ايصال الطالب الي المكاسب المجلد 13

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسيني الشيرازي، محمد، 1380 - 1305، شارح

عنوان واسم المؤلف: ايصال الطالب الي المكاسب: شرح واف بغرض الكتاب، تيعرض لحل مشكلاته و ابداآ مقاصد في ايجاز و توضيح/ محمد الحسيني الشيرازي

تفاصيل المنشور: تهران : موسسة كتابسراي اعلمي ، 1385.

خصائص المظهر: ج 16

شابك : 964-94017-6-8(دوره): ؛ 964-7860-59-5(ج. 1): ؛ 964-7860-58-7(ج. 2): ؛ 964-7860-57-9(ج. 3): ؛ 964-7860-56-0(ج. 4): ؛ 964-7860-54-4(ج. 6): ؛ 964-7860-53-6(ج. 7): ؛ 964-7860-55-2(ج. 8): ؛ 964-7860-52-8(ج. 9): ؛ 964-7860-51-X(ج. 10): ؛ 964-7860-50-1(ج. 11): ؛ 964-7860-49-8(ج. 12): ؛ 964-7860-45-X(ج. 13): ؛ 964-7860-47-1(ج. 15):

لسان : العربية

ملحوظة : الفهرسة على أساس المعلومات فيپا

ملحوظة : هذا الكتاب هو وصف"المكاسب مرتضي بن محمد امين انصاري" يكون

عنوان آخر: المكاسب. شرح

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1281 - 1214ق. المكاسب -- نقد و تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

موضوع : فقه جعفري -- قرن ق 13

المعرف المضاف: انصاري، مرتضي بن محمدامين ، 1281 - 1214ق. المكاسب. شرح

ترتيب الكونجرس: BP190/1/الف8م702133 1385

تصنيف ديوي: 297/372

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 85-16816

ص: 1

اشارة

ص: 2

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين و لعنة اللّه على اعدائهم اجمعين من الآن الى يوم الدين.

و بعد: فهذا هو القسم الثالث من كتاب الخيارات و الجزء الثالث عشر من اجزاء كتابنا (ايصال الطالب الى المكاسب) للشيخ الفذّ آية اللّه الانصارى قدس سره.

و يشرع في مسئلة عدم سقوط خيارا لرؤية ببذل التفاوت و ابدال العين كتبته تسهيلا للطالب الكريم عسى ان انتفع به فى يوم لا ينفع فيه مٰالٌ وَ لٰا بَنُونَ إِلّٰا مَنْ أَتَى اللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

كربلاء المقدسة محمد بن المهدى الحسينى الشيرازى

ص: 3

[تتمة القول في الخيار]

[تتمة أقسام الخيارات]

[تتمة السادس خيار الرؤية]

مسئلة لا يسقط هذا الخيار ببذل التفاوت و لا بابدال العين،

لان العقد انما وقع على الشخصى، فتملك غيره يحتاج الى معاوضة جديدة.

و لو شرط في متن العقد الابدال لو ظهر على خلاف الوصف ففى الدروس: ان الاقرب الفساد.

______________________________

(مسألة: لا يسقط هذا الخيار) اى خيار الرؤية (ببذل التفاوت) بين العين الموصوفة و العين المشتملة، اذا كان بينهما تفاوت، و ذلك لاصالة عدم السقوط، و ان كان الظاهر ان للمشترى ان يتصالح عن حقه في الخيار بأخذ شي ء، و أن لم يكن بين العينين تفاوت (و لا بابدال العين) بعين اخرى متصفة بالصفات المذكورة في العقد (لان العقد انما وقع على) الشي ء (الشخصى، فتملك غيره يحتاج الى معاوضة جديدة).

نعم لهما ان يتراضيا بالابدال، فكانه اسقط المشترى خياره فى قبال ان يبدله البائع بعين اخرى.

(و لو شرط في متن العقد الابدال لو ظهر على خلاف الوصف ففى الدروس: ان الاقرب الفساد) و ان كان الظاهر الصحة، لانه من قبيل شرط معاملة اخرى في ضمن معاملة، فان هذا البيع صحيح، لكن اللازم على البائع اخذ العين الفاقدة للاوصاف، و اعطاء عين اخرى واجدة للاوصاف بمعاملة جديدة، و لا يلزم ان تكون المعاملة الجديدة بيعا او غيره من العناوين الواردة في الادلة بالخصوص، بل يكفى صدق

ص: 4

و لعله لان البدل المستحق عليه بمقتضى الشرط، ان كان بإزاء الثمن، فمرجعه الى معاوضة جديدة على تقدير ظهور المخالفة بان ينفسخ البيع بنفسه عند المخالفة و ينعقد بيع آخر فيحصل بالشرط انفساخ عقد و انعقاد عقد آخر، كل منهما معلق على المخالفة.

و من المعلوم عدم نهوض الشرط لا ثبات ذلك و ان كان بإزاء المبيع الّذي

______________________________

العقد و التجارة عليه، ليدخل في آية الوفاء بالعقد، و تجارة عن تراض.

(و) اما ما ذكره الشهيد، ف (لعله لان البدل المستحق عليه) اى على البائع (بمقتضى الشرط، ان كان) ذلك البدل (بإزاء الثمن ف) حيث ان الثمن لا يكون بإزاء مثمنين، يكون (مرجعه) اى مرجع كونه بإزاء الثمن (الى معاوضة جديدة على تقدير ظهور المخالفة) فى الوصف، و لا يكون الثمن بإزاء البدل الا (بان ينفسخ البيع بنفسه عند المخالفة) فى الوصف (و ينعقد بيع آخر).

و على هذا (فيحصل بالشرط انفساخ عقد) سابق (و انعقاد عقد آخر) جديد ف (كل منهما) اى العقد السابق انفساخا، و العقد الجديد انعقادا (معلق على المخالفة) في الوصف.

(و من المعلوم عدم نهوض الشرط لاثبات ذلك) فان الشرط لا يبطل عقدا، و لا يثبت عقدا، لكن ربما يقال بانه: لا بأس بذلك ما لم يدل دليل على لزوم سبب خاص في التمليك و التملك، فليس الملك بحاجة الى لفظ خاص، مثل: النكاح، و الطلاق (و ان كان) البدل المستحق عليه (بإزاء المبيع الّذي

ص: 5

ظهر على خلاف الوصف.

فمرجعه أيضا الى انعقاد معاوضة تعليقية غروية، لان المفروض جهالة المبدل.

و على اى تقدير فالظاهر عدم مشروعية الشرط المذكور، فيفسد و يفسد العقد.

و بذلك ظهر ضعف ما في الحدائق من الاعتراض على الشهيد ره حيث قال:- بعد نقل عبارة الدروس، و حكمه بالفساد- ما

______________________________

ظهر على خلاف الوصف) بان يكون الشرط نافعا للزوم بدل الفاقد للوصف بالواجد له.

(فمرجعه أيضا الى انعقاد معاوضة تعليقية) معلقة تلك المعاوضة على فقدان العين للوصف (غررية).

و انما كانت غررية (لان المفروض جهالة المبدل) الّذي يعطيه البائع بدل ما اعطاه أولا مما كان فاقدا للوصف.

و فيه انه ليست غررية، اذ الموصوف لا يوجب الغرر.

(و على اى تقدير) من التقديرين (فالظاهر عدم مشروعية الشرط المذكور، فيفسد) الشرط (و يفسد العقد) لان الشرط الفاسد مفسد.

و فيه انه على تقدير فساده، لا دليل على انه مفسد.

(و بذلك) الّذي ذكره المصنف في وجه كلام الشهيد (ظهر ضعف ما في الحدائق من الاعتراض على الشهيد ره حيث قال) الحدائق (- بعد نقل عبارة الدروس، و) نقل (حكمه بالفساد-) لهذا الشرط (ما

ص: 6

لفظه: ظاهر كلامه ان الحكم بالفساد اعم من ان يظهر على الوصف أو لا، و فيه انه لا موجب للفساد مع ظهوره على الوصف المشروط.

و مجرد شرط البائع الابدال مع عدم الظهور على الوصف لا يصلح سببا للفساد، لعموم الاخبار المتقدمة.

نعم لو ظهر مخالفا فانه يكون فاسدا من حيث المخالفة، و لا يجبره

______________________________

لفظه: ظاهر كلامه) اى كلام الدروس (ان الحكم بالفساد اعم من ان يظهر) المبيع (على الوصف) المقرر (أو لا، و فيه انه لا موجب للفساد مع ظهوره على الوصف المشروط).

اذ لا وجه للفساد بعد شمول ادلة الوفاء بالعقد، و التجارة عن تراض له، و لا دليل على ان مثل هذا الشرط مفسد.

(و) ذلك لوضوح ان (مجرد شرط البائع الابدال مع عدم الظهور) اى ظهور المبيع (على الوصف) المقرر (لا يصلح سببا للفساد، لعموم الاخبار المتقدمة) فان اخبار خيار الرؤية تدل بمفهومها على ان المبيع لو كان موصوفا بالوصف الّذي ذكراه، كان البيع ثابتا، و لازما.

و هذا بالإضافة الى عمومات حل: البيع، و: تجارة عن تراض.

و كان المصنف عند اشكاله على الحدائق يرى الفساد في صورة عدم المخالفة أيضا، لان الشرط فاسد على ما ذكره، و الشرط الفاسد مفسد، و فيه ما لا يخفى.

(نعم لو ظهر) المبيع (مخالفا) فى الوصف (فانه) اى البيع (يكون فاسدا من حيث المخالفة) لمخالفة المعقود عليه مع المتسلم (و لا يجبره)

ص: 7

هذا الشرط، لاطلاق الاخبار.

و الاظهر رجوع الحكم بالفساد في العبارة الى الشرط المذكور حيث لا تأثير له مع الظهور، و عدمه.

و بالجملة فانى لا اعرف للحكم بفساد العقد في الصورة المذكورة على الاطلاق وجها يحمل عليه، انتهى.

______________________________

اى لا يجبر الفساد الآتى من ناحية المخالفة (هذا الشرط، لاطلاق الاخبار) الدالة على ان الشرط المخالف للكتاب و السنة يوجب الفساد، فاذا فسد الشرط افسد أيضا.

(و الا ظهر رجوع الحكم بالفساد في العبارة) المتقدمة عن الشهيد (الى الشرط المذكور) يعنى ان مراد الشهيد هو ان الشرط فاسد، لا ان مراده ان البيع فاسد (حيث لا تأثير له) اى للشرط (مع الظهور) اى ظهور المخالفة لما عرفت من بطلان البيع فلا تأثير للشرط (و عدمه) اى عدم ظهور المخالفة، لان البيع حينئذ صحيح- كما عرفت- و لا تأثير لهذا الشرط

(و بالجملة فانى لا اعرف للحكم بفساد العقد في الصورة المذكورة). و هي صورة اشتراط الابدال لدى المخالفة (على الاطلاق) اى انه فاسد مطلقا حتى في صورة عدم ظهور المخالفة (وجها يحمل) كلام الشهيد «ره» (عليه، انتهى).

اذ قد عرفت ان الشرط لا يضر اذا لم تظهر المخالفة و الله العالم.

ص: 8

مسئلة الظاهر ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع على عين شخصية موصوفة كالصلح، و الاجارة،

لانه لو لم يحكم بالخيار مع تبين المخالفة، فاما ان يحكم ببطلان العقد لما تقدم عن الاردبيلى في بطلان بيع العين الغائبة

و اما ان يحكم بلزومه من دون خيار، و الاول مخالف لطريقه الفقهاء فى تخلف الاوصاف المشروطة في المعقود عليه.

______________________________

(مسألة: الظاهر ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع على عين شخصية موصوفة) فظهرت خلاف الوصف (كالصلح، و الاجارة) و الهبة المشروطة و المعوضة، و غيرها.

و انما نحكم بالخيار (لانه لو لم يحكم بالخيار) دار الامر بين البطلان و بين الصحة بدون خيار.

و الاول: خلاف ادلة: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و الثانى: خلاف دليل: لا ضرر، بالإضافة الى المناط في باب البيع اذ (مع تبين المخالفة، فاما ان يحكم ببطلان العقد).

فوجه البطلان (لما تقدم عن الاردبيلى في بطلان بيع العين الغائبة) بان المقصود ليس بموجود، و ما هو موجود لم يعقد عليه.

(و اما ان يحكم بلزومه من دون خيار، و) كلاهما باطل.

لان (الاول مخالف لطريقة الفقهاء فى) صورة (تخلف الاوصاف المشروطة في العقود عليه) و طريقتهم كما عرفت مستفادة من ان النصوص

ص: 9

و الثانى فاسد من جهة ان دليل اللزوم هو وجوب الوفاء بالعقد، و حرمة النقض، و معلوم ان عدم الالتزام بترتب آثار العقد على العين الفاقدة للصفات المشترطة فيها ليس نقضا للعقد، بل قد تقدم عن بعض ان ترتيب آثار العقد عليها ليس وفاء و عملا بالعقد حتى يجوز، بل هو تصرف لم يدل عليه العقد، فيبطل.

______________________________

الدالة على العقود تشمل حتى صورة المخالفة.

و السرّ ان المخالفة لا تضر الجوهر، و لذلك جرت طريقة العقلاء على صحة المعاملة، و منتهى الامر ان يكون في العقد الخيار.

(و الثانى) و هو لزوم العقد من دون خيار (فاسد من جهة ان دليل اللزوم) للعقود (هو وجوب الوفاء بالعقد، و حرمة النقض) قال تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و معلوم ان عدم الالتزام بترتب آثار العقد على العين الفاقدة للصفات المشترطة فيها) اى في تلك العين عدم الالتزام: بان يكون له الفسخ او ابطال العقد بالخيار، اذا شاء (ليس نقضا للعقد).

اذ المستفاد عرفا من «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» وجوب الوفاء بالعقد الّذي تعلق بما تعلقت به إرادة المتعاقدين، لا باىّ عقد كان، و ان كان متعلقه على خلاف إرادة احدهما (بل قد تقدم عن بعض) و هو الاردبيلى «ره» (ان ترتيب آثار العقد عليها) اى على العين الفاقدة للوصف (ليس وفاء و عملا بالعقد حتى يجوز) ترتيب الآثار (بل هو) اى ترتيب الآثار (تصرف لم يدل عليه العقد، فيبطل).

و نحن و ان لم نقل بمقالة ذلك البعض من البطلان، لكن نقول:

ص: 10

و الحاصل: ان الامر في ذلك دائر بين فساد العقد و ثبوته مع الخيار.

و الاول مناف لطريقة الاصحاب في غير باب، فتعين الثانى.

______________________________

بان وجوب الوفاء، لا يشمل مثل هذا العقد المخالف في الوصف.

(و الحاصل: ان الامر في ذلك) العقد، و سائر العقود: غير البيع (دائر بين فساد العقد) مطلقا (و ثبوته مع الخيار).

(و الاول مناف لطريقة الاصحاب في غير باب) واحد، بل في جميع الابواب، فانهم لا يبطلون المعاملة بمجرد مخالفة وصف غير مقوم، و قد عرفت ان طريقتهم اتباع اطلاق الادلة (فتعين الثانى) و هو ثبوت العقد مع الخيار.

ص: 11

مسئلة لو اختلفا، فقال البائع: لم يختلف صفة، و قال المشترى: قد اختلف ففى التذكرة قدم قول المشترى،

لاصالة براءة ذمته من الثمن، فلا يلزمه ما لم يقرّ به، او يثبت بالبينة.

و رده في المختلف في نظير المسألة بان اقراره بالشراء اقرار بالاشتغال بالثمن.

و يمكن ان يكون مراده ببراءة الذمة: عدم وجوب

______________________________

(مسألة: لو اختلفا، فقال البائع: لم يختلف) الموجود عن الموصوف (صفة) و انما سلمتك نفس الّذي وصفته لك (و قال المشترى: قد اختلف) فاراد المشترى الاخذ بالخيار و امتنع البائع.

(ففى التذكرة) قال: (قدم قول المشترى، لاصالة براءة ذمته من الثمن، فلا يلزمه) اعطاء الثمن (ما لم يقرّ به) اى ان اللازم عليه اعطاء الثمن (او يثبت) وجوب اعطائه الثمن (بالبينة) الدالة على ان المسلّم هو الموصوف من غير اختلاف.

(و رده في المختلف في نظير المسألة بان اقراره) اى اقرار المشترى (بالشراء، اقرار بالاشتغال بالثمن).

فاللازم ان يعطى الثمن، الا اذا اثبت مخالفة المسلّم للمعقود عليه فى الوصف.

(و يمكن ان يكون مراده) اى مراد التذكرة (ببراءة الذمة: عدم وجوب

ص: 12

تسليمه الى البائع، بناء على ما ذكره في احكام الخيار من التذكرة من عدم وجوب تسليم الثمن، و لا المثمن في مدة الخيار، و ان تسلم الآخر.

و كيف كان فيمكن ان يخدش بان المشترى قد اقرّ باشتغال ذمته بالثمن، سواء اختلف صفة المبيع، أم لم يختلف.

غاية الامر سلطنته على الفسخ لو ثبت ان البائع التزم على نفسه اتصاف البيع باوصاف مفقودة.

______________________________

تسليمه) اى تسليم الثمن (الى البائع، بناء على ما ذكره في احكام الخيار من التذكرة من عدم وجوب تسليم) المشترى (الثمن، و لا) البائع (المثمن فى مدة الخيار، و ان تسلم) الطرف (الآخر).

و قد تقدم في بعض المسائل السابقة وجه ذلك، و في المقام حيث يدعى المشترى خلاف الوصف، فله الخيار، و اذا كان له الخيار كان له ان لا يسلم الثمن.

فمراد التذكرة براءة ذمته من تسليم الثمن- لا من اصل الثمن-.

(و كيف كان) مراد العلامة من براءة الذمة (فيمكن ان يخدش بان المشترى قد اقرّ باشتغال ذمته بالثمن) حيث انه معترف بالمعاملة الموجبة لاشتغال ذمته (سواء اختلف صفة المبيع) الموجبة للخيار (أم لم يختلف) فيلزم العقد.

(غاية الامر سلطنته) اى المشترى (على الفسخ لو ثبت ان البائع التزم على نفسه اتصاف المبيع باوصاف مفقودة).

فقوله «لو ثبت» اى انه ان ثبت، تثبت له السلطنة، لا ان السلطنة

ص: 13

كما لو اختلفا في اشتراط كون العبد كاتبا.

و حيث لم يثبت ذلك فالاصل عدمه، فيبقى الاشتغال لازما غير قابل للازالة بفسخ العقد هذا.

و يمكن دفع ذلك بان اخذ الصفات في المبيع و ان كان في معنى الاشتراط الا انه بعنوان التقييد.

فمرجع الاختلاف الى الشك في تعلق البيع بالعين الملحوظ فيها

______________________________

متوقفة على الثبوت، اذ لا شك ان للمشترى الفسخ- واقعا- و ان لم يثبت خارجا فقد المبيع للاوصاف (كما لو اختلفا في اشتراط كون العبد كاتبا) فانكر البائع هذا الشرط، و اثبته المشترى و لم يكن العبد المسلّم إليه كاتبا.

(و حيث لم يثبت ذلك) اى لم يثبت ان البائع التزم في العقد كون العبد كاتبا (فالاصل عدمه) اى عدم لزوم وصف العبد بكونه كاتبا (فيبقى الاشتغال) لذمة المشترى بالثمن (لازما غير قابل للازالة بفسخ العقد)

و على هذا فاللازم على المشترى ان يسلّم الثمن، الا اذا تمكن من اثبات ما يقوله (هذا) تمام الكلام في وجه الاشتغال.

(و يمكن دفع ذلك) و تأييد براءة المشترى (بان اخذ الصفات فى المبيع و ان كان في معنى الاشتراط) فكانه قال: بعتك عبدا بشرط ان يكون كاتبا (الا انه بعنوان التقييد) فالمشترى العبد الكاتب، لان العبد الامّى لم يقع عليه العقد اصلا.

(فمرجع الاختلاف الى الشك في تعلق البيع بالعين الملحوظ فيها

ص: 14

صفات مفقودة، او تعلقه بعين لوحظ فيها الصفات الموجودة، او ما يعمها و اللزوم من احكام البيع المتعلق بالعين على الوجه الثانى.

و الاصل عدمه.

و منه يظهر الفرق بين ما نحن فيه و بين الاختلاف في اشتراط كتابة العبد، و قد تقدم توضيح ذلك و بيان ما قيل او يمكن ان يقال في هذا المجال في مسألة ما اذا اختلفا فى.

______________________________

صفات مفقودة) للعبد الامّى و هل كان مشمولا للعقد (او تعلقه بعين لوحظ فيها الصفات الموجودة) للعبد الكاتب (او) تعلق البيع ب (ما يعمها) اى ما يعم الصفات فهو مشتر للعبد عالما كان او أمّيا (و اللزوم) للبيع (من احكام البيع المتعلق بالعين على الوجه الثانى) و هى العين التى لوحظ فيها الصفات الموجودة.

(و) حيث انه امر وجودى، ف (الاصل عدمه) و عليه فلا تشتغل ذمة المشترى بالثمن.

(و منه) اى و مما ذكرناه من ان البيع مقيد، فالاصل عدمه (يظهر الفرق بين ما نحن فيه) الّذي هو مقيد (و بين الاختلاف في اشتراط كتابة العبد) حيث ان كليهما متفقان على اشتراء العبد، لكن اختلفا، فقال المشترى كان بشرط الكتابة، و انكره البائع.

فان الاصل هنا مع البائع لان المشترى يدعى شرطا زائدا (و قد تقدم توضيح ذلك) الفرق (و بيان ما قيل او يمكن ان يقال في هذا المجال) اى مجال اختلافهما تقدم ذلك (فى مسألة ما اذا اختلفا فى

ص: 15

تغيير ما شاهداه قبل البيع.

______________________________

تغيير ما شاهداه قبل البيع) فراجع.

و الظاهر ان الاصل مع البائع في امثال هذه المقامات و اللّه العالم.

ص: 16

مسئلة: لو نسج بعض الثوب فاشتراه على ان ينسج الباقى كالاول بطل،

كما عن المبسوط، و القاضى، و ابن سعيد قدس سرهما، و العلامة في كتبه و جامع المقاصد.

و استدل عليه في التذكرة، و جامع المقاصد بان بعضه عين حاضرة و بعضه في الذمة مجهول.

و عن المختلف صحته و لا يحضرنى الآن حتى اتأمّل في دليله.

و الّذي ذكر للمنع، لا ينهض مانعا.

______________________________

(مسألة: لو نسج بعض الثوب فاشتراه) المشترى (على ان ينسج الباقى كالاول) فى النسج (بطل) البيع في الجميع (كما عن المبسوط و القاضى و ابن سعيد قدس سرهما، و العلامة في كتبه و جامع المقاصد)

(و) ذلك لما (استدل عليه في التذكرة، و جامع المقاصد بان بعضه عين حاضرة و بعضه في الذمة مجهول) فالبعض المجهول باطل لجهالته و البعض الحاضر باطل، لان في ضمنه شرط مجهول، و الشرط الفاسد مفسد.

(و عن المختلف صحته) و هو الاقرب، لان ما في الذمة ليس مجهولا بعد ان كان موصوفا و هى معاملة عقلائية فيشملها دليل المعاملات، مثل أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ و غيره (و لا يحضرنى) المختلف (الآن حتى اتأمّل في دليله) الّذي بنى عليه الصحة.

(و) لكن (الّذي ذكر) دليلا (للمنع، لا ينهض مانعا) لما عرفت.

ص: 17

فالذى يقوى في النظر انه اذا باع البعض المنسوج المنضم الى غزل معين على ان ينسجه على ذلك المنوال، فلا مانع منه.

و كذا اذا ضم معه مقدارا معينا كليا من الغزل الموصوف على ان ينسجه كذلك، اذ لا مانع من ضم الكلى الى الشخصى.

و إليه ينظر بعض كلمات المختلف في هذا المقام، حيث جعل اشتراط نسج الباقى كاشتراط الخياطة و الصبغ.

______________________________

هذا بالإضافة الى ان المجهول لو كان جزءا كان البيع في الموجود صحيحا و له خيار تبعض الصفقة، و لو كان شرطا كان باطلا في نفسه، و قد سبق ان الشرط الفاسد ليس مفسدا.

(فالذى يقوى في النظر انه اذا باع البعض المنسوج المنضم الى غزل) غير منسوج (معين على ان ينسجه على ذلك المنوال) اى على ذلك الطراز و الكيفية (فلا مانع منه) لانه باع المنسوج و غير المنسوج، و شرط نسج غير المنسوج.

(و كذا اذا ضم معه) اى مع المنسوج (مقدارا معينا كليا من الغزل الموصوف) مثل كيلو من الغزل الموصوف بانه مثل غزل هذا النسج (على) شرط (ان ينسجه كذلك) اى كهذا المنسوج (اذ لا مانع من ضم الكلى) فى البيع (الى الشخصى) فان اطلاقات ادلة البيع تشمله، و الشرط جائز

(و إليه) اى الى انه من باب الشرط (ينظر بعض كلمات المختلف فى هذا المقام، حيث جعل اشتراط نسج الباقى) من باب الشرط (كاشتراط الخياطة و الصبغ).

ص: 18

و كذا اذا باعه اذرعا معلومة منسوجة مع هذا المنسوج بهذا المنوال

و لو لم ينسجه في الصورتين الاوليين على ذلك المنوال، ثبت الخيار لتخلف الشرط.

و لو لم ينسجه كذلك في الصورة الاخيرة لم يلزم القبول و بقى على مال البائع، و كان للمشترى الخيار في المنسوج لتبعض الصفقة عليه و اللّه العالم.

______________________________

كما اذا باعه قماشا بشرط ان يخيطه او ان يصبغه (و كذا) يصح و يكون من باب ضم الكلى الى الشخصى (اذا باعه اذرعا معلومة منسوجة مع هذا المنسوج) الموجود فعلا (بهذا المنوال) «بهذا» متعلق ب «منسوجة»

هذا (و لو لم ينسجه) البائع (فى الصورتين الاوليين) و هما «المنضم الى غزل معين» «و كذا اذا ضم معه» (على ذلك المنوال) حسب الشرط (ثبت الخيار) للمشترى (لتخلف الشرط) اذا لشرط ان ينسجه على ذلك الطراز.

(و لو لم ينسجه كذلك) اى على ذلك المنوال (في الصورة الاخيرة) و هى «اذا باعه اذرعا معلومة» (لم يلزم) المشترى (القبول) لما يقدمه البائع له (و بقى) الّذي قدمه البائع مما لم ينسج على ذلك المنوال (على مال البائع) لانه ليس مصداقا لما بيع (و كان للمشترى الخيار في المنسوج لتبعض الصفقة عليه) اى على المشترى (و اللّه العالم) بحقائق الاحكام

ثم انه لو كان التبديل ممكنا في الصورة الاخيرة لزم على البائع التبديل فاذا لم يبدل كان للمشترى خيار تبعض الصفقة، كما هو واضح.

ص: 19

السابع خيار العيب،

اشارة

اطلاق العقد يقتضي وقوعه مبنيا على سلامة العين من العيب.

و انما ترك اشتراطه صريحا اعتمادا على اصالة السلامة، و الا لم يصح

______________________________

(السابع) من الخيارات (خيار العيب) و هو من اضافة المعلول الى العلة، اى الخيار الثابت بواسطة العيب.

اعلم ان (اطلاق العقد) و عدم تقييده بكون متعلق العقد صحيحا او معيبا (يقتضي) اقتضاء حسب الفهم العرفى (وقوعه) اى العقد (مبنيا على سلامة العين من العيب) سواء كان ثمنا او مثمنا، فليس المراد بالعين المثمن فقط.

و انما ذكر ذلك لئلا يتوهم ان المراد سلامة العين من الرهن و نحوه لانه أيضا فرع من السلامة.

(و انما ترك) بصيغة المجهول، و فاعله البائع و المشترى (اشتراطه) اى اشتراط ان تكون العين سالمة (صريحا) في اللفظ (اعتمادا على اصالة السلامة) و هى عبارة عن ان الاشياء كلها على السلامة، الا ما خرج و ليس المراد ان كل شي ء سالم بذاته، بل المراد ان الكلى سالم بصورة غالبة، فلا يستشكل ان بعض الاشياء توجد ناقصة، فلا اصل.

و الحاصل: ان ليس المراد بالاصل: الاستصحاب، بل القاعدة الغالبية في الاشياء (و الا) يعتمد على اصل السلامة في العقد (لم يصح

ص: 20

العقد من جهة الجهل بصفة العين الغائبة، و هى صحتها التى هى من اهم ما يتعلق به الاغراض.

و لذا اتفقوا في بيع العين الغائبة على اشتراط ذكر الصفات التى يختلف الثمن باختلافها، و لم يذكروا اشتراط صفة الصحة.

______________________________

العقد) اىّ عقد كان (من جهة الجهل) من المشترى (بصفة العين الغائبة) عن الرؤية (و هى) اى تلك الصفة المجهولة (صحتها) اى صحة العين (التى هى) اى الصحة (من اهم ما يتعلق به الاغراض).

و الحاصل انه لو لا اصالة الصحة لم يصح اىّ بيع، لانه بيع مجهول غررى.

فصحة البيع كاشفة- إنّيا- عن اصالة السلامة.

و اذا كانت اصالة السلامة هى المعتمدة عند العقلاء، صح الاعتماد عليها بدون ذكرها.

فاذا تخلف كان للطرف المقابل ان يفسخ المعاملة لفقدان الشرط ثم انه ليس المراد بإطلاق العقد اللفظ، اذ خيار العيب جار فى المعاطاة أيضا، بناء على لزوم المعاطاة، او بناء على جريانه في المعاطاة حتى على القول بعدم لزومها، بل المراد بالعقد: الاعمّ من اللفظى و العملى، كما لا يخفى.

(و لذا) الّذي ذكرناه من ان الاطلاق يقتضي السلامة (اتفقوا في بيع العين الغائبة على اشتراط ذكر الصفات التى يختلف الثمن باختلافها) كاللون و الطعم و الرائحة و ما اشبه (و لم يذكروا اشتراط صفة الصحة)

ص: 21

فليس ذلك الا من حيث الاعتماد في وجودها على الاصل فان من يشترى عبدا لا يعلم انه صحيح سوّى، أم فالج مقعد، لا يعتمد في صحته الاعلى اصالة السلامة، كما يعتمد من شاهد المبيع سابقا على بقائه على ما شاهده فلا يحتاج الى ذكر تلك الصفات في العقد.

و كما يعتمد على اخبار البائع بالوزن

______________________________

هذه الجملة متعلقة ب «و لذا» اى و لذا لم يذكروا اشتراط صفة الصحة، مع انهم اشترطوا ذكر الصفات الاخر.

(فليس ذلك) اى عدم ذكرهم اشتراط صفة الصحة (الا من حيث الاعتماد في وجودها) اى وجود صفة الصحة (على الاصل) اى اصالة الصحة.

ثم بيّن كيف ان العرف يعتمد على اصالة الصحة بقوله: (فان من يشترى عبدا لا يعلم انه صحيح سوىّ، أم فالج مقعد، لا يعتمد في صحته الاعلى اصالة السلامة) و الا فكيف يشترى من لا يفى بغرضه على فرض المرض و النقص (كما يعتمد من شاهد المبيع سابقا) قبل مدة من البيع (على بقائه) كالسابق (على ما شاهده) فى الصفات (فلا يحتاج الى ذكر تلك الصفات في العقد).

فلو تبين بعد ذلك تغيّره تغيّرا يختلف الغرض بسبب ذلك التغير كان له الخيار، و يسمى بخيار الرؤية.

(و كما يعتمد) المشترى (على اخبار البائع بالوزن) فلا يزن المتاع عند اشترائه، فاصالة الصحة، مثل اصالة البقاء، و اصالة صحة كلام البائع

ص: 22

قال في التذكرة الاصل في المبيع من الاعيان و الاشخاص: السلامة من العيوب و الصحة، فاذا اقدم المشترى على بذل ماله في مقابلة تلك العين، فانّما بنى اقدامه على غالب ظنه المستند الى اصالة السلامة انتهى

و قال في موضع آخر: اطلاق العقد و اشتراط السلامة يقتضيان السلامة على ما مرّ من ان القضاء العرفى يقتضي ان المشترى انما بذل ماله بناء على اصالة السلامة، فكانها مشترطة

______________________________

فى الوزن، مما يعتمد عليه العقلاء في البيع (قال في التذكرة) ما يؤيد ما ذكرناه من اعتماد المشترى على اصالة السلامة (الاصل في المبيع من الاعيان) كالدار (و الاشخاص) كالعبيد (السلامة من العيوب) فلا يكون العبد ناقصا- مثلا- (و الصحة) فلا يكون مريضا (فاذا اقدم المشترى على بذل ماله في مقابلة تلك العين) «بذل» مصدر.

و جواب «اذا» قوله: (فانّما بنى اقدامه على غالب ظنه) اى ظنه الغالب على الطرف الآخر الّذي هو الوهم، فى مقابل الشك الّذي لا غلبة له في طرف، و الصفة توضيحية، اذ كل ظن غالب (المستند الى اصالة السلامة) فان الظن انما حصل من اصل السلامة (انتهى).

(و قال في موضع آخر: اطلاق العقد و اشتراط السلامة) اى اشتراطه البنائى، لا اللفظى، حيث انهما اذا بنيا على السلامة فكانهما اشترطاها (يقتضيان السلامة على ما مرّ) اى انما يقتضيان ذلك بناء على ما ذكرنا (من ان القضاء العرفى) اى حكمهم (يقتضي ان المشترى انما بذل ماله) اى الثمن (بناء على اصالة السلامة، فكانها) اى السلامة (مشترطة

ص: 23

فى نفس العقد، انتهى.

و مما ذكرنا يظهر ان الانصراف ليس من باب انصراف المطلق الى الفرد الصحيح ليرد عليه.

او لا: منع الانصراف و لذا لا يجرى في الايمان و النذور.

______________________________

فى نفس العقد، انتهى) فلا فرق بين اللفظ، و بين البناء، لان العرف يرى البناء كاللفظ.

و الحاصل انه من باب اشتراط وصف الصحة، لا من باب الانصراف فقد يقول البائع: بعتك العبد الصحيح بكذا، و قد لا يتلفظ بلفظ الصحيح و انما يقصد ذلك قصدا، و القصد كاللفظ.

(و مما ذكرنا) من ان اطلاق العقد يقتضي الصحة (يظهر ان الانصراف) الى الصحيح من باب الشرط المفهوم عرفا، و (ليس من باب انصراف المطلق الى الفرد الصحيح) و ان كان هذا الانصراف في موضعه أيضا صحيحا، فان الانسان اذا اطلق الكلى كان منصرفا الى الصحيح.

فاذا قال المولى لعبده: اشتر لي إناء كان منصرفا الى الصحيح لكن مقامنا ليس من ذلك (ليرد عليه) اى لو كان المستند في اصالة صحة المبيع الانصراف يرد عليه.

(أولا: منع الانصراف) فان المطلق يصدق على كل افراده، سواء كان صحيحا او غير صحيح (و لذا لا يجرى) الانصراف (فى الايمان و النذور).

فاذا نذر ان يذبح شاة كفى في ذبح الشاة الناقصة.

ص: 24

و ثانيا: عدم جريانه فيما نحن فيه لعدم كون المبيع مطلقا بل هو جزئى حقيقى خارجى.

و ثالثا: بان مقتضاه عدم وقوع العقد رأسا

______________________________

و كذلك اذا حلف ان يعطى زيدا، ثوبا، صح اعطائه الثوب الناقص او الخلق- مثلا- و لو كان لفظ الشاة منصرفا الى الصحيح، لزم ان يقال بلزوم الصحيحة في النذر و الحلف.

و الحاصل ان اللفظ ليس منصرفا، فمن اين تقولون بلزوم الصحيح فى المبيع، مع ان لفظ الشاة- مثلا- فى كل من النذر و البيع لفظ واحد.

(و ثانيا: عدم جريانه) اى الانصراف (فيما نحن فيه) من البيع اذ الانصراف انما يأتى في المطلق الكلى، كما اذا قال: جئنى بعبد، فان اللفظ حيث يكون مطلقا ينصرف الى العبد الكامل مثلا، و في بيع العين الشخصية ليس كذلك (لعدم كون المبيع مطلقا بل هو جزئى حقيقى خارجى).

فكما لا يصح ان يقال: زيد منصرف الى فلان، كذلك لا يصح ان يقال بعتك زيدا منصرف الى فلان، اذ: الانصراف انما يجرى فيما له افراد و الشخص الجزئى لا افراد له.

(و ثالثا: بان مقتضاه) اى مقتضى ما ذكرتم من الانصراف الى الصحيح (عدم وقوع العقد رأسا) و اصلا- اى من اوّل الامر- لا انه يقع و لكن له خيار الفسخ، فاذا فسخ كان العقد كان لم يقع على المعيب ذيلا

ص: 25

على المعيب، فلا معنى لامضاء العقد الواقع عليه او فسخه حتى يثبت التخيير بينهما.

و دفع جميع هذا بان وصف الصحة قد اخذ شرطا في العين الخارجية نظير معرفة الكتابة، او غيرها من الصفات المشروطة في العين الخارجية.

______________________________

- اى بعد ان وقع أولا و رأسا- (على المعيب).

فاذا كان لفظ العبد- مثلا- منصرفا الى الصحيح، فلم يقع العقد على العبد المعيب، فاذا اعطاه عبدا معيبا كان من قبيل ان يعطى حيوانا عوض العبد (فلا معنى) حين لم يقع العقد على المعيب (لا مضاء) المشترى (العقد الواقع عليه) اى على المعيب (او فسخه) اذا لم يشاء قبول المعيب (حتى يثبت التخيير بينهما) اى بين الامضاء و الفسخ

و «حتى» غاية ل «وقوع العقد» فى قوله «عدم وقوع العقد رأسا»

(و) قد تبين لك (دفع جميع هذا) الاشكالات الثلاثة (بان وصف الصحة) ليس من باب الانصراف، بل (قد اخذ شرطا في العين الخارجية) التى وقع عليها البيع، فكانه قال: ابيعك هذا العبد الخارجى و اسمه مبارك، بشرط ان يكون صحيحا، فاذا لم يكن صحيحا كان للمشترى خيار تخلف الشرط.

فالصحة المشروطة (نظير معرفة الكتابة، او غيرها) اى غير معرفة الكتابة، ككونه ابيض مثلا، او المراد غير الكتابة، كمعرفة الخياطة (من الصفات المشروطة في العين الخارجية) مما لا يوجب ذهابها الاخيار الفسخ

ص: 26

و انما استغنى عن ذكر وصف الصحة، لاعتماد المشترى في وجودها على الاصل كالعين المرئية سابقا حيث يعتمد في وجود اصلها، و صفاتها على الاصل.

و لقد اجاد في الكفاية حيث قال: ان المعروف بين الاصحاب: ان اطلاق العقد يقتضي لزوم السلامة و لو باع كليا حالا او سلما كان الانصراف الى الصحيح من جهة ظاهر الاقدام أيضا.

______________________________

(و انما استغنى عن ذكر وصف الصحة) فى العقد، بينما سائر الصفات بحاجة الى الذكر (لاعتماد المشترى في وجودها) اى الصحة (على الاصل) اى اصالة الصحة (كالعين المرئية سابقا) قبل البيع (حيث يعتمد) المشترى عند اشترائها (فى وجود اصلها) فى مقابل احتمال ان تكون تالفة (و) فى بقاء (صفاتها على الاصل) اى استصحاب البقاء اصلا و وصفا.

(و لقد اجاد) السبزوارى (فى الكفاية) حيث فرق بين الجزئى الّذي تكون الصحة فيه من باب الشرط، و بين الكلى الّذي تكون الصحة فيه من باب الانصراف (حيث قال: ان المعروف بين الاصحاب: ان اطلاق العقد يقتضي لزوم السلامة) اى من باب الشرط (و لو باع كليا حالا او سلما) اى سلفا، بان اعطى الثمن الآن في مقابل ان يأخذ المثمن، بعد ذلك (كان الانصراف الى الصحيح من جهة ظاهر الاقدام أيضا) فان المتعارف ان الانسان لا يقدم على شراء او بيع المعيب، فتكون الصحة أيضا من باب الشرط كالجزئى.

ص: 27

و يحتمل كونه من جهة الاطلاق المنصرف الى الصحيح في مقام الاشتراء و ان لم ينصرف إليه في غير هذا المقام، فتأمل.

ثم ان المصرح به في كلمات جماعة ان اشتراط الصحة في متن العقد يفيد التأكيد، لانه تصريح بما يكون الاطلاق منزلا عليه.

و انما ترك لاعتماد المشترى على اصالة السلامة، فلا يحصل من اجل هذا الاشتراط خيار آخر، غير خيار العيب

______________________________

(و يحتمل كونه) اى لزوم الصحة (من جهة الاطلاق) فى الكلى المبيع (المنصرف الى الصحيح) عرفا (فى مقام الاشتراء) متعلق ب «المنصرف» (و ان لم ينصرف إليه) اى الى الصحيح (فى غير هذا المقام) كمقام النذور و الايمان- على ما عرفت سابقا- (فتأمل).

اذ لو كان وجه الصحة في الكلى الانصراف، لزم عدم صحة قبول المشترى المعيب من باب الوفاء، لان البيع وقع على غير المعيب، فاللازم ان يقال: ان الصحة في كل من الجزئى و الكلى من باب الشرط لا من باب الانصراف في الكلى.

(ثم ان المصرح به في كلمات جماعة) من الفقهاء (ان اشتراط الصحة فى متن العقد يفيد التأكيد) للشرط المنصرف إليه، و ان لم يذكر فى المتن (لانه تصريح بما يكون الاطلاق منزلا عليه).

(و انما ترك) ذكر الشرط (لاعتماد المشترى على اصالة السلامة) و حين كان الشرط المذكور تأكيدا، لا تأسيسا (فلا يحصل من اجل هذا الاشتراط) فى اللفظ (خيار آخر، غير خيار العيب).

ص: 28

كما لو اشترط كون الصبرة كذا و كذا صاعا، فانه لا يزيد على ما اذا ترك الاشتراط و اعتمد على اخبار البائع بالكيل، او اشترط بقاء الشي ء على الصفة السابقة المرئية فانه في حكم ما لو ترك ذلك اعتمادا على اصالة بقائها.

و بالجملة فالخيار خيار العيب اشترط الصحة، أم لم يشترط.

______________________________

فلا يتوهم ان للمشترى خيارين، خيار الشرط غير المذكور، و خيار الشرط المذكور، فيكون ذكر شرط الصحة- فى افادته التأكيد- (كما لو اشترط كون الصبرة) اى الحفنة من الحنطة (كذا و كذا صاعا) كاحد عشر صاعا، او كذا صاعا، كعشرة مثلا (فانه) اى شرط المقدار (لا يزيد على ما اذا ترك الاشتراط و اعتمد على اخبار البائع بالكيل) فانه اذا قال البائع هذه الصبرة عشرة اصوع، ثم اشتراها- مطلقا- او اشتراها قائلا: بشرط ان تكون عشرة اصوع لم يكن بين الامرين فرق، بل للمشترى في كلتا الصورتين و هما الاشتراط و عدم الاشتراط اذا لم تكن عشرة اصوع خيار واحد (او اشترط) لفظا (بقاء الشي ء على الصفة السابقة المرئية) بان قال اشترى منك العين الغائبة على شرط ان تكون باقية على صفتها السابقة (فانه في حكم ما لو ترك ذلك) الشرط (اعتمادا على اصالة بقائها) فى ان الشرط الملفوظ لا يوجب خيارا زائدا، بل سواء لفظ بالشرط أم لا، فله خيار واحد و هو خيار الرؤية.

(و بالجملة فالخيار) فيما اذا ظهر المبيع معيبا (خيار العيب اشترط الصحة) لفظا (أم لم يشترط) بل اعتمد على الفهم العرفى.

ص: 29

و يؤيده ما ورد من رواية يونس في رجل اشترى جارية على انها عذراء فلم يجدها عذراء، قال: يرد عليه فضل القيمة فان اقتصاره عليه السلام على اخذ الارش الظاهر في عدم جواز الرد يدل على ان الخيار خيار العيب.

و لو كان هنا خيار تخلف الاشتراط لم يسقط الرد بالتصرف في الجارية بالوطى او مقدماته.

______________________________

(و يؤيده) اى كون الخيار للعيب، و ان اشترط، لا انه خيار جديد (ما ورد من رواية يونس في رجل اشترى جارية على انها عذراء، فلم يجدها عذراء) حين تصرف فيها (قال: يرد) البائع (عليه) اى على المشترى (فضل القيمة) اى التفاوت بين البكر و الثيب.

وجه الاستدلال بالحديث ما ذكره بقوله: (فان اقتصاره عليه السلام على اخذ الارش الظاهر) هذا الاقتصار (فى عدم جواز الرد) مع ان مقتضى الشرط جواز الرد أيضا (يدل على ان الخيار خيار العيب) و ان اللفظ الّذي ذكره المشترى كان تأكيدا، لا تأسيسا.

(و لو كان هنا) اى في الرواية (خيار تخلف الاشتراط) بالإضافة الى خيار العيب، بان كانت اصالة السلامة تفيد خيار العيب، و الاشتراط يفيد خيار الشرط (لم يسقط الرد بالتصرف في الجارية بالوطى او مقدماته) اذ خيار الشرط لا يسقطه التصرف، و انما خيار العيب هو الّذي يسقطه التصرف.

ص: 30

و منه يظهر ضعف ما حكاه في المسالك، من ثبوت خيار الاشتراط هنا، فلا يسقط الرد بالتصرف.

و دعوى عدم دلالة الرواية على التصرف، او عدم دلالته على اشتراط البكارة في متن العقد كما ترى.

______________________________

(و منه) اى مما ذكرنا من ان الشرط اللفظى تأكيد لخيار العيب (يظهر ضعف ما حكاه في المسالك، من ثبوت خيار الاشتراط هنا) اى فيما ذكره المشترى في اللفظ (فلا يسقط الرد بالتصرف).

(و) اما الرواية فلا تخالف ذلك، ل (دعوى عدم دلالة الرواية على التصرف) لان الرواية لم يصرح بالتصرف فيها.

اذ قوله عليه السلام «فلم يجدها عذراء» يمكن ان يكون لاجل اخبار القابلة و تجربته بنفسه بغير الوطي و مقدماته او ما اشبه.

فاذا خلت الرواية عن ذكر التصرف، فعدم ذكر الامام للرد ليس من باب انه لا يحق له الرد، بل اقتصر الامام على ذكر احد شقى الحق و هو الارش فقط (او عدم دلالته على اشتراط البكارة في متن العقد) لان قوله:

على انها عذراء يحتمل ان يكون المراد بنائه على كونها عذراء، لا انه تلفظ بذلك، و على ذلك: فليس هناك ذكر لفظى حتى يستدل بذلك على ان الذكر اللفظى تأكيد (كما ترى).

اذ ظاهر الرواية انه وطئها، فان وجد ان عدم العذرة غالبا انما يكون من الوطي كما ان ظاهر قوله «على انها عذراء» انه شرط ذلك لفظا، فتحصل ان دلالة الرواية على كون اللفظ الّذي يذكره المشترى تأكيدا، و

ص: 31

مسئلة ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشترى على الرد و اخذ الارش بلا خلاف.

و يدل على الرد: الاخبار المستفيضة الآتية.

و اما الارش فلم يوجد في الاخبار ما يدل على التخيير بينه و بين الرد، بل ما دل على الارش يختص بصورة التصرف المانع من الرد

______________________________

ليس تأسيسا لخيار الشرط يتوقف على دلالة الرواية على تصرف المشترى و على دلالتها على اشتراط البكارة في متن العقد، و الرواية دالة عليها فالمدعى الّذي يريد ان يمنع احد الامرين، دعواه منظور فيها.

(مسألة: ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشترى على الرد و اخذ الارش) فيختار ايّهما شاء (بلا خلاف) بين الفقهاء.

(و يدل على) حقه فى (الرد: الاخبار المستفيضة الآتية).

(و اما الارش) و هو اخذ المشترى التفاوت بين الصحيح و المعيب (فلم يوجد في الاخبار ما يدل على التخيير بينه و بين الرد) ابتداء بدون التصرف (بل ما دل على الارش يختص بصورة التصرف المانع من الرد).

لكن في كتاب الدعائم رواية عن الصادق عليه السلام انه قال: اذا اشترى القوم متاعا فقوّموه و اقتسموه، ثم اصاب بعضهم فيما صار إليه عيبا فله قيمة المعيب و ان اشترى رجل سلعة فاصاب بها عيبا و قد احدث فيها

ص: 32

فيجوز ان يكون الارش في هذه الصورة لتدارك ضرر المشترى، لا لتعيين احد طرفى التخيير، بتعذر الآخر.

نعم في الفقه الرضوى: فان خرج السلعة معيبا و علم المشترى فالخيار إليه، ان شاء رده، و ان شاء اخذه، او رد عليه بالقيمة ارش العيب.

و ظاهره كما في الحدائق: التخيير بين الرد و اخذه بتمام الثمن و اخذ الارش

______________________________

حدثا، او حدث عنده، قيل له: ردّ ما نقص عندك و خذ الثمن ان شئت او فخذ قيمة المعيب.

و كيف كان (ف) اذا لم يذكر الارش في الروايات تخييرا بينه و بين الرد (يجوز ان يكون الارش في هذه الصورة) اى صورة التصرف المانع من الرد (لتدارك ضرر المشترى، لا لتعيين احد طرفى التخيير، ب) سبب (تعذر) الطرف (الآخر) الّذي هو الرد، و النتيجة انه لا يحق للمشترى اخذ الارش من اوّل الامر.

(نعم في الفقه الرضوى) ما يدل على التخيير قال: (فان خرج السلعة معيبا و علم المشترى) بالعيب (فالخيار إليه، ان شاء رده، و ان شاء اخذه، او رد عليه بالقيمة ارش العيب) انتهى ما في الفقه الرضوى.

(و ظاهره كما في الحدائق: التخيير بين الرد و اخذه بتمام الثمن و اخذ الارش) فيكون التخيير بين امور ثلاثة، و ذلك لقوله عليه السلام «ان شاء رده و ان شاء اخذه، او رد عليه بالقيمة ارش العيب».

ص: 33

و يحتمل زيادة الهمزة في لفظة: او، و يكون و او العطف، فيدل على التخيير بين الرد و الارش.

و قد يتكلف لاستنباط هذا الحكم من سائر الاخبار، و هو صعب جدا و اصعب منه جعله مقتضى القاعدة، بناء على ان الصحة و ان كانت وصفا فهى بمنزلة الجزء، فيتدارك فائته باسترداد ما قابله من الثمن، و يكون الخيار حينئذ لتبعض الصفقة.

______________________________

(و يحتمل) احتمالا تبرعيا (زيادة الهمزة في لفظة: او) ردّ عليه بالقيمة (و يكون) مكان «او» (و او العطف، فيدل على التخيير بين الرد و الارش) ابتداءً، و لم يذكر في الرواية حينئذ الاخذ بدون الارش.

(و قد يتكلف لاستنباط هذا الحكم) اى التخيير الابتدائى بين الرد و الارش (من سائر الاخبار) بان يراد ب «الرد» فيها، الاعم من رد الكل، او رد البعض، فان اخذ الارش ردّ لبعض البيع (و) لكنه خلاف الظاهر فلذا (هو صعب جدا) من حيث عدم ظهوره (و اصعب منه جعله) اى اخذ الارش (مقتضى القاعدة) بان يقال: ان قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، يدل على لزوم الوفاء بالقدر الخاص من العقد الّذي هو عقده، ففى الزائد لا يجب الوفاء، فيأخذ بمقداره من الثمن (بناء على ان الصحة و ان كانت وصفا، فهى بمنزلة الجزء) عرفا (فيتدارك فائته باسترداد ما قابله من الثمن، و يكون الخيار حينئذ) اى حين العيب (لتبعض الصفقة) و اذا كان ذلك على وفق القاعدة لم يحتج الى الدليل.

ص: 34

و فيه منع المنزلة عرفا و لا شرعا.

و لذا لم يبطل البيع فيما قابله من الثمن، بل كان الثابت بفواته مجرد استحقاق المطالبة بل لا يستحق المطالبة بعين ما قابله على ما صرح به العلامة و غيره.

______________________________

(و فيه منع المنزلة) اى ان الصحة ليست بمنزلة الجزء لا (عرفا و لا شرعا) فان العرف لا يرى ان العبد المريض ناقص جزءا، او كالناقص من حيث اليد و الرجل و الشارع لم يصرح بذلك و لم يظهر منه ذلك في دليل

(و لذا) الّذي ليس وصف الصحة بمنزلة الجزء (لم يبطل البيع فيما قابله) اى قابل وصف الصحة (من الثمن) فاذا كان العبد الصحيح مائة و المريض تسعين فباع العبد المريض بمائة، لم يبطل البيع في ما يقابل العشرة، و الحال انه لو كان وصف الصحة بمنزلة الجزء لزم بطلان البيع بقدر عشرة، و يكون حاله حال ما اذا باع الف متر من الارض بالف دينار، فبان انه تسعمائة مترا، فان مقتضى القاعدة بطلان البيع بقدر مائة دينار (بل كان الثابت بفواته) اى فوات وصف الصحة (مجرد استحقاق المطالبة) للارش، لا بعنوان ان البيع باطل (بل لا يستحق المطالبة بعين ما قابله) فلو كان البيع باطلا لزم ان يطالبه يعين العشرة التى اعطاها اياه، لان العشرة لم تنتقل الى البائع- حين بطلان عشر البيع فى المثال- (على ما صرح به العلامة و غيره).

و هذا الكلام لدفع توهم ان يقال: ان الصحة بمنزلة الجزء عرفا و شرعا، لان العرف و الشارع يرون وجوب رد الارش الّذي هو جزء من

ص: 35

ثم منع كون الجزء الفائت يقابل بجزء من الثمن اذا اخذ وجوده في المبيع الشخصى على وجه الشرطية، كما في بيع الارض على انها جريان معينة و ما نحن فيه من هذا القبيل.

و بالجملة فالظاهر عدم الخلاف في المسألة، بل الاجماع على التخيير بين الرد و الارش.

______________________________

الثمن و لازم ذلك ان الصحة بمنزلة الجزء (ثم) حتى في فوات الجزء لا نقول ببطلان البيع في مقداره، بل نقول بان للمشترى حق الارش، فاذا انتفى البطلان في الجزء كان انتفائه في وصف الصحة بطريق اولى، ل (منع كون الجزء الفائت يقابل بجزء من الثمن اذا اخذ وجوده في المبيع الشخصى).

و انما قيده بالشخصى، لانه اذا كان المبيع كليا، لم يتصور فيه نقص الجزء، اذ: الناقص ليس مصداقا للكلى (على وجه الشرطية) لا على وجه الجزئية (كما في بيع الارض على انها جربان) و هو: جمع جريب (معينة) كالمائة، فظهرت تسعين جريبا، فانه قد يبيع مائة جريب بمائة دينار، و قد يبيع هذه الارض المشاهدة بشرط ان تكون مائة جريب (و ما نحن فيه من هذا القبيل) لان الصحة شرط و ليست جزءا.

(و بالجملة فالظاهر عدم الخلاف في المسألة) اى مسألة استحقاق الارش في صورة فقدان وصف الصحة، و ان لم يتصرف المشترى في المبيع (بل الاجماع على التخيير بين الرد و الارش) مطلقا، سواء تصرف المشترى في المبيع، أم لا.

ص: 36

نعم يظهر من الشيخ في غير موضع من المبسوط: ان اخذ الارش مشروط باليأس عن الرد.

لكنه مع مخالفته لظاهر كلامه في النهاية، و بعض مواضع المبسوط ينافيه اطلاق الاخبار بجواز اخذ الارش، فافهم.

ثم ان في كون ظهور العيب مثبتا للخيار، او كاشفا عنه ما تقدم فى خيار الغبن.

و قد عرفت ان الاظهر ثبوت الخيار بمجرد العيب و الغبن واقعا

______________________________

(نعم يظهر من الشيخ في غير موضع من المبسوط: ان اخذ الارش مشروط باليأس عن الرد) و هذا ينافى الاجماع على التخيير.

(لكنه مع مخالفته لظاهر كلامه في النهاية) حيث اطلق كلا من الرد و الارش (و بعض مواضع المبسوط ينافيه اطلاق الاخبار بجواز اخذ الارش) مطلقا، الّذي يجوّز الاخذ مع امكان الرد (فافهم).

فان العرف يرون ان الارش جزء من الثمن في مقابل الجزء الفائت من المثمن سواء كان جزءا حقيقة كنقص الارض عشرة اجربة، او نقصا حكما، كنقص صحة العبد، او نقص يده مثلا.

(ثم ان في كون ظهور العيب مثبتا للخيار) حتى انه اذا كان هناك عيب و لم يظهر، لم يكن له خيار (او كاشفا عنه) بان يكون الخيار موجودا لكنه غير مكشوف (ما تقدم في خيار الغبن).

(و قد عرفت) هناك (ان الاظهر ثبوت الخيار بمجرد العيب و الغبن واقعا) اذا لعلة هو العيب و الغبن، و الظهور كاشف كسائر موارد العلم

ص: 37

و ان كان ظاهر كثير من كلماتهم يوهم حدوثه بظهور العيب خصوصا بعد كون ظهور العيب بمنزلة رؤية المبيع على خلاف ما اشترط.

و قد صرح العلامة بعدم جواز اسقاط خيار الرؤية قبلها، معللا بان الخيار انما يثبت بالرؤية.

لكن المتفق عليه هنا نصّا و فتوى جواز التبرى، و اسقاط خيار العيب.

______________________________

(و ان كان ظاهر كثير من كلماتهم يوهم حدوثه) اى حدوث الخيار (بظهور العيب) لا بواقعه (خصوصا بعد كون) وجود مثل ذلك في بعض الخيارات الاخر مما ليس لواقعه عليه، بل لظهوره.

ف (ظهور العيب بمنزلة رؤية المبيع على خلاف ما اشترط) فان الرؤية تثبت الخيار.

(و) لذا (قد صرح العلامة بعدم جواز اسقاط خيار الرؤية قبلها) اى قبل الرؤية و ان علم المشترى بتغيّر الصفات (معللا بان الخيار انما يثبت بالرؤية) فقبل الرؤية لا خيار، و الاسقاط فرع الوجود.

لكن من الممكن جواز الاسقاط لوجود المقتضى على فرض التغير، مثل اسقاط الزوجة للنفقة قبل استحقاقها لها.

(لكن) كلام العلامة في خيار الرؤية لا يلائم ما ذكروه في خيار العيب من جواز اسقاط الخيار قبل ظهور العيب.

فان (المتفق عليه هنا نصّا و فتوى جواز التبرى) و ان صاحب المثمن او صاحب الثمن برئ عن العيب (و اسقاط خيار العيب) على تقدير وجود العيب.

ص: 38

و يؤيد ثبوت الخيار هنا بنفس العيب ان استحقاق المطالبة بالارش الّذي هو احد طرفى الخيار لا معنى لثبوته بظهور العيب، بل هو ثابت بنفس انتفاء وصف الصحة هذا مضافا الى ان الظاهر من بعض اخبار المسألة ان السبب هو نفس العيب.

______________________________

(و يؤيد ثبوت الخيار هنا بنفس العيب ان استحقاق المطالبة بالارش الّذي هو احد طرفى الخيار) فان له الحق في الفسخ و الارش اذا كان معيبا (لا معنى لثبوته بظهور العيب، بل هو) اى استحقاق المطالبة (ثابت بنفس انتفاء وصف الصحة).

و يمكن ان يوجه كلام المصنف ان العرف يفهم من ادلة الارش انه فى مقابل انتفاء الصحة، لا انه يثبت بظهور العيب.

و انما قال: يؤيد، لإمكان ان يرد ذلك بان الشارع جعل الظهور سببا للارش أيضا (هذا مضافا الى ان الظاهر من بعض اخبار المسألة ان السبب هو نفس العيب) فان الغالب ان يؤخذ «العلم» طريقيا لا موضوعيا، فكلمة «ظهور العيب» فى الروايات يراد بها: ان الظهور طريق، اذ لو لا الظهور لم يكن يعرف من انتقل إليه المعيب انه معيب حتى يرده.

هذا بالإضافة الى بعض الاخبار التى تشبه النص في كون نفس العيب سببا كالمروى عن ابى عبد اللّه عليه السلام، قال: كان على عليه السلام لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت.

ص: 39

لكنها لا تدل على العلية التامة، فلعل الظهور شرط.

و كيف كان فالتحقيق ما ذكرنا في خيار الغبن من وجوب الرجوع فى كل حكم من احكام هذا الخيار الى دليله، و انه يفيد ثبوته بمجرد العيب او بظهوره.

______________________________

(لكنها لا تدل على العلية التامة) بان يكون العيب علة تامة سواء كان ظهور، أم لا (فلعل الظهور) للعيب (شرط) فى ثبوت الخيار، و ذلك للجمع بين ما دل على ان السبب هو العيب، و ما دل على لفظ الظهور الظاهر في مدخليته أيضا.

(و كيف كان فالتحقيق ما ذكرنا في خيار الغبن من وجوب الرجوع فى كل حكم من احكام هذا الخيار الى دليله، و) ذلك حتى نعرف من الدليل هل (انه يفيد ثبوته) اى ثبوت الخيار (بمجرد العيب، او بظهوره) اى ظهور العيب.

مثلا: اذا شككنا في انه هل يمكن اسقاط هذا الخيار قبل ظهور العيب، أم لا؟ فاللازم ان نرجع الى الدليل الذي يدل على ان الاسقاط مسقط أم ليس بمسقط.

و اذا شككنا في انه هل ان حق الاخذ بهذا الخيار قبل ظهور العيب أم بعد ظهور العيب، فاللازم ان نرجع الى الدليل الّذي يدل على مثبت هذا الخيار في انه هل هو نفس العيب، أم ظهوره و هكذا فى كل مورد مورد، اذ من الممكن ان يكون حكم لظهوره و حكم لاصل العيب، كان يكون حكم جواز الاسقاط لما بعد العيب، و ان لم يكن ظهور

ص: 40

و المرجع فيما لا يستفاد من دليله احد الامرين هى القواعد، فافهم.

ثم انه لا فرق في هذا الخيار بين الثمن و المثمن كما صرح به العلامة و غيره هنا و في باب الصرف فيما اذا ظهر احد عوضى الصرف معيبا.

و الظاهر: انه مما لا خلاف فيه

______________________________

و حكم الاخذ بالخيار لما بعد الظهور لا لما بعد العيب.

(و المرجع فيما لا يستفاد من دليله) انه حكم العيب او حكم ظهور العيب (احد الامرين) فاعل ل «لا يستفاد» (هى القواعد) الاولية، مثل:

اطلاق ادلة الوفاء بالعقد، و الحاصل انه اذا لم يكن دليل خاص رجعنا الى الدليل العام (فافهم) حيث ان الظاهر ان الاحكام المترتبة على الخيار كلها متلازمة، لا ان بعض الاحكام مترتبة على نفس العيب، و بعض الاحكام مترتبة على ظهور العيب.

(ثم انه لا فرق في هذا الخيار بين الثمن و المثمن).

فكما ان المثمن اذا كان معيبا كان للمشترى الرد، كذلك اذا كان الثمن معيبا كان للبائع الرد، و ذلك بخلاف خيار الحيوان الّذي هو ثابت فيما اذا كان المثمن حيوانا، لا ما اذا كان الثمن حيوانا (كما صرح به العلامة و غيره هنا) فى باب خيار العيب (و في باب الصرف) و هو بيع الاثمان، اى الذهب و الفضة (فيما اذا ظهر احد عوضى الصرف) و هو المثمن او الثمن (معيبا) و انه هل يبطل البيع، أم لا؟

(و الظاهر: انه مما لا خلاف فيه) اى عدم الفرق بين وجود الخيار

ص: 41

و ان كان مورد الاخبار ظهور العيب في المبيع، لان الغالب كون الثمن نقدا غالبا و المثمن متاعا، فيكثر فيه العيب، بخلاف النقد.

______________________________

بين المثمن و الثمن (و ان كان مورد الاخبار ظهور العيب في المبيع) فقط.

و انما خصت الاخبار الذكر بالمثمن (لان الغالب كون الثمن نقدا غالبا و المثمن متاعا، فيكثر فيه) اى في المثمن (العيب، بخلاف النقد) الّذي لا يكون فيه عيب غالبا.

و قد قرر في موضعه ان المورد لا يخصص، و عموم الخيار للثمن أيضا بالمناط و قاعدة لا ضرر و قاعدة تخلف الشرط و الاجماع و نحو ذلك.

ص: 42

القول فى مسقطات هذا الخيار بطرفيه او احدهما
مسألة: يسقط الردّ خاصة بامور.
احدها: التصريح بالتزام العقد، و اسقاط الرد، و اختيار الارش.

______________________________

(القول في مسقطات هذا الخيار) اى خيار العيب (بطرفيه) اى الرد و الارش (او احدهما) الرد فقط، فله حق الارش، او الارش فقط فله حق الرد.

(مسألة: يسقط الرد خاصة) فلصاحب الخيار ان يأخذ الارش (بامور)

(احدها: التصريح) من صاحب الخيار (بالتزام العقد، و اسقاط الرد، و اختيار الارش).

كما اذا قال: اشتريت هذا الشي ء و اسقط الرد فيما اذا كان معيبا او انه بعد ظهور العيب قال: اسقطت الرد، و آخذ الارش.

و انما يسقط الرد بالاسقاط، لانه حق لصاحب الخيار، فاذا اسقطه سقط، اذ هو مقتضى كونه حقا، و ليس بحكم حتى لا يسقط بالاسقاط.

اما انه حق، فلظهور ادلته في ذلك.

و اما ان الحق يسقط بالاسقاط، لانه المفهوم من الحق عرفا و شرعا فليس من قبيل حق الارث الّذي لا يحق للوارث ان يسقطه، او من قبيل حق السلام الذي ليس للانسان ان يسقط حق سلام الغير له، بل من قبيل حق النفقة للزوجة، و حق التحجير، و ما اشبه.

ص: 43

و لو اطلق الالتزام بالعقد فالظاهر عدم سقوط الارش.

و لو اسقط الخيار فلا يبعد سقوطه.

الثانى: التصرف في المعيب عند علمائنا

كما في التذكرة.

و في السرائر الاجماع على ان التصرف يسقط الرد بغير خلاف

______________________________

و كلما شك في حق انه قابل للاسقاط، أم لا، فالظاهر ان مقتضى القاعدة اصالة الاسقاط.

و لو شك في انه هل سقط أم لا و لم يكن عموم او اطلاق فالاستصحاب يقتضي العدم و يدل عليه او يؤيده روايات باب سقوط خيار من اوجب البيع على نفسه و رضى، كما في الوسائل و المستدرك من ابواب الخيارات فراجع.

(و لو اطلق الالتزام بالعقد) بان قال: اشتريت هذا الشي ء و انى ملتزم بالعقد (فالظاهر عدم سقوط الارش) و انما يسقط الرد خاصة، اذ الارش لا ينافي الالتزام بالعقد، و انما الرد ينافيه.

نعم: اذا قصد الالتزام بمعنى قطع العلاقة كليا مع الطرف الآخر كان لازمه سقوط الارش أيضا.

(و لو اسقط الخيار) بان قال: اشتريت و اسقطت الخيار (فلا يبعد سقوطه) او الارش أيضا- كما يسقط الرد- اذ الارش من فروع الخيار، فاذا سقط الخيار سقط الارش، كما يسقط الرد.

(الثانى) من مسقطات الرد خاصة دون الارش (التصرف) من صاحب الخيار (فى المعيب عند علمائنا كما في التذكرة) نسبة ذلك الى العلماء

(و في السرائر الاجماع على ان التصرف يسقط الرد بغير خلاف

ص: 44

منهم، و نحوه المسالك، و سيأتى الخلاف في الجملة من الاسكافى و الشيخين و ابن زهرة و ظاهر المحقق، بل المحقق الثانى.

و استدل عليه- فى التذكرة أيضا تبعا للغنية- بان تصرفه فيه رضا منه به على الاطلاق، و لو لا ذلك كان ينبغى له الصبر و الثبات حتى يعلم حال صحته و عدمها.

______________________________

منهم، و نحوه) عبارة (المسالك، و سيأتى الخلاف في الجملة من الاسكافى و الشيخين و ابن زهرة و ظاهر المحقق، بل) و (المحقق الثانى) صاحب جامع المقاصد و انهم لا يرون ان التصرف مطلقا مسقط للرد.

(و استدل عليه-) اى على السقوط للردّ بالتصرف (فى التذكرة أيضا تبعا للغنية- بان تصرفه فيه) اى صاحب الخيار، فى المعيب (رضاء منه) اى من صاحب الخيار (به) اى بالمعيب (على الاطلاق) اى سواء رضى قلبا، أم لا (و لو لا ذلك) اى لو لا رضاه بالمعيب (كان ينبغى له الصبر و الثبات حتى يعلم حال صحته) اى هل انه صحيح (و عدمها) أم ليس بصحيح؟

فالدليل هكذا «التصرف رضا» و «الرضا مسقط».

اما ان التصرف رضا، فلانه لو لم يرض لم يتصرف.

و اما ان الرضا مسقط، لان الرضا عبارة اخرى عن الاسقاط.

و انت خبير بما فيهما من الاشكال، اذ ليس التصرف ملازما للرضا، كما ان الرضا لا دليل على كونه مسقطا، كما ان الرضا ليس عقدا الا فيما اذا كان هناك دليل خاص.

ص: 45

و بقول ابى جعفر عليه السلام في الصحيح ايّما رجل اشترى شيئا و به عيب او عوار و لم يتبرأ إليه، و لم يتبين له فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار و بذلك العيب، فانه يمضى عليه البيع، و يرد عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء، و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به.

و يدل عليه مرسلة جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشترى الثوب او المتاع، فيجد به عيبا قال: ان كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه و اخذ الثمن، و ان كان الثوب قد

______________________________

(و بقول ابى جعفر عليه السلام في الصحيح ايّما رجل اشترى شيئا و به عيب او عوار) العيب كنقص رجل الدابة، و العوار ككونها مجروحة، مثلا (و لم يتبرأ) البائع (إليه) اى الى المشترى بان يقول له: انى ابيعك هذا الشي ء، و انى برئ من عيبه (و لم يتبين) العيب (له) اى للمشترى، اذ لو تبين له انه معيب و اشتراه، لم يكن له الحق في الخيار لانه اقدم على المعيب، اى كان العيب مجهولا لديه (فاحدث) المشترى (فيه) اى في المعيب (بعد ما قبضه شيئا) كان فصّل القماش ثوبا- مثلا- (ثم علم بذلك العوار و بذلك العيب، فانه يمضى) و ينفذ (عليه) اى على المشترى (البيع، و يرد) البائع (عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء، و العيب من ثمن ذلك) المبيع (لو لم يكن به) عيب.

(و يدل عليه مرسلة جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشترى الثوب او المتاع، فيجد به عيبا) ما حكمه؟ (قال: ان كان الثوب قائما بعينه ردّه) المشترى (على صاحبه و اخذ الثمن، و ان كان الثوب قد

ص: 46

قطع او خيط او صبغ، رجع بنقصان العيب هذا.

و لكن الحكم بسقوط الرد بمطلق التصرف حتى مثل قول المشترى للعبد المشترى ناولنى الثوب، او اغلق الباب- على ما صرح به العلامة فى التذكرة- في غاية الاشكال، لاطلاق قوله عليه السلام ان كان الثوب قائما بعينه رده، المعتضد بإطلاق الاخبار في الرد

______________________________

قطع او خيط) بلا قطع (او صبغ، رجع) المشترى على البائع (بنقصان العيب) اى التفاوت بين الصحيح و المعيب.

و الرضوى في الرجل يشترى المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد، فان كان المتاع قائما بعينه، ردّ على صاحبه و ان كان قد قطع او خيط او حدث فيه حادثة، رجع فيه بنقصان العيب على سبيل الارش.

و عن دعائم الاسلام عن الصادق عليه السلام، انه قال: اذا اشترى القوم متاعا، فقوموه و اقتسموه ثم اصاب بعضهم فيما صار إليه عيبا فله قيمة العيب (هذا) فى الجملة مما لا اشكال فيه.

(و لكن الحكم بسقوط الرد بمطلق التصرف حتى مثل قول المشترى للعبد المشترى)- بصيغة المفعول- (ناولنى الثوب، او اغلق الباب- على ما صرح به العلامة في التذكرة-) فانه يرى سقوط الخيار بهذه الامور فهو (فى غاية الاشكال).

وجه الاشكال (لاطلاق قوله عليه السلام ان كان الثوب قائما بعينه ردّه) فان العبد قائم بعينه، و لو قال له: ناولنى او اغلق (المعتضد بإطلاق الاخبار في الرد) اى الاخبار الدالة على ان المعيب يرد بالعيب

ص: 47

خصوصا ما ورد في ردّ الجارية بعد ما لم تحض ستة اشهر عند المشترى، و رد المملوك في احداث السنة و نحو ذلك مما يبعد التزام التقييد فيه بصورة عدم التصرف فيه بمثل: اغلق الباب، و نحوه و عدم ما يصلح للتقييد

______________________________

(خصوصا ما ورد في ردّ الجارية بعد ما لم تحض ستة اشهر عند المشترى).

اذ من المعلوم ان المولى في طول هذه المدة امرها بأوامر كثيرة، اذ حمل ذلك على ما لم يأمرها بامر، حمل على فرد شاذ جدا (و ردّ المملوك فى احداث السنة) فان المملوك اذ احدث فيه في السنة حدث كالجنون و الجذام و البرص و القرن- فى المرأة- كان للمشترى ان يرده و الاخبار بذلك كثيرة و من المعلوم ان المولى امره في السنة بأوامر كثيرة (و نحو ذلك) كاخبار سقوط خيار الحيوان بالتصرف، لوحدة المناط في الحيوان و غيره (مما يبعد التزام التقييد فيه) اى فيما ورد في رد الجارية و العبد (بصورة عدم التصرف فيه) اى في المبيع و هو العبد او الجارية تصرفا (بمثل: اغلق الباب، و نحوه) مما ذكره العلامة، فلا يمكن ان يقال: ان الامة و العبد، اذا تصرف فيهما المولى، بان قال لهما: اغلق الباب، فلا رد.

و ما دل على انهما يردان باحداث السنة و بعد ستة اشهر، انما هو فيما اذا لم يتصرف المولى فيهما بمثل هذا التصرف فان هذا التقييد فى كمال البعد.

و الحاصل: ان ما دل على ان التصرف في المبيع مسقط للخيار، لا يشمل مثل هذا التصرف اى اغلق الباب و نحوه (و عدم ما يصلح للتقييد)

ص: 48

مما استدل به للسقوط.

فان مطلق التصرف لا يدل على الرضا، خصوصا مع الجهل بالعيب.

و اما المرسلة فقد عرفت اطلاقها لما يشمل لبس الثوب و استخدام العبد، بل وطئ الجارية

______________________________

هذا عطف على قوله «لاطلاق».

اى ان ما ذكره في التذكرة مشكل لوجود اطلاق الاخبار بالرد- و ان تصرف فيه بمثل اغلق الباب- و عدم وجود مقيد لتلك الاخبار، بان يقيدها بصورة عدم التصرف، بمثل اغلق الباب اى تقييد تلك الاطلاقات، بعدم قوله: مثل اغلق الباب (مما استدل به للسقوط) اى سقوط الخيار و «مما» بيان «ما يصلح».

و ذلك لانهم استدلوا لسقوط الخيار بسبب التصرف بانه رضى بالبيع و من المعلوم ان مثل «اغلق الباب» ليس كاشفا عن الرضا.

(فان مطلق التصرف لا يدل على الرضا، خصوصا مع الجهل بالعيب) فان الجاهل بالعيب اذا تصرف تصرفا خفيفا، لم يدل تصرفه على الرضا

(و اما المرسلة) اى مرسلة جميل (فقد عرفت اطلاقها) فى جواز الردّ بالعيب (لما يشمل لبس الثوب و استخدام العبد، بل وطئ الجارية) فان كل ذلك لا يمنع من الرد، لاطلاق المرسلة انه يجوز الرد و ان حدث كل ذلك، لانها قالت: ان كان الثوب قائما بعينه.

و من المعلوم انه حتى وطى الجارية لا يضر بصدق «قائما بعينه» بل العين قائمة.

ص: 49

لو لا النص المسقط للخيار به.

و اما الصحيحة فلا يعلم المراد من احداث شي ء في المبيع.

لكن الظاهر بل المقطوع عدم شموله لغة و لا عرفا لمثل استخدام العبد و شبهه مما مرّ من الامثلة، فلا تدل على ازيد مما دل عليه ذيل المرسلة من ان العبرة بتغير العين، و عدم قيامها بعينها.

______________________________

و قوله «فقد عرفت اطلاقها» اى حين قلنا «لاطلاق قوله ان كان الثوب».

نعم انما كنا نقول بان وطى الجارية لا يسقط الخيار (لو لا النص المسقط للخيار به) اى بالوطى، فالوطى و ان كان لا ينافى صدق «قائما بعينه» الا ان النص دل على انه مسقط للخيار.

(و اما الصحيحة) اى الصحيحة المروية عن ابى جعفر عليه السلام (ف) لا تدل على كلام العلامة، بان «اغلق الباب» مسقط للخيار، لانه و ان (لا يعلم المراد من احداث شي ء في المبيع) هل المراد بالاحداث مثل قطع الثوب او يشمل حتى مثل لبسه؟- مثلا-.

(لكن الظاهر) من لفظ «الاحداث» عرفا (بل المقطوع عدم شموله) اى «الاحداث» (لغة و لا عرفا لمثل استخدام أم العبد و شبهه) كلبس الثوب- مثلا- (مما مرّ من الامثلة) مثل: اغلق الباب، و ناولنى الثوب (فلا تدل) الصحيحة (على ازيد مما دل عليه ذيل المرسلة) من قوله عليه السلام: و ان كان الثوب قد قطع الخ (من ان العبرة بتغير العين، و عدم قيامها بعينها) عرفا.

ص: 50

اللهم الا ان يستظهر بمعونة ما تقدم في خيار الحيوان من النص الدال على ان المراد باحداث الحدث في المبيع هو ان ينظر الى ما حرم النظر إليه قبل الشراء، فاذا كان مجرد النظر المختص بالمالك حدثا دل على سقوط الخيار هنا بكل تصرف فيكون ذلك النص دليلا على المراد

______________________________

(اللهم الا ان يستظهر) قول العلامة القائل بان: اغلق الباب، و ناولنى الثوب، موجب لسقوط خيار العيب بالنسبة الى الردّ.

و انما يحق له الارش فقط (بمعونة ما تقدم في خيار الحيوان من النص الدال على) سقوط الخيار باحداث الحدث، حيث قال عليه السلام فى صحيحة ابن رئاب في جواب السائل بقوله «ما الحدث»: فان لامس او قبّل او نظر الى ما يحرم النظر إليه قبل الشراء (ان المراد باحداث الحدث في المبيع هو ان ينظر الى ما حرم النظر إليه قبل الشراء).

فقوله «ان المراد» نائب فاعل «يستظهر» بتقريب ان الحدث فى خيار الحيوان و خيار العيب واحد، فاذا كان الحدث في خيار الحيوان يشمل مثل النظر، كان اللازم ان يشمل الحدث في خيار العيب مثل:

اغلق الباب، و ناولنى الثوب (فاذا كان مجرد النظر المختص بالمالك حدثا) فى باب خيار الحيوان، و كان الحدث له معنى واحد هناك و فى باب خيار العيب- لبعد أن يكون للحدث معنى في هذا الباب مخالفا لمعناه في باب خيار الحيوان- (دل) النص في باب خيار الحيوان (على سقوط الخيار هنا) اى في باب العيب (بكل تصرف) و لو مثل:

اغلق الباب (فيكون ذلك النص دليلا على المراد

ص: 51

بالحدث هنا، و هذا حسن.

