موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی المجلد 93

اشارة

سرشناسه : حسینی شیرازی، محمد

عنوان و نام پدیدآور : الفقه : موسوعه استدلالیه فی الفقه الاسلامی/ المولف محمد الحسینی الشیرازی

مشخصات نشر : [قم]: موسسه الفکر الاسلامی، 1407ق. = - 1366.

شابک : 4000ریال(هرجلد)

یادداشت : افست از روی چاپ: لبنان، دارالعلوم

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

موضوع : اخلاق اسلامی

موضوع : مستحب (فقه) -- احادیث

موضوع : مسلمانان -- آداب و رسوم -- احادیث

رده بندی کنگره : BP183/5/ح5ف76 1370

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 70-5515

ص:1

اشارة

الطبعة الثانیة

1409 ه_: 1988م

دار العلوم: طباعة. نشر. توزیع.

العنوان: حارة حریک، بئر العبد، مقابل البنک اللبنانی الفرنسی

ص:2

کتاب المحرمات

اشارة

الفقه

موسوعة استدلالیة فی الفقه الإسلامی

آیة الله العظمی

السید محمد الحسینی الشیرازی

دام ظله

کتاب المحرمات

دار العلوم

بیروت لبنان

ص:3

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی أشرف خلقه سیدنا محمد وعلی آله الطیبین الطاهرین، واللعنة الدائمة علی أعدائهم إلی قیام یوم الدین.

 

ص:4

حرف الإلف

1: الإباق

حرف الإلف

1: الإباق

إباق العبد عن سیده محرم قطعاً، وفی روایات متواترة النهی عن ذلک، وقد ذکرنا ذلک فی کتاب العتق.

2: إباء الشهادة

2: إباء الشهادة

قال سبحانه: ﴿وَلا یَأْبَ الشُّهَداءُ إذا ما دُعُوا﴾((1)).

والظاهر وجوب أداء الشهادة إذا کان الأمر مهماً، دون ما إذا لم یکن مهماً، کما إذا أخذ منه فلساً واحداً مثلاً أو ما أشبه ذلک، لانصراف الدلیل عن مثله.

والوجوب علیهم کفائی، فإذا کان هناک شاهدان مقبولان یشهدان لا یلزم علی سائر الشهداء الحضور، وکذلک بالنسبة إلی الزنا ونحوه.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) کما فی صحیح هشام، فی قول الله عز وجل: «وَلا یَأْبَ الشُّهَداءُ إذا ما دُعُوا» قال: «قبل الشهادة»، وقوله: ﴿وَمَنْ یَکْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾((2)) قال: «بعد الشهادة»((3)).

ص:5


1- سورة البقرة: الآیة 282
2- سورة البقرة: الآیة 283
3- تفسیر البرهان: ج1 ص263 ح1

وفی موثقة سماعة، عنه (علیه السلام) فی تفسیر الآیة: «لا ینبغی لأحد إذا دعی إلی شهادة یشهد علیها أن یقول: لا أشهد لکم علیها»((1)).

نعم إنما یجب للشاهد أن یشهد أولاً تحملاً، ولا یکتم الشهادة ثانیاً أداءً فیما إذا لم یکن ضرراً علیه وإلاّ لم یجب، کما أن الوجوب إذا لم یکن معارضاً بأمر مهم أو مماثل، وإلاّ کان مخیراً أو معیناً عدم الشهادة.

3: إتیان البهیمة

3: إتیان البهیمة

قال سبحانه: «فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العادُونَ»((2))، وهذا یشمل کل شیء مربوط بالفرج باستثناء الزوجة وملک الیمین، من اللواط ووطی البهیمة والمساحقة ونحوها، مثل الجماع مع الدمیة أو الفرج المصنوعی، وکذا العکس.

فی صحیح جمیل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی رجل أتی بهیمة، قال: «یقتل»((3)).

وفی صحیح أبی بصیر، عنه (علیه السلام)، فی رجل أتی بهیمة، قال: «علیه الحد»((4)).

وفی صحیح ابن سنان، عنه (علیه السلام): «یضرب هو خمسة وعشرون سوطاً ربع حد الزانی»((5)).

ولا یبعد أن یکون الأمر علی سبیل التخییر بنظر الحاکم الشرعی حسب اختلاف الروایات، أما تفصیل المسألة فمذکور فی کتاب الحدود.

أما لو انعکس بأن سبب الرجل لواط البهیمة معه، أو المرأة زنا البهیمة معها، فالحکم فی قدر الحد

ص:6


1- تفسیر البرهان: ج1 ص263 ح4
2- سورة المؤمنون: الآیة 7
3- الوسائل: ج18 ص572 الباب 1 من نکاح البهائم ح6
4- الوسائل: ج18 ص572 الباب 1 من نکاح البهائم ح8
5- الوسائل: ج18 ص572 الباب 1 من نکاح البهائم ح1

موکول إلی الحاکم الشرعی، لعدم القطع بالمناط.

4: إتیان الذکران

4: إتیان الذکران

قال سبحانه: ﴿وَلُوطاً إذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَکُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمینَ إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّکْرانَ مِنَ الْعالَمینَ وتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَکُمْ رَبُّکُمْ مِنْ أَزْواجِکُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ﴾((2)).

وفی آیة ثالثة قال سبحانه: ﴿وَلُوطاً إذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَإِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾((3)).

والمنصرف من الإتیان الإدخال، لا مطلق الملامسة بشهوة والقبلة وما أشبه، فإن هذه وإن کانت محرمة أیضاً بلا إشکال ویوجب التعزیر، إلاّ أن الآیات المذکورة منصرفة إلی اللواط، وحکم اللواط مذکور فی کتاب الحدود مفصلاً ولذا لا حاجة إلی تکراره.

وقد ذکرنا فی کتاب الحدود وغیره أنه إن قام الشهود أو الإقرارات المعتبرة فهو، وإلاّ فإن علم الحاکم الشرعی بالأمر بسبب القرائن أو قیام شاهدین علیه أو الشهرة أو ما أشبه ذلک، کما إذا جاءت امرأة إلی الحاکم شاکیة من زان بها، أو جاء ولد شاکیاً من لائط به أو ما أشبه ذلک، وتحقق الحاکم الصدق أو کانت قرائن عرفیة توجب الاطمینان ولو من جهة استعمال الوسائل الحدیثة التی تخرج المنی

ص:7


1- سورة الأعراف: الآیة 80 _ 81
2- سورة الشعراء: الآیة 165 _ 166
3- سورة النمل: الآیة 54 _ 55

عن الموضع فیری أنه نفس منی الرجل، أو سائر الأدلة الموجبة للاطمئنان، لا یترک الحاکم الأمر بدون التأدیب، وإن لم یجر الحد، وذلک حفظاً لأعراض المسلمین، فإن جعله حاکماً معناه تصرفه کما یتصرف الحکام الزمنیین، وقد قال (علیه الصلاة والسلام): «قد جعلته علیکم حاکماً»((1)).

إلی غیر ذلک.

5: إیتاء السفهاء الأموال

5: إیتاء السفهاء الأموال

قال سبحانه: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَکُمُ الَّتی جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ قِیاماً وارْزُقُوهُمْ فیها وَاکْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾((2)).

والظاهر أنه لیس حکماً جدیداً غیر ما ذکر فی کتاب الحجر، من أن اللازم عدم تسلیم السفیه ماله، وإنما یرزق من ماله ویقضی به حوائجه ویکون المال عند الولی الشرعی، ولا فرق فی ذلک بین السفه الأموالی أو الأعمالی الذی هو مرتبة من الجنون.

6: الأجرة علی الواجبات

6: الأجرة علی الواجبات

اختلف الفقهاء فی جواز الأجرة علی الواجبات، فبین مانع مطلقاً، وبین مجوز مطلقاً، وبین مفصل.

والظاهر الثانی حتی فی الواجبات العینیة کالصلاة والصوم والحج، وقد ذکرنا هناک عدم استقامة الأدلة التی أقاموها علی الحرمة.

والصناعات أخرجها المشهور عن حرمة أخذ الأجرة وإن کانت واجبة لاختلال النظام بدونها.

أما إذا کان عمل واجب عیناً فلم یؤده المکلف لأنه لم یعط الأجرة له، فإنه عمل

ص:8


1- الوسائل: ج18 ص99 الباب 11 من صفات القاضی ح1
2- سورة النساء: الآیة 5

حراماً ولا تلازم بین ذلک وبین جواز أخذ الأجرة.

فلا یقال: إذا وجب تعلیم أحکام الإسلام للجاهل کیف یمکن أخذ الأجرة منه.

فإنه یقال: کما یجب علی الطبیب إنقاذ المریض عن الموت ومع ذلک یجوز أخذ الأجرة منه، إلی غیر ذلک من الأمثلة.

ومما تقدم یعلم جواز أخذ الأجرة علی الترک للمحرمات، کما إذا کان یفعل الفاحشة فأعطاه أبوه الأجر لترکها، إلی غیر ذلک.

والترک أیضاً من الأفعال إذا صدر من الإنسان عن إرادة.

7: أجرة المغنی والمغنیة

7: أجرة المغنی والمغنیة

تحرم أجرة المغنی والمغنیة، ف_ «إن الله إذا حرم شیئاً حرم ثمنه»، والثمن کما یستفیده العرف الملقی إلیه هذا الکلام أعم من الأجرة، فلا خصوصیة للبیع.

وفی صحیح أبی بصیر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «أجرة المغنیة التی تزف العرائس لیس به بأس، ولیست بالتی یدخل علیها الرجال»((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی المکاسب.

8: أجرة الزانیة

8: أجرة الزانیة

لا إشکال فی حرمة أجرة الزانی والزانیة إذا دفعت الزانیة إلیه أو إذا دفع هو إلیها، وکذلک بالنسبة إلی اللواط والسحق، وکذلک سائر المحرمات، للروایة المتقدمة فی أجرة المغنیة.

وفی موثق سماعة، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «السحت أنواع کثیرة، منها کسب الحجام إذا شارط، وأجر الزانیة، وثمن الخمر، وأما الرشا فی الحکم فهو الکفر

ص:9


1- الوسائل: ج2 پ ص 85 الباب 15 مما یکتسب به ح3

بالله العظیم. قال: وسألته عن الغلول، فقال: «الغلول کل شیء غل من الإمام، وأکل مال الیتیم وشبهه»((1)).

أما ما ذکر فی هذه الروایة من کسب الحجام إذا شرط فالمشهور الکراهة، علی ما ذکروا وجهه فی الکتب المفصلة.

ویؤیده موثق زرارة، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن کسب الحجام، فقال: «مکروه له أن یشارط، ولا بأس علیک أن تشارطه وتماکسه، وإنما یکره له ولا بأس علیک»((2)).

9: إیجار الحرام والإیجار له

9: إیجار الحرام والإیجار له

إیجار الحرام، مثل أن یؤجر أو یستأجر الصنم أو الصلیب أو آلات اللهو أو ما أشبه ذلک.

والإیجار للحرام بأن یؤجر داراً أو یستأجرها لأجل بیع الخمر أو جعلها محلاً للبغاء أو ما أشبه ذلک.

وکلاهما محرم فی الشریعة الإسلامیة، وتفصیله فی کتاب المکاسب.

10: اتخاذ إلهین اثنین

10: اتخاذ إلهین اثنین

قال سبحانه: ﴿وَإذْ قالَ اللَّهُ یا عیسَی ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونی وأُمِّیَ إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَکَ ما یَکُونُ لی أنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لی بِحَقٍّ إنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فی نَفْسی ولا أَعْلَمُ ما فی نَفْسِکَ إِنَّکَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُیُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إلاّ ما أَمَرْتَنی بِهِ أن اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی ورَبَّکُمْ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَیْنِ اثْنَیْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِیَّایَ

ص:10


1- الوسائل: ج12 ص62 الباب 5 مما یکتسب به ح2
2- الوسائل: ج12 ص73 الباب 9 مما یکتسب به ح9
3- سورة المائدة: الآیة 116 _ 117

فَارْهَبُونِ﴾((1)).

إلی غیرهما من الآیات.

وکذلک بالنسبة إلی آلهة ثلاثة أو ما أشبه، فإن حرمة ذلک من أوضح الضروریات، والمشرک عن علم مخلد فی النار، کما فی الآیة الکریمة، قال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أنْ یُشْرَکَ بِهِ ویَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ»((2)).

والإشکال فی أن المشرک لماذا یذهب إلی النار لأجل شرکه فضلاً عن خلوده، غیر وارد، إذ المشرک عن قصور یمتحن فی الآخرة، فإذا نجح کان من أهل الجنة، وإن عاند کان من أهل النار لعناده، وهکذا من عاند فی الدنیا بعد العلم، وفی دعاء کمیل: «أقسمت أن تخلد فیها المعاندین».

لا یقال: هب إنه عاند فلماذا النار أصلاً فیکیف بالخلود؟

لأنه یقال: إذا کانت الطینة ناریة أوی کل شیء إلی مجانسه ومناسبه، کما دل علیه أخبار الطینة، والتألم الحاصل لا نعرف خصوصیاته، لأن فی الآخرة یری الإنسان ما لا عین رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علی قلب بشر.

ومن ذلک یعرف الجواب عن إشکال أنه لماذا یخلد فی النار قسم من الناس لأعمال محدودة فی الدنیا، بینما القرآن الحکیم یقول: «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ومَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلا یُجْزی إلاّ مِثْلَها»((3))، والخلود بسبب النیة محل سؤال أنه هل النیة توجب العقاب فی غیر أصول الدین، وعلی أی حال فالخلود مقطوع به لکن الخصوصیات یجب أن تکون علی میزان العدل، والمبحث مرتبط بالکتب الکلامیة.

ص:11


1- سورة النحل: الآیة 51
2- سورة النساء: الآیة 48
3- سورة الأنعام: الآیة 160

11: اتخاذ أهل الکتاب والکفار أولیاء

11: اتخاذ أهل الکتاب والکفار أولیاء

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذینَ اتَّخَذُوا دینَکُمْ هُزُواً ولَعِباً مِنَ الَّذینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ والْکُفَّارَ أَوْلِیاءَ واتَّقُوا اللَّهَ إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکافِرینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنینَ ومَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فی شَیْ ءٍ إلاّ أنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً ویُحَذِّرُکُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وإلی اللَّهِ الْمَصیرُ﴾((2)).

وفی آیة أخری: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وعَدُوَّکُمْ أَوْلِیاءَ تُلْقُونَ إِلَیْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وقَدْ کَفَرُوا بِما جاءَکُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾((3)) الآیة.

إلی غیر ذلک من الآیات الواردة بهذا الصدد.

فاتخاذ الکفار أولیاء وتولیهم وإلقاء المودة إلیهم بل والاستغفار لهم کما فی قصة إبراهیم (علیه السلام)، حیث قال سبحانه: ﴿وَما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهیمَ لِأَبیهِ إلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أنّه عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾((4))، کل ذلک محرم فی الشریعة الإسلامیة.

قال سبحانه: ﴿لا یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ لَمْ یُقاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ ولَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطینَ إِنَّما یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ قاتَلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَأَخْرَجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ وَظاهَرُوا عَلی إِخْراجِکُمْ أنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((5)).

وفی التواریخ: إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أحسن إلی جملة من الکفار، ومنح لأهل

ص:12


1- سورة المائدة: الآیة 57
2- سورة آل عمران: الآیة 28
3- سورة الممتحنة: الآیة 1
4- سورة التوبة: الآیة 114
5- سورة الممتحنة: الآیة 8 _ 9

بدر أن یسقوا من الحوض الذی صنعه المسلمون بینما کان الکفار جاؤوا لقتالهم، وکذلک أحسن الإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام) إلی الذین جاؤوا لقتله فسقاهم الماء، وقبله أحسن الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) إلی أصحاب معاویة الذین حاربوه وهم من أشد أهل النصب وأباح لهم الماء.

وفی صحیح عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قلت لأبی الحسن موسی (علیه السلام): أرأیت إن احتجت إلی الطبیب وهو نصرانی أسلم علیه وأدعو له، قال: «نعم إنه لا ینفعه دعاؤک»((1)).

وفی جملة من الروایات الترحم بالنسبة إلی الأبوبن الکافرین الذین ماتا، فالمحرم هو المودة والتولی واتخاذهم أولیاء مثل المودة والتولی واتخاذ المؤمنین أولیاء.

12: اتخاذ آیات الله هزواً

12: اتخاذ آیات الله هزواً

قال سبحانه: «وَلا تَتَّخِذُوا آیاتِ اللَّهِ هُزُواً»((2)).

وذلک بأن یستهزأ بآیات الله سبحانه، سواء الآیات التکوینیة أو الآیات الباهرات کالأنبیاء والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)، فإن ذلک یوجب الفسق فی بعضها، والکفر فی بعضها.

13: اتخاذ البطانة من غیر المؤمنین

13: اتخاذ البطانة من غیر المؤمنین

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِکُمْ لا یَأْلُونَکُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفی صُدُورُهُمْ أَکْبَرُ قَدْ بَیَّنَّا لَکُمُ

ص:13


1- الوسائل: ج8 ص457 الباب 53 من العشرة ح1
2- سورة البقرة: الآیة 231

الآیاتِ إنْ کُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾((1)).

والبطانة هو الذی یجعله الإنسان أمین سره یبوح إلیه بما یخفی من سائر الناس، مثل بطانة الثوب الملاصقة لجلد الإنسان، والظاهر أنه حرام شرعاً، سواء کان بطانة کافر أو مخالف أو منافق.

14: أخذ الحصی والتراب من حول الکعبة المبارکة

14: أخذ الحصی والتراب من حول الکعبة المبارکة

الظاهر أنه حرام، لأنه خلاف الوقف، سواء کان التراب والحصی من القدیم أو من الجدید حتی صار جزءاً من المسجد، نعم إذا کان علی وجه النفایة مما یخرج تلقائیاً لم یکن ذلک بمحرم.

ففی صحیح محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام): «لا ینبغی لأحد أن یأخذ من تربة ما حول الکعبة، فإن أخذ من ذلک شیئاً رده»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج وأحکام المساجد.

15: أخذ الجانی من الحرم

15: أخذ الجانی من الحرم

إذا جنی إنسان فی خارج الحرم ثم دخل الحرم لم یجز للحاکم أخذه منه، وإنما یضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یخرج هو بنفسه، أما إذا جنی فی الحرم فلا بأس.

ففی صحیح الحلبی، قال: سألت أبا الحسن (علیه الصلاة والسلام)، عن قول الله عز وجل: «مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»((3))، قال: «إذا أحدث العبد فی غیر الحرم جنایة ثم

ص:14


1- سورة آل عمران: الآیة 118
2- الوسائل: ج9 ص333 الباب 12 من مقدمات الطواف ح2
3- سورة آل عمران: الآیة 97

فر إلی الحرم لم یسع لأحد أن یأخذه فی الحرم، ولکن یمنع من السوق ولا یطعم ولا یسقی ولا یکلم فإنه إذا فعل ذلک یوشک أن یخرج فیؤخذ، وإذا جنی فی الحرم جنایة أقیم علیه الحد فی الحرم، لأنه لم یرع للحرم حرمة»((1)).

ویحرم کل ذلک بالنسبة إلیه.

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتابی الحج والحدود.

16: أخذ المحرم من شعر الحلال

16: أخذ المحرم من شعر الحلال

فی روایة عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «لا یأخذ المحرم من شعر الحلال»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

17: اتخاذ الأخدان

17: اتخاذ الأخدان

قال سبحانه: ﴿فَانْکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَیْرَ مُسافِحاتٍ ولا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ﴾((3)).

وفی آیة أخری: ﴿مُحْصِنینَ غَیْرَ مُسافِحینَ ولا مُتَّخِذی أَخْدانٍ﴾((4)).

والخدن الصدیق، کما یتعارف عند الفسقة من أن الرجل یتخذ خدناً من النساء بدون عقد، أو المرأة تتخذ خدناً من الرجال بدون عقد، وذلک حرام شرعاً وإن لم یباشر أحدهما الآخر بالزنا والقبلة واللمس، لإطلاق الآیة المبارکة، ولأن الخلوة بین الأجنبیین محرم شرعاً، أما إذا اتخذ الخدن من محارمه أو محارمها فذلک حرام مضاعف.

ص:15


1- الوسائل: ج9 ص337 الباب 14 من مقدمات الطواف ح2
2- الوسائل: ج9 ص145 الباب 63 من تروک الإحرام ح1
3- سورة النساء: الآیة 25
4- سورة المائدة: الآیة 5

18: أخذ أموال الناس ظلماً

18: أخذ أموال الناس ظلماً

لا یجوز أخذ أموال الناس بغیر حق، فإنه محرم بالأدلة الأربعة.

لکن الظاهر جواز الأخذ إذا کان المأخوذ منه مکلفاً بالدفع، کأخذ الزکاة والخمس والخراج والجزیة فیما إذا کان المالک مانعاً عن العطاء، فإذا رأی الحاکم الشرعی أن المستحق علیه لا یدفع الحق یجوز له أخذه منه.

أما بالنسبة إلی الأموال الشخصیة فیجوز للمالک الأخذ بإذن الحاکم الشرعی، أما بدون إذنه فمحل إشکال، إلاّ إذا کان عین ماله فیجوز أخذه منه، کما إذا کان عنده بالإیجار أو بالودیعة أو بالعاریة أو ما أشبه ذلک ثم عصی ولم یؤده إلیه، فإنه یجوز له أخذه منه لأنه عین ماله.

19: الأخذ بقول العراف والقائف واللص

19: الأخذ بقول العراف والقائف واللص

فی صحیح محمد بن قیس، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: «لا آخذ بقول عراف ولا قائف ولا لص، ولا أقبل شهادة فاسق إلاّ علی نفسه»((1)).

والمراد بقبول شهادة الفاسق علی نفسه أن «إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز»((2)). والفاسق إذا أقر بشیء قبل منه علی شرط أن یکون جامعاً لشرائط القبول، لا فی ما إذا احتاج إلی الإقرار أربع مرات أو مرتین.

والعراف: هو الذی یعرف الناس ببعض الأشیاء المخفیة تعریفاً عن الغیب بدون الموازین العقلائیة.

والکاهن: هو الذی یقول کلمات عن الجن أو عن الأرواح أو ما أشبه.

وهذان غالباً یدلان علی الضالة وإلی الحاق الأولاد بالآباء وما أشبه ذلک.

والقائف: خاص بالذی یدل علی القرابات

ص:16


1- الوسائل: ج18 ص278 الباب 32 من الشهادات ح4
2- الوسائل: ج16 ص111 الباب 3 من الاقرار ح2

بسبب آثار یراها.

وفی قصة الإمام الجواد (علیه الصلاة والسلام) المذکورة فی المکاسب وغیره إلماع إلی ذلک.

وکذلک اللص إذا قال شیئاً لا یؤخذ بقوله، مثلاً قال اللص: إنی کنت مع فلان وفلان وفلان حین أخذنا المال، أو قال اللص: رأیت کذا وکذا، فإنه من المتعارف فی المحاکم سابقاً وحالاً الأخذ بقول اللص، وذلک محرم شرعاً، لکنه حرام مقدمی، فإن ترتیب الآثار علی قوله غیر جائز.

20: أخذ المهر من الزوجة

20: أخذ المهر من الزوجة

قال سبحانه: ﴿وَإنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَکانَ زَوْجٍ وَآتَیْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبیناً﴾((1)).

لا إشکال فی أن أخذ المهر کلاً أو بعضاً من الزوجة باتهام أو بغیر اتهام، سواء لإرادة الزواج بذلک المهر أو لا، محرم شرعاً ولیس حراماً مستقلاً، بل هو من أفراد أکل مال الناس بالباطل، ولعله حرام آکد لمکان الآیة المبارکة، وقد قال سبحانه: «وَکَیْفَ تَأْخُذُونَهُ وقَدْ أَفْضی بَعْضُکُمْ إلی بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْکُمْ میثاقاً غَلیظاً»((2)).

أما جواز الأخذ من المختلعة، فقد دل علیه النص والإجماع والعقل، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الخلع.

21: اتخاذ الأیمان دخلاً

21: اتخاذ الأیمان دخلاً

قال سبحانه: ﴿وَلا تَتَّخِذُوا أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها﴾((3)).

ص:17


1- سورة النساء: الآیة 20
2- سورة النساء: الآیة 21
3- سورة النحل: الآیة 94

وذلک بأن یحلف الإنسان علی الکذب، کما هو المتعارف عند الفساق من أنهم یکذبون کذبة ثم یحلفون علیها لتأکیدها، وهو من أقسام الحلف الکاذب، لکن حرمته آکد لأنه أکثر مفسدة وأشد حرمة لانتهاک حرمة الله سبحانه وتعالی بسبب الیمین.

22: تأخیر الحج عن عام الوجوب عمداً

22: تأخیر الحج عن عام الوجوب عمداً

فإن ذلک من المحرمات الأکیدة، بل ذکر غیر واحد من الفقهاء أن ذلک کبیرة موبقة.

23: إیذاء الله ورسوله والمؤمنین

23: إیذاء الله ورسوله والمؤمنین

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهیناً وَالَّذینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنینَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَیْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبیناً﴾((1)).

من الواضح أن أذیة الله سبحانه وتعالی عبارة عن أذیة أولیائه، وربما یشمل أیضاً عدم العمل بشرائعه، وأذیة الرسول (صلی الله علیه وآله) أذیته شخصاً أو فی أقربائه (علیهم السلام)، أما أذیة المؤمنین والمؤمنات فهو واضح.

والمراد بالأذیة الأذیة المحرمة، أما الأذیة الجائزة کأن یدخل الإنسان فی المکان المزدحم أو یفتح دکاناً فی قبال دکانه لأجل معیشته وإن تأذی بذلک، أو نحو هذه الأمور، فلیس من المحرم بلا إشکال، وقد جرت بذلک السیرة منذ زمان رسول الله (صلی الله علیه وآله).

وفی صحیحة هشام، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «قال الله عز وجل:

ص:18


1- سورة الأحزاب: الآیة 57 _ 58

لیأذن بحرب منی من آذی عبدی المؤمن، ولیأمن غضبی من أکرم عبدی المؤمن»((1)).

ولا یخفی أنه کما یحرم أذیة المؤمنین والمؤمنات باللسان، کذلک یحرم بغیر اللسان من القلم والإشارة وغیرهما.

وهکذا یحرم أذیة الکافر المحترم، سواء کان معاهداً أو ذمیاً أو محایداً، أما أذیة الکافر الحربی فلا بأس به إذا لم یکن نفس العمل حراماً، فإنه لا یجوز للمسلم أن یلوط أو یزنی بالکافرین، وإن کان ذلک فی ساحة الحرب، وإن کان ذلک جائزاً عندهما أیضاً، لأن الحرمة عند المسلم مطلقاً تقف دون جوازه کما هو واضح، وإذا کانت الأذیة الموجهة إلی المؤمن مما یسبب أذی نفرین کان محرماً من جهتین.

مثلاً فی موثقة سماعة، عن الصادق (علیه السلام): «إن رجلاً لقی رجلاً علی عهد أمیر المؤمنین (علیه السلام) فقال: إن هذا أفتری علی، قال: وما قال لک، قال: إنه یقول: إنی رأیت أنی احتلمت بأمک، فقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): إن فی العدل إن شئت جلدت ظله، فإن الحلم إنما هو مثل الظل، ولکنا سنوجعه ضرباً وجیعاً حتی لا یؤذی المسلمین، فضربه ضرباً وجیعاً»((2)).

وقد ذکرنا فی کتاب إحیاء الموات أن بعض أقسام الأذیات من الجیران علی الجیران أو ما أشبه خارج عن الحرمة بالسیرة وغیرها.

والظاهر أن من الخارج عن المحرم بسبب السیرة مثل وشم الأطفال وثقب آذانهم وختانهم، بل الأخیران مستحب کما ورد فی الروایات وذکرنا ذلک فی کتاب النکاح.

ص:19


1- الکافی: ج2 ص350 باب من أذی المسلمین ح1
2- علل الشرائع: ج2 ص231 باب 333

24: إیذاء الجار

24: إیذاء الجار

یحرم أذی الجار فی ضمن حرمة أذی غیره من أقسام المسلمین والمحترمین.

والظاهر أنه لا فرق بین أن یکون الجار مسلماً أو کافراً، کما أنه لا فرق فی أصل حرمة الأذی بین أن یکون المؤذی مسلماً أو کافراً محترماً، وإنما بالنسبة إلی الجار آکد.

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فیما روی عنه: «من کان یؤمن بالله فلا یؤذین جاره»((1)).

وقال (صلی الله علیه وآله): «لیس یدخل الجنة من یؤذی جاره، ومن لم یؤمن جاره بوائقه»((2)).

وعن یونس بن یعقوب، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «ملعون ملعون من آذی جاره»((3)).

وفی روایة أخری، عنه (صلی الله علیه وآله) قال: «حرمة الجار علی الجار کحرمة أمه»((4)).

إلی غیرها من الروایات الکثیرة.

25: إیذاء الحیوان

25: إیذاء الحیوان

یحرم إیذاء الحیوان بغیر الطرق الواردة شرعاً فی مثل ذبح الحیوان المحلل أو ما أشبه ذلک، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح باب النفقات، وذکرنا الأدلة الدالة علی ذلک.

أما إیذاء الحیوان فی الحرم فهو حرام آکد.

ففی صحیح عبد الله بن سنان، قال: سألته عن قول الله عز وجل: «وَمَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»، البیت عنی أو الحرم، فقال: «من دخل الحرم من الناس مستجیراً به فهو آمن من سخط الله عز وجل، ومن دخله من الوحش والطیر کان آمناً من أن

ص:20


1- الکافی: ج2 ص667 ح6
2- المستدرک: ج2 ص78 الباب 72 من العشرة ح2
3- المستدرک: ج2 ص78 الباب 72 من العشرة ح3
4- الوسائل: ج8 ص487 الباب 86 من العشرة ح2

یهاج أو یؤذی حتی یخرج من الحرم»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة فی هذا الباب، والمسألة مرتبطة بکتاب الحج.

26: الأذان الثالث بدعة

26: الأذان الثالث بدعة

ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی بحث صلاة الجمعة، وهو مما أبدعه عثمان ابن عفان، حیث إن الأذان فی یوم الجمعة أذانان، أذان الإعلام وأذان صلاة الجمعة، وکان عثمان أبدع أذاناً ثالثاً قبل الصلاة فی قصة مفصلة.

وفی موثقة غیاث، عن الباقر (علیه السلام) بروایة الشیخ، وعن السجاد (علیه السلام) بروایة الکلینی قال: «الأذان الثلاث یوم الجمعة بدعة»((2)).

بل وکذلک بالنسبة إلی أذان یوم عرفة، لأنه ساقط بالنسبة إلی العصر والعشاء.

فی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «السنة فی الأذان یوم عرفة أن یؤذن ویقیم للظهر ثم یصلی ثم یقوم فیقیم للعصر بغیر أذان، وکذلک فی المغرب والعشاء بمزدلفة»((3)).

وهل ذلک نفی المشروعیة أو نفی الاستحباب، احتمالان، المستفاد عرفاً من الروایة الأول، وقد فصلنا الکلام فی ذلک فی باب الأذان.

27: الإشارة إلی الصید

27: الإشارة إلی الصید

لا یجوز إشارة المحرم إلی الصید فی حال الإحرام وإن کان فی خارج الحرم، کما لا یجوز إشارة المحل إلی الصید وهو فی الحرم.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «لا تستحلن شیئاً من الصید وأنت حرام،

ص:21


1- الوسائل: ج9 ص339 الباب 14 من مقدمات الطواف ح12
2- الوسائل: ج5 ص81 الباب 49 من صلاة الجمعة ح2
3- الوسائل: ج4 ص665 الباب 36 من الأذان ح1

ولا أنت حلال فی الحرم، ولا تدلن علیه محلاً ولا محرماً فیصطاده، ولا تشر إلیه فیستحل من أجلک فإن فیه فداءً لمن تعمده»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

28: الإشارة إلی الحرام خلافاً لله والرسول (ص)

28: الإشارة إلی الحرام خلافاً لله والرسول (ص)

لا یجوز الإشارة إلی ما هو مخالف لله والرسول (صلی الله علیه وآله) بید أو بغیرها.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِکُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾((2)).

ومورد الآیة قصة أبی لبابة حیث أشار فی حصار بنی قریظة أن لا ینزلوا من صیاصیهم لأن رسول الله (صلی الله علیه وآله) یقتلهم، ثم تاب فی قصة مشهورة فی التفاسیر((3))، والحکم باق إلی الیوم، فإن الإشارة علی خلاف الله وعلی خلاف الرسول (صلی الله علیه وآله) خیانة، والخیانة محرمة مطلقاً.

29: اتخاذ القبور مساجد

29: اتخاذ القبور مساجد

والمراد بذلک أن یسجد علی القبر، کما کان یفعله الیهود والنصاری فکأنهم کانوا یسجدون علی المیت الداخل فی القبر، وقد وردت بذلک بعض الروایات.

30: أخذ المساجد أو بعضها فی طریق أو ملک

30: أخذ المساجد أو بعضها فی طریق أو ملک

فإن ذلک محرم شرعاً لأنه تغییر الوقف عما علیه، وکذلک حال أخذ بیوت

ص:22


1- الوسائل: ج9 ص74 الباب 1 من تروک الإحرام ح1
2- سورة الأنفال: الآیة 27
3- تفسیر البرهان: ج2 ص72 ح2

الناس أو سائر الأوقاف کالحسینیات والمدارس ونحوها فی الطرق أو جعلها مسرحاً أو مسبحاً أو ما أشبه ذلک مما یعتاده الحکومات الجائرة فی زماننا الحاضر، نعم إذا کان اضطرار إلی ذلک جاز للدلیل الثانوی، وقد ذکرنا تفصیله فی باب المساجد وکتاب إحیاء الموات.

31: الأکل فی آنیة الذهب والفضة

31: الأکل فی آنیة الذهب والفضة

الأکل فیهما محرم، وکذلک الشرب.

فعن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال: «لا تأکل فی آنیة ذهب ولا فضة»((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الطهارة.

32: أکل الخبیث

32: أکل الخبیث

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ الَّذی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ والْإِنْجیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتی کانَتْ عَلَیْهِمْ فَالَّذینَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذی أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾((2)).

والخبائث وهو جمع الخبیث، یراد به ما یستخبثه الطبع ویستقذره الإنسان، وکونه موضوعاً شرعیاً غیر ظاهر، بل هو کسائر المواضیع العرفیة وإن زاد ونقص الشارع فیه، کما هو شأنه فی کثیر من الأماکن، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأطعمة والأشربة.

ص:23


1- التهذیب: ج9 ص90 ح120
2- سورة الأعراف: الآیة 157

وهل المراد بالخبائث الأشیاء الخبیثة أو یشمل الأفعال الخبیثة، احتمالان، ومحل التفصیل کتب التفسیر.

وعلی أی حال فکما یحرم أکل الخبیث یحرم شربه ویحرم بعض استعمالاته أیضاً.

33: أکل الربا

33: أکل الربا

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ یَأْکُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إلاّ کَما یَقُومُ الَّذی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهی فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلی اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِکَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فیها خالِدُونَ﴾((1)).

ومن الواضح أن المراد بالأکل لیس الازدراد فقط، بل کل استیلاء، وقد لعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) آکل الربا ومؤکله وشاهدیه وکاتبه((2)).

34: أکل المسکر

34: أکل المسکر

لا فرق فی حرمة المسکر بین أن یکون مأکولاً أو مشروباً فکلاهما حرام، وتقیید بعض الکلمات بالشرب من باب الغلبة، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأطعمة والأشربة.

35: أکل المشتبه بالحرام

35: أکل المشتبه بالحرام

إذا اشتبه شیء بالحرام علی نحو العلم الإجمالی المنجز حرم أکله، لکن الظاهر أنه إن طابق الواقع کان حراماً واقعیاً، وإن لم یطابق کان من التجری،

ص:24


1- سورة البقرة: الآیة 275
2- الوسائل: ج12 ص430 الباب 4 من الربا ح2

وقد ذکرنا فی مبحثه أن التجری لیس بحرام، وإنما یکشف عن سوء سریرة المتجری.

36: أکل الصید علی المحرم

36: أکل الصید علی المحرم

کما یحرم الصید علی المحرم یحرم أکله أیضاً، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

وفی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: «لا تأکل من الصید وأنت حرام، وإن کان أصابه محل»((1)).

وفی صحیح الحلبی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن لحوم الوحش تهدی للرجل وهو محرم لم یعلم بصیده ولم یأمره به أیأکله، قال: «لا»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

37: أکل صید المحرم فی الحرم

37: أکل صید المحرم فی الحرم

فی صحیح معاویة بن عمار، قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إذا أصاب المحرم الصید فی الحرم وهو محرم فإنه ینبغی أن یدفنه ولا یأکله أحد، وإذا أصاب فی الحل فإن الحلال یأکله وعلیه الفداء»((3)).

لکن الکلام فی أن الدفن هل هو مقدمی أو نفسی، فإذا قلنا بأنه واجب نفسی وجب الدفن وإلاّ فإن کان فی قبال الأکل فلا بأس بإطعامه کلابه وجوارحه وما أشبه.

وفروع المسألة کثیرة مذکورة فی کتاب الحج.

ص:25


1- الوسائل: ج9 ص77 الباب 2 من الإحرام ح3
2- الوسائل: ج9 ص77 الباب 2 من الإحرام ح1
3- الوسائل: ج9 ص77 الباب 3 من الإحرام ح2

38: أکل المضرات وشربها

38: أکل المضرات وشربها

لا یجوز أکل المضر ولا شربه ولا استعماله إذا کان موجباً لضرر کثیر منهی عنه فی الشرع، إذ قد تقدم فی بعض المباحث أن الضرر القلیل لا دلیل علی حرمته، بل الدلیل علی عدم الحرمة.

أما بالنسبة إلی المضر الکثیر فدلیل «لا ضرر ولا ضرار» شامل له، وقد قال سبحانه: «وَلا تُلْقُوا بِأَیْدیکُمْ إلی التَّهْلُکَةِ»((1))، فسواء سبب الأکل أو الشرب أو الاستعمال، فی ما إذا سبب الاستعمال الهلاک أو نقص عضو أو تلف قوة، کما لو أورث العمی أو الصمم أو ما أشبه، حرم لما ذکرناه.

39: أکل الطین

39: أکل الطین

یحرم أکل الطین إطلاقاً، لجملة من الروایات الدالة علی ذلک:

مثل ما رواه البرقی فی المحاسن، عن أبی القداح، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «قیل لعلی (علیه السلام) فی رجل یأکل الطین فنهاه، قال: لا تأکله فإنک إن أکلته ومت فقد أعنت علی نفسک»((2)).

وفی موثق هشام، عن الصادق (علیه السلام): «إن الله عز وجل خلق آدم من طین فحرم أکل الطین علی ذریته»((3)).

إلی غیرهما من الروایات، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الأطعمة والأشربة.

وقد استثنی طین قبر الحسین (علیه الصلاة والسلام) للاستشفاء، ولا إشکال فیه ولا خلاف، بل ادعی جماعة الإجماع علیه، والظاهر أن المراد بطین القبر مطلق کربلاء، کما أن الطین أعم من التراب کما یفهمه العرف

ص:26


1- سورة البقرة: الآیة 195
2- الوسائل: ج16 ص393 الباب 58 من الأطعمة ح6
3- الوسائل: ج16 ص393 الباب 58 من الأطعمة ح5

الملقی إلیه الکلام، وقد ذکرنا بعض الکلام فی طین قبور سائر الأئمة والرسول والزهراء (علیهم الصلاة والسلام) فی کتاب الأطعمة والأشربة مفصلاً.

40: الأکل علی مائدة یشرب علیها الخمر

40: الأکل علی مائدة یشرب علیها الخمر

یحرم الأکل والشرب علی مائدة یشرب علیها الخمر، بل الظاهر أن الجلوس علی مثل هذه المائدة محرم، ولا خصوصیة للخمر بل کل مسکر کذلک، ولذا قال المحقق فی الشرائع: یحرم الأکل علی مائدة یشرب علیها شیء من المسکرات أو الفقاع، وفی کشف اللثام نسبته إلی الأصحاب.

ویدل علیه جملة من الروایات، والتی منها روایة هارون الجهم، إلی أن قال: فأتی بقدح فیه شراب لهم فلما صار القدح فی ید الرجل قام أبو عبد الله (علیه السلام) عن المائدة، فسئل عن قیامه، فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ملعون ملعون من جلس علی مائدة یشرب علیها الخمر»((1)).

وظاهر اللعن الحرمة، واحتمال کونه أعم لکثرة استعماله فی المکروهات فی الروایات منظور فیه، لأن کثرة الاستعمال لا یرفع الظهور، ککثرة استعمال الأمر فی الندب والنهی فی الکراهة، إلی غیر ذلک.

41: أکل الدم والمیتة ولحم الخنزیر وسائر المحرمات من الحیوانات ومن الذبیحة

41: أکل الدم والمیتة ولحم الخنزیر وسائر المحرمات من الحیوانات ومن الذبیحة

قال سبحانه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطیحَةُ وَما أَکَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَکَّیْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِکُمْ فِسْقٌO إلی قوله: Pفَمَنِ اضْطُرَّ فی

ص:27


1- الوسائل: ج16 ص400 الباب 62 من الأطعمة ح1

مَخْمَصَةٍ غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ ولا عادٍ فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((2)).

وحیث ذکرنا تفصیل الکلام حول المیتة والدم ولحم الخنزیر وما أشبه فی کتاب الأطعمة والأشربة، لا داعی إلی التکرار.

42: أکل الجلال

42: أکل الجلال

لا یجوز أکل الحیوان الجلال بلا إشکال.

وفی حدیث هشام، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «لا تأکل لحوم الجلالات وإن أصابک من عرقها فاغسله»((3)).

وفی صحیح زکریا بن آدم، عن أبی الحسن (علیه السلام)، إنه سأله عن دجاج الماء، فقال: «إذا کان یلتقط غیر العذرة فلا بأس»((4)).

وتفصیل الکلام فی کتاب الأطعمة والأشربة.

43: أکل الحیوان الموطوء

43: أکل الحیوان الموطوء

لا یجوز أکل الحیوان الموطوء، فإنه یحرم بذلک.

ففی صحیحة محمد بن عیسی، عن الرجل (علیه السلام)، إنه یسأل عن رجل نظر إلی راع نزی علی شاة، قال: «إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم یعرفها قسمها نصفین أبداً حتی یقع السهم بها فتذبح وتحرق وقد نجت سائرها»((5)).

ص:28


1- سورة المائدة: الآیة 3
2- سورة النحل: الآیة 115
3- الوسائل: ج16 ص354 الباب 27 من لحوم الدواب ح1
4- الوسائل: ج16 ص354 الباب 27 من لحوم الدواب ح5
5- الوسائل: ج16 ص358 الباب 30 ح1

وفی صحیح بن سنان، عنهم (علیهم السلام)، فی الرجل یأتی البهیمة، فقالوا جمیعاً (أی الصادق والکاظم والرضا علیهم الصلاة والسلام): «إن کانت البهیمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت النار ولم ینتفع بها»((1)).

إلی آخر الروایة، وتفصیل الکلام فی الأطعمة والأشربة.

44: أکل ما یحرم من الذبیحة

44: أکل ما یحرم من الذبیحة

فی جملة من الروایات ذکر ما یحرم من الذبیحة، مما فصلنا الکلام فیه فی کتاب الأطعمة والأشربة.

ففی صحیح إبراهیم بن عبد الحمید، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: «حرم من الشاة سبعة أشیاء، الدم والخصیتان والقضیب والمثانة والغدد والطحال والمرارة»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

45: أکل النجاسات والمتنجسات

45: أکل النجاسات والمتنجسات

لا إشکال ولا خلاف فی حرمة أکل النجاسات والمتنجسات، بل عن غیر واحد من الفقهاء دعوی الإجماع علی ذلک.

وتفصیل الکلام فی کتاب الأطعمة والأشربة، کما ألمعنا إلی ذلک أیضاً فی کتاب الطهارة.

46: أکل المحرم

46: أکل المحرم

جملة من اللحوم والمآکل یحرم علی المحرم، کأکل لحم الصید وما فیه رائحة طیبة والجراد، إلی غیر ذلک مما ذکر تفصیله فی کتاب الحج.

ص:29


1- الوسائل: ج18 ص570 الباب 1 من نکاح البهائم ح1
2- الوسائل: ج16 ص351 الباب 31 ح1

47: أکل مال الغیر من دون طیب نفسه

47: أکل مال الغیر من دون طیب نفسه

قال سبحانه: ﴿لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَآتُوا الْیَتامی أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبیثَ بِالطَّیِّبِ وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَهُمْ إلی أَمْوالِکُمْ إنَّهُ کانَ حُوباً کَبیراً﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿الَّذینَ یَأْکُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْکُلُونَ فی بُطُونِهِمْ ناراً وَسَیَصْلَوْنَ سَعیراً﴾((3)).

إلی غیر ذلک من الآیات.

ثم إن حرمة أکل مال الغیر لیس کحرمة أکل الحرام الذاتی کما هو واضح((4)).

ولا یفرق فی ذلک بین أن یکون مسلماً أو کافراً محترم المال، وحرمة ذلک من الضروریات عند المسلمین کافة.

فعن العمری، عن صاحب الزمان (عجل الله فرجه): «فلا یحل لأحد أن یتصرف فی مال غیره إلاّ بإذنه»((5)).

وفی صحیح زید الشحام، عن الصادق (علیه السلام) فی حدیث: إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من کانت عنده أمانة فلیؤدها إلی من ائتمنه علیها، فإنه لا یحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطیبة نفس منه»((6)).

وفی صحیح الحذاء، قال أبو جعفر (علیه السلام): قال رسول (صلی الله علیه وآله): «من اقتطع مال مؤمن غصباً بغیر حقه لم یزل الله معرضاً عنه، ماقتاً لأعماله التی یعملها من البر

ص:30


1- سورة البقرة: الآیة 188
2- سورة النساء: الآیة 2
3- سورة النساء: الآیة 10
4- ومن الفروق بینهما: أن مال الغیر حق الناس، والحرام الذاتی حق الله، ومنها: أن مال الغیر یمکن التصالح علیه والإجازة اللاحقة وما أشبه بخلاف الحرام الذاتی فإنه یبقی حراماً
5- الوسائل: ج17 ص309 الباب 1 من الغصب ح4
6- الوسائل: ج19 ص3 الباب 1 من القصاص فی النفس ح3

والخیر لا یثبتها فی حسناته حتی یرد المال الذی أخذه إلی صاحبه»((1)).

ثم إن حرمة أکل مال الناس لا فرق فیه بین الغصب والانتهاب والسرقة وما أشبه، أو الأکل بسبب القوانین الجائرة أو بسبب إغفال الحاکم أو الشاهد أو ما أشبه ذلک، فإن کل ذلک حرام.

وقد قال سبحانه: «وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ وتُدْلُوا بِها إلی الْحُکَّامِ لِتَأْکُلُوا فَریقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَأَکْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إنَّ کَثیراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَیَأْکُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ﴾((4)).

إلی غیر ذلک.

ثم إنه یستثنی من أکل أموال الناس ما أباحه الشارع، فلیس ذلک أکلاً بالباطل وإنما هو أکل بإجازة المالک لجمیع المملوکات، وله موارد:

(فمنها): الأکل من البیوت الخاصة المذکورة فی الآیة الکریمة، حیث قال سبحانه: ﴿لَیْسَ عَلَی الْأَعْمی حَرَجٌ وَلا عَلَی الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَی الْمَریضِ حَرَجٌ وَلا عَلَی أَنْفُسِکُمْ أنْ تَأْکُلُوا مِنْ بُیُوتِکُمْ أوْ بُیُوتِ آبائِکُمْ أوْ بُیُوتِ أُمَّهاتِکُمْ أوْ بُیُوتِ إِخْوانِکُمْ أوْ بُیُوتِ أَخَواتِکُمْ أوْ بُیُوتِ أَعْمامِکُمْ أوْ بُیُوتِ عَمَّاتِکُمْ أوْ بُیُوتِ أَخْوالِکُمْ أوْ بُیُوتِ خالاتِکُمْ أوْ ما مَلَکْتُمْ مَفاتِحَهُ أوْ صَدیقِکُمْ لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أنْ تَأْکُلُوا جَمیعاً أو أَشْتاتاً﴾((5)).

ص:31


1- الوسائل: ج11 ص343 الباب 78 من جهاد النفس ح6
2- سورة البقرة: الآیة 188
3- سورة النساء: الآیة 161
4- سورة التوبة: الآیة 34
5- سورة النور: الآیة 61

ثم إن الزوجین لم یذکرا فی الآیة المبارکة، والظاهر أنه داخل فی قوله سبحانه: «بُیُوتِکُمْ﴾ فإن الزوجین بیت کل واحد منهما بیت الآخر أیضاً، وإن کان للزوج زوجتان.

أما عدم ذکر الأبناء فالظاهر أیضاً أنه داخل فی البیوت، لقوله (صلی الله علیه وآله): «أنت ومالک لأبیک»((1))، بل ذلک من البدیهیات، ولو فرض الإشکال فی ذلک، فلا إشکال فی الملاک القطعی، فإن بیت الابن أولی من بیت الصدیق.

ولا ینبغی الإشکال فی أن المذکورین بوطی الشبهة ملحق بالحلال، أما بوطی الزنا ففیه کلام قد ذکرناه فی کتاب النکاح.

وکون الرضاع لحمة کلحمة النسب((2)) لا یشمل مثل ذلک.

والظاهر أن الحکم شامل لمثل الأجداد والجدات، لأنهم أقرب من الصدیق عرفاً، فالملاک شامل لهم أیضاً.

أما الأعمام والأخوال للإنسان أو للأبوین، وکذلک أولاد الأخ وأولاد الأخت ففی شمول الآیة لهم تأمل، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأطعمة، فإن للمسألة فروعاً کثیرة.

و(منها): أکل المارة من الثمار، لصحیح علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیهما السلام) قال: سألته عن رجل یمر علی الثمرة فیأکل منها، قال: «نعم، قد نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن تستر الحیطان برفع بنائها»((3)).

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «لا بأس بالرجل یمر علی الثمرة ویأکل منها ولا یفسد، وقد نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن تبنی الحیطان بالمدینة لمکان المارة، قال: وکان إذا بلغ نخله أمر بالحیطان فخربت لمکان المارة»((4)).

إلی غیرها من الروایات.

والظاهر أن الورد والحطب ونحوهما کذلک.

ص:32


1- الوسائل: ج12 ص195 الباب 78 ح1
2- زبدة البیان: ص524
3- الوسائل: ج13 ص14 الباب 8 من بیع الثمار ح2
4- الوسائل: ج13 ص14 الباب 8 من بیع الثمار ح12

و(منها): أکل المضطر والمکرَه، لرفع الاضطرار والإکراه للحکم، وقد دل علی ذلک الأدلة الأربعة فی الجملة.

نعم مقتضی القاعدة أنه لو أکل مضطراً یجب علیه إاعطاء المال لمالکه، وأما إذا أکل مکرَهاً فالظاهر أن الضمان علی المکرِه بالکسر لا المکرَه بالفتح، وکذلک حال الموجر فی حلقه، فإن المسألة من السبب والمباشر، مع احتمال أن یکون الفرق بین الموجر فی حلقه والمکرَه علی أکله بکون الضمان فی الموجر فی حلقه علی الموجر، أما فی المکره فالضمان علیهما معاً، وإنما قرار الضمان علی المکرِه، أما إذا کان المکرِه هو المالک فلا ضمان قطعاً، وکذلک إذا کان هو الموجر، بل یمکن أن یقال إنه إذا کان هو سبب الاضطرار أیضاً لم یکن علی المضطر شیء.

و(منها): ما إذا کان الکافر أو المخالف أو من تقلیده أو اجتهاده علی خلاف الآکل یقتضی عدم احترام ماله فأکله الإنسان، کما إذا أکل الإرث من المخالف بینما المؤالف لا یری ذلک الإرث.

ففی صحیح محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام)، قال: سألته عن الأحکام، قال: «یجوز علی أهل کل ذوی دین ما یستحلون»((1)).

وفی روایة إسماعیل بن بزیع، قال: سألت الرضا (علیه السلام) عن میت ترک أمه وإخوة وأخوات فقسم هؤلاء میراثه، فأعطوا الأم السدس وأعطوا الإخوة والأخوات ما بقی، فمات الأخوات فأصابنی من میراثها، فأحببت أن أسألک هل یجوز لی أن آخذ ما أصابنی من میراثها علی هذه القسمة أم لا، قال: «بلی»، فقلت: إن أم البیت فیما بلغنی قد دخلت فی هذا الأمر أعنی الدین، فسکت قلیلاً ثم قال: «خذ»((2)).

ص:33


1- الوسائل: ج16 ص166 الباب 32 ح9
2- الوسائل: ج17 ص485 الباب 4 من المیراث ح6

والحاصل: إن قانون «ألزموهم بما التزموا به»((1)) جار فی المالیات أیضاً، وإنما لا یجری فیما نقطع بحرمته، کما إذا جاز عنده مثلاً الزنا أو اللواط أو السحق أو ما أشبه، فإنه لا یجوز للمؤمن أن یعمل ذلک معه أو معها، للقطع بالخروج عن القاعدة المذکورة.

و(منها): الشرب من الأنهار الکبار والعیون الکبیرة والقنوات کذلک، للسیرة المستمرة بین المسلمین، بل یجوز ذلک حتی مع نهی المالک أو کونه صغیراً أو مجنوناً، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی (الفقه).

و(منها): أخذ مال الغیر مقاصة، فإن الإنسان إذا أخذ الغیر ماله ولم یؤده إما عصیاناً أو لموته أو ما أشبه ولم یتمکن من مراجعة الحاکم الشرعی أو الورثة جاز له الأخذ بقدر ذلک، وکذلک إذا کان حقه علیه کالزوجة والأقارب، والأصل فی ذلک آیات الاعتداء ونحوها، وروایة رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی قصة هند.

وفی صحیح داود، قلت لأبی الحسن موسی (علیه السلام): إنی أخالط السلطان فتکون عندی الجاریة فیأخذونها والدابة الفارهة فیبعثون فیأخذونها ثم یقع لهم عندی المال فلی أن آخذه، قال: «خذ مثل ذلک ولا تزد علیه»((2)).

وفی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه (علیه السلام)، قال: سألته عن رجل کان له علی آخر دراهم فجحده ثم وقعت للجاحد مثلها عند المجحود، أیحل له أن یجحده مثل ما جحد، قال: «نعم ولا یزداد»((3)).

وقد ذکر جملة من الفقهاء موارد أخری، والمسألة طویلة یرجع فیها إلی

ص:34


1- الاستبصار: ج3 الباب 170 من الطلاق ح5
2- الوسائل: ج12 ص202 الباب 83 مما یکتسب به ح1
3- الوسائل: ج16 ص179 الباب 48 من الأیمان ح4

المفصلات.

48: الأمر بالمعصیة

48: الأمر بالمعصیة

لا شک فی حرمة الأمر بالمعصیة، قتلاً کان أو جرحاً أو قطع عضو أو إذهاب قوة، أو أمراً بلعب قمار أو غیر ذلک، بل حرمة ذلک من ضروریات الشرع.

لکن الظاهر عدم الضمان بالأمر بتلف مال الغیر فیما إذا لم یکن الآمر أقوی من المباشر، کأمر الطفل والمجنون.

أما الضمان علی المتلف فلدلیل «علی الید»((1)) وغیره، لکن ربما یستشکل ذلک بأنه یعد المفوت ممن أتلف إذا کان الآمر أقوی عرفاً، کما إذا کان حاکماً حیث إن العرف یسند الأمر إلی الحاکم لا إلی المأمور، وإن کان المأمور ضامناً بلا إشکال، بل احتملنا ذلک أیضاً فی الآمر بالقتل ونحوه، ولذا ورد فی الروایة أن یزید هو قاتل الحسین (علیه السلام)، کما أن نسبة القتل إلی معاویة وهارون والمأمون ومن أشبههم هو الدائر فی ألسنة المتشرعة بالنسبة إلی استشهاد الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) بسببهم، وإن لم یکونوا هم المباشرین((2)).

ویؤید ما ذکرناه من النسبة ما ورد فی تفسیر قوله تعالی: «فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إنْ کُنْتُمْ صادِقینَ»((3))، من أن نسبة القتل إلی المخاطبین مع تأخرهم عن القاتلین لرضاهم بقتلهم، فإذا کان الرضا بالقتل یوجب النسبة والعقاب فالآمر به بطریق أولی یوجب النسبة، نعم یمکن الفرق بینهما إذا کان الآمر أقوی فالقتل مستند إلیه، أو لم یکن أقوی فالقتل مستند إلیهما.

ففی صحیح زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام)، فی رجل أمر رجلاً بقتل رجل فقتله،

ص:35


1- المستدرک: ج2 ص504 الباب 1 من الودیعة ح12
2- البحار: ج45 ص186 الباب 39
3- سورة آل عمران: الآیة 183

فقال: «یقتل به الذی قتله ویحبس الآمر بقتله فی الحبس حتی یموت»((1)).

کما یؤید ما ذکرناه من النسبة فی أقوائیة الآمر، صحیح إسحاق أو موثقه، فی رجل أمر عبده أن یقتل رجلا فقتله، قال: فقال: «یقتل السید به»((2)).

وفی صحیح آخر، عن علی (علیه الصلاة والسلام) قال: «وهل عبد الرجل إلاّ کسوطه أو کسیفه، یقتل السید ویستودع العبد فی السجن حتی یموت»((3))، فتأمل، وتنقیح المسألة فی کتاب القصاص.

49: الأمن من مکر الله

49: الأمن من مکر الله

المکر عبارة عن معالجة الشخص الشیء بطریق خفی لا یعلم الطرف به، وإنما یقع الطرف فی المکروه فجئة، والأمن من مکر الله عبارة عن أن الإنسان یعصی ثم لا یحتمل أن الله یعالج خفیة فی قباله ویهیؤ الأسباب للانتقام منه وعقوبته، وهذا من المحرمات بلا إشکال.

ویدل علیه جملة من الآیات والروایات، کقوله سبحانه: «أَفَأَمِنُوا مَکْرَ اللَّهِ فَلا یَأْمَنُ مَکْرَ اللَّهِ إلاّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ»((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَما یُؤْمِنُ أَکْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلاّ وَهُمْ مُشْرِکُونَ أَ فَأَمِنُوا أنْ تَأْتِیَهُمْ غاشِیَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أوْ تَأْتِیَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا یَشْعُرُونَ﴾((5)).

إلی غیرهما من الآیات.

وفی صحیح عبد العظیم، عنهم (علیهم السلام) قال: «أکبر الکبائر الشرک»، إلی أن قال: «وبعده الیأس من روح الله، لأن الله عز وجل یقول: «ولا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلاّ

ص:36


1- الوسائل: ج19 ص32 الباب 13 من قصاص النفس ح1
2- الوسائل: ج19 ص33 الباب 14 من قصاص النفس ح1
3- الوسائل: ج19 ص33 الباب 14 من قصاص النفس ح2
4- سورة الأعراف: الآیة 99
5- سورة یوسف: الآیة 106 و107

الْقَوْمُ الْکافِرُونَ﴾((1))، ثم الأمن من مکر الله لأن الله عز وجل یقول: ﴿فَلا یَأْمَنُ مَکْرَ اللَّهِ إلاّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ﴾،».

وفی صحیح ابن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن من الکبائر» إلی أن قال: «والأمن من مکر الله»((2)).

وإذا لم تکن فی الإنسان هذه الحالة فالواجب علیه أن ینمیها فی نفسه، فإن النفس کالأرض یمکن أن ینمی الإنسان فیها الطیب والخبیث، فینمی فیها الشجاعة أو الجبن، والحسد أو حب الخیر للناس، والغرور أو غیر ذلک.

50: الإمارة الباطلة

49: الأمن من مکر الله

لا یجوز التأمر بالباطل، سواء کان ملکاً أو أمیراً أو من قبلهما، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی المکاسب وفی مادة الولایة.

51: آمین بعد الفاتحة

51: آمین بعد الفاتحة

یحرم قوله بعد الفاتحة، بل وکذلک ما فی معناه علی الأحوط، لما دل علی ذلک وذکرناه فی کتاب الصلاة.

52: إیواء المحدث

52: إیواء المحدث

إیواء المحدث أیضاً نوع من التعاون علی الإثم فهو محرم، سواء کان المحدث محدثاً بالقتل أو بغیر ذلک.

ففی صحیح جمیل، قال: سمعت الصادق (علیه السلام) یقول: «لعن رسول الله (صلی الله علیه وآله)

ص:37


1- سورة یوسف: الآیة 87
2- الوسائل: ج11 ص254 الباب 46 من جهاد النفس ح7

من أحدث بالمدینة حدثاً أو آوی محدثاً»، قلت: ما الحدث، قال: «القتل»((1)).

وخصوصه لا یخصص العموم، فتأمل.

53: إیواء المحارب

53: إیواء المحارب

هو من مصادیق إیواء المحدث بمعناه الأعم، ولذا یحرم ولو لم یکن هنالک دلیل خاص، لما ذکرناه من عموم الأدلة.

هذا بالإضافة إلی موثق حنان، عن الصادق (علیه السلام) فی قول الله عز وجل: «إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ»((2)) الآیة، قال: «لا یبایع ولا یأوی ولا یطعم ولا یتصدق علیه»((3)).

والمراد بالإیواء إعطاؤه المحل، سواء کان ظاهراً أو مخفیاً، بل لا یبعد حرمة دلالته علی محل أمن کمغارة أو کهف أو مخبأ أو ما أشبه ذلک.

54: إیواء عین الکفار

54: إیواء عین الکفار

یحرم إیواء عین الکفار، فإن الدلیل العام شامل له، وقد ذکرنا ذلک فی کتاب الجهاد.

55: إیواء المغنیة

55: إیواء المغنیة

الظاهر حرمة إیواء کل عاص فی جهة معصیته، لأنه من التعاون علی الإثم.

وفی روایة نصر بن قابوس، عن الصادق (علیه السلام): «المنجم ملعون، والکاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنیة ملعونة، ومن آواها ملعون، وآکل کسبها ملعون»((4)).

ص:38


1- الوسائل: ج19 ص15 الباب 6 من القصاص ح1
2- سورة المائدة: الآیة 33
3- تفسیر البرهان: ج1 ص466 ح5
4- الوسائل: ج12 ص103 الباب 24 مما یکتسب به ح7

والمراد بإیوائها لیس مطلق إعطائها المحل حتی یشمل مثل غرفة الفندق ونحوه، بل المنصرف منه الإیواء لأجل الغناء وتسهیل عملها المحرم، کما إذا جاءت إلی البلد لأجل التغنی فتنزل فی دار أو فندق أو ما أشبه، أما إذا کان فی بلدها مثلاً واستأجرت الدار فلا یبعد انصراف الدلیل عن مثله فتأمل.

والظاهر أن فی حکم المغنیة المغنی للملاک، بل وکذلک ضارب العود والطنبور والبربط وغیرها من أدوات اللهو.

ص:39

حرف الباء

1: البتک

حرف الباء

1: البتک

قال سبحانه: ﴿إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلاّ إِناثاً وإِنْ یَدْعُونَ إلاّ شَیْطاناً مَریداً لَعَنَهُ اللَّهُ وقال لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِکَ نَصیباً مَفْرُوضاً ولَأُضِلَّنَّهُمْ ولَأُمَنِّیَنَّهُمْ ولَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّکُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبیناً﴾((1)).

وبتک آذان الأنعام عبارة عن شقها علامة لکونها للأصنام، لأن أهل الجاهلیة کانوا یذبحون الأنعام للأصنام، وقبل ذبحهن لها کانوا یجعلون العلائم فیها، ومن جملة العلائم کان بتک الآذان بکیفیات خاصة حتی تکون دلیلاً علی أنها موقوفة للصنم الفلانی علی تفصیل مذکور فی التفاسیر، وهذا العمل محرم حتی إلی الیوم الحاضر إذا وجد موضوعه، أما تغییر خلق الله فهو مثل التخصیة ونحوها وقد تقدم أن ذلک محرم.

ص:40


1- سورة النساء: الآیة 117_ 119

2: التبختر

2: التبختر

وهو عبارة عن التکبر ولیس بخاص بالمشی، وإن کان یستعمل کثیراً فی المشی، فیقال مشی متبختراً أی مشیة المتکبر المعجب بنفسه، والبختریة والتبختریة مشیة المتکبر المعجب بنفسه، یقال فلان یمشی البختریة.

وعلی کل حال، فلیس هو حکم جدید وإنما هو من أنحاء التکبر المحرم، وفی الآیة الکریمة: «إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ»((1)).

3: البخس

3: البخس

البخس هو إعطاء ذی الحق دون حقه، ولعله أعم مما کان فی الکلام أو الکتابة أو المال أو غیر ذلک، وقد تکرر النهی عنه فی القرآن الحکیم.

قال سبحانه: «وَإلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ قَدْ جاءَتْکُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ فَأَوْفُوا الْکَیْلَ وَالْمیزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ ولا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ»((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَلْیُمْلِلِ الَّذی عَلَیْهِ الْحَقُّ وَلْیَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا یَبْخَسْ مِنْهُ شَیْئاً﴾((3)).

وقد ذکر الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی روایة فضل بن شاذان من جملة الکبائر: «والبخس فی المکیال والمیزان»((4)).

ولا یخفی أن الغالب کون هذا العنوان من مصادیق کبریات من المحرمات الأخر فلیس أمراً جدیداً، مثلاً بخس المکیال والمیزان داخل فی أکل أموال الناس بالباطل، والنقص فی وصف مستحق وصف

ص:41


1- سورة لقمان: الآیة 18
2- سورة الأعراف: الآیة 85
3- سورة البقرة: الآیة 282
4- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33

أزید داخل فی إهانة الناس، وإبداء أن کتاب فلان مثلاً کذا مما هو دون شأن الکتاب إیذاء لمؤلفه إلی غیر ذلک.

وقد یدخل فی الکذب، کما إذا قال: إن مکاسب الشیخ (رحمه الله) لیس کتاب اجتهاد وإنما کتاب بدائی.

4: البخل

4: البخل

یحرم البخل فی الجملة، وهو ما کان عن حق واجب، أما البخل عن المستحب فهو رذیلة نفسیة ولیس بحرام.

قال سبحانه: ﴿وَلا یَحْسَبَنَّ الَّذینَ یَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَیْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَیُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ یَوْمَ الْقِیامَةِ﴾((1)).

وقد فسرت الآیة فی جملة من الروایات بمنع الزکاة.

وفی صحیحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «سَیُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ یَوْمَ الْقِیامَةِ»، فقال: «یا أبا محمد، ما من أحد یمنع من زکاة ماله شیئاً إلاّ جعل الله ذلک یوم القیامة ثعباناً من النار مطوقاً فی عنقه ینهش من لحمه حتی یفرغ من الحساب»، قال: «وهو قول الله عز وجل: «سَیُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ یَوْمَ الْقِیامَةِ» یعنی ما بخلوا من الزکاة»((2)).

5: إبداء الزینة

5: إبداء الزینة

قال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَیَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلی جُیُوبِهِنَّ وَلا یُبْدینَ زینَتَهُنَّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ

ص:42


1- سورة آل عمران: الآیة 180
2- تفسیر العیاشی: ج1 ص207 ح158

أوْ آبائِهِنَّ أوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ أَبْنائِهِنَّ أوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ إِخْوانِهِنَّ أوْ بَنی إِخْوانِهِنَّ أوْ بَنی أَخَواتِهِنَّ أوْ نِسائِهِنَّ أوْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُنَّ أوْ التَّابِعینَ غَیْرِ أُولِی الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أوْ الطِّفْلِ الَّذینَ لَمْ یَظْهَرُوا عَلی عَوْراتِ النِّساءِ وَلا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ ما یُخْفینَ مِنْ زینَتِهِنَّ وَتُوبُوا إلی اللَّهِ جَمیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((1)).

وحیث ذکرنا هذا المبحث فی الشرح فلا داعی إلی تکراره.

6: البدعة فی الدین

6: البدعة فی الدین

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «کل بدعة ضلالة، وکل ضلالة سبیلها إلی النار»((2)).

والمراد بالبدعة أن یأتی الإنسان بشیء وینسبه إلی الدین بدون أن یکون له دلیل عام أو خاص، مثلاً یبدع صلاة ذات خمس رکعات، أو ذکراً خاصاً بعنوان أن الشارع أمر به، أما مثل بناء المدارس والحسینیات ونحوها فهو داخل فی تعظیم الشعائر وإیواء المؤمنین والتعاون علی البر وغیر ذلک من العناوین العامة.

وفی صحیح داود بن سرحان، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا رأیتم أهل الریب والبدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم، وأکثروا من سبهم والقول فیهم والوقیعة، وباهتوهم کی لا یطمعوا فی الفساد فی الإسلام ویحذرهم الناس، ولا یتعلمون من بدعتهم یکتب الله لکم بذلک الحسنات، ویرفع لکم به الدرجات فی الآخرة»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

ولعل المراد بأهل الریب الذی یرتابون فی أصول الدین وفروعه، ویلقون الشک علی البسطاء مما یسبب شکهم وتزلزلهم عن عقائدهم أو أعمالهم الشرعیة، أو الذین یرتاب فی أمرهم لأجل انهم یریدون تخریباً أو

ص:43


1- سورة النور: الآیة 31
2- الوسائل: ج11 ص511 الباب 40 من الأمر والنهی ح6
3- الوسائل: ج11 ص508 الباب 39 من الأمر والنهی ح1

إفساداً عقائدیاً أو عملیاً.

7: تبدیل الأزواج

7: تبدیل الأزواج

لا إشکال فی أنه یجوز تبدیل الأزواج علی الناس عامة بأن یبدل زوجة بزوجة أی یطلق واحدة ویتزوج أخری، وعلی ذلک جرت سیرة المسلمین، ودل علیه إطلاق الأدلة.

لکن ورد بالنسبة إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) قوله تعالی: «لا یَحِلُّ لَکَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ ولَوْ أَعْجَبَکَ حُسْنُهُنَّ إلاّ ما مَلَکَتْ یَمینُکَ وَکانَ اللَّهُ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ رَقیباً»((1)).

فإن ظاهر الآیة حرمة تزویج النساء علیه بعد زوجاته، وتبدیل أزواجه بغیرهن من بعد نزول الآیة المبارکة.

لکن فی بعض الروایات ما هو خلاف ظاهر الآیة، والکلام فی ذلک خارج عن محل الابتلاء، وتفصیله موکول إلی خصائصه (صلی الله علیه وآله)، مما ذکره الشرائع وتبعه الشراح.

8: تبدیل نعمة الله

8: تبدیل نعمة الله

قال سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ إلی الَّذینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ کُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ﴾((2)).

فإن تبدیل نعمة الله إلی الحرام، کما إذا جعل العنب خمراً أو الخشب صلیباً أو صنماً حرام شرعاً.

والمراد بالکفر حینئذ هو الکفر العملی لا العقیدی، وإن أرید به الأعم کما إذا بدل الاعتقاد الحسن بالسیء کان أیضاً حراماً وکان أشد.

فإن کلاً من الحسن والسیء یمکن أن یتغیر صورته فیتبدل

ص:44


1- سورة الأحزاب: الآیة 52
2- سورة إبراهیم: الآیة 28 _ 29

إلی الآخر، قال الله سبحانه: «أُوْلئِکَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ»((1))، فنفس الزنا یصبح حسناً بتغییر الصورة، کما أن نفس خرء الإنسان یتبدل إلی فاکهة طیبة إذا جعل سماداً، إلی غیر ذلک، وفی عکسه نفس الفاکهة الطیبة تبدل خرءاً إذا أکلها الإنسان.

9: تبدیل الوصیة

9: تبدیل الوصیة

قال سبحانه: ﴿کُتِبَ عَلَیْکُمْ إذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ إنْ تَرَکَ خَیْراً الْوَصِیَّةُ لِلْوالِدَیْنِ وَالْأَقْرَبینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقینَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَی الَّذینَ یُبَدِّلُونَهُ إنَّ اللَّهَ سَمیعٌ عَلیمٌ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَیْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((2)).

فإن الوصیة إذا کانت مشروعة لا یجوز تبدیلها حتی إلی الأحسن، فإذا أوصی مثلاً أن یعطی للفقیر الطعام، والأحسن أن نعطیه الکسوة لم یجز هذا التبدیل، وهکذا إذا أوصی ببناء حسینیة ونتمکن أن نبدله إلی المسجد، والمفروض((3)) أن المسجد أکثر ثواباً من الحسینیة لم یجز ذلک.

ولذا ورد فی صحیح محمد بن مسلم، عنه (علیه الصلاة والسلام)، فی رجل أوصی بماله فی سبیل الله، فقال: «أعطه لمن أوصی به له وإن کان یهودیاً أو نصرانیاً، إن الله تعالی یقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَی الَّذینَ یُبَدِّلُونَهُ»((4))».

أما إذا أوصی بالحرام جاهلاً وعلمنا ارتکازه العام لزعمه أنه حلال، لزم صرفها فی ارتکازه، کما إذا أوصی للکنیسة لکونه فی بلاد الکفار، ویزعم أنه حلال فی

ص:45


1- سورة الفرقان: الآیة 70
2- سورة البقرة: الآیة 180 _ 182
3- أی لو فرض
4- تفسیر العیاشی: ج1 ص77 ح169

الشریعة الإسلامیة وعلمنا ارتکازه فی صرفه فی محل العبادة وإنما قال الکنیسة من باب المصداق، صرفناه فی المسجد، ولیس هذا من تبدیل الوصیة کما هو واضح، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الوصیة.

10: تبدیل النذر

10: تبدیل النذر

کما لا یجوز تبدیل الوصیة کذلک لا یجوز تبدیل النذر، فإن ذلک محرم أیضاً لوجوب الوفاء بالنذر.

نعم فی جملة من الروایات أنه إذا رأی أن غیره خیر منه عدل إلیه، وقد استظهرناه فی (الفقه)، ومثل النذر العهد والیمین ولو بالملاک.

11: البذاء

11: البذاء

البذاء بمعنی الفحش، محرم قطعاً، فقد روی الحذاء فی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام) قال: «الحیاء من الإیمان، والإیمان فی الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء فی النار»((1)).

وفی صحیح ابن سنان، عنه (علیه الصلاة والسلام): «من خاف الناس لسانه فهو فی النار»((2)).

ولعل المراد بالآیة خصوص ذلک أو الأعم، حیث قال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذینَ هُمْ فی صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ * والَّذینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾((3)).

أما مطلق الخشونة فی الکلام فإن کان إهانة المؤمن أو إذلالاً له أو ما أشبه ذلک فی غیر موضع التأدیب الجائز فهو حرام أیضاً، وإلاّ فلیس بمحرم وإنما یکون

ص:46


1- الوسائل: ج11 ص330 الباب 72 من جهاد النفس ح5
2- الوسائل: ج11 ص326 الباب 70 من جهاد النفس ح9
3- سورة المؤمنون: الآیة 1_ 3

خلاف الأخلاق.

ولا یشترط أن لا یکون الکلام مطابقاً للواقع حتی یکون بذاءً کالحمار والثور وما أشبه، بل وإن کان مطابقاً للواقع لکنه عد فحشاً فی العرف کان من المحرم أیضاً.

والبذاء وإن کان هو الفحش إلاّ أن الفرق بینهما إذا اجتمعا أن الأول بمعنی الکلام الخالی عن الخیر کالأرض البذیئة أی التی لا مرعی فیها، والثانی بمعنی التعدی عن الحد.

12: التبذیر

12: التبذیر

قال سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَالْمِسْکینَ وَابْنَ السَّبیلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذیراً إنَّ الْمُبَذِّرینَ کانُوا إِخْوانَ الشَّیاطینِ وَکانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ کَفُوراً﴾((1)).

وقد عد الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی خبر فضل بن شاذان التبذیر من الکبائر، کما أنه (علیه الصلاة والسلام) فی نفس الحدیث عد الإسراف کذلک((2)).

وقال سبحانه بالنسبة إلی النهی عن الإسراف: «وَهُوَ الَّذی أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَیْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُکُلُهُ وَالزَّیْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَیْرَ مُتَشابِهٍ کُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفینَ»((3)).

والإسراف هو تجاوز الحد، أما التبذیر فهو التبدید کتفریق البذر فی الأرض، فقد یفرق الإنسان ماله هنا وهناک وقد یصرفه فی مکان لکن صرفاً أزید من المتعارف الجائز شرعاً، فهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، والإسراف یأتی فی غیر المال أیضاً.

ص:47


1- سورة الإسراء: الآیة 26 _ 27
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
3- سورة الأنعام: الآیة 141

ففی القرآن الحکیم عن فرعون: «إِنَّهُ کانَ عالِیاً مِنَ الْمُسْرِفینَ»((1))، حیث کان یسرف فی الدماء وفی غیرها.

وفی قصة لوط (علیه الصلاة والسلام): «بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ»((2))، حیث کانوا یتجاوزون الحد فی قضایا الجنس، إلی غیر ذلک، أما التبذیر فالغالب أن یستعمل فی المال.

13: البراءة

13: البراءة

لایجوز الحلف بالبراءة من الله ومن رسوله ومن الأئمة الطاهرین ومن الزهراء (علیهم الصلاة والسلام)، کما دل علی ذلک بعض الروایات التی ذکرناها فی کتاب الأیمان.

وقد ورد بعض الروایات الخاصة فی النهی عن البراءة عن علی (علیه الصلاة والسلام)، والتی منها قوله (علیه الصلاة والسلام): «إنکم ستعرضون من بعدی علی سبی والبراءة منی، أما السب فسبونی وأما البراءة فلا تتبرؤوا منی فإنی ولدت علی الفطرة وسبقت إلی الإیمان والهجرة»((3)).

علی اختلاف ألفاظ الروایات، والتی مجموعها یؤدی هذا المعنی.

والفرق بین السب والبراءة أن السب لسانی والبراءة قلبی، وکیف یبرؤ الإنسان قلباً من الذی ولد علی فطرة الإسلام لأن أبویه کانا مؤمنین حین الولادة وسبق إلی الإیمان فلم یکن له حالة غیر الإسلام، وإلی الهجرة فلم یخالف الرسول (صلی الله علیه وآله) حتی فی هذا الأمر الشاق.

هذا بحسب الظاهر، أما بحسب الواقع

ص:48


1- سورة الدخان: الآیة 31
2- سورة الأعراف: الآیة 81
3- الوسائل: ج11 ص478 الباب 29 من الأمر والنهی ح15

فهو حجة الله وولیه وخلیفة رسول الله (صلی الله علیه وآله) المعین من قبل الله سبحانه.

ویشترک فی التحریم أیضاً البراءة من القرآن أو من الدین أو من المذهب أو ما أشبه ذلک، وکذلک سبها.

کما أن فی مقام الضرورة لا إشکال فی جواز السب.

قال سبحانه: ﴿إلاّ مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإیمانِ﴾((1)).

وقال الرسول (صلی الله علیه وآله) لعمار: «إن عادوا فعد»((2)).

14: التبری من النسب

14: التبری من النسب

یحرم التبری من النسب، لقول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح أبی بصیر: «کفر بالله من تبرأ من نسب وإن دق»((3)).

والمراد هو الکفر العملی لا الکفر العقیدی، فإن إطلاق الکفر علی الأعمال المحرمة للتشدید فیها کثیر فی الروایات، والظاهر أن قوله (علیه السلام): «وإن دق» المراد به النسب البعید.

ولا فرق فی حرمة التبری من النسب بین أن یترتب علیه أثر کالإرث والمحرمیة ونحوهما أم لا، لإطلاق الدلیل.

15: التبرج

15: التبرج

یحرم علی المرأة التبرج مطلقاً، کبیرة کانت أو شابة، وإنما خرج النساء القواعد فیما إذا لم یتبرجن بزینة، قال سبحانه: ﴿وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتی لا یَرْجُونَ نِکاحاً فَلَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُناحٌ أنْ یَضَعْنَ ثِیابَهُنَّ غَیْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزینَةٍ﴾((4))، هذا بالنسبة إلی

ص:49


1- سورة النحل: الآیة 106
2- تفسیر البرهان: ج2 ص385 ح2
3- الوسائل: ج15 ص221 الباب 107 من أحکام الأولاد ح1
4- سورة النور: الآیة 60

الاستثناء، وأما بالنسبة إلی أصل ذلک فقد قال سبحانه: «وَقَرْنَ فی بُیُوتِکُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی»((1))، ومن الواضح أن الآیة وإن کانت فی سیاق أحکام نساء النبی (صلی الله علیه وآله) إلاّ أن الحکم فیها عام، کما یعرف مما قبلها وما بعدها، وإنما خوطب نساء النبی (صلی الله علیه وآله) لأنهن أولی بتطبیق أحکام الإسلام.

قال سبحانه: ﴿یا نِساءَ النَّبِیِّ مَنْ یَأْتِ مِنْکُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ یُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَیْنِ وَکانَ ذلِکَ عَلَی اللَّهِ یَسیراً * ومَنْ یَقْنُتْ مِنْکُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَیْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً کَریماً﴾((2)).

وعلی أی حال، فتفصیل الکلام فی الحجاب للنساء مطلقاً واستثناء القواعد مذکور فی کتاب النکاح.

16: بسط الید

16: بسط الید

قال سبحانه: ﴿وَلا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إلی عُنُقِکَ وَلا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾((3)).

والغل کنایة عن البخل بما أوجب الله سبحانه وتعالی علی الإنسان، کما أن المراد بالبسط الإسراف، ولعل الآیة أعم من الواجب والمحرم والمکروه والمستحب.

وعلی کل حال، فالظاهر أنه لیس بحکم جدید، وإنما هو عبارة عن کلی ذکرت صغریاتها فی الروایات.

ولعل الأمر أعم من الأموال حتی فی غیرها أیضاً، فهی جاریة فی غیرها أیضاً، مثل أن الإنسان یتنزه عن مباشرة النساء بما یکون کالغل، أو ینبسط بما یکون کالإسراف، وهکذا بالنسبة إلی سائر الشؤون.

ص:50


1- سورة الأحزاب: الآیة 33
2- سورة الأحزاب: الآیة 30 _ 31
3- سورة الإسراء: الآیة 29

17: مباشرة النساء للصائم والعاکف

17: مباشرة النساء للصائم والعاکف

قال سبحانه: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنْتُمْ عاکِفُونَ فِی الْمَساجِدِ﴾((1)).

فإن ذلک حرام، کما ذکر فی کتاب النکاح.

وهل المراد بالمباشرة الدخول فقط أو یشمل اللمس والتقبیل بشهوة، لا یبعد الأعم خصوصاً وقد نقل عن قطع الأصحاب حرمتهما.

وکما یحرم الأمر علی الرجل یحرم علی المرأة، للاشتراک فی التکلیف.

وهکذا حال الإنسان فی حال الصوم، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الصوم، منتهی الفرق أن المعتکف یحرم علیه المباشرة لیلاً ونهاراً بخلاف الصائم الذی یحرم علیه نهاراً فقط دون اللیل، کما لا یحرم علیه اللمس والقبلة.

ثم إذا کانت المرأة صائمة أو معتکفة أو محرمة مثلاً ولکنها فی حالة النوم، هل یجوز للرجل الذی هو خلو عن کل ذلک مباشرتها، لأن الجماع لیس بحرام له وهی لا تفعل الحرام لأنها نائمة ولا تکلیف للنائم((2))، وکذلک العکس فی المرأة التی تفعل ذلک بزوجها النائم، احتمالان.

18: إبطال الصدقات بالمن والأذی

18: إبطال الصدقات بالمن والأذی

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذی﴾((3)).

والظاهر أن ذلک من المحرم بأن یمن الإنسان علی من تصدق علیه أو یؤذیه، ویؤیده صحیح ابن زیاد، عن الصادق (علیه السلام) قال: «لا یدخل الجنة العاق لوالدیه، ومدمن خمر، ومنان بالفعال للخیر إذا عمله»((4)).

ص:51


1- سورة البقرة: الآیة 187
2- هذا إذا لم تحس بالأمر، وإلا فلا یجوز قطعا
3- سورة البقرة: الآیة 264
4- الوسائل: ج6 ص317 الباب 37 من الصدفة ح10

19: إبطال العمل

19: إبطال العمل

قال سبحانه: ﴿أَطیعُوا اللَّهَ وَأَطیعُوا الرَّسُولَ ولا تُبْطِلُوا أعمالکُمْ﴾((1)).

وهل المراد بذلک أن یکفروا فتبطل أعمالهم، أو الأعم من الکفر وما یبطل العمل فی أثنائها أو بعدها کالریاء ونحو ذلک، احتمالان، وعلی کل حال فهو کلی ینطبق علی المحرمات الخارجیة فلیس حکماً جدیداً.

20: إبطال عمل الغیر

20: إبطال عمل الغیر

کما لایجوز إبطال عمل النفس کذلک لا یجوز إبطال عمل الغیر، وإن لم یتأذ ذلک الغیر بإبطال عمله، کما إذا کانت صائمة فدخل بها الزوج فإنه من التعاون علی الإثم.

