سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
و الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام علي خاتم الأنبياء و المرسلين و علي أهل بيته المطهّرين، و صحبه الأوفياء المخلصين، و الرحمة علي أرواح علمائنا الأبرار الذين نشروا علوم آل محمّد عليهم السلام الذين من تمسك بحبلهم اهتدي، و تمسك بالعروة الوثقي، و بلغ السعادة القصوي، و نال الدرجات العلي، و من تخلّف عنهم هوي و غوي.
و بعد:
عمد الأوائل من رجال الشيعة الإماميّة إلي جمع كل ما روي من حديث المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حديث أهل البيت عليهم السلام ابتداء من صدر الإسلام و حتي أواسط القرن الثالث الهجري، و لم تثن طلائعهم أزمة منع التدوين المعروفة التي عاشها الحديث الشريف عند غيرهم قرنا من الزمان، و لم توقف همتهم تلك العواصف الكثيفة التي حاولت بمكرها و دهائها أن تحجب نور الشمس عن العالمين وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّٰهُ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الْمٰاكِرِينَ بل ازدادوا إيمانا بأن الحظر المفروض علي التدوين سيلبس هذا الدين لباسا لا يمت بصلة إلي الإسلام، و ربما يطمس معالمه
ص: 5
بمرور الأيام فيضيع الحق أو يخفي و يلتبس علي كثير من العامة، كما حصل.
و نتيجة لهذا الإدراك تجمّع لديهم- في أقل من ثلاثة قرون- ما يزيد علي ستة آلاف و ستمائة كتاب حفظت بأسمائها و أسماء مؤلفيها. و قد اشتهرت من بينها مجموعة من الكتب عرفت باسم «الأصول الأربعمائة» و هي أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف من أصحاب الإمامين الباقر محمّد بن علي (ت/ 114 ه) و الصادق جعفر بن محمّد (ت/ 148 ه) عليهما السلام، و من أصحاب سائر الأئمّة عليهم السلام علي رأي البعض.
و قد تميّزت هذه الأصول الأربعمائة عن سائر مؤلفات الشيعة في القرون الثلاثة الأولي من عمر الإسلام بمميزات كثيرة لعلّ من أهمها حصول الإجماع علي اعتبارها حاكية لكلام المعصوم، ما اشتمل علي نصّ كلامه عليه السلام سماعا بلا واسطة في النقل و التدوين.
و لمّا كانت مؤلّفات الشيعة ليست كلّها بمثابة الأصول الأربعمائة في قوة الحجية، لهذا قام اللاحقون من أقطاب علماء الشيعة- بعد انتهاء ذلك العصر الزاهر بحياة الأئمة عليهم السلام- بإعمال دورهم في التسابق إلي دراسة هذا التراث الضخم و النظر فيه و تدقيقه و تحقيقه بحسب ما لديهم من القرائن الكثيرة، فاجتهدوا في الوصول إلي الحق ما استطاعوا إليه سبيلا، و كان فيهم من هو في مرتبة عالية من مراتب النظر و التحقيق، و علي درجة راقية من التعمق و التدقيق.
و قد كان لعملهم هذا أثره الملموس، إذ تركوا لغيرهم، كتبا كثيرة، مادتها: الأصول الأربعمائة، و غيرها من الكتب الأخري التي بلغت من الاعتبار عند هؤلاء الأعلام درجة من الوثوق بها ما يوجب الركون إليها و اعتمادها.
ص: 6
و قد اتّصفت كتب المرحلة اللاحقة بجودة التصنيف و توزيع المطالب الحديثية علي أبوابها الفقهيّة، و من أشهرها كتب المحمدين الثلاثة- قدس سرهم الشريف-: و هي:
1- الكافي: لأبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي، المعروف بثقة الإسلام (ت/ 329 ه).
2- كتاب من لا يحضره الفقيه: لأبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المشتهر بالصدوق (ت/ 380 ه).
3- تهذيب الأحكام: لأبي جعفر محمّد، بن الحسن الطوسي، المشتهر بشيخ الطائفة (ت/ 460 ه).
4- الاستبصار: لشيخ الطائفة أيضا.
و تمييزا لهذه الكتب عن غيرها أطلق عليها اسم «الأصول الأربعة» باعتبار أنها أضبط و أجمع كتب الحديث الشريف، و امتازت عن غيرها باحتوائها الشامل علي أحاديث الأحكام الشرعية الفرعية، و إن كان الكافي منها مشتملا علي كثير من أحاديث الأصول و المواعظ، و كتاب من لا يحضره الفقيه منها يحتوي علي مجموعة من المواعظ، مع ما لمؤلفيها من مقام عال، و منزلة رفيعة، و شأن جليل، حيث انتهي كل منهم إلي رئاسة محدّثي المذهب الإمامي في عصره، و هذا ما يسرّ لكتبهم هذه أن تحتلّ موقع الصدارة بين كتب الحديث الأخري التي قد لا تقل عنها اعتبارا بالإضافة إلي وثاقة مؤلفيها و شهرتهم أيضا.
و هكذا بقيت كتب هذه المرحلة و علي رأسها الكتب الأربعة مدار الدرس لقرون متعاقبة، فكان- و لا تزال- معوّل الفقهاء و مرجع العلماء، حتي دفعت الهمة إلي جمع شتات الأخبار المتفرقة في الكتب المعروفة الانتساب إلي أهلها، المعتبرة في مادتها، و ضمّها إلي ما في هذه الكتب
ص: 7
الأربعة و نظائرها، و جعل الكل في كتاب واحد، سهل الطريقة، حسن التبويب، جيد الترتيب، ليلبّي حاجة الفقيه من حيث الاستدلال بالحديث علي مسائل الفقه كافّة دون الرجوع إلي عشرات بل مئات الكتب الأخري للغرض المذكور نفسه.
و ممن يسر اللّه تعالي- و له الحمد- لهذه المهمة الشاقّة المضنية- التي لا يقتصر أمرها علي الجمع و التدوين، و إنما علي التدقيق و التحقيق- رجل عالم مشهور، و فقيه متضلع، و محدث ثقة أمين، اجتمعت في شخصه خصال الورع، و الزهد، و التقوي، و العبادة، مع نفاذ البصيرة، و صفاء السريرة، و الولاء التام لآل خير الأنام عليهم الصلاة و السلام ذلك هو العبقريّ الشيخ الحرّ العامليّ (ت/ 1104 ه)- قدس سره الشريف-.
أدرك الشيخ الحر- رضي اللّه تعالي عنه- أهمية هذا العمل الجبار و قيمته العلمية، فاسترخص لأجله ما يقرب من عشرين عاما من عمره الشريف، جمع خلالها الكثير من كتب الحديث عند الشيعة التي كانت تدور عليها رحي الاستدلال و الاستنباط، فجمعها ضمن منهج سليم، استعرض خطواته في مقدمة كتابه الذي أعده لهذه الغاية، ذلك الكتاب هو «تفصيل وسائل الشيعة» الذي تشرفت مؤسستنا بإعادة تحقيقه و طبعه وفق أحدث الأساليب العلمية، فظهر بحلته الجديدة في ثلاثين مجلدا.
و ما ان أتم الشيخ الحر كتابه هذا حتي تلقفته الحواضر العلمية الشيعية في كل مكان، و رزق فضيلة الشهرة بين الفقهاء و العلماء، و طلبة العلوم الشرعية، إذ يسّر لهم الوقوف علي خمسة و ثلاثين ألفا و ثمانمائة و ثمانية و ستين حديثا، فلا غرو إذا أن يكون «وسائل الشيعة» جامعا مأمونا للكتب الحديثية الكثيرة، التي طالما استنزفت من جهود رواد الحركة الفقهية الشي ء الكثير، و أن يكون من أكثر كتب الحديث فائدة عند الشيعة الإماميّة.
ص: 8
و لا يخفي أن «وسائل الشيعة» و إن كان فريدا في بابه، إلّا أن مصنفه- قدس سره- لم يسجل كل ما وصل إلي عصره من حديث العترة الطاهرة عليهم السلام بل ترك الكثير من الأحاديث لأسباب سيأتي بيانها عند الحديث عن الفائدة الأولي من فوائد هذه الخاتمة.
و من هنا برزت الحاجة من جديد إلي كتاب آخر يكمل الشوط الذي انتهي إليه صاحب «الوسائل» فيلم شتات الأخبار الأخري، و يجمع الأحاديث التي لم يسجلها الشيخ الحر- قدس سره الشريف- و يجعلها دررا منسقة، طالما اشتاق العلماء أن يروها مجتمعة.
و قد قيض اللّه تعالي لهذا العمل الضخم رجلا عبقري التتبع، بصيرا، ناقدا، واسع المعرفة، مفرط النباهة، حاد الذكاء، هو فارس ميدان الحديث في عصره، حيث انتهت إليه رئاسة الحديث و أهله، لا عن تقليد و إنكار للجديد، و إنما عن نظر و جد، فأحيا من خلال ما شيده من معارف رسوما و أطلالا أوشكت الأيام أن تجعلها ركاما مسلوب الجمال ألا و هو:
خاتمة المحدّثين الشيخ ميرزا حسين النوري النجفي، المتوفي بها سنة 1320 ه.
لقد وقف المحدّث النوري علي جملة وافرة من الأخبار التي لم يحوها كتاب الوسائل، و ذلك في بضع سنين من التصفح الطويل في كتب الشيعة الإمامية، و التتبع الفريد لكل ما لم يورده الشيخ الحر، و من هنا كانت انطلاقه «مستدرك الوسائل» إكمالا لما استهدفه الأصل نفسه، و جمعا لكلّ ما ربما يستفاد منه في باب الأحكام الشرعية، و لوجوبه، أو في نظر بعض.
قال الشيخ البحاثة الإمام آقا بزرگ الطهراني (ت/ 1389 ه) و هو يصف عمل أستاذه النوري في مكتبته العظيمة المشتملة علي ألوف من الكتب و الآثار النادرة العزيزة الوجود، أو الفريدة، ما نصه:
ص: 9
«فلا يخرج منها إلّا للضرورة، و في الصباح يأتيه من كان يعينه علي مقابلة ما يحتاج إلي تصحيحه و مقابلته مما صنفه أو استنسخه من كتب الحديث و غيرها. و كان إذا دخل عليه أحد في حال المقابلة اعتذر منه، أو قضي حاجته باستعجال، لئلا يزاحم وروده إشغاله العلمية و مقابلته.
أما في الأيام الأخيرة، و حينما كان مشغولا بتكميل (المستدرك) فقد قاطع الناس علي الإطلاق، حتي انه لو سئل عن شرح حديث، أو ذكر خبر، أو تفصيل قضية، أو تاريخ شي ء، أو حال راو، أو غير ذلك من مسائل الفقه و الأصول، لم يجب بالتفصيل بل يذكر للسائل مواضع الجواب و مصادره فيما إذا كان في الخارج، و أما إذا كان في مكتبته فيخرج الموضوع من أحد الكتب و يعطيه للسائل ليتأمله، كل ذلك خوف مزاحمة الإجابة الشغل الأهم من القراءة و الكتابة».
و قد شهد بمكانة المستدرك و أهميته فحول العلماء، و أقطاب الفقهاء، و كبار المحققين، و أعاظم المجتهدين في عصره، كالشيخ الأعظم الميرزا محمّد تقي الشيرازي (ت/ 1338 ه).
و شيخ الشريعة الأصفهاني (ت/ 1339 ه).
و الشيخ المحقق محمّد كاظم الخراساني (ت/ 1329 ه)- صاحب الكفاية- الذي نقل عنه أنه كان يقول: ان الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع إلي المستدرك.
و هذه شهادة تكشف عن أهمية المستدرك في نظر الفقهاء، و تجعله كتابا متحدا مع الوسائل في أهدافه و غاياته، أو كما يقول النوري- قدس سره-: صار الوسائل و مستدركة كتابين كأنهما نجمان مقترنان يهتدي بهما علي مرور الدهور و الأزمان، أو بحران ملتقيان يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان.
ص: 10
إذا كانت أحاديث المستدرك تعرب عن سعة اطلاع الشيخ النوري- قدس سره- في عالم الرواية، و تكشف عن تتبعه النادر لكل شاردة و واردة من روايات أهل البيت عليهم السلام فإن خاتمة المستدرك هي المرآة العاكسة لنبوغه في علوم الحديث الشريف، و لوحة فنية معبّرة بصدق عن شخصيته العلمية بكل أبعادها.
إذ نجد في فوائد هذه الخاتمة الاثنتي عشرة، تعرضه إلي الكثير من المطالب الرجالية العالية، و المباحث العويصة المرتبطة بعلم الحديث، مع العناية الفائقة في دراسة التوثيقات الرجالية العامة، و اختلاف المشارب و المسارب فيها، و كشف النقاب عن اختلاف المباني العلمية في هذا الاتجاه، و من ثم مناقشتها نقاشا طويلا هادئا متزنا، بيد أنه قد يثور قلمه أحيانا، و يغضب في مناقشة ما يراه تهافتا، و عندها يترك العنان ليراعه ليدبج ملحمة من الأدلة- إن صح التعبير- علي إبطال رأي من الآراء.
لقد ركز المصنف في فوائد هذه الخاتمة علي مناقشة المباني العلمية في التوثيقات الرجالية العامة، خصوصا تلك التي تخالف مبناه، و لا تتفق مع وجهة نظره بوجه من الوجوه.
و لقد كان حريصا علي تتبع الأقوال في كل مسألة يريد بحثها في هذا المضمار، و من ثم استعراض مهارة في الدفاع عن وجهة نظره و إبطال ما خالف مبناه، و بسط ذلك علي وفق منهج ثابت علي الرغم من كثرة الآراء و الأقوال التي حشدها في هذه الخاتمة. كل ذلك بهدف إنشاء هيكل جديد بالمعارف الحديثية.
و بغض النظر عن المباني التي شيدت صروحها في فوائد هذه
ص: 11
الخاتمة، نجد رعيلا من الفقهاء قد وقفوا إزاءها موقف الإعجاب، لما فيها من تحقيق ينم عن قابلية فذة و نادرة، و لهذا لم يكتم بعض الأصوليين إعجابه الشديد بهذه الفوائد، فصرح علي رؤوس الاشهاد بأنهم- في بحوثهم الرجاليّة- كلهم عيال علي النوري، مشيرا بذلك إلي ما في فوائد هذه الخاتمة من إبداع قل نظيره في فوائد كتب الحديث و الرجال عند الشيعة الإمامية.
فالخاتمة إذا معرض فكري حافل بمختلف وجوه الآراء، إلي جنب الكثير من المخالفات و المنافرات في عويصات المسائل الحديثية، و هذا ما أملي علي الشيخ النوري نوعا من الإسهاب في كشف غياهب تلكم المطالب عن موضوع ما رسم لها من فائدة في هذه الخاتمة.
و الحق. أنها روضة رائعة من رياض علم الحديث، فيها من آيات الجمال ما يثير إعجاب الناظر، و من أفانين الورد و أريج الزهر ما ينعش المتنزه، و لكن تلك الروضة الغناء لم تخل من أشواك، و علي الخبير المنقب أن يتحاشاها.
و من آيات حسنها و جمالها انك واجد فيها مجموعة هائلة من رواة الحديث الشريف، مع دراسة تفصيلية لبعض المجهولين منهم، ممن لا دليل- في الظاهر- علي كونه من المعروفين.
و ما ان تحت الخطي مع المصنف في روضته حتي يكشف لك عن أحوالهم بقرائن قد لا تخطر علي بال أهل هذا الفن، و قد يريك أمورا لم ترد في كتاب رجالي قط تشهد علي حسن حالهم فضلا عن وثاقتهم، و ما أكثر ما يوقفك علي أشياء لها دخل كبير في معرفة أحوال الغابرين، و لكن لم يلتفت إليها إلّا القليل من النابغين في هذا الحقل المهم من الدراسة و التحقيق، و عندها ينتزع منك الاعتراف- شئت أم أبيت- بأن في هذه الخاتمة إحياء
ص: 12
لرواة كثيرين لفّهم النسيان بغشائه السميك عبر الأزمان، حتي لم يعد لهم ذلك الدور المهم في نقل الحديث و روايته، و التفاني العظيم من أجل الحفاظ علي رواية حديث أهل البيت عليهم السلام من التلف و الاندثار.
و من مهارته العجيبة أنك تراه يعمد أحيانا إلي الغوص في تفاصيل حياة المهجورين، ثم لا يلبث أن يثبت لك أنهم من العلماء الأجلاء، أما برواية صريحة صحيحة اقتنصها من كتاب بعد موضوعه عن هذا الفن فلم يلتفت إليه أربابه، و إما باعتماده القرائن الكثيرة التي برهن عليها قبل إدخالها ميزان الجرح و التعديل.
انه دفاع عجيب لم يتصد إليه أحد قبله و لا بعده، مع قوة الأسلوب، و روعة البيان حتي يخيل إليك ان التدقيق و التحقيق في علم الرجال ما هو إلّا من السحر الحلال.
و لم يقتصر بدفاعه هذا علي أولئك الرواة، بل اعتني عناية فائقة بكثير من الكتب و الأصول الدراسة، و بيّن أنها كانت في الاعتبار و الاشتهار كالشمس في رائعة النهار، مع البرهان علي انها عند أشهر العلماء المعوّل، إذ لا غناء لهم عنها و لا متحول.
و هذا هو ما نص عليه المصنف- قدس سره- في الفائدة الأوّلي من فوائد هذه الخاتمة.
و لما كان الشيخ النوري لم يترك مقدمة لهذه الخاتمة يبين فيها منهجه، و يكشف من خلالها عما في هذه الفوائد من الخرائد و الفرائد، اكتفاء منه بمقدمة المستدرك، لذا ارتأينا أن نخص كل فائدة من فوائد هذه الخاتمة بشي ء من التعريف بمحتواها العام، مع التركيز علي أهم ما يمكن أن يقال في هذا المقام، ممهدين لذلك بما يوضح للقارئ الكريم جوانب الاتفاق و الافتراق بين فوائد هذه الخاتمة و بين فوائد خاتمة الوسائل، لما في ذلك من
ص: 13
أهمية بالغة في بيان حقيقة الاستدراك علي فوائد خاتمة الوسائل. و من ثم الرجوع إلي ما وعدنا به آنفا، فنقول:
أفردت لكل من خاتمة المستدرك و خاتمة الوسائل اثنتا عشرة فائدة، و قد امتازت فوائد الوسائل- تبعا لمنهج الشيخ الحر في الاختصار و تحاشي ضخامة الكتاب- إلي اختصار شديد بحيث لم تزد بتمامها علي جزء واحد كما في الطبعة الأخيرة من الوسائل، بينما امتازت فوائد المستدرك بسعتها لضخامة المطالب المبحوثة فيها، هذا علي الرغم من وجود التماثل البين بين عناوين فوائد الخاتمتين، و ان افترقت كل منهما بفوائد لم تعنون في الأخري، كما يتضح من الجدول التالي:
اسم الفائدة مختصرا/ ترتيبها في خاتمة المستدرك/ ترتيبها في خاتمة الوسائل 1/ حول الكتب المعتمدة/ الأولي/ الرابعة 2/ صحة الكتب المعتمدة و وثاقة مؤلفيها/ الثانية/ السادسة، و التاسعة 3/ طرق المؤلف إلي مشايخه/ الثالثة/ الخامسة 4/ فيما يتعلق بكتاب الكافي/ الرابعة/ الثالثة 5/ طرق الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه/ الخامسة/ الأولي 6/ طرق الشيخ الطوسي في التهذيب/ السادسة/ الثانية 7/ حول أصحاب الإجماع/ السابعة/ السابعة 8/ أمارة عامة لوثاقة المجاهيل من أصحاب// الإمام الصادق عليه السلام/ الثامنة 9/ في إرجاع الأحاديث الحسنة إلي الصحيحة/ التاسعة/ 10/ الرواة الثقات و الممدوحين/ العاشرة/ الثانية عشرة
ص: 14
11/ موقف الأخباريين من حجية القطع/ الحادية عشرة/ 12/ في شرف علم الحديث الشريف/ الثانية عشرة 13/ القرائن الدالة علي ثبوت الخبر/ الثامنة 14/ في جواب الاعتراضات المحتملة/ العاشرة 15/ حول الأحاديث المضمرة/ الحادية عشرة و من الجدير بالإشارة أن فوائد خاتمة الوسائل (الثامنة، و العاشرة، و الحادية عشرة) قد بحثها صاحب المستدرك ضمنا و في أكثر من فائدة، لا سيما في الفائدتين الرابعة و الخامسة.
و قد وجدنا الشيخ الحر- قدس سره- قد اقتصر في الفائدة الأولي علي ترتيب طرق الصدوق فقط، بينما بحثت هذه الطرق تفصيلا في خاتمة المستدرك في الفائدة الخامسة، مع إعطاء دراسة تامة لكل رجل من رجال هذه الطرق، بل و تعيين من روي عنه من الثقات المشهورين مع تعيين رواياتهم في الكتب الأربعة و غيرها من كتب الحديث عن الشيعة الإمامية، و لم يستثن- من هذه الدراسة- أحد من الرواة إلّا الثقات المشهورين شهرة واسعة جدا مع الإجماع علي وثاقتهم.
و مثل هذا الفارق نجده أيضا فيما تخصص من فوائد الخاتمتين لمشيخة التهذيب و الاستبصار، حيث الاكتفاء بنقلها كما هي من غير ترتيب في خاتمة الوسائل تلافيا للتكرار الذي ينجم من الترتيب، لاعتماد الشيخ الطوسي- قدس سره- علي شطر من طرقه في بيان طرقه الأخري، في حين أضيفت لدراسة هذه الطرق في خاتمة المستدرك جميع طرق الشيخ إلي كتب الشيعة في الفهرست، مع بيان الحكم- بالصحة أو الضعف- علي كل طريق، و لا شك ان هذا الحكم علي كل طريق من طرق الشيخ في
ص: 15
الفهرست بالصحة أو الضعف، هو نتيجة لدراسة رجالية موسعة شملت جميع من ذكر في الفهرست، و لم يشذ عن ذلك إلّا من كان معاصرا للشيخ و له كتاب رواه عنه مباشرة، إذ لا طريق.
إلي غير ذلك من المميزات التي انفردت بها إحداهما عن الأخري، إلّا أن القاسم المشترك بينهما هو الاعتماد علي المباني الاخبارية التي تختلف عن مباني الأصوليين إزاء بعض النتائج المقرّرة في هاتين الخاتمتين، اختلافا يضيق في بعض الأحيان فيعود لفظيا لا تفاوت فيما يرتبه المبنيان عليه من آثار، و لكنه قد يتسع أحيانا اخري اتساعا بحيث لا يمكن الجمع بين آثارهما بحال.
إلّا أن ما نجده في البحوث الرجالية و الدرائية و الكتب المعدة لهذا الغرض- بعد عصر الشيخ النوري- يؤكد علي أن لثمرات «خاتمة المستدرك» أهمية لا يسع أرباب أي مبني- في هذا الحقل- تركها أو الإعراض عنها بحال من الأحوال علي الرغم من اعتماد المباني الخاصة فيها.
و قد اضطرنا هذا الاختلاف المبنوي- أحيانا- إلي الإشارة السريعة إلي أهمه خصوصا فيما يتعلق بالتوثيقات العامة المتركزة في الفوائد:
«الرابعة، و الخامسة، و السادسة» و أعرضنا عن بيان الاختلافات الأخري، التزاما بإظهار نص المؤلف بصورة واضحة خالية من التعقيد و التصحيف و التحريف كما هو منهجنا في التحقيق.
و بهذا المقدار من الحديث عن خاتمة المستدرك قد آن الأوان لأن تحظي فوائده بما وعدنا به من تعريف فنقول:
ص: 16
و هي أقصر فائدة في فوائد هذه الخاتمة، إذ لم يذكر المصنف فيها سوي مقدمة يسيرة تعرب عن جهده في صياغة ما أنشأه من معارف مهمة ذات صلة بالحديث الشريف و من ثم تعداد الكتب التي اعتمدها في تسجيل ما استدركه علي الشيخ الحر من الأحاديث.
و لقد كان الابتداء بها في هذه الخاتمة موفقا من حيث الترتيب الفني لهذه الفوائدة و تسلسلها علي خلاف ما هو عليه في ترتيب فوائد خاتمة الوسائل إذ ابتدأت بنقل مشيخة الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه.
و علي أية حال، فإنّ تنظيم فوائد خاتمة المستدرك ابتداء بمصادره و انتهاء بترجمة مؤلفة قد أضفي علي هذه الخاتمة نوعا من الجمال، لانسجام العرض مع الترتيب.
و لما كان الشيخ الحر العاملي- قدس سره- قد أشار إلي كتب أهملها حين تدوين «الوسائل» لذا قد يكون «المستدرك» موحيا بالاعتماد علي هذه الكتب و نظائرها.
و من هنا يظهر اهتمام المصنف بهذه الفائدة و تقديمها علي ما سواها، لأنها الأساس الذي شيّد عليه صرح المستدرك.
و ما كان الشيخ النوري مغامرا ليختار أرضا رخوة يقيم عليها مثل هذا البناء، لينهار قبل تمامه، كما سنوضحه في هذه السطور، فنقول:
صرح الشيخ الحر العاملي- قدس سره- في الفائدة الرابعة من
ص: 17
خاتمة الوسائل بأسماء الكتب التي نقل منها أحاديث «الوسائل» فكانت علي نحوين و هما:
الأول: كتب نقل منها مباشرة، و هي اثنان و ثمانون كتابا.
الثاني: كتب نقل منها بالواسطة، و هي ستة و تسعون كتابا.
و بهذا يكون مجموع الكتب التي صرح الشيخ الحر باعتمادها في الوسائل- سواء بالواسطة أو غيرها- مائة و ثمانية و سبعين كتابا.
و هذا العدد لا يمثل جميع ما وصل إلي عصر الشيخ الحر من كتب الشيعة قطعا.
و أيضا صرح الشيخ الحر في هامش له علي بداية الفائدة المذكورة (30: 159- 160) بأنه قد ترك النقل من كتب اخري غير معتمدة عنده لسببين و هما:
الأول: عدم العلم بثقة بعض مؤلفي هذه الكتب.
الثاني: ثبوت ضعف بعضهم عنده.
ثم عدد من هذه الكتب ثلاثة عشر كتابا.
و الشيخ النوري- قدس سره- لم يعتمد علي هذه الكتب الثلاثة عشر كلّها، بل ترك سبعة منها لعدم اعتمادها عنده أيضا، و لعل من ألّفها هم «البعض» الذي ثبت ضعفه عند الشيخ الحر- طاب ثراه-.
أما «البعض» الآخر من هذه الكتب التي لم يكن لدي الشيخ الحر علم بثقة مؤلفيها، فلا يبعد ان تكون هي الستة المعتمدة في أحاديث المستدرك، و هي:
1- كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلي الإمام الصادق عليه السلام.
2- كتاب الفقه الرضوي المنسوب إلي الإمام الرضا عليه السلام.
3- كتاب غوالي اللآلئ لابن أبي جمهور الأحسائي.
ص: 18
4- كتاب الشهاب لابن سلامة القضاعي.
5- كتاب جامع الأخبار لمحمّد بن محمّد السبزواري.
6- كتاب الدرر و الغرر للآمدي.
و هذه الكتب الستة لا تمثّل إلّا جزءا يسيرا جدا من أحاديث المستدرك التي اقتنصها المصنف- بعد تصفح طويل في تراث الشيعة- من كتب كثيرة، لم يصرح بها الشيخ الحر لا سلبا و لا إيجابا. و قد ذكر المصنف منها في هذه الفائدة اثنين و سبعين كتابا، كانت سبعة منها هي من مصادر بحار الأنوار، و لو أردنا تصنيف هذه الكتب لوجدناها مشتملة علي بعض الأصول الأربعمائة، و نوادر قدماء الأصحاب، و رسائلهم، و مسائلهم، و صحائفهم، و تفاسيرهم و غيرها مما لم يكن عند الشيخ الحر العاملي وقت تأليف الوسائل.
و من الملفت للنظر هو أن بعض مؤلفي الكتب المذكورة في هذه الفائدة هم من مؤلفي الكتب المعتمدة في الوسائل، كالصدوق الأول علي ابن الحسين بن بابويه القمي (ت/ 329 ه) و الشيخ الصدوق محمّد ابن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت/ 381 ه) و الشيخ المفيد (ت/ 413 ه)، و الطبرسي صاحب مجمع البيان (ت/ 558 ه)، و السيد ابن طاوس (ت/ 664 ه)، و الشهيد الأول (ت/ 786 ه)،- قدس اللّه تعالي أرواحهم-.
و هذا يعني استقصاء المصنف لمؤلفات الأعلام الذين لا شك و لا شبهة في وثاقتهم، و من ثم فرز ما لم يعتمد الحرّ منها في الوسائل، إما لعدم الوقوف عليها، أو لعدم وصول نسخة صحيحة منها إلي الشيخ الحر وقت التأليف.
و مثاله اعتماد الشيخ الحر علي عشرة كتب من كتب السيد ابن طاوس (ت/ 664 ه) إلّا أن الشيخ النوري استدرك عليه ما فاته من أحاديث في
ص: 19
«فلاح السائل» و «سعد السعود» حيث لم ينقل عنهما في الوسائل، و لا يشك أحد بصحة انتساب هذين الكتابين لهذا الفقيه الجليل، و من هنا كانت أهمية هذه الفائدة إذ رسمت صورة واضحة لجهد المصنف في تتبع ما لم يورده الشيخ الحر من مؤلفات أعاظم الشيعة المعلومة النسبة إليهم.
و ممّا يلحظ في هذه الفائدة أنها لم تسجّل جميع مصادر المستدرك، و ما ترك ذكره فيها أكثر مما ذكر، لا عن غفلة من المصنف بل لنكتة مهمة و هي أن ما اعتمده النوري من الكتب و لم يشر إليه في هذه الفائدة إنما هو لاعتماده من قبل الشيخ الحر نفسه، و هذه ميزة مهمة للمستدرك تكشف عن تتبع مصنفه لما في مصادر الوسائل من أحاديث تركها الشيخ الحر، مع أنها تنطوي علي أحكام فقهية بنظر النوري، و مروية بالأسانيد التي احتج بها الشيخ الحر، و هذه الكتب كثيرة نذكر منها:
كتاب المحاسن للبرقي، كامل الزيارات لابن قولويه، رجال الكشي، قرب الاسناد للحميري، تفسير علي بن إبراهيم القمي، تفسير العياشي، الكافي لثقة الإسلام الكليني، و كتاب من لا يحضره الفقيه، و عيون أخبار الرضا عليه السلام، و الخصال، و إكمال الدين، و ثواب الأعمال، و معاني الأخبار للشيخ الصدوق، و أمالي الشيخ المفيد، و الاختصاص له أيضا، و أمالي الطوسي، و كتاب الغيبة، و مصباح المتهجد له أيضا، و نهج البلاغة جمع السيد الشريف الرضي، و كنز الفوائد للكراجكي، و الاحتجاج للطبرسي، و غيرها.
نعم، ذكر النوري في هذه الفائدة أربعة من الكتب المشتركة الاعتماد عليها بينه و بين صاحب الوسائل و هي:
1- صحيفة الإمام الرضا عليه السلام.
2- كتاب علاء بن رزين.
ص: 20
3- تفسير النعماني.
4- كتاب المزار لابن المشهدي.
و لعل السبب في ذلك هو أن الأول منها قد اعتمده الشيخ الحر برواية الشيخ أبي علي الطبرسي، بينما اعتماده في المستدرك برواية غيره، و هي نسخة معتبرة، فيها ما لم يتوفر بنسخة الشيخ الحر.
أمّا الثلاثة الأخري فباعتبار الوقوف المباشر عليها من غير واسطة- دون ما في الوسائل- و لا يخفي ما في هذا الفرق من مبررات الاستدراك.
و خلاصة المقام: أن الفائدة الأولي من فوائد المستدرك جديرة بأن تنال اهتمام الباحثين، و أن تحظي بدراسة مقارنة مع الفائدة الرابعة من فوائد خاتمة الوسائل، لكي تتضح جهود الشيخ النوري في تتبع ما لم يقع في متناول الشيخ الحر من تراث الشيعة، ذلك التراث الذي أوشك أن يضمحل دوره في الفقه الشيعي بعد عصر الوسائل.
ص: 21
بعد ان فرغ المصنف- رحمه اللّه تعالي- من تعداد أسماء الكتب التي اعتمدها في المستدرك في الفائدة الأولي، انتقل إلي هذه الفائدة لدراسة ما ذكره هناك من الكتب دراسة تفصيلية، مع شرح دقيق و مستوعب لمكانة مؤلفيها، و بيان منزلتهم العلمية، و درجة وثاقتهم، و مدي الاعتماد عليهم في عالم الرواية.
و لقد وجدنا المصنف- رحمه اللّه تعالي- في هذه الفائدة حريصا جدا علي إعطاء صورة واضحة لكل كتاب اعتمده و كان محط تأمل البعض من العلماء، إما للشك في صحة نسبته إلي مؤلفه، أو لجهالة حال مصنفه، أو لحكم البعض علي عدم وثاقته، أو لعدم وصول نسخة صحيحة- من هذا الكتاب أو ذاك- إلي المتأخرين مما أدي إلي إهماله، أو لغيره هذا و ذاك من الدواعي الأخري التي حملت الأعلام علي الاعراض عن الكتب المتصفة بهذه الأسباب أو بعضها. كل ذلك فرض علي صاحب المستدرك- قدس سره- أن يدخل في هذا الباب من البحث الذي لم يطرقه أحد غيره، لا قبله- كما صرح به في آخر المطاف- و لا بعده فيما نعلم.
و حيث كانت الإحاطة بما في هذه الفائدة متعذرة عبر هذه السطور، لذا سيكون الحديث عنها مقتصرا علي ما يضمن الوصول إلي تلك الإحاطة الموكول أمرها إلي القارئ الكريم نفسه، فنقول:
يمكن حصر الحديث عما في هذه الفائدة بالمحاور الثلاثة التالية.
المحور الأول: ما يتعلق بالكتب المذكورة في هذه الفائدة.
المحور الثاني: ما يتعلق بمؤلفي هذه الكتب.
ص: 22
المحور الثالث: ما له ارتباط ما بأحد المحورين أو بهما معا.
و سوف نذكر بيانا ملخصا لما جاء في كل محور من هذه المحاور و علي النحو التالي.
المحور الأول: (ما يتعلق بالكتب المذكورة في هذه الفائدة).
لقد اشتمل هذا المحور علي أمرين مهمين في بيان حقيقة الكتب المذكورة في هذه الفائدة و هما:
أحدهما: في وصف هذه الكتب.
و الآخر: في إثبات اعتبارها.
أما الأول: فيتلخص بالنقاط التالية:
1- العناية في تحديد اسم الكتاب- موضع بحث الفائدة- بالضبط، مع عرض سائر الاختلافات في ضبطه إن وجدت لدي العلماء، ثم انتخاب ما يمثل الواقع اعتمادا علي أدلة كثيرة، قد يرتبط بعضها بعصر المؤلف أو تلامذته.
2- التأكيد علي ما في أول الكتاب و آخره من كلام مصنفه، و لا يخفي ما في هذا العمل من أهمية كبيرة بالنسبة إلي الكتاب.
3- الاهتمام الملحوظ في بيان تاريخ تأليف الكتاب المبحوث عنه، و تاريخ الفراغ من تأليفه، و لما كان هذا الأمر غير متيسر بالنسبة إلي كثير من الكتب، صار معوّل الشيخ النوري- قدس سره- علي ما في نسخه منها من حيث بيانه لتاريخ نسخها و وقت الفراغ منه، مع بيان اسم الناسخ، و قد وجدنا بعض نسخه الخطية يرجع تاريخها إلي القرن الرابع الهجري، كما في نسخته من كتاب درست بن منصور و نوادر علي بن أسباط و غيرهما.
4- لغة جميع كتب هذه الفائدة هي اللغة العربية، حيث لم يعتمد فيها إلّا علي النص العربي للحديث الشريف لما في الاعتماد علي النص
ص: 23
المترجم من مضيعة لبلاغة الحديث الشريف و روعة نظمه، و قد نبّه المصنف علي هذا في كتاب روض الجنان لأبي الفتوح الرازي الآتي في هذه الفائدة.
5- الإشارة إلي ما في هذه الكتب من أحاديث الأحكام، فبعضها غزير المادة الفقهية، و بعضها الآخر لا شي ء فيه من ذلك بل موضوعه السنن و الأخلاق و الآداب العامة، و بعضها قد جمع بين الأمرين.
و اما الثاني: فغالبا ما يبتدئ بعرض اختلاف العلماء في الكتاب المبحوث عنه، من حيث طعنهم بالكتاب، أو شكهم بصحة نسبته إلي مؤلفه، مع بيان سائر الوجوه التي اعتمدها من قال بعدم اعتباره، و من ثم الانتقال إلي الدفاع عن هذا الكتاب، و بيان قيمته العلمية، و ذلك بالاعتماد علي كثير من الشواهد و الأدلة، نذكر أبرزها و هي:
1- استقصاء ما كتبه أعلام الشيعة من شروح لهذا الكتاب المطعون فيه، و بيان ما في عملهم هذا من دليل عنايتهم به، و إلّا فأي ثمرة تترتب علي تظافر جهود العلماء في شرحه لو كان الكتاب غير جدير بالاهتمام و الاعتبار؟! كما نلحظه في كتاب الشهاب للقاضي القضاعي محمّد بن سلامة المالكي المصري المتوفي بها ليلة الخميس 16 ذي القعدة/ 454.
2- بيان الطرق الموصلة إلي الكتاب تفصيلا، و قد يتوسع النوري- قدس سره- في كثير من الأحيان في تفصيل هذه الطرق فيذكر العديد منها، لإثبات صحة نسبة الكتاب إلي مصنفه بشكل لا يدع مجالا للشك في صحة هذه النسبة.
3- ذكر أسماء العلماء الذين اعتمدوا الكتاب و صرّحوا باعتباره، و قد يسجل النوري- قدس سره- العشرات من أسماء العلماء القدامي و المعاصرين له في هذا المضمار.
4- تفصيل من روي عن هذا الكتاب من قدامي الأصحاب في كتبهم
ص: 24
الحديثية المعتبرة، كما هو الحال في كتاب عاصم بن حميد المعتمد من قبل المحمدين الثلاثة- رضي اللّه عنهم- في كتبهم الأربعة.
5- الغوص في بحر الإجازات العلمية التي منحها المشايخ العظام إلي فضلاء عصرهم و تلامذتهم، لاستخراج ما فيها من تقريظ و مدح لهذا الكتاب أو ذاك مع الإجازة بروايته، كما ان في تبيين هؤلاء المشايخ لطرقهم إلي هذه الكتب و اتصالها بمؤلفيها ما يؤكد صحة نسبتها إليهم، هذا فضلا عن طرق النوري- قدس سره- إلي هذه المصنفات كما مرّ آنفا.
6- اهتمام الشيخ النوري- قدس سره- بإجراء المقارنة بين محتوي كتبه تلك مع ما في الكتب الأربعة، و غيرها من كتب الشيعة المهمة في مجال التعرف علي أحاديث أهل البيت عليهم السلام لا سيما كتب الشيخ الصدوق و الطوسي و أضرابهما، كل ذلك بهدف التأكيد علي ان الاختلاف بين الاثنين نادر و قليل جدا.
7- اقتناص أدلة الأحكام الفقهية المقررة لدي بعض الفقهاء و المأخوذة من روايات هذه الكتب، أو الموافقة لها من حيث المضمون.
8- إثبات ان بعض الكتب التي تركها صاحب الوسائل- قدس سره- قد اعتمد عليها من حيث لا يعلم، كما هو الحال في كتاب الجعفريات الذي لم يذكره الشيخ الحر- رحمه اللّه- ضمن مصادر الوسائل، إلّا ان خبر الوسائل (10: 32/ 135) قد أخذ من كتاب الإقبال للسيّد ابن طاوس- رضي اللّه عنه- مع أنّ الأخير نقله من كتاب الجعفريات نصا، و هذا تتبع نادر يستحق الثناء. علي أن فيه ما يدل علي اعتماد أكابر الفقهاء العبّاد علي كتاب الجعفريات.
9- الإطالة في الدفاع عن بعض الكتب، مع عرض عشرات الأدلة علي اعتبارها و اعتمادها و شهرتها لدي العلماء، كما هو الحال في كتاب
ص: 25
دعائم الإسلام، و مصباح الشريعة، و كتاب الفقه الرضوي و غيرها.
أما الكتب المعلومة الانتساب إلي أعاظم رجالات الشيعة، فيجدها غير محتاجة إلي الدعم- و هو الصواب- لذا لم يتحدث عنها إلّا قليلا، و ربما ترك الحديث عنها لعدم أهميته قياسا إلي أهمية الحديث عن غيرها من الكتب الأخري، و قد اختص هذا بكتب المشاهير كالشيخ المفيد و شيخ الطائفة- قدس سرهما الشريف- و غيرهما.
إلي غير ذلك من الأمور الأخري المتصلة بهذا المحور و التي لا مجال لإيضاحها في هذه العجالة.
المحور الثاني: ما يتعلق بمؤلفي هذه الكتب.
توسع المصنف في حديثه عن مؤلفي هذه الكتب، و قد أبدي مهارة في إجلالهم، و بيان منزلتهم العلمية، و مكانتهم عند أرباب النظر، مع فضلهم في الحفاظ علي السنة بشقيها- النبوية و الإمامية- و صيانتها من التلف أو الضياع.
هذا و يمكن إجمال ما في هذا المحور بالنقاط التالية:
1- ضبط أسماء المؤلفين كاملة، مع مناقشة جميع الاختلافات الواردة في ذلك.
2- الاعتناء البالغ بالتضعيفات الموجهة إلي أي مؤلف كان من مؤلفي كتب هذه الفائدة. و هذه التضعيفات علي نحوين:
أحدهما: تضعيفات أهل السنة.
و الآخر: تضعيفات علماء الشيعة.
أما الأول: فلا يكلف النوري نفسه- قدس سره- بالردّ عليه، و يهمله تماما، بل و يعد الردّ عليه من تضييع العمر، و قد وجدناه- رحمه اللّه- في غير هذه الفائدة يعد قدح أهل السنة برجال الشيعة و رواتهم من حسن الراوي، و هو
ص: 26
كذلك، إذ يكفي في التضعيف عندهم أن يكون الرجل شيعيا حتي و لو كان من عبّاد هذه الأمة و زهادها!! حتي لكأن اجتماع النقيضين أهون عند متعصبيهم من اجتماع التشيع و الوثاقة في فرد مسلم!!! ناهيك عن كثرة امتداحهم و توثيقاتهم بكتب الرجال لكلاب أهل النار من أحفاد ذي الثدية فيما نصت عليه صحاحهم.
و أمّا الثاني: فهو موضع اهتمام النوري- رحمه اللّه- إذ نراه يستعرض جميع الأقوال المضعفة لأي من أولئك المؤلفين، ثم ينتقل بعد ذلك إلي مناقشة هذه التضعيفات منتهيا إلي الحكم بجلالته و علو قدره و منزلته، و له في إثبات ذلك منها:
أ- النص الصريح- من أحد العلماء المتضلعين في فن الرجال- علي وثاقته.
ب- إيراد الكثير من أسانيد الكتب الأربعة المتصلة بقدامي مؤلفي بعض هذه الكتب خصوصا ما كان داخلا منهم في عداد أصحاب الأصول الأربعمائة المعروفة عند الشيعة، و ذلك للدلالة علي كونه معتمدا في الرواية من قبل رواة الشيعة الأوائل.
ج- رواية أجلاء الشيعة و أصحاب الإجماع: كابن أبي عمير، و صفوان، و البزنطي- الذين عرفوا بأنهم لا يروون و لا يرسلون إلّا عن ثقة- عن قدامي هؤلاء المؤلفين.
د- بيان موقف العلماء إزاء من ضعّف، و تصريحهم بخلافه.
ه- الإكثار من توظيف استدلالات الفقهاء في مجال الأحكام الفرعية لخدمة التوثيق حين يكون الاستدلال برواية رواها المؤلف أو وقع في إسنادها.
3- إثبات تشيع من يدعي تسننه من أولئك المؤلفين، و له في إثبات
ص: 27
ذلك طرق طريفة، لعل من أهمها كون المدعي تسننه هو «من دعاة الرفض» عند أهل السنة.
4- المسكوت عنهم في كتب الرجال من أولئك المؤلفين قد نالوا حظا وافرا من البحث و التمحيص في هذه الفائدة، كما في شرحه لأصل زيد الزراد. و لقد كان المصنف آية عجيبة في توثيق من لم يذكر منهم في كتب الرجال بمدح أو قدح كأبي محمّد جعفر بن أحمد القمي صاحب كتاب المسلسلات و غيرها من الكتب، إذ أكّد جلالته بمختلف الطرق.
المحور الثالث: ما له ارتباط بموضوع الفائدة.
فرض هذا الباب من البحث علي الشيخ النوري- قدس سره- التطرق إلي الكثير من الأمور الأخري التي لم تذكر في أي من المحورين السابقين و كان لبعضها ارتباط جانبي بأحد المحورين، و لبعضها الآخر صلة وطيدة بموضوع هذه الفائدة.
و فيما يلي أهم تلكم الأمور، التي تكرر ذكر بعضها بين فترة و اخري، مجملة بالنقاط التالية:
1- تنبيه المصنف- قدس سره- علي طريقة حصوله علي بعض مصادر المستدرك الفريدة، و قد يجزم أحيانا بافتقار مكتبات الشيعة في العراق إليها، لحصوله عليها من بلاد الهند، أو إيران أو غيرهما من البلدان النائية عن مكان تأليف خاتمة المستدرك، مما يكشف هذا عن اتصاله الوثيق برجال الفكر و عشاق التراث الشيعي و مكتبات الشيعة في مختلف بقاع العالم الإسلامي.
2- إشارة المصنف إلي أخطائه- رحمه اللّه- إزاء ما ذكره عن بعض هذه الكتب أو بعض المؤلفين في مؤلفاته السابقة كدار السلام، و النجم الثاقب و غيرهما. كما هو الحال في كتاب الدعوات للقطب الراوندي الآتي
ص: 28
في هذه الفائدة برقم/ 34، حيث سبق و ان نسبه إلي غير مؤلفه في كتبه السابقة.
3- التصريح باعتماده علي مؤلفاته السابقة في شرح حال بعض الكتب المذكورة في هذه الفائدة كما يظهر ذلك من كتاب جامع الأخبار الآتي برقم/ 51 و الذي لم يقطع المصنف بنسبته إلي شخص معين، بل جعله مرددا بين اثنين، و الصحيح انه لمحمّد بن محمّد السبزواري كما أثبته المحقق الأستاذ علاء آل جعفر في مقدمة تحقيقه للكتاب المذكور.
4- الإحالة إلي الفوائد الأخري في هذه الخاتمة لا سيما الفائدة الثالثة فيما له علاقة بمؤلفي هذه الكتب في الفائدتين.
5- تعرضه إلي بيان بعض الطرق إلي الكتب التي اعتمدها الشيخ الحر العاملي و لم يعتمدها هو في المستدرك من هذه الطرق بل من طرق اخري، لاختلاف النسخ تبعا لاختلاف طرقها، كما نجده في نسختيهما من صحيفة الامام الرضا عليه السلام.
6- تعرضه إلي بيان التصحيفات الحاصلة في أسماء الرواة الذين وقعوا في الأسانيد التي استفاد منها النوري في مجال التوثيقات العامة أو لأغراض أخري في هذه الفائدة.
7- تناوله لبعض الأمور المهمة المرتبطة بعلم الحديث الشريف، كبحثه عن الصحابة و حجية الحديث المرسل و غير ذلك من الأمور الأخري ذات الصلة بدراية الحديث و روايته.
هذا و قد تسجل بعض المؤاخذات علي المصنف- رحمه اللّه- لعل أهمها ما يأتي:
1- اعتماده علي كتاب واحد مجهول المؤلف و إن اعتذر عن الاستدراك به علي الشيخ الحر باعتبار ان ما سجله منه ليس محتجا به و إنما
ص: 29
هو كشاهد و مؤيد.
2- تصريحه باعتماده علي بعض الكتب التي افتقرت إلي المادة الفقهية تماما معللا ذلك بالحرص علي حفظ مآثر الشيعة الإمامية من الضياع كما في كتاب مصباح الشريعة مما يجب- لو صح الاستدراك بهذا- ان تطرد العلة لتشمل سائر كتب الشيعة الأخري التي هي من قبيل مصباح الشريعة.
3- اعتماده- كما صرح هو- قدس سره- علي كتاب واحد غير شيعي مع ان الاستدراك هو علي «تفصيل وسائل الشيعة»! 4- لم يعر الاهتمام بالدفاع عن التوثيقات الرجالية العامة التي اعتمدها في مجال التوثيق في هذه الفائدة، بل و لم يشر إلي مواضع دفاعه عنها في الفوائد الأخري من هذه الخاتمة كالرابعة و الخامسة و السابعة و غيرها، حتي لكأنها مسلمة عند الجميع و ليس الأمر كذلك.
ص: 30
خصصت هذه الفائدة- التي هي أكبر الفوائد بعد الخامسة- لبيان طريق المصنف إلي أصحاب الكتب التي تقدمت الإشارة إليها في الفائدتين الأولي و الثانية، منضمة إليها مئات الطرق الأخري إلي من ألّف و صنف- من السلف الصالح- في علوم الشريعة الغراء من فقه و حديث و تفسير و أصول و نحو ذلك، ابتداء من عصر المصنف المتوفي سنة- 1320 ه) قدس سره-، و انتهاء بأصحاب الكتب الأربعة المشهورة، و ما تلاها في الاعتبار.
و قد استهلّ هذه الفائدة ببحث ممتاز عن الإجازات العلمية و دورها المهم في رواية الحديث باعتبارها من أهم طرق تحمّل الحديث و آداب نقله، مستعرضا لكثير من الإجازات التي استجازها المشايخ العظام، أو منحوها لمن استجازهم، ذاكرا نتفا من استجازة علماء الشيعة و فقهائهم عن فقهاء أهل السنة و محدثيهم و أرباب العلوم الأدبية، لرواية جميع مؤلفاتهم و مصنفاتهم التي يحتاجون إلي النقل منها، كما حدث ذلك لهم بالشام و مصر و مكة و فلسطين. كما بين في هذا البحث الكيفية التي تتم بها معرفة مشايخ الإجازات بعيدا عن كتب الرجال و نصوصهم- كما بحث أيضا عن أصناف التحمل الأخري-، إلّا انه لم يولها ما أولي الإجازة من اهتمام.
و من مظاهر اعتداده الفائق بالإجازة انه خصص مساحة واسعة في هذا البحث للرّد علي دعوي انحصار الإجازة في التيمن إلّا أن يكون متعلقها كتابا خاصا فتفيد الضمان و تعهد صحته و حفظه من الغلط و التصحيف، حيث أثبت حاجة الفقهاء الأوائل إليها مطلقا حتي في الكتب المتواترة عن
ص: 31
أصحابها، ثم ساق كثيرا من الأدلة التي تضاد هذه الدعوي، مشيرا إلي احتياط بعضهم في إتيان أمور بلا دليل و إنما لمواظبة بعض من سبق من الفقهاء عليها، متسائلا كيف لا تكون الإجازة كذلك بعد أن دأب عليها جميع الفقهاء؟
و لهذا نجده لا يري حجية فتوي الفقيه الذي لم يستجز أحدا في الرواية، لأن الإجازة في نظره هي طريق الاحتياط الوحيد الذي لا ينبغي للفقيه مجانبته.
و بعد أن فرغ المصنف- قدس سره- من بحث الإجازات العلمية في عالم الرواية و التحديث، انتقل إلي موضوع هذه الفائدة، ألا و هو بيان طرقه مفصّلة إلي المشايخ العظام.
ابتدأ المصنف بمشايخه الخمسة، و هم:
الأول: الشيخ مرتضي الأنصاري.
الثاني: الشيخ عبد الحسين الطهراني.
الثالث: السيد مهدي القزويني.
الرابع: المولي علي بن ميرزا خليل الطهراني.
الخامس: الميرزا محمد هاشم الخوانساري.
و هؤلاء الخمسة- قدس سرهم- قد أجازوا المصنف برواية جميع مصنفاتهم و مؤلفاتهم و ما سمعوه أو قرأوه علي مشايخهم، و هم بدورهم استجازوا مشايخهم الذين هم استجازوا أيضا ممن تقدم علي طبقتهم، و هكذا الحال بالنسبة إلي الطبقات الأخري الممتدة علي ما يقرب من ألف عام.
إن القارئ الكريم ليجد في هذه الفائدة جهدا فريدا في تفصيل مشايخ هذه الطبقات التي تزداد تعقيدا كلما ابتعد عن عصر المصنف لكون كل
ص: 32
مجيز منهم- مع كثرتهم- مستجيزا من غيره.
فالشيخ الأنصاري- مثلا- الذي ابتدأ به المصنف، له طريقان إلي المشايخ العظام.
أحدهما: عن الشيخ النراقي.
و الآخر: عن السيد صدر الدين محمّد بن صالح الموسوي.
و لكل من هذين الطريقين طرق اخري، تتفرع منها طرق كثيرة، و تتشعب من فروعها طرق أكثر.
فالشيخ النراقي مثلا يروي عن المشايخ العظام- بالإجازة- من أربعة طرق.
الأول: من طريق السيّد بحر العلوم.
الثاني: من طريق والده الشيخ مهدي النراقي.
الثالث: من طريق السيّد محمد مهدي الشهرستاني.
الرابع: من طريق الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
و السيد بحر العلوم يروي- بالإجازة أيضا- عن المشايخ العظام من ثمانية طرق، و الأول من هذه الثمانية له طريق، و الثاني طريقان، و الثالث طريق، و الرابع طريق، و الخامس طريقان، و السادس طريق، و السابع ثلاثة طرق، و الثامن أربعة طرق. و هكذا الحال فيما يتفرع و يتشعب من طرق جديدة اخري. هذا كله في الطريق الأول للشيخ الأنصاري- قدس سره- و قس عليه طريقه الثاني بل و طرق مشايخ النوري الأربعة- رحمهم اللّه تعالي-.
و الشيخ النوري- قدس سره- لم يكن بعمله هذا مجدولا لسلسلة الإجازات بهذا النمط، و لا رابطا لحلقاتها بعضها ببعض ابتداء من نفسه الشريفة و انتهاء بأصحاب الكتب الأربعة الذين انتهت إليهم إجازات
ص: 33
المشايخ كالكليني و الصدوق و الطوسي و أضرابهم ممن اتصلوا بأهل البيت عليهم السلام عبر سلسلة من الرواة فحسب، بل تجاوز هذا النمط من الترتيب، و لو لم يكن عمله في هذه الفائدة إلّا هو لكان جديرا بأن يحظي باهتمام العلماء الأعلام خصوصا المشتغلين منهم بفن الحديث الشريف رواية و دراية، لما فيه من فوائد و عوائد تكشف للعيان مبلغ اهتمام الشيعة البالغ في الحفاظ علي طريقة التحديث المثلي في سائر العصور.
نعم لم يكتف المصنف- قدس سره- بذلك، حيث أطال الوقوف علي عدد غفير من المشايخ العظام، مبينا منزلتهم العلمية، و ما أحاطت بحياتهم من حوادث و قصص طريفة لم يلتفت إليها العلماء، و لم تعتن بها كتب الرجال.
فهو يذكر أسمائهم، و كناهم، و أنسابهم، و أحسابهم، و ألقابهم، و مناطق سكناهم، و رحلاتهم، و أسفارهم، و إجازاتهم، و علاقات بعضهم ببعض، و درجة القربي فيما بينهم سببا أو نسبا، مع شي ء من أقوالهم، و أشعارهم، و مناظراتهم، و نوادرهم، و تهانيهم بأفراحهم، و تعازيهم بأحزانهم، و تراحمهم، و توادهم، و تعاطفهم، مع تفصيل مصنفاتهم و مؤلفاتهم، و بيان تقواهم و تمسكهم بحبل الولاء و عري الايمان، و ما قيل بشأنهم، بل لم ينس حتي منامات بعضهم في حق بعض، و من ضاعت منه كتبه، أو تلفت، أو سرقت، أو ظهرت بعد وفاته و نسبت لغيره اشتباها، و كثير ما يؤكد علي تاريخ ولاداتهم، و وفياتهم، و من صلّي علي جنائزهم، و مكان قبورهم، بما يعد تاريخا عظيما و سجلا حافلا لكل ما اتصل بمشايخ الإجازات- تغمدهم اللّه تعالي برحمته الواسعة و أجزل الثواب لهم- و علي امتداد عشرة قرون تقريبا.
و قد انتهي به المطاف- علي هذا النهج- إلي الشيخ أبي علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي- أعلي اللّه تعالي
ص: 34
مقامه- لانتهاء أكثر إجازات مشايخ الشيعة إليه، و به تمم المصنف- رحمه اللّه تعالي- الطرق إلي أرباب المؤلفين و المشايخ من الخلف و السلف الصالحين، و اتصال السند إلي أصحاب المجاميع التي تدور عليها رحي مذهب الشيعة كالكتب الأربعة و ما يتلوها في الاعتبار.
و أما عن شرح طرق هؤلاء الأصحاب- قدس سرهم- إلي مصنفات الرواة من الكتب و الأصول المعروفة فلم يبحثها في هذه الفائدة، و اكتفي بالإحالة إلي فهارسهم و كتبهم المسندة التي ضمت مشيختهم تفصيلا.
ثم عرّج بعد هذا علي بيان نبذة من أحوال جملة من هؤلاء المشايخ الذين انتهت إليهم سلسلة الإجازات، و قد خص بالذكر منهم اثني عشر شيخا و هم:
الشيخ الكراجكي، الشيخ النجاشي، شيخ الطائفة الطوسي، الشريف الرضي، السيد المرتضي علم الهدي، الشيخ المفيد، الشيخ ابن قولويه، الشيخ الصدوق، الشيخ النعماني، ثقة الإسلام الكليني، الشيخ علي بن بابويه، الشيخ الكشي.
و قد تحدث عن كل واحد منهم- قدس سرهم- بما لا مزيد عليه إذ ذكر أنسابهم، و أحسابهم، و فضائلهم، و مآثرهم، مع شي ء من قصصهم، و أخبارهم، و ما يتصل بهم، مؤكدا علي اعتراف أهل السنة بفضلهم و تعظيمهم و تبجيلهم.
أما عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني- طاب ثراه- فقد أحال المصنف إلي ما كتبه عنه و عن كتابه الكافي في الفائدة الرابعة.
و قبل أن نعرّف القارئ الكريم بما في الفائدة الرابعة من فوائد هذه الخاتمة، نود أن نبين له بأن الشيخ النوري- قدس سره- قد رسم لسلسلة الإجازات بسائر الطبقات ابتداء من نفسه، و انتهاء بالسفير الرابع لمولانا
ص: 35
و مقتدانا الإمام الحجة أرواحنا فداه، مشجرة رائعة مفصلة تضمنت أسماء المشايخ العظام، و قد كان المصنف حريصا جدا علي كل ما رسمه فيها من حيث سعة الدوائر فيها و ضيقها مع تلوينها، زيادة علي ما رسمه من خطوط لها دلالتها في اتصال المشايخ بعضهم ببعض، و قد وجدنا في مشجرته اختلافا يسيرا مع ما أثبته في هذه الفائدة، أشرنا إلي محله في هامش المتن.
و قد ارتأت مؤسستنا إعادة ترتيب هذه المشجرة بشكل واضح ينسجم مع سهولة تتبع القارئ لسلسلة المشايخ عبر طبقاتهم أجمع، لما في مشجرة المصنف من صعوبة بالغة حيث أودع فيها- و بمساحة ضيقة- من الدوائر الصغيرة و الكبيرة و المتوسطة ما يقرب من عدد المشايخ المذكورين في متن هذه الفائدة، كل هذا مع تشابك خطوطها طولا و عرضا، مما يصعب معه تتبع أسماء مشايخ الإجازات عبر طبقاتهم.
و سوف يكون لنا حديث آخر عن هذه المشجرة في محله من هذا الكتاب لغرض التعريف بها و إزالة ما يكتنفها من غموض نسبي إن شاء اللّه تعالي.
ص: 36
افتتح المصنف- قدس سره- هذه الفائدة بنبذة من أقوال علماء الإمامية في مدح كتاب الكافي، كالشيخ المفيد، و المحقق الكركي، و الشهيد الثاني و أضرابهم.
ثم تعرض بعد ذلك إلي بيان معني الحديث الصحيح عند القدماء، مؤكدا ان اتصاف الحديث عندهم بالصحة هو أعم منه عند المتأخرين الذين اصطلحوا عليه بما لم يكن معروفا لدي القدماء الذين اكتفوا بإطلاقه علي ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به و الركون إليه.
كوجوده في أكثر الأصول الأربعمائة.
أو تكرره في أصل أو أصلين.
أو كثرة طرقه.
أو لوجوده في أصل معروف الانتساب إلي من أجمعت الشيعة علي تصديقه.
أو لأخذه من الكتب التي شاع بين القدماء الوثوق بها و الاعتماد عليها.
أو لاندراجه في أحد الكتب التي عرضت علي أحد الأئمّة عليهم السلام.
أو لاشتهاره و مطابقته لدليل قطعي.
أو لغير هذا و ذاك من الأمور الخارجية الأخري.
ص: 37
ثم بين المصنف أن هذه القرائن لم تراع في اصطلاح المتأخرين للحديث الصحيح لفقدانها كلا أو جلا، و انما كانت عنايتهم بالأمور الداخلية للخبر، و الحالات النفسية للراوي كالوثاقة و التثبت و الضبط.
و من هنا يري المصنّف ان الحكم بصحة حديث أحد من قدماء الأصحاب، من دون الإضافة إلي كتابه- كأن يقال عنه في كتب الرجال:
صحيح الحديث- لا يصح أن يكون ذلك الحكم لأجل الأمور الخارجية المتوقفة علي كل ما رواه و دونه و عرضه عليها فحسب، بل لا بدّ و أن يكون ناظرا لما علم من حال ذلك الشخص، و ما عرف من سيرته و طريقته من الوثاقة و التثبت و الضبط، و البناء علي نقل الصحيح من هذه الجهة.
و عليه فقول النجاشي- مثلا- في حق ثقة الإسلام الكليني: «كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم» رجال النجاشي (ص 377 رقم 1026) يثبت هذا المعني، و يبعد من احتمال تلقي الكليني عن الضعيف و المجهول، لأنه ينافي كونه: أوثق الناس. و أثبتهم.
و قد تنبه المصنف إلي ما قد يرد عليه من نفي الملازمة بين قول النجاشي، و رواية ثقة الإسلام عن ضعيف أو مجهول عند من يقول باجتهاد الكليني في تقييم رواة الكافي، لا سيما و ان النجاشي نفسه قد ضعف رجالا وقعوا في أسانيد الكافي، و حكم بجهالة بعضهم، و رمي آخرين بالغلو بل و وضع الحديث أيضا، مما يدل علي ان اجتهاد ثقة الإسلام إزاء بعض الرواة لم يكن مسلّما عند الجميع! لذا بين المصنف ما قاله العلماء قبله بشأن اختلاف القدماء مع المتأخرين في معني الحديث الصحيح، حيث كان الأوائل ينظرون إلي الحديث من زاوية القرائن المتقدمة و باعتبار ما وثقوا بكونه صادرا عن المعصوم عليه السلام فهو أعم من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من
ص: 38
الثقات أو أمارات أخر، و لهذا صرّح بعض المتأخرين بأن بين صحيحهم و صحيح القدماء: العموم المطلق.
و بناء عليه فان حكم الكليني بصحة حديث لا يستلزم صحته باصطلاح المتأخرين، لاحتمال كون منشأ الحكم غير وثاقة الراوي.
هذا بناء علي اختلاف صحيح القدماء عن صحيح المتأخرين عند بعض العلماء، لكن المصنف يري ان شهادة الكليني بصحة اخبار الكافي تفيد الوثوق برواتها، لأنها بحكم توثيق الجميع بالمعني الأعم.
ثم تعرض بعد ذلك لنقد الخبر الذي شاع مؤخرا بشأن الكافي، من أنه عرض علي الإمام الحجة عليه السلام و انه قال عنه: «ان هذا كاف لشيعتنا» فبين انه لا أصل له و لا أثر في مؤلفات أصحابنا، و لم تأت به رواية قط لا صحيحة و لا ضعيفة، بل صرّح المحدث الأسترآبادي- و هو شيخ الأخباريين في عصره- بأنه لا أصل له و لا حقيقة، مع ان الأسترآبادي- رحمه اللّه تعالي- رام أن يجعل تمام أحاديث الكافي قطعية الصدور لما عنده من القرائن التي لا تنهض بذلك كما صرح به المصنف.
الا ان المصنف- قدس سره- و ان نفي صحة هذا الخبر الا انه احتمل وقوع ما يصحح معناه، و هو عرض كتاب الكافي علي أحد نواب الإمام عليه السلام حيث استبعد أن يكون هذا الكتاب في طول مدة تأليفه البالغة عشرين عاما لم يعرض علي أحد الوكلاء- رضي اللّه تعالي عنهم- و لم يطلبه أحد منهم مع اهتمامهم البالغ بمصنفات ذلك العصر و تأكدهم من سلامة رواياتها و مطابقتها مع الواقع! لقد بيّن المصنف وجوها عديدة في تقريب هذا الاحتمال، و الحق انها كلها حدسية استحسانية لا تفيد القطع، و إلّا لشاع ذلك و اشتهر. أما عن الوثوق المترتب علي الظن المتاخم للعلم بكونهم عليهم السلام راضين
ص: 39
بفعل الكليني- قدس سره- و مجوزين للعمل بأخبار كتابه، فهو ليس بحجة عند من يري ان طريق الوثوق الوحيد- كما هو عليه أكثر علماء الشيعة من المحققين و الأصوليين- هو ما اكتشف من القرائن الرجالية المعوّل عليها في تقييم كل خبر من أخبار الكافي.
ثم ناقش المصنف ما أثير من لدن البعض حول حجية أخبار الكافي، و لعل أهم ما في هذه الفائدة هو هذا لما فيه من ثمرة الوقوف علي آراء العلماء الآخرين بشأن الكافي و ان لم يستقصها المصنف بل اقتصر علي قدر ضئيل منها.
و يمكن تحديد مناقشة المصنف بالجوانب التالية:
1- الرد علي من ناقش في حكم القدماء بصحة أخبارهم.
2- مناقشة من ذهب إلي عدم شهادة الكليني علي صحة أخبار الكافي، و قد نقل في مقام الردّ مقاطع من خطبة كتاب الكافي للتدليل علي صحة ما اختاره من حصول هذه الشهادة.
3- ناقش من تمسك بعدم حجية أخبار الكافي بتضعيف القدماء كالشيخ المفيد- قدس سره- و غيره لبعض هذه الأخبار، و حملها علي وجود المعارض لتلك الأخبار مع كونه أقوي منها.
4- ناقش التصنيف الجديد للحديث الذي ظهر علي يد ابن إدريس و العلّامة الحليين- قدس سرهما-.
5- ردّ تصنيف أحاديث الكافي وفق المصطلح الجديد.
6- وجّه رواية الكليني عن غير الأئمة عليهم السلام مع التصريح في خطبة الكافي بما يشبه التقييد برواية الآثار الصحيحة الواردة عن الصادقين عليهما السلام.
7- ناقش شبهة صاحب رياض العلماء في فصل الروضة عن الكافي و ان
ص: 40
أخباره كلها مروية عن الإمام بلا واسطة، و انه لا تقية في أخباره، و لم يطل الكلام حول هذه الشبهة لعدم وجود ما يدل عليها، و عدم وجود الموافق لصاحبها أصلا، مع قيام الأدلة القطعية علي خلافها.
8- أكد في مناقشاته بعدم تصريح الأخباريين- حتي من قال منهم بقطعية أخبار الكافي- بأن ما رواه ثقة الإسلام صحيح بالمصطلح الجديد، أي: لا قائل منهم بأن رجال أسانيد الكافي كلهم من عدول الإمامية و في جميع الطبقات.
و انه لم يدع أحد منهم ان ما في الكافي مقدم علي ما يوجد في غيره في جميع الحالات حتي عند التعارض، بل قد يقدم عليه غيره، إذا اشتمل علي مزايا توجب تقديمه.
9- العدّة المجهولة في الكافي، لم يعتن بشأنها كثيرا، مع ان بعضهم قد ردّها مطلقا، لأنه- قدس سره- يري رجال هذه العدد- المعلومة و المجهولة- من مشايخ الإجازة، و قد كان رأيه في الفائدة الثالثة في مشايخ الإجازات بأنهم فوق مستوي التوثيق.
و أخيرا لا بدّ من الإشارة السريعة إلي ما حققه المصنف- رحمه اللّه- في هذه الفائدة بشأن عدّة الكافي التي يروي ثقة الإسلام بتوسطها عن سهل ابن زياد، و هل ان محمّد بن الحسن المذكور فيها هو الصفار الثقة الجليل كما صرح به جميع من سبق المصنف؟ أو هو شخص آخر.
لقد نفي النوري- قدس سره- أن يكون المراد هو الصفار و ذلك لوجوه سبعة، قد لا يخلو بعضها من مناقشة، إلّا ان الوجه الرابع منها هو من أقوي الوجوه السبعة علي الإطلاق.
علي ان المصنف لم يكتف بهذا، بل ناقش الآراء التي شخّصت الصفار في رجال هذه العدّة.
ص: 41
في هذه الفائدة دراسة رجالية قيّمة لحشد هائل من رواة الشيعة الإمامية من حملة حديث العترة عليهم السلام. إذ يجد القارئ الكريم فيها جهدا رجاليا رائعا، و عبقرية فذة في تحقيق الأخبار الرجالية المتعارضة، حيث أزاح مؤلفها النوري- قدس سره- الستار عن رجال كثيرين لفّهم الزمان بغشاء النسيان، و أودعهم تأمل البعض في وثاقتهم في زاوية الإهمال، حيث أسفر بحثه عن جلالتهم و تبديد الشك و الريب عنهم.
أنها فائدة كاسمها و لكن ليس ككل الفوائد، إذ اشتملت علي موارد للظماء و مناهل عذبة ارتوي من فيضها قلم كل من تأخر عنه من أساطين الفن أجمع، لما فيها من تراجم لإعلام مشيخة الفقيه و رواته بما ليس له نظير في كتاب رجالي قط.
ابتدأ المصنف في هذه الفائدة بنقل ما قيل عن مكانة الشيخ الصدوق و أهمية كتابه- من لا يحضره الفقيه- و ما امتاز به هذا الكتاب عن غيره بمميزات أهلته لأن يحتل موقعا متقدما بين الكتب الموثوق بها جدا عند الشيعة الإمامية.
ثم بين بعد ذلك مسلك الشيخ الصدوق- رضي اللّه تعالي عنه- في هذا الكتاب و منهجه في الأسانيد، الذي اختلف عن منهج ثقة الإسلام الكليني- رحمه اللّه تعالي-.
حيث كان الكليني يذكر تمام سلسلة السند في كل حديث يرويه في
ص: 42
جميع أبواب و كتب الكافي- أصولا، و فروعا، و روضة- بينما سلك الصدوق طريقة أخري، و هي اختصار الأسانيد فيما يرويه من الأحاديث و ذلك بحذف أوائل السند و الرواية مباشرة عن المعصوم عليه السلام بواسطة من رواه عنه من أصحابه، و هكذا سار في أغلب أحاديث الفقه، ثم وضح طريقه إلي من روي عنه من أصحاب الأئمة عليهم السلام في آخر الكتاب، و ذلك بتفصيل طرقه إليهم عبر مشايخه، و هو ما يعرف: بمشيخة الفقيه- التي خصصت لها هذه الفائدة- و هذه المشيخة هي المرجع في اتصال أسانيد الكتاب.
ثم بين المصنف اهتمام العلماء بهذه المشيخة، و شرحهم لها، و عدّد جملة من تلك الشروح، منبها إلي ما سيذكره في هذه الفائدة من تنبيهات هامة، مصرحا بأنها بمثابة الشرح و الإيضاح لما ذكره الشيخ الحر العاملي- قدس سره- في الفائدة الأولي من فوائد خاتمة وسائل الشيعة، و لهذا نري المصنف قد اعتمد ترتيب خاتمة الوسائل في ذكر طرق الصدوق- رضي اللّه تعالي عنه- فابتدأها- كما ابتدأ الشيخ الحر فائدته الأولي- بطريق الصدوق إلي أبان بن تغلب، و منتهيا بما كان من وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمّد بن الحنفية، فكان عدد الطرق ثلاثمائة و خمسة و ثمانين طريقا، تشعبت منها و تفرعت طرق كثيرة جدا، و اشتملت هذه الطرق- بشعبها و فروعها- علي الجم الغفير من رواة الشيعة. و ربما لا نجد طريقا واحدا من بين هذه الطرق إلّا و قد ضمّ من رجالات الشيعة من كان قطبا للرواية و محورا لرواية الحديث الشريف في ذلك العصر البهي المستضي ء بنور أهل البيت عليهم السلام.
فلا بدع إذا في أن نجد المصنف قد شغف بأولئك العظام حبا بعد أن تأكد من نزاهتهم و سلامتهم من كل شين، و بعد أن برهن علي صدقهم و دلّ علي وثاقتهم، و عرف ولاءهم لأئمتهم عليهم السلام و وفاءهم لهم، و النصح
ص: 43
لأمة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و وقف علي ورعهم و تقواهم عن كثب، حيث استفرغ الجهد في البحث عنهم بشكل منقطع النظير.
علي أنّ هذا الكلام لا يعني أنّ رجال مشيخة الفقيه كلهم بهذه المثابة، و هذا لا شك فيه أصلا عند أحد من علماء الشيعة من الأصوليين و الأخباريين جميعا، إذ وجد في طرق الصدوق بعض الرواة الضعفاء أو المجاهيل الذين لم تذكرهم كتب الرجال.
و من هنا يأتي دور المصنف- قدس سره- في بيان ما يراه من أحوال هؤلاء بدراسة تفصيلية يكشف من خلالها إمكانية الاعتماد علي روايتهم و قبولها.
كأن يكون أحدهم من مشايخ الإجازة، و قد فصّل المصنف القول في مشايخ الإجازة و علو مقامهم بحيث يراهم في غني عن التوثيق لأنّهم فوق مستوي التوثيق.
أو لرواية الأجلّة المعروفين بصدقهم و وثاقتهم عنهم.
و من أمارات التوثيق بالمعني العام المعتمدة في هذا الحقل، أن يكون المضعّف هو ممن ذكره الشيخ الطوسي- قدس سره الشريف- في أصحاب الصادق عليه السلام لتصريح العلماء بما قام به ابن عقدة من تأليف كتاب في الرجال جمع فيه أربعة آلاف رجل كلهم من الثقات من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، و من البداهة أنّ كتب الرجال الشيعية- بما فيها رجال الشيخ- لم يبلغ أصحاب الإمام الصادق عليه السلام فيها هذا العدد، فيكون ذلك قرينة علي التوثيق فيما يراه المصنف.
و منها: تصحيح العلماء القدامي و المتأخرين- لا سيما العلّامة الحلي- قدس سره الشريف- لطرق وقع فيها أمثال هؤلاء الذين ضعّفوا أو حكي تضعيفهم في كتب الرجال.
ص: 44
و منها: اعتماد المصنف علي تصريح علماء الشيعة الأوائل بالأخذ بمرويات بعضهم، لا سيما الشيخ المفيد، و الطوسي و أضرابهما.
و منها: ترجيح الأخبار الرجالية التي تفيد التوثيق علي غيرها لمسوغات كثيرة و أسباب علمية بسّط الكلام عنها في محله.
و منها أيضا: رواية أصحاب الإجماع عن شخص تعدّ من أمارات الوثاقة له بالمعني العام.
أو رواية من صرحت كتب الرجال بأنّه لا يروي إلّا عن ثقة، عنه.
و قد يجد المصنف- أحيانا- في تضعيفات بعض من عرف بالتعصب من أهل السنة لرجال الشيعة قرينة علي التوثيق لا سيما و أنّ المعروف عن بعضهم تضعيف من اشتهر بولاية و انقطاعه لأئمة أهل البيت عليهم السلام، و عدّه من الضعفاء لا لشي ء البتة و إنّما لكونه داعية إلي الحق الذي يسمونه (الرفض) كما هو الحال في علم الشيعة جابر الجعفي- رضوان اللّه تعالي عليه- و مؤمن الطاق الذي أطلق عليه رجالهم: شيطان الطاق!!.
و لهذا يعدّ المصنف مدحهم- النادر- لرجال الشيعة كقدحهم لا نفع فيه و لا ضرر كما في شرحه للطريق رقم [97].
إلي غير ذلك من الأمور الأخري الكثيرة التي اعتمدها النوري- قدس سره- في مقام التوثيق و التي يطول المقام هنا بايضاحها و التعريف بها، لذا نتركها روما للاختصار.
و قد يضطر المصنف إلي الإطالة في بيان وثاقة بعض هؤلاء الرواة، لا سيما من حفلت ترجمته بكثرة الأقوال في كتب الرجال مع الاختلاف الحاصل بينهم في توثيقه و اعتبار ما يرويه من الأحاديث، كما هو الحال في أحمد بن هلال، و سهل بن زياد و غيرهما.
و من منهج المصنف في دراسته لرجال مشيخة كتاب من لا يحضره
ص: 45
الفقيه أنه يهتم بتدوين اسم الراوي كاملا، مع بيان نسبه، و ولائه، و مذهبه إن كان ممن ينتسب إلي المذاهب الفاسدة كالواقفية أو الفطحية و غيرهما.
مع التأكيد علي من اتفق معه في الاسم و المعاصرة، و كيفية التمييز بينهما، منبها علي السهو أو الغلط الحاصل في ضبط الاسم أحيانا، مع الإشارة إلي من روي عنهم أو رووا عنه و من نبغ من أسرته في العلم و الرواية، و لم ينس أيضا ذكر مصنفاته، و ربما نبّه إلي طرق النجاشي و شيخ الطائفة- قدس سرهما- إليها، كل ذلك مشفوعا بعدد جم من رواياته في كتب الحديث المشهورة، و تسمية من روي عنه، فان كان مقلا من الرواية نبّه عليه، و إن كان مكثرا أطال في بيان مروياته و أكثر من الحديث في ترجمته و بيان حاله.
و لتمكن المصنف- رحمه اللّه- في فن الرجال، نراه لا يكاد يدع من أقوال علماء الرجال قولا واحدا فيمن تناوله بالبحث إلّا و ناقشه، حيث يستعرض في مقام خلاصة الرأي في الراوي جميع وجوه الذم فيه، و قد يستخلص منها- في الغالب- بفطنة و ذكاء وجوها تضاد الذم، و قد يحملها علي محامل أخري جديرة بالعناية و الاهتمام لما فيها من موافقة قول القادح للموثّق.
و من جملة ما يلفت نظر القارئ الكريم في هذه الفائدة عناية مصنفها- قدس سره- بدراسة و تحقيق ما نسبه علماء الرجال من عامية و وقف- و نحوهما- إلي بعض الرواة.
أما نسبة الغلو إلي البعض الآخر، فقد اهتم بها اهتماما ملحوظا و قد ردّها بحجج قوية مشفوعة بالتحقيق العلمي الرائع في مواضع متعددة من هذه الفائدة، بما يمكن معه استخلاص رأيه النهائي في بيان الأسباب الداعية إلي اتهام بعض الرواة بمسألة الغلو، بأنها نتيجة روايتهم لجملة من الأخبار الدالة علي جلالة قدر الأئمة من أهل البيت عليهم السلام مع ان مروياتهم تلك
ص: 46
ليس فيها من الغلو شيئا كما هو الحق في عدد من الرواة الذين نزّهت ساحتهم من هذه التهمة، هذا فضلا عن إطلاق البعض لهذه النسبة علي ما لا يستلزمها أصلا، كل ذلك بسبب الاحتياط و التشدد و التنفير من الغلو و رواته.
كما اهتم المصنف في هذه الفائدة ببعض المباحث الدرائية في مصطلح الحديث التي فرضت عليه لاتصالها بمن ترجم إليه من الرواة.
منها: دراسة بعض ألفاظ الجرح و التعديل و دلالاتها.
و منها: الاهتمام بدراسة بعض ألفاظ نقل الحديث، لا سيما ما دلّ منها علي جهالة حال المروي عنهم التي تلحق الحديث بصنف المراسيل.
و منها: مسألة الاحتجاج بالحديث المرسل، و آراء العلماء في ذلك، حيث اهتم به كثيرا كما في ترجمة محمّد بن أبي عمير- رضي اللّه تعالي عنه-.
و منها: دلالة بعض الألفاظ و العبارات علي التوثيق الإجمالي أو المدح العام، كتكنية الامام عليه السلام لأحد الأصحاب، أو ترضيه و ترحمه عليه، و قد يتوسع في دلالة ترضي و ترحم غير الامام عليه.
و منها: تصنيف الحديث إلي صحيح و حسن و موثق و ضعيف عند المتأخرين، و الإشارة السريعة إلي كل صنف من أصنافه، إلي غير ذلك من الأمور المهمة المتفرقة المبثوثة في ثنايا تراجم رجال مشيخة الفقيه.
و بعد أن فرغ المصنف من شرح طرق الصدوق في هذه الفائدة، شرع- رحمه اللّه- بتنظيم فهرس تفصيلي- مرتبا علي الحروف- لأهم ما ورد من التراجم الرجالية التي بلغت زهاء مائتين و تسعة عشر ترجمة، علما بأنّه قد ترك ذكر الكثير من الرواة الذين لم يتوسع بتراجمهم.
ثم بين بعد ذلك مشايخ الصدوق مرتبين علي الحروف فبلغوا زهاء
ص: 47
مائتين و أربعة مشايخ.
و أخيرا اختتم هذه الفائدة ببيان عدد أخبار «كتاب من لا يحضره الفقيه» و عدد مراسيله موزعة علي الأبواب، موضحا من أرسل الحديث من رواة «الفقيه» و رأيه في هذا الإرسال.
ص: 48
في هذه الفائدة تصنيف تام- من حيث الصحة و عدمها- لكل طرق الشيخ الطوسي (ت/ 460 ه)- قدس سره الشريف- في كتابه التهذيب.
و لما كانت مشيخة التهذيب- التي سيأتي الحديث عنها لاحقا- هي نفس مشيخة الإستبصار، كان لا بدّ من التعرض لطرق الشيخ التي نص عليها في الاستبصار، و حيث ان الفهرست قد اشتمل علي ما يقرب من ألف طريق للشيخ إلي أرباب الأصول و المصنفات التي أخرج عنها في التهذيب كان لا بدّ من الرجوع إلي هذه الطرق بغية الوصول إلي معرفة ما لم يذكره منها في مشيخة التهذيب.
و من هنا جاءت عناية الأعلام بدراسة جميع طرق الشيخ في هذه الكتب الثلاثة: «التهذيب، و الاستبصار، و الفهرست» و عدم الفصل بينها إذ من الممكن الحكم بصحة طريق ضعيف في واحد منها بلحاظ ما في الآخر، لا سيما و ان الشيخ- رضي اللّه تعالي عنه- قد أحال في مشيخة التهذيب- كما سيأتي- إلي طرقه في الفهرست.
و من بين هؤلاء الأعلام الذين اهتموا بمثل هذه الدراسة هو المصنف- قدس سره- كما سيتضح من التعريف لهذه الفائدة.
ابتدأها المصنف- قدس سره- بالإشارة السريعة إلي موقع كتاب التهذيب بين كتب الحديث الأخري عند فقهاء الشيعة الإمامية، فهو أعظمها في الفقه منزلة، و أكثرها منفعة، إذ لا يمكن استغناء الفقيه عنه لما اشتمل عليه من الفقه و الاستدلال، و التنبيه علي الأصول و الرجال، و التوفيق بين
ص: 49
الأخبار، و الجمع بينها بشاهد النقل و الاعتبار، إلي غير ذلك من المميزات الأخري لهذا الكتاب التي لم يحوها كتاب غيره في بابه.
و بعد الإشارة إلي أهمية التهذيب و منزلته، انتقل إلي بيان طريقة شيخ الطائفة- رضي اللّه تعالي عنه- في رواية أحاديث العترة الطاهرة عليهم السلام مبينا عدم جريانها علي نسق واحد في كتابيه: التهذيب و الاستبصار.
فهو- رضي اللّه تعالي عنه- قد يعتمد طريقة ثقة الإسلام الكليني تارة بأن يذكر جميع رجال السند فيهما ابتداء من شيخه و انتهاء بالراوي عن المعصوم عليه السلام و هذا غالبا ما يكون في أوائل الكتابين، و تارة يعتمد طريقة الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» فيقتصر علي ذكر بعض رجال السند ممن بعدوا عن عصره، و ذلك بحذف صدر السند لغرض الاختصار، و هذا غالبا ما يكون في أواخر الكتابين، ثم يستدرك- في نهاية المطاف- علي ما حذفه من الإسناد بخاتمة يبين فيها طرقه إلي من روي عنه من المشايخ بصورة التعليق، لكي يتم من خلال ذلك وصل سلسلة السند بينه و بين الراوي عن المعصوم عليه السلام إلّا أنّ هذه المشيخة لم تكن مستوعبة لكل الطرق المعلقة، و لم يكن الشيخ غافلا عن هذا و إنما ترك تفصيله إلي فهارس الشيوخ المصنفة لرواية الأصول و المصنفات التي نقل الشيخ منها و لم يذكر طرقه إلي أصحابها، و من بين هذه الفهارس التي أحال إليها كتابه المعروف بالفهرست.
و لما كان ميرزا محمد الأردبيلي (ت/ 1100 ه)- قدس سره- قد أعدّ رسالة درس فيها طرق الشيخ- رضي اللّه تعالي عنه- في كتبه الثلاثة، و أطلق عليها اسم: «رسالة تصحيح الأسانيد» ثم اختصرها في الفائدة الرابعة من فوائد كتابه المعروف ب «جامع الرواة»، لذا اختار المصنف- قدس سره- هذه الرسالة من بين نظائرها المعدّة لهذا الغرض، نظرا لما امتازت به عن
ص: 50
غيرها من فوائد مهمة تعرب عن تضلع الميرزا الأردبيلي- رحمه اللّه تعالي- بهذا الحقل من البحث و الدراسة، فأورد مختصرها كاملا في هذه الفائدة، مشيرا إلي منهج مؤلفه الأردبيلي- رحمه اللّه تعالي- بعد اطرائه علي ما قام به من جهد عظيم في معرفة أحوال أحاديث التهذيبين و ذلك برجوعه إلي مشيختهما مع الفهرست.
و قبل بيان جهد المصنف في هذه الفائدة، و ما طرحه من آراء فيها، يحسن بنا أن نبين- باختصار- الهيكل العام لرسالة تصحيح الأسانيد، فنقول:
اشتملت هذه الرسالة علي نحوين من الدراسة، و هما:
الأول: دراسة طرق الشيخ في المشيخة (1) و الفهرست.
الثاني: البحث في الطرق المذكورة في كلّ من التهذيب و الاستبصار.
أمّا الأول: فيتلخص نشاط الأردبيلي فيه بثلاثة أمور و هي:
1- الحكم بالصحة علي الطريق المتفق علي صحته.
2- الحكم بالضعف علي الطريق المتفق علي ضعفه.
3- ترك الحكم علي الطريق المختلف فيه عند عدم إمكان الترجيح، مع ذكر اسم الراوي الذي بسببه صار الطريق مختلفا فيه.
و قد شمل هذا النحو جميع طرق الشيخ في المشيخة و الفهرست إلّا ما استسيغ تركه (2) كما نبهنا عليه في محله.ر.
ص: 51
أمّا الثاني: فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالطرق الضعيفة، و المرسلة، و المجهولة إلي المشايخ في المشيخة و الفهرست، و ان كان محور البحث ليس فيها أصلا، لاختصاصه بالمتابعة و الاستقصاء التام لكافة ما ذكره الشيخ إلي هؤلاء المشايخ من طرق متصلة الاسناد (صحيحة، أو حسنة، أو موثقة) في أصل التهذيب و الاستبصار، لكي يقارن هذه بتلك، و حينئذ يخرج الضعيف من حيّزه، و يتصل المرسل، و يعرف المجهول، و لهذا لا يذكر- في الغالب- في رسالته طريقا صحيحا، أو حسنا، أو موثقا من أصل الكتابين لمن كان الطريق إليه صحيحا في المشيخة أو الفهرست. و هذا العمل الممتاز الذي خدم به الأردبيلي- قدس سره- أحاديث الكتابين لم يسبقه أحد إليه بهذا الشكل المستوعب فيما نعلم.
أمّا دور المصنف النوري- رحمه اللّه تعالي- في هذه الفائدة، فقد اختصره هو بعبارة واحدة قبل شروعه بنقل ما في رسالة تصحيح الأسانيد، فقال:
«و ربما نبهت علي فائدة في بعض الطرق أدرجتها بقولي: قلت، و في آخره: انتهي».
ثم شرع بعد ذلك بنقل طرق الشيخ علي نحو ما في مختصر رسالة تصحيح الأسانيد.
هذا و يمكن الوقوف علي جهد المؤلف في هذه الفائدة، حيث ضمنها بكثير من الفوائد المهمة التي حملته علي قطع الرسالة بين حين و آخر كما نبه عليه، و ذلك بلحاظ تعليقاته المصدرة بقوله: (قلت)، و لعل أهمها ما يأتي:
1- التأكيد- أحيانا كثيرة- علي وثاقة من حكم بسببه علي الطريق بالضعف و ذلك بالرجوع إلي كتب الرجال.
2- محاولته في وصل بعض الطرق التي حكم عليها بالإرسال.
ص: 52
3- الإشارة إلي حكم المشهور علي بعض الطرق، و حكمها عنده، مع بيان السبب الداعي إلي الحكم بخلاف المشهور.
4- التنبيه علي وثاقة أو حسن بعض الرواة في جامع الرواة مع تضعيف بعض الطرق بسببهم في رسالة تصحيح الأسانيد سهوا.
5- بيان رأيه في الطرق المرسلة، إذا كان المرسل من أصحاب الإجماع.
6- مخالفة صاحب الرسالة في حكمه بالاتحاد بين راويين، و بيان التعدد بوجوه كما هو الحال في محمّد بن جعفر الأسدي الذي حكم الأردبيلي باتحاده مع محمّد بن جعفر الرزاز.
7- التوسع- أحيانا- في بيان بعض الأمور المتعلقة بالرواة الذين حكم عليهم بالضعف أو الجهالة، بما يؤكد من خلالها علي حسن حالهم.
8- التنبيه علي خلو مشيخة التهذيب من بعض الطرق التي نصت الرسالة علي وجوده فيها، و هذه الملاحظة مهمة جدا، إذ صرح الأردبيلي- رحمه اللّه تعالي- بوجود بعض الطرق في المشيخة و لا أثر له فيها فعلا، و قد تكرر ذلك منه بما يقرب من مائة مورد تقريبا، و من البعيد جدا أن تكون كل هذه التصريحات من سهو القلم.
هذا، و لم نهتد- بعد طول البحث و التأمل- إلي السر في ذلك، و ربما قد نبحث الموضوع في مقال مستقل بشكل مفصل.
9- التصريح بأن الحكم بالضعف أو الجهالة علي بعض طرق الشيخ إلي المصنفات و الأصول في الفهرست لا يضر بعد وصول هذه الكتب سالمة إلي عصر المصنف، و قيامه بشرح حالها بما يؤكد الاعتماد عليها كما مر في الفائدة الثالثة.
10- الاهتمام ببيان ما في فهارس الشيوخ المصنفة لروايات الأصول
ص: 53
و المصنفات، حيث أحال إليها الشيخ الطوسي- قدس سره- كما تقدم.
و من هذه الفهارس التي رجع إليها المصنف لمعرفة تلكم الطرق هي:
مشيخة الصدوق، و مشيخة أبي غالب الزراري المفصلة في رسالته المعروفة في آل أعين، و مشيخة النجاشي في كتابه المعروف برجال النجاشي.
و قد أكثر المصنف الرجوع إلي هذه الكتب الثلاثة.
11- بيان سبب حكم الأردبيلي- رحمه اللّه تعالي- علي بعض بعض الطرق بالضعف أو الإرسال أو الجهالة، و إبداء الرأي في ذلك أحيانا.
12- كثرة الإحالة من المصنف إلي ما تقدم في الفوائد السابقة من تراجم الرواة و شرح حال كتبهم، إذ لا يمكن التعقيب بما ذكره فيها علي من ضعف هنا في هذه الفائدة، و بهذا فقد ربط أكثر الطرق الضعيفة أو المجهولة بما فصله في الفوائد السابقة عن رجال هذه الطرق.
هذا و بعد فراغه من تتبع طرق الشيخ و التعليق عليها نبّه علي أربعة أمور- جعلها خاتمة لهذه الفائدة- و هي:
التنبيه الأول: الرد علي تضعيف الأردبيلي- رحمه الله تعالي- لبعض الطرق ردا إجماليا، إذ التعرض لكل حكم بالتفصيل يوجب الاطناب الممل.
التنبيه الثاني: البناء علي إحراز وثاقة مشايخ الإجازة بحصول الظن من الامارات علي ذلك، مع التصريح بعدم قوله بأن مشيخة الإجازة تعدّ من أمارات التوثيق.
ثم نبه إلي ما تقدم من أمور في الفوائد السابقة و التي يمكن من خلالها الحكم بوثاقة مشايخ الإجازة، مشيرا في هذه الفائدة لأهمها لكثرة الحاجة إليها.
التنبيه الثالث: رأيه فيما يخص أبواب الزيادات في كتاب التهذيب،
ص: 54
مع نقله لكلام المحدث الجزائري و مناقشته.
التنبيه الرابع: في بيان عدد الأحاديث و الأبواب في كتاب التهذيب.
ص: 55
في هذه الفائدة بحث مبسوط عن المصطلح الرجالي المعروف عند الشيعة الإمامية ب: (أصحاب الإجماع) تناول فيه المصنف الأمور التالية:
الأول: في نقل أصل العبارة: (أصحاب الإجماع) و بيان مصدرها، و فيه بيان كونهم علي ثلاث طبقات و هي:
الأولي: من أصحاب الإمام الباقر (ت/ 114 ه) عليه السلام.
الثانية: من أصحاب الإمام الصادق (ت/ 148 ه) عليه السلام.
الثالثة: من أصحاب الإمام الكاظم (ت/ 183 ه) عليه السلام.
الثاني: في بيان عدد أصحاب الإجماع و الاختلاف الحاصل بين العلماء في عددهم، و قد نقل المصنف في المقام كلمات الكشي، و ابن داود، و المجلسي، و الأسترآبادي، و الحائري، و الداماد، و الكني.
الثالث: تفصيل موقف علماء الشيعة من هذا الإجماع، و قد ابتدأ بموقف الشيخ الطوسي- قدس سره الشريف- مؤكدا علي تلقي الشيخ لهذا الإجماع بالقبول، و قد استدل علي ذلك بوجوه نشير إليها اختصارا.
منها: ما ذكره السيد ابن طاوس من أن ما اختاره الشيخ الطوسي من رجال الكشي- الذي هو الأصل لهذه العبارة- يمثل مختاره و مرضية و مقبولة، لأنّه اختصر الكثير منه، فلا بدّ و أن يكون قد أثبت ما يراه صحيحا.
و قد يرد هذا الاستدلال بوجود روايات قدح في رجال الكشي بحق من وثقهم الشيخ في الرجال و الفهرست، و لو كانت مرضية و مقبولة من قبل الشيخ لما كان لتوثيق من وردت بحقه معني غير التهافت، و هذا ما لا يقوله أحد.
ص: 56
و منها: ما استفاده المصنف من كلام للشيخ الطوسي في عدّة الأصول لدعم تلقي الشيخ لهذا الإجماع بالقبول.
و منها: ما يخص رأي الشيخ في عبد اللّه بن بكير- و هو من أصحاب الإجماع- و دعوي الإجماع علي تصحيح ما يصح عنه.
ثم بين المصنف موقف ابن شهرآشوب، و العلّامة الحلي، و ابن داود، و الشهيدين الأول و الثاني، في كلام طويل محيلا إلي كلمات غيرهم من الأعلام كبهاء الدين العاملي، و المحقق الداماد، و المجلسيين، و صاحب الذخيرة، و الكاظمي، و الطريحي، و غيرهم من الأعلام.
الرابع: في بيان وجه حجية هذا الإجماع بعد وضوح عدم كون المراد منه هو الإجماع المصطلح الكاشف عن رأي الامام المعصوم عليه السلام بأحد الوجوه المذكورة في محله.
ثم بيّن المصنف- قدس سره- من ذهب من العلماء إلي أن هذا الإجماع دلّ- بالدلالة الالتزامية- علي أن أصحاب الإجماع هم في أعلي درجات الوثاقة، مؤكدا أن هذا القول إنما يتم فيما لو كان مفاد العبارة المنقولة عن الكشي (وثاقتهم) و أما علي ما هو المشهور من كون المراد (صحة أحاديثهم) بالمعني المصطلح عند القدماء فلا دلالة التزامية في المقام.
و لهذا اختار- قدس سره- في بيان وجه الحجية لهذا الإجماع هو إجماع الأصحاب علي اقتران أحاديث (أصحاب الإجماع) بما يوجب الحكم بصحتها.
الخامس: حول تفسير عبارة: (تصحيح ما يصح عنهم) التي أطلقت في حق جماعة.
حاول المصنف استقصاء أقوال من سبقه من العلماء في مجال تفسيرها، و حصرها بأربعة أقوال، سنشير إليها في غاية الاختصار و هي:
ص: 57
القول الأول: و يمثله المحقق الداماد، و خلاصته: عدم الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم و نسبته إلي أهل البيت عليهم السلام من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه، فالصحيح إذن هو الرواية لا المروي.
و قد ردّه المصنف ردا جميلا و ذلك بتفسيره (ما) الموصولة في قولهم (ما يصح عنهم) بما يربطها بمتن الحديث لا سنده حتي تكون بمعني صحة الرواية لا المروي.
القول الثاني: أنها لا تفيد أكثر من كون الجماعة ثقات، و قد نسب هذا القول إلي القيل في كلام الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني.
و ناقشه المصنف بأن العبارة تختلف عن قولهم (ثقة) مع وضوح التغاير و التباين بين مفاد قولهم و العبارة. ثم نقل كلمات كثير من الأعلام مرجحا ما قاله صاحب الفصول الغروية في المقام.
القول الثالث: المراد هو صحة ما رووه حيث تصح الرواية إليهم و لا يلاحظ ما بعدهم إلي المعصوم عليه السلام و هذا هو ما نسب إلي المشهور كما في الرواشح، و صرح به بهاء الدين العاملي، و الوحيد البهبهاني، و حجة الإسلام الشفتي، و هو مما كان قد بني عليه العلماء الأعلام كالعلّامة و ابن داود و الشهيد الثاني و المجلسيين و غيرهم رضي اللّه تعالي عنهم.
القول الرابع: المراد هو توثيق الجماعة و من بعدهم، و هذا القول و القول الثاني هما من فروع القول الثالث و هو قول المشهور الذي اختاره المصنف و استدل عليه بوجوه كثيرة لا مجال في تفصيلها.
ثم عرّج بعد ذلك علي توضيح معني الصحيح عند القدماء مع بيان أمارات الصحة عندهم بما يستفاد منه الاطمئنان بدعوي انحصار مصطلح الصحيح في خبر الثقة و لو من غير الإمامي. و قد استدل بجملة من الأدلة علي إثبات كون المناط في الصحة عندهم حالات نفس السند من غير
ص: 58
ملاحظة اقترانه بأمر خارجي.
كما بحث المصنف في هذه الفائدة ما يفرق بين عمل القدماء بالحسن أو الضعيف مع الشهرة، بما يدل علي أن هذين الصنفين من الحديث غير داخلين في الصحيح عندهم، و إنما سبب العمل بالضعيف أحيانا هو لانجباره بالشهرة رواية كانت أو فتوي، إلّا أنه اختار دخول الكثير من الأحاديث الحسان في قسم الصحاح عندهم علي ما سيبينه في فوائد لاحقة.
ردّ المصنف في هذه الفائدة علي من ذهب إلي نقد طريقة القدماء في حكمهم بالصحة علي بعض الأحاديث بأسباب لا تقتضي بنظره ذلك.
كما ردّ أيضا علي من تأمّل في كون الصحيح بالمعني المصطلح الجديد فردا من الصحيح بالمعني الأعم مع احتماله الفرق بينهما.
و قد بحث المصنف أيضا عن القرائن التي يصير بها خبر الواحد حجة، و قسم تلك القرائن علي قسمين:
القرائن الداخلية: و يعني بها الوثاقة بالمعني الأعم، أو العدالة بالمعني الأعم- أي: عدالة كل راو علي مذهبه- و يعبر عنها تارة بالوثاقة بالمعني الأعم، و اخري بالمعني الأخص، فيدخل فيها الايمان علي اختلاف المذاهب، و غيرها من التثبت و الضبط.
و القرائن الخارجية: و هي مطابقة الخبر لأكثر ما في الأصول الثابتة، أو كثرة رواة الخبر و غير ذلك مما تقدمت الإشارة إليه في الفوائد السابقة.
ثم فرق بينهما علي أساس اتصاف الراوي بالأولي، و دخول خبره في صنف الحجة بما يمكن الحكم بصحة حديثه من جهتها مطلقا.
بخلاف الثانية التي لا يمكن الحكم بصحة حديث الراوي إلا بعد الوقوف علي اقترانه بها، لأنها أوصاف لنفس الخبر و لا يمكن تصحيحه دون اتصافه بها، و قد جعل بحثه عن تلك القرائن تمهيدا للقول بأنه لو صحت
ص: 59
أعمية صحيح القدماء فإنه لا يكون من جهة القرائن الخارجية و إنما من جهة القرائن الداخلية للخبر، و ذلك لوجهين:
أحدهما: حكم الأصحاب بصحة كل ما صح عن أصحاب الإجماع من غير تخصيص بشي ء.
الآخر: إن جل الأحاديث تنتهي إلي أصحاب الإجماع، و في هذا الوجه مقارنة لطيفة بين ما وصل للشيعة من أحاديث أهل البيت عليهم السلام و بين ما قاله أصحاب الأئمة عليهم السلام في عدد ما يحفظون من أحاديثهم. ثم نقل بعضا من كلمات الأوائل- قدس سرهم- بما يدعم به هذا الوجه، حتي انتهي به البحث إلي اختيار دلالة ما ذكر عن أصحاب الإجماع علي وثاقتهم و وثاقة من بعدهم إلي المعصوم عليه السلام مطابقة أو التزاما علي مسلك المشهور، ثم نبه علي أمور ثلاثة:
الأول: في بيان المراد من الوثاقة المستفادة من الإجماع، و دلالة الإجماع عليها.
الثاني: تأكيد كون أعاظم أصحاب الأئمة عليهم السلام لا يفتون و لا يقولون شيئا ما لم يسمعوه منهم عليهم السلام.
الثالث: في ذكر جماعة من الثقات- دون أصحاب الإجماع- وصف حديثهم بالصحة، مع بيان دلالة قولهم: صحيح الحديث.
ص: 60
هذه الأمارات العامة التي اعتمدها المصنف كثيرا في توثيق ما لم يوثق من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في كتب الرجال الواصلة إلي عصره، و أفرد لها هذه الفائدة، خلاصتها ما قام به الشيخ الثقة الجليل القدر و العظيم المنزلة أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الكوفي أبو العباس المعروف بابن عقدة الزيدي الجارودي الحافظ (249- 333 ه) من تأليف كتاب ضخم في الرجال جمع فيه من ثقات أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل، مع التنصيص منه علي وثاقتهم، و قد وردت الإشارة إلي كتاب ابن عقدة في سائر كتب التراجم القديمة و الحديثة.
بيد أن المذكور من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ (ت/ 460 ه)- و هو أوسع كتاب رجالي في تسمية أصحاب الأئمة عليهم السلام بحسب الأبواب- هو أقل مما ذكره ابن عقدة و نص عليه سائر العلماء، حيث بلغوا في رجال الشيخ (3224) ثلاثة آلاف و مائتين و أربعة و عشرين راويا، من بينهم أربعة عشر رجلا ممن لم يسمّ (روي بواسطة عن الامام الصادق عليه السلام) و ثلاث عشرة امرأة من النساء الروايات عنه عليه السلام هذا مع عدم مراعاة المكرر ذكره منهم أو المتحد مع غيره.
و هذا العدد يقل عما ذكره ابن عقدة بسبعمائة و ستة و سبعين اسما.
إلّا أنّ ما احصاه المصنف من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ، يقل عمّا ذكرناه بمائة و أربعة و سبعين اسما، و قد يؤول هذا
ص: 61
الفارق إلي إسقاطه من لم يسمّ منهم، مع حذفه المكرر و المتحد مع غيره.
و إذا علمنا أن الشيخ الطوسي لم ينص علي وثاقة كل من ذكره بل اقتصر علي عدد قليل منهم، و ترك أغلبهم حتي صاروا بحكم المجهولين في الظاهر، بل و ضعف عددا آخر منهم مع ضياع كتاب ابن عقدة- و هذا مما يؤسف عليه حقا و يحزّ في النفوس ألما مع أنه ليس الكتاب الرجالي الأول المفقود- أصبح الوقوف عند هذه الأمارة، و إطالة النظر في مؤداها، و إجالة الفكر في مفادها من المطالب الرجالية المهمة عند علماء هذا الفن و منذ أمد بعيد يكاد يقترب من عصر ابن عقدة نفسه.
حيث وردت الإشارة إليها تلميحا أو تصريحا في كثير من كلمات الأعلام- رضي اللّه تعالي عنهم- كالشيخ المفيد، و شيخ الطائفة، و محققها و علامتها الحليين، و ابن شهرآشوب، و الشيخ محمّد بن علي الفتال، و السيد النيلي، و الشهيد الأول، و الشيخ حسين والد الشيخ البهائي، و التقي المجلسي، و المحقق الداماد و غيرهم مما فصله المصنف في هذه الفائدة، و قد استفاد من مجموع كلماتهم- زيادة علي ما حققه في المقام- وثاقة جميع من ذكره الشيخ في باب أصحاب الإمام أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام.
ثم بين المصنف موقف الشيخ النجاشي الرجالي الشهير من كتاب ابن عقدة، و ما ذكره في كتابه- المعروف برجال النجاشي- من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام مع إشارته في تراجم الكثير منهم إلي وثاقتهم عند ابن عقدة و الأخذ بهذا التوثيق.
كما بين أيضا موقف شيخ الطائفة من هذا الكتاب، مشيرا إلي أن ما ذكره الشيخ قد أخذ من كتاب ابن عقدة حرفيا.
ثم ذكر بعد ذلك اعتماد المحقق الداماد علي هذه الأمارة و تصريحه
ص: 62
بوثاقة ما لم يوثقه الشيخ، ناقلا كلامه في مجال معرفة المجاهيل، و طعنه بمن يضعف الرجال لأوهي الأسباب و من غير تحصيل، و قد أيده المصنف غاية التأييد.
ثم نبّه علي أمور مهمة، نشير إليها باختصار و هي:
الأول: في بيان كيفية استقصاء أصحاب الأئمة عليهم السلام و طريقة العلماء في ذلك، و قد حقق المصنف سبب النقص الحاصل في عدد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ عما هو عليه في رجال ابن عقدة و انتهي إلي نتائج مهمة حرية بوقوف الباحثين- من ذوي الاختصاص- عليها.
الثاني: في مجال تزكية العدل الإمامي لغيره من غير تعرضه أو غيره لمذهبه، كقوله: «فلان ثقة» مع بيان دلالة هذه الكلمة، و علاقتها بقول سائر العلماء بأن ابن عقدة الحافظ جمع أربعة آلاف ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام.
كما سلّط الإضواء علي توثيق المزكي العادل غير الإمامي لعلاقة ذلك بابن عقدة نفسه لكونه زيديا جاروديا، و ناقش من يستشكل علي هذا التوثيق أو يتوقف عن الاعتماد عليه، و قد أجاد في مناقشته معتمدا علي وجوه في الرد بسط القول فيها، مع الاستفادة الملحوظة من أقوال العلماء، و من توثيقات شيخ الرجاليين النجاشي ذات العلاقة بتوثيقات ابن عقدة بما يستخلص منها حصول الوثوق و الاطمئنان بخبر من وثقه ابن عقدة، و في هذا- علي رأي المصنف- كفاية لمن اقتصر في الحجة من الأخبار بالموثوق بصدورها من جهة السند.
الثالث: و هو من أهم ما ذكره من الأمور التي ودّ التنبيه عليها، لتعلقه بمسألة تعارض الأخذ بهذه الأمارة مع تضعيفات الشيخ الطوسي قدس سره
ص: 63
الشريف- لعدد من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في كتابيه: الرجال و الفهرست.
و قد أجاب المصنف عن تضعيفات الشيخ بوجوه ثلاثة هي باختصار:
1- سلامة المقدمات التي توصل بها إلي هذه الأمارة، و لا يضر حينئذ خروج بعض الأفراد منها، و لو لم يصح الأخذ بهذه الأمارة لكان شذوذ فرد من قاعدة يعد نسفا لها، و هذا ما لم يقل به أحد.
2- حمل معني الضعف بما لا ينافي الوثاقة عند المتقدمين، أما ما كان من الضعف منافيا لها بشكل لا يحتمل التأويل كما هو الحال في أبي الخطاب مثلا فقد فصّل جوابه في الوجه الثالث.
3- اختلاف الموثّق مع الجارح تبعا لاختلاف حال الراوي، بمعني: نظر الموثق إلي الراوي في أيام استقامته فوثقه، و نظر الجارح إليه في أيام اعوجاجه و انحرافه عن الحق فضعفه.
ص: 64
تعرض المحدث النوري- رحمه اللّه تعالي- في هذه الفائدة إلي بحث مهم قلما اعتنت به كتب الدراية قبله، ألا و هو كيفية اقتراب الحديث الحسن من الحديث الصحيح، مع مراعاة موقف المتأخرين الذين قالوا بعدم حجية الحسن لاشتراطهم في حجية الخبر عدالة رواته. مع بحثه عما دلّ من الألفاظ علي التوثيق، و كشف النقاب عن الأمارات الدالة علي الوثاقة.
و قد مهّد المصنف لبيان حقيقة هذه المسائل بأمرين مهمين، و هما:
الأوّل: اختلاف العلماء في معني العدالة الشرعية و اتفاقهم علي ترتيب آثارها بحق من ثبت حسن ظاهره.
الثاني: اتفاق أهل الدراية علي دلالة بعض ألفاظ التعديل و بعض ألفاظ المدح، و عدّهم الحديث من جهة من قيل بحقه لفظ تعديل متفق عليه صحيحا، و حسنا إن كان اللفظ المتفق عليه لفظ مدح. هذا مع تصريحهم بأن مثل (شيخ الطائفة) أو (عميدها) أو (رئيسها) و نحو ذلك من الألفاظ إنما تستعمل للمشاهير من أقطاب المذهب ممن يستغني عن التوثيق.
ثم تعرض بعد ذلك إلي عدّهم حديث بعض الأعاظم حسنا، متخذا من الشيخ إبراهيم بن هاشم القمي مثالا علي ذلك، لعدم النص عليه بالوثاقة بل بالمدح المعتد به. و قد ناقش هذا المدح مبينا عدم تخلفه عن حسن الظاهر بستر المعاصي و اجتناب الكبائر و أداء الفرائض و الاستقامة في القول و الفعل مما يعد كاشفا عن الملكة. كما ناقش بعض ألفاظ المدح الأخري
ص: 65
مؤكدا عدم صلاحية إطلاقها علي غير من حسن ظاهره كقولهم: (صالح)، (زاهد)، (شيخ جلي) و نحوها.
ثم خلص إلي أنّ عدم الطعن فيمن وصف بواحد منها مع ذكره في جملة حملة الشريعة و رواة الشيعة يزيد في حسن حديثه و يكشف عن حسن سيرته و نقاء سريرته.
ثم بحث بعد ذلك مسألة مهمة للغاية، و هي عدم تفريق بعض العلماء في مقام العمل و في موارد الترجيح عند التعارض بين من مدح و من وثق صراحة، مؤكدا عدم تقديمهم الصحيح علي الحسن عند التعارض، ممثّلا بما دأب عليه الشيخ في التهذيب و الاستبصار من الجمع بين المتعارضين من غير طعن في سند الحديث الحسن أصلا.
و لهذا يري المصنف- قدس سره- ان توصيفهم لبعض بالوثاقة و لآخر بالصلاح، و لثالث بالزهد أو الديانة مثلا إنما هو لتفننهم في التعبير.
و لقد ساق أمثلة كثيرة ممن قيل بحقهم مثل هذه الألفاظ في أهم كتب الرجال الشيعية علي الإطلاق، مع اتفاق سائر العلماء علي وثاقتهم و جلالتهم و علو منزلتهم و مكانتهم في هذه الطائفة، كما هو الحال في زرارة، و أبان بن تغلب و البزنطي و أضرابهم.
أما عن اكتفاء بعضهم بكلمة (عظيم المنزلة) و نظائرها في مجال التوثيق فقد استفاد منه- بعد أن نقل كلماتهم- إمكانية اتحاد اصطلاح القدماء مع اصطلاح المتأخرين في (الصحيح) من جهة، و أعمية صحيح القدماء من جهة دخول الحديث الموثق فيه أيضا.
ثم أكد بعد ذلك علي ضوابط التصحيح و التحسين و التضعيف، و النظر إلي أصول هذا الفن، و التأمل في ألفاظ المدح، و النظر في مداليلها و ما اقترنت بها من أمور يستشف منها حسن الظاهر الكاشف عن الملكة، و بهذا
ص: 66
يصير الممدوح ثقة، و الخبر الحسن صحيحا.
ثم عطف الكلام إلي تبيين مثل هذه القرائن التي سبق و أن بحثها تفصيلا فيما سبق من فوائد مشيرا إليها في هذه الفائدة علي وجه الاجمال مبينا من أخذ بها من العلماء.
ثم كشف النقاب عن الرواية عن الضعفاء في عرف القدماء، و كيف انهم كانوا يعدونها من أعظم المطاعن و ذلك بأدلة كثيرة استخرجها من تراجم العلماء، ثم ضرب أمثلة أخري علي من عدت أحاديثه حسنة و وردت في حقه من الأوصاف الجليلة التي لا تنفك عن الوثاقة بل حسن الظاهر أيضا.
و من هنا نعي المصنف- قدس سره- تقسيم الحديث إلي أقسامه المعروفة، إذ حكموا من خلال هذا التقسيم علي حسن أكثر الصحاح و أخرجوها عن دائرة الحجية مع ثبوت احتجاج من سبقهم بها.
لقد حاول المصنف- قدس سره- في هذه الفائدة أن يفتح نافذة علي تقسيم الحديث عند المتأخرين، ليطل الباحثون من خلالها علي هذا المصطلح الجديد و ينظروا ما فيه و علي ضوء ما طرحه من مفاهيم.
ص: 67
هذا هو العنوان الذي اختاره المصنف- رحمه اللّه تعالي- لهذه الفائدة التي سجل فيها ثلاثة آلاف و أربعمائة و تسعة و عشرين اسما لتكون مكملة لما سجله الشيخ الحر- رحمه اللّه تعالي- في الفائدة الأخيرة من فوائد خاتمة الوسائل، و إن لم يجر المصنف فيها علي منهج الشيخ الحر كما ستري.
و قبل بيان ما يتعلق بهذه الفائدة من أمور يحسن الرجوع بالقارئ العزيز إلي الفائدة الثانية عشرة و الأخيرة من فوائد وسائل الشيعة، و من ثم تسليط الضوء علي منهج المصنف في هذه الفائدة، لكي يتضح عن كثب طبيعة الاستدراك المسجلة هنا فنقول:
خصصت الفائدة الثانية عشرة من فوائد خاتمة وسائل الشيعة لذكر أحوال رجال السند بغض النظر عن وقوعهم في أسانيد الوسائل أولا، و هذا هو ما صرّح به الشيخ الحر في أول الفائدة المذكورة حيث قال: «و إنما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند قرينة علي صحة النقل و ثبوته و اعتماده».
و لم يقصد الشيخ الحرّ ذكر ما في كتب التراجم الشيعية من الأعلام، و لا جميع من ذكر في كتب الرجال من الثقات و الممدوحين، بل اكتفي ببعض من ذكر في أسانيد كتب الشيعة دون البعض الآخر، حسبما بينه من قرائن و أمارات و أسباب التوثيق و الاعتماد، التي قد تنطبق علي الكثيرين جدا ممن ليس لهم في فائدة الوسائل عين و لا أثر، فهو قد أعطي ضابطة كلية- إن صح
ص: 68
التعبير- لمعرفة الرواية المقبولة سندا و لم يرد إحصاء الموارد التي تنطبق عليها هذه الضابطة.
و يدلنا علي ذلك ما جاء في الفائدة المذكورة من أمور و هي:
1- قوله في أول الفائدة المذكورة: «لكني لم أذكر كل أصحاب الكتب» - و إذا ما علمنا انه ضبط في آخر الفائدة الرابعة ما يزيد علي ستة آلاف و ستمائة كتاب من كتب الشيعة- و ان جميع ما ذكره من أسماء في الفائدة المذكورة من أصحاب الكتب و غيرهم لا يزيد علي ألف و خمسمائة اسم، اتضح لنا ان الشيخ الحر ليس بصدد الإحصاء في الفائدة الأخيرة.
2- ما ذكره عن الشهيد الثاني من وثاقة جميع رواة حديث الشيعة الذين كانوا في زمن الشيخ الكليني، و الذين من بعده إلي زمن الشهيد الثاني، و هذا هو اختيار الشيخ الحر و مرضية إذ لم يتعقبه بشي ء، و لا شك أن عدد رواة الشيعة في تلك الفترة- و هي تزيد علي ستة قرون أكثر مما سجله الشيخ الحر العاملي من أسماء الثقات و الممدوحين في الفائدة الأخيرة التي ضمت بعض أسماء المتأخرين عن عصر ثقة الإسلام لا كلهم.
3- تصريحه بوثاقة أربعة آلاف رجل من أصحاب الصادق عليه السلام، و الموجود في رجال الشيخ الطوسي- حسبما أحصيناه- ثلاثة آلاف و مائتين و أربعة و عشرين اسما في باب أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، و ما ذكره الشيخ الحر في الفائدة الأخيرة من الوسائل من أصحاب سائر الأئمة عليهم السلام و غيرهم ممن لم يدرك ذلك العصر البهي هو أقل من نصف العدد المذكور في باب أصحاب الإمام الصادق عليه السلام من رجال الشيخ.
هذا فضلا عن استثناء من ضعف من الرواة مع من لم تنطبق عليه موجبات الاعتماد و التوثيق.
ص: 69
و من خلال قراءتنا التفصيلية لما ورد في هذه الفائدة من أسماء خرجنا بجملة وافرة من النتائج لعل أولاها بالذكر هنا هو أنّا وجدنا الشيخ النوري أراد بهذه الفائدة تعميم النفع و الفائدة، و ذلك بإحصاء ما في كتب الرجال و التراجم و غيرها من أسماء الثقات و الممدوحين من الذين لم يسجلهم الشيخ الحر عن علم مؤكد بأكثرهم إن لم يكن بجميعهم، مع عدم الالتزام بمنهج الشيخ الحر الذي يجب مراعاته في الاستدراك المصطلح و هو نظر المتأخر- في استدراك ما فات علي المتقدم- إلي منهج صاحب الأصل و الكيفية التي سار عليها في تدوينه.
و قد بينا أن من منهج الشيخ الحر في فائدة الوسائل الأخيرة هو الاقتصار علي ذكر بعض من له رواية و وثق أو مدح في كتب الرجال مع ترك الأكثر منهم من دون الالتفات إلي ما في كتب التراجم من الأعلام.
و من هنا نري ان في عنوان فائدة المستدرك مسامحة ظاهرة، و قد يكون المصنف- رحمه اللّه تعالي- ملتفتا إليها إذ لم يذكر مثلا عبارة: «ما غفل عنه الشيخ الحر» أو: «ما لم يطّلع عليه» و نحوهما مما مرّ في الفائدة الأولي و غيرها، بل قال في مقدمة هذه الفائدة: «ما لم يذكره» و عدم ذكر الاسم- مع لحاظ منهج الشيخ الحر- له مسوغات كثيرة لا تدل علي الغفلة.
و بعد بيان منهج الشيخ الحر- رضي اللّه تعالي عنه- في الفائدة الأخيرة من الوسائل، و علاقة تلك الفائدة بعنوان ما نحن بصدده، آن الأوان للحديث عن أهم الأمور التي تضمنتها هذه الفائدة مبتدئين بمنهج النوري- رحمه اللّه تعالي- في التوثيق و التحسين و علي النحو الآتي:
لم يختلف منهج المصنف عن منهج الشيخ الحر كثيرا في مجال اعتماد القرائن و الأمارات الكلية في التوثيقات الرجالية العامة، و قد بين
ص: 70
المصنف جملة منها في أول الفائدة محيلا إلي ما سيذكره منها في تراجم الرواة في هذه الفائدة و يمكن إجمالها جميعا بما يأتي:
1- كون الراوي من مشايخ علي بن إبراهيم بن هاشم القمي في تفسيره.
2- كونه من مشايخ ابن قولويه في كامل الزيارات.
3- كونه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام في رجال الشيخ الطوسي.
4- رواية أحد الثلاثة عنه و هم: ابن أبي عمير، و البزنطي، و صفوان.
5- رواية أحد أصحاب الإجماع عنه علي ما هو المشهور.
6- رواية الأجلاء المتفق علي أمانتهم و وثاقتهم عنه.
7- رواية جعفر بن بشير، أو محمّد بن إسماعيل الزعفراني عنه.
8- كون الراوي من مشايخ النجاشي.
و قد سبق للمصنف و ان أفاض بشرح هذه القرائن و الأمارات و أقام مختلف الأدلة علي اعتمادها، و أفرد لبعضها فوائد مستقلة كما هو الحال في الفوائد السابعة، و الثامنة، و التاسعة.
هذا و قد عثرنا علي أمور اخري استفاد منها المصنف في توثيقاته الرجالية، سنشير إليها جميعا و ندل علي مكان واحد من أماكن ورودها، و علي النحو الآتي:
1- اعتماد كتب الرجال في التوثيق كرجال النجاشي كما في الترجمة [597] و قد يبين مستند العلماء في توثيقاتهم و أخذه بها كما في [150] و غيره.
2- اعتماد كتب الحديث في التوثيق و التحسين، إذ استخرج منها الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام و فيها نوع مدح و ثناء بحق
ص: 71
من ترجم له كما في [317] و كثير غيره.
3- اعتماده مشيخة الإجازة في التوثيق كثيرا كما في [361] و غيره.
4- اعتبار رسائل الأئمة عليهم السلام إلي ولاتهم و غيرهم من دلائل الوثاقة و الأمانة كما في [2252].
5- عدّه طعن أهل السنة برواة الشيعة دليلا علي وثاقتهم، لأن من آية جلالة الراوي الشيعي و أمانته و شدة ملازمته لأهل البيت عليهم السلام تضعيف العامّة إياه وعده من غلاة الشيعة، كما في [479] و كثير غيره.
6- الاستفادة من اتحاد الراوي مع غيره تعارض التضعيف مع التوثيق، و من التعدد الوثاقة كما في [1933].
7- إثبات الوثاقة من السند و التشيع من المتن، كأن يكون الراوي عنه من الأجلاء كما تقدم في الأمارات المتقدمة، و ان يكون المروي فيه فضيلة أو منزلة تثقل روايتها علي صدور مبغضي الآل عليهم السلام كما في [2025] و كثير غيره.
8- اهتمام علماء الرجال بذكر أمور دقيقة في ترجمة الراوي كذكرهم صلاة أحد الأجلاء عليه عند وفاته يكشف- عنده- عن كونه من كبار مشايخ الإجازة كما في [2458].
9- التصرف في عبارات التوثيق الواردة في تراجم البعض بكتب الرجال و التي يمكن إرجاعها إلي غير صاحب الترجمة، و جعلها نصا فيه، كما في [432].
10- اعتماد الوكالة و ترضي المشايخ علي أحد الرواة، و ترحمهم عليه في مجالات التوثيق و التحسين كثيرا.
11- قولهم في حق أحد الرواة: (صحيح الحديث) أمارة من أمارات التوثيق عنده كما في [2813] و غيره.
ص: 72
علي ان بعض هذه الأمور لم يعتمدها الشيخ الحر في توثيقاته الرجالية.
اتبع الشيخ النوري- رحمه اللّه تعالي- منهجا واضحا في تصنيف هذه الفائدة و طريقة ثابتة في الاستدراك، و يمكن إجمال هذا المنهج بالأمور التالية:
1- عدم ذكر من ذكره الشيخ الحر العاملي- رحمه اللّه تعالي- في الفائدة الأخيرة من الوسائل و وثقه.
2- بيان وثاقة من ذكره الشيخ الحر و لم يذكر من وثقه أو مدحه.
3- ترتيب الرواة بحسب الأسماء لا الحروف مع عدم العناية بترتيب الآباء، و جعل أسماء الرواة في أبواب حيث ابتدأ بباب الألف ثم باب الباء و هكذا إلي باب الياء، ثم أفرد بابا للكني، ثم بابا لمن صدر بابن، و اخري في النسب و اللقب.
4- من ذكرهم من الرواة في باب النسب و اللقب لم يبين حالهم من الوثاقة غالبا لمرور أكثرهم في الأبواب المتقدمة في الأسماء، و الظاهر أنه أراد وقوف القارئ علي أسمائهم، إذ بين المصنف أسماء أصحاب الألقاب.
5- مراعاة الاختصار و الإيجاز في التراجم غالبا.
6- الاكتفاء بذكر أمارة واحدة- في الأعم الأغلب- علي وثاقة الراوي.
أمّا عن مصادر الشيخ النوري في هذه الفائدة فهي كثيرة و متنوعة إذ لم يقتصر فيها علي كتب الرجال و الحديث، و إنما استفاد من كتب أخري ككتب التفسير، و العقائد، و التاريخ، و الفضائل و غيرها.
ص: 73
و يمكن القول بأن أهم الكتب التي اعتمدها في هذه الفائدة علي الإطلاق، هو كتاب الرجال للشيخ الطوسي- قدس سره الشريف- إذ اقتبس منه معظم ما في هذه الفائدة من أسماء.
هذا و لم تنحصر استفادة المصنف من كتب الشيعة فحسب، بل استفاد أيضا من كتب أهل السنة في كثير من المواضع، لا سيما في تعيين الوفيات، أو بيان الاتحاد و الاشتراك في الأسماء، و نحو ذلك.
مرّ أن المصنف لم يراع منهج الأصل المستدرك عليه في هذه الفائدة و ان اتبع سائر القرائن و الأمارات الكلية في التوثيق المعتمدة في خاتمة الوسائل، و أضاف لها أمورا أخري لم تعتمد في توثيقات الشيخ الحر- رحمه اللّه تعالي-.
و من استعراض طوائف الأسماء المستدرك بها في هذه الفائدة يتضح لنا أن المراد هو تعميم الفائدة لا أكثر و ليس المراد بتسجيلها هو الاستدراك المتبادر عرفا كما مرّ.
و فيما يأتي صورة شاملة لطوائف الأسماء المسجلة في هذه الفائدة، و علي النحو الآتي.
1- الاستدراك بأصحاب النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم مثل العباس عم النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و خبّاب بن الأرتّ، و عثمان بن مظعون، و هند بن أبي هالة ابن خديجة الكبري عليها السلام- و هو ربيب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم- و أبي قتادة الأنصاري، و البراء بن معرور، و سفينة مولي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و غيرهم من الصحابة- رضي اللّه تعالي عنهم-.
2- الاستدراك بأزواج النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كأم أيمن
ص: 74
- رضي اللّه تعالي عنها-.
3- الاستدراك بأولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- صلوات اللّه و سلامه عليه- كمحمّد بن الحنفية- رضي اللّه تعالي عنه- أو بأصحابه الذين لازموه و تفانوا فيه أو استشهد بعضهم بين يديه عليه السلام. و هم كثر، نذكر منهم: جارية بن قدامة، و ثعلبة بن عمر، و أبا عمرة الأنصاري، و حذيفة ابن أسيد و هو من الصحابة أيضا، و أبا الجوشاء و هو صاحب رأيته عليه السلام يوم خرج من الكوفة إلي صفين، و أبا جند بن عمرو و هو الذي عقر الشيطان [اعني: جمل عائشة] في البصرة، و ابن النباح مؤذنه عليه السلام الذي كان يقول في أذانه: حيّ علي خير العمل.
4- الاستدراك بليوث العرين، و الصفوة من العبّاد المؤمنين، و الخيرة من أصحاب الأئمة الميامين عليهم السلام من الذين ذبوا عن حرم آل الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وضحوا بأرواحهم بين يدي خامس أصحاب الكساء عليه الصلاة و السلام في صبيحة عاشوراء، و ضربوا باستشهادهم يوم الطف أروع أمثلة التضحية و الفداء في سبيل العقيدة و المبدأ، كزاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي الشهيد في الحملة الأولي، و شوذب مولي شاكر، و عابس بن شبيب، و أبي ثمامة الأنصاري الذي لم ينس الصلاة في لحظات عمره الأخيرة حتي قال له الحسين عليه السلام: «ذكرت الصلاة، جعلك اللّه من المصلين» و من نصر الحسين عليه السلام حيا و ميتا مسلم بن عوسجة، و من رفض الذلّ و الهوان، و أبي إلّا أن يعيش حرا و يمضي سعيدا هاني بن عروة صاحب المقام المحمود، و لمقامه الشريف زيارة مأثورة معروفة لدي الشيعة، و هو من شهداء الحق و الفضيلة عند اللّه سبحانه.
ثم إن المصنف- رحمه اللّه- قد استدرك بهذه الفائدة بينبوع الوثاقة و معدن العلم و الحكمة و الفضيلة، و جبل الكرامة، حامي بيوتا مطهرة أذن اللّه
ص: 75
لها أن ترفع و يذكر فيها اسمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام.
و هل يصح أن يغفل الشيخ الحر مثل مسلم فيستدرك به عليه؟ و هل ترك ابن عقيل سلام اللّه عليه فضيلة لغيره أو مكرمة لسواه من غير أهل البيت عليهم السلام حتي ينسي؟
ان الأقرب إلي الحق و الصواب هو ان المصنف رام بتسجيل هذه الأسماء الزكية الافتخار بأن هكذا عندنا نحن معاشر الشيعة من عيون الرجال.
5- الاستدراك بأصحاب سائر الأئمة عليهم السلام و أكثر من ذكر منهم هم أصحاب الإمام أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام.
6- الاستدراك بمن تأخر عن عصر آخر الأئمة عليهم السلام من رواة الشيعة الإمامية.
7- الاستدراك بثقات الفرق المنحرفة عن الخط الإمامي كثقات الفطحية و الواقفية و غيرهم.
8- الاستدراك بالنساء الراويات كما في التراجم [235] و [236] و [237] و [238] و [239] و [871] و [1790] و [2300] و غيرها.
9- الاستدراك بأعلام أهل السنة كمالك بن أنس، و محمّد بن مسلم ابن شهاب الزهري، و ابن أبي ليلي القاضي المعروف، و مقاتل بن سليمان، و غيرهم.
10- الاستدراك ببعض الضعفاء، و الدفاع عنهم- مع الأسف- كاستدراكه بمنخّل بن جميل، و يونس بن ظبيان و غيرهما.
و لعل ما سجله من أسماء بما مر في الفقرتين الأخيرتين هو مما لا يؤيده عليه أحد من أعلام الشيعة.
ص: 76
ردّ المصنف في هذه الفائدة علي الكثير من علماء الرجال، كما ناقش البعض منهم مناقشات مطولة أحيانا في تراجم معدودة، و تعجب و استغرب من طائفة أخري من العلماء نتيجة لحكمهم بعدم الوثاقة علي بعض الأعلام الذين وثقهم المصنف في هذه الفائدة، و لقد كان الحق معه في أغلب هذه الردود و المناقشات، لأنه قد اعتمد في أغلبها علي أدلة قوية استخرجها من مصادر شتي رجالية و غيرها، إلّا أنه أخفق في بعضها لا سيما فيما يتعلق بالضعفاء المجمع علي ضعفهم تقريبا، و فيما يأتي جملة مختصرة من هذه الردود و المناقشات.
1- رد نسبة الغلو إلي بعض الرواة، و مناقشة من اتهمهم بذلك مع الاضطرار إلي التوسع في تراجم من اتهم بالغلو و بيان حاله و إثبات خلو أقواله و ما رواه من رائحة الغلو، و رجوع من غلا إلي الحق و حسن حاله و صحب الأئمة من آل البيت عليهم السلام كما في [1363] و غيره.
2- رد نسبة وضع كتاب سليم بن قيس الهلالي إلي ابان بن أبي عياش بجملة من الأمور حاول اختصارها كما في [4] لما مر منه في الفائدة الثانية من تفصيل حال هذا الكتاب و إثبات نسبته إلي مؤلفه.
3- رد نسبة الوقف إلي بعض الرواة كما في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر برقم [18] و غيره.
4- الرد علي ابن الغضائري كثيرا في التراجم كما في [2510] و [1363] و [2180] و علي جميع من وافقه من الرجاليين كما نراه في ترجمة الفتح بن يزيد، و عدّه ما جاء في كتبهم من الأوهام.
5- مناقشته للنجاشي و العلّامة في ترجمة صالح بن سهل الهمداني
ص: 77
مع الإطالة في بيان حاله و تبرئته مما قذف به.
6- الردّ علي الكشي في ترجمة الصحابي عبد اللّه بن مسعود، مع التعجب ممن اقتصر من الرجال في ترجمته علي ما في الكشي.
7- الرد علي الشيخ سليمان بن عبد اللّه الماحوزي كثيرا و التعجب منه أحيانا كما في ترجمة طرمّاح بن عدي برقم [1412]، و ترجمة عقيل بن أبي طالب برقم [1824]، و كذلك الحال في التراجم [2491] و [2391] و [2421] و غيرها.
8- الرد علي العلّامة المجلسي و التعجب مما ذكره في الوجيزة بحق بعض الرواة كما في [2392] و [2328] و [1417] و [1824]، و غيرها.
9- الرد علي الشيخ أبي علي الحائري ردا مشوبا بالتحامل كما في [2267] و [2608].
10- مناقشته للسيد صاحب المدارك كما في الترجمة [2391].
11- الرد علي جميع الرجاليين تقريبا في ترجمة يونس بن ظبيان برقم [3260] و الإطالة في ترجمته أكثر من غيره، و في جميع ما ذكره من أدلة اختلاف واسع يظهر منه الاتفاق علي تضعيفهم ليونس بن ظبيان.
12- الرد علي نسبة التسنن إلي بعض الرواة، و التأكيد علي تشيعهم بمختلف الأدلة كما في [973] و غيره.
13- الرد أحيانا علي من ذهب إلي الاتحاد بين راويين مع اختيار التعدد كما في [2054].
من خلال تتبعنا لجميع ما ذكره المصنف- رحمه اللّه تعالي- في هذه الفائدة، وقفنا علي جملة من التنبيهات المهمة نعرضها علي النحو الآتي:
1- التنبيه علي تعدد الرواة مع اتحادهم في الأسماء كما في [521]
ص: 78
و [843] و غيرهما.
2- تصحيح الأسماء المصحفة كما في [2726] و غيره.
3- التنبيه علي المشتركات و الإطالة فيها أحيانا كما في [721] و [725].
4- الإشارة إلي الأخطاء الحاصلة في التراجم لدي بعض العلماء كما في [3171] و غيره.
5- التنبيه علي بعض النكات المهمة في التراجم، منها ما يتعلق برواية الأئمة عليهم السلام عن جدهم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فان كان المخاطب من أهل السنة حدثوه بلغة الاسناد، بخلاف ما لو كان من شيعتهم، لما بينهما من فارق الاعتقاد بمنزلة أهل البيت عليهم السلام.
6- التنبيه كثيرا في توثيقاته للرواة علي وجود من سبقه في توثيقهم أو عدهم من الممدوحين.
7- التنبيه علي اختلاف النسخ الرجالية أو الحديثية، و خطأ النساخ و تحريفاتهم و تصحيفاتهم، و قد أكثر المصنف من هذه التنبيهات المهمة، نشير إلي بعضها اختصارا.
أ- التنبيه علي وجود كلمة (ثقة) في رجال العلامة بحق صاحب الترجمة [367]، و لا وجود لها في معظم النسخ الأخري، و قد تكرر ذلك في تراجم اخري كما في [1697] و [428] و غيرهما.
ب- التنبيه علي عدم وجود كلمة (ثقة) في نسخته من كتاب رجالي بخط مؤلفه، مع وجودها في النسخ الأخري لهذا الكتاب و نقل العلماء لها منه أيضا كما في [745] و لهذا نراه لا يعتمد علي هذا التوثيق بل يستظهره من وجوه اخري.
ج- التنبيه علي جودة ما اعتمده من النسخ الخطية، كنسخته من
ص: 79
كتاب رجال النجاشي المكتوبة في عهد مؤلفه كما قال في [678]، أو نسخة من كتاب التهذيب صحيحة جدا كما قال في [1592] و غير ذلك.
د- التنبيه علي اختلاف النسخ الرجالية في ضبط ألقاب الرواة كما في [869] أو الأسماء كما في [2047].
ه- التنبيه علي الاختلاف الحاصل بين كتب الحديث و كتب الرجال في أسماء الرواة كما في [1692] و [3313].
و- التنبيه علي تصحيفات النساخ و تحريفاتهم بما له علاقة مباشرة في التوثيق أو التجريح كما في [728]، أو بما له علاقة في ازدياد طبقات الرواة كتحريفهم (ابن) إلي (عن) كما في [3374] و غيرها من التحريفات و التصحيفات.
هناك بعض الأمور الأخري التي وقفنا عليها في هذه الفائدة نذكر منها:
1- ذكره طرفا من أخبار المترجمين في هذه الفائدة و مدي اتصالهم بأهل بيت العصمة عليهم السلام كما في جعدة بن هبيرة ابن أخت أمير المؤمنين عليه السلام [398] الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: انما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك! فقال له جعدة: لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك.
كما يذكر الكثير من فضائلهم لا سيما إذا كانوا من صحابة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كما في [276] و [1191] و [1421] و غيرها.
2- يذكر ما جري لبعض الرواة مع الأئمة عليهم السلام بما يدل علي منزلتهم عندهم عليهم السلام و دعائهم لهم بظهر الغيب بما يفيد حسن سيرتهم كما في [26].
ص: 80
3- التعرض إلي معاناة أهل البيت عليهم السلام و ما جناه الأوغاد بحقهم حقدا علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مواطن متفرقة من هذه الفائدة كما في [2114] و [1447].
4- التعرض إلي ما قاله بعضهم من الشعر، لا سيما العقائدي الهادف كشعر سفيان بن مصعب العبدي [1189] و غيره.
5- التوسع في إيراد بعض القصص و الحكايات الطريفة التي تنطوي علي عظة نافعة، كما في [1583].
6- نقله الروايات من كتب الحديث بلا إسناد في الغالب مع الإحالة إلي مصدرها اختصارا، و لكنه قد يذكر الاسناد كاملا لنكتة في المقام كما في [3363]، فراجع.
7- اتباعه نظام الإحالة في تراجم الرجال إلي الفوائد المتقدمة لا سيما الفائدة الثانية كما في [416] و السادسة كما في [1931] و غيرهما.
8- تعرضه إلي مباحث درائية في عدة مواضع من هذه الفائدة، كمناقشته لقول النجاشي: «ليس بذاك» في الترجمة [2155] و بيان دلالة هذه الكلمة. و كذلك قولهم: «و حديثه ليس بذلك النقي» في الترجمة [83]، أو المناقشة في لفظة: «وجه» و دلالتها بصورة مختصرة كما في [1921]، أو بيانه معني قول النجاشي «و كان علوا» في [1931]، أو بيانه اختلافهم في دلالة بعض الألفاظ علي المدح أو التوثيق أو عدم دلالتها علي شي ء من ذلك كما في [677].
هناك بعض المؤاخذات التي يمكن ان تسجل علي الشيخ النوري في هذه الفائدة، و هي:
1- لقد أشار المصنف إلي أن ذم أهل السنة لأحد رواة الشيعة ينبغي
ص: 81
أن يعد من مدائحه كما في الترجمة [4] و قد مر عنه في الفوائد السابقة تصريحه بأن مدح أهل السنة و قدحهم سواء، إلّا أنا وجدناه قد اعتمد توثيق ابن حجر لصاحب الترجمة [36]، و كان عليه ان يقتصر علي ما ذكره من أمارات الوثاقة، و لا يردفها بتوثيق ابن حجر مراعاة للتصريحات السابقة.
2- قد يعتمد علي إثبات وثاقة شخص ما علي رواية رواها ذلك الشخص بعينه، و لا يخفي بأن هذا الشخص متهم بجر منفعة لنفسه، كما حصل في الترجمة [1485]، و كذلك في [1512]، هذا مع التفات المصنف- رحمه اللّه تعالي- إلي ذلك، و تبريره علي أساس وقوع الأجلة في طريق الرواية، و هو كما تري! 3- الاعتداد بعدم الاستثناء من كتاب نوادر الحكمة في مجال التوثيق كما في [1887]، و الرد علي الاستثناء الحاصل لبعض الرواة كما في [1670]. و هذا ما يشكل اضطرابا في منهج التوثيق.
4- الاستدراك بمن لم يذكر له في ترجمته أمارة علي التوثيق، سوي أنه روي عنه فلان أو فلان، و عند تتبعنا لمثل هذه الموارد وجدنا أن الراوي عنه أيضا غير منصوص علي وثاقته، و هي موارد قليلة كما في [1970] و غيره.
5- اعتماده علي أمارات غير متفق عليها في التوثيق، و الأكثر علي خلافها.
6- الخروج عن منهجه في الاختصار كما نص عليه في أول الفائدة، حيث أطال في تراجم كثيرة كما هو الحال في [13] و [39] و [55] و [61] و [62] و [66] و [91] و [95] و [96] و [120] و كثير غيرها.
7- توثيقه لمن لم يوثق قط كمقاتل بن سليمان، و منخل بن جميل، و يونس بن ظبيان كما أشرنا إليهم فيما تقدم.
8- الاستدراك بأهل السنة كمالك بن أنس، و الزهري و قد تقدمت
ص: 82
الإشارة إلي ذلك أيضا.
إلي غير ذلك من الهنات الطفيفة الأخري التي لا تقلل- بنظرنا- من أهمية هذه الفائدة لما فيها من الايجابيات الكثيرة التي نتركها للقارئ العزيز نفسه.
ص: 83
لحجية القطع أكثر من معني إلّا أن المراد منها في المباحث الأصولية هو التنجيز و التعذير.
و لما كان ثبوت القطع لدي القاطع أمرا وجدانيا لا يمكن إنكاره، و ان من يحصل لديه مثل هذا القطع يكون قطعه حجة و منجّزا عليه عند سائر الأصوليين، لذا احتدم نقاشهم مع الأخباريين الذين نسب إليهم- كما في هذه الفائدة- القول بعدم حجية القطع.
