الرسائل الثلاث

اشارة

نام كتاب: الرسائل الثلاث

موضوع: فقه استدلالى

نويسنده: شيرازى، سيد محمد حسينى

تاريخ وفات مؤلف: 1422 ه ق

زبان: عربى

قطع: وزيرى

تعداد جلد: 3

تاريخ نشر: ه ق

1- رسالة في أبعاد الفقه

اشارة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 4

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

وَ مٰا كٰانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً

فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ

لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ

وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ

لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ

صدق الله العلي العظيم

سورة التوبة: 122

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 5

المقدمة

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*، و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد، فهذه رسالة مختصرة في أبعاد الفقه و تغير الحكم بتغير موضوعه بما لا يكون نقضاً لقاعدة: (حلال محمد صلى الله عليه و آله و حرامه) «1».

نسأل الله عز و جل الفائدة و القبول، انه سميع مجيب.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

______________________________

(1) عن زرارة قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال و الحرام؟ فقال عليه السلام: حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة، و حرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره و لا يجي ء غيره، و قال: قال علي عليه السلام: ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة» الكافي: ج 1 ص 58 ح 19.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 6

تغير الحكم بتغير الموضوع

اشارة

مسألة: ليس من قانون موضوع عند العقلاء إلا و يكون مختلفاً حسب اختلاف الموضوع، زماناً .. أو مكاناً .. أو جهة .. أو شرائط .. أو حالات .. أو ما أشبه، و الشارع المقدس سيد العقلاء.

و لعلّ هذا هو مراد من رأى تغير الأحكام بتغير الزمان، و إلا فمن المستبعد إرادتهم ما يخالف قوله عليه السلام: (حلال محمد صلى الله عليه و آله و حرامه) الحديث «2».

كلام الشيخ و كاشف الغطاء

و قد ذكرنا في (الفقه): إن الأول يشمل الأحكام اللااقتضائية، و الثاني الاقتضائية، أما الوضعية فهي راجعة إليها، كما ذكره الشيخ رحمه الله في الرسائل.

و ردّ كاشف الغطاء رحمه الله لها فالظاهر أنه قصد بالتغير غير ما ذكرناه، حيث قال: إن من أصول مذهب الإمامية عدم تغير الأحكام إلا بتغير الموضوعات.

ثمّ إن الحكم إلقاء إلى المكلف، الأعم من الصغير الذي أمره الشارع و نهاه، و طرفاه الأعم من ضدها، التابعة للمصلحة و المفسدة، الأعمين مما في المتعلق أو في غيره، و الصفة الاعتبارية الحادثة بسببه.

و منه يعرف أن تعريف بعضهم له: بخطاب الشارع إذا تعلق بأفعال المكلفين ..

______________________________

(2) إشارة إلى ما سبق من قوله عليه السلام: (حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة، و حرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره و لا يجي ء غيره) الكافي: ج 1 ص 58 ح 19.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 7

و الآخوند رحمه الله: حيث عدّ كل ما يتعلق به الإرادة و الكراهة من ناحية الشارع حكماً.

و الأصفهاني رحمه الله: بما أخذ فيه الإنشاء من قبل الشارع.

و العراقي رحمه الله: بالإرادة و الكراهة المبرزة.

إلى غير ذلك، غير سالم بما لا يخفى.

ثمّ إن ما ذكرناه إنما هو في

القضية الحقيقية و لو من حيث واحد، على اختلاف تعابيرهم من حيث الاشكال في الطرد أو العكس، و ذلك غير ضار، لأن الكل يشير إلى حقيقة واحدة ..

أما الخارجية المفسدة فيها كل الإطلاقات فلا يعقل فيها إلا حكم واحد.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 8

رأي المتقدمين

و قد أشار إلى الاختلاف باختلاف الموضوع فقهاؤنا من المرتضى رحمه الله فما بعده.

فقول بعضهم: إنه من المتأخرين، غير ظاهر.

بل هو عقلي قبل أن يكون شرعياً، أو عقلائي كذلك، كما تقدم.

من غير فرق بين أن يكون طولياً أو عرضياً ..

فقد يكون الاختلاف بالأولية و الثانوية ..

و قد يكون كلاهما من الأول أو الثاني، كالاضطرار و الإكراه، فإيجاب الزوجة اضطرار إن لم تفتح باب المكره و إلا كان منه ..

و من المعلوم اختلاف الآثار بالصحة في الأول و البطلان في الثاني.

إلى غيره من الأمثلة.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 9

الحكم الاقتضائي و التخييري

مسألة: لا فرق في ذلك بين أن يكون الحكم اقتضائياً أو تخييرياً، و من المعلوم أن خامس الأحكام الخمسة إباحة شرعية، و تختلف آثارها عن العقلية الأوّلية.

أما من يقول بعدم جواز كل مباح أوّلًا، لأنه تصرف في حق المولى، فهي كسائر الأحكام.

قضية في واقعة

بقي أن قولهم: (قضية في واقعة) قد يراد به:

العفو بهذه الصورة، فهو للإمام عليه السلام، بل نرى أنه للفقيه أيضاً، واحداً أو شورى.

أو الكشف، كما في قصة بياض البيض «3».

______________________________

(3) راجع الكافي: ج 7 ص 422، و فيه: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي المعلى، عن أبي عبد الله قال: أتي عمر بن الخطاب بامرأة قد تعلقت برجل من الأنصار و كانت تهواه و لم تقدر عليه على حيلة، فذهبت فأخذت بيضة فأخرجت منها الصفرة وصبت البياض على ثيابها بين فخذيها، ثمّ جاءت إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا الرجل أخذني في موضع كذا و كذا ففضحني!

قال: فهمّ عمر أن يعاقب الأنصاري؟

فجعل الأنصاري يحلف و أمير المؤمنين عليه السلام جالس، و يقول: يا أمير المؤمنين تثبت في أمري ..

فلما أكثر الفتى قال عمر لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا الحسن ما ترى؟

فنظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى بياض على ثوب المرأة و بين فخذيها فاتهمها أن تكون احتالت لذلك، فقال: ائتوني بماء حار قد أغلي غلياناً شديداً، ففعلوا، فلما أتي بالماء أمرهم فصبوا على موضع البياض فاشتوى ذلك البياض، فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام فألقاه في فيه، فلما عرف طعمه ألقاه من فيه، ثمّ أقبل على المرأة حتى أقرت بذلك و دفع الله عن الأنصاري عقوبة عمر».

و مثله أيضاً في تهذيب الأحكام:

ج 6 ص 304 ب 22 ح 55.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 10

سواء كان مع الاكتشاف كما في المثال.

أو بدونه كما في قصة منشار المرأتين «4»، و العبد المدعى في حديث الثقبين «5».

______________________________

(4) راجع وسائل الشيعة: ج 18 ص 212 ب 21 ح 11، و فيه: «محمد بن محمد المفيد في الإرشاد قال: روى العامة و الخاصة أن امرأتين تنازعتا على عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولداً لها بغير بينة، و لم ينازعها فيه غيرهما، فالتبس الحكم في ذلك على عمر، ففزع فيه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فاستدعى المرأتين و وعظهما و خوفهما، فأقامتا على التنازع.

فقال علي عليه السلام: ائتوني بمنشار؟

فقال المرأتان: فما تصنع به؟

فقال: أقده نصفين، لكل واحد منكما نصفه.

فسكتت إحداهما و قالت الأخرى: الله الله يا أبا الحسن عليه السلام إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت به لها.

فقال عليه السلام: الله أكبر، هذا ابنك دونها، و لو كان ابنها لرقت عليه و أشفقت.

و اعترفت الأخرى أن الحق لصاحبتها و ان الولد لها دونها».

(5) راجع الكافي: ج 7 ص 425 ح 8، و تهذيب الأحكام: ج 6 ص 307 ب 22 ح 58، و من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 23 ب 2 ح 3253، و اللفظ للأخير:

قال أبو جعفر عليه السلام: «توفي رجل على عهد أمير المؤمنين عليه السلام و خلف ابناً و عبداً، فادعى كل واحد منهما أنه الابن و أن الآخر عبد له، فأتيا أمير المؤمنين عليه السلام فتحاكما إليه، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يثقب في حائط المسجد ثقبين ثمّ أمر كل واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب،

ففعلا، ثمّ قال عليه السلام: يا قنبر جرّد السيف، و أسرّ إليه: لا تفعل ما أمرك به، ثمّ قال: اضرب عنق العبد، قال: فنحى العبد رأسه، فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام و قال للآخر: أنت الابن ...».

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 11

و من المحتمل أن يكون قسماً آخر.

الظاهر و الواقع

ثمّ في القضايا الشخصية ظاهرها قد يكون كذلك واقعاً فلا كلام.

و قد يكون من باب انطباق عنوان في زعم المتكلم، و الثمر عدم الجواز، مثلًا إذا علم المكلف عدمه كقوله دخل الدار زاعماً أنه صديقه، بينما علم المكلف عدمه ..

و إذا شك أخذ بالظاهر من حال المتكلم، و إلا فالمرجع الأصول.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 12

الشخصية و العنوانية

و لا يخفى أن القضية الخبرية- غير الإنشائية- يأتي فيها الحالان: الشخصية و العنوانية.

الجزئية و الكلية

و القضية الخارجية قد تكون جزئية كزيد، أو كلية ككل من في الحوزة.

كما إن الكلية قد تكون منحصرة الأفراد و لو في واحد، و قد تكون غيرها.

و إذا كان الموضوع أفراداً، فمن الممكن أن يكون على نحو الشخصية أو الكلية، سواء كان للجميع مناط واحد أو مناطات.

فقول بعضهم: إن المناط في القضية الحقيقية واحد في جميع الأفراد، غير ظاهر الوجه.

موضوع الحقيقية

و من الممكن أن يكون موضوع الحقيقية ذاتاً، أو وصفاً، بمختلف صوره.

و الشخصية كذلك، إلا أنه في الخارج، و المراد به الأعم من الذهن.

و لا يلزم وجودها حالًا، بل تصح ماضياً و مستقبلًا أيضاً، نعم في الوسط يلزم، لكن اللزوم أعم من الذهن أيضاً.

الشرطية و الحملية

و هل الشرطية و الحملية- في الباب- اثنتان، كما قاله صدر المتألهين، أم واحدة كما قاله النائيني رحمه الله، لوضوح الفرق بين أن

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 13

يكون الشي ء موضوعاً أو شرطاً له، اللهم إلا أن يراد إمكان إرجاع كل واحد إلى الآخر، لكنه خلاف الاصطلاح، فهو كقول الآخوند رحمه الله: الخبرية و الانشائية شي ء واحد ..

و التفصيل في الأصول.

الأحكام الشرعية حقيقية

ثمّ إن الأحكام الشرعية من قبيل الحقيقية، إلا في موارد نادرة، مثل:

شفاعته صلى الله عليه و آله لبريرة في الرجوع إلى زوجها «6».

و قوله صلى الله عليه و آله: (وصيي خاصف النعل) «7».

______________________________

(6) راجع من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 134 ب 2 ح 3497، و فيه:

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ذكر: «أن بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة فاعتقتها، فخيرها رسول الله إن شاءت تقر عند زوجها و إن شاءت فارقته، و كان مواليها الذين باعوها قد اشترطوا ولاءها على عائشة، فقال رسول الله: الولاء لمن اعتق، و صدّق على بريرة بلحم، فأهدته إلى رسول الله، فعلقته عائشة و قال: إن رسول الله لا يأكل الصدقة، فجاء رسول الله و اللحم معلق، فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟

قالت: يا رسول الله صدق به على بريرة و أنت لا تأكل الصدقة!

فقال: هو لها صدقة و لنا هدية، ثمّ أمر بطبخه، فجرت فيها ثلاث من السنن».

و في الكافي: ج 5 ص 486 ح 4 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «في بريرة ثلاث من السنن: حيث اعتقت في التخيير، و في الصدقة و في الولاء».

(7) راجع الكافي: ج

5 ص 12 ح 2، و التهذيب: ج 4 ص 116 ب 1 ح 131 و ص 137 ب 22 ح 1. و فيه:

«... قال رسول الله: إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، فسئل النبي من هو؟ فقال: خاصف النعل، يعني أمير المؤمنين عليه السلام».

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 14

العلم بالذات أو الخصوصيات

و من المعلوم أنه لا يلزم علمه بالذات و لا بالخصوصيات، إلا من جهة حكمه، إذ العلم و الجهل لا شأن لهما بالموضوع.

بل و إن كان قطع بالخلاف، بشرط أن لا يكون المصب العنوان المخالف و إلا انتفى حكمه.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 15

الموضوع و المتعلق

و واضح إن الموضوع غير المتعلق، فالأول قبل الحكم و الثاني بعده.

أما استعمال أحدهما بمعنى الآخر فهو من التسامح أو ما أشبه، كما أن تعبير بعضهم عنهما بالعلة و المعلول أو ما أشبه تسامحي، لا لأن الحكم من الأمور الاعتبارية كما ذكره بعضهم، إذ الاعتباريات قد تكون علة أو معلولًا، بل لأن هذا القسم من الاعتباريات لا يكون من هذا الباب.

أقسام العلة و المعلول

و بذلك تبين أن العلة و المعلول في الواقعي و الاعتباري على أربعة أقسام: من جنس واحد، أو جنسين، مع عليّة الواقعي أو الاعتباري.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 16

أمثال الرهان بالفرس و مصارف الزكاة

مسألة: حيث تقدم أن الموضوعين كالسفر و الحضر، و الأحكام الثانوية التي لا محيص أن تنطبق على كل مورد إذا تحقق موضوعها، هي من الأحكام المقررة شرعاً، بالإضافة إلى أن فقدان الموضوع يوجب عدم الحكم كعدم وجود نساء حتى يتزوج الرجل أكثر من واحدة أو ما أشبه ..

فلا مورد لأن يقال:

بتغيير الزمان و المكان للحكم في أمثال الرهان بالفرس و النشاب، و إن مصارف الزكاة أكثر من ثمانية حالا، و جواز إزالة بعض الغابات مثلًا حيث توجب التلوث، و المساجد و نحوها في الطريق المضطر إليه، إلى غير ذلك مما ذكره بعض العلمانيين في مصر لتهويل استمرار الدين.

لوضوح أن:

الأول: داخل في قوله تعالى: مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ «8».

و الثاني: في قوله سبحانه: سَبِيلِ اللّٰهِ «9».

و الثالث: في قوله صلى الله عليه و آله: (لا ضرر) «10».

و الرابع: في قاعدة (الأهم و المهم) «11».

فأين التهويل إذا لم يكن تغيير فيهما.

______________________________

(8) سورة الأنفال: 60.

(9) سورة التوبة: 60.

(10) الكافي: ج 5 ص 280 ح 4.

(11) راجع موسوعة الفقه، كتاب القواعد الفقهية، للإمام المؤلف (دام ظله).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 17

المرجع في تحقق الثانوي

و المعيّن لتحقق الثانوي و غيره: شورى الفقهاء المراجع إن كان بالنسبة إلى الأمة و نحوها، و إلا فمرجع التقليد و عدول المؤمنين في الموارد الجزئية، حيث المرجع هو المعيّن لمقلده، و كل ذلك مذكور في (الفقه) منذ شيخ الطائفة رحمه الله بل قبله.

الموضوعات الشرعية

لا يقال: موضوع المخترعات الشرعية مرتبط بالفقيه، أما غيرها كالنكاح و الطلاق و نحوها فبالعرف؟

لأنه يقال:

أولًا: قال الشيخ رحمه الله و جماعة بالارتباط بالفقيه في الموضوعات المستنبطة.

و ثانياً: لا إشكال في أنه يجب الإرجاع إليه- بمقتضى (فانهم حجتي عليكم) «12» حسب فهم العرف الملقى إليه هذا الكلام، و ذلك في الأمور العامة كما هو شأن الحكام الزمنيين، حيث أن الشارع جعله مثله في قوله عليه السلام: (فإني قد جعلته عليكم حاكماً) «13».

فهل كان يحرّم التنباك، أو يحارب الروس، أو يبدل المستبد إلى المشروط، أو ينهض لإخراج المستعمرين من العراق .. غير الفقهاء الأربعة بكوكبتهم المشهورة من الأعلام؟

فالرسول صلى الله عليه و آله و الامام عليه السلام هما المرجعان في الموضوعات العامة، و بعدهما من عينوهما من النواب، تعيينا خاصاً أو عاماً، الواحد إن اتحد، و الأكثرية إن تعدد.

و إذا تساو رأيان فالمرجع: الأمة، أو القرعة، أو ما أشبه.

______________________________

(12) وسائل الشيعة: ج 18 ص 101 ب 11 ح 9.

(13) وسائل الشيعة: ج 18 ص 99 ب 11 ح 1، و الوسائل: ج 1 ص 23 ب 2 ح 12.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 18

كلام الشيخ رحمه الله

و قد أشار الشيخ رحمه الله في (الفرائد) إلى ما ذكرناه في مسألة حكم النجاسة في الماء المتغير، حيث قال عليه السلام:

(إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنه كثيراً ما يقع الشك في الحكم من جهة الشك في أن موضوعه و محله هو الأمر الزائل و لو بزوال قيده المأخوذ في موضوعيته حتى يكون الحكم مرتفعاً، أو هو الأمر الباقي و الزائل ليست موضوعاً و لا مأخوذاً فيه، فلو فرض شك في الحكم كان من جهة أخرى غير الموضوع، كما

يقال إن حكم النجاسة في الماء المتغير موضوعه نفس الماء و التغيير علة محدثة للحكم، فيشك في عليته للبقاء، فلا بد من ميزان يميّز به القيود المأخوذة في الموضوع من غيرها و هو أحد أمور ..).

إلى آخر كلامه (رضوان الله عليه) «14».

أقول: و قد يختلف الفقهاء في أنه إذا زال يبقى الحكم السابق أو يزول، فيطهر المتغير إذا كان الزوال بنفسه.

______________________________

(14) فرائد الأصول: ص 692- 693.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 19

التغير لا إلى السابق

مسألة: ثمّ إن تغير الزمان و المكان و الاسم و الحالة و ما أشبه إن سبب دخول الثاني في غير السابق، كان الحكم تبعاً له، و إلا بقي كالأول.

مثلًا: اغتصب منه شاة يوم الجمعة حيث الغلاء، و أراد الردّ سبتاً حيث الرخص، أو في مكان غال و الرد في مكان رخيص.

و أوضح منه: غصبه حيث القيمة، و أراد ردّه حيث لا قيمة، كالثلج في الصيف و الشتاء.

بل قد ذكرنا في (الفقه) احتمال أنه ليس من الربا إذا زادت القوة الشرائية، حيث إنه ليس من فساد الأموال، كما في رواية ابن سنان «15»، بل عكسه كذلك.

أو تبدل الاسم استحالة أو انقلاباً، كما ذكروا في حديث عبيد ابن زرارة: إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس به «16»، و عن علي بن جعفر عليه السلام إذا ذهب سكره فلا بأس.

أو تبدلت الحالة، كما إذا أمنى إذا نظر إلى صورة خيالية ثمّ تزوج فذهبت، إذ الأول من الإمناء دون الثاني، و هكذا.

الأصل و الانصراف

من غير فرق في ذلك بين أن يكون أصلًا كالأمثلة، أو انصرافاً، تفصيلياً، أو إجمالياً.

الانصراف في التفصيلي

______________________________

(15) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 565 ب 2 ح 4934.

(16) الكافي: ج 6 ص 428 ح 3.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 20

فالأول: كما إذا آجر نفسه كل شهر بعشرة، فصار الغلاء حيث كل شهر بمائة، فإن الانصراف في العقد يقتضي أن يكون على حاله أو ما أشبه لا بمثل هذا التفاوت.

و في عكسه صار الرخص.

و هكذا في سائر المعاملات المشابهة.

و من ذلك قال الفقهاء: بتغير مصرف الوقف أو النذر أو الوصية إذا كان كالمغيرَ- بالفتح- كتبدل الشمع إلى الشمعة في الإنارة، و المروحة

الخوصية إلى الكهربائية، إلى غير ذلك.

و لعل من ذلك أيضاً ما أفتى به بعض المعاصرين بأنه لو تمكن من الحج في الحال الحاضر بالدواب لم يجب، لا لأنه عسر و قد رفعه الشارع، إذ كان في السابق كذلك مع وجوبه، بل من جهة عدم المتعارف، و الأحكام منصبة على المتعارف، لأنه لسان القوم الذين أرسلوا به.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 21

الانصراف في الاجمالي

و الثاني: كما إذا جاء الوباء أو مرض آخر مما أوجب تلوث بعض أقسام الطعام، فإن الحاكم و نحوه يحكم بإتلاف ما وجد منه، و إن كان المعلوم تلوثه عشرة في الألف مثلًا، لاحتمال الضرر الكبير في الكل.

نعم يمكن القول بلزوم التدارك للقدر الصحيح جمعاً بين الدليلين.

بل قال بعضهم: بعدم اللزوم لأنه محسن «17»، و ذلك كما إذا أفرغ الملاح السفينة بإغراق الأموال لسلامة الركاب.

عدول المؤمنين

فقولهم: بنيابة عدول المؤمنين إنما هو في غير الضرورة، أما معها فحتى الكافر كذلك، و يأتي فيه الكلام بالنسبة إلى الضمان و عدمه.

