المستثنيات من باب التخصيص النّوعي لا الفردي و قد حكى عن بعض الأواخر ما يوافق ما ذكرنا موضحا له بأنّه يحتمل ان يكون جميع المستثنيات مندرجة تحت نوع واحد و يكون الإفراد الباقية تحت العامّ مندرجة تحت أنواع كثيرة و يكون إخراج نوع من تحت ما هو عامّ بالنّسبة إلى الأنواع من قبيل تخصيص الأقلّ و إن كان افراد النوع المخرج أكثر من افراد كلّ من الأنواع الباقية تحت العام بل الحال (- كك -) لو كانت أكثر من افراد جميع الأنواع الباقية فلا يتوجّه في مثل ذلك وصمة تخصيص الأكثر حتى على القول بعدم جوازه و توهّم انّ حمل العام على استغراق الأنواع مجاز لا يصار اليه الاّ بدليل لظهوره في عموم اشخاص الأفراد دون أنواعها مع انّه موجب لإجمال العامّ في خصوص المقام لعدم العلم بكون المستثنى من اىّ نوع من أنواع الضّرر المقصودة بقوله (- ص -) لا ضرر فهو من قبيل المخصّص بالمجمل مدفوع بأنّه ليس غرضنا من التخصيص النوعي تخصيص نوع الأفراد المستثنيات بل المراد تخصيص افراد نوع واحد لا على ان يكون المخرج هو الكلّى الجامع بين الأفراد بل على ان يكون المخرج اشخاص الأفراد المندرجة تحت نوع واحد و دعوى عود المحذور من تخصيص الأكثر المستهجن مدفوعة بمنع استهجان هذا القسم في أنظار أهل العرف فانّا و ان قلنا باستهجان تخصيص الأكثر إلاّ انّا لا نقول به (- مط -) بل نستثني منه جملة من الموارد كوقوعه في مقام المزاح و نحوه و ليكن هذا من تلك الجملة و يشهد لما ذكر تمسّك النّبي (- ص -) بعموم نفى الضّرر في قضيّة سمرة و تمسّك الصّادق (- ع -) به في إثبات الشّفعة كما سمعت ذلك في طيّ أخبار القاعدة و لا شكّ في انّ العموم لو كان من قبيل المخصّص بالأكثر المستهجن في أنظار أهل العرف لم يكن وجه لتمسّك أهل العصمة سلام اللّه عليهم به فتمسّكهم به مع ورود تخصيصات كثيرة عليه يكشف عن عدم ورود تخصيص الأكثر عليه بان يكون العام قد استعمل في استغراق الأنواع فيكون المستثنى هو النّوع دون الأشخاص و يكون تمسّك أهل العصمة عليهم السّلام كاشفا عن كون الاستعمال مجازيّا و عن كونه مقرونا بقرينة أو يكشف عن عدم استهجان تخصيص الأكثر في خصوص المقام لما بيّناه من كون المستثنى الأشخاص المندرجة تحت نوع واحد بلحاظ اندراجها تحته أو نقول انّ خروج أكثر الأفراد مع بقاء قدر معتدّ به من الأفراد بعد التّخصيص لا استهجان فيه و بالجملة فنحن ننكر تحقّق تخصيص الأكثر الموهن لدلالة العام هنا المحوج الى الانجبار بالعمل و على مدّعيه الإثبات و دونه خرط القتاد الأمر الثّاني انّه لا ريب في انّ الضّرر المنفيّ لم يثبت فيه حقيقة شرعيّة و لا متشرّعيّة بل هو أمر عرفي؟؟؟ فكلّ ما أطلق عليه اسمه في العرف كان من المنفيّ و ما لم يطلق عليه اسمه كتلف حبّة حنطة و قشر جوزة أو شك في إطلاق الاسم عليه كان خارجا عنه و إن كان ضررا عند تدقيق النّظر و يختلف ذلك باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة و الظّاهر عدم ثبوت النّقل عن معناه اللّغوي فيتطابق العرف و اللّغة فيه و قد عرفت فيما سبق انّ الضّرر عرفا و لغة عبارة عن نقص المال الموجود و (- ح -) فلا يصدق الضّرر على قلّة النّفع و لا الإضرار على المنع من الانتفاع بالمباحات كالمنع عن حيازة الحطب المباح و نحو ذلك و كذا لا إشكال في حكمه التّكليفي الّذي هو الحرمة إذا اندرج في عنوان أخر من عناوين المحرّمات كما لو حقّق المنع عن تحصيل المنفعة في ضمن الجنس و نحوه ممّا يندرج في عنوان الإيذاء الّذي هو محرّم قطعا لكن يشكل الحال فيما لو لم يندرج المنع عن المنفعة في عنوان محرّم كما لو أرسل الماء إلى الإجام فمنع الحطّابين من الاحتطاب منها و نحو ذلك ممّا لا يندرج تحت عنوان محرّم لم يحكم بحرمته على الأظهر للأصل بعد عدم الدّليل عليه ثمَّ اعلم انّ الظّاهر عدم الفرق في الضّرر المنفي بين قليله و كثيرة الاّ ان يكون القلّة بحيث يوجب عدم صدق الضّرر عليه عرفا كحبّة حنطة مثلا فإنّه لا يكون مجرى للقاعدة لما عرفت من كون المرجع هو العرف الأمر الثّالث انّه لا فرق في الضّرر المنفيّ بين المالى و البدني و العرضي لشمول إطلاق اللّفظ لها عرفا مضافا الى شهادة قوله (- ص -) في قضيّة سمرة ما أريك إلاّ رجلا مضارّا عليه فانّ النّبي (- ص -) انّما قال ذلك لدخول سمرة على الأنصاري و اهله في حال يكره دخوله عليهم و من هنا علم حرمة الشّتم (- أيضا -) لكونه ضررا متعلّقا بالعرض مشمولا للعموم المذكور و امّا إتيان فعل يوجب حطّ رتبة الرّجل و نقص شانه و زوال وقعه عن القلوب ففيه اشكال من انّه ضرر عليه لحطّ شانه و من عدم صدق الضّرر عليه عرفا و إن كان الحرمة من حيث كونه اهانة أقرب لكن شمول القاعدة له محلّ تأمّل الأمر الرّابع انّ ظاهر الأخبار المزبورة هو كون المراد بالضّرر المنفيّ الضّرر الشخصي دون النّوعي لأنّه المتبادر المنساق من لفظ الضّرر عرفا فلا يجوز نفى الحكم الضّرري عن الجميع بتضرّر واحد منهم بل و لا بتضرّر أكثرهم بل ينفى في حقّ من تضرّر منهم خاصّة و يشهد بذلك تمسّك الفقهاء (- رض -) بالقاعدة في العبادات حيث انّ الضّرر فيها لا يكون الاّ شخصيّا الا ترى انّهم لا ينفون وجوب الوضوء عن الجميع بسبب تضرّر واحد به فلو تضرّر باستعمال الماء مكلّف لمرض و نحوه و لم يتضرّر به غيره لم يحكم بترك غير المتضرّر الوضوء و ان كان فيه (- أيضا -) ذلك المرض الموجب لتضرّر صاحبه و من هنا يتفاوت الأشخاص في قيمة ماء الوضوء و استعداد المزاج فمن تضرّر ببذله تيمّم و من لم يتضرّر اشترى الماء و توضّأ به و بالجملة فمدار نفى الحكم التكليفي في باب العبادات على حصول الضّرر الشّخصي دون النوعي و امّا المعاملات فقد استقرّ بناء الفقهاء (- رض -) على الاكتفاء في نفى الحكم الضّرري عن الجميع بحصول الضّرر النّوعي حيث تريهم يحكمون بتشريع الخيار للمغبون و الشّريك و ثبوته في البيع المشتمل على العيب و أمثال ذلك حتّى في حقّ من لا يتضرّر بالغبن و العيب و عدم الشفعة و نظرهم في ذلك الى كون نوع البيع المشتمل على الغبن و العيب مثلا موجبا للضّرر و نوع بيع العقار المشتركة من دون حقّ للشريك في الشّفعة موجبا له و ينكشف ذلك من بعض الأخبار (- أيضا -) كرواية عقبة المزبورة الدالّة على انّ الحكمة في شرع نوع الشفعة انّما هو نفى الضّرر لكنّا نقول انّ اللاّزم انّما هو اتباع ظواهر الأخبار و قد عرفت انّ ظاهرها اعتبار الضّرر الشخصي فهو الأصل في كلّ مقام و لا يعدل عنه

ص:334

إلاّ بدلالة دليل في مورد على اعتبار النّوعي منه (- أيضا -) فيه ففي المقامات المذكورة يكون الخبر الخاصّ و عمل الأصحاب قرينة على ارادة الضّرر النّوعي فيخرج عن مقتضى الأصل بذلك و يكون دخوله في مؤدّى القاعدة من باب الادّعاء تنزيلا للنّوعى منه منزلة الشخصي كما ارتكب ذلك في قوله تعالى وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و قوله سبحانه يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ حيث انّ الظّاهر منه نفى العسر الشخصي و كونه المدار في رفع الحكم و قد أدرج فيه اعتبار العسر النّوعي في بعض المقامات لدليل من باب التنزيل و الحاصل انّ كلّ مورد ثبت فيه اعتبار الضّرر النّوعي كما في المعاملات فهو و الاّ فيعتبر الشخصي منه كما في العبادات فثبوت الضّرر في طريق الحجّ بالنّسبة الى أكثر المكلّفين لا يوجب سقوطه عمّن لا ضرر عليه فيه أصلا و كذا في الوضوء و الصّيام و نحو ذلك هذا و لكن يتوجّه الى ما ذكرنا اشكال و هو ان التمسّك بالقاعدة لنفي الضّرر النّوعي بعد القطع و الاعتراف بكون المراد من الأخبار الضّرر الشّخصي مستلزم لإرادة المعنى الحقيقي و المجازي من اللّفظ و التنزيل ادّعاء لا يجوّزه و يمكن الجواب بانّ اعتبار الضّرر النّوعي يثبت برواية الشّفعة بخصوصها و عمل الأصحاب (- فت -) جيّدا قوله طاب ثراه انّ دليل هذه القاعدة (- اه -) شرح الحال في هذا المقال يستدعي وضع الكلام في جهات الأولى انّ هذه القاعدة هل هي من قبيل الأصول أو من سنخ الأدلّة و تظهر الثّمرة في قابليّتها لتعارض العمومات على الثّاني لكونها في رتبتها بخلافها على الأوّل لارتفاع موضوعها بقيام الدّليل اللّفظي فنقول لم نجد من صرّح بكونها من قبيل الأصول و انّما المحكى عن ظاهر بعض الأواخر وجود متوهّم لذلك بل عن أخر انّ القول بذلك لازم كلّ من قال بإمكان تدارك الضّرر المترتّب على العمل بالثواب الأخروي و النّفع الدنيوي من جانبه (- تعالى -) كدفع بليّة و زيادة نعمة و طول عمر و أمثال ذلك كما هو الظّاهر من اخبار الزكاة و سائر أنواع الصّدقات و اياتها إذ معناه عدم تحقّق موضوع الضّرر (- ح -) كما يظهر من الفاضل النّراقي (- قدّه -) في العوائد فيكون الضّرر عبارة عن النّقص الخالي عن مصلحة جابرة له فاذا ثبت الثّواب ارتفع موضوعه و لا ريب في تحقّق ثبوت الثّواب بقيام دليل معتبر على الأخر بذلك الفعل ضرورة كشف الأمر عن وجود مصلحة جابرة لذلك الضّرر رافعة لموضوعه غير المثوبة الحاصلة بامتثاله كما حقّق في محلّه و لا فرق بين كون ذلك الأمر مثبتا لنفس الضّرر كالأوامر المثبتة للزكاة و الخمس و الحجّ و الجهاد و نحو ذلك أو مثبتة لما يشمل ما فيه ضرر كالأمر بالوضوء الشّامل بإطلاقه لصورة تضرّر المكلّف باستعمال الماء فكلّ مورد ضرريّ يتناوله الدليل امّا بالخصوص أو بعمومه أو إطلاقه فتناول الدّليل له يكشف عن وجود المصلحة الفائتة فلا تشمله القاعدة (- ح -) إذ المفروض خروج ما بإزائه نفع دنيوي أو أخروي عن موضوع الضّرر فينحصر جريان القاعدة بالموارد الغير المشمولة للأدلّة الشرعيّة كما هو الحال في سائر الأصول العمليّة هذا محصّل ما حكى عن البعض المذكور و قد فرّع عليه سقوط ما ذكره الفاضل النّراقي (- قدّه -) و بعض من وافقه و وجه الاندفاع على ما ذكره انّه بعد تسليم شمول أدلّة الوضوء و الحجّ بعمومها لما فيه الضّرر البدني لم يبق شك في وجود ما يتدارك به الضّرر حتّى يدفع بالأصل فكيف بالقطع بانتفائه كيف لا و لو فرض أمر الشّارع بالخصوص من يتضرّر باستعمال الماء في الوضوء لم يمكن دعوى قبح هذا الأمر بل الأمر (- ح -) يكشف عن وجود مصلحة في الفعل فائقة على الضّرر الحاصل منه و لا ريب في عدم الفرق بين ما يأمر به الشارع بالخصوص أو بالعموم و بالجملة لازم كلّ من قال باندفاع الضّرر بتداركه في الدنيا أو العقبى هو كون القاعدة عنده من قبيل الأصل دون الدّليل و إن كان القائل بذلك لم يتفطّن لما هو لازم مقالته هذا و لكن قد اعترض على مقالة هذا البعض أوّلا بمنع استلزام القول بإمكان تدارك الضّرر بنفع دنيوي أو أخروي للقول بكون القاعدة من الأصول فإنّ الأصل عبارة عمّا كان نظره الى الظّاهر و أخذ في موضوعه الجهل بالواقع سواء قلنا باعتبار الأصول من باب الظنّ أو من باب التعبّد و لا ريب في انّ اخبار نفى الضّرر ناظرة إلى الواقع فلا وجه لعدّ قاعدة تناهذه من الأصول و مجرّد كون موضوع القضيّة مقيّدا و ارتفاعه بارتفاع قيده بدلالة دليل أخر لا يقضى بكونه أصلا و ثانيا بانّ الحكم بعدم الفرق بين ما يأمر به الشارع بالخصوص أو على وجه العموم مدفوع بأنّه لم يمعن النّظر في أطراف عبارات العوائد و الاّ فهو قد تعرّض فيها لبيان الفرق حيث قال بقي هاهنا أمر أخر و هو انّ الضّرر كما مرّ هو ما لم يكن بإزائه عوض و العوض كما أشرنا إليه يعمّ الأخرويّ (- أيضا -) و العوض الدّنيوي ممّا يمكن درك وجوده أو انتفائه بخلاف الأخرويّ فعلى هذا فكيف يمكن فهم انّ الضّرر الّذي يتضمّنه الحكم الفلاني لا عوض له حتّى يكون ضررا و دفعه انّ الضّرر هو الّذي لم يكن بإزائه عوض معلوم أو مظنون و احتمال العوض لا ينفى صدق الضّرر مع انّ العوض الأخرويّ معلوم الانتفاء بالأصل ثمَّ قال فان قيل هذا يتّضح إذا لم يكن الحكم المتضمّن للضّرر داخلا في عموم دليل شرعي و امّا إذا كان داخلا فيه سيّما إذا كان من باب الأوامر و أمثاله يثبت العوض و يلزمه عدم تعارض نفى الضّرر مع عمومه مع انه مخالف لكلام القوم مثلا إذا ورد إذا استطعتم فحجّوا و إذا دخل الوقت فصلّوا يدلّ بعمومه على الأمر بالحجّ و الصّلوة في كلّ وقت حصل فيه الاستطاعة أو دخل الوقت و ان تضمّن ضررا كلّيا و الأمر يدلّ على العوض فلا يكون ضرر قلنا الأمر تعلّق بالحجّ و الصّلوة و لازمه تحقّق الأجر المقابل لمهيّة الحجّ و الصّلوة المتحقّق في حال عدم الضّرر (- أيضا -) و امّا حصول عوض في مقابل الضّرر و أجر فلا دليل عليه نعم لو كان نفس الضّرر ممّا أمر به لحكم بعدم التعارض و عدم كونه ضررا كما في قوله إذا ملكتم النّصاب فزكّوا و أمثاله انتهى فاندفع اعتراض البعض على الفاضل النّراقي (- ره -) نعم لقائل منع الفرق بين الأمر على وجه الخصوص و الأمر على وجه العموم بما ذكره ضرورة كشف الأمر على وجه العموم (- أيضا -) عن مصلحة كامنة لعدم تعقّل الأمر بشيء و لو عموما من دون مصلحة (- فت -) جيّدا و ربّما استفاد هذا البعض القول بكون قاعدتنا هذه أصلا من كلام للفاضل القميّ (- ره -) و لا يهمّنا التطويل بنقله فمن شاء ذلك فليراجع بشرى الوالد العلاّمة أنار اللّه تعالى برهانه و أعلى في جنان الخلد مقامه و بالجملة فكون القاعدة من الأصول في نهاية السّخافة و لا أظنّ التزام احد به و اللّه العالم الثانية انّه بعد كون القاعدة من سنخ الأدلّة فالأظهر انّها من الأدلّة النقليّة و ظاهر كلام صاحب العناوين (- ره -) كونها عقليّة (- أيضا -) حيث قال الظّاهر من سياق الخبر انّ عدم تجويز ذلك ليس محض التعبّد الشّرعي بل انّما هو شيء يمنع منه العقل (- أيضا -) و مناف للحكمة كذلك فكما هو قبيح غير مجوّز بالنّسبة إلى المكلّفين فكذا الحكيم على الإطلاق فإنه (- أيضا -) لا يصدر منه مثل ذلك فيصير المعنى انّ الضّرر و الضّرار غير مجوّز بل هو قبيح و يكون القضيّة مسوقة مساق قاعدة عقليّة و من هنا يتّجه ان نستدلّ على هذه القاعدة مضافا الى النّصوص بدلالة العقل (- أيضا -) فانّ الضّرر و الإضرار مناف للعطف و العدل على ما يفهم من معناهما و مثل ذلك غير مجوّز عقلا أيضا انتهى و هو كما ترى ضرورة