و قبل بيان موقف المصنف من هذه النسبة يحسن بنا التأكيد علي ثلاثة أمور، و هي:
الأول: اتفاق الشيعة الإمامية من الأصوليين و الأخباريين علي عدم حجية أدلة عقلية ظنية مثل القياس و الاستحسان، و نحوهما، اقتداء بأهل البيت عليهم السلام حيث تواتر عنهم عليهم السلام النهي المطلق عن استعمال مثل هذه الأدلة في استنباط الأحكام الفقهية.
الثاني: اختلافهم في حجية الأدلة العقلية القطعية في مجال استنباط الأحكام الشرعية. حيث ذهب المشهور منهم إلي صحة ذلك، و منعه الأخباريون، بمعني عدم تحققه كما سيأتي في هذه الفائدة.
الثالث: المراد من حكم العقل هنا هو ما يصدره علي نحو الجزم و اليقين، غير مستند بذلك إلي الكتاب و السنة بخصوص الأحكام الشرعية، و ليس المراد منه الحكم العقلي الواقع في مبادئ التصديق بالكتاب و السنة و لا الحكم الواقع في طولهما في مرحلة معلولات الأحكام الشرعية كحكم
ص: 84
العقل بوجوب الامتثال فهذا لا إشكال في حجيته عند الجميع.
ثم ان الشيخ النوري- رحمه اللّه تعالي- قد افتتح هذه الفائدة بإنكار هذه النسبة إلي الأخباريين، مصرحا بأن ما يظهر من كلماتهم هو علي خلاف ما نسب إليهم من إنكار حجية القطع الحاصل من العقل.
ثم بين أصل اشتهار هذه النسبة إليهم، و هو كلام الشيخ الأنصاري- قدس سره الشريف- في رسالته: «حجية القطع». حيث نقل عنه ما حكاه عن المحدث الأسترآبادي- رحمه اللّه تعالي- من تقسيمه العلوم إلي ما ينتهي إلي مادة قريبة من الإحساس، و إلي أخري بعيدة عنه مع وقوع الاختلاف في الثاني دون الأول علي تفصيل بين في محله.
و قد استفاد الشيخ الأعظم- طاب ثراه- من كلام الأسترآبادي- رحمه اللّه تعالي- عدم حجية إدراكات العقل- عنده- في غير المحسوسات، مبينا من استحسن كلام الأسترآبادي من الأخباريين المتأخرين عنه كالمحدث الجزائري و البحراني- رحمهما اللّه تعالي- حيث ذهب الأول إلي القول بحكم العقل في البديهيات، أما في النظريات فان وافقه النقل و حكم بحكمه فهما متّفقان، و ان تعارضا قدم النقل عليه.
أما الثاني فقد استحسن هذا الكلام و أيّده.
و يري المحدث النوري ان ما استفاده أستاذه الشيخ الأنصاري من كلام الأسترآبادي غير تام، و ان الأسترآبادي لم يقصد حصر المعرفة البشرية بأدوات الحسّ و التجربة: بل غرضه حصر المعرفة بالدليل الشرعي النقلي و إلغاء الدليل العقلي النظري في مجال استكشاف الحكم الشرعي، و انه ليس في كلامه إشارة أو تصريح إلي عدم حجية حكم العقل القطعي. بل الظاهر منه نفي حجية الإدراك الظني و الاستنباطات الظنية في نفس الأحكام الشرعية.
ص: 85
و قد استدل المحدّث النوري علي ذلك بأمور كثيرة نذكر منها ما يأتي:
أولا: الاستدلال بالمواضع الساقطة من عبارة الأسترآبادي المنقولة، و الاستفادة من هذه المواضع بأن مقتضي ما أفاده الأسترآبادي هو عدم جواز الاعتماد علي الدليل الظني في أحكامه تعالي سواء كان ظني الدلالة أو الطريق أو كليهما.
مبررا لأستاذه هذا السقط بأنه لم يكن عنده كتاب الفوائد المدنية للاسترآبادي و إنما نقل النص عن حاشية المعالم، و كذلك الحال في نقله عن السيد الجزائري بالواسطة.
ثانيا: نقل عن الفوائد ما يفيد الإشارة إلي كون حكم العقل القطعي حجة عنده و نفي الاستنباطات الظنية، كما نقل نصا آخر صريحا بإفادة هذا المعني.
ثالثا: نقل نصا آخر يفيد عدم جواز العمل بالظن المتعلق بنفس أحكامه تعالي ثم كشف عن إبطال الأسترآبادي التمسك بالاستنباطات الظنية من الكتاب و السنة و الاستصحاب و البراءة و القياس و الإجماع في نفس أحكامه تعالي، بما يفيد انه كان لا يري للعقل إدراكا قطعيا في استنباط الأحكام الشرعية، و إلا لعده من جملة هذه الأمور، بل لقدمه علي الاستصحاب و ما يليه.
رابعا: نقل نصا من الفوائد يفيد وجوب أخذ أصول الدين و فروعه من أصحاب العصمة عليهم السلام و ان العقل لا يستقل بإثباتها، خاصة الفروع.
خامسا: اهتم ببيان رأي الأسترآبادي في تقسيم الأخبار علي نحوين.
أحدهما: ان تكون صحة مضمون الخبر متواترة، و هذا لا يجوز التناقض فيه.
الآخر: وجود قرينة دالة علي صحة مضمونه و اعتباره، و من جملة هذه
ص: 86
القرائن مطابقة المضمون للدليل العقلي القطعي.
سادسا: بين سبب ردّ الأسترآبادي- بنص منه- للترجيحات الاستحسانية بأمرين.
أحدهما: لم يرد من الشارع إمضاء لها بل ورد النهي عنها.
الآخر: عدم ظهور دلالة عقلية قطعية علي حجيتها.
و هكذا نجد المصنف- رحمه اللّه تعالي- ينقل ما هو صريح بحجية إدراك العقل إذا كان قطعيا.
و في آخر ما اقتبسه من نصوص عن الفوائد لرد هذه النسبة نقل عنه كلاما مهما- و هو عنده بخطه- يؤيد فيه صراحة ما ذكره المصنف آنفا، و انه علي الرغم من حصره لإدراك الحكم الشرعي عن طريق الدليل النقلي و إلغاء ما سواه، فإنه لو فرض وجود الإدراك العقلي القطعي لذلك لكان حجة عنده.
أما عن المحدث الجزائري فقد دافع عنه النوري أيضا مبينا انه تبع أقوال الأسترآبادي و عنون مطالب كتبه علي غرار ما ورد في الفوائد ثم نقل عنه كما نقل عن الأسترآبادي أمورا تبين ان ما أسقطه من أدلة العقل إنما هو الأدلة الاستحسانية التي يعبر عنها بالاستنباط الظني و أورد تصريحه في وجوب تأويل الدليل النقلي إذا تعارض مع الدليل العقلي ذي المقدمات البديهية.
و أما عن بيان موقف الشيخ الحر من هذه المسألة فهو لا يحتاج إلي بيان لتصريح الشيخ الحر- قدس سره- بحجية حكم العقل القطعي إذ قال في الفائدة الثامنة في بيان القرائن المعتبرة علي ثبوت الخبر: «و منها: موافقته لدليل عقلي قطعي» (1)، إلّا أن المصنف لم يكتف بهذا التصريح بل تابع- رحمه اللّه تعالي- أقوال الشيخ الحر و آراءه في كتبه الأخري حول هذه7.
ص: 87
المسألة بالذات، و أطال في نقل كلماته بما حاصله عدم وجود دليل عقلي قطعي في شي ء من مسائل الفروع و لو فرض وجوده فهو حجة.
اما عن كلام البحراني- قدس سره- في الحدائق، و الدرة النجفية، فقد بين المصنف عدم اختلافه عن كلام الأسترآبادي و لا كلام الجزائري أو الشيخ الحر.
و استخلص رأيه بأنه يري عدم استقلال العقل في معرفة الأحكام الشرعية بالقطع و اليقين، لا أنه يستقل و لا يكون- مع ذلك- حجة.
أما عن رأي المصنف في هذه المسألة بالذات و الذي أفصح عنه في آخر هذه الفائدة فخلاصته: عدم تحقق الصغري في هذه المسألة، أي:
عدم تحقق استقلال العقل في مجال استنباط الأحكام الفرعية علي نحو القطع و اليقين.
ص: 88
في هذه الفائدة بيان لشرف علم الحديث، و أهميته القصوي، و دوره المتميز في حياة المسلم، و مكانته العظمي من التشريع، مع التأكيد علي ضرورة الجدّ في دراسته و تدريسه.
لقد نقل المصنف- طاب ثراه- عن الشهيد الثاني- رضي اللّه تعالي عنه- كلاما ضافيا في جلالة هذا العلم و رتبته، و المثوبة عليه مع تعريفه، و ما خصت به درايته من اهتمام بالغ، و انها المراد بعلم الحديث عند الإطلاق.
كما أورد عنه- قدس سرهما- بعض الآثار و الأخبار الواردة في فضل علم الحديث الشريف، ثم ساق المصنف ما ورد من عظيم الأثر عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها بأن حديث المصطفي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يعدل عندها سبطي هذه الأمة الحسن و الحسين صلوات اللّه و سلامه عليهم.
و كفي به دلالة علي شرفه و تفاني بضعة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من أجل الحفاظ علي سلامته.
ثم نقل عن صاحب المعالم- قدس سره- ما يؤكد علي إعطاء الحديث حقه رواية و دراية، لأنه مدار أكثر الأحكام الشرعية. مع الثناء علي السلف الصالح الذين بذلوا ما في وسعهم لأجل تحقيق الغاية من وجود الحديث الشريف.
ثم فصل المصنف دور العلماء في هذا الحقل، و أورد عن كشف اللثام كلمة رائعة أوصي بها الفاضل الهندي- رحمه اللّه تعالي- إخوانه العلماء و المجتهدين بهذا الخصوص.
ص: 89
كما أورد عن غيره من العلماء ما يشحذ الهمم للتصدي إلي استخراج الكنوز المودعة في الحديث الشريف.
ثم ختم المصنف الكلام عن شرف الحديث و أهميته ببث حزنه و لوعته علي افتقاره من يذاكره في هذا العلم الجليل و كأني به يقول:
أين الوجوه أحبّها و أودّ لو أني فداها
أمسي لها متفقدا في العائدين و لا أراها
ثم عطف- رحمه اللّه تعالي- إلي شرح حاله فترجم لنفسه ترجمة مجملة، ذكر فيها تاريخ ولادته، و دراسته و مشايخه ثم سفراته و رحلاته، و اختتم الكلام بتعداد مؤلفاته.
رحم اللّه تعالي شيخنا النوري، فقد كان- كما شهد تلامذته- صواما قواما مخلصا للّه في عمله، مجدا في أداء فرائضه، غزير الدمع من خشيته، متشفعا بالنبي و آل بيته صلّي اللّه عليهم و سلّم.
هذا و قد وافق الفراغ من آخر كلمة في هذه الفائدة بقلمه الشريف اليوم العاشر من ربيع الآخر في السنة التاسعة عشرة بعد الألف و الثلاثمائة من الهجرة الشريفة، و لم يمض طويلا هذا القلم المعطاء- بعد إكمال هذه الخاتمة- إذ انتقل صاحبه إلي جوار الملك المنان في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الآخرة لسنة عشرين بعد الألف و الثلاثمائة من الهجرة الشريفة.
تغمده اللّه بواسع رحمته و أسكنه فسيح جناته.
ص: 90
للّه درّ من سمّي المحدث النوري (قده) بخاتمة المحدثين، فان ما أجادت به يراعه المباركة لهي بحق تعدّ من أعظم ما سطرته يراع العظماء من أمثاله. و لذلك كان العمل علي خاتمة المستدرك من الصعوبة بمكان و غير خجلين من الإقرار بذلك، بالإضافة إلي نقص النسخ الخطية المتوفرة لدينا و التي تم العمل عليها.
و بعد:
فمن مميّزات مؤسّستنا منهجية العمل الجماعي، و لقد كان هذا المنهج هو الأصل في عملنا مع ما للطاقات الفردية الضخمة المتوافرة من مساهمة فعالة في صياغة هذا العمل ليخرج بهذه الحلة الفريدة نظرا لضخامته و تنوعه.
فخاتمة المستدرك و التي تحتوي علي (12) فائدة هي عبارة عن اثني عشر منهجا مختلفا و كل واحدة منها تحتاج الي جهد خاص و ذوق متميز.
و قد تمت الإشارة الي بعض الجهد المبذول في مقدمة الفوائد و ما تطلّبته من إمكانات في سبيل الوصول الي عرضها و نشرها بما يتناسب مع مالها من مقام شامخ في نفوس طلبة العلوم. و لذلك لا يسعنا القول بأن العمل الذي أنجز، يمكن حصره في لجان معينة و افراد خاصين نتيجة تشعبه و ضخامته، و عليه فقد تمت الاستفادة من كافة الطاقات المتاحة و التي بذلت جهدا مشكورا في التعاون معنا لانجاز هذا العمل.
ص: 91
1- النسخة المحفوظة في مكتبة نصيري بطهران، و هي تشتمل علي الفوائد الأولي و الثانية و الثالثة فقط، جاء في آخرها: كتبه الحقير مهدي بن أبو القاسم الحسيني الكاشاني، هذا و علي هذه النسخة حاشية لصدر الأفاضل (دانش) نصيري اميني، هكذا ذكر ذلك في أولها حفيده فخر الدين نصيري اميني، و كذلك حاشية اخري ليحيي بن محمّد شفيع الأصفهاني، و تقع هذه النسخة في 698 صحيفة من الحجم الوزيري.
2- مخطوطة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام، و هي تحتوي علي الفوائد السادسة إلي الثانية عشرة، و هي بخط المصنف قدس سره، و قد جاء في أولها:
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و صلّي اللّه علي محمّد و آله آل اللّه الفائدة السادسة.
و في آخرها:
و وافق الفراغ من هذا المجلد أيضا يوم العاشر من ربيع الآخر يوم ولادة سيدنا الإمام الزكي أبي محمّد الحسن بن علي الهادي صلوات اللّه عليهما في السنة المباركة التي أخبر أهل الحساب بتوافق الأضحي و الجمعة و النيروز فيها السنة التاسعة عشرة بعد الألف و ثلاثمائة بيد العبد المذنب المسي ء حسين ابن محمّد تقي النوري الطبرسي حامدا مصليا مستغفرا.
أي قبل سنة واحدة من وفاته كما و انه جاء في الورقة الأولي عبارة هي:
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي شرفني بزيارة هذه النسخة النفيسة التي هي آخر أجزاء مستدرك الوسائل من تصنيف شيخنا العلامة النوري طاب ثراه و هي بخط يده الشريفة في آخر عمره، فإنه توفي سنة 1320، حرره
ص: 92
خادمه المجاز منه العبد الفاني الشهير بآقا بزرك الطهراني في (20- ع 2- 1380).
3- المطبوعة الحجرية: و هي نسخة محفوظة في مكتبة العلامة الحجة السيد عبد العزيز الطباطبائي نقل فيها جميع ما سبق لاستاذه الشيخ آقا بزرك الطهراني إثباته من حواش و تعليقات علي نسخته من خاتمة مستدرك الوسائل، و حيث كان الطهراني- كما هو معروف- من التلامذة المختصين بالمحدث النوري (قدّس سرّه) و الذي يعد من كبار الأساتذة المختصين و البارعين في هذا المضمار، فأضفي علي هذه النسخة أهمية متميزة عن غيرها من النسخ الحجرية الأخري- و قيمة أكبر لا تخفي علي ذوي الاختصاص.
هذا ما توفر لدينا من نسخ لنخوض بها غمار العمل علي خاتمة المستدرك، و قد اعتمدنا صيغة تلفيقية في عملنا مع ما توفر بين أيدينا من مصادر تعدّ قليلة بالنسبة إلي الكم الهائل الذي استفاد منه المصنف (قده) في تأليفه لهذا السفر القيم، و إن كنّا لم نأل جهدا في سبيل تهيئة كل ما أمكن تهيئته من مصادر له.
و أخيرا نشكر كافة أصحاب السماحة و الاخوة الأفاضل الذين عاضدونا في إصدار هذا السفر العظيم و بهذه الحلة الجديدة و التي هي بحق مصداق من مصاديق عمل خاتمة المحدثين قدس سره.
هذا و آخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين.
مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
ص: 93
صورة
ص: 94
صورة
ص: 95
صورة
ص: 96
صورة
ص: 97
صورة
ص: 98
ص: 1
ص: 2
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ (1)
ما رنحت أعطافها في رياض الطروس عذبات الأقلام، و لا نسجت ببنان لسانها مطارف تتشح بها غواني الكلام أشرف من حمد اللّه الذي لا زالت آحاد الموجودات تشكر تواتر نعمائه، و تخبر بلسان فقر الحدوث عن مستفيض آلائه، و تروي الرياض كمال قدرته بأصحّ الأسانيد عن عليل النسيم، و تحدث مرسلات قطرات المزن عن متون الغمام باتصال فضله العميم، و الصلاة علي نبيّه و مضمر سره، الذي اجتباه عنوانا لصحيفة أحبائه، و خاتمة لدفتر أنبيائه (2)، و آله الذين جعل مقبول الطاعات موقوفا علي محبتهم، و مرفوع الأعمال معلقا علي طاعتهم، صلاة لا تنقطع ما دامت المعضلات بأنامل الأفكار منحلة، و مجاهيل الأحكام مستفادة من الأدلّة.
و بعد: فقد نجز- بحمد اللّه تعالي و حسن توفيقه- كتاب (مستدرك الوسائل) الحاوي لما خفي عن الأنام من أدلة الأحكام و المسائل، حتّي عرف صدق القائل: «كم ترك للأواخر الأوائل»، و أصبح مصباحا تزاح بأنوار أخباره
ص: 3
غياهب الأوهام، و دستورا يرجع إليه في معرفة الحلال و الحرام، و دليلا لرائد الفكر إذا تاه في مجاهل الشبهات، و سبيلا قصدا إلي مستور الأخبار و مخفي الروايات، و هاديا إلي كنوز من العلم لم تزل عن الأبصار مخفيّة، و ناشرا لإعلام هداية لم تزل من قبل مطويّة، و طلع في آفاق المفاخر بدرا كاملا بعد السرار (1)، و عمّ نوره سائر الأمصار، و افتخر به هذا العصر علي ما تقدمه من سائر الأعصار، و أصبحت عيون الفضل به قريرة، و مسالك الأفهام به مستنيرة، و رأي العلماء منه بالعيان، ما زعموا خروجه عن (2) حدّ الإمكان، و نظروا إلي درر متّسقة، طالما اشتاقوا أن يروها و لو متفرّقة.
و لمّا فاح مسك ختامه، و لاح كالبدر ليل تمامه، انتهي ميدان القلم إلي استدراك للفوائد، و ما خفي علي الشيخ المصنف (3) رحمه اللّه من غوالي الفرائد، فاشتمل- بحمد اللّه تعالي- كسابقه علي فوائد جمّة، و نفائس مهمّة، لم تنل لآليها من قبل كفّ غائص، و لا دنت من آرام (4) كناسها حبالة قانص، فكم من راو مجهول بين أبناء صنفه بيّنت فيها حاله، و مهجور لضعفه نبّأت علي أنّه في غاية الجلالة، و مشتبه شخصه و حاله يزول عنه الشكّ و الريب، و مطعون في دينه يظهر براءته عن وصمة العيب.
و كم من عالم ضاع اسمه في زوايا الخمول، و درست من أبيات فضائلهم.
ص: 4
الآثار و الطلول، و أخمدت مصابيح فضائله أعصار الأعصار، و عادت رياض مناقبه ذاوية الأزهار، أظهرت ما خفي من علمه، و جدّدت ما درس من رسمه، حتي عاد منارا به يهتدي، و علما به يقتدي.
و أصل من معظم الأصول، كان عند القدماء عليه المعوّل، لا غناء لهم عنه و لا متحول، كان لهم عليه في العمل المدار، و في اشتهار الصحة كالشمس في رابعة النهار، أصبح في هذه الأعصار مجهول الانتساب و المقدار، و قابله أهله بالردّ و الإنكار، أعرصوا عنه مذ لم يعرفوه، و جهلوا حاله- أو حال مصنّفه- فانكروه، فشيّدت- بحمد اللّه تعالي- فيها أساس صحّته، و أثبتّ علوّ قدر مصنّفه و جلالة رتبته.
و آخر محت آثاره شبهات الغافلين، و تشكيكات الجاهلين، جدّدت معالمه الدارسة، و أحييت آثاره الطامسة، و أجبت عن تلك الشبهات الغثة، و الشكوك الرثّة، حتي أضحت بريئة من تلك التهم، و انجاب عنه ذلك لغمام المدلهم.
و بالجملة فهذه الدرر و الفرائد، التي نظمتها في سلك واحد، جديرة بأن تكون لأجياد غواني المعاني عقودا، و يفصّل هذا السابري لأجسادها حللا و برودا، إذ كلّ فائدة منها فريدة عن غيرها ممتازة، و خريدة عن جاراتها منحازة، تستقل كلّ منها بنفسها، و تفوق علي من سواها من جنسها، و كان من حقها أن نجعل كل فائدة منها كتابا مستقلا، و موردا يروي ظمأ طلّابها علا و نهلا، و لكن صدّنا عن ذلك ما عزمنا عليه من إتمام مستدرك الكتاب، و كراهة أن تبقي مشيدات قصوره ناقصة البيوت و الأبواب، و الناظر في ذلك بالخيار: إن شاء أبقاها علي ما وقع عليه الاختيار، و ان شاء جعلها عقودا مفصّلة في نحور الطروس، و نفائس تتنافس في رؤيتها النفوس، و أسأل اللّه أن يجعل نفعها عامّا لخصوص اولي الألباب، و أن ينفعني بها يوم الحساب.
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
في ذكر الكتب التي نقلت منها، و جمعت منها هذا المستدرك، ممّا لم يكن عند الشيخ الجليل المتبحّر صاحب الوسائل رحمه اللّه، أو كان و لم يعرف صاحبه في وقت التأليف، و هي كثيرة نذكر عمدتها:
[1] كتاب الجعفريات: و يعرف في كتب الرجال بالأشعثيات، و يأتي وجه التسمية بها.
[2] كتاب درست بن أبي منصور.
[3] أصل زيد الزرّاد.
[4] كتاب أبي سعيد عبّاد العصفري.
[5] كتاب عاصم بن حميد الحنّاط.
[6] أصل زيد النرسي.
[7] كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي.
[8] كتاب محمّد بن المثنّي.
[9] كتاب عبد الملك بن حكيم.
[10] كتاب المثنّي بن الوليد الحنّاط.
[11] كتاب خلّاد السدي.
[12] كتاب حسين بن عثمان بن شريك.
[13] كتاب عبد اللّه بن يحيي الكاهلي.
[14] كتاب سلام بن أبي عمرة.
[15] جزء من نوادر عليّ بن أسباط.
[16] مختصر كتاب العلاء بن رزين.
ص: 9
[17] كتاب المؤمن- أو ابتلاء المؤمن- للحسين بن سعيد الأهوازي.
[18] كتاب الديات لظريف بن ناصح.
[19] كتاب المسلسلات للشيخ أبي محمّد جعفر بن أحمد القمي.
[20] كتاب المانعات من دخول الجنّة له أيضا.
[21] كتاب الغايات له [أيضا].
[22] كتاب العروس في أعمال الجمعة له أيضا.
[23] كتاب القراءات لأحمد بن محمّد السيّاري، و يعرف أيضا بكتاب التنزيل و التحريف.
[24] كتاب إثبات الوصيّة للشيخ الجليل علي بن الحسين المسعودي.
[25] كتاب دعائم الإسلام للقاضي نعمان بن أبي عبد اللّه المصري.
[26] كتاب شرح الأخبار له أيضا.
[27] كتاب الاستغاثة لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي.
[28] كتاب الآداب و الأخلاق له أيضا.
[29] كتاب النوادر للسيّد الأجل ضياء الدين فضل اللّه بن علي الراوندي.
[30] كتاب روض الجنان- و هو التفسير الكبير- للشيخ أبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي الرازي.
[31] رسالة تحريم الفقّاع للشيخ أبي جعفر الطوسي.
[32] كتاب معدن الجواهر لأبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي.
[33] كتاب لبّ اللباب للشيخ الجليل هبة اللّه بن سعيد المعروف بالقطب الراوندي.
[34] كتاب الدعوات له أيضا.
[35] كتاب فقه القرآن له أيضا.
[36] كتاب التمحيص لأبي علي محمّد بن همام.
[37] كتاب الهداية للصدوق.
ص: 10
[38] كتاب المقنع له أيضا.
[39] كتاب نزهة الناظر لأبي يعلي الجعفري تلميذ الشيخ المفيد رحمه اللّه.
[40] كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلي مولانا الصادق عليه السلام.
[41] صحيفة الرضا عليه السّلام.
[42] الرسالة الذهبيّة لمولانا الرضا عليه السّلام.
[43] كتاب الفقه المنسوب إلي مولانا الرضا عليه السّلام أيضا.
[44] كتاب فلاح السائل و نجاح المسائل للسيّد رضيّ الدين علي بن طاوس، و قد وصل إلينا الجزء الأول منه، و هو من مجلّدات التتمّات و المهمّات.
[45] كتاب مشكاة الأنوار للمحدّث الفاضل سبط أمين الإسلام الشيخ الطبرسي صاحب مجمع البيان.
[46] رسالة في المهر للشيخ المفيد رحمه اللّه.
[47] المسائل الصاغانيّة له أيضا، و غيرها من الرسائل و أجوبة المسائل.
[48] كتاب عوالي اللآلي للشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الأحسائي.
[49] كتاب درر اللآلي العمادية له أيضا.
[50] تفسير الشيخ الجليل محمّد بن إبراهيم النعماني.
[51] كتاب جامع الأخبار المردّد مؤلّفه بين جماعة يأتي ذكر أساميهم.
[52] كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد اللّه محمّد بن سلامة القضاعي.
[53] مزار الشيخ محمّد بن المشهدي.
[54] تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل حسن بن محمّد بن الحسن القمي، المعاصر للصدوق رحمه اللّه.
[55] الخصائص للسيّد الرضيّ، جامع نهج البلاغة.
[56] سعد السعود للسيّد رضيّ الدين علي بن طاوس.
[57] كتاب اليقين- أو كشف اليقين- له أيضا.
[58] كتاب التعازي للشريف الزاهد أبي عبد اللّه محمّد بن علي بن الحسن بن
ص: 11
عبد الرحمن العلوي الحسني.
[59] كتاب المجموع الرائق للسيّد الفاضل هبة اللّه بن أبي محمّد الحسن الموسوي.
[60] طبّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله لأبي العباس المستغفري.
[61] مجاميع ثلاثة للشهيد الأوّل قدس اللّه روحه الزكيّة.
[62] كتاب كنوز النجاح للشيخ أبي علي صاحب مجمع البيان.
[63] كتاب عمدة الحضر له أيضا.
[64] كتاب صغير وجدناه في الخزانة الرضوية.
[65] كتاب غرر الحكم و درر الكلم لعبد الواحد الآمدي.
و عندنا كتب اخري قلّما (1) رجعنا إليها، أشرنا إلي أساميها في محلّه.
و أمّا ما نقلنا عنه بتوسّط كتاب بحار الأنوار فهو:
[أ] كتاب الإمامة و التبصرة للشيخ الجليل علي بن الحسين بن موسي بن بابويه.
[ب] كتاب العلل لمحمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القميّ رحمه اللّه.
[ج] كتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين للشيخ العارف أبي محمّد الحسن بن محمّد الديلمي.
[د] كتاب قضاء حقوق المؤمنين للشيخ سديد الدين أبي علي بن طاهر السوري.
[ه] كتاب مقصد الراغب للشيخ الحسين بن محمّد بن الحسن المعاصر للصدوق رحمه اللّه.
[و] كتاب مصباح الأنوار للشيخ هاشم بن محمّد.
[ز] كتاب العدد القويّة لدفع المخاوف اليوميّة، تأليف الشيخ الفقيه رضيّ الدين عليّ بن يوسف بن مطهّر الحلي، أخ العلامة رحمهما اللّه تعالي.ب.
ص: 12
ص: 13
ص: 14
في شرح حال هذه الكتب و مؤلّفيها
فهو من الكتب القديمة المعروفة المعوّل عليها، لإسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام.
قال النجاشي في رجاله: إسماعيل بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ ابن الحسين عليهم السلام، سكن مصر و ولده بها، و له كتب يرويها عن أبيه عن آبائه، منها: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الجنائز، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب الحدود، كتاب الدعاء، كتاب السنن و الآداب، كتاب الرؤيا.
أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، قال: حدثنا أبو محمّد سهل بن أحمد بن سهل، قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي بمصر- قراءة عليه- قال: حدثنا موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهم السلام (1)، قال: حدثنا أبي بكتبه (2).
و قال الشيخ رحمه اللّه في الفهرست: إسماعيل بن موسي بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام سكن مصر
ص: 15
و مولده (1) بها، له كتب عن أبيه عن آبائه مبوّبه، منها: كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحجّ، كتاب الجنائز، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الدعاء، كتاب السنن و الآداب، كتاب الرؤيا.
أخبرنا (2) الحسين بن عبيد اللّه، قال: أخبرنا أبو محمّد سهل بن أحمد بن سهل الديباجي، قال: حدثنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث بن محمّد الكوفي بمصر- قراءة عليه- من كتابه، قال: حدثنا موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهم السلام، قال: حدثنا أبي إسماعيل (3).
و قال في رجاله: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي، يكنّي أبا علي و مسكنه بمصر في سقيفة جواد، يروي نسخة عن موسي بن إسماعيل بن موسي ابن جعفر عليهما السلام، عن أبيه إسماعيل بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر عليهما السلام، قال التلعكبري: أخذ لي والدي منه إجازة في سنة ثلاث عشرة و ثلاثمائة (4).
و قال في ترجمة محمّد بن داود بن سليمان: يكنّي أبا الحسن يروي عنه التلعكبري، و ذكر أنّ إجازة محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي وصلت إليه علي يد هذا الرّجل في سنة ثلاث عشرة و ثلاثمائة، قال: سمعت منه في هذه السنةم.
ص: 16
من الأشعثيات ما كان إسناده متّصلا بالنبي صلّي اللّه عليه و آله، و ما كان غير ذلك لم يروه عن صاحبه، و ذكر التلعكبريّ أنّ سماعة هذه الأحاديث المتّصلة الأسانيد من هذا الرجل، و رواية جميع النسخة بالإجازة عن محمّد بن الأشعث، و قال ليس لي من هذا الرجل إجازة (1).
و قال النجاشي: سهل بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن سهل الديباجي، أبو محمّد لا بأس به، كان يخفي أمره كثيرا، ثمّ ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتاب إيمان أبي طالب. أخبرني به عدّة من أصحابنا، و أحمد بن عبد الواحد (2).
و قال العلّامة طاب ثراه في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي إلي قوله:
آخر عمره و قال ابن الغضائري: كان يضع الأحاديث، و يروي عن المجاهيل و لا بأس بما يروي عن الأشعثيات، و ما يجري مجراها ممّا رواه غيره (3)، انتهي.
و قال الشيخ رحمه اللّه في رجاله: سهل بن أحمد بن عبد اللّه بن سهل الديباجي، بغداديّ كان ينزل درب الزعفراني ببغداد، سمع منه التّلعكبريّ سنة سبعين و ثلاثمائة، و له منه إجازة و لابنه، أخبرنا عنه الحسين بن عبيد اللّه، يكنّي أبا محمّد (4)، انتهي.
و لا يخفي أنّ مدح النجاشي، و رواية العدّة و التّلعكبريّ و ابنه عنه، و عدم إشارة الشيخ إلي ذمّ فيه، و اعتماده (5) و النجاشي و الحسين بن عبيد اللّه عليه في الرواية عن الأشعثيات، و ذكره بالكنية في مقام ذكر الطريق.
يوجب (6) الاعتماد، و يوهن كلام ابن الغضائري، و ان استثني روايته عنر.
ص: 17
الأشعثيات، فإنّ جلالة شأنهم، و علوّ مقامهم، و تثبّتهم، تأبي عن الرواية عن الوضّاع، و جعله شيخا للإجازة.
و يؤيده كلام جماعة من أصحابنا: كالشيخ محمّد في شرح الاستبصار (1)، و الشيخ عبد النبيّ في الحاوي (2)، و سميّه الكاظمي في التكملة، بل نسبه فيها إلي الأكثر (3)، و المجلسي (4)، و صاحب النقد (5)، و أستاده خرّيت هذه الصناعة المولي عبد اللّه التستري (6)، من أنّ المراد من ابن الغضائري صاحب الرجال، هو أحمد الغير المذكور في الرجال، الذي صرّح الجماعة بأنّهم لم يقفوا فيه علي جرح و لا تعديل، بل قال في البحار: و رجال ابن الغضائري، و هو إن كان الحسين فهو من أجلّة الثقات، و إن كان أحمد- كما هو الظاهر- فلا اعتمد عليه كثيرا، و علي أي حال الاعتماد علي هذا الكتاب يوجب ردّ أكثر أخبار الكتب المشهورة (7)، انتهي.
و ممّن روي عن الأشعثيات بتوسط سهل عليّ بن بابويه (8) قدّس سره كماة.
ص: 18
يظهر من كتاب الإمامة و التبصرة له، و قد نقل عنه في البحار كثيرا، سيّما في كتاب العشرة، و وجدناه مطابقا لما في أصله (1).
و لا بعد في رواية علي بن بابويه عنه (2)، مع رواية الحسين- المتأخر عنه بطبقتين- عنه أيضا، فإنّ وفاه علي في سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و قد مرّ أنّ التلعكبري سمع منه سنة سبعين و ثلاثمائة، فلو كان عمره حينئذ ثمانين مثلا كان في وقت وفاة علي في حدود الأربعين، و روايته عنه قبله بمدّة غير مستبعد.
و ممّن روي هذا الكتاب عن محمّد بن محمّد بن الأشعث بتوسط سهل:
أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن التميمي البكري، كما يأتي في شرح حال كتاب النوادر للسيّد فضل اللّه الراوندي (3).
ثم اعلم أنّ جماعة أخري رووا هذا الكتاب عنه غير سهل:3.
ص: 19
1- منهم: شيخ هذه الطائفة و وجهها أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري كما تقدّم (1).
2- و منهم: الشيخ الجليل أبو المفضّل الشيباني، قال رضيّ الدين علي ابن طاوس في فلاح السائل: حدّث أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه رحمه اللّه قال: كتب إليّ محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي من مصر، يقول: حدثنا موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام، و ساق السند (2) (3) و الخبر موجود في أواخر هذا الكتاب.
3- و منهم: أبو الحسن علي بن جعفر بن حمّاد، قال العلامة في إجازته الكبيرة لبني زهرة: و من ذلك كتاب الجعفريات، و هي ألف حديث بهذا الإسناد: عن السيّد ضياء الدين فضل اللّه بإسناد واحد، رواها عن شيخه عبد الرحيم، عن أبي شجاع صابر بن الحسين بن فضل اللّه بن مالك، قال:
حدثنا أبو الحسن عليّ بن جعفر بن حمّاد بن دائن (4) الصيّاد بالبحرين، قال:
أخبرنا بها أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي، عن أبي الحسن موسي ابن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام.
4- و منهم: عبد اللّه بن المفضل، قال الشيخ رحمه اللّه في باب البيّنات من التهذيب: عنه، عن عبد اللّه بن المفضّل بن محمّد بن هلال (5)، عن محمّدل.
ص: 20
ابن محمّد بن الأشعث الكندي (1)، قال: حدّثنا موسي بن إسماعيل، عن أبيه، قال: حدّثني أبي، [عن أبيه] عن جدّه، عن عليّ عليهم السلام. إلي آخره.
و رواه في الاستبصار أيضا، إلّا أنّ في جملة من نسخه عبد اللّه بن المفضّل، عن محمّد بن هلال، عن محمّد بن محمّد (2). إلي آخره.
5- و منهم: إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه القرشي، ففي التهذيب: محمّد ابن أحمد بن داود، عن أبي أحمد إسماعيل بن عيسي بن محمّد المؤدب، قال:
حدثنا إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه القرشي، قال: حدثنا محمّد بن محمّد بن الأشعث بمصر، قال: حدثنا أبو الحسن موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر ابن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام (3). إلي آخره، كذا في نسخة، و في نسخة محمّد بن محمّد بن هيثم بدل الأشعث.
و صرّح الفاضل الأردبيلي في جامع الرّواة: أنّه سهو، لعدم وجوده في كتب الرجال (4).
و الخبر موجود في الكتاب كما رواه (5).
6- و منهم: أبو محمد عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه (6) - المعروف بابن2.
ص: 21
السقّاء- كما هو موجود في أوّل النسخة التي وصلت إلينا، ففيه: أخبرنا القاضي أمين القضاة أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن محمّد- قراءة عليه، و أنا حاضر أسمع.
قيل له: حدّثكم والدكم أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد، و الشيخ أبو نعيم محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن خلف الجمازي، قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطار، قال: أخبرنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه بن عثمان- المعروف بابن السقّاء- قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي من كتابه، سنة أربع عشرة و ثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن موسي بن إسماعيل. إلي آخره (1).
ثمّ قد يذكر في أوّل السّند فيقول: أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمّد (2)، و الأغلب أن يبتدئ بمحمّد، فيقول: أخبرنا محمّد، حدثني موسي. إلي آخره.
7- و منهم: أبو أحمد عبد اللّه بن عدي بن عبد اللّه (3)، قال العلّامة المجلسي قدس سره في الفصل الرابع من أول البحار: و كلّ ما كان فيه نوادر الراوندي بإسناده، فهذا سنده نقلته كما وجدته: أخبرنا. إلي آخر ما يأتي في شرح حال النوادر (4)، و قال في الحاشية في هذا المقام: أقول أخبار الأشعثيات كانت مشهورة بين الخاصّة و العامّة، و قد جمع الشيخ محمّد بن (محمّد بن) (5) الجزري الشافعي أربعين حديثا، كلّها من تلك الأخبار المذكورة في النوادر بهذا السند، قال في أوّله: أردت جمع أربعين حديثا من رواية أهل البيت الطيّبينت.
ص: 22
الطاهرين عليهم السلام،- حشرنا اللّه في زمرتهم و أماتنا علي محبّتهم- من الصحيفة التي ساقها الحافظ أبو أحمد بن عدي.
ثم قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه المقدسي، عن سليمان بن حمزة المقدسي، عن محمود بن إبراهيم، عن محمّد بن أبي بكر المديني، عن يحيي بن عبد الوهّاب، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن أحمد بن محمّد الهروي، عن أبي أحمد عبد اللّه بن أحمد بن عدي (1).
قال: و أخبرني أيضا أحمد بن محمّد الشيرازي، عن علي بن أحمد المقدسي، عن عمر بن معتمر، عن محمّد بن عبد الباقي، عن أحمد بن علي الحافظ، عن الحسن الحسيني الأسترابادي، عن عبد اللّه بن أحمد بن عديّ (2)، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث، عن موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسي، عن آبائه عليهم السلام، ثم ذكر أسانيد الأخبار بهذا السند (3) انتهي.
و من الغريب بعد ذلك كلّه، ما ذكره الشيخ الجليل في جواهر الكلام في كتاب الأمر بالمعروف، ما لفظه: و أغرب من ذلك كلّه استدلال من حلّت الوسوسة في قلبه، بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع، و إجماع ابني زهرة و إدريس- اللذين قد عرفت حالهما- و ببعض النصوص الدالة علي أنّ الحدود للإمام عليه السلام خصوصا المروي عن كتاب الأشعثيات، لمحمّد بن محمّد بن الأشعث- بإسناده عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام: «لا يصلح الحكم، و لا الحدود، و لا الجمعة إلّا بالإمام» (4) - الضعيف سندا، بل الكتاب المزبور علي ما حكي عن بعض الأفاضل، ليس من2.
ص: 23
الأصول المشهورة، بل و لا المعتبرة، و لم يحكم أحد بصحّته من أصحابنا، بل لم تتواتر نسبته الي مصنّفه، بل و لم تصحّ علي وجه تطمئنّ النفس بها، و لذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل، و لا المجلسي في البحار، مع شدّة حرصهما- خصوصا الثاني- علي كتب الحديث، و من البعيد عدم عثورهما عليه، و الشيخ و النجاشي، و إن ذكرا أنّ مصنّفه من أصحاب الكتب، إلّا أنّهما لم يذكرا الكتاب المزبور بعبارة تشعر بتعيينه، و مع ذلك فإنّ تتبّعه و تتبّع كتب الأصول يعطيان أنّه ليس جاريا علي منوالها، فإنّ أكثره بخلافها، و إنّما تطابق روايته في الأكثر رواية العامّة. إلي آخره (1)، انتهي موضع الحاجة، و فيه مواقع للنظر بل التعجب.
أمّا أولا: فقوله رحمه اللّه: «ضعيف (2) سندا»، فإنّ الكتاب علي ما زعمه لمحمّد بن الأشعث، و هو ثقة من أصحابنا، كما في رجال النجاشي و الخلاصة (3) و الطريق إليه صحيح، كما عرفت.
و الحقّ الذي لا مرية فيه أنّه لإسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام كما عرفت سابقا، و انّما وصل إلي محمّد بن محمّد بن الأشعث بتوسط ابنه موسي، و منه انتشر هذا الكتاب، و عرف بالأشعثيات.
و يعرّف جلالة قدر إسماعيل و علوّ مقامه- مضافا الي التأمّل (فيما) (4) في ترجمته- ما ذكره الكشي في ترجمة صفوان بن يحيي، أنّه مات في سنة عشر و مائتين بالمدينة، و بعث إليه أبو جعفر عليه السلام بحنوطه و كفنه، و أمر إسماعيل بن موسي عليه السلام بالصلاة عليه (5).1.
ص: 24
و في الكافي: عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، و عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان. و عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين جميعا، عن صفوان بن يحيي، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، أنّ أبا الحسن موسي عليه السلام بعث إليه بوصيّة أبيه، و بصدقته، و ساق الحديث (1).
و فيه: و جعل صدقته هذه إلي علي عليه السلام و إبراهيم، فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما دخل العبّاس مع الباقي منهما، فإذا انقرض أحدهما فالأكبر من ولدي، فان لم يبق من ولدي إلّا واحد فهو الذي يليه، و زعم أبو الحسن عليه السلام أنّ أباه قدم إسماعيل في صدقته علي العباس، و هو أصغر منه (2).
و قال المفيد رحمه اللّه في الإرشاد- بعد ذكر أولاد موسي عليه السلام-:
و لكلّ واحد من ولد أبي الحسن موسي عليه السلام فضل و منقبة مشهورة (3).
و أمّا ابن إسماعيل أبو الحسن موسي، فقال الشيخ في الفهرست: موسي ابن إسماعيل له كتاب الصلاة، و كتاب الوضوء، رواهما عنه محمّد بن محمّد بن الأشعث، و له كتاب جامع التفسير (4).
و قال النجاشي: موسي بن إسماعيل له كتاب جوامع التفسير، و له كتاب الوضوء، روي هذه الكتب محمّد بن الأشعث (5).
و يظهر منهما أنّه من العلماء المؤلّفين، مع أنّه في المقام من مشايخ1.
ص: 25
الإجازة، و النسخة معلومة الانتساب إلي أبيه إسماعيل، و لذا تلقّاها الأصحاب بالقبول كما عرفت من حال (1) الرّواة و المحدّثين، و رووها عن محمّد بن الأشعث من غير تأمّل و نكير من أحد منهم، بل روي عنه هذه النسخة أيضا الثقة العين محمّد بن يحيي الخزاز، كما في المجلس الحادي و السبعين من أمالي الصدوق قدس سره، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه اللّه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسي، قال: أخبرني محمّد بن يحيي الخزاز، قال: حدثني موسي بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسي بن جعفر عليهما السلام (2)، و ساق الخبر، ثم قال: و بهذا الإسناد، و ساق خبرين آخرين كلّها موجودة فيها (3).
و يروي عنه أيضا إبراهيم بن هاشم، كما في المجلس الرابع و الخمسين منه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا موسي بن إسماعيل ابن موسي بن جعفر عليهما السلام (4)، و ساق النسب و الإسناد. إلي آخره.
و يروي عنه أيضا أحمد بن عيسي، ففي المجلس الأربعين منه: حدثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري، قال: حدثنا محمّد بن أحمد القشيري (5)، قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسي الكوفي، قال: حدّثنا موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عليهما السلام (6)، و ساق السند و المتن6.
ص: 26
كما في الأصل الموجود، و مثله في المجلس الثالث و الخمسين إلّا أنّ فيه أحمد بن عيسي الكلابي (1).
و في أمالي أبي عليّ ابن الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن الصدوق قدّس سرّهم، قال: حدثنا الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري، قال:
حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمران بن المغيرة القشيري، إلي آخر السند و المتن (2).
و أنت خبير أنّ رواية ثلاثة من الأجلّاء الثقات، عن موسي- و هم: محمّد ابن الأشعث، و ابن يحيي، و إبراهيم بن هاشم الذي صرّح علي بن طاوس في فلاح السائل بأنّه من الثقات (3) بالاتّفاق- ممّا يورث الظن القويّ بكونه من الثقات، و لعلّنا نشير إليه فيما يأتي ان شاء اللّه تعالي، مضافا إلي كونه من المؤلّفين.
و من الغريب ما في منتهي المقال، فإنّه بعد نقل ما في الفهرست و النجاشي كما نقلنا، قال: أقول: يظهر ممّا ذكراه أنّه من العلماء الإماميّة فتأمّل (4)، فكأنّه لم يعرفه و أنّه سبط الإمام موسي بن جعفر عليهما السلام، و استظهر منهما كونه إماميّا ثم تأمّل فيه.
و أمّا ثانيا: فقوله: «حاكيا عن بعض الأفاضل أنّه ليس من الأصول المشهورة.» الي آخره ففساده واضح بعد التأمّل فيما ذكرناه، و ليت شعري أيّ كتاب من الرواة الأقدمين أشهر منه، و أيّ مؤلّف لم ينقل منه، بل لم يذكروا كتابا مخصوصا منه في طيّ الإجازات سواه.
و قال ابن طاوس في كتاب عمل شهر رمضان- المدرج في الإقبال:
فصل في تعظيم شهر رمضان (5) -: رأيت و رويت من كتاب الجعفريات و هين.
ص: 27
ألف حديث بإسناد واحد، عظيم الشأن، إلي مولانا موسي بن جعفر، عن مولانا جعفر بن محمّد، عن مولانا محمّد بن علي، عن مولانا علي بن الحسين، عن مولانا الحسين بن علي، عن مولانا علي [بن أبي طالب عليهم السلام، قال:
«لا تقولوا رمضان» الخبر. و هذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل إلي مولانا علي عليه السلام (1).
و قد روينا في غير هذا أنّ كل ما روي عن مولانا علي] (2) عليه السلام فهو عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله (3)، انتهي.
و لا يخفي أنّ في قوله: عظيم الشأن، مدح عظيم لإسماعيل و ابنه موسي و محمّد بن الأشعث يقرب من التوثيق، فإنّه في مقام مدح هؤلاء لا الّذين فوقهم صلوات اللّه عليهم. و قد مرّ ما ذكره العلامة في إجازته الكبيرة (4).
و قال شمس الفقهاء الشهيد قدّس اللّه سرّه في البيان- في مسألة عدم منع الدين من الزكاة- ما لفظه: و الدّين لا يمنع زكاة التجارة كما مرّ في العينية، و إن لم يكن الوفاء من غيره، لأنّها و إن تعلّقت بالقيمة فالأعيان مرادة، و كذا لا يمنع من زكاة الفطرة إذا كان مالكا مئونة السنة، و لا من الخمس إلّا خمس الأرباح. نعم يمكن أن يقال: لا يتأكّد إخراج زكاة التجارة للمديون، لأنّه نفل يضرّ بالفرض، و في الجعفريات: من كان له مال، و عليه مال، فليحسب ماله و ما عليه، فإن كان له فضل مائتي درهم فليعط خمسه، و هذا نصّ في منع الدين الزكاة.0.
ص: 28
و الشيخ في الخلاف ما تمسّك علي عدم منع الدين إلّا بإطلاق الأخبار الموجبة للزكاة (1)، انتهي.
و ظاهره كما نسب إليه في المدارك (2) التوقّف في هذا الحكم- الذي ادّعي العلّامة عليه الإجماع في المنتهي (3)، كما حكي- لأجل الخبر المذكور، و هذا ينبئ عن شدّة اعتماده عليه، و لا يكون إلّا بعد صحة نسبة الكتاب إلي مؤلّفه، و صحّة سنده.
و قال في الذكري: إذا لم نقل بوجوب التحليل فالأولي استحبابه استظهارا، و لو مع الكثافة، لما رووه أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله فعله، و روينا في الجعفريات أنّه صلّي اللّه عليه و آله قال: «أمرني جبرئيل عليه السلام، عن ربّي أن أغسل فنكي عند الوضوء»، و هما جانبا العنفقة، أو طرف اللحيين عندها، و في الغريبين: مجمع اللحيين و وسط الذقن، و قيل: هما العظمان الناشزان من الأذنين، و قيل: هما ما يتحركان من الماضغ، و عنه صلّي اللّه عليه و آله أنّه كان ينضح غابته- و هي الشعر تحت الذقن- و أنّ عليا عليه السلام كان يخلّل لحيته.
و ما مرّ- مما يدلّ علي نفي التخليل- يحمل علي نفي الوجوب، جمعا بين الأخبار، و حينئذ بطريق الأولي استحباب إفاضة الماء علي ظاهر اللحية طولا، انتهي (4).
فانظر كيف سلك بأخبار الجعفريات سلوكه بما في الكتب الأربعة.8.
ص: 29
و قال رحمه اللّه: في نكت الإرشاد في شرح الإرشاد- في كتاب الصوم-:
فائدة نهي عن التلفّظ بلفظ رمضان، بل يقال «شهر» في أحاديث من أجودها ما أسنده بعض الأفاضل إلي الكاظم عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام: «لا تقولوا رمضان فإنّكم لا تدرون ما رمضان» (1). و مراده الخبر الموجود في الجعفريات (2)، كما لا يخفي علي من نظر سائر أخباره في الوسائل، في باب كراهة قول رمضان من غير إضافة الي الشهر (3).
و عندي مجموعة شريفة كلّها بخط الشيخ الجليل صاحب الكرامات شمس الدين محمّد بن علي الجباعي، جدّ شيخنا البهائي رحمه اللّه نقلها كلّها من خطّ شيخنا الشهيد طاب ثراه و ممّا فيها ما اختصره من هذا الكتاب الشريف يقرب من ثلث هذا الكتاب، و كتب في آخر الأوراق التي فيها هذه الأخبار: يقول محمد بن علي الجباعي: إلي هاهنا وجدت من خطّ الشيخ محمد ابن مكيّ قدس سره من الجعفريات، علي أنّي تركت بعض الأحاديث و أوّلها ناقص، و لعلّ آخرها كذلك، و ذلك يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين و سبعين و ثمانمائة، و الحمد للّه أولا و آخرا، و صلّي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.
و أمّا ثالثا: فقوله رحمه اللّه: «و لذا لم ينقل عنه الحرّ في الوسائل» فإنّ فيه أنّه من أين علم أنّ الكتاب كان عنده و لم يعتمد عليه؟ و لذا لم ينقل عنه، بل المعلوم المتيقّن أنّه كغيره من الكتب المعتبرة لم يكن عنده، و لو كان لنقل عنه قطعا، فإنّه ينقل عن كتب هي دونه بمراتب من جهة المؤلّف، أو لعدم ثبوت النسبة إليه، أو ضعف الطريق إليه، كفضل الشيعة للصدوق، و تحف العقول،9.
ص: 30
و تفسير فرات، و إرشاد الديلمي، و نوادر أحمد بن محمد بن عيسي، و الاختصاص للمفيد.
بل ذكر في أمل الآمل (1) جملة من الكتب لم يعرف مؤلفها، و لذا لم ينقل عنها، و لم يذكر هذا الكتاب مع أنّه يتشبّث في الاعتماد، أو النسبة بوجوه ضعيفة، و قرائن خفيّة، و لو كان الكتاب عنده مع اعتماد المشايخ و تصريح الأجلّة، حاشاه أن يهمله و يتجافي عنه.
هذا كتاب جامع الأخبار لم ينقل عنه في الوسائل لجهله بمؤلّفه، ثم بعده عرفه و نسبه إلي صاحب المكارم، و ينقل عنه في كتاب الرجعة و غيرها (2)، مع أنّ هذه النسبة بمكان من الضعف، كما سنذكره ان شاء اللّه تعالي. مع أنّه نقل في كتاب الصوم- في (باب كراهة قول رمضان من غير إضافة)- عن السيّد في الإقبال الخبر الذي نقله عن الجعفريات، و المدح الذي ذكره (3)، فكيف يعتمد عليه مع الواسطة، و لم يعتمد عليه بدونها؟ و كأنّه رحمه اللّه تعالي زعم أنّ الأشعثيات غير الجعفريات، فوقع في هذا المحذور، مع أنّ اتحادهما من الواضحات لمن تأمّل فيما نقلناه عنهم، و في الكتاب، و في نوادر السيّد فضل اللّه.
و أمّا رابعا: فقوله رحمه اللّه: «و لا المجلسي في البحار». الي آخره، فإنّه قد مرّ (4) كلامه رحمه اللّه في أمر هذا الكتاب، و قال أيضا في الفصل الثاني من أول بحاره: (و [أما] (5) كتاب النوادر فمؤلّفه من الأفاضل الكرام، قال الشيخ منتجب الدين [في الفهرست] (6): علّامة زمانه- إلي آخر ما يأتي (7)، ثم قال4.
ص: 31
رحمه اللّه-: و أكثر أحاديث هذا الكتاب مأخوذ من كتاب موسي بن إسماعيل ابن موسي بن جعفر عليهما السلام، الذي رواه سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عنه.
فأمّا سهل فمدحه النجاشي، و قال ابن الغضائري بعد ذمّه: لا بأس بما يروي عن الأشعثيات، و ما يجري مجراها مما رواه غيره.
و ابن الأشعث وثّقه النجاشي و قال: يروي نسخة عن موسي بن إسماعيل. و روي الصدوق في المجالس من كتابه بسند آخر هكذا: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن يحيي الخزاز، عن موسي بن إسماعيل، فبتلك القرائن يقوي العمل بأحاديثه) (1) انتهي.
و أمّا خامسا: فقوله رحمه اللّه و من البعيد عدم عثورهما عليه إذ لا بعد فيه جدّا، فإنّه كان عند الثاني كتب كثيرة معتبرة لم تكن عند الأول، كما لا يخفي علي من راجع البحار و الوسائل، و كان عند ميرلوحي المعاصر للمجلسي، الساكن معه في أصبهان كتب نفيسة جليلة: ككتاب الرجعة لفضل بن شاذان، و الفرج الكبير في الغيبة لأبي عبد اللّه محمد بن هبة اللّه بن جعفر الورّاق الطرابلسي، و كتاب الغيبة للحسن بن حمزة المرعشي، و غيرها، و لم يطلع عليه المجلسي رحمه اللّه مع كثرة احتياجه إليها، فإنّ لعدم العثور أسبابا كثيرة سوي عدم الفحص، منها: ضنّة صاحب الكتاب، كما في المورد المذكور، و هذا الكتاب لم نجد من نقل عنه بعد الشهيد، كجملة من كتب اخري كانت عنده، و ينقل عنها في الذكري و مجاميعه التي سنشير إليها، و لو من الذين لا يبالون في مقام النقل بالمآخذ، و يعتمدون علي الكتب المجهولة، و المراسيل الموجودة في ظهر الكتب، و بهذا يقوي الظن بعدم وجوده في تلك البلاد.6.
ص: 32
و أمّا نحن فعثرنا عليه في الكتب التي جاء بها بعض السادة من أهل العلم من بلاد الهند، و كان مع قرب الإسناد، و مسائل علي بن جعفر عليه السلام، و كتاب سليم في مجلد، و الحمد للّه علي هذه النعمة الجليلة.
و أمّا سادسا: فقوله رحمه اللّه: «و الشيخ و النجاشي.» الي آخره، فإنّ من نظر الي ترجمة محمّد بن الأشعث، و إسماعيل بن موسي عليه السلام، و سهل ابن أحمد، لا يشكّ أنّ الكتاب المذكور نسخة كان يرويها إسماعيل، عن آبائه، و وصل الي ابن الأشعث بتوسّط ابنه موسي، و منه تلقّي الأصحاب، و لذا عرف بالأشعثيات، فراجع ما نقلناه.
و ليس لمحمّد كتاب إلّا كتاب في الحج، فيما روته العامّة عن الصادق عليه السلام، و إنّما ذكروا في ترجمته أنّه يروي هذه النسخة.
قال الشيخ رحمه اللّه في الرجال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي يكنّي أبا علي، و مسكنه بمصر، يروي نسخة عن موسي بن إسماعيل. (1) إلي أخر ما تقدم، و لم يذكر له كتابا.
و في رجال النجاشي- بعد الترجمة-: له كتاب الحجّ ذكر فيه ما روته العامّة عن جعفر بن محمد عليهما السلام (2). و لم يذكر غيره، و ليس في هذا الكتاب منه خبر فضلا عن توهّم كونه هو.
و ممّا يوضح ما ذكرنا ما في فلاح السائل للسيّد علي بن طاوس قدّس سرّه، قال: و في كتاب محمّد بن محمّد بن الأشعث بإسناده أنّ مولانا عليا عليه السلام، قال: «ما رأيت إيمانا مع يقين أشبه منه بشكّ» (3). الي آخر ما في الجعفريات (4) فلاحظ.7.
ص: 33
و قال في جمال الأسبوع: و من ذلك من كتاب رواية الأبناء عن الآباء، رواية أبي علي بن محمّد بن الأشعث الكندي الكوفي، من الجزء العاشر، بإسناده عن جعفر، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «من قرأ في دبر صلاة الجمعة» (1). إلي آخر ما فيه.
و أمّا سابعا: فقوله رحمه اللّه: «فإن تتبّعه و تتبّع كتب الأصول». الي آخره، فإنّه من الغرابة بمكان إذ هو أحسن كتاب رأيناه من كتب الأصول ترتيبا و وضعا، و جلّ متون أخباره موجود في الكتب الأربعة، و كتب الصدوق رحمه اللّه، باختلاف يسير في بعضها، كما لا يخفي علي من راجع كتابنا هذا، و الوسائل. و ليس فيه ما يوافق العامّة- و يجب حمله علي التقية- إلّا نزر يسير.
و في الكتب الأربعة التي عليها تدور رحي مذهب الإماميّة من سنخ هذه الأخبار ما لا يحصي.
و هذا الكتاب لم يكن موجودا عنده يقينا، فكيف نسب إليه ما نسبه؟
و لعلّه من تتمّة كلام هذا الفاضل الذي نسب إليه ما ينبئ عن غاية بعده عن هذا الفن، بل الافتراء العظيم علي هذا الكتاب الشريف، و لعمري لولا أنّ إسماعيل هاجر إلي مصر، البعيدة عن مجمع الرواة، و نقلة الأخبار، لكان هذا الكتاب من أشهر كتب الشيعة، و مع ذلك رأيت كيف تلقّوه منه بالمسافرة، و الرسالة، و المكاتبة. و هذا واضح بحمد اللّه تعالي، و يزيده توضيحا إنكار العامّة ذلك الكتاب، و نسبتهم ما فيه إلي الوضع لاشتماله علي المناكير.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي [أبو الحسن] (2) نزيل مصر، قال ابن عدي: كتبت عنه بها، حمله [شدة تشيّعه أن] (3)، أخرج إلينا نسخة قريبا من ألف حديث، عن موسي بن إسماعيل بنر.
ص: 34
موسي بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن آبائه عليهم السلام، بخطّ طريّ عامّتها مناكير، فذكرنا ذلك للحسين بن علي بن الحسين العلوي (1)، شيخ أهل البيت بمصر، فقال: كان موسي هذا جاري بالمدينة أربعين سنة، ما ذكر قطّ أنّ عنده رواية، لا عن أبيه، و لا عن غيره.
فمن النسخة: أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: «نعم الفصّ البلور» و منها «شرّ البقاع دور الأمراء الذين لا يقضون بالحق» و منها: «ثلاثة ذهبت منهم الرحمة: الصيّاد، و القصّاب، و بائع الحيوان» و منها: «لا خيل أبقي من الدهم، و لا امرأة كابنة العمّ» و منها: «اشتدّ غضب اللّه علي من أهرق دمي و آذاني في عترتي» و ساق له ابن عدي عدة موضوعات.
قال السهمي: سألت الدار قطني، فقال: آية من آيات اللّه وضع ذلك الكتاب- يعني العلويات (2) - انتهي زخرف قوله، و صرف الوقت في ردّه تضييع للعمر مع خروجه عن وضع الكتاب.
و أمّا ثامنا: ففي الكتاب المذكور خبر آخر، لعلّه أدلّ علي المطلوب من الخبر المذكور، ففيه بالسند المعهود، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:
«ثلاثة إن أنتم فعلتموهن لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوّكم، و إذا رفعتم إلي أئمتكم حدودكم فحكموا فيها بالعدل» (3) الخبر.
و الخبر الذي ذكره لا ينحصر مأخذه في الأشعثيات، فقد رواه القاضي نعمان المصري قدس سره في دعائم الإسلام، و يأتي ما يدلّ علي الاعتماد عليه، حتي عنده رحمه اللّه. و أمّا حكم أصل المسألة فمحلّه الفقه.5.
ص: 35
هذا و ينبغي التنبيه علي أمور:
الأول: إنّ أخبار هذا الكتاب كلّها مروية عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، أو عن علي عليه السلام بالسند المتقدم، و قد ينتهي إلي السجّاد، و الباقر، و الصادق عليهم السلام في موارد قليلة. و في الكتاب أخبار قليلة متفرّقة بغير طريق أهل البيت عليهم السلام رواها محمّد بن الأشعث، بإسناده عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و في آخره أيضا عشرون حديثا كذلك، و الظاهر أنّ طرقها عاميّة ألحقها بهذا الكتاب، و صرّح في عنوان بعضها بأنّه من غير طريق أهل البيت عليهم السلام، و قد نقلناها و وزّعناها علي الأبواب تأسّيا بصاحب الوسائل، من نقله كلّ ما وجد في كتب الصدوق، و غيره، و إن كان تمام رجال سنده عاميّة مع أنّها ممّا يتسامح فيه من الأحكام و الآداب، أو له شواهد من أخبار الأصحاب.
الثاني: إنّ جامع الكتاب ذكر تمام السند في كل خبر، إلّا إنّه تفنّن في المقامات.
ففي كتاب الطهارة، و الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و قليل من الحجّ هكذا: أخبرنا محمّد، حدثني موسي، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر ابن محمّد عليهما السلام. إلي آخره.
و في كتاب الحجّ، و الجهاد، و النكاح، و الطلاق، و الحدود، و الديات، و قليل من السير و الآداب هكذا: أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمّد، حدثني موسي.
إلي آخره (1).
و في باقيها: أخبرنا عبد اللّه بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال:
حدثني موسي بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي. الي آخره، و هكذا في كتابه.
ص: 36
الجنائز، و كتاب الدعاء، و كتاب الرؤيا. و في كتاب غير مترجم مثل كتاب السير هكذا: و بإسناده.
و نحن أخرجنا الخبر منه كما وجدناه، متبرّكين بذكر تمام السند كما فيه، إلّا في بعض المواضع، فبعد ذكر خبر بسنده نقول: و بهذا السند. إلي آخره.
الثالث: إنّك تجد- بعد النظر في أبواب الوسائل، و ما استدركناه- إنّ كثيرا ممّا نقلناه من هذا الكتاب مرويّ في الكتب الأربعة، بطرق المشايخ قدس سرهم إلي النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن آبائه عليهم السلام كما فيه، و يظهر من هذا أنّ السكوني كان حاضرا في المجلس الذي كان أبو عبد اللّه عليه السلام يلقي إلي ابنه الكاظم عليه السلام سنّة جدّه صلّي اللّه عليه و آله بطريق (1) التحديث، فألقاه إلي ابنه إسماعيل علي النحو الذي تلقّاه، و هذا ممّا ينبئ عن علوّ مقام السكوني عنده عليه السلام، و لطفه به، و اختصاصه بهذا التشريف، و يضعّف جعل أسلوب رواياته قرينة علي عامّيته فإنّها- عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام- و هذا ظاهر علي المنصف البصير، و لا ينبّئك مثل خبير.ق.
ص: 37
و أخواته، إلي جزء من نوادر عليّ بن أسباط، وجدناها مجموعة منقولة كلّها من نسخة عتيقة صحيحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي، و هو نقلها من خط الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي، و كان تأريخ كتابتها سنة أربع و سبعين و ثلاثمائة، و ذكر أنّه أخذ الأصول المذكورة من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسي التلعكبري، و هذه النسخة كانت عند العلّامة المجلسي قدّس سرّه، كما صرّح به في أوّل البحار (1) و منها انتشرت النسخ، و في أوّل جملة منها و آخرها يذكر صورة النقل (2).
أمّا كتاب درست: فهو ساقط من أوّله، و في آخره: تمّ كتاب درست، و فرغت من نسخه من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيّوب القمّي أيّده اللّه سماعا له عن الشيخ أبي محمّد هارون بن موسي بن أحمد التلعكبري أيّده اللّه بالموصل، في يوم الأربعاء، لثلاث ليال بقين من ذي القعدة، سنة أربع و سبعين و ثلاثمائة، و الحمد للّه ربّ العالمين و صلّي اللّه علي محمّد و آله و سلّم تسليما.
و درست هذا رمي بالوقف، و في رجال النجاشي: درست بن أبي منصور محمّد الواسطي، روي عن أبي عبد اللّه، و أبي الحسن عليهما السلام، و معني درست أي صحيح. له كتاب يرويه جماعة: منهم سعد بن محمّد الطاطري عمّ عليّ بن الحسن الطاطري، و منهم محمّد بن أبي عمير.
أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، قال: حدثنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا
ص: 38
حميد بن زياد، قال: حدّثنا محمّد بن غالب الصيرفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن الطاطري، قال: حدّثنا عمّي سعد بن محمّد أبو القاسم، قال: حدّثنا درست بكتابه.
و أخبرنا محمّد بن عثمان، قال: حدثنا جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا عبيد اللّه ابن أحمد بن نهيك، قال: حدثنا محمّد بن أبي عمير، عن درست بكتابه (1).
و قال الشيخ في الفهرست: درست الواسطي له كتاب، و هو ابن أبي منصور، أخبرنا بكتابه أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي، عن أحمد ابن عمر بن كيسبة، عن علي بن الحسن الطاطري، عن درست.
و رواه حميد، عن ابن نهيك، عن درست (2).
و ظاهر النجاشي أنّ علي بن الحسن يروي عنه بتوسط عمّه. و صريح الشيخ رحمه اللّه أنّه يروي عنه بلا واسطة، و يؤيد الأخير ما في الاستبصار، في باب الطيب من أبواب ما يجب علي المحرم اجتنابه، روايته عنه بعنوان علي الجرمي (3).
و في التهذيب في باب ما يجب علي المحرم اجتنابه (4)، و فيه في باب الطواف قريبا من آخره روايته عنه بعنوان الطاطري (5)، و فيه في باب الكفارة عن خطأ المحرم، روايته عنه مرّتين بعنوان علي بن الحسن الجرمي (6).ب.
ص: 39
ثم لا يخفي أنّه يروي عنه غير هؤلاء جماعة من أجلّاء الرواة، و المشايخ الثقات:
كنضر بن سويد: في التهذيب في باب ضروب الحجّ (1)، و في الكافي في باب ثواب المرض (2)، و في باب تعجيل عقوبة الذنب (3)، و في الاستبصار في باب أنّ التمتع فرض من نأي عن الحرم (4)، و في الكافي في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (5).
و الحسن بن علي الوشّاء: في مشيخة الفقيه (6)، و في الكافي في باب التقية (7). و في التهذيب في باب العتق (8)، و في الاستبصار في باب الرجل يعتق عبدا له و علي العبد دين بعنوان الحسن بن علي (9)، و الظاهر أنّه الوشاء بقرينة ما في الفقيه (10).
و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: في الكافي في باب ثواب المرض (11) و في التهذيب في باب الصيد و الذكاة (12).ي.
ص: 40
و إسماعيل بن مهران: في الكافي في باب الصبر (1)، و في باب أنّ الميّت يزور أهله (2)، و في باب بعد باب أرواح المؤمنين (3)، و في التهذيب في باب القود بين الرجال و النساء (4).
و عبد اللّه بن بكير: في التهذيب في باب ديات الأعضاء (5)، و في الكافي في باب مولد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله (6).
و جعفر بن محمّد الأشعري: في الكافي في كتاب العقل و الجهل (7).
و الحسن بن محبوب: في الكافي في باب مجالسة العلماء (8).
و علي بن معبد: فيه في باب المشيئة و الإرادة (9).
و الحسين بن زيد: فيه في باب البيان و التعريف من كتاب التوحيد (10).).
ص: 41
و أبو شعيب المحاملي: فيه في باب حجج اللّه علي خلقه (1).
و محمّد بن معلّي: فيه في مولد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله (2).
و أميّة بن عليّ القيسي: فيه أيضا (3).
و زياد القندي: في الكافي في باب القنوت في الفريضة (4)، و بعد حديث نوح عليه السلام من كتاب الروضة (5) و محمّد بن إسماعيل: في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحجّ (6)، و في الاستبصار في باب المرأة الحائض متي تفوت متعتها (7)، و في الكافي في باب ما يجب علي الحائض من أداء المناسك (8).
و عليّ بن أسباط: في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحجّ (9)، و في الاستبصار في باب ما يجب علي الحائض من أداء المناسك (10).
و سلمة بن الخطّاب: في التهذيب في الباب المذكور (11)، و في الاستبصار في باب المرأة الحائض متي تفوت متعتها (12) (13).ك.
ص: 42
و ابن رباط: في الكافي في باب ما يجب علي الحائض من أداء المناسك (1).
و يوسف بن عليّ: فيه في باب شارب الخمر (2).
و إبراهيم بن محمّد بن إسماعيل: فيه في باب أنّ الفرائض لا تقام إلّا بالسيف (3).
و واصل بن سليمان: فيه في باب الشواء من أبواب الأطعمة (4).
و أبو يحيي الواسطي: فيه في باب طبقات الأنبياء و الرسل (5).
و أبو عثمان: فيه في باب البصل (6).
و هؤلاء جماعة وجدنا روايتهم عن درست في الكتب الأربعة، و فيهم:
ابن أبي عمير، و البزنطي، اللّذان لا يرويان إلّا عن ثقة، و فيهم من الّذين أجمعت العصابة علي تصحيح أخبارهم، أربعة: هما (7)، و الحسن بن محبوب، و عبد اللّه بن بكير.
و يأتي في شرح أصل النرسي أنّ الإجماع المذكور من أمارات الوثاقة.
و فيهم من الثقات الأجلّاء غيرهم جماعة: كالوشاء، و ابن سويد، و ابن نهيك، و ابن مهران، و ابن معبد الذي يروي عنه صفوان بن يحيي، و الحسين ابن زيد، و أبو شعيب المحاملي، و ابن أسباط، و إبراهيم بن محمّد بن إسماعيل، و سعد بن محمّد الّذين يروي عنهم علي الطاطري، و قد قال الشيخ قدس سره:ي.
ص: 43
إنّ الطائفة عملت بما رواه الطاطريّون (1).
و بعد رواية هؤلاء عنه لا يبقي ريب في أنّه في أعلي درجة الوثاقة، و رواياته مقبولة، و كتابه معتمد، و قد تأمّل في التعليقة في وقفيّته (2)، و لعلّه في محلّه و لا حاجة لنا إلي شرحه.ل.
ص: 44
فأوّله في النسخة الموجودة هكذا: حدثنا أبو محمّد هارون ابن موسي بن أحمد التلعكبري، قال: حدثنا أبو علي محمّد بن همام، قال: أخبرنا حميد بن زياد بن حمّاد، قال: حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن نهيك أبو العباس، قال: حدثنا محمّد بن أبي عمير، عن زيد الزرّاد، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:. الخبر، ثم ساق الأخبار مصدّرة بزيد عنه عليه السلام.
و في رجال النجاشي: زيد الزرّاد كوفي، روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب.
أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثنا جعفر بن محمّد، قال: حدثنا أبي و علي بن الحسين بن موسي، قالا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا محمّد بن عيسي بن عبيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد، بكتابه (1).
و في الفهرست: زيد النرسي، و زيد الزرّاد، لهما أصلان لم يروهما محمّد ابن علي بن الحسين بن بابويه، و قال في فهرسته: لم يروهما محمّد بن الحسن بن الوليد، و كان يقول: هما موضوعان، و كذلك كتاب خالد بن عبد اللّه بن سدير، و كان يقول: وضع هذه الأصول محمّد بن موسي الهمداني، و كتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير، عنه (2).
و قال العلّامة قدس سره في الخلاصة- بعد نقل ما في الفهرست-: و قال ابن الغضائري: زيد [الزرّاد] (3) كوفي، و زيد النرسي رويا عن أبي عبد اللّه
ص: 45
عليه السلام، و قال أبو جعفر ابن بابويه: إنّ كتابهما موضوع، وضعه محمّد بن موسي السمّان، قال: و غلط أبو جعفر في هذا القول، فإنّي رأيت كتبهما مسموعة عن محمّد بن أبي عمير.
و الذي قاله الشيخ [عن] (1) ابن بابويه رحمه اللّه، و ابن الغضائري قدس سره لا يدلّ علي طعن في الرجلين، فإن كان توقّف ففي رواية الكتابين، و لمّا لم أجد لأصحابنا تعديلا لهما، و لا طعنا فيهما توقّفت في (2) روايتهما (3)، انتهي.
و لا يخفي أنّ عطف ابن الغضائري علي ابن بابويه في غير محلّه، فإنّه نسبه إلي الخطأ، و صرّح بسلامة (4) الكتاب عن هذه النسبة، و أنّه من الأصول المعتمدة، فكيف يجعل كلامه طعنا في الكتاب؟.
و اعلم أنّ الكلام في حال زيد الزرّاد و أصله يأتي مفصّلا في حال زيد النرسي و أصله، لاشتراكهما في جملة من الكلمات، غير أنّا نذكر بعض ما يختصّ به هنا فنقول:
كلام النجاشي صريح في أنّه من أصحاب الأصول، لقوله- في أول الترجمة-: روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5) و هذا دأبه في ترجمة أصحاب الأصول، كما لا يخفي علي من تأمّل فيه. و سنده إليه صحيح علي الأصحّ، فإنّه ليس فيه من يتوقّف فيه إلّا إبراهيم بن هاشم (6)، و قد قال السيّدظ.
ص: 46
علي بن طاوس قدس سره في فلاح السائل- بعد نقل حديث عن أمالي الصدوق رحمه اللّه في سنده إبراهيم ما لفظه-: و رواة الحديث ثقات بالاتّفاق (1).
و محمّد بن عيسي يأتي في النرسي أنّ الأصحّ توثيقه.
و ممّا يستغرب أنّ علي بن بابويه قدس سره، شيخ مشايخ القميّين، يروي الأصل المذكور، و ولده الصدوق قدس سره لا يعوّل عليه في روايته له، المنبئة عن اعتماده عليه، و يقلّد شيخه ابن الوليد فيما نسب إليه. و أغرب من هذا أنّه مع ما نسب إليه يروي من الأصل المذكور بالسند المتقدم.
ففي معاني الأخبار: أبي قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن أبي عمير، عن زيد الزرّاد (2)، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال، قال أبو جعفر عليه السلام: «يا بنيّ اعرف منازل الشيعة علي قدر روايتهم و معرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، و بالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلي أقصي درجات الإيمان، إنّي نظرت في كتاب عليّ عليه السلام فوجدت في الكتاب أنّ قيمة كلّ امرئ و قدره معرفته، إنّ اللّه تبارك و تعالي يحاسب الناس علي قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا» (3)، و كأنّه رجع عمّا توهّمه تبعا لشيخه.
و روي عنه أيضا ثقة الإسلام في الكافي، بسند صحيح بالاتّفاق، في باب شدّة ابتلاء المؤمن، عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن محبوب، عن زيد الزرّاد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال3.
ص: 47
رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: إنّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء فإذا أحبّ اللّه عبدا ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند اللّه الرضا، و من سخط البلاء فله عند اللّه السخط» (1).
و أمّا السند الموجود في أوّل هذا الأصل، فهو أيضا في غاية القوّة و الاعتبار، فإنّ كلّهم من المشايخ العظام و إن رمي حميد بن زياد بالوقف، إلّا أنّهم قالوا فيه- مضافا إلي التوثيق-: عالم، جليل، واسع العلم، كثير التصانيف (2).
و في رسالة أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري إلي ولد ولده: و سمعت من حميد بن زياد، و أبي عبد اللّه بن ثابت، و أحمد بن رباح، و هؤلاء من رجال الواقفة إلّا أنّهم كانوا فقهاء، ثقات، كثيري الدراية (3).
فظهر بما ذكرنا: أنّ زيد الزرّاد ثقة، و أنّ كتابه من الأصول، و أنّ المشايخ اعتمدوا عليه، و خلاصته وجوه:
الأوّل: رواية ابن أبي عمير عنه، و لا يروي و لا يرسل إلّا عن ثقة.
الثاني: رواية الحسن بن محبوب عنه، و هو من أصحاب الإجماع، و علي المشهور يحكم بصحّة ما رواه و قد صح السند إليه، و علي الأقوي هو من أمارات الوثاقة، كما يأتي في النرسي وفاقا للعلّامة الطباطبائي قدّس سرّه.
الثالث: رواية المشايخ الأجلّة عنه، و عن كتابه: كالكليني، و الصدوق، و والده، و التلعكبري، و غيرهم ممّن روي كتابه، أو نقل حديثه في كتابه الذي ضمن صحّته.
الرابع: عدّ كتابه من الأصول، و يأتي أنّه لا يصير أصلا إلّا بعد كونه0.
ص: 48
معتمدا معوّلا عليه عند الأصحاب.
الخامس: إنّ النجاشي- و هو المقدّم في هذا الفنّ- ذكره و لم يطعن عليه، و ذكر كتابه و الطريق إليه، و الذي عليه المحقّقون أنّ هذا ينبئ عن مدح عظيم.
قال السيّد المحقّق الكاظمي قدس سره في عدّته- في جملة كلام له-:
و هنا دقيقة غفل عنها أكثر الناس، و هي أنّهم إذا أرادوا أن يعرفوا حال راو من الرواة عمدوا إلي كتب الرجال، فما وثّقه أهل الرجال أو مدحوه حكموا بوثاقته و مدحه، و ما ضعّفوه أو قدحوه حكموا بضعفه و قدحه، و (ما) (1) لم يتعرّضوا له بمدح و لا قدح حسبوه في عداد المجاهيل، و عدّوا الرواية بمكانه مجهولة، و أسقطوها عن الاعتبار، إلّا أن ينضم إليها ما يقوّمها، و علي هذا بني العلّامة المجلسي قدس سره أمره في الوجيزة.
و أصحاب التحقيق: إنّ عدّ الرجل في جملة أصحاب الأئمّة عليهم السلام و الرواة عنهم و حملة أخبارهم، ممّا يدلّ علي كونه إماميّا، و يفيده نوعا من المدح.
أمّا الأول: فلما مرّ في الفائدة، من جريان عادة أهل الرجال علي عدم التعرّض لبيان مذهب الراوي، إذا لم يعرف منه إلّا المذهب، إلّا أن يكون محل ريبة، و أنّهم متي عثروا منه علي وصمة، أو انحراف، نادوا عليه بذلك و شهروه ليعرف، و خاصّة في الأصول الأربع (2).
أ تراهم جهلوا حال المسكوت عنه (3)، و نحن نعلم فيما لا يحصي أنّهمة.
ص: 49
إماميّون؟!.
و أمّا الثاني: فلا ريب أنّ انضمام الرجل إلي حملة الشريعة، و علمائها فضلا عن الأئمّة عليهم السلام، و تناوله منهم، و روايته عنهم، ممّا يدلّ علي حسن حاله، بل ربما جعل ذلك طريقا إلي تعرّف العدالة، فما ظنّك بأصحاب الأئمّة عليهم السلام، و رواتهم، و خاصّة إذا بلغت بهم المحافظة علي أحكام الشريعة، و ما يتلقّونه عن أربابها إلي تأليف الكتب، و جمع الصحف، حتي صارت دفاترهم مرجعا للعلماء، يتدارسونها مدي الأيام.
و قد أشار المفيد رحمه اللّه إلي مثل هذا في الرسالة التي عملها في أمر شهر رمضان- ردّا علي الصدوق عند ذكر الرواة و مدحهم- حيث قال: و هم أصحاب الأصول المدوّنة (1)، فإنّ عدّهم في العلماء، و تلقّي العلماء عنهم سيّما الأجلّاء، و بذل الجهد، و تحمّل المشاقّ، و مقاساة مرارات التقيّة في التحصيل، و شدّ الرحال إلي أرباب العلم في أطراف البلاد، و جمع الكتب في أسمائهم و أحوالهم، و هي كتب المشيخة، كما وقع لداود بن كورة، و غيره، فدلالة ذلك علي حسن الحال، بل علوّ الطبقة ممّا لا خفاء فيه.
ثمّ إنّي رأيت الأستاذ قدّس سرّه العلّامة البهبهاني طاب ثراه يحكي عن بعضهم أنّه كان يعدّ ذكر أهل الرجال للراوي من دون طعن سببا لقبول روايته، و يشير بذلك إلي (2) قول الشهيد قدّس سرّه في الذكري، في مبحث الجمعة، في الحكم بن مسكين (3) إنّ ذكره غير قادح، و لا موجب للضعف، لأنّ الكشي رحمه اللّه ذكره و لم يطعن عليه (4) ثم تأمّل في ذلك، و جعل يتأوّل عليه (5)،ل.
ص: 50
و يقول: لعلّ مراده أنّ الكشيّ ذكره في سند رواية استند إليها و لم يطعن فيه قلت: لو أراد هذا، لكفي الاستناد إليه و لم يحتج إلي ضميمة عدم الطعن (1)، انتهي ما أردنا نقله بطوله لكثرة فائدته هنا، و في الكتب الآتية، و يأتي في النرسي كلام للسيّد الطباطبائي قدس سره يقرب من ذلك.
السادس: إنّه من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام، و سنذكر إن شاء اللّه تعالي أنّ ابن عقدة وثّق أربعة آلاف منهم، و ألّف فيهم كتابا، و أسند إلي كلّ واحد منهم خبرا أخرجه فيه، و من البعيد أن لا يذكره فيه و هو صاحب الأصل المعروف.
السابع: إنّ في مجموعة عندي كلّها بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي، نقلها (2) كلّها من خطّ الشيخ الشهيد رحمه اللّه و فيها أوراق أخرج فيها أحاديث مختصرة، اختارها من الأصول التي كانت عنده، مثل كتاب الصلاة للحسين بن سعيد، و كتاب إسحاق بن عمّار، و كتاب معاذ بن ثابت، و كتاب علي بن إسماعيل الميثمي، و كتاب معاوية بن حكيم، و كتاب إبراهيم بن محمد الأشعري، و كتاب الفضل بن محمّد الأشعري، و كتاب زيد الزرّاد و هو آخر ما نقله منه، و في آخره- بخطّ الجباعي-: قال ابن مكيّ يعني الشهيد قدّس سرّه: أكثر هذه مقروءة علي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه. و لولا اعتبار الكتاب (3)، و عدم اعتنائه بما نسب إليه من الوضع، لما أخرج منه، و لما نسبه إلي زيد، و لما سلكه في عداد كتب المشايخ، و أعاظم الرّواة، و لو دخل في الأكثر المقروء علي الشيخ- رحمه اللّه كما لعلّه الظاهر- لزاده قوّة و اعتبارا.
الثامن: إنّ أخبار هذا الكتاب كلّها سديدة متينة، ليس فيها ما يوهم الجبر، و الغلوّ، و التفويض، و موافقة العامة، و جملة من متونها و مضمونها موجودة فيد.
ص: 51
سائر كتب الأخبار، فأيّ داع إلي وضع مثله.
و يأتي بعض ما يتعلّق به في حال زيد النرسي إن شاء اللّه تعالي.
و في آخر الأصل المذكور: فرغ من نسخه من أصل أبي الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن أيّوب القمي أيّده اللّه تعالي في يوم الخميس لليلتين بقيتا من ذي القعدة، سنة أربع و سبعين و ثلاثمائة، الحمد للّه وحده، و صلّي اللّه علي رسوله محمد و آله و سلّم تسليما، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
ص: 52
و هو بعينه عباد بن يعقوب الرواجني (1)، ففيه تسعة عشر حديثا، كلّها نقيّة، دالّة علي تشيّعه، بل تعصّبه فيه.
كالنص علي الأئمة الاثني عشر، و أنّ اللّه خلقهم من نور عظمته، و أقامهم أشباحا في ضياء نوره، يعبدونه قبل خلق الخلق، و أنّهم أوتاد الأرض، فإذا ذهبوا ساخت الأرض بأهلها، و مفاخرة أرض الكعبة و كربلاء، و أنّ اللّه أوحي إليها أنّ كفّي و قرّي، فوعزتي ما فضل ما فضّلت به، فيما أعطيت أرض كربلاء، إلّا بمنزلة إبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر، و لولا تربة كربلاء ما فضّلت، و لولا ما تضمّنت أرض كربلاء ما خلقتك، و لا خلقت البيت الذي به افتخرت (2) الخبر.
و حديث نهي خالد عمّا أمره به من قتل علي عليه السلام، قبل السلام (3).
و بعث عمر إلي قدامة عامله بمقدار، لا يجوزها أحد من الموالي إلّا قتل (4).
و عزل أبي بكر في قصّة سورة براءة.
و تفسير قول علي عليه السلام- لما سجّي أبو بكر-: «ما أحد أحبّ أن ألقي اللّه بمثل صحيفة من هذا المسجّي» (5).
و قوله صلّي اللّه عليه و آله: «إذا رأيتم معاوية علي المنبر فاضربوه» و قصّة طرد الحكم بن العاص، و أمره بقتله، و أنّ عثمان آواه و أجازه
ص: 53
بمائة ألف درهم من بيت المال (1).
و من الغريب بعد ذلك رمي الشيخ و العلّامة طاب ثراهما إيّاه بالتسنّن، و أنّه عامّيّ المذهب، مع أنّ علماءهم رموه بالرفض و التشيّع، فصار المسكين مطرود الطرفين، و غرض النصال في البين.
و عن السمعاني في الأنساب: كان رافضيّا، داعية الي الرفض، و مع ذلك يروي المناكير، عن أقوام مشاهير، فاستحق الترك، و هو الذي يروي عن شريك، عن عاصم (عن زر) عن عبد اللّه، قال: قال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله: «إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه».
و روي حديث أبي بكر أنّه قال: لا يفعل خالد ما أمرته (2).
و عن ابن الأثير في جامع الأصول: كان أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: حدثني الصدوق في روايته المتّهم في دينه عباد بن يعقوب (3).
و قال ابن حجر في التقريب: عباد بن يعقوب الرواجيني- بتخفيف الواو، و بالجيم المكسورة، و النون الخفيفة- أبو سعيد الكوفي، صدوق، رافضيّ، حديثه في البخاري مقرون، بالغ ابن حيّان فقال: يستحقّ الترك، من العاشرة، مات سنة خمسين، أي بعد المائة (4).
و السّند إليه علي ما في أوّل الكتاب هكذا: أبو محمد هارون بن موسي بن أحمد التلعكبري، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همّام بن سهيل، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن خاقان النهدي، قال: حدثني محمد بن علي بن إبراهيم الصيرفي أبو سمينة، قال: حدثني أبو سعيد العصفري و هو عباد، عن عمرو بن ثابت و هو ابن المقدام. إلي آخره.8.
ص: 54
و هذا السّند ضعيف علي المشهور بأبي سمينة، إلّا أنّ الذي يهون الخطب أمور:
الأول: إنّ ابن داود قال في رجاله: حمدان بن أحمد- كش- هو من خاصّة الخاصّة، أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنه، و الإقرار له بالفقه في آخرين (1).
و حمدان هذا لقب لمحمد بن أحمد بن خاقان، و ليس هو في عداد المجمع عليهم، الموجودين في «اختيار رجال الكشي» للشيخ، الدائر بين الأصحاب، و لم ينقل هذا الإجماع في حقّه أحد غيره، إلّا أنّ المحتمل القريب نقله من أصل رجال الكشي، و قد سقط من قلم الشيخ رحمه اللّه عند اختصاره رجاله، و قد ذكرنا في بعض تعاليقنا علي رجال أبي علي شواهد علي وجوده في تلك الأعصار، و إن لم يكن في أعصارنا منه عين و لا أثر، و مع هذا الاحتمال لا مصحّح لنسبة ابن داود الي السّهو و الخطأ، و إن كان في رجاله أغلاط كثيرة، أشار إليها السّيد التفريشي في نقد الرجال (2)، إلّا أنّ نقل مثل هذه العبارة من الكتاب المذكور، خطأ بعيد في الغاية. و عليه فالسّند إليه صحيح، فلا بدّ من الحكم بصحّة ما في هذا الكتاب.
الثاني: اعتماد المشايخ علي النقل منه، ففي كامل الزيارة للشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه: عن أبيه و علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن عباد أبي سعيد، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «إنّ أرض الكعبة قالت: من مثلي. الخبر» (3) و هو موجود فيه سندا و متنا.
و عن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن أبي سعيد، عن6.
ص: 55
رجل، عن أبي الجارود، عن عليّ بن الحسين عليه السلام، قال: «اتّخذ اللّه كربلاء حرما قبل أن يتّخذ مكّة حرما بأربعة و عشرين ألف عام. الخبر» (1).
و هو فيه بالسند و المتن.
و يظهر منه طريق آخر إلي عباد، من غير توسّط أبي سمينة، و الظاهر أنّ الراوي عنه غير محمد بن الحسين، و كيف يروي جعفر بن قولويه عن عباد بواسطتين؟ و نسخ الكامل كما نقلناه، و الظاهر بل المقطوع أنّه سقط بينهما الواسطة.
و في روضة الكافي محمد بن يحيي و الحسين بن محمد جميعا، عن جعفر ابن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن أحمد بن إسماعيل، عن عمرو بن كيسان.
الخبر (2). فالظاهر أنّ (الساقط في سند) (3) خبر الكامل هو جعفر بن محمد، و اللّه العالم.
و يروي عنه الجليل إبراهيم الثقفي أيضا، في كتاب الغارات (4).
و اعلم أنّ الشيخ رحمه اللّه أخرج عنه في أماليه أخبارا طريفة كلّها تنبئ عن حسن حاله و عقيدته، ففيه:
أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدثني محمد بن جعفر بن محمد ابن رباح الأشجعي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، و ساق السند عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه [عن علي بن أبي طالب] (5) عليهم السلام،ع.
ص: 56
و ذكر وصيّة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله إليه في مرض وفاته، و تسليم المواريث إليه، و هو حديث طويل معروف، و فيه: «يا بني هاشم، يا معشر المسلمين، لا تخالفوا عليّا فتضلّوا، و لا تحسدوه فتكفروا. الخبر» (1).
و فيه: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا محمد بن وهبان، قال: حدثني أبو عيسي محمد بن إسماعيل بن حيّان الوراق بدكانه في سكّة الموالي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن الحفص الخثعمي الأسدي، قال: حدثني أبو سعيد عباد بن يعقوب الأسدي، قال: حدثنا خلّاد أبو علي، و ساق الخبر، و هو وصيّة الصادق عليه السلام الي أصحابه، و فيه:
«فإنّكم لن تنالوا ولايتنا إلّا بالورع». (2) الي آخره. و فيه: أخبرنا أحمد بن محمد ابن الصّلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد ابن القاسم أبو جعفر الأكفاني من أصل كتابه، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، و ساق السند و المتن، و فيه: نزول عقيل علي أمير المؤمنين عليه السلام، و وفوده بعده علي معاوية، و الخبر معروف (3).
و فيه: بهذا السند أنّ عليا عليه السلام قنت في الصّبح فلعن معاوية، و عمرو بن العاص، و أبا موسي، و أبا الأعور، و أصحابهم (4).
و فيه: خبر آخر بهذا السند، و فيه: أنّه قال يوم الجمعة علي المنبر: «ما زلت مظلوما منذ قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله». الخبر (5).
و المتأمّل في هذه الأخبار، و أخبار كتابة، يعلم أنّ من رماه بالعامّيّة فقد جفاه.6.
ص: 57
الثالث: إنّه ليس فيه من الأحكام الفرعيّة ما يحتاج الي النظر في سند أخبارها.
ص: 58
فقال النجاشي: عاصم بن حميد الحنّاط الحنفي أبو الفضل، مولي كوفي، ثقة، عين، صدوق، روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب.
أخبرنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي ابن الحسن بن فضّال، قال: حدثنا محمد بن عبد الحميد، عن عاصم، بكتابه (1).
و قال الشيخ رحمه اللّه في الفهرست: عاصم بن حميد الحنّاط الكوفي له كتاب. أخبرنا أبو عبد اللّه، عن محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد اللّه، عن محمد بن عبد الحميد و السندي بن محمد، عن عاصم بن حميد.
و بهذا الإسناد، عن سعد و الحميري، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد (2).
و قال الصدوق قدس سره في مشيخة الفقيه: و ما كان فيه عن عاصم بن حميد، فقد رويته عن أبي و محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم ابن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد (3).
و أمّا سنده في النسخة الموجودة: حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن أيوب القمّي- أيّده اللّه تعالي- قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسي بن أحمد التلعكبري- أيّده اللّه- قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب، قال: حدثنا أبو القاسم حميد بن زياد بن هوارا، في سنة تسع و ثلاثمائة، قال: حدثنا عبيد اللّه بن أحمد، عن مساور و سلمة، عن عاصم بن
ص: 59
حميد الحنّاط.
و ذكر أبو محمد قال: حدثني بهذا الكتاب أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد اللّه بن موسي بن جعفر العلوي الموسائي، بمصر سنة إحدي و أربعين، قال: حدثني الشيخ الصالح أبو العباس عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك، عن مساور و سلمة جميعا، عن عاصم بن حميد الحنّاط (1).
و في أخر الكتاب: كمل الكتاب، و نسخه منصور بن أبي الحسن الآبي، من أصل أبي الحسن محمد بن الحسن القمّي أيده اللّه في ذي الحجّة لليلتين مضتا منه، سنة أربع و سبعين و ثلاثمائة، يوم الأحد، الحمد للّه وحده، و صلّي اللّه علي رسوله محمد و آله و سلّم تسليما، و حسبي اللّه و نعم الوكيل (2).
و روي ثقة الإسلام عن كتابه، في باب التفويض: عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن أبي زاهر، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيي، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام. الخبر، كما هو موجود فيه متنا و سندا (3).
و يروي عنه غير هؤلاء جماعة، منهم: يونس بن عبد الرحمن (4)، و أحمد بن محمد بن أبي نصر (5)، و نضر بن سويد (6)، و محمد بن الوليد (7)، و ابن أبي3.
ص: 60
عمير (1)، و يحيي بن إبراهيم بن أبي البلاد (2)، و محمد بن علي (3)، و عليّ بن الحسن بن فضّال عن أخويه عنه، (4) و عبد اللّه بن جبلة (5)، و الحسن بن علي الوشاء (6)، و الحسن بن علي بن يوسف الأزدي (7)، و محمد بن أسلم الجبليّ (8)، و علي بن الحكم (9)، و الحسن بن محبوب (10)، و الحجّال (11)، و يوسف بن عقيل (12)، و ابن أخيه سليمان بن سماعة (13)، و موسي بن القاسم (14)، و ابن أبي ليلي (15)، و الحسن بن علي بن يقطين (16)، و الحسن بن عبد الرحمن (17).
و من جميع ذلك يظهر علوّ مقامه، و عظم شأنه، و صحّة كتابه، بل هو قريب من التواتر، و أخباره نقيّة، سديدة، و متون أكثرها موجودة في الكتب الأربعة.1.
ص: 61
فقد كفانا مئونة شرح اعتباره العلّامة الطباطبائي طاب ثراه في رجاله، قال رحمه اللّه تعالي: زيد النرسي أحد أصحاب الأصول، صحيح المذهب، منسوب إلي نرس، بفتح الموحّدة الفوقانيّة، و إسكان الراء المهملة: قرية من قري الكوفة، تنسب إليها الثياب النرسيّة، أو نهر من أنهارها، عليه عدّة من القري، كما قاله السمعاني في كتاب الأنساب، قال: و نسب إليها جماعة من مشاهير المحدّثين بالكوفة (1).
و قال الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد النجاشي رحمه اللّه في كتاب الرجال: إنّ زيد النرسي من أصحاب الصادق، و الكاظم عليهما السلام، له كتاب يرويه عنه جماعة. أخبرنا أحمد بن علي بن نوح السيرافي، قال: حدثنا محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، بكتابه (2).
و قد نصّ شيخ الطائفة طاب ثراه في الفهرست علي رواية ابن أبي عمير كتاب زيد النرسي، كما ذكره النجاشي، ثم ذكر في ترجمة ابن أبي عمير طرقه التي تنتهي إليه (3).
و الذي يناسب وقوعه في إسناد هذا الكتاب، هو ما ذكره فيه و في المشيخة، عن المفيد، عن ابن قولويه قدس سرهما، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي، عن عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك، عن ابن أبي عمير (4).
ص: 62
و في البحار طريق آخر الي كتاب زيد النرسي، ذكر أنّه وجده في مفتتح النسخة التي وقعت اليه، و هي النسخة التي أخرج منها أخبار الكتاب، و الطريق هكذا: حدثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسي التلعكبري- أيّده اللّه- قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد اللّه العلوي أبو عبد اللّه المحمدي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي (1).
و إنّما أوردنا هذه الطرق، تنبيها علي اشتهار الأصل المذكور فيما بين الأصحاب و اعتباره عندهم، كغيره من الأصول المعتمدة المعوّل عليها، فإنّ بعضا حاول إسقاط هذا الأصل، و الطعن في من رواه.
و اعترض أوّلا: بجهالة زيد النّرسي، إذ لم ينصّ عليه علماء الرجال بمدح، و لا قدح.
و ثانيا: بأنّ الكتاب المنسوب إليه مطعون فيه، فإنّ الشيخ قدس سره حكي في الفهرست، عن ابن بابويه قدس سره: أنّه لم يرو أصل زيد النّرسي، و لا أصل زيد الزّراد، و أنّه حكي في فهرسته، عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد: أنّه لم يرو هذين الأصلين، بل كان يقول: هما موضوعان، و كذلك كتاب خالد بن عبد اللّه بن سدير، و أنّ واضع هذه الأصول محمد بن موسي الهمداني (2)، المعروف بالسّمان.
و الجواب عن ذلك: إنّ رواية ابن أبي عمير لهذا الأصل تدلّ علي صحّته، و اعتباره، و الوثوق بمن رواه، فإنّ المستفاد من تتبّع الحديث، و كتب الرجال بلوغه الغاية في الثقة، و العدالة، و الورع، و الضبط، و التحذّر عن التخليط، و الرواية عن الضعفاء و المجاهيل، و لذا تري أنّ الأصحاب يسكنون0.
ص: 63
الي روايته، و يعتمدون علي مراسيله.
و قد ذكر الشيخ قدس سره في العدّة: أنه لا يروي، و لا يرسل إلّا عمّن يوثق به (1)، و هذا توثيق عام لمن روي عنه، و لا معارض له هاهنا.
و حكي الكشي في رجاله إجماع العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنه، و الإقرار له بالفقه و العلم (2)، و مقتضي ذلك صحّة الأصل المذكور، لكونه ممّا قد صحّ عنه، بل توثيق راويه أيضا، لكونه العلة في التصحيح غالبا، و الاستناد إلي القرائن و إن كان ممكنا، إلّا أنّه بعيد في جميع روايات الأصل، و عدّ النرسي من أصحاب الأصول، و تسمية كتابه أصلا، ممّا يشهد بحسن حاله و اعتبار كتابه، فإنّ الأصل في اصطلاح المحدّثين من أصحابنا بمعني الكتاب المعتمد، الذي لم ينتزع من كتاب آخر، و ليس بمعني مطلق الكتاب، فإنّه قد يجعل مقابلا له، فيقال: له كتاب، و له أصل.
و قد ذكر ابن شهرآشوب في معالم العلماء، نقلا عن المفيد طاب ثراه:
أنّ الإماميّة صنّفت من عهد أمير المؤمنين عليه السلام، إلي عهد أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أربعمائة كتاب تسمّي الأصول، قال:
و هذا معني قولهم: له أصل (3).
و معلوم أنّ مصنّفات الإماميّة فيما ذكر من المدّة تزيد علي ذلك بكثير، كما يشهد به تتبّع كتب الرجال، فالأصل إذا أخصّ من الكتاب، و لا يكفي فيه مجرّد عدم انتزاعه من كتاب آخر و إن لم يكن معتمدا، فإنّه يؤخذ في كلام الأصحاب مدحا لصاحبه، و وجها للاعتماد علي ما تضمّنه، و ربما ضعّفوا الرواية لعدم وجدان متنها في شي ء من الأصول، كما اتّفق للمفيد، و الشيخ3.
ص: 64
قدس سرهما، و غيرهما، فالاعتماد مأخوذ في الأصل بمعني كون ذلك هو الأصل فيه، إلي أن يظهر فيه خلافه.
و الوصف به في قولهم: له أصل معتمد، للإيضاح و البيان، أو لبيان الزيادة علي مطلق الاعتماد المشترك فيما بين الأصول، فلا ينافي ما ذكرناه، علي أنّ تصنيف الحديث- أصلا كان المصنّف أم كتابا- لا ينفكّ غالبا عن كثرة الرواية و الدلالة علي شدّة الانقطاع إلي الأئمّة عليهم السلام، و قد قالوا: «اعرفوا منازل الرجال بقدر روايتهم عنّا» (1) و ورد عنهم في شأن الرواية للحديث ما ورد.
و أمّا الطعن علي هذا الأصل و القدح فيه بما ذكر، فإنّما الأصل فيه محمد ابن الحسن بن الوليد القمّي رحمه اللّه، و تبعه علي ذلك ابن بابويه قدس سره علي ما هو دأبه في الجرح، و التعديل، و التضعيف، و التصحيح، و لا موافق لهما فيما أعلم.
و في الاعتماد علي تضعيف القميين و قدحهم في الأصول و الرجال كلام معروف، فإنّ طريقتهم في الانتقاد تخالف ما عليه جماهير النقّاد، و تسرّعهم إلي الطعن بلا سبب ظاهر، ممّا يريب اللّبيب الماهر، و لم يلتفت أحد من أئمّة الحديث و الرجال إلي ما قاله الشيخان المذكوران في هذا المجال، بل المستفاد من تصريحاتهم و تلويحاتهم، تخطئتهما، في ذلك المقال.
قال الشيخ ابن الغضائري: زيد الزرّاد و زيد النرسي، رويا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
قال أبو جعفر (بن بابويه: إنّ كتابهما موضوع، وضعه محمد بن موسي السمّان، و غلط أبو جعفر) (2) في هذا القول، فإنّي رأيت كتبهما مسموعة من محمدة.
ص: 65
ابن أبي عمير (1)، و ناهيك بهذه المجاهرة في الردّ من هذا الشيخ، الذي بلغ الغاية في تضعيف الرّوايات، و الطعن في الرّواة، حتي قيل أنّ السالم من رجال الحديث من سلم منه، و أنّ الاعتماد علي كتابه في الجرح طرح لما سواه من الكتب، و لولا أنّ هذا الأصل من الأصول المعتمدة المتلقاة [بالقبول] (2) بين الطائفة، لما سلم من طعنه و من غمزه، علي ما جرت به عادته في كتابه الموضوع لهذا الغرض، فإنّه قد ضعّف فيه كثيرا من أجلّاء الأصحاب المعروفين بالتوثيق، نحو: إبراهيم بن سليمان بن حيّان، و إبراهيم بن عمر اليماني، و إدريس بن زياد، و إسماعيل بن مهران، و حذيفة بن منصور، و أبي بصير ليث المرادي، و غيرهم من أعاظم الرّواة، و أصحاب الحديث.
و اعتمد في الطعن عليهم غالبا بأمور لا توجب قدحا فيهم، بل في رواياتهم، كاعتماد المراسيل، و الرواية عن المجاهيل، و الخلط بين الصحيح و السقيم، و عدم المبالاة في أخذ الروايات، و كون رواياتهم ممّا تعرف تارة و تنكر اخري، و ما يقرب من ذلك.
هذا كلامه في مثل هؤلاء المشاهير الأجلّة، و أمّا إذا وجد في أحد ضعفا بيّنا أو طعنا ظاهرا، و خصوصا إذا تعلّق بصدق الحديث، فإنّه يقيم عليه النوائح، و يبلغ منه كلّ مبلغ، و يمزّقه كلّ ممزّق، فسكوت مثل هذا الشيخ عن حال زيد النرسي، و مدافعته عن أصله بما سمعت من قوله، أعدل شاهد علي أنّه لم يجد فيه مغمزا، و لا للقول (في أصله) (3) سبيلا.
و قال الشيخ في الفهرست: زيد النرسي و زيد الزّراد لهما أصلان، لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، و قال في فهرسته: لم يروهما محمد بنه.
ص: 66
الحسن بن الوليد، و كان يقول: هما موضوعان، و كذلك كتاب خالد بن عبد اللّه بن سدير، و كان يقول: وضع هذه الأصول محمد بن موسي الهمداني.
قال الشيخ طاب ثراه: و كتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير عنه (1).
و في هذا الكلام (2) تخطئة ظاهرة للصدوق و شيخه، في حكمهما بأنّ أصل زيد النرسي من موضوعات محمد بن موسي الهمداني، فإنّه متي صحّت رواية ابن أبي عمير إيّاه عن صاحبه، امتنع إسناد وضعه إلي الهمداني، المتأخّر العصر عن زمن الراوي و المرويّ عنه.
و أمّا النجاشي- و هو أبو عذرة هذا الأمر، و سابق حلبته كما يعلم من كتابه، الذي لا نظير له في فنّ الرجال- فقد عرفت ممّا نقلناه عنه روايته لهذا الأصل- في الحسن كالصحيح، بل الصحيح علي الأصحّ- عن ابن أبي عمير، عن صاحب الأصل (3).
و قد روي أصل زيد الزرّاد: عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه و علي ابن بابويه، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الزرّاد (4)، و رجال هذا الطريق وجوه الأصحاب و مشايخهم، و ليس فيه من يتوقّف في شأنه، سوي العبيدي و الصحيح توثيقه.
و قد اكتفي النجاشي بذكر هذين الطريقين، و لم يتعرّض لحكاية الوضع في شي ء من الأصلين، بل أعرض عنها صفحا، و طوي عنها كشحا، تنبيها علي غاية فسادها، مع دلالة الاستناد الصحيح المتّصل علي بطلانها، و في كلامه السابق دلالة علي أنّ أصل زيد النرسي من جملة الأصول المشهورة، المتلقّاة1.
ص: 67
بالقبول بين الطائفة، حيث أسند روايته عنه أوّلا إلي جماعة من الأصحاب، و لم يخصّه بابن أبي عمير، ثم عدّه في طريقه إليه من مرويّات المشايخ (1) الأجلّة، و هم:
أحمد بن علي بن نوح السيرافي، و محمد بن أحمد بن عبد اللّه الصفواني، و عليّ بن إبراهيم القمّي، و أبوه إبراهيم بن هاشم.
و قد قال في السيرافي: إنّه كان ثقة في حديثه، متقنا لما يرويه، فقيها (2) بصيرا بالحديث و الرّواية (3).
و في الصفواني: إنّه شيخ، ثقة، فقيه، فاضل (4).
و في القمّي: إنّه ثقة في الحديث، ثبت، معتمد (5).
و في أبيه: إنّه أوّل من نشر أحاديث الكوفيّين بقم (6).
و لا ريب أنّ رواية مثل هؤلاء الفضلاء الأجلّاء يقتضي اشتهار الأصل في زمانهم، و انتشار أخباره فيما بينهم.
و قد علم ممّا سبق كونه من مرويّات الشيخ المفيد، و شيخه أبي القاسم جعفر بن قولويه، و الشيخ الجليل الذي انتهت إليه رواية جميع الأصول و المصنّفات أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري، و أبي العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ المشهور، و أبي عبد اللّه جعفر بن عبد اللّه رأس المذري، الذي قالوا فيه: إنه أوثق الناس في حديثه.
و هؤلاء هم مشايخ الطائفة، و نقدة الأحاديث، و أساطين الجرح و التعديل، و كلّهم ثقات إثبات، و منهم المعاصر لابن الوليد، و المتقدم عليه،8.
ص: 68
و المتأخر عنه الواقف علي دعواه، فلو كان الأصل المذكور موضوعا معروف الواضع كما ادّعاه، لما خفي علي هؤلاء الجهابذة النقّاد بمقتضي العادة في ذلك.
و قد أخرج ثقة الإسلام الكليني قدس سره لزيد النرسي في جامعه الكافي- الذي ذكر أنّه قد جمع فيه الآثار الصحيحة، عن الصادقين عليهم السلام- روايتين:
إحداهما في باب التقبيل من كتاب الايمان و الكفر: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن علي بن مزيد (1) صاحب السابري، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام، فتناولت يده فقبلتها، فقال عليه السلام: «أما إنّها لا تصلح إلّا لنبيّ، أو وصيّ نبيّ» (2).
و الثانية في كتاب الصوم في باب صوم عاشوراء: عن الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن عيسي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، قال: سمعت عبيد بن زرارة، يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة و ابن زياد»، قلت: و ما حظّهما من ذلك اليوم؟ قال: «النار» (3).
و الشيخ قدس سره في كتابي الأخبار: أورد هذه الرواية، بإسناده عن محمد بن يعقوب (4)، و أخرج لزيد النرسي في كتاب الوصايا من التهذيب في باب وصية الإنسان لعبده، حديثا آخر عن علي بن الحسن بن فضّال، عن معاوية بن حكيم و يعقوب الكاتب، عن ابن أبي عمير، عنه (5).6.
ص: 69
و الغرض من إيراد هذه الأسانيد، التنبيه علي عدم خلوّ الكتب الأربعة عن أخبار زيد النرسي، و بيان صحّة رواية ابن أبي عمير عنه، و الإشارة إلي تعدّد الطرق إليه، و اشتمالها علي عدّة من الرجال الموثوق بهم، سوي من تقدّم ذكره في الطرق السالفة، و في ذلك كلّه تنبيه علي صحّة هذا الأصل، و بطلان دعوي وضعه كما قلنا.
و يشهد لذلك أيضا أنّ محمد بن موسي الهمداني، و هو الذي ادّعي عليه وضع هذه الأصول، لم يتّضح ضعفه بعد، فضلا عن كونه وضّاعا للحديث، فإنّه من رجال نوادر الحكمة، و الرواية عنه في كتب الأحاديث متكرّرة، و من جملة رواياته حديثه الذي انفرد بنقله في صلاة عيد الغدير، و هو حديث مشهور، أشار إليه المفيد رحمه اللّه في مقنعته، و في مسار الشيعة (1)، و رواه الشيخ رحمه اللّه في التهذيب (2)، و أفتي به الأصحاب، و عوّلوا عليه، و لا رادّ له سوي الصدوق (3) و ابن الوليد، بناء علي أصلهما فيه.
و النجاشي ذكر هذا الرجل في كتابه و لم يضعّفه، بل نسب الي القميين تضعيفه بالغلوّ، ثم ذكر له كتبا منها كتاب الردّ علي الغلاة، و ذكر طريقه الي تلك الكتب، قال رحمه اللّه: و كان ابن الوليد رحمه اللّه يقول: إنّه كان يضع الحديث و اللّه أعلم (4).
و ابن الغضائري و إن ضعّفه، إلّا أنّ كلامه فيه يقتضي أنّه لم يكن بتلك المثابة من الضعف، فإنّه قال فيه: إنّه ضعيف، يروي عن الضعفاء، و يجوز أن يخرج شاهدا، تكلّم فيه القميون فأكثروا، و استثنوا من نوادر الحكمة ما رواه (5)، و كلامه ظاهر في أنّه لم يذهب فيه مذهب القمّيين، و لم يرتض ما قالوه،4.
ص: 70
و الخطب في تضعيفه هيّن، خصوصا إذا استهونه.
و العلّامة قدس سره في الخلاصة حكي تضعيف القميين و ابن الوليد، حكاية تشعر بتمريضه، و اعتمد في التضعيف علي ما قاله ابن الغضائري قدس سره و لم يزد عليه شيئا (1). و فيما سبق عن النجاشي و ابن الغضائري في أصلي الزّيدين، و عن الشيخ في أصل النرسي، دلالة علي اختلال (2) ما قاله ابن الوليد في هذا الرجل.
و بالجملة فتضعيف محمد بن موسي يدور علي أمور:
أحدها: طعن القميين في مذهبه بالغلوّ و الارتفاع، و يضعّفه ما تقدّم عن النجاشي أنّ له كتابا في الرّد علي الغلاة.
و ثانيها: إسناد وضع الحديث إليه، و هذا ممّا انفرد به ابن الوليد، و لم يوافقه في ذلك الّا الصدوق قدس سره لشدّة وثوقه به، حتّي قال رحمه اللّه في كتاب من لا يحضره الفقيه: إنّ كل ما لم يصححه ذلك الشيخ، و لم يحكم بصحته من الأخبار، فهو عندنا متروك غير صحيح (3).
و سائر علماء الرجال و نقدة الاخبار تحرّجوا عن نسبة الوضع الي محمد بن موسي، و صحّحوا أصل زيد النرسي، و هو أحد الأصول التي أسند وضعها إليه، و كذا أصل زيد الزرّاد، و سكوتهم عن كتاب خالد بن سدير لا يقتضي كونه موضوعا، و لا كون محمد بن موسي واضعا، إذ من الجائز أن يكون عدم تعرّضهم له لعدم ثبوت صحّته، لا لثبوت وضعه، فلا يوجب تصويب ابن الوليد لا في الوضع و لا في الواضع، أو لكونه من موضوعات غيره فيقتضي تصويبه في الأوّل دون الثاني.
و ثالثها: استثناؤه من كتاب نوادر الحكمة، و الأصل فيه محمد بن الحسن1.
ص: 71
ابن الوليد أيضا، و تابعه علي ذلك الصدوق، و أبو العباس بن نوح، بل الشيخ، و النجاشي أيضا.
و هذا الاستثناء لا يختصّ به، بل المستثني من ذلك الكتاب جماعة، و ليس جميع المستثنين وضعة للحديث، بل منهم المجهول الحال، و المجهول الاسم، و الضعيف بغير الوضع، بل الثقة علي أصحّ الأقوال: كالعبيدي، و اللّؤلؤي، فلعلّ الوجه في استثناء غير الصدوق و شيخه ابن الوليد جهالة محمد ابن موسي، أو ضعفه من غير سبب الوضع، و الموافقة لهما في الاستثناء لا تقتضي الاتّفاق في التعليل، فلا يلزم من استثناء من وافقهما ضعف محمد بن موسي عنده، فضلا عن كونه وضّاعا، و قد بان لك بما ذكرنا مفصّلا اندفاع الاعتراضين بأبلغ الوجوه (1).
قلت: و روي جعفر بن قولويه رحمه اللّه في كامل الزيارة، عن أبيه و أخيه علي ابن محمد و علي بن الحسين كلّهم، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن أبي الحسن موسي عليه السلام، قال: «من زار ابني هذا- و أومي إلي أبي الحسن الرضا عليه السلام- فله الجنّة» (2) و الخبر موجود في الأصل.
و منه يعلم أنّ علي بن بابويه والد الصدوق، يروي أصل النرسي كما مرّ أنّه يروي أصل الزرّاد، و يظهر منه أنّ أصل نسبة اعتقاد وضعهما إلي الصدوق تبعا لشيخه ضعيف، أو رجع عنه بعد ما ذكره في فهرسته، فإنّ ولده شيخ القميّين، و فقيههم (3) و ثقتهم، و الذي خاطبه الإمام العسكري عليه السلام بقوله- في توقيعه-: «يا شيخي و معتمدي» (4) يروي الأصل المذكور و ولده يعتقد8.
ص: 72
كونه موضوعا؟! هذا ممّا لا ينبغي نسبته إليه.
و يؤيّد ضعف النسبة، أو يدلّ علي الرجوع، روايته عن الأصلين في كتبه، أمّا الزرّاد فقد تقدم.
و أمّا عن أصل النرسي ففي ثواب الأعمال: أبي رحمه اللّه، قال: حدثني علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن بعض أصحابه، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يغسل رأسه بالسدر» (1) إلي آخر ما في الوسائل منقولا عنه (2)، و في كتابنا منقولا عن الأصل المذكور هذا (3).
و قد أخرج الخبر المذكور شيخه جعفر بن أحمد القمي في كتاب العروس، عن زيد (4) كما في أصله.
و أخرج الصدوق رحمه اللّه أيضا (5) في الفقيه، في باب ضمان الوصيّ لما يغيّره عمّا أوصي به الميّت، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عليّ ابن مزيد صاحب السابري، قال: أوصي إليّ رجل. و ساق الحديث (6)، و هو طويل ذكره الشيخ في الأصل في كتاب الوصية، مثل ما نقلناه عن أصل النرسي في الكتاب المذكور فلاحظ (7).ر.
ص: 73
و أخرج أحمد بن محمّد بن فهد في عدّة الداعي، عن الأصل المذكور حديث معاوية بن وهب في الموقف (1)، و هو حديث شريف في الحثّ علي الدعاء للإخوان.
و أخرج الحسين بن سعيد في كتاب الزهد، عن الأصل المذكور خبر فناء العالم، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن عبيد بن زرارة، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول. (2)، إلّا أنّه اختصره.
و أخرج الخبر المذكور عنه عليّ بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زيد، و ساقه كما هو موجود في الأصل (3).
و قال العلامة المجلسي قدس سره في البحار- بعد نقل كلمات الجماعة في الأصلين و صاحبيهما-: و أقول: و إن لم يوثّقهما أصحاب الرجال، لكن أخذ أكابر المحدّثين من كتابهما، و اعتمادهم عليهما حتّي الصدوق قدس سره في معاني الأخبار، و غيره، و رواية ابن أبي عمير عنهما، و عدّ الشيخ كتابهما من الأصول، لعلّها تكفي لجواز الاعتماد عليهما، مع أنّا أخذناهما من نسخة عتيقة مصحّحة بخط الشيخ منصور بن الحسن الآبي، و هو نقله من خطّ الشيخ الجليل محمد ابن الحسن القمّي، و كان تاريخ كتابتها سنة أربع و سبعين و ثلاثمائة، و ذكر أنّه أخذهما و سائر الأصول المذكورة بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسي التلّعكبري (4)، انتهي.
و أمّا محمد بن موسي فلعلّنا نشير إلي بعض ما يؤيّد كلام السيّد رحمه اللّه فيه، في بعض الفوائد الآتية.1.
ص: 74
فقال الشيخ قدس سره في الفهرست: جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي له كتاب، رويناه بالإسناد الأول، عن ابن همّام، عن حميد، عن أحمد بن زيد الأزدي البزّاز، عن محمد بن أمية بن القاسم الحضرمي، عن جعفر بن محمد بن شريح (1).
و مراده بالإسناد الأوّل- كما ذكره في ترجمة جعفر بن قولويه، و جعفر بن محمد بن مالك: الشيخ المفيد، و الحسين بن عبيد اللّه، و أحمد بن عبدون، و غيرهم-: عن أبي محمد هارون بن موسي التّلعكبري، عن أبي علي بن همّام (2).
و سنده في النسخة الموجودة، و النسخة المتقدّمة للمجلسي طيب اللّه ثراه هكذا: الشيخ أبو محمد هارون بن موسي بن أحمد بن إبراهيم التلّعكبري أيده اللّه قال: حدثنا محمد بن همّام، قال: حدثنا حميد بن زياد الدهقان، قال:
حدثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي، قال: حدثنا محمد بن المثني بن القاسم الحضرمي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي، عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر الجعفي، قال: قال: أبو جعفر عليه السلام. الخبر (3).
و الظاهر أنّ أميّة في سند الشيخ مصحّف، و الصواب- كما في سند الكتاب- المثني، و أشار الي ذلك في البحار أيضا (4).
و محمد بن أميّة غير مذكور في الرجال، و لا في أسانيد الأخبار. و الظاهر
ص: 75
أنّ أحمد بن زيد في السندين هو بعينه أحمد بن زيد الخزاعي، الذي ذكر الشيخ قدس سره في الفهرست أنه يروي كتاب آدم بن المتوكّل، عن أحمد بن عبدون، عن أبي طالب الأنباري، عن حميد بن زياد، عن أحمد بن زيد الخزاعي، عنه (1). و كتاب أبي جعفر شاهطاق، و الظاهر أنّه محمد بن علي بن النعمان، الملقّب بمؤمن الطاق، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد، عن أحمد بن زيد الخزاعي، عنه (2).
و وافقنا علي اتّحادهما المتبحّر النقّاد المولي الحاج محمد الأردبيلي، في جامع الرّواة (3) و ظهر ممّا نقلنا أنّه من مشايخ الإجازة، و أنّ حميدا اعتمد عليه في رواية الكتب المذكورة، و كتاب محمد بن المثني كما يأتي.
و قد مرّ في شرح أصل زيد الزرّاد ما يقتضي الاعتماد علي حميد، و السكون إلي رواياته.
و ستعرف أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلي التزكية و التوثيق، إمّا لعدم الضرر في ضعفهم و جهالتهم، أو لكونهم ثقات إثبات علي اختلاف بينهم.
و منه و ممّا نقلنا عن السيد الكاظمي، و العلامة الطباطبائي، في مدح أرباب الكتب و أصحاب التصانيف، يظهر حسن حال الحضرمي، مع أنّ رواياته في الكتاب سديدة مقبولة، يوجد متونها أو مضمونها في سائر الكتب المعتبرة، و ممّا يشهد علي حسن حاله اعتماد محمد بن مثني عليه، فإنّ جلّ روايات كتابه عنه فراجع و تأمل.
و أبوه محمد بن شريح من ثقات أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب يرويه جماعة عنه، كما في رجال النجاشي و الفهرست، و غيرهما (4).5.
ص: 76
فالسند إليه في النسخة المتقدّمة ما تقدّم في سند كتاب جعفر.
و قال النجاشي قدس سره: محمد بن المثنّي بن القاسم، كوفي ثقة، له كتاب، أخبرنا الحسين، قال: حدثنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا حميد، قال:
حدثنا أحمد، عن محمد بن المثنّي بكتابه (1).
و يروي عنه الثقة سيف بن عميرة، كما في روضة الكافي (2).
و بملاحظة ما ذكرنا لا ريب في اعتبار الكتاب، و الاعتماد عليه، و ذكر في آخر الكتاب حديثين من غير توسّط محمد، و وصف فيه أحمد هكذا: بالإسناد عن حميد بن زياد، عن أبي جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز، ينزل في طاق [زهير] و لقيه بزيع، قال: حدثني علي بن عبيد اللّه (3). إلي آخره.
ص: 77
ففي رجال النجاشي: عبد الملك بن حكيم الخثعمي، كوفي ثقة، عين، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، له كتاب يرويه جماعة: أخبرنا القاضي أبو عبد اللّه الجعفي، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضّال، قال:
حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم، قال: حدثنا عبد الملك بن حكيم بكتابه (1).
و في الفهرست: عبد الملك بن حكيم، له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن التلعكبري، عن ابن عقدة، و ذكر مثله (2).
و السند في أوّل الكتاب أيضا: التلعكبري، عن ابن عقدة. (3) إلي آخره.
و يظهر من النجاشي أنّه من الأصول، و إن نسبة الكتاب إليه معلومة، و يرويه عنه جماعة، و إنّما اقتصر علي الطريق الواحد لمجرّد الاختصار، علي حسب عادتهم في فهارسهم، فلا يضرّ إذا ضعف جعفر كما توهّم، أو جهالته كما قيل، بل اعتماد المشايخ الثلاثة- و هم وجوه الطائفة، و نقدة الأخبار في طريقهم إلي كتاب عمّه عليه- قرينة ظاهرة علي حسن حاله، بل وثاقته في الحديث، مع أنّه يروي عنه مثل [علي بن] الحسن بن فضال، و هو بمكان من التثبّت و الاحتياط في النقل و الرواية، و ورد فيه و في سائر بني فضّال ما ورد من الأخذ بما رووا، و الثقة الجليل موسي بن القاسم بن معاوية بن وهب كما في التهذيب في باب المواقيت من كتاب الحج (4)، و الثقة الجليل محمد بن إسماعيل
ص: 78
ابن بزيع كما في الكافي في باب بيض الدجاج من كتاب الأطعمة (1) و أحمد بن محمد بن خالد فيه أيضا (2)، و بعد رواية هؤلاء عنه لا وقع لما توهّم أو قيل فيه.1.
ص: 79
ففي رجال النجاشي: مثنّي بن الوليد الحنّاط، مولي، كوفي، روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب يرويه جماعة:
أخبرنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال:
حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح، قال:
حدثنا مثنّي بكتابه (1).
و في الفهرست: مثنّي بن الوليد الحنّاط له كتاب، رواه الحسن بن علي الخزّاز عنه، و فيه بلا فصل: مثنّي بن الحضرمي له كتاب، أخبرنا بهما جماعة، عن أبي المفضّل، عن ابن بطّة، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عنهما (2).
و أمّا طريق التلعكبري في النسخة الموجودة، ففيها قال الشيخ رحمه اللّه:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضّال التيملي، قال: حدثنا العباس بن عامر القصبي، قال: حدثنا مثنّي بن الوليد الحنّاط، عن ميسر بياع الزّطي (3). إلي آخره.
و قال الشيخ الجليل أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري في رسالته إلي ولد ولده، في ذكر طرقه الي الكتب: كتاب مثنّي الحنّاط، حدّثني به جدّي، عن الحسن بن محمد الطيالسي، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس الخزاز، عن مثنّي (4).
و قال أبو عمرو الكشي قدس سره في رجاله: قال أبو النضر محمد بن
ص: 80
مسعود: قال علي بن الحسن: سلام، و مثنّي بن الوليد، و المثنّي بن عبد السلام كلّهم حنّاطون، كوفيون، لا بأس بهم (1).
و قد قرّر في محلّه أنّ قولهم: لا بأس به، أي بوجه من الوجوه، فيفيد التوثيق كما عليه جماعة، مع أنّه يكفي في وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه كما عرفت، و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي كما في الكافي في باب بيع الزرع الأخضر، و باب من زاد علي خمس تكبيرات من أبواب الجنائز (2).
و في التهذيب في باب الأغسال المفروضات، و في باب الحيض من أبواب الزيادات، و في باب أحكام السهو في الصلاة (3). و غيرهما من الأجلّاء الثقات من أصحاب الإجماع و غيرهم، سوي من تقدّم ذكرهم مثل:
عبد الرحمن بن أبي نجران كما في التهذيب في باب البينات (4)، و في الكافي في باب الصدق و الأمانة، و في باب نادر قبل باب دخول القبر، و في باب ما يجب علي الحائض في أداء المناسك (5)، و في التهذيب في باب ميراث ابن الملاعنة، و في باب العتق (6).
و علي بن الحكم في الكافي في مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، و في باب صلاة فاطمة عليها السلام، و في باب الاهتمام بأمور المسلمين، و في باب ما جاء في الهندباء، و في باب الحمّام من كتاب الزّي و التجمّل (7)، و في التهذيب مكررا في باب ميراث الاخوة (8).0.
ص: 81
و الحسن بن علي الوشاء في الكافي في كتاب العقل، و في باب البدع و الرأي، و في باب المستضعف، و في باب الرمي عن العليل (1).
و الحسن بن راشد فيه في باب الشكر (2).
و ابن فضّال فيه في باب اللقيط، و في باب شدّة ابتلاء المؤمن (3)، و في التهذيب في باب ابتياع الحيوان (4).
و علي بن الحسن بن رباط، في الكافي في باب أنّ النساء لا يرثن من العقار شيئا (5)، و في الاستبصار في باب أن المرأة لا ترث من العقار و الدور (6).
و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (7).
و الحسن بن محبوب فيه في باب التلقي و الحكرة (8)، و في الكافي في باب التلقي (9).
و معاوية بن حكيم في التهذيب في باب أحكام الطلاق (10)، و في الاستبصار في باب من طلّق امرأته ثلاث تطليقات (11).0.
ص: 82
و الحسين بن أبي العلاء في التهذيب في باب التيمّم من أبواب الزيادات (1)، و في الاستبصار في باب من دخل الصلاة بتيمّم ثم وجد الماء (2).
و هؤلاء كلّهم أجلّاء ثقات، بل جلّهم معدودون في الفقهاء الكبار، و أساطين حملة الأخبار، و حاشاهم أن يرووا مع اختلاف مشاربهم عمّن لا يثقون به، و لا يعتمدون عليه، و هذا من أجلي القرائن للتزكية و التوثيق عند أرباب التحقيق، و اللّه تعالي وليّ التوفيق.1.
ص: 83
ففي النجاشي: خلّاد السدي البزاز، كوفي، روي عن أبي عبد اللّه، و قيل:
أنّه خلّاد بن خلف المقرئ، خال محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة، له كتاب يرويه عدّة: منهم ابن أبي عمير، أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيي بن زكريا بن شيبان و محمد بن مفضّل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الأشعري، قال حدثنا ابن أبي عمير، عن خلّاد بكتابه (1).
و في الفهرست: خلاد السدي له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن التلّعكبري، عن ابن عقدة، عن يحيي بن زكريا بن شيبان، عن ابن أبي عمير، عن خلاد السدي (2).
و هذا بعينه طريق التّلعكبري في النسخة الموجودة (3).
و قد أخرج الكليني عنه في الكافي باب من مات و ليس له وارث، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلاد (4).
و الشيخ في التهذيب في باب من مات و ليس له وارث من العصبة، بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد (5). و في الاستبصار في باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد (6).
و السدّي كما في الإيضاح: بضمّ السين (7)، و الموجود المضبوط في نسخ
ص: 84
كتب الرجال و الأخبار- ثم الدال، كأنّه منسوب الي سدّة، و هي سدّة مسجد الكوفة، و كان السدّي المعروف يبيع بها المقانع، و هي ما يبقي من الطاق المسدود، و لذا نسب إليها.
و قد وقع في كتب الفقهاء و الأخبار تحريفات عجيبة، حتي من الشيخ في التهذيب، فتارة حرّفوه بالسري، و اخري بالسندي، و في موضع من الجواهر بالبرقي، بل في التهذيب في الباب المتقدّم عن خلّاد، عن السري، بل فيه في باب الكفارة عن خطأ المحرم: عن حمّاد السري (1)، مع نقله في الاستبصار خلّاد، و كلّ هذا تحريف غير خفيّ علي الخبير النقّاد.
و قد اتّضح بما ذكرنا اعتبار الكتاب (2)، و حسن حال خلّاد، بل وثاقته لرواية ابن أبي عمير عنه، و اعتماد المشايخ عليه.ة.
ص: 85
ففي النجاشي: الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري الوحيدي، ثقة، روي عن أبي عبد اللّه، و أبي الحسن عليهما السلام.
ذكره أصحابنا في رجال أبي عبد اللّه عليه السلام، له كتاب تختلف الرواية فيه، فمنها ما رواه ابن أبي عمير، أخبرنا أجازه محمد بن جعفر، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا محمد بن مفضل بن إبراهيم سنة خمس و ستين و مائتين، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان (1).
و السند إليه في أول الكتاب هكذا: الشيخ أيّده اللّه تعالي- يعني التلعكبري- قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن عبد اللّه المحمدي، قال حدثنا محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن عبد اللّه بن مسكان. إلي آخره، و الطريقان في غاية القوّة و الاعتبار.
و قد روي عن الحسين غير ابن أبي عمير جماعة من الأجلّاء، فمنهم:
الحسين بن سعيد في الكافي في باب حدّ المرض الذي يجوز للرجل أن يفطر فيه (2).
و أيوب بن نوح في باب كيفيّة الصلاة من التهذيب (3).
و محمد بن الحسين في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات من التهذيب، و في الاستبصار في باب من يجب عليه التمام (4).
و موسي بن القاسم في أواسط باب الزيادات في فقه الحجّ من
ص: 86
التهذيب (1).
و القاسم بن محمد في الكافي في باب التعزية (2)، و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (3).
و قد أشرنا غير مرّة أنّ رواية الأجلّة عن راو من علائم الوثاقة.
و ذكره الشيخ قدس سره في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام، و قال فيه: أسند عنه (4).
و قد ذكرنا في محلّه دلالة هذه الكلمة علي التوثيق، و ابن عقدة ذكره في رجاله الذي ذكر فيه أربعة آلاف رجل من ثقات أصحاب الصادق عليه السلام.
و قال العلامة قدس سره في الخلاصة: قال الكشي، عن حمدويه، عن أشياخه: إنّ الحسين بن عثمان خيّر، فاضل، ثقة (5).
و اعترض عليه صاحب التلخيص بأنّ الكشي قال ذلك في الحسين بن عثمان بن زياد الرواسي، و الاتّحاد محلّ نظر (6).
قلت عبارة اختيار رجال الكشي هكذا: حمدويه: سمعت أشياخي يذكرون أنّ حمّادا و جعفرا و الحسين بني عثمان بن زياد الرواسي، كلّهم4.
ص: 87
فاضلون خيار ثقات (1).
و العلامة ذكره هذه العبارة في ترجمة حمّاد بفاصلة قليلة (2).
و من البعيد أن يكون ما نقله في العامري الوحيدي ملتقطا ممّا ذكره الكشي في الرواسي و اخوته، و عدم وجود ما نقله في الأول في الكشي الموجود لا يوجب الحمل علي الاشتباه و توهّم الاتّحاد، لما أشرنا إليه سابقا من وجود نسخة أصل رجال الكشي في عصره، و لعلّ ما نقله أولا يوجد فيه، إلّا أنّ الذي يقرّب هذا البعيد أنّه لم يذكر الرواسي في الخلاصة، مع أنه مذكور في الكشي تبعا، و في الفهرست منفردا، و ذكر له كتابا، و ذكر طريقه إليه (3)، إن هذا إلّا لتوهّم الاتّحاد و اللّه العاصم.5.
ص: 88
ففي النجاشي: عبد اللّه بن يحيي أبو محمد الكاهلي، عربي أخو إسحاق، رويا عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، و كان عبد اللّه وجيها عند أبي الحسن عليه السلام، و وصّي به علي بن يقطين رحمه اللّه فقال له: «اضمن لي الكاهلي و عياله أضمن لك الجنّة». و قال محمد بن عقدة الناسب: عبد اللّه بن يحيي الذي يقال له الكاهلي، هو تميميّ النسب، و له كتاب يرويه جماعة منهم: أحمد بن محمد بن أبي نصر، أخبرنا القاضي أبو عبد اللّه الجعفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال:
حدثنا محمد بن أحمد القطواني، قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الكاهلي بكتابه (1).
و في الفهرست: عبد اللّه بن يحيي الكاهلي له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد اللّه بن يحيي.
و أخبرنا به أبو عبد اللّه المفيد قدس سره، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه و حمزة بن محمد و محمد بن علي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن الكاهلي (2).
و في مشيخة الفقيه: و ما كان فيه عن عبد اللّه بن يحيي الكاهلي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن
ص: 89
أحمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد اللّه بن يحيي الكاهلي (1).
و طريق التلعكبري في النسخة الموجودة: الشيخ- أيّده اللّه تعالي- قال:
حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن الحكم القطواني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: حدثنا عبد اللّه بن يحيي الكاهلي، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول (2). الخبر.
و يروي عنه سوي البزنطي و ابن أبي عمير جماعة، منهم:
زكريا بن آدم قدس سره في التهذيب في باب اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان، و في باب أنّه يعقّ يوم السابع (3)، و في باب القول علي العقيقة (4).
و الحسن بن محبوب فيه في باب الشركة و المضاربة، و في باب التلقي و الحكرة، و في باب الذبح (5)، و في الاستبصار في باب الهدي المضمون، و في باب المضارب يكون له الربح (6).
و صفوان بن يحيي في الكافي في باب صفات الذّات، و في باب فضل الحجّ و العمرة، و في باب صفة التيمّم (7)، و في التهذيب في باب الإجازات، و في باب صفة التيمّم (8).0.
ص: 90
و فضالة بن أيّوب في الفقيه في باب إحرام الحائض (1)، و في باب بيع الماء و المنع منه من التهذيب (2).
و القاسم بن محمد فيه فيه، و في باب المهور و الأجور منه، و في باب الذبائح و الأطعمة (3).
و علي بن الحكم الكوفي الثقة فيه في باب الصلاة في السفر، و باب الشفعة (4) و غيرها، و في الكافي في باب الماء الذي فيه قلّة و غيره (5).
و الحسين بن سعيد في التهذيب في باب العقود علي الإماء، و في باب ضروب الحج (6)، و في الاستبصار في باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة، و في باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن، و في باب النهي عن بيع الذهب بالفضّة (7).
و الحسن بن محمد الحضرمي في التهذيب في باب المهور و الأجور، و في باب عقد المرأة علي نفسها النكاح (8)، و في الكافي في باب الرجل يهوي امرأة و أبوه يهوي غيرها (9).
و محمد بن خالد فيه في باب الكتمان، و في باب الشرك، و في باب2.
ص: 91
التقدّم في الدعاء (1).
و علي بن مهزيار فيه في باب من وصف عدلا و عمل بغيره (2).
و علي بن الحسن بن رباط في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (3)، و في الاستبصار في باب المذي و الودي (4).
و محمد بن حمّاد بن زيد الثقة في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة، و في باب فضل الصلاة من أبواب الزيادات، و مرّتين في باب كيفية الصلاة منها (5)، و في الاستبصار في باب الجهر ب بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* (6).
و إسحاق بن عمار في الكافي في باب حقّ الجوار (7).
و ثعلبة بن ميمون الفقيه المقدّم في هذه العصابة في التهذيب في باب صفة الوضوء (8)، و في الاستبصار في باب كيفيّة المسح علي الرجلين (9).
و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في باب تلقين المحتضرين (10)، و في الاستبصار في باب موضع الكافور من الميت (11).7.
ص: 92
و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب التسليم و فضل المسلمين (1).
و غيرهم ممّن لا حاجة إلي ذكرهم بعد رواية هؤلاء، الذين فيهم الثلاثة الذين نصّوا علي عدم روايتهم إلّا عن الثقة، و جمع من أصحاب الإجماع و الفقهاء، من الثقات و الأجلّاء من الرواة، الذين بلغوا الغاية في التثبّت و الإتقان، فلا ينبغي التشكيك في توثيق من عكفوا عليه، و أخذوا عنه.
و في رجال أبي عمرو الكشي: عبد اللّه بن يحيي الكاهلي: علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن عيسي، قال: زعم ابن أخي الكاهلي أنّ أبا الحسن الأول عليه السلام، قال لعلي بن يقطين: «اضمن لي الكاهلي و عياله، أضمن لك الجنّة» (2).
و في موضع آخر منه: حدثني حمدويه بن نصير (قال: حدثني محمّد بن نصير) (3) قال: حدثني محمّد بن عيسي، قال: زعم الكاهلي أنّ أبا الحسن عليه السلام، قال لعلي بن يقطين: «اضمن لي الكاهلي و عياله، أضمن لك الجنّة» فزعم ابن أخيه أنّ عليّا رحمه اللّه لم يزل يجري عليهم الطعام، و الدراهم، و جميع النفقات مستغنين حتي مات الكاهلي، و أنّ نفقته كانت تعمّ عيال الكاهلي و قراباته. و الكاهلي يروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).
وجدت بخط جبرئيل بن أحمد: حدثني محمّد بن عبد اللّه بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أخطل الكاهلي، عن عبد اللّه بن يحيي الكاهلي، قال: حججت فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام، فقال لي:
«اعمل خيرا في سنتك هذه، فإنّ أجلك قد دنا» قال: فبكيت، فقال:
«ما يبكيك» قلت: جعلت فداك نعيت إليّ نفسي، قال: «أبشر فإنّك من1.
ص: 93
شيعتنا، و أنت إلي خير» قال أخطل: فما لبث عبد اللّه بعد ذلك إلّا يسيرا حتي مات (1).2.
ص: 94
ففي النجاشي: سلام بن أبي عمرة الخراساني، ثقة، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، سكن الكوفة، له كتاب يرويه عنه عبد اللّه بن جبلة، أخبرني عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسين بن حازم، قال: قال: حدّثنا عبد اللّه بن جبلة، قال: حدثنا سلام (1).
و المراد بالعدّة هنا كما صرّح به العلامة الطباطبائي: رجال ابن عقدة، و هم:
محمّد بن جعفر الأديب، و أحمد بن محمّد بن هارون، و أحمد بن محمّد بن الصلت، و القاضي أبو عبد اللّه الجعفي. قال رحمه اللّه: و الظاهر اشتراك الكلّ في التوثيق (2).
و في الفهرست: سلام بن عمرو له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن التلّعكبري، عن ابن عقدة، عن القاسم بن محمّد بن الحسين بن حازم، عن عبد اللّه بن جبلة، عن سلام بن عمرو (3).
و السند في الكتاب أيضا مثله (4)، إلّا أنّ فيه سلام بن أبي عمرو، فالظاهر أنّ ما في الفهرست اشتباه، أو أنّ عمرو اسم أبي عمرة.
و في رجال الشيخ رحمه اللّه في أصحاب الصادق عليه السلام: سلام بن أبي عمرة الخراساني (5).
و احتمال التعدّد من الأوهام.
ص: 95
و القاسم بن محمّد المذكور في طرق المشايخ الثلاثة غير مذكور في الرجال، و لكنّ الظاهر أنّه من مشايخ الإجازة، و من اعتماد الشيخ و النجاشي و التلّعكبري في طريقهم إلي الأصل المذكور عليه، يظهر حسن حاله.
و ليس فيه من الأخبار الفرعية إلّا نزر يسير.
ص: 96
ففي النجاشي: علي بن أسباط بن سالم، بيّاع الزطي، أبو الحسين المقرئ، كوفي، ثقة، و كان فطحيا، جري بينه و بين علي بن مهزيار رسائل، رجعوا فيها الي أبي جعفر الثاني عليه السلام، فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول و تركه، و قد روي عن الرضا عليه السلام من قبل ذلك، و كان أوثق الناس و أصدقهم لهجة، له كتاب الدلائل. إلي أن قال: و له كتاب نوادر مشهور، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسي الجرّاح الجندي، قال:
حدثنا محمّد بن علي بن همّام أبو علي الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسي، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن علي بن أسباط (1).