______________________________

(17) إشارة الى قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفٰاءِ وَ لٰا عَلَى الْمَرْضىٰ وَ لٰا عَلَى الَّذِينَ لٰا يَجِدُونَ مٰا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذٰا نَصَحُوا لِلّٰهِ وَ رَسُولِهِ مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، سورة التوبة: 91.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 22

شمولية الأحكام الواصلة

مسألة: لا شك في دلالة الأدلة الأربعة على وجود حكم لكل موضوع في الشريعة الواصلة إلينا.

قال سبحانه: تِبْيٰاناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ «18».

و قال صلى الله عليه و آله: «ما من شي ء يقربكم إلى الجنة ...» «19».

و قوله صلى الله عليه و آله: «فغمزني بيده و قال حتى أرش هذا» «20».

و الإجماع قطعي في الجملة.

و إنما الاختلاف في أن الكل واصل، أو أن البعض الذي لم يصل واصل بكليه، و إن كان بالأصل، و العقل حاكم، إذ لو لم يصل لم يكن تكليف، بضميمة بعض مقدمات الانسداد على ما فصّل في بابه.

و المستنبط يفحص الأربعة لاستخراج الحكم، سواء كان في زمانهم عليهم السلام أو لا، فان وجده و لو بالالتزام العرفي أو المذاق الفقهي بناء على الحجية و بمقدارها فهو، و إلا فالمرجع الأصول العملية.

و ذلك نوع من الأصول، لأنهم عليهم السلام قالوا:

«كل شي ء لك حلال» «21».

______________________________

(18) سورة النحل: 89.

(19) راجع الكافي: ج 5 ص 83 ح 11، و فيه: «عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله: أيها الناس إني لم أدع شيئاً يقربكم إلى الجنة و يباعدكم من النار إلا و قد نبأتكم به».

(20) الكافي: ج 1 ص 239 ح 1.

(21) تهذيب الأحكام: ج

7 ص 226 ب 21 ح 9.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 23

و «طاهر» «22».

و «لا ينقض» «23».

و «إذن فتخير» «24».

بالإضافة إلى العقل الذي جعل الشارع له مجالًا في كثير من الموارد، أما قوله عليه السلام: «دين الله لا يصاب» «25»، فالمراد في غير مثل ذلك، و إلا فهم عليهم السلام قالوا: «إن لله حجتين» «26».

و تفصيل ذلك ذكرناه في «الأصول» تبعاً لهم (قدّس الله أسرارهم).

و لذا لا تجد فقيهاً مستوعباً إلا و أجاب عن كل ما يسأل عنه مستدلًا بالأدلة الشرعية و مستنبطاً منها، نعم قد يحتاطون خوفاً من الله و رجاء إدراك الواقع، و هم عليهم السلام قالوا: «فاحتط لدينك» «27» و ما أشبه الوارد في مختلف الأبواب الفقهية.

كثرة المسائل الحديثة

______________________________

(22) راجع مستدرك الوسائل: ج 2 ص 582 باب ان كل شي ء طاهر حتى يعلم ورود النجاسة عليه.

(23) الاستبصار: ج 1 ص 373 ب 216 ح 3.

(24) مستدرك الوسائل: ج 17 ص 304 ب 9 ح 21413.

(25) مستدرك الوسائل: ج 17 ص 262 ب 6 ح 21289.

(26) راجع الكافي: ج 1 ص 16 ح 12، و فيه: «يا هشام ان لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة و حجة باطنة».

(27) فرائد الأصول: ص 347 رواه عن أمالي المفيد الثاني ولد الشيخ بسند كالصحيح عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 24

ثمّ إن المسائل الحديثة كثيرة بسبب التطور العلمي و تطوير العلاقة و الآلة و ما أشبه، و قد ذكرنا جملة منها في جزئي (ألف مسألة حديثة)، و نشير هنا إلى ثلاث مسائل مما هو مطروح حالًا في العالم الإسلامي، و هي:

مسألة المرأة، و مسألة العقوبات، و

مسألة التساوي بين المسلم و غيره، و انه كيف يعيش المسلمون في هذه الجوانب مع الثقافة العالمية التي أصبحت أزمتها بيد غير المسلمين أو من إليهم، و المراد إن هذه الصغريات في هذا العصر صغرى لأية كبرى شرعية ..

فهي من قبيل التساؤل عن كيف يعيش المؤالف في نكاحه و طلاقه و إرثه و ما أشبه إذا كان المسيطر المخالف، و كذا المتدين إذا كان غير المتدين كذلك.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 25

المرأة في الإسلام

أما المرأة فهي نصف البشر بالنصف التقريبي لا العدد «28»، قال سبحانه: وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ «29» ..

و الإسلام قد أعطاها حقها بما للكلمة من معنى، و بيّن واجبها و ما لها و ما عليها، بما فيه صلاح دنياها و أخراها، فكل زيادة أو نقيصة فيها إفراط أو تفريط.

علماً بأن الأصل في الإسلام: التساوي بينها و بين الرجل إلا فيما استثني بالدليل لمصلحة رآها الشارع، فالحرية للمرأة مثل الحرية للرجل في كل أنواع المعاملة و نحوها، فلها الحرية في العمارة و الزراعة و التجارة و الثقافة و غيرها، نعم يستثنى الحرية في التكشف و الاختلاط المحرم، و قد منع الإسلام عن تلك المحرمات لأنها تؤدي إلى الفساد و الإفساد، من البغاء و اتخاذ الخليلات و الأخلاء، و هدم البيت العائلي و ضياع الأولاد، و صيرورتها مجرد بضاعة، و إدخالها في ما لا يلائم شئونها الأنثوية، و جمالها و خصوصياتها البدنية، و رقتها النفسية، و لا يناسب كرامتها الإنسانية.

و قد فرّط الغرب في حقها فأغرقها في الفساد و الإفساد، و سبب بذلك ضياعها، و ضياع العائلة، و حرمانها و حرمان الرجل المعطي لها مثل هذه

الحرية من دف ء العائلة و ما أشبه.

و في الاحصاءات أن في دولة واحدة من دول الغرب (15) مليون عانسة، فهل هذا في صالح المرأة!

و قد أثرت تعاليم الغرب حتى على بلادنا الإسلامية، بحيث

______________________________

(28) أما من حيث العدد فانهن أكثر من الرجال بقليل في بعض البلاد.

(29) سورة البقرة: 228.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 26

بلغ النكاح في بلد إسلامي و في فترة معينة (47) ألفاً، و كان الطلاق في نفس المدة (37) ألفاً!!

و في مصر عشرة ملايين ولد و بنت في وقت الزواج محرومين منه، و في إيران (15) مليون ولد و بنت كذلك.

أ ليس في ذلك ظلم لهما و أمراض و أخطار .. إلى غير ذلك.

و اذكر جيداً أن في كربلاء المقدسة كان نفران للنكاح و الطلاق، فسألت أحدهما ذات مرة: كم كان عدد الطلاق في العام الماضي؟ فقال: واحد فقط. نعم هكذا حفظ الإسلام كرامة المرأة ..

و لا يخفى أن المشكلة في الحال ليس من جهة المرأة فقط بل من جهات عديدة و البحث طويل.

و قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله يهتم بزواج البنين و البنات، و النساء و الرجال، حيث كان يسأل عن المرأة هل لها زوج أم لا؟ كما ورد في التاريخ «30».

كما كان صلى الله عليه و آله يسأل الشباب عن ذلك؟ فإذا لم يكن متزوجاً أو لم تكن، حرضه و حرضها صلى الله عليه و آله على الزواج أبلغ تحريض ..

مضافاً إلى العمومات الواردة عنهم عليهم السلام في ذلك، كما في الوسائل و المستدرك و البحار و غيرها.

و كان صلى الله عليه و آله إذا مات الزوج قتلًا أو غيره، أو طلقها و لم

يرجع إليها، زوّجها زوجاً ثانياً، و أحياناً ثالثاً، كما في زوجة حمزة عليه السلام، و زوجة جعفر عليه السلام، حتى إن بعضهم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه و آله لم يمت إلا و كلّ نساء المدينة كانت ذات زوج.

فالاسلام هو الذي حفظ للمرأة كرامتها و ضمن جميع حقوقها المشروعة من دون إفراط أو تفريط، و هناك الكثير من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام في حب النساء و إكرامهن و عدم إيذائهن و ما أشبه.

فهل المرأة في ظل الإسلام أسعد أم في ظل الغرب؟

______________________________

(30) راجع أسد الغابة و غيره من مصادر الفريقين.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 27

من أسباب عدم الزواج

أما أسباب كثرة العزوبة و العنوسة فهي عديدة، منها:

حجر الأرض على ملكية الحكام، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «الأرض لله و لمن عمرها» «31».

و منع الاستفادة من الخيرات و المباحات، و قد قال صلى الله عليه و آله: «من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به» «32».

و عدم حرية الإنسان في عمله، و قد قال سبحانه: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلٰالَ الَّتِي كٰانَتْ عَلَيْهِمْ «33».

و كثرة الضرائب المرهقة، و قد جعلها الإسلام أربعة بمقادير قليلة جداً.

بالإضافة إلى حرص كثير من الناس و تجملهم الزائد عن الحق و الشأن، و قد ذكرنا تفصيل ذلك في بعض كتبنا الفقهية و غيرها.

فأصبحت الحياة ضنكاً على الشباب و الشابات، بل على النساء و الرجال بصورة عامة، كما قال سبحانه: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً «34»، و السبب في ذلك هو البشر نفسه، قال تعالى: وَ مٰا ظَلَمْنٰاهُمْ وَ لٰكِنْ كٰانُوا

هُمُ الظّٰالِمِينَ «35».

______________________________

(31) الكافي: ج 5 ص 279 ح 2، و الاستبصار: ج 3 ص 108 ب 72 ح 3، و تهذيب الأحكام: ج 7 ص 152 ب 22 ح 21.

(32) مستدرك الوسائل: ج 17 ص 111 ب 1 ح 20905.

(33) سورة الأعراف: 157.

(34) سورة طه: 124.

(35) سورة الزخرف: 76.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 28

العقوبات في الإسلام

أما مسألة العقوبات، فقد كانت قليلة جداً، و لم يكن لرسول الله صلى الله عليه و آله سجن، كما أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام في مملكته الشاسعة لم يكن له إلا سجن صغير و بسيط جداً، و كان ذلك نتيجة لما ظهر من الفساد بسبب من حكم قبل الإمام عليه السلام.

و قد ذكرنا في «الفقه» أن إجراء بعض الحدود يشترط فيه أكثر من أربعين شرطاً، قلما يتفق وجودها، و عندئذ- أي عند ما لم تتوفر الشروط الكثيرة المقررة لإجراء الحدود في مثل هذا اليوم- تتحول العقوبة إلى غيرها كسجن السارق أو ما أشبه مما هو أجدى.

ثمّ بعد ذلك هل القطع مع إيصال المقطوع إلى الموضع أسوأ أم السجن؟ و هكذا الأمر بالنسبة إلى حد الزنا أو اللواط.

و في مورد اجتماع الشرائط المقررة كلها فرضاً، فهل هناك عناوين أهم يلزم ملاحظتها، من العلاج بالحد المقرر أو إمكان انتهاك العرض أو ما أشبه ..

إن هذه الأمور كلها و غيرها مما هو كثير، بحاجة إلى تدقيق كبير، لم أجد من تعنى له.

و قد ذكر الأخ السيد الصادق (حفظه الله) في كتابه (العقوبات في الإسلام) بعض ما يرفع الإشكال.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 29

التساوي بين المسلم و غيره

و أما مسألة التساوي، فعدمه بين المسلم و غير المسلم من قبيل عدم تساوي القوانين الحاضرة بين المواطن و غيره، و لو فرض القول بأن عدم التساوي للضغط على غير المسلم أدبياً ليقبل المنطق، فهل مثل هذا الضغط مما يؤخذ عليه أو به، بينما الحق له دليل و المنطق له كفيل.

و لعل العلم يأتي بما يكشف عن ما يقرب وجه الحق إلى الأذهان، كما أن العلم كشف عن الكثير كإمكان الاستفادة

من الحواس كلها لإفادة شي ء واحد و لم يكن كذلك في السابق.

فقالوا: بإمكان الاستفادة من أية حاسة أو عدة منها للوصول إلى المقصود نفسه.

فيمكن معرفة الوقت- مثلًا- عبر الساعة بالعين كما هو المتعارف.

أو بالأذن، بالدقات مثلًا.

أو باللمس، كالخط الخاص لمن لا يبصر.

أو بالذوق لساناً، بجعل أذواق مختلفة لمختلف الأوقات.

أو بالشم، باختصاص روائح مختلفة كذلك، إلى غيرها من الأمثلة.

فمسألة تبديل الأحكام بتبدل الموضوعات زماناً أو مكاناً أو جهة أو ما أشبه مما هو مذكور في محله، بحاجة إلى تعمق و تفصيل أكثر .. و ذلك لمعرفة ما يبين حكم الصغريات و أنها مشمولة لأية كبرى من العمومات و الاطلاقات بحيث لا تتنافى مع قاعدة: (حلال محمد صلى الله عليه و آله و حرامه) «36» و ما أشبه.

______________________________

(36) راجع الكافي: ج 1 ص 58 ح 19.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 1، ص: 30

و هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب، و الله الموفق للصواب، و هو المستعان.

سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ، وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.

قم المقدسة/ محمد الشيرازي

1419 ه- ق

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 3

2- الإرث في الاسلام

[مقدمات التحقيق]

[المدخل]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 4

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ

الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ

اهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ

صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضّٰالِّينَ

صدق الله العلي العظيم

سورة الفاتحة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 5

كلمة الناشر

الإرث: هو كل ما يتركه المتوفي لأهله: أولاداً و زوجة و أبوين و إخوة ... من عقارات و أرزاق و أموال منقولة و غير منقولة، عينية أو اعتبارية، بأية طريقة أو أي أسلوب كان ..

و الإرث: حق شرعي و قانوني، يقره العقل و النقل، و تؤيده الفطرة و الضمائر الحرة، أينما و كيفما وجدت في العالم ..

و هو مجموعة من القوانين المتشابكة و المختلفة من تشريع إلى تشريع، و من قانون إلى قانون، إلا أن التشريع الإسلامي هو أجملها و أشملها و أعدلها على الإطلاق، بحيث لا توجد نسبة بينه و بين أي قانون من قوانين العالم إلا إذا استمدَّ ذاك القانون من الإسلام أصوله و قواعده العامة ..

و الإرث يوجب حالة من التواصل بين الأرحام، و استمرار هذا التواصل بين الأحياء و الأموات كذلك، و هذا بحدِّ ذاته رحمة ربانيَّة لا يعلمها و يعلم دقائقها إلا علَّام الغيوب- جلَّ و علا- و من ارتضاه من رسول.

فالإرث في الإسلام هو لطبقات و درجات، و الأقرب يحجب الأبعد و هكذا، و هو موضوع دقيق و مُتشعِّب جداً و معقد في بعض مسائله، فهو لا يؤخذ إلا من أهل الاختصاص: الفقهاء الكبار.

و هذا الكتاب- الذي بين يديك أخي الكريم- هو ما جاد به المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (حفظه الله) و قد بسط سماحته مسائل الإرث بشكل يسهل

تناوله للجميع، و طبع سابقاً ملحقاً

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 6

برسالته العملية الموسَّعة «المسائل الإسلامية» إلّا انه رأينا طباعته مستقلًا و ذلك لضرورتين حضاريتين فعلًا ..

1. أن مسائل الإرث هي من المسائل اليومية و في كل المجتمعات و كل الطبقات.

2. أن معظم القوانين و التشريعات الوضعية الحالية المستوردة من الغرب أو الشرق أضاعت الكثير من الحقوق، لأنها تشريعات مخالفة لتشريع رب العالمين، لقصور أو تقصير.

فسنّوا قوانين فيها الكثير من الثغرات و الاختلاطات و الاختلافات، و كلها سببت الكثير من الحساسيات بين الأهل و الأقارب، و فعلت الكثير من المآسي، و الله حسيبهم على ما فعلوا من تبديل و تغيير بالشرائع و الأحكام ..

و من هذا المنطق اتخذ مركز الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) على عاتقه طباعة و نشر هذا الكراس الفقهي الدقيق تتميماً للفائدة و تعميماً لهذه المسائل بين أصحاب الاختصاص من حقوقيين و شرعيين و غيرهم، عسى و لعلَّ أن تسود القوانين الإسلامية في جميع مجالات الحياة ... و آخر دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ.

مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق و النشر

بيروت- لبنان: ص ب: 5951/ 13

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 7

المقدمة

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين، و لعنة الله على أعدائهم الى قيام يوم الدين.

و بعد .. هذا كتاب (الإرث في الإسلام) جمعت فيه مسائل الإرث بأسلوب واضح، ليكون مرشداً سهلًا لمختلف قضايا الإرث، و اتبعنا في هذه الرسالة ما ذكره المشهور في هذا الباب.

و أسأل الله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، و ينفع به المؤمنين، إنه الموفق المستعان.

كربلاء المقدسة

محمد

بن المهدي الحسيني الشيرازي

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 9

الطبقة الأولى الآباء و الأولاد

1. الأب

وحده: له كل المال.

مع الأم- مع الحاجب-: للأم السدس، و للأب البقية.

مع الأم- بدون الحاجب-: للأم الثلث، و الباقي للأب.

مع البنت الواحدة: للبنت ثلاثة أرباع، و للأب الربع.

مع بنتين فصاعداً: للأب الخمس، و الباقي للبنات بالسوية.

مع ولد واحد: للأب السدس، و الباقي للولد.

مع أولاد ذكور: للأب السدس، و الباقي للأولاد بالسوية.

مع أولاد ذكور و إناث: للأب السدس، و الباقي للأنثى نصف الذكر.

مع زوج: للأب النصف، و للزوج النصف.

مع زوجة: للأب ثلاثة أرباع، و للزوجة الربع.

الإخوة للميت، و الأجداد، و الأعمام، و الأخوال، لا يرثون مع وجود الأب.

و كلما كان واحد من الطبقة السابقة موجوداً لا يرث الطبقة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 10

اللاحقة.

2. الأم

وحدها: لها كل المال.

مع الأب: تقدم في الرقم 1.

مع البنت: للأم الربع، و الباقي للبنت.

مع بنتين فصاعداً: للأم الخمس، و الباقي للبنات بالسوية.

مع ولد واحد: للأم السدس، و الباقي للولد.

مع أولاد ذكور: للأم السدس، و الباقي للأولاد بالسوية.

مع أولاد ذكور و إناث: للأم السدس، و الباقي للأنثى نصف الذكر.

مع زوج: للزوج النصف، و النصف الباقي للأم.

مع زوجة: للزوجة الربع، و الباقي للأم.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 11

3. الأب و الأم

للأم حاجب، مع البنت: حصة الأم السدس، و الباقي يقسم أرباعاً، فللأب ربع الباقي، و للبنت ثلاثة أرباعه.

ليس للأم حاجب، مع البنت: للأب الخمس، و للأم الخمس، و للبنت ثلاثة أخماس.

مع بنتين فصاعداً: للأب السدس، و للأم السدس، و الباقي يقسم بين البنات بالسوية.

مع ولد، أو أولاد: للأب السدس، و للأم السدس، و الباقي للولد، و إذا كان أولاد، قسّم الباقي بينهم بالسوية.

مع أولاد ذكور و إناث: للأب السدس، و للأم السدس، و الباقي للأولاد و للذكر ضعف الأنثى.

للأم حاجب، مع زوج: للأب الثلث، و للأم السدس، و للزوج النصف.

ليس للأم حاجب، مع زوج: للأم الثلث، و للأب السدس، و للزوج النصف.

للأم حاجب، مع زوجة: للأم السدس، و للزوجة الربع، و الباقي للأب.

ليس للأم حاجب، مع زوجة: للأم الثلث، و للزوجة الربع، و الباقي للأب.

4. الأب و الأولاد

أب، و بنت واحدة، مع زوج: للزوج الربع، و الباقي يقسم

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 12

أرباعاً، ربع للأب، و ثلاثة أرباع للبنت.

أب، و بنتان أو أكثر، مع زوج: للأب السدس، و للزوج الربع، و الباقي للبنات يقسم بينهن بالسوية.

أب، و ولد أو أولاد، مع زوج: للزوج الربع، و للأب السدس، و الباقي للولد، أو الأولاد بالسوية.

أب، و أولاد ذكور و إناث، مع زوج: للأب السدس، و للزوج الربع، و للأولاد للذكر ضعف الأنثى.

أب، و زوجة، و بنت واحدة: للزوجة الثمن، و الباقي يقسم أرباعاً، ربع للأب، و ثلاثة أرباع للبنت.

أب، و زوجة، و بنتان فصاعداً: للزوجة الثمن، و الباقي يقسم خمسة أقسام، قسم للأب، و أربعة أخماس للبنات يقسم بينهن بالسوية.

أب، و زوجة، و ولد أو أولاد ذكور: للزوجة الثمن، و للأب السدس، و الباقي للولد،

أو الأولاد يقسم بينهم بالسوية.

