الروضة في فضائل امير المؤمنين على بن أبى طالب عليهما السلام

اشارة

نام كتاب: الروضة في فضائل أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليهما السلام

سرشناسه : شاذان قمی، شاذان بن جبریل، قرن ق 7

عنوان و نام پديدآور : الفضائل/ لابی الفضل سدیدالدین شاذان بن جبرائیل بن اسماعیل ابن ابی طالب القمی

وفات: حدود 600 ق

مشخصات نشر : نجف : مطبعه الحیدریه و مکتبها، 1962م. = 1381ق. = 1341.

مشخصات ظاهری : [176] ص

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

موضوع : علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- فضائل

رده بندی کنگره : BP37/4/ش 2ف 6 1341

شماره کتابشناسی ملی : م 81-3062

تعداد جلد واقعى: 1

زبان: عربى

نوبت چاپ: اوّل

ص: 1

اشارة

الروضة في فضائل أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليهما السلام

شاذان بن جبریل شاذان قمی

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 3

ص: 4

الصوره

ص: 5

الصوره

ص: 6

محتویات الکتاب

الصوره

ص: 7

الصوره

ص: 8

الصوره

ص: 9

الصوره

ص: 10

نبذة حول سيرة المؤلف و ما يعنى به

ترجمة المؤلف

شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب: الملقب (سديد الدين) أبو الفضل القمي، نزيل مهبط وحي اللّه و دار هجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

الثناء عليه

أثنى عليه كل من طرق اسمه عند ترجمته أو في وريقات الإجازات و وصفوه بالفقيه:

الأفندي في رياض العلماء، و الحر العاملي في أمل الآمل قالا:

الشيخ الجليل الثقة أبو الفضل كان عالما، فاضلا، فقيها، عظيم الشأن، جليل القدر (1).

و في روضات الجنات للخونساري قال: هو الفاضل الكامل، المتقدم، المحدث البارع، الثقة الجليل (2).

و العلامة النوري في خاتمة المستدرك: و قال: هو الشيخ الجليل أبو الفضل ...

العالم الفقيه الجليل، المعروف صاحب المؤلفات البديعة (3).

و الكاظمي في المقاييس على ما حكاه النوري في خاتمته: الشيخ الثقة، العالم الفقيه، العظيم الشأن أبو الفضل (4).

و قال الشهيد في الذكرى: هو من أجلاء فقهائنا، و وصفه في إجازته لابن الخازن، بالشيخ العالم ...

و كما وصفه العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة بالفقيه.

و قال عنه صاحب كتاب المعالم الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في إجازته

ص: 11


1- رياض العلماء: 3/ 5، أمل الآمل: 2/ 130 رقم 364.
2- روضات الجنان: 4/ 23.
3- خاتمة المستدرك: 480 و 479.
4- خاتمة المستدرك: 480 و 479.

الكبيرة: الشيخ الإمام العالم ... للأسف إن التاريخ لم يسجل لنا سنة مولده و لا وفاته، و كان هذا العامل الكبير الذي تسبب لبعض الإشكالات، بالنسبة لانتساب هذا السفر و كذا كتابه الفضائل للمؤلف أم لا.

أقول: لقد أشار بعض من ترجم له أو ذكره في إجازته الى طبقته و المعاصرين له:

فقد قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة إن كل من كان في طبقة شاذان كأبن إدريس، و منتجب الدين، و عربي بن مسافر ...

و قال الآغا بزرگ الطهراني في ترجمته لمحمد بن عبد اللّه البحراني الشيباني أنه معاصر للشيخ عربي بن مسافر، و رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب، و شاذان بن جبرئيل، و الشريف محمد بن محمد بن الجعفرية، و أحمد بن شهريار، و راشد بن إبراهيم البحراني، و عبد اللّه بن جعفر الدوريستي، و غيرهم، إذا أن الشيخ تاج الدين، حسن بن علي الدربي عن جمع هؤلاء كما ذكره العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة ...

و في الحديث الأول من كتابنا هذا (الروضة) هكذا:

(قال جامع هذا الكتاب حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع ذي القعدة سنة (651 ه) و تاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس ...).

و ذكر أيضا في الكتاب المذكور في الحديث الثاني و الأربعين هكذا:

(و مما ورد في كتاب الفردوسي و الراوي نقيب الهاشميين تاج الدين سنة (652 ه) بواسط) و لكن هذا لا يكفينا في رفع الإشكال المتقدم، و أشار الشيخ صاحب المعالم في إجازته الكبيرة إلى أن الشيخ عربي بن مسافر الحلي عاصر الشيخ منتجب الدين على ما يظهر من كلامه في الفهرست، و هو أعلى طبقة من إبن إدريس لأنه يروي عنه.

إذا فشاذان: إما في طبقته أو دونهما، بل الثاني أقرب و أرجح.

لذا أن عربي بن مسافر هو من أعلام المائة السادسة، و أن كل من روى عنه مثل فخار بن معد الموسوي، و محمد بن أبي البركات، و الشيخ علي بن ثابت السوراوي،

ص: 12

و الشيخ علي بن يحيى الحناط من أعلام المائة السابعة من غير العلمين ابن إدريس و ابن المشهدي و هما من أعلام المائة السادسة (1).

ذكره الآغا بزرك الطهراني في أعلام القرن السادس، و أما منتجب الدين لم يذكر شاذان بن جبرئيل في كتابه الفهرست.

و صاحب الروضات قال: إن طبقة شاذان في طبقة صاحب كتاب السرائر يعني إبن إدريس المولود حدود سنة 543 و المتوفي سنة 598- بل ما دونها (2) إن الذين رووا عن شاذان هم من أعلام القرن السابع و المستثنى منهم ابن المشهدي.

نستطيع أن نقول: عاش شاذان في الفترة التي بين النصف الثاني من القرن السادس و النصف الأول من القرن السابع و إن يكن ذلك له عمرا طويلا ...

شيوخه:

1- الشيخ الفقيه أبو محمد ريحان بن عبد اللّه الحبشي، المتوفى في حدود سنة 560 (3).

2- الحسن بن أحمد بن الحسن العطار الهمداني المتوفى سنة 569، عاش احدى و ثمانين سنة (4).

3- والده جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمي، الّذي كان حيا في سنة 572 (5).

4- السيد فخر الدين محمد بن سرايا الجرجاني، ذكره شاذان في إجازته للسيد

ص: 13


1- البحار: 103/ 42.
2- روضات الجنات: 2/ 177.
3- الثقات العيون: 108، و أمل الآمل: 2/ 120 رقم 338.
4- المصدر السابق: 53.
5- المصدر السابق: 42.

محي الدين محمد ابن زهرة سنة 584 قائلا: السيد العالم فخر الدين ... (1).

5- السيد حمزة ابن زهرة الحلبي صاحب كتاب (الغنية) المتوفى سنة 585 ه (2).

6- محمد بن علي بن شهر آشوب صاحب كتاب (المناقب) المتوفى 588 (3).

7- الشيخ الفقيه عبد اللّه بن محمد بن عمر العمري الطرابلسي (4).

8- الشيخ أبو محمد بن صالحان القمي، الخطيب بالجامع العتيق (5).

9- أبو جعفر محمد بن موسى الدوريستي (6).

10- الشيخ عماد الدين أبو القاسم الطبري صاحب كتاب (بشارة المصطفى) (7).

11- السيد احمد بن محمد الموسوي (8).

12- الشيخ محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي (9).

13- محمد بن عبد العزيز بن ابي طالب القمي (10).

14- عبد القاهر بن حمويه، الشيخ أبو غالب القمي (11).

15- القاضي جمال الدين، أبو الفتح علي بن عبد الجبار الطوسي (12).

ص: 14


1- المصدر السابق: 264.
2- المصدر السابق: 87.
3- المصدر السابق: 128، فقد قرا عليه (معالم العلماء).
4- المصدر السابق: 165.
5- المصدر السابق: 56، أمل الأمل: 2 ج 255.
6- المصدر السابق: 291.
7- المصدر السابق: 242 و ص 278.
8- أمل الأمل: 2/ 27 رقم 72.
9- الثقات العيون: 242 و 288.
10- الثقات العيون: 266، أمل الأمل: 2/ 279 رقم 825.
11- الثقات العيون: 16، أمل الأمل: 2/ 158 رقم 458.
12- الثقات العيون: 192، أمل الآمل: 2/ 191 رقم 570.

16- الشيخ أبو محمد عبد اللّه بن عبد الواحد (1).

تلاميذه و الرواة عنه:

1- السيد محيي الدين محمد بن عبد اللّه بن علي ابن زهرة الحلبي (2).

أجازه شاذان بن جبرئيل رواية مصنفاته بعد ما قرأ عليه كتابه (إزاحة العلة) بدمشق سنة 583، و كتاب (تحفة المؤلف الناظم) سنة 584، على ما ذكره صاحب المعالم (ره) في إجازته الكبيرة، و كتب أيضا إجازة له و لوالده، نقلها معادن الجواهر في الجزء الثاني عن خط المجيز.

2- السيد عبد اللّه بن علي ابن زهرة الحلبي (3): ذكر آنفا كتب شاذان له إجازة.

3- السيد فخار بن معد بن فخار الموسوي (4): المتوفى 630، قرأ على شاذان بواسط سنة 593 كما في كتابه (حجة الذاهب إلى تكفير أبي طالب).

4- الشيخ محمد بن جعفر المشهدي (5) قرأ عليه كتاب (المفيد في التكليف) للبصروي في شهر رمضان سنة 573، و يروي عن شاذان كتاب (إزاحة العلة) و غيره.

5- الشيخ علي بن يحيى الخياط (الحناط) (6).

ذكر الشيخ نجم الدين ابن نما أن والده أجاز له أن يروي عنه أمالي الشيخ أبي جعفر محمد ابن بابويه، عن الشيخ علي بن يحيى الحناط، عن الشيخ شاذان بن

ص: 15


1- أمل الأمل: 2/ 162 رقم 471.
2- الأنوار الساطعة: 160 أمل الأمل: 2/ 214 رقم 458.
3- الأنوار الساطعة: 93، أمل الأمل: 2/ 162 رقم 475.
4- الأنوار الساطعة: 129، أمل الأمل: 2/ 214 رقم 458.
5- الثقات العيون: 252، أمل الأمل: 2/ 253 رقم 747.
6- الانوار الساطعة: 118، أمل الأمل: 2/ 210 رقم 624.

جبرئيل، عن الشيخ الحسن بن صالحان ... ذكر هذا صاحب المعالم في إجازته الكبيرة.

6- تاج الدين حسن بن علي الدربي:

و هو الراوي لكتاب أخبار السيد أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن شاذان، عن عماد الدين الطبري ... على ما ذكره العلامة في إجازته لبني زهرة (1).

و هو الذي يأتي في الحديث الأول و الثاني و الأربعين روايا في هذا الكتاب.

مؤلفاته

1- إزاحة العلة في معرفة القبلة.

2- تحفة المؤلف الناظم و عمدة المكلف الصائم.

3- كتاب الفضائل.

4- الروضة في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام الذي بين يديك عزيزي القاري

نسبة الكتاب للمؤلف:

تعرفنا أن للمؤلف كتاب (الفضائل) و يتضمن في طياته فضائل أمير المؤمنين عليه السلام و معظم هذه الأحاديث متردده مع كتابنا (الروضة) و هل هذين الكتابين لشاذان بن جبرئيل أم لا؟

و فيه أقوال منها.

إن كثير من علمائنا يجمع على أن كتاب (الفضائل) هو من مصنفات شاذان، و فريقا أكد أن الكتابين المشار إليهما متحدان و كليهما لشاذان، و البعض الآخر ينفي ذلك، إلّا أنه ضعيف كما يتضح لاحقا و بعد تسليط الأضواء على هذه الأقوال.

ص: 16


1- الأنوار الساطعة: 40، أمل الأمل: 2/ 65 رقم 177.

و تبيانا لهذا الموضوع على اساس أن الذي بنيت عليه هذه الأقوال: هو ما جاء به المؤلف في ديباجة كتابه (إزاحة العلة) حيث قال إنه ألّفه سنة 558 ...

و في الروضة و الفضائل للمصنف معا: قال جامع هذا الكتاب: حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع شهر ذي القعدة سنة (651) و تاج الدين نقيب الهاشمين يخطب ...

و نذكر بعض أقوال أصحاب التراجم:

1- قال الخونساري: عند ترجمته لشاذان أن الفضائل و الروضة- متحدان، و من رجل واحد، غير أن المغايرة بينهما في الزيادة و النقصان، إنما هي من جهة التفاوت الحاصل غالبا من النسخ الخارجة من المسودات و مع قلة النظم ... و النسبة بينهما عموما مطلقا (1).

2- و قال الأفندي: عند ترجمته له ... و له أيضا كتاب الفضائل، حسن (2).

3- قال الحر العاملي في أمل الأمل: في ترجمة شاذان ... و له ايضا كتاب الفضائل، حسن، عندنا منه نسخة، و قال: كتاب (الروضة) و ينسب إلى الصدوق و لم يثبت (3).

4- و قال المجلسي قدس سرّه: في موسوعة البحار، عند ذكره لمصادر الكتاب. و كتاب الروضة في المعجزات و الفضائل لبعض علمائنا، و أخطأ من نسبه إلى الصدوق، لأنه يظهر منه أن ألفه نيف و خمسين و ستمائة (4).

و قال أيضا: و كتاب (الفضائل) و كتاب (إزاحة العلة) للشيخ الجليل أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي. و هو من أجلة الثقات الأفاضل، و قد مدحه

ص: 17


1- روضات الجنات: 4/ 25.
2- رياض العلماء: 3/ 5.
3- أمل الأمل: 2/ 130 رقم 364.
4- البحار: 1/ 18.

أصحاب الإجازات كثيرا (1).

5- و قال العلامة النوري- عند ذكره لشاذان: صاحب المؤلفات البديعة التي منها كتاب الفضائل المعروف الدائر، و مختصره المسمى بالروضة ... (2).

مما يلفت النظر أن الآغا بزرگ ذكر في أول خطبة كتاب (الروضة) كما في (كشف الحجب) الحمد للّه الذي هدانا إلى أصح المذاهب و عرفنا نفسه ...

لما وفق اللّه في كتابة (درر المناقب في فضائل أسرار علي بن أبي طالب) ليكون لي في الأسفار صاحب، في الآخرة ذخيرة لدفع النوائب. و قد جمعت فيه ما نقل عن الثقات و اتفق عليه الرواة، جمعت في كتابي هذا الذي سميته (الروضة) مما يشمل على فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام ...

و ذكر أيضا في الذريعة: 8/ 135 رقم 507 نصه:

(درر المناقب في فضائل علي بن أبي طالب) للشيخ الجليل شاذان بن جبرئيل القمي. بعد أن ذكرنا هذا الموجز من آراء و أقوال العلماء بأن كتاب (الفضائل) لشاذان لا محالة لثبوت الأقوال كما مر و البعض الآخر ثبت كتابنا (الروضة) للمصنف أيضا و الدليل على ذلك فقد أورد في أوائل الأخبار المتصدر بعبارة (قال جامع الكتاب) و كما في الفضائل بلفظ (حدثني) يظهر أن قائلها هو بالضرورة أحد تلاميذ شاذان و هذا احتمال أن الكتاب هو من إملاء شاذان و ليس من تأليفه، و قد جمعه بعض تلاميذه و يقوى هذا الاحتمال إذا أخذنا بنظر الاعتبار الحديث الأول من (الروضة) و ص 92 في الفضائل و اتحاد تاريخ بعض الأحاديث بين الكتابين.

ص: 18


1- رياض العلماء: 1/ 36.
2- خاتمة المستدرك: 3/ 479.

مقدمة التحقيق و منهجه

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، و الصلاة و السلام على أشرف خلقه، الذي اصطفاه بالرسالة و على آله الكرام البررة و الطاهرين، و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.

إن هذا السفر القيم مع صغر حجمه فقد ضمّ كثير من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

و ليست شخصية أمير المؤمنين عليه السّلام شخصية عادية يسهل للباحث معرفتها و الوصول إلى مبلغها، بل هي شخصية فوق الشموخ، علت في سماء العظمة و علو المجد، و حيث هو النجم اللامع، ترفّع عن أيدي المتناولين و نعت الناعتين.

كيف ننعّته: و قد ضلّت العقول، و تاهت الحلوم، و حسرت الخطباء، و عييت الأدباء عن وصف شأن منه.

كيف و علي جعله النبي كنفسه و قال عنه الرسول الأعظم: أنه حبل اللّه المتين، و صراطه المستقيم، هذا و العلماء و الفقهاء من العام و الخاص صنفوا و ألفوا منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا كتبا قيمة و مصنفات و أبحاث كثيرة في فضائله عليه السّلام.

و قال النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن اللّه جعل لأخي علي فضائل لا تحصر كثيرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه ... (1).

و أروع ما قال في حق علي عليه السّلام محمد بن إدريس إمام الشافعية-: (عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائله حسدا و كتمها محبوه خوفا و خرج ما بين ذين ما طبق الخافقين) (2).

و خصص إمام الحنابلة- أحمد بن حنبل- في كتابه فضائل الصحابة بابا طويلا حاويا على (365) حديثا في فضائل علي بن أبي طالب عليه السّلام.

و كان المنصور الخليفة العباسي يحدث عن فضائل علي عليه السّلام كما في كتابنا

ص: 19


1- كفاية الطالب 252.
2- الإمام الصادق و المذاهب الأربعة: 2/ 216.

(الروضة) و هو أحد رواة حديث الغدير و أما الأعداء منهم معاوية بن أبي سفيان حين سأل ابن عباس في حديث (58) من الروضة و شهادة معاوية بفضله. و له من الفضائل لا تعد و لا تحصى منها عن النبي المختار صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مثل حديث الغدير، و الطير و الثقلين، و الكساء، و المنزلة، و باب مدينة العلم، و سد الأبواب، و رد الشمس، و غيرها.

و قد ساعدتنا الألطاف الإلهية في تحقيق هذا السفر المستطاب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي الطالب عليه السّلام و شاء اللّه الكريم الودود أن يمن عليّ و يعينني هو الذي يعطي من لم يساله و لم يعرفه.

و قد بدأت تيمنا كما هو الموسوم بعد ما عثرنا على نسخة خطية للمصنف و الذي جمعها أحد تلاميذه، و هي بخط أبناء العلماء ابن المرحوم محمد مؤمن علي الطالقاني المرجاني في سنة 1031 كما هو موجود في الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب، و أشرنا إليها ب (الأصل) و هناك نسخة أخرى في الخزانة الرضوية و رمزنا لها (في نسخة) بعد مقابلة النسختين.

و اعتمدنا على النسخة الكاملة و هي (الاصل) و التي تحوي على (195) حديثا و قد أشرنا لكل حديث رقما، و تم اتحادها مع كتاب (الفضائل) و كذا مع البحار، و خرجناها من كتب العامة و الخاصة، و أشرنا إلى بعض الاختلافات الواردة و ذكرناها في الهامش، و قمنا بشرح اكثر الالفاظ الصعبة نسبيا، و أثبتنا ترجمة بعض الأعلام من كتب تراجم الرجال، و هناك (25) حديثا ذكرت في الروضة فقط و لم نجدها في الفضائل علما أن المجلسي قدس سره في البحار ذكر المصدرين معا لحديث واحد، و اللّه أسأل أن يسدد خطانا و يوفقنا جميعا لما فيه الخير، و يرضاه يوم لا ينفع فيه مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، إنه سميع مجيب، وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*.

علي الشكرچي 18 ربيع الأول 1421 هجري قم المقدسة

ص: 20

مقدمة المؤلف

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

القربى هم صلّى اللّه عليهم مع الكتاب، و الكتاب معهم، لا يفارقوه حتى يردوا الحوض على جدهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جعلنا اللّه و إياكم ممن تولاهم و حفظ عهدهم و عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فهم أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي، و اصول الكرم، و سادة الأمم.

صلّى اللّه عليهم أجمعين، و على قائمهم، الخلف الحجة المنتظر، الحسام الزكي، سيد الخلفاء، المنتظر لإقامة الحق و العدل في الخلق.

و بعد فاني قد جمعت في كتابي هذا- الذي سميته ب (الروضة)، و يشتمل على فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام- ما نقلته عن الثقاة، و اتفقت عليه الروايات، فأسأل اللّه تعالى أن يوفقنا لمرضاته، و طاعة الأئمة و هو حسبي وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ.

1- حديث الحريرة

قَالَ جَامِعُ هَذَا الْكِتَابِ: حَضَرْتُ الْجَامِعَ بِوَاسِطٍ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَ خَمْسِينَ وَ سِتَّمِائَةٍ وَ تَاجُ الدِّينِ نَقِيبُ الْهَاشِمِيِّينَ يَخْطُبُ بِالنَّاسِ عَلَى أَعْوَادِهِ.

فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ، وَ الشُّكْرِ لَهُ، وَ ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (1)

ص: 21


1- فِي نُسْخَةٍ وَ الْبِحَارُ: (الرَّسُولِ الْمُخْتَارِ).

ثُمَّ قَالَ فِي حَقِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَ (1) جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ بِيَدِهِ أُتْرُنْجَةٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَقُّ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ:

قَدْ أَتْحَفْتُ ابْنَ عَمِّكَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ التُّحْفَةَ، فَسَلِّمْهَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمَهَا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ وَ شَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَطَلَعَ فِي نِصْفٍ مِنْهَا حَرِيرَةٌ مِنْ سُنْدُسِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: (تُحْفَةٌ مِنَ الطَّالِبِ الْغَالِبِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) (2)

2- حديث الرطب

عَنِ الْقَارُونِيِّ حِكَايَةً عَنْهُ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ (يَوْماً) (3) عَلَى مِنْبَرِهِ، وَ مَجْلِسُهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوءٌ بِالنَّاسِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ (مِنْ) (4) سَنَةِ اثْنَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ سِتَّمِائَةٍ بِوَاسِطٍ مَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ، وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ لَهُ:

يَا مُحَمَّدُ، الْحَقُّ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: أَحْضِرْ عَلِيّاً وَ اجْعَلْ وَجْهَهُ مُقَابِلَ وَجْهِكَ. ثُمَّ عُرِجَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى السَّمَاءِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلِيّاً، فَأَحْضَرَهُ وَ جَعَلَ وَجْهَهُ مُقَابِلَ وَجْهِهِ.

فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ثَانِياً وَ مَعَهُ طَبَقٌ فِيهِ رُطَبٌ، وَ وَضَعَهُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ:

ص: 22


1- فِي الْبِحَارُ: (نَزَلَ).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 2120، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 92، وَ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ 1/ 382 ح 250.
3- مِنْ الْبِحَارُ.
4- مِنْ الْبِحَارُ.

كُلَا، فَأَكَلَا، ثُمَّ أَحْضَرَ طَشْتاً وَ إِبْرِيقاً، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ آلِكَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1) يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَوْلَى أَنْ أَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى يَدِكَ.

فَقَالَ لَهُ: (يَا عَلِيُّ) (2) إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَمَرَنِي بِذَلِكَ.

وَ كَانَ كُلَّمَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى يَدَيْ عَلِيٍّ، لَمْ تَقَعْ مِنْهُ قَطْرَةً وَاحِدَةً فِي الطَّشْتِ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ يَقَعُ فِي الطَّشْتِ.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: (يَا عَلِيُّ) (3) إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَتَسَابَقُونَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ يَدِكَ فَيَغْسِلُونَ بِهِ وُجُوهَهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ (4)

3- حديث علي ولي اللّه

وَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَنْ قَالَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) تَفَتَّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَ مَنْ تَلَاهَا بِ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) تَهَلَّلَ وَجْهُ الْحَقِ (5) سُبْحَانَهُ وَ اسْتَبْشَرَ بِذَلِكَ.

وَ مَنْ تَلَاهَا (عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ) غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَ لَوْ كَانَتْ بِعَدَدِ قَطْرِ الْمَطَرِ (6).

ص: 23


1- ليس في الأصل، أثبتناه ليساق الكلام.
2- ليس في الأصل، أثبتناه ليساق الكلام.
3- ليس في الأصل، أثبتناه ليساق الكلام.
4- عنه البحار: 39/ 121 ح 3، و عن الفضائل: 92 و مدينة المعاجز: 1/ 373 ح 240، إحقاق الحق: 6/ 171.
5- تهلل وجه الحق: أي تلألأ.
6- عنه البحار: 38/ 318 ج 27 و عن الفضائل: 92، أقول: و روى هذا الحديث علماء الجمهور في مصادرهم: تاريخ بغداد: 4/ 194، كفاية الطالب: 184، ذخائر العقبى: 91: منتخب كنز العمال: 5/ 94، ينابيع المودة: 180، 213 و 236، أورده الديلمي صاحب مسند الفردوس، و ابن عساكر، و ابن الجوزي، و أحمد بن حنبل، و الذخائر، و جامع الأنساب، و الجامع الكبير، و الكنوز، عن إحقاق الحق: 6/ 442.

4- حديث حبّ علي

وَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: حُبُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحْرِقُ الذُّنُوبَ كَمَا تُحْرِقُ النَّارُ الْحَطَبَ (1)

5- حديث علي خير من أترك بعدي

وَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: عَلِيٌّ خَيْرُ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي، فَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَ مَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانِي (2)

6- حديث من تبع عليا دخل الجنة

وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، إِذَا نَحْنُ وَ قَدْ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ، فَقُلْتُ خَيْراً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، فَقُلْتُ: أَ لَا تُوصِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِلَى مَنْ، يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟

فَقُلْتُ: إِلَى أَبِي بَكْرٍ. فَأَطْرَقَ هُنَيْئَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ.

فَقُلْتُ: خَيْراً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي.

فَقُلْتُ أَ لَا تُوصِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِلَى مَنْ، يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟

فَقُلْتُ: إِلَى عُمَرَ، فَأَطْرَقَ هُنَيْئَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ.

فَقُلْتُ: خَيْراً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، فَقُلْتُ: أَ لَا تُوصِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِلَى مَنْ، يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟

فَقُلْتُ إِلَى عُثْمَانَ. فَأَطْرَقَ هُنَيْئَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ.

ص: 24


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 266 ج 40.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 10 ح 15، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 93.

فَقُلْتُ: خَيْراً بِأَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي.

فَقُلْتُ: أَ لَا تُوصِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِلَى مَنْ، يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟

فَقُلْتُ: إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لِي:

يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوِ اتَّبَعُوا آثَارَ قَدَمَيْهِ، لَدَخَلُوا الْجَنَّةَ أَجْمَعُونَ (1)

7- حديث المؤاخاة

وَ قِيلَ: لَمَّا آخَى اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، آخَى بَيْنَ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ.

فَقَالَ: إِنِّي قَدْ آخَيْتُ بَيْنَكُمَا، وَ جَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنَ الْآخَرِ، فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ أَخَاهُ بِالْحَيَاةِ؟ فَاخْتَارَ كِلَاهُمَا الْحَيَاةَ.

فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَلَا تَكُونَانِ مِثْلَ عَلِيٍّ؟ حَيْثُ آخَيْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ حَبِيبِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَدْ آثَرَهُ بِالْحَيَاةِ عَلَى نَفْسِهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.

وَ قَدْ بَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ.

اهْبِطَا فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ. فَهَبَطَا إِلَى الْأَرْضِ وَ جَلَسَ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَ مِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَ هُمَا يَقُولَانِ: بَخْ بَخْ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، مِنْ مِثْلِكَ؟

وَ قَدْ بَاهَى اللَّهُ بِكَ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ، وَ فَاخَرَ بِكَ (2)

ص: 25


1- الفضائل: 93، أمالي المفيد: 29 عن عبد اللّه بن مسعود قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة وفد الجن و ذكر (مثله)، المناقب لابن شهر آشوب: 3/ 63 عن ابن مردويه، و السمعاني باسنادهما عن عبد الرزاق (مثله) عنه البحار: 38/ 128 ح 79. أخرجه الشيخ الطوسي في أماليه: 193 ح 13 باسناده المعتبر عن ابن مسعود (مثله) عنه البحار: 38/ 117 ح 57 للحديث تخريجات أخر من العامة و الخاصة.
2- عنه البحار: 19/ 85 ح 36 و عن الفضائل: 94، و روى هذا الحديث عدة من العامة و الخاصة منهم: الثعلبي، و ابن عقب، و أبو السعادات و الغزالي جميعا عن أبي اليقظان. و ابن بابويه، و الكليني، و الطوسي، و ابن عقدة و ابن شاذان، و البرقي و ابن فياض، و العبدلي، و الصفواني، و الثقفي عن ابن عباس، و أبي رافع، و هند بن أبي هالة.

8- حديث علي الامام المبين

عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَمَرَرْنَا بِوَادٍ مَمْلُوءٍ نَمْلًا.

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَ تَرَى (يَكُونُ) (1) أَحَداً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْلَمُ كَمْ عَدَدُ هَذَا (النَّمْلِ)؟

قَالَ: نَعَمْ يَا عَمَّارُ، أَنَا أَعْرِفُ رَجُلًا يَعْلَمُ عَدَدَهُ، وَ كَمْ فِيهِ مِنْ ذَكَرٍ؟ وَ كَمْ فِيهِ مِنْ أُنْثَى؟

فَقُلْتُ: وَ مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَا مَوْلَايَ؟

فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، أَ مَا قَرَأْتَ فِي سُورَةِ يس: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (2) فَقُلْتُ: بَلَى يَا مَوْلَايَ، فَقَالَ: أَنَا ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمُبِينُ (3)

9- حديث اختيار اللّه لعلي و فاطمة

قِيلَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ إِلَى أَبِيهَا، وَ هِيَ بَاكِيَةٌ.

فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ يَا قُرَّةَ عَيْنِي، لَا أَبْكَى اللَّهُ لَكِ عَيْناً؟

قَالَتْ: يَا أَبَتِي إِنَّ نِسْوَانَ قُرَيْشٍ يُعَيِّرْنَ وَ يَقُلْنَ: إِنَّ أَبَاكِ زَوَّجَكِ بِفَقِيرٍ لَا مَالَ لَهُ! فَقَالَ لَهَا: يَا فَاطِمَةُ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً ثَانِيَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ وَ ابْنَ عَمِّكِ، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكِ مِنْهُ، أَ فَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَةَ مَنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ، وَ جَعَلَهُ لَكِ بَعْلًا؟

ص: 26


1- مِنْ الْبِحَارُ.
2- يس: 12.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 176 ح 58 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 94، وَ مَدِينَةُ الْمَعَاجِزِ: 2/ 133 ح 453، عَنْ الشَّيْخُ الْبُرْسِيِّ، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 2/ 490 ح 8 عَنْ الشَّيْخِ الطُّوسِيُّ فِي كِتَابِهِ مِصْبَاحُ الْأَنْوَارِ: (مخطوط)، عَنْهُ الْبُرْهَانِ: 4/ 7 ح 9 يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 77، إحقاق الْحَقِّ: 8/ 104.

فَقَالَتْ: رَضِيتُ وَ فَوْقَ الرِّضَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ (1)

10- حديث آية التطهير

وَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (2) وَ كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَاقِفَةً بِالْبَابِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ سَلَمَةَ أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ (3)

11- حديث معجزة لعلي

وَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْرَانَ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ تَاجِرٌ، يُكَنَّى بِأَبِي جَعْفَرٍ وَ كَانَ حَسَنَ الْمُعَامَلَةِ فِي اللَّهِ، وَ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ أَعْطَاهُ شَيْئاً وَ لَا يَمْنَعُهُ، يَقُولُ لِغُلَامِهِ:

اكْتُبْ: (هَذَا مَا أَخَذَهُ عَلِيٌّ) عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَ بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّاماً).

ثُمَّ قَعَدَ بِهِ الْوَقْتُ وَ افْتَقَرَ فَنَظَرَ يَوْماً فِي حِسَابِهِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ اسْمُ حَيٍّ مِنْ غُرَمَائِهِ بَعَثَ إِلَيْهِ فَطَالَبَهُ.

وَ مَنْ مَاتَ ضَرَبَ عَلَى اسْمِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بَابِ دَارِهِ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ غَرِيمُكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، وَ دَخَلَ دَارَهُ فَلَمَّا جُنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهُ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا فَعَلَ أَبُوكُمَا؟ فَأَجَابَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَرَائِهِ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ لَهُ: لِمَ لَا تَدْفَعُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَقَّهُ؟

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ جِئْتُهُ بِهِ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُ كِيساً مِنْ صُوفٍ أَبْيَضَ، وَ قَالَ لَهُ: هَذَا

ص: 27


1- الْفَضَائِلِ 94، أَعْلَامِ الْوَرَى: 156، عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 188 ضَمِنَ ح 1.
2- الاحزاب: 33.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 212 ح 14.

حَقُّكَ، فَخُذْ وَ لَا تَمْنَعْ مَنْ جَاءَكَ مِنْ وُلْدِي شَيْئاً، فَإِنَّهُ لَا فَقْرَ عَلَيْكَ بَعْدَ هَذَا.

فَقَالَ الرَّجُلُ: فَانْتَبَهْتُ وَ الْكِيسُ فِي يَدِي، فَنَادَيْتُ زَوْجَتِي فَقُلْتُ لَهَا: هَاكِ، فَنَاوَلْتُهَا الْكِيسَ، وَ إِذَا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ.

فَقَالَتْ: يَا هَذَا الرَّجُلُ، اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا يَحْمِلُكَ الْفَقْرُ عَلَى أَخْذِ مَا لَا تَسْتَحِقُّهُ، فَإِنْ كُنْتَ خَدَعْتَ بَعْضَ التُّجَّارِ فِي مَالِهِ، فَارْدُدْهُ إِلَيْهِ! فَحَدَّثَهَا الْحَدِيثَ.

فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَأَرِنِي حِسَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَحَضَرَ الدُّسْتُورَ، فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئاً بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى (1)

12- حديث حبّ علي حسنة

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حُبُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَسَنَةٌ، لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ، وَ بُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ (2)

13- حديث النبي و علي من نور واحد

وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، فَمُحِبِّي مُحِبُّ عَلِيٍّ، وَ مُبْغِضِي مُبْغِضُ عَلِيٍ (3).

ص: 28


1- عنه البحار: 42/ 7 ح 8 و عن الفضائل: 95 و رواه منتجب الدين محمد بن عبد اللّه: في الأربعين حديثا 95 ح 12 باسناده الصحيح عن إبراهيم بن مهران، قال: كان بالكوفة في جيراننا. رجل فامي، و كان يكنى أبا جعفر و ذكر (مثله).
2- عنه البحار: 39/ 266 ضمن ح 40، و عن الفضائل: 96. و روى هذا الحديث الشريف الخاص و العام بأسانيد منها: عن ابن عباس، و أنس بن مالك، و معاذ ابن جبل، نذكر بعض المصادر: الأربعون حديثا لمنتجب الدين: 44 ح 19، إرشاد القلوب: 127، ينابيع المودة: 91، 180، 239، 252 مناقب الخوارزمي: 87.
3- عنه البحار: 39/ 266 ح 40 و عن الفضائل: 96 إن لهذا الحديث تخريجات لا تحصى، و ذكرته أغلب كتب الشيعة، و أخرجه نور اللّه التستري في الاحقاق: 4/ 91، و ج 5/ 251- 254.

14- حديث من سبّ عليا ألقي في النّار

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَاهُ، قَالَ: مَرَرْنَا بِجَمَاعَةٍ وَ قَدْ أَخَذُوا فِي سَبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لِي مَوْلَايَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: أَدْنِنِي مِنَ الْقَوْمِ فَأَدْنَيْتُهُ مِنْهُمْ.

فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا قَوْمُ، مَنِ السَّابُّ لِلَّهِ تَعَالَى؟

فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: مَنِ السَّابُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

فَقَالُوا: مَا كَانَ ذَلِكَ، قَالَ: فَمَنِ السَّابُّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالُوا: كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَ إِلَّا صَمَّتَا أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ سَبَّنِي وَ مَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى، وَ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَاهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ (1)

15- حديث علي أمير المؤمنين على لسان جبرئيل

قِيلَ دَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، (وَ هُوَ) فِي مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَ رَأْسُهُ فِي حَجْرِ جَبْرَئِيلَ، وَ هُوَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَسَلَّمَ وَ جَلَسَ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خُذْ رَأْسَ

ص: 29


1- الْفَضَائِلِ: 96، أَمَالِي الصَّدُوقُ: 87 ح 2، باسناده عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ مَرَّ بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ، وَ هُمْ يَسُبُّونَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 311 ح 1، وَ ج 40/ 203 ذ ح 8. وَ أَوْرَدَهُ الأربلي فِي كَشْفِ الْغُمَّةِ: 1/ 109، وَ الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 3/ 221، وَ رَوَاهُ ابْنِ المغازلي فِي مَنَاقِبِهِ: 394 ح 4477، وَ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَنَاقِبِهِ: 82، وَ الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 302 ح 241 وَ الْمَسْعُودِيُّ فِي مُرُوجِ الذَّهَبِ: 2/ 423، وَ الأميني فِي كِتَابِهِ الْغَدِيرِ: 2/ 299، وَ الْفُصُولِ الْمُهِمَّةِ: 126 وَ إحقاق الْحَقِّ: 5/ 50، وَ ج 6/ 394 وَ 423- 432.

ابْنِ عَمِّكَ وَ ضَعْهُ فِي حَجْرِكَ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنِّي، فَأَخَذَ رَأْسَ (1) رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، (وَ وَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ (2)) فَاسْتَيْقَظَ (3) رَسُولُ اللَّهِ، فَرَأَى (4) رَأْسَهُ فِي حَجْرِ ابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، وَ أَيْنَ الرَّجُلُ (الَّذِي كَانَ رَأْسِي فِي حَجْرِهِ) (5).

فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ إِلَّا دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ، وَ قَالَ لَهُ: وَ مَا قَالَ لَكَ عِنْدَ دُخُولِكَ؟

فَقَالَ: لَمَّا دَخَلْتُ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ: (هَنِيئاً لَكَ) (6) يَا عَلِيُّ، فَإِنَّهُ كَانَ الرُّوحَ الْأَمِينَ أَخِي جَبْرَئِيلَ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ (7)

16- حديث علي قاتل اللات و العزى

قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي، وَ هِيَ لَيْلَةٌ مُدْلَهِمَّةٌ فَقَالَ خُذْ سَيْفَكَ وَ ارْتَقِ جَبَلَ أَبِي قُبَيْسٍ، فَمَنْ رَأَيْتَ عَلَى رَأْسِهِ فَاضْرِبْهُ بِهَذَا السَّيْفِ.

ص: 30


1- فِي الاصل: (كَرِيمُ).
2- أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
3- فِي الْأَصْلِ: (فَانْتَبَهَ).
4- فِي الْأَصْلِ: (كريمه).
5- أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
6- أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
7- الْفَضَائِلِ: 96، كَشْفِ الْيَقِينِ: 96 نَقَلَهُ مِنْ كَتَبَ الْمُخَالِفِينَ قَالَ: مِنْ اسمائه مَا سَمَّاهُ جَبْرَئِيلُ بِهَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْخَلْقِ عَنْ عَلِيِّ- عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 37/ 322 ح 57. وَ عَنِ الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 2/ 54، عَنْ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مِثْلَهُ): الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ 2/ 54 (مِثْلَهُ).

فَقَصَدْتُ الْجَبَلَ، فَلَمَّا عَلَوْتُهُ وَجَدْتُ عَلَيْهِ رَجُلًا أَسْوَدَ، هَائِلَ الْمَنْظَرِ، كَأَنَّ عَيْنَاهُ جَمْرَتَانِ، فَهَالَنِي مَنْظَرُهُ، فَقَالَ لِي: إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَ ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَسَمِعْتُ الضَّجِيجَ مِنْ بُيُوتِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهَا ثُمَّ أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ بِمَنْزِلِ خَدِيجَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: أَ تَدْرِي مَنْ قَتَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: قَتَلْتَ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى- وَ اللَّهِ لَا عَادَتْ عُبِدَتْ أَبَداً (1)

17- حديث علي كاسر الأصنام

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- وَ هُوَ بِمَنْزِلِ خَدِيجَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: اتَّبِعْنِي يَا عَلِيُّ، فَمَا زَالَ يَمْشِي وَ أَنَا خَلْفَهُ، وَ نَحْنُ نَخْتَرِقُ دُرُوبَ (2) مَكَّةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ، وَ قَدْ أَنَامَ اللَّهُ كُلَّ عَيْنٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا عَلِيُّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: اصْعَدْ يَا عَلِيُّ، فَوْقَ كَتِفِي وَ كَسِّرِ الْأَصْنَامَ.

قُلْتُ: بَلْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اصْعَدْ فَوْقَ كَتِفِي وَ كَسِّرِ الْأَصْنَامَ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ اصْعَدْ يَا عَلِيُّ، وَ انْحَنَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَصَعِدْتُ فَوْقَ كَتِفِهِ، وَ أَقْلَبْتُ (3) الْأَصْنَامَ عَلَى وُجُوهِهَا، وَ نَزَلْتُ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكَعْبَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى أَتَيْنَا مَنْزِلَ خَدِيجَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ.

فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَوَّلُ مَنْ كَسَرَ الْأَصْنَامَ جَدُّكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ أَنْتَ يَا عَلِيُّ، آخَرُ مَنْ

ص: 31


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 186 ح 24، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 97 وَ أَخْرَجَهُ السَّيِّدُ هَاشِمٍ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 2/ 86 ح 416 عَنْ الْبُرْسِيِّ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ).
2- الدَّرْبِ: الطَّرِيقِ.
3- فِي الْبِحَارُ: (فقلبت).

كَسَرَهَا.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ أَهْلُ مَكَّةَ وَجَدُوا الْأَصْنَامَ مُنَكَّسَةً، مَقْلُوبَةً عَلَى رُءُوسِهَا.

فَقَالُوا: مَا فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِلَّا مُحَمَّدٌ وَ ابْنُ عَمِّهِ، ثُمَّ لَمْ يُقَمْ بَعْدَهَا فِي الْكَعْبَةِ صَنَمٌ (1)

18- حديث اعتراف معاوية بفضائل علي

قِيلَ: دَخَلَ ضِرَارُ صَاحِبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا ضِرَارُ، صِفْ لِي عَلِيّاً وَ أَخْلَاقَهُ الْمَرْضِيَّةَ.

فَقَالَ ضِرَارٌ: كَانَ- وَ اللَّهِ- شَدِيدَ الْقُوَى، بَعِيدَ الْمَدَى (2)، يَنْفَجِرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَ تَنْطِقُ الْحِكْمَةُ عَلَى لِسَانِهِ، فَيَقُولُ فَصْلًا، وَ يَحْكُمُ عَدْلًا (3).

فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ شَاهَدْتُهُ لَيْلَةً فِي مِحْرَابِهِ وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ (4).

وَ هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، قَابِضٌ عَلَى لَمَّتِهِ (5) يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ (6)، وَ يَأِنُّ أَنِينَ الْحَزِينِ يَقُولُ: يَا دُنْيَا، إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ غُرِّي غَيْرِي، (7) فَقَدْ حَانَ حِينُكِ (8)، أَجَلُكِ

ص: 32


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 84 ح 4، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 97، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 1 ج 286 ح 26، عَنْ الطُّوسِيِّ، عَنْ رِجَالِهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حُكَيْمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) وَ رَوَاهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي تَفْسِيرِهِ الْبُرْهَانِ: 2/ 441 ح 2، وَ أَخْرَجَهُ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَنَاقِبِهِ: 71.
2- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره): الْمَدَى: الْغَايَةِ، أَيُّ كَانَ ذَا هِمَّةٌ عَالِيَةَ.
3- فِي الْبِحَارُ: (يَقُولُ حَقّاً، وَ يَحْكُمُ فَصْلًا).
4- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره): السَّدْلُ: جَمَعَ السديل، وَ هُوَ مَا سَيْلِ وَ يَرْضَ عَلَى الْهَوْدَجَ.
5- فِي نُسْخَةٍ: (لِحْيَتِهِ)، وَ اللُّمْعَةَ: الشَّعْرِ الْمُجَاوِرِ شَحْمَةِ الْأُذُنِ.
6- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره) وَ يُقَالُ: سلمته الْحَيَّةِ: أَيُّ لَدَغَتْهُ، وَ السَّلِيمِ اللديغ.
7- وَ قَالَ (ره): غَرِيَ غَيْرِي: أَيُّ خداعك وَ غرورك.
8- وَ قَالَ (ره): قَالَ الْجَوْهَرِيِّ: حَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، يَحِينُ حِيناً: أَيُّ آنَ، وَ حَانَ حِينِهِ: أَيُّ قُرْبِ وَقَّتَهُ.

قَصِيرٌ، وَ عَيْشُكِ حَقِيرٌ، وَ قَلِيلُكِ حِسَابٌ، وَ كَثِيرُكِ عِقَابٌ، فَقَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِي فِيكِ، آهِ مِنْ بُعْدِ الطَّرِيقِ، وَ قِلَّةِ الزَّادِ.

قَالَ مُعَاوِيَةُ: كَانَ وَ اللَّهِ- أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَذَلِكَ.

وَ كَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ؟ قَالَ: حُزْنُ امْرَأَةٍ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حَجْرِهَا.

قَالَ: فَمَا (فَلَمَّا) سَمِعَ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ، بَكَى وَ بَكَى الْحَاضِرُونَ (1).

19- حديث علي أخو نبي الرحمة

قِيلَ: عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ صَعِدَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، وَ قِيلَ: مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ- بَعْدَ الظَّفَرِ بِأَهْلِهَا.

وَ قَالَ: أَقُولُ قَوْلًا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ غَيْرِي إِلَّا كَانَ كَافِراً:

أَنَا أَخُو نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَ ابْنُ عَمِّهِ، وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ، وَ أَبُو سِبْطَيْهِ.

فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

وَ قَالَ:

أَنَا أَقُولُ مِثْلَ قَوْلِكَ هَذَا، أَنَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ، وَ ابْنُ عَمِّهِ، ثُمَّ لَمْ يُتِمَّ كَلَامَهُ حَتَّى أَخَذَتْهُ الرَّجْفَةُ، وَ مَا زَالَ يَرْجُفُ، حَتَّى سَقَطَ مَيِّتاً لَعَنَهُ اللَّهُ (2)

20- حديث سلوني قبل أن تفقدوني

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، إِذْ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، اسْأَلُونِي عَنْ طُرُقِ السَّمَاءِ، فَإِنِّي أَعْرَفُ بِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَرْضِ.

ص: 33


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 33/ 250 ح 524 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 97، كَنْزِ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِيِّ: 270 باسناده، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أَمْ هَانِي، قَالَ دَخَلَ ضِرَارَ بْنِ ضَمْرَةَ الْكِنَانِيِّ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ ابي سُفْيَانَ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ). عَنْهُ الْبِحَارُ: 33/ 274 ح 541.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 217 ح 30 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 98.

فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ وَسْطِ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا السَّاعَةِ؟

فَرَمَقَ (1) بِطَرْفِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ رَمَقَ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ لَمْ يُخْلِ مَوْضِعاً، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا ذَا الشَّيْخُ، أَنْتَ جَبْرَئِيلُ فَصَفَقَ طَائِراً مِنْ بَيْنِ النَّاسِ.

فَضَجَّ مِنْ ذَلِكَ الْحَاضِرُونَ، وَ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً (2)

21- حديث علي خير الأوصياء

وَ مِمَّا رَوَاهُ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ وَصِيُّ آدَمَ: شَيْثَ بْنَ آدَمَ هِبَةَ اللَّهِ، وَ كَانَ وَصِيُّ نُوحٍ: سام [سَاماً، وَ كَانَ وَصِيُّ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلَ، وَ كَانَ وَصِيُّ مُوسَى: يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، وَ كَانَ وَصِيُّ دَاوُدَ: سُلَيْمَانَ، وَ كَانَ وَصِيُّ عِيسَى: شَمْعُونَ، وَ كَانَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْرَ الْأَوْصِيَاءِ (3)

22- حديث علي الكوكب الدريّ

قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ البداودي، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، [عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (4) قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، إِذْ قَامَ وَ رَكَعَ وَ سَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى، وَ قَالَ: يَا جُنْدَبُ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ، وَ إِلَى نُوحٍ فِي فَهْمِهِ، وَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي خَلَّتِهِ، وَ إِلَى مُوسَى فِي مُنَاجَاتِهِ، وَ إِلَى عِيسَى فِي سِيَاحَتِهِ، وَ إِلَى أَيُّوبَ فِي

ص: 34


1- رَمَقَهُ: لَحَظَهُ لحظا خَفِيفاً.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 108 ح 13 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 98، وَ أَخْرَجَهُ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 112 ح 64، عَنْ الْبُرْسِيِّ.
3- الْفَضَائِلِ: 98، الْمَنَاقِبِ لأبن شَهْرِ آشوب: 3/ 47 (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 38 ج 2 ضَمِنَ ح 1.
4- مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ وَ الْفَضَائِلِ، وَ لَيْسَ فِي الاصل.

بَلَائِهِ وَ صَبْرِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الْمُقْبِلِ الَّذِي هُوَ كَالشَّمْسِ، وَ الْقَمَرِ السَّارِي، وَ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ أَشْجَعِ النَّاسِ قَلْباً، وَ أَسْمَاهُمْ كَفّاً، فَعَلَى مُبْغِضِهِ لَعَائِنُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ.

قَالَ: فَالْتَفَتَ النَّاسُ تَنْظُرُ أَنَّهُ مَنْ هَذَا الْمُقْبِلُ، فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

23- حديث خولة الحنفية

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البعرمي بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِهْرَانُ بْنُ مُصْعَبٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ (أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ) (2) سَابُورَ الْمَكِّيِ (3) فَأَجْرَيْنَا حَدِيثَ أَهْلِ الرَّدَّةِ، فَذَكَرْنَا خَوْلَةَ الْحَنَفِيَّةَ، وَ نِكَاحَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهَا.

فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخَيْرِ الْحُسَيْنِيُّ، قَالَ:

بَلَغَنِي أَنَّ الْبَاقِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلَانِ، فَقَالا: يَا أَبَا جَعْفَرٍ (أَ لَسْتَ الْقَائِلَ) (4) إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَرْضَ بِإِمَامَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ؟

قَالَ: بَلَى فَقَالا لَهُ: هَذِهِ خَوْلَةُ الْحَنَفِيَّةُ نَكَحَهَا مِنْ سَبْيِهِمْ، وَ لَمْ يُخَالِفْهُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ.

ص: 35


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 38 ح 9، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 98، وَ أَخْرَجَهُ الأربلي فِي كَشْفِ الْغُمَّةِ: 1/ 113، وَ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَنَاقِبِهِ: 40 وَ إحقاق الْحَقِّ: 8/ 318.
2- لَيْسَ فِي الاصل.
3- فِي الْبِحَارُ: جَاءَ السَّنَدِ هَكَذَا، (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَدَائِنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ- الْكَلْبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُونٍ بْنِ صَعُبَ الْمَكِّيِّ.
4- مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ، وَ فِي الاصل: (أَلَا مِنْ قَائِلٌ). أَقُولُ: فِي الاصل السَّنَدِ فِيهِ تَأَمَّلَ فَرَاجَعَ.

فَقَالَ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ فِيكُمْ يَأْتِينِي بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَحْجُوباً قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، فَحَضَرَ وَ سَلَّمَ عَلَى الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ أَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ، وَ قَالَ لَهُ يَا جَابِرُ، عِنْدِي رَجُلَانِ ذَكَرَا أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ رَضِيَ بِإِمَامَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، فَاسْأَلْهُمَا مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟

فَذَكَرَا لَهُ حَدِيثَ خَوْلَةَ، فَبَكَى جَابِرٌ، حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ.

ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ يَا مَوْلَايَ، إِنِّي خَشِيتُ أَنْ أُفَارِقَ الدُّنْيَا، وَ لَا أُسْأَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَ إِنِّي وَ اللَّهِ قَدْ كُنْتُ جَالِساً إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، وَ قَدْ أَتَتْ حَنَفِيَّةُ مَعَ هَانِي بْنِ نُوَيْرَةَ مِنْ قِبَلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَ بَيْنَهُمْ جَارِيَةٌ مَرَاهَقَةٌ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْمَسْجِدَ، قَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟ قَالُوا: قُبِضَ.

قَالَتْ: فَهَلْ لَهُ بَنِيَّةٌ نَقْصِدُهَا؟

فَقَالُوا: نَعَمْ هَذِهِ تُرْبَتُهُ وَ بَنِيَّتُهُ، فَنَادَتْ وَ قَالَتْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ تَسْمَعُ كَلَامِي، وَ تَقْدِرُ عَلَى رَدِّ جَوَابِي وَ إِنَّا سُبِينَا مِنْ بَعْدِكَ وَ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

فَجَلَسَتْ، وَ وَثَبَ رَجُلَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ: أَحَدُهُمَا، طَلْحَةُ، وَ الْآخَرُ:

الزُّبَيْرُ، وَ طَرَحَا عَلَيْهَا ثَوْبَيْهِمَا.

فَقَالَتْ: مَا بَالُكُمْ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ، تَصُونُونَ حَلَائِلَكُمْ وَ تَهْتِكُونَ حَلَائِلَ غَيْرِكُمْ؟

فَقِيلَ لَهَا: لِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: لَا نُصَلِّي (وَ لَا نَصُومُ) (1) وَ لَا نُزَكِّي.

فَقَالَتْ: لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ، إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ كُلَّ سَنَةٍ رَجُلًا يَأْخُذُ مِنَّا صَدَقَاتِنَا مِنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ جُمْلَتِنَا، يُفَرِّقُهَا عَلَى فُقَرَائِنَا.

فَافْعَلْ أَنْتَ كَذَلِكَ فَقَالَ الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ طَرَحَا عَلَيْهَا ثَوْبَيْهِمَا: إِنَّا لَغَالُونَ فِي ثَمَنِكِ.

ص: 36


1- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ وَ أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

فَقَالَتْ: أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ، وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَنْ لَا يَمْلِكَنِي وَ يَأْخُذَ بِرَقَبَتِي (1) إِلَّا مَنْ يُخْبِرُنِي بِمَا رَأَتْ أُمِّي، وَ هِيَ حَامِلَةٌ بِي؟ وَ أَيَّ شَيْ ءٍ قَالَتْ لِي عِنْدَ وِلَادَتِي وَ مَا الْعَلَّامَةُ الَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَهَا؟ وَ إِلَّا مَا يَمْلِكُنِي مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ يُخْبِرُنِي بِذَلِكَ، وَ إِلَّا بَقَرْتُ بَطْنِي بِيَدِي، فَيَذْهَبُ بِثَمَنِي وَ يُطَالَبُ بِدَمِي.

فَقَالُوا لَهَا: (أَبْدِي رُؤْيَاكِ، حَتَّى نَذْكُرَهَا، وَ نَقُولَ بِعِبَارَتِهَا) (2) فَقَالَتْ: الَّذِي يَمْلِكُنِي هُوَ أَعْلَمُ بِالرُّؤْيَا مِنِّي وَ بِالْعِبَارَةِ مِنَ الرُّؤْيَا.

فَأَخَذَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ ثَوْبَيْهِمَا، وَ جَلَسَا، فَدَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ: مَا هَذَا الرَّجَفُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، امْرَأَةٌ (حَنَفِيَّةٌ) حَرَّمَتْ ثَمَنَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَ قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَنِي بِالرُّؤْيَا الَّتِي رَأَتْ أُمِّي وَ هِيَ حَامِلَةٌ بِي، وَ الْعِبَارَةِ يَمْلِكُنِي فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا ادَّعَتْ بَاطِلًا، أَخْبِرُوهَا تَمْلِكُوهَا.

فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا فِينَا مَنْ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ ابْنَ عَمِّكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ قُبِضَ وَ أَنَّ أَخْبَارَ السَّمَاءِ قَدِ انْقَطَعَتْ مِنْ بَعْدِهِ.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُخْبِرُهَا، أَمْلِكُهَا بِغَيْرِ اعْتِرَاضٍ (مِنْكُمْ) (3) قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا حَنَفِيَّةُ، أُخْبِرُكِ وَ أَمْلِكُكِ؟

فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُجْتَرِئُ دُونَ أَصْحَابِهِ؟

فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: لَعَلَّكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَصَبَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي غَدِيرِ خُمٍّ، عَلَماً لِلنَّاسِ؟ فَقَالَ: أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ.

فَقَالَتْ: مِنْ أَجْلِكَ أُصِبْنَا، وَ مِنْ نَحْوِكَ قُصِدْنَا، لِأَنَّ رِجَالَنَا قَالُوا: لَا نُسَلِّمُ صَدَقَاتِ أَمْوَالِنَا، وَ لَا طَاعَةَ نُفُوسِنَا إِلَّا لِمَنْ نَصَبَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِينَا وَ فِيكُمْ عَلَماً

ص: 37


1- فِي نُسْخَةٍ: (وَ يَأْخُذُنِي، وَ يَأْخُذُ رَقَبَتِي).
2- مَا بَيْنَ القوسين فِي الْبِحَارُ: (أذكري رُؤْيَاكَ حَتَّى نعبرها لَكَ).
3- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ أَجْرَكُمْ غَيْرُ ضَائِعٍ، وَ إِنَّ اللَّهَ يُؤْتِي كُلَّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ.

ثُمَّ قَالَ: يَا حَنَفِيَّةُ، أَ لَمْ تَحْمِلْ بِكِ أُمُّكِ فِي زَمَانٍ قَحْطٍ، حَيْثُ مَنَعَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَ غَارَتِ الْعُيُونُ وَ الْأَنْهَارُ.

حَتَّى إِنَّ الْبَهَائِمَ كَانَتْ تُرِيدُ مَرْعًى، فَلَا تَجِدُ شَيْئاً، وَ كَانَتْ أُمُّكِ تَقُولُ:

إِنَّكِ حَمْلٌ مَشْئُومٌ فِي زَمَانٍ غَيْرِ مُبَارَكٍ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، رَأَتْ فِي مَنَامِهَا بِأَنَّهَا وَضَعَتْكِ، وَ أَنَّهَا تَقُولُ:

إِنَّكِ حَمْلٌ مَشْئُومٌ فِي زَمَانٍ غَيْرِ مُبَارَكٍ، وَ كَأَنَّكِ تَقُولِينَ يَا أَمِّ، لَا تَنْظُرِينَ لِي فَإِنِّي حَمْلٌ مُبَارَكٌ، أَنْشَأُ مَنْشَأً مُبَارَكاً صَالِحاً، وَ يَمْلِكُنِي سَيِّدٌ أُرْزَقُ مِنْهُ وَلَداً، يَكُونُ لِحَنَفِيَّةَ عِزّاً.

فَقَالَتْ: صَدَقْتِ. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ كَذَلِكِ، وَ بِهِ قَدْ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَمِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَقَالَتْ: مَا الْعَلَامَةُ الَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَ أُمِّي؟

فَقَالَ لَهَا: لَمَّا وَضَعَتْكِ كَتَبَتْ كَلَامَكِ وَ الرُّؤْيَا فِي لَوْحٍ مِنْ نُحَاسٍ، وَ أَوْدَعَتْهُ عَتَبَةَ الْبَابِ.

فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ عَرَضَتْهُ عَلَيْكِ، فَأَقْرَرْتِ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِتِ (1) سِنِينَ، عَرَضَتْهُ عَلَيْكِ.

فَأَقْرَرْتِ بِهِ ثُمَّ جَمَعَتْ بَيْنَكِ وَ بَيْنَ اللَّوْحِ، وَ قَالَتْ لَكِ:

يَا بُنَيَّةِ، إِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِكُمْ سَافِكٌ لِدِمَائِكُمْ، وَ نَاهِبٌ لِأَمْوَالِكُمْ، وَ سَالِبٌ لِذَرَارِيِّكُمْ فَسُبِيتِ فِيمَنْ سُبِيَ، فَخُذِي اللَّوْحَ مَعَكِ، وَ اجْتَهِدِي أَنْ لَا يَمْلِكَكِ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِلَّا مَنْ يُخْبِرُكِ بِالرُّؤْيَا، وَ بِمَا فِي هَذَا اللَّوْحِ.

قَالَتْ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ اللَّوْحُ؟

ص: 38


1- فِي نُسْخَةٍ وَ الْبِحَارُ: (كَانَتْ ثَمَانَ).

قَالَ: هُوَ فِي عَقِيصَتِكِ، (1) فَعِنْدَ ذَلِكَ دَفَعَتِ اللَّوْحَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَلَكَهَا وَ اللَّهِ- يَا أَبَا جَعْفَرٍ، بِمَا ظَهَرَ مِنْ حُجَّتِهِ، وَ بَيَّنَ مِنْ بَيِّنَتِهِ.

فَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ اتَّضَحَ لَهُ الْحَقُّ، وَ جَحَدَ حَقَّهُ، وَ جَعَلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحَقِّ سِتْراً (2)

24- حديث النبي علم علي ألف باب من العلم

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ، فَفُتِحَ لِي مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ.

قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدِي فِي يَدِهِ، وَ قَدْ أَرْسَلَ وَلَدَهُ الْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْكُوفَةِ، لِيَسْتَنْفِرَ أَهْلَهَا وَ يَسْتَعِينَ بِهِمْ مِنْ حَرْبِ النَّاكِثِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

قَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: سَوْفَ يَأْتِي وَلَدِيَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَ مَعَهُ عَشْرَةُ آلَافِ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ، لَا يَنْقُصُ فَارِسٌ وَ لَا يَزِيدُ فَارِسٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا وَصَلَنَا (3) الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجُنْدِ، لَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ إِلَّا مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ كم (4) كمراة [عَنْ كَمِّيَّةِ الْجُنْدِ؟ قَالَ لِي: عَشْرَةُ آلَافِ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ لَا يَزِيدُ فَارِسٌ وَ لَا يَنْقُصُ فَارِسٌ.

فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ (الَّتِي) (5) عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (6)

ص: 39


1- قال المجلسي رضي اللّه عنه: العقيقة: الشعر المنسوج على الرأس عرضا.
2- عنه البحار: 29/ 457 ح 46 و عن الفضائل: 99.
3- في البحار: (وصل)، و في نسخة: (طالعنا).
4- هكذا في الاصل و لم نجد لها معنى، و في الفضائل: (عن كمية الجند)،
5- في الاصل: (الذي) و ما أثبتناه هو الصحيح.
6- عنه البحار: 41/ 328 ج 49، و عن الفضائل: 102، و مدينة المعاجز: 2/ 316 ح 579.

25- حديث أم علي هي أم النبي

قِيلَ: لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ (1) وَالِدَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ بَاكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا يُبْكِيكَ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ لَكَ عَيْناً.

فَقَالَ: تُوُفِّيَتْ وَالِدَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بَلْ وَالِدَتِي يَا عَلِيُّ فَقَدْ كَانَتْ تُجَوِّعُ أَوْلَادَهَا وَ تُشْبِعُنِي، وَ تُشَعِّثُ أَوْلَادَهَا وَ تُدَهِّنُنِي، وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ فِي دَارِ أَبِي طَالِبٍ نَخْلَةٌ، وَ كَانَتْ تُسَابِقُ إِلَيْهَا مِنَ الْغَدَاةِ، لِتَلْتَقِطَ مَا يَقَعُ مِنْهَا فِي اللَّيْلِ، وَ كَانَتْ تَأْمُرُ جَارِيَتَهَا فَتَلْتَقِطُ مَا يَقَعُ مِنَ الْغَلَسِ (2)، ثُمَّ تَجْنِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

فَإِذَا خَرَجَ بَنُو عَمِّي، تَنَاوَلَنِي ذَلِكَ.

ثُمَّ نَهَضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ أَخَذَ فِي جَهَازِهَا، وَ كَفَّنَهَا بِقَمِيصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ كَانَ فِي حَالِ تَشْيِيعِ جَنَازَتِهَا يَرْفَعُ قَدَماً، وَ يَتَأَنَّى فِي رَفْعِ الْأُخْرَى، وَ هُوَ حَافِي الْقَدَمِ.

فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهَا، كَبَّرَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً ثُمَّ لَحَدَهَا فِي قَبْرِهَا بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، بَعْدَ أَنْ نَامَ فِي قَبْرِهَا، وَ لَقَّنَهَا الشَّهَادَتَيْنِ.

فَلَمَّا أُهِيلَ (3) عَلَيْهَا التُّرَابُ، وَ أَرَادَ النَّاسُ الِانْصِرَافَ، جَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ لَهَا:

ابْنُكِ، ابْنُكِ، لَا جَعْفَرٌ، وَ لَا عَقِيلٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلْتَ فِعْلًا مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ قَطُّ مَشْيَكَ حَافِيَ الْقَدَمِ، وَ كَبَّرْتَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، وَ نَوْمَكَ فِي لَحْدِهَا، وَ قَمِيصَكَ عَلَيْهَا، وَ قَوْلَكَ لَهَا: ابْنُكِ، ابْنُكِ لَا

ص: 40


1- قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ: 1/ 6 فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قَصِيٍّ، أَوَّلِ هَاشِمِيَّةٌ وَلَدَتْ لَهَا لهاشمي، وَ كَانَ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْغَرَ بَنِيهَا.
2- الغلس: ظُلْمَةِ آخَرَ اللَّيْلِ.
3- هال التُّرَابِ: أَيُّ صُبَّهُ.

جَعْفَرٌ، وَ لَا عَقِيلٌ.

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: فَأَمَّا التَّأَنِّي فِي وَضْعِ أَقْدَامِي وَ رَفْعِهَا فِي حَالِ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ، فَلِكَثْرَةِ ازْدِحَامِ الْمَلَائِكَةِ، وَ أَمَّا تَكْبِيرِي سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، فَإِنَّهَا صَلَّى عَلَيْهَا سَبْعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَ أَمَّا نَوْمِي فِي لَحْدِهَا، فَإِنِّي ذَكَرْتُ لَهَا فِي أَيَّامِ حَيَاتِهَا ضَغْطَةَ الْقَبْرِ.

فَقَالَتْ: وَا ضَعْفَاهْ، فَنِمْتُ فِي لَحْدِهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ، حَتَّى كُفِيتُهَا ذَلِكَ.

وَ أَمَّا تَكْفِينُهَا بِقَمِيصِي فَإِنِّي ذَكَرْتُ لَهَا حَشْرَ النَّاسِ عُرَاةً فَقَالَتْ: وَا سَوْأَتَاهْ، فَكَفَّنْتُهَا بِهِ لِتَقُومَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَسْتُورَةً.

وَ أَمَّا قَوْلِي لَهَا: ابْنُكِ ابْنُكِ لَا جَعْفَرٌ وَ لَا عَقِيلٌ فَإِنَّهَا لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهَا الْمَلَكَانِ وَ سَأَلَاهَا عَنْ رَبِّهَا فَقَالَتْ: اللَّهُ رَبِّي، فَقَالا لَهَا مَنْ نَبِيُّكِ؟

فَقَالَتْ: مُحَمَّدٌ نَبِيِّي، فَقَالا لَهَا: مَنْ وَلِيُّكِ وَ إِمَامُكِ؟ فَاسْتَحْيَتْ أَنْ تَقُولَ: وَلَدِي فَقُلْتُ لَهَا: قُولِي ابْنُكِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَقَرَّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَيْنَهَا (1)

26- حديث إخبار علي بموت ميثم

قِيلَ (كَانَ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْرُجُ مِنَ الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ، فَيَجْلِسُ عِنْدَ مِيثَمٍ التَّمَّارِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَيُحَادِثُهُ، فَقَالَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: أَ لَا أُبَشِّرُكَ يَا مِيثَمُ؟ فَقَالَ: بِمَا ذَا يَا مَوْلَايَ؟

قَالَ: بِأَنَّكَ تَمُوتُ مَصْلُوباً قَالَ: يَا مَوْلَايَ، وَ أَنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ؟

فَقَالَ: نَعَمْ يَا مِيثَمُ.