ص:335

انّ العقل انّما يقبح الإضرار إذا كان الضّار قاصدا له و امّا مع عدم قصده اليه فحكمه بالقبح ممنوع و موارد إجراء القاعدة أعمّ ممّا صدر عن قصد و التفات و ما صدر لا به فالدّليل لا يثبت تمام المدّعى فتأمّل و امّا قبحه من اللّه سبحانه فلو سلّم فإنّما يتمّ على تقدير عدم تداركه بما هو أصلح لحال العبد امّا مع كون الأمر بالفعل الضّرري لدفع ضرر أشدّ منه بدنيّا كان أو ماليّا أو لجلب نفع الى العبد أو لمجرّد الابتلاء فلا قبح فيه أصلا و مع قيام الاحتمال لا يصحّ للعقل ان يحكم بقبح الضّرر بمجرّد انّه ضرر لما عرفت من انّ الأمر به يمكن ان يصدر من الشارع لدفع ضرر أشدّ أو لجلب منفعة أهمّ فلا يجوز للعقل ان يحكم بقبح الأمر بشيء بمجرّد كونه من قبيل ما فيه ضرر و من البيّن انّ أمر الشّارع الحكيم بفعل ضرري يكشف عن وجود مصلحة فيه فائقة على الضّرر الحاصل منه لقبح الإضرار من الحكيم على الإطلاق و ليس هذا مجرّد احتمال حتى يدفع بالأصل (- فت -) الثالثة انّه حيث صارت القاعدة من سنخ الأدلّة النّقليّة فهل هي في عرض سائر الأدلّة اللّفظيّة حتّى يلتمس المرجّح عند التعارض أم هي حاكمة عليها وجهان جزم بالثاني الماتن (- قدّه -) و جمع من محقّقي الأواخر و ظاهر اخرين منهم الفاضل القميّ (- ره -) الأوّل حيث قال انّ قاعدة لزوم البيع تعارض قاعدة نفى الضّرر و بينهما عموم من وجه و يحكم بالخيار ترجيحا للثّاني من جهة العقل و العمل و غيرهما و لو كانت من باب الأصل لما عارضت الدّليل انتهى و هو كما ترى خال عن مستند و يدلّ على ما اختاره الماتن (- ره -) أمور الأوّل انّ مقتضى قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار في الإسلام هو نفى الحكم الضّرري من بين الأحكام فهو واضح الدّلالة على عدم تشريع حكم ضرريّ في جملة الأحكام و انّ كلّ حكم ضرريّ فهو ليس من الأحكام المشروعة فهو مفسّر و مبيّن لسائر العمومات و المطلقات و مصرّح بعدم شمولها لموارد الضّرر فلا تعارض بينه و بين العمومات و الإطلاقات إذ لا معنى للتّعارض بين المفسّر و المفسّر و ذلك معنى الحكومة الّتي ادّعيناها فالقاعدة حاكمة على سائر العمومات فائقة عليها و الى هذا الوجه أشار الماتن (- ره -) بقوله و فيه ما تقرّر في محلّه (- اه -) نعم لو فرض ثبوت دليل خاصّ في مورد خاصّ على ثبوت حكم ضرريّ مثل الإجماع و نحوه حكم بتخصيص القاعدة به إذ هي ليست من القواعد الّتي لا تقبل التّخصيص الثّاني انّ الأخبار الّتي هي مستند القاعدة انّما وردت في مقام الامتنان على العباد بعدم تكليفهم بحكم ضرريّ و رفع الأحكام الضّرريّة عنهم و من البيّن انّ رفع شيء يستلزم ثبوته قبل الرّفع فيلزم ثبوت الأحكام الضّرريّة بالإطلاقات حتى يصحّ الامتنان برفعها إذ لا معنى للامتنان برفع الأحكام الضّرريّة إلاّ مع وجود المقتضى للضّرر لا مع عدمه فظهر من ذلك انّ الحكم الضّرري و إن كان يثبت بالعمومات لكن القاعدة حاكمة عليها فينفيه و هو المطلوب الثّالث انّ استدلال النّبي (- ص -) بالقاعدة في الحكم بقلع عذق سمرة و استدلال الصّادق (- ع -) بها في الحكم بالشّفعة للشّريك مع دلالة سائر العمومات كعموم سلطنة النّاس على أموالهم في الأوّل و عموم الوفاء بالعقود في الثّاني على خلافه يدلّ على حكومة القاعدة على العمومات إذ لو لم يكن (- كك -) لم يصحّ الحكم بمقتضى القاعدة مع وجودها و تقديمها عليها بل كان يلزم الحكم بالتّعارض و التّرجيح بالمرجّح فحكومة القاعدة على سائر العمومات و الإطلاقات ممّا لا ينبغي الرّيب فيه بقي هنا شيء نبّه عليه حضرة الشيخ الوالد (- قدّه -) في البشرى و هو انّه يتفرّع على الحكم بحكومة القاعدة انّ المصالح الكامنة في الأفعال الّتي هي منشأ لتعلّق الأمر بها لا تصلح لتدارك الضّرر الحاصل منها بمعنى انّ وضع الشّارع الأحكام الضّرريّة عن المكلّفين يكشف عن عدم تدارك الضّرر الحاصل من العمل بها بالمصلحة الكامنة في متعلّقاتها مثلا أمر الشّارع بالوضوء الشّامل لصورة تضرّر المكلّف باستعمال الماء لا بدّ فيه من وجود مصلحة في الوضوء المأمور به ينشأ منها الأمر و حكومة قوله (- ص -) و لا ضرر و لا ضرار في الإسلام على إطلاق الأمر بالوضوء يكشف عن عدم تدارك الضّرر الحاصل منه بالمصلحة الكامنة فيه و الاّ لم يبق للحكومة معنى لانّ معناها ان يكون قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار ناظرا بدلالته اللّفظيّة إلى اختصاص إطلاق الأمر بالوضوء بغير مورد الضّرر فلو فرض تدارك الضّرر الحاصل منه بالمصلحة الكامنة فيه كان الضّرر (- ح -) في حكم العدم فلا يرتفع الأمر بالوضوء و لا يجرى عليه مؤدّى قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار فلا يبقى مورد يفرض حكومة القاعدة بالنّسبة إليه فينفى الحكم الضّرري الّذي في ذلك المورد بها قوله طاب ثراه و فيه ما تقرّر في محلّه (- اه -) أشار بذلك الى الوجه الأوّل من أدلّة الحكومة الّتي اسبقناها و نبّهنا على ذلك هناك فلاحظ قوله طاب ثراه ثمَّ انّ اللاّزم ممّا ذكرنا الاقتصار (- اه -) هنا أمر بيانه متقدّم رتبة على هذا الّذي أفاده (- قدّه -) و هو ما افاده حضرة الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى من انّه لما دار ثبوت الأحكام التّكليفيّة و الوضعيّة مدار عدم الضّرر و نفيها مدار الضّرر لزم في نفى الأحكام المشتملة على الضّرر الاقتصار على ما يرتفع به العنوان و يندفع به الضّرر لأنّ الضّرورة تقدّر بقدرها فكلّما صار الضّرر سببا للالتزام بحكم لزم اختيار ما هو أقلّ كلفة و ترك ما هو أكثر مشقّة و بيان ذلك انّ نفى الضّرر يختلف باختلاف المواضع فمنها ما يثبت الضّمان كما في صورة إتلاف مال الغير فانّ نفى الضّرر عن الغير موجب لضمان المتلف و خروجه عن عهدة ما أتلفه و منها ما يثبت به التّضمين و منها ما يدور الأمر فيه بين الضّمان و التضمين كما إذا باع مال غيره فضولا لا غصبا و كان المشترى جاهلا بالحال فاستوفى منه بعض المنافع فإنّه لا إشكال في جواز رجوع المالك الى المشترى في أصل المبيع و منافعه المستوفاة منه كما لا إشكال في انّ للمشتري تسلّطا على البائع من جهة ما غرمه للمالك في الجملة و انّما الكلام في انّ البائع هل هو ضامن لذلك بالفعل أو انّ للمشتري ان يضمّنه بعد رجوع المالك اليه و تظهر الثمرة فيما لو حدث للبائع بعد البيع من المال ما يساوى قدر الاستطاعة للحجّ من دون زيادة و لا نقيصة فإن قلنا بضمانه بالفعل لم تحصل الاستطاعة له بماله المذكور لاشتغال ذمّته بدفع ما ضمنه الى المضمون له و الفرض عدم زيادة المال عن قدر الاستطاعة فلا يكفى للحجّ بعد إخراج ما ضمنه و ان قلنا بالتّضمين لم يتحقّق الضّمان بالفعل غاية ما في الباب انّ للمشتري ان يضمّنه بعد رجوع المالك اليه فيجب الحجّ (- ح -) لتحقّق الاستطاعة ثمَّ انّ مقتضى ما ذكر من الاقتصار على ما يندفع به الضّرر انّما هو الاقتصار على الحكم بثبوت التّضمين دون الضّمان حيث دار الأمر بينهما كما في المسئلة المفروضة و ذلك لاندفاع الضّرر فلا يصحّ إثبات الضّمان بالفعل بالقاعدة لارتفاع الضّرر بما هو أقلّ منه و هو التضمين و على قياس ما ذكرنا أرش العيب و تصدّق الملتقط فلا يتحقّق فيهما الضّمان الاّ بعد مطالبة المشترى في الأوّل و صاحب المال في الثّاني و منها ما يثبت به الخيار كما في خيار الغبن و العيب و لا ريب في انّ الضّرر الحاصل للمشتري