لكن اقامة البينة على اتحاد معنى الحدث في المقامين مع عدم مساعدة العرف على ظهور الحدث في هذا المعنى مشكلة.

ثم انه اذا قلنا: بعموم الحدث في هذا المقام لمطلق التصرف، فلا دليل على كونه من حيث الرضا بالعقد.

______________________________

بالحدث هنا) فى خيار العيب (و هذا) الاستدلال لكلام العلامة بالنص الوارد في خيار الحيوان (حسن) فى نفسه.

(لكن اقامة البينة على اتحاد معنى الحدث في المقامين) الحيوان و العيب (مع عدم مساعدة العرف على ظهور الحدث في هذا المعنى) الشامل لمثل: اغلق الباب، (مشكلة) اذ: لما لم يكن الحدث معناه ذلك، كان اللازم ان يحمل لفظ الحدث في اخبار الحيوان، على المجاز

و اذا استعمل لفظ مجازا، فى باب، فليس معناه ان ذلك اللفظ كلما استعمل اريد به ذلك المعنى المجازى.

هذا بالإضافة الى المناقشة في اصل كون الحدث استعمل في باب خيار الحيوان في مثل النظر و اللمس، و انما الظاهر ان الامام «ع» اجاب بما يفيد الحكم، لا بما يفيد تفسير «الحدث» الواقع في كلام السائل، فراجع الحديث بتمامه.

(ثم انه اذا قلنا: بعموم الحدث في هذا المقام) الى خيار العيب (لمطلق التصرف) حتى مثل: اغلق الباب (فلا دليل على كونه) اى على كون الحدث مسقطا للرد (من حيث الرضا بالعقد) بل الحدث مسقط

ص: 52

فلا يتقيد بالتصرف الدال عليه، و ان كان النص في خيار الحيوان دالا على ذلك بقرينة التعليل المذكور فيه على الوجوه المتقدمة هناك فى المراد من التعليل.

لكن كلمات كثير منهم في هذا المقام أيضا يدل على سقوط هذا الخيار بالتصرف من حيث الرضا، بل عرفت من التذكرة و الغنية ان علة

______________________________

للردّ، سواء رضى به المحدث أم لا، و ذلك لاطلاق ادلة ان الحدث يسقط الرد (فلا يتقيد) الحدث المسقط (بالتصرف الدال عليه) اى على الرضا (و ان كان النص في خيار الحيوان دالا على ذلك) اى على ان المسقط هو التصرف الدال على الرضا (بقرينة التعليل المذكور فيه) حيث علل الامام عليه السلام اسقاط التصرف للخيار بقوله: لانه رضى بالبيع (على الوجوه المتقدمة هناك) فى خيار الحيوان (فى المراد من التعليل) اى ما هو المراد من الرضا، هل هو الرضا النوعى او الشخصى او غيرهما؟

و انما لا نقول هنا بتقيد التصرف بما يدل على الرضا، و ذلك لاطلاق الادلة هنا، دون هناك.

(لكن كلمات كثير منهم) اى من الفقهاء (فى هذا المقام) اى مقام خيار العيب (أيضا يدل على سقوط هذا الخيار بالتصرف من حيث الرضا) و ان التصرف انما يسقط الرد لانه يدل على الرضا (بل عرفت من التذكرة و الغنية) فى اوّل المبحث عند قولنا «الثانى التصرف في المعيب عند علمائنا، الخ» (ان علة

ص: 53

السقوط دلالة التصرف نوعا على الرضا.

و نحوه في الدلالة على كون السقوط بالتصرف من حيث دلالته على الرضا كلمات جماعة ممن تقدم عليه و من تأخر عنه.

قال في المقنعة: فان لم يعلم المبتاع بالعيب حتى احدث فيه حدثا لم يكن له الرد، و كان له ارش العيب خاصة، و كذلك حكمه اذا احدث فيه حدثا بعد العلم.

و لا يكون احداثه الحدث بعد المعرفة بالعيب رضاء به منه، انتهى

______________________________

السقوط) للخيار بالتصرف (دلالة التصرف نوعا) اى دلالة نوعية، فان نوع من يتصرف في المعيب راض عن البيع، و لا يريد الرد (على الرضا) متعلق ب «دلالة».

(و نحوه) اى نحو كلام العلامة (فى الدلالة على كون السقوط بالتصرف) انما هو (من حيث دلالته) اى التصرف (على الرضا كلمات جماعة ممن تقدم عليه و من تأخر عنه) الضمير عائد الى العلامة.

(قال) المفيد (فى المقنعة: فان لم يعلم المبتاع) اى المشترى (بالعيب حتى احدث فيه حدثا لم يكن له الرد، و كان له ارش العيب خاصة، و كذلك حكمه) اى له الارش خاصة، و لا حق له في الرد (اذا احدث فيه حدثا بعد العلم) بالعيب.

(و) انما نقول: بان الحدث لا يسقط الارش- كما يسقط الرد- اذ (لا يكون احداثه الحدث بعد المعرفة بالعيب رضاء به) اى بالعيب (منه) اى من المشترى، فلا يسقط الارش (انتهى).

ص: 54

فان تعليله عدم سقوط الارش بعدم دلالة الاحداث على الرضا بالعيب ظاهر- خصوصا بملاحظة ما يأتى من كلام غيره- فى ان سقوط الرد بالحدث لدلالته على الرضا باصل البيع.

و مثلها عبارة النهاية من غير تفاوت، و قال

______________________________

و انما علل المفيد صورة «المعرفة» و لم يذكر صورة عدم العلم، لوضوح انه اذا لم يعلم بالعيب لم يرض به قطعا.

و الحاصل: ان التصرف ليس مسقطا للارش، لانه اذا عرف العيب و تصرف لم يكن تصرفه يلازم رضاه بالمجانية حتى يسقط الارش، و اذا لم يعرف العيب فالاولى ان لا يكون تصرفه رضا.

(فان تعليله) اى المفيد (عدم سقوط الارش) بالتصرف (بعدم دلالة الاحداث على الرضا بالعيب).

و قوله: (ظاهر)- خبر انّ- (- خصوصا بملاحظة ما يأتى من كلام غيره- فى ان سقوط الرد بالحدث لدلالته) اى التصرف (على الرضا باصل البيع) و ان الرضا باصل البيع اوجب سقوط الرد.

و الحاصل ان المشترى اذا تصرف بعد العلم لم يسقط الارش و سقط الرد.

و انما لا يسقط الارش، لان التصرف لا يدل على الرضا بسقوط الارش و هذا الكلام انما يفيد سقوط الرد، لان التصرف يدل على الرضا بسقوط الرد.

(و مثلها) اى مثل عبارة المقنعة (عبارة النهاية من غير تفاوت و قال

ص: 55

فى المبسوط اذا كان المبيع بهيمة، فاصاب بها عيبا، كان له ردها، فاذا كان في طريق الردّ جاز له ركوبها و علفها و سقيها و حلبها و اخذ لبنها و ان نتجت كان له نتاجها، كل هذا لانه ملكه و له فيه فائدته، و عليه مئونته و الرد لا يسقط لانه انما يسقط الرد بالرضا بالمعيب، او ترك الرد بعد العلم به، او بان يحدث فيه عيب عنده، و ليس هنا شي ء من ذلك، انتهى.

و قال في الغنية و لا يسقط بالتصرف بعد العلم بالعيب حق المطالبة بالارش

______________________________

فى المبسوط) أيضا (اذا كان المبيع بهيمة، فاصاب) المشترى (بها عيبا كان له ردها، فاذا كان في طريق الردّ جاز له ركوبها و علفها و سقيها و حلبها و اخذ لبنها و ان نتجت كان له نتاجها، كل هذا) اى كل هذا التصرف في الحيوان انما يجوز (لانه ملكه و له فيه) اى في الملك (فائدته و عليه مئونته) اى مصارف الحيوان (و الرد لا يسقط) بهذه التصرفات (لانه انما يسقط الرد بالرضا بالمعيب) و لا رضا هنا، لفرض انه في طريق الرد (او ترك الرد بعد العلم به) اى بالعيب (او بان يحدث فيه) اى في المبيع (عيب عنده) اى عند المشترى، لان حدوث العيب في المبيع يوجب عدم تمكن المشترى من الرد بسبب العيب القديم، لدلالة الدليل على ذلك (و ليس هنا) اى في طريقه للرد (شي ء من ذلك) اى مما ذكرناه من اسباب الرد (انتهى).

(و قال في الغنية: و لا يسقط بالتصرف بعد العلم بالعيب حق المطالبة بالارش) «حق» فاعل «لا يسقط»

ص: 56

لان التصرف دلالة الرضا بالبيع، لا بالعيب انتهى.

و في السرائر قال- فى حكم من ظهر على عيب فيما اشتراه-: و لا يجبر على احد الامرين، يعنى الرد و الارش.

قال: هذا اذا لم يتصرف فيه تصرفا يؤذن بالرضا في العادة او ينقص قيمته بالتصرف انتهى.

و في الوسيلة و يسقط الرد باحد ثلاثة اشياء بالرضا، و بترك الرد بعد العلم به اذا عرف ان له الرد، و بحدوث عيب آخر عنده، انتهى.

______________________________

(لان التصرف دلالة الرضا بالبيع) فلا ردّ (لا بالعيب) حتى يسقط الارش أيضا (انتهى).

(و في السرائر قال- فى حكم من ظهر على عيب فيما اشتراه-: و لا يجبر) المشترى- بصيغة المجهول- (على احد الامرين، يعنى الرد و الارش) بل له ان يردّه و له ان يأخذ الارش.

(قال: هذا) الاختيار بين الرد و الارش (اذا لم يتصرف فيه تصرفا يؤذن بالرضا في العادة) بان تكون عادة العرف انهم اذا تصرفوا بمثل هذا التصرف كانوا راضين بالبيع (او ينقص قيمته بالتصرف) و الا لم يكن له الامران، بل الارش خاصة (انتهى).

(و في الوسيلة) قال: (و يسقط الرد باحد ثلاثة اشياء، بالرضا) بالبيع (و بترك الردّ بعد العلم به) اى بالعيب (اذا عرف ان له الرد) فانه اذا لم يعرف ان له الرد، لم يكن تصرفه مؤذنا بالرضا (و بحدوث عيب آخر عنده، انتهى).

ص: 57

و هى بعينها كعبارة المبسوط المتقدمة ظاهرة في ان التصرف ليس بنفسه مسقطا الا اذا دل على الرضا.

و قال في التذكرة لو ركبها ليسقيها، ثم يردها لم يكن ذلك رضاء منه بامساكها، و لو حلبها في طريق الرد، فالاقوى انه تصرف يؤذن بالرضا بها.

و قال بعض الشافعية: لا يكون رضاء بامساكه، لان اللبن ما له قد استوفاه في حال الردّ انتهى.

و في جامع المقاصد و المسالك- فى رد ابن حمزة القائل بان التصرف بعد العلم يسقط الارش أيضا-: ان التصرف لا يدل على اسقاط الارش.

______________________________

(و هى) اى عبارة الوسيلة (بعينها كعبارة المبسوط المتقدمة ظاهرة في ان التصرف ليس بنفسه مسقطا الا اذا دل على الرضا) بالبيع

(و قال في التذكرة لو ركبها ليسقيها، ثم يردها لم يكن ذلك رضا منه بامساكها) حتى يكون مسقطا للرد (و لو حلبها في طريق الرد فالاقوى انه تصرف يؤذن) اى يشعر (بالرضا بها) اى بالمعاملة.

(و قال بعض الشافعية: لا يكون) الحلب (رضا بامساكه، لان اللبن ماله قد استوفاه في حال الرد) فلا يدل على الرضا (انتهى).

(و في جامع المقاصد و المسالك- فى رد ابن حمزة القائل بان التصرف بعد العلم يسقط الارش أيضا-: ان التصرف لا يدل على اسقاط الارش) فلا وجه للقول بسقوط الارش بالتصرف.

ص: 58

نعم يدل على الالتزام بالعقد.

و في التحرير: لو نقل المبيع، او عرضه للبيع، او تصرف فيه بما يدل على الرضا قبل علمه بالعيب و بعده، سقط الرد انتهى.

و قد ظهر من جميع ذلك ان التصرف من حيث هو ليس مسقطا و انما هو التزام و رضاء بالعقد فعلا، فكل تصرف يدل على ذلك عادة فهو مسقط و ما ليس كذلك فلا دليل على الاسقاط به، كما لو وقع نسيانا او للاختبار.

______________________________

(نعم يدل على الالتزام بالعقد) فلا يحق له الرد.

(و) قال (فى التحرير: لو نقل المبيع، او عرضه للبيع، او تصرف فيه بما يدل على الرضا قبل علمه بالعيب و بعده، سقط الرد) خاصة (انتهى).

(و قد ظهر من جميع ذلك) اى الكلمات التى نقلناها من الفقهاء (ان التصرف من حيث هو) تصرف (ليس مسقطا) لخيار العيب (و انما هو) مسقط من حيث انه (التزام و رضاء بالعقد) التزاما (فعلا) فى مقابل الالتزام القولى، فقد يقول انى ملتزم، و قد يعمل عملا يدل على الالتزام، فالمسقط هو الرضا المكشوف عنه بالقول او الفعل (فكل تصرف يدل على ذلك) اى الرضا (عادة) اى في العادة و العرف (فهو مسقط) للخيار (و ما ليس كذلك) اى دالا على الرضا عادة (فلا دليل على الاسقاط به) اى في كلام الفقهاء، و الا فقد عرفت اطلاق الادلة (كما لو وقع) التصرف (نسيانا) اى تصرفا صادرا عن النسيان، كان اراد ان يتصرف في دابته القديمة، فتصرف في الدابة المشتراة جديدا- مثلا- (او للاختبار) و

ص: 59

و مقتضى ذلك انه لو وقع التصرف قبل العلم بالعيب، لم يسقط، خصوصا اذا كان مما يتوقف العلم بالعيب عليه و حصل بقصد الاختبار، الا ان المعروف خصوصا بين العلامة، و من تأخر عنه عدم الفرق في السقوط بالتصرف بين وقوعه قبل العلم بالعيب، او بعده.

و الّذي ينبغى ان يقال

______________________________

الامتحان.

فان هذين التصرفين لا يدلان على الرضا، بل على عكس ذلك، و انه لم يرض بعد.

(و مقتضى ذلك) الّذي ذكرناه من ان التصرف المسقط هو الدال على الرضا (انه لو وقع التصرف قبل العلم بالعيب، لم يسقط) الخيار لانه ليس دالا على الرضا (خصوصا اذا كان) التصرف الواقع قبل العلم بالعيب (مما يتوقف العلم بالعيب عليه) كركوب الدابة ليعرف مدى سرعتها و بطئها في المشى (و حصل) ذلك التصرف (بقصد الاختبار) اذ التصرف الاختبارى يقابل التصرف الرضائى (الا ان المعروف خصوصا بين العلامة و من تأخر عنه عدم الفرق في السقوط) للخيار (بالتصرف بين وقوعه قبل العلم بالعيب، او بعده) و هذا ينافى قولهم ذلك.

(و الّذي ينبغى ان يقال) ان التصرف ان كان مغيرا، كان مانعا عن الرد، و لو كان قبل العلم او بقصد الاختبار، لانه المصرح به فى النصوص.

و ان لم يكن مغيرا، فان كان مقارنا لا نشاء الرضا اسقط الخيار

ص: 60

- و ان كان ظاهر المشهور خلافه- ان التصرف بعد العلم مسقط للرد اذا كان دالا بنوعه على الرضا كدلالة اللفظ على معناه، لا مطلق التصرف

و الدليل على اسقاطه مضافا الى انه التزام فعلى فيدل عليه ما يدل على اعتبار الالتزام اذا دل عليه باللفظ

______________________________

أيضا، لانه رضا، و عموم الادلة او مناطها يشمله، و الا لم يكن مسقطا، اذ لا دليل على الاسقاط في غير هاتين الصورتين.

اما ما ذكره المصنف فلا يخلو من اشكال.

و كيف كان فالذى ينبغى ان يقال بنظره «ره» (- و ان كان ظاهر المشهور خلافه-) اذ المشهور لم يفصلوا التفصيل الذي نذكره (ان التصرف بعد العلم) بالعيب (مسقط للرد) خاصة، لا للارش، فله ان يأخذ الارش (اذا كان دالا بنوعه) و ان لم يكن دالا بفرده (على الرضا كدلالة اللفظ على معناه).

منتهى الامر ان اللفظ قول دال، و ما نحن فيه عمل دال، و كلاهما يدلان على إرادة المستعمل- لفظا او عملا- لهذا المعنى (لا مطلق التصرف) عطف على «اذا كان».

(و الدليل على اسقاطه) اى اسقاط مثل هذا التصرف للرد (مضافا الى انه) اى ان هذا التصرف (التزام فعلى) فى مقابل الالتزام اللفظى (فيدل عليه) اى على كونه مسقطا (ما يدل على اعتبار الالتزام اذا دل عليه) اى على ذلك الالتزام (باللفظ) و «دل» بصيغة المجهول، فان الخيار حق، و الحق قابل للاسقاط الا اذا دل الدليل على انه غير قابل

ص: 61

ما تقدم في خيار الحيوان، من تعليل السقوط بالحدث بكونه رضا بالبيع

و لذا تعدّينا الى خيار المجلس و الشرط، و حكمنا بسقوطهما بالتصرف فكذلك خيار العيب.

و اما التصرف قبل العلم بالعيب، فان كان مغيرا للعين بزيادة او نقيصة او تغير هيئة او ناقلا لها بنقل لازم، او جائز.

______________________________

للاسقاط كحق السلام و ما اشبه.

و قوله: (ما تقدم)- خبر «و الدليل على ذلك»- (فى خيار الحيوان من تعليل) الامام عليه السلام (السقوط) لخيار الحيوان (بالحدث) فى الحيوان (بكونه رضاء بالبيع) «بكونه» متعلق ب «التعليل».

فانه انما يسقط خيار الحيوان باحداث الحدث فيه، لان الحدث دليل الرضا، و هذه العلة في خيار الحيوان عامة تشمل ما نحن فيه.

(و لذا) الّذي كانت العلة في خيار الحيوان عامة (تعدّينا) من خيار الحيوان (الى خيار المجلس و الشرط، و حكمنا بسقوطهما بالتصرف) و ان لم يكن فيهما دليل خاص (فكذلك) فى (خيار العيب) نحكم بسقوطه بالتصرف.

(و اما التصرف) فى المبيع (قبل العلم بالعيب، فان كان مغيرا للعين بزيادة) فى العين كاضافة الماء على اللبن (او نقيصة) كشرب بعض اللبن (او تغير هيئة) كقطع الثوب (او ناقلا لها بنقل لازم) كبيعها (او جائز) كهبتها هيبة يمكن ارجاعها.

ص: 62

و بالجملة صار بحيث لا يصدق معه قيام الشي ء بعينه، فهو مسقط أيضا، لمرسلة جميل المتقدمة.

و يلحق بذلك تعذر الرد بموت او عتق او اجارة او شبه ذلك.

______________________________

(و بالجملة صار) المتاع (بحيث لا يصدق معه) اى مع هذا الحدث الحادث فيه (قيام الشي ء بعينه، فهو) اى هذا التصرف المغيّر (مسقط أيضا) للخيار (لمرسلة جميل المتقدمة) لقوله عليه السلام فيها: ان كان الثوب قائما بعينه ...

(و يلحق بذلك) اى بعدم قيام الشي ء بعينه فيسقط الخيار (تعذر الرد) للمبيع، و ان كان قائما بعينه (بموت او عتق او اجارة او شبه ذلك)

و لا يخفى ان ذكر الموت غير مناسب لان الشي ء ليس قائما بعينه اذا مات الحيوان.

و انما يلحق بذلك ما ذكره من الموارد لان المستفاد عرفا من المرسلة اعتبار امكان الرد، فكانه عليه السلام قال: ان كان باقيا على اوصافه ردّه، و الا لم يرده.

و من المعلوم انه لو اعتق او مات لم يبق على اوصافه.

لكن ربما يستشكل في هذه الاستفادة في مثل العتق و الاجارة بان حق الخيار مقدم على حق العتق و الاجارة، فاذا فسخ انفسخ ما اجراه عليه، لان العين قائمة.

و ارجاع كلام الامام عليه السلام الى ما ذكر غير واضح، او يقال: ان اسقاط هذه الامور لحق الرد لا وجه له، بل اذا ردّ، و لم يتمكن من الارجاع

ص: 63

و ظاهر المحقق في الشرائع الاقتصار على ذلك حيث قال في اوّل المسألة: و يسقط الرد باحداثه فيه حدثا، كالعتق و قطع الثوب، سواء كان قبل العلم بالعيب او بعده.

و في مسئلة ردّ المملوك من احداث السنة، فلو احدث ما يغير عينه او صفته ثبت الارش، انتهى، و هو الظاهر من المحكى عن الاسكافى حيث قال: فان وجد بالسلعة عيبا، و قد احدث فيه ما لا يمكن معه ردها الى ما كانت عليه قبله

______________________________

اعطى مثله او ثمنه.

(و ظاهر المحقق في الشرائع الاقتصار على ذلك) اى التصرف المغيّر (حيث قال في اوّل المسألة: و يسقط الرد باحداثه فيه حدثا، كالعتق و قطع الثوب، سواء كان قبل العلم بالعيب او بعده) فان مثاله خاص بمورد تغير الشي ء، فلا يشمل مثل: اغلق الباب، و ناولنى الثوب.

(و) قال المحقق (فى مسئلة ردّ المملوك من احداث السنة) كالجنون و ما اشبه فان المملوك اذا حدث فيه جنون او نحوه من يوم بيعه الى سنة كاملة، كان للمشترى ان يرده الى البائع (فلو احدث) المشترى فى المملوك (ما يغير عينه) كما لو قطع يده او فقأ عينه (او صفته) كما لو انساه الكتابة مثلا (ثبت الارش) و لا يحق له الرد (انتهى) كلام المحقق (و هو) اى اختصاص سقوط الرد بما اذا كان التصرف مغيرا هو (الظاهر من المحكى عن الاسكافى حيث قال: فان وجد بالسلعة عيبا، و قد احدث فيه ما لا يمكن معه ردها الى ما كانت عليه قبله) فى مقابل ما اذا امكن رده الى

ص: 64

كالوطى للامة، و القطع للثوب، او تعذر الردّ بموت او نحوه، كان له فضل ما بين الصحة و العيب، انتهى.

و هذا هو الّذي ينبغى ان يقتصر عليه من التصرف قبل العلم.

و اما ما عدا ذلك من التصرف قبل العلم، كحلب الدابة و ركوبها و شبه ذلك، فلا دليل على السقوط به بحيث يطمئن به النفس.

و اقصى ما يوجد لذلك صحيحة زرارة المتقدمة بضميمة ما تقدم في خيار

______________________________

الصفة السابقة، كما اذا نسى العبد الكتابة مثلا، لكن علّمه المشترى ثانيا حتى رجع الى حالته السابقة (كالوطى للامة) فان الامة لا ترجع الى غير الموطوءة (و القطع للثوب، او تعذر الردّ بموت او نحوه) كالعتق و البيع، و السقوط في البحر- مثلا- (كان له) اى للمشترى (فضل) اى تفاوت (ما بين الصحة و العيب) اى الارش (انتهى) كلامه.

(و هذا) القسم من التصرف، اى المغيّر او شبهه (هو الّذي ينبغى ان يقتصر عليه من التصرف قبل العلم) بالعيب.

نعم بعد العلم لو تصرف و لو غير مغيّر، ينبغى ان يقال: باسقاطه للردّ، لدلالته على الرضا بالعيب- كما تقدم-.

(و اما ما عدا ذلك) اى المغيّر (من التصرف قبل العلم) بالعيب (كحلب الدابة و ركوبها و شبه ذلك، فلا دليل على السقوط به) دليلا (بحيث يطمئن به النفس) فيفتى على طبقه.

(و اقصى ما يوجد لذلك) من الدليل (صحيحة زرارة المتقدمة) حيث قال عليه السلام: فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا (بضميمة ما تقدم في خيار

ص: 65

الحيوان من التمثيل للحدث بالنظر و باللمس.

و قيام النص و الاجماع على سقوط رد الجارية بوطيها قبل العلم مع عدم دلالته على الالتزام بالبيع، و عدم تغييره للعين.

و اطلاق معقد الاجماع المدعى في كثير من العبائر، كالتذكرة، و السرائر و الغنية، و غيرها.

و في نهوض ذلك كله

______________________________

الحيوان من التمثيل للحدث بالنظر و باللمس).

فالصحيحة تشكل الكبرى و ما ذكر في خيار الحيوان يشكل الصغرى هكذا «الحدث مسقط» «و النظر و اللمس حدث».

(و قيام النص و الاجماع على سقوط رد الجارية بوطيها قبل العلم) «و قيام» عطف على «ما تقدم» فان الوطي لا يغيّر، و مع ذلك قام النص و الاجماع على انه مسقط، فيدل على ان كل متصرف- و لو لم يكن مغيرا- يكون مسقطا (مع عدم دلالته) اى الوطي (على الالتزام بالبيع) لفرض انه وقع قبل العلم بالعيب (و عدم تغييره للعين) فاذا كان الوطي مسقطا، دل على ان كل تصرف مسقط، و ان لم يكن مغيّرا.

(و اطلاق) عطف على «ما تقدم» (معقد الاجماع) اى لفظه الّذي انصب عليه الاجماع (المدعى في كثير من العبائر كالتذكرة و السرائر و الغنية، و غيرها) من سائر الكتب التى ذكرت: ان التصرف مسقط، فان «التصرف» شامل لما اذا لم يكن مغيّرا.

(و في نهوض ذلك كله) اى «ما تقدم» و «النص و الاجماع» و

ص: 66

لتقييد اطلاق اخبار الرد خصوصا ما كان هذا التقييد فيه في غاية البعد، كالنص برد الجارية بعد ستة اشهر، و ردّ الجارية اذا لم يطأها و ردّ المملوك من احداث السنة نظر، بل منع خصوصا معاقد الاجماع فان نقلة الاجماع كالعلامة و الحلّى و ابن زهرة قد صرحوا في كلماتهم المتقدمة بان العبرة بالرضا

______________________________

«اطلاق معقد الاجماع» (لتقييد اطلاق اخبار الرد) فان اطلاقها يقول:

لك حق الرد، سواء تصرفت فيه أم لا، و الخارج من الاطلاق التصرف المغيّر، اما غير المغيّر فهو داخل في الاطلاق، فله الردّ، و ان تصرف تصرفا غير مغيّر (خصوصا ما كان) من الاخبار حاويا (هذا التقييد فيه فى غاية البعد، كالنص برد الجارية بعد ستة اشهر، و ردّ الجارية اذا لم يطأها، و ردّ المملوك من احداث السنة).

فان القول بان الرد في هذه الموارد الثلاثة مقيد بما اذا لم يقل المولى للجارية او العبد ناولنى الثوب، فاذا قال له ذلك سقط حق رده (نظر، بل منع) «مبتدأ» خبره تقدم و هو قوله «و في نهوض».

و انما كان فيه نظر، اذ يبعد جدا ان يشترى الانسان العبد او الجارية و يبقى عنده سنة او ما اشبه، و لا يأمره بمثل: اغلق الباب، فاللازم القول بإطلاق هذه الاخبار، و ان للمشترى الرد بالعيب، سواء تصرف فيه تصرفا غير مغير، أم لا (خصوصا معاقد الاجماع) لا تكون دالة على ان كل تصرف يكون مسقطا (فان نقلة الاجماع كالعلامة و الحلّى و ابن زهرة قد صرحوا في كلماتهم المتقدمة بان العبرة) فى اسقاط الخيار (بالرضا

ص: 67

بالعقد، فكان دعوى الاجماع وقعت من هؤلاء على السقوط بما يدل على الرضا من التصرف، خصوصا ابن زهرة في الغنية، حيث انه اختار ما قويناه من التفصيل بين صورتى العلم و الجهل، و المغير، و غيره حيث قال قدس سره و خامسها- يعنى مسقطات الرد- التصرف في المبيع الّذي لا يجوز مثله الا بملكه، او الاذن الحاصل له بعد العلم بالعيب

______________________________

بالعقد) فلا تدل اجماعاتهم على ان التصرف مسقط و ان لم يكن عن رضا (فكان دعوى الاجماع وقعت من هؤلاء على السقوط) للخيار، و الجار متعلق ب «دعوى» (بما يدل على الرضا) اى رضا المشترى بالمعيب (من التصرف، خصوصا) اجماع (ابن زهرة في الغنية، حيث انه اختار ما قويناه من التفصيل بين صورتى العلم) اى علم المشترى بالعيب (و الجهل، و) التصرف (المغير، و غيره) فان علم بالعيب و تصرف كان مسقطا سواء كان مغيرا أم لا، و ان جهل و تصرف كان مسقطا اذا كان مغيرا.

فان كلامه يدل على انه ليس كل تصرف مغير، بل المعيار احد الامرين اما كون التصرف مغيرا، و اما كونه عن رضا (حيث قال قدس سره و خامسها- يعنى مسقطات الرد- التصرف في المبيع) اى التصرف (الّذي لا يجوز مثله الا بملكه، او الاذن) من المالك (الحاصل) ذلك الاذن (له) اى للمتصرف، تصرفا (بعد العلم بالعيب).

مثلا: وطى الجارية لا يجوز الا للمالك، او المأذون من قبل المالك بإباحتها له.

اما التصرف الّذي يجوز لغير المالك و لغير المأذون من المالك،

ص: 68

فانه يمنع من الرد لشي ء من العيوب و لا يسقط حق المطالبة بالارش لان التصرف دلالة الرضا بالبيع، لا بالعيب.

و كذا حكمه ان كان قبل العلم بالعيب، و كان مغيرا للعين بزيادة فيه، مثل الصبغ للثوب او نقصان فيه، كالقطع للثوب، و ان لم يكن كذلك فله الرد بالعيب اذا علمه ما لم يكن وطى الجارية، فانه يمنع من ردها لشي ء من العيوب الا الحبل، انتهى كلامه.

______________________________

كقول الانسان لجارية الغير: اغلقى الباب، فان ذلك لا يكون مسقطا للرد (فانه) اى هذا القسم من التصرف (يمنع من الرد لشي ء من العيوب) اى لاى قسم من اقسام العيب (و) لكنه (لا يسقط حق المطالبة بالارش)

و انما لا يسقط الارش (لان التصرف دلالة الرضا بالبيع) و انه يريد السلعة و لا يريد ردّها (لا بالعيب) فلا يدل على انه قبل المتاع بعيبه بحيث لا يريد ارشا.

(و كذا حكمه) اى التصرف في كونه مسقطا للرد (ان كان قبل العلم بالعيب، و كان) التصرف (مغير اللعين بزيادة فيه، مثل الصبغ للثوب) فانه زيادة حكمية (او نقصان فيه، كالقطع للثوب، و ان لم يكن) التصرف (كذلك) اى مغيرا (فله الرد بالعيب اذا علمه) اى اذا علم العيب (ما لم يكن) التصرف غير المغير (وطى الجارية، فانه يمنع من ردها لشي ء من العيوب) اىّ عيب كان (الا الحبل) فان كانت حاملا قبل ذلك، كان له ردها و ان وطئها (انتهى كلامه).

ص: 69

و قد اجاد قدس سره فيما استفاده من الادلة.

و حكى عن المبسوط أيضا ان التصرف قبل العلم لا يسقط به الخيار لكن صرح بان الصبغ و قطع الثوب يمنع من الرد، فاطلاق التصرف قبل العلم محمول على غير المغيّر، و ظاهر المقنعة و المبسوط انه اذا وجد العيب بعد عتق العبد و الامة لم يكن له ردهما، و اذا وجده بعد تدبيرهما او هبتهما كان مخيرا بين الرد و اخذ ارش العيب.

و فرقا بينهما و

______________________________

(و قد اجاد قدس سره فيما استفاده من الادلة).

(و حكى عن المبسوط أيضا ان التصرف قبل العلم) بالعيب (لا يسقط به الخيار).

و كلامه هنا و ان كان مطلقا يشمل التصرف المغيّر، و غيره (لكن صرح بان الصبغ و قطع الثوب يمنع من الرد، فاطلاق) كلام الشيخ (التصرف قبل العلم) الّذي ذكر انه مانع من الرد (محمول على) التصرف (غير المغيّر، و) مع ان ما ذكره الشيخ كالمفيد من الكلى صحيح، الا ان مثالهما بالتصرف غير المغير مشكل.

فان (ظاهر المقنعة و المبسوط انه اذا وجد) المشترى (العيب بعد عتق العبد و الامة لم يكن له ردهما) لان العتق تصرف مغيّر، بل له حق اخذ الارش (و اذا وجده) اى العيب (بعد تدبيرهما او هبتهما كان مخيرا بين الرد) بعد ابطال التدبير و الهبة (و) بين (اخذ ارش العيب).

(و فرقا) اى المفيد و الشيخ (بينهما) اى بين التدبير و الهبة (و

ص: 70

بين العتق، بجواز الرجوع فيهما دون العتق.

و يردّه- مع ان مثلهما تصرف يؤذن بالرضا- مرسلة جميل، فان العين مع الهبة و التدبير غير قائمة.

و جواز الرجوع، و عدمه لا دخل له في ذلك.

و لذا

______________________________

بين العتق، بجواز الرجوع فيهما) لان كليهما عقد جائز- و من ذلك يعرف ان كلامهما في الهبة الجائزة، لا اللازمة، كما اذا كانت الهبة معوضة او بقصد القربة، او لذى رحم، او ما اشبه- (دون العتق) الّذي لا يجوز الرجوع فيه.

(و يردّه) اى يرد كلامهما في جواز الرد في الهبة و التدبير (- مع ان مثلهما) اى التدبير و الهبة (تصرف) فى المبيع (يؤذن بالرضا-) اى رضا ذى الخيار، و قد تقدم ان الرضا يوجب سقوط الخيار (مرسلة جميل) فاعل «يرده» (فان العين مع الهبة و التدبير غير قائمة) عرفا، و قد قالت المرسلة ان حق الرجوع انما هو في مورد قيام العين.

(و) ان قلت: بل العين قائمة، لانه اذا جاز الرجوع و رجع كانت العين كحالتها السابقة.

قلت: (جواز الرجوع) فى الهبة و التدبير (و عدمه) فى العتق (لا دخل له في ذلك) اى في قيام العين، فان العين ليست قائمة عرفا، و ان جاز للواهب و المدبر الرجوع.

(و لذا) الّذي ذكرناه من ان العين ليست قائمة، و ان جاز الرجوع

ص: 71

اعترض عليهما الحلى بالنقض بما لو باعه بخيار، مع انه لم يقل احد من الامة بجواز الرد حينئذ.

و قال: بعد ما ذكر ان الّذي يقتضيه اصول المذهب ان المشترى اذا تصرف فى المبيع انه لا يجوز له ردّه، و لا خلاف في ان الهبة و التدبير تصرف.

و بالجملة فتعميم الاكثر لا فراد التصرف

______________________________

(اعترض عليهما الحلى بالنقض بما لو باعه بخيار) اى باع العبد المعيوب او سائر الاشياء المعيوبة، فلو جاز الرد في الهبة لانه يتمكن من ارجاع العين، لزم القول بجواز الرد فيما اذا باعه ذو الخيار، و جعل الخيار لنفسه، لانه يتمكن أيضا من رد العين (مع انه لم يقل احد من الامة بجواز الرد حينئذ) اى حين باعه بخيار.

اللهم الا ان يستشكل بان المقنعة و المبسوط لا يلتزمان بعدم جواز الرد في صورة ما اذا باعه ذو الخيار، و جعل لنفسه الخيار.

(و قال) الحلّى (بعد ما ذكر) من الاشكال على المقنعة و المبسوط (ان الّذي يقتضيه اصول المذهب) اى القواعد العامة مثل قاعدة ان الرد انما يكون اذا لم يتصرف في المبيع (ان المشترى اذا تصرف في المبيع) المعيب (انه لا يجوز) اى لا يصح (له ردّه، و لا خلاف في ان الهبة و التدبير تصرف).

فالقياس هكذا: الهبة و التدبير تصرف، و التصرف ماتع مع الارجاع، فلا بد من اخذ الارش فقط.

(و بالجملة فتعميم الاكثر لا فراد التصرف) و ان كل تصرف يوجب

ص: 72

مع التعميم لما بعد العلم و ما قبله، مشكل.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 13، ص: 73

و العجب من المحقق الثانى انه تنظّر في سقوط الخيار بالهبة الجائزة، مع تصريحه في مقام آخر بما عليه الاكثر.

الثالث: تلف العين او صيرورته كالتالف
اشارة

فانه يسقط الخيار هنا بخلاف الخيارات المتقدمة غير الساقطة بتلف العين و المستند فيه- بعد

______________________________

سقوط الرد و لو مثل حلب الدابة (مع التعميم) منهم (لما بعد العلم و ما قبله) حتى انه لو حلبها قبل العلم سقط رده (مشكل) لما عرفت من الفرق قبل العلم و بعد العلم، و ان بعض التصرفات المسقطة اذا حصلت بعد العلم بالعيب لا توجب السقوط اذا حصلت قبل العلم.

(و العجب من المحقق الثانى انه تنظّر) و اشكل (فى سقوط الخيار بالهبة الجائزة، مع تصريحه في مقام آخر بما عليه الاكثر) من سقوط الخيار بكل تصرف، الّذي منه الهبة، فانه تهافت في الكلام.

(الثالث) من مسقطات هذا الخيار (تلف العين) كانكسار الكوز (او صيرورته كالتالف) كما اذا سقط الكوز في البحر (فانه) اى التلف (يسقط الخيار هنا) فى المعيب (بخلاف الخيارات المتقدمة) كخيار الغبن (غير الساقطة بتلف العين) و لعل السرّ في الفرق ان الرد له بدل في باب العيب و هو الارش، فاذا لم يتمكن من الرد اخذ الارش.

اما في سائر الخيارات فاذا سقط الخيار، لم يكن له بدل حتى يتدارك به النقص الّذي حصل لذى النقص (و المستند فيه) اى في كون التلف هنا يسقط الخيار (- بعد

ص: 73

ظهور الاجماع- اناطة الرد في المرسلة السابقة بقيام العين، فان الظاهر منه اعتبار بقائها في ملكه، فلو تلف، او انتقل الى ملك الغير او استوجر، او رهن، او ابق العبد، او انعتق العبد على المشترى، فلا ردّ.

و مما ذكرنا ظهر ان عدّ انعتاق العبد على المشترى مسقط برأسه كما فى الدروس لا يخلو عن شي ء.

______________________________

ظهور الاجماع- اناطة الرد في المرسلة السابقة) و هى مرسلة جميل (بقيام العين) لانها قالت ان كان الثوب قائما بعينه ردها على صاحبه (فان الظاهر منه اعتبار بقائها في ملكه) اى بقاء العين في ملك المشترى (فلو تلف) المال (او انتقل الى ملك الغير) بان باعه او صالحه او وهبه مثلا (او استوجر، او رهن، او ابق العبد) المعيب من عند المشترى (او انعتق العبد على المشترى) كما لو كان احد عموديه الآباء او الامهات (فلا ردّ) لعدم صدق قيام العين.

(و مما ذكرنا) من ان انعتاق العبد من مصاديق «عدم قيام العين» (ظهر ان عدّ انعتاق العبد على المشترى مسقط) للخيار (برأسه) اى مستقلا لا جعله مصداقا (كما في الدروس لا يخلو عن شي ء) من الاشكال اذ ليس هو سبب مستقل بل من مصاديق عدم قيام العين.

و لعل نظر الدروس الى ان الانعتاق مفوت خاص في قبال التصرف الّذي هو مفوت من قسم آخر.

ص: 74

نعم ذكر انه يمكن ارجاع هذا الوجه الى التصرف.

و هو أيضا لا يخلو عن شي ء.

و الاولى ما ذكرناه.

ثم انه لو عاد الملك الى المشترى لم يجز ردّه للاصل خلافا للشيخ بل المفيد قدس سرهما.

______________________________

(نعم ذكر) بعض في توجيه كلام الدروس (انه يمكن ارجاع هذا الوجه) اى الانعتاق (الى التصرف) لا التلف، فانما عده قسما برأسه، لانه قسم من التصرف، و هو يقابل التلف، و لذا عدهما قسمين.

(و هو) اى هذا التوجيه (أيضا لا يخلو عن شي ء) لانه ليس تصرفا، فالانعتاق قهرى على المشترى و الشي ء القهرى لا يسمى تصرفا، فان الحاكم لو حجر على مال زيد- مثلا- لا يصح ان يقال: ان زيدا تصرف في ماله

(و الاولى ما ذكرناه) من ان الانعتاق في حكم التلف، و من مصاديق عدم قيام العين.

(ثم انه) بعد ان ذهب العين من ملك المشترى ببيع او رهن، او وقوع في البحر او ما اشبه (لو عاد الملك الى المشترى لم يجز ردّه) الى البائع (للاصل) فانه حين خرج عن ملكه لم يكن له الرد، و انما له الارش، فاذا شككنا بعد ذلك هل ان له ان يرد، أم لا؟ كان الاستصحاب مقتضيا لعدم الرد (خلافا للشيخ، بل المفيد قدس سرهما) حيث اجازا الرد، و كان نظرهما الى انه لا مجال للاستصحاب بعد ان تبدل موضوعه، فانه يصدق حينئذ ان الشي ء قائم بعينه.

ص: 75

فرع: لا خلاف نصا و فتوى في ان وطى الجارية يمنع عن ردها بالعيب

سواء قلنا بان مطلق التصرف مانع، أم قلنا: باختصاصه بالتصرف الموجب لعدم كون الشي ء قائما بعينه.

غاية الامر كون الوطي على هذا القول مستثنى عن التصرف غير المغير للعين كما عرفت من عبارة الغنية مع ان العلامة علل المنع في موضع من التذكرة: بان الوطي جناية، و

______________________________

(فرع: لا خلاف نصا و فتوى في ان وطى الجارية يمنع عن ردها بالعيب) سواء علم بالعيب و وطئ أم لا و (سواء قلنا) فى المسألة السابقة (بان مطلق التصرف مانع) عن الردّ (أم قلنا باختصاصه) اى اختصاص المانع (بالتصرف الموجب لعدم كون الشي ء قائما بعينه) و ذلك لوجود النص و الاجماع، فلا يهمّنا ان يكون الوطي داخلا في القاعدة السابقة.

(غاية الامر كون الوطي على هذا القول) اى القول الثانى (مستثنى عن التصرف غير المغير للعين).

اذ «كل ما ليس مغيرا لا يوجب سقوط الردّ» الا «الوطي» فانه ليس بمغير، و مع ذلك يوجب سقوط الرد (كما عرفت من عبارة الغنية) فانه قال فى عبارته المتقدمة قبل اسطر: و كان مغيرا للعين .. ما لم يكن وطيا للجارية، فانه يمنع من ردها (مع ان العلامة) يرى ان اسقاط الوطي للرد، لانه مغير للعين فكونه مسقطا على طبق القاعدة.

فانه (علل المنع) اى منع الوطي عن الرد (فى موضع من التذكرة:

بان الوطي جناية) و من المعلوم ان الجناية عبارة عن الشي ء المغير (و

ص: 76

لهذا يوجب غرامة جزء من القيمة، كسائر جنايات المملوك.

و قد تقدم في كلام الاسكافى أيضا ان الوطي مما لا يمكن معه رد المبيع الى ما كان عليه قبله.

و يشير إليه ما سيجي ء في غير واحد من الروايات من قوله: معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا،

______________________________

لهذا يوجب) الوطي (غرامة جزء من القيمة) فاذا اشترى زيد جارية عمرو، و وطئها، ثم وجد انها حامل من عمرو، كان لزيد الحق في ردها لوجود عيب الحمل، فاذا ردها ردّ معها ارش وطئه لها فان ردّ الارش هنا الى البائع دليل على ان الوطي تصرف مغير، و الا لم يكن وجه لرد الارش، فالمشترى يغرم جزءا من القيمة حين رد الجارية المعيبة، بعيب الحمل (كسائر جنايات المملوك) فان من جنى على المملوك لزمه ان يعطى لسيد المملوك مقدار جنايته.

(و قد تقدم في كلام الاسكافى أيضا ان الوطي) اذا حصل من المشترى (مما لا يمكن معه رد المبيع الى ما كان) المبيع (عليه قبله) اى قبل الوطي فانه يدل أيضا على ان الوطي- عند الاسكافى- مغير للعين.

(و يشير إليه) اى الى كون الوطي تصرفا مغيّرا (ما سيجي ء في غير واحد من الروايات من قوله) عليه السلام (معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا) يعنى انه اذا قلنا: بان الجارية الموطوءة تردّ، لزم ان يرد المشترى شيئا من المال الى البائع في مقابل وطئه للجارية، فيكون ذلك المال اجرا للوطى، و هذا مما يستعاذ به الى اللّه سبحانه- اى انه

ص: 77

فان فيه اشارة الى انه لو ردها لا بدان يرد معها شيئا تداركا للجناية.

اذ لو كان الوطي مجرد استيفاء منفعة لم يتوقف ردّها الى ردّ عوض المنفعة.

فاطلاق الاجر عليه في الرواية على طبق ما يتراءى في نظر العرف، من كون هذه الغرامة كانها اجرة للوطى.

______________________________

باطل- فان كلام الامام عليه السلام يدل على ان الوطي جناية- توجب ردّ بعض المال- (فان فيه) اى في قول الامام عليه السلام: معاذ اللّه (اشارة الى انه لو ردها لا بدان يرد معها شيئا تداركا للجناية) التى جناها المشترى على الجارية بسبب وطيه لها.

و انما قلنا ان المستفاد من كلام الامام انه جناية.

(اذ لو) لم يكن الوطي جناية، بل (كان الوطي مجرد استيفاء منفعة لم يتوقف ردّها الى ردّ عوض المنفعة) اذ من الممكن الرد بدون رد عوض الانتفاع، و ذلك بخلاف ما اذا كان الوطي جناية فانه لا يصدق رد الجارية الا اذا ردها و رد الارش معا، و الا فبدون الارش يكون الرد ناقصا كالرد لبعض السلعة لا لكلها.

(فاطلاق الاجر عليه في الرواية) لا لانه حقيقة أجر- حتى يدل على ان الجارية كاملة و ليست ناقصة بسبب الوطي- بل ان الاطلاق (على طبق ما يتراءى في نظر العرف، من كون هذه الغرامة كانها اجرة للوطى)

و قوله «فاطلاق» دفع دخل مقدر هو ان ظاهر «اجر» ان الوطي ليس جناية، و الا سماه الامام غرامة و ارشا، لا ان يسميه اجرا.

ص: 78

و حاصل معناه انه اذا حكمت بالرد مع ارش جنايتها كان ذلك فى الانظار بمنزلة الاجرة.

و هى ممنوعة شرعا، لان اجارة الفروج غير جائزة.

و هذا انما وقع من امير المؤمنين عليه السلام مبنيا على تقرير رعيته على ما فعله

______________________________

و الجواب انه تعبير عرفى، و الا ففى الحقيقة هو ارش و غرامة.

(و حاصل معناه) اى معنى قول الامام عليه «معاذ اللّه»- و هذا الحاصل لا ثبات كلام العلامة من ان الوطي جناية- (انه اذا حكمت بالرد مع ارش جنايتها) اى رد الجارية و اعطاء ارش الوطي (كان ذلك) الارش (فى الانظار) اى انظار العرف (بمنزلة الاجرة) و ان كان فى الحقيقة ارشا.

(و هى) اى الأجرة (ممنوعة شرعا، لان اجارة الفروج غير جائزة) فلا يصح ان يقول انسان لامرأة استأجر فرجك ساعة مثلا، و ما ورد من انهن مستأجرات، و قوله تعالى: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، فان ذلك من باب المجاز و الشبه عرفا.

(و) ان قلت: ان الاجرة للفرج في مذهب الشيعة جائزة، و انما لا تجوز في مذهب العامة، فكيف ان الامام امير المؤمنين عليه السلام منع عن ذلك، و الحال ان الامام عليه السلام يقول بصحة عقد المتعة الموجبة للاجرة.

قلت: (هذا) المنع عن الاجرة (انما وقع من امير المؤمنين عليه السلام مبنيا على تقريره) عليه السلام (رعيته على ما فعله) الخليفة

ص: 79

الثانى، من تحريم العقد المنقطع.

فلا يقال: ان المتعة مشروعة و قد ورد ان المنقطعات مستأجرات فلا وجه للاستعاذة باللّه من جعل الأجرة للفروج، هذا ما يخطر عاجلا

______________________________

(الثانى، من تحريم العقد المنقطع) فكان الامام عليه السلام لم يرد ان يصدم اذهانهم بما الّفوه منذ زمن عمر من المنع عن المتعة و اعتقاد ان مهرها اجرة فلا يجوز.

و حيث ظهر ان كلام الامام عليه السلام من باب المجازات للرعية.

(فلا يقال: ان المتعة مشروعة و قد ورد ان المنقطعات مستأجرات) و حيث ان الاجرة صحيحة (فلا وجه للاستعاذة باللّه) فى كلام الامام (من جعل الأجرة للفروج).

و الحاصل انه لو حكم برد الجارية لزم الحكم برد شي ء معها، لمكان الوطي، و لا يجوز ردّ شي ء لا في متن الواقع و لا في الظاهر.

اما الواقع فلان الحكم الشرعى واقعا هو عدم الرد.

و اما في الظاهر فلان الناس- الذين ألّفوا حرمة المتعة و حرمة الاجرة للفرج- يرون ان ذلك اجرة للفرج، فالامام عليه السلام استعاذ باللّه، و لم يذكر علة الاستعاذة الواقعية- التى هى حكم اللّه سبحانه بحرمة الرد مع الارش-.

و انما ذكر علة الاستعاذة الظاهرية من ان الاجرة لا تجوز للفرج و كثيرا ما يذكر الانسان البليغ العلة العرفية لانها اقرب الى اذهان السامعين (هذا ما يخطر عاجلا

ص: 80

بالبال في معنى هذه الفقرة، و اللّه العالم.

و كيف كان ففى النصوص المستفيضة الواردة في المسألة كفاية، ففى صحيحة ابن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى جارية فوقع عليها، قال ان وجد فيها عيبا، فليس له ان يردها، و لكن يردّ عليه بقدر ما نقصها العيب، قلت: هذا قول أمير المؤمنين عليه السلام، قال نعم، و صحيحة ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها، فيجد بها عيبا بعد ذلك قال: لا يردها على صاحبها، و لكن يقوّم ما بين العيب و الصحة، و يرد على المبتاع.

______________________________

بالبال في معنى هذه الفقرة)- معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا- (و اللّه العالم) بمراد اوليائه.

(و كيف كان) الامر في معنى الفقرة المذكورة (ففى النصوص المستفيضة الواردة في المسألة كفاية، ففى صحيحة ابن حازم عن ابى عبد اللّه عليه السلام في رجل اشترى جارية فوقع عليها) بان وطئها فوجد بها عيبا، هل له ان يردها؟ (قال) عليه السلام: (ان وجد فيها عيبا، فليس له ان يردها، و لكن يرد عليه)- يرد، بصيغة المجهول- اى يرد البائع الى المشترى (بقدر ما نقصها العيب، قلت: هذا قول امير المؤمنين عليه السلام، قال: نعم، و صحيحة ابن مسلم عن احدهما) اى الباقر او الصادق (عليهما السلام انه سئل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها، فيجد بها عيبا بعد ذلك) هل له ان يردها؟ (قال: لا يردها على صاحبها، و لكن يقوّم ما بين العيب و الصحة، و يرد) البائع التفاوت (على المبتاع) اى

ص: 81

معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا.

و رواية ميسر، عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال: كان على لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت، و لكن يرجع بقيمة العيب، و كان يقول: معاذ اللّه ان اجعل لها اجرا، الخبر.

و في رواية طلحة بن زيد عن ابى عبد اللّه عليه السلام، قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في رجل اشترى جارية فوطئها، ثم رأى فيها عيبا، قال: تقوم و هى صحيحة، و تقوم و بها الداء، ثم يرد البائع على المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء.

______________________________

المشترى (معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا) فان المشترى لو رد الجارية و رد معها شيئا من المال في مقابل وطئه لها، كانت اجرة للفرج، و هى ما يستعاذ باللّه منه.

(و رواية ميسر، عن ابى عبد اللّه عليه السلام قال: كان على) عليه السلام (لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت، و لكن يرجع بقيمة العيب) اى يرجع قيمة العيب الى المشترى (و كان يقول: معاذ اللّه ان اجعل لها اجرا) الى آخر (الخبر).

(و في رواية طلحة بن زيد عن ابى عبد اللّه عليه السلام، قال: قضى امير المؤمنين عليه السلام في رجل اشترى جارية فوطئها، ثم رأى فيها عيبا، قال: تقوم و هى صحيحة) مثلا مائة (و تقوم و بها الداء) مثلا ثمانون (ثم يرد البائع على المبتاع) اى المشترى (فضل ما بين الصحة و الداء) اى العشرين في المثال.

ص: 82

و ما عن حمّاد في الصحيح عن ابى عبد اللّه عليه السلام يقول: قال على بن الحسين عليه السلام: كان القضاء الاول في الرجل اذا اشترى امة فوطئها ثم ظهر على عيب ان البيع لازم، و له ارش العيب الى غير ذلك مما سيجي ء.

ثم ان المشهور استثنوا عن عموم هذه الاخبار لجميع افراد العيب الحمل فانه عيب اجماعا

______________________________

(و ما عن حمّاد في الصحيح عن ابى عبد اللّه عليه السلام يقول: قال على بن الحسين عليه السلام: كان القضاء الاول) اى في اوّل الاسلام قبل ان يلعب القضاة بالاحكام بالقياس و الاستحسان (فى الرجل اذا اشترى امة فوطئها ثم ظهر) و اطلع (على عيب ان البيع لازم) فلا ترد الجارية (و له ارش العيب) هذه جملة من الاحاديث (الى غير ذلك مما سيجي ء) كصحيح ابن سنان، و رواية عبد الملك.

(ثم ان المشهور استثنوا عن عموم هذه الاخبار لجميع افراد العيب) حيث ان هذه الاخبار دلت على ان الوطي مانع عن رد الجارية اذا وجد الواطئ فيها العيب «اى عيب كان» سواء كان العيب نقصا في الخلقة كالعمى و العرج، او نقصا في العقل، كما اذا كانت معتوهة، او نقصا فى الكمال كما اذا كانت ثرثارة مثلا، او سليطة (الحمل) مفعول «استثنوا» (فانه) اى الحمل (عيب اجماعا).

فاذا اشترى الجارية ثم وجد المشترى انها حامل، فانه عيب فى الجارية اذ هى لا تتمكن من العمل- كما ينبغى- مدة الحمل و مدة

ص: 83

كما في المسالك، الا ان الوطي لا يمنع من الرد به، بل يردها و يرد معها العشر، او نصف العشر على المشهور بينهم.

و استندوا في ذلك الى نصوص مستفيضة، منها: صحيحة ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام، عن رجل اشترى جارية حبلى، و لم يعلم بحبلها فوطئها، قال يردّها على الّذي ابتاعها منه، و يرد عليها نصف عشر قيمتها، لنكاحه اياها.

______________________________

النفاس، و انها معرضة للخطر حال الولادة (كما في المسالك) دعوى الاجماع على ذلك (الا ان الوطي) اى وطى المشترى (لا يمنع من الرد به) اى بالوطى (بل يردها و يرد معها العشر) اى عشر الثمن، اذا كانت بكرا (او نصف العشر) اذا كانت ثيبة.

فاذا اشتراها زيد بالف، فوطئها، و بعد الوطي وجد انها حامل، ردها و اعطى البائع مائة او خمسين.

و هذا العشر او نصف العشر، انما هو لاجل وطئه لها (على المشهور بينهم) فى ردّ العشر، و نصف العشر.

(و استندوا في ذلك الى نصوص مستفيضة، منها: صحيحة ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام، عن رجل اشترى جارية حبلى، و لم يعلم بحبلها فوطئها) فما حكمه؟ (قال) عليه السلام (يردّها على الّذي ابتاعها) اى اشتراها (منه، و يرد عليها نصف عشر قيمتها، لنكاحه اياها) النكاح هنا بمعنى الوطي، فانه اما مشترك بين الوطي و العقد، و اما خاص بالوطى.

ص: 84

و قد قال على عليه السلام: لا ترد التى ليست بحبلى اذا وطئها صاحبها و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب ان كان فيها.

و رواية عبد الملك بن عمرو، عن ابى عبد اللّه عليه السلام، قال: لا ترد التى ليست بحبلى اذا وطئها صاحبها و له ارش العيب، و ترد الحبلى و يرد معها نصف عشر قيمتها.

و زاد في الكافى قال: و في رواية اخرى ان كانت بكرا فعشر قيمتها، و

______________________________

و العقد انما يسمى نكاحا لعلاقة السبب و المسبب اذ العقد سبب الوطي ثم ان اطلاق الرواية عدم الفرق بين وطئها مرة او مرات، و الظاهر ان تخصيص نصف العشر بالذكر هنا، لاجل ان غالب الاماء ثيبات (و قد قال على عليه السلام: لا ترد التى ليست بحبلى اذا وطئها صاحبها) اى المشترى- و هذا من تتمة كلام الامام عليه السلام، ظاهرا- (و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب ان كان) عيب (فيها) بان يرد البائع على المشترى التفاوت بين الصحيح و المعيب فاذا كان الصحيح مائة و المعيب ستين ردّ البائع الى المشترى اربعين دينارا، لمكان العيب.

(و رواية عبد الملك بن عمرو، عن ابي عبد اللّه عليه السلام، قال:

لا ترد) الجارية (التى ليست بحبلى اذا وطئها صاحبها) و يوضع عنه من ثمنها بقدر العيب (و له) اى للمشترى (ارش العيب، و ترد الحبلى و يرد معها نصف عشر قيمتها).

(و) بعد هذه الرواية (زاد في الكافى قال: و في رواية اخرى ان كانت بكرا فعشر قيمتها، و

ص: 85

ان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها.

و مرسلة ابن ابى عمير، عن سعيد بن يسار، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن رجل باع جارية حبلى، و هو لا يعلم، فينكحها الّذي اشترى، قال يردها و يرد نصف عشر قيمتها.

و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن الرجل يشترى الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى، قال ترد و يرد معها شيئا.

و صحيحة ابن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام، فى الرجل يشترى

______________________________

ان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها) كانه اراد بذلك تقييد اطلاق رواية عبد الملك.

(و مرسلة ابن ابى عمير، عن سعيد بن يسار، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن رجل باع جارية حبلى، و هو لا يعلم) انها حبلى، اذ لو علم بذلك و اشتراها، لم يكن له بذلك ردّ، و لا ارش (فينكحها الّذي اشترى، قال يردها و يرد نصف عشر قيمتها).

(و رواية عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه) عليه السلام (قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن الرجل يشترى الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى، قال) عليه السلام (ترد) الجارية- بصيغة المجهول، او بصيغة المعلوم، و قد حذف مفعوله- (و يرد) بصيغة المعلوم (معها شيئا) و اطلاق «شيئا» يحمل على العشر و نصف العشر.

(و صحيحة ابن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام، فى الرجل يشترى

ص: 86

الجارية الحبلى فينكحها، قال يردها و يكسوها.

و رواية عبد الملك بن عمرو، عن ابى عبد اللّه عليه السلام، فى الرجل يشترى الجارية و هى حبلى فيطأها، قال يردها و يرد عشر قيمتها، هذه جملة ما وقفت عليها من الروايات، و قد عمل بها المشهور، بل ادعى على ظاهرها الاجماع في الغنية كما عن الانتصار و عدم الخلاف في السرائر خلافا للمحكى عن الاسكافى، فحكم بالرد مع كون الحمل من المولى لبطلان بيع أمّ الولد حيث قال: فان وجد في السلعة عيبا، كان

______________________________

الجارية الحبلى فينكحها، قال يردها و يكسوها) الكسوة في مقابل الوطي.

(و رواية عبد الملك بن عمرو، عن ابى عبد اللّه عليه السلام، فى الرجل يشترى الجارية و هى حبلى فيطأها، قال يردها و يرد عشر قيمتها، هذه جملة ما وقفت عليها من الروايات).

و هناك بعض الروايات الاخر مذكورة في المستدرك (و قد عمل بها المشهور) فى صورة كون الحمل من غير المولى البائع، اما اذا كان الحمل من البائع فالاجماع قائم على الرد لانه لا يصح بيع أمّ الولد (بل ادعى على ظاهرها الاجماع في الغنية كما عن الانتصار) للسيد المرتضى دعوى الاجماع أيضا (و عدم الخلاف في السرائر) لابن ادريس (خلافا للمحكى عن الاسكافى، فحكم ب) ان (الرد) انما هو (مع كون الحمل من المولى) فقط.

و انما يرد (لبطلان بيع أمّ الولد) اما اذا كان الحمل من غير المولى فلا ردّ (حيث قال) الإسكافي (فان وجد) المشترى (فى السلعة عيبا كان)

ص: 87

عند البائع، و قد احدث المشترى في السلعة ما لا يمكن ردها الى ما كانت عليه قبله، كالوطى للامة، او القطع للثوب، او تلف السلعة بموت، او غيره كان للمشترى فضل ما بين الصحة و العيب دون ردها فان كان العيب ظهور حمل من البائع، و قد وطئها المشترى من غير علم بذلك كان عليه ردّها، و نصف عشر قيمتها، انتهى.

و اختاره في المختلف، و هو ظاهر الشيخ في النهاية، حيث قال: فان

______________________________

ذلك العيب قد حدث فيها حال كونها (عند البائع، و قد احدث المشترى فى السلعة ما لا يمكن ردها الى ما كانت) السلعة (عليه قبله) اى قبل احداث المشترى للحدث فيها (كالوطى للامة، او القطع للثوب، او تلف السلعة بموت، او غيره) كما اذا طار الطائر، او نفر الوحش، او سقطت السلعة في البحر، فانه لا يمكن ردّ السلعة بعد هذه الاحداث الى حالتها السابقة (كان للمشترى فضل ما بين الصحة و العيب) بان يأخذ الارش من البائع (دون ردها) و اخذ جميع الثمن (فان كان العيب ظهور حمل من البائع، و قد وطئها المشترى من غير علم بذلك) الحمل (كان عليه ردّها، و) اعطاء (نصف عشر قيمتها، انتهى) فان عبارته صريحة فى كون الحمل من البائع، فتبقى صورة كون الحمل من غير البائع داخلة فى عموم: ان الوطي يمنع الرد مطلقا- اى سواء كان العيب حملا او غير حمل-.

(و اختاره) العلامة (فى المختلف، و هو) اى كلام الاسكافى (ظاهر الشيخ في النهاية حيث قال: فان

ص: 88

وجد بها عيبا بعد ان وطئها لم يكن له ردها، و كان له ارش العيب خاصة

اللهم الا ان يكون العيب من حبل، فيلزمه ردها على كل حال وطئها أم لم يطأها، و يرد معها اذا وطئها نصف عشر قيمتها، انتهى.

و يمكن استفادة هذا من اطلاق المبسوط القول بمنع الوطي من الرد.

______________________________

وجد بها عيبا بعد ان وطئها لم يكن له ردها، و كان له ارش العيب خاصة) و ذلك لان الوطي مانع عن الرد كما عرفت.

(اللهم الا ان يكون العيب من حبل، فيلزمه ردها على كل حال وطئها أم لم يطأها).

وجه الظهور: ان قوله «فيلزمه» ظاهر في كون الحبل من المولى اذ في هذه الصورة يلزم الرد، و الا فان الحبل اذا لم يكن من المولى لم يلزم الرد لتخيير المشترى بين الرد و الارش (و يرد معها اذا وطئها نصف عشر قيمتها، انتهى) كلام النهاية.

(و يمكن استفادة هذا) اى كون الاستثناء من «كون الوطي مانعا عن الرد» خاصا بصورة «كون الحبل من المولى» لا صورة «ما اذا كانت حاملة و لو من غير المولى» (من اطلاق المبسوط القول بمنع الوطي من الرد) و ذلك لان الشيخ لم يستثن الحبل.

فاما ان تكون صورة الحبل داخلة في اطلاقه «و على هذا فهو مخالف للمشهور القائلين بان الحبل لا يمنع الرد».

و اما ان تكون صورة الحبل خارجة عن اطلاقه بان لم يتعرض للاستثناء

ص: 89

فان من البعيد عدم استثناء وطى الحامل و عدم تعرضه لحكمه مع اشتهار المسألة في الروايات و السنة القدماء.

و قال في الوسيلة: اذا وطئ الامة ثم علم بها عيبا لم يكن له ردّها الا اذا كان العيب حملا، و كان حرّا، فانه وجب عليه ردها و يرد معها نصف عشر قيمتها.

و ان كان الحمل مملوكا، لم يجب ذلك انتهى.

______________________________

اصلا، و هذا الاحتمال بعيد.

(فان من البعيد عدم استثناء وطى الحامل و عدم تعرضه) اى الشيخ (لحكمه) اى حكم وطى الحامل (مع اشتهار المسألة في الروايات و السنة القدماء) اذا فتحقق ان الشيخ في المبسوط موافق للاسكافى و مخالف للمشهور.

(و قال في الوسيلة: اذا وطئ الامة ثم علم بها عيبا لم يكن له ردّها الا اذا كان العيب حملا، و كان) الحمل (حرّا) بان كان من المولى او ممن حللها له المولى بعقد او نحوه، او كان وطى شبهة (فانه وجب عليه ردها) لان بيع أمّ الولد باطل (و يرد معها نصف عشر قيمتها) لمكان الوطي.

(و ان كان الحمل مملوكا، لم يجب ذلك) الردّ (انتهى) كلام الوسيلة فان مراده ب «لم يجب» لم يجز، فيكون موافقا للاسكافى، لكن لا يخفى ان ظاهر كلامه موافق للمشهور، فان معنى «لم يحب» الجواز، لا «عدم الجواز».

ص: 90

و ظاهر الرياض أيضا اختيار هذا القول.

و الانصاف ان ظاهر الاخبار المتقدمة في بادئ النظر، و ان كان ما ذكره المشهور، الا ان العمل على هذا الظهور يستلزم مخالفة الظاهر من وجوه اخر.

احدها:

______________________________

(و ظاهر الرياض أيضا اختيار هذا القول) اى قول الاسكافى او خلاف المشهور.

(و الانصاف ان ظاهر الاخبار المتقدمة في بادئ النظر، و ان كان ما ذكره المشهور) من انه ترد الحبلى مطلقا، و ان وطئها المشترى (الا ان العمل على هذا الظهور يستلزم مخالفة الظاهر من وجوه اخر) فاللازم ان نقول بمقالة الاسكافى، و نخصص ارجاع الحبلى بما اذا كانت حبلى من المولى فقط.

اما اذا كانت حبلى من غير المولى، فلا رد، و انما للمشترى الواطئ اخذ الارش فقط.

(احدها) و حاصله: ان المشهور يقولون بان الحبل الموجب للرد اعمّ من كونه حبلا من المولى، او من غير المولى و كلام المشهور يلزم منه احد خلافى الظاهر بدون القرينة.

و الاسكافى يقول: بان الحبل الموجب للردّ هو ما اذا كان الحبل من المولى، و هذا أيضا خلاف الظاهر، لكنه خلاف الظاهر مع القرينة فاللازم تقديم قول الاسكافى و قول المشهور.

ص: 91

من حيث مخالفة ظهورها في وجوب ردّ الجارية او تقييد الحمل بكونه من غير المولى

______________________________

بيان ذلك ان الاسكافى يقول: المراد ب «الحبلى» الحبلى من المولى فقط، و قرينة هذا التقييد لفظة «ترد» الظاهرة في وجوب الرد فكان ذلك تصرفا في اطلاق «الحبلى».

لكن التصرف انما كان بسبب القرينة، اما المشهور الذين قالوا برد الحبلى مطلقا- سواء كان الحبل من المولى او من غيره- فيلزم عليهم اما حمل لفظة «ترد» على خلاف ظاهره، اذ ظاهره الوجوب و الحال ان رد الحبلى التى كانت حاملة من غير المولى ليس بواجب.

و اما حمل «الحبلى» المطلق الشامل للحبلى من المولى و من غير المولى، على صورة الحمل من غير المولى، فتكون لفظة «ترد» لدفع توهم الحظر اذ رد الموطوءة محظور، فدفعا لتوهم هذا الحظر جاء الامام عليه السلام بالجملة الخبرية الظاهرة في الوجوب.

و من المعلوم ان الامر في مقام توهم الحظر لا يدل على الوجوب.

و كيف كان فاللازم من كلام المشهور خلاف الظاهر (من حيث مخالفة ظهورها) اى يلزم ان تخالف ظهور الرواية الظاهرة (فى وجوب ردّ الجارية) ان ابقينا لفظة «الحبلى» على اطلاقها، و هنا اريد من لفظة «ترد» خلاف الظاهر (او تقييد الحمل) الوارد في الرواية (بكونه من غير المولى) و هذا خلاف الظاهر اذ لفظة «الحبلى» شاملة لما اذا كان الحبل من المولى او من غير المولى.

و على هذا الاحتمال لم يكن تصرف في لفظة «ترد» اذ لم ينعقد له

ص: 92

حتى تكون الجملة الخبرية واردة في مقام دفع توهم الحظر الناشئ من الاخبار المتقدمة المانعة من رد الجارية بعد الوطي.

اذ: لو بقى الحمل على اطلاقه لم يستقم دعوى وقوع الجملة الخبرية فى مقام دفع توهم الحظر اذ لا منشأ لتوهم حظر رد الحامل حتى أمّ الولد فلا بد اما من التقييد، او من مخالفة ظاهر الجملة الخبرية.

______________________________

ظهور في الوجوب فان القرينة تمنع انعقاد الظهور، كما حقق في محله (حتى تكون الجملة الخبرية) اى لفظة «ترد» (واردة في مقام دفع توهم الحظر الناشئ) ذلك الحظر (من الاخبار المتقدمة المانعة من رد الجارية بعد الوطي).

فحيث كانت الحبلى أيضا مورد توهم هذا الحظر، جاء الامام (ع) بالجملة الخبرية لدفع هذا التوهم، لا انه عليه السلام اراد بذلك وجوب الرد، حتى يقال: ان الرد ليس بواجب، بل للمشترى ان يختار بينه و بين الارش.

(اذ: لو بقى الحمل على اطلاقه) الشامل لكونه من المولى او من غيره (لم يستقم دعوى وقوع الجملة الخبرية) اى لفظة «ترد» (فى مقام دفع توهم الحظر).

و انما لم يستقم (اذ لا منشأ لتوهم حظر رد الحامل حتى أمّ الولد) فان أمّ الولد يلزم ان ترد، فكيف يمكن ان يتوهم احد ان ردها محظور (فلا بد اما من التقييد) فى الحمل (او من مخالفة ظاهر الجملة الخبرية) اى لفظة «ترد».

ص: 93

الثانى:

______________________________

(الثانى) من وجوه لزوم مخالفة الظاهر على فتوى المشهور القائلين بان الحبلى المعيبة تردّ بعد الوطي، و ان كانت حاملا من غير المولى ان هناك قاعدتين مسلمتين.

الاولى: قاعدة انه لا عقر في الوطي بالملك.

الثانية: قاعدة ان الفسخ من حينه، لا من اصله، فاذا قلنا بمقالة الاسكافى، سلمت القاعدتان، و اذا قلنا بمقالة المشهور لزم رفع اليد عن احدى القاعدتين.

بيان ذلك، اما القاعدة الاولى: فالعقر عبارة عن الجرح، و حيث ان الواطئ للبكر يجرحها بفض بكارتها، سمى الوطي عقرا، و سميت الدية التى يلزم ان يعطيها من فضّ البكارة غصبا عقرا أيضا، بعلاقة السبب و المسبب.

و اما القاعدة الثانية: ففى عبارة عن ان الانسان اذا اشترى شيئا و كان له خيار الفسخ، ثم بعد مدة فسخ، فهل ان وقوع الفسخ من حين الفسخ؟ حتى يكون تصرفه في المدة قبل الفسخ تصرفا في ملك نفسه؟ أم يكون الفسخ من حين العقد حتى يكون تصرفه في المدة قبل الفسخ تصرفا فى ملك غيره، و القاعدة انه تصرف في ملك نفسه، فالفسخ من حين الفسخ لا من حين العقد.

اذا عرفت هاتين القاعدتين قلنا ان المشهور الذين يقولون بان الحبل اعم من ان يكون من المولى او من غيره، يلزم عليهم رفع اليد عن

ص: 94

مخالفة لزوم العقر على المشترى لقاعدة عدم العقر في وطى الملك.

او قاعدة كون الرد بالعيب فسخا من حينه لا من اصله.

______________________________

احدى القاعدتين اذ ان الاخبار المتقدمة حكمت بلزوم العقر على المشترى بعد ان ترد الحبلى، و اللازم من ذلك:

اما خرق قاعدة «لا عقر في الملك» بان نقول ان الامة و ان كانت ملكا للمشترى و ان الفسخ كان من حين الفسخ الا ان هذه الاخبار تثبت العقر خلافا للقاعدة المذكورة.

و اما خرق قاعدة «ان الفسخ من حينه» بان نقول: ان فسخ المشترى كان فسخا من حين العقد، و لذا كان وطيه وطيا في ملك الغير فتسلم قاعدة «لا عقر في الملك» و تنهدم قاعدة «ان الفسخ من حينه».

و هذا بخلاف ما اذا قلنا بمقالة الاسكافى، فانه يلزم العقر على المشترى، لان الحبلى لم تنتقل الى ملك المشترى اصلا، فلا تنهدم احدى القاعدتين.

و الحاصل: انه بناء على المشهور تتحقق (مخالفة لزوم العقر على المشترى) المصرح به في الاخبار.

اما (لقاعدة عدم العقر في وطى الملك) اذا قلنا بان الفسخ من حين الفسخ.

(او) ل (قاعدة كون الرد بالعيب فسخا من حينه) اى حين الفسخ (لا من اصله) اى حين العقد، و ليس كذلك اذا قلنا بمقالة الاسكافى، فالقاعدتان سالمتان على كلامه.

ص: 95

الثالث: مخالفته لما دل على كون التصرف عموما، و الوطي بالخصوص مانعا من الرد.

الرابع: ان الظاهر من قول السائل في مرسلة ابن ابى عمير المتقدمة رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم وقوع السؤال عن بيع أمّ الولد، و الا لم يكن لذكر جهل البائع في السؤال فائدة.

______________________________

(الثالث) ما يرد على المشهور القائلين بكون الرد بالحبل اعم من ان يكون الحمل من المولى او من غيره (مخالفته) اى ما دل من الاخبار على الرد بالحبل، و ان الوطي ليس بمانع اذا كان العيب هو الحبل (لما دل على كون التصرف عموما) اىّ تصرف كان (و الوطي بالخصوص مانعا من الرد).

فاذا قلنا بمقالة المشهور لزمت هذه المخالفة، بخلاف ما اذا قلنا بمقالة الاسكافى، لانه يرى ان البيع باطل من اصله، حيث انه يكون من بيع أمّ الولد، فلا يلزم من الردّ مخالفة تلك الاخبار.

(الرابع: ان الظاهر من قول السائل في مرسلة ابن ابى عمير المتقدمة، رجل باع جارية حبلى و هو لا يعلم وقوع السؤال عن بيع أمّ الولد) بان كان الحبل عن المولى البائع (و الا لم يكن لذكر جهل البائع فى السؤال فائدة).

اذ لا فرق في صحة بيع الحامل اذا كان الحمل من غير المولى بين ان يعلم البائع بانها حامل او لا يعلم، بخلاف ما اذا كان الحمل من المولى فانه اذا علم بالحمل، كان ملوما بانه كيف باع أمّ الولد، بخلاف ما اذا لم

ص: 96

و يشير إليه ما في بعض الروايات المتقدمة من قوله (ع): يكسوها، فان في ذلك اشارة الى تشبثها بالحرية للاستيلاد، فنسب الكسوة إليها تشبها بالحرائر، و لم يصرح بالعقر الّذي هو جزء من القيمة.

الخامس: ظهور هذه الاخبار في كون الردّ بعد تصرف المشترى فى الجارية بغير الوطي، من نحو: اسقنى ماء او: اغلق

______________________________

يعلم فانه لا يكون ملوما.

(و يشير إليه) اى الى كون المراد بيع أمّ الولد (ما في بعض الروايات المتقدمة من قوله ع: يكسوها، فان في ذلك) الاكساء (اشارة الى تشبثها بالحرية) و انما تشبثت بالحرية (للاستيلاد) فان أمّ الولد في سبيل الحرية اذا مات المولى لانها تعتق من نصيب ولدها (فنسب الكسوة إليها تشبها بالحرائر) فان الكسوة لا تقال لكونها ثمنا للوطى، بل تقال في مقام نوع احترام يليق بالحرة.

و لذا قال: (و لم يصرح بالعقر الّذي هو جزء من القيمة) اى لم يسمّ عوض الوطي عقرا، بل سماه كسوة، و ذلك دليل على ان كلام الرواية انما هو في أمّ الولد.

لكن لا يخفى ان امثال هذه الاستحسانات لا يمكن ان تكون صارفة للاطلاق، و الّا قلّ ما يخلو اطلاق عن امثالها الموجبة لتقييد الاطلاق الى جهة خاصة.

(الخامس: ظهور هذه الاخبار في كون الردّ بعد تصرف المشترى فى الجارية بغير الوطي) اى بالإضافة الى الوطي (من نحو: اسقنى ماء او: اغلق

ص: 97

الباب، و غيرهما مما قل ان تنفك عنه الجارية.

و تقييدها بصورة عدم هذه التصرفات تقييد بالفرض النادر

______________________________

الباب، و غيرهما) من سائر التصرفات (مما قلّ ان تنفك عنه الجارية) اذ:

الغالب ان الوطي يتحقق عقيب مثل هذه التصرفات.

و من المعلوم انه لو قلنا: بمقالة المشهور من كون الوطي ليس بمانع من ردّ الحبلى مطلقا، سواء كان حملا من المولى او من غير المولى، لزم ان يكون ما دل على انه ترد الجارية الحبلى مخالفا لما دل على ان التصرف مانع من الرد.

و ذلك بخلاف ما اذا قلنا بمقالة الاسكافى من ان الرد خاص بالمرأة الحبلى من المولى، حيث ان الردّ لاجل ان البيع باطل، فلا يهم الوطي و سائر التصرفات في الرد.

(و) ان قلت: لا يلازم القول بمقالة المشهور، تخصيصا في الاخبار الدالة على ان التصرف مانع من الرد، اذ نقول: ان الوطي لا يمنع الرد اذا كانت المرأة حبلى فيما اذا لم يتصرف المولى فيها تصرفا آخر، مثلا:

لم يقل لها: اغلقى الباب، و نحوها.

قلت: (تقييدها) اى تقييد الاخبار الدالة على الرد اذا كانت حبلى و ان كانت موطوءة (بصورة عدم هذه التصرفات تقييد بالفرض النادر) و ذلك خلاف اطلاق الرد اذا كانت حبلى، و التقييد النادر مستهجن فى الكلام لا يصار إليه الا لدى الضرورة، و لا ضرورة في المقام.