و في الفهرست: علي بن أسباط الكوفي، له أصل و روايات، أخبرنا به الحسين بن عبيد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن محمّد ابن أحمد بن أبي قتادة، عن موسي بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط.
و أخبرنا ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط (2).
و في مشيخة الفقيه: و ما كان فيه عن علي بن أسباط فقد رويته عن محمّد ابن الحسن رضي اللّه عنه و ساق مثله (3).
و السند في أول النسخة هكذا: الشيخ أيّده اللّه تعالي- يعني التلعكبري رضي اللّه عنه- قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا علي بن أسباط،
ص: 97
قال: أخبرنا يعقوب بن سالم الأحمر، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «لما قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بات آل محمّد عليهم السلام بليلة أطول ليلة» (1) الخبر.
و في الكافي: الحسين بن محمّد، عن المعلّي بن محمّد، عن منصور بن العباس، عن علي بن أسباط، عن يعقوب، و ساق مثله (2).
و قد اختلفت كلمات الأصحاب في رجوعه عن الفطحيّة و عدمه، و في زمان رجوعه، و لا حاجة إلي نقلها و تحقيق الحقّ بعد اعتبار كتابه، و اعتماد المشايخ عليه، و كونه أوثق الناس و أصدقهم، و كثرة الطرق إلي كتبه، و فيها الصحيح، و إكثار رواية الأجلّاء عنه، فقد روي عنه سوي من تقدم:
أحمد بن محمّد بن عيسي في الكافي في باب العجب (3)، و في التهذيب في باب ميراث من علا من الآباء، و في باب السنّة في عقود النكاح، و في باب الاستخارة له (4).
و إبراهيم بن هاشم في الكافي في باب العجب، و في باب أصول الكفر و أركانه، و في باب ذي اللسانين، و في باب صلاة الاستخارة (5)، و في التهذيب في باب من يحرم نكاحهنّ من الأزواج (6).
و يعقوب بن يزيد فيه في باب تلقين المحتضرين (7)، و في الكافي في باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي قبله، و في باب من حثا علي8.
ص: 98
ميّت (1).
و الحسين بن سعيد فيه فيه، و في باب أنّ الأئمّة عليهم السلام ولاة أمر اللّه عزّ و جلّ (2).
و الحسن بن موسي الخشاب في التهذيب في باب التيمّم، و في باب فضل المساجد، و غيرها (3).
و الحسن بن علي الوشّاء فيه في باب أحكام السهو في الصلاة (4).
و منصور بن حازم في الاستبصار في باب النفر الأول (5).
و موسي بن القاسم البجلي في الكافي في باب صلاة الاستخارات، و في باب البخور (6)، و في التهذيب في باب المدينة و فضلها (7).
و عمران بن موسي في الكافي في باب ماء السماء في كتاب الأشربة (8).
و علي بن الحسن الطاطري- الذي قالوا فيه: روي عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم- في التهذيب في باب أوقات الصلاة (9).
و محمّد بن عيسي بن عبيد في الكافي في باب مولد الحسين عليه السلام (10).
و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني في الكافي في باب أنّ الأئمّة عليهم6.
ص: 99
السلام نور اللّه عزّ و جلّ، و باب التسليم، و باب معاني الأسماء، و غيرها (1).
و أحمد بن محمّد بن خالد فيه في باب النيّة في كتاب الكفر و الإيمان (2).
و الحجال فيه في باب معرس النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلم (3).
و هؤلاء من أجلّاء الثقات، و فقهاء الرواة، يكفي روايتهم عنه في علوّ مقامه، و سموّ شأنه.
و يروي عنه غيرهم جماعة لا حاجة إلي ذكرهم، فإنّ الغرض بيان وثاقته، و اعتبار كتابه، لإتمام ما يتعلّق به، فإنّه موكول إلي كتب الرجال.2.
ص: 100
وجدناه بخطّ الشيخ الجليل صاحب الكرامات محمد بن علي الجباعي، نقله من خطّ الشيخ الشهيد الأوّل قدس سرهما، أوّله هكذا: من كتاب العلاء، و ساق الأخبار، و كتب في آخره: آخر المختار نقلا من خطّ الشيخ العالم محمّد بن مكي، و هو نقل من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن إدريس في العشرين من جمادي الأولي، سنة ستين و ثمانمائة (1).
و تأريخ الكاتب (2) (للأصل آخر يوم الجمعة) (3) ثامن عشر من شهر رمضان، سنة ثلاث و ستين و سبعمائة، و ذهب هنا (4) نصف السطر في آخر الصفحة، و بقي منه هذا: سبعين و خمسمائة، قال و هو يسأل من اللّه التوفيق و اللطف، و ذهب سطر آخر أيضا، و الظاهر أنّ هذا تأريخ خطّ ابن إدريس.
و العلاء كما في النجاشي: ابن رزين القلّاء، ثقفي، مولي، قاله ابن فضال، و قال ابن عبدة الناسب: مولي يشكر، كان يقلي السويق، روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و صحب محمّد بن مسلم قدس سره وفقه عليه، و كان ثقة وجها، و الهلال بن العلاء روي عنه و عبد الملك بن محمّد بن العلاء.
له كتب يرويها جماعة، أخبرنا جماعة، عن الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمّد بن جعفر، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، قال: حدثنا
ص: 101
الحسن، عن العلاء بكتابه (1).
و في الفهرست: العلاء بن رزين القلّاء، جليل القدر، ثقة، له كتاب، و هو أربع نسخ، منها رواية الحسن بن محبوب، و ذكر النسخ و الطرق و جلّها صحاح، و قال في آخر كلامه: قال ابن بطّة: العلاء بن رزين أكثر رواية من صفوان بن يحيي (2).
و في هذا المقدار كفاية لاعتبار كتابه، و علوّ مقامه.8.
ص: 102
هو للثقة الجليل الحسين بن سعيد الأهوازي، أمّا جلالة قدره و بيان حاله فلا يحتاج إلي البيان، و أمّا الكتاب المذكور فهو داخل في كتبه الثلاثين التي يضرب باعتبارها المثل، إلّا أنّ النجاشي عبّر عنه بكتاب حقوق المؤمنين و فضلهم (1)، و الشيخ في الفهرست بكتاب المؤمن (2). و الطرق إليها كثيرة- مذكورة في النجاشي، و الفهرست، و مشيخة الفقيه (3)،- غنيّة عن التزكية و التصحيح.
و قد ذكر هذا الكتاب بخصوصه الشيخ الجليل أبو غالب الزراري في رسالته، فقال: كتاب ما يبتلي به المؤمن لابن سعيد، حدثني به عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد (4) قدس سرهم.
ص: 103
هو من الأصول المشهورة و اعتمد عليها المشايخ الثلاثة قدس سرهم في الكافي، و التهذيب، و الفقيه، و ذكروا طرقهم إليه، و بين نسخهم اختلاف يعرفه النظّار.
و قال في النجاشي: ظريف بن ناصح أصله كوفيّ، نشأ ببغداد، و كان ثقة في حديثه، صدوقا، له كتب منها كتاب الديات، رواه عدّة من أصحابنا، عن أبي غالب أحمد بن محمّد، قال: قرئ علي عبد اللّه بن جعفر و أنا أسمع، قال: حدثنا الحسن بن ظريف، عن أبيه به (1).
و في الرسالة المذكورة نسب الكتاب إلي الحسن، فقال: كتاب الديات للحسن بن ظريف، حدثني به عبد اللّه بن جعفر، عن الحسن بن ظريف (2).
و قد نقل العالم الفقيه يحيي بن سعيد، ابن عمّ المحقّق تمام الكتاب، في آخر جامعه، و ذكر طريقه إليه فقال: فصل، و لمّا انتهيت إلي هنا و هو المقصود بالكتاب، سأل من وجب حقّه إثبات كتاب الديات لظريف بن ناصح رحمه اللّه بإسناده، و أجبته إلي ذلك و ها أنا ذاكره علي وجهه إن شاء اللّه تعالي:
أخبرني السيد الفقيه العالم الصالح محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبد اللّه ابن علي بن زهرة الحسيني الحلبي رحمة اللّه عليه قال: أخبرني الشيخ الفقيه محمّد بن علي بن شهرآشوب، عن أبي الفضل الداعي و أبي الرضا فضل اللّه ابن علي الحسيني و أبي الفتوح أحمد بن علي الرازي و أبي علي محمّد بن الفضل الطبرسي و محمّد و علي ابني علي بن عبد الصمد النيشابوري و محمّد بن الحسن الشوهاني و جماعة، و كلّهم عن أبي علي و عبد الجبار المقري، عن الشيخ أبي
ص: 104
جعفر الطوسي قدس سره.
و أخبرني الشيخ محمّد بن أبي البركات بن إبراهيم الصنعاني، في شهر رجب سنة ستّ و ثلاثين و ستمائة، عن الشيخ أبي عبد اللّه الحسين بن هبة اللّه ابن رطبة السوراوي، عن أبي علي، عن والده الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره.
و أخبرني السيد المذكور، عن الفقيه عزّ الدين أبي الحارث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني البغدادي، عن الفقيه قطب الدين أبي الحسين الراوندي، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن الحلبي، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره.
قال: أخبرني الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (1)، عن محمّد بن الحسن ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن إسماعيل ابن جعفر الكندي، عن ظريف بن ناصح، قال: حدثني رجل يقال له:
عبد اللّه بن أيوب، قال: حدثني أبو عمرو المتطبّب، قال: عرضت هذه الرواية علي أبي عبد اللّه عليه السلام.
و عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن الشيخ أبي عبد اللّه، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم.
و عنه، عن الشيخ أبي عبد اللّه و الحسين بن عبيد اللّه و أحمد بن عبدون، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري، عن علي بن إبراهيم بن هاشم.
و عنه، عن الحسين بن عبيد اللّه، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراريح.
ص: 105
و أبي محمّد هارون بن موسي التلّعكبري و أبي القاسم بن قولويه و أبي عبد اللّه أحمد ابن أبي رافع الصيمري (1) و أبي المفضّل الشيباني و غيرهم، كلّهم عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم قدس سرهم.
و عنه، عن أحمد بن عبدون، عن أحمد بن أبي رافع و أبي الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزّاز بتنيس و بغداد، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ظريف بن ناصح.
و سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف.
و عن ابن فضال و محمّد بن عيسي، عن يونس، قالا (2): عرضنا عليه هذا الكتاب فقال: نعم هو حقّ و قد كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر عمّاله بذلك (3).
و بالجملة فهذا الكتاب معروف مشهور، معتمد عليه، و قد نقله في الوسائل عن الكافي، و التهذيب، و الفقيه، و فرّق أجزاءه علي الأبواب، و نحن نقلناه عن الأصل، و بينهما اختلاف في بعض المواضع لا يخفي علي الناظر البصير.5.
ص: 106
كلّها لأبي محمّد جعفر بن أحمد القمي، و هذا الشيخ غير مذكور فيما وصل إلينا من كتب الرجال، إلّا في رجال ابن داود (1) كما ستعرف، مع أنّه من المؤلّفين المعروفين و أجلّة المحدّثين، و مؤلّفاته دائرة بين الأصحاب.
قال السيد الأجلّ علي بن طاوس في كتاب الدروع الواقية- و هو الجزء الرابع من تتمّات المصباح-: و لقد ذكر أبو محمّد جعفر بن أحمد القمّي في كتاب زهد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، من اللّه عزّ و جلّ ما فيه بلاغ (2).
و هذا جعفر بن أحمد عظيم الشأن، من الأعيان، ذكر الكراجكي في كتاب الفهرست أنّه صنّف مائتين و عشرين كتابا بقم و الريّ، فقال حدّثنا الشريف أبو جعفر محمّد بن أحمد القمي. إلي آخره (3).
و قد نقل عن هذا الكتاب الشيخ الجليل ورّام في تنبيه الخاطر (4).
و قال أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي في كتاب التحصين: روي الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمّي قدس سره نزيل الريّ، في كتاب المنبئ عن زهد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، قال: حدّثنا أحمد بن علي بن بلال (5). إلي آخره.
و قال السيد ابن طاوس في كتاب المضمار في أعمال شهر رمضان: و رأيت
ص: 107
في كتاب اعتقادي (1) أنّه تأليف أبي محمّد جعفر بن أحمد القمي، عن الصادق عليه السلام (2)، الخبر.
و قال أيضا في فلاح السائل- بعد رواية التكبيرات الثلاث عقيب الصلاة-:
روي ذلك الشيخ الفقيه السعيد أبو محمّد جعفر بن أحمد القمي قدس سره في كتاب آداب الإمام و المأموم، و ساق السند (3) إلي آخره.
و قال شيخنا الشهيد الثاني في روض الجنان: و روي الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد القمي نزيل الري في كتاب الإمام و المأموم، بإسناده إلي أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم (4). الخبر.
و في أوّل تفسير الإمام الهمام أبي محمّد العسكري عليه السلام علي ما في نسختي، و جملة من النسخ، و أشار إليها في أوّل البحار أيضا: قال محمّد بن علي ابن محمّد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان و أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما اللّه تعالي قالا: حدّثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن موسي بن بابويه القمي- رحمه اللّه-. الي آخره (5).
و منه يعرف طبقته و أنّه في طبقة المفيد، و ابن الغضائري و أضرابهما، بل و طبقة الصدوق، بل يروي عنه كما يروي هو عنه، و يأتي (6) ذكره في الفائدة الخامسة في مشايخه، و يظهر من مسلسلاته أنّه يروي عن الصاحب بن عباد.
و من جميع ما ذكرنا يظهر أنّه كان من العلماء المعروفين الذين لا يحتاجونه.
ص: 108
إلي التزكية و التوثيق، و داخل في الجمع الذين أشار إليهم الشهيد الثاني قدس سره في شرح الدراية بقوله: تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل، و غيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ الكليني و ما بعده إلي زماننا هذا، و لا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين إلي تنصيص علي تزكيته، و لا تنبيه علي عدالته لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم، و ضبطهم و ورعهم، زيادة علي العدالة، و إنّما يتوقّف علي التزكية غير هؤلاء (1)، انتهي.
و قال ابن داود في رجاله: جعفر بن علي بن أحمد القمّي المعروف بابن الرازي، و في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام من رجال الشيخ: أبو محمد ثقة مصنّف (2).
قال السيّد في منهج المقال: و لم أجده في غيره (3).
و قال السيّد مصطفي أيضا في رجاله- بعد نقل ما في رجال ابن داود-:
و لم أجده في الرجال و غيره (4).
قال الشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال، و هو كالتعليقة عليه:
هذا أحد شيوخ الصدوق رحمه اللّه كما يظهر من كتاب معاني الأخبار، و كأنّ ابن داود أخذ توثيقه من وصف الصدوق إيّاه بأنّه فقيه، قال في الكتاب المذكور: حدّثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقي رضي اللّه عنه (5) انتهي.
و احتمال رجوع الصفة و الترضي الي جدّه أحمد غير بعيد، إلّا أنّ الظاهر3.
ص: 109
رجوعه إلي جعفر لأنّه هو المسوق له الكلام، و أنّ رعاية تعظيم الشيوخ أولي، و تعرّضه لتعظيم أواسط السند قليل، إلّا أنّ هذا غايته الحسن لا الوثاقة، و لعلّ النسخة التي وقعت لديه فيها بدل الفقيه بالثقة (1)، انتهي.
قلت: ظاهر الميرزا و السيّد التفريشي أنّهما لم يجدا أصل الترجمة في رجال الشيخ، و فيه أنّ الشيخ أبا علي صرّح في رجاله بوجودها فيه، قال في منتهي المقال: و في نسختين عندي من رجال الشيخ في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام: جعفر بن علي بن أحمد القمي المعروف بابن الرازي، يكنّي أبا محمد صاحب المصنّفات، و ليس فيه التوثيق، لكن نقله في المجمع (2) عن من لم يرو عنهم عليهم السلام كما ذكره ابن داود (3).
و يظهر من جميع ذلك اختلاف نسخ رجال الشيخ بالزيادة و النقيصة، و كلّ من الواجد و العادم صادق في دعوي الوجدان و عدمه، و عليه فنقل ابن داود التوثيق من رجال الشيخ لا ينافي عدم وجوده في بعض النسخ، لاحتمال وجوده في نسخته، فلا سبيل إلي تكذيبه أو تخطئته، هذا بناء علي كون التوثيق من تتمّة ما نقله من رجال الشيخ، و إن كان من كلام نفسه، كما يظهر من الكاظمي، فتصديقه أولي، و لا حاجة إلي ما تمحّل له في التكملة من أخذه الوثاقة من الفقاهة، التي وصفه بها الصدوق في معاني الأخبار، حتي يستشكل بعدم دلالتها عليها، لجواز أخذها من كلام أخي أستاذه السيّد الأجلّ علي بن طاوس في الدروع الواقية كما نقلناه، فإنّه يدلّ علي الوثاقة و فوقها، مع أنّ في عدم الدلالة نظر، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في فوائده (4)، فراجع و تبصر.0.
ص: 110
و يعبّر عنه أيضا بالتنزيل و التحريف، و قد غمز عليه مشايخ الرجال، إلّا أنّه يظهر من بعض القرائن اعتبار الكتاب و اعتماد الأصحاب عليه، بل و النظر فيما ذكروا، فنقول:
قال الشيخ في الفهرست: أحمد بن محمد بن سيّار أبو عبد اللّه الكاتب، بصريّ كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمد عليه السلام، و يعرف بالسيّاري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، مجفوّ الرواية، كثير المراسيل، و صنّف كتبا منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القراءات، كتاب النوادر، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد اللّه، عن أحمد بن محمد بن يحيي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا السيّاري، إلّا بما كان فيه من غلوّ أو تخليط.
و أخبرنا بالنوادر و غيره جماعة من أصحابنا، منهم الثلاثة الذين ذكرناهم، عن محمد بن أحمد بن داود، قال: حدثنا سلامة بن محمد، قال: حدثنا علي ابن محمد الحنائي، قال: حدثنا السيّاري (1).
و قال النجاشي: أحمد بن محمد بن سيّار أبو عبد اللّه الكاتب، بصريّ كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمّد عليه السلام، و يعرف بالسيّاري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد اللّه، مجفوّ الرواية، كثير المراسيل، له كتب وقع إلينا منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القراءات، كتاب النوادر، كتاب الغارات، أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيي، و أخبرنا أبو عبد اللّه القزويني، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن يحيي، عن أبيه، قال: حدثنا السيّاري، إلّا ما كان من غلوّ
ص: 111
و تخليط (1).
و ظاهرهما بعد كون مستند التضعيف الغضائري، بل و عدم قبول الثاني للضعف و الفساد، و إلّا لما نسبه إليه، و لذكره مع ما رماه به الاعتماد علي رواياته الخالية عن الغلوّ و التخليط، كما يظهر من ذكر الطريق و الاستثناء.
و قد أكثر ثقة الإسلام في الكافي من الرواية عنه، و قد تعهّد أن يجمع فيه الآثار الصحيحة، عن الصادقين عليهم السلام، و السنن القائمة التي عليها العمل من جملة الأخبار المختلفة، مع قرب عهده به، و قلّة الواسطة بينهما.
فروي عنه في باب كراهية التوقيت، عن محمد بن يحيي و أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عنه (2).
و في مولد أمير المؤمنين عليه السلام، عن علي بن محمد بن عبد اللّه، عنه (3).
و في باب الدعاء في طلب الولد، في كتاب العقيقة، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري الثقة، عنه. و كذا في كتاب العقل و الجهل، و باب من يشتري الرقيق فيظهر به عيب (4).
و في باب فضل القرآن، عن محمد بن يحيي، عن عبد اللّه بن جعفر، و هو الشيخ الجليل الحميري، عنه. و كذا في باب دهن الزنبق، و باب صفة الشراب الحلال (5).
و في باب سويق الحنطة، عن محمد بن يحيي، عن موسي بن الحسن- و هو الأشعري الثقة الجليل- عنه. و كذا في باب صفة الشراب الحلال (6).3.
ص: 112
و في باب أنّ الرجل إذا دخل بلدة فهو ضيف، عن أبي عليّ الأشعري- و هو شيخ القميين- عنه (1).
و يروي عنه في الكافي سهل بن زياد (2)، و المعلّي بن محمد (3)، و علي بن محمد بن بندار (4) في أبواب متفرّقة.
و قال في باب الفي ء و الأنفال: علي بن محمد بن عبد اللّه، عن بعض أصحابنا- أظنّه السيّاري (5) -.
و ظاهره- كرواية هؤلاء الأجلّة عنه- عدم الاعتناء بما قيل فيه، بناء علي ظهور أصحابنا في مشايخ الإماميّة، أو مشايخ أرباب الرواية و الحديث، المعتبرة رواياتهم، و كيف يجتمع هذا مع فساد المذهب؟ إلّا أن يريد به بعض المسائل الأصوليّة الكلاميّة التي ساقه- و جماعة من الأجلّة- إليه بعض الأدلّة، ممّا لا يوجب الكفر و الارتداد، و لم يكن ضروريّا في تلك الأعصار، و أظنّ أنّ مأخذ جميع ما قيل فيه استثناؤه ابن الوليد عن رواة نوادر الحكمة (6).
و يروي عنه الصفّار في بصائر الدرجات، منه في باب ما لا يحجب عن الأئمّة عليهم السلام من علم السماء (7). إلي آخره.
و قال ابن إدريس في آخر السرائر (باب الزيادات) (8) و هو آخر أبواب هذا الكتاب: ممّا استنزعته و استطرفته من كتب المشيخة المصنّفين، و الرواةة.
ص: 113
المحصلين، و ستقف علي أسمائهم. إلي أن قال: و من ذلك ما استطرفته من كتاب السيّاري، و اسمه أبو عبد اللّه، صاحب موسي و الرضا عليهما السلام (1). ثم أخرج جملة من الأخبار من كتابه.
و في قوله صاحب موسي عليه السلام نظر لا يخفي علي البصير بطبقته.
و قد أكثر من الرواية عنه الثقة الجليل محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره بتوسّط أحمد بن القاسم.
ثم إنّ الكتاب المذكور ليس فيه حديث يشعر بالغلوّ، حتّي علي ما اعتقده القميّون نفيه فيهم، و أكثر رواياته موجودة في تفسير العيّاشي، بل لا يبعد أخذه منه، إلّا أنّه لم يصل إلينا سند الأخبار المودعة في تفسيره لحذف بعض النسّاخ.
و نقل عنه الشيخ الجليل الحسن بن سليمان الحلّي في مختصر بصائر سعد ابن عبد اللّه، و عبّر عنه بالتّنزيل و التحريف (2).
و نقل عنه الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك في بحث القراءة، و أخرج منه حديثين (3).
و بالجملة فبعد رواية المشايخ العظام: كالحميري، و الصفّار، و أبي علي الأشعري، و موسي بن الحسن الأشعري، و الحسين بن محمد بن عامر، عنه، و هم من أجلّة الثقات. و اعتماد ثقة الإسلام عليه، و خلوّ كتابه عن الغلوّ و التخليط، و نقل الأساطين عنه، لا ينبغي الإصغاء إلي ما قيل فيه، أو الريبة في كتابه المذكور.ة.
ص: 114
للعالم الجليل شيخ المؤرّخين و عمادهم علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي.
قال النجاشي: علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي، له كتاب المقالات في أصول الديانات، كتاب الزّلف، كتاب الاستبصار، كتاب نشر (1) الحياة، كتاب نشر الأسرار، كتاب الصّفوة في الإمامة، كتاب الهداية في تحقيق الولاية، كتاب المعالي في الدرجات، و الإبانة في أصول (2) الديانات، رسالة إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام، رسالة إلي ابن صفوة المصيصي، أخبار الزّمان من الأمم الماضية و الأحوال الخالية، كتاب مروج الذهب و معادن الجواهر، كتاب الفهرست.
هذا رجل زعم أبو المفضّل الشيباني أنّه لقيه و استجازه و قال: لقيته، و بقي هذا الرجل إلي سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاثمائة (3).
و قال العلامة في القسم الأوّل من الخلاصة: علي بن الحسين بن علي المسعودي، أبو الحسن الهذلي، له كتب في الإمامة و غيرها، منها كتاب في إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام، و هو صاحب مروج الذهب (4).
و قال الشهيد الثاني قدس سره في حواشيه عليها: ذكر المسعودي في مروج الذهب أنّ له كتابا اسمه الانتصار، و عدّد كتبا منها حدائق الأذهان في أخبار
ص: 115
آل محمد عليهم السلام (1).
و قال السيد علي بن طاوس قدس سره في كتاب فرج المهموم- عند ذكر العلماء العاملين بالنجوم-: و منهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي مصنّف كتاب مروج الذهب (2).
و في رياض العلماء: قال: قال السيد الداماد (3) في حاشيته علي اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي قدس سره: قال الشيخ الجليل الثقة الثبت المأمون الحديث عند العامّة و الخاصّة، علي بن الحسين المسعودي أبو الحسن الهذلي في كتاب مروج الذهب (4).
و قال ابن إدريس في السرائر في كتاب الحج: قال أبو الحسن علي بن الحسين في كتابه المترجم بمروج الذهب و معادن الجواهر في التاريخ و غيره، و هو كتاب حسن كبير كثير الفوائد، و هذا الرجل من مصنّفي أصحابنا، معتقد للحق، له كتاب المقالات (5). إلي آخره.
الي غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من علماء الإماميّة، و لم يتأمّل أحد فيه حتي أنّ طريقة الشهيد قدس سره في حواشي الخلاصة أن يتعرّض في كلّ موضع لا ينبغي ذكر الرجل في القسم الأوّل لقدح في نفسه أو مذهبه، و لم يتعرّض في هذا المقام، بل استدرك ما فات من الكتاب من كتب هذا الشيخ.
و ذكره ابن داود أيضا في القسم الأوّل (6).8.
ص: 116
بل في رجال أبي علي: و لم أقف إلي الآن علي (1) من توقّف في تشيّع هذا الشيخ، سوي ولد الأستاذ العلامة- أعلي اللّه في الدارين مقامه و مقامه- فإنّه أصرّ علي الخلاف و ادّعي كونه من أهل الخلاف (2)، انتهي.
قلت: مراده من ولد الأستاذ: العالم النحرير آغا محمّد علي صاحب المقامع، و رأيت بخطّه الشريف علي ظهر كتاب نقد الرجال- و عليه حواشي كثيرة منه بخطّه- قال: علي بن الحسين بن علي المسعودي أبو الحسن الهذلي، له كتاب في الإمامة، و غيرها، منها كتاب في إثبات الوصيّة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام، و هو صاحب كتاب مروج الذهب، عنه أبو المفضل الشيباني إجازة، بقي إلي سنة 333، أو سنة 345- النجاشي-.
و قال السيد ابن طاوس قدس سره في كتاب النجوم- عند ذكر العلماء العاملين بالنجوم-: إنّ منهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين المسعودي صاحب مروج الذهب. انتهي (3).
و عدّه الخال المفضال في الوجيزة من الحسان (4)، و نقل عن كتابيه: كتاب الوصيّة، و كتاب مروج الذهب في البحار.
أقول (5): ظاهر كلامه في مروج الذهب أنّه كان من العامّة، حيث نسج (6) علي منوالهم، و اعتمد علي أخبارهم و آثارهم و أقوالهم، من ذكر أيام الخلفاء الأربعة و خلفاء بني أميّة و بني العباس، من غير تعرّض لمطاعنهم و مساويهم و مظالمهم، و مذهب المتقدّمين إنّما يثبت من كلماتهم، أو تصريح6.
ص: 117
العلماء بمذاهبهم، و كلامه في ذلك الكتاب كما لا يخفي علي المطّلع ظاهر، بل صريح فيما ذكرنا.
و كتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ في خلافه، لأنّه ممّا اتّفق عليه الفريقان، و حمل الجمهور حكاية الغدير عليها، و أرادوا بالوصيّة: الوصية في الأموال و الديون، لا الخلافة المختلف فيها، و رووا مخاصمة عليّ عليه السلام في تركة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلم، و حكم الشيخين بها لعليّ عليه السلام.
و كذا ذكره لبعض علمائنا و رواتنا فيه، ليس بنصّ و لا ظاهر فيه، فإنّه ديدن أكثر المخالفين في كتبهم الرجاليّة و الأخبارية، كوفيّات الأعيان، و التقريب، و التهذيب، و الأنسابيين، و غيرها.
و كذا ما ذكره ابن عقدة الزيدي في رجال الصادق عليه السلام.
ففي ميزان الاعتدال للذهبي- ذهب اللّه بنوره- في ترجمة أبان هكذا:
أبان بن تغلب كوفيّ، شيعيّ جلد [لكنه] (1) صدوق، فلنا صدقه و عليه بدعته، و كان غاليا في التشيّع.
فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع؟ و حدّ الثقة: العدالة و الإتقان، و كيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟.
و جوابه: إنّ البدعة علي ضربين: فبدعة صغري كغلوّ التشيع، أو التشيّع بلا غلوّ و لا تحرف، فهذا كثير في التابعين و تابعيهم مع الدين و الورع و الصدق، فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، و هذه مفسدة بيّنة، ثم بدعة كبري كالرفض الكامل، و الغلوّ فيه، و الحطّ علي أبي بكر و عمر، و الدعاء إلي ذلك، فهذا النوع لا يحتجّ به و لا كرامة (2)، انتهي.2.
ص: 118
و لو سلّم لجاز أن يكون قد رجع عن العاميّة إلي التشيّع، الذي هو أعمّ من الإماميّة- أي الأثناء عشريّة- الذي هو المراد الآن من الشيعة، فلا يكون هذا دالّا علي حسنه و إماميّته، بل يصير من قياس صاحب كتاب إخوان الصفا، و هو الفاضل أبو سلمة أحمد المجريطي، علي ما قيل في اسمه و لقبه و كنيته.
فقد صرّح الفاضل العارف الكاشاني في الفصل الآخر من كتاب الأصول الأصلية: أنّه من حكماء الشيعة (1).
و قال المدقّق الأسترآبادي في أواخر الفوائد المدنيّة: إنّه أفضل الحكماء الإسلاميّين، و من الواقفين علي موسي بن جعفر عليهما السلام، يستفاد ذلك من صريح كلامه، و كان في دولة العباسيّة (2). إلي آخر ما قال، و هو كما قال.
و لو سلّم فلا ينافي تسنّنه في كتاب المروج و إن كان في غيره إماميّا، فليتدبّر.
ثمّ ذكر تعجّب صاحب رياض العلماء من الشيخ الطوسي أنّه لم يذكر له ترجمة في الفهرست، مع أنّه جدّه، أو جدّ ولده أبي عليّ، و أطال الكلام في ردّه بما لا فائدة لنا في نقله، إنّما المهمّ رفع هذا التوهّم، و بيان اعتبار الكتاب، و جلالة شأن صاحبه.
فنقول: ما ذكره من أنّ مذهب المتقدّمين. إلي آخره، حقّ لو لم يعارضه كلام مثل النجاشي، الخبير بمذاهبهم مع قرب عهده بهم، و اطّلاعه علي ما خفي علينا من أحوالهم، فإنّه لم يتعرّض لمذهبه من التسنّن دائما، أو رجوعه، أو وقفه، أو غيره من سائر المذاهب، مع استقرار ديدنه عليه، و عدمه.
ص: 119
التعرّض للإماميّة لبناء كتابه علي ذكر علمائها و رواتها و مصنّفيها، و لم يكن ليخفي حاله أو كتبه عليه، و علي الأساطين الذين أشرنا إلي أساميهم.
و كتاب المروج من الكتب المعروفة المشهورة، و هو بمرأي منهم و مسمع، و هو كما ذكره علي منوال العامّة و طريقتهم، إلّا أنّ المتأمّل في خبايا كلماته، خصوصا فيما ذكره من خلافة عثمان و سيرته (و خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، لعلّه يستخرج ما كان مكتوما في سريرته) (1) و كفاك شاهدا في هذا المقام آخر كلامه بعد ذكر جملة من مناقبه المقتضية لأحقّيته بالخلافة، كحديث المنزلة، و الطير، و الغدير، و الاخوّة ما لفظه: فلما قبض الرسول صلّي اللّه عليه و آله و ارتفع الوحي، حدثت أمور تنازع الناس في صحّتها، و لا يقطع عليهم بها، و اليقين من أمورهم ما تقدّم، و ما روي ممّا كان في إحداثهم بعد نبيّهم صلّي اللّه عليه و آله فغير متيقّن، بل هو ممكن، و نحن نعتقد فيهم ما تقدّم، و اللّه أعلم بها حدث (2).
(و أصرح (3) منه ما ذكره في أوائل الكتاب، في ذكر المبدأ و شأن الخليقة ما لفظه: و روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال:
«إنّ اللّه حين شاء تقدير الخليقة، و ذرء البريّة، و إبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض، و رفع السماء و هو في انفراد ملكوته، و توحّد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، و نزع قبسا من ضيائه فسطع.ة.
ص: 120
ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله، فقال اللّه عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، و عندك مستودع نوري و كنوز هدايتي، من أجلك اسطّح البطحاء، و اموج الماء، و أرفع السماء، و أجعل الثواب و العقاب، و الجنّة و النار، و أنصب أهل بيتك للهداية، و أوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، و لا يعييهم خفيّ، و أجعلهم حجّتي علي بريّتي، و المنبّهين علي قدرتي و وحدانيّتي.
ثم أخذ اللّه الشهادة عليهم بالربوبيّة، و الإخلاص بالوحدانيّة.
فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّدا و آله عليهم السلام، و أراهم أنّ الهداية معه، و النور له، و الإمامة في آله، تقديما لسنّة العدل، و ليكون الأعذار متقدّما.
ثم أخفي اللّه الخليقة في غيبة، و غيّبها في مكنون علمه، ثم نصب العوالم، و بسط الزمان، و موّج الماء، و أثار الزبد، و أهاج الدخان، فطفي عرشه علي الماء، فسطّح الأرض علي ظهر الماء، ثم استجلبهما إلي الطاعة فأذعنتا بالاستجابة.
ثم أنشأ اللّه الملائكة من أنوار أبدعها، و أرواح اخترعها، و قرن توحيده بنبوّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض.
فلمّا خلق اللّه آدم أبان فضله للملائكة، و أراهم ما خصّه به من سابق العلم، حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل اللّه آدم محرابا و كعبة و قبلة، أسجد إليها الأبرار و الروحانيّين الأنوار.
ثم نبّه آدم علي مستودعه، و كشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا.
و لم يزل اللّه تعالي يخبّئ النور تحت الزمان، الي أن وصل محمّدا صلّي اللّه عليه و آله، في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا و باطنا، و نبّههم سرّا و إعلانا، و استدعي صلّي اللّه عليه و آله التنبيه علي العهد الذي قدّمه إلي الذّر
ص: 121
قبل النسل، فمن وافقه و اقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدي إلي سيره، و استبان واضح أمره، و من ألبسته الغفلة استحقّ السخط.
ثم انتقل النور إلي غرائزنا، و لمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء و أنوار الأرض، فبنا النجاة، و منّا مكنون العلم، و إلينا يصير الأمور، و بمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، و منقذ الأمّة، و غاية النور، و مصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين، و أشرف الموحّدين، و حجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا و قبض عروتنا.
فهذا ما روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (1)، انتهي. و لا أظنّ أحدا يروي هذا الخبر من غير إنكار و لا يكون إماميّا) (2).
و قوله (رحمه اللّه): و كتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ. إلي آخره، كلام من لا عهد له بهذا الكتاب، و لم يظفر بنسخته، و إنّما استظهر من اسمه أنّه موضوع لإثبات وصايته عليه السلام في بعض تركته، و قضاء ديونه، و إنجاز عداته (3)، و تجهيز جسده المبارك صلّي اللّه عليه و آله، ممّا تلقاه الأمّة علي اختلاف مشاربهم بالقبول، و لو كان عثر عليه لعلم أنّه أحسن كتاب صنّف في هذا الباب، و في إثبات وصاية عليّ عليه السلام و إمامته، و أولاده الأطياب عليهم السلام، فشرع في شرح خلقة صفيّ اللّه آدم، و مجمل أحواله، و ذكر أسامي أوصيائه، مرتّبا إلي نوح عليه السلام، ثم منه إلي إبراهيم عليه السلام، ثم منه إلي موسي عليه السلام، ثم منه إلي داود عليه السلام، ثم منه إلي2.
ص: 122
المسيح عليه السلام، ثم منه إلي نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله و عليهم، و مختصر من سيرتهم، و الغالب أنّهم في كلّ طبقة اثنا عشر، و يذكر في آخر حال كلّ واحد منهم أن اللّه تعالي أوحي إليه أن يستودع التابوت، و مواريث الأنبياء إلي فلان.
ثم شرع في الجزء الثاني في حال خاتم الأنبياء صلّي اللّه عليه و آله من ولادته إلي وفاته صلّي اللّه عليه و آله مختصرا.
ثم شرع في خلافة أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، و ذكر قصّة المتقدّمين عليه علي طريقة الإماميّة، و من جملة كلامه.
فأقام أمير المؤمنين عليه السلام و من معه من شيعته في منازلهم، بما عهد إليه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، فوجّهوا إلي منزله فهجموا عليه، و أحرقوا بابه، و استخرجوه منه كرها، و ضغطوا سيّدة النساء عليها السلام بالباب، حتي أسقطت محسنا، و أخذوه بالبيعة فامتنع، فقال: «لا أفعل» فقالوا: نقتلك، فقال: «إن تقتلوني فإنّي عبد اللّه و أخو رسوله» و بسطوا يده فقبضها و عسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها و هي مضمومة.
ثمّ لقي أمير المؤمنين عليه السلام بعد هذا أحد القوم، فناشده اللّه و ذكّره بأيّام اللّه، و قال له: «هل لك أن أجمع بينك و بين رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله حتي يأمرك و ينهاك» فخرجا إلي قبا. إلي آخر القصّة.
قال: و همّوا بقتل أمير المؤمنين عليه السلام، و تواصوا و تواعدوا بذلك، و أن يتولّي قتله خالد بن الوليد- إلي أن قال- و كان الموعد في قتله أنّه يسلّم إمامهم، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلّم:
لا يفعلنّ خالد ما أمرته به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس (1).
ثم ساق حالاته، و بعض معاجزه، و وفاته، و نصّه علي ابنه أبي محمّد عليه السلام، و هكذا إلي صاحب الزمان صلوات اللّه عليه، و ذكر في حال كلّ4.
ص: 123
إمام ولادته، و سيرته، و معاجزه، و وفاته، علي أحسن نظم و ترتيب.
و من طريف ما رواه في حال أبي جعفر الثاني عليه السلام قوله: و روي أنّه عليه السلام كان يتكلّم في المهد.
و روي عن زكريا بن آدم قال: إنّي لعند الرضا عليه السلام، إذ جي ء بأبي جعفر عليه السلام و سنّه نحو أربع سنين، فضرب بيده الأرض، و رفع رأسه إلي السماء فأطال الفكر، فقال له الرضا عليه السلام: «بنفسي أنت فيم تفكّر طويلا (منذ قعدت) (1).
فقال: فيما صنع بأمّي فاطمة عليها السلام، أما و اللّه لأخرجنّهما، ثم لأحرقنّهما، ثم لاذرينّهما، ثم لأنسفنّهما في اليمّ نسفا، فاستدناه و قبّل بين عينيه، ثم قال: أنت لها- يعني الإمامة-» (2).
و ذكر في أحوال الحجّة عليه السلام النصوص علي الأئمّة الاثني عشر، و قال في آخرها و هو آخر الكتاب: فلمّا أفضي الأمر إلي أبي محمد عليه السلام، كان يكلّم شيعته الخواصّ و غيرهم من وراء الستر، إلّا في الأوقات التي يركب فيها إلي دار السلطان، و إنّ ذلك إنّما كان منه و من أبيه قبله، مقدّمة لغيبة صاحب الزمان عليه السلام، لتألف الشيعة ذلك و لا تنكر الغيبة، و تجري العادة بالاحتجاب و الاستتار.
و في تسع عشرة سنة من الوقت- أي وقت إمامته عجّل اللّه تعالي فرجه- توفّي المعتمد، و بويع لأحمد بن الموفّق- و هو المعتضد- و ذلك في رجب سنة تسع و سبعين و مائتين، ثمّ ذكر الخلفاء إلي عصره، ثم قال: و للصاحب عليه السلام منذ ولد إلي هذا الوقت، و هو شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاثمائة، خمس و سبعون سنة و ثمانية أشهر (3)، أقام مع أبيه أبي محمد علير.
ص: 124
السلام أربع سنين و ثمانية أشهر، و منها منفردا بالإمامة إحدي و سبعون سنة (1)، و قد تركنا بياضا لمن يأتي بعد و السلام، و هو آخر الكتاب (2).
و قال في مروج الذهب: و في أيّام عثمان اقتني جماعة من الصحابة الضياع و الدور، منهم الزبير بن العوام بني داره بالبصرة، و هي المعروفة في هذا الوقت، و هو سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاثمائة، تنزلها التجّار و أرباب الأموال (3).
إلي آخره. و يعلم من هذا أنّه صنّف كتاب إثبات الوصيّة في خلال أيّام تأليفه المروج، و منه يعلم فساد احتمال كونه منهم في أيام تأليفه، و رجوعه بعد ذلك بملاحظة الكتاب المذكور.
هذا و قال الثقة الجليل محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، في باب ما نزل من القرآن في القائم عليه السلام: أخبرنا علي بن الحسين المسعودي، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار القمّي، قال: حدثنا محمد بن حسان (4) الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ و جلّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّٰهَ عَليٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (5) هي في القائم عليه السلام و أصحابه (6).1.
ص: 125
و روي عنه في الكتاب المذكور- بهذا السند إلي الكوفي- في الأبواب المختصة مضامين أخبارها بالإماميّة أخبارا كثيرة:
ففي باب ما جاء في الإمامة و الوصيّة، و أنّهما من اللّه عزّ و جلّ باختياره و أمانته، لا باختيار خلقه، بالسند المذكور، عن الكوفي، بإسناده عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أيّما أفضل الحسن أو الحسين عليهما السلام؟ قال: «إنّ فضل أوّلنا يلحق فضل آخرنا، و فضل آخرنا يلحق فضل أوّلنا، فكلّ له فضل» قال، فقلت له: جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب، فإنّي و اللّه ما أسألك إلّا مرتادا، فقال عليه السلام: «نحن من شجرة برأنا اللّه تعالي من طينة واحدة، فضلنا من اللّه، و علمنا من عند اللّه، و نحن أمناء اللّه علي خلقه، و الدعاة إلي دينه، و الحجّاب فيما بينه و بين خلقه، أزيدك يا زيد؟ قال: نعم، فقال: خلقنا واحد، و علمنا واحد، و فضلنا واحد، و كلّنا واحد عند اللّه عزّ و جلّ، فقلت: أخبرني بعدّتكم؟ فقال: نحن اثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا عزّ و جلّ و في مبتدإ خلقنا، أوّلنا محمّد صلّي اللّه عليه و آله، و أوسطنا محمد صلّي اللّه عليه و آله و آخرنا محمد (1)».
و بالسند عن الكوفي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال:
«يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند اللّه قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي اللّه و هو به كافر و له جاحد، ثمّ قال: بأبي و أمّي المسمّي باسمي، و المكنّي بكنيتي، و السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا (2).» الخبر.
و قس علي الخبر سائر ما رواه عنه فيه، و إن لم يصفه بالمسعودي في كثير6.
ص: 126
من المواضع، إلّا أنّ اتّحاد السند، و توصيفه به في بعض المواضع، كاف للمستأنس بالطريقة، في ثبوت كونه المقصود في جميع المواضع، و في بعضها:
حدّثنا محمد بن يحيي العطار بقم، و لا يناسب صدور هذا الكلام عن علي بن الحسين بن بابويه الساكن فيه كما لا يخفي، و من هنا ظهر أنّ ما فعله في الرياض- في مقام جمع مشايخ النعماني من عدّ المسعودي منهم دون ابن بابويه- في محلّه (1).ة.
ص: 127
تأليف نعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، قاضي مصر.
قال في البحار: قد كان أكثر أهل عصرنا (1) يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق- رحمه اللّه- و قد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيليّة، و كان مالكيّا أولا، ثم اهتدي و صار إماميّا، و أخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادق عليه السلام، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، و تحت ستر التقيّة أظهر الحقّ لمن نظر فيه متعمّقا، و أخباره تصلح للتأييد و التأكيد.
قال ابن خلّكان: هو أحد الفضلاء المشار إليهم، ذكره الأمير المختار المسبّحي في تأريخه، فقال: كان من العلم، و الفقه، و الدين، و النبل، علي ما لا مزيد عليه، و له عدّة تصانيف، منها كتاب اختلاف أصول المذاهب، و غيره، انتهي (2).
و كان مالكيّ المذهب، ثم انتقل إلي مذهب الإماميّة.
و قال ابن زولاق في ترجمة ولده علي بن النعمان: و كان أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل، من أهل القرآن و العلم، بمعانيه، و عالما بوجوه الفقه، و علم اختلاف الفقهاء، و اللّغة و الشعر الفحل، و المعرفة بأيّام الناس، مع عقل و إنصاف، و ألّف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق، بأحسن تأليف، و أملح سجع، و عمل في المناقب و المثالب كتابا حسنا، و له ردود علي المخالفين: له ردّ علي أبي حنيفة، و علي مالك و الشافعي، و علي ابن سريج، و كتاب اختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيت عليهم السلام (3).
ص: 128
أقول: ثمّ ذكر كثيرا من فضائله و أحواله، و نحوه ذكر اليافعي و غيره.
و قال ابن شهرآشوب في كتاب معالم العلماء: القاضي النعمان بن محمد ليس بإماميّ، و كتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار عليهم السلام، ذكر المناقب إلي الصادق عليه السلام، الاتّفاق و الافتراق، المناقب و المثالب [الإمامة] أصول المذاهب، الدّولة، الإيضاح، انتهي ما في البحار (1).
و قال العلامة الطباطبائي في رجاله: نعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر، و قد كان بدو أمره مالكيّا، ثم انتقل إلي مذهب الإماميّة، و صنّف علي طريق الشيعة كتبا، منها كتاب دعائم الإسلام، و له فيه و في غيره ردود علي فقهاء العامّة، كأبي حنيفة، و مالك، و الشافعي، و غيرهم.
و ذكر صاحب تأريخ مصر: عن القاضي نعمان: إنّه كان من العلم و الفقه، و الدين و النبل، علي ما لا مزيد عليه.
و كتاب الدعائم كتاب حسن جيّد، يصدّق ما قيل فيه، إلّا أنّه لم يرو فيه عمّن بعد الصادق من الأئمة عليهم السلام، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، حيث كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنّه قد أبدي من وراء ستر التقيّة مذهبه، بما لا يخفي علي اللبيب (2).
و قال العالم المتبحّر الجليل السيّد حسين القزويني، في المبحث الخامس- من كتاب جامع الشرائع- في شرح حال المشايخ، و هو كرسالة لطيفة قال:
النعمان بن محمد عالم فاضل، له كتاب دعائم الإسلام.
قال في البحار- و ساق بعض ما نقلناه- و قال (3): و أخباره صالحةي.
ص: 129
للتأييد و التأكيد، و لما اشتهر [من] الفتوي بين العلماء الثقات و لم يوجد له مستند منسوب إلي الأئمة الأطهار عليهم السلام (1).
و قال المحقّق النحرير الكاظمي في المقابس، في ذكر القائلين بعدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة: و ذهب إليه من القدماء صاحب دعائم الإسلام، كما يظهر من كلامه في هذا الكتاب- و ساق بعض ما رواه فيه و بيّنه و شرحه- ثمّ قال: و هذا الرجل كما يلوح في كتابه من أفاضل الشيعة، بل الإماميّة، و إن لم يرو في كتابه إلّا عن الصادق و من قبله من الأئمّة عليهم السلام، و قد ظهر للعلّامة المجلسي قدس سره أنّ اسمه أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر (2)، و ذكر بعض ما مرّ (3).
و قال: و ما في معالم السّروي من نفي كونه إماميّا منظور فيه، و قد ذكر السروي أنّ له كتبا حسانا في الإمامة، و فضائل الأئمّة عليهم السلام، و غيرها، و عدّ منها كتابا في المناقب الي الصادق عليه السلام، و لعلّ الوجه في اقتصاره عليه عليه السلام ما سبق (4)، مع احتمال كون [مراد] (5) من نسبه من العامّة إلي الإماميّة أنّه من الشيعة، لكنّه خلاف الظاهر و اللّه يعلم.
و أكثر الأخبار التي أوردها في الدعائم موافقة لما في كتب أصحابنا المشهورة، و قال في أوّله: إنّه اقتصر فيه علي الثابت الصحيح ممّا جاء عن الأئمّة، من أهل بيت الرسول صلّي اللّه عليه و آله، من جملة ما اختلف فيه الرّواة عنهم، و إنّه إنّما أسقط الأسانيد طلبا للاختصار، إلّا أنّه مع ذلك خالفر.
ص: 130
فيه الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم، بل بعض ضروريّات مذهبهم كحلّيّة المتعة، فربّما كان مخالفته لهم هنا، و بقاؤه علي مذهب مالك من هذا الباب، و لعلّه لبعض ما ذكر، و لعدم اشتهاره بين الأصحاب، و عدم توثيقهم له، و عدم تصحيحهم لحديثه أو كتابه، لم يورد صاحب الوسائل شيئا من أخباره، و لم يعدّ الدعائم من الكتب التي يعتمد عليها.
و قال صاحب البحار: (إنّ أخباره تصلح للتأييد و التأكيد) مع أنّ أخبار كثير من الأصول و المصنّفات يعتمد عليها و إن كان مؤلّفوها فاسدي المذهب كابن فضّال و غيره، فليعرف ذلك (1)، انتهي.
و في أمل الآمل: نعمان بن أبي عبد اللّه محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم (2)، ثم ساق بعض ما مرّ عن ابن خلّكان.
و ذكره الشهيد الثالث القاضي نور اللّه في مجالسه في عداد علمائنا الأعلام، و رواة أخبارنا الكرام (3).
و لنرجع الي توضيح بعض ما ذكره هؤلاء المشايخ العظام، بما فيه قوّة اعتبار كتاب دعائم الإسلام، و يتمّ ذلك برسم أمور:
الأوّل في قول المجلسي قدس سره: قد كان أكثر أهل عصرنا. آخره.
و الظاهر أنّ سبب التوهّم عدّ الشيخ في الفهرست من كتب الصدوق كتاب دعائم الإسلام (4)، فظنّوا أنّه الموجود بأيدينا، و يرتفع ذلك بعد كثرة الاشتراك في أسامي الكتب، و بعد طريقة الصدوق عن تأليف مثله، بأنّه يظهر من مواضع (5) منه أنّه كان في مصر، و (6) مختلطا مع المنصور باللّه، و المهدي باللّهن.
ص: 131
من ملوك الفاطميّين (1)، فراجع.
الثاني في قوله، و قول الجماعة: إنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الصادق عليهم السلام. إلي آخره، و الأمر كما قالوا إلّا أنّي رأيت فيه الرواية عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، و عن الرضا عليه السلام، ففي كتاب الوصايا: عن ابن أبي عمير (2) أنّه قال: كنت جالسا علي باب أبي جعفر عليه السلام، إذ أقبلت امرأة، فقالت: استأذن لي علي أبي جعفر عليه السلام، قيل لها: و ما تريدين منه، قالت: أردت أن أسأله عن مسألة، قيل لها: هذا الحكم، فقيه أهل العراق فاسأليه، قالت: إنّ زوجي هلك و ترك ألف درهم، و كان لي عليه من صداقي خمسمائة درهم (فأخذت صداقي و أخذت ميراثي، ثمّ جاء رجل فقال: لي عليه ألف درهم) (3) و كنت أعرف له ذلك فشهدت بها، فقال الحكم: اصبري حتي أتدبّر في مسألتك و أحسبها، و جعل يحسب، فخرج إليه أبو جعفر عليه السلام و هو علي ذلك، فقال: «ما هذا الذي تحرّك به أصابعك يا حكم» فأخبره، فما أتمّ الكلام حتي قال أبو جعفر عليه السلام: «أقرّت له بثلثي ما في يديها، و لا ميراث لها حتي تقضيه (4)».
و المراد به أبو جعفر الثاني عليه السلام قطعا، لأنّ ابن أبي عمير لم يدرك الصادق عليه السلام فضلا عن الباقر عليه السلام، بل أدرك الكاظم عليه9.
ص: 132
السلام و لم يرو عنه، و إنّما هو من أصحاب الرضا و الجواد عليهما السلام، و هو من مشاهير الرواة، بل الفقهاء العظام الذين لا يخفي عصرهم، و زمانهم و طبقتهم، علي مثله من أهل العلم و الفضل، و هذا ظاهر علي الخبير المنصف.
و في كتاب الوقوف: عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، أنّ بعض أصحابه كتب إليه: إنّ فلانا ابتاع ضيعة و جعل لك في الوقف الخمس (1).
إلي آخر الخبر المروي في الكافي، و التهذيب، و الفقيه، مسندا عن علي ابن مهزيار، قال: كتبت إلي أبي جعفر عليه السلام (2). إلي آخره، و عليّ من أصحاب الجواد و الرضا عليهما السلام، لم يدرك قبلهما من الأئمة عليهم السلام أحدا فلاحظ.
و في كتاب الميراث: عن حذيفة بن منصور، قال: مات أخ لي و ترك ابنته، فأمرت إسماعيل بن جابر أن يسأل أبا الحسن عليّا صلوات اللّه عليه عن ذلك، فسأله فقال: «المال كلّه لابنته» (3).
الثالث في تصريح الجماعة بأنّه أظهر الحقّ تحت أستار التقيّة لمن نظر فيه متعمّقا. و هو حقّ لا مرية فيه، بل لا يحتاج إلي التعمّق في النظر.
أمّا أولا: فلانّ الإسماعيليّة الخالصة كما صرّح به الشيخ الجليل الحسن ابن موسي النوبختي في كتاب الفرق، هم الذين أنكروا موت إسماعيل في حياةه.
ص: 133
أبيه، و قالوا: كان ذلك علي جهة التلبيس من أبيه علي الناس، لأنّه خاف فغيّبه عنهم، و زعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتي يملك الأرض يقوم بأمر الناس، و أنّه هو القائم (1).
و أمّا الباطنيّة منهم فلهم ألقاب كثيرة، و مقالات شنيعة، و زعموا كما في الكتاب المذكور أنّ اللّه عزّ و جلّ بدا له في إمامة جعفر عليه السلام و إسماعيل، فصيّرها في محمد بن إسماعيل.
و زعموا أنّه حيّ لم يمت، و أنّه يبعث بالرسالة، و بشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمّد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، و أنّه من اولي العزم.
و أولو العزم عندهم سبعة: نوح، و إبراهيم، و موسي، و عيسي، و محمّد، و علي- صلوات اللّه عليهما و آلهما- و محمّد بن إسماعيل، علي أنّ السموات سبع، و أنّ الأرضين سبع، و أنّ الإنسان بدنه سبع: يداه، و رجلاه، و ظهره، و بطنه، و قلبه، و أنّ رأسه سبع: عيناه، و أذناه، و منخراه و فمه، و فيه لسانه- كصدره الذي فيه قلبه- و أنّ الأئمّة كذلك، و قلبهم محمد بن إسماعيل، و أنّ اللّه تبارك و تعالي جعل له جنّة آدم، و معناها عندهم الإباحة للمحارم، و جميع ما خلق في الدنيا، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ كُلٰا مِنْهٰا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمٰا وَ لٰا تَقْرَبٰا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ (2): [أي] (3) موسي بن جعفر بن محمد، و ولده عليهم السلام من بعده من ادّعي الإمامة منهم.
و زعموا أنّه خاتم النبيّين الذي حكاه اللّه عزّ و جلّ في كتابه.
و زعموا أنّ جميع الأشياء التي فرضها اللّه عزّ و جلّ علي عباده، و سنّها نبيّهر.
ص: 134
و أمر بها، لها ظاهر و باطن، و أنّ جميع ما استعبد اللّه به العباد في الظاهر من الكتاب و السنّة، فأمثال مضروبة، و تحتها معان هي بطونها، و عليها العمل، و فيها النجاة، و أنّ ما ظهر منها ففي استعمالها الهلاك و الشقاء، و هي جزء من العذاب الأدني، عذّب اللّه به قوما إذ لم يعرفوا الحقّ، و لم يقولوا به.
الي غير ذلك من مقالاتهم الشنيعة، التي نسبها إليهم في الكتاب المذكور (1)، و غيره في تصانيفهم في هذا الباب.
و أنت خبير بأنّه ليس في كتاب الدعائم ذكر لإسماعيل، و لا لمحمد أصلا في موضع منه، حتي في مقام إثبات الإمامة، و ردّ مقالات العامّة و أئمّتهم الأربعة، فكيف يرضي المنصف أن ينسب إليه هذا المذهب؟! و لا يذكر في كتابه اسم إمامه أو نبيّه، مع أنّ خلفاء عصره الذين كان هو في قاعدة سلطنتهم، و منصوبا للقضاوة من قبلهم، المدّعين انتهاء نسبهم الي محمد بن إسماعيل، المستولين علي بلاد المغاربة، و مصر الإسكندرية، و غيرها، كانوا في الباطن من الباطنية- كما صرّح به العالم الخبير البصير السيد المرتضي الرازي، في كتاب تبصرة العوام (2) - و كان دعاتهم متفرّقين في البلاد، و منهم الحسن الصبّاح المعروف في خلافة المستنصر منهم، و مع ذلك ليس فيه إشارة إلي هذا المذهب، و في مواضع لا بدّ من الإشارة إليه لو كان ممّن يميل إليه.
و أمّا ثانيا: فلأنّه صرّح في كتابه بكفر الباطنيّة و ضلالتهم، و خروجهم عن الدين، فإنّه قال في باب ذكر منازل الأئمّة عليهم السلام، و تنزيههم ممّن وضعهم بغير مواضعهم، و تكفيرهم من ألحد فيهم ما لفظه.
أئمّة الهدي صلوات اللّه عليهم و رحمته و بركاته، خلق مكرّمون من خلق1.
ص: 135
اللّه جلّ جلاله، و عباد مصطفون من عباده، افترض طاعة كلّ إمام منهم علي أهل عصره، و أوجب عليهم التسليم لأمره، و جعلهم هداة خلقه إليه، و أدلّاء عباده عليه، و قرن طاعتهم في كتابه بطاعته و طاعة رسوله صلّي اللّه عليه و آله، و هم حجج اللّه علي خلقه، و خلفاؤه في أرضه.
ليس كما زعم الضالّون المفترون بآلهة غير مربوبين، و لا بأنبياء مرسلين- إلي أن قال- و لمّا كان أولياء اللّه الأئمّة الطاهرين، حجج اللّه التي احتجّ بها علي خلقه، و أبواب رحمته التي فتح لعباده، و أسباب النجاة التي سبّب لأوليائه و أهل طاعته، و من لا يقبل العمل إلّا بطاعتهم، و لا يجازي بالطاعة إلّا من تولّاهم و صدّقهم، كان الشيطان أشدّ عداوة لأوليائهم و أهل طاعتهم، ليستزلّهم كما استزلّ أبويهم من قبلهم، فاستزلّ كثيرا منهم و استغواهم (1)، و استهواهم، فصاروا إلي الحور بعد الكور (2)، و الي الشقوة بعد السعادة، و الي المعصية بعد الطاعة.
و قصد الشيطان كلّ امرئ منهم من حيث يجد السبيل اليه والي الإجلاب بخيله و رجله عليه، فمن كان منهم قصير العلم، متخلّف الفهم ممّن تابع هواه، استفزّه و استغواه، و استزلّه فمال إلي الجحد لهم و النفاق عليهم، و الخروج عن طاعتهم و الكفر بهم، و الانسلاخ من معرفتهم.
و من كان قد برع في العلم و بلغ حدود الفهم، فاستزلّه و خدعه و دخل إليه، من باب محبوبة، و موضع رغبته، و مكان طلبته، فبيّن (3) له زخرف التأويل، و نمّق له قول الأباطيل، فأغراه بالفكرة في تعظيم شأنهم، و رفعر.
ص: 136
مكانهم، و قرّب منه الوسائل، و أكّد له الدلائل علي أنّهم آلهة غير مربوبين، أو أنبياء مرسلون، أمكنه من ذلك ما أمكنه فيه، و تهيأ له منه ما تجرّأ به عليه، و دخل إلي طبقة ثالثة من مدخل الشبهات، و استثقال الفرائض الواجبات، و أباح لهم المحارم، و سهّل عليهم العظائم، في رفض فرائض الدين، و الخروج من جملة المسلمين، بفاسد أقام لهم من التأويل، و دلّهم عليه بأسوء دليل، فصاروا إلي الشّقوة و الخسران، و انسخلوا من جملة الإيمان.
نسأل اللّه العصمة من الزّيغ، و الخروج من الدنيا سالمين، غير ناكثين و لا مارقين، و لا مبدّلين، و لا مغضوب علينا و لا ضالّين (1).
ثم ذكر قصّة الغلاة في عصر أمير المؤمنين عليه السلام، و إحراقه إيّاهم بالنار، ثم قال: و كان في أعصار الأئمّة من ولده عليهم السلام من مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد و كان من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام و دعاته، فاستزلّه الشيطان- إلي أن قال-: و استحلّ المغيرة و أصحابه المحارم كلّها و أباحوها، و عطّلوا الشرائع و تركوها، و انسلخوا من الإسلام جملة، و بانوا من جميع شيعة الحقّ، و أتباع الأئمّة عليهم السلام، و أشهر أبو جعفر عليه السلام لعنهم، و البراءة منهم.
ثمّ كان أبو الخطّاب في عصر جعفر بن محمد عليهما السلام من أجلّ دعاته، ثمّ أصابه ما أصاب المغيرة فكفر و ادّعي أيضا النبوّة، و زعم أنّ جعفرا عليه السلام إلها، تعالي اللّه عزّ و جلّ عن قوله، و استحلّ المحارم كلّها، و رخّص لأصحابه فيها، و كانوا كلّما ثقل عليهم أداء فرض أتوه، فقالوا: يا أبا الخطّاب خفّف عنّا، فيأمرهم بتركه، حتي تركوا جميع الفرائض، و استحلّوا جميع المحارم، و أباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، و قال: من عرف الإمام حلّ له كلّ شي ء كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما7.
ص: 137
السلام، فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه و تبرّأ منه، و جمع أصحابه فعرّفهم ذلك، و كتب إلي البلدان بالبراءة منه و باللعنة عليه، و عظم أمره علي أبي عبد اللّه عليه السلام، و استفظعه و استهاله.
ثمّ ساق بعض الأخبار في ذلك، قال: و روينا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه كتب إلي بعض أوليائه، و قد كتب إليه بحال قوم قبله، ممّن انتحل الدعوة: تعدّوا الحدود، و استحلّوا المحارم، و اطّرحوا الظاهر.
فكتب إليه أبو عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام، بعد أن وصف حال القوم: «و ذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و الحجّ و العمرة، و المسجد الحرام، و البيت الحرام، و المشاعر، و الشهر الحرام، إنّما هو رجل، و الاغتسال من الجنابة رجل، و كلّ فريضة فرضها اللّه تبارك و تعالي علي عباده هو رجل، و إنّهم ذكروا أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفي بعلمه من غير عمل، و قد صلّي، و أدّي الزكاة، و صام و حجّ البيت و اعتمر، و اغتسل من الجنابة و تطهّر، و عظّم حرمات اللّه و الشّهر الحرام، و المسجد الحرام، و أنّهم زعموا أنّ من عرف ذلك و ثبت في قلبه، جاز له أن يتهاون، و ليس عليه أن يجتهد، و أنّ من عرف ذلك الرجل فقد قبلت منه هذه الحدود لوقتها، و إن هو لم يعملها.
و أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الفواحش التي نهي اللّه تعالي. عنها الخمر، و الميسر، و الزنا، و الربا، و الميتة، و الدم، و لحم الخنزير أشخاص، و ذكروا أنّ اللّه عزّ و جلّ إنّما حرّم من نكاح الأمّهات، و البنات، و الأخوات، و العمّات، و الخالات، و ما حرّم علي المؤمنين من النساء، إنّما عني بذلك نساء النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، و ما سوي ذلك فمباح، و بلغك أنّهم يترادفون نكاح المرأة الواحدة، و يتشاهدون بعضهم لبعض بالزور، و يزعمون أنّ لهذا ظهرا و بطنا يعرفونه، و أنّ الباطن هو الذي يطالبون به، و به أمروا.
و كتبت تسألني عن ذلك، و عن حالهم و ما يقولون، فأخبرك أنّه من كان
ص: 138
يدين اللّه بهذه الصفة التي كتبت تسأل عنها، فهو عندي مشرك بيّن الشرك، و لا يسع لأحد أن يشكّ فيه» (1). إلي آخر الخبر الشريف الطويل، الذي رواه سعد بن عبد اللّه في بصائره، و محمّد بن الحسن الصفار في أواخر بصائر الدرجات، و فيهما: إنّ الذي كتب إليه عليه السلام هو المفضل بن عمر (2)، و لا يخفي أنّ صاحب هذه المقالات الشنيعة هو أبو الخطاب و أصحابه.
و قال الشيخ المقدّم الحسن بن موسي النوبختي في كتاب المقالات: فأمّا الإسماعيلية فهم الخطابيّة، أصحاب أبي الخطاب محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، و قد دخلت منهم فرقة في فرقة محمّد بن إسماعيل، و أقرّوا بموت إسماعيل بن جعفر عليه السلام في حياة أبيه، و هم الذين خرجوا في حياة أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام، فحاربوا عيسي بن موسي بن علي بن عبد اللّه بن العباس، فبلغه عنهم أنّهم أظهروا الإباحات، ثم ساق قصّة مقاتلتهم و هلاكهم (3).
ثمّ أنّ الظاهر من كتب المقالات أنّ الإسماعيليّة كلّهم منكرون للشرائع، تاركون للفرائض، مستبيحون للمحارم، و لذا يذكرون- إذا بلغوا إلي شرح حالهم- أنّهم لقّبوا بسبعة ألقاب، منها الباطنيّة بالمعني الذي أشرنا إليه، صرّح بذلك السيد المرتضي الرازي في تبصرة العوام، و غيره.
و وافقنا علي ذلك السيد الفاضل المعاصر رحمه اللّه في الروضات، في ترجمة جلال الرومي حيث قال: الإسماعيليّة و إن كانوا في ظاهر دعاويهم الكاذبة، من جملة فرق الشيعة المنكرين لخلافة غير أمير المؤمنين عليه السلام، إلّا أنّ الغالب عليهم الإلحاد، و الزندقة، و المروق عن الدين، و الخروج عن1.
ص: 139
دائرة الموحّدين، و الملّيّين، و أتباع النبيّين، انتهي (1).
و لعلّه لذلك لم يتعرّض شيخ الطائفة رحمه اللّه في كتاب الغيبة لإبطال مذهبهم، كما تعرّض لإبطال مذهب الكيسانيّة، و الناوسيّة، و الواقفيّة، و الفطحيّة، و غيرها، لظهور فساد مذهبهم عند جميع فرق المسلمين.
و من ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العالم الجليل، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلي هذا المذهب السخيف، افتراء عظيم.
و أمّا ثالثا: فلأنّ لأرباب هذا المذهب و دعاته قواعد و اصطلاحات و رموزا و إشارات، لا أثر لها في هذا الكتاب، و لا إشارة فيه إليها، فعندهم أنّه لا بدّ في كلّ عصر من سبعة، بهم يقتدون، و بهم يؤمنون، و بهم يهتدون، و هم متفاوتون في الرتب: إمام يؤدي عن اللّه و هو غاية الأدلّة إلي دين اللّه. و حجّة يؤدّي عن الإمام يحمل علمه. و ذو مصّة يمصّ العلم من الحجّة أي يأخذه منه، فهذه ثلاثة. و أبواب و هم الدعاة: فداع أكبر هو رابعهم، يرفع درجات المؤمنين. و داع مأذون يأخذ العهود علي الطالبين من أهل الظاهر، فيدخلهم في ذمّة الإمام، و يفتح لهم باب العلم و المعرفة و هو خامسهم. و مكلّب قد ارتفعت درجته في الدين، و لكن لم يؤذن له في الدعوة، بل في الاحتجاج علي الناس، فهو يحتجّ و يرغّب إلي الداعي، ككلب الصائد، حتي إذا احتجّ علي أحد من أهل الظاهر، و كسر عليه مذهبه بحيث رغب عنه، و طلب الحقّ، أدّاه المكلّب إلي الداعي المأذون ليأخذ عليه العهود، و إنّما سمّي مكلّبا لأنّ مثله مثل الجارح يحبس الصيد علي الصائد، علي ما قاله تعالي: وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ (2) و هو سادسهم. و مؤمن يتبع الداعي، و هو الذي أخذ عليه العهد، و آمن و أيقن بالعهد، و دخل في ذمّة الإمام و حزبه و هو سابعهم.4.
ص: 140
الي غير ذلك من الزخارف التي برئت ساحة الكتاب المذكور عنها، و ما ألّف إلّا علي طريقة العلماء الإماميّة، بل هو من أجلّ ما ألّفوا، و أحسن ما دوّنوا، من تقديم ما يحتاج إليه الفقه من مسائل الإمامة، علي أبدع نظم و ترتيب، كما لا يخفي علي الناظر اللّبيب.
و أمّا رابعا: فلأنّك تجد في كتب الرجال لكثير من الفرق الباطلة- كالزيدية التي هم أبعد الفرق عن الإماميّة. و الناووسيّة، و الواقفيّة، و الفطحيّة- علماء فقهاء ثقات قد أكثروا من التأليف، و الرواية و جمع الأحاديث و تدوينها، و تلقّوها عنهم أصحابنا بالرواية و القبول، و لا تجد في جميع الرواة رجلا إسماعيليّا و إن كان ضعيفا، فضلا عن كونه ثقة، أو فقيها، أو مؤلّفا، و منه يظهر أنّهم كانوا في أوّل الأمر خارجين عن حدود الشرائع، و حفظ الأخبار و روايتها و تدوينها، غير معدودين من الرواة العلماء.
و قد أشار الي ذلك الشيخ المفيد قدس سره في الإرشاد، فقال: و لمّا مات إسماعيل رحمة اللّه عليه انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظنّ ذلك فيعتقده من أصحاب أبيه، و أقام علي حياته شرذمة، لم تكن من خاصّة أبيه، و لا من الرواة عنه، و كانوا من الأباعد و الأطراف، انتهي (1).
و قال العالم الجليل عليّ بن يونس العاملي في كتابه الموسوم «بالصراط المستقيم» بعد ذكر جملة من الفرق الباطلة من الشيعة، ما لفظه: و هذه الاختلافات لا اعتداد بها لشذوذها، بل أكثرها لا وجود لها، و في انقراضها بطلان قولها.
إن قلت هذا لا يتمّ في الإسماعيليّة، قلت سنبيّن أنّهم خارجون عن الملّة الحقيقيّة بالاعتقادات الرديّة، ثم ذكر بعضها (2) و يمكن إرجاع هذا الوجه إلي سابقه.2.
ص: 141
و أمّا خامسا: فلما أشار إليه في بعض المواضع، منها ما ذكره في آخر أدعية التعقيب ما لفظه: و روينا عن الأئمّة عليهم السلام أنّهم أمروا بعد ذلك بالتقرّب لعقب كلّ صلاة فريضة، و التقرب أن يبسط المصلّي يديه، إلي أن ذكر الدعاء، و هو:
اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بمحمّد رسولك و نبيّك، و بعليّ- وصيّه- وليّك، و بالأئمّة من ولده الطاهرين الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمّد بن علي و جعفر بن محمّد، و يسمّي الأئمّة إماما إماما حتي يسمّي إمام عصره عليهم السلام، ثم يقول. إلي آخره (1).
و غير خفيّ علي المنصف أنّه لو كان إسماعيليّا لذكر بعده إسماعيل بن جعفر، ثم محمّد بن إسماعيل، إلي إمام عصره المنصور باللّه، و المهدي باللّه، و لم يكن له داع إلي الإبهام، أمّا باطنا فلكونه معتقده، و أمّا ظاهرا فلموافقته لطريقة خليفة عصره، و إنّما الإجمال لكونه إماميّا لا يمكنه إظهار إمامة الكاظم و من بعده عليهم السلام، بل في ذكره الأسامي الشريفة إلي الصادق عليه السلام، و عدم إجماله من أوّل الأمر بعد عليّ عليه السلام، تصريح بذلك لمن له دربة (2) بمزايا الكلام.
و منها روايته عن ابن أبي عمير، عن الجواد عليه السلام كما تقدم (3). و كذا عن حذيفة بن منصور، عن إسماعيل بن جابر، عن الرضا عليه السلام.
و قال الشيخ المفيد قدس سره في الإرشاد بعد ذكر فرق الإسماعيليّة:
و المعروف منهم الآن من يزعم أنّ الإمامة بعد إسماعيل في ولده، و ولد ولده إلي آخر الزمان (4).0.
ص: 142
و فيه تأييد لما استظهرناه، و طبقته تقرب من عصر القاضي، فإنّ موت القاضي كان في شهر رجب سنة 363 ه. ق بمصر.
و منها ما رواه في ذكر العقائق، و عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، أنّه نهي عن أربع كني- إلي أن قال- و أبي القاسم إذا كان الاسم محمّدا، نهي عن ذلك سائر الناس و رخّص فيه لعليّ عليه السلام، و قال: «المهديّ من ولدي، يضاهي اسمه اسمي، و كنيته كنيتي» (1).
و منها مطابقة كثير من متون أخباره لما في الجعفريات، بحيث تطمئنّ النفس أخذها منها، و قد عرفت أنّ سند أخبارها ينتهي إلي موسي بن جعفر عليهما السلام، و حاله عند الإسماعيليّة يعرف ممّا تقدّم، و في عصرنا هذا يأتون من هذه الطائفة من بلاد الهند إلي زيارة أمير المؤمنين، و أبي عبد اللّه عليهما السلام، و ينزلون بغداد، و يسيرون منه الي كربلاء و لا يمرّون الي بلد الكاظم عليه السلام، بل تواتر عنهم أنّ طاغوتهم حرّم عليهم النظر الي قبّته المباركة من بعيد، بل حدّثني جماعة أنّهم يسبّونه نعوذ باللّه من الخسران.
و من ذلك كلّه ظهر أنّ ما ذكره صاحب المقابس من النظر فيما ذكره السروي في محلّه، و أنّ احتمال كونه من الإسماعيليّة بمكان من الوهن (2).
الرابع: فيما ذكره صاحب المقابس و هو قوله: إلّا أنّه مع ذلك خالف فيه الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم، بل بعض ضروريّات مذهبهم كحلّية المتعة. إلي آخره (3).
قلت: ما ذكره حقّ، فقد خالف القوم في جملة من المواضع في فروع الأحكام، إلّا أنّه معذور في ذلك من وجوه:6.
ص: 143
الأوّل: إنّه لم يخالف في موضع منها إلّا لما ساقه الدليل، من ظاهر كتاب أو سنّة، و لم يتمسّك في موضع بالقياس، و الاستحسان، و الاعتبارات العقليّة، و المناطات الظنّية، و لم يبلغ اجتماع الأخبار في عصره الي حدّ يقف عليه كلّ مؤلّف مستنبط، فيسهل عليه معرفة مشهورها، و آحادها، و شواذها، و نوادرها، و ربّما كان ما تمسّك به أكثر ممّا ذكره و اطّلعنا عليه، و ذهب فيما ذهب ممّا لم يصل إلينا.
و قال هو رحمه اللّه بعد مسائل الشكّ و اليقين، في الوضوء و الحدث:
فهذا هو الثابت ممّا روينا في هذا الباب، عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و عن الأئمّة الطاهرين من ذريّته عليهم السلام دون ما اختلف فيه عنهم عليهم السلام، و علي ذلك تجري أبواب كتابنا هذا إن شاء اللّه لما قصدنا فيه من الاختصار و إلّا فقد كان ينبغي لنا أن نذكر كلّ ما اختلف الرواة فيه عنهم عليهم السلام، و ندلّ علي الثابت ممّا اختلفوا بالحجج الواضحة، و البراهين اللائحة، و قد ذكرنا ذلك في كتاب غير هذا كثير الأجزاء، لكن تعظم المئونة فيه، و يثقل أمره علي طالبيه، و هذا لبابه و محضه و الثابت منه، و لولا ما وصفناه أيضا من التطويل بلا فائدة، لذكرنا قول كلّ قائل من العامّة يوافق ما قلنا و ذهبنا اليه، و قول من خالف ذلك و الحجّة عليه، و لكن هذا يكثر و يطول و لا فائدة فيه، لأنّ اللّه بحمده قد أظهر أمر أوليائه و أعزّ دينه، و جعل الأحكام علي ما حكموا به و ذهبوا اليه، و الدّين علي ما عرفوه و دلّوا عليه، فهم حجج اللّه علي الخلق أجمعين (1)، انتهي.
و ما ذكرنا هو الوجه فيما نسب الي القدماء المقاربين عصره، ممّا لا ريب في جلالتهم، من الأقوال النادرة، حتي من مثل يونس بن عبد الرحمن، و فضل3.
ص: 144
ابن شاذان، فلا تغفل.
الثاني: إنّه لم تكن الأحكام في تلك الأعصار بين فقهاء أصحابنا منقّحة متميّزة، يتبيّن لكلّ أحد المجمع عليه منها من غيره، و المشهور منها عمّا سواه، و هذا باب لو دخلنا فيه أخرجنا من وضع الكتاب، و لعلّه غير خفيّ علي البصير النقّاد، و معه لا طعن علي من ساقه الدليل إلي ما خالف فيه أصحابه.
مع أنّ الشيخ المفيد قدس سره قال في المقالات: و لم يوحشني من خالف فيه، إذ بالحجّة لي أتمّ انس، و لا وحشة من حق (1).
و قال السيد المرتضي رضي اللّه عنه في بعض رسائله: لا يوجب أن يوحش من المذهب قلّة الذاهب إليه و العاثر عليه، بل ينبغي أن لا يوحش منه إلّا ما لا دلالة له تعضده، و لا حجّة تعمده.
الثالث: إنّه ما خالف في فرع غالبا إلّا و معه موافق معروف، و لولا خوف الإطالة لذكرنا نبذة من ذلك، نعم في مسألة المتعة لا موافق له، إلّا أنّ بعد التأمّل ظهر لي أنّه ذكر ذلك علي غير وجه الاعتقاد، و إن استند للحرمة إلي أخبار رواها تقيّة أو تحبّبا الي أهل بلاده، فإنّها عندهم من المنكرات العظيمة، و الشاهد علي ذلك، مضافا الي بعد خفاء حلّيتها عند الإماميّة عليه، أنّه ذكر في كتاب الطلاق في باب إحلال المطلقة ثلاثا ما لفظه: و عنه- يعني جعفر بن محمّد عليهما السلام- أنّه قال: «من طلّق امرأته (أي ثلاثا) (2) فتزوّجت تزويج متعة، لم يحلّها ذلك له» (3).
و لولا جوازها و عدم كونها الزنا المحض، لم يكن ليوردها في مقام ما اختاره من الأحكام الثابتة عنهم، بالأثر الصحيح، و هذا ظاهر و الحمد للّه.9.
ص: 145
و مثله ما ذكره في باب ذكر الحدّ في الزنا ما لفظه: و عن علي صلوات اللّه عليه: «و لا يكون الإحصان بنكاح متعة» (1)، و دلالته علي ما ادّعيناه أوضح.
الرابع: بعد محل إقامته عن مجمع العلماء و المحدّثين، و الفقهاء الناقدين، و تعسّر اطّلاعه علي زبرهم و تصانيفهم، و آرائهم و فتاويهم، لطول المسافة و صعوبة السير، و قلّة التردّد، خصوصا بعد تعدّد الخليفة، فإنّه كان في مصر، و كانت تحت ملوك الفاطميين، و الأصحاب في أقطار العراق و العجم، و كانت في تصرّف العباسيّين، و من جميع ذلك ظهر عذره في المخالفة في بعض الفروع.
و ظهر الجواب عمّا أشار إليه بقوله: و لعدم اشتهاره. إلي آخره، فإنّه لعدم اطّلاعهم عليه و عدم حاجتهم إليه. فإنّ جلّ الفقهاء من بعد زمان الشيخ، إلي عصر صاحب البحار و الوسائل قدس سرهم، عكفوا علي الكتب الأربعة التي عليها تدور رحي الإماميّة، و لم يتجاوزوا عنها، و لم يستندوا الي غيرها، إلّا المحقّق، و الشهيد، في مواضع نادرة، ينقلون عن بعض الأصول التي كانت عندهما، لا لإعراض منهم عن سائر الكتب و عدم اعتمادهم عليها، خصوصا مثل العلل، و الأمالي، و ثواب الأعمال، و غيرها من كتب الصدوق، و كتاب قرب الإسناد، و المحاسن، و غيرهما من الكتب المعتمدة، التي لا يحتمل ذو مسكة أنّ عدم النقل عنها لوهن في الكتاب، أو ضعف في صاحبه، بل هو لما ذكرناه، أو لعدم العثور عليها.
و أمّا صاحب الوسائل فلم يعلم أنّ عدم نقله عن الدعائم لعدم اعتماده عليه، بل الظاهر أنّه لعدم عثوره عليه، فإنّه قال في آخر كتاب الهداية- و هو مختصر الوسائل- في ذكر الكتب التي لم ينقل عنها: إمّا لقلّة ما فيها من النصوص و عدّ منها جملة، أو لعدم ثبوت الاعتماد عليه، و عدّ منها فقه الرضا، و طبّه عليه السلام، أو ثبوت عدم اعتباره، و عدّ منها مصباح الشريعة (2).ط.
ص: 146
و قال في أمل الآمل: و عندنا أيضا كتب لا نعرف مؤلّفيها، و عدّ منها عشرة (1)، و ليس لهذا الكتاب ذكر في الموضعين، و من البعيد أنّه كان عنده و لم يشر إليه، لأنّه إن عرف صاحبه، و أنّه هو القاضي نعمان- فقد مدحه في أمله- فينبغي ذكره فيما اعتمد عليه و نقل عنه. و إن لم يعرفه فذكره في الكتب المجهولة أولي من ذكر طبّ الرضا عليه السلام، و الكشكول الذي ليس فيه حكم فرعيّ أصلا.
ثمّ إنّ ابن شهرآشوب و إنّ صرّح بكونه غير إماميّ، إلّا أنّه قال: و كتبه حسان (2)، و قد نقل في مناقبه عن كتابه شرح الأخبار (3)، الذي هو من نفائس الكتب الدالّة علي كثرة فضله، و طول باعه، و خلوص ولائه.
و في السرائر في باب التيمّم: و ذهب قوم من أصحابنا إلي المسح (4) من أصول الأصابع إلي رؤوس الأصابع (5).
قال في الجواهر: و هو محجوج بجميع ما تقدّم من الأخبار و محكيّ الإجماع، بل لعلّه كسابقه لا يقدح في المحصّل منه، و إن جهل نسبه عندنا، لكنّه مع عدم اعتبار ذلك في الإجماع عندنا معروف عند ناقله علي الظاهر، و إنّه غير الإمام. إلي آخره (6).
و ظنّي أنّ المراد منه صاحب الدعائم فإنّه مذهبه فيه (7)، و اللّه العالم.
و من الغريب من بعد ذلك كلّه، ما في روضات الجنات للسيد الفاضل0.
ص: 147
المعاصر رحمه اللّه تعالي فإنّه بعد ما نقل في ترجمته ما في أمل الآمل، و مقدمة البحار، قال: و لكنّ الظاهر عندي أنّه لم يكن من الإماميّة الحقّة، و إن كان في كتبه يظهر الميل إلي طريقة أهل البيت عليهم السلام، و الرواية من أحاديثهم من جهة مصلحة وقته، و التقرّب الي السلاطين من أولادهم، و ذلك لما حقّقناه مرارا في ذيل تراجم كثير ممّن كان يتوهّم في حقّهم هذا الأمر، بمحض ما يشاهد في كلماتهم من المناقب و المثالب، اللتين يجريهما اللّه تعالي علي ألسنتهم الناطقة، لطفا منه بالمستضعفين من البريّة.
و أنت تعلم أنّه لو كان لهذه النسبة واقعا، لذكره سلفنا الصالحون و قد ماؤنا الحاذقون بأمثال هذه الشؤون، و لم يكن يخفي ذلك إلي زمان صاحب الأمل الذي من فرط صداقته يقول بشيعيّة أبي الفرج الأصبهاني الخبيث، كما قدّمنا ذلك في ذيل ترجمته، ثمّ نقل كلام السروي، و ما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله، و قال بعده: و قد وافق في جميع ما ذكره خاله العلامة المعظم عليه، من نهاية حسن ظنّه به و بكلامه، انتهي (1).
و فيه مواضع للنظر:
أمّا أولا: فلأنّ كتاب الدعائم كلّه في فقه الإماميّة، و فروعها و أحكامها، مستدلّا عليها بأخبار أهل البيت عليهم السلام، علي أحسن نظم و ترتيب، بل ليس في أيدينا من علماء تلك الأعصار ما يشبهه في الوضع و التنقيح، مفتتحا بمسائل في الإمامة و شروطها، و فضائل الأئمّة عليهم السلام و وصاياهم، و شرح عدم جواز أخذ الأحكام الدينيّة عن غيرهم، كسائر كتب أصحابنا في هذا الباب، و ما ذكره من إظهار الميل في كتبه إنّما هو في مثل كتاب الراغب الأصبهاني و أضرابه، ممّن يظهر من بعض كلماتهم و اسلوبهم ميلهم الي التشيّع، و أين هذا من كتاب بني أساسه علي التشيّع، و علي ما ذكره يفتح باب عظيم9.
ص: 148
للطعن علي كثير من العلماء، الذين كانوا في عصر السلاطين الفاطميّة (في مصر)، كالعلامة الكراجكي، أو الصفويّة و غيرها.
و ظنّي أنّه رحمه اللّه لم يقف علي الدعائم، و لا علي شرح الأخبار، فصدر منه ما صدر، و قاس علي ما ليس له أساس.
و أمّا ثانيا: فلأنّ سبب عدم ذكرهم له لا ينحصر فيما ذكره، بل لوجوه أشرنا إليها، مع أنّهم قد أهملوا جمّا من الأعلام، أرباب التصانيف الرائقة، و المؤلّفات الرشيقة، كجعفر بن أحمد القمي رحمه اللّه (المتقدّم ذكره) (1) و فرات ابن إبراهيم الكوفي صاحب التفسير، و محمّد بن عليّ بن إبراهيم صاحب العلل، و الحسن بن عليّ بن شعبة صاحب تحف العقول، و السيد عليّ بن الحسين بن باقي صاحب اختيار المصباح، و الحسن بن أبي الحسن الديلمي صاحب إرشاد القلوب، و غرر الأخبار، و غيرها، و سبط الطبرسي صاحب مشكاة الأنوار، و غيرهم ممّن تقدّم عنهم أو تأخّر، و قد وقف علي كتبهم و حالاتهم المتبحّرون من المتأخّرين، و لا يوجب سقوط قلم السلف عن ذكر أساميهم الشريفة للغفلة، أو لعدم الاطّلاع، أو للعجلة طعنا فيهم.
و أمّا ثالثا: فلأنّ القاضي قد ذكره في مجالسه (2) قبل صاحب الأمل.
و في الرياض، في ترجمة- معين الدين المصري- سالم بن بدران: و عندنا رسالة في الفرائض من مؤلّفات الشيخ معين الدين المصري هذا، قال: و هو ينقل مرارا من كتب القاضي نعمان المصري، مؤلّف كتاب دعائم الإسلام، و غيره فتدبّر (3).
و أمّا رابعا: فلما في رسالة شريفة، في فهرست كتب الشيخ الفقيه أبي1.
ص: 149
الفتح محمد بن عثمان بن علي الكراجكي، عملها بعض معاصريه، فإنّ فيها ما لفظه: مختصر كتاب الدعائم للقاضي النّعمان، عمله و هو من جملة فقهاء الحضرة، كتاب الاختيار من الأخبار، و هو اختصار كتاب الأخبار للقاضي النعمان، يجري مجري اختصار الدعائم، و الظاهر أنّ المراد منه شرح الأخبار الآتي، و فيه من الدلالة علي جلالة قدره ما لا يخفي، و لم أعرف صاحب الفهرست، إلّا أنّ في موضع منه هكذا: كتاب غاية الإنصاف في مسائل الخلاف، يتضمّن النقض علي أبي الصلاح الحلبي- رحمه اللّه- في مسائل خلف بينه و بين المرتضي رضي اللّه عنه، نصر فيها رأي المرتضي، و نصر والدي رحمه اللّه.
و في موضع آخر: جواب رسالة الحازميّة في إبطال العدد و تثبيت الرؤية، و هي الردّ علي أبي الحسن بن أبي حازم المصري، تلميذ شيخي رحمة اللّه عليه عقيب انتقالي من العدد، أربعون ورقة، و من ذلك يظهر أنّه و والده من فقهاء عصرهما، و لعلّي أقف علي مؤلّفه ان شاء اللّه تعالي.
و أمّا خامسا: فقوله في حقّ صاحب الأمل: إنّه من فرط صداقته.
إلي آخره، فإنّه من غرائب الكلام، فإنّ أبا الفرج ما ترجمه أحد من الفريقين إلّا و صرّح بتشيّعه، و إنّه كان زيديّا، و الزيدية من فرق الشيعة، كما صرّح به كل من تعرّض لذكر المذاهب في كتاب الوقف، بل الفقهاء و غيره.
و ذكره النجاشي (1)، و العلامة في الخلاصة (2)، و ابن شهرآشوب في معالم العلماء (3)، و تبعهم صاحب الأمل في ذكره في سلك الرّواة و العلماء، و لم يزد في6.
ص: 150
مقام تعيين مذهبه إلّا أن قال: و كان شيعيّا (1)، تبعا للعلّامة قدس سره في الخلاصة.
فأيّ صداقة فيما فعله، و إنّما الصداقة فيما فعله هو رحمه اللّه في كتابه، فقال ما لفظه: باب ما أوّله الطاء و الظاء من أسماء فقهاء أصحابنا الأمجاد- رحمة اللّه عليهم أجمعين- السيّد طالب بن علي. إلي آخره (2) ثم قال:
الشيخ أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان الخولاني الهمداني اليماني، كان من أهل اليمن، و من أبناء الفرس، و أحد الأعلام التابعين، سمع من ابن عبّاس، و أبي هريرة، و روي عنه مجاهد، و عمرو بن دينار، و هو في طبقة مالك بن دينار، و المنسلكين علي طريقته، ثم نقل شرح حاله و مدائحه من كتاب تلخيص الآثار، و من تاريخ ابن خلّكان، و ذكر بعده حكاية ملاقاته للسجاد عليه السلام في المسجد الحرام، في الحجر و تحت الميزاب (3)، و لم ينقل من أحد من العلماء في حقّه شيئا، و لم يذكر قرينة و لو ضعيفة تدلّ علي ميلة إلي التشيّع، فضلا عن الإماميّة، فضلا عن كونه من فقهاء أصحابنا الأمجاد، و هذا منه مما لا ينقضي تعجّبه، فإنّ الرجل من فقهاء العامّة و متصوّفيهم، لم يشكّ فيه أحد، و لم يذكره أحد من علماء الرجال في كتبهم الرجاليّة، و لم يسندوا إليه خبرا في مجاميعهم في الأحاديث، أصولا و فروعا، و كان من التابعين المعروفين، القاطنين في أرض الحجاز، معاصرا للسجّاد و الباقر عليهما السلام.
نعم عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام (4)، و لعلّه للحكاية المتقدّمة، و إلّا فليس في الكتب الأربعة خبر واحد أسند إليه، مع أنّه3.
ص: 151
من الفقهاء الذين يذكرون أقواله في كتب الفروع، مع أنّ ما ذكره في ترجمته كاف في الدلالة علي تسنّنه، فإنّ من كان شيخه أبا هريرة، و راويه مجاهد و عمرو ابن دينار، لحريّ بأن يعدّ من كلاب أصحاب النّار، بل في حكاية ملاقاته مع السجّاد عليه السلام التي أوردها- و أورثت في قلبه حسن الظنّ به- ما يشعر بانحرافه، ففي أحدها عن طاوس، قال: كنت في الحجر ليلة إذ دخل عليّ ابن الحسين صلوات اللّه عليهما، فقلت: رجل من أهل بيت النبوّة و لأسمعنّ دعاءه. الخبر.
و أنت خبير بأنّ قوله: رجل من أهل بيت النبوّة كلام من لم يعرفه عليه السلام إلّا بالسيادة، و شطر من العلم و الزهادة، و لو عرفه عليه السلام بالولاية و الإمامة، مع ما يعتقدون في حقّه من الفقه و النّسك، لعبّر عنه لا محالة بقوله:
سيّدي و مولاي، و ما أشبه، أ رأيت أحدا من أجلّاء أصحاب الأئمّة عليهم السلام يعبّر عن واحد منهم بهذا التّعبير السّخيف.
و في حكاية أخري عنه، قال: رأيت رجلا في المسجد الحرام تحت الميزاب، و هو يدعو و يبكي، فجئته و قد فرغ من الصلاة، فإذا هو عليّ بن الحسين عليه السلام، فقلت له: يا ابن رسول اللّه رأيتك علي حالة كذا و كذا، و لك ثلاثة أرجو أن يؤمنك من الخوف: أحدها أنّك ابن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، و الثاني شفاعة جدّك، و الثالث رحمة اللّه، فقال: يا طاوس.
و أجابه بما هو معروف، و هذا في الدلالة كسابقه، فإنّ من كان يعتقد فيهم عليهم السلام أدني ما يجب اعتقاده في الإيمان، فكيف بمثله من أهل الفضل و العرفان، لا يشافهه بهذا الكلام و إن كان صادقا فيه.
و ذكر الشيخ ورّام ابن أبي فراس قدس سره في تنبيه الخاطر: أنّه دخل علي جعفر بن محمد عليهما السلام، فقال له: «أنت طاوس» قال: نعم، فقال عليه السلام: «طاوس طير مشوم، ما نزل بساحة قوم إلّا آذنهم
ص: 152
بالرحيل». و لا يخفي ما فيه من الإشارة إلي نكارته و خباثته (1).
و قريب منه ما رواه الراوندي في قصص الأنبياء، بإسناده عن ابن بابويه قدس سره، عن محمد بن ماجيلويه، عن محمد بن يحيي العطّار، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن ابن أورمة، عن عمر بن عثمان، عن العبقري (عن أسباط) (2) عن رجل حدّثه عليّ بن الحسين عليهما السلام: أنّ طاووسا قال في المسجد الحرام: أوّل دم وقع علي الأرض دم هابيل حين قتله قابيل، و هو يومئذ قتل ربع الناس، قال له عليّ زين العابدين عليه السلام: «ليس كما قلت، إنّ أوّل دم وقع علي الأرض دم حوّاء حين حاضت، يومئذ قتل سدس الناس، كان يومئذ آدم، و حوّا، و هابيل، و قابيل، و اختاه». الخبر (3).
و في البحار عن اعلام الدين للديلمي: روي أنّ طاوس اليماني دخل علي جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، و كان يعلم أنّه يقول بالقدر، فقال له: «يا طاوس من أقبل للعذر من اللّه ممّن اعتذر، و هو صادق في اعتذاره» فقال: لا أحد أقبل للعذر منه، فقال له: «من أصدق ممّن قال لا أقدر و هو لا يقدر» فقال طاوس: لا أجد أصدق منه، فقال الصادق عليه السلام له: «يا طاوس فما بال من هو أقبل للعذر، لا يقبل عذر من قال لا أقدر و هو لا يقدر»، فقام طاوس و هو يقول: ليس بيني و بين الحقّ عداوة، اللّه أعلم حيث يجعل رسالته، فقد قبلت نصيحتك (4).
و فيهما من الدلالة- علي أنّه بمراحل عمّا نسبه إليه- ما لا يخفي.
و في منتخب بصائر سعد بن عبد اللّه للحسن بن سليمان الحليّ: عن7.
ص: 153
محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت أنا و أبو جعفر عليه السلام مسجد الرّسول صلّي اللّه عليه و آله و سلم، فإذا طاوس اليماني يقول لأصحابه: أ تدرون متي قتل نصف الناس، فسمع أبو جعفر عليه السلام قوله: نصف الناس، فقال: «إنما هو ربع الناس، إنّما هو آدم و حوّا و قابيل و هابيل»، قال: صدقت يا ابن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله. الخبر (1).
و رواه الراوندي في القصص: بإسناده عن الصدوق، عن محمد بن موسي بن المتوكل، عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كان أبو جعفر الباقر عليه السلام جالسا في الحرم، و حوله عصابة من أوليائه إذ أقبل طاوس اليماني في جماعة، فقال: من صاحب الحلقة، قيل:
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: إيّاه أردت، فوقف بحياله، و سلّم و جلس، ثم قال: أتاذن لي في السؤال، فقال الباقر عليه السلام: «قد آذنّاك فاسأل» قال: أخبرني بيوم هلك ثلث الناس، فقال: «وهمت يا شيخ أردت أن تقول ربع الناس، و ذلك يوم قتل هابيل كانوا أربعة: هابيل، و قابيل، و آدم، و حوّا، فهلك ربعهم» قال: أصبت، و وهمت.
الخبر (2).
هذا، و من راجع الكتب الفقهيّة، و عدّهم قوله في قبال أقوال أصحابنا مع المخالفة، و مع الموافقة إدخالهم إيّاه فيمن وافقنا من فقهاء العامّة، لا يكاد يحتاج الي التجشّم في إبداء الامارة علي انحرافه، و كأنّ الفاضل المذكور لم يكن له عهد بها.7.
ص: 154
و لنشر الي بعض المواضع، و باقيها موكول علي همّة المراجع:
فمنها ما في المعتبر: و آخر وقت فضيلة الظهر إذا صار ظلّ كلّ شي ء مثله، ثمّ يمتد وقت الإجزاء حتي يبقي للغروب قدر أربع ركعات، فيخلص الوقت للعصر، و بهذا قال علم الهدي قدس سره، و ابن الجنيد قدّس سرّه، و هو قول عطاء، و طاوس، إلي أن قال في ردّ أبي حنيفة- القائل بأنّ آخر وقته إذا صار ظلّ الشخص مثليه-: و لأنّ الحائض تؤدّي الظهر و العصر إذا طهرت قبل أن تغرب الشمس، ذهب إليه طاوس، و مجاهد، و النخعي، و الزهري، و ربيعة، و مالك، و اللّيث، و الشافعي، و إسحاق، و أبو ثور، و أحمد بن حنبل، و رواه الأثرم، و ابن المنذر. إلي آخره (1).
و منها ما في التذكرة في مسألة آخر العشاء: و قال مالك: يمتدّ وقتها إلي طلوع الفجر، و به قال عطاء، و طاوس، كما يقول في الظهر و العصر (2).
و فيها أيضا: لو وجد الماء بعد فراغه من الصلاة لم يعد، و هو قول عامّة العلماء- الي أن قال- و قال طاوس: يعيد ما صلّي بالتيمّم فإنّه بدل، فإذا وجد الأصل انتقض حكم البدل، كالحاكم إذا حكم بالقياس، ثمّ وجد النصّ بخلافه، و هو خطأ (3).
و في المعتبر: و اتّفق العلماء علي أنّ ميقات أهل العراق العقيق، لكن اختلفوا في وجه ثبوته، فقال الأصحاب: ثبت نصّا، و به قال الشافعي و أبو حنيفة، و قال طاوس و ابن سيرين: ثبت قياسا، لما روي عن ابن عمر قال: لمّا فتح المصران (4) أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إنّ رسول اللّه صلّي اللّهة.
ص: 155
عليه و آله حدّ لأهل نجد قرن المنازل، و إنّا إذا أردنا قرن المنازل شقّ علينا، قال: فانظروا حذوها فحدّ لهم ذات عرق، لنا ما رووه عن ابن عبّاس- الي أن قال- و من طريق الأصحاب روايات. إلي آخره (1).
و فيه: لو ائتمّ المسافر بالمقيم لم يتمّ، و اقتصر علي فرضه و سلّم منفردا، و اتّفق الشافعي، و أبو حنيفة، و أحمد علي وجوب المتابعة، سواء أدركه في آخر الصلاة أو أوّلها، لقوله صلّي اللّه عليه و آله: «لا تخلفوا عن أئمّتكم» و قال الشعبي و طاوس: له القصر. إلي آخره (2) و في هذا القدر كفاية للناظر البصير.
و قال النقّاد الخبير الآميرزا عبد اللّه الأصفهاني في الصحيفة الثالثة: روي ابن شهرآشوب في مناقبه، عن طاوس اليماني، الفقيه من العامّة، أنّه قال:
رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام (3) الخبر.
ثمّ إنّه رحمه اللّه عكس الأمر في ترجمة القطب الرازي، فجعله من علماء العامّة (4)، خلافا لكلّ من تعرّض لحاله، و شرح ذلك يأتي ان شاء اللّه تعالي.
و أمّا سادسا: فقوله في حقّ العلّامة الطباطبائي: إنّه وافق خاله- يعني العلامة المجلسي قدس سرهما- لحسن ظنّه به. فإنّه أجلّ قدرا، و أعظم شأنا، و أرفع مقاما من أن يظنّ في حقّه ذلك، كما لا يخفي علي من وقف علي حاله.
هذا و قال الفاضل الآميرزا عبد اللّه قدس سره في رياض العلماء في ترجمته:
و اعلم أنّ من مؤلّفات القاضي نعمان هذا كتاب مختصر الآثار، و قد رأيت في9.
ص: 156
خطّة لار مجموعة عتيقة، مشتملة علي نسخة صحيفة ابن أشناس البزاز، و في تلك المجموعة أدعية كثيرة، منقولة من كتاب مختصر الآثار المذكور، و عندنا نسخة من تلك الأدعية، و يظهر من مطاويها أنّ ذلك الكتاب أيضا علي نهج كتاب دعائم الإسلام، و إنّه أيضا في ذكر أحاديث أهل البيت عليهم السلام، و فقههم إلي آخر أبواب الفقه.
و قد تعرّض الكاتب أيضا في تلك الأدعية لاختلاف النسخ، التي كانت بين ما وقع في كتاب دعائم الإسلام، و في كتاب مختصر الآثار المذكور.
ثمّ إنّ عندنا نسخة عتيقة جدّا من النصف الأخير من كتاب دعائم الإسلام له، و علي حواشيها فوائد جليلة كثيرة، من كتاب مختصر الآثار له أيضا.
و اعلم أنّ أصل كتاب الآثار النبويّة للقاضي النعمان المذكور أيضا في الفقه، ثمّ اختصر منه كتاب مختصر الآثار.
ثمّ نقل كلام ابن خلّكان، و ما ذكره أستاذه في أوّل البحار، ثمّ تأمّل في كونه من الاثني عشريّة لعدم الدليل عليه، قال: من أين علم أنّه كان من أصحابنا، و أنّه اتّقي الخلفاء الإسماعيليّة؟ فهل هذا إلّا مجرّد دعوي و احتمال.
إذ ما الدليل علي أنّه لم يكن إسماعيليّا حقيقة من بين مذاهب الإمامية؟ فتأمّل، انتهي (1).
و قد عرفت بحمد اللّه القرائن علي كونه اثنا عشريّا، و الدليل علي أنّه لم يكن إسماعيليّا.
تنبيه: و لا بدّ من ذكر ما صدّر به الكتاب، ليعرف أنّه ما أخرج فيه إلّا الخبر الثابت الصحيح، عن الأئمة الأطياب عليهم السلام قال: فإنّه لمّا كثرت الدعاوي و الآراء، و اختلفت المذاهب و الأهواء، و اخترعت الأقاويل اختراعا،5.
ص: 157
و صارت الأمة شيعا، و افترقوا افتراقا، و درس أكثر السنن و انقطع، و نجم حادث البدع فارتفع، و اتّخذت كلّ فرقة من فرق الضلال رئيسا لها من الجهّال، فاستحلّت بقوله الحرام، و حرّمت به الحلال، تقليدا له و اتّباعا لأمره، بغير برهان من كتاب و لا سنّة، و لا بإجماع جاء من الأمّة، فذكرنا عند ذلك قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «لتسلكنّ سبيل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل، و القذّة بالقذّة، حتي لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه، فكانت الأمّة- إلّا من عصمه اللّه منها بطاعته، و طاعة رسوله و أوليائه، الذين افترض اللّه طاعتهم- في ذلك كمن حكي اللّه عزّ و جلّ نبأه من الأمم السالفة، بقوله جلّ و عزّ:
اتَّخَذُوا أَحْبٰارَهُمْ وَ رُهْبٰانَهُمْ أَرْبٰاباً مِنْ دُونِ اللّٰهِ (1).
و روينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام، أنّه تلا هذه الآية فقال:
«و اللّه ما صاموا لهم، و لا صلّوا إليهم، و لكنّهم أحلّوا لهم حراما فاستحلّوه، و حرّموا عليهم حلالا فحرّموه».
و روينا عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله انه قال: «إذا ظهرت البدع في أمّتي، فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة اللّه».
و قد رأينا و باللّه التوفيق عند ظهور ما ذكرناه، أن نبسط كتابا جامعا مختصرا، يسهل حفظه، و يقرب مأخذه، و يغني ما فيه من جمل الأقاويل، عن الإسهاب و التطويل، نقتصر فيه علي الثابت الصحيح، ممّا رويناه عن الأئمّة من أهل بيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم أجمعين، من جملة ما اختلف فيه الرّواة عنهم، في دعائم الإسلام، و ذكر الحلال و الحرام، و القضايا و الأحكام.
فقد روينا عن أبي جعفر محمد بن عليّ عليهما السلام، أنّه قال: «بني الإسلام علي سبع دعائم: الولاية و هي أفضلها، و بها و بالوليّ يوصل إلي1.
ص: 158
معرفتها، و الطهارة، و الصلاة، و الزكاة، و الصوم [و الحج] (1) و الجهاد (2).
إلي آخره.
و قال الچلبي في كشف الظنون: دعائم الإسلام: و في سنة ست عشرة و أربعمائة أمر الظاهر، فأخرج من بمصر من الفقهاء المالكيّين، و أمر الدعاة الوعّاظ أن يعظوا من كتاب دعائم الإسلام، و جعل لمن حفظه مالا، انتهي (3).
فانظر إلي شدّة تعصّبه، حيث لم يذكر اسم مؤلّفه و مذهبه، مع طول باعه و بنائه عليه، و علي ذكر تأريخ وفاته.5.
ص: 159
للقاضي النعمان المذكور أيضا، و هو مقصور في الفضائل و المناقب، و شطر من المثالب، مشتمل علي سبعة (1) أجزاء، ينبئ عن كثرة اطّلاعه، و طول باعه، و فضله و كماله.
عثرنا بحمد اللّه تعالي علي نسخة عتيقة منه، إلّا أنّه ناقص من أوّله و آخره، أظنّه أوراقا يسيرة، قال في آخر الجزء السادس: فهذه نكت قد ذكرناها كما شرطنا مختصرا، من مثالب معاوية و بني أميّة، و قد ذكرنا تمام القول في ذلك في كتاب المناقب و المثالب، فمن أراد استقصاء ذلك نظر فيه، انتهي.
و في آخره تمّ الجزء السادس من كتاب شرح الأخبار، تأليف سيّدنا القاضي الأجلّ الأوحد الأفضل، النعمان بن محمد قدّس اللّه روحه و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّي اللّه علي سيّدنا محمد خير بريّته، و علي الأئمّة الطاهرين أبرار عترته، و سلّم تسليما.
و نقل ابن خلّكان، عن ابن زولاق في كتاب أخبار [قضاة] (2) مصر، في ترجمته: أنّه ألّف لأهل البيت عليهم السلام، من الكتب آلاف أوراق،
ص: 160
بأحسن تأليف، و أملح سجع، و عمل في المناقب و المثالب كتابا حسنا، و له ردود علي المخالفين: له ردّ علي أبي حنيفة، و علي مالك، و الشافعي، و ابن سريج، و غيرهم، و كتاب اختلاف الفقهاء، و ينتصر فيه لأهل البيت عليهم السلام (1)، انتهي.
و الظاهر أنّ كتاب المناقب و المثالب، هو الذي أشار إليه القاضي في كلامه المتقدّم.
و قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: و كتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار عليهم السلام (2). و ينقل عنه في مناقبه، ففي أحوال المجتبي عليه السلام: القاضي النعمان في شرح الأخبار، بالإسناد عن عبادة بن الصامت- و رواه جماعة عن غيره-: أنّه سأل أعرابي أبا بكر، فقال: إنّي أصبت بيض نعام. الخبر (3).
و من الغريب بعد ذلك ما في رياض العلماء قال: و قد نسب ابن شهرآشوب في بعض مواضع المناقب إلي القاضي النعمان كتاب شرح الأخبار، و ينقل عنه فيه، و قد صرّح بذلك في معالم العلماء أيضا، و لكنّ الحقّ عندي أنّ ذلك سهو منه، فإنّ ابن شهرآشوب قد صرّح نفسه في عدة مواضع أخر من مناقبه المذكور، بأنّ شرح الأخبار من مؤلّفات ابن فيّاض من أصحابنا، و أغرب منه أنّه عدّ هو نفسه هذا الكتاب- علي ما في بعض نسخ معالم العلماء- في جملة الكتب التي لم يعلم مؤلّفها، فتدبّر، انتهي (4).
و لكنّه رحمه اللّه استدرك بخطّه في حاشية الكتاب، فقال: و لكن يظهر5.
ص: 161
من نسخ المعالم (1) أنّ ابن فيّاض هو القاضي النعمان، فتأمّل و لاحظ.
و فيه: في الفصل الخامس من القسم الأول بعد نقل ما في آخر معالم العلماء، من الكتب المجهولة: و أقول: قد يوجد في بعض نسخ المعالم، في هذا المقام كتاب شرح الأخبار أيضا. و هو غير متوجّه، لأنّه قد صرّح نفسه في المعالم بأنّه تأليف القاضي النعمان، و صرّح في غير موضع من المناقب بأنّه تأليف ابن فيّاض، انتهي (2).
قلت: الموجود في بعض نسخ المعالم- و منه نسختي- هكذا: ابن فيّاض القاضي النعمان بن محمد. إلي آخر الترجمة (3). و بعد التأمّل فيما ذكرنا لا مجال للشبهة في اتّحادهما، و كون الكتاب له، إلّا أنّ ما فيه من الأحكام في غاية الندرة.3.
ص: 162
و يعرف بكتاب البدع أيضا، و تارة بالبدع المحدثة، لأبي القاسم عليّ بن أحمد الكوفي، كان إماميّا مستقيم الطريقة، ثمّ غلا في آخر عمره، و صنّف كتبا في حالتي الاستقامة و الانحراف، و هذا الكتاب من القسم الأوّل، و لنذكر ما ذكروا فيه ثم نتبيّن ما ادّعيناه.
قال الشيخ قدس سره في الفهرست: عليّ الكوفي، يكنّي أبا القاسم، كان إماميّا مستقيم الطريقة، و صنّف كتبا كثيرة سديدة، منها كتاب الأوصياء، و كتاب في الفقه علي ترتيب كتاب المزني، ثمّ خلط و أظهر مذهب المخمّسة (1)، و صنّف كتبا في الغلوّ و التخليط، و له مقالة تنسب إليه (2).
و قال النجاشي قدّس سرّه: عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفيّ، رجل من أهل الكوفة، كان يقول: إنّه من آل أبي طالب، غلا في آخر عمره، و صنّف كتبا كثيرة، أكثرها علي الفساد:
كتاب الأنبياء، كتاب الأوصياء، كتاب البدع المحدثة، كتاب التبديل و التحريف، كتاب تحقيق اللسان في وجوه البيان، كتاب الاستشهاد، كتاب تحقيق ما ألّفه البلخي من المقالات، كتاب منازل النظر و الاختيار، كتاب أدب النظر و التحقيق، كتاب تناقض أحكام المذاهب الفاسدة- تخليط كلّه- كتاب
ص: 163
الأصول في تحقيق المقالات، كتاب الابتداء، كتاب معرفة وجوه الحكمة، كتاب معرفة ترتيب ظواهر الشريعة، كتاب التّوحيد، كتاب مختصر في فضل التوبة، كتاب في تثبيت نبوّة الأنبياء، كتاب مختصر في الإمامة، كتاب مختصر في الأركان الأربعة، كتاب الفقه علي ترتيب المزني، كتاب الآداب و مكارم الأخلاق، كتاب فساد أقاويل الإسماعيليّة، كتاب الردّ علي أرسطاطاليس، كتاب المسائل و الجوابات، كتاب فساد قول البراهمة، كتاب تناقض أقاويل المعتزلة، كتاب الردّ علي محمد بن بحر الرهني، كتاب الفحص عن مناهج الاعتبار، كتاب الاستدلال في طلب الحقّ، كتاب تثبيت المعجزات، كتاب الردّ علي من يقول إنّ المعرفة من قبل الموجود، كتاب إبطال مذهب داود بن عليّ الأصبهاني، كتاب الردّ علي الزيديّة، كتاب تحقيق وجوه المعرفة، كتاب ما تفرّد به أمير المؤمنين عليه السلام من الفضائل، كتاب الصلاة و التسليم علي النبيّ و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما و آلهما، كتاب الرسالة في تحقيق الدلالة، كتاب الردّ علي أصحاب الاجتهاد في الأحكام، كتاب في الإمامة، كتاب فساد الاختيار، رسالة الي بعض الرّؤساء، الردّ علي المثبتة، كتاب الراعي و المرعي، كتاب الدلائل و المعجزات، كتاب ماهيّة النفس، كتاب ميزان العقل، كتاب إبّان حكم الغيبة، كتاب الرّد علي الإسماعيليّة في المعاد، كتاب تفسير القرآن- يقال: إنّه لم يتمه- كتاب في النفس.
هذه جملة الكتب التي أخرجها ابنه أبو محمد.
توفّي أبو القاسم بموضع يقال له: كرمي (1)، من ناحية فسا، و بين هذه الناحية و بين فسا خمسة فراسخ، و بينها و بين شيراز نيف و عشرون فرسخا، توفّي في جمادي الأولي، سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، و قبره بكرمي بقرب الخانظ.
ص: 164
و الحمّام، أوّل ما يدخل كرمي من ناحية شيراز، و آخر ما صنّف مناهج الاستدلال.
و هذا الرجل يدّعي له الغلاة منازل عظيمة، و ذكر الشريف أبو محمد المحمّدي رحمه اللّه أنّه رآه (1).
و قال العلّامة في الخلاصة: عليّ بن أحمد الكوفي، يكنّي أبا القاسم، قال الشيخ الطوسي طاب ثراه فيه: إنّه كان إماميّا مستقيم الطريقة، صنّف كتبا كثيرة سديدة، و صنّف كتبا في الغلوّ و التخليط، و له مقالة تنسب إليه.
قال النجاشي: إنّه كان يقول: إنّه من آل أبي طالب، و غلا في آخر عمره و فسد مذهبه، و صنّف كتبا كثيرة أكثرها علي الفساد، توفّي بموضع يقال له كرمي، بينه و بين شيراز نيّف و عشرون فرسخا، في جمادي الأولي، سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، و هذا الرجل يدّعي له الغلاة منازل عظيمة.
و قال ابن الغضائري: عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفي، المدّعي العلويّة، كذّاب غال، صاحب بدعة و مقالة، و رأيت له كتبا كثيرة، لا يلتفت إليه.
و أقول: و هذا هو المخمّس، صاحب البدع المحدثة، و ادّعي أنّه من بني هارون بن الكاظم عليه السلام، و معني التخميس عند الغلاة- لعنهم اللّه تعالي- أنّ سلمان الفارسي، و المقداد، و عمّار، و أبا ذر، و عمرو بن أميّة الضمري، هم الموكّلون بمصالح العالم، تعالي اللّه عن ذلك علوّا كبيرا (2)، انتهي.
و قد تلخّص من كلماتهم أنّه كان إماميّا مستقيما، من أهل العلم و الفضل، و المؤلّفات السديدة، ثمّ غلا و صار من المخمّسة في آخر عمره، فلو كان الكتاب المذكور في حال الاستقامة، ما كان في تخليطه بعده وهن في0.
ص: 165
الكتاب، و هذا ظاهر لمن نظر فيه، و ليس فيه ممّا يتعلّق بالغلوّ و التخليط شي ء، بل و ممّا يخالف الإماميّة، إلّا في مسألة تحديد حدّ شارب الخمر بالثمانين، و كم له نظائر من أصحابنا، بل هو في أسلوبه، و وضعه، و مطالبه من الكتب المتقنة البديعة، الكاشفة عن علوّ مقام فضل مؤلّفه، و لذا اعتمد عليه علماء أعلام مثل ابن شهرآشوب في مناقبه (1)، و في معالمه إشارة الي ذلك كما لا يخفي علي النّاظر اللّبيب (2)، و الشيخ يونس البياضي في كتاب الصراط المستقيم (3)، بل و كلام العلّامة يشير إلي أنّه من الكتب المعروفة بين الإماميّة، و القاضي في الصوارم المهرقة (4) و غيرهم.
و في رياض العلماء: و هذا السيّد قد ذكره علماء الرجال، لكن قدحوا فيه جدّا، إلّا أنّه قد ألّف في زمان استقامة أمره كتبا عديدة، علي طريقة الشّيعة الإماميّة، منها: كتاب الإغاثة في بدع الثلاثة، و يقال له كتاب الاستغاثة، و كتاب البدع المحدثة أيضا- إلي أن قال- و بالجملة من مؤلّفات هذا السيّد كتاب تثبيت المعجزات في ذكر معجزات الأنبياء جميعا، و لا سيّما نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله، و قد ألّف الشيخ حسين بن عبد الوهّاب- المعاصر للسيّد المرتضي رحمه اللّه و الرضي رضي اللّه عنه- تتميما لكتابة هذا كتابه المعروف بكتاب عيون المعجزات في ذكر معجزات فاطمة و الأئمة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم، و إن ظنّ الأستاذ (5) الاستناد، و جماعة أيضا كون عيون المعجزات للسيّد المرتضي، و قد سبق وجه بطلان هذا الحسبان في ترجمة الحسين بن عبد الوهاب المذكور.ي.
ص: 166
قال الشيخ حسين بن عبد الوهاب- المشار إليه- في أواخر كتاب عيون المعجزات، ما هذا لفظه: و كنت حاولت أن اثبت في صدر هذا الكتاب البعض من معجزات سيّد المرسلين، و خاتم النبيّين صلّي اللّه عليه و آله الطاهرين الطيّبين، فوجدت كتابا ألّفه السيّد أبو القاسم عليّ بن أحمد بن موسي ابن محمد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، سمّاه، تثبيت المعجزات، و قد أوجب في صدره بطريق النظر و الاختيار، و الدليل و الاعتبار، كون معجزات الأنبياء و الأوصياء صلوات اللّه عليهم أجمعين، بكلام بيّن، و حجج واضحة، و دلائل نيّرة، لا يرتاب فيها إلّا ضالّ غافل غويّ، ثمّ أتبعها المشهور من المعجزات لرسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و ذكر في آخرها أنّ معجزات الأئمّة الطاهرة صلوات اللّه عليهم أجمعين زيادة تنساق في أثرها، فلم أر شيئا في آخر كتابه هذا، الّذي سمّاه كتاب تثبيت المعجزات، و تفحّصت عن كتبه و تأليفاته التي عندي و عند إخواني المؤمنين- أحسن اللّه توفيقهم- فلم أر كتابا اشتمل علي معجزات الأئمّة الطاهرة صلوات اللّه عليهم، و تفرّد الكتاب بها، فلمّا أعياني ذلك استخرت اللّه تعالي، و استعنت به في تأليف شطر وافر من براهين الأئمّة الطاهرة عليهم السلام. إلي آخره.
قال رحمه اللّه: ثمّ اعلم أنّ علماء الرجال قد ذمّوه ذمّا كثيرا كما سنفصّله، و لذلك لا يليق بنا إيراد ترجمته في القسم الأوّل من كتابنا هذا، و لكن دعاني الي ذلك أمران.
الأوّل: اعتماد مثل الشيخ حسين بن عبد الوهاب- الذي هو أبصر بحاله- عليه و علي كتابه، و تأليف كتاب تتميما لكتابة.
الثاني: أنّ كتبه جلّها، بل كلّها معتبرة عند أصحابنا، حيث كان في أوّل أمره مستقيما محمود الطريقة، و قد صنّف كتبه في تلك الأوقات، و لذلك اعتمد علماؤنا المتقدمون علي كثير منها، إذ كان معدودا من جملة قدماء علماء الشيعة
ص: 167
برهة من الزمان (1).
و نقل رحمه اللّه في موضع آخر عن الحسين بن عبد الوهّاب، أنّه قال في موضع من كتاب عيون المعجزات: و قرأت من خطّ نسب الي أبي عمران الكرماني، تلميذ أبي القاسم عليّ بن أحمد الموسوي الكوفي رضي اللّه عنه (سمع أبا القاسم رضي اللّه عنه (2) يذكر أنّ التوقيعات تخرج علي يد عثمان أبي (3) عمرو العمري، و كان السّفير بين الصّاحب عليه السلام و الشيعة (4).
إلي آخره.
و في موضع آخر، و من كتاب الاستشهاد: قال أبو القاسم عليّ بن أحمد الكوفي- رضي اللّه عنه- أخبرنا جماعة من مشايخنا الّذين خدموا بعض الأئمّة عليهم السلام، عن قوم جلسوا لعليّ بن محمد عليهما السلام (5). إلي آخره، انتهي ما أردنا نقله من الرياض، و ينبغي التنبيه علي أمرين:
الأوّل: في أنّه سيّد رضويّ، ينتهي نسبه الي موسي بن محمد الجواد عليه السلام، كما صرّح به في عيون المعجزات.
أو موسوي ينتهي نسبه الي هارون بن الكاظم عليه السلام، كما أشار إليه في الخلاصة (6).
أو ليس بعلويّ هاشميّ، كما يشير إليه كلام ابن الغضائري.
و هذا أمر لا يهمّنا تحقيقه، و لا يعود لصرف العمر فيه فائدة لكتابنا هذا، و لذا أعرضنا عنه.3.
ص: 168
الثاني: إنّك قد عرفت تصريح الجماعة بأنّ كتاب البدع المحدثة- المعروف بالاستغاثة- لأبي القاسم الكوفي، كالنجاشي، و العلامة، و السروي، و البياضي، و يلائم سند بعض أخباره طبقته ففي أوّل بدع الثاني: و في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام، برواية الأئمّة من ولده صلوات اللّه عليهم (من المرفق و الي الكعبين)، حدّثنا بذلك عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن جعفر بن محمد عليهما السلام (1).
الخبر، فهو في طبقة الكليني رحمه اللّه و أضرابه، و يشير في الكتاب أحيانا الي كتابه، كتاب الأوصياء (2) الذي صرّح النجاشي بأنّه له.
و قال في أواخر الكتاب، في تحقيق أنّ المقتول في يوم الطفّ عليّ بن الحسين الأكبر أو الأصغر- لمناسبة- ما لفظه: فمن كان من ولد الحسين عليه السلام قائلا بالإمامة بالنصوص، يقول إنّهم من ولد عليّ الأكبر ابن الحسين عليه السلام، و هو الباقي بعد أبيه، و إنّ المقتول الأصغر منهما، و هو قولنا و به نأخذ، و عليه نعوّل ثمّ نقل القول الآخر و نسبه إلي الزيديّة، و طعن عليهم- إلي أن قال- و إنّما أكثر ما بينهم و بينه من الآباء في عصرنا هذا، ما بين ستّة آباء أو سبعة، فذهب عنهم أو عن أكثرهم معرفة من هم من ولده من الأخوين (3).
إلي آخره، و هذا أيضا لا يلائم إلّا الطبقة المذكورة.
فمن الغريب بعد ذلك نسبة هذا الكتاب الي المحقّق ميثم بن عليّ البحراني، ففي الفصل الأوّل من أوّل البحار: كتاب شرح نهج البلاغة، و كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة، للحكيم المدقّق العلّامة كمال الدين ميثم بن3.
ص: 169
عليّ بن ميثم البحراني (1). و في الفصل الثاني: و المحقّق البحراني من أجلّة العلماء و مشاهيرهم، و كتاباه في غاية الاشتهار، انتهي (2).
و لولا كلامه الأخير لاحتملنا كما في الرياض، أن يكون لابن ميثم أيضا كتاب سمّاه بالاستغاثة، فإنّ الاشتراك في أسامي الكتب غير عزيز، و لكنّ الكتاب المتداول المعروف ليس من مؤلّفاته قطعا لما عرفت.
قال المحقّق المحدّث البحراني في اللّؤلؤة بعد نقل ترجمة ابن ميثم، عن رسالة السلافة البهيّة في الترجمة الميثميّة، لشيخه العلّامة الشيخ سليمان البحراني، و عدّ الكتاب المذكور من مؤلّفاته، و توصيفه بأنّه لم يعمل مثله ما لفظه:
ثم إنّ ما ذكره شيخنا المذكور من نسبة كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة للشيخ المشار إليه غلط قد تبع فيه من تقدّمه، و لكن رجع عنه أخيرا فيما وقفت عليه من كلامه، و بذلك صرّح تلميذه الصالح الشيخ عبد اللّه بن صالح البحراني رحمه اللّه، و إنّما الكتاب المذكور كما صرّحا به لبعض قدماء الشيعة من أهل الكوفة، و هو عليّ بن أحمد أبو القاسم الكوفي، و الكتاب يسمّي كتاب البدع المحدثة، ذكره النجاشي في جملة كتبه، و لكن اشتهر في ألسنة الناس تسميته بالاسم الأوّل، و نسبته للشيخ ميثم، و من عرف سليقة الشيخ ميثم في التصنيف، و لهجته و أسلوبه في التأليف، لا يخفي عليه أنّ الكتاب المذكور ليس جاريا علي تلك اللّهجة، و لا خارجا من تلك اللجّة (3)، انتهي.
و بعد الوقوف علي ما أشرنا إليه من القرائن و الحجّة، لا وقع للتشبّث باللّهجة، فإنّه لغريق صار في غمرات اللجّة.
و أغرب من جميع ذلك أنّ الفاضل المتبحّر الشيخ عبد النبيّ الكاظمي في0.
ص: 170
تكملة الرجال، في ترجمة عليّ بن الحسين الأصغر عليه السلام قال: في كتاب الاستغاثة لبدع الثلاثة للشيخ ميثم البحراني، قال: و كان للحسين عليه السلام ابنان، و نقل بعض ما في الكتاب إلي قبيل العبارة التي نقلناها، و هي قوله: و إنّما أكثر ما بينهم- يعني السادات- و بينه- يعني الحسين عليه السلام- من الآباء في عصرنا هذا ما بين ستّة آباء أو سبعة. إلي آخره (1).
و لم يلتفت أنّه لا يمكن أن يكون بين من في عصر ابن ميثم من السادة و بينه عليه السلام ستة أو سبعة بحسب العادة، فإنّ بينهما قريبا من ستمائة سنة، و لنذكر نسب واحد من السادة المعاصرين لابن ميثم، و هو رضيّ الدين عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطاوس بن إسحاق بن محمّد ابن سليمان بن داود بن الحسن المثني بن الحسن المجتبي عليه السلام، و اللّه الهادي.9.
ص: 171
له أيضا، و هو كتاب لطيف، بديع في فنّه، ذكر فيه الأخلاق الحسنة، و الصّفات الذميمة، يبتدئ في كلّ خصلة بالأخبار المأثورة عن النبيّ و الأئمّة عليهم السلام، ثم يذكر كلمات الحكماء، و يختم بأبيات رائقة انشدت فيها، و هو كسابقه في الخلوّ عمّا يوهم التخليط و الغلوّ، و قد عثرنا علي نسخة عتيقة منه، إلّا أنّها ناقصة في مواضع منها.
و في الرياض: و من مؤلّفاته أيضا كتاب في الآداب و مكارم الأخلاق، و هو كتاب جيّد حسن، رأيت نسخة عتيقة منه بقطيف بحرين، و قد قال في أوّله: أنّه ألّف كتبا كثيرة في العلوم و الآداب و الرّسوم، و عندنا أيضا منه نسخة (1).
و قال في موضع آخر: و عندنا من كتبه كتاب الأخلاق حسنة الفوائد (2).
ص: 172
هو تأليف السيّد الإمام الكبير ضياء الدين أبي الرضا، فضل اللّه بن علي بن عبيد اللّه بن محمد بن عبيد اللّه بن محمد بن أبي الفضل عبيد اللّه بن الحسن بن عليّ بن محمد السيلق بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثني بن الحسن المجتبي عليه السلام- الراوندي الكاشاني-.
وصفه العلامة في إجازة بني زهرة، بالسيّد الإمام (1).
و في فهرست الشيخ منتجب الدين: علامة زمانه، جمع مع علوّ النسب كمال الفضل و الحسب، و كان أستاذ أئمّة عصره (2).
قال أبو سعد السمعاني في كتاب الأنساب: لمّا وصلت إلي كاشان قصدت زيارة السيّد أبي الرضا المذكور، فلمّا انتهيت إلي داره (وقفت علي الباب هنيئة) (3) انتظر خروجه، فرأيت مكتوبا علي طراز الباب هذه الآية المشعرة بطهارته و تقواه: إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (4) فلمّا اجتمعت به، رأيت منه فوق ما كنت أسمعه عنه، و سمعت منه جملة من الأحاديث، و كتبت عنه مقاطيع من شعره، و من جملة إشعاره التي كتبها لي بخطّه الشريف هذه الأبيات:
هل لك يا مغرور من زاجر أو حاجز عن جهلك الغامر
أمس تقضّي و غدا لم يجئ و اليوم يمضي لمحة الباصر
ص: 173
فذلك العمر كذا ينقضي ما أشبه الماضي بالغابر (1)
انتهي.
و بالجملة هو من المشايخ العظام الذي تنتهي كثير من أسانيد الإجازات إليه، و هو تلميذ الشيخ أبي عليّ بن شيخ الطائفة قدس سره، و يروي عن جماعة كثيرة من سدنة الدين، و حملة الأخبار، و له تصانيف تشهد بفضله و أدبه، و جمعه بين موروث المجد و مكتسبه، و منه انتشرت الأدعية الجليلة المعروفة بأدعية السرّ، و هو صاحب ضوء الشّهاب في شرح الشهاب، الذي أكثر عنه النقل في البحار، و يظهر منه كثرة تبحّره في اللّغة و الأدب، و علوّ مقامه في فهم معاني الأخبار، و طول باعه في استخراج مأخذها.
و شرح حاله، و عدّ مؤلّفاته، و ذكر مشايخه و رواته، يطلب من رياض العلماء (2)، و غيره و ما يأتي إن شاء اللّه تعالي في ترجمته، في الفائدة الآتية (3) و غيره.
قال الفاضل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة: و قد وقفت علي ديوان هذا السيّد الشريف، فرأيت فيه ما هو أبهي من زهرات الربيع، و أشهي من ثمرات الخريف، فاخترت منه ما يروق سماعه لاولي الألباب، و يدخل الي المحاسن من كلّ باب (4)، ثمّ ساق جملة منها.
ثمّ لا يخفي انّا قد ذكرنا شطرا ممّا يتعلّق بكتاب النوادر في شرح حال الجعفريات، و لنذكر بعض ما يتعلّق بسند أوّله، فنقول: قال في صدر الكتاب، كما في نسختي و كذا نقله في البحار: أخبرني السيّد الإمام ضياء7.
ص: 174
الدين، سيّد الأئمّة، شمس الإسلام، تاج الطالبيّة، ذو الفخرين، جمال آل رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، أبو الرّضا فضل اللّه بن علي بن عبيد اللّه الحسني الراوندي- حرس اللّه جماله و أدام فضله- قال: أخبرنا الإمام الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني- إجازة و سماعا- أخبرني الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن الحسن التميمي البكري- إجازة، أو سماعا- حدّثنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجي، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي. إلي آخر ما تقدّم (1).
و قد مرّ أيضا شرح حال جملة من رجال هذا السند.
و أمّا أبو المحاسن: ففي رياض العلماء: الشيخ الإمام أبو المحاسن، القاضي فخر الإسلام، الشهيد عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الطبري الروياني، كان من أجلّة علماء حلب، و لكن كان يتّقي، و إن ظنّ أنّه من علماء الشافعيّة، و كان في ابتداء أمر الباطنيّة، و كان يطعن فيهم و لذلك قتلوه، و كان من مشايخ السيّد فضل اللّه الراوندي و نظرائه، فكان من المتأخّرين عن المفيد قدس سره بدرجتين، بل درجات، إلّا أنّه قد يظهر من بعض المواضع أنّه كان من مشايخ المفيد، و هو غريب فلاحظ.
و يروي عن جماعة كثيرة، منهم الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن الحسن التميمي البكري، عن سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، كما يظهر من كتاب نوادر الراوندي.
ثم إنّه وقع في بعض أحاديث كتاب الأربعين للشيخ منتجب الدين صاحب الفهرس، هكذا: أخبرنا أبو النجيب سعيد بن محمد بن أبي بكر الحمامي- بقراءتي عليه- أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي حازم الركاب، حدّثنا أبو4.
ص: 175
معمّر جعفر بن عليّ الوزان (1).
(حيلولة): و أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي القاسم الحصيري- قراءة عليه- أخبرنا أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، قالا: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن شجاع بن محمد المصقلي الحافظ. إلي آخره.
و في موضع آخر منه: أخبرنا أبو الفتوح محمود بن محمد بن عبد الجبار المذكر الهرمز دياري السّروي، ثم الجرجاني- قدم علينا الريّ قراءة عليه- أخبرنا القاضي أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني (2). إلي آخره.
قال: و قد نقل بعض الأفاضل أنّ الشيخ أبا المحاسن هذا أوّل من أفتي بإلحاد الطائفة الباطنيّة، حيث كانوا يقولون بأنّه لا بدّ من معلّم يعلّم الناس الطريق الي اللّه تعالي، و كان ذلك المعلّم يقول لا يجب عليكم إلّا طاعتي، و ما سوي ذلك إن شئتم فافعلوا و إن شئتم فلا تفعلوا، و لمّا جاء هذا الشيخ الي قزوين أفتي بإلحادهم، و وصي لأهل قزوين التجنّب عنهم حين كان بينهم و [بين] (3) الباطنيّة اختلاط، و قال: إن وقع بينكم و بينهم اختلاط ففيهم قوم عندهم حيل يخدعون بعضكم، و إذا خدعوا بعضكم وقع الاختلاف و الفتنة، و الأمر كان علي ما أشار إليه هذا الشيخ، و قال: إن جاء من ذلك الجانب طائر فاقتلوه، فلمّا عاد هذا الشيخ إلي بلدة رويان (4)، بعث الباطنيّة بعض الفدائيّة».
ص: 176
كما هو دأب هؤلاء الملاعين، فقتله غيلة بالخفية، و قد عاش سعيدا و مات حميدا.
و قال ابن الأثير الجزري في الكامل: إنّ القاضي الإمام فخر الإسلام أبو المحاسن، عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد الروياني الطبري، الفقيه الشافعي، كان مولده سنة خمس عشرة و أربعمائة، و قتل في محرّم سنة اثنتين و خمسمائة، و كان حافظا للمذهب، و يقول: لو أحرقت كتب الشافعي لأمليتها من قلبي، انتهي (1).
و أقول: و الحقّ أنّ الروياني كان يعمل بالتقيّة، فلذلك قد ظنّ به العامّة كونه من الشافعيّة انتهي ما أردنا نقله من الرياض (2).
و صرّح ابن شهرآشوب في المناقب: إنّ جدّه شهرآشوب يروي عن القاضي أبي المحاسن الروياني (3).
و أمّا الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن الحسن التميمي البكري، فلم أجد له ترجمة، و الظاهر أنّه من مشايخ الإجازة، ذكروه لمجرّد اتّصال السند الي كتاب علم انتسابه إلي مؤلّفه، فلا يضرّ الجهل بحاله، أو هو من علائم الوثاقة إن اعتمدوا عليه في الانتساب، و اللّه العالم.0.
ص: 177
و هو التفسير الكبير، للشيخ الجليل أبي الفتوح الحسين بن عليّ بن محمد ابن أحمد الخزاعي، الرازي، النيشابوري، قدوة المفسرين، من مشايخ الشيخ منتجب الدين و ابن شهرآشوب.
ذكراه في الفهرست (1) و المعالم، و في الثاني: إنّ تفسيره فارسي (2)، إلّا أنّه عجيب.
قال في الرياض: و أمّا تفسيره الفارسي فهو من أجلّ- الكتب، و أفيدها و أنفعها، و قد رأيته فرأيت بحرا طمطاما، قال: و كان هو، و ولده الشيخ الإمام تاج الدين محمد، و والده، و جدّه القريب، و جدّه الأعلي الشيخ أبو بكر أحمد، و عمّه الأعلي و هو الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ أبي بكر أحمد المذكور، كلّهم من مشاهير العلماء.
و بالجملة هؤلاء سلسلة معروفة من علماء الإماميّة، و لكلّ واحد منهم تأليفات جياد، و تصنيفات عديدة حسان (3)، انتهي.
و هذا التفسير العجيب في عشرين مجلّدا، و فيه أخبار كثيرة تناسب أبواب كتابنا هذا، إلّا أنّه لكونه بالفارسيّة، و يحتاج نقله إلي الترجمة ثانيا بالعربيّة، و يخاف منها فوات بعض مزايا الأخبار، لم نرجع إليه إلّا قليلا، و قد ينقل الخبر بمتنه ثم يترجمه، فأخرجناه سالما و الحمد للّه.
ص: 178
للشيخ الأجلّ الأعظم أبي جعفر الطوسي قدس سره، و جلالة قدر صاحبها تغني عن التعرّض لحاله.
ص: 179
للشيخ الجليل أبي الفتح محمد بن عليّ بن عثمان بن عليّ الكراجكي، الفقيه المتكلّم، الذي يعبّر عنه الشهيد قدس سره في الدروس بالعلّامة (1)، تلميذ شيخنا المفيد و السيّد المرتضي قدس سرهما، صاحب كتاب كنز الفوائد الذي طابق اسمه معناه، و هذا الكتاب علي حذو كتاب القرائن من كتب المحاسن، و كتاب الخصال، إلّا أنّه لم يتجاوز فيه من أبواب العشرة، و زاد بعد نقل الأخبار ما يناسبها من كلمات العلماء الأخيار.
ص: 180
للشيخ الفقيه، المحدّث النبيه، سعيد بن هبة اللّه، المدعو بالقطب الراوندي صاحب الخرائج، و شارح النهج، اختصره من كتاب فصول نور الدين عبد الوهاب الشعراني العامي، لخصه و ألقي ما فيه من الزخارف و الأباطيل. و قد رأيت المجلّد الثاني من الفصول في المشهد الرضوي عليه السلام يقرب من تمام كتاب اللّباب، و هذا كتاب حسن كثير الفوائد، مشتمل علي مائة و خمسة و خمسين مجلسا، في تفسير مثلها من الآيات علي ترتيب القرآن.
و في الرياض: و له كتاب تلخيص فصول عبد الوهاب في تفسير الآيات و الروايات، مع ضمّ الفوائد و الأخبار من طرق الإماميّة، قد رأيته في بلدة أردبيل، و هو كتاب حسن، انتهي (1).
و هو داخل في فهرست البحار، قال قدس سره: و كتاب اللّباب المشتمل علي بعض الفوائد (2). لكنّه رحمه اللّه غفل عنه فلم ينقل عنه في البحار، و الظاهر أنّه لم يكن عنده وقت تأليفه، كما يظهر من المكتوب الذي أرسله إليه بعض تلامذته، و أدرجه في آخر إجازات البحار، في استدراك ما فاته من الكتب الموجودة و غير ذلك، ثمّ استدرك رحمه اللّه بعضا و ترك بعضا. و في المكتوب:
و شرحا النهج للراونديّين قد نقلتم عنهما في كتاب الفتن و غيره، من كتب البحار، و كتاب اللّباب للأوّل عند الأمير زين العابدين بن سيّد المبتدعين عبد الحسيب، حشره اللّه مع جدّه القمقام يوم الدين (3). إلي آخره.
و بالجملة فاعتبار الكتاب يعرف من اعتبار مؤلّفه، الذي هو في المقام فوق ما يصفه مثلي بالقلم، أو اللّسان.
ص: 181
له أيضا سمّاه سلوة الحزين، قال في البحار: وجدنا منه نسخة عتيقة، و فيه دعوات موجزة شريفة، مأخوذة من الأصول المعتبرة، علي أنّ الأمر في سند الدعاء هيّن (1)، انتهي.
قلت: ليس هو مقصورا علي الأدعية، بل فيه ممّا يتعلّق بحالتي الصحّة و المرض، و آداب الاحتضار، و ما يتعلّق بما بعد الموت، و فوائد كثيرة، و نوادر عزيزة.
و ممّا يجب التنبيه عليه في هذا المقام، انّني كنت معتقدا في سالف الزمان، أنّ هذا الكتاب من تأليف السيّد فضل اللّه الراوندي المتقدّم ذكره، و نسبته إليه في كلّ مقام نقلت منه فيما برز منّي، كدار السلام، و النجم الثاقب و غيرهما، و قد ظهر لي من بعد ذلك أنّه للقطب الراوندي و هذا اشتباه لا يترتّب عليه أثر، و لا يضعّف به خبر، لأنّ كلاهما من أجلّة المشايخ و أساتيذ العصر، إلّا أنّه يوجد في النفس بعد التنبيه انكسار لا بدّ من جبره، و لا جابر إلّا الالتفات الي ما وقع لمولانا العلامة المجلسي رحمه اللّه في هذا المقام من الاشتباه، و اختلاط كتب هذين العالمين الراونديّين عليه، و نسبته تأليف أحدهما إلي الآخر.
و لحسن الظنّ به اعتمدنا عليه و لم نراجع المأخذ، فوقعنا فيما وقعنا مع إنّه رحمه اللّه جذيلها المحكّك و عذيقها المرجّب. فقال في الفصل الأوّل: و كتاب الخرائج و الجرائح، للشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي، و كتاب قصص الأنبياء له أيضا، علي ما يظهر من أسانيد الكتاب و اشتهر أيضا، و لا يبعد أن يكون تأليف فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسني الراوندي، كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاوس قدس سره.
ص: 182
و قد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم، و كتاب فلاح السائل، و الأمر فيه هيّن لكونه مقصورا علي القصص، و أخباره جلّها مأخوذة من كتب الصدوق.
و كتاب فقه القرآن للأوّل أيضا. و كتاب ضوء الشهاب، شرح شهاب الأخبار للثاني فضل اللّه- رحمه اللّه- و كتاب الدعوات، و كتاب اللّباب، و كتاب شرح نهج البلاغة، و كتاب أسباب النزول له أيضا، انتهي (1).
و ظاهر العبارة بل صريحها أنّ الكتب الأربعة الأخيرة للسيّد الراوندي لا لقطبها، إذ عود ضمير «له» إليه مستهجن جدّا، إذ لا وجه لتوسيط ذكر كتاب ضوء الشهاب الذي هو من مؤلّفات السيد.
