بحث حول الاستسقام (مشروعية الاستخارة)

اشارة

نام كتاب: بحث حول الاستسقام(مشروعية الاستخارة)

موضوع: فقه فتوايي

نويسنده: گلپايگاني، لطف الله صافي

تاريخ وفات مؤلف: ه ق

زبان: عربي

قطع: وزيري

تعداد جلد: 1

تاريخ نشر: ه ق

ص:1

المقدمة

الرسالة السادسة مشروعية الاستخارة

و أنها ليست من الاستقسام بالأزلام

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّٰه رب العالمين، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله الأمين الذي ترك في امّته ما إن تمسكوا به لن يَضلّوا أبداً، كتاب اللّٰه، و عترته أهل بيته صلي اللّٰه عليه و علي آله الطاهرين

قال اللّٰه تعالي (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ مٰا أَكَلَ السَّبُعُ إِلّٰا مٰا ذَكَّيْتُمْ وَ مٰا ذُبِحَ عَلَي النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلٰامِ) (1)

قرأت في (رسالة الإسلام) (2) التي تُصدرها دار التقريب بالقاهرة جزءاً في تفسير القرآن الكريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) (3)، و وقفت فيه علي ما كتب حول تفسير هذه الآية الكريمة و قوله تعالي (وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلٰامِ)، و ما اختاره فيه.

و قد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحَصَي و ضرب الفول و الرمل، الاستخارةَ من اللّٰه تعالي بالقرآن الكريم، و حَبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت عليهم السلام، و زعم أن كل ذلك ينافي احتفاظ الانسان بعقله، و أن القرآن المجيد يصير بذلك- و العياذ باللّٰه- أداة الشعوذة.

ص: 1


1- المائدة- 3
2- العدد الأول من السنة الخامسة.
3- شيخ الأزهر الأسبق، توفي سنة 1383. و هذا النقد كتب في حياته عند ما نشر هذا العدد، و ارسل إليه و هذا الذي بيد قارينا العزيز هو ما ارسل إليه مع إضافات اضيفت إليه عند عرضه للطبع.

و لا يخفي عليك أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولًا معني الاستقسام بالأزلام، و ثانياً لم يتفهم حقيقة الاستخارة، و أنها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو تركه، أو حكم الشرع برجحان فعله أو تركه، و لا تنافي كرامة القرآن المجيد و كونه كتاب الهداية و الإرشاد بالتي هي أقوم، كما أنه لا ينافي ذلك التبرك به و بآياته، و قراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد كشفاء الأمراض مما هو مجرب و مأثور في الاحاديث الكثيرة المتواترة.

غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام و المشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالَم الشهادة، و يريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية و تأثيرات غيبية، فينكر أثر التوكل و التفويض و الدعاء و الصدقة. و لذا تري بعضهم يُنكرون معجزات الأنبياء، و ما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، كقلب العصا بالثُعبان، و معجزة صالح، و حوت يونُس، و إحياء الموتي، و إبراء الأكمه و الأبرص، و نصرة النبي صلي الله عليه و آله بالملائكة.

و من لا يُنكر ذلك منهم يؤوله، و يري الإيمان به ضرباً من الإيمان بالخرافات، و يعد إنكاره نوعاً من الثقافة. و فتح باب ذلك في الكتاب و السنة، يقلب الشريعة ظهراً لبطن- أعاذنا اللّٰه من شر هذه الثقافات-.

و في الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهراً من مظاهر الإيمان باللّٰه و طلب الخير أو معرفته منه أيضاً يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفكير الإسلامي بشي ء، فينكرونها، و يلحقونها تارة بأفعال المشركين و عاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث و رواية، و لم يثبت شرعيته من جانب الشرع.

هذا! و لزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلٰامِ)، نذكر كلام الشيخ المذكور، ثمّ نتكلم حول تفسيرها بحول اللّٰه و قوته.

[قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حَبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت ع و تعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام]

قال الشيخ محمود شلتوت (و يلحق بهذا النوع الذي حرمه اللّٰه علي الإنسان احتفاظاً بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم كالطرق

ص: 2

بالحصي، و ضرب الفول و الرمل، و الاستخارة بحبات السبحة، و من أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الكريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، و صار شأناً معروفاً حتي عند أهل العلم و الدين، و ما كان اللّٰه ليرضي أن يكون كتاب هدايته و إرشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية و الروحية و العملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أو مضلل أو محتال).

أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:

القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير و الشر

، و ما قسم في مستقبل الحياة و استعلامها، من عند الأصنام. و علل بعضهم حرمة ذلك علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلك لم يكن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما كان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. و يرد ذلك بأن هذا لا ينافي كون العلة تكريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلك عندهم أن يكون عند الأصنام، و عند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، كما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمكن أن يكون لحرمته علل اخري.

و كيف كان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذكور في موضعه، و الأزلام كانت لقريش في الجاهلية مكتوب عليها أمر و نهي، و افعل و لا تفعل، قد زلمت و سويت و وضعت في الكعبة، يقوم بها سدنة البيت. فإذا أراد رجل سفراً أو نكاحاً، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلماً. فيخرجه و ينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، و إن خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما كان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).

و قال ابو البقاء في تفسيره (كانت سبعة عند سادن الكعبة، عليها أعلام، كانوا يحكمونها (يجيلونها- خ ل)، فإن أمرتهم ائتمروا، و إن نهتهم انتهوا).

و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: كانت هُبَل أعظم أصنام قريش بمكة، و كانت في بئر في جوف الكعبة، و كانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي

ص: 3

للكعبة. و كانت عند هُبل سبعة أقداح، كل قدح منها فيه كتاب- إلي أن قال: - كانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاماً، أو أن ينكحوا منكحاً، أو أن يدفنوا ميتاً، أو يشكّوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم و بجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثمّ قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثمّ قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به كذا و كذا، فاخرج الحق فيه، الخ.

و هذا كما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير و الشر، بل يعمها و معرفة الحق عند اختلافهم فكأنهم يحكمونها أو يحكمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.

و قال القفال: ذكر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، و كان موافقاً لما كانوا فعلوه في المطاعم، و ذلك ان الذبح علي النصب إنما كان يقع عند البيت، و كذا الاستقسام بالأزلام كانوا يوقعونه عند البيت إذا كانوا هناك.

و قال بعضهم: و إنما حرّم ذلك لأنهم كانوا يحملون تلك الأزلام عند الأصنام. و هذا القول هو اختيار جمهور كما نقل الرازي في تفسيره.

إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلك، فإن اللّٰه تعالي قال في أول السورة (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ) ثمّ ذكر استثناء أشياء بقوله تعالي (إِلّٰا مٰا يُتْليٰ عَلَيْكُمْ). و في هذه الآية الكريمة ذكر تلك الصورة المستثناة، و استثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذكره في جملة المطاعم أيضاً ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.

القول الثاني: ما نقله الرازيُّ و غيره، [و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه]

و قال: إنه قول المؤرج و كثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، و الأزلام، قداح الميسر. و إلي هذا يرجع ما حكي عن مجاهد من أنه كعاب فارس و الروم التي كانوا يتقامرون بها، و ما حكي عن أبي سفيان بن وكيع من أنه هو الشطرنج.

و هذا القول إن كان راجعاً إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، و إن كان المراد منه تفسير

ص: 4

الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق و الظاهر، كما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر و بما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.

القول الثالث: و هو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت ع

الذين جعلهم النبي صلي الله عليه و آله عدلًا للقرآن، و قال (إنهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض).

و هذا القول كما في (مجمع البيان) و غيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، و ابنه جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام، و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، و كانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاءً، ثمّ يجتمعون عليه، فيخرجون السهام و يدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، و هو القمار، فحرمه اللّٰه تعالي).

و ذكر هذا القول، أبو السعود في تفسيره إلا أنه ترك التنويه بذكر قائله عليه السلام، فقال:

و قيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذكره البيضاوي و السيوطي و غيرهما.

و قال الآلوسي في (روح المعاني): و قيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أو ما قسم اللّٰه تعالي منه، و هذا هو الميسر و قد تقدم ذلك. و روي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي اللّٰه تعالي عنهم، و رجح بأنه يناسب ذكره مع محرمات الطعام انتهي كلام الآلوسي.

و هذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية و ما قبلها من الآيات.