و الحاصل: ان الامر دائر بين الذهاب الى مقالة الاسكافى بان

ص: 98

و انما دعى الى هذا التقييد في غير هذه الاخبار مما دل على رد الجارية بعد مدة طويلة الدليل الدال على اللزوم بالتصرف.

______________________________

الرد خاص بالحبل من المولى و ان تصرف فيها المشترى و لا يعارض حينئذ ما دل على ان التصرف مانع من الرد، و بين الذهاب الى مقالة المشهور بان الرد عام بالحبل من البائع او غيره، و لكن اذا لم يتصرف فيها المشترى، و ذلك لئلا يعارض ما دل على ان التصرف مانع.

لكن هذا الاحتمال الثانى يوجب تخصيص روايات الرد بالفرد النادر و التقييد بالفرد النادر خلاف المتفاهم عرفا، فاللازم الذهاب الى مقالة الاسكافى.

(و) ان قلت: لا بأس بتقييد روايات الرد في الحبلى بصورة ما اذا لم يتصرف فيها المشترى، و ذلك كما قيدنا سائر الروايات الدالة على رد الجارية بعد مدة طويلة بهذه الصورة أيضا، و كما لم يلزم الاستهجان في سائر الروايات بسبب هذا التقييد، كذلك لم يلزم الاستهجان في روايات رد الحبلى.

قلت: (انما دعى الى هذا التقييد) بصورة عدم التصرف (فى غير هذه الاخبار) اى غير اخبار الرد للحبلى (مما دل على ردّ الجارية بعد مدة طويلة) «مما» بيان «غير» (الدليل الدال على اللزوم بالتصرف) فكنا مجبورين في تقييد تلك الاخبار بسبب وجود القرينة.

و الحاصل: ان هناك طائفتين من الاخبار.

الطائفة الاولى ما دلّ على الرد للجارية بعد مدة طويلة.

ص: 99

لكن لا داعى هنا لهذا التقييد.

اذ يمكن تقييد الحمل بكونه من المولى لتسلم الاخبار عن جميع ذلك و غاية الامر

______________________________

الثانية ما دل على ان التصرف مانع من الرد، فقيدنا الطائفة الاولى بالطائفة الثانية و ان كانت نتيجة ذلك ان الردّ يكون نادرا لغلبة وجود التصرف.

(لكن لا داعى هنا) اى في اخبار الرد بالحبل (لهذا التقييد) اى تقييد الرد بصورة عدم التصرف.

(اذ يمكن تقييد الحمل) الموجب للرد (بكونه من المولى) فانه اذا كان الحمل من المولى ردت الجارية و ان تصرف فيها المشترى، لان بيع أمّ الولد باطل من اصله (لتسلم الاخبار) الدالة على الردّ بالحمل (عن جميع ذلك) و هى الوجوه الخمسة.

و الحاصل ما دلّ على رد الجارية الحبلى ان قيدناه بصورة ما اذا كان الحبل من المولى لم نحتج الى تقييدها بصورة عدم التصرف فيها.

و ان قلنا بإطلاقها لما اذا كان الحبل من المولى او من غير المولى احتجنا الى تقييدها بصورة ما اذا لم يتصرف فيها.

و التقييد الاول اولى لانه لا يوجب تقييد الاخبار بالفرض النادر، بخلاف التقييد الثانى، اذ فرض عدم تصرف المشترى في الجارية حتى بمثل اغلقى الباب، فرض نادر جدا.

(و غاية الامر) الّذي نتوخاه من ذكر هذه الوجوه الخمسة، هو ترجيح

ص: 100

تعارض هذه الاخبار مع ما دل على منع الوطي عن الرد بالعموم من وجه فيبقى ما عدا الوجه الثالث مرجحا لتقييد هذه الاخبار.

______________________________

مقالة الاسكافى على مقالة المشهور بعد وقوع التعارض بين الاخبار.

بيان ذلك انه (تعارض هذه الاخبار) و هى اخبار الرد بالحبل (مع ما دل على منع الوطي عن الرد بالعموم من وجه).

فاخبار «الحبلى ترد» اعم من كون الحمل من المولى او من غير المولى و اخبار ان «الموطوءة لا ترد» اعم مما اذا كانت حاملة أم لا.

و من المعلوم انه لا تعارض فيما اذا كانت حاملة من المولى اذ اخبار «ان الموطوءة لا ترد» لا تشمل الحاملة من المولى كما انه لا تعارض فيما اذا كانت موطوءة غير حاملة اذ اخبار «ان الحبلى ترد» لا تشمل غير الحاملة و انما التعارض في الحبلى من غير المولى الموطوءة.

فاخبار الحبلى تقول «ترد» و اخبار الموطوءة تقول «لا ترد» (فيبقى ما عدا الوجه الثالث) من الوجوه الخمسة (مرجحا لتقييد هذه الاخبار) اى اخبار «الحبلى ترد» تقييدا بما اذا كان الحبل من المولى، بمعنى ان الوجوه المذكورة توجب اعطاء هذا الفرد الّذي هو مورد التعارض، و هو «الحبلى من غير المولى الموطوءة» الى اخبار «الموطوءة لا ترد» فتكون اخبار «الحبلى ترد» خاصة «بالحبل من المولى».

و انما قال «ما عدا الوجه الثالث» اذا لوجه الثالث و هو «اخبار ان الوطي مانع عن الرد»- فى هذا التقريب- طرف لاخبار «الحبلى ترد» فلا تكون مرجحة كما لا يخفى.

ص: 101

و لو فرض التكافؤ بين جميع ما تقدم و بين اطلاق الحمل في هذه الاخبار او ظهور اختصاصه بما لم يكن من المولى وجب الرجوع الى عموم ما دل على ان

______________________________

(و لو فرض التكافؤ بين جميع ما تقدم) من الوجوه الخمسة المؤيدة لمقالة الاسكافى (و بين اطلاق الحمل) اطلاقا يشمل كونه من البائع او من غيره (فى هذه الاخبار) اى اخبار ما دل على ان الحمل يوجب الرد و ان وطئها المشترى، و التكافؤ بان نقول، ان الوجوه الخمسة تؤيد الاسكافى، و الاطلاق يؤيد المشهور و لا ترجيح لاحدهما على الآخر (او) بين (ظهور اختصاصه) اى ما دل على الرد اذا كانت حاملة (بما لم يكن من المولى).

فالوجوه الخمسة تؤيد الاسكافى، و ظهور اخبار الرد اذا كانت حاملة فى الحمل من غير المولى يؤيد المشهور.

فقوله «او ظهور» عطف على قوله «اطلاق الحمل» و هذا ترقّ عن «الاطلاق» اى نقول أولا: بان اطلاق اخبار ردّ الحمل يتكافؤ مع الوجوه الخمسة و ثانيا: بان ظهور اخبار رد الحمل و هو الظهور فى الحمل من غير المولى يتكافؤ مع الوجوه الخمسة، و انما قيل بانه ظهور لان الرد بالحمل اذا كان الحمل من المولى لا يحتاج الى البيان، فانه من قبيل توضيح الواضحات.

فالاليق بكلام الامام ان يكون منصبّا لما اذا كان الحمل من غير المولى (وجب الرجوع) بعد تساقط المتكافئين (الى عموم ما دل على ان

ص: 102

احداث الحدث مسقط، لكونه رضاء بالبيع.

و يمكن الرجوع الى ما دل على جواز الرد مع قيام العين.

نعم لو خدش في عموم ما دل على المنع من الرد بمطلق التصرف وجب الرجوع الى اصالة جواز الرد الثابت قبل الوطي.

______________________________

احداث) المشترى (الحدث مسقط) لخياره (لكونه) اى احداث الحدث (رضاء بالبيع).

و من المعلوم ان الوطي حدث، فهو مسقط لخيار المشترى في رد الجارية المعيبة عيبا بسبب الحمل.

(و يمكن) بعد تساقط الدليلين المذكورين (الرجوع الى ما دل على جواز الرد مع قيام العين).

فحيث ان العين ليست قائمة بعد الوطي، لا يجوز ارجاعها- و هذا وجه آخر لعدم الخيار بعد الوطي في الحاملة من غير البائع- فهو من تأييد كلام الاسكافى القائل باختصاص الرجوع بما اذا كانت حاملة من المولى.

(نعم) يمكن تأييد المشهور القائلين بالردّ و لو كان الحمل من غير البائع.

و ذلك لانه (لو خدش في عموم ما دل على المنع من الرد بمطلق التصرف) بمعنى انه ليس كل تصرف مانعا من الرد، بل التصرف المغير فقط يمنع الرد (وجب) فى مورد الشك و هو ما اذا كانت حاملة من غير المولى (الرجوع الى اصالة جواز الرد الثابت) ذلك الجواز (قبل الوطي) فانه

ص: 103

لكن يبقى لزوم العقر مما لا دليل عليه الا الاجماع المركب، و عدم الفصل بين الرد و العقر، فافهم

______________________________

اذا شك في بقاء الجواز- بعد الوطي- كان الاستصحاب مقتضيا لبقائه.

(لكن) اذا قلنا بان الرد في الحامل من غير المولى بواسطة اصالة جواز الرد (يبقى لزوم العقر) باعطاء المشترى نصف العشر الى البائع ثمنا لوطيه لها (مما لا دليل عليه).

اذ ما دل على العقر انما هو خاص بما اذا كانت حاملة من البائع فلا دلالة لذلك الدليل فيما اذا كانت حاملة من غير المولى.

و الحاصل ان المرأة الحاملة من المولى ترد، و يعطى الواطئ العقر لوجود النصوص المذكورة.

اما المرأة الحاملة من غير المولى فترد للاستصحاب، و لا دليل على لزوم اعطاء الواطئ العقر، (الا الاجماع المركب، و عدم الفصل).

لان الفقهاء بين الاسكافى القائل بانها لا ترد اصلا، و بين المشهور الذين قالوا: بانها ترد مع العقر، فلا قول بانها ترد بلا عقر.

فاذا قلنا: بانها ترد- حسب الاستصحاب- يلزم ان نقول: بان لها العقر أيضا، خروجا من مخالفة الاجماع المركب، لانه اذا قلنا: بانها ترد بلا عقر، لزم خلاف الاجماع.

اذ لا فصل (بين الرد و العقر، فافهم).

اذ كيف نتمسك بالاستصحاب للرد، مع وضوح ان الموضوع قد تغير فان الامة غير الموطوءة تختلف عن الامة الموطوءة، فاذا حكم الشارع برد

ص: 104

ثم ان المحكى عن المشهور: اطلاق الحكم بوجوب ردّ نصف العشر، بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه، الا ان يدعى انصراف اطلاق الفتاوى و معقد الاجماع، كالنصوص الى الغالب من كون الحامل ثيبا، فلا يشمل فرض حمل البكر بالسحق او بوطي الدبر.

و لذا ادعى عدم الخلاف في السرائر على اختصاص نصف العشر بالثيب، و

______________________________

غير الموطوءة لا يمكن سحب هذا الحكم الى الموطوءة.

(ثم) هل العقر نصف العشر، او يفصل بين البكر فالعشر، و الثيب فنصف العشر، و ما ذا يجب ان يعمل بالروايات الواردة في هذا الباب فاللازم هو التفصيل بين البكر و الثيب، لانه مقتضى الجمع بين الروايات ف (ان المحكى عن المشهور: اطلاق الحكم بوجوب ردّ نصف العشر بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه) سواء كانت بكرا او ثيبا (الا ان يدعى) باختصاص ذلك بالثيب، اما البكر فلها العشر.

و ذلك بادعاء (انصراف اطلاق الفتاوى و معقد الاجماع ك) انصراف (النصوص الى الغالب من كون الحامل ثيبا) فان جذب الرحم المنىّ بدون الوطي و ذهاب البكارة نادر جدا، و الاطلاق لا يحمل على النادر (فلا يشمل) الاطلاق (فرض حمل البكر بالسحق او بوطي الدبر) الموجب لجذب الرحم المنى من حواشى الدبر.

(و لذا) الّذي ذكرناه من الانصراف في الفتاوى و النصوص (ادعى) ابن ادريس (عدم الخلاف في السرائر على اختصاص نصف العشر بالثيب، و

ص: 105

ثبوت العشر في البكر، بل معقد اجماع الغنية- بعد التأمل- موافق للسرائر أيضا، حيث ذكر في الحامل انه يرد معها نصف عشر قيمتها- على ما مضى- بدليل اجماع الطائفة.

و مراده بما مضى- كما يظهر لمن راجع كلامه- ما ذكره سابقا مدعيا عليه الاجماع، من انه اذا وطئ المشترى في مدة خيار البائع، ففسخ، يرد معها العشر ان كانت بكرا، و نصف العشر ان كانت ثيبا.

______________________________

ثبوت العشر في البكر) فلو لم يكن انصراف للفتاوى، كانت دعواه مصادمة لفتواهم (بل معقد اجماع الغنية- بعد التأمل-) فى كلامه (موافق للسرائر أيضا) من دعواه الاجماع على اختصاص نصف العشر بالثيب (حيث ذكر) صاحب الغنية (فى الحامل انه يرد) المشترى الواطئ (معها نصف عشر قيمتها- على ما مضى- بدليل اجماع الطائفة) انتهت عبارة الغنية.

(و مراده بما مضى- كما يظهر لمن راجع كلامه- ما ذكره سابقا) على هذه العبارة (مدعيا عليه) اى على ما ذكره سابقا (الاجماع، من انه اذا وطئ المشترى في مدة خيار البائع، ففسخ) البائع بعد وطى المشترى (يرد) المشترى (معها العشر ان كانت بكرا) بان كان الوطي فى الدبر، او لم يذهب الوطي الغشاء بان ادخل مقدار الحشفة فقط فان هذا المقدار لا يوجب فض الغشاء، كما لا يخفى (و نصف العشر ان كانت ثيبا) او المراد البكارة و الثيبوبة قبل الوطي، فلا يحتاج الى تكلف بقاء البكارة بما ذكرناه.

ص: 106

و اما الانتصار فلا يحضرنى حتى اراجعه.

و قد عرفت امكان تنزيل الجميع على الغالب.

و حينئذ فيكون مرسلة الكافى المتقدمة بعد انجبارها بما عرفت من السرائر و الغنية دليلا على التفصيل في المسألة كما اختاره جماعة من المتأخرين مضافا الى ورود العشر في بعض الروايات المتقدمة لمحمولة على

______________________________

و كيف كان فقد ظهر من هذه العبارة من الغنية انه موافق للسرائر (و اما الانتصار) الّذي ادعى انه ادعى الاجماع على مقالة المشهور (فلا يحضرنى حتى اراجعه).

نعم قال بعض المعلقين: ان ذيل عبارة الانتصار الّذي قال فيه «و ليس يجرى وطى الثيب» دليل على ان كلامه و دعواه الاجماع أيضا في الثيب فهو أيضا موافق للسرائر.

(و قد عرفت امكان تنزيل الجميع) اى جميع عبارات الفقهاء (على الغالب) من انه في الثيب.

(و حينئذ) اى حين ظهور فتوى الفقهاء بالتفصيل بين البكر و الثيب (فيكون مرسلة الكافى المتقدمة) ان كانت بكرا فعشر قيمتها، و ان كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها (بعد انجبارها بما عرفت من السرائر و الغنية) من الاجماع على التفصيل (دليلا على التفصيل في المسألة) خلافا لما نقل عن المشهور (كما اختاره) اى التفصيل (جماعة من المتأخرين).

و (مضافا) الى المرسلة المؤيّدة بالاجماع (الى ورود العشر فى بعض الروايات المتقدمة) و هى رواية عبد الملك (المحمولة على

ص: 107

البكر، الا انه بعيد.

و لذا نسبه الشيخ الى سهوا لراوى في اسقاط لفظ النصف.

و في الدروس ان الصدوق ذكرها بلفظ: النصف.

و اما ما تقدم مما دلّ على انه يرد معها شيئا، فهو بإطلاقه خلاف الاجماع فلا بد من جعله واردا في مقام ثبوت اصل العقر، لا مقداره.

______________________________

البكر) جمعا بينها و بين ما دل على نصف العشر المحمول على الثيب (الا انه) اى كون الرواية بلفظ «العشر» (بعيد) لندرة البكارة في الاماء خصوصا في الحامل منهن.

(و لذا) الّذي انه بعيد (نسبه الشيخ) اى ما ذكر فيه العشر (الى سهو الراوى في اسقاط لفظ النصف) من الرواية.

(و في الدروس) قال: (ان الصدوق ذكرها) اى ذكر رواية عبد الملك (بلفظ: النصف) هذا هو وجه الجمع بين ما دل على العشر و ما دل على نصف العشر.

(و اما ما تقدم مما دل على انه يرد معها شيئا، فهو بإطلاقه خلاف الاجماع) اذ لم يقل احد بذلك (فلا بد من جعله واردا في مقام ثبوت اصل العقر، لا مقداره) فلا منافات بين هذه الرواية، و الروايات المعيّنة للعشر و نصف العشر.

نعم ذهب بعض الى ان الشي ء هو: الواجب، و ان الكسوة و العشر و نصف العشر محمولة على مراتب الاستحباب.

اقول: و لعل هذا اقرب الى الجمع العرفى.

ص: 108

و اما ما دل على انه يكسوها، فقد حمل على كسوة تساوى العشر او نصفه، و لا بأس به في مقام الجمع.

ثم ان مقتضى الاطلاق: جواز الرد، و لو مع الوطي في الدبر.

و يمكن دعوى انصرافه الى غيره فيقتصر في مخالفة العمومات

______________________________

(و اما ما دل على انه يكسوها، فقد حمل على كسوة تساوى العشر او نصفه) جمعا بينه و بين الروايات المتقدمة (و لا بأس به في مقام الجمع) و ان كان خاليا عن شاهد صناعى.

ثم الظاهر انه لا فرق بين تكرر الوطي و مدته، لاطلاق الادلة، كما لا فرق بين الوطي مع الانزال و بدونه.

اما اذا كان الواطئ غير المشترى بان اباحها لغيره، فالظاهر: ان حكمه حكم وطى المشترى لاستفادة العرف اناطة الحكم بالوطى، و ان وطى المشترى من باب المثال.

و الظاهر توقف صدق الوطي بادخال الحشفة.

و ربما قيل بتحققه بما دون ذلك في هذا الباب و سائر الابواب التى انيط الحكم فيها بالوطى.

(ثم ان مقتضى الاطلاق) اى اطلاق روايات ان الحمل عيب ترد بسببه الجارية، و ان وطئها المشترى (جواز الرد، و لو مع الوطي في الدبر) فالوطى مطلقا ليس بمانع الّا من الرد، اذا كان العيب الحمل.

(و يمكن دعوى انصرافه) اى انصراف ما دل على ان الوطي لا يمنع من الردّ (الى غيره) اى غير وطى الدبر (فيقتصر في مخالفة العمومات)

ص: 109

على منصرف اللفظ.

و في لحوق التقبيل و اللمس بالوطى وجهان.

من الخروج عن مورد النص.

و من الاولوية.

______________________________

الدالة على ان الوطي مانع من الردّ، و ان مطلق التصرف مانع من الردّ (على منصرف اللفظ) اى لفظ الوطي.

و الحاصل ان العمومات دلت على ان الوطي مانع من الرد، و هذا شامل للوطى في القبل و في الدبر.

ثم دل دليل ثان على ان الوطي لا يمنع الردّ، اذا كان العيب الحمل، فنقول: باختصاص الوطي هنا بالوطى في القبل- لانه المنصرف عرفا- فاذا وطئها في الدبر ثم ظهر انها حامل، لم يتمكن من ردها، لانه داخل في عمومات مانعية الوطي عن الرد، لكن لا يخفى ما في ذلك.

(و في لحوق التقبيل و اللمس) من المشترى للامة (بالوطى) فى انهما لا يسقطان الردّ اذا ظهر في الامة عيب الحمل (وجهان).

(من الخروج عن مورد النص) الدال عن ان الوطي لا يمنع الرد، يعنى ان اللمس و التقبيل يمنعان الردّ، لانهما تصرف و كل تصرف يمنع الرد.

(و من الاولوية) اذ لو كان الوطي- و هو اعظم منهما- لا يمنع الرد، فهما بطريق اولى لا يمنعان عن الرد، هذا بالإضافة الى ان الوطي يلازم اللمس و التقبيل فالدليل الدال على ان الوطي لا يمنع الرد يدل على

ص: 110

و لو انضم الى الحمل عيب آخر.

فقد استشكل في سقوط الرد بالوطى من صدق كونها معيبة بالحمل و كونها معيبة بغيره.

و فيه ان كونها معيبة بغير الحمل لا يقتضي إلا عدم تأثير ذلك العيب فى الرد مع التصرف، لا نفى تأثير عيب الحمل.

______________________________

ان اللمس و التقبيل أيضا لا يمنعان الرد.

(و لو انضم الى الحمل عيب آخر) كان كانت حاملة و عوراء- مثلا- فوطئها المشترى ثم علم بعيبها، فهل له ان يردها لانها معيبة بالحمل أم لا؟ لان ما دل على الرّد بالحمل انما هو خاص بما اذا كان العيب الحمل فقط.

(فقد استشكل في سقوط الرد بالوطى) كان الاولى ان يقول فقد استشكل «في ان له حق الرد بعد الوطي» (من صدق كونها معيبة بالحمل) فله الرد و ان وطئها (و كونها معيبة بغيره) اى بغير الحمل، فلا حق له في ردها بعد الوطي.

(و فيه) اى لا وجه للاشكال، بل اللازم القول بان له حق الرد و (ان كونها معيبة بغير الحمل) بالإضافة الى كونها معيبة بالحمل (لا يقتضي إلا عدم تأثير ذلك العيب في الرد مع التصرف) اى لا أثر لذلك العيب (لا نفى تأثير عيب الحمل) بل اطلاق دليل ان الحمل عيب ترد معه الجارية- و ان وطئها المشترى- شامل لما اذا كان هناك عيب آخر أيضا.

ص: 111

ثم ان صريح بعض النصوص و الفتاوى و ظاهر باقيها اختصاص الحكم بالوطى مع الجهل بالعيب.

فلو وطئ عالما به، سقط الرد.

لكن اطلاق كثير من الروايات يشمل العالم.

الرابع: من المسقطات حدوث عيب عند المشترى.
اشارة

و تفصيل ذلك انه اذا حدث العيب بعد العقد على المعيب.

______________________________

(ثم ان صريح بعض النصوص و الفتاوى) حيث ان ظاهر قوله فى الرواية «فيجد» ان الوجد ان بعد الوطي، و هكذا كلام الفقهاء (و ظاهر باقيها اختصاص الحكم) اى الحكم بالردّ و ان الوطي لا يمنع الرد- اذا كان العيب الحمل- (بالوطى مع الجهل بالعيب) الّذي هو الحمل.

(فلو وطئ) المشترى (عالما به، سقط الرد) لكن اللازم تقييد ذلك بما اذا لم يكن الحمل من البائع، و الا فقد عرفت بطلان البيع، لانه من بيع أمّ الولد.

(لكن اطلاق كثير من الروايات يشمل العالم) بالعيب قبل الوطي، لكن الظاهر انصراف الادلة عن مثله.

(الرابع: من المسقطات) للردّ في خيار العيب، و انحصار الامر فى الارش (حدوث عيب عند المشترى) و لكن لا مطلقا.

(و) انما (تفصيل ذلك انه اذا حدث العيب) الجديد (بعد العقد على المعيب) الّذي كان معيبا قبل العقد بما اوجب خيار العيب للمشترى فهو على ثلاثة اقسام.

ص: 112

فاما ان يحدث قبل القبض.

و اما ان يحدث بعده في زمان خيار يضمن فيه البائع المبيع، اعنى خيار المجلس و الحيوان و الشرط.

و اما ان يحدث بعد مضىّ الخيار، و المراد بالعيب الحادث هنا هو الاخير.

و اما الاول: فلا خلاف ظاهرا في انه لا يمنع الرد، بل في انه هو كالموجود قبل العقد

______________________________

(فاما ان يحدث) العيب (قبل القبض) فيشمله: التلف قبل القبض من مال مالكه.

(و اما ان يحدث بعده) اى بعد القبض (فى زمان خيار يضمن فيه البائع المبيع، اعنى خيار المجلس و الحيوان و الشرط).

(و اما ان يحدث بعد مضيّ الخيار) اى انتهاء زمانه، او فيما لا خيار فيه اصلا (و المراد بالعيب الحادث هنا) الّذي هو من المسقطات للرد (هو الاخير) الحادث بعد مضى زمن الخيار.

(و اما الاول) اى ما حدث قبل القبض (فلا خلاف ظاهرا في انه لا يمنع الرد، بل في انه هو كالموجود قبل العقد).

فكما انه يصح الرد بالعيب السابق على العقد، كذلك يصح الرد بالعيب اللاحق بعد العقد و قبل القبض، حتى انه لو لم يكن معيبا سابقا و صار معيبا بعد العقد قبل القبض، كان للمشترى حق الرد.

ثم ان العيب الحاصل قبل القبض لا خلاف في انه كالعيب السابق

ص: 113

حتى في ثبوت الارش فيه، على الخلاف الآتى في احكام القبض.

و اما الحادث في زمن الخيار فكذلك لا خلاف في انه غير مانع عن الرد، بل هو سبب مستقل موجب للرد بل الارش، على الخلاف الآتى فيما قبل القبض بناء على اتحاد المسألتين كما يظهر من بعض.

______________________________

على العقد في جواز الرد.

نعم في ثبوت الارش بهذا العيب خلاف و لذا قال: (حتى فى ثبوت الارش فيه، على الخلاف الآتى في احكام القبض).

اما ما في بعض نسخ الكتاب بهذا اللفظ «بل في انه هو كالموجود» فالظاهر انه غلط، لانه لا يستقيم مع قوله «على الخلاف» كما لا يخفى.

(و اما) العيب (الحادث في زمن الخيار) الخاصّ بالمشترى- اما اذا كان الخيار للبائع أيضا لم يشمله دليل: التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له- (فكذلك لا خلاف في انه غير مانع عن الرد، بل هو سبب مستقل) للخيار حتى انه لو فرض انه لم يتمكن ارجاعه بخيار سابق تمكن من ارجاعه بالخيار الجديد الناشئ من التعيب، فهو (موجب للرد بل الارش) أيضا (على الخلاف الآتى فيما قبل القبض).

فكما انه خلاف في استحقاقه الارش اذا تعيب قبل القبض، كذلك خلاف في استحقاقه الارش اذا تعيّب بعد القبض و لكن في زمان خيار المشترى (بناء على اتحاد المسألتين) و هما مسألة قبل القبض، و مسألة بعد القبض في زمن الخيار (كما يظهر من بعض) الفقهاء، و ذلك لوحدة المناط فيهما الّذي هو كون الخسارة على البائع.

ص: 114

و يدل على ذلك ما يأتى من ان الحدث في زمان الخيار مضمون على البائع، و من ماله.

و معناه ضمانه على الوجه الّذي يضمنه قبل القبض، بل قبل العقد، الا ان المحكى عن المحقق في درسه فيما لو حدث في المبيع عيب

______________________________

(و يدل على ذلك) اى على ان التعيب بعد القبض في زمان الخيار يوجب الرد و الارش على البائع (ما يأتى من ان الحدث في زمان الخيار مضمون على البائع، و من ماله) اذا لم يكن له خيار.

(و معناه) اى معنى كونه على البائع (ضمانه على الوجه الّذي يضمنه قبل القبض، بل قبل العقد).

و الوجه هنا هو انه يكون للمشترى كل من الرد او الارش (الا ان المحكى عن المحقق في درسه فيما لو حدث في المبيع عيب) انه ليس مضمونا على الوجه الّذي يضمنه قبل القبض، بل قبل العقد، فان العيب الحادث قبل العقد او قبل القبض يكون للمشترى الحق في ارجاع المبيع بسبب ذلك العيب، و ان انقضى خيار المشترى.

مثلا: لو كان في الشاة عيب قبل بيعها او حدث فيها عيب قبل قبضها، فانه اذا انقضت الايام الثلاثة التى يكون للمشترى فيها خيار الحيوان، كان حق المشترى في ارجاع الشاة بالعيب باقيا، بخلاف العيب الّذي حدث في زمن الخيار.

فان المحقق يرى انه ما دام الخيار باقيا يكون للمشترى الحق فى الارجاع بهذا العيب.

ص: 115

ان تأثير العيب الحادث في زمن الخيار، و كذا عدم تأثيره في الرد بالعيب القديم، انما هو ما دام الخيار.

فاذا انقضى الخيار كان حكمه حكم العيب المضمون على المشترى

______________________________

اما اذا انقضى زمن الخيار فليس للمشترى الارجاع بهذا العيب بل له حق اخذ الارش فقط.

و اضاف المحقق على ذلك بانه لو كان فيه عيب قديم، ثم حدث فيه عيب في زمن خيار المشترى، فما دام الخيار باقيا كان للمشترى الحق فى ارجاعه بالعيب القديم او الجديد.

اما اذا انقضى زمن الخيار فليس له ارجاعه حتى بالعيب القديم.

لان هذا العيب الجديد- بعد انقضاء الخيار- مضمون على المشترى و العيب المضمون على المشترى يمنع الرد بسبب العيب المضمون على البائع.

فان المحقق يرى (ان تأثير العيب الحادث في زمن الخيار) و تأثيره هو ان يكون للمشترى الرد او الارش بسبب هذا العيب الحادث (و كذا عدم تأثيره في الرد بالعيب القديم) فان هذا العيب الحادث لا يوجب سقوط حق المشترى في ردّ السلعة بسبب العيب القديم، بل يكون له حق الرد بسبب العيب القديم، او بسبب العيب الجديد (انما هو ما دام الخيار) اى مدة بقاء الخيار.

(فاذا انقضى الخيار كان حكمه) اى حكم هذا العيب الحادث (حكم العيب المضمون على المشترى) فى انه لا يتمكن من الرد بهذا العيب

ص: 116

قال في الدروس: لو حدث في المبيع عيب غير مضمون على المشترى لم يمنع من الرد، قبل القبض، او في مدة خيار المشترى المشترط، او بالاصل فله الرد ما دام الخيار، فان خرج الخيار ففى الردّ خلاف، بين ابن نما و تلميذه المحقق قدس سرهما.

فجوّزه ابن نما لانه من ضمان البائع.

______________________________

الحادث، و ان هذا العيب الحادث يمنع الرد بالعيب القديم أيضا- لان من مسقطات الرد ان يتعيب المبيع بعيب جديد-.

(قال في الدروس) ما يظهر عنه رأى المحقق الّذي نقلناه (لو حدث فى المبيع عيب غير مضمون على المشترى) كان كان العيب في زمن الخيار او قبل القبض- مقابل العيب المضمون على المشترى و هو الّذي يكون بعد انقضاء الخيار- (لم يمنع) هذا العيب الحادث (من الرد) بالخيار السابق على هذا العيب (ان كان) العيب الحادث (قبل القبض، او) بعد القبض، و لكن (في مدة خيار المشترى المشترط) اى خيار الشرط (او) خيار المشترى (بالاصل) كخيار الحيوان (فله) اى للمشترى (الرد) بهذا العيب الجديد (ما دام الخيار) باقيا (فان خرج الخيار) كما لو انقضت الايام الثلاثة التى له فيها خيار الحيوان (ففى) كون حق (الردّ) له (خلاف، بين ابن نما و تلميذه المحقق قدس سرهما).

(فجوّزه) اى الرد (ابن نما لانه من ضمان البائع) حيث ان العيب حدث في حال كونه مضمونا على البائع، فسقوط ضمان البائع بعد انقضاء مدة الخيار خلاف الاستصحاب.

ص: 117

و منعه المحقق قدس سره لان الردّ لمكان الخيار، و قد زال.

و لو كان حدوث العيب في مبيع صحيح في مدة الخيار فالباب واحد انتهى.

لكن الّذي حكاه في اللمعة عن المحقق هو الفرع الثانى و هو حدوث العيب في مبيع صحيح.

______________________________

(و منعه) اى الرد (المحقق قدس سره لان) المشترى كان له (الردّ لمكان الخيار) فان: التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له (و قد زال) الخيار فيسقط حق الرد بذهاب موضوعه، هذا كله فيما اذا حدث العيب فى بيع كان معيبا قبل العقد أيضا.

(و لو كان حدوث العيب) الجديد (فى مبيع صحيح) حدوثا (فى مدة الخيار) كخيار الحيوان (فالباب واحد) فى انه ما دام الخيار كان له الرد بهذا العيب، فاذا انقضى زمن الخيار كان راى ابن نما انه يتمكن الرد بهذا العيب.

و ابن نما يستدل بالاستصحاب، و المحقق يستدل بذهاب الموضوع للرد- الموضوع الّذي هو زمن الخيار- فاذا انتفى الموضوع انتفى الحكم الّذي هو حق الرد (انتهى) كلام الشهيد في الدروس.

(لكن الّذي حكاه) الشهيد (فى اللمعة عن المحقق هو الفرع الثانى) فقط (و هو حدوث العيب في مبيع صحيح) حدوثا في زمن الخيار الّذي اشار إليه الدروس بقوله: «و لو كان حدوث العيب في مبيع صحيح الخ»

ص: 118

و لعل الفرع الاول مترتب عليه، لان العيب الحادث اذا لم يكن مضمونا على البائع حتى يكون سببا للخيار- غاية الامر كونه غير مانع عن الرد بالخيارات الثلاثة- كان مانعا عن الردّ بالعيب السابق.

اذ لا يجوز الردّ بالعيب مع حدوث عيب مضمون على المشترى

______________________________

(و لعل الفرع الاول) و هو حدوث العيب في مبيع معيب- عيبا قبل العقد- (مترتب عليه) اى على الفرع الثانى- فان الفرعين من واد واحد-.

و انما كان الفرع الاول مترتبا عليه (لان العيب الحادث اذا لم يكن مضمونا على البائع) لزوال الخيار حسب الفرض (حتى يكون سببا للخيار غاية الامر كونه) اى العيب الحادث (غير مانع عن الرد ب) سبب (الخيارات الثلاثة) اى ثلاثة ايام التى هى خيار الحيوان، فان العيب اذا كان حادثا في غير زمن الخيار كان مانعا عن الرد، لان شرط الرد ان يكون المبيع قائما بعينه (كان) العيب السابق، و هذا جواب: اذا، و جملة: غاية الامر ... الثلاثة، اعتراضيّة (مانعا عن الردّ بالعيب السابق) الّذي كان قبل العقد.

(اذ) علة: كان مانعا، (لا يجوز الردّ بالعيب مع حدوث عيب مضمون على المشترى) لما عرفت من ان النصّ و الفتوى متطابقان على ان صحة الردّ بالعيب انما هو فيما اذا كان المبيع قائما بعينه فاذا سقط عن القيام بسبب عيب حادث، لم يكن للمشترى ردّه.

و الحاصل ان هناك عيبا سابقا، و عيبا في زمن الخيار، و الخيار

ص: 119

فيكون الرد في زمان الخيار بالخيار، لا بالعيب السابق.

فمنشأ هذا القول عدم ضمان البائع للعيب الحادث.

و لذا ذكر في اللمعة: ان هذا

______________________________

نفسه، و لا بحق للمشترى ان يرد بالعيب السابق، لان العيب الجديد اسقط المتاع عن كونه قائما بعينه.

و من المعلوم ان من شروط الرد كون الشي ء قائما بعينه، و لا يحق له ان يرد بالعيب الجديد، لفرض ان خيار الثلاثة انقضى، و العيب الجديد انما كان مضمونا على البائع اذا اخذ المشترى بالخيار في الايام الثلاثة و ذلك لما تقدم من المحقق فاذا انقضى الخيار كان حكمه حكم العيب المضمون على المشترى، فاذا انقضت الايام الثلاثة فلا يحق للمشترى ان يأخذ بالخيار لاجل هذا العيب الجديد، و لا يحق له ان يرد بخيار الثلاثة لفرض ان الايام انقضت، و هذا اليوم هو اليوم الرابع مثلا.

نعم كان يحق له ان يرد في الثلاثة ايام لا بالعيب السابق او اللاحق (فيكون الرد في زمان الخيار بالخيار، لا بالعيب السابق).

اذ قد عرفت ان العيب السابق سقط بسبب حدوث العيب اللاحق.

(فمنشأ هذا القول) اى قول المحقق: بانه لا يحق للمشترى الرد بالعيب- ردا بعد انقضاء خيار الثلاثة- (عدم ضمان البائع للعيب الحادث) فى الثلاثة.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان ظاهر كلام المحقق عدم الضمان بالعيب الحادث في الثلاثة (ذكر في اللمعة: ان هذا) القول بعدم الضمان فى

ص: 120

من المحقق، مناف لما ذكره في الشرائع، من ان العيب الحادث فى الحيوان مضمون على البائع، مع حكمه بعدم الارش ثم انه ربما يجعل قول المحقق عكسا لقول شيخه

______________________________

العيب الحادث في الثلاثة (من المحقق، مناف لما ذكره في الشرائع، من ان العيب الحادث في الحيوان) فى الثلاثة (مضمون على البائع).

و المنافاة انما تكون (مع حكمه) اى صاحب الشرائع (بعدم الارش) لانه اذا لم يكن ارش فمرة قال في درسه: ان العيب ليس مضمونا، و مرة قال فى الشرائع، ان العيب مضمون.

ثم ان المصنف «ره» انما قال: «مع حكمه» لئلا يقال: انه لا منافات بين كلامى المحقق، لانه حيث قال «ان العيب ليس بمضمون» مراده الضمان بالردّ، و حيث قال «ان العيب مضمون» مراده الضمان بالارش

فتحصل ان المحقق قال في درسه «ان العيب ليس موجبا للرد» و قال في شرائعه «ان العيب مضمون و لا ارش» ما معناه ان العيب يوجب الرد، و هذا ما ذكرناه من المنافات.

ثم لا يخفى ان كلام المحقق بعدم خيار للعيب الحادث في زمن خيار الثلاثة يحتمل امران.

الاول: انه لا خيار مطلقا.

و الثانى: انه لا خيار اذا انقضت الايام الثلاثة، و نحن شرحنا المتن حسب الاحتمال الثانى (ثم انه ربما يجعل قول المحقق عكسا لقول شيخه) ابن نما، فيقال ان المحقق يقول بالرد بالعيب القديم قبل القبض و ابن نما

ص: 121

و يضعف كلاهما بان الظاهر تعدد الخيار.

و فيه ان قول ابن نما ره لا يأبى عن التعدّد، كما لا يخفى.

و اما الثالث: اعنى العيب الحادث في يد المشترى بعد القبض و الخيار فالمشهور انه مانع عن الرد،

______________________________

يقول بالرد بالعيب الجديد في زمن الخيار، فيما اذا تعيب المبيع قبل القبض، ثم تعيب عيبا ثانيا في زمن الخيار.

(و يضعف كلاهما) اى يضعف من جعل قولهما معاكسين (بان الظاهر) من الادلة (تعدد الخيار) فللمشترى ان يرد بالعيب القديم و ان يرد بالعيب الجديد، فليس هناك خيار واحد فقط و هو الخيار بالعيب القديم، كما قال المحقق، او الخيار بالعيب الجديد كما قاله ابن نما.

(و فيه)- هذا اشكال الشيخ على كلّ من «يجعل» و «يضعف»- (ان قول ابن نما ره لا يأبى عن التعدّد) اى تعدد الخيار (كما لا يخفى)

فليس قوله عكسا لقول المحقق، بل المحقق يقول بخيار واحد هو خيار العيب القديم.

و ابن نما يقول بخيارين، خيار العيب القديم و خيار العيب الجديد.

و منه يظهر ان التضعيف لقول ابن نما أيضا ليس في محله.

(و اما الثالث: اعنى العيب الحادث في يد المشترى بعد القبض و) بعد (الخيار) بان كان المبيع معيبا عيبا مضمونا على البائع، ثم لما انقضى ثلاثة ايام في خيار الحيوان تعيب عيبا جديدا في يد المشترى (فالمشهور انه) اى هذا العيب الجديد (مانع عن الرد.

ص: 122

بالعيب السابق، بل عن شرح الارشاد لفخر الاسلام، و في ظاهر الغنية الاجماع عليه.

و المراد بالعيب هنا مجرد النقص، لا خصوص ما يوجب الارش، فيعم عيب الشركة و تبعض الصفقة اذا اشترى اثنان شيئا فأراد احدهما رده بالعيب

______________________________

ب) سبب (العيب السابق) لان العيب الجديد يسقط المتاع عن كونه قائما بعينه، و قد طابق النص و الفتوى على انه يلزم ان يكون قائما بعينه فى صحة ارجاعه بالخيار (بل عن شرح الارشاد لفخر الاسلام، و في ظاهر الغنية الاجماع عليه) اى على انه ان تعيب بعد الخيار لا يرجع بالعيب القديم، بل للمشترى حق الارش فقط اذا كان عيبا يوجب الارش، و ان لم يكن عيبا يوجب الارش فلا شي ء للمشترى، لا الرد و لا الارش.

(و المراد بالعيب هنا) اى في عنوان المسألة، و هو قولنا «و اما الثالث اعنى العيب الحادث الخ» (مجرد النقص) الحاصل في السلعة سواء اوجب الارش، أم لا (لا خصوص ما يوجب الارش، فيعم) العيب المذكور فى العنوان (عيب الشركة و تبعض الصفقة).

و لا يخفى ان هذا العيب انما يحدث بسبب الرد، اما النقص فهو يحدث قبل الرد.

و مثل المصنف لعيب الشركة بقوله: (اذا اشترى اثنان شيئا فاراد احدهما رده بالعيب) السابق، فان ردّه اوجب ان يكون المشترى الّذي لم يرد شريكا للبائع، فحاله حال ما اذا اشترى شيئا، ثم ظهر ان الشي ء

ص: 123

او اشترى واحد صفقة و ظهر العيب في بعضه، فاراد ردّ المعيب خاصة

______________________________

مخلوط او مشاع بمال البائع، فان للمشترى الحق في ان يرد المبيع، و ذلك لخيار الشركة حيث انه ضرر على الانسان ان يكون شريكا لغيره.

لا يقال: فى مقامنا الشركة حاصلة على كل حال، اذ كان المشترى الّذي لم يرد شريكا مع المشترى الّذي رد، و الحال بعد ان رد صار شريكا مع البائع.

لانه يقال: الشركة مع زميله قد اقدم عليه، اما الشركة مع البائع فلم يقدم عليه.

مثلا: اشترى زيد و عمرو متاعا من بكر، فانه اذا رد عمرو حصته صار زيد شريكا مع بكر، و هذا ما لم يقدم عليه زيد، و انما اقدم على ان يكون شريكا مع عمرو.

و مثل المصنف «ره» لتبعض الصفقة بقوله: (او اشترى) انسان (واحد صفقة) واحدة (و ظهر العيب في بعضه، فاراد ردّ المعيب خاصة) كما اذا اشترى كتابين فظهر احدهما معيبا، فاراد رد المعيب خاصة.

فان هذا الرد يوجب تبعض الصفقة على المشترى، فله الحق في رد الكتاب الّذي ليس بمعيب.

و كيف كان فان هذا العيب الحادث بسبب رد الشريك، او بسبب رد نفس المشترى لبعض السلعة عيب، و ليس بنقص يوجب الارش، بخلاف ما اذا كانت الدابة عرجاء، ثم بعد انقضاء الثلاثة صارت عوراء أيضا، فان العوار نقص يوجب الارش.

ص: 124

و نحوه نسيان العبد الكتابة كما صرح به في القواعد و غيره، و نسيان الدابة للطحن كما صرح به في جامع المقاصد

______________________________

ففى هذا المثال يتمكن المشترى من اخذ الارش من البائع لاجل العيب القديم، و لا يتمكن من الرد، و العيب الحادث يوجب في نفسه الارش اما في مثال الشركة و تبعض الصفقة، فالعيب الحادث لا يوجب فى نفسه الارش.

و لا يخفى انه سواء كان العيب الحادث من قبيل ما يوجب الارش، او لم يكن من قبيل ما يوجب الارش، لا يؤثر العيب الحادث في جواز اخذ الارش بالعيب القديم، و لا في اسقاطه للرد الّذي اوجبه العيب القديم.

(و نحوه) اى نحو العيب بالشركة و تبعض الصفقة مما يوجب اسقاط الرد بالعيب القديم (نسيان العبد الكتابة) بان اشترى العبد و كان اعور ثم بعد انقضاء الخيار نسى الكتابة، فان نسيانه الكتابة يوجب اسقاط حق المشترى في الرد، نعم له ان يأخذ الارش لاجل كونه اعور (كما صرح به في القواعد، و غيره) اى صرح بانه عيب يوجب اسقاط حق المشترى فى الرد (و نسيان الدابة للطحن) بعد ان كانت عوراء مثلا (كما صرح به فى جامع المقاصد) فان عيب الشركة و تبعض الصفقة و نسيانهما الكتابة و الطحن، اذا حدث بعد انقضاء خيار الحيوان يوجب اسقاط حق الرد بالعيب السابق في الدابة و العبد، و انما يبقى للمشترى ان يأخذ الارش بالعيب القديم.

و اذا كان العيب القديم غير موجب للارش كما اذا لم يكن على رقبتها

ص: 125

و يمكن الاستدلال على الحكم في المسألة بمرسلة جميل المتقدمة، فان قيام العين و ان لم يناف بظاهره مجرد نقص الاوصاف كما اعترف به بعضهم في مسئلة تقديم قول البائع في قدر الثمن مع قيام العين،

______________________________

شعر- و كان عدم الشعر مما لا يوجب ارشا- لم يكن للمشترى الرد و لا الارش.

(و يمكن الاستدلال على الحكم) اى حكم ان العيب الجديد- بعد انقضاء الخيار- يوجب اسقاط الرد الناشئ من العيب القديم (في المسألة بمرسلة جميل المتقدمة) التى قال فيها «ان كان الثوب قائما بعينه» (فان قيام العين و ان لم يناف بظاهره) عرفا (مجرد نقص الاوصاف) فاذا نسى العبد الكتابة، او نسيت الدابة الطحن فهما قائمان عرفا باعينهما.

اذ المنصرف من مقابل «القائم بعينه» النقص في العين، كما اذا عميت الدابة، او شلت يد العبد، مثلا (كما اعترف به) اى بانه لا ينافى مع نقص الوصف (بعضهم في مسئلة تقديم قول البائع في قدر الثمن مع قيام العين) فانه اذا اختلف البائع و المشترى في قدر الثمن، فقال البائع مائة، و قال المشترى خمسون، فان كان المتاع قد تلف في يد المشترى، فلا اشكال في تقديم قول المشترى لاصالة عدم الزيادة.

اما اذا كان المتاع قائما بعينه فهل يقدم قول المشترى أيضا لاصالة عدم الزيادة، أم يقدم قول البائع لاصالة عدم البيع بالاقل؟ احتمالان فتأمل.

و كيف كان فان كلمة «قيام العين» فى هذه المسألة شبيهة بما ورد

ص: 126

الا ان الظاهر منه بقرينة التمثيل لمقابله بمثل قطع الثوب و خياطته و صبغه ما يقابل تغير الاوصاف و النقص الحاصل، و لو لم يوجب ارشا كصبغ الثوب و خياطته

______________________________

فى مرسلة جميل (الا ان الظاهر منه) ظهورا بالقرينة- فلا ينافى ما قاله سابقا «بظاهره»- (بقرينة التمثيل) فى المرسلة (لمقابله) اى مقابل «القائم بعينه» و المقابل هو «ما ليس قائما بعينه» (بمثل قطع الثوب و خياطته و صبغه ما يقابل تغير الاوصاف و) ما يقابل (النقص الحاصل، و لو لم يوجب ارشا كصبغ الثوب و خياطته) فالمراد بالقائم بالعين، ما لم يغير له ذات و لا وصف، بقرينة انه مثل لما ليس قائما بعينه بما غير ذاته كقطع الثوب، او غير وصفه كما لو خيط الثوب او صبغه.

فتحصل انه بناء على ما فسرنا به مرسلة جميل ان المرسلة تشمل تغير الذات كما تشمل تغير الوصف كما اذا نسى العبد الكتابة، او نسيت الدابة الطحن، او صار النقص من قبيل تبعض الصفقة او الشركة.

اقول: لكن في عدم صدق «قائما بعينه» على مثل الشركة و تبعض الصفقة نظر واضح.

اذ: الظاهر من المرسلة: انه لا يجبر البائع بتقبل ما عين عليه.

و من المعلوم انه لو رجع جنسه إليه كاملا بدون اى تغيير بالنسبة الى البائع، لم يضر تغير الصفة عند المشترى، فان الشركة او تبعض الصفقة الحاصلين عند المشترى نقص الوصف بالنسبة الى المشترى، لا بالنسبة الى البائع، بل البائع حصل عنده جنسه، كما كان بلا زيادة، و

ص: 127

نعم قد يتوهم شموله لما يقابل للزيادة كالثمن و تعلم الصنعة.

لكنه يندفع بان الظاهر من قيام العين بقائه، بمعنى: ان لا ينقص ماليته، لا بمعنى ان لا يزيد و لا ينقص

______________________________

لا نقصان، فانه لا نقصان فيه عند البائع لا في الذات و لا في الوصف.

(نعم قد يتوهم شموله) اى قيام العين في المرسلة (لما يقابل للزيادة).

فاللازم ان لا تزيد العين عند المشترى، و الا فان زادت لم تكن قائمة بعينها، فلا يحق للمشترى الرد بالعيب السابق (كالثمن و تعلم الصنعة) فى العبد- مثلا- فاذا اشترى عبدا اميا، ثم تعلم الكتابة، فانه لا يحق للمشترى ان يرده بسبب عيبه السابق- كما زعم المتوهم- قال: لان العبد ليس قائما بعينه بعد ان تعلم الصنعة.

(لكنه) اى هذا التوهم (يندفع بان الظاهر من قيام العين) الموجود فى المرسلة (بقائه) اى المتاع (بمعنى: ان لا ينقص ماليته، لا بمعنى ان لا يزيد و لا ينقص).

فقيام العين في مقابل النقص، لا في مقابل الزيادة، فان نقص عينا او وصفا، لا يحق له الارجاع بالعيب القديم.

اما ان زاد عينا كما اذا سمن او وصفا كما اذا تعلم علما، لم تكن الزيادة مانعة عن ارجاعه، هذا.

و لكن الظاهر ان الزيادة على قسمين.

الاول: ما لا ينافى صدق «قائما بعينه» و مثل هذه الزيادة لا تمنع

ص: 128

كما لا يخفى على المتأمل.

و استدل العلامة في التذكرة على اصل الحكم قبل المرسلة بان العيب الحادث يقتضي اتلاف جزء من المبيع، فيكون مضمونا على المشترى فيسقط رده للنقص الحاصل

______________________________

من الرد بالعيب كما اذا سمنت الدابة خمس كيلوات مثلا، او تعلمت الطحن:

الثانى: ما ينافى صدق «قائما بعينه» و مثل هذه الزيادة تمنع من الرد بالعيب السابق، كما اذا سمن العبد سمنا خارقا يمنعه عن القيام بالخدمة، او تعلم السحر مثلا، مما يخشى منه و لا يرغب الناس في مثله لانه محظور، فانه حينئذ يقال: بان هذه الزيادة تمنع الرد، لانه يصدق عليه «انه ليس قائما بعينه» (كما لا يخفى على المتأمل).

اللهم الا ان يدخل مثل هذه الزيادة في النقص، لانه نقص الخدمة او الامانة- فى المثالين اللذين ذكرناهما-.

(و استدل العلامة في التذكرة على اصل الحكم) اى حكم ان المتاع يجب ان يكون قائما بعينه، حتى يصح ارجاعه بالعيب الحادث قبل العقد او قبل القبض، او في زمن الخيار (قبل المرسلة) و هى مرسلة جميل الدالة على اشتراط «القيام بعينه» فى صحة رده بالعيب (بان العيب الحادث) عند المشترى بعد ايام الخيار (يقتضي اتلاف جزء من المبيع، فيكون) هذا الجزء التالف (مضمونا على المشترى) اى ان خسارته على المشترى لانه حدث في ملكه (فيسقط رده) اى رد المتاع (للنقص الحاصل

ص: 129

فى يده.

فانه ليس تحمل البائع له بالعيب السابق اولى من تحمل المشترى له للعيب الحادث هذا.

و لكن المرسلة لا تشمل جميع افراد النقص مثل نسيان الدابة للطحن و شبهه.

و الوجه المذكور في التذكرة قاصر عن افادة المدعى.

______________________________

فى يده) اى في يد المشترى.

(ف) ان قلت: عدم رده يستلزم تحمل المشترى للعيب السابق.

قلت: (انه ليس تحمل البائع له) اى للمتاع (ب) سبب (العيب السابق اولى من تحمل المشترى له) اى للمتاع (للعيب الحادث).

فان الامر دائر بين ان نحمل البائع المتاع مع عيبه الحادث عند المشترى و بين ان نحمل المشترى المتاع مع عيبه الحادث عند البائع و ليس تحميل البائع اولى من تحميل المشترى (هذا) غاية ما يقال فى وجه انه اذا نسى العبد الكتابة، او نسيت الدابة الطحن، سقط حق المشترى في ارجاعهما بالعيب السابق.

(و لكن) فيه نظر، اذ (المرسلة لا تشمل جميع افراد النقص) فان الظاهر منها نقص العين لا نقص الصفة (مثل نسيان الدابة للطحن، و شبهه) اذ يصدق عرفا ان يقال: ان الدابة و العبد قائمان بعينهما، و ان نسيا الكتابة و الطحن.

(و الوجه المذكور في التذكرة قاصر عن افادة المدعى) فلا يشمل مثل

ص: 130

لان المرجع بعد عدم الاولوية من احد الطرفين الى اصالة ثبوت الخيار و عدم ما يدل على سقوطه، غاية الامر انه لو كان الحادث عيبا كان عليه الارش للبائع، اذا رده، كما اذا تقايلا او فسخ احدهما بخياره

______________________________

نسيان الكتابة و الطحن (لان المرجع بعد عدم الاولوية من احد الطرفين) الّذي بينه بقوله «فانه ليس تحمل البائع .. الخ» (الى اصالة ثبوت الخيار) فانه قبل حدوث العيب الجديد، كان للمشترى الخيار فى رد المبيع للعيب السابق، فاذا شك في بقاء الخيار- لاجل حدوث عيب جديد- كان الاستصحاب يقتضي بقاء الخيار.

(و) ذلك ل (عدم ما يدل على سقوطه) اى سقوط الخيار، حتى يكون دليلا رافعا للاستصحاب.

ان قلت: كيف يقبل البائع الدابة التى اصبحت عرجاء عند المشترى و الحال ان الدابة الصحيحة الرجل قيمتها مائة و العرجاء قيمتها عشرون مثلا.

قلت: (غاية الامر انه لو كان الحادث) عند المشترى (عيبا) يوجب نقص القيمة- كما مثلتم- (كان عليه) اى على المشترى (الارش للبائع، اذا رده) بان يدفع إليه ثمانين في مفروض المثال، و يكون حال ذلك (كما اذا تقايلا) بدون اخذ المشترى بالخيار، فانه لا اشكال في صحة التقايل بعد ان تعيب عيبا جديدا عند المشترى.

و من المعلوم: انه بعد التقايل يلزم على المشترى ان يتدارك النقص الّذي حدث عنده (او فسخ احدهما بخياره) اى بمقتضى الخيار الّذي

ص: 131

بعد تعيب العين.

اما مثل نسيان الصنعة و شبهه فلا يوجب ارشا، بل يرده، لان النقص حدث في ملكه

______________________________

كان له- كخيار الحيوان او خيار الشرط او خيار المجلس- (بعد تعيب العين) كما اذا صارت عرجاء في الثلاثة، فانه اذا كان التعيب من المشترى، كان ضامنا، فاذا فسخ او فسخ البائع رد المتاع و اخذ البائع من المشترى الارش، لان العيب مضمون على المشترى.

(اما مثل نسيان الصنعة و شبهه) كنسيان الدابة الطحن (ف) اذا رد الدابة او العبد المشترى (لا يوجب ارشا) عليه، بان يعطى التفاوت بين قيمتى المتذكر للصنعة، و الناسى لها الى البائع (بل) للمشترى ان (يرده) بلا ارش- فيما اذا نسى الصنعة-.

و انما لا يجب عليه الارش (لان النقص حدث في ملكه) اى ملك المشترى، لان المفروض ان الدابة نسيت الطحن حينما كانت مملوكة للمشترى، فاذا رد الدابة الى المالك فقد ردها كاملة، و الثمن كان بإزاء الدابة، لا بإزاء الدابة و الصنعة معا.

و انما زادت قيمة الدابة اذا كانت طاحنة لاجل الداعى، لا ان الثمن فى مقابل الصنعة.

و الحاصل ان الصنعة لا تقابل بالثمن، ففقد انها لا يوجب ارشا للبائع اذا ردها المشترى بسبب العيب القديم.

ص: 132

و انما يضمن وصف الصحة لكونه كالجزء التالف، فيرجع البائع بعد الفسخ ببدله.

نعم

______________________________

(و) ان قلت: اذا كان نقص الصفة لا يوجب ارشا على المشترى للبائع اذا رد المشترى المتاع بالعيب السابق، فلما ذا تقولون بانه اذا تعيب عيبا جديدا كان اللازم على المشترى ان يعطى ارشا للبائع اذا رد المتاع

مثلا كانت عرجاء، ثم صارت عند المشترى عمياء، فانكم تقولون يرجعها و يعطى التفاوت بين قيمتى البصيرة و العمياء، مع ان ذهاب وصف الصحة كان في ملك المشترى، كذهاب وصف الطحن في المثال السابق.

قلت: (انما يضمن) المشترى (وصف الصحة) فاذا ردها لزم عليه ان يعطى الارش (لكونه) اى وصف الصحة (كالجزء التالف، فيرجع البائع بعد الفسخ ببدله) اى بدل وصف الصحة، فان الانسان اذا اشترى دابة بمائة، كانت المائة في الحقيقة موزعة على اجزاء الدابة، فمقابل عينها مثلا خمسة دراهم، فاذا ذهبت عين الدابة، و اراد المشترى ردّ الدابة لزم عليه ان يرد خمسة دراهم مع الدابة، لان المشترى انما ردّ بعض المبيع، لا كل المبيع.

(نعم) هذا استثناء من اشكاله على العلامة بقوله: «و الوجه المذكور في التذكرة الخ» فان العلامة استدل لعدم الخيار بتعارض تحمل المشترى للعيب القديم، و تحمل البائع للعيب الجديد و اشكل عليه المصنف بان تعارض التحملين يوجب التساقط، و يكون المرجع اصالة

ص: 133

لو علل الرد بالعيب القديم بكون الصبر على المعيب ضررا امكن ان يقال ان تدارك ضرر المشترى بجواز الرد مع تضرر البائع بالصبر على العيب الحادث، مما لا يقتضيه قاعدة: نفى الضرر.

______________________________

الخيار الثابت قبل العيب الجديد.

و الآن يريد المصنف ان يبين ان العلامة لو كان يستدل للخيار «بلا ضرر المشترى» لم يرد عليه اشكالنا.

اذ يتساقط حينئذ: لا ضرر البائع الناشئ من العيب الجديد، و لا ضرر المشترى الناشئ من العيب القديم.

فالمرجع اصالة لزوم العقد، فانه (لو علل الرد بالعيب القديم يكون الصبر) اى صبر المشترى (على المعيب) بالعيب القديم (ضررا) على المشترى (امكن ان يقال) بتعارض الضررين، فالمرجع اصالة لزوم العقد

و ذلك ل (ان تدارك ضرر المشترى بجواز الرد) اى حتى لا يتضرر المشترى بسبب العيب القديم (مع تضرر البائع) اذا رد (بالصبر على العيب الحادث، مما لا يقتضيه قاعدة: نفى الضرر).

فان: لا ضرر، انما يتمشى اذا لم يستلزم ضررا على انسان آخر، و الا لم تجر قاعدة: لا ضرر.

أولا: لانه حكم امتنائى، و الحكم الامتنائى انما يكون على الكل، لا على انسان دون انسان.

و ثانيا: لانه اذا تعارض مصداقان من قاعدة واحدة، كان المرجع عدم شمول تلك القاعدة لذين المصداقين، اذ لا تشملهما، لانه غير ممكن

ص: 134

لكن العمدة في دليل الرد هو النص، و الاجماع.

فاستصحاب الخيار عند الشك في المسقط، لا بأس به.

الا ان الانصاف ان المستفاد من التمثيل في الرواية بالصبغ و الخياطة هو اناطة الحكم بمطلق النقص.

______________________________

و لا تشمل احدهما لانه ترجيح بلا مرجح.

(لكن) التعارض و التساقط و الرجوع الى اصالة اللزوم انما هو فرع كون دليل خيار المشترى منحصرا في قاعدة: لا ضرر، و الحال انه ليس كذلك، بل (العمدة في دليل الرد) اى ردّ المشترى (هو النص) المتقدم عن جميل (و الاجماع) المتقدم حكايته عن بعض (فاستصحاب الخيار عند الشك في المسقط) فانه نشك في انه هل سقط خيار المشترى عند ما تعيب المبيع بعيب جديد، أم لم يسقط خياره؟ (لا بأس به).

منتهى الامر انّ على المشترى الارش للعيب الجديد، كما تقدم.

(الا ان الانصاف ان) القول بحق المشترى في الرد في بعض اقسام العيب، لان ذلك العيب غير مشمول لمرسل جميل، و لا لدليل العلامة حيث اشرنا الى القول بحق المشترى عند قولنا «لكن المرسلة ... الخ، و الوجه المذكور في التذكرة ... الخ» غير تام، بل اللازم ان نقول بانه لا حق للمشترى في الرد فيما اذا نسى العبد الكتابة او نسيت الدابة الطحن، لان (المستفاد من التمثيل في الرواية) اى رواية جميل (بالصبغ و الخياطة هو اناطة الحكم) اى حكم عدم الرد عند التصرف في المبيع (بمطلق النقص).

ص: 135

توضيح ذلك ان المراد بقيام العين هو ما يقابل الاعم من تلفها و تغيرها على ما عرفت من دلالة ذكر الامثلة على ذلك.

لكن

______________________________

فكلما حدث في المبيع المعيب نقص- اىّ نقص كان- منع ذلك النقص من رده بالعيب القديم، و انما يبقى للمشترى حق الارش.

(توضيح ذلك) الّذي ذكرنا «بان المستفاد من التمثيل مطلق النقص» (ان المراد بقيام العين) الّذي شرطته الرواية لجواز الرد (هو ما يقابل الاعم من تلفها و تغيرها) فاذا تلفت او تغيرت لم تكن العين قائمة، فلا يحق للمشترى الرد، و التغير يشمل كل نقص، فيشمل مثل نسيان العبد و الدابة.

هذا حاصل ما استدل به و هو مركب من كبرى و صغرى و صورة القياس هكذا «العين لا ترد اذا تغيرت» «و التغير يشمل كل نقص» «فالعين لا ترد اذا حصل اى نوع من النقص».

و من المعلوم ان نسيان الدابة و العبد نوع من النقص.

ثم انه استدل المصنف لشمول «عدم قيام العين» ل «كل انواع التغير» بقوله: (على ما عرفت) قبل سطر (من دلالة ذكر الامثلة) بالصبغ و الخياطة (على ذلك) اى على ان كل تغير موجب لاسقاط الرد، فان صبغ الثوب و نسيان العبد للكتابة من واد واحد عرفا، فاذا كان الصبغ مسقطا للرد كان النسيان مسقطا أيضا.

(لكن) ينبغى التنبيه على امر خارج عن المبحث، فان المبحث هو

ص: 136

المراد من التغير هو الموجب للنقص، لا الزيادة، لان مثل السمن لا يمنع الرد قطعا.

و المراد بالنقص هو الاعم من العيب الموجب للارش فان النقص الحاصل بالصبغ و الخياطة انما هو لتعلق حق المشترى بالثوب من جهة الصبغ و الخياطة و هذا ليس عيبا اصطلاحيا.

______________________________

عبارة عن شمول «عدم قيام العين لكل تغير» و الامر الخارج هو ان (المراد من التغير هو الموجب للنقص) فى العين (لا الزيادة، لان مثل السمن لا يمنع الرد قطعا).

لكنك قد عرفت اشكالنا في هذا الكلام عند قول المصنف «نعم قد يتوهم شموله لما يقابل للزيادة».

(و المراد بالنقص هو الاعم من العيب الموجب للارش) و العيب الّذي لا يوجب الارش.

و انما نقول ان المراد بالنقص هو الاعم (فان النقص الحاصل بالصبغ و الخياطة) ليس نقصا اصطلاحيا مع انه مثل بهما في الرواية، بل النقص الحاصل بهما (انما هو لتعلق حق المشترى بالثوب من جهة الصبغ و الخياطة) اذ المشترى زاد في قيمة الثوب بفعله، فان الثوب قبل الخياطة يسوى عشرة مثلا، و الحال يسوى عشرين، و كذلك النسبة بين الثوب المصبوغ و غير المصبوغ (و هذا) التعلق لحق المشترى (ليس عيبا اصطلاحيا) فان العيب الاصطلاحى هو النقيصة و هاهنا شركة، و الشركة:

لا يقال لها عيب، و اذا تحقق ان المراد بالنقص كل عيب شمل مثل نسيان

ص: 137

و دعوى اختصاصه بالتغير الخارجى الّذي هو مورد الامثلة، فلا يعم مثل نسيان الدابة للطحن، يدفعه ان المقصود مجرد النقص مع انه اذا ثبت الحكم في النقص الحادث و ان لم يكن عيبا اصطلاحيا ثبت في المغير و غيره

______________________________

الدابة و العبد، فلا يقال ان النسيان ليس نقصا خارجيا.

و الحاصل: انا نفهم من امثلة الرواية: كل نقص، و عليه فيشمل النقص مثل نسيان الدابة و العبد.

(و) ان قلت: النقص يطلق على ثلاثة اقسام.

الاول: النقص بمعنى تلف شي ء من المبيع، مثل ان تكسر رجله.

الثانى: النقص بمعنى التغير الخارجى، مثل صبغ الثوب.

الثالث: النقص بمعنى كل نقيصة و لو مثل نسيان الدابة.

فاذا علمنا ان النقص اعم من الاوّل نتعدى الى النقص بالمعنى الثانى، اما المعنى الثالث فهو بعيد فلا يشمل النقص مثل نسيان الدابة.

قلت: (دعوى اختصاصه) اى اختصاص النقص (بالتغير الخارجى الّذي هو مورد الامثلة) فى الرواية اى الصبغ و الخياطة (فلا يعم) النقص (مثل نسيان الدابة للطحن) و نسيان العبد للكتابة.

ف (يدفعه ان المقصود) حسب الفهم العرفى من امثلة الرواية (مجرد النقص) و ان لم يكن مغيرا، و لذا لا نشك بان العرف يرى نسيانه نقصا اذا اطلع على ان الشركة بسبب الصبغ و الخياطة نقص.

هذا (مع انه اذا ثبت الحكم في النقص الحادث و ان لم يكن عيبا اصطلاحيا، ثبت فى) النقص (المغير) كالصبغ (و غيره) كنسيان الدابة

ص: 138

للقطع بعدم الفرق.

فان المحتمل هو ثبوت الفرق في النقص الحادث بين كونه عيبا اصطلاحيا لا يجوز ردّ العين الا مع ارشه، و كونه مجرد نقص لا يوجب ارشا كنسيان الكتابة و الطحن.

اما الفرق في افراد النقص غير الموجب للارش بين مغير العين حسّا و غيره فلا مجال لاحتماله.

______________________________

(للقطع بعدم الفرق) بين هذه الاقسام من النقص.

(ف) انما نقطع بعدم الفرق، ل (ان المحتمل هو ثبوت الفرق فى النقص الحادث بين كونه عيبا اصطلاحيا لا يجوز ردّ) المشترى (العين) الى المالك (الا مع ارشه) مثل كسر رجل الدابة (و كونه مجرد نقص لا يوجب ارشا كنسيان الكتابة و الطحن) فى العبد و الدابة، و انما كان هذا الفرق محتملا للتفاوت في الارش، بان يقال فرق بين العيب الموجب للارش، و العيب غير الموجب للارش.

و انما لا يوجب نسيان الكتابة و الطحن ارشا، لما سبق من ان الثمن يقابل بالعين، لا بمثل هذه الصفات، فهذه الصفات لا ارش لها.

(اما الفرق في افراد النقص غير الموجب للارش بين مغير العين حسّا) كصبغ الثوب (و غيره) كنسيان الدابة و العبد، بان يقال في مثل الصبغ لا يرد، اما في مثل النسيان يردّ (فلا مجال لاحتماله) لان هذين النقصين من واد واحد، فان اوجب احدهما حكما اوجب الثانى نفس ذلك الحكم.

ص: 139

ثم ان ظاهر المفيد في المقنعة المخالفة في اصل المسألة و ان حدوث العيب لا يمنع من الرد، لكنه شاذ على الظاهر.

ثم مقتضى الاصل عدم الفرق في سقوط الخيار بين بقاء العيب الحادث و زواله، فلا يثبت بعد زواله لعدم الدليل على الثبوت بعد

______________________________

و الحاصل ان كسر رجل الدابة، و صبغ الثوب، و نسيان العبد للكتابة كلها من واد واحد، فاذا حدثت احدى هذه الامور في المبيع الّذي كان معيبا عند البائع- مما اوجب خيار المشترى في الرد- اسقط هذا العيب الحادث: الرد بالعيب القديم.

(ثم ان ظاهر المفيد) «ره» (فى المقنعة المخالفة في اصل المسألة و) ذلك لانه قال: (ان حدوث العيب) فى المبيع عند المشترى (لا يمنع من الرد) بالعيب القديم (لكنه شاذ على الظاهر) الّذي نجده فى كلمات الفقهاء.

(ثم مقتضى الاصل) اى عدم استصحاب الخيار للمشترى هو (عدم الفرق في سقوط الخيار) سقوطا بالعيب الجديد (بين بقاء العيب الحادث و زواله).

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 13، ص: 140

فاذا اشترى عبدا معيبا، و كان للمشترى حق خيار الفسخ، ثم نسى العبد الكتابة، فسقط خيار المشترى برده، ثم تذكر الكتابة كان مقتضى الاصل ان المشترى لا حق له في الرد بعد ان سقط خياره (فلا يثبت) الخيار من جديد (بعد زواله لعدم الدليل على الثبوت) للخيار (بعد

ص: 140

السقوط.

قال في التذكرة عندنا: ان العيب المتجدد مانع عن الرد بالعيب السابق، سواء زال أم لا؟ لكن في التحرير لو زال العيب الحادث عند المشترى، و لم يكن بسببه، كان له الردّ و لا ارش عليه، انتهى.

و لعل وجهه ان الممنوع هو رده معيوبا لاجل تضرر البائع و ضمان المشترى لما يحدث، و قد انتفى الامران.

______________________________

السقوط) و بهذا افتى العلامة في بعض كتبه.

(قال في التذكرة عندنا: ان العيب الحادث مانع عن الرد بالعيب السابق، سواء زال) العيب الجديد (أم لا؟ لكن) العلامة افتى (فى التحرير) بان العيب الجديد اذا زال كان للمشترى حق الرد.

فقال: (لو زال العيب الحادث عند المشترى، و لم يكن) العيب (بسببه كان له الرد) بعد زوال العيب و ذلك لمكان العيب القديم (و لا ارش عليه) لانه يرده كاملا غير منقوص، فلما ذا يكون عليه ارش عيب قد زال؟

(انتهى) كلام العلامة.

(و لعل وجهه) اى وجه ان له حق الرد بعد زوال العيب (ان الممنوع هو رده معيوبا).

و ذلك (لاجل تضرر البائع) بالمعيب عيبا جديدا (و) لاجل (ضمان المشترى لما يحدث) فاذا ضمن المشترى العيب لم يكن له ارجاع ما ضمنه، (و قد انتفى الامران) و هما التضرر و الضمان، بعد ان زال العيب.

و انما قال العلامة: «و لم يكن بسببه» لانه اذا كان العيب الجديد

ص: 141

و لو رضى البائع برده مجبورا بالارش او غير مجبور جاز الرد، كما فى الدروس و غيره، لان عدم الجواز، لحقّ البائع، و الا فمقتضى قاعدة خيار الفسخ عدم سقوطه بحدوث العيب غاية الامر ثبوت قيمة العيب.

و انما منع من الردّ هنا للنص و الاجماع او للضرر.

______________________________

بسبب المشترى، كان ذلك تصرفا من المشترى، و قد تقدم ان تصرف المشترى في المعيب يسقط الخيار.

(و لو رضى البائع برده) اى المعيب بالعيب الجديد (مجبورا بالارش) اى الارش الّذي يعطيه المشترى للبائع بسبب عيبه الجديد (او غير مجبور) بان قبل البائع ان يفسخ المشترى بدون ان يعطى المشترى ارش العيب الجديد (جاز الرد، كما في الدروس و غيره، لان عدم الجواز) اى عدم جواز ردّ المشترى اذا عاب بالعيب الجديد، انما هو (لحق البائع) فاذا اسقط البائع حقه سقط.

و الحاصل ان عدم الارجاع حقّ، لا حكم (و الا فمقتضى قاعدة خيار الفسخ) اى خيار المشترى في الفسخ بالعيب القديم (عدم سقوطه) اى الخيار (بحدوث العيب) عند المشترى (غاية الامر ثبوت قيمة العيب) الجديد على المشترى، اذا اراد ان يرده، و قد عاب عنده.

(و انما منع من الردّ هنا) بعد ان عاب بعيب جديد عند المشترى (للنص و الاجماع او للضرر) على البائع بان يسترد المعيب.

و من المعلوم ان النص و الاجماع انما هما قيما اذا ابى البائع من الاسترداد، و الضرر اذا اقدم عليه البائع بنفسه لم يكن مانعا من الرد،

ص: 142

و مما ذكرنا يعلم ان المراد بالارش الّذي يغرمه المشترى عند الرد قيمة العيب، لا الارش الّذي يغرمه البائع للمشترى عند عدم الرد.

لان العيب القديم مضمون بضمان المعاوضة و الحادث مضمون بضمان اليد.

______________________________

اذ لا يشمله دليل: لا ضرر.

(و مما ذكرنا) بقولنا «غاية الامر ثبوت قيمة العيب» (يعلم ان المراد بالارش الّذي يغرمه المشترى عند الرد) و غرامة القيمة لاجل العيب الحادث (قيمة العيب) سواء كان اغلى من الثمن، او مساويا له، او اقل منه، لانه ضامن لهذا العيب.

فاللازم ان يدفع قيمته (لا الارش الّذي يغرمه البائع للمشترى عند عدم الرد) فان الارش هنا تفاوت ما بين الصحيح و المعيب، لكن مع نسبته الى الثمن المسمى، لا القيمة الواقعية.

و انما كان فرق بين الارش هنا و بين الارش هناك.

(لان العيب القديم مضمون بضمان المعاوضة) اى ما تبانيا عليه من القيمة، فاذا كان هناك عيب نقص العيب من الثمن بالنسبة (و الحادث مضمون بضمان اليد) و ضمان اليد انما يكون بالنسبة الى القيمة الواقعية

مثلا: اذا كان شي ء قيمته الواقعية عشرة و قيمته البنائية عشرون، و كان العيب القديم ينقص منه العشر، و العيب الجديد ينقص منه العشر فان البائع يلزم ان يعطى للمشترى دينارا حسب القيمة الواقعية، اما المشترى فيلزم ان يعطى للبائع دينارين حسب القيمة البنائية، و بالعكس

ص: 143

ثم ان صريح المبسوط انه لو رضى البائع باخذه معيوبا لم يجز مطالبته بالارش.

و هذا احد المواضع التى اشرنا في اوّل المسألة الى تصريح الشيخ فيها بان الارش مشروط باليأس من الرد.

و ينافيه اطلاق الاخبار بأخذ الارش.

______________________________

فى العكس، و هكذا.

(ثم ان صريح المبسوط انه لو رضى البائع باخذه معيوبا لم يجز مطالبته بالارش) اى لم يجز للمشترى ان يلتزم بالبيع و يطالب البائع بارش المعيب.

و الحاصل انه ليس الاختيار بيد المشترى حتى اذا شاء ردّ و اذا شاء قبل البيع و اخذ الارش، بل لو قال المالك: رد ايها المشترى على البضاعة لزم على المشترى ان يردها، و ان لا يطالب بالإبقاء و الارش.

(و هذا) الّذي ذكره الشيخ في المبسوط (احد المواضع التى اشرنا فى اوّل المسألة الى تصريح الشيخ فيها بان الارش مشروط باليأس من الرد) خلافا للمشهور الذين يقولون بانه يخير المشترى بين الرد و الارش تخييرا مطلقا- اى سواء يأس من الردّ، أم لا-.

(و ينافيه) اى ينافى كلام المبسوط (اطلاق الاخبار بأخذ الارش) مما يدل على انه للمشترى حق اخذ الارش و ان رضى البائع بالرد للسلعة.

ص: 144

تنبيه: ظاهر التذكرة و الدروس ان من العيب المانع من الرد بالعيب القديم تبعض الصفقة على البائع.

و توضيح الكلام في فروع هذه المسألة ان التعدد المتصور فيه التبعض اما في احد العوضين، و اما في البائع، و اما في المشترى.

فالاول كما اذا اشترى شيئا واحدا او شيئين بثمن واحد.

______________________________

(تنبيه: ظاهر التذكرة و الدروس ان من العيب) الجديد (المانع من الرد بالعيب القديم تبعض الصفقة على البائع) فاذا كان الرد مستلزما لتبعض الصفقة لم يصح الرد، و انما كان للمشترى اخذ الارش فقط، ان كان للعيب ارش و الا فلا ارش، كما لا ردّ أيضا.

(و توضيح الكلام في فروع هذه المسألة ان التعدد) اى التوزع الى اثنين او اكثر (المتصور فيه) اى في ذلك التعدد (التبعض) للصفقة على ثلاثة اقسام.

لان التبعض (اما في احد العوضين) و هو المثمن او الثمن (و اما فى البائع) بان يتعدد البائع (و اما في المشترى) بان يتعدد المشترى.

(فالاول كما اذا اشترى شيئا واحدا او شيئين) مثل دار و بستان (بثمن واحد) مقابل كليهما، لانه قد يكون هناك بيعان في صيغة واحدة

مثلا: يقول: الدار بالف و البستان بثمانمائة، ثم يقول: بعتهما بكذا، حتى يكون في الحقيقة بيعان، لا بيع واحد، و انما الصيغة واحدة

و قد يكون بيع واحد ذا اجزاء في المثمن، كما اذا قال الدار و البستان معا بكذا.

ص: 145

و من المعلوم ان كونهما بيعين او بيعا واحدا يختلف بالقصد.

نعم في مثل النكاح لامرأتين او الطلاق لهما، لا يكون الا معاملتين، فاذا قصد الوحدة بطل.

فاذا قال: انكحتك بنتى و اختى، و قصد نكاحا واحدا لهما- حتى يكون من قبيل بيع واحد لذى اجزاء- بطل النكاح رأسا، لان الشارع لم يجعل نكاحا واحدا لامرأتين، و هكذا في الطلاق.

و عليه فاذا كانت احدى المرأتين معيبة بالعيوب الموجبة للفسخ، لا يحق للزوج ردهما بفسخ نكاحهما، بل له فسخ نكاح المعيبة فقط، كما اذا طلقهما بصيغة واحدة، ثم ظهر ان إحداهما غير جامعة لشرائط الطلاق، لم يبطل الطلاق بالنسبة الى الجامعة للشرائط، كما لا يخفى انه لا يصح- احيانا- عقد ان في عقد، بل هناك عقد واحد حتى ان قصد التعدد مبطل له، كما اذا باع حيوانا و قصد ان يده بكذا، و راسه بكذا بان قصد تعدد البيع في صيغة واحدة، اذ الشارع لم يعتبر مثل هذا البيع، مع احتمال انه يصح، لاطلاق ادلة العقود و التجارة و الشارع لم ينه عنه.