ص: 41


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 6/ 241 ح 60، وَ ج 35/ 180، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 102، وَ مُسْتَدْرَكِ الْوَسَائِلِ: 2/ 266 ح 19.

ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا مِيثَمُ: تُرِيدُ أُرِيكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي تُصْلَبُ فِيهِ، وَ النَّخْلَةَ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَيْهَا، وَ عَلَى جِذْعِهَا؟.

قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَحْبَةِ الصَّيَارِفَةِ.

وَ قَالَ لَهُ: هَاهُنَا، ثُمَّ أَرَاهُ النَّخْلَةَ.

قَالَ لَهُ: عَلَى جِذْعِ هَذِهِ فَمَا زَالَ مِيثَمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَعَاهَدُهَا وَ يُصَلِّي عِنْدَهَا حَتَّى قُطِعَتْ، وَ شُقَّتْ نِصْفَيْنِ، (فَنِصْفٌ تُنَصَّفُ مِنْهَا) (1) وَ بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ، فَمَا زَالَ يَتَعَاهَدُ (هَذَا) النِّصْفَ، وَ يُصَلِّي فِي الْمَوْضِعِ ذَلِكَ وَ يَقُولُ لِبَعْضِ جِيرَانِ الْمَوْضِعِ: يَا فُلَانُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجَاوِرَكَ عَنْ قَرِيبٍ، فَأَحْسِنْ جِوَارِي.

فَيَقُولُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ: يُرِيدُ مِيثَمٌ يَشْتَرِي دَاراً فِي جِوَارِي، فَيَقُولُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ، وَ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ، حَتَّى قُبِضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ ظَفِرَ مُعَاوِيَةُ بِأَصْحَابِهِ، فَأُخِذَ مِيثَمٌ فِيمَنْ أُخِذَ وَ قُبِضَ، وَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بِصَلْبِهِ، فَصُلِبَ عَلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنَّ ميثم [مِيثَماً قَدْ صُلِبَ فِي جِوَارِهِ.

قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.

ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ بِقِصَّةِ مِيثَمٍ، وَ مَا قَالَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَ مَا زَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَكْنُسُ تَحْتَ الْجِذْعِ، وَ يُبْخِرُهُ، وَ يُصَلِّي عِنْدَهُ، وَ يُكْثِرُ (2) الرَّحْمَةَ عَلَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (3)

27- حديث بيت علي من بيوت الأنبياء

وَ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَدْ قَرَأَ الْقَارِئُ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ

ص: 42


1- فِي الْبِحَارِ: (فسقف بِالنِّصْفِ مِنْهَا).
2- فِي الْفَضَائِلِ: (وَ يُكَرِّرُ).
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 42/ 138 ح 19، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 103.

(1).

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْبُيُوتُ؟

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ. (2)

28- حديث تسمية أمير المؤمنين قبل خلق آدم

وَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَ قَدْ أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ عَلِيّاً سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلِي.

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَبْلَكَ؟ قَالَ: وَ قَبْلَ عِيسَى وَ مُوسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

قَالَ: وَ قَبْلَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَمْ يَزَلْ يَعُدُّ الْأَنْبِيَاءَ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طِيناً، خَلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ دُرَّةً (3) تُسَبِّحُ اللَّهَ وَ تُقَدِّسُهُ.

قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى: لَأُسْكِنُكَ رَجُلًا أَجْعَلُهُ أَمِيرَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْكَنَ الدُّرَّةَ فِيهِ، فَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (4)

29- حديث إخبار علي ابن ملجم بقتله

وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَايَعَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ- لَعَنَهُ اللَّهُ- قَالَ لَهُ: بِاللَّهِ إِنَّكَ غَيْرُ

ص: 43


1- النُّورِ: 36.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 23/ ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 103 شَوَاهِدَ التَّنْزِيلِ: 1/ 409، الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: 5/ 50، الْكَشْفِ وَ الْبَيَانِ للثعلبي: (مخطوط)، رُوحَ الْمَعَانِي: 18/ 157 وَ لِلْحَدِيثِ تخريجات كَثِيرَةٌ بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 37/ 337 ح 80، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 104 وَ مَدِينَةُ الْمَعَاجِزِ: 1/ 71 ح 21.
4- فِي الْفَضَائِلِ: دُرَّةٍ وَ كَذَا الَّتِي بَعْدَهَا.

وَفِيٍ (1) بِبَيْعَتِي، وَ لَتَخْضِبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى كَرِيمَتِهِ، وَ كَرِيمِهِ.

فَلَمَّا هَلَّ شَهْرُ رَمَضَانَ جَعَلَ يُفْطِرُ لَيْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لَيْلَةً عِنْدَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ:

فَلَمَّا مَضَتْ بَعْضُ اللَّيَالِي، قَالَ: كَمْ مَضَى مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ قَالُوا لَهُ كَذَا وَ كَذَا يوم [يَوْماً، فَقَالَ لَهُمَا: فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ تَفْقِدَانِ أَبَاكُمَا. فَكَانَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

30- حديث علي وصي خاتم الأنبياء

وَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ لَمَّا سَارَ إِلَى صِفِّينَ أَعْوَزَ أَصْحَابُهُ الْمَاءَ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ لَهُمْ سِيرُوا فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ، فَاطْلُبُوهُ، فَسَارُوا يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ طُولًا وَ عَرْضاً، فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَوَجَدُوا صَوْمَعَةً فِيهَا رَاهِبٌ فَنَادَوْهُ وَ سَأَلُوهُ عَنِ الْمَاءِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يُجْلَبُ لَهُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً وَاحِدَةً.

فَرَجَعُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ أَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَقُونِي فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، وَ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا. فَحَفَرُوا فَوَجَدُوا صَخْرَةً عَظِيمَةً.

فَقَالَ: اقبلوها [اقْلِبُوهَا تَجِدُوا الْمَاءَ تَحْتَهَا، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَلَمْ يُحَرِّكُوهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِلَيْكُمْ عَنْهَا، فَتَقَدَّمَ، وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِكَلَامٍ لَمْ يُعْلَمْ مَا هُوَ ثُمَّ دَحَاهَا عَلَى الْهَوَى كَالْكُرَةِ فِي الْمَيْدَانِ، قَالَ الرَّاهِبُ: وَ هُوَ نَاظِرٌ إِلَيْهِ، وَ مُشْرِفٌ عَلَيْهِ مَنْ أَنْتَ يَا فَتَى؟ فَنَحْنُ عِنْدَنَا فِي كُتُبِنَا: أَنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى هَذِهِ الْعَيْنِ وَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ.

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهُمَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا وَصِيُّ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، أَنَا وَصِيُّ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ

ص: 44


1- فِي نُسْخَةٍ: (إِنَّكَ غَيُورٌ).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 329 ضَمِنَ ح 49، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 104.

أَنَا وَصِيُّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، أَنَا ابْنُ عَمِّ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.

فَلَمَّا سَمِعَ الرَّاهِبُ كَلَامَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ مِنْ أَعْلَى الصَّوْمَعَةِ، وَ خَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ: مُدَّ يَدَكَ.

فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلِيُّ اللَّهِ، وَ وَصِيُّهُ وَ خَلِيفَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

وَ شَرِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْعَيْنِ، وَ مَاؤُهَا أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَ امْتَارُوا مِنْهُ، وَ سَقَوْا خُيُولَهُمْ، وَ مَلَئُوا رَوَايَاهُمْ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الصَّخْرَةَ إِلَى مَوْضِعِهَا، ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنِ الْعَيْنِ، وَ رَاحُوا إِلَى دِيَارِهِمْ (1)

31- حديث قضاء علي في خلافة عمر

قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ: جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غُلَامٌ يَافِعٌ، فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُمِّي جَحَدَتْ حَقِّي مِنْ مِيرَاثِ أَبِي، وَ أَنْكَرَتْنِي وَ قَالَتْ: لَسْتَ بِوَلَدِي.

فَأَحْضَرَهَا، وَ قَالَ لَهَا: لِمَ جَحَدْتِ حَقَّ وَلَدِكِ، هَذَا الْغُلَامِ وَ أَنْكَرْتِهِ؟

قَالَتْ: إِنَّهُ كَاذِبٌ فِي زَعْمِهِ، وَ لِي شُهُودٌ بِأَنَّنِي بِكْرٌ عَاتِقٌ (2) مَا عَرَفْتُ بَعْلًا وَ كَانَتْ قَدْ أَرْشَتْ (3) سَبْعَ نِسْوَةٍ، كُلَّ وَاحِدَةٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِيَشْهَدْنَ لَهَا بِأَنَّهَا بِكْرٌ وَ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَ لَا عَرَفَتْ بَعْلًا.

قَالَ عُمَرُ: أَيْنَ شُهُودُكِ، فَأَحْضَرَتْهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَشْهَدْنَ؟ قُلْنَ: نَشْهَدُ أَنَّهَا

ص: 45


1- الْفَضَائِلِ: 104، إِعْلَامِ الْوَرَى: 176، وَ إِرْشَادِ الْمُفِيدُ: 193، عَنْهُمَا الْبِحَارُ: 41/ 260 ح 21.
2- الْعَاتِقِ: الْجَارِيَةُ أَوَّلَ مَا أَدْرَكْتَ أَوْ الَّتِي بَيْنَ الْإِدْرَاكُ وَ التَّعْنِيسِ، وَ لَمْ يُدْرِكْهَا زَوْجٌ بَعْدَ.
3- أَرْشَتْ: أَيُّ أَعْطَتِ رِشْوَةً.

بِكْرٌ! وَ لَمْ يَمَسَّهَا بَعْلٌ وَ لَا ذَكَرٌ قَالَ الْغُلَامُ: بَيْنِي وَ بَيْنَهَا عَلَامَةٌ أَذْكُرُهَا لَهَا، عَسَى أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكِ.

قَالَتْ لَهُ: قُلْ مَا بَدَا لَكَ. فَقَالَ الْغُلَامُ: قَدْ كَانَ وَالِدِي شَيْخَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ يُقَالُ لَهُ:

ابْنُ الْحَارِثِ الْمُزَنِيُّ.

وَ وُلِدْتُ فِي عَامٍ شَدِيدِ الْمَحْلِ (1)، وَ بَقِيتُ عَامَيْنِ كَامِلَيْنِ أَرْضَعُ مِنْ شَاةٍ ثُمَّ إِنَّنِي كَبِرْتُ، وَ سَافَرَ وَالِدِي فِي تِجَارَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ، فَعَادُوا وَ لَمْ يَعُدْ وَالِدِي مَعَهُمْ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا: إِنَّهُ دَرَجَ (2) فَلَمَّا عَرَفَتْ وَالِدَتِي الْخَبَرَ، أَنْكَرَتْنِي وَ أَبْعَدَتْنِي، (3) وَ قَدْ أَضَرَّتْنِي الْحَاجَةُ.

فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا مُشْكِلٌ، وَ لَا يَحُلُّهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ، قُومُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ، فَمَضَى الْغُلَامُ، وَ هُوَ يَقُولُ:

أَيْنَ مَنْزِلُ كَاشِفِ الْكُرُوبِ عِنْدَ عَلَّامِ الْغُيُوبِ؟ أَيْنَ خَلِيفَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ حَقّاً؟ فَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَنْزِلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ: أَيْنَ كَاشِفُ الْكُرُبَاتِ، وَ مُجْلِي الْمُشْكِلَاتِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا بِكَ يَا غُلَامُ؟

فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أُمِّي جَحَدَتْ حَقِّي، وَ أَنْكَرَتْنِي مِيرَاثَ أَبِي، وَ أَنْكَرَتْ أَنِّي لَمْ أَكُنْ وَلَدَهَا.

فَقَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيْنَ قَنْبَرٌ؟ فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.

قَالَ: امْضِ وَ أَحْضِرِ الْمَرْأَةَ أُمَّ الْغُلَامِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَمَضَى قَنْبَرٌ وَ أَحْضَرَهَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهَا: وَيْلَكِ لِمَ جَحَدْتِ وَلَدِكِ؟

ص: 46


1- الْمَحْلُ: الْجَدْبُ. انقطاع الْمَطَرِ.
2- دَرَجَ الْقَوْمِ: أنقرضوا وَ مَاتُوا.
3- فِي الْبِحَارُ: (أخرتني).

فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي بِكْرٌ، لَيْسَ لِي وَلَدٌ، وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ.

فَقَالَ لَهَا: لَا تطيلين [تُطِيلِنَ (1) الْكَلَامَ، فَأَنَا ابْنُ عَمِّ بَدْرِ التَّمَامِ، أَنَا مِصْبَاحُ الظَّلَامِ.

أَخْبِرِينِي بِقِصَّتِكِ؟ قَالَتْ: يَا مَوْلَايَ، أَحْضِرْ قَابِلَةً لِتَنْظُرَنِي أَنَا بِكْرٌ عَاتِقٌ أَمْ لَا؟

فَأَحْضَرَ قَابِلَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا خَلَتْ بِهَا أَعْطَتْهَا سِوَاراً كَانَ فِي عَضُدِهَا، وَ قَالَتْ لَهَا: اشْهَدِي بِأَنِّي بِكْرٌ.

فَلَمَّا خَرَجَتِ الْقَابِلَةُ مِنْ عِنْدِهَا، قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهَا بِكْرٌ.

فَقَالَ لَهَا: كَذَبْتِ، قُمْ يَا قَنْبَرُ، الْحَقِ الْعَجُوزَ، وَ خُذْ مِنْهَا السِّوَارَ.

قَالَ قَنْبَرُ: فَأَخْرَجْتُ السِّوَارَ مِنْ كَتِفِهَا، فَعِنْدَهَا ضَجَّ الْخَلَائِقُ.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اسْكُتُوا فَأَنَا عَيْبَةُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ أَحْضَرَ الْجَارِيَةَ وَ قَالَ لَهَا: يَا جَارِيَةُ، أَنَا عِزُّ الدِّينِ، أَنَا زَيْنُ الدِّينِ، وَ أَنَا قَاضِي الدِّينِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ الْمُدَّعِي عَلَيْكِ فَتَقْبَلِينَهُ مِنِّي زَوْجاً.

قَالَتِ الْمَرْأَةُ: يَا مَوْلَايَ، أَ تُبْطِلُ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

قَالَ لَهَا: بِمَا ذَا؟ قَالَتْ: تُزَوِّجُنِي بِوَلَدِي كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ.

فَقَالَ الْإِمَامُ: اللَّهُ أَكْبَرُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (2) وَ مَا كَانَ هَذَا مِنْكِ قَبْلَ هَذِهِ الْفَضِيحَةِ؟ قَالَتْ: يَا مَوْلَايَ، خَشِيتُ عَلَى الْمِيرَاثِ.

ثُمَّ قَالَ لَهَا: تُوبِي إِلَى اللَّهِ وَ اسْتَغْفِرِيهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا، وَ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِوَالِدَتِهِ وَ بِإِرْثِ أَبِيهِ (3).

ص: 47


1- في البحار: (ألا تعدلي).
2- الإسراء: 81.
3- عنه البحار: 40/ 268 ح 38، و عن الفضائل: 105، الصراط المستقيم: 2/ 17، إعلام الورى: 175، إرشاد المفيد 193، كشف الغمة: 1/ 279، و أخرجه في مدينة المعاجز: 1/ 458 ح 318، و ص: 497 ح 324 و ج 2/ 452 ح 677، عن مشارق أنوار اليقين: لم نجده و أخرجه في إحقاق الحق: 4/ 77، و ج 17/ 502.

32- حديث معجزة علي في الفرات

وَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ زِيَادَةَ الْفُرَاتِ وَ طُغْيَانَ الْمَاءِ.

فَنَهَضَ مَعَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَصَدَ الْفُرَاتَ، وَ وَقَفَ عَلَيْهَا بِمَوْضِعٍ، يُقَالُ لَهُ: بَابُ الرَّوْحَةِ وَ أَخَذَ بِيَدَيْهِ الْقَضِيبَ، وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِكَلَامٍ لَمْ نَعْلَمْهُ، وَ ضَرَبَ الْمَاءَ بِالْقَضِيبِ، فَهَبَطَ نِصْفَ ذِرَاعٍ، فَقَالَ لَهُمْ: يَكْفِي هَذَا؟

فَقَالُوا: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ضَرَبَهُ ثَانِياً، فَنَقَصَ ذراع [ذِرَاعاً.

فَقَالَ لَهُمْ: يَكْفِي هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَ حَقِّ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرِئَ النَّسَمَةَ، لَوْ شِئْتُ لَبَيَّنْتُ لَكُمُ الْحِيتَانَ فِي قَرَارِهِ.

و هذا فضيلة لا يقدر عليها غيره (1)

33- حديث أويس القرني

وَ مِمَّا (2) رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: تَفُوحُ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ مِنْ قِبَلِ قَرَنَ، وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ، يَا أُوَيْسُ الْقَرَنِيُّ، أَلَا وَ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيُقْرِئْهُ عَنِّي السَّلَامَ.

فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ مَنْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ؟

ص: 48


1- الْفَضَائِلِ: 106، الْمَنَاقِبِ لأبن شَهْرِ آشوب: 2/ 155 عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 268 ضَمِنَ ح 22، وَ مَدِينَةُ الْمَعَاجِزِ: 2/ 105 ح 430، وَ ص 106 ح 431، عَنْ الْخَرَائِجِ وَ الْجَرَائِحِ: 2/ 426 ح 43، وَ إِرْشَادِ الْمُفِيدِ: 201، وَ إِعْلَامِ الْوَرَى: 182، خَصَائِصِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّيِّدِ الرَّضِيِّ: 58 بِإِسْنَادِهِ إِلَى الاصبغ بْنِ نَبَاتَهُ (مِثْلَهُ)، الْهِدَايَةِ الْكُبْرَى للحضيني: 27، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ ذَكَرَ (نَحْوَهُ) وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 2/ 107 ح 432 وَ ص 108 ح 433، وَ ص 110 ح 434.
2- فِي الأصل: (وَ فِيمَا).

قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّهُ إِنْ غَابَ عَنْكُمْ لَمْ تَفْقِدُوهُ، وَ إِنْ ظَهَرَ لَكُمْ لَمْ تَكْتَرِثُوا بِهِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ. الروضة، شاذان بن جبرئيل 49 (33)(حديث أويس القرني)

يُؤْمِنُ بِي وَ مَا رَآنِي، وَ يُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيْ خَلِيفَتِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صِفِّينَ بَعْدَ أَنْ يُقَاتِلَ.

أيها الطاعن بقلبك، فانظر بعقلك هذه الأيات التي خصه اللّه بها، و معجزات شرف اللّه بها لهذا الإمام دلالته عليه، و هداية إليه.

لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (1) (2)

34- حديث المقدسي

وَ مِمَّا رُوِيَ وَ وَرَدَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْمَقْدِسِيِّ مَا يُغْنِي سَمَاعَهُ عَمَّا سِوَاهُ، وَ هُوَ مَا حُكِيَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَرَدَ إِلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ حَسَنُ الثِّيَابِ، (3) مَلِيحُ الصُّورَةِ، فَزَارَ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ قَدْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ، وَ لَمْ يَزَلْ مُلَازِماً لَهُ، مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ صَائِمَ النَّهَارِ، وَ قَائِمَ اللَّيْلِ، وَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

حَتَّى كَانَ أَعْبَدَ الْخَلْقِ، وَ الْخَلْقُ تَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ وَ كَانَ عُمَرُ يَأْتِي إِلَيْهِ، وَ يَسْأَلُهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ حَاجَةً.

فَيَقُولُ لَهُ الْمَقْدِسِيُّ: الْحَاجَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَ لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَزَمَ النَّاسُ عَلَى الْحَجِّ.

فَجَاءَ الْمَقْدِسِيُّ إِلَى عُمَرَ، وَ قَالَ: يَا أَبَا حَفْصٍ، قَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْحَجِّ، وَ عِنْدِي أَمَانَةٌ أُحِبُّ أَنْ تَسْتَوْدِعَهَا مِنِّي إِلَى حِينِ عَوْدِي مِنَ الْحَجِّ.

ص: 49


1- الانفال: 31.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 42/ 155 ح 22، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 107، إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 1/ 518 ح 136.
3- فِي الْبِحَارُ: (الشَّبَابِ).

قَالَ عُمَرُ: هَاتِ الْوَدِيعَةَ فَأَحْضَرَ الشَّابُّ حُقّاً مِنْ عَاجٍ، عَلَيْهِ قُفْلٌ مِنْ حَدِيدٍ، مَخْتُومٌ بِخَاتَمِ الشَّابِّ فَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ، وَ خَرَجَ الشَّابُّ مَعَ الْوَفْدِ، وَ خَرَجَ عُمَرُ إِلَى مُقَدَّمِ الْوَفْدِ.

وَ قَالَ: أُوصِيكَ بِهَذَا الْغُلَامِ، وَ جَعَلَ عُمَرُ يُوَدِّعُ الشَّابَّ.

وَ قَالَ لِلْمُقَدَّمِ عَلَى الْوَفْدِ: اسْتَوْصِ بِهَذَا الْمَقْدِسِيِّ، وَ عَلَيْكَ بِهِ خَيْراً.

وَ كَانَ فِي الْوَفْدِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَمَا زَالَتْ تُلَاحِظُ الْمَقْدِسِيَّ وَ تَنْزِلُ بِهِ حَيْثُ نَزَلَ.

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دَنَتْ مِنْهُ فَقَالَتْ: يَا شَابُّ، إِنِّي لَأَرِقُّ لِهَذَا الْجِسْمِ النَّاعِمِ الْمُتْرَفِ كَيْفَ يُلْبَسُ الصُّوفَ؟

قَالَ لَهَا: يَا هَذِهِ جِسْمٌ يَأْكُلُهُ الدُّودُ، وَ مَصِيرُهُ إِلَى التُّرَابِ، هَذَا لَهُ كَثِيرٌ.

قَالَتْ لَهُ: إِنِّي أَغَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُضِي ءِ تُشَعِّثُهُ الشَّمْسُ.

فَقَالَ لَهَا: يَا هَذِهِ اتَّقِي اللَّهَ فَقَدْ أَشْغَلْتِينِي عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ.

فَقَالَتْ لَهُ: لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ، فَإِنْ قَضَيْتَهَا فَلَا كَلَامَ، وَ إِنْ لَمْ تَقْضِهَا فَلَا أَنَا بِتَارِكَتِكَ حَتَّى تَقْضِيَهَا لِي.

فَقَالَ: وَ مَا حَاجَتُكِ؟

قَالَتْ: حَاجَتِي أَنْ تُوَاقِعَنِي، فَزَجَرَهَا وَ خَوَّفَهَا اللَّهَ تَعَالَى، فَلَمْ يَرْدَعْهَا بِذَلِكَ.

فَقَالَتْ: وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا آمُرُكَ بِهِ، لَأَرْمِيَنَّكَ فِي دَاهِيَةٍ مِنْ دَوَاهِي النِّسَاءِ وَ مَكْرِهِنَّ، فَلَا تَنْجُو مِنْهَا.

فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، وَ لَمْ يَعْبَأْ بِكَلَامِهَا.

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، وَ قَدْ سَهَرَ مِنْ كَثْرَةِ عِبَادَةِ رَبِّهِ، ثُمَّ رَقَدَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ، فَأَتَتْهُ وَ تَحْتَ رَأْسِهِ مَزَادَةٌ فِيهَا زَادُهُ، فَانْتَزَعَتْهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، وَ طَرَحَتْ فِيهَا كِيساً فِيهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ أَعَادَتِ الْمَزَادَةَ تَحْتَ رَأْسِهِ.

ص: 50

فَلَمَّا نَزَلَ الْوَفْدُ، قَامَتِ الْمَلْعُونَةُ، وَ قَالَتْ: أَنَا بِاللَّهِ وَ بِالْوَفْدِ، أَنَا امْرَأَةٌ مِسْكِينَةٌ، وَ قَدْ سُرِقَتْ نَفَقَتِي وَ مَالِي، وَ أَنَا مُسْتَجِيرَةٌ بِاللَّهِ وَ بِكُمْ.

فَجَلَسَ مُقَدَّمُ الْوَفْدِ، وَ أَمَرَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يُفَتِّشَا الْوَفْدَ.

فَفَتَّشَا الْوَفْدَ فَلَمْ يَجِدَا شَيْئاً فِي الْوَفْدِ، وَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا وَ فُتِّشَ رَحْلُهُ، فَأَخْبَرُوا مُقَدَّمَ الْوَفْدِ بِذَلِكَ، فَقَالَتْ: يَا قَوْمُ، مَا يَضُرُّكُمْ لَوْ فَتَّشْتُمْ رَحْلَ هَذَا الشَّابِّ فَلَهُ أُسْوَةٌ بِالْمُهَاجِرِينَ، وَ مَا يُدْرِيكُمْ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَلِيحٌ وَ بَاطِنُهُ قَبِيحٌ، وَ لَمْ تَزَلِ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى حَمَلَتْهُمْ عَلَى تَفْتِيشِ رَحْلِهِ، فَقَصَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَيْنِ الْوَفْدِ، وَ هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَآهُمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَ قَالَ: مَا بَالُكُمْ وَ مَا حَاجَتُكُمْ؟

فَقَالُوا لَهُ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ ذَكَرَتْ أَنَّهَا قَدْ سُرِقَ لَهَا نَفَقَةٌ كَانَتْ مَعَهَا، وَ قَدْ فَتَّشْنَا رِحَالَ الْقَوْمِ بِأَسْرِهَا، وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرُكَ.

نَحْنُ لَا نَتَقَدَّمُ إِلَى رَحْلِكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، لِمَا سَبَقَ إِلَيْنَا مِنْ وَصِيَّةِ عُمَرَ فِيمَا يَعُودُ إِلَيْكَ.

فَقَالَ: يَا قَوْمُ، مَا يَضُرُّنِي ذَلِكَ فَفَتِّشُوا مَا أَحْبَبْتُمْ، وَ هُوَ وَاثِقٌ مِنْ نَفْسِهِ. فَلَمَّا نُفِضَ الْمَزَادُ الَّتِي فِيهَا زَادُهُ، فَوَقَعَ مِنْهَا الْهِمْيَانُ.

فَصَاحَتِ الْمَلْعُونَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا وَ اللَّهِ كِيسِي وَ مَالِي، فِيهِ كَذَا وَ كَذَا دِينَارٌ، وَ فِيهِ عِقْدٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزْنُهُ كَذَا وَ كَذَا.

فَاخْتَبَرُوهُ فَوَجَدُوهُ كَمَا قَالَتِ الْمَلْعُونَةُ.

فَمَالُوا عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ الْوَجِيعِ وَ الشَّتْمِ، وَ هُوَ لَا يَرُدُّ جَوَاباً، فَسَلْسَلُوهُ وَ قَادُوهُ رَاجِلًا (1) إِلَى مَكَّةَ.

ص: 51


1- فِي الْأَصْلِ: (رِجَالًا) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ هُوَ الصَّحِيحُ.

فَقَالَ لَهُمْ: يَا وَفْدَ اللَّهِ، بِحَقِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا تَصَدَّقْتُمْ عَلَيَّ وَ تَرَكْتُمُونِي أَقْضِي الْحَجَّ، وَ أُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى وَ رَسُولَهُ بِأَنِّي إِذَا قَضَيْتُ عُدْتُ إِلَيْكُمْ، وَ تَرَكْتُ يَدِي فِي أَيْدِيكُمْ، فَأَوْقَعَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَحْلَفُوهُ.

فَلَمَّا قَضَى مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ عَادَ إِلَى الْقَوْمِ وَ قَالَ لَهُمْ:

هَا أَنَا قَدْ عُدْتُ (إِلَيْكُمْ) فَتَرَكُوهُ، وَ رَجَعَ الْوَفْدُ طَالِباً مَدِينَةَ الرسول [رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَأَعْوَزَتْ (1) تِلْكَ الْمَرْأَةُ الْمَلْعُونَةُ الزَّادَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَوَجَدَتْ رَاعِياً فَسَأَلَتْهُ الزَّادَ، فَقَالَ لَهَا: عِنْدِي مَا تُرِيدِينَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَبِيعُهُ فَإِنْ رَأَيْتِ أَنْ تُمَكِّنِينِي مِنْ نَفْسِكِ، فَفَعَلَتْ مَا طَلَبَ وَ أَخَذَتْ مِنْهُ زَاداً.

فَلَمَّا انْحَرَفَتْ عَنْهُ اعْتَرَضَ لَهَا إِبْلِيسُ وَ قَالَ لَهَا: يَا فُلَانَةُ، أَنْتِ حَامِلٌ؟ فَقَالَتْ: مِمَّنْ؟

قَالَ: مِنَ الرَّاعِي. فَصَاحَتْ: وَا فَضِيحَتَاهْ، فَقَالَ لَهَا: لَا تَخَافِي مَعَ رُجُوعِكِ إِلَى الْوَفْدِ، قُولِي لَهُمْ:

إِنِّي سَمِعْتُ قِرَاءَةَ الْمَقْدِسِيَّ، فَقَرُبْتُ مِنْهُ فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيَّ النَّوْمُ، دَنَا مِنِّي فَوَاقَعَنِي، وَ لَمْ أَتَمَكَّنْ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِي بَعْدُ وَ قَدْ حَمَلْتُ وَ أَنَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَ خَلْفِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ (2).

فَفَعَلَتِ الْمَلْعُونَةُ مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بِهِ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَلَمْ يَشُكُّوا فِي قَوْلِهَا لَمَّا عَايَنُوا مِنْ قَبْلُ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ رَحْلِهِ، فَعَكَفُوا عَلَى الشَّابِّ الْمَقْدِسِيِّ، وَ قَالُوا: يَا هَذَا، مَا كَفَاكَ السَّرِقَةُ حَتَّى فَسَقْتَ بِهَا، وَ أَوْجَعُوهُ ضَرْباً وَ شَتْماً وَ سَبّاً، وَ أَعَادُوهُ إِلَى السِّلْسِلَةِ وَ هُوَ لَا يَرُدُّ جَوَاباً، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنَ الْمَدِينَةِ خَرَجَ عُمَرُ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ لِلِقَاءِ الْوَفْدِ.

فَلَمَّا قَرُبَ الْوَفْدُ مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا السُّؤَالَ عَنِ الْمَقْدِسِيِّ فَقَالَ:

ص: 52


1- أُعْوِزَتِ: إحتاجت: أَيُّ أعجزها الزَّادِ وَ صَعُبَ عَلَيْهَا نيله، وَ فِي الْأَصْلِ: وَ أَعْوَزَ.
2- فِي الْبِحَارُ: (الْأَصْلِ).

يَا أَبَا حَفْصٍ، مَا أَغْفَلَكَ عَنِ الْمَقْدِسِيِّ! فَقَدْ سَرَقَ وَ فَسَقَ وَ قَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ مُسَلْسَلٌ.

فَقَالَ: يَا وَيْلَكَ يَا مَقْدِسِيُّ، تُبْطِنُ فِيكَ بِخِلَافِ مَا يَظْهَرُ، فَضَحَكَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَ اللَّهِ لَأَنْكُلَنَّ بِكَ أَشَدَّ النَّكَالِ، وَ هُوَ لَا يَرُدُّ جَوَاباً.

وَ اجْتَمَعَ الْخَلْقُ، وَ ازْدَحَمَ النَّاسُ لِيَنْظُرُوا مَا يُفْعَلُ بِهِ.

وَ إِذَا بِنُورٍ قَدْ (1) سَطَعَ فَتَأَمَّلُوهُ، فَإِذَا هُوَ عَيْبَةُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ: مَا هَذَا الرَّهَجُ (2) فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الشَّابَّ الْمَقْدِسِيُّ قَدْ سَرَقَ وَ فَسَقَ.

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَ اللَّهِ مَا سَرَقَ، وَ لَا فَسَقَ، وَ لَا حَجَّ أَحَدٌ غَيْرُهُ.

فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ كَلَامَهُ (3) قَامَ قَائِماً عَلَى قَدَمَيْهِ وَ أَجْلَسَهُ مَوْضِعَهُ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّابِّ الْمَقْدِسِيِّ وَ هُوَ مُسَلْسَلٌ مُطْرِقٌ إِلَى الْأَرْضِ، وَ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةٌ.

فَقَالَ لَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَا مُجْلِي الْمُشْكِلَاتِ، وَ كَاشِفُ الْكُرُبَاتِ.

وَيْلَكِ قُصِّي عَلَيَّ قِصَّتَكِ، فَأَنَا بَابُ عَيْبَةِ الْعِلْمِ فَقَالَتْ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا الشَّابَّ قَدْ سَرَقَ مَالِي، وَ قَدْ شَاهَدَهُ الْوَفْدُ فِي مَزَادَتِهِ، وَ مَا كَفَاهُ حَتَّى كُنْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي قَرِيبَةً مِنْهُ فَاسْتَغْرَقَنِي بِقِرَاءَتِهِ، فَدَنَا مِنِّي وَ وَثَبَ إِلَيَّ وَ وَاقَعَنِي، وَ مَا مَلَكْتُ مِنَ الْمُدَافَعَةِ عَنْ نَفْسِي خَوْفاً مِنَ الْفَضِيحَةِ، وَ قَدْ حَمَلْتُ مِنْهُ.

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَذَبْتِ يَا مَلْعُونَةُ فِيمَا ادَّعَيْتِيهِ.

يَا أَبَا حَفْصٍ، إِنَّ هَذَا الشَّابَّ مَجْبُوبٌ، لَيْسَ مَعَهُ إِحْلِيلٌ، وَ إِحْلِيلُهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ.

ثُمَّ قَالَ: يَا مَقْدِسِيُّ أَيْنَ الْحُقُّ؟

ص: 53


1- فِي الْبِحَارُ: (لَمَعَ).
2- الرهج: الْفِتْنَةِ وَ الشغب.
3- فِي الْبِحَارُ: (خَبَرٍ عُمَرَ).

فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ طَرْفَهُ فَقَالَ: يَا مَوْلَايَ، مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ الْحُقُّ، (1) فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى عُمَرَ، وَ قَالَ: يَا أَبَا حَفْصٍ، قُمْ فَهَاتِ وَدِيعَةَ الشَّابِّ.

فَأَرْسَلَ عُمَرُ فَأُحْضِرَ الْحُقُّ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَتَحُوهُ فَإِذَا فِيهِ خِرْقَةٌ مِنْ حَرِيرَةٍ فِيهَا إِحْلِيلُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ: قُمْ يَا مَقْدِسِيُّ فَقَامَ، فَقَالَ: جَرِّدُوهُ مِنْ أَثْوَابِهِ لِتُحَقِّقَ (2) مَنِ اتَّهَمَتْهُ بِالْفِسْقِ، فَجَرَّدُوهُ مِنْ أَثْوَابِهِ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ضَجَّ الْعَالَمُ، فَقَالَ لَهُمُ: اسْكُتُوا وَ اسْمَعُوا مِنِّي حُكُومَةً أَخْبَرَنِي بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكِ يَا مَلْعُونَةُ، اجْتَرَيْتِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيْلَكِ أَ مَا أَتَيْتِ إِلَيْهِ، وَ قُلْتِ لَهُ:

كَيْتَ وَ كَيْتَ، فَلَمْ يُجِبْكِ فِي ذَلِكِ فَقُلْتِ: وَ اللَّهِ لَأَرْمِيَنَّكَ فِي حِيلَةٍ مِنْ حِيَلِ النِّسَاءِ، لَا تَنْجُو مِنْهَا؟

فَقَالَتْ: بَلَى، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ إِنَّكِ اسْتَنْوَمْتِيهِ حَتَّى نَامَ وَ تَرَكْتِ الْكِيسَ فِي مَزَادَتِهِ، قَالَتْ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اشْهَدُوا عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَ: حَمْلُكِ هَذَا مِنَ الرَّاعِي الَّذِي طَلَبْتِ مِنْهُ الزَّادَ، فَقَالَ لَكِ: لَا أَبِيعُ الزَّادَ، وَ هُوَ كَذَا وَ كَذَا، فَقَالَتْ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَضَجَّ النَّاسُ، فَسَكَّتَهُمْ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ لَهَا: لَمَّا فَارَقْتِ الرَّاعِيَ وَقَفَ لَكِ شَيْخٌ صِفَتُهُ كَذَا وَ كَذَا، فَنَادَاكِ وَ قَالَ لَكِ: يَا فُلَانَةُ، أَنْتِ حَامِلٌ مِنَ الرَّاعِي، فَصَرَخْتِ وَ قُلْتِ: وَا سَوْأَتَاهْ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكِ قُولِي لِلْوَفْدِ:

إِنَّ الْمَقْدِسِيَّ اشْتَهَى مِنِّي وَ وَاقَعَنِي وَ قَدْ حَمَلْتُ مِنْهُ، فَيُصَدِّقُوكِ لِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ

ص: 54


1- فِي نُسْخَةٍ: (مِنْ أُعَلِّمُكَ عَنْ الْحِقَّةُ، الْحَقِّ).
2- فِي نُسْخَةٍ: (لِيَنْظُرُوا تَحْقِيقِ).

سَرِقَتِهِ.

فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَ تَعْرِفِينَ ذَلِكِ الشَّيْخَ؟ فَقَالَتْ: لَا.

فَقَالَ: ذَلِكِ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ:

يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ بِهَا؟ فَقَالَ:

اصْبِرُوا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا تَجِدُوا مَنْ تُرْضِعُهُ يُحْفَرُ لَهَا فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ، وَ تُدْفَنُ إِلَى نِصْفِهَا، وَ تُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ فَفَعَلَ بِهَا ذَلِكَ كَمَا أَمَرَ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ أَمَّا الْمَقْدِسِيُّ فَلَمْ يَزَلْ مُلَازِماً لِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ عُمَرُ، وَ هُوَ يَقُولُ: لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ وَ قَدْ تَعَجَّبُوا مِنْ حُكُومَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

35- حديث السطل و المنديل

وَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَدْ دَنَتِ الْفَرِيضَةُ، وَ لَمْ يَجِدْ مَاءً يُسْبِغُ مِنْهُ الْوُضُوءَ، فَرَمَقَ إِلَى السَّمَاءِ بِطَرْفِهِ، وَ النَّاسُ قُوَّامٌ يَنْظُرُونَ، فَنَظَرَ (فَنَزَلَ) جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ مِيكَائِيلُ، وَ مَعَ جَبْرَئِيلَ سَطْلٌ فِيهِ مَاءٌ، وَ مَعَ مِيكَائِيلَ مِنْدِيلٌ.

فَوَضَعَا السَّطْلَ وَ الْمِنْدِيلَ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَبَّغَ مِنَ السَّطْلِ الْوُضُوءَ، وَ مَسَحَ وَجْهَهُ الْكَرِيمَ بِالْمِنْدِيلِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَجَا إِلَى السَّمَاءِ وَ الْخَلْقُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا (2).

ص: 55


1- عنه البحار: 40/ 270 ح 39، و عن الفضائل: 107 و أخرجه في مدينة المعاجز: 2/ 454 ح 678، عن البرسي.
2- عنه البحار: 39/ 116 ح 3، و عن الفضائل: 111، مائة منقبة: 73 ح 42 عن ابن عباس، ثاقب المناقب: 280 ح 243، عن الصادق عليه السلام، أمالي الصدوق: 136، الخرائج و الجرائح: 2/ 837 ح 52، المناقب ابن شهر آشوب 2/ 81، الطرائف: 94، ينابيع المودة: 142، و احقاق الحق: 6/ 129.

36- حديث علي قسيم الجنة و النّار

وَ مِمَّا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: أُعْطِيتُ ثَلَاثاً وَ عَلِيٌّ مشاركني [يُشَارِكُنِي فِيهَا، وَ أُعْطِيَ عَلِيٌّ ثَلَاثاً وَ لَمْ أُشَارِكْهُ فِيهَا، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا هِيَ الثَّلَاثُ الَّذِي شَارَكَكَ فِيهَا عَلِيٌّ؟

فَقَالَ: لِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَ عَلِيٌّ حَامِلُهُ، وَ الْكَوْثَرُ وَ عَلِيٌّ سَاقِيهِ، وَ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ عَلِيٌّ قَسِيمُهُمَا أَمَّا الثَّلَاثُ الَّذِي أُعْطِيَ عَلِيٌّ وَ لَمْ أُشَارِكْهُ فِيهَا: أُعْطِيَ حَمْواً مِثْلِي (1)، وَ لَمْ أُعْطَ مِثْلَهُ، وَ أُعْطِيَ فَاطِمَةَ زَوْجَتَهُ، وَ لَمْ أُعْطَ مِثْلَهَا، وَ أُعْطِيَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، وَ لَمْ أُعْطَ وَلَداً مِثْلَهُمَا (2)

37- حديث مواساة النبي لعلي و فاطمة

وَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَ فَاطِمَةُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُمَا يَطْحَنَانِ الْجَاوَرْسَ (3) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَيُّكُمَا أَعْيَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاطِمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ لَهَا: قُومِي يَا بُنَيَّةِ، فَقَامَتْ، وَ جَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَوْضِعَهَا مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَاسَاهُ

ص: 56


1- فِي الْبِحَارِ: (فَإِنَّهُ أُعْطِيَ ابْنَ عَمٍّ مِثْلِي).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 90 ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 111، صَحِيفَةُ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: 247 ح 158 عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 89 ح 2، وَ عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: 2/ 48 ح 188، وَ رَوَاهُ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيهِ: 354 ح 19، وَ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَنَاقِبِهِ: 109 ح 19، وَ فِي مَقْتَلَهُ: 1/ 109 ح 31، وَ الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 142 ح 106، وَ الزرندي: فِي نَظَمَ دُرَرِ السمطين: 113، وَ أَوْرَدَهُ فِي مَقْصَدِ الرَّاغِبِ: 13 (مخطوط)، وَ الاحقاق: 4/ 444، وَ ج 5/ 75، وَ أَخْرَجَهُ ابْنِ شَهْرِ آشوب فِي مناقيه: 3/ 161.
3- الْجَرَسِ: جِسْمٌ مجوف مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ يُضْرَبُ بمدقة. وَ فِي الْبِحَارِ: وَ الجاروش: وَ هُوَ الْيَدِ.

فِي طَحْنِ الْحَبِ (1)

38- حديث في حبّ علي

وَ مِمَّا رُوِيَ فِي كِتَابِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ أَخْبَارِ الْجُمْهُورِ رَفَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَحْذُوفَ الْأَسَانِيدِ.

أَنَّهُ قَالَ: لَوِ اجْتَمَعَ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهْلُ الدُّنْيَا مَا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ (2)

39- حديث القضيب الأحمر

وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْقَضِيبِ الْأَحْمَرِ الْمَغْرُوسِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.

فَلْيَتَمَسَّكْ بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (3).

ص: 57


1- عنه البحار: 43/ 50 ح 47 و عن الفضائل: 112، و رواه في تنبيه الخواطر: 2/ 230، و إحقاق الحق: 10 ج 265.
2- عنه البحار: 39/ 267 ح 41، و عن الفضائل: 112، أمالي الصدوق: 390، (باسناده) عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر (مثله)، عنه البحار 39/ 247 ح 4، المناقب لأبن شهر آشوب: 3/ 35، عن الفردوس: طاووس، عن ابن عباس، قال: النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر مثله، عنه البحار: 39/ 248 ح 8، كشف الغمة: 248 ح 10، بشارة المصطفى: 91، باسناده عن طاووس، عن ابن عباس، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكره (مثله) عنه البحار: 39/ 249 ح 11، فردوس الأخبار: 3/ 419، مناقب الخوارزمي: 28، مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزمي: 1/ 37، ينابيع المودة: 91، 125، 237، 251، 252. و قد أختصرنا على هذه التخريجات: للإختصار، و يأتي في: حديث 60 (مثله).
3- عنه البحار: 39/ 267 ذ ح 41، و رواه في نزهة الناظر: 207، و رواه القندوزي في ينابيع المودة: 126، 127، و ابن المغازلي في مناقبه: 215، و 218 ة 158، و ابن عساكر في ترجمته: 2/ 100، و ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: 9/ 168، و ابن حنبل في الفضائل: 181 ح 253: و الخوارزمي في مناقبه: 35، و ابن الجوزي في التذكرة 47، و الكنجي في كفاية الطالب: 213، و الحمويني في فرائد السمطين: 1/ 186 ح 1480، و العسقلاني في لسان الميزان: 2/ 433، و الذهبي في ميزان الاعتدال: 1/ 328.

40- حديث معجزة لعلي مع المغيرة بن شعبة

وَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا: أَنَّهُ وَفَدَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَ هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَالَ لَهُ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامَ.

قَالَ: كَأَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْنِي؟

فَقَالَ: بَلَى- وَ اللَّهِ- أَعْرِفُكَ، كَأَنِّي أَشَمُّ مِنْكَ رَائِحَةَ (الْغَزْلِ) (1) فَقَامَ الْمُغِيرَةُ يَجُرُّ أَذْيَالَهُ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ قِيَامِهِ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الْقَوْلُ؟ قَالَ نَعَمْ، مَا قُلْتُ فِيهِ إِلَّا حَقّاً، كَأَنِّي وَ اللَّهِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ إِلَى أَبِيهِ، وَ هُمَا يَنْسِجَانِ (مَآزِرَ) (2) الصُّوفِ بِالْيَمَنِ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِهِ، وَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْرِفُ مِمَّا خَاطَبَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هِيَ مُعْجِزَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ (وَ ألم [لَا أُلْهِمَ بِهَا) (3) سِوَاهُ (4)

41- حديث معجزة علي في إظهار الكنز

وَ مِنْ مَنَاقِبِهِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ: مَا رَوَاهُ مَنْ أَثِقُ بِهِ وَ هُوَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِي ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَصُومُ وَ أَطْوِي (5)، وَ مَا أَمْلِكُ مَا أَقْتَاتُ بِهِ (6)، وَ يَوْمِي هَذَا هُوَ الرَّابِعُ.

ص: 58


1- فِي الْأَصْلِ: (رَائِحَةُ تُرْبَةِ العدن) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
2- فِي الْأَصْلِ: (مبارز) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
3- فِي الْأَصْلِ: (وَ أَرَادَ لَهُ مِنْهَا) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
4- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 329 ذح 49.
5- الطوى: الْجُوعِ.
6- أقتات بِهِ: أَيُّ أتخذته قُوتاً لِنَفْسِي.

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اتْبَعْنِي يَا عَمَّارُ، وَ طَلَعَ مَوْلَايَ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَ أَنَا خَلْفَهُ، إِذْ وَقَفَ بِمَوْضِعٍ فَاحْتَفَرَ، فَظَهَرَ سَطْلٌ مَمْلُوءٌ دَرَاهِمَ، فَأَخَذَ هُوَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمَيْنِ، فَنَاوَلَنِي مِنْهُمَا دِرْهَماً وَاحِداً، وَ أَخَذَ هُوَ الْآخَرَ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَخَذْتَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَسْتَغْنِي بِهِ وَ أَتَصَدَّقُ بِهِ مَا ذَلِكَ بِمَأْثَمَةٍ فَقَالَ لَهُ: يَا عَمَّارُ، لَا تَذْكُرْ مَا بَيْنَنَا هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ غَطَّاهُ وَ وَدَّعَهُ وَ انْصَرَفَ عَنْهُ عَمَّارٌ وَ غَابَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

ثُمَّ عَادَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:

يَا عَمَّارُ، كَأَنَّنِي بِكَ وَ قَدْ مَضَيْتَ إِلَى الْكَنْزِ تَطْلُبُهُ.

فَقَالَ: وَ اللَّهِ يَا مَوْلَايَ، قَصَدْتُ الْمَوْضِعَ، لِآخُذَ مِنَ الْكَنْزِ شَيْئاً، فَلَمْ أَرَ لَهُ أَثَراً.

فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا رَغْبَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا أَظْهَرَهَا لَنَا.

وَ لَمَّا عَلِمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ لَكُمْ إِلَيْهَا رَغْبَةً أَبْعَدَهَا عَنْكُمْ (1)

42- حديث علي مكتوب على ورق شجرة الجنة

وَ مِمَّا وَرَدَ فِي كِتَابِ (الْفِرْدَوْسِ)، بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ، وَ الرَّاوِي لَهُ نَقِيبُ الْهَاشِمِيِّينَ تَاجُ الدِّينِ، يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ سَنَةَ (اثْنَيْنِ) (2) وَ خَمْسِينَ وَ سِتِّمِائَةٍ الْهِلَالِيَّةَ بِوَاسِطٍ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، وَجَدْتُ

ص: 59


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 269 ح 23، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 112، وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 511 ح 329 عَنْ الْبُرْسِيِّ (مِثْلَهُ).
2- فِي الْأَصْلِ: (اثْنَيْ عَشَرَ) وَ هُوَ مُصْحَفٌ.

عَلَى أَوْرَاقِ شَجَرَةِ الْجَنَّةِ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلِيُّ اللَّهِ، الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ صَفْوَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ (1)

43- حديث معجزة لعلي

وَ مِنَ التَّجَرُّدَاتِ بِوَاسِطٍ (فِي التَّارِيخِ): عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَلَامَةَ الْفَزَارِيِ حَيْثُ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ الْيُمْنَى، وَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِشَخْصٍ يُعْرَفُ بِابْنِ حَنْظَلَةَ الْفَزَارِيِّ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَ هُوَ مُعْسِرٌ، فَشَكَا حَالَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَ اسْتَجَارَ بِمَوْلَانَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، رَأَى فِي مَنَامِهِ عِزَّ الدِّينِ أبو [أَبَا الْمَعَالِي أبي [أَبَا الطَّيِّبِ (2) (ره)، وَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَدَنَا مِنْهُ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ: هَذَا مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَنَا (الرَّجُلُ) مِنَ الْإِمَامِ، وَ قَالَ لَهُ: يَا مَوْلَايَ، هَذِي عَيْنِي الْيُمْنَى قَدْ ذَهَبَتْ، فَقَالَ لَهُ: يَرُدُّهَا اللَّهُ الْكَرِيمُ عَلَيْكَ، وَ مَدَّ يَدَهُ الْكَرِيمَةَ إِلَيْهَا، وَ قَالَ: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ (3) فَرَجَعَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ قَدْ شَاهَدَ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ

ص: 60


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 27/ 8 ح 17، الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامَ: 108، وَ فِي مَنَاقِبِهِ: 214، باسناده، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، وَ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ: 5/ 70، وَ الكنجي فِي كِفَايَةٌ الطَّالِبُ: 423، وَ الذهبي فِي مِيزَانِ الأعتدال: 2/ 217، وَ فرائد السمطين للحمويني: 2/ 73 ح 396، وَ احقاق الْحَقِّ: 9/ 257، تَارِيخِ بَغْدَادَ: 1/ 259، وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 4/ 30 ح 117، وَ ص: 31 ح 118، وَ ج 2/ 354 ح 597، وَ ص 355 ح 599، عَنْ كَشْفِ الْغُمَّةِ: 1/ 94 وَ 526، وَ عَنْ مِائَةَ مَنْقَبَةٍ: 87 ح 54، وَ عَنْ أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 365.
2- فِي الْبِحَارُ: (ابْنِ طبيبي).
3- يس: 79.

بِوَاسِطٍ وَ الرَّجُلُ مَوْجُودٌ بِهَا (1)

44- حديث السفرجلة

وَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَهْدَى إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَفَرْجَلَةً، فَكَسَرْتُهَا فَخَرَجَتْ مِنْهَا حُورِيَّةٌ.

فَقَالَتْ:

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ، مَنْ تَكُونِينَ؟

فَقَالَتْ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى خَلَقَنِي مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَأَوَّلِي مِنَ الْكَافُورِ، وَ وَسَطِي مِنَ (الْعَنْبَرِ) (2). وَ أُخْرَى مِنَ الْمِسْكِ، وَ وَكَّلَنِي بِرَسْمِ خِدْمَةِ ابْنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (3)

45- حديث في حب علي

وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ لِي:

مَثَلُ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَثَلُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي الْقُرْآنِ فَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، كَانَ لَهُ ثَوَابُ ثُلُثِ الْقُرْآنِ، وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ، كَانَ لَهُ ثَوَابُ ثُلُثَيِ الْقُرْآنِ،

ص: 61


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 42/ 8 ح 9.
2- فِي الْأَصْلِ: (العبير) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 229 ح 4، صَحِيفَةُ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: 96 ح 30 وَ عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: 2/ 26 ج 7، عَنْهُ الْبِحَارُ: 66/ 178 ج 41، كَشْفِ الْغُمَّةِ 1/ 138، وَ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِهِ: 9/ 280، وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي أَمَالِيهِ: 154 ح 12، باسناده، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 18/ 332 ح 35 وَ ج 40/ 4 ح 8، وَ الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 88 ح 57، وَ الطَّبَرِيِّ فِي ذَخَائِرُ الْعُقْبَى: 90، عَنْ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي الْمَنَاقِبِ: 210، وَ ابْنِ المغازلي، فِي الْمَنَاقِبِ: 401 ح 645، وَ القندوزي فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 136، عَنْ الْخُوَارِزْمِيِّ وَ ص 213، عَنْ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامَ.

وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ.

وَ مَنْ أَحَبَّهُ بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ كُلِّهَا، كَانَ لَهُ ثَوَابُ أُمَّتِكَ كُلِّهَا (1)

46- حديث اللوح المحفوظ

وَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ مَا يَنْفَعُ الْمُسْتَبْصِرِينَ، وَ هُوَ مَحْذُوفُ الْأَسَانِيدِ يَرْفَعُهُ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ لِجَابِرٍ: لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ مَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ، فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا؟

قَالَ جَابِرٌ: أَيَّ الْأَوْقَاتِ أَحْبَبْتَ يَا مَوْلَايَ، فَخَلَا بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ لَهُ: يَا جَابِرُ، أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدِ أُمِّي فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً.

فَقَالَ جَابِرٌ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أُهَنِّئُهَا بِوِلَادَةِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَرَأَيْتُ فِي يَدِهَا لَوْحاً أَخْضَرَ، ظَنَنْتُ أَنَّهُ زُمُرُّدَةٌ مَكْتُوبٌ بِالنُّورِ الْأَبْيَضِ.

فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، مَا هَذَا اللَّوْحُ؟

فَقَالَتْ: هَذَا أَهْدَاهُ اللَّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فِيهِ اسْمُ أَبِي، وَ اسْمُ بَعْلِي، وَ أَسْمَاءُ وُلْدِي، وَ ذَكَرَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ وُلْدِي، وَ أَعْطَانِيهِ أَبِي يُبَشِّرُنِي بِهِ (2) قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: أَرِينِي يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ فَأَعْطَتْنِيهِ، فَقَرَأْتُهُ وَ نَسَخْتُهُ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

يَا جَابِرُ، هَلْ لَكَ أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنِّي.

ص: 62


1- الْفَضَائِلِ: 112، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 3/ 198، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 257 ضَمِنَ ح 32، رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ: 331.
2- فِي نُسْخَةٍ: (يَسُرُّنِي بِهِ).

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمَشَيْنَا إِلَى مَنْزِلِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

فَأَخْرَجَ لِي صَحِيفَةً مِنْ رَقٍّ فِيهَا مِنْ صُورَتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*.

هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ*، لِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَ نُورِهِ، وَ سَفِيرِهِ وَ دَلِيلِهِ، نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَظِّمْ يَا مُحَمَّدُ، أَسْمَائِي، وَ اشْكُرْ نَعْمَائِي، وَ لَا تَجْحَدْ آلَائِي.

أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي، أَوْ خَافَ غَيْرَ عَذَابِي عَذَّبْتُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ (1) أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ، وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ وَ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً كَمَلَتْ أَيَّامُهُ، وَ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً، وَ إِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَ فَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ وَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَ أَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ بَعْدَهُ حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ فَجَعَلْتُ حَسَناً مَعْدِنَ عِلْمِي، بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ، وَ حُسَيْناً خَازِنَ وَحْيِي، وَ أَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ، وَ خَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ فِيَّ، وَ أَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ عِنْدِي دَرَجَةً، فَعَلَتْ كَلِمَتِيَ التَّامَّةُ مَعَهُ، وَ حُجَّتِيَ الْبَالِغَةُ عِنْدَهُ، بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَ أُعَاقِبُ، فَأَوَّلُهُمْ:

عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَ زَيْنُ أَوْلِيَائِيَ الْمَاضِينَ، عَلَيْهِمْ صَلَوَاتِي أَجْمَعِينَ، فَهُمْ حَبْلِيَ الْمَمْدُودُ، وَ الَّذِينَ يَخْلُفْهُمْ رَسُولِي فِي مَوْجُودِ الْكِتَابِ وَ مَعَهُمْ، لَا يُفَارِقُهُمْ وَ لَا يُفَارِقُونَهُ، حَتَّى يَرِدُوا الْحَوْضَ عِنْدَ رَسُولِي فِي الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (2).

ص: 63


1- في نسخة: (أعرف به).
2- الفضائل: 113، كمال الدين: 1/ 308 ح 51 و عيون أخبار الرضا عليه السّلام: 1/ 34 ح 1 عنهما البحار: 36/ 195 ح 3، الاحتجاج: 1/ 84 الاختصاص: 206، الجواهر السنية: 202، فرائد السمطين: 2/ 136 ح 432، إثبات الوصية: 260، إعلام الورى: 392، جامع الأخبار: 21، و احقاق الحق: 5/ 115، إن هذا الحديث جاء هكذا مختصرا، و في أكثر المصادر بصورة أكمل و أشمل، و تفاصيل أوسع.

47- حديث ولاية علي

وَ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا يَرْوِيهِ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ، وَ قَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَ اسْتَنَدَ إِلَى مِحْرَابِهِ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ فِي لَيْلَةِ تَمَامِهِ وَ كَمَالِهِ، وَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ، إِذَا نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَ أَطَالَ النَّظَرَ إِلَيْهَا، وَ نَظَرَ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَطَالَ النَّظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ نَظَرَ سَهْلًا وَ جَبَلًا.

فَقَالَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْصِتُوا، يَرْحَمْكُمُ اللَّهُ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِي جَهَنَّمَ واد [وَادِياً يُعْرَفُ بِوَادِ الضِّبَاعِ، وَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي بِئْرٌ، وَ فِي ذَلِكَ الْبِئْرِ حَيَّةٌ، فَشَكَتْ جَهَنَّمَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَ يَشْكُو ذَلِكَ الْبِئْرُ حَيَّةً.

فَشَكَتْ جَهَنَّمُ مِنْ تِلْكَ الْحَيَّةِ إِلَى اللَّهِ سَبْعِينَ مَرَّةً فِي كُلِّ يَوْمٍ.

فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ هَذَا الْعَذَابُ الْمُضَاعَفُ الَّذِي يَشْكُو بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ؟

قَالَ: هُوَ لِمَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ غَيْرُ مُلْتَزَمٍ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

و هذا رجل صغير، في زمن الخليفة في باب الحجر و بين البدرية الشريفة و باب الربى (1)

48- حديث إقرار الأنبياء بإمامة علي

وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْآخَرُ بِوَاسِطٍ، يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِينَ وَ سِتِّمِائَةٍ، وَ النَّاسُ بِمَجْلِسِهِ، يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُحَمَّدُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَلِّ بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَدْ أُمِرْتَ

ص: 64


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39 ج 250 ح 4.

بِذَلِكَ. فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَ كَذَلِكَ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَ فِي الثَّالِثَةِ، فَلَمَّا صِرْتُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، رَأَيْتُ بِهَا مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ.

فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَقَدَّمْ وَ صَلِّ بِهِمْ.

فَقُلْتُ: يَا أَخِي، كَيْفَ أَتَقَدَّمُ بِهِمْ وَ مَعَهُمْ أَبِي آدَمُ، وَ أَبِي إِبْرَاهِيمُ؟

فَقَالَ:

إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِمْ، فَإِذَا صَلَّيْتَ بِهِمْ، فَاسْأَلْهُمْ بِأَيِّ شَيْ ءٍ بَعَثُوا بِهِ فِي وَقْتِهِمْ وَ فِي زَمَانِهِمْ؟ وَ لَمْ نَشَرُوا قَبْلَ أَنْ يَنْفُخَ اللَّهُ فِي الصُّوَرِ؟

فَقَالَ: سَمْعاً وَ طَاعَةً لِلَّهِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (1)، فَلَمَّا (فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ) (2) بِهِمْ.

قَالَ لَهُمْ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَنْبِيَاءَ اللَّهِ (بِمَ) بُعِثْتُمْ؟ وَ لِمَ نُشِرْتُمُ الْآنَ؟

فَقَالُوا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ:

بُعِثْنَا وَ نُشِرْنَا لِنُقِرَّ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، بِالنُّبُوَّةِ، وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِمَامَةِ (3)

49- حديث في ولاية علي

وَ سُئِلَ وَلَدُ الْقَارُونِيِ (4) يَوْماً عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (5) فَقَالَ:

يَا هَذَا الرَّجُلُ، مَا هَذَا مَوْضِعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهَا، لِأَنَّا نُؤَدِّي فِيهَا الْأَمَانَةَ.

فَقَالَ لَهُ: اعْلَمْ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحْشَرُ الْخَلْقُ حَوْلَ الْكُرْسِيِّ كُلًّا عَلَى طَبَقَاتِهِمُ، الْأَنْبِيَاءِ، وَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَ سَائِرِ الْأَوْصِيَاءِ فَيُؤْمَرُ الْخَلْقُ بِالْحِسَابِ، فَيُنَادِي اللَّهُ عَزَّ

ص: 65


1- فِي الْبِحَارُ: (الْأَنْبِيَاءِ).
2- فِي الْبِحَارُ: (فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ).
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40 ج 42/ 79.
4- فِي الْبِحَارِ: (وَ سُئِلَ القاروني).
5- الصَّافَّاتِ: 24.

وَ جَلَّ: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ لَهُ نَعَمْ، وَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ وَلَايَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، وَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

50- حديث صحيفة المؤمن حب علي

وَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ وَ إِلَّا صَمَّتَا:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ فِي حَقِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عُنْوَانُ صَحِيفَةِ الْمُؤْمِنِ حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

51- حديث علي أمير المؤمنين على لسان جبرئيل

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي بَيْتِهِ، فَغَدَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ كَانَ يُحِبُّ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ أَحَدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ

ص: 66


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 228 ح 2، هَذَا الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ جَمَعَ غَفِيرٍ مِنْ فطاحل أَهْلِ الْعَامَّةِ وَ نَحْنُ نسرد الْبَعْضَ مِنْهُمْ: ابْنِ حَجَرٍ فِي الصَّوَاعِقَ المحرقة: 89، ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي التَّذْكِرَةِ: 21، وَ القندوزي فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 112، وَ الْحَسْكَانِيِّ فِي شَوَاهِدَ التَّنْزِيلِ: 2/ 106، وَ الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 79، وَ الزرندي فِي نَظَمَ دُرَرِ السمطين: 109، وَ الْخُوَارِزْمِيِّ: فِي الْمَنَاقِبِ: 195، وَ الحبري فِي تَفْسِيرِهِ تَنْزِيلٌ الْآيَاتِ: 78، وَ الْهَمْدَانِيِّ، وَ الحيدر آبادي، وَ الْأَمْرِ تسري، وَ الْهَرَوِيِّ، وَ الْحَضْرَمِيِّ، وَ مُحَمَّدِ مُؤْمِنٍ، وَ ابْنِ حسنوية وَ الشَّافِعِيُّ، وَ الْحَنَفِيِّ الْمِصْرِيِّ، وَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَ المردي الْحَنَفِيِّ، وَ المولوي اللكنهودي.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 229 ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 114 وَ رَوَاهُ فِي بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 182، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 284 ح 71، وَ هُنَاكَ مَجْمُوعَةُ مِنْ مصادر الْعَامَّةِ طَرَّقَتْ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفُ، وَ نَذْكُرُ شَطْرُ مِنْهُمْ بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ: تَارِيخِ بَغْدَادَ: 4/ 410، مَنَاقِبِ ابْنِ المغازلي: 243 ح 290، لِسَانِ الْمِيزَانِ: 4/ 471، الصَّوَاعِقَ المحرقة: 75، كَنْزِ الْعُمَّالِ: 12/ 202 مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 30، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 91، 125، 180، 186، 231، 251، 284.

فَدَخَلَ وَ إِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي صَحْنِ دَارِهِ، وَ إِذَا بِرَأْسِهِ الْكَرِيمِ فِي حَجْرِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ.

فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

قَالَ: بِخَيْرٍ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا خَيْراً أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ: إِنَّنِي أُحِبُّكَ وَ لَكَ عِنْدِي فَرْحَةٌ أَزِفُّهَا إِلَيْكَ:

أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، أَنْتَ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ مَا خَلَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، لِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حِزْبٍ آمِنٌ.

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ وَالاكَ، وَ خَسِرَ مَنْ تَخَلَّى عَنْكَ مُحِبُّ مُحَمَّدٍ مُحِبُّكَ، وَ مُبْغِضُ مُحَمَّدٍ مُبْغِضُكَ، لَا يَنَالُ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ مَنْ عَادَاكَ، ادْنُ مِنِّي يَا صَفْوَةَ اللَّهِ، فَأَنْتَ أَحَقُّ مِنِّي بِرَأْسِ أَخِيكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَأَخَذَ بِرَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ وَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ قَالَ: مَا هَذِهِ الْهَمْهَمَةُ؟

فَأَخْبَرَهُ الْحَدِيثَ قَالَ: يَا عَلِيُّ، لَمْ يَكُنْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بَلْ هُوَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سَمَّاكَ بِمَا سَمَّاكَ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ.

وَ قَدْ أَمَرَ بِمَحَبَّتِكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ بِبُغْضِكَ فِي صُدُورِ الْكَافِرِينَ (1)

52- حديث في حب علي و بغضه

وَ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَصْرٍ الْخُدْرِيِ (2)،- يَرْفَعُهُ- عَنْ عَامِرِ بْنِ وَائِلَةَ (3)، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَ قَالَ:

ص: 67


1- الْفَضَائِلِ: 114، وَ أَخْرَجَهُ فِي كَشْفِ الْيَقِينِ: 44، وَ أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 31 باسناده، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى (مِثْلَهُ) عَنْهُمَا الْبِحَارُ: 39/ 96 ح 8.
2- لَمْ نَجِدْهُ فِي تراجم الرِّجَالِ.
3- فِي الْأَصْلِ: (عَلِيِّ بْنِ وَاثِلَةَ) وَ هُوَ تَصْحِيفٌ، عَامِرٍ بْنِ وَاثِلَةَ، أَبُو الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ، وُلِدَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ، [وَ آخَرُ مِنْ رَأَى النَّبِيِّ وَفَاةِ]، وَ هُوَ ابْنِ تِسْعِينَ سَنَةً، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنِ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَمَا فِي سَيْرُ أَعْلَامِ النبلاء: 4/ 467، وَ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الخوئي قَدَّسَ سَرَّهُ فِي معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ: 9/ 203، وَ ج 21/ 200 وَ فِي قاموس الرِّجَالِ للتستري: 5/ 199، وَ ج 10/ 107.

يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُ (1) الْمُؤْمِنَ بِهَذَا، أَوْ فِي هَذَا، مَا بَغَّضَنِي، وَ لَوْ أَخَذْتُ الْمُنَافِقَ فَنَثَرْتُ عَلَيْهِ ذَهَباً حَتَّى أَغْمَرَهُ مَا أَحَبَّنِي أَبَداً (2)

53- حديث علي خليفتي من بعدي

وَ عَنْ تَمَّامَ بْنِ الْعَبْدِيِ (3) قَالَ: بَيْنَمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ النَّاسَ عَلَى شَفِيرِ زَمْزَمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ لَمْ يَكْفُرْ بِصَوْمٍ وَ لَا بِصَلَاةٍ وَ لَا حَجٍّ وَ لَا قِبْلَةٍ وَ لَا جِهَادٍ؟

فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْحَكَ اسْأَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ، وَ دَعْ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا جِئْتُ إِلَّا بِهَذَا الْأَمْرِ.

قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِمَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ اسْمَعْ مِنِّي إِنَّ مَثَلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَثَلِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدِ

ص: 68


1- فِي شَرْحِ النَّهْجِ وَ الْبِحَارُ: (لَوْ نُثِرَتِ).
2- شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ لِابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ: 4/ 83، وَ رَوَى عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَسْلَمَ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 295، أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 129، باسناده، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ). وَ رَوَاهُ فِي بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 130، وَ أَوْرَدَهُ الْكَفْعَمِيُّ فِي الْجُنَّةِ الْوَاقِيَةِ: 621.
3- (تَمَّامَ بْنِ الْعَبْدِيِّ)، تَصْحِيفٌ: وَ هُوَ عِبَادَةِ (عَبَايَةَ) بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيِّ، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا فِي رِجَالٍ الطُّوسِيُّ: 19، وَ معجم رِجَالٍ الْحَدِيثَ لِلسَّيِّدِ الخوئي قَدَّسَ سَرَّهُ وَ فِي نُسْخَةٍ: (عناية الْأَسَدِيِّ).

اسْتُوعِبَ (1) الْعِلْمَ كُلَّهُ، حَتَّى صَحِبَ الْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ إِنَّ الْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَتَلَ الْغُلَامَ وَ كَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ رِضًى، وَ لِمُوسَى سَخَطاً، وَ خَرَقَ السَّفِينَةَ وَ كَانَ خَرْقُهَا لِلَّهِ فِيهِ رِضًى وَ لِمُوسَى سَخَطاً.

وَ إِنَّ عَلِيّاً قَتَلَ الْخَوَارِجَ وَ كَانَ قَتْلُهُمْ لِلَّهِ رِضًى، لِأَهْلِ الضَّلَالِ سَخَطاً.

اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَوْلَمَ وَلِيمَةً وَ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ عَشَرَةً عَشَرَةً، فَلَبِثَ بَعْدَهَا أَيَّاماً وَ تَحَوَّلَ إِلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ (رض) فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمَ بِالْبَابِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ بِالْبَابِ رَجُلًا لَيْسَ بِالْخَرِقِ (2) وَ لَا بِالنَّزِقِ (3) وَ لَا (بِالْعَجُولِ) (4) يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، قُومِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ، فَافْتَحِي لَهُ الْبَابَ، فَقَامَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُجِيبَةً لِرَسُولِ اللَّهِ، وَ قَالَتْ:

مَنْ ذَا الَّذِي بَلَغَ حَظُّهُ حَتَّى أَقُومَ إِلَيْهِ وَ أَسْتَقْبِلَهُ بِمَحَاسِنِي وَ مَعَاصِمِي (5) فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ كَالْمُغْضَبِ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، قُومِي فَافْتَحِي لَهُ الْبَابَ فَقَامَتْ فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ، قَالَ: وَ أَخَذَ بِعَضُدَيِ الْبَابِ حَتَّى لَمْ يَسْمَعْ لَهَا حَسِيساً، وَ عَلِمَ أَنَّهَا وَصَلَتْ مِخْدَعَهَا (6).

فَدَخَلَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، يَا قُرَّةَ عَيْنِي. فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، اشْهَدِي لَهُ أَنَّهُ خَلِيفَتِي وَ وَصِيِّي وَ أَنَّهُ وَ وَلَدَيْهِ قُرَّةُ عَيْنِي وَ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا. يَا أُمَّ سَلَمَةَ أَ مَا تَعْرِفِيهِ؟ فَقَالَتْ

ص: 69


1- فِي نُسْخَةٍ: (قَدْ اسْتَوْجَبَ).
2- الْخُرْقُ: سُوءِ التَّصَرُّفِ وَ الْجَهْلِ ضَعُفَ الرَّأْيِ.
3- النَّزَقَ: الْخِفَّةَ فِي كُلِّ أَمَرَ.
4- فِي الْأَصْلِ: (والابحلوا) لَمْ نَجِدُ لَهَا مَعْنَى وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ عِلَلِ الشَّرَائِعِ.
5- مِنْ عِلَلِ الشَّرَائِعِ، وَ فِي الْأَصْلِ (بالستي وَ محاسبي وَ رماضدي).
6- المخدع: بَيْتِ دَاخِلٌ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ.

بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى أَهْلِي، وَ اشْهَدِي أَنَّ لَحْمَهُ لَحْمِي، وَ دَمَهُ دَمِي، اشْهَدِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ، أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ الْحَوْضَ عَلَيَّ، وَ أَنَّهُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَ أَنَّهُ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ اشْهَدِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ، أَنَّهُ يَقْتُلُ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ، وَ أَنَّهُ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي (1)

54- حديث علي أخي و وصيي

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (2) يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي فِيكُمْ؟

فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهُ جَمِيعاً.

فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَنَا أُوَازِرُكَ عَلَيْهِ.

فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي، وَ قَالَ: أَنْتَ أَخِي، وَ رضيي [وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي، فِيكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا (3)

55- حديث عقاب من أبغض علي

ص: 70


1- الفضائل: 114، علل الشرائع: 1/ 64 ح 2 باسناده، عن عباية الأسدي، قال: كان عبد اللّه بن العباس جالسا على شفير زمزم يحدث الناس و ذكر (مثله بشكل أوسع) عنه البحار: 13/ 292 ح 6، كشف اليقين: 105، باسناده، عن عباية، عن ابن عباس (مثل العلل) عنه البحار: 32/ 345 ح 330.
2- ما بين المعقوفتين اثبتناها لسياق الكلام.
3- تفسير فرات الكوفي: 112 عنه البحار: 38/ 224 ضمن ح 124 أمالي الطوسي: 20، عنه البحار: 18/ 192 ضمن ح 27 الخرائج و الجرائح: 1/ 92 ح 153.

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الدَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى تَمِيمٍ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا بِالشَّامِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ هُوَ يُغَطِّيهِ.

فَسَأَلْتُهُ: مَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَخْبَرْتُهُ.

قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَخْبِرْنِي. قَالَ: كُنْتُ شَدِيدَ الْوَقِيعَةِ فِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَثِيرَ الذِّكْرِ لَهُ، قَالَ:

فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي.

وَ قَالَ لِي: أَنْتَ صَاحِبُ الْوَقِيعَةِ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقُلْتُ: بَلَى، فَضَرَبَ وَجْهِي، فَقَالَ: سَوَّدَهُ اللَّهُ فَاسْوَدَّ، كَمَا تَرَى (1)

56- حديث علي على ناقة من نوق الجنة

رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَى يَدَيْهِ، إِذْ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَ هِيَ تَبْكِي فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهَا، وَ قَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكِ يَا حُورِيَّةُ.

قَالَتْ: مَرَرْتُ عَلَى مَلَإٍ مِنْ نِسَاءِ قُرَيْشٍ وَ هُنَّ مُخَضَّبَاتٌ، فَلَمَّا نَظَرْنَ إِلَيَّ وَقَعْنَ فِيَّ، وَ فِي ابْنِ عَمِّي.

قَالَ: فَمَا سَمِعْتِ مِنْهُمْ؟ قَالَتْ: قُلْنَ: عَزَّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ بِرَجُلٍ، إِلَّا فَقِيرَ قُرَيْشٍ، وَ أَقَلَّهُمْ مَالًا فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةِ، مَا زَوَّجْتُكِ بَلْ زَوَّجَكِ، اللَّهُ تَعَالَى، فَكَانَ بَدْوَهُ، وَ ذَلِكِ أَنْ خَطَبَكِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ، وَ جَعَلْتُ أَمْرَكِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَ أَمْسَكْتُ عَنِ النَّاسِ،

ص: 71


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 42/ 8 ح 10، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 115، وَ أَخْرَجَهُ هَاشِمٍ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 314 ح 199، عَنْ الْبُرْسِيِّ (مِثْلَهُ).

وَ قَدْ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ، إِذْ سَمِعْتُ حَفِيفَ (1) الْمَلَائِكَةِ مِنْ لَوْنٍ مِنْ بَيَاضِ الدُّنْيَا، إِذَا بِحَبِيبِي جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ سَبْعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ (2) مُتَوَّجِينَ (مُقَرَّطِينَ) (3) مُدَمْلِجِينَ (4) فَقُلْتُ، لِمَنْ هَذِهِ الْقَعْقَعَةُ مِنَ السَّمَاءِ يَا أَخِي جَبْرَئِيلُ؟

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا مِنَ الرِّجَالِ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ مِنَ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَزَوَّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، تَبَسَّمَتْ بَعْدَ بُكَائِهَا، فَقَالَتْ: رَضِيتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ.

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَ لَا أَزِيدُكِ يَا فَاطِمَةُ، فِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَغْبَةً؟ قَالَتْ: بَلَى.

قَالَ: لَا يَرِدُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى رَكْبٌ أَكْرَمُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ: أَخِي صَالِحٌ عَلَى نَاقَتِهِ، وَ عَمِّي حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، وَ أَنَا عَلَى الْبُرَاقِ، وَ بَعْلُكِ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ.

فَقَالَتْ: صِفْ لَنَا النَّاقَةَ مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خُلِقَتْ؟

قَالَ: خُلِقَتْ مِنْ نُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُدَبَّجَةُ (5) الْجَبِينِ صَفْرَاءُ حَمْرَاءُ الرَّأْسِ، سَوْدَاءُ الْحَدَقِ، وَ قَوَائِمُهَا مِنَ الذَّهَبِ، وَ خِطَامُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ وَ عَيْنَاهَا مِنَ الْيَاقُوتِ، وَ بَطْنُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ، عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ، يُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ظَاهِرُهَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَ بَاطِنُهَا مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، تِلْكَ النَّاقَةُ مِنْ نُوقِ اللَّهِ، تَمْضِي كَمَا يَمْضِي الرَّاكِبُ الْمُحِثُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَهَا سَبْعُونَ رُكْناً، بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الرُّكْنِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِأَلْوَانِ التَّسْبِيحِ، خُطْوَةُ النَّاقَةِ فَرْسَخٌ، تَلْحَقُ وَ لَا تَلْحَقُ، لَا تَمُرُّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ؟ مَا أَكْرَمَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أَ تَرَاهُ نَبِيّاً

ص: 72


1- أَيُّ أَبْدَتْ صَوْتاً.
2- تَوَّجَ: أَلْبَسَهُ التَّاجِ فَلَبِسَهُ.
3- فِي الْأَصْلِ: (مقرطقين) مُصْحَفٌ وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ، وَ الْقُرْطَ: مَا يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ مِنْ دُرَّةٍ وَ نَحْوِهَا.
4- الدملوج: حُلِيِّ يَلْبَسُ فِي المعصم.
5- دبج: بقشه، زَيَّنَهُ، حُسْنِهِ.

مُرْسَلًا؟ أَمْ مَلَكاً مُقَرَّباً؟ أَوْ حَامِلَ عَرْشٍ أَوْ حَامِلَ كُرْسِيٍّ.

فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ بَاطِنِ الْعَرْشِ: أَيُّهَا النَّاسُ: لَيْسَ هَذَا حَامِلَ عَرْشٍ، وَ لَا كُرْسِيٍّ، وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

فَيَبْتَدِرُونَ رِجَالٌ، فَيَقُولُونَ: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، حَدَّثُونَا فَلَمْ نُصَدِّقْ، وَ نَصَحُونَا فَلَمْ نَقْبَلْ.

وَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ تَعَلَّقُوا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِي الدُّنْيَا، كَذَلِكَ يُنَجُّونَ فِي الْآخِرَةِ.

يَا فَاطِمَةُ، أَ لَا أَزِيدُكِ فِي عَلِيٍّ رَغْبَةً؟ قَالَتْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: عَلِيٌّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَارُونَ، لِأَنَّ هَارُونَ أَغْضَبَ مُوسَى، وَ عَلِيٌّ لَمْ يُغْضِبْنِي قَطُّ.

وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا غِظْتُ يَوْماً قَطُّ فَنَظَرْتُ فِي وَجْهِ عَلِيٍّ إِلَّا ذَهَبَ الْغَيْظُ عَنِّي.

يَا فَاطِمَةُ، أَ لَا أَزِيدُكِ فِي عَلِيٍّ رَغْبَةً؟ قَالَتْ: زِدْنِي يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، الْعَلِيُّ يَقُولُ لَكَ أَقْرِئْ عَلِيّاً مِنِّي السَّلَامَ.

قَالَ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَ هِيَ تَقُولُ:

رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبّاً، وَ بِكَ يَا أَبَتَاهْ نَبِيّاً، وَ بِابْنِ عَمِّي عَلِيٍّ بَعْلًا، وَ وَلِيّاً (1)

57- حديث علي سيف اللّه على أعدائه

وَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ، وَ قَالَ:

اللَّهُمَّ آنِسْ وَحْشَتِي، وَ اعْطِفْ عَلَيَّ بِابْنِ عَمِّي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ:

يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ: قَدْ فَعَلْتُ وَ أَيَّدْتُكَ مَا سَأَلْتَ بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ،

ص: 73


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 43/ 149 ح 6، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ، إحقاق الْحَقِّ: 4/ 106.

وَ هُوَ سَيْفُ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَ سَيَبْلُغُ دِينُكَ كُلَّ مَا (1) يَبْلُغُ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ. (2)

58- حديث اعتراف معاوية بفضائل علي

وَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ (3)، قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ الْعَبَّاسِ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ كَذَا كَانَ عَلِيٌ (4)- وَ اللَّهِ- عَلَمَ الْهُدَى، وَ كَهْفَ التُّقَى، وَ مَحَلَّ الْحِجَى، وَ مَحْتِدَ النَّدَى، وَ طَوْدَ النُّهَى، وَ عَلَمَ الْوَرَى، وَ نُورَ الدُّجَى.

دَاعِياً إِلَى الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَى، وَ مُسْتَمْسِكاً بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَ سَامِياً فِي الْمَجْدِ وَ الْعُلَى، وَ قَائِدَ الدِّينِ وَ التَّقْوَى، وَ سَيِّدَ مَنْ تَقَمَّصَ وَ ارْتَدَى.

بَعْلَ بِنْتِ الْمُصْطَفَى، أَفْضَلَ مَنْ صَامَ وَ صَلَّى، وَ أَفْخَرَ مَنْ أَضْحَكَ وَ أَبْكَى.

صَاحِبَ الْيَقِينِ فِي هَلْ أَتَى، وَ بِهِ مَخْلُوقٌ مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ، كَانَ- وَ اللَّهِ- كَالْأَسَدِ مَقِيلًا، وَ لَهُمْ فِي الْحُرُوبِ حَامِلًا، عَلَى مُبْغِضِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* إِلَى يَوْمَ التَّنَادِ.

قَالَ مُعَاوِيَةُ: كَانَ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ، كَمَا يَقُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (5)

59- حديث المنزلة

وَ بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ حُنَيْنٍ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

ص: 74


1- فِي الْبِحَارُ: (مَا).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 24 ضَمِنَ ح 97 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.
3- رِبْعِيٍّ بْنِ حراش: ابو مَرْيَمَ الْعَبْسِيِّ الْكُوفِيِّ، مخضرم، مِنْ الثَّانِيَةِ مَاتَ سَنَةً مِائَةَ لِلْهِجْرَةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ: 1/ 243 ح 28، وَ فِي سَيْرُ أَعْلَامِ النبلاء: 4/ 359، وَ فِي الْجُرْحِ وَ التعديل: 3/ 509 رقم 2307.
4- فِي الْأَصْلِ: (قَالَ كَذَا عَلِيُّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ هُوَ تحصيف).
5- لَمْ نَجِدْهُ فِي مَظَانِّهِ.

مَا هَبَّتِ الصَّبَا لَوْ لَا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِي تَقُولُ فِيكَ مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي أَخِي الْمَسِيحِ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلًا مَا مَرَرْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ، وَ الْمَاءَ مِنْ فَاضِلِ طَهُورِكَ.

فَيَسْتَشْفُونَ بِهِ، وَ لَكِنَّكَ حَسْبُكَ أَنَّكَ أَنْتَ مِنِّي وَ أَنَا مِنْكَ، تَرِثُنِي وَ أَرِثُكَ.

وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَ أَنَّ حَرْبَكَ حَرْبِي، وَ سِلْمَكَ سِلْمِي. (1)

60- حديث شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة

وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهِ الطَّبَرِيِّ (بِإِسْنَادِهِ)- يَرْفَعُهُ- إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

يَا عَلِيُّ، لَوِ اجْتَمَعَ الْخَلْقُ عَلَى وَلَايَتِكَ، لَمَا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ، وَ لَكِنْ أَنْتَ وَ شِيعَتُكَ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (2)

61- حديث علي حامل لواء الحمد

عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ شِعْراً يُنْشِدُ وَ يَقُولُ:

أَنَا لِلْحَرْبِ أَلِيهَا وَ بِنَفْسِي أَصْطَلِيهَانِعْمَةً مِنْ خَالِقِ الْعَرْشِ بِهَا قَدْ خَصَّنِيهَا

وَ أَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْماً أَحْتَوِيهَاوَ لِيَ السَّبْقَةُ فِي الْإِسْلَامِ طِفْلًا وَ وَجِيهاً

وَ لِيَ الْفَضْلُ عَلَى النَّاسِ بِفَاطِمْ وَ بَنِيهَاثُمَّ فَخْرِي بِرَسُولِ اللَّهِ إِذْ زَوَّجَنِيه

ص: 75


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 43 ذح 79، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 75 وَ 96، وَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ للخوارزمي: 1/ 45 يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 130 وَ 131، مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: 9/ 121، مَنَاقِبِ المغازلي: 237، شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ لِابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ: 9/ 168. (2) عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 248 ح 9، وَ تَقَدَّمَتْ تخريجاته فِي ح 38.

62- حديث المؤاخاة

خَبَرٌ مِنْ فَضَائِلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُطَهَّرِ (1) الْعَطَّارِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الثِّقَاتِ، إِلَى حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ الْمُوَاخَاةِ وَاخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاقِفٌ يَرَاهُ، وَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَ لَمْ يُؤَاخِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَحَدٍ.

فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَاكِيَ الْعَيْنِ، فَافْتَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَقَالَ: مَا فَعَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قَالُوا لَهُ: انْصَرَفَ بَاكِيَ الْعَيْنِ.

قَالَ: يَا بِلَالُ، اذْهَبْ وَ أْتِنِي بِهِ. فَمَضَى بِلَالٌ، إِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ دَخَلَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ لَكِ عَيْناً، قَالَ:

يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ النَّبِيَّ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، وَ أَنَا وَاقِفٌ يَرَانِي، وَ يَعْلَمُ مَكَانِي وَ لَمْ يُؤَاخِ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحَدٍ.

قَالَتْ: لَا يَحْزُنُكَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّهُ أَخَّرَكَ لِنَفْسِهِ، فَضَرَبَ بِلَالٌ الْبَابَ، قَالَ:

يَا عَلِيُّ، أَجِبِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَأَتَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ النَّبِيِّ.

فَقَالَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ آخَيْتَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ أَنَا وَاقِفٌ تَرَانِي، وَ تَعْلَمُ مَكَانِي وَ لَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحَدٍ، فَقَالَ:

يَا عَلِيُّ، إِنَّمَا أَخَّرْتُكَ لِنَفْسِي، كَمَا أَمَرَنِي رَبِّي، قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، وَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَ ارْتَقَى الْمِنْبَرَ.

وَ قَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، كَمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي،

ص: 76


1- فى الْبِحَارُ: (الْمُظَفَّرِ).

أَيُّهَا النَّاسُ: أَ لَسْتُ بِأَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟

قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَ مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ، وَ مَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ، فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ وَ رَأَيْتَ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، ثُمَّ نَزَلَ.

وَ قَدْ سُرَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَجَعَلَ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ، وَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: بَخْ بَخْ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ، زَوْجَةُ مَنْ يُعَادِيكَ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ. (1)

63- حديث علي أخي و رفيقي

وَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي مُؤَاخٍ بَيْنَكُمْ، كَمَا يُؤَاخِي اللَّهُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ.

ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَخِي، أَنْتَ أَخِي وَ رَفِيقِي، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (2) الْأَخِلَّاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ (3)

64- حديث علي مكتوب على ساق العرش

ص: 77


1- عنه البحار: 38/ 344 ذ ح 18، كشف الغمة: 1/ 328، العمدة لابن بطريق: 169 ح 262 (مثله)، إثبات الهداة: 4/ 27 ح 80، أقول: حديث التهنئة بالولاية لعلي بن أبي طالب عليه السّلام ذكره العام و الخاص في مصادرهم و ذكر العلامة الأميني في موسوعته الغدير ما يفيد في هذا المضمار.
2- الحجر: 47.
3- كشف الغمة: 1/ 328 عنه البحار: 38/ 344 ح 19، و رواه الصدوق في اماليه: 179 ح 5، و ذكر علماء العامة في مصادرهم، بأنها نزلت في علي عليه السّلام و في أولاده الائمة الهداة عليهم السّلام منهم: أحمد بن حنبل في الفضائل: 106 و القرطبي في تفسيره: 10/ 33، و النيشابوري في تفسيره: 17/ 59، و الآلوسي في روح المعاني: 14/ 53، و القندوزي في ينابيع المودة: 118 و 132، و الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السّلام: 68، و الحسكاني في شواهد التنزيل: 3171 (بعدة طرق).

وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (1) لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، رَأَيْتُ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ: أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، لَا إِلَهَ غَيْرِي، غَرَسْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِي، مُحَمَّدٌ صَفْوَتِي، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

65- حديث من شك في علي فهو كافر

وَ مِمَّا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنْ نَازَعَ عَلِيّاً فِي الْخِلَافَةِ بَعْدِي فَهُوَ كَافِرٌ، وَ قَدْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ مَنْ شَكَّ فِي عَلِيٍّ فَهُوَ كَافِرٌ. (3)

66- حديث علي راية الهدى

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَوِيِّ- يَرْفَعُهُ إِلَى الثِّقَاتِ عَنْ سَلَّامٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ فِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَهْداً.

فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، بَيِّنْهُ لِي؟ قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ رَايَةُ الْهُدَى، وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي، وَ نُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ هُوَ كَلِمَتِيَ الَّتِي أَلْزَمُ بِهَا الْمُتَّقِينَ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي.

وَ مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ.

فَلَمَّا سَمِعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَ فِي قَبْضَتِهِ، فَإِنْ يُعَذِّبُنِي فَبِذُنُوبِي، لَمْ يَظْلِمْنِي، وَ إِنْ يُتِمُّ الَّذِي

ص: 78


1- فِي الْفَضَائِلِ وَ الْبِحَارُ: (يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 27/ 2 ح 4، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 167، وَ عَنْ أَمَالِي الصَّدُوقُ: 179 ح 5، باسناده، عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلِّمْ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، الْمُحْتَضَرِ: 139، عَنْهُ الْبِحَارُ: 27 ج 11 ح 26.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 135 ح 92، مَنَاقِبِ ابْنِ المغازلي: 45 ح 68، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 181 وَ 247.

بَشَّرَ إِلَيَّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِي مِنِّي وَ هُوَ أَهْلُهُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اللَّهُمَّ اجْلُ قَلْبَهُ، وَ اجْعَلْ رَبِيعَهُ الْإِيمَانَ بِكَ.

فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ لَكَ بِهِ، قُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ أَنِّي قَدِ اسْتَخْصَصْتُهُ بَيْنَ الْمَلَإِ، مَا لَمْ أَخُصَّ بِهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِكَ.

فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَخِي وَ صَاحِبِي.

فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ: إِنَّ هَذَا أَمْرُهُ سَبَقَ، إِنَّهُ مُبْتَلًى، وَ مُبْتَلًى بِهِ (1)

67- حديث علي وارث العلم

الْمُسْنَدُ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَتَانِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِدُرْنُوكٍ (2) مِنْ دَرَانِيكِ الْجَنَّةِ فَجَلَسْتُ عَلَيْهِ، فَمَا صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي، وَ كَلَّمَنِي وَ نَاجَانِي بِمَا عَلِمْتُ مِنَ الْأَشْيَاءِ، فَمَا عَلِمْتُ شَيْئاً، إِلَّا عَلَّمْتُهُ ابْنَ عَمِّي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَهُوَ بَابُ مَدِينَةِ عِلْمِي.

ثُمَّ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَالَ يَا عَلِيُّ، سِلْمُكَ سِلْمِي، وَ حَرْبُكَ حَرْبِي، وَ وَارِثُ الْعِلْمِ، فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي (3)

68- حديث في بغض علي

وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ (الْعَطَّارِ) (4)- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَهْمِ بْنِ حَكَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ

ص: 79


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 135 ح 93، الْعُمْدَةِ لِابْنِ بِطْرِيقِ: 279 ح 453، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 46 ح 69، باسناده، عَنْ أَبِي الْمُطَهَّرِ الرَّازِيِّ، عَنْ سَلَّامٍ الْجُعْفِيِّ (مِثْلَهُ).
2- الدرنوك: نَوْعٍ مِنْ الْبُسُطِ، أَوْ الثِّيَابِ لَهُ خمل.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 176 ح 59.
4- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا عَلِيُّ، لَا تُبَالِ بِمَنْ مَاتَ وَ هُوَ مُبْغِضٌ لَكَ، (كَانَ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً) (1) (2)

69- حديث في حب علي

وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُظَفَّرِ- بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا، قَالَ: فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِلَيَّ يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَقَدْ كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُكَ (3)

70- حديث علي أولكم إيمانا

وَ بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ مُغْضَبٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا بِكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: آذَوْنِي فِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ص: 80


1- فِي الْبِحَارِ: (فَمَنْ مَاتَ عَلَى بُغْضِكَ مَاتَ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 250 ح 15، الْأَرْبَعُونَ حَدِيثاً لمنتجب الدِّينِ: 62 ح 22، باسناده الْمُعْتَبَرِ لبهز بْنِ حُكَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حيدة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِعَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) وَ زَادَ فِيهِ: قَالَ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ: قُلْتُ لبهز بْنِ حَكِيمٍ: بِاللَّهِ أَبُوكَ حَدَّثَكَ عَنْ جَدِّكَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلِّمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَ إِلَّا فسمر اللَّهِ أُذُنَيْهِ بِمِسْمَارٍ مِنْ نَارٍ. الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 50 ح 74، إِرْشَادِ الْقُلُوبِ: 236 (مُرْسَلًا)، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 251، مِيزَانِ الأعتدال: 2 ج 236، لِسَانِ الْمِيزَانِ: 2/ 90، وَ ج 4 ج 251.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 251 ضَمِنَ ح 15، الحمويني فِي فرائد السمطين: 2/ 243 ح 417، وَ ابْنِ المغازلي فِي مَنَاقِبِهِ 261، وَ الذهبي فِي مِيزَانِ الإعتدال: 4/ 6451، وَ ابْنِ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ: 2/ 215 وَ ص 185 وَ 186 (بِعِدَّةِ طُرُقِ)، وَ المتقي الْهِنْدِيِّ فِي كنزل الْعُمَّالِ: 6/ 395، وَ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ: 4/ 399، وَ ج 5/ 206، وَ الزرندي فِي نَظَمَ دُرَرِ السمطين: 103، وَ الكنجي فِي كِفَايَةٌ الطَّالِبُ: 180، وَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْبِدَايَةَ وَ النِّهَايَةِ: 7/ 354.

فَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ، وَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ مِنْكُمْ آذَى عَلِيّاً فَإِنَّهُ أَوَّلُكُمْ إِيمَاناً، وَ أَوْفَاكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ آذَى عَلِيّاً بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً.

فَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ إِنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟

قَالَ نَعَمْ، وَ إِنْ شَهِدَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، يَا جَابِرُ، كَلِمَةٌ بها يَحْتَجِبُونَ بِهَا، فَلَا نسفك [تُسْفَكُ دِمَاؤُهُمْ، وَ لَا تشتروا [تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ، وَ لَا تعطوا [يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ (1)

71- حديث توبة آدم

وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ- يَرْفَعُهُ- بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَتابَ عَلَيْهِ.

قَالَ: سَأَلَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، إِلَّا تُبْتَ عَلَيَّ فَتَابَ عَلَيْهِ (2)

72- حديث النور

وَ بِالْأَسَانِيدِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ نُوراً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى، يُسَبِّحُ اللَّهَ ذَلِكَ النُّورُ

ص: 81


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 333 ح 3 وَ 4، الطرائف: 75 ح 79، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 52 ح 76، وَ رَوَاهُ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ 2/ 49.
2- كَمَالِ الدِّينِ: 2/ 357 ح 57، عَنْهُ الْبِحَارُ: 24/ 177 ح 8، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 63، الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: 1/ 60، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 97 وَ 238، وَ النطنزي فِي الْخَصَائِصِ، وَ الْخُرَاسَانِيِّ فِي مَنَاهِجَ الْفَاضِلِينَ، وَ الكاشفي فِي معارج النُّبُوَّةِ، وَ البدخشي فِي مِفْتَاحُ النجا، وَ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ، وَ السُّيُوطِيُّ فِي ذَيْلِ اللئالي، وَ ابْنِ عَسَاكِرَ فِي مسنديه، وَ الإمر تسري فِي أَرْجَحَ الْمَطَالِبِ.

وَ يُقَدِّسُهُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ آدَمُ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ رَكَّبَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُهُ، حَتَّى انْتَهَى فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

فَفِيَّ النُّبُوَّةُ وَ فِي عَلِيٍّ الْإِمَامَةُ وَ الْخِلَافَةُ (1)

73- حديث محبة النبي لعلي

وَ بِإِسْنَادٍ عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنْفَذَ جَيْشاً وَ مَعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ قَالَ فَرَفَعَ النَّبِيُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي وَجْهَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2).

ص: 82


1- البحار: 35/ 24 ذح 18، الطرائف: 16، عن احمد بن حنبل. اقول: حديث النور مشهور، و تناقلت كتب و مصادر علماء الحديث و جهابذة أهل العامة بالفاظ مختلفة نشير الى قسم منهم: الديلمي في الفردوس: 2/ 305 و ج 3/ 332، و الخوارزمي في مقتله: 1/ 50، و في مناقبه: 88 و ابن عساكر في الترجمة: 1/ 135، 137، و الحمويني في فرائد السمطين: 1/ 42 ح 7، و الزرندي في نظم درر السمطين: 79، و القندوزي في ينابيع المودة: 10/ 468، و احمد بن حنبل في الفضائل: 205، و ابن الجوزي في التذكرة: 52، و ابن أبي الحديد في شرحه: 9/ 171، و الكنجي في الكفاية: 315، و الذهبي في ميزان الاعتدال 2/ 235.
2- عنه البحار: 40/ 43 ح 80، بشارة المصطفى: 270، باسناده، عن أم شرحبيل، عن أم عطية، (مثله)، إرشاد القلوب: 234، و ذكر هذا الحديث جمع من أهل العامة: المناقب لابن المغازلي: 5/ 123، ترجمة الإمام علي عليه السّلام لابن عساكر: 2/ 358 و 359، صحيح الترمذي 5/ 643 ح 3737، المناقب للخوارزمي: 30، أسد الغابة لابن الاثير: 4/ 26، التذكرة لابن الجوزي: 36، ذخائر العقبى للطبري: 64، نظم درر السمطين للزرندي: 100، ينابيع المودة: 9 و 215، و ذكره لفيف منهم نقتصر على أسمائهم: صديق حسن خاني، و السفاريني. و عبد الحق، و الفرنكي الحنفي، و الهاقولي، و الشيباني، و الخطيب التبريزي، و النفشبندي، و القاري، و الحضرمي، و منصور ناصف، و الحيدر آبادي الحنفي، و محمد بن محمد، و البخاري، و ابن مسعود الشافعي، و ابن حسنويه، و ابن كثير، و خواجه پارساري و المبيدي، و الهروي، و البدخشي، و الوارديفي، و الامر تسري.

74- حديث علي كمثل الكعبة

وَ هَذَا مَا- يَرْفَعُهُ- بِالْأَسَانِيدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَثَلُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ الْكَعْبَةِ: النَّظَرُ إِلَيْهَا عِبَادَةٌ، وَ الْحَجُّ إِلَيْهَا فَرِيضَةٌ (1)

75- حديث المناجاة

وَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ الْعَطَّارِ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيِّ- يَرْفَعُهُ- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَاجَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَوْمَ الطَّرِيقَةِ، فَطَالَتْ مُنَاجَاتُهُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

قِيلَ لَهُ: قَدْ طَالَتْ مُنَاجَاتُكَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: مَا نَاجَيْتُهُ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَاجَاهُ. (2)

76- حديث علي لم يسخط الرب

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ مَلَكَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيَفْتَخِرَانِ عَلَى سَائِرِ الْأَمْلَاكِ، لِكَوْنِهِمَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَصْعَدَا قَطُّ بِشَيْ ءٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يُسْخِطُهُ (3).

ص: 83


1- عنه البحار: 40/ 43 ضمن ح 80، الصراط المستقيم: 2/ 75، ترجمة الإمام علي عليه السّلام: 2/ 406، المناقب لابن المغازلي: 106 ح 149.
2- أمالي الطوسي: 340 ح 2، باسناده، عن أبي الزبير، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر (مثله)، عنه البحار: 40/ 34 ح 66، تاريخ اصفهان: 1/ 141، كنز العمال: 15/ 122، تاريخ بغداد: 7/ 402، صحيح الترمذي: 5/ 639 ح 3726، مناقب الخزوازمي: 82، النهاية لابن الاثير: 5/ 25، تذكرة الخواص: 42، اسد الغابة: 4/ 27، شرح النهج: 2/ 167 و 9/ 173، و ذكر هذا الحديث الشريف أكثر أهل العامة في كتبهم.
3- عنه البحار: 40/ 43 ذ ح 80، تأويل الآيات: 2/ 718 ح 12، باسناده، عن محمد بن عمار بن ثابت، عن أبيه قال: و ذكر (مثله)، الطرائف: 79 ح 811، علل الشرئع: 1/ 8 ح 5، عنه البحار: 38/ 65 ح 3 و رواه الخطيب في تاريخ بغداد: 14/ 49، و ابن المغازلي في المناقب: 127 و 128، و الخوارزمي في مناقبه: 225.

77- حديث علي ينجز عدة النبي

وَ بِالْأَسَانِيدِ:- يَرْفَعُهُ- إِلَى بِشْرِ بْنِ جُنَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَ هُوَ فِي الْخِلَافَةِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَعْطِنِي عِدَّتِي مِنْهُ.

قَالَ: وَ مَا عِدَّتُكَ؟ قَالَ: عِدَّتِي ثَلَاثُ حَثَوَاتٍ، كَانَ يَحْثُوهَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَحَثَا لَهُ ثَلَاثَ حَثَوَاتٍ مِنَ التَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ، فَكَانَتْ رَسْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ...

قَالَ: فَأَخَذَهَا وَ عَدَّهَا فَلَمْ يَجِدْهَا مِثْلَ مَا عَهِدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَحَذَفَ (1) بِهَا عَلَيْهِ.

قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: مَا بِكَ؟ قَالَ: خُذْهَا، فَمَا أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ، قَالَ: أَرْشِدُوهُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ بِهِ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ابْتَدَأَهُ الْإِمَامُ بِمَا يُرِيدُهُ.

قَالَ: إِنَّكَ تُرِيدُ حَثَوَاتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

قَالَ: نَعَمْ يَا فَتَى، فَحَثَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَ حَثَوَاتٍ، فِي كُلِّ حَثْوَةٍ سِتِّينَ تَمْرَةً، لَا تَزِيدُ وَ لَا تَنْقُصُ وَاحِدَةٌ عَلَى الْأُخْرَى.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً، وَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلٍ لِمَا جَلَسُوا فِيهِ.

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ، حَيْثُ يَقُولُ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ وَ نَحْنُ خَارِجُونَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ: كَفِّي وَ كَفُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ.

ص: 84


1- حَذَفَ: ضَرَبَهُ، أَوْ رَمَاهُ بِهِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ أَكْثَرَ النَّاسُ الْقِيلَ وَ الْقَالَ فِي أَبِي بَكْرٍ. فَخَرَجَ عُمَرُ فَسَكَّتَهُمْ، وَ خَرَجَ أَبُو الْحَسَنِ. (1)

78- حديث ملعون من أبغض عليا

وَ بِالْإِسْنَادِ:- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً، لَا هُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَ لَا هُمْ مِنَ الْإِنْسِ، يَلْعَنُونَ مُبْغِضِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:

قَالَ: الْقَنَابِرُ، يَلْعَنُونَ مُبْغِضَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ يُنَادُونَ فِي الشَّجَرِ، وَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ:

أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مُبْغِضِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

79- حديث في فضائل علي على لسان المنصور العباسي

وَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ بْنِ الْأَزْهَرِ (3)، يَرْوِيهِ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ:

سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الْأَعْمَشُ، قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ الْمَنْصُورُ، فَقُلْتُ: رُبَّمَا يَسْأَلُنِي عَنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ إِنْ حَدَّثْتُهُ بِفَضِيلَةٍ قَتَلَنِي، فَتَطَهَّرْتُ وَ تَكَفَّنْتُ وَ تَحَنَّطْتُ، وَ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي، وَ سِرْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَجَدْتُ

ص: 85


1- الْفَضَائِلِ: 116، أَمَالِي الْمُفِيدُ: 172، وَ أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 42 باسناده، عَنْ حَبَشِيٍّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ بِدُونِ حَثَيَاتٍ أَبِي بَكْرٍ)، عَنْهُمَا الْبِحَارُ: 40/ 119 ح 4، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 221 تَارِيخِ بَغْدَادَ: 5/ 37، وَ ج 8/ 76، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 21، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 233، وَ أَخْرَجَهُ هَاشِمٍ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 3/ 36 ح 701 عَنْ الْبُرْسِيِّ.
2- وَ عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 251 ضَمِنَ ح 15، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 116، الْعُمْدَةِ لِابْنِ بِطَرِيقِ: 187، وَ رَوَاهُ المغازلي فِي مَنَاقِبِهِ: 142 ح 187، وَ إحقاق الْحَقِّ: 7/ 221 وَ ج 17/ 192.
3- لَمْ نَجِدُ لَهُ أَثَراً فِي تراجم الرِّجَالِ رَغِمَ التتبع.

عِنْدَهُ عَوْناً صَدِيقاً مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَلَمَّا قَرُبْتُ إِلَيْهِ، أَقْبَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ أَسْأَلُهُ، فَفَاحَ مِنِّي رَائِحَةَ الْحَنُوطِ.

فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ؟ وَ اللَّهِ لَتَصْدُقُنِي، وَ إِلَّا قَتَلْتُكَ؟

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَانِي رَسُولُكَ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا بَعَثَ إِلَيَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ.

إِلَّا لِيَسْأَلَنِي عَنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ أَنَا أَخْبَرْتُهُ قَتَلَنِي، فَكَتَبْتُ وَصِيَّتِي، وَ لَبِسْتُ كَفَنِي، وَ تَحَنَّطْتُ.

قَالَ: وَ كَانَ مُتَّكِئاً، فَاسْتَوَى جَالِساً، وَ هُوَ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

ثُمَّ قَالَ: أَ تُكَفِّرُنِي يَا سُلَيْمَانُ، مَا اسْمِي؟

قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، دَعْنَا هَذِهِ السَّاعَةَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: مَا اسْمِي؟

قُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي بِاللَّهِ، وَ اصْدُقْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ كَمْ رَوَيْتَ مِنْ حَدِيثٍ فِي فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كَمْ فَضِيلَةً رَوَيْتَ مِنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ؟

قُلْتُ: شَيْ ءٌ يَسِيرٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: كَمْ؟ قُلْتُ لَهُ: مِقْدَارَ عَشَرَةِ آلَافِ حَدِيثٍ، وَ مَا يَزْدَادُ.

فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، أَ لَا أُحَدِّثُكَ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثَيْنِ، يَأْكُلَانِ كُلَّ حَدِيثٍ رَوَيْتَهُ عَنِ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ حَلَفْتَ لِي أَنْ لَا تَرْوِيَهَا لِأَحَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ، حَدَّثْتُكَ بِهَا قُلْتُ: لَا أَحْلِفُ وَ لَا أُحَدِّثُ بِهَا.

قَالَ: اسْمَعْ، كُنْتُ هَارِباً مِنْ بَنِي مَرْوَانَ، وَ كُنْتُ أَدُورُ فِي الْبُلْدَانِ، أَتَقَرَّبُ إِلَى النَّاسِ بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ فَضَائِلِهِ.

وَ كَانُوا يُشَرِّفُونَنِي وَ يُعَظِّمُونَنِي وَ يُكَرِّمُونَنِي، حَتَّى وَرَدْتُ بِلَادَ الشَّامِ، وَ أَهْلُ الشَّامِ

ص: 86

كُلَّمَا أَصْبَحُوا لَعَنُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَسَاجِدِهِمْ كَانَ كُلُّهُمْ خَوَارِجَ، وَ أَصْحَابَ مُعَاوِيَةَ.

فَدَخَلْتُ مَسْجِداً، وَ فِي نَفْسِي مِنْهُمْ مَا فِيهَا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَ صَلَّيْتُ الظُّهْرَ، وَ عَلَيَّ كِسَاءٌ خَلَقٌ.

فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ اتَّكَأَ عَلَى الْحَائِطِ، وَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ حُضُورٌ فَجَلَسْتُ، فَلَمْ أَرَ أَحَداً يَتَكَلَّمُ تَوْقِيراً مِنْهُمْ لِإِمَامِهِمْ، فَإِذَا أَنَا بِصَبِيَّيْنِ قَدْ دَخَلَا الْمَسْجِدَ.

فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا الْإِمَامُ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: ادْخُلَا فَمَرْحَباً بِكُمَا، وَ بِمَنْ تَسَمَّيْتُمَا بِاسْمِهِمَا، وَ اللَّهِ مَا سَمَّيْتُكُمَا بِاسْمِهِمَا إِلَّا لِأَجْلِ مَحَبَّتِي لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَإِذَا أَحَدُهُمَا:

الْحَسَنُ وَ الْآخَرُ الْحُسَيْنُ.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَقَدْ أَصَبْتُ حَاجَتِي وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَ كَانَ إِلَى جَانِبِي شَابٌّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ، وَ عَنْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ.

فَقَالَ: الشَّيْخُ جَدُّهُمَا، وَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ يُحِبُّ عَلِيّاً سِوَاهُ، فَلِذَلِكَ سَمَّاهُمَا الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، فَفَرِحْتُ فَرَحاً شَدِيداً، وَ كُنْتُ يَوْمَئِذٍ لَا أَخَافُ الرِّجَالَ.

فَدَنَوْتُ مِنَ الشَّيْخِ، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ مِنْ حَدِيثٍ أُقِرُّ بِهِ عَيْنَكَ؟

فَقَالَ: مَا أَحْوَجَنِي إِلَى ذَلِكَ؟ فَإِنْ أَقْرَرْتَ عَيْنِي، أَقْرَرْتُ عَيْنَكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قُلْتُ:

حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: وَ مَنْ أَبُوكَ؟ وَ مَنْ جَدُّكَ؟ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ نَسَبِي، فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَإِنَّهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ إِذَا بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ قَدْ أَقْبَلَتْ تَبْكِي.

فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكِ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ، وَلَدَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَدْ ذَهَبَا هَذَا الْيَوْمَ، وَ لَا أَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَا؟

وَ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ، يَسْقِي الْبُسْتَانَ، وَ إِنِّي قَدِ اسْتَوْحَشْتُ لَهُمَا.

ص: 87

فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، اذْهَبْ فَاطْلُبْهُمَا، وَ يَا عُمَرُ، اذْهَبْ فِي طَلَبِهِمَا، وَ أَنْتَ يَا فُلَانُ وَ يَا فُلَانُ.

فَوَجَّهَ سَلْمَانَ، وَ لَمْ يَزَلْ يُوَجِّهُ حَتَّى مَضَى سَبْعُونَ رَجُلًا فِي طَلَبِهِمَا فَرَجَعُوا وَ لَمْ يُصِيبُوهُمَا.

فَاغْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ وَ وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ بِحَقِّ آدَمَ صَفْوَتِكَ وَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ.

إِنْ كَانَ قُرَّتَا عَيْنِي فِي بَرٍّ، أَوْ بَحْرٍ، أَوْ سَهْلٍ، أَوْ جَبَلٍ، فَاحْفَظْهُمَا وَ سَلِّمْهُمَا إِلَى قَلْبِ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.

فَإِذَا بِبَابٍ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ فَتَحَ، وَ إِذَا بِجَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ.

وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَقُّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ:

لَا تَحْزَنْ، وَ لَا تَغْتَمَّ، الْغُلَامَانِ فَاضِلَانِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ إِنَّهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا.

وَ إِنَّهُمَا فِي حَدِيقَةِ بَنِي النَّجَّارِ، وَ إِنِّي قَدْ وَكَّلْتُ بِهِمَا ملكان [مَلَكَيْنِ رَحُومَيْنِ، يَحْفَظَانِهِمَا إِنْ قَامَا أَوْ قَعَدَا أَوْ نَامَا أَوِ اسْتَيْقَظَا.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ فَرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَرَحاً شَدِيداً.

وَ مَضَى وَ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَ مِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ وَ الْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ، حَتَّى دَخَلَ حَظِيرَةَ بَنِي النَّجَّارِ.

فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْمَلَكَيْنِ الْمُوَكَّلَيْنِ بِهِمَا، فَرَدَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامَ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ نَائِمَانِ وَ هُمَا مُتَعَانِقَانِ.

وَ ذَلِكَ الْمَلَكُ قَدْ جَعَلَ جَنَاحَهُ الْأَيْمَنَ تَحْتَهُمَا، وَ الْآخَرُ فَوْقَهُمَا.

فَجَثَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَ انْكَبَّ عَلَيْهِمَا يُقَبِّلُهُمَا.

فَقَامَ فَاسْتَيْقَظَا، فَرَأَيَا جَدَّهُمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَحَمَلَ النَّبِيُّ الْحَسَنَ، وَ جَبْرَئِيلُ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنَ الْحَدِيقَةِ (الْحَظِيرَةِ).

ص: 88

قَالَ: فَحَدَّثَ كُلُّ مَنْ كَانَ حَاضِراً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ كُلَّمَا قبلها [قَبَّلَهُمَا.

وَ هُمَا عَلَى كَتِفِهِ وَ كَتِفِ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ النَّاسُ يَرَوْنَ أَنَّهُمَا عَلَى كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

قَالَ: مَنْ أَحَبَّكُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْطِنِي أَحْمِلُ أَحَدَهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: نِعْمَ الْمَحْمُولُ، وَ نِعْمَ الْمَطِيَّةُ، وَ نِعْمَ الرَّاكِبَانِ هُمَا، وَ أَبُوهُمَا وَ أُمُّهُمَا خَيْرٌ منها [مِنْهُمَا، وَ نِعْمَ مَنْ أَحَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، وَ مَضَيَا تَلَقَّاهُ عُمَرُ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَتَّى أَحْمِلَ أَحَدَهُمَا، قَالَ: نِعْمَ الْمَحْمُولُ، وَ نِعْمَ من الْمَطِيَّةُ وَ نِعْمَ مَنْ أَحَبَّهُمَا.

قَالَ: وَ لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ سَائِراً، حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ لَأُشَرِّفَنَّ الْيَوْمَ ولداي [وَلَدَيَّ، كَمَا شَرَّفَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.

يَا بِلَالُ، نَادِ فِي النَّاسِ أَنْ يَجْتَمِعُوا، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: بَلِّغُوا عَنْ نَبِيِّكُمْ مَا تَسْمَعُونَ مِنْهُ الْيَوْمَ.

أَيُّهَا النَّاسُ: أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ جَدّاً وَ جَدَّةً؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، جَدُّهُمَا مُحَمَّدٌ، وَ جَدَّتُهُمَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُمُّ سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً؟

قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، أَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ أَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا، شَابٌّ يُحِبُّ اللَّهَ، وَ يُحِبُّ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، سَيِّدُ الْعَابِدِينَ، وَ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ.

أَ لَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ عَمّاً وَ عَمَّةً؟

قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَمُّهُمَا جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَ عَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِي بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 89

مَعَاشِرَ النَّاسِ: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ خَالًا وَ خَالَةً؟

قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. الروضة، شاذان بن جبرئيل 90 (79)(حديث في فضائل علي على لسان المنصور العباسي)

قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ خَالُهُمَا، وَ خَالَتُهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فِي الْجَنَّةِ وَ جَدُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ جَدَّتُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، أَبُوهُمَا وَ امها [أُمُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَ عَمُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ عَمَّتُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ خَالُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ خَالَتُهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ أَحَبَّ ابْنَيْ عَلِيٍّ فِي الْجَنَّةِ، وَ مَنْ أَبْغَضَهُمَا فِي النَّارِ.

أَنَّ مِنْ كَرَامَتِهِمَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ شَرَافَتِهِمَا، سَمَّاهُمَا فِي التَّوْرَاةِ شَبَّرَ وَ شبير [شَبِيراً، أَنَّهُمَا سبطي [سِبْطَايَ، وَ رَيْحَانَتَايَّ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الشَّيْخُ ذَلِكَ مِنِّي، قَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟

فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ لِي: عَرَبِيٌّ أَمْ مَوْلًى؟ قُلْتُ: بَلْ عَرَبِيٌّ.

(قَالَ: فَأَنْتَ تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَ أَنْتَ فِي هَذَا الْكِسَاءِ؟!) (1) فَأَتَانِي بِحُلَّةٍ وَ بَغْلَةٍ (2) قِيمَتُهُمَا مِائَةُ دِينَارٍ.

ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى أَخَوَيْنِ لِي فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ، أَحَدُهُمَا كَانَ إِمَاماً فِي بَيْتِهِ، وَ كَانَ يَلْعَنُ عَلِيّاً فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّةٍ.

وَ كَانَ يَلْعَنُهُ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ مَرَّةٍ، فَغَيَّرَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ، فَصَارَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ، فَهُوَ الْيَوْمَ الْخَيْبَةُ، وَ أَخٌ لِي يُحِبُّ عَلِيّاً مُنْذُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، فَقُمْ إِلَيْهِ وَ لَا تَجْلِسْ عِنْدَهُ.

وَ اللَّهِ يَا سُلَيْمَانُ فَقَدْ رَكِبْتُ الْبَغْلَةَ وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ لَجَائِعٌ، فَقَامَ مَعِيَ الشَّيْخُ، وَ أَهْلُ

ص: 90


1- مَا بَيْنَ القوسين مِنْ الْبِحَارِ، وَ فِي الْأَصْلِ غَيْرِ وَاضِحٌ.
2- فِي نُسْخَةٍ: (أَتَانِي بخلعة وَ بَغْلَةٍ).

الْمَسْجِدِ، حَتَّى صِرْنَا إِلَى الدَّارِ.

فَقَالَ الشَّيْخُ: لَا تَجْلِسْ عِنْدَهُ، فَدَفَعْتُ الْبَابَ فَإِذَا الشَّابُّ قَدْ خَرَجَ، فَلَمَّا رَآنِي وَ الْبَغْلَةَ تَحْتِي.

قَالَ: مَرْحَباً بِكَ.

وَ اللَّهِ مَا كَسَاكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ خِلْعَتَهُ، وَ لَا أَرْكَبَكَ بَغْلَتَهُ، إِلَّا وَ أَنْتَ رَجُلٌ تُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ لَئِنْ أَقْرَرْتَ عَيْنِي، أَقْرَرْتُ عَيْنَكَ.

وَ اللَّهِ يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّهُ لَآنَسُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي سَمِعْتَهُ.

وَ قَالَ: أَخْبِرْنِي؟ قُلْتُ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ جُلُوساً بِبَابِ دَارِهِ، وَ إِذَا بِفَاطِمَةَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ هِيَ حَامِلَةُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هِيَ تَبْكِي بُكَاءً شَدِيداً فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ قَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكِ، ثُمَّ تَنَاوَلَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ يَدِهَا.

فَقَالَتْ يَا أَبِي، إِنَّ نِسْوَانَ قُرَيْشٍ يُعَيِّرْنَنِي، وَ يَقُلْنَ: زَوَّجَكِ أَبُوكِ بِفَقِيرٍ لَا مَالَ لَهُ.

فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا فَاطِمَةُ مَا زَوَّجْتُكِ أَنَا، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، زَوَّجَكِ فِي السَّمَاءِ وَ شَهِدَ بِذَلِكِ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ.

اعْلَمِي يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ، فَبَعَثَهُ نَبِيّاً.

ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً ثَانِيَةً، فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلَائِقِ بَعْلَكِ، فَجَعَلَهُ وَصِيّاً.

ثُمَّ زَوَّجَكِ بِهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَاوَاتِ، وَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكِ بِهِ، وَ أَتَّخِذَهُ وَصِيّاً وَ وَزِيراً.

فَعَلَيٌّ أَشْجَعُهُمْ قَلْباً، وَ أَكْثَرُهُمْ عِلْماً، وَ أَعْلَمُ النَّاسِ بَعْدِي جَمِيعاً، وَ أَحْكَمُ النَّاسِ حُكْماً، وَ أَقْدَمُ النَّاسِ إِيمَاناً، وَ أَسْمَحُهُمْ كَفّاً، وَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً.

يَا فَاطِمَةُ إِنَّنِي آخُذُ لِوَاءَ الْحَمْدِ، وَ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ بِيَدِي، وَ أَدْفَعُهُمَا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَكُونُ آدَمُ وَ مَنْ وَلَدَهُ تَحْتَ لِوَائِي.

يَا فَاطِمَةُ إِنِّي مُقِيمٌ غَداً عَلِيّاً عَلَى حَوْضِي، يَسْقِي مَنْ عَرَفَ مِنْ أُمِّتِي.

ص: 91

يَا فَاطِمَةُ، ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ كَانَ قَدْ كَتَبَ اسْمَيْهِمَا فِي التَّوْرَاةِ مَعَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَبَّرَ وَ شبير [شَبِيراً لِكَرَامَتِهِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

يَا فَاطِمَةُ، يُكْسَى أَبُوكِ حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي، وَ لِوَاءُ أُمَّتِي تَحْتَ لِوَائِي، فَأُنَاوِلُهُ عَلِيّاً لِكَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ فَيُنَادِي مُنَادٍ:

يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْجَدُّ جَدُّكَ إِبْرَاهِيمُ، وَ نِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيٌّ.

وَ إِذَا دَعَانِي رَبُّ الْعَالَمِينَ، دَعَا عَلِيّاً مَعِي وَ إِذَا أَجَبْتَ أَجَابَ عَلِيّاً مَعِي، وَ إِذَا شَفَّعَنِي شَفَّعَ عَلِيّاً مَعِي، وَ أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَقَامِ عَوْنِي عَلَى مَفَاتِيحِ الْجَنَّةِ.

قُومِي يَا فَاطِمَةُ، فَإِنَّ عَلِيّاً وَ شِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ غَداً لِي بِالْجَنَّةِ.

كَذَا بِالْإِسْنَادِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا فَاطِمَةُ جَالِسَةٌ، إِذَا أَقْبَلَ أَبُوهَا حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهَا فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ حَزِينَةً؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ كَيْفَ لَا أَحْزَنُ، وَ أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُفَارِقَنِي.

فَقَالَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ: لَا تَبْكِي وَ لَا تَحْزَنِي، وَ لَا بُدَّ مِنْ فِرَاقِكِ.

قَالَ: فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، أَيْنَ أَلْقَاكَ؟

فَقَالَ: تَلْقَيْنَنِي عَلَى حَمْلِ لِوَاءِ الْحَمْدِ، أَشْفَعُ لِأُمَّتِي.

قَالَتْ: يَا أَبَتِ، وَ إِنْ لَمْ أَلْقَكَ؟ قَالَ: تَلْقَيْنَنِي عِنْدَ الصِّرَاطِ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِي، وَ مِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِي، وَ إِسْرَافِيلُ آخِذٌ بِحُجْزَتِي، وَ الْمَلَائِكَةُ مِنْ خَلْفِي وَ أَنَا أُنَادِي: أُمَّتِي أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُهَوِّنُ اللَّهُ عَنْهُمُ الْحِسَابَ، ثُمَّ أَنْظُرُ يَمِيناً وَ شِمَالًا إِلَى أُمَّتِي وَ كُلُّ نَبِيٍّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشْتَغِلٌ بِنَفْسِهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، نَفْسِي نَفْسِي، وَ أَنَا أَقُولُ يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَأَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِي أَنْتِ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ.

فَيَقُولُ الرَّبُّ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ أَمَّتَكَ لَوْ أَتَوْنِي بِذُنُوبٍ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، لَغَفَرْتُ لَهُمْ مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِي شَيْئاً وَ لَمْ يُوَالُوا لِي عَدُوّاً.

قَالَ الْمَنْصُورُ: فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هَذَا مِنِّي، أَمَرَ لِي بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَ كَسَانِي

ص: 92

ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ.

ثُمَّ قَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ لِي: عَرَبِيٌّ أَمْ مَوْلًى؟

قُلْتُ: بَلْ عَرَبِيٌّ، قَالَ: فَكَمَا أَقْرَرْتَ عَيْنِي، أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ.

ثُمَّ قَالَ: لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ؟ قُلْتُ: مَقْضِيَّةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَأْتِ غَداً فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لِآلِ فُلَانٍ، وَ إِيَّاكَ أَنْ تَخْطَأَ، فَلَمَّا ذَهَبْتُ إِلَى الشَّيْخِ، وَ هُوَ جَالِسٌ يَنْتَظِرُنِي فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا رَآنِي اسْتَقْبَلَنِي وَ قَالَ: مَا أَعْطَاكَ؟ قُلْتُ: كَذَا وَ كَذَا قَالَ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْراً، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فِي الْجَنَّةِ.

فَلَمَّا أَصْبَحْتُ يَا سُلَيْمَانُ، رَكِبْتُ الْبَغْلَةَ، أَخَذْتُ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي وَصَفَ لِي، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ، وَ سَمِعْتُ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَنَزَلْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ، وَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدْتُ رَجُلًا قَامَتُهُ مِثْلُ قَامَةِ صَاحِبِي فَصِرْتُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا هَوَى لِلرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ، فَإِذَا عِمَامَتُهُ قَدْ رَمَاهَا عَنْ رَأْسِهِ.

فَبَصُرْتُ وَجْهَهُ وَ إِذَا وَجْهُهُ وَجْهُ خِنْزِيرٍ، وَ رَأْسُهُ وَ حَلْقُهُ وَ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ، (1) فَلَا أَعْلَمُ مَا صَلَّيْتُ، وَ (لَا) مَا قُلْتُ فِي صَلَاتِي، مِمَّا أَنَا؟! مُتَفَكِّرٌ فِي أَمْرِهِ، فَسَلَّمَ الْإِمَامُ، وَ تَنَفَّسَ الرَّجُلُ فِي وَجْهِي.

وَ قَالَ: أَنْتَ الَّذِي أَتَيْتَ أَخِي بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ لَكَ بِكَذَا وَ كَذَا؟

فَقُلْتُ: نَعَمْ فَأَخَذَ بِيَدِي وَ أَقَامَنِي، فَلَمَّا رَأَوْنَا أَهْلَ الْمَسْجِدِ، تَبِعُونَا.

فَقَالَ لِلْغُلَامِ: أَغْلِقْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ، وَ لَا تَدَعْ أَحَداً يَدْخُلُ عَلَيْنَا مِنْهُمْ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى قَمِيصِهِ، فَنَزَعَهَا، وَ إِذَا جَسَدُهُ جَسَدُ خِنْزِيرٍ.

فَقُلْتُ: يَا أَخِي، مَا ذَا الَّذِي بِكَ؟ قَالَ: كُنْتُ مُؤَذِّناً، وَ كُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ إِذَا أَصْبَحْتُ أَلْعَنُ

ص: 93


1- فِي نُسْخَةٍ: (وَ حَلْقِهِ وَ بَدَنُهُ وَ رِجْلَيْهِ).

عَلِيّاً أَلْفَ مَرَّةٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ قَالَ فَإِذَا خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ دَخَلْتُ دَارِي هَذِهِ وَ هُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، لَعَنْتُهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَرَّةٍ وَ لَعَنْتُ أَوْلَادَهُ، وَ اتَّكَأْتُ عَلَى هَذَا الدُّكَّانِ الَّذِي تَرَى، فَذَهَبْتُ إِلَى النَّوْمِ.

فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي، وَ كَأَنَّنِي بِالْجَنَّةِ، وَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

إِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهَا مُتَّكِئاً، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ مَعَهُ، بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مَسْرُورُونَ، وَ تَحْتَهُمْ مُصَلَّيَاتٌ مِنْ نُورٍ.

وَ إِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ. جَالِسٌ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ قُدَّامَهُ، وَ بِيَدِ الْحَسَنِ إِبْرِيقٌ، وَ بِيَدِ الْحُسَيْنِ كَأْسٌ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا حَسَنُ، اسْقِنِي، فَشَرِبَ، فَقَالَ: اسْقِ أَبَاكَ عَلِيّاً، فَشَرِبَ.

ثُمَّ قَالَ: اسْقِ الْجَمَاعَةَ، فَشَرِبُوا، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ الْمُتَّكِئَ عَلَى الدُّكَّانِ، فَوَلَّى الْحَسَنُ بِوَجْهِهِ عَنِّي.

وَ قَالَ: يَا جَدَّاهُ، كَيْفَ أَسْقِيهِ وَ هُوَ يَلْعَنُ أَبِي كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا لَكَ تَلْعَنُ عَلِيّاً وَ تَشْتِمُ أَخِي؟ مَا لَكَ لَعَنَكَ اللَّهُ؟ مَا لَكَ تَشْتِمُ ولداي [وَلَدَيَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ؟

ثُمَّ بَصَقَ النَّبِيُّ فِي وَجْهِي وَ مَلَأَ وَجْهِي وَ جَسَدِي، فَلَمَّا انْتَبَهْتُ مِنْ مَنَامِي رَأَيْتُ بُصَاقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ قَدْ مُسِخْتُ كَمَا تَرَى، وَ صِرْتُ عِبْرَةً لِلسَّائِلِينَ.

ثُمَّ قَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، هَلْ سَمِعْتَ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، أَعْجَبَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ؟

يَا سُلَيْمَانُ، حُبُّ عَلِيٍّ إِيمَانٌ، وَ بُغْضُهُ نِفَاقٌ، لَا يُحِبُّ عَلِيّاً إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَ لَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كَافِرٌ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْأَمَانَ؟ قَالَ: لَكَ الْأَمَانُ.

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مَنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: فِي النَّارِ بِلَا شَكٍّ.

فَقُلْتُ: وَ مَنْ يَقْتُلُ أَوْلَادَهُمْ وَ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِمْ؟ قَالَ: فَنَكَسَ رَأْسَهُ، وَ قَالَ:

يَا سُلَيْمَانُ، الْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ، إِنَّ الْمُلْكَ عَقِيمٌ، وَ لَكِنْ حَدِّثْ عَنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ مَا

ص: 94

شِئْتَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ يَقْتُلُ وُلْدَهُ فِي النَّارِ.

قَالَ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: صَدَقْتَ يَا سُلَيْمَانُ، الْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ قَتَلَ وُلْدَهُ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: يَا عَمْرُو، اشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي النَّارِ.

قَالَ: فَقَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الصَّدُوقُ، يَعْنِي حَسَنَ بْنَ أُوَيْسٍ:

أَنَّ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ عَلِيٍّ لَا يَشَمُّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.

قَالَ: فَوَجَدْتُ الْمَنْصُورَ قَدْ غَمَّضَ عَيْنَهُ، وَ خَرَجْنَا.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوْ لَا كَانَ عَمْرٌو مَا خَرَجَ سُلَيْمَانُ إِلَّا مَقْتُولًا. (1)

80- حديث علي حجة اللّه

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَا وَ هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)

81- حديث علي الوصي و وارثه

وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ، وَ وَارِثٌ، وَ إِنَّ وَصِيِّي وَ وَارِثِي عَلِيُ

ص: 95


1- الْفَضَائِلِ: 116، أَمَالِي الصَّدُوقُ: 335 ح 2، عَنْهُ الْبِحَارُ: 37/ 88 ح 55، الطرائف: 91 ح 129، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى 138، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 200.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 136 ح 95، كَشْفِ الْغُمَّةِ: 1/ 94 وَ 161، عَنْهُ الْبِحَارُ 38/ 138 ح 98، الطرائف: 91، مَنَاقِبِ ابْنِ المغازلي: 45 ح 76، وَ ص 197 ح 97، عَنْ أَنَسِ، وَ غَيْرِهِ قَالَ: وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 143 ح 107، الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: 2/ 75، إِرْشَادِ الْقُلُوبِ: 236، مُخْتَصَرٌ الْبَصَائِرِ: 95، تَارِيخِ بَغْدَادَ: 2/ 88، مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 34، تَرْجَمَةِ الامام عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِابْنِ عَسَاكِرَ: 2/ 272، كَنْزِ الْعُمَّالِ: 12/ 217، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 179، وَ 239، ذَخَائِرُ الْعُقْبَى: 77.

بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

82- حديث اللوزة

وَ مِنَ الرِّوَايَاتِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ جُوعاً شَدِيداً فَأَتَى الْكَعْبَةَ، وَ أَخَذَ بِأَسْتَارِهَا وَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُجِعْ مُحَمَّداً أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ لَوْزَةٌ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: فُكَّ هَذِهِ اللَّوْزَةَ.

فَفَكَّ عَنْهَا، فَإِذَا فِيهَا وَرَقَةٌ خَضْرَاءُ، مَكْتُوبٌ فِيهَا بِالنُّورِ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ، وَ نَصَرْتُهُ بِهِ.