أما إذا کان الصوم غیر واجب، فإن کان للزوج الحق فی ذلک لم یکن حراماً قطعاً، کما إذا کانت المرأة صائمة مستحباً فدخل بها.

وأما إذا لم یکن کذلک فهل یحرم أو لا یحرم، الظاهر العدم، إذ لا دلیل علی الحرمة بعد عدم الوجوب علی ذلک الفاعل للعمل، کالمصلی والصائم مستحباً ونحوهما وهو راض، نعم إذا أوجب الشرع الإتمام کما فی الحج المستحب لم یجز ذلک لأنه من التعاون علی الإثم سواء رضی أو لم یرض.

21: البغض

21: البغض

الظاهر أن بغض المؤمن لإیمانه ولو کان فی قلبه حرام شرعاً، لأن ذلک یرجع إلی أصول الدین، أما بغضه فی قلبه لا لإیمانه بدون إظهاره فلا دلیل علی حرمته، فإن أدلة الحرمة ظاهرة فی البغض الذی یظهر.

ص:52


1- سورة محمد: الآیة 33

ففی صحیح مسمع، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حدیث: «ألا أن فی التباغض الحالقة لا أعنی حالقة الشعر، ولکن حالقة الدین»((1)).

وظاهر التباغض الذی یظهر أثره فی الخارج، کما أن ما ذکرناه من أن البغض إن کان للإیمان کان من الخلل فی أصول الدین، یظهر من صحیح ابن أبی نجران، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) یقول: «من عادی شیعتنا فقد عادانا، ومن والاهم والانا لأنهم منا، خلقوا من طینتنا، من أحبهم فهو منا، ومن أبغضهم فلیس منا» إلی أن قال (علیه السلام): «من رد علیهم فقد رد علی الله، ومن طعن علیهم فقد طعن علی الله، لأنهم عباد الله حقاً»((2)).

ومنه یعلم حال کره المؤمن.

والفرق بین البغض والکره أن الکره مقدمة علی البغض، والبغض هو الکره الشدید جداً.

ثم العداوة حالة ثالثة تتولد منهما، فإنه ربما یبغض الإنسان إنساناً لکنه لا یعادیه، وإذا بنی علی عداوته أو فرح بمساءته وحزن بمسرته ولم یظهر بید ولا لسان بأن کان فی القلب فقط کان من سوء السریرة ولم یکن معصیة، نعم إن أظهره کان معصیة، والدلیل علی ذلک ما ذکرناه فی بحث التجری من أن الأعمال القلبیة التی لا ترتبط بأصول الدین لا یعاقب علیها، بل والملاک فی قول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی خبر حمزة بن حمران: «ثلاثة لم ینج منها نبی فمن دونه، التفکر فی الوسوسة فی الخلق، والطیرة، والحسد إلاّ أن المؤمن لا یستعمل حسده»((3)).

ومن الواضح أن الأمور الثلاثة من کمال الإنسان إذا کان فی داخله فقط، لأنه کمادة النار التی تستعمل تارة للشر وتارة للخیر، فاشتمال المعصوم علیها لأنه یستعمله

ص:53


1- الکافی: ج2 ص346 باب قطیعة الرحم ح1
2- الوسائل: ج11 ص441 الباب 17 من الأمر والنهی ح10
3- الوسائل: ج11 ص293 الباب 55 من جهاد النفس ح8

فی الخیر، بینما غیره یستعمله فی الخیر تارة ویستعمله فی الشر أخری، وقد قال سبحانه: «وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ»((1))، والبحث فی ذلک مرتبط بکتب الأخلاق.

22: البغی

22: البغی

البغی عبارة آخر عن الظلم، یسمی ظلماً لأنه یوجب الظلام، وبغیاً لأن الظالم یبغی المظلوم، وعلی أی حال فالبغی محرم.

قال سبحانه: ﴿إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿وَیَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ﴾((3)).

وفی صحیح الثمالی، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «وإن أسرع الشر عقوبة البغی»((4)).

وفی صحیح ابن میمون، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن أعجل الشر عقوبة البغی»((5)).

ولا یستشکل بأنا نری البغات یطول عمرهم وتبقی دولتهم، لأن ذلک أولاً بالنسبة إلی ما قدر الله لهم من العمر لولا البغی قصیر، وثانیاً إنهم یسلطون علی المظلومین لظلم سابق من المظلومین علی غیرهم، کما قال سبحانه: «بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا أُولی بَأْسٍ شَدیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ وَکانَ وَعْداً مَفْعُولاً»((6)).

ص:54


1- سورة الفلق: الآیة 5
2- سورة الأعراف: الآیة 33
3- سورة النحل: الآیة 90
4- الوسائل: ج11 ص332 الباب 74 من جهاد النفس ح5
5- الوسائل: ج11 ص332 الباب 74 من جهاد النفس ح11
6- سورة الإسراء: الآیة 5

والمشهور فی التفاسیر أن المراد بالعباد هو بخت النصر، فالله سبحانه وتعالی الذی بعث فیهم رسولاً منهم یتلو علیهم آیاته ویزکیهم ویعلمهم الکتاب والحکمة لرأفته ورحمته هو الذی یبعث علی العصاة المردة مثل بخت النصر الکافر بالله والیوم الآخر.

وفی حدیث: «إذا عصانی من یعرفنی سلطت علیه من لا یعرفنی»((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَلْیَخْشَ الَّذینَ لَوْ تَرَکُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّیَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَیْهِمْ فَلْیَتَّقُوا اللَّهَ وَلْیَقُولُوا قَوْلاً سَدیداً﴾((2)).

أما وصول بغیهم إلی غیر الباغی، کما قتل معاویة حجراً وأصحابه، ویزید الحسین وأهل بیته وأصحابه (علیهم الصلاة والسلام) فلأن ذلک من جهة ما قاله الرسول (صلی الله علیه وآله) فیمن رکبوا سفینة فأخذ بعضهم یثقب السفینة أنه لو أخذوا بیده نجا ونجوا، وإن لم یأخذوا بیده هلک وهلکوا، وقبل ذلک قال الله سبحانه: «اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصیبَنَّ الَّذینَ ظَلَمُوا مِنْکُمْ خَاصَّةً»((3)).

ثم إذا ظلم الإنسان جاز له أن یقابل الظلم بالمثل، فیما إذا لم ینه الشارع عنه، أما فی المنهی عنه فلا یجوز، فإن لیط به لا یجوز اللواط بالفاعل، فیکف بما إذا زنی بزوجته فإنه لایجوز له الزنا بزوجة الفاعل، نعم السب فی قبال السب، لکن إذا رماه بأنه ابن الزانی لا یجوز أن یرمیه بمثل ذلک لأنه تعد إلی الغیر.

وعلی أی حال، الأصل فیما لم یخرج هو جواز الانتصار، بل یستحب الانتصار إلاّ إذا کان العفو أفضل.

قال سبحانه﴿وَالَّذینَ إذا أَصابَهُمُ الْبَغْیُ هُمْ یَنْتَصِرُونَ * وجَزاءُ سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ مِثْلُها

ص:55


1- الوسائل: ج11 ص242 الباب 41 من جهاد النفس ح5
2- سورة النساء: الآیة 9
3- سورة الأنفال: الآیة 25

فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ إنَّهُ لا یُحِبُّ الظَّالِمینَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِکَ ما عَلَیْهِمْ مِنْ سَبیلٍ﴾((1)).

23: ابتغاء العیب

23: ابتغاء العیب

یحرم ابتغاء العیب بمعنی إظهاره لا بمعنی قصده، لأن قصده لیس إلاّ التجری فی بعض مراتبه علی ما ذکرنا تفصیله فی بحث التجری فی الأصول.

قال الصادق (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ألا أنبئکم بشرارکم»، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: «المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة، الباغون للبرآء المعایب»((2)).

من غیر فرق بین أن یکون ذلک علی نحو الغیبة أو النمیمة أو الکذب أو الافتراء أو التوهین أو الإیذاء أو الهمز أو اللمز أو الطعن أو اللعن أو ما أشبه ذلک، فهو کلی یشمل کل تلک الصغریات، وعلیه فالظاهر أنه لیس حکماً جدیداً، وإنما إلماع إلی تلک الأحکام بعبارة موجزة.

24: البهتان

24: البهتان

یحرم البهتان کحرمة الکذب والافتراء، والکل أحیاناً یطلق علی معنی واحد وإن کان بینها بعض الفروق، مثلاً من قال بأن السماوات عشر هذا کذب ولیس بافتراء ولا بهتان، أما إذا نسب إلی إنسان کان من الافتراء والبهتان أیضاً، ویسمی کذباً لأنه خلاف الواقع، وافتراءً لأنه یفری من ماء وجه الطرف، کما أن الغیبة شبه بأکل لحمه، وبهتاناً لأنه یبهت الطرف فی ما إذا یسمع بهذه الکذبة التی قیلت فیه، قال سبحانه: «فَبُهِتَ الَّذی کَفَرَ»((3)).

ص:56


1- سورة الشوری: الآیة 39 _ 41
2- الوسائل: ج8 ص616 الباب 64 من العشرة ح1
3- سورة البقرة: الآیة 258

وعلی کل حال، فالبهتان حرام، ففی صحیح ابن أبی یعفور، عن الصادق (علیه السلام): «من بهت مؤمناً أو مؤمنة بما لیس فیه بعثه الله فی طینة خبال حتی یخرج مما قال»، قلت: وما طینة خبال، قال: «صدید یخرج من فروج المومسات»((1)).

والمراد بالمومسة الفاجرة.

ومن أقسام البهتان نسبة الولد إلی الزوج بینما هو لیس منه إذا صدر ذلک من المرأة، وکذلک العکس بأن ینسب الرجل الولد إلی المرأة بینما لیس الولد منها للملاک وقاعدة الاشتراک، قال سبحانه: «وَلا یَأْتینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرینَهُ بَیْنَ أَیْدیهِنَّ وأَرْجُلِهِنَّ»((2)).

25: البطر

25: البطر

لایبعد أن یکون محرماً فی بعض أفراده، قال سبحانه: ﴿وَلا تَکُونُوا کَالَّذینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَیَصُدُّونَ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما یَعْمَلُونَ مُحیطٌ﴾((3)).

وقال الإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام) فی وصیته: «إنی لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً»((4)).

ومعناه إظهار التکبر وعمل الباطل، قال سبحانه: «بَطِرَتْ مَعیشَتَها»((5)).

والظاهر أنه إشارة إلی المحرمات الأخر لا أنه بنفسه عنوان فی قبال تلک.

ص:57


1- الوسائل: ج8 ص603 الباب 153 من العشرة ح1
2- سورة الممتحنة: الآیة 12
3- سورة الأنفال: الآیة 47
4- البحار: ج44 ص329 الباب 37
5- سورة القصص: الآیة 58

26: البغاء

26: البغاء

هو الزنا، لأن الزانیة تبغی الرجال بالحرام، کما أن الرجل یبغیها کذلک، وقد قال سبحانه: «وَلا تُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً»((1)).

27: البیوع المحرمة

27: البیوع المحرمة

سواء کانت الحرمة وضعیة أو تکلیفیة کالبیع بعد النداء لصلاة الجمعة، قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا نُودِیَ لِلصَّلاةِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلی ذِکْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَیْعَ﴾((2)).

وقد تقدم الکلام فی ذلک فی (وذر)، کما أن تفصیله مذکور فی باب صلاة الجمعة.

و(بیع أبوال ما لا یؤکل لحمه).

ومثله (کلما لم یجوزه الشارع) أو کان من جهة عدم الفائدة، وقد رجحنا فی الفقه جواز بیع بعض المحرمات إذا کانت فیه فائدة کبیع الدم لأجل الصبغ ونحو ذلک.

و(بیع الحر) فإنه حرام بلا إشکال.

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام): «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أتی برجل قد باع حراً فقطع یده»((3)).

لکن فی قطع الید لذلک تأمل، ولعله کان من قضایاه (علیه الصلاة والسلام) التی هی قضیة فی واقعة، ومعنی القضیة فی واقعة أن الملابسات أوجبت ذلک، لا أن الحکم کذلک مطلقاً إلاّ ما خرج، بل هو بالعکس بمعنی أن الحکم لیس کذلک إلاّ ما خرج.

ص:58


1- سورة النور: الآیة 33
2- سورة الجمعة: الآیة 9
3- الوسائل: ج18 ص514 الباب 20 من حد السرقة ح2

و(بیع آلات القمار) بلا إشکال ولا خلاف.

وفی روایة: «نهی _ أی رسول الله (صلی الله علیه وآله) _ عن بیع النرد»((1)).

وفی روایة أخری، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) أیضاً قال: «بیع الشطرنج حرام وأکل ثمنه سحت»((2)).

وفی حدیث عنه (علیه السلام): «إن الله إذا حرم شیئاً حرم ثمنه»((3)).

و(بیع آلات اللهو) وهو مجمع علی حرمته، والدلیل علیه بعض ما تقدم.

و(بیع الصلیب والصنم).

و(بیع آنیة الذهب والفضة)، وقد قال (صلی الله علیه وآله): «آنیة الذهب والفضة متاع الذین لا یوقنون»((4)). لکن فی إطلاق الحرمة تأمل، فالاقتناء للتزیین مثلاً اختلفوا فی حرمته وعدمه، وقد ذکرنا تفصیله فی الشرح.

و(بیع الجاریة المغنیة) إذا کان البیع لأجل الغناء، أما إذا کان البیع لا لأجل ذلک لم یکن حراماً، والحدیث منصرف إلی ذلک.

ففی صحیح ابن أبی البلاد، قال: قلت لأبی الحسن الأول (علیه السلام): جعلت فداک إن رجلاً من موالیک عنده جوار مغنیات قیمتهن أربعة عشر ألف دینار وقد جعل لک ثلثها، فقال: «لا حاجة لی فیها، إن ثمن الکلب والمغنیة سحت»((5)).

و(بیع الخشب ممن یتخذه صلیباً أو صنماً).

ففی صحیح ابن أذینة، قال: کتبت إلی أبی عبد الله (علیه السلام)، أسأله عن رجل له خشب

ص:59


1- الوسائل: ج12 ص242 الباب 104 ح6
2- الوسائل: ج12 ص241 الباب 103 ح4
3- المستدرک: ج2 ص427 الباب 6 مما یکتسب به ح8
4- الوسائل: ج2 ص1084 الباب 65 من النجاسات ح8
5- الوسائل: ج12 ص87 الباب 16 مما یکتسب به ح4

فباعه ممن یتخذ برابط، فقال: «لا بأس به»، وعن رجل له خشب فباعه ممن یتخذ صلباناً، قال: «لا»((1)).

لکن البیع لأجل صنع البربط أیضاً غیر جائز، کما أن البیع ممن یتخذه صلباناً لا بهذا القصد یمکن أن یقال بجوازه علی کلام مفصل فی (الفقه).

أما بیعه من الکفار الذین یجوز عندهم الصلیب والصنم فلا یبعد جوازه لقاعدة الإلزام((2)).

و(بیع الخمر) بلا إشکال ولا خلاف، وقد لعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) من الخمر عشرة ومنهم البائع((3)).

وفی صحیح محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن الذی حرم شربها حرم ثمنها»((4)).

ولا یبعد أن یقال مثل ذلک فیما یتعارف فی هذه الأیام من الهروئین والکوکائین وما أشبه ذلک، لوحدة الملاک فی الجمیع، بل لدلیل الضرر وغیر ذلک.

ومنه یعلم أن بعض الصغریات الأخر کذلک، ففی روایة الوشا، قال: کتب إلیه _ یعنی الرضا (علیه السلام) _ أسأله عن الفقاع، فکتب: «حرام، ومن شربه کان بمنزلة شارب الخمر»، قال: وقال أبو الحسن (علیه السلام): «لو أن الدار داری لقتلت بائعه ولجلدت شاربه»((5)).

وفی صحیح علی بن یقطین، عن أبی الحسن الماضی (علیه السلام)، قال: «إن الله عز وجل لم یحرم الخمر لاسمها، ولکن حرمها لعاقبتها، فما کان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر»((6)).

ص:60


1- الوسائل: ج12 ص127 الباب 41 مما یکتسب به ح1
2- الاستبصار: ج3 ص170 من الطلاق ح5
3- الوسائل: ج12 ص165 الباب 55 مما یکتسب به ح4
4- الوسائل: ج12 ص164 الباب 55 مما یکتسب به ح1
5- الوسائل: ج17 ص292 الباب 28 من الأشربة المحرمة ح1
6- الوسائل: ج17 ص273 الباب 19 من الأشربة المحرمة ح1

وقد ذکرنا فی (الفقه) عدم استبعاد حرمة بیع الخمر والخنزیر حتی للکفار الذین یجوزون استعمالهما، وإن کان جاز بیع مثل الجری والمارماهی وما أشبه لمن یجوز استعماله، لأن النصوص الواردة فیهما تمنع عن قاعدة الإلزام((1))، بینما قاعدة الإلزام واردة علی سائر المحرمات، ویؤیده ما ورد من بیع المختلط من المذکی والمیتة((2)) بالإضافة إلی الأدلة العامة.

وفی الخبر المشهور بین الخاصة والعامة: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وبایعها ومشتریها وساقیها وآکل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إلیه»((3)).

والظاهر أن الحرمة _ ما عدا الشارب _ فی صورة القصد لا مطلقاً.

ثم لا یخفی أن الکحول اختلفوا فی أنها هل هی مسکرة أو لیست بمسکرة، ولو فرض إسکارها فالظاهر جواز بیعها کما ذهب إلیه بعض الفقهاء المعاصرین، لعدم بعد انصراف الروایات عن الخمر المطلوب شربها والإسکار من جهتها للانصراف عن هموم الدنیا أو للّذة أو ما أشبه، أما ما لیس معداً لذلک فالدلیل منصرف عن مثله.

و(بیع الخنزیر)، ففی صحیح محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام)، فی رجل کان له علی رجل دراهم فباع خمراً وخنازیر وهو ینظر فقضاه، فقال: «لا بأس به، أما للمقتضی فحلال، وأما للبائع فحرام»((4))، ولعل البائع کان یستحل ذلک.

ومثله صحیح زرارة، عن الصادق (علیه السلام)، فی الرجل یکون علیه الدراهم فیبیع بها خمراً وخنزیراً ثم یقضی منها، قال: «لا بأس»، أو قال: «خذها»((5)).

ص:61


1- الاستبصار: ج3 الباب 170 من الطلاق ح5
2- الوسائل: ج12 ص67 الباب 7 مما یکتسب به ح2
3- الوسائل: ج12 ص164 الباب 55 مما یکتسب به ح3
4- الوسائل: ج12 ص171 الباب 60 مما یکتسب به ح2
5- الوسائل: ج12 ص171 الباب 60 مما یکتسب به ح3

ویؤید الاحتمال الذی ذکرناه صحیح منصور، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): لی علی رجل ذمی دراهم فیبیع الخمر والخنزیر وأنا حاضر فیحل لی أخذها، فقال: «إنما لک علیه دراهم فقضاک دراهمک»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

وأما إذا کان مسلماً یری الحرمة فالظاهر حرمة الدراهم أیضاً، لأن الله إذا حرم شیئاً حرم ثمنه، إلاّ إذا کان البیع کلیاً وأخذ الدراهم برضا ولو ارتکازی من المشتری، حیث لا یکون الدراهم حینئذ بدلاً وإنما موهوب إلی البائع، علی تفصیل مذکور فی (الفقه).

وقد احتملنا فی (الفقه) جواز بیع الخنزیر لأجل جلده للسقاء، وشعره للحبل، وشحمه لطلی السفن وما أشبه، لأن المنصرف من الأدلة حرمته للأکل الحرام أو نحوه، وقد ورد فی بعض الروایات جواز الاستقاء بدلو من جلد الخنزیر أو بحبل من شعره.

ومما تقدم ظهر الکلام فی (بیع الدم) وأنه لو کان للشرب ونحوه فی الدم الحرام شربه لا المتبقی فی الذبیحة کان حراماً، وإلاّ جاز إذا کان له منفعة عقلائیة کما فی الحال الحاضر.

و(بیع السلاح للأعداء) ففی روایة علی بن جعفر، عن أخیه موسی بن جعفر (علیهما السلام)، قال: سألته عن حمل المسلمین إلی المشرکین التجارة، قال: «إذا لم یحملوا سلاحاً فلا بأس»((2)).

والظاهر أن السلاح شامل لآلة الدفع وآلة الهجوم، کما أن الظاهر أن الأعداء من باب المثال وإلاّ فیحرم بیع السلاح أیضاً لإحدی الطائفتین من المؤمنین الذین

ص:62


1- الوسائل: ج12 ص171 الباب 60 مما یکتسب به ح1
2- الوسائل: ج12 ص70 الباب 8 مما یکتسب به ح6

یتقاتلان، لأنه من الإعانة علی الإثم، والبیع لا خصوصیة له فی المذکورات، بل التملیک ولو بالهبة والصلح أو ما أشبه ذلک أیضاً حرام لوحدة الملاک، ولبعض الأدلة العامة.

والظاهر حرمة (بیع الشیء المحلل بشرط صرفه فی الحرام)، بل وکذلک غیر البیع، کما إذا وهب له نقداً بشرط أن یشرب به خمراً، أو أن یزنی به أو ما أشبه ذلک، لأنه من أظهر مصادیق التعاون علی الإثم.

و(بیع المصحف)، ففی موثق سماعة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: سألته عن بیع المصاحف وشرائها، فقال: «لا تشتر کتاب الله، ولکن اشتر الحدید والورق والدفتین، وقل: اشتری منک هذا بکذا وکذا»((1)).

و(بیع التربة الحسینیة) کما فی بعض الروایات، والکلام فی الأمرین موکول إلی المفصلات.

و(خصوص بیع المصحف من الکافر)، ولعل السبب أنه موجب للإهانة، أو للحدیث المروی عن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، فإنه روی عنه أنه نهی عن أن یسافر بالقرآن إلی أرض العدو مخافة أن یناله العدو((2))، لکنا ناقشنا فی ذلک فی بعض مباحث (الفقه) بدلیل إرسال رسول الله (صلی الله علیه وآله) الکتب إلی الکفار مصدراً ببسم الله، ولا فرق بین الجزء والکل، اللهم إلاّ أن یقال بالفرق، وعلی أی حال فتفصیل المسألة فی کتاب المکاسب.

و(بیع العبد المسلم من الکافر) علی خلاف فیه.

و(بیع العذرة) علی خلاف أیضاً، لأن من المحتمل أن یکون بیع العذرة محرماً من جهة عدم الفائدة، وإلاّ فإن کانت فیه فائدة للسماد ونحوه فلا دلیل علی الحرمة

ص:63


1- الوسائل: ج12 ص114 الباب 31 مما یکتسب به ح2
2- الوسائل: ج4 ص887 الباب 50 من القراءة ح1

وهناک حدیثان أحدهما: «بیع العذرة سحت»((1))، والآخر: «لا بأس ببیع العذرة»((2))، وقد ذکر الفقهاء فی الجمع بین الحدیثین وجوهاً.

ثم إذا صنع من العذرة الصابون فلا إشکال فی جواز بیعه، وهل یطهر بالاستحالة، احتمالان.

وکذلک إذا صنع منها شبه الصابون من غیر المأکولات، أما إذا صنع منه الزیت أو بعض الحلویات أو ما أشبه ما یتعارف فی بعض بلاد الغرب فی الحال الحاضر، ففی طهارته وحلیته احتمالان، ولعل ذلک غیر بعید صناعة للاستحالة، وإن کان الفتوی بذلک بحاجة إلی التأمل.

وکذلک إذا صنع من البول ماءً نظیفاً طیباً.

و(بیع المعتکف)، ففی صحیح أبی عبیدة، عن أبی جعفر (علیه السلام): «المعتکف لا یشم الطیب ولا یتلذذ بریحان ولا یماری ولا یشتری ولا یبیع»((3)).

وعن بعض ادعاء الإجماع علی ذلک، وتفصیل الکلام فیه فی کتاب الاعتکاف.

و(البیع من القاتل فی الحرم) إذا هرب ملتجئاً إلی الحرم، ففی صحیح الحلبی: «إنه یمنع من السوق ولا یبایع ولا یطعم ولا یسقی ولا یکلم، فإنه إذا فعل ذلک یوشک أن یخرج فیؤخذ»((4)).

وفی صحیح معاویة بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً فی الحل ثم دخل الحرم، فقال: «لا یقتل ولا یطعم ولا یسقی ولا یؤذی حتی یخرج من الحرم فیقام علیه الحد»((5)).

والظاهر أن من باعه أو أطعمه أو سقاه وهو عالم کان فعله حراماً ویستحق

ص:64


1- الوسائل: ج12 ص126 الباب 40 مما یکتسب به ح1
2- الوسائل: ج12 ص126 الباب 40 مما یکتسب به ح2
3- الوسائل: ج7 ص413 الباب 10 من الاعتکاف ح1
4- الوسائل: ج9 ص337 الباب 14 من مقدمات الطواف ح2
5- الوسائل: ج9 ص337 الباب 14 من مقدمات الطواف ح1

التأدیب.

و(بیع کلاب الهراش)، ففی صحیح محمد بن مسلم وعبد الرحمان، عن الصادق (علیه السلام): «ثمن الکلب الذی لا یصید سحت»، ثم قال: «لا بأس بثمن الهر»((1)).

والمفهوم من الروایة أن بیع الکلب الذی یصید لا بأس به.

وهکذا ینبغی أن یکون کلب الماشیة وکلب الحائط وکلب الزرع والکلب الحارس وکلب الإجرام کما هو متعارف الآن، یجوز بیعها، وقد ذکرنا فی کتاب الدیات بعض ما ینفع المقام بالنسبة إلی قتل الکلب.

وفی مستدرک الوسائل فی باب کراهة اتخاذ الکلب من کتاب الحج، عن الشیخ أبی الفتوح فی تفسیره، عن أبی رافع فی حدیث، قال: «فأنزل الله تعالی قوله: «وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ»((2)) الآیة، فرخص النبی (صلی الله علیه وآله) فی اقتناء کلب الصید وکل کلب فیه منفعة، مثل کلب الماشیة وکلب الحائط والزرع، رخصهم فی اقتنائه ونهی عن اقتناء ما لیس فیه نفع»((3)).

والظاهر جواز (بیع المسوخ) لأنه لا دلیل علی الحرمة بعد وجود الفائدة العقلائیة.

وروایة: «إن الله إذا حرم شیئاً حرم ثمنه»((4))، وهی محرمة الأکل فیحرم ثمنها، أو لا یجوز بیعها لأنها نجسة لا یدل علی حرمة البیع، ولذا لم نستبعد جوازه وإن ادعی المشهور الحرمة ولا دلیل علی النجاسة.

ویؤید الجواز ما فی صحیح العیص، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام)، عن الفهود

ص:65


1- الوسائل: ج12 ص83 الباب 14 مما یکتسب به ح3
2- سورة المائدة: الآیة 4
3- المستدرک: ج2 ص56 الباب 35 من أحکام الدواب ح4
4- المستدرک: ج2 ص427 الباب 6 مما یکتسب به ح8

وسباع الطیر هل یلتمس التجارة فیها، قال: «نعم»((1)).

ومن الواضح أن المنفعة لیست خاصاً بالأکل والشرب وما أشبه، بل من جملة المنافع الاقتناء فی حدائق الحیوانات ونحوها للنظر والعبرة والدراسة وإجراء التجارب وغیر ذلک.

و(بیع ما لا نفع له)، وذلک لانصراف أدلة البیع عن مثله، وإلاّ فلا دلیل خاصة فی المسألة، وإنما الدلیل ما ذکرناه، بالإضافة إلی قوله سبحانه: «وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ»((2)).

و(بیع المیتة) والانتفاع بها، وذلک لجملة من الأدلة، إلاّ أن الانتفاع إذا کان محللاً لا دلیل علی الحرمة، کما إذا کانت له کلاب الماشیة وما أشبه فیشتری المیتة لأجل إطعامها أو لأجل جعلها سماداً أو لغیر ذلک، والروایات الناهیة منصرفة إلی ما لا نفع فیه.

وفی روایة سماعة، قال: سألته (علیه السلام) عن جلود السباع أینتفع بها، فقال: «إذا رمیت وسمیت فانتفع بجلده، أما المیتة فلا»((3)).

وفی روایة أخری له، قال: سألته (علیه السلام) عن جلد المیتة المملوح وهو الکیمخت، فرخص فیه وقال: «إن لم تسمه فهو أفضل»((4)).

والتفصیل مذکور فی المکاسب.

و(بیع ام الولد) علی التفصیل المذکور فی کتاب العتق.

و(بیع الحیوان باللحم) من جهة الربا علی تفصیل مذکور فی بابه.

و(بیع الدراهم المغشوشة) لما ورد من تقطیعها وإلقائها فی البالوعة، علی تفصیل

ص:66


1- الوسائل: ج12 ص123 الباب 37 مما یکتسب به ح1
2- سورة البقرة: الآیة 188
3- الوسائل: ج16 ص368 الباب 34 من الأطعمة المحرمة ح4
4- الوسائل: ج16 ص369 الباب 34 من الأطعمة المحرمة ح8

ذکرناه فی (الفقه).

و(بیع الوقف) لأن «الوقوف علی حسب ما وقفها أهلها» إلاّ فی الموارد المستثناة.

و(بیع الثلث والمنذور الصدقة وما أشبه ذلک) لکن لنا فی منذور الصدقة کلام.

أما (بیع العبد لامرأة ترید الزنا به) فإن کان من التعاون علی الإثم لم یجز، بل لا یجوز ذلک فی بیع الحیوان لها إذا کانت تجامعه، وکذلک بیع الحیوان أو العبد بالنسبة إلی اللاطی بهما، وفی المقام بعض الروایات الخاصة:

مثل صحیحة محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «قضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی امرأة أمکنت من نفسها عبداً لها فنکحها، أن تضرب مائة ویضرب العبد خمسین جلدة ویباع بصغر منها»، قال: «ویحرم علی کل مسلم أن یبیعها عبداً مدرکاً بعد ذلک»((1)).

أقول: وإذا حرم ذلک فلا فرق بین العبد المدرک وغیر المدرک إذا کان غیر المدرک أیضاً ممن یمکن جماعها معه، لأن الملاک فی الأمرین واحد، وإنما ذکر المدرک من باب المثال الغالب.

و(بیع المحرم الصید) علی تفصیل مذکور فی کتاب الحج.

ص:67


1- الوسائل: ج14 ص558 الباب 51 من نکاح العبید ح1

حرف التاء

1: اتباع خطوات الشیطان

حرف التاء

1: اتباع خطوات الشیطان

الظاهر أنه لیس محرماً جدیداً، وإنما هو کلی یشمل المحرمات المعروفة، وإن تکرر ذلک فی الآیات والروایات.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّاسُ کُلُوا مِمَّا فِی الْأَرْضِ حَلالاً طَیِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبینٌ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ کَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ﴾((2)).

وفی صحیح منصور بن حازم، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام)، إلی أن قال: فقال: یا أبا جعفر إنی حلفت بالطلاق والعتاق والنذر، فقال له: «یا طارق إن هذه من خطوات الشیطان»((3)).

2: اتباع متشابهات القرآن

2: اتباع متشابهات القرآن

قال سبحانه: ﴿فَأَمَّا الَّذینَ فی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ

ص:68


1- سورة البقرة: الآیة 168
2- سورة البقرة: الآیة 208
3- الوسائل: ج16 ص139 الباب 14 من الأیمان ح4

تَأْویلِهِ وَما یَعْلَمُ تَأْویلَهُ إلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ﴾((1)).

والظاهر أنه لیس حکماً جدیداً، وإنما طریقی إلی المحرمات العقیدیة والعملیة، کالقول بأن الله سبحانه وتعالی جسم، بدلیل قوله سبحانه: «وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلی رَبِّها ناظِرَةٌ»((2)).

وأن الأنبیاء (علیهم السلام) عصاة بدلیل: ﴿وَعَصی آدَمُ رَبَّهُ فَغَوی﴾((3)) أو ما أشبه ذلک.

3: اتباع الهوی

3: اتباع الهوی

قال سبحانه: ﴿فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوی أنْ تَعْدِلُوا﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا کَثیراً﴾((5)).

ومن الواضح أن اتباع الهوی المحرم محرم، وإلاّ فمطلق اتباع الهوی لیس محرماً، فإن الإنسان یهوی زوجته والأکل الطیب واللباس اللین والدار الواسعة والدابة الفارهة وما أشبه ذلک.

4: اتباع السبل

4: اتباع السبل

قال سبحانه: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِکُمْ عَنْ سَبیلِهِ﴾((6)).

ومعنی ذلک اتباع السبل التی لیست هی سبیل الله سبحانه وتعالی، ولیس هذا محرماً جدیداً، بل إلماع إلی سائر المحرمات فی العقیدة أو العمل.

ص:69


1- سورة آل عمران: الآیة 7
2- سورة القیامة: الآیة 22 _ 23
3- سورة طه: الآیة 121
4- سورة النساء: الآیة 135
5- سورة المائدة: الآیة 77
6- سورة الأنعام: الآیة 153

5: الترف

5: الترف

کرر فی القرآن الحکیم ذم المترفین، لکن الظاهر أنه بنفسه لیس بمحرم، وإنما المحرم ما حرمه الشارع من الإفساد والطغیان وما أشبه ذلک، فهو من قبیل قوله سبحانه: «إِنَّ الْإنسان لَیَطْغی أنْ رَآهُ اسْتَغْنی»((1)).

فإن الاستغناء لیس بمحرم، وإنما هو غالباً سبب الطغیان، والطغیان هو المحرم.

6: ترک البر

6: ترک البر

إذا کان البر واجباً کالبر بالوالدین وما أشبه کان ترکه حراماً، وأما إذا کان البر مستحباً فترکه خلاف المستحب أو یکون مکروهاً، وقد ذکرنا فی بعض المباحث السابقة أنه لا یمکن أن یکون حکمان فی طرفی شیء واحد، إلاّ أن یکون إلماعاً إلی المصلحة فی هذا الجانب والمفسدة فی الجانب الثانی، والتفصیل فی الأصول.

فقد روی إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «کان أبی (علیه السلام) یقول: نعوذ بالله من الذنوب التی تعجل الفناء وتقرب الآجال وتخلی الدیار وهی قطیعة الرحم والعقوق وترک البر»((2)).

وعلی أی حال، فلیس هذا حکماً جدیداً، بل إلماع إلی سائر الأحکام.

7: ترک الجماعة

7: ترک الجماعة

إذا کانت صلاة الجمعة قائمة واجبة الحضور کان ترکها محرماً، وأما إذا لم یکن کذلک فلیس ترک الجماعة من المحرمات، وفی زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) لم یکن المسلمون علی کثرتهم یحضرون صلاة رسول الله (صلی الله علیه وآله) لصغر المسجد وکثرة المسلمین

ص:70


1- سورة العلق: الآیة 6 و7
2- الوسائل: ج11 ص514 الباب 41 من الأمر والنهی ح4

کما هو واضح، ولعل ما ورد من تهدید رسول الله (صلی الله علیه وآله) بإحراق بعض البیوت إنما کان لعدم حضورهم نفاقاً، وکان النبی (صلی الله علیه وآله) أراد تهدیدهم بذلک.

ففی صحیح عبد الله بن میمون، عن أبی عبد الله، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: «اشترط رسول الله (صلی الله علیه وآله) علی جیران المسجد شهود الصلاة وقال: لینتهین أقوام لا یشهدون الصلاة أو لآمرن مؤذناً یؤذن ثم یقیم ثم آمر رجلاً من أهل بیتی وهو علی (علیه السلام) فلیحرقن علی أقوام بیوتهم بحزم من الحطب کأنهم لا یأتون الصلاة»((1)).

وقد ذکرنا بعض البحث فی ذلک فی باب الجماعة.

8: ترک وطی الزوجة

8: ترک وطی الزوجة

قد ذکرنا فی کتاب النکاح وجوب وطی الزوجة حسب ما یکون من الإمساک بالمعروف، وما اشتهر بین الفقهاء من الأربعة أشهر محل تأمل، وتفصیل الکلام هناک.

9: ترک الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر

9: ترک الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر والدعوة إلی الخیر

قد ذکرنا فی مباحث الأمر بالمعروف وغیره وجوب هذه الثلاثة بالمعنی الذی ذکرناه للدعوة إلی الخیر، فالترک یکون محرماً.

10: ترک الواجبات

10: ترک الواجبات

الصلاة والصیام والحج والخمس والزکاة ونحوها واجبات فترکها محرم.

11: ترک معاونة المظلوم

11: ترک معاونة المظلوم

إذا تمکن الإنسان من معاونة المظلوم ودفع الظلم عنه وجب علیه، لأنه من

ص:71


1- الوسائل: ج5 ص376 الباب 2 من صلاة الجماعة ح6

دفع المنکر، وقد یکون من النهی عن المنکر، وهما واجبان کما هو واضح، وفی دعاء الإمام السجاد (علیه الصلاة والسلام) الاعتذار من عدم نصرة المظلوم((1)).

12: ترک معونة المؤمن

12: ترک معونة المؤمن

إذا کانت معونة المؤمن واجبة کان الترک حراماً، وإذا کانت مستحبة فالترک ترک مستحب أو مکروه علی ما ذکرنا تفصیله سابقاً.

13: ترک جمیع المستحبات

13: ترک جمیع المستحبات

ذکر بعض الفقهاء أن ترک جمیع المستحبات حرام، لکن لم یظهر ذلک من الدلیل، نعم إذا کان علی نحو الإهانة وعدم الاعتناء بالشریعة کان محرماً.

14: ترک رد التحیة

14: ترک رد التحیة

قد ذکرنا البحث فی ذلک فی بحث وجوب الإسلام.

15: ترک سجود التلاوة إذا قرئ القرآن

15: ترک سجود التلاوة إذا قرئ القرآن

إذا قرئ آی السجدة فلم یسجد فعل حراماً، وقد ذکرنا ذلک فی باب سجود التلاوة.

16: تعتعة المدعی أو المنکر أو الشهود

16: تعتعة المدعی أو المنکر أو الشهود

وذلک محرم إذا کان إیذاءً لهم أو صرفاً عنهم عن الحق الذی لهم، أما فی غیر ذلک فإطلاق الحرمة محل تأمل، وتفصیل الکلام فی کتاب القضاء، والتعتعة

ص:72


1- الصحیفة السجادیة: الدعاء 38

فی الکلام التردد فیه بأن یدخل فی کلماته کلمات، ومثل أن یخوفه عن أداء الشهادة أو الادعاء أو الإنکار أو ما أشبه ذلک حتی لا یتبین الحق، أما إذا تبین الحق ثم أراد أن یأخذ أمام المبطل بذلک لم یکن مانع منه.

17: تلاوة القرآن للحائض والجنب

17: تلاوة القرآن للحائض والجنب

یحرم علی الجنب والحائض تلاوة العزائم علی تفصیل ذکر فی بابه.

18: الاتهام

18: الاتهام

یحرم اتهام المؤمن، فی غیر ما إذا کان الاتهام بحق، وکان فی مورد جواز ذلک کالقضاء ونحوه، أو لأنه ظلم فیرید دفع مظلمته.

قال سبحانه: «لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلاّ مَنْ ظُلِمَ»((1)).

أما حرمة الاتهام بدون صور الاستثناء فهو مقطوع به، ویدل علیه جملة من الروایات:

کالصحیح عن حماد بن عیسی، عن إبراهیم بن عمار الیمانی، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الإیمان فی قلبه کما ینماث الملح فی الماء»((2)).

ومن الواضح أن ظاهر الروایة التحریم.

ص:73


1- سورة النساء: الآیة 148
2- الوسائل: ج8 ص613 الباب 161 من العشرة ح1

حرف الثاء

1: الثرثرة

حرف الثاء

1: الثرثرة

هی کثرة الکلام، ولیست بهذا العنوان بمحرم وإنما مکروه، وتکون محرمة إذا کانت ثرثرة بالباطل، فلیس عنواناً جدیداً فی المحرمات.

2: التثاقل

2: التثاقل

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا ما لَکُمْ إذا قیلَ لَکُمُ انْفِرُوا فی سَبیلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلی الْأَرْضِ أَرَضیتُمْ بِالْحَیاةِ الدُّنْیا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا فِی الْآخِرَةِ إلاّ قَلیلٌ إلاّ تَنْفِرُوا یُعَذِّبْکُمْ عَذاباً أَلیماً وَیَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَیْرَکُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَیْئاً وَاللَّهُ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ﴾((1)).

والظاهر أن ذلک لیس محرماً جدیداً، بل هو من باب وجوب الجهاد، فعدم الذهاب إلیه حرام.

ص:74


1- سورة التوبة: الآیة 38 _ 39

3: ثلب المؤمن

3: ثلب المؤمن

یقال ثلبه بمعنی طرده واغتابه وعابه ولامه، والظاهر أن الثلب بمعنی الاغتیاب والطرد المحرم حرام، کما أن عیب المؤمن حرام، وهکذا سبه ولومه إذا کان اللوم إیذاءً له.

وهو لیس بمحرم جدید، وإنما إلماع إلی سائر المحرمات التی یجمعها الثلب.

4: یحرم تثلیث الغسلات فی الوضوء

4: یحرم تثلیث الغسلات فی الوضوء

علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الطهارة.

5: الثناء بالباطل

5: الثناء بالباطل

یحرم الثناء بالباطل، سواء کان الشخص إنساناً خیراً أو إنساناً شریراً، فمن یمدح المؤمن العادل بأنه معصوم یفعل حراماً، کما أن من یمدح الفاسق بأنه عادل یفعل حراماً، وفی بعض الأحادیث (إذا مدح الفاسق اهتز العرش).

وهذا لیس حراماً جدیداً وإنما هو حرام للعناوین المحرمة فی الشریعة الإسلامیة التی ینطبق الثناء بغیر الحق علیها.

6: الثنیا

6: الثنیا

ومعناه فی الأصل ما استثناه الإنسان، ویقال للرأس والقوائم من الجزور بالثنیا والثنوی، وإنما سمی بذلک لأن البائع فی الجاهلیة کان یستثنیها إذا باع الجزور، والمشهور بین الفقهاء بطلان مثل هذا البیع، وإذا رتب الأثر علی ذلک یکون حراماً من باب أنه أکل للمال بالباطل.

وقد احتملنا فی بعض مباحث (الفقه) أنه لو لم

ص:75

یکن دلیل علی الحرمة بخصوصه لم یستبعد إطلاق دلیل: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»((1)) ومثله له.

7: التثویب

7: التثویب

قال فی مجمع البحرین: وقد تکرر ذکر التثویب فی الحدیث، قیل هو من باب ثاب إذا رجع، فهو رجوع إلی الأمر الأول بالمبادرة إلی الصلاة، بقوله: (الصلاة خیر من النوم)، بعد قوله: (حی علی الصلاة)، وقیل: هو من ثوب الداعی تثویباً ردد صوته، وفی (المغرب) نقلاً عنه: التثویب هو قول المؤذن فی أذان الصبح: (الصلاة خیر من النوم)((2)).

وما روی عنه (علیه السلام) وقد سئل عن التثویب، فقال: «ما نعرفه»((3))، فمعناه إنکار مشروعیته لا عدم معروفیته.

وعلی أی حال، فالصلاة خیر من النوم فی أذان الصبح بدعة، کما ذکرنا ذلک فی (الفقه)، والروایة التی نقلها موجودة فی محکی الکافی((4)).

8: الثورة

8: الثورة

قد عد فی رسالة أسامی (الواجبات والمحرمات) فی عداد المحرمات الثورة، فإن کان مراده أن یقوم جماعة لقلب الحکم إذا کان حقاً، أو إذا کان باطلاً وقد کان الجماعة القائمة بذلک باطلاً أیضاً فلا بأس.

ومن الواضح جواز قیام المؤمنین

ص:76


1- سورة المائدة: الآیة 1
2- مجمع البحرین: ج2 ص20 مادة (ثوب)
3- الوسائل: ج4 ص550 الباب 22 من الأذان ح1
4- الوسائل: ج4 ص550 الباب 22 من الأذان ح2

لإبطال حکم الظالمین إذا کان ذلک بإذن شرعی، وقد وردت کلمة (الثائر) فی عدد من الزیارات بالنسبة للمعصومین (علیهم السلام).

وهی لیست بمحرم جدید، وإنما تحرم لانطباقها علی بعض الأمور المحرمة، کسفک الدماء ونهب الأموال وهتک الأعراض، إلی غیر ذلک.

ص:77

حرف الجیم

1: الجحد بآیات الله

حرف الجیم

1: الجحد بآیات الله

قال سبحانه: ﴿وَما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إلاّ الْکافِرُونَ﴾((1)).

وفی آیة أخری: ﴿وَما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إلاّ الظَّالِمُونَ﴾((2)).

والجحد بأصول الدین یخرج الإنسان عن الإسلام والإیمان، والجحد بفروع الدین إذا لم یرجع إلی إنکار الضروری کان من الحرام، وإذا رجع إلی إنکار الضروری کان موجباً للکفر علی الشرائط المذکورة فی الارتداد.

2: الجدال فی الاحرام

2: الجدال فی الاحرام

قال سبحانه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فیهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِی الْحَجِّ﴾((3)).

وفی جملة من الروایات تفسیر الجدال بقول: (لا والله) و(بلی والله) ((4))، وقد ذکرنا

ص:78


1- سورة العنکبوت: الآیة 47
2- سورة العنکبوت: الآیة 49
3- سورة البقرة: الآیة 197
4- الوسائل: ج9 ص109 الباب 32 من تروک الاحرام ح4

تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

3: مجادلة أهل الکتاب بغیر الحسن

3: مجادلة أهل الکتاب بغیر الحسن

قال سبحانه: ﴿وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إلاّ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ إلاّ الَّذینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾((1)).

والظاهر أن المراد بالأحسن الحسن، أو هو علی سبیل الاستحباب، ومجادلة أهل الکتاب بما یستفزهم محرم شرعاً لأنه یوجب تبعیدهم عن الله وعن أحکامه، والأحسن فی الآیة من قبیل قوله سبحانه: «وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتیمِ إلاّ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ»((2)).

والظاهر أن لا خصوصیة لأهل الکتاب، بل هو من باب المورد والمثال، وإلاّ فسائر فرق الکفار والضالین فی هذا الحکم.

4: المجادلة فی الدین

4: المجادلة فی الدین

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یُجادِلُونَ فی آیاتِ اللَّهِ بِغَیْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فی صُدُورِهِمْ إلاّ کِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغیهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ هُوَ السَّمیعُ الْبَصیرُ﴾((3)).

المجادلة فی آیات الله سبحانه وتعالی وفی أصول الدین وسائر الفروع بغیر قوة فی العلم والمنطق مما یوجب وهن الحق فی نظر المنکر والمخالف أو یوجب إذلال الناس حرام.

والآیة إما شاملة للجمیع أو ذکر لبعض الصغریات، ویعرف سائر الصغریات إما بالملاک أو بالأدلة العامة وإن کان ظاهر الآیة جدال المبطل.

ص:79


1- سورة العنکبوت: الآیة 46
2- سورة الأنعام: الآیة 152
3- سورة غافر: الآیة 56

5: الجری

5: الجری

هو نوع من السمک یحرم أکله بالنص الخاص، وموضع الکلام فی ذلک کتاب الأطعمة والأشربة.

6: التجری

6: التجری

اختلف الفقهاء فی حرمة التجری وعدم الحرمة، وقد ذهبنا نحن فی (الأصول) إلی عدم الحرمة تبعاً للشیخ، وإنما یکشف عن قبح السریرة، نعم لا شک فی أن التجری علی الذنب یوجب شدة العقوبة بخلاف من یذنب ویکون خائفاً.

وفی صحیح حفص بن البختری، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام)، قال: «إن قوماً أذنبوا ذنوباً کثیرة فأشفقوا منها وخافوا شدیداً وجاء آخرون فقالوا: ذنوبکم علینا فأنزل الله علیهم العذاب، ثم قال تبارک وتعالی: خافونی واجترأتم»((1)).

7: جز المرأة شعرها فی المصیبة

7: جز المرأة شعرها فی المصیبة

ذکرنا تفصیل الکلام فی حرمة ذلک فی کتاب الکفارات.

8: جعل دعاء الرسول کدعاء غیره

8: جعل دعاء الرسول کدعاء غیره

قال سبحانه: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَیْنَکُمْ کَدُعاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً﴾((2)).

لا إشکال فی حرمة ذلک فی زمان حیاة رسول الله (صلی الله علیه وآله) بأن یأتیه إنسان ویقول له: یا محمد، مثلاً أو ما أشبه ذلک.

وفی الآیة وإن کان احتمالات کما ذکره المفسرون

ص:80


1- عقاب الأعمال: ص241 عقاب المجترئ علی الله
2- سورة النور: الآیة 63

إلاّ أن الاحتمال المذکور أظهرها، وفی بعض الروایات دلالة علی ذلک.

لکن الکلام فی أنه هل ذلک خاص بحال حیاته (صلی الله علیه وآله) أو شامل لبعد مماته، کما إذا جاء قبره المبارک إنسان فقال: محمد ادع الله تعالی أن یرفع العذاب عنا أو ما أشبه ذلک، احتمالان، لم أر من تعرض له وإن کان لا یبعد العموم للملاک، فالرسول (صلی الله علیه وآله) میته کحیه.

وفی روایة عنه (صلی الله علیه وآله): «حیاتی خیر لکم ومماتی خیر لکم»((1)).

وفی روایة أخری ما مضمونه: «أرسلوا السلام إلی»((2)).

إلی غیر ذلک.

9: التجسس

9: التجسس

قال سبحانه: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾((3)).

والتجسس عبارة عن تتبع ما استتر الناس من أمورهم لئلا یطلع علیها، وذلک محرم.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی موثق إسحاق: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «یا معشر من أسلم بلسانه ولم یخلص الإیمان إلی قلبه لا تذموا المسلمین ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من یتبع عوراتهم یتبع الله عورته، ومن یتبع الله عورته یفضحه ولو فی بیته»((4)).

إلی غیرها من الروایات.

نعم الرسول (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه الصلاة والسلام) قررا نوعین من التجسس، أحدهما التجسس علی الموظفین، والثانی التجسس علی الکفار، ولا یخفی أن التجسس علی وزن

ص:81


1- مجمع الزوائد: ج9 ص27 ط المعارف
2- انظر معانی الأخبار: ص368
3- سورة الحجرات: الآیة 12
4- الوسائل: ج8 ص594 الباب 150 من العشرة ح3

التحسس وبمعناه، إلاّ أن الأول یستعمل فی الشر، والثانی فی الخیر، قال یعقوب (علیه السلام) لبنیه کما حکاه القرآن الحکیم: ﴿یا بَنِیَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وأَخیهِ وَلا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلاّ الْقَوْمُ الْکافِرُونَ﴾((1)).

10: جعل الله عرضة للأیمان

10: جعل الله عرضة للأیمان

قال سبحانه: ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَیْمانِکُمْ أنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَیْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمیعٌ عَلیمٌ﴾((2)).

إن کان المراد الاستهانة بالله سبحانه وتعالی کما یستعمله الفساق حیث یحلفون به فی کل مناسبة کان ذلک من المحرم قطعاً، ولا یبعد انصراف الآیة إلی ذلک، وإن کان المراد عدم الحلف بالله سبحانه وتعالی فذلک یحمل علی الکراهة من غیر سبب، ولا کراهة مع السبب، ولذا کان الرسول والأئمة الطاهرون (علیهم السلام) یحلفون بالله سبحانه وتعالی کثیراً کما یظهر للمتتبع وتعرضنا لذلک فی کتاب الیمین.

نعم إن لم یکن سبب مرجح کان مکروهاً، ففی صحیح الخزاز، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «لا تحلفوا بالله صادقین ولا کاذبین، فإنه عز وجل یقول: «وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَیْمانِکُمْ»((3))».

وعلی ذلک یحمل قوله (علیه الصلاة والسلام): «من حلف بالله کاذباً کفر، ومن حلف بالله صادقاً أثم»((4))، والمراد بالإثم فی ما لم یکن هنالک مصلحة أقوی کما لا یخفی، وإلاّ کان آثماً بمعنی آتیاً بالکراهة لا الإثم المحرم.

ص:82


1- سورة یوسف: الآیة 87
2- سورة البقرة: الآیة 224
3- الوسائل: ج16 ص116 الباب 1 من الأیمان ح5
4- الوسائل: ج16 ص116 الباب 1 من الأیمان ح6

وعلی کل حال، فاللازم شرح الآیة بالروایات.

11: الجفاء

11: الجفاء

الجفاء منه محرم، وهو المنطبق علی بعض المحرمات، ومنه غیر محرم بل مکروه، إذ لا دلیل علی حرمة کل جفاء، أما ما فی صحیح الحذاء، عن الصادق (علیه السلام) قال: «الحیاء من الإیمان والإیمان فی الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء فی النار»((1)).

فهو محمول علی الجفاء المحرم.

12: جعل الأیدی مغلولة

12: جعل الأیدی مغلولة

قال سبحانه: ﴿وَلا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إلی عُنُقِکَ وَلا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ﴾((2)).

وقد تقدم الکلام فی ذلک فی مادة البسط.

13: مجالسة أهل البدع

13: مجالسة أهل البدع

ورد النهی عن مجالسة جملة من الظالمین والکافرین والمستهزئین فی القرآن الحکیم، أما کون مطلق مجالسة أهل البدع محرمة فلا دلیل علیها.

قال سبحانه: ﴿وَإذا رَأَیْتَ الَّذینَ یَخُوضُونَ فی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ وَإِمَّا یُنْسِیَنَّکَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّکْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمینَ﴾((3)).

إلی غیرها من الآیات.

وعن المسعودی فی إثبات الوصیة، عن العالم (علیه السلام)، إنه قال: «لا تجالس

ص:83


1- الوسائل: ج11 ص330 الباب 72 من جهاد النفس ح5
2- سورة الإسراء: الآیة 29
3- سورة الأنعام: الآیة 68

المفتونین فینزل علیهم العذاب فیصیبکم معهم»((1)).

وعن المفضل بن یزید، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام)، وذکر أصحاب أبی الخطاب والغلاة فقال لی: «یا مفضل لا تقاعدوهم ولا تواکلوهم ولا تشاربوهم ولا تصافحوهم ولا توارثوهم»((2)).

وفی روایة الشیخ الطوسی فی الغیبة، عن محمد بن یعقوب الکلینی، عن إسحاق، فی توقیع ورد علیه من صاحب الأمر (علیه السلام) علی ید محمد بن عثمان: «وأما أبو الخطاب محمد بن أبی زینب الأجدع ملعون وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم فإنی منهم بریء وآبائی (علیهما السلام) منهم برآء»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

وعن سلیمان الجعفری، قال: سمعت أبا الحسن (علیه السلام) یقول لأبی: «ما لی رأیتک عند عبد الرحمن بن یعقوب»، قال: إنه خالی، فقال له أبو الحسن (علیه السلام): «إنه یقول فی الله قولاً عظیماً، یصف الله تعالی أنه یجسده والله لا یوصف، فأما إن جلست معه وترکتنا أو جلست معنا وترکته»، قال: إنه یقول ما شاء أی شیء علیّ منه إذا لم أقل ما یقول، فقال له أبو الحسن (علیه السلام): «أما تخاف أن ینزل به نقمة فتصیبکم جمیعاً، أما علمت فی الذی کان من أصحاب موسی (علیه السلام) وکان أبوه من أصحاب فرعون، فلما ألحقت خیل فرعون موسی (علیه السلام) تخلف عنه لیعظه ویدرکه موسی وأبوه یراغمه حتی بلغا طرف البحر فغرقا جمیعاً، فأتی موسی الخبر فسأل جبرائیل عن حاله، فقال: غرق رحمه الله ولم یکن علی رأی أبیه، ولکن النقمة إذا نزلت لم یکن لها عما قارب الذنب دفاع»((4)).

ص:84


1- المستدرک: ج2 ص386 الباب 36 من الأمر والنهی ح5
2- المستدرک: ج2 ص386 الباب 36 من الأمر والنهی ح15
3- المستدرک: ج2 ص386 الباب 36 من الأمر والنهی ح23
4- المستدرک: ج2 ص386 الباب 36 من الأمر والنهی ح3

14: الجلوس للزنا أو للواط

14: الجلوس للزنا أو للواط

لا إشکال فی أن جلوس الرجل عند المرأة کمجلس الزوج مع الزوجة للمواقعة، وکذا اللاطی من الملوط، وهکذا بالنسبة إلی الملوط والمزنی بها من المحرمات القطعیة.

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): «إذا شهد الشهود علی الزانی أنه قد جلس منها مجلس الرجل من امرأته أقیم علیه الحد»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

15: الجلوس فی المسجد للجنب والحائض

15: الجلوس فی المسجد للجنب والحائض

لا یجوز للجنب والحائض الجلوس فی المسجد، کما لایجوز مرورهما فی المسجدین، علی تفصیل مذکور فی (الفقه).

وفی صحیح جمیل، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الجنب یجلس فی المساجد، قال: «لا، ولکن یمر فیها کلها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلی الله علیه وآله»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

16: الجلوس علی مائدة یشرب علیها الخمر

16: الجلوس علی مائدة یشرب علیها الخمر

المشهور حرمة ذلک، وقد ألمعنا إلیه فی بعض المباحث السابقة، وأشرنا إلی روایة هارون بن الجهم:

فأتی بقدح فیه شراب فلما صار القدح فی ید الرجل قام أبو عبد الله (علیه السلام) عن المائدة، فسئل عن قیامه، فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ملعون

ص:85


1- الوسائل: ج14 ص246 الباب 14 من النکاح المحرم ح1
2- الوسائل: ج1 ص485 الباب 15 من الجنابة ح2

ملعون من جلس علی مائدة یشرب علیها الخمر»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأطعمة والأشربة.

17: جلوس المعتکف خارج المسجد

17: جلوس المعتکف خارج المسجد

لا یجوز للمعتکف أن یبقی خارج المسجد، سواء جالساً أو قائماً أو متمدداً، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الاعتکاف.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الحلبی فی حق المعتکف: «ثم لا یجلس حتی یرجع، ولا یخرج فی شیء إلاّ لجنازة أو یعود مریضاً ولا یجلس حتی یرجع»، قال: «واعتکاف المرأة مثل ذلک»((2)).

18: الجماع فی حال الاعتکاف

18: الجماع فی حال الاعتکاف

لا یجوز الجماع فی حال الاعتکاف، سواء کان المعتکف رجلاً أو امرأة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی باب الاعتکاف.

ففی موثق حسن بن الجهم، عن أبی الحسن (علیه السلام)، قال: سألته عن المعتکف یأتی أهله، فقال: «لا یأتی امرأته لیلاً ولا نهاراً وهو معتکف»((3)).

19: جماع الحائض والنفساء

19: جماع الحائض والنفساء

لا یجوز جماع الحائض والنفساء، لا من جهة الرجل ولا من جهة المرأة.

قال سبحانه: ﴿وَیَسْئَلُونَکَ عَنِ الْمَحیضِ قُلْ هُوَ أَذیً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ

ص:86


1- الوسائل: ج16 ص400 الباب 62 من الأطعمة ح1
2- الوسائل: ج7 ص408 الباب 7 من الاعتکاف ح2
3- الوسائل: ج7 ص408 الباب 5 من الاعتکاف ح1

فِی الْمَحیضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّی یَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ أَمَرَکُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ التَّوَّابینَ وَیُحِبُّ الْمُتَطَهِّرینَ﴾((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

أما إذا کانت الزوجة کافرة تری الجواز فهل یجوز للرجل من باب قانون الإلزام أو لا، احتمالان، وإن کان أقربهما المنع، فهو کما إذا کانت الکافرة أخته من الرضاعة أو ما أشبه ذلک من سائر المحرمات، ولا أقل من الاحتیاط اللازم فی الفروج.

هذا بالنسبة إلی وطی القبل، أما وطی الدبر فقد ذکرنا فی الشرح الإشکال فی حرمته((2)).

20: جماع الزوجة قبل إکمالها تسع سنین

20: جماع الزوجة قبل إکمالها تسع سنین

المشهور بین الفقهاء حرمته، بل ادعی جماعة منهم الإجماع علیه، لکن الروایات لا تدل علی مثل ذلک الإطلاق، فإنه إذا کان الزوجان ولداً وبنتاً عمرهما دون البلوغ مثلاً لا دلیل علی حرمة جماعه بها إذا کان لا یوجب إفضاءها، وکذلک إذا کان الرجل لا یوجب الإفضاء وما أشبه بأن کان صغیر الموضع، وعلی أی حال، فلیس فی الفتوی معدل عن قول الفقهاء.

ففی صحیح الحلبی، عن أبی عبد الله (علیه السلام): «إذا تزوج الرجل الجاریة وهی صغیرة فلا یدخل بها حتی یأتی لها تسع سنین»((3)).

إلی غیر ذلک من الروایات التی ذکرناها فی کتاب النکاح.

21: الجماع فی حال الصوم الواجب المعین

21: الجماع فی حال الصوم الواجب المعین

قال سبحانه: ﴿أُحِلَّ لَکُمْ لَیْلَةَ الصِّیامِ الرَّفَثُ إلی نِسائِکُمْ هُنَّ لِباسٌ لَکُمْ وَأَنْتُمْ

ص:87


1- سورة البقرة: الآیة 222
2- أی بالنسبة إلی الحائض
3- الوسائل: ج14 ص70 الباب 45 من مقدمات النکاح ح1

لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّکُمْ کُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَکُمْ فَتابَ عَلَیْکُمْ وَعَفا عَنْکُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ وَکُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّیامَ إلی اللَّیْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاکِفُونَ فِی الْمَساجِدِ تِلْکَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ آیاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ﴾((1)).

ومن الضروری أنه کما یحرم علی الرجل ذلک تحرم علی المرأة أیضاً.

وحیث تحقق فی موضعه أن الخنثی المشکل إما هذا وإما هذه فهو أیضاً کذلک.

22: جمع الرجلین فی لحاف واحد

22: جمع الرجلین فی لحاف واحد

لا یجوز جمع الرجلین المجردین أو المرأتین المجردتین أو الرجل والمرأة المجردین فی لحاف واحد، فإن فعلا ذلک حُدا.

ففی صحیح أبی عبید، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «کان علی (علیه السلام) إذا وجد رجلین فی لحاف واحد مجردین جلدهما حد الزانی مائة جلدة کل واحد منهما، والمرأتان إذا وجدتا فی لحاف واحد مجردتین جلدت کل واحدة منهما مائة جلدة»((2)).

أقول: وبالأولی الرجل والمرأة غیر الزوجین، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

ومن الواضح أنه إنما یکون الأمر کذلک إذا لم یکن هنالک ضرورة، وإلاّ بأن کانت الضرورة من برد وهما مجردان مثلاً بسبب سلب لص ملابسهما فی السفر أو ما أشبه، أو أن الحاکم الظالم جمعهما فی سجن واحد مجردین أو ما أشبه ذلک فلیس من ذلک فی شیء.

کما أن التعزیر ثابت إذا وجدا مجردین فی محل لا أحد

ص:88


1- سورة البقرة: الآیة 187
2- الوسائل: ج18 ص366 الباب 10 ح15

فیه، فإن ذلک من المحرم قطعاً غالباً بالنسبة إلی الرجل والمرأة غیر الزوجین.

23: الجمع بین الفاطمیتین

23: الجمع بین الفاطمیتین

المشهور بین الفقهاء کراهة الجمع بین الفاطمیتین فی النکاح، وذهب بعضهم إلی التحریم لقول الصادق (علیه الصلاة والسلام) کما فی بعض الروایات: «لا یحل لأحد أن یجمع بین ثنتین من ولد فاطمة (علیهما السلام) إن ذلک یبلغها فیشق علیها»، قلت: یبلغها، قال: «أی والله»((1)).

لکن الروایة غیر معمول بها علی ظاهرها، وإنما نحملها علی الکراهة لإعراض المشهور عن مدلولها وذلک کاف فی عدم العمل، لأنه لو کان من المحرمات لاشتهر وذاع وشاع لکثرة الابتلاء بمثل ذلک منذ زمن الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)، ولکان الأمر مثل المحرمات الأخر کالمحرمات الرضاعیة وغیرها.

أما المناقشة فی ذلک بأن المحرم هو إیذاؤها (علیها الصلاة والسلام) لقوله (صلی الله علیه وآله): «لعن الله من آذاها»((2)) دون مشقتها، لأن مشقتها کانت موجودة، فإن خدمتها (علیها الصلاة والسلام) لعلی ولأولادها (علیهم السلام) فی البیت کانت مشقة، فالظاهر أنه وجه ضعیف فی رد دلالة الروایة، وإن ذکره بعض الفقهاء، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

24: الجنایة علی المیت

24: الجنایة علی المیت

حرمة المیت کحرمة الحی، کما نص علی ذلک رسول الله (صلی الله علیه وآله)((3))، والجامع أن الإنسان محترم حیاً ومیتاً، وإن کانت الجنایة علی المیت أخف من الجنایة علی الحی، فالتشبیه فی أصل الاحترام والحرمة، ویؤیده جعلهم (علیهم السلام) دیته أقل.

ص:89


1- الوسائل: ج14 ص387 الباب 41 مما یحرم بالمصاهرة ح1
2- انظر المناقب: ج2 ص332
3- الوسائل: ج2 ص857 الباب 51 من الدفن ح1

أما ما فی صحیح جمیل، فالظاهر أنه محمول علی بعض المراتب من الشدة لا مطلقاً.

وفی صحیح عبد الله بن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، فی رجل قطع رأس المیت، قال: «علیه الدیة، لأن حرمته میتاً کحرمته وهو حی»((1)).

وفی صحیح صفوان، عنه (علیه السلام): «أبی الله أن یظن بالمؤمن إلاّ خیراً، وکسرک عظامه حیاً ومیتاً سواء»((2)).

ومنه یعلم الحال فی ما رواه قال: قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل کسر عظم میت، فقال: «حرمته میتاً أعظم من حرمته وهو حی»((3)).

فإن مثل هذه الروایة لا یمکن أن یعمل بها، لضرورة المتشرعة فی أن قطع رأس الحی أشد حرمة وفضاعة من قطع رأس المیت، ولعل المراد من هذه الروایة المبالغة حتی یجتنب ذلک، کما نجد فی روایة الغیبة أنها أشد من الزنا((4))، مع وضوح أن الغیبة لیست أشد من الزنا، ولذا یلزم حمل أمثال هذه الروایات علی بعض المحامل.

((تبدیل الأعضاء))

وقد ذکرنا فی بعض کتبنا الفقهیة جواز وصیة الإنسان بقطع أعضائه لفائدة حی مریض یرید تبدیل عضوه المریض، کما یجوز ذلک فی الحیین کأن یعطی کلیة من کلیتیه إلی المریض کما هو متعارف فی عالم الیوم.

وفی جواز تبدیل مخ الإنسان حیث یفقد المریض شخصیته إطلاقاً بل یتقمص شخصیة المنقول منه، احتمالات:

الجواز مطلقاً لحلیة کل شیء إلاّ ما خرج ولا یعلم أنه مما خرج.

والحرمة کذلک لأنه من

ص:90


1- الوسائل: ج19 ص248 الباب 24 من دیات الأعضاء ح4
2- الوسائل: ج19 ص248 الباب 25 من دیات الأعضاء ح4
3- الوسائل: ج19 ص248 الباب 25 من دیات الأعضاء ح5
4- الوسائل: ج8 ص598 الباب 152 من العشرة ح9

أظهر مصادیق تغییر خلق الله.

والتفصیل بأن ینقل من الکافر إلی مسلم حتی یکون کافراً فلا یجوز، وبالعکس فیجوز لأنه لا یضر المسلم المنقول منه فیکون الکافر بالنقل مسلماً.

والتفصیل بجواز ذلک بین کافرین من دینهما ذلک، من باب قانون الإلزام، بخلاف المسلمین لما ذکر فی وجه الحرمة مطلقاً.

إلی غیر ذلک، ومحل الکلام مباحث المسائل الحدیثة.

25: الجهر بالقول عند النبی (صلی الله علیه وآله)

25: الجهر بالقول عند النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعمالکُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إنَّ الَّذینَ یَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِکَ الَّذینَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوی لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظیمٌ﴾((1)).

لا إشکال فی حرمة الجهر بالقول عند النبی (صلی الله علیه وآله)، کما أنه لا إشکال فی حرمة رفع الصوت ولو بدون قول عنده (صلی الله علیه وآله).

والظاهر أن ذلک من خواص رسول الله (صلی الله علیه وآله) فلا یأتی فی الإمام (علیه الصلاة والسلام) وإن کان یحتمل مجیئه فیه أیضاً، لوحدة الملاک عرفاً.

أما بالنسبة إلی العالم وغیره فهو من سوء الأدب ولا دلیل علی التحریم، إلاّ إذا کان إیذاءً أو هتکاً أو إهانةً عرفاً فیحرم للأدلة العامة.

26: الجلد

26: الجلد

یحرم جلد من لا یستحق إطلاقاً، ولو جلد فعلیه القصاص، وقد روی عن علی (علیه الصلاة والسلام) أن قنبراً ضرب إنساناً سوطاً زائداً علی ما أمره الإمام، فأخذ

ص:91


1- سورة الحجرات: الآیة 2 _ 3

الإمام (علیه السلام) السوط وضرب قنبراً به((1)).

وذلک داخل فی مطلق ضرب المسلم والکافر المحترم وإیذائه فلیس عنواناً جدیداً.

27: الجزع

27: الجزع

الظاهر عدم حرمة الجزع مطلقاً، وإن کان فی بعض الروایات النهی عنه، بل المحرم هو ما کان مقارناً لمحرم آخر مما هو معنون فی باب المحرمات.

28: الجنف

28: الجنف

قال سبحانه: ﴿کُتِبَ عَلَیْکُمْ إذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ إنْ تَرَکَ خَیْراً الْوَصِیَّةُ لِلْوالِدَیْنِ وَالْأَقْرَبینَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَی الْمُتَّقینَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَی الَّذینَ یُبَدِّلُونَهُ إنَّ اللَّهَ سَمیعٌ عَلیمٌ فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَیْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((2)).

والجنف هو المیل فی الوصیة عن الحق، والإثم هو الوصیة بالإثم، فربما یوصی الشخص بحرمان ولده فهو الجنف، وربما یوصی بإعطاء الخمر للناس فهو الإثم، وإن کان کل واحد منهما یطلق علی الآخر لو انفردا.

والظاهر أن الجنف لیس عنواناً جدیداً فی المحرمات، وإنما هو إلماع إلی سائر المحرمات التی یمکن أن یأتی بها الموصی فی وصیته.

وهل الوصیة بذلک حرام أو أن تنفیذه حرام، احتمالان، وإن کان لا یبعد الأول إذ هو من قبیل الأمر بالمنکر وقد ذکرنا وجه حرمته.

ومن ذلک یعلم الکلام فی الآیة المبارکة: «الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دینَکُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتی ورَضیتُ لَکُمُ الْإسلام دیناً فَمَنِ اضْطُرَّ فی

ص:92


1- الوسائل: ج18 ص312 الباب 3 من مقدمات الحدود ح3
2- سورة البقرة: الآیة 180 _ 182

مَخْمَصَةٍ غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فإنّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

29: الجور فی الحکم

29: الجور فی الحکم

یحرم الجور فی الحکم بلا إشکال ولا خلاف، ویدل علیه الأدلة الأربعة کما ذکر فی کتاب القضاء.

وهل یشمل ذلک من قضی بالحق وهو لا یعلم، کما فی الروایة المربعة لأقسام القضاء((2))، احتمالان، لکن لا یبعد انصراف ذلک إلی کون الحکم جائراً لا بالنسبة إلی القاضی بل بنفسه.

30: جوائز الظلمة

لا إشکال فی حرمة بعض أقسام جوائز الظلمة، کما لا إشکال فی حلیة بعض أقسامها الأخر، وقد ذکر ذلک فی کتاب المکاسب مفصلا.

ص:93


1- سورة المائدة: الآیة 3
2- الوسائل: ج18 ص11 الباب 4 من صفات القاضی ح6

حرف الحاء المهملة

1: الحب علی المبتدع والبغض علیه

حرف الحاء المهملة

1: الحب علی المبتدع والبغض علیه

فی صحیح أبی حمزة الثمالی، قال: قلت لأبی جعفر (علیه السلام): ما أدنی النصب، قال: «أن یبتدع الرجل رأیاً فیحب علیه ویبغض علیه شیئاً»((1)).

وهل المراد بذلک أن الحب والبغض القلبیین محرمان، أو أن المراد الحب الذی له مظهر والبغض الذی له مظهر، لا یبعد أن یکون الأول بالنسبة إلی أصول الدین، والثانی إلی فروع الدین، لما حقق فی مبحث التجری من عدم حرمة الأفعال القلبیة، وعلی کل حال فالمسألة بحاجة إلی التحقیق.

2: حب بقاء الظالم لظلمة

2: حب بقاء الظالم لظلمة

قد یکون الإنسان یحب بقاء الظالم لأنه ولده أو زوجه أو زوجها أو ما أشبه، وقد یجب بقاءه لأنه ظالم مفسد، ولا شک فی حرمة هذا الحب لأنه المستفاد من بعض الروایات.

قال (علیه الصلاة والسلام): «فلو أن أحداً أحب حجراً حشر معه»((2)).

ص:94


1- الوسائل: ج11 ص510 الباب 40 من الأمر والنهی ح4
2- انظر وسائل الشیعة: ج14 ص502 ب66 ح19694 ط آل البیت

3: حب الدنیا الباطلة

3: حب الدنیا الباطلة

فی الحدیث: (حب الدنیا رأس کل خطیئة)((1))، وهل المراد حب الدنیا بما هی هی، أو المراد الحب الذی له مظهر کالحب المسبب للمحرمات، فإن کان الأول کان حراماً جدیداً، وإن کان الثانی لم یکن شیئاً جدیداً، وإنما هو إلماع إلی سائر المحرمات.

وعلی أی حال، فالمسألة بحاجة إلی التأمل.

4: حب الرئاسة الباطلة

4: حب الرئاسة الباطلة

الکلام فی حب الرئاسة الباطلة مثل الکلام فی الحبین السابقین.

ومنه یعلم حب سائر المحرمات.

5: حب شیوع الفاحشة

5: حب شیوع الفاحشة

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یُحِبُّونَ أنْ تَشیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلیمٌ فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ یَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾((2)).

وهل المراد بذلک مجرد الحب أو الحب المتعقب بالإظهار أو بالفعل، احتمالان، کما تقدم فی غیره.

وفی صحیح هشام، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «من قال فی مؤمن ما رأته عیناه وسمعت أذناه کان من الذین یحبون أن تشیع الفاحشة»((3)).

وهذه الروایة تؤید العمل لا مجرد الحب القلبی.

ص:95


1- المستدرک: ج2 ص331 الباب 61 من جهاد النفس ح17
2- سورة النور: الآیة 19
3- تفسیر البرهان: ج3 ص128 ح5

6: حبس الحقوق

6: حبس الحقوق

لا إشکال فی حرمة حبس الحقوق، لکن الظاهر أنه لیس محرماً جدیداً، وإنما هو کلی یشمل المحرمات المعروفة.

وفی بعض الروایات عن الرضا (علیه الصلاة والسلام) عد من الکبائر حبس الحقوق من غیر عسر((1)).

7: حب الجاه المحرم

7: حب الجاه المحرم

هل هو حرام أیضاً أو أنه إنما یحرم إذا کان له المظهر، الاحتمالان السابقان.

8: حجامة المحرم

8: حجامة المحرم

لا یجوز للمحرم الإدماء مطلقاً والتی منها الحجامة، وفی صحیح الحلبی قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المحرم یحتجم، قال: «لا، إلا أن لا یجد بداً فلیحتجم، ولا یحلق مکان المحاجم»((2)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج، وأن ما دل علی الجواز محمول علی صورة الضرورة، جمعاً بین الأدلة.

ومن ذلک یعرف وجه حرمة الفصد أیضاً، فإذا حرم علی المحرم الحجامة حرم لمحرم آخر أن یحجمه لأنه من التعاون علی الإثم، أما إذا حل له لمکان الضرورة حل لمحرم آخر ذلک، لأنه لم یکن من التعاون علی الإثم، ولا دلیل علی حرمته بالنسبة إلیه.

9: الحج عن الناصبی

9: الحج عن الناصبی

هل یجوز الحج والصلاة والصیام والاعتکاف وما أشبه عن الناصبی وغیره

ص:96


1- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
2- الوسائل: ج9 ص143 الباب 62 من تروک الإحرام ح1

من سائر الکفار مطلقاً، أو لا یجوز مطلقاً، أو یفصل بین الأب وغیر الأب، احتمالات، وإن کان ربما یستظهر من ارتکاز المتشرعة حرمة ذلک فی الموغلین فی الکفر والنصب، فإذا رأی المسلمون إنساناً یحج عن یزید أو یصلی عن ابن زیاد أو یصوم عن الحجاج رأوا عمله منکراً، بل هو من بدیهیاتهم، ویشمله بالملاک ما دل علی النهی عن الاستغفار للکافر، وفی بعض الروایات التفصیل بین الأب وغیره.

ففی صحیح وهب بن عبد ربه، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): أیحج الرجل عن الناصب، فقال: «لا»، قلت: فإن کان أبی، قال: «فإن کان أباک فنعم»((1)).

لکن الظاهر أن ذلک إن قلنا به أیضاً مخصص بغیر أمثال من ذکرناه.

10: الحد علی من علیه حد

10: الحد علی من علیه حد

الظاهر کراهة ذلک لا الحرمة، ولذا لم یأمر بذلک رسول الله (صلی الله علیه وآله) مع وضوح أن فی المسلمین کان من علیه الحد بینه وبین الله سبحانه وتعالی، فتأمل.

لکن فی الصحیح، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) أتاه رجل فقال: یا أمیر المؤمنین إنی زنیت فطهرنی» إلی أن قال: «ثم نادی الناس: یا معشر المسلمین اخرجوا لیقام علی هذا الرجل الحد ولا یعرفن أحدکم صاحبه» إلی أن قال، «ثم قال: معاشر المسلمین إن هذه حقوق الله فمن کان لله فی عنقه حق فلینصرف ولا یقیم حدود الله من فی عنقه حد، فانصرف الناس وبقی هو والحسن والحسین (علیهم السلام) فرماه کل واحد ثلاثة أحجار فمات الرجل»((2)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): «أتی أمیر المؤمنین (علیه السلام) برجل قد أقر علی نفسه بالفجور، فقال أمیر المؤمنین (علیه السلام) لأصحابه: أغدوا علی متلثمین، فقال لهم:

ص:97


1- الوسائل: ج8 ص135 الباب 20 فی النیابة ح1
2- الکافی: ج7 ص188 ح3

من فعل مثل فعله فلا یرجمه ولینصرف، فانصرف بعضهم((1)).

لکن الروایتین ظاهرتان فی الکراهة أو لمصلحة خاصة، فهی من القضایا فی الوقائع الخاصة التی ذکرنا وجه مثلها فی بعض المباحث السابقة.

11: الإحداث فی المسجد الحرام

11: الإحداث فی المسجد الحرام

لا شک فی أن الإحداث بالبول والغائط متعمداً فی المسجد الحرام من المحرمات الشدیدة الأکیدة، کما أنه کذلک بالنسبة إلی سائر المساجد والأوقاف التی لم توضع لذلک، لا کالمراحیض التی وضع للتخلی.

وکذلک فی أملاک الناس بغیر رضاهم فی غیر الصحاری الکبیرة التی ذکرها الفقهاء، لکن الکلام هنا فی شدة الحرمة لروایات خاصة، کموثق سماعة: «ولو أن رجلاً دخل الکعبة فبال فیها معانداً أخرج من الکعبة ومن الحرم وضربت عنقه»((2)).

وفی صحیح آخر، عن الصادق (علیه السلام): «ما تقول فیمن أحدث فی المسجد الحرام متعمداً»، قال: قلت: یضرب ضرباً شدیداً، قال: «أصبت، فما تقول فیمن أحدث فی الکعبة تعمداً، قلت: یقتل، قال: «أصبت»((3)).

ومحل الکلام فی ذلک کتاب الحدود وکتاب الحج.

12: ترک الحداد علی المتوفی عنها زوجها

12: ترک الحداد علی المتوفی عنها زوجها

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُتَوَفَّوْنَ مِنْکُمْ وَیَذَرُونَ أَزْواجاً یَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ فیما فَعَلْنَ فی أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

ص:98


1- الوسائل: ج18 ص342 الباب 21 من مقدمات الحدود ح2
2- الوسائل: ج18 ص580 الباب 6 من بقیة الحدود ح4
3- الوسائل: ج18 ص580 الباب 6 من بقیة الحدود ح1

واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ﴾((1)).

والحداد عبارة عن ترک الزینة وعدم الزواج وعدم التکلم حول الزواج علی تفصیل ذکرناه فی کتاب إطلاق، فترک الحداد محرم.

13: محاربة الله ورسوله

13: محاربة الله ورسوله

قال سبحانه: ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أنْ یُقَتَّلُوا أوْ یُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أَیْدیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا ولَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((2)).

من الواضح أن محاربة الله ومحاربة الرسول ومحاربة الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) کفر أو فی حد الکفر، وتفصیل الکلام فی ذلک موکول إلی بحث الحدود، وقد ذکروا هناک أن المراد بالآیة المبارکة قطاع الطرق، لکن لا یبعد الأعم فی الجملة.

14: الحرب تحت لواء الجائر

14: الحرب تحت لواء الجائر

لا یجوز الحرب تحت لواء الجائر حتی مع الکفار، إلاّ إذا کانت هناک أهمیة مما تکون المسألة داخلة فی باب الأهم والمهم، وفی بعض الروایات دلالة علیه.

ففی صحیح یونس، قال: سأل أبا الحسن (علیه السلام) رجل وأنا حاضر، فقال له: جعلت فداک إن رجلاً من موالیک بلغه أن رجلاً یعطی سیفاً وقوساً فی سبیل الله، فأتاه فأخذهما منه وهو جاهل بوجه السبیل، ثم لقیه أصحابه فأخبروه أن السبیل مع هؤلاء لا یجوز وأمروه بردهما، قال: «فلیفعل»، قال: فطلب الرجل فلم یجد، وقیل له: قد

ص:99


1- سورة البقرة: الآیة 234
2- سورة المائدة: الآیة 33

قضی الرجل، قال: «فلیرابط ولا یقاتل»، قال: یجاهد، قال: «لا إلا أن یخاف علی دار المسلمین»((1)).

ومثل هذه الروایة غیرها.

15: التحریش بین البهائم

15: التحریش بین البهائم

یحرم التحریش بین البهائم بمختلف أنواعها، کالطیور والأسماک والحیوانات البریة إذا أوجب ذلک أذیة لهم علی نحو فهم من الشریعة حرمة ذلک، وقد أشار إلیه العلامة فی التذکرة، أما إذا لم یفهم من الشرع حرمته فلا بأس بذلک.

16: الحرص

16: الحرص

الظاهر أن الحرص إذا لم یظهره الإنسان بما یحرم من أقسامه لم یکن حراماً، وإنما رذیلة نفسیة ینبغی التخلص منها کسائر الرذائل النفسیة.

أما ما فی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «أصول الکفر ثلاثة، الحرص والاستکبار والحسد»((2)).

فلا دلالة فیها علی الحرمة، لأن ما ینشأ منه الحرام لیس بمحرم إلاّ إذا کان من باب التعاون وما أشبه لا بعنوانه الأولی.

ولا یخفی أن الحرص الذی هو رذیلة هو الحرص بالنسبة إلی الأشیاء المحرمة، أما الحرص بالنسبة إلی الأشیاء الحسنة فذلک مرغوب فیه.

قال سبحانه فی وصف الرسول (صلی الله علیه وآله): ﴿لَقَدْ جاءَکُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِکُمْ عَزیزٌ عَلَیْهِ ما عَنِتُّمْ حَریصٌ عَلَیْکُمْ بِالْمُؤْمِنینَ رَؤُوفٌ رَحیمٌ﴾((3)).

ص:100


1- الوسائل: ج11 ص19 الباب 6 من جهاد العدو ح2
2- الوسائل: ج11 ص293 الباب 55 من جهاد النفس ح15
3- سورة التوبة: الآیة 128

17: إحراق أسماء الله سبحانه

17: إحراق أسماء الله سبحانه

الظاهر أنه لا یجوز إحراق أسماء الله وصفاته وأسماء أنبیائه والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) إلاّ إذا اضطر الإنسان إلی ذلک لخوف من الظالم أو ما أشبه.

ففی روایة عبد الملک بن عتبة، عن أبی الحسن الأول (علیه السلام)، قال: سألته عن القراطیس تجمع هل یحرق بالنار وفیها شیء من ذکر الله، قال: «لا، تغسل بالماء أولاً قبلُ»((1)).

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «لا تحرقوا القراطیس ولکن امحوها وخرقوها»((2)).