نعم لا اشكال في عدم صحة التعدد في النكاح لامرأة واحدة او طلاق امرأة واحدة، بان يقصد عقدا على رأسها و عقدا على يدها، و هكذا.

و بناء على ما ذكرنا فالاقسام ثلاثة.

الاول: ما يمكن الوحدة و التعدد في عقد واحد.

الثانى: ما لا يمكن الا الوحدة فيه.

الثالث: ما لا يمكن الا التعدد فيه.

ص: 146

من بائع واحد فظهر بعضه معيبا.

و كذا لو باع شيئا بثمن فظهر بعض الثمن معيبا.

و الثانى كما اذا باع اثنان من واحد شيئا واحدا، فظهر معيبا، و اراد المشترى ان يرد على احدهما نصيبه دون الآخر.

______________________________

و منه يظهر انه لو اشترى حيوانا و غير حيوان في صفقة واحدة، فان اراد عقدين في عقد واحد، فلا اشكال في صحة رد الحيوان في الثلاثة و عدم صحة ردّ غير الحيوان، و ان اراد عقدا واحدا فهل يصح ردهما أو لا يصح اصلا او يصح رد الحيوان دون غيره؟ احتمالات و المسألة تحتاج الى التفصيل لكنا اردنا الالماع الى اصل المسألة لتوضيح معنى المتن «بثمن واحد».

فعليه اذا اشترى شيئا واحدا او شيئين بثمن واحد (من بائع واحد فظهر بعضه معيبا) فانه تبعيض في المثمن.

(و كذا لو باع شيئا بثمن) واحد ذى اجزاء كما اذا باعه بدينارين فظهر احد الدينارين معيبا.

اما اذا كان الثمن ذا جزء واحد فقط، كما اذا كان الثمن دينارا واحدا فظهر بعضه معيبا، فهذا لا يسمى ان بعضه معيب، بل كله معيب، كما لا يخفى (فظهر بعض الثمن معيبا) فانه تبعيض في الثمن.

(و الثانى) و هو التبعيض في البائع (كما اذا باع اثنان من واحد شيئا واحدا، فظهر) ذلك الشي ء (معيبا، و اراد المشترى ان يرد على احدهما نصيبه) من المثمن (دون الآخر).

ص: 147

و الثالث: كما اذا اشترى اثنان من واحد شيئا، فظهر معيبا فاختار احدهما الردّ دون الآخر.

و الحق بذلك الوارثان لمشترى واحد للمعيب.

______________________________

كما اذا اشترى زيد دارا على الاشاعة من اخوين و رثاها، فظهرت الدار معيبة، و اراد المشترى ان يرد نصفها على احدهما.

(و الثالث) و هو التبعض في المشترى (كما اذا اشترى اثنان من واحد شيئا، فظهر) المبيع (معيبا، فاختار احدهما الردّ دون الآخر) فانه يستلزم التبعض في المشترى، و ذلك فيما اذا لم يكن بيعان في ضمن عقد واحد، و الا فليس ذلك من تبعض المشترى، اذ حال البيع حينئذ حال بيعين مستقلين، منتهى الامر انّ الصيغة واحدة.

(و الحق بذلك) اى التبعض في المشترى (الوارثان لمشترى واحد للمعيب).

كما اذا اشترى زيد من عمرو دارا، ثم مات زيد و ورثه ابناه و كانت الدار معيبة فاراد احد الوارثين رد المعيب، و اراد الآخر عدم رده- و ذلك لان الخيار يورث- فانه من باب التبعض في المشترى، لكن فيه تأمل لا يخفى.

و مثله ما لو باعه المشترى الواحد لشخصين فاراد احدهما الرد دون الآخر.

و من قبيل تبعض البائع ما لو ورث البائع اثنان، فاراد المشترى ان يرد على احدهما دون الآخر.

ص: 148

و اما التعدد في الثمن بان يشترى شيئا واحدا بعضه بثمن، و بعضه الآخر بثمن آخر، فلا اشكال في كون هذا عقدين، و لا اشكال في جواز التفريق بينهما.

اما الاول فالمعروف انه لا يجوز التبعيض فيه من حيث الردّ، بل الظاهر المصرّح به في كلمات بعض الاجماع عليه.

______________________________

(و اما التعدد في الثمن بان يشترى شيئا واحدا بعضه بثمن، و بعضه الآخر بثمن آخر).

و لو كان البيعان في ضمن صيغة واحدة (فلا اشكال في كون هذا عقدين) كما تقدم (و لا اشكال في جواز التفريق بينهما) بان يرد المشترى احدهما دون الآخر، و كذلك العكس بان يبيع شيئين بثمن واحد، لكن باعتبار ان كل شي ء بنصف الثمن.

(اما الاول) و هو التبعض في احد العوضين (فالمعروف انه لا يجوز التبعيض فيه من حيث الردّ) بان يردّ بعض المبيع، دون بعض مثلا (بل الظاهر) عند التتبع (المصرّح به في كلمات بعض) الفقهاء (الاجماع عليه).

و استدل عليه بانه نقص، و انه ضرر، و انه خلاف بعض الروايات، و انه لا مقتضى للخيار، لان الخيار بالنسبة الى الكل، لا بالنسبة الى كل بعض، بالإضافة الى الاجماع المذكور.

فهذه ادلة خمسة استدلوا بها على عدم الخيار بالنسبة الى البعض.

ص: 149

لان المردود ان كان جزاء مشاعا من المبيع الواحد فهو ناقص من حيث حدوث الشركة.

و ان كان معينا فهو ناقص من حيث حدوث التفريق فيه و كل منهما نقص يوجب الخيار لو حدث في المبيع

______________________________

(لان المردود) اما جزء مشاع، كما لو اشترى دارا ثم اراد رد نصفها المشاع، او جزء مفروز كما لو اراد رد نصف الدار الواقع في طرف الشرق مثلا.

ف (ان كان جزاء مشاعا من المبيع الواحد) الّذي جرى عليه بيع واحد (فهو ناقص من حيث حدوث الشركة) اذ الشركة نقص، فلا يحق للمشترى ان يرد المتاع الناقص الى البائع، فان ظاهر ادلة الرد بالخيار هو رد الكامل الّذي اخذه، لا رد الناقص.

(و ان كان) المردود جزءا (معينا فهو ناقص من حيث حدوث التفريق فيه) فان العرف كثيرا ما يريد معية الاجزاء، بحيث يرون تفريقها نقصا، و هذا المقدار كاف في تحقق النقص، و ان لم يكن بالنسبة الى هذا البيع الخاص نقصا، كما اذا باعه كتابين لا يرتبط احدهما بالآخر فانه لا يحق للمشترى ردّ احدهما فقط، و ان لم يكن ذلك نقصا بالنسبة الى هذا البائع، كما انه اذا كان البيض المشترى فيه الدم، كان للمشترى الحق في رده بخيار العيب، و ان لم يكن ذلك نقصا بالنسبة الى هذا المشترى لانه لا يريده للاكل و انما يريده لاجل دواء، او ما اشبه (و كل منهما) اى الشركة و التفريق (نقص يوجب الخيار لو حدث في المبيع

ص: 150

الصحيح.

فهو اولى بالمنع عن الرد من نسيان الدابة الطحن.

و هذا الضرر و ان امكن جبره بخيار البائع، نظير ما اذا كان بعض الصفقة حيوانا فرده المشترى بخيار الثلاثة.

______________________________

الصحيح) و العيب هنا لا يوجب تفاوتا في الحكم، فاللازم ان نقول بعدم جواز الرد، اذ لا فرق في ان يكون النقص المانع من الردّ قبل الردّ، او يحصل النقص بنفس الرد، فان المانع هو ان يصل الى يد البائع ناقصا و ذلك يحصل حتى اذا كان النقص بنفس الرد.

(فهو) اى هذا النقص (اولى بالمنع عن الرد من نسيان الدابة الطحن) و العبد الكتابة، لان النسيان لا يوجب شركة و تفرقة، فان العبد و الدابة يرجعان الى المالك كاملين و نقص الشركة و التفرقة اهم فى نظر العرف من نقص النسيان، و اذا كان النسيان يوجب سقوط الرد فالشركة و التفرقة اولى بمنعهما من الرد.

(و) ان قلت: ان هذا النقص يمكن جبره بخيار البائع بان يكون للمشترى الرد، و لكن يكون للبائع خيار ابطال البيع لهذا النقص الجديد اعنى الشركة و التفرقة.

قلت: (هذا الضرر و ان امكن جبره بخيار البائع، نظير ما اذا كان بعض الصفقة حيوانا) كما اذا باعه حيوانا و متاعا صفقة واحدة (فرده) اى الحيوان (المشترى بخيار الثلاثة) فان هذا الرد يوجب نقصا بالتفرقة فى المثمن على البائع، و ذلك يوجب ان يكون للبائع خيار فسخ البيع

ص: 151

الا انه يوجب الضرر على المشترى، اذ قد يتعلق غرضه بامساك الجزء الصحيح.

و يدل عليه النص المانع عن الرد بخياطة الثوب و الصبغ فان المانع فيهما ليس الا حصول الشركة في الثوب بنسبة الصبغ و الخياطة لا مجرد تغير الهيئة، و لذا لو تغير بما يوجب

______________________________

بارجاع الكل- و هو الحيوان و المتاع- الى نفسه (الا انه) اى خيار البائع (يوجب الضرر على المشترى) فيشمل المشترى دليل: لا ضرر (اذ قد يتعلق غرضه) اى غرض المشترى (بامساك الجزء الصحيح) و عليه فيسقط خيار البائع- بارجاع الكل الى نفسه- بلا ضرر المشترى، فيبقى كون رد البعض ضررا على البائع سليما، فلا ردّ للمشترى على البائع.

(و يدل عليه) اى على ان نقص الشركة و التفريق ضرر يسقط الرد على البائع (النص المانع عن الرد) للمتاع الى البائع، اذا كان النقص حاصلا (بخياطة الثوب و الصبغ).

وجه الدلالة (فان المانع) عن الرد (فيهما) اى في الصبغ و الخياطة (ليس الا حصول الشركة) بين البائع و المشترى (فى الثوب بنسبة الصبغ و الخياطة) و الشركة نقص و لذا يمنع من الرد.

ان قلت: لعل المانع من الرد في الصبغ و الخياطة ليس هو الشركة بل تغير هيئة الثوب، و التغير ليس حاصلا في المقام، فلا يمكن الاستدلال بالرواية في مقامنا هذا.

قلت: (لا) اى ليس المانع (مجرد تغير الهيئة، و لذا لو تغير بما يوجب

ص: 152

الزيادة كالسمن لم يمنع عن الرد قطعا.

و قد يستدل بعد رد الاستدلال بتبعض الصفقة بما ذكرناه مع جوابه بظهور الادلة في تعلق حق الخيار بمجموع المبيع، لا كل جزء منه لا اقل من الشك

______________________________

الزيادة كالسمن) فى الدابة (لم يمنع عن الرد قطعا) لان المفهوم من الرواية ان وجه عدم الرد في الصبغ ليس تغير الوصف و الهيئة حتى يشمل السمن.

(و قد يستدل) لعدم جواز التبعيض في الثمن و المثمن (بعد رد الاستدلال) لذلك (بتبعض الصفقة بما ذكرناه) «بما» متعلق ب «الرد» (مع جوابه) «الاستدلال» هو تبعض الصفقة «و رده» هو ان تبعض الصفقة على البائع يتدارك بان يكون للبائع الخيار في ابطال البيع «و جوابه» ان جعل الخيار للبائع ضرر على المشترى، و المستدل هو صاحب الجواهر (بظهور الادلة) اى ادلة الخيار، «بظهور» متعلق ب «يستدل» (فى تعلق حق الخيار بمجموع المبيع، لا كل جزء منه) فليس للمشترى ان يرد بعض المبيع الّذي كان معيبا، لان خيار العيب متعلق بمجموع السلعة، فاما ان يأخذها كلها او يردها كلها.

اما ان يأخذ بعض السلعة و يرد بعضها الآخر، فذلك مما لا يدل عليه دليل الخيار (لا اقل من الشك) فى انه هل ادلة الخيار تدل على تعلق الخيار بكل جزء جزء؟

فأولا: ندعى ظهور الادلة في تعلق الخيار بالمجموع.

ص: 153

لعدم اطلاق موثوق به، و الاصل اللزوم.

و فيه مضافا الى ان اللازم من ذلك عدم جواز رد المعيب منفردا، و ان رضى البائع لان المنع حينئذ لعدم المقتضى للخيار في الجزء، لا لوجود

______________________________

و ثانيا: اذا رفعنا اليد عن الظهور، نقول: بانا نشك في تعلق الخيار بكل جزء جزء و الاصل عدم الخيار هكذا (لعدم اطلاق) فى ادلة الخيار (موثوق به) «لعدم» دليل قوله «لا اقل من الشك» (و الاصل اللزوم) الا بمقدار ما خرج من الخيار الّذي هو متعلق بالمجموع.

(و فيه) أولا: ان الخيار متعلق بكل جزء جزء- و لذا اذا رضى البائع برد الجزء صح الرد-.

و ثانيا ان موضع الخيار هو الجزء المعيب اما سراية الخيار الى الجزء الصحيح فهو تطفلى، فرد الجزء المعيب لا مانع منه (مضافا الى ان اللازم من ذلك) الّذي ذكره الجواهر من عدم تعلق الخيار بكل جزء (عدم جواز رد المعيب منفردا) فيما اذا كانت السلعة ذات جزءين، جزء صحيح و جزء معيب، و اراد المشترى ان يرد المعيب فقط (و ان رضى البائع) بردّ المعيب منفردا و الحال انه لا يقول احد بعدم صحة الرد فى صورة رضا البائع.

و انما قلنا لازم كلام الجواهر ذلك (لان المنع) عن ردّ الجزء (حينئذ) اى حين كان المنع من جهة عدم اطلاق دليل الخيار (لعدم المقتضى للخيار في الجزء) اى جزء المبيع، اذ لو لم يكن اطلاق، لم يكن مقتض (لا لوجود

ص: 154

المانع عنه، و هو لزوم الضرر على البائع حتى ينتفى برضا البائع انه لا يشك احد في ان دليل هذا الخيار كغيره من ادلة جميع الخيارات صريح في ثبوت حق الخيار لمجموع المبيع، لا كل جزء.

و لذا لم يجوّز احد تبعيض ذى الخيار اجزاء ما له فيه الخيار، و لم يحتمل هنا احد رد الصحيح دون المعيب.

______________________________

المانع عنه) اى عن الخيار في الجزء- على ما ادعيناه نحن- (و) المانع (هو لزوم الضرر على البائع حتى ينتفى) المانع (برضا البائع) لرد جزء المبيع، و «حتى» غاية لقوله «وجود المانع» (انه) مربوط بقوله «مضافا» و هذا هو الجواب الثانى ف (لا يشك احد في ان دليل هذا الخيار كغيره من ادلة جميع الخيارات صريح في ثبوت حق الخيار لمجموع المبيع، لا كل جزء) فليس كلام الجواهر ابداعا خاصا بنفسه، بل ليس الكلام هنا- و انه هل حق الخيار متعلق بالمجموع او بكل جزء- بل الكلام في محل آخر، و هو ان محل الخيار هل هو الشي ء المعيوب فقط أم الكل؟

(و لذا) الّذي ذكرناه «انه لا يشك احد» (لم يجوّز احد تبعيض ذى الخيار اجزاء ما له) اى اجزاء المبيع الّذي له (فيه الخيار، و) كذلك (لم يحتمل هنا احد رد الصحيح دون المعيب) فيما اذا كان جزء منه صحيحا و جزء منه معيبا، و هذان اى عدم التبعيض و عدم رد الصحيح دليلان على ان الفقهاء لا يقولون بتعلق الخيار بكل جزء جزء.

ص: 155

و انما وقع الاشكال في ان محل الخيار هو هذا الشي ء المعيوب غاية الامر انه يجوز ردّ الجزء الصحيح معه، لئلا تتبعض الصفقة عليه، و اما لقيام الاجماع على جواز رده، و اما لصدق المعيوب على المجموع كما تقدم او ان محل الخيار هو مجموع ما وقع عليه العقد لكونه معيوبا و لو من حيث بعضه.

و بعبارة اخرى

______________________________

(و انما وقع الاشكال في ان محل الخيار هو هذا الشي ء المعيوب) فقط (غاية الامر انه يجوز ردّ الجزء الصحيح معه) اى مع الجزء المعيوب (لئلا تتبعض الصفقة عليه) اى على المشترى، فانه ان قيل له بان يرد الجزء المعيوب فقط كان ضررا عليه، لانه يخير حينئذ بين الابقاء و تحمل العيب، و بين ارجاع الجزء المعيوب و تبعض الصفقة عليه (و اما لقيام الاجماع على جواز رده) اى رد الجزء الصحيح- و هذا عطف على قوله «لئلا»- (و اما لصدق المعيوب على المجموع كما تقدم) فيشمله ما دل على رد المعيوب (او ان محل الخيار هو مجموع ما وقع عليه العقد) هذا عطف على قوله «فى ان محل الخيار» (لكونه معيوبا و لو من حيث بعضه)

و الفرق بين هذا و بين قوله أو لا: «و اما لصدق المعيوب» ان فى الاول الخيار متعلق بالجزء و منه ينبعث الى الكل.

و في الثانى الخيار ابتداءً متعلق بالكل، و علة الخيار هو الجزء المعيوب.

(و بعبارة اخرى) بيان لما ذكره بقوله «فى ان محل الخيار هو.

ص: 156

الخيار المسبب عن وجود الشي ء المعيوب في الصفقة نظير الخيار المسبب عن وجود الحيوان في الصفقة في اختصاصه بالجزء المعنون بما هو سبب للخيار، أم لا، بل غاية الامر ظهور النصوص الواردة في الرد في رد البيع الظاهر في تمام ما وقع عليه العقد.

______________________________

او ان محل الخيار» (الخيار المسبب عن وجود الشي ء المعيوب في الصفقة) هل هو (نظير الخيار المسبب عن وجود الحيوان في الصفقة) فيما اذا اشترى شاة و قلما بمائة، فان له الخيار في الحيوان فقط في الثلاثة الايام (فى اختصاصه) اى اختصاص الخيار (بالجزء المعنون بما هو سبب للخيار) «بما» متعلق ب «المعنون» اى اختصاص الخيار بالحيوان الّذي هو جزء معنون بالحيوانية التى هى سبب الخيار (أم لا) هذا هو الشق الثانى لقوله «نظير الخيار».

و معنى «أم لا» ان الخيار هنا ليس كخيار الصفقة التى فيها الحيوان بل هو كخيار الغبن الّذي يتعلق ابتداءً بكل الشي ء المغبون.

و حيث ان الشق الاول و هو قوله «نظير الخيار» كان موردا لان يستشكل عليه، و يقال: اذا كان الخيار هنا نظير الخيار المسبب عن وجود الحيوان في الصفقة، يلزم عليه ان يكون الخيار في المعيوب فقط، لا فى كل الصفقة التى بعضها معيوب و بعضها غير معيوب.

اجاب بقوله: (بل غاية الامر ظهور النصوص الواردة في الرد) بسبب العيب (فى رد البيع) «فى» متعلق ب «ظهور» (الظاهر) صفة «رد البيع» (فى تمام ما وقع عليه العقد).

ص: 157

لكن موردها المبيع الواحد العرفى المتصف بالعيب، نظير اخبار خيار الحيوان و هذا المقدار لا يدل على حكم ما لو انضم المعيب الى غيره، بل قد يدل- كاخبار خيار الحيوان- على اختصاص الخيار

______________________________

ففرق بين ما اذا كان في الصفقة حيوان، او كان في الصفقة معيب.

حيث ان في الاول يكون المردود الحيوان فقط، و في الثانى المردود كل المبيع، و ذلك لظهور نصوص الرد، فى رد كل المبيع.

(لكن) اذا قلنا بالشق الاول، و ان الاخبار ظاهرة في رد كل المبيع و ليس المقام مثل ما اذا كان في الصفقة حيوان، فاللازم ان نستثنى من ذلك صورة ما اذا كان المبيع ذا جزءين منفصلين، و كان بعض احد جزئيه معيبا دون الجزء الآخر.

كما اذا باعه ثوبا و كتابا و كانت ورقة من الكتاب معيبة فانه و ان استلزم رد كل الكتاب، لا الورقة المعيبة فقط، لكنه لا يستلزم رد الثوب أيضا، اذ الثوب ليس معيبا، و لا جزءا من المعيب.

و على هذا ف (موردها) اى مورد النصوص الحاكمة بردّ كل المبيع فيما اذا كان جزئه معيبا (المبيع الواحد العرفى المتصف بالعيب) مثل الكتاب الّذي فيه ورقة معيبة (نظير اخبار خيار الحيوان) التى هى خاصة بالحيوان فيما اذا كان بعض المبيع حيوانا (و هذا المقدار) اى كون موردها المبيع الواحد (لا يدل على حكم ما لو انضم المعيب الى غيره) كما مثلنا فى الكتاب المعيب، و الثوب غير المعيب اصلا (بل قد يدل) هذا المقدار (- كاخبار خيار الحيوان- على اختصاص الخيار) فى مثل الكتاب

ص: 158

بخصوص ما هو متصف بالعيب عرفا باعتبار نفسه او جزئه الحقيقى كبعض الثوب لا جزئه الاعتبارى، كاحد الشيئين الّذي هو محل الكلام.

و منه يظهر عدم جواز التشبث في المقام بقوله في مرسلة جميل: اذا كان الشي ء قائما بعينه، لان المراد بالشي ء هو المعيب، و لا شك في قيامه هنا بعينه

______________________________

المعيب و الثوب (بخصوص ما هو متصف بالعيب عرفا باعتبار نفسه) اى نفس ذلك المعيب، كالورقة المعيبة (او جزئه الحقيقى) كالكتاب الّذي هو صحيح، و لكن جزئه الحقيقى الّذي هو الورقة معيب (كبعض الثوب) مثال لما اذا كان جزئه الحقيقى معيبا (لا جزئه الاعتبارى، كاحد الشيئين الّذي هو محل الكلام) فلا خيار في الثوب، فيما اذا كان ورق الكتاب معيبا لان الثوب جزء اعتبارى لمجموع الثوب و الكتاب الّذي وقع عليه العقد.

(و منه) اى مما ذكرنا بقولنا «بل يدل» (يظهر عدم جواز التشبث فى المقام) لاجل اثبات ان للمشترى حق ارجاع مجموع الكتاب و الثوب فى المثال- (بقوله في مرسلة جميل: اذا كان الشي ء قائما بعينه).

و وجه التشبث ان متعلق الخيار هو تمام ما وقع عليه العقد من الثوب و الكتاب و هو قائم بعينه، فللمشترى حق رد المجموع.

و انما يظهر عدم جواز التشبث (لان المراد بالشي ء) فى المرسلة (هو المعيب) الّذي هو الكتاب فقط، لا مجموع الثوب و الكتاب (و لا شك فى قيامه هنا بعينه) فله ان يرد الكتاب، اما الثوب و الكتاب، فليس شيئا واحدا، و عليه فالكتاب تصدق عليه المرسلة، اما الثوب فهو خارج عن

ص: 159

و بالجملة فالعمدة في المسألة- مضافا الى ظهور الاجماع- ما تقدم من ان مرجع جواز الردّ منفردا الى اثبات سلطنة للمشترى على الجزء الصحيح من حيث امساكه، ثم سلب سلطنته عنه بخيار البائع.

و منع سلطنته على الردّ أوّلا، اولى.

______________________________

مصداق المرسلة، فلا تدل المرسلة على رده.

(و بالجملة فالعمدة في المسألة) اى مسألة ردّ الثوب و الكتاب معا (- مضافا الى ظهور الاجماع-) فى ان جزء الصفقة اذا كان معيبا فللمشترى ردّ كل الصفقة (ما تقدم من ان مرجع جواز الرّد) للمعيب (منفردا) عن الجزء الصحيح (الى اثبات سلطنة للمشترى على الجزء الصحيح من حيث امساكه) اى ان للمشترى امساك الجزء الصحيح، و رد المعيب فقط (ثم سلب سلطنته) اى المشترى (عنه) اى عن الجزء الصحيح (ب) سبب (خيار البائع) حيث انه اذا تبعضت الصفقة على البائع كان له ابطال البيع، لئلا يتضرر بتبعض الصفقة.

(و) من المعلوم ان (منع سلطنته) اى المشترى (على الردّ أوّلا)- فليس له ان يمسك الجزء الصحيح او يرده، بل عليه ان يرده اذا اراد ردّ الجزء المعيب- (اولى) من ان يقال للمشترى: ان لا يرد الصحيح، و للبائع ان يسترده.

وجه الاولوية ان الشارع اراد دفع الضرر عن كل من البائع و المشترى و ذلك يتحقق، اما بان يشرع الشارع قبول الكل او رد الكل، و اما بان يشرع رد البعض، ثم يشرع استرداد البائع للبعض الآخر الّذي هو الجزء

ص: 160

و لا اقل من التساوى فيرجع الى اصالة اللزوم.

و الفرق بينه و بين خيار الحيوان الاجماع، كما ان للشفيع ان يأخذ بالشفعة في بعض الصفقة

______________________________

الصحيح.

و من المعلوم ان تشريعا واحدا اولى و اقرب الى الحكمة من تشريعين اذا كانت نتيجة التشريعين نفس نتيجة التشريع الواحد، فتأمل (و لا اقل من التساوى) بين قسمى التشريع، بان لا نعلم هل ان الشارع شرع هكذا؟ او هكذا؟ (ف) مع التساوى (يرجع الى اصالة اللزوم) اى لزوم العقد بالنسبة الى ارجاع البعض، فان مقتضى العقد انه لا يحق للمشترى ان يرجع الكل و لا ان يرجع البعض، خرج من هذا المقتضى بالأدلّة الدالة على ان للمشترى ان يرجع الكل- اذا كان بعض المبيع معيبا- و بقى ارجاع البعض منفردا على اصالة عدمه.

(و) ان قلت: فلما ذا تقولون للمشترى ارجاع البعض اذا كان المبيع صفقة تشتمل على الحيوان و غيره، حيث تقولون بان المشترى يرجع الحيوان فقط و لا يحق له ان يرجع الكل.

قلت: (الفرق بينه) اى بين ما اذا كان بعض المبيع معيبا حيث نقول بعدم جواز ارجاع المعيب منفردا (و بين خيار الحيوان) حيث نقول: بصحة ارجاع الحيوان فقط (الاجماع) و الا لكان مقتضى الاصل اللزوم أيضا، الا اذا اراد رد الكل، و ذلك (كما ان للشفيع ان يأخذ بالشفعة في بعض الصفقة) فاذا كان زيد و عمر شريكين في دار فباع عمرو

ص: 161

و بالجملة فالاصل كاف في المسألة.

ثم ان مقتضى ما ذكروه من الحاق تبعض الصفقة بالعيب الحادث

______________________________

حصته من الدار مع بستان له- مثلا- صفقة واحدة لخالد، فيحق لزيد شريكه ان يأخذ بالشفعة بالنسبة الى حصة عمرو من الدار، مع ان الاخذ بالشفعة هنا انما يكون في بعض الصفقة.

و ذلك لدلالة الدليل على صحة الاخذ بالشفعة مطلقا، سواء كان الشي ء المبيع تمام السلعة او بعضها، و لا يرتبط هذا الحق بالبستان- لانه لا شفعة فيه حيث لا شركة فيه- و خيار الحيوان من هذا القبيل فان ما دل على ان للمشترى ارجاع الحيوان شامل لما اذا بيع الحيوان منفردا او منضما، فاذا بيع منضما كان للمشترى الحق في ارجاع الحيوان فقط لدليل خيار الحيوان، دون ما كان منضما مع الحيوان لعدم شمول الدليل لتلك الضميمة.

(و بالجملة فالاصل) الّذي ذكرناه بقولنا «يرجع الى اصالة اللزوم» (كاف في المسألة) فلا يحق للمشترى ارجاع المعيب فقط، اذا كانت الصفقة تشتمل على الصحيح و المعيب، و انما يحق له ارجاع الكل او امساك الكل.

(ثم ان مقتضى ما ذكروه من الحاق تبعض الصفقة) على البائع، فيما اذا اراد المشترى ردّ البعض المعيب منفردا، و امساك البعض الصحيح (بالعيب الحادث) الّذي يمنع الرد بالعيب القديم، لان تبعض الصفقة على البائع عيب- كما تقدم- فاللازم اما ان يرد المشترى الكل او ان

ص: 162

انه لو رضى البائع بتبعض الصفقة جاز الرد كما في التذكرة معللا بان الحق لا يعدوهما.

و هذا مما يدل على ان محلّ الخيار هو الجزء المعيب، الا انه منع من رده نقصه بالانفراد عن باقى المبيع، اذ لو كان محله المجموع لم يجز رد المعيب وحده الا بالتفاسخ، و معه يجوز رد الصحيح منفردا أيضا.

______________________________

يمسك الكل (انه لو رضى البائع بتبعض الصفقة) بان قبل ارجاع المعيب فقط (جاز الرد) بالنسبة الى المعيب فقط (كما في التذكرة معللا) جواز الرد حينئذ (بان الحق لا يعدوهما) فاذا رضى من له الحق فقد اسقط حقه، و ليس ذلك من قبيل الحكم الّذي لا يكون امره الا بيد الشارع فقط.

(و هذا) الكلام الّذي ذكره صاحب التذكرة (مما يدل على ان محلّ الخيار هو الجزء المعيب) فقط (الا انه منع من رده) اى رد محل الخيار منفردا (نقصه) على البائع (ب) سبب (الانفراد عن باقى المبيع).

و انما يدل قول التذكرة على ذلك (اذ لو كان محله) اى محل الخيار (المجموع لم يجز رد المعيب وحده) و ان رضى البائع (الا بالتفاسخ) اذ لا خيار في البعض حتى يرد ذلك البعض بالخيار.

فاذا اريد رد البعض فقط لزم ان يتفاسخ البائع و المشترى في ذلك البعض (و معه) اى مع كون رد البعض بالتفاسخ لا بالخيار، (يجوز رد) الجزء (الصحيح منفردا أيضا) اذ كما يتحقق التفاسخ في المعيب كذلك يتحقق في الصحيح.

ص: 163

و اما الثالث: و هو تعدّد المشترى بان اشتريا شيئا واحدا، فظهر فيه عيب، فان الاقوى فيه عدم جواز انفراد احدهما على المشهور، كما عن جماعة.

و استدل عليه في التذكرة و غيرها بان التشقيص عيب مانع من الرد خلافا للمحكى عن الشيخ في باب الشركة، و الاسكافى و القاضى و الحلى و صاحب البشرى فجوزوا الافتراق.

______________________________

(و اما الثالث: و هو تعدّد المشترى بان اشتريا) زيد و عمرو مثلا (شيئا واحدا، فظهر فيه عيب) و كان البائع واحدا فاراد احدهما رد المعيب من حصة نفسه، و اراد الآخر امساكه (فان الاقوى فيه عدم جواز) اى عدم نفوذ (انفراد احدهما) بالفسخ (على المشهور كما عن جماعة) دعوى الشهرة عليه.

(و استدل عليه) اى على عدم جواز فسخ احدهما (فى التذكرة، و غيرها بان التشقيص) اى ارجاع شقص اى جزء على البائع و ابقاء جزء عند المشترى (عيب مانع من الرد) و قد تقدم ان العيب لا يفرق فيه بين ما حصل قبل الرد او ما حصل بنفس الرد (خلافا للمحكى عن الشيخ في باب الشركة، و الاسكافى و القاضى و الحلى و صاحب البشرى فجوزوا الافتراق) بين المشتريين بان يرد احدهما و لا يرد الآخر- و هذا قول ثان فى المسألة-.

فان الاقوال على ما ذكرها المصنف أربعة، العدم مطلقا، و الجواز مطلقا، و التفصيل بين علم البائع بالتعدد فالجواز، و عدم علمه فعدم

ص: 164

و في التذكرة ليس عندى فيه بعد اذ البائع اخرج العبد إليهما مشقصا، فالشركة حصلت بايجابه و قواه في الايضاح لما تقدم من التذكرة.

و ظاهر هذا الوجه اختصاص جواز التفريق بصورة علم البائع بتعدد المشترى، و استجوده في التحرير، و قواه في جامع المقاصد، و صاحب

______________________________

الجواز.

و التفصيل الّذي يظهر من المبسوط، و هو الجواز مع تحقق القبول من المشتريين، و الوجهان مع اتحاد القبول.

(و في التذكرة) قال: (ليس عندى فيه) اى في جواز الافتراق (بعد) بضم الباء (اذا البائع اخرج العبد) المبيع (إليهما مشقصا) اى جزءا لهذا، و جزءا لذاك (فالشركة حصلت بايجابه) فكانه بيعان فلهما خياران، و ليس ببيع واحد حتى يكون لهما خيار واحد (و قواه فى الايضاح لما تقدم من التذكرة) من الدليل.

(و ظاهر هذا الوجه) اى وجه الظهور، ان الظاهر نسبة الفعل الى الشخص الّذي فعله عن علم و عمد.

فاذا قلنا ضرب زيد، انصرف الى كون ضربه صدر عن علم و عمد.

فقول التذكرة «اخرج العبد» ظاهر في ان البائع كان عالما بان المشترى متعدد.

فظاهر كلامه (اختصاص جواز التفريق بصورة علم البائع بتعدد المشترى و استجوده) اى تعدد الخيار فيما اذا كان البائع عالما بتعدد المشترى (فى التحرير، و قواه في جامع المقاصد، و صاحب

ص: 165

المسالك.

و قال في المبسوط: اذا اشترى الشريكان عبدا بمال الشركة، ثم اصابا به عيبا، كان لهما ان يرداه، و كان لهما ان يمسكاه، فان اراد احدهما الرد، و الآخر الامساك، كان لهما ذلك.

ثم قال: و لو اشترى احد الشريكين للشركة، ثم اصابا به عيبا، كان لهما ان يردا، و ان يمسكا فان اراد احدهما الرد و الآخر الامساك.

______________________________

المسالك) و هذا هو القول الثالث الّذي اشرنا إليه.

(و قال في المبسوط: اذا اشترى الشريكان عبدا بمال الشركة) و كونهما اشترياه من مال الشركة من باب المثال: و الا فالمراد مطلقا كون المشترى شخصين- و لكن مع وحدة البيع كما لا يخفى- (ثم اصابا به عيبا، كان لهما ان يرداه، و كان لهما ان يمسكاه) هذا بلا اشكال كما انه لا اشكال في انه ليس لاحدهما رد جزء مما ملكه، اذ الخيار- لو قيل به- انما هو بالنسبة الى تمام حصته، لا بالنسبة الى كل جزء جزء.

و كيف كان (فان اراد احدهما الرد و الآخر الامساك، كان لهما ذلك)

و هذا الكلام من المبسوط هو شق مما ذهب إليه من التفصيل الّذي تقدمت الاشارة إليه، و هو انه اذا كان القبول من المشتريين كان لكل واحد منهما خيار مستقل.

و اشار الى الشق الثانى من تفضيله بقوله: (ثم قال: و لو اشترى احد الشريكين للشركة، ثم اصابا به عيبا، كان لهما ان يردا، و ان يمسكا فان اراد احدهما الرد و الآخر الامساك) و لا يحق لاحدهما ان يرد الكل

ص: 166

نظر، فان اطلق العقد، و لم يخبر البائع انه قد اشترى للشركة لم يكن له الرد، لان الظاهر انه اشتراه لنفسه، فاذا ادعى انه اشتراه له و لشريكه فقد ادعى خلاف الظاهر فلم يقبل قوله، و كان القول قول البائع مع يمينه الى ان قال: و ان اخبر البائع بذلك قيل فيه وجهان، احدهما- و هو الصحيح- ان له الردّ، لان الملك بالعقد وقع لاثنين، فقد علم البائع انه يبيعه من اثنين، و كان لاحدهما ان ينفرد بالرّد دون الآخر.

______________________________

او ان يمسك الكل، الا اذا كان وكيلا عن الشريك الآخر، كما في مال المضاربة (نظر، فان اطلق العقد، و) ذلك بان (لم يخبر البائع انه قد اشترى للشركة لم يكن له الرد) وحده، بل اللازم اما ردهما او امساكهما (لان الظاهر) عند اشترائه (انه اشتراه لنفسه) فلم يتحقق علم البائع بالشركة الّذي هو الميزان في جواز رد احدهما (فاذا ادعى انه اشتراه له) اى لنفسه (و لشريكه، فقد ادعى خلاف الظاهر) اى ما ظهر للبائع عند اشترائه من ان يشتريه لنفسه فقط (فلم يقبل قوله، و كان القول) فى عدم اطلاعه على الشركة (قول البائع مع يمينه) لانه منكر لعلمه بالشركة، و المشترى مدّع لعلم البائع بالشركة (الى ان قال) الشيخ (و ان اخبر) المشترى (البائع بذلك) الاشتراك عند اشترائه (قيل فيه) اى في ان لاحدهما حق الرد دون رد الآخر (وجهان، احدهما- و هو الصحيح-) عند الشيخ (ان له الرد، لان الملك بالعقد وقع لاثنين، فقد علم البائع انه يبيعه من اثنين) فحكمه حكم بيعين (و كان لاحدهما) حينئذ (ان ينفرد بالرد دون) رد (الآخر).

ص: 167

و قيل فيه وجه آخر و هو انه ليس له الرد، لان القبول في العقد كان واحدا، انتهى.

و ظاهر هذه العبارة اختصاص النزاع بما اذا كان القبول فى العقد واحدا من اثنين.

اما اذا تحقق القبول من الشريكين، فلا كلام في جواز الافتراق.

ثم الظاهر منه مع اتحاد القبول، التفصيل

______________________________

(و قيل فيه وجه آخر و هو انه ليس له الرد) وحده (لان القبول فى العقد كان واحدا، انتهى) فهو بيع واحد، و البيع الواحد ليس له الاخيار واحد.

(و ظاهر هذه العبارة اختصاص النزاع) فى ان للشريكين خيارين او خيارا واحدا (بما اذا كان القبول في العقد واحدا من اثنين) بان كان احدهما وكيلا عن الآخر فقبل عنهما، او كان لهما وكيل فقبل الوكيل عنهما.

و انما كان هذا ظاهر العبارة لانه خصص القولين بما اذا كان القبول من واحد.

(اما اذا تحقق القبول من الشريكين) كما اذا قال البائع: بعتكما هذه الدار بالف، فقال كل واحد منهما: قبلت (فلا كلام في جواز الافتراق) فى الخيار، بان يختار احدهما الرد و الآخر الابقاء، لانه قال في اوّل كلامه «فان اراد احدهما الرد و الآخر الامساك كان لهما ذلك».

(ثم الظاهر منه) اى من كلام المبسوط انه (مع اتحاد القبول التفصيل

ص: 168

بين علم البائع و جهله.

لكن التأمل في تمام كلامه قد يعطى التفصيل بين كون القبول فى الواقع لاثنين، او لواحد، فانه قدس سره علل عدم جواز الرد في صورة عدم اخبار المشترى بالاشتراك، بان الظاهر انه اشتراه لنفسه، لا بعدم علم البائع بالتعدد.

______________________________

بين علم البائع) بتعدد المشترى، فيجوز ان يرد احدهما و يمسك الآخر (و جهله) فليس لهما الا خيار واحد، لانه قال: و لم يخبر البائع انه اشترى للشركة، الى غيره مما يظهر منه التفصيل بين علمه و جهله.

(لكن التأمل في تمام كلامه قد يعطى التفصيل بين كون القبول فى الواقع) و نفس الامر (لاثنين، او لواحد).

فاذا كان لاثنين كان لكل منهما خيار مستقل.

و ان كان لواحد فليس هناك الا خيار واحد- من باب السالبة بانتفاء الموضوع اذ ليس هناك الا مشترى واحد فلا يمكن تعدد الخيار- (فانه قدس سره علل عدم جواز الرد في صورة عدم اخبار المشترى بالاشتراك، بان الظاهر انه) اى المشترى (اشتراه لنفسه).

و من المعلوم ان ظاهر هذا الكلام ان وجه عدم التعدد عدم تعدد المشترى- فى الظاهر- (لا بعدم علم البائع بالتعدد).

و لو كان المعيار في عدم تعدد الخيار عدم علم البائع بالتعدد لكان اللازم التعليل بعدم علم البائع بالتعدد.

ص: 169

و كذا حكمه قدس سره بتقدم قول البائع بيمينه المستلزم لقبول البينة من المشترى على ان الشراء بالاشتراك دليل على انه يجوز التفريق بمجرد ثبوت التعدد في الواقع بالبينة، و ان لم يعلم به البائع، الا ان يحمل اليمين على يمين البائع على نفى العلم و يراد من البينة البينة على اعلام المشترى للبائع بالتعدد.

______________________________

(و كذا) يظهر ذلك من (حكمه قدس سره بتقدم قول البائع بيمينه) فيما اذا قال المشترى انه اشتراه لنفسه و لشريكه، و قال البائع بل انه اشتراه لنفسه وحده (المستلزم لقبول البينة من المشترى) لانه اذا كان البائع هو المنكر، كان المشترى هو المدعى، و قوله «المستلزم» صفة «حكمه» (على ان الشراء بالاشتراك) «على» متعلق ب «قبول البينة» ف (دليل) خبر «حكمه» (على انه يجوز التفريق) فى الخيار بان يختار احدهما الرد و الآخر الامساك (بمجرد ثبوت التعدد) فى المشترى (فى الواقع بالبينة) متعلق ب «ثبوت» (و ان لم يعلم به) اى بالتعدد (البائع) حال البيع مما يظهر منه ان ليس هناك تفصيل بين علم البائع و جهله (الا ان يحمل اليمين) فى كلام المبسوط (على يمين البائع على نفى العلم) لا يمينه على نفى الشركة (و يراد من البينة) التى يأتى بها المشترى لا ثبات كلامه (البينة على اعلام المشترى للبائع بالتعدد) اى تعدد المشترى، لا البينة على تعدد المشترى.

و على هذا: فالمناط في تفريق الخيار علم البائع و جهله، لا تعدد المشترى و وحدته.

ص: 170

و كيف كان فمبنى المسألة- على ما يظهر من كلام الشيخ- على تعدد العقد بتعدد المشترى و وحدته.

و الاقوى في المسألة عدم جواز الافتراق مطلقا، لان الثابت من الدليل هنا خيار واحد متقوم باثنين فليس لكل منهما الاستقلال.

و لا دليل على تعدد الخيار هنا الا اطلاق الفتاوى و النصوص من ان من اشترى

______________________________

(و كيف كان فمبنى المسألة) اى مسألة: انه هل هناك خياران او خيار واحد؟ فيما اذا كان البائع واحدا في عقد واحد و كان المشترى متعددا (- على ما يظهر) ذلك المبنى (من كلام الشيخ- على تعدد العقد بتعدد المشترى و وحدته) اى وحدة العقد، فاذا كان المشترى متعددا، يلزم ان يكون العقد متعددا، و ان كان في صورة عقد واحد، و لازم تعدد العقد تعدد الخيار، و اذا كان المشترى واحدا كان هناك خيار واحد.

(و الاقوى في المسألة) اى مسألة تعدد المشترى، و وحدة العقد (عدم جواز الافتراق) فى الخيار (مطلقا) سواء علم البائع بالتعدد، أم لا (لان الثابت من الدليل) المثبت للخيار (هنا) فى باب العيب، بل فى كل ابواب الخيارات كالغبن، و الرؤية، و نحوهما (خيار واحد متقوم باثنين) اى ان الواحد لهما معا.

و اذا كان الخيار متقوما بهما (فليس لكل منهما الاستقلال) بالفسخ بل لا بد من فسخهما معا اذا ارادا الاخذ بالخيار.

(و لا دليل على تعدد الخيار هنا) اى في صورة تعدد المشترى (الا اطلاق الفتاوى و النصوص من ان من اشترى

ص: 171

معيبا فهو بالخيار الشامل لمن اشترى جزءا من المعيب.

لكن الظاهر بعد التأمل انصرافه الى غير المقام.

و لو سلمنا الظهور، لكن لا ريب في ان رد هذا المبيع منفردا عن المبيع الآخر نقص حدث فيه بل ليس قائما بعينه و لو بفعل الممسك لحصته،

______________________________

معيبا فهو بالخيار) فان «من» شامل لما اذا كان المشترى واحدا، او متعددا (الشامل) هذا الاطلاق (لمن اشترى جزءا من المعيب) منضما الى شخص آخر في عقد واحد.

(لكن الظاهر) من اطلاقهم (بعد التأمل انصرافه الى غير المقام) اى غير مقام تعدد المشترى في عقد واحد.

فانه منصرف الى ما كان المشترى متعددا في عقدين او في عقد واحد قائم مقام عقدين- كما تقدم مثاله في بعض الحواشى السابقة-.

(و لو سلمنا الظهور) اى ظهور اطلاق النص و الفتوى في المقام أيضا (لكن لا ريب في ان رد هذا المبيع) الّذي هو جزء- فى عقد واحد- (منفردا عن المبيع الآخر نقص حدث فيه).

و قد تقدم ان النقص الحادث عند المشترى عيب مانع عن الرد بالعيب القديم، فهو مخصص لاطلاق النص و الفتوى المجوز للرد (بل) المتاع (ليس قائما بعينه) اذا كان الرد لجزء منه، و قد شرط النص المتقدم- فى جواز الرد- ان يكون المتاع قائما بعينه (و لو) ان عدم القيام بعينه انما هو (بفعل الممسك لحصته) فان ما دل على اشتراط القيام بعينه مطلق، يشمل كل اقسام عدم القيام، سواء كان عدم القيام بفعل

ص: 172

و هو مانع من الرد.

و من ذلك يعلم قوة المنع و ان قلنا بتعدد العقد.

و ما ذكروه تبعا للتذكرة من ان التشقيص حصل بايجاب البائع فيه انه اخرجه غير مبعض، و انما تبعض بالاخراج

______________________________

ذى الخيار، او بفعل اجنبى، او بفعل الطبيعة (و هو) اى عدم القيام بعينه (مانع من الرد) كما ورد في النص.

(و من ذلك) الّذي ذكرنا ان القيام بعينه شرط في وجود الخيار (يعلم قوة المنع) عن الرد بالنسبة الى احدهما (و ان قلنا بتعدد العقد) و انهما لو اشترياه في عقد واحد، كان هناك عقدان، و ذلك لصدق انه ليس قائما بعينه.

و حينئذ فاذا اشترى زيد نصف الدار، ثم اشترى عمرو النصف الآخر، فيحق لاحدهما الفسخ، لصدق ان نصف الدار قائما بعينه.

اما اذا اشترياه في عقد واحد- و ان كان ذلك في قوة تعدد العقد- لم يحق لاحدهما الرد، لانه يصدق ان الدار المشتراة ليست قائمة بعينها، فتأمل.

(و) ان قلت: ان التبعض ليس بفعل المشترى، بل هو بفعل البائع الّذي باعه من اثنين، كما ذكره التذكرة.

قلت: (ما ذكروه تبعا للتذكرة من ان التشقيص حصل بايجاب البائع) فللمشترى حق الخيار (فيه، انه) اى البائع (اخرجه غير مبعض، و انما تبعض بالاخراج) فان المعتبر في جواز الرد حصوله في يد البائع.

ص: 173

و المقصود حصوله في يد البائع، كما كان قبل الخروج، و خلاف ذلك ضرر عليه.

و

______________________________

و الحاصل: ان التبعض لم يحصل في يد البائع، بل حصل عند اخراج البائع المتاع من ملكه الى ملك المشترى فحصول التشقيص بايجاب البائع ليس حاله حال العيب الحاصل عند البائع.

و عليه فارجاع شقصه الى البائع ضرر عليه، بخلاف ما اذا كان التشقيص حاصلا عند البائع، كما اذا باع نصف السلعة لزيد، و نصفها الآخر لعمرو في عقدين مستقلّين (و المقصود) الّذي يمكن معه ارجاع الشقص (حصوله) اى حصول المتاع (فى يد البائع، كما كان قبل الخروج) اى مثل حالته التى كان عليها قبل خروج المتاع من يده اى انه كلما رجع المتاع الى البائع- حتى يكون المتاع قبل البيع و بعد الفسخ على حد سواء- جاز في هذه الصورة الرد و الفسخ.

و كلما كان حال المتاع قبل البيع غير حاله بعد الفسخ، لا يصح الرد و الفسخ، و ما نحن فيه من القسم الثانى اذ المتاع قبل البيع «كل» و بعد الرد «بعض» (و خلاف ذلك) بان لم يحصل في يد البائع مثل حالته قبل البيع (ضرر عليه) فيدل: لا ضرر، على انه لم يشرع الشارع الرد الّذي يوجب ضررا على البائع.

(و) ان قلت: ان البائع حين بيعه لاثنين كان عالما بانه يخرجه عن ملكه مبعضا، و معنى ذلك ان البائع بنفسه اقدم على ضرر نفسه.

ص: 174

علم البائع بذلك ليس فيه اقدام على الضرر الاعلى تقدير كون حكم المسألة جواز التبعيض و هو محل الكلام.

و الحاصل ان الفرق بين هذه المسألة، و المسألة الاولى غير وجيه

و اما الثانى: و هو تعدد البائع، فالظاهر عدم الخلاف في جواز التفريق، اذ لا ضرر على البائع بالتفريق

______________________________

قلت: (علم البائع بذلك) الاخراج عن ملكه مبعضا (ليس فيه اقدام على الضرر) اذ لا تلازم بين الامرين و هما: الاخراج المبعض، و: الاقدام على الضرر (الاعلى تقدير كون حكم المسألة) اى مسألة البيع لاثنين فى عقد واحد (جواز التبعيض) بان علم البائع ان بيعه لاثنين يستلزم جواز رد احدهما الموجب لضرر البائع، و مع ذلك اقدم على البيع لهما (و) الحال انه (هو) اى كون حكم المسألة جواز التبعيض (محل الكلام) الآن

(و الحاصل ان الفرق بين هذه المسألة) اى مسألة تعدد البيع فى عقد واحد (و المسألة الاولى) و هى وحدة العقد، بان لا نجوز الرد فى المسألة الاولى، و نجوز الرد في المسألة الثانية التى اشرنا إليها بقولنا: و من ذلك يعلم قوة المنع (غير وجيه).

(و اما الثانى: و هو تعدد البائع) و وحدة المشترى (فالظاهر عدم الخلاف في جواز التفريق) فاذا باع بائعان دارهما من زيد، فوجد فيهما عيبا، جاز له ان يرد دار احدهما دون دار الآخر (اذ لا ضرر على البائع بالتفريق) لعدم تبعض الصفقة عليه.

لكن ربما يقال: ان التفريق قد يكون ضررا على البائع، كما اذا كان

ص: 175

و لو اشترى اثنان من اثنين عبدا واحدا، فقد اشترى كل من كل ربعا فان اراد احدهما رد ربع الى احد البائعين دخل في المسألة الثالثة

و لذا لا يجوز، لان المعيار تبعض الصفقة على البائع الواحد.

______________________________

مصراعى باب لبائعين، فباعاهما بعشرة، بينما كان ثمن الباب الواحدة من دون مصراعه. باثنين، فانه لو رد المشترى على احدهما تضرر بثلاثة.

و عليه ففى هذه الصورة لا يجوز الرد على احدهما، بل اللازم قبولهما او ردهما.

(و لو اشترى اثنان من اثنين عبدا واحدا، فقد اشترى كل) من المشتريين (من كل) من البائعين (ربعا) من العبد، اذ كل واحد من البائعين باع نصف ما يملك و هو ربع العبد من احد المشتريين (فان اراد احدهما) اى احد المشتريين (رد ربع) العبد (الى احد البائعين دخل فى المسألة الثالثة) و هى: ما اذا كان البائع واحدا و المشترى متعددا، و اراد احد المشتريين رد حصته الى البائع، فان البائع هنا باع نصف عبده لاثنين، و اراد احد المشتريين رد حصته و هى الربع الى البائع.

(و لذا) الّذي دخل في المسألة الثالثة (لا يجوز، لان المعيار) فى عدم الجواز (تبعض الصفقة على البائع الواحد) و ذلك حاصل هنا.

ثم انه لا اشكال في انه لاحق للمشترى في ردّ بعض المبيع اذا كان كله معيبا، لانه من تبعيض الصفقة على البائع الا اذا قبل البائع.

ص: 176

مسئلة يسقط الارش دون الردّ في موضعين.
احدهما: اذا اشترى ربويا بجنسه، فظهر عيب في احدهما

فلا ارش حذرا من الربا.

و يحتمل جواز اخذ الارش و نفى عنه البأس في التذكرة- بعد ان حكاه وجها ثالثا لبعض الشافعية-

______________________________

(مسألة: يسقط الارش دون الردّ في موضعين) فليس للمشترى ان يأخذ الارش و له ان يرد المبيع المعيب.

(احدهما: اذا اشترى ربويا بجنسه، فظهر عيب في احدهما) كان اشترى منّا من الحنطة بمنّ من الحنطة.

و لا يخفى ان تسمية احدهما بائعا، و الآخر مشتريا، انما هو بالقصد و يظهر في اللفظ من كلمة «الباء» حيث انه يدخل على الثمن (فلا ارش) هنا (حذرا من الربا) لانه يكون طرف المعيب اكثر.

و من المعلوم ان النتيجة صارت رطلين من المعيب في مقابل رطل من الصحيح مثلا.

(و يحتمل جواز اخذ الارش و نفى عنه البأس في التذكرة- بعد ان حكاه وجها ثالثا لبعض الشافعية-).

فالوجه الاول فسخ البيع مطلقا.

ص: 177

موجها له بان المماثلة في مال الربا انما يشترط في ابتداء العقد و قد حصلت، و الارش حق ثبت بعد ذلك لا يقدح في العقد السابق، انتهى

ثم ذكر ان الاقرب انه يجوز اخذ الارش من جنس العوضين لان الجنس لو امتنع اخذه لامتنع اخذ غير الجنس لانه يكون بيع مال الربا بجنسه مع

______________________________

و الوجه الثانى فسخ البيع مع رضا البائع.

و الوجه الثالث اخذ المشترى الارش كسائر الموارد التى لا تكون ربوية (موجها) العلامة (له) اى لاخذ الارش (بان المماثلة في مال الربا) اى الجنس الربوي (انما يشترط في ابتداء العقد و قد حصلت) المماثلة فى ابتداء العقد، لان المفروض انه اعطى رطلا من التمر الصحيح في مقابل رطل من التمر المعيب (و الارش حق ثبت بعد ذلك) و الادلة التى تقول بالمماثلة انما تنصرف الى حالة العقد، فلا تشمل بعد ذلك.

و (لا يقدح) هذا الحق الجديد (فى العقد السابق) لانه لا دليل على قدحه، بعد انصراف الادلة عن مثله (انتهى) كلام العلامة.

(ثم) يأتى الكلام في انه اذا جاز اخذ الارش، فهل يلزم ان يكون الارش من غير جنس العوضين كان يكون الارش نقودا في الوقت الّذي يقع العقد على التمر مثلا؟ أم يجوز ان يكون الارش من جنس العوضين (ذكر) العلامة (ان الاقرب انه يجوز اخذ الارش من جنس العوضين).

و ذلك (لان الجنس لو امتنع اخذه، لامتنع اخذ غير الجنس) أيضا (لانه) اى غير الجنس اذا اخذ ارشا (يكون) العقد عبارة عن (بيع مال الربا ب) مقابل (جنسه مع

ص: 178

شي ء آخر، انتهى.

و عن جامع الشرائع حكاية هذا الوجه عن بعض اصحابنا المتقدم على العلامة.

و حاصل وجهه ان صفة الصحة لم تقابل بشي ء من الثمن حتى يكون المقابل للمعيب الفاقد للصحة انقص منه

______________________________

شي ء آخر) و لا فرق في حرمة الربا بين ان يعطى رطلا و نصف رطل من التمر فى مقابل رطلين، او ان يعطى الرطل و النصف في مقابل رطل و نصف و دينار.

فاذا كان الارش موجبا للربا، لا فرق في المنع بين الجنس و غير الجنس، و اذا لم يكن موجبا للربا لم يكن فرق في الجواز بين الجنس و غير الجنس (انتهى) كلام العلامة «ره».

(و عن جامع الشرائع حكاية هذا الوجه) الّذي ذكره العلامة بقوله «بان المماثلة في مال الربا» (عن بعض اصحابنا المتقدم على العلامة)

(و حاصل وجهه) بتوجيه من المصنف: ان الارش غرامة قدرها الشارع، فهو اجنبى عن العوضين، و لذا لا يوجب اخذه الربا، لانه ليس جزءا منهما.

ف (ان صفة الصحة) المفقودة في المعيب (لم تقابل بشي ء من الثمن) فان من يشترى العبد بمائة، ليس مراده ان العبد بتسعين، و ان وصف كونه «ليس بمريض» بعشرة (حتى يكون المقابل للمعيب الفاقد للصحة) «الفاقد» صفة توضيحية ل «المعيب» (انقص منه) اى من ثمن الصحيح

ص: 179

قدرا، بل لم تقابل بشي ء اصلا، و لو من غير الثمن، و الا لثبت في ذمة البائع و ان لم يختر المشترى الارش بل الصحة وصف التزمه البائع في المبيع من دون مقابلته بشي ء من المال كسائر الصفات المشترطة في المبيع، الا ان الشارع جوز للمشترى مع تبين فقده اخذ ما يخصه بنسبة المعاوضة من الثمن

______________________________

(قدرا) بان يكون ثمن الصحيح مائة و ثمن المعيب تسعين (بل لم تقابل) صفة الصحة (بشي ء اصلا، و لو من غير الثمن) بان يجب على البائع دفع شي ء من كيسه للمشترى الّذي اشترى منه المعيب (و الا) فان كان وصف الصحة قوبل بشي ء من الثمن، او من غير الثمن (لثبت) ذلك الشي ء (فى ذمة البائع، و ان لم يختر المشترى الارش) فان المفروض ان البائع اعطى المتاع للمشترى بدون وصف الصحة، فعليه ان يعطى للمشترى الشي ء المقابل لوصف الصحة- و ان لم يطلبه المشترى- (بل الصحة وصف التزمه البائع في المبيع من دون مقابلته بشي ء من المال) فكانّ البائع قال: اعطيك هذا المتاع بهذا الثمن، و انى ملتزم ان يكون صحيحا (كسائر الصفات المشترطة في المبيع) التى لا تقابل بالمال.

كما اذا قال: ابيعك هذا الشي ء بشرط ان اسلّمه أليك في الزمان الفلانى، او المكان الكذائى، او ما اشبه ذلك، فانه اذا لم يف بشرطه لم يكن عليه شي ء من المال (الا ان الشارع جوز للمشترى مع تبين فقده) اى فقد وصف الصحة (اخذ) المشترى (ما يخصه) فان الصحيح مثلا يباع فى السوق بمائة، و المعيب بتسعين، فمن ذلك يظهر ان ما يخص وصف الصحة هو عشرة، و لكن الاخذ يكون (بنسبة المعاوضة من الثمن) فاذا كانت

ص: 180

او غيره، و هذه غرامة شرعية حكم بها الشارع عند اختيار المشترى لتغريم البائع.

هذا و لكن يمكن ان يدعى ان المستفاد من ادلة تحريم الربا، و حرمة المعاوضة الا مثلا بمثل- بعد ملاحظة ان الصحيح و المعيب جنس واحد-

______________________________

قيمة العبد الصحيح مائة، و المعيب تسعين، كان للمشترى ان يأخذ عشر القيمة، فاذا اشتراه خمسين كان له خمسه، و اذا اشتراه مائتين كان له عشرون- و ليس له ان يأخذ العشرة مطلقا، الا اذا اشتراه بمائة-.

قوله: (او غيره) عطف على «من الثمن» اى سواء كان ما يأخذه من نفس الثمن، او غير الثمن، بان كان من نقد لم يكن جزءا من الثمن عند اعطائه للبائع (و هذه غرامة شرعية حكم بها الشارع عند اختيار المشترى لتغريم البائع) و ليس مثل الضمان بالاتلاف الّذي هو في ذمة البائع، سواء اراد الغريم أم لا، فان الضمان ثابت الا ان يسقطه الغريم، و الارش ليس بثابت الا اذا اراد المشترى.

(هذا) هو توجيه كلام العلامة الّذي قال بجواز اخذ الارش (و لكن يمكن ان يدعى ان المستفاد من ادلة تحريم الربا، و) من ادلة (حرمة المعاوضة الا مثلا بمثل) بدون زيادة (- بعد ملاحظة انّ الصحيح و المعيب جنس واحد-) فلا يجوز بيع احدهما بالآخر مع الزيادة، و لو كانت تلك الزيادة في طرف المعيب بمقدار يتدارك به عيبه، بحيث يتساوى الصحيح و المعيب ثمنا في نظر العرف.

ص: 181

ان وصف الصحة في احد الجنسين كالمعدوم لا يترتب على فقده استحقاق عوض.

و من المعلوم ان الارش عوض وصف الصحة عرفا و شرعا.

فالعقد على المتجانسين لا يجوز ان يصير سببا لاستحقاق احدهما على الآخر زائدا على ما يساوى الجنس الآخر.

______________________________

و انما قلنا «بعد ملاحظة» لان اطلاقات ادلة الربا الدالة على عدم المفاضلة تشمل الصحيح و المعيب، كما تشمل الصحيحين.

قوله: (ان) متعلق ب «ان المستفاد» (وصف الصحة في احد الجنسين كالمعدوم) و انما كان كالمعدوم بمعنى انه (لا يترتب على فقده استحقاق عوض) يعنى ان الشارع لم يهتم بوجود وصف الصحة، فسواء كان في المبيع وصف الصحة أم لم يكن فيه وصف الصحة، فالمعيار مقدار المبيع و يلزم ان لا يكون مقدار المثمن اكثر من مقدار الثمن اذا كان من جنس واحد.

(و من المعلوم ان الارش عوض وصف الصحة عرفا و شرعا) فيشكل القياس هكذا «الارش عوض» «و وصف الصحة لا عوض له» «فلا يمكن ان يؤخذ الارش:- الّذي هو عوض- لمقابل وصف الصحة:- الّذي لا عوض له-».

(فالعقد على المتجانسين لا يجوز ان يصير سببا لاستحقاق احدهما) و هو المشترى (على الآخر) و هو البائع (زائدا على ما يساوى الجنس الآخر) و ان كان ذلك الزائد الارش فيما اذا كان احد الجنسين معيبا.

ص: 182

و بالجملة، فبناء معاوضة المتجانسين على عدم وقوع مال في مقابل الصحة المفقودة في احدهما.

و المسألة في غاية الاشكال، و لا بد من مراجعة ادلة الربا، و فهم حقيقة الارش، و سيجي ء بعض الكلام فيه ان شاء اللّه تعالى.

الثانى: ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة،

فانه لا يتصور هنا ارش حتى يحكم بثبوته.

______________________________

(و بالجملة، ف) نقول في رد العلامة- الّذي افتى بصحة اخذ الارش- ان (بناء معاوضة المتجانسين على عدم وقوع مال في مقابل) وصف (الصحة المفقودة في احدهما) لان البيّعين يعلمان انه لا يجوز التفاضل، فيعاملان بان هذا في مقابل ذاك فقط و فقط، و ان كان احدهما معيبا و الآخر صحيحا، فتأمل.

(و المسألة في غاية الاشكال، و لا بد من مراجعة ادلة الربا) و هل انها تقول بعدم جواز اخذ الزيادة ابتداءً؟ او عمومها شامل لمثل الارش أيضا- مما يؤخذ بعد العقد- (و فهم حقيقة الارش) و هل انه غرامة شرعية؟ او جزء من الثمن في مقابل وصف الصحة (و سيجي ء بعض الكلام فيه) اى في الارش (ان شاء اللّه تعالى) هذا تمام الكلام حول الموضع الاول الّذي للمشترى يكون فيه الرد و لا يكون له الارش.

الموضع (الثانى: ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة) بان سمى معيبا عرفا، فانطبق عليه دليل الخيار (فانه لا يتصور هنا ارش) اى تفاوت بين قيمة الصحيح و قيمة المعيب (حتى يحكم بثبوته) على البائع، فان

ص: 183

و قد مثلوا لذلك بالخصاء في العبيد.

و قد يناقش في ذلك بان الخصاء موجب في نفسه لنقص القيمة لفوات بعض المنافع عنه كالفحولة، و انما يرغب في الخصى قليل من الناس لبعض الاغراض الفاسدة اعنى عدم تستر النساء منه، فيكون واسطة في الخدمات بين المرء و زوجته.

______________________________

الحكم تابع للموضوع (و قد مثلوا لذلك بالخصاء في العبيد) حيث ان العبد الخصى لا تنقص قيمته لرغبة الناس فيه، و مع ذلك فلا اشكال فى انه معيب و ناقص.

(و قد يناقش في ذلك) اى في المثال بالعبد الخصى (بان الخصاء) أيضا يوجب الارش، لان الاعتبار فيه بالعرف المتدين، و هم يشترون الخصى باقل قيمة من العبد السالم.

اما اشتراء بعض ذوى الاغراض الفاسدة للخصى بقيمة زائدة فذلك لا يكون ميزانا للقيمة، حتى لا يوجب الخصاء الارش فالخصاء أيضا (موجب في نفسه لنقص القيمة لفوات بعض المنافع عنه كالفحولة) فانه لا يقدر على الاخصاب و النسل (و انما يرغب في الخصى قليل من الناس) كالملوك و من اشبههم (لبعض الاغراض الفاسدة اعنى عدم تستر النساء منه) و هذا غرض فاسد، اذ يحرم عدم التستر من الرجل الاجنبى الا اذا دخل في غير اولى الاربة، و من الاغراض الفاسدة أيضا عدم حصول نسل له اذا خان و اقترب من امرأة في الحرم (فيكون واسطة في الخدمات بين المرء و زوجته) و سائر حرمه.

ص: 184

و هذا المقدار لا يوجب زيادة في اصل المالية فهو كعنب معيوب يرغب فيه لجودة خمره.

لكن الانصاف ان الراغب فيه لهذا الغرض حيث يكون كثيرا- لا نادرا- بحيث لا يقدح في قيمته المتعارفة لو لا هذا الغرض صح ان يجعل الثمن المبذول من الراغبين مقدارا لمالية الخصى، فكان هذا الغرض صار غرضا مقصودا متعارفا.

______________________________

(و هذا المقدار) من رغبة ذوى الاغراض الفاسدة (لا يوجب زيادة فى اصل المالية) زيادة واقعية حتى لا يكون هناك ارش (فهو كعنب معيوب يرغب فيه) اهل الباطل (لجودة خمره) فاذا اشتراه انسان جاهلا بعيبه كان له الارش، لان قيمة العنب الفاسد اقل من قيمة العنب الصحيح.

(لكن الانصاف) ان المناقشة ليست تامة، ل (ان الراغب فيه لهذا الغرض) الفاسد (حيث يكون كثيرا- لا نادرا- بحيث لا يقدح) هذا الغرض (فى قيمته المتعارفة) فان الغرض الفاسد لا يقدح نادرا في قيمة الفاسد، اذ مع الندرة تكون قيمته المتعارفة اقل من قيمة الصحيح، اما مع الكثرة فقيمة الفاسد مثل قيمة الصحيح (لو لا هذا الغرض) الفاسد (صح ان يجعل الثمن المبذول من الراغبين مقدارا لمالية الخصى) و كذلك نقول في العنب المعيوب، فانه اذا كان الراغب فيه كثيرا حتى صارت قيمته السوقية مساوية لقيمة الصحيح لم يقدح ذلك في قيمته السوقية، فلا ارش (فكان هذا الغرض) الفاسد (صار غرضا مقصودا متعارفا)

ص: 185

و صحة الغرض و فساده شرعا لا دخل لها في المالية العرفية، كما لا يخفى.

و بالجملة فالعبرة في مقدار المالية برغبة الناس في بذل ذلك المقدار من المال بإزائه، سواء كان من جهة اغراض انفسهم، أم من

______________________________

بحيث اوجب زيادة المالية السوقية حتى تساوى المعيب مع الصحيح فى القيمة.

(و) ان قلت: كيف رتب الشارع حكمه- بعدم الارش- على ما حرمه من الغرض الفاسد.

قلت: (صحة الغرض و فساده شرعا لا دخل لها في المالية العرفية كما لا يخفى) فان الشارع رتب حكمه على القيمة السوقية و القيمة السوقية حاصلة الآن، و ان كان الغرض الباعث لها فاسدا كما ان الشارع رتب حكمه- الخيارى- على إرادة الفسخ في المجلس- فى خيار المجلس مثلا- فللمشترى الفسخ و ان كان قصده من هذا الفسخ غرضا حراما، مثل اضرار البائع بكسر سلعته، حيث ان السلعة المردودة تكسر فى نظر العرف- احيانا- حالها حال المرأة المخطوبة التى ترد بعد الخطبة.

(و بالجملة) نقول في جواب المناقش (فالعبرة في مقدار المالية برغبة الناس في بذل ذلك المقدار من المال بإزائه) اى بإزاء المتاع- كالعبد الخصى و العنب المعيوب في المثال- (سواء كان) البذل (من جهة اغراض انفسهم) كاشتراء العبد الصحيح للخدمة (أم من

ص: 186

جهة بيعه على من له غرض فيه، مع كثرة ذلك المشترى و عدم ندرته بحيث يلحق بالاتفاقيات.

______________________________

جهة بيعه على من له غرض فيه) و ان كان ذلك الغرض فاسدا، و لكن انما تكون مالية المعيب كثيرة (مع كثرة ذلك المشترى) الّذي له غرض فاسد (و عدم ندرته) ندرة (بحيث يلحق) شراء هذا المشترى الّذي له غرض فاسد (بالاتفاقيات) حتى تكون القيمة السوقية للمعيب انقص من الصحيح

ص: 187

مسئلة يسقط الرد و الارش معا، بامور.
احدها: العلم بالعيب قبل العقد،

بلا خلاف و لا اشكال لان الخيار انما ثبت مع الجهل.

و قد يستدل بمفهوم صحيحة زرارة المتقدمة.

______________________________

(مسألة: يسقط الرد و الارش معا) فى المبيع المعيب (بامور).

(احدها: العلم بالعيب قبل العقد، بلا خلاف و لا اشكال) بان اقدم المشترى على اشترائه مع علمه بعيبه، و لكن بشرط ان يكون علمه بالعيب بمقدار العيب كما و كيفا.

مثلا: علم بان للعبد عين واحدة عوراء، فاذا ظهر ان عينيه عوراوتان او ظهر ان عينه عمياء كان له حق الرد و الارش (لان الخيار انما ثبت مع الجهل) لانصراف الادلة و تصريح الفقهاء بذلك ففى مورد العلم كان المتبع هو اصالة اللزوم.

(و قد يستدل) لذلك على ما في الجواهر (بمفهوم صحيحة زرارة المتقدمة) عن ابى جعفر عليه السلام: ايما رجل اشترى شيئا و به عيب او عوار، و لم يتبرأ إليه و لم يتبين له، فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا، ثم علم بذلك العوار او ذاك العيب، فانه يمضى عليه البيع و يرد عليه بقدر ما ينقص من ذاك الداء و العيب من ثمن ذلك.

وجه الاستدلال بالصحيحة- ضمن المفهوم منها- انه ان تبين

ص: 188

و فيه نظر و حيث لا يكون العيب المعلوم سببا لخيار، فلو اشترط العالم ثبوت خيار العيب مريدا به الخيار الخاص الّذي له احكام خاصة فسد الشرط و افسد، لكونه مخالفا للشرع، و

______________________________

العيب للمشترى لم يكن له حق في الرد، كما ان المفهوم منه انه ان تبرأ البائع من عيبه لم يكن للمشترى حق الرد.

(و فيه نظر) فلا تدل هذه الرواية على ان علم المشترى بالعيب يسقط حقه في الرد و الارش.

و وجه النظر ان كلمة «و لم يتبين له» انما ذكر في الحديث لاجل تفريع «ثم علم بذلك العوار» عليه، لان العلم المتأخر فرع الجهل المتقدم.

و عليه فكلمة «و لم يتبين» ليست قيدا حتى يكون له مفهوم، فتأمل (و حيث لا يكون العيب المعلوم سببا ل) وجود (خيار) العيب (فلو) غبنه في القيمة بان علم المشترى بالعيب و لكن ظن ان قيمة المعيب كذا فظهر بخلاف ذلك، كان للمشترى خيار الغبن و ان لم يكن له خيار العيب، و لو (اشترط العالم) بالعيب (ثبوت خيار العيب مريدا به الخيار الخاص الّذي له احكام خاصة) من الرد و الارش و غيرهما (فسد الشرط) لان الشارع لم يجعل هذا الخيار في هذا الحال، فهو كما اذا اشترط ان يكون له خيار الغبن في حال انه ليس بمغبون و الحاصل انه تشريع (و افسد) بناء على ان الشرط الفاسد مفسد (لكونه مخالفا للشرع) لكن المشهور بين المتأخرين ان الشرط الفاسد ليس بمفسد (و

ص: 189

لو اراد به مجرد الخيار، كان من خيار الشرط، و لحقه احكامه لا احكام خيار العيب.

الثانى: تبرّى البائع عن العيوب اجماعا في الجملة

على الظاهر المصرح به في محكى الخلاف و الغنية، و نسبه في التذكرة الى علمائنا اجمع.

و الاصل في الحكم قبل الاجماع- مضافا الى ما في التذكرة من ان الخيار انما يثبت لاقتضاء مطلق العقد السلامة

______________________________

لو اراد) المشترى (به) اى بخيار العيب الّذي يشترطه (مجرد الخيار) لا خيار العيب المقرر في الشريعة (كان من خيار الشرط، و لحقه احكامه) اى احكام خيار الشرط (لا) من خيار العيب، فلا يلحقه (احكام خيار العيب) كما هو واضح.

(الثانى) مما يسقط الرد و الارش معا (تبرّى البائع عن العيوب اجماعا في الجملة) اى ان الاجماع ليس في كل صغريات المسألة، و انما هو موجود في بعض الصغريات (على الظاهر) اى انا نستظهر الاجماع من كلماتهم (المصرح به) اى بالاجماع (فى محكى الخلاف و الغنية، و نسبه في التذكرة الى علمائنا اجمع).

(و الاصل) اى الدليل (فى الحكم) بعدم الخيار في صورة التبرى (قبل الاجماع- مضافا الى ما في التذكرة من ان الخيار انما يثبت لاقتضاء مطلق العقد السلامة) اى ان اطلاق العقد و عدم تقييده بكون احد العوضين معيبا، يقتضي ان يكونا صحيحين، لانصراف العوضين الى

ص: 190

فاذا صرح البائع بالبراءة فقد ارتفع- صحيحة زرارة المتقدمة.

و مكاتبة جعفر بن عيسى الآتية.

و مقتضى اطلاقهما كمعقد الاجماع المحكى عدم الفرق بين التبرّى تفصيلا و

______________________________

الصحيحين فيكون العقد واقعا على الجنس بشرط الصحة (فاذا صرح البائع بالبراءة) من العيب (فقد ارتفع-) الاصل فلا شرط، و لا وجه للخيار.

فمضافا الى ما في التذكرة (صحيحة زرارة المتقدمة) حيث قال عليه السلام: «و لم يتبرأ إليه» فان المفهوم منه انه ان تبرأ لم يكن للمشترى الخيار، و هذا قيد لانه ذكر في مقام القيدية، بخلاف قوله عليه السلام:

«و لم يتبين له» حيث انه ذكر لاجل تفريع «ثم علم بذلك» عليه- كما تقدم-.

(و مكاتبة جعفر بن عيسى الآتية) قال: كتبت الى ابى الحسن عليه السلام، جعلت فداك: المتاع يباع فيمن يزيد، فينادى عليه المنادى، فاذا نادى عليه برئ من كل عيب فيه، فاذا اشتراه المشترى و رضيه، و لم يبق الا نقد الثمن، فربما زهد فيه، فاذا زهد فيه ادعى عيوبا، و انه لم يعلم بها، فيقول له المنادى: قد برئت منها، فيقول المشترى: لم اسمع البراءة منها، أ يصدّق؟ فلا يجب عليه، أم لا يصدّق؟ فكتب عليه السلام:

ان عليه الثمن. فأنّ منطوقها ان البراءة توجب عدم الخيار.

(و مقتضى اطلاقهما) مفهوم زرارة و منطوق جعفر (كمعقد الاجماع المحكى، عدم الفرق بين التبرّى تفصيلا) كان يقول: انى أبرأ من العيب الّذي في عينه، او من عواره (و

ص: 191

اجمالا، و لا بين العيوب الظاهرة و الباطنة، لاشتراك الكل في عدم المقتضى للخيار مع البراءة خلافا للمحكى في السرائر عن بعض اصحابنا من عدم كفاية التبرّى اجمالا.

و عن المختلف نسبه الى الاسكافى، و قد ينسب الى صريح آخر كلام القاضى المحكى في المختلف، مع ان المحكى عن كامل القاضى موافقة المشهور.

و في الدروس نسب المشهور الى اشهر القولين.

______________________________

اجمالا) كان يقول: انى أبرأ من كل عيب فيه (و لا بين العيوب الظاهرة) كالعمى و العرج (و الباطنة) كمرض في القلب، او المعدة (لاشتراك الكل) اى كل هذه العيوب (فى عدم المقتضى للخيار مع البراءة) لاطلاق ادلة اسقاط البراءة للخيار (خلافا للمحكى في السرائر عن بعض اصحابنا من عدم كفاية التبرّى اجمالا) و انما اللازم التبرّى التفصيلى فلو تبرأ اجمالا، لم يتبرأ و بقى الخيار، لاصالة بقائه.

(و عن المختلف نسبه) اى القول بعدم كفاية التبرى الاجمالى (الى الاسكافى، و قد ينسب) أيضا (الى صريح آخر كلام القاضى المحكى فى المختلف) حيث نقل المختلف عن القاضى كلاما يوهم ذلك (مع ان المحكى عن كامل القاضى موافقة المشهور) فى كفاية التبرّى الاجمالى لاسقاط الخيار.

(و في الدروس نسب) كلام (المشهور) من كفاية التبرى الاجمالى (الى اشهر القولين) مما يظهر منه ان عدم الكفاية أيضا فيه شهرة، و ذهب

ص: 192

ثم ان ظاهر الادلة هو التبرّى من العيوب الموجودة حال العقد.

و امّا التبرّى من العيوب المتجددة الموجبة للخيار.

فيدل على صحته و سقوط الخيار به عموم: المؤمنون عند شروطهم.

قال في التذكرة بعد الاستدلال بعموم: المؤمنون.

لا يقال: ان التبرّى مما لم يوجد يستدعى البراءة مما

______________________________

إليه جماعة.

و كيف كان فاللازم القول بإطلاق اسقاط التبرّى لاطلاق النص و الفتوى.

(ثم ان ظاهر الادلة هو التبرّى من العيوب الموجودة حال العقد) فاذا تبرأ منها لم يكن للمشترى خيار.

(و اما التبرّى من العيوب المتجددة الموجبة للخيار) كالعيوب التى تحدث قبل القبض و التى تحدث في زمن الخيار، فانها على البائع، لان التلف قبل انقبض من مال مالكه، و التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له.