و من هذا القول يعرف المنصف أن الامة لو تمسكوا بالكتاب و العترة، و أخذوا العلم من أهله، و اتبعوا هدي أهل البيت عليهم السلام، أمنوا من الضلال و الاختلاف و من القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، و يعرف أن رسول اللّٰه صلي الله عليه و آله لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم اللّٰه بها، و لأن اللّٰه تعالي أمره بذلك.

و قد فسر الزمان سر ذلك، فصدر منهم في المعارف الإسلامية و العلوم الحقيقية من التوحيد و التفسير و الفقه و الحديث و الأخلاق و الآداب و شرح معالم الإنسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول اللّٰه صلي الله عليه و آله، قد اعترف بذلك الموافق و المخالف.

ص: 5

ثمّ إن من جميع ذلك يظهر أن لا وجه لإلحاق الاستخارة بالقرآن المجيد و بحبات السبحة، بالاستقسام بالأزلام لوجود الفرق بين الاستقسام بالأزلام و بين الاستخارة.

فإن حقيقة الاستقسام علي القول الأول الذي ظهر لك ضعفه، يرجع إلي الشرك، و استعلام ما يكون في المستقبل، و طلب معرفة الخير و الشر من الأصنام. و الاستخارة حقيقتها، الدعاء، و طلب الحاجة، و معرفة الخير من اللّٰه تعالي علام الغيوب.

و الفرق بينهما، هو الفرق بين الشرك و التوحيد، مع أنه ليس في الاستخارة طلب معرفة ما يقع في مستقبل الحياة مثل الموت و المرض و وجدان الضالة و غيرها مما يكون مآله طلب معرفة الغيوب.

و إنما يستفاد منها إذا كان مؤداها الخير، أن الأمر كيف وقع، و وقع أم لم يقع، يكون فيه الخير، و أن ما يقع هو أصلح الأمرين أو الامور. و مثل هذا إنما يؤثر في الإقدام علي الفعل أو تركه، و لهذا ورد النهي عن التفؤّل بالقرآن دون الاستخارة به. فإن التفؤّل إنما يكون فيما سيقع كشفاء المريض و قدوم المسافر و غيرهما، بخلاف الاستخارة، فإنها طلب لمعرفة الرشد و ما فيه الخيرة.

فعلي هذا، الاستخارة بالقرآن الكريم و بالسبحة، ليست مخالفة للكتاب، و لا مانعاً من هدايته و إرشاده للتي هي أقوم، و لو قلنا بالقول الأول في تفسير الاستقسام. و أما بحسب القول الثاني و الثالث، فلا ارتباط بين الاستقسام و الاستخارة أصلًا، و لا وجه لإلحاقها به.

و بعد ذلك، فلا بأس بذكر بعض ما ورد في الاستخارة من الأحاديث فنقول: دلت الروايات من طرق العامة علي استحباب الاستخارة و مطلوبيتها:

فمنها: ما أخرجه أحمد و البخاري و غيرهما من أرباب السنن و المسانيد عن جابر بن عبد اللّٰه، قال: كان رسول اللّٰه يعلمنا الاستخارة في الامور كلها كالسورة من القرآن، يقول (إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثمّ ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك) الحديث.

ص: 6

و منها: ما أخرجه أحمد في مسنده، ج 1 ص 168، قال رسول اللّٰه صلي الله عليه و آله: (من سعادة ابن آدم، استخارته اللّٰه، و من سعادة ابن آدم، رضاه بما قضاه اللّٰه، و من شقوة ابن آدم، تركه استخارة اللّٰه، و من شقوة ابن آدم، سخطه بما قضي اللّٰه عز و جل).

و عن انس بن مالك، لما توفي رسول اللّٰه صلي الله عليه و آله، قال: كان رجل ملحد (يلحد)، و آخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق تركناه. فأرسل إليهما، فسبق اللّٰه صاحب اللحد، فألحدوا له.

و هذا الحديث يدل علي أن الاستخارة بالسبحة جائزة، لا إشكال في جوازها.

و أما الأخبار من طرقنا، فأكثر من أن تحصي:

فمنها: ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) بسند صحيح، قال: قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام (صل ركعتين، و استخر اللّٰه. فو الله ما استخار اللّٰه مسلم إلا خار له البتَّة).