وإذا حرم مثل ذلک فهل یحرم إلقاء الذهب الذی مکتوب علیه اسم الله سبحانه وتعالی فی البوتقة، الظاهر العدم، لأنه لا یسمی إحراقاً، هذا بالإضافة إلی أن الإحراق نوع أهانة والإلقاء فی البوتقة لیس من الإهانة فی شیء.

وکذلک حال الأوقاف من القدور والآلات والأوانی مما ذکر علیها أسامی الله وأنبیائه والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) حیث إنهم یضعونها فی الکورة لأجل الإصلاح، ویستبعد أن یکون ذلک محرماً.

ومثل أسمائهم (علیهم السلام) اسم الزهراء (علیها السلام).

18: تحریم ما أحل الله والطیبات

18: تحریم ما أحل الله والطیبات

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکَ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکُمْ﴾((4)).

ص:101


1- الوسائل: ج8 ص498 الباب 99 من العشرة ح1
2- الوسائل: ج8 ص498 الباب 99 من العشرة ح2
3- سورة التحریم: الآیة 1
4- سورة المائدة: الآیة 87

والظاهر أن فی الآیة الأولی کان التحریم عبارة عن عدم استعمال الشیء لا الحلف، وإن کان ظاهر بعض الروایات الحلف بما لعله ظاهر الآیة أیضاً، حیث قال سبحانه: «قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَکُمْ تَحِلَّةَ أَیْمانِکُمْ»((1)) لکن الجمع بین الأدلة یقتضی ما ذکرناه.

وأما الآیة الثانیة: فالمراد التحریم بعدم الأکل والشرب واللبس وما أشبه ذلک.

أما أن الإنسان یحلف أن لا یستعمل الماء مثلاً، أو أن لا یستعمل الطعام الفلانی فلیس ذلک بمحرم، فإذا أرید بالآیة ذلک کان محمولاً علی الکراهة، أما إذا أرید تحریم الحلال ابتداعاً فی الدین وما أشبه فذلک حرام قطعاً.

19: تحریم الحلال وتحلیل الحرام

19: تحریم الحلال وتحلیل الحرام

لا إشکال فی حرمة تحریم الحلال وتحلیل الحرام، وإذا بلغ إلی حد إنکار الضروری کان من الکفر بشروطه، والتی منها أن لا یکون بشبهة وأن یکون راجعاً إلی تکذیب الرسول (صلی الله علیه وآله)، فقد ورد فی الحدیث: «حلال محمد حلال إلی یوم القیامة، وحرامه حرام إلی یوم القیامة»((2)).

قال سبحانه: ﴿فَلا وَرَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَکِّمُوکَ فیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَیُسَلِّمُوا تَسْلیماً﴾((3))، إلی غیر ذلک من الآیات والروایات، وقد قال الإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام) یوم کربلاء: إنه هل حلل حراماً أو حرم حلالاً حتی تجوز مقاتلته.

ص:102


1- سورة التحریم: الآیة 2
2- البحار: ج2 ص260 الباب 31 ح17
3- سورة النساء: الآیة 65

20: تحریم الطیبات

20: تحریم الطیبات

لا یجوز للإنسان أن یحرم علی نفسه الطیبات، ولیس المراد بذلک النذر أو العهد أو الیمین أو الشرط فی عدم استعمال حلال، مباحاً کان أو مستحباً أو مکروهاً، وإنما المراد بناؤه علی حرمتها حتی یکون تشریعاً، وقد تقدم الکلام فیه.

21: الحسد

21: الحسد

الظاهر أن الحسد إذا لم یظهره الإنسان بید ولا لسان لم یکن حراماً، وإنما رذیلة نفسیة ینبغی التخلص منها، ولذا قال سبحانه: «وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ»((1)).

أما ما فی صحیح محمد بن مسلم، قال أبو جعفر (علیه السلام): «إن الرجل لیأتی بأدنی بادرة فیکفر، وإن الحسد لیأکل الإیمان کما تأکل النار الحطب»((2)).

وفی صحیح معاویة بن وهب، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «آفة الدین الحسد والعجب والفخر»((3)).

فالظاهر منهما ومن غیرهما الحسد الذی یظهر، لا الحسد الذی لا یظهر وإنما هی صفة نفسیة، ویؤیده ما فی روایة الرفع من أن الحسد مرفوع ما لم یظهر بید ولا لسان((4))، وقد ذکر الفقهاء وعلماء الأخلاق الحسد فی کتاب الشهادات وفی بابه من کتب الأخلاق، والتفصیل مرجوع إلیهما.

ص:103


1- سورة الفلق: الآیة 5
2- الوسائل: ج11 ص292 الباب 55 من جهاد النفس ح1
3- الوسائل: ج11 ص292 الباب 55 من جهاد النفس ح5
4- الوسائل: ج11 ص295 الباب 56 من جهاد النفس ح3

22: تحسین الکفر والفسق والنفاق

22: تحسین الکفر والفسق والنفاق

الظاهر أن التحسین محرم لأنه داخل فی الأمر بالمنکر بالملاک.

وفی صحیح حماد، قال: سألت أبو عبد الله (علیه السلام) عن قول الزور، قال: «منه قول الرجل للذی یغنی أحسنت»((1))، وقول الزور فی کلام السائل لعله إشارة إلی قوله سبحانه: «وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ»((2)).

ومنه یعلم وجه المعصیة فی تقبیح المؤمن والمطیع والعادل بأن یقبح إیمانه أو عدالته أو طاعته، فإن ذلک من الأمر بالمنکر ولو بالملاک.

23: حبس الناس بالباطل

23: حبس الناس بالباطل

لا یجوز حبس الناس بالباطل، فإن ذلک محرم لأنه تصرف فی الغیر الذی هو مسلط علی نفسه.

من غیر فرق بین أن یکون الحبس فی مکان ضیق کالمحبس، أو فی بلد بأن یمنعه عن الخروج عن البلد أو ما أشبه ذلک، ومنه الإقامة الجبریة فی البیوت مما یعتاد عمله الجائرون.

24: حسبان الشهداء أمواتاً وقول ذلک

24: حسبان الشهداء أمواتاً وقول ذلک

قال سبحانه: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذینَ قُتِلُوا فی سَبیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ یُقْتَلُ فی سَبیلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْیاءٌ ولکِنْ

ص:104


1- الوسائل: ج12 ص229 الباب 99 مما یکتسب به ح21
2- سورة الحج: الآیة 30
3- سورة آل عمران: الآیة 169

لا تَشْعُرُونَ﴾((1)).

والمراد بالحسبان القلبی هو العقیدة بذلک، وهو خلاف شؤون أصول الدین، کما أن القول بذلک خلاف النص، وکلاهما محرمان بلا إشکال، أما ما ذکره بعض من احتمال حرمة تسمیة الشهید میتاً باستفادة ذلک من الآیة الثانیة فلا وجه له، فإن سیرة المتشرعة بتسمیتهم أمواتاً، ومنها ما فی شعر السید الرضی (رحمه الله تعالی):

میت تبکی له فاطمة

وأبوها وعلی ذو العلی

قاله فی ندبة الحسین (علیه الصلاة والسلام).

25: إحصاء عثرات المؤمنین

25: إحصاء عثرات المؤمنین

عن زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «إن أقرب ما یکون العبد إلی الکفر أن یواخی الرجل الرجل علی الدین فیحصی زلاته لیعنفه بها یوماً»((2)).

وعن سیف بن عمیرة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «أدنی ما یخرج بها الرجل من الإیمان أن یواخی الرجل الرجل علی دینه فیحصی علیه عثراته وزلاته لیعیره بها یوماً»((3)).

إلی غیرهما من الروایات.

ولا فرق بین المؤمن والمؤمنة، بدلیل الاشتراک فی التکلیف، کما أن جمع العثرات لفائدة دینیة من جهة إثبات الشهادة أو ما أشبه ذلک لیس من هذا الباب، ولذا ذکر العلماء فی کتبهم الرجالیة العثرات والزلات وما أشبه ذلک.

کما أنه لا یبعد أن لا یکون فرق بین المحرمات الشرعیة أو المعایب الاجتماعیة مما تعد عثرة

ص:105


1- سورة البقرة: الآیة 154
2- الوسائل: ج8 ص594 الباب 150 من العشرة ح2
3- الوسائل: ج8 ص594 الباب 150 من العشرة ح4

فلا خصوصیة للمحرم أیضاً.

26: حفظ کتب الضلال

26: حفظ کتب الضلال

إذا ترتب علی حفظ کتب الضلال إضلال الناس کان حراماً قطعاً، أما إذا لم یترتب علیه ذلک لا دلیل علی حرمة حفظه، وفی الحال الحاضر لا فرق فی ذلک بین کتب الضلال أو الأشرطة أو الفیدیوات أو الصور أو ما أشبه ذلک.

والمراد بالضلال أعم من الضلال فی أصول الدین أو ما یوجب الانحراف عن العمل، والتی منها حفظ الصور الجنسیة مما توجب إلقاء الشباب فی المحرمات، إلی غیر ذلک.

27: تحقیر المؤمن

27: تحقیر المؤمن

إذا حقر الشخص الإنسان المؤمن فعل حراماً بلا إشکال، من غیر فرق بین الرجل والمرأة، بشرط أن لا یستحقه وإلاّ لم یکن حراماً، وهو نوع من الإهانة، والظاهر جریان الاعتداء بالمثل فیه أیضاً، وفی جملة من الروایات دلالة علیه.

ففی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام) قال: «لا تحقروا مؤمناً فقیراً، فإن من حقر مؤمناً أو استخف به حقره الله، ولم یزل ماقتاً له حتی یرجع من محقرته أو یتوب»، وقال: «من استذل مؤمناً أو احتقره لقلة ذات یده شهره الله یوم القیامة علی رؤوس الخلائق»((1)).

والظاهر أن الفرق بین الاستذلال والاستحقار والاستخفاف أن الأول فعل شیء یوجب قلة القیمة، والثانی یوجب قلة الحجم، والثالث یوجب قلة الوزن، والتراب

ص:106


1- الوسائل: ج8 ص589 الباب 146 من العشرة ح8

شیء ذلیل، وما حجمه بقدر الأنملة حقیر وإن کان وزنه بقدر مد، وما یکون وزنه بقدر مثقال شیء خفیف وإن کان حجمه بقدر شبر مربعاً، وهذه الأمور لو حظت فی المعنویات قیاساً بالمادیات.

28: الحقد علی المؤمن

28: الحقد علی المؤمن

الکلام فی الحقد هو الکلام فی الحرص، فإنه ما لم یظهر لم یکن ذلک بمحرم، وإنما رذیلة نفسیة ینبغی التخلص منها، علی ما ذکروه فی کتب الأخلاق.

29: المحاقلة

29: المحاقلة

فی موثق عبد الرحمن، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) عن المحاقلة والمزابنة»، قلت: وما هو، قال: «أن یشتری حمل النخل والتمر والزرع بالحنطة»((1)).

وحسب القاعدة التی قالها الفقهاء النهی لفساد المعاملة لا أنه نهی تحریم، فإن الأوامر والنواهی المتعلقة بالمعاملات ظاهرة فی ذلک، وتفصیل الکلام فیه فی کتاب المکاسب.

30: التحاکم إلی حکام الجور

30: التحاکم إلی حکام الجور

فی روایة أبی خدیجة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «إیاکم أن یحاکم بعضکم بعضاً إلی أهل الجور، ولکن انظروا إلی رجل منکم یعلم شیئاً من قضایانا

ص:107


1- الوسائل: ج13 ص24 الباب 13 من بیع الثمار ح1

فاجعلوه بینکم فإنی قد جعلته قاضیاً فتحاکموا إلیه»((1)).

وفی صحیح عبد الله بن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «أی مؤمن قدم مؤمناً فی خصومة إلی قاض أو سلطان جائر فقضی علیه بغیر حکم الله فقد شرکه فی الإثم»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

وقد ذکرنا هذا المبحث فی کتابی القضاء والتقلید، کما أنا لم نستبعد هناک عدم لزوم کون القاضی مجتهداً مطلقاً أو متجزیاً، بل یجوز للمقلد تقلیداً صحیحاً مع العلم بالمسألة والعدالة القضاء إذا کان وکیلاً عن مرجع جامع للشرائط، فتأمل.

31: الحکم بغیر ما أنزل الله

31: الحکم بغیر ما أنزل الله

من الضروریات الدینیة حرمة الحکم بغیر ما أنزل الله.

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ﴾((5)).

والمراد بالکفر هو الکفر العملی لا الکفر العقیدی، علی ما ذکرنا تفصیله فی بعض کتبنا، فإن الکفر یشمل هذا وهذا، والمناسبة هی التی تظهر المراد، ولا فرق فی ذلک بین الفتوی والقضاء وشؤون الحکومات حیث یحکمون فیها.

ص:108


1- الوسائل: ج18 ص4 الباب 1 من صفات القاضی ح5
2- الوسائل: ج18 ص4 الباب 1 من صفات القاضی ح1
3- سورة المائدة: الآیة 44
4- سورة المائدة: الآیة 45
5- سورة المائدة: الآیة 47

32: الاحتکار

32: الاحتکار

لا شک فی حرمة الاحتکار، وهو علی قسمین: الاحتکار المنصوص علیه وهو حرام بالنص، والاحتکار غیر المنصوص علیه ومیزانه ضرر المسلمین، فإذا کان سبباً لضررهم کان حراماً بالدلیل العام، وهناک روایات متعددة فی الباب.

فمن الروایات الخاصة: صحیح غیاث بن إبراهیم، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لیس الحکرة إلاّ فی الحنطة والشعیر والتمر والزبیب والسمن»((1)).

ومن الروایات العامة: صحیح إسماعیل بن أبی زیاد أو موثقه، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «لا یحتکر الطعام إلاّ خاطئ»((2)).

وفی صحیح سالم الحناط، قال: قال لی أبو عبد الله (علیه السلام): «ما عملک»، قلت: حناط وربما قدمت علی نفاق وربما قدمت علی کساد فحبست، قال: «فما یقولون من قبلک فیه»، قلت: یقولون إنه محتکر، فقال: «یبیعه أحد غیرک»، قلت: ما أبیع أنا من ألف جزء جزءاً، قال: «لا بأس إنما ورد ذلک فی رجل من قریش یقال له حکیم بن حزام وکان إذا دخل الطعام المدینة اشتراه کله، فمر علی النبی (صلی الله علیه وآله) فقال: یا حکیم بن حزام إیاک أن تحتکر»((3)).

ثم الظاهر أنه إذا احتکر المحتکر سواء کان من القسم الأول أو الثانی أمره الحاکم الشرعی بالبیع حسب القیمة المتعارفة، فإن لم یفعل باعه الحاکم وأعطاه القیمة جمعاً بین الدلیلین.

أما ما فی صحیح غیاث، عن الصادق، عن الباقر، عن علی بن أبی طالب

ص:109


1- الوسائل: ج12 ص313 الباب 27 من آداب التجارة ح4
2- الوسائل: ج12 ص313 الباب 27 من آداب التجارة ح12
3- الوسائل: ج12 ص316 الباب 28 من آداب التجارة ح3

(علیهم السلام)، إنه قال: «رفع الحدیث إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه مر بالمحتکرین فأمر بحکرتهم أن تخرج إلی بطون الأسواق وحیث تنظر الأبصار إلیها، فقیل لرسول الله (صلی الله علیه وآله): لو قوّمت علیهم، فغضب رسول الله (صلی الله علیه وآله) حتی عرف الغضب فی وجهه، فقال: أنا أقوّم علیهم، إنما السعر إلی الله یرفعه إذا شاء ویخفضه إذا شاء»((1)).

فلا یدل علی عدم التسعیر، فإنه إنما لا یسعر إذا کان السعر حسب الموازین، والتی هی بید الله سبحانه، أما إذا کان بید الإنسان فیرفعه للغلاء فاللازم التسعیر، وقد ذکر الفقهاء ذلک فی باب المعاملات، وألمعنا إلیه فی بعض کتبنا الاقتصادیة.

ثم إنه إذا احتکر إنسان احتکاراً محرماً فللحاکم عقوبته، کما أشار إلیه علی (علیه الصلاة والسلام) فی کتابه إلی مالک الأشتر.

33: الحکم بالآراء والمقاییس

33: الحکم بالآراء والمقاییس

لا إشکال فی أن الحکم بالآراء والمقابیس مما لم یکن علیه الأدلة الأربعة من المحرمات، لأنه من الحکم بغیر ما أنزل الله، والدلیل علی ذلک مذکور فی المباحث المرتبطة بذلک فی الفقه والأصول.

34: حکم الحکمین بغیر ما یریانه صلاحاً

34: حکم الحکمین بغیر ما یریانه صلاحاً

قال سبحانه: ﴿فَابْعَثُوا حَکَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَکَماً مِنْ أَهْلِها إنْ یُریدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللَّهُ بَیْنَهُما﴾((2)).

ص:110


1- الوسائل: ج12 ص317 الباب 30 من آداب التجارة ح1
2- سورة النساء: الآیة 35

فإذا بعث الزوجان أو من إلیهما الحکمین لا یجوز للحکمین إلاّ أن یحکما بما یریانه صلاحاً علی تفصیل ذکرناه فی کتاب النکاح.

35: الحلف بالبراءة

35: الحلف بالبراءة

ذکرنا هذا المبحث فی کتاب الأیمان مفصلاً، وألمعنا إلیه فی بعض المباحث السابقة هنا، وقد أثبت بعض الروایات الکفارة علی ذلک، لکنه غیر معلوم اللزوم، ففی مکاتبة الصفار إلی العسکری (علیه السلام): رجل حلف بالبراءة من الله ورسوله فحنث ما توبته وکفارته، فوقع (علیه السلام): «یطعم عشرة مساکین لکل مسکین مد ویستغفر الله»((1)).

36: الحلف بغیر الله سبحانه

36: الحلف بغیر الله سبحانه

الظاهر أن الحلف بغیر الله سبحانه لیس بمحرم، وإن دل بعض الأدلة علی الحرمة، وقد حلف الله سبحانه وتعالی بغیره فی القرآن الحکیم، قال سبحانه: «لَعَمْرُکَ إِنَّهُمْ لَفی سَکْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ»((2))، إلی غیرها من الأحلاف الواردة فی القرآن الحکیم بالشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، وغیر ذلک.

فما ورد من الروایات فی النهی عنه محمول علی العنوان الثانوی الموجب لترک الحلف بالله سبحانه وتعالی، أو لبیان مقام المنکر حیث لا یتم الحکم بالحلف بغیر الله سبحانه، أو لغیر ذلک.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لا أری للرجل أن یحلف إلاّ بالله»، قال: «أما قول الرجل: لا أب لشانیک، فإنه قول الجاهلیة، ولو حلف الناس بهذا وأشباهه لترک الحلف بالله»((3)).

ص:111


1- الوسائل: ج16 ص126 الباب 7 من الأیمان ح3
2- سورة الحجر: الآیة 72
3- الوسائل: ج16 ص160 الباب 30 من الأیمان ح4

وفی صحیح محمد بن مسلم، قال: قلت لأبی جعفر (علیه السلام): قول الله عز وجل: «وَاللَّیْلِ إذا یَغْشی»((1)) «وَالنَّجْمِ إذا هَوَی»((2)) وما أشبه ذلک، فقال: «إن لله عز وجل أن یقسم من خلقه بما یشاء ولیس لخلقه أن یقسموا إلاّ به»((3)).

والسیرة المستمرة بین المسلمین فی الحلف بالرسول (صلی الله علیه وآله) والإمام (علیه السلام) والکعبة والقرآن وغیرها من المقدسات دلیل علی ما ذکرناه من عدم الحرمة إلاّ بالعنوان الثانوی علی ما تقدم.

37: إحلاف غیر المسلم بغیر الله

37: إحلاف غیر المسلم بغیر الله

لا یجوز إحلاف المسلم بغیر الله فی مقام المرافعة، أما إحلاف غیر المسلم بغیر الله فلا إشکال فی جوازه مما یعتقد به فی مقام المرافعات، فقد دل علی ذلک النص والفتوی.

ففی صحیح محمد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: سألته عن الأحکام، فقال: «فی کل دین ما یستحلفون به»((4)).

وفی صحیح محمد بن قیس، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «قضی علی (علیه السلام) فیمن استحلف أهل الکتاب بیمین الصبر أن یستحلفه بکتابه وملته»((5)).

إلی غیرها من الروایات، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتابی الشهادات والأیمان.

38: الحلف کاذباً

38: الحلف کاذباً

لا إشکال فی حرمة الحلف کاذباً، بل الظاهر أن حرمته أشد من حرمة أصل

ص:112


1- سورة اللیل: الآیة 1
2- سورة النجم: الآیة 1
3- الوسائل: ج16 ص160 الباب 30 ح3
4- الوسائل: ج16 ص165 الباب 32 ح7
5- الوسائل: ج16 ص165 الباب 32 ح8

الکذب، ومن حرمة أصل الحلف فیما کان الحلف حراماً.

وفی روایة: «من حلف بالله صادقاً أثم، ومن حلف بالله کاذباً کفر»((1)).

39: حلق المرأة رأسها

39: حلق المرأة رأسها

الظاهر أنه یحرم علی النساء حلق الرأس لأنه من المثلة، إلاّ إذا کان لمرض أو نحو ذلک.

وفی الرضوی: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن تحلق المرأة رأسها»((2)).

کما أنه لم یشرع الحلق علی المرأة مکان التقصیر، وعن جملة من الفقهاء دعوی الإجماع علی ذلک، بل دعوی الإجماع علی حرمة ذلک علیهن.

40: حلق المحرم

40: حلق المحرم

یحرم الحلق علی المحرم لشعر جسده مطلقاً.

وفی صحیح الحلبی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المحرم یحتجم، قال: «لا، إلاّ أن لا یجد بداً فلیحتجم ولا یحلق مکان المحاجم»((3)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی محرمات الإحرام.

41: حلق الرأس للمحصور

41: حلق الرأس للمحصور

لا یجوز حلق الرأس للمحصور إلاّ فی المکان الذی قرره الشارع.

قال سبحانه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فإنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَیْسَرَ مِنَ الْهَدْیِ

ص:113


1- الوسائل: ج16 ص116 الباب 1 من الأیمان ح6
2- انظر مستدرک الوسائل: ج2 الباب 7 من التقصیر
3- الوسائل: ج9 ص143 الباب 62 من تروک الإحرام ح1

وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَکُمْ حَتَّی یَبْلُغَ الْهَدْیُ مَحِلَّهُ فَمَنْ کانَ مِنْکُمْ مَریضاً أوْ بِهِ أَذیً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْیَةٌ مِنْ صِیامٍ أوْ صَدَقَةٍ أو نُسُکٍ﴾((1)).

مما یظهر منه حرمة الحلق قبله إلاّ فی صورة المرض والأذی فیجوز له الحلق، لکن یذبح شاةً فی المکان الذی أحصر فیه أو یصوم ثلاثة أیام أو یتصدق علی ستة مساکین علی التفصیل المذکور فی (الفقه).

42: حلق رأس الغیر ولحیته

42: حلق رأس الغیر ولحیته

لا إشکال فی حرمة حلق رأس الغیر ولحیته بغیر رضاه إلاّ فی المورد المستثنی، کحلق رأس الزانی مما ذکر فی کتاب الحدود، أما حلق اللحیة فالظاهر عدم جوازه حتی لمن اعتدی علیه بالحلق لأنه محرم فی نفسه، ولا دلیل علی جواز ذلک المحرم فی المقابلة بالمثل، کما ذکرنا فی مثل اللواط، حیث إنه لو لیط به لا یجوز أن یلوط المفعول بالفاعل، فإن أدلة الاعتداء بالمثل لا یشمل مثل ذلک إما بالانصراف وإما بالخروج ضرورةً وإجماعاً.

وکذلک إذا ألجأه بأن أوجر فی حلقه الخمر مثلاً، أو ساحقت المرأة مع الفتاة، فإنه لا یجوز للفتاة أن تساحق معها، أو قبّل الرجل المرأة الأجنبیة فإنه لا یجوز لها أن تقبله، إلی غیر ذلک من الأمثلة الکثیرة، وقد ألمعنا إلی بعض ذلک فی کتاب القصاص.

43: حلق اللحیة

43: حلق اللحیة

المشهور حرمة حلق اللحیة، بل ادعی علیه الإجماع مکرراً.

وفی الروایة: إن الرسول (صلی الله علیه وآله) قال لمبعوثی کسری لما رآهما قد حلقا لحیتیهما: «من أمرکما بهذا»، فقالا: ربنا، یعنیان کسری، فقال (صلی الله علیه وآله): «لکن ربی أمرنی بإعفاء لحیتی وقص

ص:114


1- سورة البقرة: الآیة 196

شاربی»((1)).

وفی بعض الروایات: «حلق اللحیة من المثلة، ومن مثّل فعلیه لعنة الله»((2)).

وفی صحیحة علی بن جعفر، سأله (علیه السلام) عن الرجل هل یصلح له أن یأخذ من لحیته، قال: «أما من عارضیه فلا بأس، وأما من مقدمها فلا یأخذه»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی بابه.

44: حلق المرأة رأسها فی المصاب

44: حلق المرأة رأسها فی المصاب

ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الکفارات.

45: حلق الرأس بعد العمرة

45: حلق الرأس بعد العمرة

ذکر بعضهم حرمة حلق رأس المحرم عند إتمام عمرة التمتع، ودلیله غیر واضح، بل ظاهر ما دل علی أنه إذا قصر حل له کل شیء مما حرمه الإحرام جواز ذلک أیضاً.

46: حمل المحرم السلاح

46: حمل المحرم السلاح

لا یجوز أن یحمل المحرم السلاح علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الحج.

47: حمل المحرم امرأته بشهوة

47: حمل المحرم امرأته بشهوة

فی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام): «وإن حملها من غیر شهوة فأمنی

ص:115


1- المستدرک: ج1 ص159 الباب 40 من آداب الحمام ح2
2- المستدرک: ج1 ص159 الباب 40 من آداب الحمام ح1
3- الوسائل: ج1 ص419 الباب 63 من آداب الحمام ح5

أو أمذی وهو محرم فلا شیء علیه، وإن حملها أو مسها بشهوة فأمنی أو أمذی فعلیه دم»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

کما أن حمل المعتکف امرأته بشهوة أیضاً محرم، لأنه داخل فی الأدلة العامة هناک.

والظاهر أن العکس کذلک بأن تحمل المرأة زوجها بشهوة.

48: تحمل الضرر الکثیر

48: تحمل الضرر الکثیر

لا یجوز تحمل الضرر الکثیر، ویجوز تحمل الضرر القلیل کما ذکرنا ذلک فی (الفقه)، وسبق فی بعض مباحث هذا الکتاب.

49: الحنث

49: الحنث

یحرم حنث النذر والیمین والعهد بلا إشکال، للأدلة الدالة علی وجوب الوفاء بالأمور المذکورة.

قال سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ کانُوا قَبْلَ ذلِکَ مُتْرَفینَ وَکانُوا یُصِرُّونَ عَلَی الْحِنْثِ الْعَظیمِ﴾((2)).

وهل المراد بالحنث هنا العصیان أو الکفر، لقوله سبحانه وتعالی بعد ذلک: ﴿وَکانوا یَقولونَ أإذا مِتْنا وَکُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أوَ آباؤُنا الْأَوَّلُونَ﴾((3)).

نعم الحنث فی قوله سبحانه: ﴿وَخُذْ بِیَدِکَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إنَّهُ أَوَّابٌ﴾((4))، مرتبط بما نحن فیه، لکن الظاهر أنه کان أمراً صوریاً لا أنه کان واجباً، کما

ص:116


1- الوسائل: ج9 ص274 الباب 17 من کفارات الاستمتاع ح1
2- سورة الواقعة: الآیة 45 _ 46
3- سورة المؤمنون: الآیة 82
4- سورة ص: الآیة 44

یظهر من التفاسیر.

50: تحنیط المیت المحرم

50: تحنیط المیت المحرم

لا یجوز تحنیط المیت المحرم علی ما ذکرناه فی باب الأموات.

51: الحیف

51: الحیف

الحیف بمعنی الظلم محرم، لا أنه عنوان مستقل فی قبال سائر أقسام الظلم.

52: الحیلة

52: الحیلة

الحیلة بمعنی علاج الشیء بالأمر المحرم غیر جائز، وهذا هو الاستعمال العرفی غالباً، أما الحیلة بمعنی العلاج کما قال سبحانه: ﴿لا یَسْتَطیعُونَ حیلَةً وَلا یَهْتَدُونَ سَبیلاً﴾((1)) فلیس بمحرم.

وفی الدعاء: «ولا تمکر بی فی حیلتک».

والحیل الشرعیة المذکورة فی (الفقه) من هذا القبیل، وورد ما مضمونه «نعم الحیلة الفرار من الحرام إلی الحلال».

ص:117


1- سورة النساء: الآیة 98

حرف الخاء

1: الخب

حرف الخاء

1: الخب

الخب هو الشخص الخادع، والخبّاب علی وزن ضرّاب بمعنی کثیر الخدعة، وحیث إن الخدعة المحرمة حرام فکون الإنسان فاعلاً لها یکون فاعلاً للحرام ولیس بعنوان جدید.

أما إذا خدع الطرف جاز للإنسان أیضاً الخدعة فی قبال خدعته من باب Pجزاء سیئة سیئة مثلهاO((1))، ولذا ورد «الحرب خدعة»((2)).

2: الخبائث

2: الخبائث

قال سبحانه: ﴿یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ﴾((3)).

وقد تقدم الکلام حول ذلک فی بعض المباحث السابقة.

3: التختم بخاتم الذهب

3: التختم بخاتم الذهب

لا یجوز التختم بخاتم الذهب للرجال، وقد أشار النبی (صلی الله علیه وآله) إلی الحریر

ص:118


1- الوسائل: ج11 ص102 الباب 53 من جهاد العدو ح1
2- سورة الشوری: الآیة 40
3- سورة الأعراف: الآیة 157

والذهب فقال: «هذان حرامان علی ذکور أمتی»((1)).

وفی خاتم الذهب بعض الروایات الخاصة أیضاً.

أما التختم بخاتم الحدید للرجال فمکروه، لموثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام)، فی الرجل یصلی وعلیه خاتم حدید، قال: «لا، ولا یختم بها الرجل فإنه من لباس أهل النار»((2)).

لکن الفقهاء لم یفتوا بذلک وأعرضوا عن ظاهره، فلهذا یحمل علی الکراهة.

ثم إن کونه من لباس أهل النار لا یوجب الحرمة کما هو واضح، وإنما یمکن أن یکون ذلک قرینة الکراهة.

والظاهر عدم خصوصیة التختم، بل یحرم مطلق لبس الذهب ولو کان غیر ظاهر، کما إذا لبسه فی المعضد، أو فی أعالی الرجل، أو جعله منطقة ولبسها تحت ثیابه، أو طوق العنق به، إلی غیر ذلک لقوله (صلی الله علیه وآله) المتقدم.

4: تختم المحرم للزینة

4: تختم المحرم للزینة

لا یجوز تختم المحرم للزینة، علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الحج.

5: الخدعة

5: الخدعة

تقدم الکلام فی ذلک، وأن بعضها محرم کما أن بعضها جائز.

6: خذلان الحق والمحق

6: خذلان الحق والمحق

لا إشکال فی حرمة خذلان الحق، لأنه من ترک الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وإرشاد الناس وتبلیغ الإسلام.

کما أنه لا إشکال فی حرمة خذلان المحق، وفی جملة من الروایات أن «المؤمن لا یخذل المؤمن»((3)).

لکن لا شک أن من ذلک حرام،

ص:119


1- المستدرک: ج1 ص204 الباب 24 من لباس المصلی ح1
2- الوسائل: ج3 ص304 الباب 32 من لباس المصلی ح5
3- الوسائل: ج8 ص589 الباب 146 من العشرة ح9

ومن ذلک غیر حرام حسب الموازین المختلفة، والمرجع الأدلة الدالة علی الحرمة وغیرها.

7: إخراج الحمام والطیر من الحرم

7: إخراج الحمام والطیر من الحرم

لا یجوز إخراج الحمام والطیر من الحرم، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

وفی صحیح علی بن جعفر، قال: سألت أخی موسی (علیه السلام) عن الرجل أخرج حمامة من حمامة الحرم إلی الکوفة أو غیرها، قال: «علیه أن یردها، فإن ماتت فعلیه ثمنها یتصدق به»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات، وتفصیل المسألة مذکور فی کتاب الحج.

8: إخراج التراب والحصی من المسجد

8: إخراج التراب والحصی من المسجد

قد تقدم الإلماع إلی ذلک، ویدل علیه بعض الروایات:

ففی موثقة الشحام، قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): أخرج من المسجد وفی ثوبی حصاة، قال: «فردها أو اطرحها فی مسجد»((2)).

وفی صحیح ابن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «لا ینبغی لأحد أن یأخذ من تربة ما حول الکعبة، وإن أخذ من ذلک شیئاً رده»((3)).

وقد تقدم الإلماع إلی ذلک، وفی باب المساجد فصلنا الکلام فیه.

9: إخراج الدم للمحرم

9: إخراج الدم للمحرم

لا یجوز للمحرم إخراج الدم من نفسه، ففی صحیح علی بن جعفر، عن

ص:120


1- الوسائل: ج9 ص204 الباب 14 من کفارات الصید ح2
2- الوسائل: ج9 ص334 الباب 12 من مقدمات الطواف ح5
3- الوسائل: ج9 ص334 الباب 12 من مقدمات الطواف ح2

أخیه (علیه السلام)، قال: سألته عن المحرم هل یصلح له أن یستاک، قال: «لا بأس، ولا ینبغی أن یدمی فیه»((1)).

وفی صحیح معاویة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المحرم کیف یحک رأسه، قال: «بأظافیره ما لم یدم أو یقطع الشعر»((2)).

إلی غیر ذلک.

وتفصیل الکلام فیه فی کتاب الحج، وقد ذکرنا هناک أنه لو اضطر جاز له ذلک.

10: خروج الزوجة من البیت من دون إذن زوجها

10: خروج الزوجة من البیت من دون إذن زوجها

المشهور بین الفقهاء أنه لا یجوز ذلک حتی بالمقدار المعروف، واستدلوا لذلک بصحیح علی بن جعفر، عن أخیه (علیه السلام)، قال: سألته عن المرأة ألها أن تخرج بغیر إذن زوجها، قال: «لا»((3)).

وفی صحیح بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، فی حدیث قال: «ولا تخرج من بیتها إلاّ بإذنه، وإن خرجت بغیر إذنه لعنتها ملائکة السماء وملائکة الأرض وملائکة الغضب وملائکة الرحمة حتی ترجع إلی بیتها»((4)).

إلی غیرها من الروایات.

وقد فصلنا الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح، فلا داعی إلی تکراره.

11: إخراج المطلقات فی العدة

11: إخراج المطلقات فی العدة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ

ص:121


1- الوسائل: ج9 ص259 الباب 73 من تروک الاحرام ح5
2- الوسائل: ج9 ص259 الباب 73 من تروک الاحرام ح1
3- الوسائل: ج14 ص113 الباب 79 من مقدمات النکاح ح5
4- الوسائل: ج14 ص111 الباب 79 من مقدمات النکاح ح1

وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّکُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ وَلا یَخْرُجْنَ إلاّ أنْ یَأْتینَ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ﴾((1)).

وذلک محرم علی المشهور، ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «لا ینبغی للمطلقة أن تخرج إلاّ بإذن زوجها حتی تنقضی عدتها ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

وقد تأملنا فی إطلاق الحکم فی (الفقه) فی کتاب الطلاق.

وعلی کل حال، فالحکم خاص بالمطلقة الرجعیة، أما البائنة أو إن توفی عنها زوجها والمرأة فی عدة المتعة فلا بأس بخروجهن أو إخراجهن.

12: إخراج الولد لغیر الأب من حجر أمه

12: إخراج الولد لغیر الأب من حجر أمه

یجوز للأب إخراج الولد من حجر أمه إلی غیرها، کما یدل علی ذلک إعطاؤه للرضاع إلی غیر أمه، أما إذا مات الأب فلا یحق للوصی إخراجه من حجر أمه، لأن الأم أقرب بعد الأب، وقد قال سبحانه: «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فی کِتابِ اللَّهِ»((3)).

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، فی رجل مات وترک امرأة ومعها ولد فألقته علی خادم لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصی، فقال لها: «أجر مثلها، ولیس للوصی أن یخرجه من حجرها حتی یدرک فیدفع إلیه ماله»((4)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی باب الرضاع.

ص:122


1- سورة الطلاق: الآیة 1
2- الوسائل: ج15 ص434 الباب 18 من العدد ح1
3- سورة الأحزاب: الآیة 6
4- الوسائل: ج15 ص178 الباب 71 من الأولاد ح1

13: خروج المعتکف عن المسجد

13: خروج المعتکف عن المسجد

قد تقدم أنه لیس للمعتکف أن یخرج من المسجد إلاّ لحاجة دینیة أو دنیویة، حسب ما فصلناه فی کتاب الاعتکاف.

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لیس للمعتکف أن یخرج من المسجد إلاّ إلی الجمعة أو جنازة أو غائط»((1)).

إلی غیرها من الروایات.

14: الخروج من مکة علی المتمتع

14: الخروج من مکة علی المتمتع

والظاهر أن المنع إنما هو فیما إذا یفوته الحج، أما فی غیره فلا منع.

وفی مرسلة الصدوق، قال (علیه السلام): «إذا أراد المتمتع الخروج من مکة إلی بعض المواضع فلیس له ذلک لأنه مرتبط بالحج حتی یقضیه إلاّ أن یعلم أنه لا یفوته الحج»((2)).

وفی روایة أخری رواها أبان: «ولا یتجاوز إلاّ علی قدر ما لا تفوته عرفة»((3)).

إلی غیر ذلک، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

15: الخرص

15: الخرص

قال سبحانه: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذینَ هُمْ فی غَمْرَةٍ ساهُونَ یَسْئَلُونَ أَیَّانَ یَوْمُ الدِّینِ یَوْمَ هُمْ عَلَی النَّارِ یُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَکُمْ هذَا الَّذی کُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾((4)).

والخرص هو التخمین بلا علم بالواقع، والمنکرون لأصول الدین خراصون بهذا الاعتبار، کما أن الذین یعملون فی الفروع بالخرص أیضاً عملهم محرم، فلیس

ص:123


1- الوسائل: ج7 ص409 الباب 7 من الاعتکاف ح6
2- الوسائل: ج8 ص220 الباب 22 من أقسام الحج ح10
3- الوسائل: ج8 ص220 الباب 22 من أقسام الحج ح9
4- سورة الذاریات: الآیة 10: 14

هو عنوان جدید للتحریم، وإنما إشارة إلی العناوین المحققة للحرمة.

16: خسران المیزان

16: خسران المیزان

قال سبحانه: ﴿وَأَقیمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ولا تُخْسِرُوا الْمیزانَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفینَ * الَّذینَ إذا اکْتالُوا عَلَی النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ * وإِذا کالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ﴾((2)).

وهو حرام قطعاً، لکنه لیس بحکم جدید، بل هو من أکل أموال الناس بالباطل، أو التسبیب إلی ذلک، کما إذا کان وزاناً لغیره.

17: الخشیة من الکفار

17: الخشیة من الکفار

قال سبحانه: ﴿الْیَوْمَ یَئِسَ الَّذینَ کَفَرُوا مِنْ دینِکُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾((3)).

وفی آیة أخری: ﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾((4)).

ولا یبعد أن یراد بذلک الإرشاد إلی عدم الخوف من الکفار خوفاً یؤدی إلی تعطیل أحکام الإسلام، وعدم تقدیم الإسلام إلی الأمام، لکن یجب أن یکون عدم الخوف بالموازین العقلائیة، کما کان یفعله رسول الله والأئمة الطاهرون (علیهم الصلاة والسلام)، وإلاّ فللتقیة مجال واسع، کما لمسألة الأهم والمهم أیضاً مجاله المعروف.

18: التخصر فی الصلاة

18: التخصر فی الصلاة

ذکره بعضهم، فإن کان المراد به جعل الید علی الخصر فذلک مکروه ولیس بمحرم،

ص:124


1- سورة الرحمن: الآیة 9
2- سورة المطففین: الآیة 1: 3
3- سورة المائدة: الآیة 3
4- سورة المائدة: الآیة 44

وإن کان المراد به التکتف کان محرماً، کما دل علیه النص والفتوی.

19: الخصومة فی نفع الخائنین

19: الخصومة فی نفع الخائنین

قال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْکُمَ بَیْنَ النَّاسِ بِما أَراکَ اللَّهُ وَلا تَکُنْ لِلْخائِنینَ خَصیماً﴾((1)).

أی لا تکن فی طرف الخائنین خصیماً للأمناء، والظاهر أن ذلک إرشاد ولیس بحکم جدید.

20: الإخصاء

20: الإخصاء

قد ذکرنا فی (الفقه) فی باب حقوق الحیوان من کتاب النفقات بعض الکلام المرتبط بذلک، وأنه یحرم إخصاء الإنسان وإن کان عبداً له، أما إخصاء الحیوان فالظاهر أنه لا بأس به إذا کان له وجه عقلائی کما هو المتعارف، وإن کان الظاهر أنه إن أمکن تخلیصه من الأذیة فی حال الإخصاء بسبب دواء کان من الأفضل ذلک، وربما یکون من اللازم إذا کانت أذیة متزائدة له.

21: الخصومة

21: الخصومة

لا یجوز الخصومة مع المؤمنین، ولکنه لیس حکماً جدیداً وإنما هو إلماع إلی المحرمات المعروفة التی تقع عند الخصومات.

22: الخضخضة

22: الخضخضة

معناها الاستمناء، وهو محرم علی الإنسان بغیر زوجته، کما أنه محرم علی الزوجة بغیر زوجها، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

ص:125


1- سورة النساء: الآیة 105

23: خطبة المزوجة والمرأة فی العدة الرجعیة

22: الخضخضة

قال سبحانه: ﴿وَلا جُناحَ عَلَیْکُمْ فیما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أوْ أَکْنَنْتُمْ فی أَنْفُسِکُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّکُمْ سَتَذْکُرُونَهُنَّ وَلکِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّکاحِ حَتَّی یَبْلُغَ الْکِتابُ أَجَلَهُ﴾((1)).

لا إشکال فی حرمة خطبة المزوجة والمرأة فی العدة الرجعیة علی تفصیل ذکرناه فی کتاب النکاح.

والظاهر حرمة خطبة المحرمات کالأم والأخت وما أشبه، کما یحرم بالنسبة إلی المرأة طلب الزواج من محرمها، ولا یبعد أن یکون من المحرم أیضاً خطبة الولد للواط بالملاک، فإن الظاهر أن کل ذلک مناف لاحترام العرض المحترم کالمال والدم.

24: الخطاب بإمرة المؤمنین لغیر أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام)

24: الخطاب بإمرة المؤمنین لغیر أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام)

ورد فی بعض الأحادیث حرمة ذلک((2))، بل هو من ضروریات المذهب، اللهم إلاّ إذا کان الإنسان مضطراً، فإن الضرورات تبیح المحظورات((3)).

25: الاستخفاف بالواجبات

25: الاستخفاف بالواجبات

الظاهر أن الاستخفاف بالواجبات وکذلک بالمحرمات محرم شرعاً، فإن ذلک إهانة بالدین واستخفاف بشریعة سید المرسلین (صلی الله علیه وآله)، بالإضافة إلی ورود بعض الروایات فی بعض الموارد، مثل ما ورد عن الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی کتابه إلی المأمون

ص:126


1- سورة البقرة: الآیة 235
2- المستدرک: ج2 ص233 الباب 85 من المزار
3- انظر کتاب: الیقین فی أمرة أمیر المؤمنین (علیه السلام) ط دار العلوم بیروت. کشف الخفاء: الآیة 2 ص35 رقم 1640

فإنه (علیه السلام) ذکر فی عداد الکبائر (الاستخفاف بالحج)((1)).

وفی حدیث عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة»((2)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «لا تستحقرن بالبول، ولا تتهاونن بصلاتک، فإن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال عند موته: لیس منی من استخف بصلاته، لا یرد علیّ الحوض لا والله، لیس منی من شرب مسکراً لا یرد علیّ الحوض لا والله»((3)).

وفی صحیحه الآخر، عنه عن الباقر (علیه الصلاة والسلام)، قال: «لا تتهاون بصلاتک، فإن النبی (صلی الله علیه وآله) قال عند موته: لیس منی من استخف بصلاته، لیس منی من شرب مسکراً، لا یرد علیّ الحوض لا والله»((4)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

26: استخفاف الناس فی سبیل الباطل

26: استخفاف الناس فی سبیل الباطل

قال سبحانه بالنسبة إلی فرعون: «فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ»((5)).

لکن الظاهر أنه لیس محرماً خارجاً عن المحرمات المعروفة، بل إلماع إلی تلک المحرمات.

27: اختلاء خلی مکة والمدینة

27: اختلاء خلی مکة والمدینة

والمراد بالاختلاء القطع، کما أن المراد بالخلی بالقصر النبات الرطب، أما إذا یبس فهو حشیش، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

ففی موثق زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «حرّم الله حرمه بریداً فی

ص:127


1- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
2- الوسائل: ج3 ص16 الباب 6 من أعداد الفرائض ح6
3- الوسائل: ج3 ص16 الباب 6 من أعداد الفرائض ح7
4- الوسائل: ج3 ص16 الباب 6 من أعداد الفرائض ح1
5- سورة الزخرف: الآیة 54

برید أن یختلی خلاه أو یعضد شجره»، إلی أن قال: «وحرم رسول الله (صلی الله علیه وآله) المدینة، وحرم ما حوله بریداً فی برید أن یختلی خلاها وبعضد شجرها»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

28: تخلیص المجرم من ید المطالبین بحقهم أو من ید الدولة الإسلامیة

28: تخلیص المجرم من ید المطالبین بحقهم أو من ید الدولة الإسلامیة

لا یجوز ذلک لأنه تفویت الحق والحیلولة دون الحکم الشرعی.

وفی روایة: إنه أتی إلی علی (علیه السلام) بمجرم فخلصه بعضهم ... فی قصة مشهورة.

وفی صحیح حریز، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن رجل قتل رجلاً عمداً فرفع إلی الوالی فدفعه إلی أولیاء المقتول لیقتلوه فوثب علیه قوم فخلصوا القاتل من أیدی الأولیاء، قال: «أری أن یحبس الذین خلصوا القاتل من أیدی الأولیاء حتی یأتوا بالقاتل»، قیل: فإن مات القاتل وهم فی السجن، قال: «إن مات فعلیهم الدیة یردونها جمیعاً إلی أولیاء المقتول»((2)).

إلی غیر ذلک مما ذکر فی کتاب القصاص.

والظاهر وجوب تخلیص غیر المجرم من ید من یرید به سوءاً، حکومةً کانت أو غیرها، بل لو کانت الحکومة عادلة وعلمنا بأنه مأخوذ اشتباهاً وجب خلاصه، لأن ترکه خذلان للمؤمن وترک لدفع المنکر، إلی غیر ذلک.

أما إذا کان الجائر أخذ المجرم فالظاهر أنه إن کان فی أخذه تأدیب له بحیث إنه إذا لم یؤدب انتشر الفساد ونحو ذلک لم یجز تخلیصه، وإلاّ وجب، مثلاً زان أخذ إلی الظالم لتأدیبه فإنه وإن لا یجری علیه الحکم الشرعی، بل ولا حق له أیضاً فی إجراء الحکم الشرعی، لأن إجراء الحکم الشرعی خاص بالحکومة الإسلامیة الصحیحة، إلاّ أنه إذا ترک الزانی بلا عقوبة أوجب الفساد وتجرّی سائر الفساق

ص:128


1- الوسائل: ج9 ص174 الباب 87 من تروک الإحرام ح4
2- الوسائل: ج19 ص34 الباب 16 من قصاص النفس ح1

وحینئذ یجب تسلیمه للظالم حتی إذا لم یأخذه الظالم، فکیف بتخلیصه من یده، وذلک من باب قاعدة الأهم والمهم، کما ألمعنا إلیه فی بعض مباحث (الفقه).

29: الخلع بغیر شرطه

29: الخلع بغیر شرطه

لا یجوز ترتیب آثار الخلع إذا لم یکن شروطه موجودة، وما دل علی المنع إنما هو إلماع إلی ذلک.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «لا یحل خلعها حتی تقول لزوجها: والله لا أبر لک قسماً، ولا أطیع لک أمراً، ولا أغتسل لک من جنابة»، إلی أن قال: «فإذا قالت المرأة ذلک لزوجها حل له ما أخذ منها»((1)).

ومنه یظهر الحال فی الطلاق بغیر شرطه، سواء کان رجعیاً أو بائناًَ، وکذلک بالنسبة إلی الظهار والمباراة والإیلاء.

30: خلف الوعد

30: خلف الوعد

المشهور بین الفقهاء عدم حرمته، لکن الظاهر حرمته إذا سبب ضرراً للطرف بدلیل «لا ضرر»، وکذلک إذا انطبق علیه عنوان آخر من العناوین المحرمة، ولعله یأتی فی هذا الکتاب إلماع إلی تفصیل فی ذلک.

31: الاختلاط

30: خلف الوعد

یحرم الاختلاط بین الأجنبیین کما یعتاد الآن فی بلاد الفساق، حیث المسابح والمدارس والمستشفیات المختلطة وغیرها، والاختلاط بما هو لیس بحرام وإنما لأنه مشتمل علی عدة محرمات.

ص:129


1- الوسائل: ج15 ص487 الباب 1 من الخلع ح3

32: التخلی علی قبر المؤمن

32: التخلی علی قبر المؤمن

یحرم التخلی علی قبر المؤمن إذا استلزم هتکه کما هو الغالب، لأن حرمته میتاً کحرمته حیاً((1)).

کما أنه إذا کان القبر خاصاً((2)) لم یجز ذلک، لأنه تصرف فی ملک الغیر أو ما أشبه الملک، وکلاهما محرم.

وکذلک یحرم التخلی إذا استلزم هتکاً لمشهد معصوم (علیه السلام) أو مشهد محترم، إلی غیر ذلک مما ذکر تفصیله فی کتاب الطهارة، وقد تقدم بحث حرمة الحدث فی الکعبة، فملاکه شامل لبعض أفراد المقام، بالإضافة إلی ما عرفت من الأدلة العامة.

33: التخلی فی بعض المواضع

33: التخلی فی بعض المواضع

یحرم التخلی فی جملة من المواضع، وفی جملة من الأحوال کالتخلی فی حال الصلاة الواجبة، وقد ذکر تفصیل ذلک فی بحث التخلی من کتاب الطهارة.

34: خلوة الرجل بالمراة الأجنبیة

34: خلوة الرجل بالمراة الأجنبیة

الظاهر حرمة خلوة الرجل بالمرأة الأجنبیة وبالعکس، سواء قدرا علی الزنا أم لا، وسواء کانا شابین أو شیخین أو غیر ذلک، لدلالة جملة من الروایات علیه، والروایات وإن کان بعضها ضعافاً إلاّ أن بعضها الآخر لا بأس بالعمل بها سنداً.

وفی موثقة أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام): «إذا وجد الرجل مع امرأة فی بیت لیلاً، ولیس بینهما رحم جلدا»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک مذکور فی کتاب النکاح.

ص:130


1- الوسائل: ج19 ص294 الباب 25 من دیات الأعضاء ح1
2- أی ملکاً خاصاً أو حقاً خاصاً
3- الوسائل: ج18 ص410 الباب 40 من حد الزنا ح1

35: الخمر

35: الخمر

یحرم شرب الخمر، وکل أقسام استعمالها، نصاً وإجماعاً وعقلاً.

ففی صحیح ابن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام)، قال: «من شرب من الخمر شربة لم یقبل الله له صلاة أربعین یوماً»((1)).

وفی صحیح ابن الحجاج، وصحیح ابن خالد وغیرهما، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) مثل ذلک((2)).

وفی صحیح ابن الحجاج، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «مدمن الخمر یلقی الله کعابد وثن»((3)).

وفی صحیح العمرکی، قال: قلت للرضا (علیه السلام): إن ابن دؤاد ذکر أنک قلت له: شارب الخمر کافر، فقال: «صدق، قد قلت ذلک له»((4)).

إلی غیر ذلک.

وحد شارب الخمر عالماً عامداً ثمانون جلدة((5)).

وقد لعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) من الخمر عشرة، کما تقدم الروایة الدالة علی ذلک((6)).

وکما یحرم شرب الخمر یحرم جعلها دواءً أو استعمالها فی کحل العین أو قطرة الأنف أو الأذن أو ما أشبه ذلک، نعم إذا کان الإنسان مضطراً من جهة الدواء أو من جهة العطش جاز ذلک لاستثناء الاضطرار، فما من شیء حرّمه الله إلاّ وقد أحله لمن اضطر إلیه((7)).

ص:131


1- الوسائل: ج17 ص238 الباب 9 من الأشربة المحرمة ح6
2- الوسائل: ج17 ص238 الباب 9 من الأشربة المحرمة ح7 و8
3- الوسائل: ج17 ص254 الباب 13 من الأشربة المحرمة ح3
4- الوسائل: ج17 ص254 الباب 13 من الأشربة المحرمة ح15
5- الوسائل: ج18 ص466 الباب 3 من حد المسکر
6- الوسائل: ج12 ص164 الباب 55 مما یکتسب به ح4
7- الوسائل: ج17 ص279 الباب 21 من الأشربة المحرمة ح5

36: خمش الوجه

36: خمش الوجه

الظاهر أنه إذا لم یؤد إلی ضرر بلیغ لم یکن محرماً، وکذلک اللطم، وذلک لما تقدم من أن الضرر البلیغ محرم أما غیره فلا.

وبعض الروایات الواردة فی ذلک الظاهرة فی الحرمة یجب أن تحمل علی الکراهة، لما روی من فعل الفاطمیات أمثال ذلک للحسین (علیه الصلاة والسلام)((1))، ومن الواضح أن المستحب لا یعارض الحرام، وقد ذکرنا بعض ذلک فی (الفقه).

أما ما یدل علی المنع، فهو صحیح البزنطی، عن أبان، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «لما فتح رسول الله (صلی الله علیه وآله) مکة بایع الرجال، ثم جاء النساء فأنزل الله: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَلا یَسْرِقْنَ وَلا یَزْنینَ وَلا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا یَأْتینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرینَهُ بَیْنَ أَیْدیهِنَّ وأَرْجُلِهِنَّ وَلا یَعْصینَکَ فی مَعْرُوفٍ فَبایِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ»((2))، فسأل بعضهن عنه (صلی الله علیه وآله) فقالت: ما ذلک المعروف الذی أمرنا الله أن لا نعصیک فیه، قال: «لا تلطمن خداً، ولا تخمشن وجهاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تشققن جیباً، ولا تسودن ثوباً» الحدیث((3)).

لکن دلالته علی الحرمة فیها خفاء، إذ لو کانت محرمات لکان الأنسب أن یقال: (ولا یفعلن منکراً) مثلاً، وقد ذکرنا بعض المبحث فی ذلک فی کتاب الکفارات.

37: التخنث

37: التخنث

بتشبیه الرجل نفسه بالمرأة فی الأطوار والعادات والأعمال والصوت وما أشبه،

ص:132


1- الوسائل: ج15 ص583 الباب 31 من الکفارات ح1
2- سورة الممتحنة: الآیة 12
3- تفسیر البرهان: ج4 ص325 ح1

فإن المرکوز فی أذهان المتشرعة حرمة مثل ذلک.

أما لبس الرجال ملابس النساء کالعکس ففیه کلام، وقد حلله بعض الفقهاء وحرمه بعضهم، ولا دلیل علی التحریم مطلقاً.

أما التخنث بمعنی أن یلاط به فذلک محرم قطعاً، ولیس عنواناً جدیداً.

38: الخوض فی آیات الله تعالی

38: الخوض فی آیات الله تعالی

قال سبحانه: ﴿وَإذا رَأَیْتَ الَّذینَ یَخُوضُونَ فی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ﴾((1)).

والمراد بالخوض التکلم بالاستهزاء والسخریة والطعن والهمز واللمز وما أشبه، وإنما یسمی خوضاً تشبیهاً للمعقول بالمحسوس، لأن الأصل فی الخوض هو الدخول فی الماء، ویقال خاض فی الماء إذا دخل فیه.

ویؤید ذلک قوله سبحانه: «بَشِّرِ الْمُنافِقینَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلیماً الَّذینَ یَتَّخِذُونَ الْکافِرینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنینَ أَیَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمیعاً، وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللَّهِ یُکْفَرُ بِها وَیُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ إِنَّکُمْ إذاً مِثْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقینَ وَالْکافِرینَ فی جَهَنَّمَ جَمیعا»((2)).

ظاهر الآیة المبارکة أنه کما یحرم الخوض فی آیات الله یحرم الجلوس مع الخائضین فی حال خوضهم فی الآیات، أما فی غیر ذلک الحال فلیس الجلوس معهم بمحرم، ولذا کان المسلمون یجالسون الخائضین فی غیر ذلک الحال.

39: الخیانة

39: الخیانة

تحرم الخیانة بلا إشکال ولا خلاف، ویدل علیه الکتاب والسنة والإجماع

ص:133


1- سورة الأنعام: الآیة 68
2- سورة النساء: الآیة 138: 140

والعقل.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِکُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾((1)).

نعم لا إشکال فی أن خیانة الله والرسول (صلی الله علیه وآله) من أعظم أنحاء الخیانات، أما الخیانة فی الأمانة مالاً أو دماً أو عرضاً أو إفشاء سر، فکلها محرمات وإن کانت تتفاوت مراتبها، وقد عدّ الإمام الرضا (علیه الصلاة والسلام) الخیانة من جملة الکبائر((2)).

وفصلنا بعض الکلام فی ذلک فی کتاب الودیعة.

40: الخیلاء

40: الخیلاء

یحرم الخیلاء بمعنی الکبریاء، قال سبحانه حکایة عن لقمان: ﴿وَلا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ﴾((3)).

إلی غیرها من الآیات والروایات الواردة فی ذلک.

41: الاختلاس

یحرم الاختلاس، ومعناه سلب الشیء من الناس بخداع واستعجال، یقال خلسه خلساً إذا سلبه بمخاتلة بسرعة، کما یقال تخالس القوم الشیء تسالبوه، ویتخالسان أنفسهما أی یروم کل منهما قتل صاحبه.

لکنه لیس بمحرم بما هو هو، وإنما من جهة أنه أکل لأموال الناس بالباطل، وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی باب السرقة من کتاب الحدود.

ص:134


1- سورة الأنفال: الآیة 27
2- الوسائل: ج11 ص261 الباب 46 من جهاد النفس 33
3- سورة لقمان: الآیة 18

42: الخنق

42: الخنق

خنق الإنسان حرام بلا إشکال، فهو نوع من أنواع القتل.

کما أن خنق الحیوان الموجب لإیذائه ولو کان حرام اللحم، أو حتی غیر الموجب للإیذاء إذا کان حلال اللحم حرام، لأن فی الإول إیذاءً، وفی الثانی إسرافاً، وقد قال سبحانه فی عداد المحرمات: المنخنقة.

أما إذا لم یوجد للحیوان إیذاءً ولا إسرافاً، کما إذا کان الحیوان مغماً علیه بسبب دواء أو ما أشبه فخنقه لتطعیمه الکلاب، لم یکن بذلک بأس.

ص:135

حرف الدال

1: استدبار القبلة فی حال التخلی

حرف الدال

1: استدبار القبلة فی حال التخلی

لا یجوز استقبال القبلة ولا استدبارها فی حال التخلی، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

2: دخول بیت الغیر بلا إذن

2: دخول بیت الغیر بلا إذن

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ بُیُوتِکُمْ حَتَّی تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلی أَهْلِها ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ * فَإنْ لَمْ تَجِدُوا فیها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّی یُؤْذَنَ لَکُمْ وإِنْ قیلَ لَکُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْکی لَکُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلیمٌ﴾((1)).

ومن الواضح أن دخول بیت الغیر بلا إذن منه لا یجوز، من غیر فرق بین أن یکون البیت ملکاً للغیر أو فی إیجاره، أو أن یکون وقفاً بیده أو ما أشبه ذلک.

3: دخول الجنب والحائض المسجدین

3: دخول الجنب والحائض المسجدین

لا إشکال ولا خلاف فی حرمة دخول الجنب والحائض المسجدین فی المدینة

ص:136


1- سورة النور: الآیة 27 _ 28

المنورة ومکة المکرمة، ویدل علیه جملة من الروایات التی ذکرناها فی بحث الجنب من (الفقه).

ففی صحیح جمیل، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن الجنب یجلس فی المساجد، قال: «لا، ولکن یمر فیها کلها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلی الله علیه وآله)» ((1)).

إلی غیر ذلک.

والظاهر أن ما زید فی المسجدین فی حکمهما أیضاً، نعم لا إشکال فی الاقتراب من المسجدین والاتکاء علی حائطهما، لأنه لا دلیل علی الحرمة والأصل الجواز، ولعل علی ذلک سیرة المتشرعة منذ زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فإنه لو کان لبان، فما فی خبر محمد بن مسلم، قال الباقر (علیه السلام) فی حدیث: «الجنب والحائض یدخلان المسجد مجتازین ولا یقعدان فیه ولا یقربان المسجدین الحرمین»((2)).

المراد بالقرب الدخول، مثل: «لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتیمِ»((3))، «وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا»((4))، وما أشبه، کما أنا ذکرنا فی (الفقه) أن النفساء فی حکم الحائض أیضاً.

4: دخول الحرم بلا إحرام

4: دخول الحرم بلا إحرام

لا یجوز دخول الحرم بغیر إحرام، إلا لطوائف استثنوا من ذلک، ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیح عاصم بن حمید، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): یدخل الحرم أحد إلاّ محرماً، قال: «لا، إلا مریض أو مبطون»((5)).

ص:137


1- الوسائل: ج1 ص485 الباب 15 من الجنابة ح2
2- الوسائل: ج1 ص485 الباب 15 من الجنابة ح17
3- سورة الإسراء: الآیة 34
4- سورة الإسراء: الآیة 32
5- الوسائل: ج9 ص67 الباب 50 من الإحرام ح1

وفی روایة أخری، سألت أبا جعفر (علیه السلام) هل یدخل الرجل مکة بغیر إحرام، قال: «إلاّ مریضاً أو من به بطن»((1)).

إلی غیر ذلک من الأحادیث.

نعم الظاهر أن هذا حکم تکلیفی ولیس بحکم وضعی، فیجوز إدخال الطفل ودخوله أیضاً إذا کان ممیزاً، وکذلک إدخال المجنون ودخوله الحرم بغیر إحرام.

5: دخول الکفار الحرم

5: دخول الکفار الحرم

المشهور عدم جواز دخول الکفار الحرم کما ذکروه فی کتاب الجهاد.

واستدلوا لذلک ببعض الآیات، وبخبر الدعائم المجبور بالشهرة، فقد روی عن جعفر بن محمد (علیه السلام) أنه قال: «لا یدخل أهل الذمة الحرم، ولا دار الهجرة، ویخرجون منها، ولو جاء رسول بعث إلیه الإمام من یسمع رسالته، ولو أراد المشافهة خرج إلیه الإمام من الحرم، ولو مرض فی الحرم نقله منه، فلو مات فیه لم یدفن فیه»((2)).

هذا بالإضافة إلی أنه ربما استدل بما روی عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) من قوله: «أخرجوا الیهود من جزیرة العرب»((3))، وغیره.

ومحل الکلام فی ذلک کتاب الجهاد.

6: دخول الزوج بالزوجة قبل إکمالها تسع سنین

6: دخول الزوج بالزوجة قبل إکمالها تسع سنین

المشهور بینهم حرمة ذلک، وقد ناقشنا فیها فی کتاب النکاح، بل یظهر من بعض الروایات کون ذلک کان متعارفاً، نعم إذا أوجب الإفضاء أو الإیذاء لم یجز ذلک بلا إشکال.

وعلی أی حال، فقد استدل المشهور للحرمة بقول الصادق (علیه السلام)، فی صحیح

ص:138


1- الوسائل: ج9 ص67 الباب 50 من الإحرام ح2
2- دعائم الإسلام: ج1 ص381
3- الوسائل: ج11 ص101 الباب 52 من جهاد العدو ح1

الحلبی: «إذا تزوج الرجل الجاریة وهی صغیرة فلا یدخل بها حتی یأتی لها تسع سنین»((1)).

وفی صحیحه الآخر: «من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنین فأصابها عیب فهو ضامن»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

بل ربما یستظهر من الصحیحة الثانیة الجواز بدون إصابة العیب علی ما استقربناه، وقد تقدم بعض الکلام فی ذلک فی مبحث سابق.

7: الدخول من خلف

6: دخول الزوج بالزوجة قبل إکمالها تسع سنین ((3))

حرمه بعض الفقهاء، وأجازه المشهور لأنه أحد المأتیین کما فی الروایة((4))، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

وهل الدخول کذلک فی حال الحیض محرم علی القول بجوازه مطلقاً، احتمالان، ذکرنا تفصیله فی الشرح من (الفقه).

8: الدخول بالمدخولة شبهة

8: الدخول بالمدخولة شبهة

ذکرنا فی کتاب النکاح أن الدخول بالمدخولة شبهة محرم قطعاً، وأما سائر الاستمتاعات فالظاهر الجواز وإن منعه بعضهم، لکن لا دلیل مقنع علی المنع، أما الدخول بالمزنی بها فلا بأس به وإن کان مکروهاً.

9: الدس فی الأخبار

9: الدس فی الأخبار

ذکره بعضهم، والظاهر أن حرمته من جهة الکذب، وإلاّ فلا دلیل علیه((5)).

کما ذکر

ص:139


1- الوسائل: ج14 ص70 الباب 45 من مقدمات النکاح ح1
2- الوسائل: ج14 ص70 الباب 45 من مقدمات النکاح ح8
3- هذا بشرط رضا الزوجة، وإلا فلا یجوز
4- الوسائل: ج14 ص103 الباب 73 من مقدمات النکاح
5- أی بخصوصه

أیضاً الدسیسة، یقال: دس فی الأمر یدس دساً، أی أعمل المکر فیه، والدسیسة ما أکمن من المکر فی الأمر، ویقال للجاسوس الداسوس لأنه یدس نفسه فی الجماعة مظهراً أنه منهم.

وعلی أی حال، فهو لیس بمحرم جدید وإنما هو عنوان لبعض المحرمات المعنونة بعناوین أخر.

10: الدعاء علی المؤمن

10: الدعاء علی المؤمن

لا إشکال فی جواز الدعاء علی المؤمن بقدر ظلم ذلک المؤمن لهذا الإنسان الداعی، أما إذا تجاوز عن ذلک الحد فهو محرم، کما ورد بذلک بعض الروایات.

ففی صحیح هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن العبد لیکون مظلوماً فلا یزال یدعو حتی یکون ظالماً»((1)).

وقد ذکرنا المسألة فی الشرح فی کتاب الصلاة.

11: الدعاء لطلب الحرام

11: الدعاء لطلب الحرام

لا یبعد حرمة الدعاء لطلب الحرام، لأنه المرکوز فی أذهان المتشرعة، بل علی ذلک جرت سیرتهم، لأنهم إذا رأوا إنساناً یدعو الله سبحانه وتعالی طالباً منه الحرام یرونه فاعلاً للمنکر.

وقد ذکره غیر واحد من الفقهاء، بل هو المشهور بینهم، والعلامة ادعی الإجماع علی ذلک، وبقیة الکلام فی الشرح، ومنه یعلم حرمة الدعاء لترک الواجب.

12: الدعوة إلی البدعة

12: الدعوة إلی البدعة

لا إشکال فی حرمة الدعوة إلی البدعة، فإنه من الأمر بالمنکر، ویشمله الأدلة

ص:140


1- الکافی: ج1 ص333 ح17

العامة وبعض الأدلة الخاصة.

مثل ما رواه محمد بن عیسی: إن أبا الحسن (علیه السلام) أهدر قتل فارس بن حاتم وضمن لمن یقتله الجنة، فقتله جنید، وکان فارس فتاناً یفتن الناس ویدعوهم إلی البدعة، فخرج من أبی الحسن (علیه السلام): «هذا فارس یعمل من قبلی فتاناً داعیاً إلی البدعة ودمه هدر لکل من قتله، فمن هو الذی یریحنی منه ویقتله وأنا ضامن له علی الله الجنة»((1)).

وعلی أی حال، فلا إشکال فی کون الدعوة إلی البدعة سواء کانت إیجابیة کالدعوة إلی صلاة خمس رکع، أو سلبیة کالدعوة إلی ترک الصلاة وهی محرمة شرعاً.

13: الدعاء للکافر

13: الدعاء للکافر

قد تقدم الکلام فی ذلک، وفصلنا فیه بین ما یجوز وبین ما لا یجوز، ومن الدعاء المحرم للکافر الاستغفار له بأن یغفر الله له.

قال سبحانه: ﴿ما کانَ لِلنَّبِیِّ وَالَّذینَ آمَنُوا أنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکینَ وَلَوْ کانُوا أُولی قُرْبی مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحیمِ، وَما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهیمَ لِأَبیهِ إلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُ أنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إنَّ إِبْراهیمَ لَأَوَّاهٌ حَلیم﴾((2)).

14: الدعوة فی النسب والدعارة

14: الدعوة فی النسب والدعارة

ذکرهما بعضهم، ولعل مراده بالدعوة الدخول فی النسب أو الدعوة بغیر النسب.

قال الله سبحانه: ﴿ما جَعَلَ اللَّهُ أَدْعِیاءَکُمْ أَبْناءَکُمْ ذلِکُمْ قَوْلُکُمْ بِأَفْواهِکُمْ وَاللَّهُ

ص:141


1- الوسائل: ج11 ص94 الباب 47 من جهاد العدو ح1
2- سورة التوبة: الآیة 113 _ 114

یَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ یَهْدِی السَّبیلَ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فَإنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَمَوالیکُمْ وَلَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ فیما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلکِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُکُمْ وَکانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحیماً﴾((1)).

والمراد بالدعارة الزنا.

15: دفع مال الیتیم

14: الدعوة فی النسب والدعارة

لا یجوز دفع مال الیتیم قبل البلوغ، وکذلک المجنون قبل التعقل إلیهما، فإن ذلک یوجب التلف والسرف وکلاهما محرمان، ولو دفع کان ضامناً.

قال سبحانه: ﴿ابْتَلُوا الْیَتامی حَتَّی إذا بَلَغُوا النِّکاحَ فإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَیْهِمْ أَمْوالَهُمْ﴾((2)).

وفی صحیح العیص، عن الصادق (علیه السلام)، قال: سألته عن الیتیمة متی یدفع إلیها مالها، قال: «إذا علمت أنها لا تفسد ولا تضیع»، فسألته إن کانت قد تزوجت، فقال: «إن تزوجت انقطع ملک الوصی عنها»((3)).

والظاهر أن المراد بالتزویج التزویج وهی بالغة، أما إذا تزوجب وهی صغیرة فلا إشکال فی عدم الجواز أیضاً، وقد ذکرنا فی کتاب (الفقه) احتمال جواز دفع بعض المال إلیه حتی یعرف منه الرشد کیف یتصرف فی المال، بل لا یبعد ادعاء عمل المتشرعة علی ذلک.

ص:142


1- سورة الأحزاب: الآیة 4 _ 5
2- سورة النساء: الآیة 6
3- الوسائل: ج13 ص142 الباب 1 من الحج ح3

16: دفن الکافر

16: دفن الکافر

لا یجوز إجراء مراسیم المسلم علی الکافر، من الغسل والتحنیط والصلاة والکفن والدفن.

ففی موثق عمار، عن الصادق (علیه السلام)، إنه سأل عن النصرانی یکون فی السفر وهو مع المسلمین فیموت، قال: «لا یغسله مسلم ولا کرامة ولا یدفنه ولا یقوم علی قبره وإن کان أباه»((1)).

لکن الظاهر جواز دفنه بقصد عدم انتشار رائحته وعدم تأذی الناس بمنظره.

والظاهر أنه لا یجوز بالنسبة إلی الکافر حتی الصلاة التی تصلی علی المنافق، أما المسلم المنافق فلا إشکال فی إجراء مراسیم المسلمین علیه، علی ما هو مذکور فی بحث الأموات.

والمخالف تجری علیه المراسیم حسب رأیهم لقاعدة الإلزام((2))، ولا یبعد جواز إجراء مراسیم المؤمن علیه.

17: دفن المسلم فی مقبرة الکفار

17: دفن المسلم فی مقبرة الکفار

المشهور بین الفقهاء، بل ادعی علیه الإجماع مکرراً، عدم جواز دفن المسلم فی مقبرة الکفار، وکذلک عدم جواز دفن الکافر فی مقبرة المسلمین، وتفصیل الکلام فی ذلک فی الشرح.

أما دفن المسلمین بعضهم فی مقبرة البعض وإن اختلفوا فی المذاهب فذلک جائز بلا إشکال، إلاّ أن یکون هناک محذور خارجی.

18: الدلالة فی الحرم علی الصید، وکذلک دلالة المحرم

17: دفن المسلم فی مقبرة الکفار

لا یجوز الدلالة فی الحرم علی الصید بلا إشکال، وقد ذکرنا تفصیل الکلام

ص:143


1- الوسائل: ج2 ص703 الباب 18 من غسل المیت ح1
2- الاستبصار: ج3 الباب 17 من الطلاق ح5

فی ذلک فی کتاب الحج.

ففی صحیح منصور، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «المحرم لا یدل علی الصید، فإن دل علیه فقتل فعلیه الفداء»((1)).

وفی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لا تستحلن شیئاً من الصید وأنت حرام، ولا أنت حلال فی الحرم، ولا تدلن علیه محلاً ولا محرماً فیصطاده، ولا تشر إلیه فیستحل من أجلک، فإن فیه فداء لمن تعمده»((2)).

والظاهر أن دلالة الحیوان أیضاً کذلک، کما إذا کان غزال وکان أسد فیدل الأسدَ علی الغزال، إلی غیر ذلک.

19: الدلالة إلی الحرام

17: دفن المسلم فی مقبرة الکفار

لا ینبغی الإشکال فی أنه لا تجوز الدلالة إلی الحرام، فإنه منکر فی أذهان المتشرعة، کما إذا دل القاتل إلی من یرید قتله ظلماً، أو دل الزانی علی من یرید الزنا بها، ولعل فی قصة أبی لبابة تأیید له.

وکذلک یؤیده ما تقدم من الدلالة إلی الصید من المحرم أو فی الحرم.

ولو دل علی مظلوم فقتل، فإن کان الدال أقوی، کما إذا دل مجنوناً أو حیواناً مفترساً إلی إنسان محترم الدم کان علیه القصاص، وإلاّ کان علی القاتل، وکذلک فی الدلالة علی نهب المال وإحراقه وهتک العرض وما أشبه، وفی کل ذلک التعزیر، وإذا کان الدال أقوی من المباشر إلی القتل کان علیه القتل أیضاً.

20: دلک المحرم فی الجملة

20: دلک المحرم فی الجملة

لا یجوز الدلک علی المحرم إذا أوجب سقوط الشعر أو الإدماء، أما إذا لم

ص:144


1- الوسائل: ج9 ص75 الباب 1 من تروک الإحرام ح3
2- الوسائل: ج9 ص75 الباب 1 من تروک الإحرام ح1

یوجب أیاً من ذلک لم یحرم.

21: ادهان المحرم

20: دلک المحرم فی الجملة

لا یجوز للمحرم أن یدهن جسمه ما دام محرماً تدهیناً لغیر مرض أو ضرورة، أما التدهین للمرض أو الضرورة فهو جائز، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: «لا تمس شیئاً من الطیب وأنت محرم ولا من الدهن»((1)).

22: الدیاثة

20: دلک المحرم فی الجملة

هی عبارة عن إدخال الرجال الأجانب علی المحارم من الزوجة والبنت والأخت ومن أشبه إدخالاً بقصد الحرام من الزنا أو الملامسة أو القبلة أو ما أشبه ذلک، ولا شک فی حرمته.

قال الصادق (علیه السلام) کما فی موثق محمد بن مسلم: «ثلاثة لا یکلمهم الله یوم القیامة ولا یزکیهم ولهم عذاب ألیم، الشیخ الزانی والدیوث والمرأة توطئ فراش زوجها»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

والظاهر أنه إذا أدخل اللاطی علی أقربائه کولده وأخیه وما أشبه لا یسمی دیوثاً إلاّ أنه مثله فی التحریم بالملاک، وکذلک إذا أدخل المرأة علی نسائه بقصد السحق، وهکذا إذا فعلت المرأة أیاً من هذه الأمور.

ص:145


1- الوسائل: ج9 ص94 الباب 18 من تروک الإحرام ح5
2- الوسائل: ج14 ص247 الباب 16 من النکاح المحرم ح1

23: التداوی بالمحرم أکلاً وشرباً محرم

20: دلک المحرم فی الجملة

أما إذا کان باضطرار کأکل المیتة وشرب البول النجس فهو جائز، أما سائر أقسام التداوی بالمحرم بدون اضطرار مثل تدهین البدن بالدهن الحرام أو التنقیة بالشیء المحرم وما أشبه فمقتضی القاعدة جوازه، أما التداوی بالخمر فقد تقدم جوازه مع الاضطرار لا بدونه، سواء کان بالنسبة إلی الشرب أو بالنسبة إلی غیره من سائر أقسام التداوی، وذلک للأدلة الخاصة:

مثل صحیح ابن أذینة، قال: کتبت إلی أبی عبد الله (علیه السلام) أسأله عن الرجل ینعت له الدواء من ریح البواسیر فیشربه بقدر أسکورجة النبیذ لیس یرید به اللذة إنما یرید الدواء، فقال: «لا ولا جرعة»، ثم قال: «إن الله عز وجل لم یجعل فی شیء مما حرم دواءً ولا شفاءً»((1)).

وفی صحیح الحلبی قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن دواء عجن بالخمر، فقال: «لا والله، ما أحب أن أنظر إلیه فکیف أتداوی به، إنه بمنزلة شحم الخنزیر أو لحم الخنزیر وترون أناساً یتداوون به»((2)).

والظاهر من الروایتین التداوی بالشرب والأکل، والروایة الثانیة وإن کان صدرها مطلقاً إلاّ أن ذیلها قرینة علی أن المراد الأکل.

أما ما تقدم من عدم جعل الشفاء فی الحرام، فالظاهر أن المراد به کونه شفاءً کسائر الأدویة، لا أنه لیس فیه شفاء إطلاقاً، وإلاّ فهو مخالف لما ذکره حذاق الأطباء والمتدینون منهم، فالمراد النهی عن إدخال الخمر فی العلاج کإدخال سائر الأدویة کما یفعله غیر المتدین من الأطباء حیث یستعملونها ولو بدون ضرورة وبدون الانحصار.

وعلی أی حال،

ص:146


1- الوسائل: ج17 ص274 الباب 20 من الأشربة المحرمة ح1
2- الوسائل: ج17 ص274 الباب 20 من الأشربة المحرمة ح4

فالخمر إنما یصح استعمالها بالشرطین: الضرورة والانحصار، والطریق إلی ذلک العلم أو أهل الخبرة مما یوجب الاطمینان، وتفصیل الکلام فی ذلک فی باب الأطعمة والأشربة.

24: التدلیس

24: التدلیس

یحرم التدلیس الذی علم من الشریعة عدم جوازه، وقد یکون من أقسام الغش فی البیع ونحوه.

وکذلک التدلیس فی الحدیث مما یوجب الإضلال، سواء فی الراوی أو فی المروی عنه أو فی نفس الروایة.

ومنه تدلیس الماشطة، وتدلیس ولی المرأة وإظهارها بکراً، إلی غیر ذلک.

والبحث فی ذلک مذکور فی کتاب البیع وفی کتاب النکاح وفی کتاب الدرایة.

أما غیر المحرم من التدلیس فلیس بحرام.

25: الدولة

25: الدولة

قال سبحانه: ﴿ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُری فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینِ وَابْنِ السَّبیلِ کَیْ لا یَکُونَ دُولَةً بَیْنَ الْأَغْنِیاءِ مِنْکُمْ وَما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدیدُ الْعِقابِ﴾((1)).

یحرم أن یکون المال دولة بین الأغنیاء، فإنه لا یجوز للإنسان أن یستغل إنساناً آخر بدون رضاه أو برضاه بما لا یرضی به الشرع، بل اللازم أن یکون لکل إنسان سعیه فی کل شیء من شؤون الحیاة.

کما یحرم أن یستولی إنسان علی أکثر من حقه من المباحات، فإن الکون مسخر للإنسان فی إطار PلکمO((2))، کما فی الآیة الکریمة ودل علیه الروایات، بل اللازم أن یکون المال کالعلم والقدرة مباحة للجمیع، کل

ص:147


1- سورة الحشر: الآیة 7
2- سورة البقرة: الآیة 29

یستفید منه حسب قدرته وإرادته.

وکلما یوجب سلب حریة الإنسان محرم فی الشریعة الإسلامیة، وعلیه تکون من الرأسمالیة علی الأسلوب الغربی، والشیوعیة محرمة فی الشریعة الإسلامیة أیضاً، وهی نوع آخر من الرأسمالیة لأنها رأسمالیة الدولة، وفی کلتیهما استغلال للإنسان.

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی هذا الأمر فی کتبنا الاقتصادیة کفقه الاقتصاد وغیره.

ص:148

حرف الذال

1: ذبح الصید للمحرم وفی الحرم

حرف الذال

1: ذبح الصید للمحرم وفی الحرم

یحرم ذبح الصید للمحرم، وفی الحرم للمحل، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

فعن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا یذبح الصید فی الحرم وإن صید فی الحل»((1)).

وفی صحیح الحلبی: «المحرم إذا قتل الصید فعلیه جزاؤه ویتصدق بالصید علی مسکین»((2)).

إلی غیرهما من الروایات الواردة فی هذا الباب مما هو مذکور فی کتاب الحج.

2: إذلال المؤمن

1: ذبح الصید للمحرم وفی الحرم

قد تقدم عدم جواز إذلال المؤمن، بل هو من الکبائر کما یستفاد من بعض الروایات:

ص:149


1- الوسائل: ج9 ص85 الباب 10 من تروک الإحرام ح1
2- الوسائل: ج9 ص85 الباب 10 من تروک الإحرام ح6

فعن معلی بن خنیس، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام)، قال: «قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله عز وجل: من استذل عبدی المؤمن فقد بارزنی بالمحاربة»((1)).

وفی روایته الأخری، عن الصادق (علیه السلام)، قال: سمعته یقول: «قال الله عز وجل: لیأذن بحرب منی من أذل عبدی المؤمن، ولیأمن غضبی من أکرم عبدی المؤمن»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة فی هذا الباب.

3: ذم من لایستحق الذم أو یستحق المدح

1: ذبح الصید للمحرم وفی الحرم

یحرم ذم من لا یستحق الذم، کما یحرم ذم من یستحق المدح، أما ذم أنبیاء الله والمعصومین (صلوات الله علیهم) فهو کفر، لأنه مرتبط بأصول الدین.

4: إذاعة الأسرار الدینیة

4: إذاعة الأسرار الدینیة

لا یجوز إذاعة الأسرار الدینیة مما یسبب شیناً علی الدین أو علی المؤمنین، کما فی قصة معلی بن خنیس وغیره.

وفی موثق أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام)، فی قول الله عز وجل: «وَیَقْتُلُونَ الْأنبیاء بِغَیْرِ حَقٍّ» فقال: «أما والله ما قتلوهم بأسیافهم ولکن أذاعوا علیهم وأفشوا سرهم فقتلوا»((3)).

وفی صحیح ابن أبی یعفور، عنه (علیه الصلاة والسلام): «من أذاع علینا حدیثنا سلبه الله الإیمان»((4)).

إلی غیرها من الروایات.

ومن ذلک إذاعة بعض المطالب

ص:150


1- الوسائل: ج8 ص591 الباب 147 من العشرة ح3
2- الوسائل: ج8 ص591 الباب 147 من العشرة ح1
3- تفسیر البرهان: ج1 ص309 ح1 ذیل الآیة 112 من سورة آل عمران
4- الوسائل: ج11 ص495 الباب 24 من الأمر والنهی ح12

الغامضة التی لا تتحملها العقول مما یسبب الضلال والإضلال.

5: اذاعة سر المؤمن

4: إذاعة الأسرار الدینیة

لا یجوز إذاعة سر المؤمن مما یسبب ضرراً علیه، أو لا یرید هو ذلک وإن لم یسبب الضرر.

ففی صحیح ابن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «یحشر العبد یوم القیامة وما ندا دماً أی لم ینله، فیدفع إلیه شبه المحجمة أو فوق ذلک فیقال له: هذا سهمک من دم فلان، فیقول: یا رب إنک تعلم أنک قبضتنی وما سفکت دماً، فیقول: بلی ولکنک سمعت منه روایة کذا وکذا فرویتها علیه فنقلت علیه حتی صارت إلی فلان الجبار فقتله علیه وهذا سهمک من دمه»((1)).

وفی صحیح ابن سنان، قال: قلت له (علیه السلام): عورة المؤمن علی المؤمن حرام، قال: «نعم»، قلت: یعنی سفلیه، قال: «لیس حیث تذهب، إنما هو إذاعة سره»((2)).