أب، و زوجة، و أولاد ذكور و إناث: للأب السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للأولاد و للأنثى نصف الذكر.

5. الأم و الأولاد

أم، و زوج، و بنت: للزوج الربع، و الباقي يقسم أرباعاً، للأم الربع، و للبنت ثلاثة أرباع.

أم، و زوج، و بنتان فصاعداً: للزوج الربع، و للأم السدس، و الباقي بين البنات بالسوية.

أم، و زوج، و ذكر أو ذكور: للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للولد، أو الأولاد يقسم بينهم بالسوية.

أم، و زوج، و أولاد ذكور و إناث: للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 13

أم، و زوجة، و بنت: للزوجة الثمن، و الباقي يقسم أرباعاً، ربع للأم و ثلاثة أرباع للبنت.

أم، و زوجة، و بنتان فصاعداً: للزوجة الثمن، و الباقي يقسم أخماساً، خمس للأم، و أربعة أخماس للبنات بالسوية.

أم، و زوجة، و ذكر أو ذكور: للأم السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للولد، أو الأولاد يقتسمونه بالسوية.

أم، و زوجة، و ذكور و إناث: للأم السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للأولاد يقتسمونه للذكر ضعف الأنثى.

6. أب و أم و أولاد

أب، و أم، و زوج، و بنت واحدة: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للبنت.

أب، و أم، و زوج، و بنتان فصاعداً: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للبنات يقتسمنه بالسوية.

أب، و أم، و زوج، و ولد واحد ذكر أو ذكور: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للذكر، أو للذكور يقتسمونه بالسوية.

أب، و أم، و زوج، و أولاد ذكور و إناث: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوج الربع، و الباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى.

أب، و أم، و زوجة، و بنت واحدة، و لا حاجب: للزوجة الثمن، و باقي المال يقسم خمسة أقسام، قسم للأب، و

قسم للأم، و ثلاثة أقسام للبنت.

أب، و أم- مع الحاجب لها-، و زوجة، و بنت واحدة: للأم

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 14

السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي يقسم بين الأب و البنت أرباعاً، ربع للأب، و الباقي للبنت.

أب، و أم، و زوجة، و بنتان فصاعداً: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للبنتين فصاعداً يقسمنه بالسوية.

أب، و أم، و زوجة، و ابن واحد، أو أبناء: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للابن، أو الأبناء يقسمونه بالسوية.

أب، و أم، و زوجة، و أولاد ذكور و إناث: للأب السدس، و للأم السدس، و للزوجة الثمن، و الباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى.

7. الزوج

الزوج وحده: له كل المال.

مع بنت: للزوج الربع، و الباقي للبنت.

مع بنتين فصاعداً: للزوج الربع، و الباقي للبنات يقتسمنه بالسوية.

مع ولد ذكر: للزوج الربع، و الباقي للولد.

مع أولاد ذكور: للزوج الربع، و الباقي للأولاد بالسوية.

مع أولاد ذكور و إناث: للزوج الربع، و الباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 15

8. الزوجة

الزوجة وحدها: لها ربع المال، و الباقي للإمام (عليه السلام).

الزوجة مع بنت: للزوجة الثمن، و الباقي للبنت.

الزوجة مع بنتين فصاعداً: للزوجة الثمن، و الباقي للبنات بالسوية.

الزوجة مع ولد ذكر: للزوجة الثمن، و الباقي للولد.

الزوجة مع أولاد ذكور: للزوجة الثمن، و الباقي للأولاد الذكور بالسوية.

الزوجة مع أولاد ذكور و إناث: للزوجة الثمن، و الباقي للأولاد، للذكر ضعف الأنثى.

أولاد الأولاد يرثون حصة آبائهم، فولد البنت يرث حصة البنت، و بنت الولد ترث حصة الولد، و في صورة كونهم ذكوراً و إناثاً، فالمال بينهم بالتفاضل.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 16

الطبقة الثانية الأجداد و الإخوة

9. الإخوة

الأخ الواحد لأبوين: له كل المال.

الأخت الواحدة لأبوين: لها كل المال.

إخوان ذكور لأبوين: لهم المال بالتسوية.

أخوات إناث لأبوين: لهن المال بالتسوية.

إخوة ذكور و إناث لأبوين: لهم المال، و للذكر ضعف الأنثى.

اذا كان الأخ، أو الأخت، أو الأخوان، أو الأخوات، أو الإخوان و الأخوات معاً، (لأب) فقط، كان الأمر كما في (الأبويني).

اذا كان الأخ، أو الأخت، أو الأخوان، أو الأخوات، (لأم) فقط، كان الأمر كما في (الأبويني).

إخوة لأم و أخوات لأم: المال يقسم بينهم بالتسوية، فللذكر مثل الأنثى.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 17

10. إخوة لأب و إخوة لأبوين

لا يرث إخوة الأب مع وجود إخوة الأبوين، بل المال كله لإخوة الأبوين، كما تقدم في الرقم 9.

11. إخوة للأم و إخوة لأبوين:

إذا كان المنتسب الى الأم- أي إخوة الأم- واحداً: فله سدس المال، و الباقي لإخوة الأبوين (يقتسمونه للذكر ضعف الأنثى).

إذا كان المنتسب إلى الأم- أي إخوة الأم- متعدداً: فلهم ثلث المال (يقتسمونه بالتساوي، ذكوراً كانوا أو إناثاً، أو ذكوراً و إناثاً) و الباقي و هو ثلثا المال لإخوة الأبوين، (يقتسمونه بالتفاضل، إذا كانوا ذكوراً و إناثاً).

12. إخوة لأب و إخوة لأم

أخ واحد لأم، و واحد أو متعدد لأب (ذكوراً أو إناثاً أو بالاختلاف): لأخ الأمي السدس، و الباقي للأبي، فإن كان واحداً فله بقية المال، و إن كان متعددا متساوياً قسموا المال بالسوية، و إن كان متعدداً مختلفاً فللذكر ضعف الأنثى.

أخت واحدة لأم، و واحد أو متعدد لأب (ذكوراً أو إناثا، أو بالاختلاف): للأخت للأم السدس، و الباقي للأبي، كما تقدم.

إذا تعدد الإخوة لأم: (أختان أو أخان، أو أخ و أخت، أو أكثر) و كان الإخوة لأب واحداً أو متعدداً، ذكوراً أو إناثاً أو مختلفاً: للأمي (الثلث) و تكون القسمة بالسوية و إن كانوا ذكوراً و إناثاً، و الباقي

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 18

للأبي و القسمة بالتفاضل إذا كانوا ذكوراً و إناثاً.

13. الزوج مع إخوة من قسم واحد

زوج، و أخت لأب: للزوج النصف و للأخت النصف.

زوج، و أختان فصاعداً لأب: للزوج النصف، و الباقي للأختين يقسم بينهما بالسوية.

زوج، و أخ لأب: للزوج النصف و الباقي للأخ.

زوج، و إخوة ذكور لأب: للزوج النصف و الباقي للإخوة الذكور بالسوية.

زوج، و إخوة ذكور و إناث لأب: للزوج النصف، و الباقي للإخوة، و للذكر ضعف الأنثى.

زوج، و أخت لأم: للزوج النصف، و الباقي للأخت.

زوج، و أخ لأم: للزوج النصف، و الباقي للأخ.

زوج، و أختان فصاعداً لأم: للزوج النصف، و الباقي للأخوات بالسوية.

زوج، و إخوة ذكور لأم: للزوج النصف، و الباقي للإخوة بالسوية.

زوج، و إخوة ذكور و إناث لأم: للزوج النصف، و الباقي للإخوة، يقتسم بينهم بالسوية للذكر مثل الأنثى.

زوج، و أخت لأبوين: للزوج النصف، و للأخت الباقي.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 19

زوج، و أختان و أكثر لأبوين: للزوج النصف، و الباقي للأخوات بالسوية.

زوج، و أخ لأبوين: للزوج

النصف، و الباقي للأخ.

زوج، و إخوة ذكور لأبوين: للزوج النصف، و الباقي للإخوة بالسوية.

زوج، و إخوة ذكور و إناث لأبوين: للزوج النصف، و الباقي للإخوة للذكر ضعف الأنثى.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 20

14. الزوجة مع إخوة من قسم واحد

زوجة مع أخت لأب: للزوجة الربع، و الباقي للأخت الأبي.

زوجة، مع أختين فصاعداً لأب: للزوجة الربع، و الباقي للأختين فصاعداً بالسوية.

زوجة، مع أخ لأب: للزوجة الربع، و الباقي للأخ الأبي.

زوجة، مع إخوان لأب: للزوجة الربع، و الباقي للإخوان الأبي بالسوية.

زوجة، و إخوة ذكور و إناث لأب: للزوجة الربع، و الباقي للأبي للذكر ضعف الأنثى.

زوجة، و أخت لام: للزوجة الربع، و الباقي للأخت.

زوجة، و أختان فصاعداً لأم: للزوجة الربع، و الباقي للأخوات بالسوية.

زوجة، و أخ لأم: للزوجة الربع، و الباقي للأخ الأمي.

زوجة، و أخوان لأم: للزوجة الربع، و الباقي للأخوان بالسوية.

زوجة، و إخوة ذكور و إناث لأم: للزوجة الربع، و الباقي للإخوة و للذكر مثل الأنثى.

زوجة، و أخت لأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للأخت.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 21

زوجة، و أختان فصاعداً لأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للأختين فصاعداً بالسوية.

زوجة، و أخ لأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للأخ الأبويني.

زوجة، و إخوان لأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للإخوان بالسوية.

زوجة، و إخوة ذكور و إناث لأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للإخوة و للذكر ضعف الأنثى.

15. الزوج مع إخوة من قسمين أو أكثر

زوج، مع أخ أو أخت لأم، و أخت أو أخ لأبوين: للزوج النصف، و للأخت أو الأخ الأمي السدس، و الباقي للأخت أو الأخ الأبويني.

زوج، مع أخ أو أخت لأم، و إخوان أو أخوات لأبوين: للزوج النصف، و للأخت أو الأخ الأمي السدس، و الباقي للأخوة أو الأخوات الأبويني بالسوية.

زوج، مع أخ أو أخت لأم، و ذكور، مع إناث لأبوين: للزوج النصف، و للأخت أو الأخ الأمي السدس، و الباقي للأبويني بالتفاضل.

زوج، مع أخ أو أخت لأم، و إخوة لأب: للزوج النصف، و للأمي السدس، و إخوة الأبي يقتسمون (ذكراً

أو أنثى، أو كليهما، واحداً أو متعدداً) الباقي كما سبق «1».

زوج، و إخوان أو أخوات لأم، و إخوة لأبوين (واحداً أو متعدداً، ذكراً أو أنثى، أو كليهما): للزوج النصف، و للأمي الثلث، و الباقي

______________________________

(1)- فاذا كانوا إخوة أو اخوات اقتسموا بالسوية، و اذا كانوا إخوة و أخوات اقتسموا بالتفاضل.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 22

للأبويني، ثمّ إن للأمي يقسم المال بالسوية ذكوراً و إناثاً، و الأبويني يقتسمون المال بالتفاضل، إذا كانوا ذكوراً و إناثاً.

زوج، و إخوان أو أخوات لأم، و إخوة لأب فقط (واحداً أو متعدداً، ذكراً أو أنثى، أو كليهما): للزوج النصف، و للأمي الثلث، و الباقي للأبي، و حال الأمي و الأبي في التساوي و التفاضل، كما في السابق «2».

زوج، و أخ و أخت أو إخوان أو أخوات لأم، و إخوة لأبوين، و إخوة لأب: للزوج النصف، و للأمي إن كان واحداً السدس، و إن كان متعدداً الثلث، و الباقي للأبويني، و لا شي ء للأبي فقط، إذ الأبي يسقط بالأبويني.

16. الزوجة مع إخوة من قسمين أو أكثر

إذا كانت الزوجة مكان الزوج في الفروض السابقة في الرقم 15، فللزوجة الربع، و الباقي للإخوة، كما ذكر في هذه الفروض.

17. أولاد الإخوة

أولاد الإخوة يقومون: مقام آبائهم، فيأخذون نصيب آبائهم.

إذا اجتمع أولاد الأخ الأبي، و أولاد الأخ الأبويني: كان جميع الإرث للأبويني فقط.

إذا اجتمع أولاد الأخ الأمي، و أولاد الأخ الأبويني (و كان الأمي واحداً): كان للأمي سدس المال، و الباقي للأبويني.

إذا اجتمع أولاد الأخ الأمي، و أولاد الأخ الأبويني (و كان الأمي

______________________________

(2)- فإخوة الأمي (ذكوراً أو اناثاً أو كليهما) يقتسمون حصتهم (الثلث) بالسوية. و إخوة الآبي (ذكوراً و اناثا) يقتسمون الباقي بينهم بالتفاضل.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 23

متعدداً): كان للأمي ثلث المال، و الباقي للأبويني.

إذا اجتمع أولاد الأخ الأمي، و أولاد الأخ الأبي: قام الأبي مقام الأبويني كما في السابقين.

إذا اجتمع أولاد الأخ الأمي، و أولاد الأخ الأبي، و أولاد الأخ الأبويني: سقط الأبي بالأبويني، و كان الإرث للأمي و الأبويني، فقط.

بنت الأخ: ترث حصة الأخ، و ابن الأخت: يرث حصة الأخت، فالميزان في الإرث ذكورة و أنوثة الإخوة، لا ذكورة و أنوثة أولاد الإخوة.

أولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم: (الإخوة) في أنهم يشاركون الأجداد في الإرث، كما مر في مسائل الإخوة و الأجداد.

إذا كان أولاد الإخوة متقربين الى الميت بالأب: (أبا، أو أبوينياً) و كانوا ذكراً و أنثى، فالمال بينهم للذكر ضعف الأنثى .. و إن كانوا متقربين الى الميت بالأم فقط فالمال بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.

مع وجود الإخوة: لا تصل النوبة لأولادهم.

و مع وجود أولاد للإخوة: لا تصل النوبة لأولادهم.

18. الأجداد

الجد إذا كان واحداً (ذكراً أم أنثى، من طرف الأب، أو من طرف الأم): له كل المال.

إذا اجتمع الجد من طرف الأب (ذكراً أو أنثى) مع الجد من طرف الأم (ذكر أو أنثى): فثلثا المال للجد من طرف الأب، و

ثلث المال للجد من طرف الأم.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 24

الأجداد من طرف الأب: يقسمون المال بينهم بالتفاضل للذكر ضعف الأنثى.

الأجداد من طرف الأم: يقسمون المال بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.

فللأجداد الأربعة من طرف الأم (راضية): ثلث المال، و للأجداد الأربعة من طرف الأب (كاظم): ثلثا المال.

ثمّ يقسم مال (راضية) بين أجدادها الأربعة بالتساوي.

و يقسم مال (كاظم) هكذا: ل- (باقر) ثلثاه، و ل- (خديجة) ثلثه.

ثمّ يقسم مال (باقر) ثلثاه ل- (محمد) و ثلثه ل- (زهراء).

و يقسم مال (خديجة) ثلثاه ل- (علي) و ثلثه ل- (فاطمة).

فإذا كان ما تركه الميت (محمد): 108 دنانير، و قد مات أجداده الأربعة و بقي الأجداد الثمانية:

فثلث المال/ 36 يقسم بين (حسن و زينب و حسين و أم كلثوم) بالسوية، كل واحد منهم 9.

و ثلثا المال/ 72 يقسم بين أجداد (كاظم):

ثلثاه/ 48 لمحمد و زهراء (لمحمد ثلثاه/ 32، و لزهراء ثلثه/ 16).

و ثلثه/ 24 لعلي و فاطمة (لعلي ثلثاه/ 16 و لفاطمة ثلثه/ 8).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 25

19. إرث الأجداد المنفردين

الجد وحده لأب أو لأم: له كل المال.

الجدة وحدها، لأب أو لأم: لها كل المال.

الجد، و الجدة لأم: يقتسمان المال بالسوية.

الجد، و الجدة لأب: للجد ثلثا المال، و للجدة ثلث المال.

الجد لأب، و الجدة لأم: للجد ثلثا المال، و للجدة ثلث المال.

الجد لأم، و الجدة لأب: للجد ثلث المال، و للجدة ثلثا المال.

الجد لأب، و الأجداد لأم: للجد ثلثا المال، و للأجداد ثلث المال يقتسمونه بينهم بالسوية.

الجد لأم، و الأجداد لأب: للجد ثلث المال، و للأجداد ثلثا المال يقتسمونه بينهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

أجداد إناث لأب، و أجداد إناث لأم: للأبي ثلثا المال بالتساوي، و للأمي

ثلث المال بالتساوي.

أجداد إناث لأب، و أجداد ذكور لأم: للأبي ثلثا المال بالتساوي، و للأمي ثلث المال بالتساوي.

أجداد ذكور و إناث لأب، و أجداد ذكور و إناث لأم: للأبي ثلثا المال بالتفاضل، و للأمي ثلث المال بالتساوي.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 26

20. مسائل الأجداد و الإخوة

مسألة 1: حال الأجداد حال الإخوة في الإرث، إلا أنه للأخ من طرف الأم سواء كان ذكراً أو أنثى إذا كان واحداً، كان له السدس، و إن كان متعدداً فله الثلث، أما الجد من طرف الأم، فله الثلث مطلقاً، سواء كان واحداً أو متعدداً.

مسألة 2: الإخوة و الأجداد مرتبة واحدة، و لا يلاحظ الأقرب و الأبعد، فلو كان أخ للميت مع جدّ لأبيه ورث كلاهما، مع أن الأخ أقرب، و كذا لو كان ابن أخ مع جد للميت ورث كلاهما، مع أن الجد أقرب.

مسألة 3: إذا كان للميت جد وجد جد، منع الجدّ جدَ الجد، و إذا كان للميت أخ و ابن أخ، منع الأخ ابنَ الأخ.

مسألة 4: لو اجتمع الإخوة و الأجداد، فلمن يتقرب بالأم وحدها من الإخوة و الأجداد: ثلث المال، و يقسم بينهم بالسوية (و ان كانوا ذكوراً و إناثاً) و لمن يتقرب بالأب من الإخوة و الأجداد: ثلثا المال، و يقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى (و المراد بالمتقرب بالأب، الأعم من الأبي، و الأبويني).

مسألة 5: لو خلف الميت أجداداً للأم، و أختاً واحدة للأب: فثلث المال للأجداد من الأم، و الباقي للأخت الواحدة (على المشهور).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 27

21. إرث الأجداد و الإخوة

جد لأب، و أخ لأب أو لأبوين: يقسم المال بينهما نصفين.

جد لأب، و أخت لأب أو أبوين: للجد ثلثا المال، و للأخت ثلث المال.

جد لأب، و أخت و أخ لأبوين: للجد خمسان، و للأخ خمسان، و للأخت خمس واحد.

جد لأب، و أخت و أخ لأب: للجد خمسان، للأخ خمسان، و للأخت خمس واحد.

جد و جدة لأب، و أخت و أخ لأبوين أو لأب: لكل ذكر ضعف الأنثى.

أجداد لأب،

مع أخ أو أخت لأم: للأمي السدس، و الباقي للأبي، فإذا كانوا مختلفين ذكراً و أنثى يقسم المال بينهم بالتفاضل.

أجداد لأب، مع إخوة أو أخوات لأم: ثلث المال للأمي بالسوية، و ثلثان للأبي، فإن كانوا ذكوراً و إناثاً، فللذكر ضعف الأنثى.

جد أو جدة للأم، مع أخت للأبوين أو لأب: ثلث المال للأمي، و الباقي للأخت.

أجداد للأم، مع أخت للأبوين أو للأب: للأمي الثلث بالتساوي، و الباقي للأخت.

جد أو أكثر للأم، و أخوات للأب أو الأبوين: للأمي الثلث بالتساوي، و الباقي للأخوات بالتساوي.

أجداد للأم، و إخوة للأب أو الأبوين: للأمي الثلث بالتساوي، و للإخوة الثلثان، للذكر ضعف الأنثى.

أجداد للأم، و إخوة للأم: المال بينهم جميعاً بالتساوي و إن كانوا ذكوراً و إناثاً.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 28

أجداد للأب، مع أخت لأم، و أخت لأبوين أو لأب: للأخت للأم السدس، و الباقي يقسم بين الأجداد و الأخت الأبويني أو الأبي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

أجداد للأب، مع إخوة و أخوات لأبوين أو للأب، و إخوة و أخوات للأم: ثلث التركة لمن ينتسب بالأم يقسم للذكر مثل الأنثى، و ثلثاه لسائر الورثة يقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى.

أجداد للأم، مع أخ و أخت للأم، مع أجداد للأب: لأجداد الأم و أخت و أخ الأم ثلث المال يقسم بينهم بالسوية، و ثلثا المال لأجداد الأب يقسم بينهم للأنثى نصف الذكر.

أجداد للأم، مع أخ أو أخت أو أكثر للأم، و أخت أو أكثر للأب أو للأبوين: للأمي سواء الجد أو الإخوة ثلث المال يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

أجداد للأب، مع أجداد للأم، و إخوة و أخوات للأم: ثلثان لأجداد الأب يقسم بينهم للأنثى

نصف الذكر، و ثلث للأمي جداً و إخوة يقسم بينهم بالتساوي.