(فيدل على صحته) اى صحة هذا التبرّى (و سقوط الخيار به عموم:

المؤمنون عند شروطهم) فانه يشترط البائع على المشترى ان لا يكون له خيار، و الشرط يقتضي الوضع، فلا خيار له، لا ان له خيارا، و لكن لا يحق له ان يجعل به.

(قال في التذكرة بعد الاستدلال) للمطلب (بعموم: المؤمنون).

(لا يقال: ان التبرى مما لم يوجد) اذا صح (يستدعى البراءة مما

ص: 193

لم يجب.

لانا نقول ان التبرّى انما هو من الخيار الثابت بمقتضى العقد، لا من العيب انتهى.

اقول: المفروض ان الخيار لا يحدث الا بسبب حدوث العيب، و العقد ليس سببا لهذا الخيار فاسناد البراءة الى الخيار

______________________________

لم يجب).

فكما انه لا يمكن ابراء انسان عما لم يجب عليه بعد كذلك لا يمكن التبرّى من خيار لم يوجد بعد، فهل يصح ان يقول زيد لعمرو: أبرأتك من الطلب الّذي سوف اطلب منك بعد اعطائك دينارا؟

(لانا نقول) ليس التبرّى من العيب تبريا مما لم يوجد، و ذلك ل (ان التبرّى انما هو من الخيار الثابت بمقتضى العقد) و التبرّى انما هو فى حال العقد (لا من العيب) حتى يقال: ان العيب لم يوجد بعد فكيف يتبرأ منه؟ (انتهى) كلام التذكرة.

و الاحسن في الجواب ان يقال: ان هذا امر اعتبارى، فاذا اعتبره العرف كفى، و براءة ما لم يجب اذا لم يكن هناك دليل على منعه، و كان العرف يساعد عليه، جاز.

(اقول) كلام العلامة فيه اشكال، لان (المفروض ان الخيار لا يحدث الا بسبب حدوث العيب) و العيب متأخر عن العقد، فالخيار متأخر عن العقد (و العقد ليس سببا لهذا الخيار) كما حقق في محلّه (فاسناد البراءة الى الخيار) الّذي فعله العلامة حيث قال «التبرّى انما هو من

ص: 194

لا ينفع.

و قد اعترف قدس سرّه في بعض كلماته بعدم جواز اسقاط خيار الرؤية بعد العقد و قبل الرؤية.

نعم ذكر في التذكرة جواز اشتراط نفى خيار الرؤية في العقد لكنه مخالف لسائر كلماته، و كلمات غيره كالشهيد، و المحقق الثانى.

و بالجملة فلا فرق بين البراءة من خيار العيوب و البراءة من خيار الرؤية

______________________________

الخيار» (لا ينفع) فى دفع ايراد «لا يقال».

(و قد اعترف) العلامة (قدس سرّه في بعض كلماته بعدم جواز اسقاط خيار الرؤية بعد العقد و قبل الرؤية) لان الخيار انما يحدث بالرؤية لا بالعقد فاسقاطه قبل الرؤية اسقاط لما لم يوجد.

و من المعلوم انه لا فرق في الخيار بين خيار الرؤية و خيار العيب من هذه الجهة-.

(نعم ذكر في التذكرة جواز اشتراط نفى خيار الرؤية في العقد) مما يدل على ان العقد سبب للخيار، او ان العلامة يجوز اسقاط ما لم يوجد (لكنه مخالف لسائر كلماته، و كلمات غيره كالشهيد، و المحقق الثانى) اللذين قالوا بانه لا يمكن اشتراط اسقاط الخيار في العقد.

(و بالجملة فلا فرق بين البراءة من خيار العيوب و البراءة من خيار الرؤية).

فكما لا يمكن التبرّى من خيار الرؤية- كما ذكره العلامة في بعض كلماته- كذلك لا يمكن التبرّى من خيار العيب، فان في التبرى من

ص: 195

بل الغرر في الاول اعظم.

الا انه لما قام النصّ و الاجماع على صحة التبرى من العيوب الموجودة فلا مناص عن التزام صحته

______________________________

هذين الخيارين يستلزم توالى فاسدة.

منها: لزوم صحة اسقاط ما لم يوجد.

و منها لزوم الغرر، اذ يلزم من عدم الخيار، الغرر، و قد نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن الغرر (بل الغرر في الاول) و هو اسقاط خيار العيب (اعظم) و ذلك لاعظمية كون المبيع معيبا من كونه فاقدا لبعض الصفات.

و لا يخفى ما فيه من التأمّل، اذ بين فقد بعض الصفات و فقد وصف الصحة عموم من وجه.

مثلا: فقد العين اعظم من فقد اللون المشترط في الحيوان، و فقد السمن الّذي يوجب ضعف القيمة اعظم من فقد صحة الاذن بان كان الحيوان مشقوق الاذن.

(الا انه لما قام النصّ و الاجماع على صحة التبرّى من العيوب الموجودة فلا مناص عن التزام صحته) اى صحة التبرّى في باب العيب.

فالاستثناء من دليل الغرر موجود في باب العيب، و ليس بموجود فى باب خيار الرؤية.

و لذا نلتزم بصحة التبرّى في باب العيب، و لا نلتزم بصحة اسقاط خيار الرؤية في باب خيار الرؤية.

ص: 196

مع امكان الفرق بين العيوب و الصفات المشترطة في العين الغائبة

______________________________

اللهم ان يقال: انه مع التبرّى ليس لغرر عرفا فهو من باب التخصص لا من باب التخصيص، و يجرى مثله في خيار الرؤية أيضا، فلا فرق بين الخيارين (مع امكان الفرق بين العيوب و الصفات المشترطة في العين الغائبة) و هى الصفات التى يوجب فقدها الخيار.

يعنى ان وجه الاختلاف بين خيار الرؤية و خيار العيب، حيث قلنا بجواز اسقاط خيار العيب في العقد، و قلنا بعدم جواز اسقاط خيار الرؤية في العقد- مع ان اسقاط خيار الرؤية في العقد- مع ان اسقاط كل منهما موجب للغرر- هو:

أولا: ان النص و الاجماع دلا على جواز اسقاط خيار العيب، بخلاف خيار الرؤية، فلا دليل على جواز اسقاطه.

و ثانيا: ان بين الخيارين فرقاء، و هو ان في باب خيار العيب، دافعان للغرر و هما اصالة السلامة، و خيار العيب.

و في باب خيار الرؤية دافع واحد للغرر و هو خيار الرؤية فقط.

فاذا شرطنا سقوط الخيار في باب العيب لم يكن غرر لوجود اصالة السلامة.

اما اذا شرطنا سقوط الخيار في باب الرؤية كان الغرر لعدم وجود ما يدفع الغرر.

و الحاصل ان اشتراط سقوط الخيار في باب العيب لا يوجب الغرر و اشتراط سقوط خيار الرؤية في باب الرؤية يوجب الغرر.

ص: 197

باندفاع الغرر في الاول بالاعتماد على اصالة السلامة، فلا يقدح عدم التزام البائع بعدمها، بخلاف الثانى، فان الغرر لا يندفع فيه الا بالتزام البائع بوجودها، فاذا لم يلتزم بها، لزم الغرر

______________________________

و لا يخفى ان قوله أو لا: «لما قام النص و الاجماع» جواب عن اشكال التساوى بين خيار الرؤية و خيار العيب، مع تسليم ان في كلّ من التبرّى من العيب و من خيار الرؤية غررا.

و قوله ثانيا: «مع امكان الفرق» جواب عن اشكال التساوى بانه لا غرر في اسقاط خيار العيب، و الغرر في اسقاط خيار الرؤية.

فالجواب الاول: من باب التخصيص في ادلة الغرر.

و الجواب الثانى: من باب التخصّص.

و حاصل الفرق (باندفاع الغرر في الاول) حين اسقاط خيار العيب (بالاعتماد على اصالة السلامة) اذ الاصل في كل بيع ان يكون سالما (فلا يقدح عدم التزام البائع بعدمها) اى بعدم السلامة و اسقاطه الخيار (بخلاف الثانى) حين اسقاط خيار الرؤية (فان الغرر لا يندفع فيه الا بالتزام البائع بوجودها) اى بوجود الصفات المشترطة في العين الغائبة (فاذا لم يلتزم بها) اى بالصفات، بان اشترط اسقاط خيار الرؤية (لزم الغرر) و قد نهى النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم عن الغرر،

فتحصل ان البراءة عن العيوب السابقة صحيحة أولا: لانه و ان كان غررا الا ان النص و الاجماع قاما على انه لا بأس بهذا الغرر.

و ثانيا: لانه ليس بغرر لوجود اصالة السلامة.

ص: 198

و اما البراءة عن العيوب المتجدّدة، فلا يلزم من اشتراطها غرر فى البيع حتى يحتاج الى دفع الغرر باصالة عدمها لانها غير موجودة بالفعل في المبيع حتى يوجب جهالة.

ثم ان البراءة في هذا المقام يحتمل اضافتها الى امور.

______________________________

(و اما البراءة عن العيوب المتجدّدة) فلا نحتاج الى الجواب الثانى فيها، فلا نقول: البراءة ليست بغرر لوجود اصالة السلامة، بل نقول:

البراءة ليست بغرر لوجود السلامة الفعلية، اذ المفروض ان البيع صحيح الآن، فلا غرر اصلا (فلا يلزم من اشتراطها) اى اشتراط البراءة عن العيوب المتجدّدة قبل القبض او في زمن الخيار- مما يكون ضمانه على البائع- (غرر في البيع حتى يحتاج الى دفع الغرر باصالة عدمها) اى اصالة عدم العيب.

و انما لا نحتاج (لانها) اى تلك العيوب المتجدّدة (غير موجودة بالفعل في المبيع حتى يوجب) اشتراط عدم الخيار (جهالة) و غررا.

و اصالة السلامة انما يتمسك بها فيما اذا جهل حال المبيع فى انه هل هو صحيح او معيب؟ اما اذا علمنا بصحة المبيع، فلا مورد لاصالة السلامة.

(ثم ان البراءة) عن العيب (فى هذا المقام) اى مقام اشتراط البراءة عن العيب عند العقد (يحتمل) ان يصح (اضافتها الى امور) ثلاثة:

ص: 199

الاول: عهدة العيوب، و معناه تعهد سلامته من العيوب فيكون مرجعه الى عدم التزام سلامته فلا يترتب على ظهور العيب ردّ و لا ارش، فكانه باعه على كل تقدير.

الثانى: ضمان العيب، و هذا انسب بمعنى البراءة.

______________________________

(الاول: عهدة العيوب) اى ان البائع لا يتعهد سلامته من العيوب و معنى: و ليس على عهدتى، ان لا اضمن عيبه (و معناه) نفى (تعهد سلامته من العيوب فيكون مرجعه الى عدم التزام سلامته) قوله: «و معناه» الضمير راجع الى «عهدة» و حيث ان تائه مصدرية، فلا بأس بان يرجع إليه ضمير المذكر، و نحن في الشرح اضفنا كلمة «نفى» لاجل بيان الحاصل من «براءة العهدة» كما لا يخفى، و ضمير «مرجعه» راجع الى التبرّى و من المعلوم ان «لا اتعهد» يرجع الى «لا التزم» اذ الالتزام فرع التعهد فان الانسان اذا تعهد شيئا كان لازمه ان يلتزم بلوازم تعهده.

و على هذا (فلا يترتب على ظهور العيب ردّ و لا ارش، فكانه باعه على كل تقدير) تقدير الصحة، و تقدير عدم الصحة.

(الثانى) من محتملات الاضافة لضمان البراءة (ضمان العيب) اى أتبرأ من ضمان العيب- و هذا المعنى فرع للمعنى الاول- لان الضمان فرع التعهد (و هذا انسب بمعنى البراءة) لانه المتبادر عرفا من البراءة، اذ العرف ينظر الى النتائج كالضمان لا الى المقدمات كالتعهد، فان العرف يريد ان يكون له المال الّذي بإزاء العيب.

ص: 200

و مقتضاه عدم ضمانه بمال فتصير الصحة كسائر الاوصاف المشترطة فى عقد البيع لا يوجب الا تخييرا بين الرّد و الامضاء مجانا.

و مرجع ذلك الى اسقاط ارش العيوب في عقد البيع، لا خيارها.

الثالث: حكم العيب و معناه البراءة من الخيار الثابت بمقتضى العقد بسبب العيب.

______________________________

(و مقتضاه) اى مقتضى هذا المعنى الثانى (و عدم ضمانه) اى ضمان العيب (ب) اعطاء (مال) يساوى العيب (فتصير الصحة كسائر الاوصاف المشترطة في عقد البيع) التى اذا فقدت تخير المشترى بين الرد و الامضاء مجانا.

و الحاصل: ان المعنى الثانى هو اسقاط الارش فقط بدون اسقاط الرد فللمشترى الرد، بينما المعنى الاول يوجب ان لا يكون للمشترى لا الرد و لا الارش- و هذا بالإضافة الى ان الضمان فرع التعهد كما عرفت-.

و الحاصل ان المعنى الثانى (لا يوجب الا تخييرا بين الرّد) للسلعة المعيبة (و الامضاء مجانا) بدون ارش.

(و مرجع ذلك) اى المعنى الثانى (الى اسقاط ارش العيوب فى عقد البيع، لا) اسقاط (خيارها) اى خيار العيوب، لان الخيار باق.

(الثالث: حكم العيب و معناه البراءة من الخيار الثابت بمقتضى العقد بسبب العيب).

ثم ان الفرق بين الاول و الثالث، ان في الاول باعه على تقدير، فاذا قلنا: بانه يوجب الغرر بطل.

ص: 201

و الاظهر في العرف هو المعنى الاول.

و الانسب بمعنى البراءة هو الثانى.

و قد تقدم عن التذكرة المعنى الثالث، و هو بعيد عن اللفظ، الا ان يرجع الى المعنى الاول، و الامر سهل.

ثم ان تبرى البائع عن العيوب مطلقا، او عن عيب خاص انما يسقط تأثيره من حيث الخيار، اما سائر احكامه فلا.

______________________________

و اما في الثالث فهو انما يسقط الخيار فقط، فلا يلزم الغرر.

فكان الاول ينفى الموضوع، و الثالث ينفى الحكم.

(و الاظهر في العرف هو المعنى الاول) لان العرف يريد الخلاص من المعاملة فليس عليه شي ء، لا ردا و لا ارشا.

(و الانسب بمعنى البراءة هو الثانى) لان البراءة بمعنى عدم الضمان.

(و قد تقدم عن التذكرة المعنى الثالث) حيث قال: لانا نقول: ان التبرى انما هو من الخيار (و هو بعيد عن اللفظ) اذ لا خيار في اللفظ (الا ان يرجع) كلام العلامة (الى المعنى الاول) فيكون مراده ان لا رد و لا ارش مما هو مقتضى الخيار (و الامر سهل) بعد وضوح المقصد.

(ثم ان تبرئ البائع عن العيوب مطلقا) اىّ عيب كان (او عن عيب خاص) كان يقول: انى أبرأ من عوار عينه او وجع بطنه (انما يسقط تأثيره) اى تأثير العيب (من حيث الخيار) فلا خيار للمشترى بسبب هذا العيب (اما سائر احكامه) اى احكام العيب (فلا) تسقط بسبب التبرّى.

ص: 202

فلو تلف بهذا العيب في ايام خيار المشترى لم يزل ضمان البائع، لعموم النص.

لكن في الدروس انه لو تبرى من عيب فتلف به في زمن خيار المشترى فالاقرب عدم ضمان البائع.

و كذا لو علم المشترى به قبل العقد او رضى به بعده و تلف في زمان خيار المشترى

______________________________

(فلو تلف) المتاع (بهذا العيب) المتبرّئ منه (فى ايام خيار المشترى) و هو الخيار الّذي سقط بسبب التبرى (لم يزل ضمان البائع) فان خيار المشترى الناشئ عن العيب له تأثيران:

الاول: ان للمشترى الرد و الارش.

و الثانى: انه اذا تلف المتاع في زمن الخيار كان التلف من البائع فاذا تبرأ البائع من العيب سقط التأثير الاول، اما التأثير الثانى فهو باق على حاله (لعموم النص) الدال على ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له.

(لكن) ذكر الشهيد (فى الدروس انه لو تبرى) البائع (من عيب فتلف به في زمن خيار المشترى فالاقرب عدم ضمان البائع) لانه مع التبرّى لا خيار، فلا يشمله الدليل الدال على ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له- اذ لا «زمن خيار» فلا موضوع-.

(و كذا لو علم المشترى به) اى بالعيب (قبل العقد او رضى به) اى بالعيب (بعده) اى بعد العقد (و تلف في زمان خيار المشترى) لانه

ص: 203

و يحتمل الضمان، لبقاء علاقة الخيار المقتضى لضمان العين معه و اقوى اشكالا ما لو تلف به و بعيب آخر تجدد في الخيار انتهى كلامه رفع مقامه

______________________________

لا خيار حسب الفرض لان علم المشترى و رضاه مسقط للخيار- فلا موضوع-.

(و يحتمل الضمان) على البائع اذا تلف في زمن الخيار الّذي سقط (لبقاء علاقة الخيار) لانه زمن خيار قد سقط (المقتضى) ذلك الخيار (لضمان العين معه) اى مع الخيار.

و معنى بقاء علاقة الخيار، ان العيب كان سببا للخيار، و لكون التلف فى ذلك الزمان من كيس البائع، فسقوط الخيار لا يلازم سقوط الحكم الآخر.

(و اقوى اشكالا) فى انه هل يكون التلف من كيس البائع أم لا؟ فيما اذا تبرأ من العيب و نحوه (ما لو تلف) المبيع في زمن الخيار الساقط (به) اى بالعيب القديم (و بعيب آخر تجدد فى) زمن (الخيار).

مثلا: كان العبد محموما و تبرأ البائع من حمّاه، ثم تجدد له كسر الرجل فى زمن الحمّى، ثم مات بالامرين، فهل ان تلفه من كيس البائع أم لا؟

احتمالان:

الاول: ان يكون من كيس البائع لبقاء علاقة الخيار.

الثانى: ان لا يكون من كيسه لان الموت يستند الى جزءين: جزء على البائع، هو كونه تلفا في زمن الخيار و جزء على المشترى و هو ان العيب الجديد الّذي يكون على المشترى دخيل في التلف (انتهى كلامه رفع مقامه).

ص: 204

ثم ان هنا امورا يظهر من بعض الاصحاب سقوط الرد و الارش بها
منها: زوال العيب قبل العلم به،

كما صرح به في غير موضع من التذكرة، و مال إليه في جامع المقاصد، و اختاره في المسالك، بل و كذا لو زال بعد العلم به قبل الرد، و هو ظاهر التذكرة، حيث قال- فى اواخر فصل العيوب-: لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم اقبضه و قد زال عيبه فلا رد، لعدم موجبه.

و

______________________________

و لو شككنا في ان التلف على البائع أم لا، كان الاصل عدم كونه على البائع، لاصالة عدم الضمان، فتأمّل.

(ثم ان هنا امورا) اخر (يظهر من بعض الاصحاب سقوط الردّ و الارش بها) فلا يحق للمشترى رد، و لا ارش، و ان كان المبيع معيبا.

(منها: زوال العيب قبل العلم) اى علم المشترى (به) كما اذا كان العبد محموما حال البيع، ثم زال حمّاه قبل ان يعلم بذلك المشترى (كما صرح به) اى بانه مسقط للرد و الارش (فى غير موضع من التذكرة، و مال إليه في جامع المقاصد، و اختاره في المسالك، بل و كذا) يسقط الرد و الارش (لو زال) العيب (بعد العلم به قبل الرد و هو) اى السقوط فى هذه الصورة (ظاهر التذكرة، حيث قال- فى اواخر فصل العيوب-:

لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم اقبضه) للمشترى (و قد زال عيبه) عند البائع (فلا رد، لعدم موجبه) اى موجب الرد، اذ لا عيب.

(و) ان قلت: قد سبق انه كان معيبا.

ص: 205

سبق العيب لا يوجب خيارا، كما لو سبق على العقد ثم زال قبله، بل مهما زال العيب قبل العلم او بعده قبل الرد، سقط حق الرد، انتهى.

و هو صريح في سقوط الرد و ظاهر في سقوط الارش كما لا يخفى على المتأمّل خصوصا مع تفريعه في موضع آخر قبل ذلك عدم الرد و الارش معا على زوال العيب، حيث قال: لو اشترى عبد او حدث في يد المشترى نكتة بياض في عينه، و وجد نكتة قديمة ثم زالت إحداهما، فقال البائع الزائلة هى القديمة، فلا رد و لا ارش، و قال المشترى، بل الحادثة، ولى الرد.

______________________________

قلت: (سبق العيب لا يوجب خيارا، كما لو سبق على العقد ثم زال قبله) اى قبل العقد (بل مهما زال العيب قبل العلم او بعده) و لكن كان الزوال (قبل الرد، سقط حق الرد، انتهى) كلام العلامة.

(و هو صريح في سقوط الرد) لانه قال: «فلا رد» (و ظاهر في سقوط الارش) لانه قال: «كما لو سبق على العقد ثم زال قبله» اذ من الواضح ان العيب الزائل قبل العقد لا يوجب ردّا و لا ارشا، فكذا المشبّه (كما لا يخفى على المتأمّل، خصوصا مع تفريعه في موضع آخر قبل ذلك) الكلام (عدم الرد و الارش معا) «عدم» مفعول ل «تفريعه» (على زوال العيب، حيث قال) العلامة ره (لو اشترى عبد او حدث في يد المشترى نكتة بياض فى عينه، و وجد نكتة قديمة) كانت حادثة قبل البيع (ثم زالت إحداهما، فقال البائع) النكتة (الزائلة هى القديمة، فلا رد و لا ارش) اذ الردّ، و الارش متفرعان على وجود العيب القديم و قد زال العيب (و قال المشترى بل) الزائلة هى (الحادثة) فى يدى (ولى الرد) و الارش.

ص: 206

قال الشافعى: يتحالفان الى آخر ما حكاه عن الشافعى.

و كيف كان ففى سقوط الرد بزوال العيب وجه، لان ظاهر ادلة الرد خصوصا بملاحظة ان الصبر على العيب ضرر هو ردّ المعيوب و هو المتلبس بالعيب، لا ما كان معيوبا في زمان.

فلا يتوهم هنا استصحاب الخيار.

______________________________

(قال الشافعى: يتحالفان الى آخر ما حكاه عن الشافعى).

فان ظاهر هذا الكلام التلازم بين الرد و الارش ثبوتا و سقوطا في امثال المقام.

(و كيف كان) مراد العلامة ره (ففى سقوط الرد بزوال العيب) بعد البيع (وجه) يقاوم استصحاب الخيار- ردّا و ارشا- (لان ظاهر ادلة الرد خصوصا بملاحظة ان الصبر على العيب ضرر هو ردّ المعيوب) عيبا فى الحال (و هو المتلبس بالعيب) الآن (لا ما كان معيوبا في زمان) سابق، فان ظاهر المشتق التلبس بالمبدإ في الحال.

(فلا يتوهم هنا) بعد ان صار المعيوب صحيحا (استصحاب الخيار) بعد زوال العيب اذ لا موضوع له.

اللّهم الا ان يقال: ان الادلة دلت على ان المعيوب حكمه كذا فزوال الحكم بزوال العيب خلاف ظاهر الادلة.

و الانصراف الى العيب الحالى بدوى، فهو من قبيل ما اذا غبنه ثم ارتفعت قيمته، فان له حق الردّ، لان الارتفاع في ملك المشترى لا يرفع الغبن الّذي كان مناط الرد و كيف كان فالمصنف على انه لا رد.

ص: 207

و اما الارش فلما ثبت استحقاق المطالبة به لفوات وصف الصحة عند العقد، فقد استقرّ بالعقد خصوصا بعد العلم بالعيب.

و الصحة انما حدثت في ملك المشترى، فبراءة ذمة البائع عن عهدة العيب المضمون عليه يحتاج الى دليل.

فالقول بثبوت الارش و سقوط الردّ قوىّ

______________________________

(و اما الارش) فهل يستحق، أم لا بعد زوال العيب؟ فالظاهر استحقاقه (ف) انه (لما ثبت استحقاق المطالبة به) اى بالارش (لفوات وصف الصحة عند العقد، فقد استقرّ) الارش (بالعقد خصوصا) ان الاستقرار الكامل صار (بعد العلم بالعيب) لما يقال من ان العلم بالعيب هو الموجب للخيار.

(و) ان قلت: ان المتاع صحيح الآن، و قد زال وجه الارش؟

قلت: (الصحة انما حدثت في ملك المشترى) فالصحة ملك المشترى كما اذا سمنت الدابة في ملك المشترى، فان السمن ليس من البائع (فبراءة ذمة البائع عن عهدة العيب المضمون عليه يحتاج الى دليل) فقد ثبت الارش، و لم يثبت ما يسقطه.

(فالقول بثبوت الارش و سقوط الردّ قوىّ).

و فيه ان كان المثبت للرد و الارش العيب حال العقد، فاللازم القول بكليهما.

و ان كان المثبت لهما بقاء العيب حال الرد و الارش فاللازم القول بسقوطهما.

ص: 208

لو لم يكن تفصيلا مخالفا للاجماع، و لم اجد من تعرض لهذا الفرع قبل العلامة او بعده.

نعم هذا داخل في فروع القاعدة التى اخترعها الشافعى، و هو:

ان الزائل العائد كالذى لم يزل، او كالذى لم يعد.

لكن عرفت مرارا ان المرجع في ذلك هى الادلة.

______________________________

فالقول بثبوت احدهما و سقوط الآخر لا يخلو عن اشكال (لو لم يكن تفصيلا مخالفا للاجماع) و الا كان باطلا رأسا (و لم اجد من تعرض لهذا الفرع قبل العلامة او بعده) فلا اجماع في المسألة، اذ المشهور لم يتعرضوا للمسألة، فكيف يمكن دعوى الاجماع على عدم التفصيل؟

(نعم هذا) الفرع (داخل في فروع القاعدة التى اخترعها الشافعى، و هو: ان الزائل العائد) كما اذا كان مريضا، ثم برء، ثم مرض ثانيا فهو (كالذى لم يزل) حتى يكون حاله حال المعيب (او كالذى لم يعد) حتى يكون حاله حال الصحيح، و الزائل العائد يراد به هنا:

وصف الصحة. و لا يخفى الاشكال في جعل المسألة من فروع القاعدة، كما اشار الى الاشكال فيه غير واحد من المعلقين.

اللهم الا ان يريد المصنف ان مناط تلك المسألة موجود في المقام.

(لكن عرفت مرارا ان المرجع في ذلك) اى في حكم الزائل العائد (هى الادلة).

فان كان الدليل دلّ على ترتب الحكم لوجود هذه الصفة و لو بعد ان انعدمت، كان الزائل العائد كالذى لم يزل.

ص: 209

و لا منشأ لهذه القاعدة.

و منها: التصرف بعد العلم بالعيب،

فانه مسقط للامرين عند ابن حمزة في الوسيلة.

و لعله لكونه علامة للرضا بالمبيع بوصف العيب.

و النص المثبت للارش بعد التصرف ظاهر في ما قبل العلم.

______________________________

و ان دلّ الدليل على ترتب الحكم لبقاء هذه الصفة فانعدامها يوجب ذهاب الحكم، و ان رجعت بعد ذلك كان الزائل العائد كالذى لم يعد (و لا منشأ لهذه القاعدة) بحيث يكون الحكم هو انه «كالذى لم يعد» او «كالذى لم يزل» فى جميع المواضع على حد سواء.

(و منها) اى من المواضع التى ذكر بعض الاصحاب انه يسقط الرد و الارش فيها (التصرف بعد العلم بالعيب، فانه مسقط للامرين) و هما الرد و الارش (عند ابن حمزة في الوسيلة).

(و لعله) اى لعل الوجه في اسقاطه الامرين (لكونه) اى التصرف (علامة للرضا بالمبيع بوصف العيب) لا انه رضى بالمبيع في الجملة حتى يتمكن من الرد، اذ الرضا بالبيع في الجملة لا يلازم الرضا به بوصف العيب.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 13، ص: 210

(و) ان قلت: هب ان التصرف يسقط الرد فلما ذا نقول باسقاطه الارش أيضا؟

قلت: (النص المثبت للارش بعد التصرف) كصحيحة زرارة و مرسلة جميل، و اخبار وطى الجارية (ظاهر فى) كون التصرف (ما قبل العلم) فالتصرف بعد العلم يسقط الارش أيضا.

ص: 210

و رد بانه دليل الرضا بالمبيع، لا بالعيب.

و الاولى ان يقال: ان الرضا بالعيب لا يوجب اسقاط الارش و انما

______________________________

و انما كانت تلك النصوص ظاهرة فيما قبل العلم، لان الانسان اذا علم بالعيب لا يتصرف في المبيع، الا اذا اخذ ارشه، فانه اذا تصرف ثم اراد اخذ الارش احتمل ان البائع لم يقبل، و انما اراد البائع الرد.

(و رد) ابن حمزة (بانه) اى التصرف (دليل الرضا بالمبيع) و انه لا يريد رده (لا بالعيب) حتى يسقط الارش أيضا.

و الحاصل: ان التصرف انما يسقط الرد فقط، لا الرد و الارش معا.

(و الاولى ان يقال) فى رد ابن حمزة (ان الرضا بالعيب لا يوجب اسقاط الارش) و ان اوجب اسقاط الرد.

و الحاصل: ان ابن حمزة يقول: ان التصرف دليل الرضا بالمعيب فذلك الرضا يسقط الرد و الارش.

و الراد يقول: ان التصرف دليل الرضا بالمبيع لا بالمعيب، فلا يوجب الا اسقاط الرد، و اما الارش فهو باق على حاله.

و الشيخ يقول: نسلّم كلام ابن حمزة بان التصرف دليل الرضا بالمعيب، لكنه مع ذلك لا يسقط الارش، اذ المسقط للارش الابراء، لا الرضا.

فاذا كان لك دين على انسان لا يكفى في اسقاطه عن ذمته ان ترضى بان لا يعطيك، بل اللازم ان تبرئه حتى يسقط الدين عن ذمته، فالرضا لا يوجب اسقاط الارش (و انما

ص: 211

المسقط له ابراء البائع عن عهدة العيب.

و حيث لم يدل التصرف عليه فالاصل بقاء حق الارش الثابت قبل التصرف.

مع ان اختصاص النص بصورة التصرف قبل العلم ممنوع، فليراجع.

و منها: التصرف في المعيب الّذي لم ينقص قيمته بالعيب،

كالبغل الخصىّ بل العبد الخصىّ على ما عرفت فان الارش منتف لعدم تفاوت القيمة و الرد

______________________________

المسقط له) اى للارش هو (ابراء البائع عن عهدة العيب) و لم يحصل الابراء.

(و حيث لم يدل التصرف عليه) اى على الابراء (فالاصل بقاء حق الارش الثابت قبل التصرف).

و المراد بالاصل: الدليل الدال على ثبوت الارش، لا الاصل العملى كما لا يخفى.

(مع) انه يرد على ابن حمزة فيما قاله بقوله: و النص المثبت للارش الخ (ان اختصاص النص بصورة التصرف قبل العلم ممنوع) لاطلاق النص (فليراجع) حتى يشاهد الا طلاق فيه، فلا انصراف له الى ما قبل التصرف.

(و منها) اى مما قيل انه يسقط الرد و الارش معا (التصرف في المعيب الّذي لم ينقص قيمته بالعيب، كالبغل الخصى) فانه لا تنقص قيمته، بل ربما تزداد (بل العبد الخصىّ على ما عرفت) من الرغبة فيه، رغبة توجب عدم نقص قيمته (فان الارش منتف لعدم تفاوت القيمة) بين الصحيح و المعيب، (و الرد) ينتفى

ص: 212

لاجل التصرف.

و قد يستشكل فيه من حيث لزوم الضرر على المشترى بصبره على المعيب

و فيه ان العيب في مثله لا يعد ضررا ماليا بالفرض، فلا بأس بان يكون الخيار فيه كالثابت بالتدليس في سقوطه بالتصرف، مع عدم ارش فيه و حلّه ان الضرر اما ان يكون من حيث القصد الى ما هو أزيد مالية من الموجود و اما ان يكون من حيث القصد الى خصوصية مفقودة في العين، مع قطع

______________________________

(لاجل التصرف) فانه قد عرفت ان التصرف يوجب اسقاط الرد.

(و قد يستشكل فيه) اى في كونه مسقطا للردّ (من حيث لزوم الضرر على المشترى) اذا قلنا انه لا يحق له الرد (ب) سبب (صبره على المعيب) «بصبره» متعلق ب «الضرر».

(و فيه ان العيب في مثله) الّذي لا تنقص قيمته (لا يعد ضررا ماليا بالفرض) اى حسب ما فرض انه لا نقص في قيمته (فلا بأس بان يكون الخيار فيه ك) الخيار (الثابت بالتدليس في سقوطه بالتصرف).

و كما ان هذا لا اشكال فيه، كذلك ما نحن فيه، و القصد التنظير، لا القياس كما لا يخفى (مع عدم ارش فيه) اى في باب التدليس.

(و حلّه) اى وجه ان العيب هنا لا يوجب ضررا (ان الضرر اما ان يكون من حيث القصد) اى قصد المشترى (الى ما هو ازيد مالية من الموجود) فاذا لم يتحقق قصده تضرر، حيث اعطى مالا مقابل أقل من قصده.

(و اما ان يكون من حيث القصد الى خصوصية مفقودة في العين) كخصوصية سلامته من الخصى، مثلا (مع قطع

ص: 213

النظر عن قيمته.

و الاول مفروض الانتفاء.

و الثانى قد رضى به و اقدم عليه المشترى بتصرفه فيه بناء على ان التصرف دليل الرضا بالعين الخارجية، كما لو رضى بالعبد المشروط كتابته مع تبين عدمها فيه.

الا ان يقال ان المقدار الثابت من سقوط الرد بالتصرف هو مورد ثبوت

______________________________

النظر عن قيمته) فلا ضرر من حيث قلة المالية.

(و الاول) اى ازيدية المالية (مفروض الانتفاء) اذ المفروض ان مالية الخصى، كمالية الصحيح مقدارا.

(و الثانى) اى الخصوصية المفقودة (قد رضى به و اقدم عليه المشترى) اقداما (ب) سبب (تصرفه فيه) و التصرف ملازم للرضا (بناء على ان التصرف دليل الرضا بالعين الخارجية) و لذا قال عليه السلام: لانه رضى به (كما لو رضى بالعبد المشروط كتابته مع تبين عدمها) اى عدم الكتابة (فيه) اى في ذلك العبد.

(الا ان يقال) ان الردّ في مسئلتنا هذه لا يسقط بالتصرف، فله ان يرد و ان تصرف، و ذلك لان الرد انما يسقط بالتصرف اذا كان للمشترى ان يأخذ الارش، اما اذا لم يكن للمشترى اخذ الارش لفرض ان العيب لا ارش له، فتصرفه لا يسقط الرد، ل (ان المقدار الثابت من سقوط) حق المشترى فى (الرد) اذا كان المتاع معيبا (ب) سبب (التصرف) فيه (هو مورد ثبوت

ص: 214

الارش.

و الا فمقتضى القاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف كما في غير العيب و التدليس من اسباب الخيار خصوصا بعد تنزيل الصحة فيما نحن فيه منزلة الاوصاف المشترطة التى لا يوجب فواتها ارشا فان خيار التخلف فيها

______________________________

الارش) حتى يكون للمشترى مجال اخذ الارش، اذا لم يكن له حق الرد

(و الا) يكن للمشترى حق الارش، كمسألة الخصى (فمقتضى القاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف) فى المبيع (كما في غير العيب و التدليس من اسباب الخيار) فانه لا دليل على سقوط الرد بالخيار اذا تصرف المشترى فى المبيع، ثم ظهر الغبن، او كان مخالفا للصفات- مثلا- كما فى موردى خيار الغبن و خيار الرؤية.

اما في العيب و التدليس حيث ان المشترى مخير بين الرد و الارش فان تصرفه يسقط رده و يبقى له الارش، فاذا لم يكن له ارش لم يكن تصرفه مسقطا لرده (خصوصا بعد تنزيل الصحة فيما نحن فيه) اى في باب خيار العيب (منزلة الاوصاف المشترطة التى لا يوجب فواتها ارشا).

فقد عرفت فيما سبق ان وصف الصحة لا يقابل بالمال، فالصحة شرط و اذا فقد الشرط كان للمشترى الفسخ، كما انه اذا تخلف الوصف كان له الفسخ.

و الحاصل: ان هذا الخيار من قبيل خيار تخلف الشرط، و التصرف لا يسقط خيار التخلف (فان خيار التخلف فيها) اى فى الاوصاف

ص: 215

لا يسقط بالتصرف، كما صرح به.

نعم لو اقتصر في التصرف المسقط على ما يدل على الرضا، كان مقتضى عموم ما تقدمه سقوط الرد بالتصرف مطلقا.

و منها: حدوث العيب في المعيب المذكور.

______________________________

(لا يسقط بالتصرف، كما صرح به) الفقهاء في باب خيار تخلف الوصف.

و الحاصل ان التصرف في المعيب الّذي لا ارش له- كالخصيّ- لا يسقط الرد.

(نعم لو اقتصر في التصرف المسقط على ما يدل على الرضا) بان قلنا:

ان التصرف انما يسقط الرد اذا كان تصرفا عن رضا المشترى بالمعيب- و لم نقل ان كل تصرف مسقط- (كان مقتضى عموم ما تقدمه) من ان الرضا بالمبيع مسقط للخيار، هو (سقوط الرد بالتصرف مطلقا) سواء كان هناك بديل للرد- و هو الارش- أم لم يكن له بديل.

فتحصل ان المعيب الّذي لا ارش له، اذا تصرف المشترى فيه تصرفا دالا على الرضا، سقط رده، و الا بان لم يكن تصرف بدون الرضا بالمبيع، لم يسقط رده.

(و منها) اى و مما ذكر من انه يسقط الرد و الارش معا- فى باب خيار العيب- (حدوث العيب في المعيب المذكور) اى المعيب الّذي لم تنقص قيمته بالعيب، لما سبق من ان حدوث العيب عند المشترى يوجب سقوط الرد.

و حيث انه لا ارش له حسب الفرض، فحدوث العيب يوجب ان لا يكون

ص: 216

و الاستشكال هنا بلزوم الضرر، فى محله، فيحتمل ثبوت الرد مع قيمة النقص الحادث لو كان موجبا له، لان الصحة في هذا المبيع كسائر الاوصاف المشترطة في المبيع التى لا يوجب فواتها ارشا.

______________________________

له رد و لا ارش.

(و) ان قلت: كيف يسقط رد المشترى، و الحال انه ضرر عليه؟

قلت: (الاستشكال هنا بلزوم الضرر) على المشترى، اذا قلنا بسقوط حق رده (فى محله) اذ لم يرض المشترى بالمبيع، و لم يقدم على ضرر نفسه بالتصرف و نحوه، فكيف يلزمه الشارع بهذا الضرر.

و عليه (فيحتمل ثبوت الرد) للمشترى بالعيب السابق (مع) الزام المشترى باعطائه للبائع (قيمة النقص الحادث) فى المبيع بسبب العيب الجديد (لو كان) العيب الجديد (موجبا له) اى لنقص، له قيمة.

و انما نقول بان له الرد و ان حدث في المبيع عيب (لان الصحة فى هذا المبيع كسائر الاوصاف المشترطة في المبيع) كان تكون الشاة سوداء او بيضاء، و ان تكون الدار اوّل الشارع او آخره (التى لا يوجب فواتها ارشا) لاستواء قيمة ذات الوصف و غيرها في نظر العرف، فانه اذا فات الوصف استحق المشترى الرد، و ليس له الارش، و في ما نحن فيه أيضا كذلك، لان النقص لا يوجب الارش- حسب الفرض- فلا بد و ان يكون للمشترى الرد و ان حدث في المبيع عيب.

(و) ان قلت: العيب الجديد يوجب عدم قيام العين و قد شرط الشارع

ص: 217

و النص الدال على اشتراط الرد بقيام العين- و هى المرسلة المتقدمة- مختص بمورد امكان تدارك ضرر الصبر على المعيب بالارش.

و الاجماع فيما نحن فيه غير متحقق، مع ما عرفت من مخالفة المفيد فى اصل المسألة.

هذا كله مضافا الى اصالة جواز الرد الثابت قبل حدوث العيب،

______________________________

الرد بقيام العين؟

قلت: (النص الدال على اشتراط الرد بقيام العين- و هى المرسلة المتقدمة-) عن جميل (مختص بمورد امكان تدارك ضرر الصبر على المعيب بالارش) «بالارش» متعلق ب «تدارك» فلا يشمل النص ما نحن فيه، و يبقى دليل: لا ضرر، للمشترى حق الرد.

(و الاجماع) على اشتراط الرد بقيام العين (فيما نحن فيه) مما لا ارش له (غير متحقق) اذ القدر المتيقن من الاجماع هو صورة امكان اخذ الارش و عليه فلا اجماع، و يصح رد المعيب و ان حدث فيه عيب جديد (مع ما عرفت من مخالفة المفيد في اصل المسألة) حيث ان المفيد قال: بعدم منع حدوث عيب جديد عن الرد بالعيب القديم، كما تقدم في المسقط الرابع من مسقطات خيار العيب، فاذا لم يمنع العيب الجديد من الرد بالعيب القديم- حتى فيما كان للمبيع ارش- كان عدم المنع فيما لا ارش فيه اولى.

(هذا كله) لبيان ان ادلة منع الرد بسبب العيب الجديد لا يشمل المقام (مضافا الى اصالة جواز الرد الثابت قبل حدوث العيب) فانه لا شك

ص: 218

و هى المرجع بعد معارضة الضرر المذكور بتضرر البائع بالفسخ، و نقل المعيب الى ملكه بعد خروجه عن ملكه، سليما عن هذا العيب.

و كيف كان فلو ثبت الاجماع او استفيض بنقله على سقوطه الرد بحدوث العيب و التغير على وجه يشمل المقام، و الا فسقوط الرد هنا محل نظر، بل منع.

______________________________

فى جواز الرد قبل حدوث العيب، فاذا شككنا في جواز الرد بعد حدوث العيب، كان استصحاب الجواز محكما (و هى) اى اصالة جواز الرد (المرجع بعد) تعارض دليل لا ضرر، للبائع، و دليل: لا ضرر، للمشترى، اذ لو رد المشترى تضرر البائع بالعيب الجديد، و لو لم يرد المشترى تضرر بالعيب القديم، فيتعارض: لا ضرر، هذا، بلا ضرر ذاك و يتساقطان، فيكون المرجع اصالة جواز الرد.

فبعد (معارضة الضرر المذكور) اى ضرر المشترى اذا قلنا بانه لا رد (بتضرر البائع بالفسخ، و نقل المعيب) بالعيب الجديد (الى ملكه) اى ملك البائع (بعد خروجه عن ملكه، سليما عن هذا العيب) الجديد.

(و كيف كان) الامر، سواء قلنا بوجود الاستصحاب، أم لم نقل بوجوده لتغير الموضوع (فلو ثبت الاجماع او استفيض بنقله) و ان لم يثبت عندنا (على سقوطه الرد بحدوث العيب) الجديد (و) حدوث (التغير) فى المبيع مما اوجب ان لا يكون المبيع قائما بعينه (على وجه يشمل المقام) الّذي لا ارش له فهو الحجة (و الا) يثبت الاجماع (فسقوط الرد هنا) فيما لا ارش له (محل نظر، بل منع) لشمول ادلة الرد لمثله.

ص: 219

و منها: ثبوت احد مانعى الرد في المعيب الّذي لا يجوز اخذ الارش فيه لاجل الربا.

اما المانع الاول فالظاهر ان حكمه كما تقدم في المعيب الّذي لا تنقص ماليته فان المشترى لما اقدم على معاوضة احد الربويين بالآخر، اقدم على عدم مطالبة مال زائد على ما يأخذه

______________________________

و الحاصل ان للمشترى حق الرد، اما لعموم ادلة رد المبيع المعيب و اما لوجود الاصل العملى و هو استصحاب جواز الرد.

(و منها) اى من الموارد التى يسقط فيها الرد و الارش معا (ثبوت احد مانعى الرد في المعيب الّذي لا يجوز اخذ الارش فيه).

و انما لا يجوز اخذ الارش (لاجل الربا) فيما اذا كان العوضين ربويين كالذهب بالذهب و الحنطة بالحنطة.

و المراد بمانعى الرد: التصرف و حدوث العيب بعد القبض، و ذلك لان مانع الرد يمنع من الرد، و كون الجنس ربويا يمنع الارش، فلا ارش و لا رد.

(اما المانع الاول) و هو التصرف (فالظاهر ان حكمه كما تقدم فى المعيب الّذي لا تنقص ماليته) بالعيب كالعبد الخصى، فكما ان التصرف فى العبد الخصى يمنع الرد و الارش، فلا ارش، لانه لا تنقص القيمة بالخصاء و لا رد لانه تصرف فيه، كذلك ما نحن فيه، فانه لا رد لانه تصرف فيه، و لا ارش لان الارش مستلزم للربا (فان المشترى لما اقدم على معاوضة احد الربويين بالآخر اقدم على عدم مطالبة مال زائد على ما يأخذه) «على»

ص: 220

بدلا على ماله و ان كان المأخوذ معيبا فيبقى وصف الصحة كسائر الاوصاف التى لا يوجب اشتراطها الا جواز الرد بلا ارش.

فاذا تصرف فيه خصوصا بعد العلم تصرفا دالا على الرضا بفاقد الوصف المشترط لزم العقد، كما في خيار التدليس بعد التصرف.

نعم التصرف قبل العلم لا يسقط خيار الشرط كما تقدم.

و اما المانع الثانى: فظاهر جماعة كونه مانعا فيما نحن فيه من الرد أيضا

______________________________

متعلق ب «زائد» (بدلا على ماله و ان كان المأخوذ معيبا) فهو بنفسه اسقط حق الارش (فيبقى وصف الصحة كسائر الاوصاف التى لا يوجب اشتراطها الا جواز الرد بلا ارش) كما في العبد الخصىّ.

(فاذا تصرف) المشترى (فيه) اى في المبيع الربوي (خصوصا بعد العلم) بالعيب (تصرفا دالا على الرضا) منه (بفاقد الوصف المشترط) «المشترط» صفة «الوصف».

و المراد بالوصف المشترط، وصف الصحة (لزم العقد) فلا رد و لا ارش (كما في خيار التدليس بعد التصرف) حيث لا ارش فيه و لا رد.

(نعم التصرف قبل العلم) بالعيب (لا يسقط خيار الشرط) اى شرط الصحة (كما تقدم) لان هذا التصرف ليس رضا بالمعيب فتشمل المقام ادلة ردّ المعيب.

(و اما المانع الثانى) و هو حدوث العيب عند المشترى في الجنس الربوي (فظاهر جماعة كونه) اى العيب الجديد (مانعا فيما نحن فيه من الرد أيضا) كما يمنع العيب الجديد من الرد بالعيب القديم

ص: 221

و هو مبنى على عموم منع العيب الحادث من الردّ حتى في صورة عدم جواز اخذ الارش.

و قد عرفت النظر فيه.

و ذكر في التذكرة وجها آخر لامتناع الرد و هو انه لو ردّ فاما ان يكون مع ارش العيب الحادث.

و اما ان يرد بدونه، فان ردّه بدونه كان ضررا على البائع و ان ردّ مع الارش لزم الربا قال: لان المردود حينئذ

______________________________

(و هو مبنى على عموم) دليل (منع العيب الحادث من الرد حتى في صورة عدم جواز اخذ الارش).

(و) لكن (قد عرفت النظر فيه) اى في الامر السابق حيث قال: «و الاستشكال هنا بلزوم الضرر».

(و ذكر) العلامة (فى التذكرة وجها آخر لامتناع الرد) فيما اذا كان الجنس ربويا، ثم حدث فيه عيب جديد (و هو انه لو ردّ فاما ان يكون مع ارش العيب الحادث) لان العيب الحادث ضرر توجه من المشترى الى البائع.

(و اما ان يرد بدونه) اى بدون الارش (فان ردّه بدونه كان ضررا على البائع) فيشمله دليل: لا ضرر، و لا يشرع الشارع حكما يوجب ضررا على البائع (و ان رد مع الارش لزم الربا) و الربا حرام و حيث ان الرد مستلزم للمحذور على كلا التقديرين، فالشارع لا يحكم بمثل هذا الرد.

و (قال) العلامة- فى بيان لزوم الربا-: (لان المردود حينئذ)

ص: 222

يزيد على وزن عوضه.

و الظاهر ان مراده من ذلك ان رد المعيب لما كان بفسخ المعاوضة و مقتضى المعاوضة بين الصحيح و المعيب من جنس واحد ان لا يضمن وصف الصحة بشي ء، اذ لو جاز ضمانه لجاز اخذ المشترى الارش فيما نحن فيه، فيكون وصف الصحة في كل من العوضين نظير سائر

______________________________

اى حين كان مع الارش (يزيد على وزن عوضه) الّذي هو الثمن، يعنى انه يلزم ان تكون حقة حنطة و دينار- المثمن و الارش- مقابل حقة حنطة- الثمن-.

(و الظاهر ان مراده) اى العلامة (من ذلك) اى من قوله «لان المردود ..» (ان رد المعيب لما كان بفسخ المعاوضة) فالارش المردود، اما ان يكون باعتبار مقابلة وصف الصحة في اصل المعاملة بالعوض فيلزم زيادة المثمن على الثمن في اصل المعاوضة و اما ان يكون باعتبار مقابلة وصف الصحة في الفسخ بالعوض، فيلزم زيادة الثمن على المثمن فى الفسخ، و كلا الامرين ربا محرم (و) ذلك لان (مقتضى المعاوضة بين الصحيح و المعيب من جنس واحد ان لا يضمن وصف الصحة بشي ء) حتى اذا فقد وصف الصحة، لم يوجب الارش (اذ لو جاز ضمانه) اى ضمان وصف الصحة، و «اذا» علة «لا يضمن» (لجاز اخذ المشترى الارش فيما نحن فيه) اى فيما اذا كان المثمن معيبا في الجنس الربوي و الحال انه لا يجوز للمشترى اخذ الارش- حسب الفرض- فلا يضمن وصف الصحة بشي ء (فيكون وصف الصحة في كل من العوضين نظير سائر

ص: 223

الاوصاف غير المضمونة بالمال فاذا حصل الفسخ وجب تراد العوضين من غير زيادة و لا نقيصة.

و لذا يبطل التقايل مع اشتراط الزيادة او النقيصة في احد العوضين، فاذا استرد المشترى الثمن لم يكن عليه الا رد ما قابله لا غير فان رد الى البائع قيمة العيب الحادث عنه كما هو الحكم في غير الربويين اذا حصل العيب عنده لم يكن ذلك الا باعتبار كون ذلك العيب مضمونا عليه

______________________________

الاوصاف غير المضمونة بالمال) الّذي لا يوجب فقده نقص القيمة (فاذا حصل الفسخ) لاجل العيب السابق (وجب تراد العوضين) فقط (من غير زيادة) فى احدهما و هو الّذي تعيب عند المشترى (و لا نقيصة) فى الآخر و هو الثمن فلا ينقص الثمن عن المثمن، بل يرجع المثمن و الثمن فقط.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان اللازم تراد العوضين فقط بلا زيادة و لا نقيصة (يبطل التقايل مع اشتراط الزيادة او النقيصة في احد العوضين) فلا يصح ان يقول البائع للمشترى النادم: ارجع أليك الثمن بشرط ان تجعل شيئا على المثمن عند رده إليّ (فاذا استرد المشترى الثمن لم يكن عليه) اى على المشترى (الا رد ما قابله) من المثمن (لا غير فان ردّ) المشترى (الى البائع قيمة العيب الحادث عنده كما هو الحكم) برد قيمة العيب الحادث عند المشترى (فى غير الربويين اذا حصل العيب عنده) اى عند المشترى- فيما اذا اراد رد المثمن- (لم يكن ذلك) الرد لقيمة العيب الحادث (الا باعتبار كون ذلك العيب مضمونا عليه) اى على المشترى

ص: 224

بجزء من الثمن، فيلزم وقوع الثمن بإزاء مجموع المثمن و وصف صحته فينقص الثمن عن نفس المعيب فيلزم الربا فمراد العلامة ره بلزوم الربا اما لزوم في اصل المعاوضة اذ لو لا ملاحظة جزء من الثمن في مقابلة صفة الصحة لم يكن وجه لغرامة بدل الصفة، و قيمتها عند استرداد الثمن.

و اما لزوم الربا في الفسخ حيث قوبل فيه الثمن

______________________________

(بجزء من الثمن، فيلزم) من رد قيمة العيب (وقوع الثمن) فى حال البيع (بإزاء مجموع المثمن و وصف صحته) و الا فلو لم يكن جزء من الثمن بإزاء الصحة فلما ذا يجب على المشترى رد قيمة العيب.

و عليه (فينقص الثمن عن نفس المعيب) اذ المفروض ان حقة من الحنطة- الثمن- واقع في قبال نصف حقة من الحنطة- المثمن-.

و لذا يلزم ان يضم المشترى الى الثمن دينارا- مثلا- ليساوى حق البائع (فيلزم الربا).

و على هذا (فمراد العلامة ره بلزوم الربا، اما لزوم في اصل المعاوضة) و ذلك لان «الحقة» مع «وصف الصحة» قوبلت «بحقة الثمن» فالثمن صار ازيد من المثمن (اذ لو لا ملاحظة جزء من الثمن في مقابلة صفة الصحة لم يكن وجه لغرامة بدل الصفة، و قيمتها) اى قيمة الصفة- عطف بيان ل «بدل»- (عند استرداد الثمن) فان صفة الصحة اذا كانت ذات قيمة عند الفسخ، كانت من باب انها ذات قيمة عند البيع.

(و اما لزوم الربا في الفسخ) و ذلك لان المثمن و الدينار قوبلا بالثمن فالمثمن صار ازيد من الثمن (حيث قوبل فيه) اى في الفسخ (الثمن

ص: 225

بمقداره من المثمن و زيادة و الاول اولى.

و مما ذكرنا ظهر ما في تصحيح هذا بان قيمة العيب الحادث غرامة لما فات في يده مضمونا عليه، نظير المقبوض بالسوم اذا حدث فيه العيب فلا ينضم الى المثمن حتى يصير ازيد من الثمن.

______________________________

بمقداره من المثمن و زيادة) «و زيادة» عطف على «المثمن» (و الاول) اى لزوم الربا في اصل المعاوضة (اولى) بمراد العلامة.

اذ لزوم الربا في الفسخ لا مانع منه، فان الدليل دلّ على حرمة الربا فى المعاوضة و في القرض، اما الربا في الفسخ فلم يدل الدليل على حرمته.

(و مما ذكرنا) من انه يلزم الربا اما في اصل المعاوضة او في الفسخ- اذا ردّ المشترى المثمن مع قيمة العيب- (ظهر ما) اى ظهر الاشكال (فى تصحيح هذا) اى في تصحيح ردّ قيمة العيب- تصحيحا بحيث لا يلزم ربا لا في اصل المعاوضة و لا في الفسخ- (بان قيمة العيب الحادث) «بان» بيان «التصحيح» (غرامة) شرعيّة (لما فات في يده) اى يد المشترى من الصحة في حالكون ما فات (مضمونا عليه، نظير المقبوض بالسوم) فان الانسان اذا قبض المتاع بقصد ان يشتريه، ثم تلف في يده قبل الاشتراء، كان ضامنا للبائع (اذا حدث فيه العيب) فان هذا الضمان غرامة شرعية، و ليس من باب انه جزء من الثمن او المثمن.

و على هذا (فلا ينضم) ما يعطيه المشترى الى البائع عند الفسخ من الغرامة (الى المثمن حتى يصير ازيد من الثمن) و يلزم الربا في الفسخ.

ص: 226

اذ فيه وضوح الفرق فان المقبوض بالسوم انما يتلف في ملك مالكه فيضمنه القابض.

و العيب الحادث في المبيع لا يتصور ضمان المشترى له الا بعد تقدير رجوع العين في ملك البائع، و تلف وصف الصحة منه في يد المشترى فاذا فرض ان صفة الصحة لا يقابل بجزء من المال في عقد المعاوضة الربوية فيكون تلفها في يد المشترى كنسيان العبد الكتابة لا يستحق

______________________________

(اذ) وجه قوله: «ظهر» (فيه وضوح الفرق) بين المقبوض بالسوم و بين ما نحن فيه، و الفارق هو ان «المقبوض بالسوم» مضمون على الآخذ فاذا تلف وجب عليه ان يعطى الغرامة.

اما ما نحن فيه فالمثمن وصل بيد المشترى مقابل الثمن- و وصف الصحة لا قيمة له- فاذا استرجع المشترى ثمنه ليس عليه الا ان يرد نفس المثمن فقط، فانه لم يتلف في يد المشترى الا وصف الصحة، و قد عرفت انه لا قيمة له، فلما ذا يجب على المشترى ان يرد ارش الصحة (فان المقبوض بالسوم انما يتلف في ملك مالكه فيضمنه القابض) لقاعدة على اليد.

(و) اما (العيب الحادث في المبيع) الربوي- فيما نحن فيه- ف (لا يتصور ضمان المشترى له) اى لهذا العيب (الا بعد تقدير) الفسخ و (رجوع العين في ملك البائع، و تلف) عطف على «رجوع» (وصف الصحة منه) اى من المثمن (فى يد المشترى، فاذا فرض ان صفة الصحة لا يقابل بجزء من المال في عقد المعاوضة الربوية فيكون) فقوله «يكون» جواب «اذا» (تلفها في يد المشترى كنسيان العبد الكتابة) ف (لا يستحق

ص: 227

البائع عند الفسخ قيمتها.

و الحاصل ان البائع لا يستحق من المشترى الا ما وقع مقابلا بالثمن و هو نفس المثمن من دون اعتبار صحته جزء، فكانه باع عبدا كاتبا فقبضه المشترى ثم فسخ او تفاسخا بعد نسيان العبد الكتابة.

نعم هذا يصح في غير الربويين لان وصف الصحة فيه يقابل بجزء من الثمن

______________________________

البائع عند الفسخ قيمتها) اى قيمة صفة الصحة المفقودة.

(و الحاصل) فالفارق بين ما نحن فيه و بين المقبوض بالسوم (ان البائع) فيما نحن فيه (لا يستحق من المشترى الا ما وقع مقابلا بالثمن، و هو) اى المقابل للثمن (نفس المثمن من دون اعتبار صحته) اى صحة المثمن (جزء) من المثمن حتى يكون الثمن في مقابل ذات المثمن و صحته (فكانه) اى فكان مقامنا هذا من قبيل ما لو (باع) البائع (عبدا كاتبا فقبضه المشترى ثم فسخ) احدهما (او تفاسخا بعد نسيان العبد الكتابة) فانه لا يرجع البائع الى المشترى بارش النسيان و فيما نحن فيه اذا عاب المثمن فى الربوي- لا يرجع البائع الى المشترى بثمن العيب، بعد انفساخ البيع.

(نعم هذا) اى رجوع البائع الى المشترى بقيمة الصحة- التى فقدت عند المشترى- (يصح في غير الربويين).

و ذلك (لان وصف الصحة فيه) اى في غير الربويين (يقابل بجزء من الثمن) فاذا فقدت الصحة كان للبائع ان يأخذ ارشها من المشترى عند

ص: 228

فيرد المشترى قيمة العيب الحادث عنده ليأخذ الثمن المقابل لنفس المبيع مع الصحة.

ثم ان صريح جماعة من الاصحاب عدم الحكم على المشترى بالصبر على المعيب مجانا فيما نحن فيه، فذكروا في تدارك ضرر المشترى وجهين اقتصر في المبسوط على حكايتهما.

احدهما: جواز رد المشترى للمعيب مع غرامة قيمة العيب الحادث لما تقدم إليه الاشارة، من: ان ارش العيب الحادث في يد المشترى

______________________________

الفسخ (فيرد المشترى) الى البائع (قيمة العيب الحادث عنده ليأخذ الثمن المقابل لنفس المبيع مع الصحة) اى الثمن المقابل لشيئين المبيع و الصحة، فاذا كانت الشاة السليمة عشرة و المعيبة ثمانية، فالصحة تقابل باثنين، فاذا فسخ البيع اخذ عشرته التى ثمانية منها تقابل بنفس المبيع و اثنتان منها تقابل بالصحة.

(ثم) بعد ان ذكر الفقهاء ان الجنس الربوي المعيب لا يمكن رده اذا تعيب عند المشترى عيبا جديدا، ف (ان صريح جماعة من الاصحاب عدم الحكم على المشترى بالصبر على المعيب مجانا فيما نحن فيه، فذكروا فى تدارك ضرر المشترى) بالعيب القديم (وجهين، اقتصر في المبسوط على حكايتهما) من دون ان يبين نظره بالنسبة إليهما.

(احدهما: جواز رد المشترى للمعيب مع) اعطائه (غرامة قيمة العيب الحادث) عنده، و انما يصح اعطاء الغرامة، لانه لا يلزم منها الربا (لما تقدم إليه الاشارة، من: ان ارش العيب الحادث في يد المشترى) ليس فى

ص: 229

نظير ارش العيب الحادث في المقبوض بالسّوم في كونها غرامة تالف مضمون على المشترى لا دخل له في العوضين حتى يلزم الربا.

الثانى: ان يفسخ البيع، لتعذر امضائه و الزام المشترى ببدله من غير الجنس معيبا بالعيب القديم، و سليما عن الجديد

______________________________

مقابل وصف الصحة، حتى يلزم الربا، بل هو (نظير ارش العيب الحادث في المقبوض بالسّوم في كونها غرامة تالف مضمون على المشترى) و (لا دخل له) اى للارش (فى العوضين حتى يلزم الربا).

و من المعلوم ان الامر يختلف بالاعتبار، فاعتبار الارش في مقابل الصحة غير اعتبار الارش غرامة شرعية.

(الثانى: ان يفسخ) اصل (البيع، لتعذر امضائه) بلا ارش و لا مع الارش.

اما بلا ارش، فلكونه ضررا على المشترى.

و اما مع الارش فلكونه ربا.

و حيث ان الشارع رفع الضرر، و منع الربا، فلا بد و ان يكون مجيزا الفسخ بدليل الاقتضاء، و ذلك يخصص عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و الزام المشترى ببدله) اى ببدل المثمن، لا نفس المثمن في حال كون ذلك البدل (من غير الجنس) اى ان يعطى القيمة لا المثل، فى حالكون الجنس (معيبا بالعيب القديم، و سليما عن) العيب (الجديد) اى يقوم الجنس هكذا ثم يعطى المشترى قيمة مثل هذا الجنس الى البائع و لا يعطى نفس المعيب و لا مثله.

ص: 230

و يجعل بمثابة التالف لامتناع رده بلا ارش و مع الارش.

و اختار في الدروس تبعا للتحرير: الوجه الاول مشيرا الى تضعيف الثانى بقوله: لان تقدير الموجود معدوما خلاف الاصل.

______________________________

اما انه لا يعطى نفس المعيب، لانه ان رده مع الارش لزم الربا، و ان رده بلا ارش لزم الضرر، و لا يرد مثله لانه ان رد المثل الصحيح لزمت الزيادة، و ان رد المثل المعيب بالعيبين، لزم الاشكال المتقدم- الربا او الضرر- و ان رد المثل المعيب بالعيب القديم فقط فذلك متعسر غالبا، و العسر مرفوع شرعا.

اقول: لكن الظاهر ان لفظة «غير» زائدة، فالعبارة الصحيحة «من الجنس» لان المثل يقوم مقام العين، اذا كان المثل ممكنا، و لا تصل النوبة الى القيمة.

و العسر خاص ببعض الموارد فلا يكون دليلا على التنزل الى القيمة مطلقا (و يجعل) المبيع المعيب (بمثابة التالف) فيرجع الى مثله.

و انما كان بمنزلة التالف (لامتناع ردّه بلا ارش) لانه ضرر على البائع (و) لا (مع الارش) لانه ربا، و الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.

(و اختار في الدروس تبعا ل) العلامة فى (التحرير: الوجه الاول) و هو رد نفس المعيب مع الغرامة (مشيرا الى تضعيف) الوجه (الثانى بقوله: لان تقدير) المبيع (الموجود معدوما) حتى يكون اللازم اعطاء بدله (خلاف الاصل) اى اصالة لزوم ارجاع نفس المبيع عند الفسخ.

ص: 231

و تبعه المحقق الثانى معللا بان الربا ممنوعة في المعاوضات، لا فى الضمانات، و انه كارش عيب العين المقبوضة بالسوم اذا حدث في يد المستام و ان كانت ربوية.

فكما لا يعد هنا ربا، فكذا لا يعد في صورة النزاع.

اقول قد عرفت الفرق بين ما نحن فيه، و بين ارش عيب المقبوض بالسوم فانه يحدث فى

______________________________

(و تبعه المحقق الثانى معللا بان الربا ممنوعة في المعاوضات) اى البيوع و القروض (لا في الضمانات) و اذا فسخ البيع و ارجع المعيب كان اللازم اعطاء نقصه من باب الضمان، لا من باب المعاوضة، فلا مانع فى مثل هذا الارش (و انه) اى الارش الّذي يعطيه المشترى للمالك فى مقابل عيبه الجديد (كارش عيب العين المقبوضة بالسوم اذا حدث) العيب (فى يد المستام) اى الآخذ بالسوم (و ان كانت) العين المقبوضة بالسوم (ربوية).

(فكما لا يعد) ارش العيب (هنا) فى المقبوض بالسوم (ربا) بل غرامة شرعية (فكذا لا يعد في صورة النزاع) و هو ما اذا تعيب عند المشترى عيبا جديدا، و اراد المشترى ردّه- ان كان الجنس ربويا- فان الارش الّذي يعطيه المشترى في مقابل العيب الجديد لا يعد ربا.

(اقول قد عرفت الفرق) حيث قلنا قبل اسطر «اذ فيه وضوح الفرق ..»

(بين ما نحن فيه، و بين ارش عيب المقبوض بالسوم) فلا يصح تنظير احدهما بالآخر (فانه) اى العيب الموجب للارش في المقبوض بالسوم (يحدث فى

ص: 232

ملك مالكه بيد قابضه، و العيب فيما نحن فيه يحدث في ملك المشترى و لا يقدر في ملك البائع الا بعد فرض رجوع مقابله من الثمن الى المشترى و المفروض عدم المقابلة بين شي ء منه، و بين صحة المبيع.

و منها: تأخير الاخذ بمقتضى الخيار

فان ظاهر الغنية اسقاطه للرد و الارش كليهما، حيث جعل المسقطات خمسة، التبرى، و الرضا بالعيب،

______________________________

ملك مالكه) و لكن (بيد قابضه) فإعطاؤه الارش لا يعد رباء بل هو من باب ضمان: من اتلف، لقاعدة: على اليد ما اخذت، و لسائر ادلة الضمان (و العيب) الجديد (فيما نحن فيه يحدث في ملك المشترى و لا يقدر) كون هذا العيب (فى ملك البائع الا بعد فرض رجوع مقابله من الثمن الى المشترى) فالارش يعطى في مقابل وصف الصحة.

(و) الحال ان (المفروض عدم المقابلة بين شي ء منه) اى من الثمن (و بين) وصف (صحة المبيع) لانه ان كان شي ء من الثمن مقابل وصف الصحة- فى اوّل البيع- لزم زيادة المثمن على الثمن، و ان كان فى مقابل وصف الصحة- حال الفسخ- لزم زيادة الثمن على المثمن، و كلاهما باطل، فتأمل:

(و منها) اى من الامور المسقطة للرد و الارش معا، كما ذكره بعض الاصحاب (تأخير الاخذ بمقتضى الخيار) بعد العلم به (فان ظاهر الغنية اسقاطه للرد و الارش كليهما، حيث جعل) الغنية (المسقطات) لخيار العيب (خمسة، التبرى) من البائع عن كل عيب (و الرضا بالعيب)

ص: 233

و تأخير الرد مع العلم، لانه على الفور بلا خلاف، و لم يذكر في هذه الثلاثة ثبوت الارش.

ثم ذكر حدوث العيب، و قال: ليس له هاهنا الا الارش.

ثم ذكر التصرف و حكم فيه بالارش فان في الحاق الثالث بالاولين فى ترك ذكر الارش فيه، ثم ذكره في الاخيرين و قوله ليس له هاهنا ظهورا في عدم ثبوت الارش بالتأخير.

______________________________

من المشترى، سواء رضى قبل البيع او بعده (و تأخير الرد مع العلم) بالعيب و بان له الرد (لانه) اى الرد (على الفور بلا خلاف، و لم يذكر) الغنية (فى هذه الثلاثة ثبوت الارش).

(ثم ذكر حدوث العيب) عند المشترى، و انه مسقط للرد بالعيب القديم- و هذا رابع المسقطات- (و قال: ليس له) اى للمشترى (هاهنا) فى صورة حدوث عيب جديد (الا الارش).

(ثم ذكر التصرف) اى تصرف المشترى في المبيع المعيب (و حكم فيه بالارش) لانه يسقط الرد بالتصرف.

اما وجه دلالة كلام الغنية على ان التأخير يسقط الرد و الارش معا فلما ذكره المصنف «ره» بقوله: (فان في الحاق الثالث) اى تأخير الرد (بالاولين) اى التبرى و الرضا (فى ترك ذكر الارش فيه) اى في الثالث و قوله «فى ترك» متعلق ب «الحاق» (ثم ذكره) اى الارش (فى الاخيرين) اى حدوث العيب و التصرف (و قوله) اى الغنية: (ليس له هاهنا) الا الارش (ظهورا في عدم ثبوت الارش بالتأخير) اذ لو كان

ص: 234

و هذا احد القولين منسوب الى الشافعى.

و لعله لان التأخير دليل الرضا.

و يرد بعد تسليم الدلالة ان الرضا بمجرده لا يوجب سقوط الارش كما عرفت في التصرف.

نعم سقوط الرد وحده له وجه، كما هو صريح المبسوط و

______________________________

الارش في التأخير كان التأخير ملحقا بالاخيرين لا بالاولين.

و قوله «ظهورا» خبر «فان في الحاق الخ» (و هذا) اى اسقاط التأخير للرد و الارش معا (احد القولين) فى المسألة، و هو (منسوب الى الشافعى).

(و لعله) اى وجه اسقاط التأخير للرد و الارش معا (لان التأخير دليل الرضا) بالمعيب، و اذا رضى فلا رد و لا ارش.

(و يرد) هذا الدليل (بعد تسليم الدلالة).

اى أولا: لا نسلم ان التأخير دليل الرضا بالمبيع، اذ يمكن ان يكون التأخير لاجل المشهورة، او التفكر، او الغفلة بعد العلم او ما اشبه ذلك.

و ثانيا نقول: سلمنا ان التأخير دليل الرضا، لكن نقول: (ان الرضا بمجرده لا يوجب سقوط الارش، كما عرفت في التصرف) حيث قلنا: ان التصرف لا يدل على سقوط الارش، و ان رضى بالبيع، اذ السقوط يحتاج الى الابراء و الاسقاط و الرضا ليس باسقاط.

(نعم سقوط الرد وحده) بالتأخير (له وجه، كما هو صريح المبسوط، و

ص: 235

الوسيلة على ما تقدم من عبارتهما في التصرف المسقط و يحتمله أيضا عبارة الغنية المتقدمة بناء على ما تقدم في سائر الخيارات من لزوم الاقتصار فى الخروج عن اصالة اللزوم على المتيقن السالمة عما يدل على التراخى عدا ما في الكفاية من اطلاق الاخبار، و

______________________________

الوسيلة على ما تقدم من عبارتهما في التصرف المسقط) للرد (و يحتمله أيضا عبارة الغنية المتقدمة) بان يريد الغنية ان التأخير مسقط للرد فقط لا للرد و الارش معا.

و ذلك لاحتمال ان الغنية انما هى في مقام تعداد اصل المسقطات لا في مقام بيان ما يسقط بالمسقطات.

ثم انه: انما قلنا «له وجه» (بناء على ما تقدم في سائر الخيارات من لزوم الاقتصار في الخروج عن اصالة اللزوم) اى لزوم العقد (على) القدر (المتيقن) خروجه «على» متعلق ب «الاقتصار» و المتيقن هو فورية الخيار.

و الحاصل: ان الاصل لزوم العقد، خرج من هذا الاصل- فيما اذا كان الشي ء معيبا- ان اخذ بالخيار فورا، فان لم يأخذ بالخيار فورا كان البيع داخلا في كلى اصالة اللزوم، فلا حق له في الرد (السالمة) اى تلك الاصالة (عما يدل على التراخى) اى لا مخصص للاصالة، يدل ذلك المخصص على التراخى (عدا ما في الكفاية) للسبزوارى (من اطلاق الاخبار) اى اخبار خيار العيب فانها مطلقة تدل على ان المشترى له الخيار سواء اخذ بالخيار فورا او تراخيا، و بإطلاق الاخبار نخصص اصالة اللزوم (و

ص: 236

خصوص بعضها.

و فيه: ان الاطلاق في مقام بيان اصل الخيار.

و اما الخبر الخاص فلم اقف عليه.

و حينئذ فالقول بالفور وفاقا لمن تقدم للاصل لا يخلو عن قوة مع ما تقدم من نفى الخلاف في الغنية في كونه على الفور، و لا يعارضه ما فى المسالك و الحدائق من انه لا نعرف فيه خلافا، لانا عرفناه.

______________________________

خصوص بعضها) كمرسلة جميل الدالة على ان المشترى يحق له الرد بمجرد كون الشي ء قائما بعينه، فتشمل صورتى الرد فورا و متراخيا.

(و فيه: ان الاطلاق في مقام بيان اصل الخيار) فليس للاخبار اطلاق له من جهة الفور و التراخى لعدم تمامية مقدمات الحكمة، لكن الانصاف ان العرف يفهم من الاخبار الاطلاق.

(و اما الخبر الخاص) الدال على جواز التراخى (فلم اقف عليه) و مرسلة جميل لا دلالة لها الا بالإطلاق.

(و حينئذ) فحيث لا دليل على التراخى (فالقول بالفور وفاقا لمن تقدم) كالمبسوط و الوسيلة (للاصل) اى لاصل اللزوم (لا يخلو عن قوة) لكن فيه ما تقدم (مع ما تقدم من نفى الخلاف في الغنية في كونه على الفور و لا يعارضه) اى نفى خلاف الغنية (ما في المسالك و الحدائق من انه لا نعرف فيه خلافا) اى في جواز التأخير (لانا عرفناه) عن الغنية، و ظاهر المبسوط، و الوسيلة.

ص: 237

و لذا جعله في التذكرة اقرب.

و كذا ما في الكفاية من عدم الخلاف، لوجود الخلاف.

نعم في الرياض: انه ظاهر اصحابنا المتأخرين كافة.

و التحقيق رجوع المسألة الى اعتبار الاستصحاب في مثل هذا المقام و عدمه.

و لذا

______________________________

(و لذا) الّذي يوجب الخلاف في مسئلة جواز التراخى (جعله) اى التأخير (فى التذكرة اقرب) مما يدل على ان هناك قولين، فلو صح كلام المسالك و الحدائق، لم يكن وجه لقول التذكرة «انه اقرب» بل اللازم ان يفتى بجواز التأخير جزما.

(و كذا) لا يعارضه (ما في الكفاية) و هذا عطف على «ما في المسالك و الحدائق» (من عدم الخلاف) فى جواز التأخير.

و انما لا يعارضه (لوجود الخلاف) عن الغنية و المبسوط و الوسيلة.

(نعم في الرياض: انه) اى جواز التأخير (ظاهر اصحابنا المتأخرين كافة) فلا خلاف في مسألة جواز التأخير بين المتأخرين.

(و التحقيق) فى انه هل يجوز تأخير الخيار، أم لا؟ (رجوع المسألة الى اعتبار الاستصحاب في مثل هذا المقام) بان يقال: ان المشترى كان له الخيار في الآن الاول، فاذا شككنا في انه بقى خياره، أم لا، كان الاصل بقاء خياره (و عدمه) بتبدل الموضوع اذ الفور غير التراخى.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان التحقيق رجوع المسألة الى اعتبار

ص: 238

لم يتمسك في التذكرة للتراخى الا به و الا فلا يحصل من فتوى الاصحاب الا الشهرة بين المتأخرين المستندة الى الاستصحاب و لا اعتبار بمثلها و ان قلنا بحجية الشهرة او حكاية نفى الخلاف من باب مطلق الظن لعدم الظن كما لا يخفى

______________________________

الاستصحاب و عدمه (لم يتمسك في التذكرة للتراخى الا به) اى بالاستصحاب (و الا) يكن الاستصحاب مدركا في جواز التراخى لم يبق مدرك آخر، (ف) انه لا يبقى الا الشهرة بين المتأخرين، و الظن الناشئ من: لا خلاف، المذكور في المسالك و الحدائق- من باب حجية مطلق الظن- و كلاهما لا يصلحان مستندا لجواز التراخى-.

اذ (لا يحصل من فتوى الاصحاب الا الشهرة بين المتأخرين) الّذي ذكره الرياض- اذ قد عرفت اختلاف القدماء- (المستندة) تلك الشهرة (الى الاستصحاب) بقرينة ذكر التذكرة للاستصحاب (و لا اعتبار بمثلها) اى بالشهرة المستندة الى الدليل، فحينئذ يكون ذلك الدليل هو المستند لا الشهرة، بل ذكروا ان الاجماع المحتمل الاستناد ليس بحجة (و ان قلنا بحجية الشهرة) فى نفسها «ان» وصلية (او حكاية نفى الخلاف) عطف على «الشهرة» اى بحجية نفى الخلاف (من باب مطلق الظن) «من» متعلق «بحجية».

و انما قلنا «لا اعتبار بمثلها» (لعدم الظن) فيما اذا كان المستند للشهرة و نفى الخلاف معلوما- كما في ما نحن فيه- حيث ان مستندهم فى جواز التراخى «الاستصحاب» (كما لا يخفى).

ص: 239

و اللّه العالم.

______________________________

و لكن الانصاف انه لم يوجد في الفور قول صريح الا في الغنية، و فى قباله دعوى عدم الخلاف، و الاتفاق- كما في الجواهر- و الشهرة، و فتاوى الاصحاب، بالإضافة الى الاطلاق و الاستصحاب، فالقول بالتراخى متعين (و اللّه العالم) بحقائق الاحكام.

ص: 240

مسألة [هل يجب الإعلام بالعيب]

قال في المبسوط: من باع شيئا فيه عيب لم يبينه فعل محظورا، و كان المشترى بالخيار، انتهى.

و مثله ما عن الخلاف، و في موضع آخر من المبسوط وجب عليه ان يبينه و لا يكتمه، او يتبرأ إليه من العيوب، و الاول احوط.

و نحوه عن فقه الراوندى.

و مثلهما ما في التحرير، و زاد الاستدلال عليه

______________________________

(مسألة: قال في المبسوط: من باع شيئا فيه عيب) و (لم يبينه) مع علمه بالعيب (فعل محظورا) اى حراما (و كان المشترى بالخيار) ان شاء امسك، و ان شاء ردّ (انتهى).

(و مثله ما عن الخلاف، و في موضع آخر من المبسوط وجب عليه ان يبينه و لا يكتمه).

و الظاهر ان الكتمان شي ء، و عدم البيان شي ء آخر، فانه ربما لا يكتمه و لكن لا يبينه أيضا (او يتبرأ إليه) اى الى المشترى، و «او» عطف على «ان» (من العيوب، و الاول احوط) لاحتمال ان يكون التبرى موجبا للغرر المنهى عنه بقوله عليه السلام: نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن الغرر.

(و نحوه عن فقه الراوندى).