مَا أَنْصَفَ اللَّهَ مِنْ نَفْسِهِ مَنِ اتَّهَمَهُ فِي قَضَائِهِ، وَ اسْتَبْطَأَهُ فِي رِزْقِهِ. (2)

83- حديث في ولاية علي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى مِثْلَ مَا قَامَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْمِهِ، وَ كَانَ لَهُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَباً يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَ أَمَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، وَ حَجَّ عَلَى قَدَمَيْهِ أَلْفَ حِجَّةٍ.

ص: 96


1- أَقُولُ: بَلَغَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ الْقَوْمِ مِنْ المشاهير، وَ جَاءَ فِي زبرهم بِحَيْثُ اصبح مُتَوَاتِراً مَعَنَا وَ لَفْظاً، وَ نَسْتَدِلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ إحقاق الْحَقِّ الَّذِي اورد فِيهِ مصادر الْعَامَّةِ بِجَمِيعِ طوائفهم: ج 4/ 19، وَ 60- 62 وَ 71 وَ 76، وَ 85- 100، وَ ج 5/ 35- 37، وَ 41، وَ 82- 83، وَ ج 6/ 422، وَ ج 7/ 414، وَ ج 13/ 67، وَ 77، وَ ج 15/ 129، وَ 173، وَ ج 20/ 220، 236، وَ 309، وَ تَرَكْنَا الْقَسْمِ الاكبر مِنْ التخريجات فِي كِتَابِ إحقاق الْحَقِّ لِلْقَارِئِ الْكَرِيمِ.
2- أَمَالِي الصَّدُوقُ: 330، باسناده، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 124 ح 8. وَ أَوْرَدَهُ ابْنِ المغازلي فِي الْمَنَاقِبِ: 201، وَ القندوزي فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 137.

وَ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ مَظْلُوماً، وَ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِهِ أَلْفَ مَلَكٍ، لِكُلِّ مَلَكٍ أَلْفُ لِسَانٍ، يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَلْفِ لُغَةٍ.

وَ قُتِلَ شَهِيداً، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِوَلَايَتِكَ يَا عَلِيُّ، أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ، وَ لَمْ يَشَمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ (1)

84- حديث اللواء من نور

وَ عَنِ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ الطَّبَرِيِّ- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَسْجِدِهِ، إِذْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ لِلَّهِ لِوَاءً مِنْ نُورٍ، وَ عَمُودُهُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ بِأَلْفَيْ عَامٍ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْبَشَرِ، هُوَ أَنْتَ إِمَامُ الْقَوْمِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا، وَ أَكْرَمَنَا بِكَ وَ شَرَّفَنَا.

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا عَلِيُّ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّنَا، وَ اتَّخَذَ مَحَبَّتَنَا أَسْكَنَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (2) (3).

ص: 97


1- أخرجه في بشارة المصطفى: 114، باسناده، عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر (مثله) عنه البحار: 39/ 280 ج 6، إرشاد القلوب: 229، و رواه العامة في كتبهم: مناقب الخوارزمي: 58، و في مقتل الحسين عليه السّلام 10 ح 37، فردوس الأخبار: 3/ 78 و 309، لسان الميزان: 5/ 219، ينابيع المودة: 252، فرائد السمطين: 1/ 322 ح 257.
2- القمر: 55.
3- الفضائل: 123، تفسير فرات الكوفي: 456 ح 597، باسناده، عن جابر بن عبد اللّه (ره) قال: تذاكر أصحابنا الجنة عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذكر (مثله) عنه البحار: 39/ 218 ح 11، تأويل الآيات: 2/ 629 ح 2، باسناده، عن جابر بن عبد اللّه، قال: كنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، (مثله) عنه البحار: 27/ 129 ح 120، كشف الغمة: 1/ 321، عنه البحار: 36/ 64 ح 3، المحتضر: 97، البرهان: 4/ 262، ح 2، إحقاق الحق: 4/ 268، و الخوارزمي في مناقبه: 227 باسناده إلى ابن شاذان.

85- حديث علي هو الهادي

وَ يَرْفَعُهُ- بِالْإِسْنَادِ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ره، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (1) الْمُنْذِرُ: أَنَا وَ الْهَادِي: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (2)

86- حديث في حب علي و بغضه

وَ رُوِيَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أُوصِي مَنْ آمَنَ بِي وَ صَدَّقَنِي، أَنْ يُصَدِّقَ بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَمَنْ تَوَلَّاهُ فَقَدْ تَوَلَّانِي وَ مَنْ تَوَلَّانِي فَقَدْ تَوَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّهُ اللَّهُ.

وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (3)

87- حديث علي خازن سرّ النبي

وَ عَنِ الْقَاضِي الْكَبِيرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَغَازِلِيِّ- يَرْفَعُهُ- إِلَى

ص: 98


1- الرَّعْدِ: 7.
2- الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 3/ 84، عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 398 ج 7، وَ لِهَذَا الْحَدِيثَ تخريجات كَثِيرَةٌ، وَ رَوَاهُ جَمَعَ مِنْ جهابذة أَهْلِ الْعَامَّةِ مِنْهُمْ الْحَاكِمُ وَ الحمويني وَ الرَّازِيِّ وَ ابْنُ كَثِيرٍ وَ الْحَسْكَانِيِّ وَ الذهبي وَ الشبلنجي وَ المتقي الْهِنْدِيِّ وَ الآلوسي وَ غَيْرِهِمْ.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 31 ح 8، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 120 وَ 156 عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 280 ح 61، منتجب الدِّينِ فِي الْأَرْبَعِينَ حَدِيثاً: 37 ح 14، وَ الطُّوسِيُّ فِي الْأَمَالِي: 1/ 253، وَ ابْنِ المغازلي فِي الْمَنَاقِبِ: 23 ح 722، وَ ص 231 ح 278 وَ 279، وَ الكنجي فِي كِفَايَةٌ الطَّالِبُ: 74، كَشْفِ الْغُمَّةِ: 1/ 108، كَنْزِ الْعُمَّالِ: 12/ 209 ح 1193، عَنْ الطَّبَرَانِيُّ وَ ابْنِ عَسَاكِرَ مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 32، فرائد السمطين: 1/ 291 ح 229، مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: 9/ 108، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 237، أَرْبَعُونَ الْخُزَاعِيِّ: ح 37.

حَارِثَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِجَّتَهُ فِي خِلَافَتِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ جِيئَتِي لِبَيْتِكَ وَ كُنْتُ مُطَّلِعاً مِنْ سِتْرِكَ) (1) فَلَمَّا رَآنِي (أَمْسَكَ) (2) فَحَفِظْتُ الْكَلَامَ فَلَمَّا انْقَضَى الْحَجُّ، وَ انْصَرَفْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، تَعَمَّدْتُ الْخَلْوَةَ مَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يَوْماً عَلَى رَاحِلَتِهِ وَحْدَهُ.

فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بِالَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ.

فَقَالَ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ، (فَقُلْتُ لَهُ): سَمِعْتُكَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا تَقُولُ: كَذَا وَ كَذَا، فَكَأَنَّنِي أَلْقَمْتُهُ حَجَراً فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَغْضَبْ فَوَ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنَ الضَّلَالَةِ (3) وَ أَدْخَلَنِي فِي هِدَايَةِ الْإِسْلَامِ، مَا أَرَدْتُ بِسُؤَالِي إِلَّا (وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ) (4) فَعِنْدَ ذَلِكَ ضَحِكَ وَ قَالَ يَا حَارِثَةُ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: وَ قَدِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ، وَ أَحْبَبْتُ الْخَلْوَةَ عِنْدَهُ، وَ كَانَ عِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، فَجَلَسْتُ حَتَّى نَهَضَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَ بَقِيتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَبَيَّنْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَا أَرَدْتُ ( (5) فَالْتَفَتَ إِلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَالَ: يَا عُمَرُ، جِئْتَ لِتَسْأَلَنِي إِلَى مَنْ يَصِيرُ هَذَا الْأَمْرُ (مِنْ) (6) بَعْدِي؟ فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، هَذَا عَلِيٌّ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. (فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (7) هَذَا خَازِنُ سِرِّي فَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَ مَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانِي، وَ مَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَ مَنْ تَقَدَّمَ

ص: 99


1- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارُ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ حُبِّي لِنَبِيِّكَ، وَ كُنْتُ مطلعا مِنْ سَرَّكَ).
2- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارُ: (أَمْسَكَنِي).
3- فِي الْبِحَارُ: (الْجَهَالَةِ).
4- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارِ: (وَ حُبُّ اللَّهِ تَعَالَى قَوْماً).
5- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
6- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
7- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَّبَ بِنُبُوَّتِي، ثُمَّ أَدْنَاهُ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّكَ، اللَّهُ نَاصِرُكَ، وَالَى اللَّهُ مَنْ وَالاكَ، وَ عَادَى اللَّهُ مَنْ عَادَاكَ، وَ أَنْتَ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي، وَ أَعْلَى بُكَاءَهُ، وَ انْهَمَلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ حَتَّى سَالَتْ عَلَى خَدَّيْهِ، وَ خَدُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (عَلَى خَدِّهِ) (1).

فَوَ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِالْإِسْلَامِ لَقَدْ تَمَنَّيْتُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَنْ أَكُونَ مَحَلَّ عَلِيٍّ، ثُمَّ الْتَفَتَ (إِلَيَّ) وَ قَالَ: يَا عُمَرُ، إِذَا نَكَثَ النَّاكِثُونَ، وَ أَقْسَطَ الْقَاسِطُونَ، وَ مَرَقَ الْمَارِقُونَ، قَامَ هَذَا مَقَامِي حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ، وَ هُوَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ.

قَالَ حَارِثَةُ: فَتَعَاظَمَنِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ، وَ كَيْفَ تَقَدَّمْتُمُوهُ وَ قَدْ (سَمِعْتَ) (2) ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا حَارِثَةُ، أَمْراً كَانَ، قُلْتُ لَهُ: أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ أَمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، أَمْ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: لَا، بَلِ الْمُلْكُ عَقِيمٌ؟! وَ الْحَقُّ؟! لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (3)

88- حديث نزل في علي كرائم القرآن

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَفَعَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) (4) يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ قَالَ: اللَّهُمَّ سَأَلَكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ أَنْ تَشْرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، وَ تُيَسِّرَ أَمْرَهُ وَ تُحَلِّلَ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ يَفْقَهُوا قَوْلَهُ، وَ تَجْعَلَ لَهُ وَزِيراً مِنْ أَهْلِهِ هَارُونَ تَشْدُدْ بِهِ أَزْرَهُ. وَ أَنَا مُحَمَّدٌ أَسْأَلُكَ:

أَنْ تَشْرَحَ لِي صَدْرِي، وَ تُيَسِّرَ لِي أَمْرِي، وَ تُحَلِّلَ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَ تَجْعَلَ

ص: 100


1- - لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
2- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارُ: (وَقَعَ).
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 121 ح 11 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 123 وَ أَخْرَجَهُ الْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 1/ 519 ح 138، الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: 2/ 39 (قَطَعَهُ).
4- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارُ: (عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلِّمْ) وَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ.

لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي عَلِيّاً أَخِي، تَشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: ادْعُ يَا أَبَا الْحَسَنِ، ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ فَرَفَعَهُمَا وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ (عَهْداً، وَ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ وُدّاً) (1).

قَالَ: فَلَمَّا دَعَا نَزَلَ الْأَمِينُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (2).

فَتَلَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَتَعَجَّبَ الصَّحَابَةُ مِنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

أَ تَعْجَبُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ أَرْبَعَةُ أَرْبَاعٍ: رُبُعٌ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَ رُبُعٌ قِصَصٌ، أَمْثَالٌ، وَ رُبُعٌ فَرَائِضُ (3)، وَ رُبُعٌ أَحْكَامٌ، وَ اللَّهُ أَنْزَلَ فِي عَلِيٍّ كَرَائِمَ الْقُرْآنِ (4)

89- حديث علي هو الصراط المستقيم

يَرْفَعُهُ بِالْأَسَانِيدِ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ

ص: 101


1- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارُ: (عَهْداً معهودا، وَ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَبْدُكَ عَهْداً وَارِداً)، انْظُرْ الى عَدَمِ متانة الْعِبَارَةِ وَ لَا تَخْلُو مِنْ السَّهْوِ.
2- مَرْيَمَ: 96.
3- فِي الْبِحَارُ: (فَضَائِلِ وَ إنذار).
4- عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 355 ح 6، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 124، تَفْسِيرِ فُرَاتُ الْكُوفِيِّ: 248 ح 336، عَنْهُ الْبِحَارُ: 30/ 290 ح 87، وَ أجرجه الْبَحْرَانِيَّ فِي تَفْسِيرِهِ الْبُرْهَانِ: 3/ 27 ح 15، عَنْ ابْنِ المغازلي فِي مَنَاقِبِهِ: 328، باسناده عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَ ذَكَرَهُ (مِثْلَهُ)، وَ إحقاق الْحَقِّ: 15/ 252، أَقُولُ: وَ أَمَّا عَنْ نُزُولِ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ فَقَدْ كَتَبْتُهَا أَقْلَامُ الْقَوْمِ فِي صفحاتهم الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَقٌّ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَ نَذْكُرُ الْبَعْضَ مِنْهُمْ: مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: 9/ 125، شَوَاهِدَ التَّنْزِيلِ: 1/ 364، نَظَمَ دُرَرِ السمطين: 85، فرائد السمطين: 1/ 209، إسعاف الرَّاغِبِينَ: 118، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 212 وَ 271 مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 197، ذَخَائِرُ الْعُقْبَى: 89، تَفْسِيرِ الْكَشَّافِ: 2/ 425، التَّذْكِرَةِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ: 20، تَفْسِيرِ النَّيْشَابُورِيُّ: 16/ 74، الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: 4/ 287، كِفَايَةٌ الطَّالِبُ: 248، الصَّوَاعِقَ المحرقة: 102.

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (1) (فَقَالَ: إِلَهِي مَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ؟) (2) قَالَ: وَلَايَةُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (فَعَلِيٌّ) هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ (3)

90- حديث علي من الصادقين

وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَمَّا نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَةِ:

وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ... وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* (4) فِي عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (5)

91- حديث علي يجلس على كرسي الكرامة

وَ يَرْفَعُهُ- بِالْأَسَانِيدِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (6) قَالَ: بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَمْ يَخْلِطُوا بِوَلَايَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ، فَهُوَ التَّلَبُّسُ بِالظُّلْمِ، وَ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ (7) قَالَ:

إِذْ قَامَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، دَعَا اللَّهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَجْلِسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ الْكَرَامَةِ

ص: 102


1- الزُّخْرُفِ: 43.
2- مِنْ الْبِحَارِ، وَ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 367 ح 9. أَقُولُ: ذَكَرَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْمُبَارَكَةِ فِي حَقٌّ عَلِيِّ وَ عِتْرَتِهِ الطَّيِّبِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ رَوَى رِجَالٍ الْمُفَسِّرُونَ، وَ الْمُحَدَّثُونَ وَ حُفَّاظُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَ نَقَلُوا الْآثَارِ فِي كُتُبَهُمْ بِأَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُوَ عَلِيِّ وَ أَوْلَادِهِ الْمَيَامِينِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ.
4- الْبَقَرَةِ: 23.
5- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 114 ذج 61.
6- الْأَنْعَامِ: 82.
7- الْأَعْرَافِ: 43.

بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ، كُلَّمَا أُخْرِجَتْ فِرْقَةٌ مِنْ شِيعَتِهِمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا النَّبِيُّ، وَ هَذَا عَلِيٌّ الْوَصِيُّ.

فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: بِالنَّبِيِّ وَ بِعَلِيٍّ وَ بِالْأَئِمَّةِ، مِنْ وُلْدِهِمْ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ.

وَ فِي قَوْلِهِ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ (1) يُعْنَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، النَّبِيُّ:

الشَّاهِدُ وَ عَلِيٌّ: الْمَشْهُودُ (2)

92- حديث في ولاية علي

وَ قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَايَتِي لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَادَتِي مِنْهُ، لِأَنَّ وَلَايَتِي لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَرْضٌ، وَ وِلَادَتِي مِنْهُ فَضْلٌ (3)

93- حديث علي حبل الاعتصام

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ هُوَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهِ، قَالَ: فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَى الْبَابِ فَخَرَجَ رَجُلٌ طَوِيلٌ مِنْ رِجَالِ مِصْرَ، فَتَقَدَّمَ وَ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:

ص: 103


1- الْبُرُوجِ: 3.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 114 ح 61، وَ أَخْرَجَهُ الْحَسْكَانِيِّ فِي شَوَاهِدَ التَّنْزِيلِ: 1/ 197.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 299 ح 105، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 125، مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ 332، قَالَ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَايَتِي لأبائي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَلَايَتِي لَهُمْ تنفعني مِنْ غَيْرِ نَسَبٍ، وَ نَسَبِي لَا يَنْفَعُنِي بِغَيْرِ وَلَايَةِ.

وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا (1).

فَمَا الْحَبْلُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالاعْتِصَامِ بِهِ؟

فَأَطْرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَلِيّاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ: هَذَا حَبْلُ اللَّهِ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ نَجَا وَ اعْتَصَمَ فِي دُنْيَاهُ، وَ لَمْ يَضِلَّ فِي آخِرَتِهِ.

فَوَثَبَ الرَّجُلُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ احْتَضَنَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَ هُوَ يَقُولُ:

اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ اللَّهِ، وَ حَبْلِ رَسُولِهِ، وَ حَبْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَامَ وَ خَرَجَ، فَقَامَ فُلَانٌ، وَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْحَقُهُ وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي؟ قَالَ: فَقَالَ: إِذَا تَجِدُهُ.

قَالَ: فَلَحِقْتُ الرَّجُلَ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي.

فَقَالَ: أَ فَهِمْتَ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ مَا قُلْتُ لَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: إِنْ كُنْتَ تَتَمَسَّكُ بِذَلِكَ الْحَبْلِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، وَ إِلَّا فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ.

قَالَ: فَرَجَعْتُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَضِرُ (2)

94- حديث في حب علي

وَ بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَنْ مَاتَ وَ لَقِيَ رَبَّهُ وَ هُوَ جَاحِدٌ وَلَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَقِيَهُ وَ هُوَ غَضْبَانُ سَاخِطٌ عَلَيْهِ، وَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَعْمَالِهِ شَيْئاً، يُوَكِّلُ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَتْفُلُونَ فِي وَجْهِهِ، يَحْشُرُهُ اللَّهُ وَ هُوَ

ص: 104


1- آلِ عِمْرَانَ: 103.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 15 ح 3 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 125، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 1/ 118 ح 32، باسناده، قَالَ عَلِيُّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ، وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 15 ح 4 وَ عَنْ غَيْبَةَ النُّعْمَانِيِّ: 16 باسناده، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (مِثْلَهُ). الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 3 ج 76، مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ الْعَنْبَرِيِّ باسناده، عَنْ النَّبِيِّ وَ صَحَّ أَنَّهُ سَأَلَهُ أَعْرَابِيٌّ وَ ذَكَرَ (نَحْوَهُ) عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 16 ضَمِنَ ح 5.

أَسْوَدُ الْوَجْهِ، أَزْرَقُ الْعَيْنَيْنِ، وَ لَوْ كَانَ أَعْبَدَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَ يَنْفَعُ حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْآخِرَةِ؟

قَالَ: قَدْ تَنَازَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: دَعُونِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ اعْرُجْ إِلَى رَبِّي، وَ أَقْرِئْهُ عَنِّي السَّلَامَ، وَ قُلْ لَهُ عَنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: فَعَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ هَبَطَ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: حُبُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرِيضَةٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، يَا مُحَمَّدُ، حَيْثُ يَكُونُ عَلِيٌّ يَكُونُ مُحِبُّوهُ، وَ إِنْ خَرَجُوا. (1)

95- حديث اعتراف أبو بكر بفضل علي

فِي حَدِيثٍ- يَرْفَعُهُ- بِالْأَسَانِيدِ إِلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَ هُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ هُوَ فِي جَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَأْتِيكُمْ آدَمُ فِي عِلْمِهِ، وَ نُوحٌ فِي فَهْمِهِ، وَ إِبْرَاهِيمُ فِي خَلَّتِهِ، فَلَمْ يُتِمَّ كَلَامَهُ، حَتَّى أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَ قِسْتَ رَجُلًا بِثَلَاثَةِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ؟ بَخْ بَخْ لِهَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ.

فَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ..

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: بَخْ بَخْ لَكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ وَ أَيْنَ مِثْلُكَ وَ قَدْ شُبِّهْتَ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ. (2)

ص: 105


1- عنه البحار: 39/ 294 ذج 95، و رواه ابن طاووس في الطرائف: 156 ح 243، باسناده، عن جابر الجعفي، عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال: و ذكر (مثله)، مائة منقبة: 43 منقبة: 20، و أخرجه السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز: 2/ 438 ح 662، و الحر العاملي في الجواهر السنية: 211.
2- عنه البحار: 39/ 39 ذ ح 10، و رواه الاربلي في كشف الغمة: 1/ 115، عن الحارث الاعور صاحب راية علي عليه السّلام، قال: و ذكر (مثله).

96- حديث علي سيد الأوصياء

وَ بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ:

يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَنْ تُخَلِّي أُمَّتَكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ.

قَالَ: صَدَقْتَ، أَ مَا خَلَقْتُكَ وَ فَضَّلْتُكَ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ.

يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ وَ أَنْتَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي، ثُمَّ خَلَقْتُ مِنْ طِينَتِكَ الْأَكْبَرِ سَيِّدَ الْأَوْصِيَاءِ، وَ جَعَلْتُ مِنْهُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ الشَّجَرَةُ، وَ عَلِيٌّ أَغْصَانُهَا، وَ فَاطِمَةُ وَرَقُهَا، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ثَمَرُهَا.

وَ جَعَلْتُ شِيعَتَكُمْ مِنْ بَقِيَّةِ طِينَتِكُمْ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قُلُوبُهُمْ وَ أَجْسَادُهُمْ تَهْوِي إِلَيْكُمْ (1)

97- حديث علي سيد الوصيين

وَ بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ قَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْبَابِ رَجُلٌ، وَ هُوَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ قابل [قَاتِلُ الْمَارِقِينَ، وَ يَعْسُوبُ الدِّينِ، وَ نُورُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، قَالَ: قُلْتُ:

اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَ إِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَقْبَلَ (2).

ص: 106


1- عنه البحار: 37/ 76 ح 42، و عن الفضائل: و لم نجده، و أخرجه في إحقاق الحق: 18/ 429، عن در بحر المناقب: (مخطوط).
2- عنه البحار: 38/ 136 ح 94، و رواه الحر العاملي في إثبات الهداة: 1/ 520 ح 140، و إحقاق الحق: 15/ 312.

98- حديث علي يكسى ثوبين أبيضين

وَ بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ يُوصِينِي، إِذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، عُرَاةً حُفَاةً، قَدْ قَطَعَ أَعْنَاقَهُمُ الْعَطَشُ، يَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِبْرَاهِيمُ، فَيُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ؟ ثُمَّ يَقُومُ مِنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ شِعْبٌ إِلَى حَوْضٍ مِنْ بَيْنِ طَبَقَيْنِ إِلَى مِصْرَ، وَ فِيهِ أَقْدَاحٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَ فِيهِ أَقْدَاحٌ مِنَ الْفِضَّةِ، فَيَشْرَبُ وَ يَتَوَضَّأُ.

ثُمَّ أُدْعَى فَأَشْرَبُ وَ أَتَوَضَّأُ، وَ أُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، ثُمَّ يُدْعَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَشْرَبُ وَ يَتَوَضَّأُ، وَ يُكْسَى ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، وَ مَا دُعِيتُ لِخَيْرٍ إِلَّا دُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (1)

99- حديث أنا و علي من نور واحد

وَ مِمَّا رَوَاهُ (2) سُلَيْمَانُ بْنُ يَاسِرٍ الْعَبْسِيُّ، وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، وَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ، وَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَمْرُو بْنُ وَائِلَةَ (3) أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ جَلَسُوا (4) بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ الْحُزْنُ ظَاهِرٌ فِي وُجُوهِهِمْ وَ قَالُوا: نَفْدِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِأَمْوَالِنَا وَ أَنْفُسِنَا وَ آبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا، وَ إِنَّا نَسْمَعُ فِي أَخِيكَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَحْزُنُنَا، أَ تَأْذَنُ لَنَا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: وَ مَا عَسَاهُمْ يَقُولُونَ

ص: 107


1- الْفَضَائِلِ: 125، وَ أَخْرَجَهُ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ: 3/ 52، قَالَ سُفْيَانُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيِّ باسناده، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِثْلَهُ، وَ المتقي الْهِنْدِيِّ فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ: 13/ 155 ح 36481 رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْهُ سَنَدَ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، (مِثْلَهُ)، إحقاق الْحَقِّ: 6/ 162، وَ ج 16/ 517، وَ ج 21/ 683.
2- فِي الْبِحَارُ: (رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ دَخَلَ سَلْمَانُ).
3- عَامِرٍ بْنِ وَاثِلَةَ كَمَا مَرَّ فِي ح 52.
4- فِي الْبِحَارُ: (فجثو)، جَثَا: جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَهُ.

فِي أَخِي؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. يَقُولُونَ: أَيُّ فَضْلٍ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ وَ أَيُّ سَابِقَةٍ إِلَى الْإِسْلَامِ؟ وَ إِنَّمَا أَدْرَكَهُ طِفْلًا وَ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، وَ هَذَا يَحْزُنُنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَ هَذَا يَحْزُنُكُمْ؟ فَقَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: بِاللَّهِ عَلَيْكُمْ (1)، هَلْ عَلِمْتُمْ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (2)

أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ إِذَا هَرَبَ بِهِ أبيه [أَبُوهُ، وَ هُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ مِنَ النُّمْرُودِ بْنِ كَنْعَانَ لَعَنَهُ اللَّهُ، لِأَنَّهُ كَانَ يَبْقُرُ الْحَوَامِلَ، فَجَاءَتْ بِهِ فَوَضَعَتْهُ (3) بَيْنَ أَثْلَاثٍ (4) بِشَاطِئِ نَهَرٍ مُتَدَافِقٍ يُقَالُ لَهُ: زحوان (5)، بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى إِقْبَالِ اللَّيْلِ، فَلَمَّا وَضَعَتْهُ وَ اسْتَقَرَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، قَامَ مِنْ تَحْتِهَا يَمْسَحُ وَجْهَهُ وَ رَأْسَهُ، وَ يُكْثِرُ مِنَ (6) الشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ. ثُمَّ أَخَذَ ثَوْباً وَ اتَّشَحَ (7) بِهِ، وَ أُمُّهُ تَرَى مَا يَصْنَعُ، وَ قَدْ ذَعَرَتْ مِنْهُ ذَعْراً شَدِيداً، ثُمَّ يُهَرْوِلُ بَيْنَ يَدَيْهَا مَادّاً عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ كَانَ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ وَ يَظُنُّونَ الْكَوَاكِبَ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى، كَوْكَباً، قالَ: هذا رَبِّي، ثُمَّ لَمَّا رَأَى، الْقَمَرَ، قالَ: هذا رَبِّي، ثُمَّ لَمَّا رَأَى الشَّمْسَ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ الْآيَةَ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (8) إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ وَ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَنَّهُ كَانَ قَرِيباً مِنْ فِرْعَوْنَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ يَبْقُرُ بُطُونَ الْحَوَامِلِ مِنْ أَجْلِهِ، لِيَقْتُلَ مُوسَى

ص: 108


1- فِي الْبِحَارُ: (أَسْأَلَكُمْ).
2- فِي الْبِحَارُ: (السَّالِفَةُ).
3- فِي الْبِحَارُ: (الْمَلِكِ الطاغي فَوَضَعَتْ بِهِ أُمُّهُ).
4- فِي الأصل: (أَثْلَاثٍ) وَ الثُّلُثِ: مَا أَخْرَجَ مِنْ تُرَابٍ الْبِئْرِ.
5- فِي الْبِحَارُ: (حزران).
6- فِي الْبِحَارِ: (وَ يُكْثِرُ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ).
7- إتشح: لَبِسَهُ.
8- الْأَنْعَامِ: 75.

فَلَمَّا وَضَعَتْهُ أُمُّهُ (فَزِعَتْ عَلَيْهِ فَطَرَحَتْهُ فِي التَّابُوتِ وَ كَانَ يَقُولُ لَهَا: يَا أُمِّي أَلْقِينِي) (1) فِي الْيَمِّ، فَقَالَتْ لَهُ وَ هِيَ مَذْعُورَةٌ مِنْ كَلَامِهِ:

إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مِنَ الْغَرَقِ، فَقَالَ لَهَا: لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي، إِنَّ اللَّهَ يَرُدُّنِي إِلَيْكَ (2) ثُمَّ أَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ كَمَا ذَكَرَ لَهَا ثُمَّ بَقِيَ فِي الْيَمِّ لَا يَطْعَمُ طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً مَعْصُوماً مُدَّةً، إِلَى أَنْ رُدَّ إِلَى أُمِّهِ وَ قِيلَ:

إِنَّهُ بَقِيَ سَبْعِينَ يَوْماً فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى ... أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ (3) الْآيَةَ. وَ هَذَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِذْ كَلَّمَ أُمَّهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَ قِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ [فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي (4) الْآيَةَ، إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أُبْعَثُ حَيًّا (5)] وَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ جَمِيعاً أَنِّي أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ قَدْ خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، وَ إِنَّ نُورَنَا كَانَ يُسْمَعُ تَسْبِيحُهُ فِي أَصْلَابِ آبَائِنَا، وَ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا فِي كُلِّ عَصْرٍ وَ زَمَانٍ، إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

وَ كَانَ نُورُنَا يَظْهَرُ فِي وُجُوهِ آبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا حَتَّى تَبَيَّنَ أَسْمَاؤُنَا مَخْطُوطَةٌ بِالنُّورِ عَلَى

ص: 109


1- مَا بَيْنَ القوسين فِي الْبِحَارُ: (أَمْرَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ تَحْتِهَا وَ تَقْذِفَهُ فِي التَّابُوتِ وَ تُلْقِيَ التَّابُوتِ فِي الْيَمُّ).
2- فِي نُسْخَةٍ وَ الْبِحَارُ: (رادي عَلَيْكَ).
3- الْقُصَصِ: 12.
4- مَرْيَمَ: 24.
5- مَا بَيْنَ المعقوفتين فِي الْبِحَارُ: (فَبَقِيَتْ حيرانه حَتَّى كَلَّمَهَا مُوسَى، وَ قَالَ لَهَا: يَا أَمْ أقذفيني فِي التَّابُوتِ وَ أُلْقِيَ التَّابُوتِ فِي الْيَمُّ، فَقَالَ: فَعَلْتَ مَا أَمَرْتَ بِهِ، فَبَقِيَ فِي الْيَمُّ إِلَى أَنْ قَذَفَهُ فِي السَّاحِلِ، وَ رَدَّهُ إِلَى أُمِّهِ بِرُمَّتِهِ، لَا يُطْعِمُ طَعَاماً وَ لَا يَشْرَبُ شَرَاباً، مَعْصُوماً، وَ رَوَى أَنْ الْمُدَّةِ كَانَتْ سَبْعِينَ يَوْماً، وَ رَوَى سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي حَالٍ طفوليته (وَ لتصنع عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مِنْ يَكْفُلُهُ فرجعناك إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرُّ عَيْنَهَا وَ لَا تَحْزَنْ).

وُجُوهِهِمْ. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، انْقَسَمَ النُّورُ نِصْفَيْنِ: نِصْفٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَ نِصْفٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ عَمِّي.

وَ إِنَّهُمَا إِذَا جَلَسَا فِي مَلَإٍ مِنَ النَّاسِ، يَتَلَأْلَأُ نُورُنَا فِي وُجُوهِهِمَا مِنْ دُونِهِمْ، أَنَّ الْهَوَامَّ وَ السِّبَاعَ يُسَلِّمَانِ عَلَيْهِمَا، لِأَجْلِ نُورِنَا حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى دَارِ الدُّنْيَا وَ قَدْ نَزَلَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ وِلَادَةِ ابْنِ عَمِّي عَلِيٍّ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: هَذَا أَوَانُ ظُهُورِ نُبُوَّتِكَ، وَ إِعْلَانُ وَحْيِكَ، وَ كَشْفِ رِسَالاتِكَ إِذْ أَيَّدَكَ رَبُّكَ بِأَخِيكَ وَ وَزِيرِكَ وَ خَلِيفَتِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَخِيكَ وَ ابْنِ عَمِّكَ فَقُمْ إِلَيْهِ وَ اسْتَقْبِلْهُ بِيَدِكَ الْيُمْنَى، فَإِنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَ شِيعَتُهُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ، قَالَ: قُمْتُ فَوَجَدْتُ أُمَّهُ قَاعِدَةً بَيْنَ النِّسَاءِ، وَ الْقَوَابِلُ مِنْ حَوْلِهَا، إِذَا بِسِجَافٍ (1) قَدْ ضَرَبَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنِي وَ بَيْنَ النِّسَاءِ الْقَوَابِلِ مِنْ حَوْلِهَا فَمَدَدْتُ يَدِيَ الْيُمْنَى تَحْتَ أُمِّهِ، فَإِذَا بِعَلِيٍّ نَازِلًا عَلَى يَدِي، وَاضِعاً يَدَهُ الْيُمْنَى فِي أُذُنِهِ يُؤَذِّنُ وَ يُقِيمُ بالحنفية [بِالْحَنِيفِيَّةِ، وَ يَشْهَدُ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ بِرِسَالَتِي ثُمَّ انْثَنَى إِلَيَّ وَ قَالَ:

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أَقْرَأُ؟

فَقُلْتُ: اقْرَأْ يَا أَخِي، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَأَ بِالصُّحُفِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى آدَمَ، وَ قَامَ بِهَا ابْنُهُ شَيْثٌ، فَتَلَاهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا حَتَّى لَوْ حَضَرَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَأَقَرَّ أَنَّهُ أَحْفَظُ بِهَا مِنْهُ ثُمَّ تَلَا صُحُفَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ تَلَا صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ قَرَأَ التَّوْرَاةَ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ أَحْفَظُ بِهَا مِنْهُ ثُمَّ قَرَأَ إِنْجِيلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ لِقِرَاءَتِهِ لَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ أَحْفَظُ بِهَا، ثُمَّ قَرَأَ زَبُورَ

ص: 110


1- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ: السَّجْفَ: السِّتْرَ.

دَاوُدَ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ دَاوُدُ لَأَقَرَّ لَهُ بِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَوَجَدْتُهُ يَحْفَظُ لِحِفْظِي لَهُ السَّاعَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ آيَةً. وَ كَذَا أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ نَسْلِهِ، يَفْعَلُ فِي وِلَادَتِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْأَنْبِيَاءُ.

فَمَا يَحْزُنُكُمْ، وَ مَا عَلَيْكُمْ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ؟ فَبِاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أَنَّ وَصِيِّي أَفْضَلُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ أَنَّ أَبِي آدَمَ لَمَّا رَأَى اسْمِي وَ اسْمَ أَخِي وَ اسْمَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ مَكْتُوبِينَ عَلَى سُرَادِقِ الْعَرْشِ بِالنُّورِ، فَقَالَ: إِلَهِي هَلْ خَلَقْتَ خَلْقاً قَبْلِي هُوَ أَكْرَمُ إِلَيْكَ مِنِّي؟

قَالَ: يَا آدَمُ، لَوْ لَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ لَمَا خَلَقْتُ سَمَاءً مَبْنِيَّةً، وَ لَا أَرْضاً مَدْحِيَّةً، وَ لَا مَلَكاً مُقَرَّباً، وَ لَا نَبِيّاً مُرْسَلًا لَوْلَاهُمْ مَا خَلَقْتُكَ، فَلَمَّا عَصى آدَمُ رَبَّهُ سَأَلَهُ بِحَقِّنَا، أَنْ يَتَقَبَّلَ تَوْبَتَهُ وَ يَغْفِرَ خَطِيئَتَهُ فَقَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ إِلَّا غَفَرْتَ لِي خَطِيئَتِي، فَأَجَابَهُ وَ نَحْنُ الْكَلِمَاتُ وَ بِحَقِّ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا آدَمُ، فَإِنَّ هَذِهِ أَسْمَاءٌ مِنْ وُلْدِكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَحَمِدَ اللَّهَ آدَمُ، وَ افْتَخَرَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِنَا فَإِذَا كَانَ هَذَا فَضْلَنَا عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْطِي نَبِيّاً مِنَ الْفَضْلِ إِلَّا أَعْطَاهُ لَنَا فَقَامَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ، وَ قَالُوا وَ مَنْ مَعَهُمْ: نَحْنُ الْفَائِزُونَ غَداً؟

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنْتُمُ الْفَائِزُونَ، وَ لِأَجْلِكُمْ خَلَقْتُ الْجَنَّةَ، وَ لِأَعْدَائِكُمْ خَلَقْتُ النَّارَ (1)

100- حديث فضيلة لعلي

ص: 111


1- عنه البحار: 12/ 40 و ج 14/ 220 ح 32، و ج 35/ 19 ح 15، و الفضائل: 126. (باختلاف مع تقديم و تأخير و للحديث تتمة تركناها للقارئ الكريم.

وَ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرِنِي الْحَقَّ حَتَّى أَتَّبِعَهُ، فَقَالَ: لَا يَصِلُ إِلَيْهِ. (1)

فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، ألج [لِجِ الْمِخْدَعَ، فَوَلَجْتُ (2) الْمِخْدَعَ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي (3) وَ هُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ وَ رُكُوعِهِ:

اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدِكَ اغْفِرْ لِلْخَاطِئِينَ مِنْ شِيعَتِي، فَخَرَجْتُ حَتَّى أُخْبِرَ (4) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَ هُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ بِحَقِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِكَ اغْفِرْ لِلْخَاطِئِينَ مِنْ أُمَّتِي قَالَ: فَأَخَذَنِي مِنْ ذَلِكَ الْهَلَعُ الْعَظِيمُ فَأَوْجَزَ النَّبِيُّ فِي صَلَاتِهِ، وَ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ؟

فَقُلْتُ: حَاشَا وَ كَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ لَكِنْ رَأَيْتُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْأَلُ اللَّهَ بِكَ، وَ رَأَيْتُكَ تَسْأَلُ اللَّهَ بِهِ، فَلَا أَعْلَمُ أَيُّكُمْ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: اجْلِسْ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي وَ عَلِيّاً مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ (5) قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، إِذْ لَا تَسْبِيحَ وَ لَا تَقْدِيسَ، فَفَتَقَ نُورِي فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَجَلُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ.

وَ فَتَقَ نُورَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ وَ عَلِيٌّ وَ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ.

وَ فَتَقَ نُورَ الْحَسَنِ، فَخَلَقَ مِنْهُ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ، وَ الْحَسَنُ وَ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ اللَّوْحِ وَ الْقَلَمِ،

ص: 112


1- فِي نُسْخَةٍ: (حَتَّى نَصْلٍ إِلَيْهِ) وَ فِي الْبِحَارُ: (لأتصل بِهِ).
2- وَلَجَ الْبَيْتِ: دَخَلَ فِيهِ، وَ المخدع: بَيْتِ دَاخِلٌ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ.
3- وَ فِي نُسْخَةٍ: (كَانَ فِي الصَّلَاةِ).
4- فِي الْبِحَارُ: (اخبرت).
5- فِي الْبِحَارُ: (قُدْرَتِهِ).

وَ فَتَقَ نُورَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ خَلَقَ مِنْهُ الْجِنَانَ وَ الْحُورَ الْعِينَ، وَ الْحُسَيْنُ وَ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الْجِنَانِ وَ الْحُورِ الْعِينِ.

فَأَظْلَمَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ، فَشَكَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ تِلْكَ الظُّلْمَةَ فَتَكَلَّمَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَخَلَقَ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ نُوراً وَ رُوحاً فَأَضَافَ النُّورَ إِلَى تِلْكَ الرُّوحِ، فَأَقَامَهَا أَمَامَ الْعَرْشِ، فَزَهَرَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ، فَهِيَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ.

يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِي وَ لِعَلِيٍّ:

أَدْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ شِئْتُمَا، وَ أَدْخِلَا النَّارَ مَنْ شِئْتُمَا، أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (1) وَ الْكَافِرُ: مَنْ جَحَدَ نُبُوَّتِي، وَ الْعَنِيدُ: مَنْ جَحَدَ وَلَايَةَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ عِتْرَتِهِ، وَ الْجَنَّةَ لِشِيعَتِهِ وَ لِمُحِبِّيهِ (2)

101- حديث قول علي ما زلت مظلوما

قَالَ أَبُو هِشَامِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ- يَرْفَعُهُ- بِالْإِسْنَادِ أَنَّ الرِّوَايَاتِ أنه [لَمَّا بَلَغَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّاسَ تَحَدَّثُوا فِيهِ وَ قَالُوا لَهُ: مَا بَالُهُ لَمْ يُنَازِعْ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ كَمَا نَازَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ؟ قَالَ:

فَجَمَعَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْتَدِياً بِرِدَاءٍ ثُمَّ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:

ص: 113


1- سُورَةَ ق: 24.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 43 ح 81، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 128، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 2/ 610 ح 7، (نَحْوَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 73 ح 24، وَ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 3/ 219 ح 1، وَ ص 417 ح 1، وَ الْبُرْهَانِ: 4/ 226 ح 4.

مَعَاشِرَ النَّاسِ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً قَالُوا: مَا بَالُ عَلِيٍّ لَمْ يُنَازِعْ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فِي الْخِلَافَةِ كَمَا نَازَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ وَ عَائِشَةَ؟ فَمَا كُنْتُ بِعَاجِزٍ، وَ لَكِنْ لِي فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أُسْوَةٌ:

أَوَّلُهُمْ: نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِراً عَنْهُ:

قَالَ رَبِّ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (1) فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَغْلُوباً، كَفَرْتُمْ بِتَكْذِيبِكُمُ الْقُرْآنَ وَ إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ كَانَ مَغْلُوباً فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ الثَّانِي: إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي (2) فَإِنْ قُلْتُمْ: اعْتَزَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ مَكْرُوهٍ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ، وَ إِنْ قُلْتُمْ: رَأَى الْمَكْرُوهَ فَاعْتَزَلَهُمْ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ الثَّالِثُ: لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (3).

فَإِنْ قُلْتُمْ: كَانَ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ، وَ إِنْ قُلْتُمْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ الرَّابِعُ: يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (4).

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَا دُعِيَ لِمَكْرُوهٍ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ وَ إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَا دُعِيَ لِمَكْرُوهٍ، لِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَى، فَاخْتَارَ السِّجْنَ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ الْخَامِسُ: مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

ص: 114


1- الْقَمَرِ: 10.
2- مَرْيَمَ: 48.
3- هُودٍ: 80.
4- يُوسُفَ: 33.

فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ (1).

فَإِنْ قُلْتُمْ: فَرَّ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ وَ إِنْ قُلْتُمْ: فَرَّ مِنْ خَوْفِ نَفْسِهِ، فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ السَّادِسُ: أَخُوهُ هَارُونُ، حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ تَعَالَى:

يَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي (2) فَإِنْ قُلْتُمْ: مَا كَادُوا يَقْتُلُونَهُ، فَقَدْ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ، وَ إِنْ كَادُوهُ يَقْتُلُوا فَعَلِيٌّ أَعْذَرُ.

وَ السَّابِعُ: ابْنُ عَمِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، حَيْثُ هَرَبَ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَى الْغَارِ فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَا هَرَبَ مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَ إِنْ قُلْتُمْ: هَرَبَ مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ، فَالْوَصِيُّ أَعْذَرُ.

أَيُّهَا النَّاسُ: مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ وَلَدَتْنِي أُمِّي حَتَّى إِنَّ أَخِي عَقِيلًا إِذَا رَمِدَتْ عَيْنَاهُ قَالَ: لَا تَذُرُّونِي حَتَّى عَيْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَذُرُّونِّي وَ مَا بِي مِنْ رَمَدٍ. (3)

102- حديث أن عليا خليفة النبي و وصيه

وَ يَرْوِي بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ قَوْمِي إِنَّا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: يُبْعَثُ بَعْدِي نَبِيٌّ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ عَرَبِيٌّ، فَامْضُوا إِلَيْهِ.

وَ اسْأَلُوهُ أَنْ يُخْرِجَ إِلَيْكُمْ مِنْ جَبَلٍ هُنَاكَ سَبْعَ نُوقٍ، حُمْرِ الْوَبَرِ سُودِ الْحَدَقِ، فَإِنْ

ص: 115


1- الشُّعَرَاءِ: 21.
2- الْأَعْرَافِ: 150.
3- الْفَضَائِلِ: 129، وَ أَخْرَجَهُ فِي الِاحْتِجَاجَ لِلطَّبْرِسِيِّ: 1/ 279، رَوَى أَنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ جَالِساً فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ النَّهْرَوَانِ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 29/ 417 ح 1.

أَخْرَجَهَا إِلَيْكُمْ، فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ، وَ آمِنُوا بِهِ، وَ اتَّبِعُوا النُّورَ الَّذِي مَعَهُ، فَهُوَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ وَصِيُّهُ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ هُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنِّي.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قُمْ بِنَا يَا أَخَا الْيَهُودِ، قَالَ:

فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ الْمُؤْمِنُونَ حَوْلَهُ، وَ جَاءَ إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ، وَ أَتَى إِلَى جَبَلٍ، فَبَسَطَ الْبُرْدَةَ، وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ، فَإِذَا الْجَبَلُ يُصَرْصِرُ (1) صِرَاراً، عَظِيماً وَ انْشَقَّ وَ سَمِعَ النَّاسُ حَنِينَ النُّوقِ.

فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ أَنَّ جَمِيعَ مَا جِئْتَ بِهِ صِدْقٌ وَ عَدْلٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْهِلْ لِي حَتَّى أَمْضِيَ إِلَى قَوْمِي، وَ أَجِي ءَ (2) بِهِمْ لِيَقْضُوا عِدَّتَهُمْ مِنْكَ، وَ يُؤْمِنُوا بِكَ، فَمَضَى الْحِبْرُ إِلَى قَوْمِهِ، وَ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَنَفَرُوا بِأَجْمَعِهِمْ، وَ تَجَهَّزُوا لِلْمَسِيرِ، وَ سَارُوا يَطْلُبُونَ الْمَدِينَةَ، لِيَقْضُوا عِدَّتَهُمْ فَلَمَّا دَخَلُوا الْمَدِينَةَ، وَجَدُوهَا مُظْلِمَةً مُسْوَدَّةً لِفَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ وَ قَدْ قُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ جَلَسَ مَكَانَهُ أَبُو بَكْرٍ!! فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَ قَالُوا: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: أَعْطِنَا عِدَّتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: مَا عِدَّتُكُمْ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ بِعِدَّتِنَا إِنْ كُنْتَ خَلِيفَةً حَقّاً، وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ خَلِيفَةً، فَكَيْفَ جَلَسْتَ مَجْلِسَ نَبِيِّكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَهْلًا؟

قَالَ: فَقَامَ وَ قَعَدَ وَ تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا ذَا يَصْنَعُ؟ فَإِذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَامَ

ص: 116


1- الصُّرَّةِ: أَشَدُّ الصِّيَاحِ.
2- فِي نُسْخَةٍ: (وَ أُجِيبَهُمْ).

وَ قَالَ: اتَّبِعُونِي حَتَّى أَدُلَّكُمْ عَلَى خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

قَالَ: فَخَرَجَ الْيَهُودُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَ تَبِعُوا الرَّجُلَ، حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَ طَرَقُوا الْبَابَ وَ إِذَا بِالْبَابِ قَدْ فُتِحَ، وَ إِذَا بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ خَرَجَ، وَ هُوَ شَدِيدُ الْحُزْنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُمْ، قَالَ:

أَيُّهَا الْيَهُودُ تُرِيدُونَ عِدَّتَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. قَالُوا: نَعَمْ، فَخَرَجَ مَعَهُمْ، وَ سَارُوا إِلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي صَلَّى عِنْدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى مَكَانَهُ، تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَ قَالَ:

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَنْ رَأَى بِهَذَا الْجَبَلِ (مُنْذُ) (1) هُنَيْئَةٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا بِالْجَبَلِ قَدِ انْشَقَّ، وَ خَرَجَ النُّوقُ مِنْهُ، وَ هِيَ سَبْعُ نُوقٍ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَالُوا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ: نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّكَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا هُوَ الْحَقُّ، وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ حَقّاً، وَ وَصِيُّهُ، وَ وَارِثُ عِلْمِهِ فَجَزَاكَ اللَّهُ وَ جَزَاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْراً ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ مُسْلِمِينَ مُوَحِّدِينَ (2)

103- حديث المناشدة

وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: أَنْصِتُوا لَمَّا أَقُولُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ، إِنَّ النَّاسَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَوْلَى مِنْهُمَا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَ سَكَتَ- وَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ تُرِيدُونَ أَنْ تُبَايِعُوا

ص: 117


1- مِنْ الْفَضَائِلِ، وَ فِي الْأَصْلِ: (عِنْدَ مِنْ)، وَ لَيْسَ فِي الْبِحَارُ.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 270 ح 24، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 130، إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 1/ 352 ح 59، وَ مَدِينَةُ الْمَعَاجِزِ: 1/ 521 ح 337.

عُثْمَانَ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ- وَ سَكَتَ وَ اللَّهِ مَا تَجْهَلُونَ مَحَلِّي، وَ لَا جَهِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ قُلْتُ مَا لَا تُطِيقُونَ دَفْعَهُ.

فَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ وَحَّدَ اللَّهَ، وَ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَبْلِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ أَعْظَمُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَكَاناً مِنِّي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ كَانَ يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمُ الْقَرَابَةِ، وَ سَهْمُ الْخَاصَّةِ، وَ سَهْمُ الْهِجْرَةِ أَحَدٌ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِيَدِهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَ قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ فَلْيُبَلِّغِ الْحَاضِرُ الْغَائِبَ، فَهَلْ كَانَ فِيكُمْ أَحَدٌ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ أُمِرَ بِمَوَدَّتِهِ فِي الْقُرْآنِ غَيْرِي حَيْثُ يَقُولُ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (1) (هَلْ قَالَ مِنْ قَبْلُ لِأَحَدٍ) (2) غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ وَضَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي حُفْرَتِهِ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ جَاءَتْهُ التَّعْزِيَةُ مَعَ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ إِلَّا أَنَا وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً لِكُلِّ مُصِيبَةٍ) (3).

ص: 118


1- الشُّورَى: 23.
2- مِنْ الْبِحَارِ، وَ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
3- فِي الْبِحَارُ: (أَمْ هَلْ فِيكُمْ مِنْ جَاءَتْهُ آيَةَ التَّنْزِيلِ مَعَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَبِّكَ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً الْآيَةِ هَلْ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، غَيْرِي.

فَبِاللَّهِ تَعَوَّلُوا، وَ إِلَيْهِ فَارْجِعُوا، إِنَّمَا الْمُنْقَلَبُ لِمَنْ أَرَادَ الثَّوَابَ غَيْرِي أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ تُرِكَ بَابُهُ مَفْتُوحاً مِنْ قِبَلِ الْمَسْجِدِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْرَجْتَنَا وَ أَدْخَلْتَهُ.

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَدْخَلَهُ وَ أَخْرَجَكُمْ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ قَاتَلَ وَ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَ مِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ لَهُ سِبْطَانِ مِثْلُ سِبْطَيَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِأَحَدٍ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ نَاجَى نَبِيَّهُ أَحَدٌ غَيْرِي؟ أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي حَقِّهِ يَوْمَ خَيْبَرَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فِرَارٍ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ بِالنَّصْرِ، فَأَعْطَاهَا أَحَداً غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَوْمَ الطَّائِرِ الْمَشْوِيِّ:

اللَّهُمَّ أْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي، (فَأَتَيْتُ أَنَا مَعَهُ) فَأَتَاهُ أَحَدٌ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَلِيَّهُ غَيْرِي.

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الرِّجْسِ فِي كِتَابِهِ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ بِنْتِ رَسُولِهِ غَيْرِي؟

أَمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ بَاهَلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَحَدٌ غَيْرِي؟

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ الزُّبَيْرُ وَ قَالَ: صَحَّ مَقَالَتُكَ وَ لَا نُنْكِرُ مِنْهُ شَيْئاً وَ لَكِنَّ النَّاسَ بَايَعُوا الشَّيْخَيْنِ، وَ لَمْ يُخَالِفُوا الْإِجْمَاعَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ، نَزَلَ وَ هُوَ يَقُولُ: وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (1) (2).

ص: 119


1- الكهف: 51.
2- عنه ابحار: 31/ 360 ح 17.

104- حديث علي عيبة علم النبوة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ يَهُودِيٌّ فِي زَمَنِ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟

قَالَ: نَعَمْ، أَ مَا تَنْظُرُنِي فِي مَقَامِهِ وَ مِحْرَابِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ، قَالَ: اسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، وَ عَمَّا تُرِيدُ.

قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: أَخْبِرْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ، وَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، وَ عَمَّا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ مَسَائِلُ الزَّنَادِقَةِ يَا يَهُودِيُّ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ هَمَّ الْمُسْلِمُونَ بِقَتْلِ الْيَهُودِيِّ وَ كَانَ فِي مَنْ حَضَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَزَعَقَ (1) بِالنَّاسِ.

وَ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَنْصَفْتُمُ الرَّجُلَ (2).

فَقَالَ: أَ مَا سَمِعْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ؟

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنْ كَانَ حَقّاً عِنْدَكُمْ، وَ إِلَّا فَأَخْرِجُوهُ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الأَرْضِ.

قَالَ: فَأَخْرِجُوهُ وَ هُوَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ قَوْماً جَلَسُوا فِي غَيْرِ مَرَاتِبِهِمْ، يُرِيدُونَ قَتْلَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ فَخَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَيُّهَا النَّاسُ: ذَهَبَ الْإِسْلَامُ حَتَّى لَا تُجِيبُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ، أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ؟

قَالَ: فَتَبِعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ قَالَ لَهُ: وَيْلَكَ اذْهَبْ إِلَى عَيْبَةِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، إِلَى مَنْزِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 120


1- زعق: صَاحَ.
2- فِي نُسْخَةٍ: (أَمْهِلْ فِي قَتَلَهُ).

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ الْمُسْلِمُونَ فِي طَلَبِ الْيَهُودِيِّ، فَلَحِقُوهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَخَذُوهُ وَ جَاءُوا بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا وَ قَدِ ازْدَحَمَ النَّاسُ، قَوْمٌ يُنْكِرُونَ، وَ قَوْمٌ يَضْحَكُونَ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ سَأَلَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الزَّنَادِقَةِ قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا تَقُولُ يَا يَهُودِيُّ؟ قَالَ أَسْأَلُكَ وَ تَفْعَلُ بِي مَا فَعَلُوا بِي هَؤُلَاءِ؟

قَالَ: وَ أَيَّ شَيْ ءٍ أَرَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا بِكَ؟ قَالَ: أَرَادُوا أَنْ يَذْهَبُوا بِدَمِي.

قَالَ الْإِمَامُ: دَعْ هَذَا وَ اسْأَلْ عَمَّا شِئْتَ، قَالَ: سُؤَالِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ: اسْأَلْ عَمَّا تُرِيدُ، قَالَ: الْيَهُودِيُّ أَنْبِئْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ، وَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، وَ عَمَّا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ؟

قَالَ: لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلَى شَرْطٍ يَا أَخَا الْيَهُودِ قَالَ وَ مَا الشَّرْطُ؟

قَالَ تَقُولُ مَعِي قَوْلًا مُخْلِصاً: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: نَعَمْ، يَا مَوْلَايَ.

قَالَ: يَا أَخَا الْيَهُودِ، أَمَّا مَا لَيْسَ لِلَّهِ فَلَيْسَ لَهُ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً، قَالَ صَدَقْتَ يَا مَوْلَايَ قَالَ: وَ أَمَّا قَوْلُكَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ الظُّلْمُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا مَوْلَايَ، قَالَ: وَ أَمَّا قَوْلُكَ: عَمَّا لَيْسَ يَعْلَمُهُ اللَّهُ، مَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّ لَهُ شَرِيكاً وَ لَا وَزِيراً وَ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ وَ يُرِيدُ.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ حَقّاً، وَ وَصِيُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْراً.

قَالَ: فَضَجَّ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ رَقَى الْمِنْبَرَ وَ قَالَ: أَقِيلُونِي فَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَ عَلِيٌّ فِيكُمْ. قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَ قَالَ: أَمْسِكْ يَا أَبَا بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، فَقَدْ رَضِينَاكَ لِأَنْفُسِنَا ثُمَّ أَنْزَلَهُ عَنِ الْمِنْبَرَ

ص: 121

فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

105- حديث علي أمير المؤمنين

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي ذَرٍّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ قَالَ: سَلِّمُوا عَلَى أَخِي، وَ خَلِيفَتِي، وَ وَارِثِي فِي قَوْمِي، وَ وَلِيِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِي سَلِّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ كُلِّ مَنْ سَكَنَ الْأَرْضَ إِلَى يَوْمِ الْعَرْضِ، وَ لَوْ قَدَّمْتُمُوهُ لَأَخْرَجَتْ لَكُمُ الْأَرْضُ بَرَكَاتِهَا فَإِنَّهُ أَكْرَمُ كُلِّ مَنْ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ أَهْلِهَا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَ قَالَ: أَ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي ثُمَّ تَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَ قَالَ: أَ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي، وَ ذَلِكَ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَقَامَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِمَا وَ قَالُوا مَا قَالاهُ (2)

106- حديث الشجرة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- أَبُو أَمَامَةَ (3) الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَنِي وَ خَلَقَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ.

ص: 122


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 10/ 26 ح 14، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 132، الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: 2/ 14.
2- الْفَضَائِلِ: 133، وَ أَخْرَجَهُ فِي إحقاق الْحَقِّ: 4/ 277، وَ عَنِ ابْنِ حسنويه فِي دُرٍّ بَحْرٍ الْمَنَاقِبِ: 78.
3- فِي الْأَصْلِ (ابو ثُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ) وَ هُوَ مُصْحَفٌ، وَ قَالَ صَاحِبُ جَامِعُ الرُّوَاةِ: 2/ 367، لَهُ صُحْبَةَ، وَ كَانَ مُعَاوِيَةَ وَضَعَ عَلَيْهِ الحراس لِئَلَّا يَهْرُبُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ 5/ 138، قَالَ ابْنِ الْأَثِيرِ: اسْمُهُ صدي بْنِ عَجْلَانَ، كَانَ مِنْ الْمُكْرَمِينَ فِي الرِّوَايَةِ.

فَأَنَا أَصْلُهَا، وَ عَلِيٌّ فَرْعُهَا وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثَمَرُهَا، وَ شِيعَتُنَا وَرَقُهَا، وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَوَى. (1)

107- حديث علي سيد الأوصياء

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى قَتَادَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَّ النَّارَ افْتَخَرَتْ عَلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَتِ النَّارُ:

تَسْكُنُنِي الْجَبَابِرَةُ وَ الْمُلُوكُ، وَ أَنْتِ تَسْكُنُكِ الْفُقَرَاءُ وَ الْمَسَاكِينُ.

فَشَكَتِ الْجَنَّةُ إِلَى رَبِّهَا، فَأَوْحَى إِلَيْهَا: فَاسْكُتِي (2) فَإِنِّي أُزَيِّنُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ: بِمُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ، وَ عَلِيٍّ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ شِيعَتُهُمْ، فِي قُصُورِكِ مَعَ الْحُورِ الْعِينِ (3)

ص: 123


1- عنه البحار: 37/ 77 ح 45، و عن الفضائل: 133، عيون أخبار الرضا عليه السّلام: 2/ 72 ح 340، عنه البحار: 37/ 38 ح 7، و 9، و ص 43 ح 19، عن أمالي الطوسي: 18 ح 20، باسناده، عن الحارث، عن علي عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (مثله)، و عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي عبد الرحمن و ذكر (مثله). و ذكر الحديث من فطاحل و كبار أهل العامة منهم: ابن عساكر في ترجمته: 1/ 131 و 132 و 133. و الخوارزمي في مناقبه: 87، و القرطبي في تفسير: 9/ 283، و الحمويني في فرائد السمطين: 1/ 52 ح 17، و الذهبي في تلخيص المستدرك: 2/ 241 و الزرندي في نظم درر السمطين: 79، و مجمع الزوائد للهيثمي: 9/ 100، و السيوطي في تاريخ الخلفاء: 66، و الدر المنثور: 4/ 44، و ابن حجر في الصواعق المحرقة: 121، 230، ينابيع المودة: 10 و 91 و 179 و 236، و ميزان الاعتدال: 1/ 462، كفاية الطالب: 317 و 319، منتخب كنز العمال: 5/ 32، لسان الميزان: 2/ 226، و ج 4/ 354 و 434، تاريخ بغداد: 6/ 58 ح 3088، المناقب لابن المغازلي: 297، مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزمي: 108، الاصابة: 3/ 507.
2- في البحار: (اسكني).
3- عنه البحار: 37/ 78 ضم. ن ح 45، و كذلك جاء هذا الحديث في متون كتب العامة، الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 184، و الخطيب في تاريخ بغداد: 2/ 238 و المتقي الهندي في كنز العمال: 12/ 222، و الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السّلام 103، و القندوزي في ينابيع المودة: 146 و 232، و ابن أبي الحديد في شرح النهج: 2/ 99، و الحمويني في فرائد السمطين: 2/ 188، و ابو نعيم في حلية الأولياء: 1/ 71 الذهبي في ميزان الأعتدال 1/ 230.

108- حديث علي خيرهم و أفضلهم

وَ عَنْ سُلَيْمِ (1) بْنِ قَيْسٍ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَ الْمِقْدَادِ، وَ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا: قَالَ لَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ مَرَرْتُ يَوْماً بِابْنِ الصهاك [صُهَاكَ، قَالَ:

قَالَ لِي: مَا مَثَلُ مُحَمَّدٍ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ، إِلَّا مَثَلَ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كُنَاسَةٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ غَضَباً شَدِيداً، فَقَامَ مُغْضَباً، وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَفَزِعَتِ الْأَنْصَارُ وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ، لِمَا رَأَوْا مِنْ غَضَبِهِ.

ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُعَيِّرُونَ أَهْلَ بَيْتِي، وَ قَدْ سَمِعُونِي أَقُولُ فِي فَضْلِهِمْ مَا قُلْتُ، وَ خَصَصْتُهُمْ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ اللَّهُ، وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَضْلُهُ عِنْدَ اللَّهِ، وَ كَرَامَتُهُ وَ سَبْقَتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، (بَلَغَنِي قَوْلُ) (2) مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَثَلِي فِي أَهْلِ بَيْتِي كَنَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كُنَاسَةٍ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ خَلْقاً، فَفَرَّقَهُمْ فِرَقاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا شُعَباً وَ جَعَلَ خَيْرَهَا مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا بُيُوتاً فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، حَتَّى حَصَلْتُ فِي أَهْلِ بَيْتِي وَ عِتْرَتِي وَ بَنِي أَبِي وَ أَبْنَائِي (3)، وَ أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَنِي مِنْهَا ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا أَخِي، وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي، وَ خَلِيفَتِي، وَ وَصِيِّي فِي أُمَّتِي، وَ ابْنَ عَمِّي، وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ بَعْدِي.

ص: 124


1- فِي الْأَصْلِ: (أَبِي)، مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارِ وَ الْفَضَائِلِ.
2- مِنْ الْبِحَارِ وَ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
3- فِي نُسْخَةٍ: (وَ عَشِيرَتِي وَ بَنِي أَبِي أَنَا (أبنائي) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

فَمَنْ وَالاهُ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ، مَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ، وَ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ، فَلَا يُحِبُّهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَ لَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كَافِرٌ وَ هُوَ رَئِيسُ الْأَرْضِ وَ مَنْ سَكَنَهَا، وَ هُوَ كَلِمَةُ اللَّهِ، وَ عُرْوَتُهُ الْوُثْقَى يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1) أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبَلِّغْ مَقَالَتِي الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ.

وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَظَرَ إِلَى الْأَرْضِ ثَالِثَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَهُمْ خِيَارُ أُمَّتِي بَعْدَ أَخِي، كُلَّمَا نَهَضَ وَاحِدٌ، قَامَ وَاحِدٌ، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ كُلَّمَا طَلَعَ وَاحِدٌ، غَابَ نَجْمٌ أَئِمَّةٌ هَادُونَ مَهْدِيُّونَ، لَا يَضُرُّهُمْ كَيْدُ مَنْ كَادَهُمْ، وَ لَا خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ.

حِجَجُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، وَ مَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ، وَ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ وَ لَا يُفَارِقُهُمْ، حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

أَوَّلُهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ خَيْرُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ، ثُمَّ ابْنَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ فَاطِمَةُ أُمُّهُمَا، وَ التِّسْعَةُ مِنْ وُلِدِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَ مِنْ بَعْدِهِمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّي، ثُمَّ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

أَنَا خَيْرُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ، وَ عَلِيٌّ الْوَصِيُّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، خَيْرُ بُيُوتِ النَّبِيِّينَ، وَ ابْنَتِي فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ.

أَيُّهَا النَّاسُ: أَ تُرْجَى شَفَاعَتِي لَكُمْ وَ أَعْجَزُ (2) عَنْ أَهْلِ بَيْتِي.

أَيُّهَا النَّاسُ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَلْقَى اللَّهَ غَداً مُؤْمِناً لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، إِلَّا أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَ لَوْ

ص: 125


1- التَّوْبَةِ: 32، وَ فِي الْأَصْلِ: (لِيُطْفِئُوا).
2- فِي الاصل: (وَ تَزَوَّدِي) وَ لَمْ نَجِدُ لَهَا مَعْنَى وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.

تَكُونُ ذُنُوبُهُ كَتُرَابِ الْأَرْضِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي آخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ.

ثُمَّ يَتَجَلَّى لِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَأَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيْهِ.

ثُمَّ يَأْذَنُ لِي فِي الشَّفَاعَةِ، فَلَمْ أُوثِرُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي أَحَداً.

أَيُّهَا النَّاسُ: عَظِّمُوا أَهْلَ بَيْتِي فِي حَيَاتِي، وَ بَعْدَ مَمَاتِي، وَ أَكْرِمُوهُمْ، وَ فَضِّلُوهُمْ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ غَيْرِ أَهْلِ بَيْتِي، انْسُبُونِي مَنْ أَنَا؟

قَالَ: فَقَامُوا إِلَيْهِ الْأَنْصَارُ، وَ قَدْ أَخَذُوا بِأَيْدِيهِمُ السِّلَاحَ وَ قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ آذَاكَ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ، حَتَّى نَضْرِبَ عُنُقَهُ؟

قَالَ: فَانْسُبُونِي مَنْ أَنَا؟ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ انْتَهَى بِالنَّسَبِ إِلَى نِزَارٍ.

ثُمَّ مَضَى إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ مَضَى إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ طِينَةُ آدَمَ نِكَاحٌ غَيْرُ سِفَاحٍ، اسْأَلُونِي فَوَ اللَّهِ لَا يَسْأَلَنَّ رَجُلٌ إِلَّا أَخْبَرْتُهُ عَنْ نَسَبِهِ، وَ عَنْ أَبِيهِ.

فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَ الْغَضَبُ ظَاهِرٌ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَبُوكَ غَيْرُ الَّذِي تُدْعَى إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَامَ الرَّجُلُ، وَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ.

ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ- وَ الْغَضَبُ ظَاهِرٌ فِي وَجْهِهِ-: مَا يَمْنَعُ هَذَا الرَّجُلَ أَنْ يَعِيبَ أَهْلَ بَيْتِي وَ أَخِي وَ وَزِيرِي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَقُومَ يَسْأَلُنِي عَنْ مَنْ فِي جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، قَالَ: فَعِنْدَ مَا ذَكَرَ ذَلِكَ خَشِيَ عُمَرُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَبْدُوَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ يَفْضَحَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَامَ وَ قَالَ:

نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ، اعْفُ عَنَّا، عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وَ اصْفَحْ عَنَّا، جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ، أَقِلْنَا أَقَالَكَ اللَّهُ اسْتُرْنَا، سَتَرَكَ اللَّهُ.

فَاسْتَحْيَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِلْمِ وَ الْكَرْمِ، وَ أَهْلِ الْعَفْوِ، ثُمَ

ص: 126

نَزَلَ. (1)

109- حديث علي في علمه

وَ مِمَّا رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: إِنَّهُ نَزَلَتْ عَلَى عُمَرَ فِي زَمَانِ خِلَافَتِهِ نَازِلَةٌ، فَقَامَ وَ قَعَدَ وَ نَظَرَ إِلَى مَنْ حَوْلَهُ، وَ قَالَ: مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالُوا: أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ الْأَمْرُ بِيَدِكَ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: وَ اللَّهِ لَنَعْلَمُ مَنْ صَاحِبُهَا، وَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهَا.

فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّكَ أَرَدْتَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟

قَالَ: أَنَّى نَعْدِلُ عَنْهُ، وَ هَلْ نَفَحَتْ (2) حُرَّةٌ بِمِثْلِهِ؟ فَقَالُوا: (نأت) [نَأْتِي (3) بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ: هَيْهَاتَ تسمع إِنَّ هُنَا لَشَيْخٌ مِنْ هَاشِمٍ، وَ نَسَبٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ لَا يُؤْتَى بِهِ فَقُومُوا بِنَا إِلَيْهِ.

فَقَامَ عُمَرُ وَ مَنْ مَعَهُ فَأَتَوْا إِلَيْهِ، فَرَأَوْهُ وَ هُوَ يَتَوَكَّلُ عَلَى مِسْحَاةٍ وَ هُوَ يَقُولُ:

أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (4) وَ دُمُوعُهُ تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ قَالَ: فَأَجْهَشَ (5) الْقَوْمُ لِبُكَائِهِ، ثُمَّ سَكَتَ وَ سَكَتُوا

ص: 127


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 294 ح 124 (بِاخْتِلَافٍ يَسِيرٍ)، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 134، إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 2/ 213 (قِطْعَةً).
2- فِي الْبِحَارُ: (لَقِحَتْ حَمَلَتْ).
3- فِي الْأَصْلِ: (أتنا) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
4- الْقِيَامَةِ: 36- 38.
5- فِي نُسْخَةٍ: (فأخمش) قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره) وَ خَمْشِ الْوَجْهُ خدشه وَ لَطَمَهُ.

وَ سَأَلَ عُمَرُ عَنْ مَسْأَلَتِهِ، فَأَصْدَرَ عَنْ جَوَابِهَا، فَقَالَ: أَمَ- وَ اللَّهِ- يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَقَدْ أَرَادَكَ اللَّهُ لِلْحَقِّ، وَ لَكِنْ أَبَى قَوْمُكَ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا أَبَا حَفْصٍ، عَلَيْكَ مِنْ هُنَا وَ مِنْ هُنَاكَ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (1) قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، وَ خَرَجَ مُرْبَدَّ اللَّوْنِ، كَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ.

و هذا الحديث من كتاب أعلام النبوة في القيامة الأولى، و هو في موقف الأخلاطية. (2)

110- حديث أن أهل البيت هم الصادقين

وَ عَنْ جَمَاعَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (3).

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ- يَرْفَعُهُ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ: (4) وَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ (5).

ص: 128


1- النبأ: 17.
2- عنه البحار: 40/ 122 ذ ح 12، و عن الفضائل: 136.
3- التوبة: 119.
4- في نسخة: (يرفعه- عنه بالأسانيد).
5- الفضائل: 138، مجمع البيان: 5/ 80، و روي جابر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (مثله)، المناقب لابن اشوب: 4/ 179، عن جابر، عن الباقر (مثله)، و 3/ 92، عن ابن عمر (مثله) و عن جابر (مثله) عنه البحار: 24/ 31 ح 4، و ص 3 ح 8 و 9، سعد السعود: 212، قال السيد ابن الطاووس قدس اللّه روحه: رأيت في تفسير المنسوب إلى الباقر (مثله) عنه البحار 24/ 33 ح 10 ص و رواه جمع من أبناء العامة أن نزول هذه الآية في حق علي و آل علي عليهم السّلام أجمعين: كفاية الطالب: 236 تذكرة الخواص: 20، الدر المنثور: 3/ 290، روح المعاني: 11/ 41، ينابيع المودة: 119، فرائد السمطين: 1 ج 270، شواهد التنزيل: 1/ 259 و 261 و 262، و ترجمة الإمام علي عليه السّلام لابن عساكر: 1/ 441، النور المشتعل: 102.

111- حديث علي هو الشاهد و المنادي و المؤذن

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَابِرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (1) قَالَ: الْبَيِّنَةُ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ الشَّاهِدُ هُوَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ (2) الْآيَةَ:

فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

وَ فِيهِ حَدِيثٌ طَوِيلٌ، قَدْ ذَكَرَ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْمُنَادِي وَ هُوَ الْمُؤَذِّنُ، وَ الْمُتَقَدِّمُ.

وَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (3).

وَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ (4) بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

. و قد ذكروا فيه روايات كثيرة (5).

ص: 129


1- هود: 17.
2- الأعراف: 44.
3- سوره ق: 41.
4- الاحزاب: 25.
5- عنه البحار: 36/ 115 ضمن ح 62، و عن الفضائل: 138، كشف الغمة: 1/ 317 و 321. أقول: أما ما سطرته أقلام الفريقين عن نزول هذه الآيات الكريمة بحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، فقد روى هذا الحديث الشريف كلا من الفريقين في كتبهم، و نقتصر على ذكر مصادر العامة بحذف الاسناد حتى تكون حجة أبلغ و أشد: تفسير البغوي: 3/ 183، تفسير الرازي: 17/ 201، تفسير الطبري: 12/ 10، تفسير القرطبي: 9/ 16، تذكرة الخواص: 20، كفاية الطالب: 234 و 235، تفسير النيشابوري: 12/ 16، الدر المنثور: 3/ 324، و ج 5/ 192، روح المعاني: 12/ 25، و ج 21/ 156، مناقب ابن المغازلي: 270، شواهد التنزيل: 1/ 275- 281، و ج 2/ 3 و ص 203، فرائد السمطين: 1/ 338، شرح النهج: 1/ 208 و ج 2/ 236، النور المشتعل: 106 و 172، ينابيع المودة: 74 و 94 و 95 و 99 و 101، ميزان الأعتدال: 2/ 17.

112- حديث أن القرآن عجائب

وَ سُئِلَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْقُرْآنِ، قَالَ: إِنَّ فِيهِ لَعَجَائِبَ، وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى (1) وَ لَكِنْ قَوْلًا يَغْلِبُ عَلَيْهَا الْجَاحِدُونَ (2)

113- حديث علي هو الرادفة

وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (3) (الرَّاجِفَةُ) الْحُسَيْنُ وَ مَأْتَمُهُ، وَ الرَّادِفَةُ أَبُوهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هُوَ أَوَّلُ مَنْ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ مَعَ الْحُسَيْنِ فِي خَمْسَةٍ وَ سَبْعِينَ أَلْفاً، أَوْ سِتِّينَ أَلْفاً، وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ:

إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ... وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (4) (5)

114- حديث محبي علي في الجنة

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَارَتْ نَفْسُهُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَقْتَ مَوْتِهِ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ لَهُ:

أَنَا رَسُولُ اللَّهِ نَبِيُّكَ، ثُمَّ يَرَى عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُولُ لَهُ:

أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَا الَّذِي كُنْتَ تُحِبُّنِي، أَنَا أَنْفَعُكَ

ص: 130


1- اللَّيْلِ: 12 وَ 13.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ 36/ 115 ذ ح 62، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 139.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 115 ذ ح 62 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 139.
4- النَّازِعَاتِ: 6.
5- غَافِرُ: 51، 52.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، وَ مَنْ يَرَى هَذَا يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، قَالَ: إِذَا رَأَى هَذَا مَاتَ قَالَ: ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ إِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (1) قَالَ:

يُبَشِّرُهُ لِمَحَبَّتِهِ لَنَا فِي الدُّنْيَا بِالْجَنَّةِ وَ الْآخِرَةِ، وَ هِيَ بِشَارَةٌ إِذَا رَأَى مِنَ الْخَوْفِ (2)

115- حديث حق علي على الأمة

قَالَ أَبُو تُمَامَةَ (3) بَعْدَ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، قَالَ: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ حَتَّى بَلَغْتُ يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ (4).

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَحْنُ الَّذِينَ يَرْحَمُ اللَّهُ عِبَادَهُ بِنَا، نَحْنُ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: حَقُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ (5)

116- حديث النبي و علي أبوا هذه الأمة

ص: 131


1- عنه البحار 53/ 107 ذ ح 34، و عن الفضائل: 139.
2- عنه البحار: 36/ 115 ذ ح 62 و عن الفضائل: 139، الكافي: 3/ 133 ح 8.
3- أبو تمامة: ذكره السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: 21/ 74 رقم 13993، و صرح به في ص 76 رقم 13998 بأبي ثمامة، روى عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام، و الصدوق في المشيخة، و في قاموس الرجال للعلامة التستري: 10/ 26.
4- الدخان: 41.
5- عنه البحار: 24/ 267 ح 31، و عن الفضائل: 139، الكافي: 1/ 423 ح 56، باسناده عن زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام، و ذكر (مثله). تأويل الآيات: 2/ 574 ح 3 باسناد عن أبي أسامة زيد الشحام قال: (مثله) و ص: 575 ح 5 باسناده عن شعيب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، (مثله) عنه البحار: 24/ 206 ح 6، و ج 89/ 311 ح 15، المناقب لابن شهر آشوب: 4/ 400 عن زيد الشحام قال: قال، أبو عبد اللّه عليه السّلام، (مثله) عنه البحار: 24/ 257 ح 3.

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الضَّرْبَةَ الَّتِي كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِبَابِ الْقَصْرِ، وَ كَانُوا يُرِيدُونَ قَتْلَ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ: فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ: إِنَّ أَبِي أَوْصَانِي أَنْ أَتْرُكَ قَاتِلَهُ إِلَى يَوْمَ وَفَاتِهِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ لَهُ الْوَفَاةُ، وَ إِلَّا نَظَرَ هُوَ فِي حَقِّهِ، فَانْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَالَ: فَانْصَرَفَ النَّاسُ وَ لَمْ أَنْصَرِفْ.

قَالَ: وَ خَرَجَ ثَانِيَةً، وَ قَالَ: يَا أَصْبَغُ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلِي عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ-؟

قُلْتُ: بَلَى، وَ لَكِنِّي إِذَا رَأَيْتُ حَالَهُ (ف)- أَحْبَبْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، فَأَسْمَعُ مِنْهُ حَدِيثاً، فَاسْتَأْذِنْ لِي رَحِمَكَ اللَّهُ.

فَدَخَلَ وَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، وَ قَالَ: ادْخُلْ. فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُعَصَّبٌ بِعِصَابَةٍ صَفْرَاءَ، وَ قَدْ عَلَا صُفْرَةٌ فِي وَجْهِهِ عَلَى تِلْكَ الْعِصَابَةِ.

فَإِذَا هُوَ يَرْفَعُ فَخِذاً وَ يَضَعُ أُخْرَى، مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبَةِ، وَ كَثْرَةِ السَّمِّ.

فَقَالَ لِي: يَا أَصْبَغُ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْحُسَيْنِ (1) عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَوْلِي؟

قُلْتُ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَكِنِّي رَأَيْتُكَ فِي حَالَةٍ، فَأَحْبَبْتُ النَّظَرَ إِلَيْكَ، وَ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ حَدِيثاً فَقَالَ لِي: اقْعُدْ، فَلَا أَرَاكَ تَسْمَعُ مِنِّي حَدِيثاً بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا.

اعْلَمْ يَا أَصْبَغُ، أَنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَائِداً، كَمَا جِئْتَ إِلَيَّ السَّاعَةَ فَقَالَ لِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اخْرُجْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَنَادِ بِالنَّاسِ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، وَ اصْعَدْ مِنْبَرِي، وَ قُمْ دُونَ مَقَامِي بِمِرْقَاةٍ

ص: 132


1- فِي الْبِحَارُ: (الْحَسَنِ).

وَ قُلْ لِلنَّاسِ: أَلَا مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

أَلَا مَنْ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

أَلَا مَنْ ظَلَمَ أَجِيراً أُجْرَتَهُ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

يَا أَصْبَغُ، فَقُلْتُ (1): مَا أَمَرَنِي بِهِ حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَقَامَ مِنْ أَقْصَى الْمَسْجِدِ رَجُلٌ، وَ قَالَ:

يَا أَبَا الْحَسَنِ، تَكَلَّمْتَ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ وَ أَوْجَزْتَهُنَّ، فَاشْرَحْهُنَّ لَنَا، فَلَمْ أَرْدُدْ جَوَاباً، حَتَّى أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ قُلْتُ لَهُ مَا قَالَ الرَّجُلُ؟

فَقَالَ الْأَصْبَغُ: فَأَخَذَ بِيَدِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: يَا أَصْبَغُ، ابْسُطْ يَدَكَ، فَبَسَطْتُ يَدِي فَتَنَاوَلَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِ يَدِي وَ قَالَ: يَا أَصْبَغُ، كَذَا تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِ يَدِي، كَمَا تَنَاوَلْتُ إِصْبَعاً مِنْ (أَصَابِعِكَ). (2)

ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَلَا وَ إِنِّي وَ أَنْتَ أَبَوَا هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَمَنْ عَقَّنَا فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

أَلَا وَ إِنِّي وَ أَنْتَ مُوْلَيَا هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَعَلَى مَنْ أَبَقَ عَنَّا لَعْنَةُ اللَّهِ. أَلَا وَ إِنِّي وَ أَنْتَ أَجِيرَا هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَمَنْ ظَلَمَنَا أُجْرَتَنَا، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

قَالَ: فَقُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ.

ثُمَّ قَالَ الْأَصْبَغُ: ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ أَفَاقَ، قَالَ لِي:

أَ قَاعِداً أَنْتَ يَا أَصْبَغُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا مَوْلَايَ، فَقَالَ: أَزِيدُكَ حَدِيثاً آخَرَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ يَا مَوْلَايَ، زَادَكَ اللَّهُ مَزْيَدَ خَيْرٍ، قَالَ:

يَا أَصْبَغُ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِينَةِ وَ أَنَا مَغْمُومٌ قَدْ بُيِّنَ

ص: 133


1- فِي الْبِحَارُ: (فَفَعَلْتُ).
2- فِي الْبِحَارُ: (أَصَابِعَ يَدَكَ).

الْغَمُّ فِي وَجْهِي، فَقَالَ:

يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَرَاكَ مَغْمُوماً، أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ لَا تَغْتَمَّ بَعْدَهُ أَبَداً؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَصَبَ اللَّهُ لِي مِنْبَراً يَعْلُو مَنَابِرَ النَّبِيِّينَ وَ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ يَأْمُرُنِي اللَّهُ أَنْ أَصْعَدَ فَوْقَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُكَ اللَّهُ تَصْعَدُ فَوْقَهُ دُونِي بِمِرْقَاةٍ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ فَيَجْلِسَانِ دُونَكَ بِمِرْقَاةٍ فَإِذَا اسْتَقْلَلْنَا عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ [وَ الْآخِرِينَ إِلَّا يَرَانَا (1)، فَيُنَادِي الْمَلَكُ الَّذِي دُونَكَ بِمِرْقَاةٍ:

مَعَاشِرَ النَّاسِ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسِي: الروضة، شاذان بن جبرئيل 134 (116)(حديث النبي و علي أبوا هذه الأمة)

أَنَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ، أَلَا إِنَّ اللَّهَ بِفَضْلِهِ وَ كَرَمِهِ وَ جَلَالِهِ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْمَلَكُ الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ الْمَلَكِ بِمِرْقَاةٍ فَيَقُولُ مُنَادِياً يَسْمَعُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ:

مَعَاشِرَ النَّاسِ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسِي:

أَنَا مَالِكٌ خَازِنُ النِّيرَانِ، أَلَا إِنَّ اللَّهَ بِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ كَرَمِهِ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَ مَفَاتِيحَ النَّارِ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاشْهَدُوا لِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مَفَاتِيحَ الْجِنَانِ وَ النِّيرَانِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، فَتَأْخُذُ بِحُجْزَتِي، وَ أَهْلُ بَيْتِكَ يَأْخُذُونَ بِحُجْزَتِكَ.

وَ شِيعَتُكَ يَأْخُذُونَ بِحُجْزَةِ أَهْلِ بَيْتِكَ.

قَالَ: وَ صَفَقْتُ بِكِلْتَا يَدَيَّ، وَ قُلْتُ إِلَى الْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.

ص: 134


1- فِي الْبِحَارُ: (حَضَرَ).

قَالَ الْأَصْبَغُ: فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَوْلَايَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (1)

117- حديث في حجة الوداع

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ جَابِرٌ: مَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَّا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَ إِنَّهُمَا يَسْمَعَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ:

هَؤُلَاءِ يَرْجِعُونَ بَعْدِي كُفَّاراً، يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتُمُوهُ لَتَعْرِفُونِّي، فَرَأَيْتُمُونِي فِي كَتِيبَةٍ إِنْ كُنْتُ أَضْرِبُ بِهَا وُجُوهَكُمْ.

قَالَ: فَسَمِعَ جَبْرَئِيلُ مِنْ خَلْفِهِ، فَالْتَفَتَ مِنْ قِبَلِ مَرْكَبِهِ مِنْ جَانِبِ الْأَيْسَرِ.

وَ قَالَ: وَ عَلِيٌّ وَ عَلِيٌّ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بِعَلِيٍّ- أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (2) (3)

118- حديث ابن عباس و حسده لعلي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا حَسَدْتُ عَلِيّاً شَيْئاً مم [مِمَّا سَبَقَ مِنْ سَوَابِقِهِ أَفْضَلَ مِنْ شَيْ ءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ يَقُولُ:

يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، كَيْفَ أَنْتَ إِذْ كَفَرْتُمْ، فَرَأَيْتُمُونِي فِي كَتِيبَةٍ أَضْرِبُ بِهَا وُجُوهَكُمْ؟

فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَغَمَزَهُ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ:

إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 135


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 44 ح 82، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.
2- الزُّخْرُفِ: 41، 42.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 29/ 461 ح 47.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (1)

119- حديث نزول آية في علي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ. (2)

قَالَ: بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِذَلِكَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (3)

120- حديث الجمجمة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا سَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى صِفِّينَ، وَقَفَ بِالْفُرَاتِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَيْنَ الْمَخَاضُ؟ (4).

فَقَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: امْضِ إِلَى هَذَا التَّلِّ، وَ نَادِ:

يَا جلند [جُلَنْدَى (5) أَيْنَ الْمَخَاضُ؟ قَالَ: فَسَارَ حَتَّى وَصَلَ التَّلَّ، وَ نَادَى:

يَا جلند [جُلَنْدَى؟ أَيْنَ الْمَخَاضُ؟ فَأَجَابَهُ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ خَلْقٌ عَظِيمٌ، فَبُهِتَ وَ لَمْ يَدْرِ مَا ذَا يَصْنَعُ؟! فَأَتَى إِلَى الْإِمَامِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا مَوْلَايَ، جَاوَبَنِي خَلْقٌ كَثِيرٌ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا قَنْبَرُ، امْضِ وَ قُلْ: يَا جلند [جُلَنْدَى بْنَ كِرْكِرَ، أَيْنَ الْمَخَاضُ؟

قَالَ: فَمَضَى وَ قَالَ، فَكَلَّمَهُ وَاحِدٌ، وَ قَالَ: يَا وَيْلَكُمْ، مَنْ قَدْ عَرَفَ اسْمِي وَ اسْمَ أَبِي

ص: 136


1- الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: 6/ 18، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 98.
2- الزُّخْرُفِ: 41.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 29/ 461 ح 48، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 274 وَ 320، شَوَاهِدَ التَّنْزِيلِ: 2/ 152، تَفْسِيرِ النَّيْشَابُورِيُّ: 25/ 57، الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: 6/ 18، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 98.
4- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَخَاضٍ الْمَاءِ: الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ النَّاسِ فِيهِ مُشَاةً.
5- فِي بَعْضِ النُّسَخِ: (يَا جَلِيدٍ) وَ كَذَا الَّتِي بَعْدَهَا.

وَ أَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ وَ قَدْ صِرْتُ تُرَاباً، وَ قَدْ بَقِيَ قِحْفُ (1) رَأْسِي عَظْمَ نَخِرٍ، وَ لِي ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَ لَا يَعْلَمُ أَيْنَ الْمَخَاضُ؟ فَهُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنِّي وَيْلَكُمْ، مَا أَعْمَى قُلُوبَكُمْ، وَ أَضْعَفَ نُفُوسَكُمْ، وَيْلَكُمْ امْضُوا إِلَيْهِ، وَ اتَّبِعُوهُ، وَ أَيْنَ خَاضَ خُوضُوا، فَإِنَّهُ أَشْرَفُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فاعتبروا أيها المعتبرون، و انظروا بعين اليقين إلى هذه المعجزات و الفضائل التي ما جمعت في بشر سواه عليه السّلام (2)

121- حديث علي أعلم بالتوراة و الإنجيل

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ هُوَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَأْسُ الْيَهُودِ، وَ رَأْسُ النَّصَارَى فَجَلَسَا.

وَ قَالَتِ الْجَمَاعَةُ: بِاللَّهِ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا، سَلْهُمْ حَتَّى نَنْظُرَ مَا ذَا يَعْلَمُونَ؟

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَأْسِ الْيَهُودِ يَا أَخَا الْيَهُودِ، قَالَ لَبَّيْكَ، يَا عَلِيُّ قَالَ: كَمِ انْقَسَمَتْ أُمَّةُ نَبِيِّكُمْ؟ قَالَ: هُوَ عِنْدِي فِي كِتَابٍ مَكْتُوبٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَاتَلَ اللَّهُ قَوْماً أَنْتَ زَعِيمُهُمْ، يُسْأَلُ عَنْ أَمْرِ دِينِهِ، فَيَقُولُ: هُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدِي فِي كِتَابٍ.

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى رَأْسِ النَّصَارَى، فَقَالَ لَهُ: كَمِ انْقَسَمَتْ أُمَّةُ نَبِيِّكُمْ؟

قَالَ: كَذَا وَ كَذَا، فَأَخْطَأَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَوْ قُلْتَ مِثْلَ مَا قَالَ صَاحِبُكَ، لَكَانَ خَيْراً لَكَ، تَقُولُ وَ تُخْطِئُ وَ لَا تَعْلَمُ

ص: 137


1- الْقِحْفُ: الْعَظْمَ فَوْقَ الدِّمَاغِ وَ مَا انفلق مِنْ الْجُمْجُمَةِ فَبَانَ.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 33/ 45 ح 388، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 140، مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ: 211، باسناده، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، (مِثْلَهُ)، عَنْ مَدِينَةٍ الْمَعَاجِزِ: 1/ 252 ح 158 وَ ص 254 ح 159، الْبُرْسِيِّ: قَالَ: النصيرية، هُمْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ، وَ سَبَبُ كُفْرِهِ أَنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَا أَرَادَ عُبُورِ الْفُرَاتِ: قَالَ لَهُ: ناديا يَا جلندي يَقُولُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْنَ الْمَخَاضِ، وَ ذَكَرَ (نَحْوَهُ).

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَ أَعْلَمُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ، وَ أَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِقُرْآنِهِمْ وَ أَنَا أُخْبِرُكُمْ عَلَى كَمِ انْقَسَمَتْ بِهِ الْأُمَمُ.

أَخْبَرَنِي بِهِ أَخِي وَ حَبِيبِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، حَيْثُ قَالَ:

افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً، مِنْهَا سَبْعُونَ فِي النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ الَّتِي اتَّبَعَتْ وَصِيَّهُ.

وَ افْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً، مِنْهَا إِحْدَى وَ سَبْعُونَ فِي النَّارِ وَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ الَّتِي اتَّبَعَتْ وَصِيَّهُ.

وَ سَتَفْتَرِقُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ إِلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً، اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِي النَّارِ، وَ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ الَّتِي اتَّبَعَتْ وَصِيِّي.

وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً مَاحَلَتْ عُقْدَةَ اللَّهِ فِيكَ، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ هِيَ الَّتِي اتَّخَذَتْ مَحَبَّتَكَ وَ هُمْ شِيعَتُكَ. (1)

122- حديث فضائل علي على لسان سعد بن أبي وقاص

- وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سُلَيْمِ (بْنِ قَيْسٍ)، (2) أَنَّهُ قَالَ: لَقِيتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، يَقُولُ:

اتَّقُوا فِتْنَةَ الْأَحْبَشِ (3)، اتَّقُوا فِتْنَةَ سَعْدٍ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خِذْلَانِ الْحَقِّ وَ أَهْلِهِ.

ص: 138


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 28/ 31 ح 20، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 140، الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: 2/ 37، كِتَابِ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ: 25، إحقاق الْحَقِّ: 7/ 601.
2- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
3- فِي الْبِحَارُ: (الأخنس).

فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُبْغِضَ عَلِيّاً، أَوْ يبغضي [يُبْغِضَنِي، أَوْ أُقَاتِلَ عَلِيّاً، أَوْ يُقَاتِلَنِي، أَوْ أُعَادِيَ عَلِيّاً، أَوْ يُعَادِيَنِي.

إِنَّ عَلِيّاً كَانَتْ لَهُ خِصَالٌ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِثْلُهَا.

إِنَّهُ صَاحِبُ بَرَاءَةَ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَا يُبَلِّغُ عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي.

وَ قَالَ لَهُ يَوْمَ تَبُوكَ: أَنْتَ وَصِيِّي، وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ النُّبُوَّةِ.

وَ حِينَ أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَ لَمْ يَبْقَ غَيْرُ بَابِهِ، فَسَأَلَ عُمَرُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَاباً وَ لَوْ رَوْزَنَةً صَغِيرَةً قَدْرَ عَيْنَيْهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ.

قَالَ: سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا وَ تَرَكْتَ بَابَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟! فَقَالَ: مَا سَدَدْتُهَا لَكُمْ أَنَا وَ لَا فَتَحْتُ بَابَهُ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَدَّهَا وَ فَتَحَ بَابَهُ.

وَ يَوْمَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، كُلِّ رَجُلٍ مَعَ صَاحِبِهِ وَ بَقِيَ هُوَ فَآخَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَخِي وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

وَ حِينَ (خَيْبَرَ) انْهَزَمَ جَيْشُ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ قَالَ:

مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَلْقَوْنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ يَفِرُّونَ؟ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ يُحِبُّ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ بِالنَّصْرِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ؟

فَجَاءَهُ وَ هُوَ أَرْمَدُ الْعَيْنِ، فَوَضَعَ كَرِيمَهُ فِي حَجْرِهِ، وَ تَفَلَ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ عَقَدَ لَهُ رَايَةً وَ دَعَا لَهُ فَمَا انْثَنَى حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ خَيْبَرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَ جَاءَهُ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.

وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِيَدِهِ، وَ قَالَ:

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ.

ص: 139

أَيُّهَا النَّاسُ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ وَ الْحُرُّ الْعَبْدَ

. فَقَالَ سُلَيْمٌ: وَ أَقْبَلَ عَلَى سعد إِنَّمَا سلكت تُقَاتِلُ نَفْسِي إِنْ كَانَ سيفي لَا فصل عدت فِيهِ لَمْ أزعم أَنِّي مُخْطِئٌ مَا هُوَ مَبْنِيٌّ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ، بَلْ هُوَ الْحَقُّ وَ الْحَقِ (1).

123- حديث الصحيفة

- وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ بُكَاءً شَدِيداً.

ثُمَّ قَالَ: مَا لَقِيَتْ عِتْرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟! اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيٌّ وَ لِوُلْدِهِ وَلِيٌّ، وَ لِأَعْدَائِهِمْ عَدُوٌّ، وَ لِوُلْدِهِمْ بَرِي ءٌ، وَ أَنِّي مُسَلِّمٌ لِأَمْرِهِمْ وَ لَقَدْ دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِذِي قَارٍ قَالَ: فَأَخْرَجَ لِي صَحِيفَةً أَمْلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ خَطَّهَا بِيَدِهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْرَأْهَا عَلَيَّ، فَقَرَأَهَا وَ إِذَا فِيهَا كُلُّ شَيْ ءٍ، مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَى يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ مَنْ يَقْتُلُهُ، وَ مَنْ يَنْصُرُهُ، وَ مَنْ يُسْتَشْهَدُ مَعَهُ، وَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً وَ أَبْكَانِي، وَ كَانَ فِيمَا قَرَأَهُ:

كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ، وَ كَيْفَ تُسْتَشْهَدُ مَعَهُ فَاطِمَةُ، وَ كَيْفَ يُسْتَشْهَدُ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ كَيْفَ تُغْدَرُ بِهِ الْأُمَّةُ.

فَلَمَّا قَرَأَ مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ مَنْ يَقْتُلُهُ، أَكْثَرَ الْبُكَاءَ، وَ أَدْرَجَ الصَّحِيفَةَ، وَ فِيهَا مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ كَانَ فِيمَا قَرَأَهُ أَمْرُ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ، وَ كَمْ يَمْلِكُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ

ص: 140


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 42/ 155 ح 23، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.

وَ كَيْفَ بُويِعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ وَقْعَةُ الْجَمَلِ، وَ مَسِيرُ طَلْحَةَ وَ عَائِشَةَ وَ الزُّبَيْرِ، وَ وَقْعَةُ صِفِّينَ، وَ مَنْ يُقْتَلُ بِهَا، وَ وَقْعَةُ النَّهْرَوَانِ وَ أَمْرُ الْحَكَمَيْنِ، وَ مُلْكُ مُعَاوِيَةَ، وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنَ الشِّيعَةِ، وَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ بِالْحَسَنِ، وَ أَمْرُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَسَمِعْتُ ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ كُلَّمَا قَرَأَ، لَمْ يَزْدَدْ وَ لَمْ يَنْقُصْ، وَ رَأَيْتُ خَطَّهُ فِي الصَّحِيفَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَ لَمْ يَظْفَرْ (1).

فَلَمَّا دَرَجَ الصَّحِيفَةَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ كُنْتَ قَرَأْتَ عَلَيَّ بَقِيَّةَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قَالَ: لَا وَ لَكِنِّي مُحَدِّثُكَ بِمَا يَمْنَعُنِي فِيهَا، مَا يَلْقَى أَهْلُ بَيْتِي مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ وَ وُلْدِكَ أَمْرٌ فَظِيعٌ مِنْ قَتْلِهِمْ لَنَا، وَ عَدَاوَتِهِمْ لَنَا، وَ سُوءِ مُلْكِهُمْ، وَ قُدْرَتِهِمْ، أَكْرَهُ أَنْ تَسْمَعَهُ فَتَغْتَمَّ، وَ لَكِنِّي أُحَدِّثُكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ (أَخَذَ) (2) بِيَدِي فَفَتَحَ لِي أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَ فَتَحَ لِكُلِّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ، وَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ ينظرون [يَنْظُرَانِ بِمَا قَالَ لِي، فَحَرَّكَا أَيْدِيَهُمَا، ثُمَّ حَكَيَا قَوْلِي، ثُمَّ وَلَيَّا يُرَدِّدَانِ قَوْلِي وَ يَخْطِرَانِ بِأَيْدِيهِمَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ مُلْكَ بَنِي أُمَيَّةَ إِذَا زَالَ: أَوَّلُ مَا يَمْلِكُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وُلْدُكَ، فَيَفْعَلُونَ الْأَفَاعِيلَ.

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَكُونُ نَسْخِي ذَلِكَ الْكِتَابَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ (3).

ص: 141


1- في نسخة: (يطفهر) مصحف، و قال المجلسي (ره): (و لم يعفر) أي لم يظهر فيه أثر التراب و الغبار، و في بعض النسخ: (و لم يصفر).
2- أثبتناها ليتم سياق الكلام.
3- عنه البحار: 28/ 73 ح 32، و عن الفضائل: 141، إثبات الهداة: 1/ 521 ح 142.

124- حديث لم أزل مظلوما

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَوْمَ الْجَمَلِ وَ يَوْمَ صِفِّينَ يَقُولُ: إِنِّي نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ إِلَّا الْكُفْرَ بِاللَّهِ، وَ الْجُحُودَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، بِمُعَالَجَةِ الْأَغْلَالِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، أَوْ قِتَالِ هَؤُلَاءِ، وَ لَمْ أَجِدْ أَعْوَاناً عَلَى ذَلِكَ.

وَ إِنِّي لَمْ أَزَلْ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ لَوْ وَجَدْتُ قَبْلَ النَّاسِ أَعْوَاناً عَلَى إِحْيَاءِ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ كَمَا وَجَدْتُ الْيَوْمَ لَنَا لَمْ يَسَعْنِي الْقُعُودُ. (1)

125- حديث علي في كتب الأنبياء

وَ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنْ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنَزَلَ الْعَسْكَرَ قَرِيباً مِنْ دَيْرِ نَصْرَانِيٍّ.

قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الدَّيْرِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، جَمِيلُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْهَيْئَةِ، وَ مَعَهُ كِتَابٌ فِي يَدِهِ.

قَالَ: فَجَعَلَ يَتَصَفَّحُ النَّاسَ، حَتَّى أَتَى عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ قَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ نَسْلِ حَوَارِيِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ كَانَ أَفْضَلَ حَوَارِيِّهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، وَ أَقْرَبَهُمْ عِنْدَهُ.

وَ أَوْصَى إِلَيْهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ أَعْطَاهُ كُتُبَهُ، وَ عَلَّمَهُ الْحِكْمَةَ، فَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ بَيْتِهِ عَلَى دِينِهِ مُسْتَمْسِكِينَ عَلَيْهِ، وَ لَمْ يُبَدِّلْ وَ لَمْ يَزْدَدْ، وَ لَمْ يَنْقُصْ،

ص: 142


1- كِتَابِ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ: 2/ 883 ح 53، (الطبعة الْجَدِيدَةِ)، كِتَابِ صِفِّينَ: 474، الْأَخْبَارِ الطِّوَالِ للدينوري: 188.

وَ تِلْكَ الْكُتُبُ عِنْدِي بِإِمْلَاءِ عِيسَى، وَ خَطِّ الْأَنْبِيَاءِ، فِيهَا كُلُّ شَيْ ءٍ يَفْعَلُ النَّاسُ مَلِكٌ مَلِكٌ وَ كَمْ يَمْلِكُ وَ كَمْ يَكُونُ فِي زَمَانٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ فِي الْعَرَبِ رَجُلًا مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ مِنْ أَرْضِ تِهَامَةَ، مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: (مَكَّةُ) نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ: (أَحْمَدُ) لَهُ اثْنَا عَشَرَ وَصِيّاً فَذَكَرَ مَبْعَثَهُ وَ مَوْلِدَهُ وَ مُهَاجَرَهُ، وَ مَنْ يُقَاتِلُهُ، وَ مَنْ يَنْصُرُهُ، وَ مَنْ يُعَادِيهِ، وَ مَنْ يُعَاوِنُهُ، وَ كَمْ يَعِيشُ وَ مَا تَلْقَى أُمَّتُهُ (بَعْدَهُ) مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الْفُرْقَةِ وَ الِاخْتِلَافِ.

وَ فِيهِ تَسْمِيَةُ كُلِّ إِمَامٍ هُدًى، وَ كَمْ إِمَامٍ ضَلَالٍ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ السَّمَاءِ، فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ اسْماً مِنْ نَسْلِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ:

خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ، وَ أَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ، اللَّهُ وَلِيُّ مَنْ وَالاهُمْ، وَ عَدُوُّ مَنْ عَادَاهُمْ وَ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ، وَ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدِ اهْتَدَى وَ اعْتَصَمَ، طَاعَتُهُمْ لِلَّهِ رِضًى، مَعْصِيَتُهُمْ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ.

مَكْتُوبِينَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَ نَسَبِهِمْ، وَ كَمْ يَعِيشُ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ؟

وَ كَمْ رَجُلٍ يَسْتَسِرُّ بِدِينِهِ؟ وَ يَكْتَتِمُ مِنْ قَوْمِهِ، وَ يَظْهَرُ مِنْهُمْ، وَ مَنْ يَمْلِكُ وَ يَنْقَادُ لَهُ النَّاسُ، حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى آخِرِهِمْ.

فَيُصَلِّي عِيسَى خَلْفَهُ فِي الصَّفِّ، أَوَّلُهُمْ أَفْضَلُهُمْ، وَ آخِرُهُمْ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ، وَ أُجُورِ مَنْ أَطَاعَهُمْ وَ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ.

أَوَّلُهُمْ أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ يس، وَ طه، وَ نُونٌ، وَ الْفَاتِحُ، الْخَاتِمُ، وَ الْحَاشِرُ، وَ الْعَاقِبُ، وَ السَّائِحُ، وَ الْعَابِدُ، وَ هُوَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَ خَلِيلُ اللَّهِ، وَ حَبِيبُ اللَّهِ، وَ صَفْوَتُهُ، وَ خِيَرَتُهُ، وَ يَرَاهُ اللَّهُ بِعَيْنِهِ، وَ يُكَلِّمُهُ بِلِسَانِهِ.

إِذْ ذُكِرَ، وَ هُوَ أَكْرَمُ خَلْقِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ، وَ أَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ، لَمْ يُخْلَقْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ عَصْرِ آدَمَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَ لَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ.

يُقْعِدُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْ عَرْشِهِ، وَ يُشَفِّعُهُ فِي كُلِّ مَنْ شَفَعَ لَهُ، وَ بِاسْمِهِ جَرَى الْقَلَمُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ بِذِكْرِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، صَاحِبُ

ص: 143

اللِّوَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ الْحَشْرِ الْأَكْبَرِ.

وَ أَخُوهُ وَ وَصِيُّهُ وَ وَزِيرُهُ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي أُمَّتِهِ، وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ بَعْدَهُ.

ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنِ ابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ، أَوَّلُ وَلَدَيْهِمَا مِثْلُ ابْنَيْ هَارُونَ وَ مُوسَى وَ شَبِيرٍ وَ شَبَّرَ، وَ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِهِمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ آخِرُهُمُ الَّذِي يَؤُمُّ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ. وَ فِيهِ تَسْمِيَةُ أَبْنَائِهِمْ وَ مَنْ يَظْهَرُ مِنْهُمْ.

ثُمَّ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا، وَ يَمْلَئُونَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى يُظَفِّرَهُمُ اللَّهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا.

فَلَمَّا بُعِثَ هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (أَتَاهُ أَبِي) (1) وَ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِي: إِنَّ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ- الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِعَيْنِهِ- (2) سَيَمُرُّ بِكَ إِذَا مَضَتْ عِدَّةُ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَ الدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ، وَ هُمْ عِنْدِي يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ قَبَائِلِهِمْ، وَ هُمْ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ، وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

فَإِذَا جَاءَ الَّذِي كَانَ لَهُ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِ وَ بَايِعْهُ وَ قَاتِلْ مَعَهُ فَإِنَّ الْجِهَادَ مَعَهُ، كَالْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ.

وَ الْمُوَالِي لَهُ كَالْمُوَالِي لِلَّهِ، وَ الْمُعَادِي لَهُ كَالْمُعَادِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُدَّ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ فِي أُمَّتِهِ، وَ شَاهِدُهُ فِي خَلْقِهِ، وَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي الْأَرْضِ، وَ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ، وَ أَنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَ أَنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ وَ ارْتَضَاهُ لِأَوْلِيَائِهِ، وَ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ دِينُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ، الَّذِينَ دَانَ لَهُمْ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِي.

ص: 144


1- فِي الْأَصْلِ: (أَبِي وَ أَخِي)، وَ فِي الْبِحَارِ: (وَ أَبِي حَتَّى)، وَ فِي نُسْخَةٍ: (وَ أَبِي حَيٌّ).
2- فِي نُسْخَةٍ: (بَعَثَهُ)، وَ فِي الْفَضَائِلِ: (نَعْتَهُ).

وَ أَنِّي أَتَوَلَّى وَلِيَّكَ، وَ أَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّكَ.

وَ أَتَوَلَّى الْأَئِمَّةَ الْإِحْدَى عَشَرَ مِنْ وُلْدِكَ، وَ أَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّهِمْ وَ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَ أَبْرَأُ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ جَحَدَهُمْ حَقَّهُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ نَاوَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدَهُ وَ بَايَعَهُ، وَ قَالَ: أَرِنِي كِتَابَكَ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: قُمْ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَانْظُرْ بِهِ تَرْجُمَاناً يَفْهَمُ كَلَامَهُ فَيَنْسَخُهُ لَكَ كِتَاباً.

ثُمَّ بَيِّنْهُ مُفَسَّراً فَأْتِنَا بِهِ مُفَسَّراً بِالْعَرَبِيَّةِ، فَلَمَّا أَتَوْا بِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِوَلَدِهِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ آتِنِي بِذَلِكَ الْكِتَابِ الَّذِي دَفَعْتُهُ (1) إِلَيْكَ، فَإِنَّهُ خَطِّي بِيَدِي، أَمْلَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَقَرَأَهُ، فَمَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً، لَا فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَ لَا تَقْدِيمٌ، كَأَنَّهُ إِمْلَاءُ وَاحِدٍ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدٍ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ ذِكْرِي عِنْدَهُ وَ عِنْدَ أَوْلِيَائِهِ وَ عِنْدَ رُسُلِهِ وَ لَمْ يَجْعَلْهُ عِنْدَ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَ حِزْبِهِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ فَرِحَ مِنْ شِيعَتِهِ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَاءَ ذَلِكَ مَنْ كَانَ حِزْبُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، حَتَّى ظَهَرَ فِي وُجُوهِهِمْ وَ أَلْوَانِهِمْ (2)

126- حديث المفاخرة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَ الْمِقْدَادِ، وَ أَبِي ذَرٍّ، قَالُوا: إِنَّ رَجُلًا فَاخَرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ...:

يَا عَلِيُّ، فَاخِرْ أَهْلَ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ وَ الْعَرَبَ وَ الْعَجَمَ.

ص: 145


1- فِي نُسْخَةٍ: (بَعَثْتَهُ) وَ فِي الْبِحَارِ: (بَعَثَهُ).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 51 ح 8، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 142.

فَأَنْتَ أَقْرَبُهُمْ نَسَباً، وَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، وَ أَكْرَمُهُمْ نَفْساً وَ أَكْرَمُهُمْ (1) رِفْعَةً، وَ أَكْرَمُهُمْ وَلَداً، وَ أَكْرَمُهُمْ أَخاً، وَ أَكْرَمُهُمْ عَمّاً وَ أَعْظَمُهُمْ حِلْماً، وَ أَعْظَمُهُمْ حُكْماً، وَ أَقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَ أَكْثَرُهُمْ عِلْماً، وَ أَعْظَمُهُمْ غِنًى فِي نَفْسِكَ وَ مَالِكَ.

وَ أَنْتَ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَعْلَاهُمْ نَسَباً، وَ أَشْجَعُهُمْ فِي لِقَاءِ الْحَرْبِ قَلْباً، وَ أَجْوَدُهُمْ كَفّاً، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَ أَشْهَدُهُمْ جِهَاداً، وَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وَ أَصْدَقُهُمْ لِسَاناً، وَ أَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ وَلِيّاً.

وَ سَتَبْقَى بَعْدِي ثَلَاثِينَ سَنَةً تَعْبُدُ اللَّهَ.

وَ تَصْبِرُ عَلَى ظُلْمِ قُرَيْشٍ لَكَ، ثُمَّ تُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

إِذَا وَجَدْتَ أَعْوَاناً فَقَاتِلْ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ، ثُمَّ تُقْتَلُ شَهِيداً وَ تُخْضَبُ لِحْيَتُكَ مِنْ دَمِ رَأْسِكَ قَاتِلُكَ يَعْدِلُ عَاقِرَ نَاقَةِ صَالِحٍ فِي الْبَغْضَاءِ لِلَّهِ، وَ الْبُعْدِ مِنَ اللَّهِ.

يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ بَعْدِي مَغْلُوبٌ، فَاصْبِرْ فِي الْأَذَى فِي اللَّهِ، وَ فِيَّ مُحْتَسِباً، أَجْرُكَ غَيْرُ ضَائِعٍ.

فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْراً بَعْدِي (2)

127- حديث علي الصديق الأكبر

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَلْمَانَ، وَ أَبِي ذَرٍّ، وَ الْمِقْدَادِ: أَنَّهُمْ أَتَاهُمْ رَجُلٌ مُسْتَرْشِدٌ فِي زَمَنِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَجَلَسَ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَيْتُ مُسْتَرْشِداً، فَقَالُوا: عَلَيْكَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَالْزَمْهُ، وَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 146


1- فِي الْبِحَارِ: (أَعْلَاهُمْ عِزّاً).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 29/ 461 ح 49، وَ عَنِ الْفَضَائِلِ: 145.

فَإِنَّهُ مَعَ الْكِتَابِ لَا يُفَارِقُهُ، فَإِنَّا نَشْهَدُ بِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ:

إِنَّ عَلِيّاً مَعَ الْحَقِّ، وَ الْحَقَّ مَعَهُ كَيْفَ مَا دَارَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، وَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، هُوَ وَصِيِّي، وَ وَزِيرِي وَ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، يُقَاتِلُ عَلَى سُنَّتِي.

فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُ النَّاسِ يُسَمُّونَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَ عُمَرَ الْفَارُوقَ.

فَقَالُوا: النَّاسُ تَجْهَلُ حَقَّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا جَهِلُوا خِلَافَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ جَهِلُوا حَقَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا هُوَ لَهُمَا بِاسْمٍ، لِأَنَّهُ اسْمٌ لِغَيْرِهِمَا وَ اللَّهِ إِنَّ عَلِيّاً هُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَ الْفَارُوقُ الْأَزْهَرُ، وَ إِنَّهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَ إِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَنَا وَ أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ جَمِيعاً، وَ هُوَ مَعَنَا، يَأْمُرُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ (1)

128- حديث إطاعة أهل البيت إطاعة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: احْذَرُوا عَلَى دِينِكُمْ مِنْ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ:

رَجُلٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ، حَتَّى إِذَا أَدَارَ عَلَيْهِ بِمُهْجَتِهِ كَارَهَ الْإِيمَانَ عَلَى غَيْرِهِ إِلَى مَا يَشَاءُ، اخْتَرَطَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَ رَمَاهُ بِالشِّرْكِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ؟ فَقَالَ: الراجي [الرَّامِي بِهِ مِنْهُمَا وَ رَجُلٍ متحقته [اسْتَخَفَّتْهُ الْأَحَادِيثُ كُلَّمَا انْقَطَعَتْ أحدثوه كدت [أُحْدُوثَةُ كَذِبٍ مَدَّهَا أَطْوَلَ مِنْهَا إِنْ يُدْرِكُ الرجل [الدَّجَّالَ يَتْبَعُهُ.

وَ رَجُلٍ أَتَاهُ سُلْطَانٌ، فَزَعَمَ أَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَ مَعْصِيَتَهُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ كَذَبَ لَا

ص: 147


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 30 ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 145.

طَاعَةَ المخلوق [لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ إِنَّمَا الطَّاعَةُ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ.

بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ نَبِيِّهِ، فَقَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (1) لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ، لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ لَا يَأْمُرُونَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَهُمْ أُولُو الْأَمْرِ، الطَّاعَةُ لَهُمْ مَفْرُوضَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَ مِنْ رَسُولِهِ، لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ سِوَاهُمْ، وَ لَا مَحَبَّةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَّا لَهُمْ (2)

129- حديث معجزة لعلي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مِيثَمٍ التَّمَّارِ قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ، وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ هُوَ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا مِنَ الْبَابِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، عَلَيْهِ قَبَاءُ خَزٍّ أَدْكَنُ (3)، وَ قَدِ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ أَتْحَمِيَّةٍ (4) صَفْرَاءَ.

وَ هُوَ مُتَقَلِّدٌ بِسَيْفَيْنِ فَدَخَلَ، وَ بَرَكَ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ، وَ لَمْ يَنْطِقْ بِكَلَامٍ فَتَطَاوَلَتْ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ وَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ بِالْآمَاقِ، وَ قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الْآفَاقِ وَ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ.

فَلَمَّا هَدَأَتْ مِنَ النَّاسِ الْحَوَاسُّ، أَفْصَحَ عَنْ لِسَانِهِ، كَأَنَّهُ أَحَدُّ حُسَامٍ جُذِبَ مِنْ غِمْدِهِ،

ص: 148


1- النِّسَاءِ: 159.
2- لَمْ نَجِدْهُ فِي مَظَانِّهِ.
3- أدكن: أَيُّ أَسْوَدُ.
4- التحمة: شِدَّةِ السَّوَادِ أَوْ الشُّقْرَةِ.

وَ قَالَ: أَيُّكُمُ الْمُجْتَبَى فِي الشَّجَاعَةِ، وَ الْمُعْتَمُّ بِالْبَرَاعَةِ.

وَ أَيُّكُمُ الْمَوْلُودُ فِي الْحَرَمِ، الْعَالِي فِي الشِّيَمِ، وَ الْمَوْصُوفُ بِالْكَرَمِ؟

أَيُّكُمُ الْأَصْلَعُ الرَّأْسِ، وَ الثَّابِتُ الْأَسَاسِ، وَ الْبَطَلُ الدَّعَّاسُ (1) وَ الْمُضَيِّقُ لِلْأَنْفَاسِ، الْآخِذُ بِالْقِصَاصِ؟

أَيُّكُمْ غُصْنُ أَبِي طَالِبٍ الرَّطِيبُ، وَ بَطَلُهُ الْمُهِيبُ، وَ السَّهْمُ الْمُصِيبُ، وَ الْقَسْمُ النَّجِيبُ؟

أَيُّكُمْ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الَّذِي نَصَرَهُ فِي زَمَانِهِ، اعْتَزَّ بِهِ سُلْطَانُهُ، وَ عَظُمَ بِهِ شَأْنُهُ؟

أَيُّكُمْ قَاتِلُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ؟

فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَ قَالَ: يَا سَعِيدَ بْنَ الْفَضْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ نَجَبَةَ بْنِ الصَّلْتِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زَعَرِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ أَبِي السَّمَعْمَعِ (2) الرُّومِيَّ اسْأَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَأَنَا عَيْبَةُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، قَالَ:

قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ خَلِيفَتُهُ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَنَّكَ مُجْلِي الْمُشْكِلَاتِ.

وَ أَنَا رَسُولٌ إِلَيْكَ مِنْ سِتِّينَ أَلْفَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُمْ: الْعَقِيمِيَّةُ، وَ قَدْ حَمَلُونِي مَيِّتاً قَدْ مَاتَ مِنْ مُدَّةٍ.

وَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ مَوْتِهِ، وَ هُوَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ أَحْيَيْتَهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ صَادِقٌ نَجِيبُ الْأَصْلِ.

وَ تَحَقَّقْنَا أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ خَلِيفَتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ إِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ

ص: 149


1- الدعاس: المطاعن فِي الْحُرُوبِ.
2- فِي نُسْخَةٍ: (السميمع الدوئي).

رَدَدْنَاهُ إِلَى أَهْلِهِ.

وَ عَلِمْنَا أَنَّكَ تَدَّعِي غَيْرَ الصَّوَابِ، وَ تُظْهِرُ مِنْ نَفْسِكَ مَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ.،

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مِيثَمُ، ارْكَبْ بَعِيرَكَ، وَ نَادِ فِي شَوَارِعِ الْكُوفَةِ وَ مَحَالِّهَا وَ قُلْ:

مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَلِيّاً أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ زَوْجَ ابْنَتِهِ مِنَ الْعِلْمِ الرَّبَّانِيِّ.

فَلْيَخْرُجْ إِلَى النَّجَفِ فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَى النَّجَفِ، فَقَالَ الْإِمَامُ: يَا مِيثَمُ هَاتِ الْأَعْرَابِيَّ وَ صَاحِبَهُ، فَخَرَجْتُ فَرَأَيْتُهُ رَاكِباً تَحْتَ الْقُبَّةِ الَّتِي فِيهَا الْمَيِّتُ.

فَأَتَيْتُ بِهِمَا (1) إِلَى النَّجَفِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، قُولُوا فِينَا مَا تَرَوْنَهُ مِنَّا، وَ ارْوُوا مَا تُشَاهِدُونَهُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ، أَبْرِكِ الْجَمَلَ (2)، ثُمَّ أَخْرِجْ صَاحِبَكَ أَنْتَ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ مِيثَمٌ: فَأَخْرَجَ تَابُوتاً مِنَ السَّاجِ، وَ فِيهِ وِطَاءُ دِيبَاجٍ، (3) فَحَلَّ مِنْهُ بَدْرَةً مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ فِيهَا غُلَامٌ أَوَّلَ مَا تَمَّ عِذَارُهُ (4) عَلَى خُدُودِهِ، وَ لَهُ ذَوَائِبُ كَذَوَائِبِ الْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَمْ لِمَيِّتِكُمْ هَذَا؟ فَقَالُوا أَحَدٌ وَ أَرْبَعُونَ يَوْماً.

فَقَالَ: مَا كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ؟ (5) فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا فَتَى، إِنَّ أَهْلَهُ يُرِيدُونَ أَنْ تُحْيِيَهُ لِيُخْبِرَهُمْ مَنْ قَتَلَهُ

ص: 150


1- فِي نُسْخَةٍ وَ الْبِحَارُ: (فَأَتَى بِهَا).
2- بِرِّكَ الْبَعِيرِ: إسنتاخ وَ هُوَ أَنْ يَلْصَقُ صَدْرِهِ بِالْأَرْضِ.
3- فِي نُسْخَةٍ: (مِنْ قَصَبٍ دِيبَاجٍ أَخْضَرَ)، وَ فِي الْبِحَارِ: (وَ فِيهِ وطأ دِيبَاجٍ أَخْضَرَ).
4- الْعِذَارُ: جَانِبِ اللِّحْيَةِ، أَيُّ الشَّعْرِ الَّذِي يُحَاذِي الْأُذُنِ.
5- فِي نُسْخَةٍ (سبته)، وَ السَّبْتِ: الْمَقْطُوعِ.

إِنَّهُ بَاتَ سَالِماً، وَ أَصْبَحَ مَذْبُوحاً مِنْ أُذُنِهِ إِلَى أُذُنِهِ، وَ يُطَالَبُ بِدَمِهِ خَمْسُونَ رَجُلًا (يَقْصِدُ) بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَاكْشِفِ الشَّكَّ وَ الرَّيْبَ يَا أَخَا مُحَمَّدٍ، قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَتَلَهُ عَمُّهُ، لِأَنَّهُ زَوَّجَهُ بِنْتَهُ فَخَلَاهَا، وَ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا، فَقَتَلَهُ حَنَقاً (1).

فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَسْنَا نَقْنَعُ بِقَوْلِكَ، فَإِنَّا نَبْغِي أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ مَنْ قَتَلَهُ لِيَرْتَفِعَ السَّيْفُ، وَ الْفِتْنَةُ، وَ الْقِتَالُ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَ قَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، مَا بَقَرَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ اللَّهِ أَجَلَّ مِنِّي قَدْراً، وَ أَنَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ إِنَّهَا أَحْيَتْ مَيِّتاً بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ دَنَا مِنَ الْمَيِّتِ.

وَ قَالَ: إِنَّ بَقَرَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ضُرِبَ بِبَعْضِهَا الْمَيِّتُ فَعَاشَ.

وَ أَنَا لَا أَضْرِبُهُ بِبَعْضِي إِلَّا أَنَّ بَعْضِي خَيْرٌ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ هَزَّهُ بِرِجْلِهِ، وَ قَالَ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ يَا مُدْرِكَةَ بْنَ (2) حَنْظَلَةَ بْنِ غَسَّانَ بْنِ بَحِيرِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ الطَّيِّبِ (3) بْنِ الْأَشْعَثِ فَقَدْ أَحْيَاكَ اللَّهُ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ..

قَالَ مِيثَمٌ التَّمَّارُ: فَنَهَضَ غُلَامٌ أَضْوَءُ مِنَ الشَّمْسِ أَضْعَافاً، وَ أَحْسَنُ مِنَ الْقَمَرِ أَوْصَافاً.

وَ قَالَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى الْأَنَامِ الْمُتَفَرِّدَ بِالْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: قَتَلَنِي عَمِّي الْحَارِثُ بْنُ غَسَّانَ.

قَالَ لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ، وَ أَخْبِرْهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ: يَا مَوْلَايَ، لَا حَاجَةَ لِي إِلَيْهِمْ، أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي مَرَّةً أُخْرَى، وَ لَا يَكُونَ عِنْدِي

ص: 151


1- الحنق: الْغَيْظِ وَ الْحِقْدُ.
2- فِي الْبِحَارُ: (مُدْرِكٍ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ غَسَّانَ بْنِ بَحِيرٍ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ الطِّيبِ بْنِ الْأَشْعَثِ).
3- فِي نُسْخَةٍ: (الطَّبِيبِ).

مَنْ يُحْيِينِي.

قَالَ: فَالْتَفَتَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَ قَالَ لَهُ: امْضِ إِلَى أَهْلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ، قَالَ: يَا مَوْلَايَ، وَ اللَّهِ مَا أُفَارِقُكَ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِالْأَجَلِ مِنْ عِنْدِهِ (1).

فَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ اتَّضَحَ لَهُ الْحَقُّ، فَجَعَلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحَقِّ سِتْراً، وَ لَمْ يَزَلْ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَتَّى قُتِلَ بِصِفِّينَ.

ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ رَجَعُوا إِلَى الْكُوفَةِ، وَ اخْتَلَفُوا أَقْوَالًا فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

130- حديث علي أعلم الناس

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: وُجِدَ فِي قَبْرِ الزمارمي [الزَّمَازِمِيِّ فِيهِ رَقٌّ مَكْتُوبٌ، تَارِيخُهُ أَلْفٌ وَ مِائَتَا سَنَةٍ، بِخَطِّ السُّرْيَانِيِّ، وَ تَفْسِيرُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ:

قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَتِ الْمُشَاجَرَةُ بَيْنَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَ الْخَضِرِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي قِصَّةِ السَّفِينَةِ وَ الْغُلَامِ وَ الْجِدَارِ.

وَ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَسَأَلَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عَمَّا اسْتَعْلَمَهُ عَنِ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ: عِلْمٌ لَا يَضُرُّ حَمْلُهُ (3)، وَ لَكِنْ كَانَ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ: وَ مَا هُوَ أَعْجَبُ؟ قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وُقُوفٌ وَ إِذَا قَدْ أَقْبَلَ طَائِرٌ عَلَى هَيْئَةِ الْخُطَّافِ، فَنَزَلَ عَلَى الْبَحْرِ، وَ أَخَذَ بِمِنْقَارِهِ فَرَمَى بِهِ إِلَى الشَّرْقِ ثُمَّ أَخَذَ ثَانِيَةً فَرَمَى بِهَا إِلَى الْغَرْبِ، ثُمَّ أَخَذَ ثَالِثَةً فَرَمَى بِهَا إِلَى الشَّمَالِ ثُمَّ أَخَذَ رَابِعَةً فَرَمَى بِهَا إِلَى الْجَنُوبِ ثُمَّ أَخَذَ خَامِسَةً فَرَمَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ

ص: 152


1- فِي الْبِحَارُ: (يَا مَوْلَايَ، وَ اللَّهِ لَا أُفَارِقُكَ بَلْ أَكُونُ مَعَكَ حَتَّى يَأْتِي بأجلي مِنْ عِنْدِهِ).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 274 ح 40، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 2.
3- فِي الْبِحَارُ: (جَهِلَهُ).

ثُمَّ أَخَذَ سَادِسَةً وَ رَمَى بِهَا إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَخَذَ مَرَّةً أُخْرَى فَرَمَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ.

وَ جَعَلَ يُرَفْرِفُ وَ طَارَ، فَبَقِينَا (مَبْهُوتِينَ) (1) لَا نَعْلَمُ مَا أَرَادَ الطَّائِرُ بِفِعْلِهِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ مَبْهُوتِينَ.

قُلْنَا: فِيمَا أَرَادَ الطَّائِرُ بِفِعْلِهِ، قَالَ: مَا تَعْلَمَانِ مَا أَرَادَ؟ قُلْنَا: اللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: وَ حَقِّ مَنْ شَرَّقَ الْمَشْرِقَ، وَ غَرَّبَ الْمَغْرِبَ، وَ رَفَعَ السَّمَاءَ، وَ دَحَى الْأَرْضَ.

لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ نَبِيّاً اسْمُهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ لَهُ وَصِيٌّ اسْمُهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ عِلْمُكُمَا جَمِيعاً فِي عِلْمِهِ، مِثْلُ هَذِهِ الْقَطْرَةِ فِي هَذَا الْبَحْرِ (2)

131- حديث إطاعة أهل البيت

بِالْإِسْنَادِ (3)- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، جَالِساً فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ الْحَسَنُ عَنْ يَمِينِهِ، الْحُسَيْنُ عَنْ شِمَالِهِ فَقَامَ النَّبِيُّ وَ قَبَّلَ عَلِيّاً وَ لَزِمَهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَ قَبَّلَ الْحَسَنَ أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ، وَ قَبَّلَ الْحُسَيْنَ وَ أَجْلَسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُقَبِّلُهُمَا وَ يَرْشِفُ (4) شَفَتَيْهِمَا، وَ يَقُولُ: بِأَبِي أَبُوكُمَا وَ بِأُمِّي أُمُّكُمَا.

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بَاهَى بِهِمَا، وَ بِأَبِيهِمَا وَ أُمِّهِمَا وَ بِالْأَبْرَارِ

ص: 153


1- فِي الْبِحَارُ: (مُتَحَيِّرِينَ).
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 177 ح 60، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 1/ 354 ح 61.
3- مِنْ هُنَا فِي الْأَصْلِ ذَكَرَ فِي بَدَايَةٍ كُلِّ حَدِيثٍ: الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَ الَّذِي يَلِيهِ الثَّانِي إِلَى الْحَدِيثَ الْأَرْبَعُونَ، أَيُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَى حَدِيثٍ 170.
4- رشف الْمَاءِ: مَصَّهُ بِشَفَتَيْهِ.

مِنْ وُلْدِهِمَا الْمَلَائِكَةَ جَمِيعاً ثُمَّ قَالَ:

اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُمَا.

اللَّهُمَّ مَنْ أَطَاعَنِي فِيهِمْ وَ حَفِظَ وَصِيَّتِي فَارْحَمْهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، فَإِنَّهُمْ أَهْلِي وَ الْقَوَّامُونَ بِدِينِي، وَ الْمُحْيُونَ لِسُنَّتِي وَ التَّالُونَ لِكِتَابِ رَبِّي، فَطَاعَتُهُمْ طَاعَتِي وَ مَعْصِيَتُهُمْ مَعْصِيَتِي (1)

132- حديث الحدائق

بِالْإِسْنَادِ (2) عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَى الصَّحْرَاءِ.

فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْحَدَائِقِ بَيْنَ النَّخْلِ، صَاحَتْ نَخْلَةٌ بِنَخْلَةٍ:

هَذَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى، وَ هَذَا عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى.

ثُمَّ صَاحَتْ ثَالِثَةً بِرَابِعَةٍ: هَذَا مُوسَى، وَ ذَا هَارُونُ ثُمَّ صَاحَتْ خَامِسَةٌ بِسَادِسَةٍ:

هَذَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَ ذَا خَاتَمُ الْوَصِيِّينَ، وَ عِنْدَ ذَلِكَ تَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

وَ قَالَ: أَ مَا سَمِعْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مَا تَسَمَّى هَذَا النَّخْلُ؟

قَالَ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَمِّهَا الصَّيْحَانِيَّ، لِأَنَّهَا صَاحُوا بِفَضْلِي وَ فَضْلِكَ (3).

ص: 154


1- عنه البحار: 27/ 104 ح 74، و عن الفضائل: لم نجده.
2- ليس في الأصل.
3- عنه البحار: 40/ 48 ح 84، و عن الفضائل: 146، مائة منقبة لابن شاذان: 140، منقبة 73، حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن أحمد بن سعيد الدقاق، قال: حدثني أحمد بن محمد، قال: حدثني محمد بن منصور، عن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثني جرير، قال: حدثني محمد بن يسار، قال: حدثني الفضل بن هارون، عن أبي هارون العبدي، عن أبي بكر عبد اللّه بن عثمان، قال، و ذكر (مثله)، عنه مدينة المعاجز: 1/ 65 ح 152، و عن ثاقب المناقب: 34 ح 17. و رواه الخوارزمي في المناقب: 221، بإسناده إلى ابن شيرويه الديلمي، عن الصراط المستقيم: 2/ 23، إثبات الهداة: 5/ 64 ح 439. و رواه الحمويني في فرائد السمطين: 1/ 137 بإسناده إلى جابر الأنصاري، عنه ينابيع المودة: 136، و أورده الراوندي في الخرائج و الجرائح: 2/ 927، عنه البحار: 17/ 365 ح 7، و أخرجه ابن شهر أشوب في المناقب: 2/ 153، من طريق جابر بن عبد اللّه الأنصاري و حذيفة بن اليمان، و عبد اللّه بن العباس، و أبو هارون العبدي، عن عبد اللّه بن عثمان، و حمدان بن المعافا، عن الرضا عليه السّلام، و محمد بن صدقة، عن موسى بن جعفر و ابن شيرويه الديلمي بإسناده إلى موسى بن جعفر عليه السّلام، عنه البحار: 41/ 266، و رواه الذهبي في ميزان الإعتدال: 1/ 79، و العسقلاني في لسان الميزان: 1/ 317.

133- حديث فضل علي على هذه الأمة

14- بِالْإِسْنَادِ (1)- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ: فَضْلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كَفَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ.

(وَ فَضْلُ عَلِيٍّ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، كَفَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِي) (2) وَ فَضْلُ عَلِيٍّ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كَفَضْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ فَطُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَ بِوَلَايَتِهِ وَ الْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ جَحَدَهُ وَ جَحَدَ حَقَّهُ، حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَلَّا يُنِيلَهُ شَيْئاً مِنْ رَوَائِحِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ لَا تَنَالَهُ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ (3).