و منها: ما روي عن البرقي في (المحاسن) عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام، قال (قال اللّٰه عز و جل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، فلا يستخيرني).

و منها: ما روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام، قال: قلت له: ربما أردت الأمر، تفرق مني فريقان، أحدهما يأمرني، و الآخر ينهاني. قال: فقال (إذا كنتَ كذلك، فصل ركعتين، و استخر اللّٰه مائة مرة و مرة، ثمّ انظر أجزم الأمرين لك، فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء اللّٰه).

و في رواية عن أبي الحسن عليه السلام (ثمّ انظر أي شي ء يقع في قلبك، فاعمل به)

و في رواية اليسع القمي عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام (انظر إذا قمت إلي الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلي الصلاة، أي شي ء يقع في قلبك، فخذ به، و افتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء اللّٰه تعالي).

و ربما يستخار لرفع التحير و طلب تعرف ما فيه الخيرة بالسبحة، و هي أيضاً مروية في طرقنا عن الصادق عليه السلام، و كذا بالرقاع، و هي أيضاً مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ص: 7

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام (إذا أراد أحدكم شيئاً، فليصل ركعتين، ثمّ ليحمد اللّٰه و ليُثنِ عليه، و يصلي علي محمد و أهل بيته، و يقول: اللهم إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني و دنياي، فيسره لي و أقدره، و إن كان غير ذلك، فاصرفه عني)، الحديث.

و منها: ما روي في (الكافي) عن أبي جعفر عليه السلام، قال (كان علي بن الحسين إذا همّ بأمر حج و عمرة أو بيع أو شراء أو عتق، تطهر، ثمّ صلي ركعتي الاستخارة و قرأ فيهما سورة الرحمن و الحشر، و المعوَّذتين و قل هو اللّٰه أحد إذا فرغ و هو جالس في دبر الركعتين، ثمّ يقول: اللهم إن كان كذا و كذا خيراً لي في ديني و دنياي و عاجل أمري و آجله، فصل علي محمد و آله و يسره لي علي أحسن الوجوه و أجملها، اللهم و إن كان كذا و كذا شراً لي في ديني و دنياي و آخرتي و عاجل أمري و آجله، فصل علي محمد و آله و اصرفه عني).

و منها: ما روي عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن الاستخارة. فقال:

(استخر اللّٰه في آخر ركعة من صلاة الليل، و أنت ساجد، مائة مرة و مرة)، قال: كيف أقول؟ قال (تقول: أستخير اللّٰه برحمته، أستخير اللّٰه برحمته).

و غيرها مما هو مذكور في جوامع الحديث.

و لا يخفي عليك أنه يستفاد من مجموع هذه الأحاديث أن الاستخارة نوعان:

النوع الأول: مجرد طلب الخير بالدعاء، كما دلت عليه رواية محمد بن خالد.

النوع الثاني: طلب تعرف ما فيه الخير من اللّٰه تعالي، أو طلب العزم علي ما فيه الخيرة، كما دل عليه خبر اليسع القمي و أحاديث الاستخارة بالرقاع و بالقرآن المجيد و بالسبحة و حديث إسحاق بن عمار. و محل هذا النوع، تحير المستخير في أمرين مباحين، أو مستحبين، بل و مكروهين إذا لم يكن طريق لمعرفة رجحان أحدهما علي الآخر، لا من الشرع و لا من العقل، و لا من أحد يشاوره.

ص: 8

فإذا صار حاله كذلك، و لم يأت منه الجزم علي أحد الطرفين، يستخير اللّٰه تعالي لرفع تحيره و تحصيل الجزم علي أحد الطرفين، و يعمل علي مؤدي استخارته، و يبني علي أن ذلك هو الأرجح، كما أنه يصير أرجح أيضاً من جهة أداء استخارته إليه و كونه عملًا بما خار اللّٰه تعالي له.

و ليكن هذا آخر كلامنا في هذا البيان، و من أراد التوسع في ذلك، فعليه بمراجعة جوامع الحديث و ما كتب الأصحاب حول الاستخارة و آدابها و أنواعها.

و آخر دعوانا أن الحمد للّٰه رب العالمين

حرره لطف اللّٰه الصافي الگلپايگاني

ص: 9

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.