أجداد للأب، و أجداد للأم، مع أخت للأبوين أو للأب: لأجداد الأم ثلث المال يقسم بينهم بالتساوي، و الباقي للأبي أو الأبويني جداً و إخوة يقسم بينهم بالتفاضل.

أجداد للأب، و أخت أو أختان للأبوين أو للأب، مع أجداد للأم، و إخوة للأم: للأمي جداً و إخوة الثلث يقسم بينهم بالسوية، و للأبي أو الأبويني جداً أو إخوة الثلثان للذكر ضعف الأنثى.

22. الزوج أو الزوجة مع الأجداد فقط

الزوج، مع الأجداد للأب أو الأبوين: للزوج النصف، و الباقي للأجداد بينهم بالتفاضل.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 29

الزوج، مع الأجداد للأم: للزوج النصف، و الباقي للأجداد بينهم بالتساوي.

الزوجة، مع الأجداد للأب أو الأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للأجداد بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع الأجداد للأم: للزوجة الربع، و الباقي للأجداد بينهم بالتساوي.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 30

23. الزوج أو الزوجة مع الإخوة فقط

الزوج، مع الإخوة للأب أو الأبوين: للزوج النصف، و الباقي للإخوة بينهم بالتساوي.

الزوج، مع الأخوات للأب أو الأبوين: للزوج النصف، و الباقي للأخوات بينهم بالتساوي.

الزوج، مع الإخوة و الأخوات للأب أو الأبوين: للزوج النصف، و الباقي للأخوة و الأخوات بينهم بالتفاضل.

الزوج، مع الإخوة للأم: للزوج النصف، و الباقي للإخوة بينهم بالتساوي، ذكراً و انثى.

الزوجة، مع الإخوة للأب أو الأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للإخوة بينهم بالتساوي.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، 3 جلد، ه ق

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)؛ ج 2، ص: 30

الزوجة، مع الأخوات للأب أو الأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للأخوات بينهم بالتساوي.

الزوجة، مع الإخوة و الأخوات للأب أو الأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للإخوة و الأخوات بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع الإخوة للأم: للزوجة الربع، و الباقي للإخوة بينهم بالتساوي ذكراً و انثى.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 31

24. الزوج أو الزوجة مع الأجداد و الإخوة معاً

الزوج، مع أخ أو أخت للأم، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوج النصف، و للأخ أو الاخت الأمي السدس، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوج، مع أخوة للأم، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوج النصف، و لإخوة الأم الثلث يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأجداد يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوج، مع أخ أو أخت أو أكثر للأم، و أجداد للأم: للزوج النصف، و الباقي يقسم بين الأجداد و الإخوة بالسوية.

الزوج، مع أخ أو أخت أو أكثر للأب أو الأبوين، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوج النصف، و الباقي للباقي يقسم بينهم بالتفاضل للذكر ضعف الأنثى.

الزوج، مع أخ أو أخت أو أكثر للأب أو الأبوين، و أجداد للأم: للزوج النصف، و لأجداد الأم الثلث، يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي أو

الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوج، مع إخوة، و أجداد الأب أو الأبوين، و إخوة و أجداد الأم: للزوج النصف، و لإخوة و أجداد الأم الثلث يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع أخ أو أخت للأم، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوجة الربع، و للأخ أو الاخت الأمي السدس، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع أخوة للأم، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوجة الربع، و لإخوة الأم الثلث يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأجداد يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع أخ أو أخت أو أكثر للأم، و أجداد للأم: للزوجة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 32

الربع، و الباقي يقسم بين الأجداد و الإخوة بالسوية.

الزوجة، مع أخ أو أخت أو أكثر للأب أو الأبوين، و أجداد للأب أو للأبوين: للزوجة الربع، و الباقي للباقي يقسم بينهم بالتفاضل للذكر ضعف الأنثى.

الزوجة، مع أخ أو أخت أو أكثر للأب أو الأبوين، و أجداد للأم: للزوجة الربع، و لأجداد الأم الثلث، يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الزوجة، مع إخوة، و أجداد الأب أو الأبوين، و إخوة و أجداد الأم: للزوجة الربع، و لإخوة و أجداد الأم الثلث يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي أو الأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 33

الطبقة الثالثة الأعمام و الأخوال

25. مسائل الأعمام و الأخوال

المسألة 1: الأعمام و العمات، و الأخوال و الخالات، صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.

المسألة 2: مع وجود الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات، من طرف الأبوين، لا يرث هؤلاء إذا كانوا من طرف الأب فقط، مثلًا إذا كان لأب الإنسان أخوان اثنان، أحدهما من أبيه و أمه، و

الآخر من أبيه فقط، ورثه من كان أبوينياً و لم يرثه من كان أبياً فقط.

المسألة 3: إذا اجتمع أحد هؤلاء الأربعة من طرف الأب فقط، و أحدهم من طرف الأم، قام الأبي مكان الأبويني في الإرث.

المسألة 4: إذا اجتمع أحد هؤلاء من طرف الأبوين، و أحدهم من الأم، فإن كان الأمي واحداً ورث سدس المال و الباقي للأبويني، و إن كان الأمي أكثر من واحد، ورث ثلث المال و الباقي للأبويني.

المسألة 5: الأعمام و العمات، إن كانوا للأبوين أو للأب فقط، فالمال يقسم بينهم بالتفاضل أي للذكر ضعف الأنثى و إن كانوا للأم، فالمال يقسم بينهم بالتساوي.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 34

المسألة 6: الأخوال و الخالات، يقسم المال بينهم بالتساوي، فللذكر مثل الأنثى.

المسألة 7: إذا اجتمع الأعمام أو العمات، مع الأخوال أو الخالات، فالثلث للأخوال واحداً كان أو متعدداً ذكراً أو أنثى، و الثلثان للأعمام.

المسألة 8: أولاد الأعمام و الأخوال، يقومون مقام آبائهم مع عدم الآباء و يأخذون نصيب آبائهم.

المسألة 9: لو وجد أحد من الطبقة السابقة (أي طبقة الأعمام و الأخوال و أولادهم) لا ترث الطبقة اللاحقة أي (أعمام الأب و أخواله) و (أعمام الأم و أخوالها).

المسألة 10: يستثنى من المسألة (9) ابن عم للأبوين، و عم للأب خاصة، فإن ابن العم للأبويني مقدم على العم الأبي، مع أن العم الأبي أقرب نسباً.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 35

26. الأعمام و العمات

عم واحد، أو عمة واحدة (لأب، أو لأبوين، أو لأم): له كل المال.

الأعمام (لأب، أو لأبوين، أو لأم): لهم كل المال يقتسمونه بالسوية.

العمات (لأب، أو لأبوين، أو لأم): لهن كل المال بالسوية.

أعمام، و عمات (لأب، أو لأبوين): يقسم المال بينهم

لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

أعمام، و عمات لأم: يقسم المال بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.

عم أو عمة لأب، و عم أو عمة لأبوين: يسقط الأبي بالأبويني، و الأبويني إن كان واحداً يأخذ المال، و إن كان أكثر فللذكر ضعف الأنثى.

عم، أو عمة لأم، و عم أو عمة لأبوين: سدس المال للأمي الواحد، و البقية للأبويني.

أعمام أو عمات لأم، و عم أو عمة لأبوين: ثلث للأمي و إذا كانوا ذكراً و أنثى يقسم بينهم بالتساوي، و البقية للأبويني يقسم بينهم بالتفاضل.

عم أو عمة لأم، و عم أو عمة لأب: يقوم الأبي مقام الأبويني كما في الفرضين السابقين، و للأمي السدس إن كان واحداً، و الثلث إن كان أكثر.

عم أو عمة لأب، و عم أو عمة لأم، و عم أو عمة لأبوين: يسقط الأبي فلا إرث له، و المال للأمي و الأبويني كما تقدم في الفرضين السابقين رقم 7 و 8.

ابن عم لأبوين، مع عم لأب: يقدم ابن عم الأبوين على عم الأب للنص الخاص.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 36

ابن عم لأبوين، مع عمة لأب: كل الإرث لعمة الأب، و لا شي ء للأبويني.

بنت عم لأبوين، مع عم أو عمة لأب: الاحتياط التصالح بين الاثنين.

مسألة: لا فرق في الفرضين الأخيرين بين تعدد ابن العم أو وحدته، و تعدد العم الأبي أو وحدته، و تعدد عمة الأبي أو وحدتها.

27. الأخوال و الخالات

خال واحد، أو خالة (لأب، أو لأم، أو لأبوين): له كل المال.

أخوال، أو خالات (لأب، أو لأم، أو لأبوين): لهم كل المال بالسوية.

أخوال، و خالات (لأب، أو لأم، أو لأبوين): يقسم المال بينهم بالسوية للذكر مثل الأنثى.

خال أو خالة لأم، مع الأبي من الخال أو الخالة: السدس للأمي،

و الباقي للأبي.

خالات أو أخوال لأم، مع الأبي من الخال أو الخالة: الثلث، للأمي يقسم بينهم بالسوية، و الباقي للأبي يقسم بينهم بالسوية أيضاً.

خال أو خالة لأب، و خال أو خالة لأبوين: كل المال للأبويني.

خال أو خالة لأب، و خال أو خالة لأم، و خال أو خالة للأبوين: لا شي ء للأبي، و المال بين الأمي و الأبويني كما يذكر في الفرضين اللاحقين.

خال أو خالة لأم، مع الأبويني من الخال أو الخالة: للأمي سدس المال، و الباقي للأبويني بالسوية.

خالات أو أخوال لأم، مع الأبويني من الخال أو الخالة: للأمي الثلث، و الباقي للأبويني بالسوية.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 37

خال و خالة لأم أو أخوال و خالات لأم، مع الأبي أو الأبويني: للأمي السدس إن كان واحداً و إن كان متعدداً فالثلث بالسوية، و الباقي للأبي أو الأبويني.

خال و خالة لأب أو أخوال و خالات لأب، مع الأمي فقط: للأمي سدس المال إن كان واحداً، و ثلثه إن كان متعدداً، و الباقي للأبي.

خال و خالة لأب أو أخوال و خالات لأب، مع الأبويني: كل المال للأبويني و لا شي ء للأبي.

مسألة: التقسيم بين الخال و الخالة بالسوية دائماً لأنهم ينتسبون إلى الميت بالأم.

28. الأعمام و الأخوال

عم أو عمة، و خال أو خالة (لأب كانا، أو لأبوين): ثلث المال للخال أو الخالة، و ثلثاه للعم أو العمة.

أعمام، و أخوال (لأبوين، أو لأب): ثلث المال للأخوال بالسوية، و ثلثاه للأعمام بالسوية.

عمات، و خالات (لأبوين، أو لأب): ثلث المال للخالات بالسوية، و ثلثاه للعمات بالسوية.

أعمام، و خالات (لأبوين، أو لأب): ثلث المال للخالات بالسوية، و ثلثاه للأعمام بالتساوي.

عمات، و أخوال (لأبوين، أو لأب): ثلث المال للأخوال بالسوية، و ثلثاه للعمات

بالتساوي.

عم و عمة، و خال و خالة (لأبوين، أو لأب): ثلث المال للخال و الخالة بالتساوي، و ثلثاه للعم و العمة بالتفاضل.

أعمام، و عمات، و أخوال، و خالات (لأبوين، أو لأب): ثلث المال

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 38

للأخوال و الخالات بالتساوي، و ثلثاه للعمات و الأعمام بالتفاضل.

أعمام، و عمات، و أخوال، و خالات (للأم): ثلث المال للأخوال و الخالات بالسوية، و البقية للأعمام و العمات بالسوية.

أعمام أو عمات لأبوين أو لأب، و أخوال لأب أو لأبوين: ثلثا المال للأعمام أو العمات بالتساوي، و ثلثه للأخوال أو الخالات بالسوية.

أعمام أو عمات لأبوين أو لأب، و خالات للأم: ثلثا المال للأعمام أو العمات بالتساوي، و ثلثه للخالات بالسوية.

خال أو خالة للأم، مع أعمام أو عمات لأبوين أو لأب: ثلث المال للأمي، و البقية للأعمام أو العمات بالسوية.

أعمام و عمات لأم، و أخوال و خالات لأبوين أو لأب: ثلثا المال للأعمام و العمات بالتساوي، و ثلثه للأخوال و الخالات بالتساوي.

عم و عمة لأم، و خال و خالة لأبوين أو لأب: ثلثا المال للعم و العمة بالتساوي، و ثلثه للخال و الخالة بالتساوي.

أعمام و عمات للأم، مع خال أو خالة للأم: ثلث المال للخالة أو الخال، و ثلثاه للأعمام و العمات بالسوية.

عم أو عمة للأم، مع أخوال و خالات للأم: ثلث المال للأخوال و الخالات بالسوية، و ثلثاه للعم أو العمة.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 39

29. انضمام الزوجة أو الزوج مع المذكورين

إذا انضم الزوج إلى من ذكر: فله النصف، و الباقي يقسم بين المذكورين.

و إذا انضمت الزوجة إلى من ذكر: فلها الربع، و الباقي يقسم بين المذكورين.

30. أولاد الأعمام و أولاد الأخوال

ولد واحد، أو بنت واحدة، للعم، أو للخال: له كل المال.

ولد واحد، أو بنت واحدة، للعمة، أو للخالة: له كل المال.

ابن عم أو عمة، و ابن خال أو خالة: لابن العم أو العمة ثلثان، و لابن الخال أو الخالة الثلث.

ابن عم أو عمة، و بنت خال أو خالة: لابن العم أو العمة ثلثان، و لبنت الخال أو الخالة الثلث.

بنت عم أو عمة، و ابن خال أو خالة: لبنت العم أو العمة الثلثان، و لابن الخال أو الخالة الثلث.

بنت عم أو عمة، و بنت خال أو خالة: لبنت العم أو العمة الثلثان، و لبنت الخال أو الخالة الثلث.

ابن عم، و خال أو خالة: تمام المال للخال أو الخالة.

عم أو عمة، و ابن خال: تمام المال للعم أو العمة.

ابن العم، و ابن ابن العم: تمام المال لابن العم.

ابن الخال و ابن ابن الخال: تمام المال لابن الخال.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 40

ابن العم لأبوين، و ابن العم لأب: تمام المال لابن عم الأبوين.

ابن العم لأبوين، و ابن العم لأم: سدس المال للأمي، و الباقي للأبويني.

ابن العم لأب، و ابن العم لأم: سدس المال للأمي، و الباقي للأبي.

أولاد العم لأبوين، مع أولاد العم لأم، و أولاد الخال لأبوين، و أولاد الخال لأم: لأولاد الخال ثلث التركة (سدس الثلث للأمي، و البقية للأبويني)، و لأولاد العم ثلثا التركة (سدس الثلثين للأمي و البقية للأبويني).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 41

الخاتمة

هذه هي أوليات المسائل التي أردنا إيرادها في هذه الرسالة، مراعياً في ذلك الوضوح الممكن ..

و ربما كان هناك عدم انسجام في كيفية تقسيم الجداول أو عدم استجابة بعضها لجدول منسق واحد يعطي كل

المسائل، مما يوجب اضطراب مسائل الإرث، إلا إذا أردنا تضخيم الكتاب مما قد يكون ضره أقرب من نفعه.

كما أن في بعض الموارد أعطينا الحكم بالمثال، و أسقطنا المكرر، مثلًا نذكر (ابن العم) مثالًا له (و لابن العمة)، أو نذكر (بنت الخال) مثالًا لها و (لابن الخال) و هكذا.

ثمّ أن التوضيح في هكذا كتاب ناقص مهما أورد المؤلف من الأمثلة، و إنما يمكن التوضيح الكامل فيما إذا جعلت دوائر للإرث، كل دائرة لها محور باسم أحد الباقين من الميت، ثمّ تدار الدائرة على من مع الباقي، ليوضح: هل يرث أم لا؟ و كم يرث؟

مثلًا: يجعل القطب (الأب) و حوله في دائرة: (الأم) (البنت الواحدة) (الابن) (البنتان فأكثر) (الأخ) (العم) (الخال) (الجد) و هكذا، يعني أن الميت إذا كان له (أب) و كانت له هؤلاء الأقرباء فمن يرث منهم؟ و كم يرث؟.

كما أن الأفضل في التقسيم الكتابي أن يجعل (مشجرات) أو (أعمدة)، و يبين أمام كل غصن أو عمود: قدر الإرث أو عدم الإرث، مثلًا هكذا:

مع ملاحظة ما ذكرناه سابقاً من أن أعمام و أخوال الميت نفسه يقدمون في الإرث على أعمام و أخوال أبويه.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 2، ص: 42

و إني لم أجد كتاباً يؤدي مهمة بيان مسائل الإرث في وضوح و استقامة و استيعاب، بحيث يسهل للوكلاء الذين هم في مختلف البلدان- و حتى من ليس له حظ وافر في العلم- استخراج كافة المسائل بسرعة و عدم التباس و استخراج المسائل التي هي في محل الابتلاء، و اللازم سد هذه الثغرة و الا لم يؤمن من الخلط و الاشتباه و إعطاء غير ذي الحق و حرمان ذي الحق.

و من الجدير أن نقول أن

ما ذكرناه ليس خاصاً ب- (الإرث)، بل (القضاء) أيضاً يحتاج إلى جمع مسائله في رسالة مستقلة، بحيث تكون واضحة و مستوعبة، و هكذا بعض الكتب الفقهية الأخرى، و إلا فما ذا يعمل الوكيل في مختلف القضايا التي ترفع إليه طول عمره إذا لم يؤت حظاً وافراً من الاجتهاد؟

هذا بالنسبة إلى من يقول بجواز قضاء غير المجتهد المطلق كما هو الأقرب، بل لا يبعد التقليد في فصل الخصومات، كما أختاره بعض الفقهاء أيضاً.

و لو أمر بعض الفقهاء المراجع العظام، جماعة من أهل الفضل و الاجتهاد، أن يدونوا مثل هذه الكتب الخاصة ب- (الإرث) و (القضاء) و ما أشبه، و بعد تصحيح الفقيه و تطبيقها لنظره يؤمر بطبعها و نشرها بكميات كافية في مختلف البلاد، لكان في ذلك خدمة للإسلام و المسلمين، و الله الموفق المعين.

سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.

كربلاء المقدسة

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 3

3- كيف ينظر الاسلام الى السجين؟

[مقدمات التحقيق]

[المدخل]

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 4

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ

الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ

اهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ

صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ

وَ لَا الضّٰالِّينَ

صدق الله العلي العظيم

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 5

كلمة الناشر

إن الإسلام العظيم دين شامل لكل جوانب الحياة .. فلم يترك الإسلام جانباً من جوانب الحياة إلّا و تكلم عنه و بين لنا كيفية السير فيه.

و قضية السجن و السجين هي من أهم القضايا التي تشغل العالم اليوم و خصوصاً منظمات حقوق الإنسان و ما اشبه ..

فهناك الكثير من الدول و ربما جميعها قد اخطأت في نظام السجون، و لم تراع حق السجين كاملة، ناهيك عن الدول التي جعلت من السجون مقابر جماعية، و ...

و لكن الإسلام حيث ضمن الحريات الفردية و الاجتماعية في مختلف جوانب الحياة فلم ير السجن الا في أقصى حالات الضرورة، و رسم للسجن و السجين افضل اسلوب يضمن كافة حقوق السجين بما للكلمة من معنى.

اما ما نراه اليوم في بلادنا، و حتى في البلاد التي تدعي الحرية و الديمقراطية، من التعذيب و تضييع حقوق السجين، فالإسلام بري ء من كل ذلك، و من كل مظاهر العنف و اللاإنسانية مع السجين او غيره.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 6

لقد رسم الإسلام لنا طريقاً سوياً نمشي عليه بالنسبة لموضوع السجناء .. كما أعطى للسجين حقوقاً تقف أمامها متحيرةً منظمات حقوق الإنسان و غيرها ممن يدعون الديمقراطية.

لقد جعلوا السجن في بلادنا مركزاً لكبت الكفاءات و موتها و للتعذيب و الاصابة بالأمراض الجسدية و النفسية .. فعند ما يخرج السجين ترى آثار التعذيب بادية على جسده و روحه، بينما الإسلام

يجعل السجن مركزاً لتربية السجين و إعادة تأهيله بل و تعليمه و تقدمه في مختلف المجالات، و حتى إتاحة الفرص الاقتصادية له .. فالسجين يخرج إلى المجتمع بأخلاق و تربية صالحة و بنظرة جديدة إلى الحياة مفعمة بحب الناس و بالخير.

و من هنا كان لا بد من تعريف العالم بما يحمله الإسلام من رحمة و إنسانية لا مثيل لهما للسجين، و انطلاقاً من هذه النقطة كتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) بحثه الفقهي القيم في هذا الموضوع ليشرح فيه حقوق السجين و ما يجب على الحكومة أن تقدم له من أسباب الراحة و بيّن أسلوب التعامل الصحيح مع السجين.

فهو بهذا يقدم لنا صورة ناصعة البياض عن ديننا الإسلامي العظيم الذي لم يترك صَغِيرَةً وَ لٰا كَبِيرَةً إِلّٰا أَحْصٰاهٰا.

نسأل الله عزّ و جل أن يوفق الدول الاسلامية و غيرها لتطبيق هذه الحقوق، انه سميع مجيب.