ص:336

من لزوم العقد هنا يندفع بثبوت الخيار له في الزّمان الأوّل فيكون على وجه الفور و لا يمكن إثبات استرداده فيما بعده من الأزمنة بقاعدة الضّرر لاندفاعه بثبوته له في الزمن الأوّل بل نقول انّ قاعدة الضّرر هي الّتي تنفي الخيار في الزمن الثّاني و ما بعده إذ كما انّ لزوم البيع ضرر على المشترى فكذا امتداد خيار المشترى ضرر على البائع فينفى بالقاعدة مع تأيّدها (- ح -) بالأصل و عموم دليل السّلطنة و على هذا فلا حاجة الى التمسّك بقاعدة وجوب الوفاء بالعقد في نفى الخيار في الزّمن الثّاني كما صدر من بعضهم بتقريب انّها عامّة للأزمنة خرج عن تحت عمومها الزّماني الوفاء في زمان الخيار فيبقى الباقي تحتها فيجب الوفاء في الأزمنة المتأخّرة على انّه يمكن المناقشة في هذا الاستدلال من البعض بانّ المسلّم من عموم تلك القاعدة انّما هو العموم بحسب افراد العقود و امّا العموم بحسب الأزمان و الأحوال فممكن المنع غاية ما في الباب انّها بالنّسبة إلى الأزمان و الأحوال مطلق لكن لا بحسب الوضع بل من جهة كون الأمر بالوفاء بالعقود مجرّدا عن التقييد بزمان دون زمان و حال دون حال و لا ريب في انّه إذا انتقض إطلاق وجوب الوفاء بثبوت عدم وجوبه في زمان لم يبق للتمسّك فيما بعد ذلك الزمان بذلك الإطلاق وجه إذ الإطلاق انّما كان ثابتا من جهة عدم تقييد الحكم بزمان فاذا ثبت تقييده بشيء من الأزمنة عاد اللّفظ مجملا بحسب العرف بالنّسبة إلى الأزمنة المتأخّرة عنه فلا يمكن إثبات الحكم فيها استنادا إلى الإطلاق كما لا يمكن إثبات الخيار فيما بعد الزّمن الأوّل باستصحاب بقائه لعدم جريانه بعد تبدّل الموضوع فانّ الموضوع (- ح -) هو المكلّف المتضرّر لو لم يثبت له الخيار و هو في الزّمان الثّاني مرتفع لانتفاء الضّرر بثبوت الخيار في الزّمان الأوّل و ملخّص جميع ما ذكرنا انّ قاعدة الضّرر لا تنفى الحكم المشتمل على الضّرر الاّ بالقدر الّذي يندفع به الضّرر كما عرفت و بسبب نفى الحكم بها قد يثبت الضّمان و قد يثبت التّضمين و قد يثبت الخيار و قد يثبت غير ذلك بحسب اختلاف المقامات لا يقال كيف تثبت الضّمان أو التضمين أو الخيار بنفي الضّرر و لا دلالة فيه على شيء منها بإحدى الدّلالات على كلّ من المعاني الخمسة السّابقة المحتملة في قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار امّا على الأوّلين منها الرّاجعين الى تحريم الفعل المشتمل على الضّرر فواضح إذ حرمة إتلاف مال الغير أو إيقاع العقد على مال الغير مع جهل المشتري أو إيقاعه على المعيب كما في الأمثلة المتقدّمة لا تدلّ على الضّمان و لا التضمين و لا الخيار بإحدى الدّلالات مع منع حرمة الأخيرين و امّا على الثالث الّذي جعله الماتن (- ره -) ثانيا و هو نفى الفعل المشتمل على الضّرر من دون تدارك و جبران فلانّ نفى الفعل المشتمل على الضّرر من دون تدارك لا يثبت كون التّدارك من مال الضّار لإمكان كون الجبران من بيت المال لكونه معدّا لمصالح المسلمين أو في الآخرة أو في الدّنيا لكن من جانب اللّه سبحانه بأن يقضى في حقّ المضطرّ ما ينتفع به بقدر ما يوازي الضّرر الّذي أصابه أو أزيد و كذا على المعنى الّذي جعله الماتن (- ره -) ثالثا و هو نفى الحكم الشرعي الّذي يستلزم العمل به ضررا على العباد فإنّه لا يقتضي إلاّ دفع الضّرر و هو لا يثبت ضمان الضّار في مسئلة الإتلاف و لا تضمين المشترى للبائع في مسئلة التغريم و لا الخيار في مسئلة البيع المشتمل على الغبن لإمكان دفع الضّرر في الأوّل و الثّاني بجبر الضّرر و تداركه من بيت المال أو من جانب اللّه سبحانه في الدّنيا أو الآخرة و كذا الحال في الثالث مضافا الى عدم اقتضاء نفى الحكم المشتمل على الضّرر تعيين ثبوت الخيار لإمكان رفع الضّرر بإثبات الأرش في البيع المغبون فيه أو بالحكم ببطلان الفقد (- ح -) رأسا نعم إذا كان الحكم بحيث لو لم يكن هو بعينه لزم الضّرر بان يكون ثبوته علّة تامّة لانتفائه الضّرر منحصرا فيها لا ينتفي الضّرر الاّ بثبوته (- فح -) يصحّ الاستدلال على ثبوته بدليل نفى الضّرر كما إذا فرض انّه قام دليل على عدم جواز تدارك ضرر صاحب المال من بيت المال إذا أتلفه الغير و انّه لا تدارك من جانب اللّه تعالى لا في الدّنيا و لا في الآخرة فإنّه (- ح -) يتعيّن الحكم بضمان المتلف و كون التدارك من ماله و لكن التعيّن (- ح -) ليس مستندا الى خصوص حديث نفى الضّرر بل اليه و الى ما دلّ على انحصار طريق رفع الضّرر في ذلك و امّا على المعنى الخامس من الحديث فعدم دلالته على ما ذكرنا من الضّمان أو التّضمين أو الخيار أوضح لأنّ نفى الضّرر (- ح -) يتوقّف على ثبوت الحكم الواقعيّ و لم يعلم انّه ما ذا مضافا الى أنّه يتوجّه عليه ما ذكرنا من عدم تعيّن نفى الضّرر و انحصاره في الضّمان و أخويه لأنّا نقول قد عرفت فيما مضى انّ المتعيّن من بين معاني الرّواية هو المعنى الرّابع الّذي جعله الماتن (- ره -) ثالثا و عليه فيمكن دفع الاحتمالات و تعيين الضّمان في مسئلة الإتلاف و التّضمين في مسئلة التغريم و الخيار في مسئلة البيع المشتمل على الغبن امّا في المسئلة فإنّه إذا أتلف ماله فالّذي يحتمل هناك من وجوه التّدارك أمور أحدها ان يكون من مال المتلف ثانيها ان يكون من مال المسلمين ثالثها ان يكون من بيت المال رابعها ان يكون من جانب اللّه تعالى امّا في الدّنيا أو في الآخرة و كلّها باطلة عدى الأوّل امّا الثّاني فلاستلزامه تضرّر المسلمين وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى و امّا الثّالث فلكون بيت المال معدّا للمصالح الخاصّة اللاّحقة لعامّة المسلمين لأكل مصلحة فتدارك الضّرر منه إضرار على المسلمين لكونه نقصا فيما أعدّ لمصالحهم الخاصّة و لا فرق في الضّرر بين ما لحق مسلما خاصّا و ما لحق عامتهم نعم لو فرض انّ رجلا أوصى بشيء من ماله لمثل ذلك أو لمطلق مصالح المسلمين خاصّة و عامّة (- فح -) يصحّ تدارك ضرر صاحب المال من الموصى به و امّا الرّابع فالشق الأوّل منه و هو كون تدارك الضّرر من جانب اللّه تعالى في الدّنيا ممّا يشهد بخلافه الوجدان و امّا الشّق الثّاني منه و هو كون تداركه من جانبه تعالى في الآخرة فمع كونه منفيّا بأصالة عدمه يدفعه انّ الظّاهر بل المقطوع به هو كون دفع الضّرر و تداركه مختصّا بالدّنيا و لا مساس له بالأخرة و إذ قد تبيّن بطلان ما عدى الاحتمال الأوّل و هو دفع الضّرر الحاصل من مال المسلمين أو بيت المال أو من جانب اللّه في الدّنيا أو في الآخرة تعيّن الاحتمال الأوّل و هو دفع الضّرر و تداركه بمال الضّار فيحكم بضمانه بحكم الانحصار و توهّم انّ ثبوت الضّمان (- ح -) لا يكون بقاعدة نفى الضّرر بل بها و بقضيّة الانحصار مدفوع بانّ الغرض من إثبات الضّمان بها ليس إثباته بدلالتها اللفظيّة فقط بل الغرض إثباته بها مطلقا و لو كان بواسطة أمر أخر كما لا يخفى هذا مع انّ من تتبّع موارد الضّمانات و الغرامات الثّابتة في الشرع و استقرئها علم انّه لا يستفاد منها الاّ ثبوت الضّمان على الضّار و الغار دون غيرهما و قد حكموا فيمن وطاء بهيمة الغير بضمان الواطى لقيمتها و كذا فيمن باع امة بدعوى الوكالة في بيعها ثمَّ استولدها المشترى ثمَّ تبيّن كذبه في الوكالة فحكموا بضمان مدّعى الوكالة للمشتري إذا رجع المالك عليه بأرش البكارة و قيمة الولد الى غير ذلك من الموارد الكثيرة و يدلّ على ما ذكرنا صحيحة البزنطي من أضرّ بشيء من طريق المسلمين فهو ضامن و مثلها ما رواه المشايخ

ص:337

الثلاثة و صحيحة الكناني المتقدّمة في طيّ الأخبار السّابقة و هي تدلّ بظاهرها على ضمان الضّار على وجه التسبيب كما إذا حفر بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها مسلم أو دابّته أو نحو ذلك و يحصل منها الدّلالة على الضّمان في صورة المباشرة بالأولويّة القطعيّة لكن هذا ان جعل كلمة من فيها بمعنى في و ان أبقيت على ظاهرها أفاد حكم صورة المباشرة الاّ ان ما رواه المشايخ الثلاثة صريح في التسبيبات فلاحظ و ممّا ذكرنا يظهر عدم جواز دفع الضّرر في مسئلة التغريم و البيع المشتمل على الغبن من مال المسلمين أو من بيت المال أو من جانب اللّه تعالى في الدّنيا أو الآخرة و يبقى احتمال دفع الضّرر في البيع المشتمل على الغبن بإثبات الأرش أو بطلان العقد رأسا لكنّهما مدفوعان (- أيضا -) امّا الأوّل فبأنّ إثبات الأرش إثبات ضرر على البائع إذ بعد انتقال الثمن إلى البائع و المثمن إلى المشتري بالعقد اللاّزم كما هو المفروض فالرّجوع اليه بالأرش إدخال نقص عليه مع انّ إثبات الأرش مستلزم للالتزام بثبوت الضّرر على المشترى و الحكم بالأرش تدارك له لا رفع له فهو يحقّقه و لا يرفعه كما تقدّمت الإشارة إليه في كلماتنا السّابقة و مقتضى قوله صلّى اللّه لا ضرر كما عرفت سابقا عند بيان معناه هو نفى موضوع الضّرر لا إثبات الضّرر و الأمر بتداركه بعد ذلك و امّا الثّاني فيما عرفت في بدو العنوان من انّ المدار في نفى الحكم المشتمل على الضّرر انّما هو على عنوان الضّرر فيقتصر في نفى ذلك الحكم على ما يندفع به الضّرر الحاصل من إثباته و لا ريب في انّ الضّرر الحاصل هنا انّما هو من لزوم العقد فيكون هو المنفيّ بقوله (- ص -) لا ضرر دون غيره فيبقى العقد جائزا و إذ قد عرفت ذلك كلّه فلنرجع الى شرح ما افاده الماتن (- ره -) فنقول انّ غرضه (- قدّه -) ليس هو دعوى كون المراد بالضّرر المنفيّ هو المعلوم بل غرضه (- قدّه -) قيام القرينة الخارجيّة و هي ورود القاعدة مورد الامتنان على ارادة نفى الضّرر المعلوم في المعاملات؟؟؟ خاصة و توضيح الحال في هذا المجال انّ الظّاهر من قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار انّما هو نفى الأحكام الواقعيّة بمعنى انّه ليس في الأحكام ما يقتضي تضرّر المكلّف بسبب العمل به فيكون عدم الضّرر على هذا من الشّروط الواقعيّة للأحكام الواقعيّة الشأنيّة كما انّ الطّهارة من الشروط الواقعيّة للصّلوة حيث لا يؤثر علم المكلّف بالضّرر و اعتقاده به و لا عدم اعتقاده في ذلك و لازم ذلك انّه لو توضّأ باعتقاد عدم تضرّره باستعمال الماء ثمَّ انكشف حصول الضّرر بطل وضوئه و يصحّ في صورة العكس كلّ ذلك لانّ الألفاظ حقيقة في المعاني الواقعيّة النّفس الأمريّة و قد جرى ديدن الفقهاء (- رض -) في باب المعاملات على ذلك اعنى اعتبار الضّرر الواقعيّ لا ما اعتقد المكلّف بتضرّره به حيث تريهم يحكمون بثبوت الخيار بسبب الغبن في الواقع و إن كان المغبون جاهلا بحصوله و لا يحكمون بثبوته بالقاعدة بمجرّد اعتقاد المشترى بعد البيع بنقص قيمة المبيع من الثمن إذا كان اعتقاده ذلك مخالفا للواقع و بالجملة فبنائهم في المعاملات على اعتبار الضّرر الواقعي لا على اعتقاده كما لا يخفى على المتتبّع فكلّ حكم ترتّب عليه ضرر في نفس الأمر فهو منفيّ (- كك -) سواء كان المكلّف جاهلا بالضّرر ثمَّ انكشف خلافه أم لا فهم قد جروا في المعاملات بحسب مقتضى ظاهر اللّفظ في قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار و امّا في العبادات فقد بنوا على خلاف ذلك و اعتبروا اعتقاد الضّرر أو ظنّه في الحكم ببطلان العبادة به و اعتقاد عدمه أو ظنّ عدمه في الحكم بصحّتها فحكموا بالصّحة فيما لو اتى بها باعتقاد عدم الضّرر و ان انكشف خلافه بعد ذلك و بالبطلان فيما لو اتى بها باعتقاد الضّرر و ان انكشف خلافه فيكون عدم الضّرر عندهم في العبادات من الشّروط العلميّة دون الواقعيّة و لا يقيّد القاعدة الأحكام الواقعيّة الشّأنيّة و انّما يقيّد بها الأحكام الفعليّة بمعنى انّ عدم الضّرر إذا كان شرطا علميّا يقيّد به الأحكام المتوجّهة إلينا فعلا و يكون المعتبر في توجّه الأحكام هو العلم بعدم حصول الضّرر بها فيختصّ الأحكام الفعليّة بغير موارد الضّرر بحسب اعتقاد المكلّف و الّذي دعاهم إلى التفرقة بين المعاملات و العبادات و العدول في الثّانية عن ظهور نفى الضّرر في نفى الأحكام الضرريّة الواقعيّة هو انّ قوله (- ص -) لا ضرر و لا ضرار قد ورد في مقام الامتنان على المكلّفين بوضع الأحكام الضرريّة عنهم و لا شكّ في انّ الامتنان لا تحصل برفع الأحكام الضّرريّة الواقعيّة الشّأنيّة و انّما يحصل برفع الحكم الفعلي المتوجّه الى المكلّف المطلوب منه امتثاله و ذلك لانّ الامتنان على المكلّف انّما يتحقّق برفع حكم ضرريّ لو لم يرفع لتوجّه اليه المكلّف به و طولب بامتثاله لا برفع الحكم الضّرري في نفس الأمر مع قطع النّظر عن توجّه التّكليف به الى المكلّف و عدمه كما هو معنى الأحكام الشأنيّة الواقعيّة فإنّه لا يترتّب من الأحكام الواقعيّة ضرر على المكلّفين ما دامت باقية على شأنيّتها حتى يكون رفعها منّة عليهم بل ربّما استلزم رفع الأحكام الواقعيّة الضّرريّة مع قطع النّظر عن فعليّتها الضّرر على المكلّفين كما إذا فرض رفع وجوب الوضوء مع التضرّر باستعمال الماء و اتّفق انّ المكلّف صلّى عشر سنين مثلا بالطّهارة المائيّة ثمَّ انكشف إضرار جميع طهارته الّتي صلّى بها في تلك المدّة فإنّه لا ريب في انّ الحكم ببطلان الصّلوة (- ح -) و قضاء ما اتى به من الصّلوات في تمام تلك المدّة ضرر عليه مناف للامتنان بل نقول انّ التكليف بالإعادة و إن كان بالنّسبة الى عبادة واحدة تكليف بما هو مشقّة مناف للامتنان فالأوفق بالامتنان انّما هو رفع الأحكام الضّرريّة المتوجّهة إلى المكلّفين بحيث لو لم ترفع كانوا مامورين بامتثالها مع علمهم بحصول الضّرر بها و (- ح -) فلا بدّ و ان يقال انّ عدم العلم بالضّرر شرط في تنجّز الأحكام دون انتفاء الضرر الواقعي و هذا بخلاف المعاملات فانّ الحكم الواقعيّ فيها هو المقيّد بعدم الضّرر فيه لانّ الحكم فيها وضعيّ و لا مدخل لعلم المكلّف و جهله فيه الا ترى انّ لزوم العقد أمر واقعيّ فإذا لزم منه الضّرر على المكلّف لزم ان يكون هو المرتفع فإنّه إذا كان قيمة المبيع انقص من الثمن فقد لزم الضّرر على البائع سواء علم به بعد العقد أم لم يعلم فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ حكومة قاعدة الضّرر على خطابات الأحكام تقتضي ارتفاع الضّرر المعتقد في العبادات الّتي قوامها بالأمر و ارتفاع الضّرر الواقعي في المعاملات الّتي مدارها على الواقع لكون منشأ الضّرر هناك توجّه الخطاب و كون منشئه هاهنا هو الشيء الواقع فكان تفرقة الأصحاب بين العبادات و المعاملات على القاعدة لا يقال انّ مقتضى ما ذكرت من ورود اخبار نفى الضّرر في مقام الامتنان هو اعتبار العلم بالضّرر في ارتفاع الحكم دون الضّرر الواقعيّ في المعاملات (- أيضا -) ضرورة انّ مفاد الأخبار بالنّسبة إلى المقامين على حدّ سواء لأنّا نقول انّ ورود تلك الأخبار في مقام الامتنان هو الّذي أوجب ادارة الأمر في المعاملات مدار الواقع ضرورة انّ مقتضى الامتنان هو ملاحظة حال طرفي المعاملة و ان لا يمضى مجرّد اعتقاد أحدهما في حقّ الأخر إذ قد يكون مخالفا للواقع فيكون مضيّه في حقّ صاحبه ضررا عليه