و قد تفطّن صاحب الرياض الي هذا الاشتباه، و أشار إليه في ترجمتهما، و صرّح هو و غيره بأنّ الكتب الأربعة للقطب لا له (2).
و العجب أنّ العلّامة المذكور قال في الفصل الثاني في شرح حال الكتب المذكورة: و كتاب ضوء الشهاب كتاب شريف، مشتمل علي فوائد جمّة، خلت عنها كتب الخاصّة و العامّة، و كتاب اللّباب المشتمل علي بعض الفوائد، و شرح النهج مشهور معروف، رجع إليه أكثر الشرّاح، و كتاب أسباب النزول فيه فوائد، انتهي (3).
و فيه أيضا تأكيد لما ذكرنا، مع أنّ شرح النهج المتداول غير خفيّ أنّه للقطب، فراجع.1.
ص: 183
و هو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضا، و هو من نفائس الكتب النافعة الجامعة، الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفها، و علوّ مقامه في العلوم الدينيّة، و قد عثرنا- بحمد اللّه تعالي- علي نسخة عتيقة منه، كتب في آخره: كتبه سعيد بن هبة اللّه بن الحسن، في محرّم سنة اثنتين و ستّين و خمسمائة، حامدا لربّه، و مصلّيا علي محمّد و آله- إلي هنا كلام المصنّف رحمه اللّه- و تمّ الكتاب علي يد العبد الفقير الي اللّه تعالي، الحسن بن الحسين بن الحسن (السدّ السوي) (1) ناقلا عن خطّ المصنّف إلّا قليلا، أواسط صفر، ختم بالخير و الظفر، شهور سنة أربعين و سبعمائة هجريّة، بمدينة قاشان. إلي آخره.
قال في الرياض: ثمّ إنّ القطب الراوندي قدس سره هو أوّل من شرح نهج البلاغة، و أوّل من ألّف تفسير آيات الأحكام، فلاحظ (2).
قلت: أمّا الثاني فالظاهر أنّه كما ذكره، و أمّا النهج فأوّل من شرحه أبو الحسن البيهقي (3) و هو حجّة الدين، فريد خراسان، أبو الحسن بن أبي القاسم زيد- صاحب لباب الألباب، و حدائق الحدائق، و غيرها- ابن محمد ابن عليّ البيهقي، من أولاد خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين.
قال في أوّل شرحه: قرأت كتاب نهج البلاغة علي الإمام الزاهد الحسن ابن يعقوب بن أحمد القاري، و هو و أبوه في فلك الأدب قمران، و في حدائق
ص: 184
الورع ثمران، في شهور سنة ستّ عشرة و خمسمائة، و خطّه شاهد لي بذلك- إلي أن قال- و لم يشرح قبلي من كان من الفضلاء السابقين هذا الكتاب بسبب موانع (1). إلي آخره.4.
ص: 185
قال في البحار: هو لبعض قدماء أصحابنا، و يظهر من القرائن الجليّة أنّه من مؤلّفات الثقة الجليل أبي عليّ محمد بن همام (1).
و قال في موضع آخر: و كتاب التمحيص، و متانته تدلّ علي فضل مؤلّفه، و إن كان مؤلّفه أبا عليّ كما هو الظاهر، ففضله و توثيقه مشهوران (2).
قلت: و لم يشر إلي القرائن، و الذي يظهر منها من الكتاب، قوله في أوّل الكتاب بعد الديباجة، باب سرعة البلاء إلي المؤمنين: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همام، قال: حدّثني عبد اللّه بن جعفر (3). إلي آخره، و هذا هو المرسوم في غالب كتب المحدّثين من القدماء، أنّ الرواة عنهم من تلاميذهم يخبرون عن روايتهم عنه في صدر كتبهم، فراجع الكافي، و كتب الصدوق، و غيرها، تجدها علي ما وصفناه.
و بهذا يظنّ أنّ التمحيص له، و لكنّ الشيخ الجليل النبيل، الشيخ إبراهيم القطيفي، قال في خاتمة كتاب الفرقة الناجية، الحديث الأول: ما رواه الشيخ العالم، الفاضل العامل، الفقيه النبيه، أبو محمد الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّاني قدّس اللّه روحه الزكيّة في كتابه المسمّي بالتمحيص، ثمّ أخرج منه خمسة أحاديث، و هو صاحب كتاب تحف العقول المتداول المعروف.
و في الرياض: و أمّا قول الأستاذ الاستناد بأنّ كتاب التمحيص من مؤلّفات غيره- أي غير الحسن المذكور- فهو عندي محلّ تأمّل، لأنّ الشيخ
ص: 186
إبراهيم أقرب و أعرف، مع أنّ عدم ذكر كتاب التمحيص في جملة مؤلّفاته، التي أوردها أصحاب الرجال في كتبهم مع قربهم إليه، يدلّ علي أنّه ليس منه، فتأمّل (1).
و وافقهما علي ذلك الشيخ الجليل في أمل الآمل، إلّا أنّه نسبه إلي القاضي في المجالس (2)، و فيه سهو ظاهر، فإنّ القاضي نقل في ترجمة القطيفي (3) ما أخرجه من كتاب التمحيص بعبارته (4)، و لا يظهر منه اختياره ما اختاره من النسبة.
ثمّ إنّي إلي الآن ما تحقّقت طبقة صاحب تحف العقول (5)، حتّي استظهر منها ملاءمتها للرواية عن أبي عليّ محمد بن همام و عدمها.
و القطيفي من العلماء المتبحّرين، إلّا أنّه لم يعلم أعرفيّته في هذه الأمور من العلامة المجلسي رحمه اللّه، و هو في طبقة المحقّق الكركي، و هذا المقدار من التقدّم غير نافع في المقام.
نعم ما ذكره صاحب الرياض أخيرا يورث الشك في النسبة، إلا أنّه يرتفع بملاحظة ما ذكرنا.
و مع الغضّ عنه فالكتاب مردّد بين العالمين الجليلين الثقتين، فلا يضرّ الترديد في اعتباره، و الاعتماد عليه.ي.
ص: 187
له أيضا، و هو داخل في فهرست مآخذ الوسائل (1)، إلّا أنّ المؤلّف رحمه اللّه لم ينقل منه إلّا ما صرح فيه بالرواية، و ترك باقيه لزعمه انّه من كلامه، و الحقّ إنّ ما فيه عين متون الأخبار الصحيحة، بالمعني الأخصّ الذي عليه المتأخّرون، لا لما اشتهر من أنّ فتاوي القدماء في كتبهم متون الأخبار، و إن كان حقّا، و لذا كانوا يرجعون إلي شرائع أبيه- و هو رسالته إليه- عند اعوزاز النصوص، بل لأمرين آخرين:
الأوّل: تصريحه بذلك في أوّل الكتاب، قال رحمه اللّه بعد الخطبة: قال محمد بن عليّ: ثمّ إنّي صنّفت كتابي هذا، و سمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرؤه بما فيه، و حذفت الإسناد منه لئلّا يثقل حمله، و لا يصعب حفظه، و لا يملّه قارئه، إذ كان ما أبيّنه فيه في الكتب الأصوليّة موجودا، مبيّنا عن المشايخ العلماء، الفقهاء الثقات رحمهم اللّه أرجو بذلك ثواب اللّه، و أبتغي به مرضاته، و أطلب الأجر عنده (2)، و هذه العبارة كما تري متضمّنة لمطالب:
الأوّل: إنّ ما في الكتاب خبر كلّه، إلّا ما يشير إليه.
الثاني: إنّ ما فيه من الأخبار مسند كلّه، و عدم ذكر السند فيه للاختصار، لا لكونها من المراسيل.
الثالث: إنّ ما فيه من الأخبار مأخوذ من أصول الأصحاب، التي هي مرجعهم، و عليها معوّلهم، و إليها مستندهم، و فيها مباني فتاويهم.
الرابع: إنّ أرباب تلك الأصول و رجال طرقه إليها، من ثقات العلماء،
ص: 189
و بذلك فاق قدره عن كتابه الفقيه، الذي عدّ من مآخذه كتاب نوادر الحكمة، و كتب المحاسن، و فيهما من ضعاف الأخبار بزعمه و زعم المتأخّرين ما لا يحصي، فإذا لا فرق فيما أدرجه فيه بين أن يقول: روي عن فلان و ما أشبهه، أو يذكر حكم المسألة من غير استناد في الاعتبار و التعويل عليه.
الثاني: ما يظهر من مواضع من الكتاب أنّ ما يذكره متن الحديث.
ففي أحكام البئر: و إن وقعت في البئر فأرة، أو غيرها من الدواب فماتت، فعجن من مائها، فلا بأس بأكل ذلك الخبز إذا أصابته النار، و في حديث آخر: أكلت النار ما فيه (1). فلو لا أنّ الكلام الأوّل متن الخبر، لما كان لقوله:
و في حديث آخر محلّ.
و مثله في غسل الجنابة: و إن اغتسلت من الجنابة و وجدت بللا، فإن كنت بلت قبل الغسل فلا تعد الغسل، و إن كنت لم تبل قبل الغسل فأعد الغسل و في حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضّأ (2).
و مثله في الخلل: و إن لم تدر اثنتين صلّيت أو خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهّد و سلّم، و صلّ ركعتين و أربع سجدات و أنت جالس بعد تسليمك. و في حديث آخر تسجد سجدتين بغير ركوع، و لا قراءة (3).
و مثله في آخر الباب، و في باب الصوم: اعلم أنّ الصوم علي أربعين وجها، و ساق الخبر المرويّ عن الزهري، عن السجاد عليه السلام- الي أن قال- قال الزهري: و كيف يجزي صوم تطوّع عن صوم فريضة (4)، مع أنّه ما تعرّض للراوي، و لا المروي عنه في صدر الخبر.7.
ص: 190
و في كتاب النكاح: و إذا تزوّج الرجل المرأة فزني قبل أن يدخل بها، لم تحلّ له لأنّه زان، و يفرّق بينهما، و يعطيها نصف الصداق، و في حديث آخر:
يجلد الحدّ، و يحلق رأسه. إلي آخره (1).
و فيه: و لا تحلّ القابلة للمولود و لا ابنتها، و هي كبعض أمّهاته، و في حديث آخر: إن قبّلت و مرّت فالقوابل أكثر من ذلك، و إن قبّلت و ربّت حرمت عليه (2).
و هذا المقدار يكفي لإثبات ما أردناه، و من هنا ظهر وجه نقل المجلسي رحمه اللّه ما فيه كنقله عن سائر كتب الأخبار، لكنّه رحمه اللّه فعل بكتاب الهداية ما فعل به، لظنّه أنّه أيضا مثله، و الظاهر أنّه كذلك، و لكنّا ما اعتمدنا عليه، لعدم ما يدلّ علي اعتباره، فاقتصرنا في النقل عنه بما أسنده إلي المعصوم عليه السلام.9.
ص: 191
في كلمات النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام. للشيخ الأجلّ الشريف أبي يعلي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي (1)، تلميذ الشيخ المفيد قدس سره، و الجالس مجلسه، و هو متكلّم فقيه، قائم بالأمرين جميعا، قاله النجاشي (2)، و العلّامة (3).
و قال الأوّل في ترجمة السيّد المرتضي: تولّيت غسله و معي الشريف أبي يعلي محمد بن الحسن الجعفري، و سلّار بن عبد العزيز (4).
و هذا كتاب لطيف، صغير الحجم، عظيم القدر، أسقط أسانيد جميع ما فيه، إلّا خبرا واحدا ذكره في آخر الكتاب، و هو الخبر المعروف في ذكر جماعة زهّاد ثلاثين، كانوا عند المستجار، و شاهدوا الصّاحب عليه السلام من غير أن يعرفوه، و علّمهم بعض الدعوات، فقال: لمع ممّا روي عن مولانا صاحب الزمان عليه السلام: أخبرني الشيخ أبو القاسم عليّ بن محمد بن محمد المفيد
ص: 192
رضي اللّه عنه قال: حدّث أبو محمد هارون بن موسي (1). إلي آخره. و ما رأينا ترجمة و ذكرا لولد المفيد هذا (2)، إلّا في هذا المقام.ظ.
ص: 193
المنسوب إلي أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، علي ما صرّح به جماعة من العلماء الأعلام، أوّلهم فيما أعلم السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاوس، في الفصل السابع من الباب السادس، من كتاب أمان الأخطار قال: و يصحب- أي المسافر- معه كتاب الإهليلجة، و هو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه السلام للهندي، في معرفة اللّه جلّ جلاله، بطرق غريبة عجيبة ضروريّة، حتي أقرّ الهندي بالإلهيّة و الوحدانيّة، و يصحب معه كتاب مفضّل ابن عمر، الذي رواه عن الصادق عليه السلام، في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي، و إظهار إسراره، فإنّه عجيب في معناه، و يصحب معه كتاب مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة، عن الصادق عليه السلام، فإنّه كتاب لطيف شريف، في التعريف بالتسليك الي اللّه جلّ جلاله، و الإقبال عليه، و الظفر بالأسرار التي اشتملت عليه، فإنّ هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلّد واحد، و هي كثيرة الفوائد (1).
و الفاضل المتبحّر الشيخ إبراهيم الكفعمي قدس سره- صاحب الجنّة- في كتاب مجموع الغرائب، قال: و من كتاب مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة:
قال الصادق عليه السلام: «إعراب القلوب أربعة.» إلي آخره. و قال الصادق عليه السلام: «سمّي المستراح مستراحا.» إلي آخره. و قال الصادق عليه السلام: «السخاء من أخلاق الأنبياء عليهم السلام.» إلي آخره، ثمّ نقل شيئا من فضل الحلم و التقوي (2).
و شيخ الفقهاء الشهيد الثاني قدس اللّه روحه، فإنّه اعتمد عليه غاية الاعتماد، و نسب ما فيه إلي الصادق عليه السلام من غير تردّد و ارتياب، فقال
ص: 194
في كشف الريبة، في مقام ذكر علاج الغيبة ما لفظه: جملة ما ذكروه من الأسباب الباعثة علي الغيبة عشرة أشياء، قد نبّه الصادق عليه السلام عليها بقوله: «أصل الغيبة عشرة» و ذكر ما فيه، ثم قال: و نحن نشير إليها مفصّلة، ثمّ شرح الأصول العشرة المذكورة، ثمّ شرع في ذكر علاجها (1).
و قال رحمه اللّه في منية المريد: و قال الصادق عليه السلام: «المراء داء دويّ، و ليس في الإنسان خصلة شرّ منه» إلي آخر ما في المصباح. و قال في آخره: هذا كلّه من كلام الصادق عليه السلام (2).
و قال رحمه اللّه في مسكّن الفؤاد: فصل، قال الصادق عليه السلام:
«البلاء زين المؤمن، و كرامة لمن عقل» إلي آخر ما في الباب التسعين من الكتاب. و قال في آخر الفصل: و هذا الفصل كلّه من كلام الصادق عليه السلام (3)، ثمّ قال: فصل، قال الصادق عليه السلام: «الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور» إلي آخر ما في الباب الذي بعده، و لم يذكر في هذا الفصل أيضا من غيره (4).
و في كتاب أسرار الصلاة أخرج منه جميع ما له تعلّق بالصلاة، من مقدّماتها، و آدابها، و أفعالها إلي التسليم، مبتدئا في جميع المواضع بقوله: قال الصادق عليه السلام، من دون أن يذكر اسم الكتاب، و دأبه في نقل سائر الأخبار أن يقول: روي فلان، أو عن فلان، و بذلك يظهر ما أشرنا إليه من شدّة اعتماده، لأنّه رحمه اللّه تعالي قال في شرح درايته: و إذا نقل من نسخة موثوق بها في الصحّة، بأن قابلها هو، أو ثقة، علي وجه وثق به، لمصنف من8.
ص: 195
العلماء، قال فيه- أي في نقله من تلك النسخة: - قال فلان- يعني ذلك المصنّف- و ألا يثق بالنسخة، قال: بلغني عن فلان أنّه ذكر كذا و كذا، أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني و ما أشبه ذلك من العبارات.
و قد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك، من غير تجوّز و تثبّت، فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلي مصنّف معيّن، و ينقل منه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا: قال فلان كذا، و ذكر فلان كذا.
و ليس بجيّد، بل الصواب ما فصّلناه (1). و هذا الكلام منه رحمه اللّه و إن كان في مقام علم انتساب النسخة إلي المؤلّف، و لم يطمئن بصحّة ما فيها، و لكنّه يدلّ فيما لم يعلم أصل النسبة بطريق أولي.
و قال المحقّق الداماد قدس سره في الرواشح، في ردّ من استدلّ علي حجّيّة المراسيل مطلقا: بأنّه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل، لما ساغ له إسناد الحديث إلي المعصوم سلام اللّه عليه، و كان جزمه بالإسناد الموهم لسماعة إيّاه من عدل تدليسا في الرواية، و هو بعيد من أئمّة النقل، قال: و إنّما يتمّ إذا كان الإرسال بالإسقاط رأسا و الإسناد جزما، كما لو قال المرسل: قال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، أو قال الإمام عليه السلام ذلك، و ذلك مثل قول الصدوق، عروة الإسلام رضي اللّه عنه في الفقيه، قال عليه السلام: «الماء يطهّر و لا يطهّر (2)» إذ مفاده الجزم، أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن تكون الوسائط عدولا في ظنّه، و إلّا كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته و عدالته، بخلاف ما لو التزم العنعنة و أبهم الواسطة، كقوله: عن رجل، أو عن صاحب لي، أو عن بعض أصحابه مثلا، انتهي (3).4.
ص: 196
و من هنا قيل: إنّ هذا الصنف من مراسيل الفقيه، إن لم يكن أقوي ممّا عرف إسناده، فلا يقصر عنه.
و بالجملة فهو- رحمه اللّه- أحقّ بأن يعمل بما قرّره، و من سبر مؤلّفاته عرف شدّة إتقانه و ضبطه في نقل الأخبار و الآثار، و رعاية القوانين المودعة في كتب الدراية.
و السيّد الجليل، العالم المتبحّر النبيل، السيد حسين القزويني، قال في المبحث الخامس من كتاب جامع الشرائع، في بيان الاعتماد علي مؤلّفي الكتب المنتزعة منها، قال: و مصباح الشريعة المنسوب إليه- يعني الصادق عليه السلام- بشهادة الشارح الفاضل- يعني الشهيد الثاني رحمه اللّه- و السيد ابن طاوس، و الفاضل العارف مولانا محسن القاساني، و غيرهم، فلا وجه لتشكيك بعض المتأخّرين بعد ذلك، انتهي.
و قال العلّامة المجلسي في البحار: و كتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللّبيب الماهر، و أسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمّة عليهم السلام و آثارهم، و روي الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني، بإسناده عن شقيق البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم.
و هذا يدلّ علي أنّه كان عند الشيخ- رحمه اللّه- و في عصره، و كان يأخذ منه، و لكنّ لا يثق به كلّ الوثوق، و لم يثبت عنده كونه مرويّا عن الصادق عليه السلام، و إنّ سنده ينتهي إلي الصوفيّة، و لذا اشتمل علي كثير من اصطلاحاتهم، و علي الرواية من مشايخهم، و من يعتمدون عليه في رواياتهم، و اللّه يعلم، انتهي (1).
قلت: أمّا مغايرة الأسلوب فغير مضرّ، و سنشير ان شاء اللّه إلي وجهه.
و أمّا قوله: و روي الشيخ بعض أخباره. إلي آخره، ثمّ فرّع عليه2.
ص: 197
وجود الكتاب عنده، و عدم اعتماده عليه، فهو في غاية الغرابة سيّما من مثله، إذ ليس فيه إلّا حديث واحد غير مأخوذ عن هذا الكتاب يقينا، و نحن نذكر الخبرين حتّي يتبيّن للناظر صدق ما ادّعيناه.
ففي الباب الثامن و السبعين من المصباح و هو في تبجيل الإخوان، بعد التصدير بكلام الصادق عليه السلام، علي ما هو رسم الكتاب و ظهور اختتام كلامه عليه السلام: قيل لعيسي بن مريم عليه السلام: كيف أصبحت؟ قال:
«لا أملك نفع ما أرجوه، و لا أستطيع دفع ما أحذره، مأمورا بالطاعة، منهيّا عن المعصية، فلا أري فقيرا أفقر منّي».
و قيل لأويس القرني: كيف أصبحت؟ قال: كيف يصبح رجل إذا أصبح لا يدري أ يمسي و إذا أمسي لا يدري أ يصبح؟! قال أبو ذر- رضي اللّه عنه-: أصبحت أشكر ربي، و أشكو نفسي.
قال النبيّ صلّي اللّه عليه و آله: «من أصبح و همّته غير اللّه فقد أصبح من الخاسرين المعتدين» انتهي (1).
و في مجالس الشيخ، في مجلس يوم الجمعة، الثاني من رجب سنة 457:
أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياطي، قال: حدّثنا محمد بن حمّاد الشّاسي (2)، عن حاتم الأصمّ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي، عمّن أخبره من أهل العلم، قال: قيل لعيسي بن مريم عليه السلام: كيف أصبحت يا روح اللّه؟ قال:
«أصبحت و ربّي تبارك و تعالي من فوقي، و النار أمامي، و الموت في طلبي، لا أملك ما أرجو، و لا أطيق دفع ما أكره، فأيّ فقير أفقر منّي؟!».
و قيل للنبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: كيف أصبحت؟ قال: «بخير مني.
ص: 198
رجل لم يصبح صائما، و لم يعد مريضا، و لم يشهد جنازة».
قال: و قال جابر بن عبد اللّه الأنصاري: لقيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم صباحا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: «بنعمة من اللّه، و فضل من رجل لم يزر أخا، و لم يدخل علي مؤمن سرورا» قلت: و ما ذلك السرور؟ قال: «يفرّج عنه كربا، أو يقضي عنه دينا، أو يكشف عنه فاقة».
قال جابر: و لقيت عليّا عليه السلام يوما، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: «أصبحنا و بنا من نعم اللّه و فضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه، فما ندري أيّ نعمة نشكر، أ جميل ما ينشر، أم قبيح ما يستر؟».
و قيل لأبي ذر- رضي اللّه عنه-: كيف أصبحت يا صاحب رسول اللّه؟
قال: أصبحت بين نعمتين، بين ذنب مستور، و ثناء من اغترّ به فهو مغرور.
و قيل للربيع بن خيثم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحت في أجل منقوص، و عمل محفوظ، و الموت في رقابنا، و النار من ورائنا، ثمّ لا ندري ما يفعل بنا.
و قيل لأويس بن عامر القرني: كيف أصبحت يا أبا عامر؟ قال: ما ظنّكم بمن يرحل الي الآخرة كل يوم مرحلة، لا يدري إذا انقضي سفره، أعلي جنّة يرد أم علي نار؟! قال: و قال عبد اللّه بن جعفر الطيّار: دخلت علي عمّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام صباحا، و كان مريضا، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: «يا بنيّ كيف أصبح من يفني ببقائه، و يسقم بدوائه، و يؤتي من مأمنه».
و قيل لعليّ بن الحسين عليهما السلام: كيف أصبحت يا ابن رسول اللّه؟
قال: «أصبحت مطلوبا بثمان: اللّه تعالي يطلبني الفرائض، و النبيّ صلّي اللّه عليه و آله بالسنّة، و العيال بالقوت، و النفس بالشهوة، و الشيطان باتّباعه،
ص: 199
و الحافظان بصدق العمل، و ملك الموت بالروح، و القبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب».
و قيل لابنه محمد بن عليّ عليهما السلام: كيف أصبحت؟ قال: «أصبحنا غرقي في النعمة، موفورين بالذنوب، يتحبّب إلينا إلهنا بالنعم، و نتمقّت إليه بالمعاصي، و نحن نفتقر إليه، و هو غنيّ عنّا».
و قيل لبكر بن عبد اللّه المزني: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت قريبا أجلي، بعيدا أملي، سيّئا عملي، و لو كان لذنوبي ريح ما جالستموني.
قال: و قيل لرجل من المعمّرين: كيف أصبحت؟ قال:
أصبحت لا رجلا يغدو لحاجته و لا قعيدة بيت تحسن العملا
و قيل لأبي الرجاء العطاردي، و قد بلغ عشرين و مائة سنة: كيف أصبحت؟ قال:
أصبحت لا يحمل بعضي بعضا كأنّما كان شبابي قرضا
(1) و أنت خبير بما بين الخبرين من الطول و الاختصار، و لو كان ما في الأوّل أطول لأمكن احتمال أن يكون الثاني مختصرا منه، و أمّا العكس فغير متصوّر، مع أنّ في المقدار المتّفق منهما من الاختلاف ما لا يحتمل أن يكون أحدهما مأخوذا من الآخر.
ثمّ من أين علم أنّ الشيخ أخرج الخبر عنه؟ فلعلّه أخرجه من كتب بعض من ذكر في رجال السند كحاتم الأصمّ، و شقيق البلخي، و غيرهما، و التعبير عنه عليه السلام بقوله: عمّن أخبره من أهل العلم منه كما هو الظاهر لا من الشيخ، بل هذا غير معهود منه و من غيره من المصنّفين، فإنّهم إذا أخرجوا خبرا من كتاب، ما كانوا ليغيّروا بعض ما في سنده أو متنه، إلّا ان يقع منهم3.
ص: 200
سهو فيهما.
ثمّ إنّ الذي يستظهر من العلماء من التأمّل في الكتاب، أنّ ما نسب إليه هو ما صدّر به الأبواب بقوله: قال الصادق عليه السلام، و ما فيه من الرواية و نقل الآثار من الجامع الذي كان يملي عليه، فلو أغمضنا من جميع ما ذكرنا، فالذي أخرجه الشيخ من كلام الجامع، و التعبير «عنه» بما عبّره، لا يدلّ علي عدم الوثوق الذي استظهره، و لكنّ الظاهر من الشهيد في مسكّن الفؤاد بل صريحه، كون كلّه منه عليه السلام، فلاحظ.
و قال الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي، في آخر مقدّمة كتاب درر اللآلي العماديّة ما لفظه: و سأختم هذه المقدّمة بذكر أحاديث تتعلّق ببعض حقائق الدين، و شي ء من حقائق العبادات، أكثر اسنادها عن الصادق الامام أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام، محذوفة الأسانيد كما رؤيتها.
و اعلم أنّي قد التزمت في هذه الأحاديث المرويّة في هذه الخاتمة- و في جميع الأحاديث الواردة في الأقسام الثلاثة الآتية بعدها- أن أذكر بعض ما يتعلّق بها من الأحكام الشرعيّة، و ما استدلّ بها عليه، و كيفيّة الاستدلال بها عليها، و بعض الفروع المأخوذة منها علي سبيل الاختصار، ممّا نقلته عن مشايخنا السابقين، و علمائنا الماضين- قدّس اللّه أرواحهم- ليكون الكتاب المشتمل علي هذه الأحاديث المتعلّقة بالأحكام الفقهيّة تامّ النفع، مغنيا عن مطالعة غيره من الكتب، و اللّه الموفّق.
قال الصادق عليه السلام: «بحر المعرفة يدور علي ثلاثة: الخوف، و الرجاء، و المحبة. إلي آخره» (1).
ثمّ نقل كثيرا من مطالب هذا الكتاب، و في جملة من المواضع ينقل كلامه عليه السلام بقوله: قال الصادق عليه السلام، ثمّ يشرحه بقوله: قال العارف8.
ص: 201
كذا، و لم أتحقّق أنّ المراد منه نفسه، أو شرح هذا الكتاب أحد قبله، و هذه المقدّمة طويلة نافعة، جامعة لفوائد شريفة.
و في رياض العلماء، في ذكر الكتب المجهولة: فمن ذلك كتاب مصباح الشريعة في الأخبار و المواعظ، كتاب معروف متداول، و قد ينسب إلي هشام ابن الحكم (1) علي ما رأيت بخطّ بعض الأفاضل، و هو خطأ. أمّا أوّلا: فلأنّه قد اشتمل علي الرواية عن جماعة، هم متأخّرون عن هشام. و أمّا ثانيا: فلأنّه يحتوي علي مضامين تنادي علي أنّه ليس من مؤلّفاته، بل هو من مؤلّفات بعض الصوفيّة كما لا يخفي. لكن وصي به ابن طاوس، انتهي (2).
و قال شيخنا الحرّ رحمه اللّه في آخر كتاب الهداية: تتمّة، قد وصل إلينا أيضا كتب كثيرة، قد ألّفت و جمعت في زمانهم عليهم السلام، نذكرها هاهنا، و هي ثلاثة أقسام- إلي أن قال رحمه اللّه- الثالث: ما ثبت عندنا كونه غير معتمد، فلذا لم ننقل منه، فمن ذلك كتاب مصباح الشريعة المنسوب إلي الصادق عليه السلام، فانّ سنده لم يثبت، و فيه أشياء منكرة مخالفة للمتواترات، و ربّما نسب تأليفه إلي الشيخ زين الدين، و هذه النسبة باطلة لأنّه مذكور في أمان الأخطار لابن طاوس قدس سره (3). انتهي.
قلت: للصوفيّة مقصدان، أحدهما مقدّمة الأخري:
الأوّل: تهذيب النفس، و تصفيتها عن الكدورات و الظلمات، و تخليتها عن الرذائل و الصفات القبيحة، و حفظها عمّا يظلمها و يفرّقها و يقسّيها، و تحليتها2.
ص: 202
بالأوصاف الجميلة، و الكمالات المعنويّة، و هذا يحتاج إلي معرفة النفس و القلب إجمالا، و معرفة الصفات الحسنة و القبيحة، و مبادئها و آثارها، و ما به يتوسّل الي التطهير و التزكية، و التنوير و التحلية.
و هذا مقصد عظيم يشاركهم أهل الشرع، و كافة العلماء علي اختلاف مشاربهم و آرائهم، و كيف لا يشاركون فيما وضعت العبادات و الآداب لأجله، و بعث الأنبياء لإكماله! و كفي بما في الكتاب المجيد من الاهتمام بأمر القلب و تهذيبه، بما وصفه به من الرين و الطبع، و الغشاوة، و الكبر، و الضيق، و التحجر، و إرادة العلوّ، و الصرف، و الزيغ، و المرض، و القسوة، و الظلمة، و الغلف، و القفل، و الجهل، و العمي، و الموت، و أمثالها.
و مدحه الذين اتّصفوا بما يضادّها من الخشوع، و اللّين، و الرقّة، و العلم، و الهداية، و السلامة، و الاطمئنان، و الربط، و الحياة، و المحبّة، و الصبر، و الرضا، و التوكّل، و التقوي، و اليقين، و أمثالها شاهدا في المقام.
و للقوم في هذا المقصد العظيم كتب و مؤلّفات فيها مطالب حسنة نافعة، و إن أدرجوا فيها من الأكاذيب و البدع خصوصا بعض الرياضات المحرّمة ما لا يحصي، و من هنا فارقوا أهل الشرع المتمسكين بالكتاب و السنّة، و المتشبّثين بأذيال سادات الأمّة، فحصول هذا المقصد عندهم منحصر بالعمل، بتمام ما قرّروه لهم، و الاجتناب عمّا نهوا عنه، دون ما أبدعوه في هذا المقام من الرياضات، و متابعة الشيخ و المرشد علي النحو الذي عندهم، و هذا هو مراد الشهيد قدس سره في الدروس، في بحث المكاسب، حيث قال: و تحرم الكهانة- إلي أن قال- و تصفية النفس، أي بالطرق الغير الشرعيّة (1).
الثاني: ما يدعون من نتيجة تهذيب النفس، و ثمرة الرياضات من المعرفة4.
ص: 203
و فوقها، من الوصول و الاتّحاد و الفناء، و مقامات لم يدّعيها نبيّ من الأنبياء و وصيّ من الأوصياء، فكيف بأتباعهم من أهل العلم و التقي! مع ما فيها ممّا لا يليق نسبته الي مقدّس حضرته جلّ و علا، و يجب تنزيهه عنه سبحانه و تعالي عمّا يقوله الظالمون.
و أمّا المقصد الثاني فحاشا أهل الشرع و الدين، فضلا عن العلماء الراسخين، أن يميلوا إليه أو يأملونه، أو يتفوّهون به، و أغلب ما ورد في ذمّ الجماعة ناظر الي هذه الدعوي و مدّعيها.
و أمّا الأوّل فقد عرفت مشاركتهم فيه، و إن فارقوا القوم في بعض الطرق، و حيث إنّهم بلغوا الغاية فيما القوة في هذا المقام، و الحكمة ضالّة المؤمن حيث وجدها أخذها، تري مشايخنا العظام، و الفقهاء الكرام كثيرا ما يراجعون إليه، و ينقلون عنه، و يشهدون بحقّيته، و يأمرون بالأخذ به، فصار ذلك سببا للطعن عليهم، و نسبتهم إلي الصوفيّة، أو ميلهم الي المتصوّفة، ظنّا منهم الملازمة بين المقصدين، و إنّ من يحضّ علي تهذيب النفس، و تطهير القلب، و يستشهد في بعض المقامات، أو تفسير بعض الآيات بكلمات بعضهم، ممّا يؤيّده أخبار كثيرة، فهو منهم و معهم في جميع دعاويهم.
و هذا من قصور الباع، و جمود النظر، و قلّة التدبّر في مزايا الكتاب و السنّة.
و آل أمرهم الي أن نسبوا مثل الشيخ الجليل، ترجمان المفسّرين أبي الفتوح الرازي، و صاحب الكرامات علي بن طاوس، و شيخ الفقهاء الشهيد الثاني- قدّس اللّه أرواحهم- إلي الميل الي التصوّف كما رأيناه، و هذه رزيّة جليلة، و مصيبة عظيمة لا بدّ من الاسترجاع عندها.
نعم يمكن أن يقال لهم تأدّبا لا إيرادا، إنّ فيما ورد عن أهل بيت العصمة سلام اللّه عليهم غني و مندوحة عن الرجوع الي زبرهم و ملفّقاتهم و مواعظهم، فإنّك إن غمرت في تيّار بحار الأخبار، لا تجد حقّا صدر منهم إلّا
ص: 204
و فيها ما يشير إليه، بل رأينا كثيرا من الكلمات التي تنسب إليهم، هي ممّا سرقوها من معادن الحكمة، و نسبوها إلي أنفسهم، أو مشايخهم.
قال تلميذ المفيد قدس سره، أبو يعلي الجعفري، في أول كتاب النزهة (1): إنّ عبد الملك بن مروان كتب الي الحجّاج: إذا سمعت كلمة حكمة فاعزها الي أمير المؤمنين- يعني نفسه- فإنّه أحقّ بها، و أولي من قائلها (2)، انتهي.
و لولا خوف الإطالة لذكرت شطرا من هذا الباب، بل قد ورد النهي عن الاستعانة بهم. فروي سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار، عن الباقر عليه السلام أنّه قال لجابر: «يا جابر و لا تستعن بعدوّ لنا [في] حاجة، و لا تستطعمه، و لا تسأله شربة، أما إنّه ليخلّد في النار، فيمرّ به المؤمن، فيقول: يا مؤمن ألست فعلت بك كذا و كذا؟ فيستحيي منه، فيستنقذه من النار» (3).
الحجّة: هذا حال طعام الأجساد، فكيف بقوت الأرواح؟.
إذا عرفت ذلك فلنرجع الي ما في كلمات هؤلاء المشايخ العظام فنقول:
أمّا أوّلا: فما في البحار، و الرياض، من أنّه لا يشبه سائر كلمات الأئمّة عليهم السلام، و أنّه علي أسلوب الصوفيّة، و مشتمل علي مصطلحاتهم (4).
ففيه: إنّ كلماتهم عليهم السلام و عباراتهم عليهم السلام في كشف المطالب المتعلّقة بالمعارف و الأخلاق، مختلفة بحسب الألفاظ و التأدية، و إن لم تختلف بحسب المعني و الحقيقة، و هذا ظاهر لمن أجال الطرف في أكناف كلمات أمير المؤمنين عليه السلام، و سائر الأئمّة عليهم السلام في هذه المقامات، و ليس لمن5.
ص: 205
تقدّم الصادق عليه السلام من الصوفيّة، كطاوس اليماني، و مالك بن دينار، و ثابت البناني، و أيّوب السجستاني، و حبيب الفارسي، و صالح المري، و أمثالهم، كتاب يعرف منه أنّ المصباح علي أسلوبه، و من الجائز أن يكون الأمر بالعكس، فيكون الذين عاصروه عليه السلام منهم، أو تأخّروا عنه، سلكوا سبيله عليه السلام في هذا المقصد، و أخذوا ضغثا من كلماته الحقّة، و مزجوها بضغث من أباطيلهم، كما هو طريقة كلّ مبدع مضلّ، و يؤيّده اتّصال جماعة منهم إليه، و الي الأئمّة من ولده، كشقيق البلخي، و معروف الكرخي، و أبي يزيد البسطامي طيفور السقّاء، كما يظهر من تراجمهم في كتب الفريقين، فيكون ما الّف بعده علي أسلوبه و وتيرته.
ثم نقول: ليس في هذا الكتاب من عناوين أبوابه شي ء لا يوجد في كثير من الأخبار مثله، سوي عناوين ثلاثة أبواب من أوّل الكتاب، و لكن ما شرحه و فصّله فيها كلّها ممّا عليه الكتاب و السنّة، مع أنّه يوجد في جملة من ادعيتهم، و مناجاتهم، و خطبهم عليهم السلام من العبارات الخاصة، و الكلمات المختصّة، ما لا يوجد في سائر كلماتهم، فارجع البصر إلي المناجاة الإنجيليّة الكبري و الوسطي، و آخر دعاء كميل، و المناجاة الخمسة عشر، التي عدّها صاحب الوسائل في الصحيفة الثانية من أدعية السجاد عليه السلام، و نسبها إليه من غير تردد، مع أنّه لا يوجد لها سند، و لم يحتو عليها كتاب معتمد، و ليس في تمام المصباح ما يوجد فيها من الألفاظ الدائرة في ألسنة القوم.
ثمّ نقول: إنّك بعد التأمّل في ملفّقات القوم في هذا الباب، تجد المصباح خاليا عن مصطلحاتهم الخاصّة، التي عليها تدور رحي تمويهاتهم، كلفظ العشق، و الخمر، و السكر، و الصحو، و المحو، و الفناء، و الوصل، و القطب، و الشيخ، و الطرب، و السماع، و الجذبة، و الإنيّة، و الوجد، و المشاهدة، و غير ذلك ممّا ليس فيه شي ء منه.
ثمّ نقول: و في كتبهم أيضا أخبار معروفة متداولة، لا توجد فيه.
ص: 206
و أمّا ثانيا: فما في الأوّل من أنّه يروي فيه عن مشايخهم- أي الصوفيّة- ففيه، بعد تسليم كون ما فيه من الرواية و الحكاية، من تتمّة كلام الصادق عليه السلام- كما يظهر من الشهيد رحمه اللّه في مسكّن الفؤاد- لا لمن كان يملي عليه فيجمعه، و يردفه بها، أنّ تمام ما فيه من حكاية أقوالهم، و الاستشهاد بكلامهم، لا يزيد علي ستّة عشر موضعا (1)، خمسة منها عن الربيع بن خثيم، و حكايتان عن أويس القرني، و هرم بن حيّان، و هؤلاء الثلاثة من الزهّاد الثمانية الذين كانوا مع أمير المؤمنين عليه السلام.
روي الكشيّ، عن عليّ بن محمد بن قتيبة، قال: سئل أبو محمد الفضل ابن شاذان عن الزهّاد الثمانية، فقال: الربيع بن خثيم، و هرم بن حيّان، و أويس القرني، و عامر بن عبد قيس، و كانوا مع عليّ عليه السلام و من أصحابه، و كانوا زهّادا أتقياء- إلي أن قال- و أويس القرني مفضّل عليهم كلهم (2).
و ثلاثة عن أبي ذر رضي اللّه عنه، و حكاية عن عبد اللّه بن مسعود، و اخري عن أبيّ بن كعب، و حالهم غير خفيّ، و حكاية عن وهب بن منبه، و اخري عن زيد ابن ثابت، و اخري عن سفيان بن عيينة في ذمّ القرّاء، و الفتيا لمن ليس من أهلها.
فإن كان المراد من قول المجلسي رحمه اللّه أنّه اشتمل علي الرواية من مشايخهم، و من يعتمدون عليه في رواياتهم، ما حكاه عن زيد بن ثابت، و سفيان في المقامين.
فلعمري إنّه طعن في غير محلّ، فإنّ الاستشهاد بكلامهما في المقامين، كالاستشهاد بمدائح الأعداء في إثبات فضائل الخلفاء عليهم السلام، فإنّهما من رؤساء القرّاء، و أرباب الفتيا.4.
ص: 207
و أمّا الذين سبق ذكرهم غير وهب، فقد سبقت لهم من اللّه، و رسوله، و وصيّه صلوات اللّه عليهما و آلهما الحسني، و إن كان في ضعف معرفة الربيع كلام، لا يضرّ في المقام، و في غير واحد من أخبارهم عليهم السلام الاستشهاد بكلمات سلمان و حكمه و نصائح أبي ذرّ و موعظته، فلاحظ.
و أمّا ثالثا: فما في الرياض من أنّه قد اشتمل علي الرواية عن جماعة هم متأخّرون عن هشام (1)، قد ظهر بما ذكرنا ضعفه و بطلانه، فإنّ الذين عددناهم غير سفيان متقدّمون علي هشام بطبقات، و أمّا هو ففي طبقته، و هذا منه رحمه اللّه مع طول باعه عجيب.
و أمّا رابعا: فما في الهداية من أنّ سنده لم يثبت، ففيه إنّ المراد من السند إن كان هو المعني المصطلح، و المراد من الثبوت هو أحد الأقسام الثلاثة منه، من الصحيح أو الحسن أو الموثّق، ففيه مع أنّه غير معترف به، و خارج من طريقته إنّه لم يدعه أحد، و لا حاجة إليه خصوصا علي مسلكه.
و إن كان المراد مطلق الاطمئنان بثبوته، و الوثوق بصدوره ففيه إنّه يكفي شهادة هؤلاء المشايخ العظام، الذين أشرنا إليهم في الوثوق به، و قد اكتفي هو بأقلّ من ذلك في إثبات اعتبار تمام ما اعتمد عليه من الكتب، و نقل عنه.
هذا كتاب تحف العقول، للحسن بن عليّ بن شعبة، قد اكتفي بمدحه و مدح الكتاب، و نسبته إليه في الأمل (2) بما في مجالس المؤمنين (3)، و ليس له و لا لكتابة ذكر في مؤلّفات أصحابنا قبله، إلّا ما نقلناه عن الشيخ إبراهيم القطيفي في رسالته، في الفرقة الناجية، و قد أكثر من النقل عن التحف في الوسائل.
و مثله في عدم الذكر و الجهالة الحسن بن أبي الحسن الديلمي و كتبه، سيّما3.
ص: 208
إرشاد القلوب، الذي قد أكثر من النقل عنه، و عدّه من الكتب المعتمدة، التي نقل منها، و شهد بصحّتها مؤلّفوها، و ليس له أيضا ذكر فيما وصل إليه و إلينا من مؤلّفات أصحابنا، سوي ما نقله عنه الشيخ ابن فهد في عدّة الداعي، في بعض المواضع، بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي (1)، فمن أين عرفه، و عرف وثاقته، و عرف نسبة الكتاب إليه و شهادته بصحّته؟ فهل هذا إلّا تهافت في المذاق، و تناقض في المسلك! و إن كانت المسامحة فيهما لعدم اشتمالهما علي فروع الأحكام، و اقتصارهما غالبا علي ما يتعلّق بالأخلاق و الفضائل و المواعظ، فهلّا كانت شهادة هؤلاء الأجلّة علي صحّة المصباح، كافية في عدّه ثالثا لهما! فإنّه أيضا مثلهما. و كذا الكلام في صحّة نسبة كتاب الاختصاص الي المفيد رحمه اللّه، و قد تسامح فيه بما لا يخفي علي الناقد البصير.
و أمّا خامسا: فما في الهداية أيضا، إنّ فيه أشياء منكرة، مخالفة للمتواترات قلت: ليته رحمه اللّه أشار الي بعضها، فإنّا لم نجد فيه ما يخالف المشهور، فضلا عن المتواتر، نعم فيه باب في معرفة الصحابة (2)، و ذكر فيه ما).
ص: 209
يوهم أنّ الأصل فيهم الحسن، و الفضل، و العدالة، علي طريقة أهل السنّة.
فأوّل ما يقال: إنّ هذا الباب من دسيس بعضهم في هذا الكتاب، و يشهد له أنّه بني علي مائة باب علي ما يظهر من النسخ، و ما لها من الفهرست، و الباب السبعون الذي يوجد فيها أنّه في معرفة الصحابة، هو في الفهرست في حرمة المؤمنين، و عليه يتم الأبواب، و ليس في الفهرست عنوان لمعرفة الصحابة، و في النسخة جعل الباب السبعين في معرفة الصحابة، و الحادي بعده في حرمة المؤمنين، و الثاني و السبعين في برّ الوالدين، ثمّ كرّر و قال: الباب الثاني و السبعون في الموعظة، فإن جعلناه من غلط النسّاخ يزيد باب علي المائة، و هو خلاف ما في الفهرست و النسخ، و إلّا فهو أيضا من تدليس المدسّس و يكشف عن أنّ الباب المذكور خارج عن الأصل، لاحق به، فلاحظ.
و لو سلّمنا كونه من أبوابه، فمن المحتمل أنّه عليه السلام لمّا كان في مقام تهذيب الأخلاق، و نشر الآداب و السنن، و شرح حقيقتها و حكمتها، و قد شاع في عصره عليه السلام من صوفيّتهم، الذين أضلّوا الناس بمموهات كلماتهم، ألحقه في هذا المقام، و إن أرادوا بها جلب العوام، و كانوا يفتخرون بهم، و يعجبون من كلماتهم، و ينقلونها في محافلهم و ناديهم، و يذكرونها في زبرهم و مؤلّفاتهم، بل كان خلفاء عصرهم يشيّدون أركانهم إطفاء لهذا النور، الذي كان من اللّه جلّ جلاله في أهل بيت نبيّهم، و صرف القلوب التي كانت تهوي و تحنّ إليهم، بما شاهدوا من المقامات العالية من صفات قلوبهم عنهم عليهم السلام، أراد صلوات اللّه عليه أن يريهم أنّهم حيث ما كانوا، و أينما بلغوا بفهمهم القاصر، و فكرهم الفاتر، فهم دون رتبته و مقامه، و محتاجون الي
ص: 210
التوسّل بكلامه، و التمسّك بمرامه، فذكر في مقام حال الصحابة ما يصير سببا لاستئناسهم و ألفتهم، و رغبتهم في النظر إليه و التدبّر فيه، الموجب لولوج علوّ شأنه عليه السلام و عظم مقامه في صدورهم و قلوبهم، و يهوّن عليهم مقام البصري، و اليماني، و يصغر في أعينهم البلخي، و البناني.
ثمّ نقول بعد ذلك: إنّ ما فيه في مدح الصحابة دون ما في الصحيفة الكاملة، من الصلاة علي أتباع الرسل، قال عليه السلام: «اللهم و أصحاب محمد صلّي اللّه عليه و آله، خاصّة الذين أحسنوا الصحابة، و الذين أبلوا البلاء الحسن في نصرة، و كانفوه (1)، و أسرعوا إلي وفادته، و سابقوا الي دعوته، و استجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته، و فارقوا (الأزواج و الأولاد في إظهار كلمته، و قاتلوا) (2) الآباء و الأبناء في تثبيت نبوّته، و انتصروا به، و من كانوا منطوين علي محبّته، يرجون تجارة لن تبور في مودّته، و الذين هجرتهم العشائر و تعلّقوا بعروته، و انتفت منهم القرابات، إذ سكنوا في ظلّ قرابته، فلا تنس لهم اللّهم ما تركوا لك و فيك، و أرضهم من رضوانك، و بما حاشوا (3) الخلق عليك، و كانوا مع رسولك دعاة لك إليك، و اشكرهم علي هجرهم فيك ديار قومهم، و خروجهم من سعة المعاش الي ضيقه، و من كثّرت في إعزاز دينك من مظلومهم (4).
بل مدحهم أمير المؤمنين عليه السلام بما فوق ذلك، ففي حديث أبي أراكة، الذي رواه جماعة من المشايخ بطرق متعدّدة، و متون مختلفة، بالزيادة و النقيصة، و هو علي لفظ السيّد في النهج: «لقد رأيت أصحاب محمد صلّي اللّهع.
ص: 211
عليه و آله، فما أري أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، قد باتوا سجّدا و قياما، يراوحون بين جباههم و خدودهم، و يقفون علي مثل الجمر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم ركب المعزي من طول سجودهم، إذا ذكر اللّه هملت أعينهم حتّي تبلّ جيوبهم، مادوا كما تميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، و رجاء للثواب» (1).
و التحقيق: أن يقال في أمثال هذه الأخبار: إنّ أصحابه صلّي اللّه عليه و كانوا علي هذه الصفات، فمن كان ممّن لقيه صلّي اللّه عليه و آله حاويا لها كان من أصحابه، و من فقدها كان في زمرة المنافقين، خارجا عن اسم الصحابة، كما يشهد لذلك قوله تعالي: وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّٰاءُ عَلَي الْكُفّٰارِ (2) الآية، علي ما حقّق في محلّه.
و ما في المصباح أيضا إيماء إلي ذلك حيث قال: و اعلم أنّ اللّه تعالي اختار لنبيّه من أصحابه طائفة أكرمهم بأجلّ الكرامة، إلي آخر ما ذكره، فلاحظ (3).
أو يقال: إنّ هذه المدائح للذين كانوا في عصره، لا لمن بقي بعده و أحدث، و لعلّ الأصل فيهم الصحّة و السلامة، إلّا من عرف بالنفاق و الخيانة.
ففي الخصال: بالسند الصحيح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:
«كان أصحاب النبيّ صلّي اللّه عليه و آله اثنا عشر ألف رجل، ثمانية آلاف رجل من المدينة، و ألفان من مكة، و ألفان من الطلقاء لم ير فيهم قدري، و لا مرجئ، و لا حروري، و لا معتزلي، و لا صاحب رأي، كانوا يبكون اللّيل و النهار، و يقولون: اقبض أرواحنا قبل أن نأكل خبز الخمير (4). و لعلّ فيه0.
ص: 212
إشارة، أو دلالة علي الاحتمال الأوّل.
و في دعائم الإسلام: عن عليّ بن الحسين، و محمد بن عليّ عليهم السلام أنّهما ذكرا وصيّة عليّ عليه السلام عند وفاته و فيها: «و أوصيكم بأصحاب محمد الذين لم يحدثوا حدثا، و لم يؤوا محدثا، و لم يمنعوا حقّا، فإنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قد أوصانا بهم، و لعن المحدث منهم، و من غيرهم» (1).
هذا و في رجال النجاشي: محمد بن ميمون، أبو نصر الزعفراني، عاميّ، غير أنّه روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام نسخة، روي ذلك عبد اللّه بن أحمد ابن يعقوب بن البواب المقرئ، قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن الحفص الخثعمي، قال: حدّثنا محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدّثنا محمد بن ميمون، عن جعفر بن محمد عليهما السلام (2).
و فيه: الفضيل بن عياض، بصري، ثقة، عاميّ، روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام نسخة، أخبرنا علي بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن سعد، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، قال: حدّثنا سليمان بن داود، عن فضيل، بكتابه (3).
و فيه: عبد اللّه بن أبي أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، حليف بني تيم بن مرّة، أبو أويس له نسخة عن جعفر بن محمد عليهما السلام، أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن عبيد اللّه، قال: حدّثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الكسائي الرازي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدّثني أبي أبو أويس، عن جعفر بن محمد عليهما السلام، بكتابه (4).6.
ص: 213
و فيه: سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، كان جدّه أبو عمران عاملا من عمّال خالد القسري، له نسخة عن جعفر بن محمد عليهما السلام، أخبرنا أحمد بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن الحسن، قال: حدّثنا الحميري.
و أخبرنا أحمد بن عليّ بن العباس، عن أحمد بن محمد بن يحيي، قال:
حدّثنا الحميري، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبد الرحمن، عنه (1).
و فيه: إبراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق، المعروف بابن أبي هراسة- و هراسة امّه- عامّي روي عن الحسين بن عليّ بن الحسين عليهما السلام، و عبد اللّه بن محمد بن عمر بن عليّ عليه السلام، و جعفر بن محمد عليهما السلام، و له عن جعفر عليه السلام نسخة، أخبرنا عليّ بن أحمد، عن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن هارون بن مسلم، عن إبراهيم (2).
و في فهرست الشيخ: جعفر بن بشير البجلي ثقة جليل القدر- إلي أن قال- و له كتاب ينسب الي جعفر بن محمد عليهما السلام، رواية عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام (3).
فهذه ستّة نسخ منسوبة إلي الصادق عليه السلام، غير الرسالة الأهوازيّة، و الرسالة إلي أصحابه، المرويّة في أول روضة الكافي (4)، فمن الجائز أن تكون إحداها المصباح، خصوصا ما نسب الي الفضيل بن عيّاض، و هو من مشاهير الصوفيّة، و زهّادهم حقيقة، كما يظهر من توثيق النجاشي، و مدحه الشيخ بالزهد (5).8.
ص: 214
و في أمالي الصدوق قدس سره: بإسناده عن الفضيل بن عيّاض، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أشياء من المكاسب، فنهاني عنها، و قال: «يا فضيل و اللّه لضرر هؤلاء علي هذه الأمّة أشدّ من ضرر الترك و الديلم»، و سألته عن الورع من الناس، قال: «الذي يتورّع عن محارم اللّه، و يتجنّب هؤلاء، و إذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام و هو لا يعرفه، و إذا رأي منكرا فلم ينكره و هو يقدر عليه، فقد أحبّ أن يعصي اللّه [و من أحب أن يعصي اللّه] فقد بارز اللّه بالعداوة، و من أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصي اللّه، إنّ اللّه تبارك و تعالي حمد نفسه علي هلاك الظالمين، فقال: فَقُطِعَ دٰابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ (1)» (2).
و قال الأستاذ الأكبر في التعليقة: و في هذه الرواية ربّما يكون إشعار بأنّ فضيلا ليس عاميّا، فتأمل. ثم ذكر خبرا من العيون فيه إشعار بعاميّته (3).
و قد أخرج الكليني قدس سره عنه خبرا، في باب الحسد (4)، و آخر في آخر باب الإيمان و الكفر (5)، و آخر في باب الكفالة و الحوالة (6).
و بالجملة فلا أستبعد أن يكون المصباح هو النسخة التي رواها الفضيل، و هو علي مذاقه و مسلكه، و الذي اعتقده أنّه جمعه من ملتقطات كلماته عليه السلام، في مجالس وعظه و نصيحته، و لو فرض فيه شي ء يخالف مضمونه بعض1.
ص: 215
ما في غيره، و تعذّر تأويله فهو منه علي حسب مذهبه، لا من فريته و كذبه، فإنّه ينافي وثاقته.
و قد أطنبنا الكلام في شرح حال المصباح مع قلّة ما فيه من الأحكام، حرصا علي نشر المآثر الجعفريّة، و الآداب الصادقيّة، و حفظا لابن طاوس، و الشهيد، و الكفعمي- رحمهم اللّه تعالي- عن نسبة الوهم و الاشتباه إليهم، و اللّه العاصم.
ص: 216
و يعبّر عنه أيضا بمسند الرضا عليه السلام، كما في مجمع البيان (1)، و بالرضويات كما في كشف الغمة (2)، و هو من الكتب المعروفة المعتمدة، الذي لا يدانيه في الاعتبار و الاعتماد كتاب صنّف قبله، أو بعده، و هو داخل في فهرست كتاب الوسائل، إلّا أنّ له نسخا متعدّدة، و أسانيد مختلفة، و يزيد متن بعضها علي بعض، و اقتصر صاحب الوسائل علي نسخة الشيخ الطبرسي قدس سره و روايته، و كأنّه لم يلتفت إلي اختلافها، أو لم يعثر علي باقيها، و قد عثرنا علي بعضها، و أخرجنا منها ما ليس في نسخة الطبرسي، فرأيت إن أشير إلي الاختلاف، و أذكر الطرق، فربما وقف الناظر علي خبر نقلته، أو نقل منها، و لا يوجد في النسخة المعروفة، فلا يبادر إلي التخطئة.
و قد جمعها الفاضل الآميرزا عبد اللّه في رياض العلماء، و نحن نسوقها بألفاظه قال:
فمن ذلك ما رأيته في بلدة أردبيل، في نسخة من هذه الصحيفة، و كان صدر سندها هكذا:
قال الشيخ الإمام الأجلّ العالم نور الملّة والدين، ظهير الإسلام و المسلمين، أبو أحمد أناليك العادل المروزي: قرأ علينا الشيخ القاضي الإمام الأجلّ الأعزّ الأمجد الأزهد، مفتي الشرق و الغرب، بقيّة السلف، أستاذ الخلف، صفيّ الملّة والدين، ضياء الإسلام و المسلمين، وارث الأنبياء و المرسلين أبو بكر محمود بن عليّ بن محمد السرخسي، في المسجد الصلاحي بشاذياخ
ص: 217
نيسابور- عمّرها اللّه- غداة يوم الخميس، الرابع من ربيع الأوّل من شهور سنة عشر و ستمائة، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الأجلّ السيد الزاهد، ضياء الدين حجة اللّه علي خلقه، أبو محمد الفضل بن محمد بن إبراهيم الحسيني- تغمّده اللّه بغفرانه، و أسكنه أعلي جنانه- في شهور سنة سبع و أربعين و خمسمائة، قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو المحاسن أحمد بن عبد الرحمن اللبيدي، قال:
أخبرنا أبو لبيد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن لبيد، قال: حدّثنا الأستاذ الإمام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب- رضي اللّه عنه- سنة خمس و أربعمائة، بنيسابور في داره، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد- حافد العباس بن حمزة- سنة سبع و ثلاثين و ثلاثمائة، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه. بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي في سنة ستين و مائتين، قال: حدّثنا عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام، إمام المتّقين، و قدوة أسباط سيّد المرسلين، ممّا أورده في مؤلّفه المعنون بصحيفة أهل البيت عليهم السلام، سنة أربع و تسعين و مائة، قال: حدّثني أبي موسي بن جعفر عليهما السلام، قال. إلي آخره.
و بسند آخر: و بعد فيقول الفقير إلي اللّه تعالي الكريم الغنيّ، طاهر بن محمد الراونبزي- غفر له و لوالديه و أحسن في الدارين إليهما و اليه-: أخبرني بالصحيفة المباركة الميمونة، الموسومة بصحيفة الرضا عليه السلام- إجازة بإجازته العامّة- شيخي و مخدومي، قدوة أرباب الهدي، أسوة أصحاب التقي، بقيّة كرام الأولياء، قطب دوائر المحقّقين، الشيخ سعد الحقّ و الملّة و الدين، يوسف بن الشيخ الكبير، و البدر المنير، خلف الأقطاب، الشيخ فخر الحقّ و الملّة و الدين، عبد الواحد الحموي- قدّس سرّهما، و أكثر برّهما- قال: أخبرني إجازة شيخي و مخدومي، و عمّي و أستاذي، و من عليه في أمور الدنيا اعتمادي، الشيخ غياث الحقّ والدين، هبة اللّه الحموي- تغمّده اللّه بغفرانه، بالإجازة العامّة- عن سيّده و جدّه، شيخ الإسلام و المسلمين، سلطان المحدّثين، الشيخ
ص: 218
صدر الحقّ و الملّة والدين، إبراهيم الحموي- قدّس سرّه- قال: أخبرني الشيخ السند، شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة اللّه الدمشقي قراءة بها و أنا أسمع، يوم الأربعاء، الحادي عشر من ربيع الأوّل، سنة خمس و تسعين و ستمائة، بالخانقاه الشّمياطي، قيل له: أخبرك الشيخ أبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي، بروايته عن الشيخ أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي إجازة، قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكاكي، قال: أخبرني الإمام أبو القاسم حبيب، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد النيسابوري الحفيد، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي سنة ستين و مائتين، قال: حدّثني الإمام علي بن موسي عليهما السلام سنة أربع و تسعين و مائة قال: حدّثني أبي. إلي آخره.
و بسند آخر: حدّث القاضي مرشد الأزكياء، أبو منصور عبد الرحيم بن أبي سعيد المظفّر بن عبد الرحيم الحمدوني، قال: حدّثني القاضي الإمام فخر الإسلام أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ العالم أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن محمد العريضي النيسابوري- بالريّ قدم حاجّا- قال: أخبرنا الأستاذ الإمام أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسّر (1)، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد- حفدة العباس ابن حمزة، سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة- قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد ابن عامر الطائي بالبصرة، قال: حدّثني أبي سنة ستّين و مائتين، قال: حدّثني علي ابن موسي الرضا عليهما السلام سنة أربع و تسعين و مائة.
و بسند آخر: أخبرني الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن علي بن أبي طالب الفزاري (2) - المعروف بخابوسة، سنة سبع و عشرين و خمسمائة- قال: أخبرنيي.
ص: 219
القاضي الزكيّ الكبير، أبو الفضل عبد الجبّار بن الحسين بن محمد الزبربري، قال: أخبرنا الشيخ الجليل عليّ بن أحمد بن عليّ بن أميرك الطريقي، قال:
أخبرنا الشريف أبو عليّ الحسن بن محمد بن يحيي بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه ابن موسي (1) بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام- نزله في المسجد الحرام، في قبّة الشراب، يوم الاثنين السابع و العشرين من ذي الحجّة، سنة أربع و تسعين و ثلاثمائة- قال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه بن حمدونة، أبو نصر البغدادي- بمرو الرود- قال: أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي- بالبصرة- قال: حدّثني أبي- سنة ستّين و مائتين- قال: حدّثني أبو الحسن عليّ ابن موسي الرضا عليهما السلام، قال: حدّثني أبي. إلي آخره.
و بسند آخر: قال الشيخ الإمام الأجلّ العالم، عماد الدين، جمال الإسلام، أبو المعالي، محمد بن محمد بن الحسين المرزباني القمي- مدّ اللّه في عمره-: أخبرني بهذه الصحيفة- من أوّلها إلي آخرها، و بالزيادة في آخرها- الشيخ الإمام نجم الدين، شيخ الإسلام، أبو المعالي، الحسن بن عبد اللّه بن أحمد البزّاز، قال: أخبرني بها الشيخ الإمام ركن الدين، علي بن الحسن بن العباس الصندلي، قال: أخبرني أبو القاسم يعقوب بن أحمد، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد- حفدة العباس بن حمزة- قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي- بالبصرة- قال: حدّثني أبي- في سنة ستّين و مائتين- قال: حدّثني عليّ بن موسي الرضا عليه السلام- سنة أربع و تسعين و مائة- قال: حدّثني. إلي آخره.
و بسند آخر: أخبرنا الشيخ الفاضل، العالم الكامل، قطب السالكين، مؤيّد الإسلام و المسلمين، عبد العلي بن عبد الحميد (2) بن محمد السبزواري،د.
ص: 220
و هو يرويه (1) عن الشيخ المعظم، و المفخر المكرّم، جلال الدّين محمد بن عبد اللّه القائني، و هو يروي عن تاج الدين إبراهيم بن قصاع الطبسي الكيلكي، و هو يروي عن شيخه الكامل مولانا تاج الدين علي تركه الكرماني، و هو عن شيخه غياث الدين هبة اللّه بن يوسف، عن جدّه صدر الدين إبراهيم بن محمد بن مؤيد الحموي، عن ابن العساكر، عن أبي (2) الروح الصوفي الهروي، عن زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكاكي، قال:
أخبرنا أبو القاسم حبيب، قال: أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن محمّد النيسابوري، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي- بالبصرة- قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثني عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام- سنة أربع و تسعين و مائة (3).
قلت: قد عثرنا (4) علي هذه النسخة- بحمد اللّه تعالي- و فيها ما ليس في مسند الشيخ الطبرسي قدس سره، و في أوّلها: هذا إسنادنا في رواية هذه الصحيفة، المنسوبة إلي حضرة الرضا عليه السلام، أخبرني الشيخ. إلي آخره.
و يأتي في الفائدة الثالثة، في ذكر مشايخ عماد الدين الطبري سند آخر إليها، ذكره في كتابه بشارة المصطفي.ي.
ص: 221
و لنذكر طريق الطبرسي قدس سره، فإنّ شيخنا الحرّ أهمل ذكرها، و كان عليه أن يذكرها، ففي نسخته: أخبرنا الشيخ الإمام العالم الراشد، أمين الدين، ثقة الإسلام، أمين الرؤساء، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي- أطال اللّه بقاءه، في يوم الخميس غرة شهر اللّه الأصمّ رجب، سنة تسع و عشرين و خمسمائة- قال: أخبرنا الشيخ الإمام، السعيد الزاهد، أبو الفتح عبد اللّه بن عبد الكريم بن هوازن القشيري- أدام اللّه عزّه، قراءة عليه، داخل القبّة التي فيها قبر الرضا عليه السلام، غرّة شهر اللّه المبارك، سنة إحدي و خمسمائة- قال: حدّثني الشيخ الجليل العالم، أبو الحسن عليّ بن محمد الحاتمي الزوزني- قراءة عليه، سنة اثنتين و خمسين و أربعمائة- قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد اللّه بن محمد بن هارون الزوزني- بها- قال: أخبرني الشيخ أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد- حفدة العباس بن حمزة النيشابوري سنة سبع و في نسخة ثلاث و ثلاثين و ثلاثمائة- قال: حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد.
إلي آخر ما تقدم.
و لا يخفي أنّ من راجع كتب الصدوق، سيّما عيون أخبار الرضا عليه السلام، و أمالي المفيد، و ترجمة عبد اللّه، و أبيه أحمد الطائي، و غيرها، علم أنّ هذه الصحيفة المباركة من الأصول المشهورة، المتداولة بين الأصحاب.
ثم لنذكر ما ذكره النجاشي تبرّكا، ففيه الكفاية، قال: أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عامر- و هو الذي قتل مع الحسين بن علي عليهما السلام بكربلاء- ابن حسّان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام بن عمرو ابن طريف بن عمرو بن تمامة بن ذهل بن جذعان بن سعد بن قطرة بن طيّ، و يكنّي أحمد بن عامر أبا الجعد. قال عبد اللّه ابنه- فيما أجازنا الحسن بن أحمد ابن إبراهيم، حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبد اللّه قال-: ولد أبي سنة سبع و خمسين و مائة، و لقي الرضا عليه السلام سنة أربع و سبعين و مائة، و مات الرضا عليه السلام بطوس، سنة اثنتين و مائتين، يوم الثلاثاء، لثمان عشر خلون من جمادي
ص: 222
الاولي، و شاهدت أبا الحسن، و أبا محمد عليهما السلام، و كان أبي مؤذّنهما، و مات عليّ بن محمد عليهما السلام سنة أربع و أربعين و مائتين، و مات الحسن عليه السلام سنة ستّين و مائتين، يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من المحرّم، و صلّي عليه المعتمد أبو عيسي بن المتوكّل.
دفع إليّ هذه النسخة- نسخة عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسي الجندي شيخنا رحمه اللّه- قرأتها عليه- حدّثكم أبو الفضل عبد اللّه بن أحمد بن عامر، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسي عليهما السلام، و النسخة حسنة (1)، انتهي.
و ساق النسب في ترجمة ابنه عبد اللّه، و زاد بعد قوله حسّان: المقتول بصفّين مع أمير المؤمنين عليه السلام (2).6.
ص: 223
و يعرف بالذهبيّة، و كتاب طبّ الرضا عليه السلام.
قال في البحار: هو من الكتب المعروفة.
و ذكر الشيخ منتجب الدين في الفهرست: إنّ السيد فضل اللّه بن عليّ الراوندي كتب عليه شرحا، سمّاه ترجمة العلوي للطبّ الرضوي (1).
و قال ابن شهرآشوب في المعالم، في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور العمي: له الملاحم و الفتن، الواحدة، الرسالة المذهّبة عن الرضا صلوات اللّه عليه في الطبّ (2).
و قال في المجلّد الرابع عشر من البحار: وجدت بخطّ الشيخ الأجلّ الأفضل، العلّامة الكامل في فنون العلوم و الأدب، مروّج الملّة و المذهب، نور الدين عليّ بن عبد العالي الكركي- جزاه اللّه سبحانه عن الإيمان و عن أهله الجزاء السنيّ- ما هذا لفظه: الرسالة الذهبيّة في الطبّ، التي بعث بها الإمام عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام الي المأمون العباسي، في حفظ صحّة المزاج، و تدبيره بالأغذية و الأشربة و الأدوية، قال إمام الأنام، غرّة وجه الإسلام، مظهر الغموض بالرؤية اللامعة، كاشف الرموز بالجفر و الجامعة، أقضي من قضي بعد جدّه المصطفي، و أغزا من غزا بعد أبيه عليّ المرتضي، إمام الجنّ و الإنس، أبو الحسن عليّ بن موسي الرضا صلوات اللّه عليه، و علي آبائه النجباء النقباء، الكرام الأتقياء: اعلم يا أمير المؤمنين. إلي آخره.
و وجدت في تأليف بعض الأفاضل بهذين السندين: قال موسي بن عليّ ابن جابر السلامي: أخبرني الشيخ الأجلّ، العالم الأوحد، سديد الدين يحيي
ص: 224
ابن محمد بن عليان الخازن- أدام اللّه توفيقه- قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن جمهور.
و قال هارون بن موسي التلعكبري- رضي اللّه عنه-: حدّثنا محمد بن هشام بن سهل- رحمه اللّه- قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور، قال:
حدّثني أبي- و كان عالما بأبي الحسن علي بن موسي الرضا عليهما السلام خاصّة به، ملازما لخدمته، و كان معه حين حمل من المدينة، إلي أن سار إلي خراسان، و استشهد عليه السلام بطوس، و هو ابن تسع و أربعين سنة- قال: و كان المأمون في نيشابور، و في مجلسه سيّدي أبو الحسن الرضا عليه السلام، و جماعة من المتطبّبين و الفلاسفة، مثل يوحنّا بن ماسويه، و جبرئيل بن بختيشوع، و صالح ابن سلهمة (1) الهندي، و غيرهم من منتحلي العلوم، و ذوي البحث و النظر.
فجري ذكر الطبّ و ما فيه صلاح الأجسام و قوامها، فأغرق المأمون و من بحضرته في الكلام، و تغلغلوا في علم ذلك، و كيف ركّب اللّه تعالي هذا الجسد، و جميع ما فيه من هذه الأشياء المتضادّة من الطبائع الأربع، و مضارّ الأغذية و منافعها، و ما يلحق الأجسام من مضارّها من العلل.
قال: و أبو الحسن عليه السلام ساكت لا يتكلّم في شي ء من ذلك، فقال له المأمون: ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه هذا اليوم، و الذي لا بدّ منه من معرفة هذه الأشياء، و الأغذية النافع منها و الضارّ، و تدبير الجسد؟.
فقال أبو الحسن عليه السلام: «عندي من ذلك ما جرّبته، و عرفت صحّته بالاختبار و مرور الأيّام، مع ما وقفني (2) عليه من مضي من السلف، ممّا لا يسع الإنسان جهله، و لا يعذر في تركه، فأنا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج).
ص: 225
الي معرفته».
قال: و عاجل المأمون الخروج إلي بلخ، و تخلّف عنه أبو الحسن عليه السلام، و كتب- اليه عليه السلام- المأمون كتابا يتنجزّه ما كان ذكره، مما يحتاج الي معرفته من جهته، علي ما سمعه منه، و جرّبه من الأطعمة و الأشربة، و أخذ الأدوية، و الفصد و الحجامة، و السواك، و الحمّام، و النورة، و التدبير في ذلك، فكتب اليه الرضا عليه السلام كتابا، نسخته:
«بسم اللّه الرحمن الرحيم، اعتصمت باللّه، أمّا بعد فإنّه وصل إليّ كتاب أمير المؤمنين، فيما أمرني من توقيفه علي ما يحتاج إليه، ممّا جرّبته و سمعته، في الأطعمة و الأشربة، و أخذ الأدوية، و الفصد، و الحجامة، و الحمّام، و النورة، و الباه، و غير ذلك ممّا يدبّر استقامة أمر الجسد، و قد فسّرت له ما يحتاج إليه، و شرحت له ما يعمل عليه، من تدبير مطعمه و مشربه، و أخذه الدواء، و فصده، و حجامته، و باهه، و غير ذلك، ممّا يحتاج إليه من سياسة جسمه، و باللّه التوفيق. اعلم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبتل الجسد بداء حتي جعل له دواء. إلي آخره».
أقول: و ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي- قدّس اللّه روحه القدسي- في الفهرست، في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور العمي البصري، له كتب منها كتاب الملاحم، و كتاب الواحدة، و كتاب صاحب الزمان عليه السلام، و له الرسالة المذهبّة عن الرضا عليه السلام، أخبرنا برواياته كلّها- إلّا ما كان فيها من غلوّ أو تخليط- جماعة، عن محمد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن سعد ابن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور.
و رواها محمد بن عليّ بن الحسين، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسن بن متيل، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي بن عليّ، عن محمد بن جمهور (1).5.
ص: 226
و ذكر النجاشي أيضا طريقه إليه هكذا: أخبرنا محمد بن عليّ الكاتب، عن محمد بن عبد اللّه، عن عليّ بن الحسين الهذلي، قال: لقيت الحسن بن محمد بن جمهور، فقال لي: حدّثني أبي محمد بن جمهور و هو ابن مائة و عشر سنين.
و أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيي، عن سعد، عن أحمد ابن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور، بجميع كتبه (1).
ثمّ نقل ما تقدّم عن المعالم، و فهرست ابن بابويه، و قال: فظهر أنّ هذه الرسالة كانت من المشهورات بين علمائنا، و لهم إليها طرق و أسانيد، انتهي ما في البحار (2).
قلت: الرسالة كما ذكره من المشهورات، و كفي في ذلك شرح السيّد الراوندي عليها، و تصريح المحقّق الثاني بأنّها منه عليه السلام. و أمّا تضعيف النجاشي، و ابن الغضائري، و العلّامة، و ابن طاوس، تبعا لهما لمحمد بن جمهور، فيمكن تضعيفه و لو بوجه لا يضرّ باعتبارها، و ذلك من وجوه:
الأوّل: ما ذكره النجاشي في ترجمة ابنه، قال: الحسن بن محمد بن جمهور العمي، أبو محمد، بصريّ ثقة في نفسه، ينسب إلي بني العم من تميم، يروي عن الضعفاء، و يعتمد علي المراسيل، ذكر أصحابنا ذلك و قالوا: كان أوثق من أبيه و أصلح (3).
الثاني: إنّه يروي عن جعفر بن بشير، كما في الفهرست في ترجمة أبان بن عثمان (4)، و قد قال النجاشي في حقّه: و كان يعرف بقفّة (5) العلم، لأنّه كان).
ص: 227
كثير العلم، ثقة روي عن الثقات، و رووا عنه (1).
الثالث: رواية الأجلّاء عنه، منهم الثقة الجليل شيخ أصحابنا العمركي ابن عليّ كما تقدّم، و الثقة الصدوق يعقوب بن يزيد كما في الكافي، في باب فضل الخبز من كتاب الأطعمة (2)، و ابنه الصالح الثقة الحسن (3)، و شيخ الكليني عليّ ابن محمد (4)، في مواضع عديدة.
الرابع: إكثار الكليني قدس سره في الرواية عنه (5)، في كتابه الذي عهد فيه ما عهد.
الخامس: اعتماد الصدوق عليه، في طريقه الي ميمون بن مهران، كما يظهر من مشيخة الفقيه (6).
السادس: إنّ له كتاب صاحب الزمان عليه السلام، و كتاب خروج القائم عليه السلام، قال في التعليقة: فما ندري ما معني الغلوّ الذي يرمونه به و هو في محلّه، فإنّ الغالي- الذي مرق عن الدين، و يكفّر صاحبه- لا يعتقد له عليه السلام الإمامة، و البقاء، و الخروج (7).
السابع: ما يظهر من الشيخ من الاعتماد علي رواياته، الخالية عن الغلوّ و التخليط، و هذه الرسالة منها، مضافا إلي اعتماد السيّد الراوندي مع قرب عهده عليها، إذ لولاه لما تصدّي لشرحها، و لعلّه وقف علي طرق اخري لم نعثر عليها.
و من الغريب بعد ذلك، ما ذكره شيخنا الحرّ رحمه اللّه في آخر الأمل،1.
ص: 228
قال: و عندنا أيضا كتب لا نعرف صاحبها.
كتاب إلزام النواصب بإمامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
الفقه الرضوي لا يعرف جامعه و روايته.
الطبّ الرضوي كذلك (1).
و قال في كتاب الهداية: الثاني، ما لم يثبت عندنا كونه معتمدا، فلذلك لم ننقل عنه، فمن ذلك كتاب الفقه الرضوي، كتاب طبّ الرضا عليه السلام (2)، انتهي.
و قد عرفت أنّ الشيخ صرّح في الفهرست بأنّه لمحمد بن جمهور (3).
و ذكر هو في ترجمة السيد فضل اللّه أنّ له شرحا عليه. فعدم نقله عنه، إن كان للجهالة كما يظهر من الأمل، فرافعها ما في الفهرست، و معالم العلماء، و إن كان لضعف الراوي، فهو مع بعده عن مذاقه، و مخالفته لطريقته، لا يجتمع مع تصريحه في الهداية قبيل هذا، بأنّ توحيد المفضّل من الكتب المعتمدة، و كذا الرسالة الإهليلجيّة فلاحظ، فإنّهما أسوأ حالا في هذا المقام منه، فما دعاه إلي التفريق، ثمّ التقديم هذا. و رأيت للسيّد الجليل، و العالم النبيل السيّد عبد اللّه الشبّر شرحا علي هذه الرسالة الشريفة (4).4.
ص: 229
وقف عليه الأصحاب في عصر المجلسيّين، و اختلفوا في صحّته، و اعتباره، و حجّيته غاية الاختلاف، و صار معركة لآراء الناظرين، و إنكار المتبحّرين النقّادين: فبين من صحّحه و جعله حجّة، و من عدّه من الضعاف المفتقرة إلي جابر ذي قوة، و ثالث أخرجه من صنوف الأخبار، و أدرجه في مؤلّفات أصحابنا الأخيار.
و لهم في تحقيق الحقّ كلمات في رسائل منفردة، و غير منفردة، و نحن نلخّص ما ذكروه، و نذكر ما عندنا ممّا يؤيّده أو يشينه، فنقول للأصحاب: فيه أقوال:
الأوّل: القول بالحجيّة و الاعتماد.
ذهب إليه العلامة المجلسي، و والده المعظم قدس سرهما.
قال الأوّل في البحار: كتاب فقه الرضا عليه السلام، أخبرني به السيد الفاضل، المحدّث القاضي، أمير حسين- طاب ثراه- بعد ما ورد أصفهان، قال: قد اتّفق في بعض سني مجاورة بيت اللّه الحرام، أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين، و كان معهم كتاب قديم يوافق تأريخ عصر الرضا عليه السلام، و سمعت الوالد رحمه اللّه أنّه قال: سمعت السيّد يقول: كان عليه خطّه صلوات اللّه عليه، و كان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء، و قال السيّد:
حصل لي العلم بتلك القرائن أنّه تأليف الإمام عليه السلام، فأخذت الكتاب، و كتبته و صحّحته، فأخذ والدي- قدّس اللّه روحه- هذا الكتاب من السيّد، و استنسخه و صحّحه، و أكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستند، و ما يذكره والده في رسالته إليه، و كثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا و لا يعلم مستندها
ص: 230
مذكورة فيه، كما ستعرف في أبواب العبادات، انتهي (1).
و قال الثاني- كما في فوائد العلّامة الطباطبائي، و مفاتيح الأصول-: من فضل اللّه علينا أنّه كان السيّد الفاضل، الثقة المحدّث، القاضي أمير حسين- رحمه اللّه- مجاورا عند بيت اللّه الحرام سنين كثيرة، و بعد ذلك جاء الي هذا البلد- يعني أصفهان- و لمّا تشرّفت بخدمته و زيارته، قال: إنّي جئتكم بهدية نفيسة، و هي الفقه الرضوي، قال: لمّا كنت في مكّة المعظّمة، جاءني جماعة من أهل قم مع كتاب قديم، كتب في زمان أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام، و كان في مواضع منه بخطّه صلوات اللّه و سلامه عليه، و كان علي ذلك إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء، بحيث حصل لي العلم العادي بأنّه تأليفه عليه السلام، فاستنسخت منه و قابلته مع النسخة.
ثم أعطاني الكتاب، و استنسخت منه نسخة أخذها بعض الفضلاء ليكتب عليها، و نسيت الآخذ، ثمّ جاءني [بها] بعد إتمام الشرح العربي علي الفقيه، المسمّي بروضة المتّقين، و قليل من الشرح الفارسي.
ثمّ لما تفكّرت فيه ظهر لي أنّ هذا الكتاب كان عند الصدوق و أبيه، و كلّ ما ذكره عليّ بن بابويه، في رسالته إلي ابنه، فهو عبارته إلا نادرا، و كلّ ما ذكره الصدوق في هذا الكتاب بدون السند، فهو أيضا عبارته، فرأيت أن أذكر في مواضعه أنّه منه، لتندفع اعتراضات الأصحاب و شبهاتهم، و الظاهر أنّ هذا الكتاب كان موجودا عند المفيد أيضا، و كان معلوما عندهم أنّه من تأليفه عليه السلام و لذا قال الصدوق: ما افتي به، و أحكم بصحّته. و الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة علي محمد و آله الأقدمين، انتهي (2).
و قال في شرحه الفارسي علي الفقيه، في مسألة الحدث الأصغر في أثناء1.
ص: 231
غسل الجنابة، بعد ذكر ما نقل الصدوق من رسالة أبيه إليه، فيها ما ترجمته:
الظاهر أنّ عليّ بن بابويه أخذ هذه العبارات، و سائر عباراته في رسالته إلي ولده من كتاب الفقه الرضوي، بل أكثر عبارات الصدوق التي يفتي بمضمونها، و لم يسندها إلي الرواية كأنها من هذا الكتاب، و هذا الكتاب ظهر في قم، و هو عندنا.
و الثقة العدل القاضي أمير حسين- طاب ثراه- استنسخ هذا الكتاب قبل هذا بنحو من عشر سنين، و كان في عدّة مواضع منه خطّ الإمام الرضا عليه السلام، و إنّي أشرت إليه، و رسمت صورة خطه عليه السلام علي ما رسمه القاضي.
و من موافقة الكتاب لكتاب الفقيه، يحصل الظنّ القويّ بأنّ عليّ بن بابويه، و محمد بن عليّ كانا عالمين بأنّ هذا الكتاب تصنيف الامام عليه السلام، و قد جعله الصدوق حجّة بينه و بين ربّه.
و لمّا وقع لي السهو عنه، لم يتّفق لي من ملاحظته الي هذا الموضع، و سأنقل منه من هنا إلي آخر الكتاب.
و قال أيضا في كتاب الحجّ، من الشرح المذكور، في شرح رواية إسحاق ابن عمّار، فيمن ذكر في أثناء السعي أنّه ترك بعض الطواف: إنّ المشهور بين الأصحاب صحّة الطواف و السعي، إذا كان المنسيّ من الطواف أقلّ من النّصف، و هو موافق لما في الفقه الرضوي، و المظنون أنّ الصدوق كان علي يقين من كونه من تأليف الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام، و إنّه كان يعمل به، و إنّ القدماء منهم كان عندهم ذلك، و منهم من كان يعتمد علي فتاوي الصدوق المأخوذة منه، لجلالة قدره عندهم.
ثمّ حكي عن شيخين فاضلين، صالحين ثقتين، أنّهما قالا: إنّ هذه النسخة قد اتي بها من قم إلي مكّة المشرّفة، و عليها خطوط العلماء، و إجازاتهم،
ص: 232
و خطّ الإمام عليه السلام في عدّة مواضع، قال: و القاضي أمير حسين قد أخذ من تلك النسخة، و أتي بها إلي بلدنا، و إنّي استنسخت. نسخته من كتابه.
و العمدة في الاعتماد علي هذا الكتاب: مطابقة فتاوي عليّ بن بابويه في رسالته، و فتاوي ولده الصدوق لما فيه من دون تغيير، أو تغيير يسير في بعض المواضع، و من هذا الكتاب تبيّن عذر قدماء الأصحاب فيما أفتوا به.
و السيد الأجلّ بحر العلوم و النهي العلّامة الطباطبائي عقد لتحقيق حاله، و قرائن اعتباره فائدة في آخر فوائده (1).
و العالم الفقيه النبيه، محمد بن الحسن المعروف بالفاضل الهندي- جعله بحر العلوم، ثالث المجلسيّين في الاعتماد عليه- قال: فقد سلكه في كتابه كشف اللّثام في شرح قواعد الأحكام في جملة الاخبار، و عدّه رواية عن الرضا عليه السلام، و علي ذلك جري جماعة من مشايخنا الأعلام- عطّر اللّه مراقدهم انتهي (2).
و كذا نسبه إليه المولي النراقي في العوائد (3).
و لكنّ بعض السادة من العلماء المعاصرين- أيّده اللّه- جعله من المتوقّفين، قال: و ثالثها: التوقّف في أمره، كما يستفاد من الشيخ الفقيه الأوحد، بهاء الدين محمد الأصفهاني- الشهير بالفاضل الهندي- حيث يعبّر عن رواياته بقوله: و روي عن الرضا عليه السلام، أو في رواية عن الرضا عليه السلام، من غير ان يعتمد عليها، أو يركن إليها، و ظاهره في المناهج السويّة أيضا ذلك (4).
و فيه ما لا يخفي.
و الشيخ المحدّث المحقّق البحراني: قال المولي الجليل النراقي في4.
ص: 233
العوائد، في مقام ذكر من عدّه حجّة بنفسه: و منهم شيخنا يوسف البحراني صاحب الحدائق الناضرة، و هو من المصرّين علي ذلك، و يجعله حجّة بنفسه.
و منهم شيخنا الفاضل السيّد علي الطباطبائي، صاحب رياض المسائل شرح المختصر النافع.
و منهم الوالد الماجد المحقّق، صاحب اللوامع بردّ اللّه مضاجعهم الشريفة.
و بعض من تقدّم عليهم، كالفاضل الكاشاني شارح المفاتيح قد سلكوه في مسلك الأخبار، و أدرجوه في كتب أحاديث الأئمّة الأطهار، و نقلوه في مؤلّفاتهم بطريق الروايات (1).
و الأستاذ الأكبر البهبهاني- طاب ثراه-، قال السيّد الأجلّ السيّد حسين القزويني، في مقدّمات شرحه علي الشرائع، في كلام له في فقه الرضا عليه السلام ما لفظه: و احتمل المولي الجليل الماهر الألمعي، مولانا محمد باقر البهبهاني- دام ظلّه العالي- أن يكون تأليفه صادرا من بعض أولاد الأئمّة عليهم السلام بأمر الرضا عليه السلام، و اعتني به، و اعتمده غاية الاعتماد، و كذا شيخنا الجليل الشيخ يوسف البحراني، انتهي.
هذا، و قال الفقيه النبيل الشيخ موسي النجفي، في شرح الرسالة في أحكام السجود: سادس عشرها استقبال القبلة بالأصابع حال السجود، علي ما ذكره كثير من الأصحاب. و لعلّ مستنده ما في الفقه الرضوي، من الأمر بوضعها مستقبل القبلة، و عموم التشبيه في خبر سماعة، في قوله: فإنّهما يسجدان كما يسجد الوجه.
الثاني: عدم الاعتبار، لعدم كونه منه عليه السلام، و جهالة مؤلّفه.1.
ص: 234
ذهب إليه صاحب الوسائل، و تقدم أنّه عدّه من الكتب المجهولة، و جماعة من الفقهاء، كالسيّد السند الجليل صاحب تحفة الأبرار.
و المحقّق صاحب الفصول، قال في آخر كلامه فيه: فالتحقيق أنّه لا تعويل علي الفتاوي المذكورة فيه، نعم ما فيه من الروايات فهي من الروايات المرسلة، لا يجوز التعويل علي شي ء ممّا اشتمل عليه، إلّا بعد الانجبار بما يصلح جابرا لها (1). إلي آخره.
و بعض السادة الأجلّاء من العلماء المعاصرين- دام علاه- و قد كتب في عدم حجّيته ما هو كرسالة مستقلّة (2).
الثالث: انّه مندرج تحت الأخبار القويّة، التي يحتاج التمسّك بها الي عدم وجود معارض أقوي منها، أو انجبارها بالشهرة و نحوها، حسب اختلاف الأنظار في مراتب القوّة الحاصلة له بملاحظة القرائن التي ذكروها، من الشدّة الي ما يقرّب الاطمئنان بصدوره، و الضعف الي حدّ يدخله في سلك الضعفاء.
قال السيّد السند في المفاتيح: و في الاعتماد عليه بمجرّده إشكال، لعدم ثبوت كونه من مولانا الرضا عليه السلام بطريق صحيح، و لكن لا بأس بأن تعدّ رواياته من الروايات القويّة، التي ينجبر قصورها بنحو الشهرة، الي أن شرح أسباب قوّته، و قال: و لكن في بلوغه درجة الحجّية إشكال، و لكن لا أقلّ من عدّه قويّا، و عليه يمكن جعله مرجّحا لأحد الخبرين المتعارضين علي الآخر (3).
و في الفوائد، بعد إثبات اندراجه في جملة الأخبار و الأحاديث: و أمّا الكلام في حجّيته و عدمها، فهذا أمر يختلف باختلاف المذاهب، و المسالك و الآراء، في الحجّة من الأخبار الآحاد.1.
ص: 235
فإنّ منهم من يقول باختصاص الحجّيّة بالأسانيد من الأخبار الصحاح، أو مع الحسان و الموثّقات، و لا شكّ أنّ ذلك ليس منها لعدم ثبوت الكتاب من الإمام، من جهة العلم و اليقين، و لا بالنقل المتصل بالثقات المحدّثين.
و منهم من يقول باختصاص الحجّيّة بأخبار الكتب الأربعة الدائرة، و هذا أيضا كسابقه.
و منهم من يقول بحجّيّة كل خبر مظنون الصدق أو الصدور، و بعبارة أخري كلّ خبر مفيد للظنّ، و اللازم علي ذلك ملاحظة ما نقلنا من الشواهد و الأمارات، فإن حصل له منه الظنّ فليقل بحجّيّته، و إلّا فلا.
و منهم من يقول بحجّيّة كلّ خبر غير معلوم الكذب، أو مظنونه، و لا شكّ أنّ هذا الكتاب منه، فيكون حجّة معمولا به، انتهي (1).
و ظاهر شيخنا الأعظم المحقّق الأنصاري- قدّس اللّه روحه- في مصنّفاته الشريفة، و سلوكه مع الرضوي أنّه يراه من الأخبار القويّة، و يتمسّك به حيث يتمسّك بها.
الرابع: انّه بعينه رسالة عليّ بن بابويه الي ولده الصدوق، و هو المعروف بشرائعه.
قال الآميرزا عبد اللّه الأفندي، في الفصل الخامس من القسم الأوّل، من رياضة: و أمّا الفقه الرضوي، فقد مرّ في ترجمة السيّد أمير حسين، الحقّ انه بعينه كتاب الرسالة المعروفة لعليّ بن موسي بن بابويه القمي إلي ولده الصدوق محمد بن عليّ، و انّ الاشتباه قد نشأ من اشتراك اسم الرضا عليه السلام معه، في كونهما أبا الحسن عليّ بن موسي، فتأمل (2).
و قال في ترجمة السيّد، بعد نقل ما في أوّل البحار: ثمّ إنّه قد يقال: إنّ3.
ص: 236
هذا الكتاب بعينه رسالة عليّ بن بابويه الي ولده الشيخ الصدوق، و انتسابه الي الرضا عليه السلام غلط نشأ من اشتراك اسمه و اسم والده، فظنّ أنّه لعليّ ابن موسي الرضا عليه السلام، حتي لقّب تلك الرسالة بفقه الرضا عليه السلام، و كان الأستاذ العلّامة- قدّس سرّه- يميل الي ذلك، و قد يؤيّد ذلك بعد توافقهما في كثير من المسائل، باشتماله علي غريب من المسائل، و من ذلك توقيت وقت قضاء غسل الجمعة من الجمعة (إلي الجمعة) (1) و هو تمام أيّام الأسبوع الأخري، و المرويّ المشهور هو اختصاصه بيوم السبت، و نحو ذلك من المطالب، لكن لو لم يشتبه الحال علي هذا السيّد، لتمّ له الدست (2)، و ثبت ما اختاره الأستاذ الاستناد- سلّمه اللّه تعالي- انتهي (3).
و مراده بالأستاذ: العلّامة العالم المدقّق، النحرير الخبير، الآميرزا محمد ابن الحسن الشيرواني الشهير بملا ميرزا، و بالأستاذ الاستناد: العلّامة المجلسي رحمه اللّه و لا يخفي أنّ هذا الاحتمال بمكان من الضعف، كما تأتي الإشارة إلي أسبابه ان شاء اللّه تعالي.
و الظاهر أنّ هذا منه قبل اطّلاعه علي النسخة، التي كانت عند السيّد علي خان، شارح الصحيفة، كما سنذكره ان شاء اللّه، و ظاهره هنا، و ما ذكره في ترجمة ناصر خسرو هو الأوّل كما سيأتي.
و قال السيّد الجليل، السيّد حسين القزويني في شرح الشرائع: كان الوالد العلّامة يرجّح كونه رسالة والد الصدوق، محتملا كون عنوان الكتاب أوّلا هكذا: يقول عبد اللّه عليّ بن موسي، و زيد لفظ «الرضا» بعد ذلك من النسّاخ، لانصراف المطلق الي الفرد الكامل الشائع المتعارف.
و هذا كلام جيّد، لكن يبعّده بعض ما اتّفق في تضاعيف هذا الكتاب،1.
ص: 237
انتهي (1).
و ملخّص هذه الأقوال: إنّ هذا الكتاب للرضا عليه السلام تأليفا، أو إملاء، أم لا؟ و علي الثاني هل هو داخل في جملة الأخبار القويّة أو الضعاف، أو لا؟ و علي الثاني هل يعرف مؤلّفه أم لا؟ ذهب الي كلّ واحد منها ذاهب، علي حسب اختلافهم في الكثرة و القلّة، و الذي أعتقده أنّ إملاء بعض الكتاب منه عليه السلام، و الباقي لأحمد بن محمد بن عيسي الأشعري، و هو داخل في نوادره.
و للسيّد السند المحقّق، السيّد محسن الأعرجي الكاظمي كلام فيه يؤيّد ما اعتقدنا، و إن لم يكن للوجه الذي دعانا إليه، قال رحمه اللّه في شرح مقدّمات الحدائق، عند تعرّض صاحبه للفقه الرضوي ما لفظه: و أمّا الكتاب الشريف، المشرّف بهذه النسبة العليا، فالذي يقضي به التصفّح و الاستقراء أنّه لبعض أصحابه عليه السلام، يحكي في الغالب كلامه عليه السلام و يجعله هو الأصل، حتي كأنّه عليه السلام هو المتكلّم الحاكي، فيقول: قال أبي، و ربّما حكي عن غيره من الأصحاب مثل صفوان، و يونس، و ابن أبي عمير، و غيرهم، و يقول بهذا الاعتبار: قال العالم عليه السلام، و يعنيه عليه السلام.
و أمّا أنّ جمعه له فبمكان من البعد، فكيف كان فأقصاه أن يكون و جادة، و أين هو من الرواية! و كذا الحال فيما نقله المجلسي في البحار، من الكتب القديمة التي ظفر بها، فإنّ أقصاه الوجادة، و ليس من الرواية في شي ء، و إنّما يصلح مؤيّدا، انتهي (2).
و في بعض ما ذكره تأمّل يأتي وجهه.
و كيف كان فليس في المقام إجماع و لا شهرة، و لو ادّعاها أحد فهي غير نافعة، فإنّ المستند هي القرائن التي ذكروها، و ضعّفها المنكرون.ط.
ص: 238
فالمهمّ في المقام شرح تلك القرائن، ثمّ شرح ما يضعّفها، فنقول، معتصما باللّه تعالي، و رسوله، و خلفائه عليهم السلام: إنّ ما يمكن أن يقال أو قيل للأوّلين وجوه:
الأوّل: إنّ السيّد الثقة، الفاضل القاضي أمير حسين، أخبر بأنّ هذا الكتاب له عليه السلام، و أخبره بذلك أيضا ثقتان عدلان من أهل قم و هذا خبر صحيح، داخل في عموم ما دلّ علي حجية خبر العدل، و قد أشار إلي ذلك العلّامة الطباطبائي في فوائده، قال رحمه اللّه: و نحن نروي عن هذا السيّد الأمجد، و السند الأوحد، ما صحّت له روايته، و اتّضحت لديه درايته، بطرقنا المتكثّرة من شيخنا العلّامة المجلسي- طاب ثراه- عن والده المقدّس المجلسي- قدّس سرّه- و قد دخل في ذلك هذا الكتاب- و هو كتاب الفقه الرضوي- حيث ثبت برواية الثقات عنه، كونه عنده من قول الرضا عليه السلام، و هو ثقة و قد أخبر بشي ء ممكن، و ادّعي العلم فيصدق، و يعضده حكاية الثقة المجلسي رحمه اللّه فيما تقدّم من كلامه، عن الشيخين الذين مدحهما و وثّقهما، ما يطابق تلك الدعوي و يصدّقها، انتهي (1).
قلت: أمّا بناء علي طريقة المشهور بين المتأخّرين عن العلّامة، في معني الصحيح من الأحاديث، فلا نقض في المقدّمات المذكورة، التي لازمها دخول أخبار السيّد فيها، إلّا ما يتوهّم من عدم كون مستند علمه- بأن الكتاب المذكور منه عليه السلام- الأمور الحسّية، كالسماع منه عليه السلام، أو ممّن يتّصل سنده بوصفه المعتبر في المقام إليه عليه السلام، و غيره من أنواع التحمّل، و إنّما هو الحدس الناشئ عن ملاحظة الخطوط المنسوبة إليه، التي كانت علي هوامش الكتاب المعهود، و الإجازات التي كانت عليها من الأفاضل، و عليه فلا يشمله أدلّة حجّيّة الخبر الصحيح، لاختصاصها علي ما حقّق في محلّه بالطائفة9.
ص: 239
الاولي، و لذا أنكروا حجّية الإجماع المنقول علي من ادّعي دخوله فيها، بناء علي أنّ الذي يدّعيه جزما بخبر عن المعصوم جزما ناشئا عن الحدس.
و يمكن رفعه بأنّ المتيقّن من الخارج، هو ما لم يكن له مبادئ محسوسة، و أمور حسّية يلزم من العلم بها، العلم بالمخبر عنه الغير المحسوس. و لذا لم يعدّوا الإخبار عن الشجاعة، و السخاء، و العدالة، بناء علي تفسيرها بالملكة من الاخبار الحدسيّة، بل و جميع الصفات النفسانيّة حسنة كانت، أو قبيحة.
و كذا الأخبار عن الولادة، و النسب، و أمثالها، ممّا يكون الإخبار عن نفس المخبر عنه بالحدس، و إنّما كان سبب علمه ما سمعه أو رآه، و علي ذلك فلا بأس بعدّ الخبر المذكور من قبيل الأخبار المذكورة، و يشهد لذلك أنّهم كثيرا ما يعتمدون في نقل الفتاوي علي كتب الأصحاب، و يرتّبون عليها آثارها من غير أن يعلم استناد الموجود منها عنده الي صاحبه، إلّا بأمور حدسيّة، كذكر هذا الكتاب في ترجمته، و مطابقة ما نقل عنه بما وجده فيه، أو وجود خطّ بعض العلماء علي هوامشه، أو إجازاتهم في آخره أو ظهره، و غير ذلك من الأمارات التي أغلبها حدسيّة، و لا يقتصرون في النقل علي الكتب المعروفة، التي تلقّاها الأصحاب خلفا عن السلف بالقراءة، و السماع، و المناولة، كجملة من كتب الشيخ الطوسي، و الفاضلين، و أضرابهم، و هذا من الوضوح بمكان لا يحتاج الي نقل الشواهد، و ذكر الأمثال، نعم ليس بناؤهم علي الاعتماد علي كلّ امارة و قرينة، بل علي ما يوجب للناظر القطع، أو الاطمئنان التامّ، و الوثوق المعتد به، و إن كان تمامها أو بعضها حدسيّة.
و أمّا علي ما نراه من عدم انحصار الحجّية من الأخبار في الصحيح المصطلح، بل دليل الحجّية يشمله و كلّ خبر حصل من الأمارات الداخليّة أو الخارجيّة الوثوق بصدوره، و الاطمئنان بوروده، و لعلّه هو الصحيح عند القدماء، فالأمر سهل كما لا يخفي.
ثم نقول: و من الممكن أن يكون الثقتان الصالحان، اللذان أتيا بالكتاب
ص: 240
من قم إلي مكّة المشرّفة، تلقّياه عن آبائهما يدا بيد، إلي الإمام عليه السلام، فيخرج بذلك عن حدود الأخبار الحدسيّة، و هذا أمر غير عزيز.
هذا ابن شهرآشوب ذكر في مناقبه: إنّ العهد الذي كتبه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لحيّ سلمان بكازرون، موجود فيه إلي هذا العصر، و يعملون به (1).
و ذكر القطب الراوندي في دعواته: إنّ المكتوب الذي كتبه مولانا الرضا عليه السلام لجمّاله، الذي حمله إلي طوس لمّا استدعاه منه ليتبرّك به،- و كان من أهل كرمند (2) - هو موجود إلي الآن. و نقل رحمه اللّه ما في المكتوب (3)، و هو خبر شريف، و لعلّ الجماعة، لضنّتهم به ما أفشوه، خوفا من خروجه من أيديهم، خصوصا من أهل قم فإنّهم الذين سلبوا دعبل، و أخذوا جبّة الرضا عليه السلام منه قهرا، للتبرّك و الاستشفاء بها، فكيف لو اطّلعوا علي مثل هذا الكتاب، الذي عليه خطّه عليه السلام في جملة من المواضع!؟
ثمّ إنّ خطّه عليه السلام أيضا في ذلك العصر لم يكن بذلك العزيز، الذي لا يعرفه أحد، و قد كان بأيدي الناس كتاب اللّه المجيد بخطّه عليه السلام، و هو موجود الآن في خزانة كتبه الشريفة، فمن الممكن أنّهم عرفوا أنّه خطّه عليه السلام لمعرفتهم بخطّه عليه السلام، و اللّه العالم.
الثاني: إنّ الفاضل الخبير، الآميرزا عبد اللّه الأصفهاني قال في رياض العلماء: السيّد السند الفاضل، صدر الدين علي خان المدني، ثمّ الهندي الحسيني الحسني، ابن الأمير نظام الدين أميرزا أحمد بن محمد معصوم (4) ابنظ.
ص: 241
السيّد نظام الدين أحمد بن إبراهيم بن سلام اللّه بن عماد الدين مسعود بن صدر الدين محمد بن السيّد الأمير غياث الدين منصور بن الأمير صدر الدين محمد الشيرازي- الي أن قال- هو ابن إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن عليّ بن عربشاه بن أمير أنبه بن أميري بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن زيد الاعثم ابن عليّ بن محمد بن عليّ أبي الحسن نقيب نصيبين ابن جعفر بن أحمد السكين بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب عليهم السلام.
الي أن قال: ثمّ اعلم أنّ أحمد السكين، و قد يقال أحمد بن السكين، هذا الذي قد كان في عهد مولانا الرضا صلوات اللّه عليه، و كان مقرّبا عنده في الغاية، و قد كتب الرضا عليه السلام لأجله كتاب فقه الرضا عليه السلام، و هذا الكتاب بخطّ الرضا عليه السلام موجود في الطائف بمكّة المعظّمة، في جملة كتب السيّد علي خان المذكور، التي قد بقيت في بلاد مكّة، و هذه النسخة بالخطّ الكوفي، و تاريخها سنة مائتين من الهجرة، و عليها إجازات العلماء و خطوطهم، و قد ذكر الأمير غياث الدين- المذكور نفسه- أيضا في بعض إجازاته بخطّه هذه النسخة، ثمّ أجاز هذا الكتاب لبعض الأفاضل، و تلك الإجازة بخطّه أيضا، موجودة في جملة كتب السيّد علي خان، عند أولاده بشيراز، انتهي (1).
و فيما ذكره فوائد:
الاولي: إنّ هذه النسخة التي صرّح بأنّها كانت بخطّه عليه السلام، غير النسخة التي كانت في قم، كما لا يخفي.
الثانية: إنّها أيضا كانت معلّمة بإجازات العلماء و خطوطهم، و ليس في علمائنا من القديم الي الآن من هو أعرف بأحوال العلماء و خطوطهم، من3.
ص: 242
الفاضل المذكور، فتراه يذكر في أكثر التراجم أنّه رأي كتابه الفلاني، و إجازته لفلان، في البلد الفلاني، عند فلان، و يصف خطّه بالجودة أو الرداءة، فما كان يخفي عليه حال المجيز و خطّه.
و الثالثة: إنّ النسخة كانت عند جدّه الأعلي، الأمير غياث الدين منصور، الذي يعبّر عنه بغوث العلماء، و غياث الحكماء، صاحب التصانيف المعروفة المتداولة، المعاصر للمحقّق الثاني- رحمه اللّه- المتوفّي سنة ثمان و أربعين و تسعمائة.
فقول بعض السادة من العلماء المعاصرين: إنّ أوّل من ذهب الي ذلك- أي في كون الكتاب من تأليفه- و أصرّ في ترويجه، رجل فاضل محدّث، كان يقال له: القاضي أمير حسين، و هو الذي أظهر أمر هذا الكتاب، و جاء به من مكّة المشرّفة الي أصبهان، في عصر الفاضلين المجلسيّين، و أراهما إيّاه، و قبل ذلك لم يوجد منه عين و لا أثر، بين محقّقي أصحابنا، انتهي (1).
ناشئ من عدم الاطّلاع، و قلّة التجسس، و هذا غير غريب، إنّما الغريب أنّ أخاه السيد الجليل، صاحب روضات الجنّات- طاب ثراه- الذي هو من المنكرين- حتّي قال في ترجمة السيّد الكركي الآتي ذكره: إن المجلسي الأوّل هو الباعث علي إيقاظ هذه الفتنة النائمة (2)،. إلي آخره- نقل العبارة السابقة عن الرياض كما نقلناه، و لم يزد في ردّه، إلّا أن قال: و هو غريب.
و لعمري لو كان له سبيل إلي ردّه، بتكذيب صاحب الرياض، أو غياث الحكماء لفعل.
ثمّ لا يخفي أنّ أحمد السكين المذكور، داخل في سلسلة الأسانيد، فقال السيّد الفاضل المذكور: السيد علي خان فيما جمعه من أخبار المسلسلة بالآباء:6.
ص: 243
حدّثني والدي السيّد الأجلّ أحمد نظام الدين، عن والده السيّد الجليل محمد معصوم، عن شيخه المحقّق المولي محمّد أمين الأسترابادي، عن شيخه طراز المحدّثين الميرزا محمد الأسترابادي، عن السيّد أبي محمد محسن، قال: حدّثني أبي عليّ شرف الآباء، عن أبيه منصور غياث الدين أستاذ البشر، عن أبيه محمد صدر الحقيقة (1)، عن أبيه إبراهيم شرف الملّة، عن أبيه محمّد صدر الدين، عن أبيه إسحاق عزّ الدين، عن أبيه عليّ ضياء الدين، عن أبيه عربشاه زين الدين، عن أبيه أبي الحسن أميران به نجيب الدين، عن أبيه أميري خطير الدين، عن أبيه أبي عليّ الحسن جمال الدين، عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي، عن أبيه أبي سعيد عليّ، عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعشم، عن أبيه أبي شجاع عليّ، عن أبيه أبي عبد اللّه محمد، عن أبيه عليّ، عن أبيه أبي عبد اللّه جعفر، عن أبيه أحمد السكين، عن أبيه جعفر، عن أبيه السيّد محمد المحروق، عن أبيه أبي جعفر محمد، عن أبيه زيد الشهيد، عن أبيه عليّ زين العابدين عليه السلام، عن أبيه الحسين سيّد الشهداء عليه السلام، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: «سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول، و قد سئل بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج، قال: خاطبني بلسان عليّ عليه السلام» الخبر (2).
ثمّ شرح الحديث، و ساق تمام خمسة (3) أحاديث مسلسلة بالآباء، بسبعةه.
ص: 244
و عشرين أبا، و هو من خصائصه، و ليس في أخبار الخاصّة، و لا العامّة، له نظير.
إذا عرفت ذلك، فاسمع لما نتلوه عليك، من كلام العلّامة الطباطبائي قدس سره في فوائده، قال: و قد اتّفق لي في سنّي مجاورتي المشهد المقدّس الرضويّ، علي مشرّفه سلام اللّه العليّ، إنّي وجدت في نسخة من هذا الكتاب، من الكتب الموقوفة علي الخزانة الرضويّة، أنّ الإمام عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام، صنّف هذا الكتاب لمحمد بن السكين، و إنّ أصل النسخة وجدت في مكّة المشرّفة، بخطّ الإمام عليه السلام، و كان بالخطّ الكوفي، فنقله المولي المحدّث الآميرزا محمد- و كان صاحب الرجال- الي الخطّ المعروف، و محمد بن السكين في رجال الحديث رجل واحد، و هو محمد بن السكين بن عمّار النخعي الجمّال، ثقة له كتاب، روي أبوه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قاله النجاشي في كتابه (1). و فيه، و في الفهرست (2): إن الطريق إليه إبراهيم بن سليمان، و هو إبراهيم بن سليمان بن عبد اللّه بن حيّان.
و الطبقة تلائم كونه من أصحاب الرضا عليه السلام. قيل: و روي عنه ابن أبي عمير، و هو من أصحاب الرضا عليه السلام و الجواد عليه السلام، فيكون محمد بن سكّين من كبار أصحاب الرضا عليه السلام، و هذا النقل و إن لم نجده لأحد من المعتبرين، إلّا أنّه تلوح عليه آثار الصدق فيصلح لتأييد ما تقدّم، انتهي (3).
و أنت بعد التأمّل في كلام صاحب الرياض، و ما نقله- طاب ثراه- عن0.
ص: 245
النسخة الرضويّة، لا تكاد تشكّ أنّ هذه النسخة الرضويّة استنسخت من النسخة التي كانت عند شارح الصحيفة، و آبائه الأجلّاء الكرام.
و الظاهر بل المقطوع أنّ محمدا تصحيف أحمد، إما ممّن نقلها من الخطّ الكوفي إلي العربي، أو من الناسخ، و عليه فما تكلّفه من تحصيل وثاقته، و ملاءمة طبقته، في غير محلّه. و أمّا أحمد السكين، فهو في طبقته عليه السلام، لأنّ بينه و بين السجّاد عليه السلام ثلاثة من الآباء، بعدد ما بينهما عليهما السلام منها.
و عندي مجموعة شريفة، فيها الإيضاح، و الخلاصة، و ابن داود، و الفهرست، و معالم العلماء، و المنتخب، و جملة من الإجازات كانت لبعض العلماء، من أولاد الأمير سلام اللّه، المذكور في آباء السيد المذكور، و جملة منها بخطّه و قد صحّحها، و عليها حواش منه، و في آخرها إجازة له من بعض العلماء، و مدحه فيها بقوله: و قد استجاز من الفقير الحقير: السيّد السند، الحسيب النسيب النقيب، ذو المجدين، و صاحب الرئاستين، خيرة نجل سيّد المرسلين، صلّي اللّه عليه و آله و عليهم أجمعين، و خلاصة سلالة أمير المؤمنين عليه السلام، الأمير معين الدين محمد بن المغفور المبرور شاه أبو تراب بن أمير سلام اللّه. إلي آخره.
و في ظهر الإجازة كتب الأمير معين الدين المذكور نسبه بخطه، و ساقه كما ذكرنا، إلّا أنّه قال: معين الدين محمد بن عماد الدين محمود- الشهير بأبي تراب- الي آخره، و بالغ في مدح أحمد السكين، و لم يتعرّض لمدح غيره، قال:
زيد الأعشم بن عليّ بن محمد بن علي بن جعفر بن قدوة المتّقين، برهان ذوي اليقين، الشاهر سيفه في نصر الدين، أبي جعفر أحمد السكّين، إلي أخره.
و تاريخ الإجازة المذكورة سنة 994.
و في رياض العلماء، في ترجمة شارح الصحيفة، بعد أن ساق نسبه كما تقدّم، قال في الحاشية: و يظهر من طيّ بعض المواضع نسبه، كما رأيته بخطّ
ص: 246
بعض (1) أفاضل هذه السلسلة المباركة، و كان تأريخ ذلك الخطّ سنة 982 (2)، هكذا: و هو الأمير معين الدين محمد بن محمود، و ساق الي قوله: عليّ بن جعفر ابن قدوة المتّقين، برهان ذوي اليقين، نصير الدين أبي جعفر أحمد السكين.
إلي آخره (3).
و نقل في إجازات البحار صورة لخط إجازة الأمير صدر الدين محمد بن الأمير غياث الدين منصور الحسيني الشيرازي الدشتكي (4)، للسيد الفاضل عليّ بن القاسم الحسيني اليزدي، و هي إجازة لطيفة حسنة، و فيها بعد ذكر سنده المعنعن بالآباء كما تقدّم، قال: ثمّ إنّ أحمد السكين جدّي صحب الإمام الرضا عليه السلام، من لدن كان بالمدينة إلي أن اشخص تلقاء خراسان، عشر سنين، فأخذ منه العلم، و إجازته عليه السلام عندي، فأحمد يروي عن الإمام الرضا عليه السلام، عن آبائه، عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و هذا الإسناد أيضا ممّا انفرد به لا يشركني فيه أحد، و قد خصّني اللّه تعالي بذلك، و الحمد للّه (5).
و من جميع ذلك ظهر أنّ أمارات الوثوق و الاعتماد بهذه النسخة المكّية أزيد من النسخة القميّة، فلاحظ و تأمّل.
الثالث: ما في فوائد العلّامة المذكور، قال: و ممّا يؤيده و يؤكّده، أنّ الشيخ الجليل منتجب الدين، و هو الشيخ أبو الحسن عليّ بن عبد اللّه بن الحسن ابن الحسين بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن بابويه القميّ، قال في رجاله الموضوع لذكر العلماء المتأخّرين عن الشيخ الطوسي قدس سره- ما هذا لفظه:8.
ص: 247
السيد الجليل محمد بن أحمد بن محمد الحسيني، صاحب كتاب الرضا عليه السلام، فاضل، ثقة. كذا في عدّة نسخ مصحّحة من رجال المنتجب (1). و في كتاب أمل الآمل، نقلا عنه (2).
و الظاهر أنّ المراد بكتاب الرضا عليه السلام هو هذا الكتاب، و أمّا الرسالة المذهّبة، المعروفة بالذهبيّة، و طبّ الرضا عليه السلام، فهي عدّة أوراق في الطبّ، صنّفها الرضا عليه السلام للمأمون و إرادتها من هذه العبارة في غاية البعد، و المراد بكونه صاحب كتاب الرضا عليه السلام، وجود نسخة الأصل عنده، أو انتهاء إجازة الكتاب إليه، لا أنّه روي هذا الكتاب عنه بلا واسطة، أو أنّه صنّفه له، فإنّه من العلماء المتأخّرين، الذين لم يدركوا أعصار الأئمّة عليهم السلام، فهذا بناء ما عندي، و بناء من قبلي في هذا الكتاب، انتهي (3).
و ردّه في الفصول بقوله: و أمّا ما ذكره البعض في محمد بن أحمد، من أنّه صاحب كتاب الرضا عليه السلام فلا دلالة فيه علي أنّ إجازة هذا الكتاب منتهية إليه، لجواز أن يكون المراد به بعض رسائله عليه السلام، ممّا رواه الصدوق في العيون، و لو سلم أنّ المراد به الكتاب المذكور، فلا دلالة في كونه صاحبه علي إنّه كان يرويه بطريق معتبر لجواز أن يكون واجدا له، أو راويا بطريق غير معتبر، انتهي (4).
و قال بعض العلماء المعاصرين، بعد ذكر كلام السيد في جملة القرائن ما لفظه: و امّا ما مرّ من أنّ الشيخ منتجب الدين. الي3.
ص: 248
آخره، فلا يظهر منه غير أنّ له مصنّفا له تعلّق بمولانا الرضا عليه السلام، كعيون اخبار الرضا عليه السلام، و صحيفة الرضا عليه السلام، التي رواها (الطبرسي، و فيها أخبار جميلة، كما أنّ الظاهر من قولهم فلان صاحب كذا أنّه مصنّفه) (1) مع أنّه يحتمل قويّا أن يكون المراد بالرضا معناه اللغوي، فإنّه كثيرا ما يسمّي المصنّفون كتبهم بنظائر ذلك، لكنّه لا يخلو عن تأمّل، فما ذكره بعضهم من أنّ كونه صاحب كتاب الرضا عليه السلام، باعتبار أنّه ممّن وجدت عنده نسخته، أو انتهت إليه إجازة الكتاب، ففي غاية البعد، انتهي.
قلت: و فيهما مواقع للنظر:
أمّا أوّلا: فإنّ السيد- رحمه اللّه- لم يتمسّك بكلام المنتجب دليلا علي. فيردّ بإبداء الاحتمالات المذكورة فيه، و إنّما ذكره تأييدا و أمارة علي ما هو المرسوم عند المشايخ، في أمثال هذا المقام، من ذكر القرائن و الأمارات التي تورث الوثوق و الاطمئنان من تراكمها، و إن تطرّق في كلّ واحدة احتمال يضعّف الظنّ الحاصل منها، و لا يكترثون به بعد وجود ما يحصل بانضمامه قوّته، و عليه مدار الظنون الرجاليّة في مقام التعديل، و المدح، و الجرح، و تمييز المشتركات، و تشخيص الطبقات، مع إمكان إبداء جملة من الاحتمالات في آحاد ما ساقوه من الامارات، و القرائن.
و أمّا ثانيا: فلأنّ الظاهر من الكلام المذكور، مع قطع النظر عن كلّ شبهة، أنّ للرضا عليه السلام كتابا و السيد المذكور صاحبه، و توصيف الرجل بأنّه صاحب كتاب الغير، لا يكون إلّا بما ذكره رحمه اللّه من وجود نسخة الأصل عنده، و عدم وجودها عند غيره، أو انتهاء السند إليه، و كلّ ما ذكراه خلاف الظاهر.
و أمّا ثالثا: فما ذكره من جواز كونه بعض رسائله. الي آخره، ففيه إنّه ليسة.
ص: 249
في العيون ممّا أخرج مفردا، إلّا الأخبار المنثورة، التي أخذها من صحيفة الرضا عليه السلام، و قد مرّ في حالها ما يمكن به القطع بكونه غير مراد هنا.
و أمّا رابعا: فما ذكره السيّد المعاصر- سلّمه اللّه- بقوله: فلا يظهر منه غير أنّ له مصنّفا له تعلّق، إلي آخره، كلام صدر من غير تأمّل، فإنّه ليس في المنتجب أنّ له كذا و كذا، كما هو رسمه في سائر التراجم، و إنّما قال: محمد بن أحمد بن محمد الحسيني، صاحب كتاب الرضا عليه السلام (1)، و لا دلالة له علي أنّه مؤلّفه، و إلّا لقال: له كتاب الرضا عليه السلام.
نعم قد يعبّرون عن المؤلّف بالصاحب إذا اشتهر الكتاب، و أرادوا تشخيص صاحبه، إذ ليس له معرّف غيره، لا في كتاب لم يكن معروفا عندهم، و لا في مقام أضافوا الكتاب الي الغير الظاهر كونه من تأليفه، أو إملائه، ثمّ إنّ ما قوّاه من الاحتمال، ثمّ تأمّل فيه كان حريّا بأن يمحا من الرسالة، خصوصا في مقام ردّ من هو فوق ما يحوم الخيال حوله من الجلالة.
و أمّا خامسا: فما في الأوّل من أنّه لا دلالة في كونه صاحبه علي أنّه يرويه، الي آخره، ففيه إنّ كلام السيد الأجلّ، خال عن دعواه، و تسليم كون الكتاب له عليه السلام رواه عنه عليه السلام السيد المتقدّم، و لو بطريق غير معتبر كاف للتأييد، و التقوية، و حصول الظنّ بكون الموجود له عليه السلام، و هذا هو ما ادّعاه. مع أنّ بعد فرض التسليم، و ظهور كلام صاحب المنتجب، في معهوديّة وجود كتاب له عليه السلام يصير السيّد و مشايخه من مشايخ الإجازة، و للأصحاب فيها كلام معروف من أنّهم لا يحتاجون إلي التزكية و التوثيق، أو كون الرجل من مشايخ الإجازة من أمارات الوثاقة، أو تفصيل بين المشايخ ليس هنا مقام ذكره، فراجع.
الرابع: ما ذكره السيّد المحدّث، السيّد نعمة اللّه الجزائري، في المطلب2.
ص: 250
السادس من مطالب مقدّمات شرح التهذيب، قال في جملة كلام له: و كم قد رأينا جماعة من العلماء، ردّوا علي الفاضلين بعض فتاويهما بعدم الدليل، فرأينا دلائل تلك الفتاوي في غير الأصول الأربعة، خصوصا كتاب الفقه الرضوي، الذي اتي به من بلاد الهند في هذه الأعصار إلي أصفهان، و هو الآن في خزانة شيخنا المجلسي- أدام اللّه أيّامه- فإنّه قد اشتمل علي مدارك كثيرة للأحكام، و قد خلت منها هذه الأصول الأربعة و غيرها، انتهي.
و ظاهره أنّ هذه نسخة اخري غير التي كانت في قم، و هذا ممّا يؤيّد الوثوق و الاطمئنان.
و اعترض السيّد العالم المعاصر، فقال: و أيضا فإنّ الظاهر أنّ مرجع كلّ ما حكاه المولي الفاضل المجلسي، عن الشيخين المذكورين، و ما قاله السيّد الفاضل الجزائري، و ما نبّه عليه سيّدنا بحر العلوم، إلي النسخة التي ظفر عليها القاضي أمير حسين بمكّة المشرّفة، و كأنّها ظهرت في قم، و ذهب بها بعض أهلها إلي جانب البيت المعظّم و الهند، ثم انتشر المنتسخ منها بأصبهان، و المشهد المقدّس الرضوي.
إلي أن قال: و أيضا لو كانت النسخة التي أشار إليها المحدّث الجزائري، و ذكر أنّها في خزانة المولي المجلسي- رحمه اللّه- غير ما جاء السيّد المتقدّم بها إليه، لكان المولي المذكور أولي بأن يذكر ذلك في مقدّمات بحاره، حيث تصدّي لتنقيحه و تأييده، و نحن قد لاحظنا مظانّ ذلك في البحار، و لم نقتصر علي المقدّمات خاصّة، و لم نجد لذلك عينا و لا أثرا، و لا يخفي أنّ المولي المجلسي- رحمه اللّه- قد ذكر جملة ممّا ظفر عليه في أواخر عمره، في المجلّد الأخير من البحار، و نحن كلّ ما تأمّلناه لم نجد ذلك فيه أيضا، انتهي (1).
قلت: استظهار اتّحاد النسخ الثلاث ممّا يكذّبه الوجدان:9.
ص: 251
أمّا أوّلا: فلأنّ النسخة المكّيّة كانت عند السيّد علي خان بالطائف، و كانت عند جدّه الأعلي مير غياث الدين، كما صرّح به صاحب الرياض، و كانت داخلة في مرويّاته، و الظاهر أنّها وصلت إليه بالوراثة، و لا أستبعد أن يكون السيّد محمد- الذي ذكر في المنتجب أنّه كان صاحب الرضا عليه السلام- من هذه السلسلة الشريفة، فإنّه أيضا كان حسينيّا كشارح الصحيفة، و كان عالمها في عصره، المناسب لكون النسخة عنده، و اللّه العالم.
و أمّا النسخة القميّة فجاء بها الحجّاج من قم إلي مكّة، و لو كان بدل بلد قم شيراز لكان للاستظهار وجه.
و أمّا ثانيا: فلأنّ المكّيّة كانت بخطّه عليه السلام، و القميّة بخطّ غيره، و قد رسم في بعض مواضعها بخطّه عليه السلام، كما صرّح به التقيّ المجلسي- رحمه اللّه-.
و أمّا ثالثا: فلمّا مرّ من أنّه كان في المكّية مرسوما، إنّه عليه السلام كتبه لأحمد السكين المقرّب عنده، و لو كان في القيمية ذلك، لأشار إليه مولانا التقيّ في شرح الفقيه، لشدّة حرصه علي نقل كلّ ما كان له ربط و تعلّق بالكتاب، و لذكر تأريخه، و إنّه كان بالخطّ الكوفي، كما ذكر في المكّية.
و أمّا رابعا: فلأنّ السيّد الجزائري كان تلميذ العلّامة المجلسي- رحمه اللّه-، و صرّح سبطه السيّد عبد اللّه- شارح النخبة- في إجازته الكبيرة، في طيّ أحوال جدّه: أنّه أحلّه منه محلّ الولد البارّ من الوالد المشفق الرؤوف، و التزمه بضع سنين لا يفارقه ليلا و لا نهارا. إلي آخره (1).
أ تراه يخفي عليه ما كتبه أستاذه في أوّل البحار، و قبله والده في موضعين من شرح الفقيه، من حال هذه النسخة فيعرض عنه، و يذكر النسخة التي جاؤوا بها من الهند، و هي فرعها، أو فرع فرعها، و يترك ذكر ما شهد مشايخه6.
ص: 252
بأنّه ينتهي الي الأصل بواسطة واحدة!؟ هذا بعيد في الغاية.
و أمّا خامسا: فلأنّ عدم ذكر المجلسي له في المقدّمات، لعدم عثوره عليها في وقت تأليف المجلّد الأوّل، و لم يكن كتاب آخر يحتاج إلي الذكر و التثبّت، و إنّما هي هي، مع اختلاف ينبئ عن عدم اتّحاد أصلهما، و لم يعهد من المجلسي- رحمه اللّه- الإشارة إلي اختلاف النسخ، مع أنّه كان عنده من الكتب نسخ مختلفة بالزيادة و النقصان و غيرها، من كتاب و أصل، و لم يتعرّض له في المقدّمات، و إنّما أشار إليه في محلّه.
و أمّا سادسا: فقوله: و نحن قد لاحظنا مظانّ ذلك، و لم نقتصر علي المقدّمات خاصّة الي آخره، فإنّه- سلّمه اللّه- لو استقصي النظر ما صدر عنه ما ذكر، و نحن نذكر ما صرّح به في البحار، الكاشف عن بطلان الاستظهار.
قال- رحمه اللّه- في المجلد الحادي و العشرين من البحار، و هو كتاب الحجّ و الجهاد، بعد ما فرغ من أبواب أعمال الحجّ، و فرّق ما في النسخة المشهورة من الرضوي في الأبواب المناسبة له، قال: باب سياق مناسك الحج، أقول: وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي فصولا في بيان أفعال الحجّ و أحكامه، و لم يكن فيما وصل إلينا من النسخة المصحّحة، التي أوردنا ذكرها في صدر الكتاب، فأوردناه في باب مفرد، ليتميّز عمّا فرّقناه علي الأبواب.
فصل: إذا أردت الخروج الي الحجّ، الي آخره، انتهي (1).
و لا يخفي علي الناظر البصير أنّ هذه النسخة هي النسخة الهنديّة، و لو فرض أنّها أخذت من المكّيّة، و صارت الثلاثة اثنتان، لكان كافيا في بطلان استظهار الاتّحاد.
و قال في أوائل مجلّد المزار: وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي علي من نسب إليه السلام: روي عن موسي بن جعفر عليهما السلام أنّه قال:3.
ص: 253
«يستحب إذا قدم المدينة، مدينة الرسول صلّي اللّه عليه و آله» (1)، الي آخر ما تقدّم في أبواب المزار من كتاب الحج، و لا يوجد في النسخ المعروفة، و إنّما هو موجود في النسخة الأخري في الباب المذكور، فلاحظ.
و أمّا سابعا: فقوله: و لا يخفي أنّ المولي المجلسي- رحمه اللّه- الي آخره، غريب، فإنّه- رحمه اللّه- كلّما عثر عليه من الكتب في طول تأليف البحار، استدركه في المقدّمات، و لذا اختلفت المقدّمات بالزيادة و النقصان، و شرحنا ذلك في رسالتنا الموسومة بالفيض القدسي في أحواله، و لم يذكر في المجلّد الأخير من ذلك قليلا و لا كثيرا، نعم أورد فيه كتابا كتبه إليه بعض تلاميذه، فيه فهرست الكتب التي ينبغي أن تلحق بالبحار، و هذه الكتب جملة منها موجودة في مقدّمات البحار، و نسي- رحمه اللّه- أن ينقل منها، أو نقل منها قليلا، و جملة كانت عنده ثمّ ألحقها، و اخري عند غيره من فضلاء عصره، و كيف كان فلم يقتصر فيه علي ما عثر عليه في آخر عمره.
و قد عرفت الجواب عن وجه عدم ذكر النسخة الهنديّة فيه.
الخامس: ما في رياض العلماء، و تذكرة الشعراء، في ترجمة ناصر خسرو، الحكيم الشاعر المعروف، المدّعي انتهاء نسبه إلي الرضا عليه السلام، هكذا: ناصر بن خسرو بن حارث بن عليّ بن حسن بن محمد بن عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام- المرمي بالتسنّن، و الزيديّة، و الزندقة، و الإسماعيليّة، و الإلحاد- الأصفهاني البلخي، قال في رسالته التي ألّفها في شرح حاله، من أوّل عمره الي أيّام وفاته، من كيفيّة تحصيله، و رياضاته، و وزارته، و غير ذلك، قال ما حاصل ترجمته: و من حدّ سبعة عشر سنة من عمري إلي خمسة عشر سنة أخري اشتغلت بعلم الفقه، و التفسير، و معرفة الناسخ و المنسوخ، و وجوه القراءات، و الجامع الكبير، و السير الكبير، الذي صنّفه9.
ص: 254
الامام الأعلم، الزكيّ الأقدم، محمد بن الحسن الشيباني الحنفي، و كتاب الشامل، الذي صنّفه جدّي عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام، أخذته مصاحبا لنفسي، و وجدت التفاوت بينهما- يعني تصنيف الامام عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام، و تصنيف محمد الشيباني- و قرأت نسخا كثيرة من كتب الفقه، و الأخبار المتداولة، انتهي.
قال في الرياض- بعد نقل تمام الرسالة- ثمّ أقول: مراده من الكتاب الشامل- الذي نسبه نفسه إلي جدّه الرضا عليه السلام- علي الظاهر في الفقه، ليس إلّا كتاب الفقه الرضوي المشهور كما قيل (1).
قلت: ليس الغرض من نقل كلام الناصر، الذي لا حظّ له في الدين الاعتماد علي كلامه، و الاستناد بنقله، فإنّه بمعزل عن ذلك، و إنّما الغرض مجرّد ذكر هذا الكتاب في تلك الأعصار، و وجوده في كلام بعيد عن الحمل علي الكذب و الافتراء، و كانت وفاة ناصر سنة ثمان و عشرين و أربعمائة.
السادس: إنّ هذا الكتاب إمّا للإمام عليه السلام تأليفا أو إملاء، أو موضوع اختلقه بعض الواضعين، و لا ثالث لهما، فإن بطل الثاني تعيّن الأوّل.
بيان ذلك: إنّ فيه ما لا ينبغي صدوره إلّا من الحجج عليهم السلام، و ما هو كالصريح في أنّه منه عليه السلام، و هو أمور:
الأوّل: ما في أول الكتاب، ففيه: يقول عبد اللّه عليّ بن موسي الرضا عليه السلام: أمّا بعد.، إلي آخره.
الثاني: ما في أواخره: ممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت، الي آخره (2).
الثالث: ما في باب الخمس: و قال جلّ و علا: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ (3) إلي آخر الآية، فتطوّل علينا1.
ص: 255
بذلك، امتنانا منه و رحمة، إلي آخره (1).
الرابع: ما في باب النوادر: أروي عن العالم عليه السلام، أنّ رجلا سأله فقال: يا ابن رسول اللّه علّمني ما يجمع لي خير الدنيا و الآخرة، و لا تطوّل عليّ، فقال عليه السلام: «لا تغضب».
و أروي أنّ رجلا سأله عمّا يجمع به خير الدنيا و الآخرة، قال: لا تكذب.
و سألني رجل عن ذلك، فقلت: خالف نفسك (2).
الخامس: في باب الأغسال: ليلة تسعة عشر من شهر رمضان، هي التي ضرب فيها جدّنا أمير المؤمنين عليه السلام (3).
السادس: في كتاب الزكاة: روي عن أبي العالم عليه السلام في تقديم الزكاة و تأخيرها أربعة أشهر أو ستة أشهر (4).
السابع: في باب الربا، و العينة: روي حديث اللؤلؤة، ثمّ قال: و قد أمرني أبي، ففعلت (5).
الثامن: في كتاب الحجّ: و قال أبي: إنّ أسماء بنت عميس، إلي آخره (6).
و فيه: و ليس الموقف هو الجبل، و كان أبي يقف حيث يبيت (7).
و فيه: أبي، عن جدّي، عن أبيه (عليه السلام) قال: «رأيت عليّ بن الحسين عليهما السلام يمشي و لا يرمل». (8).ة.
ص: 256
و فيه: و قال أبي (عليه السلام): «من قبّل امرأته قبل طواف النساء» إلي آخره (1).
و ساق بعده أحكاما كثيرة.
و فيه: أبي (عليه السلام) و كان بالخروج إلي مكّة: «إيّاكم و الأطعمة التي يجعل فيها الزعفران» إلي آخره (2).
و فيه: قال أبي: رجل أفاض من عرفات، إلي آخره، و ذكر بعده أحكاما مصدّرة بقوله: قال أبي (عليه السلام) (3).
و فيه: أبي العالم عليه السلام، أنا سمعته يقول عند غروب الشمس: «اللّهمّ أعتق رقبتي من النار» (4).
التاسع: في باب غسل الميّت: و أروي أنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام لمّا مات، قال أبو جعفر عليه السلام: «لقد كنت أكره أن أنظر الي عورتك في حياتك، فما أنا بالذي أنظر إليها بعد موتك» فأدخل يده و غسل جسده، ثمّ دعا بأمّ ولد له، فأدخلت يدها فغسلت مراقة و عورته، و كذلك فعلت أنا بأبي (5).
قال في الفوائد: و ظاهر أنّه لولا هو المعصوم، الذي فعله حجّة، لم تكن فائدة في قوله، بل ذكره بعد نقل فعل أبي جعفر عليه السلام بأبيه أوّل شاهد علي أنّه أيضا من أقرانه، و أمثاله (6).
العاشر: في باب الصوم: و أمّا صوم السفر و المرض، فإنّ العامّة اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، و قال قوم: لا يصوم- إلي أن قال- و نحن نفطر فيه.
ص: 257
الحالتين جميعا (1).
فإنّ قوله: و نحن نفطر، دالّ علي أنّه ممّن هو قوله حجّة.
الحادي عشر: في باب البدع و الرئاسة: أروي أنّه قرئ بين يدي العالم عليه السلام قوله تعالي: لٰا تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ (2) فقال:
إنّما عني أبصار القلوب، و هي الأوهام، فقال تعالي: لا تدرك الأوهام كيفيّته، و هو يدرك كلّ و هم، و أمّا عيون البشر فلا تلحقه، لأنّه لا يحدّ و لا يوصف، هذا ما نحن عليه كلّنا (3).
الثاني عشر: في باب حديث النفس: و أروي إنّ اللّه تبارك و تعالي أسقط عن المؤمن ما لا يعلم، و ما لا يتعمّد، و النسيان، و السهو، و الغلط، و ما استكره عليه، و ما اتّقي فيه، و ما لا يطيق (4). أقول: ذلك خطّه عليه السلام.
إلي غير ذلك ممّا هو صريح في كونه للرضا عليه السلام، أو للإمام الحجّة، أو ظاهر فيه، و أمّا ما فيه ممّا يدلّ صريحا علي أنّه من أصحاب الكاظم عليه السلام و الراوي عنه فكثير، سنشير إليه إن شاء اللّه تعالي، في ردّ من زعم أنّه بعينه رسالة والد الصدوق إليه، و نوضّح أنّ العالم من ألقاب الكاظم عليه السلام في ألسنة المحدّثين و الرّواة، قبل وقوع الغيبة الصغري، و فيها، و بعدها.
هذا و قد تصدّي صاحب الفصول لإسقاط دلالة العبائر المذكورة علي المطلوب، فقال: و قوله في أوّل الكتاب: يقول عليّ بن موسي الرضا عليه السلام: أمّا بعد، الي آخر الحديث غير صريح فيما ظنّ، لجواز أن يكون مؤلّف6.
ص: 258
الكتاب قد سمع الحديث المذكور منه (عليه السلام)، أو وجده بخطّه عليه السلام فنقله عنه، محافظا علي كلمة «أمّا بعد» الموجودة في كلامه عليه السلام لمناسبتها لأوّل الكتاب، و لا يلزم التدليس، لذكره بعد ذلك ما يصلح قرينة علي عدوله بعد ذلك الحديث الي نقل أحاديث أخر، بقوله: و يروي عن بعض العلماء، و قوله بعد ذلك: و أروي، و نحو ذلك، مما يدلّ علي أنّ الإسناد المذكور مقصور علي الحديث الأوّل.
و قوله: ضرب جدّنا يحتمل أن يكون من تتمّة قول أبي عبد اللّه عليه السلام المتقدّم ذكره، و لو سلّم كونه من كلام المؤلّف، فاللازم منه كونه علويّا لا إماما.
و قوله: روي أبي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام. لا دلالة علي كونه موسي ابن جعفر عليهما السلام، إذ لا تختصّ الرواية عنه به.
و قوله: أروي عن أبي العالم يحتمل أن يكون بزيادة الياء من أبي، أو بحذف (عن) عن العالم، و مثل هذا التصحيف غير بعيد فيما تتّحد فيه النسخة، و يحتمل أيضا حمل الأب، أو العالم علي خلاف ظاهره.
و حديث اللؤلؤة غير واضح فيما ذكر، لأنّه قال بعد ذكره: و روي في خبر آخر بمثله: لا بأس، و قد أمرني أبي ففعلت مثل هذا. و لا يبعد أن يكون قوله:
و قد أمرني أبي، من تتمّة الرواية، مع أنّه لا بعد في تعويل راو علي قول أبيه، كما يشهد به تعويل الصدوق علي رسالة أبيه إليه.
و ممّا مرّ يظهر ضعف الاستشهاد بقوله: و ممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت.
و قوله: فتطوّل يمكن أن يكون من تتمّة الرواية السابقة عليه، و ليس في سوق العبارة ما ينافيه، و ان يكون من كلام صاحب الكتاب فلا يدلّ إلّا علية.
ص: 259
كونه هاشميّا، لتحقّق التطوّل و الامتنان في حقّه أيضا، بالنسبة الي ما يستحقّه من الخمس، مع احتمال أن يكون التطوّل، و الامتنان باعتبار الأمر بالإعطاء أيضا، فلا يدلّ علي ذلك أيضا، انتهي (1).
و أنت خبير بأنّ كلّ ما ارتكبه من المحامل خلاف الظاهر، لا يصار إليه إلّا بعد لزوم رفع اليد عنه بقرائن ذكرها المنكرون، فلو تمّت فلا مناص عمّا ذكره أو مثّله، و إلّا فلا بدّ من التمسّك بظاهره المؤيّد بما مرّ من الشواهد، مع أنّه ترك ذكر الوجه لما هو أصرح في الدلالة ممّا ذكره، كما لا يخفي علي من تأمّل فيما نقلناه عنه، بل لا سبيل الي ارتكاب بعض ما ارتكبه، كاحتمال أن يكون قوله: و ممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت، من تتمّة الرواية السابقة، و لا يخفي أنّ الرواية السابقة من أخبار باب الآداب و آخرها و هي هكذا: و أحسن مجاورة من جاورك، فإنّ اللّه تبارك و تعالي يسألك عن الجار، و قد نروي عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «إنّ اللّه تبارك و تعالي أوصاني في الجار حتّي ظننت أنّه يرث»، و باللّه التوفيق.
و ممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت باب دعاء الوتر، و ما يقال فيه: لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم، إلي آخره (2).
فقوله (عليه السلام): و باللّه التوفيق علامة إتمام الباب السابق، و نظيره كثير في أبواب الكتاب، بل و جعله من تتمّة الرواية السابقة لازمه نسبة هذا الكلام الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و لا يخفي ما فيها من الحزازة، بل و يلزم أن يكون قوله: باب دعاء الوتر، الي آخره مستهجنا.
و ظنّي أنّ قوله: و ممّا نداوم، الي آخره كان بعد قوله: و ما يقال فيه، و وقع2.
ص: 260
التقديم و التأخير من الناسخ سهوا، و إن كان للموجود وجه أيضا. و كذا احتمال التصحيف فيما ذكره، فإنّ فتح هذا الباب يرفع الوثوق عن كثير من الظواهر، مع أنّ التعبير عن الصادق عليه السلام بأب العالم غير معهود عن جاهل غبيّ، فضلا عن العالم المؤلّف، بل و لم يعهد رواية صاحب الكتاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
ثمّ أنّه بعد ظهور ما نقلناه- أو صراحته في كون الكتاب من تأليفه أو إملائه عليه السلام- يدور الأمر بين كونه منه فهو المطلوب، أو كونه موضوعا و احتمال الوضع فيه بعيد، لما يلوح عليه من حقيقة الصدق و الحقّ، و لأنّ ما اشتمل عليه من الأصول و الفروع و الأخلاق أكثرها مطابق لمذهب الإماميّة، و ما صحّ عن الأئمّة عليهم السلام، و لا يخفي أنّه لا داعي للوضع في مثل ذلك، فإنّ غرض الواضعين تزييف الحقّ و ترويج الباطل، و الغالب وقوعه من الغلاة و المفوّضة، و الكتاب خال عمّا يوهم ذلك.
و قد وافقنا علي ذلك السيّد العالم المعاصر، مع إنكاره كون الكتاب منه عليه السلام أشدّ الإنكار، فقال في جملة كلماته: فإنّ التأمّل في الأحكام المذكورة فيه، و إمعان النظر في تضاعيف أبوابه، و سياق عباراته و فتاويه، يكشف أنّه ليس من المجعولات، و من قبيل كتب الكذّابة و الغالين، الذين يصنّفون الكتب لتخريب المذهب، بل يظهر ممّا ذكرنا أنّه من مؤلّفات بعض أعاظم فقهاء قدماء أصحابنا، الذين كانوا لا يعملون إلّا بالأخبار المعتبرة لديهم، و إنّ ما ذكر فيه مأخوذ من متون الأخبار، و إنّ أكثر ما ذكر فيه يوافق أصول المذهب علي طريقة سائر كتب قدماء أصحابنا، العاملين بأخبار الآحاد (1).