وقد ذکرنا فی (الفقه) أن نفی الإمام (علیه الصلاة والسلام) لیس معناه عدم تحریم السفلین، وإنما إرادة بیان أن إذاعة السر أهم من النظر إلی السفل.

ومثله روایة زید، عن الصادق (علیه السلام) فیما جاء فی الحدیث: «عورة المؤمن علی المؤمن حرام»، قال: «ما هو أن تنکشف عورته فتری منه شیئاً، إنما هو أن تروی علیه أو تعیبه»((3)).

أما إذاعة سر غیر المؤمن فإذا کانت موجبة لإدخال الأذی علیه کان ذلک أیضاً حراماً فی غیر ما استثنی، لأن أذیة غیر المؤمن أیضاً حرام فیما إذا کان مسلماً أو

ص:151


1- الوسائل: ج8 ص615 الباب 163 من العشرة ح3
2- الوسائل: ج8 ص608 الباب 157 من العشرة ح1
3- الوسائل: ج8 ص608 الباب 157 من العشرة ح3

کافراً محفوظ المال والعرض والدم، نعم بالنسبة إلی الکافر الحربی لا بأس بذلک، کما لا بأس بذلک فی أهل البدع وما أشبه.

6: إذاعة الفاحشة

6: إذاعة الفاحشة

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یُحِبُّونَ أنْ تَشیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلیمٌ﴾((1)).

وفی روایة ابن حازم، قال أبو عبد الله (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من أذاع الفاحشة کان کمبتدئها، ومن عیّر مؤمناً بشیء لا یموت حتی یرکبه»((2)).

والظاهر أن إذاعة الفاحشة إنما تحرم بالنسبة إلی المؤمن علی کل حال إلاّ فی مقام الشهادة وما أشبه، وعلی الکافر فیما إذا کان سبباً لتجری الناس علی الفاحشة أو ما أشبه ذلک، أو کان الکافر محفوظ العرض کالذمی، أما إذا لم یکن کذلک فلیس ذلک من إذاعة الفاحشة.

7: ذکر المؤمن بما یکره

7: ذکر المؤمن بما یکره

الظاهر حرمة ذکر المؤمن بما یکره، والدلیل علیه ما ورد فی الغیبة ولو بالمناط، حیث فسره (صلی الله علیه وآله) ب__ «ذکرک أخاک ما یکره»((3))، وتفصیل الکلام فی باب الغیبة من المکاسب.

ص:152


1- سورة النور: الآیة 19
2- الوسائل: ج8 ص608 الباب 157 من العشرة ح6
3- البحار: ج72 ص222 الباب 66 من الغیبة

حرف الراء

1: الرئاسة

حرف الراء

1: الرئاسة

الرئاسة فی نفسها لیست محرمة، بل یستحب للإنسان أن یطلب من الله سبحانه أن یرأس، بل ویتصدی لذلک إذا کان أهلاً حتی یتمکن من نشر الإسلام وإقامة الأحکام والانتصاف من الظالم للمظلوم إلی غیر ذلک من الفوائد، وفی القرآن الحکیم: «وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقینَ إِماماً»((1)).

وإنما تحرم فی صورة ما إذا کانت لأجل الباطل، أو کانت بنفسها باطلا، والروایات الناهیة تشیر إلی ذلک:

مثل ما رواه ابن مسکان، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إیاکم وهؤلاء الرؤساء الذین یترأسون، فو الله ما خفقت النعال خلف الرجل إلاّ هلک وأهلک»((2)).

وفی صحیح محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «أتری لا أعرف خیارکم من شرارکم، بلی والله إن شرارکم من أحب أن یوطأ عقبه، إنه لابد من کذاب أو عاجز الرأی»((3)).

ص:153


1- سورة الفرقان: الآیة 74
2- الوسائل: ج11 ص279 الباب 50 من جهاد النفس ح4
3- الوسائل: ج11 ص279 الباب 50 من جهاد النفس ح9

وعن معمر بن خلاد، عن أبی الحسن (علیه السلام) إنه ذکر رجلاً فقال إنه یجب الرئاسة، فقال: «ما ذئبان ضاریان فی غنم قد تفرق رعاؤها فی دین المسلم من الرئاسة»((1)).

إلی غیر ذلک.

2: الرأفة بالزانیة والزانی

2: الرأفة بالزانیة والزانی

لا تجوز الرأفة بالزانیة والزانی بتعطیل حد الله سبحانه وتعالی، أما الرأفة القلبیة بدون تعطیل الحد فلا دلیل علی حرمتها، بل الدلیل منصرف عنها.

قال سبحانه: ﴿الزَّانِیَةُ وَالزَّانی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فی دینِ اللَّهِ إنْ کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ وَلْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنینَ﴾((2)).

أما کیفیة الجلد فموکولة إلی کتاب الحدود.

3: الربا

3: الربا

یحرم الربا، أخذاً وعطاءً وشهادةً وکتابةً، وقد دل علی الحرمة الکتاب والسنة والإجماع والعقل، لأنه یزید فی غنی الأغنیاء وفقر الفقراء ویوجب بالآخرة انشقاق المجتمع والتنازع، وأحیاناً یصل إلی المحاربة کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الاقتصاد.

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ یَأْکُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إلاّ کَما یَقُومُ الَّذی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهی فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلی اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِکَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فیها خالِدُونَ یَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَیُرْبِی الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ

ص:154


1- الوسائل: ج11 ص279 الباب 50 من جهاد النفس ح1
2- سورة النور: الآیة 2

کَفَّارٍ أَثیمٍ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِیَ مِنَ الرِّبا إنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ، فإن لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُوسُ أَمْوالِکُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾((2)).

فکما أن من مسه الشیطان ربما یرجع إلیه وعیه ویرید أن یقوم من سقطته فیسقط ثانیاً وثالثاً وهکذا حیثما یعوده الشیطان، وقد ثبت قدیماً وحدیثاً أن الأرواح الشریرة قد تدخل فی الإنسان مما یوجب له ذلک، کذلک آکل الربا، کلما أراد أن یتوب ویرجع إلی الله سبحانه وتعالی عادت إلیه هوی النفس بحب جمع المال والاستکثار منه فیسقط فی أکل الربا ثانیاً، فهو من باب تشبیه المعقول بالمحسوس.

وطبیعة الربا المحق، کما قال سبحانه: «یَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا»((3))، لأنه یوجب البغضاء فی المجتمع مما یورث الحرب، فتمحق کل الأرباح التی استفاده المرابون، کما أن طبیعة الزکاة النمو لأنها توجب التعاون والتعاون أصل فی التقدم.

قال سبحانه: ﴿وَما آتَیْتُمْ مِنْ رِباً لِیَرْبُوَا فی أَمْوالِ النَّاسِ فَلا یَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَیْتُمْ مِنْ زَکاةٍ تُریدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾((4)).

وقد ذکرنا بعض ذلک فی بحث الاقتصاد.

أما ما ورد فی جملة من الروایات، مثل صحیح جمیل، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «درهم ربا أعظم عند الله من سبعین زنیة کلها بذات محرم فی بیت الله الحرام»((5)).

ص:155


1- سورة البقرة: الآیة 275 _ 276
2- سورة البقرة: الآیة 278 _ 279
3- سورة البقرة: الآیة 276
4- سورة الروم: الآیة 39
5- الوسائل: ج12 ص427 الباب 1 من الربا ح1

أو صحیح هشام عنه (علیه السلام): «درهم ربا عند الله أشد من سبعین زنیة بذات محرم»((1)).

فالظاهر أن المراد بذلک التنفیر، کما ورد من أن تارک الصلاة کقاتل سبعین نبیاً وما أشبه ذلک، فهو من المبالغة فی الکلام بقصد هدف مخصوص، ومن المعروف أن الکلام بنفسه لایکون له صدق ولاکذب إذا کان هدفه غیر ظاهره، فهو کما إذا قیل فلان کثیر الرماد فانه لایکون کذباً إذا لم یکن له رماد، وکما إذا قیل للاعمی البصیر فانه لایکون کذباً إذا قصد بذلک الکنایة عن نور قبله، إلی غیر ذلک، والبحث فی المقام طویل نکتفی منه بهذا القدر، وتفصیله فی کتاب [الفقه] وغیره.

4: الرجوع من بعض السور فی الصلاة

4: الرجوع من بعض السور فی الصلاة

لا یجوز الرجوع من سورة الجحد والتوحید إلی غیرهما فی الصلاة، وکذلک الرجوع فی أثناء سائر السور إذا بلغ حداً خاصاً کما ذکرنا تفصیل ذلک فی باب القراءة.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «ومن افتتح سورة ثم بدا له أن یرجع فی سورة غیرها فلا بأس، إلاّ (قل هو الله أحد) ولا یرجع منها إلی غیرها، وکذلک (قل یا أیها الکافرون)»((2)).

وفی موثقة عبید بن زرارة، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی الرجل یرید أن یقرأ السورة فیقرأ غیرها، قال: «له أن یرجع ما بینه وبین أن یقرأ ثلثیها»((3)).

إلی غیرهما من الروایات.

ص:156


1- الوسائل: ج12 ص427 الباب 1 من الرباح ح1
2- الوسائل: ج4 ص775 الباب 35 من القراءة ح2
3- الوسائل: ج4 ص775 الباب 36 من القراءة ح2

5: الرجوع فی الصدقة والهبة

5: الرجوع فی الصدقة والهبة

لا یجوز الرجوع فی الصدقة والهبة فی بعض الصور، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الهبات.

ففی صحیح محمد بن مسلم، عن أبی جعفر (علیه السلام): «ولا یرجع فی الصدقة إذا ابتغی وجه الله»، وقال: «الهبة یرجع فیها إن شاء، حیزت أو لم تحز إلاّ الذی رحم فإنه لا یرجع فیها»((1)).

وفی روایة علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه السلام): سألته عن الصدقة تجعل لله مبتوتة هل له أن یرجع فیها، قال: «إذا جعلها لله فهی للمساکین وابن السبیل فلیس له أن یرجع فیها»((2)).

6: إرجاع المؤمنات إلی الأزواج الکفار

6: إرجاع المؤمنات إلی الأزواج الکفار

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا جاءَکُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإیمانِهِنَّ فإنّ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلی الْکُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ یَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾((3)).

وقد تقدم البحث فی ذلک، وینبغی أن یکون الحکم کذلک بالنسبة إلی المؤمنة، ومن فی حکم الکافر کالناصبی ونحوه.

7: الرشوة فی الحکم

7: الرشوة فی الحکم

لا إشکال فی حرمة الرشوة فی الحکم، وقد قال سبحانه: «وَلا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ

ص:157


1- الوسائل: ج13 ص334 الباب 3 من أحکام الهبات ح2
2- الوسائل: ج13 ص339 الباب 5 من أحکام الهبات ح5
3- سورة الممتحنة: الآیة 10

بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إلی الْحُکَّامِ لِتَأْکُلُوا فَریقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ﴾((1)).

وفی روایة سماعة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «السحت أنواع کثیرة»، إلی أن قال: «وأما الرشوة فی الحکم فهو الکفر بالله العظیم»((2)).

وقد ورد أیضاً: «إن الراشی والمرتشی کلاهما فی النار».

ثم إن من الروایات یظهر أن کلاً من إعطاء الرشوة وأخذها حرام، سواء کانت لأجل إبطال حق أو إحقاق باطل، أما إذا کان شیء من حق إنسان فیعطیه إنسان آخر شیئاً لأجل التنازل عن حقه فالأمر لکلیهما حلال، وإن سمی فی العرف بالرشوة.

کما إذا کان مستأجراً لدار أو ساکناً فی غرفة من الموقوفة، کغرفة المدرسة أو الحسینیة أو ما أشبه، فیعطیه الآخر شیئاً لأجل أن یخرج منها حتی یستأجرها هو من صاحبها أو یسکن هو فیها بإجازة المتولی مثلاً، إلی غیر ذلک.

وإلی ذلک أشار الإمام الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح محمد بن مسلم، قال: سألته عن الرجل یرشو الرجل الرشوة علی أن یتحول من منزله فیسکنه، قال: «لا بأس»((3)).

کما أن إعطاء الرشوة حلال إذا توقفت حاجة الإنسان إلی الإعطاء، فلا یقضیها من بیده الحاجة إلاّ بالرشوة، کما یعطی الإنسان الرشوة للظالمین لأجل سفر أو إقامة أو عمارة أو غیر ذلک.

ص:158


1- سورة البقرة: الآیة 188
2- الوسائل: ج12 ص62 الباب 5 مما یکتسب به ح2
3- الوسائل: ج12 ص207 الباب 85 مما یکتسب به ح2

8: الردة

8: الردة

لا إشکال فی حرمة الردة، سواء کان عن أصل من أصول الدین أو شأن من تلک الأصول، کإنکار الجنة أو النار أو الحساب أو ما أشبه ذلک، مما ذکر مفصلا فی الکتب الأصولیة.

9: الرد علی العلماء

9: الرد علی العلماء

لا یجوز الرد علی المراجع الذین هو نواب الأئمة (علیهم الصلاة والسلام)، فالراد علیهم کالراد علی الأئمة (علیهم السلام) وهو علی حد الکفر بالله سبحانه وتعالی((1))، کما فی النص.

10: الرضا بالحرام

9: الرد علی العلماء

قد قرر فی بحث التجری أن الرضا بعمل إنسان لا یکون موجباً للحرمة علی الراضی، کما أنه إذا رضی هو بنفسه بعد التوبة بمحرم أتاه سابقاً لم یکن ذلک یسلب عدالته، مثلاً رضی قلباً بکذب الکاذب أو ما أشبه ذلک بدون أن یظهره بقلم أو لسان أو إشارة.

نعم إذا کان الرضا بالحرام المرتبط بأصول الدین کان حراماً قطعاً، ویدل علیه متواتر الروایات:

مثل ما رواه السکونی، عن الصادق، عن أبیه، عن علی (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من شهد أمراً فکرهه کان کمن غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضیه کان کمن شهده»((2)).

وما ورد فی الزیارة: «لعن الله أمة قتلتک، ولعن الله أمة ظلمتک، ولعن الله أمة

ص:159


1- الوسائل: ج1 ص23 الباب 2 من مقدمات العبادات ح12
2- الوسائل: ج11 ص409 الباب 5 من الأمر والنهی ح2

سمعت بذلک فرضیت به»((1)).

وفی بعض الروایات ما مضمونه: إن جمیع أمة صالح (علیه السلام) إنما أخذوا لأنهم بین فاعل للعقر وراض به((2)). وکذلک ورد بالنسبة إلی قوم نوح، حیث قال (علیه الصلاة والسلام): أما الباقون من قوم نوح فأغرقوا بتکذیبهم لنبی الله نوح (علیه السلام) وسائرهم أغرقوا برضاهم بتکذیب المکذبین((3)).

إلی غیر ذلک من الروایات المتطرقة لهذا الباب والتی ذکرها الأصولیون فی بحث التجری.

11: إرضاع اللبن

11: إرضاع اللبن

ذکر غیر واحد من الفقهاء حرمة إرضاع اللبن فوق الحولین، لکنا ذکرنا فی کتاب الرضاع ضعف الدلیل وأنه لیس بمحرم، کما أن بعض الفقهاء ذکروا حرمة عدم إرضاع اللِّبَأ (علی وزن عنب) الطفل، لکنا ذکرنا أیضاً أنه لا دلیل علی ذلک.

12: الرغبة عن الدین

12: الرغبة عن الدین

لا إشکال فی حرمة الرغبة عن الدین الصحیح، أما الرغبة عن الأدیان الباطلة أو الأدیان المنسوخة فلا إشکال فی وجوبها، قال سبحانه: «وَمَنْ یَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهیمَ إلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ»((4)).

ص:160


1- مفاتیح الجنان المعرب: ص429 زیارة الإمام الحسین (علیه السلام) المطلقة
2- المستدرک: ج2 ص361 الباب 4 من الأمر والنهی ح3
3- الوسائل: ج11 ص410 الباب 5 من الأمر والنهی ح5
4- سورة البقرة: الآیة 130

13: الرفث

13: الرفث

یحرم الرفث وهو الجماع، فی الحج وفی العمرة وفی الصوم الواجب وفی الاعتکاف وفی حالات خاصة کحیض المرأة أو نفاسها.

فقد قال سبحانه: «فَمَنْ فَرَضَ فیهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِی الْحَجِّ»((1)).

إلی غیر ذلک.

وقد تقدم الکلام حوله فی مباحث (الفقه) کما أنه قد سبق فی لفظ (الجماع) من هذا الکتاب ما یرتبط بذلک.

14: رفع الأصوات فوق صوت النبی (صلی الله علیه وآله)

14: رفع الأصوات فوق صوت النبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِّ﴾((2)).

لا إشکال فی الحرمة فی زمان حیاته (صلی الله علیه وآله)، وأما هل الحرمة باقیة إلی الحال عند قبره المبارک، لا بعد فی العدم، بل السیرة جاریة علی رفع الأصوات هناک، کما أن حال الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) فی حال حیاتهم حال النبی (صلی الله علیه وآله) للملاک، أما بعد موتهم کالحال الحاضر فالظاهر عدم الحرمة للسیرة أیضاً.

وإذا فرض أنه التقی بعض الأوحدی بالإمام المهدی (صلوات الله علیه) کما نقل فی أحوال المقدس الأردبیلی والسید بحر العلوم وغیرهما من الکملین العظام لا یبعد أن یکون الحکم ثابتاً أیضاً.

15: الترغیب فی الحرام

15: الترغیب فی الحرام

الظاهر حرمة الترغیب فی الحرام، وکذلک الترغیب فی ترک الواجب، فإنه منکر من القول عند المتشرعة، وکفی به دلیلاً علی التحریم، لأن المرکوز فی

ص:161


1- سورة البقرة: الآیة 197
2- سورة الحجرات: الآیة 2

أذهان المتشرعة لا یکون إلاّ عن السیرة.

ویؤیده صحیح حماد، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الزور، قال: «منه قول الرجل للذی یغنی: أحسنت»((1)).

ولعل الملاک یستفاد منه بالنسبة إلی کل المحرمات، خصوصاً بالنسبة إلی المحرمات التی هی أشد من الغناء، کأن یقول للزانی: أحسنت.

ومنه یعلم أنه لا فرق فی الترغیب سابقاً أو فی التحسین لاحقاً.

16: الرقص

16: الرقص

ورد فی روایة ضعیفة حرمته.

ففی مستدرک الوسائل فی باب تحریم استعمال الملاهی بجمیع أصنافها وبیعها وشرائها، عن غوالی اللئالی عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إنه نهی عن الضرب بالدف والرقص وعن اللعب کله وعن حضوره وعن الاستماع إلیه، ولم یجز ضرب الدف إلاّ فی الأملاک والدخول بشرط أن یکون فی البکر ولا یدخل الرجال علیهن»((2))، لکن الظاهر أنه لا ینبغی الاستدلال بها لضعف السند.

نعم لو انطبق علیه عنوان محرم آخر کاللهو المحرم ونحوه حرم، ولذا استثنی بعض الفقهاء رقص کل من الزوجین للآخر، وکذلک الرقص فی الأعراس ونحوها، فإن الغناء المحرم فی نفسه إذا صار حلالاً بسبب العرس فالرقص الفاقد للدلیل یکون حلالاً بطریق أولی، والمسألة بحاجة إلی تنقیح.

17: الرقی بما یحرم

17: الرقی بما یحرم

لا یجوز الرقیة بما یحرم کما یفعله بعض الفسقة بالنسبة إلی التعاویذ یکتبونها

ص:162


1- الوسائل: ج12 ص225 الباب 99 مما یکتسب به ح21
2- المستدرک: ج2 ص458 الباب 79 مما یکتسب به ح14

مما فیه الشرک والکفر وما أشبه.

کما أنه إذا کانت الرقیة محتملة لذلک حرم أیضاً حیث نوجب الفحص فی الشبهات الموضوعیة، وکذلک فیما إذا کانت مقرونة بالعلم الإجمالی، أما إذا لم تکن الرقیة کذلک فلا وجه للحرمة.

ففی روایة عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): «إن کثیراً من الرقی والتمائم من الإشراک»((1)).

وعن الصادق (علیه السلام): «إن کثیراً من التمائم شرک»((2)).

وفی روایة ثالثة، قال (علیه السلام): «لا یدخل فی رقیته وعوذته شیئاً لا یعرفه»((3)).

والرقیة کما ذکره اللغویون علی وزن مدیة: ما یکتب لصاحب الحمی والصرع وغیرهما کأنه یرقی بصاحبها عن المشکلة التی وقع فیها.

وفی الآیة الکریمة: «وَقیلَ مَنْ راقٍ»((4)).

کما أن العوذة من الاستعاذة بمعنی الاستجارة لأجل الخلاص من الأرواح الشریرة ونحوها، أو خلاص الله سبحانه وتعالی المؤمن صاحب المشکلة عن مشکلته.

وفی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته عن المریض یکوی أو یسترقی، قال: «لا بأس إذا استرقی بما یعرفه»((5)).

ومنه یعرف عدم الإشکال إطلاقاً فی کتابة آیات القرآن والروایات والأدعیة الواردة، بل وفی الأدعیة المخترعة، کما إذا کتب فی الرقیة: (اللهم اشف عبدک فلان) أو نحو ذلک.

18: الروغ

18: الروغ

ذکره بعضهم فی عداد المحرمات، والمراد منه المکر والخدیعة، کما قال الشاعر:

ص:163


1- الوسائل: ج4 ص878 الباب 41 من قراءة القرآن ح3
2- الوسائل: ج4 ص878 الباب 41 من قراءة القرآن ح4
3- الوسائل: ج4 ص878 الباب 41 من قراءة القرآن ح2
4- سورة القیامة: الآیة 27
5- الوسائل: ج4 ص879 الباب 41 من قراءة القرآن ح12

من طرف اللسان حلاوة

ویروغ عنک کما یروغ الثعلب

19: الرکون إلی الظالمین

19: الرکون إلی الظالمین

الظاهر فی معنی الرکون الاعتماد والاطمینان کما هو المنصرف منه، أما تفسیره بأدنی المیل کما ذکره بعض فهو محل تأمل.

وعلی أی حال، فالرکون إلی الظالمین فی الأمور الدینیة ونحوها محرم.

قال سبحانه: ﴿وَلا تَرْکَنُوا إلی الَّذینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّکُمُ النَّارُ﴾((1)).

أما الرکون والاعتماد علیهم فی معاملة أو معاشرة أو طب بالنسبة إلی الثقاة منهم أو نحو ذلک فلیس من المنهی عنه، لانصراف الآیة إلی ما ذکرناه، ولذا یرکب المتدینون الطائرات مع العلم أن السائق للطائرة کافر لا یصح الرکون إلیه فی أمور الدین، إلی غیر ذلک من أقسام الرکون إلی أهل الخبرة فی الأمور الدنیویة.

20: الارتماس للصائم والمحرم

20: الارتماس للصائم والمحرم

یحرم الارتماس لهما، للروایات الکثیرة فی المقامین، وقد ذکرناهما فی کتابی الصوم والحج.

21: رمی البریء

21: رمی البریء

إذا کانت المرأة فاحشة معروفة فرمیها لا بأس به، وکذلک بالنسبة إلی الزانی ونحوه من المجاهرین بالمعصیة، وأما رمی الإنسان غیر المجاهر فهو محرم وعلیه التعزیر.

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یَکْسِبْ خَطیئَةً أوْ إِثْماً ثُمَّ یَرْمِ بِهِ بَریئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً

ص:164


1- سورة هود: الآیة 113

وَإِثْماً مُبیناً﴾((1)).

وللاستثناء المذکور قال سبحانه، وقال تعالی: ﴿إِنَّ الَّذینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیا والْآخِرَةِ ولَهُمْ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((2)).

وقد ذکرنا المستثنی والمستثنی منه فی کتاب اللعان.

ومن الواضح أن المحرم عنوانان: عنوان رمی المحصنات، وعنوان رمی البریء وإن کان فی غیر قضایا الجنس، فإن رمیه کذب وافتراء وتوهین وإیذاء وإهانة وتحقیر، وکلها محرم شرعاً کما ورد فی متواتر الروایات، وقد ألمعنا إلی بعضها فی السابق.

22: رمی حمام الحرم

22: رمی حمام الحرم

رمی حمام الحرم إیذاء له وتنفیر ونحو ذلک، وکله محرم کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

وفی صحیح معاویة بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «الصاعقة لا تصیب المؤمن»، فقال له رجل: فإنا قد رأینا فلاناً یصلی فی المسجد الحرام فأصابته، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «کان یرمی حمام الحرم»((3)).

بل لا یبعد أن یجری الملاک فی رمی سائر الحیوانات المحرمة علی المحرم، کرمی الغزال للمحرم ولو فی خارج الحرم، أو للمحل فی الحرم.

والمسألة بحاجة إلی التأمل، وإن کان الأقرب ما ذکرناه، ویؤیده قوله سبحانه: «وَمَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»((4)

ص:165


1- سورة النساء: الآیة 112
2- سورة النور: الآیة 23
3- الوسائل: ج9 ص202 الباب 13 من کفارات الصید ح3
4- سورة آل عمران: الآیة 97

فإنه خلاف الأمن مثل الرمی والإخافة.

23: الرهبانیة

23: الرهبانیة

قال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنا فی قُلُوبِ الَّذینَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً، وَرَهْبانِیَّةً ابْتَدَعُوها ما کَتَبْناها عَلَیْهِمْ إلاّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعایَتِها فَآتَیْنَا الَّذینَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَکَثیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾((1)).

الظاهر من الآیة المبارکة أنهم ابتدعوا الرهبانیة فکتبها الله علیهم، ولا منافاة بین الأمرین، ویشبه ذلک سنن النبی (صلی الله علیه وآله) حیث إن النبی (صلی الله علیه وآله) قررها فقبلها الله سبحانه وتعالی وجعلها حکماً.

ویؤیده أن عیسی (علیه السلام) کان بنفسه من الرهبان یسیح فی الأرض ولا یأوی إلاّ إلی الکهوف ونحوها، کما فی الروایات والتواریخ.

وقد نسخت الرهبانیة فی هذه الأمة بروایات متواترة من العامة والخاصة، وضعف السند بعدها لا یضر، بل النسخ فی هذه الأمة من بدیهیات الدین، ولعل وجه کتابتها فی تلک الأمم ونسخها فی الإسلام انغراق العالم فی المادیات سابقاً، حیث إن الملوک کانوا یجعلون من أنفسهم آلهة ویفعلون ما شاؤوا من الشهوات والانتهاکات مما یقتدی بهم الناس فی ذلک أیضاً، وقد ثبت ذلک فی التواریخ، ومن المعلوم أن الناس علی دین ملوکهم، فأوجب ذلک کتابة الرهبانیة حتی یکون هناک قطبان للدنیا وللآخرة، ویکون الناس یعتدلون بسبب الأسرة بالرهبان، بخلاف الحال فی هذه الأمة حیث عدلهم رسول الله (صلی الله علیه وآله) بأمر من الله تعالی بأن جعلهم أمة وسطاً کما فی القرآن الحکیم((2))، فلا حاجة إلی تلک الرهبنة.

ص:166


1- سورة الحدید: الآیة 27
2- سورة البقرة: الآیة 143

وعلی أی حال، الروایات فی ذم الرهبانیة وعدمها فی هذه الأمة الظاهرة فی الحرمة کثیرة.

ففی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل المسلم هل یصلح له أن یسیح فی الأرض أو یترهب فی بیت لا یخرج عنه، قال: «لا»((1)).

وفی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لیس فی أمتی رهبانیة ولا سیاحة ولا زم، یعنی سکوت»((2)).

وفی روایة عثمان بن مظعون، أنه قال لرسول الله (صلی الله علیه وآله): إنی أردت أن أترهب، قال له الرسول (صلی الله علیه وآله): «لا تفعل یا عثمان، فإن ترهب أمتی القعود فی المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة»((3)).

وفی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «الاتکاء فی المسجد رهبانیة العرب»((4)).

والمراد بالعرب المسلمون، کما یجد الإنسان مثل هذا الإطلاق فی بعض الروایات الأخر، حیث إن دینهم بلغة العرب، إلی غیرها من الروایات الموجودة فی هذا الباب.

نعم یمکن أن یقال بأن السیاحة للاطلاع علی معالم الأرض لا کسیاحة الرهبان فی القفار والصحاری، لیست مشمولة لهذه الروایات.

ص:167


1- الوسائل: ج8 ص249 الباب 1 من آداب السفر ح7
2- الوسائل: ج8 ص249 الباب 1 من آداب السفر ح4
3- الوسائل: ج3 ص85 الباب 2 من المواقیت ح7
4- الوسائل: ج3 ص509 الباب 29 من أحکام المساجد ح1

24: الریاء

24: الریاء

لاشک فی حرمة الریاء فی العبادة وأنه مبطل لها، قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْیَوْمِ الْآخِرِ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذی کَالَّذی یُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ ولا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْیَوْمِ الْآخِرِ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿إِنَّ الْمُنافِقینَ یُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إلی الصَّلاةِ قامُوا کُسالی یُراؤُنَ النَّاسَ﴾((3)).

والروایات فی ذلک متواترة، ففی صحیح هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زیاد، عن الصادق والباقر (علیهما السلام): «إنه قیل لرسول الله (صلی الله علیه وآله): فیم النجاة غداً، فقال: إنما النجاة فی أن لا تخادعوا الله فیخدعکم، فإنه من یخادع الله یخدعه ویخلع منه الإیمان ونفسه تخدع لو تشعر، فقیل له: وکیف یخادع الله، قال: یعمل بما أمره الله ثم یرید به غیره، فاتقوا الله واجتنبوا الریاء فإنه شرک بالله، والمرائی یدعی یوم القیامة بأربعة أسماء: یا کافر یا فاجر یا غادر یا خاسر، ذهب عملک وبطل أجرک ولا خلاق لک الیوم فالتمس أجرک ممن کنت تعمل له»((4)).

إلی غیرها من الروایات التی ذکرنا جملة منها فی کتاب (الفضلیة الإسلامیة) وغیرها، وقد ألمعنا إلی ذلک فی الشرح فی الریاء فی الصلاة.

ص:168


1- سورة النساء: الآیة 38
2- سورة البقرة: الآیة 264
3- سورة النساء: الآیة 142
4- المستدرک: ج1 ص11 الباب 11 من مقدمة العبادات ح5

25: رطانة الأعاجم

25: رطانة الأعاجم

الظاهر کراهة رطانة الأعاجم فی المساجد لا الحرمة، لأن الدلیل لا یکفی لإفادتها.

ففی الوسائل بإسناده عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) عن رطانة الأعاجم فی المساجد»((1)).

یقال رطن رطانة بالفتح والکسر فی المصدر، وراطنه مراطنة أی کلمه بالأعجمیة، وتراطن القوم وتراطنوا فیما بینهم تکلموا بالأعجمیة، ولعل النهی کان مختصاً بزمان خاص لوجه مخصوص، وإلاّ فالسیرة المستمرة منذ زمن الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) علی التکلم فی المساجد بغیر العربیة.

والمراد بالأعجمی فی المقام غیر العربی، ولعله (صلی الله علیه وآله) أراد بذلک أن لا یقع سوء التفاهم بین المسلمین، فیزعم العربی أن الفارسی یسبه ونحو ذلک، کما حدث مثل ذلک حین قالت بعض النساء من أساری فارس: (سیاه باد روی هرمز) أی لیسود وجه هرمز، فزعم عمر أنها تسبه وأراد بها سوءاً حتی أنقذها علی (علیه الصلاة والسلام).

ص:169


1- الوسائل: ج3 ص495 الباب 16 من أحکام المساجد ح2

حرف الزاء

1: المزابنة

حرف الزاء

1: المزابنة

یحرم المحاقلة والمزابنة، وهما عبارة عن أن یشتری حمل النخل بالتمر والزرع بالحنطة.

ففی موثق عبد الرحمن، عن الصادق (علیه السلام) قال: «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) عن المحاقلة والمزابنة»((1)).

والظاهر أن المراد بالنهی بطلان المعاملة، فالتحریم وضعی لا تکلیفی، کما ذکروه فی باب النواهی والأوامر فی باب المعاملات، حیث إنها تدل علی الوضع غالباً إلاّ ما خرج بدلیل، وقد ذکر تفصیل ذلک فی کتاب البیع.

2: الزکاة علی السادة

2: الزکاة علی السادة

تحرم الزکاة من غیر السادة علی السادة إلاّ فی صورة الاضطرار، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الزکاة.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح العیص، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله):

ص:170


1- الوسائل: ج13 ص25 الباب 13 من بیع الثمار ح1

«یا بنی عبد المطلب» _ وفی بعض النسخ: (هاشم) بدل (مطلب) _ «إن الصدقة لا تحل لی ولا لکم».

وفی صحیح زرارة ومحمد بن مسلم وأبی بصیر، عن الباقرین (علیهما السلام)، قالا: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن الصدقة أوساخ أیدی الناس، وإن الله قد حرم علیّ منها ومن غیرها ما قد حرمه، وإن الصدقة لا تحل لبنی عبد المطلب»((1)).

ثم الظاهر أن المراد بالأوساخ أنها أوساخ للملاک الذین هی بأیدیهم لا للطوائف الثمان، فهی مثل أن مال الیتیم نار أی لآکله لا للیتیم، قال سبحانه: «إِنَّ الَّذینَ یَأْکُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْکُلُونَ فی بُطُونِهِمْ ناراً»((2))، وإنما لم یطلق مثل ذلک علی الخمس مع أنه مثله کذلک، لأن الآیة لم یرد بتطهیرهم عن الخمس کما ورد فی الزکاة، حیث قال سبحانه: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ»((3))، حتی یفسره الرسول والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) بالأوساخ فهو من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

ثم لا یبعد أن تکون الصدقة المندوبة محرمة علی أهل البیت (علیهم الصلاة والسلام) وأن (أهل البیت) یشمل فی ذلک حتی أطفالهم، ولذا قالت أخت الحسین (علیهما الصلاة والسلام) فی الکوفة: «إن الصدقة محرمة علینا أهل البیت»، وهی تناول التمر والجوز عن أیدی الأطفال وترمی بها((4))، أو أنها أرادت الإلماع إلی الحکم لإفادة أهل الکوفة أنهم أهل البیت (علیهم السلام)، أو أن مرادها التمر، بأن یقال إن عادة أهل الکوفة کان تخزین التمر للصدقة فی بیوتهم ثم إعطاءها شیئاً فشیئاً للفقراء، فالمراد التمر

ص:171


1- الوسائل: ج6 ص186 الباب 29 من المستحقین ح1
2- سورة النساء: الآیة 10
3- سورة التوبة: الآیة 103
4- الوسائل: ج6 ص186 الباب 29 من المستحقین ح2

وحده لا الجوز. والمسألة بحاجة إلی التأمل سنداً ودلالةً، وقد أردنا الإلماع إلی ذلک فی الجملة، وإلاّ فالتفصیل فی محله.

وعلی أی حال، فالظاهر أن الصدقة المندوبة محللة لأهل البیت (علیهم السلام) وإنما هی الصدقة الواجبة، وهل تشمل الزکاة الفطرة، احتمالان.

3: تزکیة النفس

3: تزکیة النفس

قال سبحانه: «فَلا تُزَکُّوا أَنْفُسَکُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقی€�»((1)).

وهل هی محرمة کما یحتمل لظاهر النهی، أو للإرشاد بأن الإنسان لا یذکر مدائح نفسه بالقول، وإن کان اللازم علیه التزکیة بالعمل، وقد قال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها»((2))، احتمالان.

وفی صحیح جمیل قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «فَلا تُزَکُّوا أَنْفُسَکُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقی»((3))، قال: «قول الإنسان صلیت البارحة وصمت أمس ونحو هذا، إن قوماً کانوا یصبحون فیقولون: صلینا البارحة وصمنا أمس، فقال علی (علیه السلام): لکنی أنام اللیل والنهار، ولو أجد شیئاً بینهما لنمته»((4)).

ولا یبعد أن یکون الأمر للإرشاد، لأنه المتلقی عند المتشرعة من مثل الآیة المبارکة والروایة، خصوصاً وذلک متعارف بین المتشرعة من غیر نکیر، بل صحیح جمیل السابق دلیل علیه، حیث إن الإمام (علیه الصلاة والسلام) لم ینههم عن المنکر، ولو کان النهی للتحریم لوجب إنکاره، لأنه یکون حینئذ مثل قول الرجل بحضوره (علیه الصلاة

ص:172


1- سورة النجم: الآیة 32
2- سورة الشمس: الآیة 9
3- البحار: ج45 ص114
4- البرهان: ج4 ص254 ح10

والسلام) إنی شربت الخمر البارحة أو ما أشبه ذلک.

4: الزنا

4: الزنا

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أنْ لا یُشْرِکْنَ بِاللَّهِ شَیْئاً وَلا یَسْرِقْنَ وَلا یَزْنینَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿الزَّانِیَةُ وَالزَّانی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا إنَّهُ کانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبیلاً﴾((3)).

وهو من الکبائر بضرورة المتشرعة، بالإضافة إلی بعض الروایات الدالة علیه، وهو یشمل کلا المأتیین، بالإنزال وبدونه.

5: التزویج للمُحرم والمُحرمة

5: التزویج للمُحرم والمُحرمة

یحرم التزویج لکل من المحرم والمحرمة وإن کان الطرف الآخر حلالاً، بلا إشکال ولا خلاف، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی کتاب الحج.

ففی صحیح ابن سنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام): «لیس للمحرم أن یتزوج ولا یزوج، وإن تزوج أو زوج محلاً فتزویجه باطل»((4)).

والحکم تکلیفی أیضاً علی الظاهر.

6: زخرفة المساجد ونقشها

6: زخرفة المساجد ونقشها

هل تحرم زخرفة المساجد ونقشها کما ذهب إلیه غیر واحد أم لا، احتمالان،

ص:173


1- سورة الممتحنة: الآیة 12
2- سورة النور: الآیة 2
3- سورة الإسراء: الآیة 32
4- الوسائل: ج9 ص89 الباب 14 من تروک الإحرام ح1

وإن کان یؤید العدم أن باب الکعبة کان من الذهب فی زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله) وعلی والحسن والحسین وسائر الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) ولم ینکر ذلک أی واحد منهم، بل فی قصة نهی الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) لعمر من صرفه فی المسلمین دلیل علی جوازه، بل رجحانه، والذی یؤیده جریان العادة بین المسلمین من القدیم فی زخرفة المساجد بالذهب وغیره، والأضرحة المطهرة من المساجد، کما ذکرنا ذلک فی کتاب الطهارة.

7: تزویق البیوت

7: تزویق البیوت

هل یحرم تزویق البیوت بالتماثیل وما أشبه، أو یکره، الظاهر الکراهة، وقد ذکرنا البحث فی ذلک فی کتاب المتاجر عند لفظ (التصویر).

وعلی أی حال، ففی موثقة أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أتانی جبرئیل قال: یا محمد إن ربک یقرؤک السلام وینهی عن تزویق البیوت»، قال أبو بصیر: فقلت: وما تزویق البیوت، فقال: «تصاویر التماثیل»((1)).

ولعل التحریم إنما هو بالنسبة إلی عباد الأصنام ومن أشبههم، وإن کانت الکراهة لأجل التشبه بالنسبة إلی غیرهم.

وتفصیل الکلام فی کتاب المکاسب.

8: إزالة البکارة بالید لغیر الزوج

8: إزالة البکارة بالید لغیر الزوج

لا إشکال فی حرمة إزالة البکارة بالید ونحوها لغیر الزوج إذا لم ترض نفس البکر.

أما إذا رضیت بید امرأة مثلاً لا تنظر إلی الموضع فلا دلیل علی الحرمة، لأنها من الضرر القلیل، کجرح الإنسان قلیلاً، کما ذکرنا ذلک فی بحث الضرر، فتأمل.

ص:174


1- الوسائل: ج3 ص560 الباب 3 من أحکام المساکن ح1

وکذلک لا إشکال فی إزالة البکارة للزوج.

وعلی أی حال، ففی صحیح عبد الله بن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، فی امرأة افتضت جاریتها بیدها، قال: «علیها مهرها وتجلد ثمانین»((1)).

وفی صحیح معاویة، عنه (علیه السلام) فی حدیث: «إن امرأة دعت نسوة فأمسکن صبیة یتیمة بعد ما رمتها بالزنا وأخذت عذرتها بإصبعها، فقضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) أن تضرب المرأة حد القاذف، وألزمهن جمیعاً العقر وجعل عقرها أربعمائة درهم»((2)).

إلی غیرهما من الروایات المذکورة فی باب الحدود، ولا دلیل فی جلد الثمانین علی الحرمة الذاتیة حتی مع رضاها، لأن ذلک مثل جرح الغیر ولو جرحاً جائزاً لنفسه بنفسه، ومثل حلق رأس الغیر حیث إنه محرم ویجلد فاعله، إلی غیرها.

وهل للزوج الإفضاء بالید إذا لم ترض هی، یمکن القول بکل من الجواز والمنع، کما یمکن التفصیل بأنه إن لم یقدر الزوج علی الإفضاء بآلته وأراد بالإزالة بیده فتح الطریق جاز، وإلاّ لم یجز.

9: إزالة الشعر للمُحرم

9: إزالة الشعر للمُحرم

قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی حرمة ذلک قال: «إلاّ أن لا یجد بداً فلیحتجم، ولا یحلق مکان المحاجم»((3)).

وفی صحیح معاویة، عنه (علیه الصلاة والسلام)، عن المحرم کیف یحک رأسه،

ص:175


1- الوسائل: ج14 ص238 الباب 3 ح1
2- الوسائل: ج14 ص238 الباب 3 ح2
3- الوسائل: ج9 ص143 الباب 62 من تروک الإحرام ح1

قال: «بأظافیره ما لم یدم أو یقطع الشعر»((1)).

وفی صحیح آخر له، عنه (علیه الصلاة والسلام): «لا یأخذ المحرم من شعر الحلال»((2)).

ومنه یفهم أنه لا یجوز له الأخذ من شعر المحرم بطریق أولی، لکن الظاهر استثناء ذلک بالنسبة إلی منی، فیجوز للمحرم حلق رأس المحرم الآخر، فإن الأدلة منصرفة عن مثله، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

10: تزیین المحرم

10: تزیین المحرم

الظاهر حرمة تزیین المحرم بالذهب وبغیره، رجلاً کان أو امرأة إلاّ ما خرج بالدلیل، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

11: تزیین المتوفی عنها زوجها

11: تزیین المتوفی عنها زوجها

یحرم علی المرأة إذا توفی زوجها التزیین بما ینافی الحداد الواجب علیها، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی باب العدة.

ففی موثقة ابن أبی یعفور، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: سألته عن المتوفی عنها زوجها، قال: «لا تکتحل لزینة، ولا تطیّب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا تبیت عن بیت زوجها، وتقضی الحقوق، وتمتشط بغسلة، وتحج وإن کانت فی عدتها»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک هناک.

ص:176


1- الوسائل: ج9 ص157 الباب 71 من تروک الإحرام ح1
2- الوسائل: ج9 ص145 الباب 63 من تروک الإحرام ح1
3- الوسائل: ج15 ص450 الباب 29 من العدد ح2

12: الزندقة

12: الزندقة

الظاهر أن الزندقة بنفسها لیست من المواضیع المحرمة شرعاً، وإنما هی موضوع لجملة من إنکار أصول الدین أو فروعه.

وأصله نسبة إلی (زندک) وهو کتاب المجوس الذی هو (زند وپازند)، ثم عرب بالقاف.

وفی بعض الروایات فی کتاب الحدود ما یرتبط به.

ولا یخفی أن ما نجده فی غالب التواریخ من نسبة الخلفاء وأتباعهم بعض الناس إلی الزندقة مکذوب علی أولئک الناس، فإن من عادة السلاطین المستبدین نسبة من ینتقدهم ولو بالحق إلی الکفر ونحو ذلک لتشویه سمعتهم عند العامة حتی إذا عاقبوهم لم ینتقدهم العامة.

13: الزور

13: الزور

قال سبحانه: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾((1)).

والظاهر أنه لیس عنواناً جدیداً، بل کل قول محرم من غناء أو کذب أو ما أشبه من قول الزور، کما ورد بذلک جملة من الروایات التی ذکرنا بعضها فی بحث الغناء.

14: الزمارة

14: الزمارة

هی القصبة التی یزمر بها، یقال: زمر زمراً وزمیراً، وزمّر غنّی بالنفخ فی القصب ونحوه.

ولا یخفی أن آلة الغناء وهی الزمارة محرمة من باب أنه آلة اللهو علی ما ذکر فی مبحثه، کما أن التزمیر بمعنی التغنی محرم أیضاً کما ذکر فی بحث الغناء.

ص:177


1- سورة الحج: الآیة 30

15: الزیغ

15: الزیغ

قال سبحانه: ﴿فَأَمَّا الَّذینَ فی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْویلِهِ وَما یَعْلَمُ تَأْویلَهُ إلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما یَذَّکَّرُ إلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذ هَدَیْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْکَ رَحْمَةً إِنَّکَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾((1)).

الزیغ عبارة عن الانحراف، وهو محرم إذا أظهره الزائغ، أما إذا لم یظهره فإن کان فی أصول الدین کان محرماً ووجب علی صاحبه إزالته بالأدلة ونحوها، وإذا کان فی فروع الدین کان من التجری علی ما ذکرناه فی (الأصول)، وقلنا هناک إنه من قبح السریرة لا أنه محرم.

16: الزفن

16: الزفن

ذکره بعضهم فی عداد المحرمات، وهو عبارة عن الرقص الشدید، یقال: زفن زفناً أی رقص واندفع فی رقصه اندفاعاً شدیداً وضرب برجله کما تفعله الراقصات، وقد تقدم أن الرقص بنفسه لا دلیل علی حرمته إذا لم یکن هنالک ما یشوبه من المحرمات.

ص:178


1- سورة آل عمران: الآیة 7 _ 8

حرف السین

1: السؤال عن أشیاء

حرف السین

1: السؤال عن أشیاء

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عَنْ أَشْیاءَ إنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ وَإِنْ تَسْألُوا عَنْها حینَ یُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَکُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلیمٌ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِکُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها کافِرینَ﴾((1)).

الظاهر من السؤال هو الأسئلة التی توجب الریب والکفر کما یظهر من آخر الآیة.

والحکم لا یخص زمن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، بل هو جار إلی هذا الیوم، ویکون التحریم مقدمیاً لا نفسیاً، أما السؤال عن أشیاء إذا بدت للإنسان أساءته فلیس ذلک بمحرم، لأن کثیراً من الأسئلة الشرعیة توجب إساءة الإنسان، کما إذا سأل عن الزوجة التی هی أخت ملوطه، أو سأل عن قضاء صلواته وصیامه التی أفسدها بسبب عدم علمه ببعض الأجزاء والشرائط، إلی غیر ذلک.

والظاهر أن المراد من الآیة هو الذی ذکر فی ذیلها.

2: السؤال بالکف من غیر حاجة

2: السؤال بالکف من غیر حاجة

الظاهر أن السؤال من غیر حاجة، علی تفصیل ذکرناه فیما سبق، إذا کان العطاء

ص:179


1- سورة المائدة: الآیة 101 _ 102

برضی من المعطی لم یکن فیه حرمة، أما إذا لم یکن برضاه ولو رضی ارتکازیاً بأن ظن المتکفف فقیراً فأعطاه بینما هو لیس بفقیر، کان ذلک حراماً.

وهناک روایات متعددة فی هذا الباب، نعم الظاهر الکراهة لمطلق السؤال، فاللازم علی الإنسان أن یتعود عدم السؤال عن أحد شیئاً، وإنما یقوم هو بنفسه بحاجاته مهما تمکن.

ففی صحیحة أبی بصیر، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: «جاءت فخذ من الأنصار إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) فسلموا علیه، فرد علیهم السلام، فقالوا: یا رسول الله إن لنا إلیک حاجة، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): هاتوا حاجتکم، قالوا: فإنها حاجة عظیمة، فقال: هاتوها ما هی، قالوا: تضمن لنا علی ربک الجنة، قال: فنکس رسول الله (صلی الله علیه وآله) رأسه ثم نکت فی الأرض ثم رفع رأسه فقال: أفعل ذلک بکم علی أن لا تسألوا أحداً شیئاً. قال: فعملوا بما قال (صلی الله علیه وآله) حتی أن الرجل منهم یکون فی السفر فیسقط سوطه فیکره أن یقول لإنسان ناولنیه فراراً من المسألة وینزل فیأخذه، ویکون علی المائدة ویکون بعض جلسائه أقرب إلی الماء منه فلا یقول ناولنی حتی یقوم فیشرب»((1)).

والظاهر أن تنکیس رسول الله (صلی الله علیه وآله) رأسه إنما کان انتظاراً لنزول الوحی، کما هو وارد فی جملة من الروایات.

3: السؤال بوجه الله

3: السؤال بوجه الله

إذا اعتقد الإنسان تجسم الله سبحانه وتعالی فسأل بوجه الله سبحانه کان السؤال حراماً ظاهراً.

لما رواه ابن أبی یعفور، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: جاء رجل إلی

ص:180


1- الوسائل: ج6 ص307 الباب 32 من الصدقة ح4

النبی (صلی الله علیه وآله) فقال: یا رسول الله إنی سألت رجلاً بوجه الله فضربنی خمسة أسواط، فضربه النبی (صلی الله علیه وآله) خمسة أسواط أخری، قال: «سل بوجهک اللئیم»((1)).

والظاهر أنه کان من العالم العامد ونحوه کالمقصر، وإلاّ فالجاهل القاصر یرشد لا أنه یؤدب.

4: السبّ

4: السبّ

یحرم سبّ المسلم بلا إشکال ولا خلاف، إلاّ إذا کان لمقابلة بالمثل فی الحد الجائز فی الشریعة، لا أنه إذا قیل له أنت ولد الزنا، أن یقول له أنت ولد الزنا، لأنه تعد إلی الغیر، ولیس من الاعتداء بالمثل.

ففی موثق أبی بصیر، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله کفر، وأکل لحمه معصیة، وحرمة ماله کحرمة دمه»((2)).

والظاهر أن المراد بأکل لحمه الاغتیاب.

وفی صحیح عبد الرحمن بن أبی عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل سب رجلاً بغیر قذف یعرض به هل یجلد، قال: «علیه تعزیر»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی الحدود.

5: التسبیب إلی الحرام

5: التسبیب إلی الحرام

لا إشکال فی حرمة بعض أقسام التسبیب إلی المعصیة، مثل أن یعطی بید

ص:181


1- الوسائل: ج18 ص577 الباب 2 من بقیة الحدود ح1
2- الوسائل: ج8 ص610 الباب 158 من العشرة ح3
3- الوسائل: ج18 ص452 الباب 19 من حد القذف ح1

غیره السیف فیقتل الآخذ به إنساناً، أو یأتی بامرأة إلی الغیر فیزنی بها، أو یعطیه مال غیره فیحرقه بما لو لم یفعل السبب لم یفعل الفاعل المعصیة.

من غیر فرق بین أن یعلم الفاعل أنه حرام أو لا، بل أو یزعم أنه واجب مثلاً، کما إذا زعم القاتل أنه واجب القتل.

کما لا إشکال فی عدم حرمة بعض أقسام التسبیب، کما إذا طلق زوجته وهو یعلم أنها بدون العدة تتزوج ما لو لم یطلق لم تفعل المرأة ذلک، وبعض البحث مرتبط بمقدمة الحرام، کما أنه مرتبط بدفع المنکر والحیلولة دون وقوعه.

والروایات وردت فی القسمین:

ففی صحیح معاویة الوارد فی بیع الزیت المتنجس، حیث قال (علیه السلام): «بیّنه لمن اشتراه لیستصبح به»((1)).

وفی صحیح أبی نصر، قال: سألت أبا عبد الله (علیه الصلاة والسلام) إلی أن قال: فقال: «لو باع ثمرته ممن یعلم أنه یجعله حراماً لم یکن بذلک بأس»((2)).

وفی صحیح الحلبی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن بیع عصیر العنب ممن یجعله حراماً، فقال: «لا بأس به، تبیعه حلالاً لیجعله حراماً فأبعده الله وأسحقه»((3)).

وتفصیل الکلام فی المسألة فی المکاسب.

6: السبق بغیر الوجه الشرعی

6: السبق بغیر الوجه الشرعی

لا إشکال فی حرمة بعض أقسام السبق، ففی صحیح ابن أبی عمیر، عن حفص، عن الصادق (علیه السلام): «لا سبق إلاّ فی خف أو حافر أو نصل، یعنی النضال»((4)).

وقد ذکرنا

ص:182


1- الوسائل: ج12 ص66 الباب 6 مما یکتسب به ح4
2- الوسائل: ج12 ص169 الباب 59 مما یکتسب به ح1
3- الوسائل: ج12 ص169 الباب 59 مما یکتسب به ح4
4- الوسائل: ج13 ص348 الباب 3 من السبق ح1

تفصیل ذلک فی کتاب السبق والرمایة.

7: السجود لغیر الله سبحانه وتعالی

6: السبق بغیر الوجه الشرعی

قال سبحانه: ﴿وَأنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آیاتِهِ اللَّیْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ﴾((2)).

والروایات علی حرمة السجود لغیر الله سبحانه وتعالی متواترة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی الشرح فلا داعی إلی تکراره.

8: السحر

8: السحر

لا إشکال فی حرمة السحر بجمیع أقسامه، سواء ضر أو نفع، وسواء کان بالوسیلة المحرمة أو بالوسیلة المحللة، وسواء کان المسحور مؤمناً أو کافراً، أما فی سحر الکافر المباح الدم کالمحارب لقتله ففیه احتمالان.

وعلی کل حال، فی صحیح السید عبد العظیم (رحمه الله) عن الجواد، عن الرضا، عن الکاظم، عن الصادق (صلوات الله علیهم أجمعین) فی حدیث عد الکبائر قال: «والسحر لأن الله عز وجل یقول: «وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ»((3))».

وفی روایة السکونی، عن الصادق، عن أبیه (علیهما السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ساحر المسلمین یقتل، وساحر الکفار لا یقتل»، قیل: یا رسول الله لم لا یقتل ساحر

ص:183


1- سورة الجن: الآیة 18
2- سورة فصلت: الآیة 37
3- الوسائل: ج11 ص252 الباب 46 من جهاد النفس ح2

الکفار، قال: «لأن الشرک أعظم من السحر، لأن السحر والشرک مقرونان»((1)).

وفی موثق إسحاق: إن علیاً (علیه الصلاة والسلام) کان یقول: «من تعلم شیئاً من السحر کان آخر عهده بربه، وحده القتل إلاّ أن یتوب»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی المکاسب.

9: السحاق والمساحقة

8: السحر

السحق عبارة عن فعل إحدی المرأتین ذلک بالأخری، ولو کانت الثانیة فی حالة النوم أو السکر أو الجنون أو ما أشبه ذلک، والمساحقة فعلها من الطرفین، وعلی کل حال فهو محرم بلا إشکال ولا خلاف.

ففی صحیح ابن أبی عمیر وحفص، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، إنه دخلت علیه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق، فقال: «حدها حد الزانی»، فقالت امرأة: ما ذکر الله ذلک فی القرآن، فقال: «بلی هن أصحاب الرس»((3)).

وفی صحیح جمیل، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، قال: دخلت امرأة مع مولاتها علی أبی عبد الله (علیه السلام) فقالت: ما تقول فی اللواتی، فقال: «هن فی النار، إذا کان یوم القیامة أتی بهن فألبسن جلباباً من نار وخفین من نار وقناعین من نار وأدخل فی أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار وقذف بهن فی النار»، قالت: فلیس هذا فی کتاب الله، قال: «بلی»، قالت: أین، قال: «قوله: «وَعاداً وثَمُودَ وأَصْحابَ الرَّسِّ»((4))،((5)).

ص:184


1- الوسائل: ج12 ص106 الباب 25 مما یکتسب به ح2
2- الوسائل: ج12 ص106 الباب 25 مما یکتسب به ح7
3- الوسائل: ج14 ص262 الباب 24 من النکاح المحرم ح8
4- سورة الفرقان: الآیة 38
5- الوسائل: ج14 ص262 الباب 24 من النکاح المحرم ح11

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

10: السخریة

10: السخریة

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا یَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسی أنْ یَکُونُوا خَیْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَی أنْ یَکُنَّ خَیْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَکُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإیمانِ وَمَنْ لَمْ یَتُبْ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((1)).

والسخریة قد تکون بالقول وقد تکون بالفعل وقد تکون بالکتابة، کما أن السخریة إنما تحرم إذا کان الطرف محفوظ العرض، وإلاّ ففی الکافر الحربی لا یحرم السخریة منه.

11: إسخاط الخالق برضی المخلوق

11: إسخاط الخالق برضی المخلوق

لا إشکال فی حرمة إسخاط الخالق مطلقاً، أما إسخاط الخالق برضی المخلوق فهو أسوأ، لأنه رجح مخلوقاً ضعیفاً علی الخالق العظیم، وفی جملة من الروایات النهی عن ذلک بصورة خاصة:

فعن أبی الصباح الکنانی، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال النبی (صلی الله علیه وآله): «لا تسخطوا الله برضی أحد من خلقه، ولا تتقربوا إلی أحد من الخلق بالتباعد من الله عز وجل، فإن الله لیس بینه وبین أحد من الخلق شیء یعطیه به خیراً ویصرف به عنه سوءاً إلاّ بطاعته وابتغاء مرضاته، إن طاعة الله نجاح کل شیء یبتغی، ونجاة من کل شر یتقی»((2)).

وفی قصة علی بن الحسین (علیهما الصلاة والسلام) فی المسجد فی الشام، إنه قال

ص:185


1- سورة الحجرات: الآیة 11
2- المستدرک: ج2 ص364 الباب 10 من الأمر ح2

للخطیب الذی أصعده یزید علی المنبر فأکثر الوقیعة فی علی والحسنین (علیهم السلام) قال: «ویلک أیها الخاطب اشتریت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدک من النار»((1)).

وعن علی (علیه الصلاة والسلام): «ما أعظم وزر من طلب رضی المخلوقین بسخط الخالق»((2)).

12: سد باب الاجتهاد

12: سد باب الاجتهاد

یحرم علی الحاکم أو غیره من المتنفذین سد باب الاجتهاد فی الأحکام الشرعیة، فإن الشارع إنما جعل الأحکام لأجل اتباع الناس حسب اجتهاداتهم، فسد هذا الباب خلاف المأمور به، وهو نوع من الأمر بالمنکر، وقد تقدم بعض الأحادیث الدالة علی أن علیهم (علیهم الصلاة والسلام) الأصول وعلینا الفروع((3)).

والسنة إنما سدوا باب الاجتهاد لأنهم رأوا بلوغ السیل الزبی فی فعل کل أحد ما یرید من المحرمات والمآثم والمناکیر ثم ینسبه إلی أنه مجتهد فله أن یفعل ذلک، وبهذا اعتذروا عن فعل معاویة وغیره من الذین فعلوا ما فعلوا فی الدین، ولذا قال السید الطباطبائی (رحمه الله):

ثم رأیتم بلغ السیل الزبی

جعلتم التقلید فیه مذهبا

قلدتم النعمان أو محمداً

أو مالک بن أنس أو أحمدا

فهل أتی الذکر به أو أوصی

به النبی أو وجدتم نصا

ص:186


1- المستدرک: ج2 ص364 الباب 10 من الأمر ح5
2- الوسائل: ج2 ص364 الباب 10 من الأمر ح10
3- الوسائل: ج18 ص41 الباب 6 من صفات القاضی ح51

13: السفاح

13: السفاح

السفاح عبارة عن إراقة الماء بالحرام، سواء کان بالزنا أو اللواط أو السحق أو الاستمناء، سواء من الرجل أو من المرأة، وذلک محرم، وإذا قوبل بالزنا أرید به غیر الزنا، فلیس هو محرماً جدیداً غیر تلک المحرمات.

14: السفور

14: السفور

یحرم السفور، لوجوب الحجاب، وقد تقدم الدلیل علی وجوبه.

15: السعی بالفساد

15: السعی بالفساد

لا شک فی حرمته، والظاهر أنه حرام بنفسه وإن لم یفعل الحرام الذی قصده بسعیه فی ذلک.

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یَسْعَوْنَ فی آیاتِنا مُعاجِزینَ أُولئِکَ فِی الْعَذابِ مُحْضَرُونَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أنْ یُقَتَّلُوا أوْ یُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أَیْدیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((2)).

إلی غیرهما من الآیات والروایات الظاهرة فیما ذکرناه.

16: السعایة

16: السعایة

لا إشکال فی حرمة السعایة إلی الظالم، سواء تمکن الظالم من المظلوم أو لا،

ص:187


1- سورة سبأ: الآیة 38
2- سورة المائدة: الآیة 33

أما السعایة إلی الظالم علی من یستحق العقوبة حیث لا عادل لأجل الوقوف دون ظلمه، کمن یؤذی الناس فی الحکومات الباطلة فیسعی الإنسان إلی الحکومة لإیقافه عند حده فی عدم الظلم علی الناس أو ما أشبه ذلک، فلیس ذلک من السعایة المحرمة بل لازم شرعاً.

وقد ذکرنا فی بعض مباحث (الفقه) أن مراجعة الظالم فی أمثال ذلک بین واجب ونحوه.

والسعایة إلی العادل حیث یصیب المظلوم أذی، لأنه یغفل فیجری علیه حداً أو ما أشبه ذلک، الظاهر حرمته أیضاً لوحدة الملاک.

أما إذا کان السعی علی من یستحق العقاب فلیس من السعایة المحرمة، فبعض الروایات الدالة علی حرمة السعایة یلزم تقییدها بما ذکرناه.

وفی موثق مسعدة بن زیاد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (علیهم الصلاة والسلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «إن أشر الناس یوم القیامة المثلت»، قیل: یا رسول الله وما المثلث، قال: «الرجل یسعی بأخیه إلی إمامه فیقتله، فیهلک نفسه وأخاه وإمامه»((1)).

والروایة وان کانت خاصة بالقتل إلاّ أن ملاکه وبعض الأدلة العامة شاملان لکل أذیة من الظالم علی المظلوم، عرضاً أو مالاً أو عضواً، أو ما أشبه ذلک.

أما قوله سبحانه: «انْطَلِقُوا إلی ظِلٍّ ذی ثَلاثِ شُعَبٍ»((2))، فلا یستبعد أن یراد به المنافق، لأنه کان تارة مع المؤمن، وأخری مع الکافر، وثالثة مع جماعته المنافقین.

17: سخرة المسلم بدون رضاه

17: سخرة المسلم بدون رضاه

لا إشکال فی جواز تسخیر المسلم للعمل برضاه حسب الموازین الشرعیة فی

ص:188


1- الوسائل: ج19 ص9 الباب 2 من القصاص ح5
2- سورة المرسلات: الآیة 30

المعاملات.

قال سبحانه: ﴿أَهُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّکَ نَحْنُ قَسَمْنا بَیْنَهُمْ مَعیشَتَهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِیَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِیًّا وَرَحْمَتُ رَبِّکَ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ﴾((1)).

أما سخرة المسلم بدون رضاه فإن ذلک محرم شرعاً، لأن الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم.

من غیر فرق بین أن تکون السخرة للإکراه الفردی أو للإکراه الأجوائی، مثلاً هناک مائة تاجر یتفقون فیما بینهم علی أن لا یعطوا العامل أکثر من دینار لکل یوم، بینما الأجر العادل لهم دیناران، وحیث لا یجد العمال مکسباً غیر ذلک یضطرون للقبول بدون أجرتهم فإنه إکراه أجوائی، و(لا إکراه) کما یشمل الفردی یشمل الأجوائی أیضاً، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الاقتصاد.

وعلی أی حال، ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یکتب إلی عماله: ألا لا تسخروا المسلمین، ومن سألکم غیر الفریضة فقد اعتدی فلا تعطوه، وکان یکتب یوصی بالفلاحین خیراً وهم الأکارون»((2)).

وفی موثق إسماعیل بن الفضل الهاشمی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن السخرة فی القری وما یؤخذ من العلوج والأکرة فی القری، فقال: «اشترط علیهم، فما اشترطت علیهم من الدراهم والسخرة ما سوی ذلک فهو لک، لیس لک أن تأخذ منهم شیئاً حتی تشارطهم، وإن کان کالمستیقن أن کل من نزل تلک القریة أخذ ذلک منه. وسألته عن رجل بنی فی حق له إلی جنب جار له بیوتاً أو داراً، فتحول أهل دار جاره إلیه أله أن یردهم وهم له کارهون، فقال: «هم أحرار ینزلون حیث شاؤوا

ص:189


1- سورة الزخرف: الآیة 32
2- الوسائل: ج13 ص216 الباب 20 من المزارعة ح1

ویتحولون حیث شاؤوا»((1)).

ولا یخفی أن السخرة تطلق علی تکلیف العمل بغیر أجرة أو بأجرة دون الحق.

18: إسخاط الله سبحانه وتعالی

18: إسخاط الله سبحانه وتعالی

یحرم إسخاط الله سبحانه وتعالی بفعل المحرمات وترک الواجبات، والظاهر حرمة عدم الرضا بقضائه وقدره، وفی بعض الروایات الطلب من الله الرضا بالقضاء والقدر((2)).

لکن الظاهر أن ذلک بمعنی النفرة منه سبحانه الذی ینافی العبودیة، لا بمعنی أنه لو لم یرض قلباً بکونه فقیراً أو مریضاً أو ما أشبه ذلک فعل حراماً بحیث سقطت عدالته، وقد ذکرنا الفرق بینهما فی بعض المباحث السابقة، وذلک لجریان سیرة بعض المتشرعة علی عدم الرضا فی الجملة، ولا یقول أحد بأنهم یفعلون الحرام، بل ظاهر الآیة المبارکة وجملة من الأخبار کون الرضا من الفضیلة لا أن ترکه حرام.

قال سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَیُؤْتینَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إلی اللَّهِ راغِبُونَ﴾((3))، والظاهر أن الجواب ل_ (لو): لکان ذلک خیراً لهم.

19: الإسراف

19: الإسراف

قال سبحانه: ﴿یا بَنی آدَمَ خُذُوا زینَتَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ وَکُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إنّه لا یُحِبُّ الْمُسْرِفینَ﴾((4)).

ص:190


1- الوسائل: ج13 ص216 الباب 20 من المزارعة ح3
2- الوسائل: ج2 ص898 الباب 75 من الدفن
3- سورة التوبة: الآیة 59
4- سورة الأعراف: الآیة 31

وفی آیة أخری: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إنّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفینَ﴾((1)).

وفی صحیح ابن أبی یعفور، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ما من نفقة أحب إلی الله عز وجل من نفقة قصد، ویبغض الإسراف إلاّ فی حج أو عمرة»((2)).

والظاهر أن الإسراف مطلقاً حرام إذا کان مما یعده العرف إسرافاً وحتی فی الحج والعمرة، کما أنه إذا لم یکن مما یعده العرف إسرافاً وإن کان بالدقة إسرافاً لم یکن بمحرم، وکأن الاستثناء فی الحج والعمرة لبیان استحباب المزید من النفقة، فهو استثناء منقطع، لا أن المراد أن الإسراف مطلقاً هنا محلل.

وقد ألمعنا إلی الفرق بین الإسراف والتبذیر فی مادة التبذیر.

20: السرقة

20: السرقة

لا شک فی حرمة السرقة وأنها من الکبائر.

قال سبحانه: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما﴾((3)).

وفی صحیحة إسحاق، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام)، فی قول الله عز وجل: «الَّذینَ یَجْتَنِبُونَ کَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إلاّ اللَّمَمَ»((4))، فقال: «الفواحش الزنا والسرقة، واللمم الرجل یلم بالذنب فیستغفر الله منه»((5)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی السرقة فی کتاب الحدود، کما ذکرنا فی کتاب (الممارسة) خمساً وأربعین شرطاً لجواز قطع ید السارق.

ص:191


1- سورة الأعراف: الآیة 31
2- الوسائل: ج8 ص305 الباب 35 من آداب السفر ح1
3- سورة المائدة: الآیة 38
4- سورة النجم: الآیة 32
5- تفسیر البرهان: ج4 ص253 ح2

21: السعی فی تخریب المساجد

21: السعی فی تخریب المساجد

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أنْ یُذْکَرَ فیهَا اسْمُهُ وَسَعَی فی خَرابِها أُولئِکَ ما کانَ لَهُمْ أنْ یَدْخُلُوها إلاّ خائِفینَ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((1)).

الآیة ظاهرة فی حرمة شیئین بالنسبة إلی المسجد:

الأول: خرابه لغیر جهة الإصلاح المجاز شرعاً.

والثانی: منع المصلین من الذکر فیه بصلاة أو غیر صلاة.

وکلاهما إجماعی.

22: السعی فی آیات الله معاجزین

22: السعی فی آیات الله معاجزین

وهو عبارة عن السعی لأجل تعجیز أنبیاء الله والأئمة (علیهم السلام) والراشدین من العلماء الهادین إلی الله وآیاته، وإفحامهم وتفریق الناس من حولهم، سواء فی الأصول أو الفروع، فإن عمله ذلک محرم قطعی، بل ربما کان موجباً للارتداد.

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ سَعَوْا فی آیاتِنا مُعاجِزینَ أُولئِکَ أَصْحابُ الْجَحیمِ﴾((2)).

وفی آیة أخری: ﴿وَالَّذینَ سَعَوْا فی آیاتِنا مُعاجِزینَ أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلیمٌ﴾((3)).

23: السفر المحرم

23: السفر المحرم

یحرم السفر فی موارد:

منها: من غیر إذن الأبوین إذا کان ذلک أذیة لهما، لأنا حققنا فی بحث بر الأبوین

ص:192


1- سورة البقرة: الآیة 114
2- سورة الحج: الآیة 51
3- سورة سبأ: الآیة 5

أن المحرم هو ذلک، لا کل منع منهما.

ومنها: السفر بدون إذن الزوج.

ومنها: السفر بدون إذن المولی.

ومنها: السفر لأجل المعصیة.

ومنها: أن یکون السفر بنفسه حراماً.

إلی غیر ذلک، والأدلة علی حرمة المذکورات موجودة فی (الفقه) فی سفر المعصیة من کتاب الصلاة، وفی بحث بر الوالدین من کتاب النکاح وغیرهما.

24: إسقاط الحمل

24: إسقاط الحمل

إذا علقت النطفة حرم إسقاطها إلاّ فی صورة الضرورة.

وفی موثق ابن عمار، قال: قلت لأبی الحسن (علیه السلام): المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقی ما فی بطنها، قال: «لا»، فقلت: إنما هو نطفة، فقال: «إن أول ما یخلق نطفة»((1)).

إلی غیرها، ولا إشکال فی عدم السماح لانعقاد النطفة بشرب دواء أو قفزة أو ما أشبه مما یسبب عدم الانعقاد، لعدم الدلیل علی حرمة ذلک.

25: سقی الخمر الصبی والمجنون ونحوهما

25: سقی الخمر الصبی والمجنون ونحوهما

لا یجوز سقی الخمر للصبی ولا للمجنون، ولا الإیجار فی حلق النائم والسکران وما أشبه، کما لا یجوز إسقاؤها الکافر أیضاً، بل ولا سقیها للدواب، أما إسقاء الأرض بها للنبات فالظاهر عدم المانع فیه، للأصل.

والحرمة فی المذکورات التی ذکرناها وردت فی جملة من الروایات:

فقد ورد حرمة سقی الخمر والمسکر صبیاً أو کافراً((2)).

وفی

ص:193


1- الوسائل: ج19 ص15 الباب 7 من القصاص فی النفس ح1
2- الوسائل: ج17 ص346 الباب 10 من الأشربة المحرمة ح3 و7

بعض الروایات: «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) کره أن تسقی الدواب الخمر»((1)).

بضمیمة ما ورد أن علیاً (علیه الصلاة والسلام) لم یکن یکره الحلال((2)). ولذلک استثنینا فی (الفقه) عن قاعدة الإلزام بیع الخمر للکفار، بینما لم نستثن بیع سائر المحرمات کمحرمات الذبیحة والأسماک المحرمة فی الأکل وما أشبه، وذلک لقانون الإلزام أو إنقاذ مال الکافر برضاه، کما ذکره العلامة فی بیع المیتة لمستحلها.

والکلام فی المقام طویل مرتبط بکتاب المکاسب.

26: سقی بعض المجرمین

26: سقی بعض المجرمین

لا یسقی المجرم الذی یجب التضییق علیه إلاّ فی الجملة بما یمسک رمقه، مثل القاتل أو غیره من المجرمین الذین التجؤوا إلی الحرم.

ففی صحیح معاویة بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلاً فی الحل ثم دخل الحرم، فقال: «لا یقتل ولا یطعم ولا یسقی ولا یباع ولا یؤذی حتی یخرج من الحرم فیقام علیه الحد».

ومثله غیره.

والمناط جار فی سائر المجرمین الذین یلتجؤون إلی الحرم.

27: المسکر

27: المسکر

لا إشکال فی أن کل مسکر حرام، وما أسکر قلیله فکثیره حرام.

ففی صحیح الفضل بن یاسر، قال: ابتدأنی أبو عبد الله (علیه السلام) من غیر أن أسأله فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «کل مسکر حرام»، قال: قلت: أصلحک الله کله، قال:

ص:194


1- الوسائل: ج17 ص246 الباب 10 من الأشربة المحرمة ح4
2- الوسائل: ج9 ص336 الباب 14 من مقدمات الطواف ح1

«نعم الجرعة منه حرام»((1)).

والروایات فی ذلک متواترة.

والظاهر أنه لا فرق بین الشرب أو الحقنة أو التزریق بسبب الإبرة أو غیر ذلک لإطلاق الأدلة.

بل لا یبعد الحرمة فیما إذا شرب الشیء غیر المسکر مما یتحول فی معدته إلی مسکر، وکذلک إذا سکر بسبب الشم لبعض المواد المخدرة، أو جعل الهواء بحیث إذا استشم الإنسان أو دخل حلقه سبب إسکاره، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الأطعمة والأشربة.

28: السلام علی أشخاص

28: السلام علی أشخاص

الظاهر أن الروایات الواردة فی النهی عن السلام علی أشخاص محمولة علی الکراهة، ولعل هذا هو المشهور، وإن کان ذهب غیر واحد إلی الحرمة استناداً إلی ظهور النهی، لکن النهی منصرف بسبب الأدلة الدالة علی الجواز.

فمن الروایات المانعة موثق مصدق أو مسعدة، عن الباقر (علیه السلام) قال: «لا تسلموا علی الیهود ولا النصاری ولا علی المجوس، ولا علی عبدة الأوثان، ولا علی شراب الخمر، ولا علی صاحب الشطرنج والنرد، ولا علی المخنث، ولا علی الشاعر الذی یقذف المحصنات، ولا علی المصلی إن المصلی لا یستطیع أن یرد السلام، لأن التسلیم من المسلم تطوع والجواب فرضیة، ولا علی آکل الربا، ولا علی رجل علی غائط، ولا علی الذی فی الحمام، ولا علی الفاسق المعلن بفسقه»((2)).

وفی صحیح غیاث، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «لا تبدؤوا أهل الکتاب بالتسلیم، وإذا سلموا علیکم فقولوا وعلیکم»((3)).

ص:195


1- الوسائل: ج17 ص259 الباب 15 من الأشربة المحرمة ح1
2- الوسائل: ج8 ص432 الباب 28 من العشرة ح7
3- الوسائل: ج8 ص452 الباب 49 من العشرة ح1

إلی غیرها من الروایات الناهیة والتی فی أنفسها شواهد علی الکراهة ولو بقرینة السیاق، فإن أحداً لم یذهب إلی حرمة السلام علی رجل غائط أو فی الحمام أو ما أشبه ذلک.

ومن جملة القرائن المنفصلة صحیح ابن الحجاج، قال: قلت لأبی الحسن (علیه السلام): أرأیت إن احتجت إلی طبیب وهو نصرانی أسلم علیه وأدعوا له، قال: «نعم إنه لا ینفعه دعاؤک»((1)).

ثم إذا سلم الکافر علی الإنسان لا یلزم أن یجیبه بعلیکم وحده أو بالسلام وحده، بل یجوز السلام التام، بل لعل جواز السلام ابتداءً وجواباً بالنسبة إلی غیر المحارب داخل فی قوله سبحانه: ﴿لا یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ لَمْ یُقاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطینَ»((2)).

29: الاستسلام

29: الاستسلام

الظاهر عدم حرمة الاستسلام للکفار فیما إذا أراد المسلم المجاهد الاستسلام لأنه رأی أنه خیر للمسلمین، أما إذا کان خیراً له بنفسه لا للإسلام والمسلمین فاللازم ملاحظة قانون الأهم والمهم.

وفی المسألة روایات مذکورة فی کتب الجهاد.

30: السمعة

30: السمعة

وهو عبارة عن أن یأتی الإنسان بعمل أو قول أو حرکة لیسمعه الناس فیمدحوه، وهو کالریاء فی الحرمة فی الجملة، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی ذلک فی کتاب

ص:196


1- الوسائل: ج8 ص456 الباب 53 من العشرة ح1
2- سورة الممتحنة: الآیة 8

الصلاة.

31: استماع الغناء

31: استماع الغناء

یحرم استماع الغناء بلا إشکال، ویدل علیه جملة من الروایات:

مثل صحیح علی بن جعفر، عن أخیه (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل یتعمد الغناء یجلس إلیه، قال: «لا»((1)).

وفی صحیح محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام)، فی قول الله عز وجل: «وَالَّذینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ»((2))، قال: «هو الغناء»((3)).

إلی غیرهما، ومحل المسألة کتاب المکاسب.

32: استماع الغیبة

32: استماع الغیبة

من المحرمات الأکیدة أیضاً استماع الغیبة، فی ما إذا لم یجز للمغتاب الغیبة، أما إذا جاز فالظاهر التلازم بین جوازها بالنسبة إلی المغتاب بالکسر وبین جوازها بالنسبة إلی المغتاب بالفتح.

قال سبحانه: ﴿لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلاّ مَنْ ظُلِمَ﴾((4)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب.

33: استماع اللهو

33: استماع اللهو

یحرم الاستماع إلی اللهو أیضاً بأن یستمع الإنسان إلی العود أو الطنبور أو القانون

ص:197


1- الوسائل: ج12 ص232 الباب 99 مما یکتسب به ح32
2- سورة الفرقان: الآیة 72
3- الوسائل: ج12 ص226 الباب 99 مما یکتسب به ح3
4- سورة النساء: الآیة 148

أو البربط أو غیر ذلک، والدلیل مذکور فی بحث آلات اللهو من المکاسب.

نعم لا إشکال فی استماع أصوات الحیوانات وخریر المیاه وحفیف الأشجار وما أشبه إذا کان شبیهاً فی صوتها بآلات اللهو، بل الظاهر عدم الحرمة بالنسبة إلی من یخرج من فمه مثل تلک الأصوات بدون أن یکون غناءً، للأصل بعد عدم القطع بالملاک.

34: تسمیة الإمام الغائب (علیه السلام) باسم (میم حاء میم دال)

34: تسمیة الإمام الغائب (علیه السلام) باسم (میم حاء میم دال)

الظاهر أن تسمیته (علیه الصلاة والسلام) بهذا الاسم لیس بمحرم، وإن ذهب إلی ذلک بعض الفقهاء لجملة من الروایات:

کصحیح ابن رئاب، عن الصادق (علیه السلام): «صاحب هذا الأمر لا یسمیه باسمه إلاّ کافر»((1)).

وفی صحیحه الآخر زیادة: «لأنکم لا ترون شخصه ولا یحل لکم ذکره باسمه» قلت: کیف نذکره، قال: «قولوا الحجة من آل محمد»((2)).

إلی غیرها من الروایات الناهیة، لکن الظاهر من بعض الروایات أن ذلک فی مورد التقیة.

وفی حسن العمری، قال: خرج توقیع بخط أعرفه: «من سمانی بمجمع من الناس فعلیه لعنة الله»((3)).

وعلی أی حال، فالقول بالحرمة مشکل وإن کان الاحتیاط فی الترک.

ص:198


1- الوسائل: ج12 ص486 الباب 33 من الأمر والنهی ح4
2- الوسائل: ج12 ص486 الباب 33 من الأمر والنهی ح6
3- الوسائل: ج12 ص486 الباب 33 من الأمر والنهی ح13

35: تسمیة الله بغیر ما ورد فی الشریعة

35: تسمیة الله بغیر ما ورد فی الشریعة

یحرم تسمیة الله بغیر ما ورد فی الشریعة، والدلیل علی ذلک أنه لا یعلم حقیقة الله سبحانه، وما لا یعلم حقیقته لا یعلم ما یناسبه وما لا یناسبه إلاّ بسبب نفسه، وحیث لم یرد تلک الأسامی فی الشریعة لم تعلم المناسبة فالتسمیة بها خلاف رسوم العبودیة.

وورود بعض المواد فی الشریعة مثل (یضل) لا یدل علی جواز (المضل) مثلاً، إذ لکل لفظ خصوصیاته، مثلاً الإنسان وإن صح أنه ینسی لکن إذا قیل لإنسان محترم (یا ناسی) غضب ورآه إهانة، إلی غیر ذلک.

وتفصیل الکلام فی کتب أصول الدین.

قالوا: وقولنا له سبحانه (واجب الوجود) مع أنه لم یرد، إلماع إلی حقیقة لا إلی اسم حتی یکون من الممنوع.

ومنه یعلم أن نسبة شیء إلیه لم یرد به دلیل أیضاً غیر جائز، کأن یقال ابتهج الله سبحانه بتوبة عبده وإن ورد أنه سبحانه أشد فرحاً بعبده التائب ممن وجد راحلته بعد الضیاع فی الصحراء.

36: تسمیة غیر علی (علیه الصلاة والسلام) بأمیر المؤمنین

36: تسمیة غیر علی (علیه الصلاة والسلام) بأمیر المؤمنین((1))

الظاهر عدم جواز تسمیة غیر علی (علیه الصلاة والسلام) بأمیر المؤمنین، للروایات الناهیة عن ذلک حتی بالنسبة إلی الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام).

وما فی بعض الروایات من الجواز محمول علی تقیة أو ما أشبه.

ولا فرق فی حرمة التسمیة بین أن یقصد الوصف أو الاسم، لإطلاق دلیل المنع، بل هو المرکوز فی أذهان المتشرعة کافة، بل الظاهر عدم جوازه حتی بالنسبة إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله)،

ص:199


1- للتفصیل انظر: (الیقین والتحصین فی إمرة أمیر المؤمنین علیه السلام) لابن طاووس، ط دار العلوم، مؤسسة الثقلین

وإن کان ربما یقال: إن المراد بالحرمة بالنسبة إلی غیر علی (علیه الصلاة والسلام) من الأوصیاء أو الظالمین لا بالنسبة إلی الرسول (صلی الله علیه وآله).

ولم أجد هذا الفرع مذکوراً فی الکتب المعنیة بهذا الشأن، ولعل من المؤیدات علی عدم جوازه بالنسبة إلیه (صلی الله علیه وآله) عدم إطلاقه علیه لا فی حیاته ولا بعد مماته، لا فی القرآن ولا فی السنة، ولا فی ألسنة الصحابة ونحوهم إطلاقاً.

37: تسمیة الملائکة إناثاً

37: تسمیة الملائکة إناثاً

لا یجوز تسمیة الملائکة إناثاً، ولا الاعتقاد بذلک، أما الحور العین فلا شک بأنهم إناث وهن خارجات عن الملائکة.

قال سبحانه: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِکَةَ الَّذینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُکْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَیُسْئَلُونَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَیُسَمُّونَ الْمَلائِکَةَ تَسْمِیَةَ الْأُنْثی ﴾((2)).

ولایبعد من جهة الملاک حرمة تصویرهم بصورة الإناث أیضاً، کما یشاع عند غیر المبالین.

38: التسمیة المحرمة

38: التسمیة المحرمة

الظاهر حرمة التسمیة بأسامی خاصة أو قبیحة.

کأن یسمی ولده برسول الله، أو الله، أو الإله، أو تسمیة البنت بالإلهة کما یشاهد عند بعض الفساق من غیر المبائین.

وکذلک إذا سمی ولده بالجماع أو الفرج أو ما أشبه ذلک، وهکذا حال ما إذا سماه

ص:200


1- سورة الزخرف: الآیة 19
2- سورة النجم: الآیة 27

قاتل الحسین (علیه السلام) أو ما أشبه ذلک.

أما التسمیة بأسامی أعدائهم (علیهم السلام) فهو مکروه، کما فی الأدلة ولیس بمحرم، ولذا کان من أصحابهم (علیهم السلام) من یسمی بمعاویة ویزید وما أشبه ذلک ولم یغیروها.

ویدل علی الحرمة فی القبیح قوله سبحانه: «وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ»((1))، ولو بالملاک، أما بالنسبة إلی الأول فبالإضافة إلی الارتکاز یشمله کونه إهانة وهتکاً ونحو ذلک.

39: السلب

39: السلب

لا إشکال فی حرمة السلب، لأنه استیلاء علی مال الغیر وإن لم یکن سرقة.