ص:338

فلا جرم كان اللاّزم فيها هو الضّرر الواقعي و لهذا حكموا بأنّها إذا اختلفا في القيمة لم يقدم قول أحدهما على قول الأخر إلاّ بالبيّنة و بهذا الّذي ذكرنا يتمّ المطلوب في المعاملات بناء على كون الأحكام الوضعيّة منتزعة من الخطابات التكليفيّة (- أيضا -) كما لا يخفى على المتدبّر

التنبيه الثاني لا إشكال في أن القاعدة تنفي الأحكام الوجودية الضررية و أما الأحكام العدمية الضررية ففي نفيها بهذه القاعدة إشكال

قوله طاب ثراه في التنبيه الثاني مثل عدم ضمان (- اه -) و مثل ما لو حبس الدّابّة فمات ولدها أو فتح القفص قطار الطائر الذي فيه و نحو ذلك قوله طاب ثراه ففي نفيها بهذه القاعدة فيجب ان يحكم بالضّمان اشكال (- اه -) الظاهر من بعض الأواخر كصاحب الرّياض و غيره هو التمسّك بالقاعدة في إثبات الضّمان في أمثال الموارد امّا بناء على قطع النّظر عن ثبوت الضّمان فيها بسبب الاندراج تحت عنوان أخر مثل الإتلاف أو بناء على عدم العلم بكون المذكورات من أسباب الضّمان إذ كلّ سبب للإتلاف على الإطلاق قريبا كان أم بعيدا ليس سببا للضّمان إذ لم يجعل مطلق السببيّة عنوانا في الحكم بالضّمان في الأخبار و انّما جعل العنوان هو الإتلاف فكلّ مورد صدق عليه عنوان الإتلاف عرفا فهو و الاّ فلا يمكن الحكم بالضّمان الاّ بدليل و لهذا لم يحكم بعضهم بالضمان في الموارد المذكورة و فيما لو حفر بئرا في الأراضي المباحة أو في ملكه فوقعت فيه دابة الغير قوله طاب ثراه من انّ القاعدة ناظرة (- اه -) هذا منشأ أحد شقّي الإشكال و هو عدم نفى الأحكام العدميّة بقاعدة الضّرر و قد كان مقتضى الترتيب تقديم منشأ الإثبات و انّما قدّم منشأ النفي لكونه أخصر أو للميل إلى الإثبات و تقرير الدليل على وجه يتمّ على الاحتمالات في تفسير الضّرر ان (- يق -) انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار بشيء من معانيه المحتملة فيه المتقدّمة في صدر المبحث لا يثبت الضمان امّا أوّلا فلما تقدّم من اشتراط العمل بهذه القاعدة بالانجبار بعمل الأصحاب ليزول الوهن الوارد عليها بكثرة التّخصيص و لا ريب في انّ أكثر الأصحاب لم يعملوا بها في باب الضمانات و انّما عمل بها بعض الأواخر نظرا الى عمومها و لا عبرة به فتأمّل كي يظهر لك أنّا أسبقنا المنع من اشتراط العمل بالقاعدة بعمل الأكثر بها و امّا ثانيا فلانّ كلاّ من المعاني المحتملة المزبورة إذا لوحظ في حدّ ذاته لم يف بإثبات الضّمان امّا الأوّلان الراجعان الى بيان حرمة إضرار بعض الناس فعدم دلالة القاعدة بشيء منهما على المطلوب واضح لما عرفت من كون مفادها تحريم الفعل المشتمل على الإضرار بالغير فغاية ما يفيده القاعدة (- ح -) هو حرمة الأمور المزبورة و هو أعمّ من الضّمان إذ لا ملازمة بين حرمة الشّيء و إيجابه الضّمان مع انا لو سلّمنا ثبوت الضّمان بها نقول انه مرتّب على الحكم الوجودي الضرري و هو اباحة الفعل لا على رفع عدم الحكم بإثبات وجوده كما هو المقصود فانّ الغرض هنا إثبات الضّمان نظرا الى انّ انتفاء الضّمان يترتّب عليه الضّرر و من البيّن انّه لا ملازمة بين تحريم الفعل و رفع عدم الضّمان حتى يثبت به الضّمان و امّا الثّالث و هو نفى الضّرر المجرّد عن التّدارك و تنزيل المتدارك منه منزلة عدمه فلانّ الأمر بالضّمان بعد حصول الضّرر غير صالح لتداركه و جبره لينزّل منزلة العدم إذ التدارك و الجبران لا يحصل الاّ بالخروج عن العهدة فعلا فلا يكفى مجرّد الأمر بالضّمان في جبر الضّرر لعدم كون الأمر به مستلزما لوجوده في الخارج و الحاصل انّ الأمر بالتدارك أعمّ من فعليّته و التنزيل انّما يصحّ على فرض الفعليّة مضافا الى انّ القول بشمول الأخبار للأمر بالضّمان لأجل تدارك الضّرر الحاصل في الأمثلة المزبورة خروج عن مفاد الخبر لأنا ندّعي أنّها تنفي الضّرر الحاصل من الأحكام الوجوديّة و الضّرر هنا مترتّب على عدم الضّمان الّذي هو أمر عدميّ و امّا الرّابع الّذي جعله الماتن (- ره -) ثالثا فلمّا افاده الماتن (- ره -) في العبادة و امّا الخامس فلانّ نفى الضّرر في الأحكام الواقعيّة لا يثبت ضمان المكلّف إذا أضرّ بغيره فإنّه إذا فتح القفص فطار الطّائر فهذا الفعل في نفس الأمر و إن كان لا يخلو من الاتصاف بأحد الأحكام الخمسة الاّ انّه ان يكون حكمه في نفس الأمر الحرمة فلم يأذن الشّارع في نفس الأمر حتى يترتّب على اذنه ضرر فينفى بعدم كون الأحكام الواقعيّة ضرريّة نعم لو كان ذلك الحكم الواقعي لهذا الفعل أحد الأحكام الأربعة الأخر معيّنا و مقطوعا به كان لإثبات الضّمان بالحديث مجال احتمال نظرا الى انّ تجويز الفعل المذكور مع عدم الحكم بالضّمان ضرر فتنفيه القاعدة و امّا الحكم الظاهري بجوازه بأصالة البراءة فهو من باب المسامحة في التعبير لأنها لا تثبت الجواز الّذي هو أحد الأحكام الخمسة حتى يقال انّ الجواز من دون ضمان مستلزم للضّرر و هو منفيّ بالقاعدة إذ ليس مفاد أصل البراءة الاّ نفى العقاب كما تقرّر في محلّه مع انّ المقصود في المقام بيان إمكان منع الحكم المرتّب عليه ضرر بالقاعدة بان يترتّب الضّرر على عدم الحكم فيرجع ذلك العدم بحكم القاعدة فيثبت وجوده و الضّرر المنفيّ على هذا المعنى هو الضرر المرتّب على وجود الحكم لا عدمه كما لا يخفى فالقاعدة على هذا ساكتة عن نفى الضّرر المرتّب على العدميّات قوله طاب ثراه و من انّ المنفيّ ليس خصوص المجعولات (- اه -) قد استدلّ لإثبات الضّمان في المقام بوجوه هذا أحدها و تقريره بعبارة أخرى ارتكاب نوع تسامح بان يقال انّ عدم حكم الشارع بالضّمان في أمثال المقام و ان لم يكن من احكام الدين و الشرع المبين و من مجعولات الشارع حقيقة و ليس يصدق عليه الإسلام إذ الإسلام عبارة عمّا جاء به النّبي (- ص -) و العدميّات ليست منه لكنّه يطلق عليه الإسلام و حكم الشّارع مسامحة و ادّعاء لكون كلّ ما يصحّ نسبته الى الشّارع و يجب أخذه منه وجوديّا كان أو عدميّا من دين الإسلام و احكام الشارع و لا ريب في انّ ما نحن فيه ممّا يجب أخذه من الشّارع كما انّ عدم وجوب صوم يوم الشكّ يجب أخذه منه مع كونه عدميّا فتشمله القاعدة من حيث كونه من الإسلام ادّعاء بل الأحكام الوضعيّة حتى على القول بالانتزاع مما يصحّ نسبتها الى الشّارع و كذا مؤدّيات البراءة فإنّها و ان لم تكن من احكام الشارع حقيقة من حيث انّ مؤدّى البراءة عدم العقاب لا الإباحة الواقعيّة لكنّها تنسب الى الشارع عرفا (- فح -) تكون الرّوايات مسوقة لنفي الضّرر عن كلّ ما يصحّ ان ينسب الى الشّارع و الجواب عن هذا الدّليل عدم الدّليل على اعتبار المسامحة المذكورة لأنّها خروج عمّا يقتضيه وضع اللّفظ و هو ممّا ينفي أصل الحقيقة الاّ ان يناقش بانّ الدّال عليه فهم العرف (- فت -) قوله طاب ثراه مع انّ الحكم العدميّ يستلزم (- اه -) هذا هو الوجه الثّاني من وجوه؟؟؟ إثبات الضّمان بالقاعدة و توضيحه ان العدميّات و ان لم تكن داخلة في الأحكام الوجوديّة الاّ انه يمكن إدخالها فيها باعتبار لوازمها الوجوديّة بأن يقال انّه إذا حبس الرّجل فشردت دابّته فعدم ضمان الحابس مستلزم لحرمة مطالبة المحبوس الحابس بما فوّته عليه بالحبس و كذلك يحرم المقاصّة عليه من ماله عوضا عن الفائت و يحرم التعرّض له و لا ريب في انّ حرمة المطالبة مثلا من الأحكام الوجوديّة الضرريّة فتنفى بالقاعدة فيثبت الضّمان قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه التأمّل هو انّ (- الظ -) من اخبار الباب انّما هو انّ كلّ شيء ينشأ منه الضّرر لا بدّ و ان يكون المرتفع ذلك الحكم بعينه و (- ح -) فإن كان الأمر المترتّب عليه الضّرر هنا وجوديّا خرج عن