ص: 155


1- ليس في الأصل.
2- من البحار، و ليس في الأصل.
3- عنه البحار: 38/ 14 ح 21، و عن الفضائل: 146.

134- حديث من اعتصم بأهل البيت فقد نجى

14- بِالْإِسْنَادِ (1)- يَرْفَعُهُ- إِلَى الصَّادِقِ (2) عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

فَاطِمَةُ مُهْجَتِي، وَ ابْنَاهَا ثَمَرَةُ فُؤَادِي، وَ بَعْلُهَا نُورُ بَصَرِي، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِهَا أُمَنَائِي وَ حَبْلِيَ الْمَمْدُودُ فَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدْ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ فَقَدْ هَوَى (3)

135- حديث الملائكة يأتون قبر علي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ أَنَّهُ يَنْزِلُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ يَنْصَرِفُونَ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، ثُمَّ يَأْتُونَ إِلَى قَبْرِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْرُجُونَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَنْزِلُونَ عِوَضَهُمْ فِي النَّهَارِ ثُمَّ يَعْرُجُونَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ حَوْلَ قَبْرِ وُلْدِيَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ رَئِيسُهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ.

ص: 156


1- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
2- فِي الْبِحَارِ: (عَنْ الْإِمَامِ جَعْفَرٍ).
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 23/ 142 ح 95، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 146، الطرائف: 117 ح 180، عَنْهُ الْبِحَارُ: 23/ 100 ح 16، مِائَةَ مَنْقَبَةٍ: 79 ح 44، الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: 2/ 32، أَخْرَجَهُ فِي إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 3/ 169 ح 78، وَ رَوَاهُ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَقْتَلَهُ 1/ 59، الحمويني فِي فرائد السمطين: 2/ 66 ح 390، وَ يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 82.

وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لِمَنْ يَزُورُهُ، وَ لَا يَزُورُهُ زَائِراً إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ، وَ لَا وَدَّعَهُ مُوَدِّعٌ إِلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا مَرِضَ عِنْدَهُ مَرِيضٌ إِلَّا عَادُوهُ، وَ لَا يَمُوتُ مَيِّتٌ إِلَّا صَلُّوا عَلَيْهِ، وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (1)

136- حديث في بغض علي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَفَعَ اللَّهُ الْقَطْرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، بِسُوءِ رَأْيِهِمْ فِي أَنْبِيَائِهِمْ، وَ إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَطْرَ بِبُغْضِهِمْ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

137- حديث حب علي فريضة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا أَعْرَابِيٌّ، فَوَقَفَ عَلَيْنَا وَ سَلَّمَ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْبَدْرُ التَّمَامُ، وَ الْمِصْبَاحُ الظَّلَامِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ؟ أَ هُوَ هَذَا صَبِيحُ الْوَجْهِ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا أَخَا الْعَرَبِ، اجْلِسْ، فَقَالَ: آمَنْتُ قَبْلَ أَنْ أَرَاكَ، وَ صَدَّقْتُ بِكَ قَبْلَ أَنْ أَلْقَاكَ، غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا عَنْكَ أَمْرٌ قَالَ: وَ أَيُّ شَيْ ءٍ بَلَغَكُمْ عَنِّي؟ قَالَ: دَعَوْتَنَا إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّكَ

ص: 157


1- أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 218، باسناده، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 59/ 176 ح 8 وَ ج 100/ 257 ح 1، كَامِلِ الزِّيَارَاتِ: 114 ح 1، وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 4/ 202 ح 274 وَ 275، وَ الطُّوسِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: 6/ 72 ذ ح 134، ذَخَائِرُ الْعُقْبَى: 151 عَنْ الْإِمَامِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، إحقاق الْحَقِّ: 7/ 362، وَ ج 11/ 287.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 27/ 227 ح 27، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 146، كَنْزِ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِيِّ: 1/ 148، عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 309 ح 123، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ أشوب: 3/ 12، إِرْشَادِ الْقُلُوبِ: 236، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغازلي: 141 ح 86، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ 236، تَرْجَمَةِ الامام عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: 2/ 213، لِسَانِ الْمِيزَانِ: 2/ 219، مِيزَانِ الأعتدال: 1/ 233.

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَجَبْنَاكَ وَ دَعَوْتَنَا إِلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ، فَأَجَبْنَاكَ ثُمَّ لَمْ تَرْضَ عَنَّا حَتَّى دَعَوْتَنَا إِلَى مُوَالاةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنِ عَمِّكَ، وَ مَحَبَّتُنَا إِيَّاهُ، فَرَضْتَهَا أَنْتَ؟ أن [أَمْ فَرَضَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ؟

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بَلِ اللَّهُ فَرَضَهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ؟

فَلَمَّا سَمِعَ الْأَعْرَابِيُّ كَلَامَهُ، قَالَ: سَمْعاً وَ طَاعَةً لِمَا أَمَرْتَنَا بِهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا أَخَا الْعَرَبِ، أُعْطِيتُ فِي عَلِيٍّ خَمْسَ خِصَالٍ، وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِهَا يَا أَخَا الْعَرَبِ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

قَالَ: كُنْتُ جَالِساً يَوْمَ بَدْرٍ، وَ قَدْ نَقَصَتْ عَنَّا الْأَقْوَاتُ، فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ:

اللَّهُ تَعَالَى يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: يَا مُحَمَّدُ، آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي، وَ أَقْسَمْتُ عَلَى أَنِّي لَا أُلْهِمُ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، إِلَّا مَنْ أَحْبَبْتُهُ، وَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ أَنَا أَلْهَمْتُهُ حُبَّ عَلِيٍّ، وَ مَنْ أَبْغَضْتُهُ، أَلْهَمْتُهُ بُغْضَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

يَا أَخَا الْعَرَبِ، أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِثَانِيَةٍ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: كُنْتُ جَالِساً بَعْدَ مَا فَرَغْتُ مِنْ جَهَازِ حَمْزَةَ، إِذْ هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اللَّهُ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ:

قَدْ فَرَضْتُ الصَّلَاةَ، وَ وَضَعْتُهَا عَنِ الْمُعْتَلِّ بِالْجُنُونِ وَ فَرَضْتُ الصَّوْمَ، وَ وَضَعْتُهُ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَ فَرَضْتُ الْحَجَّ، وَ وَضَعْتُهُ عَنِ الْمُقِلِّ، وَ فَرَضْتُ الزَّكَاةَ، وَ وَضَعْتُهَا عَنِ الْمُعْدِمِ وَ فَرَضْتُ حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ لَمْ أُعْطَ فِيهِ رُخْصَةً.

يَا أَعْرَابِيُّ، أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِثَالِثَةٍ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

ص: 158

قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ سَيِّداً:

فَالنَّسْرُ سَيِّدُ الطُّيُورِ، وَ الثَّوْرُ سَيِّدُ الْبَهَائِمِ، وَ الْأَسَدُ سَيِّدُ الْوُحُوشِ وَ الْجُمُعَةُ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَ رَمَضَانُ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَ إِسْرَافِيلُ سَيِّدُ الْمَلَائِكَةِ، وَ آدَمُ سَيِّدُ الْبَشَرِ، وَ أَنَا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ.

يَا أَخَا الْعَرَبِ، أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِالرَّابِعَةِ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: حُبُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَ أَغْصَانُهَا فِي الدُّنْيَا، فَمَنْ تَعَلَّقَ مِنْ أُمَّتِي بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، أَوْقَعَتْهُ فِي الْجَنَّةِ وَ بُغْضُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَجَرَةٌ فِي النَّارِ، وَ أَغْصَانُهَا فِي الدُّنْيَا، فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، أَوْقَعَتْهُ فِي النَّارِ.

يَا أَعْرَابِيُّ، أَ لَا أُنَبِّئُكَ بِالْخَامِسَةِ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنْصَبُ لِي مِنْبَرٌ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ثُمَّ يُنْصَبُ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْبَرٌ يُحَاذِي مِنْبَرِي عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِكُرْسِيٍّ عَالٍ مُشْرِقٍ زَاهِرٍ يُعْرَفُ بِكُرْسِيِّ الْكَرَامَةِ.

فَيُنْصَبُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَيْنَ مِنْبَرِي وَ مِنْبَرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ بِأَحْسَنِ مِنْ حَبِيبٍ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ.

يَا أَعْرَابِيُّ، حُبُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقٌّ، وَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مُحِبَّهُ وَ هُوَ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَ إِيَّاهُ فِي قَصْرٍ وَاحِدٍ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ:

سَمْعاً وَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِابْنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيِّ اللَّهِ (1)

ص: 159


1- عنه البحار: 40/ 46 ح 83، و عن الفضائل: 147، و أخرجه السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز: 2/ 363 ح 608 عن البرسي.

138- حديث الخاتم

بِالْإِسْنَادِ يَرْفَعُهُ- إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْنَا أَعْرَابِيٌّ أَشْعَثُ الْحَالِ، عَلَيْهِ أَثْوَابٌ رِثَّةٌ (1) وَ الْفَقْرُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ وَ وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، وَ قَالَ:

أَتَيْتُكَ وَ الْعَذْرَاءُ (2) تَبْكِي بِرَنَّةٍوَ قَدْ ذَهَلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ

وَ أُخْتٌ وَ بِنْتَانِ وَ أُمٌّ كَبِيرَةٌوَ قَدْ كُنْتُ مِنْ فَقْرِي أُخَالِطُ فِي عَقْلِي

وَ قَدْ مَسَّنِي فَقْرٌ وَ ذُلٌّ وَ فَاقَةٌوَ لَيْسَ لَنَا شَيْ ءٌ يُمِرُّ وَ لَا يُحْلِي (3)

وَ مَا الْمُنْتَهِي إِلَّا إِلَيْكَ مَفَرُّنَاوَ أَيْنَ مَفَرُّ الْخَلْقِ إِلَّا إِلَى الرُّسُلِ (4) قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ذَلِكَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللَّهَ سَاقَ إِلَيْكُمْ أَجْراً، (5) وَ الْجَزَاءُ مِنَ اللَّهِ غُرَفٌ فِي الْجَنَّةِ، تُضَاهِي غُرَفَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنْ مِنْكُمْ يُوَاسِي هَذَا الْفَقِيرَ؟

فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ وَ كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعاً، كَانَتْ لَهُ دَائِماً.

فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَعْرَابِيِّ، فَدَنَا مِنْهُ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْخَاتَمَ مِنْ يَدِهِ، وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ،

ص: 160


1- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ قَدَّسَ سَرَّهُ: الرثة: البذاذاة وَ سُوءِ الْحَالِ.
2- فِي النُّسْخَةِ: (الغداري).
3- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ قَدَّسَ سَرَّهُ: (يَمُرُّ وَ لَا يُحَلِّي) هُمَا عَلَى الْإِفْعَالِ مِنَ المرارة وَ الْحَلَاوَةِ، أَيْ مَا لَنَا حُلْوٌ وَ لَا مُرٌّ.
4- فِي النُّسْخَةِ: (وَ لَا أَنْتَهِيَ إِلَّا إِلَيْكَ مفرنا- وَ أَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسُلِ).
5- فِي الْبِحَارُ: (جَزَاءُ).

فَأَخَذَهُ الْأَعْرَابِيُّ، وَ انْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ: (1)

أَنْتَ مَوْلًى يُرْجَى بِهِ مِنَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا إِقَامَةُ الدِّينِ.

خَمْسَةٌ فِي الْوَرَى كُلُّهُمْ إِنَّهُمْ فِي الْوَرَى مَيَامِينُ (2) ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَتَاهُ الْوَحْيُ عِنْدَ ذَلِكَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ وَ نَادَى:

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ: اقْرَأْ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (3) فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَائِماً عَلَى قَدَمَيْهِ، وَ قَالَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

أَيُّكُمُ الْيَوْمَ عَمِلَ خَيْراً، حَتَّى جَعَلَهُ اللَّهُ وَلِيَّ كُلِّ مَنْ آمَنَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فِينَا عَمِلَ خَيْراً سِوَى ابْنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: وَجَبَتِ الْغُرَفُ لِابْنِ عَمِّي، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَرَأَ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ.

قَالَ: فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَ وَلَّى، وَ هُوَ يَقُولُ (4).

أَنَا مَوْلًى لِخَمْسَةٍأُنْزِلَتْ فِيهِمُ السُّوَرُ

آلِ طه وَ هَلْ أَتَى فَاقْرَءُوا يُعْرَفُ الْخَبَرُ

وَ الطَّوَاسِينَ بَعْدَهَاوَ الْحَوَامِيمَ وَ الزُّمَرَ

أَنَا مَوْلًى لِهَؤُلَاءِوَ عَدُوٌّ لِمَنْ كَفَرَ (5).

ص: 161


1- في البحار: (و قد أحسن من قال) (و هو يقول: بعد الصلاة على الرسول).
2- في نسخة: (أنت مولى ترجى به من اللّه في الدنيا إقامة الدين خمسة هم في الأيام جعها لأنهم في الورى ميامين).
3- المائدة: 55 و 56.
4- في نسخة: (و لقد أحسن من يقول).
5- عنه البحار: 35/ 192 ح 14 و عن الفضائل: 148، و أما أهل العامة ذكره في مصادرهم فمنهم: جامع الأصول: 9/ 478، تذكرة الخواص: 18 و 208، أسباب النزول: 148، روح المعاني: 6/ 149، ذخائر العقبى: 88، تفسير ابن كثير: 2/ 71، نور الأبصار: 105، الكشاف: 1/ 347، تفسير الطبري: 6/ 165، تفسير البيضاوي: 1/ 120، تفسير الرازي: 12/ 26، تفسير النيشابوري: 6/ 145، الدر المنثور: 2/ 293، تفسير القرطبي: 6/ 221، كفاية الطالب: 229، و 239، و 325، فرائد السمطين: 1/ 187، شواهد النتزيل: 1/ 165 و 181 مجمع الزوائد: 7/ 17، منتخب كنز العمال: 5/ 38، البداية و النهاية: 7/ 357، مناقب الخوارزمي: 186، مناقب ابن المغازلي: 311 ح 354، كنزل العمال: 15/ 146، النور المشتعل: 64 و 79 و 80، المعيار و الموازنه: 228.

139- حديث الاسقف النجراني

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: وَفَدَ الْأُسْقُفُ النَّجْرَانِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، لِأَجْلِ أَدَائِهِ الْجِزْيَةَ، فَدَعَاهُ عُمَرُ إِلَى الْإِسْلَامِ.

فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ لِلَّهِ جَنَّةً عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ، فَأَيْنَ تَكُونُ النَّارُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عُمَرُ وَ لَمْ يَرُدَّ جَوَاباً.

فَقَالَتِ الْجَمَاعَةُ: أَجِبْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى لَا يَطْعُنَ فِي الْإِسْلَامِ.

قَالَ: فَأَطْرَقَ خَجِلًا مِنَ الْجَمَاعَةِ الْحَاضِرِينَ، حَتَّى بَقِيَ سَاعَةً لَا يَرُدُّ جَوَاباً، فَإِذَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ رَجُلٌ سنده [سَدَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَنْكِبَيْهِ فَتَأَمَّلُوهُ فَإِذَا هُوَ عَيْبَةُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ ضَجَّ النَّاسُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، قَالَ: فَقَامَتِ الْجَمَاعَةُ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيْنَ كُنْتَ يَا مَوْلَايَ، عَنْ هَذَا الْأُسْقُفِ الَّذِي عَلَانَا مِنْهُ الْكَلَامُ؟

أَخْبِرْهُ يَا مَوْلَانَا، بِالْعَجَلِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّكَ بَدْرُ التَّمَامِ وَ مِصْبَاحُ الظَّلَامِ، وَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ مَعْدِنُ الْإِيمَانِ، وَ خَيْرُ أَنَامٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَلَسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أُسْقُفُ؟ قَالَ: يَا فَتَى، تَقُولُونَ لِلَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ،

ص: 162

فَأَيْنَ تَكُونُ النَّارُ؟

قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَ رَأَيْتَ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، أَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ؟

قَالَ الْأُسْقُفُ: دَعْنِي، يَا فَتَى حَتَّى أَسْأَلَ هَذَا الْفَظَّ الْغَلِيظَ:

أَنْبِئْنِي يَا عُمَرُ، عَنْ أَرْضٍ طَلَعَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ سَاعَةٌ، وَ لَمْ تَطْلُعْ عَلَيْهَا مِنْ قَبْلُ، وَ لَا مِنْ بَعْدُ؟

قَالَ عُمَرُ: دَعْنِي وَ اسْأَلْ هَذَا، أَخْبِرْهُ يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فَلَقَ اللَّهُ الْبَحْرَ لِمُوسَى حِينَ عَبَرَ هُوَ وَ جُنُودُهُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ تِلْكَ السَّاعَةَ، وَ لَمْ تَطْلُعْ عَلَيْهَا قَبْلُ، وَ انْطَبَقَ الْبَحْرُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَ جُنُودِهِ، وَ لَمْ تَطْلُعْ عَلَيْهَا بَعْدَهُ.

فَقَالَ الْأُسْقُفُ: صَدَقْتَ يَا فَتَى قَوْمِهِ، وَ سَيِّدَ عَشِيرَتِهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ أَيِّ شَيْ ءٍ فِي أَهْلِ الدُّنْيَا يَأْخُذُ النَّاسُ مِنْهُ مَهْمَا أَخَذُوا فَلَا يَنْقُصُ شَيْئاً وَ لَا يَزِيدُ شَيْئاً؟

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هُوَ الْقُرْآنُ وَ الْعُلُومُ، قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ؟

قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ذَلِكَ الْغُرَابُ، لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ، فَبَقِيَ مُتَحَيِّراً مَا يَعْلَمُ مَا ذَا يَصْنَعُ بِهِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ، لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ: صَدَقْتَ يَا فَتَى، لِي مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ أَخْبِرْنِي عَنْهَا- وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عُمَرَ وَ قَالَ: أَيْنَ هُوَ تَعَالَى؟

قَالَ: فَغَضِبَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَ لَمْ يَرُدَّ جَوَاباً، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ، وَ قَالَ: لَا تَغْضَبْ يَا أَبَا حَفْصٍ، حَتَّى لَا تَقُولَ بِمَهْرَبٍ عَنْهَا.

قَالَ عُمَرُ: أَخْبِرْهُ أَنْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

كُنْتُ يَوْماً جَالِساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ

ص: 163

فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ: عِنْدَ رَبِّي فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.

ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ ثاني [ثَانٍ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ.

فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ قَالَ: عِنْدَ رَبِّي فِي تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ مَلَكٌ ثَالِثٌ فَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟

قَالَ: عِنْدَ رَبِّي فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَابِعٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ: عِنْدَ رَبِّي فِي مَغْرِبِ الشَّمْسِ.

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَ لَا فِي شَيْ ءٍ، وَ لَا عَلَى شَيْ ءٍ، وَ لَا مِنْ شَيْ ءٍ.

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ، وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ. الْآيَةَ.

فَلَمَّا سَمِعَ الْأُسْقُفُ ذَلِكَ، قَالَ:

مُدَّ يَدَكَ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ أَنَّكَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَ وَصِيُّ رَسُولِهِ، وَ أَنَّ هَذَا الْجَالِسَ الْفَظَّ الْغَلِيظَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِهَذَا الْمَكَانِ، وَ أَنَّكَ أَنْتَ أَهْلُهُ. فَتَبَسَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

140- حديث علي قاتل الكفرة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ، جَدُّكَ قَتَلَ الْمُسْلِمِينَ. فَهَمَلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ، وَ قَالَ: يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ، إِنَّ جَدِّي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا قَتَلَ إِلَّا كَافِراً، وَ إِنَّمَا قَتَلَ قَوْماً أَسْلَمُوا أَكْثَرُهُمْ خَوْفاً مِنَ السَّيْفِ، فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ طَمَعاً فِي الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَى الْكُفْرِ

ص: 164


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 10/ 58 ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 149.

أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ.

وَ لَقَدْ عَلِمَتْ صَاحِبَةُ الْخِدْرِ، وَ الْمُسْتَحْفَظُونَ، أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ صِفِّينَ كَفَرُوا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى.

وَ سَمِعْتُ أَبِي سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُتَنَقِّبَةً، وَ هُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَ قَدْ قَتَلَ أَخَاهَا وَ أَبَاهَا، وَ قَالَتْ يَا قَاتِلَ الْأَحِبَّةِ، وَ مُفَرِّقَ الْجُمُوعِ.

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: سَتَأْتِيكَ امْرَأَةٌ وَ أَنْتَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَتَقُولُ: كَذَا وَ كَذَا وَ كَذَا، فَاعْلَمْ أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْكَ، لَا تَحِيضُ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَ لَهَا شَيْ ءٌ مُدْلًى ظَاهِرٌ، فَفَتِّشُوهَا، وَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لَا يَكْذِبُ فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ (عَمْرُو بْنُ الْحُرَيْثِ) وَ أَدْخَلَهَا بَيْتَهُ وَ أَمَرَ امْرَأَتَهُ وَ نِسَاءً أُخَرَ فَفَتَّشُوهَا وَ إِذْ عَلَى وَرِكِهَا شَيْ ءٌ مُدْلًى، فَقَالَتْ:- وَ اللَّهِ- لَقَدِ اطَّلَعَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى شَيْ ءٍ لَا تَعْلَمُهُ أُمِّي وَ أَبِي، وَ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ قَالَ: فَجَاءَهُ وَ أَخْبَرَهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. (1)

141- حديث علي وارث علم النبي

بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَأَلَهُ أَنْ يُرِيَهُ ذُرِّيَّتَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ وَ الْمُقَرَّبِينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَحِيفَةً فَقَرَأَهَا كَمَا عَلَّمَهَا اللَّهُ، إِلَى أَنِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. فَوَجَدَ عِنْدَ اسْمِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ آدَمُ: هَلْ نَبِيٌّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. فَهَتَفَ بِهِ يَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ لَا يَرَى شَخْصَهُ:

ص: 165


1- الِاحْتِجَاجَ: 2/ 40 عَنْهُ الْبِحَارُ: 32/ 343 ح 327 تَفْسِيرِ الْعَيَّاشِيُّ: 2/ 20 ح 53.

هَذَا وَارِثُ عِلْمِهِ، وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ وَصِيُّهُ، وَ أَبُو ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا وَقَعَ آدَمُ فِي الْخَطِيئَةِ، جَعَلَ تَوَسَّلَ بِهِمَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِمَا. (1)

142- حديث علي في التوراة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّهُ) لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، قَالُوا لَهُ إِنَّ بِهَا حِبْراً قَدْ مَضَى لَهُ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةَ سَنَةٍ، وَ عِنْدَهُ عِلْمُ التَّوْرَاةِ فَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: اصْدُقْنِي بِصُورَةِ اسْمِي (2) فِي التَّوْرَاةِ، وَ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَكَ.

قَالَ: فَانْهَمَلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ، وَ قَالَ لَهُ: إِنْ صَدَقْتُكَ قَتَلَنِي قَوْمِي، وَ إِنْ كَذَبْتُكَ قَتَلْتَنِي أَنْتَ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ وَ أَنْتَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَ أَمَانِي.

قَالَ لَهُ الْحِبْرُ: أُرِيدُ الْخَلْوَةَ بِكَ، قَالَ: لَسْتُ أُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَقُولَ جَهْراً.

قَالَ: إِنَّ فِي سِفْرٍ مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ اسْمَكَ وَ ابْنَتَكَ (3) وَ أَتْبَاعَكَ، وَ إِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَ هُوَ جَبَلُ عَرَفَاتٍ، وَ يُنَادُونَكَ بِأَسْمَائِكَ عَلَى كُلِّ مِنْبَرٍ، وَ رَأَيْتُ فِي عَلَامَتِكَ بَيْنَ كَتِفَيْكَ خَاتَمٌ مُخَتَّمٌ بِهِ النُّبُوَّةُ، أَيْ لَا نَبِيَّ مِنْ بَعْدِكَ، وَ مِنْ وُلْدِكَ إِحْدَى عَشَرَ نَقِيباً (4) يَخْرُجُونَ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ، وَ اسْمُهُ عَلِيٌّ.

وَ يَبْلُغُ اسْمُكَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ، وَ تَفْتَحُ خَيْبَرَ، وَ تَبْلُغُ (5) بَابَهَا، ثُمَّ يُعَبَّرُ الْجَيْشُ عَلَى الْكَفِّ وَ الزَّنْدِ، لَئِنْ كَانَ فِيكَ هَذِهِ الصِّفَاتُ، آمَنُ بِكَ، وَ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْكَ،

ص: 166


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 26/ 331 ح 13، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.
2- فِي الْبِحَارُ: (ذِكْرِي).
3- فِي الْبِحَارُ: (نَعْتَكَ).
4- فِي الْبِحَارُ: (سِبْطاً).
5- فِي الْبِحَارِ: (تَقَلَّعَ).

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا حِبْرُ، أَمَّا الشَّامَةُ فَهِيَ لِي، ثُمَّ كَشَفَهَا.

وَ أَمَّا الْعَلَامَةُ فَهِيَ لِنَاصِرِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَاحِبِ الْعَلَامَةِ.

قَالَ: فَالْتَفَتَ الْحِبْرُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: أَنْتَ قَاتِلُ مِرْحَبٍ الْأَعْظَمِ؟

قَالَ: بَلِ الْأَحْقَرِ، أَنَا جَدَلْتُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ، أَنَا مُعَبِّرُ الْجَيْشِ عَلَى كَفِّي، وَ زَنْدِي.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَنَّكَ مُعْجِزَتُهُ وَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْكَ أَحَدَ عَشَرَ نَقِيباً، فَاكْتُبْ لِي عَهْداً وَ لِقَوْمِي، فَإِنَّهُمْ كَنُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَبْنَاءِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ عَهْداً (1)

143- حديث علي أبو ذرّية النبي

- يَرْفَعُهُ- بِالْإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ، قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ، إِذْ هَدَاهُمْ (2) بِي وَ أَنَا أَمُنُّ عَلَى أَهْلِ الدِّينِ إِذْ هَدَاهُمْ بِابْنِ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَبِي ذُرِّيَّتِي، أَلَا وَ مَنِ اهْتَدَى بِهِمْ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ هَوَى.

أَيُّهَا النَّاسُ: اللَّهَ اللَّهَ فِي عِتْرَتِي وَ أَهْلِ بَيْتِي.

فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَ وَلَدَاهَا عَضُدِي، وَ أَنَا وَ بَعْلُهَا كَالضِّيَاءِ.

اللَّهُمَّ وَ ارْحَمْ مَنْ رَحِمَهُمْ، وَ لَا تَغْفِرْ لِمَنْ ظَلَمَهُمْ. ثُمَّ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَ قَالَ: وَ كَأَنِّي

ص: 167


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 212 ح 14، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ. وَ أَخْرَجَهُ الْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 1/ 354 ح 62، وَ ج 2/ 416، وَ إحقاق الْحَقِّ: 8/ 731.
2- فِي نُسْخَةٍ: (هَدِيَّتَهُمْ).

أَنْظُرُ الْحَالَ (1)

144- حديث علي عضد النبي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْمِقْدَادِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ اعْضُدْنِي وَ اشْدُدْ أَزْرِي، وَ اشْرَحْ صَدْرِي، وَ ارْفَعْ ذِكْرِي، قَالَ: فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: وَ مَا أَقْرَأُ؟

قَالَ: اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بِعَلِيٍّ صِهْرِكَ (2).

قَالَ:

فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ أَثْبَتَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَ أَسْقَطَهَا عُثْمَانُ. (3)

145- حديث الصخرة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلْنَا مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ صِفِّينَ فَعَطِشَ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْأَرْضِ مَاءٌ إِلَى أَنِ اسْتَجَنَّ الْبَرَّ، فَرَأَى صَخْرَةً عَظِيمَةً، فَوَقَفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهَا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصَّخْرَةُ، فَقَالَتْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ.

فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ فَقَالَتْ تَحْتِي يَا وَصِيَّ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَتْ لَهُ. قَالَ: فَانْكَبَّ عَلَيْهَا مِائَةَ رَجُلٍ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا أَنْ يُحَرِّكُوهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَفَ عَلَيْهَا، وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ، وَ دَفَعَهَا بِيَدِهِ،

ص: 168


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 23/ 134 ح 79، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.
2- الْإِنْشِرَاحُ: 1- 4.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 116 ح 63، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 151، وَ إحقاق الْحَقِّ: 14/ 492.

فَانْقَلَبَتْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ وَ ذَا تَحْتَهَا عَيْنٌ، أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ فَشَرِبَ الْمُسْلِمُونَ وَ شَرِبَتْ خُيُولُهُمْ، وَ أَكْثَرُوا مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقْبَلَ إِلَيْهَا، وَ قَالَ: عُودِي إِلَى مَوْضِعِكِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَجَعَلَتْ تَدُورُ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلَ الْكُرَةِ فِي الْمَيْدَانِ حَتَّى انْطَبَقَتْ عَلَى الْعَيْنِ، ثُمَّ رَجَعُوا وَ رَحَلُوا عَنْهَا (1)

146- حديث في حب علي و بغضه

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَرَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ فَتَغَامَزُوا، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ شَكَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَخَرَجَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: مَا لَكُمْ إِذَا ذكرت [ذُكِرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ آلُ إِبْرَاهِيمَ، أَشْرَقَتْ وُجُوهُكُمْ، وَ إِذَا ذُكِرَ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَ عَبَسَتْ وُجُوهُكُمْ، وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلَ سَبْعِينَ نَبِيّاً، لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ حَتَّى يُحِبَّ هَذَا أَخِي عَلِيّاً وَ وُلْدَهُ.

ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لِلَّهِ حَقٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَا وَ عَلِيٌّ، وَ إِنَّ لِي حَقّاً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ عَلِيٌّ، لِعَلِيٍّ حَقٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَا (2)

147- حديث ردّ الشمس

بِالْأَسَانِيدِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ الشَّهِيدِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قِتَالِ النَّهْرَوَانِ، وَصَلَ إِلَى نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ، وَ لَمْ يَكُنْ

ص: 169


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 33/ 46 ح 389.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 27/ 196 ح 56، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.

يَوْمَئِذٍ بُنِيَ (1) بَيْتٌ بِبَغْدَادَ فَلَمَّا وَصَلَ قَرْيَةَ بَرَاثَا (2) صَلَّى بِالنَّاسِ الظُّهْرَ فَرَحَلُوا وَ دَخَلُوا أَرْضَ بَابِلَ، وَ قَدْ وَجَبَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ.

فَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَبَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، وَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ أَرْضٌ خَسَفَ اللَّهُ بِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَ عَلَيْهِ تَمَامُ الرَّابِعَةِ، فَلَا يَحِلُّ لِنَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا، لِأَنَّهَا أَرْضٌ مَسْخُوطٌ عَلَيْهَا.

فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ مِنْهُمْ: نَعَمْ، هُوَ لَا يُصَلِّي، وَ يَقْتُلُ مَنْ يُصَلِّي وَ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ.

قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ الْعَبْدِيُّ: فَتَبِعْتُهُ فِي مِائَةِ فَارِسٍ، وَ قُلْتُ: وَ اللَّهِ لَا أُصَلِّي أَوْ يُصَلِّيَ هُوَ لَأُقَلِّدَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ (فِي) صَلَاتِي الْيَوْمَ. قَالَ: وَ سَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَنْ قَطَعَ أَرْضَ بَابِلَ، وَ قَدْ تَدَلَّتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ ثُمَّ غَابَتْ وَ احْمَرَّ الْأُفُقُ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ، وَ قَالَ: يَا جُوَيْرِيَةُ، هَاتِ الْمَاءَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ بِالْمَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: أَذِّنْ يَا جورية [جُوَيْرِيَةُ، فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا وَجَبَ وَقْتُ الْعِشَاءِ بَعْدُ.

فَقَالَ: قُمْ أَذِّنْ لِلْعَصْرِ، قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، أُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ؟! وَ قَدْ وَجَبَتِ الْعِشَاءُ، وَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَ لَكِنَّ عَلَيَّ الطَّاعَةَ (3) فَأَذَّنْتُ، قَالَ فَأَقِمِ الصَّلَاةَ، فَفَعَلْتُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِكَلَامٍ كَأَنَّهُ مَنْطِقُ الْخُطَّافِ، وَ لَمْ أَفْهَمْ مَا يَقُولُ.

وَ إِذَا بِالشَّمْسِ قَدْ رَجَعَتْ بِصَرِيرٍ عَظِيمٍ وَ وَقَفَتْ فِي مَرْكَزِهَا مِنَ الْعَصْرِ.

ص: 170


1- فِي الاصل: (بِنْتِ).
2- قَالَ يَا قُوتُ فِي معجم الْبُلْدَانِ: 1/ 363، كَانَتْ بَرَاثَا قَبْلَ بِنَاءِ بَغْدَادَ قَرْيَةٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِهَا لِمَا خَرَجَ لِقِتَالٍ الْحَرُورِيَّةِ بِالنَّهْرَوَانِ، وَ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ.
3- فِي نُسْخَةٍ: (سَمِعَا وَ طَاعَةِ).

فَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كَبَّرَ وَ صَلَّى الْعَصْرَ وَ صَلَّيْتُ وَرَاءَهُ، فَلَمَّا أَدَّيْنَاهَا وَ سَلَّمَ وَقَعَتْ (الشَّمْسُ) (1) عَلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي طَسْتٍ، وَ غَابَتْ وَ اشْتَبَكَتِ النُّجُومُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: أَذِّنِ الْآنَ لِلْمَغْرِبِ يَا ضَعِيفَ الْيَقِينِ.

قَالَ: فَأَذَّنْتُ وَ صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ، فَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ آيَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. (2)

148- حديث شيعة علي في الجنة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفاً، لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، وَ لَا كِتَابَ، وَ لَا عَذَابَ.

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: هُمْ شِيعَتُكَ، وَ أَنْتَ إِمَامُهُمْ (3)

149- حديث الكوكب

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ

ص: 171


1- مِنْ الْبِحَارِ، وَ لَيْسَ فِي الْأَصْلِ.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 168 ح 3 وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 162، عِلَلِ الشَّرَائِعِ: 2/ 352 ح 4، باسناده، عَنْ أُمِّ الْمِقْدَامِ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: قَالَ لِي جُوَيْرِيَةُ بْنِ مُسْهِرٍ (وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ)، وَ تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 2/ 720 ح 17، وَ كَشْفِ الْيَقِينِ: 72، عَنْهُمَا الْبِحَارُ: 41/ 236 ح 6، عُيُونِ الْمُعْجِزَاتِ: 7، الْفَقِيهِ: 1/ 203 ح 611، الْخَصَائِصِ لِلسَّيِّدِ الرَّضِيُّ: 56 ثَاقِبِ المثاقب 253 ح 1، الْخَرَائِجِ وَ الْجَرَائِحِ: 1/ 224 ح 69، وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 196 ح 117، وَ ص 200 ح 120 وَ ص 201 ح 121، وَ الْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 2/ 407 ح 18، وَ ص 417 ح 80، وَ ص 490 ح 317، وَ الْوَسَائِلِ: 3/ 468 ح 1، وَ ص 469 ح 3، وَ الْعَلَّامَةُ النُّورِيِّ فِي المستدرك: 3/ 349 ح 3، وَ إحقاق الْحَقِّ: 5/ 537، وَ هُنَاكَ مصادر لِهَذَا الْحَدِيثَ تَرَكْنَاهُ لِلِاخْتِصَارِ.
3- الْفَضَائِلِ: 151، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 199 وَ 251، باسناده، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلِّمْ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) عَنْهُ الْبِحَارُ: 68/ 139 ح 79، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ المغالزلي: 293 ح 339، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 228 وَ 235، وَ الْعَسْقَلَانِيِّ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ: 4/ 359، وَ القندوزي فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 124.

خَمْسَ خِصَالٍ، لَوْ تَكُونُ لِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ أَحَبَّ إِلَى مِنَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

قَالُوا: وَ مَا هِيَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: الْأُولَى: فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ الثَّانِي: فَتْحُ بَابِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ حِينَ سُدَّتْ أَبْوَابُنَا، وَ انْقِضَاضُ الْكَوْكَبِ فِي حُجْرَتِهِ، وَ يَوْمُ خَيْبَرَ، وَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ:

لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَ لَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِي ذَلِكَ. (1)

150- حديث النجم

14، 1- بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي، إِلَى أَبِيهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، إِلَى النَّسَبِ الطَّاهِرِ، إِلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لَيْلَةً فِي الْعَامِ الَّذِي فَتَحَ فِيهِ مَكَّةَ وَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ شَأْنِ الْأَنْبِيَاءِ، أَنَّهُمْ إِذَا اسْتَقَامَ أَمْرُهُمْ أَنْ يُوصُوا إِلَى وَصِيٍّ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَهُ وَ يَأْمُرُ بِأَمْرِهِ، وَ يَسِيرُ فِي الْأُمَّةِ بِسِيرَتِهِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي بِذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ لِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ يَخْتَارُهُ لِلْأُمَّةِ خَلِيفَةً بَعْدِي.

وَ مَنْ هُوَ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْأُمَّةِ؟ بِأَنَّهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ نَجْمٌ، لِيَعْلَمُوا مَنِ الْوَصِيُّ بَعْدِي.

قَالَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ، صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.

وَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ مَا يَكُونُ، وَ هِيَ لَيْلَةٌ مُظْلِمَةٌ، لَا قَمَرَ فِيهَا، وَ إِذَا بِضَوْءٍ قَدْ أَضَاءَ مِنْهُ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ.

وَ قَدْ نَزَلَ نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَ جَعَلَ يَدُورُ عَلَى الدُّورِ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى حُجْرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لَهُ شُعَاعٌ عَظِيمٌ هَائِلٌ.

وَ قَدْ أَضَاءَتْ بِشُعَاعِهِ الدُّورُ، وَ قَدْ فَزِعَ النَّاسُ وَ صَارَ عَلَى الْحُجْرَةِ.

ص: 172


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 275 ح 4، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 152.

قَالَ: فَعَادَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ وَ يُهَلِّلُونَ، وَ قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَجْمٌ مِنَ السَّمَاءِ، قَدْ نَزَلَ عَلَى صَخْرَةِ دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: فَقَامَ، وَ قَالَ: هُوَ- وَ اللَّهِ- الْوَصِيُّ مِنْ بَعْدِي، وَ الْقَائِمُ بِأَمْرِي فَأَطِيعُوهُ وَ لَا تُخَالِفُوهُ، وَ قَدِّمُوهُ وَ لَا تَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِ، فَهُوَ وَ اللَّهِ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ بَعْدِي، قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَقَالَ: وَاحِدٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ فِي ابْنِ عَمِّهِ إِلَّا بِالْهَوَى وَ قَدْ رَكِبَتْهُ الْهَوَى حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَجْعَلَهُ نَبِيّاً، لَجَعَلَهُ نَبِيّاً.

قَالَ: فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ اقْرَأْ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (1) (2)

151- حديث علي مقيم الحجة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ، وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.

فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي، وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَوْ لَا عَبْدَانَ أُرِيدُ أَنْ أَخْلُقَهُمَا مِنْ ظَهْرِكَ، لَمَا خَلَقْتُكَ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ يَا آدَمُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَ نَظَرَ فَرَأَى عَلَى الْعَرْشِ مَكْتُوباً:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُقِيمُ الْحُجَّةِ مَنْ عَرَفَ حَقَّهُ زَكَا وَ طَابَ، وَ مَنْ أَنْكَرَ حَقَّهُ كَفَرَ وَ خَابَ أَقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي بِنَفْسِي

ص: 173


1- النَّجْمِ: 1- 5.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 35/ 275 ح 3، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 65، وَ أَخْرَجَهُ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 2/ 433 ح 568، وَ الْبُرْهَانِ: 4 ص 245 ح 12 عَنْ الْبُرْسِيِّ.

أَنْ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ مَنْ أَطَاعَهُ وَ إِنْ عَصَانِي، وَ أُدْخِلَ النَّارَ مَنْ عَصَاهُ وَ إِنْ أَطَاعَنِي (1)

152- حديث الثعبان

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنِ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ الشَّهِيدِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: كَانَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْطُبُ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً عَظِيمَةً، وَ عَدْوَ الرِّجَالِ يَقَعُونَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا بَالُكُمْ يَا قَوْمِ؟

قَالُوا: ثُعْبَانٌ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ (2) وَ نَحْنُ نَفْزَعُ مِنْهُ. وَ نُرِيدُ أَنْ نَقْتُلَهُ، فَلَا يَقْتُلُهُ غَيْرُكَ.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا تَقْرَبُوهُ، وَ طَرِّقُوا (3) لَهُ، فَإِنَّهُ رَسُولٌ إِلَيَّ قَدْ جَاءَنِي فِي حَاجَةٍ.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ انْفَرَجَ النَّاسُ عَنْهُ، وَ لَا يَزَالُ يَتَخَرَّقُ الصُّفُوفَ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى الْمِنْبَرِ.

ثُمَّ جَعَلَ يَرْقَى الْمَرَاقِيَ، إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى عَيْبَةِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، فَوَضَعَ فَاهُ فِي أُذُنِ الْإِمَامِ ثُمَّ جَعَلَ يَنِقُّ لَهُ نَقّاً طَوِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَ الْإِمَامُ إِلَيْهِ، وَ جَعَلَ يَنِقُّ لَهُ مِثْلَ مَا نَقَّ لَهُ، ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، وَ انْسَلَ (4) عَنِ الْجَمَاعَةِ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ غَابَ فَلَمْ يَرْوِهِ.

فَقَالَتِ الْجَمَاعَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الثُّعْبَانُ؟

ص: 174


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 11/ 144 ح 39، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 152، مِائَةَ مَنْقَبَةٍ: 82 مَنْقَبَةٍ: 50، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 68، عَنْ الْأَعْمَشِ، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 1/ 47 ح 22، عَنْهُ الْبِحَارُ: 68/ 130 ح 61، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 227، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 11 وَ إحقاق الْحَقِّ: 4/ 144، ص 222، وَ ج 15/ 179، وَ ج 20/ 489.
2- فِي الْبِحَارُ: (كَأَنَّهُ النَّخْلَةِ السحوق) وَ قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره): قَالَ الْجَزَرِيِّ فِي النِّهَايَةِ: 2/ 150: النَّخْلَةِ السحوق: أَيُّ الطَّوِيلَةِ الَّتِي بَعْدَ ثَمَرِهَا عَلَى الْمُجْتَنَى.
3- طُرُقِ لَهُ: جَعَلَ لَهُ طَرِيقاً.
4- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ (ره): (فانسلت بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيُّ مَضَيْتَ وَ خَرَجَتْ بتأن وَ تدريج.

قَالَ: هَذَا درجان بْنُ مَالِكٍ، خَلِيفَتِي عَلَى الْجِنِّ الْمُؤْمِنِينَ وَ ذَلِكَ اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِمْ أَشْيَاءُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، فَأَنْفَذُوهُ إِلَيَّ لِيَسْأَلَنِي عَنْهَا فَأُجِيبُهُ. فَاسْتَعْلَمَ جَوَابَهَا، وَ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ. (1)

153- حديث علي ولي اللّه

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ لِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

قَدْ أُمِرَتِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْكَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَ مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ وَ رَأَيْتُ النَّارَ وَ مَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَ الْجَنَّةُ لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ، كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَ مَا فِيهَا لِمَنْ يَعْمَلُ بِهَا. وَ لِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ، كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا لِمَنْ يَعْمَلُ بِهَا.

قَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ، مَا عَلَى الْأَبْوَابِ، قَالَ لَهُ: قَرَأْتُ ذَلِكَ أَمَّا أَبْوَابُ الْجَنَّةِ:

فَعَلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْهَا مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ لِكُلِّ شَيْ ءٍ حِيلَةٌ، وَ حِيلَةُ الْعَيْشِ الْقَنَاعَةُ، وَ بَذْلُ الْحَقِّ، وَ تَرْكُ الْحِقْدِ، وَ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَهِيَ أَرْبَعُ خِصَالٍ.

وَ عَلَى الْبَابِ الثَّانِي مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ لِكُلِّ شَيْ ءٍ حِيلَةٌ، وَ حِيلَةُ السُّرُورِ فِي الْآخِرَةِ أَرْبَعُ خِصَالٍ:

ص: 175


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 171 ح 11، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 70، وَ أَخْرَجَهُ فِي عُيُونِ الْمُعْجِزَاتِ: 13، قَالَ كَلَامٍ الثُّعْبَانُ، هُوَ حَدِيثٍ مَشْهُورٌ بِالْإِسْنَادِ، يَرْفَعُهُ إِلَى الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، قَالَ: (مِثْلَهُ)، إِثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ: 150.

مَسْحُ رُءُوسِ الْيَتَامَى، وَ التَّعَطُّفُ عَلَى الْأَرَامِلِ، وَ السَّعْيُ فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، وَ النَّفَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ.

وَ عَلَى الْبَابِ الثَّالِثِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ لِكُلِّ شَيْ ءٍ حِيلَةٌ، وَ حِيلَةُ الصِّحَّةِ فِي الدُّنْيَا أَرْبَعُ خِصَالٍ:

قِلَّةُ الْكَلَامِ، وَ قِلَّةُ الْمَنَامِ، وَ قِلَّةُ الْمَشْيِ، وَ قِلَّةُ الطَّعَامِ.

وَ عَلَى الْبَابِ الرَّابِعِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ وَالِدَيْهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ، فيقل [فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ يَسْكُتُ.

وَ عَلَى الْبَابِ الْخَامِسِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُظْلَمَ فَلَا يَظْلِمْ، وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُشْتَمَ، فَلَا يَشْتِمْ، وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُذَلَّ، فَلَا يُذِلَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ.

وَ عَلَى الْبَابِ السَّادِسِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ قَبْرُهُ وَاسِعاً فَسِيحاً فَلْيَبْنِ الْمَسَاجِدَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا تَأْكُلَهُ الدِّيدَانُ فِي الْأَرْضِ، فيكنس [فَلْيَكْنُسِ الْمَسَاجِدَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ طَرِيّاً مُطِرّاً لَا يَبْلَى (1) فَلْيَكْسُ الْمَسَاجِدَ بِالْبُسُطِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرَى مَوْضِعَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَلْيَسْكُنِ الْمَسَاجِدَ.

وَ عَلَى الْبَابِ السَّابِعِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ بَيَاضُ الْقَلْبِ فِي أَرْبَعِ خِصَالٍ:

ص: 176


1- فِي نُسْخَةٍ: (نَضْرِ لَا يَبْكِي).

عِيَادَةُ الْمَرْضَى، وَ اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَ أَسْرُ الْكُفَّارِ، وَ رَدُّ الْقَرْضِ.

وَ عَلَى الْبَابِ الثَّامِنِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِأَرْبَعِ خِصَالٍ: بِالصَّدَقَةِ، وَ السَّخَاءِ، وَ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَى عِبَادِ اللَّهِ.

ثُمَّ رَأَيْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، وَ إِذَا عَلَى الْبَابِ الْأَوَّلِ مَكْتُوبٌ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: مَنْ رَجَا اللَّهَ أَمِنَ، وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ سَعَدَهُ، وَ الْهَالِكُ الْمَغْرُورُ مَنْ رَجَا غَيْرَ اللَّهِ وَ خَافَ سِوَاهُ.

وَ عَلَى الْبَابِ الثَّانِي مَكْتُوبٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ عُرْيَاناً فِي الْقِيَامَةِ، فَلْيَكْسُ الْجُلُودَ الْعَارِيَةَ فِي الدُّنْيَا.

وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ عَطْشَاناً فِي الْآخِرَةِ، فيسق [فَلْيَسْقِ الْعُطَاشَى فِي الدُّنْيَا وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ جَوْعَاناً فِي الْآخِرَةِ، فَلْيُطْعِمِ الْبُطُونَ الْجَائِعَةَ فِي الدُّنْيَا.

وَ عَلَى الْبَابِ الثَّالِثِ مَكْتُوبٌ: لَعَنَ اللَّهُ الْكَاذِبِينَ، لَعَنَ اللَّهُ الْبَاخِلِينَ، لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ.

وَ عَلَى الْبَابِ الرَّابِعِ مَكْتُوبٌ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: أَذَلَّ اللَّهُ مَنْ أَهَانَ الْإِسْلَامَ، أَذَلَّ اللَّهُ مَنْ أَهَانَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَذَلَّ اللَّهُ مَنْ أَعَانَ الظَّالِمِينَ عَلَى ظُلْمِهِمْ.

وَ عَلَى الْبَابِ الْخَامِسِ مَكْتُوبٌ: لَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَالْهَوَى مُجَانِبُ الْإِيمَانِ، وَ لَا تُكْثِرْ مَنْطِقَكَ فِيمَا لَا يَعْنِيكَ فَتَسْقُطَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ لَا تَكُنْ عَوْناً لِلظَّالِمِينَ.

وَ عَلَى الْبَابِ السَّادِسِ مَكْتُوبٌ: أَنَا حَرَامٌ عَلَى الْمُتَهَجِّدِينَ، أَنَا حَرَامٌ عَلَى الْمُتَصَدِّقِينَ، أَنَا حَرَامٌ عَلَى الصَّائِمِينَ.

وَ عَلَى الْبَابِ السَّابِعِ مَكْتُوبٌ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: حَاسِبُوا نُفُوسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَ وَبِّخُوا نُفُوسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوَبَّخُوا، وَ ادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْلَ أَنْ تَرِدُوا عَلَيْهِ، وَ أَنْ لَا تَقْعُدُوا عَلَى ذَلِكَ. (1)

ص: 177


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 8/ 144 ح 67، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 152.

154- حديث علي يزهر لأهل الجنة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي الْحَمْرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ: رَأَيْتُ وَجْهَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَزْهَرُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا تَزْهَرُ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ لِأَهْلِ الدُّنْيَا (1)

155- حديث علي مع الحق

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى حَسَنِ (2) بْنِ السَّعِيدِ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ مِنْ عِبَادِهِ الْمَائِلِينَ عَنِ الْحَقِّ، وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ وَ عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ، فَمَنِ اسْتَبْدَلَ بِعَلِيٍّ غَيْرَهُ، هَلَكَ وَ فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ (3)

156- حديث ذرّية النبي من صلب علي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْوِيهِ عَنِ النَّسَبِ الطَّاهِرِ، إِلَى جَدِّهِ

ص: 178


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 230 ح 6، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ، وَ رَوَاهُ الْعَامَّةِ فِي مصادرهم: القندوزي فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 180، 185، 235، 284، الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 295 ح 233، فِي يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 180، 185، 235، 284، الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 295 ح 233، الهيثمي فِي الصَّوَاعِقَ المحرقة: 75، حُسَامِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ فِي مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 31، وَ ابْنِ حُبَّانِ فِي إسعاف الرَّاغِبِينَ: 175، ابْنِ المغازلي فِي الْمَنَاقِبِ: 140، المتقي الْهِنْدِيِّ فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ: 12/ 204.
2- فِي الْبِحَارُ: (حُسَيْنِ).
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 36 ح 11، تَارِيخِ بَغْدَادَ: 14/ 320 ح 7643، مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: 7/ 235 وَ ج 9/ 134، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 55، صَحِيحٌ التِّرْمِذِيِّ: 5/ 633، ح 3714، شَرْحِ الْبَلَاغَةِ: 18/ 24، مُسْتَدْرَكِ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ 3/ 124، مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 62، إحقاق الْحَقِّ: 5/ 43 وَ 623، فرائد السمطين: 1/ 176 ح 138 وَ 139، وَ ص 177 ح 140.

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كُلِّ نَبِيٍّ مِنْ صُلْبِهِ وَ جَعَلَ ذُرِّيَّتِي مِنْ صُلْبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ مِنْ فَاطِمَةَ ابْنَتِي، وَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُمْ، كَمَا اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الْعَالَمِينَ، فَاتَّبِعُوهُمْ يَهْدُوكُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَ قَدِّمُوهُمْ وَ لَا تَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَلُكُمْ صِغَاراً، وَ أَعْلَمُكُمْ كِبَاراً فَاتَّبِعُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يُدْخِلُوكُمْ فِي ظلال [ضَلَالٍ، وَ لَا يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى (1)

157- حديث علي خليفتي من بعدي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مِنْبَرِهِ- وَ قَدْ أَقَامَ عَلِيّاً إِلَى جَانِبِهِ وَ حَطَّ يَدَهُ وَ شَالَ يَدَهُ، حَتَّى بَانَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا- وَ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ، وَ مُحَمَّداً نَبِيُّكُمْ، وَ الْإِسْلَامَ دِينُكُمْ، وَ عَلِيّاً هَادِيكُمْ وَ هُوَ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي ثُمَّ قَالَ:

يَا أَبَا ذَرٍّ، عَلِيٌّ عَضُدِي (2) وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِ رَبِّي، وَ مَا أَعْطَانِي رَبِّي فَضِيلَةً إِلَّا وَ قَدْ خَصَّهُ بِمِثْلِهَا.

يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِأَحَدٍ فَرْضاً إِلَّا بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

ص: 179


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 23/ 144 ح 98، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 154، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَهْلِ الْعَامَّةِ فِي مصادرهم بِتَغَيُّرِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظُهُ وَ نذكرهم هُنَا بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ: مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: 9/ 172، كَنْزِ الْعُمَّالِ: 12/ 201، كِفَايَةٌ الطَّالِبُ: 379، مَنَاقِبِ ابْنِ المغازلي: 49، تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: 2/ 159، مُنْتَخَبِ كَنْزِ الْعُمَّالِ: 5/ 30، الصَّوَاعِقَ المحرقة: 74، لِسَانِ الْمِيزَانِ: 3/ 429 ح 1683، مِيزَانِ الأعتدال: 2/ 116، فرائد السمطين: 1/ 223 ح 252، ذَخَائِرُ الْعُقْبَى: 67، مَنَاقِبِ الْخُوَارِزْمِيِّ: 235، تَارِيخِ بَغْدَادَ: 1/ 316، يَنَابِيعَ الْمَوَدَّةِ: 183 وَ 234 وَ 248 وَ 255 وَ 266.
2- فِي الْبِحَارُ: (أَخِي).

يَا أَبَا ذَرٍّ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ انْتَهَيْتُ إِلَى الْعَرْشِ، فَإِذَا أَنَا بِزَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ، وَ إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي:

يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعِ الْحِجَابَ.

فَرَفَعْتُهُ وَ إِذَا أَنَا بِمَلَكٍ وَ الدُّنْيَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَ بَيْنَ يَدَيْهِ لَوْحٌ يَنْظُرُ فِيهِ قُلْتُ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ مَنْ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي لَمْ أَرَ فِي مَلَائِكَةِ رَبِّي مَلَكاً مِثْلَهُ، وَ لَا أَعْظَمَ مِنْهُ خِلْقَةً؟

قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، سَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ عَزْرَائِيلُ مَلَكُ الْمَوْتِ، (فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) (1).

فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا خَاتَمَ النَّبِيِّينَ، كَيْفَ ابْنُ عَمِّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقُلْتُ: حَبِيبِي مَلَكُ الْمَوْتِ تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: وَ كَيْفَ لَا أَعْرِفُهُ يَا مُحَمَّدُ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، وَ اصْطَفَاكَ رَسُولًا، إِنِّي أَعْرِفُ ابْنَ عَمِّكَ وَصِيّاً، كَمَا أَعْرِفُكَ نَبِيّاً، وَ كَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ؟

وَ قَدْ وَكَّلَنِي اللَّهُ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ، مَا خَلَا رُوحَكَ وَ رُوحَ ابْنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّاهُمَا بِمَشِيئَتِهِ كَيْفَ يَشَاءُ وَ يَخْتَارُ (2)

158- حديث علي كفتا الميزان

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، أَنَّهُمَا قَالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَنَا مِيزَانُ الْعِلْمِ، وَ عَلِيٌّ كِفَّتَاهُ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ خُيُوطُهُ، وَ فَاطِمَةُ عَلَامَتُهُ. الروضة، شاذان بن جبرئيل 180 (158)(حديث علي كفتا الميزان)

وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِهِمْ عَمُودُهُ، فَيُنْصَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَزِنُ بِهِ الْمُحِبِّينَ لَنَا، وَ الْمُبْغِضِينَ لَنَا (3).

ص: 180


1- في البحار: (فقلت: السّلام عليك يا حبيبي، ملك الموت).
2- عنه البحار: 38/ 137 ح 97، و عن الفضائل: لم نجده.
3- عنه البحار: 23/ 144 ح 99، و عن الفضائل: 155، و أخرجه في إثبات الهداة: 2/ 74 ح 784، و روى هذا الحديث الشريف قسم من أهل السنة: فرائد السمطين: 2/ 66، ينابيع المودة: 82، و 236 و 245، مقتل الحسين عليه السّلام للخوارزمي: 1/ 107.

(159)

حديث في مبغضي علي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بِالْكَعْبَةِ، وَ رَسُولُ اللَّهِ مَعَنَا إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ شَيْ ءٌ عَلَى هَيْئَةِ الْفِيلِ، أَعْظَمُ مَا يَكُونُ مِنْ الْفِيَلَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لُعِنْتَ يَا مَلْعُونُ وَ خُزِيتَ يَا مَلْعُونُ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

فَقَالَ: أَ وَ مَا تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: هَذَا إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوَثَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَكَانِهِ، وَ أَخَذَ بِنَاصِيَتِهِ وَ جَذَبَهُ مِنْ مَكَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*، فَجَذَبَهُ وَ تَنَحَّى بِهِ خُطُوَاتٍ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ: مَا لِي وَ مَا لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟

وَ عِزَّةِ رَبِّي وَ جَلَالِهِ مَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مَنْ شَارَكْتُ فِيهِ أُمَّهُ، فَخَلَّاهُ مِنْ يَدِهِ، فَأُنْزِلَتِ الْآيَةُ:

وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ ... وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (1) يَعْنِي بِذَلِكَ شِيعَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (2)

160- حديث في معجزة لعلي

ص: 181


1- الأسراء: 64.
2- الفضائل: 155، و أخرجه في كشف اليقين: 71، عنه لبحار: 39/ 171 ح 10، و رواه أهل العامة في مصادرهم بألفاظ مختلفة منهم: تاريخ بغداد: 3/ 290161، الخوارزمي في المناقب: 232، و ابن عساكر في ترجمته: 1/ 226.

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُمَا، قَالا: كُنَّا بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كَانَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ خَلَتْ مِنْ صَفَرٍ، فَإِذَا بِزَعْقَةٍ (1) عَظِيمَةٍ قَدْ أَمَلَّتِ الْمَسَامِعَ وَ كَانَ عَلَى دَكَّةِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، ايتِنِي بِذِي الْفَقَارِ وَ كَانَ وَزْنُهُ سَبْعَةَ أَمْنَانٍ وَ ثُلُثَيْ مَنٍّ بِالْمَكِّيِّ- فَجِئْتُ بِهِ وَ قَدِ انْتَضَاهُ (2) مِنْ غِمْدِهِ، وَ تَرَكَهُ عَلَى فَخِذِهِ.

فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، هَذَا يَوْمٌ أَكْشِفُ فِيهِ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ الْغُمَّةَ، لِيَزْدَادَ الْمُؤْمِنُونَ وِفَاقاً، وَ الْمُخَالِفُونَ نِفَاقاً.

يَا عَمَّارُ، ائْتِ بِمَنْ (3) عَلَى الْبَابِ، قَالَ عَمَّارٌ: فَخَرَجْتُ وَ إِذَا بِالْبَابِ امْرَأَةٌ عَلَى جَمَلٍ فِي قُبَّةٍ، وَ هِيَ تَبْكِي وَ تَصِيحُ:

يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، يَا بُغْيَةَ الطَّالِبِينَ، يَا كَنْزَ الرَّاغِبِينَ، يَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينَ، وَ يَا مُطْعِمَ الْيَتِيمِ، وَ يَا رَازِقَ الْعَدِيمِ وَ يَا مُحْيِيَ كُلِّ عَظْمٍ رَمِيمٍ، يَا قَدِيماً سَبَقَ قِدَمُهُ كُلَّ قَدِيمٍ، وَ يَا عَوْنَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مُعِينٌ، يَا طَوْدَ مَنْ لَا طَوْدَ لَهُ، يَا كَنْزَ مَنْ لَا كَنْزَ لَهُ، إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَ بِنَبِيِّكَ تَوَسَّلْتُ وَ بِخَلِيفَةِ رَسُولِكَ، قَصَدْتُ، فَبَيِّضْ وَجْهِي، وَ فَرِّجْ عَنِّي كُرْبَتِي قَالَ عَمَّارٌ: وَ حَوْلَهَا أَلْفُ فَارِسٍ بِسُيُوفٍ مَسْلَولَةٍ، فَقَوْمٌ لَهَا وَ قَوْمٌ عَلَيْهَا.

فَقُلْتُ: أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَجِيبُوا عَيْبَةَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ.

قَالَ: فَنَزَلَتْ مِنَ الْقُبَّةِ وَ نَزَلَ الْقَوْمُ مَعَهَا، وَ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَوَقَفَتِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَتْ:

ص: 182


1- الزعقة: الصَّيْحَةُ الْعَظِيمَةِ.
2- نضي السَّيْفِ: سَلْهُ مِنْ غِمْدِهِ.
3- فِي نُسْخَةٍ: (رَأَيْتَ مِنْ).

يَا مَوْلَايَ، يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، إِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَ بَابَكَ قَصَدْتُ، فَاكْشِفْ مَا بِي مِنْ غُمَّةٍ فَإِنَّكَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَ عَالِمٌ بِمَا كَانَ أَوْ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ:

يَا عَمَّارُ، نَادِ فِي الْكُوفَةِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ، فَلْيَأْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَ صَارَ الْقَدَمُ عَلَى الْقَدَمِ أَقْدَاماً كَثِيرَةً، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مَوْلَايَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلُونِي عَمَّا بَدَا لَكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ، فَنَهَضَ مِنْ بَيْنِهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ شَابَ، عَلَيْهِ بُرْدَةٌ أَتْحَمِيَّةٌ (ملحمية)، وَ حُلَّةٌ عَرِيشِيَّةٌ، وَ عِمَامَةٌ طَرَسُوسِيَّةٌ (خُرَاسَانِيَّةٌ) فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ يَا كَنْزَ الطَّالِبِينَ.

وَ يَا مَوْلَايَ، هَذِهِ الْجَارِيَةُ ابْنَتِي، قَدْ خَطَبَهَا مُلُوكُ الْعَرَبِ مِنِّي، وَ قَدْ نَكَسَتْ رَأْسِي بَيْنَ عَشِيرَتِي وَ أَنَا مَوْصُوفٌ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَ قَدْ فَضَحَتْنِي فِي أَهْلِي وَ رِجَالِي، لِأَنَّهَا عَاتِقٌ حَامِلٌ فَأَنَا قَيْسُ بْنُ عِفْرِيسٍ (1) لَا تُخْمَدُ لِي نَارٌ، وَ لَا يُضَامُ (2) لِي جَارٌ، وَ قَدْ بَقِيتُ حَائِراً فِي أَمْرِي فَاكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ فَإِنَّ الْإِمَامَ خَبِيرٌ تَرْتَجِيهِ الْأُمَّةُ لِأَمْرٍ، وَ هَذِهِ غُمَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَ لَا أَرَى مِثْلَهَا وَ لَا أَعْظَمَ مِنْهَا.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا تَقُولِينَ يَا جَارِيَةُ، فِيمَا قَالَ أَبُوكِ؟

قَالَتِ الْجَارِيَةُ: يَا مَوْلَايَ، أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي حَامِلٌ، فَوَ حَقِّكَ يَا مَوْلَايَ، مَا عَلِمْتُ فِي نَفْسِي خِيَانَةً قَطُّ وَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنِّي وَ إِنِّي مَا كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ، فَفَرِّجْ عَنِّي يَا مَوْلَايَ.

ص: 183


1- فِي الْبِحَارُ: (فَلَيْسَ بْنِ عفريس) وَ فِي نُسْخَةٍ: (قلميس بْنِ عقريس).
2- لَا يُضَامُ: أَيُّ لَا يُقَصِّرُ وَ لَا يَظْلِمُ.

قَالَ عَمَّارٌ: فَعِنْذَ ذَلِكَ أَخَذَ الْإِمَامُ ذَا الْفَقَارِ، وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (1).

ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيَّ بِدَايَةِ (2) أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ تُسَمَّى (لُبْنَى)، وَ قَدْ قَبِلَتْ نِسَاءَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهَا: اضْرِبِي بَيْنَكِ وَ بَيْنَ النَّاسِ حِجَاباً، وَ انْظُرِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ عَاتِقٌ حَامِلٌ.

فَفَعَلَتْ مَا أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ، وَ قَالَتْ: نَعَمْ عَاتِقٌ حَامِلٌ وَ حَقِّكَ يَا مَوْلَايَ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ الْتَفَتَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَبِي الْجَارِيَةِ، وَ قَالَ يَا أَبَا الْغَضَبِ، أَ لَسْتَ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَ كَذَا، مِنْ أَعْمَالِ دِمَشْقَ؟

قَالَ: وَ مَا هِيَ الْقَرْيَةُ؟ قَالَ: قَرْيَةٌ تُسَمَّى أَسْعَارٌ، قَالَ: بَلَى يَا مَوْلَايَ، قَالَ: مَنْ فِيكُمْ هَذِهِ السَّاعَةَ يَقْدِرُ عَلَى قِطْعَةٍ مِنَ الثَّلْجِ؟

فَقَالَ: يَا مَوْلَايَ، الثَّلْجُ فِي بِلَادِنَا كَثِيرٌ، وَ لَكِنْ مَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ هَاهُنَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَيْنَنَا وَ بَيْنَ بَلَدِكُمْ مِائَتَانِ وَ خَمْسُونَ فَرْسَخاً، قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلَايَ، قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، انْظُرُوا إِلَى مَا أُعْطِيَ عَلِيٌّ مِنَ الْعِلْمِ النَّبَوِيِّ، الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنَ الْعِلْمِ الرَّبَّانِيِّ.

قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: فَمَدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَعْلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، وَ إِذَا فِيهَا قِطْعَةٌ مِنَ الثَّلْجِ يَقْطُرُ الْمَاءُ مِنْهَا فَعِنْدَهَا ضَجَّ النَّاسُ، وَ مَاجَ الْجَامِعُ بِأَهْلِهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اسْكُتُوا فَلَوْ شِئْتُ لَأَتَيْتُ بِجِبَالِهَا

ص: 184


1- الْأُسَرَاءَ: 81.
2- الداية: الْقَابِلَةِ.

ثُمَّ قَالَ: يَا دَايَةُ، خُذِي هَذَا الثَّلْجَ، وَ اخْرُجِي بِالْجَارِيَةِ مِنَ الْمَسْجِدِ، اتْرُكِي تَحْتَهَا طَسْتاً (1)، وَ ضَعِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِمَّا يَلِي الْفَرْجَ فَتَرْمِي عَلَقَةً، وَزْنُهَا سَبْعَةٌ وَ خَمْسُونَ دِرْهَماً وَ دَانِقَانِ فَقَالَتْ: سَمْعاً وَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ لَكَ يَا مَوْلَايَ.