قال: و ممّا يؤيّد ما ذكرناه من عدم كونه من المجعولات، أنّ السيد المذكور8.
ص: 261
ذكر أنّ النسخة التي رآها كانت نسخة قديمة مصحّحة، يوافق تأريخها عصر الرضا عليه السلام، و لا يخفي إنّ من يصنّف كتابا لتخريب الدين، و يصرف أيّاما من عمره في تأليف كتاب مجعول، إنّما يصرّ في ترويجه و اشتهاره، و يدعو الناس إليه، و يأمرهم بالاعتماد عليه، كما هو المشاهد من الكذّابة و الغلاة، الذين ظهروا في أعصار الحضور، و أوائل الغيبة، و وردت في شأنهم أخبار، و خرجت في ردّهم توقيعات مشهورة بين الأصحاب، فلو كان هذا الكتاب من المجعولات، لكان يظهر منه عين أو أثر بين قدماء الأصحاب و المتوسّطين، و لكان أهل الرجال يذكرون كلمات في ردّه أو قبوله (1).
و قال في الفصول:. مع احتمال أن يكون موضوعا، و لا يقدح فيه موافقة أكثر أحكامه للمذهب، إذ قد يتعلّق غرض الواضع بدسّ القليل، بل هذا أقرب الي حصول مطلوبه، لكونه أقرب إلي القبول (2).
و فيه: إنّ القليل المدسوس إن كان من الأباطيل المتعلّقة بالعقائد، التي هي الغرض الأهمّ لهم، فلا يبعد ما احتمله، و إلّا فهو من البعد بمكان لا يجوّزه ذو دربة.
السابع من القرائن: ما ذكره بعضهم من مناسبته لما ورد في مواضع عديدة من كتب الرجال، من كون الراوي ممّن له مسائل عن الرضا عليه السلام، أو ممّن له كتاب عن الرضا عليه السلام، أو صاحب كتاب الرضا عليه السلام، و قد تقدّم كلام الشيخ منتجب الدين.
و نقول هنا: قال النجاشي: محمد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، له نسخة يرويها عن الرضا عليه السلام، أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن أبي قرّة، قال: حدّثنا محمد بن3.
ص: 262
عبد اللّه، قال: حدّثنا جعفر بن محمد الحسني، قال: حدّثنا محمد بن عليّ بن الحسين بن زيد، قال: حدّثنا عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام بالنسخة (1).
و قال: عليّ بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي، أبو الحسن، أخو دعبل بن عليّ، ما عرف حديثه إلّا من قبل ابنه إسماعيل، له كتاب كبير عن الرضا عليه السلام، قال عثمان بن أحمد الواسطي و أبو محمد بن عبد اللّه بن محمد الدعجلي: حدّثنا أحمد بن عليّ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّ (بن عليّ) بن رزين، أبو القاسم، قال: حدّثنا أبي أبو الحسن عليّ بن عليّ- ببغداد سنة اثنين و سبعين و مائتين- قال: حدّثنا أبو الحسن الرضا عليه السلام- بطوس سنة ثمان و تسعين و مائة- إلي آخره (2).
و قال: وريزة بن محمد الغساني، له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حدّثني أحمد بن عليّ القميّ، عن أبيه، قال: حدّثنا وريزة بن محمد بكتابه. قال شيخنا أبو الحسن الجندي: حدّثنا وريزة بن محمد بن وريزة- بالبصرة سنة خمس و عشرين و ثلاثمائة، و له ثمانون سنة- قال: ولدت سنة خمس و أربعين و مائتين، قال: حدّثني جدّي، قال:
حدّثنا الرضا عليه السلام- سنة تسعين و مائة- (3).
و قال: موسي بن سلمة، كوفيّ له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدّثنا محمد بن سالم بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا موسي بن سلمة عن الرضا عليه السلام (4).0.
ص: 263
و قال: الحسن بن محمد بن الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، أبو محمد، ثقة جليل، روي عن الرضا عليه السلام نسخة. إلي آخره (1).
و ذكر في ترجمة عيسي بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري، أنّ له مسائل للرضا عليه السلام (2).
و قال: عليّ بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب بن محمد بن عليّ الرقي الأنصاري، أبو الحسن له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرنا محمد ابن عثمان، قال: حدّثنا أبو عليّ أحمد بن عليّ بن مهدي- بالرملة قراءة عليه- قال: حدّثنا أبي: قال: حدّثنا الرضا عليه السلام (3).
و ذكر الشيخ في الفهرست، في ترجمة محمد بن سهل بن اليسع، أنّ له مسائل عن الرضا عليه السلام (4).
و مثله في ترجمة ياسر الخادم (5).
و قال في ترجمة جعفر بن بشير: له كتاب ينسب الي جعفر بن محمد، رواية عليّ بن موسي الرضا عليهم السلام (6).
و أمّا ما ذكره في ترجمة أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عامر- الذي قتل مع الحسين عليه السلام بكربلاء- أبي الجعد أن له نسخة عن الرضا عليه السلام (7). فالمراد بها صحيفته المعروفة، كما شرحناه فيما تقدّم.0.
ص: 264
الثامن: ما ذكره بعضهم من موافقة أكثر فتاويه لفتاوي الصدوقين، و المفيد، في رسالة الشرائع، و المقنع، و المقنعة، و شدّة قربه من الرسالة، فإنّ أكثر عباراته عباراتها، بل ظنّ بعضهم أنّه هو بعينه رسالة الشرائع.
قال في الفصول: و يدلّ علي ذلك أيضا أنّ كثيرا من فتاوي الصدوقين مطابقة له في اللّفظ، و موافقة له في العبارة، لا سيّما عبارة الشرائع، و إنّ جملة من روايات الفقيه، التي ترك فيها الإسناد موجودة في الكتاب، و مثله مقنعة المفيد، فيظنّ بذلك أنّ الكتاب المذكور كان عندهم، و أنّهم كانوا يعوّلون عليه و يستندون إليه، مع ما استبان من طريقة الصدوقين، من الاقتصار علي متون الأخبار، و إيراد لفظها في مقام بيان الفتوي، و لذا عدّ الصدوق رسالة والده إليه من الكتب التي عليها المعوّل، و إليها المرجع، و كان جماعة من الأصحاب يعملون بشرائع الصدوق عند إعواز النّص، فإنّ الوجه في ذلك ما ذكرناه (1).
ثمّ اعترض عليه بأنّ مطابقة جملة من عبارات المفيد و الصدوقين لما فيه، لا دلالة فيها علي أخذها من الكتاب المذكور، لجواز العكس، أو كونهما مأخوذين من ثالث.
و فيه: إنّ النسخة القديمة التي كان عليها خطوط العلماء و إجازاتهم علي ما تقدّم، كانت مكتوبة في عصر الرضا عليه السلام، فاحتمال العكس منفيّ بتأخّر زمان الصدوقين، و الأخذ من ثالث مع بعده لا ينافي الاستظهار المذكور، و ظنّ كونه من مأخذهم، خصوصا علي ما نراه من كونه من إملائه، و إنّ تأليفه من أحمد بن محمد بن عيسي، و داخل في نوادره المعدود في الفهارس من الكتب المعتمدة و يأتي لهذا الكلام تتمّة في التنبيه الأوّل.
التاسع: ما ذكره في الفصول أيضا قال: و أيضا مأخذ جملة من فتاوي القدماء، التي لا دليل عليها ظاهرا موجود فيه، فيظهر أنّه كان مرجعهم في1.
ص: 265
تلك الفتاوي، و مستندهم فيها، فيسقط عنهم ما أورده المتأخّرون عليهم من عدم الدليل عليها (1).
و ردّه بما احتمله سابقا في عبائر الصدوقين، الغير المنافي للظهور المذكور.
هذا، و احتجّ أرباب القول الثاني بوجوه من الاستبعاد، و قرائن تدلّ علي عدم كونه من تأليفاته عليه السلام.
الأوّل: ما ذكره في الفصول قال: و ممّا يبعّد كونه تأليفه عليه السلام، عدم إشارة أحد من علمائنا السلف إليه، في شي ء من المصنّفات التي بلغت إلينا، مع ما يري من خوضهم في جمع الأخبار، و توغّلهم في ضبط الآثار المرويّة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام، بل العادة قاضية بأنّه لو ثبت عندهم مثل هذا الكتاب، لاشتهر بينهم غاية الاشتهار، و لرجّحوا العمل به علي العمل بسائر الأصول و الأخبار، لما يتطرّق إليها من احتمال سهو الراوي، أو نسيانه، أو قصوره في فهم المراد، أو في تأدية المفهوم، أو تقصيره، أو تعمّد الكذب، لا سيما مع تعدّد الوسائط، و سلامة الكتاب المذكور عن ذلك، و لبعد ما فيه عن التقيّة بخلاف غيره (2).
و قال السيد العالم المعاصر- سلّمه اللّه-: إنّ هذا الكتاب لو كان من تصنيف الإمام عليه السلام، لكان يشتهر بين أصحابنا غاية الاشتهار، و لكان يطّلع عليه كثير من قدماء أصحابنا، الذين جمعوا الأخبار، و بالغوا في إظهار آثار الأئمّة الأطهار عليهم السلام، و بذلوا جهدهم في حفظ ما صدر منهم من الأحكام، كجملة من أكابر محدّثي فقهائنا، الذين أدركوا عصره، أو كانوا قريبا من عصره عليه السلام، كالفضل بن شاذان، و يونس بن عبد الرحمن، و أحمد ابن محمد بن عيسي، و أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، و إبراهيم بن هاشم، و محمد2.
ص: 266
ابن أحمد بن يحيي- صاحب نوادر الحكمة- و سعد بن عبد اللّه، و محمد بن الحسن الصفار، و عبد اللّه بن جعفر الحميري، و أضرابهم من أجلّاء الفقهاء و المحدّثين.
و من الواضح أنّ هذا الكتاب لو كان معروفا بين هؤلاء الإعلام، أو كان يعرفه بعضهم، لما كانوا يسكتون عنه، و لما كانوا يتركون روايته لمن تأخّر عنهم من نقّاد الآثار و أصحاب الكتب المصنّفة في تفصيل الأخبار، و لما كان يخفي علي مشايخنا المحمّدين الثّلاثة، المصنّفين للكتب الأربعة، المشتملة علي أكثر ما ورد عنهم في الأحكام، لا سيّما علي مثل شيخنا الأجلّ الأكرم، رئيس المحدّثين، فإنّه قد بلغ في جمع الأخبار الواردة عن أهل بيت العصمة و الطّهارة الغاية، و تجاوز النهاية، و قد صنّف في ذلك الباب نحوا من ثلاثمائة مصنّف، كما صرّح به شيخ الطائفة في فهرسته. و من جملة مصنّفاته كتابه الذي عمله لبيان كلّ ما يتعلّق بمولانا أبي الحسن الرّضا عليه السلام، و سمّاه بعيون اخبار الرّضا عليه السلام، و هو مشتمل علي أخبار كثيرة، محيطة بأكثر ما وصل إليه من الأخبار الصادرة عنه (عليه السلام) في الأحكام و غيرها.
و لا يخفي أنّه لو كان مطّلعا علي هذا الكتاب، لكان يذكر بعضه، أو أكثره في كتابه المذكور، و لكان يشير إليه، و يذكر أنّ له كتابا في الفقه، و نحن كلّما تأمّلنا في كتابه المذكور، لم نجد إشارة إلي أمر هذا الكتاب، فضلا عن أن نطّلع علي شي ء من أخباره، و أيضا لو كان هذا من الكتب المعروفة لديه في زمانه، لكان يذكره في كتاب من لا يحضره الفقيه، الذي قد تصدّي فيه لذكر الأحكام المستخرجة من الكتب المشهورة، التي عليها المعوّل، و إليها المرجع، و أنت خبير بأنّه ممّا لم يوجد له عين و لا أثر، في هذا الكتاب.
و بالجملة فالعادة قاضية بأنّ هذا الكتاب لو كان من رشحات عيون إفادات هذا المولي لكان يطّلع عليه جملة من قدماء فقهاء الشيعة، و ما كان يبقي في زاوية الخمول، في مدّة تقرب من ألف سنة، كما لم يخف علي كثير منهم نظائره
ص: 267
من الكتب المشتملة علي الأحكام و غيرها، كفرائض مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، و الجعفريّات المرويّة عن سيّدنا موسي بن جعفر عليه السلام، و رسالة عليّ بن جعفر، و تفسير ينسب الي مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، برواية النعماني، و لا يخلو عن اعتبار.
و من ذلك القبيل الصحيفة السجاديّة، فإنّها أيضا ممّا اتّصل سندها الي الإمام، و ظفر عليه جماعة من القدماء، كما يظهر من الشيخ (1) و النجاشي (2)، حيث ذكرا أنّ متوكّل بن عمير ممّن روي دعاء الصحيفة، و من جمع آخر، حيث نقلوا بعض ادعيتها في كتبهم. و أيضا لو كان هذا الكتاب من تأليف الإمام عليه السلام لما كان يخفي علي ولده الأئمّة الطاهرين عليهم السلام، الأنوار الأربعة: سيّدنا أبي جعفر الجواد، و مولانا أبي الحسن الهادي، و سيّدنا أبي محمد العسكري، و إمامنا الحجّة عجّل اللّه تعالي فرجهم.
و من الظاهر أنّهم ما كانوا يخفون أمثال ذلك عن شيعتهم و مواليهم، و لا سيّما عن خواصّهم و معتمديهم، كما أخبروهم بكتاب عليّ، و صحيفة فاطمة صلوات اللّه عليهما، و لو كانوا مطّلعين عليه لكانوا يصرّحون به في كثير من أخبارهم، و لكانوا يأمرون الشيعة بالرجوع إليه، و الأخذ عنه، كما أمروهم بالرجوع إلي جملة من كتب الرواة، في عدّة من الروايات.
و الظاهر أنّ هذا لو كان واقعا لكان يشتهر بين القدماء، و لكان يصل إليهم أثر منه، كما وقع في نظائره، و من جملتها الرسالة المذهّبة، المنسوبة الي أبي الحسن الرضا عليه السلام، المعروفة في هذه الأعصار بالذهبيّة، باعتبار أنّ المأمون العبّاسي أمر أن تكتب بالذهب، و أن تترجم بذلك، فإنّها كانت مشهورة بين القدماء، و قد اتّصل سندها بالإمام، و قد تعرّض لذكرها و بيان سندها جملة4.
ص: 268
من أكابر أصحابنا. ثم ذكر شطرا ممّا قدّمناه في ترجمة هذه الرسالة- الي أن قال- و أنت إذا أحطت بما ذكرنا في أمر هذه الرسالة، و وقفت عليها و لاحظتها أيضا، اتّضح لك أنّ الفقه الرضوي لو كان من تأليف الإمام، لكان أولي بالاشتهار بين الخاصّ و العامّ، و ذلك لأنّ الرسالة المذكورة لا تزيد علي وريقات قليلة، ألّفها الامام عليه السلام في الطبّ، و الفقه الرضوي كتاب مبسوط، مشتمل علي أكثر أمّهات أحكام الفقه، و لا يخفي علي المتتبّع الماهر، البصير بأحوال الرجال، أنّ اهتمام أصحابنا في حفظ مثله، كان أشدّ من اهتمامهم في أمر مختصر، لا مدخليّة له في الأحكام.
إن قيل: أنّ الأمر منعكس، و الأولويّة ممنوعة، لأنّ الرسالة المذكورة مقصورة علي جملة من أحكام الطبّ و تدبير الأبدان، و ليس فيها شي ء ممّا يتعلّق بالأديان و أحكام الإيمان، و مثلها ما كان يخفي علي الطائفة الحقّة الإماميّة، لعدم مانع عن إظهارها، و التزام إخفائها من تقيّة و غيرها، بخلاف الكتاب المذكور، فإنّ التقيّة التي كانت من أشدّ الموانع في أعصار الظهور، منعت من ظهورها و وصولها إلي الأصحاب.
قلت: لا يخفي علي من اطّلع علي تفصيل ما منّ اللّه تعالي علي الإمام الثامن، و شيعة الحقّ من الإعزاز و الاحترام في دولة المأمون العبّاسي، و لاحظ ما مرّ بينه و بين علماء المخالفين من المناظرات و المباحثات، في أمر الإمامة، و غصب حقوق أهل البيت، و سائر بدع الخلفاء، أنّ التقيّة كانت مرفوعة في مدّة مديدة، من أواخر عصره في العراق و ما والاها، و كانت الطائفة الحقّة الإماميّة لا يتّقون من المخالفين في أصول عقائدهم، فضلا عن فروع مذهبهم و أحكامهم، لا سيّما أهل بلدة قم، فإنّها كانت في عصره مملوءة من علماء الشيعة، و كانوا يعلنون كلمة الحقّ غاية الإعلان، و لا يتّقون في أمر دينهم من أحد من أولياء الشيطان.
ص: 269
و هذا هو الذي بعثني علي ما قوي في نفسي، و لم يسبقني إليه من قبلي، من أنّ المسائل المتكثّرة التي صدرت عنه في أرض خراسان و العراق، ممّا لا ينبغي حملها علي التقيّة، و هي من أبعد احتمالاتها، بخلاف ما صدر عن سائر الأئمّة عليهم السلام في عصر الدولة الأمويّة، و جملة من أعصار العبّاسيّة، كالأخبار الصادرة عن الحسنين، و السجاد، و سيّدنا أبي جعفر، و موسي بن جعفر عليهم السلام، فإنّ الأصل في احتمالات تلك الأخبار احتمال التّقيّة، و هي من أظهر وجوهها.
و كيف كان فاحتمال التقيّة في أمر مثل هذا الكتاب من أبعد الوجوه، و لو كان من تأليفه (عليه السلام) لكان يظهره أيّام ظهور أمره، و كان يأمر الطائفة بالرجوع إليه، و باعتبار ذلك كان يشتهر غاية الاشتهار بين العلماء (1).
إن قلت: لعلّه كان معروفا في عصره، و إنّما خفي بعده باعتبار اشتداد التقيّة في أعصار مولانا الجواد و العسكريّين عليهم السلام، و لا سيّما في خلافة المتوكّل لعنه اللّه.
قلت: إنّ عروض التقيّة بعد الاشتهار بين علماء الطائفة و رواة الأخبار المعاصرين له عليه السلام، لا يقتضي عدم وصوله إلي المتأخّرين عنهم من أصحابنا، الذين أخذوا منهم و رووا عنهم، و ذلك لأنّ التقيّة مانعة عن إظهار الأمر لدي المخالفين، و لا يخفي أنّه لا يستلزم عدم اشتهاره بين أهل المذهب أيضا. ألا تري أنّ أكثر الأمور التي تختصّ بأهل مذهبنا لم يخف علي أصحابنا؟ و شاع بينهم بحيث بلغ حدّ ضرورة المذهب، و كذا الأخبار9.
ص: 270
المشتملة علي طعن الخلفاء، و تزييف مذاهبهم الرديّة، و إظهار بدعهم المحدثة. و منه يظهر أنّ التقيّة لا تمنع من شيوع الحقّ لدي أهله في أوّل الأمر أيضا (1).
قال: ثمّ لا يذهبن عليك إنّا لا نريد بما فصّلناه في المقام ما قيل: إنّ الكتاب المذكور لو كان منه لتواتر، لتوفّر الدواعي علي نقله. و اللّازم باطل، فالمقدّم مثله. لينتقض بما يشاهد من عدم تواتر جملة كثيرة من نظائره، كالصحيفة السجاديّة، و الفقرات المسقطة من كتاب اللّه بالنصوص المعتبرة البالغة حدّ التواتر المعنوي، و كثير من معجزات النبيّ و الأئمّة صلوات اللّه عليهم أجمعين و أفعالهم، و ليقال: إنّ مجرّد اقتضاء توفّر الدواعي لا يكفي في تحقّق التواتر، بل لا بدّ فيه من فقد المانع منه أيضا، علي طريقة سائر المحدثات المسبّبة عن أشياء تقتضيها، و هو ممّا تخلّف في كثير من أمثال المقام، فلا يبعد أن يكون ما نحن فيه أيضا من هذا القبيل.
و الذي ندّعيه إنّما هو قضاء العادة، بأنّه لو كان من الإمام عليه السلام، لكان يوجد منه أثر بين أصحابنا في الأعصار السابقة، و القرون الخالية، كما هو المشاهد في نظائره.
و القول: بأنّ تحقّق هذا أيضا موقوف علي عدم المانع و هو غير معلوم في غاية السقوط، و ذلك لأنّا لا نريد أن نثبت بذلك عدم كونه منه علي سبيل القطع و اليقين، بل المقصود أنّ هذا ممّا يوجب الظنّ القويّ بعدم صدوره منه، و أقلّ ما يقتضيه ذلك أنّه يمنع مؤيّدات طرف الثبوت عن إفادتها الظنّ به، و هو أيضا كاف في عدم الحجّيّة، و لا يخفي أنّ الظنّ بعدم المانع قائم في المقام، فإنّ من لاحظ أمثال ذلك، تبيّن له أنّه قلّ أن يوجد فيها شي ء لم يكن3.
ص: 271
منه أثر و لا عين في القدماء. انتهي كلامه الذي هو غاية ما يقال في توضيح هذا الوجه (1).
و الظاهر أنّ مراده بالقيل، هو السيد السند صاحب المفاتيح، فإنّه- رحمه اللّه- بعد ما ذكر بعض قرائن الاعتبار، قال: لا يقال: لو كان الكتاب المذكور من الإمام عليه السلام لتواتر، أو نقل بطريق صحيح و اللّازم باطل، فالملزوم مثله.
امّا الملازمة فلأنّ العادة قاضية بأنّ تصنيف الإمام عليه السلام لا بدّ أن يكون كذلك، لتوفّر الدواعي عليه، كيف و هو أجلّ من مصنّفات المصنّفين! فإذا تواترت فينبغي أن يتواتر تصنيفه عليه السلام.
و أمّا بطلان اللّازم فواضح، لأنا نقول: لا نسلّم تواتر كلّ ما كان من الإمام عليه السلام و لو كان تصنيفا، و لا نقله بطريق صحيح إذ لا برهان عليه، و توفّر الدواعي إنّما يؤثّر حيث لا يكون هناك مانع، و أمّا معه فلا.
و ممّا يكسر صولة الاستبعاد، النصوص الواردة بوقوع النقيصة في القرآن، و قال به أيضا جملة من العلماء الأعيان، إذ لو كان توفّر الدواعي بنفسه موجبا لذلك لتواتر ما حذف منه، و كذلك عدم تواتر الصحيفة السجّاديّة، و كثير من المعجزات النبويّة و خلفاء خير البريّة.
فإن قلت: لم نجد مانعا من ذلك.
قلت: عدم وجدان المانع لا يكفي، بل لا بدّ من عدمه في الواقع، علي أنّه لا بعد في أنّ المانع هو التقيّة. ثم إنّا لو سلّمنا تواتر تصنيفه عليه السلام فإنّما4.
ص: 272
نسلّمه لو كان كتابا دوّنه بنفسه كالكتب المصنّفة، و أمّا لو كان المدوّن غيره- كنهج البلاغة- فلا نسلّمه، و لعلّ فقه الرضا عليه السلام من هذا القبيل، انتهي (1).
و ما استدركه أخيرا بقوله: و الذي ندّعيه، إلي آخره أخذه منه أيضا، حيث قال فيه: و لا يقال: وجوه القدح المذكورة تندفع بما ذكر، لو كان المقصود إثبات القطع بعدم كونه منه، و ليس كذلك، بل المقصود استفادة الظنّ منها بذلك، و هي تنهض له.
لأنّا نقول: هي معارضة بما ذكره الفاضلان المشار إليهما، الي آخره، و عني بهما المجلسيّين. فإذا انضمّ الي ما ذكراه ما تقدّم من القرائن، لا يكاد يوجد من الوجه المذكور ظنّ و لا قابلية لمنع المؤيّدات و القرائن لإفادة الظنّ، مع أنّ لما ذكره من قضاء العادة نقوضا لا تحصي.
هذا ثقة الإسلام، ذكر في أوّل الروضة بأسانيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام، أنّه كتب بهذه الرسالة إلي أصحابه، و أمرهم بمدارستها و النظر فيها، و تعاهدها (2) و العمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، الي آخره.
و علي ما ذكره من قضاء العادة، كان اللازم وصول هذه الرسالة إلينا بأزيد من ألف طريق، و وجودها في أغلب المصنّفات و الجوامع المناسبة لها، مع أنّه ليس لها في غير الروضة عين و لا أثر، فكيف بالفقه الرضوي بناء علي مال.
ص: 273
سبق من أنّه عليه السلام كتبه لأبي جعفر أحمد السكين، و كان هو حامله و لا يعلم مقرّه! هل كان في مجمع الرواة من الشيعة، كالكوفة و قم، أو أبعد البلاد منهم كأصفهان؟ كما ذكر النجاشي في ترجمة إبراهيم بن محمد الثقفي، أنّه كان سبب خروجه من الكوفة أنّه عمل كتاب المعرفة، و فيه المناقب المشهورة و المثالب، فاستعظمه الكوفيّون و أشاروا إليه، بأن يتركه و لا يخرجه، فقال: أيّ البلاد أبعد من الشيعة؟ فقالوا: أصفهان، فحلف لا أروي هذا الكتاب إلّا بها، فانتقل إليها و رواه بها، ثقة منه بصحّة ما رواه فيه، انتهي (1).
فلو فرض أنّه كان ساكنا فيه أو فيما شاكله، لم تكن عادة هنا تقضي بنشره. مع أنّ المانع لا ينحصر في التقيّة التي نفاها في عصره (عليه السلام) فقد يكون ضنّة صاحب الكتاب و حرصه عليه أوجب اختصاصه به، أو سكونه في بلد لا يجد من يلقيه إليه كما عرفت، أو أمره (عليه السلام) بكتمانه و ستره إلي مدّة لبعض الحكم المخفيّة علينا، و لو كان الكتاب من إملائه (عليه السلام) كما ذكره السيّد المحقّق البغدادي في عدّته، و احتمله صاحب المفاتيح، و قوّيناه، فهو كسائر الأخبار المتكثّرة التي لم تصل إلينا، أو وصلت بعد برهة من الزمان.
قال الشيخ الطوسي قدّس سرّه في ترجمة ابن عقدة: سمعت جماعة يحكون عنه أنّه قال: أحفظ مائة و عشرين ألف حديث بأسانيدها و اذاكر بثلاثمائة ألف حديث (2). فلعلّه كان له ذكر فيها خفي فيما خفي منها.
و أمّا ما ذكره من أنّه لو كان منه عليه السلام لما خفي علي الأئمّة من ولده عليهم السلام، و لما أخفوه عن شيعتهم، الي آخره، ففيه أنّه ما كان من دأبهم و طريقتهم عليهم السلام إرجاع شيعتهم- خصوصا السائلين منهم- في صنوف0.
ص: 274
الحوائج، من المعارف و الأخلاق و الآداب، و ما يتوسّلون به الي مآربهم، و صرف بلاياهم و رفعها، من الأدعية و الأوراد، إلي ما دوّن فيها قبلهم من آبائهم عليهم السلام، أو أصحابهم الذين أخذوا منهم، و تلقّوه من أفواههم.
هذا كتاب ديات أمير المؤمنين عليه السلام من الأصول المعروفة، المعروضة علي الصادق عليه السلام، أ رأيت خبرا فيه أنّه سئل إمام عن شي ء منها فأحاله إليها!؟.
و هذه الصحيفة المباركة، التي فيها من الأدعية ما يستغني قارئها عن كلّ دعاء لأيّ حاجة، و قد كانوا يسألون الأئمّة عليهم السلام ما يقضون به حوائجهم، فيعلّمونهم ذلك، أ رأيت موضعا أحال أحدهم السائل إليها؟! و هكذا الكلام بالنسبة إلي جميع الأدعية المأثورة عن الأئمّة الذين هم قبل الإمام المسؤول، فما رأينا أحدا منهم أمر برجوع السائل إليها، مع أنّ في الأدعية المأثورة عن مولانا أمير المؤمنين، و السجّاد عليهما السلام ما فيه غني عن كلّ ورد و دعاء، و لعلّ السرّ في ذلك أنّ كلّ إمام حاو لجميع ما كان عند الماضي، ممّا يحتاج إليه العباد في مآرب دينهم و دنياهم، علي اختلاف أحوالهم و أزمانهم، و معرفتهم ذلك- خصوصا الضعفاء منهم في المعرفة- تتوقّف علي إجابتهم (عليهم السلام) مسائلهم من عند أنفسهم، و في الإرجاع إيهام إلي عدم بلوغهم ذلك المقام، و إلقائهم إيّاهم إلي التهلكة، كما لا يخفي علي النقّاد البصير.
و كذا الكلام بالنسبة الي جميع الأصول المدوّنة في عهد الصادقين عليهما السلام، خصوصا ما جمعه محمد بن مسلم، و زرارة، و أضرابهما، و هذا ظاهر علي المنصف الخبير.
الثاني: ما في الرسالة من أنّ كثيرا من أحكام هذا الكتاب، بل أكثرها من مرويّات صاحبه، و ليست مستندة إليه صادرة عنه من غير رواية و إسناد،
ص: 275
و جملة كثيرة من رواياته ليست مرويّة عن شخص معلوم و إمام مشخّص، بل غالبها من المراسيل التي عبّر عنها بألفاظ تبعّدها عن درجة المراسيل المعتبرة، كألفاظ: روي، و يروي، و أروي، و نروي، و قيل، و نظائرها ممّا في معناها، و لا يخفي علي من تتبّع الأخبار، و لاحظ سياق كلمات الأئمّة الأطهار، و خصوص ما صدر عن مولانا الرضا عليه السلام و من تقدّمه أنّ أمثال ذلك لا تكون صادرة عنهم و ما ينبغي لهم، من وجهين:
أحدهما: إنّ هذا ممّا لم يعهد عنهم، و لم يوجد في شي ء من أخبارهم التي بين أيدينا، و كتب أخبارنا مملوءة منها، و حيث لم يوجد ذلك في سائر رواياتهم، و لم يشاهد إلّا في نادر من الأخبار، حصل الظّن القويّ بأنّ ما كان غالبه من ذلك القبيل لا يكون صادرا عنهم، بل قد يحصل القطع للمتتبّع الماهر بأنّ مثل ذلك ليس من إفاداتهم، و لم يظهر من معدن العلم و المعرفة، و بيان ذلك: أنّ من تتبّع عبائر شخص، و تصفّح كلماته، بحيث عرف أنّ ديدن هذا الشخص قد استقرّ علي أن يتكلّم علي نهج خاص، و طريقة معهودة، ثمّ وقف علي كتاب منسوب إليه، أو جاءه أحد يخبر منه، و كانت عبائر هذا الكتاب أو ذاك الخبر علي منهج آخر، و أسلوب مخالف لطريقته، في سائر كلماته، اتّضح له أنّ هذا لم يصدر عن هذا الشخص، و ردّه أشدّ الردّ، و هذا أمر معروف بين العقلاء، و قاطبة اولي العرف، و يعبّر عنه بالاستقراء، و نظيره آت في أصل المطالب و المعاني أيضا، انتهي (1).
و أنت خبير بأنّ مراده من أخبارهم التي بأيدينا، إن كان هو الأخبار المختصرة المتشتّتة في الأصول و الفروع، فليس فيها مقام ذكر ما ذكره من الموهنات، و إن كان المراد مؤلّفاتهم و كتبهم عليهم السلام، فليس بأيدينا كتاب منها يستكشف منه ديدنهم و طريقتهم في التأليف، فلم يبق لما ذكر من الاستقراء4.
ص: 276
فرد يقاس عليه غيره.
هذا إذا كان الكتاب الرضوي من تأليفه عليه السلام و علي أن يكون من إملائه، فجميع ما ذكره صادر من جامعه إن كان وهنا حقيقة، و كيف يكون و هنا و قد صدر منهم ما ذكره- كما اعترف به- و إن كان نادرا، ففي رسالة أبي الحسن الهادي عليه السلام الي شيعته، في الردّ علي أهل الجبر و التفويض، المرويّة في تحف العقول، بعد ذكر مقدّمة: و نبدأ من ذلك بقول الصادق عليه السلام:
«لا جبر و لا تفويض، و لكن منزلة بين المنزلتين» الي أن قال: و خبر آخر عنه عليه السلام موافق لهذا: أنّ الصادق عليه السلام سئل: هل أجبر اللّه العباد علي المعاصي؟ فقال الصادق عليه السلام: «هو أعدل من ذلك» فقيل له:
فهل فوّض إليهم؟ فقال: «هو أعزّ و أقهر لهم من ذلك».
و روي عنه عليه السلام أنّه قال: «الناس في القدر علي ثلاثة. الي آخره.
و فيها: و بذلك أخبر أمير المؤمنين عليه السلام عباية بن ربعي الأسدي، حين سأله عن. إلي أن قال عليه السلام: - و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة اللّه- إلي أن قال عليه السلام: - و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، الخبر (1).
و في غيبة الشيخ الطوسي- رحمه اللّه- بالسند المعتبر، في مسائل محمد بن عبد اللّه بن جعفر، عن الحجّة صلوات اللّه عليه، عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل للركعة الثالثة، هل يجب عليه أن يكبّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير، و يجزيه أن يقول: بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد.
الجواب، قال: «إنّ فيه حديثين: أمّا أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة الي9.
ص: 277
حالة اخري فعليه تكبير، و أمّا الآخر فإنّه روي إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبّر، ثم جلس ثم قام، فليس عليه للقيام بعد القعود تكبير، و كذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجري، و بأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا».
و عن الفصّ الحديد (1) هل تجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه؟.
الجواب: «فيه كراهة أن تصلّي فيه، و فيه أيضا إطلاق، و العمل علي الكراهية» (2).
و رواه الطبرسي في الاحتجاج (3).
و فيه: في مسائل أخري للحميري: و سئل: هل يجوز للرجل أن يتزوّج بنت امرأته؟ فأجاب عليه السلام: «إن كانت ربّيت في حجره فلا يجوز، و إن لم تكن ربّيت في حجره و كانت أمّها في غير حباله (4) فقد روي أنّه جائز» انتهي (5).
و لا مناص لأحد من سدنة علومهم عليهم السلام من ذكر الوجه لما ذكره عليه السلام، فيكون هو الوجه أيضا لما في الرضوي، و لا فرق بين القلّة و الكثرة، مع أنّه لا كثرة بعد ملاحظة النسبة بينه و بين ما في الرسالة الشريفة و التوقيع المبارك.
الثالث: ما قاله أيضا: إنّ كثيرا من مطالبه و أحكامه رواها مؤلّفه عن غيره، ممّا عبّر فيها عن قائلها ببعض العلماء، أو العالم المطلق.
ففي أوّله بعد سطيرات ثلاثة: و نروي عن بعض العلماء أنّه قال في تفسير9.
ص: 278
هذه الآية هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلَّا الْإِحْسٰانُ (1) قال: ما جزاء من أنعم اللّه عليه بالمعرفة إلا الجنّة.
و بعده بسطرين: إنّ بعض العلماء سئل عن المعرفة، و هل للخلق فيه صنع؟ فقال: لا.
و في موضع آخر منه: روي عن العالم، أو أروي عن العالم، أو سئل العالم، أو سألت العالم، أو شكا رجل الي العالم، أو كنت عند العالم، أو رجل سأله، الي غير ذلك، ممّا في معناها.
و الظاهر أنّ مراده من العالم أحد المعصومين، نظرا الي ما يعطيه تعقيبه بالتسليم عليه، و ذكر كلامه علي سبيل الاستناد إليه، و أيضا الظاهر أن يكون المراد به إماما خاصّا، و يكون ذلك اصطلاحا منه في مقام التعبير عن إمام خاص قد أدركه صاحب الكتاب، فإنّه كثيرا ما يعبّر عن جملة من الأئمّة من أمير المؤمنين، و الحسنين، و السجاد، و الصادقين، و أبي الحسن عليهم السلام بأساميهم الشريفة، و ظاهر هذه التعبيرات يعطي أنّ ديدنه لم يستقر علي التعبير عن مطلق المعصوم بلفظ العالم، و وجه منافاة هذه الكلمات لكلمات المعصومين، و كلمات خصوص مولانا الرضا عليه السلام عين ما مرّ آنفا من أنّ هذه الطريقة طريقة لم توجد في شي ء من أخبارهم، و لم يعهد عن أحد منهم في الآثار المعروفة، و الروايات المشهورة، المدوّنة في كتب أخبارنا المتداولة بين الطائفة.
نعم قد يوجد في بعض التوقيعات الواردة من الناحية المقدّسة نظير ذلك، ففي الاحتجاج لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، شيخنا المتقدّم، عند ذكر جوابات مسائل محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، الخارجة عن سيّدنا الحجّة عليه السلام: و سئل عن الركعتين الأخراوين قد كثرت فيهما الروايات، فبعض يري أنّ التسبيح فيهما أفضل، و بعض قراءة الحمد وحدها0.
ص: 279
أفضل، فالفضل لأيّهما لنستعمله؟.
فأجاب عليه السلام: «قد نسخت قراءة أمّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح، و الذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام: كلّ صلاة لا قراءة فيها فهي خداج (1)، إلّا للعليل، أو من يكثر عليه السهو فيتخوّف بطلان الصلاة عليه» (2).
و فيها أيضا: و سئل عن الرجل ينوي إخراج شي ء من ماله، و أن يدفعه الي رجل من إخوانه، ثمّ يجد في أقربائه محتاجا، أ يصرف ذلك عمّن نواه له الي قرابته؟.
فأجاب عليه السلام: «يصرفه إلي أدناهما و أقربهما إلي مذهبه، فإن ذهب الي قول العالم عليه السلام: لا يقبل اللّه الصدقة و ذو رحم محتاج، فليقسّم بين القرابة و بين الذي نوي، حتي يكون قد أخذ بالفضل كلّه» (3).
و فيها أيضا: و سئل عن الرجل تعرض له الحاجة ممّا لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين، فيكتب في أحدهما نعم افعل، و في الآخر لا تفعل، فيستخير اللّه تعالي مرارا، ثمّ يري فيهما، فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا؟ و العامل به و التارك له، أ هو يجوز مثل الاستخارة أم هو سوي ذلك؟.
فأجاب عليه السلام: «الذي سنّه العالم عليه السلام في هذه الاستخارة بالرقاع و الصلاة» (4).
و فيها أيضا: أدام اللّه بقاك، و أدام عزّك و كرامتك، و سعادتك1.
ص: 280
و سلامتك، و أتمّ نعمته عليك، و جزيل قسمه ذلك، و جعلني من السوء فداك و قدّمني قبلك، إنّ قبلنا مشايخ و عجائز يصومون رجبا منذ ثلاثين سنة و أكثر، و يصلون شعبان بشهر رمضان، و روي لهم بعض أصحابنا أنّ صومه معصية.
فأجاب عليه السلام: «قال الفقيه: يصوم منه أيّاما إلي خمسة عشر يوما، ثم يقطعه إلّا (1) أن يصوم عن الثلاثة الأيّام الفائتة، للحديث المنقول عن واحد من الصادقين، إنّ نعم شهر القضاء رجب و شعبان» (2).
و فيها: و سئل، فقال: روي لنا عن صاحب العسكر عليه السلام أنّه سئل عن الصلاة في الخزّ الذي يغشّ بوبر الأرانب، فوقّع: «يجوز»، و روي عنه عليه السلام أيضا أنّه لا يجوز، فأيّ الخبرين يعمل به؟.
فأجاب عليه السلام: «إنّما حرّم في هذه الأوبار و الجلود، فأمّا الأوبار وحدها فكلّ حلال».
و قد سئل بعض العلماء عن معني قول الصادق عليه السلام: «لا يصلّي في الثعلب، و لا في الثوب الذي يليه» فقال: إنّما عني الجلود دون غيرها (3).
و فيها أيضا حيث سأله عليه السلام الحميري عن التّوجه للصلاة و ما يقال فيه.
فأجاب عليه السلام: «التوجّه كلّه ليس بفريضة، و السنّة المؤكّدة فيه التي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض، حنيفا مسلما علي ملّة إبراهيم، و دين محمّد، و هدي عليّ أمير المؤمنين، و ما أنا من المشركين، إنّ صلاتي و نسكي، و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين، لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين، اللهمّ اجعلني من المسلمين، أعوذ2.
ص: 281
باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ثمّ تقرأ الحمد. قال الفقيه الذي لا شكّ في علمه: إنّ الدين لمحمّد صلّي اللّه عليه و آله، و الهداية لعليّ أمير المؤمنين عليه السلام، لأنّها له صلّي اللّه عليه و في عقبه باقية الي يوم القيامة، فمن كان كذلك فهو من المهتدين، و من شكّ فلا دين له، و نعوذ باللّه من الضلالة بعد الهدي» (1) انتهي.
و التحقيق في دفع ذلك أن يقال: إنّ هذه الفقرات الواقعة في التوقيعات المذكورة، و إن كانت صريحة في أنّه (عليه السلام) عبّر عن بعض آبائه بالعالم، و عن بعضهم ببعض العلماء، و عن بعض بالفقيه، إلّا أنّ التتبّع في الأخبار، و التّأمل التّام في موارد الآثار فيها يكشف عن أنّ التعبير عن بعض الأئمّة بالعالم، و الفقيه، و نحوهما، إنّما هو شي ء شاع في أصحابنا في زمن الغيبة الصغري و انقطاع أوان الحضور، و قبله لم يعهد عن أصحابنا ذلك، و لم يكونوا يعبّرون بمثل هذا إلّا نادرا، و كان المعروف بينهم التعبير عنهم عليهم السلام بكناهم و ألقابهم المشهورة، و الظاهر أنّ ما وقع لمولانا القائم عليه السلام- أقام اللّه به أركان الشريعة، و أقرّ بظهوره عيون الشيعة- في جملة توقيعاته ممّا مرّ، و غيره من أمثال ذلك التعبير، إنّما نشأ من جهة ما شاع في أوائل الغيبة في ألسنة الرواة، و علماء الأصحاب، و ما كان معهودا بين السفراء و غيرهم، و استقرّ عليه ديدنهم في مكاتباتهم إيّاه، و مخاطباتهم له (عليه السلام) من تعبيرهم عن بعض آبائه عليهم السلام بذلك اللّقب.
و الوجه في ذلك أنّ من الشاهد المعروف بين أهالي العرف و العادات أنّ من يجب أحدا في مسألة من المسائل، و يتكلّم معه في أمر من الأمور، يوافقه كثيرا في اصطلاحاته، و يتكلّم معه علي وفق ما هو المعهود لديه، فبعد التأمّل في هذه الطريقة، و ثبوت أنّ هذا الاصطلاح كان شائعا بين الشيعة في زمان الغيبة6.
ص: 282
الصغري، يظهر وجه تعبير القائم عليه السلام بأمثال ذلك اللّقب، و لا يخفي أنّ هذا لا يقتضي تعميم الاصطلاح و القول بجريانه في زمن الحضور، فإنّ المعهود من أئمتنا عليهم السلام خلافه كما نبّهنا عليه، و لا يبعد أن يكون المراد بالعالم، و الفقيه، في خصوص هذه التوقيعات أحد العسكريّين عليهما السلام، فإنّهما ممّا عدّا من ألقاب أحدهما عليهما السلام كما يستفاد من جملة من كتب المناقب و السير، و لعل مراد السفراء و المكاتبين أيضا ذلك، و هذا الاحتمال جار في كلام الكليني قدّس سره في خطبة الكافي أيضا حيث قال:
فاعلم يا أخي- أرشدك اللّه- أنّه لا يسع أحدا تمييز شي ء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء برأيه، إلّا ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله: «اعرضوها علي كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه عزّ و جلّ فخذوه، و ما خالف كتاب اللّه فردّوه».
و قوله عليه السلام: «دعوا ما وافق القوم، فإنّ الرشد في خلافهم».
و قوله عليه السلام: «خذوا بالمجمع عليه، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه».
و نحن لا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه، و لا نجد شيئا أحوط و لا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه الي العالم عليه السلام، و قبول ما وسع من الأمر فيه، بقوله عليه السلام: «بأيّهما أخذتم» من باب التسليم «وسعكم» (1) انتهي.
و بالجملة فتعبير مولانا الرضا عليه السلام في خصوص كتاب من كتبه- دون سائر ما وصل إلينا من أخبارنا- عن بعض آبائه عليهم السلام ببعض العلماء أو العالم في غاية البعد، و يؤيّده ما وقع في هذا الكتاب كثيرا من التعبير عن آبائه، من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الي سيدنا موسي بن جعفر عليهم السلام بأساميهم و كناهم الشريفة.
و ممّا فصّلناه سابقا يظهر لك أنّ احتمال وقوع ذلك اللّقب في ذلكة.
ص: 283
الكتاب علي سبيل التقيّة في غاية البعد، انتهي (1).
أقول: و في كلامه مواقع للنظر، و قبل الإشارة إليها لا بدّ من الإشارة الي مقدّمة، هي: أنّ كلّ ما وقع التعبير به في أسانيد الأخبار بالنسبة إلي الحجج الطاهرين عليهم السلام من الأسامي، و الألقاب، و الكني، فهو ممّن وقع في آخر السند من رجاله، الذي يتلقّي متن الخبر منه، و هو صاحب التعبير عن الإمام بما اقتضاه المقام من أساميهم و ألقابهم الشريفة، لا من صاحب الكتاب الذي أخرج الخبر في كتابه، بل و لا من بعض من وقع في وسط السند، لو فرض أنّ صاحب الكتاب أخرج الخبر من كتابه، و منه علم الناس جملة من ألقابهم و أدرجها الأصحاب في طيّ أحوالهم.
قال شيخنا الكشيّ في رجاله، في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد الصنعاني (2) قال نصر بن الصباح: إبراهيم يروي عن أبي الحسن موسي، و عن الرضا، و عن أبي جعفر عليهم السلام، و هو واقف علي أبي الحسن عليه السلام، و كان يجلس في المسجد و يقول: أخبرني أبو إسحاق كذا، و فعل أبو إسحاق كذا- يعني أبا عبد اللّه عليه السلام- كما كان غيره يقول: حدّثني الصادق عليه السلام، و حدّثني العالم، و حدّثني الشيخ، و حدّثني أبو عبد اللّه عليه السلام، و كان في مسجد الكوفة خلق كثير من أصحابنا، فكلّ واحد منهم يكنّي عن أبي عبد اللّه عليه السلام باسم (3).
و لمعرفة صاحب هذه الألقاب و الكني، و تمييز المشترك منها، عقد كثير من مصنّفي الرجال مقدّمة في أوائل كتبهم أو أواخرها و ذكروا فيها المراد منها، و مستند تمييزهم بعض الأخبار الخاصّة، الذي يستكشف منه المراد، و من عبّر9.
ص: 284
عنهم عليهم السلام بلقب أو كنية من المؤلّفين، في الغيبة صغراها و كبراها، فإنّما أخذوه من أصحابهم عليهم السلام، و تلقّوه من رواياتهم، و هذه الألقاب و الكني بعضها كأساميهم الشريفة إلهيّ (1) تلقّوه منهم عليه السلام، و بعضها من أصحابهم- علي ما يظهر من مطاوي الأخبار- عبّروا به عنهم لبعض الحكم، منها التقيّة في أيّام اشتدادها، كالتعبير عن أمير المؤمنين عليه السلام بأبي زينب (2) في أيّام بني أميّة، و ولاية زياد و الحجّاج، و عن الحجّة عليه السلام بالغريم (3)، كمّا صرّح به الشيخ المفيد قدّس سرّه في الإرشاد، و منه التعبير عن الكاظم عليه السلام بالعالم (4)، كما يأتي.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلي ما عدّه من الأمور الموهنة من التعبير عن الكاظم عليه السلام فيه بالعالم عليه السلام، فنقول: فيما نقله من التوقيع المبارك كفاية في رفع هذا الاستبعاد، و ما ذكره في التحقيق من أنّه من مصطلحات رواة الشيعة في أوائل الغيبة، و أنّه عليه السلام كلّمهم علي طريقتهم، دعوي لم يأت لها ببيّنة و لا شاهد من كلام أحد قبله من العلماء الأعلام. و العجب أنّه قال: فبعد التأمّل في هذه الطريقة، و ثبوت أنّ هذا الاصطلاح كان، إلي آخره.
و نحن تأمّلنا فلم نجد في كلامه أدني شاهد لصدق ما ادّعاه، فهل يثبت دعوي بلا شاهد و لا برهان؟! نعم يظهر للمراجع في كلمات الأصحاب في مقام تمييز الروايات، و تشخيص الألقاب: أنّ العالم كان من ألقاب الكاظم عليه السلام كما هو من ألقاب الصادق عليه السلام أيضا، كما مرّ في خبر الكشيّ،2.
ص: 285
و صرّح به جماعة.
قال الشيخ فرج اللّه الحويزاوي في رجاله: إذا أطلق في الروايات، قال صلّي اللّه عليه و آله: أو: و عنه صلّي اللّه عليه و آله، فالمراد الرسول صلّي اللّه عليه و آله- إلي أن قال- و إذا أطلق أبو الحسن عليه السلام، فالمراد به الكاظم عليه السلام، و كذا إذا قيّد بالماضي، و كذا إذا أطلق أبو إبراهيم، و العالم، و الشيخ، و الفقيه، و العبد الصالح، و عبد صالح، فهو المراد عليه السلام- إلي أن قال- و قال بعض الأصحاب: إذا ورد في كتب أصحابنا أبو عبد اللّه مطلقا، كان المراد به الصادق عليه السلام، و كذا الفقيه مطلقا، و كذا العالم مطلقا.
و قال المولي الحاجّ محمّد الأردبيلي في جامع الرّواة: قال مولانا خدا وردي الأفشار في رجاله: اعلم أنّ الأئمّة صلوات اللّه عليهم يذكرون كثيرا بالكني، فينبغي للمحدّث أن يبيّن كناهم، و يميّز الاشتراك- إلي أن قال- و أبو الحسن مشترك بين زين العابدين، و الكاظم، و الرضا، و النقي عليهم السلام، لكن المطلق هو الكاظم عليه السلام، و كذا الأول، و الماضي، و العالم، و الفقيه، و العبد الصالح (1).
و قال شيخنا في الفائدة الثالثة من خاتمة الوسائل: إذا أطلق في الرواية قال صلّي اللّه عليه و آله، فالمراد به النبيّ صلّي اللّه عليه و آله.
قال: و إذا أطلق أبو الحسن، فالمراد به موسي الكاظم عليه السلام، و كذا أبو إبراهيم، و العالم، و الفقيه، الي آخره (2).
و نقل الشيخ أبو علي الحائري في رجاله، عن رجال المولي عناية اللّه أنّه ذكر كني الأئمّة عليهم السلام، و ألقابهم- الي أن قال- و أبو عبد اللّه للحسين و الصادق عليهما السلام، لكنّ المراد في كتب الأخبار الثاني، كالعالم، و الشيخ،).
ص: 286
و كذا الفقيه، و العبد الصالح، و قد يراد بهما، و بالعالم الكاظم عليه السلام.
قال أبو علي: أقول: في الأكثر يراد بالعالم، و الشيخ، و الفقيه، و العبد الصالح الكاظم، لنهاية شدّة التقيّة في زمانه صلوات اللّه عليه، و خوف الشيعة من تسميته، و ذكره بألقابه الشريفة، و كناه المعروفة (1).
و في جمال الأسبوع للسيّد علي بن طاوس قدّس سرّه: حدّث أبو عبد اللّه أحمد بن محمد الجوهري، قال: كتب إليّ محمد بن أحمد بن سنان أبو عيسي- رحمة اللّه عليه- يقول: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه محمد بن سنان، قال:
قال العالم صلوات اللّه عليه: «هل دعوت في هذا اليوم بالواجب من الدعاء» و كان يوم الجمعة، الخبر (2).
و في كتاب عمل شهر رمضان له، في دعاء الليلة السابعة عشر: رويناه بإسنادنا إلي العالم عليه السلام، أنّه قال: «هذه اللّيلة هي الليلة التي التقي فيها الجمعان يوم بدر» الخبر (3).
و في مكارم الأخلاق: روي عن العالم عليه السلام أنّه قال: «ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن: طعام يأكله، و ثوب يلبسه، و زوجة صالحة تعاونه و يحرز بها دينه» (4).
و فيه: و قال العالم عليه السلام: «في القرآن شفاء من كل داء» (5).
و فيه: و روي عن العالم عليه السلام أنّه قال: «من نالته علّة.»
الخبر (6).3.
ص: 287
و في علل الشرائع للصدوق قدس سره: حدّثنا عليّ بن أحمد- رحمه اللّه- قال: حدّثنا محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري أنّ العالم كتب إليه- يعني الحسن بن علي عليهما السلام- «إنّ اللّه عزّ و جلّ.» الخبر (1). و إنّما فسّره بالعسكريّ عليه السلام لعدم انصراف الإطلاق إليه.
و في توحيده: عن عليّ بن أحمد الدقاق، عن الكليني، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلّي قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم اللّه.؟
الخبر (2).
و لعلّ في هذا المقدار كفاية لمن أراد معرفة ثبوت ما ادّعيناه، من كون العالم من ألقابهما عليهما السلام، الدائرة علي ألسنة أصحابهم عليهم السلام في أيّام حضورهم.
و لا يبعد أن يكون الأصل فيه ما رواه ثقة الإسلام في الكافي، و الصفّار في بصائر الدرجات، بأسانيد متكثّرة، و غيرهما في غيرها، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «يغدو الناس علي ثلاثة صنوف: عالم، و متعلّم، و غثاء، فنحن العلماء، و شيعتنا المتعلّمون، و سائر الناس غثاء» (3) بل فيه، و في تأويل الايات مسندا أنّ المراد من العلماء، في قوله تعالي: إِنَّمٰا يَخْشَي اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ (4) هو أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السلام (5).
الرابع: ما ذكره في الفصول من اشتماله علي نقل أخبار متعارضة في موارد عديدة، من غير إشارة إلي طريق الجمع بينها، و لا الي ما هو الحقّ منها2.
ص: 288
و الصواب، و لا إلي أنّه ممّا يجوز الأخذ بكلّ منهما من باب التسليم، فيستفاد منه قاعدة كليّة أفيد من بيان ما هو المعتبر في خصوص الواقعة، ثمّ عدّ بعض الأمثلة لذلك (1).
و يمكن أن يقال بعد الغضّ عن احتمال كون الكتاب من إملائه الجائز علي هذا الفرض كون ذكر المعارض من الجامع لا المملي عليه السلام، و تسليم كونه من تأليفه عليه السلام: إنّ هذا الاعتراض يأتي في كلّ خبر صادر عن إمام و عند الراوي عمّن قبله من الأئمّة عليهم السلام ما يعارضه، لعلمه عليه السلام بذلك، و بابتلاء الراوي و السائل بالمعارض، و احتياجه الي رفعه بما أشار إليه، و هذا أمر غير عزيز في الأخبار.
و حلّه في المقامين: أنّهم عليهم السلام ألقوا إلي أصحابهم طريق العلاج في موارد ابتلائهم بالأخبار المتعارضة، من التخيير و التسليم، و وجوه الترجيح، و أكثر ما ورد في هذا الباب مروي عن الصادق عليه السلام، و كانت دائرة بين الأصحاب خصوصا أخبار التسليم منها، و بعد رفع تحيّرهم و معرفتهم طريق العلاج، ما كانوا محتاجين الي التنبيه و الإشارة في كلّ واقعة و مورد، و ربما كان في عدم الإشارة مع ذكر المعارض للراوي، أو علمه بوجوده عنده، أو بعثوره عليه، تقرير لما في أيديهم من طرق العلاج، و تمرين لهم بإعمال ما عندهم منها في موارد التعارض التي لا تحصي، مع أنّ فيه ما أشار إليه من الإشارة إلي طريق العلاج.
ففي باب النفاس قال: و النفساء تدع الصلاة. أكثره، مثل أيّام حيضها و هي عشرة- الي أن قال- و قد روي ثمانية عشر يوما، و روي ثلاثة و عشرين يوما. و بأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز (2) فالإيراد ساقط من1.
ص: 289
أصله، و اللّه العالم.
الخامس: ما فيه أيضا من أنّه قال في باب القدر: سألت العالم عليه السلام: أجبر اللّه العباد علي المعاصي؟ فقال: «اللّه أعزّ من ذلك» فقلت له:
ففوّض إليهم؟ فقال: «هو أعزّ من ذلك» فقلت له: فصف لنا المنزلة بين المنزلتين، الي آخره (1)، و لا خفاء في أنّ مثل هذا السؤال، ممّا يبعد صدوره عن الامام عليه السلام، انتهي (2).
و لا يخفي أنّ علمهم عليهم السلام بما يحتاجون إليه من الأصول و الفروع، و ما يحتاج إليه العباد كان معهم في صغرهم، علّمهم اللّه تعالي بالطرق التي اختصّهم بها، و في الظاهر كانوا يتعلّمون بعضهم من بعض، و يتلقّونه منهم كما يتلقّي غيرهم منهم أو من غيرهم بالسؤال الظاهر في جهالة صاحبه، أو بالإلقاء من غير مسألة.
و في الأخبار في المقامين ما لا يحصي من سؤال بعضهم عليهم السلام من بعض، أو تعليم بعضهم عليهم السلام بعضا، فيما يتعلّق بالأصول و الفروع، و لا بدّ في جميعها من جميعها من ذكر وجه، أو وجوه لرفع البعد عن ظاهرها، من الدلالة علي جهلهم، الذي ينبغي تنزيههم عنه.
و لنتبرّك بذكر خبر واحد:
روي القطب الراوندي في لبّ اللباب: و نزل فيه- يعني عليّا عليه السلام- إِذٰا نٰاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً (3) و لم يعمل بها غير عليّ عليه السلام، كان معه دينار فباعه بعشرة دراهم، و أعطاها المساكين، و سأل النبي صلّي اللّه عليه و آله عشر مسائل:
أوّلها: قال: «يا رسول اللّه كيف ادعوا اللّه؟» قال صلّي اللّه عليه و آله:
ص: 290
«بالصدق و الوفاء».
الثاني: قال: «ما أسأل اللّه؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «العافية».
الثالث: قال: «ما أصنع لنجاتي؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «كل حلالا، و قل صدقا».
قال: «فما النور؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «القرآن».
قال: «فما الفساد؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «ظهور الكفر و البدع و الفسق».
قال: «فما عليّ؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «أمر اللّه و أمر رسوله» (1).
قال: «فما الحيلة؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «ترك الحيلة».
قال عليه السلام: «فما الحقّ؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «الإسلام و القرآن و الخلافة».
قال عليه السلام: «فما الوفاء؟» قال صلّي اللّه عليه و آله: «شهادة أن لا إله إلّا اللّه».
قال عليه السلام: «فما الراحة؟» قال صلّي اللّه عليه و آله:
«الجنّة».
السادس: ما في الرسالة السابقة أيضا من أنّ كثيرا من أحكام ذلك الكتاب، ممّا خالف جملة من ضروريّات المذهب و قطعيّاته، و جملة منها ممّا لا يناسب شيئا من قواعد مذهبنا، و لا شيئا من قواعد المخالفين، و كثيرا منها ممّا لا يساعده ما عليه معظم أصحابنا، و لا ما انعقد عليه إجماعهم في سائر الأعصار و الأمصار، ثمّ شرع في التفصيل و لم يذكر من موارد الطوائف الثلاثة، إلّا مسائل معدودة:
منها: ما في باب المواقيت من قوله: و إن غسلت قدميك و نسيت المسحه.
ص: 291
عليهما فإنّ ذلك يجزيك، لأنّك قد أتيت بأكثر ممّا عليك، و قد ذكر اللّه الجميع في القرآن المسح و الغسل في قوله: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ (1) أراد به الغسل، بنصب اللام، و قوله: وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ بكسر اللام (2)، و كلاهما جائزان، الغسل و المسح (3).
و منها: ما وقع فيه من تحديد مقدار الكرّ، و هو قوله: و العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر و ترمي به في وسطه فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكرّ، و إن لم تبلغ فهو كرّ، و لا ينجسه شي ء (4).
و منها: ما وقع في باب لباس المصلّي منه، من جواز الصلاة في جلد الميتة بتعليل أنّ دباغته طهارته (5).
و منها: ما وقع فيه من نفي كون المعوذتين من القرآن، و عدّهما من الرّقي (6).
و منها: ما فيه في باب الشكوك، من فروع بعضها موافق للعامّة، و بعضها لم يذهب إليه أحد من أصحابنا، إلّا عليّ بن بابويه، و الإسكافي، و بعض نادر منهم.
و منها: ما وقع فيه في باب النكاح، من اشتراط حضور الشاهدين في النكاح الدائم (7).2.
ص: 292
و منها: ما في أواخر الكتاب، من التفصيل في أمر المتعة، و هو قوله: و نهي عن المتعة في الحضر، و لمن كان له مقدرة علي الأزواج و السراري (1)، و إنّما المتعة نكاح الضرورة للمضطرّ الذي لا يقدر علي النكاح، منقطع عن أهله و ولده، انتهي (2).
قلت: أمّا بناء علي كون الكتاب من إملائه عليه السلام، فقد أشار المجلسي إلي دفع هذا الإيراد، بقوله في أبواب الشكوك من بحاره: و لعلّ جامع الكتاب جمع بين ما سمع منه عليه السلام في مقامات التقيّة و غيرها، و أوردها جميعا (3).
و علي الاحتمال الآخر، فيمكن أن يقال: إنّه لا يشترط في الحمل علي التقيّة حضور من يخاف منه، فيكون وجود ما ينافي التقيّة في جملة الكلام ممّا يبعّد الحمل المذكور، سواء في ذلك أقوالهم و مكاتيبهم عليهم السلام، فإنّ علمهم عليهم السلام بابتلاء المكتوب إليه في بعض المقامات بما يوجب التقيّة، كاف في تعليمه بما يدفعها في محلّ الحاجة، و إن لم يحتج إليه في غيره، فلا يلزم أن يكون كلّ ما في الكتاب جاريا علي طريقة المخالف، و لا يمنع وجود ما ينافي التقيّة فيه عن حمل ما يلائمها عليها، فلعلّه عليه السلام كان يعلم بابتلاء أحمد السكين الذي كتب الكتاب لأجله في هذه المقامات بما يلزمه العمل بما يخالف الحقّ و يوافق القوم أو بعضهم.
مع أنّ جملة ممّا ذكر قابل للتوجيه، فإنّ ما نقله في أمر المتعة ليس في النسخة الصحيحة القميّة، بل ذكر فيها أحكام المتعة كما هو موجود في الأخبار7.
ص: 293
المعتبرة، و دائر في ألسنة الفقهاء، و إنّما هو في النسخة الأخري التي ألحقت بها نوادر أحمد بن محمد بن عيسي، و أدرج فيها ما يظنّ كونه أيضا من إملائه عليه السلام.
و منه ما نقله في أمر المتعة فلاحظ.
و الإشهاد في الدائم يحمل علي الاستحباب، كما حمل (1) عليه ما دلّ علي الإشهاد في بعض الأخبار.
و مرّ في كتاب الطهارة وجه لما فيه من تحديد الكرّ (2).
و أمّا ما نقله من لباس المصلّي، ففي الكتاب في الباب المذكور في كتاب الصلاة: و لا تصلّ في جلد الميتة علي كلّ حال (3). نعم في باب آخر منه بعد باب الصناعات ذكر جواز اللّبس فيه معلّلا بما ذكر، و لا يظهر منه جواز الصلاة فيه إلّا بملاحظة سابقه و لاحقه (4)، و بعد التسليم فلا مناص من الحمل علي التقيّة بعد النصّ المتقدّم.
الي غير ذلك من الوجوه القريبة أو البعيدة، التي يرتكبون مثلها في سائر الأخبار، حتي في الواحد منها، المنافي صدره لذيله، و قد أشار الي جملة من تلك الوجوه في الرضوي، العالم الفاضل، المولي الجليل محمد، المعروف بشاة قاضي اليزدي، صاحب المؤلّفات الرائقة (5) في ترجمته للفقه الرضوي.
السابع: ما فيها أيضا: أنّ من جملة الأمور المذكورة، ما وقع في أوائله من الرواية عن أبي بصير و بعض آخر من الرّواة علي طريقة المحدّثين، و ما يوجد في الخمس الأخير منه من الرواية عن بعض الأئمّة عليهم السلام بوسائط).
ص: 294
متعدّدة.
ففي باب فضل صوم شعبان و صلته برمضان منه: أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة بن مهران (1)، الي آخره، ثمّ أطال الكلام في نقل أمثاله.
و الاعتراض فاسد لفساد أصله، من كون ما نقله من أجزاء كتاب فقه الرضا عليه السلام، بل هو من أجزاء نوادر أحمد بن محمد بن عيسي، أدخل هو أو بعض الرواة أو النسّاخ الرضوي فيه، و قد التفت- سلّمه اللّه- الي ذلك بعد مدّة، فاستدرك ما ذكره في الحاشية.
فقال: من جملة ما عثرت عليه بعد مضيّ سنين عديدة من تأليف هذا الكتاب، إنّي وقفت علي كتاب نوادر أحمد بن محمد بن عيسي الأشعري القمّي، فوجدته مطابقا لهذه الأخبار المسندة المذكورة في الكتاب، و قد حصل لي الظنّ القويّ، بل المتاخم للعلم بأنّ هذه الأخبار مأخوذة عن النوادر، و يؤيده أنّ الحديث الأوّل المذكور في الكتاب أوّل رواته أحمد بن محمد بن عيسي، و هذا موافق لطريقة قدماء أهل الحديث، حيث يذكرون في أوّل كتبهم المصنّفة أساميهم، انتهي.
و لا يخفي أنّ الموجود من النوادر ليس إلّا المنضمّ بالرضوي، و لم يكن عند العلّامة المجلسي، و شيخنا الحرّ أزيد من ذلك، كما لا يخفي علي من راجع البحار و الوسائل، و راجع الرضوي، فلا يجد فيهما خبرا منقولا عن النوادر إلّا و هو موجود فيه، هذا علي ما في بعض نسخ الرضوي، و ما أكثرها، فآخره هو باب القضاء و القدر، و باب الاستطاعة، الذي يتبعه باب فضل صوم شعبان في النسخة الأخري، و هو أوّل النوادر، و ليس فيها خبر مسند أصلا. و في النوادر أيضا أبواب و مقالات يظنّ أنّها من أصل الرضوي، اختلطت به حتّي1.
ص: 295
صار سببا للاشتباه، و يحتاج الناظر في تمييز أحدهما من الآخر إلي بصيرة المعيّة (1)، و رأينا في بعض مواضع الوسائل نقل عن النوادر، و المنقول رضوي لا يعتني هو به كما تقدّم.
الثامن: ما أشار إليه والي جوابه السيّد السند في المفاتيح، قال: لا يقال لو كان من الامام عليه السلام لكانت عباراته فصيحة سلسلة، و اللازم باطل، أمّا الملازمة فلأنّه اللائق بحالهم، و أمّا بطلان اللازم فلأنّك إذا تتبّعت عباراته لتحقّقت ذلك.
لأنّا نقول: لا نسلّم أنّ ذلك لائق بحالهم، بل اللائق بحالهم التعبير بما تقتضيه الحكمة، و قد تقتضي الحكمة التعبير بما يخالف القواعد العربيّة، حيث يتوقّف فهم المسائل عليه، و لعلّ التعبير في ذلك الكتاب مستند الي حكمة خفيّة، انتهي (2).
قلت: روي عليّ بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة، عن الكلابي، عن أبي الحسن عليّ بن بلال و أبي يحيي النعماني، قالا: ورد كتاب من أبي محمد عليه السلام و نحن حضور عند أبي طاهر بن بلال، فنظرنا فيه، فقال النعماني: فيه لحن، أو يكون النحو باطلا، و كان هذا بسرّ من رآي، فنحن في ذلك حتي جاء توقيعه عليه السلام: «ما بال قوم يلحنوننا، و إنّ الكلمة نتكلّم بها تنصرف علي سبعين وجها، فيها كلّها المخرج منها و المحجّة» (3).
هذا، و ما يوجد في بعض مواضعه ممّا هو علي خلاف العربيّة، فالظاهر أنّه من الناقلين له من الخطّ الكوفيّ، و عدم مهارتهم في قراءته و في القواعد العربيّة، فلاحظ.4.
ص: 296
خاتمة تتعلّق بالمقام: اعلم أنّ الراوي إذا كان عدلا إماميا فالخبر من جهته صحيح، و لا يحتاج في مقام الحجيّة بعد إحراز الإيمان و العدالة فيه الي فضيلة اخري، كالفقاهة، و الزهّادة، و التصنيف، و غيرها، فإن وجدت فيه فهو كمال لا يضرّ فقده، و قد نقل في المفاتيح اتّفاق الأصحاب علي عدم اشتراط الفقاهة. نعم قد يحتاج إليه في مقام الترجيح المؤخّر عن مقام الحجيّة.
و قد تقدّم عن العلّامة الطباطبائي في فوائده أنّه تمسّك في كلامه في حجيّة الكتاب: بأنّ القاضي السيّد مير حسين أخبر بأنّه من الإمام عليه السلام، الي آخره. و قد وثّقه المجلسي كما تقدّم (1)، و قال خرّيت هذه الصناعة الآميرزا عبد اللّه في رياض العلماء: السيد القاضي الأمير حسين، فاضل عالم، جليل نبيل، هو من مشايخ إجازة الأستاذ الاستناد- أدام اللّه تعالي فيضه- و عليه اعتمد في صحّة كتاب فقه الرضا عليه السلام، و تصحيح انتسابه الي مولانا الرضا عليه السلام، انتهي (2).
و هذا المقدار يكفي في الحكم بصحّة خبره و حجيّته لو فرض خلوصه عن بعض الاعتراضات، كما أشرنا إليه في صدر كلامنا، و العلّامة الطباطبائي ظنّ أنّ القاضي أمير حسين المذكور، هو بعينه السيّد حسين الكركي، فذكر شطرا من مناقبه، و فضائله، و مؤلّفاته.
و هذا اشتباه لم يصدر منه- رحمه اللّه- إلّا لما قيل من أنّ الجواد قد يكبو، و هذا الاشتباه غير مضرّ بأصل المقصود من وثاقة حامل الكتاب، بل عدّه صاحب الرياض- المعاصر له- من العلماء كما عرفت، إلّا أنّ السيد الميرزا محمد المتقدم- صاحب الرسالة- و أخاه الفاضل في الروضات (3) لمّا وقفا علي هذا1.
ص: 297
الاشتباه، جعلا يطعنان علي هذا السيّد الجليل، خصوصا الأخير منهما أشدّ الطعن، و أساء الأدب إليه و أطال في الروضات الكلام بما لا ينبغي صدوره منه إليه، و لا فيه منفعة سوي الإطالة.
قال العلامة المذكور: و القاضي أمير حسين الذي حكي عنه الفاضلان المجلسيّان ذلك هو السيّد أمير حسين بن حيدر العاملي الكركي، ابن بنت المحقّق الشيخ عليّ بن عبد العالي الكركي- طاب ثراه- و كان قاضي أصبهان و المفتي بها في الدولة الصفويّة، أيّام السلطان العادل الشاه طهماسب الصفوي، و هو أحد الفقهاء المحقّقين، و الفضلاء المدقّقين، مصنّف مجيد، طويل الباع، كثير الاطّلاع، وجدت له رسالة مبسوطة في نفي وجوب الجمعة عينا في زمن الغيبة، و كتاب النفحات القدسيّة في أجوبة المسائل الطبرسيّة، و كتاب دفع المناواة عن التفضيل و المساواة، وضعه لبيان أفضليّة أمير المؤمنين عليه السلام علي جميع الأنبياء، و مساواته لنبيّنا صلّي اللّه عليه و آله إلّا في النبوة، و هو كتاب جليل ينبئ عن فضل مؤلّفه النبيل، و له كتاب الإجازات فيه إجازة جمّ غفير من العلماء المشاهير، منهم خاله المحقّق المدقّق الشيخ عبد العالي بن المدقّق الشيخ علي الكركي، و ابن خالته السيّد العماد الأمير محمد باقر الداماد، و الشيخ الفقيه الأوحد الشيخ بهاء الدين محمد، و قد وصفه جميعهم بالعلم، و الفضل، و التفقّه، و النبالة.
ثمّ ذكر بعض ما في إجازة الشيخ البهائي- الي أن قال- و نحن نروي عن هذا السيّد الأمجد، و السند الأوحد، ما صحّت له روايته، و اتّضحت لديه درايته، بطرقنا المتكثّرة، عن شيخنا العلّامة المجلسي، عن والده المقدّس المجلسي، عنه، الي آخره (1). و فيه اشتباه من جهتين:
الأولي: حكمه باتّحاد القاضي أمير حسين المذكور، مع السيّد حسين9.
ص: 298
ابن السيّد حيدر العاملي الكركي.
الثانية: حكمه بأنّ السيد حسين الكركي المذكور، هو بعينه ابن بنت المحقّق الثاني، و ابن خالة المحقّق الداماد و المفتي في الدولة الصفويّة، و صاحب كتاب دفع المناواة، و كلاهما فاسدتان.
أمّا الاولي: فلأنّ صاحب الرياض- الذي هو استاد أهل هذه الصناعة، و كان في عصرهم- جعل القاضي أمير حسين- صاحب الرضوي- عنوانا مستقلا في الرياض، و لم يذكر له نسبا، و لا شيخا في الإجازة، و لا شغلا من الإفتاء في الدولة الصفويّة، و لا تأليفا (1). و ذكر السيّد الكركي المذكور بعد ذلك، و ذكر نسبه، و بلده، و مشايخه، و بعض ما يتعلّق به (2). فلو كانا متّحدين لأشار في إحدي الترجمتين الي ذلك، لشدّة حرصه علي ضبط أمثال هذه الأمور، و نهاية اطّلاعه عليها، و أمّا الطبقة فغير مضرّ، فإنّه يروي عن المحقّق الداماد، و الشيخ البهائي، و الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن الشهيد، و تأريخ إجازته له في سنة تسع و عشرين و ألف، فيكون في طبقة المجلسي الأوّل، فلا يبعد روايته و ولده العلّامة عنه.
و أمّا الثانية: فلأنّ العالم المفتي، الملقّب بخاتمة المجتهدين، صاحب كتاب دفع المناواة، هو سيّد المحقّقين، السيّد حسين بن السيّد ضياء الدين أبي تراب حسن بن صاحب الكرامات الباهرة، و المقامات الزاهرة، شمس الدين السيّد أبي جعفر محمد الموسوي الكركي، المعروف بالأمير سيّد حسين المجتهد، و الأمير حسين المفتي، و هو ابن بنت المحقّق الثاني، و كان نازلا منزلته عند الأمراء و السلاطين، توفّي بالطاعون سنة إحدي و ألف بقزوين، و عندي نسخة صحيحة من كتاب دفع المناواة، علي ظهرها خطّ المجلسي، و في آخرها: و فرغ1.
ص: 299
من تسويدها مؤلّفها المذنب الجاني الحسين بن الحسن، في رابع ربيع الأوّل من سنة تسع و خمسين و تسعمائة، فهو في طبقة الشهيد الثاني، فلا يمكن رواية المجلسي الأوّل عنه، و قد تولّد بعد وفاة السيّد بسنتين، و هذا من الظهور بمكان لا يخفي علي من راجع الرياض و غيره، و لكن هذا الاشتباه الغير المضرّ بشي ء من الأمور المتعلّقة بالدين، لا يقتضي هذا الحدّ من الجسارة و سوء الأدب إلي مثل هذا النّحرير، الذي هو آية اللّه عند نواميس الدين، و حملة الشريعة.
فقال الأول في الرسالة: و أمّا ما تقدّم من اتّحاد القاضي أمير حسين المذكور، مع السيّد الأجلّ الأكمل، السيّد حسين بن حيدر العاملي المجتهد، كما توهّمه سيّدنا صاحب الدرّة، فهو أيضا كلام عار عن التحقيق، و ناشئ عن قلّة التتبّع و التدقيق، ثمّ ذكر ما شرحنا خلاصته (1).
و قال الثاني في الروضات: ثمّ من عجب العجاب كلّ العجاب في هذا الباب، هو ما اتّفق لأفضل متأخّرينا البارع المتتبّع، الذي هو بحر العلوم في نواظر أصحاب الرسوم، من أنّ الأمير سيّد حسين القاضي الأصبهاني، الذي قد جاء بنسخة كتاب «الفقه الرضوي» في هذه الأواخر معه من سفر الحجّ إلي أصفهان، و أخذ منه تلك النسخة، و رواها عنه، و أسندها إليه من بعد ذلك المجلسيان، لمّا رأياه يدّعي القطع بصدوره عن مولانا الرضا عليه السلام، و هو من الثقات لديهما، هو بعينه نفس هذا السيّد الأجل الأفخر، حسين بن السّيد حيدر الكركي العاملي، و إنّه أيضا المتولّي لمنصبي القضاء و الإفتاء بأصفهان، في دولة الشاه طهماسب الصفوي الموسوي، و أحد الفقهاء المحقّقين، الي آخر ما تقدم عن الفوائد، قال: قصدا إلي تأييد ما هو بصدده من إثبات حجيّة هذا الكتاب: بكون الراوي له، الواجد إيّاه، الحاكم بقطعيّة صدوره هو مثل هذا الجناب المستطاب، مع كلّ ما قد عرفته فيه من المراتب العالية، و جميل1.
ص: 300
الألقاب، دون رجل مجهول الحال، ليس يعرف قدره و منزلته الي الآن من كتب الرجال، إلّا من جهة استفادة مصداق مّا من التوثيق له، الخارج مرّة علي سبيل الاتّفاق، دون التعمّد في الإطلاق، الذي هو بعد التأمّل في الأعماق، من فم مولانا المجلسي بل قلمه المسامح فيه فحسب.
و كان السبب في مثل صدور هذا الخبط العظيم، و الخلط الجسيم، من مثل هذا الرجل العليم، و الحبر الحكيم- بناء علي أنّ الصارم قد ينبو، و الجواد قد يكبو، بل الفاضل من تعدّ أغلاطه- هو ما ورد في الأخبار من أنّ: حبّ الشي ء يعمي و يصمّ (1).
فإذن المهمّ كلّ المهمّ، أن نعطف عنان الهمّة الي صوب كشف هذا الملمّ، بتذنيب من الكلام هو لجدوي هذه الترجمة متمّ، و يتوجّه منه النظر الي جواب هذه المغلطة العظمي، مدّعي و دليلا، بأربعة وجوه.
ذكر في أوّلها شرح البون البعيد بين الرجلين، و ذكر جملة من اللوازم الباطلة للقول باتّحادهما، ممّا أخرج الكتاب عن الكتب العلميّة، و أطال الطعن و التشنيع علي السيّد الجليل، معبّرا عنه في خلال كلماته بالموحّد، فكأنّه أبدع في الدين، و زاد أو نقص في شريعة سيّد المرسلين صلّي اللّه عليه و آله.
و ذكر في ثانيها كلام صاحب الرياض، و احتجّ بما صنعه فيه من ذكره القاضي الأمير حسين، الخالي عن النّسبة إلي أبيه، في ترجمة له بالخصوص مختصرة، عقيب (2) ترجمة السيّدين المقدّمين بأكمل التفضيل، من غير إشارة إلي منزله فيه، أو قابليّة دخوله في زمرة المصنّفين من الأصحاب، أو نسبة شي ء إليه سوي محض النقل لما ذكره أستاذه المعظّم إليه في حقّه، قال: و يظهر منه كون الرجل في ذلك العصر غير معروف بنسب أو حسب عند أحد من غير الخواصّ، كأحد من المريدين لهم، بحيث لم يكن عنده في زمان التصنيف1.
ص: 301
- من شدّة خمول اسم الرجل عليه- بسمة أبيه. (1).
إلي آخر ما ذكره ممّا يقضي منه العجب، فكأنّه ظنّ أنّ أحدا لا يطّلع علي الرياض فاشتبه الأمر علي الناظرين، فإنّه قال فيه: السيّد القاضي الأمير حسين:
فاضل، عالم، جليل، نبيل، هو من مشايخ إجازة الأستاذ الاستناد- أدام اللّه فيضه- الي آخره (2). أ ليس كلامه صريحا في كونه عنده من العلماء الأجلّاء؟! أ يشترط في عدّ الرجل منهم ذكر أبيه، أو كونه من المؤلّفين؟ فلو اخرج الرجل- للجهل باسم أبيه، و عدم تأليف له- من زمرة العلماء لخرج منهم جمّ غفير من الذين ترجمهم في الكتاب المذكور، الذي يطعن فيه علي معاصره شيخنا الحرّ- رحمه اللّه- من ذكر بعض الرجال في أمل الآمل، الموضوع لذكر العلماء مع أنّه ليس منهم.
ففي ترجمة الأمير سيّد حسين المفتي المتقدّم ما لفظه: و لقد أغرب شيخنا المعاصر في أمل الآمل حيث قال: إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الحسن الموسوي العاملي الكركي، عالم، فاضل، جليل القدر، شيخ الإسلام في طهران، من المعاصرين، و هو ابن أخي ميرزا حبيب اللّه، أو ابن عمّه، انتهي.
إذ عدّ مثل هذا الرجل من العلماء، و إيراده في هذا الرجال المخصوص بالفضلاء يورث الوهن في سائر من أوردها، و لذلك قد نسبنا إليه كلّ من لا نعرفه، و انفرد هو بنقله، سيّما في شأن معاصريه، كي تكون العهدة عليه.
و نظير ذلك بل أغرب منه، إيراده- رحمه اللّه- أميرزا حبيب اللّه المذكور أيضا في هذا الرجال كما سيأتي، و كذا قوله: السيّد ميرزا عليّ رضا بن ميرزا حبيب اللّه الموسوي العاملي الكركي، كان عالما، فاضلا، محقّقا، مدقّقا، فقيها، متكلّما،0.
ص: 302
جليل القدر، عظيم الشأن، شيخ الإسلام في أصفهان، توفّي سنة إحدي و تسعين و ألف، انتهي.
و نحوه قوله: السيّد ميرزا محمد معصوم بن ميرزا محمد مهدي بن ميرزا حبيب اللّه الموسوي العاملي الكركي، كان عالما، فاضلا (1)، جليل القدر، عظيم الشأن، اعتماد الدولة في أصفهان، انتهي.
فإنّ عدّ هؤلاء من أجلّة العلماء، و إدخاله في رجال هؤلاء الكبراء في وقاحة شنعاء، لا سيّما مع غاية المدح و الإطراء، كما لا يخفي، انتهي ما في الرياض (2).
فليتأمّل المنصف في كلامه هذا، و فيما نسبه إليه في الروضات، من أنّه ذكر في عداد العلماء النبلاء الأجلّاء، رجلا مجهولا لا يعرف إلّا بحمله كتاب فقه الرضا عليه السلام من مكّة المعظّمة إلي أصفهان، و إنّ ما نسبه إليه من العلم، و الفضل، و الجلالة، و النبالة، في أصل الترجمة كأنّه افتراء، مع أنّه احتمل في كلامه أنّ صاحب الرياض لاقاه.
و ليت شعري ما الدّاعي لذكره فيه لولا أنّه من العلماء، و كيف صار حمل الكتاب- و إن كان الحامل ثقة، صالحا، ورعا- مقتضيا للضبط و الترجمة، و التوصيف بالعلم و الجلالة؟! لولا معرفته به، و اعتقاده بما وصفه به، مع كونه في عصره، مع أنّ جميعهم وصفوه بالقضاوة.
و أنت خبير بأنّ حال القاضي و صفاته غير خفيّة علي أهل عصره، لابتلائهم به، إمّا: بعلوّ الدرجة في العلم، و الفضل، و التقوي كما هو الغالب في4.
ص: 303
قضاة أعصار الصفويّة، الذين كانوا غير متمكّنين من القضاوة و الحكم إلّا بعد تصديق شيخ الإسلام المعاصر له، كالمحقّق الكركي، و السيّد المتقدّم، و الشيخ علي المنشار، و الشيخ البهائي، و المحقّق السبزواري، و أضرابهم من أعاظم العلماء، أو بالجهل، و الحرص، و الحيف، و الطمع، و غيرها كما هو الغالب في طبقات من بعدهم، فكيف يصير قاضيا، و يوصف بالقضاوة، و لا يعرف علمه، و جهله، و عدالته و فسقه؟!.
و أعجب من ذلك نسبة المجلسي الأوّل إلي المسامحة في التوثيق، في قوله كما تقدّم: إنّ من فضل اللّه علينا، إنّه كان السيّد الفاضل، الثقة، المحدّث، القاضي أمير حسين- رحمه اللّه- الي آخره، و مثله كلام الثاني في البحار، فلينصف الناظر.
إنّ حبّ التأييد و الحجيّة أعمي و أصمّ السيد المؤيّد بحر العلوم، أو حبّ عدم الحجيّة أعمي من يتشبّث له بهذه الأمور، التي هي أوهي من الحشيش، من إنكار العلم و الوثاقة في السيّد بعد أزيد من مائتي سنة، مع تصريح هؤلاء الأعلام المعاصرين له بهما، و بالجلالة و النبالة، مع عدم وجود ما يعارض كلامهم في حقّه، و لو من جاهل غبيّ في عصره و بعده.
و أغرب منه أيضا إنّه في هذا المقام نقل كلام صاحب الرياض في ترجمة الفاضل السيّد علي خان المدني، كما ذكرناه سابقا، و قال في آخره: و هو غريب، و لم يذكر وجه الغرابة، و لم يتمكّن من ردّه بتكذيب صاحب الرياض، أو تسامحه و غفلته، أو تجهيله، فإنّه عنده و عند كلّ من وقف علي حاله فوق ما يحوم حول الخيال، من البصيرة و الاطّلاع، و الخبرة و المعرفة و الضبط، مع شدّة الوثاقة في النقل، مع أن في هذا المنقول تكذيب جملة من دعاويه مع قطع النظر عن الحجيّة و عدمها، كانحصار النسخة فيما أتي به القاضي، و إنّ المجلسي الأوّل هو مروّجها، و إنّه لم يكن لها ذكر قبله، و غير ذلك ممّا مرّ.
قال: و ثالثها: إنّ الرجل لو كان بمثابة من الفضل تتطرّق هذه الشبهة
ص: 304
ساحتها، لما تطرّق ريب ساحة حجيّة كتابه المأتيّ به، الموصوف أيضا من لدن تحدّثه عنه، مع ادّعائه القطع بصدوره، و المفروض خلافه، ضرورة كون من تقدّم علي هذا الموحّد، و بعض مشايخه الأجلّاء، المستفيد غاية جلالة الرجل و منزلته في العلم و الدين من كلام المجلسيّين، بين شاكّ في الأمر، و ساكت عن الردّ و الاعتماد، و مشير الي فتاواه علي سبيل الإرسال، و عاد إيّاه من جملة الكتب المجهولة المصنّف، أو منكر علي حجيّته أشدّ الإنكار مثل صاحبي الأمل و الرياض، في ذيل ترجمته المذكورة، تبعا لسائر أفاضل محقّقينا المتقدّمين، المطّلعين علي وجوده بين أظهرنا في الجملة يقينا، كما استفيد من كلمات من ادّعي بعد ذلك الظفر بنسخ الكتاب الموصوف، في خزانة مولانا الرضا عليه السلام و غيره، اللازم منه حصول الاطّلاع عليها من جملة من العلماء المتقدّمين و المتأخّرين، فضلا عن الذين كتبوه و وقفوه، و أودعوه في تلك المواضع لما هو الظاهر المعتضد بما قيل: كلّ سرّ جاوز الاثنين شاع، مع عدم ظهور إشارة منهم إليه في شي ء من المواضع، فضلا عن الاعتداد به، فليتأمّل.
بيان الملازمة: أنّ الكتاب يصير بذلك من مصاديق ما أخبر بقطعيّة صدوره عن المعصوم، رجل عدل مطّلع علي علوم الأخبار، بصير بدقائق الأمور، فيصير بمنزلة الخبر الواحد العدل الكذائي المحدّث عن الامام، المتّفق علي حجيّته في هذه الأعصار، أولا أقلّ من الإجماعات المنقولة عنهم، المعتبرة أيضا عند سائر اولي البصائر و الأبصار، و يدلّ علي وجوب التعبّد به بمحض ذلك- أو بعد تعلّق ظنون الأشخاص أيضا بموجبه- ما يدلّ علي حجيّة أخبار الآحاد، لعدم فهمهم الفرق بين المقامين من جهة حسيّة المخبر عنه في الأوّل دون غيره، فليتدبّر.
فظهر من كلّ ذلك أنّ تركهم الاعتداد به كذلك، بل ترك سائر من تأخّر عن هذا الموحّد المصرّ علي حجيّته ليس إلّا من جهة اعتقادهم عدم كون الرجل بصيرا بشرائط مثل هذه الأخبار، لعدم ذكر له بمنزلة من منازل الرجال
ص: 305
في شي ء من المواضع، يظنّ علي مطابقة ما يذكر فيه لمتن الواقع، أو اعتقادهم أنّه لو كان يناقش في وجوه قطعه الناشئة عن قلّة المعرفة بدقائق أنظار المجتهدين حين ادّعائه إيّاه، أو يقرأ عليه شرائط الرواية، أو يأنس بكلمات أهل بيت العصمة، أو يطّلع علي قرائن الصدور، لتزلزل فيه، أو ردع عنه، أم تاب منه الي اللّه تعالي، كسائر قطعيات العوام الغير المأمونة عن الجهل المركّب التي لا حجيّة فيها لغيرهم بالإجماع، بخلاف الأوّلين اللذين هما بعد التأمّل في الأطراف يخبران عن الحس و اليقين (1).
انتهي كلامه الذي فيه مواقع للنظر و التعجّب، بل الإغفال و التعمية التي لا ينبغي صدورها من أهل العلم:
أمّا أوّلا: فقوله: ضرورة كون من تقدّم علي هذا الموحّد، الي آخره.
و فيه: إنّ من تقدّم عليه: المجلسيّان، و الفاضل الهندي، و السيّد المحدّث الجزائري، و الأستاذ الأكبر البهبهاني، و الشيخ يوسف البحراني.
و من عاصره: السيّد صاحب الرياض، و المحقّق المولي مهدي النراقي.
و من تأخّر عنه: المحقّق الكاظمي، و غيرهم ممّن أشرنا إلي أساميهم الشريفة.
و هم أساطين الشريعة، و نواميس المذهب و الملّة، و لم يصل إلينا و إليه كلام جملة ممّن تقدّم عليه يستظهر منه الردّ و القبول، و مع ذلك استقلّهم و استحقرهم، و جعلهم شرذمة قليلة، ثمّ في تعبيره عن العلّامة الطباطبائي بالموحّد مرّة بعد اخري ما لا يخفي من الركاكة.
و أمّا ثانيا: فقوله: بين شاكّ، الي قوله: مثل صاحبي الأمل و الرياض.
فإنّه لو كان بين من تقدّمه من الأساتيذ من صرّح بالشكّ أو الردّ لذكره، و لم نعثر الي الآن عليه و لا نقله أحد، أ ليس هذه النسبة محض التخرّص6.
ص: 306
و التخمين؟! و إنّما ذكر صاحبي الأمل و الرياض لما وقف عليهما، أ رأيت فقيها متبحّرا يذكرهما في قبال هؤلاء الإعلام؟ مع أنّ صاحب الرياض لم يكن من أهل القوّة و الاستنباط، المحتاج إليهما في أمثال هذه الموارد، كما صرّح به جمال المحقّقين الخوانساري، في مجلس الشاه سلطان حسين الصفوي، في يوم الأحد، تاسع ذي القعدة، سنة خمس عشرة بعد المائة و الألف، لما طلب منه السلطان تعيين أحد لإعطاء منصب الشيخ الإسلامي لمّا ردّه هو و السيّد الأجل مير محمد باقر الخواتون آبادي.
فقال المحقّق: هنا جماعة أنت أعرف بأحوالهم، ليس أحد منهم بمجتهد، و لا قابل شرعا لإعطاء هذا الشغل، فمن كان منهم أتقي و أرغب في تحصيل العلم فاختره له.
و بالآخرة صار الأمر مردّدا بين أربعة، و هم: الشيخ علي المدرّس في مدرسة مريم بيگم، و الميرزا عبد اللّه أفندي، و الميرزا علي خان، و مير محمد صالح الخواتون آبادي، الي أخر ما ذكره الفاضل الخواتون آبادي المعاصر لهم في تأريخه.
مع أنّا نقلنا سابقا كلام صاحب الرياض في ترجمة السيّد علي خان، و هو ظاهر بل صريح في صحّة النسبة عنده، و هذا الكلام منه بعد مدّة مديدة عن كلامه في ترجمة القاضي، فإنّه في ترجمة القاضي، قال في حقّ أستاذه المجلسي:
أدام اللّه فيضه، و في ترجمة السيّد علي خان لمّا ذكره في جملة شرّاح الصحيفة قال:
و شرح الأستاذ الاستناد- قدّس سرّه (1) -.
فظهر من ذلك أنّ ما كتبه أوّلا كان قبل عثوره علي النسخة المكيّة التي كانت عليها- بتصريحه- خطوط العلماء و إجازتهم، و قبل عثوره علي إجازة الأمير غياث الدين كما تقدّم، فلاحظ.7.
ص: 307
و أمّا صاحب الأمل، فهو الذي قال هو في حقّه، في ترجمة صاحب الدعائم ما لفظه: و أنت تعلم أنّه لو كان لهذه النسبة واقع لذكره سلفنا الصالحون، و قد ماؤنا الحاذقون بأمثال هذه الشؤون، و لم يكن يخفي ذلك الي زمان صاحب الأمل، الذي من فرط صداقته يقول بشيعيّة أبي الفرج الأصفهاني الأموي الخبيث، الي آخره (1)، فكيف صار في هذا المقام من المتبحّرين النّقاد؟! الذي يعارض بقوله كلام هؤلاء الإعلام، مع أنّ نسبة الإنكار بل شدّته إليه افتراء.
أمّا في الأمل، فعدّ الكتاب من الكتب المجهولة (2).
و أمّا في الهداية فقال: تتمّة: قد وصل إلينا أيضا كتب كثيرة قد ألّفت، و جمعت في زمانهم عليهم السلام نذكرها هنا، و هي ثلاثة أقسام- الي أن قال-:
الثاني: ما لم يثبت كونه معتمدا، و لذلك لم ننقل عنه، فمن ذلك الفقه الرضوي كتاب الرضا عليه السلام، و غير ذلك. الثالث: ما ثبت عندنا كونه غير معتمد فلذلك لم ننقل عنه، فمن ذلك كتاب مصباح الشريعة، الي آخره (3).
و ظاهر أنّ عدم العلم غير العلم بالعدم، و الإنكار من آثار الثاني لا الأول.
و أمّا ثالثا: فقوله: تبعا لسائر أفاضل محقّقينا المتقدّمين، الي آخره، لا يخلو من الجزاف، سواء أراد من المتقدّمين ما هو المصطلح بين أصحابنا، و هو من تقدّم علي شيخ الطائفة، و لهذا يعدّون ابن إدريس و من بعده من المتأخّرين، أو من تقدّم علي المجلسيّين، أو علي بحر العلوم علي ما هو الظاهر من كلامه، وليته أشار الي أسامي بعضهم، و لو عثر عليه لنقله يقينا لشدّة حرصه علي إثبات عدم حجيّة الكتاب من جهة عدم اعتناء الأصحاب به. و أمّا عدم نقل اعتباره عن جملة منهم فلا يدلّ علي عدم اعتباره، لكونه أعمّ منه،ط.
ص: 308
و من عدم العثور عليه، أو ظنّ عدم الحاجة إليه لعكوف الأصحاب علي أبواب الكتب الأربعة قديما و حديثا، و بناهم علي عدم الحاجة الي المراجعة إلي غيرها.
و علي ما ذكره من المقدّمات التخمينيّة تتطرّق الشبهة إلي كثير من مآخذ البحار و الوسائل، كما أشرنا إليه سابقا، إذ لم ينقل عنها، و لا اعتمد عليها، و لا أشار إليها من تقدّم علي صاحبيهما، من أرباب المؤلّفات و التصانيف في الفقه و الأحكام.
و أمّا رابعا: فقوله: رجل عدل مطّلع علي علوم الأخبار، بصير بدقائق الأمور، الي آخره (1) فإنّا لم نطّلع الي الآن من بين الفقهاء و الأصوليّين، فضلا عن المحدّثين و الأخباريّين، علي اختلاف مشاربهم في حجيّة الخبر الواحد من اشترط في الراوي بعد العدالة، و الضبط بالمعني العدمي- لا الوجودي الذي هو من شروط الكمال- كونه عالما، مطّلعا بعلوم الأخبار، و بصيرا بدقائق الأمور، حتي علي طريقة صاحب المعالم، الذي اشترط في صحّة الخبر كون الراوي ممّن زكاه عدلان (2)، فضلا عمّن اكتفي في التزكية بالظنون، و الأمارات الداخلية و الخارجية، فضلا عمّن لم يشترط في الحجيّة عدالة الراوي، و لم يقتصر علي الصّحيح من الأخبار، و عمل بالموثّق، و الحسن، و الضعيف المنجبر، كما عليه الأساطين منهم، و قريب منهم من اقتصر في الحجيّة علي ما اطمأنّ بصدوره بالقرائن الداخليّة و الخارجيّة، و هو الخبر الصحيح علي طريقة القدماء، كما حقّق في محلّه.
و علي ما ذكره لا تكاد تجد خبرا صحيحا في الكتب الأربعة، فضلا عن غيرها، فإنّ الصحيح علي ما ذكره هو ما كان تمام رجال سنده مثل زرارة، و محمد4.
ص: 309
ابن مسلم، ممّن حاز بعد العدالة و الوثاقة، مقام العلم، و الاطّلاع، و البصيرة بدقائق الأمور، و هو غير موجود أو نادر، بل الغالب في الصحاح وجود واحد أو أكثر في سندها ممّن اقتصروا في ترجمته بذكر التوثيق، أو أثبتوا وثاقته بالأمارات، ككونه ممّن روي عنه صفوان، أو البزنطي، و غير ذلك، و ليس في كلامهم إشارة إلي إحرازه المقامات المذكورة، فتخرج هذه الطوائف من الصحاح- و هي جلّها- عن حدود الصحّة و الحجيّة، و فيه من اللوازم الباطلة ما لا يخفي علي أحد من أهل العالم.
و أمّا خامسا: فقوله: فيصير بمنزلة الخبر الواحد العدل الكذائي المحدّث عن الإمام، المتّفق علي حجيّته في هذه الأعصار.
فإنّه صحيح، غير قوله: الكذائي، المشير به الي ما اشترطه في الحجيّة، ممّا هو من خصائصه، إلّا أنّهم مختلفون في وجه الحجيّة، و لا يوجب دخول الخبر المذكور في حدّ الصحيح التزام كلّ طائفة منهم بأخذه.
فمن كان الحجّة عنده الخبر الموثوق بصدوره، فربّ صحيح لا يعمل به لعدم الاطمئنان بالصدور، لأمور تبعده، و لعلّ منه الخبر المذكور بالنظر الي الموهنات السابقة، و كذا من اقتصر علي حصول الظنّ به، لما ذكر، و من المحتمل دخوله في الأخبار الحدسيّة، بملاحظة بعض مقدّماته عند بعضهم، فلا تشمله أدلّة الحجيّة.
و كذا من جعل الحجّة ما يحصل به الظنّ بالواقع، فلعلّه لا يحصل له الظنّ به بعد النظر الي الموهنات المذكورة.
مع أنّ فيمن اعتني به علي أحد الوجهين من كونه من تأليفه أو إملائه غني عن تخلّف من تخلّف، بل يمكن جعل ما ذكره اعتراضا عليهم، من عدم تمسكهم بما هو جامع لما قرروه من الشرائط.
و أمّا سادسا: فقوله: أو لا أقلّ من الإجماعات المنقولة، الي آخره (1)، ففيه6.
ص: 310
أنّ المحقّق الثابت عند أولي البصائر في هذه الأعصار عدم الحجيّة و الاعتبار.
و أمّا سابعا: فقوله: إنّ تركهم الاعتداد به، الي قوله: عدم كون الرجل بصيرا، الي آخره (1)، ففيه مضافا الي ما عرفت- من عدم اشتراط أحد في الخبر ما اشترطه- أنّه كان جامعا لما قرّره، لما تقدّم من كلام صاحب الرياض من أنّه كان عالما فاضلا، جليلا، فإن أراد ما هو فوق هذا المقام فالمشتكي الي اللّه تعالي، و إن خطّأ صاحب الرياض في كلامه، فلا يمكنه ذلك، لاعترافه بأنّه المبرّز المقدّم في هذا الفنّ، مع كونه في عصره.
ثمّ في باقي كلامه من الضعف و الوهن ما لا يخفي علي النقّاد البصير.
و ذكر في الوجه الرابع ما خلاصته: إنّ المجلسي الأوّل الذي هو الباعث علي إيقاظ هذه الفتنة النائمة، كان سبب اعتماده علي هذا الكتاب مطابقة فتاوي عليّ بن بابويه في رسالته، و فتاوي ولده الصدوق في الفقيه، لما فيه من غير تغيير أو تغيير يسير، و عليه لا يمكن تنزيله منزلة خبر الواحد العدل المستدلّ علي حجيّته بمفهوم آية النبإ، أو الأخبار المتواترة، أو عمل الأصحاب، أو غير ذلك (2).
قلت: إن المجلسي أخبر عن القاضي المذكور- الذي صرّح بأنّه ثقة عدل- أنّ هذا الكتاب من الإمام عليه السلام، و به يدخل في الأخبار الصحاح، فيشمله ما دلّ علي حجيّتها سواء اطمأنّ المجلسي بما أخبره به من جهة نفس إخباره، أو كان سبب اعتماده عليه القرائن الخارجيّة الدالّة علي صحّة صدور متنه- كالمطابقة المذكورة- لا علي واقعيّة مضمونه، فاسد (3) إذ لا مدخليّة لاعتقاد الراوي بعد إحراز الشرائط فيه و في المروي عنه، بل لو كان المروي عنه كذّاباي.
ص: 311
وضّاعا عند الراوي، و ثقة ثبتا عند غيره، فروي عنه حديثا فالخبر صحيح، لا جناح في العمل به فضلا عن مثل المقام، فلعلّه بملاحظة غرابة الخبر، أو بعض الموهنات أراد جبر كسره- مع اجتماعه للشرائط- بما ذكره في المؤيّدات، و اللّه العالم.
و حاصل ما ذكره في الوجوه الأربعة، و أتعب نفسه في طول العبارة: أنّ القاضي مير حسين لم يكن من العلماء العارفين بدقائق الأخبار، و هو الوجه في عدم اعتناء العلماء بما أخبر من أمر الكتاب، و إنّه لو كان منهم لتلقّوه بالقبول.
و قد عرفت ما في جميع تلك الدعاوي من الضعف، و ما رأينا أحدا فصّل في شمول أدلة حجيّة خبر العادل في أمثال المورد، بين كون الراوي العادل عالما بصيرا، و بين غيره، فإنّ المخبر به فيها إن كان من الأمور الحسيّة- كما أشرنا إليه سابقا، و اعترف به في كلامه- تشمله الأدلة، و إن نوقش في ذلك بملاحظة أنّ بعض مقدّماته حدسيّة فلا تشمله، و إن كان الراوي في أعلي الدرجة من العلم و الخبرة.
ثمّ اعلم أنّ من سنن اللّه التي لن تجد لها تبديلا و لا تحويلا، علي ما نطق به كلام أهل العصمة عليهم السلام، و عاضدة الاستقراء و التجربة: إنّ من عيّر مؤمنا بذنب لم يمت حتّي يرتكبه، و هذا السيّد المعظّم صاحب الروضات مع طول باعه، و كثرة اطّلاعه، و تعييره العلّامة الطباطبائي بما لا مزيد عليه من جهة اعتقاده اتّحاد السيّدين، بل الثلاثة مع اختلاف الطّبقة، و قد عرفت أنّ اتّحاد القاضي مع أحدهما غير مناف للطبقة. و ما بينه و الآخر لا يزيد علي ثلاثين سنة.
قد صدر منه في الكتاب المذكور في موارد عديدة أعجب من هذا بمراتب عديدة، نشير الي بعضها، و الباقي موكول الي تتبّع النّاظر:
منها: قوله في ترجمة المقدّس الأردبيلي: ثمّ إنّ من جملة كراماته التي نقلها صاحب اللؤلؤة، عن تلميذه السيّد نعمة اللّه الجزائري- رحمه اللّه- هو
ص: 312
أنّه،. الي آخره (1).
و ولادة السيّد بعد وفاة المولي المذكور بأزيد من خمسين سنة، كما يأتي في الفائدة (2) الآتية.
و منها: قوله في ترجمة علّامة عصره الشيخ أبي الحسن، الشريف العاملي الغروي، في ضمن ترجمة الآميرزا محمد الأخباري، المتأخّر، المقتول بمناسبة جزئيّة، و في ذلك من إساءة الأدب بالنسبة الي هذا المولي الجليل ما لا يخفي، قال: و قد كان من أعاظم فقهائنا المتأخّرين، و أفاخم نبلائنا المتبحّرين، سكن ديار العجم طوالا من السنين، و نكح هناك في بعض حوافد مقدّم المجلسيّين، ثمّ لمّا هاجر الي النجف الأشرف نكح في بعض بناته والد شيخنا الفقيه المعاصر، صاحب كتاب جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن بن المرحوم الشيخ باقر، انتهي (3).
و علي ما ذكره: أمّ صاحب الجواهر بنت الشيخ أبي الحسن، و هو الوجه في تعبيره عن المولي المذكور في الجواهر بالجدّ، كما في باب الاستخارة (4)، و الرضاع (5)، و غيرهما.
و أنت خبير بما فيه من الوهم المهين، و لوازمه الباطلة أضعاف ما أوردها علي العلّامة السابق، فإن وفاة المولي الذي هو من تلامذة المولي المجلسي في سنة 1140، و صاحب الجواهر في سنة 1260، و لم يستند ما ذكره الي محلّ.
و الذي وجدناه في الوقفنامه التي كان عليها خطّ جماعة من العلماء الفقهاء، كفقيه عصره الشيخ راضي، و سبط كاشف الغطاء الشيخ مهدي،3.
ص: 313
و غيرهم، ما صورة محلّ الحاجة منها هكذا:
علي ذريّة ملّا أبو الحسن، و هم الشيخ أبو طالب، و أخته فاطمة، ثمّ لمّا توفّيا رجع الوقف الي ولد أبي طالب المذكور، و هو الشيخ علي، والي آمنة بنت فاطمة المذكورة، و من بعد وفاة الشيخ علي و آمنة المذكورين، رجع الوقف المذكور الي ولد الشيخ علي، و هو الشيخ حسن، و الي الشيخ باقر بن آمنة، ثمّ لمّا توفّيا رجع الوقف إلي أولاد الشيخ حسن، و هم الشيخ حسين، و الشيخ محمد، و حليمة، و خديجة، والي ولد الشيخ باقر، و هو جناب الشيخ المرحوم الشيخ محمد حسن- طاب ثراه- انتهي موضع الحاجة منها.
و الشيخ الطالب المذكور من العلماء المعروفين، ذكره السيّد عبد اللّه الجزائري في إجازته الكبيرة، و بالغ في مدحه (1).
و منها: قوله في ترجمة السيّد عبد الكريم بن طاوس: إنّ من جملة أساتيذه و مشايخه الإماميّة والده- الي أن قال- و الشريف أبي الحسن علي بن محمد بن علي العلوي العمري النسابة، مؤلّف كتاب «المجدي في أنساب الطالبيّين» (2) و نسب كلّ ذلك الي الرياض أيضا.
و هذه عثرة لا تنجبر، فإنّه من معاصريّ السيّد المرتضي، و قد صرّح في المجدي علي ما في الرياض (3) أنّه دخل علي السيّد سنة 425، فبينه و بين ابن طاوس أزيد من مائتي سنة، و ما نسبه الي الرياض افتراء محض، فلاحظ.
الي غير ذلك ممّا لا يحصي، و يأتي بعضه في الفائدة الآتية.
و قد وفينا- بحمد اللّه تعالي- بما وعدناه من ذكر ما قيل، أو يمكن أن يقال من الوجوه و القرائن، لاعتبار الكتاب المذكور، و الشواهد و الموهنات (4)د.
ص: 314
لعدمه، فعلي الناظر أن يتأمّل فيها، و ينظر إليها بعين الإنصاف، و يختار ما أدّاه إليه نظره الثاقب بعد مجانبة الاعتساف، و لنا علي ما ادّعيناه في صدر كلامنا شاهد لا حجّة فيه لغيرنا، و اللّه علي ما نقول وكيل.
بقي التنبيه علي أمرين:
الأوّل: فيما ظنّه، أو احتمله بعض الأصحاب من كونه بعينه رسالة عليّ ابن بابويه الي ولده كما تقدّم، و ليس لهم علي ذلك شاهد سوي مطابقة عبارة كثير من مواضع الكتاب لها، و يوهنه:
أوّلا: ما ذكرناه في الوجه السادس ممّا في «الرضوي» من الكلمات الدّالة علي صدورها من المعصوم، أو العلوي من السادة.
و ثانيا: ما في أوّل الخطبة من قوله: يقول عبد اللّه علي بن موسي الرضا، و احتمال زيادة كلمة الرضا من النسّاخ لا يعتني به، إلّا بعد ثبوت الاتّحاد المفقود دليله.
و ثالثا: بما تقدّم من أنّ النسخة المكيّة كان تأريخ كتابتها سنة مائتين، و القميّة كتبت في زمان الرضا عليه السلام علي ما ذكره السيّد، و هذا أمر محسوس لا سبيل للخطإ فيه إلّا في الندرة، و وفاة علي بن بابويه في سنة ثمان، أو تسع و عشرين و ثلاثمائة، فكيف يحتمل كونه رسالته؟.
و رابعا: ما يوجد في خلال الرسالة علي ما في كتب ولده الصدوق من قوله في صدر بعض المطالب: يا بنيّ افعل كذا و كذا، و ليس منه في الرضوي أثر أصلا.
و خامسا: ما فيهما من المخالفة ما لا يتوهّم بينهما الاتّحاد، ففي المقنع:
قال والدي في رسالته إليّ: إذا لبست يا بنيّ ثوبا جديدا، فقل: الحمد للّه الذي كساني من اللباس ما أتجمّل به في الناس، اللهمّ اجعلها ثياب بركة أسعي فيها بمرضاتك، و أعمر فيها مساجدك، فإنّه روي عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله أنّه قال: «من فعل ذلك لم يتقمّصه حتي يغفر له»، و إذا أردت لبس السراويل،
ص: 315
الي آخره (1).
و في الرضوي: و إذا لبست ثوبك الجديد، فقل: الحمد للّه الذي كساني من الرياش ما أواري به عورتي، و أتجمّل به عند الناس، اللهمّ اجعله لباس التقوي، و لباس العافية، و اجعله لباسا أسعي فيها لمرضاتك، و أعمر فيها مساجدك، و إذا أردت أن تلبس السراويل، الي آخره (2).
و إن شئت الزيادة فعليك بالمراجعة.
و سادسا: إنّ الموجود في كتب الأحاديث و الرجال التعبير عن والد الصدوق بقولهم: علي بن الحسين، أو عليّ بن بابويه، و لم أجد موضعا عبّر فيه عنه بعلي بن موسي، كي يقاس عليه الموجود في خطبة الكتاب.
هذا و للسيّد المؤيّد صاحب الرسالة هنا كلام لا بأس بنقله، بل جعله تاسع الموهنات، فتنطبق عدد قرائن الاعتبار، و عدد عدمه، قال:
إنّ من تتبّع ما حكاه الصدوق عن رسالة أبيه إليه في تضاعيف أبواب الفقه، و شاهد ما نقله في ذلك الكتاب من عبارات الرسالة، و التفت الي موافقة أكثر هذه العبارات لعبارات «الفقه الرضوي» حصل له القطع بأنّ هذه الموافقة التامّة لم تقع من باب الاتّفاق، و حصل له العلم بأنّ الأمر دائر بين أمور خمسة:
أحدها: أن يكون ذلك الكتاب مأخوذا من الرسالة.
و ثانيها: أن تكون الرسالة مأخوذة عنه.
و ثالثها: أن يكون كلّ منهما مأخوذا من ثالثا.
و رابعها: أن يكون الرضوي مأخوذا ممّا أخذ من الرسالة.
و خامسها: عكسه.5.
ص: 316
و علي كلّ من هذه الوجوه يلزم عدم كونه من تأليفه (عليه السلام).
أمّا علي الأوّل، و الثالث، و الرابع فهو من أوضح الواضحات.
و أمّا علي الثاني، فلأنّ سياق كلماته- علي ما حكي عن رسالته- ينادي بأعلي صوتها أنّ ما يذكر فيه من عبارته التي أنشأها، و أنّه ليس من كلمات غيره، و هو الذي فهمه منه ولده الصدوق علي ما يعطيه سياق نقله عنه في الفقيه.
و أيضا نقول: إنّ عليّا إمّا لم يعلم أنّه من تأليف الإمام عليه السلام، و ظنّه تأليف غيره أم لا، و علي كلّ منهما يلزم محذور.
أمّا علي الأوّل، فلأنّه لا يخفي علي ذي فطنة، بصير بأحوال القدماء الأجلّاء، خبير بديدن هؤلاء الأعلام، أنّ جلالة عليّ، و علوّ قدره، و سموّ مرتبته، ممّا يأبي عن أن يظنّ في حقّه أنّه أخذ رسالته المذكورة من كلمات غير الإمام، و ذكر عبارات ذاك الغير في كتابه، و نسبها الي نفسه، و سكت عن بيان أصله، فإنّ هذا أمر قبيح، و تدليس شنيع، و عجز بيّن، لا ينبغي أن يصدر ممّن شمّ رائحة العلم، فضلا عن أن يصدر عن علي بن بابويه. و أيضا من البعيد أن يقال: إنّ ذلك الكتاب كان من تأليف الإمام، و قد خفي علي عليّ، بحيث ظنّه من تأليف غيره، مع أنّه- رحمه اللّه- كان أكثر تتبعا، و أقرب عصرا، و أشدّ اهتماما في أمثال هذه الأمور.
و من الواضح أنّ أمثال علي بن بابويه ما كانوا يكتفون بمجرّد سواد علي بياض، و ما كانوا يعتمدون علي ما لم يثبت لديهم قائله، أو علي كتاب لم يكن لهم طريق معتبر الي مؤلّفه، كما لا يخفي علي من أمعن النظر في تضاعيف فهرست الشيخ، و رجال النجاشي، و نظائرهما من كتب الرجال.
و أمّا علي الثاني، فيلزم محذور أشدّ ممّا ذكرنا، فإنّ الطبع السليم، و الفهم القويم المستقيم، ممّا يحكم بأنّ هذا الكتاب لو كان حاله معلوما لدي عليّ بن بابويه، و كان يعلم أنّه من تصنيف الإمام عليه السلام لما كان يخفيه عن ولده الصدوق، الناقد البصير، و لكان يطلعه علي ذلك. و قد عرفت ممّا مرّ أن من
ص: 317
تأمّل في كلمات شيخنا الصدوق، و لاحظ مؤلّفاته المشهورة، المتداولة بيننا في هذه الأعصار، و تأمّل في تضاعيف كتابه الذي عمله لبيان أحوال مولانا الرضا عليه السلام و أخباره، و كذا كتاب فقيهه الذي عمله في الفقه، و سعي في تهذيبه و تنقيحه، و جعله حجّة فيما بينه و بين اللّه، حصل له العلم بأنّه لم يكن لديه.
و أمّا الخامس: فيظهر حاله ممّا فصّلناه سابقا، و لا يخفي أنّه من أبعد الوجوه.
و حيث قد وقفت علي ما تلوناه عليك، علمت أنّ ما مرّ- من أنّ كون كثير من عباراته عبارات (رسالة عليّ، ممّا يؤيّد اعتباره- خلاف التحقيق، و إنّ الأمر منعكس.
قال: و ما يتوهّم من أنّ بناء الصدوق علي الاعتماد علي) (1) رسالة أبيه، يشهد بأنّه كان يعلم أنّه أخذها من هذا الكتاب، و منه يظهر عذره في عدّه الرسالة في الفقيه من الكتب التي عليها المعوّل، و إليها المرجع، فإنّه لم يكن يقلّد أباه حاشاه عن ذلك.
مدفوع، بأنّه يكفي في اعتماده عليه علمه بأنّ ما يذكره فيه مأخوذ عن أهل بيت العصمة و الطهارة، و إنّه ملخّص من متون الأخبار المعتبرة المعتمدة، و ليس أمرا صادرا عن اجتهاد، و عن سائر القواعد المستنبطة المعروفة بين أصحابنا المتأخّرين، كما يشهد به ديدن القدماء.
و لذا ذكر شيخنا الشهيد في الذكري أنّ الأصحاب كانوا يتمسّكون بما يجدونه في شرائع الشيخ أبي الحسن بن بابويه عند إعواز النصّ، لحسن ظنّهم به، و إنّ فتواه كروايته (2)، فإنّ الظاهر أنّ كتاب الشرائع هو الرسالة إلي ولدهر.
ص: 318
كما قال النجاشي (1)، و هو أضبط من شيخ الطائفة في أمثال هذه الأمور، فما يظهر من الشيخ في فهرسته (2) من تغايرهما، حيث عدّ كلّا منهما من كتب عليّ، و عطف أحدهما علي الآخر خلاف التحقيق، انتهي كلامه (3).
قلت: و لقد أجاد فيما أفاد، إلّا أنّ نتيجة ما ذكره من المقدّمات بعد التأمّل التّام عكس المراد.
توضيح ذلك: إنّ ما في الشرائع كما عرفت متون الأخبار المعتبرة عند الأصحاب، بل أصحّ و أتقن ممّا في مقنع ولده، الذي صرّح في أوّله بأنّه حذف أسناد ما أودعه فيه، لوجود كلّه في الأصول الموجودة، المرويّة عن المشايخ العلماء الثقات، للاتّفاق المذكور في كلام الشهيد- رحمه اللّه- فيه دونه، و قد عرفت، و اعترف هو بمطابقة عباراته المنقولة لعبارة «الرضوي» بحيث لا يمكن جعلها من باب الاتّفاق.
و ظاهر أنّ سياقها ينادي بأعلي صوته أنّها صادرة من واحد، سواء كان منشئها عليّ بن بابويه، أو صاحب الكتاب، أو ثالث كان كتابة مأخذا لهما، فالموجود في «الرضوي» المطابق لما في الشرائع صادر من معدن العصمة، فهو إمّا من الرضا عليه السلام إملاء، أو تأليفا، أو ممّن أخذه منه، أو من إمام آخر.
و من تأمّل في الرضوي لا يكاد يشكّ في أنّه غير مأخوذ من كتاب آخر، أو مرويّ من شخص آخر، و إنّ صاحبه أنشأه من غير توسّل بغيره. فإذا لم يكن موضوعا و مختلفا- كما اعترف به في مواضع من الرسالة- و لا يحتمل كونه من الأئمّة السابقة عليه عليهم السلام، فينحصر كونه له عليه السلام و احتمال الانتساب إلي الأئمّة اللاحقة بعيد، لعدم ذكر منهم عليهم السلام فيه،7.
ص: 319
و كون تأريخ النسختين في عهده عليه السلام.
و أمّا إخفاء عليّ عن ولده ذلك، بقرينة عدم تعرّض له «للرضوي» في كتبه، خصوصا العيون، ففيه بعد النقض بالرسالة الذهبيّة، التي اعترف هو باعتبارها و صحّتها، و ليس له ذكر في كتبه أصلا، فهي شبهة بدّ من رفعها علي كلّ الوجوه، و لو قلنا بعدم كونه له عليه السلام، أو لغيره من الأئمّة عليهم السلام، فإنّ عليّا كان يعلم من أيّ كتاب أخذه، و الي أيّ إمام تنتهي هذه العبارات، التي هي متون ما صدر منه، التي لا شكّ في وحدة منشئها، و أنّها لم تكن أخبارا متشتّتة، و أحاديث متبدّدة، بأسانيد مختلفة، و طرق متفرّقة، من أئمّة متعدّدة عليهم السلام، ألقي عليّ أسانيدها، و انتظمها في سلك واحد، خصوصا بملاحظة المطابقة المذكورة، الظاهرة علي هذا الاحتمال السخيف، في أنّ صاحب الكتاب هو الجامع للشتات قبله.
فنقول كما قال: إنّ عليّا [إمّا] أخفي عن ولده مأخذ هذه العبارات الصادرة عن الأئمّة السادات أو لا، و علي التقديرين يلزم ما ذكره من المحذورات حرفا بحرف، فإنّ الصدوق علي ما أسّسه من الكلام كان يعلم مأخذ ما في رسالة أبيه إليه، الذي لا بدّ و أن يكون معتبرا معتمدا عند الأصحاب، و عليه فلم لم يشر في موضع إليه، و اعتمد في مواضع الحاجة علي النقل منها و الاتّكال عليها، فهل هذا إلّا مجازفة في القول، و تشبّث بأوهي من الهشيم؟! و أيّ فرق بين كون مأخذ الرسالة «الرضوي» الذي يستوحش منه، أو غيره الذي لا بدّ و أن يكون من أصول الأصحاب؟ فكيف جاز الإخفاء من الوالد و الولد في أحدهما، و يستبعد في الأخر؟.
الثاني: إنّه علي القول بعدم كون له عليه السلام، و عدم كونه من الموضوعات و المجعولات، و عدم كونه رسالة شرائع عليّ بن بابويه، و إنّ ما فيه من الأخبار القويّة أو الضعاف القابلة للانجبار، فجامعه و مولّفه غير معلوم، و إن علم إجمالا أنّه كان في عصر الأئمّة عليهم السلام و زمان الحضور، لبعض
ص: 320
القرائن الموجود فيه، و لكن يوجد في كلمات بعضهم بعض الاحتمالات، لا بأس بالإشارة إليها.
فمنها: ما وجدناه منقولا عن خطّ السيّد السند المؤيّد صاحب مطالع الأنوار، علي ظهر نسخة من هذا الكتاب ما لفظه- بعد الإصرار علي عدم كونه له عليه السلام-: و يحتمل أن يكون هذا الكتاب لجعفر بن بشير، لما ذكره شيخ الطائفة في الفهرست: جعفر بن بشير البجلي، ثقة جليل القدر، له كتاب ينسب الي جعفر بن محمد عليهما السلام، رواية عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، انتهي كلامه.
و جعفر بن بشير لمّا كان من أصحاب مولانا الرضا عليه السلام، يمكن أن يكون ما كتبه في أوّل الكتاب، عن لسانه عليه السلام، فصار منشأ لنسبة الكتاب إليه عليه السلام و كان الكتاب قبل زمان الشيخ منسوبا الي جعفر ابن محمد عليهما السلام، للاشتراك في الاسم، كما أنّه في هذه الأزمنة ممّا ينسب الي مولانا الرضا عليه السلام.
قال- رحمه اللّه-: و يحتمل أن يكون هذا الكتاب لمحمد بن عليّ بن الحسين ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، لما قال النجاشي في ترجمته ما هذا لفظه: له نسخة يرويها عن الرضا عليه السلام، أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن قرّة- الي أن قال- حدّثنا محمد بن عليّ بن الحسين بن زيد، قال: حدّثنا عليّ بن موسي الرضا عليهما السلام بالنسخة (2).
و قال النجاشي أيضا: وريزة بن محمد الغساني له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرنا أحمد بن (3)، الي آخره.3.
ص: 321
و يحتمل أيضا أن يكون لعليّ بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب بن محمد بن عليّ الرقي الأنصاري، لما في النجاشي أنّ له كتابا عن الرضا عليه السلام، قال: أخبرنا محمد بن عثمان (1)، الي آخره، انتهي المنقول من خطّه- رحمه اللّه-.
و منها: ما في الرسالة السابقة قال: و بالجملة ففي المقام احتمالات:
أحدها: أن يكون هذا الكتاب من تأليف الإمام الثامن عليه السلام، و قد عرفت ضعفه مفصّلا.
و ثانيها: (أن يكون كلّه أو بعضه مجعولا عليه، و قد ظهر ما فيه أيضا.
و ثالثها:) (2) أن يكون متّحدا مع رسالة عليّ بن بابويه، و ضعّفه أيضا ظاهر.
و قال: و رابعها: أن يكون من مؤلّفات بعض أكابر قدماء رواة أخبارنا، أو فقهائنا العاملين بمتون الأخبار، و هو الذي يقوي في نفسي، و يترجّح في نظري بمقتضي ما حصل لي من القرائن و الأمارات.
و خامسها: أن يكون عين كتاب المنقبة الذي قد ذكر جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ الجليل ابن شهرآشوب، و الشيخ السعيد السديد علي بن يونس العاملي، في كتاب المناقب (3)، و الصراط المستقيم (4)، أنّه تصنيف الإمام الهمام مولانا أبي محمد العسكري عليه السلام، و يؤيّده ما ذكراه أنّه مشتمل علي أكثر الأحكام، و متضمنّ أغلب مسائل الحلال و الحرام، ثمّ استبعده ببعض ما مرّ في الرضوي (5).1.
ص: 322
و هو الجزء الأوّل من الأجزاء العشرة من كتاب «التتمّات و المهمّات» للسيّد رضيّ- الدين عليّ بن طاوس- رحمه اللّه- و جلالة قدر مؤلّفه، و إتقانه و تثبّته في كلّ ما ينقله أشهر- عند كلّ من عاصره، أو تأخّر- من أن يذكر، جزاه اللّه تعالي عن الإسلام و المسلمين خير جزاء الصالحين، و قد ذكرنا شرح حال التتمّات، و أسامي أجزائها علي الترتيب الذي وضعه في آخر الصحيفة الرابعة السجاديّة، من أرادها فليراجعها [1].
****
[1] نظرا لاشتمال ما افاده علي فوائد إليك نص ما افاده قدس سره في آخر الصحيفة السجادية الرابعة:
اعلم أصلح اللّه تعالي مكنون سريرتك، و فتح عين بصرك و بصيرتك، أنّ كلّ ما أوردناه في هذه الصحيفة الرابعة من أدعية شهر رمضان و نسبناه إلي كتاب الإقبال للسيّد الأجلّ عليّ بن طاوس- قدس اللّه روحه- فإنّما هو تبعا للمحدّثين، و جريا علي ما تداول بينهم، و الّا فالظاهر بل المقطوع أنّه ليس في كتاب الإقبال عمل شهر الصّيام، و كلّ ما نقلوه من أدعية شهر رمضان و نسبوه إليه فإنّما هو من كتاب آخر للسيّد مقصور علي ذكر أعماله، و اشتبه عليهم جميعا، حتي العلّامة المجلسي، و المحدث الحر العاملي، و السيّد الجزائري، و النحرير الماهر في هذا الفن صاحب الصحيفة الثالثة، و صاحب العوالم، و أضرابهم، و نحن نوضح المقصود و نبيّن سبب الاشتباه بعون اللّه تعالي.
اعلم انّ السيّد الأجلّ صاحب الكرامات الباهرة طاوس آل طاوس علي بن موسي بن جعفر بن محمّد- رحمهم اللّه- صنف كتابا كبيرا سماه (مهمّات في صلاح المتعبد و تتمات المصباح المتهجّد) و عبّر عنه في سائر كتبه و غيره بالمهمات و التتمات، و هو- علي ما صرح به في كشف المحجة- إن تم يصير أكثر من عشر مجلّدات (1)، و قد خرج منه ثمانية، عثرنا علي خمسة منها، و لم نعثر علي باقيه، و لا نقل عنه احد.
ثم انه رحمه اللّه قد سمي كل مجلد عنه باسم علي حده:
***
(1) كشف المحجة: 137.
ص: 323
فالمجلد الأول، و الثاني منه؟ سماه: فلاح السائل و نجاح المسائل في عمل اليوم و اللّيلة (1).
و الثالث سمّاه: زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
و الرّابع سمّاه: جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع (2) في صلوات أيام الأسبوع و اعمال الجمعة زائدا علي ما جمعه في الجزء الثالث.
و الخامس سمّاه: الدروع الواقية من الاخطار (3) فيما يعمل مثلها كل شهر علي التكرار.
و السادس سمّاه: مضمار السبق في ميدان الصدق في اعمال شهر رمضان، و له اسم آخر كما يأتي.
و السابع سمّاه: مسالك المحتاج الي مناسك الحاج.
و الثامن سمّاه: الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة في سنة (4)، و هو مقصور علي ذكر اعمال شهر شوال الي آخر شهر رمضان، و هو مجلد كبير مختلف النسخ بالزيادة و النقصان، و ليس فيه ذكرا لشهر الصيام لقرائن كثيرة.
الأول: تصريحه رحمه اللّه في الفصل السادس من الباب السادس من كتاب أمان الأخطار بما لفظه و ينبغي أن يصحب معه كتابنا في عمل السنة منها كتاب عمل شهر رمضان و اسمه كتاب المضمار، و كتاب التمام لمهام شهر الصيام، و كتاب الإقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة، و هما مجلدان الأول من شهر شوال الي آخر ذي الحجة و الثاني من شهر محرم الحرام الي آخر شهر شعبان فإنهما قد تضمّنا من مهمات الإنسان ما هو كالفتح لابواب الأمان (5).
الثاني: قوله رحمه اللّه في كتاب الإجازات في الفصل الموضوع لذكر ما صنفه: و ممّا صنفته- و ما عرفت أنّ أحدا شرفه اللّه جل جلاله بالسبق الي مثل تأليفه و تصنيفه- كتاب مهمات في صلاح المتعبد و تتمّات المصباح المتهجد، خرج منه مجلدات، منها كتاب فلاح السائل الي أن قال بعد ذكر ما ذكرنا: و بقي منه ما يكون في السنة مرّة واحدة، و قد شرعت منها في كتاب
ص: 324
مضمار السبق في ميدان الصدق لصوم شهر رمضان. و في كتاب مسالك المحتاج الي مناسك الحاج: و ما يبقي من عمل السنة سوف اتممه، الي آخر ما قال.
الثالث: قوله رحمه اللّه في اعمال اليوم الثالث عشر من شهر رمضان: و قد قدمنا في عمل رجب عملا جسيما في الليالي البيض منه، و من شعبان، و من شهر الصيام، الي ان قال و ذلك الجزء منفرد فربما لا يتفق حضوره عند العامل بهذا الكتاب فنذكر هاهنا صفة هذه الصلاة إلي آخره.
الرابع: قوله رحمه اللّه في اعمال المحرم من الإقبال قبيل الباب الأول ما لفظه: و نبئنا بالإشارة الي بعض تأويل ما ورد من الاختلاف في الاخبار، هل أول السنة شهر رمضان أو شهر المحرم؟ فنقول: قد ذكرنا في الجزء السّادس من الذي سميناه كتاب المضمار ما معناه: انه يمكن ان يكون أوّل السنة في العبادات و الطاعات شهر رمضان، و ان يكون أول السنة لتواريخ أهل الإسلام و متجددات العام شهر محرّم الحرام، و قدمنا هناك بعض الاخبار المختصة بأنّ أول السنة شهر رمضان إلي آخره (1).
و قد ذكر تلك الاخبار و الجمع الّذي ذكره في الباب الثاني من المضمار الذي أدرجوه في الإقبال.
الخامس: قوله في آخر أعمال شعبان: و هذا آخر ما اقتضاه حكم الامتثال لمراسم الموافق لنا و مالك العناية بنا في ذكر الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة واحدة في كل سنة (2).
و ذكر في آخر عمل ذي الحجة: أنه آخر الجزء الأول من الإقبال، و أنّ أول الجزء الثاني شهر المحرّم (3)، و ذكر في أول شهر شوال فهرس فصوله، و يوجد في بعض النسخ خطبة ناقصة من أوّلها و أول الموجود منها هكذا: للتنوّر بأنوارها، و الاستضاءة بأضواء عنايات اللّه جل جلاله و إسرارها، الي آخره (4)، و هذا دأبه في أول كل جزء من ذكر الخطبة و فهرس الفصول، و في صدر الكتاب، و لو كان عمل شهر رمضان جزءا من الإقبال لكان جزءا ثالثا منه، و هو خلاف ما صرّح به، و لم يذكر فهرس أبوابه و فصوله في صدر أحد الجزءين، بل سقط من أصل نسخة المضمار2.
ص: 325
الخطبة و الفهرس و نزر يسير من فصول الباب الأول منه، و أول الموجود منه كلمات من آخر حديث في فضل شهر رمضان، و بعده الخطبة المعروفة للنبيّ صلّي اللّه عليه و آله نقلها عن بشارة المصطفي لعماد الدين الطبري (1).
ثم وقع بيد النّسّاخ فرأوا كتابا للسيّد في اعمال شهر رمضان علي نسق الإقبال فظنّوا انّه منه فألحقوه به، و اشتهرت النسخ و صار ذلك سببا لتوهم الجماعة المذكورين، و لم أر من تنبه لذلك الا الشيخ الأجلّ الخبير إبراهيم بن علي الكفعمي الجبعي في جنته، فإنّه عدّ في فهرس كتبه كتاب الإقبال و كتاب عمل شهر رمضان، و كلّ ما نقله في الفصل الخامس و الأربعين في عمل شهر رمضان عن السيّد ينسبه الي الثاني، و قال في آخر الفصل: ثمّ ما اختصرنا من الأدعية في هذا الشهر الشريف و هي كثيرة جدا من أرادها فعليه بكتاب عمل شهر رمضان تأليف السيّد الجليل رضي الدين عليّ بن طاوس الحسني ختم اللّه له بالحسني و لنا بمحمّد خاتم النبيّين و آله الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين (2).ه.
ص: 326
قال في الرياض: الشيخ ثقة الإسلام أبو الفضل عليّ بن الشيخ رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن الشيخ أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، الفاضل العالم، الفقيه المحدّث الجليل، صاحب مشكاة الأنوار، روي عن السيّد السعيد جلال الدين أبي عليّ بن حمزة الموسوي و غيره، كما يظهر من المشكاة المذكور، و له من المؤلّفات أيضا كتاب «كنوز النجاح» في الأدعية، و ينقل عن هذا الكتاب ابن طاوس في «المجتني من الدعاء المجتبي» (1) و غيره، و كذا الكفعمي في «المصباح» كثيرا، و هذا الشيخ سبط الشيخ أبي عليّ الطبرسي صاحب «مجمع البيان»، و قد ألّف المشكاة المذكور تتميما لكتاب «مكارم الأخلاق» لوالده أبي نصر الحسن بن الفضل المذكور، فيكون نسب هذا الشيخ هو: أبو الفضل عليّ بن رضيّ الدين أبي نصر الحسن بن أمين الدين أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، و حمله علي غلط الكاتب، و أنّه كان أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، ممّا لا حاجة إليه.
و ممّا قلناه وضح اسم سبطه- أعني مؤلّف كتاب مشكاة الأنوار- و إن كان مخفيّا علي الأستاذ الاستناد في بحار الأنوار (2).
و قد نقل الشيخ نعمة اللّه بن خاتون العاملي في الرسالة المعمولة لمعني العدالة، بعض الفتاوي عن الشيخ أبي الفضل الطبرسي.
و نقل الأمير سيّد حسين المجتهد أيضا، في أواخر كتاب «دفع المناواة» عن كتب ثقة الإسلام أبي الفضل الطبرسي بعض الفوائد.
و الظاهر أنّ مرادهما به هو هذا الشيخ، و علي هذا فله مؤلّفات اخري.
ص: 327
و قد يستشكل بأنّ ثقة الإسلام لقب جدّه صاحب «مجمع البيان» و لكنّ الأمر فيه سهل لاحتمال الاشتراك، مع أنّ المشهور في لقب جدّه هو «أمين الدين».
و قال الأستاذ الاستناد- أيّده اللّه تعالي- في أوّل البحار: و كتاب مشكاة الأنوار لسبط الشيخ أبي علي الطبرسي، ألّفه تتميما لمكارم الأخلاق تأليف والده الجليل، ثمّ قال: و كتاب مشكاة الأنوار كتاب طريف، يشتمل علي أخبار غريبة، انتهي (1).
و أقول: قال نفسه في أوّل المشكاة المذكور- بعد إيراد حكاية تأليف والده كتاب «مكارم الأخلاق» و كتاب «الجامع» الذي لم يتمّه كما سبق في ترجمته- بهذه العبارة: ثمّ سألني جماعة من المؤمنين، الراغبين في أعمال الخير أن اؤلّف هذا الكتاب فتقرّبت الي اللّه عزّ و جلّ بتأليفه، و كتبت ما حضرني من ذلك، و رتّبته و بوّبته، و تركت في آخر كلّ باب أوراقا لاحق به ما شذّ عنّي، و سمّيت هذا الكتاب بمشكاة الأنوار في غرر الأخبار، انتهي كلام صاحب الرياض (2).
قلت: و يأتي أنّ كتاب كنوز النجاح من مؤلّفات جدّه، و صرّح به في الرياض أيضا في ترجمة جدّه (3)، و أغلب أخبار المشكاة منقولة من كتب المحاسن، و كان عنده تمامها، أو أغلبها، و يعرف اعتباره من اعتباره، و في أواخره حديث عنوان البصري المعروف، عن الصادق عليه السلام (4)، الذي نقله في البحار (5) عن خطّ الشيخ البهائي، منقولا عن خطّ الشهيد الأوّل، و غفل عن نقله عنه.7.
ص: 328
للشيخ الجليل أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان المفيد، و غيرها ممّا لا حاجة إلي ذكرها.
ص: 329
تأليف المحقّق الفاضل محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن عليّ بن حسام الدين إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور بن الهجري الأحسائي.
قال في أمل الآمل: محمد بن أبي جمهور الأحسائي، كان عالما، فاضلا، راوية، له كتب منها: «عوالي اللآلئ الأحاديثيّة علي مذهب الإماميّة» (1)، كتاب الأحاديث الفقهيّة، كتاب معين المعين، شرح الباب الحادي عشر، كتاب زاد المسافرين في أصول الدين، و له مناظرات مع المخالفين، كمناظرة الهروي و غيرها، و رسالة في العمل بأخبار أصحابنا (2).
و قال في موضع آخر: محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي، فاضل، محدّث، الي آخره (3).
و في اللؤلؤة: و الشيخ محمد بن أبي جمهور كان فاضلا، مجتهدا، متكلّما، له كتاب عوالي اللآلئ، جمع فيه جملة من الأحاديث، إلّا أنّه خلط فيه الغثّ بالسمين، و أكثر فيه من أحاديث العامّة، و لهذا إنّ بعض مشايخنا لم يعتمد عليه، ثمّ عدّ بعض مؤلّفاته (4).
و ذكره القاضي في مجالس المؤمنين، و مدحه و أطراه، و قال: إنّه مذكور في سلك المجتهدين (5).
ص: 331
و في البحار: و كتاب عوالي اللآلئ، و إن كان مشهورا، و مؤلّفه في الفضل معروفا، لكنّه لم يميّز القشر من اللّباب، و أدخل أخبار متعصبي المخالفين بين روايات الأصحاب، فلذا اقتصرنا منه علي نقل بعضها، و مثله نثر اللآلئ (1).
و قال العالم الجليل، الأمير محمد حسين الخاتون آبادي، في مناقب الفضلاء: و عن السيّد حسين المفتي- رحمه اللّه- عن الشيخ نور الدين محمد ابن حبيب اللّه، عن السيد النجيب الحسيب الفاضل السيد مهدي، عن والده الشريف المنيف، الكريم الباذل، السخيّ الزكيّ، السيد محسن الرضوي المشهدي، عن الشيخ المدقّق العلّامة محمد بن علي بن إبراهيم الأحساوي- طيّب اللّه ضرائحهم- إلي آخر أسانيدهم التي أوردها في عوالي اللآلئ، و إجازته المبسوطة التي رقّمها للسيّد المذكور.
و في إجازات البحار، بعد ذكر الإجازة المذكورة قال: و لنتبع هذه الإجازة بإيراد الطرق السبعة، التي ذكرها الشيخ المحقّق محمد بن أبي جمهور المذكور- قدس اللّه روحه- في كتابه المسمّي بعوالي اللآلئ، فقال قدّس سرّه فيه: الطريق الأوّل، الي آخره (2).
و فيها قال: قال السيّد حسين المفتي المذكور: أروي عن الشيخ نور الدين محمد بن حبيب اللّه، عن السيّد محمد مهدي، عن والده السيّد محسن الرضوي المشهدي، عن الشيخ الفاضل محمد بن عليّ بن إبراهيم بن جمهور الأحساوي، بسنده المذكور في عوالي اللآلئ، علي ما ذكره في إجازته التي كتبها للسيّد محسن (3).
و قال السيّد النبيل، السيّد حسين القزويني- طاب ثراه- في مقدّمات3.
ص: 332
شرح الشرائع: محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي، فاضل، جامع بين المعقول و المنقول، راوية للأخبار، ذكره الفاضل الأسترابادي في «الفوائد المدنيّة» (1) و الفاضل المجلسي في «إجازات البحار» (2) و شيخنا الحرّ في موضعين من «أمل الآمل» (3)، له كتب، منها العوالي اللآلئ، و المجلي، و شرح الألفية، و الأقطاب في الأصول، و غيره، و ما وصل الي النظر القاصر من نسخة العوالي كان بخطّ الوالد العلّامة مع حواشيه.
و قال المحقّق الكاظمي في أوّل كتاب المقابيس: و منها: الأحسائي، للعالم العلم، الفقيه النبيل، المحدّث الحكيم، المتكلّم الجليل، محمد بن عليّ ابن إبراهيم بن أبي جمهور، سقاه اللّه يوم النشور من الشراب الطهور، و كان من تلامذة الشيخ الفاضل، شرف الدين حسن بن عبد الكريم الفتال الغروي، الخادم للروضة الغرويّة، و الشيخ عليّ بن هلال الجزائري في كرك، في أثناء مسيره إلي حجّ بيت اللّه، و في رجوعه من الحجّ، و هو صاحب كتاب عوالي اللآلئ، و نثر اللآلئ في الأخبار، و رسالة كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال في الأصول، و الجامعيّة في شرح الألفية الشهيديّة، و المجلي في الحكمة و المناظرات مع العامّة، و غيرها، و روي كالكركي عن ابن هلال، عن أبي العباس، و روي أيضا عن أبيه، و غيره من المشايخ (4).
و قال العالم المتبحّر السيّد عبد اللّه، سبط المحدّث الجزائري في إجازته الكبيرة، في ذكر مشايخ المجلسي- رحمه اللّه-: و منهم السيّد السند، الأمير فيض اللّه بن غياث الدين محمد الطباطبائي، عن السيّد الحسيب القاضي حسين- الي أن قال- عن الشيخ الجليل محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور4.
ص: 333
الأحسائي (1).
و قال السيّد الأجلّ، الأمير عبد الباقي في إجازته للعلّامة الطباطبائي:
و قال الشيخ الجليل المبرور محمد بن أبي جمهور الأحسائي، في كتابه المعروف بعوالي اللآلئ: روي عنده من المشايخ بطريق صحيح، عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول» الخبر.