ص:339

محلّ البحث اعنى ما لو كان منشأ الضّرر امرا عدميّا و إن كان منشأ الضّرر هو ذلك الأمر العدميّ خرج عن مدلول الخبر و لم ينطبق عليه لفظه من جهة انّ المرفوع يلزم ان يكون هو ذلك الأمر العدميّ و هو ليس من أحكام الإسلام قوله طاب ثراه مضافا الى إمكان (- اه -) هذا هو الوجه الثالث من حجج إثبات الضّمان بالقاعدة و حاصله إدخال العدميات في مدلول اخبار الباب بمعونة استدلال النّبي صلّى اللّه عليه و آله بها فيها و مثل ذلك تعليل الصّادق (- ع -) إثبات الشفعة للشريك بالقاعدة من حيث كون عدم تسلّط الشريك على أخذ الحصّة التي في شركته ضررا عليه قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجهه الإشارة إلى انّه لم يعلم ان تسليط النّبي صلّى اللّه عليه و آله الأنصاري على قلع عذق سمرة كان مستندا الى تضرّر الأنصاري بسبب عدم تسلّطه على قلعه بل لعلّه كان من جهة تضرّر الأنصاري بجواز سلطنة سمرة على ماله و المرور عليه بغير اذن منه و هو حكم وجوديّ لا أمر عدميّ و (- كك -) في حكاية الشفعة لم يعلم انّ حكمه صلّى اللّه عليه و آله بها مستند الى تضرّر الشريك بعدم تسلّطه على أخذ الحصّة التي في شركته بل لعلّه مستند الى كون لزوم العقد الثّابت وجوب الوفاء به مستلزما للضّرر على الشريك و هو أمر وجوديّ قوله طاب ثراه و يمكن تأييد دلالته بما استدلّوا به (- اه -) هذا هو الوجه الرابع ممّا استدلّوا به على إثبات الضّمان بالقاعدة و يمكن الجواب عن ذلك بانّ غاية ما تفيده عمومات المقاصّة انّما هو إثبات جواز مقاصّة المستضرّ من مال الضارّ و امّا إثبات الضّمان عليه فلا و تظهر الثمرة في اثارهما المختصّة بهما فعلى تقدير ثبوت الضّمان يصير المال في ذمّة الضارّ دينا يقدّم إخراجه بعد موته على تقسيم تركته بين الورثة و يؤخذ من صلب المال بخلاف ما لو ثبت بها جواز المقاصّة فإنّها لا تستلزم صيرورة عوض التّالف دينا مستقرّا في ذمّة الضارّ غاية ما في الباب انّ للمستضرّ أن يأخذ العوض من مال الضارّ و هناك وجه خامس تمسّك به بعضهم لإثبات الضّمان بالقاعدة و هو خبر ابى الصّباح الكناني و معلّى بن خنيس المزبور ان في ذيل أخبار القاعدة النّاطقان بانّ من أضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن بتقريب انه قد اثبت فيه الضّمان على الإضرار بطريق المسلمين و لا مدخل لخصوص طريق المسلمين في ذلك يقينا إذ ليس المناط في ذلك الاّ عنوان الإضرار فيثبت الضّمان في غير الطّريق و منه الأمثلة المزبورة و الجواب عن ذلك انّ الخبرين و ان أوردناهما في تضاعيف أخبار القاعدة إلاّ أنّهما ممّا لا مساس لهما بهذه القاعدة في الحقيقة لكونهما ناظرين الى الموضوعات فانّ ظاهرهما إثبات الضّمان فيما إذا فعل في طريق المسلمين ما يتضرّر به مسلم و اين ذلك من قاعدة نفى الضّرر الناظرة الى نفى الأحكام الضرريّة فتبيّن من جميع ما ذكرنا عدم إمكان إثبات الضّمان بالقاعدة لما مرّ من الوجه مضافا الى ما حقّق في محلّه من عدم إمكان أن يؤثّر الأمر العدمي أثرا وجوديّا ضرورة انّ الأمر العدميّ ليس إلاّ عبارة عن العدم و تأثيره أثرا وجوديّا مستحيل و ما تقدّم من انّ عدم ضمان فاتح القفص أو حابس الشّاة أو المالك موجب لضرر المالك ممنوع بل ليس موجب الضّرر إلاّ الأمر الوجوديّ الّذي هو فتح القفص أو حبس الشّاة أو المالك و الضّمان جبر لذلك الضّرر لا انّ عدمه علّة فعنوان البحث في هذا التنبيه غير معقول فيسقط البحث من أصله

التنبيه الثالث في جواب بعض المعاصرين عن إيراد أورده على الاستدلال بنفي الضرر لرفع التكاليف الثابتة بعموم أدلتها في مورد الضرر

قوله طاب ثراه الثالث ما ذكره بعض المعاصرين (- اه -) المراد بهذا البعض هو الفاضل النّراقي (- قدّه -) في عوائده قوله طاب ثراه امّا في السّؤال (- اه -) قد مرّت عند الكلام من الماتن (- ره -) في المراد بالضّرر في الأخبار مناقشات أربع في أصل جعل الضّرر عبارة عمّا لا يتدارك و هذه مناقشة خامسة جيّدة فلاحظ ما مرّ و تدبّر قوله طاب ثراه فالتّحقيق انّ المراد بالضّرر خصوص الدّنيوي (- اه -) قد تقدّم توضيح ذلك مضافا الى انّ ملاحظة الأخبار تساعد على عدم ارادة الشّارع بنفي الضّرر تدارك الضّرر بالثواب الأخرويّ كما في حكاية سمرة فإنّ النّبي (- ص -) قد حكم فيها بقلع العذق و قال لا أراك إلاّ رجلا مضارّا و لا ضرر و لا ضرار على المؤمن و كذلك قد حكم الصّادق عليه السّلام بالشفعة و ذكر القاعدة فلم يحكم في شيء من الرّوايتين بدفع الضّرر الحاصل بالثواب الأخروي بل بالتدارك في الدّنيا

التنبيه الرابع في أنه لا يجوز لأحد إضرار غيره لدفع الضرر المتوجه إليه

قوله طاب ثراه في الأمر الرابع و قد حمل (- اه -) الدّاعي الى هذا الحمل هو مخالفة ما ذكره الشيخ (- ره -) لقاعدة حرمة التصرّف في مال الغير بغير اذنه عقلا و شرعا و الحامل هو الشهيد الثّاني (- ره -) فإنه قال في شرح قول المحقّق (- ره -) في الشرائع في كتاب الغصب التّاسعة قال الشيخ (- ره -) في (- ط -) إذا خشي على حائط جاز ان يستند بجذع بغير اذن مالك الجذع مدّعيا للإجماع و في دعوى الإجماع نظر انتهى ما لفظه هذا الحكم ذكره الشيخ (- ره -) كذلك (- مط -) و هو يتمّ على تقدير الخوف من وقوعه على نفس محترمة بحيث لا يندفع بدونه لجواز إتلاف مال الغير لحفظ النفس فإتلاف منفعته أولى أمّا بدون ذلك فالمنع واضح للمنع من التصرّف في مال الغير بغير اذنه عقلا و شرعا و امّا دعواه الإجماع على الحكم فلو تمَّ كان هو الحجّة لكن لا نعلم له موافقا عليه فضلا عن كونه إجماعا و ان وافقه موافق من المتأخّرين كما يظهر من الشّهيد (- ره -) في (- س -) فهو شبيه الإجماع المنقول بخبر الواحد و لا اثر له في ذلك لانّ المعتبر إجماع من في عصره أو من قبله و هو منتف خصوصا على وجه يصير حجّة كما أشرنا إليه مرارا انتهى و غرضه بالتجويز في صورة الخوف من الوقوع على نفس محترمة هو انّ الضّررين يتعارضان فيقدّم ما هو الأهمّ منهما و هو النّفس قوله طاب ثراه و يمكن حمله على ما لم يتضرّر أصلا (- اه -) يعنى لا يتضرّر صاحب الجذع أصلا بإسناد الحائط إلى جذعه امّا لعدم تلف الجذع به أو لغناه عن ذلك الجذع أو نحو ذلك قوله طاب ثراه فتأمّل لعلّ وجه الأمر بالتأمّل هو الإشارة الى انّ عنوان المسئلة انّما هو دفع الضّرر عن النّفس بإضرار الغير فاذا حمل ما ذكره الشّيخ (- ره -) على ما لو لم يتضرّر صاحب الجذع أصلا خرج عن الاندراج في عنوان المسئلة أو الى انّ عدم تلف الجذع لا يصير سببا لخروجه عن عنوان الضّرر أو الى انّه لا فرق في قبح التصرّف في مال الغير بغير اذنه بين ان يضرّ التصرّف بحاله أم لا قوله طاب ثراه و يترتّب على الثاني جواز إضرار الغير (- اه -) الفرق بين هذه المسئلة و ما سيأتي في الأمر السّادس من تعارض الضّررين هو انّ الفرض هنا توقّف رفع الضّرر الواقع عليه أو على غيره على إدخال الضّرر إلى الأخر و مفروض المسئلة الآتية هو توجّه الضّررين و تعارضهما في ان واحد لا وقوع أحدهما و توقّف رفعه على الأخر كما لا يخفى

التنبيه الخامس في أنه لا فرق في هذه القاعدة بين أن يكون المحقق لموضوع الحكم الضرري من اختيار المكلف أو لا

قوله طاب ثراه في الأمر الخامس لانّ الضّرر حصل بفعل الشخص (- اه -) (11) أقول بل لا يبعد دعوى انّ نفى الضّرر (- ح -) مناقض لقاعدة الضّرر لأنّ إلزام المكلّف بخلاف مقصده المشروع إضرار به فتأمّل جيّدا قوله طاب ثراه فما ذكره بعض (- اه -) (12) المراد بهذا البعض هو صاحب الجواهر (- ره -) فإنّه الّذي تفوّه بذلك و وجه النظر في كلامه انّه ان أراد من إدخال الضّرر على نفسه إيجاده لمقدّماته فقد عرفت انّه لا يمنع من جريان

ص:340

القاعدة لأنّ المانع منه اقدامه على أصل الضّرر لا سببه و ان أراد أنّه بالإقدام عليه عامد الى الوقوع في معرض الضّرر كما لو اشترى عمدا بأزيد من ثمن المثل فهو ممنوع لانّ غرض الغاصب بالغصب ليس الاّ الانتفاع به دون الالتزام بالعوض و الوقوع في معرض الضّرر قوله طاب ثراه و يمكن توجيهه (- اه -) الداعي له الى التّوجيه هو كون الحكم مشهورا بين الأصحاب لا يكاد يظهر فيه خلاف و قد تضمّنت العبارة توجيهات ثلثة هذا أحدها و هناك توجيه رابع و هو انّه يتعارض الحكمان الضّرريّان فيقدّم اهمّهما و لا ريب في انّ ضرر المالك أقوى و مراعاته أهمّ قوله طاب ثراه مناف للامتنان (- اه -) انّما خصّ الامتنان بالمغصوب منه لان الغاصب بسبب اقدامه على الغصب قد صار سببا لعدم توجّه تفضل و منّة من اللّه سبحانه اليه و خرج عن قابليّة التفضل عند دوران الأمر بينه و بين غيره قوله طاب ثراه مع إمكان ان يقال انّه إذا تعارض الحكمان (- اه -) هذا هو التوجيه الثّاني قوله طاب ثراه مضافا الى الرّواية المشهورة (- اه -) هذا هو التّوجيه الثالث و فيه ما أشار (- قدّه -) اليه بقوله نعم هذه الرّواية لا تفي (- اه -) و حاصله انّ عدم حق لعرق الظالم لا يدلّ على كون مصرف ردّ المغصوب على الغاصب بشيء من الدّلالات الثلث فتأمّل

التنبيه السادس فيما لو دار الأمر بين حكمين ضرريين بحيث يكون الحكم بعدم أحدهما مستلزما للحكم بثبوت الأخر