ثُمَّ أَخَذَتْهَا وَ أَخْرَجَتْهَا مِنَ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَتْ بِطَسْتٍ، وَ وَضَعَتِ الثَّلْجُ عَلَى الْمَوْضِعِ كَمَا أَمَرَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَقَعَتْ عَلَقَةٌ كَبِيرَةٌ فَوَزِنَتْهَا الدَّايَةُ فَوَجَدَتْهَا كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَقْبَلَتِ الدَّايَةُ وَ الْجَارِيَةُ، فَوَضَعَتِ الْعَلَقَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

يَا أَبَا الْغَضَبِ، خُذِ ابْنَتَكَ فَوَ اللَّهِ مَا زَنَتْ، وَ إِنَّمَا دَخَلَتِ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْعَلَقَةُ فِي فَرْجِهَا، وَ هِيَ بِنْتُ عَشْرِ سِنِينَ، فَكَبِرَتْ إِلَى الْآنَ فِي بَطْنِهَا.

فَنَهَضَ أَبُوهَا وَ هُوَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ تَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَ مَا فِي الضَّمَائِرِ وَ أَنَّكَ عَمَدُ الدِّينِ وَ بَابُهُ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ ضَجَّ النَّاسُ، وَ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْيَوْمَ خَمْسَ سِنِينَ لَمْ تُمْطِرِ السَّمَاءُ عَلَيْنَا غَيْثاً، وَ قَدْ أَمْسَكَ عَنِ الْكُوفَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَ قَدْ مَسَّنا (وَ) أَهْلَنَا الضُّرُّ، فَاسْتَسْقِ لَنَا يَا وَارِثَ عِلْمِ مُحَمَّدٍ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ فِي الْحَالِ، وَ أَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ السَّمَاءِ، فَدَمْدَمَ، فَإِذَا الْغَيْثُ قَدِ الْتَحَمَ وَ حَمَلَ (2) الْغَيْثُ، فَحَرَّكَ السَّحَابَ أَسْحَمَ (3) وَ حَمَلَ مُزْناً، فَهَبَطَ الْغَيْثُ حَتَّى صَارَتِ الْكُوفَةُ غدران [غُدْرَاناً فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَمَضَى الْغَيْمُ وَ انْقَطَعَ الْمَطَرُ، وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَ لَعَنَ اللَّهُ الشَّاكَّ فِي فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

ص: 185


1- طستا: أَيُّ الطَّشْتَ.
2- فِي نُسْخَةٍ: (وَ همل).
3- سحم: أَيُّ اسْوَدَّ، وَ أسحمت السَّمَاءِ: صَبَّتِ مَاءَهَا.

طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

161- حديث النور

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، كَشَفَ لَهُ عَنْ بَصَرِهِ، فَنَظَرَ إِلَى جَنْبِ الْعَرْشِ نُوراً.

فَقَالَ: إِلَهِي مَنْ هَذَا النُّورُ؟ فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ صَفْوَتِي.

فَقَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي إِنِّي أَرَى بِجَانِبِهِ نُوراً آخَرَ؟

فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ هَذَا عَلِيٌّ نَاصِرُ دِينِي.

فَقَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ إِنِّي أَرَى بِجَانِبِهِ نُوراً آخَرَ ثَالِثاً؟

فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَذِهِ فَاطِمَةُ تَلِي أَبَاهَا وَ بَعْلَهَا، فَطَمَتْ مُحِبِّيهَا عَنِ النَّارِ.

فَقَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي إِنِّي أَرَى نُورَيْنِ يَلِيَانِ الثَّلَاثَةَ الْأَنْوَارِ؟

قَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَذَانِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، نُورَاهُمَا يَلِيَانِ أَبَاهُمَا وَ أُمَّهُمَا وَ جَدَّهُمَا.

قَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي إِنِّي أَرَى تِسْعَةَ أَنْوَارٍ، فَقَدْ أَحْدَقُوا (2) بِالْخَمْسَةِ الْأَنْوَارِ؟

قَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَذِهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِهِمْ، قَالَ: يَا رَبِّ، بِمَنْ يَعْرِفُونَ؟

قَالَ: أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الْمَهْدِيُّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

قَالَ: إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ أَرَى عِنْدَهُمْ أَنْوَاراً حَوْلَهُمْ لَا يُحْصِي عِدَّتَهُمْ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَؤُلَاءِ شِيعَتُهُمْ وَ مُحِبُّوهُمْ

ص: 186


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 277 ح 42، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 155.
2- أَحْدَقُوا: أَيُّ أحاطوا.

قَالَ إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ بِمَا يُعْرَفُ شِيعَتُهُمْ وَ مُحِبُّوهُمْ؟

قَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، بِصَلَاتِهِمُ الْإِحْدَى وَ الْخَمْسِينَ، وَ الْجَهْرِ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، وَ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ، وَ التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَتِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ، قَالَ: قَدْ جَعَلْتُكَ مِنْهُمْ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (1).

قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ (2) لَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ، رَوَى هَذَا الْخَبَرَ وَ سَجَدَ فَقُبِضَ فِي سَجْدَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (3)

162- حديث فضيلة علي

يَرْفَعُهُ بِالْإِسْنَادِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَ هُوَ فِي مَسْجِدِهِ، إِذْ ظَهَرَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ فَتَبَسَّمَ تَبَسُّماً شَدِيداً، حَتَّى بَانَتْ ثَنَايَاهُ فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّنْ تَبَسَّمْتَ؟

قَالَ: مِنْ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ اجْتَازَ بِنَفَرٍ يَتَسَابُّونَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَقَفَ أَمَامَهُمْ.

ص: 187


1- الصَّافَّاتِ: 83، 84.
2- فِي الْبِحَارُ: (إِنْ أَبَا حَنِيفَةَ) وَ فِي الْفَقِيهِ: (قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنِ عُمَرَ: قَدْ رُوِّينَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ، رَوَى هَذَا الْخَبَرَ لِأَصْحَابِهِ، وَ سَجَدَ فَقَبَضَ) وَ هُوَ ملائم لِمَا فِي الْمَتْنِ.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 213 ح 15، وَ ج 85/ 84 ح 28، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 158، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 2/ 496 ح 9 باسناده، قَالَ: سَأَلَ جَابِرُ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ جَعْفَرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الاية (وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لِإِبْرَاهِيمَ) وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ) عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 151 ح 131 وَ ج 85/ 80 ح 20، وَ أَخْرَجَهُ النُّورِيِّ فِي المستدرك: 3/ 292 ح 13، وَ ج 4/ 187 ح 11، وَ ص 188 ح 12، وَ ص 398 ح 4، وَ إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 3/ 85 ح 787، وَ الْبَحْرَانِيَّ فِي الْبُرْهَانِ: 4/ 20 ح 20.

قَالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي وَقَفَ أَمَامَنَا؟

قَالَ: أَبُو مُرَّةَ، قَالُوا: أَ وَ تَسْمَعُ كَلَامَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، سَوَادٌ عَلَى وُجُوهِكُمْ وَيْلَكُمْ أَ تَسُبُّونَ مَوْلَاكُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالُوا: يَا أَبَا مُرَّةَ، مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّهُ مَوْلَانَا؟

قَالَ: يَا وَيْلَكُمْ، أَ نَسِيتُمْ قَوْلَ نَبِيِّكُمْ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.

قَالُوا: يَا أَبَا مُرَّةَ، أَنْتَ مِنْ شِيعَتِهِ وَ مَوَالِيهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا مِنْ شِيعَتِهِ، وَ لَا مِنْ مَوَالِيهِ لَكِنِّي أُحِبُّهُ، لِأَنَّهُ مَا يُبْغِضُهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا شَارَكْتُهُ فِي مَالِهِ وَ وُلْدِهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ (1) قَالُوا: يَا أَبَا مُرَّةَ، أَ تَقُولُ فِي عَلِيٍّ شَيْئاً، (2) قَالَ: وَ مَا تُرِيدُونَ أَنْ أَقُولَ فِيهِ اسْمَعُوا وَيْلَكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنِّي عَبَدْتُ اللَّهَ فِي الْجَانِّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ.

فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ الْجَانَّ، شَكَوْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْوَحْدَةَ فَأَمَرَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَعَبَدْتُ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عَامٍ فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ نُسَبِّحُ اللَّهَ [وَ نُقَدِّسُهُ، إِذْ مَرَّ عَلَيْنَا نُورٌ شَعْشَعَانِيٌّ، فَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ سُجَّداً فَقَالُوا: يَا رَبِّ، أَ نُورُ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ؟ أَمْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ؟ فَإِذَا بِالنِّدَاءِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُ:

لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، هَذَا نُورُ طِينَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (3)

ص: 188


1- الاسراء: 64.
2- قال المجلسي قدّس سرّه: لعل إبليس لعنه اللّه إنما بين لهم مناقبه عليه السّلام لتأكيد الحجة عليهم مع علة بأنهم لا يرجعون عما هم عليه فيكون عذابهم أشد.
3- عنه البحار: 39/ 163 ح 1، و عن الفضائل: 159، علل الشرائع: 1/ 143 ح 9، و أمالي الصدوق: 209، باسناده، عن المسعودي يرفعه- عن سلمان الفارسي رحمه اللّه، عنهما البحار: 63/ 137 ح 81.

163- حديث في ذكر فضل علي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: إِنَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَا مِنْ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ فَضْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا هَبَطَتْ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَةٌ تَحِفُّ بِهِمْ.

وَ إِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ:

إِنَّا نَشَمُّ مِنْكُمْ رَائِحَةً لَمْ نَشَمَّهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَلَمْ نَرَ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْهَا، فَيَقُولُونَ: إِنَّا كُنَّا عِنْدَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ، فَعَبِقَ فِينَا مِنْ رِيحِهِمْ فَعُطِّرْنَا.

فَيَقُولُونَ: اهْبِطُوا بِنَا إِلَيْهِمْ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: قَدْ تَفَرَّقُوا وَ مَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَنْزِلِهِ.

فَيَقُولُونَ اهْبِطُوا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ، حَتَّى نَتَعَطَّرَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ (1)

164- حديث علي قرة عين النبي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ ذَاتَ يَوْمٍ جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ نَحْنُ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ هُوَ عَلَيْنَا مُقْبِلٌ بِالْحَدِيثِ إِذْ نَظَرَ إِلَى ذِي زَوْبَعَةٍ غَبَرَةٍ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَثَارَ الْغُبَارُ وَ مَا زَالَ الْغُبَارُ يَدْنُو، وَ يَعْلُو إِلَى أَنْ وَصَلَ، وَ وَقَفَ مُحَاذِياً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِنِّي وَافِدٌ مِنْ قَوْمِي وَ قَدِ اسْتَجَرْنَا بِكَ، فَأَجِرْنَا،

ص: 189


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 199 ح 7، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ، وَ الْبُرْهَانِ: 4/ 333 ح 2، بنابيع الْمَوَدَّةِ: 246.

وَ اسْتَنْصَرْنَاكَ فَانْصُرْنَا، فَإِنَّ قَوْمَنَا (1) قَدْ غَلَبُوا عَلَيْنَا وَ أَخَذُوا مِنَّا الْمَرَاعِيَ وَ الْمِيَاهَ، وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً فَانْدُبْ مَعِي رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يَحْكُمُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ، وَ خُذْ عَلَيَّ الْمَوَاثِيقَ وَ الْعُهُودَ أَنِّي أَرُدُّهُ إِلَيْكَ فِي غَدَاةِ غَدٍ سَالِماً مُسْلِماً إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَلَيَّ حَادِثٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ مَنْ أَنْتَ وَ مَنْ قَوْمُكَ.

قَالَ أَنَا عطرفة [عُرْفُطَةُ (2) بْنُ شِمْرَاخٍ (3) أَحَدُ بَنِي كَاخٍ مِنَ الْجِنِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا وَ أَهْلِي كُنَّا نَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَمُنِعْنَا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَكَ اللَّهُ نَبِيّاً آمَنَّا بِكَ، وَ صَدَّقْنَاكَ، وَ أَفْسَدَ حَالَنَا بَعْضُ قَوْمِنَا، فَوَقَعَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمُ الْخِلَافُ وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً وَ قُوَّةً وَ قَدْ غَلَبُوا عَلَى الْمَاءِ وَ الْمَرَاعِي، وَ أَضَرُّوا بِنَا وَ بِدَوَابِّنَا، فَابْعَثْ مَعِي مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ اكْشِفْ لَنَا عَنْ وَجْهِكَ وَ هَيْئَتِكَ أَنْتَ عَلَيْهَا حَتَّى نَرَاكَ عَلَى صُورَتِكَ الَّتِي خَلَقَكَ اللَّهُ فِيهَا؟

قَالَ: فَكَشَفَ لَهُ عَنْ صُورَتِهِ فَوُجِدَ شَخْصٌ عَلَيْهِ شَعْرٌ كَمِثْلِ شَعْرِ الدَّابَّةِ وَ رَأْسُهُ طَوِيلٌ عَيْنَاهُ مَعَهُ فِي غَدَاةِ غَدٍ.،

فَعِنْدَ ذَلِكَ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَ قَالَ لَهُ قُمْ مَعَ أَخِيكَ عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ أَشْرِفْ عَلَى قَوْمِهِ، وَ انْظُرْ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَ احْكُمْ بَيْنَهُمْ وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَيْنَ هُمْ؟

قَالَ تَحْتَ الْأَرْضِ قَالَ وَ كَيْفَ أُطِيقُ النُّزُولَ إِلَى تَحْتِ الْأَرْضِ وَ كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَ لَا أَعْرِفُ كَلَامَهُمْ؟ فَالْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرٍ فَأَجَابَهُ مِثْلَ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ

ص: 190


1- فِي النُّسْخَةِ: (قَوْمٍ مِنَّا).
2- فِي النُّسْخَةِ: (عَرْفَطَةَ). وَ كَذَا فِي الْبَوَاقِي.
3- فِي كَشْفِ الْيَقِينِ: (سمراخ).

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُمَا فَأَجَابَهُ كَجَوَابِهِمَا، فَنَظَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ قَالَ أَيْنَ قُرَّةُ عَيْنِي أَيْنَ مُفَرِّجُ هَمِّي أَيْنَ زَوْجُ ابْنَتِي أَيْنَ أَبُو وُلْدِي أَيْنَ قَاضِي دَيْنِي، أَيْنَ ابْنُ عَمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَا أَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ، أمرني [مُرْنِي بِأَمْرِكَ قَالَ يَا عَلِيُّ، تَسِيرُ مَعَ أَخِيكَ عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ تَحْكُمُ بَيْنَ قَوْمِهِ بِالْحَقِّ.

قَالَ سَمْعاً وَ طَاعَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَقَامَ عطرفة [عُرْفُطَةُ، وَ أَخَذَ الْإِمَامُ سَيْفَهُ وَ تَقَلَّدَهُ. وَ تَبِعَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَ قَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَبِعُوا الْإِمَامَ حَتَّى أَتَوْا إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا تَوَسَّطُوهُ قَالُوا: فَنَظَرَ إِلَيْنَا الْإِمَامُ، وَ قَالَ ارْجِعُوا شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَكُمْ قَالُوا فَوَقَفْنَا نَنْتَظِرُ وَ إِذَا بِالصَّفَا قَدِ انْشَقَ (1) أَرْضُهُ وَ دَخَلَ فِيهَا وَ انْطَبَقَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ فَرَجَعْنَا وَ قَدْ أَخَذَتْنَا الْحَسْرَةُ وَ النَّدَامَةُ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، كُلُّ ذَلِكَ خَوْفاً عَلَى مَوْلَانَا الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ الصُّبْحُ وَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَاةَ الصُّبْحِ جَاءَ وَ جَلَسَ أَرْضَ الصَّفَا، وَ حَفَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَ تَأَخَّرَ خَبَرُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ.

وَ قَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ الْجِنَّ احْتَالُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي ابْنِ عَمِّهِ، وَ أَرَاحُونَا مِنْهُ وَ مِنِ افْتِخَارِهِ بِهِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ وَ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ، وَ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ، وَ أَظْهَرُوا الْأَيَاسَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

ثُمَّ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَ جَاءَ وَ جَلَسَ مَحَلَّهُ عَلَى الصَّفَا،

ص: 191


1- فِي النُّسْخَةِ: (إِذْ قَدْ انشق الصَّفَا).

وَ أَظْهَرُوا الذِّكْرَ فِي عَلِيٍّ.

وَ ظَهَرَتْ شَمَاتَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي عَلِيٍّ، وَ تَيَقَّنَ الْقَوْمُ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ لَا مَحَالَةَ.

وَ تَحَدَّثَ الْمُنَافِقُونَ فِي أَمْرِهِ إِلَى أَنْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، وَ إِذَا بِالصَّفَا قَدِ انْشَقَّ وَ خَرَجَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ سَيْفُهُ يَقْطُرُ دَماً وَ عطرفة [عُرْفُطَةُ مَعَهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ضَجَّ النَّاسُ بِالتَّكْبِيرِ.

قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ اعْتَنَقَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ قَالَ يَا عَلِيُّ، مَا حَبَسَكَ عَنِّي إِلَى هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صِرْتُ إِلَى جِنٍّ كَثِيرٍ قَدْ تَغْلِبُوا عَلَى عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ عَلَى قَوْمِهِ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَبَوْا عَلَيَّ ذَلِكَ.

دَعَوْتُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ أَلَا اللَّهِ، وَ الْإِقْرَارِ بِكَ فَأَبَوْا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى الْجِزْيَةِ، فَأَبَوْا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى أَنْ يُصَالِحُوا عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ قَوْمَهُ وَ يَكُونُ الْمَرْعَى وَ الْمَاءُ يَوْماً لعطرفة [لِعُرْفُطَةَ وَ يَوْماً لَهُمْ فَأَبَوْا.

فَوَضَعْتُ سَيْفِي هَذَا فِيهِمْ فَقَتَلْتُ مِنْهُمْ زُهَاءَ أَلْفِ فَارِسٍ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى مَا حَلَّ صَاحُوا الْأَمَانَ فَقُلْتُ لَهُمْ لَا أَمَانَ بِالْإِيمَانِ، فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عطرفة [عُرْفُطَةَ وَ قَوْمِهِ، وَ صَارُوا إِخْوَاناً وَ زَالَ مِنْ بَيْنِهِمُ الْخِلَافُ وَ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ، فَقَالَ عطرفة [عُرْفُطَةُ جَزَاكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْراً، وَ جَزَى ابْنَ عَمِّكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَيْراً، ثُمَّ انْصَرَفَ (1)

165- حديث علي كاشف الكروب

ص: 192


1- كشف اليقين: 68، بإسناده، عن أبي الحجاف، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: (مثله)، عنه البحار: 39/ 168 ح 9.

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ.

وَ اسْتَنَدَ إِلَى مِحْرَابِهِ وَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ، وَ عِنْدَهُ الْمِقْدَادُ وَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَ إِذَا بِأَصْوَاتٍ عَالِيَاتٍ قَدْ أَمْلَأَتِ الْمَسَامِعَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا حُذَيْفَةُ وَ يَا سَلْمَانُ، انْظُرَا مَا الْخَبَرُ؟

فَخَرَجَا وَ إِذَا هُمْ بِنَفَرٍ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ، وَ عِدَّتُهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، بِأَيْدِيهِمُ الرِّمَاحُ الْخَطِّيَّةُ (1) عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ أَسِنَّةٌ مِنَ الْعَقِيقِ الْأَحْمَرِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ذِرْوَةٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ عَلَى رُءُوسِهِمْ، قَلَانِسُ مُرَصَّعَةٌ بِالدُّرِّ وَ الْجَوْهَرِ يَقْدُمُهُمْ غُلَامٌ شَابٌّ لَا نَبَاتَ بِعَارِضَيْهِ، كَأَنَّهُ قَمَرٌ، وَ هُمْ يُنَادُونَ: الْحَذَرَ، الْحَذَرَ، الْبِدَارَ، الْبِدَارَ إِلَى مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارِ فِي الْأَرْضِ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ بِذَلِكَ.

فَقَالَ: يَا حُذَيْفَةُ، انْطَلِقْ إِلَى حُجْرَةِ كَاشِفِ الْكُرُوبِ، وَ عَبْدِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، اللَّيْثِ الْهَصُورِ، وَ اللِّسَانِ الشَّكُورِ، وَ الْهِزَبْرِ الْغَيُورِ، وَ الْبَطَلِ الْجَسُورِ، وَ الْعَالِمِ الصَّبُورِ، الَّذِي جَرَى اسْمُهُ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ انْطَلِقْ إِلَى حُجْرَةِ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَ ائْتِنِي بِبَعْلِهَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فَمَضَيْتُ وَ إِذَا بِهِ قَدْ تَلَقَّانِي وَ قَالَ:

يَا حُذَيْفَةُ، جِئْتَ لِتُخْبِرَنِي بِقَوْمٍ أَنَا عَالِمٌ بِهِمْ مُنْذُ خُلِقُوا، وَ مُنْذُ وُجِدُوا، وَ فِي أَيِّ شَيْ ءٍ جَاءُوا؟

قَالَ حُذَيْفَةُ: قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، زَادَكَ اللَّهُ عِلْماً وَ فَهْماً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَ النَّاسُ حَافُّونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ..

ص: 193


1- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ قَدَّسَ سَرَّهُ: الْخَطِّ: مَوْضِعٍ بِالْيَمَامَةِ تُنْسَبُ إِلَيْهِ الرَّمَّاحِ الخطية.

فَلَمَّا رَأَوْهُ نَهَضُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: كُونُوا عَلَى مَجَالِسِكُمْ، فَجَلَسُوا فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِهِمُ الْمَجْلِسُ.

قَامَ الْغُلَامُ الْأَمْرَدُ قَائِماً عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْ دُونِ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: أَيُّكُمُ الرَّاهِبُ إِذَا انْسَدَلَ اللَّيْلُ وَ الظَّلَامُ؟ مَنْ مِنْكُمْ نُورُ الظَّلَامِ؟

من أَيُّكُمْ مُكَسِّرُ الْأَصْنَامِ؟ وَ أَيُّكُمْ سَاتِرُ عَوْرَاتِ الْإِسْلَامِ؟ أَيُّكُمُ السَّاتِرُ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ؟

أَيُّكُمُ الشَّاكِرُ لِمَا أَوْلَاهُ الْمَنَّانُ؟ أَيُّكُمُ الصَّابِرُ يَوْمَ الضَّرْبِ وَ الطِّعَانِ؟

أَيُّكُمْ مُنَكِّسُ رُءُوسِ الْفُرْسَانِ؟ أَيُّكُمْ أَخُو مُحَمَّدٍ مَعْدِنُ الْإِيمَانِ؟

أَيُّكُمْ وَصِيُّهُ الَّذِي نَصَرَ بِهِ دِينَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ؟

أَيُّكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا عَلِيُّ، أَجِبِ الْغُلَامَ الَّذِي هُوَ فِي وَصْفِكَ عَلَامَ، وَ قُمْ فِي حَاجَتِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ادْنُ مِنِّي يَا غُلَامُ حَتَّى أُعْطِيَكَ سُؤْلَكَ وَ الْمَرَامَ، أَكْشِفُ مَا بِكَ مِنَ الْآلَامِ، بِعَوْنِ رَبِّ الْأَنَامِ (1) انْطِقْ بِحَاجَتِكَ، فَأَنَا أُبَلِّغُكَ أُمْنِيَّتَكَ لِيَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ أَنِّي سَفِينَةُ الْعِلْمِ وَ النَّجَاةِ، وَ عَصَا مُوسَى وَ الْكَلِمَةُ الْكُبْرَى، وَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ، وَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ.

قَالَ الْغُلَامُ: إِنَّ مَعِي أَخاً وَ كَانَ مُولَعاً بِالصَّيْدِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ مُتَصَيِّداً فَعَارَضَتْهُ بَقَرَاتٌ وَحْشٌ، وَ هِيَ عَشْرٌ فَرَمَى إِحْدَاهُنَّ فَقَتَلَهَا، فَانْفَلَجَ فِي الْوَقْتِ وَ الْحَالِ، حَتَّى فَقَدَ كَلَامَهُ، وَ لَا عَادَ يُكَلِّمُنَا إِلَّا إِيمَاءً، وَ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ يَدْفَعُ عَنْهُ مَا نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ شَفَى صَاحِبَنَا صَاحِبُكُمْ آمَنَّا بِهِ فَنَحْنُ فِينَا النَّجْدَةُ، وَ الْبَأْسُ، وَ الْقُوَّةُ، وَ الْمِرَاسُ، وَ لَنَا الْخَيْلُ وَ الْإِبِلُ، وَ الذَّهَبُ وَ الْفِضَّةُ، وَ الْمَضَارِبُ الْعَالِيَةُ.

ص: 194


1- فِي نُسْخَةٍ: (خَالِقِ الْأَنَامِ).

وَ نَحْنُ سَبْعُونَ أَلْفاً بِخُيُولٍ جِيَادٍ، وَ سَوَاعِدَ شِدَادٍ، وَ نَحْنُ بَقَايَا قَوْمُ عَادٍ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: أَيْنَ أَخُوكَ يَا عَجَّاجَ بْنَ الْحَلَاحِلِ بْنِ أَبِي الْغَضَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْمُقْنِعِ بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ ذُهْلٍ الْعَادِيَّ؟

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْغُلَامُ نَسَبَهُ، قَالَ: هَا هُوَ فِي هَوْدَجٍ سَيَأْتِي مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَّا يَا مَوْلَايَ، إِنْ شَفَيْتَ عِلَّتَهُ، رَجَعْنَا مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ اتَّبَعْنَا ابْنَ عَمِّكَ، صَاحِبَ التَّاجِ وَ الْقَضِيبِ وَ الْغَمَامِ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكَلَامِ إِذْ أَتَتْ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تَحْتَ قُبَّةِ جَمَلٍ، فَأَبْرَكَتْهُ بِبَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ..

فَقَالَ الْغُلَامُ: هَذَا أَخِي يَا فَتَى، فَنَهَضَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ دَنَا بِالْجَمَلِ مِنْ قُبَّتِهِ وَ إِذَا فِيهِ غُلَامٌ لَهُ وَجْهٌ صَبِيحٌ، فَفَتَحَ عَيْنَهُ فِي وَجْهِهِ، وَ قَالَ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ، وَ قَلْبٍ حَزِينٍ: إِلَيْكُمُ الْمُشْتَكَى وَ الْمُلْتَجَى يَا أَهْلَ الْوَلَاءِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ بَعْدَ الْيَوْمِ ثُمَّ نَادَى:

أَيُّهَا النَّاسُ: اخرجا [اخْرُجُوا هَذِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَسَتَرَوْنَ مِنِّي عَجَباً.

قَالَ حُذَيْفَةُ: فَاجْتَمَعَ النَّاسُ مِنَ الْعَصْرِ فِي الْبَقِيعِ إِلَى أَنْ هَدَأَ اللَّيْلُ وَ خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ مَعَهُ ذُو الْفَقَارِ، وَ قَالَ اتَّبِعُونِي فَاتَّبَعُوهُ، فَإِذَا هُمْ بِنَارَيْنِ، نَارٍ قَلِيلَةٍ، وَ نَارٍ كَثِيرَةٍ فَدَخَلَ فِي النَّارِ الْقَلِيلَةِ، فَقَلَبَهَا عَلَى النَّارِ الْكَثِيرَةِ.

قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: فَسَمِعْتُ زَمْجَرَةً كَزَمْجَرَةِ الرَّعْدِ.

وَ قَدِ انْقَلَبَتِ النَّارُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ.

ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا، وَ نَحْنُ بِالْبُعْدِ مِنْهُ وَ قَدْ تَدَاخَلَنَا الرُّعْبُ مِنْ كَثْرَةِ زَمْجَرَةِ الرَّعْدِ وَ نَحْنُ نَنْتَظِرُ مَا ذَا يَصْنَعُ بِالنَّارِ، وَ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ الصُّبْحُ، وَ أَسْفَرَ وَ خَمَدَتِ النَّارُ، وَ قَدْ كُنَّا بِجَانِبٍ مِنْهُ.

فَوَصَلَ إِلَيْنَا وَ بِيَدِهِ رَأْسٌ لَهُ دَوْرَةٌ، وَ لَهُ إِحْدَى عَشَرَ إِصْبَعاً، وَ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ فِي

ص: 195

جَبْهَتِهِ، وَ هُوَ مَاسِكٌ شَعْرَهُ، وَ لَهُ شَعْرٌ مِثْلُ شَعْرِ الدُّبِّ.

فَقُلْنَا لَهُ: عَيْنُ اللَّهِ عَلَيْكَ، ثُمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْمَحْمِلِ الَّذِي فِيهِ الْغُلَامُ.

فَقَالَ لَهُ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى يَا غُلَامُ، فَمَا عَلَيْكَ بَأْسٌ، فَنَهَضَ الْغُلَامُ وَ يَدَاهُ صَحِيحَتَانِ، وَ رِجْلَاهُ سَلِيمَتَانِ، فَانْكَبَّ عَلَى رِجْلِ الْإِمَامِ يُقَبِّلُهَا.

وَ قَالَ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّكَ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، وَ نَاصِرُ دِينِهِ، وَ أَسْلَمَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، قَالَ فَبَقِيَ النَّاسُ مُتَحَيِّرِينَ لَا يَتَكَلَّمُونَ، وَ قَدْ بُهِتُوا لِمَا رَأَوْا مِنَ الرَّأْسِ وَ خِلْقَتِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ:

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذَا رَأْسُ عَمْرِو بْنِ الْأَخْيَلِ بْنِ اللَّاقِيسِ بْنِ إِبْلِيسَ اللَّعِينُ، كَانَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ قَبِيلَةٍ مِنَ الْجِنِّ، وَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِالْغُلَامِ مَا شَاهَدْتُمُوهُ، فَضَارَبْتُهُمْ بِسَيْفِي هَذَا، وَ قَاتَلْتُهُمْ بِقَلْبِي هَذَا، فَمَا تَوَاكَلَهُمْ بِالاسْمِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي كَانَ عَلَى عَصَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. الَّذِي ضَرَبَ بِهَا الْبَحْرَ، فَانْفَلَقَ اثْنَا عَشَرَ فِرْقَةً، فَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ تُرْشَدُوا. (1)

166- حديث الصخرة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ وَ عَبَرَ مِنَ الضَّيْعَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا:

النَّخْلَةُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَمْسُونَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، قَالُوا: أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالُوا: لَنَا صَخْرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِنَا، عَلَيْهَا اسْمُ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ لَنَا مُدَّةٌ نَطْلُبُهَا فَلَمْ نَجِدْهَا

ص: 196


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 186 ح 25، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 159، عُيُونِ الْمُعْجِزَاتِ: 32، حَدَّثَنِي ابو التُّحَفِ، مَرْفُوعاً- الى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَ ذَكَرَهُ (مِثْلَهُ)، وَ أَخْرَجَهُ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 2/ 56 ح 400.

فَإِنْ كُنْتَ إِمَاماً وَ وَصِيّاً، أَظْهِرْ لَنَا الصَّخْرَةَ، قَالَ: اتَّبِعُونِي.

قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: فَسِرْنَا وَرَاءَهُ إِلَى أَنِ اسْتَبْطَنَ بِنَا الْبَرَّ، وَ إِذَا بِجَبَلٍ مِنَ الرَّمْلِ عَظِيمٍ عَلَى طُولِ الْبَرِّ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ بِحَقِّ بِسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي قَالَهُ سُلَيْمَانُ، أَيَّتُهَا الرِّيحُ، انْسِفِي الرِّمَالَ عَنِ الصَّخْرَةِ، فَنَسَفَتْهُ وَ بَانَتِ الصَّخْرَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَمَا كَانَتْ إِلَّا سَاعَةٌ حَتَّى نَسَفَتِ الرَّمْلَ عَنِ الصَّخْرَةِ، وَ ظَهَرَتِ الصَّخْرَةُ.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَذِهِ صَخْرَتُكُمْ.

فَقَالُوا: إِنَّ عَلَيْهَا اسْمَ سِتَّةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا سَمِعْنَاهُ وَ فَهِمْنَاهُ فِي كُتُبِنَا، فَهُوَ عِنْدَنَا وَ مَا نَرَى عَلَيْهَا شَيْئاً قَالَ:

هُوَ عَلَى وَجْهِهَا الَّذِي هُوَ عَلَى الْأَرْضِ، فَاقْلِبُوهَا تَجِدُوهَا تَحْتَهَا، قَالَ: فَاعْصَوْصَبَ (1) عَلَيْهَا أَلْفُ رَجُلٍ حَضَرُوا فِي الْمَكَانِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى تَحْرِيكِهَا.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِلَيْكُمْ عَنْهَا، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا وَ هُوَ رَاكِبٌ فَأَقْلَبَهَا، فَوَجَدُوا فِيهَا أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ السِّتَّةِ وَ هُمْ: آدَمُ، وَ نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَى، وَ عِيسَى، وَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّفْرُ الَّذِي مِنَ الْيَهُودِ: مُدَّ يَدَكَ، فَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ وَلِيُّ اللَّهِ، وَ وَصِيُّهُ مِنْ بَعْدِهِ.

مَنْ عَرَفَكَ سَعِدَ وَ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ ضَلَّ وَ هَوَى، وَ إِلَى الْجَحِيمِ هَوَى،

ص: 197


1- قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوسِ: 1/ 105، (اعصوصبتِ الْإِبِلُ: جُدْتَ فِي السَّيْرِ وَ اجْتَمَعَتْ.

وَ جَلَّتْ مَنَاقِبُكَ عَنِ التَّحْدِيدِ، وَ كَثُرَتْ آيَاتُ نَعْتِكَ عَنِ التَّعْدِيدِ (1)

167- حديث علي خير البشر

14، 1- وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: كَانَ وَ اللَّهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مُنْجِزَ بَوَارِ الْكَافِرِينَ، وَ سَيْفَ اللَّهِ عَلَى النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ.

فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَ إِلَّا صَمَّتَا يَقُولُ: عَلِيٌّ بَعْدِي خَيْرُ الْبَشَرِ، مَنْ شَكَّ فِيهِ فَقَدْ كَفَرَ. (2)

ص: 198


1- الفضائل: 73، و أخرجه في كشف اليقين: 64، باسناده، عن عبد اللّه بن خالد بن سعيد بن العاص، قال: كنا مع أمير المؤمنين عليه السّلام و ذكر مثله، عنه البحار: 41/ 258 ذ ح 18 عيون المعجزات: 31، مدينة المعاجز: 1/ 505 ح 226، نوادر المعجزات: 40 ح 15، إثبات الهداة: 5/ 80 ح 392، إحقاق الحق: 8/ 734.
2- عنه البحار: 38/ 15 ح 23، و أورده في المناقب المائة لابن شاذان: 128 منقبة: 63، باسناده، عن عبد اللّه قال حدثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: قال ليس جبرئيل عليه السّلام ذكر (مثله) الأمالي للصدوق: 71 ح 7، و في عيون أخبار الرضا عليه السّلام: 2/ 59 ح 225 باسناد الرضا، عن آبائه عليهم السّلام، عنهما البحار: 26/ 306 ح 66، و فرائد السمطين: 1/ 154 ح 116، تاريخ بغداد: 3/ 192، كنز العمال: 12/ 221 ح 1286، كفاية الطالب: 245، جميعا بأسانيدهم عن علي عليه السّلام. الكراجكي في رسالة تفضيل علي عليه السّلام و نقله عنه إثبات الهداة: 3/ 634 ح 867، عن الحسين بن عليّ عليه السّلام. أمالي الصدوق: 71 ح 6، و أمالي الطوسي: 213، و نقل البحار عن هذين الكتابين: 38/ 5 ح 6 و ص 6 ح 10، و نوادر الأثر في علي خير البشر لأبي جعفر القمي: 23- 42، تاريخ بغداد: 7/ 421، كنز العمال: 12/ 221 ح 1285، و منتخب كنز العمال: 5/ 35، فضائل أحمد بن حنبل: 46 ح 72، الصراط المستقيم: 2/ 70، لسان الميزان: 3/ 166، الأربعون للخزاعي: ح 23، و هاشم بن محمد في مصباح الأنوار: 138 و 139 (مخطوط) كشف الغمة: 1/ 158، الطرائف: 87 ح 121، كفاية الطالب: 246، ذخائر العقبى: 96، تفسير الطبري: 30/ 171، نور الأبصار: 70 و 101 جميعا عن الصحابي الجليل جابر بن عبد اللّه الانصاري، منتخب كنز العمال: 5/ 35 عن الخطيب، عن عبد اللّه بن عباس، أمالي الصدوق: 71 ح 4 و 5، عنه البحار: 38/ 6 ح 8 و 9، و ص 12 ح 17، الطرائف: 87 ح 122، بشارة المصطفى: 246، المسترشد: 47، نوادر الأثر: 42 و 43، تاريخ بغداد: 7/ 421، كفاية الطالب: 245، ذخائر العقبى: 96، كشف الغمة: 1/ 156، و أخرجه في إثبات الهداة: 3/ 634 ح 868، جميعا عن حذيفة بن اليمان كنز العمال: 12/ 221 ح 1286، عن عبد اللّه بن مسعود. أمالي الصدوق: 71 ح 3، عنه البحار: 38/ 5 ح 7، نوادر الأثر: 43- 44، تاريخ بغداد: 7/ 421، الطرائف: 87 ح 126، كشف الغمة: 1/ 158، عنه البحار: 38/ 14 ح 18 ص 13 ح 17، مقصد الراغب: 34 (مخطوط) المختصر: 151، و أخرجه في كفاية الطالب: 246، جميعا عن عائشة. الكراجكي في رسالة تفضيل على عليه السّلام نقل عنه إثبات الهداة: 3/ 634 ح 866، عن أبي وائل: و اخرجه في إحقاق الحق: 4/ 249.

168- حديث منطق الطير

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَرْفَعُهُ- عَنِ النَّسَبِ الطَّاهِرِ، إِلَى الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ: كُنْتُ يَوْماً عِنْدَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الصَّفَا، وَ إِذَا بِدُرَّاجٍ يَتَدَرَّجُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي الصَّفَا، فَوَقَعَ مَوْلَايَ بِإِزَائِهِ وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الدُّرَّاجُ، فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيُّهَا الدُّرَّاجُ مَا تَصْنَعُ فِي هَذَا الْمَكَانِ؟

فَقَالَ لَهُ: إِنِّي فِي هَذَا الْمَكَانِ مُنْذُ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ أُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى وَ أُقَدِّسُهُ، وَ أَحْمَدُهُ، وَ أَعْبُدُهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ لَصَفَاءٌ نَقِيٌّ، لَا مَطْعَمَ فِيهِ وَ لَا مَشْرَبَ، فَمِنْ أَيْنَ مَطْعَمُكَ وَ مَشْرَبُكَ؟

فَقَالَ: وَ حَقِّ مَنْ بَعَثَ ابْنَ عَمِّكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، وَ جَعَلَكَ وَصِيّاً، إِنِّي كُلَّمَا جُعْتُ دَعَوْتُ اللَّهَ سُبْحَانَ اللَّهِ لِشِيعَتِكَ وَ مُحِبِّيكَ، فَأَشْبَعُ وَ إِذَا عَطِشْتُ دَعَوْتُ عَلَى مُبْغِضِيكَ، فَأَرْوَى. شِعْراً

ص: 199

أَيُّهَا السَّائِلُ عَمَّنْ دُونَهُ النَّجْمُ الْعَلِيُ

إِنَّمَا اسْتَخْبَرْتُ عَنْهُ صَاحِبَ الْأَمْرِ الْجَلِيِ

خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِ

أَعْنِي عَلِيٌّ وَ بِهِ فَازَالْمَوَالِي وَ بِهِ ظل [ضَلَّ الْغَوِيُ

هَكَذَا يَا خَيْرَةَ الْهَادِي مِنْ بَعْدِ النَّبِيِ

لَمْ يَحِدْ عَنْهُ وَ عَنْ آبَائِهِ إِلَّا الشَّقِيُ (1)

169- حديث علي القمر

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اتَّبِعُوا الشَّمْسَ حَتَّى تَغْرُبَ، فَإِذَا غَرَبَتْ فَاتَّبِعُوا الْقَمَرَ حَتَّى يَغِيبَ فَإِذَا غَابَ فَاتَّبِعُوا الزُّهَرَةَ حَتَّى تَغِيبَ، فَإِذَا غَابَتْ فَاتَّبِعُوا الْفَرْقَدَيْنِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

أَنَا الشَّمْسُ، وَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ الْقَمَرُ، وَ ابْنَتِي الزُّهَرَةُ، وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ الْفَرْقَدَانِ (2)

170- حديث ردّ الشمس

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ الَّذِي يَقْضِي دَيْنِي، وَ يُنْجِزُ عِدَتِي؟

ص: 200


1- كَشْفِ الْيَقِينِ: 404، عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 235، وَ أَخْرَجَهُ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 286 ح 181، وَ إِثْبَاتِ الْهُدَاةِ: 5/ 31 ح 365.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 16/ 91 ح 23، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 163، مَعَانِي الْأَخْبَارِ: 114 ح 1، عَنْهُ الْبِحَارُ: 24/ 74 ح 10، كِفَايَةٌ الاثر: 6، بِإِسْنَادٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلِّمْ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 36/ 389 ح 11، النَّجْمِ الثَّاقِبِ: 13، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 1/ 281، الْمُخْتَصَرِ: 913، وَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مصادرهم: الْخُوَارِزْمِيِّ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامَ: 110، وَ الحمويني فِي فرائد السمطين: 1/ 16 ح 2.

فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، تُرِيدُ أَنْ أُعَرِّفَكَ فَضْلَكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ؟

قَالَ: نَعَمْ: يَا حَبِيبِي، قَالَ: يَا عَلِيُّ، اخْرُجْ إِلَى صَحْنِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَكَلِّمْهَا حَتَّى تُكَلِّمَكَ:

فَقَالَ سَلْمَانُ: فَطَلَعَ إِلَى صَحْنِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الشَّمْسُ، فَقَالَتْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، يَا آخِرُ، يَا ظَاهِرُ، يَا بَاطِنُ، يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

قَالَ: فَضَجَّتِ الصَّحَابَةُ، وَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْأَمْسِ تَقُولُ لَنَا: إِنَّ الْأَوَّلَ وَ الْآخِرَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى! قَالَ: نَعَمْ. ذَلِكَ صِفَاتُ اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يُحْيِي وَ يُمِيتُ* وَ يُمِيتُ وَ يُحْيِي وَ هُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ*.

قَالُوا فَمَا بَالُنَا نَسْمَعُ الشَّمْسَ تَقُولُ لِعَلِيٍّ هَذَا، صَارَ عَلِيٌّ رَبّاً يُعْبَدُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ اسْكُتُوا، لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، اسْكُتُوا فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ مَقَاماً قَالَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَ تُوبُوا إِلَيْهِ، فَأَمَّا قَوْلُهَا:

يَا أَوَّلُ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي وَ صَدَّقَنِي. وَ أَمَّا قَوْلُهَا:

يَا آخِرُ، هُوَ آخِرُ مَنْ يُوَارِينِي وَ يَلْحَدُنِي وَ أَمَّا قَوْلُهَا:

يَا ظَاهِرُ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ دِينَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ. وَ أَمَّا قَوْلُهَا:

يَا بَاطِنُ فَهُوَ وَ اللَّهِ بَاطِنِي أَبْطَنْتُهُ عِلْمِي. وَ أَمَّا قَوْلُهَا:

يَا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ. فَوَ عِزَّةِ رَبِّي مَا عَلَّمَنِي رَبِّي شَيْئاً إِلَّا عَلَّمْتُهُ عَلِيّاً فَإِنَّهُ بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْرَفُ بِهَا مِنْ طُرُقِ الْأَرْضِ.

فَقَالَ: يَا عَلِيُّ ادْخُلْ وَ افْتَخِرْ فَدَخَلَ وَ هُوَ يَقُولُ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ.

أَنَا لِلْحَرْبِ أَلِيهَا بِنَفْسِي أَصْطَلِيهَانِعْمَةٌ مِنْ خَالِقِ الْعَرْشِ بِهَا قَدْ خَصَّنِيهَا

وَ أَنَا حَامِلٌ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْماً أَحْتَوِيهَاوَ لِيَ السَّبْقَةُ فِي الْإِسْلَامِ طِفْلًا وَ وَجِيهاً

ص: 201

وَ لِيَ الْفَضْلُ عَلَى النَّاسِ بِفَاطِمْ وَ بَنِيهَاثُمَّ فَخْرِي بِرَسُولِ اللَّهِ إِذَا زَوَّجَنِيهَا

فَإِذَا أَنْزَلَهُ رَبِّي آيَةً عَلَّمَنِيهَاوَ لَقَدْ زَقَّنِي الْعِلْمَ لِكَيْ صِرْتُ فَقِيهاً (1)

171- حديث في ولاية علي

وَ بِالْإِسْنَادِ: يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَ إِقامِ الصَّلاةِ، وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ، وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَ حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَ الْجِهَادِ، وَ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَا أَظُنُّ إِلَّا هَلَكُوا إِذْ تَرَكُوا الْوَلَايَةَ.

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: فَمَا نَصْنَعُ يَا أَبَا سَعِيدٍ، لَوْ هَلَكُوا؟ (2)

172- حديث علي ولي اللّه

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَ أَخَذَ عَلَيْنَا بِالْحَدِيثِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ كَلْبَ الذِّمِّيِّ فُلَاناً قَدْ خَرَقَ ثَوْبِي، وَ خَدَشَ سَاقِي، فَمُنِعْتُ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَكَ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي، جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ كَلْبَ فُلَانٍ الذِّمِّيِّ قَدْ خَرَقَ ثَوْبِي، وَ خَدَشَ سَاقِي، فَمَنَعَنِي مِنَ الصَّلَاةِ مَعَكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: إِذَا كَانَ الْكَلْبُ عَقُوراً وَجَبَ قَتْلُهُ.

قَالَ: فَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ قُمْنَا مَعَهُ إِلَى أَنْ أَتَى مَنْزِلَ الرَّجُلِ، فَبَادَرَ أَنَسٌ وَ دَقَّ الْبَابَ،

ص: 202


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 349 ح 22، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ 163، وَ تَقَدَّمَتْ هَذَا الْأَبْيَاتَ فِي حَدِيثٍ: 61.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 68/ 387 ح 38، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 164، وَ المستدرك: 1/ 71 ح 8.

قَالَ: فَمَنْ بِالْبَابِ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ النَّبِيَّ بِبَابِكُمْ، فَبَادَرَ الرَّجُلُ وَ أَقْبَلَ، فَفَتَحَ الْبَابَ وَ خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ إِلَيَّ؟

وَ إِنِّي لَسْتُ عَلَى دِينِكَ، أَ لَا كُنْتَ وَجَّهْتَ إِلَيَّ أَحَداً حَتَّى آتِيَكَ.

قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لِحَاجَةٍ لَنَا، أَخْرِجْ إِلَيْنَا كَلْبَكَ فَإِنَّهُ عَقُورٌ، وَ قَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ وَ قَدْ خَرَقَ ثَوْبَ فُلَانٍ، وَ خَدَشَ سَاقَهُ، كَذَلِكَ فَعَلَ الْيَوْمَ بِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، خَرَقَ ثَوْبَهُ، وَ خَدَشَ سَاقَهُ.

قَالَ: فَبَادَرَ الرَّجُلُ إِلَى كَلْبِهِ، وَ طَرَحَ فِي عُنُقِهِ حَبْلًا وَ جَرَّهُ إِلَيْهِ، (وَ رَافَقَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) (1) فَلَمَّا نَظَرَ الْكَلْبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: نَطَقَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ، وَ قَالَ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ، وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ وَ لِأَيِّ شَيْ ءٍ تَقْتُلُنِي؟

قَالَ: خَرَقْتَ ثِيَابَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ.

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِينَ ذَكَرْتَهُمْ مُنَافِقُونَ يُبْغِضُونَ ابْنَ عَمِّكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَ لَوْ لَا أَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا تَعَرَّضْتُ لَهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ جَازُوا يَسُبُّونَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ يَرْفُضُونَهُ، فَأَخَذَتْنِي الْحَمِيَّةُ الْأَبِيَّةُ، وَ النَّخْوَةُ الْعَرَبِيَّةُ، فَفَعَلْتُ بِهِمْ ذَلِكَ.

فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ كَلَامَهُ أَمَرَ صَاحِبَهُ بِالالْتِفَاتِ إِلَيْهِ وَ أَوْصَاهُ بِهِ ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ، وَ إِذَا صَاحِبُ الْكَلْبِ الذِّمِّيُّ قَدْ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَ قَالَ:

أَ تَخْرُجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ كَلْبِي قَدْ شَهِدَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَ ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيُّ اللَّهِ وَ لَمْ أُسْلِمْ أَنَا، ثُمَّ أَسْلَمَ وَ أَسْلَمَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي دَارِهِ (2).

ص: 203


1- في البحار: (و أوقفه بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
2- عيون المعجزات: 18، باسناده، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة (مثله)، عنه البحار: 41/ 246 ح 15، و إثبات الهداة: 1/ 524 ح 146، و ج 2/ 169 ح 638، مدينة المعاجز: 1/ 261 ح 166 و 167، نوادر المعجزات: 23 ح 8، الفضائل: لم نجده.

173- حديث البساط

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَالِمِ بْنِ أَبِي جَعْدَةَ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْبَصْرَةِ، وَ هُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَ قَالَ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الشِّيمَةُ الَّتِي (1) أَرَاهَا بِكَ؟ فَأَنَا حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

أَنَّهُ قَالَ: الْبَرَصُ وَ الْجُذَامُ لَا يُبْلِي اللَّهُ بِهِ مُؤْمِناً، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَطْرَقَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى الْأَرْضِ، وَ عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ.

وَ قَالَ: دَعْوَةُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَفَذَتْ فِيَّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ وَ قَصَدُوهُ وَ قَالُوا: يَا أَنَسُ، حَدِّثْنَا مَا كَانَ السَّبَبُ؟ قَالَ لَهُمْ: الْهُوا عَنْ هَذَا فَقَالُوا: لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تُخْبِرَنَا بِذَلِكَ، قَالَ: اقْعُدُوا عَلَى مَوَاضِعِكُمْ وَ اسْمَعُوا مِنِّي حَدِيثاً، كَانَ هُوَ السَّبَبَ لِدَعْوَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

اعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَدْ أُهْدِيَ لَهُ بِسَاطٌ مِنْ شَعْرٍ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَ كَذَا مِنْ قُرَى الْمَشْرِقِ، يُقَالُ لَهَا: هندف (2).

فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ سَعْدٍ وَ سَعِيدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ فَأَتَيْتُهُ بِهِمْ وَ عِنْدَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: يَا أَنَسُ، ابْسُطِ الْبِسَاطَ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: اجْلِسْ يَا أَنَسُ، حَتَّى تُخْبِرَنِي بِمَا يَكُونُ مَعَهُمْ- وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى

ص: 204


1- فِي الْبِحَارُ: (النمشة) وَ هِيَ نُقَطُ بَيْضَ أَوْ سَوَّدَ أَوْ بقع تَقَعُ فِي الْجَلْدِ تُخَالِفْ لَوْنُهُ.
2- فِي الْأَصْلِ وَ الْبِحَارِ وَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: (عندف) وَ كُلِّهَا تَصْحِيفٌ، وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ هُوَ الصَّحِيحِ كَمَا فِي مَنَاقِبِ ابْنِ المغازلي: 232 ح 280.

أَنْ قَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، قُلْ: يَا رِيحُ، احْمِلِينَا، فَلَمَّا قَالَهَا، فَإِذَا نَحْنُ فِي الْهَوَاءِ، قَالَ: سِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَسِرْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: يَا رِيحُ، ضَعِينَا فَوَضَعَتْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَ تَدْرُونَ أَيْنَ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ، الَّذِينَ كَانُوا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَجَباً، قُومُوا بِنَا يَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ، فَقَالا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ، فَلَمْ يُجِبْهُمَا أَحَدٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ، الَّذِينَ كَانُوا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَجَباً قَالُوا: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ قَالَ: يَا أَصْحَابَ الْكَهْفِ، لِمَ لَا رَدَدْتُمْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامَ قَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ .. إِنَّنَا فِتْيَةٌ آمَنَّا بِرَبِّنَا وَ زَادَهُمُ اللَّهُ هُدًى، وَ لَيْسَ مَعَنَا إِذْنٌ أَنْ نَرُدَّ السَّلَامَ، إِلَّا عَلَى نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ، وَ أَنْتَ وَصِيُّ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَ أَنْتَ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ قَالَ: أَ سَمِعْتُمْ يَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَخُذُوا مَوَاضِعَكُمْ، وَ اجْلِسُوا عَلَى مَجَالِسِكُمْ، قَالَ: فَقَعَدْنَا عَلَى مَجَالِسِنَا ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رِيحُ، احْمِلِينَا، فَحَمَلَتْنَا، ثُمَّ قَالَ:

ضَعِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِأَرْضٍ كَالزَّعْفَرَانِ، لَيْسَ فِيهَا حَسِيسٌ وَ لَا أَنِيسٌ، نَبَاتُهَا الْقَيْصُومُ (1) وَ الشِّيحُ، (2) وَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ.

ص: 205


1- الْقَيْصُومَ: نَبَاتِ طِيبٌ الرَّائِحَةِ يَتَدَاوَى بِهِ.
2- الشيح: الْوَاحِدَةِ (شيحة) نَبَاتِ أنواعه كَثِيرَةٌ، وَ كُلُّهُ طِيبٌ الرَّائِحَةِ، وَ مِنْهُ نَوْعٍ يُنْبِتُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ ترعاه الْمَوَاشِي.

فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، دَنَتِ الصَّلَاةُ وَ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ، فَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ جَاءَ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَرَفَسَ بِرِجْلِهِ، فَنَبَعَتْ عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ، قَالَ: فَدُونَكُمْ وَ مَا طَلَبْتُمْ، وَ لَوْ لَا طَلِبَتُكُمْ لَجَاءَنَا جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَاءٍ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ: فَتَوَضَّأْنَا وَ صَلَّيْنَا، وَ وَقَفَ يُصَلِّي إِلَى أَنِ انْتَصَفَ اللَّيْلُ ثُمَّ قَالَ: خُذُوا مَوَاضِعَكُمْ، سَتُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَوْ بَعْضَهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رِيحُ، احْمِلِينَا فَإِذَا نَحْنُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ سِرْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا نَحْنُ بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَدْ صَلَّى مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً، فَقَضَيْنَاهَا وَ كَانَ قَدْ سَبَقَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، وَ قَالَ:

يَا أَنَسُ، تُحَدِّثُنِي أَمْ أُحَدِّثُكَ؟ قُلْتُ مِنْ فَمِكَ أَحْلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

قَالَ: فَابْتَدَأَ بِالْحَدِيثِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، كَأَنَّهُ كَانَ مَعَنَا، قَالَ:

يَا أَنَسُ، اشْهَدْ لِابْنِ عَمِّي بِهَا إِذَا اسْتَشْهَدَكَ بِهَا، فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَلَمَّا تَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ الْخِلَافَةَ أَتَى عَلِيٌّ، إِلَيَّ وَ كُنْتُ حَاضِراً مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ.

قَالَ: يَا أَنَسُ، أَ لَسْتَ تَشْهَدُ لِي بِفَضِيلَةِ الْبِسَاطِ، وَ يَوْمِ عَيْنِ الْمَاءِ، وَ يَوْمِ الْجُبِّ؟

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ نَسِيتُ لِكِبَرِي.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: يَا أَنَسُ، إِنْ كُنْتَ كَتَمْتَهُ مُدَاهَنَةً بَعْدَ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لَكَ.

فَرَمَاكَ اللَّهُ بِبَيَاضٍ فِي وَجْهِكَ، وَ لَظًى فِي جَوْفِكَ، وَ عَمًى فِي عَيْنَيْكَ، فَمَا قُمْتُ مِنْ مَوْضِعِي حَتَّى بَرَصْتُ، وَ عَمِيتُ.

وَ أَنَا الْآنَ لَا أَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَا غَيْرِهِ، لِأَنَّ الزَّادَ لَا يَبْقَى فِي جَوْفِي، وَ لَمْ يَزَلْ أَنَسٌ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى مَاتَ بِالْبَصْرَةِ (1).

ص: 206


1- عنه البحار: 41/ 217 ح 31، و عن الفضائل: 164، إثبات الهداة: 1/ 524 ح 147، و البرهان: 2/ 457 ح 15، و مدينة المعاجز: 1/ 185 ح 110، و رواه السيد ابن طاووس في سعد السعود: 115، باسناده إلى عبد الرزاق (مثله)، و المناقب لابن شهر آشوب: 2/ 337، من كتاب ابن بابويه، باسناده عن جابر و أنس (مثله)، الطرائف 21، العمدة لابن بطريق: 194، نقل عن الكتابين المجلسي في البحار: 39/ 149 ح 14.

174- حديث أهل البيت مصابيح الدجى

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ لِي أَخِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ، غَيْرُ مُعْرِضٍ عَنْهُ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيّاً.

وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُ، فَلْيَتَوَلَّ الْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَدْ مُحِّصَ ذُنُوبُهُ، فَلْيَتَوَلَّ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُ قَرِيرَ الْعَيْنِ، فَلْيَتَوَلَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ كِتَابُهُ بِيَمِينِهِ، فَلْيَتَوَلَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ طَاهِراً مُطَهَّراً، فَلْيَتَوَلَّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ الْكَاظِمَ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ وَ قَدْ رُفِعَتْ دَرَجَاتُهُ، وَ بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَنَاتٍ، فَلْيَتَوَلَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْجَوَادَ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الزَّكِيَّ.

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ هُوَ مِنَ الْفَائِزِينَ، فَلْيَتَوَلَّ الْحَسَنَ الْعَسْكَرِيَّ.

ص: 207

وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ وَ قَدْ كَمَلَ إِيمَانُهُ، وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ، فَلْيَتَوَلَّ الْخَلَفَ الْحُجَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ صَاحِبَ الزَّمَانِ الْمُنْتَظَرَ، فَهَؤُلَاءِ مَصَابِيحُ الدُّجَى، وَ أَئِمَّةُ التُّقَى، أَعْلَامُ الْهُدَى، وَ مَنْ أَحَبَّهُمْ وَ تَوَلَّاهُمْ، كُنْتُ ضَامِناً لَهُ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ (1)

175- حديث في قضاء علي

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، عَنِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ ثَوْراً قَتَلَ حِمَاراً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ الزُّبَيْرُ وَ سَلْمَانُ وَ حُذَيْفَةُ.

فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، اقْضِ بَيْنَهُمْ، قَالَ: بِأَيِّ شَيْ ءٍ أَحْكُمُ بِالدَّوَابِّ؟ بَهِيمَةٌ قَتَلَتْ بَهِيمَةً، فَلَا عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ، وَ قَالَ: احْكُمْ بَيْنَهُمْ، قَالَ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَ الثَّوْرُ دَخَلَ عَلَى الْحِمَارِ فِي مَرْبَطِهِ وَ مُسْتَرَاحِهِ ضَمِنَ صَاحِبُ الثَّوْرِ، وَ إِنْ كَانَ الْحِمَارُ دَخَلَ عَلَى الثَّوْرِ فِي مُسْتَرَاحِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ قَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُ وَصِيِّي يَقْضِي بِقَضَاءِ النَّبِيِّينَ. (2)

ص: 208


1- عنه البحار: 36/ 296 ح 125، و عن الفضائل: 166، و أخرجه في إثبات الهداة: 2/ 418 ح 280، كشف الأستار: 60، الصراط المستقيم: 1/ 326، الزام الناصب: 1/ 326.
2- عنه البحار: 101/ 400 ح 162 و ج 104/ 401 ح 5، و عن الفضائل: 167، رواه المفيد في الأرشاد: 116 و قال جاءت الأخبار أن رجلين إختصما إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بقرة قتلت حمارا و ذكره (مثله) المناقب لابن شهر آشوب: 2/ 345، عن مصعب بن سلام، عن الصادق عليه السّلام (مثله)، مقصد الراغب: 82 (مخطوط).

176- حديث الرمانة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ، قَالَ: أَمْطَرَتِ الْمَدِينَةُ مَطَراً شَدِيداً، ثُمَّ ضَجَّتِ النَّاسُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا خَرَجُوا فَإِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُقْبِلٌ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. قَالَ: مَرْحَباً بِالْحَبِيبِ الْقَرِيبِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَ هُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (1) أَنْتَ يَا عَلِيُّ، مِنْهُمْ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْهَوَاءِ، وَ إِذَا بِرُمَّانَةٍ تَهْوِي إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَ أَعْظَمَ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَمَصَّهَا حَتَّى رَوِيَ، وَ نَاوَلَهَا عَلِيّاً فَمَصَّهَا حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَ قَالَ: لَوْ لَا أَنَّ طَعَامَ الْجَنَّةِ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ، لَكُنَّا أَطْعَمْنَاكَ مِنْهَا، فَإِنَّ طَعَامَ الْجَنَّةِ لَا يَأْكُلُهُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ. (2)

177- حديث علي أعطي جوامع العلم

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالا: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ أَعْطَانِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَمْساً، وَ أَعْطَى عَلِيّاً خَمْساً: أَعْطَانِي جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَ أَعْطَى عَلِيّاً جَوَامِعَ الْعِلْمِ.

وَ جَعَلَنِيَ نَبِيّاً، وَ جَعَلَهُ وَصِيّاً، أَعْطَانِي الْكَوْثَرَ، وَ أَعْطَاهُ السَّلْسَبِيلِ، وَ أَعْطَانِي الْوَحْيَ،

ص: 209


1- الْحَجِّ: 24.
2- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 127 ح 15، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 167، وَ أَخْرَجَهُ السَّيِّدُ هَاشِمٍ الْبَحْرَانِيَّ فِي مَدِينَةِ الْمَعَاجِزِ: 1/ 340 ح 218، عَنْ الْبُرْسِيِّ، وَ رَوَاهُ فِي احقائق الْحَقِّ: 4/ 103.

وَ أَعْطَاهُ الْإِلْهَامَ، وَ أَسْرَى بِي إِلَيْهِ، وَ فَتَحَ لِعَلِيٍّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ حَتَّى نَظَرَ إِلَيَّ وَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ قَالَ: ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ (ص) فَقُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ، قَالَ:

يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَنَا أَوَّلَ مَا كَلَّمَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ تَحْتَكَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِالْحُجُبِ قَدِ اخْتَرَقَتْ، وَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَدْ تَفَتَّحَتْ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ كَلَّمَنِي، فَكَلَّمْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَا قَالَ لَكَ رَبُّكَ؟

قَالَ: قَالَ لِي رَبِّي: إِنِّي جَعَلْتُ عَلِيّاً وَصِيَّكَ وَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَعْلَمْتُهُ بِمَا قَالَ لِي رَبِّي، فَسَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ قَالَ قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَعَلَتْ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ.

فَنَادَتِ الْمَلَائِكَةُ يَتَبَاشَرُونَ، ثُمَّ مَا مَرَرْتُ بِصَفٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِلَّا وَ هُمْ يُهَنِّئُونِّي وَ يَقُولُونَ:

يَا مُحَمَّدُ، الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، لَقَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا السُّرُورُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنِ عَمِّكَ، وَ رَأَيْتُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ قَدْ نَكَسُوا رُءُوسَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا جَبْرَئِيلُ، مَا لِي أَرَى حَمَلَةَ الْعَرْشِ قَدْ نَكَسُوا رُءُوسَهُمْ، قَالَ:

يَا مُحَمَّدُ، لَمْ يَبْقَ فِي السَّمَاءِ مَلَكٌ، إِلَّا وَ قَدْ سَلَّمَ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَلَيْسَ يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فِي النَّظَرِ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَذِنَ لَهُمْ فِي النَّظَرِ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ:

فَلَمَّا هَبَطْتُ فِي الْأَرْضِ، جَعَلْتُ أُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَ هُوَ يُخْبِرُنِي بِهِ، فَعَلِمْتُ أَنِّي مَا وَطِئْتُ مَوْضِعاً إِلَّا وَ قَدْ كُشِفَ لَهُ، حَتَّى نَظَرَ إِلَى مَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُحِبُّ أَنْ تُوصِيَنِي بِشَيْ ءٍ، قَالَ:

يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَقْبَلُ حَسَنَةً مِنْ أَحَدٍ، حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ هُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَايَةِ، قَبِلَ عَمَلَهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ وَلَايَتِهِ، لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ شَيْ ءٍ حَتَّى يَأْمُرَ بِهِ إِلَى النَّارِ وَ إِنَّ النَّارَ أَشَدُّ بُغْضاً عَلَى مُبْغِضِ عَلِيٍّ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً.

ص: 210

يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَوْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ أَجْمَعُوا عَلَى بُغْضِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ فِي جَهَنَّمَ، وَ مَا كَانُوا لِيَفْعَلُوا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ كَيْفَ يُبْغِضُونَهُ؟

قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، يَكُونُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً، وَ يُفَضِّلُونَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَا نَبِيَّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي، وَ لَا وَصِيَّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ وَصِيِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَزَلْ لَهُ مُحِبّاً كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَايَةِ، قَبِلَ عَمَلَهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ، (1)

178- حديث في طريق علي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الْوَفَاةُ أَتَيْتُ إِلَيْهِ وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَ قُلْتُ لَهُ: مَا تَأْمُرُنِي بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ..

فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، خَالِفْ مَنْ خَالَفَ عَلِيّاً، وَ لَا تَكُنْ لَهُمْ وَلِيّاً قُلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ لَا تَأْمُرُ النَّاسَ بِتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ؟

قَالَ: فَبَكَى حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، وَ قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، سَبَقَ فِيهِمْ عِلْمُ رَبِّي، لَا

ص: 211


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 16/ 317 ح 7، وَ ج 38/ 157 ح 133، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 5 وَ 168، أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 1004 ح 15، عَنْهُ الْبِحَارُ: 8/ 27 ح 31 وَ ج 27/ 219 ح 4 قِطْعَةً، الْخِصَالِ لِلصَّدُوقِ: 293 ح 57، باسناده، عَنْ مُحَمَّدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيِّ (مِثْلَهُ)، بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى: 41، رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ: 132، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. (مِثْلَهُ)، إِرْشَادِ الْقُلُوبِ: 254، وَ ذَكَرَ قَطَعَهُ مِنْهُ، الْمُخْتَصَرِ: 107، تَأْوِيلِ الْآيَاتِ: 1/ 276 ح 6، الْجَوَاهِرِ السَّنِيَّةِ: 264، الْبُرْهَانِ: 4/ 512 ح 2، وَ نُورٍ الثَّقَلَيْنِ: 3/ 123 ح 32، وَ ج 5/ 481 ح 49.

يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ قَدْ خَالَفَهُ أَنْكَرَ حَقَّهُ حَتَّى يُغَيِّرَ اللَّهُ خَلْقَهُ.

يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُلْقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ فَاسْلُكْ طَرِيقَةَ عَلِيٍّ، مِلْ مَعَهُ كَيْفَ مَالَ، وَ ارْضَ بِهِ إِمَاماً، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَ لَا يُدَاخِلُكَ فِيهِ شَكٌّ وَ لَا رَيْبٌ، فَإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الشَّكِّ فِيهِ كُفْرٌ. (1)

179- حديث علي أحب الناس عند النبي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَذَكَرْتُ عَلِيّاً، قَالَ: يَا عَائِشَةُ، لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، وَ مِنْ بَعْدِهِ فَاطِمَةُ ابْنَتِي، وَ مِنْ بَعْدِهَا وَلَدَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، تعلمني [تَعْلَمِينَ يَا عَائِشَةُ، أَيَّ شَيْ ءٍ رَأَيْتُ لِابْنَتِي فَاطِمَةَ وَ لِبَعْلِهَا؟

قَالَتْ: لَا، أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ، ابْنَتِي فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ بَعْلُهَا لَا يُقَايِسُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَ وَلَدَاهُمَا الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ رَيْحَانَتَيَّ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.

يَا عَائِشَةُ، إِنِّي أَنَا وَ ابْنَ عَمِّي عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فِي غُرْفَةٍ بَيْضَاءَ، أَسَاسُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ، وَ أَطْرَافُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَ هِيَ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَ بَيْنَ نُورِ اللَّهِ بَابٌ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَ ذَلِكَ وَقْتَ يُلْجِمُ (2) اللَّهُ النَّاسَ بِالْعَرَقِ، عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ قَدْ أَضَاءَ نُورُهُ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ، وَ هُوَ يَرْفُلُ (3) فِي حُلَّتَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ ثُمَّ خُلِقَتْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ طِينَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَ خُلِقَ مُبْغِضُوهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ (4)، وَ هِيَ

ص: 212


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 37/ 78 ح 47، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 169، أَمَالِي الطُّوسِيُّ: 102 ذح 15، باسناده عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ، وَ ذَكَرَهُ (مِثْلَهُ).
2- قَالَ الْمَجْلِسِيُّ ره: فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ: 4/ 50 فِي الْحَدِيثَ (يَبْلُغَ الْعَرَقِ مِنْهُمْ مَا يلجمهم) أَيُّ يُصَلِّ إِلَى أفواهم وَ يَصِيرَ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ اللِّجَامِ، وَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَلَامِ، يَعْنِي فِي الْمَحْشَرِ.
3- وَ فِي النِّهَايَةِ أَيْضاً: (2/ 94) رفل رفلا: أَيُّ جَرَّ ذَيْلَهُ وَ تبختر فِي مِشْيَتِهِ.
4- فِي النِّهَايَةِ: (1/ 280) الْخَبَالِ: عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ، وَ الْخَبَالِ فِي الْأَصْلِ الْفَسَادِ.

طِينَةُ جَهَنَّمَ (1)

180- حديث من أحب عليا لم يعذبه اللّه بالنار

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَبَقِيتُ مِنْ رَبِّي كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (2) سَمِعْتُ النِّدَاءَ مِنْ رَبِّي:

يَا مُحَمَّدُ، مَنْ تُحِبُّ مِمَّنْ مَعَكَ فِي الْأَرْضِ؟

قُلْتُ: يَا رَبِّ، أُحِبُّ مَنْ تُحِبُّهُ أَنْتَ، وَ تَأْمُرُنِي بِمَحَبَّتِهِ.

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحِبَّ عَلِيّاً فَإِنِّي أُحِبُّهُ، وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ.

فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، تَلَقَّانِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ:

مَا قَالَ لَكَ رَبُّكَ؟ وَ مَا قُلْتَ لَهُ؟ قُلْتُ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ قَالَ لِي: كَيْتَ وَ كَيْتَ.

فَبَكَى جَبْرَئِيلُ، وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ يُحِبُّونَ عَلِيّاً، كَمَا يُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ، لَمَا خَلَقَ اللَّهُ نَاراً يُعَذِّبُ بِهَا أَحَداً (3)

181- حديث الحجرين

بِالْإِسْنَادِ يَرْفَعُهُ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ قَضَى بَيْنَ صَخْرَتَيْنِ قَدْ وَقَعَ بَعْضُهُمَا عَلَى بَعْضٍ فَخَدَشَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَقَضَى لَهُ الْخَدْشَ.

فَقُلْتُ: وَ الْحَجَرَانِ يَتَكَلَّمَانِ؟! قَالَ: إِي، وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَقَدْ رَأَيْتُ الْحَجَرَيْنِ يَسْتَعْدِيَانِ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ. ثُمَّ قَالَ شِعْراً:

ص: 213


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 38/ 158، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 169.
2- النَّجْمِ: 9.
3- عَنْهُ الْبِحَارُ: 39/ 248 ح 11، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ.

يُكَلِّمُ النَّاسَ وَ الْأَحْجَارَ قَدْ عَلِمُواأَهْلُ الْبَصَائِرِ وَ الْأَحْوَالِ مَوْلَانَا

وَ هُوَ الَّذِي كَلَّمَتْهُ قِحْفُ جُمْجُمَةٍمِنْ بَعْدِ فَضْلٍ حَوَاهُ الْإِنْسُ وَ الْجَانَّا (1)

182- حديث علي عيبة علم النبوة

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، قَالَ: قَضَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضِيَّةً فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

قَالَ: إِنَّهُ اجْتَازَ عَبْدٌ مُقَيَّدٌ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَيْدِهِ كَذَا وَ كَذَا، فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثاً- يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ- فَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ فِيهِ كَمَا قُلْتَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثاً.

قَالَ: فَقَامَا مَعَ الْعَبْدِ إِلَى مَوْلَاهُ، فَقَالا لَهُ: إِنَّنَا حَلَفْنَا بِطَلَاقِ نِسَائِنَا ثَلَاثاً عَلَى قَيْدِ هَذَا الْعَبْدِ، فَحُلَّهُ حَتَّى نُوزِنَهُ.

قَالَ سَيِّدُهُ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثاً، إِنْ حَلَّ قَيْدَهُ.

فَطَلَّقُوا الثَّلَاثَةُ نِسَاءَهُمْ، قَالَ: فَارْتَفَعُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ: مَوْلَاهُ أَحَقُّ بِهِ، فَاعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ، قَالَ: فَخَرَجُوا وَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَسَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَيْ ءٌ فِي هَذَا، فَأَتَوْهُ وَ قَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَهْوَنَ هَذَا؟! ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْضَرَ جَفْنَةً (2) أَمَرَ الْعَبْدَ أَنْ يَحُطَّ رِجْلَهُ فِي الْجَفْنَةِ، وَ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهَا، حَتَّى امْتَلَأَتِ الْجَفْنَةُ مَاءً وَ قَالَ: ارْفَعُوا الْقَيْدَ وَ الرَّجُلُ مَكَانَهَا، فَرَفَعَ قَيْدَهُ عَنِ الْمَاءِ، فَأَرْسَلَ عِوَضَهُ زُبُراً (3) مِنَ الْحَدِيدِ فِي الْمَاءِ، إِلَى أَنْ صَعِدَ الْمَاءُ إِلَى مَوْضِعِ مَا كَانَ فِيهِ (الْقَيْدِ) ثُمَّ قَالَ: أَخْرِجُوا هَذَا الْحَدِيدَ، وَ زِنُوهُ فَإِنَّهُ وَزْنُ قَيْدِ الْعَبْدِ

ص: 214


1- لَمْ نَجِدْهُ فِي مَظَانِّهِ.
2- الْجَفْنَةَ: الْقَصْعَةِ الْكَبِيرَةُ.
3- الزبرة: الْقِطْعَةِ الْكَبِيرَةُ مِنْ الْحَدِيدِ.

قَالَ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ وَ انْفَصَلُوا وَ حَلَّتْ نِسَاؤُهُمْ عَلَيْهِمْ و خَرَجُوا، وَ هُمْ يَقُولُونَ:

نَشْهَدُ أَنَّكَ عَيْبَةُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، وَ بَابُ مَدِينَةِ عِلْمِهِ، فَعَلَى مَنْ جَحَدَ حَقَّكَ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* (1)

183- حديث السبع

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْمُنْقِذِ بْنِ الْأَبْقَعِ الْأَسَدِيِّ، وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ خَاصَّةِ مَوْلَانَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى مَوْضِعٍ لَهُ كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ فِي اللَّيْلِ، وَ أَنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى الْمَوْضِعَ، وَ نَزَلَ مِنْ بَغْلَتِهِ وَ مَضَى لِشَأْنِهِ قَالَ: فَحَمْحَمَتِ الْبَغْلَةُ، وَ رَفَعَتْ رَأْسَهَا وَ أُذُنَيْهَا، قَالَ: فَحَسَّ مَوْلَايَ، وَ قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ؟ فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ، الْبَغْلَةُ تَنْظُرُ شَيْئاً وَ قَدْ شَخَصْتُ إِلَيْهِ وَ هِيَ تُحَمْحِمُ، وَ لَا أَعْلَمُ مَا ذَا دَهَمَهَا؟

قَالَ: فَنَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْبَرِّ، وَ قَالَ: هُوَ سَبُعٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَامَ مِنْ مِحْرَابِهِ مُتَقَلِّداً سَيْفَهُ، وَ جَعَلَ يَخْطُو نَحْوَ السَّبُعِ، ثُمَّ صَاحَ بِهِ: قِفْ. فَوَقَفَ يَضْرِبُ بِسَنْبَلَتِهِ خَوَاصِرَهُ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَقَرَّتِ الْبَغْلَةُ وَ هَجَعَتْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:

يَا لَيْثُ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنِّي اللَّيْثُ أَبُو الْأَشْبَالِ، وَ أَنِّي خَيْرُ الْوَصِيِّينَ وَ أَنِّي وَارِثُ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، وَ أَنِّي حَيْدَرَةٌ وَ قَسْوَرَةٌ، فَمَا جَاءَ بِكَ أَيُّهَا اللَّيْثُ؟

ص: 215


1- الْفَقِيهِ: 3/ 17 ح 3246، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ غَالِبٍ الْأَسَدِيِّ رَفَعَ الْحَدِيثَ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ بِأَدْنَى تَغَيَّرَ، عَنْهُ الْبِحَارُ: 40/ 280 ح 43، وَ أَخْرَجَهُ الْحُرِّ الْعَامِلِيِّ فِي الْوَسَائِلِ: 18/ 210 ح 8، عَنْ التَّهْذِيبِ: 8/ 318 ح 61 وَ عَنْ الْفَقِيهِ، الْفَضَائِلِ لَمْ نَجِدْهُ.

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْطِقْ لِسَانَهُ، قَالَ: فَعِنْدَهَا قَالَ السَّبُعُ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ يَا خَيْرَ الوَصِيِّينَ، وَ يَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ، إِنَّ لِيَ الْيَوْمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مَا افْتَرَسْتُ فَرِيسَةً، وَ قَدْ أَضَرَّنِي الْجُوعُ وَ قَدْ رَأَيْتُكُمْ مِنْ مَسِيرَةِ فَرْسَخَيْنِ، فَدَنَوْتُ مِنْكُمْ، فَقُلْتُ:

أَذْهَبُ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَإِنْ كَانَ لِي بِهِمْ قُدْرَةٌ، أَخَذْتُ نَصِيبِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا لَيْثُ، أَنَا أَبُو الْأَشْبَالِ الْإِحْدَى عَشَرَ، ثُمَّ مَدَّ الْإِمَامُ يَدَهُ عَلَى صُوفِ قَفَاهُ وَ جَذَبَهُ إِلَيْهِ، فَامْتَدَّ السَّبُعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَ جَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْسَحُ مِنْ هَامَتِهِ إِلَى كَتِفِهِ وَ يَقُولُ:

يَا لَيْثُ، أَنْتَ كَلْبُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، فَقَالَ السَّبُعُ: الْجُوعُ يَا مَوْلَايَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ آتِهِ رِزْقَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ.

قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا بِالسَّبُعِ يَأْكُلُ شَيْئاً عَلَى هَيْئَةِ الْحَمَلِ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ.

قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَ تَحْلَسُ بِيَدَيْهِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ مَعَاشِرَ الْوُحُوشِ لَا نَأْكُلُ لَحْمَ مُحِبِّيكَ وَ مُحِبِّي عِتْرَتِكَ (1) فَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ نَنْتَحِلُ بِحُبِّ الْهَاشِمِيِّينَ، وَ حُبِّ عِتْرَتِهِمْ.

قَالَ لَهُ الْإِمَامُ: أَيْنَ تَأْوِي؟ وَ أَيْنَ تَكُونُ؟ قَالَ:

يَا مَوْلَايَ، أَنَا مُسَلَّطٌ عَلَى أَعْدَائِكَ كِلَابِ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِي مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ افْتَرَسْنَاهُ، وَ نَحْنُ نَأْوِي النِّيلَ.

فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ إِلَى الْكُوفَةِ؟ قَالَ: يَا مَوْلَايَ، لِأَجْلِكَ فَلَمْ أُصَادِفْكَ فِيهَا، وَ أَتَيْتُ الْفَيَافِيَ وَ الْقِفَارَ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَيْكَ، وَ نِلْتُ سُؤْلِي مِنْكَ، وَ أَنَا مُنْصَرِفٌ لَيْلَتِي هَذِهِ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: سِنَانُ بْنُ وَائِلٍ وَ هُوَ مِمَّنِ انْفَلَتَ عَنْ حَرْبِ صِفِّينَ، وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، ثُمَّ هَمْهَمَ وَ دَمْدَمَ وَ وَلَّى.

قَالَ مُنْقِذُ بْنُ الْأَبْقَعِ الْأَسَدِيُّ: فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ! فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِي: مِمَّ تَعَجَّبْتَ؟

ص: 216


1- وَ أَضَافَ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ (عِتْرَتِكَ): (فَنَحْنُ أَهْلِ بَيْتِ نَتَّخِذُ مُحِبِّيكَ وَ مُحِبِّي عِتْرَتِكَ).

ذَلِكَ أَعْجَبُ، أَمِ الشَّمْسُ أَعْجَبُ فِي رُجُوعِهَا؟ أَمِ الْكَوَاكِبُ فِي سُقُوطِهَا؟ أَمِ الْعَيْنُ فِي تَنْبِيعِهَا؟ أَمِ الْجُمْجُمَةُ فِي تَكَلُّمِهَا؟

أَمْ سَائِرُ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ، لَوْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَ النَّاسَ مِمَّا عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. مِنَ الْآيَاتِ وَ الْمُعْجِزَاتِ لَكَانُوا يَرْجِعُونَ كُفَّاراً.

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ، وَ وَجَّهَنِي مِنْ سَاعَتِي إِلَى الْقَادِسِيَّةِ فَوَصَلْتُ، وَ الْمُصَلِّي يُقِيمُ الصَّلَاةَ، فَسَمِعْتُ النَّاسَ، يَقُولُونَ:

السَّبُعُ افْتَرَسَ سِنَانَ بْنَ وَائِلٍ، فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ مَعَ مَنْ أَتَاهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَرَأَيْتُهُ لَمْ يَتْرُكِ السَّبُعُ سِوَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَ أُنْبُوبَاتِ أَسْنَانِهِ وَ رَأْسِهِ، فَحَمَلُوا رَأْسَهُ وَ عِظَامَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَقِيتُ مُتَعَجِّباً.

فَحَدَّثْتُ النَّاسَ بِمَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ السَّبُعِ.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ، وَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ (1).

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَامَ خَطِيباً فِيهِمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ فَصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: مَا أَحَبَّنَا رَجُلٌ وَ دَخَلَ النَّارَ، وَ لَا أَبْغَضَنَا رَجُلٌ وَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَإِنِّي قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، هَذَا إِلَى الْجَنَّةِ يَمِيناً وَ هُوَ مُحِبِّي، وَ هَذَا إِلَى النَّارِ شِمَالًا وَ هُوَ مُبْغِضِي.

ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقُولُ لِجَهَنَّمَ: هَذَا لِي وَ هَذَا لَكِ، حَتَّى تَجُوزَ شِيعَتِي عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ وَ الطَّيْرِ الْمُسْرِحِ، وَ الْجَوَادِ السَّابِقِ، وَ الطَّيْرِ الْمُسْرِعِ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ، وَ قَالُوا:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:

الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ

ص: 217


1- فِي كَشْفِ الْيَقِينِ: (فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَبَرَّكُونَ بِتُرَابٍ تَحْتَ قَدَمَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَسْتَشْفُونَ بِهِ).

(1) (2)

184- حديث ألهام من ولد إبليس

بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَبِيهِ، إِلَى جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ (طَوِيلٌ) كَأَنَّهُ النَّخْلَةُ، فَلَمَّا رَفَعَ رِجْلَهُ عَنِ الْأُخْرَى تَفَرْقَعَتْ، (فَعِنْدَ ذَلِكَ) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: أَمَّا هَذَا لَيْسَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ.

فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، (وَ) هَلْ يَكُونُ (أَحَدٌ)، (3) مِنْ غَيْرِ وُلْدِ آدَمَ؟

قَالَ: نَعَمْ هَذَا أَحَدُهُمْ، فَدَنَا الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ النَّبِيُّ: مَنْ تَكُونُ؟ وَ مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: أَنَا الْهَامُ بْنُ الْهِيمِ بْنِ لَاقِيسَ بْنِ إِبْلِيسَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بَيْنَكَ وَ بَيْنَ إِبْلِيسَ أَبَوَانِ، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِينَ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ كُنْتُ غُلَاماً بَيْنَ (الْأَقْوَامِ)، (4) أَفْهَمُ الْكَلَامَ، وَ أَدُورُ الْآجَامَ، وَ آمُرُ بِقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ.

(فَ) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: بِئْسَ السِّيرَةُ الَّتِي تَذْكُرُهَا إِنْ بَقِيتَ عَلَيْهَا.

قَالَ: كَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مُؤْمِنٌ تَائِبٌ، قَالَ: وَ عَلَى يَدِ مَنْ تُبْتَ وَ جَرَى إِيمَانُكَ؟

قَالَ: عَلَى يَدِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَ لَقَدْ عَاتَبْتُهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ دُعَائِهِ عَلَى قَوْمِهِ.

ثُمَّ قَالَ: إِنِّي عَلَى ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِينَ، وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ.

ص: 218


1- آلِ عِمْرَانَ: 172- 173.
2- الْفَضَائِلِ: 17، كَشْفِ الْيَقِينِ: 65، عَنْهُ الْبِحَارُ: 41/ 235 ح 5، وَ أَخْرَجَهُ فِي إحقاق الْحَقِّ: 18/ 220.
3- فِي الْأَصْلِ: (الْعَهْدِ) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
4- فِي الْبِحَارُ: (الْغِلْمَانِ).

(ثُمَّ لَقِيتُ مِنْ) (1) بَعْدِهِ هُوداً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكُنْتُ أُصَلِّي بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَقْرَأُ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي عَلَّمَنِيهَا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى جَدِّهِ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كُنْتُ مَعَهُ إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ عَلَى قَوْمِهِ.

فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ نَجَّانِي مَعَهُ، وَ صَحِبْتُ مِنْ بَعْدِهِ صالح [صَالِحاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَبَقِيتُ مَعَهُ إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَى قَوْمِهِ الرَّجْفَةَ فَنَجَّاهُ، وَ نَجَّانِي مَعَهُ، وَ لَقِيتُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَاكَ إِبْرَاهِيمَ، وَ صَحِبْتُهُ، وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يُعَلِّمَنِي مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي.

أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، فَعَلَّمَنِي، وَ كُنْتُ أُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَادَهُ قَوْمُهُ وَ جَعَلُوهُ (2) فِي النَّارِ وَ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً فَكُنْتُ لَهُ مُؤْنِساً فِي النَّارِ، وَ لَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ.

وَ صَحِبْتُ وُلْدَهُ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ (مِنْ بَعْدِهِ) وَ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَ أَخِيكَ يُوسُفَ فِي الْجُبِّ مُؤْنِساً وَ جَلِيساً حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ، وَ وَلَّاهُ مِصْرَ، وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَ لَقِيتُ أَخَاكَ مُوسَى، وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يُعَلِّمَنِي مِنَ التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ، فَعَلَّمَنِي، فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَحِبْتُ وَصِيَّهُ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ.

وَ لَمْ أَزَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ إِلَى أَخِيكَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَعَنْتُهُ عَلَى قِتَالِ الطَّاغِيَةِ جَالُوتَ، سَأَلْتُهُ أَنْ يُعَلِّمَنِي مِنَ الزَّبُورِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، فَعَلَّمَنِي (مِنْهُ).

وَ صَحِبْتُ مِنْ بَعْدِهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ صَحِبْتُ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيَّهُ آصَفَ بْنَ بَرْخِيَا بْنِ شَعْيَا (3) وَ لَقَدْ لَقِيتُ نَبِيّاً بَعْدَ نَبِيٍّ، وَ كُلٌّ يُبَشِّرُنِي بِكَ، وَ يَسْأَلُنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَ حَتَّى صَحِبْتُ مِنْ بَعْدِهِمْ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَنَا أُقْرِئُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّنْ لَقِيتُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ السَّلَامَ، وَ مِنْ عِيسَى خَاصَّةً أَكْثَرَ سَلَامِ اللَّهِ وَ أَتَمِّهِ.

ص: 219


1- فِي الْبِحَارِ: (وَ صاحبت).
2- فِي الْبِحَارُ: (أَلْقَوْهُ).
3- فِي الْبِحَارُ: (سمعيا).

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: عَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ (عَلَى) أَخِي عِيسَى مِنِّي السَّلَامُ وَ رَحْمَتُهُ وَ بَرَكَاتُهُ، مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ.

وَ عَلَيْكَ يَا هَامُ السَّلَامُ، فَلَقَدْ حَفِظْتَ الْوَصِيَّةَ، وَ أَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ، فَسَلْ حَاجَتَكَ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَاجَتِي أَنْ تَأْمُرَ أُمَّتَكَ أَنْ لَا يُخَالِفُوا أَمْرَ الْوَصِيِّ مِنْ بَعْدِكَ فَإِنِّي رَأَيْتُ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ، إِنَّمَا هَلَكُوا بِتَرْكِهَا أَمْرَ الْأَوْصِيَاءِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: فَهَلْ تَعْرِفُ وَصِيِّي يَا هَامُ؟

قَالَ: إِذَا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُهُ بِصِفَتِهِ، وَ اسْمِهِ الَّذِي قَرَأْتُهُ فِي الْكُتُبِ.

قَالَ: انْظُرْ هَلْ تَرَاهُ فِيمَنْ حَضَرَ؟ فَالْتَفَتُّ يَمِيناً وَ شِمَالًا.

قَالَ: هُوَ لَيْسَ فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا هَامُ، مَنْ كَانَ وَصِيَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: شَيْثٌ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ شَيْثٍ؟ قَالَ: أَنُوشُ، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ أَنُوشَ؟

قَالَ: قَيْنَانُ، قَالَ: فَوَصِيُّ قَيْنَانَ؟ قَالَ: مَهْلَائِيلُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ مَهْلَائِيلَ، قَالَ: يدد (1) قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ يدد (2).

قَالَ: النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ إِدْرِيسُ، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ إِدْرِيسَ؟ قَالَ: مَتُوشَلَخُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ مَتُوشَلَخَ؟ قَالَ: لَمَكُ، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ لَمَكَ؟ قَالَ: أَطْوَلُ الْأَنْبِيَاءِ عُمُراً، وَ أَكْثَرُهُمْ لِرَبِّهِ شُكْراً، وَ أَعْظَمُهُمْ أَجْراً، (ذَلِكَ) أَبُوكَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَامٌ؟ قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ سَامٍ؟

قَالَ: أَرْفَخْشَدُ. قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ أرفشخد [أَرْفَخْشَدَ؟ قَالَ: عَابَرُ، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ عَابَرَ؟ قَالَ شَالَخُ قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ: شَالَخَ؟

قَالَ: قَالَعُ، فَمَنْ وَصِيُّ قَالَعَ؟ قَالَ: (أشروع). (3).

ص: 220


1- فِي الْبِحَارُ: (بُرْدٍ).
2- فِي الْبِحَارُ: (بُرْدٍ).
3- فِي الْبِحَارُ: (اشروغ).

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ أشروع (1) قَالَ: دوغرا (2). قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ دوغرا (3)؟ قَالَ:

نَاخُورُ، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ نَاخُورَ؟

قَالَ: تَارُخُ. قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ تَارُخَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ، بَلْ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ صُلْبِهِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اللَّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ يَا هَامُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ. قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ إِسْمَاعِيلَ؟ قَالَ: قَيْدَارُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ قَيْدَارَ؟ قَالَ: بنت (4).

قَالَ: وَ مَنْ وَصِيُّ بنت (5) قَالَ: حمل.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ حمل؟ قَالَ: (قَيْدَارُ قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ قَيْدَارَ؟ قَالَ) لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ بَلْ خَرَجَ مِنْ صُلْبِهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: صَدَقْتَ يَا هَامُ، لَقَدْ (صَدَّقْتَ) (6) الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَوْصِيَاءَ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ يَعْقُوبَ؟ قَالَ: يُوسُفُ.

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ يُوسُفَ؟ (قَالَ: يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَ وَصِيُّ يُوشَعَ: شَمْعُونُ).

قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ شَمْعُونَ؟ قَالَ: دَاوُدُ، وَ وَصِيُّ دَاوُدَ: سُلَيْمَانُ وَ وَصِيُّ سُلَيْمَانَ: آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا، وَ وَصِيُّ عِيسَى شَمْعُونُ الصَّفَا.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: تَعْرِفُ اسْمَ وَصِيِّي وَ رَأَيْتَهُ فِي شَيْ ءٍ مِنَ الْكُتُبِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً، مَا رَأَيْتُ اسْمَكَ مُحَمَّداً إِلَّا هُوَ) (7) وَ رَأَيْتُ أَنَ

ص: 221


1- فِي الْبِحَارُ: (اشروغ).
2- فِي الْبِحَارُ: (روغا).
3- فِي الْبِحَارُ: (روغا).
4- فِي الْبِحَارُ: (نَبَتَ).
5- فِي الْبِحَارُ: (نَبَتَ).
6- فِي الْأَصْلِ: (سَبَقَتْ) وَ مَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الْبِحَارُ.
7- بَدَلَ مَا بَيْنَ القوسين فِي الْبِحَارِ: (قَالَ: مُوسَى، قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ مُوسَى؟ قَالَ: فَمَنْ وَصِيُّ يُوشَعَ؟ قَالَ: دَاوُدَ، قَالَ فَمَنْ وَصِيُّ دَاوُدَ؟ قَالَ: سُلَيْمَانَ، قَالَ فَمَنْ وَصِيُّ سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: آصَفَ بْنُ بَرْخِيَا، قَالَ وَ وَصِيُّ عِيسَى شَمْعُونُ بْنِ الصَّفَا. قَالَ هَلْ وَجَدْتُ صِفَةِ وَصِيِّي وَ ذَكَرَهُ فِي الْكُتُبِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً.

اسْمَكَ فِي التَّوْرَاةِ: (ميد ميد) وَ اسْمَ وَصِيِّكَ: (إِلْيَا)، وَ اسْمَكَ فِي الْإِنْجِيلِ: (حمياطا) وَ اسْمَ وَصِيِّكَ فِيهَا (هيدر) وَ اسْمَكَ فِي الزَّبُورِ: (ماح ماح) محيي [مُحِيَ بِكَ كُلُّ كُفْرٍ وَ شِرْكٍ وَ اسْمَ وَصِيِّكَ فِيهَا: (مافارقليطا هيدر) (1) فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: فَمَا مَعْنَى (ميد ميد)؟ قَالَ: طيب طيب.

قَالَ: وَ مَا مَعْنَى اسْمِ (حمياطا)؟ قَالَ: مُصْطَفَى.

قَالَ: فَمَا مَعْنَى اسْمِ وَصِيِّي فِي التَّوْرَاةِ (إِلْيَا)؟ قَالَ: إِنَّهُ الْوَلِيُّ مِنْ بَعْدِكَ.

قَالَ: فَمَا اسْمُهُ فِي الْإِنْجِيلِ؟ قَالَ: (هيدار).

قَالَ: فَمَا مَعْنَى (هيدار)؟ قَالَ: لِأَنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ.

قَالَ: فَمَا مَعْنَى اسْمِهِ فِي الزَّبُورِ (فَارِقْلِيطَا)؟ قَالَ: حَبِيبُ رَبِّهِ.

فَقَالَ: يَا هَامُ إِنْ رَأَيْتَهُ تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ رَجُلٌ مُدَوَّرُ الْهَامَةِ، مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ، بَعِيدٌ مِنَ الدَّمَامَةِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ، ضِرْغَامَةٌ، كَبِيرُ الْعَيْنَيْنِ، أَلْفُ الْفَخِذَيْنِ، أَحْمَشُ (2) السَّاقَيْنِ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، سَوِيُّ الْمَنْكِبَيْنِ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا سَلْمَانُ، ادْعُ لَنَا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ هَامُ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَ أُمِّي، هَذَا- وَ اللَّهِ- وَصِيُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

فَأْمُرْ أُمَّتَكَ أَنْ لَا يُخَالِفُوهُ (مِنْ بَعْدِكَ، فَإِنْ خَالَفُوهُ هَلَكُوا كَمَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ بِمُخَالِفَتِهِمْ لِأَوْصِيَائِهِمْ) (3).

قَالَ: قَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ يَا هَامُ، فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَإِنِّي أُحِبُّ قَضَاءَهَا لَكَ.

ص: 222


1- فِي الْبِحَارُ: (قَارٍ وطيا).
2- فِي الْبِحَارُ: (أخمص).
3- بَدَلَ مَا بَيْنَ القوسين فِي الْبِحَارُ: (فَإِنَّهُ هَلَكَ الْأُمَمِ بمخالفة الْأَوْصِيَاءِ).

قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُحِبُّ أَنْ تُعَلِّمَنِي (مِنْ) هَذَا الْقُرْآنِ، الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ تَشْرَحْ لِي سُنَّتَكَ، وَ شَرَائِعَكَ، لِأُصَلِّي بِصَلَاتِكَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، ضُمَّهُ إِلَيْكَ وَ عَلِّمْهُ.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَعَلَّمْتُهُ (فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ (وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ آيَةَ (الْكُرْسِيِّ) وَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ (وَ الْأَنْعَامِ) وَ الْأَعْرَافِ، وَ الْأَنْفَالِ، وَ ثَلَاثِينَ سُورَةً مِنَ الْآيَاتِ الْمُفَصَّلَاتِ.

قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ غَابَ فَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا يَوْمَ صِفِّينَ.

فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ نَادَاهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَيْكَ السَّلَامُ اكْشِفْ عَنْ رَأْسِكَ فَإِنِّي أَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ أصلعا [أَصْلَعَ.

قَالَ: أَنَا ذَلِكَ ثُمَّ كَشَفَ لَهُ عَنْ كَرِيمَتِهِ.

وَ قَالَ: أَيُّهَا الْهَاتِفُ اظْهَرْ لَنَا، رَحِمَكَ اللَّهُ، قَالَ: فَظَهَرَ فَإِذَا هُوَ الْهَامُ بْنُ الْهِيمِ قَالَ: مَنْ تَكُونُ؟ قَالَ:

أَنَا الَّذِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ بِكَ، وَ عَلَّمْتَنِي كِتَابَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَ جَعَلَ يُحَادِثُهُ، وَ يَسْأَلُهُ، ثُمَّ قَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى الصُّبْحِ، ثُمَّ غَابَ.

قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ: فَسَأَلْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ: قُتِلَ الْهَامُ بْنُ الْهِيمِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ (1).

ص: 223


1- عنه البحار: 38/ 54 ح 9، و عن الفضائل: لم نجده، إثبات الهداة: 1/ 355 ح 64، و أخرجه البحراني في مدينة المعاجز: 1/ 131 ح 75.

185- حديث دخول الجنة بشفاعة علي

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، سَمِعْتُكَ تَقُولُ: شِيعَتُنَا فِي الْجَنَّةِ وَ هُمْ أَقْوَامٌ يُذْنِبُونَ، وَ يَرْكَبُونَ الْفَوَاحِشَ، وَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ، وَ يَشْرَبُونَ الْخُمُورَ، وَ يَتَمَتَّعُونَ فِي دُنْيَاهُمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَعَمْ، هُمْ فِي الْجَنَّةِ، اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ شِيعَتِنَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا، حَتَّى يُبْتَلَى بِسَهْمٍ، أَوْ بِدَيْنٍ، أَوْ بِفَقْرٍ، فَإِنْ عُفِيَ مِنْ ذَلِكَ، فَبِزَوْجَةِ سَوْءٍ تُؤْذِيهِ، فَإِنْ عُفِيَ مِنْ ذَلِكَ، شَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّزْعَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ.

فَقُلْتُ: فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي، وَ مَنْ يَرُدُّ الْمَظَالِمَ؟

قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ حِسَابَ الْخَلْقِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا، حَسَبْنَا لَهُمْ بِمَا لَنَا مِنَ الْحَقِّ فِي أَمْوَالِهِمْ، مِنَ الْخُمُسِ وَ كَانَ كُلُّ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَالِقِنَا اسْتَوْهَبْنَاهَا مِنْهُ.

وَ لَمْ نَزَلْ حَتَّى نُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1)

186- حديث الاسود السارق

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، إِذْ أَقْبَلَ جَمَاعَةٌ مَعَهُمْ أَسْوَدُ مَشْدُودُ الْأَكْتَافِ.

فَقَالُوا: هَذَا سَارِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: يَا أَسْوَدُ، سَرَقْتَ؟

قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، فَإِنْ قُلْتَهَا ثَانِيَةً، قُطِعَتْ يَدُكَ،

ص: 224


1- عَنْهُ الْبِحَارُ: 68/ 114 ح 33، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: لَمْ نَجِدْهُ، غوالي اللئالي: 1/ 79.

سَرَقْتَ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا وَيْلَكَ، مَا ذَا تَقُولُ، سَرَقْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اقْطَعُوا يَدَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ.

قَالَ: فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ، فَأَخَذَهَا بِشِمَالِهِ وَ هِيَ تَقْطُرُ دَماً، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْكَوَّاءِ.

فَقَالَ لَهُ: يَا أَسْوَدُ، مَنْ قَطَعَ يَمِينَكَ. قَالَ: قَطَعَ يَمِينِي سَيِّدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ الْأَوْلَى بِالنَّبِيِّينَ وَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَامُ الْهُدَى وَ زَوْجُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى، أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ الْمُخْتَارُ وَ الْمُرْتَضَى، السَّابِقُ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، مُصَادِمُ الْأَبْطَالِ الْمُنْتَقِمُ مِنَ الْجُهَّالِ، زَكِيُّ الزَّكَاةِ، مَنِيعُ الصِّيَانَةِ، ابْنُ هَاشِمٍ الْقَمْقَامُ ابْنُ عَمِّ الرَّسُولِ.

الْإِمَامُ الْهَادِي لِلرَّشَادِ، وَ النَّاطِقُ بِالسَّدَادِ، شُجَاعٌ كَمِيٌّ، (1) جَحْجَاحٌ (2) وَفِيٌّ فَهُوَ الْوَفِيُّ، بَطِينٌ أَنْزَعُ، أَمِينٌ، مِنْ آلِ حم وَ طه وَ يس وَ حم وَ الْمَيَامِينِ، مُحِلُّ الْحَرَمَيْنِ، وَ مُصَلِّي الْقِبْلَتَيْنِ، خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ، وَ وَصِيُّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، الْقَسْوَرَةُ (3) الْهُمَامُ (4) وَ الْبَطَلُ الضِّرْغَامُ (5) الْمُؤَيَّدُ بِجَبْرَئِيلَ، الْمَنْصُورُ بِمِيكَائِيلَ، الْمُبَيِّنُ فَرْضَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمُطْفِئُ نِيرَانَ الْمُوقِدِينَ، وَ خَيْرُ مَنْ نَشَأَ مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ، الْمَحْفُوفُ بِجُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الرَّاغِمِينَ، مَوْلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ. قَالَ: فَعِنْدَ

ص: 225


1- فِي نُسْخَةٍ: (مَكِّيٍّ).
2- الجحجاح: السَّيِّدُ.
3- القسورة: الْأَسَدِ.
4- الْهُمَامُ: الْمَلِكِ الْعَظِيمِ الْهِمَّةِ.
5- الضرغام: الْأَسَدِ.

ذَلِكَ قَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَيْلَكَ يَا أَسْوَدُ، قَطَعَ يَمِينَكَ وَ أَنْتَ تُثْنِي عَلَيْهِ هَذَا الثَّنَاءَ كُلَّهُ؟! قَالَ: وَ كَيْفَ لَا أُثْنِي عَلَيْهِ، وَ قَدْ خَالَطَ حُبُّهُ لَحْمِي وَ دَمِي وَ اللَّهِ مَا قَطَعَهَا إِلَّا بِحَقٍّ أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، رَأَيْتُ عَجَباً! قَالَ: وَ مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: صَادَفْتُ أَسْوَدَ وَ قَدْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ، فَأَخَذَهَا بِشِمَالِهِ وَ يَدُهُ تَقْطُرُ دَماً فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَسْوَدُ، مَنْ قَطَعَ يَمِينَكَ؟

فَقَالَ: سَيِّدِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَعَدْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ وَ قُلْتُ لَهُ: يَا وَيْلَكَ قَطَعَ يَمِينَكَ، وَ أَنْتَ تُثْنِي عَلَيْهِ هَذَا الثَّنَاءَ كُلَّهُ؟! قَالَ لِي: مَا لِي لَا أُثْنِي عَلَيْهِ، وَ قَدْ خَالَطَ حُبُّهُ لَحْمِي دَمِي، وَ اللَّهِ مَا قَطَعَهَا إِلَّا بِحَقٍّ أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ.

قَالَ: فَالْتَفَتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى وَلَدِهِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَالَ لَهُ: قُمْ هَاتِ عَمَّكَ الْأَسْوَدَ، قَالَ: فَخَرَجَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَلَبِهِ، فَوَجَدَهُ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: كِنْدَةُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَسْوَدُ، قَطَعْتُ يَمِينَكَ وَ أَنْتَ تُثْنِي عَلَيَّ؟

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا لِي لَا أُثْنِي عَلَيْكَ، وَ قَدْ خَالَطَ حُبُّكَ لَحْمِي وَ دَمِي، وَ اللَّهِ مَا قَطَعْتَهَا إِلَّا بِحَقٍّ عَلَيَّ مِمَّا يُنْجِينِي مِنْ عِقَابِ الْآخِرَةِ.

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَاتِ يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا فَأَخَذَهَا وَ وَضَعَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قُطِعَتْ مِنْهُ، ثُمَّ غَطَّاهَا بِرِدَائِهِ، وَ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ دَعَا بِدَعَوَاتٍ لَمْ تُرَدَّ، وَ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ آخِرَ دُعَائِهِ:

آمِينَ، ثُمَّ شَالَ الرِّدَاءَ ثُمَّ قَالَ: انْضَبِطِي كَمَا كُنْتِ أَيَّتُهَا الْعُرُوقُ وَ اتَّصِلِي.

قَالَ: فَقَامَ الْأَسْوَدُ، وَ هُوَ يَقُولُ:

آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، وَ بِعَلِيٍّ الَّذِي رَدَّ الْيَدَ الْقَطْعَاءَ بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مِنَ الزَّنْدِ

ص: 226

ثُمَّ انْكَبَّ عَلَى قَدَمَيْهِ وَ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا وَارِثَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ. (1)

187- حديث البقرة

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى جَعْفَرٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَرَّ بِامْرَأَةٍ بِمِنًى تَبْكِي، وَ حَوْلَهَا صِبْيَانٌ يَبْكُونَ، فَقَالَ لَهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكِ؟

قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِي صِبْيَةٌ أَيْتَامٌ، وَ كَانَتْ لِي بَقَرَةٌ وَ مَاتَتْ، وَ كَانَتْ لَنَا كَالْأُمِّ الشَّفِيقَةِ نَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَ نَأْكُلُ مِنْهَا وَ قَدْ بَقِيتُ بَعْدَهَا مَقْطُوعاً بِي وَ بِأَوْلَادِي، وَ لَا لَنَا حِيلَةٌ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا:

يَا أَمَةَ اللَّهِ أَ تُحِبِّينَ أَنْ أُحْيِيَهَا، فَأُلْهِمَتْ أَنْ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَتَنَحَّى عَنْهَا، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ هُنَيْئَةً، وَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَمَرَّ بِالْبَقَرَةِ وَ نَخَسَهَا نَخْسَةً بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: قُومِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاسْتَوَتْ قَائِمَةً عَلَى الْأَرْضِ، فَلَمَّا نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الْبَقَرَةِ وَ قَدْ قَامَتْ فَصَاحَتْ وَ قَالَتْ: وَا عَجَبَاهْ مِنْ ذَلِكَ، مَنْ تَكُونُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ فَجَاءَ النَّاسَ وَ اخْتَلَطَ بَيْنَهُمْ وَ مَضَى. (2) (3)

ص: 227


1- عنه البحار: 40/ 281 ح 44، و عن الفضائل: 172.
2- أقول في بعض النسخ: أن أفعال هذه الرواية و المعجزة منسوبة إلى الإمام الصادق عليه السّلام، و في بعضها منسوبة إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام كما أثبتناها.
3- عنه البحار: 47/ 115 ح 151، و عن الفضائل: 173، المناقب لابن شهر آشوب: 3/ 434، و الخرائج و الجرائح: 1/ 294 ح 1، و أخرجه الحر العاملي في إثبات الهداة: 5/ 365 ح 53، و رواه في كشف الغمة: 2/ 199، و البحراني في مدينة المعاجز: 5/ 393 ح 164، و ص 392 ح 163، عن البرسي، و إحقاق الحق: 19/ 512.

188- حديث علي أخو رسول اللّه

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَشَيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَهُ، إِذْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: عَلَى رِسْلِكَ، يَا أَبَا حَفْصٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ مُغْضَباً، وَ قَالَ لِي: أَ مَا تَرَى الرَّجُلَ خَلْفِي، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَ مَا تَرَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَفْصٍ، هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ، وَ شَقِيقُهُ قَالَ: لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَبَا وَائِلٍ، لَا أُمَّ لَكَ فَوَ اللَّهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ قبلي [قَلْبِي أَبَداً فَقُلْتُ: وَ لِمَ ذَلِكَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟

قَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ يَدْخُلُ بِنَفْسِهِ فِي جَمْعِ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا يَدْخُلُ الْأَسَدُ فِي زَرِيبَةِ الْغَنَمِ، فَيَقْتُلُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ فَمَا زَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ، وَ نَحْنُ مُنْهَزِمُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ هُوَ ثَابِتٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْنَا قَالَ: فَمَا بَالُكُمْ يَا وَيْلَكُمْ، أَ تَرْغَبُونَ بِأَنْفُسِكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، بَعْدَ إِذْ بَايَعْتُمُوهُ؟

فَقُلْتُ لَهُ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ الشُّجَاعَ قَدْ يَهْزِمُ، فَإِنَّ الْكَرَّةَ تَمْحُو الْفَرَّةَ (1) فَمَا زِلْتُ أُخَادِعُهُ، حَتَّى انْصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنِّي يَا أَبَا وَائِلٍ، وَ اللَّهِ لَا يَخْرُجُ رَوْعُهُ مِنْ قَلْبِي أَبَداً (2)

189- حديث في عبادة زين العابدين

وَ بِالْإِسْنَادِ: أَنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ نَاجَى رَبَّهُ، قَالَ: يَا رَبِّ، رَأَيْتُ الْعَابِدِينَ لَكَ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ إِلَى الْآنَ، فَلَمْ أَرَ فِيهِمْ أَعْبَدُ لَكَ مِنْ زَيْنُ الْعَابِدِينَ، وَ لَا أَخْشَعُ مِنْهُ الروضة، شاذان بن جبرئيل 228 (189)(حديث في عبادة زين العابدين)

ص: 228


1- فِي نُسْخَةٍ: (الْكَثْرَةِ تَمْحُو الْفُتُوَّةِ).
2- الْفَضَائِلِ: 173.

فَأْذَنْ لِي يَا إِلَهِي، حَتَّى أَكِيدَهُ وَ أَبْتَلِيَهُ، لِتَعْلَمَ كَيْفَ صَبْرُهُ، فَأَذِنَ لَهُ.

فَتَصَوَّرَ لَهُ فِي صُورَةِ أَفْعَى لَهَا عَشَرَةُ رُءُوسٍ، فَطَلَعَ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ، قَدْ حَدَّدَ أَنْيَابَهُ، مُحَمَرَّ الْأَعْيُنِ، فَتَطَاوَلَ فِي الْمِحْرَابِ، فَلَمْ يَرْهَبْ مِنْهُ، وَ لَا فَكَّرَ فِيهِ، وَ لَا نَكَسَ طَرْفَهُ إِلَيْهِ، فَانْخَفَضَ عَلَى الْأَرْضِ.

وَ أَقْبَلَ عَلَى أَنَامِلِ رِجْلَيْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَكْدُمُهَا (1) بِأَنْيَابِهِ، وَ يَنْفُخُ عَلَيْهَا بِنَارٍ حُرْقَةٍ، وَ هُوَ لَا يَكْسِرُ طَرْفَهُ، وَ لَا يُحَوِّلُ قَدَماً عَنْ قَدَمٍ مِنْ مَقَامِهِ، وَ لَا يَدْخُلُهُ شَكٌّ وَ لَا هَمٌّ، وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ وَ قِرَاءَتِهِ، كَمَا هُوَ لَمْ يَتَغَيَّرْ.

فَلَمْ يَلْبَثْ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، إِذِ نقض [انْقَضَّ عَلَيْهِ شِهَابٌ مِنَ السَّمَاءِ لِيُحْرِقَهُ، لَمَّا أَحَسَّ بِهِ صَرَخَ وَ [قَامَ إِلَى جَانِبِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى، وَ قَالَ:

الْإِجَارَةُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَا إِبْلِيسُ وَ لَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ مِنْ قَبْلِكَ، مِنْ أَبِيكَ آدَمَ إِلَيْكَ.

فَلَمْ أَرَ مِثْلَ عِبَادَتِكَ، وَ لَوَدِدْتُ لَوِ اسْتَغْفَرْتَ لِي، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَعَلَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي ثُمَّ مَضَى وَ تَرَكَهُ فِي صَلَاتِهِ، وَ لَمْ يَشْغَلْهُ كَلَامُهُ وَ لَا فِعَالُهُ، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ عَلَى تَمَامِهَا. (2)

ص: 229


1- قال المجلسي ره: كدمه، يكدمه، عضه بأدنى فمه.
2- المناقب لابن شهر آشوب: 4/ 34، عنه البحار: 46/ 58 ح 11، دلائل لامامة: 196، الهداية للحضيني: 214، مقصد الراغب: 139 (مخطوط) و أخرجه في مدينة المعاجز: 4/ 252 ح 32، و ص 410 خ 145، و حيلة الابرار: 3/ 235 ح 1، و العوالم: 18/ 129 ح 7. أقول: ان هذا الكتاب اختص في معاجز أمير المؤمنين عليه السّلام و لكن هذه الرواية و التي بعدها خاصة بالإمام زين العابدين عليه السّلام.

190- حديث معجزة لزين العابدين

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (1): أَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاتِهِ يَوْماً إِذْ وَقَعَ وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبِئْرِ الَّذِي فِي دَارِهِ، وَ هُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ، وَ كَانَ بَعِيدَ الْقَعْرِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَتْ إِلَى الْبِئْرِ وَ أَقْبَلَتْ تَضْرِبُ نَفْسَهَا حَوْلَ الْبِئْرِ، وَ تَسْتَغِيثُ.

وَ نَادَتْ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، غَرِقَ ابْنُكَ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ، وَ هُوَ لَا يُفَكِّرُ فِي قَوْلِهَا، وَ لَا يَشْغَلُهُ كَلَامُهَا عَنْ صَلَاتِهِ، وَ هُوَ يَسْمَعُ اضْطِرَابَ وَلَدِهِ فِي الْبِئْرِ.

قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا الْأَمْرُ، قَالَتْ: مَا أَقْسَى قُلُوبَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَى صَلَاتِهِ وَ لَمْ يلتف [يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ عَلَى تَمَامِهَا وَ كَمَالِهَا.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، أَقْبَلَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ وَ مَدَّ يَدَهُ إِلَى قَعْرِهِ.

وَ كَانَ الْبِئْرُ لَا يُنَالُ إِلَّا بِرِشَاءٍ (2) طَوِيلٍ، لِأَنَّهُ طَوِيلُ الْقَعْرِ، فَأَخَذَ ابْنَهُ مُحَمَّداً الْبَاقِرَ، وَ هُوَ يناغة [يُنَاغِيهِ (3) فَضَحِكَ، وَ لَمْ يَبْتَلَّ لَهُ ثَوْبٌ وَ لَا جَسَدٌ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالَ لَهَا هَاكِ وَلَدَكِ، يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، فَضَحِكَتْ لِسَلَامَةِ وَلَدِهَا، وَ بَكَتْ مِنْ قَوْلِهِ يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ لَهَا لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكِ، أَ مَا عَلِمْتِ أَنِّي بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ، لَا أَقْدِرُ أَنْ أَمِيلَ بِوَجْهِي عَنْهُ وَ لَوْ مِلْتُ عَنْهُ بِوَجْهِي لَمَالَ عَنِّي بِوَجْهِهِ وَ مَنْ لِي رَاحِمٌ غَيْرَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى (4).

ص: 230


1- يعني الإمام زين العابدين عليه السّلام كما نقله المجلسي ره في البحار و الحضيني في الهداية و باقي المصادر.
2- الرشا: رسن الدلو.
3- قال المجلسي ره: ناغت الأم صبيها، أي لاطفته و شاغلته بالمجادثة و الملاعبة.
4- المناقب لابن شهر آشوب: 4/ 135، عنه البحار: 46/ 34 ح 29، الهداية الكبرى للحضيني: 45، العدد القوية: 62 و 82، و أخرجه البحراني في مدينة المعاجز: 4/ 254 ح 33، مقصد الراغب: 140 (مخطوط)، و أخرجه النوري في المستدرك: 4/ 97 ح 11، و حلية الأبرار: 3/ 237 ح 2، عوالم العلوم: 18/ 175 ح 1.

191- حديث علي في ألقابه

وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- إِلَى الثِّقَاتِ، الَّذِينَ كَتَبُوا الْأَخْبَارَ: أَنَّهُمْ أَوْضَحُوا بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ أَسْمَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَهُ ثَلَاثُمِائَةِ اسْمٍ فِي الْقُرْآنِ، مَا رَوَوْهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (1).

وَ قَوْلُهُ: وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (2).

وَ قَوْلُهُ: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (3).

وَ قَوْلُهُ: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ (4).

وَ قَوْلُهُ: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (5).

فَالْمُنْذِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. وَ الْهَادِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَوْلُهُ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (6).

وَ قَالَ: (فَالْبَيِّنَةُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.) وَ الشَّاهِدُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَوْلُهُ: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَ إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَ الْأُولى (7).

وَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ (8).

ص: 231


1- الزُّخْرُفِ: 4.
2- مَرْيَمَ: 50.
3- الشُّعَرَاءِ: 84.
4- الْقِيَامَةِ: 18.
5- الرَّعْدِ: 7.
6- هُودٍ: 17.
7- اللَّيْلِ: 12.
8- الْأَحْزَابِ: 56.

وَ قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (1).

جَنْبُ اللَّهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَوْلُهُ: وَ كُلَّ شَيْ ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (2). مَعْنَاهُ: لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَ قَوْلُهُ: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (3).

وَ قَوْلُهُ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (4).

مَعْنَاهُ حُبُّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَدْ ذَكَرَ أَسْمَاءً كَثِيرَةً لَا نَذْكُرُهَا هَاهُنَا، وَ هِيَ أَشْهَرُ أَنْ تُخْفَى مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ اسْمٍ، وَ مَا بَيَّنَهَا (5) هَا هُنَا، وَ لَكِنْ نَذْكُرُ بَعْضَهَا وَ نَذْكُرُ أَلْقَابَهُ وَ كُنْيَتَهُ هُوَ:

أَبُو الْحَسَنِ، وَ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَ أَبُو شَبَّرَ، وَ أَبُو شَبِيرٍ، وَ أَبُو تُرَابٍ، وَ أَبُو النُّورَيْنِ.

وَ أَلْقَابُهُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ دَامِغُ الْمَارِقِينَ، وَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ، وَ قَسِيمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ، وَ الْوَصِيُّ، وَ الْوَلِيُّ، وَ الْخَلِيفَةُ (6) وَ قَاضِي الدَّيْنِ، وَ مُنْجِزُ الْوَعْدِ، وَ الْمَحَجَّةُ (7) الْكُبْرَى، وَ حَيْدَرَةُ الْوَرَى، وَ أَبُو اللِّوَاءِ، وَ الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ، وَ مَارِدُ الْجَانِّ وَ الذَّابُّ عَنِ النِّسْوَانِ، وَ الْأَنْزَعُ الْبَطِينُ، وَ كَاشِفُ الْكُرُوبِ، وَ يَعْسُوبُ الدِّينِ، وَ بَابُ حِطَّةٍ، وَ بَابُ التَّقَادُمِ.

ص: 232


1- الزُّمَرِ: 56.
2- يس: 12.
3- يس: 3 وَ 4.
4- التَّكَاثُرُ: 8.
5- فِي نُسْخَةٍ: (بَيِّنَتُهَا).
6- فِي نُسْخَةٍ: (أُولِي الْخَلِيقَةِ).
7- فِي نُسْخَةٍ: (الْمِحْنَةِ).

وَ حُجَّةُ الْخِصَامِ، وَ الْأَشْرَفُ الْمَكِينُ، وَ صَاحِبُ الْعَصَا، وَ فَاصِلُ الْفَضَاءِ، وَ فَاصِلُ الْقَضَاءِ، سَفِينَةُ النَّجَاةِ، وَ الْمَنْهَجُ الْوَاضِحُ، وَ الْمَحَجَّةُ الْبَيْضَاءُ، وَ قَصْدُ السَّبِيلِ (1)

192- حديث علي في التوراة و الانجيل

وَ قَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لِعَلِيٍّ سَبْعَةَ عَشَرَ اسْماً فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبِرْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: اسْمُهُ عِنْدَ الْعَرَبِ: عَلِيٌّ، وَ عِنْدَ أُمِّهِ: حَيْدَرٌ.

وَ فِي التَّوْرَاةِ: إِلْيَا، وَ فِي الْإِنْجِيلِ: بريا، وَ فِي الزَّبُورِ: فريا.

وَ عِنْدَ الرُّومِ: بطريسيا (2).

وَ عِنْدَ الْعَجَمِ: شيعيا.

وَ عِنْدَ الدَّيْلَمِ: فرتقيا (3). وَ عِنْدَ الْبَرْبَرِ: شيعثا. وَ عِنْدَ الزِّنْجِ: حيم.

وَ عِنْدَ الْحَبَشَةِ: بربك (4).

وَ عِنْدَ التُّرْكِ: حميريا. وَ عِنْدَ الْأَرْمَنِ: كبكرة.

وَ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ: السَّحَابُ. وَ عِنْدَ الْكَافِرِينَ: الْمَوْتُ. وَ عِنْدَ الْمُنَافِقِينَ: ظهريا.

وَ عِنْدَ النَّبِيِّ: الطَّاهِرُ الْمُطَهَّرُ. وَ هُوَ جَنْبُ اللَّهِ، وَ نَفَسُهُ، وَ يَمِينُ اللَّهِ.

وَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ* (5).

وَ قَوْلُهُ: يَمِينُ اللَّهِ بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ (6) (7).

ص: 233


1- الفضائل: 174، و أخرجه البحراني في البرهان: 4/ 513 ح 9، عن البرسي.
2- في نسخة: (صبرسبا).
3- في نسخة: (قرتقيا).
4- في نسخة: (بريك).
5- آل عمران: 28.
6- المائدة: 64.
7- الفضائل: 175، البحار: 35/ 62.

193- حديث إحتجاج حرة على الحجاج

خَبَرٌ مِمَّا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ ثِقَاتٍ، أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَتْ حُرَّةُ بِنْتُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ (رض) عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ وَ أَنَّهَا مُثِّلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَقَالَ لَهَا: يَا حُرَّةُ ابْنَةُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ، قَالَتْ لَهُ: فِرَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ مُؤْمِنٍ.

فَقَالَ لَهَا: اللَّهُ جَاءَ بِكِ، وَ قَدْ قِيلَ لِي عَنْكِ: إِنَّكِ تُفَضِّلِينَ عَلِيّاً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ؟

قَالَتْ: لَقَدْ كَذَبَ الَّذِي قَالَ إِنِّي أُفَضِّلُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ خَاصَّةً، قَالَ وَ عَلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ؟ قَالَتْ أُفَضِّلُهُ عَلَى آدَمَ وَ نُوحٍ وَ لُوطٍ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.

فَقَالَ لَهَا: يَا وَيْلَكِ! أَقُولُ لَكِ إِنَّكِ تُفَضِلِّينَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ، وَ تَزِيدِينَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ، مِنَ الرُّسُلِ.

وَ إِذَا لَمْ تَأْتِي بِبَيَانِ مَا قُلْتِ وَ إِلَّا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقِكِ.

قَالَتْ: مَا أَنَا فَضَّلْتُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، بَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ.

بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي حَقِّ آدَمَ: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (1).

وَ قَالَ فِي عَلِيٍّ: وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (2) قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فما [فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى نُوحٍ وَ لُوطٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؟

قَالَتِ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (3) وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ

ص: 234


1- طه: 121.
2- الدَّهْرِ: 22.
3- التَّحْرِيمِ: 10.

الْمُصْطَفَى، الَّتِي يَرْضَى اللَّهُ لِرِضَاهَا، وَ يَسْخَطُ لِسَخَطِهَا.

قَالَ الْحَجَّاجُ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى أَبِي الْأَنْبِيَاءِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ؟

قَالَتِ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (1).

عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ قَوْلًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:

(لَوْ كُشِفَ (لِيَ) الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً) فَهَذِهِ كَلِمَةٌ مَا قَالَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ.

قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ؟

قَالَتْ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ (2) وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَى الْجِنِّ يُقَاتِلُهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، مَعَ أَنَّهُمْ يَتَصَوَّرُونَ عَلَى صُوَرٍ شَتَّى.

فَهَلْ يَسْتَوِي لِمَنْ يَخَافُ عَصَاهُ إِذَا انْقَلَبَتْ حَيَّةً، مَعَ مَنْ يُقَاتِلُ الْجِنَّ فِي مَنَازِلِهِمْ قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ.

وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: أَنَّهَا قَالَتْ: أُفَضِّلُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ (3) عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَاتَ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي حَقِّهِ: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ (4).

قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ؟

قَالَتِ: اللَّهُ فَضَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (5).

ص: 235


1- الْبَقَرَةِ: 260.
2- الْقُصَصِ: 31.
3- الْقُصَصِ: 21.
4- الْبَقَرَةِ: 207.
5- سُورَةَ ص: 26.

قَالَ لَهَا: فِي أَيِّ شَيْ ءٍ كَانَتْ حُكُومَتُهُ؟

قَالَتْ: فِي رَجُلَيْنِ وَاحِدٌ لَهُ غَنَمٌ، وَ الْآخَرُ لَهُ كَرْمٌ، فَبَعَثَ الْغَنَمَ فِي الْكَرْمِ فَرَعَتْهُ، فَتَحَاكَمَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: تُبَاعُ الْغَنَمُ وَ يُنْفَقُ ثَمَنُهَا عَلَى الْكَرْمِ، حَتَّى تَعُودَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: لَا يَا أَبَتِ، يُؤْخَذُ لَبَنُهَا وَ صُوفُهَا، وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ (1).

مَوْلَانَا عَلِيٌّ قَالَ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي سَلُونِي عَمَّا تَحْتَ الْعَرْشِ، وَ عَمَّا فَوْقَهُ، إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ..

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. لِلْحَاضِرِينَ: أَفْضَلُكُمْ وَ أَعْلَمُكُمْ وَ أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ.

فَقَالَ لَهَا: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى سُلَيْمَانَ؟

فَقَالَتْ: اللَّهُ فَضَّلَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: رَبِ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (2).

مَوْلَانَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: طَلَّقْتُكِ يَا دُنْيَا ثَلَاثاً، لَا رَجْعَةَ لِي فِيكِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي حَقِّهِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (3).

قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَتِ: اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ

ص: 236


1- الْأَنْبِيَاءِ: 79.
2- سُورَةَ ص: 35.
3- الْقُصَصِ: 83.

ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ (1) فَأَخَّرَ الْحُكُومَةَ (2) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ادَّعَى فِيهِ النُّصَيْرِيَّةُ (3) مَا ادَّعَوْا، وَ هُمْ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ، قَاتَلَهُمْ وَ لَمْ يُؤَخِّرْ حُكُومَتَهُمْ.

فَهَذِهِ كَانَتْ فَضَائِلَهُ لَا تُعَدُّ بِفَضَائِلِ غَيْرِهِ.

قَالَ: أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ، خَرَجْتِ مِنْ جَوَابِكِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَكَانَ ذَلِكَ ثُمَّ أَجَازَهَا، أَعْطَاهَا، وَ سَرَّحَهَا سَرَاحاً حَسَناً رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا (4)

194- حديث احتجاج العباس على أبي بكر

وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ تَقَلَّدَ أَبُو بَكْرٍ الْخِلَافَةَ، (كَانَ) (5) عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ الْعَبَّاسُ يَخْتَصِمَانِ فِي تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَجَاءَا فَجَلَسَا وَ ابْتَدَأَ الْعَبَّاسُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَهْلًا يَا عَبَّاسُ، أُنَاشِدُكَ اللَّهَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَلَّفَ فِيهِمْ.

فَقَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ مَا بَعَثَ نَبِيّاً إِلَّا جَعَلَ لَهُ أَخاً وَ وَصِيّاً وَ وَزِيراً، فَهَلْ فِيكُمْ مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَ وَصِيِّي وَ وَزِيرِي؟

ص: 237


1- الْمَائِدَةِ: 116- 117.
2- فِي نُسْخَةٍ: (الْحِكَايَةَ).
3- النصيرية: طَائِفَةٌ مِنْ الْغُلَاةِ السبأية، وَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ أَنْ الْأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ رُوحَ (لاهوت) وَ قَدْ نَقْلِ الشهرستاني فِي الْمِلَلِ وَ النُّحْلِ: 1/ 188، وَ ابْنِ حَزْمٍ: 4/ 142، وَ غَيْرِهِمَا تَفْصِيلِ مَقَالاتِهِمْ، وَ لَقَدْ افترى الشهرستاني وَ ابْنِ حَزْمٍ حَيْثُ عَدُوٍّ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنْ فُرِّقَ الشِّيعَةِ.
4- عَنْهُ الْبِحَارُ: 46/ 134 ح 15، وَ عَنْ الْفَضَائِلِ: 136، وَ عوالم الْعُلُومِ لِعَبْدِ اللَّهِ الْبَحْرَانِيَّ: 18/ 186 ح 1.
5- لَيْسَ فِي الْأَصْلِ، أَثْبَتْنَاهُ لْيُتِمَّ سِيَاقِ الْكَلَامِ.

فَسَكَتُّمْ فَأَعَادَهَا الثَّانِيَةَ، فَسَكَتُّمْ، ثُمَّ أَعَادَهَا الثَّالِثَةَ، فَسَكَتُّمْ، فَقَالَ:

لَتَقُومُنَّ وَ إِلَّا فَلْيَذْهَبَنَّ بِهِ غَيْرُكُمْ فَأَيُّكُمْ فَلْيَكُونَنَّ فِيَّ وَ لْتَنْدَمُنَّ عَلَى هَذَا السَّبَبِ.

تَعْلَمُ ذَلِكَ يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ تُخَاصِمُهُ يَا عَبَّاسُ؟

قَالَ: الْعَبَّاسُ: فَلِمَ تَأْخُذُ عَلَيْهِ الْخِلَافَةَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْذِرْنِي يَا عَبَّاسُ (1)

195- حديث لعلي أثنتا عشر فضيلة

وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: فِي أَوَّلِ يَوْمَ صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خِلَافَتِهِ، قَالَ:

لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَضِيلَةً، لَمْ تَكُنْ لِي وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا:

الْأُولَى: مَوْلِدُهُ فِي الْكَعْبَةِ، وَ الثَّانِيَةُ: زِوَاجُهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَ الثَّالِثَةُ: زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ، وَ الرَّابِعَةُ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ أَوْلَادُهُ، وَ الْخَامِسَةُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ:

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ السَّادِسَةُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِحُضُورِي يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، وَ السَّابِعَةُ: سَدُّ أَبْوَابِ الصَّحَابَةِ وَ لَمْ يَسُدَّ بَابَهُ، وَ الثَّامِنَةُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فِي مِثْلِ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ أَلْفَ سَنَةٍ، إِلَّا خَمْسِينَ عاماً، وَ صَبَرَ كَنُوحٍ فِي قَوْمِهِ، وَ صَبَرَ عَلَى حَرِّ مَكَّةَ، وَ جُوعِ الْمَدِينَةِ.

ص: 238


1- الِاحْتِجَاجَ لِلطَّبْرِسِيِّ: 1/ 116، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ وَ الْعَبَّاسِ وَ ذَكَرَ (مِثْلَهُ)، عَنْهُ الْبِحَارُ: 29/ 67 ح 1، الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشوب: 3/ 49 (نَحْوَهُ)، وَ الْعَلَّامَةُ الأميني فِي الْغَدِيرِ: 2/ 279- 284، الْعَقْدِ الْفَرِيدُ: 2/ 412، تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ: 2/ 217، تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ: 19/ 74، الْكَامِلِ لِابْنِ الْأَثِيرِ: 2/ 24، وَ شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ: 3/ 254، جَامِعُ الْأُصُولِ: 2/ 697 ح 1202.

وَ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ كَانَ بِقَدْرِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ عَمْداً فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُحْتَسِباً، وَ لَمْ يَأْتِ بِوَلَايَتِكَ يَا عَلِيُّ، لَكَانَ عَمَلُهُ وَ زُهْدُهُ (وَ إِنْفَاقُهُ) وَ قَتْلُهُ هَباءً مَنْثُوراً، وَ التَّاسِعَةُ: أَنَّ النَّجْمَ هَوَى فِي دَارِهِ، وَ الْعَاشِرَةُ: رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ، وَ مَرَّةً بِالْعِرَاقِ.

وَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّهُ يُكَلِّمُ الْأَمْوَاتَ، وَ الْأَسَدَ، وَ الذِّئْبَ، وَ الثُّعْبَانَ، وَ الْغَزَالَةَ، وَ الشَّمْسَ، وَ السَّمَكَةَ.

وَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفاً يَقْتُلُهُمْ بِشِمَالِهِ دُونَ يَمِينِهِ.

وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَاضِراً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ: اعْتَرَفْتَ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْكَ. (1)

تمت الروضة وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* على يد أقل أبناء العلماء ابن المرحوم محمد مؤمن علي الطالقاني المرجاني في سنة 1031 ه ق.

أقول: و فيها أيضا مكتوب: (اميد كه در نظر أرباب دانش و بينش مطبوع افتد إنشاء اللّه تعالى..

ص: 239


1- لم نجده في مظانه.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.