مؤسسة المصطفى للتحقيق و النشر

بيروت- لبنان ص ب: 5951/ 13

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 7

المقدمة

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ* و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.

السجين إنسان له كرامته و حريته المقررة من قبل الله سبحانه و تعالى، فاللازم الاقتصار في السجن على أقل قدر ممكن من الضيق مما يصدق عليه مسمّى «السجن»، فإن (الضرورات تقدَّر بقدرها) «1» سواء كان السجن شرعياً- إذ أن الشرع لا يسجن الّا في موارد خاصة نادرة، و هي بالنسبة إلى السجون العرفية أو المتعارفة اليوم أقل من الواحد في الألف- أو غير شرعي كما هو المتعارف في عالم اليوم، فمن الضروري على الدولة إسلامية و غير إسلامية مراعاة السجين مراعاة تناسب كرامته.

فإن هناك

في سجون اليوم غير الشرعية محرَّمين:

1- محرّم أصل السجن.

2- و محرَّم كيفيته.

فإذا فعلت الدولة الحرام الأول لقوانينها الباطلة فيلزم أن

______________________________

(1)- قاعدة: فقهية مشهورة، راجع (موسوعة الفقه) كتاب القواعد الفقهية.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 8

لا تفعل الحرام الثاني.

و على أي .. فاللازم مراعاة السجين كأنه مطلق في الخارج «2» باستثناء أصل السجن، و ذلك إنما يكون بأمور نشير إلى بعضها و قد اقتبسناها من مختلف الأدلة الشرعية و بعض الاطلاقات، فإن (الناس مسلطون على أموالهم و أنفسهم) «3».

كما اقتبسنا بعضها من النظام العالمي للسجون مصداقاً و ان كان كلي القواعد الفقهية يشملها. و الله هو الموفق المستعان.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

______________________________

(2)- أي غير مسجون.

(3)- قاعدة فقهية صدرها رواية، انظر غوالي اللئالي: ج 1 ص 222 الفصل التاسع و نهج الحق: ص 494 الفصل السابع، و راجع ايضا الفقه (القواعد الفقهية) قاعدة التسلط ص 135.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 9

[رأفة الإسلام الى الإنسان و لو كان في السجن]

حرية المعاملات

الأول: حرية السجين في إجراء جميع المعاملات، من البيع و الشراء و الرهن و الإجارة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و الحوالة و حتى الكفالة في صورها الممكنة، و غيرها، سواء في داخل السجن أو خارجه، بواسطة الهاتف أو عبر الوكيل أو ما أشبه.

النكاح و ما أشبه

الثاني: ممارسة عقد النكاح أو الطلاق بأقسامه المختلفة، لنفسه أو غيره ممن كان وكيلًا عنه أو وليّاً عليه، و سواء بالنسبة إلى السجناء أو الخارجين عن السجن، و يصح كونه شاهد الطلاق، أو النكاح حيث المستحب الاشهاد فيه، و كذلك بالنسبة إلى كونه وصيا أو موصيا، أو متوليا لوقف، أو ما أشبه ذلك.

الشهادة تحملًا و أداءً

الثالث: كونه شاهداً تحملًا أو أداءً، سواء لمن هو في السجن أو خارجه، إذ من الممكن تحمل الشهادة أو أداؤها بواسطة الهاتف بعد إحراز صحتها، نعم استشكلنا في (الفقه) في تحمل شهادة الطلاق من غير مجلسه إذا كان الشهود في غير محل المطلّق و ارتبطوا بسبب التلفونات المتعددة الخطوط أو ما أشبه.

الخطابة و الكتابة و ما أشبه

الرابع: ممارسة الخطابة و التعليم و الكتابة بمختلف أشكالها و حتى للجرائد و المجلات .. و إلقاء الخطب و المحاضرات و عرض

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 10

التمثيليات لمن في داخل السجن أو خارجه، بواسطة الراديو أو التلفزيون أو ما إلى ذلك ..

و كذلك لا يمنع عن مطالعة الكتب و الجرائد و المجلات و متابعة الأحداث عبر الإذاعة و التلفاز و ما أشبه.

المهن المختلفة

الخامس: ممارسة المهن كالنجارة و الحدادة و الحياكة و النقش و صنع المصنوعات اليدوية و غيرها، و ما أشبه.

الرياضة

السادس: توفير الأماكن الخاصة للرياضة، بالاضافة إلى ساحة واسعة يستطيع السجين من خلالها التمشي.

الهوايات الشخصية

السابع: السماح له بالاهتمام بهواياته الشخصية كتعليق اللوحات و الزخرفات و جعل المزهريات و ما أشبه، و حتى الحيوانات الأليفة و غير الأليفة مما تحفظ في الأقفاص، كالهرة و الدجاجة و الإوزة و طيور الحب و البلابل، بل و حتى مثل الفهد و ما أشبه ذلك، مع مراعاة الموازين.

اللقاء بالعائلة

الثامن: أن يسمح للسجين بزيارة عائلته له في أيّ وقت شاءوا، و كذلك بالنسبة إلى المرأة زيارة زوجها لها، كما يسمح للسجين ببقاء عائلته معه.

و قد ورد أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام أجاز لعائلة السجين ذلك. ففي الجعفريات بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 11

علي عليه السلام:

إن امرأةً استعدت علياً عليه السلام على زوجها، فأمر علي عليه السلام بحبسه- و كان الزوج لا ينفق عليها إضرارا بها- فقال الزوج: احبسها معي، فقال علي عليه السلام: لك ذلك، انطلقي معه لا عليك أحداً) «4».

الفصل في موارده

التاسع: فصل السجناء بعضهم عن بعض إذا أرادوا ذلك، كما يلزم الفصل بين الرجال و النساء و الصبيان فيما إذا كان ذلك خوفاً الفتنة أو المشكلة، و كذلك فصل الخطرين منهم عن غيرهم، بل و فصل المؤذي للسجناء بسبب جنون أو نحوه.

أما إذا لم يكن محذور كما إذا شاءت العائلة أن تكون مع ولي أمرها فلا بأس بسجنهم جميعاً في مكان واحد.

الرعاية الصحية

العاشر: يلزم توفير الشروط الصحية للسجناء، من حيث السعة و الهواء و الإضاءة و التدفئة و التبريد و الأدوات الصحية حتى لقضاء الحاجة مع لياقتها و نظافتها، و تهيئة حمامات كافية يراعى فيها الفصول السنوية، فيتوفر فيها الماء الحار و الماء البارد و ما أشبه، و يكون الذهاب إلى الحمام حسب رأي السجين نفسه، و اللازم صيانة هذه الأماكن و نظافتها باستمرار من قبل الدولة.

و من اللازم أيضاً أن يتوفر للسجين ما يلزمه من الأطباء و الأدوية و يسهل عليه مراجعة أي طبيب شاء حتى في خارج السجن.

المأكل و المشرب المناسب

______________________________

(4)- الجعفريات: ص 108 باب حبس الزوج.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 12

الحادي عشر: تزويد السجين بالمأكل و المشرب و الملبس بما يناسبه و يناسب الفصول كالصيف و الشتاء و نحوهما، كل ذلك في سعة و رفاه، نعم ورد «5» في الشريعة التضييق على بعض السجناء و ذلك لرجاء أن الضيق يؤدي إلى الانقلاع- كما هو الغالب- فيخرج من السجن بانقلاعه.

و يدل على المستثنى منه: بالإضافة الى القواعد العامة، ما ورد عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام): أن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) لما ضربه ابن ملجم، قال: (احبسوا هذا الأسير و أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي، إن شئت استنقذت، و إن شئت عفوت، و إن شئت صالحت، و إن مت فذلك إليكم فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به) «6».

لكن لا يخفى أن الامام عليه السلام أحب أن يعفو أولياؤه عن ابن ملجم من دون أن يلزمهم بذلك كما في كلام له في نهج البلاغة «7» و فيه: (أنا بالأمس صاحبكم

و اليوم عبرة لكم و غداً مفارقكم، إن أبق فأنا ولي دمي، و إن أفن فالفناء ميعادي، و إن أعف فالعفو لي

______________________________

(5)- راجع فقه الرضا: ص 248 باب الإيذاء و اللعان، فيمن آلى زوجته و أبى أن يرجع إليها فقال: (قيل له طلق فإن فعل و إلا حبس في حظيرة من قصب و شدد عليه/ في المأكل و المشرب حتى يطلق). و كذا غوالي اللئالي: ج 3 ص 395 باب المواريث، و فيه: (و المرأة إذا ارتدت استتيبت فإن تابت و رجعت و إلا خلدت السجن و ضيق عليها). و في مستدرك الوسائل: ج 6 ب 17 ص 27 ح 6354: (إن علياً عليه السلام كان يخرج الفساق إلى الجمعة و كان يأمر بالتضييق عليهم).

(6)- قرب الإسناد: ص 67.

(7)- نهج البلاغة: الخطبة 149 الفقرة 4.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 13

قربة و هو لكم حسنة فاعفوا أَ لٰا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَكُمْ «8») إلى آخر كلامه عليه السلام.

و أما المستثنى فهو المولى إذا أبى أن يفي ء أو يطلق و ما اشبه، ففي خبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أبى المولى أن يطلق، جعل له حظيرة من قصب و أعطاه ربع قوته حتى يطلق) «9» و من المعلوم أن هذا التشديد إنما هو من جهة أنه يطلق أو يرجع فيخرج من السجن.

و في رواية أخرى «10»: (إنه إن فاء: و هو أن يرجع إلى الجماع، و إلا حبس في حظيرة من قصب و شدد عليه في المأكل و المشرب حتى يطلق).

تلامذة السجين

الثاني عشر: يسمح لتلاميذه إذا كان مدرِّسا، و لرواد منبره

إذا كان خطيباً، في الحضور عنده لإلقاء الدرس عليهم أو إلقاء المواعظ، و كذلك يسمح لمن يتباحثون معه بارتياد السجن للمباحثة بشرط عدم إيذاء الآخرين.

______________________________

(8)- سورة النور: 22.

(9)- الكافي: ج 6 ص 133 ح 13.

(10)- الفقه: ج 3 ص 524 ح 4824 ب 2.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 14

الارتياح النفسي

الثالث عشر: إذا كان السجين في أزمة نفسية لزم السماح له بمراجعة الطبيب النفسي، و كذا إذا لم يكن يشعر هو بذلك أحضرت له إدارة السجن الطبيب النفسي، و اذا احتاج النقل إلى المستشفى للعلاج نقل إليه، كما يلزم في السجن توفير ما يوجب الارتياح النفسي للسجين و عدم ما يسبب الانزعاج و ما أشبه.

من حقوق النساء

الرابع عشر: يلزم أن يكون في سجون النساء أماكن خاصة لرعايتهن و مداراتهن، فانهن ريحانة و لسن بقهرمانة كما في الحديث الشريف «11»، و إذا كانت ولادة للمرأة و لم يكن تتيسر في السجن أو لم ترد ذلك نقلت إلى دار الولادة .. و يلزم علاجهن قبل و أثناء و بعد الولادة.

كما يسمح للأمهات الارتباط بأطفالهن، و تُهيأ أماكن خاصة للحضانة إذا كان الطفل معها، فلها حريتها كما إذا كانت في خارج السجن.

المفتش لصالح السجناء

الخامس عشر: يلزم أن يكون هناك مفتش عن أحوال السجناء، و أنه هل تطبق القوانين المرتبطة برعاية السجين في كل النواحي المذكورة أم لا؟.

و من الضروري أن لا يكون المفتش من نفس خط إدارة السجن لإمكان تواطئهم على السجين، بل يكون من خط آخر

______________________________

(11)- الكافي: ج 5 ص 510 ح 3 و فيه: عن علي عليه السلام (فإن المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 15

كحزب معارض أو ما أشبه ذلك ..

و إذا رأى المفتش النقص و علم بأن إدارة السجن لا تهتم بالتكميل رفع الأمر إلى الجهات العليا لإصلاح تلك النواقص.

تأديب السجناء

السادس عشر: لا يحق لإدارة السجن تأديب السجناء، بل اللازم عند إساءتهم مراجعة الشرطة، فيلزم أن يكون فصل بين السجن و الشرطة .. و كأن السجين إنسان حر في خارج السجن كيف كان يُعامَل معه حينذاك .. كذلك يعامل داخل السجن.

و لا حق لإدارة السجن إعطاء الصلاحية لبعض السجناء في تأديب الآخرين.

نعم لا بأس بتدريس بعض السجناء بعضهم الأخلاق أو ما أشبه من العلوم الدينية و الدنيوية، أو عقدهم حلقات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها .. يديرها بعض السجناء للآخرين.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 16

إذا أجرم السجين

السابع عشر: إذا فعل السجين ما يخالف القانون الشرعي أُجريت عليه عقوبات و نحوها كما يجرى عند الشرطة و المحاكم في خارج السجن، فالجرائم التي يرتكبها المسجونون داخل السجون لها عقاب سائر الناس، و القوانين بالنسبة إليهم و إلى غيرهم واحدة.

اتخاذ المحامي

الثامن عشر: إذا أراد السجين أخذ محام للدفاع عنه كان له ذلك، و هكذا ان احتاج إلى مترجم، ثمّ إذا كان له مال صرف من مال نفسه و إلا فالصرف من مال السجن.

لا للتعذيب مطلقاً

التاسع عشر: يمنع منعاً باتاً العقوبات اللاإنسانية و القاسية بالنسبة إلى السجناء و لو كانت بذريعة التأديب، فلا يجوز وضع السجين في زنزانة منفردة، و لا في مكان مظلم، و لا مل ء الزنزانة بالماء، و لا ربطه بالحائط، و لا ما أشبه ذلك من أساليب التعذيب ..

كما يمنع مطلق وسائل الإكراه في أخذ الاعتراف، من السلاسل و الأغلال و التثقيل بالحديد و غيرها.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 17

التعليمات اللازمة

العشرون: يعطى لكل سجين تعليمات السجن و يعرّفوه حقوقه فيها و ما له و ما عليه، كتابة لمن يعرف القراءة، و بواسطة الأشرطة الصوتية أو ما أشبه لمن لا يعرف الكتابة.

من حقوق السجين

الواحد و العشرون: يلزم تهيئة الفرص أمام كل سجين بتقديم شكاواه و ما يطلبه و يريده في كل يوم و في كل وقت أراد ذلك، إلى مدير السجن أو إلى المفتش الخاص أو إلى غيرهما ممن يهمه الأمر.

كما أنه يجب إخبار المسجونين بجواز الاتصال بأسرهم و أصدقائهم بمراسلة أو زيارة أو نحو ذلك ..

و إذا جاء إنسان إلى السجين فلا يحق لإدارة السجن الإنصات إليهما أو جعل حاجز من زجاج أو ما أشبه فاصلا بينهما، من غير فرق بين أن يكون المسجون من أهل البلد أو من غير أهل البلد.

كما أنه إذا أراد الاتصال بمحام أو جمعية خيرية أو هيئة أو ما أشبه يجب تلبية طلبه، نعم إذا كان المسجون خطراً و ذلك حسب تشخيص الحاكم الشرعي و حكمه كتابة، كان لإدارة السجن تحديده في بعض الاتصالات بالقدر الذي قرره الحاكم في كتابة رسمية.

المكتبة العامة و متابعة الأنباء

الثاني و العشرون: يسمح للسجناء بالاطّلاع على الأنباء

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 18

بمختلف وسائلها .. كالصحف و المجلات و الإذاعة و التلفاز و النشرات و الفيديوهات و ما أشبه.

كما انه يلزم إيجاد مكتبة حافلة لجميع السجناء رجالًا و نساءً و أطفالًا بحيث تكون مزودة بكل ما يحتاجونه من الكتب.

و إذا احتاج المسجون إلى كتاب آخر ليس في المكتبة يلزم على إدارة السجن تحصيل الكتاب له سواء بماله إن كان له مال أو بمال إدارة السجن.

الشعائر الدينية

الثالث و العشرون: يلزم السماح لكل مسجون بممارسة شعائره الدينية من صلاة و صيام و ما أشبه، و هكذا أن يكون عنده القرآن الكريم و الكتب الدينية ككتب الأدعية و الزيارات و ما أشبه.

كما أنه إذا أراد السجين ممثلًا دينياً و عالم دين يسأله و يرجع إليه يلزم تلبية حاجته.

و يسمح للمسجونين بالقيام بصلاة الجماعة سواء أمَّ بعضهم بعضا أو جاء الإمام من الخارج، و في أيام شهر رمضان يحضر لهم الطعام فطوراً و سحوراً بالنسبة إلى الصائمين، و في أيام الحج يلزم السماح للمستطيع منهم بالحج مع أخذ كفالة أو ما أشبه لرجوعه إلى السجن، كما يلزم السماح له بوفاء نذره من زيارة بعض المراقد المقدسة مع أخذ الكفيل أو ما أشبه ذلك، و كذلك إذا كان نذره الاعتكاف، و إذا أراد مكاناً انفرادياً لنفسه لمطالعة أو حفظ أو عبادة أو ما أشبه وجب توفيره له.

و هكذا في غير المسلم إذا كانت له شعائر خاصة فيلزم التوفير له بأداء شعائره أيضاً.

مشاركة الأعياد و ما أشبه

الرابع و العشرون: يسمح للسجين الخروج لحضور الأعياد الدينية و سائر المراسيم المهمة كيوم وفاة الرسول الاعظم (صلوات

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 19

الله عليه و آله)، و سائر المعصومين (عليهم الصلاة و السلام).

كما يسمح له بحضور زيارة مرضاه و تشييع جنائزهم و حضور أعراسهم و نحو ذلك مع الكفيل أو نحوه.

فعن الجعفريات بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام): (أن عليا عليه السلام كان يخرج أهل السجون من الحبس في دين أو تهمة إلى الجمعة فيشهدونها و يضمنهم الأولياء حتى يردونهم) «12».

و عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (على الإمام أن يخرج

المحبوسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة و يوم العيد إلى العيد، فيرسل معهم فإذا قضوا الصلاة و العيد ردهم إلى السجن) «13» إلى غيرهما من الروايات «14».

اختيار مكان السجن

الخامس و العشرون: للسجين أن يطلب نقل سجنه من مكان إلى مكان آخر، إذا لم يكن محذور للحاكم في ذلك، مثلًا: إن كان سجين في بغداد فمن حقه أن يطلب نقله إلى البصرة أو بالعكس، فإن (كلّي) السجن من حق الحاكم لا (خصوصياته).

بل احتملنا في (الفقه) صحة السجون الأقساطية، و السجون في بيت أو نحوه إذا أراد السجين ذلك و لو في دار نفسه، إذا لم يكن فيه تكليف زائد على الدولة، أو كان السجين بنفسه يتحمل التكاليف الزائدة، هذا مع ضمان بقائه بحيث لا يمكن هروبه، كما إذا وعد بأن لا يهرب و الحاكم يعلم أن كلامه صحيح، إلى غير

______________________________

(12)- الجعفريات: ص 44 باب إخراج أهل السجون.

(13)- من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 31 ح 3265 ب 2.

(14)- راجع وسائل الشيعة: ج 7 الباب 21، و كذا مستدرك الوسائل: ج 6 الباب 17.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 20

ذلك.

حفظ ما يملكه السجين

السادس و العشرون: يلزم حفظ ما هو ملك السجين من نقوده و ملابسه و ساعته و الأشياء الثمينة و غيرها، و إثباتها في قائمة يوقّع عليها توقيعاً رسمياً و يرجعها له عند الخروج، و استلام وصل منه.

الملابس الخاصة

السابع و العشرون: ليس من حق إدارة السجن الضغط على السجين بأن يلبس ملابس خاصة و إنما هو حسب اختياره.

ما يرسل للسجين

الثامن و العشرون: ما يرسل للسجين من الخارج فهو على الأصل من الإباحة، إلا إذا كان في ذلك محذور، كما إذا كانت هناك مواد مخدرة أو أدوية مضرة فلإدارة السجن المنع عنها، إلا إذا كانت من الضروريات للسجين حسب رأي الطبيب الأخصائي.

خبر الاعتقال و ما أشبه

التاسع و العشرون: يلزم إخبار أُسرة السجين بحبسه ابتداءً، كما انه يلزم إخبارهم بمرض السجين أو موته أو نقله إلى سجن آخر أو ما أشبه ذلك.

كما يلزم إخبار السجين نفسه بموت أحد أقربائه أو مرضه، و قد تقدم انه يلزم الإذن للسجين بزيارة المريض و تشييع القريب إلى غير ذلك مما سبق.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 21

و إذا أُريد نقله إلى مكان آخر يجب أن يكون النقل بواسطة مريحة، و المصارف على نفسه إن أراد هو النقل و كان قادراً على المصارف و إلا فعلى إدارة السجن.

موظفو السجن

الثلاثون: يلزم أن يكون موظفو السجن على مستوى ثقافي و اجتماعي لائق، و لهم أبدان سليمة و أذهان صحيحة، و أن يجتازوا تدريباً عاماً و تخصصاً قبل توظيفهم، و أن يحافظوا على هذا المستوى بل يعملوا على رفعه أثناء الخدمة، و ان يمرنوا حتى يكونوا قدوة حسنة للمسجونين في سلوكهم، و أن يكونوا ذوي كفاءة و إنسانية و أخلاق.