قوله طاب ثراه في الأمر السّادس فإن كان ذلك بالنسبة إلى شخص واحد فلا اشكال (- اه -) توضيح الحال في ذلك على ما افاده حضرة الشيخ الوالد العلاّمة أنار اللّه برهانه في مجلس البحث و البشرى انّ الضّررين المتوجّه أحدهما الى العبد على وجه التّبادل امّا ان يكونا متساويين بحسب الرّتبة بأن يكونا ممّا يتعلّق بالمال أو يكونا متعلّقين بالنّفس أو متعلّقين بالعرض و كذا بحسب الاعتقاد بان يكونا مظنونين أو مقطوعين و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الرّتبة و الاعتقاد و الأخر مرجوحا (- كك -) و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الرتبة و مساويا بحسب الاعتقاد و امّا ان يكون أحدهما راجحا بحسب الاعتقاد و مساويا بحسب الرّتبة و امّا ان يكون لكلّ منهما جهة رجحان و مرجوحيّة بأن يكون أحدهما راجحا بحسب الرتبة و مرجوحا بحسب الاعتقاد و الأخر بالعكس فهذه أقسام خمسة امّا الأوّل منها فلا إشكال في تخيّر المكلّف فيه بين الالتزام بأحدهما و دفع الأخر و امّا الثّلثة المتأخّرة عنه فيدفع فيها الضّرر الراجح و يلتزم بالمرجوح و امّا الأخير فهو مختلف بحسب الأشخاص فمنهم من يكون الضّرر المالى عنده أعظم من الضّرر اللاّحق بعرضه مثلا و منهم من هو بالعكس و منهم من يكون الضرر اللاحق من جهة العرض عنده أعظم من ضرر النّفس و هكذا فاللاّزم على كلّ مكلّف تقديم دفع ما هو أعظم في نظره و الالتزام بالأهون لما ذكره الماتن (- قدّه -) هذا كلّه إذا كان الضّرران دنيويّين و امّا إذا كان أحدهما دنيويّا و الأخر أخرويّا كما في الجهاد و الزكاة و الخمس و الحج فامّا ان يقوم على ترتّب الضّرر الأخروي دليل قطعي أو ظنّي معتبر كما لو دلّ على وجوب الجهاد شيء من اخبار الآحاد أم لا فعلى الأوّل يقدّم دفع الضّرر الأخروي لأنّ المفروض قيام دليل معتبر عليه من قيامه على وجوب الفعل المستلزم لترتّب العقاب على تركه و هو ضرر أخرويّ و حيث لم يمكن الاحتراز من الضّررين جميعا لكون المفروض هو صورة الدّوران قدّم دفع الأخروي لكون أهونه أعظم من المضار الشديدة الدّنيويّة بمراتب و امّا على الثّاني فيقدّم دفع الضرر الدّنيوي لانّ قبح العقاب بغير بيان أفادنا الأمن من المؤاخذة الأخرويّة المشكوكة و المظنونة من طريق غير معتبر فكان دفع الضّرر الدّنيوي أولى بالتقديم لكن يمكن ان (- يق -) انّه خارج عن مفروض البحث لانّ كلامنا في تعارض الضّررين و بعد جريان أصل البراءة بالنّسبة إلى الأخرويّ بقي الضّرر الدّنيوي سليما عن المعارض فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و إن كان بالنّسبة إلى شخصين فيمكن ان (- يق -) (- اه -) لا يخفى عليك انّه إذا دار الأمر بين ضررين بالنّسبة إلى شخصين فامّا ان يكون لأحدهما مرجّح أم لا امّا على الثاني فيأتي ما في المتن و امّا على الأوّل فلا إشكال في تقديم الرّاجح منهما و المرجّح أمور أحدها الملكيّة فإنّها مرجّحة و لذا أفتوا فيما إذا استلزم تصرّف المالك تضرّر الجار بتقديم دفع ضرر المالك في الغالب نعم قد يقدّم دفع ضرر الجار كما إذا غرس شجرا في ملكه فتعدّت أغصانه إلى ملك جاره فإنّه يؤمر بقطع الأغصان المتعدّية إليه لاستلزام إبقائها التصرّف في ملك الغير فيدخل الضّرر على المالك ثانيها قضاء العرف و العادة بتقديم احد الضّررين على الأخر و بذلك يوجّه ما في (- الروضة -) في طيّ البحث عمّا يدخل في المبيع فيما لو باع الأصول و ابقى الثّمرة حيث جوّز لكلّ من البائع الّذي بقيت له الثمرة و المشترى السّقي مراعاة لملكه الاّ ان يستضرّا معا فيمنعان قال فلو تقابلا في الضّرر و النّفع رجّحنا مصلحة المشتري لأنّ البائع هو الّذي أدخل الضّرر على نفسه ببيع الأصل و تسليط المشترى عليه الّذي يلزمه جواز سقيه انتهى فانّ وجه اقدامه على الضّرر انّ البائع إذا باع شيئا بحسب المتعارف فهو مستلزم لنقل جميع توابع المبيع و الحقوق الثّابتة في حقّه الى المشتري عند أهل العرف و العادة و من المعلوم انّ حق سقى الأصول كان قبل البيع للبائع فإذا باعها من دون اشتراط انتقال حق السّقي إلى المشترى في ضمن العقد فهو بمنزلة الاشتراط عند أهل العرف فهو داخل في ضمن العقد بحسب العرف و ان لم يصرّح بالاشتراط في ضمنه فلهذا حكم (- ره -) بكونه مقدّما على الضّرر ثالثها التّفريط فإنّه إذا فرّط أحدهما قدّم دفع ضرر الأخر فلو دخلت دابّة إنسان دار أخر و لم يمكن إخراجها من الدار الاّ بهدم شيء من الدّار أو ذبح الدّابة فإن كان دخولها بتفريط صاحب الدّار ادخل الضّرر عليه فيهدم الدّار من دون أرش و إن كان بتفريط صاحب الدابّة أدخل الضّرر عليه فيلزم بأرش هدم الدّار لصاحبها و قد استقرّت على ذلك فتاوى أكثر الأصحاب و لم يحتمل احد ذبح الدابّة إذا كان التفريط من صاحبها سوى العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) و الشّهيد (- ره -) في (- س -) فاحتملا ذلك و لعلّ نظر باقي الأصحاب في ذلك الى كون ذي الرّوح محترما في نظر الشّارع فإذا أمكن إدخال الضّرر على صاحب الدابّة في صورة استناد التفريط إليه بإثبات أرش الهدم عليه تعيّن و لكن لم يظهر لهم مستند في الحكم بكون التفريط من المرجّحات الاّ ان يكتفى باتفاقهم عليه و لا بأس به ان تمَّ و امّا إذا لم يفرّط أحدهما فالضّرر يدخل على من كان دفع الضّرر لمصلحته ففي المثال المذكور لمّا كان إخراج الدابّة من الدّار لمصلحة صاحبها لما في إبقائها فيها من تضرّره بعدم التسليط عليها و فوات منافعها ادخل الضّرر عليه بإثبات الأرش عليه لهدم الدّار على المشهور بينهم معلّلين بما ذكرنا من كون الإخراج لمصلحة صاحب الدّابة و كذا إذا أدخلت الدابّة رأسها في قدر لغير صاحبها من دون تفريط من احد من المالكين و توقّف إخراجه على كسر القدر أو ذبح الدابّة فحكموا بكسر القدر و ضمان صاحب الدابّة قيمة القدر لصاحبها لكون كسرها لمصلحة صاحب الدابة و ناقش في ذلك في (- لك -) بانّ المصلحة قد تكون لصاحب القدر فقط و قد تكون مشتركة بينهما و كذا إذا دخلت الدابّة دار الغير و هذه المناقشة في محلّها الاّ انّه يمكن إدخال الضّرر على صاحب الدابّة في مثال دخولها في دار الغير من جهة كون إخراج الدابّة من دار الغير واجبا فاذا توقّف على هدم الدّار وجب من باب المقدّمة مع إثبات الأرش عليه لصاحب

ص:341

الدّار جبرا لضرره الاّ انّ هذا الوجه لا يتمّ فيما لو كانت الدّابة قد أدخلت رأسها في القدر لعدم وجوب إخراج رأسها على صاحبها و يمكن بناء على إنكار كون التفريط مرجّحا و فرض الكلام في صورة عدم وقوع التّفريط من أحدهما تنزيل كلمات الأصحاب في حكمهم بإدخال الضّرر على ذي المصلحة في مثال الدابّة على ما ذكره الماتن (- ره -) من ترجيح الأقلّ ضررا فيحمل إطلاق كلامهم على الغالب من انّ ما يدخل من الضّرر على مالك الدابّة لو أتلفت دابّته مع الجبر بالقيمة أعظم ممّا يدخل على صاحب الدّار أو القدر على تقدير الهدم و الكسر و جبرهما بالقيمة و بعبارة أخرى تلف احدى العينين و تبدّلهما بالقيمة أهون من تلف الأخرى مع تبدّلها بالقيمة لتوجّه العناية إلى إحدى العينين أكثر من توجّهها إلى الأخرى و الحاصل انّ الأكثر و ان علّلوا حكمهم المذكور بأنّ إدخال الضّرر على صاحب الدّار أو القدر انّما هو لمصلحة صاحب الدّار و القدر الاّ انّ نظرهم إلى قلّة الضّرر و كثرته و ليس التّعبير بما ذكر الاّ بالنّظر الى الغالب كما عرفت و ليست المصلحة عنوانا في الحكم على وجه الخصوص و (- ح -) يندفع اعتراض الشهيد الثاني (- ره -) كما لا يخفى قوله طاب ثراه و مع التّساوي فالرّجوع الى العمومات (- اه -) ربّما يحكى عن ظاهر الشهيد (- ره -) في (- س -) القول بتخيّر الحاكم في صورة تساوى الضّررين و عدم المرجّح بين إدخال الضّرر على أيّهما شاء و لعلّه من باب السّياسة الثابتة له فان فقد الحاكم فالقرعة لأنّها لكلّ أمر مشكل و أقول ليته عيّن للحاكم أيضا الرّجوع الى القرعة لأنّ كونها لكلّ أمر مشكل لا يختصّ بصورة فقد الحاكم مضافا الى انّ رجوع الحاكم في الفرض أحوط قوله طاب ثراه و ظاهره انّه يكسر (- اه -) وجه الظّهور تخصيصه عدم جواز الكسر بما إذا كان الكسر أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها

التنبيه السابع في أن تصرف المالك في ملكه إذا استلزم تضرر جاره جائز أم لا

قوله طاب ثراه السّابع انّ تصرّف المالك في ملكه (- اه -) مرجع هذا البحث الى انّ قاعدة الضّرر هل هي حاكمة على قاعدة السّلطنة المعبّر عنها بقوله عليه السّلام النّاس مسلّطون على أموالهم أم هي محكومة عليها بتلك القاعدة أم هما متعارضتان لا بدّ من التماس مرجّح لإحديهما على الأخرى في مادّة التعارض من الخارج و المشهور انّ تصرّف المالك في ملكه إذا استلزم تضرّر جاره محكوم عليه بالجواز و علّله جماعة منهم العلاّمة (- ره -) و الشهيدان و المحقّق الثّاني و غيرهم بعموم قوله (- ص -) النّاس مسلّطون على أموالهم و ظاهرهم من حيث الاقتصار على التّعليل المذكور من دون تعرّض الأمر أخر هو جريان عموم السّلطنة من دون معارضة شيء فيظهر منهم (- ح -) حكومة قاعدة السّلطنة على قاعدة الضّرر لا كون الحكم بالجواز هنا من جهة تعارض الضّررين اعنى ضرر المالك و ضرر الجار و تقديم الأهمّ منهما أو من جهة كون قاعدة السّلطنة مرجعا عند التّعارض لما عرفت من ظهور تعليلهم فيما ذكرنا قوله طاب ثراه و قال في مسئلة ان لا حريم (- اه -) ظاهر العطف انّ هذه العبارة عبارة التحرير و ليست (- كك -) بل هي عبارة (- كرة -) كما يشهد به قوله (- قدّه -) بعدها و قريب من ذلك ما في (- عد -) و (- ير -) و الظّاهر انّه قد سقط من قلمه الشّريف كلمة في (- كرة -) بعد كلمة قال قوله طاب ثراه أقول تصرّف المالك في ملكه (- اه -) هنا صورة رابعة و هي ان يكون تصرّف المالك في ملكه بحسب المتعارف من تصرّفات أرباب أمثال ذلك الملك من دون علم و لا ظنّ بتضرّر الجار به و لكن اتّفق في الخارج تضرّره و حكمه الجواز بغير اشكال و لا خلاف لعموم قوله (- ص -) النّاس مسلّطون على أموالهم و المفروض عدم العلم و لا الظنّ بتضرّر الجار قوله طاب ثراه امّا ان يكون لدفع ضرر يتوجّه اليه (- اه -) بان يترتّب ضرر على ترك التصرّف سوى ضرر نفس ترك التصرّف فيكون التصرّف لدفع ذلك الضّرر الزّائد قوله طاب ثراه و امّا ان يكون لجلب منفعة (- اه -) بمعنى ان لا يتوجّه اليه ضرر بترك التصرّف الاّ ضرر عدم التسلّط على التصرّف في ملكه فيكون تصرّفه لجلب منفعة زائدة على التسلّط على التصرّف في ملكه قوله طاب ثراه مضافا الى (- اه -) قلت و مضافا الى انّ تصرّف المالك إذا كان لدفع الضّرر فقد يكون الضّرر الحاصل من ترك التصرّف بالغا حدّ الضّرورة فتشمله الأدلّة الدالّة على تحليل الحرام على المضطرّ فيجوز له التصرّف لذلك مثل قوله (- ص -) ما من شيء حرّمه اللّه الاّ و قد أحلّه اللّه لمن اضطرّ اليه و يزداد المطلوب وضوحا بما يأتي من الكلام في الصّورة الأخيرة و هي ما إذا كان التصرّف لجلب المنفعة إنشاء اللّه تعالى قوله طاب ثراه و الظّاهر عدم الضّمان (- أيضا -) عندهم (- اه -) قد وقع الاستدلال على عدم الضّمان فيما عدى صورة التصرّف لغوا بوجوه الأوّل الإجماع على عدم ضمان المالك ضرر الجار إذا كان تصرّفه في ملكه جائزا فإنّه ممّا لا خلاف فيه و يستفاد عدم الخلاف في ذلك من عبارة (- ط -) و (- ير -) المسطورتان في المتن بتقريب انّ الظّاهر من عدم استحقاق صاحب البئر الأولى للمنع و ان ادّى الى تغيير مائها أو نقصانه هو انّه لا حق له و لا ضمان على الثّاني للاوّل و مفروضهما في صورة التصرّف لأجل المنفعة فالحكم في صورة دفع الضّرر اولى و العبارتان بالنّسبة إلى العلم و الظنّ بتصرّف الجار مطلقتان و التّعليل بانّ له ان يتصرّف في ملكه ينبئ عن كونه كبرى كلّية مسلّمة بين الخاصّة كما يشير الى ذلك مساق عبارة (- كرة -) المنقولة في المتن فانّ عدم ذكر خلاف من الخاصّة يكشف عن كون ما ذكره من الحكم مسلّما عندهم فتأمّل و كذا يستفاد عدم الخلاف هنا من عبارة (- س -) المذكورة في المتن نظرا إلى إرساله الجواز و عدم الضّمان إرسال المسلّمات و إن كان ينافيه ما نقل عنه الماتن (- ره -) من الحكم بالضّمان في تاجيح النّار الثّاني أصالة البراءة من الضّمان بعد عدم الدّليل عليه فانّ أسباب الضّمان منحصرة في اليد و الإتلاف و التّسبيب و الغرض عدم ترتّب يد المالك بتصرّفه في ملكه على ملك الجار و (- كك -) الكلام انّما هو في صورة عدم صدق الإتلاف كما عرفت و امّا السببيّة فإنّها و إن كانت حاصلة في المقام من حيث انّ المالك صار سببا لدخول النّقص في ملك الغير الاّ انّ نفس السّببيّة ليست معنونة في الأخبار حتّى يؤخذ بإطلاقها أو عمومها و انّما المعنون فيها هو الإتلاف فلا بدّ و ان يقتصر في إثبات الضّمان بالتّسبيبات المتحقّق في ضمنها عنوان الإتلاف على القدر المتيقّن من معاقد الإجماعات و مجامع كلمات الأصحاب و انضمام بعض الأخبار ببعض فكلّ مورد حصل اليقين بحصول الضّمان من التّسبيبات فهو و الاّ فلا يتعدّى الى غيره من الموارد و لا شكّ في انّ القدر المتيقّن من ملاحظة جميع ذلك هي الأسباب الّتي يكون موجدها مذموما في إيجادها شرعا أو عرفا الثّالث دعوى الملازمة على الوجه الكلّى بين اذن الشّارع في شيء على وجه الإطلاق و بين عدم تعقّبه بالضّمان بمعنى انّ الشارع إذا اذن في شيء من دون حكم فيه بالضّمان فلا يتعقّبه ضمان و هذه الملازمة يستفاد من كلمات الفقهاء (- رض -) في جملة من الفروع كونها مسلّمة فيما بينهم فمنها ما ذكره المحقّق (- ره -) في نكت النّهاية حيث انّه بعد الحكم بضمان الزّوج دية الزوجة إذا أعنف بها في الدّخول فماتت أورد على نفسه بأنّه كان مأذونا في الدّخول بها من قبل الشّارع على هذا الوجه فان عدوله (- ره -) في الجواب عن الإيراد بوقوع التفكيك بين الضّمان و الإذن الى منع حصول الإذن من الشّارع في العنف صريح في كون عدم تعقّب اذن الشّارع بالضّمان من المسلّمات