40: سنة الشر

40: سنة الشر

لا إشکال فی أن من سنّ سنة الشر سواء کان بنایة شریة کالمخمر والمقمر، أو علماً شریاً، أو کتاباً شریاً، أو عملاً شریاً، کان ذلک معصیة ومحرماً، وإذا اقتدی به غیره وبقی مستمراً کان وزر أولئک علیه من غیر أن ینقص من أوزارهم شیء.

ویدل علی ذلک جملة من الروایات:

مثل ما رواه إسماعیل الجعفی، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «ومن استن سنة جور فاتبع کان علیه وزر من عمل به من غیر أن ینتقص من أوزارهم شیء»((2)).

وعن محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): «من عمل باب هدی کان له أجر من عمل به ولا ینقص أولئک من أجورهم، ومن عمل باب ضلال کان علیه وزر من عمل به ولا ینقص أولئک من أوزارهم»((3)).

ص:201


1- سورة الحجرات: الآیة 11
2- الوسائل: ج12 ص437 الباب 16 من الأمر والنهی ح7
3- الوسائل: ج12 ص437 الباب 16 من الأمر والنهی ح9

41: سوء الظن بالله

41: سوء الظن بالله

من المحرمات سوء الظن بالله سبحانه.

قال تعالی: ﴿وَذلِکُمْ ظَنُّکُمُ الَّذی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّکُمْ أَرْداکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرینَ﴾((1)).

وفی صحیح برید، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «فی کتاب علی (علیه السلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: والذی لا إله إلاّ هو ما أعطی مؤمن قط خیر الدنیا والآخرة إلاّ بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والکف عن اغتیاب المؤمنین، والذی لا إله إلاّ هو لا یعذب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلاّ بسوء ظنه وتقصیر من رجائه له وسوء خلقه واغتیاب المؤمنین، والذی لا إله إلاّ هو لا یحسن ظن عبد مؤمن إلاّ کان الله عند ظن عبده المؤمن، وإن الله کریم بیده الخیر یستحیی أن یکون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم یخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إلیه»((2)).

إلی غیرها من الروایات المتواترة فی هذا الباب.

ولا یخفی أن الظن الذی لیس بید الإنسان مما لا یتمکن من إزالته ولو بالتفکر وما أشبه من المقدمات لا یکون الإنسان معاقباً علیه، والظن الحسن یشمل بالأولی الیقین بلطفه سبحانه وتعالی به.

وفی روایة لطیفة، عن ابن الحجاج، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «إن آخر عبد یؤمر به إلی النار یلتفت فیقول الله جل جلاله: أجلوه، فإذا أتی به قال له: عبدی لِمَ التفتتَ، فیقول: یا رب ما کان ظنی بک هذا، فیقول الله جل جلاله: عبدی ما کان ظنک بی، فیقول: یا رب کان ظنی بک أن تغفر لی خطیئتی وتدخلنی جنتک، قال: فیقول الله جل جلاله: ملائکتی وعزتی وجلالی وآلائی وارتفاع مکانی ما ظن بی

ص:202


1- سورة فصلت: الآیة 23
2- الوسائل: ج12 ص181 الباب 16 من جهاد النفس ح3

هذا ساعة من حیاته خیراً قط، ولو ظن بی ساعة من حیاته خیراً ما روعته بالنار، أجیزوا له کذبه وأدخلواه الجنة».

ثم قال أبو عبد الله (علیه السلام): «ما ظن عبد بالله خیراً إلاّ کان له عند ظنه، وما ظن به سوءاً إلاّ کان الله عند ظنه، وذلک قول الله عز وجل: «وَذلِکُمْ ظَنُّکُمُ الَّذی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّکُمْ أَرْداکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرینَ»((1))»((2)).

42: سوء الخلق

42: سوء الخلق

لا یبعد أن یکون سوء الخلق من المحرمات ببعض مراتبه، وقد تقدم فی صحیح برید فی مادة سوء الظن ما یؤید ذلک.

نعم کل مراتب سوء الخلق لیس من المحرم وإنما من المکروه.

43: سوء الظن بالمؤمنین

43: سوء الظن بالمؤمنین

ظن الخیر بالناس حسن بلا إشکال، قال سبحانه: ﴿لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَیْراً﴾((3)).

أما ظن السوء بهم فهو محرم إذا کان کثیراً، أما القلیل منه فالمستفاد من الآیة عدم الحرمة، ویؤیده عدم خلو الإنسان من سوء الظن فی الجملة غالباً.

لا یقال: کیف یمکن حرمة سوء الظن مع أنه غالباً لیس بید الإنسان.

فإنه یقال: إنها مثل سائر الملکات الخبیثة التی بید الإنسان التقلیل منها وعدم الاستمرار فیها إذا طرأت علیه.

ص:203


1- سورة فصلت: الآیة 23
2- الوسا ئل: ج12 ص181 الباب 16 من جهاد النفس ح7
3- سورة النور: الآیة 12

44: تسوید الثوب

44: تسوید الثوب

لا حرمة فی تسوید الثوب، سواء فی المصیبة للمرأة أو للرجل أو فی غیرها.

وقد حملنا فیما سبق الروایة المرویة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، حیث قالت له أم حکیم: ما ذلک المعروف الذی أمرنا الله أن لا نعصیک فیه، قال: «لا تلطمن خداً، ولا تخمشن وجهاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تشققن جیباً، ولا تسودن ثوباً»، فبایعهن رسول الله (صلی الله علیه وآله) علی هذا((1))، علی بعض مراتب الکراهة فی غیر المستثنیات، وفصلناه فی بعض مباحث (الفقه)، وقد ذکره الأخ (رحمه الله) فی (الشعائر الحسینیة) بإسهاب.

45: السیاحة

45: السیاحة

لا شک فی استحباب السفر، کما قال سبحانه: «فَسیرُوا فِی الْأَرْضِ»((2))، إلی غیرها من الآیات.

وقال علی (علیه الصلاة والسلام): «فسافر ففی الأسفار خمس فوائد»((3)).

فما ورد فی بعض الروایات من النهی إنما یراد به الرهبنة فإنها غالباً لازم إما للسیاحة وإما للاعتزال فی کهف وما أشبه.

وفی صحیح علی بن جعفر، عن الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل المسلم هل یصح له أن یسیح فی الأرض أو یترهب فی بیت لا یخرج منه، قال: «لا»((4)).

وقد ألمعنا إلی ذلک فی بحث الرهبانیة.

46: السیمیاء

46: السیمیاء

ذکر بعضهم من جملة المحرمات السیمیاء، وهو قسم من السحر ونحوه، وقد

ص:204


1- تفسیر البرهان: ج4 ص325 ح1
2- سورة آل عمران: الآیة 137
3- الدیوان المنسوب: ص63
4- الوسائل: ج8 ص249 الباب 1 من آداب السفر ح7

جمع بعضهم العلوم الغریبة فی کلمة (کله سر) والمراد به الکیمیاء واللیمیاء والهیمیاء والسیمیاء والریمیاء، علی تفصیل ذکروه فی الکتب المعنیة بهذا الشأن.

لکن الکیمیاء سواء کان بمعناه القدیم بتذهیب الصفر أو الحدید، أو بمعناه الحدیث من تخلیص جوهر الأشیاء منها، لیس بمحرم کما هو واضح.

وعلی کل حال حرمة السیمیاء هی حرمة السحر لا أکثر، فهو من مصادیقه.

ص:205

حرف الشین

1: التشبیب بالمرأة والغلام

حرف الشین

1: التشبیب بالمرأة والغلام

وهو ذکر محاسنهما، محرم علی المشهور بین الفقهاء، فإن ذلک فحش وإغراء بالقبیح وتوهین وإیذاء وتنقیص وهتک وغیر ذلک، وقد بعد رسول الله (صلی الله علیه وآله) من شبب ببعض النساء، وتفصیله مذکور فی المکاسب.

2: الشرب المحرم

2: الشرب المحرم

یحرم بعض أقسام الشرب، وحیث قد ذکرنا ذلک تفصیلاً فی کتاب (الفقه) نعده هنا تعداداً:

مثل (الشرب من آنیة الذهب والفضة) و(شرب البول) و(الخمر) و(الدم) و(سائر أقسام المسکرات) و(شرب العصیر بعد الغلیان وقبل ذهاب الثلثین) و(شرب الفقاع) و(شرب لبن الحیوان الجلال کالإبل والشاة وغیرهما) و(شرب لبن الحیوان الموطوء به) و(شرب لبن الحیوان غیر المأکول کالهرة واللبوة ونحوهما) و(شرب المنی) و(شرب أقسام الأنبذة) و(شرب المتنجس) و(شرب الضار) و(شرب أبوال الحیوانات المحرمة) و(شرب سائر رطوباتها).

ص:206

3: الشتم

3: الشتم

قد تقدم حرمة ذلک فی مادة (السب).

4: التشریع

4: التشریع

قد تقدم حرمة ذلک فی مادة (البدعة).

5: الشرک

5: الشرک

لا إشکال فی أن الشرک من أکبر الکبائر، فقد قال سبحانه: ﴿مَنْ یُشْرِکْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّةَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أنْ یُشْرَکَ بِهِ وَیَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ﴾((2))، وقد تقدم الإلماع إلی ذلک.

6: الشرکة فی المحرمات

6: الشرکة فی المحرمات

لا إشکال فی أن الشرکة فی فعل المحرم محرم أیضاً لإطلاق أدلتها، ومن جملتها الشرکة فی قتل المسلم، ففی حدیث: إن النبی (صلی الله علیه وآله) قال: «والذی بعثنی بالحق لو أن أهل السماء والأرض شرکوا فی دم امرئ مسلم ورضوا به لأکبهم الله علی مناخرهم فی النار»، أو قال: «علی وجوههم»((3)).

وفی روایة، عن الباقر (علیه السلام) قال: «إن الرجل لیأتی یوم القیامة ومعه قدر محجمة من دم فیقول: والله ما قتلت ولا شرکت فی دم، فیقال: بل ذکرت عبدی فلاناً

ص:207


1- سورة المائدة: الآیة 72
2- سورة النساء: الآیة 116
3- عقاب الأعمال: ص279 عقاب من شرک فی دم امرئ مسلم

فترقی ذلک حتی قتل فأصابک من دمه((1)).

ولا یخفی أن الشرکة فی قتل المسلم کأصل قتله فیه موارد الاستثناء کالمهاجم ونحوه.

7: الشح المطاع

7: الشح المطاع

هل یحرم الشح المطاع، الظاهر الحرمة بالنسبة إلی الواجبات المالیة، کما ورد فی بعض الروایات الواردة فی المهلکات، وأما بالنسبة إلی غیر الواجبات فهو من الصفات الذمیمة.

8: شراء المصحف

8: شراء المصحف

کما لا یجوز بیع المصحف لا یجوز شراؤه، وقد ألمعنا إلی ذلک فی السابق.

9: شرب الدواء أو استعماله لإسقاط الجنین

9: شرب الدواء أو استعماله لإسقاط الجنین

حیث إن إسقاط الجنین محرم علی ما قد تقدم فی بعض المباحث السابقة، فشرب الدواء المسقط له من باب مقدمیته محرم أیضاً.

کما أن شرب الدواء الموجب لسائر الأمراض والعلل الضارة مضرة کبیرة لا قلیلة محرم أیضاً، وقد ألمعنا إلی الفرق بین الضرر الکثیر والقلیل فی بعض المباحث السابقة.

10: الاشتراء بآیات الله

10: الاشتراء بآیات الله

قال سبحانه: ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآیاتی ثَمَناً قَلیلاً﴾((2)).

ص:208


1- الوسائل: ج19 ص8 الباب 2 من قصاص النفس ح1
2- سورة البقرة: الآیة 41

وقال سبحانه: «وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلیلاً»((1)).

إلی غیرهما من الآیات المتکررة فی القرآن الحکیم، ومعنی ذلک أن یبیع أحکام الله سبحانه لأجل منفعة دنیویة.

11: اشتراء الصید فی الحرم

11: اشتراء الصید فی الحرم

قد ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

12: اشتراء المعتکف

12: اشتراء المعتکف

قد ذکرنا تفصیله فی کتاب الاعتکاف، فقد قال الباقر (علیه السلام) فی صحیحة أبی عبیدة: «المعتکف لا یشم الطیب ولا یتلذذ بالریحان ولا یماری ولا یشتری ولا یبیع»((2)).

إلی غیر ذلک.

13: شراء الجواری المغنیات

13: شراء الجواری المغنیات

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) لرجل سأله عن بیع الجواری المغنیات: «شراؤهن وبیعهن حرام، وتعلیمهن کفر واستماعهن نفاق»((3)).

والظاهر أن شراء المغنی أیضاً کذلک لوحدة الملاک، کما أن غیر البیع کالاستیجار ونحوه فی حکم البیع أیضاً.

ومنه یعلم حال استیجار النساء والرجال المغنیات والمغنین وإن کانوا أحراراً إذا کان لأجل الغناء.

ص:209


1- سورة النحل: الآیة 95
2- الوسائل: ج7 ص411 الباب 10 من الاعتکاف ح1
3- الوسائل: ج12 ص88 الباب 16 مما یکتسب به ح7

14: اشتراء لهو الحدیث

14: اشتراء لهو الحدیث

قال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَری لَهْوَ الْحَدیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ ألیم﴾((1)).

وقد فصل الکلام حول ذلک فی کتاب المکاسب.

15: الشطرنج

15: الشطرنج

یحرم اللعب بالشطرنج، کما یحرم صنعه لأنه آلة القمار، فیدخل فی عموم الأدلة المانعة عن صنع آلات القمار ونحوها.

وفی صحیح ابن أبی عمیر، عن هشام، عن الصادق (علیه السلام)، فی قول الله تعالی: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ»((2))، قال: «الرجس من الأوثان الشطرنج»((3)).

والظاهر أن الإمام (علیه الصلاة والسلام) أراد بذلک الملاک ونحوه، أو بطناً من بطون الآیة المبارکة، وإلاّ فالظاهر من (الرجس من الأوثان) الأصنام.

وفی صحیح مسعدة بن زیاد، عن الصادق (علیه السلام)، إنه سئل عن الشطرنج، فقال: «دعوا المجوسیة لأهلها، لعنها الله»((4)).

وهل حضور مجلس یلعب فیه الشطرنج حرام أو لا، احتمالان:

من ظاهر أن حضور مجلس المنکر محرم کما فی جملة من الروایات التی یفهم منها الملاک، بل وبعض الآیات أیضاً، مثل قوله سبحانه: «فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ»((5)).

ص:210


1- سورة لقمان: الآیة 6
2- سورة الحج: الآیة 30
3- تفسیر البرهان: ج3 ص91 ح9
4- الوسائل: ج12 ص238 الباب 102 مما یکتسب به ح7
5- سورة النساء: الآیة 140

ولصحیح حماد، قال: دخل رجل من البصریین علی أبی الحسن الأول (علیه السلام) فقال له: جعلت فداک إنی أقعد مع قوم یلعبون بالشطرنج ولست ألعب بها ولکن أنظر، فقال: «ما لک ولمجلس لا ینظر الله إلی أهله»((1)).

ومن أصالة الإباحة بعد عدم قوة الدلیل، لکن الأحوط إن لم یکن الأقوی الأول.

والظاهر أن الشطرنج وغیره من آلات القمار یجب إفناؤها، ولو تضرر بذلک أصحابها بأن کانت قیمتها مجتمعة دیناراً مثلاً وقیمتها مفککة وما أشبه ربع دینار، وکذلک بالنسبة إلی سائر المحرمات من هذا القبیل کالأصنام وآلات اللهو ونحوهما.

16: الشعبذة

16: الشعبذة

الظاهر أن الشعبذة قسم من السحر، فالدلیل علی حرمته دلیل علی حرمتها، ولذا ذهب المشهور بل ادعی الإجماع علی الحرمة، وتفصیل الکلام فی المکاسب.

17: الاشتغال بالملاهی

17: الاشتغال بالملاهی

فی روایة فضل بن شاذان، عن الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی تعداد الکبائر، قال: «والاشتغال بالملاهی والإصرار علی الذنوب»((2)).

والمنصرف من هذا اللفظ کون المراد بالملاهی آلات اللهو لا عمل اللهو، فالإنسان إذا اشتغل بصب الماء من طرف النهر إلی طرف آخر أو رمی الکرة أو ما أشبه ذلک لم یصدق أنه اشتغل بالملاهی، وعلیه فلیس هو بمحرم جدید.

18: الشفاعة فی الحدود

18: الشفاعة فی الحدود

المشهور بین الفقهاء حرمة الشفاعة فی الحدود، لکن الذی یستظهر من

ص:211


1- الوسائل: ج12 ص238 الباب 102 مما یکتسب به ح1
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33

بعض الأدلة الکراهة لا الحرمة.

أما دلیل المشهور فهو موثق أبان، عن سلمة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «کان أسامة بن زید یشفع فی الشیء الذی لا حد فیه، فأتی رسول الله (صلی الله علیه وآله) بإنسان قد وجب علیه حد فشفع له أسامة، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله): لا تشفع فی حد»((1)).

وفی روایة أخری: «لا یشفع فی حد».

بل ربما استدل أیضاً بقوله سبحانه: «وَلا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فی دینِ اللَّهِ»((2)).

لکن شفاعة عثمان عند الرسول (صلی الله علیه وآله) فی أمر الحکم، وشفاعة الحسین (علیه السلام) عند أبیه (علیه السلام) فی أمر شمر، وشفاعة الأشعث عند علی (علیه السلام) فی أمر المرأة التی استحقت الحد فی الزنا، إلی غیر ذلک((3))، وعدم نهی النبی والإمام (علیهما السلام) لهما، کفعل الحسین (علیه الصلاة والسلام) وهو إمام معصوم دال علی الجواز.

بل قد ذکرنا فی کتاب الحدود أن للإمام إسقاط الحد إذا رآه صلاحاً، کما أسقط رسول الله (صلی الله علیه وآله) حد الفارین من الزحف، وعفا علی (علیه السلام) عن السارق واللاطی إلی غیر ذلک.

وإذا جاز للإمام العفو جاز لغیره الشفاعة، للملازمة العرفیة.

وإذا کان القصاص من الحد فکذلک أیضاً کما لا یستبعد، ولذا قال الفقهاء: إن قوله (صلی الله علیه وآله): «ادرؤوا الحدود بالشبهات»((4)) شامل للقصاص، فتعلیم الإمام السجاد (علیه السلام) للزهری فی دفع الدیة لذوی المقتول الذی قتله الزهری((5)) عمداً، کان دلیلاً أو مؤیداً لما ذکرناه أیضاً، والمسألة بحاجة إلی التتبع والتأمل.

ص:212


1- الوسائل: ج18 ص333 الباب 20 من مقدمات الحدود ح3
2- سورة النور: الآیة 2
3- الوسائل: ج18 ص331 الباب 18 من مقدمات الحدود ح3: 4
4- الوسائل: ج18 ص336 الباب 24 من مقدمات الحدود ح4
5- البحار: ج46 ص7 ح17

19: شق الجیب

19: شق الجیب

المشهور بین الفقهاء حرمة شق الجیب علی المیت.

واستدل لذلک بموثقة أبان فی بیعة النساء لرسول الله (صلی الله علیه وآله)، والتی قالت لرسول الله (صلی الله علیه وآله): ما ذلک المعروف الذی أمرنا الله أن لا نعصیک فیه، قال (صلی الله علیه وآله): «لا تلطمن خداً»، إلی أن قال: «ولا تشققن جیباً»((1)).

وفی روایة نفی البأس عن شق الجیوب إلاّ شق الوالد علی ولده والزوج علی زوجته، وأن کفارته حنث یمین((2)).

لکن الدلیل ضعیف، إذ قد عرفت فی بعض المباحث السابقة ضعف الدلالة فی موثقة أبان کضعف السند فی الاستثناء فی الروایة الثانیة.

ویدل علی الجواز ما رواه الکلینی، عن سعد بن عبد الله، عن جماعة من بنی هاشم منهم الحسن بن الحسن الأفطس، أنهم حضروا یوم توفی محمد بن علی بن محمد باب أبی الحسن (علیه السلام) یعزونه إذ نظروا إلی الحسن بن علی (علیه السلام) إذ جاء مشقوق الجیب حتی قام عن یمینه((3)).

وفی جملة من الروایات: إنه (علیه السلام) شق ثوبه علی أبیه((4)).

وفی بعض الروایات: إن موسی (علیه الصلاة والسلام) شق ثوبه علی هارون((5)).

وفی روایة: إن زینب (علیها الصلاة والسلام) شقت ثوبها علی الحسین (علیه الصلاة والسلام)((6)).

إلی غیر ذلک، فالأصل الجواز إلاّ أن ذهاب المشهور یمنع عن الفتوی بذلک فی غیر الأب والأخ فتأمل.

ص:213


1- البرهان: ج4 ص325 ح1
2- الوسائل: ج15 ص583 الباب 31 من الکفارات ح1
3- الوسائل: ج2 ص916 الباب 84 من الدین ح3
4- الوسائل: ج2 ص916 الباب 84 من الدین ح4
5- الوسائل: ج2 ص916 الباب 84 من الدین ح5
6- البحار: ج45 ص132

20: الشغار

20: الشغار

نکاح الشغار باطل، وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب النکاح، بل لا یبعد أن یکون حراماً تکلیفاً أیضاً کنکاح الأم والأخت والمرأة المزوجة، فإن عمل ذلک وإن لم یأتیا بعد ذلک بالأثر المترقب من النکاح من المنکرات عند المتشرعة کالمعاملة الربویة.

21: التشاکل بأعداء الله سبحانه وتعالی

21: التشاکل بأعداء الله سبحانه وتعالی

المعروف بین الفقهاء حرمة ذلک استناداً إلی روایة السکونی، عن الصادق، عن أبیه (علیهما السلام)، عن آبائه (علیهم السلام): «أوحی الله إلی نبی من الأنبیاء أن قل لقومک: لا تلبسوا لباس أعدائی ولا تطاعموا مطاعم أعدائی ولا تشاکلوا ما شاکل أعدائی فتکونوا أعدائی کما هم أعدائی»((1)).

وفی روایة الصدوق: «ولا تسلکوا مسالک أعدائی»((2)).

لکن فی الدلالة کالسند ضعف، إذ لا یبعد أن یکون المراد کون المسلم مثلهم فی ارتکاب المحرمات فی المآکل والملابس وما أشبه، کأن یأکل لحم الخنزیر ویشرب الخمر ویلبس الصلیب ونحو ذلک.

ولو سلمت الدلالة وأغمض عن ضعف السند فلا یبعد الکراهة، وأن النهی لأجل عدم الوصول إلی ما وصل إلیه الأعداء، فهو مثل: «لا تَقْرَبُوا الزِّنا»((3)) و«وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتیمِ»((4)) وما أشبه ذلک.

ویؤید عدم الدلالة ما رواه طلحة بن زید، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام):

ص:214


1- الوسائل: ج3 ص279 الباب 19 من لباس المصلی ح8
2- الفقیه: ج1 ص163 الباب 39 ح20
3- سورة الإسراء: الآیة 32
4- سورة الأنعام: الآیة 152

«إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) کان لا ینخل له الدقیق وکان یقول: لا تزال هذه الأمة بخیر ما لم یلبسوا لباس العجم ویطعموا أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلک ضربهم الله بالذل»((1)).

وقد ألمعنا إلی بعض الکلام فی ذلک فی بحث لباس المصلی.

22: شم الطیب للمحرم والمعتکف

22: شم الطیب للمحرم والمعتکف

قد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتابیهما من (الفقه)، کما ألمعنا إلیهما فی ما تقدم.

23: شق العصا

23: شق العصا

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدی وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبیلِ الْمُؤْمِنینَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّی وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصیراً﴾((2)).

لا إشکال فی حرمة مشاقة الرسول (صلی الله علیه وآله)، کما لا إشکال فی حرمة شق عصا المسلمین، لأن کلا الأمرین معناه الإتیان بالحرام بل من أعظم المحرمات، إذ طاعة الرسول (صلی الله علیه وآله) واجبة، کما أن سبیل المؤمنین هو سبیله سبحانه وتعالی، فالشق علیهم مخالفة لسبیل الله تعالی.

24: الشک

24: الشک

یحرم الشک فی أصول الدین، فإن ذلک موجب للکفر، نعم إذا شک بدون أن یکون بیده کان اللازم علیه إذهاب شکه بالتفکر والاستدلال ونحوهما.

وفی روایة: «لا ترتابوا فتشکوا، ولا تشکوا فتکفروا».

ص:215


1- الوسائل: ج3 ص356 الباب 14 من أحکام الملابس ح4
2- سورة النساء: الآیة 115

25: شماتة المؤمن

25: شماتة المؤمن

یحرم الشماتة بالمؤمن وفعل ما یوجب الشماتة وإن لم یکن بالقول.

فإنه بالإضافة إلی الدلیل الخاص إهانة وإذلال وتحقیر وهتک وکلها محرمات، أما قول هارون (علیه السلام) لموسی (علیه السلام): Pفلا تشمت بی الأعداءO((1))، فلم یکن لأجل أن موسی (علیه السلام) أراد شماتته، بل لأجل إبداء الحال أمام بنی اسرائیل فی تقریر ما عمله هارون عند غیبة موسی (علیهما السلام)، کما أن موسی (علیه السلام) لم یأخذ برأس أخیه إلاّ اظهاراً للتنفیر عن عمل القوم، کما یأخذ أحدنا بید صدیقه المخالف لمجلس ما فیجره إلی نفسه ویقول له: لنذهب من هنا، إرادةً لإظهار الإنکار علی المجلس والجالسین فیه لا للإنکار علی صدیقه.

26: شهادة الزور

26: شهادة الزور

الظاهر أن الشهادة بغیر علم وبالعلم بالعدم کلاهما مشمولان لشهادة الزور، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) لشخص أراه الشمس: «علی مثل هذه اشهد، وإلاّ فدع»((2)).

وقد عدها الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی بعض الروایات من الکبائر.

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی موثقة ابن زیاد، عن الصادق، عن أبیه (علیهما السلام): «إن شاهد الزور لا تزول قدمه یوم القیامة حتی توجب له النار((3)).

وفی صحیح هشام، عن الصادق (علیه السلام): «شاهد الزور لا تزول قدمه حتی تجب له النار»((4)).

ثم إنه یجب علی شاهد الزور تدارک ما فات بسبب شهادته، ففی صحیح ابن

ص:216


1- سورة الأعراف: الآیة 150
2- الوسائل: ج18 ص250 الباب 20 من الشهادات ح3
3- الوسائل: ج18 ص238 الباب 9 من الشهادات ح7
4- الوسائل: ج18 ص236 الباب 9 من الشهادات ح1

مسلم إنه سأل الصادق (علیه السلام) فی شاهد الزور ما توبته، قال: «یؤدی من المال الذی شهد علیه بقدر ما ذهب من ماله، إن کان النصف أو الثلث إن کان شهد هذا وآخر معه»((1)).

وفی صحیح جمیل، عنه (علیه السلام) فی شاهد زور، قال: «إن کان الشیء قائماً بعینه رد علی صاحبه، وإن لم یکن قائماً ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل»((2)).

ومنه یعلم وجوب دفع الأجرة علیه إذا کانت فاتت بسبب شهادته، وحینئذ إن کان استوفاها غیره بما یضمن أیضاً کان قرار الضمان علی المستوفی، وإن حق للمشهود علیه مراجعة أیهما شاء، وإن کان بما لا یضمن کالطفل یتلف المال کان علی الشاهد فقط.

کما أنه لو هُتک بسبب شهادته عرض کان علی الشاهد إعطاء المهر، أو وقع قتل کان علیه إعطاء الدیة إن کان القاتل الحاکم ونحوه، وإلاّ کما ذکرناه فی الأجرة.

ثم علی شاهد الزور الحد علی تفصیل ذکر فی کتاب الحدود.

27: الشهادة عند غیر الأهل للقضاء

27: الشهادة عند غیر الأهل للقضاء

لا تجوز الشهادة عند غیر القاضی الشرعی للقضاء إلاّ فی صورة الاضطرار، فإنه کما یجوز للمضطر مراجعتهم یجوز للشاهد الشهادة عندهم، فإن اضطرار المضطر یتعدی إلی الشاهد.

وقد ذکرنا فی بعض مباحث الفقه أن الاضطرار قد یتعدی إلی الآخر، کالمرأة المضطرة إلی مراجعة الطبیب وإن لم یکن الطبیب مضطراً، وقد لا یتعدی، وما نحن فیه من القسم المتعدی حسب المرکوز فی أذهان المتشرعة، وإلا لزم أن یکون الشارع قد زاده اضطراراً، بضمیمة أن الاضطرار مرفوع.

أما إذا لم یکن اضطرار لم تجز المراجعة کما لا تجوز الشهادة، فقد أمر الله سبحانه تعالی بأن یکفروا بالطاغوت، ومن الواضح أن الشهادة عند الظالم الذی هو طاغوت خلاف الکفر به.

ص:217


1- الوسائل: ج18 ص239 الباب 11 من الشهادات ح1
2- الوسائل: ج18 ص239 الباب 11 من الشهادات ح2

28: الشهادة بالحق إذا استلزم الباطل

28: الشهادة بالحق إذا استلزم الباطل

لا یجوز الشهادة بالحق إذا استلزم الباطل، کما إذا قتل زید عمرواً قصاصاً ورآه الشاهدان وعلما بأن ذلک کان من باب القصاص، فإذا شهدا عند الحاکم قتل الحاکم القاتل من دون اعتباره کونه قصاصاً، حیث لا یثبت عنده أنه کان قصاصاً.

وإنما یحرم لأن مثل هذه الشهادة توجب ضیاع الحق ومثله محرم، وکذلک فی العرض والمال.

ویؤیده بل یدل علی بعض صغریاته صحیح محمد بن القاسم بن الفضیل، عن الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته قلت له: رجل من موالیک علیه دین لرجل مخالف یرید أن یعسره ویحبسه وقد علم الله أنه لیس عنده ولا یقدر علیه ولیس لغریمه بینة، وهل یجوز له أن یحلف له لیدفعه عن نفسه حتی ییسر الله له وإن کان علیه شهود من موالیک قد عرفوه أنه لا یقدر هل یجوز أن یشهدوا علیه وهو ینوی ظلمه، قال: «لا یجوز أن یشهدوا»((1)).

هذا بالإضافة إلی دلیل «لا ضرر» وغیره.

29 شهادة المحرم علی النکاح

29 شهادة المحرم علی النکاح

لا یجوز شهادة المحرم علی النکاح، سواء کان النکاح بین محلین أو محرمین أو متفرقین، ویدل علیه مرسل ابن فضال، عن الصادق (علیه السلام) قال: «المحرم لا یَنکح ولا یُنکح ولا یخطب ولا یشهد النکاح»((2)).

وفی روایة أبی شجرة، فی المحرم یشهد نکاح المحلین، قال: «لا یشهد»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

ص:218


1- الوسائل: ج18 ص249 الباب 19 من الشهادات ح1
2- الکافی: ج4 ص472 ح1
3- الوسائل: ج9 ص89 الباب 14 من تروک الإحرام ح5

30: الشهرة

30: الشهرة

یحرم إشهار النفس بما فیه إذلال وإهانة وهتک وتحقیر، لحرمة کل ذلک، فإذا کانت الشهرة من صغریاتها حرمت کأن یلبس الإنسان أو یمشی أو یعری أو یفعل ما یوجب الشهرة المذکورة.

ومنه یعلم الحال فیما إذا فعل فعلاً حلالاً یشبه الحرام لیتجنبه الناس، کما یزعمه بعض المنحرفین أنه من أقسام الزهد والانقطاع عن الدنیا والإقبال علی الله سبحانه وتعالی.

ص:219

حرف الصاد

1: مصاحبة الظالم

حرف الصاد 1: مصاحبة الظالم

ذکر بعضهم من المحرمات حرمة صحبة الظالم، لکن الظاهر أنها بنفسها لیست بمحرمة، بل إنما تحرم بالعناوین الثانویة.

ولعل من حرمها بالعنوان الأولی نظر إلی قوله (علیه السلام): «من أراد الآخرة لا یصحبک، ومن أراد الدنیا لا ینصحک»((1))، وإلی ما ورد من قصة موسی (علیه السلام) وفرعون، حیث ذهب إلی أصحاب فرعون بعض المؤمنین من أصحاب موسی (علیه الصلاة والسلام) لأجل هدایة قریبه فغشیه الیمّ((2))، وما دل علی نهی الإمام (علیه السلام) عن مصاحبة القاضی((3))، إلی غیر ذلک.

لکن استفادة الحرمة منها محل نظر، ولذا کان بعض أولیاء الله یصاحبون أعداءه سبحانه وتعالی سواء کان أولئک الأعداء زوجاتهم کزوجة نوح ولوط وغیرهما من الأنبیاء والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) أو غیر زوجة.

ص:220


1- البحار: ج47 ص184 ح29
2- البحار: ج13 ص116 ح18
3- الوسائل: ج18 ص160 الباب 6 من آداب القاضی ح1

2: الصد عن ذکر الله سبحانه وتعالی

2: الصد عن ذکر الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿إِنَّما یُریدُ الشَّیْطانُ أنْ یُوقِعَ بَیْنَکُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِی الْخَمْرِ وَالْمَیْسِرِ وَیَصُدَّکُمْ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾((1)).

والظاهر أنه إذا کان ذکر الله واجباً کان الصد عنه محرماً، وإلاّ لم یکن کذلک، ولعل الآیة منصرفة إلیه، لا من باب الأمر بالشیء والنهی عن ضده بل من باب الدلیل الخاص.

قال سبحانه: ﴿وَلا تَتَّخِذُوا أَیْمانَکُمْ دَخَلاً بَیْنَکُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ وَلَکُمْ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾((3)).

إلی غیرها من الآیات.

والظاهر أن الصد عن السبیل الواجب کدین الله سبحانه وتعالی وأنبیائه والمعاد والأئمة وعدالته وسائر الواجبات الفرعیة محرم.

أما غیره فلا دلیل علی حرمته، کما لو أراد إنسان أن یبنی مسجداً فیصرفه شخص عن رأیه، فإنه لا دلیل علی حرمة فعله، وبعض الروایات الواردة فی العقاب علی من منع عن الحج کما ذکرناه فی کتابه إما محمولة علی الحج الواجب أو الأعم، لکن العقاب لا یلازم الحرمة، علی ما ذکرناه فی بعض مباحث (الفقه) فتأمل.

3: الصد عن المسجد الحرام

3: الصد عن المسجد الحرام

لا إشکال فی أن ذلک من أشد المحرمات، قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ کَفَرُوا وَیَصُدُّونَ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذی جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاکِفُ فیهِ وَالْبادِ وَمَنْ

ص:221


1- سورة المائدة: الآیة 91
2- سورة النحل: الآیة 94
3- سورة آل عمران: الآیة 99

یُرِدْ فیهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلیمٍ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿یَسْأَلُونَکَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فیهِ قُلْ قِتالٌ فیهِ کَبیرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ وَکُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَکْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾((2)) الآیة.

بل مطلق المنع والصد عن المساجد محرم قطعاً، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أنْ یُذْکَرَ فیهَا اسْمُهُ وَسَعَی فی خَرابِها أُولئِکَ ما کانَ لَهُمْ أنْ یَدْخُلُوها إلاّ خائِفینَ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((3)).

لکن یستثنی من ذلک ما تقدم من الترغیب لأجل المنع.

4: الصد عن القیامة وعن آیات الله سبحانه

4: الصد عن القیامة وعن آیات الله سبحانه

قال سبحانه: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ أَکادُ أُخْفیها لِتُجْزی کُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعی فَلا یَصُدَّنَّکَ عَنْها مَنْ لا یُؤْمِنُ بِها﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا یَصُدُّنَّکَ عَنْ آیاتِ اللَّهِ بَعْدَ إذْ أُنْزِلَتْ﴾((5)).

وهذا من مصادیق الصد عن الواجب.

5: التصدق علی المحارب

5: التصدق علی المحارب

الظاهر حرمة التصدق علی المحارب إذا کانت توجب قوته بما یضر المسلمین، وإلاّ لم یدل الدلیل علی الحرمة، بل الدلیل علی خلاف الحرمة أظهر.

أما دلیل الحرمة بالقید الذی ذکرناه فلموثق حنان، عن أبی عبد الله (علیه السلام)، فی قول الله عز وجل:

ص:222


1- سورة الحج: الآیة 25
2- سورة البقرة: الآیة 217
3- سورة البقرة: الآیة 114
4- سورة طه: الآیة 15 _ 16
5- سورة القصص: الآیة 87

﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾((1)) الآیة، قال: «لا یبایع ولا یؤوی ولا یتصدق علیه»((2)).

وقبل ذلک قال سبحانه: ﴿إِنَّما یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ قاتَلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَأَخْرَجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ وَظاهَرُوا عَلی إِخْراجِکُمْ أنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ یَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((3)).

بناءً علی أن البرّ نوع من التولی ولو بقرینة الآیة السابقة علی هذه الآیة، وهی قوله سبحانه: ﴿لا یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ لَمْ یُقاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ دِیارِکُمْ أنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطینَ﴾((4)).

أما ما ذکرناه من عدم الإطلاق، فلما روی من أن الرسول (صلی الله علیه وآله) سمح لکفار مکة فی بدر أن یأخذوا من ماء الحوض الذی صنعه المسلمون لأجل إرواء جیش الإسلام، وکذلک روی أن الرسول (صلی الله علیه وآله) بعث شیئاً من غنائم خیبر إلی کفار مکة، وهکذا روی أن علیاً (علیه الصلاة والسلام) سمح لأصحاب معاویة من أخذ الماء فی قصة مشهورة، وهکذا الحسین (علیه السلام) سقا أهل الکوفة الذین جاؤوا لمحاربته وقد کانوا هم بعد ذلک من جملة قتلته وقتلة أهل بیته وأصحابه یوم کانوا بقیادة الحر وهم زهاء ألف رجل((5))، إلی غیر ذلک.

وقد ألمعنا إلی مثله فی کتاب النکاح بالمناسبة، اللهم إلاّ أن یقال إن ذلک استثناء لمصلحة.

ص:223


1- سورة المائدة: الآیة 33
2- تفسیر البرهان: ج1 ص466 ح5
3- سورة الممتحنة: الآیة 9
4- سورة الممتحنة: الآیة 8
5- مقتل الحسین (علیه السلام) لابن مخنف: ص82

6: الإصرار علی الذنب

6: الإصرار علی الذنب

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً أوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاّ اللَّهُ وَلَمْ یُصِرُّوا عَلَی ما فَعَلُوا وَهُمْ یَعْلَمُونَ﴾((1)).

وفی حسنة الفضل بن شاذان، عن الرضا (علیه السلام)، فی عداد الکبائر قال: «والإصرار علی الذنوب»((2)).

وقد ذکرنا تفصیل معنی الإصرار ومصادیقه فی مسألة العدالة فی (الفقه).

7: الصراخ علی المیت

7: الصراخ علی المیت

الظاهر جوازه مطلقاً، ولا دلیل علی الحرمة، بل فی الدعاء: «فلیصرخ الصارخون».

فقول بعض الفقهاء بالحرمة وصاحب العروة بالاحتیاط وتبعه غیره محل تأمل، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی الشرح.

8: التصرف فی مال الغیر أو حقه

8: التصرف فی مال الغیر أو حقه

لا یجوز التصرف فی مال الغیر أو حقه((3))، بل ذلک من أوضح البدیهیات الشرعیة، والأدلة الأربعة علی ذلک قائمة.

ولا فرق بین أن یکون المال للإنسان لکن لا حق له فی التصرف وإنما الحق لغیره، کالصبی بالنسبة إلی الولی والعبد بالنسبة إلی المولی، فلا یجوز لإنسان أن یتصرف فی مالهما بغیر إجازة الولی والسید، أو أن یکون المال له وله التصرف فیه، وتفصیل الکلام فی ذلک مذکور فی کتاب الغصب وغیره.

ص:224


1- سورة آل عمران: الآیة 135
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
3- أی بلا إذن منه أو من الشارع

9: تصعیر الخد

9: تصعیر الخد

هو نوع من الکبر، ویدل علی حرمته ما یدل علی حرمة الکبر، بالإضافة إلی قوله سبحانه: «وَلا تُصَعِّرْ خَدَّکَ لِلنَّاسِ»((1)).

10: مصافحة الأجنبیة من غیر ثوب

10: مصافحة الأجنبیة من غیر ثوب

تحرم مصافحة الأجنبیة من غیر حائل، ففی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام) قال: قلت له: هل یصافح الرجل المرأة لیست بذات محرم، فقال: «لا، إلا من وراء ثوب»((2)).

وفی روایة سماعة، قال (علیه السلام): «لا یحل للرجل أن یصافح المرأة، إلاّ المرأة یحرم علیه أن یتزوجها أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو بنت أخت أو نحوها، وأما المرأة التی یحل له أن یتزوجها فلا یصافحها إلاّ من وراء الثوب ولا یغمز کفها»((3)).

ومن الواضح حرمة لمس الأجنبیة مطلقاً، بل یحرم ذلک من وراء الثوب أیضاً إذا کان مثیراً، وکذلک بالنسبة إلی غیر الزوجین إذا کان مثیراً، وحرمة الإثارة ذکرت فی (الفقه) فی باب النکاح.

11: الصفیر والتصفیق

11: الصفیر والتصفیق

ذکر بعض الفقهاء حرمتهما، لکن الظاهر عدم الدلیل علی ذلک.

والاستدلال بأنهما لهو، فیه: إنه لا دلیل علی حرمة مطلق اللهو، کما ذکر تفصیله فی باب المکاسب، کما أنه لا یدل علی الإطلاق قوله سبحانه: «وَما کانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إلاّ مُکاءً

ص:225


1- سورة لقمان: الآیة 18
2- الوسائل: ج14 ص151 الباب 115 من مقدمات النکاح ح1
3- الوسائل: ج14 ص151 الباب 115 من مقدمات النکاح ح2

وتَصْدِیَةً﴾((1)).

12: الصلاة بدون شرائط الصحة

12: الصلاة بدون شرائط الصحة

تحرم الصلاة بدون شرائط الصحة، وهی أقسام:

کالصلاة رکعة، أو ثلاث رکعات، أو خمس رکعات، فی غیر الوتر والاحتیاط والمغرب.

وصلاة الجنب والحائض والنفساء والمستحاضة بدون طهارتها.

والصلاة بغیر وضوء أو غسل أو تیمم کل فی مورده، فقد قال (علیه الصلاة والسلام): «أما یخاف الذی یصلی من غیر طهور أن یخسف الله به الأرض»((2)).

والصلاة بین یدی قبر الإمام (علیه الصلاة والسلام)، ففی حسنة الحمیری، قال: کتبت إلی الفقیه (علیه السلام) أسأله عن الرجل یزور قبور الأئمة (علیهم السلام)، إلی أن قال (علیه السلام): «ولا یجوز أن تصلی بین یدیه، لأن الإمام لا یُتقدم، ویصلی عن یمینه وشماله»((3)).

أما ما ورد من حرمة الصلاة علی القبر من صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام) قال: «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) نهی عن ذلک وقال: لا تتخذوا قبری قبلة ولا مسجداً، فإن الله عز وجل لعن الذین اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد»((4))، فالمراد بالقبلة أن یصلی إلی القبر لا إلی الکعبة، کما أن المراد بجعله مسجداً أن یسجد علیه، کما کان الیهود یفعلون ذلک.

والصلاة فی أثناء الخطبة، ففی صحیح محمد بن مسلم قال: سألته عن الجمعة، فقال (علیه السلام): «بأذان وإقامة، یخرج الإمام بعد الأذان فیخطب، ولا یصلی الناس ما دام الإمام علی المنبر»((5)).

ص:226


1- سورة الأنفال: الآیة 35
2- الوسائل: ج1 ص257 الباب 3 من الوضوء ح1
3- الوسائل: ج3 ص454 الباب 26 من مکان المصلی ح1
4- الوسائل: ج3 ص454 الباب 26 من مکان المصلی ح5
5- الوسائل: ج5 ص15 الباب 6 من صلاة الجمعة ح7

وکذلک الصلوات المبتدعة، کالضحی والتروایح وخلف الفاسق، أما صلاة الغائب فقد ذکرنا حکمه فی (الفقه) وإن کان المشهور الحرمة أیضاً.

إلی غیر ذلک.

وحیث ذکرنا هذه المباحث فی (الفقه) فی أبوابها المرتبطة بها لا داعی للتکرار.

13: الصمت

13: الصمت

قال الصادق (علیه السلام) فی صحیح منصور: «لا وصال فی صیام، ولا صمت یوماً إلی اللیل»((1)).

والظاهر أن المراد الصمت تشریعاً لا الصمت العادی، وإلاّ فلیس ذلک بمحرم، بل عدم حرمته من البدیهیات.

14: الصلب أکثر من ثلاثة أیام

14: الصلب أکثر من ثلاثة أیام

لا یجوز الصلب فی مورد جوازه أکثر من ثلاثة أیام، بل یجب إنزال المصلوب عن المصلبة ودفنه علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب (الفقه).

15: صلح یحل حراماً أو یحرم حلالاً

15: صلح یحل حراماً أو یحرم حلالاً

لا یجوز مثل هذا الصلح، بل کل معاملة کذلک لا تجوز، کما قرر فی (الفقه) مفصلاً.

والظاهر أنه وضعی لا تکلیفی، نعم یحتمل التکلیفیة أیضاً فی مثل ما إذا تصالحا علی الزنا أو اللواط أو ما أشبه، فإنه المرکوز فی أذهان المتشرعة، بل هو منکر من القول.

16: التصویر

16: التصویر

ورد فی جملة من الروایات المنع عن التصویر، ففی صحیح الحلبی قال: قال

ص:227


1- الوسائل: ج7 ص388 الباب 4 من الصوم المحرم ح2

أبو عبد الله (علیه السلام): «ربما قمت فأصلی وبین یدی وسادة فیها تماثیل الطیر فجعلت علیها ثوباً»((1)).

وفی روایة أبی بصیر، عنه (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أتانی جبرئیل وقال: یا محمد إن ربک یقرؤک السلام وینهی عن تزویق البیوت»، قال أبو بصیر: قلت: وما تزویق البیوت، فقال: «تصاویر التماثیل»((2)).

وفی روایة ابن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن تماثیل الشجر والشمس والقمر، فقال: «لا بأس ما لم یکن شیئاً من الحیوان»((3)).

وصحیح محمد بن مسلم، قال: سألت أحدهما (علیهما السلام) عن التماثیل فی البیت، فقال: «لا بأس إذا کانت عن یمینک وعن شمالک وعن خلفک أو تحت رجلیک، فإن کانت فی القبلة فألق علیها ثوباً»((4)).

وروایة محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام)، قال: قال له رجل: رحمک الله ما هذه التماثیل التی أراها فی بیوتکم، فقال: «هذا للنساء أو بیوت النساء»((5)).

إلی غیرها من الروایات.

وقد اختلف الفقهاء فی التصویر حرام مطلقاً کما هو المشهور، أو حلال مطلقاً کما ذهب إلیه بعض، أو یحرم المجسم دون غیره، علی أقوال.

والظاهر من جمع الأدلة الحلیة مطلقاً لغیر مثل الصنم، والروایات الناهیة إما منصرفة إلیه أو یلزم الجمع بینها وبین غیرها بذلک، وتفصیل الکلام فیه فی کتاب

ص:228


1- الوسائل: ج3 ص461 الباب 32 من مکان المصلی ح2
2- الوسائل: ج3 ص560 الباب 3 من أحکام المساکن ح1
3- الوسائل: ج12 ص220 الباب 94 مما یکتسب به ح3
4- الوسائل: ج3 ص462 الباب 42 من مکان المصلی ح4
5- الوسائل: ج3 ص564 الباب 4 من أحکام المساکن ح6

المکاسب.

17: الصوم المحرم

17: الصوم المحرم

یحرم أقسام من الصوم:

کصوم الحائض والنفساء والمستحاضة بدون الشرط، وصوم أیام التشریق لمن کان بمنی، وصوم العیدین، والصوم فی السفر، والصوم الندبی لمن علیه قضاء الواجب، وصوم یوم الشک بنیة أنه من رمضان، وصوم الوصال.

وحیث ذکرنا تفصیل هذه الأبواب فی کتاب الصوم من (الفقه) لا داعی للتکرار.

18: صیاغة آنیة الذهب والفضة

18: صیاغة آنیة الذهب والفضة

یحرم صیاغة آنیة الذهب والفضة علی تفصیل ذکرناه فی (الفقه) فلا داعی إلی تکراره.

19: الصید

19: الصید

الظاهر عدم حرمة الصید إلاّ إذا اقترن بحرام آخر، کالإسراف ونحوه من الخروج أشراً أو بطراً أو مفسداً أو ظالماً وما أشبه ذلک مما کان یفعله الأمراء والخلفاء من القدیم إلی الیوم.

وفی الآیات القرآنیة عدة دلالات علی الحلیة مطلقاً.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَیْ ءٍ مِنَ الصَّیْدِ تَنالُهُ أَیْدیکُمْ وَرِماحُکُمْ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَخافُهُ بِالْغَیْبِ فَمَنِ اعْتَدی بَعْدَ ذلِکَ فَلَهُ عَذابٌ أَلیمٌ، یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ومَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ یَحْکُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَةِ أوْ کَفَّارَةٌ طَعامُ مَساکینَ أوْ عَدْلُ ذلِکَ صِیاماً لِیَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزیزٌ ذُو انْتِقامٍ، أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَکُمْ وَلِلسَّیَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ الْبَرِّ

ص:229

ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذی إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، أُحِلَّتْ لَکُمْ بَهیمَةُ الْأَنْعامِ إلاّ ما یُتْلی عَلَیْکُمْ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إنَّ اللَّهَ یَحْکُمُ ما یُریدُ، یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلاَ الْهَدْیَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلاَ آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ یَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُو﴾ الآیة((2)).

ثم قال سبحانه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطیحَةُ وَما أَکَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَکَّیْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِکُمْ فِسْقٌO إلی أن قال سبحانه: Pفَمَنِ اضْطُرَّ فی مَخْمَصَةٍ غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ، یَسْئَلُونَکَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُکَلِّبینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللَّهُ فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ وَاذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سَریعُ الْحِسابِ الْیَوْمَ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ﴾ الآیة((3)).

ففی هذه الآیات الکریمات أوجه من الدلالة علی حلیة الصید، سواء کان صید البر أو البحر أو الجو.

والحلیة هی المرکوزة فی أذهان المشترعة وإن ذهب غیر واحد إلی الحرمة، بل وتمام الصلاة فی سفره وإن لم یکن الصید حراماً علیه.

أما مسألة الصلاة فهی موکولة إلی کتابها، وذکرناها فی (الفقه) مفصلاً.

أما أصل الصید فما استدل علی حرمته هی صحیحة حماد بن عثمان، عن الصادق (علیه السلام) فی قول الله عز وجل: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ ولا عادٍ»((4)) قال: «الباغی باغی الصید، والعادی السارق،

ص:230


1- سورة المائدة: الآیة 94: 96
2- سورة المائدة: الآیة 1 و2
3- سورة المائدة: الآیة 3: 5
4- سورة البقرة: الآیة 173

لیس لهما أن یأکلا المیتة إذا اضطرا، هی حرام علیهما، لیس هی علیهما کما هی علی المسلمین ولیس لهما أن یقصرا فی الصلاة»((1)).

وحیث إن فی دلالة الآیة علی التفسیر المذکور خفاء إذ لا ربط بالصید فی الکلام فهو إلی التأویل أقرب، ولعله إشارة إلی ما کان یفعله الخلفاء والأمراء من أقسام المعصیة فی أسفارهم للصید.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا کُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناکُمْ وَاشْکُرُوا لِلَّهِ إنْ کُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((2))، فإن الآیتین المبارکتین لا ربط لهما ببغی الصید، ولذا قلنا إن الروایة إلی التأویل أقرب.

وعلی أی حال، فتخصیص الصید فی کلام المحرم باللهوی منه خلاف ظاهر الصحیحة، وحیث یدور الأمر بین الحمل علی الکراهة مطلقاً أو التقیید، ولا أولویة لأحدهما، یشک فی الحرمة، فیؤخذ بالأصل من حل ما فی الأرض، وتسخیر ما فی الأرض للإنسان، قال سبحانه: «قُلْ لا أَجِدُ فی ما أُوحِیَ إلی مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ»((3))، إلی غیر ذلک.

ویؤید الحلیة جملة من الروایات، والتی منها:

ما رواه الطبرسی فی مکارم الأخلاق، فی آداب النبی (صلی الله علیه وآله): «إنه کان یأکل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطیر الذی یصاد، وکان لا یبتاعه ولا یصیده، ویحب أن یصاد له ویؤتی به مصنوعاً فیأکله أو غیر مصنوع فیصنع له فیأکله»((4)).

ص:231


1- تفسیر البرهان: ج1 ص174 ح1
2- سورة البقرة: الآیة 172 _ 173
3- سورة الأنعام: الآیة 145
4- مکارم الأخلاق: ص30

وفی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام) فی قوله تعالی: «لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَیْءٍ»((1)) الآیة قال: «حشرت لرسول الله (صلی الله علیه وآله) فی عمرة الحدیبیة الوحوش حتی نالتهم أیدیهم ورماحهم»((2)).

وفی صحیح الحلبی: «حشر علیهم الصید فی کل مکان حتی دنی منهم لیبلوهم الله به»((3)).

والکلام فی المسألة طویل نکله إلی موضعه.

20: اصطیاد حمام الحرم

20: اصطیاد حمام الحرم

یحرم اصطیاد حمام الحرم، ففی صحیح علی بن جعفر، قال: سألت أخی موسی (علیه السلام) عن حمام الحرم یصاد فی الحل، فقال: «لا یصاد حمام الحرم حیث کان، إذا علم أنه من حمام الحرم»((4)).

ولا یخفی أنه لا خصوصیة لکون الحمام أصله من الحرم، بل کل حمام دخل الحرم کان آمناً فی الحرم، وإذا صار من أهله صار آمناً مطلقاً.

ففی صحیح ابن سنان، عنه (علیه السلام)، سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «وَ مَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»((5))، قال: «من دخل الحرم مستجیراً به کان آمناً من سخط الله، ومن دخل من الوحش والطیر کان آمناً أن یهاج أو یؤذی حتی یخرج من الحرم»((6)).

إلی غیرها من الروایات، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

ص:232


1- سورة المائدة: الآیة 94
2- تفسیر البرهان: ج1 ص502 ح1
3- تفسیر البرهان: ج1 ص502 ح2
4- الوسائل: ج9 ص203 الباب 13 من کفارات الصید ح4
5- سورة آل عمران: الآیة 97
6- الوسائل: ج9 ص175 الباب 88 ح2

حرف الضاد

1: ضرب آلات اللهو

حرف الضاد

1: ضرب آلات اللهو

یحرم ضرب الدف والطبل والطنبور والقانون والبربط وغیرها من آلات اللهو، لما دل علی حرمة استعمال آلات اللهو مطلقاً، قال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَری لَهْوَ الْحَدیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مُهینٌ﴾((1)).

وفی حسنة الفضل، عن الرضا (علیه الصلاة والسلام): عد الاشتغال بالملاهی من الکبائر((2)).

وفی موثقة زرارة، عن الصادق (علیه السلام)، إنه سئل عن الشطرنج وعن لعبة (شبیب) التی یقال لها لعبة الأمیر، وعن لعبة الثلث، فقال: «أرأیتک إذا میز الله الحق والباطل مع أیهما تکون»، قال: مع الباطل، قال: «فلا خیر فیه»((3)).

وفی موثقة إسحاق، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «إن شیطاناً یقال له قفندر، إذا ضرب فی منزل الرجل أربعین صباحاً بالبربط ودخل الرجال وضع ذلک الشیطان کل عضو

ص:233


1- سورة لقمان: الآیة 6
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
3- الوسائل: ج12 ص238 الباب 102 مما یکتسب به ح5

منه علی مثله من صاحب البیت ثم نفخ فیه نفخة فلا یغار بعدها حتی تؤتی نساؤه فلا یغار»((1)).

إلی غیرها من الروایات المذکورة فی کتاب المکاسب.

2: ضرب المسلم والکافر المحترم

2: ضرب المسلم والکافر المحترم

لا إشکال فی حرمة ضرب المسلم والکافر المحترم لذمة أو نحوها.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن أعتی الناس علی الله عز وجل من قتل غیر قاتله، ومن ضرب من لم یضربه»((2)).

وفی صحیح الثمالی، قال: قال (علیه السلام): «لو أن رجلاً ضرب رجلاً سوطاً یضربه الله سوطاً من النار»((3)).

ومن ذلک ضرب الیتیم وضرب الزوجة وضرب الأولاد إلاّ فی المستثنیات من ضرب الیتیم أو الأولاد لصلاحهم حسب ما قرره الشریعة، وضرب الزوجة فیما إذا خیف نشوزها علی تفصیل ذکر فی (الفقه)، والضرب بالسیاط تعزیراً أو حداً علی التفصیل المذکور فی کتاب الحدود، إلی غیر ذلک.

والحاصل: إن الأصل الحرمة إلاّ ما خرج.

3: ضرب النساء بأرجلهن

3: ضرب النساء بأرجلهن

قال سبحانه: «وَلا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ ما یُخْفینَ مِنْ زینَتِهِنَّ»((4)).

فالضرب الموجب لعلم الرجال الأجانب بزینة المرأة من جهة الصوت أو ما أشبه محرم.

والظاهر الحرمة لکل ما یوجب إعلام الزینة للعلة المنصوصة، وبعض من فسر الآیة بالضرب الموجب لحدوث الرجة فی الجسم مما یظهر من وراء الجلباب

ص:234


1- الوسائل: ج12 ص232 الباب 100 مما یکتسب به ح1
2- الوسائل: ج19 ص6 الباب 1 من قصاص النفس ح14
3- الوسائل: ج19 ص6 الباب 1 من قصاص النفس ح5
4- سورة النور: الآیة 31

ونحوه مما یثیر الرجال کأنه أراد الملاک، وإلاّ فلیس ذلک من الزینة.

ولا یبعد أن یکون الضرب بالید ونحوها کحرکة الرأس مما یظهر صوت الزینة أیضاً محرماً.

4: ضرب الدابة

4: ضرب الدابة

الظاهر حرمة الضرب المؤذی للدابة فوق التأدیب، لأن إیذاء الحیوان حرام علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب النکاح.

أما ضرب الدابة علی وجهها مما عده بعضهم من المحرمات فهو أقرب إلی الکراهة.

5: الإضرار بالنفس والغیر

5: الإضرار بالنفس والغیر

قال سبحانه: ﴿لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا یُضَارَّ کاتِبٌ وَلا شَهیدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِکُمْ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا تُمْسِکُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَیِّقُوا عَلَیْهِنَّ﴾((4)).

وفی الحدیث عن النبی (صلی الله علیه وآله): «لا ضرر ولا ضرار»((5)).

وقال (صلی الله علیه وآله): «لیس منا من غش مسلماً أو ضره أو ماکره»((6)).

إلی غیرها من الروایات الکثیرة الدالة علی حرمة الضرر بالنفس أو بالغیر.

وفی موثقة زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «إن سمرة بن جندب کان له عذق فی حائط لرجل من الأنصار، وکان منزل الأنصاری بباب البستان، فکان یمر به إلی نخلته ولا یستأذن، فکلمه الأنصاری أن یستأذن إذا جاء، فأبی سمرة، فلما تأبی جاء الأنصاری

ص:235


1- سورة البقرة: الآیة 233
2- سورة البقرة: الآیة 282
3- سورة البقرة: الآیة 231
4- سورة الطلاق: الآیة 6
5- الوسائل: ج17 ص340 الباب 12 من إحیاء الموات ح1
6- الوسائل: ج12 ص211 الباب 86 مما یکتسب به ح12

إلی رسول الله (صلی الله علیه وآله) فشکی إلیه وخبره الخبر، فأرسل إلیه رسول الله (صلی الله علیه وآله) وخبره بقول الأنصاری وما شکا، فقال: إذا أردتَ الدخول فأستأذن، فأبی، فلما أبی ساومه حتی بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبی أن یبیع، فقال: لک بها عذق یمد لک فی الجنة، فأبی أن یقبل، فقال رسول الله (صلی الله علیه وآله) للأنصاری: اذهب فاقلعها وارم بها إلیه، فإنه لا ضرر ولا ضرار»((1)).

إلی غیرها من الروایات الکثیرة الواردة فی هذا الباب بمختلف الألسنة والمناسبات، وتفصیل الکلام فی ذلک بحاجة إلی رسالة مستقلة.

والإضرار المحرم یشمل المؤمن والکافر المحترم، بل والحیوان، کما یشمل الإضرار المالی والبدنی والنفسی والعرضی والفکری وهو داخل فی الإضرار النفسی.

وقد ذکرنا فی بعض مباحث الکتاب أن الإضرار إنما یحرم بالنسبة إلی النفس فیما إذا کان أضراراً متزایداً، أما إذا لم یکن أضراراً متزایداً لم یکن حراماً.

6: الإضلال

6: الإضلال

قال سبحانه: ﴿وَإذا قیلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ قالُوا أَساطیرُ الْأَوَّلینَ لِیَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ کامِلَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذینَ یُضِلُّونَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ إلاّ ساءَ ما یَزِرُونَ﴾((2)).

وفی موثقة سماعة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قلت له: قول الله عز وجل: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أوْ فَسادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمیعاً وَمَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمیعاً﴾((3))، فقال: «من أخرجها من ضلال إلی هدی فکأنما أحیاها، ومن أخرجها من هدی إلی ضلال فقد قتلها»((4)).

إلی غیرها من الروایات الکثیرة.

ص:236


1- الوسائل: ج17 ص341 الباب 12 من إحیاء الموات ح3
2- سورة النحل: الآیة 24 و25
3- سورة المائدة: الآیة 32
4- تفسیر البرهان: ج1 ص463 ح3

حرف الطاء

1: طرد المؤمنین

حرف الطاء

1: طرد المؤمنین

قال سبحانه: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِیِّ یُریدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَیْکَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَیْءٍ وَما مِنْ حِسابِکَ عَلَیْهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَکُونَ مِنَ الظَّالِمینَ﴾((1)).

ولا یستبعد أن لا یکون ذلک من خواص رسول الله (صلی الله علیه وآله)، ولعله کان طرف الخطاب کبعض الآیات الأخر، فیحرم علی کل إنسان طرد الذین یدعون ربهم بالغداة والعشی یریدون وجهه، وخصوصاً إذا کان زعیماً دینیاً.

وأما الطرد بالحق فلا إشکال فیه، وإنما الکلام فی أصالة التحریم.

2: إطعام المحارب

2: إطعام المحارب

ورد فی صحیح حنان، عن الصادق (علیه السلام) فی قول الله عز وجل: «إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»((2)) الآیة، قال: «لا یبایع ولا یؤوی ولا یطعم ولا یتصدق علیه»((3)).

ص:237


1- سورة الأنعام: الآیة 52
2- سورة المائدة: الآیة 33
3- الوسائل: ج18 ص539 الباب 4 من حد المحارب ح1

والمراد التضییق علیه لا إماتته بمثل ذلک، لأن المحارب أولاً لیس محکوماً بالقتل مطلقاً، وثانیاً إذا حکم بالقتل لا دلیل علی قتله بهذه الکیفیة، بل الدلیل علی عدم قتله بهذه الکیفیة.

ومنه یعلم الحال فیما ورد فی عدم إطعام القاتل الداخل فی الحرم، کصحیح معاویة بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجل قتل رجلا فی الحل ثم دخل الحرم، فقال: «لا یقتل ولا یطعم ولا یسقی ولا یباع ولا یؤوی حتی یخرج من الحرم فیقام علیه الحد»((1)).

3: إطعام المرتدة

3: إطعام المرتدة

قد تقدم الکلام فی ذلک فی باب الردة.

4: الطعن علی المؤمن

4: الطعن علی المؤمن

یحرم الطعن علی المؤمن، کما ورد فی ذلک روایات.

بل الظاهر حرمة الطعن علی الکافر المحترم أیضاً، إلاّ فی الجهة الخارج عن ذلک، وإنما یحرم الطعن علیه فیما کان خلاف العمل بالذمة ونحوها.

5: الطغیان

5: الطغیان

یحرم الطغیان بلا إشکال، وقد وردت فی ذلک آیات وروایات متواترة، قال سبحانه: ﴿فَاسْتَقِمْ کَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَکَ وَلا تَطْغَوْا إنّه بِما تَعْمَلُونَ بَصیرٌ﴾((2)).

6: التطفیف

6: التطفیف

قال سبحانه: ﴿وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفینَ * الَّذینَ إذا اکْتالُوا عَلَی النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ * وَإِذا

ص:238


1- الوسائل: ج9 ص336 الباب 14 من مقدمات الطواف ح1
2- سورة هود: الآیة 112

کالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ * أَلا یَظُنُّ أُولئِکَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِیَوْمٍ عَظیمٍ»((1)).

والظاهر أن الاستیفاء علی الناس بالاکتیال لیس بمحرم، وإنما التطفیف محرم.

ولا فرق فی التطفیف بین أن یکون مکیلاً أو موزوناً أو معدوداً أو مذروعاً أو نحو ذلک.

7: الاطلاع علی المؤمن فی داره

7: الاطلاع علی المؤمن فی داره

فی صحیح ابن مسلم، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «عورة المؤمن علی المؤمن حرام»، وقال: «من اطلع علی مؤمن فی منزله فعیناه مباحة للمؤمن فی تلک الحال، ومن دخل علی مؤمن بغیر إذنه فدمه مباح للمؤمن فی تلک الحالة»((2)).

وفی صحیح حماد، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «بینما رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی بعض حجراته إذ طلع رجل فی شق الباب وبید رسول الله (صلی الله علیه وآله) مدرات، فقال: لو کنت قریباً منک لفقأت به عینک»((3)).

إلی غیرهما، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود، والظاهر أن غیر المؤمن من المحترم أیضاً محرم الاطلاع علیه وإن لم تکن بهذه الشدة.

8: إطاعة جماعات من الناس

8: إطاعة جماعات من الناس

فی جملة من الآیات المنع عن إطاعة جماعات من الناس، کقوله تعالی: ﴿وَلا تُطِعِ الْکافِرینَ والْمُنافِقینَ﴾((4)).

وقوله: ﴿فَلا تُطِعِ الْمُکَذِّبینَ﴾((5)).

وقوله: ﴿وَلا تُطِعْ

ص:239


1- سورة المطففین: الآیة 1 _ 5
2- الوسائل: ج19 ص48 الباب 25 من القصاص فی النفس ح2
3- الوسائل: ج19 ص48 الباب 25 من القصاص فی النفس ح1
4- سورة الأحزاب: الآیة 1
5- سورة القلم: الآیة 8

مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِکْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَکانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿وَلا تُطِعْ کُلَّ حَلاَّفٍ مَهینٍ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَإنْ جاهَداکَ لِتُشْرِکَ بی ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما﴾((3)).

إلی غیر ذلک.

والظاهر أن الأمر للإرشاد فی أن طریق هؤلاء باطل، فاللازم علی الإنسان أن لا یتبع طریقهم، لا أنه إن أطاع کان علیه عقابان.

9: طواف الحائض والنفساء والمستحاضة بدون تطهیر

9: طواف الحائض والنفساء والمستحاضة بدون تطهیر

لا یجوز الطواف لهذه النسوة، کما لا یجوز الطواف للجنب علی تفصیل ذکر فی کتاب الحج.

10: الطواف بالقبور

10: الطواف بالقبور

لا إشکال فی جواز الطواف بمراقد الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام)، وورد بذلک بعض الأدلة، أما الطواف بسائر القبور فالظاهر الکراهة، لقول الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الحلبی: «لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، ولا تبل فی ماء نقیع، فإن من فعل ذلک فأصابه شیء فلا یلومن إلاّ نفسه»((4)).

فإن قرینة السیاق قویة فی الصرف إلی الکراهة، بالاضافة إلی ظاهر التعلیل کما قالوا.

11: الطیب للمُحرم

11: الطیب للمُحرم

یحرم الطیب للمُحرم علی تفصیل مذکور فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة

ص:240


1- سورة الکهف: الآیة 28
2- سورة القلم: الآیة 10
3- سورة العنکبوت: الآیة 8
4- الوسائل: ج1 ص241 الباب 24 من الخلوة ح6

ابن عمار، عن الصادق (علیه السلام): «لا تمس شیئاً من الطیب ولا من الدهن فی إحرامک، واتق الطیب فی طعامک، وأمسک علی أنفک من الرائحة الطیبة»((1)).

12: تطیب المرأة لغیر زوجها

12: تطیب المرأة لغیر زوجها

لا إشکال فی جواز تطیب المرأة للنساء کما یجوز تطبیها للمحارم، بل السیرة مستمرة علی ذلک، فالدلیل إن تم یجب أن یخصص بغیر المقامین. کما أن التطیب لنفسها أیضاً من الخارج قطعاً.

أما التطیب للأجانب من الرجال بمعنی أنها تتطیب وتخرج مما یستشم رائحتها الأجانب فهل هی محرمة، لصحیح الولید، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «أی امرأة تطیبت لغیر زوجها ثم خرجت من بیتها فهی تلعن حتی ترجع إلی بیتها متی ما رجعت»((2)).

أو لا، للأصل وللسیرة حتی عند بعض المتدینات، ولعدم دلالة اللعن علی الحرمة، لکثرة اللعن فی لسان رسول الله (صلی الله علیه وآله) مما أفتوا بأنها للکراهة، إلی غیر ذلک.

احتمالان.

13: تطیب المیت

13: تطیب المیت

هل یمنع تطیب المیت أم لا، احتمالان، ذهب بعض إلی الحرمة وبعض إلی عدمها.

والأول استدل بجملة من الروایات الواردة فی هذا الباب.

والثانی استدل بالأصل بعد عدم قوة الروایات سنداً أو دلالةً، والمسألة بحاجة إلی بحث.

14: طلب الرئاسة

14: طلب الرئاسة

یحرم طلب الرئاسة الباطلة، لجملة من الروایات:

ص:241


1- الوسائل: ج9 ص95 الباب 18 من تروک الإحرام ح5
2- الوسائل: ج14 ص114 الباب 80 من مقدمات النکاح ح4

فعن علی بن عقبة، عن أبیه، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث قال: «ما لکم وللرئاسات، إنما للمسلمین رأس واحد»((1)). والمراد به الإمام ثم.

وعن الرضوی (علیه السلام)، قال: «نروی من طلب الرئاسة لنفسه هلک، فإن الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها»((2)).

وعن حفص بن غیاث، عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی حدیث قال: «یا حفص کن ذنباً ولا تکن رأساً»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

ویؤیده ما رواه معمر بن خلاد، قال: قال أبو الحسن (علیه السلام): «ما ذئبان ضاریان فی غنم قد غاب عنها رعاؤها بأضر فی دین المسلم من حب الرئاسة»، ثم قال: «لکن صفوان لا یحب الرئاسة»((4)).

لکن الکلام فی أن الأمر إرشادی أو مولوی، لا یبعد الأول، ویدل علی ذلک بعض الروایات:

فعن محمد بن خالد، عن أخیه صفوان، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): «إیاک والرئاسة فما طلبها أحد إلاّ هلک»، فقلت له: جعلت فداک فقد هلکنا، إذ لیس أحدنا إلاّ وهو یحب أن یذکر ویقصد ویؤخذ عنه، فقال: «لیس حیث تذهب إلیه، إنما ذلک أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه فی کل ما قال وتدعو الناس إلیه»((5)).

15: الطلاق البدعی

15: الطلاق البدعی

یحرم الطلاق البدعی الذی لیس علی السنة، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الطلاق.

ص:242


1- الوسائل: ج11 ص282 الباب 50 من جهاد النفس ح2
2- المستدرک: ج2 ص322 الباب 50 من جهاد النفس ح3
3- المستدرک: ج2 ص322 الباب 50 من جهاد النفس ح5
4- المستدرک: ج2 ص322 الباب 50 من جهاد النفس ح1
5- المستدرک: ج2 ص322 الباب 50 من جهاد النفس ح4

حرف الظاء

1: التظلیل علی المحرم

حرف الظاء

1: التظلیل علی المحرم

یحرم التظلیل علی المحرم فی حال السیر، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة بن عمار، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لا بأس أن یضع المحرم ذراعه علی وجهه من حر الشمس، ولا بأس أن یستر بعض جسده ببعض»((1)).

وقال (علیه السلام) فی حسنة المعلی: «لا یستتر المحرم من الشمس بثوب، ولا بأس أن یستتر بعضه ببعض»((2)).

إلی غیرهما من الروایات.

2: الظلم

2: الظلم

دلت الأدلة الأربعة علی حرمة الظلم.

قال سبحانه: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِکَ ما عَلَیْهِمْ مِنْ سَبیلٍ﴾((3)).

وقال: ﴿وَلا تَرْکَنُوا إلی الَّذینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّکُمُ النَّارُ﴾((4)).

ص:243


1- الوسائل: ج9 ص152 الباب 67 من تروک الإحرام ح3
2- الوسائل: ج9 ص152 الباب 67 من تروک الإحرام ح2
3- سورة الشوری: الآیة 41
4- سورة هود: الآیة 113

وفی صحیح هشام بن سالم، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «اتقوا الظلم، فإنه ظلمات یوم القیامة»((1)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قال: «ما من أحد یظلم مظلمة إلاّ أخذه الله بها فی نفسه وماله، فأما الظلم الذی بینه وبین الله فإذا تاب غفر له»((2)).

وفی صحیح ابن یسار، قال أبو عبد الله (علیه السلام): قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من ظلم أحداً وفاته فلیستغفر الله له فإنه کفارة له»((3)).

إلی غیر ذلک.

لکن کون الاستغفار کفارة إذا لم یکن هنالک تدارک، وإلاّ وجب التدارک ولو مع الحاکم الشرعی، علی تفصیل مذکور فی کتاب (الفقه).

3: ظن السوء

3: ظن السوء

یحرم الظن السیء بالله وبالمؤمنین، وقد تقدم تحت (سوء الظن بالله وبالمؤمنین).

4: إظهار الشماتة بالمسلم

4: إظهار الشماتة بالمسلم

فی روایة الواثلة، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا تظهر الشماتة بأخیک، فیرحمه الله ویبتلیک»((4)).

وفی روایة أبان، عن الصادق (علیه السلام): «لا تبد الشماتة لأخیک، فیرحمه الله ویصیرها بک».

وقال (علیه السلام): «من شمت بمصیبة نزلت بأخیه لم یخرج من الدنیا حتی یفتتن»((5)).

إلی

ص:244


1- الوسائل: ج11 ص338 الباب 77 من جهاد النفس ح2
2- الوسائل: ج11 ص338 الباب 77 من جهاد النفس ح3
3- الوسائل: ج11 ص343 الباب 78 من جهاد النفس ح5
4- الوسائل: ج2 ص910 الباب 78 من الدفن ح2
5- الکافی: ج2 ص359 ح1

غیرها من الروایات.

هذا بالإضافة إلی ما تقدم من أنه إهانة وإذلال وتحقیر وما أشبه ذلک، وکلها محرمات.

کما تقدم أنه لا فرق فی الشماتة المحرمة بین اللفظ والإشارة والکتابة.

5: الظهار

5: الظهار

وهو طلاق محرم وقد کان فی الجاهلیة، قال سبحانه: ﴿الَّذینَ یُظاهِرُونَ مِنْکُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إنْ أُمَّهاتُهُمْ إلاّ اللاَّئی وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَیَقُولُونَ مُنْکَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ، والَّذینَ یُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ یَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْریرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أنْ یَتَمَاسَّا ذلِکُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ، فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ مِنْ قَبْلِ أنْ یَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکیناً ذلِکَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْکَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْکافِرینَ عَذابٌ أَلیمٌ﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب الظهار.

6: إظهار المُحرمة حلیها للرجال الأجانب

6: إظهار المُحرمة حلیها للرجال الأجانب

لا شک فی حرمة ذلک، والدلیل منصرف إلی الرجال الأجانب ولهذا قیدناه به.

ففی صحیح ابن الحجاج، قال: سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن المرأة یکون علیها الحلی والخلخال والمسکة والقرطان من الذهب والورق تحرم فیه وهو علیها وقد کانت تلبسه فی بیتها قبل حجها أتنزعه إذا أحرمت أو تترکه علی حاله، قال: «تحرم فیه وتلبسه من غیر أن تظهره للرجال فی مرکبها ومسیرها»((2)).

وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

ص:245


1- سورة المجادلة: الآیة 2 _ 4
2- الوسائل: ج9 ص131 الباب 49 من تروک الإحرام ح1

7: ظاهر الإثم

7: ظاهر الإثم

قال سبحانه: «وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وباطِنَهُ»((1)).

قد تقدم الکلام فیه فی (وذر) وأن المنصرف منه الإثم الظاهر، فی قبال الإثم الباطن، وأنه لیس حکماً جدیداً.

ص:246


1- سورة الأنعام: الآیة 120

حرف العین

1: عبادة الحائض والنفساء

حرف العین

1: عبادة الحائض والنفساء

قد تقدم حرمة الصلاة والصوم علی الحائض والنفساء.

أما مطلق عبادتهما کالذکر والدعاء والقرآن فی غیر العزائم ونحوها فلا مانع منه، وإن کان بعضها مکروهة کقراءة القرآن أکثر من سبع آیات، علی تفصیل ذکر فی بابه.

2: عبادة الشیطان

2: عبادة الشیطان

تحرم عبادة الشیطان، سواء کان باتخاذه إلهاً، کما یقال بالنسبة إلی جماعة من عباد الشیطان، أو عبادة غیر الله فی الأمور العبادیة، قال سبحانه: «إِنَّکُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ»((1)).

ومنه یعلم حرمة عبادة غیر الله مطلقاً، کاتخاذ المسیح (علیه السلام) أو الملائکة أو أمیر المؤمنین (علیه السلام) أو النار أو غیرها إلهاً، والحکم فی ذلک من الضروریات.

ص:247


1- سورة الأنبیاء: الآیة 98

3: العتو عن أمر الله سبحانه وتعالی

3: العتو عن أمر الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: «فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ کُونُوا قِرَدَةً خاسِئینَ»((1)).

والعتو عبارة عن الاستکبار والتجاوز.

ومن الواضح عدم الفرق فی ذلک بین هذه الأمة وبین سائر الأمم، والمراد بأمر الله أعم من الأمر والنهی، لإطلاقه علیهما عرفاً، فإن کلاً منهما یطلق علی الآخر لدی الافتراق، قال سبحانه: «خُذِ الْعَفْوَ وأْمُرْ بِالْعُرْفِ»((2)).

4: العثو فی الأرض

4: العثو فی الأرض

قال سبحانه: «وَلا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدینَ»((3)).

یقال: عثا یعثو عثواً وعثی یعثی، بالغ فی الفساد أو الکفر أو الکبر، وکأنه إلماع إلی أن المفسدین غالباً یکونون عاثین، کالحکام والأمراء الظلمة والمنحرفین عن مناهج الله سبحانه وتعالی، وإلاّ فکل إفساد هو محرم وإن لم یصل إلی حد المبالغة.

5: العُجب

5: العُجب

الظاهر أن العُجب الذی یأخذ الإنسان فی باطنه ولا یظهره لا حرمة فیه، وإن کان من الملکات الردیئة، نعم إن سبب ذلک الظهور کان کالحسد فی الحرمة.

ولعل الروایات الناهیة عنه إشارة إلی ذلک، أو إشارة إلی أنه ینبغی التخلص منه کالتخلص من سائر الصفات الذمیمة وإن لم تکن بذاتها محرمة.

ص:248


1- سورة الأعراف: الآیة 166
2- سورة الأعراف: الآیة 199
3- سورة العنکبوت: الآیة 36

ففی صحیح الثمالی، عن السجاد (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ثلاث منجیات: خوف الله فی السر والعلانیة، والعدل فی الرضا والغضب، والقصد فی الغنا والفقر. وثلاث مهلکات: هوی متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه»((1)).

ویؤید کون المراد العجب الظاهر هو اقترانه باتباع الهوی وإطاعة الشح، وحیث قد فصلنا الکلام فی ذلک فی الشرح فلا داعی إلی تکراره.

6: العجلة بقراءة القرآن

6: العجلة بقراءة القرآن

قال سبحانه: «وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أن یُقْضی إِلَیْکَ وَحْیُهُ»((2)).

فقد کان الرسول (صلی الله علیه وآله) مأموراً بقراءة القرآن بعد قراءة جبرئیل له وإن کان عالماً به من قبل ذلک، کما قرأه الإمام (علیه الصلاة والسلام) وهو ولید جدید فی ید رسول الله (صلی الله علیه وآله).

وکأنه تعلیم للناس أن لا یتقدموا علی الله وعلی رسوله (صلی الله علیه وآله) حتی فی مثل ذلک، فلا یقال ما هی فائدة الآیة لنا وقد انقضی عصر الرسالة، وفی تفسیر الآیة خلاف مذکور فی المفصلات.

7: تعدی حدود الله

7: تعدی حدود الله

قال سبحانه: «تِلْکَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ یَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ»((3)).

والمراد بتعدی الحدود الزیادة أو النقیصة فی الواجبات والمستحبات والمکروهات والمحرمات والمباحات، وهو لیس بحکم جدید، بل إنما هو إلماع إلی سائر الأحکام.

وکذا الحال فی الأحکام الوضعیة إن قلنا بأنها فی قبال التکلیفیة،

ص:249


1- الوسائل: ج6 ص24 الباب 5 مما تجب الزکاة فیه ح17
2- سورة طه: الآیة 114
3- سورة البقرة: الآیة 229

وأما إن قلنا إنها من الأحکام التکلیفیة أیضاً، کما فی ذلک خلاف مذکور فی الأصول، یختص التعدی بالأحکام الخمسة فقط من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

8: الاعتداء

8: الاعتداء

لا یجوز الاعتداء وهو الظلم إطلاقاً.

ودل علیه الأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿وَقاتِلُوا فی سَبیلِ اللَّهِ الَّذینَ یُقاتِلُونَکُمْ وَلا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدینَ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿وَلا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوکُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا﴾((2)).

إلی غیرهما من الآیات.

ولیس هو حکماً جدیداً، بل هو إشارة إلی سائر الأحکام.

9: عداوة الله والرسل والملائکة

9: عداوة الله والرسل والملائکة

قال سبحانه: «مَنْ کانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِکَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْریلَ وَمیکالَ فإنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْکافِرینَ»((3)).

ففی الآیة الکریمة إلماع إلی أن عداوة هؤلاء یوجب الکفر.

ومثل ذلک عداوة الأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) لأنهم امتداد للرسول (صلی الله علیه وآله)، بالإضافة إلی وجوب محبتهم، کما قال سبحانه: «قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی»((4))، إلی غیر ذلک من المبحث الوارد فی أصول الدین مفصلاً.

10: تعطیل الحدود

10: تعطیل الحدود

لیس هذا محرماً جدیداً، وإنما هو إلماع إلی وجوب إقامة الحد، فإذا لم

ص:250


1- سورة البقرة: الآیة 190
2- سورة المائدة: الآیة 2
3- سورة البقرة: الآیة 98
4- سورة الشوری: الآیة 23

یقم الحد لم یکن علیه إثمان وإنما أثم واحد کما هو ظاهر.

وفی الصحیح، عن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) إنه فی حدیث قال: «اللهم إنک قلت لنبیک: یا محمد من عطل حداً من حدودی فقد عاندنی وطلب بذلک مضادتی»((1)).

ولا یبعد أن یراد بتعطیل الحد کل زیادة ونقیصة وتغییر، کأن یزید علی المائة أو ینقص أو یبدل السیاط بالسجن فی حد الزانی.

لکن قد ذکرنا أن الإمام إذا رأی مصلحة کان له العمل حسب تلک المصلحة، وهو حد فی نفسه أیضاً فلیس من تعطیل الحد.

11: التعرب بعد الهجرة

11: التعرب بعد الهجرة

فی صحیح ابن محبوب، قال: کتب معی بعض أصحابنا إلی أبی الحسن (علیه السلام) یسأله عن الکبائر کم هی وما هی، فکتب: «الکبائر ما وعد الله علیه النار، ثم عد من ذلک عقوق الوالدین وأکل الربا والتعرب بعد الهجرة»((2)).

والظاهر أن المراد به أن یرجع إلی بلاد لا یتمکن من إقامة أحکام الإسلام فیها من بلد یتمکن من الإقامة فیها، ولو کان البلد الذی فیه کافراً والبلد الذی ذهب إلیه مسلماً، کأن ذهب من ألمانیا حیث یتمکن من إقامة أحکام الإسلام فیها الآن إلی البلاد الإسلامیة فی روسیا حیث یکبت الإسلام فیها.

أما ما فی صحیح منصور بن حازم، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال: «لا رضاع بعد فطام، ولا وصال فی صیام، ولا یتم بعد احتلام، ولا صمت یوماً

ص:251


1- الوسائل: ج18 ص309 الباب 1 من مقدمات الحدود ح6
2- الوسائل: ج11 ص253 الباب 46 من جهاد النفس ح1

إلی اللیل، ولا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح» الحدیث((1)).