كما أنه يلزم توعية السجانين و الرأي العام بمهمة السجون و الاهتمام بها، فتستخدم الوسائل المناسبة لذلك.

و يلزم أن يكون موظفو السجون متفرغين، و أن يتمتعوا بحقوق موظفي الدولة المدنيين، و تكون رواتبهم كافية نظراً لعملهم الشاق، بل فوق الكفاية حتى يسبب ذلك الرفاه لهم مما ينعكس على أخلاقهم، كما يلزم أن يعطوا مكافئات نقدية و غير نقدية على حسن خدمتهم، و من تلك المكافئات السماح لهم بالغياب و ما أشبه بما لا يسمح لسائر الموظفين فإن عملهم الشاق يقتضي كل ذلك.

انضمام الأخصائيين

الواحد و الثلاثون: يلزم أن ينضم إلى مدير السجن و سائر الموظفين أخصائيون بعلم النفس و علم الاجتماع، و هكذا الخبراء في الصناعة و الطب و ما أشبه، و ذلك بصورة مستمرة حتى يمكن تربية السجين و تعليمه و الارتفاع بمستواه مما يجعله في المستقبل

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 22

عضوا صالحاً في المجتمع.

و اللازم أن يكون هناك مع المساجين طبيب على صورة الخفر دائماً و ذلك للطوارئ المحتملة.

سجن الرجال و النساء

الثاني و الثلاثون: يلزم أن يكون مدير و موظف السجن للرجال رجالًا و للنساء نساءً، فلا يستخدم موظفات لإدارة سجون الرجال و لا موظفين لإدارة سجون النساء، كما يلزم أن يكون الرجال متزوجين و النساء متزوجات.

و إذا أراد كل واحد منهم الاجتماع مع عائلته في مكان من نفس ردهات السجن الخارجية يلزم توفير ذلك لهم.

و في سجن الأحداث لا يختلط البنون و البنات، فإن ذلك ينتهي الى المفسدة، بل اللازم أن يكون للبنين سجن خاص و للبنات سجن خاص.

لو جن السجين

الثالث و الثلاثون: لو جُن السجين يجب نقله للعلاج، فإن لم يمكن علاجه نقل الى دار المجانين أو ما أشبه.

كما انه إذا خيف عليه من الجنون أو الأمراض المستعصية يجب إعفاؤه من السجن.

لا للعنف

الرابع و الثلاثون: يمنع كافة الموظفين المتواجدين في المؤسسات السجنية من استعمال القوة إلا في حالة الدفاع عن النفس، أو محاولة هرب السجين، أو محاولته أذية الغير، و إذا اضطروا لاستعمال القوة فبالقدر الضروري مع تبليغ الحادث لمدير المؤسسة فوراً.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 23

كما يلزم تدريب موظفي السجن تدريباً بدنياً خاصاً لمقاومة السجناء المعتدين، و لا يجوز للموظف حمل السلاح إلا بإجازة خطية خاصة، بشرط أن يكون أيضاً مدرباً على استعماله و ضابطاً للنفس مما يؤمن من استعماله اعتباطا.

بناية السجن

الخامس و الثلاثون: يلزم أن تكون بناية السجن الداخلية بناية محكمة غير قابلة للتخريب حتى لا يتمكن بعض السجناء من تخريب البناية من الداخل، كما يلزم أن لا تكون داخل السجن آلات يمكن التخريب بها، أو يمكن جرح بعضهم بعضا، أو جرح بعضهم لنفسه، أو شنق نفسه بسبب حبل أو ما أشبه.

معالجة السجين

السادس و الثلاثون: يلزم على إدارة السجن و من فوقهم- باعتبار ان السجين جزء من المجتمع و ليس بمنبوذ منه- معالجة السجين بالمعالجات التربوية و الأخلاقية وفقا للعلاج الفردي و الاجتماعي لكل سجين.

السجين بعد خروجه

السابع و الثلاثون: يجب تجنيد المجتمع لتأهيل السجين اجتماعياً بعد خروجه، و أن يعهد لباحثين اجتماعيين بمهمة المحافظة على صلات السجين بأُسرته أو بالهيئات التي تعمل على إفادته باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية حقوق السجين المدنية و حقوقه في الضمان الاجتماعي في حدود الشريعة المقدسة.

لجنة حقوق السجين

الثامن و الثلاثون: كما أنه من المحبذ أن يكون هناك جماعات

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 24

معترف بها من قبل الدولة لمتابعة حقوق السجناء و زيارتهم و الترفيه عنهم و إصلاحهم لينتقلوا إلى المجتمع و هم أفراد صالحون.

من واجبات القاضي

التاسع و الثلاثون: و بذلك يظهر أن واجب القاضي الذي يحكم بالسجن لا ينتهي بالحكم، بل يجب عليه متابعة أحوال السجناء بواسطة معاونيه أو بهيئات حكومية، لتأهيل المسجون اجتماعيا، ممن يكونون مرافقين له بين فترة و أخرى بدون تحامل عليه أو إعادة تفكيره بذنبه، و إنما لتنظيف نفسه و تزكية روحه، و يخلق في السجناء الرغبة في أن يعيشوا في ظل القانون و يعولوا أنفسهم، و أن ينمي فيهم الشعور بالمسئولية و احترام النفس و المجتمع.

العمل داخل السجن

الأربعون: يلزم على إدارة السجون إعداد ما يلزم السجين للعمل وفق استعداده الجسمي و العقلي، و توفير العمل الكافي له مما يستوعب نشاطه، و يكون مساعداً لنفسه و عائلته في كسب أرزاقهم بطرق شريفة، و يوفر لهم التدريب المهني للقابلين، خصوصا صغار السن، على أن يختاروا بأنفسهم نوع العمل لا أن يكون الأمر بالإكراه، و يكون العمل على وفق عمل مثله في الخارج حتى يعد المسجون إعداداً مرضياً للحياة الطبيعية، و من اللازم تقديم مصلحة المسجونين على ربح المؤسسة من صناعة ما.

الدراسة داخل السجن

الواحد و الأربعون: يلزم إعداد الدراسة و مقوماتها بالنسبة إلى

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 25

الدارسين و الأميين و الصغار و ما أشبه حتى لا تضيع أوقاتهم بدون دراسة لمن يرغب فيها.

قانون العمل

الثاني و الأربعون: يلزم تحديد ساعات العمل للعمال يومياً و أسبوعياً و شهرياً بنفس قانون العرف المحلي للعمال غير المسجونين، و تخصيص يوم للراحة أسبوعياً و وقت كاف للنشاطات الأخرى التي يزاولها السجناء.

فرصة الأعياد داخل السجن

الثالث و الأربعون: كما يجب أن يعطوا فرصة الأعياد و هم داخل السجون حتى يعيّدوا أنفسهم، فهم جزء من المجتمع في أفراحهم و أتراحهم.

المكافأة العادلة

الرابع و الأربعون: إذا عمل السجين أعمالًا يدوية أو علمية كالتدريس أو ما أشبه، يكافأ مكافأة عادلة وفق النظام في الخارج، و يسمح له بإنفاق شي ء من مكسبه على حاجاته غير الممنوعة، و إرسال جزء لعائلته، و كما تحتفظ المؤسسة بجزء من مكاسبه له- إذا أراد ذلك- يتسلمها عند الخروج، سواء عندها أو عند مصرف من المصارف.

مستقبل السجين

الخامس و الأربعون: يلزم على إدارة السجن و الهيئات المرتبطة بالسجين كالقاضي و غيره التفكير بمستقبل السجين و العناية بذلك منذ بدء سجنه، و يلزم عليهم تشجيع السجين حتى يكون على

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 26

اتصال بالهيئات المفيدة له و لأسرته و بتأهيله اجتماعيا.

لا يسجن المجنون

السادس و الأربعون: يمنع سجن المجنون الاطباقي- و هو الذي تلازمه حالة الجنون باستمرار و لا تنفك عنه و تطبق عليه إطباقاً- بكل أقسامه حتى المعتوه و ما أشبه.

أما المجنون أدواراً- و هو الذي تنتابه حالة الجنون بين فترة و أخرى، و في غيرها يكون طبيعياً- فإنه يجوز سجنه في حال دور إفاقته.

من لا تكليف عليه

السابع و الأربعون: كما يمنع سجن من ارتكب الجريمة و هو مرفوع عنه التكليف: كالمكره، و المضطر، و الملجأ و نحوهم ..

إذا مات السجين

الثامن و الأربعون: إذا مات السجين بسبب انهدام السجن عليه أو بسبب طغيان الماء أو الكهرباء أو بسبب سيل أو زلزال أو بركان أو ما أشبه ذلك، مما كانت إدارة السجن على ظن بوقوعها أو ما أشبه، كانت ديته على إدارة السجن، كما أن الأمر كذلك فيما إذا نقص عضو منه أو ذهبت قوة من قواه كما لو أنه عمي مثلًا.

أما في حالة الموت الطبيعي فليس على إدارة السجن شي ء.

و لا يخفى أن تحمل الإدارة دية من ذكرناه إنما هو فيما ينطبق على الموازين المذكورة ..

قال الشيخ الطوسي (قدس سره) في الخلاف: (إذا أخذ صغيراً فحبسه ظلماً فوقع عليه حائط أو قتله سبع أو لسعته حية أو عقرب فمات، كان عليه ضمانه، و به قال أبو حنيفة، و قال الشافعي: لا ضمان عليه، دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم و أيضاً طريق

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 27

الاحتياط تقتضيه، و أما إذا مات حتف أنفه فلا ضمان عليه بلا خلاف).

و قال العلامة الحلي (قدس سره) في القواعد: (لو حبسه و منعه الطعام و الشراب مدة لا يحتمل في مثله البقاء فيها، فمات، أو أعقبه مرض مات به، أو ضعف قوة حتى تلف بسببه، فهو عمد، و يختلف ذلك باختلاف الناس و قواهم و اختلاف الأحوال و الأزمان، فالريان في البرد يصبر ما لا يصبر العطشان في الحر، و بارد المزاج يصبر على الجوع أكثر من حاره، و لو حبس الجائع حتى مات جوعاً، فإن علم جوعه لزمه القصاص كما لو ضرب

مريضاً ضرباً يقتل المريض دون الصحيح، و إن جهله ففي القصاص إشكال، فإن نفيناه ففي إيجاب كل الدية أو نصفها إحالة للهلاك على الجوعين إشكال).

أقسام السجن

التاسع و الأربعون: كل أقسام السجن على وتيرة واحدة من الأحكام التي ذكرناها، فإن السجن في الإسلام على ثلاثة أقسام:

الأول: «السجن الاحتياطي» و هو يتخذ من قبل الحاكم حول المتهم حتى يظهر براءته أو تجريمه كما ورد «15» من أن رسول الله صلى الله عليه و آله كان يسجن في الدم بستة أيام.

و ورد أن علياً (عليه الصلاة و السلام) حبس متهماً بالقتل حتى نظر في أمر المتهمين معه.

و لا يخص هذا الشي ء الاتهام في القتل بل يسري في غيره حسب الملاك، فقد روي أن عليا (عليه الصلاة و السلام) قضى في الدين أنه يحبس صاحبه فإن تبين إفلاسه و الحاجة فيخلي

______________________________

(15)- راجع الكافي: ج 7 ص 370 ح 5 (و فيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه و آله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة و إلا خلى سبيله).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 28

سبيله حتى يستفيد مالًا) «16».

الثاني: «السجن الحقوقي» و هو الحبس من أجل ذهابه بحقوق الناس، و هو قسم من الجريمة أيضا، فقد روي «17» أن أمير المؤمنين (عليه الصلاة و السلام) كان يحبس ثلاثة: الغاصب و رجلًا أكل مال اليتيم و من اؤتمن على أمانة فذهب بها.

الثالث: «السجن الجنائي» و هو السجن الذي يسجن به الجناة و قد ذكرنا جملة من أمثلته في كتاب الحدود «18» مثل ما روي «19» أن علياً (عليه الصلاة و السلام) قضى في أربعة تباعجوا

بالسكاكين و هم سكارى فسجنهم حتى يفيقوا، فمات منهم اثنان و بقي الاثنان فقضى بالدية على الأربعة و أخذ جراحة الباقيين من دية المقتولين.

و إنما قلنا بأن السجن لكل هؤلاء على قرار واحد، لأن الأدلة

______________________________

(16)- تهذيب الأحكام: ج 6 ب 22 ص 232 ح 19.

(17)- تهذيب الأحكام: ج 6 ب 22 ص 299 ح 43، و فيه: عن أبي جعفر عليه السلام قال: (كان علي عليه السلام لا يحبس في السجن إلّا ثلاثة: الغاصب، و من أكل مال يتيم ظلماً، و من ائتمن على أمانة فذهب بها و إن وجد له شيئاً باعه غائباً كان أو شاهداً).

(18)- موسوعة الفقه: ج 87 و 88، كتاب الحدود و التعزيرات.

(19)- تهذيب الأحكام: ج 10 ب 4 ص 240 ح 5، و فيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسجنهم فمات منهم رجلان و بقي رجلان، فقال أهل المقتولين يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا، فقال علي عليه السلام للقوم: ما ترون، قالوا: نرى أن تقيدهما، قال علي عليه السلام: فلعل ذينك الذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا: لا ندري، فقال علي عليه السلام: بل أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة و آخذ دية جراحه الباقين من دية المقتولين، و ذكر إسماعيل بن الحجاج بن ارطأة عن سماك بن حرب عن عبد الله بن أبي الجعد قال كنت أنا رابعهم فقضى علي عليه السلام هذه القضية فينا.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 29

العامة تجري في كل أقسام هؤلاء المساجين.

من آداب القاضي الجديد

الخمسون: و في خاتمة هذا المبحث نذكر أنه من آداب القاضي

الجديد أن ينظر في حال المسجونين بأمر القاضي السابق، و ذلك لأن لا يبقى في السجن شخص بري ء أو من انتهى سجنه.

ففي المبسوط «20» للشيخ الطوسي (قدس سره) قال: إذا جلس القاضي للقضاء فأول شي ء ينظر فيه حال المسجونين في سجن معزول، لأن السجن عذاب فيخلعهم منه و لأنه قد يكون منهم من تمّ عليه الحبس بغير حق.

و في شرائع الإسلام «21» للمحقق الحلي (قدس سره): (ثمّ يسأل عن أهل السجون، و يثبت أسماءهم، و ينادي في البلد بذلك ليحضر الخصوم، و يجعل لذلك وقتاً، فإذا اجتمعوا أخرج اسم واحد واحد و يسأله عن موجب حبسه، و عَرَض قوله على خصمه، فان ثبت لحبسه موجب أعاده، و إلا أشاع حاله بحيث إن لم يظهر له خصم أطلقه، و كذا لو أحضر محبوساً فقال: لا خصم لي، فإنه ينادي في البلد فإن لم يظهر له خصم أطلقه و قيل: يحلّفه مع ذلك).

و كذا ذكر غيرهما من الفقهاء «22» ..

______________________________

(20)- المبسوط في فقه الإمامية (للشيخ محمد بن الحسن الطوسي): ج 8 ص 91 كتاب آداب القاضي، و فيه: (فإذا جلس للقضاء فأول شي ء ينظر فيه حال المحبسين في حبس المعزول لأن الحبس عذاب فيخلصهم منه، و لأنه قد يكون منهم من تمّ عليه الحبس بغير حق).

(21)- شرائع الإسلام: ج 2 ص 320 كتاب القضاء في آداب القاضي.

(22)- قال القاضي عبد العزيز ابن البراج الطرابلسي (400- 481 ه-) في كتاب المهذب: باب آداب القضاء: فإذا جلس للحكم كان أول ما ينظر فيه حال المحبوسين لأن الحبس عذاب فيخلصهم منه و لأنه قد يكون فيهم من تم عليه الحبس بغير حق).

و قال عماد الدين بن حمزة الطوسي في كتابه

الوسيلة إلى نيل الفضيلة، فصل في بيان صفة القاضي و أدب الفضاء: (ثمّ يأخذ ديوان الحكم من الحاكم و ينظر في حال المحبوسين مع خصومهم فإن حبسوا بحق تركهم و إن حبسوا بباطل ردّ إلى الحق).

و قال المحقق الحلي (676 602 ه-) في المختصر النافع النظر الثاني في الآداب (و أن يأخذ ما في يد المعزول من حجج و ودائعهم، و السؤال عن أهل السجون و إثبات أسمائهم و البحث عن موج اعتقالهم ليطلق من يجب إطلاقه).

و قال العلامة الحلي (726 647 ه-) في قواعد الأحكام في مسائل الحلال و الحرام: كتاب القضاء و الشهادات، المقصد الثاني في كيفية الحكم (الآداب): (ثمّ ينظر أول جلوسه في المحبوسين فيطلق كل من حبس بظلم أو تعزير، و من اعترف أنه حبس بحق أقره، و من قال: أنا مظلوم لأني معسر فإن صدقه غريمه أطلقه- إلى أن قال- و لو قال: لا خصم لي و لا أدري لم حبست؟ نودي على// طلب خصمه فإن لم يحضر أطلق، و إن ذكر غائباً و زعم أنه مظلوم ففي إطلاقه

أقربه أنه لا يحبس و لا يطلق و لكن يراقب إلى أن يحضر خصمه و يكتب إليه ليعجّل فإن لم يحضر أطلق).

و قال السيد محمد جواد الحسيني العاملي في مفتاح الكرامة: ج 10 ص 26 و فيه: (ينظر أول جلوسه في المحبوسين فينادي مناديه في البلد إلى ثلاثة أيام: ألا إن القاضي ينظر إلى أمر المحبوسين فمن كان له على المحبوس حق فلينظره، و إنما يبتدئ بهم أولًا لان الحبس عذاب فيخلصهم و يجوز أن يكون فيهم المظلوم).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 30

و هكذا الأمر عند علماء السنة: فقد

قال أبو إسحاق الشيرازي و هو من أعاظم فقهاء السنة: (و يستحب أن يبدأ القاضي في نظرة المسجونين لأن الحبس عقوبة و عذاب و ربما كان فيهم من تجب

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 31

تخليته).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 32

الاصل حرية الانسان «23»

ثمّ أن الأصل في الإنسان الحرية، فلا يجوز حبس المتهم قبل الإدانة إطلاقاً إلا إذا كان الضرر المحتمل أهم من ضرر الحبس، حيث يجوز الحبس بجهة الأهم و المهم من باب الضرورة و من المعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها ..

كما انه يجوز الحبس لحفظ المجرم من أيدي الغوغاء بنفس هذا الدليل، فإذا كان اضطراراً لحفظ المجرم عن الغوغاء بأن لم يمكن حفظه إلا بذلك جاز الحبس من باب الأهم و المهم أيضاً، و بقدر الضرورة، نحو ما تقدم، و يدل على المستثنى و المستثنى منه بالإضافة إلى ما ذكرناه من القواعد الأولية بعض الروايات:

فعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان النبي صلى الله عليه و آله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإذا جاء أولياء المقتول ببينة و إلا خلى سبيله) «24».

و عن دعائم الإسلام عن علي عليه السلام انه قال: (لا حبس في تهمة إلا في دم، و الحبس بعد معرفة الحق ظلم) «25».

و في كتاب الغارات عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: (إني لا آخذ على التهمة، و لا أعاقب على الظن، و لا أقاتل إلا من خالفني و ناصبني و أظهر لي العداوة) «26».

______________________________

(23)- اخذنا هذا الملحق من موسوعة الفقه: ج 101 ص 197، للإمام المؤلف (دام ظله).

(24)- الكافي: ج 7 ص 370 ح 5.

(25)- دعائم الإسلام: ج 2 ص 539

كتاب آداب القضاة.

(26)- الغارات: ص 251.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 33

و فيه أيضاً في قصة خروج الخريت بن راشد من بني ناحية على أمير المؤمنين (عليه الصلاة و السلام) و اعتراض عبد الله بن قعين عليه بعدم استيثاقه، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذ الآن فتستوثق منه، فقال عليه السلام: إنا لو فعلنا هذا لكل من نتهمه من الناس ملأنا السجون منهم، و لا أراني يسعني الوثوب على الناس و الحبس لهم و عقوبتهم حتى يظهروا لنا الخلاف «27».

لكن مقتضى كون الأمر ضرورة انه إن تمكن من الاستيثاق بغير ذلك مثل أخذ الكفيل أو تجميد رصيده في البنك بقدر دين المدعي أو ما أشبه ذلك حتى إذا أثبت جعله للمدعي كان مقدماً على الحبس، لكن مع ذلك قال في الشرائع: إذا اتهم و التمس الولي حبسه حتى يحضر البينة ففي اجابته تردد، و مستند الجواز ما رواه المسكوني، و في السكوني ضعف.

و في الجواهر بعد تلك العبارة قال: يمنع عن العمل به فيما خالف أصل البراءة و غيره، إذ هو تعجيل عقوبة، لا مقتضى له، و لذا كان خيرة الحلي و الفخر وجده و غيرهم على ما حكي العدم.

و في المختلف: التحقيق أن نقول إن حصلت التهمة للحاكم بسبب لزوم الحبس ستة أيام عملًا بالرواية و تحفظا للنفوس عن الإتلاف، و ان حصلت لغيره فلا، عملًا بالأصل.