ص:342

فيما بينهم و منها ما في (- لك -) فإنّه عند قول المحقّق (- ره -) نصب الميازيب الى الطّريق جائز و عليه عمل النّاس و هل يضمن لو وقعت فأتلفت قال المفيد (- ره -) لا يضمن و قال الشيخ (- ره -) يضمن لانّ نصبها مشروط بالسّلامة و الأوّل أشبه انتهى قال ما لفظه ظاهر الأصحاب و غيرهم الاتفاق على جواز إخراج الميازيب الى الشّوارع لما فيه من الحاجة الظّاهرة و عليه عمل النّاس قديما و حديثا من غير مخالف الى ان قال و إذا سقط أو سقط منه شيء فهلك به إنسان أو مال ففي وجوب الضّمان عليه قولان أحدهما و هو الّذي اختاره الشيخ المفيد و ابن إدريس (- رهما -) انّه لا ضمان لأنه من ضرورة البناء و الإذن في وضعه شرعا فلا يتعقّب الضّمان و الثّاني و هو اختيار الشيخ (- ره -) في (- ط -) و (- ف -) الضّمان لانّه ارتفاق بالشّارع في غير السّلوك فيكون جوازه مشروطا بالسّلامة انتهى فانّ تمسّكه للقول الأوّل بأنّه مأذون فيه فلا يتعقّبه الضّمان و للثّاني بأنّ الإذن مقيّد بالسّلامة ظاهران بل صريحان في كون الملازمة مسلّمة فيما بينهم و منها ما تضمّنه كلام المحقق الأردبيلي (- ره -) في تفسير التّسبيب في باب الدّيات من إثبات الضّمان بوضع حجر أو حفر بئر و نحوهما في مكان غير مأذون فيه شرعا و الضّمان بالوضع و الحفر في مكان مأذون فيه و كذا إثبات الضّمان على معلّم السّباحة إن كان تعليمه غير جائز مثل كون المتعلّم طفلا بغير اذن الولي و نفى الضّمان فيما إذا كان جائز الرّشد المتعلّم أو كون التّعليم بإذن الولي الشّرعي لمصلحته فلاحظ و منها قول المحقّق (- ره -) في الشّرائع و كذا اى يجوز إخراج الرّواشن في الطّريق المسلوك إذا لم يضرّ بالمارّة ثمَّ قال و لو قتلت خشبة بسقوطها قال الشّيخ (- ره -) يضمن نصف الدّية لأنّه هلك عن مباح و محظور و الأقرب انّه لا يضمن مع القول بالجواز و ضابطه ان كلّ ما للإنسان إحداثه في الطّريق لا يضمن بسببه و يضمن ما ليس له احداثه كوضع الحجر و حفر البئر انتهى انظر يرحمك اللّه تعالى إلى إرساله عدم الضّمان مع الجواز إرسال المسلم و أراد بقوله لانّه هلك عن مباح و محظور انّ إدخال الخشبة في الجدار جائز و إخراجها إلى طريق النّاس محرّم لاحتمال سقوطها و اضرارها بالمسلمين و فيما نحن فيه نصفها داخل و نصفها خارج فمن حيث نصفه يضمن و من حيث النّصف الأخر لا يضمن و منها ما ذكره جمع منهم المحقّق (- ره -) في الشّرائع و النافع و العلاّمة (- ره -) في (- شاد -) و القواعد و ولده في الإيضاح و ثاني الشّهيدين في (- لك -) و المحقّق الأردبيلي و الفاضل الهندي و سيّد الرّياض و غيرهم من انّه روى انّه لو ضرب ولىّ الدّم الجاني قصاصا و تركه ظنّا منه انّه قتله و قد كان به رمق فعالج نفسه و برء لم يكن للوليّ القصاص حتّى يقتص منه بالجراحة أوّلا أو يتتاركا لكنّهم ردّوا الرّواية بالإرسال و ضعف جملة من الرّواة و زاد بعضهم انها قضيّة في واقعة لم يعلم وجهها ففضّلوا بأنّ الولي إن كان قد ضربه على وجه يجوز القصاص به كما لو ضربه بالسّيف فاقتصّه و ظنّ انّه قد مات و لكن قد اشتبه عليه الأمر في ذلك فله ان يقتصّ من غير ان يقتصّ منه بالجراحة لأنّ له القصاص بمثل ذلك إذا الإله هو السّيف و قد ضربه في عنقه و لا يشترط في القصاص تحقّق القتل بضربة واحدة بل لو قتله ضربات عديدة فما فعله من الجرح مباح له لانّه جرحه بماله ان يفعله و المباح لا يستعقب الضّمان و إن كان قد ضربه على وجه لا يجوز القصاص بذلك الوجه امّا لكون الإله غير السّيف كالخشب و الحجر أو وقوع الضرب على غير العتق فعليه قصاص الجراحة إن كان ممّا يقتصّ بها و الدّية إن كان ممّا يؤخذ عليها الدّية ثمَّ يقتل قاتل مورّثه و هذا الذي حكيناه عنهم هو صريح كلمات هؤلاء و غيرهم في الحكم و التّعليل و هو صريح في كون الملازمة من المسلّمات فيما بينهم و منها ما عن المفيد و سلاّر و العلاّمة و الشّهيدين و الفاضل المقداد و المحقّق الأردبيلي و غيرهم (- قدّهم -) من انّ المكلّف لو أحدث في الطّريق ما اباحه اللّه تعالى و أحلّه فتلف بسببه غيره لم يضمن ديته لعين التّعليل المزبور و منها قول المحقّق (- ره -) بانّ في الإفضاء الدّية و تسقط عن الزّوج لو افضى زوجته بعد البلوغ و عقّبه في الرّياض بقوله لا خلاف فيه في الجملة لأنّه فعل سائغ مأذون فيه شرعا فلا ينبغي ان يوجب ضمانا و منها ما ذكره غير واحد من انّه لو أخرج أحد الشركاء ميزابا الى الطّريق المرفوع فأصاب به جناية إلى الغير فإن أخرجه بإذن الشركاء لم يضمن و الاّ فهو ضامن و علّلوا عدم الضّمان في صورة الإذن بأنّ المباح لا يستعقب الضّمان الى غير ذلك من كلماتهم الصّريحة في كون الملازمة من المسلّمات فيما بينهم و كلّما ازددت مراجعة لكلمات الأصحاب ازددت اطمينانا بذلك و بكونها من ضروريّاتهم و ربّما يتراءى في بادي النّظر مناقضة فتاويهم في موارد لذلك و ليس الأمر على ما يتراءى فمنها حكمهم بضمان راكب الدابّة ما تجنيه بيديها دون رجليها و كذا القائد لها يضمن ما تجنيه باليدين خاصّة هذا إذا سارا بها و امّا لو وقف أحدهما بها ضمن كلّ منهما جنايتها (- مط -) و لو برجليها و كذا لو ضربها أحدهما فجنت ضمنا جنايتها (- مط -) و لو ضربها غيرهما ضمن الضّارب (- مط -) و كذا السّائق لها يضمن جنايتها (- مط -) و قد نفى وجدان الخلاف في ذلك كلّه في الرّياض و نقل عن الغنية و شرح الشّرائع للصّيمري الإجماع و وجه المناقضة كون الركوب و كذا السّوق مباحا و قد استعقبا الضّمان و كذا القود و وجه الدّفع انّ مورد القاعدة انّما هو فيما اذن الشارع فيه مطلقا غير مقيّد بالضّمان و قد ورد هنا تقييد الإذن بالضمان المذكور في الأخبار و منها تضمينهم بلا خلاف النّائم الدّية إذا انقلب على إنسان فقتله أو جرحه فانّ وجه النقض انّ انقلابه مباح فكيف استعقب الضّمان للدّية و وجه الدّفع انّ مورد الملازمة انّما هو ما لو لم يصدق الإتلاف و المباشرة و الاّ فأدلّة الإتلاف كافية في إثبات الضّمان على انّ انقلابه لعدم قابليّة للخطاب بلا حكم الاّ انّه جائز و لذا لو كان المذكور في حال اليقظة لكان محرّما و منها تضمينهم الضّارب للتّأديب و ان لم يتجاوز المقدار الجائز فإنّ وجه النّقض انّ فعله مباح و قد استعقب الضّمان و وجه الدفع كسابقه و منها تضمينهم الطبيب مع كون علاجه سائغا و وجه الدّفع انّه إن كان غير حاذق ففعله ليس بمباح فالضّمان في محلّه و إن كان حاذقا فان كان مباشرا فضمانه للاندراج تحت عنوان الإتلاف و المباشرة الخارج عن مورد الملازمة و إن كان سببا فضمانه ممنوع كما أوضحناه في محلّه و منها تضمينهم البدل لمن أكل مال الغير عند الاضطرار فانّ وجه المناقضة انّ الأكل مباح مأذون فيه فكيف يجامع الضّمان و وجه الدّفع انّهم لمّا استفادوا التّرخيص في الأكل من الضّرورة المبيحة للمحظورات فتقدّر الضّرورة بقدرها و لذا علّلوه بانّ في جواز الأكل مع الضّمان جمعا بين الحقّين لانّ التصرّف في مال الغير حرام و حفظ النّفس واجب و يحصل بالأكل بعوض فلا يسوغ ما عدى