و قال الفاضل الخبير في الرياض، في باب الكني: أبي جمهور اللحساوي، و هو الأشهر في ابن أبي جمهور، و قد يقال: ابن أبي جمهور، و يقال في هذه النسبة: الأحساوي أيضا، و يقال تارة: الأحسائي، و اللحسائي- الي أن قال- و هو في الأشهر يطلق علي الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن أبي جمهور، كذا بخطّه رحمه اللّه علي ظهر بعض مؤلّفاته، و هو الفقيه الحكيم المتكلّم، المحدّث الصوفي، المعاصر للشيخ علي الكركي، و كان تلميذ عليّ بن هلال الجزائري، و صاحب كتاب «عوالي اللآلئ» و كتاب «نثر اللآلئ» و كتاب «المجلي في مرآة المنجي» و غيرها من المؤلّفات، ذو الفضائل الجمّة لكنّ التصوّف العالي المفرط قد أبطل حقّه (2). الي غير ذلك من عبارات الأصحاب علي اختلاف طبقاتهم و مشاربهم في حقّه، و ذكرهم إيّاه بأوصاف و ألقاب يذكرون بها العلماء الأعلام و الفقهاء العظام.
فمن الغريب بعد ذلك ما ذكره السيّد الأيّد المعاصر في الروضات، في ترجمته بعد ذكر طرقه السبعة حيث قال: و أمّا نحن فقد قدّمنا ذكر شيخه الأجلّ الأعظم علي بن هلال الجزائري، الذي هو من جملة مشايخ المحقّق الشيخ علي الكركي، و بقي سائر مشايخه السبعة- المذكورين هنا، و في مقدّمة كتابه العوالي علي سبيل التفصيل- عند هذا العبد، و سائر أصحاب التراجم و الإجازات، من جملة علمائنا المجاهيل، بل الكلام في توثيق نفس الرجل، و التعويل علي رواياته3.
ص: 334
و مؤلّفاته، و خصوصا بعد ما عرفت له من التأليف في إثبات العمل بمطلق الأخبار، الواردة في كتب أصحابنا الأخيار، و ما وقع في أواخر وسائل الشيعة، من كون كتابي حديثه خارجين عن درجة الاعتماد و الاعتبار، مع أنّ صاحب الوسائل من جملة مشاهير الأخباريّة، و الأخباريّة لا يعتنون بشي ء من التصحيحات الاجتهاديّة، و التنويعات الاصطلاحيّة، انتهي (1).
و أنت خبير بأنّ كثيرا من العلماء المعروفين، المذكورين في الإجازات و الكتب المعدّة لترجمتهم، ما قالوا في حقّهم أزيد ممّا قالوا في ترجمة صاحب العنوان، و لم يعهد منهم تزكيتهم و توثيقهم بالألفاظ الشائعة المتداولة في الكتب الرجاليّة، التي يستعملونها في مقام تزكية الرواة و تعديلهم، فإنّهم أجلّ قدرا، و أعظم شأنا من الافتقار إليه.
و لذا قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية: و قد مرّ أيضا: تعرف عدالة الراوي بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل و غيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السابقين من عهد الشيخ الكليني و ما بعده الي زماننا هذا، و لا يحتاج أحد من هؤلاء المشهورين الي تنصيص علي تزكيته، و لا تنبيه علي عدالته، لما اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم، و ضبطهم، و ورعهم زيادة علي العدالة، و إنّما يتوقّف علي التزكية غير هؤلاء (2).
و علي ما أسّسه تتطرق الشبهة في جماعة كثيرة من علمائنا الأخيار، الذين قالوا في ترجمتهم مثل ما قالوا في حقّ صاحب العوالي، أو أقلّ، فتخرج أخبار هؤلاء الأعاظم، و رواياتهم، و منقولاتهم، و أقوالهم عن حدود الصحّة و الاعتماد، و لا يخفي ما في ذلك من القبح و الفساد، بل قدّمنا ذكر جماعة منهم ليس لهم في كتب التراجم ذكر أصلا، فضلا عن المدح و الثناء، و التزكية و الإطراء، و مع ذلك كتبهم شائعة، متداولة، معتمدة.9.
ص: 335
و العجب أنّه- رحمه اللّه- ذكره في أوّل الترجمة بهذا العنوان: الشيخ الفاضل المحقّق، و الحبر الكامل المدقّق، خلاصة المتأخّرين، محمد، الي آخره (1)، ثمّ تأمّل في وثاقته، و هي أدني درجة الكمال.
و قوله: خصوصا بعد ما عرفت، الي آخره، فيه:
أوّلا: إنه ليس في اسم الكتاب الذي ألّفه فيه دلالة علي اعتقاده علي حجيّة مطلق الأخبار.
ففي الأمل: و رسالة في العمل بأخبار أصحابنا (2) و لم أجده في غيره، و لكنّه ذكر في أوّل الترجمة هكذا: و رسالة في أنّ علي أخبارنا الآحاد في أمثال هذه الأزمان المعوّل، كما نسبها إليه صاحب الأمل، و هو أعرف بوجه التعبير، و لا دلالة فيه أيضا علي ما نسبه إليه، مع أنّه يمكن أن يكون غرضه الموجودة في الكتب الأربعة، كما عليه جمع من المحقّقين، أو اشتراط في ضعافها الانجبار، و لا ينافي ذلك كون المستند هو الخبر الضعيف، فينطبق علي ما عليه جماعة من حجيّة الأقسام الثلاثة (3): الصحيح و الحسن و الموثّق، و الضعيف إذا انجبر.
و ثانيا: إنّ اعتقاد حجيّة مطلق أخبار أصحابنا- بالنظر الي ما أدّاه إليه).
ص: 336
دليله- ليس بكبيرة و لا صغيرة تضرّ بالوثاقة و العدالة، و لا ينافي الاعتماد علي منقولاته و مرويّاته، فيكون بعد التسليم من الذين يقال في حقّهم: خذوا ما
ص: 337
رووا، و ذروا ما رأوا (1).
و ثالثا: إنّ طريقته- كما تظهر من- كتابيه طريقة المجتهدين، كما لا يخفي علي المراجع، فكلّ ما ذكره في حقّه حدس و تخمين، ناشئ من عدم ظفره بالكتابين.
و قوله: و ما وقع في أواخر وسائل الشيعة، الي آخره (2)، فلم أجدهما فيها (3)، نعم ذكر في آخر كتاب الهداية الكتب الغير المعتبرة عنده، بأقسامها الثلاثة التي أشرنا إليها سابقا، و ليس منها الكتابان.
قوله: و الأخبارية لا يعتنون، الي آخره (4).
قلت: نعم، و منه يظهر أنّ ابن أبي جمهور كان من المجتهدين، فإنّه في الكتابين لم يسلك إلّا مسلكهم، و لم يجر إلّا علي مصطلحاتهم في الأخبار، من الصّحة و الحسن، و القوّة و الضعف، و الترجيح بذلك، فراجعهما، و لولا خوف الإطالة لذكرت شطرا منها:
و منها يظهر أنّ المقصد من الرسالة السابقة ليس إثبات حجيّة مطلق الأخبار، كما توهّمه فجعله من مطاعنه.
كما يظهر إنّ كلّ ما ذكره في هذا المقام ناشئ من عدم العثور عليهما، و اللّه العاصم.
نعم قد يطعن فيه، و في كتابه من جهتين:
الاولي: ميلة الي التصوّف، بل الغلو فيه، كما أشار إليه في الرياض (5).
و فيه: إنّ ميلة إليه حتي في بعض مقالاتهم الكاسدة، المتعلّقة بالعقائد، لا يضرّ بما هو المطلوب منه في المقام من الوثاقة، و التثبّت، و غير ذلك ممّا يشترط1.
ص: 338
في الناقل، كغيره من العلماء علي ما هم عليه من الاختلاف، حتي في أصول الكلام، و مع ذلك يعتمد بعضهم علي بعض في مقام النقل و الرواية، و لذا رأيتهم وصفوه بما هو دائر بينهم في مواضع مدح الأعاظم و شأنهم، و أدخلوه في إجازاتهم.
و ليس هو أسوأ حالا فيما نسب إليه من: المحدّث الكاشاني، و لم يطعن عليه أحد في منقولاته.
و لا من السيّد حيدر الآملي المعروف، صاحب الكشكول، الذي ينسب إليه بعض الأقاويل المنكرة، و قد تلمّذ علي فخر المحقّقين، و عندي مسائل السيّد مهنّا، و أجوبة العلّامة بخطّه (1)، و قد قرأها علي الفخر، و علي ظهرها إجازة الفخر له بخطّه الشريف، و هذه صورته:
هذه المسائل و أجوبتها صحيحة، سئل والدي عنها فأجاب بجميع ما ذكره فيها، و قرأتها أنا علي والدي- قدّس اللّه سرّه- و رؤيتها (2) عنه، و قد أجزت لمولانا السيّد الإمام، العالم العامل، المعظّم المكرّم، أفضل العلماء، أعلم الفضلاء، الجامع بين العلم و العمل، شرف آل الرسول، مفخر أولاد البتول، سيّد العترة الطاهرة، ركن الملّة و الحقّ و الدّين، حيدر بن السيّد السعيد تاج الدين عليّ بن السيّد السعيد ركن الدين حيدر العلوي الحسيني- أدام اللّه فضائله، و أسبغ فواضله. أن يروي ذلك عنّي، عن والدي- قدّس اللّه سرّه- و أن يعمل بذلك و يفتي به، و كتب محمد بن الحسن بن يوسف بن عليّ بن مطهّر الحليّ، في أواخر ربيع الآخر، لسنة إحدي و ستّين و سبعمائة، و الحمد للّه تعالي، و صلّي اللّه علي سيّد المرسلين محمد النّبي و آله الطاهرين.
و ما كان يخفي علي الفخر مقالاته، و ما منعه ذلك عن أن يصفه بما ترين.
ص: 339
من الأوصاف الجميلة، أرايت من يعظّمه كذلك، يتأمّل و يطعن في منقولاته؟! و هكذا الكلام في جمع ممّن تقدّم عليه، أو تأخّر عنه.
و ليس الغرض من الاعتماد و الاعتبار صحّة كلّ ما رواه في الكتابين، بل الصحّة من جهته فيكون كسائر مرويّات الأصحاب في كتبهم الفقهيّة، و المجاميع الحديثيّة، و عدم الفرق بين الخبر الموجود في العوالي، و الموجود في غيره ممّا لم يتبيّن مأخذه، و إنّ هذا المقدار من التصوّف، أو الميل إليه، غير قادح في المطالب النقليّة عند الأصحاب.
الثانية: ما في الكتاب المذكور من اختلاط الغثّ بالسمين، و روايات الأصحاب بأخبار المخالفين، كما أشار إليه في اللّؤلؤة (1).
و قال في الحدائق، بعد نقل مرفوعة زرارة في الأخبار العلاجيّة: إنّ الرواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب العوالي، مع ما هي عليها من الإرسال، و ما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه الي التساهل في نقل الأخبار، و الإهمال، و خلط غثّها بسمينها، و صحيحها بسقيمها، كما لا يخفي علي من لاحظ الكتاب المذكور (2).
قلت: ما ذكره صحيح في الجملة في بعض الكتاب، و هو أقلّ القليل منه، و أمّا في الباقي فحظّه منه نقل مجاميع الأساتيذ، الذين ساحتهم بريئة عن قذارة هذه الطعون.
توضيح ذلك: إنّ العوالي مشتمل علي مقدّمة، و بابين، و خاتمة، و ذكر في المقدّمة فصولا، ذكر فيها طرقه، و جملة من الأخبار النبويّة في فنون الآداب و الأحكام، و اختلط هنا الغثّ بالسمين كما قالوا.
و أمّا البابان، فقال: الباب الأوّل في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه،9.
ص: 340
الغير المترتّبة بترتيب أبوابه، و لي فيها مسالك كثيرة، إلّا أنّي أقتصر في هذا المختصر علي ذكر أربعة مسالك لا غير، طلبا للإيجاز، حذرا من الملال.
المسلك الأوّل: في أحاديث ذكرها بعض متقدّمي الأصحاب، رؤيتها عنه بطرقي إليه، لا يختصّ إسنادها بالرسول صلّي اللّه عليه و آله، بل بعضها ينتهي إسنادها إليه، و بعضها الي ذريّته المعصومين، و خلفائه المنصوصين، عليهم أفضل الصلوات و أكمل التحيات، لأنّ الأصحاب- قدّس اللّه أرواحهم- إنّما يعتبرون من الأحاديث ما صحّ طريقه إليهم، و اتّصلت روايته بهم، سواء وقف علي واحد منهم، أو أسنده الي جدّه المصطفي صلّي اللّه عليه و آله- الي أن قال- روي المنقول عنه هذا المسلك في الأحاديث من طرقه الصحيحة (1)، عمّن رواه، قال: سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول: «كلّ سبب و نسب منقطع يوم القيامة إلّا سببي و نسبي» ثمّ ساق الأخبار (2)، الي أن قال:
المسلك الثاني: في أحاديث تتعلّق بمصالح الدين، رواها جمال المحقّقين في بعض كتبه بالطريق التي له الي روايتها، روي في كتابه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «أكثروا من سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلّا اللّه، و اللّه أكبر» الخبر، و ساق أخبار كتابه (3)، الي أن قال:
المسلك الثالث: في أحاديث، رواها الشيخ العالم، شمس الملّة و الدين، محمد بن مكّي في بعض مصنّفاته، يتعلّق بأبواب الفقه، رؤيتها عنه بطرقي إليه، قال- رحمه اللّه-: روي أنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله قال:. الخبر،9.
ص: 341
و ساق أخباره (1)، الي أن قال:
المسلك الرابع: في أحاديث رواها الشيخ العلّامة الفهّامة، خاتمة المجتهدين، شرف الملّة و الحقّ و الدين، أبو عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه السيوري- تغمّده اللّه برضوانه- قال- رحمه اللّه-: روي في الحديث عنهم عليهم السلام و ساق مرويّاته المتفرّقة في أبواب الفقه (2)، الي أن قال:
الباب الثاني في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه بابا بابا، و لنقتصر في هذا المختصر منها علي قسمين:
القسم الأوّل: في أحاديث تتعلّق بذلك، رؤيتها بطريق فخر المحقّقين، ذكرها عنه بعض تلاميذه، علي ترتيب والده جمال المحقّقين- رضوان اللّه عليهما-، باب الطهارة: روي محمد بن مسلم. و ساق الي باب الديات (3)، ثمّ قال:
القسم الثاني: في أحاديث رواها الشيخ الكامل الفاضل، خاتمة المجتهدين، جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلّي- قدّس اللّه روحه- علي ترتيب الشيخ المحقّق المدقّق، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلّي- رحمه اللّه- باب الطهارة. و ساق أيضا الي باب الديات (4).
و ذكر في الخاتمة أيضا جملتين، ذكر فيهما الأخبار المتفرّقة (5) كما في المقدّمة، إلّا أنّ جلّها خاصيّة، و عمدة أخبار الكتاب ما أودعه في البابين.
و أنت خبير بأنّ حظّه منه النقل عن مجاميع هؤلاء المشايخ، الذين هم أساطين الشريعة، و أساتيذ علماء الشيعة، لا مسرح للطعن عليهم، و لا سبيل5.
ص: 342
لأحد في نسبة الخلط و المساهلة إليهم، فإن اتّهم صاحب العوالي في النقل عن تلك المجاميع، فهو معدود في زمرة الكذّابين الوضّاعين، فيرجع الأمر إلي الطعن و الإساءة الي سدنة الدين، و حفظة السنّة، و نقّاد الأخبار، الذين مدحوه بكل جميل، و أدناه البراءة عن تعمّد الكذب و وضع الأحاديث.
و قد عثرت بعد ما كتبت هذا المقام علي كلام السيّد المحدّث الجزائري في شرحه علي الكتاب المذكور يؤيّد ما ذكرناه قال: إنّي لمّا فرغت من شروحي- الي ان قال-: تطلّعت الي الكتاب الجليل، الموسوم بعوالي اللآلئ، من مصنّفات العالم الربّاني، و العلّامة الثاني، محمد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي- أسكنه اللّه تعالي غرف الجنان و أفاض علي تربته سجال الرضوان- فطالعته مرارا، و تأمّلت أحاديثه ليلا و نهارا.
فشوّقتني عادتي في شرح كتب الأخبار، و تتّبع ما ورد عنهم عليهم السلام من الآثار، الي أن أكتب عليه شرحا يكشف عن بعض معانيه، و يوضّح ألفاظه و مبانيه، فشرعت بعد الاستخارة في ترتيب أبوابه و فصوله، و استنباط فروعه من أصوله، و سمّيته «الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلئ»، ثمّ عنّ لي أن اسمّيه «مدينة الحديث» - الي أن قال في ذكر ما دعاه الي شرحه-: إنّه و إن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلّا أنّهم معرضون عن مطالعته، و مدارسته، و نقل أحاديثه، و شيخنا المعاصر- أبقاه اللّه تعالي- ربّما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه لتكثّر مراسيله، و لأنّه لم يذكر مأخذ الأخبار من الكتب القديمة، و رجع بعد ذلك الي الرغبة فيه، لأنّ جماعة من متأخّري أهل الرجال و غيرهم من ثقات أصحابنا وثقوه، و أطنبوا في الثناء عليه، و نصّوا علي إحاطة علمه بالمعقول و المنقول. و له تصانيف فائقة، و مناظرات في الإمامة و غيرها مع علماء الجمهور، سيّما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة، في منزل السيّد محسن في المشهد الرضوي، علي ساكنه و آبائه و أبنائه من الصلوات أكملها، و من التسليمات أجزلها.
ص: 343
و مثله لا يتّهم في نقل الأخبار من مواردها، و لو فتحنا هذا الباب علي أجلّاء هذه الطائفة، لأفضي بنا الحال الي الوقوع علي أمور لا نحبّ ذكرها، علي أنّا تتبعنا ما تضمّنه هذا الكتاب من الأخبار، فحصل الاطّلاع علي أماكنها التي انتزعها منه، مثل الأصول الأربعة و غيرها، من كتب الصدوق و غيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه و الحديث. قال: و أمّا اطّلاعه و كمال معرفته بعلم الفلسفة و حكمتها، و علم التصوف و حقيقته، فغير قادح في جلالة شأنه، فإنّ أكثر علمائنا من القدماء و المتأخّرين قد حقّقوا هذين العلمين، و نحوهما من الرياضي، و النجوم، و المنطق، و هذا غنيّ عن البيان، و تحقيقهم لتلك العلوم و نحوها ليس للعمل بأحكامها و أصولها، و الاعتقاد بها، بل لمعرفتهم بها، و الاطّلاع علي مذاهب أهلها.
ثمّ نقل قصصا عن الشهيد الثاني، و ابن ميثم، و الشيخ البهائي، تناسب المقام لا حاجة الي نقلها.
فظهر أنّ الحقّ الحقيق أن يعامل الفقيه المستنبط بأخبار البابين، معاملته بما في كتب أصحاب المجاميع من الأحاديث، و ما في طرفي الكتاب خصوصا أوّله، و إن كان مختلطا إلّا أنّ بالنظر الثاقب يمكن تمييز غثّه من سمينة، و صحيحه من سقيمه.
بقي التنبيه علي شي ء، و هو أنّ المعروف الدائر في ألسنة أهل العلم، و الكتب العلميّة «الغوالي» - بالغين المعجمة- و لكن حدّثني بعض العلماء، عن الفقيه النبيه، المتبحّر الماهر، الشيخ محسن خنفر- طاب ثراه، و كان من رجال علم الرجال- أنّه بالعين المهملة، فدعاني ذلك الي الفحص فتفحّصت، فما رأيت من نسخ الكتاب و شرحه فهو كما قال، و كذا في مواضع كثيرة من الإجازات التي كانت بخطوط العلماء الأعلام، بحيث اطمأنّت النفس بصحّة ما قال، و يؤيّده أيضا أنّ المحدّث الجزائري سمّي شرحه: الجواهر الغوالي- بالمعجمة- فلاحظ، و اللّه العالم.
ص: 344
للفاضل المتقدّم أيضا، ألّفه بعد العوالي، و هو أكبر و أنفع منه، قال في أوّله:
فإنّي لمّا ألّفت الكتاب الموسوم «بعوالي اللآلئ العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة» و كان من جملة الحسنات الإلهيّة، و الانعامات الربانيّة، أحببت أن أتبع الحسنة بمثلها، و الطاعة بطاعة تعضدها، كما جاء في الأحاديث اتباع الطاعة بالطاعة دليل علي قبولها، و علامة علي حصولها، فألّفت عقيبه هذا الكتاب الموسوم «بدرر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهية» ليكون مؤيّدا، لما بين يديه ناصرا و مقويا، لما تقدّمه مذكّرا، فأعززت الأوّل بالثاني لإثبات هذه المباني، لإعزاز الطاعة بالطاعة، و اجتماع الجماعة مع الجماعة، لتقوي بهما الحجّة و الاعتصام، و يظهر بمعرفتهما سلوك آثار الأئمّة الكرام، عليهم السلام، و الفقهاء القوّام، و المجتهدين العظام. و ساق الكلام، الي أن ذكر أنّه ألّفه لخزانة السّيدين السندين، الأميرين الكبيرين، الأمير الجليل، كمال الملّة و الحقّ و الدين، و السيّد العضد النبيل، عماد الملّة و الحقّ و الدين، في كلام طويل- الي أن قال: - و رتّبته علي مقدّمة، و أقسام ثلاثة، و خاتمة.
ذكر في المقدّمة الأخبار النبويّة، التي فيها الترغيب في فعل العبادات، و الحثّ علي فعلها، و في الخاتمة ما يتعلّق بالأخلاق، أخرج كلّه من الكافي، و في الأقسام ذكر أبواب الفقه علي الترتيب، و كلّ ما فيها من الأحاديث أخرجه من الكتب الأربعة، بتوسّط كتب العلّامة، و الفخر، إلّا قليلا من النبويّات الموجودة فيها، مع الإشارة إلي التعارض و الترجيح، و بعض أقوالهما علي طريقة الفقهاء، و ذكر في آخر الكتاب طرقه و أسانيده، و في آخر المجلّد الأوّل منه:
هذا آخر المجلّد الأوّل من كتاب «درر اللآلئ العماديّة في الأحاديث الفقهيّة»، و يتلوه بعون اللّه و حسن توفيقه المجلّد الثاني منه، و به يتمّ الكتاب،
ص: 345
و أوّله: النوع الثاني فيما يتعلّق بالإيقاعات، و قد وقع الفراغ في هذا المجلّد نقلا عن النسخة المبيضة من المسودة، في أوّل ليلة الأحد، التاسع من شهر ربيع الثاني، أحد شهور سنة إحدي و تسعمائة، علي يد مؤلّفه، الفقير الي اللّه العفوّ الغفور، محمد بن علي بن أبي جمهور الأحساوي عفا اللّه عنه، و عن والده، و عن جميع المؤمنين و المؤمنات، إنّه غفور رحيم، و وقع كتابة هذا المجلّد بعد تأليف الكتاب، بولاية أستراباد- حميت من شرّ الأعداء- في فصل الشتاء، في قرية كلبان، و سروكلات- حماهما اللّه من الآفات، و صرف عنهما العاهات و البليّات- و كان تأليف الكتاب بتمامه في ذلك المكان، في أواخر شوّال من شهور سنة تسع و تسعين و ثمانمائة.
و بالجملة: فهو كتاب شريف، محتو علي فوائد طريفة، و نكات شريفة، خال عمّا توهّم في أخيه من الطّعن، فلاحظ و تبصّر.
ثم إنّ اسم الكتاب كما عرفت «درر اللآلئ العماديّة» فما في البحار، و الرياض، و المقابيس (1)، أنّه نثر اللآلئ و هم من الأوّل، و تبعه من بعده، و احتمال التعدّد بعيد غايته.4.
ص: 346
المعروف بابن زينب، و هو خبر واحد مسند عن أمير المؤمنين عليه السلام، في أنواع الآيات و أقسامها، و أمثلة الأقسام، اختصره علم الهدي السيّد المرتضي، وقف عليه صاحب الوسائل فأخرج ما فيه من الأحكام، و لم أجد في الأصل زائدا منه، و لذا قلّ رجوعنا إليه مع أنّ الكتاب في غاية الاعتبار، و صاحبه شيخ من أصحابنا الأبرار.
و لكن يجب التنبيه علي شي ء لا يخلو من غرابة، و هو أنّ العلّامة المجلسي قال في مجلّد القرآن من بحاره: باب ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في أصناف آيات القرآن و أنواعها، و تفسير بعض آياتها برواية النعماني، و هي رسالة مفردة مدوّنة، كثيرة الفوائد، نذكرها من فاتحتها الي خاتمتها: بسم اللّه الرحمن الرحيم. و ساقها الي آخرها.
ثم قال: أقول: وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا: حدّثنا جعفر بن محمد بن قولويه القميّ- رحمه اللّه- قال: حدّثني سعد الأشعري أبو القاسم- رحمه اللّه- و هو مصنّفه: الحمد للّه ذي النعماء و الآلاء، و المجد و العزّ و الكبرياء، و صلّي اللّه علي محمد سيّد الأنبياء، و علي آله البررة الأتقياء، روي مشايخنا، عن أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: انزل القرآن علي سبعة أحرف كلّها شاف كاف، أمر، و زجر، و ترغيب، و ترهيب، و جدل، و قصص، و مثل» و ساق الحديث الي آخره، لكنّه غيّر الترتيب و فرّقه علي الأبواب، و زاد فيما بين ذلك بعض الأخبار، انتهي (1).
و الظاهر أنّ المراد من سعد، هو ابن عبد اللّه الأشعري، الثقة الجليل
ص: 347
المعروف، و عدّ النجاشي من كتبه كتاب «ناسخ القرآن و منسوخه و محكمه و متشابهه» (1) و عليه فيشكل ما في أوّل السند، فإنّ جعفر بن محمد بن قولويه (2) يروي عن سعد بتوسّط أبيه، الذي كان من خيار أصحاب سعد، فيمكن أن يكون قد سقط من السند قوله: عن أبيه، ثمّ لا يخفي أنّ ما في أوّل تفسير الجليل عليّ بن إبراهيم، من أقسام الآيات و أنواعها، هو مختصر هذا الخبر الشريف، فلاحظ و تأمّل.ظ.
ص: 348
قد كتبنا في سالف الزمان، في كتابنا المسمّي «بنفس الرحمن» ما قيل فيه، فنذكره هنا إذ استقصينا فيه الكلام في اختلافهم في مؤلّفه، المردّد بين جماعة:
منهم: الصدوق، كما يظهر من بعض أسانيده، و صرّح به السيّد حسين المفتي الكركي المتقدّم ذكره في «دفع المناواة»، و هو ضعيف لا لما قيل:
إنّه يروي عنه بوسائط، لأنّه كثيرا ما يوجد في أسانيد الكتب القديمة أمثال ذلك من تلامذة المصنّف و رواة الكتب، بل لأنّه نقل فيه عن سديد الدين محمود الحمّصي (1)، الذي هو متأخّر عن الصدوق بطبقات عديدة، و فيه أيضا هكذا:
في أمالي الشيخ أبي جعفر، الي آخره (2)، مضافا الي بعد وضع الكتاب عن طريقة الصدوق في كتبه.
و منهم: الشيخ أبو الحسن علي بن أبي سعد بن أبي الفرج الخيّاط، احتمله المجلسي في البحار، لما قاله الشيخ منتجب الدين في فهرسته: إنّ له كتاب جامع الأخبار (3)، و فيه أنّه قال بعد هذا الكلام: أخبرنا به الوالد، عنه (4). مع أنّ منتجب الدين من تلامذة الحمصي، فلعلّ هذا كتاب آخر.
و صرّح المتبحّر صاحب الرياض أنّ نسخ جامع الأخبار مختلفة، فلاحظ (5).
قلت: و هو كذلك، فإنّ بعضها مبوّبة بأبواب، و لكلّ باب فصول، و بعضها أكبر منها لكنها غير مبوّبة، و إنما قسّمها بالفصول.
و منهم: محمد بن محمد الشعيري، اختاره الفاضل صاحب الرياض،
ص: 349
قال في ترجمة عليّ بن سعد: إن جامع الأخبار لمحمد بن محمد الشعيري، و قد صرّح صاحب الكتاب نفسه في فصل تقليم الأظفار، بأنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد (1).
و قال في ترجمة صاحب مكارم الأخلاق: إنّ نسبة جامع الأخبار إليه- كما سيأتي- إن كان المراد منه النسخ المشهورة فهو سهو ظاهر، لأنّه يقول في بحث تقليم الأظفار- أعني في الفصل الرابع و الستين-:
قال محمد بن محمد- مؤلّف هذا الكتاب-: قال أبي في وصيّته إليّ: قلّم أظفارك، الي آخره (2).
و من الغرائب أنّ بعضهم توهّم من آخر تلك العبارة المنقولة أنّه من مؤلّفات الصدوق، و غفل عن أوّلها، فإنّ اسم الصدوق محمد بن عليّ.
و أغرب منه قول بعضهم: إنّه من مؤلّفات والد هذا الشيخ، أعني الشيخ أبا عليّ الطبرسي (3).
قلت: ليس الكلام المنقول في النسخة الأخري، و الموجود في النسخة الكبيرة، إنّما هو في الفصل الثامن و السبعين.
و قال أيضا في ترجمة عليّ بن أبي سعد، بعد نقل ما في المنتجب، و ما ذكره أستاذه في أوّل البحار: الظاهر أنّ هذا الكتاب غير كتاب جامع الأخبار المشهور:
أمّا أوّلا: فلأنّ في أثناء ذلك الكتاب صرّح نفسه بأنّ مؤلّفه محمد بن محمد.
و أمّا ثانيا: فلما سيجي ء في ترجمة شمس الدين محمد بن محمد بن حيدر الشعيري، أنّه مؤلّف ذلك الكتاب مع الخلاف في ذلك أيضا.8.
ص: 350
و أمّا ثالثا: فلما يظهر من مطاوي ذلك الكتاب أنّه من مؤلّفات المتأخّرين عن الشيخ منتجب الدين و أمثاله، فلاحظ. ثمّ قال: إنّ ما يظهر من كلام الأستاذ الاستناد- أنّه من مؤلّفات محمد بن محمد الشعيري- ليس بصريح، لأنّ أصل العبارة في الكتاب ليس إلّا محمد بن محمد، و هو مشترك، و لا يختصّ بالشعيري (1) و في كلامه تشويش لا يخفي.
و منهم: العالم الجليل جعفر بن محمد الدوريستي، نقله الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي في رسالة الرجعة، عن المجلسي، و عن بعض مشايخه.
و النقل الأوّل غريب لأنّه قال في البحار: و يظهر من بعض مواضع الكتاب أنّ اسم مؤلّفه محمد بن محمد الشعيري، و من بعضها أنّه يروي عن الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي بواسطة، انتهي (2).
و هو كما ذكره، و يظهر ضعف هذه النسبة بما تقدّم، إذ جعفر بن محمد من تلامذة المفيد، و الحمصي متأخّر عنه جدّا.
و منهم: الحسن بن محمد السبزواري، قال الشيخ المتقدّم: قال بعض المشايخ: وقفت علي نسخة صحيحة عتيقة جدّا، في دار السلطنة أصفهان، و فيها تمّ الكتاب علي يد مصنّفه الحسن بن محمد السبزواري.
و منهم: الشيخ المفسّر أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن أبي الفضل الطبرسي، نقله صاحب الرياض عن بعضهم كما عرفت (3)، و استغربه، و هو في محلّه.
و منهم: ولده أبو نصر الحسن- صاحب مكارم الأخلاق- نسبه إليه من غير تردّد الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي، في كتاب «إيقاظ الهجعة في إثبات الرجعة» كما رأيته بخطّه الشريف، مع أنّه كان عنده من الكتب8.
ص: 351
المجهولة، و لذا لم ينقل عنه في الوسائل.
و قال في ترجمته في أمل الآمل: و ينسب إليه أيضا كتاب جامع الأخبار، و ربّما ينسب الي محمد بن محمد الشعيري، لكن بين النسختين تفاوت (1). و لم أقف علي مستنده في الجزم بالنسبة في الإيقاظ.
و قال في البحار: و قد يظنّ كونه تأليف مؤلّف مكارم الأخلاق (2). و ممّن نسبه إليه السيّد الأجلّ بحر العلوم، علي ما وجدته بخطّه الشريف في فهرست كتبه.
قلت: في النسختين في فصل فضائل أمير المؤمنين عليه السلام: حدّثنا الحاكم الرئيس الإمام، مجد الحكّام أبو منصور عليّ بن عبد الواحد الزيادي- أدام اللّه جلاله و جماله، إملاء في داره يوم الأحد، الثاني من شهر اللّه الأعظم رمضان سنة ثمان و خمسمائة- قال: حدّثنا الشيخ الإمام أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الدوريستي- إملاء- أورد القصّة مجتازا في أواخر ذي الحجّة، سنة أربع و سبعين و أربعمائة، الي آخره (3).
و وفاة أمين الإسلام الفضل، والد صاحب المكارم في سنة ثمانية و أربعين، أو اثنتين و خمسين بعد خمسمائة، فصاحب الجامع تلائم طبقته طبقة الوالد لا الولد، إلّا علي تكلّف، مع أنّه ألّفه بعد مضي خمسين من عمره و لم ينقل فيه عن والده شيئا، و مع اتفاق المكارم و حسن ترتيبه بخلافه، فربّما يستبعد من جميع ذلك كونه له.
و الذي يهوّن الخطب قلّة ما فيه من الأخبار المحتاجة إلي النظر في أسانيدها، مع أنّ المعلوم من جميع ما مرّ كونه من مؤلّفات علماء المائة الخامسة، الداخلة في عموم من زكّاهم الشهيد- رحمه اللّه- في درايته (4) و اللّه العالم.3.
ص: 352
للقاضي أبي عبد اللّه محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون المغربي القضاعي، المحدّث المعروف، و المعاصر للشيخ الطوسي رحمه اللّه و أضرابه، المتوفي سنة أربع و خمسين و أربعمائة، و هو مقصور علي الكلمات الوجيزة النبويّة.
قال في أوّله بعد الحمد: فإنّ في الألفاظ النبويّة، و الآداب الشرعيّة جلاء لقلوب العارفين، و شفاء لأدواء الخائفين، لصدورها عن المؤيّد بالعصمة، المخصوص بالبيان و الحكمة، الذي يدعو إلي الهدي، و يبصّر من العمي، و لا ينطق عن الهوي، صلّي اللّه عليه و آله أفضل ما صلّي علي أحد من عباده الذين اصطفي، و قد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعت من حديث رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ألف كلمة من الحكمة، في الوصايا، و الآداب، و المواعظ، و الأمثال، قد سلمت من التكلّف مبانيها، و بعدت عن التعسّف معانيها، و بانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء، و تميّزت بهدي النّبوة عن بلاغة البلغاء، و جعلتها مسرورة يتلو بعضها بعضا، محذوفة الأسانيد، مبوّبة أبوابا علي حسب تقارب الألفاظ، ليقرب تناولها، و يسهل حفظها، ثمّ زدتها مائتي كلمة، و ختمت الكتاب بأدعية مرويّة عنه صلّي اللّه عليه و آله و أفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه، انتهي.
و هذا الكتاب صار مطبوعا شائعا بين الخاصّة و العامّة، و قد شرحه جماعة من علماء الفريقين.
فمن الخاصّة: العالم الجليل السيّد ضياء الدين فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسني الراوندي، سمّاه «ضوء الشهاب في شرح الشهاب» ينقل عنه في البحار كثيرا.
ص: 353
و منهم: أفضل الدين الشيخ حسن بن عليّ بن أحمد الماهابادي، قال منتجب الدين: إنّه علم في الأدب، فقيه، و عدّ من كتبه «شرح الشهاب» (1).
و منهم: برهان الدين أبو الحارث محمد بن أبي الخير عليّ بن أبي سليمان ظفر الحمداني، عدّ في المنتجب من كتبه «شرح الشهاب» (2).
و منهم: قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي، عدّ في المنتجب من كتبه «ضياء الشهاب في شرح الشهاب» (3).
و منهم: الشيخ أبو الفتوح الحسين بن عليّ بن محمد الخزاعي، عدّ في المنتجب من كتبه «روح الأحباب و روح الألباب في شرح الشهاب» (4) و كذا ابن شهرآشوب في معالم العلماء (5). و غير هؤلاء الأعلام ممّا يجده المتتبّع.
و أمّا من العامّة: ففي كشف الظنون: لخّصه الشيخ نجم الدين الغيطي محمد بن أحمد الاسكندري، المتوفّي سنة أربع و ثمانين و تسعمائة، و أصلحه الامام حسن بن محمد الصغاني، و سمّاه «كشف الحجاب عن أحاديث الشهاب» وضع علامة للصحيح، و الضعيف، و المرسل، و رتّبه علي الأبواب كالمشارق، و قد أوصي ابن الأثير في «المثل السائر» بمطالعته للكاتب الفقيه، و له ضوء الشهاب.
و شرحه أبو المظفّر محمد بن أسعد- المعروف بابن الحكيم الحنفي- المتوفّي سنة سبع و ستّين و خمسمائة.
و شرحه الشيخ عبد الرؤوف المناوي شرحا ممزوجا، و سمّاه «رفع النقاب عن كتاب الشهاب» لكنّ الأميني الشامي قال في ترجمته: و رتّب كتاب7.
ص: 354
الشهاب للقضاعي و شرحه، و سمّاه «إمعان الطلّاب بشرح ترتيب الشهاب» و له ترتيب أحاديثه علي ترتيب «جامع الصغير» و رموزه.
و من شروحه «حلّ الشهاب» و شرحه بعضهم أوّله: الحمد للّه الذي جعل سنّة نبيّه مشكاة لاقتباس أنوار الرشد و الهدي، الي آخره.
و شرحه ابن وحشي محمد بن الحسين الموصلي.
و اختصر هذا الشرح الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الوادياشي، المتوفّي سنة سبعين و خمسمائة.
و شرحه الأستاذ أبو القاسم بن إبراهيم الورّاق العابي شرحا بالقول.
و رتّبه السيوطي كترتيب الجامع الصغير له، و سمّاه «إسعاف الطلّاب بترتيب الشهاب» انتهي. و صرّح في أوّل كلامه بشافعيّة القاضي (1).
و قال في البحار: كتاب الشهاب، و إن كان من مؤلّفات المخالفين، لكنّ أكثر فقراته مذكورة في الخطب و الأخبار المرويّة من طرقنا، و لذا اعتمد عليه علماؤنا، و تصدّوا لشرحه.
و قال الشيخ منتجب الدين: السيّد فخر الدين شميلة بن محمد بن هاشم الحسيني، عالم صالح، روي لنا كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد اللّه محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، عنه (2).
هذا و ربّما يستأنس لتشيّعه بأمور:
منها: توغّل الأصحاب علي كتابه، و الاعتناء به، و الاعتماد عليه، و هذا غير معهود منهم بالنسبة إلي كتبهم الدينيّة، كما لا يخفي علي المطّلع بسيرتهم.
و منها: إنّه قال في خطبة الكتاب بعد ذكر النبيّ صلّي اللّه عليه و آله:2.
ص: 355
أذهب اللّه عنهم الرجس، و طهّرهم تطهيرا (1). و لم يعطف عليهم الأزواج و الصحابة، و هذا بعيد عن طريقة مؤلّفي العامّة غايته.
و منها: إنّه ليس في تمام هذا الكتاب من الأخبار الموضوعة في مدح الخلفاء، سيّما الشيخين، و الصحابة، خبر واحد مع كثرتها، و حرصهم في نشرها و درجها في كتبهم بأدني مناسبة، مع أنّه روي فيه قوله صلّي اللّه عليه و آله: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، و من تخلّف عنها غرق» (2).
و منها: إنّ جلّ ما فيه من الأخبار موجود في أصول الأصحاب و مجاميعهم، كما أشار إليه المجلسي أيضا (3)، و ليس في باقيه ما ينكر و يستغرب، و ما وجدنا في كتب العامّة له نظيرا و مشابها.
و بالجملة: فهذا الكتاب في نظري القاصر في غاية الاعتبار، و إن كان مؤلّفه في الظاهر- أو واقعا- غير معدود من الأخيار.
و قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: القاضي أبو عبد اللّه محمد بن سلام القضاعي، عامّي، له «دستور الحكم في مأثور معالم الكلم» و هو مجموع من كلام أمير المؤمنين عليه السلام (4) و فيه أيضا تأييد لما قلنا.
و قال العلّامة في الإجازة الكبيرة لبني زهرة: و من ذلك جميع كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد اللّه محمد بن سلامة القضاعي المغربي، و باقي مصنّفاته و رواياته عنّي، عن والدي- رحمه اللّه- عن السيّد فخار بن معد الموسوي، عن القاضي ابن الميداني، عن القاسم بن الحسين، عن القاضي7.
ص: 356
أبي عبد اللّه المصنف (1).
هذا و لعلّ من يقف علي بعض شروحه التي أشرنا إليها، يجد لاعتباره قرائن خفيت علينا.8.
ص: 357
قال في البحار: كتاب كبير في الزيارات، تأليف محمد بن المشهدي، كما يظهر من تأليفات السيّد ابن طاوس، و اعتمد عليه و مدحه، و سمّيناه بالمزار الكبير، و قال في الفصل الآخر: و المزار الكبير يعلم من كيفيّة إسناده أنّه كتاب معتبر، و قد أخذ منه السيّدان ابنا طاوس كثيرا من الأخبار و الزيارات.
و قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، فقيه، محدّث، ثقة، قرأ علي الإمام محيي الدين الحسين ابن المظفّر الحمداني، [و قال في ترجمة الحمداني:] أخبرنا بكتبه السيّد أبو البركات المشهدي، انتهي (1).
و مراده من ابني طاوس: السيّد رضيّ الدين عليّ في مزاره، و السيّد عبد الكريم في فرحة الغري.
و ما استظهره من أنّه الذي ذكره في المنتجب كأنّه في غير محلّه، فإنّ المذكور في المنتجب هو السيّد ناصح الدين أبو البركات، الذي ينقل عنه أبو نصر الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق بهذا العنوان: من مسموعات السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات المشهدي (2).
و كذا ولده عليّ في كتاب مشكاة الأنوار كثيرا، تارة بهذا العنوان: من مجموع السيّد ناصح الدين أبي البركات، و اخري: من كتاب السيّد ناصح الدين أبي البركات، و ثالثة: من كتاب السيّد الإمام ناصح الدين أبي البركات (3).
ص: 358
و قال القطب الراوندي في الخرائج: أخبرنا السيّد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، عن الشيخ جعفر الدوريستي، عن المفيد (1).
و بالجملة: فهو مذكور في كتب الأصحاب بكنية أبي البركات، و لقبه ناصح الدين، و بالإمامة و السيادة معروف بها لا بعنوان المشهدي، بخلاف صاحب المزار فإنّه معروف به لا غير.
ففي فرحة الغري: و ذكر محمد بن المشهدي في مزاره، أنّ الصادق عليه السلام علّم محمد بن مسلم الثقفي هذه الزيارة- الي أن قال-: و قال ابن المشهدي أيضا ما صورته. الي آخره (2).
و صاحب الرياض ذكر السيّد المذكور تارة بعنوان السيّد ناصح الدين أبو البركات المشهدي، و اخري بعنوان السيّد أبو البركات المشهدي، و حكم باتّحادهما، بل و اتّحادهما مع السيّد أبي البركات العلوي، الذي نقل صاحب تبصرة العوام قصّة مناظرته في الإمامة مع أبي بكر بن إسحاق الكرامي (3)، و مع ذلك لم يحتمل كونه صاحب المزار، و هو من الكتب المعروفة.
و كذا صاحب المنتجب، لم يسند إليه المزار (4)، و لا كتابه الآخر الذي أشار إليه في آخر آداب المدينة من المزار، قال فيه: ثمّ تصلّي في مسجد المباهلة ما استطعت، و تدعو فيه بما تحبّ، و قد ذكرت الدعاء بأسره في كتابي المعروف «ببغية الطالب و إيضاح المناسك لمن هو راغب في الحجّ»، فمن أراده أخذه من هناك ففيه كفاية (5).
و منه يظهر أنّه معدود في زمرة الفقهاء، كما أنّه يظهر من صدر كتابه9.
ص: 359
الاعتماد علي كلّ ما أودعه فيه، و إنّ ما فيه من الزيارات كلّها مأثورة، و إن لم يستند بعضها إليهم عليهم السلام في محلّه.
قال بعد الخطبة: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد، و ما ورد في الترغيب في المساجد المباركات، و الأدعية المختارات، و ما يدعي به عقيب الصلوات، و ما يناجي به القديم تعالي، من لذيذ الدعوات في الخلوات، و ما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات، ممّا اتّصلت به من ثقات الرواة إلي السادات، و حثّني الي ذلك أيضا. إلي آخره (1).
و الذي أعتقده أنّه من مؤلّفات محمد بن جعفر المشهدي، و هو بعينه محمد بن جعفر الحائري، و إن جعل في أمل الآمل له عنوانين، و ظنّه اثنين، قال فيه: الشيخ محمد بن جعفر الحائري فاضل جليل، له كتاب «ما اتّفق من الأخبار في فضل الأئمّة الأطهار، عليهم السلام» - الي أن قال- الشيخ محمد ابن جعفر المشهدي كان فاضلا محدّثا، صدوقا، له كتب، يروي عن شاذان ابن جبرائيل القمّي، انتهي (2).
و الذي يبيّن ما ادّعيناه أنّا عثرنا علي مزار قديم، يظهر من بعض أسانيده أنّه في طبقته، و طبقة الشيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج، و النسخة عتيقة، يظنّ أنّه كتبت في عصر مؤلّفه، و فيه فوائد حسنة جميلة (3)، و يظهر منه غاية).
ص: 360
اعتباره و اعتبار مؤلّفه، و أظنّه القطب الراوندي، لملاءمة الطبقة، و عدّ
ص: 361
الأصحاب من كتبه كتاب المزار، و قد نقل فيه جملة من الأخبار المختصّة سندا و متنا بمزار محمد بن المشهدي، كما يظهر من مزار البحار.
و عبّر عنه في موضع هكذا: حدث أبو عبد اللّه محمد بن جعفر الحائري- رضي اللّه عنه- قال: حدّثني الشيخ الجليل أبو الفتح- المقيم بالجامع- الي آخر ما في مزار المشهدي.
و في موضع: ثم تخرج الي ظاهر الكوفة، و تتياسر الي مسجد جعفي، و هو غربيّ مسجد النجار، فيه منارة لا رأس لها، فتصلّي فيه أربع ركعات، فقد روي أبو عبد اللّه محمد بن جعفر الحائري باتّصال الإسناد الي أبي الحسن عليّ بن ميثم، الي آخر ما في المزار المذكور. و النسبة إلي البلدين غير عزيزة بين الرواة و الأصحاب، كما لا يخفي علي المصطلع الخبير، بل نسبه إليهما الشيخ الجليل حسين بن العالم الأكمل عليّ بن حمّاد، في إجازته لنجم الدين خضر بن نعمان المطارآبادي، قال فيها: و من ذلك ما رواه- يعني والده- عن الشيخ محمد بن جعفر بن عليّ بن جعفر المشهدي الحائري، الي آخره.
و كذلك المحقّق النقّاد صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، قال: و بالإسناد عن الشيخ نجيب الدين محمد- يعني محمد بن جعفر بن نما- عن الشيخ السعيد أبي عبد اللّه محمد بن جعفر المشهدي الحائري، جميع كتبه و رواياته، الي أن قال:
و عن الشيخ أبي عبد اللّه محمد بن جعفر المشهدي، عن الشيخ الزاهد أبي الحسين ورّام، الي آخره.
و عن ابن جعفر، عن الشيخ الفقيه أبي الحسين يحيي بن الحسن بن البطريق، و عدّ مؤلّفاته و قال: و حكي الشيخ نجم الدين بن نما، عن والده،
ص: 362
أنّ الشيخ محمد بن جعفر قرأ هذه الكتب المعدودة، و كتبا اخري من تصانيف أبي الحسين بن البطريق عليه، و أجاز له جميع رواياته و مؤلّفاته.
و بالإسناد أيضا عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن الشيخ المقرئ أبي عبد اللّه محمد بن هارون- المعروف والده بالكال- جميع كتبه و رواياته، ثمّ عدّ كتبه و قال: و عن ابن جعفر، عن الشيخ الفقيه أبي محمد جعفر بن أبي الفضل بن شعرة الجامعاني جميع رواياته.
و عن ابن جعفر أيضا، عن الشيخ الفقيه أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد ابن ردة جميع رواياته.
و عن ابن جعفر، عن الشريف الأجلّ شرفشاه بن محمد بن زيادة، و الشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرائيل، عن الشريف محمد- المعروف بابن الشريف- الجمل البحري (1)، عن البصروي، كتاب المفيد في التكليف له، و كانت رواية ابن جعفر للكتاب، عن السيد شرفشاه و أبي الفضل شاذان، قراءة عليهما في شهر رمضان، سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة. إلي أن قال:
و ذكر الشيخ نجم الدين بن نما في الإجازة المذكورة سابقا، أنّ والده أجاز له أن يروي عنه، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي كتاب «إزاحة العلّة في معرفة القبلة من سائر الأقاليم» تصنيف الشيخ الفقيه أبي الفضل شاذان بن جبرائيل رحمه اللّه عن مصنّفه رضي اللّه عنه. إلي ان قال: و ذكر الشيخ نجم الدين بن نما أنّه يروي المقنعة للمفيد بالإجازة، عن والده، عن محمد ابن جعفر المشهدي.
و حكي عن محمد بن جعفر أنّه قال: إنّه قرأها و لم يبلغ العشرين علي الشيخ المكين أبي منصور محمد بن الحسن بن منصور النقّاش الموصلي، و هوي.
ص: 363
طاعن في السنّ، و أخبره أنّه قرأها في أوّل عمره علي الشريف النقيب المحمّدي بالموصل، و هو يومئذ طاعن في السنّ، و أخبره أنّه قرأها في أوّل عمره علي المصنّف، انتهي (1).
و يظهر منه أنّه- رحمه اللّه- من أعاظم العلماء، واسع الرواية، كثير الفضل، معتمد عليه، كما أنّه يظهر ممّا ذكرنا من خطبة كتابه، أنّ كلّ ما فيه من الدعوات و الزيارات مأثورة عنهم عليهم السلام، و منها أعمال مسجد الكوفة، و الزيارات المختصّة بأبي عبد اللّه عليه السلام في الأيّام المخصوصة و يأتي تتمّة الكلام في ترجمة رضيّ الدين بن طاوس رحمه اللّه، و في مشايخ ابن نما- شيخ المحقّق- شرح مشايخ محمد بن المشهدي، فلاحظ.5.
ص: 364
تأليف الشيخ الأقدم الحسن بن محمد.
قال في الرياض: الشيخ الجليل الحسن بن محمد بن الحسن القميّ، من أكابر قدماء علماء الأصحاب، و من معاصري الصدوق، و يروي عن الشيخ حسين بن عليّ بن بابويه- أخي الصدوق- بل عنه أيضا، فلاحظ.
و له كتاب «تأريخ قم» و قد عوّل عليه الأستاذ- قدّس سرّه- في البحار، و قال: إنّ كتابه معتبر، و ينقل عن كتابه المذكور في مجلّد المزار من البحار، لكن قال: إنّه لم يتيسر لنا أصل الكتاب، و إنّما وصل إلينا ترجمته، و قد أخرجنا بعض أخباره في كتاب السماء و العالم (1)، انتهي.
أقول: و يظهر من رسالة الأمير المنشئ في أحوال بلدة قم، و مفاخرها و مناقبها، أنّ اسم صاحب هذا التأريخ هو الأستاذ أبو علي الحسن بن محمد ابن الحسين الشيباني القمي، فتأمّل.
ثمّ أقول: سيجي ء في باب الميم ترجمة محمد بن الحسن القمّي، و ظنّي أنّه والد هذا الشيخ، فلا تغفل.
و قد يقال: إنّه العمي- بالعين المهملة المفتوحة- فهو غيره.
و اعلم أنّي رأيت نسخة من هذا التاريخ بالفارسيّة في بلدة قم، و هو كتاب كبير جيّد، كثير الفوائد، في مجلّدات، محتو علي عشرين بابا، و يظهر منه أنّ مؤلّفه بالعربيّة إنّما هو الشيخ حسن بن محمد المذكور، و سمّاه كتاب قم، و قد كان في عهد الصاحب بن عبّاد، و ألّف هذا التاريخ له، و قد ذكر في أوّله كثيرا من أحواله و خصاله و فضائله، ثمّ ترجمه الحسن بن عليّ بن الحسن بن عبد الملك (2) القمّي بالفارسيّة، بأمر الخواجه فخر الدين إبراهيم بن الوزير الكبير
ص: 365
الخواجه عماد الدين محمود بن الصاحب الخواجه شمس الدين محمد بن علي الصفّي، في سنة ثمانمائة و خمسة و ستّين.
ثم إنّ لهذا المورّخ الفاضل- أعني مؤلّف الأصل- أخا فاضلا، و هو أبو القاسم عليّ بن محمد بن الحسن الكاتب القمي، كما يظهر من هذا الكتاب أيضا، و أكثر فوائد هذا الكتاب ما يتعلّق بأحوال خراج قم، و بعض أحواله منه، انتهي (1).
قلت: و يظهر من كتاب فضائل السادات، المسمّي بمنهاج الصفوي، تأليف السيّد العالم المتبحّر، الأمير سيّد أحمد الحسيني، سبط المحقّق الكركي، و ابن خالة المحقّق الداماد و صهره علي بنته، صاحب مصقل الصفا في الردّ علي النصاري و غيره، أنّ لهذا الكتاب ترجمة اخري ينقل فيها عنها. كما أنّه يظهر منه أنّ النسخة العربيّة كانت عنده.
و هذا الكتاب مشتمل علي عشرين بابا، و الذي وصل إلينا منه ثمانية أبواب، و يظهر من فهرست أبوابه أنّ فيه فوائد جميلة، خصوصا: الباب الحادي عشر منه، الذي ذكر أنّه يذكر فيه واحدا و مائتين من أخبار قم، و الباب الثاني عشر منه، الذي ذكر أنّه يذكر فيه أسامي علماء قم، و مصنّفاتهم و رواياتهم، و هم مائتان و ستّة و ستّون، الي تأريخ التصنيف الذي كان في سنة ثمان و سبعين و ثلاثمائة، رزقنا اللّه تعالي العثور عليه.
و قد نقل عن أصل الكتاب أيضا العالم الجليل، الآغا محمد علي، ابن الأستاذ الأكبر البهبهاني في حواشي نقد الرجال كما وجدناه بخطّه الشريف.8.
ص: 366
تأليف السيد رضي الدين، محمّد بن الحسين الموسوي، جامع نهج البلاغة، و هو الذي قال في حقّه في أوّل النهج: فإنّي كنت في عنفوان السنّ، و غضاضة الغصن، ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الأئمّة عليهم السلام يشتمل علي محاسن أخبارهم، و جواهر كلامهم، حداني إليه غرض ذكرته في صدر الكتاب، و جعلته أمام الكلام، و فرغت من الخصائص التي تخصّ أمير المؤمنين عليّا عليه السلام، و عاقت عن إتمام بقيّة الكتاب محاجزات الأيّام، و مماطلات الزمان، و كنت قد بوّبت ما خرج من ذلك أبوابا، و فصّلته فصولا، فجاء في آخرها: فصل يتضمّن محاسن ما نقل عنه عليه السلام من الكلام القصير، في المواعظ، و الحكم، و الأمثال، و الآداب. إلي آخره (1).
و الذي ذكره في صدر الكتاب، هو ما قال بعد ذكر ميلة و قصده الي جمعه ما لفظه: الي أن أنهضني الي ذلك اتّفاق اتّفق لي، فاستثار حميّتي، و قوّي نيّتي، و استخرج نشاطي، و قدح زنادي، و ذلك أنّ بعض الرؤساء ممّن غرضه القدح في صفاتي، و الغمز لقناتي، و التغطية علي مناقبي، و الدلالة علي مثلبة إن كانت لي، لقيني و أنا متوجّه عشيّة عرفة، من سنة ثلاث و ثمانين و ثلاثمائة هجرية، إلي مشهد مولانا أبي الحسن موسي بن جعفر، و أبي جعفر محمد بن علي بن موسي عليهما السلام، للتعريف هناك، فسألني عن متوجّهي، فذكرت له إلي أين قصدي.
فقال لي: متي كان ذلك؟! يعني أنّ جمهور الموسويّين جارون علي منهاج واحد في القول بالوقف، و البراءة ممّن قال بالقطع.
و هو عارف بأنّ الإمامة مذهبي، و عليها عقدي و معتقدي، و إنّما أراد التنكيت لي، و الطعن عليّ بديني.
ص: 367
فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه، و استدعاه خطابه، وعدت و قد قوي عزمي علي عمل هذا الكتاب، إعلانا لمذهبي، و كشفا عن مغيّبي، و ردّا علي العدوّ الذي يتطلب عيبي، و يروم ذمّي و قصبي، انتهي (1).
و يروي فيه عن أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري رحمهما اللّه تعالي (2).5.
ص: 368
للسيّد الأجلّ عليّ بن موسي بن جعفر الطاوس، و هو كتاب لطيف بديع.
قال في أوّله: فإنّي وجدت في خاطري يوم الأحد في ذي القعدة، سنة إحدي و خمسين و ستمائة، اعتبرته بميزان الإلهيّة، و وجدان الألطاف الربّانيّة، فوجدته واردا عن تلك المراسم، و عليه أرج أنوار هاتيك المعالم و المواسم، في أن اصنّف كتابا اسميّه «سعد السعود» للنفوس منضود، من كتب وقف علي ابن موسي بن طاوس (1). إلي آخره.
ص: 369
باختصاص مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين.
له أيضا، جلالة قدر مؤلّفه و تثبته أشهر من أن يذكر.
ص: 370
(1) تأليف الشريف الزاهد أبي عبد اللّه محمد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني، ذكر فيه ما يتعلّق بالتعزية و التسلية، و صدّره بحديث وفاة النبي صلّي اللّه عليه و آله، ثمّ بما صنعه و قاله عند موت أولاده صلّي اللّه عليه و آله، و ما عزّي به غيره.
قال في أوّله: أخبرني الشيخ الجليل العفيف أبو العباس أحمد بن الحسين ابن وجه (2) المجاور- قراءة عليه، في داره بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، في شهر اللّه من سنة إحدي و سبعين و خمسمائة- قال:
حدّثنا الشيخ الأجل الأمير أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن شهريار الخازن- بالمشهد المقدّس بالغري، علي ساكنه السلام، في شهر ربيع الأوّل من سنة ست عشرة و خمسمائة- قال: حدّثنا الشريف النقيب أبو الحسين زيد بن الناصر الحسيني- رحمه اللّه، في شوّال من سنة ثلاث و أربعين و أربعمائة (3)، بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام- قال: حدّثنا (الشريف أبو عبد اللّه محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي) (4) عن عليّ بن العباس البجلي، عن محمد بن سهل بن زنجلة الرازي، عن عبد العزيز بن عبد اللّه الاويسي (5)،
ص: 371
عن القاسم بن عبد اللّه بن عمر بن حفص، عن عاصم العمري و علي بن علي اللّهبي، عن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام، عن أبيه الحديث (1).
ثم يقول بعد ذلك: و بالإسناد. الي آخره.
و في آخر هذا الكتاب- و هو من خصائصه- الخبر الشريف المعروف، الذي يذكر فيه بلاد أولاد الحجّة عليه السلام، و أساميهم، و أحوالهم، و قد نقله الأعلام في مؤلفاتهم.
قال السيّد الأجلّ علي بن طاوس في أواخر كتاب جمال الأسبوع:
و وجدت رواية متّصلة الإسناد، بأنّ للمهدي صلوات اللّه عليه أولاد جماعة ولاة، في أطراف بلاد البحر، علي غاية عظيمة من صفات الأبرار (2).
و ذكر مختصره الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي، في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من كتابه الصراط المستقيم (3).
و رواه السيد الجليل عليّ بن عبد الحميد النيلي، في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان.
و رواه السيّد المحدّث الجزائري في الأنوار، عن المولي الفاضل، الملقّب بالرضا علي بن فتح اللّه الكاشاني، قال: روي الشريف الزاهد. إلي آخره.
و في كتاب حديقة الشيعة، ما ملخّص ترجمته في كتاب الأربعين، الذي صنّفه بعض أكابر المصنّفين، و أعاظم المجتهدين: روي العالم العامل، المتّقي الفاضل، محمد بن عليّ العلويّ الحسني، بسند ينتهي إلي أحمد بن محمد الأنباري، و ساق الخبر بطوله (4).5.
ص: 372
و يظهر من جميع ذلك أنّه من العلماء الأعلام، و الأتقياء الكرام، و المؤلّفين العظام، و إن لم أجد له ترجمة في الكتب المعدّة لذلك، و لم أعثر علي باب الميم من الرياض، الذي هو أجمع و أكمل ما صنّف في هذا الباب.
و قال السيّد الأجلّ عبد الكريم بن طاوس، في الباب الثاني من كتاب فرحة الغري: روي أبو عبد اللّه محمد بن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني في كتاب فضل الكوفة، بإسناد رفعه الي عقبة بن علقمة أبي الجنوب (1)، قال: اشتري أمير المؤمنين عليه السلام ما بين الخورنق إلي الحيرة إلي الكوفة،- و في حديث ما بين النجف إلي الحيرة إلي الكوفة-، من الدهاقين بأربعين ألف درهم، و أشهد علي شرائه، قال: فقيل له يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال و ليس تنبت حظّا، قال: «سمعت من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول: كوفان كوفان يرد أوّلها علي آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي».
أقول: هذا الحديث فيه إيناس بما نحن بصدده، و ذلك أنّ ذكره عليه السلام ظهر الكوفة إشارة الي ما خرج عن الخندق، و هي عمارة آهلة الي اليوم، و إنّما اشتري أمير المؤمنين عليه السلام ما خرج عن العمارة الي حيث ذكروا، و الكوفة مصرت سنة سبع عشرة من الهجرة، و نزلها سعد في محرّمها، و أمير المؤمنين عليه السلام دخلها سنة ست و ثلاثين، فدلّ علي أنّه عليه السلام اشتري ما خرج عن الكوفة الممصرّة، فدفنه بملكه أولي، و هو إشارة إلي دفن الناس عنده، و كيف يدفن بالجامع و لا يجوز، أو بالقصر و هو عمارة الملوك؟ و لم يكن داخلا في الشراء لأنّه معمور من قبل (2)، انتهي.
و منه يظهر اعتماده عليه، و اعتناؤه بما رواه، و وثوقه بخبره، و كفاه مادحا9.
ص: 373
و معتمدا.
و قال رضيّ الدين علي بن طاوس في الإقبال، في الفصول المتعلّقة بفضائل يوم الغدير و أعماله: فصل فيما نذكره من آيات رأيتها أنا عند ضريحة الشريف، و ساقها. إلي أن قال:
أقول: و اعرف أنّني دخلت حضرته الشريفة كم مرّة في أمور هائلة لي، و تارة لأولادي، و تارة لأهل ودادي، فبعضها زالت و أنا بحضرته (و بعضها زالت باقي نهار مخاطبته) (1) و بعضها زالت بعد أيام في جواب زيارته، و لو ذكرتها احتاجت الي مجلّد كبير، و قد صنّف أبو عبد اللّه محمد بن عليّ بن الحسن ابن عبد الرحمن الحسني، مصنّفا في ذلك متضمنا للأسانيد و الروايات الي آخره (2).
و يستظهر من كلامه ما استظهرنا من كلام ابن أخيه رضي اللّه تعالي عنهم.
و في الرياض في ترجمة غياث الدين السيّد عبد الكريم بن طاوس:
أقول: قد سبقه في تأليف ما ضمّنه هذا السيّد في كتاب فرحة الغري السيّد أبو عبد اللّه محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الحسني، و ألّف مصنّفا في ذلك، مشتملا علي الأسانيد و الروايات، علي ما حكاه السيد رضيّ الدين عليّ ابن طاوس، عمّ السيّد عبد الكريم هذا، في أواخر كتاب الإقبال في هذا المبحث، كما سنذكره في ترجمة السيّد أبي عبد اللّه المذكور، و العجب أنّه لم يعثر السيّد عبد الكريم هذا عليه، و لم ينقل عنه، انتهي (3).
و لم أعثر علي باب الميم من الرياض، رزقنا اللّه تعالي زيارته.
و يأتي في الفائدة الثالثة في مشايخ محمد بن المشهدي أنّه يروي عنه بواسطتين، و هو يروي عن أبي تمام عبد اللّه بن أحمد بن عبيد الأنصاري9.
ص: 374
المؤدّب.
و يأتي أيضا أنّ عماد الدين أبا القاسم الطبري يروي عنه كثيرا في كتاب بشارة المصطفي بواسطة واحدة، قال في الجزء الثاني منه: أخبرنا الشيخ أبو البركات عمر بن محمد بن حمزة العلوي- بالكوفة في مسجده، في صفر سنة عشر (1) و خمسمائة- و أخبرنا أبو غالب سعيد بن محمد بن أحمد الثقفي الكوفي بها، قال: أخبرنا الشريف أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه محمد بن عبد الرحمن العلوي العلّامة.
الي آخره (2).
و قال غياث الدين عبد الكريم بن طاوس في فرحة الغري: أقول:
و قد ذكر هنا الشريف أبو عبد اللّه محمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين ابن عبد الرحمن الشجري، بالإسناد المتقدم إليه، حدّثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد اللّه الجواليقي لفظا. إلي آخره (3).
و قال في الباب السادس: أخبرني الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز الأخضر- سنة أربع و ستمائة- عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر، قال: أخبرنا محمد بن علي بن ميمون البرسي- و هو المعروف بابي (4) - قال:
أخبرنا الشريف أبو عبد اللّه محمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عبد الرحمن القسري بن القاسم بن محمد البطحائي بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الحسني، قال: أخبرنا جعفر ابن محمد بن عيسي بن علي بن محمد الجعفري، قال: أخبرني أبي- إملاء- قال: أخبرنا جعفر بن مالك، قال: حدّثنا محمد بن الحسين الصائغ، أخبرنا عبد اللّه بن عبيد بن زيد، قال: رأيت جعفر بن محمد عليهما السلامس.
ص: 375
و عبد اللّه بن الحسن بالغري، عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام، فأذّن عبد عبد اللّه، و أقام الصلاة، و صلّي مع جعفر بن محمد عليهما السلام، و سمعت جعفرا عليه السلام يقول: «هذا قبر أمير المؤمنين عليه السلام» انتهي (1).
و في الشجرة الكبيرة: محمد العالم الزاهد بالكوفة، ابن عليّ، بالكوفة يعرف بابن عبد الرحمن، و وصف جدّه الحسين بن عبد الرحمن بالشاعر، و قال:
كنيته أبو عاتقة.5.
ص: 376
تأليف السيّد العالم الفاضل، السيّد هبة اللّه بن أبي محمد الحسن الموسوي.
قال في أمل الآمل: كان عالما، صالحا، عابدا، له كتاب «الرائق (1) من أزهار الحدائق» (2).
و في الرياض: السيّد هبة اللّه بن أبي محمد الحسن الموسوي، الفاضل العالم الكامل، المحدّث الجليل، المعاصر للعلّامة و من في طبقته، صاحب كتاب «المجموع الرائق» المعروف، و هو كتاب لطيف، جامع لأكثر، المطالب، و غلط من نسب هذا الكتاب الي الصدوق، أو الي المفيد.
أمّا أولا: فلأنّه غير مذكور في فهرس مؤلّفاتهما علي ما ذكر في كتب الرجال.
و أمّا ثانيا: فلأنّه يروي في هذا الكتاب عن جماعة من المتأخّرين عنهما و عن كتبهم.
و أمّا ثالثا: فلأنّه يظهر من مطاوي هذا الكتاب أنّه ألّف سنة ثلاث و سبعمائة.
و أمّا رابعا: فلأنّه صرّح نفسه مرارا في أثناء ذلك الكتاب باسمه، علي ما رأيته في طائفة من نسخه.
و بما ذكرناه من تأريخ التأليف يعلم أنّه ألّفه في أواخر عصر العلّامة.
و لعل وجه هذا الظنّ أنّ في أوائل ذلك الكتاب أورد أكثر كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق، بل كلّه، و قد صدّر كلّ مبحث منه بقوله: قال
ص: 377
الشيخ أبو جعفر محمد بن عليّ بن موسي بن بابويه. و كذلك ينقل من كتاب الشيخ المفيد أيضا.
و بالجملة كتابه هذا مجلّدان كبيران، و يشتمل علي الأخبار الغريبة، و الفوائد الكلاميّة، و المسائل الفقهيّة، و الأدعية و الأذكار، و أمثال ذلك من المطالب، و هو محتو علي اثني عشر بابا، كلّ مجلد ستّة أبواب، و هو كتاب معروف و إن لم يورده الأستاذ الاستناد في بحار الأنوار.
قال: ثمّ من مؤلّفاته كتاب «الشرفي» في معجزات النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، و دلائل أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السلام، كما صرّح به نفسه في كتاب «المجموع الرائق» المشار إليه، انتهي (1).
قلت: قد أورد في هذا الكتاب تمام كتاب «الأربعين» لجمال الدين يوسف ابن حاتم الشامي، تلميذ المحقّق- صاحب كتاب «الدّر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم- و «الأربعين» لجمال الدين الحافظ الفاضل أبي الخطّاب عمر الأندلسي، بقراءة المبارك بن موهوب الإربلي، سنة عشر و ستمائة، في مجلس واحد.
و قال في موضع من الكتاب: و ممّا ظفرت به من خطب أمير المؤمنين عليه السلام نقلته من الخزانة المولويّة الرضويّة الطاووسيّة، قدّس اللّه روح جامعها و مؤلّفها، و أمتع اللّه بدوام أيّام المولي الطاهر مالكها، و أعزّ نصره، من كتاب وجدته، عليه مكتوب بخطّ السيّد مولي السعيد رضيّ الدين، مؤلّف هذه الخزانة، و حاوي كتبها ما صورته. إلي آخره (2).
و بالجملة: فالنسبة المذكورة من الأغلاط الواضحة.
و قال في أوّل الكتاب: فإنّي لمّا نظرت في بعض الكتب المسندة عند الفضلاء المعظّمين، و السادة النبلاء المقدّسين، و القادة علماء المصنّفين، آثرت4.
ص: 378
أن أجمع ما صنّفوه، و سبقوا الي جمعه و ألّفوه، و عرفوا صحّته و حقّقوه، و سبروا معانيه و وقفوه و رووه و صنّفوه، من منافع آيات القرآن الكريم، و ما يحترز به من العوذ و الحروز، و الروايات، و ما يستشفي به من طبّ الأئمّة عليهم السلام (1)، الي آخر ما ذكره ممّا يظهر منه تثبّته، و اعتبار ما نقله فيه، و اللّه العالم.ث.
ص: 379
قال في الرياض في باب الكني من القسم الأوّل: الشيخ الإمام أبو العباس المستغفري، هو الإمام الخطيب الحافظ، أبو العباس جعفر بن أبي عليّ محمد بن أبي بكر المعتز بن محمّد بن المستغفر النسفي السمرقندي، صاحب كتاب طبّ النبي صلّي اللّه عليه و آله.
و يلوح من فهرس بحار الأنوار، للأستاذ الاستناد- قدّس سرّه- أنّه من علماء الشيعة، قال- رحمه اللّه- في أول البحار، في طيّ تعداد كتب الإماميّة:
و كتاب طبّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله للشيخ أبي العباس المستغفري، ثم قال: و كتاب طبّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و إن كان أكثر أخباره من طرق المخالفين، لكنّه مشهور متداول بين علمائنا.
و قال نصير الدين الطوسي في كتاب آداب المتعلّمين: و لا بدّ أن يتعلّم شيئا من الطبّ، و يتبرّك بالآثار الواردة في الطبّ، الذي جمعه الشيخ الإمام أبو العباس المستغفري، في كتابه المسمّي بطبّ النّبي صلّي اللّه عليه و آله، انتهي ما في البحار (1) (2).
و أقول: في جعله من علماء الإمامية سهو ظاهر، فإنه من علماء العامة و من الحنفية، كما سيأتي شرح أحواله في القسم الثاني إن شاء اللّه تعالي، و قد أوردنا ترجمة في هذا القسم رعاية لما قاله الأستاذ في البحار.
و يظهر من كتاب دلائل النبوّة للإمام أبي العباس المستغفري نفسه التسنّن، كما حكي من ذلك الكتاب المولي الجامي كثيرا، في كتاب شواهد النبوّة فتأمل (3).
ص: 380
و قال في القسم الثاني بعد ذكر النّسب الي محمد بن المستغفر: الكامل الجليل، المعروف بالشيخ الإمام أبي العباس المستغفري، الحنفي، السمرقندي، النسفي، صاحب تأريخ نسف، و يروي عن جدّه أبي بكر ابن المستغفر، و هما من القدماء. و قد سبق في باب الكني ترجمة الشيخ الإمام أبي العباس المستغفري، صاحب كتاب طبّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، و إنّ الحقّ كونه من علماء العامّة، و له كتاب دلائل النبوّة، فلاحظ.
قلت: لم يذكر شاهدا لتسنّنه إلّا ما ذكره في دلائل النبوّة، و في كونه له تأمّل.
قال المولي كاتب الچلبي في كشف الظنون: دلائل النبوّة للإمام أبي داود كما ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (1)، أو ابن عباس جعفر بن محمد المعروف بالمستغفري، النسفي، الحنفي، المتوفّي سنة اثنين و ثلاثين و أربعمائة، جعل فيه الدلائل- أعني ما كان قبل البعثة- سبعة أبواب، و المعجزات عشرة أبواب (2).
و قال في باب التاء: تاريخ نسف و كش: لأبي العباس جعفر بن محمد المستغفري (3).
و لم يشر الي المذهب، و لعلّه لتردّد فيه.
و علي كلّ حال فالذي دعانا الي النقل منه ما دعا صاحب الرياض من رعاية المحقّق الطوسي، و العلّامة المجلسي، مضافا الي خلوّه عمّا لا مسرح الي التسامح فيه، و مطابقة أكثره لما روي من طرقنا.8.
ص: 381
لشمس الفقهاء محمد بن مكّي الشهيد- قدّس اللّه روحه- و هي ثلاث مجلّدات، مجلّدان منها بخطّ الشيخ الجليل شمس الدين محمد بن عليّ الجباعي، جدّ شيخنا البهائي، فإنّه بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن عليّ بن الحسن بن محمّد بن صالح الجباعي، الحارثي، الهمداني، من ولد الحارث بن عبد اللّه الأعور الهمداني، من خواصّ أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.
و قد وصفه جماعة من العلماء في مقام النقل عنه بكونه صاحب الكرامات.
و نقل في الروضات، عن حدائق المقرّبين: للأمير محمد صالح الخواتون آبادي، عن المولي محمد تقي، عن شيخه الشيخ البهائي، أنّه نقل عن جدّه الشيخ شمس الدين: أنّ في يوم من الأيّام نزل ثلج عظيم بديارنا، و لم يكن في منزل جدّنا ما يقوت به عياله، و كان الأطفال يبكون و يريدون منه الطعام، فقال جدّنا لجدّتنا: سكّتي الأطفال لندعو اللّه كي يطعمهم و إيّانا، فأخذت جدّتنا شيئا من الثلج، و ذهب به الي التنور المحمي، و قال: هذا هو الخبز أطبخه لكم ثمّ أوقد عليه، و جعل الثلج شبه الرغائف يضربها بالتنور (1)، و جدّنا مشغول بالدعاء، فلم يمض ساعة إلّا خرج من التنوّر رغائف متعدّدة، فلمّا رأي جدّنا ذلك شكر اللّه سبحانه، انتهي (2).
و النسخ الشائعة من الصحيفة الكاملة السجادية علي منشئها آلاف سلام و تحيّة تنتهي اليه، و الي خطّه.
ص: 382
قال السيّد المحدّث الجزائري، في شرح صحيفته: و قد بنينا شرحنا هذا علي نسخة شيخنا البهائي- قدّس سرّه- التي هي بخطّ أبيه شمس الدين محمد- صاحب الكرامات و المقامات- و هو قد نقلها من خطّ الشهيد- رحمه اللّه- انتهي.
و صرّح في رياض العلماء: إنّه كان تلميذ ابن فهد (1).
و كلّ ما في هذين المجلدين منقول عن خطّ الشهيد- رحمه اللّه- و المجلّد الآخر بخطّ بعض أحفاده، نقل عن خطّه، و هذه المجلّدات كالبساتين النضرة، و الحدائق الخضرة التي فيها ما تشتهيه الأنفس، و تلذّ الأعين، مشتملة علي رسائل مستقلّة في الأحاديث، و العلوم الأدبية، و الأشعار، و الأخبار المستخرجة من الأصول، و الحكايات و النوادر، و غيرها، خالية عن الهزليّات التي توجد في أمثالها، نعم يوجد فيها بعض اللطائف و الطرائف.
ففي أحد المجاميع (2): بلغ من عناية الصوفيّة بكثرة الأكل أن كان نقشي.
ص: 383
خاتم بعضهم «أُكُلُهٰا دٰائِمٌ» و آخر «آتِنٰا غَدٰاءَنٰا» و آخر «لٰا تُبْقِي وَ لٰا تَذَرُ».
و فسّر بعضهم «الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ»: بالخلال المجيئة بعد الطعام، و الياس منه.
و فسّر بعضهم «بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمٰالًا» فقال: هم الذين يثردون و يأكل غيرهم، و قيل: هم الذين لا سكاك لهم في أيّام البطيخ.
و قال بعضهم: العيش فيما بين الخشبتين، يعني الخوان و الخلال.
و لقّبوا الطّست و الإبريق إذا قدّما قدّام المائدة ببشر و بشير، و بعدها بمنكر و نكير.
و في مجموعة اخري: أبو مغيث (1) الحسين بن منصور الحلّاج الصوفي، كان جماعة يستشفون ببوله، و قيل: إنّه ادّعي الربوبيّة، و وجد له كتاب فيه: إذا صام الإنسان ثلاثة أيّام بلياليها و لم يفطر، و أخذ و ريقات هندباء فأفطر عليه أغناه عن صوم رمضان، و من صلّي في ليلة ركعتين، من أوّل الليل إلي الغداة أغنته عن الصلاة بعد ذلك، و من تصدّق بجميع ما يملك في يوم واحد أغناه عن الحجّ، و إذا أتي قبور الشهداء بمقابر قريش، فأقام فيها عشرة أيّام يصلّي و يدعو، و يصوم و لا يفطر إلّا علي قليل من خبز الشعير و الملح، أغناه ذلك عن العبادة.7.
ص: 384
و في هذه المجموعة «مختصر الجعفريات» و «ذكر الدر» (1) الذي وجد في الكوفة و عليه منقوش البيتان المعروفان، و نظائر أخري له لا مناسبة لنقلها.
و قد ذكر في كثير من المواضع تأريخ كتابته و كتابة الشهيد، و في آخر الأربعين للشيخ منتجب الدين المدرج في أحدها: نجز لإحدي و عشرين مضت من شهر اللّه رجب الأصمّ، سنة إحدي و ستّين و ثمانمائة بكرك نوح عليه السلام، بقلم العبد الفقير محمد بن عليّ بن حسن بن محمد صالح الجبعي اللويزاني، و الحمد للّه حمدا كثيرا مباركا، و صلّي اللّه علي سيّدنا محمد و آله و سلّم، من نسخة بخط الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي، كتبها بالحلّة سنة ستّ و سبعين و سبعمائة، و هو نقل من نسخة بخطّ محمد بن محمد بن عليّ الحمداني القزويني- رحمه اللّه- تاريخها سنة ثلاث عشرة و ستمائة.
قلت: و هو تلميذ المصنّف.
و قد أكثر في البحار من النقل عنها، و عن اخري لم تصل إلينا معبّرا عنه هكذا: وجدت بخطّ الشيخ محمد بن عليّ الجبعي. إلي آخره.
و بالجملة: فاعتبار ما يوجد فيها من الأخبار و غيرها يعرف من اعتبار جامعها، الذي لا يحوم حول جلالة قدره خيال.
قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة: و رأيت بخطّ شيخنا الشهيد الأوّل في بعض مجاميعه حكاية أمور تتعلّق بهذا الشيخ- يعني شمس الدين محفوظ بن وشاح- ثمّ نقل بعض أبيات له بعثها الي المحقق- رحمه اللّه- (2).4.
ص: 385
للشيخ الشهيد أمين الإسلام أبي عليّ الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، العالم المفسّر الجليل، صاحب مجمع البيان، و قد نقل عن هذا الكتاب و نسبه إليه رضيّ الدين عليّ بن طاوس، في جمال الأسبوع (1)، و مهج الدعوات (2)، و أمان الأخطار (3)، و الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنّة المعروفة بالمصباح و حواشيها (4).
ص: 386
له أيضا نسبه إليه الكفعمي في المصباح (1).
قال في الرياض. و قد عثرت منه علي نسخ، و عندنا منه نسخة أيضا (2).
و فيهما من الأدعية الشريفة، و التعقيبات و الصلوات المستحبّة، و الأذكار و الإحراز شي ء كثير.
و في عصر السلطان شاه سلطان حسين الصفوي وجد مجموعة و فيها هذان الكتابان الشريفان، و قد عرضا علي مروّج المذهب، المحقق الثاني الكركي- طاب ثراه- و نظر فيهما، و باشر تصحيحهما، فأمر السلطان أن يترجما بالفارسيّة، فترجمهما السيّد العالم الجليل، الأمير محمد باقر الخواتون آبادي.
و العجب أنّه لم يعرف مؤلّفهما، فقال بعد ذكر المجموعة المشتملة عليهما: إنّ الرسالتين الشريفتين من مؤلّفات محدّثي علماء الإماميّة- رضوان اللّه عليهم- ثم شرح ما أجملناه.
ص: 387
وجدناه في الخزانة الرضوية، فيه أخبار طريفة، يوجد متون أغلبها في الكتب المشهورة، أوّله هكذا:
أخبرنا الشريف الأجلّ، العالم ضياء الدين أبو الفتح محمد بن محمد العلوي الحسيني، المعروف بابن جعفر الحائري- بحلّة في شهر جمادي الآخرة من سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة- قال: حدّثنا الشيخ العالم أبو المكارم ابن كتيلة العلوي- بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، في جمادي الأولي، سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة- قال: حدّثنا إخبارا و إجازة أبو عبد اللّه محمد بن احمد بن شهريار الخازن، قال: حدّثنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن عالان العدل، قال: حدّثنا القاضي أبو عبد اللّه، قال: حدّثنا أبو محمد صالح بن وصيف البكائي، قال: حدّثنا معاذ بن الميسي، قال: حدّثنا سويد بن سعيد، قال حدّثنا مبارك بن محيم، عن عبد العزيز بن صهيب، عن ابن مالك، عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله أنّه قال لأصحابه: «ما من صدقة أفضل من سقي الماء» (1) و قد أخرجنا بعض أخباره شاهدا و مؤيّدا.
ص: 388
للآمدي، ذكرنا ما يتعلّق به و بمؤلّفه في الفائدة الآتية، في شرح مشايخ ابن شهرآشوب، فلاحظ.
و الحمد للّه الذي وفّقنا لإنجاز ما وعدنا في صدر الكتاب، من شرح حال الكتب التي هي مأخذ لكتابنا هذا، و ترجمة مؤلّفيها، و ما قيل فيها أو ينبغي أن يقال، مدحا و تأييدا، و جرحا و تضعيفا، مع رعاية الاحتياط و التثبّت في النقل، و مجانبة الاعتساف في البيان، و هذا باب لم أعثر علي من دخله قبلي، إلّا كلمات معدودة لبعضهم في بعضها، و أنت بعد التأمّل و التدبّر فيما سطرناه تجد- بعون اللّه تعالي- فوائد لا تحصي، و ذلك من فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
ص: 389
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9 ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : 9ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
في ذكر طرقنا إلي أصحاب الكتب المتقدّمة و غيرها، ممّا ألّف و صنّف في الأحاديث و التفسير و الأصولين و الفقه و غيرها، منهم و من غيرهم من سلفنا الصالحين، و العلماء الراشدين، و حملة علوم الحجج الطاهرين عليهم السلام.
و لنذكر قبل الشروع مقدمة، هي:
إنّه قد شاع بين أهل العلم- و يذكر في بعض الإجازات، و صرح به جماعة أوّلهم فيما أعلم الشهيد الثاني (1) - أنّ اتصال السلسلة إلي الأئمّة المعصومين عليهم السلام، و تحمّل الروايات بإحدي الطرق الثمانية (2) - التي أسهلها و أكثرها الإجازة- لمجرّد التبرك و التيمن، و أنه لا حاجة إليه في العمل بالروايات، لتواتر الكتب عن مؤلفيها، أو قيام القرائن القطعية علي صحتها، و ثبوتها، و انتسابها إليهم.
و الظاهر من بعض الأصحاب توقف العمل بها عليه، و ذهب إليه شيخنا الجليل المبرور الحاج المولي علي بن الحاج ميرزا خليل الرازي الطهراني قدّس اللّه روحه.
و قال الشيخ إبراهيم القطيفي في إجازته لشاه محمود الخليفة:
لا يقال: إذا صحّ الكتاب، و تواتر و اشتهر مصنفه، جاز نسبته إليه، فما
ص: 5
فائدة الإجازة؟.
فنقول: الإجازة تفيد كون المجاز له يروي عنه الكتاب، و بين إسناده إليه و روايته عنه فرق، فإن ما شرطه الرواية لا يكفي فيه الإسناد، و من شروط الاجتهاد إسناد الرواية (1).
و قال في إجازته الكبيرة للشيخ شمس الدين محمّد بن تركي:
فلقائل أن يقول: لا فائدة في الإجازة من حيث هي، لأنّ الغالب عدم إجازة كتاب معين مشار إليه بالهاذيّة (2)، بل هو موصوف، و شرط صحة روايته صحته، و كونه مصححا تصحيحا يؤمن معه الغلط، حسب إمكان القوّة البشرية، و يعرف ذلك بأمور: منها مباشرة تصحيحه، و منها نقل تصحيحه، و منها سبرة أكثريا و أغلبيّا مع رؤية آثار الماضين و خطّهم و إجازتهم عليه، و تبليغهم عليه. إلي غير ذلك، ثمّ يثبت أنه من تصانيف الإمامية. و هذا القدر إذا كان حاصلا جازت روايته من غير إجازة، إذ لا يتوقف عاقل أن يسند كتاب القواعد- مثلا- إلي العلامة، و المبسوط إلي الشيخ، فانتفت فائدة الإجازة.
و الجواب: أن إسناد ذلك إلي مصنفه ممّا لا يشك فيه عاقل، و لا يلزم منه أن يكون المسند إليه راويا له عنه، فيقول: رويت عن فلان أنه قال في كتابه كذا.
و شرط الاجتهاد اتصال الرواية، لأن النقل من الكتب من أعمال الصحفيين (3).9.
ص: 6
و أيضا: فلا يجوز لعامل أن يستدل أو يعمل برواية إذا سئل عن إسنادها قال: وجدتها مكتوبة في التهذيب للشيخ، لأن ذلك مع عدم التعرض له من أضعف المراسيل، بل هو من مقطوع الآخر بالنسبة إليه، فهو حينئذ ممّن لم تتصل به الرواية عن أهل البيت عليهم السلام، فلا يجوز له العمل بما لم يرو له.
نعم، لو كان من الأحاديث ما هو متواتر بشرائط التواتر من تساوي الطرفين و الواسطة، جاز العمل به مع معرفته، كما في محكمات الكتاب العزيز، كقول: اللّٰهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ* (1) ألا تري أن ما ليس بمتواتر المعني من الكتاب العزيز لا يجوز العمل به إلّا بعد تصحيح النقل عن أئمّة الهدي عليهم السلام بالرواية الثابتة، فالمتوهم بعد هذا هو الراد علي دين اللّه، العامل بغير سبيل اللّه وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخٰاسِرِينَ (2) (3).
و قال أيضا في إجازة كبيرة أخري فيها فوائد كثيرة: الخامسة:
لا يقال: ما فائدة الإجازة؟ فإن الكتاب تصحّ نسبته إلي قائله و مؤلّفه و كذا الحديث، لأنه مستفيض أو متواتر، و أيضا فالإجازة لا بدّ فيها من معرفة ذلك، و إلّا لم يجز النقل، إذ ليس كلّ مجيز يعيّن الكتب و ينسبها، بل يذكر ما صحّ له أنّه من كتب الإمامية، و نحو هذه العبارة.
لأنا نقول: نسبة الكتاب إلي مؤلفه لا إشكال في جوازها، لكن ليس من أقسام الرواية، و العمل و النقل للمذاهب يتوقف علي الرواية، و أدناها الإجازة، فما لم تحصل لم تكن مرويّة، فلا يصح نقلها و لا العمل بها، كما لو وجد كتابا كتبه2.
ص: 7
آخر، فإنه و إن عرف أنّه كتبه لا يصح أن يرويه عنه، فقد ظهرت الفائدة (1).
و له في إجازة أخري كلام يقرب من ذلك (2).
و في إجازة المحقق الثاني للمولي عبد العلي الأسترآبادي- بعد الخطبة و بعض المقدمات- ما لفظه: و قد استخرت اللّه تعالي، و أجزت له أن يروي جميع ما للرواية فيه مدخل، مما يجوز لي و عني روايته- من معقول و منقول، و فروع و أصول، و فقه و حديث و تفسير- رواية عامة في العلوم الإسلامية، و المصنفات المعتبرة العلميّة، مشترطا عليه رعاية ما يجب رعايته في الإجازة من الأمور المعتبرة عند علماء الحديث، آخذا عليه تحرّي جادة الاحتياط الموصلة إلي سواء الصراط، بأسانيده المعتبرة المتصلة بالمصنّفين و المنتهية إلي النبي و الأئمة المعصومين صلوات اللّه عليهم. إلي آخره (3).
و ظاهر قوله: (ما للرواية فيه مدخل) مدخليّته في الاجتهاد و العمل، و توجد هذه العبارة أو ما يقرب منها في إجازة جملة من الأعلام.
و قال الشهيد الثاني في شرح درايته: و في جواز العمل بالوجادة الموثوق بها قولان للمحدثين و الأصوليين، فنقل عن الشافعي و جماعة من نظّار (4) أصحابه جواز العمل بها، و وجهوه بأنه لو توقف العمل فيها علي الرواية لانسد باب العمل بالمنقول، لتعذّر شرائط الرواية فيها. و حجة المانع واضحة حيث لم يحدث به لفظا و لا معني، و لا خلاف بينهم في منع الرواية بها لما ذكرناه من عدم الإخبار.ح.
ص: 8
و لو اقترنت الوجادة بالإجازة، بأن كان الموجود خطّه حيّا و أجازه، أو أجازه غيره عنه و لو بوسائط، فلا إشكال في جواز الرواية، أو العمل حيث يجوز العمل بالإجازة (1) انتهي.
قلت: فإذا لم يكن العالم راويا، فربّما يشكل دخوله في عموم قوله عليه السلام في التوقيع المبارك: «و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم و أنا حجّة اللّه» (2).
و قوله عليه السلام في مقبولة عمر بن حنظلة: «ينظران إلي من كان منكم ممّن قد روي حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف أحكامنا» (3) إلي آخره.
و قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: «اللّهمّ ارحم خلفائي» - ثلاثا- قيل:
يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون بعدي يروون حديثي» (4).
و قول الصادق عليه السلام: «اعرفوا منازل الناس علي قدر روايتهم عنّا» (5).
و أمثال ذلك، مما هو عمدة أدلة وجوب الرجوع إلي المفتي و القاضي في الأحكام و الخصومات و غيرها.
و قال بعض المعاصرين: المشهور بين العلماء أنه يشترط الإجازة بأحد الطرق الستة أو السبعة في نقل الخبر بقوله، و الظاهر الاحتياج إليها في الكتب غير المتواترة كالكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة رضي اللّه عنهم، و كالكتب المشهورة عند الأئمة الثلاثة، فلا يكون ذكر الطرق إليها حينئذ إلّا لمجرّد التيمّن5.
ص: 9
و التبرك.
مع أنّ في كلام هذا البعض نظر من جهة أنه ظنّ انحصار فائدة الإجازة في تصحيح النسبة، أو محض التيمّن و التبرّك، و هو في حيّز المنع، فإن الظاهر من كلمات القوم و فحاوي الأخبار الواردة في هذا المقام عدم جواز الرواية تعبدا، أو سدّا لثغور الشريعة المطهرة، إلّا بعد حصول الرخصة فيها من المشايخ، بأحد من الوجوه المقررة، كما لا تجوز الفتوي إلّا بعد حصول درجة الاجتهاد، و إن كان ممّا يطابق الواقع، مضافا إلي عدم انطباق لفظ جٰاءَكُمْ المذكور في آية النبإ (1) علي غير ما كان من الخبر منقولا بهذه النسبة، فيبقي العمل بما ألفاه الرجل من غير هذه الطرق تحت أصالة المنع عن العمل بمطلق الظن، انتهي.
و قال الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذن الجزيني في إجازته للشيخ علي ابن عبد العالي الميسي: و بعد، فلمّا كان الواجب علي نوع الإنسان التفقّه في كل زمان، و ذلك بالنسبة إلينا بدون الرواية متعذّر، و كان ممّن وسم بالعلم و الفهم و حصل منه علي أكبر سهم، الشيخ الصالح المحقق زين الدين علي ولد الشيخ الصالح عبد العالي الشهير بابن مفلح الميسي- زيد فضله و كثر في العلماء مثله- قد التمس من العبد إجازة متضمّنة ما أجيز لي من مشايخي قراءة و إجازة، لعلمه بأن الركن الأعظم في الدراية هو الرواية، فاستخرت اللّه و أجزت له. إلي آخره (2).
و غير ذلك مما يوجد في كلماتهم صريحا أو إشارة، و يستظهر منه الاحتياج إلي تحمّل الأحاديث ببعض طرقه في مقام العمل بها، و إن كان في المناقشة في جملة منها مجال
إلّا أن فيما ذكره الجماعة- من أن ذكر الطرق و أخذ الإجازة لمجرد
ص: 10
التبرك و التيمّن- تأمّلا من وجوه:
لعدم وجود نصّ صريح صحيح- أو غيره- يدلّ عليه، بل هو مجرّد حسن عرفي و استحسان عقلي لا يوجب كمالا في النفس و لا مزيّة في العمل، كما يوجبه أدني المستحبات.
و لا يقتضي هذه الدرجة من الاهتمام و المواظبة و الولوع و الرغبة من كافّة الأصحاب في جميع الأعصار، علي اختلاف مشاربهم. و طريقتهم- فقيههم و أصوليّهم، و محدّثهم و أخباريّهم، و حكميهم و صوفيّهم- منذ بني علي تدوين الحديث و جمع الأخبار، و عدم القناعة بطريق واحد، و الإجازة من شيخ واحد، بل بكلّ طريق تمكنوا منه، و من كل شيخ وجدوا السبيل إليه، و لو بالمسافرة إلي البلاد البعيدة و قطع البراري و البحار، و بالمكاتبة و إرسال الرسل، و المفاخرة بالكثرة و العلوّ.
قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح درايته: و ذكر الشيخ جمال الدين السيبي قدّس سره أن السيد فخار الموسوي اجتاز بوالده مسافرا إلي الحج، قال: فاوقفني والدي بين يدي السيد، فحفظت منه أنّه قال لي: يا ولدي أجزت لك ما يجوز لي روايته، ثم قال: و ستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به.
و علي هذا جري السلف و الخلف، و كأنّهم رأوا الطفل أهلا لتحمّل هذا النوع من أنواع حمل الحديث النبوي، ليؤدّي به بعد حصول أهليّته، حرصا علي توسع السبيل إلي بقاء الإسناد الذي اختصّت به هذه الأمة، و تقريبه من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بعلوّ الإسناد (1).
قال (رحمه اللّه): و قد رأيت خطوط جماعة من فضلائنا بالإجازة لأبنائهم عند ولادتهم مع تأريخ ولادتهم، منهم: السيد جمال الدين بن طاوس لولده
ص: 11
غياث الدين، و شيخنا الشهيد استجاز من أكثر مشايخه بالعراق لأولاده الذين ولدوا بالشام قريبا من ولادتهم، و عندي الآن خطوطهم لهم بالإجازة (1).
و من أجال الطرف في أكناف الصحف التي فيها إجازاتهم، لعلّه يتعجب من شدّة اهتمامهم و استكثارهم من المشايخ.
قال المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة للسيد نجم الدين العاملي- و هي أحسن و أتقن و أنفع ما دوّن في هذا الباب-: انّ السيد الأجل العلامة النسابة تاج الدين أبا عبد اللّه محمّد ابن السيد أبي القاسم بن معيّة الديباجي الحسيني، يروي عن جمّ غفير من علمائنا الذين كانوا في عصره، و أسماؤهم مسطورة بخطّه رحمه اللّه في إجازته لشيخنا الشهيد الأول- و هي عندي- فأنا أورد كلامه بعينه، و هذه صورته:
فمن مشايخي الّذين يروي عنّي عنهم:
مولانا الشيخ الرباني السعيد جمال الدين أبو منصور الحسن بن المطّهر قدس اللّه روحه.
و الشيخ السعيد صفيّ الدين محمّد بن سعيد.
و الشيخ السعيد المرحوم نجم الدين أبو القاسم عبد اللّه بن حملان (2).
و السيد الجليل السعيد جمال الدين يوسف بن ناصر بن حمّاد الحسيني.
و السيد الجليل السعيد جلال الدين جعفر بن علي بن صاحب دار الصخر الحسيني.
و شيخي السعيد المرحوم علم الدين المرتضي علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي.ت.
ص: 12
و السيد الجليل السعيد المرحوم رضيّ الدين علي بن السعيد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس الحسني.
و والدي السيد السعيد أبو جعفر القاسم بن الحسين بن معيّة الحسني.
و القاضي السعيد المرحوم تاج الدين أبو علي محمّد بن محفوظ بن وشاح.
و السيد السعيد المرحوم صفيّ الدين محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي.
و السيد السعيد المرحوم صفيّ الدين محمّد بن محمّد بن أبي الحسن الموسوي.
و العدل الأمين المرحوم جلال الدين محمّد بن السعيد (1) المرحوم شمس الدين محمّد بن أحمد بن (2) الكوفي الهاشمي.
و السيد السعيد المرحوم كمال الدين الرضي الحسن بن محمّد الآوي (3) الحسيني.
و الشيخ الأمين زين الدين جعفر بن علي بن يوسف عروة الحلي (4).
و الشيخ السعيد مهذّب الدين محمود بن يحيي بن محمود بن سالم الشيباني الحلي.
و السيد السعيد المرحوم ناصر الدين (5) عبد المطلب بن باد شاه الحسيني الخرزي صاحب التصانيف السائرة.
و الشيخ الزاهد السعيد المرحوم كمال الدين علي بن الحسين بن حمّادي.
ص: 13
الواسطي.
و السيد السعيد المرحوم فخر الدين أحمد بن علي بن عرفة الحسيني (1).
و السيد الإمام السعيد المرحوم مجد الدين أبو الفوارس محمد بن شيخنا السعيد المرحوم فخر الدين علي بن محمّد بن الأعرج الحسيني.
و السيد الإمام السعيد المرحوم ضياء الدين عبد اللّه بن السيد السعيد مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن الأعرج الحسيني.
و الشيخ العالم شمس الدين محمّد بن الغزال المضري الكوفي.
و من مشايخي الذين استفدت منهم. إلي أن قال: درّة الفخر و فريدة الدهر، مولانا الإمام الرباني عميد الملّة و الحقّ و الدين، أبو عبد اللّه عبد المطلب ابن الأعرج أدام اللّه شرفه و خصّ بالصلاة و السلام سلفه.
و منهم الشيخ الإمام العلامة، بقيّة الفضلاء و أنموذج العلماء، فخر الملّة و الحق و الدين، محمّد بن المطهّر حرس اللّه نفسه و أنمي غرسه.
و منهم الشيخ الإمام العلامة أوحدي عصره، نصير الملّة و الحق و الدين، علي بن محمّد بن علي القاشي.
و الشيخ الإمام الفقيه الفاضل علي بن أحمد المزيدي (2).
و ممن صاحبته و استفدت منه، فرويت عنه و روي عني:
السيّد الجليل الفقيه العالم عزّ الدين الحسن بن أبي الفتح بن الدهان الحسيني.
و الشيخ السعيد المرحوم جمال الدين أحمد بن محمّد بن الحدّاد.
و الشيخ العالم الفاضل شمس الدين محمّد بن علي بن غني (3).3.
ص: 14
و الفقيه السعيد المرحوم قوام الدين محمّد بن الفقيه رضيّ الدين علي بن مطهّر.
و ممن رويت عنه من المشايخ أيضا، الفقيه السعيد المرحوم ظهير الدين محمّد بن محمّد بن مطهر (1). انتهي.
و يقرب منه في كثرة المشايخ جماعة كثيرة، كابن شهرآشوب، و الشيخ منتجب الدين، و الشهيد. و أضرابهم.
و في الإجازة المذكورة: إنّ إعطاء الحديث حقّه من الرواية و الدراية أمر مهم لمن أراد التفقّه في الدين، إذ مدار أكثر الأحكام الشرعية عليه، و قد كان للسلف الصالح رضوان اللّه عليهم مزيد اعتناء بشأنه، و شدّة اهتمام بروايته و عرفانه، فقام بوظيفته منهم في كلّ عصر من تلك الأعصار أقوام بذلوا في رعايته جهدهم، و أكثروا في ملاحظته كدّهم و وكدهم، فللّه درّهم إذ عرفوا من قدره ما عرفوا، و صرفوا إليه من وجوه الهمم ما صرفوا، ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا حقّه و جهلوا قدره، فاقتصروا من روايته علي أدني مراتبها، و ألقوا حبل درايته علي غاربها. إلي آخره (2).
و هذا الاهتمام و الاعتناء و تحمّل المشاق، و العتاب علي من قنع بالإجازة دون ما فوقها من المراتب لمجرّد التبرك- كالتبرّك بغسل الأكفان بماء الفرات، و مسّها بالضرائح المقدّسة، و غيرها ممّا لم يرد به نص، و اتخذه بعضهم شعارا من دون أن يتفق عليه عوام الناس فضلا عن العلماء الأعلام- خلاف الإنصاف.
و هذا الاتفاق العملي، و التصريح من البعض، إن لم يوجب القطع بالاحتياج و عدم كونه للتيمّن، فلا أقلّ من الظن في مقام إثبات الحجيّة المخالفة4.
ص: 15
للأصل الكافي فيه الشك فيها فضلا عن الظن بالعدم.
و لقد حدّثني بعض العلماء قال: كنت حاضرا في محفل قطب رحي الفقاهة شيخنا الأعظم الشيخ مرتضي طاب ثراه فسأله الفقيه النبيه الشيخ مهدي النجفي- سبط (1) كاشف الغطاء- و قال ما معناه: إنّه بلغني أنّ جنابك تحتاط في ثلاث تسبيحات كبري في الركوع و السجود، فما وجهه؟ فقال (رحمه اللّه): أنت أدركت أباك الشيخ علي؟ قال: نعم، قال: كيف كان يصلّي؟ قال:
بثلاثة تسبيحات كبري، قال: أدركت عمّك الشيخ موسي؟ قال: نعم، قال:
كيف كان يصلّي؟ قال: بالثلاثة، قال: أدركت عمّك الشيخ حسن؟ قال:
نعم، قال: كيف كان يصلّي؟ فأجابه بمثل ذلك، فقال (رحمه اللّه) يكفي في مقام الاحتياط مواظبة ثلاثة من الفقهاء في العمل.
و ممّا يستغرب من جملة من الأعلام- في هذه الأعصار- أنّهم يحتاطون في كثير من الفروع الجزئية لشبهة ضعيفة، كمخالفة قليل مع عدم ظهور دليل له، بل قيام الدليل المعتبر علي خلافه، و لا يحتاطون في أخذ الإجازة، و الدخول في عنوان الراوي كما دخله كلّ من تقدّم علينا، حتي من صرّح بكونه للتبرّك، لما مرّ و يأتي من الشبهات. مع أنّه في تركه- مع احتمال الاحتياج إليه- يهدم أساس فقهه من الطهارة إلي الديات، اللّهم إلّا أن يقطع بعدم الحاجة، و لا يخلو مدعيه من الاعوجاج و اللجاجة، و يأتي إن شاء اللّه تعالي مزيد توضيح لذلك.
إنّهم كما بنوا علي الاستجازة و الإجازة في كتب الأحاديث و الأخبار المحتمل كونها للتبرّك- من جهة اتصال السند إلي الأئمة الطاهرين عليهم السلام- كذلك بنوا علي الإجازة و الاستجازة في كتب الفتاوي و الاستدلال، و المسائل الأصوليّة و أمثالها، ممّا يحتاجون إلي النقل و النسبة و ترتيب
ص: 16
الآثار عليها، فتراهم في صدر الإجازات أو ذيلها يذكرون: إنّي أجزت لفلان أن يروي عنّي جميع مصنفاتي، و يعدّدونها، و ربّما كان جميعها في الفقه و الأصولين، و كذا مصنفات كثير ممّن تقدم عليهم من ذلك، بل رأينا إجازات جملة من الأساطين مخصوصة بها.
و عندي تبصرة العلّامة بخط الشيخ أبي الفتوح أحمد بن أبي عبد اللّه الآبي- ابن عم صاحب كشف الرموز- و علي ظهرها إجازة المصنف قدس سره له بخطه الشريف، و هذه صورته:
قرأ عليّ هذا الكتاب الشيخ العالم، الفقيه الفاضل، المحقق المدقق، ملك العلماء، قدوة الفضلاء، رئيس المحققين، جمال الملّة و الدين، نجم الإسلام و المسلمين، أبو الفتوح أحمد بن السعيد المرحوم أبي عبد اللّه بلكو بن أبي طالب بن علي الآوي- أدام اللّه توفيقه و تسديده و أجلّ من كلّ عارفة حظّه و مزيده- قراءة مهذّبة تشهد بكماله، و تدلّ علي فضله و تعرب عن جلاله، و قد أجزت له رواية هذا الكتاب عنّي لمن شاء و أحبّ. و كتب العبد الفقير إلي اللّه تعالي حسن بن يوسف بن المطهّر مصنّف الكتاب في شهر رجب من سنة خمس و سبعمائة، حامدا مصليا مستغفرا.
و في آخره و جملة من مواضعه تبليغات بخطّه الشريف.
و عندي مسائل السيد المهنّا المدني عن العلّامة، بخطّ السيد حيدر الآملي، قرأها علي فخر المحققين، و علي ظهرها بخطّه الشريف: هذه المسائل و أجوبتها صحيحة، سأل عنها والدي فأجابه بجميع ما ذكر فيها، و رؤيته (1) أنا علي والدي قدس اللّه سرّه و رويته عنه، و قد أجزت لمولانا السيد الإمام العالم- إلي أن قال بعد الأوصاف و النسب-: أن يروي ذلك عني، عن والدي قدسه.
ص: 17
اللّه سره، و أن يعمل بذلك و يفتي به. و كتب محمّد بن الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي في أواخر ربيع الآخر لسنة إحدي و ستين و سبعمائة، و الحمد للّه تعالي.
و عندي الشرائع بخط العالم الفاضل الشيخ محمّد بن إسماعيل الهرقلي- صاحب القضية المعروفة (1) - و قد قرئ علي جماعة كثيرة من العلماء، و عليه خطوطهم و إجازاتهم، منها ما كتبه العالم الجليل الشيخ يحيي البحراني- تلميذ المحقق الثاني و شارح الجعفرية- قال بعد الحمد: فإن العبد الصالح و المحب الناصح المطيع للّه المانح، محمّد بن صالح، قد قرأ علي العبد الجاني هذا الكتاب و هو شرائع الإسلام- إلي أن قال-: و قد أجزت له روايته عني، عن شيخي و إمامي. و ساق مناقب المحقق الثاني، و السند إلي أوّلهما (2).
و في إجازة الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذّن الجزيني للشيخ علي بن عبد العالي الميسي: و أجزت له الرواية مع العمل بجميع ما تضمّنه كتاب التحرير- من جملة مقروءاتي- و ما عليه من النقل، و ما فيه من الفتاوي الخالية عن النقل- إلي أن قال-: عنّي، عن الشيخ جمال الدين بن الحاج علي، و عن الشيخ عزّ الدين حسن بن الفضل. و كذلك أجزته له ما نقلته عنهما من فتاوي فخر الدين، و فتاوي أبي القاسم نجم الدين بن سعيد، و جميع فتاوي ابن عمّي خاتمة المجتهدين محمّد بن مكي. و كذلك جميع ما في الدروس من الظاهر (3).
و كذلك جميع فتاوي كتاب القواعد للإمام البحر الحسن بن المطهّر.لا
ص: 18
و أجزت له رواية تذكرة الفقهاء عنّي، عن ابن عمي ضياء الدين، عن والده السعيد أبي عبد اللّه محمّد بن مكي، عن شيخه عميد الدين عن المصنّف.
و أجزت له رواية كتاب إرشاد الأذهان- الذي عندي- و ما عليه (1) من الفتاوي..
و أجزت له أن يعمل بجميع ما يجده بخط ابن عمّي الشهيد، أو بخطّي من خطّه، بشرط أن يعلم ذلك، فليرو ذلك و يعمل به، إذا صحّ عنده و تحقّقه، محتاطا في ذلك رواية و عملا. إلي آخره (2).
و يقرب من ذلك ما كتبه العلّامة- علي ظهر القواعد- للقطب الرازي و فيه: و قد أجزت له رواية هذا الكتاب بأجمعه، و رواية جميع مؤلفاتي و رواياتي، و ما أجيز لي روايته، و جميع كتب أصحابنا السالفين (3). إلي آخره.
و في إجازة الشيخ عبد العالي ابن المحقق الكركي لابن أخته المحقق الداماد: و إنّي أجزته أن ينقل ما وصل إليه و ظهر لديه أنّه من أقوالي، و أن يعمل به، و أن يروي مصنّفات والدي المرحوم المغفور عليّ بن عبد العالي، و أن يروي جميع ما لي روايته عن مشايخي الإعلام (4). إلي آخره.
و في إجازة مربّي العلماء المولي عبد اللّه التّستري لولده المولي حسن علي:
و كذلك أجزت له- طوّل اللّه عمره، و أفاض علي العالمين برّه- أن يروي عنّي جميع مؤلفاتي، و أن يفيدها لمن كان أهل ذلك. إلي أن قال: و كتب ذلك بقلمه و قاله بفمه أبوه الشفيق الفقير إلي رحمة اللّه (5)، إلي آخره.0.
ص: 19
إلي غير ذلك، ممّا يوجب نقله الإطناب و الخروج عن وضع الكتاب.
و أنت خبير بأن احتمال التيمّن و التبرّك في رواية الكتب الفقهية و ما ماثلها عن أربابها شطط من الكلام، مع أنّ الإجازة بعد القراءة، التي هي أعلي و أتقن منها، و الإذن في روايتها- كما نقلناه عن العلّامة و غيره- مما ينبئ عن أمر عظيم، و احتياط شديد، في نقل الأقوال و نسبة الآراء إلي أصحاب التصانيف، و عدم القناعة بما يظهر من ألفاظهم الكاشفة عن آرائهم، مع حجّيته عند كافّتهم، بل بعد الإذن الرافع لما ربّما يحتمل في كلامهم و ان كان بعيدا.
و بالجملة فلولا اعتقاد الحاجة أو الاحتياط- و لو لأمر تعبّدي وصل إليهم- لما كان لإجازاتهم في هذا الصنف من الكتب محمل صحيح يليق نسبته إلي مثل آية اللّه العلّامة و أضرابه.
انّهم كما استجازوا رواية الأحاديث و مصنّفات الأصحاب عن مشايخهم طبقة بعد طبقة، كذلك استجازوا عن علماء العامة- من الفقهاء و المحدّثين و أرباب العلوم الأدبية- جميع مؤلفاتهم و مصنّفاتهم التي قد يحتاجون إلي النقل منها، و ذكروا مشايخهم منهم إلي أرباب الكتب- التي نسبتها إليهم معلومة مقطوعة بالتواتر و القرائن القطعية- في أواخر إجازاتهم، فلاحظ:
الإجازة الكبيرة من العلامة لبني زهرة (1).
و الشهيد الثاني للشيخ حسين والد شيخنا البهائي (2).
و صاحب المعالم للسيد نجم الدين العاملي (3).
بل استكثروا من الطرق، و تحملوا أعباء السفر، و ضربوا آباط الإبل في
ص: 20
الوصول إليهم، و ذكروا في ترجمة الشهيد الأول أنه يروي مصنفات العامة عن نحو أربعين شيخا من علمائهم.
و قال هو رحمه اللّه في إجازته لأبي الحسن علي بن الحسن بن محمّد الخازن: و أمّا مصنّفات العامة و مرويّاتهم، فانّي أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة، و المدينة، و دار السلام بغداد، و مصر، و دمشق، و بيت المقدس، و مقام الخليل. (1) إلي آخره.
و قريب منه الشهيد الثاني كما يظهر من رسالة تلميذه ابن العودي (2).
و قال مروّج المذهب المحقق الثاني في آخر إجازته لصفي الدين: و أمّا كتب العامة و مصنفاتهم، فإنّ أصحابنا لم يزالوا يتناقلونها و يروونها، و يبذلون في ذلك جهدهم، و يصرفون في هذا المطلب نفائس أوقاتهم، لغرض صحيح دينيّ، فإنّ فيها من شواهد الحقّ، و ما يكون وسيلة إلي تزييفات الأباطيل، ما لا يحصي كثرة. و الحجّة إذا قام الخصم بتشييدها، عظم موقعها في النفوس، و كانت ادعي إلي إسكات الخصوم و المنكرين للحق، و دفع تعلّلاتهم، و مع ذلك ففي الإحاطة بها فوائد اخري جمّة.
و قد اتفق لي- في الأزمنة السابقة- بذل الجهد و استفراغ الوسع مدّة طويلة في تتبّع مشاهير مصنّفاتهم في الفنون، خصوصا العلوم النقليّة من الفقه و الحديث و ما يتبعه و التفسير، و ما جري مجراها كاللغة و فنون العربية، فثبت لي حقّ الرواية بالقراءة لجملة كثيرة من المصنّفات الجليلة المعتبرة، و كذا ثبت لي حقّ الرواية (بالسماع لجملة أخري، و كذا في المناولة. و امّا الإجازة فقد ثبت ليا.
ص: 21
بها حقّ الرواية) (1) لما لا يكاد يحصي و لا يحصر من مصنّفاتهم في العلوم الإسلامية، إجازة خاصة و عامة من علمائنا رضوان اللّه عليهم، و من علمائهم الّذين عاصرتهم و أدركت زمانهم، فأخذت عنهم، و أكثرت الملازمة لهم، و التردّد إليهم، بدمشق و بيت المقدس- شرّفه اللّه تعالي و عظّمه- و بمصر و مكة- زادها اللّه شرفا و تعظيما- و صرفت في ذلك سنين متعدّدة و أزمنة متطاولة، و جمعت أسانيد ذلك و أثبته في مواضع و كتبت مشيخة شيخنا الجليل أبي يحيي زكريا الأنصاري بمصر. و تتبعت جملة من أسانيد شيخنا الجليل العلّامة كمال الدين أبي عبد اللّه محمّد بن أبي شرف (2) المقدسي فكتبتها، و خطّه مكتوب علي بعضها، و كذا خطّ زكريّا مكتوب علي مواضع من مشيخته التي سبق ذكرها.
فأجزت له- أدام اللّه تعالي رفعته- رواية جميع ذلك بأسانيده، مضافا إلي ما سبق تفصيله و إجماله. انتهي (3).
و لا يخفي أن الغرض من رواية كتبهم، و اتصال السند إلي أربابها:
إمّا التبرك المقطوع عدمه.
أو الحاجة إليه لإثبات الكتاب، و صحّة النسبة إلي من انتسب إليه، و هو كالأول، لكون أكثر ما عدّدوه منها ممّا تواتر عن صاحبه أو نقطع بها لقرائن قطعيّة.
أو للحاجة إليه في مقام النقل، و نسبة القول و الرأي. و هو المطلوب الذي يمكن استظهاره من الرواة و أصحاب المجاميع السالفة أيضا.
توضيح ذلك: انّه لا فرق بيننا و بين الطبقات السابقة في الحاجة إلي9.
ص: 22
الإجازة و عدمها، في صورة عدم تواتر الكتاب عن صاحبه، أو عدم قطعية الصدور و لو بالقرائن، و في صورة التواتر و القطعية، لاتحاد وجه الحاجة و عدمها للجميع.
و نحن بعد السبر و التأمّل في كلمات القدماء، لم نجدهم يفرّقون في مقام الحاجة- إلي الطرق و الأسانيد إلي الكتب المصنّفة- بين ما كان منها قطعي الصدور و عدمه.
و لم نجد لما ذكره بعض المتأخرين من كون ذكر السند في الأول لمحض التبرك في كلامهم عينا و لا أثرا.
و نحن نذكر أولا ما ذكره المتبركون ثم نتبعه بكلام الأقدمين.
قال العالم الجليل السيد جواد- صاحب مفتاح الكرامة- في إجازته للعالم العلّام آغا محمّد علي ابن علّامة عصره آغا باقر المازندراني: الإجازة علي قسمين:
قسم للمحافظة علي اليمن و البركة، و الفوز بفضيلة الشركة في النظم في سلسلة أهل بيت العصمة و خزّان العلم و الحكمة، لأنّ من انتظم فيها فاز بالمرتبة الفاخرة، و فاز بسعادة الدنيا و الآخرة، و هذا هو المعروف المألوف في هذه الأزمان لا غير.
و قسم للمحافظة علي الضبط و قوّة الاعتماد، و الأمن من التحريف و التصحيف و السقط في المتن و الإسناد، و هذا القسم يجري مجري القراءة علي الشيخ و السماع من فلق (1) فيه، و هذا أمر معروف أيضا بين الأقدمين لا شكّ فيه، و لذا تري المجازين يقولون- حيث يستجيزون الكتاب الذي نظره المجيز و عرف صحته و شهد بالاعتماد عليه-: حدثني و أخبرني من دون أن يقولع.
ص: 23
إجازة.
و استوضح ذلك في المفيد، فإنّ علماء الرجال قد صرحوا بأنّ أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، و أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، شيخا إجازة للمفيد، و هو يروي عنهما من دون أن يقول إجازة، فهو:
إمّا أن يكون قد سمع عنهما، و عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه- لأنّه شيخه أيضا- جميع كتب أصحابنا مشافهين له بالخطاب، و الّا لما صحّ له أن يقول: أخبرني و حدثني، أو: عن أحمد، مثلا. و من البعيد جدا أن يكون هؤلاء الثلاثة قرءوا عليه مخاطبين له كتاب الكافي، و كتب الحسين بن سعيد، و كتب محمد بن علي بن محبوب، و كتب محمد بن أحمد بن يحيي العطار (1)، و أحمد بن إدريس، و هلمّ جرّا فصاعدا.
و إمّا أن يكون قد قرأ عليه أو علي بعضهم بعض هذه، فيجب عليه حينئذ أن يقول: قراءة عليه.
ثم إنه من البعيد أيضا أن يكون قد قرأ عليهم جميع هذه الكتب.
سلّمنا، لكن لأي شي ء قيل: إنّ الأحمدين شيخا إجازة له؟ فهلّا قيل:
شيخا إجازة و قراءة و سماع؟! و أمّا شيخه الرابع و هو محمّد بن بابويه فلا ريب أنّه لم يقرأ عليه، و لم يسمع منه، اللّهمّ إلّا أن يكون يوم استجاز منه قرأ من أول كل كتاب أجازه حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا، كما ورد في الخبر.
فالمفيد في روايته عن هؤلاء الثلاثة، و الشيخ في روايته عن مشايخه الخمسة- و هم المفيد، و أحمد بن عبدون، و الحسين بن عبيد اللّه الغضائري،ي.
ص: 24
و علي بن أحمد بن أبي جيد، و علم الهدي- إمّا أن يكونا قد سمعا جميع الكتب التي رويا عنها عن جميع مشايخهم الأربعة و الخمسة، و هذا يكاد يكون مستحيلا، مع خلوه في الواقع عن فائدة يعتدّ بها.
أو يكونا قرءاها أو بعضها عليهم، فيكونان- مع بعده أيضا- مدلّسين و العياذ باللّه عزّ و جلّ و إلّا لقالا: أخبرني قراءة، أو عن فلان قراءة.
أو يكونا استجازاها، فيكونان أيضا مدلّسين- لا سيّما المفيد بالنسبة إلي الأحمدين- و إلّا لقالا يوما: عنه إجازة، أو: أخبرني إجازة.
فتعين انّهما قرءا بعضا و سمعا بعضا، و أجيز لهما ما قرء أو سمعاه، و ما لم يقرآه و لم يسمعاه، بمعني أنّ مشايخهم عمدوا إلي كتاب معروف مقروء و مصحح، و أجازوا لهما روايته بمعني أنّهم ضمنوا لهما صحّته، و أباحوا لهما روايته عنهم، كما أنّ المتأخرين جرت عادتهم بأن يقولوا قرأ عليّ المبسوط- مثلا- قراءة مهذبة، و أجزت له أن يروي عني، بمعني أنّي ضمنت له صحة الكتاب الذي قرأه عليّ، و أبحت له روايته.
فهذه الإجازة بهذا المعني تجري مجري السماع و القراءة، بل ربّما قيل بأنّها أقوي منهما.
و قد نبّه علي ذلك الأستاذ رضي اللّه تعالي عنه في عدّة مواضع من تعليقه علي الرجال، قال في ترجمة العبيدي: إنّ أهل الدراية غير متفقين علي المنع من الرواية إجازة من دون ذكر هذه اللفظة (1). إلي آخره.
و كانت عادتهم في الإجازة بهذا المعني، كعادتنا اليوم في الوجادة، نقول:
قال الشيخ في المبسوط.3.
ص: 25
و ما في التهذيب (1) و المعالم (2) و غيرهما من أنّ الأعلي السماع ثم القراءة ثم الإجازة. إلي آخره، فمبنيّ علي مذهب بعض أهل الدراية، و لعلّه لتعدد نسخ الكتاب الواحد، و عدم الاعتناء بضبطه، أو عدم الاعتداد به، لمكان تقاصر الهمم باعتبار كبر الكتب و تعدّدها، أو لأمور أخر.
و من لحظ ما قرّرناه، و لحظ كلام المعالم في تعريفه الإجازة، ظهر له أنّ كلامه غيره محرّر.
و امّا محمّد بن الحسن بن الوليد فإنّه يعتبر في الإجازة القراءة أو السماع، و أن يكون السامع فاهما لما يرويه.
و ممّا ذكر أيضا يسهل معرفة مشايخ الإجازة، و لقد أعيت معرفتهم علي ناس كثيرين، حتي أنّ شيخنا و مولانا ميرزا أبو القاسم (3) صنّف في ذلك رسالة ما زاد فيها علي أنهم يعرفون بنصّ علماء الرجال، ثمّ إنّه سرد من ظفر أنّهم نصّوا عليه بذلك، و لم يعين الوجه في النّص علي هذا دون هذا، مع أنهما معا في وسط السند مثلا أو في أوّله.
و قد بيّنا فيما كتبناه في شرح طهارة الوافي- من تقرير الأستاذ الشريف رضي اللّه تعالي عنه- و غيره، أنّ لنا إلي معرفتهم طرقا أربعة.
و كيف كان فاحتفال رواتنا و علمائنا بالاستجازة أشهر من أن يذكر.
هذا شيخ القميين و فقيههم و رئيسهم، و الذي يلقي السلطان غير مدافع، أحمد بن محمّد بن عيسي، بل هو شيخ أعيان الفرقة: كسعد، و محمّد ابن علي بن محبوب، و أحمد بن إدريس، و العطّار، و صاحب النوادر. و غيرهم5.
ص: 26
من المشايخ الكبار، شدّ الرحال من قم- علي عظمته عند سلطان وقته و عدم أمنه منه- إلي الكوفة، فأتي الحسن بن علي ابن بنت إلياس الوشاء البغدادي، ليجيزه كتاب أبان بن عثمان الأحمر، و كتاب العلاء بن رزين القلاء، فلمّا أخرجهما له، قال له: أحبّ أن تجيزهما لي، فقال: ما عجلتك؟ اذهب فاكتبهما، و اسمع من بعد، فقال له: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد عليهما السلام.
و هذا شيخنا المفيد استجاز من الصدوق لما أتي بغداد و هو أعلم و أفضل منه، قال في الردّ عليه في بعض رسائله: من وفّق لرشده لا يتعرّض لما لا يحسنه.
و هذا شيخ علم الهدي أبو غالب الزراري كتب إجازة لابن ابنه و هو في المهد في رسالة طويلة و حكاية لطيفة (1). انتهي (2).
و قال في شرحه علي الوافي (3) - الذي هو تقريرات بحث أستاذه العلّامة الطباطبائي-: و ليعلم أنّ الإجازة علي أقسام:
إجازة الشيخ مقروّاته و مجازاته و مسموعاته لكل أحد.
و إجازته لواحد مخصوص.
و إجازة المخصوص منها لكلّ أحد.
و إجازة المخصوص منها المعيّن لشخص معيّن، و هذا لا بدّ فيه من توثيقة.
ص: 27
المجيز، لأنّه يكون ضامنا لصحّة ذلك الكتاب، و أمنه من الغلط و التحريف، و ذلك يستلزم الوثاقة، و لذلك أتي ابن عيسي من قم ليستجيز من الوشاء كتابي أبان و العلاء.
و هذه الإجازة تجري مجري القراءة علي الشيخ، أو قراءة الشيخ عليه، بل ربما كانت أشدّ ضبطا، و عليه كان القدماء يعمد الشيخ منهم إلي كتاب مصحح مقروء مسموع له عن الشيوخ، و يجيز روايته لطالب الإجازة، و يأخذ [ه] المجاز له إلي الشيخ الآخر فينظره و يجيز روايته (1)، و هكذا.
هذا شيخ الطائفة له إلي الكليني طرق متعددة، و من المعلوم أنه لم يقرأ الكافي عليه جميع أولئك المشايخ، و لا قرأ هو عليهم، و إنّما كان يقرأ بعضه علي بعض أو كلّه، أو لا يقرأ منه عليه شي ء- كما قدمنا- و يأتي به إلي الآخر فيعرضه عليه فيجيزه، بل كان الغالب منهم- كما في الأخبار- أن المستجيز يأتي إلي كتاب قد ضمن المجيز صحّته فيقرأ من أوّله حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا، و يجيزه له، فله أن يقول: أخبرني و حدثني، و هذه طريقة معروفة، و إلّا فالمفيد دائما يقول: أخبرني أبو القاسم جعفر، أو أحمد بن الوليد أو أحمد بن العطار، و قد قالوا: إنّ الأخيرين شيخا إجازة، فإمّا أن يكون المفيد قرأ عليهما جميع الكتب، أو قرءاها عليه- و هو بعيد جدّا- أو يكونا عمدا إلي الكتب المقروءة المصحّحة و أجازاه ذلك، هذا هو الظاهر.
فالرواية بلفظ (أخبرني) معروفة مألوفة علي النحو المذكور- و لا تصغ إلي ما في المعالم (2)، و ما في ترجمة محمد بن عيسي العبيدي (3) - و هذا ممّا لا يكادد.
ص: 28
و ليس لك بعد ذلك أن تقول: إنّ الأصل الرواية بالسماع من الشيخ، لما عرفت، و لأنّه ينقض عليك بالقراءة، فإنّه لم يجزه (1) قطعا مع أنّه مألوف معروف قال الأستاذ في حاشيته علي كتاب الميرزا: إنّ القدماء كانوا لا يروون إلّا بالإجازة أو القراءة و أمثالهما، و يلاحظون غالبا حتي في كتب الحسين بن سعيد. و أطال في بيان ذلك.
و قد جرت عادة السلف أيضا أن الشيخ أيضا بعد القراءة عليه يجيزه رواية ما قرأه عليه يمنا و بركة، أو زيادة وثوق بالأمن من التحريف، و الإجازة بالمعني الأول ليست إلّا لليمن و البركة- كما هو الشأن في إجازاتنا اليوم غالبا- و أمّا حيث يجيزه رواية الكتاب المخصوص فلا بدّ من أن يكون الشيخ ثقة و لو كان الكتاب متواترا، فلا تلتفت إلي ما في المعالم (2) أيضا من أنّه لا أثر لها إلّا في غير المتواتر (3). انتهي.
و في المعالم: فاعلم أنّ أثر الإجازة بالنسبة إلي العمل إنّما يظهر حيث لا يكون متعلّقها معلوما بالتواتر و نحوه، ككتب أخبارنا الأربعة، فإنّها متواترة إجمالا، و العلم بصحّة مضامينها تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال، و لا مدخل للإجازة فيه غالبا، و إنّما فائدتها حينئذ بقاء اتصال سلسلة الإسناد بالنبي و الأئمة صلوات اللّه عليهم، و ذلك أمر مرغوب إليه للتيمّن، كما لا يخفي. علي أنّ الوجه في الاستغناء عن الإجازة ربّما أتي في غيرها من باقي وجوه الرواية،ط.
ص: 29
غير أن رعاية التصحيح، و الأمن من حدوث التصحيف- و شبهه من أنواع الخلل- يزيد في وجه الحاجة إلي السماع و نحوه (1).
إلي غير ذلك من الكلمات التي تشبه بعضها الأخري في انحصار فائدة الإجازة- في أمثال الكتب الأربعة- بالنسبة إلينا في التيمّن، إلّا أن يكون متعلّقها كتابا خاصّا فتفيد الضمان، و تعهّد صحّته و حفظه من الغلط و التصحيف.
و نحن بعد المراجعة في كلمات الأقدمين لم نجد لهم شاهدا في تلك الدعوي، بل وجدناهم يظهرون الاحتياج إليها مطلقا، تواتر الكتاب عن صاحبه أم لا، علم بالنسبة- من جهة القرائن- أم لا.
قال شيخ الطائفة في أول مشيخة التهذيب: و اقتصرنا من إيراد الخبر علي الابتداء بذكر المصنف الذي أخذنا الخبر من كتابه، أو صاحب الأصل الذي أخذنا الحديث من أصله، و استوفينا غاية جهدنا. إلي أن قال: فحيث وفّق اللّه تعالي للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطريق التي يتوصّل بها إلي رواية هذه الأصول و المصنّفات، و نذكرها علي غاية ما يمكن من الاختصار، لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل، و تلحق بباب المسندات.
فما ذكرته في هذا الكتاب عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه اللّه فقد أخبرنا [به] (2) الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه اللّه عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه اللّه عن محمّد بن يعقوب.
و أخبرنا به أيضا الحسين بن عبيد اللّه، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري، و أبي محمّد هارون بن موسي التّلعكبري، و أبي القاسم جعفر بنر.
ص: 30
محمّد بن قولويه، و أبي عبد اللّه أحمد بن أبي رافع الصيمري، و أبي المفضّل الشيباني، و غيرهم، كلّهم عن محمّد بن يعقوب الكليني.
و أخبرنا به أيضا أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أحمد بن أبي رافع، و أبي الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزّاز- بتنيس (1) و بغداد- عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، جميع مصنّفاته و أحاديثه سماعا و إجازة، ببغداد بباب الكوفة بدرب السلسلة سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة.
و ما ذكرته عن علي بن إبراهيم بن هاشم (2). و ساق الطرق إلي المصنّفين- الّذين كثير منهم كأبي جعفر الكليني في الجلالة، و قطعيّة نسبة كتبهم إليهم بالتواتر و غيره كنسبة الكافي إلي مؤلّفه- كالصدوق، و جعفر بن قولويه، و الصفار، و أحمد بن محمّد بن عيسي، و البرقي، و الحسين بن سعيد، و غيرهم.
كل ذلك عند الشيخ الذي أخرج الأحاديث من مصنّفاتهم، فلو لا الحاجة لما اعتذر لذكر الطرق بقوله: لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل (3).
و لو كان للتيمّن لكان ذكرها في هذا الكتاب غير مناسب، و لما استكثر الطرق إلي مثل الكافي الذي هو في وضوح النسبة كالشمس في رابعة النهار، و أبعد منه احتمال كونه للتعهد من احتمال الخلل، و ضمان الصحّة و الأمن من التحريف، فإنّه بعد التسليم إنّما هو في كتاب مخصوص لمعيّن أو لمن ينقل عنه.5.
ص: 31
و الظاهر أنّ المشيخة المذكورة لم توضع لذكر الطرق إلي كتب مخصوصة معيّنة للجماعة المذكورين فيها، بل ليس فيها إجازة و إذن لأحد كي يحتمل فيها التعهّد و الضمان، و إنّما وضعها لبيان حال نفسه، و أنّه لم يذكر في كتابه المراسيل من الأخبار- التي هو مرسلها- بل ما أودع فيه إلّا المسانيد، فلو جاز عنده العمل بما في الكافي من الأحاديث من دون اتصاله بمؤلّفه- بما ذكره من الطرق- لما كان فرق بين المسند منها و المرسل في الحجيّة، فيتجه التعليل بمجرّد التسمية أو إظهار الفضيلة، و ساحة مؤلفه بريئة عن قذارة هذه النسبة.
و قال رحمه اللّه في مشيخة الاستبصار: و كنت سلكت في أوّل الكتاب إيراد الأحاديث بأسانيدها، و علي ذلك اعتمدت في الجزء الأول و الثاني، ثم اختصرت في الجزء الثالث، و عوّلت علي الابتداء بذكر الراوي الذي أخذت الحديث من كتابه أو أصله، علي أن أورد عند الفراغ من الكتاب جملة من الأسانيد يتوصل بها إلي هذه الكتب و الأصول، حسبما عملته في كتاب تهذيب الأحكام (1). إلي أن ساق الطرق كما في مشيخة التهذيب، و ابتدأ بالكافي كما فيها.
فقوله: يتوصّل بها إلي هذه الكتب، إن كان الغرض تصحيح النسبة- كما لو كان الكتاب غير معلوم الانتساب إلي مؤلّفه- فيذكر الطريق ليتبيّن صدوره من مؤلفه، و يظهر جواز الاعتماد عليه، و لهذا يشترطون وثاقة كلّ من فيها، و إن كانوا مشايخ الإجازة، و إن لم يشترطوها فيهم في غير المقام، فهذا غير محتمل في أغلب الكتب المذكورة كالكافي، و المحاسن، و كتب الصدوق، و أمثالهم.
و إن كان المقصود التوصل بها إلي رواية هذه الكتب- أي يجوز لكلّ من5.
ص: 32
يروي عن الشيخ و له منه إجازة عامّة أن يروي هذه الكتب- بهذه الطرق متيمّنا متبركا، فهو مع بعده عن كلامه غير مناسب لذكره في هذا المقام، و إنّما يناسب ذكره في الفهارست، و ما يكتبونه من الإجازات، دون هذا الكتاب العلمي الفرعي الذي لا يليق أن يذكر فيه إلّا ما كان من مقدمات ثبوت الحكم و كيفية العمل، فلا بد أن يكون الغرض التوصل إلي روايتها المحتاجة إليها في مقام العمل بما فيها.
و السيد المحقق الكاظمي رحمه اللّه مع أنّه ممّن يري التّبرك في الإجازات المعهودة، صرّح في عدّته بأن هذه الكتب التي أخرج منها الشيخ أخبار الكتابين نسبتها إليه كنسبة الكتابين و أمثالهما إلينا.
قال رحمه اللّه بعد كلام طويل فيما علّقه الصدوق و الشيخ في الكتب الثلاثة، ما لفظه: و علي هذا فضعف الطريق إلي تلك الأصول و الكتب و جهالته غير مضرّ، لأنّ تلك الكتب- و لا سيّما الأصول- كانت في تلك الأيام معروفة مشهورة، و كيف لا تكون كذلك و فيها مدارستهم و عليها معوّلهم؟! إلّا أن يشذّ شي ء، و من هنا قال الشيخ في أوائل كتاب الصوم من التهذيب: إنّ عدم وجدان الحديث في الأصول المصنفة يوجب الحكم بضعفه (1)، و هل هي فيهم إلّا كالجوامع الأربعة العظام بالنسبة إلينا؟! أ لا تري أنّ استمرار طريقة الأصحاب في هذه الجوامع الأربعة علي الرواية و الاستجازة لا يقضي (2) بها إلي الجهالة بدونها؟ كلّا، بل هي متواترة إلي أربابها، و إنّما تؤخذ بالإسناد للتيمّن باتصال السلسلة، و الجري علي طريقة السلف الصالح.
و ما كانت الفاصلة بينهم و بين أرباب تلك الكتب كالفاصلة بيننا و بين المشايخ الثلاثة، بل أكثرها تعلم نسبته بالقرائن لشدة القرب، و لا تحتاجي.
ص: 33
إلي دعوي الشهرة (1) كأصول أصحاب الصادق عليه السلام و نحوها (2)، لاستمرار طريقة القدماء المعاصرين للأئمة عليهم السلام علي مدارستها، و العمل بما فيها، و المحافظة عليها (3). انتهي.
و لقد أجاد فيما أفاد في الحكم بالاتحاد، إلّا أنّ كون الأخذ بالإسناد للتيمّن يوجب كون ذكر أغلب أسانيد الكتب الثلاثة لغوا، إذ التيمّن لا يقتضي هذه الدرجة من الولوع و الحرص في ذكر الطرق، بل الشيخ لم يقنع بما ذكره في المشيختين حتي أحال الباقي إلي محالّه.
قال: فقد أوردت جملا من الطرق إلي هذه المصنّفات و الأصول، و لتفصيل ذلك شرح يطول هو مذكور في الفهارست للشيوخ، فمن أراده وقف عليه هناك إن شاء اللّه تعالي (4).
و أبعد من الكتب الثلاثة في الحمل المذكور رابعها، فانظر إلي ما فعله ثقة الإسلام في الكافي، فإنّه مع تقدّمه علي الصدوق و الشيخ، و قرب عهده إلي أرباب الأصول و المصنّفات، المقتضي للوقوف علي أكثر ممّا وقفا عليه من أسباب قطعية صدورها من مؤلفيها، مع معلومية أنه أيضا أخرج ما جمع فيه من تلك الأصول و المصنفات، و بنائه علي الإيجاز و الاقتصار علي ذكر ما صحّ عنده منها، و اختاره من بين الأخبار المختلفة، من باب التسليم المأمور به بعد إعمال المرجحات المنصوصة التي صرّح- رحمه اللّه- بعدم التمكن من الوصول إليها، و مع ذلك لم يذكر متنا إلّا مع تمام طريقه إلي صاحب الأصل و الكتاب، و منه إلي حامل المتن، إلّا في موارد قليلة. فلولا مسيس الحاجة لكان الأليق بحاله و جلالة مثله- ممّن لا يريد في التأليف إظهار الفضل، و الإكثار من8.
ص: 34
التصنيف- أن يقنع في النقل بقوله: فلان في أصله، أو في كتابه، أو ما يقرب منه، خصوصا في الكتب التي كانت في عصره أشهر من أن تحتاج في مقام النسبة إلي السند.
و بالجملة فاعتقاد كون جلّ أسانيد الكافي غير مفيد إلّا التيمّن، الذي لم نجد له أصلا يوجب التمسك به كما هو نتيجة ما حقّقه هو و غيره، ممّا يأباه الذوق السليم، و احتمال كون ذكره للاحتياج إليه في مثل أعصارنا- التي خفي علينا فيها ما كان عندهم من القرائن- بعيد في حقّه، و إنّما هو آت في كلام من هو عالم بما يحدث بعده من الفتن.
و ممّا يؤيّد ما ذكرنا قصّة ابن عيسي مع الوشاء، التي أشار إليها شارح الوافي كما تقدّم (1) و استشهد بها لمقصوده، و هي علي خلافه أدلّ.
قال النجاشي في رجاله: أخبرني ابن شاذان، قال: حدثنا أحمد بن محمّد ابن يحيي، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، قال: خرجت إلي الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشاء، فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلّاء و أبان بن عثمان الأحمر، فأخرجهما إليّ، فقلت له: أحبّ أن تجيزهما لي، فقال لي: يرحمك اللّه و ما عجلتك؟! اذهب فاكتبهما و اسمع من بعد، فقلت: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول:
حدثني جعفر بن محمّد عليهما السلام (2).
و أنت خبير بأنّ هذه الحكاية ظاهرة بل صريحة في أنّ ابن عيسي كان عالما بالنسبة إلّا أنّه لم يجدهما (3) و أنّه لمّا أتي بهما الوشاء لم يقنع بالعثور عليهما بل طلبا.
ص: 35
منه الاذن في روايتهما، و ظاهره الاحتياج إليها لا لمجرد التّبرك، و لا لضمان صحّة الكتابين و أمنهما من التحريف و الغلط، لعدم وجود ما يدلّ عليه في الحكاية، و عدم ملاءمته لقوله: و ما عجلتك؟ و قوله: و اسمع من بعد. فإنّه كالصريح في أنّ غرضه تحمّل روايتهما، لا الاعتماد بصحة متنهما.
و مما يؤيّد ما ذكرنا ما ذكره الصدوق في أول الفقيه، قال: و جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعوّل و إليها المرجع، مثل: كتاب حريز ابن عبد اللّه السجستاني، و كتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي، و كتب علي بن مهزيار الأهوازي، و كتب الحسين بن سعيد، و نوادر أحمد بن محمّد بن عيسي، و كتاب نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري (1)، و كتاب الرحمة لسعد بن عبد اللّه، و جامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد، و نوادر محمّد بن أبي عمير، و كتاب المحاسن لأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، و رسالة أبي رضي اللّه عنه إليّ، و غيرها من الأصول و المصنّفات، التي طرقي إليها معروفة في فهرست الكتب التي رؤيتها عن مشايخي و أسلافي رضي اللّه عنهم (2). انتهي.
و هذا القيد الأخير لو لم يكن من مقدّمات صحّة الاستناد إلي ما استخرجه من تلك الكتب المشهورة و شرائط حجّيّته لكان لغوا، لعدم احتمال التبرك و الضمان، كما لا يخفي.
و قال شيخ الطبرسيّين ابن شهرآشوب في المناقب- بعد ما ذكر قصده في تأليفه-: و ذلك بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم و الديانة بالسماع و القراءة و المناولة و المكاتبة و الإجازة، فصحّ لي الرواية عنهم بأن أقول: حدّثني،5.
ص: 36
و أخبرني، و أنبأني، و سمعت: فأمّا طريق العامة فقد صحّ لنا طريق إسناد البخاري. و ساق طرقه إلي كتبهم في كلام طويل بأقسامها السابقة، إلي أن قال: و أمّا أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، حدّثنا بذلك. و ساق طرقه إلي أن قال: و قد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار علي متون الأخبار، و عدلت عن الإطالة و الإكثار، و الاحتجاج من الظواهر و الاستدلال علي فحواها، و حذفت أسانيدها لشهرتها، و لإشارتي إلي رواتها و طرقها و الكتب المنتزعة منها، لتخرج بذلك عن حدّ المراسيل و تلحق بباب المسندات (1). انتهي.
و هو قريب من كلام الشيخ في التهذيب (2).