(و مثلهما ما في التحرير، و زاد الاستدلال عليه) اى على اصل

ص: 241

بقوله: لئلا يكون غاشا.

و ظاهر ذلك كله عدم الفرق بين العيب الجلى و الخفى و صريح التذكرة و السرائر كظاهر الشرائع الاستحباب مطلقا، و ظاهر جماعة التفصيل بين العيب الخفى و الجلى، فيجب في الاول مطلقا كما هو ظاهر جماعة او مع عدم التبرى كما في الدروس.

فالمحصل من ظاهر كلماتهم خمسة اقوال

______________________________

الفتوى بالتحريم (بقوله: لئلا يكون غاشا) و الغش حرام بالنص و الاجماع

(و ظاهر ذلك كله عدم الفرق بين العيب الجلى و الخفى) فالجليّ كالثقبة الواضحة في القماش، و الخفى كالوهن الّذي لا يعرف الا بالاستعمال في القماش (و صريح التذكرة و السرائر كظاهر الشرائع الاستحباب) لبيان العيب (مطلقا) خفيا كان العيب او جليا (و ظاهر جماعة التفصيل) الى قولين.

الاول: التفصيل (بين العيب الخفى و الجلى، فيجب في الاول) اى الخفى البيان (مطلقا) سواء تبرأ، أم لا (كما هو ظاهر جماعة) و لا يجب فى الجلى (او) القول الثانى: انه يجب البيان في الخفى (مع عدم التبرى كما في الدروس) اما مع جلاء العيب او التبرى فلا يجب البيان.

(فالمحصل من ظاهر كلماتهم خمسة اقوال):

الاول: وجوب الاعلام مطلقا.

الثانى: وجوب الاعلام مع عدم التبرى.

الثالث: استحباب الاعلام مطلقا.

ص: 242

و الظاهر ابتناء الكل على دعوى صدق الغش و عدمه.

و الّذي يظهر من ملاحظة العرف و اللغة في معنى الغش ان كتمان العيب الخفى، و هو الّذي لا يظهر بمجرد الاختبار المتعارف قبل البيع، غش، فان الغش كما يظهر من اللغة خلاف النصح.

______________________________

الرابع: وجوب الاعلام في الخفى مطلقا- و لو تبرأ- و لا يجب فى الجلى.

و الخامس: وجوب الاعلام في الخفى اذا لم يتبرأ، و لا يجب فى الجلى.

(و الظاهر ابتناء الكل على دعوى صدق الغش و عدمه) فمن يدعى انه غش مطلقا، يقول بوجوب الاعلام مطلقا.

و من يدعى انه ليس بغش مطلقا يقول بعدم وجوبه مطلقا- بل استحبابه-.

و من يرى انه غش في بعض الصور دون بعض، يقول بوجوب الاعلام فى صورة انه غش، دون صورة ما اذا لم يكن غشا.

(و الّذي يظهر من ملاحظة العرف و اللغة في معنى الغش) الّذي علق عليه النهى في النص و الفتوى (ان كتمان العيب الخفى، و هو الّذي لا يظهر بمجرد الاختبار المتعارف قبل البيع) «قبل» متعلق ب «المتعارف» فان المتعارف قبل البيع اختبار الشي ء قليلا.

فقوله: (غش) خبر «ان كتمان» (فان الغش كما يظهر من اللغة خلاف النصح) و الّذي يخفى عيب متاعه بنحو لا يظهر للمشترى لا شك فى

ص: 243

اما العيب الظاهر فالظاهر ان ترك اظهاره ليس غشا.

نعم لو اظهر سلامته عنه على وجه يعتمد عليه كما اذا فتح قرآنا بين يدى العبد الاعمى- مظهرا انه بصير يقرأ- فاعتمد المشترى على ذلك و اهمل اختباره كان غشا.

قال: فى التذكرة في رد استدلال الشافعى- على وجوب اظهار العيب

______________________________

انه لم ينصح، فهو غاش.

(اما العيب الظاهر فالظاهر) من مراجعة العرف في تطبيق كلى الغش على مصاديقه (ان ترك اظهاره ليس غشا) و لذا نرى العرف يوجهون اللوم للمشترى في مثله، لا للبائع.

(نعم لو اظهر) البائع (سلامته) اى المبيع (عنه) اى عن العيب الظاهر (على وجه يعتمد عليه) اى على ذلك الاظهار، مما يوجب عدم الاختبار (كما اذا فتح قرآنا بين يدى العبد الاعمى- مظهرا انه بصير يقرأ- فاعتمد المشترى على ذلك) الظاهر الخادع (و اهمل اختباره كان غشا) فالغش قد يكون لخفاء العيب، و قد يكون لصرف المشترى عن معرفة العيب الظاهر.

و لعله ترشد الى القسمين صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام: انه سئل عن الطعام يخلط بعضه ببعض، و بعضه اجود من بعض قال عليه السلام اذا رؤيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردي ء.

(قال: فى التذكرة في رد استدلال الشافعى- على وجوب اظهار العيب

ص: 244

مطلقا- بالغش ان الغش ممنوع، بل يثبت في كتمان العيب بعد سؤال المشترى و تبيّنه و التقصير في ذلك من المشترى انتهى.

و يمكن ان يحمل بقرينة ذكر التقصير على العيب الظاهر كما انه يمكن حمل عبارة التحرير المتقدمة المشتملة على لفظ الكتمان، و على الاستدلال بالغش على العيب الخفى، بل هذا الجمع ممكن فى

______________________________

مطلقا-) جليا كان او خفيا (بالغش) متعلق «بالاستدلال» (ان الغش ممنوع) هذا استدلال العلامة (بل) الغش انما (يثبت في كتمان) البائع (العيب بعد سؤال المشترى و تبيّنه) اى فحصه (و التقصير في ذلك من المشترى).

قوله «و التقصير» مبتدأ اى ان التقصير في عدم الالتفات الى العيب الظاهر انما هو من المشترى، فلا يكون غشا من البائع، و لذا فاطلاق الشافعى «ان عدم الاظهار مطلقا غش» غير تام (انتهى).

(و يمكن ان يحمل) كلام العلامة: (بقرينة ذكر التقصير على العيب الظاهر) اذ لو كان العيب خفيا لم يكن تقصير من المشترى (كما انه يمكن حمل عبارة) العلامة فى (التحرير المتقدمة المشتملة على لفظ الكتمان، و على الاستدلال بالغش على العيب الخفى) اذ في العيب الظاهر لا يسمى كتمانا، كما ان في العيب الظاهر لا يسمى غشا.

و على هذا فلا منافات بين كلامى العلامة في التذكرة و التحرير (بل هذا الجمع) الّذي ذكرناه بين كلامى العلامة، من حمل نفى الغش على العيب الظاهر، و حمل وجود الغش على العيب الخفى (ممكن فى

ص: 245

كلمات الاصحاب مطلقا و من اقوى الشواهد على ذلك انه حكى عن موضع من السرائر: ان كتمان العيوب مع العلم بها حرام محظور بغير خلاف مع ما تقدم من نسبة الاستحباب إليه، فلاحظ

ثم التبرى من العيوب هل يسقط وجوب الاعلام في مورده- كما عن المشهور- أم لا؟ فيه اشكال نشأ من دعوى صدق الغش، و من ان لزوم الغش من جهة ظهور اطلاق العقد في التزام البائع بالصحة فاذا

______________________________

كلمات الاصحاب مطلقا) فحمل كلام مثبت الغش، على العيب الخفى، و كلامنا فى الغش، على العيب الخفى (و من اقوى الشواهد على ذلك) الجمع (انه حكى عن موضع من السرائر: ان كتمان) البائع (العيوب مع العلم بها حرام محظور) شرعا (بغير خلاف، مع ما تقدم من نسبة الاستحباب إليه) فلا بد ان يحمل كلامه الاول على العيب الخفى، و كلامه الثانى على العيب الجليّ، و الا لزم التناقض في كلامه، و ذلك في غاية البعد (فلاحظ) كلامه تعرف صدق ما ذكرناه.

(ثم) ان (التبرى من العيوب هل يسقط وجوب الاعلام في مورده) اى مورد وجوب الاعلام (- كما عن المشهور-) كما اذا كان في المبيع عيب خفى، و لكن قال البائع ابيعك و انى متبرئ عن كل عيب فيه و لا يعلم المشترى بالعيوب التى فيه (أم لا) يسقط بل لا بد من ذكر العيوب (فيه اشكال نشأ) الاشكال (من دعوى صدق الغش) و ان تبرأ فلا بد من الاعلام و لا يكفى التبرّى (و من ان لزوم الغش) انما هو (من جهة ظهور اطلاق العقد في التزام البائع بالصحة) «فى» متعلق ب «ظهور» (فاذا

ص: 246

تبرى من العيوب ارتفع الظهور.

او من جهة ادخال البائع للمشترى فيما يكرهه عامدا، و التبرى لا يرفع اعتماد المشترى على اصالة الصحة.

فالتغرير انما هو لترك ما يصرفه عن الاعتماد على الاصل.

و الاحوط الاعلام مطلقا كما تقدم من المبسوط.

______________________________

تبرى) البائع (من العيوب ارتفع الظهور) فلا غش.

(او من جهة) و هذا وجه لعدم صدق الغش فهو دليل ثان للقائل بعدم صدق الغش، و هو عطف على «من جهة» الاول (ادخال البائع للمشترى فيما يكرهه) المشترى ادخالا (عامدا، و التبرى لا يرفع اعتماد المشترى على اصالة الصحة) فالبائع لم يدخله فيما كرهه- بعد ان تبرّأ- بل المشترى هو الّذي ادخل نفسه فيما يكره، لاجل قبوله الاشتراء مع التبرى.

(فالتغرير) من البائع للمشترى الموجب للغش (انما هو لترك) البائع (ما يصرفه) اى يصرف المشترى (عن الاعتماد على الاصل) اى اصالة السلامة، فاذا لم يترك البائع الصارف، بل ذكر الصارف «و هو التبرى» اذ معنى التبرى، انه «لا تعتمد ايها المشترى على الاصل» لم يكن تغرير فلا غش.

(و الاحوط الاعلام مطلقا) فى الجلىّ و الخفىّ، تبرأ، أم لا (كما تقدم من المبسوط).

و لا يخفى ان في بعض نسخ المتن هكذا «و التبرى لا يرفع اعتماد

ص: 247

ثم ان المذكور في جامع المقاصد و المسالك و عن غيرهما: انه ينبغى بطلان البيع في مثل شوب اللبن بالماء لان ما كان من غير الجنس لا يصح العقد فيه و الآخر مجهول الا ان يقال ان جهالة الجزء غير مانعة ان كانت الجملة معلومة، كما لو ضم ماله و مال غيره و باعهما ثم ظهر البعض مستحقا فان البيع لا يبطل في ملكه و ان كان مجهولا قدره وقت العقد انتهى.

______________________________

المشترى»- بزيادة لفظة «لا»-.

لكن بعض النسخ المصححة شطبت على «لا» و هذا عندى اقرب، و لذا شرحت العبارة بدون «لا».

(ثم ان المذكور في جامع المقاصد و المسالك و) المنقول (عن غيرهما انه ينبغى بطلان البيع في مثل شوب اللبن بالماء لان ما كان من غير الجنس) كالماء في المثال (لا يصح العقد فيه) اذ العقد على اللبن، لا على الماء (و الآخر) الّذي يصح العقد فيه و هو اللبن (مجهول) القدر، و بيع المجهول باطل (الا ان يقال ان جهالة الجزء) و هو اللبن (غير مانعة) عن صحة البيع (ان كانت الجملة معلومة) فيكون حال المقام (كما لو ضم ماله و مال غيره و باعهما) صفقة واحدة (ثم ظهر البعض مستحقا) للغير و لم يجز ذلك الغير (فان البيع لا يبطل في ملكه) اى ملك البائع (و ان كان مجهولا قدره وقت العقد) و ذلك لان معلومية الجملة كافية.

اذ ادلة النهى عن بيع المجهول منصرفة عن امثال هذه المقامات (انتهى) كلام جامع المقاصد و المسالك.

ص: 248

اقول الكلام في مزج اللبن بمقدار من الماء يستهلك في اللبن و لا يخرجه عن حقيقته كالملح الزائد في الخبز، فلا وجه للاشكال المذكور.

نعم لو فرض المزج على وجه يوجب تعيب الشي ء من دون ان يستهلك فيه بحيث يخرج عن حقيقته الى حقيقة ذلك الشي ء توجه ما ذكروه في بعض الموارد.

______________________________

(اقول) .. ان بيع اللبن الممزوج على قسمين:

الاول: ان يكون اللبن مستهلكا للماء.

و الثانى: ان لا يكون كذلك.

فان كان (الكلام في مزج اللبن بمقدار من الماء يستهلك في اللبن و لا يخرجه عن حقيقته) العرفية (كالملح الزائد في الخبز) المستهلك فيه (فلا وجه للاشكال المذكور) اذ كل المبيع لبن عرفا- على الفرض-.

(نعم لو فرض المزج على وجه يوجب تعيب الشي ء) و هو اللبن (من دون ان يستهلك) الماء (فيه بحيث يخرج عن حقيقته الى حقيقة ذلك الشي ء) عرفا.

قوله «بحيث» بيان الاستهلاك، اى لم يكن استهلاك حتى يخرج الماء من الحقيقة المائية الى الحقيقة اللبنية (توجه ما ذكروه) من بطلان البيع (فى بعض الموارد) التى كان مقدار اللبن فيه مجهولا، اما اذا كان معلوما لم يبطل البيع، كما لا يخفى.

ص: 249

مسائل: فى اختلاف المتبايعين
اشارة

و هو تارة في موجب الخيار، و اخرى في مسقطه، و ثالثة فى الفسخ.

اما الاول: [الاختلاف في موجب الخيار] ففيه مسائل:
الأولى: لو اختلفا في تعيب المبيع و عدمه مع تعذر ملاحظته لتلف او نحوه، فالقول قول المنكر بيمينه.

______________________________

(مسائل في اختلاف المتبايعين، و هو) اى الاختلاف (تارة فى موجب الخيار، و اخرى في مسقطه) بعد اتفاقهما على اصل الخيار (و ثالثة فى الفسخ) و انه هل فسخ البيع أم لا؟

(اما الاول) و هو الاختلاف في موجب الخيار (ففيه مسائل:

الاولى: لو اختلفا في تعيب المبيع و عدمه) بان قال المشترى انه كان معيبا عند البائع و انكر البائع العيب (مع تعذر ملاحظته) للتحقق من كونه معيبا، اذ لو لم تتعذر ملاحظته لم تكن دعوى (لتلف او نحوه) كإباق العبد و شرود الدابة (فالقول قول المنكر) و هو البائع غالبا (بيمينه) لاصل البينة على المدعى، فاذا لم تكن له بينة كان اللازم حلف المنكر و يكون القول قوله حينئذ، فان لم يحلف المنكر ردّ اليمين الى المدعى على قول، فاذا حلف كان الحق له، و قيل ان مجرد النكول كاف في اعطاء الحق للمدعى، ثم ان لم يأت المدعى بالبينة و لا حلف المنكر و لا استعد المدعى للحلف فيما لو توجه الحلف إليه بقى البيع على لزومه.

ص: 250

الثانية: لو اختلفا في كون الشي ء عيبا و تعذر تبين الحال لفقد اهل الخبرة، كان الحكم كسابقه.

نعم لو علم كونه نقصا كان للمشترى الخيار في الردّ دون الارش لاصالة البراءة.

______________________________

(الثانية: لو اختلفا في كون الشي ء) ككثرة اكل العبد، او نومه، او عدم اكل الدابة المقدار المتعارف مثلا (عيبا) أم لا، فقال المشترى انه عيب فله خيار العيب، و قال البائع انه ليس بعيب (و تعذر تبين الحال لفقد اهل الخبرة) او اختلافهم (كان الحكم كسابقه) فيلزم ان يأتى من يدعى انه عيب بالبينة، فان لم تكن بيّنة يحلف المنكر، الى آخر ما ذكرناه هناك.

(نعم لو علم) من الخارج او باتفاقهما (كونه نقصا) و ان لم يكن عيبا كالخصاء في العبد- على ما تقدم- (كان للمشترى الخيار في الردّ دون الارش) لانه نقص يمكن معه الرد.

اما كونه عيبا يوجب تفاوت القيمة فلم يثبت (لاصالة البراءة) اى براءة ذمة البائع عن الارش، و هذا علة قوله «دون الارش».

و لو اختلفا في كمية العيب في ان عينه الواحدة عمياء أم عينيه، او فى كيفية العيب في ان عينه هل ترى نصف المتعارف او ربعه، او فى مكان العيب بان يده اليمنى شلاء أم اليسرى.

ففى الاول كان الاصل مع مدعى الاقل.

و في الثانى ان عدّ الكيفان- عرفا- مراتب كان الاصل مع مدعى

ص: 251

الثالثة: لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع او تأخره عن ذلك،
اشارة

بان حدث بعد القبض و انقضاء الخيار، كان القول قول منكر تقدمه للاصل حتى لو علم تاريخ الحدوث و جهل تاريخ العقد، لان اصالة عدم العقد حين حدوث العيب لا يثبت وقوع العقد على المعيب.

و عن المختلف: انه حكى عن ابن الجنيد انه ان ادعى البائع ان العيب

______________________________

المرتبة النازلة، و ان عدا متباينين كان كالثالث من اصالة عدم ما يدعيه المشترى.

(الثالثة: لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع) فى انه هل كان قبل العقد، او قبل القبض، او في زمن الخيار؟ (او تأخره عن ذلك) اى عن وقت ضمان البائع (بان حدث) العيب (بعد القبض و انقضاء الخيار) فهو من مال المشترى (كان القول قول منكر تقدمه للاصل) اى لاصالة عدم تقدم العيب (حتى لو علم تاريخ الحدوث) كيوم الجمعة (و جهل تاريخ العقد) هل انه كان في يوم الخميس او يوم السبت.

فانه ربما يتوهم انه في هذه الصورة يكون القول قول من يثبت تقدم العيب على العقد، لاستصحاب عدم العقد الى ما بعد حدوث العيب.

و لكن فيه نظر (لان اصالة عدم العقد حين حدوث العيب لا يثبت وقوع العقد على المعيب) اذ الاصل مثبت و هو ليس بحجة كما قرر فى الاصول، و الواسطة ليست خفية بل جلية.

(و عن المختلف: انه حكى عن ابن الجنيد انه ان ادعى البائع ان العيب

ص: 252

حدث عند المشترى، حلف المشترى ان كان منكرا، انتهى.

و لعله لاصالة عدم تسليم البائع العين الى المشترى على الوجه المقصود، و عدم استحقاقه الثمن كلّا، و عدم لزوم العقد نظير ما اذا ادعى البائع تغير العين عند المشترى و انكر المشترى.

______________________________

حدث عند المشترى) فليس للمشترى الخيار (حلف المشترى ان كان منكرا انتهى) لحدوث العيب عنده، و هذا عكس ما ذكرناه، لانه جعل البائع مدعيا و المشترى منكرا، مع ان تعريف المدعى و المنكر ينطبق على المشترى و البائع، فان المنكر من اذا ترك ترك، و هذا حال المشترى لانه يريد الاخذ بالخيار، فاذا ترك المشترى و البائع ترك و ليس كذلك البائع.

(و لعله) اى لعل الوجه لكلام ابن الجنيد انه تصور الدعوى على وجه آخر غير الوجه الّذي ذكرناه.

فان الوجه الّذي ذكرناه نحن هو ان المشترى يدعى تقدم العيب و البائع ينكره، لكنه تصور بان البائع يدعى انه سلّم العين كاملة الى المشترى، و المشترى ينكر ذلك (لاصالة عدم تسليم البائع العين الى المشترى على الوجه المقصود) الّذي هو بلا عيب (و) اصالة (عدم استحقاقه الثمن كلّا) فالمشترى سلّم بعض الثمن- باستثناء قدر الارش الى البائع، فلما طالبه البائع بالبقية انكره المشترى، فاذا ترك البائع ترك (و) اصالة (عدم لزوم العقد) فيما اذا اراد المشترى الفسخ (نظير ما اذا ادعى البائع تغير العين عند المشترى و انكر المشترى)

ص: 253

و قد تقدم في محله هذا اذا لم تشهد القرينة القطعية مما لا يمكن عادة حصوله بعد وقت ضمان المشترى او تقدمه عليه، و الا عمل عليها من غير يمين.

قال في التذكرة: و لو اقام احدهما بينة عمل بها، ثم قال و لو اقاما

______________________________

ذلك التغير لكن لا يخفى الاشكال في هذا التقرير، و الا لامكن جعل كل مدع منكرا او بالعكس (و قد تقدم في محله) فساد التمسك بهذه الاصول الثلاثة، و ان الاصل الجارى في المسألة هو اصالة لزوم العقد و اصالة عدم تقدم العيب (هذا) كله فيما اذا ادعى المشترى تقدم العيب فالاصل عدمه (اذا لم تشهد القرينة القطعية مما لا يمكن عادة حصوله) اى العيب (بعد وقت ضمان المشترى او تقدمه عليه) اى على وقت ضمان المشترى (و الا) فاذا شهدت القرينة القطعية على تقدمه على الضمان او تأخره عنه (عمل عليها من غير يمين) لان الشهود و اليمين انما تقبل فيما اذا لم يعلم صدق احدهما فاذا علم الصدق بالقرينة كان الحق مع من شهدت له القرينة.

مثلا: اشترى عبدا و بعد يوم ظهر فيه السلّ، فانه على البائع اذ السلّ لا يحدث في يوم واحد بحيث تظهر آثاره، او حدث فيه كسر ظهر بحيث لا يتمكن من المشى و قد كان وقت البيع و القبض يمشى، فانه دليل على تأخر الكسر عن البيع و القبض.

(قال في التذكرة) فرعا جديدا (و لو اقام احدهما بينة عمل بها) مما يظهر منه كفاية بينة المنكر عن اليمين (ثم قال) العلامة (و لو اقاما) كلاهما

ص: 254

بينة عمل ببينة المشترى لان القول قول البائع، لانه ينكر، فالبينة على المشترى.

و هذا منه مبنى على سقوط اليمين عن المنكر باقامة البينة.

و فيه كلام في محله

______________________________

(بينة عمل ببينة المشترى) فانه هو المدعى، و الشرع ينظر أولا في بينة المدعى (لان القول) بدون البينة (قول البائع، لانه ينكر) العيب (فالبينة على المشترى) كما انه اذا وصل الامر الى الحلف و حلف كلاهما عمل بحلف البائع لانه المطلوب بالحلف اذا لم تكن بينة.

(و هذا) الّذي ذكره العلامة من قبول بينة البائع- اذا لم يكن للمشترى بينة- (منه) اى من العلامة ره (مبنى على سقوط اليمين عن المنكر باقامة البينة) و كانه لاجل ان يمين المنكر من باب البدل، لا انه اصل، فاذا جاء المبدل منه- و هو البينة- سقط البدل.

(و فيه كلام في محله) من كتاب القضاء.

و حاصله ان وظيفة المنكر ليست الا اليمين، لما ورد من ان البينة على المدعى و اليمين على من انكر.

فالتفصيل يظهر منه ان اليمين هو الاصل في المنكسر- لا انه بدل عن البينة- كما ان البينة هى الاصل في المدعى.

و يؤيد ذلك بعض الروايات كخبر منصور عن الصادق عليه السلام، قلت له: رجل في يده شاة، فجاء رجل و ادعاها، و اقام البينة العدول انها ولدت له عنده لم يبع و لم يهب قال ابو عبد اللّه عليه السلام: حقها

ص: 255

و ان كان لا يخلو عن قوة.

و اذا حلف البائع فلا بد من حلفه على عدم تقدم العيب، او نفى استحقاق الرد او الارش

______________________________

للمدعى، و لا اقبل من الّذي هى في يده بينة لان اللّه عز و جل امر ان تطلب البينة من المدعى، فان كانت له بينة، و الا فيمين الّذي هو في يده هكذا امر اللّه عز و جل.

فهذا الكلام (و ان كان لا يخلو عن قوة) لجملة من الروايات المطلقة و الخاصة الدالة على ان من اقام البينة قبلت منه و ان كان المنكر- كما ذكرها المستند و الجواهر و غيرهما- و لذا ذهب العلامة و الشهيد و غيرهما الى قبول البينة من المنكر.

نعم اذا تعارضت البينتان قدم ما للمدعى على تفصيل تجده في كتاب القضاء فراجع.

(و اذا) اراد البائع ان يحلف فهو اما ان يعلم بحالة المبيع و انه لم يكن معيبا عند البيع و القبض فحينئذ يحلف على عدم العيب حال البيع و القبض.

و اما ان لا يعلم بحالة المبيع، و انما اعتمد على اصالة السلامة، فحينئذ يحلف على عدم العلم بالعيب، و الحلف على عدم العيب اعتمادا على اصالة السلامة ففيه نظر.

فاذا (حلف البائع فلا بد من حلفه على عدم تقدم العيب) على البيع و القبض (او) على (نفى استحقاق) المشترى (الرد او الارش) و هذا

ص: 256

ان كان قد اختبر المبيع، و اطلع على خفايا امره كما يشهد بالاعسار و العدالة و غيرهما ممّا يكتفى فيه بالاختبار الظاهر.

و لو لم يختبر، ففى جواز الاستناد في ذلك الى اصالة عدمه اذا شك فى ذلك وجه احتمله في جامع المقاصد.

و حكى عن جماعة كما

______________________________

معلول لعدم تقدم العيب، فالحلف اما على العلة، و اما على المعلول (ان كان قد اختبر) البائع (المبيع، و اطلع على خفايا امره) و علم انه لم يكن فيه عيب حال البيع و القبض، فيشهد بسلامته حتى عن العيوب الخفية، اما العيوب الظاهرة فتعرف بادنى التفات (كما يشهد بالاعسار و العدالة و غيرهما) كالجبن و الشجاعة من الصفات النفسية الخفية، التى تعرف غالبا بآثارها (ممّا يكتفى فيه بالاختبار الظاهر) و لو انسد باب الظاهر في امثال هذه الامور لم يكن طريق إليها اطلاقا الا بعلم الغيب

(و لو لم يختبر، ففى جواز الاستناد في ذلك) اى في الحلف على عدم تقدم العيب (الى اصالة عدمه) اى عدم العيب (اذا شك في ذلك) اى في انه هل كان معيبا قبل القبض، أم لا؟ (وجه احتمله في جامع المقاصد) مقابل الوجه الآخر الّذي هو الحلف على عدم العلم بالعيب.

اذ كيف يمكن الحلف على عدم العيب و هو شاك في انه هل كان معيبا، أم لا؟.

(و) لكن القول بالحلف على نفى العيب (حكى عن جماعة) قالوا: و لا بأس بذلك لان الاصل الّذي هو مستنده في الحلف دليل شرعى (كما

ص: 257

يحلف على طهارة البيع استنادا الى الاصل.

و يمكن الفرق بين الطهارة و بين ما نحن فيه بان المراد بالطهارة فى استعمال المتشرعة ما يعم غير معلوم النجاسة، لا الطاهر الواقعى، كما ان المراد بالملكية و الزوجية ما استند الى سبب شرعى ظاهرى.

______________________________

يحلف على طهارة البيع استنادا الى الاصل) و يحلف على انه ملكه استنادا الى يد البائع الّذي اشتراه منه، او الى سوق المسلمين، او ما اشبه، مع انه لا يعلم علما قاطعا بان الشي ء طاهر واقعا و ان المال له واقعا.

(و) لكن الانصاف ان الحلف على عدم العيب استنادا الى اصل السلامة مشكل، و تنظير المسألة بباب الطهارة و الملكية غير تام.

و ذلك لانه (يمكن الفرق بين الطهارة و بين ما نحن فيه بان) الطهارة و الملكية و الزوجية و ما اشبه لها مرتبتان، مرتبة الواقع، و مرتبة الظاهر، و الّذي يمكن الحلف عليه بالقطع استنادا الى الاصل هو الظاهر و لذا لا يقدر ان يحلف انه طاهر واقعا، او ملك او زوجة واقعا، بخلاف ما نحن فيه فان العيب ليس على قسمين، عيب ظاهر و عيب واقع حتى يقال انه يحلف على المرتبة الظاهرية من العيب.

ف (المراد بالطهارة في استعمال المتشرعة) التى يحلف عليها استنادا الى الاصل (ما يعم غير معلوم النجاسة، لا الطاهر الواقعى) فهو يحلف على خصوص الظاهرى، او على الاعم (كما ان المراد بالملكية و الزوجية ما استند الى سبب شرعى ظاهرى) فالحلف على الاعم، او على

ص: 258

كما تدل عليه رواية جعفر الواردة في جواز الحلف على ملكية ما اخذ من يد المسلمين.

و في التذكرة- بعد ما حكى عن بعض الشافعية جواز الاعتماد على اصالة السلامة في هذه الصورة- قال: و عندى فيه نظر اقربه الاكتفاء بالحلف على نفى العلم و استحسنه في المسالك، قال

______________________________

خصوص الظاهرى (كما تدل عليه) اى على ان المراد بالملكية ما استند الى سبب ظاهرى (رواية جعفر الواردة في جواز الحلف على ملكية ما اخذ من يد المسلمين) بعد وضوح عدم الفرق بين الامارة و الاصل من هذه الجهة اذ في كليهما لا علم بالواقع، منتهى الامر ان الشك اخذ في الامارة ظرفا، و في الاصل جزءا من الموضوع، فاذا جاز الحلف على طبق الامارة جاز الحلف على طبق الاصل.

(و في التذكرة- بعد ما حكى عن بعض الشافعية جواز الاعتماد على اصالة السلامة في هذه الصورة-) اى صورة عدم العلم بالعيب، و معنى جواز الاعتماد ان يحلف البائع على عدم العيب (قال) العلامة:

(و عندى فيه نظر) اذ كيف يحلف على العدم و الحال انه لا يعلم.

و ذلك مثل ان يحلف الانسان على انه ليس في المدرسة احد و الحال انه لا يعلم هل فيها احد أم لا؟ و انما يحلف استصحابا- مثلا-.

ثم قال العلامة: (اقربه الاكتفاء بالحلف على نفى العلم) فاذا حلف البائع بانه لا يعلم في المتاع عيبا سابقا، كفى في عدم تمكن المشترى من رد المتاع الى البائع او اخذ الارش منه (و استحسنه في المسالك قال)

ص: 259

لاعتضاده باصالة عدم التقدم فيحتاج المشترى الى اثباته و قد سبقه الى ذلك في الميسية و تبعه في الرياض.

اقول: ان كان مراده الاكتفاء بالحلف على نفى العلم في اسقاط اصل الدعوى بحيث لا يسمع البينة بعد ذلك، ففيه اشكال.

نعم لو اريد سقوط الدعوى الى ان

______________________________

صاحب المسالك: (لاعتضاده) اى حلف البائع (باصالة عدم التقدم) اى عدم تقدم البيع (فيحتاج المشترى الى اثباته) اى اثبات التقدم (و قد سبقه) اى سبق المسالك (الى ذلك في الميسية و تبعه في الرياض).

و الحاصل انه اذا ادعى المشترى تعيب المبيع قبل القبض و انكر البائع، و كان البائع شاكا لأنه لم يختبره قبلا، و لم تكن للمشترى بينة حلف البائع على انه لا يعلم تعيبه، و تسقط بهذا الحلف دعوى المشترى.

(اقول: ان كان مراده) اى العلامة (الاكتفاء بالحلف على نفى العلم في اسقاط اصل الدعوى بحيث لا يسمع البينة بعد ذلك) كما هو شأن اليمين، فانه اذا طلب الحاكم من المدعى البينة فلم يأت بها فطلب من المنكر الحلف، فحلف على العدم، سقطت دعوى المدعى حتى انه لو جاء بعد ذلك بالبينة لم تسمع، لان الايمان تذهب بالحقوق شرعا (ففيه اشكال) لان ما دلّ على اسقاط اليمين للدعوى بالنص و الاجماع منصرف الى اليمين القطعى، لا اليمين على عدم العلم، فمقتضى القاعدة بقاء الدعوى حتى اذا جاءت البينة سمعت كما صرح بذلك غير واحد من الفقهاء

(نعم لو اريد سقوط الدعوى) بحلف البائع على عدم علمه (الى ان

ص: 260

تقوم البينة، فله وجه و ان استقرب في مفتاح الكرامة ان لا يكتفى بذلك منه فيرد الحاكم اليمين على المشترى فيحلف، و هذا اوفق بالقواعد.

ثم الظاهر من عبارة التذكرة اختصاص يمين نفى العلم- على القول به- بما اذا لم يختبر البائع المبيع بل عن الرياض لزوم الحلف مع

______________________________

تقوم البينة، فله وجه).

اذ لا بينة للمدعى، و المنكر لم يعترف، فمن اين تثبت الدعوى؟ مع ان اصالة اللزوم و اصالة عدم ضمان البائع للارش محكمة (و ان استقرب فى مفتاح الكرامة ان لا يكتفى بذلك) اى بالحلف على عدم العلم (منه) اى من البائع (فيرد الحاكم اليمين على المشترى فيحلف) على ان المتاع كان معيبا قبل القبض (و هذا اوفق بالقواعد) لان ادلة اليمين ان شملت اليمين على نفى العلم لم يكن وجه لبقاء الدعوى، و ان لم تشمل اليمين على نفى العلم لم يكن وجه لسقوط الدعوى- و لو سقوطا موقتا-.

و حيث ان ادلة اليمين لا تشمل اليمين على نفى العلم، فاللازم ان نرجع الى القواعد الاولية، و هى تقتضى ان اليمين تردّ على المدعى اذا لم يحلف المنكر، فاذا حلف المدعى حكم له.

(ثم) انه لو قلنا بكفاية يمين نفى العلم في الجملة، هل نقول بالكفاية حتى في صورة الاختبار؟ (الظاهر من عبارة التذكرة اختصاص يمين نفى العلم- على القول به-) اى بان البائع يحلف على نفى العلم بالعيب (بما اذا لم يختبر البائع المبيع) فلا يعلم هل انه كان معيبا أم لا؟ (بل عن الرياض لزوم الحلف مع

ص: 261

الاختبار على البتّ قولا واحدا.

لكن الظاهر ان المفروض في التذكرة صورة الحاجة الى يمين نفى العلم اذ مع الاختبار يتمكن من الحلف على البتّ فلا حاجة الى عنوان مسئلة اليمين على نفى العلم، لا ان اليمين على نفى العلم لا يكفى من البائع مع الاختبار، فافهم.

______________________________

الاختبار) للمبيع (على البتّ) و القطع، لا على نفى العلم (قولا واحدا) فاذا اختبر حلف على عدم العيب، اما اذا لم يختبر حلف على عدم العلم (لكن الظاهر ان) رأى صاحب التذكرة هو: صحة يمين نفى العلم حتى في صورة الاختبار، لان (المفروض فى) عبارة (التذكرة صورة الحاجة الى يمين نفى العلم) و هى صورة ما اذا لم يعلم البائع هل كان معيبا أم لا (اذ مع الاختبار يتمكن من الحلف على البتّ) و القطع (فلا حاجة) فى صورة الاختبار (الى عنوان مسئلة اليمين على نفى العلم).

فالعلامة انما عنون المسألة بصورة عدم الاختبار، و قال انه يكفى فيها اليمين على نفى العلم، لان في صورة الاختبار لا حاجة الى نفى العلم بل يحلف على عدم العيب (لا) ان مراد العلامة (ان اليمين على نفى العلم لا يكفى من البائع مع الاختبار) فلم يفت العلامة ببطلان يمين نفى العلم في صورة الاختبار- نعم افتى بذلك الرياض- (فافهم) فانه كيف يكفى نفى العلم مع الاختبار، و الحال ان الاكتفاء بيمين نفى العلم خلاف الاصل، فلا يصار إليه الا في حالة الاضطرار- و هو صورة عدم علم البائع-

اما في صورة علمه بالعدم لاجل اختباره المتاع، فلا وجه لقبول نفى

ص: 262

فرع: لو باع الوكيل فوجد به المشترى عيبا يوجب الرد، رده على الموكل لانه المالك،

و الوكيل نائب عنه بطلت وكالته بفعل ما امر به فلا عهدة عليه.

و لو اختلف الموكل و المشترى في قدم العيب و حدوثه فيحلف الموكل على عدم التقدم كما مرّ، و لا يقبل اقرار الوكيل بقدمه لانه اجنبى.

______________________________

العلم.

(فرع: لو باع الوكيل فوجد به المشترى عيبا يوجب الرد، رده على الموكل) فيما اذا كان الوكيل وكيلا في اجراء العقد فقط- مثلا- (لانه المالك) فهو المردود عليه (و الوكيل نائب عنه بطلت وكالته بفعل ما امر به فلا عهدة عليه).

نعم لو كان وكيلا عاما صح الارجاع إليه و الى الموكّل، لانه بمنزلة الاصيل.

اما نتيجة الرد، فانها الى الموكل في كل صورة، كما انّه اذا طلب الارش، ففى الوكيل في الصيغة فقط يرجع الى الموكل، و في الوكيل العام يرجع الى ايهما شاء و ان كانت نتيجة الامر ان الارش يخرج من كيس الموكل.

(و لو اختلف الموكل و المشترى في قدم العيب) حيث يقول به المشترى (و حدوثه) حيث يقول به الموكل (فيحلف الموكل على عدم التقدم كما مرّ) قبل الفرع (و لا يقبل اقرار الوكيل بقدمه) اى قدم البيع لان اقرار العقلاء على انفسهم جائز، لا على غيرهم (لانه اجنبى).

ص: 263

و اذا كان المشترى جاهلا بالوكالة و لم يتمكن الوكيل عن اقامة البينة فادعى على الوكيل بقدم العيب، فان اعترف الوكيل بالتقدم لم يملك الوكيل رده على الموكل لان اقرار الوكيل بالسبق دعوى بالنسبة الى الموكل لا يقبل الّا بالبينة.

______________________________

نعم يكون هو من باب الشاهد، اذ لا فرق في الشاهد بين ان يكون وكيلا أم لا.

لكن الظاهر ان عدم نفوذ اقرار الوكيل انما هو في الوكيل لمجرد الصيغة.

اما الوكيل العام القائم مقام الموكل في كل الشئون حسب الوكالة فالظاهر قبول اقراره، فانه في هذا أيضا نائب عن الموكل، كما لو قال الموكل لانسان: اعترف عن قبلى.

(و اذا كان المشترى جاهلا بالوكالة) اى بوكالة البائع عن غيره (و لم يتمكن الوكيل عن اقامة البينة) على انه وكيل (فادعى) المشترى (على الوكيل بقدم العيب، فان اعترف الوكيل بالتقدم) اى تقدم العيب على القبض (لم يملك الوكيل رده على الموكل) لما عرفت من انه اقرار في حق الغير، كما لو اعترف الوكيل بان ما بيده لزيد، فاذا اعطاه لزيد خسر للمالك مثل او قيمة ما اعترف به، كما ان الوكيل لو اعطى ارش العيب الى المشترى- حسب اعترافه بقدم العيب- لا يحق له ان يرجع الى الموكل (لان اقرار الوكيل بالسبق) للعيب (دعوى بالنسبة الى الموكل لا يقبل الا بالبينة).

ص: 264

فله احلاف الموكل على عدم السبق لانه لو اعترف، نفع الوكيل بدفع الظلامة عنه، فله عليه مع انكاره اليمين.

و لو رد اليمين على الوكيل فحلف على السبق، الزم الموكل.

______________________________

فان اقام الوكيل البينة على الموكل بسبق العيب كان الحكم للوكيل و ان لم يقم البينة و اعترف الموكل بالسبق فيها و نعمت.

و ان لم يعترف الموكل بل انكر (فله) اى للوكيل (احلاف الموكل على عدم السبق).

ان قلت: اىّ حق للوكيل في احلاف الموكل و الحال انه ليس طرفا للدعوى و انما يقبل الحاكم احلاف الخصم اذا طلب خصمه لا اذا طلب احلافه انسان اجنبى.

قلت: بل الوكيل طرف للدعوى (لانه لو اعترف) الموكل بسبق العيب (نفع) الموكل (الوكيل بدفع الظلامة عنه) فانه لو لم يعترف وقع تحمل قبول المتاع على الوكيل، و هذا ضرر عليه جاء من طرف عدم اعتراف الموكل بسبق العيب (فله) اى للوكيل (عليه) اى على الموكل (مع انكاره) سبق العيب (اليمين) فان حلف الموكل خسر الوكيل، و الا ردّ الوكيل المتاع إليه.

(و لو) لم يحلف الموكل بل (رد اليمين على الوكيل) المدعى (فحلف على السبق) اى سبق العيب على القبض (الزم الموكل) ان يسترجع متاعه و يرجع الثمن.

ص: 265

و لو انكر الوكيل التقدم حلف ليدفع عن نفسه الحق اللازم عليه لو اعترف و لم يتمكن من الرد على الموكل، لانه لو اقرّ، ردّ عليه.

و هل للمشترى تحليف الموكل لانه مقر بالتوكيل، الظاهر لا، لان دعواه على الوكيل يستلزم انكار وكالته، و على الموكل، يستلزم الاعتراف به.

______________________________

(و لو انكر الوكيل التقدم) عند ادعاء المشترى تقدم العيب (حلف)

ان قلت: لا وجه لحلفه لانه ليس صاحب مثمن، و لا صاحب ثمن فكيف يكلف بالحلف.

قلت: انما يحلف (ليدفع عن نفسه الحق اللازم عليه لو اعترف و لم يتمكن من الرد على الموكل، لانه) اى المشترى (لو اقرّ) بالعيب و لم يتمكن من رده على الموكل (ردّ) المتاع (عليه) اى على المشترى، لانه ضرر عليه، و حيث انه طرف للنزاع، كان له ان يحلف.

(و هل للمشترى) الاعراض عن الوكيل، و (تحليف الموكل) فيما اذا كان الموكل منكرا لسبق العيب، و انما له تحليف الموكل- مع ان الموكل لم يبعه المتاع- (لانه مقر بالتوكيل) فهو مقر بانه طرف النزاع (الظاهر لا، لان دعواه) اى المشترى (على الوكيل) بانه اصيل و ليس بوكيل (يستلزم انكار وكالته) فالمشترى يقول ان البائع هو المالك، لا انه وكيل و عليه فالموكل- واقعا- اجنبى عن النزاع بتطرف المشترى فكيف يحلف المشترى من يراه اجنبيا (و) توجيهه، الحلف (على الموكل، يستلزم الاعتراف به) اى الاعتراف بان البائع وكيل، و هذا تناقض.

و حيث اعترف سابقا بان البائع اصيل لا يتمكن من الاضراب عنه و

ص: 266

و احتمل في جامع المقاصد ثبوت ذلك مؤاخذة له باقراره.

ثم اذا لم يحلف الوكيل و نكل فحلف المشترى اليمين المردودة و ردّ العين على الوكيل، فهل للوكيل ردّها على الموكل أم لا؟ وجهان، بناهما فى القواعد على كون اليمين المردودة كالبينة، فينفذ في حق الموكل، او كاقرار المنكر، فلا ينفذ.

و تنظر فيه في جامع المقاصد بان كونها كالبينة لا يوجب نفوذها للوكيل على

______________________________

توجيه الحلف الى الموكل- واقعا-.

(و احتمل في جامع المقاصد ثبوت ذلك) اى تحليف الموكل (له) اى للوكيل (مؤاخذة له) اى للموكل (باقراره) بانه المالك الواقعى.

(ثم اذا لم يحلف الوكيل و نكل) فيما اذا ادعى المشترى تقدم العيب (فحلف المشترى اليمين المردودة) او قلنا: ان مجرد النكول يوجب الحكم للمدعى (و ردّ) المشترى (العين على الوكيل، فهل للوكيل ردّها على الموكل، أم لا؟ وجهان، بناهما في القواعد على كون اليمين المردودة) التى حلف بها المدعى المشترى (كالبينة، فينفذ في حق الموكل) فان البينة نافذة في حق الكل، و على هذا فللوكيل ردّ العين الى الموكل (او كاقرار المنكر، فلا ينفذ) و لا يتمكن الوكيل ردّها الى الموكل لان الاقرار انما ينفذ في حق المقر، لا غيره.

(و تنظر فيه) اى في الوجه الاول، و مبناه (فى جامع المقاصد بان كونها) اى اليمين المردودة (كالبينة لا يوجب نفوذها) اى اليمين (للوكيل) و بنفعه (على

ص: 267

الموكل، لان الوكيل معترف بعدم سبق العيب، فلا تنفعه البينة القائمة على السبق الكاذبة باعترافه.

قال: اللهم الا ان يكون انكاره لسبق العيب استنادا الى الاصل، بحيث لا ينافى ثبوته، و لا دعوى ثبوته، كان يقول: لا حق لك على في هذه الدعوى، اذ ليس في المبيع عيب ثبت لك به الرد عليّ، فانه لا تمنع حينئذ

______________________________

الموكل، لان الوكيل معترف بعدم سبق العيب) لفرض انه اعترف أولا بان لم يكن فيه عيب، و لكن لما لم تكن بينة للمشترى و لم يحلف الوكيل ردت اليمين الى المشترى (فلا تنفعه البينة القائمة على السبق) للعيب (الكاذبة) لان البينة التى يأتى بها المشترى على سبق العيب، و ما قام مقام البينة كاليمين المردودة كاذبة (باعترافه) اى الوكيل فكيف يلزم الموكل بما يعترف الوكيل بانه كذب.

(قال) فى جامع المقاصد (اللهم الا ان يكون انكاره) اى الوكيل (لسبق العيب استنادا الى الاصل) اى اصالة صحة العين و عدم تعيبها (بحيث لا ينافى) انكاره (ثبوته) اى ثبوت العيب واقعا (و لا دعوى ثبوته) اى دعوى المشترى ثبوت العيب، اذ علم المشترى بالعيب لا ينافى جهل الوكيل بعدم العيب.

و قوله «و لا دعوى» عطف على «ثبوته» فيكون انكار الوكيل حاله (كان يقول) الوكيل (لا حق لك على في هذه الدعوى، اذ ليس في المبيع عيب ثبت لك به) اى بسبب ذلك العيب (الرد عليّ، فانه) اذا كان الانكار من الوكيل بهذه الصورة- لا بصورة العلم بعد العيب- (لا تمنع حينئذ

ص: 268

تخريج المسألة على القولين المذكورين، انتهى.

و في مفتاح الكرامة ان اعتراضه مبنى على كون اليمين المردودة كبينة الراد

______________________________

تخريج المسألة) اى المسألة التى ذكرها العلامة (على القولين المذكورين) اى ان اليمين المردودة كالبينة أم لا.

و الحاصل ان العلامة قال: ان اليمين من المشترى ان كانت كالبينة ردّ الوكيل المتاع الى الموكل.

و جامع المقاصد قال: ان كان الوكيل يدعى عدم علمه بالعيب، كانت اليمين كالبينة في ان البينة نافذة على الكل حتى على الموكل.

اما اذا كان الوكيل يعلم بانه لم يكن فيه عيب فقد فوّت المعاملة على المالك بسوء اختياره عدم الحلف، فلا يتحمل المالك عاقبة فعل الوكيل، بل العين ترجع الى الوكيل نفسه، و على الوكيل ان يعطى ثمنها للمالك (انتهى) كلام جامع المقاصد.

(و في مفتاح الكرامة ان اعتراضه) اى جامع المقاصد على العلامة (مبنى على كون اليمين المردودة كبينة الراد) الّذي هو الوكيل.

و من المعلوم ان الوكيل قد يدعى علمه بعدم العيب، و قد يدعى عدم علمه بالعيب.

و على هذا فاشكال جامع المقاصد على العلامة وارد، اذ الراد قد يكون مع علمه بالعدم، و قد يكون من باب انه لا يعلم، فاذا كان من باب انه يعلم بالعدم فكيف يلزم الموكل بما يقول الوكيل انه كذب.

ص: 269

و المعروف بينهم انه كبينة المدعى اقول: كونه كبينته لا ينافى عدم نفوذها للوكيل المكذب لها على الموكل

______________________________

و الحاصل: ان كانت يمين المشترى نازلة منزلة بينة الراد اتى فيه تفصيل جامع المقاصد (و) الحال ان (المعروف بينهم انه) اى اليمين المردودة (كبينة المدعى) و بينة المدعى نافذة في حق الكل، فلا يصح تفصيل جامع المقاصد، و يكون الحق مع العلامة بان اليمين ان كانت كالبينة نفذت في حق الموكل- مطلقا- اى سواء قال الوكيل انه يعلم بعدم الغيب او قال انه لا يعلم بالعيب.

(اقول) اراد الشيخ بهذا الكلام تأييد جامع المقاصد، و الاشكال على مفتاح الكرامة، فان (كونه) اى يمين المشترى (كبينته) اى بينة المدعى (لا ينافى عدم نفوذها للوكيل المكذب لها) اى للبينة (على الموكل).

فكانه اذا اتى المشترى بالبينة و كذبها الوكيل، فلا حق للوكيل فى الرجوع الى الموكل فكذلك اذا حلف المشترى اليمين المردودة، فانها كالبينة في عدم نفوذها على الموكل الا في صورة ان يقول الوكيل: لا اعلم بالعيب.

و حاصل الكلمات ان (1) المشترى ادعى العيب (2) و الوكيل انكر (3) و لم يأت المشترى بالبينة (4) و لم يحلف الوكيل (5) ورد الحلف الى المشترى فنفذ في حق الموكل (6) قال العلامة: لا تنفذ يمينه في حق الموكل، الا في صورة ان تكون اليمين كالبينة (7) قال جامع المقاصد: اذا كانت كالبينة لا تنفذ الا اذا قال الوكيل لا علم لى (8) قال مفتاح الكرامة:

ص: 270

و تمام الكلام في محله.

الرابعة: لو ردّ سلعة بالعيب فانكر البائع انها سلعته قدم قول البائع

كذا في التذكرة، و الدروس، و جامع المقاصد، لاصالة عدم حق له عليه، و اصالة عدم كونها سلعته.

و هذا بخلاف ما لو ردّها بخيار، فانكر كونها له، فاحتمل هنا فى

______________________________

لا يصح اشكال جامع المقاصد على العلامة (9) قال الشيخ: لا يصح اشكال مفتاح الكرامة على جامع المقاصد (10) اذا فالشيخ يرى تمامية كلام جامع المقاصد، و ورود الاشكال على العلامة، فلا تغفل (و تمام الكلام فى محله).

(الرابعة: لو ردّ) المشترى (سلعة بالعيب) اى بجهة خيار العيب (فانكر البائع انها سلعته) قال بل سلعتى غير هذه (قدم قول البائع) لاصالة عدم جريان العقد على هذه السلعة الخاصة (كذا في التذكرة، و الدروس، و جامع المقاصد).

و ذلك (لاصالة عدم حق له) اى للمشترى (عليه) اى على البائع (و اصالة عدم كونها سلعته) اى سلعة البائع، فان الاصل عدم اضافة الشي ء الى الانسان، الا اذا ثبتت الاضافة.

(و هذا) الحكم في الرد بالعيب (بخلاف ما لو ردّها) اى رد المشترى السلعة (بخيار) آخر غير العيب، كخيار الغبن و خيار الشرط و نحوهما (فانكر) البائع (كونها) اى السلعة (له) مع قبوله اصل وجود الخيار (فاحتمل هنا فى

ص: 271

التذكرة و القواعد تقديم قول المشترى، و نسبه في التحرير الى القيل لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بعد ان احتمل مساواتها للمسألة الاولى

اقول: النزاع في كون السلعة سلعة البائع يجتمع مع الخلاف فى الخيار، و مع الاتفاق عليه، كما لا يخفى.

______________________________

التذكرة و القواعد تقديم قول المشترى) فى ان السلعة التى فيها الخيار هى هذه السلعة (و نسبه في التحرير الى القيل).

و ذلك (لاتفاقهما على استحقاق الفسخ) فالبائع الّذي يقول: انها ليست سلعته يحتاج الى الدليل (بعد ان احتمل مساواتها للمسألة الاولى) من تقديم قول البائع لاصالة عدم جريان العقد على هذه السلعة المتنازع فيها، و ذلك لانه لا فرق بين خيار العيب و بين سائر الخيارات من هذه الجهة.

(اقول: النزاع في كون السلعة سلعة البائع) أم لا (يجتمع مع الخلاف في الخيار، و مع الاتفاق عليه).

فقد يتفقان على ان للمشترى خيار العيب، لكن البائع يقول: ان هذه السلعة ليست سلعتى المعيوبة التى بعتك اياها، و يدعى المشترى ان هذه السلعة سلعتك.

و قد يختلفان في اصل الخيار، فيقول المشترى: ان هذه سلعتك، و هى معيبة فلى الخيار، فيقول البائع: هذه ليست سلعتى و سلعتى لم تكن معيبة، فليس لك الخيار (كما لا يخفى).

ص: 272

لكن ظاهر المسألة الاولى: كون الاختلاف في ثبوت خيار العيب ناشئا عن كون السلعة هذه السلعة المعيوبة او غيرها.

و الحكم تقديم قول البائع مع يمينه.

و اما اذا اتفقا على الخيار، و اختلفا في السلعة فلذي الخيار حينئذ الفسخ، من دون توقف على كون هذه السلعة هى المبيعة او غيرها فاذا فسخ و اراد ردّ

______________________________

(لكن ظاهر المسألة الاولى) التى ذكرناها بقولنا «لو ردّ سلعة بالعيب الخ» (كون الاختلاف في ثبوت خيار العيب) الّذي يدعيه المشترى و ينكره البائع (ناشئا عن كون السلعة) التى وقع عليها العقد (هذه السلعة المعيوبة او غيرها).

فالمراد بالمسألة صورة الاختلاف في اصل الخيار، لا صورة الاتفاق فى الخيار و انما الاختلاف في السلعة فقط.

(و الحكم) فى مسألة الاختلاف في الخيار للاختلاف في ان هذه السلعة المعيبة سلعته، أم لا (تقديم قول البائع مع يمينه) لان المشترى يدعى العيب و لا بينة له، فالبائع المنكر للعيب اذا حلف حكم له.

(و اما اذا اتفقا على الخيار، و اختلفا في السلعة) هل هذه سلعة البائع- كما يقول المشترى- او هذه ليست سلعة البائع؟- كما يقول البائع- (ف) لا شك ان (لذى الخيار) و هو المشترى (حينئذ) اى حين اتفاقهما على ان له الخيار (الفسخ، من دون توقف) للفسخ (على كون هذه السلعة هى المبيعة او غيرها، فاذا فسخ) المشترى (و اراد ردّ

ص: 273

السلعة فانكرها البائع، فلا وجه لتقديم قول المشترى مع اصالة عدم كون السلعة هى التى وقع العقد عليها.

نعم استدل عليه في الايضاح- بعد ما قواه- بان الاتفاق منهما على عدم لزوم البيع و استحقاق الفسخ و الاختلاف في موضعين.

احدهما: خيانة المشترى فيدعيها البائع بتغير السلعة و المشترى ينكرها، و الاصل

______________________________

السلعة فانكرها البائع) ان تكون هى سلعته (فلا وجه لتقديم قول المشترى) الّذي يقول: هذه هى سلعة البائع (مع اصالة) اى استصحاب (عدم كون) هذه (السلعة هى التى وقع العقد عليها) فاللازم ان يرد المشترى الى البائع المثل او القيمة.

و من المعلوم ان اصالة عدم كون سلعة اخرى وقع عليها العقد، لا تعارض اصالة عدم وقوع العقد على هذه السلعة لانها مثبتة من قبيل نفى احد الضدين لاثبات الضد الآخر.

(نعم استدل عليه) اى على تقديم قول المشترى (فى الايضاح- بعد ما قواه-) اى قوى تقديم قول المشترى في ان هذه هى سلعة البائع (بان الاتفاق منهما) اى من البائع و المشترى (على عدم لزوم البيع و استحقاق الفسخ) «و استحقاق» عطف بيان ل «عدم لزوم» (و الاختلاف) بينهما (فى موضعين).

(احدهما: خيانة المشترى فيدعيها البائع) على المشترى (بتغير السلعة و المشترى ينكرها) و يقول: ان هذه هى سلعة البائع (و الاصل

ص: 274

عدمها.

الثانى: سقوط حق الخيار الثابت للمشترى، فالبائع يدعيه و المشترى ينكره و الاصل بقائه و تبعه في الدروس حيث قال: لو انكر البائع كون المبيع مبيعه حلف، و لو صدقه على كون المبيع معيوبا، و انكر تعيين المشترى حلف المشترى، انتهى.

اقول:

______________________________

عدمها) اى عدم الخيانة.

(الثانى: سقوط حق الخيار الثابت للمشترى، فالبائع يدعيه) اى يدعى السقوط لانه يقول قد تلفت السلعة فلا حق لك في الخيار، لانه اذا تلف المعيب في باب خيار العيب يسقط الخيار- كما تقدم- (و المشترى ينكره) لانه يقول: لم تتلف السلعة، بل هى هذه (و الاصل بقائه) لاستصحاب بقاء الخيار (و تبعه في الدروس حيث قال: لو انكر البائع كون المبيع مبيعه حلف) البائع، لان الاصل عدم جريان العقد على هذا المبيع (و لو صدقه) اى صدق البائع المشترى (على كون المبيع معيوبا و انكر تعيين المشترى) للسلعة، بل قال: هذه ليست سلعتى (حلف المشترى) انها سلعته، و اجبر البائع على القبول (انتهى) كلام الايضاح

(اقول) لا يتم كلام الايضاح في ان الاصل عدم الخيانة- فى المقام- و بذلك يجعل المشترى منكرا.

و ذلك لان الاصل عدم كون هذه السلعة للبائع- كما يقول البائع انها ليست سلعته- و هذا الاصل الّذي في جانب البائع مقدم على اصل

ص: 275

اما دعوى الخيانة فلو احتاجت الى الاثبات، و لو كان معها اصالة عدم كون المال الخاص هو المبيع لوجب القول بتقديم قول المشترى فى المسألة الاولى.

______________________________

عدم الخيانة، الّذي هو في جانب المشترى.

و لا يدع اصل البائع مجالا لاصل المشترى، فلا جريان لاصالة عدم الخيانة في المقام.

(اما دعوى الخيانة) التى يقول بها البائع- تبعا لقوله بان السلعة ليست سلعته- (فلو احتاجت الى الاثبات) و الى الشهود من جانب البائع (و لو كان معها) اى مع هذه الدعوى (اصالة عدم كون المال الخاصّ) الّذي جاء به المشترى (هو المبيع) قصده ان اصل عدم كون السلعة للبائع، لا يدع مجالا للشهود اى لا يحتاج البائع الى الشهود بعد ان كان الاصل معه (لوجب القول بتقديم قول المشترى في المسألة الاولى) و هى انه لو رد السلعة بالعيب، فانكر البائع انها سلعته، حيث تقدم انه يقدم قول البائع، و انما وجب تقديم قول المشترى، لان البائع فى المسألة الاولى أيضا يدعى الخيانة، و المشترى ينكرها، و الاصل عدم الخيانة.

ثم ان قول المصنف «لوجب» هذا الزام على الايضاح، لان الايضاح قبل في المسألة الاولى تقديم قول البائع، و اشكال المصنف عليه ان المسألتين من واد واحد، فاما ان يقدم «اصل عدم الخيانة» لنفع البائع فيها.

ص: 276

و ان كانت هناك اصول متعددة على ما ذكرها في الايضاح و هى اصالة عدم الخيار، و عدم حدوث العيب، و صحة القبض بمعنى خروج البائع من ضمانه.

______________________________

فكيف يقول صاحب الايضاح بتقديم «اصل عدم كون السلعة للبائع» فى المسألة الاولى، و بتقديم «اصل عدم الخيانة» فى المسألة الثانية.

(و ان كانت هناك) فى المسألة الاولى (اصول متعددة) الى جنب البائع، لكن هذه الاصول لا تقاوم «اصل عدم الخيانة» فالاصل الّذي يقاوم اصل عدم الخيانة، هو اصل عدم كون السلعة للبائع، فليس لصاحب الايضاح ان يقول: انما نقول باصل عدم الخيانة، فى المسألة الثانية، و لا نقول بها في المسألة الاولى، لاجل سقوط «اصل عدم الخيانة» فى المسألة الاولى، باصول اخر، و اصل عدم الخيانة ليست ساقطة في المسألة الثانية.

و كيف كان فالاصول المتعددة في المسألة الاولى (على ما ذكرها فى الايضاح) كلها الى جنب البائع (و هى اصالة عدم الخيار) للمشترى (و) اصالة (عدم حدوث العيب) فى المبيع حتى يكون للمشترى الخيار (و) اصالة (صحة القبض بمعنى خروج البائع من ضمانه) اى ضمان القبض.

و ذلك لان السلعة لو كانت معيبة لم يخرج البائع من الضمان بتسليم هذا المعيب.

فمقتضى صحة القبض- اى حمل فعل المسلم على الصحيح- ان

ص: 277

لان اصالة عدم الخيانة مستندها ظهور حال المسلم و هو وارد على جميع الاصول العملية نظير اصالة الصحة.

و اما ما ذكره من اصالة صحة القبض فلم نتحقق معناها و ان فسرناها من قبله

______________________________

القبض المخرج عن الضمان قد تحقق.

و انما قلنا: ان الاصول المتعددة الموجودة في جانب البائع لا تسقط «اصل عدم الخيانة» الّذي هو في جانب المشترى (لان اصالة عدم الخيانة) أمارة، و الامارة مقدمة على الاصل فتلك الاصول كلها ساقطة بهذا الاصل.

اذ اصالة عدم الخيانة (مستندها ظهور حال المسلم) فى انه لا يخون (و هو وارد على جميع الاصول العملية نظير اصالة الصحة) الواردة على جميع الاصول العملية، فاذا اشترينا لحما من القصاب كان الاصل عدم كون اللحم له، و عدم كونه مذكى، و عدم كونه حلال اللحم- مثلا- و مع ذلك فاصالة صحة عمل القصاب واردة على جميع هذه الاصول.

فتحصل في ردّ الايضاح: ان اصل عدم الخيانة لا تجرى فى المسألة الثانية، كما لا تجرى في المسألة الاولى- ثم ان المصنف ذكر اشكالا ثانويا على الايضاح، و هو قوله باصالة صحة القبض- بقوله:

(و اما ما ذكره من اصالة صحة القبض فلم نتحقق معناها) اى ليس لهذا الاصل دليل شرعى (و ان فسرناها من قبله) اى من جانب صاحب

ص: 278

بما ذكرناه.

لكن اصالة الصحة لا تنفع لا ثبات لزوم القبض.

و اما دعوى سقوط حق الخيار فهى انما تجدى اذا كان الخيار المتفق عليه لاجل العيب- كما فرضه في الدروس-

______________________________

الايضاح (بما ذكرناه) بمعنى خروج البائع من ضمانه، اذ مستنده اصل صحة عمل البائع.

(لكن اصالة الصحة لا تنفع لا ثبات لزوم القبض) على المشترى اذ صحة القبض لا تلازم اللزوم، بل تلائم عدم اللزوم- اى الخيار- فان القبض فى موارد الخيارات صحيح و مع ذلك فللمشترى الخيار.

فقوله «لكن ..» اشكال على الايضاح، و بيان لقول المصنف «فلم نتحقق معناها».

(و اما دعوى سقوط حق الخيار) الّذي جعله الايضاح موردا ثانيا من موردى الاختلاف بين البائع و المشترى، فالبائع يدعيه و المشترى ينكره (فهى) اى هذه الدعوى (انما تجدى) لا ثبات بقاء الخيار اذ سقوط خيار العيب يتوقف على التلف الّذي يدعيه البائع، و المشترى ينكره (اذا كان الخيار المتفق عليه) بين البائع و المشترى (لاجل العيب- كما فرضه فى الدروس-) اى مفروض كلام الدروس في صورة كون الاختلاف فى السلعة، انما هو في خيار العيب، و في هذا الخيار يصح كلام الايضاح بان يقول ان البائع يدعى خلاف الاصل- لانه يدعى تلف المبيع فالخيار ساقط- و المشترى يدعى وفق الاصل لانه يدعى ان المبيع هو هذا

ص: 279

و الا فاكثر الخيارات مما اجمع على بقائه مع التلف على ان اصالة عدم سقوط الخيار لا تثبت الا ثبوته لا وجوب قبول هذه السلعة الا من جهة التلازم الواقع بينهما.

______________________________

الّذي يريد رده الى البائع فالخيار باق (و الا) يكن الخيار لاجل العيب فلا يسقط الخيار، لاجل تلف المتاع (ف) ان (اكثر الخيارات مما اجمع) الفقهاء (على بقائه مع التلف) للمبيع.

فقول البائع هذه ليست سلعتى- بمعنى انه تلف سلعتى- لا يوجب سقوط الخيار، حتى يكون قوله مخالفا للاصل، و حتى يقال ان البائع يدعى سقوط حق الخيار و المشترى ينكره و الاصل بقائه (على) انه نفرض الكلام في خيار العيب الّذي يوجب تلف المتاع سقوط خيار العيب لكنا نقول: (ان اصالة عدم سقوط الخيار) الّذي هو في جانب المشترى (لا تثبت الا ثبوته) اى ثبوت الخيار (لا وجوب قبول هذه السلعة) التى يقول البائع انها ليست سلعته (الا من جهة التلازم) العقلى (الواقع بينهما) اى بين ثبوت الخيار و وجوب قبول السلعة.

فان لازم ثبوت الخيار ان هذه سلعة البائع، و لازم سقوط الخيار ان هذه ليست سلعة البائع.

و من المعلوم: فجريان الاصل في احد المتلازمين لا يثبت اللازم الآخر، لانه من الاصل المثبت.

و الحاصل ان قول الدروس «و لو صدقه على كون المبيع معيوبا و انكر تعيين المشترى حلف المشترى» يرد عليه اشكالان:

ص: 280

و لعل نظر الدروس الى ذلك لكن للنظر في اثبات احد المتلازمين بالاصل الجارى في الآخر مجال، كما نبّهنا عليه مرارا.

و اما الثانى و هو الاختلاف في المسقط ففيه أيضا مسائل.
الأولى: لو اختلفا في علم المشترى بالعيب. [و عدمه]

______________________________

الاول: ان كون البائع مدعيا و المشترى منكرا انما يصح اذا كان الكلام فى خيار العيب، لان البائع يدعى انه تلف المتاع، فلا خيار و المشترى يقول: ان المتاع لم يتلف فالخيار باق، و الاصل عدم التلف، لكن فى سائر الخيارات ليس كذلك، فان البائع اذا قال: قد تلف المتاع، فلا يمكنه ان يقول: فالخيار ساقط، لان سائر الخيارات لا تسقط بالتلف.

الثانى: حتى في خيار العيب لا يثبت حلف المشترى- المنكر للتلف ان هذا المتاع هو متاع البائع لان عدم سقوط الخيار يلازم كون هذا متاع البائع فهو لازم عقلى له و الاصول الشرعية لا تثبت اللوازم العقلية.

(و لعل نظر الدروس) فى قوله «و لو صدقه على كون المبيع معيوبا الخ» (الى ذلك) الى وجوب قبول هذه السلعة من جهة التلازم (لكن) اذا كان نظر الدروس ذلك فنقول (للنظر في اثبات احد المتلازمين بالاصل الجارى فى) المتلازم (الآخر مجال) لانه اصل مثبت (كما نبّهنا عليه مرارا) و الاصل المثبت ليس بحجة.

(و اما الثانى و هو الاختلاف) بين البائع و المشترى (فى المسقط) للخيار، و هل ان الخيار سقط أم لا (ففيه أيضا مسائل).

(الاولى: لو اختلفا في علم المشترى بالعيب) فقال البائع انك كنت

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 13، ص: 282

ص: 281

و عدمه قدم منكر العلم فيثبت الخيار.

الثانية لو اختلفا في زواله قبل علم المشترى او بعده

- على القول بان زواله بعد العلم لا يسقط الارش، بل و لا الرد،- ففى تقديم مدعى البقاء فيثبت الخيار لاصالة بقائه و عدم زواله المسقط للخيار،

______________________________

تعلم بالعيب، و اقدمت على شرائه فلا خيار لك (و عدمه) فقال المشترى لم اكن عالما بالعيب عند الشراء و لذا لى الخيار (قدم منكر العلم) لان الاصل عدم العلم، فالبائع يحتاج الى البينة فان لم تكن له بينة حلف المشترى و كان له الخيار (فيثبت الخيار).

و كذا اذا اختلفا في انه هل كان يعلم كمّ العيب او كيفه، فادعى البائع علمه، و قال المشترى كنت اعلم انه اقل كمّا او كيفا- و كان من باب الاقل و الاكثر لا من باب المتباينين- حلف المشترى و كان له الخيار.

(الثانية لو اختلفا في زواله) اى زوال العيب (قبل علم المشترى) بالعيب حتى لا يكون للمشترى خيار (او بعده) حتى يكون للمشترى الخيار (- على القول بان زواله بعد العلم لا يسقط الارش، بل و لا الردّ-) اما اذا كان زواله بعد العلم مسقطا للرد و الارش- كما هو قول في المسألة- فلا اثر لهذا النزاع، لانه بعد الزوال لا خيار، سواء كان الزوال قبل العلم او بعد العلم (ففى تقديم مدعى البقاء) للعيب الى ما بعد العلم (فيثبت الخيار).

و انما نقول بتقديم مدعى البقاء (لاصالة بقائه) اى بقاء العيب (و) اصالة (عدم زواله) اى العيب، ذلك الزوال (المسقط للخيار) فالقول

ص: 282

او تقديم مدعى عدم ثبوت الخيار لان سببه او شرطه العلم به حال وجوده و هو غير ثابت، فالاصل لزوم العقد و عدم الخيار، وجهان اقواهما الاول

و العبارة المتقدمة من التذكرة في سقوط الرد بزوال العيب قبل العلم او بعده قبل الرد تؤمى الى الثانى، فراجع.

______________________________

قول المشترى بيمينه (او تقديم مدعى عدم ثبوت الخيار) و هو البائع غالبا- (لان سببه او شرطه) اى سبب الخيار (العلم به) اى بالعيب (حال وجوده، و هو) اى العلم به حال وجوده (غير ثابت فالاصل لزوم العقد) لانه كلما شك في الخيار فالمرجع اصالة اللزوم المستفاد من النص و الاجماع حيث انه يجب الوفاء بكل عقد الا اذا ثبت الخيار فيه (و) نتيجة ذلك (عدم الخيار، وجهان) (اقواهما الاول) لان استصحاب بقاء العيب الى ما بعد العلم هو الموجب شرعا للخيار، كاستصحاب الطهارة الى دخول الوقت الموجب لصحة الصلاة، و ليس الاصل مثبتا.

و اذا جرى هذا الاستصحاب لم يبق مجال لاصالة لزوم العقد، و ليس ذلك من باب دفع النص بالاصل، بل من باب توسيع دائرة المخصص بسبب الاصل، كما حقق في محلّه.

(و العبارة المتقدمة من التذكرة في سقوط الرد بزوال العيب قبل العلم او بعده قبل الرد تؤمى الى الثانى) و هو تقديم مدعى عدم ثبوت الخيار (فراجع).

حيث قال «لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم اقبضه و قد زال عيبه فلا رد لعدم موجبه» لانها تؤمى الى ان الموجب للخيار هو العيب الموجود

ص: 283

و لو اختلفا بعد حدوث عيب جديد، و زوال احد العيبين في كون الزائل هو القديم حتى لا يكون خيار او الحادث حتى يثبت الخيار.

فمقتضى القاعدة بقاء القديم الموجب للخيار.

و لا يعارضه اصالة بقاء الجديد، لان بقاء الجديد لا يوجب بنفسه سقوط الخيار، الا من حيث استلزامه لزوال القديم.

______________________________

حين الرد.

(و لو اختلفا بعد حدوث عيب جديد، و زوال احد العيبين) من العيب القديم او الجديد (فى كون الزائل هو القديم حتى لا يكون خيار) لما تقدم من ان زوال العيب القديم يوجب سقوط الخيار (او الحادث حتى يثبت) بقاء (الخيار) السابق.

(فمقتضى القاعدة) اى الاستصحاب (بقاء) العيب (القديم الموجب للخيار) لاصالة بقاء العيب القديم الموجب للخيار.

(و لا يعارضه اصالة بقاء) العيب (الجديد، لان) العيب القديم له اثر.

اما استصحاب العيب الجديد، فلا اثر له.

اما اثر الاستصحاب الاول فهو بقاء الخيار.

و استصحاب العيب الجديد لا اثر له الا سقوط الخيار و ذلك مثبت فلا يجرى، لان (بقاء) العيب (الجديد لا يوجب بنفسه سقوط الخيار الا من حيث استلزامه لزوال القديم).

بمعنى انه لو كان الموجود هو العيب الجديد، فلا بد و ان يكون العيب

ص: 284

و قد ثبت في الاصول ان اصالة عدم احد الضدين لا يثبت وجود الضد الآخر، ليترتب عليه حكمه لكن المحكى في التذكرة عن الشافعى في مثله التحالف.

قال: لو اشترى عبدا و حدث في يده نكتة بياض بعينه، و وجد نكتة قديمة ثم زالت احداهما، فقال البائع الزائلة القديمة، فلا رد و لا ارش و قال المشترى بل الحادثة ولى الرد، قال الشافعى يحلفان على ما يقولان، فاذا حلفا استفاد البائع بيمينه دفع الرد،

______________________________

القديم قد زال، و اذا زال العيب القديم سقط الخيار.

(و قد ثبت في الاصول ان اصالة عدم احد الضدين لا يثبت وجود الضد الآخر).

مثلا: اصالة عدم الليل لا يثبت وجود النهار (ليترتب عليه) اى على الضد الآخر (حكمه) هذا.

و (لكن المحكى في التذكرة عن الشافعى في مثله) اى مثل مسألة زوال احد العيبين، و الشك في ان الزائل هل هو القديم او الجديد (التحالف) لا ان الاصل مع من له الخيار و هو المشترى.

(قال: لو اشترى عبدا و حدث في يده) اى في يد المشترى (نكتة بياض بعينه، و وجد نكتة قديمة) أيضا (ثم زالت احداهما، فقال البائع الزائلة) هى (القديمة، فلا رد و لا ارش، و قال المشترى بل) الزائلة هى (الحادثة ولى الرد) و الارش (قال الشافعى يحلفان على ما يقولان) لان كل واحد منهما مدع و منكر (فاذا حلفا استفاد البائع بيمينه دفع الرد)

ص: 285

و استفاد المشترى بيمينه اخذ الارش، انتهى.

الثالثة: لو كان عيب مشاهد غير المتفق عليه، فادعى البائع حدوثه عند المشترى، و المشترى سبقه،

ففى الدروس انه كالعيب المنفرد يعنى انه يحلف البائع كما لو لم يكن سوى هذا العيب و اختلفا في السبق و التأخر.

و لعله لاصالة عدم التقدم.

______________________________

عن نفسه لان المعيب بعيب عند المشترى لا يرد (و استفاد المشترى بيمينه اخذ الارش) لان الّذي اشتراه كان معيبا، و قيمة المعيب اقل (انتهى) كلام العلامة، و قد تبين مما سبق وجه النظر في كلام الشافعى فراجع.

(الثالثة: لو كان عيب مشاهد غير المتفق عليه) اى كان هناك عيب اتفقا على انه كان عند البائع موجودا مما اوجب للمشترى خيار الفسخ، كما لو كانت الدابة عوراء، و كان هناك عرج في رجلها (فادعى البائع حدوثه) اى العرج- فى المثال- (عند المشترى، و) ادعى (المشترى سبقه) عند البائع (ففى الدروس انه كالعيب المنفرد) كما لو كان في المبيع عيب واحد فادعى البائع انه حدث عند المشترى و قال المشترى بل كان قبل القبض (يعنى انه يحلف البائع) لاصالة عدم سبق العيب عند البائع.

فحاله (كما لو لم يكن سوى هذا العيب و اختلفا في السبق و التأخر).

(و لعله) اى لعل وجه ما ذكره الدروس (لاصالة عدم التقدم) لان العيب امر حادث فاذا شك في تقدمه او تأخره، فالاصل عدم التقدم، و

ص: 286

و يمكن ان يقال: ان عدم التقدم هناك راجع الى عدم سبب الخيار

و اما هنا فلا يرجع الى ثبوت المسقط، بل المسقط هو حدوث العيب عند المشترى، و قد مر غير مرة ان اصالة التأخر لا يثبت بها حدوث الحادث فى الزمان المتأخر و انما يثبت بها عدم التقدم الّذي لا يثبت به التأخر.

______________________________

لا يراد بهذا الاصل اثبات التأخر حتى يكون الاصل مثبتا، بل نفى آثار التقدم التى منها الخيار.

(و يمكن ان يقال) بالفرق بين العيب المنفرد و بين المقام.

ف (ان) اصل (عدم التقدم هناك) فى العيب المنفرد (راجع الى عدم سبب الخيار) فانه لو شك في وجود سبب الخيار، و عدم وجود سببه، كان الاصل عدم وجود سببه.

(و اما هنا) فيما لو اختلفا في عيب ثان مع اتفاقهما في وجود العيب الاول (فلا يرجع) اصل عدم التقدم (الى ثبوت المسقط) حتى يقال اذا شك في ثبوت المسقط فالاصل عدمه- كما كنا نقول هناك اذا شك فى ثبوت المثبت للخيار فالاصل عدم المثبت- (بل المسقط هو حدوث العيب عند المشترى، و) اصل عدم التقدم لا يثبت التأخر الّذي هو مسقط للخيار.

لانه (قد مر غير مرة ان اصالة التأخر لا يثبت بها حدوث الحادث فى الزمان المتأخر) اذ بنفى احد الضدين لا يثبت الضد الآخر، فان الاصل المثبت ليس بحجة (و انما يثبت بها) اى باصالة التأخر (عدم التقدم الّذي لا يثبت به التأخر).

ص: 287

ثم قال في الدروس: لو ادعى البائع زيادة العيب عند المشترى و انكر احتمل حلف المشترى، لان الخيار متيقن و الزيادة موهومة.

و يحتمل حلف البائع اجراء للزيادة مجرى العيب الجديد.

اقول: قد عرفت الحكم في العيب الجديد و ان حلف البائع فيه محل نظر

______________________________

و الحاصل ان اسقاط العيب الجديد للخيار انما يكون اذا ثبت حدوث العيب في ملك المشترى، و اصل عدم تقدم العيب او اصل تأخر العيب لا يثبت حدوث العيب عند المشترى.

و على هذا فالاصل حلف المشترى، لان البائع يدعى سقوط الخيار و الاصل بقائه فالبائع مدع و المشترى منكر.

(ثم قال في الدروس: لو ادعى البائع زيادة العيب عند المشترى) زيادة توجب سقوط خيار المشترى، لان شرط الرد ان يكون المبيع قائما بعينه، و مع زيادة العيب لا يكون المبيع قائما بعينه (و انكر) المشترى الزيادة (احتمل حلف المشترى لان الخيار متيقن و الزيادة موهومة) فاذا شك في الخيار كان الاصل بقائه.

(و يحتمل حلف البائع اجراء للزيادة مجرى العيب الجديد) لان المشترى يدعى كون الزيادة عند البائع و البائع ينكره، و الاصل عدم سبق الزيادة.

(اقول: قد عرفت) فى الفرع السابق (الحكم في العيب الجديد) فيما لو اختلفا في انه هل كان عند البائع او حدث عند المشترى (و ان حلف البائع فيه محل نظر) فاللازم هنا أيضا حلف المشترى الّذي هو

ص: 288

ثم انه لا بد من فرض المسألة فيما لو اختلفا في مقدار من العيب موجود زائد على المقدار المتفق عليه انه كان متقدما او متأخرا.