فالظاهر أن المراد به أنه لا هجرة بالنسبة إلی البلد الذی کان أهلها کفاراً إذا فتح علی ید المسلمین، لأنه بالفتح یتمکن المسلم من إقامة أحکام الإسلام فیه.

والتفصیل فی ذلک موکول إلی محله.

12: العرافة

12: العرافة

یقال: عرف یعرف بالکسر عرافة علی القوم، دبر أمورهم وقام بسیاستهم، والعرافة بالکسر عمل العراف.

وفی بعض الروایات النهی عنها، لأن العریف عون للظالم، ویقال للعراف فی اصطلاح الیوم (المختار).

وإن لم یکن عوناً للظالم بل کان للعادل لم یکن حراماً، کما هو واضح.

ففی الجعفریات، بسنده إلی علی (علیه الصلاة والسلام) أنه قال: «لا بد من العریف، والعریف فی النار، ولابد من الأمرة برة کانت أو فاجرة»((2)).

والظاهر أنه (لابد من العریف) یعنی الناس محتاجون إلیه، لکن العریف من قبل الظالم فی النار.

وفی (نهج البلاغة) فی خبر: إن الإمام (علیه الصلاة والسلام) قال لنوف وقد خرج من محله ذات لیلة ینظر إلی النجوم: «یا نوف إن داود قام فی مثل هذه الساعة من اللیل فقال: إنها ساعة لا یدعو فیها عبد ربه إلاّ استجیب له إلاّ أن یکون عشاراً أو عریفاً أو شرطیاً»((3)).

وفی روایة أخری، قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) لنوف: «یا نوف أقبل وصیتی، لا تکونن

ص:252


1- الوسائل: ج14 ص290 الباب 5 مما یحرم بالرضاع ح1
2- المستدرک: ج2 ص434 الباب 23 مما یکتسب به ح2
3- نهج البلاغة: الحکمة 104

نقیباً ولا عریفاً ولا عشاراً ولا بریداً»((1)).

ومن الواضح أن المراد النقیب من قبل الجائر وکذلک البرید له.

13: عزم عقدة النکاح

13: عزم عقدة النکاح

قال سبحانه: ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّکاحِ حَتَّی یَبْلُغَ الْکِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما فی أَنْفُسِکُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾((2)).

والعزم قلبی وعقدة النکاح خارجی، وهو مثل قوله سبحانه: ﴿لا تَقْرَبُوا الزِّنا﴾((3)) وما أشبه.

والمراد عدم عقد النکاح فی حال العدة، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح.

14: العزف

14: العزف

یقال: عزف عزفاً وعزیفاً، غنّی أو لعب بآلة الغناء، والعازف هو اللاعب بالمعازف.

وفی بعض الروایات النهی عنه، وقد عرفت فیما سبق حرمة کلا الأمرین، أی الغناء وآلات اللهو.

15: التعصب

15: التعصب

التعصب لله ولرسوله (صلی الله علیه وآله) ولدینه بین مستحب وواجب، أما التعصب للأمور الجاهلیة کالقومیة والإقلیمیة والعرقیة وما أشبه فهو محرم إذا أبداه.

ففی صحیح هشام، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإیمان من عنقه»((4)).

ص:253


1- المستدرک: ج2 ص435 الباب 23 ح10
2- سورة البقرة: الآیة 235
3- سورة الإسراء: الآیة 32
4- الوسائل: ج11 ص296 الباب 57 من جهاد النفس ح1

والمراد ب_ (تعصب له) أنه یرضی بذلک أو یأمر به کما هو الغالب فی العصبیات.

وفی موثقة السکونی، عنه (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من کان فی قلبه حبة من خردل من عصبیة بعثه الله یوم القیامة مع أعراب الجاهلیة»((1)).

لکنا ذکرنا فی بحث التجری أن ذلک إنما هو مع الإظهار، وإلاّ فمجرد الأمر القلبی لا یوجب حرمة وإنما هی رذیلة وقبح سریرة.

وفی روایة عن السجاد (علیه الصلاة والسلام) قال: «العصبیة التی یأثم علیها صاحبها أن یری الرجل شرار قومه خیراً من خیار قوم آخرین، ولیس من العصبیة أن یجب الرجل قومه، ولکن من العصبیة أن یعین الرجل قومه علی الظلم»((2)).

16: العصیر العنبی والزبیبی

16: العصیر العنبی والزبیبی

قد تکلمنا حوله فی (الفقه) مفصلاً، وقد ذکرنا هناک أن المحرم هو قبل الثلثین، أما بعده فهو حلال، کما أن المشهور علی عدم النجاسة قبل الثلثین أیضاً.

17: عضد شجر البلدین المقدسین

17: عضد شجر البلدین المقدسین

ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج، ولا یختص ذلک بالعضد، بل مطلق القلع والقطع وما أشبه.

ففی موثق زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «حرم الله حرمه بریداً فی برید، أن یختلی خلاه أو یعضد شجره إلاّ الإذخر، أو یصاد طیره، وحرم رسول الله (صلی الله علیه وآله) المدینة ما بین لابتیها، صیدها وحرم ما حولها بریداً فی برید أن یختلی

ص:254


1- الوسائل: ج11 ص296 الباب 57 من جهاد النفس ح2
2- الوسائل: ج11 ص296 الباب 57 من جهاد النفس ح7

خلاها ویعضد شجرها إلاّ عودی الناضح»((1)).

والروایات فی ذلک متعددة.

ولا یخفی أن الحرمة إنما هی فی غیر ما إذا کان العضد ونحوه أهم، کما إذا أرید فتح شارع لمنفعة المسلمین وما أشبه ذلک.

18: عضل النساء

18: عضل النساء

قال سبحانه: «وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَیْتُمُوهُنَّ إلاّ أنْ یَأْتینَ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ»((2)).

فإنه لا یجوز التضییق علی المرأة حتی تبذل بعض مهرها أو شیئاً آخر لزوجها لأجل أن یطلقها فتستریح منه، نعم ظاهر الاستثناء جواز ذلک إذا أتت بفاحشة مبینة، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

19: العزل عن الحرة فی الجماع

19: العزل عن الحرة فی الجماع

ذهب بعض الفقهاء إلی حرمة ذلک، لکنا ذکرنا فی کتاب النکاح أنه إلی الکراهة أقرب، لعدم دلیل کاف للحرمة.

نعم یحرم علی المرأة أن تنحی نفسها عند إفراغ الرجل للمنی، لأنه خلاف حقه علیها فی الجماع الذی هو واجب علیها إذا لم یرض الزوج به.

ولا فرق فی الحکمین بین الدوام والمتعة، ولو فعلت المتعة ذلک فالظاهر أن للرجل النقص من مهرها.

کما أن الإفراغ فی الرحم إذا سبب الولد ولم تتمکن المرأة من الإسقاط قبل الانعقاد وکان الانعقاد یضرها، جاز لدلیل «لا ضرر».

20: العسس

20: العسس ((3))

یحرم التجسس إلاّ من السلطان العادل علی الموظفین والکفار، کما لا یبعد

ص:255


1- الوسائل: ج9 ص174 الباب 87 من تروک الإحرام ح4
2- سورة النساء: الآیة 19
3- العسس لغة هو الطواف باللیل من قبل السلطان والتجسس علی الناس، کما فعله ابن الخطاب حیث تسلق الجدران لیکشف ما فی البیت فارتکب بذلک عدة محرمات

جوازه للمسلم علی الکفار مع الصلاح.

وآیة «لا تَجَسَّسُوا»((1)) مخصصة بذلک، وقد ألمعنا إلی الآیة فیما سبق.

21: العسر علی الناس

21: العسر علی الناس

العسر هو الظلم، وقد تقدم حرمة الظلم بالأدلة الأربعة.

22: تعظیم الجائر

22: تعظیم الجائر

یحرم تعظیم الجائر بما یوجب تقویة سلطانه، أما تعظیمه خارجاً عن ذلک فلا دلیل علی حرمته فالأصل الجواز.

وإنما یحرم التعظیم فیما ذکرناه لأن تقویة الباطل محرمة نصاً وإجماعاً.

وفی موثقة سماعة، قال: سألته عن المسافر کم یقصر الصلاة، فقال: «فی مسیرة یوم، ذلک بریدان وهما ثمانیة فراسخ، ومن سافر قصر الصلاة وأفطر، إلاّ أن یکون رجلاً مشیعاً لسلطان جائر أو خرج إلی صید»((2)).

ومن الواضح أن السلطان من باب المثال، وإلاّ فکل ظالم تعظمیه الموجب لتقویته محرم.

23: العشق

23: العشق

ذکر بعضهم حرمته، والظاهر أنه إن کان بمعنی الحب المتزاید لمن یستحق الحب کالله والرسول والأئمة (علیهم السلام) فلا بأس به.

وإن کان بمعنی الذی هو نوع من الجنون، کما فی قصة لیلی والمجنون فذلک محرم، من جهة أنه نوع من التمریض،

ص:256


1- سورة الحجرات: الآیة 12
2- الاستبصار: ج1 ص22 الباب 113 ح1

ویحرم ذلک بالنسبة إلی من بیده رفعه، لأنه من أشد أنواع الضرر، ومن جهة أنه یوجب الفضیحة وما أشبه ذلک.

وإن کان بالنسبة إلی الأجنبیة والأجنبی فالحرمة أشد.

24: عقد الرجل عن حلیلته

24: عقد الرجل عن حلیلته

هو نوع من السحر المحرم بلا إشکال، وقد ورد بذلک بعض الروایات الناهیة.

وهل یجوز ذلک إذا کان یرید المنع عن الزنا واللواط، یتوقف الأمر علی استفادة الأهمیة فی أی الجانبین.

25: عصیان من تجب طاعته

25: عصیان من تجب طاعته

هو حرام، لأن المفروض وجوب الطاعة، سواء بالنسبة إلی الله والرسول والإمام (علیهما السلام) ونوابهم، أو بالنسبة إلی الزوج والمولی والأبوین فیما تجب الطاعة بالنسبة إلیهما.

26: عقد المُحرم إزاره

26: عقد المُحرم إزاره

فی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه الصلاة والسلام) قال: «المحرم لا یصلح له أن یعقد إزاره علی رقبته، ولکن یثنیه علی عنقه ولا یعقده»((1)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج, وأن المحرم إنما هو بالنسبة إلی الرجال لا النساء.

27: عقر الحیوان

27: عقر الحیوان

لا یجوز عقر الحیوان إذا کان فی ذلک أذی له، لما دل من أدلة حرمة الحیوان

ص:257


1- الوسائل: ج9 ص137 الباب 53 من تروک الإحرام ح5

علی ما ذکرناه فی باب النفقات من کتاب النکاح.

أما إذا لم یکن أذی له، کما إذا خدره ثم عقره ولم یکن بعد رجوع حسه ضاراً به لم یکن علی الحرمة.

ومن ذلک یعرف الکلام فی عرقبة الدابة، بمعنی قطع عرقوبها، والعرقوب وجمعه عراقیت عصب غلیظ فوق العقب، کما کان یعتاد ذلک فی الجهاد، وربما وجب ذلک حتی لا یأخذ الکفار أفراس المجاهدین، والمسألة مذکورة فی بابه.

28: عقوق الوالدین

28: عقوق الوالدین

لا إشکال فی حرمة عقوق الوالدین، وقد قال سبحانه: ﴿وَإذْ أَخَذْنا میثاقَ بَنی إِسْرائیلَ لا تَعْبُدُونَ إلاّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَذِی الْقُرْبی وَالْیَتامی وَالْمَساکینِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقیمُوا الصَّلاةَ﴾((1)).

وفی آیة أخری: ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّکُمْ عَلَیْکُمْ ألاّ تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئاً وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ مِنْ إِمْلاقٍ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَقَضَی رَبُّکَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إِیَّاهُ وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً کَریماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما کَما رَبَّیانی صَغیراً﴾((3)).

إلی غیرها من الآیات المبارکات.

کما أن هناک روایات متواترة:

ففی الصحیح، عنهم (علیهم الصلاة والسلام)، عدّ عقوق الوالدین من الکبائر((4)).

ص:258


1- سورة البقرة: الآیة 83
2- سورة الأنعام: الآیة 151
3- سورة الإسراء: الآیة 23
4- الوسائل: ج11 ص252 الباب 46 من جهاد النفس ح1

وفی صحیح عبد الله بن المغیرة، عن الصادق (علیه السلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «کن باراً وأقصر علی الجنة، وإن کنت عاقاً فأقصر علی النار»((1)).

إلی غیرها من الروایات الکثیرة.

فکل ما کان عقوقاً کان محرماً.

کما أنه یحرم مخالفتهما بما یوجب أذاهما، فی غیر الواجب العینی سواء کان بالأصل أو کان کفائیاً فصار عینیاً، لعدم قیام من فیه الکفایة، وفی الواجب لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق.

ولا فرق بین الوالدین الکبیرین أو الصغیرین فی السن، کما أن الظاهر أنه لا فرق بین المسلم والکافر وقد قال سبحانه: ﴿وَوَصَّیْنَا الْإنْسانَ بِوالِدَیْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلی وَهْنٍ وَفِصالُهُ فی عامَیْنِ أنْ اشْکُرْ لی وَلِوالِدَیْکَ إلیّ الْمَصیرُ * وَإِنْ جاهَداکَ عَلی أنْ تُشْرِکَ بی ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبیلَ مَنْ أَنابَ إلیّ ثُمَّ إلیّ مَرْجِعُکُمْ فَأُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾((2)).

ویؤیده ما قاله الإمام (علیه السلام) للمستنصر حین أراد أن یقتل المتوکلَ أباه.

ثم إنهما إذا تأذیا لعدم إطاعة الولد لهما فالظاهر أنه إذا کان أمرهما یوجب هدم حیاة الولد العادیة لم تجب الطاعة، وإلاّ وجبت، لانصراف النصوص عن مثل ذلک، فإذا قال الوالدان لولدهما: تزوج بالبنت الفلانیة، أو لا تسافر فی تجارتک الکذائیة، أو افتح دکاناً فی المحل الفلانی لا المحل الفلانی، أو طلق زوجتک أو ما أشبه ذلک، لم یجب علی الولد الطاعة، بل له المخالفة وجریه العادی، لکن مع التأدب فی الکلام والملایمة فی التخلص.

والبحث بالنسبة إلی حقوق الوالدین وعقوقهما طویل، والروایات فی الأمرین کثیرة نکتفی منه بهذا القدر.

ص:259


1- الوسائل: ج15 ص219: 104 من أحکام الأولاد ح1
2- سورة لقمان: الآیة 14 _ 15

29: اعتکاف المحدث

29: اعتکاف المحدث

لا یجوز للحائض والجنب والنفساء والمستحاضة بدون أعمالها الاعتکاف، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتابه.

30: تعلیم وتعلم الباطل

30: تعلیم وتعلم الباطل

یحرم تعلیم وتعلّم الباطل، سحراً کان أو غناءً أو ضلالاً أو ما أشبه ذلک، فیما لم یکن هناک جهة ملزمة أهم، کتعلیم السحر وتعلمه من جهة إبطال سحر السحرة، وکذلک بالنسبة إلی الضلال حتی یهدمه، إلی غیر ذلک، وإن کانت المسألة فی بعض فروعها بحاجة إلی الدلیل.

أما الصغریات فالروایات فیها متعددة، مثلاً روی الطاطری، عن الصادق (علیه السلام)، قال: سأله رجل عن بیع الجواری المغنیات، فقال: «شراؤهن وبیعهن حرام وتعلیمهن کفر واستماعهن نفاق»((1)).

31: عدم الأکل مما ذکر اسم الله علیه

31: عدم الأکل مما ذکر اسم الله علیه

یحرم عدم الأکل مما ذکر اسم الله علیه تشریعاً، کما کان یفعله الجاهلیون وکثیر من غیر المسلمین فی الزمان الحاضر کالیهود وغیرهم.

قال سبحانه: ﴿فَکُلُوا مِمَّا ذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ إنْ کُنْتُمْ بِآیاتِهِ مُؤْمِنینَ * وما لَکُمْ ألاّ تَأْکُلُوا مِمَّا ذُکِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَکُمْ ما حَرَّمَ عَلَیْکُمْ إلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَیْهِ، وَإِنَّ کَثیراً لَیُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ إنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدینَ﴾((2)).

ص:260


1- الوسائل: ج12 ص88 الباب 16 مما یکتسب به ح7
2- سورة الأنعام: الآیة 118 _ 119

32: عمارة الکفار المساجد

32: عمارة الکفار المساجد

قال سبحانه: ﴿ما کانَ لِلْمُشْرِکینَ أنْ یَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدینَ عَلی أَنْفُسِهِمْ بِالْکُفْرِ أُولئِکَ حَبِطَتْ أعمالهُمْ وَفِی النَّارِ هُمْ خالِدُونَ * إِنَّما یَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَی الزَّکاةَ وَلَمْ یَخْشَ إلاّ اللَّهَ فَعَسی أُولئِکَ أنْ یَکُونُوا مِنَ الْمُهْتَدینَ﴾((1)).

فإن الجمع بین الآیتین دلیل علی حرمة عمارة المساجد لغیر المؤمن، ولعل السر أن لا یسبب ذلک قربه من المؤمن الموجب لبعض العواقب غیر الحسنة.

ولا یبعد أن یشمل الأمر حتی إعطاء المال من الکافر وإن کان البانی هو المؤمن.

واشتراط إقام الصلاة وإیتاء الزکاة وعدم الخشیة إلاّ من الله سبحانه وتعالی من باب بیان المؤمن، لا من باب أنه إذا لم یقم الصلاة أو لم یؤت الزکاة أو خشی غیر الله سبحانه وتعالی لم یجز له البناء، والتفصیل فی التفاسیر.

33: عقص الشعر فی الصلاة

33: عقص الشعر فی الصلاة

دلت بعض الروایات علی المنع عنه، لکن الظاهر الکراهة لا الحرمة، وإن ذهب إلیها بعض الفقهاء.

34: عقد النکاح فی الإحرام

34: عقد النکاح فی الإحرام

لا یجوز عقد النکاح فی الإحرام، والظاهر أنه وضعی وتکلیفی، وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ص:261


1- سور ة التوبة: الآیة 17

35: استعمال أوانی الذهب والفضة

35: استعمال أوانی الذهب والفضة

لا یجوز استعمال أوانی الذهب والفضة، لما فی بعض الروایات.

مثل صحیح محمد بن إسماعیل بن بزیع، قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السلام) عن آنیة الذهب والفضة، فکرههما، فقلت: قد روی بعض أصحابنا أنه کان لأبی الحسن (علیه السلام) مرآة ملبسة فضة، فقال: «لا»((1)).

وفی روایة أخری، عن الباقر (علیه السلام): «إنه نهی عن آنیة الذهب والفضة»((2)).

إلی غیر ذلک.

وقد فصلنا الکلام فی الدلیل والموضوع فی بابه من الشرح، کما ذکرنا هناک مسألة الاقتناء.

36: عمل الصور والتماثیل

36: عمل الصور والتماثیل

قد تقدم بحثه فی باب التصویر من حرف الصاد.

37: عمل باب الضلال

37: عمل باب الضلال

من عمل باب ضلال کان علیه وزره وزر من عمل به، کما تقدم الإلماع إلی ذلک.

وفی موثقة محمد بن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): «من عمل باب هدی کان له أجر من عمل به ولا ینقص أولئک من أجورهم، ومن عمل باب ضلال کان علیه مثل وزر من عمل به ولا ینقص أولئک من أوزارهم»((3)).

ولا فرق فی باب الضلال بین اختراع دین، أو طریقة باطلة، أو عمل بنایة محرمة

ص:262


1- الوسائل: ج2 ص1083 الباب 65 من النجاسات ح1
2- الوسائل: ج2 ص1083 الباب 65 من النجاسات ح3
3- الوسائل: ج11 ص438 الباب 16 من الأمر والنهی ح9

کالملهی والمرقص، أو عمل شیء کطور من الغناء أو ما أشبه ذلک.

38: استعمال الطیب علی المحرم

38: استعمال الطیب علی المحرم

قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج، وسبق الإلماع إلیه فی هذا الکتاب.

39: العمل الحرام

39: العمل الحرام

یحرم العمل إذا کان مخالفاً للشرع، لکن حرمته لیس شیئاً جدیداً بل هو إشارة إلی سائر المحرمات، کما یجب العمل بأوامر الشرع، لکن وجوبه لیس شیئاً جدیداً بل هو إشارة إلی سائر الواجبات.

قال الحسن (علیه الصلاة والسلام) فی الروایة المشهورة عنه: «اعمل لدنیاک کأنک تعیش أبداً، واعمل لآخرتک کأنک تموت غداً»((1)).

40: العمل بالظن

40: العمل بالظن

لا یجوز اتباع الظن فی أصول الدین، ولا فی فروعه غیر الظن الذی هو حجة، کالأمارات والطرق علی تفصیل مذکور فی الأصول.

قال تعالی: ﴿وَما یَتَّبِعُ أَکْثَرُهُمْ إلاّ ظَنًّا إنَّ الظَّنَّ لا یُغْنی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً﴾((2)).

أما قوله سبحانه: ﴿إِنْ یَتَّبِعُونَ إلاّ الظَّنَّ وإِنْ هُمْ إلاّ یَخْرُصُونَ﴾((3)) فأظهر دلالة علی الحرمة بضمیمة قوله تعالی: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾((4)).

41: العمل علی طبق الوسواس

41: العمل علی طبق الوسواس

لا إشکال فی حرمته، وقد قال (علیه الصلاة والسلام): «أی عقل له وهو یطیع

ص:263


1- أعیان الشیعة: ج4 ص85 من وصایاه (علیه السلام) لجنادة
2- سورة یونس: الآیة 36
3- سورة الأنعام: الآیة 116
4- سورة الذاریات: الآیة 10

الشیطان»((1)).

ومن الواضح حرمة عبادة الشیطان.

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة بهذا الشأن، وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی الشرح.

42: استعمال مال الغیر بغیر رضاه

42: استعمال مال الغیر بغیر رضاه

فإنه محرم قطعاً، ویدل علیه متواتر الروایات، بل هو من الضروریات الدینیة.

ففی صحیح زید الشحام، عن الصادق (علیه السلام): «إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) وقف بمنی حتی قضی مناسکها» إلی أن قال: «قال (صلی الله علیه وآله): فإن دماءکم وأموالکم علیکم حرام کحرمة یومکم هذا فی شهر کم هذا فی بلدکم هذا إلی یوم تلقونه فیسألکم عن أعمالکم»، إلی أن قال: «ألا من کانت عنده أمانة فلیؤدها إلی من ائتمنه علیها، فإنه لا یحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطیبة نفسه»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی کتابی الغصب والودیعة وغیرهما، وقد استثنینا فی الشرح وبعض الکتب الأخر من الفقه الجلوس فی الأراضی الواسعة والنوم فیها والمرور منها والوضوء من الأنهار الکبیرة ونحوها وأکل المارة من البساتین إلی غیر ذلک من المستثنیات، وقد ألمعنا إلی بعضها فی هذا الکتاب أیضاً.

43: العود إلی الأرض الموبقة

43: العود إلی الأرض الموبقة

لا یجوز للإنسان أن یذهب إلی أرض یوجب هلاک دینه، کما أنه إذا کان فی مثل تلک الأرض ثم خرج منها لا یجوز له العود إلیها، وذلک من باب المقدمة لا

ص:264


1- الوسائل: ج1 ص146 الباب 10 من المقدمات ح1
2- الوسائل: ج1 ص2: 1 من القصاص فی النفس ح1

أنه محرم فی قبال المحرمات الأخر.

قال الصادق (علیه السلام) کما فی صحیح محمد بن مسلم، فی رجل أجنب فی سفر ولم یجد إلاّ الثلج أو ماءً جامداً، قال: «هو بمنزلة الضرورة یتیمم، ولا أری أن یعود إلی هذه الأرض التی یوبق دینه»((1)).

وحیث ظهر الملاک فلا فرق بین أن یکون أرضاً أو جواً أو بحراً.

44: العلو بغیر حق

44: العلو بغیر حق

قال سبحانه: ﴿تِلْکَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذینَ لا یُریدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقینَ﴾((2)).

والظاهر أن المراد بالإرادة الفعلیة، فإن کل واحد من الفعل والإرادة یستعمل فی الآخر کما ذکره الأدباء، مثل ﴿إِنَّما یُریدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهیراً﴾((3)) حیث استعمل فی الفعل، فإن الله سبحانه وتعالی فعل ذلک لا أنه مجرد الإرادة.

ومثل ﴿إِذا قُمْتُمْ إلی الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ﴾((4))، أی أردتم القیام، لأن القائم إلی الصلاة لا مجال له بعد ذلک للوضوء، فتأمل.

45: إعانة الظالم

45: إعانة الظالم

الظاهر حرمة إعانة الظالم حتی فی ما لا ظلم فیه، کأن یبنی لهم مسجداً، أو یهیأ لهم الدابة ولو لسفر الحج، فإن ظاهر الروایات ذلک، ففی موثقة السکونی، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال: «إذا کان یوم القیامة نادی مناد أین أعوان الظلمة ومن

ص:265


1- الوسائل: ج2 ص999 الباب 28 من التیمم ح2
2- سورة القصص: الآیة 83
3- سورة الأحزاب: الآیة 33
4- سورة المائدة: الآیة 6

لاق لهم دواةً أو ربط کیساً أو مد لهم مدة قلم فاحشروهم معهم»((1)).

وقال الصادق (علیه الصلاة والسلام): «من أعان ظالماً علی مظلوم لم یزل الله علیه ساخطاً حتی ینزع من معونته»((2)).

وقال الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی مقام تعداد الکبائر: «ومعونة الظالمین والرکون إلیهم»((3)).

ومن الواضح أن الخاص غیر المنافی للعام لا یخصصه، وتفصیل الکلام فی المکاسب.

ثم من إعانة الظلمة بل من أظهر مصادیقها إعانة الحکومات غیر الشرعیة إلاّ إذا کان الإنسان مضطراً أو ما أشبه ذلک من الموارد المستثناة.

46: الإعانة علی الإثم

46: الإعانة علی الإثم

قال سبحانه: «وَتَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ والتَّقْوی وَلا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ»((4)).

والفرق بین الإثم والعدوان إذا تقابلا أن الإثم ما لا عدوان فیه کأن یشرب الخمر، والعدوان ما یکون فیه عدوان کأن یظلم الإنسان غیره، فإعطاء الخمر لمن یرید شربه وإعطاء السوط لمن یرید ضرب إنسان مسلم به من التعاون علی الإثم والعدوان، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب.

وعونة بمعنی صار فی منتصف العمر، ولذا یقال: عونة المرأة إذا صارت فی منتصف عمرها، قال سبحانه: «عَوانٌ بَیْنَ ذلِکَ»((5))، فإذا أرید أن کل واحد عمل نصفاً

ص:266


1- الوسائل: ج12 ص130 الباب 42 مما یکتسب به ح11
2- الوسائل: ج11 ص345 الباب 80 من جهاد النفس ح5
3- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33
4- سورة المائدة: الآیة 2
5- سورة البقرة: الآیة 68

یقال أعان، قال سبحانه: ﴿وَقالَ الَّذینَ کَفَرُوا إنَّ هَذا إلاّ إِفْکٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَیْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُوا ظُلْماً وزُوراً﴾((1)).

وأما الفرق بینه وبین التعاون فهو أن الإعانة یقال فیما إذا بدأ أحدهم وأعانه الآخر، أما التعاون فهو کون الابتداء منهما، کما إذا أخذا طرفی حمل ووضعاه علی الدابة، فالفرق بینهما هو الفرق بین ضارب وتضارب.

ثم حیث قد عرفت أن الإعانة والتعاون علی کل محرم محرم، فالإعانة والتعاون علی قتل المسلم من أشد المحرمات، ففی صحیح ابن مسلم، عن الباقر (علیه السلام): «إن الرجل لیأتی یوم القیامة ومعه قدر محجمة من دم، فیقول والله ما قتلت ولا شرکت فی دم، فیقال: بلی ذکرت عبدی فلاناً فترقی ذلک حتی قتل فأصابک من دمه»((2)).

وفی صحیح ابن أبی عمیر، عن غیر واحد، عنه (علیه السلام) قال: «من أعان علی مؤمن بشطر کلمة جاء یوم القیامة مکتوباً بین عینیه آیس من رحمة الله»((3)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

ومن ذلک یعلم الوجه فی کون من حضر کربلاء لقتال الحسین (علیه الصلاة والسلام) کان فاعلاً للحرام، إذ بالإضافة إلی أنه ترک نصرة إمام زمانه وذلک من أشد المحرمات، إنه کثّر السواد علیه (علیه الصلاة والسلام)، ومثله من أظهر مصادیق الإعانة علی الإثم والعدوان، ولذا روی أنه قال الرسول (صلی الله علیه وآله) لبعض من حضر کربلاء حین رآه فی المنام وأراد الرسول (صلی الله علیه وآله) معاقبته واعتذر بأنه لم یضرب بسیف ولم یطعن برمح: إنک کثّرت السواد علی ولدی»((4)).

ص:267


1- سورة الفرقان: الآیة 4
2- الوسائل: ج19 ص8 الباب 2 من القصاص فی النفس ح1
3- عقاب الأعمال: ص276 فی من أعان علی قتل مؤمن
4- البحار: ج45 ص303 الباب 46

47: العهر

47: العهر

العهر هو الزنا وقد تقدم الکلام فی حرمته، قال الشاعر:

أبوک معاهر وأبوه عف

وذاد الفیل عن بلد حرام

والظاهر أن الزنا لا یصدق مع الجبر والإکراه والاضطرار وفی حال النوم والجنون ونحو ذلک، ولذا فالولد شبهة، فإن کان من الطرفین کان شبهة منهما، وإلاّ کان من طرف غیر العاصی، وعلیها العدة ولها المهر، إلی غیر ذلک مما فصلنا الکلام فیه فی کتاب النکاح.

48: تعییر المؤمن

48: تعییر المؤمن

یحرم تعییر المؤمن وحفظ زلاته لیعیره بها یوماً ما، ففی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «من عیّر مؤمناً بذنب لم یمت حتی یرکبه»((1)).

وفی روایة إسحاق، عنه (علیه السلام): «ومن عیّر مؤمناً بشیء لم یمت حتی یرکبه»((2)).

وفی موثقة زرارة، عن الباقر (علیه السلام): «إن أقرب ما یکون العبد إلی الکفر أن یواخی الرجل الرجل علی الدین فیحصی علیه زلاته لیعنفه بها یوماً ما»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

49: العیافة

49: العیافة

یقال: عاف یعیف عیافة، الطیر زجرها فتشاءم أو تفاءل بطیرانها، والتطیر إذا

ص:268


1- الوسائل: ج8 ص596 الباب 151 من العشرة ح1
2- الوسائل: ج8 ص596 الباب 151 من العشرة ح2
3- الوسائل: ج8 ص594 الباب 150 من العشرة ح2

لم یظهره بید أو لسان لم یکن حراماً، أما إذا أظهره فهل یحرم کما یظهر من جملة من الروایات وحرمها بعض الفقهاء، أو لا بحملها علی الکراهة، احتمالان، والسیرة علی الثانی.

ص:269

حرف الغین

1: الغدر

حرف الغین 1: الغدر

الغدر عبارة عن الخیانة ونقض العهد، وهو محرم بالأدلة الأربعة.

أما الخدعة فهی غیره، لأنها عبارة عن العلاج فی الحرب للتغلب علی العدو، وهو جائز بالأدلة الأربعة أیضاً.

وفی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) إذا أراد أن یبعث سریة» إلی أن قال: «ثم یقول: سیروا باسم الله وبالله فی سبیل الله وعلی ملة رسول الله، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شیخاً فانیاً ولا صبیاً ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة إلاّ أن تضطروا إلیها»((1))، الحدیث.

وقد ذکرنا المبحث فی کتاب الجهاد.

2: الغسل الثالث فی الوضوء

2: الغسل الثالث فی الوضوء

الغسل الثالث فی الوضوء بدعة محرمة، کما هو المشهور بین الفقهاء.

فقد روی ابن أبی عمیر، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «الوضوء واحدة فرض، واثنتان لا یؤجر

ص:270


1- الوسائل: ج11 ص43 الباب 15 من جهاد العدو ح2

والثالث بدعة»((1)).

ومن الواضح أن الغسل غیر صب الماء، أما صب الماء مکرراً بدون قصد الغسل وإنما یقصد الغسل بجر الید أو نحو ذلک فهو لیس بمحرم، وتفصیل المسألة فی بحث الوضوء.

3: الغسل المبتدع

3: الغسل المبتدع

ما اخترعه بعض من لا اطلاع له من غسل أویس القرنی لا دلیل علیه، فهو بدعة بهذا العنوان، أما استحباب الغسل مطلقاً فقد تکلمنا حوله فی بابه.

4: غسل الشهید

4: غسل الشهید

الذی یستشهد شهادة شرعیة بأن کان تحت لواء الرسول أو الإمام (علیهما السلام) أو نائبه الخاص أو العام مع اجتماع الشرائط، لیس علیه غسل، والظاهر التحریم لا الجواز.

قال الصادق (علیه السلام) فی صحیح أبان: «الذی یقتل فی سبیل الله یدفن فی ثیابه ولا یغسل إلاّ أن یدرکه المسلمون وبه رمق ثم یموت بعد، فإنه یغسل ویکفن ویحنط، إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) کفّن حمزة فی ثیابه ولم یغسله ولکنه صلی علیه»((2)).

إلی غیرها من الروایات، وتفصیل الکلام فی ذلک فی باب الغسل.

5: غسل الکافر

5: غسل الکافر

لا یجوز غسل الکافر ولا إجراء سائر مراسیم المسلمین علیه، ففی موثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام)، إنه سئل عن النصرانی یکون فی السفر وهو مع المسلمین فیموت،

ص:271


1- الوسائل: ج1 ص307 الباب 31 من الوضوء ح3
2- الوسائل: ج2 ص700 الباب 14 من غسل المیت ح7

قال: «لا یغسله مسلم ولا کرامة، ولا یدفنه ولا یقوم علی قبره وإن کان أباه»((1)).

6: الغرور

6: الغرور

لا یجوز الغرور المنجر إلی المعصیة، أما غیره فهو من الرذائل النفسیة، وصفة سیئة للسریرة، قال سبحانه: «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّکُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَلا یَغُرَّنَّکُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ»((2)).

والغَرور عبارة عن الشیطان کما فی بعض التفاسیر.

7: الغبن

7: الغبن

غبن المسلم ومن کان محترم المال حرام، وفی الروایة عن النبی (صلی الله علیه وآله): «غبن المسترسل سحت»((3)).

وقد فصلنا الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب.

8: الغش

8: الغش

یحرم غش المسلم وغیر المسلم من محترم المال، ویدل علیه الأدلة الثلاثة.

ففی صحیح هشام بن الحکم: کنت أبیع السابری فی الظلال فمر علی أبو الحسن الأول موسی (علیه السلام) راکباً فقال: «یا هشام إن البیع فی الظلام غش، والغش لا یحل»((4)).

إلی غیرها من الروایات الواردة فی کتاب المکاسب.

ص:272


1- الوسائل: ج2 ص703 الباب 18 من غسل المیت ح1
2- سورة لقمان: الآیة 33
3- کذا بروایة الإمام الصادق (علیه السلام) فی الوسائل: ج12 ص293 الباب 9 من آداب التجارة ح4، وص 363 الباب 17 من الخیار ح1، وفی الآتی باختلاف فی بعض اللفظ عن النبی (صلی الله علیه وآله)، المستدرک: ج2 ص464 الباب 8 من التجارة ح1
4- الوسائل: ج12 ص343 الباب 58 من آداب التجارة ح1

ثم إن الغش إنما یکون إذا کان بعنوان المعاملة، أما إذا کان بعنوان الضیافة أو الهبة غیر المعوضة أو ما أشبه ذلک فلیس من الغش المحرم وإن کان من الصفات الردیئة النفسیة أیضاً إذا کان منبعثاً عن تلک الحالة.

9: الغصب

9: الغصب

یحرم الغصب مطلقاً، سواء کان فی المال أو المنفعة أو الانتفاع أو العمل أو الاختصاص أو الحق أو فی ملک أن یملک، علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الغصب. وقد دل علیه الأدلة الأربعة.

والظاهر أن الأخذ من الکافر الحربی منتفی الموضوع فلیس بغصب، لا أنه منتفی الحکم، أی إنه غصب حلال.

والحق شامل لما یطلق علیه الحق فی عرف الفقهاء کحق التحجیر، والاختصاص کالمکسرات من الزجاج إذا أرادها المالک.

10: اغتصاب الفرج

10: اغتصاب الفرج

لا إشکال فی حرمة اغتصاب الفرج، وهو من الزنا الموجب لحده، ففی صحیح برید، سئل أبو جعفر (علیه السلام) عن رجل اغتصب امرأة فرجها، قال: «یقتل، محصناً کان أو غیر محصن»((1)).

وتفصیل الکلام فی کتاب الحدود.

أما إذا اغتصبه للّعب به لا للإدخال کان محرماً غیر زنا.

ومنه یعرف الحال فی غصب الغلام، وکذلک فی غصب المساحِقة بالکسر المساحَقة بالفتح.

11: إغضاب الزوج

11: إغضاب الزوج

لا یجوز للزوجة إغضاب الزوج فی حقوقه الواجبة، أما فی غیر الحقوق

ص:273


1- الوسائل: ج18 ص381 الباب 17 من حد الزنا ح1

الواجبة فلا دلیل علی حرمة الإغضاب، کأن لم تطعه فی کنس الدار أو إرضاع الولد أو ما أشبه مما أوجب غضبه.

ففی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته عن المرأة المغاضبة زوجها هل لها صلاة أو ما حالها، قال: «لا تزال عاصیة حتی یرضی عنها»((1)).

ومنه یعرف حال العکس بإغضاب الزوج الزوجة.

12: تغطیة المُحرم رأسه والمُحرمة وجهها

12: تغطیة المُحرم رأسه والمُحرمة وجهها

لا یجوز أی منهما کما ذکر مفصلاً فی کتاب الحج.

قال الباقر (علیه السلام) فی الصحیح: «المحرمة لا تتنقب، لأن إحرام المرأة فی وجهها، وإحرام الرجل فی رأسه»((2)).

وقد ذکرنا هناک جواز الأمرین فی صورة الضرورة، کما ذکرنا هناک جواز إسدال المرأة شیئاً علی وجهها لا یمس الوجه، والظاهر أن حکم الطفل والطفلة حکم الرجل والمرأة.

13: الاستغفار للمشرکین

13: الاستغفار للمشرکین

لا یجوز للمؤمن أن یطلب غفران الله سبحانه وتعالی للکفار، لأن الله لا یغفر، فهو إساءة أدب بالنسبة إلیه سبحانه، نعم یجوز له أن یطلب هدایتهم، قال سبحانه: «ما کانَ لِلنَّبِیِّ وَالَّذینَ آمَنُوا أنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکینَ وَلَوْ کانُوا أُولی قُرْبی»((3))، وقد تقدم الکلام فی ذلک.

ص:274


1- الوسائل: ج14 ص115 الباب 80 من المقدمات ح8
2- الوسائل: ج9 ص129 الباب 48 من تروک الإحرام ح1
3- سورة التوبة: الآیة 113

14: الغل

14: الغل

الغل هو عبارة عن سرقة شیء من الغنیمة أو بیت المال أو ما أشبه، ومنه الاستغلال، لأنه أخذ الشیء من غیره خفیةً بإظهار براءته وإخفاء خیانته، قال سبحانه: «ما کانَ لِنَبِیٍّ أنْ یَغُلَّ وَمَنْ یَغْلُلْ یَأْتِ بِما غَلَّ یَوْمَ الْقِیامَةِ»((1)).

وفی روایة سماعة، عن الصادق (علیه السلام) سألته عن الغلول، فقال: «الغلول کل شیء غلّ من الإمام»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی التفاسیر، وقد ألمعنا إلیه فی کتاب الجهاد.

15: الإغلاق علی الصید فی الحرم

15: الإغلاق علی الصید فی الحرم

لا یجوز الإغلاق علی الصید فی الحرم بلا إشکال، بل حکی علیه الإجماع، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

16: الغلو فی الدین

16: الغلو فی الدین

قال سبحانه: «یا أَهْلَ الْکِتابِ لا تَغْلُوا فی دینِکُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ إلاّ الْحَقَّ»((3)).

وهو عبارة عن الإفراط، مثلاً یقول عیسی (علیه الصلاة والسلام) إله، وهذا محرم کالتفریط بأن یقول هو بشر لیس بنبی، وکذلک بالنسبة إلی غیر عیسی (علیه السلام)، کالذین غلوا فی علی (علیه الصلاة والسلام) وقالوا بأنه إله، بل من یقول بأنه رسول کذلک، فإن الغلو شامل لکل ارتفاع بغیر حق.

ص:275


1- سورة آل عمران: الآیة 161
2- تفسیر البرهان: ج1 ص324 ح2
3- سورة النساء: الآیة 171

17: غمز کف غیر المحرم

17: غمز کف غیر المحرم

یحرم غمز کف غیر المحرم، سواء من الرجل للمرأة أو من المرأة للرجل، بلا إشکال ولا خلاف، سواء مجردة أو من وراء الثوب، أما بالنسبة إلی المحارم غیر الزوجین فیحرم إذا کان بریبة وتلذذ.

ففی روایة سماعة، عن الصادق (علیه السلام): «لا یحل للرجل أن یصافح المرأة إلاّ امرأة یحرم علیه أن یتزوجها، أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو بنت أخت أو نحوها، وأما المرأة التی یحل له أن یتزوجها فلا یصافحها إلاّ من رواء الثوب ولا یغمز کفها»((1)).

ومن الواضح أن حرمة الغمز لا یخص بالکف، وإنما یذکر ذلک من باب الغلبة، وإلاّ کل غمز علی الأجنبیة مطلقاً وعلی المحارم غیر الزوجین بشهوة محرم، وقد ذکرنا المبحث فی مسألة اللمس من کتاب النکاح.

وإذا کان العمل من الغامز حراماً، فالظاهر أنه من الطرف أیضاً حرام، لأنه من الإعانة علی الإثم، کما أنه إذا کان من وراء الثوب وبدون غمز یحرم أیضاً إذا کان بشهوة وریبة.

18: الغناء

18: الغناء

یحرم الغناء بلا إشکال، والموضوع عرفی، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب.

ففی صحیح أبی الصباح، عن الصادق (علیه السلام) فی قول الله عز وجل: «وَالَّذینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ»((2))، قال: «الغناء»((3)).

ص:276


1- الوسائل: ج14 ص151 الباب 115 من المقدمات ح2
2- سورة الفرقان: الآیة 72
3- الوسائل: ج12 ص226 الباب 99 مما یکتسب به ح3

والظاهر أنه بعض مصادیقه.

وفی صحیح الریان، قال: سألت الرضا (علیه السلام) یوماً بخراسان عن الغناء، وقلت: إن العباسی ذکر عنک أنک ترخص فی الغناء، فقال: «کذب الزندیق، ما هکذا قلت له، سألنی عن الغناء فقلت: إن رجلاً أتی أبا جعفر (علیه السلام) فسأله عن الغناء، فقال: یا فلان إذا میز الله بین الحق والباطل فأین یکون الغناء، قال: مع الباطل، فقال: قد حکمت»((1)).

وکما یحرم الغناء یحرم استماعه وتشجیع المغنی والمغنیة وترغیبهما وتحسینهما.

وفی صحیح حماد قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الزور، قال: «منها قول الرجل للذی یغنی: أحسنت»((2)).

19: الغل

19: الغل

وهو عبارة عن الحقد، فإن أظهره کان حراماً، وإلاّ کان من الرذائل.

20: الغیبة

20: الغیبة

تحرم الغیبة بالأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثیراً مِنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَیُحِبُّ أَحَدُکُمْ أنْ یَأْکُلَ لَحْمَ أَخیهِ مَیْتاً فَکَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحیمٌ﴾((3)).

وفی موثقة سماعة، عن الصادق (علیه السلام): «من عامل الناس فلم یظلمهم وحدثهم فلم یکذبهم ووعدهم فلم یخلفهم کان ممن حرمت غیبته وکملت مروته وظهر عدله

ص:277


1- الوسائل: ج12 ص227 الباب 99 مما یکتسب به ح13
2- الوسائل: ج12 ص229 الباب 99 مما یکتسب به ح20
3- سورة الحجرات: الآیة 12

ووجب أخوته»((1)).

وفی موثقة أبی بصیر، عن الباقر (علیه السلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله کفر، وأکل لحمه معصیة، وحرمة ماله کحرمة دمه»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب.

ولا یخفی أن الذکر أعم من اللفظ لأنه کل ما یذکر، أو یشمله الملاک.

21: غمط الحقوق

21: غمط الحقوق

بمعنی سترها وأکلها محرم، لکنه لیس بمحرم جدید، بل هو إلماع إلی الحکم فی الحقوق، ولهذا لم یذکره بعض الفقهاء فی عداد المحرمات.

22: تغییر خلق الله تعالی

22: تغییر خلق الله تعالی

قال سبحانه حکایة عن الشیطان: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّیَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّکُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبیناً﴾((3)).

تقدم الکلام فی البتک، أما تغییر خلق الله فهو کل أنواع المثلة ویشمل الإخصاء، أما مثل قطع الإصبع الزائدة ونحوها وتجمیل الأنف ونحوه فلیس منه للانصراف، کما أن الختان وحلق شعر الرأس والجسد وتقلیم الأظافر فلیست منه قطعاً.

والظاهر أن منه تغییر النطفة إلی شخص جبان أو مجنون أو ما أشبه، کما ذکروا ذلک فی بعض المطبوعات، أما العکس فالظاهر أنه لا إشکال فیه.

ص:278


1- الوسائل: ج8 ص597 الباب 152 من العشرة ح2
2- الوسائل: ج8 ص610 الباب 158 من العشرة ح3
3- سورة النساء: الآیة 119

23: الغوایة والغیلة والغموس

23: الغوایة والغیلة والغموس

ذکرها بعض الفقهاء فی جملة المحرمات، وهو کذلک، إلاّ أنها لیست عناوین جدیدة، بل هی عبارة عن المحرمات المعروفة، ولذا لاحاجة إلی تفصیل الکلام فیها.

فالغوایة: الضلال.

والغیلة: قتل محقون الدم خفیة غدراً، وأصلها الإذهاب بالشیء قال الشاعر:

إن التی ضربت بیتاً مهاجرة

بکوفة الجند غالت ودها غول

والغموس: الذی یغمس بصاحبه فی النار أو فی الباطل، ومنه الحلف الغموس أی الکاذبة.

ص:279

حرف الفاء

1: الفال

حرف الفاء

1: الفال

هو عبارة عن الإخبار عن الغیب بسبب حمص أو خرز أو ما أشبه ذلک کما یمتهنه بعض الناس، ویمکن القول بحرمته من جهة أنه کذب، وما یستلزمه من إلقاء الکذب والاتهامات وما أشبه ذلک.

أما إذا جرد عن کل ذلک فهل هو حرام أم لا، لم أجد تفصیلا له فی کتب الفقه.

2: فتنة المؤمنین والمؤمنات

2: فتنة المؤمنین والمؤمنات

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنینَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ یَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَریقِ﴾((1)).

وفی آیة أخری: ﴿فَأَمَّا الَّذینَ فی قُلُوبِهِمْ زَیْغٌ فَیَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْویلِهِ﴾((2)).

وفی آیة أخری: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾((3)).

إلی غیر ذلک.

والمراد فتنوهم عن دینهم بالإغراء والتخویف أو

ص:280


1- سورة البروج: الآیة 10
2- سورة آل عمران: الآیة 7
3- سورة البقرة: الآیة 191

التعذیب أو التشکیک أو نحو ذلک، والأصل فی الفتنة الاختلاف المؤدی إلی النزاع وما یتبعه.

والظاهر أن کل ما هو مستعمل فی القرآن الحکیم والسنة المطهرة من الفتنة هو بهذا المعنی، أما المعانی المتعددة التی ذکروها فهی من باب المصادیق أو اللوازم أو نحو ذلک.

وعلی أی حال، فافتتان الناس عن دینهم أصولاً أو فروعاً محرم بلا إشکال.

کما أن إیقاع الفتنة بین الناس فی غیر جهة الإصلاح بأن یکونوا علی ضلال فیأتی لهدایتهم فتقع الفتنة فیهم، کما قال سبحانه: «وَما کانَ النَّاسُ إلاّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا کَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّکَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ فیما فیهِ یَخْتَلِفُونَ»((1))، فإن ذلک من الواجبات.

3: الإفتاء بالباطل وبغیر علم

3: الإفتاء بالباطل وبغیر علم

یحرم الإفتاء بالباطل، کما یحرم الإفتاء بغیر علم، ظناً أو شکاً أو وهماً.

ففی صحیح أبی عبیدة، قال الباقر (علیه السلام): «من أفتی الناس بغیر علم ولا هدی من الله لعنته ملائکة الرحمة وملائکة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتیاه»((2)).

والظاهر أن المراد بالهدی ما لم یکن عن علم وجدانی بل عن دلیل وإن لم یعلم مطابقة ذلک للواقع، کما إذا قام عنده الأمارة أو الطریق أو الأصل.

وفی صحیح ابن الحجاج، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «إیاک وخصلتین ففیهما هلک من هلک، إیاک أن تفتی الناس برأیک أو تدین بما لا تعلم»((3)).

ص:281


1- سورة یونس: الآیة 19
2- الوسائل: ج18 ص9 الباب 4 من صفات القاضی ح1
3- الوسائل: ج18 ص9 الباب 4 من صفات القاضی ح3

إلی غیر ذلک من الروایات، وقد ألمعنا إلی تفصیل المسألة فی (الفقه).

4: الفجور

4: الفجور

قال سبحانه: «أُولئِکَ هُمُ الْکَفَرَةُ الْفَجَرَةُ»((1)).

غالباً یستعمل بمعنی الزنا، وإن کان یستعمل فی غیره أیضاً، وهو محرم ولیس بمحرم جدید.

5: الفحش

5: الفحش

یحرم الفحش، والمراد به السب والکلام البذیء، وإنما یقال له فحش لأنه یتعدی عن الحدود المرسومة للإنسانیة، ولا شک فی حرمته فی نفسه وإن کان قد یجوز لأنه مقابلة بالمثل أو ما أشبه.

فقد روی أبو بصیر فی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن من أشر عباد الله من تکره مجالسته لفحشه»((2)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) لعائشة: «یا عائشة إن الفحش لو کان مثالاً لکان مثال سوء»((3)).

والظاهر أنه کما یحرم الفحش یحرم عدم المبالاة بالفحش بمعنی أنه یحسبه کلاماً عادیاً، لا ما إذا کان فی طریق هدی والناس یسبونه لدینه ونحوه، فإن عدم المبالاة هنا بمعنی مضیه فی سبیله، وإیکال الأمر إلی الله سبحانه من أفضل الطاعات.

6: الفواحش

6: الفواحش

لا إشکال فی حرمة الفواحش، لکنها لیست محرمة جدیدة، وإنما إلماع إلی سائر

ص:282


1- سورة عبس: الآیة 42
2- الوسائل: ج11 ص328 الباب 71 من جهاد النفس ح8
3- الوسائل: ج11 ص328 الباب 71 من جهاد النفس ح5

المحرمات المذکورة فی الشریعة، والمراد بها هو المراد بالفحش لا أی محرم، فتارک الصلاة لا یسمی أنه آت بالفاحشة أو ما أشبه ذلک.

قال سبحانه: «وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ»((1)).

وقال سبحانه: «قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ»((2)).

وقال سبحانه «وَیَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ»((3)).

إلی غیر ذلک.

7: التفخیذ

7: التفخیذ

یحرم التفخیذ المحرم، سواء بین رجلین أو بین امرأتین أو بین رجل وامرأة، وذلک لحرمة مطلق الملامسة المحرمة، والتفخیذ أحد مصادیقها، وقد ورد فی ذلک بعض الروایات الخاصة، مثل قوله (علیه الصلاة والسلام): «اللواط دون الدبر، والدبر هو الکفر»((4)).

وفی روایة أخری، سأله حذیفة عن اللواط، فقال: «بین الفخذین». وسأله عن الوقب، فقال: «ذلک الکفر بما أنزل الله علی نبیه (صلی الله علیه وآله)»((5)).

إلی غیر ذلک، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

8: الفخر

8: الفخر

الظاهر عدم حرمة الفخر إلاّ إذا اقترن بمحرم آخر، فعد بعضهم له من المحرم کأنه یرید به ذلک لا مطلقاً، نعم إذا کان الافتخار فی غیر الموقع کان منبئاً عن سوء

ص:283


1- سورة الأنعام: الآیة 151
2- سورة الأعراف: الآیة 33
3- سورة النحل: الآیة 90
4- الوسائل: ج14 ص257 الباب 25 من النکاح المحرم ح2
5- الوسائل: ج14 ص257 الباب 25 من النکاح المحرم ح3

ملکة ورداءة نفس، ولا دلالة فی قوله سبحانه علی الحرمة، قال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزینَةٌ وَتَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَتَکاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ کَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْکُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَکُونُ حُطاماً وَفِی الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدیدٌ﴾((1)).

9: الفرح

9: الفرح

لا یحرم الفرح مطلقاً إلاّ بما إذا کان لأمر علی خلاف أصول الدین، کالفرحة بقتل الحسین (علیه الصلاة والسلام) مثلاً، أو کان فرحاً بالمحرم.

قال سبحانه: «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَکَرِهُوا أنْ یُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فی سَبیلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِی الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ کانُوا یَفْقَهُونَ»((2)).

وفی جملة من الآیات النهی عن الفرح، قال سبحانه: ﴿إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْفَرِحینَ﴾((3)).

وقال تعالی: ﴿ذلِکُمْ بِما کُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَبِما کُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾((4)).

والظاهر أن الفرق بین الفرح والمرح إذا قوبلا أن الأول قلبی والثانی عملی مما ینبعث عن الفرح وعدم المبالاة.

10: الفرار من الزحف

10: الفرار من الزحف

من المحرمات الفرار من الزحف، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أوْ مُتَحَیِّزاً إلی فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصیرُ﴾((5))

ص:284


1- سورة الحدید: الآیة 20
2- سورة التوبة: الآیة 81
3- سورة القصص: الآیة 76
4- سورة غافر: الآیة 75
5- سورة الأنفال: الآیة 16

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

11: التفرق فی الدین

11: التفرق فی الدین

قال سبحانه: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمیعاً ولا تَفَرَّقُوا»((1)).

وقال تعالی: «أَنْ أَقیمُوا الدِّینَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فیهِ»((2)).

إلی غیرهما من الآیات.

والظاهر أن ذلک لیس حکماً جدیداً، وإنما هو عبارة أخری من لزوم الطریق الصحیح، فإن التفرقة یوجب خروج بعضهم عن الطریق الصحیح، فإذا تفرقوا فیه فلا إشکال فی أن الباقی علی الطریق لم یفعل محرماً، وإنما الذی انفصل عن الطریق القویم فعل محرماً.

12: التفریق بین الأحبة

12: التفریق بین الأحبة

یحرم التفریق بین المؤمنین مطلقاً وبالأخص بین الأحبة، فإن التفریق لا یکون إلاّ بالهجر ونحوه، ومن الواضح أن هجر المؤمن محرم، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) کما فی روایة ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام): «ألا أنبؤکم بشرارکم، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة الباغون للبراء المعایب»((3)).

13: الافتراء

13: الافتراء

یحرم الافتراء مطلقاً، سواء کان علی الله أو علی رسوله (صلی الله علیه وآله) أو علی الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) أو علی المؤمنین، وقد دل علی ذلک الأدلة الأربعة، والفرق بین الافتراء والکذب أن الکذب هو الخبر المخالف للواقع، أما الافتراء فهو عبارة عن الکذب الذی یوجب فری

ص:285


1- سورة آل عمران: الآیة 103
2- سورة الشوری: الآیة 13
3- الوسائل: ج8 ص616 الباب 164 من العشرة ح1

شیء من جاه الطرف تشبیهاً بفری اللحم، کما أن الغیبة شبهت بأکل اللحم، ویسمی بهتاناً لأن الطرف یبهت ویتحیر فلا یعلم ماذا یعمل أو یقول.

14: الإفساد

14: الإفساد

الإفساد محرم بالأدلة الأربعة، قال سبحانه: ﴿وَإذا قیلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ ألا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلکِنْ لا یَشْعُرُونَ﴾((1)).

ویؤخذ الموضوع فی ذلک من العرف.

وهل هو محرم جدید أو إلماع إلی سائر المحرمات، لا یبعد الثانی.

15: تفسیر الکتاب والسنة بالرأی

15: تفسیر الکتاب والسنة بالرأی

لا یجوز ذلک، بل اللازم التفسیر حسب ما یظهر منهما عرفاً ((2))، لأن الظاهر حجة دون غیره، ففی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ومن فسر القرآن برأیه فقد افتری علی الله الکذب»((3)).

وفی روایة عن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): قال الله جل جلاله: «ما آمن بی من فسر برأیه کلامی، وما عرفنی من شبهنی بخلقی، وما علی دینی من استعمل القیاس فی دینی»((4)).

وقد ألمع إلی بعض ذلک فی (الأصول).

16: الفسوق

16: الفسوق

یحرم الفسوق فی الحج، کما یحرم مطلق الفسق، ودل علی ذلک الکتاب والسنة

ص:286


1- سورة البقرة: الآیة 11
2- ولا یکون الظهور العرفی إلا بعد ملاحظة القرائن الداخلیة والخارجیة والعقلیة والنقلیة، والتی منها الروایات الشریفة
3- الوسائل: ج18 ص140 الباب 13 ح37
4- الوسائل: ج18 ص28 الباب 6 من صفات القاضی ح22

وقد ذکرنا تفصیل المراد بالفسوق ومصادیقه فی کتاب الحج، قال سبحانه: «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِی الْحَجِّ»((1)).

وفی روایة: «إن الفسوق الکذب والسباب»((2)).

وفی روایة أخری: «الفسوق الکذب والمفاخرة»((3)).

إلی غیر ذلک.

17: إفشاء السر

17: إفشاء السر

یحرم إفشاء سر المؤمن، سواء کان بین مؤمنین أو بین جماعة، کما إذا کانوا فی مجلس لکنهم یتکلمون سراً.

قال رسول الله (صلی الله علیه وآله) کما فی صحیح زرارة، الذی رواه عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): «المجالس بالأمانة»((4)).

والأخبار فی النهی عن إذاعة السر کثیرة، قد ألمعنا إلی بعضها فیما تقدم.

18: فضل الأجیر والحانوت حرام

18: فضل الأجیر والحانوت حرام

ذکر الفقهاء فی کتاب الإجارة تفصیل ذلک، بأن لا یستأجر الإنسان شیئاً ثم یؤجره بدون تصرف بأکثر من ذلک، وکذلک بالنسبة إلی العبادات التی یستأجر لها الإنسان ونحوها.

ففی صحیح أبی المعزی، عن الصادق (علیه السلام)، فی الرجل یؤاجر الأرض ثم یواجرها بأکثر مما استأجرها، قال: «لا بأس إن هذا لیس کالحانوت ولا الأجیر، إن

ص:287


1- سورة البقرة: الآیة 197
2- تفسیر البرهان: ج1 ص200 ح16
3- تفسیر البرهان: ج1 ص200 ح15
4- الوسائل: ج8 ص471 الباب 71 من العشرة ح1

فضل الحانوت والأجیر حرام»((1)).

والتفصیل فی کتاب الإجارة.

19: الفراسة

19: الفراسة

ذکرها بعضهم فی المحرمات، لکن الظاهر أن الفراسة التی توجب الحرام کفعل القائف ونحوه محرم، وإلاّ فلیس بمحرم، بل ورد: «إن المؤمن ینظر بنور الله»((2)).

20: الفقاع

20: الفقاع

هو من أقسام الخمر ولا إشکال فی حرمته، ففی روایة ابن فضال، قال: کتبت إلی أبی الحسن (علیه السلام) أسأله عن الفقاع، فقال: «هو الخمر، وفیه حد شارب الخمر»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی بابه.

21: التفکر فی ذات الله سبحانه

21: التفکر فی ذات الله سبحانه

لا یجوز التفکر فی ذات الله تعالی، للروایات الناهیة عن ذلک، والتی من جملتها قول الباقر (علیه السلام) فی صحیح محمد بن مسلم: «إیاکم والتفکر فی الله»((4)).

22: تفویت الملاک

22: تفویت الملاک

یحرم تفویت الملاک بإلقاء النفس فی الاضطرار، کأن یذهب إلی مکان یضطر فیه إلی شرب الخمر أو أکل المیتة أو الزنا أو ما أشبه ذلک.

وأما الخروج عن موضوع إلی موضوع، کالخروج من موضوع الحاضر إلی المسافر حتی یصلی قصراً أو یفطر وما أشبه ذلک فإنه جائز، نعم قد یکون مکروهاً کما ورد فی باب السفر فی شهر رمضان.

ص:288


1- الوسائل: ج13 ص260 الباب 20 من الإجارة ح4
2- الوسائل: ج8 ص423 الباب 20 من العشرة ح1
3- الوسائل: ج18 ص480 الباب 13 من حد المسکر ح3
4- الوسائل: ج11 ص453 الباب 23 من الأمر والنهی ح4

حرف القاف

1: التقبیل

حرف القاف

1: التقبیل

لا یجوز تقبیل الأجنبی والأجنبیة بلا إشکال ولا خلاف، أما تقبیل المحارم والرجل للرجل والمرأة للمرأة فإذا لم یکن بشهوة جاز، وإذا کان بشهوة حرم.

ویدل علی الحکم فی الحرمة إطلاقات أدلة اللمس کإطلاقات أدلة الریبة والشبهة.

ویدل علی الجواز فی غیرهما صحیح علی بن جعفر، عن الکاظم (علیه السلام): «من قبل للرحم ذا قرابة فلیس علیه شیء، وقبلة الأخ علی الخدود وقبلة الإمام بین العینین»((1)).

أما صحیح رفاعة، عن الصادق (علیه السلام): «لا یقبل رأس أحد ولا یده إلاّ رسول الله أو من أرید به رسول الله (صلی الله علیه وآله)»((2))، فذلک یدل علی الکراهة فی غیر ذلک، والمراد بإرادة الرسول (صلی الله علیه وآله) أعم من السادة والعلماء والزهاد ومن أشبه.

هذا بالإضافة إلی إطلاقات الأدلة فی الجواز فی غیر الموردین المحرمین السابقین.

وفی صحیح علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل أیصلح له أن یقبل الرجل أو المرأة، قال: «الأخ والابن والأخت والابنة ونحو ذلک فلا بأس»((3)).

ص:289


1- الوسائل: ج8 ص565 الباب 133 من العشرة ح1
2- الوسائل: ج8 ص565 الباب 133 من العشرة ح3
3- الوسائل: ج8 ص565 الباب 133 من العشرة ح8

ولا مفهوم له فی غیر ذی الرحم حتی الکراهة، فإن السیرة المستمرة بین المسلمین التقبیل.

والظاهر جواز تقبیل الرِجل أیضاً، کما ورد أنهم کانوا یفعلون ذلک مع رسول الله (صلی الله علیه وآله)، وکذلک ورد بالنسبة إلی بعض الأئمة (علیهم الصلاة والسلام).

وبذلک یحمل صحیح یونس، قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): ناولنی یدک أقبلها فأعطانیها، فقلت: جعلت فداک رأسک ففعل فقبلته، فقلت: جعلت فداک رجلک، قال: «أقسمت أقسمت أقسمت ثلاثاً»((1))، إن ذلک لمصلحة خارجیة لا للکراهة أو ما أشبه ذلک.

وعلی أی حال، فالأصل فی التقبیل الجواز بلا کراهة إلاّ فیما خرج.

والکلام فی جواز تقبیل غیر الإنسان من الشجر والأرض والحجر وغیر ذلک هو الکلام فی تقبیل الإنسان، بل ربما یستحب بالنسبة إلی من یراد تعظیمه من أضرحة الأنبیاء والأئمة (علیهم الصلاة والسلام) ومن إلیهم، وقد کتب بعض الفقهاء کتاباً مستقلاً فی تقبیل الأعتاب المقدسة سماه (إزالة الوسوسة عن تقبیل الأعتاب المقدسة).

ویدل علی حرمة التقبیل بشهوة لغیر الزوجین بعض الروایات:

فعن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من قبّل غلاماً من شهوة ألجمه الله یوم القیامة بلجام من نار»((2)).

ومما تقدم ظهر جواز قبلة الزوجین کل موضع من الآخر حتی الموضع الخاص، أما قبلة الإنسان نفسه فلا إشکال فیه، وهل یحرم إذا أثار شهوته، لا یبعد الجواز، کما یجوز اللعب بنفسه وإن أثارها لأن المحرم إنما هو الاستمناء، فالأصل فی غیره الجواز.

وهل الإشارة بالقبلة لغلام أو أجنبیة حرام، لا یبعد ذلک إذا کان إهانة أو نحو ذلک، بل لا یبعد شمول ملاک التشبیب المحرم له.

ص:290


1- الوسائل: ج8 ص565 الباب 133 من العشرة ح5
2- الوسائل: ج14 ص257 الباب 21 من النکاح المحرم ح1

2: تقبیل المُحرم امرأته وبالعکس

2: تقبیل المُحرم امرأته وبالعکس

لا یجوز ذلک، لجملة من الروایات التی ذکرناها فی کتاب الحج.

والتی منها صحیح مسمع، قال الصادق (علیه السلام): «یا أبا سیار إن حال المحرم ضیقة، ومن قبّل امرأته علی شهوة وهو محرم فعلیه دم شاة، ومن قبّل امرأته علی شهوة فأمنی فعلیه جزور ویستغفر ربه»((1)).

وفی صحیح الحلبی، إنه قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن متمتع طاف بالبیت وبین الصفا والمروة وقبّل امرأته قبل أن یقصر من رأسه، قال: «علیه دم یهریقه»((2)).

إلی غیر ذلک.

3: استقبال المتخلی للقبلة

3: استقبال المتخلی للقبلة

ذکرنا فی کتاب الطهارة حرمة کل من استقبال واستدبار القبلة فی حال التخلی، فلا حاجة إلی تکراره.

4: قبول شهادة من یرمی المحصنات وفاعل المحرمات

4: قبول شهادة من یرمی المحصنات وفاعل المحرمات

لا تقبل شهادة من یرمی المحصنات ولا من یفعل المحرمات، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الشهادات، وذلک حکم وضعی ولیس تکلیفیاً.

قال سبحانه: «وَالَّذینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانینَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ»((3)).

ص:291


1- الوسائل: ج9 ص276 الباب 18 من کفارة الاستمتاع ح3
2- الوسائل: ج9 ص269 الباب 13 من کفارة الاستمتاع ح1
3- سورة النور: الآیة 4

5: القتل

5: القتل

من أشد المحرمات قتل من لا یستحق القتل، مؤمناً کان أو کافراً، ذمیاً أو نحوه.

قال سبحانه: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَکُمْ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿مِنْ أَجْلِ ذلِکَ کَتَبْنا عَلی بَنی إِسْرائیلَ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أوْ فَسادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمیعاً وَمَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمیعاً﴾((2)).

إلی غیرهما من الآیات والروایات، بالإضافة إلی الإجماع والعقل، بل حرمة القتل من البدیهیات.

ثم إنا ذکرنا فی کتاب الجهاد بعض من لا یقتل من الکفار، کما ذکرنا فی کتاب الحدود بعض من یقتل.

ثم کما لا یجوز قتل الإنسان غیره کذلک لا یجوز قتله نفسه، قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ إلاّ أنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْکُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَکُمْ إنَّ اللَّهَ کانَ بِکُمْ رَحیماً وَمَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلیهِ ناراً وَکانَ ذلِکَ عَلَی اللَّهِ یَسیراً﴾((3)).

وفی صحیح الحناط قال: سمعت الصادق (علیه السلام) یقول: «من قتل نفسه متعمداً فهو فی نار جهنم خالداً فیها»((4)).

والظاهر جواز إسقاط الجنین إذا کان بقاؤه یوجب قتل الأم ونحوه، لأنه من الدفاع، کما ألمعنا إلیه سابقاً.

وهل یجوز قتل النفس إذا کان الإنسان فی حرج شدید، کبعض المرضی الذین لا یتحملون الألم، أو کان بید الظالم تحت التعذیب الشدید الذی لا یتحمله، أو کان إذا لم یقتل نفسه أفشی أسراراً توجب قتل جماعة

ص:292


1- سورة النساء: الآیة 29
2- سورة المائدة: الآیة 32
3- سورة النساء: الآیة 29 و30
4- الوسائل: ج19 ص13 الباب 5 من قصاص النفس ح1

من محقونی الدم بسبب تعذیب الجائر له، احتمالان، والمسألة الأولی من ورود العناوین الثانویة علی العناوین الأولیة، کما أن المسألة الثانیة من الأهم والمهم.

أما إذا قال: إن لم تقتل فلاناً قتلتک، لم یجز له قتله وإن قتله الجائر کما قرر فی باب التقیة، نعم إذا قال له: إن لم تقتله أو لم تقتل نفسک قتلت کل العائلة مثلاً فهو من مسألة الأهم والمهم.

وفی بعض القوانین العالمیة یجوزون قتل الإنسان نفسه للتخلص من الآلام، أو قتل الطبیب له کذلک إذا طلب هو بنفسه ورضی کل من الطب والکنیسة والأقرباء والقضاء والبلدیة، ویعللون الجواز برضی کل الستة، أو ولی المریض الذی لا یعقل کالطفل والمجنون، بحق الکل فی الإنسان فلا یجوز قتله إلاّ برضی جمیعهم.

6: قتل القاتل فی الحرم

6: قتل القاتل فی الحرم

لا یجوز قتل القاتل فی الحرم إذا قتل خارج الحرم، أما إذا قتل فی الحرم فقد هتک حرمة الحرم فیقتل فیه، قال الصادق (علیه السلام): «فی رجل قتل رجلاً فی الحل ثم دخل الحرم، لا یقتل» إلی أن قال: «حتی یخرج من الحرم فیقام علیه الحد».

وقال (علیه السلام): «فی رجل قتل فی الحرم أو سرق یقام علیه الحد فی الحرم صاغراً، لأنه لم یر للحرم حرمته»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

7: قتل الصید علی المُحرم وفی الحرم

7: قتل الصید علی المُحرم وفی الحرم

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ یَحْکُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَةِ أوْ

ص:293


1- الوسائل: ج9 ص336 الباب 14 من المقدمات ح1

کَفَّارَةٌ طَعامُ مَساکینَ أوْ عَدْلُ ذلِکَ صِیاماً لِیَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ومَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ واللَّهُ عَزیزٌ ذُو انْتِقامٍ * أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَکُمْ وَلِلسَّیَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً﴾((1)).

وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

8: قتل المُحرم هوام الجسد

8: قتل المُحرم هوام الجسد

لا یجوز قتل المحرم هوام الجسد قملة أو غیرها، علی التفصیل المذکور فی کتاب الحج.

ففی موثق زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) هل یحک المحرم رأسه ویغتسل بالماء، قال: «یحک رأسه ما لم یتعمد قتل دابة»((2)).

9: قتل ذوات الأرواح

9: قتل ذوات الأرواح

لا یجوز قتل الحیوان غیر المؤذی إلاّ فیما أباحه الشارع، کذبح البهائم لفائدة الأکل، إلی غیر ذلک.

وحیث ذکرنا تفصیله فی باب النفقات فلا وجه للتکرار.

10: قتال المؤمن

10: قتال المؤمن

یحرم قتال المؤمن إلاّ إذا کان هو المتعدی والمهاجم، فیجوز قتاله لدفعه، علی تفصیل ذکر فی (الفقه)، ففی روایة قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله کفر»((3)).

11: القتال تحت لواء غیر الأهل

11: القتال تحت لواء غیر الأهل

لا یجوز القتال مع غیر الأهل ممن لم یقرر الشارع جواز القتال معه، کافراً کان

ص:294


1- سورة المائدة: الآیة 95 _ 96
2- الوسائل: ج9 ص163 الباب 78 من التروک ح4
3- الوسائل: ج8 ص599 الباب 152 من العشرة ح12

أو مخالفاً أو فاسقاً، والتفصیل مذکور فی کتاب الجهاد.

فعن الصادق (علیه السلام)، قال: سألته عن قریتین من أهل الحرب لکل واحدة منهما ملک علی حدة اقتتلوا ثم اصطلحوا، ثم إن أحد الملکین غدر بصاحبه فجاء إلی المسلمین فصالحهم علی أن یغزو تلک المدینة، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «لا ینبغی للمسلمین أن یغدروا ولا یأمروا بالغدر ولا یقاتلوا مع الذین غدروا، ولکنهم یقاتلون المشرکین حیث وجدوهم ولا یجوز علیهم ما عاهد علیه الکفار»((1)).

12: القتال فی الشهر الحرام

12: القتال فی الشهر الحرام

یحرم القتال فی الشهر الحرام، قال سبحانه: ﴿یَسْئَلُونَکَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فیهِ قُلْ قِتالٌ فیهِ کَبیرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ وَکُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَکْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَکْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا یَزالُونَ یُقاتِلُونَکُمْ حَتَّی یَرُدُّوکُمْ عَنْ دینِکُمْ إنْ اسْتَطاعُوا وَمَنْ یَرْتَدِدْ مِنْکُمْ عَنْ دینِهِ فَیَمُتْ وَهُوَ کافِرٌ فَأُولئِکَ حَبِطَتْ أعْمالهُمْ فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِکَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فیها خالِدُونَ﴾((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

13: القتال عند المسجد الحرام

13: القتال عند المسجد الحرام

لا یجوز القتال عند المسجد الحرام إلاّ إذا ابتدأ الکافر بالقتال هناک حیث یجوز قتاله.

قال تعالی: ﴿وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّی یُقاتِلُوکُمْ فیهِ فإن قاتَلُوکُمْ فَاقْتُلُوهُمْ کَذلِکَ جَزاءُ الْکافِرینَ﴾((3)).

ص:295


1- الوسائل: ج11 ص51 الباب 21 من جهاد العدو ح1
2- سورة البقرة: الآیة 217
3- سورة البقرة: الآیة 191

14: القدح

14: القدح

لا یجوز قدح المؤمن، لأنه من السباب والهتک والإهانة والإیذاء وغیر ذلک من العناوین العامة، فالأدلة علی حرمتها تدل علی حرمته، لأنه أحد صغریاتها فلیس حکم جدید فی المسألة.

15: التقدم بین یدی الله ورسوله

15: التقدم بین یدی الله ورسوله

قال سبحانه: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سَمیعٌ عَلیمٌ»((1)).

غالباً یکون حاشیة الشخص یتقدمون بالاقتراح، سواء فی الموضوع أو الحکم علی الشخص وذلک من سوء الأدب، وفی الآیة الکریمة النهی عن ذلک، فإذا صار المجال لحکم من الأحکام لابد من ملاحظة حکم الله سبحانه وتعالی، وإذا صار المجال لموضوع ذی حکم ولم یعلم خصوصیاته لابد من ملاحظة نظر الرسول (صلی الله علیه وآله)، فلا یتقدم المسلم علی الله والرسول (صلی الله علیه وآله) لا فی الحکم ولا فی خصوصیات الموضوع.

ولعل ذلک جار فی نواب الأئمة (علیهم السلام) بعد جریانه فی الأئمة (صلوات الله علیهم)، فلا یجوز أن یتقدم المسلم إلاّ إذا استشاروا وأذنوا، أو کان الموضع یقتضی ذلک.

أو یقال إن بقاء ذلک فی القرآن الذی یبقی ما بقیت الدنیا من جهت تعریف الرسول (صلی الله علیه وآله) للمسلمین فإن معرفته بخصوصیاته من أصول الدین وما یرتبط بأصول الدین.

16: قذف الناس بالفاحشة

16: قذف الناس بالفاحشة

لا یجوز قذف المسلم بالزنا أو اللواط أو السحق أو التفخیذ أو القبلة أو الاستمناء

ص:296


1- سورة الحجرات: الآیة 1

أو ما أشبه ذلک، وذلک للأدلة العامة، وفی بعض صغریاتها أدلة خاصة.

قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانینَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ إلاّ الَّذینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَأَصْلَحُوا فإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((2)).

وفی موثقة أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام): «نهی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن یقال للإماء یا بنت کذا وکذا، فإن لکل قوم نکاحاً»((3)).

وفی صحیح عبد الله بن سنان: قذف رجل رجلاً مجوسیاً عند أبی عبد الله (علیه السلام)، فقال: «مه»، فقال الرجل: «إنه ینکح أمه وأخته»، قال: «ذلک عندهم نکاح فی دینهم»((4)).

إلی غیر ذلک مما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحدود.

17: قراءة الجنب والحائض

17: قراءة الجنب والحائض

لا یجوز قراءة الجنب والحائض شیئاً من العزائم الأربع.

ففی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام)، قلت له: الحائض والجنب هل یقرءان من القرآن شیئاً، قال: «نعم ماشاءا إلاّ السجدة»((5)).

18: القراءة خلف الإمام

18: القراءة خلف الإمام

لا یجوز قراءة الحمد والسورة خلف الإمام الجامع للشرائط فیما إذا سمع

ص:297


1- سورة النور: الآیة 4 _ 5
2- سورة النور: الآیة 23
3- الوسائل: ج14 ص588 الباب 83 من نکاح العبید ح2
4- الوسائل: ج14 ص588 الباب 83 من نکاح العبید ح1
5- الوسائل: ج1 ص493 الباب 19 من الجنابة ح4

المأموم صوت الإمام کالجهریة، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی باب القراءة من الصلاة.

قال الباقر (علیه السلام) فی صحیح زرارة ومحمد بن مسلم: «کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول: من قرأ خلف إمام یأتم به فمات بعث علی غیر الفطرة»((1)).

19: قراءة العزائم فی الصلاة الواجبة

19: قراءة العزائم فی الصلاة الواجبة

لا یجوز قراءة العزیمة فی الصلاة الواجبة لأنه بین أمرین، إما أن یسجد فیه عند آیة السجدة وذلک زیادة فی المکتوبة، أو لا یسجد فذلک محرم لأن السجدة فوریة، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی کتاب الصلاة.

والعزائم عبارة عن (حم السجدة) و(ألم تنزیل) و(النجم) و(إقرأ باسم ربک الذی خلق).

20: قرب الأمة الحبلی

20: قرب الأمة الحبلی

اذا اشتری الرجل الأمة الحبلی أو ورثها أو وهبت له أو ما أشبه ذلک لا یجوز له قربها حتی تضع، کما فصل الکلام فی ذلک فی کتب (الفقه).

21: قرب الزوجة الموطوءة شبهة

21: قرب الزوجة الموطوءة شبهة

اذا وُطئت زوجة الإنسان شبهةً لا یجوز له قربها، وإن جاز سائر الاستمتاعات، لأن للشبهة عدة، کما ذکرنا تفصیله فی باب العدة.

22: قرب المحرمات

22: قرب المحرمات

قد ورد فی القرآن الحکیم النهی عن قرب جملة من المحرمات، والظاهر

ص:298


1- الوسائل: ج5 ص422 الباب 31 من صلاة الجماعة ح4

أن المراد بذلک عملها لا الاقتراب منها، وإنما ذکر ذلک إما مبالغةً أو مجازاً فی الکلمة.

قال سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا إنَّه کانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبیلاً﴾((1)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتیمِ إلاّ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ﴾((3)).

وقال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُکاری حَتَّی تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إلاّ عابِری سَبیلٍ حَتَّی تَغْتَسِلُوا﴾((4)).

23: قرب المحللة والمزوجة

23: قرب المحللة والمزوجة

لا یجوز الدخول بالمحللة إذا حللت له غیر الدخول بها، کما لا یجوز الدخول بالمتعة إذا اشترطت عدم الدخول، بل لم نستبعد فی (الفقه) صحة الاشتراط بالنسبة إلی الدائمة أیضاً، وتفصیل الکلام هناک.

24: الاقتراب من النساء فی الحیض والنفاس والاستحاضة بدون التطهیر

24: الاقتراب من النساء فی الحیض والنفاس والاستحاضة بدون التطهیر

قال سبحانه: ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّی یَطْهُرْنَ﴾((5)).

25: قرب المشرک المسجد الحرام

25: قرب المشرک المسجد الحرام

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ فَلا یَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا﴾((6)).

والمراد بالقرب الدخول، وحکم المسجد الحرام جار

ص:299


1- سورة الإسراء: الآیة 32
2- سورة الأنعام: الآیة 151
3- سورة الإسراء: الآیة 34
4- سورة النساء: الآیة 43
5- سورة البقرة: الآیة 222
6- سورة التوبة: الآیة 28

فی سائر المساجد.

کما أنه لا فرق فی حرمة الدخول بین الاستیطان والاجتیاز والامتیار للطعام بمعنی جلبه أو مطلق الشراء، ولا بین تعدی النجاسة وعدمه، وتفصیل الکلام فی (الفقه) فی باب المساجد، وقد ذکرنا هناک لحوق العتبات المقدسة للأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) بالمسجد فی ذلک.

26: قرب الطیب من المیت المُحرم

26: قرب الطیب من المیت المُحرم

لا یجوز تقریب الطیب من المحرم إذا مات، کما ذکرنا تفصیله فی باب الحج وباب الأموات.

قال الباقر (علیه السلام) فی صحیح ابن مسلم: «فی المحرم إذا مات کیف یصنع به، یغطی وجهه ویصنع به کما یصنع بالحلال غیر أنه لا یقربه طیباً»((1)).

ثم إنه لا فرق فی الطیب الممنوع قربه منه بین الحنوط وبین الغسل بماء الکافور لأن الکافور طیب، وبین سائر الطیب.

27: قراءة ما یفوت الصلاة

27: قراءة ما یفوت الصلاة

لا تجوز قراءة سورة توجب فوت الصلاة، إما لاقتراب آخر الوقت أو لاقتراب حیض أو ما أشبه ذلک، علی تفصیل ذکرناه فی (الفقه).

28: إقرار النطفة فی رحم أجنبیة

28: إقرار النطفة فی رحم أجنبیة

فی موثقة عثمان، عن علی بن سالم، عن الصادق (علیه السلام): «إن أشد الناس عذاباً یوم القیامة رجل أقر نطفته فی رحم یحرم علیه»((2)).

ص:300


1- الوسائل: ج2 ص697 الباب 13 من غسل المیت ح4
2- الوسائل: ج14 ص239 الباب 4 من النکاح المحرم ح1

وعن رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لن یعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله عز وجل من رجل قتل نبیاً أو إماماً أو هدم الکعبة التی جعلها الله قبلة لعباده أو فرغ ماءه فی امرأة حراماً»((1)).

والظاهر أن المراد به الوطی الموجب للإفراغ، لکن لا یبعد شموله لإدخال النطفة ولو بدون الدخول، ومنه یعلم حرمة جلوس المرأة فی موضع تجذب رحمها منی الأجنبی.

أما إذا خرج الأمر عن النطفة، بأن صارت علقةً أو مضغةً أو عظاماً أو لحماً ولج فیه الروح أو لم یولج، فأدخل بالوسائل الطبیة فی رحم امرأة أخری، لم یکن بذلک بأس حسب الصناعة، وإن کان الفتوی بذلک مشکلاً. ولا محرمیة بینه وبین ذات الرحم، فلیس هو کالرضاع، إذ لادلیل علی المماثلة، والقول بأنه أقوی من الرضاع لأن الرحم ربته وغذته فیه إن جذب الجنین للدم لا یوجب کونه کرضاعه للّبن، فهل یقال إن إعطاء المرضعة الدم للرضیع من وریدها أو ما أشبه مثلاً یوجب جریان أحکام الرضاع، وقد ذکرنا جملة من فروع هذه المسألة فی کتاب النکاح.

ثم الظاهر أن الزوج إذا أدخل المنی بدون الدخول فی البکر فسبب ذلک ذهاب بکارتها بالولادة کان علیه تمام المهر إذا طلقها قبل الدخول، لأنه لا فرق ولو بفهم الملاک بین فضها بالآلة أو بالإصبع أو بذلک.

أما إذا فعل ذلک بالثیب فخرج الولد، فهل لا یکون علیه النصف الآخر، لأنه طلاق قبل الدخول أو علیه، احتمالان، کما أنه إذا أدخل النطفة فی البکر ثم خرج الولد من البطن بالعمل الجراحی بدون ذهاب البکارة لم یکن علیه عند الطلاق إلاّ النصف علی إشکال، ولعل فی قصة

ص:301


1- الوسائل: ج14 ص239 الباب 4 من النکاح المحرم ح2

المساحقة التی وقعت فی زمان علی (علیه الصلاة والسلام) مع البکر((1)) ما یؤید بعض فروع المسألة.

ثم إنا احتملنا فی بعض مباحث (الفقه) أنه إذا أدخل الزوجان منیهما بعد العلوق فی رحم کافرة تری ذلک جائزاً، لم یکن به بأس، لأنه لیس من الزنا، بعد قاعدة الإلزام((2)) والمفروض أن الکافرة تری جواز ذلک.