و قال العلّامة رحمه اللّه في آخر الخلاصة: لنا طرق متعدّدة إلي الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه، و كذا إلي الشيخ الصدوق أبي جعفر بن بابويه، و كذا إلي الشيخين أبي عمرو الكشي، و أحمد بن العباس النجاشي، و نحن نثبت منها هنا ما يتفق، و كلّها صحيحة. إلي أن قال: و قد اقتصرت من الروايات إلي هؤلاء المشايخ بما ذكرت، و الباقي من الروايات إلي هؤلاء المشايخ و إلي غيرهم مذكور في كتابنا الكبير (3).
و ظاهره أنه يعامل بالطرق إلي هؤلاء المشايخ معاملته بطرقهم إلي أرباب الأصول و المصنّفات، و حمله علي التبرّك بعيد غايته.
و مثله ما قاله الشهيد في إجازته لابن الخازن- كما يأتي- من قوله: فليرو مولانا زين الدين علي بن الخازن جميع ذلك إن شاء، بهذه الطرق و غيرها- ممّا3.
ص: 37
يزيد علي الألف- و الضابط أن يصحّ عنده السند في ذلك بعد الاحتياط التام لي و له (1). إلي آخره و حمله عليه أبعد لوجوه لا تخفي.
هذا و في الأخبار ما فيه إشارة أو دلالة عليه، فروي ثقة الإسلام في الكافي بإسناده عن أحمد بن عمر الحلّال، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب و لا يقول: اروه عنّي، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال: «إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه» (2). و ظاهره معهوديّة الحاجة إلي الرواية، و قرّره عليه السلام علي ذلك. و إنّما سؤاله عن كفاية المناولة التي هي أحد أقسام التحمل، فأجابه عليه السلام بالكفاية مع العلم بكون الكتاب له و من مرويّاته.
و ما قيل: بأنّ المراد أن العلم بأنّ الكتاب له و من مرويّاته كاف للرواية عنه سواء أعطي الكتاب أم لا؟ ضعيف، بأنّه لا تجوز الرواية بدون التحمل بأحد الأقسام المعهودة إجماعا، كما صرّح به الشهيد في شرح درايته (3). و إنّما الكلام في العمل بما يجده العالم في الكتب المعلومة و إن لم يكن له طريق إليها.
فقوله عليه السلام: (فاروه) لا بدّ أن يكون بعد إحراز قابليّته، التي هي في المقام تحمّله بالمناولة، و لا يجوز أن يكون المراد العمل، لعدم كون السؤال عنه، و عدم دلالة اللفظ عليه، مع أنّه لو أراده لقال عليه السلام: فاعمل به، كما فعلوا بكتاب الفضل بن شاذان.
فروي الكشي في رجاله، بإسناده عن بورق البوشنجاني (4) - و ذكر أنّه من9.
ص: 38
أصحابنا، معروف بالصدق و الصلاح، و الورع و الخير- قال: خرجت إلي سرّ من رأي و معي كتاب يوم و ليلة، فدخلت علي أبي محمّد عليه السلام و أريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك إني رأيت أن تنظر فيه، [فلما نظر فيه] (1) و تصفّحه ورقة ورقة، فقال عليه السلام: «هذا صحيح ينبغي أن تعمل به» (2). الخبر.
و في الكافي أيضا، بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يجيئني القوم فيسمعون منّي حديثكم، فأضجر و لا أقوي، قال: «فأقرأ عليهم من أوّله حديثا، و من وسطه حديثا و من آخره حديثا» (3).
و ظاهره أنّ مجي ء القوم لمجرّد أخذ الحديث لا للاستفتاء و أخذ المسائل، و الضمير في قوله: (من أوّله) راجع إلي الكتاب المفهوم من قوله: (فاقرأ عليهم).
و قال المجلسي: و حمل الأصحاب قراءة الأحاديث الثلاثة علي الاستحباب، و الأحوط العمل به قال: و يحتمل أن يكون المراد بالأول و الوسط و الآخر الحقيقي منها، أو الأعم منه و من الإضافي، و الثاني أظهر، و إن كانت رعاية الأول أحوط و أولي (4).
و من عجيب الأوهام ما وقع لصاحب الوافي في هذا المقام، فإنّه قال:
و المعني أنّ الحديث إذا كان متعدّدا و ضعفت عن قراءته و عجزت، جاز أن تقرأ8.
ص: 39
عليهم من أوّل الكتاب حديثا، و من وسطه آخر، و من آخره آخر. و المعني أنّ الحديث الواحد إذا كان طويلا فاقرأ عليهم كلاما مفيدا بالاستقلال من أوله، و آخر من وسطه، و آخر من آخره، يعني إذا اشتمل الحديث الواحد علي جمل متعدّدة تكون كلّ منها مستقلة بالإفادة، كحديث هشام الطويل الذي مضي.
و أمّا إذا ارتبط بعض أجزاء الحديث ببعض، فلا يجوز فيه الاقتصار علي نقل البعض، إذ ليس كلّ من تلك الأجزاء بحديث بل بعض منه.
قيل: و لعلّ الوجه في تخصيص الأول و الوسط و الآخر أنّ الجمل المتقاربة تكون في أكثر الأمر من نوع واحد، فليست الفائدة فيها كالتي تكون في الجمل المتباعدة، إذ الكلام فيها ينتقل من نوع إلي نوع يباينه، فالفائدة فيها لا محالة تكون أكثر، لاحتوائها علي فنون مختلفة من الأحكام، كلّ منها نوع برأسه. انتهي (1).
و ليت شعري ما الداعي إلي إرجاع الضمير في (أوّله) إلي الحديث حتي يحتاج إلي هذه التمحّلات الباردة.
قال العالم الجليل الآميرزا رفيع النائيني في شرح الكافي: أي يجيئني القوم لسماع حديثكم منّي، فأقوم بقضاء حاجتهم و يستمعون مني حديثكم، و لا أقوي علي ما يريدون من سماع كلّ ما رويته من حديثكم منّي، و أضجر لعدم الإتيان بمرادهم، فقال عليه السلام في جوابه: فاقرأ عليهم من أوّله- أي من أوّل كتاب الحديث- حديثا، و من وسطه حديثا، و من آخره حديثا. و المعني أنّه إذا لم تقو علي القيام بمرادهم و هو السماع علي الوجه الكامل، فاكتف بما يحصل لهم فضل السماع في الجملة، و ليعنعنوا بما به يجوز العمل و النقل من الإجازة، و إعطاء الكتاب و غيره- كما ورد في الأخبار و الأحاديث (2) - و بذلك صرّح أيضاط.
ص: 40
الشيخ علي سبط الشهيد في شرحه (1)، و كذا الفاضل الطبرسي و المولي محمّد صالح في شرحه (2).
و بالجملة ففي الخبر إيماء إلي الاحتياج إلي الإذن، و لذا قال المجلسي- بعد شرح الخبر في مرآة العقول، و ترجيح جواز العمل بالكتب المشهورة المعروفة، التي يعلم انتسابها إلي مؤلّفيها، كالكتب الأربعة و سائر الكتب المشهورة- ما لفظه: و إن كان الأحوط تصحيح الإجازة و الإسناد في جميعها (3).
و في جميع ما ذكرناه لعلّه كفاية لمن أمعن فيه النظر، لعدم الحكم الجزمي بعدم الفائدة للإجازة و انحصارها في التبرك، و أنّ الاحتياط الشديد في أخذها.
و أمّا ما رواه في الكافي بإسناده عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شنبولة، قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، و كانت التقيّة شديدة، فكتموا كتبهم، فلم ترو عنهم، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدّثوا بها فإنّها حقّ (4).
و استشهد به جماعة لعدم الحاجة إلي الطريق إلي كلّ كتاب علم أنّه ممّن ينتسب إليه.
ففيه أنه عليه السلام أذن في التحديث بها، معلّلا بأنّها حق، و أنّ كل ما فيها صادر عنهم عليهم السلام، لعلمه عليه السلام به، لا لأنّها منهم فيطرد الإذن في غيرها.
و علي ما ذكرنا لا يوجد لتلك الكتب نظير يوجب سريان الإذن إليه، مع أنّه لو كان المراد ما ذكروه لما أعرض القدماء عنه. ففي الخلاصة- في ترجمة محمّد5.
ص: 41
ابن سنان-: و دفع أيوب بن نوح إلي حمدويه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان، فقال: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمّد بن سنان، و لكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنّه قال قبل موته: كلّ ما حدّثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية، و إنّما وجدته (1).
قال الأستاذ الأكبر في التعليقة- في مقام رفع المطاعن عنه-: و غير خفي أنّ الرواية بالوجادة لا ضرر فيها، نعم المعروف من كثير من القدماء عدم ارتضائها عندهم، و إن كان الظاهر من غيرهم ارتضاؤه (2). انتهي.
و ربّما استند بعضهم في هذا المقام بأخبار فيها أمرهم عليهم السلام بكتابة الكتاب و حفظه، كلّها أجنبية عن إثبات المرام، فلا حظ و تأمّل.9.
ص: 42
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنّ لنا طرقا متعدّدة إلي أصحابنا الأخيار نروي بها ما ألّفوا في الأحاديث، و الفقه، و التفسير، و سائر العلوم الدينيّة.
فمنها (1): ما أخبرني به إجازة خاتم الفقهاء و المجتهدين، و أكمل الربّانيين من العلماء الراسخين، المنجلي من أنوار درر أفكاره مدلهمّات غياهب الظلم من ليالي الجهالة، و المستضي ء من ضياء شموس إنظاره خفايا زوايا طرق الرشد و الدلالة، المنتهي إليه رئاسة الإمامية في العلم و الورع و التقي:
1- الطريق الأول الشيخ مرتضي بن المرحوم السعيد المولي محمد أمين الأنصاري (2)
لانتهاء نسبه الشريف إلي جابر بن عبد اللّه بن حرام الأنصاري، من خواص أصحاب رسول اللّه و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين، و علي بن الحسين، و محمّد بن علي الباقر، صلوات اللّه عليهم.
و من آثار إخلاص إيمانه و علائم صدق ولائه، أن تفضّل اللّه تعالي عليه و أخرج من صلبه من نصر الملّة و الدين بالعلم و التحقيق و الدقّة، و الزهد و الورع و العبادة و الكياسة، بما لم يبلغه من تقدّم عليه، و لا يحوم حوله من تأخر عنه، و قد عكف علي كتبه و مؤلّفاته و تحقيقاته كلّ من نشأ بعده من العلماء الأعلام و الفقهاء الكرام، و صرفوا هممهم، و بذلوا مجهودهم، و حبسوا أفكارهم و أنظارهم فيها و عليها، و هم بعد ذلك معترفون بالعجز عن بلوغ مرامه، فضلا عن الوصول إلي مقامه، جزاه اللّه تعالي عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.
تولّد رحمه اللّه تعالي في سنة أربع عشرة بعد المائتين و الالف.
ص: 43
و توفي في ليلة السبت الثامنة عشرة من شهر جمادي الثانية من سنة إحدي و ثمانين بعد المائتين في النجف الأشرف.
و دفن في حجرة الصحن الشريف في جوار عديله في الصلاح و الزهد و العبادة الشيخ حسين نجف طاب ثراه.
أ- عن العالم الجليل صاحب التصانيف الرائقة، المولي أحمد النراقي الكاشاني المتوفي في ربيع الأول سنة 1245.
[1] عن آية اللّه بحر العلوم، صاحب المقامات العالية و الكرامات الباهرة، العلّامة الطباطبا [ئي] السيد مهدي بن العالم السيد مرتضي (1) بن العالم الجليل السيد محمّد البروجردي بن السيد عبد الكريم بن السيد مراد بن الشاه أسد اللّه بن السيد جلال الدين بن أمير بن الحسن بن مجد الدين بن قوام الدين ابن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عبّاد بن أبي المجد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم الملقّب بطباطبا ابن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثني بن الحسن المجتبي بن أمير المؤمنين عليهما السلام.
تولّد في مشهد الحسين عليه السلام ليلة الجمعة في شوّال سنة خمس و خمسين بعد المائة و الألف، و توفي في [رجب] (2) من سنة اثنتي عشرة بعد المائتين و الألف.
و قد أذعن له جميع علماء عصره و من تأخر عنه بعلوّ المقام و الرئاسة في العلوم النقلية و العقليّة و سائر الكمالات النفسانية، حتي أنّ الشيخ الفقيه الأكبر
ص: 44
الشيخ جعفر النجفي- مع ما هو عليه من الفقاهة و الزهادة و الرئاسة- كان يمسح تراب خفّه بحنك عمامته.
و هو من الذين تواترت عنه الكرامات، و لقاؤه الحجة صلوات اللّه عليه و لم يسبقه في هذه الفضيلة- أي في تواتر الكرامة و اللقاء منه- أحد فيما أعلم إلّا السيد رضيّ الدين علي بن طاوس.
و قد ذكرنا جملة منها بالأسانيد الصحيحة في كتابنا دار السلام، و جنّة المأوي، و النجم الثاقب (1)، لو جمعت لكانت رسالة حسنة.
حدّثني العالم الصالح الثقة السيد محمد بن العالم السيد هاشم الهندي المجاور في المشهد الغروي، عن العالم الصفي الشيخ باقر بن الشيخ هادي، عن العالم التقي الورع الشيخ تقي ملّا كتاب- تلميذ السيد- قال: سافر السيد إلي كربلاء و معه جماعة يتبعونه غالبا في أسفاره منهم الشيخ تقي- حاكي القصّة- قال: و كانت القافلة التي فيها السيد تمشي في ناحية و رجل آخر يمشي لنفسه، و كلّما نزل السيد في موضع نزل ذلك الرجل في موضعه منفردا، و كلّما رحل السيد رحل ذلك الرجل، فالتفت السيد إليه و نحن سائرون فأومأ إليه فقدم الرجل و قبّل يدي السيد، و جعل السيد يسأله عن رجال و صبية و نساء يسمّيهم كلّهم بأسمائهم من أهل بيت ذلك الرجل و من جيرانه، حتي سأله عمّا يقرب من أربعين نفسا، و الرجل يجيبه عنهم مستبشرا، و هو غريب ليس من شكل أهل العراق، و لا من لهجتهم في اللسان، فسألنا السيد؟ فقال: هو من أهل اليمن، فقلنا: متي سكنت في اليمن حتي عرفت هؤلاء؟ فأطرق رأسه و قال:
سبحان اللّه، لو سألتني عن الأرض شبرا شبرا لأخبرتك بها (2).2.
ص: 45
و حدّثني سلّمه، اللّه، عن العبد الصالح الزاهد الورع العابد الحاج محمّد الخزعلي- و كان ممّن أدرك السيد- قال: كان العالم الجليل السيد جواد العاملي- صاحب مفتاح الكرامة- يتعشّي ليلة إذا طارق طرق الباب عليه عرف أنّه خادم السيد بحر العلوم، فقام إلي الباب عجلا، فقال له: إنّ السيد قد وضع بين يديه عشاؤه و هو ينتظرك، فذهب إليه عجلا، فلمّا لاح للسيد قال له السيد: أ ما تخاف اللّه؟ أ ما تراقبه؟ أ ما تستحي منه؟! فقال: ما الذي حدث؟! فقال له: إنّ رجلا من إخوانك كان يأخذ من البقال قرضا لعياله كل يوم و ليلة قسبا (1) ليس يجد غير ذلك، فلهم سبعة أيام لم يذوقوا الحنطة و الأرز، و لا أكلوا غير القسب، و في هذا اليوم ذهب ليأخذ قسبا لعشائهم، فقال له البقال: بلغ دينك كذا و كذا، فاستحيي من البقال و لم يأخذ منه شيئا و قد بات هو و عياله بغير عشاء، و أنت تتنعم و تأكل، و هو ممّن يصل إلي دارك و تعرفه و هو فلان.
فقال: و اللّه مالي علم بحاله.
فقال السيد: لو علمت بحاله و تعشيت و لم تلتفت إليه لكنت يهوديّا أو كافرا، و إنّما أغضبني عليك عدم تجسّسك عن إخوانك و عدم علمك بأحوالهم، فخذ هذه الصينية يحملها لك خادمي يسلّمها إليك عند باب داره، و قل له: قد أحببت أن أتعشي معك الليلة، وضع هذه الصرّة تحت فراشه أو بوريائه أو حصيره و ابق له الصينية فلا ترجعها- و كانت كبيرة فيها عشاء و عليها من اللحم و المطبوخ النفيس ما هو مأكل أهل التنعم و الرفاهية- و قال السيد له:
اعلم أنّي لا أتعشي حتي ترجع إليّ فتخبرني أنّه قد تعشي و شبع.
فذهب السيد جواد و معه الخادم حتي وصلوا إلي دار المؤمن، فأخذ من).
ص: 46
يد الخادم ما حمله و رجع الخادم، و طرق الباب و خرج الرجل، فقال له السيد:
أ حببت أن أتعشي معك الليلة، فلمّا أكلا (1) قال له المؤمن: ليس هذا زادك لأنّه مطبوخ نفيس لا يصلحه العرب، و لا نأكله حتي تخبرني بأمره، فأصرّ عليه السيد جواد بالأكل و أصرّ هو بالامتناع، فذكر له القصة، فقال: و اللّه ما اطّلع عليه أحد من جيراننا فضلا عمّن بعد، و إنّ هذا السيد لشي ء عجيب.
قال سلّمه اللّه: و حدّث بهذه القضية ثقة آخر غيره، و زاد فيه اسم الرجل و هو الشيخ محمّد نجم العاملي، و أنّ ما في الصرّة كان ستين شوشيا (2)، كلّ شوشي يزيد علي قرانين بقليل.
قلت: و حدّثني بها الثقة الجليل آغا علي رضا الأصفهاني عن خاصّة السيد و صاحب سرّه المولي زين العابدين السلماسي.
و أمّا الشيخ محمّد الخزعلي فقد أدركته في آخر عمره و قد جاوز المائة، و كان من عباد اللّه الصالحين الذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود، حشره اللّه تعالي مع مواليه.
عن جماعة من نواميس الملّة و حفظة الدين (3):
أجلّهم و أكملهم الأستاذ الأكبر، مروّج الدين في رأس المائة الثالثة عشرة المولي محمّد باقر الأصفهاني البهبهاني الحائري.
قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل- بعد الترجمة-: فقيه العصر، فريد الدهر، وحيد الزمان، صدر فضلاء الزمان، صاحب الفكر العميق و الذهن الدقيق، صرف عمره في اقتناء العلوم و اكتساب المعارف الدقائق، و تكميل النفس بالعلم بالحقائق، فحباه اللّه باستعداده علوما لم يسبقه
ص: 47
فيها أحد من المتقدّمين و لا يلحقه أحد من المتأخرين إلّا بالأخذ منه، و رزقه من العلوم ما لا عين رأت و لا اذن سمعت لدقّتها و رقّتها و وقوعها موقعها، فصار اليوم إماما في العلم و ركنا للدين، و شمسا لإزالة ظلم الجهالة، و بدرا لإزاحة دياجير البطالة، فاستنار الطلبة بعلومه، و استضاء الطالبون بفهومه، و استطارت فتاويه كشعاع الشمس في الإشراق، مدّ اللّه ظلاله علي العالمين، و أيّده بجود وجوده إلي يوم الدين. إلي أن قال: و بالجملة شرح فضله و أخلاقه و عبادته ليس في مقدرتنا و لا تصل إليه مكنتنا و قدرتنا (1). انتهي.
قلت: و ما ذكره من العجز عن شرح فضله هو الكلام الفصل اللائق بحاله.
و الميرزا محمّد الأخباري (2) المقتول- مع ما هو عليه من العداوة و البغضاء لجنابة، و ذكره في رجاله بكلام تكاد ترجف منه السماوات و تهتزّ منه الأرض- عدّه في الفائدة الحادية عشرة من الباب الرابع عشر من كتابه المعروف بدوائر العلوم (3) من الذين رأوا القائم الحجّة عجّل اللّه تعالي فرجه.
تولّد رحمه اللّه تعالي في سنة ست أو سبع عشرة بعد المائة و الألف، بعد وفاة سميه العلّامة المجلسي بخمس أو ست سنين، و توفي سنة ثمان بعد المائتين و الألف بأرض الحائر، و دفن في الرواق الشرقي ممّا يلي قبور الشهداء.ك.
ص: 48
و كانت امه- رحمة اللّه- بنت العالم الرباني آغا نور الدين بن المولي الجليل المولي محمد صالح المازندراني، و أم آغا نور الدين الفاضلة آمنة بيگم بنت تقي المجلسي، و لذا يعبّر رحمه اللّه في مؤلفاته عن المجلسي الأول بالجدّ، و عن الثاني بالخال.
عن والده الأجل محمّد أكمل، قال طاب ثراه في إجازته للسيد السند المتقدّم بحر العلوم: فأجزته أن يروي عنّي جميع مصنّفاتي و مؤلفاتي و مسموعاتي و مقروءاتي علي أساتيذي العظام و مشايخي الكرام، منهم الوالد الماجد العالم الفاضل الكامل الماهر المحقّق المدقّق الباذل، بل الأعلم الأفضل الأكمل، أستاذ الأساتيذ الفضلاء، و شيخ المشايخ العظماء العلماء، مولانا محمّد أكمل، غمرة اللّه تعالي في رحمته الواسعة و ألطافه البالغة.
عن أساتيذه الأعاظم و مشايخه الأفاخم، فريدي الدهر، و وحيدي العصر، لم يسمح الزمان بمثلهم، و لم يوجد نظيرهم و عديلهم، المشتهرين في المشارق و المغارب، المستغنين عن التعريف بالفضائل و المناقب.
1- مولانا ميرزا محمّد الشيرواني.
2- و الشيخ جعفر القاضي.
3- و مولانا محمّد شفيع الأسترآبادي (1).
4- بل علي ما أظنّ عن المحقّق جمال الملّة و الدين الخوانساري أيضا.
5- و خالي العلّامة المجلسي أيضا- و رأيت إجازته له (2) - رحمهم اللّه تعالي بطرقهم المعروفة. انتهي.
الباهرة، السيد حسين القزويني، صاحب كتاب معارج الأحكام في شرح مسالك الأفهام و شرائع الإسلام- و هو كتاب كبير شريف له مقدّمات حسنة نافعة- و مستقصي الاجتهاد في شرح ذخيرة المعاد و الإرشاد. و غير ذلك من الرسائل.
و قبره الشريف بقزوين، مزار معروف يتبرّك به، و تظهر منه الخوارق، و قد ذكره صاحب تتميم الأمل و بالغ في مدحه و الثناء عليه (1).
1- عن والده البحر الخضمّ و الطود الأشمّ، الأمير إبراهيم بن العالم الكامل الأمير محمّد معصوم الحسيني القزويني (2)، المتوفي سنة 1145، و عمره قريب من الثمانين.
و هو كما في تتميم الأمل: بحر متلاطم موّاج، و برّ واسع الإرجاء ذو فجاج، ما من علم من العلوم إلّا و قد حلّ في أعماقه، و ما من فنّ من الفنون إلّا و قد شرب من عذبه و زعاقه (3). قال: و قد كتب بخطه الشريف سبعين مجلّدا، إمّا من تأليفاته أو غيرها (4).
عن جماعة:4.
ص: 50
أولهم- العلّامة المجلسي.
و ثانيهم- المحقّق جمال الدين محمّد الخوانساري، العالم المدقّق النقّاد، صاحب التصانيف الرائقة، التي يعلم منها جودة فهمه، و حسن سليقته، و صفاء ذهنه، خصوصا في فهم ظواهر الأحاديث، كما يظهر من ترجمته مفتاح الفلاح، و ما علّقه عليه من الحواشي (1)، و مزاره الذي ألّفه للسلطان شاه سلطان حسين حين توجّه إلي زيارة الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام، و توضيحه لألفاظ الزيارات من الجامعة و غيرها- بما لا يوجد في غيره من المؤلفات فيما أعلم- و رسالته في أصول الدين بالفارسية، و شرحه علي الغرر و الدرر للآمدي في مجلدين و غيرها.
و كانت امّه أخت المحقّق السبزواري صاحب الذخيرة.
توفي في شهر رمضان من سنة 1125.
عن والده الأستاذ النحرير المعظّم آغا حسين الخوانساري، الآتي ذكره (2) في مشايخ السيد المحدّث الجزائري.
و ثالثهم- الشيخ جعفر القاضي قوام الدين بن عبد اللّه الكمرئي الفقيه المحقّق الجليل.
قال في تتميم أمل الآمل- بعد الترجمة-: ختن العلم العلّامة آغا محمّد حسين الخوانساري قاضي أصبهان ثمّ شيخ الإسلام فيه، فاضل أحاط بأفق الفضيلة و لم يجعل لأحد منها دقيقة و لا ثانية، و استوي علي أقطار أرضها و لم يذر لغيره فيها مجالا قاصية و لا دانية، و طلع من شرق العلم و أضاء فضله بحيث لم).
ص: 51
يبق للجهل ذاهبة و لا جائية، و تمّ بدره فأذهب دياجير الظلمات بأنوار علمه الساطعة الحامية، خاض في بحار العلوم فأخرج منها درّا و مرجانا، و سبح في دأماء (1) الفنون فاستنبط منها وسيلا (2) و برهانا، أعظم الأفاضل شأنا و أنورهم برهانا.
كان له تحرير فائق، و تعبير عن المطالب رائق، و إحاطة تامة في أنواع العلوم، و حياطة شاملة لأجناس المعقول و المفهوم، و تحقيقات متينة لغوامض الدقائق، و تدقيقات رزينة في اكتناه الحقائق، له رحمه اللّه من كلّ فن سهام عالية، و له من كلّ غصن ثمار يانعة، قد حقّق كلّ مسألة من مسائل العلوم بما لا مزيد عليه، و استنبط في مقالة الحق بحيث يظهر لكلّ أحد ماله و ما عليه.
و بالجملة لا مماثل له و لا معادل، و من أراد أن يصف فضله بكنهه فهو عن الحق عادل.
كان رحمه اللّه في أوائل أمره معتزلا عن المناصب، و كان منتهي مطلبه تحقيق المآرب، فجاءه القضاء بولاية القضاء، فولّاه برضاء كان أو عدم رضاء، فباشره مراعيا للكتاب و السنّة، و الطرق المرويّة عن أئمة الأمة، فأتعب نفسه و راضها كمال الرياضة، و جاهدها للّه غايته، غير مكترث عن عروض المضاضة. و بالجملة بالغ في إبطال الباطل و إحقاق الحق، بحيث يرضي عنه مزهق الباطل و محقّ الحق.
روي أنّه- رحمه اللّه- لمّا أراد سفر الحج ذهب إلي الجامع ورقي إلي ذروة المنبر، و كان من جملة ما تكلّم به: أيّها الناس! من حكمت (علي أحد) (3) و لا يرضي مني فلا يرضي، فإنّي ما حكمت بشي ء إلّا و قد قطعت عليه و علمت يقيناه.
ص: 52
انّه حكم اللّه. ما قلت خلاف الحق، و من ضاع حقّه و ماله بسبب تدقيقي في الشهود و عدم ثبوت الحكم بشهادتهم له، و كان الحق له في الواقع و لم يتبيّن لي، فليرض عني و يحلّلني فإنه ربّما يكون الأمر كذلك و لم يتحقق عندي. ثمّ عدّ مؤلفاته، و قال: و توفي رحمه اللّه في ذلك السفر (1). انتهي.
قلت: و قال الأمير إسماعيل الخاتون آبادي المعاصر له- في تاريخه-: إنّه صار شيخ الإسلام بعد وفاة المجلسي بسنة و نصف.
قال: و في جمادي الثانية من سنة 1115 حجّ بيت اللّه الحرام محمود آقا التاجر و معه الشبّاك لحرم الكاظمين عليهما السلام، و كان معه من أهل حرم السلطان و أعيان الدولة و غيرهم زهاء عشرة آلاف- الحجّاج منهم ثلاثة آلاف- و معه دراهم كثيرة لعمارة المشهد الحسيني علي مشرّفه السلام.
قال: و كان معه الفاضل المدقّق صاحب الفطرة العالية، الشيخ محمّد جعفر الكمرئي- شيخ الإسلام بأصفهان- قاصدا زيارة بيت اللّه الحرام، فمرض في كرمانشاهان و عافاه اللّه في الكاظمين، ثمّ عاد المرض فذهب إلي كربلاء و منها إلي النجف الأشرف و توفي قبل وصوله إليه علي رأس فرسخين منه، و قام بتجهيزه العالم الجليل المولي محمّد سراب الذي كان هو أيضا من جملة قافلتهم، و دفن حول قبر العلّامة طاب ثراهما (2). انتهي.
فما في الروضات، في ترجمته ما لفظه: الي أن استوفي أيامه، و قبض الأجل المحتوم زمامه، و ذلك بأرض العراق المحروسة حين مراجعته من سفر الحج في حدود سنة خمسة عشر بعد مائة و ألف اشتباه (3)، فإنه رحمه اللّه لم يوفّق للحج كما نصّ عليه الخاتون آبادي المعاصر له، و كان يكتب الوقائع يوما فيوما.5.
ص: 53
1- عن المولي محمّد تقي المجلسي (1) بطرقه الآتية.
(حيلولة):
و عن السيد حسين (2).
2- عن السيد الأجلّ الشهيد السيد نصر اللّه بن الحسين الموسوي الحائري. المدرّس في الروضة المنورة الحسينية، صاحب:
1- الروضات الزاهرات في المعجزات بعد الوفاة. 2- و سلاسل الذهب المربوطة بقناديل العصمة الشامخة الرتب (3).
قال العالم الجليل السيد عبد اللّه- سبط المحدّث الجزائري- في إجازته الكبيرة في ترجمته: و كان آية في الفهم و الذكاء، و حسن التقرير و فصاحة التعبير، شاعر أديب له ديوان حسن، و له اليد الطولي في التاريخ و المقطعات، و كان مرضيّا مقبولا عند المخالف و المؤالف. إلي أن قال: ثمّ لمّا دخل سلطان العجم المشاهد المشرّفة في النوبة الثانية و تقرّب إليه السيد أرسله بهدايا و تحف إلي الكعبة، فأتي البصرة و مشي إليها من طريق نجد و أوصل الهدايا، و أتي عليه الأمر بالشخوص سفيرا إلي سلطان الروم لمصالح تتعلّق بأمور الملك و الملّة، فلمّا وصل إلي قسطنطنية وشي به إلي السلطان بفساد المذهب و أمور أخر، فأحضر و استشهد، و قد تجاوز عمره الخمسين رحمة اللّه عليه (4).
عن أفقه المحدّثين و أكمل الربّانيين، الشريف العدل المولي أبي الحسن ابن محمّد طاهر بن عبد الحميد بن موسي بن علي بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصبهاني الغروي، المتوفي في أواخر عشر الأربعين بعد المائة و الألف، أفضل أهل عصره، و أطولهم باعا، صاحب تفسير مرأة5.
ص: 54
الأنوار (1) - إلي أواسط سورة البقرة- تقرب مقدّماته من عشرين ألف بيت، لم يعمل مثله، و كتاب ضياء العالمين في الإمامة في ستّين ألف بيت، مع نقصان مجلد واحد من وسطه علي ما يظهر من فهرسته، و غير ذلك.
و كانت امّه (2) أخت السيّد الجليل الأمير محمّد صالح الخاتون آبادي الذي هو صهر المجلسي علي بنته، و هو جدّ شيخ الفقهاء- صاحب جواهرني
ص: 55
الكلام- من طرف أم والده المرحوم الشيخ باقر، و هي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولي أبي الحسن (رحمه اللّه).
عن العلّامة المجلسي (رحمه اللّه).
ج- ثالثهم: (1) السيد السند البارع حسين بن السيد أبي القاسم جعفر بن الحسين الحسيني الموسوي الخوانساري، المتوفي يوم الأحد الثامن من رجب المرجّب سنة 1191. و قد تلمّذ عليه المحقّق صاحب القوانين سنين عديدة، شارح دعاء أبي حمزة و زيارة عاشوراء، و غير ذلك من المؤلّفات.
عن العالم المحدّث الجليل آغا محمّد صادق (2).
عن والده العلّامة المولي محمّد بن عبد الفتاح التنكابني الطبرسي المشتهر:
بسراب، المتوفي يوم الغدير سنة 1124، المدفون بمحلة خاجو من محلّات أصفهان. صاحب كتاب سفينة النجاة في أصول الدين، و ضياء القلوب في الإمامة، و رسائل عديدة في فنون شتّي.
عن المحقّق الكامل الفقيه المولي محمّد باقر بن محمّد مؤمن الخراساني السبزواري، صاحب الذخيرة، و الكفاية، و مفاتيح النجاة في الدعوات- و هو كتاب كبير كثير الفوائد- و روضة الأنوار، و غيرها، المتوفي سنة 1090.
عن المولي الفاضل الشيخ يحيي بن الحسن اليزدي (3)، و هو كما في الرياض:
ص: 56
فاضل عالم جليل نبيل متكلّم فقيه محقّق مدقّق، مبرّز في أنواع العلوم (1).
(و السيد الأجلّ الأمجد الأمير حسن الرضوي القائني (2)، الساكن بمشهد الرضا عليه السلام، في الرياض: كان عالما فاضلا جليلا (3).
عن العالم المدقّق سبط الشهيد الثاني الشيخ محمّد، الآتي عن قريب) (4).
و العالم الصالح المولي مقصود بن زين العابدين (5).
و السيد السند السيد حسين بن حيدر الكركي، الذي تقدّم في شرح حال فقه الرضا (عليه السلام) إلي فضله الإشارة (6).
عن شيخ الإسلام و المسلمين شيخنا البهائي (رحمه اللّه).
د- رابعهم (7): السيد العالم الحسيب النسيب إمام الجمعة، الأمير عبد الباقي.
عن والده العالم الماهر الفاضل الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي، سبط العلامة المجلسي، إمام الجمعة بأصبهان، صاحب التصانيف الرائقة. المتوفي ليلة الاثنين الثالث و العشرين من شهر شوّال المكرم سنة 1151.
1- عن والده السيد الجليل الأمير محمّد صالح بن عبد الواسع بن محمّد صالح بن الأمير إسماعيل بن الأمير عماد الدين بن الأمير سيد حسن بن السيد
ص: 57
جلال الدين بن السيد مرتضي بن السيد الأمير حسين بن السيد شرف الدين ابن مجد الدين بن محمّد بن تاج الدين حسن بن شرف الدين حسين بن عماد الشرف بن عبادان بن محمّد بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن عمر الأكبر بن الحسن الأفطس بن علي الأصغر بن الامام زين العابدين عليه السلام، المتوفي سنة 1116.
صهر العلّامة المجلسي علي بنته. صاحب المؤلفات الأنيقة منها: حدائق المقرّبين (1)، و شرح الفقيه، و الاستبصار، و الذريعة. و غيرها.
عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه).
و العالم الجليل الشيخ علي، سبط الشهيد الثاني.
و يروي عن الأمير محمّد صالح (2) أيضا الشيخ أبو الحسن الشريف، المتقدّم.
(حيلولة):
و عن الأمير محمد حسين (3).
2- عن جدّه العلّامة المجلسي.
و المولي السراب، المتقدم (4).
و المحقق جمال الدين الخوانساري.6.
ص: 58
و المتبحّر الجليل السيد علي خان الشيرازي (1) المدني، شارح الصحيفة، و الصمدية، و غيرها. الذي يروي عن أبيه، عن آبائه، عن الإمام عليه السلام، كما مرّ في شرح الرضوي (2)، المتولّد في المدينة الطيّبة في جمادي الأولي سنة 1052.
و كان والده السيد نظام الدين أحمد، الفاضل الأديب، في حيدرآباد من ممالك الهند، صهرا لعبد اللّه قطب شاه- واليه- علي بنته، فهاجر ولده إليه في سنة 1066، و لمّا توفي والده بعد سنة استدعاه السلطان فلاقاه في برهانبور فقرّبه و أدناه و جعله رئيسا علي ألف و ثلاثمائة فارس، و أعطاه لقب الخان، و لمّا ذهب السلطان إلي بلد أحمد نكر جعله حارسا لأورنك آباد فأقام فيه مدة، ثم جعله واليا علي ماهور و توابعه، ثم استعفي منه فجعله علي ديوان برهانبور، و بعد مدة طلب الرخصة لزيارة الحرمين الشريفين، فأذن له فهاجر إلي الحجاز، ثم إلي العراق و زار أئمتها عليهم السلام، ثم سافر إلي أصفهان فعظّمه سلطان الوقت شاه سلطان حسين الصفوي و أكرمه، ثم رجع إلي وطنه الأصلي- شيراز- و أقام فيه، و صار مرجعا للفضلاء و استفادوا منه، و كان مقرّ بحثه في المدرسة المنصورية إلي أن توفي سنة 1120.
ه- خامسهم (3): العالم الجليل آغا محمّد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي الغروي.
قال بحر العلوم في إجازته للسيد حيدر اليزدي: و ما أخبرنا به بالوجوه الثلاثة المذكورة شيخنا العالم العامل العارف، و استاذنا الفاضل، الحائز لأنواع
ص: 59
العلوم و المعارف، جامع المعقول و المنقول، و مقرّر الفروع و الأصول، جمّ المناقب و المفاخر، محمّد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي.
و في إجازة العالم المحقق- صاحب القوانين- للفاضل الكامل آغا محمّد علي ما لفظه- بعد ذكر أوصافه-: ابن العالم العلم بل الأفضل الأكمل الأعلم، جامع المعقول و المنقول، حاوي الفروع و الأصول. إلي آخره.
و في تتميم الأمل بعد الترجمة: غوّاص تيار بحار العلوم، الثاقب لمكنونات درر الفهوم، الفاهم للطائف، المدرك للطرائف، دقيق النظر، رقيق الفكر، الجامع لأنواع العلوم الحقة، الحاوي لألوان المعارف المحقّقة، مدرسته دار الشفاء من أسقام الجهالات، كلماته إشارات إلي طرق النجاة، مواقفه شروح للمقاصد، مواطنه بيانات لتجريد العقائد، مطالع الأنوار أشرقت من فلق فمه، و طوالع الأسرار انجلت من مبسمه، شرح مختصر الأصول و حواشيه قد تجلّي من ألفاظه الرشيقة، و دقائق البيضاوي و شرح اللمعة من كلماته الدقيقة (1). حصّل في (2) أعظم بلاد عراق العجم أصبهان في عشر الخمسين بعد المائة و الالف من هجرة سيّد الانس و الجان عند أعاظم العلماء الكاملين في ذلك الزمان، ثم انتشر فضله في عراق العرب في مجاورة وصيّ من تشرّف به عدنان (3). انتهي.
قال (4) في آخر إجازته المبسوطة لبحر العلوم طاب ثراهما- و هي موجودةي.
ص: 60
عندي بخطه الشريف كسائر إجازات مشايخه رحمهم اللّه بخطوطهم في مجموعة شريفة-: و اوصيه- أيّده اللّه- بالكدّ في تحصيل المقامات العالية الأخرويّة سيّما الجدّ في نشر أحاديث أهل بيت النبوّة و العصمة صلوات اللّه و سلامه عليهم، و رفض العلائق الدنيّة الدنيوية، و إيّاه و صرف نقد العمر العزيز في العلوم المموّهة الفلسفية فإنّها كَسَرٰابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مٰاءً (1). انتهي.
قلت: و لبحر العلوم أيضا كلام في التحذّر عنهم و عن طائفة أخري تعد من إخوتهم.
قال (رحمه اللّه) في إجازته للعالم العامل السيد عبد الكريم بن السيد محمّد بن السيد جواد بن العالم الجليل السيد عبد اللّه- سبط المحدّث الجزائري- بعد كلام له في اعتناء السلف بالأحاديث و رعايتها دراية و رواية و حفظا، ما لفظه: ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات، جانبوا العلم و العلماء، و باينوا الفضل و الفضلاء، عمروا الخراب و أخلدوا إلي التراب، نسوا الحساب و طلبوا السراب، سكنوا البلدة الجلحاء (2) و توطّنوا القرية الوحشاء، اطمأنوا بمسرّات الأيام الممزوجة بالهموم و الآلام، و استلذوا لذائذها المعجونة بأقسام السموم و الأسقام.
فهم بين من اتخذ العلم ظهريّا و العلماء سخريّا، و أولئك هم العوام الذين سبيلهم سبيل الأنعام، فهم في غيّهم يتردّدون، و في تيههم يعمهون.
و بين من سمّي جهالة اكتسبها من رؤساء الكفر و الضلالة- المنكرين للنبوة و الرسالة- حكمة و علما، و اتخذ من سبقه إليها أئمة و قادة، يقتفي آثارهم و يتبع منارهم، يدخل فيما دخلوا و إن خالف نصّ الكتاب، و يخرج عمّا خرجوا و إن كان ذلك هو الحق الصواب، فهذا من أعداء الدين، و السعاة في هدم).
ص: 61
شريعة سيد المرسلين، و هو مع ذلك يزعم أنه بمكان مكين، و لا يدري أنّه لا يزن عند اللّه جناح بعوض مهين.
و ثالث: رضي من العلم بادّعاء العجائب في الذات و الصفات و الأسماء و الأفعال، و الوصال المغني عن الأعمال، المشوّش لقلوب الرعاع و الجهال، و هؤلاء هم الباطنية من أهل البدع و الأهواء، المنتمين إلي الفقر و الفناء، و هم أضرّ شي ء في البلاد علي ضعفاء العباد.
و رابع: قد غرته الدنيا و استهوته ملاذها و نعيمها و زبرجها، حتي غلب عليه حبّ الجاه و الاعتبار، و الرئاسة الباطلة المفضية إلي الهلاك و البوار، فهمّة هذا و أشباهه في تحصيل العلم تحصيل الرسم و تشهير الاسم، و غرضهم الأصلي ليس إلّا الجدل و المراء، و الاستطالة علي أشباههم من أشباه العلماء، و التوصل إلي حطام الدنيا بالخبّ (1) و الختل، و السعي في جلبها بجميع الوجوه و الحيل، و حسب هؤلاء القوم من تحصيلهم هذا:
دعاء أمير المؤمنين و إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام: بإعماء الخبر و قطع الأثر أو بدقّ الخيشوم (2) و جزّ الحيزوم (3).
و قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: (من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوّأ مقعده من النار) (4). و كفاهم خزيا و ذلا تشبيههم في كلام الملك الجبّار تارة بالكلب، و الأخري بالحمار الذي يحمل الاسفار، ذلك الخزي الشنيع، و الذلّ الفظيع، أعاذنا اللّه و جميع الطالبين من موجبات الآثام، و من أخلاق هؤلاء اللئام.5.
ص: 62
ثم ذكر الصنف الخامس: و هم العلماء العاملون، و الطالبون المجتهدون، الذين هم الأقلون عددا، و الأعلون قدرا، و الأسمون رتبة و ذكرا.
انتهي المقصود من كلامه الشريف (1).
عن شيخيه الجليلين المحققين: أستاذه في العلوم العقلية و النقلية الحاج الشيخ محمّد بن الحاج محمّد زمان، القاساني أصلا، و الأصفهاني رئاسة، و النجفي خاتمة، صاحب المؤلفات العديدة التي منها: الاثني عشرية في [تحقيق] (2) أمر القبلة. كما في الروضات (3).
و الفقيه النبيل الآميرزا إبراهيم بن الآميرزا غياث الدين محمّد الأصفهاني الخوزاني، قاضي أصبهان (4)، ثم قاضي العسكري النادري.
قال في التتميم بعد الترجمة: أعجوبة الدهر و أغروبة الزمان، فاضل عزّ مثله في زمانه بل في سائر الأزمان، كان متمهرا في الفقه و أصوله، حاذقا في الحكمة و فصولها، دقيق الذهن جيّد الفهم، عميق الفكر كامل العلم، صاحب التقرير الفائق، و التحرير الرائق. قال: و كان رحمه اللّه حلو الكلام خليقا، حسن الاعتقاد، له رسالة في (تحريم الغناء- ردّا علي رسالة الفاضل المعظّمة.
ص: 63
السيد ماجد الكاشي- و رسالة في) أنّ الدراهم و الدنانير مثليان أو قيميان، قتل سنة (1) [1100] (2).
بحق روايتهما.
عن شيخ الإسلام و معاذ المسلمين الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي، المتقدّم (3).
و الفقيه العالم الورع التقي الحاج محمّد طاهر بن الحاج مقصود علي الأصبهاني.
و العالم الشيخ حسين الماحوزي (4).
و الشيخ الفاضل الكامل المولي محمّد قاسم بن محمّد رضا الهزارجريبي رحمهم اللّه تعالي جميعا (5).
عن العلّامة المجلسي رحمه اللّه.
و- سادسهم: نخبة الفقهاء و المحدّثين، و زبدة العلماء العاملين، أبو صالح الشيخ محمّد مهدي بن بهاء الدين محمّد الفتوني العاملي النجفي.
عن شيخه الأعظم أبي الحسن الشريف العاملي (رحمه اللّه) (6).
ص: 64
ز- سابعهم (1): العالم العامل المحدّث الكامل، الفقيه الرباني، الشيخ يوسف ابن الأجلّ الأمجد الشيخ أحمد بن الشيخ إبراهيم الدرازي البحراني الحائري.
المتولد سنة 1107، المتوفي بعد الظهر يوم السبت الرابع من شهر ربيع الأول سنة 1186، و تولّي غسله- كما في رجال أبي علي- المقدّس- التقي الشيخ محمّد علي الشهير بابن سلطان، قال: و صلّي عليه الأستاذ- يعني الأستاذ الأكبر البهبهاني- و اجتمع خلف جنازته جمع كثير، و جمّ غفير، مع خلوّ البلاد من أهاليها، و تشتّت شمل ساكنيها لحادثة نزلت بهم في ذلك العام من حوادث الأيام (2).
و مراده بالحادثة الطاعون العظيم الذي كان في تلك السنة في العراق، و هاجر فيها السيد بحر العلوم إلي مشهد الرضا عليه السلام ثم رجع إلي أصفهان، كما قال السيد الأجل الأمير عبد الباقي في إجازته له: ثم من طوارق الحدثان و سانح الزمان أنّ في عام ست و ثمانين بعد المائة و الألف حدث في بغداد و نواحيها من المشاهد المشرّفة و غيرها من القري و البلدان طاعون شديد، لم يسمع مثله في تلك الديار في الدهور و الأعصار، فهلك خلق كثير و هرب جمّ غفير، و من مجاوري المشهد الغري السيد السند الجليل. إلي آخره.
و له (رحمه اللّه) تصانيف رائقة نافعة جامعة أحسنها الحدائق الناضرة، ثم الدرر النجفية و غيرها من الكتب و الرسائل.
و قد ابتلي في أواخر عمره بثقل السامعة كما أشار إليه السيد المحقّق البغدادي في رسالته التي شرح فيها مقدمات الحدائق و جرحها.
و دفن رحمه اللّه في الرواق عند رجلي أبي عبد اللّه عليه السلام ممّا يقرب
ص: 65
من الشباك المبوّب المقابل لقبور الشهداء.
1- عن شيخه الفاضل العلّامة، و أستاذه الكامل الفهّامة، الشيخ حسين بن الشيخ محمّد جعفر الماحوزي البحراني (1)، الذي صرّح في اللؤلؤة:
بأنّه بلغ من العمر إلي ما يقارب تسعين سنة و مع ذلك لم يتغيّر ذهنه، و لا شي ء من حواسه (2).
و في تتميم الأمل: استطار فضله في الآفاق، و استنارت البلدان بذكر اسمه مع ما فيها من ظلمات الشقاق، فتلقي علماؤها فضله بالقبول بالاتفاق، بلا منازعة و لا مماراة و لا نفاق. و بالجملة كان رحمه اللّه في عصره مسلّم الكلّ، لا يخالف فيه أحد من أهل العقد و الحل، حتي أنّ السيد الأجلّ و السند الأبجل السيد صدر الدين محمّد، المجاور للنجف الأشرف- مع ما كان فيه من الفضل الرائق و التحقيق الفائق- كان أمسك عن الإفتاء حين تشرّف الشيخ بزيارة أئمة العراق عليهم السلام، و وكلها إليه، علي ما أخبرني به الفاضل الحاج محمّد حسين نيلفروش (3).
قال: و ممّا نقل عنه أنّه رحمه اللّه كان يري من الواجب علي العلماء).
ص: 66
و العدول تقسيم الوجوه التي يجعلها الظلمة علي الناس و يصادرونهم بها بينهم، مع مراعاة ضعيفهم و قويّهم، و يسرهم و فقرهم، لئلا يحترق الضعيف و يتضرّر، قيل: و كان رحمه اللّه يباشر ذلك بنفسه (1).
2- و شيخه (2) الكامل العالم الشيخ عبد اللّه بن الشيخ علي بن أحمد البحراني البلادي (3)، صاحب الرسائل المتعددة في المعقول، المتوفي في شيراز في سنة 1148- عام جلوس نادر شاه- المدفون في جوار السيد أحمد شاه جراغ (4).
عن شيخهما- علّامة الزمان و نادرة الأوان- الشيخ سليمان بن الشيخ عبد اللّه الماحوزي البحراني، المحقّق المدقّق، صاحب المؤلفات الأنيقة التي منها كتاب الأربعين في الإمامة و هو- كما في اللؤلؤة- أحسن تصانيفه (5)، و هو صاحب المعراج- شرح فهرست الشيخ إلي آخر باب التاء المثناة من فوق- و قد أكثر من النقل عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة، و غيرها. توفّي- و عمره يقرب من خمسين- سابع عشر شهر رجب سنة 1121.
عن شيخه و أستاذه الفقيه النبيه الشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني، المتوفي سنة 1101.0.
ص: 67
عن شيخه العلّامة الشيخ علي بن سليمان البحراني (1) القدمي الملقب بزين الدين، المشتهر في ديار العجم بأمّ الحديث، لشدّة ملازمته و ممارسته للحديث، و هو أوّل من نشر علمه في بلاد البحرين و صار رئيسا فيها، المتوفي سنة 1064.
عن شيخ الإسلام و المسلمين بهاء الملّة و الدين العاملي.
(حيلولة):
و عن شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي (2).
عن المحقّق الزاهد العابد الشيخ أحمد بن الشيخ الفاضل الأسعد الشيخ محمّد بن يوسف المقابي البحراني، المتوفي سنة 1102 بالطاعون في العراق، المدفون في جوار الإمامين الكاظمين عليهما السلام، صاحب رياض الدلائل و حياض المسائل. و غيرها من الرسائل. الذي قال في حقه العلّامة المجلسي رحمه اللّه: إنه كان من غرائب الزمان، و غلط الدهر الخوّان، بل من فضل اللّه عليّ و نعمته البالغة لديّ، اتفاق صحبة المولي الأولي الفاضل الكامل الورع البارع التقي الزكي، جامع فنون الفضائل و الكمالات، حائز قصب السبق في مضامير السعادات، ذي الأخلاق المرضيّة، و الأعراق الطيّبة البهيّة، علم التحقيق و طود التدقيق، العالم النحرير، و الفائق في التحرير و التقرير، كشّاف دقائق المعاني، الشيخ أحمد البحراني- أدام اللّه تعالي أيامه، و قرنة.
ص: 68
بالسعود شهوره و أعوامه- فوجدته بحرا زاخرا في العلم لا يساجل، و ألفيته حبرا ماهرا في الفضل لا يناضل (1).
أ- عن العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) (2).
ب- و عن والده (3) الفقيه الشيخ محمّد بن يوسف، الماهر في العلوم العقلية و الرياضية، المتوفي سنة 1103.
ج- و (4) عن الشيخ علي بن سليمان القدمي، المتقدّم (5).
د- و (6) عن المحدّث العلّامة السيد محمّد مؤمن بن دوست محمد الحسيني (7) الأسترآبادي- المجاور بمكة المعظّمة- العالم الفاضل، الفقيه المحدّث، الشهيد بالحرم الشريف الإلهي في سنة 1088 عداوة من أهل السنة. و هو صهر المحدّث الأسترآبادي علي بنته.
و كيفية شهادته علي ما في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر في ترجمة الشيخ الحرّ العاملي، قال- نقلا عن السلافة-: انّه قدم مكة في سنةي.
ص: 69
سبع أو ثمان و ثمانين و ألف، و في الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لمّا اتهموهم بتلويث البيت الشريف حين وجد ملوثا بالعذرة، و كان صاحب الترجمة قد أنذرهم بالواقعة بيومين، و أمرهم بلزوم بيوتهم لمعرفته- علي ما زعموا- بالرمل، فلمّا حصلت المقتلة فيهم خاف علي نفسه فالتجأ إلي السيد موسي بن سليمان أحد أشراف مكة الحسنيين و سأله أن يخرجه من مكة إلي نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله إليها (1).
قلت: و هذه القصة التي ذكرها أفضح فضيحة، و ما أظنّ أنّ أحدا ممّن فيه شمّة من الإسلام بل فيه شمّة من العقل يجترئ علي مثلها، و حاصلها: أنّ بعض سدنة البيت- شرّفه اللّه تعالي- اطّلع علي التلويث فأشاع الخبر، و كثر اللغط بسبب ذلك، و اجتمع خاصة أهل مكة و شريفها الشريف بركات و قاضيها محمّد ميرزا و تفاوضوا في هذا الأمر، فانقدح في خواطرهم أن يكون هذا التجرّي من الرافضة و جزموا به، و أشاروا فيما بينهم أن يقتل كلّ من وجد ممّن اشتهر عنه الرفض و وسم به، فجاء الأتراك و بعض أهل مكة إلي الحرم فصادفوا خمسة انفار من القوم و فيهم السيد محمّد مؤمن و كان- كما أخبرت به- رجلا مسنا متعبدا متزهدا إلّا أنّه معروف بالتشيع فقتلوه و قتلوا الأربع الأخر، و فشا الخبر فاختفي القوم المعروفون بأجمعهم، و وقع التفتيش علي المتعيّنين منهم، و منهم صاحب الترجمة- أعني الحرّ العاملي- فالتجأوا إلي الأشراف و نجوا انتهي (2).
و هذا السيد السعيد الشهيد- صاحب كتاب الرجعة- يروي:
عن طود العلم المنيف، و عضد الدين الحنيف، السيد نور الدين علي ابن السيد علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي الحسيني العاملي الجبعي ثم2.
ص: 70
المكي- أخي صاحب المدارك لأبيه، و أخي صاحب المعالم لأمه- المتولّد سنة 970، المتوفي في ذي الحجّة سنة 1068، صاحب الفوائد المكية في الرّد علي الفوائد المدنية، و الأنوار البهيّة- شرح الاثني عشرية في الصلاة للشيخ البهائي-. و غيرهما.
عن شيخيه الجليلين الأخوين المذكورين، صاحبي المعالم و المدارك (1).
(حيلولة):
و عن الشيخ سليمان الشاحوري، المتقدم (2).
عن الشيخين الجليلين و العالمين النبيلين: الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني، المهاجر إلي بلاد الهند المستوطن في حيدرآباد، الذي كان علما للعباد، و مرجعا في البلاد، و منهلا عذبا للورّاد، المتوفي سنة 1088- كما في اللؤلؤة- (3).
و لكن في مجموعة شريفة كالتأريخ لبعض المعاصرين له من العلماء، و الظاهر أنّه للفاضل الماهر المولي محمد مؤمن الجزائري (4) - صاحب كتاب طيفم.
ص: 71
الخيال، و خزانة الخيال، و غيرهما- قال ما لفظه: ثلم ثلمة في الدين بموت الشيخ الجليل و المولي النبيل، الذي زاد به الدين رفعة فشاد دروس العلم بعد دروسها، و أحيا موات العلم منه بهمّة يلوح علي الإسلام نور شموسها، في تألّه و تنسك، و تعلّق بالتقدّس و التمسك، و عفة و زهادة و صلاح وطّد به مهاده، و عمل زاد به علمه، و وقار حلّي به حلمه، و سخاء يخجل به البحار، و خلق يزهو علي نسائم الأسحار.
باهت به أعيان الأكابر، و فاهت بفضله ألسن الأفاخر، العالم العامل الرباني، الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني، و كان ذلك في أواخر السنة الحادية و التسعين بعد الالف.
انتقل في عنفوان شبابه و قبل بلوغ نصابه، الي بلاد فارس الطيّبة المفارغ و المغارس، لا زال أهل الفضل له محارس، و توطّن فيها بشيراز صينت عن الإعواز، و اشتغل علي علمائها بالتحصيل، و تهذيب النفس بالمعارف و التكميل، حتي فاق أترابه و أقرانه، فرقي المكارم ذراها، و برع في الأصول و الفروع فتمسك من المحامد بأوثق عراها، ثم انتقل منها إلي حيدرآباد من البلاد الهندية، لا أضحت (1) أرضها ما دامت السموات و الأرض مخضرة ندية، و وفد علي سلطانها عبد اللّه قطب شاه فاشتهر بها أمره، و علا بمساعدة الجدّ ذكره، فصار فيها رئيس الفضلاء، و ملجأ الأعاظم و الأمراء، فجمع اللّه له شمل الدين و الدنيا، و شيّد أركانهما و شاد، و أخذ لسان حاله يتمثّل بقول من أنشد و أجاد:
ما أحسن الدين و الدنيا إذا اجتمعا و أقبح الكفر و الإفلاس بالرجلت.
ص: 72
و وفد عليها والدي الماجد مدّ ظله سنة سبع و ثمانين بعد الالف من الهجرة، فأوصل إليه من السلطان ألوفا، و جعل ذلك في مسامع الفيّاضين و آذانهم قروطا و شنوفا، حسب ما اقتضته القرابة القريبة. إلي أن قال: و له رحمه اللّه تصانيف شتّي، و تعليقات لا تحصي، في علميّ التفسير و الحديث و علوم العربية و غيرها. إلي أن عدّ منها اللباب الذي أرسله إلي تلميذه العالم الجليل السيّد علي خان، و جري بينهما أبيات فيه (1).
و من ذلك تعرف ما في اللؤلؤة و هو قوله: و لم أقف للشيخ جعفر المذكور علي شي ء من المصنّفات (2)!؟
و الشيخ الفاضل الفقيه السديد في ذات اللّه الشيخ صالح بن عبد الكريم الكزكراني (3) البحراني، المتوطّن في بلاد شيراز، المنتهي إليه رئاستها، مؤلّف الرسالة في تفسير الأسماء الحسني، و أخري في الجنائز، و أخري في الخمر (4).
كلاهما عن السيد نور الدين العاملي، المتقدّم (5).0.
ص: 73
و يروي عن الشيخ صالح- المذكور-: الشيخ سليمان الماحوزي، المتقدّم ذكره (1).
(حيلولة):
و عن شيخنا صاحب الحدائق.
1- عن الشيخ عبد اللّه البلادي (2).
2- عن الفاضل الجليل الشيخ علي بن العالم الشيخ حسن بن الفاضل الشيخ يوسف- المذكور في أمل الآمل (3) بالفضل و التبحر- بن الشيخ حسن البحراني البلادي.
عن الشيخ محمّد بن ماجد بن مسعود البحراني الماحوزي، المحقّق المدقّق الفقيه، صاحب الروضة الصفوية في فقه الصلاة اليومية، و غيرها.
المتوفي في حدود سنة 1105- عام جلوس الشاه سلطان حسين الصفوي- و عمره يقرب من سبعين. و انتقلت الرئاسة بعده إلي صهره علي بنته العالم الجليل الشيخ سليمان الماحوزي الذي يروي عنه.
عن العلامة المجلسي رحمه اللّه.
(حيلولة):
و عن الشيخ عبد اللّه البلادي (4).
3- عن الشيخ محمود بن عبد السلام الأوالي البحراني، الذي بلغ مني.
ص: 74
العمر إلي ما يقرب من مائة سنة.
1- عن السيد الأجلّ المعروف بالعلّامة السيد هاشم بن السيد سليمان ابن السيد إسماعيل بن السيد جواد التوبلي البحراني، صاحب المؤلفات الشائعة الرائقة، المنتهي إليه رئاسة بلاده بعد الشيخ محمّد بن ماجد، فتولّي القضاء و الأمور الحسبيّة- كما في اللؤلؤة- أحسن قيام، و قمع أيدي الظلمة و الحكام، و نشر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بالغ في ذلك و أكثر، و لم تأخذه لومة لائم في الدين، و كان من الأتقياء الورعين، شديدا علي الملوك و السلاطين، توفي سنة 1109 أو سنة 1107 (1).
عن العالم الزاهد المتبحّر الجليل الشيخ فخر الدين بن محمّد بن علي بن أحمد بن طريح الرماحي المسلمي النجفي المعروف بالشيخ الطريحي (2)، صاحب كتاب مجمع البحرين، و المنتخب، و جامع المقال في تمييز المشتركة من الرجال، و الظاهر أنّه أوّل من أفرده بالتأليف.
و هو- كما في الرياض-: أعبد أهل زمانه و أورعهم، و من تقواه أنّه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالإبريسم و كان يخيط ثيابه بالقطن. و كان هو و ولده الشيخ صفي الدين و أولاد أخيه و أقرباؤه كلّهم علماء فضلاء صلحاء أتقياء. توفّي (رحمه اللّه) سنة 1085 (3).
و عن مفتتح المقال للشيخ حسن البلاغي النجفي أنّه توفي في رماحية، و نقل إلي النجف الأشرف و دفن في ظهر الغري، و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم2.
ص: 75
منه من كثرة الناس للصلاة عليه، و كثرة البكاء من المخالف و المؤالف (1).
عن العالم الفاضل الشيخ محمّد بن جابر النجفي (2).
عن الشيخ محمود حسام الدين الجزائري (3).
عن الشيخ البهائي (رحمه اللّه) كذا ذكر الشيخ يوسف في اللؤلؤة (4) و في إجازته للعلّامة الطباطبائي بخطه الشريف.
و لكن في إجازة العالم الفاضل حسام الدين بن جمال الدين الطريحي (5) للشيخ يونس بن الشيخ ياسين النجفي- و هي عندي بخطه- ما صورته: عن شيخي و أستاذي، و من عليه في جميع العلوم الشرعية اعتمادي، عمّي العالم العلّامة الرباني فخر المحقّقين الثاني الشهير بالطريحي النجفي المسلمي، عن شيخه الفاضل الكامل، نتيجة الإكرام الأعلام الشيخ محمود (6) حسام الدين، عن شيخه المحقق المدقق أفضل المتأخرين و أكمل المتبحّرين بهاء الملّة و الدين. إلي آخره.
و يحتمل أن يكون في الأصل الذي أخذه (الواو) بدل (عن) فعكس فين.
ص: 76
الكتابة من طغيان القلم (1).
و الحسام هذا هو حسام الدين بن درويش علي الحلي النجفي الذي يروي عنه الشيخ جعفر البحريني- المتقدّم (2) - شيخ السيد علي خان، الذي صرّح في أول شرح الصحيفة بروايته عنه بقوله: عن شيخه الفاضل زبدة المجتهدين حسام الدين الحلّي (3).
(حيلولة):
و عن الشيخ محمود بن عبد السلام البحراني (4).
2- عن العالم المتبحّر الجليل الشيخ محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين الحرّ العاملي المشغري، المتولّد ليلة الجمعة 8 رجب سنة 1033، المتوفي في الواحد و العشرين من شهر رمضان سنة 1104، صاحب التصانيف الرائقة التي منها كتاب الوسائل الذي هو كالبحر الذي ليس له ساحل. و كان متوطّنا في المشهد الرضوي، و اعطي فيه منصب قضاء القضاة و شيخوخة الإسلام.
1- عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه) (5).ة.
ص: 77
2- و عن الشيخ الجليل الأوحد الشيخ زين الدين- سبط الشهيد الثاني- المتولّد سنة 1009، المتوفي بمكة المعظّمة- بعد مجاورتها مدة- سنة 1094، المدفون مع والده في (المعلي) من مقابر مكة المشرّفة.
أ- عن شيخه- الذي قرأ عليه مدة- الشيخ البهائي.
ب- و عن والده (1) المعظّم أعجوبة الزمان في الفهم و الدقة و الفضل و الورع أبي جعفر الشيخ محمّد بن المحقّق- صاحب المعالم- صاحب المؤلفات الأنيقة التي منها شرح الإستبصار الذي هو علي منوال مجمع البيان، و قد نبّه فيه- فيما يتعلق بالسند- علي أمور تنبئ عن (2) طول تبحره، و دقة فهمه و جودة ذهنه، و أغلب ما يوجد في تعليقة الأستاذ الأكبر من المطالب الرجالية موجود فيه، و إن حقّقه و هذّبه الأستاذ بما لا مزيد عليه.
و كان من العلماء الربانيين الذين صاروا محلا للإلطاف الخاصة الإلهية.
ذكر ولده العالم الجليل الشيخ علي السبط في الدرّ المنثور: من جملة احتياطهي.
ص: 78
و تقواه أنّه بلغه أنّ بعض أهل العراق لا يخرج الزكاة، فكان كلما اشتري من القوت شيئا زكويّا زكّاه قبل أن يتصرف فيه.
و أرسل إليه الأمير يونس بن حرفوش رحمه اللّه إلي مكة المشرّفة خمسمائة قرش- و كان هذا الرجل له أملاك من زرع و بساتين و غير ذلك، يتوقي أن يدخل الحرام فيها- و أرسل إليه معها كتابة مشتملة علي آداب و تواضع، و كان له فيه اعتقاد زائد، و التمس منه أن يقبل ذلك، و أنه من خالص ماله الحلال و قد زكّاه و خمّسه فأبي أن يقبل، فقال له الرسول: إنّ أهلك و أولادك في بلاد هذا الرجل و له بك تمام الاعتقاد، و له علي أولادك و عيالك شفقة زائدة فلا ينبغي أن تجبهه بالرد، فقال: إن كان و لا بدّ من ذلك فأبقها عندك و اشتر في هذه السنة بمائة قرش منها شيئا من العود و القماش و غيره، و نرسله إليه علي وجه الهدية، و هكذا نفعل كل سنة حتي لا يبقي منه شي ء، فأرسل له ذلك تلك السنة و انتقل إلي رحمة اللّه و رضوانه.
و طلبه سلطان ذلك الزمان- عفي اللّه عنه- مرة من العراق فأبي ذلك، و طلبه من مكة المشرفة فأبي، فبلغه أنّه يعيد عليه أمر الطلب و هكذا صار فإنه عيّن له مبلغا لخرج الطريق، و كان يكتب له ما يتضمن تمام اللطف و التواضع، و بلغني أنّه قيل له: إذا لم تقبل الإجابة فاكتب له جوابا، فقال: إن كتبت شيئا بغير دعاء له كان ذلك غير لائق، و إن دعوت له فقد نهينا عن مثل ذلك، فألحّ عليه بعض أصحابه و بعد التأمّل قال: ورد حديث يتضمن جواز الدعاء لمثله بالهداية، فكتب له كتابة و كتب فيها من الدعاء: هداه اللّه، لا غير.
و أخبرتني زوجته بنت السيد محمّد بن أبي الحسن رحمه اللّه و أم ولده: إنّه لمّا توفي كن يسمعن عنده تلاوة القرآن طول تلك الليلة.
و مما هو مشهور: أنّه كان طائفا فجاء رجل و أعطاه وردا من ورود شتّي، ليست من ورود تلك البلاد و لا في ذلك الأوان، فقال له: من أين أتيت؟
ص: 79
فقال: من هذه الخرابات، ثم أراد أن يراه بعد ذلك السؤال فلم يره.
و رأيت في شرحه علي الاستبصار- و هو عندي الآن بخط الشيخ حسين المشغري رحمه اللّه و كان ممّن صاحبه و استفاد منه في مكة المشرفة- ما لفظه:
انتقل مؤلّف هذا الكتاب- و هو الشيخ السعيد الحميد بقية العلماء الماضين و خلف الكملاء الراسخين، أعني شيخنا و مولانا و من استفدنا من بركاته العلوم الشرعية من الحديث و الفروع و الرجال و غيرها- الشيخ محمّد ابن ابن الشهيد الثاني، من دار الغرور إلي دار السرور ليلة الاثنين العاشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة ثلاثين بعد الألف من هجرة سيد المرسلين صلّي اللّه عليه و آله.
و قد سمعت منه قدس اللّه روحه قبيل انتقاله بأيام قلائل مشافهة و هو يقول لي: إنّي أنتقل في هذه الأيام عسي اللّه أن يعينني عليها، و كذا سمعه غيري، و ذلك في مكة المشرفة، و دفنّاه- برد اللّه مضجعه- في (المعلي) قريبا من مزار خديجة الكبري. حرّره الفقير إلي اللّه الغني حسين بن الحسن العاملي المشغري- عامله اللّه تعالي بلطفه الخفي بالنبي و الولي و الصحب الوفي- في التاريخ المذكور. انتهي (1).
قلت: أما قصة الورد ففي البحار: أخبرني جماعة، عن جماعة، عن السيد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأسترآبادي- نوّر اللّه مرقده- أنّه قال: إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت اللّه الحرام إذ أتي شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف، فلمّا قرب مني أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه، فأخذت منه و شممته و قلت له: من أين يا سيدي؟ قال: من الخرابات، ثم غاب عني فلم أره (2). انتهي.6.
ص: 80
و السيد هذا هو استاد الشيخ محمّد رحمه اللّه و ممّن تلمّذ عليه أيام مجاورته بمكة المشرفة، و يعبّر عنه في شرحه علي الاستبصار بقوله: شيخنا المحقّق ميرزا محمّد أيّده اللّه. و أمثاله. فبملاحظة الاشتراك في الاسم، و الاتحاد في المكان و الزمان، و أصل القضية، ربّما يظن وحدة الحكاية و توهّم الراوي في أحدهما، و يحتمل التعدد، فما هو من ألطاف اللطيف العزيز بعزيز.
و أمّا شرح الاستبصار فالنسخة التي أشار إليها هي بعينها موجودة عندي- بحمد اللّه تعالي- و في ظهرها خطّ الشيخ علي ولده (رحمه اللّه).
و في أمل الآمل: الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري كان فاضلا صالحا جليل القدر شاعرا أديبا قرأ عليّ. انتهي (1).
ثم قال في الدر المنثور: و قال له بعض أصحابه: إنّه بعد هذا يرسل إليك السلطان علي وجه لا يمكنك إلّا السفر إلي بلاده، فكان يدعو اللّه سبحانه أنّه إن كان يعلم أنّ هذا الأمر يلزمه، و أنّ وفاته خير له- بحسب الآخرة- ان يتوفّاه، و بعد ذلك كان يقول: إنّي أنتقل قريبا و قد استجيب دعائي. انتهي (2).
و قال الفاضل المولي مظفّر المنجّم في التنبيهات ما حاصله: إنّ العقرب كان برج الإسلام، و إن بعثة النبي صلّي اللّه عليه و آله كان حين اقتران العلويين في العقرب، و إنه كلّما رجع المرّيخ فيه حدث في الإسلام حادثة صارت سببا لضعفه و وهنه، و عدّ من ذلك سوانح. إلي أن قال: و في سنة 1030 رجع المريخ في العقرب، و كان حال المشتري في الضعف، و بعد التفكّر و التدبّر وقع في خاطري أنه يموت من العلماء شخص يصل بسببه و هن في الإسلام، و لمّا3.
ص: 81
كان الأفضل الأكرم الشيخ بهاء الدين العاملي غلب في ظني أنه يموت، فقلت ذلك للسلطان مدّ ظله- و أراد به المرحوم الشاه عباس الماضي- و ذلك في قصبة أشرف من كور طبرستان، و توفي (رحمه اللّه) بعد ذلك بأشهر، و في هذه السنة الشيخ محمّد بن الشيخ زين الدين (1) - و كان كاملا في الزهد و العلم، و أذعن جماعة باجتهاده- انتقل في الحجاز الي عالم البقاء. انتهي (2).
و كان مولده في شعبان سنة 980.
1- عن والده (3) العالم المحقّق المدقّق النقّاد أبي منصور جمال الدين الشيخ حسن، المتولّد في 17 شهر رمضان سنة 959 علي الأصح، المتوفي سنة 1011، صاحب المعالم، و منتقي الجمان في الأحاديث الصحاح و الحسان، و التحرير الطاووسي. و غيرهما، ممّا ينبئ عن جودة فهمه و دقته و طول باعه، و بلوغه الغاية من التحقيق و التهذيب، و كان هو و السيد صاحب المدارك- كما في الدر المنثور و غيره-: كفرسي رهان و رضيعي لبان، و كانا متقاربين في السن، و بقي بعد السيد بقدر تفاوت ما بينهما من السن تقريبا (4)، و كتب علي قبر السيدة.
ص: 82
محمّد رِجٰالٌ صَدَقُوا مٰا عٰاهَدُوا اللّٰهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضيٰ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مٰا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (1).
و كانا مدة حياتهما إذا اتفق سبق أحدهما إلي المسجد و جاء الآخر يقتدي به في الصلاة، بل كان كلّ منهما إذا صنّف شيئا عرضه علي الآخر ليراجعه فيتفقان فيه علي ما يوجب التحرير، و كذا إذا رجّح أحدهما مسألة و سئل عنها الآخر يقول: ارجعوا إليه فقد كفاني مؤنتها (2).
قال في الدر: بلغ من التقوي و الورع أقصاهما، و من الزهد و العبادة منتهاهما، و من الفضل و الكمال ذروتهما و أسناهما، و كان لا يجوز قوت أكثر من أسبوع أو شهر- الشك مني فيما نقلته عن الثقات- لأجل القرب إلي مساواة الفقراء و البعد عن التشبّه بالأغنياء.
قال: و سمعت من بعض مشايخنا و غيرهم، أنّه لما حجّ كان يقول لأصحابه: نرجو من اللّه سبحانه أن نري صاحب الأمر عليه السلام فإنّه يحج في كل سنة، فلمّا وقف بعرفة أمر أصحابه أن يخرجوا من الخيمة ليتفرّغ لأدعية عرفة و يجلسوا خارجها مشغولين بالدعاء، فبينما هو جالس إذ دخل عليه رجل لا يعرفه فسلّم و جلس، قال: فبهت منه و لم أقدر علي الكلام، فكلّمني بكلام- نقل لي و لا يحضرني الآن- و قام، فلمّا قام و خرج خطر ببالي ما كنت رجوته و قمت مسرعا فلم أره، و سألت أصحابي، قالوا: ما رأينا أحدا دخل عليك، و هذا معني ما سمعته (3).
و قال المحدّث الجزائري في الأنوار النعمانية: و قد حدّثني أوثق مشايخي أنّ السيد الجليل محمّد- صاحب المدارك- و الشيخ المحقق الشيخ حسن-9.
ص: 83
صاحب المعالم- قد تركا زيارة المشهد الرضوي- علي ساكنه أفضل الصلاة- خوفا من أن يكلّفهم الشاه عباس الأول بالدخول عليه، مع أنه كان من أعدل سلاطين الشيعة، فبقيا في النجف الأشرف و لم يأتيا إلي بلاد العجم احترازا من ذلك المذكور (1).
و من مؤلفاته: الاثني عشرية في الصلاة. قال العالم السيد حسين القزويني في جامع الشرائع (2): و شرحها شيخنا البهائي شرحا وجيزا، و هو عندي بخطه.
قلت: و شرحها أيضا السيد الجليل الأمير شرف الدين علي بن حجة اللّه الحسيني الشولستاني شرحا كبيرا جيدا.
و كان (رحمه اللّه) يعرب المواضع المشتبهة من الأحاديث بل جميعها- كما رأينا من نسخ المنتقي المعروضة عليه- عملا بما رواه الكليني و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: «أعربوا أحاديثنا فإنّا قوم فصحاء» (3). و للحديث معني آخر لعله أظهر- كما صرّح به شرّاح الأحاديث- بأن يكون المراد إظهار الحروف و إبانتها بحيث لا تشتبه بمقارباتها، و إظهار حركاتها و سكناتها بحيث لا يوجب اشتباها، أو المراد إعرابه عند الكتابة بأن يكتب الحروف بحيث لا يشتبه بعضها ببعض. و علي ما رجّحه (رحمه اللّه) فالمراد أن يجعل عليها ما يسمي اليوم عند الناس إعرابا. و كيف كان، فرعاية الجميع أحوط كما صرّح به المجلسي في المرآة (4).3.
ص: 84
ج- و عن ابن عمته السيد السند و الركن المعتمد شمس الدين محمّد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعيّ، الفقيه المحقق المدقّق الزاهد، صاحب المدارك، و شارح النافع- من كتاب النكاح إلي آخر كتاب النذر-. المتولّد في سنة 946، المتوفي ليلة السبت 18 ربيع الأول سنة 1009 في قرية جبع.
و كان شريك خاله (1) في المشايخ الذين قرأ عليهم في الشام و العراق، و رويا عنهم، و هم علي ما عثرنا عليه خمسة:
الأول: العالم الفاضل الشيخ أحمد بن الحسن بن سليمان العاملي النباطي (2).
و هو يروي عن شيخنا الشهيد الثاني (رحمه اللّه).
الثاني: السيد نور الدين علي بن السيد الزاهد الحسين بن أبي الحسن الموسوي، تلميذ الشهيد الثاني و صهره علي بنته، والد صاحب المدارك منها، و والد السيد نور الدين المتقدم (3) من أمّ صاحب المعالم، يروي عنه أيضا الأمير فيض اللّه التفريشي. و المحقّق الداماد.
قال في مسند بعض الإحراز المروية عن الأئمة عليهم السلام- كما في الرياض-: و من طريق آخر رويته عن السيد الثقة الثبت، المركون إليه في فقهه، المأمون في حديثه، علي بن أبي الحسن العاملي (رحمه اللّه تعالي) قراءة0.
ص: 85
و سماعا و إجازة، سنة ثمان و ثمانين و تسعمائة من الهجرة المباركة النبوية، في مشهد سيدنا و مولانا أبي الحسن الرضا صلوات اللّه و تسليماته عليه بسناباد طوس، عن زين أصحابنا المتأخرين زين الدين (1) بن علي بن أحمد بن محمّد بن علي بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن شرف العاملي- رفع اللّه درجته في أعلي مقامات الشهداء الصديقين-. انتهي (2).
و هذا السيد قد يعبّر عنه بالسيد علي بن أبي الحسن الموسوي، و تارة بالسيد علي بن الحسين بن أبي الحسن (3)، فلا تظنن التعدّد كما توهمه بعضهم.
الثالث: العالم الفقيه السيد علي بن الحسين بن محمّد بن محمّد الشهير بابن الصائغ، و بالسيد علي الصائغ، الحسيني العاملي الجزيني، شارح الشرائع و الإرشاد، و يروي عنه المولي الأردبيلي أيضا- كما صرّح به العلّامة المجلسي في أول الأربعين (4).
و قال الشيخ علي السبط في الدر المنثور بعد ذكر جدّه صاحب المعالم:
و قد كان والده- يعني الشهيد قدّس اللّه روحه- علي ما بلغني من جماعة من مشايخنا و غيرهم، له اعتقاد تام في المرحوم المبرور العالم الفاضل السيد الصائغ، و أنه كان يرجو من فضل اللّه إن رزقه اللّه ولدا أن يكون مربية و معلّمه السيد علي الصائغ- المذكور- فحقق اللّه رجاه و تولّي السيد علي الصائغ و السيد علي بن أبي الحسن (رحمهما اللّه) تربيته إلي أن كبر، و قرأ عليهما- خصوصا علي السيد علي الصائغ- هو و السيد محمّد- يعني صاحب المدارك- أكثر العلوم التي5.
ص: 86
استفاداه من والده من معقول و منقول، و فروع و أصول، و عربية و رياضي.
انتهي (1).
و فيه عن ابن العودي في رسالته في أحوال الشهيد، قال في الفصل الثالث المعقود لذكر تلامذته: و منهم السيد الجليل، الفاضل العالم الكامل فخر السادة و الأعلام، و أعلم العلماء الفخام، و أفضل الفضلاء في الأنام، السيد علي بن السيد الجليل النبيل حسين الصائغ العاملي- أدام اللّه توفيقه- قرأ عليه و سمع جملة نافعة من العلوم في المعقول و المنقول و الأدب، و غير ذلك. و كان- قدّس اللّه لطيفته- له به خصاصة تامة (2).
الرابع: العالم الرباني و الفقيه المحقق الصمداني، المولي أحمد بن محمّد الأردبيلي، المتوفي سنة 993. الذي غشي شجرة علمه و تحقيقاته أنوار قدسه و زهده و خلوصه و كراماته.
و في الأنوار النعمانية للسيد نعمة اللّه الجزائري: إنه (رحمه اللّه) كان في عام الغلاء يقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة و يبقي لنفسه مثل سهم واحد منهم، و قد اتفق أنّه فعل في بعض السنين الغالية ذلك فغضبت عليه زوجته، و قالت: تركت أولادنا في مثل هذه السنة يتكفّفون الناس. فتركها و مضي عنها إلي مسجد الكوفة للاعتكاف، فلمّا كان اليوم الثاني جاء رجل مع دواب حملها الطعام الطيب من الحنطة الصافية و الطحين الجيد الناعم، فقال: هذا بعثه إليكم صاحب المنزل و هو معتكف في مسجد الكوفة، فلمّا أن جاء المولي من الاعتكاف أخبرته زوجته بأن الطعام الذي بعثته مع الأعرابي طعام حسن، فحمد اللّه تعالي، و ما كان له خبر منه (3).2.
ص: 87
و فيها و في الروضات عن حدائق المقربين للأمير محمّد صالح الخاتون آبادي: أنّه كان كثيرا يخرج من النجف الأشرف إلي زيارة الكاظمين عليهما السلام علي دابّة الكراء، فاتفق أنّه خرج في بعض أسفاره و لم يكن معه مكاري الدابّة، فلمّا أراد أن يخرج من الكاظمين أعطاه بعض أهل بغداد رقيمة يوصلها إلي بعض أهل النجف الأشرف، فأخذها و ضبطها في جيبه، ثم لم يركب بعد علي الدابّة فكانت تمشي هي قدّامه إلي النجف، و يقول: أنا لم أؤذن من المكاري في حمل هذه الرقيمة. (1).
قلت: أخذ (رحمه اللّه) هذه السنّة من الشيخ الأقدم صفوان بن يحيي، قال النجاشي: حكي أصحابنا أنّ إنسانا كلّفه حمل دينارين إلي أهله إلي الكوفة، فقال: إنّ جمالي مكرية و استأذن الأجراء، و كان من الورع و العبادة علي ما لم يكن عليه أحد في طبقته (2).
و في فهرست الشيخ: قال له بعض جيرانه من أهل الكوفة و هو بمكة:
يا أبا محمّد، احمل لي إلي المنزل دينارين، فقال له: إنّ جمالي مكراة قف حتي استأذن من جمّالي (3).
قال (رحمه اللّه): و حكوا أيضا أنّه كان إذا أراد الحركة إلي الحائر المقدّس لأجل الزيارات المخصوصة يحتاط في صلاته بالجمع بين القصر و الإتمام، و يقول: إنّ طلب العلم فريضة و زيارة الحسين عليه السلام سنّة، فإذا زاحمت السنّة الفريضة يحتمل تعلّق النهي عن ضد الفريضة بها و صيرورتها من أجل ذلك سفر معصية، مع أنه كان في الذهاب و الإياب لا يدع مهما استطاع6.
ص: 88
مطالعة الكتب و التفكّر في مشكلات العلوم (1).
و في الثاني (2): و حكي أيضا أنّ بعض زوّار النجف أصابه في الطريق فلم يعرفه لرثاثة أثوابه، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره و قال: أريد أن تزيح عنها درن الطريق فتقبّل منه ذلك، و باشر بنفسه قصارتها و تبييضها إلي أن فرغ منها، فجاء بها إلي الرجل ليسلّمها فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة، و جعل الناس يوبّخونه علي هذا العمل و هو يمنعهم عن الملامة و يقول: إنّ حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل ثياب.
قال: و كان يلبس ما يصل إليه بطريق الحلال رديا كان أم سنيّا، و يقول: إنّ المستفاد من الأحاديث الكثيرة، و طريقة الجمع بين الأخبار، أنّ اللّه يحب أن يري أثر ما ينعمه علي عباده عند السعة، كما يحب الصبر علي القناعة عند الضيق، فكان لا يردّ من أحد شيئا، و متي التمس أحد منه أن يلبسه شيئا من الأثواب النفيسة يلبسها، و تكرّر أنه يهدي إليه شي ء من العمامات الغالية التي تعادل قيمتها ما يكون من الذهب الخالص فيخرج به إلي الزيارة، ثم إذا طلب أحد من السائلين شيئا منه يخرق قطعة منه لأجله، و هكذا إلي أن يبقي إلي رأسه ذراعا من ذلك الثوب النفيس عند وروده إلي بيته (3)، و ذكر ما يقرب منه في الأنوار أيضا (4).
و قال السيد نعمة اللّه الجزائري في المقامات (5): إنّ المولي أحمد الأردبيلي7.
ص: 89
- عطّر اللّه ضريحه- كان له من العلم رتبة قاصية، و من الزهد و التقوي و الورع درجة اقصي، و كان من سكّان حرم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، و قد اطلع عليه أفضل تلاميذه و أتقاهم، أنّه كان يراجع في الليل ضريح الإمام عليه السلام فيما اشتبه عليه من المسائل و يسمع الجواب، و ربّما يحيله في المسائل علي مولانا صاحب الدار عليه السلام إذا كان في مسجد الكوفة.
و مع تلك الأعمال الخالصة من أعراض الدنيا رآه بعض المجتهدين بعد موته في هيئة حسنة و زيّ عجيب و هو يخرج من الروضة العلوية علي مشرفها السلام، فسأله أي الأعمال بلغ بك إلي هذه الحال لنتعاطاه؟ فأجابه: أنّ سوق الأعمال رأيناه كاسدا و لا نفعنا إلّا ولاية صاحب هذا القبر و محبته.
قال: و كتب كتابا إلي الشاة طهماسب علي يد رجل سيد لإعانته، فلمّا وصلت الكتابة إليه قام تعظيما لها و قرأها، فإذا فيها وصفه بالاخوة، فقال: عليّ بكفني، فاحضر كفنه و وضع الكتاب فيه، و أوصي إذا دفنتموني فضعوا الكتاب تحت رأسي أحتج به علي منكر و نكير بأنّ المولي أحمد الأردبيلي سمّاني أخا له.
و له كتابة مختصرة إلي الشاة عباس الأول علي يدي رجل- كان مقصرا في الخدمة- التجأ إلي مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و طلب من الأردبيلي- نوّر اللّه ضريحه- أن يكتب إلي السلطان المذكور أن لا يؤذيه، و الكتابة بالفارسية هكذا:
باني ملك عاريت عباس بداند اگر چه اين مرد اوّل ظالم بود اكنون مظلوم مي نمايد چنانچه از تقصير او بگذري شايد حق سبحانه و تعالي از پاره اي از تقصيرات تو بگذرد.
كتبه بندۀ شاه ولايت أحمد الأردبيلي (1).ي.
ص: 90
جواب: به عرض مي رساند عباس كه خدماتيكه فرموده بوديد به جان منّت داشته بتقديم رسانيد اميد كه اين محب را از دعاي خير فراموش نكنند.
كتبه كلب آستان علي عباس (1). انتهي.
و كان الشاه عباس الماضي يبالغ في تعظيمه، و يرسل إليه بكل جميل من المرسول، و يستدعي من جنابه التوجّه إلي إيران، و هو (رحمه اللّه) يكتب إليه في الجواب التحاشي الشديد عن قبول ذلك، و الرضا بما أنعم اللّه عليه من التوفيق للمقام هنالك.
و مما يناسب هذا المقام- بل يجب التعرض له- بيان صحة نسبة كتاب حديقة الشيعة إليه- كما هو المشهور- و صرّح به في أمل الآمل (2)، و أكثر النقل عنه في رسالته التي ردّ فيها علي الصوفية معبّرا عنه بقوله: أورد مولانا الفاضل الكامل العامل المولي أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة. إلي آخره (3).
و المحدّث البحراني في اللؤلؤة، و نقله أيضا عن شيخنا المحدّث الصالح عبد اللّه بن صالح، و الشيخ العلّامة الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني.
و غيرهم، قال: فلا يلتفت إلي إنكار بعض أبناء هذا الوقت أنّ الكتاب ليس له و أنّه مكذوب عليه، و نقل ذلك عن الآخوند المجلسي و لم يثبت. انتهي (4).0.
ص: 91
و النقّاد الخبير صاحب رياض العلماء كما يأتي (1).
و هؤلاء الخمسة (2) من أساتيذ هذا الفن و كفي بهم شاهدا، و يؤيد ما ذكروه ما في الكتاب من الحوالة إلي كتابه زبدة البيان في شرح آيات أحكام القرآن.
قال في طيّ أحوال الصادق عليه السلام: و در باب ابو هاشم كوفي كه واضع اين مذهب است، احاديث وارد است، از آنها يكي اين است كه علي ابن الحسين بن موسي بن بابويه قمي (رضوان اللّه عليه) در كتاب قرب الاسناد خود روايت مي كند از سعد بن عبد اللّه از محمّد بن عبد الجبار از حضرت امام حسن عسكري عليه السلام، كه آن حضرت فرمود، كه پرسيدند از حضرت ابي عبد اللّه- يعني امام جعفر صادق عليه السلام- حال ابو هاشم صوفي كوفي را، آن حضرت فرمود كه: (إنّه كان فاسد العقيدة جدّا، و هو الذي ابتدع مذهبا يقال له: التصوف، و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة) در بعضي از روايات است كه از علي بن الحسين مذكور هم بسند ديگر روايت كرده كه آن حضرت فرمود:
(و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة لنفسه و أكثر الملاحدة، و جنّة لعقائدهم الباطلة) (3).
و اين كتاب شريف بخط مصنف به دست اين فقير افتاده در آن حديثي ديگر در باب اين گروه مسطور است كه در آن نماز جمعه از معصوم سؤال كرده اند كه اگر بيشتر آن را ديده بودم در كتاب زبدة البيان روشن تر از آن سخن4.
ص: 92
مي گفتم (1).
و قال (رحمه اللّه) في شرح الآية الشريفة إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلٰائِكَتَهُ. الآية (2)6.
ص: 93
بعد كلام طويل و اختيار وجوب الصلاة علي النبي صلّي اللّه عليه و آله في التشهد ما لفظه: اما در غير نماز خلاف است بعضي گويند در هر مجلسي يك بار واجبست و بعضي برآنند كه در مدت عمر يك بار واجبست و مذهب ابن بابويه آن است كه هرگاه در نماز آن حضرت مذكور شود صلوات فرستادن بر او واجبست، و اين أصحّ است، چه اين دلالت بر رفعت شأن و احسان او مي كند، و ما به آن مأموريم، و اگر چنين نباشد مثل ذكر بعض از ما بعض را خواهد بود و اين منهي است و حقتعالي فرموده لٰا تَجْعَلُوا دُعٰاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعٰاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً يعني مگردانيد خواندن رسول را چون خواندن بعضي از شماها بعضي را.
مرويست كه پرسيدند: يا رسول اللّه چگونه است قول حقتعالي كه مي فرمايد: إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلٰائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَي النَّبِيِّ؟ يعني سرّ اين چيست كه حقتعالي گفته بدرستيكه خداي تعالي
ص: 94
و ملائكه او صلوات بر پيغمبر مي فرستند؟ آن حضرت در جواب فرمود: كه اين از علم مكنون است، يعني پوشيده از خلائق، و اگر سؤال نمي كرديد از آن خبر نميدادم! حقتعالي دو فرشته را بر من موكل گردانيده، و نام برده نمي شوم من نزد بندۀ مؤمني كه بر من صلوات بفرستد مگر آن كه آن دو فرشته مي گويند، حقتعالي تو را بيامرزد، پس حقتعالي و ملائكه در جواب آن دو ملك مي گويند:
آمين، و ذكر كرده نمي شوم نزد مسلمانان كه صلوات بر من نفرستند الا انكه آن دو ملك گويند: نيامرزد خداي تعالي تو را، و خدا و ملائكه در جواب ايشان.
ص: 95
و هذه العبارة كالترجمة لعبارته في زبدة البيان فراجع.
و مثله في التأييد الحوالة في الكتاب إلي شرح الإرشاد، قال (رحمه اللّه) في شرح نزول سورة هل أتي (1) في أهل البيت عليهم السلام ما لفظه: و بايد دانستكه ايثار حضرت امير المؤمنين عليه السلام اقوي دليل است بر آن كه هر چند كسي صرف مال خود را در خيرات و تصدقات كند اسرافش نتوان گفت، چه برغبتي كه در آن فعل از آن حضرت واقع شده بر نفقه كردن و تصدق نمودن زياده از حدّ حصر است، و كدام ترغيب زياده بر اين تواند بود كه آن چهار برگزيدۀ كردكار و خادمۀ ايشان سه روز متصل روزه دارند و بغير قرص جوي از براي افطار ايشان چيزي نباشد و آن را هم قرض كرده باشند و باز ايشان را روزه بايد گرفت و در روز دراز و هواي گرم مدينه در آن حالت كه ايشانرا بغير از براي افطار و سحور چيزي نباشد بر آن بي چيزي صبر كنند و از سر آن جو نيز گذشته آن را بفقير و محتاج دهند و باب افطار نمايند چنانكه در شرح ارشاد فقه اين فقير نوشته، بتقريب مذكور كشته، در كتاب زكاة در تحت آية يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (2)، انتهي (3).).
ص: 96
و الظاهر انه (رحمه اللّه) كتبه في كتاب الصدقة، و هو من جملة ما ضاع من شرح الإرشاد كما صرّح به السيد الجليل السيد حسين القزويني في مقدمات جامع الشرائع، قال (رحمه اللّه): له تأليفات حسنة منها شرح الإرشاد، و قد ظفرت بأكثره و لم أظفر بشرح كتاب النكاح و الطلاق و العتق إلي كتاب المواريث إلّا المأكل و المشارب في البين.
و الظاهر انه (رحمه اللّه) أتمه- و لكن ضاع من حوادث الزمان- علي ما يظهر من بعض كلماته في شرح آيات الاحكام. انتهي.
قلت: و كذا كتاب العطايا و الوصايا إلّا قليلا من كتاب الهبة.
و قال (رحمه اللّه) في أواخر أحوال الحجة عليه السلام: و در رساله فارسيه اين فقير نوشته كه اعتقاد بايد كرد كه صاحب الزمان پسر امام حسن عسكري عليهما السلام است، و امام بحقّ از روزي كه پدرش دنيا را وداع نمود تا آن روز كه ظاهر شود و تا آن روز كه رحلت فرمايد. و اجماع اصحاب ما بر اين منعقد است و اخبار بر اين متواتر (1). انتهي.ة.
ص: 97
و هذه الرسالة في أصول الدين له (رحمه اللّه) نقل عنه الخاتون آبادي في تاريخه، و ستعلم انّها هي التي أشار إليها.
و قال في الأصل الأول من مقدمة الكتاب: و در رساله اثبات واجب ياد كرده ايم كه امام آن شخصي است كه حاكم باشد بر خلق از جانب حقتعالي بواسطه آدمي در امور دين و دنياي ايشان (1). إلي آخره.
و قال في آخر هذا الأصل: و ما در رساله اثبات واجب در باب اجماع چند كلمه سودمند ياد كرديم هر كه را انصاف باشد همان او را كافي است (2). إلي آخره، و هذه الرسالة كالتي تقدمت كما ستعرف.
ثم إنّ من عجيب السرقة التي وقعت لبعض من لم يجد بزعمه وسيلة إلي جلب الحطام إلّا التدثر بجلباب التأليف، و إن لم يكن له حظ في الكلام، أنّه سافر إلي الهند و سكن بلدة حيدرآباد في عهد السلطان عبد اللّه قطبشاه الإمامي، و صار من خدمه و أعوانه علي ما صرّح به نفسه، ثم عمد إلي كتاب حديقة الشيعة فأسقط الخطبة و ثلاثة أسطر تقريبا من بعدها، ثم كتب خطبة و ذكر بعدها ما حاصله: إنّ الإمامة من أهم أمور الدين، فوقع في خاطري أنه.
ص: 98
أكتب رسالة علي حدة في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، و نفي الخلافة عن أعدائه بالفارسية- ثم جعلها هدية إلي السلطان المذكور أداء لبعض حقوقه عليه و علي ولده و من يتعلق به- ثم قال: رتّبتها علي مقدمة و باب و خاتمة.
و ذكر في المقدمة أصلين، و في الباب اثني عشر فصلا، و في الخاتمة نكتا متفرقة، و ذكر فهرست ما في الفصول، ثم شرع في السرقة من دون تعب و مشقة في تلخيص أو إيجاز أو تغيير عبارة، إلّا في مواضع قليلة أسقط بعض الكلمات أو زاده، و أدرج فيه بعض الأشعار.
نعم أسقط في أحوال الصادق عليه السلام تمام ما يتعلق بأحوال الصوفية و ذمّهم لميل السلطان إليهم. ثم انّه لمّا وصل إلي المواضع التي أشرنا إليها أنّ المولي الأردبيلي أحال المطلب إلي بعض مؤلفاته، رأي أنّ في إسقاطه إخلالا بالكلام، و في إبقائه خوف الافتضاح، فلعلّ الناظر يسأله عن تلك المؤلّفات.
فقال في الأصل الأول: مولانا احمد اردبيلي در رساله اثبات واجب فرموده كه امام شخصي است. إلي (1) آخر ما في الحديقة.
و قال في شرح سورة هل أتي: و ملا احمد اردبيلي در شرحي كه بر ارشاد فقه نوشته گفته است كه ايثار حضرت امير عليه السلام. إلي آخر ما في الحديقة (2).
و قال في أحوال الحجة عليه السلام: علامه اردبيلي در اعتقادات خود3.
ص: 99
نوشته كه اعتقاد بايد كرد. إلي آخر ما مرّ و آخر ما في الحديقة (1).
ثم أسقط من آخر الحديقة أسطرا، و شرع في مدح السلطان شاه إسماعيل أول السلاطين الصفوية و السلطان المذكور، و أنشأ أبياتا أوّله:
شكر حق را كه اين خجسته كتاب كه در او نيست غير صدق و صواب
. إلي أن قال:
بود پنجاه و هشت بعد هزار كه بپايان رسيد اين گفتار
(2) انتهي ما أردنا نقله من هذا الكتاب المسروق الذي من تأمّله لا يرتاب في كون الحديقة للمولي المذكور.
و عندي رسالة بالفارسية ألّفت في حياة المولي المزبور و أوّلها- بعد الحمد و الصلاة-: أمّا بعد: بدان اي وليّ مؤمن كه چون اين فقير از مطالعه كتاب حديقة الشيعة كه از مصنفات علامة اردبيلي است فارغ گرديد جمعي از دوستان التماس نمودند كه بابي را كه در بيان مذاهب و عقائد صوفيه است از آن كتاب انتخاب نمايد إيجابا لملتمسهم بترقيم آن پرداخت و آن را رساله منفرده ساخت پس بايد دانست كه علامه زمانه و متبحر يگانه مولانا احمد اردبيلي خلّد اللّه تعالي أيام إفاداته و أيّد أوقات إفاضاته در آن كتاب در ضمن حالات حضرت امام جعفر صادق عليه السلام بتقريبي مي فرمايد. إلي آخره.ث.
ص: 100
و ذكر الكاتب في آخر الرسالة: از فضل ايزد متعال بتاريخ بيست و هشتم شهر شوال اين رساله متبركه باتمام رسيد سنة 1169 يك هزار و يك صد و شصت و نهم از هجرت نقل از كتاب خطّ تقوي شعاري ميرزا احمد شيرازي سلّمه اللّه الغني مطابق سنۀ سيّم از جلوس عالم گير شاهي (1). انتهي.
مع أنّه يكفي في هذا المقام تصريح أستاذ هذا الفن العالم المتبحّر الخبير البارع الآميرزا عبد اللّه الأصفهاني، قال في رياض العلماء في ترجمة العطّار (2) المعروف: قال محمّد بن غياث الدين محمّد المشهور بجلال الدين أمير سيد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولي أحمد الأردبيلي بالفارسية (3) إلي أخره.).
ص: 101
و قال أيضا في ترجمة الشيخ الجليل نصير الدين عبد اللّه بن حمزة الطوسي: و من مؤلفات هذا الشيخ كتاب إيجاز المطالب في إبراز المذاهب، نسبه إليه السيد جلال الدين محمّد بن غياث الدين محمّد في تلخيص كتاب حديقة الشيعة للمولي أحمد الأردبيلي، و ينقل (1) عنه: إلي آخره و فيه قرينة أخري علي صحة النسبة كما لا يخفي.
فمن الغريب بعد ذلك كلّه ما في الروضات بعد نقل صحة النسبة عن المشايخ الأربعة المتقدمة: و قد نفاها بعضهم- و نقل ذلك عن سميّنا المجلسي و لم يثبت عنه- لفقد الدليل عليها، و لكثرة نقله عن الضعاف التي لا أثر لها من الكتب المعتمدة، أو لوجود مضمون الكتاب بعينه في بعض كتب الشيعة الأعاجم المتقدّمين- إلّا قليلا من ديباجته كما قيل- أو لبعد التأليف بهذا السوق و اللسان من مثله، و في مثل الغري السري العربي (2). انتهي.
قلت: أمّا النقل عن الضعاف فهو كلام صادر عمّن لم ينظر إلي الكتاب، و لا عهد له بمؤلفات الأصحاب في هذا الباب، أو لا معرفة له بالسليم و السقيم، و الضعيف و الصحيح، فإنّهم في مقام الرّد علي العامة و الطعن علي أئمتهم، ينقلون عن كتب المخالفين من صحاحهم و تفاسيرهم، و إن كان جميعها عندنا من أضعف الضعاف، و في مقام ذكر الفضائل و المعاجز يتساهلون في طرقها، و يتسامحون في النقل و الأسانيد، غير أنّهم يلاحظون الكتب المنقولة فلا يخرجونهما إلّا عن المعتبرة منها بالاعتماد علي مؤلفها. و من تأمّل في الكتاب المذكور لا يري فرقا بينه و بين ما تقدّمه من مؤلفات العلّامة و ابن شهرآشوب و غيرهما في هذا الباب. مع أنّ جلّ ما ينقل عنه ممّا نقله عنه بعده3.
ص: 102
الأصحاب كصاحب البحار و الوسائل، و الباقي أيضا من الكتب المعتبرة و إن لم يصل إليهم كمؤلّفات عماد الدين حسن بن علي الطبرسي صاحب كامل البهائي و أسرار الإمامة و غيرها.
و أمّا وجود مضمونه في كتاب آخر، فقد عرفت حقيقة الحال، و البعد الذي ذكره أشبه بكلام الأطفال.
فظهر ممّا ذكرناه من شهادة هؤلاء المشايخ الذين هم المرجع في أمثال هذا المقام خصوصا صاحب الرياض.
و كذا شيخنا صاحب الوسائل مع ما عرفت من طريقته من شدة تحرّزه عن النقل عن الكتب التي لم يعرف مؤلفها، و جزمه بالنسبة، و نقله منه، مع قرب عهده بالمولي المذكور.
و كذا الشيخ سليمان الذي يعبّر عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة بالمحقق البحراني (1) مضافا إلي بعد الوضع لعدم الدواعي، بل و عدم إمكان النسبة عادة إلي مثل المولي المزبور الذي هو في عصره من رؤساء المذهب و أساتيذ العلماء، و لم تكن تشتبه مؤلّفاته عليهم خصوصا مثل هذا الكتاب الكبير.
و قد كان المعروفون من تلامذته في قرب عصرهم كالعالمين الجليلين النبيلين الأمير فضل اللّه التفريشي و الأمير علام، و لما سئل المولي المقدّس عند وفاته عمّن يستحق أن يرجع إليه بعده؟ قال: أمّا في الشرعيّات فإلي الأمير علام، و أمّا في العقليات فإلي الأمير فضل اللّه. و غير ذلك من القرائن أنه لا ينبغي التردّد في كونه من مؤلفاته.
و سمعت من بعض المشايخ: أنّ أصل هذه الشبهة من بعض من انتحل التصوّف من ضعفاء الإيمان لمّا رأوا في الكتاب من ذكر قبائح القوم و مفاسدهم،9.
ص: 103
مع ما عليه مؤلفه من القدس و التقوي و المقبولية عند الكافة، فدعاهم ذلك إلي إنكار كونه منه تشبّثا منهم بما هو أوهن و أوهي من بيت العنكبوت.
الخامس- من مشايخهما (1) -: الشيخ الجليل الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد شيخنا البهائي، الآتي ذكره (2).
و هؤلاء المشايخ يروون عن شيخنا الشهيد الثاني، غير المولي المقدّس المحقّق الأردبيلي فإنّه يروي عن السيد علي الصائغ- المتقدّم عنه- و لم أعثر له علي شيخ غيره.
(حيلولة):
و عن شيخنا صاحب اللؤلؤة.
3- عن المولي الجليل رفيع الدين بن فرج الجيلاني الرشتي (3) - المجاور لمشهد الرضا عليه السلام- قال الشيخ المذكور في إجازته للعلّامة الطباطبائي:
و هذا الطريق أعلي طرقي لقلّة الوسائط فيها. انتهي.
و ذلك لأنه يروي عن العلّامة المجلسي بلا واسطة، و العجب أنّه مع ذلك لم يترجم له في اللؤلؤة.
و في تتميم أمل الآمل بعد الترجمة: طلع شارق فضيلته فاستضاء منه جملة من بني آدم، و أضاء بارق تحقيقه فاستنار منه العالم. و ساق شطرا من مراتبه في العلوم العقلية و النقلية، قال: و أمّا القوة العملية ففي الأخلاق الحسنة لم يكن له نظير و لا عديل، و في أعمال العبادات الشرعية لم يوجد له مثيل و لا بديل. إلي آخر ما ذكره في كلام طويل (4).1.
ص: 104
و ذكره في الرياض (1)، و السيد الجليل السيد عبد اللّه الجزائري في إجازته الكبيرة (2)، ذكرنا كلامهم في شرح حاله و مؤلفاته في رسالتنا (الفيض القدسي في شرح حال المجلسي (3)) فإنه كان أحد أصهارهم، فانّ زوجته بنت العالم النحرير الأمير أبو المعالي الكبير، و أمها بنت العالم المولي محمّد صالح المازندراني، و أمها العالمة الجليلة بنت المجلسي الأول. توفي في عشر سنين بعد المائة و الألف و عمره- كما في التتميم (4) - قريب من مائة.
عن العلامة المجلسي (رحمه اللّه) (5).
(حيلولة):
و عن آية اللّه بحر العلوم (6).
ح: [ثامنهم] عن العالم المتبحّر الجليل الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي- صاحب تتميم الأمل- و هو أيضا يروي عن بحر العلوم، بل صنّف التتميم بأمره، قال في أوّل الكتاب بعد كلام طويل: كنت أتردّد أرفع رجلا و أضع أخري، و أتحيّر أقدّم قدما و أؤخر غير الأولي، إلي أن وقع أمر من امتثاله من أفيد الأمور في اقتناء الثواب، و الإقبال إلي خطابه و تلقّيه بالقبول من أصوب الصواب، و هو السيد الأجل الفاضل إلي (7) آخر ما عدّ من مناقبه غير الوافية. و قد ذكر السيد في ظهر هذا الكتاب- بخطه- شطرا من فضائل المولي المزبور، و مدائح الكتاب، و في آخره إجازته له، و قبله إجازة المولي له، كلّ ذلك
ص: 105
موجود بخطهما في مجموعة شريفة.
1- عن السيد الفاضل الأمير إبراهيم القزويني، المتقدّم ذكره (1).
2- و ابنه العالم الكامل الأمير محمد مهدي، و قد وصفه في الإجازة بقوله:
آية اللّه في الفضل و العلم، و حجة اللّه علي أرباب النهي و الحلم.
3- و السيد الفاضل الأمير محمد صالح القزويني.
4- و الفاضل العلّام المولي علي أصغر المشهدي الرضوي (قدّس اللّه تعالي أرواحهم).
1- عن العلّامة المجلسي (2).
2- و العلامة الخوانساري (3).
3- و العلامة الخراساني، بأسانيدهم التي تقدّم بعضها و نشير إن شاء اللّه إلي باقيها (4).
(حيلولة):
و عن المولي الجليل صاحب المستند و العوائد.
[2] عن والده النحرير العالم الخبير المولي مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي، صاحب كتاب اللوامع- الذي ينقل عنه في الفقه- و مشكلات العلوم المنبئ عن فضله و تبحّره في أنواع العلوم، و غيرهما من المؤلفات.
ص: 106
قال في الروضة البهية: سمعت من بعض المعتمدين أنّه كان في أيام التحصيل في نهاية الفقر و الفاقة، حتي أنّه في بعض الأوقات ليس له القدرة علي تحصيل السراج، و يستضي ء بسراج (بيت الخلاء) و يطالع هناك (1)، و كلّما جاء أحد يتنحنح لئلا يطّلع عليه أحد.
قال: و بعد المراجعة و الفراغ من التحصيل توطّن في بلدة كاشان، و كان خاليا من العلماء و ببركة أنفاسه الشريفة صار مملوءا من العلماء و الفضلاء الكاملين، و صار مرجعا و محلا للمشتغلين، و برز من مجلسه جمع من العلماء الأعلام (2). انتهي. توفي سنة 1209.
عن مشايخه العظام:
أولهم: الأستاذ الأكبر البهبهاني (3).
و ثانيهم: المحدّث الجليل البحراني صاحب الحدائق، بطرقهما (4) المتقدمة.
و ثالثهم: النحرير المحقّق الفقيه الجامع الحاج شيخ محمّد بن الحاج محمّد زمان الكاشاني، بطرقه المتقدّمة في مشايخ الفريد آغا باقر الهزارجريبي (5).
و رابعهم: الشيخ محمّد مهدي الفتوني، الذي مرّ ذكره في مشايخ بحر العلوم.
و خامسهم: العلم العلّامة المولي محمّد إسماعيل بن محمّد حسين بن4.
ص: 107
محمّد رضا بن علاء الدين محمّد المازندراني، الساكن في محلة خاجو من محلات أصبهان، الشهير بالمولي إسماعيل الخواجوئي، المتوفي سنة 1177- كما في التتميم (1) - أو في حادي عشر شعبان سنة 1173- كما في الروضات (2) -.
و في الأول: كان من العلماء الغائصين في الأغوار، و المتعمقين في العلوم بالاسبار، و اشتهر بالفضل و عرفه كل ذكي و غبي، و ملك التحقيق الكامل حتي اعترف به كل فاضل زكي، و كان من فرسان الكلام و من فحول أهل العلم.
إلي أن ذكر تبحّره في الحكمة و الكلام، قال: و كان (رحمه اللّه) مع ذلك ذا بسطة كثيرة في الفقه و التفسير و الحديث مع كمال التحقيق فيها.
و بالجملة كان آية عظيمة من آيات اللّه، و حجة بالغة من حجج اللّه، و كان ذا عبادة كثيرة، و زهادة خطيرة، معتزلا عن الناس، مبغضا لمن كان يحصّل العلم للدنيا، عاملا بسنن النبي صلّي اللّه عليه و آله، و في نهاية الإخلاص لأئمة الهدي عليهم السلام، و ذا شدّة عظيمة في تسديد العقائد الحقة و تشديدها، ذا همّة جسيمة في إجراء أمور الدين مجراها و تأييدها (3).
و أثني عليه في الروضات بما لا مزيد عليه، و عدّ في خلال مناقبه: أنّه كان مستجاب الدعوة، مسلوب الادّعاء، معظّما في أعين الملوك و الأعيان، مفخّما عند أولي الجلالة و السلطان، حتي أنّ النادر شاه- مع سطوته المعروفة و صولته الموصوفة- كان لا يعتني من بين علماء زمانه إلّا به، و لا يقوم إلّا بأدبه (4)، و لا يقبل إلّا قوله، و لا يمتثل إلّا أمره، و لا يحقق إلّا رجاه، و لا يسمع إلّا دعاه، و ذلك لاستغنائه الجميل عمّا في أيدي الناس، و اكتفائه بالقليل من الأكله.
ص: 108
و الشرب و اللباس (1). إلي آخر ما ذكره. و عدّ له مؤلفات عديدة رأينا منها رسائل متعدّدة كاشفة عن صدق كلّ ما قالوا فيه.
و هذا المولي الجليل يروي عن العالم الجليل الشيخ حسين الماحوزي- المتقدّم (2) - عن مشايخه.
و سادسهم: الفاضل الأوحد، و العالم المؤيد، المولي محمّد مهدي الهرندي الأصفهاني، المتوفي في جمادي الأولي سنة 1180، المدفون في المسجد الجامع (3).
عن الشيخ حسين الماحوزي (4).
و الأمير محمّد حسين الخواتون آبادي. بطرقهما المتقدمة (5).
(حيلولة):
و عن المحقق صاحب المستند.
[3] عن السيد المتبحّر الجليل الرباني الآميرزا محمّد مهدي الشهرستاني، المجاور للمشهد الحسيني علي مشرفه السلام، المتوفي سنة 1216.
حدّثني العالم المحقّق السيد علي- سبط العلامة الطباطبائي- مؤلف البرهان القاطع في شرح النافع في الفقه، عن العالم الرباني صاحب الكرامات
ص: 109
الباهرة المولي زين العابدين السلماسي، قال: لمّا اشتدّ المرض بالسيد الجليل بحر العلوم طاب ثراه قال لنا- و كنا جماعة-: أحبّ أن يصلي عليّ الشيخ الجليل الشيخ حسين نجف- المضروب بكثرة زهده و عبادته المثل- و لكن لا يصلّي عليّ إلّا جناب العالم الرباني الآميرزا مهدي الشهرستاني، و كان له صداقة تامة مع السيد رحمه اللّه، فتعجبنا من هذا الإخبار لأنّ الآميرزا المذكور كان حينئذ في كربلاء.
و توفي بعد هذا الإخبار بزمان قليل، فأخذنا في تجهيزه و ليس عن الآميرزا المزبور خبر و لا أثر، و كنت متفكرا لأني لم أسمع مدة مصاحبتي معه- قدّس سره- كلاما غير محقق، و لا خبرا غير مطابق للواقع- و كان رحمه اللّه من خواص أصحابه و حامل إسراره- قال: فتحيّرت في وجه المخالفة إلي أن غسلناه و كفّناه و حملناه و أتينا به إلي الصحن الشريف للصلاة و الطواف و معنا وجوه المشايخ و أجلّة الفقهاء، كالبدر الأزهر الشيخ جعفر، و الشيخ حسين نجف و غيرهما.
و حان وقت الصلاة فضاق صدري بما سمعت منه، فبينا نحن كذلك و إذا بالناس ينفرجون عن الباب الشرقي فنظرت فإذا بالسيد الأجل الشهرستاني و قد دخل الصحن الشريف، و عليه ثياب السفر و آثار تعب المسير، فلمّا وافي الجنازة قدّمه المشايخ لاجتماع أسبابه (1) فيه. فصلّي عليه و صلينا معه و أنا مسرور الخاطر منشرح الصدر، شاكرا للّه تعالي بإزالة الريب عن قلوبنا.
ثم ذكر لنا: أنه صلّي الظهر في مسجده في كربلاء، و في رجوعه إلي بيته في وقت الظهيرة وصل إليه مكتوب من النجف الأشرف، و فيه يأس الناس عن السيد، قال: فدخلت البيت و ركبت بغلة كانت لي من غير مكث فيه و في الطريق، و صادف دخولي في البلد حمل جنازته رحمهما اللّه تعالي.
و حدثني بذلك أيضا الأخ الصفي، العالم الزكي الرباني آغا علي رضاه.
ص: 110
الأصفهاني عن المولي المذكور مثله.
عن شيخه المحدّث المحقّق صاحب الحدائق.
(حيلولة):
و عن صاحب المستند.
[4] عن شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء (1)، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالي (2).
(حيلولة):
و عن شيخنا (3) الأعظم و الطود الأشمّ الشيخ مرتضي الأنصاري، قدّس اللّه تربته الزكيّة.
ب- عن السيد الجليل و الحبر النبيل السيد صدر الدين محمّد بن السيد صالح بن السيد محمّد بن السيد إبراهيم بن السيد زين العابدين بن نور الدين (4) علي بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الحسن
ص: 111
عباس بن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن حمزة الصغير بن سعد اللّه بن حمزة الكبير ابن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن علي بن عبد اللّه بن محمّد بن طاهر بن الحسين القطعي بن أبي سبحة موسي بن إبراهيم الصغير المرتضي بن الامام الكاظم عليه السلام الموسوي العاملي، البغدادي المنشأ، الأصفهاني المسكن، النجفي الخاتمة و المدفن.
و كانت امه بنت الشيخ علي بن محيي الدين بن الشيخ علي بن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم.
كان من أفاضل علماء وقته في الفقه و الأصول و الحديث و الرجال و فنون الأدب و العروض.
و عندي رجال الشيخ أبي علي عليه حواش بخطه الشريف يظهر منها طول باعه، و سعة اطلاعه، و دقة نظره، و قد دوّنها ابن ابن أخيه السيد البارع في العلوم الحسن بن الهادي الموسوي الكاظمي، أدام اللّه تعالي بقاه.
و له كتاب مجال الرجال أيضا و له مؤلفات رائقة في الفقه و غيره فصلها مع شرح حاله تلميذه في الروضات (1).
و كان صهر الشيخ الأكبر (2) علي بنته، مقيما بأصبهان، شديدا في ذات اللّه، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، ملجأ للعلماء و الأفاضل، إلي أن سافر في آخر عمره إلي العراق.
و توفّي في النجف الأشرف سنة 1264.
عن والده السيد الأيّد السيد صالح.ء.
ص: 112
عن والده السيد المؤيد السيد محمّد.
عن شيخه و أستاذه الشيخ محمّد بن الحسن الحر صاحب الوسائل (1).ة.
ص: 113
و منها ما أخبرني به إجازة شيخي و أستاذي، و من إليه في العلوم الشرعية استنادي، أفقه الفقهاء، و أفضل العلماء، العالم العلم الرباني:
2- الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني (1)، أسكنه اللّه تعالي بحبوحة جنته.
كان نادرة الدهر و أعجوبة الزمان، في الدقة و التحقيق و جودة الفهم، و سرعة الانتقال و حسن الضبط و الإتقان، و كثرة الحفظ في الفقه و الحديث و الرجال و اللغة، حامي الدين و دافع شبه الملحدين، و جاهد في اللّه في محو صولة المبتدعين، أقام أعلام الشعائر في العتبات العاليات، و بالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات، صاحبته زمانا طويلا إلي أن نعق بيني و بينه الغراب، و اتخذ المضجع تحت التراب، في اليوم الثاني و العشرين من شهر رمضان سنة 1286 (2). له كتاب في طبقات الرواة، في جدول لطيف، غير أنّه ناقص.
[1] عن مربّي العلماء، و شيخ الفقهاء، المنتهي إليه رئاسة الإمامية في
ص: 114
عصره، الشيخ محمّد حسن بن الشيخ باقر النجفي (1)، صاحب كتاب جواهر الكلام الذي لم يصنّف في الإسلام مثله في الحلال و الحرام.
حدّثني الشيخ المتقدّم عن بعض العلماء أنه قال: لو أراد مؤرّخ زمانه أن يثبت الحوادث العجيبة في أيامه ما يجد حادثة بأعجب من تصنيف هذا الكتاب في عصره، و هذا من الظهور بمكان لا يحتاج إلي الشرح و البيان. توفي- رحمه اللّه- غرّة شعبان سنة 1264.
(أ)- عن علم الأعلام، و سيف الإسلام، خرّيت طريق التحقيق و التدقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق، الشيخ الأعظم الأعلم الأعصم، الشيخ جعفر بن المرحوم الشيخ خضر من أهل جناجية من العشيرة المعروفة بآل علي، و هي طائفة كبيرة، بعضهم الآن في نواحي الشامية، و بعضهم في نواحي الحلّة، و هي من الموالك، و هم طوائف من سكان البوادي يرجعون إلي مالك الأشتر رضي اللّه عنه بالنسب.
و قد أشار إلي ذلك العالم النحرير الأجلّ السيد صادق الفحام- الذي هو من العلماء الأعلام- في قصيدته التي يرثي بها الشيخ حسين بن الشيخ خضر- أخا الشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء- و هو من المجتهدين المعروفين في عصره، أوّلها:
يا أيّها الزائر قبرا حوي من كان للعلياء إنسان عين
ص: 115
إلي أن قال:
يا منتمي فخرا إلي مالك (1) ما مالكي إلّاك في المعنيين
و قال مادح أهل البيت الشيخ صالح التميمي الحلّي في قصيدته التي يهنئ بها الشيخ محمّد- سبط الشيخ الأكبر- بزواجه بامرأة من شيوخ آل مالك و رؤسائهم الذين كانوا في الدغارة:
رأي درّة بيضاء في آل مالك تضي ء لغوّاص البحار ركوب
رأي أنه أولي بها لقرابة تضمّنها أصلا لخير نجيب
و بالجملة، فالشيخ خضر كان من الفقهاء المتبتّلين و الزهاد المعروفين، و علماء عصره كانوا يزدحمون علي الصلاة خلفه.
قال ولده الشيخ الأكبر في كشف الغطاء في بحث التشهّد: و ان يضيف بعد الصلاة علي النبي صلّي اللّه عليه و آله في التشهّد الأوسط قول: و تقبّل شفاعته في أمته و ارفع درجته، و الأقوي استحبابه في التشهّد الأخير بقصد الخصوصية لما يظهر من بعض الأخبار من تساوي التشهّدين، و للتفويض، و إفتاء بعض العلماء، و حديث المعراج. و قد رأيت النبي صلّي اللّه عليه و آله في عالم الرؤيا فأمرني أن أضيف إليها قول: و قرّب وسيلته. و كان الوالد- رحمه اللّه محافظا علي ذلك في التشهد الأوسط، و لم أزل اتي بها سرّا لئلا يتوهم ورودها قاصدا أنّها من أحسن الدعاء. انتهي (2).
و في دلالته علي عظم شأنه ما لا يخفي. توفي في رجب سنة 1180 تقريبا.5.
ص: 116
و أمّا ولده الشيخ الأكبر فهو من آيات اللّه العجيبة التي تقصر عن دركها العقول، و عن وصفها الألسن، فإن نظرت إلي علمه فكتابه كشف الغطاء- الذي ألّفه في سفره- ينبئك عن أمر عظيم، و مقام عليّ في مراتب العلوم الدينية، أصولا و فروعا. و كان الشيخ الأعظم الأنصاري- رحمه اللّه- يقول ما معناه: من أتقن القواعد الأصولية التي أودعها الشيخ في كشفه، فهو عندي مجتهد.
و حدّثني الشيخ الأستاذ- رحمه اللّه- قال: قلت لشيخي صاحب جواهر الكلام: لم أعرضت عن شرح كشف الغطاء، و لم تؤد حق صاحبه و هو شيخك و أستادك، و في كتابه من المطالب العويصة و العبارات المشكلة ما لا يحصي؟
فقال: يا ولدي أنا عجزان من أووات الشيخ، أي لا أقدر علي استنباط مدارك الفروع المذكورة فيه بقوله: أو كذا أو كذا.
و إن تأمّلت في مواظبته للسنن و الآداب، و عباداته و مناجاته في الأسحار، و مخاطبته نفسه بقوله: كنت جعيفرا، ثم صرت جعفرا، ثم الشيخ جعفر، ثم شيخ العراق، ثم رئيس الإسلام، و بكائه و تذلّله، لرأيته من الذين وصفهم أمير المؤمنين (عليه السلام) من أصحابه للأحنف بن قيس، مع ما اشتهر من كثرة أكله، و ان كان (رحمه اللّه) ما كان يأكل إلّا الجشب و لا يلبس إلّا الخشن، فلا تورثه الملل و الكسل عمّا كان عليه من التضرع و الإنابة و السهر.
و إن تفكرت في بذله الجاه العظيم الذي أعطاه اللّه تعالي من بين أقرانه، و المهابة و المقبولية عند الناس علي طبقاتهم من الملوك و التجار و السوقة للفقراء و الضعفاء من المؤمنين و حضه علي طعام المسكين، لرأيت شيئا عجيبا، و قد نقل عنه في ذلك مقامات و حكايات لو جمعت لكانت رسالة طريفة نافعة.
و من طريف ما سمعناه و نتبرك به في هذه الأوراق، ما حدّثني به الثقة العدل الصفي السيد مرتضي النجفي- و كان ممن أدركه في أوائل عمره- قال:
ص: 117
أبطأ الشيخ في بعض الأيام عن صلاة الظهر، و كان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلمّا استيأسوا منه قاموا إلي صلاتهم فرادي و إذا بالشيخ قد دخل المسجد فرآهم يصلّون فرادي، فجعل يوبخهم و ينكر عليهم ذلك و يقول: أما فيكم من تثقون به و تصلون خلفه؟! و وقع نظره من بينهم إلي رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة و الديانة يصلّي في جنب سارية من سواري المسجد، فقام الشيخ خلفه و اقتدي به.
و لما رأي الناس ذلك اصطفوا خلفه و انعقدت الصفوف وراءه فلمّا أحسّ التاجر بذلك اضطرب و أستحيي و لا يقدر علي قطع الصلاة و لا يتمكن من إتمامها، كيف و قد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلا عن العوام، و لم يكن له عهد بالإمامة سيّما التقدّم علي مثل هؤلاء المأمومين، و لمّا لم يكن له بدّ من الإتمام، أتّمها و العرق يسيل من جوانبه حياء، و لما سلّم قام فأخذ الشيخ بعضده و أجلسه قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء! ما لي و لمقام الإمامة؟! فقال الشيخ: لا بدّ لك من أن تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع و يقول: تريد تقتلني لا قوة لي علي ذلك. و أمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إمّا أن تصلي أو تعطيني مائتي شاميّ- أو أزيد، و الترديد مني- فقال:
بل أعطيك و لا أصلي، فقال الشيخ: لا بدّ من إحضارها قبل الصلاة، فبعث من أحضرها ففرّقها علي الفقراء، ثم قام إلي المحراب و صلّي بهم العصر. و كم له- رحمه اللّه- من أمثال هذه القضية جزاه اللّه تعالي عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.
توفي- رحمه اللّه- في شهر رجب من سنة 1228. و كان له- مع ما هو عليه من الكمالات المعنوية و الصفات الإلهية- قوّة الشعر و النظم، و نقلوا عنه أبياتا رائقة نتبرك بقليل منها، إذ كتابنا هذا غير موضوع لمثلها.
ص: 118
فمن قصيدته (1) التي يرثي بها ناموس الدهر و نائب إمام العصر عليه السلام، العلّامة الطباطبائي:
ثلم الدين ثلمة مالها سدّ و أولي العلوم جرحا جبارا
لمصاب العلامة العلم المهدي من بحر علمه لا يجاري
خلف الأنبياء زبدة كل ال أصفياء الذي سما أن يباري
واحد الدهر صاحب العصر ماضي ال أمر في كنه ذاته الفكر حارا
كيف يسلوه خاطري و به قمت مقامي و [فيه] ذكري طارا
كيف ينفك مدحه عن لساني و هو لولاه في فمي ما دارا
و ارتضاني أخا له منّة منه و الرق شأني إذا أردت اعتبارا
خصني بالجميل من بعد أن عمّ البرايا و طبق الأقطار
أو حباني عزّا به بعد ذل و كساني جلالة و وقارا
(القصيدة).
عن شيخيه العلمين البحرين الزخارين: الأستاذ الأكبر البهبهاني، و بحر العلوم العلامة الطباطبائي، بأسانيدهما المتقدمة (2).
(حيلولة):
و عن الجليل صاحب جواهر الكلام (3).
(ب)- عن السيد السند و العالم المؤيد السيد جواد بن السيد محمّد الحسيني العاملي، المتوطّن في الغري، صاحب مفتاح الكرامة- في مجلدات كبار-
ص: 119
و شرح طهارة الوافي- و هو تقريرات بحث أستاذه الأجل بحر العلوم- علي نهج تفسير مجمع البيان، فيه تحقيقات رجالية و إفادات بديعة في شرح متون الأخبار.
المتوفي في حدود سنة 1226.
عن مشايخه الثلاثة.
1- الأستاذ الأكبر.
2- و بحر العلوم- رحمهما اللّه-.
3- و السيد الأجل الأكمل الأمير سيد علي بن السيد محمّد علي بن السيد أبي المعالي الصغير بن العالم النحرير السيد أبي المعالي الكبير الطباطبائي.
قال تلميذه- المتقدّم (1) - في إجازته للعالم الغطريف آغا محمد علي بن الجليل آغا باقر الهزارجريبي: فأجزت له أن يروي عني ما استجزته و قرأته و سمعته من السيد الأستاذ و رحمة اللّه سبحانه في البلاد و العباد، الإمام العلّامة، و مشكاة البركة و الكرامة، صاحب الكرامات أبو الفضائل، مصنّف الكتاب المسمي برياض المسائل، الذي عليه المدار في هذه الأعصار، النور الساطع المضي ء، و الصراط الواضح السوي، سيدنا و أستاذنا الأمير الكبير السيد علي أعلي اللّه شأنه، و شأن من شانه.
و من حسن نيته، و صفاء طويته، منّ اللّه سبحانه و تعالي عليه بتصنيف الرياض، الذي شاع و ذاع، و طبّق الآفاق في جميع الأقطار، و هو ممّا يبقي إلي أن يقوم صاحب الدار جعلنا اللّه فداه و منّ علينا بقاه.
و هو عالم ربّاني، و مخبت صمداني، رسخ في التقوي قدمه، و سبط (2) باللّه لحمه و دمه، زهد في دنياه فقرّبه اللّه و أدناه، و هو أوّل من علّم العبد و ربّاه.ا.
ص: 120
انتهي (1).
و كانت امه أخت الأستاذ الأكبر، و زوجته بنته، و هي أم ولده السيدين العالمين الجليلين:
السيد محمّد، صاحب المناهل و المفاتيح، و كان تحته بنت العلّامة الطباطبائي- رحمه اللّه- و السيد الزاهد السيد مهدي- رحمه اللّه- تولّد- رحمه اللّه- في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1161، و توفي سنة 1231.
عن خاله (2) المعظّم الأستاذ الأكبر (3) (رحمه اللّه).
(حيلولة):
و عن شيخ الفقهاء صاحب الجواهر (رحمه اللّه).
(ج)- عن العالم العارف الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي، المتوفي سنة 1241.
عن المشايخ الأجلّة، و نواميس الملّة:
أوّلهم: العلّامة الطباطبائي بحر العلوم.
و ثانيهم: كشّاف الحقائق صاحب كشف الغطاء.
و ثالثهم: العلّامة الحائري صاحب الرياض.
و رابعهم: العالم الرباني الآميرزا مهدي الشهرستاني.
ص: 121
و خامسهم: العالم الجليل الشيخ أحمد بن العالم الشيخ حسن البحريني عن والده الشيخ حسن.
عن الشيخ عبد اللّه البلادي، من مشايخ صاحب الحدائق، كما تقدم (1).
و سادسهم: العالم الجليل الشيخ أحمد بن الشيخ محمّد من آل عصفور (2).
1- عن صاحب الحدائق.
2- و عن أبيه الشيخ محمّد.
عن الجليل المتبحّر الشيخ حسين الماحوزي المتقدم (3).
3- و عن العالم الفاضل- أخي صاحب الحدائق- الشيخ عبد العلي البحريني.
عن مشايخه الثلاثة.
الشيخ حسين.
و الشيخ سليمان الماحوزيين.
و الشيخ عبد اللّه البلادي، بطرقهم المتقدّمة (4).
(حيلولة):
و عن الشيخ الأستاذ علامة عصره الشيخ عبد الحسين الطهراني طاب ثراه.4.
ص: 122
عن العالمين العلمين:
[2] عن السيد محمّد شفيع الجابلقي صاحب الروضة البهيّة في الإجازات، المتوفي سنة 1280.
[3] و المولي محمّد رفيع الجيلاني.
عن سيد الفقهاء الأعلام، المدعو بحجة الإسلام، السيد محمّد باقر بن السيد محمّد تقي الموسوي الجيلاني، المتوطّن في أصبهان، المتوفي سنة 1260.
و قد جمع اللّه فيه من الخصال النفسانية من العلم و الفضل و التقوي، و الخشية و القوة في الدين و السخاء، و الاهتمام بأمور المسلمين، و الجاه العظيم، و نشر الشرائع و الأحكام، و تعظيم شعائر الإسلام، و إجراء الحدود الإلهية في الأنام، و الهيبة في قلوب السلاطين و الحكام، ما لم يجتمع في أحد من أقرانه.
له مؤلّفات حسنة تنبئ عن طول باعه، و رسائل عديدة في مطالب رجالية تظهر منها دقة نظره، و كثرة اطلاعه.
عن العالم المحقّق الناقد الزاهد، السيد محسن بن السيد حسن الحسيني الأعرجي الكاظمي البغدادي، صاحب كتاب الوسائل في الفقه في عدّة مجلدات، و هو من الكتب النفيسة الحاوية الجامعة. و كان الشيخ الأستاذ (1) - رحمه اللّه- يقول: إن كتاب القضاء من وسائل السيد أحسن ما كتب في هذا الباب.
و المحصول، و الوافي، و شرح مقدّمات الحدائق و جرحها. و غير ذلك.
المتوفي سنة 1240.
و كان من الزّهاد الناسكين، حدّثني الأخ الصفي الروحاني جامع الكمالات آغا علي رضا الأصفهاني، عن العالم الجليل صاحب الكرامات الباهرة المولي زين العابدين السلماسي، قال: رأيت في الطيف بيتا عاليا رفيعا
ص: 123
منيعا، له باب كبير واسع، و عليه و علي جدران الدار مسامير من الذهب تسرّ الناظرين، فسألت عن صاحب الدار؟ فقيل له: إنّه للسيد محسن الكاظمي، فتعجّبت من ذلك و قلت: كانت داره التي في مشهد الكاظمين عليهما السلام صغيرة حقيرة، ضيّقة الباب و الفناء، فمن أين أوتي هذا البناء؟ فقالوا: لمّا دخل من ذلك الباب الحقير أعطاه اللّه تعالي هذا الباب العالي الكبير. و كان بيته رحمه اللّه- كما ذكره المولي في المنام- في غاية الحقارة.
و بلغ من زهده- علي ما حدّثني به جماعة- أنّه لم يكن له من المتاع ما يضع سراجه فيه، و كان يوقد الشمعة علي الطابوق و المدر، شكر اللّه تعالي سعيه.
أ- عن العالم النبيل الشيخ سليمان بن معتوق العاملي.
عن شيخنا صاحب الحدائق.
(حيلولة):
و عن السيد المحقّق الكاظمي.
ب- عن العالم الكامل المحقّق الجليل الآميرزا أبي القاسم بن المولي محمّد حسن الجيلاني، المتوطّن في دار الإيمان حرم الأئمة عليهم السلام قم، صاحب الغنائم و القوانين. المتولّد سنة 1152 (1)، المتوفي سنة 1231.
و قد أذعن ببلوغه الغاية في الدقة و التحقيق في الفقه و الأصول من عاصره و تأخّر عنه من المشايخ و الفحول.
و كان مؤيّدا مسدّدا كيّسا في دينه، فطنا في أمور آخرته، شديدا في ذات اللّه، مجانبا لهواه، مع ما كان عليه من الرئاسة و خضوع ملك عصره و أعوانه له، فما زاده إقبالهم إليه إلّا إدبارا، و لا توجّههم إليه إلّا فرارا.1.
ص: 124
عن جماعة من المشايخ، قال في بعض إجازاته: نذكرهم علي ترتيب أيام التحصيل عندهم:
أوّلهم: السيد السند السيد حسين الخوانساري، و قد تقدّم (1) في مشايخ العلّامة الطباطبائي.
و ثانيهم: الأستاذ الأكبر البهبهاني (2).
و ثالثهم: شيخه و أستاذه العالم النحرير الهزارجريبي (3).
و رابعهم: الفقيه النبيه الشيخ مهدي الفتوني (4). بطرقهم المتقدمة.
(حيلولة):
و عن الشيخ الأجل الأستاذ- رحمه اللّه-.
[4] عن العالم العيلم و الفقيه المسلّم، الحبر الصمداني، المولي حسين علي الملايري التويسركاني، المتوفي سنة 1296، صاحب كتاب كشف الأسرار في شرح الشرائع، و المقاصد العليّة- حاشية علي القوانين في مجلدين- و غيرها.
أ- عن قدوة المحقّقين، و ترجمان الأصوليين، الشيخ محمّد تقي بن عبد الرحيم الطهراني، المتوطّن في أصفهان، المتوفي سنة 1248، صاحب التعليقة الكبيرة علي المعالم التي هي بين كتب الأصول كالربيع من الفصول، و غيرها من الرسائل في الأصول و الفقه، و قد رأينا منها رسالة في فساد الشرط الشائع درجة في صكاك المبايعات من ضمان البائع لو ظهر كون المبيع مستحقا للغير لردّ الثمن أو تخليص المثمن للترديد و التعليق.
ص: 125
عن شيخه و أستاذه، و جدّ أولاده و أحفاده، الشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء.
ب- و عن الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (1)، بطرقهما.ي.
ص: 126
و منها (1): ما أخبرني به إجازة سيد الفقهاء الكاملين، و سند العلماء الراسخين، أفضل المتأخرين و أكمل المتبحّرين، نادرة الخلف و بقية السلف، فخر الشيعة و تاج الشريعة، المؤيّد بالألطاف الجليّة و الخفيّة.
3- السيد محمد مهدي (2) القزويني الأصل المتوطّن في الحلّة السيفية. و هو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلي لقائه تمدّ الأعناق- صلوات اللّه و سلامه عليه- ثلاث مرات، و شاهد الآيات البيّنات، و المعجزات الباهرات.
و ذكرنا في رسالة جنة المأوي (3) بعد ذكر هذه الحكايات التي له فيها كرامات أنّها ليست منه ببعيد، فإنّه ورث العلم و العمل عن عمّه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني- الآتي (4) - صاحب سرّ خاله الطود الأشم و السيد الأعظم بحر العلوم و كان عمه أدّبه و ربّاه، و أطلعه علي الخفايا و الاسرار حتي بلغ مقاما لا تحوم حوله الأفكار، و حاز من الفضائل و الخصائص ما لم يجتمع في غيره من العلماء الأبرار.
ص: 127
منها: الحكايات الثلاث التي لم يتفق لأحد قبله بهذه الكيفيّة و الخصوصية و الوضوح.
و منها: أنّه بعد ما هاجر إلي الحلّة و استقر فيها، و شرع في هداية الناس و إيضاح الحق و إبطال الباطل، صار ببركة دعوته من داخل الحلّة و أطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا، مواليا لأولياء اللّه و معاديا لأعداء اللّه، بل حدّثني- طاب ثراه- أنّه لمّا ورد الحلّة لم يكن في الذين يدّعون التشيع من علائم الإمامية و شعارهم إلّا حمل موتاهم إلي النجف الأشرف، و لا يعرفون من أحكامهم شيئا حتي البراءة من أعداء اللّه، و صاروا بهدايته صلحاء أبرارا أتقياء علماء، و هذه منقبة اختص بها بين من تقدّم عليه أو تأخر.
و منها: الكمالات النفسانية من الصبر و التقوي، و تحمّل أعباء العبادة، و سكون النفس، و الاشتغال بذكر اللّه تعالي، و كان رحمه اللّه لا يسأل في بيته عن أحد من أهله و أولاده و خدمه ما يحتاج إليه من الغذاء و العشاء و القهوة و القليان و غيرها، و لا يأمرهم بشي ء منها، و لولا التفاتهم و مواظبتهم لمرّ عليه اليوم و الليلة من غير أن يتناول شيئا منها، مع ما كان عليه من التمكّن و الثروة و السلطنة الظاهرة، و كان كجدّه الأكرم صلي اللّه عليه و آله يجيب الدعوة، و لكن يحمل معه (1) كتبا فيقعد في ناحية و يشتغل بالتصنيف، و لا علم له بما فيه أهل المجلس، و لا يخوض معهم في حديثهم، إلّا أن يسأل عن أمر ديني فيجيبهم.
و كان دأبه في شهر الصيام أن يصلي [المغرب] (2) بالناس في المسجد،ر.
ص: 128
و يصلّي بعده النوافل المرتّبة في شهر رمضان، ثم يأتي منزله فيفطر و يرجع إليه و يصلّي العشاء بهم، ثم يأتي بنوافلها المرتّبة، ثم يرجع إلي منزله و معه خلق كثير فيجلس و يجلسون، فيشرع واحد من الحفّاظ فيتلو بصوت حسن رفيع آيات من كتاب اللّه في التحذير و الترغيب و الوعد و الوعيد، ثم يقرأ آخر خطبة من خطب نهج البلاغة، ثم يقرأ آخر بعض مصائب أهل البيت عليهم السلام، ثم يشرع واحد من الصلحاء في قراءة أدعية شهر رمضان، و يتابعه الآخرون إلي وقت السحور فيتفرقون.
و بالجملة فقد كان في مراقبة النفس، و مواظبة الأوقات و النوافل، و السنن و القراءة- مع كونه طاعنا في السن- آية في عصره، و قد كنت (1) معه في طريق الحج ذهابا و إيابا، و صلّينا معه في مسجد الغدير و الجحفة. و توفي- رحمه اللّه- في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 1300، قبل الوصول إلي السماوة بخمس فراسخ تقريبا، و قد ظهر منه عند الاحتضار من قوّة الإيمان و الطمأنينة و الإقبال و اليقين الثابت ما يقضي منه العجب، و ظهر منه حينئذ كرامة باهرة (2) بمحضر من جماعة من الموافق و المخالف.
و منها: التصانيف (3) الرائقة في الفقه و الأصول و التوحيد و الكلام و غيرها،ه)
ص: 129
ص: 130
منها كتاب في إثبات كون الفرقة الناجية هي الإمامية من أحسن و أنفع ما كتب في هذا الباب، طوبي له و حسن مآب (1).
عن عمه العالم العلم العلّامة، صاحب المقامات العالية، و الكرامات الباهرة، السيد محمّد باقر نجل المرحوم السيد أحمد القزويني، المتوفي ليلة عرفة بعد المغرب سنة 1246، بسبب الطاعون الكبير الذي عمّ العراق، و قد أخبر به، و بوفاته به، و أنّه آخر من يبتلي به، قبل نزوله بسنتين، علي ما حدّثني به ابن أخيه السيد الجليل المتقدم (2)، و أنّ عمّه الأجلّ حدّثه بذلك، و أنّ جدّه المعظّم أمير المؤمنين عليه السلام أخبره بذلك في المنام، و قال له: و بك يختم يا ولدي.7.
ص: 131
و كان يبشّر بذلك أصحابه في أيام الطاعون.
قال- رحمه اللّه-: و أعطاني و أهل بيته و من يلوذ به، دعاء للحفظ من الطاعون قبل نزوله، فلمّا نزل هذا البلاء العظيم في الوقت الذي أخبره به، و تفرّق من تمكن منه، بقي السيد في المشهد الشريف كالطود الباذخ، و الجبل الراسخ، و ظهر منه في تلك الأيام من قوّة القلب و علوّ الهمة و الجدّ و الاجتهاد و القيام بأمور المسلمين و تجهيز الأموات الذين جاوزوا حدّ الإحصاء- و قد بلغ عددهم في أسبوع كل يوم ألف نفس- ما تحير فيه العقول و الأفكار، و لم يوفّق لذلك الأمر العظيم أحد من العلماء الذين سار ذكرهم في الأقطار، و كان- رحمه اللّه- هو القائم بتجهيز الجميع و قد نافوا علي أربعين ألف.