و اما اذا اختلفا في اصل الزيادة فلا اشكال في تقديم قول المشترى

______________________________

اولى احتمالى الدروس.

(ثم انه لا بد من فرض المسألة) التى ذكرها الدروس بقوله «لو ادعى البائع زيادة العيب» (فيما لو اختلفا في مقدار من العيب موجود زائد على المقدار المتفق عليه) اى اختلفا فى (انه) هل هذا الزائد الموجود الآن (كان متقدما او متأخرا) مع اتفاقهما على اصل الزيادة.

(و اما اذا اختلفا في اصل الزيادة) فقال البائع: انه زاد العيب عندك فسقط خيارك، و قال المشترى: انه لا زيادة اصلا بل العيب هو هو كما كان عندك (فلا اشكال في تقديم قول المشترى) بحلفه، لان البائع مدّع و المشترى منكر.

مثلا: انه لو اشترى قماشا فيه خرق فلنزاعهما صورتان.

الاولى ان يتفق البائع و المشترى في ان اصل الخرق كان مقدار انمله، ثم زاد بان صار مقدار انملتين، فالبائع يقول: ان مقدار الانملة الثانية حدث عند المشترى و المشترى يقول: انه حدث عند البائع.

الثانية: ان يقول البائع: انه كان عندى مقدار انملة و حدث عندك مقدار انملة ثانية، و يقول المشترى: بل الخرق من اصله كان مقدار انملتين، فان المشترى في هذه الصورة ينكر اصل الزيادة.

ص: 289

الرابعة: لو اختلف في البراءة قدم منكرها،

فيثبت الخيار، لاصالة عدمها الحاكمة على اصالة لزوم العقد.

و ربما يتراءى من مكاتبة جعفر بن عيسى خلاف ذلك.

قال كتبت الى ابى الحسن عليه السلام جعلت فداك، المتاع يباع فيمن يزيد فينادى عليه المنادى، فاذا نادى عليه برئ من كل عيب فيه، فاذا اشتراه المشترى و رضيه و لم يبق الا نقد الثمن، فربما زهد فيه،

______________________________

(الرابعة: لو اختلف) بصيغة المجهول، اى اختلف البائع و المشترى (فى البراءة) فقال البائع: انى تبرئت أليك من كل عيب حين العقد فلا خيار لك، و قال المشترى: لم تتبرّأ، فلى خيار العيب (قدم منكرها) لاصالة عدم البراءة، و المنكر غالبا هو المشترى (فيثبت الخيار).

و انما يقدم المنكر (لاصالة عدمها) اى عدم البراءة (الحاكمة على اصالة لزوم العقد) نعم لا بد من الحلف و انما يلاحظ الاصل لتشخيص المدعى من المنكر.

(و ربما يتراءى) عند بادى النظر (من مكاتبة جعفر بن عيسى خلاف ذلك) و ان القول قول مدعى البراءة.

(قال كتبت الى ابى الحسن عليه السلام جعلت فداك، المتاع يباع فيمن يزيد) اى عند الدلالين (فينادى عليه المنادى) من يزيد؟ (فاذا نادى عليه برئ من كل عيب فيه) و قال: انى ابيع هذا الشي ء و لا التزم بعيبه (فاذا اشتراه المشترى و رضيه) اى رضى به (و لم يبق الا نقد الثمن) اى بعد تمام العقد و اخذه المتاع (فربما زهد) المشترى (فيه)

ص: 290

فاذا زهد فيه ادعى عيوبا، و انه لم يعلم بها فيقول له المنادى قد برئت منها، فيقول المشترى لم اسمع البراءة منها أ يصدق فلا يجب عليه؟ أم لا يصدق، فكتب عليه السلام ان عليه الثمن، الخبر.

و عن المحقق الاردبيلى انه لا يلتفت الى هذا الخبر، لضعفه مع الكتابة، و مخالفة القاعدة، انتهى.

و ما ابعد ما بينه و بين ما في الكفاية من جعل الرواية

______________________________

اى لم يرغب في المتاع (فاذا زهد فيه ادعى) المشترى (عيوبا) فى المتاع (و انه) اى المشترى (لم يعلم بها) فله خيار العيب (فيقول له المنادى) لا حق لك في الخيار، اذ (قد برئت) انا (منها) عند النداء (فيقول المشترى لم اسمع البراءة منها) فلى حق الخيار (أ يصدق) المشترى بانه لم يسمع (فلا يجب) العقد (عليه؟) اى لم يلزم العقد، لمكان الخيار (أم لا يصدق) بل العقد عليه لازم (فكتب عليه السلام ان عليه الثمن، الخبر) مما يدلّ على انه لو اختلفا، فقال البائع: برئت و قال المشترى: لم تبرأ يكون الاصل مع البائع و قد فرضنا ان الاصل مع المشترى.

(و عن المحقق الاردبيلى) صحة دلالة الخبر، و انما ناقش في سنده فقال: (انه لا يلتفت الى هذا الخبر، لضعفه مع الكتابة) فان المكاتبات نوعا ما- ضعيفة، لاحتمال التقية فيها بما لا يحتمل في غير المكاتبة (و مخالفة القاعدة) التى تقول: ان الاصل مع منكر البراءة (انتهى) كلام الاردبيلى.

(و ما ابعد ما بينه و بين ما في الكفاية) للسبزوارى (من جعل الرواية

ص: 291

مؤيدة لقاعدة: البينة على المدعى و اليمين على من انكر و في كل منهما نظر.

و في الحدائق: ان المفهوم من مساق الخبر المذكور ان انكار المشترى انما وقع مدالسة لعدم رغبته في المبيع، و الا فهو عالم بتبرى البائع، و الامام عليه السلام انما الزمه بالثمن من هذه الجهة.

و فيه: ان مراد السائل ليس

______________________________

مؤيدة لقاعدة: البينة على المدعى و اليمين على من انكر) لان المشترى مدع بانه لم يسمع و البائع منكر، فاللازم ان يحلف البائع و يأخذ الثمن كما قال الامام عليه السلام (و في كل منهما نظر).

اما وجه النظر في كلام الاردبيلى فلان الرواية معمول بها، فلا يمكن طرحها للضعف.

و اما وجه النظر في كلام الكفاية، فلان البائع مدع و المشترى منكر فهى على خلاف القاعدة، لان البائع يدعى انه تبرأ و المشترى يدعى انكاره.

(و في الحدائق: ان المفهوم من مساق الخبر المذكور ان انكار المشترى انما وقع مدالسة) اى كذبا، و الا فهو قد سمع التبرى.

و انما انكر (لعدم رغبته في المبيع، و الا فهو) اى المشترى (عالم بتبرى البائع، و الامام عليه السلام انما الزمه) اى المشترى (بالثمن من هذه الجهة) لانه علم بالبراءة، فلا حق له في الخيار.

(و فيه) اى في كلام الحدائق (ان مراد السائل ليس) السؤال عن

ص: 292

حكم العالم بالتبرى المنكر له فيما بينه و بين اللّه بل الظاهر من سياق السؤال استعلام من يقدم قوله في ظاهر الشرع من البائع و المشترى مع ان حكم العالم بالتبرّى المنكر له مكابرة معلوم لكل احد خصوصا للسائل كما يشهد به قوله: أ يصدق أم لا يصدق؟ الدال على وضوح حكم صورتى صدقه و كذبه.

و الاولى توجيه الرواية بان الحكم بتقديم قول المنادى لجريان

______________________________

(حكم العالم بالتبرى) اى المشترى الّذي يعلم تبرى البائع (المنكر له) لفظا، و ان كان عالما (فيما بينه و بين اللّه) اذ هذا لا يحتاج الى السؤال (بل الظاهر من سياق السؤال استعلام من يقدم قوله في ظاهر الشرع من البائع و المشترى) «من» بيان «من» (مع ان حكم العالم بالتبرّى المنكر له) انكارا (مكابرة معلوم لكل احد) فلا يحتاج الى السؤال (خصوصا للسائل، كما يشهد به) اى بان حكم المكابر معلوم له (قوله:

أ يصدق أم لا يصدق؟) حيث انه يعلم بان حكم الصادق له الخيار، و ان حكم الكاذب ليس له الخيار، و انما يسأل هل المقام يلحق بالصادق أم الكاذب (الدال على وضوح حكم صورتى صدقه و كذبه) «الدال» بيان لقوله «كما يشهد».

(و الاولى توجيه الرواية) بان الشارع قدم الظاهر على الاصل فى المقام، مثل تقديمه: ظاهر الدخول على الزوجة على اصالة عدم الدخول فيما اذا اختلى بها و اسدل الستر ثم ادعت الزوجة عدم الدخول، و ذلك (بان الحكم بتقديم قول المنادى) المخالف للاصل انما هو (لجريان

ص: 293

العادة بنداء الدلال عند البيع بالبراءة من العيوب على وجه يسمعه كل من حضر للشراء، فدعوى المشترى، مخالفة للظاهر، نظير دعوى الغبن و الغفلة عن القيمة ممن لا يخفى عليه قيمة المبيع.

بقى في الرواية اشكال آخر

______________________________

العادة بنداء الدلال عند البيع بالبراءة من العيوب) نداء (على وجه يسمعه كل من حضر للشراء).

و عليه (فدعوى المشترى) انه لم يسمع النداء (مخالفة للظاهر، نظير دعوى) المشترى (الغبن و الغفلة عن القيمة) العادلة، حيث اشتراه باكثر من قيمته، اذا كان المشترى (ممن لا يخفى عليه قيمة المبيع).

فاذا اصل عدم معرفة القيمة هنا ساقطة بظهور ان اهل الخبرة يعلمون القيمة.

كما ان اصالة عدم الغفلة ساقطة بكون المشترى من اهل الخبرة.

و على هذا يكون المشترى مدعيا لمخالفة قوله الظاهر، و البائع منكرا و ليس المناط في المدعى ان يكون قوله مخالفا للاصل، بل احيانا يكون المدعى هو الّذي يخالف قوله الظاهر، فتأمّل.

(بقى في الرواية اشكال آخر) و هو ان المسقط لخيار العيب البراءة فى ضمن العقد.

و الرواية دلت على سقوط الخيار فيما اذا كانت البراءة قبل العقد، لان الدلال انما يتبرأ عند النداء.

و الجواب ان العقد وقع بناء على ذلك التبرى و ذلك كاف فى

ص: 294

من حيث ان البراءة من العيوب عند نداء المنادى لا يجدى في سقوط خيار العيب، بل يعتبر وقوعه في متن العقد.

و يمكن التفصّى عنه اما بالتزام كفاية تقدم الشرط على العقد بعد وقوع العقد عليه- كما يأتى في باب الشروط-.

و اما بدعوى ان نداء الدلال بمنزلة الايجاب لانه لا ينادى الا بعد ان يرغب فيه احد الحضّار بقيمته.

______________________________

اسقاط الخيار من قبيل سائر الشروط الضمنية كشرط السلامة و نحوها.

و قد اشار المصنف الى الاشكال بقوله: (من حيث ان البراءة من العيوب) على وجه يسمعه كل من حضر للشراء (عند نداء المنادى) «عند» متعلق ب «البراءة» (لا يجدى) اى التبرى عند النداء (فى سقوط خيار العيب، بل يعتبر وقوعه) اى التبرى (فى متن العقد) حتى يوجب اسقاط الخيار.

(و يمكن التفصي) و التخلص (عنه) اى عن هذا الاشكال (اما بالتزام كفاية تقدم الشرط على العقد بعد وقوع العقد عليه) اى بناء على هذا الشرط (- كما يأتى في باب الشروط-) لان ذلك شرط عند العرف، فيشمله دليل: المؤمنون عند شروطهم.

(و اما بدعوى ان نداء الدلال بمنزلة الايجاب) فيكون الشرط فى ضمن العقد (لانه لا ينادى الا بعد ان يرغب فيه احد الحضّار بقيمته) اى رغبته بالقيمة المعينة من قبل الدلال.

ص: 295

فينادى الدلال، و يقول: بعتك هذا الموجود بكل عيب، و يكرر ذلك مرارا من دون ان يتم الايجاب حتى يتمكن من ابطاله عند زيادة من زاد.

و الحاصل: جعل ندائه ايجابا للبيع و لو ابيت الا عن ان المتعارف فى الدلال كون ندائه قبل ايجاب البيع، امكن دعوى كون المتعارف فى ذلك الزمان غير ذلك، مع ان الرواية

______________________________

(ف) حينئذ (ينادى الدلال، و يقول: بعتك هذا الموجود بكل عيب و يكرر ذلك) الايجاب (مرارا).

و ان قلت: اذا كان ندائه ايجابا، فكيف يمكن من ابطاله عند زيادة من يزيد.

قلت: ينادى الدلال بالايجاب (من دون ان يتم الايجاب) لانه لا يذكر كل المتعلقات التى من جملتها الثمن، فهو من قبيل الوكيل الّذي لم يصله الامر النهائى من الموكل في قدر الثمن، حيث يشرع في الايجاب و ينتظر امر الموكل يذكر الثمن (حتى يتمكن من ابطاله عند زيادة من زاد) فى الثمن.

(و الحاصل: جعل ندائه ايجابا للبيع) لكنه في غاية البعد كما لا يخفى (و لو ابيت الا عن) القول ب (ان المتعارف في الدلال كون ندائه قبل ايجاب البيع، امكن) لاجل تصحيح الرواية (دعوى كون المتعارف فى ذلك الزمان) اى زمان صدور الرواية (غير ذلك) بل كون النداء هو ايجاب البيع، فان هذه الرواية تحتاج الى التوجيه، و من توجيهاتها ما ذكرناه و ان كان التوجيه الاول و هو كفاية تقدم الشرط اقرب (مع ان الرواية

ص: 296

لا تصريح فيها بكون البراءة في النداء قبل الايجاب، كما لا يخفى.

ثم الحلف هنا على نفى العلم بالبراءة لانه الموجب لسقوط الخيار لا انتفاء البراءة واقعا.

الخامسة: لو ادعى البائع رضاء المشترى به بعد العلم،

او اسقاط

______________________________

لا تصريح فيها بكون البراءة في النداء قبل الايجاب، كما لا يخفى) فمن المحتمل ان تكون البراءة في الايجاب.

(ثم) ان قلنا: ان البائع مدّع و المشترى منكر، حلف المشترى، لانه منكر.

و ان قلنا: ان المشترى مدع و البائع منكر- حسبما وجهنا به الرواية ثم لم يأت المشترى بالبيّنة، و لا حلف البائع رد الحلف الى المشترى المدعى-.

و على كلا التقديرين ف (الحلف) من المشترى (هنا على نفى العلم بالبراءة) اى انه لا يعلم بان البائع تبرّأ- و لا يحتاج الى الحلف بان البائع لم يتبرأ-.

و انما يكفى نفى العلم (لانه الموجب لسقوط الخيار) فالعلم بالبراءة يسقط الخيار، كما ان عدم العلم ظرف لوجود الخيار (لا انتفاء البراءة واقعا) اى لا نحتاج الى هذا، و ان كان مفيدا اذا علم المشترى بانه لم يتبرأ و حلف على انه لم يتبرأ.

(الخامسة: لو ادعى البائع رضاء المشترى به) اى بالمعيب (بعد العلم) بالعيب (او اسقاط

ص: 297

الخيار، او تصرفه فيه، او حدوث عيب عنده حلف المشترى لاصالة عدم هذه الامور.

و لو وجد في المعيب عيب اختلفا في حدوثه و قدمه ففى تقديم مدعى الحدوث لاصالة عدم تقدمه- كما تقدم سابقا في دعوى تقدم العيب و تأخره- او مدعى عدمه

______________________________

الخيار، او تصرفه فيه، او حدوث عيب عنده) مما يوجب اسقاط الخيار (حلف المشترى) اذا لم تكن للبائع بينة (لاصالة عدم هذه الامور) و قد تقدم ان الاصل- غالبا- مع المنكر.

(و لو وجد في المعيب عيب اختلفا في حدوثه و قدمه) فقال البائع:

انه حادث، و قال المشترى: انه قديم، فلى الخيار (ففى تقديم) قول (مدعى الحدوث) الّذي هو البائع (لاصالة عدم تقدمه- كما تقدم سابقا فى دعوى تقدم العيب و تأخره-).

فان فرض المسألة في السابق انه كان في المتاع عيب واحد و اختلفا فى حدوثه و قدمه.

و فرض المسألة هنا في المسقط للخيار بعد انهما اتفقا على انه كان معيبا عند البائع، مما اوجب الخيار، لكن البائع يقول: ان هذا العيب الثانى عيب جديد فسقط خيارك، و المشترى يقول: بل كان في السابق، فخيارى باق.

فعلى جريان اصالة عدم تقدم هذا العيب المتنازع فيه يكون العيب حادثا، و يكون مسقطا للخيار بالعيب القديم (او مدعى عدمه) اى عدم

ص: 298

لاصالة بقاء الخيار الثابت بالعقد على المعيب، و الشك في سقوطه بحدوث العيب الآخر في ضمان المشترى فالاصل عدم وقوع العقد على السليم من هذا العيب، حتى يضمنه المشترى.

و اما الثالث [الاختلاف في الفسخ] ففيه مسائل.
الأولى: لو اختلفا في الفسخ فان كان الخيار باقيا، فله انشاؤه.

______________________________

الحدوث (لاصالة بقاء الخيار الثابت بالعقد على المعيب) لان البائع يدعى سقوط الخيار، و الاصل بقائه، فيقدم قول المشترى (و الشك فى سقوطه) اى الخيار (ب) سبب (حدوث العيب الآخر) و هو العيب الثانى (فى ضمان المشترى).

و عليه (فالاصل عدم وقوع العقد على السليم من هذا العيب، حتى يضمنه) اى يضمن هذا العيب (المشترى) و يسقط بذلك خياره، «حتى متعلق ب «عدم وقوع» اى لم يقع فلا يضمن.

و هذا القول هو مقتضى القاعدة، لان اصل عدم تقدم العيب الثانى لا يثبت تأخره، لانه يكون حينئذ مثبتا، فاللازم ان يحلف المنكر الّذي هو المشترى ان لم يكن للبائع بينة على تأخر العيب المختلف فيه.

(و اما الثالث) و هو الاختلاف في الفسخ (ففيه مسائل).

(الاولى: لو اختلفا في الفسخ) بان قال المشترى: فسخت و قال البائع: لم تفسخ (فان كان الخيار باقيا، فله) اى للمشترى (انشائه) اما اذا انعكس بان قال البائع: فسخت، و قال المشترى: لم افسخ، فالاصل عدم الفسخ، و احتاج البائع الى البينة.

ص: 299

و في الدروس: انه يمكن جعل اقراره إنشاء.

و لعله لما اشتهر من ان: من ملك شيئا ملك الاقرار به، كما لو ادعى الزوج الطلاق.

و يدل عليه بعض الاخبار الواردة فيمن اخبر بعتق مملوكه، ثم جاء العبد يدعى النفقة على ايتام الرجل، و انه رق لهم

______________________________

(و في الدروس) قال: (انه يمكن) شرعا (جعل اقراره إنشاء) للفسخ، و ان لم يكن فسخ سابقا- فى الواقع- اى انه في مقام الاثبات يكون الاقرار بمنزلة الانشاء.

(و لعله) اى مستند الدروس (لما اشتهر) بين الفقهاء (من ان: من ملك شيئا ملك الاقرار به) فحيث ان المشترى يملك الفسخ، يملك الاقرار به، فاذا اقرّ به كان بمنزلة الانشاء (كما لو ادعى الزوج الطلاق) فانه يقبل منه لانه يملك الطلاق.

(و يدل عليه) اى على ان: من ملك شيئا ملك الاقرار به (بعض الاخبار الواردة فيمن اخبر بعتق مملوكه) قال في حاشية الطباطبائى اليزدى ره ان لفظ: العتق غلط من النسخة، او سهو من القلم، و الصحيح: البيع (ثم جاء العبد يدعى النفقة على ايتام الرجل، و انه رق لهم) فعن محمد بن عبد اللّه الكاهلى، قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: كان لعمّى غلام فابق، فاتى الانبار فخرج إليه عمى ثم رجع فقلت ما صنعت يا عم في غلامك، قال بعته فمكث ما شاء اللّه ثم ان عمى مات فجاء الغلام، فقال: انا غلام عمك، و قد ترك عمى اولادا صغارا و انا

ص: 300

و سيجي ء الكلام في فروع هذه القاعدة.

و ان كان بعد انقضاء زمان الخيار كما لو تلف العين افتقر مدعيه الى البينة، و مع عدمها حلف الآخر على نفى علمه بالفسخ ان ادعى عليه علمه بفسخه.

______________________________

وصيّهم، فقلت: ان عمى ذكر انه باعك، فقال: ان عمك كان لك مضار، و كره ان يقول لك، فتشمت به، و انا و اللّه غلام بنيه، فقال عليه السلام صدّق عمك، و كذّب الغلام فاخرجه و لا تقبله.

فان هذا الخبر دليل على انّ من ملك شيئا ملك الاقرار به، فان العم كان مالكا للغلام، فكان مالكا للاقرار بانه باعه، و العبد لا يملك نفسه و لذا لا اعتبار باقراره (و سيجي ء الكلام في فروع هذه القاعدة) ان شاء اللّه تعالى.

(و ان كان) قول المشترى بانه فسخ (بعد انقضاء زمان الخيار كما لو تلف العين) اذ بالتلف يسقط الخيار في باب خيار العيب (افتقر مدعيه الى البينة، و مع عدمها) بان لم تكن للمدعى البينة (حلف الآخر) و هو المنكر (على نفى علمه بالفسخ ان ادعى) المدعى (عليه) اى على المنكر (علمه بفسخه).

مثلا: قال المشترى: فسخت و لم تكن له بينة و انكر البائع، حلف البائع بانه لا يعلم ان المشترى فسخ، هذا اذا كان المنكر البائع لا يعلم بالفسخ و عدمه.

اما اذا علم بعدم الفسخ- من طريق ما- حلف على علمه بعدم

ص: 301

ثم اذا لم يثبت الفسخ فهل يثبت للمشترى المدعى للفسخ الارش؟

لئلا يخرج من الحقين أم لا لا قراره بالفسخ.

و زاد في الدروس انه يحتمل ان يأخذ اقل الامرين من الارش و ما زاد على القيمة من الثمن

______________________________

الفسخ، هذا كله اذا كان المدعى المشترى.

اما اذا كان مدعى الفسخ البائع و انكر المشترى، فالغالب انه يحلف على عدم فسخه.

نعم مع طول الزمان و نسيانه انه فسخ أم لا يحلف المشترى على نفى علم نفسه بالفسخ.

(ثم اذا لم يثبت الفسخ) بادعاء المشترى انه فسخ، و ذلك لانه لم تكن له بينة و حلف البائع على نفى علمه بالفسخ او على علمه بعدم الفسخ (فهل يثبت للمشترى المدعى للفسخ الارش؟) اذا كان المعيب مما له ارش (لئلا يخرج) المشترى (من الحقين) فان الشارع حيث لم يقبل منه الفسخ فقدا بقى حقه في الارش، لانه اذا لم يكن فسخ كان الارش (أم لا) حق له في الارش (لا قراره بالفسخ) فهو باقراره اسقط حقه في الارش، و الشارع اسقط حقه في الفسخ بسبب حلف البائع.

(و زاد في الدروس) احتمالا ثالثا، و هو ان ليس له الفسخ، و لا الارش، بل (انه يحتمل ان يأخذ) المشترى (اقل الامرين من الارش، و ما زاد على القيمة من الثمن).

مثلا: اشترى الشاة بعشرة و التفاوت بين الصحيح و المعيب الخمس

ص: 302

ان اتفق لانه بزعمه يستحق استرداد الثمن و رد القيمة فيقع التقاص فى قدر القيمة، و يبقى قدر الارش مستحقا على التقديرين، انتهى.

______________________________

و هو اثنان و قيمة الشاة السوقية تسعة او سبعة.

فانه في الاول يستحق دينارا واحدا، و في الثانى يستحق دينارين.

و ذلك لان المشترى يدعى انه فسخ، فاللازم ان يرجع إليه الثمن «العشرة».

لكن حيث ان الشارع لم يقبل فسخه كان عنده الشاة التى تسوى تسعة، فله دينار واحد، و هذا الدينار اقل من دينارين الّذي هو الارش و لكن في الثانى يدعى انه يطلب ثلاثة، و الارش الّذي هو ديناران اقل من الثلاثة، فله ديناران، لانه سقط حقه في الفسخ لحلف البائع و بقى حقه في الارش، و الارش ديناران حسب الفرض (ان اتفق) زيادة القيمة من الثمن.

و انما يأخذ اقل الامرين (لانه) اى المشترى (بزعمه) انه فسخ (يستحق استرداد الثمن) بان يأخذ الثمن من البائع (ورد القيمة) على البائع، اذ المفروض ان المتاع قد تلف عند المشترى، فاذا كان هناك فسخ لزم عليه ان يرد قيمة المتاع الى البائع (فيقع التقاص) القهرى بين البائع و المشترى (فى قدر القيمة، و يبقى) للمشترى (قدر الارش) الّذي هو دينار او ديناران (مستحقا على التقديرين) و هما تقدير زيادة التفاوت على الارش، و زيادة الارش على التفاوت، و وجه كلام الشهيد يظهر من هذا الجدول (انتهى) كلام الشهيد «ره».

ص: 303

الثانية: لو اختلفا في تأخر الفسخ عن اوّل الوقت

بناء على فورية الخيار، ففى تقديم مدعى التأخير لاصالة بقاء العقد، و عدم حدوث الفسخ في اوّل الزمان، او مدعى عدمه لاصالة صحة الفسخ، وجهان.

______________________________

و لا يخفى ما فيه من الاشكال اذ بعد ابطال الشارع حكم الفسخ باليمين فقد ذهب اليمين بالحق، فتأمل.

الثمن القيمة الارش خمس الثمن التفاوت بين الثمن و القيمة القدر المستحق 10/ 9/ 2/ 1/ 1 10/ 7/ 2/ 3/ 2

(الثانية: لو اختلفا في تأخر الفسخ عن اوّل الوقت) للذى له حق الفسخ، و هو وقت علم المشترى بالعيب (بناء على فورية الخيار).

اما بناء على عدم فورية الخيار، فليس له وقت محدد، الا بمقدار ان لا يتضرر البائع من تأخير الفسخ.

و كيف كان فاذا ادعى البائع تأخير الفسخ، فلا فسخ، و قال المشترى بل قدم الفسخ في وقته الفورى (ففى تقديم مدعى التأخير) الّذي هو البائع (لاصالة بقاء العقد، و) اصالة (عدم حدوث الفسخ في اوّل الزمان) اى الزمان الاول الّذي للمشترى فيه حق الفسخ- لانه فور- (او مدعى عدمه) اى عدم التأخير و هو المشترى (لاصالة صحة الفسخ وجهان)

و الظاهر الثانى لان المشترى يملك الفسخ، و من ملك شيئا كان قوله هو المسموع، الا ان يأتى الطرف الآخر بالبينة و في الكلام تفصيل خارج عن هذا الشرح.

ص: 304

و لو كان منشأ النزاع الاختلاف في زمان وقوع العقد مع الاتفاق على زمان الفسخ، ففى الحكم بتأخر العقد لتصحيح الفسخ وجه يضعف، بان اصالة تأخر العقد الراجعة حقيقة الى اصالة عدم تقدمه على الزمان المشكوك وقوعه فيه لا يثبت وقوع الفسخ في اوّل الزمان.

______________________________

(و لو كان منشأ النزاع الاختلاف في زمان وقوع العقد) فى انه هل وقع في الساعة الاولى او الثانية؟ (مع الاتفاق على زمان الفسخ) و انه وقع في الساعة الثالثة، فالمشترى يدعى ان العقد وقع في الساعة الثانية، و لذا كان الفسخ فوريا و البائع يدعى ان العقد وقع في الساعة الاولى، و لذا لم يكن الفسخ فوريا فالفسخ باطل (ففى الحكم بتأخر العقد لتصحيح الفسخ، وجه) لاصالة تأخر العقد، و لحمل فعل المسلم- الّذي هو الفسخ- على الصحيح.

و لكن هذا الوجه (يضعف، بان اصالة تأخر العقد الراجعة حقيقة الى اصالة عدم تقدمه) اذ الاصل عدم التقدم- فهو الّذي له حالة سابقة-.

اما التأخر فلا حالة سابقة له حتى يستصحب، فالاصل عدم تقدم العقد (على الزمان المشكوك وقوعه فيه) اى وقوع العقد في ذلك الزمان- كالساعة الاولى في المثال- فليس العقد واقعا في الساعة الاولى (لا يثبت وقوع الفسخ في اوّل الزمان) فالاستصحاب لا ينفع، لانه مثبت و اصالة الصحة لا توجب ترجيح احد طرفى النزاع.

ص: 305

و هذه المسألة نظير ما لو ادعى الزوج الرجوع في عدة المطلقة و ادعت هى تأخره عنها.

الثالثة: لو ادعى المشترى الجهل بالخيار، او بفوريته- بناء على فوريته- سمع قوله

ان احتمل في حقه الجهل، للاصل.

و قد يفصل بين الجهل بالخيار فلا يعذر.

______________________________

(و هذه المسألة نظير ما لو ادعى الزوج الرجوع في عدة المطلقة و ادعت هى تأخره) اى تأخر الرجوع (عنها) اى عن العدة، فان اصالة عدم تقدم الرجوع، لا تثبت كون الرجوع كان في حالة انقضاء العدة، لان الاصل مثبت، فتأمل.

(الثالثة) من مسائل الاختلاف في الفسخ (لو ادعى المشترى الجهل بالخيار) و لذا لم يأخذ به (او بفوريته) و لذا لم يأخذ به فورا، و انه علم الآن به او بفوريته فأخذ بالخيار و فسخ (- بناء على فوريته-) امّا على القول بعدم الفورية، فلا فائدة من ادعائه الجهل بالفورية (سمع قوله ان احتمل في حقه الجهل) بان لم يكن من اهل الخبرة باحكام الخيارات (للاصل) لان الاصل في الانسان الجهالة.

اما اذا كان من اهل العلم و الخبرة، فلا يسمع قوله- اى ليس معه الاصل المحكم- لما تقدم من ان الظاهر مقدم على الاصل في امثال هذه المقامات.

(و قد يفصل بين الجهل بالخيار فلا يعذر) بل يسقط خياره بعدم اخذه بالخيار.

ص: 306

الا اذا نشأ في بلد لا يعرفون الاحكام، و الجهل بالفورية فيعذر مطلقا، لانه مما يخفى على العامة.

القول في ماهية العيب

و ذكر بعض افراده.

اعلم ان حكم الرد و الارش معلق في الروايات على مفهوم العيب و العوار.

اما العوار ففى الصحاح انه العيب.

و اما العيب، فالظاهر من اللغة و العرف انه النقص عن مرتبة الصحة

______________________________

و انما لا يعذر لان دعواه الجهل مخالفة للظاهر، فيقدم الظاهر على الاصل (الا اذا نشأ في بلد لا يعرفون الاحكام) فيعذر (و) بين (الجهل بالفورية فيعذر مطلقا، لانه مما يخفى على العامة) فدعواه الجهل بها موافقة للظاهر و للاصل معا.

(القول في ماهية العيب و ذكر بعض افراده) التى صار الكلام بين الفقهاء حولها، نذكرها من باب تطبيق الكبرى على الصغرى.

(اعلم ان حكم الرد و الارش معلق في الروايات على مفهوم العيب و العوار) اى على هذين اللفظين فاللازم اتباع مفهومها عند إرادة الحكم بالردّ و الارش.

(اما العوار ففى الصحاح انه العيب) فلا نتكلم حوله بل نقتصر فى الكلام حول العيب.

(و اما العيب، فالظاهر من اللغة و العرف) عند تفسيره او موارد استعماله (انه النقص عن مرتبة الصحة

ص: 307

المتوسطة بينه و بين الكمال.

فالصحة ما يقتضيه اصل الماهية المشتركة بين افراد الشي ء- لو خلي و طبعه- و العيب و الكمال يلحقان له لامر خارج عنه.

ثم مقتضى حقيقة الشي ء قد يعرف

______________________________

المتوسطة بينه) اى بين النقص (و بين الكمال) فالمتوسط هو الصحيح، و الانزل منه هو المعيب، و الا رفع منه هو الكامل.

(فالصحة) عبارة عن (ما يقتضيه اصل الماهية المشتركة بين افراد الشي ء- لو خلي و طبعه-) «لو» متعلق ب «يقتضي» (و العيب و الكمال يلحقان له) اى لما يقتضيه اصل الماهية (لامر خارج عنه).

ثم النقص و الكمال قد يكونان نفسيين، و قد يكونان جسديين، و قد يكونان خارجيين.

فالنقص النفسى كان يكون العبد حسودا، و الدابة شموسا.

و الكمال النفسى كان يكون العبد كاتبا، و الدابة فهيمة.

و النقص الجسدى كان يكون العبد اعور، و الدابة عرجاء.

و الكمال الجسدى كان يكون العبد قوى البنية شديد العضلات اكثر من المتعارف، و كذلك الدابة.

و النقص الخارجى كان يكون العبد جانيا و الدّابة موطوءة او جلّالة.

و الكمال الخارجى كان يكون العبد ذا عشيرة كثيرة او ذا اقرباء اصحاب مناصب مثلا.

(ثم مقتضى حقيقة الشي ء) التى بها يقاس النقص و الكمال (قد يعرف

ص: 308

من الخارج كمقتضى حقيقة الحيوان الاناسى و غيره، فانه يعلم ان العمى عيب، و معرفة الكتابة في العبد و الطبخ في الامة كمال فيهما، و قد يستكشف ذلك بملاحظة اغلب الافراد، فان وجود صفة في اغلب افراد الشي ء يكشف عن كونه مقتضى الماهية المشتركة بين افراده، و كون التخلف فى النادر لعارض.

______________________________

من الخارج كمقتضى حقيقة الحيوان الاناسى و غيره) اى عير الاناسى كسائر افراد الحيوان (فانه يعلم ان العمى عيب، و معرفة الكتابة فى العبد و الطبخ في الامة) و كون الحيوان معلما (كمال فيهما، و قد يستكشف ذلك) اى يستكشف ان الشي ء الفلانى مقتضى الحقيقة، حتى يفهم به ما هو ناقص و ما هو كامل (بملاحظة اغلب الافراد) فان حالة اغلب الافراد هى ميزان التوسط (فان وجود صفة في اغلب افراد الشي ء يكشف عن كونه) اى كون وجود تلك الصفة (مقتضى الماهية المشتركة) تلك الماهية (بين افراده) اى افراد ذلك الشي ء (و) يكشف عن (كون التخلف) عن تلك الصفة (فى النادر) انما هو (لعارض).

و المراد بالماهية في المقام ليس الماهية الاصطلاحية، بل الوجود الخارجى الخلقى- كما لا يخفى-.

ثم ان قوله: و قد يستكشف، انما ذكره لاجل تصحيح كلام المشهور فى تعريف ان المراد بالخلقة الاصلية ما عليه اغلب افراد ذلك النوع- كما سيأتى عند قوله «اذا عرفت هذا»-.

ص: 309

و هذا و ان لم يكن مطردا في الواقع اذ كثيرا ما يكون اغلب الافراد متصفة بصفة لامر عارضى، او لامور مختلفة، الا ان بناء العرف و العادة على استكشاف حال الحقيقة عن حال اغلب الافراد.

و من هنا استمرت العادة على حصول الظنّ بثبوت صفة الفرد من ملاحظة

______________________________

(و هذا) اى كشف وجود الصفة في اغلب الافراد عن كون تلك الصفة مقتضى الطبيعة (و ان لم يكن مطردا في الواقع) فلا يكون الكاشف مطابقا للمكشوف (اذ كثيرا ما يكون اغلب الافراد متصفة بصفة لامر عارضى) على الاغلب، ككون اغلب الافراد الساكنين في خط الاستواء سودا لامر عارضى على الجميع و هو شدة اشراق الشمس على تلك المنطقة (او لامور مختلفة) بان تكون هناك علل متعددة تعطى مفعولا واحدا، ككون اغلب الافراد في منطقة كذا عوراء و العلة تارة عدم النظافة المؤدية الى رمد العين، ثم عورها، و تارة الاصابة بالجدرى لعدم الصحة، و تارة الوارثة (الا ان بناء العرف و العادة) الفرق بين الامرين هو ان العرف عما تبانوا عليه بانفسهم، و العادة عبارة عن اتخاذ امر الاسلاف مستندا، و ان لم يكن تبان حالى (على استكشاف حال الحقيقة عن حال اغلب الافراد) بل كثيرا ما يستكشفون حال الماهية عن حال جملة من الافراد بضميمة مقدمة حدسية هى ان الافراد المتعددة تكشف عن الجامع الموجود في الكل.

(و من هنا) اى من هذا البناء الّذي ذكرناه (استمرت العادة على حصول الظن بثبوت صفة الفرد من ملاحظة

ص: 310

اغلب الافراد فان وجود الشي ء في اغلب الافراد و ان لم يمكن الاستدلال به على وجوده في فرد غيرها، لاستحالة الاستدلال- و لو ظنا- بالجزئى على الجزئى، الا انه يستدل من حال الاغلب على حال القدر المشترك.

ثم يستدل من ذلك على حال الفرد المشكوك.

اذا عرفت هذا

______________________________

اغلب الافراد) فاذا رأينا اغلب الحيوانات تحرّك فكها الاسفل عند المضغ ظنننا ان كل حيوان كذلك (فان وجود الشي ء في اغلب الافراد و ان لم يمكن الاستدلال به) اى بهذا الوجود (على وجوده) اى وجود ذلك الشي ء (فى فرد غيرها) اى غير تلك الافراد التى رأيناها.

و ذلك (لاستحالة الاستدلال- و لو ظنا- بالجزئى على الجزئى) لان الاستدلال اما من العلة الى المعلول و اما من المعلول الى العلة و الجزئى لا يكون علة لجزئى آخر.

فالاستدلال القطعى هو ما اذا علمنا بالعلة، و الاستدلال الظنى هو ما اذا ظنننا بالعلة، اما اذا علمنا بانه لا علية فلا استدلال، لا علما و لا ظنا (الا انه يستدل من حال الاغلب على حال القدر المشترك) من باب الاستدلال من المعلول الى العلة، لانه لو لا القدر المشترك لم يكن حال الاغلب بهذه الصفة.

(ثم يستدل من ذلك) القدر المشترك (على حال الفرد المشكوك) استدلالا من العلة الى المعلول.

(اذا عرفت هذا) الّذي ذكرناه بقولنا قبل اسطر «و قد يستكشف ذلك»

ص: 311

تبين لك الوجه في تعريف العيب في كلمات كثير منهم بالخروج عن المجرى الطبيعى، و هو ما يقتضيه الخلقة الاصلية، و ان المراد بالخلقة الاصلية ما عليه اغلب افراد ذلك النوع، و ان ما خرج عن ذلك بالنقص فهو عيب، و ما خرج عنه بالمزية فهو كمال.

فالضيعة اذا لوحظت من حيث الخراج فما عليه اغلب الضياع من مقدار الخراج هو مقتضى طبيعتها فزيادة الخراج على ذلك المقدار عيب و نقصه عنه كمال

______________________________

(تبين لك الوجه في تعريف العيب في كلمات كثير منهم بالخروج عن المجرى الطبيعى) اى الطبيعة التى اودعها اللّه سبحانه في الاشياء و اجرى على تلك الطبيعة الافراد (و هو) اى المجرى الطبيعى (ما يقتضيه الخلقة الاصلية) اى اصل الخلقة في النوع (و ان المراد بالخلقة الاصلية ما عليه اغلب افراد ذلك النوع) فليس مرادهم من الاغلب، الاغلب التابع لجهات عارضة بل الاغلب التابع لاصل الخلقة (و ان ما خرج عن ذلك) المجرى الطبيعى (بالنقص) فى قبال ما خرج عنه بالكمال (فهو عيب و) ان (ما خرج عنه بالمزية) و الزيادة (فهو كمال).

و حيث ان الكلام كان موهما لطبيعة الخلقة، اراد المصنف ان يبين المراد من الطبيعة و انها اعم من الخلقة و من الامور الخارجية.

(ف) قال: (الضيعة اذا لوحظت من حيث الخراج فما عليه اغلب الضياع من مقدار الخراج هو مقتضى طبيعتها) العرفية (فزيادة الخراج على ذلك المقدار عيب) يوجب حق الفسخ و الارش (و نقصه عنه كمال)

ص: 312

و كذا كونها مورد العساكر.

ثم لو تعارض مقتضى الحقيقة الاصلية و حال اغلب الافراد التى يستدل بها على حال الحقيقة عرفا رجح الثانى، و حكم للشي ء بحقيقة ثانوية اعتبارية يعتبر الصحة و العيب و الكمال بالنسبة إليها.

و من هنا لا يعد ثبوت الخراج على الضيعة عيبا مع ان حقيقتها

______________________________

اذا غفل عنه الموجر، او البائع كان له حق الفسخ (و كذا كونها مورد العساكر) فقد يكون كمالا لانها بذلك محفوظة عن يد العابثين، و قد يكون نقصا لمزاحمتهم لصاحب الضيعة، هذا تمام الكلام في بيان معيار العيب.

(ثم لو تعارض مقتضى الحقيقة الاصلية و حال اغلب الافراد التى يستدل بها على حال الحقيقة عرفا) بحيث لو لم تعرف الحقيقة لاستدل بحال الاغلب على الحقيقة (رجح الثانى) الّذي هو حال اغلب الافراد.

فاذا كان المبيع خارجا عن حال الاغلب، كان معيبا.

اما اذا كان خارجا عن حال الحقيقة لم يكن معيبا.

و ذلك لان المعيار في العيب العرف، و ما يكون مطابقا للاغلب ليس معيبا عرفا (و حكم للشي ء بحقيقة ثانوية اعتبارية) بحيث (يعتبر الصحة و العيب و الكمال بالنسبة إليها) فان كان على حسب الاغلب كان صحيحا و ان كان انقص من الاغلب كان معيبا، و ان كان ازيد من الاغلب كان كاملا

(و من هنا) و هو الاعتبار بحال الاغلب (لا يعد ثبوت الخراج على الضيعة عيبا) لان الاغلب ان يكون الخراج على الضيعة (مع ان حقيقتها

ص: 313

لا تقتضى ذلك، و انما هو شي ء عرض اغلب الافراد، فصار مقتضى الحقيقة الثانوية، فالعيب لا يحصل الا بزيادة الخراج على مقتضى الاغلب.

و لعل هذا هو الوجه في قول كثير منهم، بل عدم الخلاف بينهم فى ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء.

______________________________

لا تقتضى ذلك) الخراج- كما هو واضح- (و انما هو) الخراج (شي ء عرض اغلب الافراد) اى افراد الضياع التى ليست مستثناة من هذا الحكم (فصار) الخراج (مقتضى الحقيقة الثانوية) فهذا هو الميزان.

و عليه (فالعيب لا يحصل الا بزيادة الخراج على مقتضى الاغلب) كما ان الكمال هو بنقص الخراج عن مقتضى الاغلب.

فاذا كان خراج امثال هذه الضيعة مائة، و كان خراج هذه الضيعة مأتين كانت معيبة.

و اذا كان خراجها خمسين كانت كاملة.

(و لعل هذا) الّذي ذكرناه من اعتبار الاغلب فيها اذا كانت هناك غلبة تخالف الطبيعة الاولية (هو الوجه في قول كثير منهم، بل عدم الخلاف بينهم في ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء) اذ الغالب في الاماء ان تنال و لا تكون بكرا، فهذه حقيقة ثانوية تقاس بها الامة المعيوبة و الكاملة.

فاذا كانت بالإضافة الى الثيبوبة مفضاة كانت معيبة و اذا كانت بكرا كانت كاملة، و اذا كانت ثيبة فقط كانت صحيحة.

ص: 314

و قد ينعكس الامر فيكون العيب في مقتضى الحقيقة الاصلية، و الصحة بالخروج الى مقتضى الحقيقة الثانوية كالغلفة فانها عيب في الكبير لكونها مخالفة لما عليه الاغلب.

الا ان يقال ان الغلفة بنفسها ليست عيبا انما العيب كون الاغلف

______________________________

(و قد ينعكس الامر) اى امر الحقيقة الاولية (فيكون العيب في مقتضى الحقيقة الاصلية و) انما يكون هذا انعكاسا لان اللازم ان تكون الحقيقة الاصلية معيارا للصحة.

فاذا كانت (الصحة بالخروج الى مقتضى الحقيقة الثانوية) كان ذلك انعكاسا للاول، و ذلك (كالغلفة فانها) مع كونها مقتضى الحقيقة الاصلية لكنها (عيب في الكبير، لكونها مخالفة لما عليه الاغلب) فاذا اشترى عبدا و كان اغلف كان له خيار العيب.

نعم ربما يفصل بين ما اذا اشترى عبدا مسلما فالغلفة عيب فيه، بخلاف ما اذا اشترى عبدا غير مسلم.

كما ان للمكان و الزمان أيضا مدخلية في صدق العيب و عدمه.

فلو اشترى عبدا في افريقيا لم يكن السواد عيبا فيه، بخلاف ما اذا اشترى عبدا مجلوبا من البلاد الباردة.

و كذلك اذا اشترى شاة في العراق فعدم وجود الالية لها عيب، بخلاف ما اذا اشترى شاة في اليمن لان الغالب عدم الالية لشياهها

(الا ان يقال) لا نسلم ان الغلفة- التى هى مقتضى الطبيعة الاصلية- عيب ف (ان الغلفة بنفسها ليست عيبا انما العيب كون الاغلف

ص: 315

موردا للخطر، بختانه، و لذا اختص هذا العيب بالكبير دون الصغير

و يمكن ان يقال: ان العبرة بالحقيقة الاصلية و النقص عنها عيب، و ان كان على طبق الاغلب، الا ان حكم العيب لا يثبت مع اطلاق العقد حينئذ لانه انما يثبت من جهة اقتضاء الاطلاق للالتزام بالسلامة، فيكون كما لو

______________________________

موردا للخطر، ب) سبب (ختانه، و لذا) الّذي يكون الخطر عيبا لا الغلفة (اختص هذا العيب بالكبير) الّذي هو مورد الخطر (دون) العبد (الصغير).

اللّهم الا ان يقال: ان عدم كونه عيبا في الصغير لغلبة عدم الاختتان، فليس العيب الخطر، بل الغلفة في الكبير لانها مخالفة لاغلب الافراد.

(و يمكن ان يقال) ان ما تقدم من ان مقتضى الخلقة الاصلية الثانوية بكون الاعتبار بها، فالثيبوبة في الاماء ليست عيبا، غير تام، فالثيبوبة عيب و لكن حكم العيب لا يثبت لها.

و ذلك ل (ان العبرة بالحقيقة الاصلية و النقص عنها عيب، و ان كان) ذلك النقص (على طبق الاغلب) غلبة ثانوية (الا ان حكم العيب) من الرد و الارش (لا يثبت مع اطلاق العقد حينئذ) اى حين كان الاغلب على خلاف الطبيعة الاصلية.

و انما لا يثبت حكم العيب مع وجود موضوعه (لانه انما يثبت) حكم العيب (من جهة اقتضاء الاطلاق للالتزام) اى التزام البائع (بالسلامة فيكون) الاطلاق- بدون البراءة من العيب- (كما لو

ص: 316

التزمه صريحا في العقد، فاذا فرض الاغلب على خلاف مقتضى الحقيقة الاصلية لم تقض الاطلاق ذلك، بل اقتضى عكسه اعنى التزام البراءة من ذلك النقص.

فاطلاق العقد على الجارية- بحكم الغلبة- منزل على التزام البراءة من عيب الثيبوبة.

و كذا الغلفة في الكبير فهى أيضا عيب في الكبير، لكون العبد معها موردا للخطر عند الختان الا ان الغالب في المجلوب من بلاد الشرك لما كان

______________________________

التزمه) اى السلامة (صريحا في العقد) بان خلافها يقتضي الخيار (فاذا فرض الاغلب على خلاف مقتضى الحقيقة الاصلية) كالثيبوبة فى الاماء (لم يقتض الاطلاق ذلك) اى التزام البائع بالسلامة (بل اقتضى) الاطلاق (عكسه) اى عكس التزام السلامة (اعنى التزام البراءة من ذلك النقص) و لذا ليس للمشترى خيار العيب.

(فاطلاق العقد على الجارية- بحكم الغلبة-) فى ثيبوبة الاماء (منزل) ذلك الاطلاق (على التزام) البائع (البراءة من عيب الثيبوبة) هذا في صورة نقص المبيع عن الحقيقة الاصلية.

(و كذا) فى صورة بقاء المبيع على الحقيقة الاصلية مثل (الغلفة فى الكبير فهى أيضا عيب فى) العبد (الكبير، لكون العبد معها موردا للخطر عند الختان) اذا كان مسلما او اسلم، و الا لم يجب ختان غير المسلم فان الكفار و ان كانوا مكلفين بالفروع الا انه لا يجبرون على تطبيقها، كما قرر في محلّه (الا ان الغالب في المجلوب من بلاد الشرك لما كان

ص: 317

هى الغلقة لم يقتض الاطلاق التزام سلامته من هذا العيب، بل اقتضى التزام البائع البراءة من هذا العيب، فقولهم ان الثيبوبة ليست عيبا فى الاماء، و قول العلامة في القواعد: ان الغلفة ليست عيبا في الكبير المجلوب لا يبعد ارادتهم نفى حكم العيب من الردّ و الارش لا نفى حقيقته

و يدل عليه نفى الخلاف في التحرير عن كون الثيبوبة ليست عيبا مع انه في التحرير و التذكرة اختار الارش مع اشتراط البكارة مع انه لا ارش فى تخلف الشرط بلا

______________________________

هى الغلفة لم يقتض الاطلاق) فى العقد (التزام سلامته من هذا العيب) الّذي هو الغلفة (بل اقتضى) اطلاق العقد (التزام البائع البراءة من هذا العيب) فموضوع العيب و ان كان موجودا، لكن حكمه ليس بموجود

و على هذا (فقولهم ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء، و قول العلامة فى القواعد: ان الغلفة ليست عيبا في الكبير المجلوب) من بلاد الكفر (لا يبعد ارادتهم نفى حكم العيب من الردّ و الارش) «من» بيان «حكم» (لا نفى حقيقته) اى حقيقة العيب، فكلامهم مجاز من باب نفى الموصوف لنفى الصفة، نحو: لا رجال، فيما يراد بذلك نفى صفات الرجولة.

(و يدل عليه) اى على ان مرادهم نفى حكم العيب- لا نفى العيب حقيقة- (نفى الخلاف في التحرير عن كون الثيبوبة ليست عيبا) اى قال فى التحرير «لا خلاف في ان الثيبوبة ليست عيبا» (مع انه في التحرير و التذكرة اختار الارش مع اشتراط) المشترى على البائع (البكارة) فى الامة المشتراة، ثم ظهرت انها ثيبة (مع انه لا ارش في تخلف الشرط بلا

ص: 318

خلاف ظاهر.

و تظهر الثمرة فيما لو اشترط المشترى البكارة و الختان، فانه يثبت على الوجه الثانى حكم العيب من الرد و الارش لثبوت العيب غاية الامر عدم ثبوت الخيار مع الاطلاق لتنزله منزلة تبرى البائع من هذا العيب فاذا زال مقتضى الاطلاق.

______________________________

خلاف ظاهر) بين الفقهاء.

فجعل العلامة الارش للثيبوبة يدل على ان العلامة يرى الثيبوبة عيبا، و ذلك دليل على ان قوله في التحرير «الثيبوبة ليست عيبا» يريد بذلك انه ليس لها حكم العيب، لا انه يريد انها ليست عيبا حقيقة.

(و تظهر الثمرة) بين كون الثيبوبة ليست بعيب اصلا، و بين كونها عيبا، و لكن ليس لها حكم العيب (فيما لو اشترط المشترى البكارة و الختان) ثم تخلف شرطه، فكانت الامة ثيبة، و العبد اغلف (فانه يثبت على الوجه الثانى) اى انهما عيب و لكن لا حكم لهما مع الاطلاق (حكم العيب من الرد و الارش) فى صورة تخلف الشرط (لثبوت العيب) «لثبوت» متعلق ب «يثبت».

ان قلت: اذا كان هذان عيبا فلما ذا لا يثبت حكم العيب في صورة اطلاق العقد.

قلت: (غاية الامر عدم ثبوت الخيار) للمشترى (مع الاطلاق) اى اطلاق العقد (لتنزله) اى تنزل الاطلاق (منزلة تبرّى البائع من هذا العيب) الّذي هو الغلفة و الثيبوبة (فاذا زال مقتضى الاطلاق،

ص: 319

بالاشتراط ثبت حكم العيب.

و اما على الوجه الاول فان الاشتراط لا يفيد الاخيار تخلف الشرط دون الارش.

لكن الوجه السابق اقوى.

و عليه فالعيب انما يوجب الخيار اذا لم يكن غالبا في افراد الطبيعة بحسب نوعها او صنفها

______________________________

ب) سبب (الاشتراط) اى اشتراط المشترى الختان و البكارة (ثبت حكم العيب) الّذي هو الردّ و الارش.

(و اما على الوجه الاول) من ان الثيبوبة و الغلفة ليستا بعيب اصلا (فان الاشتراط لا يفيد) اذا ظهر خلاف الشرط (الاخيار تخلف الشرط) الّذي يعطى للمشترى حق الرد فقط (دون الارش) اذ ليس هناك عيب حتى يوجب الارش.

و الحاصل انه تظهر الثمرة في انه لو شرط المشترى الختان و البكارة و تخلف الشرط، كان له الرد و الارش- بناء على ان الثيبوبة و الغلفة عيب- و كان له الرد فقط- بناء على انهما ليستا بعيب-.

(لكن الوجه السابق) و هو انهما عيب (اقوى) لما عرفت.

(و عليه) اى بناء على الوجه الاول (فالعيب انما يوجب الخيار، اذا لم يكن غالبا في افراد الطبيعة بحسب نوعها او صنفها) فاذا غلب العيب بحسب النوع كالغلفة لان نوع الذكر اغلف او غلب بحسب الصنف كالثيبوبة لان صنف الاماء الكبيرات ثيب، فلا خيار لان اطلاق العقد حينئذ

ص: 320

و الغلبة الصنفية مقدمة على النوعية عند التعارض، فالثيبوبة في الصغيرة غير المجلوبة عيب، لانها ليست غالبة في صنفها و ان غلبت في نوعها.

ثم ان مقتضى ما ذكرنا دوران العيب مدار نقص الشي ء من حيث عنوانه مع قطع النظر عن كونه مالا فان الانسان الخصى ناقص في نفسه و

______________________________

منزل عليه (و الغلبة الصنفية مقدمة على) الغلبة (النوعية عند التعارض) كان يكون النوع بكرا، و لكن الصنف ثيبا (فالثيبوبة في الصغيرة غير المجلوبة عيب، لانها ليست غالبة في صنفها) اذ الصغيرة تقتضى عدم تناولها بالوطى، و كونها غير مجلوبة يقتضي بعدها عن تناول الايدى الملازم لوطئها- حتى و هى صغيرة- (و ان غلبت في نوعها) اى نوع الاماء.

(ثم ان مقتضى ما ذكرنا) من ان العيب عبارة عن الخروج عن مقتضى الطبيعة الاولية او الطبيعة الثانوية الغالبة (دوران العيب مدار نقص الشي ء من حيث عنوانه) الشخصى (مع قطع النظر عن كونه مالا) فان بين الامرين عموما من وجه.

اذ ربما يكون نقص شخص بدون نقص المال.

و ربما يكون نقص في المال بدون نقص الشخص.

و ربما يجتمعان، مثلا: الخصى نقص في شخصه بدون نقص في مال و الثيبوبة في الاماء نقص في المال لانها ارخص من البكر و لكن بدون نقص في الشخص لما عرفت من ان البكر طبيعة غالبة في الاماء، و العوار نقص في الشخص و المال (فان الانسان الخصى ناقص في نفسه، و

ص: 321

ان فرض زيادته من حيث كونه مالا و كذا البغل الخصى حيوان ناقص و ان كان زائدا من حيث المالية على غيره.

و لذا ذكر جماعة ثبوت الرد دون الارش، فى مثل ذلك.

و يحتمل قويا ان يقال ان المناط في العيب هو النقص المالى فالنقص الخلقى غير الموجب للنقص كالخصاء و نحوه ليس عيبا الّا ان الغالب في افراد الحيوان لما كان عدمه كان اطلاق العقد

______________________________

ان فرض زيادته من حيث كونه مالا) فلا نقص في ماليته (و كذا البغل الخصى حيوان ناقص و ان كان زائدا من حيث المالية على غيره).

(و لذا) الّذي ليس فيهما نقص في المالية (ذكر جماعة ثبوت الرد دون الارش، فى مثل ذلك) مما له نقص خلقى، و لكن لا نقص في ماليته فانه حيث كان معيبا كان للمشترى الخيار، و لكن حيث لا نقص في ماليته لم يكن له ارش.

(و يحتمل قويا ان يقال ان المناط في العيب هو النقص المالى).

و عليه (فالنقص الخلقى) بكسر الخاء (غير الموجب للنقص) المالى (كالخصاء و نحوه ليس عيبا).

و منشأ هذا الاحتمال ان الظاهر من الادلة كون الرد و الارش معا من مقتضيات العيب، فاذا لم يكن ارش تبين انه لا عيب فلا رد أيضا- من جهة خيار العيب- و ان كان له الرد من جهة اخرى.

و الجهة الاخرى هى ما ذكره بقوله: (الّا ان الغالب في افراد الحيوان لما كان عدمه) اى عدم الخصاء- مثلا- (كان اطلاق العقد

ص: 322

منزلا على اقدام المشترى على الشراء مع عدم هذا النقص اعتمادا على الاصل و الغلبة، فكانت السلامة عنه بمنزلة شرط اشترط في العقد لا يوجب تخلفه الا خيار تخلف الشرط.

و تظهر الثمرة في طروّ موانع الرد بالعيب بناء على عدم منعها عن الرد بخيار تخلف الشرط، فتأمل.

______________________________

منزلا على اقدام المشترى على الشراء مع عدم هذا النقص) لانصراف الاطلاق إليه (اعتمادا) من المشترى (على الاصل و الغلبة) اى غلبة عدم هذا العيب (فكانت السلامة عنه) اى عن هذا النقص (بمنزلة شرط اشترط في العقد) و (لا يوجب تخلفه) اى تخلف هذا الشرط (الاخيار تخلف الشرط) فله حق الرد و ليس له حق الارش.

(و تظهر الثمرة) فى كون الخيار خيار العيب، او خيار تخلف الشرط (فى طروّ موانع الرد بالعيب) «بالعيب» متعلق ب «الرد» اذا طرأ مانع من موارد الرد بسبب العيب (بناء على عدم منعها) اى عدم منع تلك الموانع (عن الرد ب) سبب (خيار تخلف الشرط) فان المانع اذا وجد كالتصرف مثلا- ان كان الخيار خيار العيب لم يتمكن المشترى من رده بالخيار لان التصرف مانع عن الرد- فى باب خيار العيب- و ان كان الخيار خيار الشرط تمكن المشترى من الرد- لان التصرف لا يمنع من الرد، فى باب خيار الشرط- (فتأمل) لعدم تمامية هذه الثمرة، اذ موانع الرد انما تمنع الرد فيما اذا كان هناك ارش، ورد.

اما اذا كان هناك ردّ فقط- كالعيب الّذي لا يوجب نقص المالية-

ص: 323

و في صورة حصول هذا النقص قبل القبض او في مدة الخيار فانه مضمون على الاول بناء على اطلاق كلماتهم ان العيب مضمون على البائع.

بخلاف الثانى فانه لا دليل على ان فقد الصفة المشترطة قبل القبض او في مدة الخيار مضمون على البائع بمعنى كونه سببا للخيار.

______________________________

فان موانع الرد لا تأتى هناك، بل للمشترى الرد و ان تصرف في المبيع.

فلا فرق بين كون الخيار خيار العيب او خيار تخلف الشرط في ان للمشترى الرد، هذه هى الثمرة الاولى بين كون الخيار خيار العيب او خيار الشرط.

و الثمرة الثانية ما ذكره بقوله: (و فى) عطف على «فى طروّ» (صورة حصول هذا النقص قبل القبض او في مدة الخيار) كما اذا اخصى الحيوان او العبد في وقت ضمان البائع (فانه مضمون على الاول) اى كون الخيار خيار العيب (بناء على اطلاق كلماتهم ان العيب مضمون على البائع) بحيث يشمل العيب المنقص للمالية، و العيب غير المنقّص للمالية يعنى ان قولهم «ان التلف قبل القبض او التلف في مدة الخيار مضمون على البائع» يشمل العيب، سواء اوجب نقص المالية كالعوار، او لم يوجب كالخصاء.

(بخلاف الثانى) اى كون الخيار خيار الشرط (فانه لا دليل على ان فقد الصفة المشترطة) فقدا (قبل القبض او في مدة الخيار مضمون على البائع بمعنى كونه) اى كون فقد الصفة (سببا للخيار).

و انما فسر الضمان بهذا، اذ لا معنى للضمان بمعنى الارش فى

ص: 324

و للنظر في كلا شقّي الثمرة مجال.

و ربما يستدل لكون الخيار هنا خيار العيب بما في مرسلة السيارى

______________________________

المقام، الّذي هو نقص خلقى، و لكنه لا يوجب نقصا في المال، كالخصاء.

(و للنظر في كلا شقى الثمرة) الثانية، و هما ما اشار إليهما بقوله «فانه مضمون على الاول» و «بخلاف الثانى» (مجال).

اما النظر في الشق الاول، فهو ان ما دلّ على ان التلف قبل القبض و في زمن الخيار من مال البائع، لا اطلاق له، بحيث يشمل التلف غير المنقص للمالية، بل دليل هذا الخيار هو قوله عليه السلام «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» و قوله عليه السلام «ان التلف فى زمن الخيار ممّن لا خيار له».

و حيث ان التلف اعم من تلف الذات و تلف الوصف، فنقول بان النقص أيضا حكمه حكم التلف، و القدر المتيقن من تلف الوصف ما يشمل النقص المالى، فلا يشمل الدليل مقامنا و هو ما اذا لم يكن النقص الخلقى موجبا للنقص المالى.

و اما النظر في الشق الثانى فلان ما يدل على ضمانه- قبل القبض و في مدة الخيار- على تقدير كونه عيبا هو بعينه دليل على ضمانه، على تقدير عدم كونه عيبا، لصدق التلف، سواء كان عيبا، أم لا، فلا فرق بين العيب و الشرط في ضمان البائع.

(و ربما يستدل لكون الخيار هنا) و هو فيما لا نقص في ماليته و انما النقص في خلقته (خيار العيب) لا خيار الشرط (بما في مرسلة السيارى

ص: 325

الحاكية لقصة ابن ابى ليلى حيث قدم إليه رجل خصما له، فقال: ان هذا باعنى هذه الجارية، فلم اجد على ركبها حين كشفها شعرا، و زعمت انه لم يكن لها قط.

فقال له ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون بهذا بالحيل حتى يذهبوه، فما الّذي كرهت فقال له ايها القاضى ان كان عيبا، فاقض لى به، قال فاصبر حتى اخرج أليك، فانى اجد اذى في بطنى ثم دخل بيته و خرج من

______________________________

الحاكية لقصة ابن ابى ليلى) و كان من قضاة العامة (حيث قدم إليه رجل خصما له، فقال) المدعى (ان هذا) الرجل (باعنى هذه الجارية، فلم اجد على ركبها) اى عورتها- سميّت بذلك لانها تركب- (حين كشفها شعرا و زعمت) الجارية (انه لم يكن لها قط) و هذا عيب لان عدم الشعر يوجب سقوط الموضع عن النظارة و الرونق، بخلاف ما له شعر و يزال بالنورة و نحوها

(فقال له ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون بهذا) الذهاب للشعر (بالحيل حتى يذهبوه) و الحيلة بمعنى العلاج، قال عليه السلام و لا تمكر بى في حيلتك (فما الّذي كرهت) ايها المشترى من عدم شعر على الركبة، و الحال انه امر حسن (فقال له) المشترى (ايها القاضى ان كان) عدم الشعر (عيبا، فاقض لى به) فانى اريد الحكم الشرعى لا الارشاد العرفى (قال) ابن ابى ليلى (فاصبر حتى اخرج أليك، فانى اجد اذى في بطنى) و جعل هذا وسيلة لتهربه عن الجواب، حيث لم يكن يتمكن من ان يجيب بجواب اعتباطى، فانه كان مسئولا عند الناس (ثم دخل بيته، و خرج من

ص: 326

باب آخر، فاتى محمد بن مسلم الثقفى، فقال له: اى شي ء تروون عن ابى جعفر في المرأة لا تكون على ركبها شعر، أ يكون هذا عيبا؟ فقال له محمد ابن مسلم اما هذا نصا فلا اعرفه، و لكن حدثنى ابو جعفر عن ابيه عن آبائه عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: كلما كان في اصل الخلقة فزاد او نقص فهو عيب، فقال له ابن ابى ليلى: حسبك هذا فرجع الى القوم، فقضى لهم بالعيب، فان ظاهر اطلاق الرواية المؤيد بفهم ابن مسلم من حيث نفى نصوصية الرواية في تلك القضية المشعر بظهورها فيها

______________________________

باب آخر، فاتى محمد بن مسلم الثقفى، فقال له: اى شي ء تروون عن ابى جعفر) عليه السلام (فى المرأة لا تكون على ركبها شعر، أ يكون هذا عيبا؟) حتى يوجب الخيار (فقال له محمد بن مسلم اما هذا نصا فلا اعرفه، و لكن) هناك دليل عام يشمل مثل ذلك، فقد (حدثنى ابو جعفر عن ابيه عن آبائه عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: كلما كان في اصل الخلقة فزاد او نقص فهو عيب) فعدم وجود الشعر عيب لانه خلاف اصل الخلقة (فقال له ابن ابى ليلى: حسبك هذا) اى يكفيك فلا احتاج الى المزيد (فرجع الى القوم، فقضى لهم بالعيب).

وجه الاستدلال بهذا الحديث (فان ظاهر اطلاق الرواية المؤيّد بفهم ابن مسلم من حيث نفى نصوصية الرواية في تلك القضية) فان ابن مسلم قال: اما هذا نصا فلا اعرفه (المشعر) لنفى النصوصية (بظهورها) اى الرواية (فيها) اى في تلك القضية- فان فهم ابن مسلم يؤيد الاطلاق و فهمه ناش من قوله: لا نص، اذ قوله: لا نص، يفيد ان الرواية ظاهرة

ص: 327

و فهم ابن ابى ليلى من حيث قوله و عمله، كون مجرد الخروج عن المجرى الطبيعى عيبا و ان كان مرغوبا فلا ينقص لاجل ذلك من عوضه كما يظهر من قول ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون الخ و تقرير المشترى له فى ردّه.

لكن الانصاف عدم دلالة الرواية على ذلك.

اما أولا:

______________________________

فى القضية (و فهم ابن ابى ليلى من حيث قوله) حسبك هذا، اذ لو لا استظهاره لم يكتف (و عمله) حيث حكم للمشترى (كون) خبر «ان ظاهر» (مجرد الخروج عن المجرى الطبيعى عيبا و ان كان) ذلك الخروج (مرغوبا) عند الناس (فلا ينقص لاجل ذلك) الخروج (من عوضه) اى الثمن، و قوله «فلا ينقص» تفريع على «مرغوبا» (كما يظهر من قول ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون الخ) فان ظاهره ان ذلك مرغوب فيه (و تقرير المشترى له في رده) حيث ان ظاهر كلام المشترى: انه مرغوب في نفسه، لكن هو يريد حكمه الشرعى.

(لكن الانصاف عدم دلالة الرواية على ذلك) اى على ان الخيار خيار العيب فيما اذا لم يوجب النقص الخلقى نقصا في المالية.

(اما أولا) فلان ما ذكر من تأييد فهم ابن مسلم، و فهم و عمل ابن ابى ليلى، غير تام، فان المصنف قرب الرواية أولا بان اطلاق الرواية يدل على ان الخروج من المجرى الطبيعى عيب، و ثانيا: لفهم ابن مسلم و ابن ابى ليلى بان الرواية ظاهرة في ان الخروج عن المجرى الطبيعى عيب

ص: 328

فلان ظاهر الحكاية ان رد المشترى لم يكن لمجرد عدم الشعر، بل لكونها فى اصل الخلقة كذلك الكاشف عن مرض في العضو او في اصل المزاج، كما يدل عليه عدم اكتفائه في عذر الرد، بقوله: لم اجد على ركبها شعرا، حتى ضم إليه دعواه انه لم يكن لها قط.

و قول ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون في ذلك حتى يذهبوه، لا يدل على مخالفة المشترى في كشف ذلك عن المرض.

______________________________

(ف) نقول اما التأييد فلا نسلمه (لان ظاهر الحكاية ان رد المشترى لم يكن لمجرد عدم الشعر) فليس العيب لمجرد الخروج عن المجرى الطبيعى، بل لاجل كشف عدم الشعر عن المرض، فلا تدل الرواية على ان كل خروج عن الطبيعة عيب حتى يكون الخيار خيار العيب (بل لكونها فى اصل الخلقة كذلك) اى كون المرأة بلا شعر خلقة (الكاشف عن مرض فى العضو) و هو الركب (او في اصل المزاج) بصورة عامة، و قد ظهر انحراف المزاج في هذا العضو (كما يدل عليه) اى على ان عدم الشعر كاشف عن المرض (عدم اكتفائه) اى المشترى (فى عذر) ه فى (الرد، بقوله: لم اجد على ركبها شعرا، حتى ضم إليه دعواه انه لم يكن لها قط) شعر ليفهم ان عدم الشعر من المرض.

(و قول ابن ابى ليلى ان الناس ليحتالون في ذلك حتى يذهبوه لا يدل) «لا يدل» خبر «قول» و هذا جواب عما ذكره سابقا بقوله «كما يظهر من قول ابن ابى ليلى» (على مخالفة المشترى في كشف ذلك) اى عدم الشعر (عن المرض) حتى اذا كان ابن ابى ليلى مخالفا

ص: 329

و انما هى مغالطة عليه تفصيا عن خصومته لعجزه عن حكمها، و الاحتيال لا ذهاب شعر الركب، لا يدل على ان عدمه في اصل الخلقة شي ء مرغوب فيه، كما ان احتيالهم لا ذهاب شعر الرأس لا يدل على كون عدمه من اصله لقرع او شبهه امرا مرغوبا فيه.

و بالجملة، فالثابت من الرواية هو كون عدم الشعر على الركب مما يقطع او يحتمل كونه لاجل مرض عيبا.

و قد عدّ من العيوب الموجبة

______________________________

للمشترى، دل كلامه على ان الخيار ليس بخيار عيب (و انما هى) قول ابن ابى ليلى- و تأنيث الضمير باعتبار الخبر- و هو (مغالطة عليه) اى على المشترى (تفصيا) و تخلصا (عن خصومته) اى مخاصمة المشترى مع البائع (لعجزه) اى ابن ابى ليلى (عن حكمها) اى حكم الخصومة.

(و) ما ذكره ابن ابى ليلى من (الاحتيال لاذهاب شعر الركب) انما هو تتميم لمغالطته، فان الاحتيال (لا يدل على ان عدمه) اى عدم الشعر (فى اصل الخلقة شي ء مرغوب فيه، كما ان احتيالهم لاذهاب شعر الرأس لا يدل على كون عدمه) اى عدم شعر الرأس (من اصله) خلقة و (لقرع او شبهه امرا مرغوبا فيه).

(و بالجملة، ف) نقول في رد التأييد ان (الثابت من الرواية هو كون عدم الشعر على الركب) اذا كان عدمه (مما يقطع او يحتمل كونه لاجل مرض) لا فيما اذا علمنا انه ليس لاجل المرض (عيبا) خبر «كون».

(و) كيف لا يكون ذلك عيبا و الحال انه (قد عدّ من العيوب الموجبة

ص: 330

للارش ما هو ادون من ذلك.

و أما ثانيا: فلان قوله عليه السلام: فهو عيب، انما يراد به بيان موضوع العيب توطئة لثبوت احكام العيب له.

______________________________

للارش ما هو ادون من ذلك) فتبين ان ليس ظاهر الرواية ان مجرد الخروج من المجرى الطبيعى عيب- اذ الرواية تقول ان الخروج المسبب عن المرض عيب-.

و لذا يحتمل ان الخيار في العيب الّذي لا يوجب نقص الماهية هو خيار الشرط، لا خيار العيب.

(و أما ثانيا: فلان) الظاهر من الرواية ان للمشترى الرد، اما انه من باب خيار العيب او خيار تخلف الشرط، فلا دلالة في الرواية على ذلك، فما تقدم من ان ظاهر الرواية ان الرد لاجل خيار العيب غير تام.

فان (قوله عليه السلام: فهو عيب، انما يراد به بيان موضوع العيب توطئة) و مقدمة (لثبوت احكام العيب له) و حكم العيب هو الرد، اما باقى احكام العيب فلا ظهور في الرواية بالنسبة إليها.

و الحاصل ان هذا العيب الّذي لا يوجب نقص القيمة، ليس للمشترى الا رده، اما كل احكام العيب فهى تترتب على العيب المنقص للقيمة.

و الحاصل ليس المراد بقوله عليه السلام «عيب» الا «ان له الرد» و الرد يلائم العيب، كما لا يلائم الشرط، فلا دلالة في الرواية على خيار العيب.

ص: 331

و الغالب الشائع المتبادر في الاذهان هو رد المعيوب.

و لذا اشتهر كل معيوب مردود، و اما باقى احكام العيب و خياره مثل عدم جواز رده بطروّ موانع الرد بخيار العيب و كونه مضمونا على البائع قبل القبض و في مدة الخيار، فلا يظهر من الرواية ترتبها على العيب، فتأمل.

و أما ثالثا: فلان الرواية لا تدل على الزائد

______________________________

و لا يخفى ان بعض المعلقين ذكروا في تفسير كلام الشيخ معنى آخر لكن الراجح هو ما ذكرناه بقرينة قول الشيخ- توطئة-.

فذكر العيب توطئة لبيان «حكم الرد».

(و) ذلك لان (الغالب الشائع المتبادر في الاذهان هو رد المعيوب).

(و لذا) الّذي ان الرد هو الشائع فقط (اشتهر) فى الالسنة (كل معيوب مردود، و اما باقى احكام العيب) التى يريد اثباتها القائل بان الخيار خيار عيب (و خياره) عطف على «احكام» (مثل عدم جواز رده) اى المعيوب (ب) سبب (طروّ موانع الرد بخيار العيب) «بخيار» متعلق ب «رده» (و كونه مضمونا على البائع قبل القبض و في مدة الخيار، فلا يظهر من الرواية ترتبها على العيب) الّذي لا ينقص القيمة (فتأمل) فان كون لفظ العيب في الرواية من باب التوطئة خلاف الظاهر، بل الظاهر انه ذكر لثبوت احكام العيب عليه مطلقا من الرد و غيره.

(و أما ثالثا: ف) لا اطلاق في الرواية (لان الرواية لا تدل على الزائد

ص: 332

عما يدل عليه العرف لان المراد بالزيادة و النقيصة على اصل الخلقة ليس مطلق ذلك قطعا فان زيادة شعر رأس الجارية أو حدة بصر العبد، او تعلمهما للصنعة و الطبخ، و كذا نقص العبد بالختان، و حلق الرأس ليس عيبا قطعا فتعين ان يكون المراد بها الزيادة و النقيصة الموجبتين لنقص في الشي ء

______________________________

عما يدل عليه العرف) من كون المراد بالزائد و الناقص، ما كان موجبا لنقص المالية (لان المراد بالزيادة و النقيصة على اصل الخلقة ليس مطلق ذلك قطعا) حتى يشمل غير المنقص للمالية (فان زيادة شعر رأس الجارية) فى الطول، لا الزيادة في موضع الاثبات (او حدة بصر العبد او تعلمهما للصنعة و الطبخ).

المثالان الاولان للزيادة الجسمية و المثالان الاخير ان للزيادة النفسية (و كذا نقص العبد بالختان، و حلق الرأس) و نقص الجارية بالخفض او بثقب الاذن (ليس عيبا قطعا).

و الحاصل ان الزيادة و النقصان لهما اطلاقات ثلاثة.

الاول: ما كان موجبا لنقص القيمة.

الثانى: ما كان زيادة و نقصا و لكن لا في القيمة.

الثالث: ما لا يعد زيادة و نقصا اصلا.

و حيث ان الثالث ليس بمراد، دار الامر بين الاطلاق و بين إرادة خصوص الاول، و العرف يفهم من العبارة خصوص الاول (فتعين ان يكون المراد بها) اى بالرواية (الزيادة و النقيصة الموجبتين لنقص في الشي ء) نقصا

ص: 333

من حيث الآثار و الخواص المترتبة عليه.

و لازم ذلك نقصه من حيث المالية لان المال المبذول في مقابل الاموال بقدر ما يترتب عليها من الآثار و المنافع.

و اما رابعا: فلانا لو سلمنا مخالفة الرواية للعرف في معنى العيب فلا تنهض لرفع اليد بها عن العرف المحكم في مثل ذلك لو لا النص المعتبر، لا مثل هذه الرواية الضعيفة بالارسال، فافهم.

______________________________

(من حيث الآثار و الخواص المترتبة عليه).

(و لازم ذلك) النقص من حيث الخواص و الآثار (نقصه من حيث المالية) للتلازم بين الامرين (لان المال المبذول في مقابل الاموال) انما هو (بقدر ما يترتب عليها) اى على تلك المثمنات (من الآثار و المنافع) فكلما كان اثر الشي ء اكثر يكون ثمنه اكثر.

(و اما رابعا: فلانا لو سلمنا مخالفة الرواية للعرف) و ان المراد بالرواية الاطلاق بحيث تشمل حتى النقص الّذي لا يوجب نقصا في الثمن (فى معنى العيب) بان يريد العرف من العيب: العيب المنقص، و الرواية تشمل حتى العيب غير المنقص (فلا تنهض) الرواية (لرفع اليد بها عن العرف المحكم في مثل ذلك) لان الادلة الدالة على خيار العيب انما تقول بالخيار فيما يسميه العرف عيبا، لان المرجع في الموضوعات العرف، فاذا جاءت رواية بتعميم العيب لم يكن ان يؤخذ بها (لو لا النص المعتبر، لا مثل هذه الرواية الضعيفة بالارسال) خصوصا و السيارى ضعيف كما ذكره علماء الرجال (فافهم) فان الرواية مجبورة كما ذكره بعض

ص: 334

و قد ظهر مما ذكرنا ان الاولى في تعريف العيب ما في التحرير و القواعد: من انه نقص في العين او زيادة فيها يقتضي النقيصة الماليّة فى عادات التجار.

و لعله المراد بما في الرواية كما عرفت و مراد كل من عبّر بمثلها.

و لذا قال في التحرير بعد ذلك: و بالجملة كلما زاد او نقص عن اصل الخلقة، و القيد الاخير

______________________________

العلماء.

(و قد ظهر مما ذكرنا) فى تضعيف اطلاق العيب على ما لا يوجب نقص المالية (ان الاولى في تعريف العيب ما في التحرير و القواعد: من انه) اى العيب (نقص في العين او زيادة فيها يقتضي النقيصة المالية فى عادات التجار) و ان كان يرد على ذلك انه لم يذكر النقص في نفس العبد كالجنون مثلا، او في جهة خارجة كزيادة خراج الارض، او كون العبد جانيا، فتأمل.