و حيث ذكرنا في كتابي الحقوق و الواجبات و المحرمات و غيرهما جملة من موارد السجن في الإسلام لا داعي إلى تكراره.

ثمّ أن الحبس باستثناء بعض الموارد الشاذة المقررة في الإسلام يجب أن يتجنب مهما وجد السبيل إلى ذلك لما فيه من الاضرار الكثيرة:

الأول:

الاضرار الاقتصادية، حيث أن السجين يتوقف عن العمل غالباً و يحمل خزانة الدولة نفقاته، و هي خزانة الأمة، كما أن إدارة السجن تحمل الأمة نفقاتها، فدينار يوقف من جهة توقف

______________________________

(27)- الغارات: ص 223 خبر بني ناجية.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 34

كسبه و دينار يصرف عليه و دينار يصرف على إدارة سجنه و هو ضرر ثلاثة أضعاف مرة.

الثاني: الاضرار الثقافية، حيث انه يمنع عن الثقافة التي كان يحصلها حال انطلاقه- عادة-.

الثالث: الاضرار السياسية، حيث لا يتمكن أن يشرك في النمو السياسي لنفسه أو لغيره- عادة-.

الرابع: الاضرار الاجتماعية، حيث تبقى عائلته مشردة- عادة- و ذلك يوجب أضراراً اجتماعية كثيرة.

الخامس: الضرار الأخلاقية لنفسه حيث يتعقد هو- عادة-، و ذلك يعطي مردوده في السجن و خارجه.

السادس: الاضرار الأخلاقية لعائلته، حيث في بعض الأحيان يوجب السجن انزلاق زوجته أو أولاده في أو حال الرذيلة بسبب عدم المعيل المراقب لهم.

السابع: الاضرار العمرانية، فيما إذا سجن بناء أو مهندس أما أشبه ذلك.

الثامن: الاضرار الصحية، فيما إذا سجن طبيب أو نحوه.

التاسع: الاضرار العدوانية، فإن السجين المجرم يعلم سائر السجناء كيفية الجريمة، كما انه إذا خرج السجين و قد تعلم الجريمة يفشيها في المجتمع.

العاشر: الاضرار الأخر، مثل: تحطم المسئولية لدى السجين، حيث أن الإنسان غالباً يأخذه الحياء في أن يرتكب الموبقات، فإذا سجن علم أن الناس رأوه مجرماً، و بذلك يقل حيائه، و لا يرى نفسه مسئولًا، إلى غيرها.

ثمّ إنا ذكرنا في كتاب الحدود «28» مسألة تأخير الحد و الشفاعة

______________________________

(28)- راجع موسوعة الفقه: ج 87 و 88 كتاب الحدود و التعزيرات.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 35

فيه و الكفالة و ما أشبه ذلك مما لا داعي إلا

تكرارها ..

كما أن اللازم فيمن يحد أو يحبس أن لا يهتك هو و عائلته أكثر من القدر المقرر في الشريعة الإسلامية، إذ لا يجوز إهانة المسلم، أو إذلاله، أو تخويفه، أو إراقة ماء وجهه أو ما أشبه، خرج منه ما دلت الشريعة عليه، فلا وجه للزائد بعد الأصل المذكور، مثلًا امرأة زنت و ثبت زناها بالإقرار أو البينة حسب الشروط الشرعية، فإذا صرح بأنها من عائلة فلان عند إجراء الحد عليها سبب ذلك خفتهم و إسقاط كرامتهم في المجتمع، فانه لا يجوز ذلك، و هكذا بالنسبة إلى سائر الجرائم.

و منه يظهر وجه التحريم في المقابلة الإذاعية أو التلفزيونية أو النشر في الصحف أو ما أشبه خصوصاً إذا أُخذ الإقرار و نحوه بالإكراه، فانه محرم مكرر.

فعن علي أمير المؤمنين (عليه الصلاة و السلام): (من كشف حجاب أخيه انكشفت عورات بيته) «29».

و عن عبد الله بن سنان قال: قلت له: (عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: نعم، قلت: تعني سفليه، قال: ليس حيث تذهب، إنما هو إذاعة سره) «30». و قد بينا وجه النفي و الإثبات في هذا الحديث في كتاب الآداب و السنن «31».

و عن علي (عليه الصلاة و السلام) أيضاً: (شر الناس من لا يعفو

______________________________

(29)- كشف الغمة: ج 2 ص 157. و في وصية جعفر الصادق (عليه السلام) لولده موسى (عليه السلام): (من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه) و في مجموعة ورام: ج 2 ص 39: (من هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته). و كذلك في تحف العقول: ص 88، ص 93. و في بحار الأنوار: ج 72 ب 79 ص 321 ح 50 عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (من هتك حجاب أخيه

انهتكت عورات بيته)

(30)- الكافي: ج 2 ص 358 ح 2.

(31)- راجع موسوعة الفقه: ج 94- 97.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 36

عن الزلة و لا يستر العورة) «32».

و عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: (لا تتبعوا عثرات المسلمين فإنه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثراته، و من تتبع الله عثراته يفضحه) «33».

و في رواية أخرى عنه صلى الله عليه و آله (قال الله عز و جل: قد نابذني من أذل عبدي المؤمن) «34».

بل من الأفضل بالنسبة إلى نفس المجرم، و من رأى الجريمة، الستر إلا إذا كانت هنالك جهة أهم، ففي خبر أبي العباس، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (أتى النبي صلى الله عليه و آله رجل فقال إني زنيت- إلى أن قال- ثمّ قال صلى الله عليه و آله: لو استتر ثمّ تاب كان خيراً له) «35».

و في حديث الأصبغ بن نباتة قال: (أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فأعرض أمير المؤمنين (عليه السلام) عنه بوجهه، ثمّ قال له: اجلس، فأقبل علي (عليه السلام) على القوم فقال: أ يعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه، فقام الرجل فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فقال: و ما دعاك إلى ما قلت، قال: طلب الطهارة، قال: و أي طهارة أفضل من التوبة، ثمّ أقبل على أصحابه يُحدثهم، فقام الرجل فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فقال: أ تقرأ شيئاً من القرآن، قال: نعم، قال: اقرأ، فقرأ فأصاب، فقال له: أ تعرف ما يلزمك من حقوق الله في صلاتك و زكاتك، فقال: نعم

فسأله، فأصاب، فقال له: هل بك من مرض يعروك أو تجد وجعاً في رأسك أو بدنك أو غماً في صدرك، قال: يا أمير المؤمنين لا، فقال: ويحك اذهب حتى نسأل عنك في السر

______________________________

(32)- غرر الحكم و درر الكلم: ص 245 ح 5016 الفصل الثاني.

(33)- الكافي: ج 2 ص 355 ح 4.

(34)- الكافي: ج 2 ص 351 ح 6.

(35)- التهذيب: ج 10 ص 8 ب 4 ح 22.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 37

كما سألناك في العلانية، فإن لم تعد إلينا لم نطلبك) «36».

و في رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الزاني الذي أقرّ أربع مرات انه قال لقنبر: (احتفظ به، ثمّ غضب و قال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رءوس الملأ، أ فلا تاب في بيته، فوالله لتوبته فيما بينه و بين الله أفضل من إقامتي عليه الحد) «37».

إلى غير ذلك من الروايات.

______________________________

(36)- من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 31 ب 2 ح 5017.

(37)- الكافي: ج 7 ص 188 ح 3.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 38

عدم ممارسة التعذيب «38»

ان أي تعذيب مهما كان لونه و مهما قيل في مبرره، ممنوع و محرم قطعاً، لم ينزل الله به من سلطان، فعلى الممارسين للحركة أن يتجنبوه مهما كلف الأمر، سواء في داخل الحركة أو خارجها، و سواء قبل وصولهم إلى الحكم أو بعد وصولهم اليه، و سواء بالنسبة إلا الأصدقاء أو الأعداء ..

فإن من يهين كرامة الإنسان لا يتمكن أن يدافع عن كرامة الإنسان و من يمارس التعذيب و لو لمرة واحدة و يقول إني أريد إيصال الإنسان إلى الكرامة لا يكون كلامه

إلا هراءً و سخفاً، فإنه لا يصل إلى الهدف أولًا، و يحاكم محاكمة المجرمين في المحاكم الإلهية ثانياً، و تهدر كرامته في المجتمع الذي يطلع على ممارسته ثالثاً ..

و هناك قسم من أصحاب القدرات يتصورون أنهم لو مارسوا التعذيب لا تصل أنباؤه إلى المجتمع، ناسين قوله تعالى: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلىٰ عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «39».

التعذيب ظاهرة غير إسلامية

______________________________

(38)- اخذنا هذا الملحق من كتاب (ممارسة التغيير لانقاذ المسلمين) للإمام المؤلف (دام ظله).

(39)- سورة التوبة: 105.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 39

لا شك انه من الممكن أن يستظهر الإنسان الحق- الذي يريد بعض استظهاره لا بسبب التعذيب- و يتوصل إلى الواقع، بواسطة الأدلة و الشواهد و تكثير الأسئلة و الأجوبة أو ما أشبه ذلك من القضايا المعروفة في قضاء أمير المؤمنين عليه السلام «40».

فلا يقال: إنه اذا لم يمارس التعذيب في حق المجرمين فسوف لا يعترفون بالواقع، و بالتالي يبقى بعض الحق خافياً، كما هو منطق الدكتاتوريين.

فإنه يقال: أولًا: بقاء بعض الحق خافياً أفضل من إهانة الحق بالتعذيب. و ثانياً: في التعذيب أيضاً يبقى ذلك، فبعض المعذبين يعترفون على أنفسهم زوراً و كذباً للتخلص من آلام التعذيب و هو أيضاً تغطية للحق.

أساليب الكشف المشروعة

اشارة

و بهذه المناسبة نلمح إلى بعض القضايا التي اتفقت و أمكن القضاة و من إليهم من استظهار الحق فيها بدون تعذيب، مع

______________________________

(40)- و قد الف العديد من العلماء كتبا خاصة في قضاء أمير المؤمنين (ع) أو افردوا له بابا مستقلا في كتبهم، مثل: بحار الأنوار للعلامة المجلسي، معادن الجواهر، لابن أبي الحديد المعتزلي، و مدينة المعاجز، للبحراني. و اول من كتب في هذا الباب هو عبيد الله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين مدة خلافته كلها، و هو أول من صنف في المغازي و السير، توفي بعد المائة الاولى الهجرية و عنوان كتابه (قضايا أمير المؤمنين). و منها: كتاب قضاء امير المؤمنين، للشيخ محمد تقي كاظم التستري (1321- 1410 ه-) الطبعة الأولى 1369 ه-. و منها: كتاب القضايا العجيبة، لابن أبي الحديد المعتزلي.

راجع الذريعة الى تصانيف الشيعة: ج 17

ص 153.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 40

أنها كانت قضايا معقدة و أحياناً في غاية التعقيد.

فمثلًا اتفق في بعض البلاد في زماننا أنه وجد إنسان مقتول على قارعة الطريق و لم يعلم قاتله، لكن الخبير تمكن من الاطلاع على القاتل بسبب النظر إلى عيني القتيل حيث أن مرآة العين تحتفظ بآخر صورة من الصور التي انتقشت فيها.

و التوصل إلى الواقع عبر هذه الأساليب و إن كان محتاجاً إلى الأجهزة و الخبروية إلا أن ذلك متيسر في العالم الحاضر، بينما قد اتفق لحاكم في زماننا محاولة اغتياله- حسب زعمه- فأخذ يزج على أثرها مجموعات كبيرة من الناس إلى السجن، حتى قال بعض الإحصاءات بأنه سجن ما يقارب المائتي ألف شخص، و أذاقهم أشد أنواع العذاب و التنكيل.

طريقة التحليل النفسي

و في قضية ثانية اتفقت لحجة الإسلام السيد محمد باقر الشفتي الأصفهاني (رحمة الله عليه) حيث عثروا على قتيل في الشارع أيام كان يحكم أصفهان، و كلما أراد سماحته الاطلاع على قاتله لم يتمكن و أخيراً استعان بطبيب نفسي خبير، ففحص الجثة كاملًا ثمّ أمر بإحضار جميع القصابين، فلما حضروا أوقفهم صفاً واحداً بحيث يكون قفاهم إلى مجلس حجة الإسلام الشفتي و وجوههم إلى الطرف الآخر، و بعد لأي من الزمن قال الخبير لأولئك القصابين: اذهبوا حيث شئتم، فلما تحركوا للذهاب صاح فيهم و قال: أنت أيها القاتل إلى أين؟ و إذا بأحدهم يلتفت إلى الخلف فجأة من دون اختيار، فأمر الخبير بإلقاء القبض عليه و لما حقق عن الأمر تبين أنه القاتل، فقيل للخبير من أين عرفت ذلك؟ قال: إني لما فحصت

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 41

الجثة رأيت آثار مسح السكين على

ملابس المقتول، و هذا لا يكون إلّا من عادة القصابين حيث ينظفون سكين الذبح على جلد الخروف و من حيث أن المجرم يعرف نفسه، و نفسه أيضاً تعترف بالجريمة و ان أضمرها صاحبها، و أصر عليها لتنكره و تغطّي عليه، لكنها تفلت أحياناً عن الاحتفاظ بإنكار الجريمة إذا فوجئت بالاستجواب. و قد قال أمير المؤمنين عليه السلام: (ما نوى امرؤ شيئاً إلّا و ظهر في صفحات وجهه و فلتات لسانه) «41».

قاعدة الدوران و الترديد

و ينقل عن سماحته أيضاً: انه جاءته امرأة و قالت: سيدنا إن أحد الأعيان اغتصب البستان المجاور لبستانه و حيث أن له المال و القدرة أشهد جماعة كبيرة من الناس على أن البستان له في غياب مني و الآن بعد اطلاعي على ذلك، ليس لي على الظاهر مستمسك يقاوم ادعاءه و يثبت حقي، فهل تتمكن من إنقاذ حقي؟

و هنا لما علم سماحته صدقها في قولها طلب ذلك الشخص و قال له أن هذه المرأة تدعي أن البستان لها فما تقول؟ فأنكر الرجل و أخرج الأوراق و الأسناد التي تؤيد أن البستان له و قد شهد في الأوراق جماعة كبيرة من الشهود من مختلف الطبقات الذين تمكن الرجل من إرشائهم أو إغفالهم.

فقال حجة الإسلام: لا بأس، و تركه وهلة من الزمن ليستريح. ثمّ توجه إليه و قال له: بكم اشتريت هذا البستان؟ قال الرجل: لم اشتره، ثمّ تركه .. و بعد مدة سأله قائلًا: من وهب لك هذا البستان؟ قال الرجل: لم يهبه لي أحد، فتركه ..

______________________________

(41)- انظر نهج البلاغة، قصار الحكم: 526.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 42

و بعد فترة قال له: هل ورثته من أبيك أو أحد المورثين لك؟ قال الرجل:

لا لم يكن لي إرثاً.

و هكذا أخذ حجة الإسلام يسأل الرجل في فترات متقطعة عن كيفية تحصيله للبستان و الرجل يجيبه في كل منها- بلا التفات منه إلى نتيجة أجوبته- بالنفي، حيث دل مجموع الأسئلة و أجوبة الرجل، على نفي الملك عنه، آنذاك التفت إليه حجة الإسلام قائلًا: إنك قد نفيت عن نفسك كل أنواع الملك للبستان فمن أين صار هذا البستان ملكا لك؟

و هنا لما رأى الرجل أنه سقط في يده، لم يحر جواباً و أخذ يتلجلج مما ظهر للجميع تزويره للاسناد و الأوراق.

فأخذ حجة الإسلام الأوراق المزورة و أمر بإحراقها في المجلس، ثمّ حكم بالبستان للمرأة إلا أن يثبت غيرها أن البستان له.

بين اللف و الدوران

ينقل في أحوال أحد القضاة أن إنساناً جاء إليه و قال له: كان لي شراكة مع صديق في مال فدفنا المال معاً تحت شجرة خارج المدينة، و بعد مدة احتجت إليه فذهبنا معاً لنأخذ المال فلم نعثر عليه فظننت ظناً قوياً بأن الصديق نفسه هو الذي ذهب و أخذ المال لأن غيرنا لا يعلم بذلك إطلاقاً.

فقال له القاضي: أ لك شاهد أو دليل على ذلك؟

قال: كلا سوى أنه ليس أحد غيرنا يعلم بالمكان.

فطلب القاضي صديقه و سأله عن المال و الشجرة، فأنكر علمه بشي ء من ذلك.

فقال له القاضي: لا بأس، اجلس هنيئة فجلس.

ثمّ توجه القاضي إلى الشاكي و قال: اذهب إلى الشجرة التي دفنت المال تحتها و انظر ما ذا ترى فأخبرني به.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 43

قال الرجل: و ما فائدة ذهابي إلى الشجرة؟

قال: لعل الله سبحانه و تعالى يقذف في قلب من أخذ المال، فيرجعه إلى مكانه، أو تجده هناك و المال معه فتأخذه منه.

فلم

يقتنع الرجل لذلك لكنه ذهب إطاعة لأمر القاضي.

و بعد فترة من ذهاب الشاكي توجه القاضي إلى هذا المجلس و قال له: أظن أن صديقك قد أبطأ؟

قال الرجل: لا، لم يبطئ.

قال القاضي: و لما ذا؟

قال: لأن الشجرة بعيدة عن المدينة بمقدار تستدعي هذا البطء.

فتوجه إليه القاضي و قال: الآن اعترفت على نفسك قم و ائت بالمال، و إلا فما علمك بالشجرة المعينة، فلم ير الرجل بدا من الاذعان و تسليم المال، فقد اعترف على نفسه من حيث لا يعلم.

و لما رجع الشاكي سلمه القاضي المال و قال له: إنما أمرتك بالذهاب إلى الشجرة حتى أفتح طريق الاستجواب مع هذا الرجل و أستخلص منه الاعتراف، و كان كما أردت، فخذ المال و انصرف غانماً.

بين السبر و التقسيم

ينقل أن شخصاً جاء إلى عضد الدولة البويهي و اشتكى له قائلًا: دفنت مالًا تحت شجرة خارج المدينة بغداد و لم يكن هناك أحد يراني فلما رجعت بعد مدة و حفرت الموضع لأستخرج المال لم أجد شيئاً.

فقال له عضد الدولة: هل تعرف نوعية تلك الشجرة؟

قال، نعم.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 44

قال: و ما كان نوعيتها؟

قال: شجرة الخروع.

عند ذلك طلب عضد الدولة أطباء بغداد، فلما حضروا سألهم قائلًا: أيكم وصف لمراجعيه من المرضى في هذه الفترة من الزمان جذور الخروع؟

قال أحدهم: أنا.

قال: أ تعرف المريض الذي وصفت له هذا الدواء؟

قال الطبيب: نعم إنه أحد وزرائك فلان.

فأحضر عضد الدولة ذلك الوزير و قال له: هل عالجك هذا الطبيب بجذور الخروع؟

قال الوزير: نعم؟

قال: و من أين حصلت عليها؟

قال: أرسلت أحد غلماني فجاءني بها.

قال: أحضر ذلك الغلام.

فأحضر الوزير غلامه، و عند ما حضر توجه إليه عضد الدولة و قال: هل أنت جئت بجذور الخروع

للوزير؟

قال الغلام: نعم.

قال: من أين جئت بها؟

قال: من شجرة في البرية.

قال: في أي موضع كانت الشجرة؟

قال: في موضع كذا خارج مدينة بغداد.

و هنا تطابقت المواصفات، و اعترف الغلام على نفسه من دون أن يشعر، بأنه اعترف ضمناً بأخذه المال المدفون هناك.

عندها قال له عضد الدولة: عليك أن تأتي بمال هذا الرجل فإنه ليس هناك أحد غيرك أخذ المال المدفون تحت الشجرة.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 45

فلما رأى الغلام انه اعترف من حيث لا يعلم، لم ير بداً من الاقرار و إحضار المال بكامله، سوى مبلغ ضئيلٍ كان قد صرفه، عفا عنه صاحبه.

و هكذا تمكن عضد الدولة أن يستخرج خفايا تلك القضية الغامضة بهذا الأسلوب الذكي.

نباهة و ذكاء

ينقل في قصة أخرى عن عضد الدولة البويهي: انه جاء إليه تاجر قال له شاكياً: إني أردت الذهاب إلى الحج و كانت عندي دنانير ذهبية زائدة تبلغ ألف دينار، فأودعتها عند أحد التجار و ذهبت إلى الحج فلما رجعت من الحج، ذهبت إليه و طالبته بالوديعة، فأنكرها عليّ.

قال له عضد الدولة: ما عليك إلا أن تذهب إلى محل التاجر في الغد و تجلس أمام محله بحيث يراك، و إني سوف أجعل عبوري غداً من ذلك الطريق، و لما أراك اقبل عليك و أرحب بك و أطلب منك أن تصحبني و تنزل في ضيافتي، و كلما ظهرت لك شوقي و دعوتك إلى داري فأظهر أنت الامتناع و تسويف الزيارة إلى موعد آخر.