ص:343

ذلك و يوضح ما ذكرنا عدم ثبوت الضّمان للبدل فيما ورد التّرخيص في أكله شرعا مثل أكل المارّ على الشّجر و أكل ما تضمّنته الآية من البيوت و ليس الفرق بين ذلك و بين الأكل المضطرّ الاّ انّ المجوّز هنا هو الأكل بالدّلالة اللّفظيّة بخلافه في حال الضّرورة فإنّ المجوّز انّما هو دفع الضّرورة و حفظ النّفس و أكل ما يسدّ الرّمق مقدّمة محصّلة له قوله طاب ثراه نعم لو كان تضرّر الغير من حيث النّفس (- اه -) ما ذكره (- قدّه -) متين و كلمات الأصحاب في موارد متفرّقة تشهد به و توضيح الحال انّ جواز تصرّف المالك و ان استلزم تضرّر الجار حيثما قلنا به مشروط بأمور أحدها ان لا يكون الضّرر اللاّحق بالجار متعلّقا بنفسه و لا عرضه و لا ماله الّذي يستلزم إتلافه نقصا فاحشا في حاله فإنّه لا بد في الصّور المذكورة من إدخال الضّرر على المالك بمنعه من التصرّف لانّ الشّارع قد أوجب حفظ نفس الغير و عرضه و ماله و رفع الأحكام الضّرريّة و العسر و الحرج منّة على رعيّته فكيف يجوز إدخال المالك الضّرر عليهم في أنفسهم و اعراضهم و أموالهم صونا لنفسه عن التضرّر بشيء يسير نعم لو استلزم تركه تصرّفه الضّرر النّفسي أو العرضي أو المالى الغير المتحمّل مثله بالنّسبة إلى نفسه جاز له التصرّف الثّاني ان لا يعدّ المتصرّف عرفا مباشرا لإتلاف مال الجار كما لو أرسل الماء في داره فانهدم به جدار جاره المتّصل بداره فإنّه لا إشكال في حرمة فعله إذا كان عمدا و ضمانه (- مط -) لأدلّة الإتلاف فالمدار في جواز التصرّف و عدمه الى العرف فكلّما أسند التّلف عرفا الى المالك فحرام و كلّ ما لم يسند الإتلاف إليه عرفا فجائز و ان تضرّر الجار الثّالث ان لا يكون المالك بتصرّفه في ملكه و لو لجلب منفعة قاصدا لإضرار الجار و الاّ فيحرم (- مط -) و ان ترتّب على تصرّفه انتفاع أو دفع مضرّة عن نفسه أو كان الضّرر المتوجّه الى الجار يسير الحرمة الإضرار على وجه الإطلاق الشّامل لجميع الصّور كما يشهد به المرويّ في محكي دعائم الإسلام عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله ليس لأحد ان يفتح كوّة في جدار داره لينظر إلى شيء من داخل دار جاره فان فتح للضّياء موضع يرى منه لم يمنع من ذلك و ربّما استشهد له (- أيضا -) بقول النّبي (- ص -) لسمرة ما أراك إلاّ رجلا مضارّا حيث كان قاصدا لإضرار الأنصاري و نوقش في ذلك بانّ الغرض في المقام إثبات الحرمة فيما لو تصرّف المالك في ملكه مع قصد الإضرار بالجار و ان تضمّن تصرّفه في ملكه دفع مضرّة عن نفسه أو جلب منفعة (- أيضا -) كما عرفت و خبر سمرة لا يثبت ذلك لانّه لم يكن متصرّفا تصرّفا يتفرّع عليه الإضرار بل انّما كان يتطلّب بذهابه الى نخلته عورة الأنصاري و لهذا طلب منه الاستيذان و امره النّبي صلّى اللّه عليه و آله بذلك بعد شكاية الأنصاري إليه فلم يقبل فالإضرار هناك عبارة عن تطلّبه عورة الأنصاري و هو المنهيّ عنه فيه فلم يكن هناك تصرّف يتسبّب منه الضّرر المقصود فكان ذهابه إليها عين تطلّبه لانّه كان متفرّعا عن تصرّفه و فيه انّ سمرة كان له حقّ المرور على نخلته و قد كان تصرّفه بالمرور تصرّفا فيما يستحقّه و كان قاصدا للإضرار بالأنصارى بالاطّلاع على عورته فالتصرّف المتسبّب منه الضّرر و هو المرور موجود فينطبق على محلّ البحث فتدبّر جيّدا قوله طاب ثراه و إن كان لغوا محضا (- اه -) بأن كان التصرّف عبثا من دون تعلّق غرض به من جلب منفعة أو دفع مضرّة كما إذا تصرّف من دون حاجة اليه أو زائدا على قدر الحاجة فإنّه لزيادته عن مقدار الحاجة يصير القدر الزّائد في معنى التصرّف المتعارف الّذي لا فائدة فيه لاشتراكهما في الوصف قوله طاب ثراه فالظاهر انّه لا يجوز (- اه -) ربّما استظهر بعضهم انعقاد الإجماع على الحرمة في الفرض ثمَّ قال انّ المسئلة و ان لم تكن معنونة في كلمات الفقهاء (- رض -) لبيان الحكم التّكليفي أعني الحرمة الاّ انّهم قد اجمعوا على الحكم الوضعيّ الّذي هو الضّمان فيمكن استظهار الإجماع منهم بواسطة الكلّية المتقدّمة من الملازمة بين الحكم الوضعيّ و التّكليفي إذا صدر الفعل من العامد المختار المستجمع لشرائط التّكليف و أقول انّ الملازمة المشار إليها التي أسبقنا توضيحها انّما هي بين الإباحة و عدم الضّمان لا بين الحرمة و الضّمان كما زعمه هذا البعض ثمَّ انّه احتمل بعضهم الجواز في المقام امّا لاحتمال كون قوله صلّى اللّه عليه و آله النّاس مسلّطون على أموالهم واردا في مقام الأخبار عن الخارج ممّا هو مركوز في أذهان العقلاء لا إنشاء الإذن فلا يكون لقاعدة الضّرر حكومة عليه كما تقدّم و امّا لانّه ليس واردا في مقام بيان اباحة التصرّف من المالك في ملكه مثل اباحة التصرّف في المباحات حتى يكون لقاعدة الضّرر حكومة عليه كما انّ لها حكومة على الأدلّة الدالّة على اباحة التصرّف في المباحات بل هو وارد في مقابلة قاعدة الضّرر لبيان دفع ضرر المالك و العسر و الضّيق و الحاصل لم يترك التصرّف في أمواله فإن منع المالك عن التضرّر ضيق و ضرر عليه فكانّ الشّارع قد قال لا ضيق و لا ضرار على المالك من جهة ترك التصرّف بل يجوز له التصرّف و ان استلزم ضرر الغير و لا يمنع ذلك من جواز تصرّفه و (- ح -) يكون حاكما على قاعدة الضّرر و أقول الإنصاف ظهور خطابات الشّارع في بيان الإنشاء دون الأخبار عن الخارج و كون قاعدة الضّرر حاكمة على عموم السّلطنة قوله طاب ثراه و لا ضرر على المالك في منعه عن هذا التصرّف (- اه -) دفع لدخل على التمسّك بقاعدة الضّرر و توضيح الدّخل انّ قاعدة الضّرر هنا معارضة بمثلها من حيث دوران الأمر بين ضرر المالك بمنع تصرّفه و ضرر الجار بتصرّفه و (- ح -) فامّا ان يرجع الى عموم السّلطنة ان لم نقل بحكومة أحدهما على الأخر أو يرجع الى أصالة الإباحة ان قلنا بالحكومة و توضيح الدّفع منع تضرّر المالك بترك التصرّف الّذي ليس له فيه غرض معتد به من جلب نفع أو دفع ضرّ كما هو المفروض في المقام فمع عدم صدق الضّرر عليه عرفا تبقى قاعدة الضّرر لنفى الضّرر عن الجار سليما عن المعارض قوله طاب ثراه و يدلّ عليه انّ حبس المالك (- اه -) غرضه (- قدّه -) بذلك هو التمسّك بقاعدة الضّرر و العسر و الحرج مع منع جريان قاعدة الضّرر بالنّسبة إلى الجار قوله طاب ثراه و امّا الاستدلال بعموم النّاس مسلّطون (- اه -) هذا الاستدلال قد صدر من بعضهم بتقريب انّ قوله (- صلعم -) النّاس مسلّطون على أموالهم ليس واردا في مقام جواز إنشاء تصرّف الملاّك في أموالهم بل الظّاهر وروده في مقام الأخبار عن الخارج و كون تصرّف النّاس في أموالهم امرا مستمرّا بينهم مركوزا في أذهانهم معمولا عليه في جميع الأزمان من دون اختصاص بشرعنا بل هو ثابت في جميع الأديان و الشّارع إنّما أمضى ذلك الأمر المستمرّ المركوز في أذهانهم و قد عرفت سابقا انّ قوله صلّى اللّه عليه و آله لا ضرر و لا ضرار في الإسلام انّما ورد في مقام نفى الأحكام الضّرريّة المجعولة للشّارع لا نفى الأمور الضّرريّة الخارجيّة التي لا مدخل لجعل الشّارع فيها فقاعدة نفى الضّرر لا تنفى جواز تصرّف المالك و ان استلزم تضرّر الجار فتبقى قاعدة السّلطنة سليمة عن المعارض و فيه منع ورود عموم السّلطنة في مقام الأخبار عمّا هو مركوز في أذهان العقلاء من تصرّفهم في أموالهم و الإمضاء لذلك بل مقتضى ملاحظة شأن

ص:344

الشّارع هو كونه كسائر خطابات الشّرع في مقام بيان الإنشاء و قد أوضحنا في الجهة الثالثة من الجهات الّتي تعرّضنا لها في شرح التنبيه الأوّل حكومة قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة فراجع و تدبّر على انّا لو تنزلنا من ذلك و سلّمنا ورود عدم السّلطنة في مقام الإمضاء نقول انّ قاعدة نفى الضّرر كما تنفى الأحكام الضّرريّة المجعولة للشّارع كذلك تنفى الأحكام الضّررية الّتي أمضاها و ان شئت قلت انّ تلك القاعدة كما تنفى الضّرر عن جعل الشّارع كذلك تنفيه عن إمضائه فيستكشف بوجود الضّرر في مورد ما أمضاه انّ ذلك المورد بخصوصه ممّا لم يتعلّق به إمضاؤه و لهذا لو ثبت أحكام في الشرائع السّابقة و لم يثبت نسخها في شرعنا فاذا تضمّن بعضها الضّرر تنفيه بالقاعدة النّافية له و يشهد بذلك انّ سيرة الأصحاب قد استقرّت على التمسّك بقاعدة الضّرر فيما ليس من مجعولات الشّارع و انّما هو من قبيل ما أمضاه ألا ترى أنّهم اثبتوا خيار الغبن و العيب بقاعدة نفى الضّرر و (- كك -) اثبتوا الشفعة للشريك بها مع معارضة عموم قاعدة السّلطنة بها في المقامين لثبوت سلطنة البائع على عوض المبيع المعيوب بالعقد الصّحيح و ثبوت سلطنة المشترى للحصّة المشتركة به فإثبات جواز فسخ المشترى العقد في الأوّل و إثبات جواز الأخذ بالشّفعة للشّريك في الثاني بقاعدة الضّرر مناف لقاعدة السّلطنة فدلّ حكمهم بهما و بامثالهما على تقديم قاعدة الضّرر على قاعدة السّلطنة حتى في الموارد الغير المجعولة للشّارع و قد تقدّم استدلال الصّادق عليه السّلام لإثبات الشفعة بقاعدة الضّرر هذا مع انّ قضيّة سمرة المتقدّمة تدلّ أيضا على تقديم قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة لأنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله حكم بقلع عذق سمرة لقاعدة الضّرر مع ثبوت سلطنته على عذقه فيحصل من ملاحظة مجموع ما ذكر القطع بحكومة قاعدة الضّرر على عموم السّلطنة فتدبّر جيّدا خاتمة تتضمّن أمرين الأوّل انّ جميع ما ذكرنا في الأقسام الأربعة من جواز تصرّف المالك في ملكه المستلزم لتضرّر الجار و عدمه و ترتّب الضّمان و عدمه انّما هو فيما كان التصرّف في الملك مستلزما لتضرّر الجار و هل يلحق بالملك المباحات المشتركة بين المسلمين مثل الطّرق و المدارس و الخان المعدّ لنزول المتردّدين بمعنى انّ الأقسام الثّلثة التي قلنا بجواز التصرّف و عدم الضّمان فيها إذا تصوّر مثلها في المباحات المشتركة فهل يجرى عليه حكمها بان يجوز إضرام النار لساكن احدى الحجرات من دون ضمان إذا تضرّر به ساكن الحجرة الأخرى أم لا وجهان بل قولان أوّلهما ظاهر ما حكى عن الشّهيد الثّاني (- ره -) من التّسوية بين التصرّف في الأملاك و غيرها من المباحات المشتركة جوازا و منعا و ضمانا و عدمه و ثانيهما هو المحكى عن العلاّمة (- ره -) في (- كرة -) حيث حكى عنه القول بحرمة التصرّف المضرّ بالجار هنا حتى على القول بالجواز في الأملاك حجّة الأوّل أنّ الأصل إباحة التصرّف و البراءة من الضّمان بعد منع جريان قاعدة الضّرر هنا أو دعوى انّ مقتضى ورودها في مقام الامتنان هو عدم جريانها هنا لانّ منع المسلم عن التصرّف فيما هو مباح له خلاف الامتنان و حجّة الثّاني انّ وجه جواز التصرّف في الأملاك حتّى في صورة استلزام تضرّر الجار انّما هو عموم قاعدة السّلطنة و سلامته عن معارضة قاعدة الضّرر بعد ابتلائها بالمعارضة بالمثل و هذا لا يجري في المشتركات لعدم جريان قاعدة السّلطنة فيها لعدم كونها ممّا يعدّ مالا لأحد كما هو المفروض فتسلم قاعدة الضّرر عن المعارض و لا ينافيها الأدلّة الدالّة على جواز التصرّف فيها ضرورة انّه لا منافاة بين الإباحة الذّاتيّة و الحرمة العرضيّة فيحرم التصرّف فيها من باب كونه مقدّمة لمحرّم و هو تضرّر الغير و إن كان التصرّف فيها مباحا بالذّات و الجواب عن هذه الحجّة انّ قاعدة الضّرر بالنّسبة إلى الجار هنا (- أيضا -) معارضة بمثلها لانّ منع المسلم من التصرّف فيما أبيح له التصرّف فيه لدفع ضرر أو جلب منفعة ضرر عليه (- أيضا -) فتبقى أصالة الإباحة سليمة عن المعارض فما اختاره الشّهيد الثاني (- ره -) هو الأظهر و اللّه العالم الثّاني انّ انقلاب العدوان غير عدوان هل يوجب انقلاب الحكم التّكليفي و الوضعيّ أم لا فلو حفر في ملك الغير بغير إذنه بئرا عدوانا ثمَّ انقلب ذلك الملك ملكا له بابتياع أو هبة أو إرث أو نحوها أو حفر بئرا في طريق المسلمين لا لمصلحتهم ثمَّ انّه تصرّف في الطّريق و فتح من ملكه طريقا أوسع و أقرب و أعود للمسلمين من الطريق السّابق بناء على جوازه فهل ينقلب الحكم التّكليفي أعني الحرمة و الوضعيّ و هو الضّمان بسبب تملّكه لتلك الأرض فيحكم بعدم الضّمان لو وقع فيه احد و تلف نفسه أو طرفه أم لا وجهان للأوّل استصحاب السببيّة و الضّمان و للثاني أصالة البراءة من الضّمان بعد منع الاستصحاب بسبب تبدّل عنوان السّبب فانّ الظّاهر من دوران الحكم مدار الوصف انقلاب الحكم بانقلابه و هذا هو الأشبه و اللّه العالم هذا أخر الكلام في شرح عبائر رسالة نفى الضرر و به تمَّ الكتاب نفعنا اللّه تعالى به يوم الحساب و قد آل الأمر بي إلى هنا عصر يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الأوّل سنة ألف و ثلثمائة و ستّ و ثلثين و هي السنة الّتي أدّب اللّه سبحانه فيها أهل عراق العرب و أغلب بلاد العجم بل أغلب بلاد الربع المسكون بالغلاء الشّديد الذي لم نر نحن و لا شيبة عصرنا في عمرهم و لا نقل لهم مثله و قد آل الأمر إلى تعارف شراء حقّة الخبر باثني عشر قرانا بعد ان كانت بقران و حقّة البصل بعشر قرانات بعد إن كانت بربع قران و هكذا سائر المأكولات و الملبوسات و بقيّة ضروريّات المعاش و ذلك منه تعالى لمصالح كامنة يدرك العاقل بعضها و لا يدرك أكثرها و اسئل اللّه الكريم المنان ان يعفو عنّا و لا يؤاخذنا بسىّ ء أعمالنا و يكشف هذه الشّدة العظيمة عن هذه الأمّة العاصية الظالمة بمنّه و جوده و كرمه و عفوه و رأفته يا من سبقت رحمته غضبه ارحمنا و ارفع هذا البلاء عنّا و اجعله الغلاء الموعود متّصلا بظهور حجّتك على خلقك و مصفّى الأرض عن الظلم و الجور بتأييدك أمّين أمّين يا إله طه و يس و قد فرغت من تسويد هذه النسخة الشريفة في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول سنة ألف و ثلثمائة و خمس و أربعين من الهجرة النبويّة (- ص -) و انا الفاني أحمد بن الشيخ محمّد حسين طبعت في المطبعة المرتضويّة في النّجف الأشرف سنة 1345.

ص:345

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.