29: القران بین السورتین وبین الطوافین

29: القران بین السورتین وبین الطوافین

فی بعض الروایات المنع عن ذلک بالنسبة إلی الصلاة والطواف الواجبین، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتابی الصلاة والحج.

30: القسم بغیر الله

30: القسم بغیر الله

تقدم تفصیل ذلک فی مادة (الحلف).

31: إقرار المصلوب أکثر من ثلاثة أیام

31: إقرار المصلوب أکثر من ثلاثة أیام

تقدم الکلام فی ذلک فی هذا الکتاب، فعن رسول الله (صلی الله علیه وآله)، قال: «لا تقروا المصلوب بعد ثلاثة أیام حتی ینزل ویدفن»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

32: القرض بالنفع

32: القرض بالنفع

لا یجوز القرض بشرط النفع، شرطاً صریحاً أو ضمنیاً، لأنه من الربا، علی ما ذکرنا

ص:302


1- الوسائل: ج18 ص436 الباب 3 من حد السحق
2- الاستبصار: ج3 الباب 170 من الطلاق ح5
3- الوسائل: ج2 ص678 الباب 49 من الاحتضار ح1

تفصیله فی کتاب القرض.

33: الاستقسام بالأزلام

33: الاستقسام بالأزلام

الأزلام جمع زلم علی وزن فرس وأفراس، وهو السهم الذی لا ریش علیه، وکان عرب الجاهلیة یستقسمون بها، فنهی الله عنه.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطیحَةُ وَما أَکَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَکَّیْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِکُمْ فِسْقٌ﴾((2)).

وکل ما کان من قبیل ذلک یکون محرماً.

34: قساوة القلب

34: قساوة القلب

قال سبحانه: «فَوَیْلٌ لِلْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِکْرِ اللَّهِ أُولئِکَ فی ضَلالٍ مُبینٍ»((3)).

والظاهر أن القساوة إذا لم یکن لها مظهر کانت من الصفات الذمیمة، أما إذا صار لها مظهر من المحرمات فهو حرام باعتبار المظهر کسائر الصفات الذمیمة.

35: القصة فی المسجد

35: القصة فی المسجد

استغل بعض الکاذبین المساجد لبیان القصص منذ العصر الأول، فکانوا یجلسون فی المساجد أو یقومون علی الناس ویقولون القصة المکذوبة علی رسول الله (صلی الله علیه وآله) أو علی الأنبیاء السابقین (علیهم السلام) أو ما أشبه ذلک، وقد دلت الروایات الکثیرة علی النهی

ص:303


1- سورة المائدة: الآیة 90
2- سورة المائدة: الآیة 3
3- سورة الزمر: الآیة 22

عنه وحرّمته.

ففی صحیح هشام، عن الصادق (علیه السلام): «إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) رأی قاصاً فی المسجد فضربه بالدرة وطرده»((1)).

وفی روایة العیاشی، عن الباقر (علیه السلام) فی قول الله تعالی: «وَإذا رَأَیْتَ الَّذینَ یَخُوضُونَ فی آیاتِنا»((2))، قال: «الکلام فی الله والجدال فی القرآن»، «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ»((3)) قال: «منه القصّاص»((4)).

وعن عبد السلام بن صالح الهروی، عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام) فی حدیث قال: قلت: یا بن رسول الله، فقد روی لنا عن أبی عبد الله (علیه السلام) أنه قال: «من تعلم علماً لیماری به السفهاء أو یباهی به العلماء أو لیقبل به وجوه الناس إلیه فهو فی النار»، فقال (علیه السلام): «صدق جدی (علیه السلام)، أفتدری من السفهاء»، فقلت: لا یا بن رسول الله، فقال: «قصّاص مخالفینا»((5)).

ومن الواضح أن المحرم هو الباطل من القصص لا ما إذا کانت حقاً.

36: القضاء بالنجوم

36: القضاء بالنجوم

یحرم القضاء بالنجوم، لأنه یوجب اختلال أمر الإنسان وهو غیر جائز.

فعن عبد الملک بن أعین بسند صحیح، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): إنی قد ابتلیت بهذا العلم فأرید الحاجة، فإذا نظرت إلی الطالع ورأیت الطالع الشر جلست

ص:304


1- الوسائل: ج3 ص515 الباب 38 من أحکام المساجد ح1
2- سورة الأنعام: الآیة 68
3- سورة الأنعام: الآیة 68
4- تفسیر العیاشی: ج1 ص362 ح3
5- المستدرک: ج2 ص435 الباب 25 مما یکتسب به ح2

ولم أذهب فیها، وإذا رأیت طالع الخیر ذهبت فی الحاجة، فقال لی: «تقضی»، قلت: نعم، قال: «احرق کتبک»((1)).

وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب المکاسب.

37: قطع رأس الذبیحة قبل تمام موتها

37: قطع رأس الذبیحة قبل تمام موتها

ذهب جمع من الفقهاء إلی حرمته، وآخرون إلی کراهته، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الذباحة.

ففی صحیح علی، عن أخیه الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل ذبح فقطع الرأس قبل أن تبرد الذبیحة، کان ذلک منه خطأً أو سبقه السکین أیؤکل ذلک، قال: «نعم ولکن لا یعود»((2)).

38: قطع الرحم

38: قطع الرحم

لا إشکال فی أن قطع الرحم من الکبائر، وکل واحد من الرحم والقطع موضوعان عرفیان، وفی مورد الشک المرجع الأصول.

قال سبحانه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذی تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إنَّ اللَّهَ کانَ عَلَیْکُمْ رَقیباً﴾((3)).

والمعنی: اتقوا الله الذی تساءلون به أن تعصوه واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

وقال تعالی: ﴿فَهَلْ عَسَیْتُمْ إنْ تَوَلَّیْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَکُمْ﴾((4)).

وقال سبحانه: ﴿وَیَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ یُوصَلَ وَیُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِکَ

ص:305


1- الوسائل: ج8 ص268 الباب 14 من آداب السفر ح1
2- الوسائل: ج16 ص260 الباب 9 من الصید ح7
3- سورة النساء: الآیة 1
4- سورة محمد: الآیة 22

هُمُ الْخاسِرُونَ﴾((1)).

إلی غیرها من الآیات والروایات.

وفیها دلالات علی أن قطع الرحم یوجب العقوبات فی الدنیا قبل الآخرة، ففی معتبرة إسحاق، عن الصادق (علیه السلام): «ما نعلم شیئاً یزید فی العمر إلاّ صلة الرحم حتی أن الرجل یکون أجله ثلاث سنین فیکون وصولاً للحرم فیزید الله فی عمره بثلاثین سنة فیجعلها ثلاثاً وثلاثین سنة، ویکون أجله ثلاثاً وثلاثین سنة فیکون قاطعاً للرحم فینقصه الله ثلاثین سنة ویجعل أجله إلی ثلاث سنین»((2)).

إلی غیر ذلک.

39: قطع الشجرة فی الحرب

39: قطع الشجرة فی الحرب

لا یجوز قطع الأشجار فی الحرب مع الکفار ومع المعتدین إلاّ فی صورة الاضطرار، فإن ذلک إفساد فی الأرض وإسراف.

ویدل علیه جملة من الروایات، والتی منها الصحیح عن الصادق (علیه السلام): «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) إذا أراد أن یبعث سریة دعاهم فأجلسهم بین یدیه ثم یقول» إلی أن قال: «ولا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطروا إلیها»((3)).

والاضطرار یجوّز ذلک کما فی هذه الروایة، والأدلة العامة بل وبعض الآیات أیضاً، قال سبحانه: «ما قَطَعْتُمْ مِنْ لینَةٍ أوْ تَرَکْتُمُوها قائِمَةً عَلَی أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِیُخْزِیَ الْفاسِقینَ»((4)).

40: قطع صلاة الفریضة

40: قطع صلاة الفریضة

یحرم قطع صلاة الفریضة علی ما فصلنا الکلام فی ذلک فی کتاب الصلاة.

ص:306


1- سورة البقرة: الآیة 27
2- البحار: ج71 ص121 الباب 3 من العشرة ح85
3- الوسائل: ج11 ص43 الباب 15 من جهاد العدو ح2
4- سورة الحشر: الآیة 5

41: قطع الطریق

41: قطع الطریق

یحرم قطع الطریق باللصوصیة نصاً وإجماعاً، بل وبدلیل العقل أیضاً، فإنه مشتمل علی أنواع من الظلم والحرام کالضرب والغصب والقتل والتوهین والإخافة وغیرها.

قال سبحانه: «إِنَّما جَزاءُ الَّذینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أنْ یُقَتَّلُوا أوْ یُصَلَّبُوا أوْ تُقَطَّعَ أَیْدیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ إلاّ الَّذینَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحیمٌ»((1)).

ومن المحرم قطع الطریق علی النساء والأولاد، کما یفعله الفسقة عند الانصراف من المجالس والمدارس ونحوهما.

42: قطع ما أمر الله به أن یوصل

42: قطع ما أمر الله به أن یوصل

قال سبحانه: ﴿الَّذینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ میثاقِهِ وَیَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ یُوصَلَ وَیُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾((2)).

وهذا أعم من الرحم، مثلاً الزوجان أمر الله سبحانه وتعالی أن یوصل بعضهم بعضاً، والمؤمنون أمر الله أن یوصل بعضهم بعضاً وهکذا، ففی کل مورد أمر الله بالوصل یحرم قطیعته، کما أن فی کل مورد أمر الله بالقطع یحرم وصلته، ومنه قطع واصل الأئمة (علیهم السلام) ووصل قاطع الأئمة (علیهم الصلاة والسلام).

قال الرضا (علیه السلام) فی موثقة ابن فضال: «من واصل لنا قاطعاً أو قطع لنا واصلاً أو

ص:307


1- سورة المائدة: الآیة 33 _ 34
2- سورة البقرة: الآیة 27

مدح عائباً أو أکرم لنا مخالفاً فلیس منا ولسنا منه»((1)).

43: القعود مع فاعل المنکر

43: القعود مع فاعل المنکر

قال سبحانه: ﴿وَإذا رَأَیْتَ الَّذینَ یَخُوضُونَ فی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ وَإِمَّا یُنْسِیَنَّکَ الشَّیْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّکْری مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمینَ﴾((2)).

وقال سبحانه: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللَّهِ یُکْفَرُ بِها وَیُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فی حَدیثٍ غَیْرِهِ إِنَّکُمْ إذاً مِثْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقینَ وَالْکافِرینَ فی جَهَنَّمَ جَمیعاً﴾((3)).

وفی الصحیح، سأل العقرقوفی عن الصادق (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَیْکُمْ فِی الْکِتابِ» الآیة. فقال: «إنما عنی بهذا الرجل یجحد الحق ویکذب ویقع فی الأئمة (علیهم السلام) فقم من عنده ولا تقاعده کائناً من کان»((4)).

وعلی هذا فاللازم الاجتناب عن مجلس المنکر، کالمقامر والخمار والزانی واللائط فی حال عملهم بالحرام، والمستهزئ بالله ورسوله (صلی الله علیه وآله) وآیاته والأوصیاء (علیهم السلام) ومجلس الغیبة والنمیمة والبهت، وإن کان الجالس لا یسمع لصمم أو غیره، ففی بعض الروایات نهی الإمام (علیه السلام) عن الجلوس إلی قاض یقضی بغیر ما أنزل الله.

ومن الواضح أن لیس المراد الجلوس بظاهر لفظه، بل أن یصاحب الإنسان مثل ذلک الإنسان فی الطریق أیضاً من ذلک، وفی العصر الحاضر یشمل ذلک ما إذا خابره بالهاتف أو جلس عند الإذاعة أو التلفزیون الصانعین لمثل ذلک.

ص:308


1- الوسائل: ج11 ص507 الباب 38 من الأمر والنهی ح19
2- سورة الأنعام: الآیة 68
3- سورة النساء: الآیة 140
4- تفسیر العیاشی: ج1 ص282 ح291

44: جلوس المعتکف تحت الضلال

44: جلوس المعتکف تحت الضلال

قد ذکرنا هذا المبحث فی کتاب الاعتکاف، ففی صحیح داود بن سرحان، قال: کنت بالمدینة فی شهر رمضان فقلت لأبی عبد الله (علیه السلام): إنی أرید أن أعتکف فماذا أقول وماذا أفرض علی نفسی، فقال: «لا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة لابد منها، ولا تقعد تحت ضلال حتی تعود إلی مجلسک»((1)).

وتفصیل الکلام فی کتاب الاعتکاف.

45: القفو فیما لا یعلم

45: القفو فیما لا یعلم

القفو عبارة عن الاتباع، ولا یجوز للإنسان أن یتبع غیر ما یعلم، إما علماً وجدانیاً أو علماً تنزیلیاً.

قال سبحانه: «وَلا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً»((2)).

فلیس للإنسان أن یتبع فی عقائده أو أفعاله أو أقواله أو نوایاه ما لا یعلم بصحته، فإنه کثیراً ما یؤدی إلی الباطل.

والظاهر من ذیل الآیة أن کلاً من السمع والبصر والفؤاد إذا اقتفی ما لا یعلم یکون مسئولاً عنه لماذا اقتفیته، فلا عذر له إذا کان حراماً فی أن یقول إنی لم اکن أعلم حرمته.

46: قلع ما ینبت فی الحرم

46: قلع ما ینبت فی الحرم

قد ذکرنا فی کتاب الحج تفصیل ذلک، وأن قلع ما ینبت فی الحرم من الشجر والحشیش والنبات محرم.

ص:309


1- الوسائل: ج7 ص408 الباب 7 من الاعتکاف ح3
2- سورة الإسراء: الآیة 36

ففی صحیح جمیل، عن الصادق (علیه السلام): «رآنی علی بن الحسین (علیه السلام) وأنا أقلع الحشیش من حول الفساطیط بمنی فقال: یا بنی إن هذا لا یقلع»((1)).

وفی صحیح حریز، عنه (علیه السلام): «کل شیء ینبت فی الحرم فهو حرام علی الناس أجمعین»((2)).

إلی غیرهما من الروایات، وقد استثنی من ذلک بعض المستثنیات کما ذکرناه هناک.

47: تقلیم الأظفار علی المُحرم

47: تقلیم الأظفار علی المُحرم

لا یجوز تقلیم الأظفار علی المحرم کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة، سئل الصادق (علیه السلام) عن الرجل المحرم تطول أظفاره، قال: «لا یقص شیئاً منها إن استطاع، فإن کانت تؤذیه فلیقصها ولیطعم مکان کل ظفر قبضة من طعام»((3)).

أقول: ولا فرق فی ذلک بین الید والرجل لإطلاق الدلیل، علی التفصیل المذکور فی کتاب الحج.

48: القمار

48: القمار

یحرم کل أقسام القمار بلا إشکال فإنه (المیسر)، وفی صحیح معمر بن خلاد، عن الرضا (علیه السلام) إنه قال: «النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة، وکل ما قومر علیه فهو میسر»((4)).

وفی حسنة فضل بن شاذان، عن الرضا (علیه السلام) فی تعداد الکبائر: «والمیسر وهو القمار»((5)).

إلی غیر ذلک من الروایات، بل حرمته من ضروریات الشرع.

ص:310


1- الوسائل: ج9 ص172 الباب 86 من التروک ح2
2- الوسائل: ج9 ص172 الباب 86 من التروک ح1
3- الوسائل: ج9 ص161 الباب 77 من التروک ح1
4- الوسائل: ج12 ص242 الباب 104 مما یکتسب به ح1
5- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33

49: القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالی

49: القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالی

قال سبحانه: ﴿قُلْ یا عِبادِیَ الَّذینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمیعاً إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحیمُ﴾((1)).

وحکی الله سبحانه وتعالی قول إبراهیم (علیه السلام) حیث قال: ﴿وَمَنْ یَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إلاّ الضَّالُّونَ﴾((2)).

والظاهر أن القنوط شامل للأمور الدنیویة والأخرویة، لکن فی الأمر المحتمل لا المقطوع العدم، فلیس من القنوط إذا قنط مقلوع العین عن عینه أن تعاد عینه، أو قطع أنه لا یتمکن من الوصول إلی مقام الأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) فی الآخرة.

ویدل علی التعمیم فی غیر المستثنی صحیح أحمد، قال: قلت لأبی الحسن (علیه السلام): جعلت فداک إنی قد سألت الله حاجة منه کذا وکذا سنة وقد دخل قلبی من إبطائها شیء، فقال: «یا أحمد إیاک والشیطان أن یکون له علیک سبیل حتی یقنطک، إن أبا جعفر (علیه السلام) کان یقول: أخبرنی عنک لو أنی قلت لک قولاً کنت تثق به منی، فقلت له: جعلت فداک إذا لم أثق بقولک فبمن أثق فأنت حجة الله علی خلقه، قال: فکن بالله أوثق، فإنک علی موعد من الله عز وجل، ألیس الله یقول: «وَإذا سَأَلَکَ عِبادی عَنِّی فَإِنِّی قَریبٌ أُجیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعانِ»((3))، وقال: «لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ»((4))، وقال: «وَاللَّهُ یَعِدُکُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً»((5))، فکن بالله أوثق منک بغیره، ولا تجعلوا فی أنفسکم إلاّ خیراً فإنه مغفور لکم﴾((6)).

إلی غیرها من الروایات.

ص:311


1- سورة الزمر: الآیة 53
2- سورة الحجر: الآیة 56
3- سورة البقرة: الآیة 186
4- سورة الزمر: الآیة 53
5- سورة البقرة: الآیة 268
6- تفسیر البرهان: ج1 ص185 ح2

وهل هذا جار حتی بالنسبة إلی قتلة الأنبیاء وأولاد الأنبیاء (علیهم الصلاة والسلام)، الظاهر نعم حیث إن الإنسان ما دام فی الدنیا یمکن أن یخفف من ذنبه فلا قنوط علی نحو الإطلاق.

ویؤیده ما روی من أن حمزة (علیه السلام) وقاتله فی الجنة، وأن الإمام السجاد (علیه الصلاة والسلام) علّم یزید ما یخفف علیه العذاب.

50: قول المیت للشهید

50: قول المیت للشهید

الظاهر أنه یجوز إطلاق المیت للشهید، وإنما الممنوع أن یعتقد الإنسان أن الشهید کسائر الأموات من جهة الدرجات فی العالم الآخرة.

فقوله سبحانه وتعالی: «وَلا تَقُولُوا لِمَنْ یُقْتَلُ فی سَبیلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْیاءٌ وَلکِنْ لا تَشْعُرُونَ»((1))، إشارة إلی ما ذکرناه، لا إلی المنع عن تسمیة الشهید میتاً، ولذا جرت سیرة المتشرعة علی تسمیة الشهید میتاً، حتی قال السید الرضی فی الإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام):

میت تبکی له فاطمة

وأبوها وعلی ذو العلی

51: قول الزور

51: قول الزور

قد تقدم الإلماع إلی حرمة قول الزور، قال سبحانه: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾((2)).

کما تقدم أن من قول الزور الظهار، لقوله سبحانه: ﴿وَإِنَّهُمْ لَیَقُولُونَ مُنْکَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً﴾((3)).

وهو من التزویر، والزیارة تسمی بها لأن الإنسان ینحرف عن طریقه إلی محل المزور.

ص:312


1- سورة البقرة: الآیة 154
2- سورة الحج: الآیة 30
3- سورة المجادلة: الآیة 2

52: قول علم الله فی أمر باطل

52: قول علم الله فی أمر باطل

یحرم ذلک کما ألمع إلیه بعض الروایات، بالإضافة إلی أنه نوع من الکذب، بل هو کذب علی الله الذی هو أعظم أقسام الکذب، وکذلک إذا قال علم الرسول أو علم الإمام (علیهما السلام).

53: قول لا والله وبلی والله للمُحرم

53: قول لا والله وبلی والله للمُحرم

تقدم أن ذلک من الفسوق المنهی عنه، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

54: القول بلا علم علی الله تعالی

54: القول بلا علم علی الله تعالی

قال سبحانه: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إنّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبینٌ إِنَّما یَأْمُرُکُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾((1)).

وفی آیة أخری: ﴿قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِکُوا بِاللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾((2)).

وإذا حرم قول ما لا یعلم علی الله سبحانه وتعالی حرم قول ما یعلم عدمه علیه.

ومثل ذلک فی الحرمة النسبة إلی النبی والإمام (علیهما الصلاة والسلام)، بل قد تقدم أن القول بلا علم مطلقاً کأن قال مثلاً: إن الحیوان الفلانی فی المکان الفلانی، وهو لا یعلم یکون من الکذب الخبری أو المخبری.

55: قول (راعنا) للنبی (صلی الله علیه وآله)

55: قول (راعنا) للنبی (صلی الله علیه وآله)

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا

ص:313


1- سورة البقرة: الآیة 168
2- سورة الأعراف: الآیة 33

وَلِلْکافِرینَ عَذابٌ أَلیمٌ»((1)).

فقد کان أهل الکتاب یسبون رسول الله (صلی الله علیه وآله) بهذا اللفظ، کما کانوا یسبونه بقولهم: السام علیک، بدل السلام، والسام الموت، وذلک حرام وذکره فی القرآن من جهة بیان خصوصیات الرسول (صلی الله علیه وآله) فیتخذه المؤمنون أسوة ولا ینزعجوا من السباب خصوصاً فی طریق التبلیغ، أو لأجل تعلیم أن مثل ذلک حرام ولو کان لغیر الرسول (صلی الله علیه وآله).

56: جملة من الأقوال

56: جملة من الأقوال

ورد فی القرآن الحکیم النهی عن جملة من الأقوال، مثل قوله سبحانه: ﴿وَقالُوا لَنْ یَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلاّ مَنْ کانَ هُوداً أوْ نَصاری تِلْکَ أَمانِیُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إنْ کُنْتُمْ صادِقینَ﴾((2)).

ومثل قوله: ﴿وَقالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصاری عَلَی شَیْءٍ وَقالَتِ النَّصاری لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلَی شَیْ ءٍ وَهُمْ یَتْلُونَ الْکِتابَ کَذلِکَ قالَ الَّذینَ لا یَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ یَحْکُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فیما کانُوا فیهِ یَخْتَلِفُونَ﴾((3)).

ومثل قوله: ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَالْأَرْضِ کُلٌّ لَهُ قانِتُونَ﴾((4)).

ومثل قوله: ﴿وَقالَ الَّذینَ لا یَعْلَمُونَ لَوْ لا یُکَلِّمُنَا اللَّهُ أوْ تَأْتینا آیَةٌ کَذلِکَ قالَ الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَیَّنَّا الآیات لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ﴾((5)).

إلی غیر ذلک.

وکل ذلک من المحرمات، من جهة منافاتها لأصول الدین أو الکذب.

ص:314


1- سورة البقرة: الآیة 104
2- سورة البقرة: الآیة 111
3- سورة البقرة: الآیة 113
4- سورة البقرة: الآیة 116
5- سورة البقرة: الآیة 118

ومنه یعلم بقاء الحکم إلی الآن، کما یعلم حرمة مثل ذلک ولو فی غیر المذکورات بالملاک وبالأدلة العامة.

57: القول بنفی إیمان المسلم

57: القول بنفی إیمان المسلم

لا یجوز للإنسان أن ینفی الإیمان عن المسلم، ولا أن ینفی العدالة عن العادل، مثل أن یقول کافر أو فاسق أو منافق أو مشرک أو ملحد أو زندیق أو ما أشبه ذلک.

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا ضَرَبْتُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ فَتَبَیَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقی إِلَیْکُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ کَثیرَةٌ﴾((1)).

کما أن الظاهر أن الحکم کذلک فی إثبات الإیمان أو العدالة بالنسبة إلی الکافر، کما إذا قال هذا مؤمن بالنسبة إلی إنسان کافر أو مشرک، أو قال هذا عادل بالنسبة إلی إنسان فاسق، فإن ذلک أقله الکذب المحرم.

58: القول بلا فعل

58: القول بلا فعل

یحرم القول بلا فعل فیما وجب فعله، أما القول بلا فعل فیما لا یجب کأن یقول سوف أزور الحضرة المقدسة أو اشتری الشیء الفلانی أو ما أشبه ذلک فلیس ذلک بمحرم، کما أن خلف الوعد أیضاً لیس بمحرم.

قال سبحانه: «وَالشُّعَراءُ یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فی کُلِّ وادٍ یَهیمُونَ * وَأَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ»((2)).

وقال تعالی: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ * کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ»((3)).

ص:315


1- سورة النساء: الآیة 94
2- سورة الشعراء: الآیة 224 _ 226
3- سورة الصف: الآیة 2 _ 3

وفی صحیح هشام، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «عدة المؤمن أخاه نذر لا کفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ولمقته تعرض، وذلک قوله تعالی: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ»((1))».

لکن السیرة القطعیة بین المتشرعة أوجب رفع الید عن تلک الظواهر بصرفها إلی المخالفة المحرمة، أو صرف النهی عن الخلاف إلی الکراهة، ویؤیده ما دل علی عدم لزوم الوفاء بالوعد للزوجة.

نعم لا شک أن الوفاء بالوعد من المروءة، فالإنسان الذی لا یفی بوعده إنسان غیر محترم فی الاجتماع، ککثیر من فاقدی الأخلاق الفاضلة کحسن الخلق والکرم والتعاون وغیرها، حیث إن الإنسان إذا لم یلتزم بها لم یکن محترماً اجتماعیاً مع قطع النظر عن أنها مکروهات شرعاً، فعلی الإنسان أن یلتزم بالوعد مهما أمکن، کما علیه أن یلتزم بالأخلاق الفاضلة ویتجنب الأخلاق الرذیلة.

59: القول بدون المشیئة

59: القول بدون المشیئة

قال سبحانه: ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَیْ ءٍ إِنِّی فاعِلٌ ذلِکَ غَداً إلاّ أنْ یَشاءَ اللَّهُ وَاذْکُرْ رَبَّکَ إذا نَسیتَ﴾((2)).

فقد نهی الله سبحانه أن یقول الإنسان شیئاً بالنسبة إلی المستقبل بدون أن یذکر المشیئة لکنه محمول علی الکراهة، فإن السیرة القطعیة قائمة بین المسلمین بعدم التزامهم بذکر المشیئة فی غالب أقوالهم المستقبلیة.

نعم إن أرید فی الآیة المبارکة بالقول الاعتقاد بذلک، أی لا یعتقد أنه الفاعل سواء شاء الله أم لا، کان ذلک حراماً بل مخلاً بأصول الدین.

ص:316


1- تفسیر البرهان: ج4 ص328 ح2 ذیل تفسیر الآیة 2 من سورة الصف
2- سورة الکهف: الآیة 23 _ 24

60: قول آمین بعد الفاتحة

60: قول آمین بعد الفاتحة

لا یجوز أن یقول الإنسان بعد الفاتحة (آمین) علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الصلاة.

61: قهر الیتیم

61: قهر الیتیم

لا یجوز قهر الیتیم بالاستیلاء علی ماله أو أذیته أو ما أشبه ذلک من المحرمات، أما قهره فی عدم المحرم فذلک مکروه ولیس بحرام.

قال سبحانه: «فَأَمَّا الْیَتیمَ فَلا تَقْهَرْ»((1))، وفسره بعضهم بقهره علی ماله، لکنه لا وجه للتخصیص، بل المراد الأعم، بل لا یبعد أن یراد بذلک الأعم من المکروه والمحرم کما هو شأن القرآن الحکیم، وقرینة السیاق أیضاً تؤید ذلک حیث قال: «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ»((2))، فإن النهر علی قسمین، نهر محرم ونهر مکروه.

62: القیادة

62: القیادة

القیادة محرمة بلا إشکال ولا خلاف، وهی عبارة عن الجمع بین رجل وامرأة للزنا، أما إذا کانت المرأة من محارم القواد سمی دیاثة، وقد قرر فی الشریعة الحد علی القواد کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحدود.

والظاهر أنه لا فرق بین کون المجتمعین یفعلان المحرم أم لا.

وربما یطلق کل واحد من القیادة والدیاثة علی الأخری.

نعم لا یبعد عدم الحرمة وعدم الحد فیما إذا جمع بین کافرین لا یعتقدان بالحرمة بل بالحلیة من باب الإلزام، ویؤیده أنه إذا ذهب بزوجة المجوسی التی هی بنته

ص:317


1- سورة الضحی: الآیة 9
2- سورة الضحی: الآیة 10

إلیه لا یسمی قواداً، لکنه مشکل.

63: القیاس

63: القیاس

تواترت الروایات فی المنع عن العمل فی دین الله بالقیاس والرأی، وذلک فیما إذا لم یکن هنالک ملاک قطعی، وإلاّ فلم یکن ذلک من القیاس.

والظاهر حرمة العمل به کما یحرم الإفتاء به، والعامة مختلفون فیه فبعضهم یقیس وبعضهم لا یقیس.

والفرق بنیه وبین الاستحسان والمصالح المرسلة أن الأول أن یقاس موضوع ذو حکم علی موضوع آخر فیسحب حکمه إلیه، والثانی أن لا یکون مقیس علیه بل یستحسن الشخص أن یکون حکمه کذا، والثالث لا استحسان أیضاً بل هی مصلحة بدون أن یکون للشارع حکم فیها علی زعمه ولا هناک مقیس علیه ولا یستحسن الشخص أن یکون حکمه کذا، وإنما یقول فیه برأیه وإن کان هناک احتمالات متعددة لا أولویة لأحدها فی نظره، وإنما یجعل الحکم کذلک حتی یکون العمل بین الناس واحداً، فتأمل.

64: القیافة

64: القیافة

القیافة التی توجب نفیاً أو إثباتاً، محرمة وقد وردت بذلک روایات، هذا بالإضافة إلی أن اللازم فی إثبات النسب أو نفیه التمسک بالأدلة الشرعیة لا بظنون القافة، فإن (الظن لا یغنی من الحق شیئاً)، وقد عقد الوسائل والمستدرک باباً لتحریم إتیان العراف وتصدیقه وتحریم الکهانة والقیافة.

وفی الجعفریات، بسنده إلی علی بن أبی طالب (علیه السلام)، إنه قال: «من السحت ثمن المیتة»، إلی أن قال: «وأجر الکاهن»، إلی أن قال: «وأجر القافی»((1)).

وتفصیل الکلام

ص:318


1- المستدرک: ج2 ص434 الباب 23 مما یکتسب به ح1

فی المکاسب.

65: القیام علی قبر غیر المؤمن

65: القیام علی قبر غیر المؤمن

یحرم قیام الترحم علی قبر المنافق والکافر، فقد قال سبحانه: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلی أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلی قَبْرِهِ إِنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ﴾((1)).

وفی موثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام)، فی نصرانی مات، قال: «ولا یقوم علی قبره وإن کان أباه»((2)).

لکن القیام بغیر الترحم لا بأس به، والأدلة منصرفة إلی ما ذکرناه، فاحتمال حرمة مجرد القیام لا وجه له.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «لما مات عبد الله بن أبی بن سلول حضر النبی (صلی الله علیه وآله) جنازته، فقال عمر: یا رسول الله ألم ینهک الله أن تقوم علی قبره، فسکت (صلی الله علیه وآله)، فقال: ألم ینهک الله أن تقوم علی قبره، فقال له: «ویلک، وما یدریک ما قلت، إنی قلت: اللهم احش جوفه ناراً واملأ قبره ناراً وأصله ناراً»، قال أبو عبد الله (علیه الصلاة والسلام): «فأبدی من رسول الله ما کان یکره»((3)).

ثم إنه لیس المراد بالقیام علی القبر القیام فی قبال الجلوس، بل الجلوس أیضاً یسمی قیاماً فی مثل هذا الموضع.

ثم إن الظاهر من الآیة والروایة أن الحرمة فیما إذا کان عن علم وعمد فی نفاقه وکفره، أما إذا کان کافراً عن استضعاف فلا، بل لعل آیة «لا یَنْهاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذینَ لَمْ یُقاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُمْ مِنْ

ص:319


1- سورة التوبة: الآیة 84
2- الوسائل: ج2 ص703 الباب 18 من غسل المیت ح1
3- الوسائل: ج2 ص770 الباب 4 من صلاة الجنازة ح4

دِیارِکُمْ»((1)) الآیة، شاملة لما ذکرناه.

66: القهقهة فی الصلاة المفروضة

66: القهقهة فی الصلاة المفروضة

لا یجوز قطع الصلاة بالضحک، سواء کان علی نحو القهقهة أم لا، علی تفصیل ذکرناه فی کتاب الصلاة.

ص:320


1- سورة الممتحنة: الآیة 8

حرف الکاف

1: التکبر

حرف الکاف

1: التکبر

یحرم الکبر مطلقاً، سواء کان علی الله وآیاته، أو علی رسله أو علی الأئمة الطاهرین (علیهم السلام) أو علی العلماء الراشدین الذین هم أمناؤهم أو علی المؤمن.

قال سبحانه: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ کَذِباً أوْ قالَ أُوحِیَ إلیّ ولَمْ یُوحَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَری إذ الظَّالِمُونَ فی غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِکَةُ باسِطُوا أَیْدیهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَکُمُ الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما کُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ غَیْرَ الْحَقِّ وَکُنْتُمْ عَنْ آیاتِهِ تَسْتَکْبِرُونَ»((1)).

إلی غیرها من الآیات.

وفی موثقة العلاء، عن الصادق (علیه السلام) قال: قال أبو جعفر (علیه السلام): «العز رداء الله والکبر أزاره، فمن تناول شیئاً منه أکبه الله فی جهنم»((2)).

إلی غیرها من الروایات المتواترة فی هذا الباب، بل حرمة التکبر من البدیهیات.

ومن أقسام الکبر الاستکبار عن الدعاء، فقد قال الباقر (علیه السلام) فی صحیح زرارة: «إن الله عز وجل یقول: «إِنَّ الَّذینَ یَسْتَکْبِرُونَ

ص:321


1- سورة الأنعام: الآیة 93
2- الوسائل: ج11 ص298 الباب 58 من جهاد النفس ح2

عَنْ عِبادَتی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرینَ﴾((1))، قال: «هو الدعاء»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

2: کتابة شیء ونسبته إلی الله تعالی

2: کتابة شیء ونسبته إلی الله تعالی

لا یجوز أن یکتب الإنسان شیئاً وینسبه إلی الله سبحانه وتعالی، أو أن ینسبه إلی الرسول أو الإمام (علیهما السلام)، بل وإلی إنسان عادی، فإنه من الکذب.

قال سبحانه: «فَوَیْلٌ لِلَّذینَ یَکْتُبُونَ الْکِتابَ بِأَیْدیهِمْ ثُمَّ یَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِیَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلیلاً فَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا کَتَبَتْ أَیْدیهِمْ وَوَیْلٌ لَهُمْ مِمَّا یَکْسِبُونَ»((3)).

3: کتابة غیر المتطهر للقرآن الحکیم

3: کتابة غیر المتطهر للقرآن الحکیم

لا یجوز کتابة غیر المتطهر للقرآن الحکیم بإصبعه بما تمس یده للکتابة، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الطهارة.

ولعل صحیح علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه الصلاة والسلام) یشیر إلی ذلک، حیث إنه سأله عن رجل أیحل له أن یکتب القرآن فی الألواح والصحیفة وهو علی غیر وضوء، فقال: «لا»((4)).

أما إذا أرید بالصحیفة فی صورة عدم المس فهو مکروه ولیس بمحرم.

4: کتمان الحق

4: کتمان الحق

لا یجوز کتمان الحق مع عدم الخوف بلا إشکال ولا خلاف، فقد قال سبحانه: «وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَکْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»((5)).

أما إذا کان هناک خوف

ص:322


1- سورة غافر: الآیة 60
2- تفسیر البرهان: ج4 ص101 ح1
3- سورة البقرة: الآیة 79
4- الوسائل: ج1 ص270 الباب 12 من الوضوء ح4
5- سورة البقرة: الآیة 42

فلا إشکال، سواء کان الخوف من جهة التقیة أو غیرها.

قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذینَ یَکْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَیِّناتِ وَالْهُدی مِنْ بَعْدِ ما بَیَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِی الْکِتابِ أُولئِکَ یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ ویَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾((1)).

ولعل قوله سبحانه: ﴿بَیَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِی الْکِتابِ﴾ یشیر إلی عدم المحذور حینئذ، بینما إذا لم یبین للناس فی الکتاب ولم ینتشر بینهم کان المحذور.

5: کتمان الشهادة

5: کتمان الشهادة

یحرم کتمان الشهادة فیما إذا کان الأمر متوقفاً علی شهادته، لا ما إذا کان هناک من فیه الکفایة، أو لا یحتاج الأمر إلی الشهادة إطلاقاً، فإن أدلة النهی منصرفة إلی ما ذکرناه، قال سبحانه: «وَلا تَکْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ یَکْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ»((2)).

وقد عدّه الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی بعض الروایات من الکبائر((3))، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الشهادات.

6: کتابة السحر والباطل الممنوع

6: کتابة السحر والباطل الممنوع

لا یجوز کتابة السحر والباطل لإطلاق الأدلة التی موضوعنا من صغریاتها.

7: اکتحال المُحرم

7: اکتحال المُحرم

یحرم بعض أقسام الاکتحال للمُحرم علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لا بأس بأن یکتحل وهو محرم بما لم

ص:323


1- سورة البقرة: الآیة 159
2- سورة البقرة: الآیة 283
3- الوسائل: ج11 ص252 الباب 46 من جهاد النفس ح2

یکن فیه الطیب یوجد ریحه، فأما للزینة فلا»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

8: الاکتحال بالخمر

8: الاکتحال بالخمر

لا یجوز الاکتحال بالخمر إلاّ إذا کان المرض کثیراً والدواء منحصراً، علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الأطعمة والأشربة.

ففی صحیح معاویة بن عمار، قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السلام) عن الخمر یکتحل منها، فقال أبو عبد الله (علیه السلام): «ما جعل الله فی محرم شفاءً»((2)).

وعن علی بن جعفر، عن أخیه موسی (علیه الصلاة والسلام)، قال: سألته عن الکحل یعجن بالنبیذ أیصلح ذلک، قال: «لا»((3)).

ثم الظاهر أن الحکم کذلک فی تقطیر الخمر فی الأذن والأنف أو الحقنة بها أو ما أشبه ذلک، لأن کل أقسام الاستعمال للخمر محرم علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الأطعمة والأشربة.

أما استعمال سائر المحرمات فی الأکل والشرب فی مثل الاکتحال والتقطیر وما أشبه فلا بأس به، لأن أدلتها منصرفة إلی الأکل والشرب، وبعضها صریحة فی ذلک فلا بأس بالتداوی بها.

9: الکذب والتکذیب

9: الکذب والتکذیب

یحرم الکذب علی الله وعلی رسوله وعلی الأئمة الطاهرین (علیهم السلام)، کما یحرم تکذیبهم، وکذلک یحرم تکذیب أولیاء الله سبحانه وتعالی.

وفی القرآن الکریم والسنة المطهرة

ص:324


1- الوسائل: ج9 ص111 الباب 33 من تروک الإحرام ح1
2- الوسائل: ج17 ص278 الباب 21 من الأشربة المحرمة ح1
3- الوسائل: ج17 ص278 الباب 21 من الأشربة المحرمة ح4

آیات وروایات متواترة علی ذلک.

10: الکذب

10: الکذب

یحرم الکذب بالأدلة الأربعة، والآیات والروایات فیه متواترة، وتفصیل الکلام فی ذلک موکول إلی المکاسب.

11: الإکراه علی غیر الواجب

11: الإکراه علی غیر الواجب

یحرم إکراه الغیر علی غیر الواجب، أما الإکراه علی الواجب فهو واجب، لأنه من أقسام الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

ومن جملة الإکراه المحرم الإکراه علی البغاء واللواط والسحق، قال سبحانه: «وَلا تُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلَی الْبِغاءِ إنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَیاةِ الدُّنْیا»((1))، وذکر الفتیات والبغاء وإرادة التحصن وابتغاء عرض الحیاة الدنیا من باب المورد لا أن لها خصوصیة.

12: کسر عضو الإنسان

12: کسر عضو الإنسان

لا یجوز کسر إعضاء الإنسان المحترم، بل لا یبعد عدم جوازه فی غیر المحترم فی غیر المورد المنصوص، کما إذا استولی علی کافر ولا یرید قتله فیکسر یده أو رجله وإن کان محارباً، لأنه لا دلیل علی جواز مثل ذلک.

ولا فرق فی الحرمة بین الحی والمیت، قال الصادق (علیه السلام) فی صحیح صفوان: «أبی الله أن یظن بالمؤمن إلاّ خیراً، وکسرک عظامه حیاً ومیتاً سواء»((2)).

ص:325


1- سورة النور: الآیة 33
2- الوسائل: ج19 ص251 الباب 25 من دیات الأعضاء ح4

وفی روایة أخری: «وحرمته میتاً کحرمته حیاً»((1)).

ثم المشهور عدم جریان القصاص فی کسر العظام، لکنا ذکرنا فی (الفقه) انصراف ذلک إلی ما کان تغریراً، وإلاّ فإن أمکن التحدید بالدقة کما فی الحال الحاضر الممکن ذلک بسبب الآلات الحدیثة، فالظاهر شمول الأدلة العامة له.

أما کسر عظام الحیوان الحی فالظاهر عدم جوازه لأنه إیذاء له، وقد ذکرنا فی کتاب النفقات الدلیل علی عدم جواز إیذاء الحیوان، کما ألمعنا إلیه فی بعض مباحث هذا الکتاب.

13: التکفیر

13: التکفیر

لا یجوز التکفیر فی الصلاة بوضع إحدی الیدین علی الأخری، ففی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): «ولا تکفر فإنما یصنع ذلک المجوس»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الصلاة.

14: الکفر بالله تعالی

14: الکفر بالله تعالی

الظاهر أن الکفر شامل لإنکار الله أو جعل الشریک معه أو وصفه بما لا یلیق به کالتجسیم والظلم وما أشبه ذلک، وکل ذلک من المحرمات الأکیدة المنصوص علیها کتاباً وسنةً وإجماعاً، ویدل علیه العقل أیضاً، بل مثل ذلک من أوضح الضروریات.

15: التکفین بالحریر

15: التکفین بالحریر

المشهور بین الفقهاء حرمة التکفین بالحریر، بل ادعی علیه الإجماع مکرراً، وتفصیل المسألة فی بحث الأموات.

ص:326


1- الوسائل: ج19 ص251 الباب 25 من دیات الأعضاء ح2
2- الوسائل: ج4 ص264 الباب 15 من قواطع الصلاة ح2

16: التکلم فی الله

16: التکلم فی الله

لا یجوز التکلم فی ذات الله سبحانه وتعالی بأنه کیف وما أشبه، وقد دلت الروایات المتواترة علی المنع عن ذلک، فقد قال الصادق (علیه السلام) فی صحیح سلیمان: «إن الله یقول: «وَإنَّ إلی رَبِّکَ الْمُنْتَهی»((1))، فإذا انتهی الکلام إلی الله فأمسکوا»((2)).

وفی صحیح أبی بصیر، عن الباقر (علیه السلام): «تکلموا فی خلق الله ولا تکلموا فی الله، فإن الکلام لا یزداد صاحبه إلاّ تحیراً»((3)).

والبحث موکول إلی الکتب المعنیة بأصول الدین.

والملاک کبعض النصوص الخاصة شامل للدرس والتدریس والکتابة والتفکر وغیر ذلک من الشؤون المرتبطة بذاته سبحانه وتعالی.

17: التکلم فی أثناء خطبتی الجمعة

17: التکلم فی أثناء خطبتی الجمعة

الکلام فی ذلک موکول إلی کتاب الصلاة، وکذلک التکلم بین الخطبتین.

وفی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) قال: «خطبتان یجلس بینهما جلسة لا یتکلم فیها قدر ما یکون فصل بین الخطبتین»((4)).

18: التکلم مع الجانی الذی هرب إلی الحرم

18: التکلم مع الجانی الذی هرب إلی الحرم

لا یجوز أن یتکلم الإنسان مع الجانی الذی هرب إلی الحرم، کما لا یجوز التکلم مع الإنسان الذی ضرب الحاکم الشرعی النطاق علیه، کما فعله رسول الله (صلی الله علیه وآله)،

ص:327


1- سورة النجم: الآیة 42
2- الوسائل: ج11 ص452 الباب 23 من الأمر والنهی ح1
3- الوسائل: ج11 ص454 الباب 23 من الأمر والنهی ح7
4- الوسائل: ج11 ص31 الباب 16 من صلاة الجمعة ح1

فإن الظاهر أنه جار حتی فی الحاکم الشرعی علی ما ذکرنا حقه فی السیاسات غیر الخارجة عن حدود الشریعة، مثلاً لا یحق له أن یأمر بالتعذیب أو بالقتل بالماء الحار أو بإیجاره السم أو باللواط مع الجانی أو ما أشبه ذلک.

ففی صحیح الحلبی، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن قول الله عز وجل: «وَمَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»((1))، قال: «إذا احدث العبد فی غیر الحرم جنایة ثم فر إلی الحرم لم یسع لأحد أن یأخذه فی الحرم، ولکن یمنع من السوق ولا یبایع ولا یطعم ولا یکلم، فإنه إذا فعل ذلک یوشک أن یخرج فیؤخذ، وإذا جنی فی الحرم جنایة أقیم علیه الحد فی الحرم لأنه لم یرع للحرم حرمة»((2)).

والظاهر أن الضحک معه وما أشبه أیضاً ممنوع للملاک فی عدم التکلم، وکذلک التزویج منه ومنها، وفی عدم التکلم قال سبحانه: ﴿وَعَلَی الثَّلاثَةِ الَّذینَ خُلِّفُوا حَتَّی إذا ضاقَتْ عَلَیْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَیْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلاّ إِلَیْهِ ثُمَّ تابَ عَلَیْهِمْ لِیَتُوبُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحیمُ﴾((3)).

19: کنز الذهب والفضة

19: کنز الذهب والفضة

لا یجوز کنز الذهب والفضة بالمقدار الواجب إنفاقه شرعاً فی مثل خمس أو زکاة أو نفقة واجبة أو ما أشبه ذلک من الواجبات الابتدائیة أو الثانویة کإعطاء المضطر مثلاً.

وهکذا الحال بالنسبة إلی سائر النقود ولو کانت نقوداً ورقیة لوحدة الملاک فی الجمیع.

قال سبحانه: «وَالَّذینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا یُنْفِقُونَها فی سَبیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلیمٍ یَوْمَ یُحْمی عَلَیْها فی نارِ جَهَنَّمَ فَتُکْوی بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ

ص:328


1- سورة آل عمران: الآیة 97
2- الوسائل: ج9 ص337 الباب 14 من المقدمات ح2
3- سورة التوبة: الآیة 118

وَظُهُورُهُمْ هذا ما کَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ فَذُوقُوا ما کُنْتُمْ تَکْنِزُونَ﴾((1)).

ومنه یعلم أنه لا خصوصیة للتکنیز، بل جمع المال فی المصارف فی الوقت الحاضر حیث یعتاد ذلک للأغنیاء أیضاً محکوم بذلک.

فإذا کنز المال کان للحاکم الشرعی الأخذ منه لأجل الأمور الواجبة الأولیة والثانویة، مع فرق أنه فی الواجب الأولی یصرف المال إطلاقاً، وفی الواجب الثانوی لحفظ النفس المحترمة، مثلاً یصرف مع البدل جمعاً بین الدلیلین کما ذکروا ذلک فی أکل المخمصة.

20: کفران النعمة

20: کفران النعمة

یحرم کفران النعمة، حیث قال سبحانه: ﴿لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزیدَنَّکُمْ وَلَئِنْ کَفَرْتُمْ إنَّ عَذابی لَشَدیدٌ﴾((2)).

21: الکلام فی الصلاة

21: الکلام فی الصلاة

یحرم الکلام فی الصلاة الواجبة، علی ما ذکرنا تفصیله فی مبطلات الصلاة.

22: الکهانة

22: الکهانة

دلت روایات متعددة علی حرمة الکهانة، وقد ألمعنا إلی بعض ذلک سابقاً.

ومن تلک الروایات ما رواه النصر، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «المنجم ملعون، والکاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنیة ملعونة، ومن آواها ملعون، وآکل کسبها ملعون»((3)).

ص:329


1- سورة التوبة: الآیة 34 _ 35
2- سورة إبراهیم: الآیة 7
3- الوسائل: ج12 ص103 الباب 24 مما یکتسب به ح7

وعن الحسن بن محبوب، عن الهیثم، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): «إن عندنا بالجزیرة رجلاً ربما أخبر من یأتیه یسأله عن الشیء یسرق أو شبه ذلک فنسأله، فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «من مشی إلی ساحر أو کاهن أو کذاب یصدقه بما یقول فقد کفر بما أنزل الله من کتاب»((1)).

وتفصیل الکلام فی المکاسب.

23: الکید

23: الکید

یحرم الکید بالباطل، فهو من قبیل المکر علی ما ذکرناه سابقاً، أما الکید بالحق فلا بأس به.

ص:330


1- الوسائل: ج12 ص109 الباب 26 مما یکتسب به ح3

حرف اللام

1: لبس الحق بالباطل

حرف اللام

1: لبس الحق بالباطل

کلما فعل الإنسان مما یوجب لبس الحق بالباطل یکون حراماً، سواء کان ذلک بالفعل أو القول أو الإشارة أو الکتابة، وسواء کان الحق الذی یجب العلم به معرفته والمحرم لبسه بالباطل من قبیل أصول الدین أو فروعه.

قال سبحانه: «وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وتَکْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»((1)).

وفی آیة أخری: «لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»((2)).

2: لبس الحریر

2: لبس الحریر

لا یجوز لبس الحریر للرجال بلا إشکال، وقد دل علیه السنة والإجماع المقطوع به.

ففی موثقة سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن لباس الحریر والدیباج، فقال: «أما فی الحرب فلا بأس، وإن کان فیه تماثیل»((3)).

ص:331


1- سورة البقرة: الآیة 42
2- سورة آل عمران: الآیة 71
3- الوسائل: ج3 ص270 الباب 12 من لباس المصلی ح3

وفی صحیح علی بن جعفر، عن الکاظم (علیه السلام)، قال: سألته عن الدیباج هل یصلح لبسه للنساء، قال: «لا بأس»((1)).

وفی روایة: إن الرسول (صلی الله علیه وآله) أشار إلی الحریر والذهب، فقال: «إن هذین حرامان علی ذکور أمتی»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی الشرح.

3: لبس المُحرمة الحریر

3: لبس المُحرمة الحریر

لا یجوز للمرأة المحرمة أن تلبس الحریر فی حال الإحرام، وإن جاز لها ذلک فی غیر حال الإحرام.

فعن الصادق (علیه الصلاة والسلام)، فی صحیح عیص: «المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثیاب غیر الحریر والقفازین»((3)).

وفی روایة إسماعیل، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن المرأة هل یصلح لها أن تلبس ثوباً حریراً وهی محرمة، قال: «لا، ولها أن تلبسه فی غیر إحرامها»((4)).

إلی غیرها من الروایات، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

4: لبس المُحرمة للحلی المشهورة

4: لبس المُحرمة للحلی المشهورة

یحرم ذلک لجملة من الروایات التی ذکرنا تفصیل الکلام فیها فی کتاب الحج.

ففی صحیح محمد بن مسلم، قال (علیه السلام): «المحرمة تلبس الحلی کله إلاّ حلیاً مشهوراً بالزینة»((5)).

ص:332


1- الوسائل: ج3 ص276 الباب 16 من لباس المصلی ح9
2- المستدرک: ج1 ص204 الباب 24 من لباس المصلی ح3
3- الوسائل: ج9 ص43 الباب 33 من التروک ح9
4- الوسائل: ج9 ص43 الباب 33 من التروک ح10
5- الوسائل: ج9 ص132 الباب 49 من التروک ح4

وفی حسنة الکاهلی: «تلبس المرأة المحرمة الحلی کله إلاّ القرط المشهور والقلادة المشهورة»((1)).

إلی غیرهما.

5: لبس الخف والجورب للمُحرم

5: لبس الخف والجورب للمُحرم

لا یجوز لبس الخف والجورب للمُحرم إلاّ إذا شق منه ظاهر القدم، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

وفی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «وأی محرم هلکت نعلاه فلم یکن له نعلان فله أن یلبس الخفین إذا اضطر إلی ذلک، والجوربین یلبسهما إذا اضطر إلی لبسهما»((2)).

وفی الصحیح عن عمار، عن الصادق (علیه السلام) قال: «ولا تلبس سراویل إلاّ أن لا یکون لک إزار، ولا خفین إلاّ أن لا یکون لک نعلان»((3)).

أما إذا خرق ظاهرهما فلا بأس بذلک.

6: لبس المخیط للمُحرم

6: لبس المخیط للمُحرم

لا یجوز للرجل المحرم لبس المخیط إلاّ فی حال الاضطرار.

ففی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام): «لا تلبس ثوباً له إزرار وأنت محرم إلاّ أن تنکسه، ولا ثوباً تدرعه ولا سراویل إلاّ أن یکون لک إزار»((4)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

ص:333


1- الوسائل: ج9 ص132 الباب 49 من التروک ح6
2- الوسائل: ج9 ص134 الباب 51 من التروک ح2
3- الوسائل: ج9 ص134 الباب 51 من التروک ح1
4- الوسائل: ج9 ص110 الباب 35 من التروک ح1

7: لبس الذهب للرجال

7: لبس الذهب للرجال

یحرم لبس الذهب للرجال، کما یحرم التزیین بالذهب لهم.

ففی صحیح علی، عن موسی بن جعفر (علیهما الصلاة والسلام)، قال: سألته عن الرجل هل یصلح له أن یتختم بالذهب، قال: «لا»((1)).

وقد تقدم قول رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن هذین حرامان علی ذکور أمتی»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی الشرح.

8: لبس السلاح للمُحرم

8: لبس السلاح للمُحرم

لا یجوز للمُحرم أن یلبس السلاح إلاّ فی حال الاضطرار.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «والمحرم إذا خاف العدو ویلبس السلاح فلا کفارة علیه»((3)).

وفی صحیح ابن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) أیحمل السلاح المحرم، فقال: «إذا خاف المحرم عدواً أو سرقاً فلیلبس السلاح»((4)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

9: لبس لباس الشهرة

9: لبس لباس الشهرة

لا یجوز للإنسان أن یلبس لباس الشهرة مما یوجب ازدراء الناس به واشتهاره بعدم المبالاة وعدم المروءة وما أشبه ذلک.

وفی صحیح ابن أبی عمیر، عن أبی أیوب الخزار، عن الصادق (علیه السلام): «إن الله یبغض شهرة اللباس»((5)).

وتفصیل الکلام

ص:334


1- الوسائل: ج3 ص301 الباب 30 من لباس المصلی ح10
2- المستدرک: ج1 ص204 الباب 24 من لباس المصلی ح3
3- الوسائل: ج9 ص137 الباب 54 من التروک ح1
4- الوسائل: ج9 ص137 الباب 54 من التروک ح2
5- الوسائل: ج3 ص354 الباب 12 من اللباس ح1

فی ذلک فی الشرح.

10: لبس القفازین للمرأة المُحرمة

10: لبس القفازین للمرأة المُحرمة

لا یجوز للمرأة المحرمة لبس القفازین، وهو بالضم قسم من لباس الکف، وتسمی العامة فی الحال الحاضر (الکفوف).

وربما یطلق القفاز أیضاً علی نوع من الحلی کانت المرأة تتخذه للیدین والرجلین، لکن المراد هنا الأول فإنه محرم للمُحرمة.

ففی صحیح عیص، قال الصادق (علیه السلام): «المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثیاب غیر الحریر والقفازین»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

11: لبس ملابس أعداء الله

11: لبس ملابس أعداء الله

قد تقدم الإشارة إلی ذلک، ففی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام): «إنه أوحی الله إلی نبی من أنبیائه: قل للمؤمنین لا تلبسوا لباس أعدائی، ولا تطعموا مطاعم أعدائی، ولا تسلکوا مسالک أعدائی، فتکونوا أعدائی کما هم أعدائی»((2)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی الشرح.

12: لبس الرجل لباس المرأة وبالعکس

12: لبس الرجل لباس المرأة وبالعکس

الظاهر حرمة ذلک إذا أوجب شهرة، وإلاّ فلا دلیل علی التحریم وإن حرمه بعض الفقهاء.

ص:335


1- الوسائل: ج9 ص42 الباب 33 من الإحرام ح9
2- الوسائل: ج3 ص278 الباب 19 من اللباس ح8

13: الإلحاد فی أسماء الله

13: الإلحاد فی أسماء الله

قال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذینَ یُلْحِدُونَ فی أَسْمائِهِ سَیُجْزَوْنَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ﴾((1)).

ولا یبعد أن یراد بالإلحاد فی أسمائه الإفراط أو التفریط، بأن یسمی الله بالأسماء السیئة، أو تسمی الأصنام بأسماء الله سبحانه وتعالی، فإن الإلحاد هو الانحراف، ولذا یسمی اللحد باللحد لانحرافه، بخلاف الضریح الذی هو فی قعر القبر.

قال فی مجمع البیان: (أی دعوا الذین یعدلون بأسماء الله تعالی عما هی علیه فیسمون بها أصنامهم ویغیرونها بالزیادة والنقصان فاشتقوا اللات من الله والعزی من العزیز والمنات من المنان) إلی آخر کلامه((2)).

14: لحم الخنزیر

14: لحم الخنزیر

یحرم أکل لحم الخنزیر کتاباً وسنةً وإجماعاً، بل وعقلاً لأنه یورث الأمراض، والقول بالتعقیم غیر تام لأنه من أین أنه یعقم عن کل الأضرار التی فیه.

وکذلک یحرم أکل کل لحم لم یجوزه الشارع من المحرمات المذکورة فی کتاب الصید والذباحة.

15: ملاحات الرجال

15: ملاحات الرجال

لا یجوز ملاحات الرجال، أی العداوة معهم بما یظهر أثره، وإلاّ فإن العداء القلبی لا یوجب تحریماً، نعم یوجب القبح الفاعلی علی ما ذکرنا مثله فی بعض

ص:336


1- سورة الأعراف: الآیة 180
2- مجمع البیان: ج4 ص503 طبعة إیران

المباحث السابقة، وإنما یحرم ملاحات الرجال بالنسبة إلی غیر من جعله الإسلام عدواً، قال سبحانه: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وعَدُوَّکُمْ أَوْلِیاءَ»((1))، إلی غیر ذلک.

وعلی کل حال، ففی صحیح محمد بن مسلم، قال: سئل الصادق (علیه السلام) عن الخمر، فقال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إن أول ما نهانی عنه ربی عز وجل عن عبادة الأوثان وشرب الخمر وملاحات الرجال»((2)).

إلی غیرها من الروایات.

16: التذاذ المعتکف بالریحان

16: التذاذ المعتکف بالریحان

لا یجوز التذاذ المعتکف بالریحان، علی ما ذکر تفصیله فی کتاب الاعتکاف.

ففی الصحیح، عن الباقر (علیه السلام): «المعتکف لا یشم الطیب، ولا یتلذذ بالریحان، ولا یماری ولا یشتری ولا یبیع»((3)).

لکن الحرمة إنما تکون فیما إذا کان الیوم الثالث أو فی الاعتکاف المنذور أو ما أشبه ذلک، وأما فی الیوم الأول والثانی الأمر من باب الوضع، إذ لا یجب علیه إتمام الصوم فیجوز له کل المحرمات التی ذکرت لأجل الاعتکاف.

17: اللعب بالکلاب

17: اللعب بالکلاب

فی بعض الروایات عدم صلاحیة یزید للخلافة لأنه یلعب بالکلاب، والظاهر أن مقام الخلافة والإمارة ونحوهما ینافی ذلک لا بالعنوان الثانوی بل هو مثل عدالة

ص:337


1- سورة الممتحنة: الآیة 1
2- الوسائل: ج17 ص243 الباب 9 من الأشربة المحرمة ح20
3- الوسائل: ج7 ص412 الباب 10 من الاعتکاف ح1

الشهود أو ذکورة المجتهد، فهو عنوان أولی لهذا المقام، ولا یبعد حرمته لحاکم المسلمین، أما غیره فلا دلیل علی الحرمة بالنسبة إلیه.

18: اللعب بالنرد

18: اللعب بالنرد

قد تقدم الکلام فی اللعب بالشطرنج أن اللعب بالنرد أیضاً حرام حسب الدلیل.

وفی صحیح معمر، عن الرضا (علیه السلام): «النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة، وکلما قومر علیه فهو میسر»((1)).

وفی روایة الصدوق فی المقنع، قال: «اتق اللعب بالنرد، فإن الصادق (علیه السلام) نهی عن ذلک، إن مثل من یلعب بالنرد قماراً مثل من یأکل لحم الخنزیر، ومثل من یلعب بها من غیر قمار مثل الذی یضع یده فی لحم الخنزیر أو فی دمه، واجتنب الملاهی کلها واللعب بالخواتیم والأربعة عشر، فإن الصادقین (علیهما السلام) نهوا عن ذلک»((2)).

إلی غیرهما من الروایات.

19: اللعب الشهوی

19: اللعب الشهوی

لا یجوز للرجلین والمرأتین والرجل والمرأة غیر الزوجین أن یلعب أحدهما بالآخر لعباً شهوانیاً، وهو محرم فاعلاً ومفعولاً.

20: لعن المسلم

20: لعن المسلم

لا یجوز لعن المسلم فإنه محرم إلاّ إذا کان مستحقاً استثناءً، ففی صحیح الثمالی، قال: سمعت الباقر (علیه السلام) یقول: «إن اللعنة إذا خرجت من فی صاحبها ترددت فیما

ص:338


1- الوسائل: ج12 ص119 الباب 35 مما یکتسب به ح11
2- المقنع: ص37

بینهما، فإن وجدت مساغاً وإلاّ رجعت علی صاحبها»((1)).

أما الکافر المحارب والمبتدع والمنافق فلا إشکال فی استحقاقهم للّعن.

ولا یبعد أن یکون رد اللعن أیضاً جائزاً، لقوله سبحانه: «فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ»((2))، وغیره من أدلة التقاص.

21: الإلقاء فی التهلکة

21: الإلقاء فی التهلکة

قال سبحانه: «وَأَنْفِقُوا فی سَبیلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَیْدیکُمْ إلی التَّهْلُکَةِ وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنینَ»((3)).

والظاهر أنها أحکام ثلاثة لا أن الإلقاء فی التهلکة من تتمة الإنفاق فی سبیل الله، وإن کان ذلک ممکناً کإمکان أن یکون (وأحسنوا) أیضاً مرتبطاً بهما.

وعلی أی حال، فإلقاء النفس فی التهلکة جسداً أو عقلاً أو قوةً أو عضواً، کل ذلک محرم شرعاً.

ومن الإلقاء فی التهلکة إطلاقاً أو مناطاً إلقاء النفس فی مبدأ هدام مما یودی بدین الإنسان.

22: إلقاء السم فی بلاد الکفار

22: إلقاء السم فی بلاد الکفار

ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

23: إلقاء المُحرم القملة من بدنه والحلمة من البعیر

23: إلقاء المُحرم القملة من بدنه والحلمة من البعیر

ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

24: إلقاء الحامل ما فی بطنها

24: إلقاء الحامل ما فی بطنها

لا یجوز للحامل إلقاء ما فی بطنها إذا انعقدت النطفة، أما قبل الانعقاد فلیس

ص:339


1- الوسائل: ج8 ص613 الباب 160 من العشرة ح2
2- سورة البقرة: الآیة 194
3- سورة البقرة: الآیة 195

من إلقاء ما فی البطن، کما أنه یحرم علی الغیر کالطبیب ونحوه إعطاء دواء یوجب ذلک.

ففی روایة إسحاق، قلت لأبی الحسن (علیه السلام): المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقی ما فی بطنها، قال: «لا»، فقلت: إنما هو نطفة، فقال: «إن أول ما یخلق نطفة»((1)).

وتفصیل الکلام فی کتاب الدیات.

25: لقطة الحرم

25: لقطة الحرم

اشتهر بین الفقهاء عدم جواز أخذ لقطة الحرم، لکنا ذکرنا تفصیلاً فی المسألة فی کتاب اللقطة.

26: تلقین الحاکم أحد الخصمین

26: تلقین الحاکم أحد الخصمین

المشهور عدم جواز تلقین الحاکم أحد الخصمین ما هو بضرر خصمه، لکن الظاهر أن عدم الجواز إنما هو فیما إذا سبب إبطال حق أو إحقاق باطل، أما غیر ذلک فلا بأس.

کما أن الأمر کذلک بالنسبة إلی المحامین حیث لا یجوز لهم ذلک، لأنه من أظهر مصادیق الإعانة علی الإثم، فضلاً عن دفاعه عن قضیة یعرف بطلانها، أما أصل المحاماة فلا بأس بها فی الإطار الشرعی، وقد جعل علی (علیه الصلاة والسلام) عقیلاً نائباً عن نفسه فی مرافعة.

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب القضاء.

27: لمس المرأة الأجنبیة

27: لمس المرأة الأجنبیة

لا یجوز لمس المرأة الأجنبیة ولمس المحارم بشهوة وکذلک العکس، کما لا یجوز لمس الرجلین أحدهما الآخر بشهوة والمرأتین کذلک، کما سبق الإلماع

ص:340


1- الوسائل: ج19 ص15 الباب 7 من القصاص فی النفس ح1

إلیه، وفی روایة عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): «ما من عضو إلاّ وله حظ من الزنا، فزنا العینین النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا الیدین اللمس، صدق الفرج ذلک أو کذب»((1)).

وقد تقدم الإلماع إلی ذلک.

28: اللمز

28: اللمز

قال سبحانه: «وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ»((2)).

وقال: «وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَکُمْ»((3)).

فالهمز هو الکسر لإنسان بالاغتیاب والطعن والتعییر فی غیبته، واللمز هو ذلک فی حضرته، وقد یستعمل کل منهما مکان الآخر أو فی الأعم من الآخر، وعلی کل حال فکلا الأمرین محرم شرعاً.

29: اللواط

29: اللواط

وهو الإدخال محرم قطعاً، وفی روایة عن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام)، قال: «لو کان ینبغی لأحد أن یرجم مرتین لرجم اللوطی»((4)).

وفی روایة أخری عنه (علیه الصلاة والسلام): «اللواط ما دون الدبر، والدبر هو الکفر»((5)).

وسأله حذیفة عن اللواط، فقال: «بین الفخذین». وسأله عن الوقب، فقال: «ذلک الکفر بما أنزل الله علی نبیه (علیه الصلاة والسلام)»((6)).

ص:341


1- بحار الأنوار: ج101 ص38 ب34 ح35 ط بیروت
2- سورة الهمزة: الآیة 1
3- سورة الحجرات: الآیة 11
4- الوسائل: ج14 ص251 الباب 17 من النکاح المحرم ح9
5- الوسائل: ج14 ص257 الباب 20 من النکاح المحرم ح2
6- الوسائل: ج14 ص257 الباب 20 من النکاح المحرم ح3

وکما یحرم العمل علی اللاطی یحرم علی الملوط أیضاً بلا إشکال ولا خلاف، کما یحرم عمل الجامع بینهما، وتفصیل الکلام فی کتاب الحدود.

30: اللهو

30: اللهو

لا إشکال فی حرمة بعض أقسام اللهو، وعدم حرمة بعض أقسامه، وقد ذکره الشیخ فی المکاسب مفصلاً، أما کونه حراماً فی الجملة فلعدة من الآیات والروایات:

قال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَری لَهْوَ الْحَدیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبیلِ اللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَیَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مُهینٌ﴾((1)).

وفی روایة عن الرضا (علیه الصلاة والسلام) عد الاشتغال بالملاهی من الکبائر((2)).

وعلی أی حال، فاللازم أن یعرف الحرمة من الخارج حتی یقال بأن اللهو فی مثل ذلک حرام، کالنرد والشطرنج والقمار والغناء وآلات اللهو وما أشبه ذلک، أما مثل الرقص والتصفیق والضرب بالأصابع مما یعطی الحس وما أشبه ذلک فلا دلیل علی حرمتها بما هی هی، نعم إذا انضم إلیها الشیء المحرم حرمت من جهة ذلک لا من جهة نفسها.

ص:342


1- سورة لقمان: الآیة 6
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33

حرف المیم

1: المثلة

حرف المیم

1: المثلة

تحرم المثلة حتی بالکافر المحارب، وهی عبارة عن قطع الآناف والآذان والأصابع والمذاکیر وغیر ذلک، کما فعلت هند بحمزة (علیه السلام)، وکما فعل الکوفیون بالإمام الحسین (علیه الصلاة والسلام) وبالشهداء.

وفی الصحیح عن الصادق (علیه السلام): «کان رسول الله (صلی الله علیه وآله) إذا أراد أن یبعث سریة دعاهم فأجلسهم بین یدیه ثم یقول: «سیروا باسم الله»، إلی أن قال: «إلی أن یقول (صلی الله علیه وآله): لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا»((1)).

وفی روایة عن علی (علیه الصلاة والسلام)، عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) أنه قال: «لا تجوز المثلة ولو بالکلب العقور»((2)).

وفی روایة عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «من أحدث حدثاً أو آوی محدثاً فعلیه لعنة الله والملائکة والناس أجمعین، لا یقبل منه صرف ولا عدل،

ص:343


1- الوسائل: ج11 ص43 الباب 15 من جهاد العدو ح2
2- نهج البلاغة: الکتاب 47

قیل: یا رسول الله ما الحدث، قال: «من قتل نفساً بغیر نفس، أو مثل مثلة بغیر قود، أو ابتدع بدعة بغیر سنة، أو انتهب نهبة ذات شرف»، فقیل: ما العدل، قال: «الفدیة»، قیل: ما الصرف، قال: «التوبة»((1)).

ومن الواضح أن قطع الحیوان الذی یراد أکله لیس من المثلة، کما أن القصاص لیس منها، وکذلک قطع العضو لأجل العلاج.

أما قوله سبحانه: «وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ»((2))، فلا یشمل أن یفعل الإنسان بالکفار ما یفعله الکفار بالمسلمین، فإذا مثلوا بجثث قتلی المسلمین لم یجز أن یمثل المسلمون بجثث قتلاهم، وقصة رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی حمزة (علیها السلام) من أنه هدد بالتمثیل بجثث قتلی الکفار((3)) إما کان قبل نزول التحریم، أو مجرد تهدید کما کان یهدد (صلی الله علیه وآله) بالإحراق بالنار بیت من لا یحضر الصلاة نفاقاً((4))، أو غیر ذلک.

وما یری من تهدیدات الرسول (صلی الله علیه وآله) وعلی (علیه السلام) أو مخاشنتهم فی الکلام کانت اضطراراً، حیث إنهما ما کانا یریدان أن یستعملا السیف والسوط والسجن والمصادرة إلاّ بقدر أقصی الضرورة، مع أنهما کانا یدیران بلداً کبیراً وفی حالة حروب، فالرسول (صلی الله علیه وآله) کان یدبر تسعة أقطار فی خریطة عالم الیوم، وعلی (علیه السلام) کان یدبر زهاء أربعین قطراً من لیبیا إلی داغستان فی روسیا، فکانا مضطرین إلی مثل هذه التهدیدات والمخاشنات الکلامیة لإدارة الأمور.

ص:344


1- الوسائل: ج19 ص15 الباب 8 من القصاص فی النفس ح8
2- سورة البقرة: الآیة 194
3- البحار: ج20 ص63
4- الوسائل: ج5 ص376 الباب 2 من الجماعة ح2

2: مدح من لا یستحق المدح أو یستحق الذم

2: مدح من لا یستحق المدح أو یستحق الذم

تعرضنا للکلام فی ذلک فی المکاسب.

3: مد العینین إلی ما متع به الکفار والفجار

3: مد العینین إلی ما متع به الکفار والفجار

هل یحرم ذلک، الظاهر عدم المنع عنه إلاّ إذا کان مقدمة لمعصیة کما یغلب ذلک، إذ لا دلیل علی الحرمة إلاّ قوله سبحانه: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیاةِ الدُّنْیا لِنَفْتِنَهُمْ فیهِ وَرِزْقُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَأَبْقی﴾((1)).

وقوله سبحانه: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إلی ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَکَ لِلْمُؤْمِنینَ﴾((2)).

وکلاهما إلی الإرشاد أو المقدمیة أقرب عرفاً، والمراد بمد العین کنایة عن میل النفس، سواء کان للإنسان عین أو لم تکن له، ویؤید الإرشادیة قوله سبحانه: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ﴾((3))، ومن الواضح أن ذلک لیس من المحرمات، أما قوله: ﴿وَاخْفِضْ جَناحَکَ﴾ فقد تقدم الکلام فیه.

4: المراء

4: المراء

الفرق بینه وبین الجدال إذا ذکرا معاً، أن المراء یقال بملاحظة الطرف، والجدال یقال بملاحظة النفس، وإن صدقا علی شیء واحد، ولذا یطلق کل واحد منهما علی الآخر عند الافتراق کالمسکین والفقیر، فالجدال من جدل الحبل بمعنی فتله فهو فی نفس الإنسان وبملاحظة کلام نفسه، والمراء فی طرفه، أی إن الجدال حال الإنسان بملاحظة الکلام الذی یتکلمه هو ویفتله للغلبة علی خصمه عند المجادلة،

ص:345


1- سورة طه: الآیة 131
2- سورة الحجر: الآیة 88
3- سورة النحل: الآیة 127

والمراء حال کلام الإنسان بملاحظة طرفه، حیث إنه یستمریه أی یخرج من مناظره الکلام والخصومة، من (مرو) الناقص الواوی، یقال المریة للجدل لأن الرجل یستخرج من مناظره کلاماً ومعانی الخصومة، وهو من مریت الشاة إذا حلبتها واستخرجت لبنها، ویقال ما فیه مریة أی جدل، ویقال المریة لما یحلب من الناقة ولذا یقال أخذت مریة الناقة.

وعلی أی حال، فالقول بإطلاق حرمة المراء کما ذکره بعضهم غیر ظاهر الوجه، وإنما المحرم ما ذکرناه فی باب الجدال، ولذا قال سبحانه: «وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إلاّ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ»((1)).

ویؤید عدم الإطلاق فی الحرمة ما رواه أبی ولاد فی الصحیح، عن الصادق (علیه السلام): کان علی بن الحسین (علیه السلام) یقول: «إن المعرفة بکمال دین المسلم ترکه التکلم فیما لا یعنیه وقلة المراء وحلمه وصبره وحسن خلقه»((2)).

نعم الظاهر حرمة المراء مطلقاً بالنسبة إلی المحرم، ففی صحیح الحذاء: «المعتکف لا یشم الطیب ولا یتلذذ بالریحان ولا یماری ولا یشتری ولا یبیع»((3)).

وقد قال سبحانه: «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِی الْحَجِّ»((4)).

والمراد بالحج أعم من العمرة والحج الأکبر کما هو واضح، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتابه.

5: مس الطیب للمُحرم

5: مس الطیب للمُحرم

لا یجوز للمُحرم مس الطیب علی ما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج، قال

ص:346


1- سورة العنکبوت: الآیة 46
2- الوسائل: ج11 ص149 الباب 4 من جهاد النفس ح24
3- الوسائل: ج7 ص412 الباب 10 من الاعتکاف ح1
4- سورة البقرة: الآیة 197

سماعة: سألته عن المحرم یموت، فقال: «یغسل ویکفن بثیابه کلها ویغطی وجهه ویصنع به کما یصنع بالمحل غیر أنه لا یمس الطیب»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات المذکورة هناک.

6: مس الحیوان فی الحرم

6: مس الحیوان فی الحرم

لا یجوز مس الصید فی الحرم، والظاهر أن المراد به الأخذ والأذیة وما أشبه، أما أن الإنسان یمسه عن تعطف وشفقة، أو لعباً أو ما أشبه ذلک مما لا یوجب أذیته فالظاهر عدم الحرمة، والمنصرف من الروایات ما ذکرناه.

ففی صحیح معاویة، إنه سأل أبا عبد الله (علیه السلام) عن طیر أهلی أقبل فدخل الحرم، فقال: «لا یمس، لأن الله عز وجل یقول: «وَمَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»((2))».

وفی صحیح محمد بن مسلم، عن الصادق (علیه السلام)، قال: سألته عن ظبی دخل الحرم، قال: «لا یؤخذ ولا یمس، إن الله تعالی یقول: «وَمَنْ دَخَلَهُ کانَ آمِناً»».

والتعلیل بالآیة المبارکة یرشد إلی ما ذکرناه.

7: مس کتابة القرآن علی غیر المتطهر

7: مس کتابة القرآن علی غیر المتطهر

لا یجوز علی غیر المتطهر بالوضوء أو غسل الجنابة _ أو الغسل مطلقاً علی ما ذهب إلیه بعضهم من کفایة الغسل مطلقاً عن الوضوء _ أو التیمم مس کتابة القرآن.

واستدل له بقوله سبحانه: «لا یَمَسُّهُ إلاّ الْمُطَهَّرُونَ»((3))، وبروایة أبی بصیر، قال: سألت أبا

ص:347


1- الوسائل: ج2 ص696 الباب 13 من غسل المیت ح2
2- الوسائل: ج9 ص231 الباب 39 من الکفارات ح1 فی تفسیر الآیة 97 من سورة آل عمران
3- سورة الواقعة: الآیة 79

عبد الله (علیه السلام) عمن قرأ فی المصحف وهو علی غیر وضوء، قال: «لا بأس، ولا یمس الکتاب»((1)).

وقد ذکرنا تفصیلاً فی ذلک فی کتاب الطهارة.

8: مس أسماء الله علی غیر المتطهر

8: مس أسماء الله علی غیر المتطهر

ذهب غیر واحد من الفقهاء علی عدم جوازه، واستدلوا لذلک بموثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام): «لا یمس الجنب درهماً ولا دیناراً علیه اسم الله تعالی، ولا یستنجی وعلیه خاتم فیه اسم الله، ولا یجامع وهو علیه، ولا یدخل المخرج وهو علیه»((2)).

لکن فی روایة إسحاق قال: سألته (علیه السلام) عن الجنب والطامث یمسان أیدیهما الدراهم البیض، قال: «لا بأس»((3)).

وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

قال السید الحکیم فی (المستمسک): (قد تحقق أن الدراهم المسکوکة فی عصر الأئمة (علیهم السلام) کان مکتوباً علیها القرآن الشریف والشهادتان فلو حرم مس اسم الله تعالی لزم الهرج والمرج وذلک منتف، فیدل انتفاؤه علی انتفاء الحرمة کلیاً أو فی خصوص الدراهم).

أقول: ویضاف علی ذلک أن الرسول (صلی الله علیه وآله) صدر کتبه المکتوبة إلی الکفار بسم الله تعالی، فإذا کان المس حراماً کان ذلک موجباً للتعاون علی الأثم، لوضوح أن الکفار کانوا یمسون الاسم المبارک، اللهم إلاّ أن یقال بأن ذلک من باب الأهم والمهم أو نحوه.

وعلی کل حال، فتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

ص:348


1- الوسائل: ج1 ص269 الباب 12 من الوضوء ح1
2- الوسائل: ج1 ص233 الباب 17 من الخلوة ح5
3- الوسائل: ج1 ص492 الباب 18 من الجنابة ح2

9: مس المُحرم امرأته بشهوة

9: مس المُحرم امرأته بشهوة

لا یجوز ذلک بلا إشکال، ویدل علیه صحیح مسمع، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) حیث قال فی حدیث: «ومن مس امرأته بیده وهو محرم علی شهوة فعلیه دم شاة»((1)).

لانصراف الحرمة من ذلک لا أن الکفارة إنما هی حکم بدون ملازمة التحریم، وإن احتمل ذلک لکنه خلاف الظاهر، وتفصیل الکلام فی کتاب الحج.

10: مس الحائض والنفساء القرآن الکریم وأسامی الله سبحانه وتعالی

10: مس الحائض والنفساء القرآن الکریم وأسامی الله سبحانه وتعالی

استدلوا لذلک بالإضافة إلی الإجماع، بحسنة ابن مسلم: «والجنب والحائض یفتحان المصحف من وراء الثوب»((2)).

وبقوله (علیه السلام) فی صحیح فرقد: «تقرأه» _ یعنی تقرأ التعویذ _ «وتکتبه ولا تصیبه یدها»((3)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

ویأتی الکلام السابق فی مسهن الدراهم المکتوبة علیها القرآن وأسامی الله سبحانه وتعالی هنا أیضاً.

کما أن الکلام فی مس أسامی الأنبیاء وفاطمة الزهراء والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) مذکور هناک بتفصیل.

11: إمساک المُحرم عن الرائحة المنتنة

11: إمساک المُحرم عن الرائحة المنتنة

من المحرمات إمساک المحرم أنفه عن الرائحة المنتنة، کما ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب الحج.

ففی صحیح معاویة، عن الصادق (علیه السلام)، قال: «لا تمس شیئاً من الطیب فی إحرامک، وأمسک علی أنفک من الرائحة الطیبة، ولا تمسک علیه من الرائحة المنتنة»((4)).

ص:349


1- الوسائل: ج9 ص88 الباب 12 من تروک الإحرام ح3
2- الوسائل: ج1 ص494 الباب 19 من الجنابة ح7
3- الوسائل: ج2 ص585 الباب 37 من الحیض ح1
4- الوسائل: ج9 ص101 الباب 24 من التروک ح2

12: الإمساک للقتل

12: الإمساک للقتل

یحرم الإعانة علی القتل مطلقاً حتی بإعطاء السیف وما أشبه للقاتل، فإذا فعل ذلک کان علیه التعزیر، لکنه إذا أمسک علی القتل کان علیه الحبس أبداً.

وقد ذکرنا فیما تقدم أن أصل الحبس وأبدیته منوط بنظر الحاکم الشرعی، فله العفو عن ذلک أو تبدیله بعقاب آخر.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «قضی علی (علیه السلام) فی رجلین أمسک أحدهما وقتل الآخر، قال: یقتل القاتل ویحبس الآخر حتی یموت غماً کما حبسه حتی مات غماً»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

أما الإمساک لغیر القتل کالعمی وصم الأذن وجدع الأنف ونحو ذلک أو للّواط به أو الزنا بها أو نحوهما فلیس إلاّ محرماً علیه التعزیز، لعدم الدلیل علی الحبس.

13: إمساک الصید الحی للمُحرم

13: إمساک الصید الحی للمُحرم

لا یجوز إمساک الصید الحی فی حال الإحرام کما ذکرنا تفصیله فی کتاب الحج.

ففی روایة بکیر، قال: سألت أبا جعفر (علیه السلام) عن رجل أصاب ظبیاً فأدخله الحرم فمات الظبی فی الحرم، فقال: «إن کان حین أدخله خلی سبیله فلا شیء علیه، وإن أمسکه حتی مات فعلیه الفداء»((2)).

وتفصیل الکلام فی باب الحج.

14: الإمساک بعصم الکوافر

14: الإمساک بعصم الکوافر

لا یجوز للإنسان أن یتزوج بالکافرة غیر الکتابیة دواماً أو متعةً علی المشهور،

ص:350


1- الوسائل: ج19 ص35 من قصاص النفس ح1
2- الوسائل: ج9 ص231 الباب 36 من کفارات الصید ح3

أما النکاح بالکتابیة متعةً فجوازه هو المشهور، کما أنه ذهب غیر واحد من الفقهاء علی جواز نکاحها بالدوام، وهذا ما اخترناه فی (الفقه).

قال سبحانه: «وَلا تُمْسِکُوا بِعِصَمِ الْکَوافِرِ»((1))، أی لا تمسکوا بنکاح الکافرات، وأصل العصمة المنع، وسمی النکاح عصمة لأن المنکوحة تکون معصومة فی حبال الزوج عن الاعتداء علیها، لأن الفساق یحترمون المنکوحة أکثر من احترامهم لغیرها، کما أنها قد عصمت نفسها عن التشهی إلی الفساد.

15: إمساک الزوجة ضراراً

15: إمساک الزوجة ضراراً

لا یجوز للإنسان إمساک الزوجة ضراراً، سواء کان الضرار بمجرد الإمساک، أو کان الإمساک مقدمة حیث یکون حینئذ مقدمة حرام، مثلاً یغلق الباب علی الزوجة حتی لا تخرج إطلاقاً فیما لها الخروج، أو یمسکها حتی یؤذیها بضرب أو شتم أو نحو ذلک.

قال سبحانه: «وَلا تُمْسِکُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ»((2))، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

16: المشی مرحاً

16: المشی مرحاً

لا یجوز مشی الإنسان مرحاً، وقد ذکرنا معنی المرح فی الکبر، قال سبحانه: ﴿وَلا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ﴾((3)).

17: المداهنة

17: المداهنة

قال سبحانه فی حدیث قدسی منسوب إلیه: «داهنوا أهل المعاصی ولم یغضبوا

ص:351


1- سورة الممتحنة: الآیة 10
2- سورة البقرة: الآیة 231
3- سورة لقمان: الآیة 18

لغضبی».

وفی القرآن الحکیم: «وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ»((1)).