فذهب التاجر في الغد و جلس أمام محل ذلك التاجر فأنكر عليه التاجر جلوسه هناك فلم يعبأ به، و في الأثناء و إذا بعضد الدولة يمر بموكبه الملكي من ذلك الشارع، و لما بصر بالشخص الجالس هناك

توجه إليه و نزل عن فرسه احتراماً له، و رحّب به، و سلم عليه و اعتنقه و هو يقول له: في أي وقت جئت إلى بغداد؟

قال الرجل: منذ أيام.

قال عضد الدولة: لما ذا لم تنزل بنا؟

قال: لأعمال شغلتني عن ذلك.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 46

فاخذ عضد الدولة يلح عليه بأن ينزل ضيفاً عنده و الرجل يأبى من ذلك- حسب الاتفاق المسبق بينهما-.

و أخيراً قال له عضد الدولة: هل لك حاجة؟

قال الرجل: كلا، غير سلامتكم.

فودعه عضد الدولة و ذهب.

و لما رأى التاجر هذا المنظر، ارتجف خوفاً، و اصفرّ لونه، و أقبل بعد ذهاب عضد الدولة نحو الرجل مسرعاً و قال له: يا أخي ما هي علامة وديعتك فلعلي نسيتها؟.

فبين له الرجل علامة وديعته و أعلمه بمقدارها فذهب التاجر، و جاء بعد لأي من الزمن بالوديعة كاملة.

و هكذا تمكن عضد الدولة من أن يستخرج مال الرجل بهذه الصورة.

إلى غيرها من القصص الكثيرة المذكورة في الكتب المعنية بهذا الشأن مما لسنا بصددها و إنما كان القصد الإلماع إلى ذلك.

و قد ذكرنا في كتاب (الحدود) «42» و كتاب (القضاء) «43» حرمة التعذيب و عدم وجوده في نظام الإسلام إطلاقاً، و قد أشرنا إلى شي ء من ذلك في بعض القصص السابقة عن الرسول صلى الله عليه و آله.

و لا يتصور الإنسان أنه يتمكن أن يبني كشفه للحقائق على التعذيب ثمّ يتمكن من الإقلاع عنه لمّا استتب له الأمر، فإن أمثال هذه الأمور حالها حال الشجرة كلما تقدم بها الزمان أخذت في النمو أكثر فأكثر.

______________________________

(42)- انظر موسوعة الفقه: ج 87 و 88 كتاب الحدود و التعزيرات.

(43)- انظر موسوعة الفقه: ج 84 و 85 كتاب القضاء.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد

محمد)، ج 3، ص: 47

لا .. للسجون و المعتقلات

و كما يلزم على ممارسي التغيير عدم ممارسة التعذيب إطلاقاً على ما ذكرناه، كذلك يلزم عليهم تقليص السجون و السجناء، إلى أقل قدر اضطراري، فانه بالإضافة إلى انه كبت حريات الناس محرم قطعي في الشريعة الإسلامية، فإن السجن من أبرز مصاديق كبت الحريات ..

و لا يمكن أن يكون من يدعو إلى الإسلام يخالف الإسلام في حكم مهم من أحكامه، بالإضافة إلى ذلك كله فإن للسجن أضراراً كثيرة لا يجبرها شي ء، و لا ينبغي للعاقل أن يلجأ إليه إلا في قصوى حالات الضرورة من جهة الأهم و المهم و الضرورات تقدر بقدرها، فلا بد من ملاحظة ما يلي:-

1. الكم: أي عدد الأيام.

2. السبب: أي أسباب السجن.

3. الكيف: أي شدة السجن و خفته.

4. الاستمرار: أي اتصال مدة السجن و تقطعه.

و قد قسمت بعض القوانين العالمية السجن إلى (المغلق) و (النصف المغلق) و (المنفتح).

ففي الأول: يبقى السجين طول المدة المحكوم فيها في السجن.

و في الثاني: يقسط السجن شهراً مثلًا على عشرة أشهر كل شهر ثلاثة أيام فلا يكون للمدة اتصال.

و في الثالث: يذهب السجين وقت المنام إلى السجن أما في النهار فيذهب إلى مزاولة أعماله.

الذي يسجن في الإسلام

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 48

و قد أحصينا في بعض مباحث (الفقه) «44» عدد الذين يسجنون في الإسلام، فلم يتجاوزوا عشرين شخصاً و كلهم قد أجرموا واقعياً لا جرماً قانونياً، حيث أن تسعين في المائة أو أكثر من هذه النسبة من هؤلاء السجناء في عالمنا الحاضر إنما يسجنون بحجة مخالفتهم للقوانين التي وضعها إما شخص المستبد، أو مجلس وزرائه، أو مجلس ثورته، أو على أحسن الفروض مجلس الأمة فيما لو كانت الانتخابات حرة- مما ليس لها وجود في العالم الإسلامي

في الحال الحاضر-.

السجن في عهد الإمام عليه السلام

و قد نقل كتاب الغارات عن أبي إسحاق بن مهران قال: رأيت عليا عليه السلام أسس مسجد الكوفة إلى قريب من طاق الزياتين قدر شبر شبر قال: و رأيت المحبس و هو (خص) و كان الناس يفرجونه و يخرجون منه، فبناه علي عليه السلام بالجص و الآجر، قال فسمعته و هو يقول:

إلا تراني كيساً مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا

باباً حصيناً و أميناً كيساً «45»

فإن الإمام عليه السلام كان سجنه عبارة عن الجريد و ما أشبه ذلك و لكن السجناء حيث كانوا يفرون من هذا السجن بإفراج القصب و الجريد اضطر عليه السلام إلى أن يجدد بناءه و يجعل له باباً حصيناً، و اميناً كيساً، حتى لا يفر المعتقلون منه و ينالون جزاءهم العادل.

______________________________

(44)- انظر موسوعة الفقه: ج 100 ص 348، للإمام المؤلف (دام ظله).

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، 3 جلد، ه ق

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)؛ ج 3، ص: 48

(45)- الغارات: ص 79.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 49

اضرار السجن

اشارة

أما أضرار السجن فأقسام: سياسية، و اجتماعية، و اقتصادية، و ثقافية، و صحية، و غيرها.

الاضرار السياسية:

اشارة

أما الاضرار السياسية فكثيرة، منها:

تعقيد نفسية السجين و تنشيط نقمته على الدولة و الشعب.

أما على الدولة فلأنه يعدّها ظالمة غاشمة تستحق الإبادة و الزوال، و من هذا المنطلق يعمل للتنقيص منها و إزالتها و تخريب ما يرتبط بها.

و أما على الشعب فلأن الإنسان المعقد يكره الناس جميعاً حيث يراهم قاصرين أو مقصرين في حقه، فإنه قل ما يعترف مجرم حقيقي بجرمه و يرى نفسه مقصراً و مجرماً، فكيف بالمجرم القانوني؟، حتى أن السارق في كثير من الأحيان يرى انه قد اضطر إلى السرقة لعدم توفر المال له مثلًا، بينما يرى الأغنياء يسرقون أموال الفقراء تحت مظلة القوانين المزيفة.

متى تنفذ العقوبات؟

و لذا نرى أن الإسلام أجاز تنفيذ العقاب بعد تحقيق سلامة الاجتماع كما يستظهر ذلك من الآيات و الروايات، فقد قال سبحانه: وَ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مٰا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دٰاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ عَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ شَدِيدٌ «46».

و قال تعالى: وَ يَقُولُونَ مَتىٰ هٰذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ قُلْ يَوْمَ

______________________________

(46)- سورة الشورى: 16.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 50

الْفَتْحِ لٰا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمٰانُهُمْ وَ لٰا هُمْ يُنْظَرُونَ «47».

و قال سبحانه: وَ لٰا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلٰاحِهٰا* «48».

و ورد: (أن الحكم و الحدود لإمام المسلمين) «49» و معنى ذلك: انه في ظرف و زمان وجود إمام المسلمين تجري الأحكام، و معنى وجود إمام المسلمين كونه مبسوط اليد بقيام حكم الإسلام، و من الواضح أن حكم الإسلام إنما يقوم إذا توفرت الحريات للناس و تمكن كل إنسان أن ينال من العلم و المال و الجاه حسب كفاءته و مؤهلاته و ذلك يوجب تمكنه من المكسب و المسكن و المنكح

و إلى غيرها من شئون حياة الإنسان المناسبة لكرامته ..

فإذا لم يكن الجو إسلامياً، لم يتمكن الإنسان من المال الذي يدير أمور معاشه، فكيف تقطع يده لسرقة؟.

كما أنه لم يتمكن من المال الذي يوفر له الزواج، فكيف يجلد؟

و إذا كانت الخمور و الفجور تملأ البلاد طولًا و عرضاً فكيف يجرى الحد على متعاطيها؟ إلى غير ذلك.

و إذا أقر الرجل بالسرقة مرة، أخذ منه المال و لم يقطع يده إلى غير ذلك.

و لذا ورد في الحديث: (الإسلام يجبّ عما قبله) «50» و (الإيمان يجبّ عما قبله) «51» و كذا (وصول العادل إلى الحكم يجبّ عما قبله)

______________________________

(47)- سورة السجدة: 28- 29.

(48)- سورة الأعراف: 85.

(49)- انظر وسائل الشيعة: ج 18 ب 13 ص 7.

(50)- بحار الأنوار: ج 40 ص 235، و كنز العرفان: ج 1 ص 166.

(51)- هذا مضمون حديث استبصار المخالف (منه دام ظله).

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 51

كما دل عليه حديث الإمام الرضا عليه السلام و هذا بحث فقهي خارج عن مهمة الكتاب.

هذا بالإضافة إلى (رفع الإكراه)- و قد ذكرنا في بعض كتب الفقه أنه شامل للإكراه الأجوائي كشموله للإكراه الفردي- و (رفع الاضطرار) و (ما لا يعلمون) و (ما لا يطيقون) «52» و المراد بما لا يطيقون العرفي كما قرر في محله، كما (أن الحدود تدرأ بالشبهات) «53» و الشبهة من قبل الحاكم موضوعاً و حكماً أو الشبهة من قبل المحكوم موضوعاً و حكماً، إلى غير ذلك.

و منها «54» أن السجناء كثيراً ما ينظّم بعضهم بعضاً للفساد، أو لسياسة منحرفة أو ما أشبه ذلك، و كذا يعلّم بعضهم بعضاً طرق الحيل و المكر و الخداع و ما أشبه، لأن المجرمين- تبعاً للفراغ

الموجود في السجن- ينقل كل واحد منهم للآخر ما عمله في حياته من إجرام و جنايات، كما هو المشاهد في غالب سجون العالم، و ذلك بدوره يؤدي إلى الاضرار السياسية.

الاضرار الاجتماعية:

و أما الاضرار الاجتماعية، فكثيرة أيضاً، منها:

______________________________

(52)- الخصال: ص 417 ب التسعة ح 9. و في الوسائل ج 11 ص 295 ب 56 ح 1 عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله (ص): (رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ و النسيان و ما أكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة).

(53)- المستدرك: ج 3 ص 219 ب 21 ح 4.

(54)- أي من الاضرار السياسية للسجن.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 52

أولًا: السجين يتصور سقوطه في المجتمع و يرى أن المجتمع قد نبذه و طرده، و بذلك يحاول أن يكون ضد المجتمع في كل تصرفاته و أعماله، فينقلب عن كونه عضواً صالحاً إلى عضو فاسد.

ثانياً: يتشتت أهل السجين و ذووه من زوجة و أولاد و عائلة في المجتمع، لفقدهم من يلم شعثهم و يجمع شملهم فيسقطون عن كونهم أعضاء صالحين للمجتمع.

ثالثاً: يحتمل وقوع كلا الجانبين في الفساد الجنسي، أما السجين نفسه فلأنه بشر يحتاج إلى إشباع الغريزة فيمارس ألوان الشذوذ و الانحراف، و أما أهل السجين و ذووه فلفقدهم من يعولهم و يعتني بتربيتهم و يهتم بمراقبة أعمالهم، فيقعون في الفساد أما لتأمين حياتهم أو لإشباع رغباتهم الجنسية.

الاضرار الاقتصادية:

و أما الضرار الاقتصادية فهي تنشأ من كون السجين لا يتمكن من التكسب و تمشية أموره، فإذا فرضنا أن عائلة مكونة من خمسة أشخاص يحتاجون في كل يوم لامرار معاشهم إلى خمسة دنانير فإذا سجن من يعولهم و يكدّ لهم، فكيف يتمكنون من تحصيل هذا المال؟ و طبيعي أنهم يقعون بذلك في الضرر الاقتصادي و

الفقر و في كل ما يسببه الفقر من المشاكل.

و قد ورد في الحديث الشريف: (الفقر سواد الوجه في الدارين) «55» و قال أبو ذر (رحمه الله): (عجبت للفقراء كيف لا يخرجون على الأغنياء بسيوفهم؟).

الاضرار الثقافية:

______________________________

(55)- بحار الأنوار: ج 69 ص 30.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 53

و أما الاضرار الثقافية فهي تنتج من انقطاع السجين عن المدرسة و ما اشبه، حيث لا يتمكن من مواصلة الدراسة و الحصول على الشهادة فيسبب ذلك تأخره في المجتمع، و معلوم أن تأخره يؤثر في تأخر المجتمع من الناحية الثقافية، و حيث يرى أن زملاؤه قد تقدموا و تفوقوا عليه يتعقد نفسياً ضد المجتمع و ينقم عليهم و يخطط للانتقام منهم، فيضر المجتمع ضررين: أولًا ضرر الثقافة، و ثانياً ضرر تفشي الجهالة و الرذيلة.

الاضرار الصحية:

و أما الاضرار الصحية فهي تتولد من تراكم أفكار السجين و كثرة حزنه وهمه و تعقده، فإنها تسبب أمراضاً جسدية و أمراضاً روحية، و قد ثبت علمياً أن كل واحد من الروح و الجسد يؤثر على الآخر، فالمهموم روحياً يمرض جسدياً، و المريض جسدياً يكتئب روحياً و يتعقد نفسياً.

هذا بالإضافة إلى ما يذهب هدراً من أوقات ذوي السجناء في لقاءاتهم مع سجنائهم، و مقدماتها، مما كان يمكنهم صرفها في أمور تعود عليهم و على مجتمعهم بالخير و التقدم.

و إلى ما يسببه السجين من مضادة ذوي السجين للدولة و المجتمع بسبب نقل السجين كآبته و أحزانه و همومه و أفكاره إلى ذويه عند الالتقاء به.

و إلى ما يكون من نشوب المشاكل و المخاصمات في داخل السجن للسجناء أنفسهم فإنهم ليأسهم عن الحياة و تأثرهم بضيق السجن يكثرون من المنازعات و المشاجرات مما يفسد الأخلاق و يربيهم على الخشونة و الغلظة.

و إلى تسرب المواد المخدرة إلى السجناء في أكثر الأحيان، و أضرارها المتعددة و المخطورة غير خفية.

و إلى تسرب القمار إليهم فإنهم لعدم الاشتغال بما يقضي

الرسائل الثلاث (للشيرازي،

السيد محمد)، ج 3، ص: 54

عليهم الوقت يتعاطون القمار لسد الفراغ و تفويت الوقت، و مفاسد القمار كثيرة.

و إلى أن السجن لما كان غالباً من نصيب الشباب بنان و بنين، لأنهم المسرعين عادة إلى كل دعوة و انحراف، يتربى الجيل المستقبلي منحرفاً، كما و ينعكس انحرافهم على الاجتماع نفسه بعد خروجهم من السجن.

و إلى تضييع وقت جهاز الدولة في إدارة السجن و السجناء.

و إلى تضخيم جهاز الدولة و تضخم الجهاز ضرر مزدوج- على ما ذكرناه في كتبنا السياسية و الاقتصادية-.

و إلى إضاعة أموال الأمة التي تصرف لأجل إدارة السجن و السجناء.

و إلى انه لما كان غالب من يدخل السجن و هو من الطبقة الفقيرة- حيث أن الأغنياء أولًا: يتوفر لهم ما يريدون من المال و الثروة، و البضاعة و الخدمات فلا يرتكبون بعض أنواع الانحراف كالسرقة مثلًا التي توجب دخلوهم السجن بخلاف الفقراء، و ثانياً: إذا ارتكبوا الانحراف كانت أموالهم حائلة دون سجنهم بالرشوة و التحايل على القانون و غير ذلك- فإن السجن يكون ظلماً إضافياً على الفقير حيث سبب له المجتمع أولًا: فقره، و ثانياً: سجنه.

إلى غير ذلك من المفاسد الكثيرة للسجن، مما يحتاج تفصيلها إلى مجلد مستقل و لسنا نحن الآن بصدد ذلك في هذا الكتاب.

و لذا فاللازم أن يلاحظ كل ذلك في جانب و يقاس إلى فائدة السجن في جانب آخر و يؤخذ بالثاني بقدر أقصى مراتب الضرورة.

فضح التعذيب و الحرمان و التجزُّؤ

اشارة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 55

و أخيراً نقول: إن من اللازم فضح:

1: التعذيب في السجون.

2: الحرمان الذي تعاني منه الأمة، في مختلف الأصعدة.

3: و تجزؤ بلاد الإسلام بسبب الحواجز النفسية و الحواجز الجغرافية، كل ذلك بسبب عشرات الملايين من الكتب، و

بمختلف وسائل الإعلام الممكنة.

1- فإن التعذيب في السجون

، و قد شاع في سجون العالم الإسلامي، سواء في بلد يسمى بالإسلامي أو في غيره، جريمة شنعاء يندى لها جبين الإنسانية.

بالإضافة إلى أن التعذيب يسبب تثبيط عزائم الجماهير، و تحركهم لإسقاط الدكتاتور، فإن السجن قد لا يكون له من الأهمية في لا وعي الإنسان، مثل ما للتعذيب من الأهمية، فإن الإنسان كثيراً ما لا يهتم بالسجن بل و لا بالإعدام بمثل ما يخاف من التعذيب النفسي و الجسدي.

و قد استغلت الحكومات الاستعمارية، أمثال بريطانيا و أمريكا و فرنسا و روسيا و الصين، و ما يدور في فلكهم من العملاء، هذا التخوف للإبقاء على سلطانهم في بلاد الإسلام، فإذا تمكن المسلمون من فضحهم، نجم عن ذلك تمهد السبيل لإنقاذ المسلمين، إن عبد الناصر لما سقط، قام المسلمون في مصر بحملة متوسطة في فضحه بما كان يقترفه من التعذيب في سجونه، مما أثر في سقوط القومية في مصر، بل سقوط القومية العربية في كافة البلاد، فصارت كالأموية التي أسقطها المسلمون منذ ثلاثة عشر قرناً فلم تقم لهم قائمة.

و هكذا يلزم إسقاط السلاح الشائن من يد الدكتاتوريين في كل البلاد الإسلامية.

و مصر بعدها و إن كانت تستعمل التعذيب، لكن بنسبة

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 56

أقل، بعد تلك الفضيحة التي مُني بها عبد الناصر.

2- أما الحرمان

، فالعالم الإسلامي كله، حتى البلاد التي يتفجر في أراضيها النفط كشلال السيول، تعاني من اشد أنواع الحرمان و التأخر الزراعي و الصناعي و الثقافي و ...، و حتى أن أكثرية الشباب لا يجدون إلى الزواج سبيلًا لفقرهم، بينما يمشون على أرض الذهب، و تتدفق أموالهم إلى خزائن الغرب و الشرق.

إن هذا الحرمان بحاجة إلى الفضح، حتى يسبب ذلك تحرك

الأمة لأجل الإنقاذ، و من الطبيعي أن حكام هذه البلاد يمارسون سياسة التجهيل للأمة، حتى ترضى بما تحصل من كسرة خبز العيش، فإذا وعت الأمة إمكانياتها الكبيرة جداً، لا بد و ان تتحرك لأجل إنقاذ حقها، و هي خطورة في طريق تشكيل حكومة ألف مليون مسلم التي توفر للأمة الرفاه و التقدم و الرخاء بإذن الله.

و هذا الفضح أيضاً بحاجة إلى عشرات الملايين من الكتب في مختلف المستويات و اللغات.

3- و أخيراً يأتي فضح الدور الذي قام به المستعمرون و عملائهم، لتجزئة البلاد الإسلامية جغرافياً

، و فضح السدود و الحواجز التي خلقوها بين أنفس المسلمين حتى صار مسلم كل قطر ينظر إلى مسلم القطر الآخر بنظر انه أجنبي، بما تبع هذين العملين (تجزئة البلاد و الحواجز) من تضعيف المسلمين و تشتيتهم و السيطرة عليهم.

فاللازم فضح الاستعمار و قوانينه أولًا، و فضح التجزئة و الحواجز النفسية ثانياً.

فهل من الأخوة الإسلامية أن يرى العربي أخاه العجمي، و التركي أخاه الهندي، و الإندونيسي أخاه الفليبيني، و هكذا ... أجنبياً؟.

الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، ج 3، ص: 57

أو هل من الأخوة الإسلامية أن يرفع الأخ في وجه أخيه الحواجز و يصطنع أمامه المشكلات إذا أراد السفر إلى قطر إسلامي؟ و هكذا في سائر الشئون المنافية للأمة الواحدة.

و هذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتاب و الله الموفق المستعان.

سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ، وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الرسائل الثلاث (للشيرازي، السيد محمد)، 3 جلد، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.