(و لعله المراد بما في الرواية) اى رواية السيارى المتقدمة (كما عرفت) وجه تطبيق الرواية على هذا المعنى بانه لا اطلاق لها (و) لعله أيضا (مراد كل من عبّر بمثلها) اى بمثل هذه العبارة.

(و لذا قال في التحرير بعد ذلك) التعريف للعيب (و بالجملة كلما زاد او نقص عن اصل الخلقة) فانه جعل هذه العبارة مرادفة للعبارة السابقة التى ذكر فيها نقص المالية مما يدل على ان من اطلق و لم يذكر نقص المالية، مراده أيضا نقص المالية (و القيد الاخير) المذكور فى

ص: 335

لادراج النقص الموجب لبذل الزائد لبعض الاغراض، كما قد يقال ذلك فى العبد الخصى.

و لا ينافيه ما ذكره في التحرير: من ان عدم الشعر على العانة عيب فى العبد و الامة لانه مبنى على ما ذكرنا في الجواب الاول عن الرواية من ان ذلك كاشف او موهم لمرض في العضو او المزاج.

______________________________

القواعد و التحرير- من قوله: فى عادات التجار- (لادراج النقص الموجب لبذل الزائد لبعض الاغراض كما قد يقال ذلك في العبد الخصىّ) فانه خارج من تعريف النقص المتقدم، لانه لم يوجب نقصا في المالية، و فى بعض النسخ «لادراج» و المراد به- حينئذ- ان بذل بعض الناس للزيادة لا يوجب كون عادات التجار كذلك، لان عادتهم أيضا عدم بذل الثمن الكامل و انما يبذلون ثمنا قليلا لانه ناقص فمثل هذا العيب أيضا داخل في العيب الموجب للخيار، و ان بذل بعض التجار الزيادة او المساواة.

(و لا ينافيه) اى لا ينافى ما ذكرناه من ان مرادهم بالعيب هو العيب الموجب لنقص المالية (ما ذكره في التحرير: من ان عدم الشعر على العانة عيب في العبد و الامة) مع انه ربما لا يوجب نقص المالية.

و انما لا ينافى (لانّه) اى كونه عيبا (مبنى على ما ذكرنا في الجواب الاول عن الرواية) لا مطلق عدم الشعر- حتى لا يوجب نقص المالية- (من ان ذلك) اى عدم الشعر (كاشف او موهم لمرض في العضو او المزاج) العام.

و من المعلوم ان وهم المرض أيضا يوجب نقص المالية، و لذا

ص: 336

لا على انه لا يعتبر في العيب النقيصة المالية.

و في التذكرة بعد اخذ نقص المالية في تعريف العيب، و ذكر كثير من العيوب و الضابط انه يثبت الرد بكل ما في المعقود عليه من منقص القيمة او العين نقصا يفوت به غرض صحيح بشرط ان يكون الغالب في امثال المبيع عدمه، انتهى كلامه، و ما احسنه حيث لم يجعل ذلك تعريفا للعيب بل لما يوجب الرد.

______________________________

فالحيوان الموهم انه مريض يكون انقص قيمة من الحيوان الّذي ليس فيه هذا الوهم (لا) عطف على «مبنى» (على انه لا يعتبر في العيب النقيصة المالية) بان يقال: بان عدم الشعر لا يوجب نقص المالية.

(و) يؤيد ما ذكرناه من اشتراط نقص المالية ما (فى التذكرة) فانه (بعد اخذ نقص المالية في تعريف العيب، و ذكر كثير من العيوب) قال:

(و الضابط انه يثبت الرد بكل ما في المعقود عليه من منقص القيمة او العين) و ان لم يكن نقص في القيمة لكن يجب ان يكون (نقصا يفوت به غرض صحيح) من اغراض العقلاء (بشرط ان يكون الغالب في امثال المبيع عدمه) اما اذا كان الغالب وجوده كالثيبوبة في الاماء فلا يوجب الرد (انتهى كلامه، و ما احسنه حيث لم يجعل ذلك) الضابط (تعريفا للعيب، بل لما يوجب الرد).

اذ لو جعله تعريفا للعيب لزم ان يكون منقص العين الّذي لا يوجب نقصا في القيمة أيضا داخلا في المعيب.

و قد عرفت ان نقص العين بدون نقص القيمة خارج عن الادلة

ص: 337

فيدخل فيه مثل خصاء العبد كما صرح به في التذكرة، معللا بان الغرض قد يتعلق بالفحولة و ان زادت قيمته باعتبار آخر، و قد دخل المشترى على ظن السلامة، انتهى.

و يخرج منه مثل الثيبوبة و الغلفة في المجلوب.

و لعل من عمّم العيب لما لا يوجب نقص المالية كما في المسالك و عن جماعة اراد به مجرد موجب الردّ، لا العيب

______________________________

(فيدخل فيه) اى في ضابط الرد (مثل خصاء العبد) و ان لم يوجب نقص القيمة (كما صرح به في التذكرة) بانه عيب يوجب الرد (معللا بان الغرض قد يتعلق بالفحولة) لاجل الضراب و نحوه (و ان زادت قيمته) اى الخصىّ (باعتبار آخر) لانه اسمن، او يمكن الاعتماد عليه في دخوله حرم النساء او ما اشبه (و قد دخل المشترى) فى البيع (على ظن السلامة) فكانه شرط اذا تخلف كان له الخيار (انتهى) كلام التذكرة.

(و يخرج منه) اى من كلام العلامة في التذكرة حيث قال «بشرط ان يكون الغالب في امثال المبيع عدمه» (مثل الثيبوبة و الغلفة فى المجلوب) فلا يوجب هذا العيب ردّا، لانه ليس عدمه غالبا فلم يشتريهما المشترى على انها بكر، او انه مختون.

(و لعل من عمّم العيب لما لا يوجب نقص المالية كما في المسالك و عن جماعة) نقله أيضا، حيث ان كلامهم يوجب ان الخصى ان نحف فهو معيوب- على خلاف ما رجحناه و ذكره التذكرة من اختصاص العيب بما يوجب نقص المالية- (اراد به) اى بالعيب (مجرد موجب الرد لا العيب)

ص: 338

الّذي يترتب عليه كثير من الاحكام كسقوط خياره بتصرف، او حدوث عيب او غير ذلك.

و عليه يبنى قول جامع المقاصد- كما عن تعليق الارشاد- حيث ذكر ان اللازم تقييد قول العلامة يوجب نقص المالية بقوله غالبا ليندرج مثل الخصاء و الجبّ.

______________________________

حقيقة (الّذي يترتب عليه كثير من الاحكام كسقوط خياره) اى المشترى (بتصرف) فى المعيب (او حدوث عيب) آخر عنده بالإضافة الى العيب الّذي كان عند البائع (او غير ذلك).

و الحاصل ان العيب الموجب لترتب كل احكام العيب هو العيب المنقص للقيمة.

اما ما لا ينقص القيمة- بل كان نقصا في العين فقط- فانه يوجب الرد فقط، فاذا اشترى خصيّا كان له حق الرد و ان تصرف فيه او حدث عنده فيه عيب جديد.

اما اذا اشترى عبدا اعور فليس له ان يرده اذا تصرف فيه او حدث فيه عيب جديد عند المشترى.

(و عليه) اى على ان المراد العيب الموجب للرد فقط، لا العيب الّذي له كل الاحكام (يبنى قول جامع المقاصد- كما عن تعليق الارشاد-) نقله (حيث ذكر ان اللازم تقييد قول العلامة) فى تعريف العيب بما (يوجب نقص المالية) تقييده (بقوله غالبا) قال: و انما قيدنا كلام العلامة ب «غالبا» (ليندرج) فى كلام العلامة (مثل الخصاء و الجبّ)

ص: 339

لان المستفاد من ذكر بعض الامثلة ان الكلام في موجبات الرد لا خصوص العيب.

و يدل على ذلك انه قيد كون عدم الختان في الكبير المجلوب من بلاد الشرك ليس عيبا بعلم المشترى بجلبه، اذ ظاهره انه مع عدم العلم عيب فلو لا انه اراد بالعيب مطلق ما يوجب الرد لم يكن معنى لدخل علم المشترى و جهله في ذلك.

______________________________

فان جامع المقاصد انما قيد هذا القيد ليدخل الخصاء في موجبات الرد لا لانه عيب بحيث يترتب عليه كل احكام العيب، و انما قلنا «و عليه يبنى قول جامع المقاصد» (لان المستفاد من ذكر بعض الامثلة) فى جامع المقاصد (ان الكلام في موجبات الرد) و قد عرفت انه اعم مما يوجب نقص المالية، أم لا (لا خصوص العيب) الّذي له احكام كثيرة و من جملتها الرد.

(و يدل على ذلك) اى على ان كلام جامع المقاصد في موجبات الرد فقط، لا في العيب الّذي له احكام (انه قيد: كون عدم الختان في الكبير المجلوب من بلاد الشرك ليس عيبا) قيّده (بعلم المشترى بجلبه) من تلك البلاد، و انما كان هذا القيد دليلا على ما ذكرناه (اذ ظاهره انه مع عدم العلم) بجلبه من بلاد الشرك (عيب) فالقيد بالعلم لاجل تصنيف العيب الى صنفين، صنف يوجب كل الاحكام، و صنف يوجب الرد فقط (فلو لا انه) اى ان جامع المقاصد (اراد بالعيب مطلق ما يوجب الرد) و ان لم يوجب سائر الاحكام (لم يكن معنى لدخل علم المشترى و جهله في ذلك) فان الغلفة عيب سواء علم او لم يعلم فمراده من انه ليس بعيب في صورة العلم انه لا يوجب الرد، فتأمّل.

ص: 340

الكلام فى بعض افراد العيب
مسألة: لا اشكال و لا خلاف في كون المرض عيبا،

و اطلاق كثير و تصريح بعضهم، يشمل حمّى يوم بان يجده في يوم البيع قد عرض له الحمى، و ان لم يكن نوبة له في الاسبوع.

قال في التذكرة: الجذام و البرص و العمى و العور و العرج و القرن و الفتق و الرتق و القرع و الصمم و الخرس عيوب اجماعا و كذا انواع المرض، سواء استمر كما في الممراض او كان عارضا و لو حمى يوم، و الإصبع

______________________________

(الكلام في بعض افراد العيب) الّذي صار محلا للكلام، او ورد فيه الدليل.

(مسألة: لا اشكال و لا خلاف في كون المرض عيبا) يوجب الفسخ و الارش (و اطلاق كثير و تصريح بعضهم، يشمل حمّى يوم بان يجده) المشترى (فى يوم البيع قد عرض له الحمّى، و ان لم يكن نوبة له في الاسبوع) او في اقل او اكثر من ذلك.

(قال في التذكرة: الجذام و البرص و العمى و العور) و هو عمى فى احدى العينين (و العرج و القرن) و هو العظم او اللحم النابت فى الفرج (و الفتق) فى الرجل او المرأة (و الرتق) و هو ضيق فرج المرأة (و القرع) و هو عدم الشعر في بعض مواضع الرأس بسبب المرض (و الصمم و الخرس عيوب اجماعا و كذا انواع المرض، سواء استمر كما في الممراض) الّذي له ضعف يهيأه للمرض دائما (او كان عارضا و لو حمى يوم، و الإصبع

ص: 341

الزائدة و الحول و الحوص و السيل و استحقاق القتل في الردة او القصاص و القطع بالسرقة، او الجناية و الاستسعاء في الدين عيوب اجماعا.

ثم ان عدّ حمى اليوم المعلوم كونها حمى يوم يزول في يومه و لا يعود مبنى على عدّ موجبات الردّ، لا العيوب الحقيقية لان ذلك ليس منقصا للقيمة

______________________________

الزائدة و الحول) و هو انحراف خاص في العين (و الحوص) و هو ضيق فى مؤخر العين (و السيل) و هو زيادة في الاجفان (و استحقاق القتل فى الردة) فيما اذا ارتد العبد المسلم (او القصاص) بان كان قد قتل انسانا عمدا (و) استحقاق (القطع بالسرقة، او) استحقاق القتل او القطع بسبب (الجناية) كما في الزانى المحصن او قاطع يد الناس مثلا (و الاستسعاء في الدين) كما اذا كان مديونا مكلفا بان يسعى في اداء دينه فكل هذه المذكورات (عيوب اجماعا) انتهى كلام التذكرة.

(ثم ان عد حمى اليوم المعلوم كونها حمى يوم يزول في يومه و لا يعود مبنى على عدّ موجبات الرد) و ان لم تكن عيوبا توجب احكام العيب (لا العيوب الحقيقة لان ذلك) و هو حمى يوم (ليس منقصا للقيمة).

و قد عرفت ان الميزان في ترتب كل احكام العيب نقص القيمة.

ثم ان العلامة لم يذكر العيوب النفسية كالجبن الزائد، و التهور، و الحسد، و ما اشبه، مع ان الظاهر انها أيضا داخلة في العيب بكلا المعنيين.

ص: 342

مسئلة الحبل عيب في الاماء،

كما صرح به جماعة، و في المسالك الاجماع عليه في مسألة رد الجارية الحامل بعد الوطي.

و يدل عليه الاخبار الواردة في تلك المسألة.

و علّله في التذكرة باشتماله على تغرير النفس لعدم يقين السلامة بالوضع هذا، مع عدم كون الحمل للبائع، و الا فالامر اوضح.

______________________________

(مسألة: الحبل عيب في الاماء) فيما اذا لم يكن من المولى، و الا فالبيع باطل (كما صرح به جماعة، و في المسالك الاجماع عليه في مسألة رد الجارية الحامل بعد الوطي) و ستأتى هذه المسألة.

(و يدل عليه) اى على ان الحبل عيب (الاخبار الواردة في تلك المسألة).

(و علّله في التذكرة) و هذا دليل ثان بالإضافة الى الاجماع المتقدم (باشتماله على تغرير النفس) و ذلك (لعدم يقين السلامة) للام (بالوضع) فان بعض النساء يهلكن في حال الولادة، و قد نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن الغرر (هذا، مع عدم كون الحمل للبائع، و الا فالامر اوضح) لانه من بيع أمّ الولد، و ذلك باطل كما تقدم.

اللهم الا اذا كان من موارد جواز بيع أمّ الولد.

و حينئذ لا فرق بين أمّ الولد و غيرها من جهة العيب كما لا يخفى.

ص: 343

و يؤيده عجز الحامل عن كثير من الخدمات، و عدم قابليتها للاستيلاد الا بعد الوضع.

اما في غير الاماء من الحيوانات، ففى التذكرة انه ليس بعيب و لا يوجب الردّ، بل ذلك زيادة في المبيع ان قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل، كما هو مذهب الشيخ.

و قال بعض الشافعية يرد به و ليس بشي ء، انتهى.

و رجح المحقق الثانى كونه عيبا، و ان قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل لانه و ان كان زيادة من وجه

______________________________

(و يؤيده) و هذا دليل ثالث لكون الحمل عيبا (عجز الحامل عن كثير من الخدمات، و عدم قابليتها للاستيلاد) الّذي يريده المشترى (الا بعد الوضع) هذا في حمل الجارية.

(اما) الحمل (فى غير الاماء من الحيوانات، ف) هل هو عيب أم لا؟ قال (فى التذكرة انه ليس بعيب و لا يوجب الرد، بل ذلك) الحمل (زيادة فى المبيع) كما اذا اشترى منّا من الحنطة، فكان مقدار من و نصف (ان قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل، كما هو مذهب الشيخ) حيث يرى ان الحمل تبع فهو داخل في بيع الحامل.

(و قال بعض الشافعية يرد) الحيوان (به) اى بالحمل (و ليس) كلامه (بشي ء، انتهى) كلام التذكرة.

(و رجح المحقق الثانى كونه عيبا، و ان قلنا بدخول الحمل في بيع الحامل) فتفصيل الشيخ لا وجه له (لانه و ان كان زيادة من وجه) لانه

ص: 344

الا انه نقيصة من وجه آخر لمنع الانتفاع بها عاجلا، و لانه لا يؤمن عليها من اداء الوضع الى الهلاك.

و الاقوى على قول الشيخ ما اختاره في التذكرة لعدم النقص فى المالية بعد كونه زيادة من وجه آخر.

و اداء الوضع الى الهلاك نادر في الحيوانات لا يعبأ به.

نعم عدم التمكن من بعض الانتفاعات، نقص يوجب الخيار دون الارش

______________________________

يحصل على ولد (الا انه نقيصة من وجه آخر، لمنع الانتفاع بها عاجلا) اذ لا تتمكن الحامل من الكرب و السقى و الركوب عليها، و عدم اعطاء اللبن و غير ذلك من انحاء الانتفاعات و لو في بعض اوقات الحمل (و لانه لا يؤمن عليها من اداء الوضع الى الهلاك) و هذا نوع من النقص عند العقلاء، هذا.

(و) لكن (الاقوى) عند المصنف «ره» بناء (على قول الشيخ) من ان الحمل للمشترى (ما اختاره في التذكرة) من انه ليس بعيب يوجب الرد (لعدم النقص في المالية بعد كونه زيادة من وجه آخر).

و قد عرفت رأى المصنف بان النقص في المالية هو ميزان العيب.

(و) اما استدلاله باداء الوضع الى الهلاك.

ففيه ان (اداء الوضع الى الهلاك نادر في الحيوانات لا يعبأ به) عند العرف، فلا يعد ذلك عيبا عرفا.

(نعم عدم التمكن من بعض الانتفاعات، نقص يوجب الخيار دون الارش) لعدم نقص في القيمة.

ص: 345

كوجدان العين مستأجرة.

و كيف كان، فمقتضى كون الحمل عيبا في الاماء انه لو حملت الجارية المعيبة عند المشترى لم يجز ردّها، لحدوث العيب في يده سواء نقصت بعد الولادة أم لا، لان العيب الحادث مانع، و ان زال على ما تقدم من التذكرة.

و في التذكرة

______________________________

فحال عدم التمكن (كوجدان العين مستأجرة) حيث يوجب الرد دون الارش.

(و كيف كان ف) الاقوال في المسألة ثلاثة 1- ان الحمل عيب مطلقا 2- و انه ليس بعيب مطلقا 3- و انه ان كان للبائع، فهو عيب و ان كان للمشترى فليس بعيب.

ثم ان (مقتضى الحمل عيبا في الاماء انه لو حملت الجارية المعيبة) عند البائع، و حملت (عند المشترى لم يجز ردها، لحدوث العيب) الّذي هو الحمل (فى يده) اى يد المشترى.

و قد تقدم ان العيب الجديد عند المشترى يوجب اسقاط الرد بالعيب القديم لدى البائع (سواء نقصت) الام (بعد الولادة أم لا) فان نفس الحمل عيب (لان العيب الحادث مانع، و ان زال على ما تقدم من التذكرة) فزواله لا يؤثر في رجوع الخيار.

(و) لكن (فى) موضع آخر من (التذكرة) التفصيل بين زوال الحمل و بين بقائه- و هذا مخالف لكلامه السابق-.

ص: 346

لو كان المعيب جارية معيبة فحبلت و ولدت في يد المشترى، فان نقصت بالولادة سقط الرد بالعيب القديم و كان له الارش و ان لم تنقص فالاولى جواز ردها وحدها، من دون الولد، الى ان قال: و كذا حكم الدابة لو حملت عند المشترى و ولدت، فان نقصت بالولادة فلا رد، و ان لم تنقص ردها دون ولدها، لانه للمشترى، انتهى.

و في مقام آخر: لو اشترى جارية حائلا او بهيمة حائلا فحبلت ثم اطلع على عيب، فان نقصت بالحمل، فلا رد ان كان الحمل في يد المشترى و به قال

______________________________

قال (لو كان المعيب جارية معيبة فحبلت و ولدت في يد المشترى، فان نقصت بالولادة) بهزال او مرض او ما اشبه (سقط الرد بالعيب القديم) لاسقاط العيب له (و كان له) اى للمشترى (الارش) ان كان العيب القديم مما يوجب الارش (و ان لم تنقص) بالولادة (فالاولى جواز ردها وحدها من دون الولد) لان الولد حصل في ملك المشترى (الى ان قال: و كذا حكم الدابة لو حملت عند المشترى و ولدت، فان نقصت بالولادة فلا رد) لانه عيب جديد يمنع الرد بالعيب القديم (و ان لم تنقص ردها دون ولدها، لانه) اى الولد (للمشترى، انتهى) كلام التذكرة.

(و) قال (فى مقام آخر: لو اشترى جارية حائلا او بهيمة حائلا، فحبلت، ثم اطلع) المشترى (على عيب) فيها، مضمون على البائع، حيث انه كان قبل العقد او حدث قبل القبض (فان نقصت) الجارية او الدابة (بالحمل، فلا رد ان كان الحمل في يد المشترى) «ان كان» تأكيد لقوله «لو اشترى جارية حائلا» (و به قال

ص: 347

الشافعى، و ان لم تنقص او كان الحمل في يد البائع فله الرد، انتهى.

و في الدروس لو حملت احداهما يعنى الجارية و البهيمة عند المشترى لا بتصرفه فالحمل له، فان فسخ رد الام ما لم تنقص بالحمل او الولادة.

و ظاهر القاضى ان الحمل عند المشترى يمنع الرد، لانه اما

______________________________

الشافعى) انه لا رد في هذه الصورة (و ان لم تنقص) بالحمل في يد المشترى (او) لم تحمل في يد المشترى اصلا، بان (كان الحمل في يد البائع) و ان نقص (فله الرد، انتهى).

و الحاصل: ان الصور اربع لان الحمل اما في يد البائع، و اما في يد المشترى.

و على كل حال، اما ان ينقص بعد الولادة أم لا، ففى ثلاث صور منها ترد- و هى ما اذا حملت في يد البائع و نقصت، و ما اذا حملت في يد البائع و لم تنقص، و ما اذا حملت في يد المشترى و لم تنقص- و في صورة منها لا ترد- و هى ما اذا حملت في يد المشترى و نقصت-.

(و في الدروس لو حملت احداهما يعنى الجارية و البهيمة عند المشترى لا بتصرفه) اذ لو كان الحمل بتصرف المشترى كان التصرف مسقطا للخيار- كما تقدم في مسقطات الخيار- (فالحمل له) اى للمشترى لانه حاصل في ملكه (فان فسخ) المشترى (رد الام) وحدها، و انما له الفسخ (ما لم تنقص بالحمل او الولادة) و الا فالنقص مانع من الرّد.

(و ظاهر القاضى ان الحمل عند المشترى يمنع الرد) مطلقا (لانه اما

ص: 348

بفعله او اهمال المراعات حتى ضربها الفحل، و كلاهما تصرف، انتهى.

لكن صرح في المبسوط باستواء البهيمة و الجارية في انه اذا حملت احداها عند المشترى و ولدت و لم تنقص بالولادة، فوجد فيها عيبا رد الام دون الولد.

و ظاهر ذلك كله- خصوص نسبة منع الرد الى خصوص القاضى و خصوصا مع استدلاله على المنع بالتصرف لا حدوث العيب- تسالمهم على ان الحمل الحادث عند المشترى في الامة ليس في نفسه عيبا، بل العيب هو النقص الحادث بالولادة،

______________________________

بفعله او اهمال المراعات) للمبيع (حتى ضربها الفحل) و احبلها (و كلاهما تصرف) لان الاهمال المنتهى الى ذلك نوع من التصرف (انتهى).

(لكن صرح في المبسوط باستواء البهيمة و الجارية في انه اذا حملت احداهما عند المشترى و ولدت و لم تنقص بالولادة فوجد) المشترى (فيها عيبا، رد الام دون الولد).

(و ظاهر ذلك كله) اى العبارات التى نقلناها من الفقهاء (- خصوص نسبة منع الرد الى خصوص القاضى) مما يدل على ان سائر العلماء لا يقولون بالمنع، بل يقولون بجواز الرد (و خصوصا مع استدلاله) اى القاضى (على المنع) عن الرد (بالتصرف) كما تقدم في كلامه (لا حدوث العيب-) فلم يقل القاضى، لان الحمل عيب (تسالمهم على ان الحمل الحادث عند المشترى في الامة ليس في نفسه عيبا، بل العيب هو النقص الحادث بالولادة) اى حدث بسبب الولادة نقص من هزال

ص: 349

و هذا مخالف للاخبار المتقدمة في رد الجارية الحامل الموطوءة من عيب الحبل، و للاجماع المتقدم عن المسالك، و تصريح هؤلاء يكون الحبل عيبا يرد منه لاشتماله على التغرير بالنفس، و الجمع بين كلماتهم مشكل خصوصا بملاحظة العبارة الاخيرة المحكية عن التذكرة من اطلاق كون الحمل عند البائع عيبا، و ان لم ينقص، و عند المشترى بشرط النقص من غير فرق بين الجارية و البهيمة، مع ان ظاهر العبارة الاولى

______________________________

او افضاء او مرض او ما اشبه (و هذا) التسالم (مخالف للاخبار المتقدمة فى رد الجارية الحامل الموطوءة) و هى التى وطئها المشترى، ردا (من) جهة (عيب الحبل) حتى ان وطى المشترى لم يسقط الخيار الناشئ من الحبل، فكان الحمل عيب كبير (و للاجماع المتقدم عن المسالك، و) ل (تصريح هؤلاء بكون الحبل عيبا يرد منه) فاذا اشترى جارية و وجدها حاملا ردها، لان الحمل عيب.

و عللوا ذلك بقولهم: (لاشتماله على التغرير بالنفس) لاحتمال هلاك الحامل عند الولادة (و الجمع بين كلماتهم مشكل) حيث يظهر منهم مرة ان الحمل ليس بعيب، و مرة ان الحمل عيب (خصوصا بملاحظة العبارة الاخيرة المحكية عن التذكرة من اطلاق كون الحمل عند البائع عيبا، و ان لم ينقص) بالولادة (و عند المشترى بشرط النقص) مما تدل على ان الحمل بنفسه عيب (من غير فرق بين الجارية و البهيمة) كما صرح بذلك التذكرة (مع ان ظاهر العبارة الاولى) التى نقلناها عن التذكرة بقولنا:

و اما في غير الاماء من الحيوانات، ففى التذكرة انه ليس بعيب و لا يوجب

ص: 350

كالتحرير و القواعد الفرق، فراجع.

قال في القواعد: لو حملت غير الامة عند المشترى من غير تصرف فالاقرب ان للمشترى الردّ بالعيب السابق، لان الحمل زيادة، انتهى.

و هذا بناء منه ان الحمل ليس عيبا في غير الامة.

______________________________

الرد، فان هذه العبارة صريحة في الفرق، حيث انه صرح قبل ذلك بكون الحمل في الاماء عيبا يوجب الرد، ثم صرح بانه في غير الاماء ليس بعيب (ك) عبارة (التحرير و القواعد الفرق) بين الحمل في الحيوان، و الحمل في الامة، و انه في الحيوان ليس بعيب و في الامة عيب (فراجع)

ثم ان قول المصنف «مع ان» خارج عن موضوع الكلام، اذ موضوع الكلام التنافى بين كلامى الفقهاء، بان الحبل عيب، و انه ليس بعيب.

و قوله «مع ان» لبيان تناف آخر في كلام العلامة بالذات لانه مرة جعل حبل الحيوان عيبا، و مرة قال بان حبل الحيوان ليس بعيب.

ثم اشار المصنف الى سائر كلمات الفقهاء في باب الحبل مما يدل على التنافى بين جعلهم الحمل تارة عيبا، و تارة ليس بعيب بقوله: (قال فى القواعد: لو حملت غير الامة عند المشترى من غير تصرف) من المشترى فى هذا الحمل- فلا يكون تصرفا حتى يكون مسقطا للخيار- (فالاقرب ان للمشترى الرد بالعيب السابق، لان الحمل) ليس بنقص حتى يوجب اسقاطه لخيار العيب، بل (زيادة) و الزيادة لا تسقط الخيار (انتهى) كلام القواعد.

(و هذا بناء منه) اى من العلامة على (ان الحمل ليس عيبا في غير الامة)

ص: 351

و في الايضاح ان هذا بناء على قول الشيخ في كون الحمل تابعا للحامل، فى الانتقال ظاهر.

و اما عندنا فالاقوى ذلك، لانه كالثمرة المتجددة على الشجرة و كما لو اطارت الريح ثوبا للمشترى في الدار المبتاعة، و الخيار له فلا يؤثر.

______________________________

(و) قال: (فى الايضاح ان هذا) الكلام من العلامة (بناء على قول الشيخ في كون الحمل تابعا للحامل في الانتقال) اى انتقال الحمل الى البائع اذا ردّ المشترى الحامل (ظاهر) اذ لم تنقص الحامل عند المشترى، بل زادت و رجعت الى البائع مع الزيادة.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 13، ص: 352

(و اما عندنا) حيث لا نقول بالانتقال، بل نقول بان الحمل للمشترى لانه تحقق في ملكه فاذا رد المشترى الحامل كانت الحامل للبائع و الحمل للمشترى (فالاقوى) أيضا (ذلك) اى ان الحمل عند المشترى لا يمنع من الرد بالعيب القديم (لانه كالثمرة المتجددة على الشجرة) فان المشترى اذا وجد بالشجرة عيبا سابقا و قد اثمرت عنده، لم يمنع الثمر رد المشترى، فاذا رد كانت الشجرة للبائع، و الثمرة المتجددة للمشترى (و كما لو اطارت الريح ثوبا للمشترى في الدار المبتاعة و) الحال ان (الخيار له) اى للمشترى (فلا يؤثر) فى ابطال الخيار، فانه اذا اشترى المشترى دارا و كان له فيها الخيار، ثم اطارت الريح ثوبا للمشترى الى الدار لم يبطل وقوع الثوب في الدار خياره، لانه ليس بتصرف، و ان كان الثوب له و كذا الحال في الثمرة المتجددة.

ص: 352

و يحتمل عدمه لحصول خطر ما و لنقص منافعها فانها لا تقدر على الحمل العظيم، انتهى.

و مما ذكرنا ظهر الوهم فيما نسب الى الايضاح، من ان ما قربه فى القواعد مبنى على قول الشيخ من دخول الحمل في بيع الحامل.

نعم ذكر في جامع المقاصد ان ما ذكره المصنف ان تم، فانما

______________________________

(و يحتمل عدمه) اى عدم سقوط الخيار بالحمل عند المشترى (لحصول خطر ما) على الحامل بسبب الحمل (و لنقص منافعها) اى الحامل (فانها لا تقدر على الحمل العظيم، انتهى).

(و مما ذكرنا) من نقل كلام الايضاح (ظهر الوهم فيما نسب الى الايضاح، من ان ما قربه في القواعد) من ان للمشترى الرد بالعيب السابق و لا يضر الحمل عند المشترى في جواز الرد (مبنى على قول الشيخ من دخول الحمل في بيع الحامل).

و انما ظهر الوهم لان الايضاح صحح الردّ على كلا الاحتمالين.

و هما احتمال دخول الحمل في بيع الحامل، و احتمال عدم دخول الحمل في بيع الحامل، لانه قال «و اما عندنا» حيث لا نقول بدخول الحمل في بيع الحامل «فالاقوى ذلك» أيضا، لان الحمل كالثمرة المتجددة الى آخر ما ذكره.

(نعم) بناء كلام القواعد على كلام الشيخ ظاهر من جامع المقاصد لانه (ذكر في جامع المقاصد ان ما ذكره المصنف) و هو العلامة في القواعد (ان تم) و قلنا: بان الحمل عند المشترى لا يضر الرد بالعيب القديم (فانما

ص: 353

يخرج على قول الشيخ من كون المبيع في زمن الخيار ملكا للبائع بشرط تجدد الحمل في زمان الخيار.

و لعله فهم من العبارة رد الحامل مع حملها على ما يتراءى من تعليله بقوله: لان الحمل زيادة يعنى ان الحامل ردت الى البائع مع الزيادة لا مع النقيصة.

______________________________

يخرج على قول الشيخ من كون المبيع في زمن الخيار ملكا للبائع) لان الشيخ يرى ان الانتقال الى ملك المشترى انما هو بعد انتهاء زمان الخيار (بشرط تجدد الحمل في زمان الخيار).

اما اذا تجدد الحمل قبل القبض فلا اشكال في انه لا يمنع الرد بالعيب القديم، اذ الضمان قبل القبض على البائع بلا اشكال.

و الحاصل ان الشيخ يقول بان الحمل في زمن الخيار للبائع، اذا فلا يمنع الحمل الرد بالعيب القديم- و هذا ما ذكره العلامة في القواعد- فقول العلامة مبنى على قول الشيخ و هكذا قال جامع المقاصد.

(و لعله) اى جامع المقاصد (فهم من العبارة) اى عبارة القواعد (رد الحامل مع حملها) و لذا كان مبناه على كلام الشيخ، اذ الحمل لا يصح رده الا اذا كان ملكا للبائع- و ملكية الحمل للبائع لا يكون الا اذا قلنا بان المبيع في زمن الخيار للبائع- و انما فهم جامع المقاصد من القواعد «رد الحمل الى البائع» (على ما يتراءى من تعليله) اى تعليل القواعد (بقوله: لان الحمل زيادة) فظن ان العلامة يريد ردّ الحمل، ففهم منه ذلك (يعنى ان الحامل ردت الى البائع مع الزيادة لا مع النقيصة)

ص: 354

لكن الظاهر من التعليل: كونه تعليلا لعدم كون الحمل عيبا فى غير الامة.

و كيف كان فالاقوى في مسألة حدوث حمل الامة عدم جواز الرد ما دام الحمل.

و ابتناء حكمها بعد الوضع و عدم النقص

______________________________

فليس الحمل نقصا حتى يوجب اسقاط الخيار.

(لكن الظاهر) ان فهم جامع المقاصد تعليل العلامة غير تام و لذا كان بناء كلام العلامة على كلام الشيخ غير تام.

اذ الظاهر (من التعليل) المذكور في كلام القواعد (كونه تعليلا لعدم كون الحمل عيبا في غير الامة) من البهائم فلا يمنع الرد بالعيب القديم، اذ العيب نقيصة و الحمل ليس بنقيصة، لا ان القواعد اراد ردّ الحمل الى البائع حتى يبنى كلامه على كلام الشيخ.

و الحاصل ان العلامة قال «الحمل ليس بعيب لانه زيادة» قصده «انه ليس نقيصة» و ليس قصده «انه يرد الحمل الى البائع» و صاحب جامع المقاصد فهم الثانى و لذا بناه على كلام الشيخ القائل «بان المبيع فى زمن الخيار ملك للبائع».

(و كيف كان) مراد العلامة (فالاقوى في مسألة حدوث حمل الامة) عند المشترى (عدم جواز الرد) بالعيب القديم (ما دام الحمل) موجودا بان لم تضع الحامل حملها.

(و ابتناء حكمها) اى حكم المسألة (بعد الوضع) للحمل (و عدم النقص)

ص: 355

على ما تقدم من ان زوال العيب الحادث يؤثر في جواز الرد، أم لا؟.

و اما حمل غير الامة فقد عرفت انه ليس عيبا موجبا للارش، لعدم الخطر فيه غالبا، و عجزها عن تحمل بعض المشاق لا يوجب إلا فوات بعض المنافع الموجب للتخيير في الرد دون الارش.

لكن لما كان المراد بالعيب الحادث المانع عن الرد ما يعم نقص الصفات

______________________________

بان لم تنقص بالوضع- و ان نقصت لم تردّ، لان النقص عيب حادث يمنع من الرد بالعيب القديم- (على ما تقدم) «خبر» «ابتناء» (من ان زوال العيب الحادث) هل (يؤثر في جواز الرد، أم لا؟) يؤثر فهناك قولان

قول بانه يؤثر لسقوط الردّ بالحمل، فلا دليل على اعادة جواز الرد- بعد الوضع-.

و قول بانه لا يؤثر لزوال المانع عن الرد و هو الحمل- هذا كله فى حمل الامة-.

(و اما حمل غير الامة) من سائر البهائم (فقد عرفت انه ليس عيبا موجبا للارش، لعدم الخطر فيه غالبا) اذ قلّما تموت البهيمة عند الوضع (و عجزها) مبتدأ، خبره «لا يوجب» (عن تحمل بعض المشاق) فى حال ثقلها بالحمل (لا يوجب إلا فوات بعض المنافع الموجب) ذلك الفوات (للتخيير في الرد) ان شاء ردّ، و ان شاء لم يرد (دون الارش) لانه لا يوجب نقص القيمة.

(لكن لما كان المراد بالعيب الحادث المانع عن الرد ما يعم نقص الصفات

ص: 356

غير الموجب للارش، و كان محققا هنا مضافا الى نقص آخر، و هو كون المبيع متضمنا لمال الغير لان المفروض كون الحمل للمشترى، اتجه الحكم بعدم جواز الرد حينئذ.

______________________________

غير الموجب) ذلك النقص (للارش، و كان) نقص الصفة (محققا هنا) لانه لا يتحمل المشاق في حال الحمل، فنقص صفة قدرته (مضافا الى نقص آخر، و هو كون المبيع متضمنا لمال الغير) الّذي هو الحمل فانه ملك للمشترى (لان المفروض كون الحمل للمشترى)- بناء على ما رجحناه خلافا للشيخ الّذي يرى ان الحمل للبائع-.

فخبر قوله: لكن لما كان ... قوله: (اتّجه الحكم بعدم جواز الرد حينئذ) اى حين الحمل.

و الحاصل فهنا مانعان من الرد، الاول نقص الصفة، و الثانى اختلاط المبيع بملك الغير «فليس الشي ء قائما بعينه» و اذا لم يكن قائما بعينه فليس له رده.

و حيث ان النقص ليس نقصا في المالية، فليس له الارش أيضا، و اللّه العالم.

ص: 357

مسئلة: الاكثر على ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء بل في التحرير لا نعلم فيه خلافا،

و نسبه في المسالك- كما عن غيره- الى اطلاق الاصحاب لغلبتها فيهن فكانت بمنزلة الخلقة الاصلية.

و استدل عليه أيضا برواية سماعة المنجبرة بعمل الاصحاب- على ما ادعاه المستدل- عن رجل باع جارية على انها بكر، فلم يجدها كذلك، قال لا ترد عليه، و لا يجب عليه شي ء انه قد يكون تذهب في حال مرض، او

______________________________

(مسألة: الاكثر على ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء) فلا خيار و لا رد و لا ارش (بل في التحرير لا نعلم فيه خلافا، و نسبه في المسالك- كما عن غيره-) أيضا (الى اطلاق الاصحاب) اى اطلاق كلامهم في عدم الرد- الا لعيوب خاصة- بان الثيبوبة ليست عيبا، و الا لذكروها بين العيوب.

و انما لا تكون الثيبوبة عيبا (لغلبتها فيهن) اذ الغالب انهن غير ابكار (فكانت بمنزلة الخلقة الاصلية) و ليست من العيوب الموجبة للخيار.

(و استدل عليه) اى على ان الثيبوبة ليست عيبا (أيضا برواية سماعة المنجبرة بعمل الاصحاب- على ما ادعاه المستدل-) بانها منجبرة (عن رجل باع جارية على انها بكر، فلم يجدها كذلك) اى بكرا (قال) عليه السلام: (لا ترد عليه) اى على البائع (و لا يجب عليه) اى على البائع (شي ء) اى ارش، ل (انه قد يكون تذهب) البكارة (فى حال مرض، او

ص: 358

امر يصيبها.

و في كلا الوجهين نظر.

ففى الاول: ما عرفت سابقا من ان وجود الصفة في اغلب افراد الطبيعة انما يكشف عن كونها بمقتضى اصل وجودها المعبّر عنه بالخلقة

______________________________

امر يصيبها) كالقفز او ما اشبه ذلك.

وجه الدلالة ان الامام عليه السلام لم يوجب الخيار بعدم البكارة مع الشرط فبدون الشرط اولى.

و لعل وجه عدم الخيار، مع وجود الشرط: ان الشرط هو ان لا يكون البائع او غيره قد مس الجارية و عدم البكارة لا يلازم مس البائع او غيره و هذا هو الظاهر من تعليل الامام عليه السلام.

ثم لا يخفى ان عدم كون الثيبوبة عيبا انما هو حسب المتعارف اما اذا كانت عيبا في بعض الازمنة او الامكنة، او بعض اصناف الاماء، او ما اشبه ذلك فالمناط فيه العرف و تكون حينئذ عيبا.

(و) كيف كان ف (فى كلا الوجهين) اى «الغلبة» و «الرواية» (نظر)

(ففى الاول: ما عرفت سابقا من ان وجود الصفة في اغلب افراد الطبيعة) لا يفى بان لا تكون الصفة عيبا الا اذا كانت كاشفة عن الطبيعة، و الثيبوبة ليست كذلك لمعلومية ان البكارة هى مقتضى الطبيعة.

فوجود الصفة في اغلب الافراد (انما يكشف عن كونها) اى تلك الصفة (بمقتضى اصل وجودها) فى الطبيعة (المعبّر عنه) اى عن اصل الوجود (بالخلقة

ص: 359

الاصلية اذا لم يكن مقتضى الخلقة معلوما في ما نحن فيه، و الا فمقتضى الغالب لا يقدم على ما علم انه مقتضى الخلقة الاصلية.

و علم كون النقص عنها موجبا لنقص المالية، كما فيما نحن فيه خصوصا مع ما عرفت من اطلاق مرسلة السيارى

______________________________

الاصلية اذا لم يكن مقتضى الخلقة معلوما في ما نحن فيه) اى في مورد غلبة الصفة، و قوله «اذا» متعلق ب «يكشف» اى ان الكشف عن اصل الخلقة انما يحصل بالغلبة، اذا لم يكن اصل الخلقة معلوما (و الا) بان كان اصل الخلقة معلوما (فمقتضى الغالب لا يقدم على ما علم انه مقتضى الخلقة الاصلية) فاذا تعارض مقتضى الخلقة الاصلية و مقتضى الغالب قدم الاول.

(و) لكن لا يخفى ان هذا مناف لما تقدم منه «ره» من تقديم الثانى فراجع.

ثم ان تقديم مقتضى الخلقة الاصلية انما هو فيما اذا (علم كون النقص عنها) اى عن الخلقة الاصلية (موجبا لنقص المالية) و هذا بناء من الشيخ ره على ما اختاره سابقا من ان النقص انما يوجب الخيار اذا اوجب نقصا في المالية (كما فيما نحن فيه) فان البكارة خلقة اصلية، و نقصها يوجب نقص المالية (خصوصا مع ما عرفت من اطلاق مرسلة السيارى) من قوله عليه السلام: كل ما كان في اصل الخلقة، فزاد او نقص فهو عيب، فان البكارة كانت في اصل الخلقة، فنقص، اذا تحقق ان الثيبوبة عيب.

ص: 360

غاية ما يفيد الغلبة المذكورة هنا عدم تنزيل اطلاق العقد على التزام سلامة المعقود عليه عن تلك الصفة الغالبة، و لا يثبت الخيار بوجودها و ان كانت نقصا في الخلقة الاصلية.

و اما رواية سماعة فلا دلالة لها على المقصود لتعليله عليه السلام عدم الرد مع اشتراط البكارة باحتمال ذهابها بعارض.

و قدح هذا الاحتمال اما لجريانه بعد قبض المشترى فلا يكون مضمونا على

______________________________

و (غاية ما يفيد الغلبة المذكورة) اى غلبة الثيبوبة (هنا) فى هذه المسألة (عدم تنزيل اطلاق العقد) اذا اطلق الطرفان و لم يشترطا البكارة (على التزام سلامة المعقود عليه عن تلك الصفة الغالبة) اى صفة الثيبوبة (و لا يثبت الخيار بوجودها) اى وجود الثيبوبة (و ان كانت نقصا فى الخلقة الاصلية).

و على هذا فالمصنف و المشهور متفقان على عدم الخيار، لكن الاختلاف فى ان المشهور يقولون: انها ليست بعيب اصلا، و المصنف يقول انها عيب و لكن لا يوجب الخيار.

(و اما رواية سماعة فلا دلالة لها على المقصود) الّذي هو ان الثيبوبة ليست بعيب (لتعليله عليه السلام عدم الرد مع اشتراط البكارة باحتمال ذهابها) اى البكارة (بعارض) خارجى، و قوله «باحتمال» متعلق ب «تعليل»، و «بعارض» متعلق ب «ذهابها».

(و قدح هذا الاحتمال) و ايجابه رفع الشرط (اما لجريانه بعد قبض المشترى فلا يكون مضمونا على

ص: 361

البائع.

و اما لان اشتراط البكارة كناية عن عدم وطى احد لها، فمجرد ثبوتها لا يوجب تخلف الشرط الموجب للخيار، بل مقتضى تعليل عدم الرد بهذا الاحتمال انه لو فرض عدمه لثبت الخيار، فيعلم من ذلك كون البكارة صفة كمال طبيعى، فعدمها نقص في اصل الطبيعة، فيكون عيبا.

و كيف كان فالاقوى ان الثيبوبة عيب عرفا و شرعا.

______________________________

البائع) فان الشرط هو البكارة الى حال القبض، فاذا ذهبت البكارة بعد القبض لم يكن للمشترى حق على البائع.

(و اما لان اشتراط البكارة كناية عن عدم وطى احد لها) لا ان المراد بالشرط البكارة الفعلية.

و على كون المراد بالشرط الكناية (فمجرد ثبوتها) اى الثيبوبة (لا يوجب تخلف الشرط) ذلك التخلف (الموجب للخيار، بل) الرواية على خلاف مطلوب المستدل ادل.

اذ (مقتضى تعليل) الامام عليه السلام (عدم الرد بهذا الاحتمال) اى احتمال جريانه بعد القبض (انه لو فرض عدمه) اى عدم هذا الاحتمال بان علمنا ذهاب بكارتها قبل القبض (لثبت الخيار) و هذا هو المطلوب (فيعلم من ذلك) الّذي ذكرناه بقولنا «لو فرض» (كون البكارة صفة كمال طبيعى، فعدمها نقص في اصل الطبيعة، فيكون عيبا) و هذا خلاف ما ذكره المستدل من ان الثيبوبة ليست عيبا، و استدل له بهذه الرواية.

(و كيف كان فالاقوى ان الثيبوبة عيب عرفا و شرعا) اما عرفا فواضح، و

ص: 362

الّا انها لمّا غلبت على الاماء لم يقتض اطلاق العقد التزام سلامتها عن ذلك.

و تظهر الثمرة فيما لو اشترط في متن العقد سلامة المبيع عن العيوب مطلقا، او اشترط خصوص البكارة فانه يثبت بفقدها التخيير بين الرد و الارش لوجود العيب، و عدم المانع من تأثيره.

و مثله ما لو كان المبيع صغيرة او كبيرة لم تكن الغالب.

______________________________

اما شرعا فلرواية السيارى و لهذه الرواية (الّا انها لمّا غلبت على الاماء لم يقتض اطلاق العقد)- بان لم يشترط المشترى البكارة- (التزام سلامتها) اى الامة (عن ذلك) العيب.

(و تظهر الثمرة) فى كون الثيبوبة عيبا، أم لا (فيما لو اشترط في متن العقد سلامة المبيع عن العيوب مطلقا) اىّ عيب كان (او اشترط خصوص البكارة فانه) اذا قلنا بانها عيب (يثبت بفقدها التخيير بين الرد و الارش) كما هو شأن كل عيب (لوجود العيب، و) ل (عدم المانع من تأثيره) فالمانع هو الاطلاق، و هو مفقود في المقام.

و الحاصل انها حيث تكون عيبا، فاذا اشترطها يكون له الرد و الارش اما اذا لم تكن عيبا، فلم يكن للمشترى مع تخلفه الا الرد، اذ لا ارش فى باب الشرط- كما حققناه سابقا-.

(و مثله) فى الثمرة- و هذا دليل آخر على ان الثيبوبة عيب- (ما لو كان المبيع) امة (صغيرة او) كانت (كبيرة) و لكن (لم تكن الغالب

ص: 363

على صنفها الثيبوبة فانه يثبت حكم العيب.

و الحاصل ان غلبة الثيبوبة مانعة عن حكم العيب لا موضوعه، فاذا وجد ما يمنع عن مقتضاها ثبت حكم العيب.

و لعل هذا هو مراد المشهور أيضا.

و يدل على ذلك ما عرفت من العلامة ره في التحرير من نفى الخلاف فى عدم كون الثيبوبة عيبا مع انه في كتبه بل المشهور- كما في الدروس-

______________________________

على صنفها الثيبوبة) كما لو كانت الامة لامرئة، و قد ولدت في بيتها- و لم تكن مجلوبة و لا مزوجة و لا محلّلة- (فانه) اذا ظهرت ثيبة (يثبت حكم العيب) من الرد و الارش.

(و الحاصل ان غلبة الثيبوبة مانعة عن حكم العيب) فلا رد و لا ارش (لا موضوعه) حتى يقال: انها ليست بعيب اصلا (فاذا وجد ما يمنع عن مقتضاها) اى مقتضى الغلبة بان كانت صغيرة او ما اشبه- كما ذكرناه- (ثبت حكم العيب) من الرد و الارش.

(و لعل هذا) الّذي ذكرناه من انها الغلبة تمنع حكم العيب لا موضوعه (هو مراد المشهور أيضا) فهم ينفون الحكم بنفى موضوعه.

(و يدل على ذلك) الّذي ذكرناه من انها عيب عند المشهور و لكن ليس لها حكم العيب (ما عرفت من العلامة ره في التحرير من نفى الخلاف في عدم كون الثيبوبة عيبا) اى لا خلاف في ان الثيبوبة ليست بعيب (مع انه في كتبه) كلها (بل المشهور- كما في الدروس-) نسبته الى المشهور

ص: 364

على ثبوت الارش اذا اشترط البكارة، فلو لا ان الثيبوبة عيب، لم يكن ارش فى مجرد تخلف الشرط.

نعم يمكن ان يقال: ان مستندهم في ثبوت الارش ورود النص بذلك فيما رواه في الكافى و التهذيب عن يونس في رجل اشترى جارية على انها عذراء، فلم يجدها عذراء، قال يرد عليه فضل القيمة اذا علم انه صادق.

ثم انه نسب في التذكرة الى اصحابنا عدم الرد بمقتضى

______________________________

(على ثبوت الارش اذا اشترط البكارة) فان الارش ليس الا في العيب اذ تخلف الشرط- فى نفسه- لا يوجب ارشا (فلو لا ان الثيبوبة عيب، لم يكن ارش في مجرد تخلف الشرط) فاللازم ان يكون مراد العلامة و المشهور فى قولهم انها ليست بعيب- انه ليس لها حكم العيب.

(نعم يمكن ان يقال ان مستندهم في ثبوت الارش) انه من باب تخلف الشرط و انما ثبت الارش للنص الخاص، فليس الارش فيها من باب العيب.

و ذلك ل (ورود النص بذلك) الارش (فيما رواه في الكافى و التهذيب عن يونس في رجل اشترى جارية على انها عذراء، فلم يجدها عذراء، قال يرد عليه فضل القيمة) و هو ارش التفاوت بين الثيب و البكر (اذا علم انه صادق) فى انه لم يجدها عذراء.

(ثم انه نسب في التذكرة الى اصحابنا عدم الرد) لهذه الجارية (بمقتضى

ص: 365

رواية سماعة المتقدمة، و اوّله بما وجهنا به تلك الرواية.

و ذكر الشيخ في النهاية مضمون الرواية مع تعليلها الدال على تأويلها.

و لو شرط الثيبوبة فبانت بكرا، كان له الرد لانه قد يقصد الثيب لغرض صحيح.

______________________________

رواية سماعة المتقدمة) فى اوّل هذه المسألة (و اوّله) اى عدم الرد، مع انه حسب الشرط يلزم ان يكون للمشترى الرد (بما وجهنا به تلك الرواية) من احتمال حدوث الثيبوبة بعد القبض، او كون المراد من الشرط عدم وطى انسان لها، لا البكارة الفعلية.

(و ذكر الشيخ في النهاية مضمون الرواية) او رواية سماعة (مع تعليلها) اى قوله عليه السلام «انه قد يكون تذهب في حال مرض أو أمر يصيبها» (الدال على تأويلها) اى تأويل الرواية بما ذكرناه من الاحتمالين فان تعليل الامام عليه السلام دال على التأويل المذكور.

(و) هنا مسألة اخرى و هى انه (لو شرط الثيبوبة) لان المشترى لا يقدر على البكر- مثلا- (فبانت بكرا، كان له الرد) لتخلف الشرط.

ان قلت: هذا الشرط غير عقلائى فلا اثر له.

قلت: بل هو عقلائى (لانه قد يقصد الثيب لغرض صحيح) عند العقلاء.

ص: 366

مسئلة ذكر في التذكرة و القواعد من جملة العيوب عدم الختان في العبد الكبير

لانه يخاف عليه من ذلك و هو حسن على تقدير تحقق الخوف على وجه لا يرغب في بذل ما يبذل لغيره بإزائه.

و يلحق بذلك المملوك غير المجدّر فانه يخاف عليه لكثرة موت المماليك بالجدرى.

و

______________________________

(مسألة: ذكر في التذكرة و القواعد من جملة العيوب عدم الختان فى العبد الكبير) فللمشترى حق الرد و الارش اذا كان بينه و بين المختون تفاوت (لانه يخاف عليه من ذلك) اى الختان، بان يموت (و هو حسن على تقدير تحقق الخوف على وجه) عقلائى، بحيث (لا يرغب في بذل ما يبذل لغيره) من العبيد المختونين (بإزائه).

لكن الظاهر وجوب تقييد ذلك بما اذا كان العبد مسلما اذ لا يجب ختان العبد الكافر الّذي يقر على كفره.

(و يلحق بذلك) اى غير المختون (المملوك غير المجدّر) الّذي هو فى معرض الاصابة بمرض الجدرىّ (فانه يخاف عليه لكثرة موت المماليك بالجدرىّ).

(و) ان قلت: ليس هذان نقصا في الخلقة الاصلية، و قد تقدم ان الميزان في العيب النقص في الخلقة الاصلية.

ص: 367

مثل هذين و ان لم يكن نقصا في الخلقة الاصلية، الا ان عروض هذا النقص اعنى الخوف مخالف لمقتضى ما عليه الاغلب في النوع او الصنف.

و لو كان الكبير مجلوبا من بلاد الشرك، فظاهر القواعد كون عدم الختان عيبا فيه مع الجهل دون العلم.

و هو غير مستقيم لان العلم و الجهل بكونه مجلوبا لا يؤثر في كونه عيبا نعم لما كان الغالب في المجلوب عدم الختان لم يكن اطلاق العقد الواقع

______________________________

قلت: (مثل هذين) اى غير المختون و غير المجدّر (و ان لم يكن نقصا فى الخلقة الاصلية، الا ان عروض هذا النقص اعنى الخوف) من الجدرىّ او إرادة الاختتان (مخالف لمقتضى ما عليه الاغلب في النوع) لكل العبيد (او الصنف) كالعبد المسلم- مثلا-.

(و لو كان الكبير مجلوبا من بلاد الشرك، فظاهر القواعد كون عدم الختان عيبا) أيضا (فيه) اى في المجلوب (مع الجهل) بانه مجلوب من بلاد الشرك (دون العلم) لانه مع العلم اقدم بنفسه على هذا الضرر فهو مثل ان يقدم على اشتراء المعيب.

(و هو) اى تفصيل العلامة (غير مستقيم) فان ظاهر كلام العلامة انه مع العلم ليس العبد بمعيب و هذا غير تام (لان العلم و الجهل بكونه مجلوبا لا يؤثر في كونه عيبا) و انما يؤثران في عدم ترتب حكم العيب مع العلم بكونه مجلوبا.

(نعم لما كان الغالب في المجلوب عدم الختان لم يكن اطلاق العقد الواقع

ص: 368

عليه مع العلم بجلبه التزاما بسلامته من هذا العيب كما ذكرنا نظيره فى الثيب.

و تظهر الثمرة هنا أيضا فيما لو اشترط الختان فظهر اغلف فيثبت الردّ و الارش.

فاخراج العلّامة الثيبوبة و عدم الختان في الكبير المجلوب مع العلم بجلبه من العيوب لكونه ره في مقام عد العيوب الموجبة فعلا للخيار.

______________________________

عليه) اى على المجلوب (مع العلم) اى علم المشترى (بجلبه التزاما بسلامته من هذا العيب كما ذكرنا نظيره في الثيب) من انه عيب، و لكنه لا يوجب الخيار.

(و تظهر الثمرة) بين كون عدم الختان عيبا، او ليس بعيب (هنا أيضا) كما ذكرنا في ظهور الثمرة بين كون الثيبوبة عيبا أم لا (فيما لو اشترط) المشترى (الختان فظهر اغلف فيثبت الردّ و الارش) اذا كان عدم الختان عيبا.

اما اذا لم يكن عيبا فانه لا يثبت الا الرد، اذ لا ارش في تخلف الشرط كما ذكرناه في باب الثيبوبة-.

(فاخراج العلامة) اى ذكره (الثيبوبة و عدم الختان في الكبير المجلوب مع العلم) اى علم المشترى (بجلبه من العيوب) «من» متعلق ب «اخراج» (لكونه ره في مقام عد العيوب الموجبة فعلا للخيار).

و قد عرفت ان المجلوب لا خيار فيه الا بالشرط، و ذلك لاقدام المشترى على اشتراء المعيوب.

ص: 369

مسئلة عدم الحيض ممّن شأنها الحيض بحسب السّن و المكان و غيرهما من الخصوصيّات التى لها مدخلية في ذلك عيب ترد معه الجارية،

لانه خروج عن المجرى الطبيعى.

و لقول الصادق عليه السلام: و قد سئل عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة اشهر، و ليس بها

______________________________

(مسألة: عدم الحيض ممّن شأنها الحيض) و المراد بالشأن، الشأن الفعلى لا الشأن التقديرى، فان الكثير من النساء ينقطع عنهن الحيض فى اواخر سنّ الحيض، مثل ما اذا اقترب سنّهن من الخمسين في غير القرشية، و من الستين في القرشية، فان الانقطاع حينئذ ليس عيبا لغلبة هذا الانقطاع كما لا يخفى (بحسب السنّ) بين التاسعة و سن اليأس (و المكان) فان في البلاد الحارة تحيّض المرأة اسرع من حيضها في البلاد الباردة (و غيرهما من الخصوصيّات التى لها مدخلية في ذلك) الحيض كخصوصية المزاج العام للقبيلة، فان بعض القبائل لحرارة مزاجها تحيض اسرع- الى غير ذلك- (عيب ترد معه الجارية، لانه) اى عدم الحيض (خروج عن المجرى الطبيعى) و قد عرفت سابقا ان الخروج عن المجرى الطبيعى عيب.

(و لقول الصادق عليه السلام: و قد سئل عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها) عند الرجل (ستة اشهر، و ليس بها

ص: 370

حمل، قال ان كان مثلها تحيض و لم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه

و ليس التقييد بمضى ستة اشهر الا في مورد السؤال، فلا داعى الى تقييد كونه عيبا بذلك كما في ظاهر بعض الكلمات.

ثم ان حمل الرواية على صورة عدم التصرف في الجارية حتى بمثل قول المولى لها: اسقنى ماء او اغلق الباب في غاية البعد

______________________________

حمل) فمع الحمل ينقطع الحيض غالبا، فهل له خيار أم لا (قال) عليه السلام (ان كان مثلها تحيض و لم يكن ذلك) الانقطاع عن الحيض (من كبر) كسن اليأس (فهذا عيب ترد منه) و المفهوم منه انه ان لم تكن كذلك فليس ذلك عيب.

(و) لا يخفى انه (ليس التقييد بمضى ستة اشهر الا في مورد السؤال) فلا يشترط مضى هذه المدة، بل اذا لم تحض في مدة اقل من ذلك مع كون المتعارف تحيضها كانت أيضا معيبة (فلا داعى الى تقييد كونه) اى كون عدم الحيض (عيبا بذلك) اى بمضى ستة اشهر (كما في ظاهر بعض الكلمات) و هو عبارة الشرائع.

(ثم ان حمل الرواية على صورة عدم التصرف في الجارية) اىّ تصرف (حتى بمثل قول المولى لها: اسقنى ماء او اغلق الباب) مما تقدم من انه مسقط للرد، فهو (فى غاية البعد) اذ كيف تبقى الجارية في بيت شخص ستة اشهر، ثم لا يتصرف الشخص فيها حتى بامثال هذه التصرفات فلا بعد من القول بان مطلق التصرف ليس مسقطا، بل المسقط هو

ص: 371

و ظاهر الحلّى في السرائر عدم العمل بمضمون الرواية رأسا.

______________________________

التصرف الدال على الرضا او المغير او الناقل.

(و) لكن (ظاهر الحلى في السرائر عدم العمل بمضمون الرواية رأسا) بناء منه على عدم العمل باخبار الآحاد، و فيه نظر واضح.

ثم انه لو كانت طبيعة نساء منطقة خاصة عدم التحيض هذه المدة او اكثر، فليس ذلك بعيب اذا علم المشترى، اما اذا لم يعلم ففيه اشكال بل لا يبعد القول بالخيار، لانه خروج عن المتعارف و ان لم يكن عيبا بالنسبة الى نساء المنطقة.

ص: 372

مسئلة الإباق عيب بلا اشكال و لا خلاف،

لانه من افحش العيوب.

و يدل عليه صحيحة ابى همام الآتية في عيوب السنة.

لكن في رواية محمد بن قيس: انه ليس في الا باق عهدة.

و يمكن حملها على انه ليس كعيوب السنة يكفى حدوثها بعد العقد كما يشهد قوله عليه السلام- فى رواية يونس-: ان العهدة في الجنون و

______________________________

(مسألة: الإباق) فى العبد، بان يكون من طبعه الا باق، و ان لم يأبق عند المشترى (عيب بلا اشكال و لا خلاف، لانه من افحش العيوب) عرفا

(و يدل عليه صحيحة ابى همام الآتية في عيوب السنة) مما يكمن منشأ المرض قبل سنة من ظهوره، ففى آخر الصحيحة فقال له يعنى للرضا عليه السلام فلا باق؟ قال عليه السلام: ليس الا باق من ذا، الا ان يقيم البينة انه كان قد ابق عنده.

(لكن في رواية محمد بن قيس: انه ليس في الإباق عهدة) اى عهدة البائع، مما ظاهره عدم الخيار.

(و يمكن حملها على انه ليس) الا باق (كعيوب السنة) بحيث (يكفى حدوثها بعد العقد) فى الخيار، اذ كثيرا ما يحدث الا باق بعد اشتراء المشترى له كسائر العيوب التى تحدث عند المشترى و لا يلزم بها البائع (كما يشهد) على هذا الحمل (قوله عليه السلام- فى رواية يونس-: ان العهدة في الجنون و

ص: 373

البرص سنة، بل لا بد من ثبوت كونه كذلك عند البائع، و الا فحدوثه عند المشترى ليس في عهدة البائع، و لا خلاف اذا ثبت وجوده عند البائع.

و هل يكفى المرة عنده، او يشترط الاعتياد، قولان، من الشك في كونه عيبا، و الاقوى ذلك وفاقا لظاهر الشرائع و صريح التذكرة، لكون ذلك بنفسه نقصا بحكم العرف.

و لا يشترط اباقه عند المشترى قطعا.

______________________________

البرص سنة، بل لا بد من ثبوت كونه) اى العبد (كذلك) اى آبقا (عند البائع، و الا فحدوثه عند المشترى ليس في عهدة البائع).

اللهم الا اذا كشف ذلك عن نفسية دنيئة، كسائر النفسيات المنحطة بما يعد في العرف عيبا (و لا خلاف) فى الخيار (اذا ثبت وجوده) اى الا باق (عند البائع) لانه عيب كما تقدم.

(و هل يكفى المرة عنده) بان ابق عند البائع مرة (او يشترط الاعتياد قولان) و قد جعل المسالك الاعتياد بالمرتين فما فوق (من الشك في كونه عيبا) اذا ابق مرة و الاصل عدم العيب، فاللازم الاكثر من مرة (و الاقوى ذلك) اى كفاية المرة في كونه عيبا (وفاقا لظاهر الشرائع و صريح التذكرة لكون ذلك) اى الا باق عند البائع مرة (بنفسه نقصا) و ان لم يكن اعتيادا (بحكم العرف).

لكن ربما يقال: انه فرق بين الاعتياد و بين ذلك، اذ كثيرا ما لا تكون المرة نقصا خصوصا اذا علم بانه تائب او كان اباقه عند البائع لضغط عليه او ما اشبه.

(و) كيف كان، ف (لا يشترط اباقه عند المشترى قطعا) اذ العيب يتحقق بدون ذلك.

ص: 374

مسئلة الثفل الخارج عن العادة في الزيت و البذر و نحوهما عيب،

يثبت به الردّ و الارش، لكون ذلك خلاف ما عليه غالب افراد الشي ء.

و في رواية ميسر بن عبد العزيز، قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام فى الرجل يشترى زق زيت يجد فيه درديا، قال ان كان يعلم ان الدردى يكون في الزيت فليس عليه ان يردّه، و ان لم يكن يعلم، فله ان يردّه.

نعم في رواية السكونى، عن جعفر عن ابيه

______________________________

(مسألة: الثفل الخارج عن العادة في الزيت و البذر و نحوهما عيب يثبت به الردّ و الارش) اذا كان هناك تفاوت بين ذى الثفل و غيره فى القيمة (لكون ذلك) الثفل (خلاف ما عليه غالب افراد الشي ء) فهو خلاف المجرى الطبيعى للجنس.

(و في رواية ميسر بن عبد العزيز، قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشترى زق زيت يجد فيه درديا) الدردى من الزيت و غيره ما يبقى في اسفله كما في اللغة (قال ان كان يعلم ان الدردى يكون في الزيت فليس عليه ان يردّه) لانه اقدم بنفسه على ذلك (و ان لم يكن يعلم، فله ان يرده) لانه عيب، و الرواية و ان لم تذكر الارش لكنه يفهم ذلك من القواعد العامة.

(نعم في رواية السكونى، عن جعفر عن ابيه) عليهما السلام ما يدل

ص: 375

ان عليا قضى في رجل اشترى من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربّا، فخاصمه الى على عليه السلام، فقال له على عليه السلام:

لك بكيل الربّ سمنا، فقال له الرجل انما بعته منه حكرة فقال له على عليه السلام: انما اشترى منك سمنا و لم يشتر منك ربّا.

قال في الوافى يقال: اشترى المتاع حكرة اى جملة.

و هذه الرواية بظاهرها مناف لحكم العيب من الرد و الارش، و توجيهها بما يطابق القواعد مشكل

______________________________

على حكم آخر، و هو حق المشترى في ان يأخذ المقدار الناقص مكان الدردى (ان عليا) عليه السلام (قضى في رجل اشترى من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربّا) الربّ دردىّ السمن (فخاصمه الى على عليه السلام، فقال له على عليه السلام: لك بكيل الربّ سمنا) تأخذه من البائع (فقال له الرجل) البائع (انما بعته منه حكرة) اى جملة فلست مكلفا باعطائه بدل الربّ (فقال له على عليه السلام: انما اشترى منك سمنا و لم يشتر منك ربّا) فيجب عليك ان تفى بما بعته.

(قال في الوافى يقال: اشترى المتاع حكرة اى جملة) فمعنى احتكرها حكرة، اى جمعها جمعا، و معنى حكرة اى جملة و مجموعا لا، ان يكون الاشتراء على نحو كل كيل بكذا.

(و هذه الرواية بظاهرها مناف لحكم العيب) اى حكم المعيب المستفاد من النص و الفتوى (من) اختيار المشترى بين (الرد و الارش و توجيهها بما يطابق القواعد مشكل) بان يقال: ان البيع كان كليا و كان

ص: 376

و ربما استشكل في اصل الحكم بصحة البيع لو كان كثيرا للجهل بمقدار المبيع.

و كفاية معرفة وزن السمن بظروفه خارجة بالاجماع، كما تقدم، او مفروضة في صورة انضمام الظرف المفقود هنا، لان الدردى غير متمول.

______________________________

اعطائه العكة من باب الوفاء.

و وجه الاشكال في ذلك ان ظاهر الرواية ان البيع كان شخصيا لا كليا و كيف كان فان كان البيع على نحو الكلى، فلا اشكال في مطابقة الرواية للقواعد العامة.

(و ربما استشكل في اصل الحكم بصحة البيع)- لا ما في الرواية من اعطاء السمن مقابل الدردى- (لو كان) الدردى (كثيرا) و ذلك (للجهل بمقدار المبيع) و بيع المجهول باطل.

(و) ان قلت: لا نسلم بطلان بيع المجهول- اذا كان معلوما فى الجملة- لانه ورد صحة بيع المظروف بظرفه مع ان مقدار المظروف مجهول

قلت: (كفاية معرفة وزن السمن بظروفه خارجة بالاجماع) و النص فلا يقاس عليه ما نحن فيه الا اذا اثبتت حجية الرواية، و عمل بها المشهور (كما تقدم) الكلام حول بيع المظروف بظرفه (او مفروضة في صورة انضمام الظرف) فى البيع، فكان الشارع اكتفى بمعرفة الجملة و ان كانا من جنسين (المفقود هنا) صفة «الظرف».

و ذلك (لان الدردى غير متمول) فهو من باب انضمام ما يملك الى ما لا يملك، فقدر ما يملك مجهول.

ص: 377

و الاولى ان يقال: ان وجود الدردى ان افاد نقصا في الزيت من حيث الوصف و ان افضى بعد التخليص الى نقص الكم نظير الغش فى الذهب كان الزائد منه على المعتاد عيبا و ان افرط في الكثرة.

و لا اشكال في صحة البيع حينئذ لان المبيع زيت و ان كان معيوبا.

______________________________

لكن لا يخفى مالية الثفل أيضا لانه سمن ردئ، لا انه ليس بسمن اصلا (و الاولى ان يقال) ان البيع اما كلى او شخصى.

فاذا كان كليا فلا اشكال في صحة البيع و انه يلزم اعطائه الناقص.

و ان كان شخصيا ف (ان وجود الدردىّ ان افاد نقصا في الزيت من حيث الوصف) بان يقال- عرفا- انه زيت ردئ (و ان افضى بعد التخليص الى نقص الكم) لانه ان صفى من الدردى كان ناقصا كمّا (نظير الغش في الذهب) الّذي هو ناقص كيفا، حيث يقال انه ذهب ردئ لكنه بعد التصفية يكون ناقصا كمّا و (كان الزائد منه) اى من النقص الكمّى (على المعتاد) كما لو كان الثفل المتعارف اوقية فكان في هذا العك أوقيتين (عيبا).

و من المعلوم ان حكم العيب الرد او الارش- ان كان العيب موجبا للتفاوت- (و ان افرط) الثفل (فى الكثرة) اذ الكثرة لا تخرجه عن موضوع المعيب الّذي له حكم الرد و الارش.

(و لا اشكال في صحة البيع حينئذ لان المبيع زيت) و هو ما اشتراه المشترى (و ان كان معيوبا) فحاله حال الامور المعيوبة.

ص: 378

و عليه يحمل ما في التحرير، من ان الدردىّ في الزيت و البذر عيب موجب للرد و الارش و ان لم يفد إلا نقصا في الكم، فان باع ما في العكة بعد وزنها مع العكة و مشاهدة شي ء منه تكون أمارة على باقيه، و قال: بعتك ما في هذه العكة من الزيت كل رطل بكذا، فظهر امتزاجه بغيره غير الموجب لتعيبه فالظاهر صحة البيع، و عدم ثبوت الخيار اصلا، لانه اشترى السمن الموجود في هذه العكة، و لا يقدح الجهل بوزنه

______________________________

(و عليه) اى على ما ذكرناه من كونه نقصا في الوصف (يحمل ما فى التحرير، من ان الدردى في الزيت و البذر عيب موجب للرد و الارش) اذ لا يمكن ان يريد به صورة النقص في الكم ابتداءً الّذي اشرنا إليه بقولنا:

(و ان لم يفد) الدردىّ الموجود (إلا نقصا في الكم) كما لو كان فوق العكة سمن صافى، و تحته الدردىّ، فكان السمن مثلا نصف الكم المشترى (فان باع ما في العكة بعد وزنها مع العكة و مشاهدة شي ء منه) بحيث (تكون) تلك المشاهدة (أمارة على باقيه، و قال: بعتك ما في هذه العكة من الزيت كل رطل بكذا) مع علمهما بعدد الارطال، و الا كان من المجهول كما لا يخفى (فظهر امتزاجه بغيره) امتزاجا (غير الموجب لتعيبه) بان لم يكن الدردى خليطا، بل كان في الاسفل مثلا- لانه اذا اوجب التعيب كان من نقص الكيف كما تقدم- (فالظاهر صحة البيع) فليس البيع باطلا (و عدم ثبوت الخيار اصلا) لا ردّا و لا ارشا (لانه اشترى السمن الموجود فى هذه العكة) كيفما كان، فلا جهل حتى يوجب البطلان، و لا تعيب حتى يوجب الخيار (و لا يقدح الجهل بوزنه) اى وزن السمن لانه لا يعلم كم

ص: 379

للعلم به مع الظرف.

و المفروض معرفة نوعه بملاحظة شي ء منها بفتح رأس العكة، فلا عيب و لا تبعض صفقة.

الا ان يقال: ان اطلاق شراء ما في العكة من الزيت في قوة اشتراط كون ما عدا العكة سمنا، فيلحق بما سيجي ء في الصورة الثالثة من اشتراط كونه بمقدار خاص.

______________________________

السمن، و كم الدردىّ (للعلم به مع الظرف) و مثل هذا العلم كاف، كما فى كل مورد يشترى الانسان الشي ء المخلوط، مع انه لا يعلم كمية كل واحد من الخليطين- و هذا وجه انه لا بطلان للبيع-.

(و) اما وجه انه لا خيار له، فلان (المفروض معرفة نوعه بملاحظة شي ء منها) لانه لاحظ شيئا مما في العكة (بفتح رأس العكة، فلا عيب و لا تبعض صفقة) فليس له خيار العيب، و خيار تبعض الصفقة، فالمفروض انه اشترى تمام ما في العكة و الظرف و لا تبعض فيه.

(الا ان يقال) ان له خيار الشرط، ل (ان اطلاق شراء ما في العكة من الزيت في قوة اشتراط كون ما عدا العكة سمنا) اذا كان قصدهما ذلك

اذ قد يكون القصد شراء ما في العكة- مهما كان- و قد يكون القصد شراء السمن الّذي في العكة (فيلحق) هذا البيع (بما سيجي ء في الصورة الثالثة) و هى ما ذكره بعد ذلك بقوله «و لو باع ما في العكة من الزيت» (من اشتراط كونه بمقدار خاص) مما يلزم منه تبعض الصفقة فله الخيار.

ص: 380

و ان باعه بعد معرفة وزن المجموع بقوله: بعتك ما في هذه العكة فتبين بعضه درديا، صح البيع في الزيت مع خيار تبعض الصفقة، قال فى التحرير: لو اشترى سمنا فوجد فيه غيره تخير بين الرد و اخذ ما وجده من السمن بنسبة الثمن.

و لو باع ما في العكة من الزيت على انه كذا و كذا رطلا، فتبين نقصه عنه لوجود الدردى صح البيع، و كان للمشترى خيار تخلف الوصف او الجزء على

______________________________

(و ان باعه بعد معرفة وزن المجموع بقوله: بعتك ما في هذه العكة) و كان القصد السمن الموجود فيه، لا مطلق ما فيه (فتبين بعضه درديا صح البيع في الزيت) فقط، لانه مصب العقد (مع) ان له (خيار تبعض الصفقة) لان بعض الصفقة ظهرت انها ليست الجنس المقصود بالاشتراء.

و لذا (قال في التحرير: لو اشترى سمنا فوجد فيه غيره تخير بين الرد) للكل (و) بين (اخذ ما وجده من السمن بنسبة الثمن) الى المجموع، فان كان نصف العكة سمنا كان له نصف الثمن و هكذا.

(و لو باع ما في العكة من الزيت على انه كذا و كذا رطلا، فتبين نقصه عنه لوجود الدردىّ) و انه اقل من الارطال المشتراة (صح البيع) لانه ليس بمجهول (و) لكن (كان للمشترى خيار تخلف الوصف) لان هذا السمن ليس له وصف كذائية الارطال (او الجزء) فهو خيار تبعض الصفقة.

و انما تردّدنا في انه خيار تخلف الوصف، او تخلف الجزء، لانه مبنى (على

ص: 381

الخلاف المتقدم فيما لو باع الصبرة على انها كذا و كذا فظهر ناقصا.

و لو باعه مع مشاهدته ممزوجا بما لا يتمول بحيث لا يعلم قدر خصوص الزيت، فالظاهر عدم صحة البيع و ان عرف وزن المجموع مع العكة لان كفاية معرفة وزن الظرف و المظروف انما هى من حيث الجهل الحاصل من اجتماعهما لا من انضمام مجهول آخر غير قابل للبيع، كما لو علم بوزن مجموع الظرف و المظروف، لكن علم بوجود صخرة في الزيت مجهولة الوزن.

______________________________

الخلاف المتقدم فيما لو باع الصبرة على انها كذا و كذا) مقدارا (فظهر ناقصا) و انه هل هو من خيار تخلف الوصف او خيار تخلف الجزء؟

(و لو باعه مع مشاهدته ممزوجا بما لا يتمول) كالتراب، بخلاف الدردى الّذي يتمول و لكن بقيمة انقص (بحيث لا يعلم قدر خصوص الزيت، فالظاهر عدم صحة البيع) اصلا، لانه من بيع المجهول (و ان عرف وزن المجموع مع العكة).

و ذلك (لان كفاية معرفة وزن الظرف و المظروف انما هى من حيث الجهل الحاصل من اجتماعهما).

فالشارع انما اجاز الجهل بمقدار ما في العكة فيما اذا اشتراه مع العكة اذا كان ما في العكة مما يتمول (لا من انضمام مجهول آخر غير قابل للبيع) كما هو مورد الكلام الآن، فانه باطل و لم يجزه الشارع (كما لو علم بوزن مجموع الظرف و المظروف، لكن علم بوجود صخرة في الزيت مجهولة الوزن) فان البيع باطل حينئذ لوجود جهالتين هنا، و الشارع انما اجاز جهالة واحدة و هى الجهالة الناشئة من قبل الظرف.

ص: 382

محتويات الكتاب

الموضوع الصفحة كلمة الشارح 3

فى عدم سقوط خيار الرؤية ببذل التفاوت و ابدال العين 4

فى ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع على عين شخصية 9

فى اختلاف البائع و المشترى في الوصف 12

فى اختلاف الاقوال في النسج 17

خيار العيب 20

فى ظهور العيب في المبيع 32

مسقطات خيار العيب 43

فى النصوص الدالة على ان الوطي مانع عن ردّ الجارية 76

فى ان الحمل عيب اجماعا 83

فى ان العمل بظاهر بعض الاخبار يستلزم مخالفته من وجوه اخر 91

فى التفصيل بين ان تكون الجارية بكرا او ثيبا 105

فى ما اذا انضم مع الحمل عيب آخر 111

فى ان حدوث العيب عند المشترى مسقط للردّ 112

فى ان العيب المانع من الرد تبعض الصفقة 145

فى سقوط الارش فقط 177

ص: 383

الموضوع الصفحة فى سقوط الردّ و الارش معا 188

فى الامور التى يسقط بها الردّ و الارش 199

فى عدم بيان عيب المعيوب للمشترى 241

فى اختلاف المتبايعين 250

فى ماهية العيب 307

فى ان المرض عيب 341

فى ان الحبل عيب في الاماء 343

فى ان الثيبوبة ليست عيبا في الاماء 358

فى ان عدم الختان عيب في العبد الكبير 367

فى ان عدم الحيض ممن شانها الحيض عيب 370

فى ان الإباق عيب 373

فى ان الثفل الكثير عيب 375

محتويات الكتاب 384

ص: 384

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.