والظاهر أنه لیس بحرام جدید، وإنما المحرم عدم القیام بالواجب من الإرشاد والتبلیغ والهدایة والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، وکأنه من الدهن فالمداهن یستعمل الدهن لیکون لیناً فی موضع یلزم علیه أن یکون خشناً.

قال علی (علیه الصلاة والسلام): «أمرنا رسول الله (صلی الله علیه وآله) أن نلاقی أهل المعاصی بوجوه مکفهرة»((2)).

18: مراودة الأجنبیة وبالعکس

18: مراودة الأجنبیة وبالعکس

قال سبحانه: «وَراوَدَتْهُ الَّتی هُوَ فی بَیْتِها عَنْ نَفْسِهِ»((3)).

والظاهر أنه لیس بمحرم جدید، وإنما المحرم ما یستلزم ذلک من الخلوة بالأجنبیة ومس الجسد والقبلة، وغیرها من المحرمات التی تلازم المراودة غالباً.

19: المنة

19: المنة

قال سبحانه: «وَلا تَمْنُنْ تَسْتَکْثِرُ»((4))، وهو حرام إذا استلزم أذیةً أو إهانةً أو هتکاً أو ما أشبه ذلک.

کما یجوز إذا کان لأجل عمل حسن، کما فعله رسول الله (صلی الله علیه وآله) فی قصة تقسیمه غنائم حنین مع الأنصار((5))، وکما فعله علی (علیه الصلاة والسلام) مع ابن ملجم إلی غیر ذلک((6))، ولا یفهم من الروایات الإطلاق.

ص:352


1- سورة القلم: الآیة 9
2- الوسائل: ج11 ص413 الباب 6 من الأمر بالمعروف ح1
3- سورة یوسف: الآیة 23
4- سورة المدثر: الآیة 6
5- البحار: ج21 ص177 ح11
6- البحار: ج42 ص206 ح10

ففی صحیح مسعدة بن زیاد، عن الصادق (علیه السلام): «لا یدخل الجنة العاق لوالدیه ومدمن الخمر ومنان بالفعال للخیر إذا عمله»((1)).

وفی بعض آیات القرآن الحکیم دلالة علی أنه مبطل للصدقة، لکن الإبطال للصدقة أعم من الحرمة وإن کان یشعر بالحرمة السیاق:

قال سبحانه: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِکُمْ بِالْمَنِّ والْأَذی»((2)).

وقال تعالی: «الَّذینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فی سَبیلِ اللَّهِ ثُمَّ لا یُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذیً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»((3)).

والظاهر أنه لا فرق فی ذلک بین أن یکون أمام الممتن علیه أو فی غیبته.

أما المنة علی الکافر فلا یبعد عدم حرمته أیضاً حتی فی المورد الذی هو محرم بالنسبة إلی المؤمن.

20: المنع عن دخول المساجد

20: المنع عن دخول المساجد

قال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أنْ یُذْکَرَ فیهَا اسْمُهُ وَسَعی فی خَرابِها أُولئِکَ ما کانَ لَهُمْ أنْ یَدْخُلُوها إلاّ خائِفینَ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَلَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظیمٌ﴾((4)).

وعدم الدخول إن کان بمعنی الحرمة کان اللازم أن یخصص بالکافر، ولا ینافی ذلک أنه لا یجوز له دخوله مطلقاً، أما بالنسبة إلی المسلم الفاعل ذلک فالظاهر أنه لم یقل به أحد.

ولعل المراد به أنه کیف یدخله وهو یمنع عنه، مثل قوله سبحانه: ﴿لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾((5))، فإن النهی عن المنکر وإن کان واجباً حتی

ص:353


1- الوسائل: ج6 ص317 الباب 37 من الصدقة ح10
2- سورة البقرة: الآیة 264
3- سورة البقرة: الآیة 262
4- سورة البقرة: الآیة 114
5- سورة الصف: الآیة 2

بالنسبة إلی فاعل المنکر إلاّ أن حرمة إتیان المنکر لفاعله أشد من حرمته لغیر الفاعل، قال علی (علیه الصلاة والسلام): «لعن الله الآمرین بالمعروف التارکین له والناهین عن المنکر العاملین به»((1)).

ثم الظاهر أن مجرد السعی فی خراب المساجد من المحرمات لا أنه مقدمة حرام.

21: منع الماعون

21: منع الماعون

قال سبحانه: ﴿فَوَیْلٌ لِلْمُصَلِّینَ الَّذینَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ * الَّذینَ هُمْ یُراؤُونَ وَیَمْنَعُونَ الْماعُونَ﴾((2)).

فی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام)، «إنه فسر الماعون بالقرض یقرضه، والمعروف یصطنعه، ومتاع البیت یعیره ومنه الزکاة»، فقلت له: إن لنا جیراناً إذا أعرناهم متاعاً کسروه وأفسدوه، علینا جناح أن نمنعهم، فقال: «لا لیس علیکم جناح أن تمنعوهم إذا کانوا کذلک»((3)).

ولا یبعد حرمة عمل من یمنع الماعون إطلاقاً، لا أن کل فرد فرد من أفراد الماعون واجب، فإن ذلک ما لم یقل به أحد، بل السیرة بین المتشرعة علی عدم الوجوب، أما إذا منع الماعون إطلاقاً فهو کما ذکرناه فی باب وجوب الإحسان من أنه واجب، کما یظهر من الآیة المبارکة وبعض الروایات الأخر.

نعم لم أجد من أفتی بذلک فی أی من البابین، من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فإن قلیلاً من الفقهاء جداً تعرض لمثل هذه المسألة.

ص:354


1- الوسائل: ج11 ص420 الباب 10 من الأمر والنهی ح9
2- سورة الماعون: الآیة 4: 7
3- تفسیر البرهان: ج4 ص511 ح3

22: الاستمناء

22: الاستمناء

لا إشکال فی حرمة الاستمناء، سواء للرجل أو للمرأة، وسواء بالید أو بوسیلة أخری من أجزاء جسده أو فراشه أو حیوان أو غیرها.

والظاهر أن منه إدخال المرأة شبه الآلة کالخیار فی نفسها مما تلتذ منه، ومنه الاستمناء بواسطة آلة اصطناعیة سواء کانت فی ضمن دمیة بشکل الرجل أو المرأة أو الحیوان أو مجرد الآلة، والملاک القطعی موجود فی إدخال الرجل الآلة الاصطناعیة فی نفسه کاللواط مما یلتذ منه، سواء کانت ضمن دمیة أو مجردة.

ففی موثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام)، فی الرجل ینکح بهیمة أو یدلک، فقال: «کلما أنزل به الرجل ماءه من هذا وشبهه فهو زنا»((1)).

وعن أحمد بن محمد بن عیسی فی نوادره، عن أبیه، قال: سئل الصادق (علیه السلام) عن الخضخضة، قال: «إثم عظیم قد نهی الله عنه فی کتابه، وفاعله کناکح نفسه، ولو علمت بما یفعله ما أکلت معه»، فقال: السائل: فبین لی یا ابن رسول الله آیة فی کتاب الله فیه، فقال: «قول الله: «فَمَنِ ابْتَغی وَراءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العادُونَ»((2))، وهو مما وراء ذلک»، فقال الرجل: أیهما أکبر الزنا أو هی، فقال: «هو ذنب عظیم، قد قال القائل بعض الذنب أهون من بعض والذنوب کلها عظیم عند الله لأنها معاصی وإن الله لا یحب من العباد العصیان، وقد نهانا الله عن ذلک لأنها من عمل الشیطان، وقد قال: «لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ إنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ»((3))».

وفی روایة: إن أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) ضرب ید مستمن حتی احمرت

ص:355


1- الوسائل: ج14 ص267 الباب 28 من النکاح المحرم ح2
2- سورة المؤمنون: الآیة 7
3- سورة یس: الآیة 60

وزوجه من بیت المال((1)).

23: المکاء

23: المکاء

قال سبحانه: «وَما کانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إلاّ مُکاءً وَتَصْدِیَةً»((2)).

والمکاء هو الصفیر، والتصدیة هو التصفیق من (صدا) الناقص الواوی بمعنی صفق، فإذا ذهب إلی باب التفعیل دل علی شدته.

وهما حرامان بعنوان التشریع، کما کان یفعله الکفار بعنوان العبادة، وإلیه أشیر فی هذه الآیة المبارکة، أما الصفیر المجرد عن ذلک والتصفیق فلا حرمة فیهما کما تقدم فی باب التصفیق.

24: تمنی المعصیة أو ترک الواجب

24: تمنی المعصیة أو ترک الواجب

هل یحرم ذلک کما ذکره بعض الفقهاء وجعله خارجاً عن باب التجری، أو لا یحرم إلاّ إذا قلنا بحرمة التجری، الظاهر الثانی، نعم ذلک من الصفات القبیحة الکاشفة عن سوء السریرة، کنیة السوء والرضا به والفرح به.

أما اظهار التمنی أمام الناس فلا یبعد أن یکون حراماً لأنه هتک للأحکام وتوهین للإسلام، ولذلک یراه المتشرعة من المحرمات.

وقد استدل بعض لحرمة مطلق تمنی المعصیة بحرمة طلب الحرام من الله سبحانه وتعالی بالدعاء، لکن لم یعرف وحدة الملاک حتی ینسحب الحکم منه إلی ذلک.

25: تمنی ما فضل الله به للغیر

25: تمنی ما فضل الله به للغیر

الظاهر أن النهی عن التمنی للإرشاد إلی أنه فعل غیر الحکیم، فإنه لا فائدة

ص:356


1- الوسائل: ج14 ص267 الباب 28 من النکاح المحرم ح3
2- سورة الأنفال: الآیة 35

فی تمنی ما لا یکون، فهو لغو لا یصدر عن إنسان عاقل، قال سبحانه: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَکُمْ عَلی بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصیبٌ مِمَّا اکْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصیبٌ مِمَّا اکْتَسَبْنَ وَاسْألُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾((1)).

26: تمنی موت البنات

26: تمنی موت البنات

الظاهر حرمة تمنی موت البنات لبعض النصوص، بل والأولاد للملاک، وهکذا الأقارب وسائر المؤمنین والمؤمنات.

وهل مثل ذلک تمنی مرضهم أو فقرهم أو ما أشبه ذلک، احتمالان.

فعن الصادق (علیه الصلاة والسلام) إنه قال له عمر بن یزید: إن لی بنات، فقال: «لعلک تتمنی موتهن، أما إنک إن تمنیت موتهن ومتن لم تؤجر یوم القیامة ولقیت ربک حین تلقاه وأنت عاص»((2)).

وحیث إن التمنی شامل للقلب واللسان وما أشبه فالظاهر الحرمة مطلقاً، نعم ربما یقال: إن المنصرف منه اللفظی ونحوه کالکتابة والإشارة، أما مجرد القلبی منه فهو من التجری.

أما إذا کان التمنی فی مورده فلیس بمحرم بل ربما یستحب أو یجب، ومنه قول علی (علیه الصلاة والسلام) لبعضهم: «ثکلتک أمک»، وقول الحسین (علیه السلام) للحر فی قصة مشهورة مثل ذلک((3))، بناءً علی أن ذلک من التمنی لا السب، وقد ذکرنا وجه السب فی کلامهم (علیهم السلام) فیما سبق، کما أن منه الأدعیة الواردة علی الظالمین بهلاکهم ودخول الفقر علیهم، إلی غیر ذلک.

ص:357


1- سورة النساء: الآیة 32
2- الوسائل: ج15 ص103 الباب 6 من الأولاد ح1
3- البحار: ج44 ص377 الباب 37

27: المیل

27: المیل

قال سبحانه: ﴿وَلَنْ تَسْتَطیعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَیْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمیلُوا کُلَّ الْمَیْلِ فَتَذَرُوها کَالْمُعَلَّقَةِ﴾((1)).

والظاهر أن الآیة إلماع إلی المحرم من العمل الذی یتبع المیل، لا أن المیل بنفسه حرام.

وقد ذکرنا الجمع بین هذه الآیة وبین ﴿ما طابَ لَکُمْ مِنَ النِّساءِ﴾((2)) فی (الفقه)، فإن الأولی فی کل شیء حتی المیل القلبی، والثانیة فی العدالة الواجبة، وتفصیل الکلام هناک.

28: المیل العظیم

28: المیل العظیم

الظاهر أن المراد بالمیل العظیم المیل إلی المنکرات مطلقاً بعملها، وإن کان ظاهر الآیة المبارکة بالنسبة إلی الشهوات الجنسیة.

قال سبحانه: «حُرِّمَتْ عَلَیْکُمْ أُمَّهاتُکُمْ وبَناتُکُمْ وأَخَواتُکُمْO إلی أن قال: Pومَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ مِنْکُمْ طَوْلاً أنْ یَنْکِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ مِنْ فَتَیاتِکُمُ الْمُؤْمِناتِO إلی أن قال: Pفَإِذا أُحْصِنَّ فإنْ أَتَیْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَیْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَی الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِO إلی قوله سبحانه: Pواللَّهُ یُریدُ أنْ یَتُوبَ عَلَیْکُمْ وَیُریدُ الَّذینَ یَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أنْ تَمیلُوا مَیْلاً عَظیماً»((3))، فالآیة لا تشتمل علی حکم جدید من جهة المیل.

ص:358


1- سورة النساء: الآیة 129
2- سورة النساء: الآیة 3
3- سورة النساء: الآیة 23 _ 27

حرف النون

1: التنابز

حرف النون

1: التنابز

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا یَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَی أنْ یَکُونُوا خَیْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَی أنْ یَکُنَّ خَیْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَکُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإیمانِ وَمَنْ لَمْ یَتُبْ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾((1)).

وظاهر الآیة أن کل لقب سوء، سواء کان حراماً شرعاً عمله أم لا محرم، فالحرام شرعاً کالقذف بأن یقول له: یا لاطی أو یا زانی، وغیر الحرام شرعاً کأن یقول له: یا أکول أو یا وسخ وما أشبه، حیث إن کثرة الأکل وعدم الالتزام بنظافة الجسد عن الأوساخ لیس بمحرم شرعاً.

ولعل الإتیان بباب المفاعلة لإفادة أن النبز من جانب یستلزم النبز من الجانب الآخر.

والظاهر أنه یستثنی من ذلک ما إذا کان من باب المقابلة بالإثم فی الثانی بنفس ذلک اللفظ، کترامیهما ب_ (یا أکول) أو غیره، أو لا کما إذا رده ب_ (یا وسخ)، وحیث إنه إنشاء لا إخبار لا یلزم مطابقته للواقع.

أما الرمی بالزنا ونحوه فإن ذکرا المزنی بها العفیفة

ص:359


1- سورة الحجرات: الآیة 11

أو اللائط مثلاً کما إذا قال: یا ملوط فلان، حرم لأنه قذف لثالث، وإن کان البادی قذف بمثله، وإلاّ فهل یحرم فی الجواب، احتمالان، أما البادی فلا إشکال فی حرمة قوله، ولعل الملاک یشمل الکتابة والإشارة، کما إذا أشار بیده ما یدل أنه مفعول أو مزنی بها أو نحو ذلک.

2: نبش القبر

2: نبش القبر

لا یجوز النبش للقبر، لما ذکر له من الأدلة فی (الفقه).

وقد استثنوا منه جملة موارد، وحیث ذکرنا تفصیله هناک لا داعی إلی تکراره.

ومن الحرام أیضاً فی هذا الباب عمل نباش القبور لأجل توهین أو سرقة کفن أو فعل عمل سیء کالزنا واللواط أو قطع عضو منه أو غیر ذلک، وقد ذکرنا حرمته و حدّه فی کتاب الحدود.

ففی صحیح حفص، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): «حد النباش حد السارق»((1)).

ولعل المراد بالنباش من یکثر نبشه للقبور لا أنه نبش مرة واحدة.

وفی قضایا أمیر المؤمنین (علیه الصلاة والسلام) إنه قطع نباش القبر، فقیل له: أتقطع فی الموتی، فقال: «إنا لنقطع لأمواتنا کما نقطع لأحیائنا»((2)).

وفی روایة عن أبی جعفر (علیه الصلاة والسلام) إنه قال: سئل أبی عن رجل نبش قبر امرأة فنکحها، فقال أبی: «یقطع یمینه للنبش، ویضرب حد الزنا، فإن حرمة المیتة کحرمة الحیة»((3)).

إلی غیر ذلک.

ص:360


1- الوسائل: ج18 ص510 الباب 19 من حد السرقة ح1
2- الوسائل: ج18 ص510 الباب 19 من حد السرقة ح12
3- الوسائل: ج18 ص510 الباب 19 من حد السرقة ح6

3: النبیذ

3: النبیذ

لا إشکال فی حرمة النبیذ، لأنه قسم من الخمر، وکل أقسام الخمر محرم، بإضافة بعض الروایات الخاصة.

4: نتف الشعر فی الجملة

4: نتف الشعر فی الجملة

ذکر غیر واحد من الفقهاء حرمة نتف الشعر فی المصاب.

وهناک روایات ظاهرة فی حرمة نتف الشیب لکنها محمولة علی الکراهة أو علی نتف اللحیة کما احتمله بعض الفقهاء.

أما نتف الشعر فی المصاب فقد ذکرنا تفصیله فی کتاب الکفارات.

5: تنجیس المساجد ونحوها

5: تنجیس المساجد ونحوها

لا إشکال فی حرمة تنجیس المساجد والمشاهد المشرفة والمصاحف المقدسة ونحوها، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

6: النجش

6: النجش

لا خلاف بین الفقهاء فی حرمته، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فیه فی کتاب المکاسب.

وقد فسره جماعة من الفقهاء بأن یزید الشخص فی البیع ثمن السلعة وهو لا یرید شراءها ولکن لیسمعه غیره فیزید بزیادته.

وبعض فسره بأن یمدح سلعة غیره ویروجها لبیعها أو یذمها لأن لا تباع، لکن ترویج السلعة للبیع جرت علیه سیرة المتشرعة فلا دلیل علی الحرمة، إلاّ إذا کان ذلک من جهة الکذب ونحوه.

وحیث فصلنا الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب فلا داعی إلی تکراره.

ص:361

7: التنجیم

7: التنجیم

التنجیم قد یکون کفراً، کما إذا اعتقد فی النجوم _ والتی منها الشمس والقمر _ أنها مؤثرات بدون وجود لله سبحانه وتعالی، وقد یکون شرکاً کما إذا رآها مؤثرة واعتقد بوجود الله تعالی معها، وقد یکون حراماً کما إذا لم یعتقد بأی من الأمرین السابقین وإنما کان یخبر عن النجوم مثلاً أن هذه الفتاة صالحة للزواج بهذا أو غیر صالحة وبالعکس، أو أن هذا الیوم السفر فیه شؤم وهذا الیوم السفر فیه سعد، وأن هذه التجارة مربحة وهذه التجارة غیر مربحة، أو أن فلاناً یموت فی یوم کذا، أو أن فلاناً لا یولد له، إلی غیر ذلک مما یفعله الرمالون فی الحال الحاضر، وبعض المنجمین الغربیین والشرقیین.

وقد لا یکون أیاً من الأمور المذکورة فیباح، بل ربما یستحب کالإخبار عن سیر الشمس والقمر والشروق والغروب والکسوف والخسوف وغیر ذلک.

وحیث فصلنا الکلام فی ذلک فی کتاب المکاسب لا داعی إلی تکراره.

وفی روایة عبد الملک بن أعین، قال: قلت لأبی عبد الله (علیه السلام): إنی قد ابتلیت بهذا العلم فأرید الحاجة فإذا نظرت إلی الطالع ورأیت الطالع الشر جلست ولم أذهب فیها، وإذا رأیت طالع الخیر ذهب فی الحاجة، فقال لی: «تقضی»، قلت: نعم، قال: «احرق کتبک»((1)).

8: الاستنجاء بالأشیاء المحترمة

8: الاستنجاء بالأشیاء المحترمة

لا یجوز الاستنجاء بالأشیاء المحترمة کورق القرآن ونحوه.

وهناک بعض الروایات الدالة علی ذلک فی الجملة، بالإضافة إلی الإجماع وأنه توهین وهتک.

ص:362


1- الوسائل: ج8 ص269 الباب 14 من آداب السفر ح1

وحیث ذکرنا ذلک فی (الفقه) لا داعی إلی تکراره.

9: نخع الذبیحة قبل أن تموت

9: نخع الذبیحة قبل أن تموت

اختلف الفقهاء فی حرمة ذلک، فمن قائل بالتحریم، ومن قائل بالجواز مع الکراهة الشدیدة، لورود النهی فی بعض الروایات بذلک، وحیث ذکرنا تفصیله فی کتاب الذباحة لا داعی إلی تکراره.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «لا تنخع الذبیحة حتی تموت، فإذا ماتت فانخعها»((1)).

والنخاع هو الخیط الأبیض الممتد داخل عظم الرقبة إلی الصلب یکون فی جوف الفقار _ بالفتح والضم، وربما یکسر أیضاً _ والظاهر أن سر الحرمة أو الکراهة کثرة تأذی الحیوان بسبب قطع هذا.

10: النداء بالویل

10: النداء بالویل

الظاهر کراهة ذلک فی غیر موارد الأهمیة.

أما المستثنی منه فلجملة من الروایات الواردة فی تفسیر قوله تعالی: «وَلا یَعْصینَکَ فی مَعْرُوفٍ»((2)) حیث ذکرت النداء بالویل عند الموت. وفی روایة أخری: «ولا یدعون ویلاً»((3)).

أما المستثنی فلما ورد عن الصدیقة الطاهرة (علیها السلام) حیث قالت: «ویلاه فی کل شارق وغارب»، وأجابها علی (علیه الصلاة والسلام): «لا ویل لک، بل الویل لشانئک».

ص:363


1- الوسائل: ج16 ص258 الباب 6 من الذبح ح2
2- سورة الممتحنة: الآیة 12
3- تفسیر البرهان: ج4 ص325 ح1 وص 326 ح2

11: نذر المعصیة

11: نذر المعصیة

الظاهر حرمة نذر المعصیة ویمینها وعهدها، للروایات الناهیة عن ذلک الظاهرة فی التحریم، لا الحکم الوضعی، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النذر.

12: النزغ

12: النزغ

ویراد به الفساد والإفساد، وهو محرم بلا إشکال، لکنه لیس بمحرم جدید بل هو إلماع إلی المحرمات المعروفة.

قال سبحانه: ﴿وَقُلْ لِعِبادی یَقُولُوا الَّتی هِیَ أَحْسَنُ إنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ إنَّ الشَّیْطانَ کانَ لِلْإنسان عَدُوًّا مُبیناً﴾((1)).

لکن المراد بالأحسن الحسن مقابل السیء، لانسلاخه عن التفضیل فی أمثال هذه الموارد، مثل قوله سبحانه: ﴿أَوْلی لَکَ فَأَوْلی﴾((2))، أو المراد الأحسن الشامل للحسن.

13: التنازع

13: التنازع

لا إشکال فی حرمة التنازع إذا أدی إلی الحرام، کما یحرم التنازع المؤدی إلی الفشل وذهاب الریح، والظاهر حرمتهما نفسیاً لا مقدمیاً، بالأدلة الناهیة عن ذلک.

قال سبحانه: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا لَقیتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْکُرُوا اللَّهَ کَثیراً لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطیعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ریحُکُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرینَ»((3)).

وخصوص المورد بلقاء الفئة لا یخصص الوارد.

ص:364


1- سورة الإسراء: الآیة 53
2- سورة القیامة: الآیة 34
3- سورة الأنفال: الآیة 45

14: نزع الولد من أبویه فی الجملة

14: نزع الولد من أبویه فی الجملة

یحرم نزع الولد من أمه فی الجملة، کما یحرم نزع الولد من أبیه کذلک، وقد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب النکاح باب الحضانة.

ففی موثقة داود بن الحصین، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی قوله سبحانه: «وَالْوالِداتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ»((1))، قال: «ما دام الولد فی الرضاع فهو بین الأبوین بالسویة، فإذا فطم فالأب أحق به من الأم، فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة، وإن وجد الأب من یرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم: لا أرضعه إلاّ بخمسة دراهم، فإن له أن ینزعه منها، إلاّ أن ذلک خیر له وأرفق به أن یترک مع أمه»((2)).

إلی غیرها من الروایات التی فصلنا الکلام فیه هناک.

15: النسیء

15: النسیء

یحرم النسیء، وقد فسر ذلک بما کان یفعله الجاهلیون عن تقدیم الحج تارة وتأخیره أخری حسب أهوائهم، فکان حجهم بسبب ذلک فی غیر ذی الحجة، فنهی الله عن ذلک بقوله سبحانه: «إِنَّمَا النَّسی ءُ زِیادَةٌ فِی الْکُفْرِ یُضَلُّ بِهِ الَّذینَ کَفَرُوا یُحِلُّونَهُ عاماً وَیُحَرِّمُونَهُ عاماً لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَیُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُیِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعمالهِمْ وَاللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرینَ»((3)).

والتفصیل مذکور فی التفاسیر، والظاهر أنه لیس منه فی الحال الحاضر عین ولا أثر.

ص:365


1- سورة البقرة: الآیة 233
2- المستدرک: ج2 ص624 الباب 58 من الأولاد ح1
3- سورة التوبة: الآیة 37

16: نسخ کتب الضلال

16: نسخ کتب الضلال

نسخ کتب الضلال وحفظها وطبعها ونشرها ومباحثتها وتعلیمها وتعلمها محرم إذا سبب الضلال، أما إذا لم یسبب فلا دلیل علی الحرمة، وحیث قد ذکرنا تفصیل ذلک فی کتاب المکاسب لا حاجة إلی تکراره.

17: النشوز

17: النشوز

یحرم نشوز المرأة عن الزوج بعدم الطاعة الواجبة علیها، وقد ذکرنا فی (الفقه) أن ذلک جار فی العکس أیضاً بعدم إتیان الرجل بحقوقها الواجبة لها علیه.

قال سبحانه: «وَاللاَّتی تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَکُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبیلاً إنَّ اللَّهَ کانَ عَلِیًّا کَبیراً»((1)).

وحیث قد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه) فلا داعی إلی تکراره.

18: نصب العداوة لآل محمد (صلوات الله علیهم أجمعین)

18: نصب العداوة لآل محمد (صلوات الله علیهم أجمعین)

لا إشکال فی حرمة نصب العداوة للأنبیاء والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) وکذلک بالنسبة إلی البتول أم عیسی، والصدیقة الطاهرة (علیهما الصلاة والسلام)، بل وکذلک بالنسبة إلی المحترمین من أهل البیت کزینب وعلی الأکبر والعباس والسیدة معصومة ومن أشبههم (علیهم السلام).

وهو بالنسبة إلی الأنبیاء والزهراء والأئمة (علیهم السلام) یوجب الخروج عن الدین، أما بالنسبة إلی الأطهار من آلهم (علیهم السلام) فذلک محرم قطعی، وقد وردت روایات متواترة من الطریقین علی حرمة النصب، فهو من شؤون أصول الدین.

ص:366


1- سورة النساء: الآیة 34

19: نقض حکم الحاکم

19: نقض حکم الحاکم

یحرم نقض حکم الحاکم الشرعی بالنسبة إلی مقلدیه، وبالنسبة إلی مسائل التنازع والقضاء فی غیر ما أرید الاستئناف والتمییز، ولا دلیل علی لزوم الاتباع فی غیر الموردین.

وقد ذکرنا فی (الفقه) أنه لا یحق لفقیه واحد مع وجود سائر المراجع أن یستبد بالحکم، بل یلزم أن یکون الأمر شوری، فإذا حکموا بأکثریة الآراء أو بالقرعة إذا تساوی الطرفان حرم علی الجمیع النقض ولو لمقلدی من لم یحکم بأن سکت أو توقف أو کان رأیه خلاف رأی الأکثریة أو القرعة، وحیث ذکرنا تفصیل هذه الأمور فی جملة من الکتب الفقهیة فلا داعی إلی تکرارها.

ففی صحیحة داود بن الحصین، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (علیه السلام) عن رجلین من أصحابنا بینهما منازعة فی دین أو میراث... إلی أن قال: «ینظران من کان منکم ممن قد روی حدیثنا ونظر فی حلالنا وحرامنا وعرف أحکامنا فلیرضوا به حکماً فإنی قد جعلته علیکم حاکماً فإذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه فإنما استخف بحکم الله وعلینا رد، والراد علینا الراد علی الله، وهو علی حد الشرک بالله»((1)).

20: نظر المُحرم فی المرآة

20: نظر المُحرم فی المرآة

قد ذکرنا حرمة ذلک فی الجملة فی کتاب الحج بأدلته، وتفصیل الکلام فیه هناک.

21: النظر إلی عورة الغیر

21: النظر إلی عورة الغیر

یحرم لکل من الرجل والمرأة أن ینظر إلی عورة غیره إلاّ غیر الممیز الصغیر

ص:367


1- الوسائل: ج18 ص98 الباب 11 من صفات القاضی ح1

وبعض المستثنیات الأخر مما ذکرنا تفصیله فی کتاب النکاح.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی صحیح الحلبی: «أیما رجل اطلع علی قوم فی دارهم ینظر إلی عوراتهم ففقؤوا عینه أو جرحوه فلا دیة علیهم».

وقال (علیه السلام): «من اعتدی فاعتدی علیه فلا قود له»((1)).

وفی صحیح أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام): «کل آیة فی القرآن فی ذکر الفرج فهی من الزنا إلاّ هذه الآیة فإنها من النظر، ولا یحل للرجل المؤمن أن ینظر إلی فرج أخیه، ولا یحل للمرأة أن تنظر إلی فرج أختها»((2)).

والآیة المشار إلیها هی آیة غض الأبصار((3))، ویستثنی من ذلک الزوجان، والسید والأمة، والمحلل والمحللة له، علی التفصیل المذکور فی (الفقه).

22: النظر إلی الأجنبیة

22: النظر إلی الأجنبیة

یحرم نظر الأجنبی والأجنبیة وبالعکس بالنسبة إلی غیر الوحه والکفین، وما تعارف من الرقبة والأذن بالنسبة إلی الرجال حیث إن النساء کن یحضرن مجلس رسول الله (صلی الله علیه وآله) وینظرن إلیه، وهکذا جرت سیرة المتشرعة علی نظر النساء إلی أهل المنابر ونحوهم وهم مکشفو الأعناق والآذان وما أشبه ذلک، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب النکاح.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) فی الصحیح: «لا بأس بأن ینظر إلی وجهها ومعاصمها إذا أراد أن یتزوجها»((4)).

ص:368


1- الوسائل: ج19 ص50 الباب 25 من القصاص فی النفس ح7
2- تفسیر البرهان: ج3 ص130 ح7
3- سورة النور: الآیة 30
4- الکافی: ج5 ص365 ح2

وفی صحیح البزنطی، عن الرضا (علیه السلام)، قال: سألته عن الرجل یحل له أن ینظر إلی شعر أخت امرأته، فقال: «لا، إلا أن تکون من القواعد»، قلت له: أخت امرأته والغریبة سواء، قال: «نعم»، قلت: فما لی إلی النظر إلیه منها، فقال: «شعرها وذراعها»((1))، والمراد ب_ (منها) القواعد، وتفصیل الکلام فی النظر إلی الوجه والکفین موکول إلی محله.

ولا فرق فی النظر المحرم بین ما کان إلی عین الإنسان أو صورته فی المرآة أو نحوها کالودیو والتلفزیون، وذلک لما دل علی عدم جواز النظر فی المرآة إلاّ عند الاضطرار، إلی غیر ذلک من الأدلة التی أقیمت علی ذلک.

والظاهر أن النظر إلی الصورة المأخوذة والمجسمة لامرأة بالنسبة إلی الأجنبیة أو العکس کذلک لوحدة الملاک.

23: النظر بریبة وتلذذ

23: النظر بریبة وتلذذ

یحرم النظر بریبة وتلذذ إلی غیر الزوجة ونحوها، سواء من الرجل إلی المرأة، أو من المرأة إلی الرجل، أو من کل جنس إلی نفس جنسه.

ویدل علیه بالإضافة إلی الإجماع الذی ادعاه غیر واحد من الأساطین، جملة من الأدلة المشعرة بذلک، کقوله سبحانه: «فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذی فی قَلْبِهِ مَرَضٌ»((2))، فإنه یدل علی أن کل ما یوجب الطمع لمرضی القلوب محرم.

وکذلک قوله سبحانه: «وَلا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ ما یُخْفینَ مِنْ زینَتِهِنَّ»((3))، فإذا حرم ذلک حرم ما نحن فیه بالملاک.

إلی غیر ذلک مما ذکروه فی (الفقه).

ص:369


1- الوسائل: ج14 ص144 الباب 17 من المقدمات ح1
2- سورة الأحزاب: الآیة 32
3- سورة النور: الآیة 31

والمراد باللذة الالتذاذ بذلک التذاذاً محرماً، لا مثل التذاذ الوالد بالنظر إلی ولده.

والمراد بالریبة کما ذکره غیر واحد ما کان موجباً للریب من جهة خوف الوقوع بالحرام، أو المیل إلی الوقوع فی الحرام مع المنظور إلیه بتقبیل ولمس ومواقعة وغیر ذلک.

ومنه یعلم أنه لا فرق بین أن یکون الطرفان کبیری السن أو شابین أو بالاختلاف، لوحدة الملاک فی الجمیع.

24: تنفیر صید الحرم

24: تنفیر صید الحرم

لا یجوز تنفیر صید الحرم بلا إشکال ولا خلاف، وقد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

ففی صحیح زرارة، عن الصادق (علیه الصلاة والسلام): إن رسول الله (صلی الله علیه وآله) قال: «ألا إن الله عز وجل قد حرم مکة یوم خلق السماوات والأرض، وهی حرام بحرام الله إلی یوم القیامة، لا ینفر صیدها، ولا یعضد شجرها، ولا یختلی خلاها، ولا تحل لقطتها إلاّ لمنشد»((1)).

25: الانتفاع بالنجس والمتنجس

25: الانتفاع بالنجس والمتنجس

لا یجوز الانتفاع بالنجس والمتنجس من جهة الحرمة، کأکل لحم الخنزیر وشرب البول والدم أو شرب النجس أو المتنجس، أما الانتفاع بهما فی المحلل کالانتفاع بجلد الخنزیر للاستقاء به فی المزارع، وبشعره لجعله حبلاً للاستقاء، وبشحمه لتطلیة السفن من الخارج الملاصق للماء، وإلقاء البول والعذرة سماداً فی المزارع، إلی غیر ذلک فالظاهر حلیتها، وتفصیل الکلام فی ذلک فی بابه.

ص:370


1- الوسائل: ج9 ص175 الباب 88 من تروک الإحرام ح1

26: الانتفاع بالحیوان الموطوء

26: الانتفاع بالحیوان الموطوء

قد ذکرنا تفصیل الکلام فی ذلک فی (الفقه) وألمعنا إلیه هنا، فإنه لا یجوز الانتفاع به فیما حرمه الشارع بالأدلة الخاصة.

27: النفاق

27: النفاق

لا إشکال فی حرمة النفاق، بل هو من أوضح الضروریات، وهل إنه حرام لنفسه أو لأنه یشتمل علی عدم العقیدة الصحیحة الواجبة والکذب لساناً وما أشبه ذلک فلا حرام جدید فی قبالها، احتمالان، وظاهر الأدلة الأول.

28: إنفاق الخبیث

28: إنفاق الخبیث

قال سبحانه: «وَلا تَیَمَّمُوا الْخَبیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذیهِ إلاّ أن تُغْمِضُوا فیهِ»((1)).

وهل إنفاق الخبیث حرام لنفسه أو لأنه یشتمل علی إلقاء الناس فی الحرام فیما کان محرماً أو فی الضرر إذا کان ضاراً، الظاهر کونه إرشادیاً إلی أنه لا ینبغی الإنفاق مما ینفر منه النفس، سواء أراد بالإنفاق الله سبحانه وتعالی أو مجرداً عن ذلک، إذ کیف ینفق الإنسان ما لا یحبه فیجعله فی سبیل الله سبحانه وتعالی، أو کیف ینفق الإنسان ما لا یحبه لأخیه مع أن الضمیر الإنسانی یأبی ذلک.

هذا إن کان المراد غیر المحرم، وإن کان المراد من الخبیث المحرم کالخنزیر والمیتة ونحوهما فربما یحتمل الحرمة وربما یحتمل أنه إلماع إلی الحرمة التی تتسبب من أکل الغیر الحرام بسبب إنفاقه له، لکن لا یبعد إرادة الأعم.

ص:371


1- سورة البقرة: الآیة 267

29: الانتفاء من الحسب

29: الانتفاء من الحسب

یحرم أن ینتفی الإنسان من نسبه، وهو المراد بالحسب هنا، لأنه قد یقال الحسب فی مقابل النسب فیراد به الشرف والخصوصیات والمزایا کالعلم وما أشبه، وقد یقال ویراد به النسب.

فقد روی ابن أبی عمیر وابن فضال، عن رجال شتی، عن الباقر والصادق (علیهما السلام)، قالا: «کفر بالله العظیم من انتفی من حسب وإن دق»((1)).

وفی روایة أخری: «کفر بالله من تبرأ من نسب وإن دق»((2)).

کما تقدم ذلک فی حرف الباء.

والمراد ب_ (إن دق) أن یکون النسب بعیداً کابن عم ابن عم مثلاً أو ما أشبه ذلک.

والمراد بالکفر العملی لأن الکفر قد یطلق ویراد به الکفر العملی، کقوله سبحانه: «لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزیدَنَّکُمْ وَلَئِنْ کَفَرْتُمْ أن عَذابی لَشَدیدٌ»((3))، وقد یطلق ویراد به الکفر العقیدی کإنکار أصل من أصول الدین، علی ما ذکرنا تفصیله فی بعض الکتب.

30: نفی البکارة عن الزوجة

30: نفی البکارة عن الزوجة

لا یجوز للإنسان أن ینفی بکارة زوجته إذا وجدها بکراً، فإنه بالإضافة إلی أنه کذب واتهام، یحرم بالدلیل الخاص.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام)، إذا قال الرجل لامرأته لم أجدک عذراء ولیس له بینة، قال: «یجلد الحد، ویخلی بینه وبین امرأته»((4)).

والمراد بالحد التعزیر، لأن کل واحد منهما یستعمل فی الآخر بالقرینة، وتفصیل

ص:372


1- الوسائل: ج15 ص221 الباب 107 من الأولاد ح2
2- الوسائل: ج15 ص221 الباب 107 من الأولاد ح1
3- سورة إبراهیم: الآیة 7
4- الوسائل: ج15 ص610 الباب 17 من اللعان ح3

الکلام فی ذلک فی کتاب الحدود.

31: النقاب للمُحرمة

31: النقاب للمُحرمة

یحرم النقاب للمُحرمة کما ذکرنا ذلک فی کتاب الحج.

ففی صحیح الحلبی، عن الصادق (علیه السلام): «مر أبو جعفر (علیه السلام) بامرأة متنقبة وهی محرمة، فقال: أحرمی وأسفری وأرخی ثوبک من فوق رأسک، فإنک إن تنقبتی لم یتغیر لونک، قال رجل: إلی أین ترخیه، قال: تغطی عینها، قال: قلت: تبلع فمها، قال: نعم»((1)).

وفی الصحیح، عن الباقر (علیه السلام): «المحرمة لا تتنقب لأن إحرام المرأة فی وجهها، وإحرام الرجل فی رأسه»((2)).

والنقاب عبارة عن الثوب الذی تجعله المرأة أو الرجل علی أنفه من تحت فیستر أنفه وفمه وذقنه وإنما تظهر العینان والجبهة، وإن کان من فوق سمی غطاءً وستراً، وربما یطلق أحدهما علی الآخر بالقرینة.

32: نقض العهد

32: نقض العهد

لا یجوز نفس العهد مع الله سبحانه وتعالی الذی هو قسیم للنذر والیمین، کما أنه لا یجوز نقض عهد الله أی أحکامه سبحانه وتعالی.

قال سبحانه: «وَما یُضِلُّ بِهِ إلاّ الْفاسِقینَ * الَّذینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ میثاقِهِ وَیَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ یُوصَلَ وَیُفْسِدونَ فی الأَرْضِ أُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ»((3)).

وفی آیة أخری: «أُولئِکَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ»((4)).

ص:373


1- الوسائل: ج9 ص129 الباب 48 من التروک ح3
2- الوسائل: ج9 ص129 الباب 48 من التروک ح2
3- سورة البقرة: الآیة 26 _ 27
4- سورة الرعد: الآیة 25

والظاهر من الآیتین هو معنی أحکام الله سبحانه وتعالی.

قال تعالی: «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنی آدَمَ أن لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ»((1)).

وقال سبحانه: «أَوْفُوا بِعَهْدی أُوفِ بِعَهْدِکُمْ»((2)).

وعلی أی حال، فنقض العهد لیس حکماً جدیداً فی قبال الأمرین، أی عهد الإنسان مع الله کلیاً فی أحکامه أو عهده شخصیاً الذی هو فی سیاق النذر والیمین.

وکذلک یحرم نقض العهد المذکور فی کتاب الجهاد.

33: نقض الیقین بالشک

33: نقض الیقین بالشک

قد یحرم وضعاً، أی إن التکلیف الوضعی ذلک وإن لم یفعل الناقض حراماً، کما إذا شک فی بطلان وضوئه فتوضأ رفعاً للوسوسة فی نفسه، وقد یحرم تکلیفاً فیما إذا وجب العمل بالاستصحاب.

ففی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه السلام): «ولیس ینبغی لک أن تنقض الیقین بالشک أبداً».

وفی صحیح آخر له، عن أحدهما (علیهما السلام): «وإذا لم یدر فی ثلاث هو أو فی أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إلیها أخری ولا شیء علیه، ولا ینقض الیقین بالشک، ولا یدخل الشک فی الیقین، ولا یخلط أحدهما بالآخر، ولکنه ینقض الشک بالیقین ویتم علی الیقین ویبنی علیه، ولا یعتد بالشک فی حال من الحالات»((3)).

وقد ذکرت المسألة فی الفقه والأصول فی بحث الاستصحاب، وعلی هذا

ص:374


1- سورة یس: الآیة 60
2- سورة البقرة: الآیة 40
3- الوسائل: ج5 ص321 الباب 10 من الخلل ح3

فإذا شکت المرأة فی بقاء زوجها حیاً حرم علیها الزواج، وإذا شک الرجل فی بقاء الرابعة حیة أو الأخت حرم علیه الزواج بالأخت وبالخامسة، إلی غیر ذلک.

34: نقض الیمین

34: نقض الیمین

یحرم نقض الیمین نصاً وإجماعاً، قال سبحانه: «وَلا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْکیدِها»((1)).

والظاهر أن (بعد توکیدها) تأکید للأیمان لأن الیمین هو الکلام المؤکد، علی ما فصل الکلام فی ذلک فی کتابه.

35: نقل الحجر الأسود

35: نقل الحجر الأسود

یحرم نقل الحجر الأسود، کما نسب ذلک إلی القرامطة، کما أنه لا یجوز نقل مقام إبراهیم (علیه السلام) من قرب الکعبة أو إلی خارج المسجد الحرام، لأن الشارع قررها فی هذه الأماکن، بل حرمة نقلها إلی أماکن أخر من الضروریات.

لکن لا یذهب علی الإنسان أن کثیراً من التواریخ التی ذکرها فقهاء السلاطین ومؤرخوهم عاریة عن الصحة، فإن کثیراً من الذین کانوا یخرجون علی خلفاء الجور لأجل ظلمهم وطلب العدالة الاجتماعیة والالتزام بأحکام الإسلام منهم کانوا یرمون بالزندقة والقرمطیة والکفر ونحو ذلک، تبریراً من السلاطین لأنفسهم عند العوام حتی یقتلوهم ویؤذوهم، کما یظهر ذلک کثیراً فی ثنایا التواریخ، فکان فقهاؤهم یفتون بالقتل والزندقة ونحوهما، ومؤرخوهم کانوا یکتبون حسب رأی السلاطین فی قبال الثمن الذی کانوا یتقاضونه منهم.

والظاهر أن کثیراً من قضایا القرامطة الموجودة فی تواریخهم من هذا القبیل.

ص:375


1- سورة النحل: الآیة 91

36: النکاح الحرام

36: النکاح الحرام

یحرم نکاح أقسام من النساء، لوجود محاذیر شرعیة فیهن أو فی الرجال، کالإحصان، والرضاع، والرق، والزنا، والمصاهرة، والطلاق، والاعتداد، وعدم الکفاءة، وقذف الصماء والخرساء، والکفر، واللعان، واللمس، والنسب، والنظر، واستیعاب العدد، والإیقاب.

ولو أرید بالنکاح مطلق الوطی کما یطلق علیه لغةً، یحرم نکاح الأموات ولو کانا زوجین فمات أحدهما، ونکاح البهائم، والرجال، وفی حال الحیض والنفاس والإحرام والصوم والاعتکاف، والموجب للضرر، والموجب للافضاء فی الصغیرة، إلی غیر ذلک مما فصلناها فی کتاب النکاح وغیره.

کما أنه یحرم النکاح المبعض بأن یکون بسببین الدوام والمتعة، نصفها دائماً ونصفها متعة، أو نصفها ملکاً ونصفها نکاحاً.

ثم إنه یمکن التخلص من حرمة الأمة المشترکة بأن یعتق الإنسان نصیبه منها فیسری العتق إلی نصیب الشریک وتکون حینئذ حرة فیتزوجها برضاها، کما یمکن تخلیص المزوجة بالعبد الهارب بأن یهب المالک العبد للزوجة فیبطل نکاحها، وقد أرشد إلی هذین الأمرین عالمان لأجل الزواج بمن رغب فی المشترکة وکان الشریک لا یرضی بذلک، ولأجل التخلص لزوجة العبد الهارب.

ثم إنه قد تقدم حرمة النکاح بزوجات الرسول (صلی الله علیه وآله)، لکنه خارج عن محل الابتلاء.

37: المنکر

37: المنکر

قال سبحانه: ﴿وَیَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ﴾((1)).

والمنکر کل محرم فی الشریعة.

ص:376


1- سورة النحل: الآیة 90

38: النمیمة

38: النمیمة

لا إشکال فی حرمة النمیمة، بل یدل علیه الأدلة الأربعة، وقد فسر بعض الآیات بذلک.

وفی صحیح ابن سنان، عن الصادق (علیه السلام)، قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «ألا أنبؤکم بشرارکم، قالوا: بلی یا رسول الله، قال: المشاؤون بالنمیمة، المفرقون بین الأحبة، الباغون للبراء المعایب»((1)).

وتفصیل ذلک مذکور فی کتاب المکاسب.

39: النیة فی الجملة

39: النیة فی الجملة

تحرم النیة المنحرفة فیما إذا کانت مربوطة بأصول الدین، بأن نوی قتل النبی أو الإمام (علیهما السلام) أو الکفر أو ما أشبه ذلک.

أما نیة الحرام فقد ذکرنا فی کتاب (الأصول) عدم حرمتها کما ألمعنا إلیه فیما سبق، وإنما هو تجر یکشف عن سوء السریرة.

ففی روایة أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام): «إن المؤمن لیهمّ بالحسنة ولا یعمل فتکتب له حسنة، فإن هو عملها کتبت له عشر حسنات، وإن المؤمن لیهمّ بالسیئة أن یعملها فلا یعملها فلا تکتب علیه»((2)).

وفی صحیح جمیل، عن الصادق (علیه السلام): «إذا همّ العبد بالسیئة لم تکتب علیه وإذا همّ بحسنة کتبت له»((3)).

إلی غیرهما من الروایات الکثیرة بهذا المضمون.

ولا یخفی أن هناک نیة وفرح بالمعصیة ورضی بها وتمنی لها.

40: نهر الوالدین

40: نهر الوالدین

قال سبحانه: ﴿وَقَضی رَبُّکَ إلاّ تَعْبُدُوا إلاّ إِیَّاهُ وَبِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِمَّا یَبْلُغَنَّ

ص:377


1- الوسائل: ج8 ص616 الباب 164 من العشرة ح1
2- الوسائل: ج1 ص36 الباب 6 من المقدمات ح7
3- الوسائل: ج1 ص36 الباب 6 من المقدمات ح10

عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً کَریماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما کَما رَبَّیانی صَغیراً﴾((1)).

فإنه یحرم نهر الوالدین أی طردهما وزجرهما، کبیرین کانا أو لا، ومورد الآیة من باب غلبة أن الکبیر یتوقع من الأولاد ما لا یتوقعه الشاب منهم، فینهرهما الأولاد بما لا یکون الشابان موضعاً له، ومثل هذا النهر لا یحرم بالنسبة إلی سائر الناس، فإذا ألح الصدیق علی صدیقه بطلبه منه شیئاً لا یحرم نهره بما لا یکون هتکاً ونحوه من المحرمات المقارنة.

41: نهر السائل

41: نهر السائل

قال سبحانه: «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ»((2)).

النهر فی السائل کما تقدم معناه فی نهر الوالدین، والظاهر أن النهر محرم وإن کان السائل غنیاً، اللهم إلاّ إذا کان من باب النهی عن المنکر، واحتمال الإرشاد فی النهی أو الاختصاص برسول الله (صلی الله علیه وآله) خلاف الظاهر لا یصار إلیه إلاّ بالقرینة وهی مفقودة فی المقام.

أما رد السائل فهو جائز، وهو غیر النهر الذی لا یکون إلاّ بعنف، ولذا جرت السیرة علی رد السؤال کثیراً عند المتشرعة ولا یرون أن ذلک محرم.

42: النهی عن الصلاة

42: النهی عن الصلاة

لا یجوز النهی عن الصلاة الواجبة، أما النهی عن الصلاة المستحبة فالظاهر أنه مکروه، والنهی عن الصلاة الواجبة داخل فی أقسام النهی عن المعروف الذی

ص:378


1- سورة الإسراء: الآیة 23 _ 24
2- سورة الضحی: الآیة 10

هو محرم، قال سبحانه: ﴿أَرَأَیْتَ الَّذی یَنْهی عَبْداً إذا صَلَّی﴾((1)).

وقال تعالی: ﴿الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ یَأْمُرُونَ بِالْمُنْکَرِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَیَقْبِضُونَ أَیْدِیَهُمْ﴾((2)).

والموضوع فی الآیة الأولی وإن کانت خاصة بالصلاة إلاّ أن المحرم مطلق النهی عن المعروف کمطلق الأمر بالمنکر، واحتمال حرمة النهی عن المعروف المستحب أو الأمر بالمنکر المکروه غیر ظاهر، بل السیرة جرت من المتدینین علی ذلک، ولا أقل من عدم رؤیتهم لهما خلاف الشرع.

نعم وردت فی بعض الروایات التشدید فی النهی عن الحج، ولابد أن یحمل الحج فیها علی الواجب أو النهی علی المکروه، وقد ذکرنا الکلام فی ذلک فی کتاب الحج.

43: النهی عن المعروف

43: النهی عن المعروف

قد عرفت الکلام فیه وأنه محرم.

44: النهب

44: النهب

یحرم نهب أموال الناس، وهو عبارة أخری عن الاستیلاء علی أموالهم بدون رضاهم، فقد قال (صلی الله علیه وآله): «لا یحل مال امرئ إلاّ بطیب نفسه»((3)).

إلی غیرها من الروایات، نعم إذا کان ذلک من باب التقاص جاز بدلیله المذکور فی (الفقه).

ص:379


1- سورة العلق: الآیة 9 _ 10
2- سورة التوبة: الآیة 67
3- الغوالی: ج1 ص222 ح98

45: النوح بالباطل

45: النوح بالباطل

یحرم النوح بالباطل، وهو من مصادیق الکذب ونحوه فلیس هو بمحرم جدید.

والظاهر أن لسان الحال لیس منه، کما أنه لیس منه المبالغات الشعریة ونحوها مما خرج عن الکذب، فإن المشهور بینهم خروج المبالغة والإغراق والتوریة عن الکذب علی تأمل فی بعض ذلک.

ولذا یروی عن علی (علیه السلام) أنه قال علی قبر الزهراء (علیها السلام) عن لسانها:

قال الحبیب وکیف لی بجوابکم

وأنا رهین جنادل وتراب

أکل التراب محاسنی فنسیتکم

وحجبت عن أهلی وعن أترابی((1))

مع أن التراب لم یأکل محاسنها، اللهم إلاّ إذا أرید بأکل التراب التغیب تحته، لکنه خلاف الظاهر.

ص:380


1- البحار: ج43 ص217

حرف الواو

1: الوئد

حرف الواو

1: الوئد

قال سبحانه: «وَإذا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَیِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ»((1))، وهو حرام بالأدلة الأربعة.

ولعله أکثر حرمة من القتل المجرد حیث إنه قتل بزجر، فقد کان عادة جاهلیة ونسخها الإسلام، کما أنه کان فی جملة من الأمم الأخری حسب ما یحدث التاریخ.

ولا فرق بین الذکر والأنثی، فإن بعضهم کان یئد ولده حتی لا یکبر فیبتلی برزقه فی المستقبل، قال سبحانه: «وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ خَشْیَةَ إِمْلاقٍ»((2))، کما أن بعضهم کان یقتله من جهة الفقر الحاضر، قال سبحانه: «وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ مِنْ إِمْلاقٍ»((3)).

ولا یبعد أن یکون منه ما یتعارف الآن من إسقاط بعض غیر المبالیات الجنین فی مرحاض أو ما أشبه مما یسبب قتله فإنه وئد أیضاً.

وعلی أی حال، فهو محرم بلا إشکال.

ص:381


1- سورة التکویر: الآیة 8 _ 9
2- سورة الإسراء: الآیة 31
3- سورة الأنعام: الآیة 151

2: إرث النساء کرهاً

2: إرث النساء کرهاً

قال سبحانه: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا یَحِلُّ لَکُمْ أن تَرِثُوا النِّساءَ کَرْهاً»((1)).

فی بعض التفاسیر أن هذا تندید لأهل الجاهلیة الذین کانوا یعدون نساء الموتی من الترکة، فإذا مات إنسان وله زوجة أو زوجات جاء بعض الأقرباء وألقوا بثوبهم علی امرأة من نسائه، وکان ذلک معنی إرثه لها وأنها أصبحت زوجة له بدون إرادة المرأة، فربما تزوج بها من غیر مهر وإرادة منها، وربما حبسها عنده وزوجها من إنسان آخر وینتفع بمهرها هو، وربما عضلها ومنعها من النکاح حتی تکون فی داره تخدمه إلی أن تموت هی، وعلی کل حال کان هذا عملاً جاهلیاً نهی عنه الإسلام، وهو محرم قطعاً.

3: وضع الجنب والحائض فی المسجد شیئاً

3: وضع الجنب والحائض فی المسجد شیئاً

هو منهی عنه، وقد ذکرنا تفصیله فی کتاب (الفقه) فی باب الطهارة.

ففی صحیح زرارة ومحمد بن مسلم، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام) قال: «الحائض والجنب لا یدخلان المسجد» إلی أن قال: «ویأخذان من المسجد ولا یضعان فیه شیئاً» الحدیث((2)).

وتفصیل الکلام فی فروع ذلک هناک.

4: الوضوء بعد الغسل

4: الوضوء بعد الغسل

إذا توضأ الإنسان بعد غسل الجنابة ونحوه عند من یری کل غسل کافیاً عن الوضوء، فإن قصد التشریع کان محرماً، وإلاّ ففی حرمته تأمل.

فقد ورد عن الباقر والصادق (علیهما الصلاة والسلام): «إن الوضوء بعد الغسل بدعة»((3))، وقد ذکرنا تفصیل

ص:382


1- سورة النساء: الآیة 19
2- الوسائل: ج1 ص491 الباب 17 من الجنابة ح2
3- الوسائل: ج1 ص514 الباب 33 من الجنابة ح5 و6

الکلام فی ذلک فی کتاب الطهارة.

5: الوضوء بالماء النجس ونحوه

5: الوضوء بالماء النجس ونحوه

یحرم الوضوء بالماء النجس ونحوه، والماء الحرام والماء المضاف، لکن الحرمة من جهة التشریع فی غیر الحرام، فإن قصد التشریع فیه کان حرامین، وإلاّ کان حراماً واحداً من جهة التصرف فی مال الغیر.

ومثل الوضوء الغسل والتیمم.

6: وطی الحنطة والشعیر

6: وطی الحنطة والشعیر

وطی الحنطة والشعیر وسائر نعم الله سبحانه وتعالی من أمثالهما إن کان بقصد الإهانة کان حراماً، وإلاّ فالظاهر أنه مکروه، بل السیرة جرت علی وطیها من الزراع ونحوهم ولم أجد من أفتی بالحرمة إلاّ ما یظهر من الشیخ الحر.

لکن الروایة أقرب إلی الکراهة، ففی الصحیح: سأل هشام بن سالم عن أبی عبد الله (علیه السلام) عن صاحب لنا یکون علی سطحه الحنطة والشعیر فیطؤونه یصلون علیه، قال: فغضب (علیه السلام) ثم قال: «لولا أنی أری أنه من أصحابنا للعنته»((1)).

7: بعض أقسام وطی الزوجة

7: بعض أقسام وطی الزوجة

یحرم وطیها فی حال الحیض والنفاس والإحرام والاعتکاف والصیام الواجبین، کما یحرم وطیها وهی صغیرة قبل البلوغ علی المشهور.

وکذلک یحرم الوطی علی الرجل إذا کان فی إحرام أو اعتکاف أو صیام کذلک.

وقد اشتهر بینهم حرمة وطی الزوجة المفضاة، لکن إقامة الدلیل علیه مشکل.

وکذا یحرم وطی الزوجة فیما إذا

ص:383


1- الوسائل: ج1 ص16 ح506 الباب 79 من الأطعمة ح3

وطئت شبهة من قبل الغیر قبل انتهاء العدة.

ویحرم وطیها علی المظاهر قبل التکفیر، قال سبحانه: ﴿وَالَّذینَ یُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ یَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْریرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أنْ یَتَمَاسَّا ذلِکُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبیرٌ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ شَهْرَیْنِ مُتَتابِعَیْنِ مِنْ قَبْلِ أنْ یَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّینَ مِسْکیناً﴾((1)).

وکذلک یحرم وطیها وهی میتة، فإنه المرکوز فی أذهان المتشرعة، بالإضافة إلی بعض الأدلة.

ومثل وطی أکثر من الأربع بالدوام فی حال واحد.

وهکذا یحرم العکس بإدخال الزوجة آلة الزوج المیت فی نفسها.

وکذلک یحرم البقاء علی الوطی بعد ظهور أنها لیست زوجته فیما وطأها شبهة أو حاضت أو ماتت أو صامت أو اعتکفت أو أحرمت أو ما أشبه، وکذلک العکس بالنسبة إلی الرجل.

وحیث إن أکثر هذه المسائل مذکورة فی (الفقه) لا داعی إلی التکرار.

8: استیطان الکفار الحجاز

8: استیطان الکفار الحجاز

المشهور بین الفقهاء حرمة استیطان الکفار الحجاز، بمعنی وجوب عدم سماح المسلمین لهم بذلک.

وعن المبسوط والتذکرة والمنتهی الإجماع علیه، وقد ذکره الشرائع والجواهر فی کتاب الجهاد، وذلک لجملة من الروایات الضعیفة سنداً.

وتفصیل الکلام فی ذلک بفروعه التی منها عبورهم عن الحجاز وغیره مذکور فی (الفقه).

وقد روی ابن عباس أن النبی (صلی الله علیه وآله) أوصی بثلاثة أشیاء قال: «أخرجوا المشرکین من جزیرة العرب، وأجیزوا الوفد بنحو ما کنت أجیزهم»، وسکت عن الثالث أو قال: نسیه.

ص:384


1- سورة المجادلة: الآیة 3

والظاهر أن الثالث کان هو ما أراده بقوله (صلی الله علیه وآله): «ایتونی بدواة وقرطاس»، حیث کان یرید الوصیة بعلی والأئمة الطاهرین (علیهم الصلاة والسلام) فالسکوت أو النسیان عن ابن عباس کان من باب التقیة والخوف.

9: مواعدة النساء سراً

9: مواعدة النساء سراً

لا یجوز الخلوة بالمعتدة وإن قال لها کلاماً معروفاً، وإنما الجائز التعریض بالخطبة فی مکان لا یعد خلوة.

کما لا یجوز التصریح بأن یقول: إنی أرید أن أزوجک بعد انقضاء عدتک، أو یصرح بما یستقبح ذکره، من غیر فرق بین أن یکون لنفسه أو لغیره فی کلا المنفیین، أی فی الخلوة والقول غیر المعروف.

ومن الواضح أن ذلک جائز فیمن لا تری العدة أصلاً کالکفار، أو تراه قد انقضت بینما لم تنقض عند المؤمن لقاعدة الإلزام.

کما لا فرق بین إرادة الدوام والمتعة.

أما خطبة المزوجة سواء کانت فی حبالة الزوج أو ذات عدة رجعیة فلا إشکال فی حرمتها حتی بالکنایة وبدون السریة، وإن قال: إذا طلقک زوجک زوجتک أو ما أشبه ذلک، قال سبحانه: «لا جُناحَ عَلَیْکُمْ فیما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أوْ أَکْنَنْتُمْ فی أَنْفُسِکُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّکُمْ سَتَذْکُرُونَهُنَّ وَلکِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً»((1)).

وفی موثقة عبد الرحمن، قال الصادق (علیه السلام) فی قول الله عز وجل: «إِلاَّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً»: «یلقاها فیقول: إنی فیک لراغب وإنی للنساء لمکرم ولا تسبقینی بنفسک، والسر لا یخلو معها حیث وعدها»((2)).

ص:385


1- سورة البقرة: الآیة 235
2- تفسیر البرهان: ج1 ص227 ح4

وفی روایة أخری: «السر أن یقول الرجل: موعدک بیت آل فلان، ثم یطلب إلیها أن لا تسبقه بنفسها إذا انقضت عدتها»، قلت: فقول «إِلاَّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً»، قال: «هو طلب الحلال فی غیر أن یعزم عقدة النکاح حتی یبلغ الکتاب أجله»((1)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

10: الوشایة

10: الوشایة

تحرم الوشایة بلا إشکال، وهی عبارة عن إیصال خبر إنسان إلی ظالم، أو إلی إنسان توجب تلک الوشایة تعکیر الصفو بینهما، فهی أعم من النمیمة، وکلتاهما محرمة لأنهما إفساد وإلقاء فتنة وتقویة للظالم وإیذاء للمظلوم وغیر ذلک.

أما إذا کان من نوع نصح المستشیر المستثنی فی الغیبة فلیس من الوشایة المحرمة، بل ربما لا تسمی وشایة أیضاً.

11: الولایة من قبل الظالم

11: الولایة من قبل الظالم

لا یجوز الولایة من قبل الظالم إطلاقاً حتی فی الأمور المباحة، نعم إذا لم یفعل حراماً وخدم العباد کان حلالاً بشرط أن لا یکون سبباً لبقاء الظالم وتقویته، وذلک فیما إذا کان عدم تصدیه یوجب سقوط الظالم أو ضعفه بما یسقطه العادل، فإن الأمر یکون فی المقام من باب الأهم والمهم.

ففی روایة السکونی، عن الصادق (علیه السلام)، عن آبائه (علیهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «إذا کان یوم القیامة نادی مناد: أین أعوان الظلمة ومن لاق لهم دواةً أو ربط کیساً أو مد لهم مدة قلم فاحشروهم معهم»((2)).

إلی غیر ذلک من الروایات.

ص:386


1- تفسیر البرهان: ج1 ص227 ح2
2- الوسائل: ج12 ص130 الباب 42 مما یکتسب به ح11

أما الاستثناء، ففی صحیح علی بن یقطین، قال: قال لی أبو الحسن موسی بن جعفر (علیه السلام): «إن لله تبارک وتعالی مع السلطان أولیاء یدفع بهم عن أولیائه»((1)).

وفی موثقة عمار، عن الصادق (علیه السلام)، سأل عن أعمال السلطان یخرج فیه الرجل، قال: «لا إلا أن لا یقدر علی شیء یأکل ویشرب ولا یقدر علی حیلة، فإن فعل فصار فی یده شیء فلیبعث بخمسه إلی أهل البیت (علیهم السلام)»((2)).

وفی هذه الروایة استثناء آخر، وظاهره الضرورة، وتفصیل الکلام فی ذلک فی المکاسب.

12: التولی فی الحرب

12: التولی فی الحرب

قال سبحانه: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إذا لَقیتُمُ الَّذینَ کَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ یُوَلِّهِمْ یَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أوْ مُتَحَیِّزاً إلی فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصیرُ﴾((3)).

لا یجوز التولی فی الحرب إلاّ لضرورة شرعیة.

لکنا قد ذکرنا فیما تقدم احتمال جواز التولی إذا کان فی المسلمین کفایة ولم یکن فی تولیه ما یوجب قوة الکفار أو ضعف المسلمین ولو بتضعیف معنویاتهم مثلاً، وذلک لانصراف الأدلة المحرمة إلی المستثنی منه، وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الجهاد.

13: تولی العبد غیر مولاه

13: تولی العبد غیر مولاه

لا یجوز أن یتولی العبد غیر مولاه فیما إذا أعتق، بل یجب علیه تولی مولاه لترتب أحکام شرعیة علیه، فإنه إذا تولی غیر مولاه أوجب کونه سائبة لا یطلب دمه أحد ولا یبالی أحد بقتله، وإن قتل أحداً خطأً لا عاقلة له تؤدی عنه، إلی غیر ذلک.

وتولی

ص:387


1- الوسائل: ج12 ص139 الباب 46 مما یکتسب به ح1
2- الوسائل: ج6 ص353 الباب 10 مما تجب فیه الزکاة ح2
3- سورة الأنفال: الآیة 15 _ 16

غیر المولی حیث یوجب تلک الأحکام محرم، وقد ذکرنا بعض الکلام فی ذلک فی کتاب العتق.

ففی روایة إبراهیم، قال أبو عبد الله (علیه السلام): «وجد فی ذوابة سیف رسول الله (صلی الله علیه وآله) صحیفة، فإذا فیها» إلی أن قال: «ومن تولی غیر موالیه فهو کافر بما أنزل الله عز وجل علی محمد» إلی أن قال: «ثم قال: تدری ما یعنی من تولی غیر موالیه»، قلت: ما یعنی به، قال: «یعنی أهل الدین» وفی نسخة: «أهل البیت»((1)).

لکن ذیل الحدیث من باب بعض المصادیق إذا أرید بالصدر الأعم.

وفی صحیح یونس، عن کلیب الأسدی، عن الصادق (علیه السلام): «إنه وجد فی ذوابة سیف رسول الله (صلی الله علیه وآله) صحیفة مکتوب فیها: لعنة الله والملائکة علی من أحدث حدثاً أو آوی محدثاً، ومن ادعی إلی غیر أبیه فهو کافر بما أنزل الله، ومن ادعی إلی غیر موالیه فعلیه لعنة الله»((2)).

إلی غیرهما من الروایات.

14: هبة الحقوق الشرعیة

14: هبة الحقوق الشرعیة

لا تجوز هبة الحقوق الشرعیة من الأخماس والزکوات وما أشبه، لأن ذلک إضاعة لمال الإمام والسادة والفقراء.

وفی بعض الروایات: إن الله حسب الفقراء، الحدیث کما ذکرناه فی کتاب الزکاة، فالهبة لها توجب تضییعهم، نعم إذا رأی الحاکم الشرعی ذلک صلاحاً فی حدود معینة لا إطلافاً جاز له، کما کانوا هم (علیهم السلام) یهبون للناس أموالهم، والحاکم الشرعی وکیلهم والمفوض إلیه من قبلهم.

ومنه یعلم جواز التقسیط علی المالک إذا رآه الحاکم الشرعی مصلحة، أو کان لا یقدر المالک علی الأداء دفعة، أو کان علیه عسر أو حرج أو ضرر موجب لرفع التکلیف.

ص:388


1- الوسائل: ج19 ص16 الباب 8 من القصاص فی النفس ح4
2- الوسائل: ج19 ص16 الباب 8 من القصاص فی النفس ح2

حرف الهاء

1: الهون فی طلب الکفار

حرف الهاء

1: الهون فی طلب الکفار

قال سبحانه: ﴿وَلا تَهِنُوا فِی ابْتِغاءِ الْقَوْمِ أنْ تَکُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ یَأْلَمُونَ کَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا یَرْجُونَ﴾((1)).

والظاهر أنه لیس حکماً جدیداً غیر الجهاد، فحرمته عبارة عن حرمة عدم الجهاد بشرائطه وخصوصیاته المذکورة فی کتابه.

2: إهانة المؤمن

2: إهانة المؤمن

یحرم علی الإنسان المؤمن أن یهین نفسه ویذلها، کما یحرم علی الغیر إهانته وإذلاله، لجملة من الروایات:

مثل موثقة أبی بصیر، عن الصادق (علیه السلام): «إن الله تبارک وتعالی فوض إلی المؤمن کل شیء إلاّ إذلال نفسه»((2)).

وفی روایة معلی، قال: سمعت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول: «إن الله تبارک وتعالی یقول: من أهان لی ولیاً فقد أرصد لمحاربتی، وأنا أسرع شیء إلی نصرة أولیائی»((3)).

ص:389


1- سورة النساء: الآیة 104
2- الوسائل: ج11 ص424 الباب 12 من الأمر والنهی ح3
3- الوسائل: ج8 ص588 الباب 146 من العشرة ح2

إلی غیرهما من الروایات.

لا یقال: فیکف ما نری من إهانة الکفار للأنبیاء والأئمة (علیهم السلام) ومع ذلک لم ینصرهم الله سبحانه.

لأنه یقال: النصرة تلاحظ فی مجموع امتداد الإنسان شخصاً وتاریخاً وآخرةً، ولا إشکال فی أن الله نصرهم علی أعدائهم.

ومنه یظهر الجواب عن أمثال ذلک، مثل الحدیث القدسی عن الله سبحانه وتعالی: «لأقطعن أمل کل مؤمل یأمل غیری»((1))، مع أنا نری قطع أمل کثیر من الصالحین المؤملین له سبحانه، وعدم قطع أمل کثیر من غیرهم.

فإن الجواب أن الأمل فی الصالح أعم من الثلاثة، وقطع أمل غیر الصالح معناه أن یؤمل غیر الله سبحانه فی ما بید الله تعالی وحده، فإن الله سبحانه وتعالی لا یعطیه لهم، لا أنهم إذا أخذوا بالأسباب الظاهرة لم یصلوا إلی النتائج، قال تعالی: «کُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ»((2)).

3: هجر کتاب الله

3: هجر کتاب الله

قال سبحانه: «وَقالَ الرَّسُولُ یا رَبِّ إنَّ قَوْمِی اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً»((3)).

فإنه لا یجوز هجر کتاب الله تعالی بعدم العمل بأحکامه، أو ترکه حتی ینسی بین الناس، أو ترک نسخه حتی ینفقد، والروایات الدالة علی حرمة ذلک وصغریاته کثیرة.

ص:390


1- الوسائل: ج11 ص167 الباب 12 من جهاد النفس ح1
2- سورة الإسراء: الآیة 20
3- سورة الفرقان: الآیة 30

4: هجر المؤمن

4: هجر المؤمن

لا یجوز هجر المؤمن عن عداوة ونحوها، والروایات فی ذلک متواترة، أما إذا لم یکن الابتعاد عن المؤمن من باب الهجر لم یکن بذلک بأس.

قال الصادق (علیه الصلاة والسلام) کما فی صحیح هشام بن الحکم: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): «لا هجرة فوق ثلاث»((1)).

وفی روایة حمران، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): «ما من مؤمنین اهتجرا فوق ثلاث إلاّ وبرئت منهما فی الثالثة»، قیل: هذا حال الظالم فما بال المظلوم، فقال: «ما بال المظلوم لا یصیر إلی الظالم فیقول أنا الظالم حتی یصطلحا»((2)).

5: هجاء المؤمن

5: هجاء المؤمن

لا یجوز هجاء المؤمن، وحرمته مستفادة من متواتر الروایات، فإنه بالاضافة إلی بعض النصوص الخاصة من صغریات الکذب والإیذاء والإهانة والإذلال ونحوها،

فی موثقة إسحاق بن عمار، عن الصادق (علیه السلام): «إن علیاً (علیه السلام) کان یعزر فی الهجاء، ولا یجلد الحد إلاّ فی الفریة المصرحة أن یقول یا زان أو یا بن الزانیة أو لست لأبیک»((3)).

إلی غیرها من الروایات.

6: الهمز

6: الهمز

قال سبحانه: ﴿وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذی جَمَعَ مالاً وعَدَّدَهُ * یَحْسَبُ أنَّ مالَهُ

ص:391


1- الکافی: ج2 ص344 ح2
2- الوسائل: ج8 ص586 الباب 144 من الهجرة ح10
3- الوسائل: ج18 ص453 الباب 19 من حد القذف ح6

أَخْلَدَهُ * کَلاَّ لَیُنْبَذَنَّ فِی الْحُطَمَةِ﴾((1)) الآیات.

وقد تقدم فی اللمز تفصیل الکلام فیه.

والظاهر أن المراد بجمع المال وعدّه المحرم منه بأن لا یعطی حقوقه الشرعیة، وإلاّ فمجرد جمع المال الحلال وعدّه لیس بمحرم.

7: هوی متبع

7: هوی متبع

قال علی (علیه الصلاة والسلام): «إن أخوف ما أخاف علیکم اثنان، اتباع الهوی وطول الأمل»((2))، الحدیث.

إلی غیره من الروایات الشبیهة بهذه، والظاهر أنه إلماع إلی فعل المحرمات لا أنه محرم جدید.

8: الاستهزاء

8: الاستهزاء

لا إشکال فی حرمة الاستهزاء بالله والرسول (صلی الله علیه وآله) وآیات الله سبحانه والأئمة الطاهرین (علیهم السلام) والمعاد وسائر أصول الدین، کما یحرم الاستهزاء بالأحکام الشرعیة.

وبعض ذلک علی حد الکفر، وبعضه من المحرمات القطعیة، وکذلک یحرم الاستهزاء بالمؤمنین، وفی جملة من الآیات والروایات النهی عن ذلک.

قال سبحانه: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَیَقُولُنَّ إِنَّما کُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآیاتِهِ ورَسُولِهِ کُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ کَفَرْتُمْ بَعْدَ إیمانِکُمْ»((3)).

وقال سبحانه: ﴿وَإذا لَقُوا الَّذینَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إلی شَیاطینِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَکُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللَّهُ یَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَیَمُدُّهُمْ فی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ﴾((4)).

إلی غیرهما من الأدلة.

ص:392


1- سورة الهمزة: الآیة 1 _ 4
2- نهج البلاغة: الخطبة 28
3- سورة التوبة: الآیة 65 _ 66
4- سورة البقرة: الآیة 15 _ 14

9: الإهلال لغیر الله

9: الإهلال لغیر الله

ذکر غیر اسم الله سبحانه وتعالی علی الحیوان حین الذبح محرم، سواء ذکره منفرداً أو ذکره مع الله سبحانه وتعالی، ویسبب ذلک حرمة اللحم.

قال سبحانه: «حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزیرِ وَما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطیحَةُ وَما أَکَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَکَّیْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِکُمْ فِسْقٌ»((1)).

وتفصیل الکلام فی ذلک فی کتاب الذبائح.

10: تهنئة الجائز

10: تهنئة الجائز

یحرم تهنئة الجائر لأنها من أسباب تقویته، کما یحرم التهنئة علی الحرام، کأن یهنأ الزانی علی زناه أو الشارب علی شرب خمره وما أشبه ذلک، فإنه من التعاون علی الإثم وغیره من أبواب المنکر.

وقد مر فی بعض الروایات حرمة قول (أحسنت) لفاعل المنکر((2)).

أما صحیح محمد بن مسلم، قال: کنا عند أبی جعفر (علیه السلام) علی باب داره بالمدینة، فنظر إلی الناس یمرون أفواجاً فقال لبعض من عنده: «حدث بالمدینة أمر»، فقال: أصلحک الله ولی المدینة وال فغدی الناس الیه یهنؤونه، فقال: «إن الرجل لیغدی علیه بالأمر یهنأ به وإنه لباب من أبواب النار»((3)).

فالظاهر أنه بالنسبة إلی نفس الوالی، لا أنه بالنسبة إلی المهنئین، فلا دلالة فیه علی المقام.

11: التهاون بالصلاة

11: التهاون بالصلاة

یحرم التهاون بالصلاة، بمعنی عدم الاهتمام بأصلها أو بکمالها المطلوب شرعاً،

ص:393


1- سورة المائدة: الآیة 3
2- الوسائل: ج12 ص229 الباب 99 مما یکتسب به ح21
3- الوسائل: ج12 ص135 الباب 45 مما یکتسب به ح2

وذلک جار فی کل واجب وترک حرام، لکن لا یبعد کونه إلماعاً إلی الوجوب والحرمة الثابتین فی الشریعة، لا أنه واجب جدید.

ومنه الحدیث: «شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة»((1)).

وفی صحیح زرارة، عن الباقر (علیه الصلاة والسلام): «لا تتهاون بصلاتک، فإن النبی (صلی الله علیه وآله) قال عند موته: لیس منی من استخف بصلاته، لیس منی من شرب مسکراً، لا یرد علی الحوض لا والله»((2)).

إلی غیرهما من الروایات.

والفرق بینهما مع وحدة المصداق: أن التهاون عد الشیء هیناً، والاستخفاف عده خفیفاً، وهما غیران، فمن الممکن کون الشیء ثقیلاً لکن الإنسان یعده خفیفاً، إلی غیر ذلک.

والظاهر أن الاستخفاف بجمیع المندوبات أو المکروهات أو المباحات أیضاً محرم، لأنه من الاستخفاف بالدین، والمرکوز فی أذهان المتشرعة حرمته ومثله التهاون.

ولذا قال المحقق فی بحث عدالة الشاهد من کتاب الشهادات: (فلا یقدح فی العدالة ترک المندوبات ولو أصر مضرباً عن الجمیع ما لم یبلغ حداً یؤذن بالتهاون بالسنن)، وتفصیل الکلام هناک.

12: تهییج الشهوة

12: تهییج الشهوة

الظاهر أن تهییج الشهوة بالأجنبیة ونحوها محرم شرعاً.

قال سبحانه: «فَیَطْمَعَ الَّذی فی قَلْبِهِ مَرَضٌ»((3))، فإن مناطه شامل للمقام، ولاخصوصیة فی الآیة لنساء النبی (صلی الله علیه وآله)، وإنما هن المخاطبات من باب المورد بقرینة سیاق الآیة.

أما تهییجها بقراءة کتاب

ص:394


1- الوسائل: ج3 ص16 الباب 6 من الإعداد ح6
2- الوسائل: ج3 ص16 الباب 6 من الإعداد ح1
3- سورة الأحزاب: الآیة 32

مثیر أو رکوب فرس یوجبه أو تذکر کذلک أو لمس لجسد نفسه إلی أمثالها فلیس بمحرم، إذ لا دلیل علیه، بل سیرة المتشرعة جاریة علیه من غیر احتمال للحرمة، بل فی کون ملامسة فراش أو نحوه حتی تثار الشهوة حراماً بحاجة إلی الدلیل، وإن کان الاحتیاط فی الترک، إلاّ إذا کان من الاستمناء أو کان یصدق علیه عدم حفظ الفرج الوارد فی الآیة المبارکة.

أما تهییج شهوة الحیوان فلیس بمحرم وإن کان بملامسة موضعه، بل وکذلک لا یحرم أمناؤه إذا لم یسبب حراماً، وحال الحیوان فی ذلک حال غیر الممیز، فتأمل.

13: تهییج الصید فی الحرم

13: تهییج الصید فی الحرم

لا یجوز تهییجه إذا کان من التنفیر ونحوه، مما فصل فی کتاب الحج.

14: تهییج القرآن

14: تهییج القرآن

ورد فی الحدیث: إنه لا یهیج القرآن، والمراد به تزییده أو تنقیصه، فإن ذلک من المحرم.

ص:395

حرف الیاء

1: الیأس من روح الله تعالی

حرف الیاء

1: الیأس من روح الله تعالی

قال سبحانه حکایة عن یعقوب (علیه السلام) لبنیه: «وَلا تَیْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا یَیْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلاّ الْقَوْمُ الْکافِرُونَ»((1)).

لکن ذلک فیما إذا کان الاحتمال موجوداً، أما مع القطع بالعدم کیأس الشخص عن أن یحیی میته قبل ظهور الإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه)، أو قبل القیامة، أو یأس الأعمی الذی ولد کذلک عن رجوع عینه بإعجاز ونحوه، فلیس من الیأس عن روح الله.

2: المیسر

2: المیسر

یحرم کل أنواع المیسر وهو القمار.

قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾((2)).

وقال تعالی: ﴿یَسْألُونَکَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَیْسِرِ قُلْ فیهِما إِثْمٌ کَبیرٌ﴾((3)).

إلی غیر ذلک من الروایات الواردة بهذا

ص:396


1- سورة یوسف: الآیة 87
2- سورة المائدة: الآیة 90
3- سورة البقرة: الآیة 219

الشأن، وقد فصل الکلام فی ذلک فی المکاسب، کما ألمعنا إلی بعض الروایات.

3: الیمین الغموس

3: الیمین الغموس

الیمین الغموس محرمة قطعاً، وتسمی غموساً لأنها تغمس بصاحبها فی الإثم أو فی النار.

ففی الصحیح عن الصادق (علیه السلام) فی تعداد الکبائر: «والیمین الغموس الفاجرة، لأن الله عزوجل یقول: «الَّذینَ یَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَیْمانِهِمْ ثَمَناً قَلیلاً أُولئِکَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ»((1))».

وقد عده الرضا (علیه الصلاة والسلام) فی حسنة الفضل بن شاذان من الکبائر((2)).

4: الیانصیب

4: الیانصیب

وهو نوع من القمار متعارف فی هذه الأزمنة، أما إذا کان بعنوان الجائزة فلا بأس به، کما ذکرنا تفصیله فی (الفقه).

ص:397


1- الوسائل: ج11 ص252 الباب 46 من جهاد النفس ح2 فی تفسیر الآیة 77 من سورة آل عمران
2- الوسائل: ج11 ص260 الباب 46 من جهاد النفس ح33

تتمة

تتمة

لا یخفی أنا ذکرنا فی بعض کتبنا المرتبطة بفلسفة الأحکام أنه قد یستشکل علی الإسلام بأنه أکثر من المحرمات والواجبات مما هی قید للإنسان، ألیس کان من الأفضل أن یترک الإسلام الناس فی غیر ما یفسد النظام أو یضر الإنسان فیفعلون ما یشاؤون؟

والجواب: إن المحرمات السلبیة والإیجابیة تنقسم إلی ما یضر الإنسان فی دینه أو دنیاه، ففی القسم الثانی یشترک الإسلام وغیره فی التحریم کما فی القوانین العالمیة، والقسم الأول ناشئ عن الواقعیة، فإن الآخرة حقیقة لا یراها غیر المتدینین، فهل یترک العاقل تحذیر الناس عن الوقوع فی البئر إذا کانوا فی ظلام لا یبصرون لمجرد أنهم لا یعترفون بالبئر.

هذا بالإضافة إلی أن عدم اعتراف العالم غیر المتدین بالمحرمات سبب هذه المشاکل الکثیرة فی العالم مثل الحروب والثورات وکثرة الأمراض والفوضی والفقر والعداء والعنس والبغضاء مما أذهب راحة الإنسان، فأیهما خیر، ما عمله الإسلام أو هذا الذی نشاهده فی عالم الیوم.

ثم إن الإسلام فی قبال التقیید بهذه المحرمات أطلق للإنسان حریات لا تعد

ص:398

فی کل شأن من شؤون الحیاة علی ما ألمعنا إلیه فی (الصیاغة الجدیدة)((1)) وغیرها.

ففی قبال أنه قیده بشیء أطلقه فی أشیاء، بینما العالم غیر المتدین قیده فی تلک الحریات.

ولو فرض قطع النظر عن الآخرة وعن المحذورات التی ذکرناها من الفقر والمرض والجهل والفوضی وغیرها إذا قیس بین ما أعطاه الإسلام من الحریات للناس وما أعطاه العالم غیر المتدین له من الحریات فی المحرمات کان الإسلام أکثر عطاءً وأقل أخذاً من العالم غیر المتدین.

والله المسؤول أن یتقبل الکتاب بقبول حسن، وأن یجعله منهلاً للأحکام، وسبباً لإرجاع الإسلام، وهو الموفق المستعان.

سبحان ربک رب العزة عما یصفون، وسلام علی المرسلین، والحمد لله رب العالمین، وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.

قم المقدسة

محمد بن المهدی الحسینی الشیرازی

ص:399


1- طبع فی مؤسسة الفکر الإسلامی، وأخری فی مؤسسة البلاغ بیروت

ص :400

ص :401

ص :402

ص :403

ص :404

ص :405

ص :406

ص :407

ص :408

ص :409

ص :410

ص :411

ص :412

ص :413

ص :414

ص :415

ص :416

ص :417

ص :418

ص :419

ص :420

ص :421

ص :422

ص :423

ص :424

ص :425

ص :426

ص :427

ص :428

ص :429

ص :430

ص :431

ص :432

ص :433

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.