و كان- رحمه اللّه- يجي ء أول الصبح إلي الحضرة الشريفة العلوية و يزور زيارة مخفّفة، ثم يخرج و يقعد في إيوان الحجرة المتصلة بالباب الشرقي علي يمين الداخل إلي الصحن الشريف، فيجتمع عنده الذين عين كل طائفة منهم لأمر من أمور التجهيز، فمنهم لرفع الجنائز و منهم للتغسيل، و منهم للدفن، و منهم للطواف بهم، و غير ذلك، فيرسلهم إلي مشاغلهم، و عيّن نفسه الشريفة للصلاة علي جميعهم.
و كان في أول مجيئه قد اصطف الأموات بين يديه ما بين عشرين إلي ثلاثين- و قد بلغ عددهم في يوم واحد للصلاة إلي ألف- كلّ علي الترتيب المقرّر في الشرع من غير إخلال بمستحب و أدب فيه و لا في أمور التجهيز، فيصلّي عليهم صلاة واحدة، فيؤتي بطائفة أخري حين الصلاة، فإذا فرغ منها و رفعت الجنائز وضعت مكانها الأخري، و هكذا. و هو واقف علي قدميه إلي الزوال.
و إذا شاهد من أحد الفتور في رفع جنازة بعد الصلاة وضع عبائه علي
ص: 132
كتفه و شالها (1) بنفسه وحدها و يأتي بها إلي الإيوان الشريف. فإذا حان الزوال دخل الحجرة ليتغدي فينوب عنه- في هذه المدة القليلة- للصلاة السيد الصالح السيد علي العاملي، ثم يخرج مشتغلا بالصلاة إلي الغروب لا يفتر عن دقيقة، فإذا ذهب النهار طاف في أطراف الصحن و جاس خلال الحجرات لئلا يبقي ميت في الليل غير مدفون.
و في هذه الأيام كان الناس يأتون إليه بالأموال الموصي بها إليه ما لا يحصي كثرة، و كان يصرفها في مواردها بحيث لا يضع حبة منها في غير محلها مع ما هو عليه من المشاغل العظيمة، و هذا يحتاج إلي قوة ربانية، و تسديدات إلهية، و توفيقات سماوية و فقاهة أحمدية، و همّة علوية، و لا يلقّاها إلّا ذو حظ عظيم.
و لقد حدثني بهذه الأمور السيد الجليل المتقدّم (2)، و السيد الأيّد الثقة الصالح السيد مرتضي النجفي- و كان مرضيا عند جميع العلماء الأعلام المجاورين في المشهد الغروي- و كان من الحاضرين المشاهدين لها، و من عجيب ما حدّثنا به قال: كنت واقفا بجنب السيد المؤيد العلّامة في تلك الأيام، و إذا برجل عجمي شائب (3) - من خيار المجاورين- واقف خلف الجماعة ينظر إلي السيد و يبكي كأنّه يريد حاجة لا يصل إليها، فالتفت إليه السيد، و قال لي: اذهب إليه و اسأله عن حاجته، فدنوت منه و سألته عن حاجته، فقال: إن متّ في هذه الأيام أحب أن يصلّي عليّ السيد صلاة منفردة، فذكرت للسيد فأجابه إلي ذلك.
فلما كان في الغد و السيد في الصحن الشريف علي شغله المعهود فإذا).
ص: 133
بشاب واقف قدامه و هو يبكي، فسألناه عن سببه، قال: أنا ابن من سأل بالأمس من جناب السيد ما سأل، و قد نزل به البلاء المبرم، و قد أرسلني إلي جنابه مستدعيا ذهابه إلي عيادته، فأجابه: و استناب السيد المتقدم (1) للصلاة، و عمد إلي بيت الرجل فمشينا معه و نحن جماعة، فوافانا في الطريق رجل صالح و قد خرج من بيته يريد حاجة فلمّا رأي السيد و الجماعة قاصدين إلي مكان وقف و قال لي: هل إلي ضيافة؟ قلت: لا، بل إلي عيادة، فقال: فنتبعكم لنفوز بتلك السعادة.
فلما دخلنا بيت الرجل و كان السيد هو المتقدم ثم واحد بعد واحد إلي أن دخل الجميع و أخذ كلّ واحد منّا مجلسه، و للرجل شعور و معرفة فأظهر المحبة و الرسوم المتعارفة للتحية مع كل واحد، فلما دخل ذلك الرجل الصالح و سلّم تغيّر (2) وجهه و أشار بيده و رأسه أن يرجع و يخرج من بيته، و أشار إلي ولده أن يخرجه، و اضطربت حاله بحيث تعجّب الجميع و تحيّروا من ذلك، و لم يكن بينهما سابقه معرفة فضلا عن العداوة، فخرج الرجل و بقينا عنده إلي أن مضي مقدار ساعة، فرجع الرجل و دخل و سلّم و جلس، و نظر إليه المريض، و فعل به ما فعل بنا، فزاد تعجّبنا، فلمّا خرجنا سألنا الرجل عن سرّ هذا الأمر، قال:
كنت جنبا و ضاق بي الوقت عن الاغتسال و المصاحبة معكم، فلما صنع بي ما رأيتم علمت أنّ انفرادي من بينكم بهذا التبعيد و النفرة ليس إلّا لخباثة الجنابة، فأردت زيادة الاطمئنان بذلك فاغتسلت و رجعت فعلمت يقينا أنّه عرف ما كنت عليه من الحالة التي تتنفّر منها الملائكة.
و في هذه القضية تصديق وجداني لما جاء به صاحب الرسالة من الأسرارت.
ص: 134
الغيبية، و أمره بعدم حضور الحائض و الجنب لدي المريض عند احتضاره لئلا يتنفر عنه ما ينزل عليه- حينئذ- من الملائكة.
و حدثني ابن أخيه السيد (1) الجليل المتقدم: أنّ عمّه الأكرم كان يكره تقبيل الناس يده، و يمتنع منه أشدّ الامتناع، و كان الناس يترقّبون دخوله في الحضرة الشريفة الغروية لتمكّنهم من تقبيل يده فيها لأنّه كان فيها في حال لا يشعر بنفسه، و لا يغيّره شي ء، لاستغراقه في بحار عظمة الرب الجليل، برؤية آثار أعظم آياته، عليه سلامه و سلام الملائكة جيلا بعد جيل.
و حدّثني- طاب ثراه- قال: كنت معه- رحمه اللّه- في السفينة مع جماعة من الصلحاء و أهل العلم قافلين من زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام فهبّت ريح شديدة اضطربت بها السفينة، و كان فينا رجل جبان فاضطرب اضطربا شديدا فتغيّرت حاله و ارتعدت فرائصه، فجعل يبكي تارة و يتوسل بأبي الأئمة عليهم السلام أخري، و السيد قاعد كالجبل لا تحركه العواصف، فلمّا رأي ما نزل به من الخوف و الجزع قال: يا فلان ممّ تخاف؟ إنّ الريح و الرعد و البرق كلها منقادة لأمر اللّه تعالي، ثم جمع طرف عباية و أشار به إلي الريح كأنّه يطرد ذبابا، و قال: قري، فسكنت من حينه حتي وقفت السفينة كأنها رأسيه في الوحل.
و غير ذلك من الكرامات أشرنا إلي بعضها في كتابنا دار السلام.
عن خاله (2) المعظّم بحر العلوم، طاب ثراه.).
ص: 135
ص: 136
و منها (1): ما أخبرني به إجازة فخر الشيعة، و ذخر الشريعة، أنموذج السلف، و بقية الخلف، العالم الزاهد المجاهد الرباني، شيخنا الأجلّ الحاج المولي:
4- علي بن الصالح الصفي الحاج ميرزا خليل الطهراني المتوطّن في أرض الغريّ، المتوفي في شهر صفر سنة 1290.
و كان فقيها رجاليا مضطلعا بالأخبار، و قد بلغ من الزهد و الإعراض عن زخارف الدنيا مقاما لا يحوم حومه (2) الخيال، كان لباسه الخشن، و أكله الجشب من الشعير. و كان يزور أبا عبد اللّه الحسين عليه السلام- في الزيارات المخصوصة- ماشيا إلي أن طعن في السن و فارقته القوة. و له نوادر كرامات أشرنا إلي بعضها في الكتاب المذكور (3).
1- عن شيخه (4) و أستاذه صاحب جواهر الكلام رحمه اللّه.
2- و عن العالم العامل التقي الشيخ عبد العلي الرشتي.
عن العالم الفاضل أبي علي محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن سعد الدين، صاحب منتهي المقال في علم الرجال. و كان أصله من طبرستان، كما نصّ عليه في الروضات (5)، و ميلاده في كربلاء سنة 1159، و وفاته- كما فيها- سنة 1215.
ص: 137
و كتابه هذا لاشتماله علي تمام التعليقة لأستاذه الأستاذ الأكبر البهبهاني صار معروفا و مرجعا للعلماء، و إلّا ففيه من الأغلاط ما لا يخفي علي نقدة هذا الفن مع أنّه أسقط عن الكتاب ذكر المجاهيل، قال: لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم (1)، و كذا ذكر مؤلفات الرواة من الأصول و الكتاب، و بذلك بدا النقص في كتابه مضافا إلي سقطاته، و مع ذلك قال في جملة كلامه: لئلا يحتاج الناظر في هذا الكتاب إلي كتاب آخر من كتب الفن (2).
و سنشير- إن شاء اللّه تعالي- في بعض الفوائد الآتية إلي بعض ما ذكر في الكتب و المجاهيل من الفوائد، و له مؤلفات غيره رأيت منها النقض علي نواقض الروافض- في مجلدين- في غاية الجودة.
عن الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني.
و لعلّه يروي عن سائر اساتيذه و معاصريه كالعلامة الطباطبائي، و صاحب الرياض، و غيرهما.2.
ص: 138
و منها (1) ما أخبرني به إجازة العالم الجامع الكامل، المتتبع الماهر المؤيّد:
5- الآميرزا هاشم الخوانساري المتوطّن في أصبهان، أدام اللّه تعالي تأييده.
أ- عن والده العالم الجليل و السيد النبيل الآميرزا زين العابدين (2)، المتولّد في سنة 1192، المتوفي سنة [1275] (3).
1- عن أبيه السيد العالم الزاهد المجاهد أبي القاسم جعفر الموسوي الخوانساري.
عن والده فخر المجتهدين السيد حسين (4) بن العالم العلامة أبي القاسم جعفر الكبير المشتهر بالميرزا ابن الحسين بن قاسم بن محبّ اللّه بن قاسم بن المهدي الموسوي، المتقدّم (5) ذكره في مشايخ صاحب القوانين.
(حيلولة):
و عن والده.
ص: 139
2- عن السيد المؤيد الفاضل إمام الجمعة الأمير محمّد حسين.
عن والده السيد الجليل الأمير عبد الباقي، بطرقه المتقدّمة (1).
(حيلولة):
و عن والده المبرور (2).
3- عن الفقيه النبيه السيد محمّد الرضوي المشهدي (3).
عن شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء.
(حيلولة):
و عن والده المرحوم (4).
4- عن السيد السند حجة الإسلام السيد محمّد باقر، المتقدم ذكره (5).
(حيلولة):
و عن والده السعيد (6).
5- عن والده (7).
عن العلامة الطباطبائي (رحمه اللّه) (8).ع.
ص: 140
(حيلولة):
و عن سيدنا الأجل الآميرزا هاشم (1).
ب- عن السيد الجليل و العالم النبيل الأمير سيد حسن (2) بن الأمير سيد علي ابن الأمير محمّد باقر بن الأمير إسماعيل الواعظ الحسيني الأصبهاني، الذي إليه انتهت رئاسة التدريس في الفقه و الأصول في أصفهان. و كان يشدّ إليه الرواحل لاستفادة العلوم الشرعية من أطراف البلدان، و ما كانت الهجرة إلي العراق لتحصيل العلوم الدينية متعارفا في طلبة أصفهان و فضلائهم قبل وفاته كتعارفها في غيرهم، و قد برز من مجلسه علماء فضلاء، و فقهاء نبلاء، جزاه اللّه تعالي عن الإسلام خير الجزاء.
عن والد (3) المجاز الآميرزا زين العابدين، بطرقه المتقدّمة (4).
ص: 141
(حيلولة):
و عن السيد الأيّد الآميرزا (1) هاشم، سلمه اللّه تعالي.
ج- عن الفقيه الوجيه و العالم النبيه المسدّد، الصفي الشيخ مهدي النجفي، المتوفي سنة [1289] (2).
عن عمه الأكمل الأفقه الزاهد الصالح الكامل الشيخ حسن، صاحب كتاب أنوار الفقه (3) الذي هو من الكتب النفيسة في هذا الفن، إلّا أنّه لم يخرج منه الصيد و الذباحة و السبق و الرماية و الحدود و الديات، و له شرح مقدّمات كشف الغطاء، و رسائل اخري. تولّد سنة 1201 (4)، و توفي سنة 1262.
و كان رحمه اللّه من العلماء الراسخين الزاهدين المواظبين علي السنن و الآداب، و معظّمي الشعائر، الداعين إلي اللّه تعالي بالأقوال و الأفعال. و له في المجلس الذي انعقد في دار الإمارة ببغداد- و اجتمع فيه علماء الشيعة من أهل المشهدين و هو مقدّمهم و رئيسهم، و علماء أهل السنة، بأمر الوالي لتحقيق حال الملحد الذي أرسله علي محمّد الشيرازي الملقب بالباب ليدعو الناس إلي
ص: 142
مزخرفاته و ملفّقاته- مقام محمود و يوم مشهود، بيّض به وجوه الشيعة، و أقام به أعلام الشريعة، من أراد شرح ذلك، و معرفة جملة من حالاته و عباداته و نوادره و كراماته، فعليه برسالة بعض فضلاء الطائفة الجعفرية في شرح حال آل جعفر (1) - كثّرهم اللّه تعالي-.
عن والده شيخ الفقهاء صاحب كشف الغطاء (2).ه.
ص: 143
(حيلولة):
و عن العالم الأجلّ آغا باقر الهزارجريبي (1).
عن الفاضل الآميرزا إبراهيم القاضي (2).
عن السيد المحقّق الفاضل الأمير ناصر الدين أحمد بن المرحوم السيد محمّد بن الفاضل المشهور الأمير روح الأمين الحسيني المختاري السبزواري (3).
عن تاج الفقهاء و المحقّقين، و فخر العلماء المدقّقين، بهاء الدين محمّد بن تاج الدين حسن بن محمّد الأصفهاني، الملقّب بالفاضل الهندي لمسافرته إلي الهند قبل بلوغه وجوبا- علي ما صرّح به نفسه- و نصّ علي عدم ارتضائه به، و كأنه لمشاركته للفاضل الهندي من العامة. المتولّد في سنة 1062 المتوفي في شهر
ص: 144
رمضان سنة 1137.
صاحب الكرامة الباهرة التي أشار إليها المحقق النحرير الشيخ أسد اللّه التستري في المقابيس- بعد ذكره بأوصاف جميلة و مدائح عظيمة- بقوله: و نشوه في بدء أمره في حال صغره في بلاد الهند، و لذا نسب إليها، و جرت له فيها مع المخالفين مناظرة في الإمامة معروفة علي الألسنة، و قصة عجيبة مع قرد لبعضهم، أسطع من الأدلّة و أقطع من الأسنّة، و صنّف من أوائل دخوله في العشر الثاني كتبا و رسائل، و تعليقات في العلوم الأدبية (1)، و الأصول الدينية أو الفقهية أيضا، منها: ملخص التلخيص و شرحه كلاهما في مجلّد صغير جدا، و هو عندي، و لعلّه أوّل مصنفاته. و فرغ من المعقول و المنقول و لم يكمل ثلاث عشرة سنة كما صرّح نفسه به، و هو صاحب المناهج السوية في شرح الروضة البهية، رأيت جملة من مجلداتها في العبادات و هي مبسوطة مشحونة بالفوائد و التحقيقات، و تاريخ ختام كتاب الصلاة منها سنة الثماني و الثمانين بعد الألف، فيكون عمره حينئذ خمسا و عشرين سنة، و له أيضا كتاب كشف اللثام عن قواعد الأحكام. انتهي (2).
قلت: و كان للشيخ الفقيه صاحب الجواهر (رحمه اللّه) اعتماد عجيب فيه (3) و في فقه مؤلفه، و كان لا يكتب من الجواهر شيئا لو لم يحضره كشفم.
ص: 145
اللثام (1)، حدثني بذلك الشيخ الأستاذ الشيخ عبد الحسين (رحمه اللّه) (2) قال:
و كان يقول: لو لم يكن الفاضل في العجم ما ظننت أنّ الفقه صار إليه. و صرّح (رحمه اللّه) في بعض رسائله انّ مؤلفاته بلغت إلي الثمانين.
عن والده العلامة تاج أرباب العمامة، تاج الدين حسن- المعروف بملإ تاجا- المتوفي سنة 1085 (3).
عن العالم الحبر الجليل المولي حسن علي (4)، الآتي ذكره في مشايخ العلّامة المجلسي (رحمه اللّه).
(حيلولة):
و بالأسانيد السابقة (5) عن العلّامة بحر العلوم.
عن الجليل السيد حسين القزويني.
عن السعيد الشهيد السيد نصر اللّه الحائري (6).
عن العالم المتبحر النقّاد السيد عبد اللّه بن العالم السيد نور الدين بن المحدّث النبيل السيد نعمة اللّه الجزائري هو من أجلّاء هذه الطائفة، و عينها
ص: 146
و وجهها، و ممّن اجتمع فيه جودة الفهم، و حسن السليقة، و كثرة الاطلاع، و استقامة الطريقة، كما يظهر من مؤلفاته الشريفة: كشرح النخبة، و أجوبة المسائل النهاوندية، و غيرها. و له إجازة كبيرة فيها فوائد طريفة، و نكات لطيفة.
عن جماعة من المشايخ (1):
أ- أولهم: السيد نصر اللّه- المتقدم ذكره- و هذا يسمّي في علم الدراية بالوجادة (2)، بأن يروي كلّ واحد من الشيخين عن الآخر و نظيره في الأصحاب كثير: كرواية المجلسي عن السيد علي خان- شارح الصحيفة- و روايته عنه، و رواية الشيخ الحرّ عن المجلسي و روايته عنه.
1- عن المحدث الجليل محمّد باقر المكي.
عن الفاضل الجامع السيد علي خان، شارح الصحيفة.
عن الجليل الشيخ جعفر البحريني، المتقدم ذكره (3).
عن الشيخ حسام الدين محمود بن درويش علي الحلي.
عن الشيخ البهائي.
(حيلولة):
و عن السيد الشهيد (4).
2- عن الأستاذ الفاضل خاتمة المجتهدين الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري المجاور بالغري، صاحب كتاب آيات الأحكام و غيره، المتوفي سنة 1150.
ص: 147
أ- عن المولي الفاضل محمّد نصير (1).
عن المولي محمّد تقي المجلسي.
ب- و عن أستاذه (2) الفاضل المحقق الزاهد الشيخ حسين بن الفاضل العلّامة عبد علي الخمايسي النجفي.
عن والده.
و الشيخ عبد الواحد بن أحمد البوراني النجفي (3).
عن فخر الدين الطريحي (4)، بسنده المتقدم (5).
و يروي الشيخ أحمد (6) أيضا.
ج- عن الأجل الشيخ أحمد بن محمّد بن يوسف (7).
د- و الأمير محمّد مؤمن الحسيني الأسترآبادي (8).ي.
ص: 148
ه- و الأمير محمّد صالح الخاتون آبادي (1)، و قد تقدّم ذكر طرقهم (2).
و يروي عن الشيخ أحمد، السيد الجليل عبد اللّه بن السيد علوي البلادي البحراني، من (3) مشايخ صاحب الحدائق.
(حيلولة):
و عن السيد الشهيد (4).
3- عن المولي المتبحّر في الأحاديث المعصومية المولي محمّد حسين الطوسي البغجمي (5).
أ- عن الشيخ محمّد الحر (6).
ب- و العلامة المجلسي.
ج- و العالم الفاضل المولي محمّد أمين بن المولي محمّد علي الكاظمي، صاحب هداية المحدثين إلي طريقة المحمدين- المعروف بمشتركات الكاظمي- و هو ثاني ما ألّف في هذا الباب، و قد تعرّض فيه لما صدر من شيخه من الأغلاط، و لذا عبّر عنه في أمل الآمل: بشرح جامع المقال فيما يتعلق بالأحاديث و الرجال (7).
ص: 149
قال في أول الكتاب: إنّي نظرت في الكتاب المسمي بجامع المقال فيما يتعلّق بأحوال الحديث و الرجال، الذي هو من مؤلفات شيخنا (1) الأجلّ الورع الزاهد المتفّرد في زماننا هذا بالأخلاق الفاضلة و المحامد، فرأيت في الباب الثاني عشر منه أغلاطا كثيرة، فتقرّبت إلي اللّه بإصلاح ما فيه من الغلط. إلي أن قال: ثمّ إنّي أفردت بعد ذلك هذا الكتاب، و أضفت إليه شيئا كثيرا مما روي عن الراوي (2). إلي أخر ما ذكره.
عن شيخه المذكور صاحب جامع المقال فخر الدين الطريحي.
(حيلولة):
و عن السيد الشهيد (3).
أ- عن خاله الفاضل السيد محمّد صالح الخاتون آبادي- صهر المجلسي- و قد تقدم (1).
ب- و عن المحدّث الكاشاني، الآتي ذكره (2).
ج- و عن أستاذه المحدث الفاضل الشيخ محمّد حسين بن الحسن الميسي الحائري.
عن الشيخ الأجلّ عبد اللّه بن محمّد العاملي.
عن العالم الجليل الشيخ علي سبط الشهيد الثاني (3).
د- و عن الفاضل الشيخ صفي الدين بن الشيخ فخر الدين الطريحي.
عن والده (4).
ه- و عن الأمير شرف الدين علي الشولستاني، الآتي ذكره (5).
و- و عن الشيخ أحمد بن محمّد بن يوسف (6)، المتقدم في مشايخ العلامة الشيخ سليمان الماحوزي (7).
ز- و عن الواعظ الزاهد العابد الصالح التقي الورع الزكي الحاج محمود الميمندي.
عن المحدث الجليل صاحب الوسائل.
ح- و عن المحدث الجزائري السيد نعمة اللّه.8.
ص: 151
ط- و عن العلامة المجلسي، كما تقدم (1).
فهذه ثمانية (2) طرق للمولي الشريف المحدث المحقق الغروي.
ب- و الثاني من مشايخ السيد عبد اللّه: السيد الأيّد (3) الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي- سبط المجلسي- بطرقه المتقدمة (4).
ج- و ثالثهم: السيد الجليل الفقيه السيد (5) رضي الدين بن محمّد بن علي بن حيدر العاملي المكي، قال- رحمه اللّه- في إجازته الكبيرة: أجازني بالمشافهة في مكّة- شرّفها اللّه تعالي- لمّا استجزته، ثم كتب لي إجازة مبسوطة مشتملة علي جميع طرقه و طرق أبيه و أسانيدهما، و قد ذهبت في أثناء الطريق و لم أحفظ منها إلّا روايته (6).
عن والده، المذكور.
عن العلّامة المحقّق محمّد شفيع بن محمّد علي الأسترآبادي.
ص: 152
عن والده.
عن المولي محمّد تقي المجلسي.
و كان السيد رضي الدين متهذبا أديبا شاعرا فصيحا حسن السيرة، مرجوعا إليه في أحكام الحج و غيره. و سمعت والدي- طاب ثراه- يصف أباه السيد محمّد بغاية الفضل و التحقيق، و جودة الذهن، و استقامة السليقة، و كثرة التتبع لكتب الخاصة و العامة، و التبحّر في أحاديث الفريقين، و يطري في الثناء عليه لما اجتمع معه في مكة. و الذي وقفت عليه من مصنّفاته في الكلام و الفقه يدلّ علي فضل غزير و علم كثير.
د- و رابعهم: السيد الجليل المتكلم الحسيب صدر الدين بن محمد (1) باقر الرضوي القمي، المجاور بالغري.
عن الشريف أبي الحسن (2).
و الشيخ أحمد (3) المتقدّم ذكرهما.
قال (رحمه اللّه) (4): و هو أفضل من رأيتهم بالعراق، و أعمّهم نفعا، و أجمعهم للمعقول و المنقول. أخذ العقليات من علماء أصبهان، ثم لما كثرت الفتن في عراق العجم بسبب استيلاء الأغيار عليها، و اختلال الدول القديمة، انتقل إلي (المشهد) و عظم موقعه في نفوس أهلها، و كان الزوار يقصدونه و يتبركون بلقائه، و يستفتونه في مسائلهم.
له كتاب الطهارة، استقصي فيه المسائل، و نصر مذهب ابن أبي عقيل في الماء القليل، ناولني منه نسخة.
ص: 153
و له حاشية علي المختلف، و رسائل عديدة منها رسالة في حديث الثقلين و أن أحدهما أكبر من الآخر، أطال الكلام في تعيين الأكبر، و جري بينه و بين المولي إسماعيل الخاتون آبادي (1) - الساكن بمحلّة خاجو من محلات أصبهان- مراسلات في ذلك يردّ أحدهما علي الآخر، ناولني السيد منها نسخة و لم أرتضها منه، و قلت له: أيّ ضرورة بنا إلي معرفة أن الأئمّة عليهم السلام أفضل أم القرآن؟ و ما معني هذا التفضيل؟ و إن المخاير بين شيئين- المفضل أحدهما علي الآخر- لا بدّ له أن يطلب للمفضّل وجوه التفضيل و الشرف، و للمفضّل عليه وجوه المنقصة و القصور، حتي يتم له ما هو بصدده، و هذا سوء أدب منّا بالنسبة إلي القرآن و الأئمة عليهم السلام، و هل هذا إلّا الخوض فيما لا يعني؟ و إنّ علينا من الأمور التي يجب تحصيل العلم بها ما هو أهمّ من هذا، و أولي بالنظر.
فاستحسن- رحمه اللّه- هذا الكلام و أثني عليّ، و استردّ الرسالة، و قال:
سأغمسها في الماء لئلا تشتهر مني. توفي- رحمه اللّه- عشر الستين بعد المائة و الألف، و هو ابن خمس و ستين.
قلت: و هو شارح الوافية، و عليه تلمّذ الأستاذ الأكبر البهبهاني، و يعبّر عنه في رسائله بالسيد السند الأستاد (رحمه اللّه) و في رسالة الاجتهاد و الأخبار:
السيد السند الأستاد و من عليه الاستناد، دام ظله (2).ا.
ص: 154
ه- و خامسهم (1): والده العالم الجليل السيد نور الدين، المتوفي في ذي الحجة سنة 1158، صاحب الرسائل المتعدّدة التي منها فروق اللغات في الفرق بين المتقاربات، و استطرد فيه فوائد كثيرة لغوية و أدبية، و هي رسالة حسنة و ادّعي في أولها: إنّي لم أجد من تصدي لجمع ذلك في كتاب، أو نظمه في فصل، أو أفرزه في باب، و إنّما يوجد منها بعض في بعض الكتب تفاريق، أو نزر متشتت في بعض التعاليق. إلي آخره.
و قد أفرده بالتأليف قبله الشيخ إبراهيم الكفعمي و سمّاه لمع البرق في معرفة الفرق، و ينقل عنه في حواشي الجنّة، فراجع.
1- عن الشيخ الجليل محمّد بن الحسن الحر العاملي (رحمه اللّه).
2- و عن والده الحبر النبيل و المحدث الجليل السيد نعمة اللّه (2) بن عبد اللّه بن محمّد بن الحسين بن أحمد بن محمود بن غياث الدين بن مجد الدين بن نور الدين بن سعد الدين عيسي بن موسي بن عبد اللّه بن موسي الكاظم عليه السلام، صاحب التصانيف الرائقة الدائرة، المتوفي في سنة 1112 في شهر شوال.
و كان بعض أجداده يلقّب بشمس الدين، قال السيد في المقامات: و أمّا جدّنا صاحب الكرامات السيد شمس الدين- قدس اللّه روحه- فكان له ثور يرعي بعيدا من البيوت و أتاه السبع و افترسه، لكنه وقف عنده و لم يأكل منه شيئا، فأخبروا جدّنا، فأخذ الحبل الذي كان يربط به الثور و أتي- و الناس معه- إلي الأسد، فقصده و وضع الحبل في رقبته و قاده إلي منزله و الناس متحيرون،
ص: 155
و ربطه عنده تلك الليلة و قال: أتخذه للحرث عوضا عن ثوري، فقال له الجيران: هذا لا يصير لأنّا نخاف منه، فحينئذ أرسله من يده. حتي قال بعض الشعراء في مدح أولاده:
سادة حسينيين أهل التقي و الدين
أولاد شمس الدين جاب السبع ثورة
الثور يا سادة السبع ما رواه
و الناس شهادة غياب و حضوره
عن عدّة من المشايخ و هم تسعة (2):
الأوّل: السيد السند الأمير فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي.
عن العالم الجليل السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، المتقدّم ذكره في شرح حال الرضوي (3).
عن الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه.
عن السيّد العالم و النجيب اللبيب محمّد مهدي بن السيد محسن
ص: 156
الرضوي المشهدي، الذي قال في حقه المحقق الثاني في إجازته له:
و بعد، فإنّ السيد السند الأوحد، شرف أولاد الرسول، خلاصة سلالة الزهراء البتول، أنموذج أسلافه الطاهرين، نتيجة السادات المبجّلين، ذي النسب الطّاهر، و الحسب الفاخر، جامع الكمالات الإنسية، صاحب النفس القدسية، الفاضل الكامل، العلامة شمس الملّة و الدين محمّد الملقب بما يشعر (1) بالسيد العلامة (2) بالمهدي بن المرحوم المبرور المتوّج المحبور، شرف السادات النقباء، قدوة الأجلاء الفضلاء الأتقياء، كمال السيادة و الدين، محسن الرضوي المشهدي- قدّس اللّه روح السلف و أدام أيام الخلف- صحبني عند توجهي إلي خراسان في سنة ست و ثلاثين و تسعمائة، و عند عودي متوجها إلي بلدة الإيمان قاشان. إلي آخر ما قال عنه (3).
و عن (4) أبيه العالم الفاضل، الذي قال فيه ابن أبي جمهور الأحسائي في رسالة مناظرته مع الهروي العامي: إنني كنت في سنة ثمان و سبعين و ثمانمائة مجاورا لمشهد الرضا عليه السلام، و كان منزلي بمنزل السيد الأجلّ و الكهف الأظل محسن بن محمّد الرضوي القمي، و كان من أعيان أهل المشهد و أشرافهم، بارزا علي أقرانه بالعلم و العمل، و كان هو و كثير من أهل المشهد يشتغلون معي في علم الكلام و الفقه. إلي آخر ما قال (5).
و قال أيضا في إجازته له بعد الخطبة: و بعد فقد سمع مني مؤلفي هذا- و هو كتاب عوالي اللآلي العزيزيّة في الأحاديث الدينية- من أوّله إلي آخره، السيد2.
ص: 157
الحسيب النسيب النقيب الطاهر، العلوي الحسيني الرضوي، خلاصة السادات و الأشراف، و مفخر آل عبد مناف، ذو النسب الصريح العالي، و الحسب الكامل المتعالي، المستغني عن الإطناب في الألقاب، لظهور شموس الفضائل و الفواضل و الأحساب، العالم بمعالم فقه آل طه و يس، و القائم بمراضي ربّ العالمين، مكمّل علوم المتقدّمين و المتأخرين، و إنسان عين الفضلاء و الحكماء المحققين، و الراقي بعلوّ هممه علي معالي السادات الأعظمين، غياث الإسلام و المسلمين، السيد محسن بن المرحوم المغفور السيد العالم العامل الفاضل المجوّد، صدر الزهاد و زين العباد، رضي الملة و الدين، محمّد بن ناد شاه الرضوي المشهدي، أدام اللّه تعالي معالي سيادته، و ربط بالخلود اطناب دولته، و لا زالت أيامه الزاهرة تميس و تختال، في حلل البهاء و الكمال، بحق محمّد المفضال، و آله الأطهار خير آل صلوات اللّه عليهم.
إلي آخره (1).
عن الشيخ الجليل الفقيه العارف النبيل محمّد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي- الذي مرّ شرح (2) حاله في شرح حال كتابه المعروف بعوالي اللآلي- يروي عن جماعة ذكرهم في أول العوالي، أصحها و أتقنها ما رواه:
عن الشيخ الأجلّ الأعظم علي بن هلال الجزائري (3)، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالي.
الثاني: السيد الجليل الشريف الفاضل الأمير شرف الدين علي بن
ص: 158
حجة اللّه الحسني الشولستاني- الآتي ذكره (1) في مشايخ المجلسي-.
الثالث: العالم المفسّر الجليل الشيخ علي (2) بن جمعة العروسي الحويزي، الساكن بشيراز، صاحب تفسير نور الثقلين- في أربع مجلدات-.
عن شيخه الجليل العالم قاضي القضاة عزّ الدين، المولي علي نقي بن الشيخ أبي العلاء محمّد هاشم الطغائي الكمرئي الفراهاني الشيرازي الأصفهاني، المتوفي سنة 1060، صاحب المؤلفات العديدة التي منها جامع الصفوي- في مجلدين- في الإمامة، في جواب ما كتبه نوح أفندي الحنفي المفتي في وجوب مقاتلة الشيعة و قتلهم، و نهب أموالهم، و سبي نسائهم و ذراريهم و سبب كفرهم و ارتدادهم، سنة ورود السلطان مراد لمحاصرة بغداد، أرسل إليه صورة ذلك الأمير شرف الدين الشولستاني من النجف الأشرف، و هو كتاب حسن لطيف.
قال في الرياض في ترجمته: فاضل عالم عامل متدين متصلّب في الدين، شاعر (3) فقيه محدّث جليل، ورع زاهد تقي عابد نقي كاسمه، قرأ علي السيد ماجد البحراني الكبير، و علي جماعة من الفضلاء بشيراز (و قد قرأ عليه جماعة من العلماء أيضا) (4) و كان في ناحية كمره من محال فراهان، ثم طلبه الحاكم الجلي إمام قلي خان- حاكم فارس في زمن شاه سلطان صفي الصفوي- إلي شيراز، و جعله قاضيا بها، ثم بعد ما صار السيد الكبير الوزير خليفة سلطان وزير السلطان شاه عباس الثاني طلبه من شيراز إلي أصفهان، و جعله بعد عزل الآميرزا قاضي شيخ الإسلام بأصبهان، و هو تصدي لهذا المنصب إلي
ص: 159
أن توفي (1).
عن الشيخ الأجل بهاء الدين العاملي.
الرابع: الشيخ المحدث القاري الرجالي جعفر بن كمال الدين البحراني، المتقدم ذكره في مشايخ صاحب الحدائق (2).
عن شيخه الفقيه العالم علي بن نصر اللّه الجزائري.
عن الشيخ الصالح يونس الجزائري، الذي قال في حقه في الأمل:
فاضل عابد، من تلامذة الشيخ عبد العالي (3).
عن العالم الجليل الشيخ عبد العالي.
عن والده المحقق الثاني.
و في الإجازة الكبيرة المتقدمة: عن الشيخ الصالح الإمام يونس الجزائري، عن المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (4).
و هو خلاف ما صرّح به النقاد الخبير صاحب الرياض و الشيخ فرج اللّه الحويزاوي في رجاله: من روايته عنه بتوسط الشيخ عبد العالي ولده الأرشد (5).
الخامس: الأستاذ المدقق المحدث السيد ميرزا محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الجزائري، الآتي ذكره في مشايخ المجلسي مع بعض مشايخه (6).
عن العالم المحقق الفقيه المتبحّر في فن الحديث و الرجال الشيخ عبد
ص: 160
النبي بن الشيخ سعد الجزائري الغروي الحائري، صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها كتاب حاوي الأقوال في معرفة الرجال، و هو كتاب شريف متين، و قد أكثر النقل عنه الشيخ أبو علي في رجاله (1).
عن سيد المحققين صاحب المدارك.
و صرّح في أمل الآمل: أنّ الشيخ عبد النبي قرأ علي المحقق الثاني (2)، بل ذكر في آخر الوسائل في ذكر طرقه: إنّه يروي عنه (3). و لا يخفي ما فيه من الاشتباه علي ما نبّه عليه صاحب الرياض (4)، و يأتي تتمة الكلام (5).
السادس: السيد العالم بالأصولين هاشم بن الحسين بن عبد الرؤوف الأحسائي (6).
1- عن المؤيّد السيد نور الدين، أخي صاحب المدارك لأبيه.
2- و عن الشيخ العالم المتبحّر الجليل جواد بن سعد اللّه بن جواد البغدادي الكاظمي، شارح الجعفرية و الخلاصة و الدروس، و صاحب آيات الأحكام- المسمّي بمسالك الأفهام- و هو أكبر و أتمّ و أنفع ما ألّف في هذا الباب، كما قيل.
و الظاهر أنّ أحسن ما الّف فيه (7) كتاب معارج السؤول و مدارج المأمول، للعالم المحقّق الجامع كمال الدين الحسن بن محمّد بن الحسن الأسترابادي
ص: 161
النجفي- المشتهر بكتاب اللباب- و هو شارح فصول الخواجه نصير الدين، شرحها شرحا مزجيّا، لطيفا، بليغا، موجزا، فيه من الفوائد و النكات ما لا يوجد إلّا فيه، و تأريخ فراغه من تأليف المعارج سنة 891، و من شرح الفصول سنة 870.
فما ذكره ابن العودي في ترجمة أستاذه شيخ الفقهاء الشهيد الثاني، بعد ذكر جملة من شروحه المزجية كالروضة، و الروض، و غيرها: و أمّا رغبته في شروح المزج، فإنّه لمّا رآها للعامة، و ليس لأصحابنا منها، حملته الحميّة علي ذلك، و مع ذلك فهي في نفسها شي ء حسن (1). إلي آخر ما قال.
ناشئ من قصور الباع، فإنّ تأريخ الفراغ من الروضة سنة 957، و بينه و بين تأريخ شرح الفصول سبعة و ثمانون سنة.
عن شيخه الأجل بهاء الدين العاملي.
(حيلولة):
و عن السيد هاشم الأحسائي (2).
3- عن الشيخ محمّد بن علي بن محمد (3) الحرفوشي الحريري العاملي الكركي، المتوفّي سنة 1059 (4) و في تاريخ الخاتون آبادي: سنة 1050 (5)،7.
ص: 162
صاحب المؤلّفات الكثيرة، التي منها شرح قواعد الشهيد.
قال في أمل الآمل: كان عالما فاضلا، أديبا ماهرا، محقّقا مدقّقا، شاعرا منشئا محافظا، أعرف أهل عصره بعلوم العربية (1).
عن علي بن عثمان بن خطاب بن مرّة بن مؤيد الهمداني، المعروف بابن أبي الدنيا المعمر المغربي، الذي أدرك أمير المؤمنين عليه السلام و من بعده من الأئمة عليهم السلام، و العلماء رحمهم اللّه، و له قصص و حكايات ذكرها في البحار، و فيها اختلافات شرحناها في كتابنا المسمّي بالنجم الثاقب، و كيفية ملاقاة الشيخ الحرفوشي له متكررة في الكتب.
السابع: الشيخ الوحيد الجليل حسين بن محيي الدين، الذي قال في حقّه في الأمل: فاضل عالم فقيه، و عدّ من كتبه شرح القواعد (2).
[1] عن والده الفاضل العالم العابد الورع- كما في الأمل- محيي الدين ابن عبد اللطيف (3).
عن والده العالم الجليل الشيخ عبد اللطيف.
قال في الرياض: كان من أفاضل علمائنا المقاربين لعصرنا (4).
و في الأمل: كان فاضلا عالما، محقّقا صالحا فقيها، قرأ عند شيخنا البهائي، و عند الشيخ حسن بن الشهيد الثاني، و السيد محمّد بن علي بن أبي الحسن العاملي، و غيرهم، و أجازوه، له مصنّفات منها كتاب الرجال، لطيف (5).
ص: 163
قلت: قد عثرت عليه، و اقتصر فيه علي ذكر رجال أحاديث الكتب الأربعة، و قد جعله بمنزلة المقدّمة لشرحه علي الاستبصار، و هو كتاب صغير الحجم، كثير النفع، و هو أوّل من أشار إلي طبقات الرواة في أصحابنا.
قال- رحمه اللّه-: و حيث إنّ معرفة الراوي ضرورية جعلت الطبقات ستة:
1- طبقة الشيخ المفيد.
2- طبقة الصدوق.
3- طبقة الكليني.
4- طبقة سعد بن عبد اللّه.
5- أحمد بن محمّد بن عيسي.
6- ابن أبي عمير و ما بعده، ليتضح الحال في أول وهلة فأشير في الأغلب إلي طبقة الراوي، إما بروايته عن الإمام عليه السلام، أو بنسبته إلي أحد المشاهير من أعلي أو من أسفل، أو بكونه في إحدي الطبقات المذكورة (1).
انتهي.
و تبعه بعده التقي المجلسي في شرح الفقيه، لكنه جعلها اثني عشر:
1- للشيخ الطوسي، و النجاشي، و أضرابهما.
2- للشيخ المفيد، و ابن الغضائري، و أمثالهما.
3- للصدوق، و أحمد بن محمّد بن يحيي. و أشباههما.
4- للكليني، و أمثاله.
5- لمحمّد بن يحيي، و أحمد بن إدريس، و علي بن إبراهيم.
6- لأحمد بن محمّد بن عيسي، و محمّد بن عبد الجبار، و أحمد بن محمّدط.
ص: 164
ابن خالد، و أضرابهم.
7- للحسين بن سعيد، و الحسن بن علي الوشاء، و أمثالهما.
8- لمحمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحيي، و النضر بن سويد، و أمثالهم.
9- لأصحاب الصادق عليه السلام.
10- لأصحاب الباقر عليه السلام.
11- لأصحاب علي بن الحسين عليهما السلام.
12- لأصحاب أمير المؤمنين، و الحسن، و الحسين عليهم السلام (1).
و ابن حجر العسقلاني من العامة أيضا جعل في التقريب رواتهم من الصحابة و التابعين و من تلاهم اثني عشر طبقة (2)، إلّا أنّ ميزانه فيها غير ميزان أصحابنا، و لا داعي لنا في نقله.
أ- عن شيخنا البهائي.
ب و ج- و صاحبي المعالم و المدارك، كما مرّ عن الأمل (3).
د- و عن والده (4) نور الدين علي.
عن والده شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي، العالم العامل، الورع الثقة.
عن المحقق الثاني، قال في إجازته له: فإنّ الولد الصالح الفاضل الكامل، التقي النقي الأريحي، قدوة الفضلاء في الزمان، الشيخ جمال الدينظ.
ص: 165
أحمد بن الشيخ الصالح الشهير بابن أبي جامع العاملي، أدام اللّه تعالي توفيقه و تسديده، و أجزل من كلّ عارفة حظّه و مزيده ورد إلينا إلي المشهد المقدس الغرويّ علي مشرّفه الصلاة و السلام، و انتظم في سلك المجاورين بتلك البقعة المقدسة برهة من الزمان، و في خلال ذلك قرأ علي هذا الضعيف الكاتب لهذه الأحرف، الرسالة المشهورة بالألفيّة في فقه الصلاة الواجبة من مصنّفات شيخنا الأعظم شيخ الطائفة المحقة في زمانه، علّامة المتقدمين و علم المتأخرين، خاتمة المجتهدين، شمس الملّة و الحق و الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن مكي قدّس اللّه روحه الطاهرة الزكيّة، و أفاض علي تربته المراحم القدسيّة، من أوّلها إلي آخرها، مع نبذة من الحواشي التي جري بها قلم هذا الضعيف، في خلال مذاكرة بعض الطلبة، قراءة شهدت بفضله، و آذنت بنبله و جودة استعداده، و قد أجزت له روايتها، و رواية غيرها من مصنّفات مؤلفها بالأسانيد التي لي إليه (1). إلي آخر ما قال (رحمه اللّه).
(حيلولة):
و عن الشيخ حسين بن محي الدين (2).
[2] عن السيد الجليل، و الفاضل النبيل، السيد علي خان بن السيد خلف بن السيد عبد المطلب بن السيد حيدر بن السيد محسن بن السيد محمّد الملقب بالمهدي ابن فلاح بن محمّد بن أحمد بن علي بن أحمد بن رضا بن إبراهيم ابن هبة اللّه بن الطيب بن أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي الطحان بن غياث ابن أحمد بن الإمام موسي الكاظم عليه السلام، الموسوي الحسيني المشعشعية.
ص: 166
الحويزي- والي الحويزة- و صاحب المؤلفات الكثيرة الرائقة النافعة، حتي قال صاحب الرياض بعد ذكرها و تفصيلها: و أظن أن أكثر فوائد كتب السيد نعمة اللّه الشوشتري المعاصر- قدس سرّه- مأخوذة من تصانيف هذا السيد العالي، و إنّما اختصه بذلك لما كان بينهما من الألفة و قرب الجوار (1).
قال في الأنوار النعمانية في بيان ما قيل في حلّ الأبيات المعروفة:
رأت قمر السماء. إلي آخره.
و ثانيها: ما قاله الوالي- تغمّده اللّه برحمته- و كان عالما شاعرا، أديبا صالحا أريبا عابدا، و كان حاكما علي بلاد العرب كالحويزة و ما والاها، و كنّا نحن بشوشتر، فكان كل سنة يرسل إلينا المكاتيب و الرسائل، و يرغبنا و يحثّنا علي الوصول إلي حضرته. إلي أن قال: و قد أكثر من المصنفات في فنون العلم، و كان يحفظ من القصائد- مع كبر سنه- ما لا يعدّ، و كان يحفظ أكثر الدواوين علي خاطره، و له ديوان نفيس، و ما كنّا نسمع في مجلسه شيئا سوي:
روي جدّنا عن جبرئيل عن الباري.
و قد انتقل إلي جوار اللّه و رحمته في السنة الثانية (2) و الخمسين بعد الألف، و جلس في الملك بعده ابنه الكبير وفّقه اللّه تعالي.
و الاسم الشريف لذلك المرحوم هو السيد علي خان بن السيد خلف بن السيد مطلب الذي أسلمت الكفار علي أيديهم، و استبصر المخالفون (3)، انتهي.
و لا يخفي ما في التأريخ المذكور من الاشتباه (4)، فإن فراغه من تأليف1.
ص: 167
نكت البيان كما في الرياض سنة 1084، و من التفسير المسمي بمنتخب التفاسير كما فيه سنة 1087 (1)، مع أن سن صاحب الأنوار في التأريخ المذكور سنتان.
و بالجملة، فهذا السيد الجليل و آباؤه من الذين قال فيهم أمير المؤمنين عليه السلام كما في النهج (2).
و قال الصادق عليه السلام مشيرا إلي إسحاق بن عمّار و أخيه إسماعيل- كما رواه الكشي-: و قد يجمعهما اللّه لأقوام، يعني الدنيا و الآخرة (3). فإنّه و آبائه مع ما هم عليه من الرئاسة و السلطنة فاقوا الأعلام من العلماء في التأليف و العمل و النسك و الزهادة، هذا أبوه السيد خلف قال في الأمل بعد الترجمة: حاكم الحويزة، كان عالما فاضلا محققا، جليل القدر، شاعرا أديبا، له كتب منها:
سيف الشيعة. إلي آخره (4).
و في الرياض- نقلا عن مجموعة ولده التي أرسلها إلي الشيخ علي السبط بعد ذكر شطر من أحوال والده الجليل و مؤلّفاته و عدد أبيات آحادها و أملاكه و مزارعه-: ثم إنّه كان مدّة حياته يصرف محاصيله منها بهذه الطريقة، و هو أنّه نوي فيما يصرفه للقربة، فما كان للزكاة فيكتب عليه بالدفتر بالزاي، و أمّا ما كان من الصدقة المستحبّة فيكتب عليه (ق) يريد بها القربة، و ما كان للرحم فيكتب2.
ص: 168
عليه (ص) يريد به صلة الرحم، و ما كان يعطيه للوفود و الشعراء و مخالفي المذهب فيكتب عليه (س) يريد به ستر العرض، و كانت هذه مصارفه، و كان يؤثر علي نفسه، و لم يرض في جمع المال، فإذا رأي شيئا فاضلا علي ما أنفقه يقول: يا ربّ لا تجعلني من الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل اللّه.
و كان رضي اللّه عنه زاهدا مرتاضا، يأكل الجشب، و يلبس الخشن، اقتداء بسيرة آبائه عليهم السلام و كانت عبادته يضرب بها المثل، حتي أنه لمّا كان بصره عليه كان أكثر ليالي الجمع يختم بها القرآن، و لا تفوت عليه النوافل، و كان كثير الصيام، لم يفته صوم سنة (1)، إلّا أنه كان تارة يصوم رجب و يفطر في شعبان أيّاما، و مع ما كان عليه من الزهد و التقوي فكانت شجاعته أيضا تضرب بها الأمثال. إلي آخر ما قال.
قال صاحب الرياض: أمّا كثرة أولاده و بركة نسله فهي علي حدّ قد بلغ في عصرنا هذا أنّه إذا ركب الوالي يركب معه أزيد من خمسمائة من أقربائه و عشائره، مع قتل جمّ غفير منهم في عصرنا هذا دفعة في واقعة، و من قتل منهم في المعارك سابقا. انتهي (2).
و قد عثرنا من مؤلفاته النفيسة علي كتاب مظهر الغرائب، و هو عشرة آلاف بيت في شرح دعاء عرفة لأبي عبد اللّه الحسين عليه السلام، و هو شاهد صدق علي ما قالوا فيه من العلم و الفضل و التبحر، بل و حسن السليقة.
قال في أوّله- بعد ما ذكر أنّه سمع بهذا الدعاء و لم يظفر به بعد الجدّ في الطلب و السعي في تحصيله- قال: حتي وفقني اللّه للحجّ الذي هو أسني6.
ص: 169
المآرب، و شهدنا ذلك الموقف الكريم، و وفّق اللّه أن ضربنا خباءنا في ذلك المحل العظيم، فكان بحسب التوفيق بإزاء قبة العالم الرباني صاحب النفس الروحاني علامة العصر و نادرة الدهر، الميرزا محمّد الأسترآبادي (1) مدّ اللّه تعالي أيام بقائه، و كبت أعدائه، فجلسنا معه للتبرك بأنفاسه الطاهرة، و استماع ادعيته الشريفة الزاهرة، فإذا بالدعاء المطلوب بين يديه، فابتهجنا بحمد اللّه تعالي و الثناء عليه بعد أن قضينا منه أوطارا لا يسع وصفها المقام، و نلنا أسرارا لا يقوم بحدّها الكلام، إذا بمولانا الميرزا محمّد أدامه اللّه تعالي يشير إلي الفقير بشرح الدعاء العالي، و كشف النقاب عن أنوار تلك اللآلي، فكان أمره علينا من المحتوم، فامتثلنا الأمر بإجابة ذلك المرسوم. إلي آخره.
و من بديع صنيعه في هذا الشرح أنه وضعه علي طريقة (قال، أقول) و عبّر عن صاحب الدعاء صلوات اللّه عليه بعد قوله: قال، بمديح و وصف و فضل في كلّ موضع بكلام لا يشابه الآخر، ثم شرح تلك الأوصاف بعد فراغه من الشرح.
و من عجيب ما ذكره في شرح قوله عليه السلام: «و نومي و يقظتي» بعد كلام له في حقيقة الرؤيا و أن مدارها علي تزكية النفس، و صفاء السر، و الصدق في القول و العمل، فهناك تحصل المكاشفة بالرؤيا الصالحة، قال: و أنا العبد المذنب قد صدرت عليّ حكايتان في نوادر رؤيا سأنقلها:
الاولي: إني قد بعثت مرّة إلي رامهرمز رجلا اعتمدت عليه بدراهم ليشتري لي كيلا بقيمة ألف درهم، و قد أوصيته أن لا يشتري من أرباب الديوان هربا من الشبهة، فمضي أياما، فرأيت في المنام كأن قد قدم و سألته عن شراء الطعام؟ قال: اشتريته، فقلت: لعلك لم تشتر من أرباب الديوان شيئا؟ قال:).
ص: 170
قد اختلف (1) عليّ الأمر في منّين قد اختلطا مع الطعام من حيث لا أعلم، ثمّ قلت له: و ما حالك في نفسك؟ فقال: قد أضرّني وجع في بطني، و كويته في النار كيّا منكرا، فلمّا أصبحت قدم الرجل فسألته عن صورة الحال، فأخبر بما رأيته في المنام من جهة الطعام و الألم الذي في بطنه.
و الثانية: قد كان لي معتمد عندي و والدي في الحويزة، و كنت في نواحي أرض فارس، فرأيت كأن الرجل قد قدم و معه قيمة ألفين درهما من الوالد قد بعثها إليّ صلة منه، فقلت له: إنّي أخشي أنّها تكون من أعمال الديوان! فقال:
ليست منه، فقلت: إني أحلفك باللّه عنه، فسكت، فأعدت القسم عليه، فقال: حيث أحلفتني فهي من أعمال الديوان، إلّا أنّي قد أوصيت بأن لا أخبرك بها، و بأن أصرفها في بعض المهام الخارجة عنك، فقلت: ارجعها إليه، فإذا به قد قدم فأخبرت به قبل قدومه، فلمّا جاء و معه الدراهم و هي العدد المذكور فسألته عنها، فقال ما قال في المنام، حتي ألححت عليه و أقسمت عليه، فأقرّ بها، فقلت: اللّه أكبر، إن اللّه قد حمانا من هذه، فأرجعناها في الحال، فعوض اللّه عنها بمنّه و طوله بعد مدّة يسيرة بعشرين ألف درهم، و ذلك من فضل اللّه علينا و علي الناس. انتهي (2).
و أمّا جده السيد عبد المطلب، فهو أيضا من أكابر الفضلاء، و قد كتب أفضل أهل عصره الشيخ حسن بن محمّد الأسترآبادي شرحه علي فصول نصير الدين- الذي هو أحسن الشروح- بأمره و اسمه قال في أوّله: فخالج فكري مع كثرة الهموم، و تفاقم الأحزان و الغموم، أن أزبر له شرحا يذلّل صعابه، و يفتح بابه، و أكّد ما خالج إشارة صدرت من حضرة من إطاعته حتم، و إجابته غنم،ط.
ص: 171
غرّة جبهة النقابة، و واسطة عقد السادة، ذي الأخلاق الملكيّة، و الأنفس القدسية، جامع الفضائل و الفواضل، جيّد الخصال و حسن الشمائل ذي الذهن النقّاد، و الرأي الوقاد، المستغني عن الإطناب في الأوصاف و الألقاب، المخصوص بعناية الملك الرب العلي الأمير كمال الملّة و السيادة و النقابة و الدنيا و الدين، السلطان عبد المطلب الموسوي. إلي آخر (1) ما قال.
و في الرياض: و اعلم أنّ جده الأعلي- و هو السيد محمّد بن فلاح- قد كان من تلامذة الشيخ أحمد بن فهد الحلي، و قد ألّف ابن فهد له رسالة، و ذكر فيها وصايا له، و من جملة ذلك أنّه ذكر فيه أنّه سيظهر الشاه إسماعيل الماضي، حيث أخبر أمير المؤمنين عليه السلام يوم حرب صفين بعد ما قتل عمّار بن ياسر ببعض الملاحم من ظهور جنكيزخان، و ظهور الشاه إسماعيل الماضي، و لذلك قد وصّي ابن فهد في تلك الرسالة بلزوم إطاعة ولاة حويزة ممن أدرك زمان شاه إسماعيل المذكور لذلك السلطان لظهور حقّيته و بهور غلبته. و نحن قد أوردنال.
ص: 172
شرح تلك الرواية و هذه الوصيّة في كتاب ترجمة جاماسبنامه- بالفارسية- فمن رام تفصيل ذلك فليراجع إليه. انتهي (1).
و السيد الوالي المذكور يروي.
عن الشيخ علي سبط الشهيد الثاني، بسنده المتقدم (2).
الثامن: من مشايخ المحدث الجزائري، أستاذ الحكماء و المتكلمين، و مربّي الفقهاء و المحدثين، محطّ رحال أفاضل الزمان، آغا حسين ابن الفاضل الكامل آغا جمال الدين محمّد الخوانساري المحقق المدقق، شارح الدروس، المتوفي سنة 1058، مقامه أعلي من أن يسطر، و فضائله أشهر من أن تذكر، أخذ الحكمة عن النحرير المحقق الأمير أبي القاسم الفندرسكي، و يروي:
عن تاج المحدثين المولي محمّد تقي المجلسي، و عليه قرأ المنقول (3).
التاسع: من مشايخه، شيخه و أستاذه البحر المتلاطم، و فخر الأعاظم، محيي السنة، و ناشر الآثار، العلامة المؤيّد المسدد الرباني المولي محمّد باقر ابن العالم الجليل المولي محمّد تقي ابن الورع البصير المولي مقصود علي المتخلّص في إشعاره بالمجلسي، فصار لقبا لذريّته و سلسلته العلية، و كانت زوجته أمّ المولي التقي المجلسي عارفة مقدّسة صالحة، و من تقواها و صلاحها أنّه عرض لزوجها المولي مقصود علي سفر، فجاء بولدية المولي محمّد تقي و المولي محمّد صادق إلي العلامة المقدّس الورع المولي عبد اللّه الشوشتري لتحصيل العلوم الشرعية، و سأله أن يواظب في تعليمهما ثم سافر فصادف في هذه الأيام عيد فأعطي المولي عبد اللّه (قدس سره) المولي محمّد تقي ثلاثة توامين، و قال:
ص: 173
أنفقوه (1) في ضروريات معاشكم فقال له: إنّا لا نقدر علي صرفها (2) بدون رضي الوالدة و إجازتها.
فلمّا استجاز منها قالت له: إنّ لوالد كما دكّانا غلّته أربعة عشر غازبيكي (3) و هي تساوي مخارجكم علي حسب ما عيّنته و قسمته، و صار ذلك عادة لكم في مدّة من الزمان، فلو أخذت هذا المبلغ تصير حالكم في سعة، و هذا المبلغ ينقطع عن آخره يقينا، و أنتم تنسون العادة الأولي، فلا بد لي أن أشكو حالكم في غالب الأوقات إلي جناب المولي و غيره، و هذا لا يصلح بنا.
فلمّا سمع المولي الجليل هذه المعذرة دعا في حقّهم فاستجاب اللّه تعالي دعاءه، فجعل هذه السلسلة العليّة من حماة الدين و مروجي شريعة خاتم النبيين صلّي اللّه عليه و آله، و أخرج منهم هذا البحر الموّاج، و السراج الوهّاج.
و صادفه أيضا بعد هذا الدعاء العام دعاء والده المعظم، كما في مرآة الأحوال للعالم المتبحر آغا أحمد ابن الأستاذ الأكبر البهبهاني، قال: حدثني بعض الثقات عن والده الجليل المولي محمّد تقي أنه قال: إن في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من اللّه تعالي شيئا حينئذ إلّا استجباب لي، و كنت أتفكر فيما أسأله تعالي من الأمور الأخرويّة و الدنيوية، و إذا بصوت بكاء محمّد باقر في المهد. فقلت: إلهي بحقّ محمّد و آل محمّد عليهم السلام اجعل هذا الطفل مروّج دينك، و ناشر أحكام سيّد رسلك صلّي اللّه عليه و آله، و وفّقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.
قال: و خوارق العادات التي ظهرت منه لا شك أنّها من آثار هذا الدعاء، فإنه كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في بلد مثل أصفهان، و كان).
ص: 174
يباشر بنفسه جميع المرافعات و طيّ الدعاوي، و لا تفوته الصلاة علي الأموات و الجماعات و الضيافات و العيادات، و بلغ كثرة ضيافته أن رجلا كان يكتب أسامي من إضافة، فإذا فرغ من صلاة العشاء يعرض عليه اسمه و أنّه ضيف عنده، فيذهب إليه. و كان له شوق شديد في التدريس، و خرج من مجلسه جماعة كثيرة (1).
و في الرياض: إنّهم بلغوا ألف نفس، و زار بيت اللّه الحرام، و أئمة العراق عليهم السلام مكرّرا، و كان يوجه أمور معاشه و حوائج دنياه في غاية الانضباط، و مع ذلك بلغ تحريره ما بلغ، و بلغ من ترويجه أن عبد العزيز الناصبي الدهلوي ذكر في التحفة: إنه لو سمّي دين الشيعة بدين المجلسي لكان في محلّه، لأن رونقه منه، و لم يكن له عظم قبله. و هذا كلام متين (2).
و قد شرحناه في رسالتنا الفيض القدسي في ترجمة هذا المولي الجليل، و ذكرنا فيها جملا من مناقبه و فضائله و مشايخه و تلامذته و ذرّيته و ذرّية والده المعظم ذكورا و إناثا، فمن أرادها راجع إليها (3).
تولّد في سنة 1037 و توفي في السابع و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1111، و دفن في الباب القبلي من الجامع الأعظم بأصبهان، و من المجربات استجابة الدعوات عند مرقده الشريف و تحت قبّته المنيفة.
الأول: الشيخ الجليل علي (1) بن الشيخ محمّد بن صاحب المعالم بطرقه المتقدمة (2).
الثاني: سيّد الحكماء و المتألّهين، النحرير الأفخم الآميرزا رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني، صاحب الرسائل و الحواشي الكثيرة، التي منها حواشيه علي أصول الكافي في غاية الجودة. و صرّح المولي الأردبيلي في جامع الرواة: أنّه كان أفضل أهل عصره، توفي سنة 1099 (3).
عن الجليلين مربيي العلماء المولي عبد اللّه التستري.
محمّد الرويدشتي الأصفهاني، و هو والد العالمة المحدثة حميدة.
قال في الرياض: إنّها كانت فاضلة عالمة عارفة معلّمة لنساء عصرنا، بصيرة بعلم الرجال، نقيّة الكلام، بقيّة الفضلاء الأعلام، تقيّة من بين الأنام، لها حواش و تدقيقات علي كتب الحديث كالاستبصار و غيره تدلّ علي غاية فهمها و دقّتها و اطلاعها، و خاصة فيما يتعلق بعلم الرجال. إلي أن قال: و كان والدها يسمّيها (بعلامتة) بالتائين و يقول: ان إحدي التائين للتأنيث، و الأخري للمبالغة. إلي آخر ما ذكره. توفيت سنة 1087 (1).
عن الأجلّ البهائي (رحمه اللّه) (2).
الثامن: السيّد السند المحدث النحرير، السيد محمّد- المشتهر بسيد ميرزا الجزائري- بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي (1) المتوفي سنة 1098.
صاحب جوامع الكلم، و هو كتاب كبير في الحديث جمع فيه أحاديث الكتب الأربعة و غيرها، و له رموز مخصوصة للكتب التي ينقل عنها رأيت مجلّدا منه في كرمانشاه، و هو كتاب شريف نافع.
قال في الأمل: كان من فضلاء المعاصرين، عالما فقيها، محدّثا حافظا عابدا، من تلامذة الشيخ محمّد بن خواتون العاملي ساكن حيدرآباد، و صرّح بأنّه يروي عنه (2).
عن والده كما في إجازته للعلامة المجلسي، و نقلها عن خطّه في البحار، قال فيها بعد المقدمة: فالتمس منّي أدام اللّه أيّامه، و قرن بالسعود شهوره و أيامه (3) إجازة بعض ما صحّ لي روايته عن مشايخي العظام، و أسلافي الكرام، و هو ما حدّثني به أجازه في الصغر أبي السيّد الأوحد، و الشريف الأمجد شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي نوّر اللّه تربته، بحق روايته:
عن رئيس الإسلام و المسلمين، و سلطان المحققين و المدققّين، الشيخ عبد النبيّ بن سعد الجزائري، سقي اللّه تربته صوب الرضوان، و فسح له في درجات الجنان، بحق روايته إجازة:
عن الشيخ الأعظم الأفخم، نادرة الزمان، و نتيجة الدوران العلامة الفهّامة نور الدين علي بن عبد العالي الكركي، و هذا أقصر طرقي في الرواية (4). انتهي.
ص: 178
و قال المجلسي في إجازته لبعض تلامذته، و ذكرها في البحار:
و منها: ما أخبرني به إجازة السيد العالم الفاضل، المحدّث البارع، محمّد الشهير بسيّد ميرزا أدام اللّه فضله، عن والده السيّد الأمجد شرف الدين علي ابن نعمة اللّه الموسوي طاب ثراه، عن شيخ المحققين الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري أفاض اللّه علي تربته الزكيّة، عن الشيخ الأعظم الافخم مروّج المذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي نوّر اللّه مرقده. إلي آخره (1).
و بعد تصريح السيد الأيّد الجزائري، و العلامة المجلسي، و الشيخ الحر في الأمل (2) و في آخر الوسائل (3)، لا يصغي إلي استبعاد صاحب الرياض (4) رواية الشيخ عبد النبي عن المحقق الكركي، خصوصا لو كانت الإجازة في أوائل سنّه، و لا ينافيها روايته عن سيد المدارك المتأخر عنه بطبقة، كما لا يخفي علي من لا حظ تواريخهم.
ثم إن في إجازة السيد الجزائري- كما عرفت- روايته عن الشيخ عبد النبي بتوسّط أبيه، و مرّ عن الإجازة الكبيرة للسيد عبد اللّه أنّه يروي عنه بلا واسطة (5). و لعلّه اشتباه، أو سقط (عن أبيه) عن قلم الناسخ.
و صرّح في الروضات أنه يروي أيضا عن السيد أمير فيض اللّه التفريشي، و عن السيد الميرزا محمّد الأسترآبادي الرجالي (6).2.
ص: 179
التاسع: العالم الجليل النبيل عين الطائفة و وجهها، المولي محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي (1) القمي صاحب المؤلّفات الرشيقة النافعة كشرحه علي التهذيب، و حكمة العارفين، و الأربعين في الإمامة، و تحفة الأخيار بالفارسية في فضائح الصوفية و غيرها، المتوفي سنة 1098.
عن السيد السند العالم الفاضل السيد نور الدين أخو صاحب المدارك، و قد مرّ ذكر طرقه (2).
العاشر: السيد الجليل الشريف، الأمير شرف الدين علي بن حجّة اللّه بن شرف الدين علي بن عبد اللّه بن الحسين بن محمّد بن عبد الملك الطباطبائي الحسني الحسيني الشولستاني، المتوطن في أرض الغري، الفقيه المحقق التقي، مؤلّف كتاب توضيح المقال في شرح الاثني عشرية في الصلاة لصاحب المعالم في مجلّدين- رأيته، و يظهر منه غاية فضله و تبحره- و غيره، و نقل عنه في مزار البحار فائدة حسنة فيما يتعلق بالقبلة في الحرم المطهر الغروي و في مسجد الكوفة ينبغي النظر فيها (3)، توفّي سنة 1060.
عن جمّ غفير من حملة العلم و سدنة الدين:
أوّلهم: السيد الجليل المعظم الأمير فيض اللّه ابن الأمير عبد القاهر (4) الحسيني التفريشي، صاحب الحاشية علي المختلف، و شارح الاثني عشرية في الصلاة لصاحب المعالم.
ص: 180
1- عن المحقق الشيخ محمّد بن صاحب المعالم.
2- و عن صاحب المعالم- أيضا- كما نقله صاحب الرياض عن مواضع متعدّدة (1).
3- و عن السيد الجليل أبي الحسن علي بن الحسين الحسيني الشهير بابن الصائغ، و قد مرّ ذكر طرقهم (2).
ثانيهم: العالم المحقق المتبحر الآميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الأسترآبادي أستاذ أئمة الرجال، و صاحب المنهج و التلخيص و مختصره و آيات الأحكام.
قال السيد التفريشي في نقد الرجال في ترجمته: فقيه متكلّم، ثقة من ثقات هذه الطائفة و عبّادها و زهّادها، حقق الرجال و الرواية و التفسير تحقيقا لا مزيد عليه (3). إلي آخره، و لإتقان كتابه و حسن نظمه و ترتيبه جعل الأستاذ الأكبر البهبهاني تحقيقاته في الرجال تعليقة علي كتابه، و اختاره من بين أقرانه و أترابه. توفي في ذي القعدة سنة 1028 بمكة المعظمة.
قال المجلسي في إجازته لبعض تلامذته المدرجة في البحار: و عن السيد شرف الدين- يعني الشولستاني- عن قدوة العلماء المتبحرين السيد السند ميرزا محمّد ابن الأمير علي الأسترآبادي صاحب كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال. إلي آخره (4).
و قال في ثالث عشر بحاره: أخبرني جماعة عن السيد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأسترآبادي نوّر اللّه مرقده أنه قال: كنت ذات ليلة أطوف8.
ص: 181
حول بيت اللّه الحرام. إلي آخر ما تقدم (1).
و قال في أول البحار: و كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال، المشتهر بالكبير و الوسيط و الصغير، و كتاب تفسير آيات الأحكام، كلّها للسيد الأجل الأفضل مولانا ميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الأسترآبادي (2).
و قال الأستاذ الأكبر في أوّل التعليقة: و لذا جعلت تدويني تعليقة، و علّقت علي منهج المقال من تصنيفات الفاضل الباذل، العالم الكامل، السيد الأوحد الأمجد، مولانا ميرزا محمّد قدّس سرّه لما وجدت من كماله، و كثرة فوائده، و نهاية شهرته (3).
و قال الفاضل المتبحر الجليل المولي حاجي محمّد في جامع الرواة: و دأب هذا الضعيف في تحرير هذا التأليف أنه كتب الرجال الوسيط الذي ألفه السيد الجليل الفاضل الزكي ميرزا محمّد الأسترآبادي. إلي آخره (4).
و وصفه- تلميذ الآميرزا محمّد- المولي محمّد أمين الأسترابادي في الفوائد المدنية بقوله- كما يأتي (5) -: سيّدنا الإمام العلامة (6). إلي آخره.
و قال في موضع: و ذكر السيد السند العلامة الأوحد، السيد جمال الدين محمد الأسترابادي قدس سرّه في شرحه. إلي أن قال: انتهي كلام السيد السند العلّامة أعلي اللّه مقامه (7).1.
ص: 182
و في أواخر الكتاب أيضا مثله (1).
بل في المعراج للمحقق الشيخ سليمان البحراني، في جملة كلام له: و بما ذكرناه يظهر أن ما ذكره صاحب التلخيص قدّس سره. إلي آخره (2).
قال في الحاشية: هو مولانا خاتمة المحدثين ميرزا محمّد بن علي الأسترآبادي الحسيني قدّس سرّه، صاحب الكتب الثلاثة في علم الرجال، و له كتاب آيات الأحكام، ثقة ثقة. انتهي (3). إلي غير ذلك من العبائر الصريحة في كونه من السادة الكرام، و سلالة ائمة الأنام عليهم السلام.
فمن الغريب ما في روضات السيد الفاضل المعاصر- بعد أن ساق نسبه- قال: كان من شرفاء علماء وقته، الموصوف في كلمات بعضهم بالسيادة و كأنه من جهة انتسابه بالأم إلي موالينا السادة، كما يشعر به أيضا دعاء سيدنا الأمير مصطفي الحسيني التفريشي- و ساق ما ذكره في النقد- و هذا دعاؤه له: مدّ اللّه تعالي في عمره و زاد اللّه تعالي في شرفه فقيه متكلم. إلي آخره (4).
و فيه أنه لم يعهد من أصاغر أهل العلم فضلا عن العلماء الأعلام التعبير عن المنتسب بالأم إلي بني هاشم بالسيد، خصوصا في أمثال المقام، و الإشعار الذي أشار إليه من الوهن بمكان، فإن المراد من الشرف العلوّ، إذ السيادة غير قابلة للنقيصة و الزيادة، مع أن التعبير عن المنتسب بالأم إليهم بالشريف من مصطلحات العوام، هؤلاء شرفاء مكّة و المدينة- زادهما اللّه تعالي شرفا- من السادة المعروفة، و يعرف صغيرهم و كبيرهم بالشريف، مع أن التعبير عنه بالميرزا كاف في الدلالة علي السيادة، فإن ميرزا- كما صرح في البرهان- مخفف4.
ص: 183
أمير زائيده (1)، كما أنّ الأمير مخفف عنه، بل و مير أيضا، و لذا يعبّرون عن السادات في كتب الأنساب كثيرا بالأمير فلان أو مير فلان، و كلّها إشارة إلي أنّه من أولاد أمير المؤمنين عليه السلام، و إلي الآن بقي هذا الرسم في علماء الهند فلا يطلقون الميرزا علي غير السيد، حتي أنهم يعبّرون عن الأجل صاحب القوانين بملإ أبو القاسم، نعم أختل هذا المرسوم في سائر البلاد في خصوص هذا اللفظ، و بقي من خصائص ألقابهم السيد و الأمير و مير.
عن ظهير الدين أبي إسحاق إبراهيم بن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي.
قال في الأمل: كان عالما فاضلا حييا زاهدا، عابدا ورعا، محقّقا مدققا فقيها محدثا، ثقة، جامعا للمحاسن، كان يفضل علي أبيه في الزهد و العبادة (2).
1- عن والده الجليل (3).
2- و عن المحقق الثاني، الآتي ذكرهما الشريف إن شاء اللّه تعالي (4).
ثالثهم: المدقق الشيخ محمّد بن المحقق صاحب المعالم، علي ما صرّح به في الرياض (5).
رابعهم: ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي، المتقدم (6).
خامسهم: مربي العلماء المولي عبد اللّه التستري.ة.
ص: 184
سادسهم: شيخ الإسلام بهاء الدين العاملي (1).
الحادي عشر: من مشايخ العلامة المجلسي (رحمه اللّه): العالم الصالح الشهيد، الذي مرّ ذكره، الأمير محمّد مؤمن بن دوست محمّد الأسترآبادي (2)، نزيل مكّة المعظمة.
1- عن السيد نور الدين العاملي، كما تقدم (3) 2- و عن العالم الفاضل- الشهيد بأيدي أهل السنة- السيد السند الأمير زين العابدين بن نور الدين مراد (4) بن علي بن مرتضي الحسيني الكاشاني نزيل
ص: 185
مكة المعظمة.
وصفه في الرياض بقوله: السيد الأجل، الموفّق الفاضل العالم الكامل، الفقيه المحدّث، كان من أجلّ تلامذة المولي محمّد أمين الأسترآبادي في علم الحديث، و قد قتل لأجل تشيّعه شهيدا في مكّة المعظمة، إلي أن قال: و دفن في القبر الذي هيّأه لنفسه في حال حياته في مقابر عبد المطلب و أبي طالب عليهما السلام، المعروف بالمعلّي، عند مقابر ميرزا محمّد الأسترآبادي، و مولانا محمّد أمين الأسترآبادي، و الشيخ محمّد سبط الشهيد الثاني.
و نقل عن معاصره المولي فتح اللّه بن المولي مسيح اللّه، أنه وصفه في رسالته بقوله: السيد الجليل العالم العامل قدوة المحققين زبدة المدققين، مجتهد زمانه، الشريف المقتول الشهيد، مؤسس بيت اللّه الحرام، العالم الرباني الأمير زين العابدين بن السيد نور الدين بن الأمير مراد بن السيد علي بن الأمير مرتضي الحسيني القاساني طاب ثراه، و جعل الجنّة مثواه. انتهي (1).
و أشار بقوله مؤسّس بيت اللّه الحرام إلي الفضيلة الجميلة التي امتاز بها من بين العلماء، و هي من فضل اللّه الذي يؤتيه من يشاء، و قد ألف في ذلك رسالتين إحداهما بالعربية، و الأخري بالفارسية سمّاها بمفرّحة الأنام في تأسيس بيت اللّه الحرام.
و خلاصة ذلك: إن يوم الأربعاء تاسع شهر شعبان سنة ألف و تسع و ثلاثين دخل المسجد الحرام سيل عظيم من أبوابه، ثم دخل جوف الكعبة و ارتفع فيها بقدر قامة و شبر و إصبعين مضمومتين، و مات بمكة المعظمة بسببه أربعة آلاف و اثنان، منهم معلّم و ثلاثون طفلا كانوا في المسجد. و في يوم الخميس انهدم تمام طرف عرض البيت الذي فيه الميزاب، و من طرف الطول9.
ص: 186
الذي فيه الباب من الركن الشامي إلي الباب، و من الطول الذي فيه المستجار نصفه تخمينا.
قال (رحمه اللّه): و كنت متفكّرا في أنّه لو وضع المخالفون أساس البيت لذهب ما كان يفتخر به الشيعة من أن أساسه كان أوّلا من خليل الرحمن (عليه السلام) ثم من حبيبه صلّي اللّه عليه و آله، ثم من سيدنا الإمام زين العابدين عليه السلام في عهد الحجاج، كما في حجّ الكافي (1).
فتذاكرت مع الشريف في ذلك، و أن البناء يكون بمال أهل الحق و مباشرتهم، و ينتسب في الظاهر إلي سلطان الروم فقبل ذلك، ثمّ خوّفه الناس فأعرض عنه، فكنت أتضرّع إلي اللّه تعالي أن لا يحرم أهل الإيمان من تلك السعادة، فرأي في تلك الأيام رجل مسكين في المنام أنّه وضعت جنازة الإمام أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام في قبال الكعبة، و صلي عليه خاتم النبيين صلّي اللّه عليه و آله مع جميع الأنبياء عليهم السلام، و أنّه صلّي اللّه عليه و آله قال لي:
خذ التابوت و ادفنه في جوف الكعبة، فلمّا قص عليّ عبرته بأن الإمام لا يدفنه إلّا الإمام، و منصب دفن أبي عبد اللّه عليه السلام كان للإمام زين العابدين عليه السلام فهو إشارة إلي أن وضع الأساس الذي كان من مناصبه قد حوّل إليّ فاطمأن قلبي.
و في يوم الثلاثاء ثالث جمادي الثانية سنة 1040 شرعوا في هدم تتمة البناء، و كنت اشتغل مع المشتغلين، و من عجيب الألطاف أن جميعهم مع الوكيل و المباشر اللذين بعثهما سلطان الروم صاروا مريدين لي بحيث كلّما قلت لهم في أمر البيت شيئا لم يتخلّفوا عني، إلي أن هدموا أطرافه إلّا الركن الذي فيه الحجر، فأبقوا حجرا فوقه، و حجرا تحته، فقلت لهم: لا بدّ من حفظه عن8.
ص: 187
وطئ الأقدام، فصنعوا من ألواح الخشب شيئا لحفظه.
و في ليلة الأحد الثاني و العشرين من الشهر المذكور استقر الأمر علي وضع الأساس في صبيحتها، فتضرّعت إلي اللّه تعالي، و سألت اللّه تعالي أن يجعلني مؤسّس بيته، و كنت متفكرا في أن مع حضور الشريف، و شيخ الحرم، و القاضي، و الوكيل و علماء مكّة، و خدّام البيت كيف أصنع مع ضعفي؟! و اغتسلت وقت السحر و دخلت المسجد، و لمّا كان وقت صلاة الصبح لم يحضر- من الأمر الإلهي و إعجاز الأئمة المعصومين عليهم السلام- إلّا المباشر و بعض العملة، فلمّا رآني المباشر قال: يا سيد زين العابدين اقرإ الفاتحة، فقرأتها، و دعوت بعدها بالدعاء الموسوم بدعاء سريع الإجابة المروي في الكافي أوّله:
(اللّهمّ إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الأكرم المخزون المكنون) (1).
إلي أخره، و دعوت للسلطان ظاهرا، و نويت به الحجّة عجّل اللّه تعالي فرجه، و أخذت الحجر المبارك للركن الغربي، و ناولني محمّد حسين الأبرقوئي- و هو من الصلحاء- أوّل طاس فيه الساروج، فطرحته في زاوية الركن الغربي و نشرته و قلت: بسم اللّه الرحمن الرحيم، و وضعت الحجر عليه في موضع أساس إبراهيم عليه السلام.
قال: و قد باشرت بنفسي مقدار ثلاثة أذرع من جهة الارتفاع من تمام العرض الذي فيه الميزاب و الحمد للّه. إلي آخر ما ذكره من كيفيّة البناء، ثم تشريحه و تشريح المسجد بما لا يوجد في غيرها، و ذكرت ملخصها في كتابنا دار السلام (2).
3- و الشيخ إبراهيم بن عبد اللّه الخطيب المازندراني.ه.
ص: 188
عن شيخيهما: المحدّث الفاضل العالم المولي محمّد أمين بن محمّد الأسترآبادي، نزيل مكّة المعظمة.
قال الفاضل المعاصر في الروضات: كان في مبادي أمره داخلا في دائرة أهل الاجتهاد، و سالكا مسالك أساتيذه الأمجاد، بذهنه الوقّاد، و فهمه النقّاد، بحيث قد أجازه صاحبا المدارك و المعالم رحمهما اللّه تعالي بصريح هذا المفاد، و صريح هذا المراد، و قد رأيت نسختي إجازتيهما المنبئتين عن غاية فضيلة الرجل و نبالته، بخطّهما الشريف المعروف لدي الضعيف (1).
ثم شرع في ذكر انحرافه، و أطال الكلام في الطعن عليه و علي من تبعه، و صوب طريقته حتي علي المجلسي الأول، و لم يقنع بذكر مطالبه و الردّ عليه و بيان خطئه علي ما هو طريقة العلماء الطالبين لإحقاق الحق للحق، بل فتح أبوابا من الشتم و السب.
بل قال في عنوان ترجمته: الفاضل الفضولي و مناصل المجتهد و الأصولي، صاحب القلم العاري و القلب المبادي ابن محمّد شريف محمّد أمين الأخباري الأسترآبادي. إلي آخره (2).
ليت شعري لو جمع اللّه تعالي بينهما يوم الجمع فقال له الأمين: إنك قد ذكرت في كتابك جمعا كثيرا من أعداء الدين، و المتجاهرين في النصب و العداوة لأمير المؤمنين و أهل بيته الطاهرين عليهم السلام بألقاب جميلة، و أوصاف حميدة، حتي ابن خلّكان الناصبي المؤرّخ، المعروف عندهم بحب الغلمان، فقلت في حقّه: الشيخ المقتدي الإمام و العالم العلم العلام، قاضي القضاة، وزين الحكام، شمس الدين أبو العباس أحمد (3). إلي آخره، فما كان ضرّك3.
ص: 189
أن تغمض عن خطئي بصدق الولاء! أو سلكت بي سيرتك بالأعداء!.
فما عذره (رحمه اللّه) في الجواب؟.
و أخرج الصدوق في العيون بإسناده عن عمّ محمّد بن يحيي بن أبي عباد قال: سمعت الرضا عليه السلام يوما ينشد شعرا:
كلّنا نأمل مدّا في الأجل و المنايا هن آفات الأمل
لا تغرّنك أباطيل المني و الزم القصد ودع عنك العلل
إنّما الدنيا كظل زائل حلّ فيها راكب ثم رحل
فقلت: لمن هذا أعزّ اللّه الأمير؟ فقال عليه السلام: لعراقي لكم، قلت: أنشدنيه أبو العتاهية (1) لنفسه، فقال: هات اسمه ودع عنك هذا، إنّه)
ص: 190
هذا (1).
و اسم الرجل إسماعيل بن القاسم بن المؤيّد، الشاعر المعروف المعاصر لأبي نؤاس الباطل، صاحب بعض الأفعال الشنيعة المذكورة في الروضات (2).
و العجب أنه (رحمه اللّه) ذكر في آخر ترجمته الخبر المذكور و قال بعده: و في هذه الرواية من الإشارة إلي حسن حال الرجل، و الدلالة علي عدم جواز غيبة الفاسق، و لا ذكر أحد بالسوء و لا سيّما في محضر أعاظم أهل الدين ما لا يخفي (3). انتهي.
و قد نسي رحمه اللّه العمل به في ترجمة صاحب العنوان و أضرابه، و إحقاق الحق في المسائل المتنازع فيها غير متوقف علي السوء في الكلام، و الفحش في القول، مع أن وضع كتب التراجم علي غير هذا، أ لا تري الشيخ المحدث الحرّ مع أنّه من عمد المحدثين لم يفرّق في أمل الآمل بين المجتهد و الأخباري، و المحدث و الأصولي، في المدح و الإطراء و التزكية و الثناء، فذكر في ترجمة كل واحد منهم ما حواه من العلم، و العمل و التقوي و الزهد، و غيرها.
توفي الفاضل المذكور سنة 1033 بمكّة المشرفة.
عن مشايخه العظام، و هم:
صاحب المدارك.
و صاحب المعالم.
و الآميرزا محمّد الأسترآبادي، بطرقهم المتقدمة (4).1.
ص: 192
قال في الفوائد المدنية: فإنّي قد قرأت أصول الكافي، و كتاب تهذيب الحديث، و غيرهما، علي أعلم المتأخرين بعلم الحديث و الرجال و أورعهم، سيّدنا الإمام العلامة، و القدوة الإمام (1) الفهامة، قدوة المقدمين، أعظم المحققين ميرزا محمّد الأسترآبادي، و هو قرأ علي شيخه. إلي أن قال: ولي طرق أخري من مشايخ أخر قدّس اللّه أرواحهم، منهم: السيد السند و العلامة الأوحد صاحب المدارك قدس سره (2).
الثاني عشر: السيد الفاضل الأجل الأكمل الأمير فيض اللّه بن السيد غياث الدين محمّد الطباطبائي القهپائي (3).
عن العالم الجليل عزّ الدين أبي عبد اللّه السيد حسين (4) بن السيد حيدر ابن قمر الحسيني الكركي العاملي المفتي بأصفهان.
عن جمّ غفير من العلماء الأعلام:
أولهم: شيخنا البهائي.
ثانيهم: المحقق الداماد.
ثالثهم: المدقق الشيخ محمّد الشهيدي.
ص: 193
رابعهم الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه، بسنده إلي صاحب العوالي، كما تقدم (1).
خامسهم: الشيخ المحدث المتكلم الفقيه نجيب الدين علي بن الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي بن عيسي بن حسن بن جمال الدين عيسي الشامي العاملي الجبلي، ثم الجبعي، صاحب الشرح المزجي للاثني عشرية في الصلاة لأستاذه المحقق صاحب المعالم، و جامع ديوانه.
1- عن الشيخ البهائي (2).
2 و 3 و صاحبي المدارك و المعالم.
4- و عن أبيه.
أ- عن جدّه.
عن ظهير الدين الشيخ إبراهيم الميسي (3)، المتقدم ذكره (4).
و شيخ الفقهاء الشهيد الثاني.
و عن أبيه (5).
ب- عن جده لأمّه: محيي الدين الميسي.ي.
ص: 194
عن الحبر الجليل الشيخ علي (1) بن عبد العالي الميسي.
الثالث عشر: العالم الفاضل الجليل النبيل، القاضي أمير حسين (2)، كذا وصفه في رياض العلماء. و قال: هو من مشايخ إجازة الأستاذ الاستناد أدام اللّه فيضه، و عليه اعتمد في صحة كتاب فقه الرضا عليه السلام.
انتهي (3). و قد مرّ في حال الرضوي (4) ما ينفع المقام.
الرابع عشر: العالم العلام، و المولي المعظم القمقام، فخر المحققين، الصالح الزاهد المجاهد، المولي محمّد صالح بن المولي أحمد السروي الطبرسي، المدقق المحقق، الجامع الماهر في المعقول و المنقول، الناقد في أخبار آل الرسول عليهم السلام، شارح أصول الكافي و روضته شرحا لطيفا نافعا، خارجا عن الحدين الإفراط و التفريط، و هو أحسن الشروح التي عثرنا عليها، و لم نعثر علي شرح فروعه منه.
بل قال الأستاذ الأكبر البهبهاني في رسالة الاجتهاد: يا أخي، حال المجتهدين المحتاطين حال جدّي العالم الرباني، و الفاضل الصمداني، مولانا محمّد صالح المازندراني، فإني سمعت أبي (رحمه اللّه) أنه بعد فراغه من شرح أصول الكافي أراد أن يشرح فروعه أيضا فقيل له يحتمل أن لا يكون لك رتبة الاجتهاد، فترك لأجل ذلك شرح الفروع، و من لا حظ شرح أصوله عرف أنه كان في غاية مرتبة من العلم و الفقه، و في صغر سنه شرح معالم الأصول، و من لا حظ شرح معالم الأصول علم مهارته في قواعد المجتهدين في ذلك السن.
انتهي (5).
ص: 195
و لكن العالم الحبر الجليل، سيف اللّه المسلول علي أهل الإلحاد و التضليل، السيد السند المولي حامد حسين الهندي طاب ثراه ذكر في بعض مكاتيبه إليّ من بلدة لكهنو أنّه عثر علي مجلّد من مجلّدات شرحه علي الفروع، و عزم علي استنساخه و إرساله فلم يمهله الأجل.
و بالجملة، كان والده المولي أحمد (1) في غاية من الفقر و الفاقة، فقال يوما لولده الفاضل المذكور: إنّي عاجز عن تحمّل مؤنتك، و لا بدّ لك من السعي للمعاش، فاطلب لنفسك ما تريد. فهاجر إلي أصبهان و سكن بعض مدارسه، و كان لأهله (2) وظائف معيّنة يعطي كل علي حسب رتبته في العلم، و حيث إن المولي كان مبتدئا في التحصيل كان سهمه منها في كل يوم غازين (3) و هي غير وافية لضروري أكله فضلا عن سائر مصارفه، فكان يستعين في مدّة طويلة بضوء بيت الخلاء للمطالعة، و هو فيها واقف علي قدميه إلي أن صار قابلا للتلقي من التقي المجلسي (رحمه اللّه)، فحضر في محفل إفادته في عداد العلماء الأعلام، إلي أن فاق عليهم، و صار معتمدا عند أستاذه في الجرح و التعديل في المسائل، ذا منزلة عظيمة لديه.
و لمّا حصل له رغبة في التزويج عرف ذلك منه المولي الأستاذ، فاستأذن منه يوما أن يزوج منه امرأة فاستحيي، ثم أذن له فدخل المولي بيته فطلب بنته آمنة الفاضلة المقدسة البالغة في العلوم حدّ الكمال، فقال لها: عيّنت لك زوجا في غاية من الفقر، و منتهي من الفضل و الصلاح و الكمال، و هو موقوف علي1.
ص: 196
رضاك، فقالت الصالحة: ليس الفقر عيبا في الرجال.
فهيّأ والدها المعظم مجلسا و زوّجها منه، فلمّا كانت ليلة الزفاف و دخل عليها، و رفع البرقع عن وجهها، و نظر إلي جمالها، عمد إلي زاوية و حمد اللّه تعالي و اشتغل بالمطالعة، و اتفق أنّه ورد علي مسألة عويصة لم يقدر علي حلّها، و عرفت ذلك منه الفاضلة آمنة بيكم بحسن فراستها، فلما خرج المولي من الدار للبحث و التدريس عمدت إلي تلك المسألة و كتبتها مشروحة مبسوطة، و وضعتها في مقامه، فلما دخل الليل و صار وقت المطالعة و عثر المولي علي المكتوب و حلّ له ما أشكل عليه سجد للّه شكرا، و اشتغل بالعبادة إلي الفجر، و طالت مقدمة الزفاف إلي ثلاثة أيّام، و اطلع علي ذلك والدها المعظم فقال له: إن لم تكن هذه الزوجة مرضية لك أزوجك غيرها، فقال: ليس الأمر كما توهم، بل كان همّي أداء الشكر، و كلّما اجهد في العبادة لا أراني أبلغ شكر أقل قليل من هذه العناية، فقال (رحمه اللّه): الإقرار بالعجز غاية شكر العباد.
و كان رحمه اللّه يقول: أنا حجة علي الطلاب من جانب ربّ الأرباب، لأنه لم يكن في الفقر أحد أفقر مني، و قد مضي عليّ برهة لم أقدر علي ضوء غير ضوء المستراح.
و أمّا في الحافظة و الذهن فلم يكن أسوأ مني، إذا خرجت من الدار كنت أضلّ عنها، و أنسي أسامي ولدي، و ابتدأت بتعلّم حروف التهجي بعد الثلاثين من عمري، فبذلت مجهودي حتي منّ اللّه تعالي عليّ بما قسمه لي.
و ممّا منّ اللّه تعالي عليه و علي زوجته الفاضلة الذريّة الطيبة و فيهم من العلماء الأبرار، و الصلحاء الأخيار جمع كثير، قد شرحنا أساميهم الشريفة و نزر من أحوالهم في رسالتنا الفيض القدسي (1)، من أرادهم راجعها.4.
ص: 197
توفي سنة 1081 (1) و دفن في قبة المجلسي (رحمه اللّه) بأصبهان.
عن الأجل شيخنا البهائي، بطريقه الآتي (2).
الخامس عشر: العالم المتبحر الجليل المولي خليل (3) بن الغازي القزويني، المتولّد سنة 1001، المتوفي سنة 1089، شارح تمام الكافي بالفارسية المسمّي بالصافي، و إلي أواسط كتاب الطهارة بالعربية بأمر السيد الأجل خليفة سلطان المسمي: بالشافي.
و في الرياض: كان (رحمه اللّه) دقيق النظر، قويّ الفكر، حسن التقرير، جيّد التحبير من أجلّ مشاهير علماء عصرنا، و أكمل نحارير فضلاء دهرنا. إلي آخر ما ذكره (4).
و في الروضات: لاقاه يوما في بعض زقاق قزوين واحد من الجنديين بيده برأت حوالة شعير إلي بعض الرعية، فأعطاها الجندي إيّاه ليقرأها عليه فيعرف أنّها مكتوبة باسم أي رجل منهم، فلمّا قرأها قال: إن هذه المكتوبة باسم هذا العبد، و ذهب به إلي المنزل و سلمه الشعير المقدر فيها بأشدّ الطوع، و ذهب الرجل، ثم لما جاء الليل و عرضوا ذلك الشعير علي خيول الملك لم يتفوّه به واحد منها، فتعجب المطلعون علي ذلك غايته، و أسمعوه السلطان، فلمّا استكشف عن حقيقة الأمر و عرف المولي المذكور زاد في تحنّنه و إكرامه.
و من جملة ما يحكي من مكارم أخلاقه، أنه اتّفقت بينه و بين صاحب الوافي مناظرة طويلة في مسألة، فظهر له فساد رأيه بعد زمن طويل و هو بقزوين، فتوجه راجلا من فوره لخصوص الاعتراف بتقصيره في الأمر، و الاعتذار من
ص: 198
الفيض المرحوم إلي بلدة قاشان، فلمّا وصل إلي باب داره جعل يناديه من خلف الباب: يا محسن قد أتاك المسي ء، إلي أن عرف صوته فخرج الفيض إليه مبتدرا و أخذا يتعانقان و يتعاطفان بما لا مزيد عليه، ثم لم يلبث بعد ذلك ساعة في البلد مهما أصرّ عليه الفيض، حذرا عن تخلّل شائبة في إخلاصه (1).
و أعلم أنه كان في قزوين جماعة من العلماء مشتركين معه في الاسم، فقد يشتبه به بعضهم.
منهم: النحرير النقّاد المولي خليل بن محمّد زمان القزويني، صاحب رسالة إثبات حدوث الإرادة بالبرهان العقلي، و فيها شرح حديث عمران الصابي و حديث سليمان المروزي بما لا يوجد في غيرها، و تاريخ فراغه منها سنة 1148.
و منهم: الفاضل الحاج خليل بن الحاجي بابا القزويني المعروف بزركش.
ذكره صاحب تتميم أمل الآمل قال: كان فاضلا نبيلا، و عالما جليلا، ذا أفكار دقيقة، و أنظار رقيقة، قال: و كان صالحا عابدا. و ذكر من مؤلفاته شرح حديث عمران الصابي (2).
و منهم: العالم الجليل آقا خليل بن محمّد أشرف القائني الأصبهاني، الساكن بقزوين بعد المحاصرة الأفغانية.
و بالغ في التتميم (3) في المدح و الثناء عليه، و ذكر من مؤلفاته أيضا شرح الحديث المذكور، و رسالة في شرح رسالة الإمام الهادي عليه السلام في إبطال الجبر و التفويض.6.
ص: 199
عن شيخ الإسلام بهاء الدين العاملي.
السادس عشر: الشيخ العالم الفاضل القاضي أبو الشرف الأصفهاني (1).
قال في الأمل: كان عالما فاضلا نروي عن مولانا محمّد باقر المجلسي عنه (2).
و تأمّل فيه في الرياض، و قال: إن المولي الأستاذ الاستناد (3) قدس سره إنّما يروي عن والده عنه، كما صرّح بذلك الشيخ المعاصر نفسه في آخر وسائل الشيعة (4).
و بالجملة، هذا القاضي يروي:
عن المولي درويش محمد (5)، الاتي (6) ذكره (7).
ص: 200
السابع عشر: العالم النحرير، الفقيه أبو الحسن المولي حسن علي التستري الأصبهاني الفاضل الكامل العالم الفقيه المعروف في عصر السلطان شاه صفي الصفوي، و السلطان شاه عباس الثاني، مؤلّف كتاب التبيان في الفقه، و رسالة حسنة في حرمة صلاة الجمعة في الغيبة، المتوفي- كما في تاريخ الأمير إسماعيل الخاتون آبادي المعاصر له- سنة 1075، و ذكر في تاريخ وفاته هذا المصرع:
علم علم بر زمين افتاد. (1).
و أيضا:
وفاة مجتهد الزمان. (2).
فما في الأمل من أنه توفي سنة 1029 خطأ (3)، و قد صرّح به في الرياض أيضا (4).
عن مروّج الملّة و الدين، و مربّي الفقهاء و المحدثين، و تاج الزهاد و الناسكين، والده المعظم المولي عزّ الدين عبد اللّه بن الحسين التستري.
قال المجلسي الأول في شرح مشيخة الفقيه بعد الترجمة: رضي اللّه تعالي عنه كان شيخنا و شيخ الطائفة الإمامية في عصره، العلامة المحقق المدقق، الزاهد العابد الورع، و أكثر فوائد هذا الكتاب من إفاداته رضي اللّه عنه، حقّق الأخبار و الرجال و الأصول بما لا مزيد عليه، و له تصانيف منها التتميم (5) لشرح
ص: 201
الشيخ نور الدين علي علي قواعد الحلي سبعة مجلّدات، منها يعرف فضله و تحقيقه و تدقيقه، و كان لي بمنزلة الأب الشفيق، بل بالنسبة إلي كافّة المؤمنين، و توفي رحمه اللّه في العشر الأول من محرم الحرام، و كان يوم وفاته بمنزلة العاشوراء، و صلّي عليه قريب من مائة ألف، و لم نر هذا الاجتماع علي غيره من الفضلاء، و دفن في جوار إسماعيل بن زيد بن الحسن، ثم نقل إلي مشهد أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام بعد سنة، و لم يتغيّر حين اخرج، و كان صاحب الكرامات الكثيرة ممّا رأيت و سمعت.
و كان قرأ علي شيخ الطائفة أزهد الناس في عهده مولانا أحمد الأردبيلي رحمه اللّه، و علي الشيخ الأجلّ أحمد بن نعمة اللّه بن أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي رحمهم اللّه، و علي أبيه نعمة اللّه، و كان له عنهما الإجازة للأخبار، و أجاز لي كما ذكرته في أوائل الكتاب (1)، و يمكن أن يقال: إنّ انتشار الفقه و الحديث كان منه، و إن كان غيره موجودا، لكن كان لهم الأشغال الكثيرة، و كان مدّة درسهم قليلا بخلافه- رحمه اللّه- فإنّه كان مدّة إقامته في أصبهان قريبا من أربع عشرة سنة بعد الهرب من كربلاء المعلّي إليها، و عند ما جاء بأصبهان لم يكن فيه من الطلبة الداخلة و الخارجة خمسون، و كان عند وفاته أزيد من الألف من الفضلاء و غيرهم من الطالبين، و لا يمكن عدّ مدائحه في المختصرات رضي اللّه تعالي عنه (2).
و قال فيه السيد الأمير مصطفي التفريشي في نقد الرجال: شيخنا و أستاذنا العلامة المحقق المدقق، جليل القدر عظيم المنزلة، وحيد عصره، أورع أهل زمانه، ما رأيت أحدا أوثق منه، لا تحصي مناقبه و فضائله، صائم2.
ص: 202
النهار، قائم الليل، و أكثر فوائد هذا الكتاب و تحقيقاته منه (1). انتهي.
قلت: الإجازتان اللتان إليهما في شرح المشيخة موجودتان عندي بخط الشيخين الجليلين.
قال الأول في أولاهما: قٰالَ إِنِّي عَبْدُ اللّٰهِ آتٰانِيَ الْكِتٰابَ (2) الحمد للّه مبيّن طريق الحق. إلي أن قال: و لمّا كان الأخ الأعزّ الأجل الأوحد، المحقق المدقق، إنسان عين الأصحاب المتقين، و عين إنسان الأصحاب علي اليقين، مولانا الملإ عبد اللّه بن حسين الششتري رفع اللّه قدره، و أجزل ذكره، ممّن حصل منها أوفر سهم و أولاه، و حصل علي أكبر قسم و أعلاه، بعد أن ذاق مرارة الاغتراب عن وطنه، و ذاق غمرات الأهوال في سفره، حزنه و سهلة، و منّ اللّه عليه بحج بيته الحرام، و زيارة قبر رسوله عليه و آله الصلاة و السلام، و الحلول ببلدتنا عيناثا- حرسها اللّه- من قري الشام، التمس من أخيه و محبة الفقير المعترف بالقصور و التقصير، أحمد بن نعمة اللّه بن أحمد أن أجيز له ما أجيز لي روايته، فامتثلت أمره طاعة و برّا، و إن كان أدام اللّه ضلاله أرفع رتبه و أجلّ قدرا، و أجزت له أن يروي عني. إلي آخره (و تاريخ الإجازة يوم الجمعة 17 شهر محرم الحرام سنة 988) (3).
و قال الثاني- بعد خطبة مليحة غرّاء-: و بعد، فيقول أفقر عباد مولاه إلي كرم اللّه العلي نعمة اللّه علي بن أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي، عامله اللّه بالصفح عن زلله، و العفو عن خطله: إن أنفس الرغائب، و أعلي المطالب هو: التوصل للوصول (4) إلي معرفة شريعة الحيّ القيوم، و هو مما يتعذّر بدونل.
ص: 203
الرواية كما هو مقرر عند أهل الدراية، و كان من جملة من هاجر إلي اللّه في تحصيل هذا المعني، و تاجر للّه حتي حلّ لدينا في المغني (1)، المولي الفاضل، و الأولي الكامل، ذو المناقب و الفواضل، الجامع بحسن أخلاقه الخليقة بين الشريعة و الحقيقة، مولانا ملا عبد اللّه بن عزّ الدين الحسين الششتري، أصلح اللّه أحواله، و كثر في العلماء أمثاله، فشرف الأسماع برائق لفظه، و شرف الأصقاع بحلو القول في وعظه، و طلب من هذا العبد الضعيف، و الجرم النحيف، أن يجيزه بما وصل إليه، و عوّل في الرواية عليه (2). إلي آخر ما ذكره (رحمه اللّه).
و في آخر هذه الإجازة بخط المولي الجليل المجاز له: يقول الفقير إلي اللّه تعالي الغني، عبد اللّه بن حسين الشوشتري: إنه أمرني الأخ العزيز الفاضل، ذو الصفاة الجميلة، و الأخلاق الجليلة، المدعو بقاضي عبد المؤمن، سلمه اللّه تعالي و أبقاه، و يبلغه ما يتمنّاه، أن أجيز له أن يروي عنّي ما يجوز لي روايته عن المشايخ الذين صرت بسببهم من المسندين للأخبار، المجتنبين من قطع السند و الإرسال، فأجزت له أن يروي عنّي جميع الكتب و الأصول المذكورة في كلام الشيخين اللذين سبق ذكرهما في هذه الأوراق، عن الشيخين المذكورين رحمهما اللّه تعالي، عمّن أسندا عنه، إلي أن ينتهي إلي أرباب الأصول، أو إلي أئمة الهدي، و مصابيح الدجي، و أن يجيز ذلك لمن شاء، و كيف شاء، و نسأل اللّه جلّ شأنه أن يجعل ذلك وسيلة إلي رضوانه، و ذريعة إلي جنانه، و لا يكلنا إلي أنفسنا الداعية إلي تمحيص الأفعال، للترفع عند الجهال، و التقرب من الدنيا التي هي مطمح أنظار الأرذال، و صلي اللّه علي محمّد و آله الأخيار الأطهار،4.
ص: 204
و كتب العبد المذنب الخاطي عبد اللّه عفي اللّه تعالي عنه. انتهي.
و في الروضات: وجدت بخط جدّي المتبحر المبرور السيد أبي القاسم جعفر، علي حاشية أربعين العلامة المجلسي (رحمه اللّه)، أن المولي الفاضل التقي، و الورع المتقي، مولانا عبد اللّه التستري قدّس اللّه لطيفته، كان يقول لابنه و هو يعظه: يا بني، إني بعد ما أمرني مشايخي رضوان اللّه عليهم بجبل عامل بالعمل برأيي، ما ارتكبت مباحا بل و لا مندوبا إلي الآن، حتي الأكل و الشرب و النوم و النكاح أو الجماع، و كان يعد ذلك بأصابعه، و كان لفظ النكاح أو لفظ الجماع رابع ما عدّه بإصبعه، و هو (رحمه اللّه) أصدق من أن يتوهم في مقاله غير مخّ الحقيقة، أو محض الحقّية.
و قال المولي محمّد تقي المجلسي (رحمه اللّه) في شرح الفقيه: إن شيخنا المذكور من شدّة احتياطه كان يقص ظفره في جميع أيام الأسبوع، قال: فرأيته في يوم الثلاثاء يقلم أظفاره فقلت: يا شيخنا؛ تقليم الأظفار في يوم الثلاثاء مذموم، قال: بل يستحب التقليم متي طال الظفر، فقلت له: و أين الطول؟
ثم أين الظفر؟
و قال صاحب حدائق المقربين (1): نقل أنه جاء يوما إلي زيارة شيخنا البهائي، فجلس عنده ساعة إلي أن أذّن المؤذّن، فقال الشيخ: صلّ صلاتك هاهنا لأن نقتدي بك، و نفوز بفوز الجماعة، فتأمّل ساعة ثم قام و رجع إلي المنزل، و لم يرض بالصلاة في جماعة هناك.
فسأله بعض أحبته عن ذلك و قال: مع غاية اهتمامك في الصلاة في أول الوقت، كيف لم تجب الشيخ الكذائي إلي مسئوله؟ فقال: راجعت إلي نفسي سويعة فلم أر نفسي لا تتغير بإمامتي لمثله، فلم أرض بها!!.).
ص: 205
و نقل عنه أيضا: أنه كان يجب ولده المولي حسن علي كثيرا، فاتفق أنّه مرض شديدا، فحضر المسجد لأداء صلاة الجمعة مع تفرقة حواسه، فلمّا بلغ في سورة المنافقين إلي قوله تعالي يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تُلْهِكُمْ أَمْوٰالُكُمْ وَ لٰا أَوْلٰادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ (1) جعل يكرّر ذلك، فلمّا فرغ سألوه عن ذلك، فقال: إني لمّا بلغت هذا الموضع، تذكرت ولدي، فجاهدت مع النفس بتكرار هذه الآية إلي أن فرضته ميّتا، و جعلت جنازته نصب عيني، فانصرفت عن الآية.
قال: و كان من عبادته أنّه لا يفوت منه شي ء من النوافل، و كان يصوم الدهر، و يحضر عنده في جميع الليالي جماعة من أهل العلم و الصلاح، و كان مأكوله و ملبوسه علي أيسر وجه من القناعة، و كان مع صومه الدهر كان في الأغلب يأكل مطبوخ غير اللحم.
و نقل: أنه اشتري عمامة بأربعة عشر شاهيّا (2)، و تعمّم بها أربع عشرة سنة.
و نقل المولي محمّد تقي المجلسي (رحمه اللّه) قال: خرجنا يوما في خدمته إلي زيارة الشيخ أبي البركات الواعظ في الجامع العتيق بأصبهان، و كان معمّرا في حدود المائة، فلمّا ورد جناب المولي مجلسه، و تكلّم معه في أشياء قال له الشيخ: أنا أروي عن الشيخ علي المحقق من غير واسطة، و أجزت لك روايتي7.
ص: 206
عنه، ثم أمر بأن يوضع عنده قصعة من ماء القند، فلما رآها المولي قال: لا يشرب هذه الشربة إلّا المريض، فقرأ الشيخ: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ وَ الطَّيِّبٰاتِ مِنَ الرِّزْقِ (1) ثم قال: و أنت رئيس المؤمنين، و إنّما خلق أمثال ذلك لأجل أمثالك من المؤمنين، فقال: أعذرني في ذلك، فإنّي إلي الآن كنت أزعم أن ماء القند لا يشربه إلّا المريض (2).
و في الرياض: قال صاحب تاريخ عالم آراء في المجلّد الآخر منه بالفارسية ما معناه: إن المولي (3) عبد اللّه المذكور مرض يوم الجمعة الرابع و العشرين من شهر محرم الحرام سنة إحدي و عشرين و ألف، و عاده يوم السبت السيد الداماد، و الشيخ لطف اللّه الميسي العاملي، اللذين كانا يناقشانه في المباحث العلمية، و المسائل الاجتهادية، و لمّا عاداه عانقهما، و عاشرهما في غاية الفرح و السرور، ثم في ليلة الأحد السادس و العشرين من الشهر المذكور قريبا من الصبح بعد ما أقام صلاة الليل و النوافل خرج من البيت ليلا حظ الوقت فلمّا رجع سقط، و لم يمهله الأجل للمكالمة، و اتصل روحه بالملأ الأعلي.ر.
ص: 207
و كان رحمه اللّه في الكمالات النفسانية و التقوي، و ترك المستلذات الدنيوية علي الدرجة العليا، و كان يكتفي في المأكول و المشروب بسدّ الرمق، و كان في أكثر أيامه صائما، و يفطر علي الطبيخ الشوربا بلا لحم، و قد سكن في مشهد عليّ و الحسين عليهما السلام قريبا من ثلاثين سنة، في خدمة المولي المجتهد المغفور مولانا أحمد الأردبيلي رضي اللّه عنه، و كان يستفيد من خدمته العلوم و الفضائل و المسائل، و يقال أنّه أجاز له في إقامة الجمعة و الجماعة و تلقين المسائل الاجتهادية أيضا.
ثم إن يوم وفاته قدس سرّه كانت نوحة الناس عليه كثيرة شديدة، و كانت الأشراف و الأعيان يسعون في وصول أيديهم إلي تحت جنازته تيمّنا و تبرّكا به، و لا يتيسر لهم لغلوّ (1) الناس و ازدحامهم، و جاءوا بجنازته إلي المسجد الجامع العتيق بأصبهان، و غسلوه فيه بماء البئر، و صلّي عليه السيد الداماد في جماعة من العلماء، و أودعوا جنازته في مقبرة إمام زاده إسماعيل، ثم نقلوها إلي مشهد الحسين عليه السلام (2). انتهي.
قال صاحب الرياض: أقول: استفادته من المولي أحمد الأردبيلي و لا سيّما قريبا من ثلاثين سنة، بل في إقامته في تلك الأماكن المشرفة في تلك المدة غير مستقيم، فلا حظ. انتهي (3).
و قد ظهر مما مرّ أنه رحمه اللّه يروي:
1- عن المولي أحمد الأردبيلي.
2- و عن الشيخ الجليل أحمد بن نعمة اللّه، صاحب القيود و الحواشي3.
ص: 208
و المؤلفات التي منها مقتل الحسين عليه السلام، و في الأمل: كان عالما فاضلا زاهدا عابدا شاعرا أديبا (1).
عن والده المعظم الشيخ الأجلّ الفرد العلم نعمة اللّه بن العالم الجليل الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن البحر القمقام شمس الدين محمّد ابن خاتون العاملي العيناثي.
في الرياض: هو من أجلّة علماء الإمامية و فقهائها، و أحد الفقهاء المعروف: بابن خاتون، و كان هو و والده و جدّه و سائر سلسلته أهل بيت العلم، و لم يعثر علي مؤلفاته إلّا علي رسالة مختصرة في العدالة (2).
3- و قد عرفت أن المولي الجليل المتقدم (3) يروي عنه بلا واسطة أيضا.
عن والده المعظم أبي العباس أحمد.
4- و عن أبي الحسن علي بن عبد العالي الكركي المحقق، الآتي (4) ذكره الشريف.
قال سبطه في إجازته المتقدمة للمولي عبد اللّه (5): و هما يرويان عن الجدّ الأكمل الأفضل، المحقق المدقق، شمس الدين محمّد بن خاتون.
و تأتي تتمة الطريق في ترجمة المحقق الثاني (6)، إن شاء اللّه تعالي.
و نقل في الرياض عن معاصره صاحب الأمل أن الشيخ نعمة اللّه يروي عن الشهيد الثاني (7)، مع أنه صرح في ترجمته بأنّه كان من تلامذة الشيخ علي3.
ص: 209
الكركي (1)، فاستشكل بأنّ الشهيد يروي عن المحقق الكركي بواسطة و تارة بواسطتين، قال: و لكن بالبال أن هذا الشيخ عمّر عمرا طويلا فلا إشكال.
انتهي (2).
و يأتي أن عدم رواية الشهيد عن المحقق الثاني لم تكن لتأخّر زمانه، بل لعدم ملاقاته، كيف و هو يروي عن شيخه الجليل علي بن عبد العالي الميسي المعاصر لسميه الكركي، و كان بين وفاتيهما أربع سنين؟ و يأتي أيضا أن الشهيد يروي عن والد الشيخ نعمة اللّه: أبي العباس أحمد، فالإشكال ساقط من أصله.
الثامن عشر: من مشايخ العلامة المجلسي، الفاضل الصالح ابن عمة والده الشيخ عبد اللّه بن العالم الشيخ جابر العاملي.
في الأمل: كان عالما عاملا، عابدا، فقيها (3).
1- عن والده الجليل الشيخ جابر (4).
عن المحقق الثاني (رحمه اللّه) (5).
(حيلولة):
و عن الشيخ عبد اللّه.
2- عن جدّ والد المجلسي من قبل امه العالم الجليل المولي كمال الدين درويش محمّد بن العالم الصالح الشيخ حسن العاملي النطنزي، ثم
ص: 210
الأصفهاني، كان- كما في الرياض- من أكابر ثقات العلماء (1).
و في اللؤلؤة: هو أوّل من نشر الحديث في الدولة الصفوية بأصبهان (2).
و في الأمل: كان فاضلا صالحا زاهدا، من المشايخ و الأجلاء (3).
و في مناقب الفضلاء للأمير محمّد حسين سبط العلامة المجلسي: كانت أم المولي محمّد تقي بنتا للمولي كمال الدين، و هذا المولي كمال الدين في الزهد و العبادة، و هو مدفون في نطنز، و له قبّة معروفة (4).
و في صلاة البحار بعد ذكر دعاء الصباح المعروف لأمير المؤمنين عليه السلام: و لم أجده في الكتب المعتبرة إلّا مصباح السيد ابن الباقي، و وجدت منه نسخة: قرأ المولي الفاضل مولانا درويش محمّد الأصفهاني- جدّ والدي من قبل أمّه رحمة اللّه عليهما- علي العلامة مروّج المذهب نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدّس اللّه روحه فأجازه، و هذه صورتها: الحمد للّه، قرأ عليّ هذا الدعاء و الذي قبله، عمدة الفضلاء الأخيار الصلحاء، مولانا كمال الدين درويش محمّد الأصبهاني- بلّغه اللّه تعالي ذروة الأماني- قراءة تصحيح.
كتبه الفقير علي بن عبد العالي في سنة تسع و ثلاثين و تسعمائة حامدا مصليّا (5). انتهي.
عن المحقق الثاني بطرقه الآتية (6).
و هذا السند من أعلي طرق المجلسي، حيث يروي عن المحقق بواسطتين.1.
ص: 211
التاسع عشر من مشايخه: والده المعظم، و البحر الخضم، المولي محمّد تقي المستغني عن الإطراء و المدح، غير أنّا نذكر بعض عبارات الأجلّاء الكرام، أداء لبعض حقوقه علي الإسلام.
قال النقّاد الخبير الحاج محمّد الأردبيلي في جامع الرواة: محمّد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي، وحيد عصره، فريد دهره، أمره في الجلالة و الثقة و الأمانة، و علوّ القدر و عظم الشأن و سموّ الرتبة، و التبحر في العلوم أشهر من أن يذكر، و فوق ما تحوم حوله العبارة، أورع أهل زمانه و أزهدهم، و أتقاهم و أعبدهم، بلغ فيضه دينا و دنيا بأكثر أهل زمانه من العوام و الخواص، و نشر أخبار الأئمة عليهم السلام بأصبهان.
قال: توفي قدس اللّه روحه الشريف سنة 1070، و له نحو من سبع و ستين سنة (1).
و قال صاحب مرآة الأحوال، في طيّ أحواله: و أساس فضله و كماله أعلي من أن يحكيه لسان القلم، و بعد فراغه من التحصيل أتي إلي النجف الأشرف، و اشتغل بالرياضات و تهذيب الأخلاق و تصفية الباطن، حتي صار متّهما بالتصوف، تعالي عن ذلك علوّا كبيرا، و يستفاد من شرحه للجامعة الكبيرة أنّه فاز بسعادة لقاء صاحب الأمر عليه السلام في اليقظة و المنام (2).
و قال المحقق الكاظمي في أوّل المقابيس: و منها: المقدسي، للشيخ الأجل الأكمل الأفضل الأوحد الأعلم، الأعبد الأزهد الأسعد، جامع الفنون العقلية و النقلية، حاوي الفضائل العلمية و العملية، صاحب النفس القدسيّة، و السمات الملكوتيّة، و الكرامات السنّية، و المقامات العليّة، ناشر
ص: 212
الأخبار الدينيّة، و الآثار اللدنيّة، و الأحكام النبويّة، و الأعلام الإماميّة، العالم العلم الرباني، المؤيد بالتأييد السبحاني، المولي محمّد تقي بن مجلسي الأصبهاني. إلي آخره (1).
و قال صاحب «حدائق المقربين» كما في الروضات: إنه كان تلميذا للمولي عبد اللّه الشوشتري، و الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي، و كان في علوم الفقه و التفسير و الحديث و الرجال فائق أهل الدهر، و في الزهد و التقوي و العبادة و الورع و ترك الدنيا تاليا تلو أستاذه الأول، مشتغلا طول حياته بالرياضات و المجاهدات، و تهذيب الأخلاق و العبادات، و ترويج الأحاديث، و السعي في حوائج المؤمنين، و هداية الخلق، و انتشر بيمن همّته أحاديث أهل البيت عليهم السلام، و اهتدي بنور هدايته الجمّ الغفير (2).
و نقل في بعض مؤلفاته الرائقة قال: اتفق لي التشرّف بزيارة العتبات العاليات، فلمّا وردت النجف الأشرف أخذني الشتاء، فعزمت علي الإقامة هناك طول الفصل، و رددت دابة الكراء. فرأيت ليلة في الطيف إذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام يلاطفني كثيرا و يقول لي: لا تقم بعد ذلك هاهنا، و اخرج إلي بلدك أصفهان، فإنّ وجودك في ذلك المكان أنفع و أبرّ. و لما كان اشتياقي في التشرف بخدمته المقدّسة كثيرا، بالغت في استدعاء الرخصة منه في التوقف، فلم يقبل من ذلك شيئا، و قال: إنّ الشاه عباس قد توفي في هذه السنة، و إنّما يجلس مجلسه الشاه صفي الصفوي، و يحدث في بلادكم الفتن الشديدة، و اللّه تبارك و تعالي يريد أن تكون في مثل هذه النائرة بأصبهان باذلا جهدك في هداية الخلق، أنت تريد أن تجي ء إلي باب اللّه وحدك، و اللّه يريد أن تجي ء إليه- بيمن0.
ص: 213
هدايتك- سبعون ألفا، فارجع إليهم فإنّه لا بدّ لك من الرجوع.
فرجعت بعد هذه الواقعة إلي أصفهان، و قصصت ما رأيته لبعض خواصي، و هو عرضها بخدمة النواب الرضوان مكان (1) يريد به الشاه صفيّ المذكور، و كان في تلك الأيام في المدرسة الصفوية، فلم يمض إلّا قليل حتي ورد الخبر بأن النواب الخاقان المتقدم قد قبض إلي رحمة اللّه في سفر مازندران، و جلس النواب الشاه صفيّ مكانه.
و كان ينقل عنه أستاذنا المولي محمّد باقر المجلسي (رحمه اللّه) كرامات عديدة و أمورا عجيبة، و منامات غريبة، و مرائي صادقة (2). انتهي ما أردنا نقله.
و قد ذكرنا بعض مناماته الصادقة العجيبة في رسالتنا الفيض القدسي (3)، و ذكرنا فيها نبذة من أحوال ذريّته المباركة الأبرار الأخيار، العلماء النجباء، الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت، و فرعها في السماء.
و هذا المولي الجليل يروي:
عن جمّ من حملة الشريعة و عيون الشيعة.
أوّلهم: الشيخ الأجل المولي عبد اللّه الشوشتري، المتقدم (4) ذكره.
ثانيهم: المحقق الداماد، الآتي ذكره (5).
ثالثهم: الشيخ الفاضل العابد الشيخ يونس الجزائري.
عن الشيخ الجليل عبد العالي.8.
ص: 214
عن والده المحقق الثاني.
رابعهم: السيد السند السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، و قد تقدم (1).
خامسهم: القاضي أبو الشرف الأصفهاني، و قد تقدم في مشايخ ولده المعظم (2).
سادسهم: الشيخ عبد اللّه بن جابر، كما يظهر من آخر الوسائل (3)، و هو أيضا من مشايخ ولده الجليل، كما تقدم (4).
سابعهم: الفاضل الصالح الشيخ جابر بن عباس النجفي (5).
عن العالم الفاضل الجليل الشيخ عبد النّبي بن الشيخ سعد الجزائري النجفي الحائري، صاحب كتاب حاوي الأقوال في معرفة الرجال، الذي قسمه علي أربعة أقسام، و قد تقدم ذكره في مشايخ ولده و مشايخ المحدث الجزائري (6).
ثامنهم: المحقق النحرير القاضي (7) معزّ الدين محمّد بن تقي الدين).
ص: 215
الأصفهاني القاضي بأصفهان في عصر السلطان الشاه عباس الماضي.
و في الرياض: كان من الفقهاء و المتكلمين، و الماهرين في العلوم الرياضيّة (1). و وصفه التقي المجلسي في إجازته بقوله: العلّامة الفهّامة (2).
و ولده في إجازات البحار بقوله: سلطان الحكماء، و برهان العلماء، معزّ الدولة القاضي معزّ الدين (3). إلي آخره.
1- عن العالم الجليل الشيخ عبد العالي ابن المحقق الكركي، الآتي ذكره (4).
2- و عن الأجل الأكمل النقاد الورع الخبير أبي إسماعيل الشيخ إبراهيم ابن سليمان القطيفي البحراني الخطي الغروي، هو العالم الفاضل الصالح المحقق المعاصر للمحقق الثاني، صاحب التصانيف الرائقة، و الإجازات النافعة، و المقامات العالية.
و في اللؤلؤة: إن القائم عليه السلام دخل عليه في صورة رجل كان يعرفه و سأله عن أبلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيٰاتِنٰا لٰا يَخْفَوْنَ عَلَيْنٰا أَ فَمَنْ يُلْقيٰ فِي النّٰارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيٰامَةِ اعْمَلُوا مٰا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (5) فقال له الامام عليه السلام: صدقت يا شيخ،0.
ص: 216
ثم خرج. فسأل عنه أهل بيته، فقالوا: ما رأينا داخلا و لا خارجا (1). انتهي.
عن مروّج الملة و المذهب و الدين المحقق الثاني.
3- و عن شيخه الذي قال- في حقّه-: المحقق المدقق أفضل عصره، و زبدة دهره، المعتمد علي اللّه الخلّاق، إبراهيم بن حسن الدرّاق (2).
عن العالم الجليل علي بن هلال الجزائري، أستاذ المحقق الثاني، الآتي (3) ذكره، إن شاء اللّه تعالي.
تاسعهم: الشيخ الأعظم و الواعظ المعظم، الشيخ أبو البركات (4).
عن المحقق الثاني (رحمه اللّه).
عاشرهم: السيد النحرير المدقق المبرّز في فنون العلوم، ظهير الدين إبراهيم بن الحسين الحسيني الهمداني (5)، كذا وصفه في مناقب الفضلاء و قال:
هو المعروف بميرزا إبراهيم الهمداني، كان فاضلا حكيما، له تأليفات، منها حاشية علي إلهيّات الشفاء، و كان مخلوطا مربوطا مع شيخنا البهائي طاب ثراه، و بينهما مكاتبات لطيفة (6).
عن شيخه الجليل محمّد بن أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون العاملي.
عن والده المحقق شهاب الدين أحمد.
و جدّه العلامة الشيخ نعمة اللّه. إلي آخر ما تقدّم (7).9.
ص: 217
حادي عشرهم (1): العالم النحرير، المتبحر البصير، الجامع الخبير، حاوي فنون الفضائل، شيخ الإسلام و المسلمين، بهاء الملّة و الحق و الدين، محمّد ابن العالم الجليل حسين بن عبد الصمد ابن العالم الرباني صاحب الكرامات الباهرة، شمس الدين محمّد بن علي بن حسن بن محمّد بن صالح الجبعي اللويزاني الحارثي، لانتهاء (2) نسبه الشريف إلي الحارث بن عبد اللّه الأعور الهمداني- بسكون الميم- الحوتي، بضم المهملة و بالمثناة فوق، الكوفي، أبو زهير صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، و من أوليائه، و هو المخاطب في قوله (عليه السلام):
يا حار همدان من يمت يرني.
الأبيات المعروفة المنسوبة إليه في كلمات جماعة حتي الشيخ المفيد في كتاب المقالات (3). إلّا أنّه رحمه اللّه أخرج في أماليه خبرا مسندا عن الأصبغ بن5.
ص: 218
نباتة قال: دخل الحارث الأعور علي أمير المؤمنين عليه السلام في نفر من الشيعة و كنت فيهم، فجعل الحارث يتئد في مشيته و يخبط الأرض بمحجنه (1)، و كان مريضا فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام و كانت له منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث؟
فقال: نال الدهر- يا أمير المؤمنين- مني، و زادني أوارا (2) و غليلا اختصام أصحابك ببابك.
قال: و فيم خصومتهم؟
قال: فيك و في الثلاثة من قبلك، فمن مفرّط منهم غال، و مقتصد قال، و من متردد مرتاب لا يدري أ يقدم أم يحجم.
فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي، و بهم يلحق التالي.
فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي و أمي الرين عن قلوبنا، و جعلتنا في ذلك علي بصيرة من أمرنا؟
قال: قدك (3)، فإنّك امرؤ ملبوس عليك، إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حارث، إن الحق أحسن الحديث، و الصادع به مجاهد، و بالحقح.
ص: 219
أخبرك، فأرعني سمعك، ثم خبّر به من كان له حصافة من أصحابك.
ألا إنّي عبد اللّه و أخو رسوله و صدّيقه الأول في أمتكم (1) حقّا، فنحن الأولون، و نحن الآخرون، و نحن خاصّته- يا حارث- و خالصته.
و أنا صنوه و وصيّه و وليّه و صاحب نجواه و سرّه، أوتيت فهم الكتاب، و فصل الخطاب، و علم القرون و الأسباب، و استودعت ألف مفتاح، كلّ مفتاح يفتح ألف باب، يفضي كلّ باب إلي ألف (2) عهد، و أيدت و اتّخذت، و أمددت بليلة القدر نفلا، و إن ذلك يجري لي و لمن استحفظ من ذريتي ما جري الليل و النهار، حتي يرث الأرض و من عليها.
و أبشرك- يا حارث- لتعرفني عند الممات، و عند الصراط، و عند الحوض، و عند المقاسمة.
قال الحارث و ما المقاسمة؟.
قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا ولييّ فاتركيه، و هذا عدوّي فخذيه.
ثمّ أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيدي فقال لي- و قد شكوت إليه حسد قريش و المنافقين لي-: إنّه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل اللّه و حجزته- يعني عصمته- من ذي العرش تعالي، و أخذت يا علي أنت بحجزتي، و أخذت ذريّتك بحجزتك، و أخذ شيعتكم بحجزتكم، فما ذا يصنع اللّه بنبيّه، و ما يصنع نبيّه بوصيّة! خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، و لك ما اكتسبت (يقولها ثلاثا).ف.
ص: 220
فقام الحارث يجرّ رداءه و هو يقول: ما أبالي بعدها متي لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح (1): و أنشدني أبو هاشم السيد الحميري (رحمه اللّه) فيما تضمّنه هذا الخبر:
قول علي لحارث عجب كم ثمّ أعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني (2) و ساق الأبيات الدائرة، و هذا الخبر صريح في أن الأبيات للسيد، و إنّما نظم مضمون كلامه عليه السلام، و اللّه العالم.
و هذا الشيخ (3) أحد أعيان الطائفة الإماميّة و وجهها، و من كان تشدّ إليه الرحال، و قد جمع فيه من العلوم و الفنون و الفضائل و الخصال و المقبوليّة عند الكافّة علي اختلاف مشاربهم و آرائهم و عقائدهم ما لم يجتمع في غيره، و قد أكثر المترجمون من ذكر فضائله و مناقبه، و نحن نقتصر علي نقل ما ذكره بعض علماء السنة في ترجمته، و منه يظهر مقامه عند الأصحاب.
قال المولي محمّد المحبّي في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر:
محمّد بن حسين بن عبد الصمد، الملقب ببهاء الدين بن عزّ الدين الحارثي العاملي الهمداني، صاحب التصانيف و التحقيقات، و هو أحقّ من كلّ حقيق بذكر أخباره و نشر مزاياه، و إتحاف العالم بفضائله و بدائعه، و كان أمّة مستقلة في الأخذ بأطراف العلوم، و التضلّع بدقائق الفنون، و ما أضنّ الزمان سمح بمثلهي.
ص: 221
و لا جاد بندّه، و بالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من أخباره (1).
و قد ذكره الشهاب في كتابه (2)، و بالغ في الثناء عليه.
و ذكره السيد علي بن معصوم و قال: ولد ببعلبك عند غروب شمس يوم الأربعاء لثلاث عشر بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث و خمسين و تسعمائة، و انتقل به أبوه إلي بلاد العجم، و أخذ عن والده و غيره من الجهابذة، كالعلّامة عبد اللّه اليزدي، حتي أذعن له كلّ مناظر و منابذ، فلمّا اشتدّ كاهله و صفت له من العلم مناهله، ولّي بها شيخوخة الإسلام، ثم رغب في الفقر و السياحة، و استهب من مهاب التوفيق رياحه، فترك المناصب و مال لما هو لحاله مناسب، فحج بيت اللّه الحرام، و زار النبي عليه الصلاة و السلام، ثمّ أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة، و اجتمع في أثناء ذلك بكثير من أهل الفضل.
ثم عاد و قطن بأرض العجم، و هناك همي غيث فضله و انسجم، فألّف و صنّف، و قرط المسامع و شنّف، و قصدته علماء تلك الأمصار، و اتفقت علي فضله إسماعهم و الأبصار، و غالت تلك الدولة في قيمته، و استمطرت غيث الفضل من ديمته، فوضعته علي مفرقها تاجا، و أطلعته في مشرقها سراجا وهّاجا، و تبسمت به دولة سلطانها شاه عباس، و استنارت بشموس رأيه عند اعتكار حنادس البأس، فكان لا يفارقه سفرا و حضرا و لا يعدل عنه سماعا و نظرا، إلي أخلاق لو مزج بها البحر لعذب طعما، و آراء لو كحلت بها الجفون لم يلف أعمي، و شيم هي في المكارم غرر و أوضاح، و كرم بارق جوده لشائمه لا مع وضّاح، تنفجر ينابيع السماح من نواله، و يضحك ربيع الافضال من بكاء عيون آماله.2.
ص: 222
و كانت له دار مشيّدة البناء، رحبة الفناء، يلجأ إليها الأيتام و الأرامل، و يغدو عليها الراجي و الآمل، فكم مهد بها وضع، و كم طفل بها رضع، و هو يقوم بنفقتهم بكرة و عشيّا، و يوسعهم من جاهه جنابا مغشيّا، مع تمسك من التقي بالعروة الوثقي، و إيثار الآخرة علي الدنيا، و الآخرة خير و أبقي، و لم يزل آنفا من الانحياز إلي السلطان، راغبا في الغربة عن الأوطان، يؤمل العود إلي السياحة، و يرجو الإقلاع عن تلك الساحة، فلم يقدر له حتي وافاه حمامه، و ترنّم علي أفنان الجنان حمامه (1).
و قد أطال أبو المعالي الطالوي (2) في الثناء عليه، و كذلك البديعي (3)، ثم نقل عن الطالوي أنّه ولد بقزوين، و أخذ عن علماء تلك الدائرة، ثم خرج من بلده و تنقلت به الأسفار إلي أن وصل إلي أصفهان، فوصل خبره إلي سلطانها شاه عباس، فطلبه لرئاسة علمائها، فوليها و عظم قدره، و ارتفع شأنه، إلّا إنّه (4) لم يكن علي مذهب الشاة في زندقته، لانتشار صيته في سداد دينه، إلّا أنّه غالي في حبّ آل البيت، و ألّف المؤلّفات الجليلة، منها: التفسير المسمي بالعروة الوثقي، و الصراط المستقيم، و التفسير المسمّي بعين الحياة، و التفسير المسمّي بحبل المتين في مزايا الفرقان المبين، و مشرق الشمسين، و شرح الأربعين، و الجامع العباسي فارسي، و مفتاح الفلاح، و الزبدة في الأصول، و التهذيب في النحو، و الملخّص في الهيئة، و الرسالة الهلاليّة، و الاثنا عشريّات الخمس،).
ص: 223
و خلاصة الحساب، و المخلاة، و تشريح الأفلاك، و الرسالة الاسطرلابية، و حواشي الكشّاف، و حواشي البيضاوي، و حاشية علي خلاصة الرجال، و دراية الحديث، و الفوائد الصمدية في علم العربية، و حاشية الفقيه. و غير ذلك من الرسائل المختصرة، و الفوائد المحرّرة.
و أمّا إشعاره فسأورد لك منها ما يعظم عندك موقعه، و تقف أمانيك عنده و لا تتجاوزه. قال: ثم خرج سائحا فجاب البلاد، و دخل مصر و ألّف بها كتابا سمّاه الكشكول، جمع فيه كلّ نادرة من علوم شتي.
قلت: و قد رأيته و طالعته مرّتين، مرّة بالروم و مرّة بمكة، و نقلت منه أشياء غريبة، و كان يجتمع مدّة إقامته بمصر بالأستاذ محمّد بن أبي الحسن البكري، و كان الأستاذ يبالغ في تعظيمه، فقال له مرّة: يا مولانا، أنا درويش فقير كيف تعظمني هذا التعظيم؟ قال: شممت منك رائحة الفضل.
قال: ثم قدم القدس، و حكي الرضي ابن أبي اللطف القدسي قال:
ورد علينا من مصر رجل من مهابته محترم، فنزل من بيت المقدس بفناء (1) الحرم (عليه سيماء الصلاح، و قد اتسم بلباس السياح، و قد تجنّب الناس، و أنس بالوحشة دون الإيناس، و كان يألف من الحرم) (2) فناء المسجد الأقصي، و لم يسند إليه أحد مدة الإقامة إليه نقصا، فألقي في روعي انّه من كبار العلماء الأعظم، و أجلّه أفاضل الأعاجم، فما زلت لخاطره أتقرّب، و لما لا يرضيه (3) أ تجنب (4) فإذا هو ممن يرحل إليه للأخذ عنه، و تشد له الرحال للرواية عنه،ي.
ص: 224
يسمّي بهاء الدين محمّد الهمداني الحارثي (1)، فسألته عند ذلك القراءة في بعض العلوم فقال: بشرط أن يكون ذلك مكتوم [فأجبته لسؤاله] (2) و قرأت عليه شيئا من الهيئة و الهندسة، ثم سار إلي الشام قاصدا بلاد العجم، و قد خفي عنّي أمره و استعجم (3).
قلت (4): و لما ورد دمشق نزل بمحلة الخراب عند بعض تجارها الكبار، و اجتمع به الحافظ الحسين الكربلائي القزويني أو التبريزي نزيل دمشق صاحب الروضات الذي صنّفه في مزارات تبريز، فاستنشده شيئا من شعره، و كثيرا ما سمعت أنه كان يطلب الاجتماع بالحسن البوريني، فأحضره له التاجر الذي كان عنده بدعوة و تأنّق في الضيافة، و دعا غالب فضلاء محلّتهم، فلمّا حضر البوريني إلي المجلس رأي فيه صاحب الترجمة بهيئة السياح، و هو في صدر المجلس، و الجماعة محدقون به، و هم متأدّبون غاية التأدب، فعجب البوريني و كان لا يعرفه، و لم يسمع به، فلم يعبأ به و نحّاه عن مجلسه و جلس غير ملتفت إليه، و شرع علي عادته في بثّ رقائقه و معارفه إلي أن صلّوا العشاء ثم جلسوا، فابتدر البهائي في نقل بعض المناسبات، و انجرّ إلي الأبحاث، فأورد بحثا في التفسير عويصا فتكلّم عليه بعبارة سهلة فهمها الجماعة كلّهم، ثم دقق في التعبير حتي لم يبق يفهم ما يقول إلّا البوريني، ثم أغمض العبارة فبقي الجماعة5.
ص: 225
كلّهم و البوريني معهم صموتا جمودا لا يدرون ما يقول، غير أنّهم يسمعون تراكيب و اعتراضات و أجوبة تأخذ بالألباب، فعندها نهض البوريني واقفا علي قدميه و قال: إن كان و لا بد فأنت البهائي الحارثي، إذ لا أجد في هذه المثابة إلا ذاك و اعتنقا، و أخذا بعد ذلك في إيراد أنفس ما يحفظان، و سأل البهائي من البوريني كتمان أمره، و افترقا تلك الليلة، ثم لم يقم البهائي فأقلع إلي حلب.
و ذكر الشيخ أبو الوفاء العرضي في ترجمته قال: قدم حلب مستخفيا في زمن السلطان مراد بن سليم، مغيّرا صورته بصورة رجل درويش، فحضر دروس الوالد- يعني الشيخ عمر- و هو لا يظهر أنه طالب علم، فسأله عن أدلّة تفضيل الصدّيق علي المرتضي عليه السلام، فذكر حديث: ما طلعت شمس و لا غربت علي أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر (1)، و أحاديث مثل ذلك كثيرة، فردّ عليه (2)، ثم أخذ يذكر أشياء كثيرة تقتضي تفضيل المرتضي عليه السلام، فشتمه الوالد و قال: رافضي شيعي! و سبّه، فسكت.
ثم إن صاحب الترجمة أمر بعض تجار العجم أن يصنع وليمة، و يجمع فيها بين الوالد و بينه، فاتخذ التاجر (3) وليمة و جمع بينهما، فأخبره أن هذا هو الملّا بهاء الدين عالم بلاد العجم. فقال للوالد: شتمتمونا. فقال له: ما علمت أنّك الملّا بهاء الدين، و لكن إيراد مثل هذا الكلام بحضور العوام لا يليق (4).
ثم ساق بعض ألغازه، و جملة من إشعاره، و قال: و كانت وفاته لاثنتي عشر خلون من شوال سنة إحدي و ثلاثين و ألف بأصبهان (5)، و نقل إلي طوس7.
ص: 226
قبل دفنه، فدفن بها في داره قريبا من الحضرة الرضوية.
و حكي بعض الثقات أنّه قصد قبيل وفاته زيارة القبور في جمع من الإخلاء الأكابر، فما استقرّ بهم الجلوس حتي قال لمن معه: إنّي سمعت شيئا فهل منكم من سمعه؟
فأنكروا سؤاله و استغربوا مقاله و سألوه عمّا سمع، فأوهم و عمّي في جوابه و أبهم.
ثم رجع إلي داره و أغلق بابه، فلم يلبث أن إهاب داعي الردي فأجابه.
قلت: و يؤيد ما حكاه بعض الثقات، ما ذكره التقي المجلسي في ترجمته في شرح مشيخة الفقيه، قال- بعد ذكر نسبه-: شيخنا و أستاذنا، و من استفدنا منه، بل كان الوالد المعظّم، شيخ الطائفة، جليل القدر، عظيم الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه، و وفور فضله، و علوّ مرتبته أحدا. إلي أن قال:
و كان عمره بضعا و ثمانين سنة- امّا واحد أو اثنين- فإنّي سألت عن عمره فقال:
ثمانون أو أنقص بواحدة. ثم توفي بعده بسنين، و سمع قبل وفاته بستّة أشهر صوتا من قبر بابا ركن الدين رضي اللّه عنه، و كنت قريبا منه فنظر إلينا و قال:
سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا: لا. فاشتغل بالبكاء و التضرع، و التوجه إلي الآخرة، و بعد المبالغة العظيمة قال: إنّي أخبرت بالاستعداد للموت، و بعد ذلك بستّة أشهر تقريبا توفّي، و تشرّفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة و الفضلاء و كثير من الناس يقربون من خمسين ألفا (1). انتهي.
و سمعت مذاكرة من بعض المشايخ المتبحرين أن الكلام الذي سمعه هو هذا (شيخنا در فكر خود باش) (2).ك.
ص: 227
و قال تلميذه الأرشد السيد حسين بن السيد حيدر الكركي في بعض إجازاته، بعد ذكره شيخه هذا في جملة مشايخه: و شيخنا هذا- طاب ثراه- قد كان أفضل أهل زمانه، بل كان متفردا بمعرفة بعض العلوم الذي لم يحم حوله أحد من أهل زمانه و لا قبله علي ما أظنّ من علماء العامة و الخاصة، يميل إلي التصوف كثيرا، و كان منصفا في البحث، كنت في خدمته منذ أربعين سنة في الحضر و السفر، و كان له معي محبّة و صداقة عظيمة، قال: و كنت في خدمته في زيارة الرضا عليه السلام في السفر الذي توجّه النواب الأعلي- خلّد اللّه ملكه أبدا- ماشيا حافيا من أصفهان إلي زيارته عليه السلام. إلي آخر ما قال (1).
و قوله (رحمه اللّه): كان متفردا بمعرفة بعض العلوم. إلي آخره. كأنّه إشارة إلي ما كان يبرز عنه في بعض الأحيان من الغرائب التي هي من آثار تلك العلوم.
و آل الأمر في الناس حتي ظلوا ينمون (2) إليه كل نادرة و غريبة أكثرها من الأكاذيب، و لا مستند لها، بل أغرب بعض المؤلّفين من المعاصرين فنسب إليه كتاب الأسرار القاسمي المعروف أنّه أملاه علي رجل اسمه قاسم، فنسب المسكين إلي هذا الحبر العظيم تجويز العمل بالكبائر الموبقة التي في هذا الكتاب، كحبس بقرة في مطمورة، و الجماع معها، ثم صب بعض الأدوية المخصوصة في فرجها (3). إلي آخر المزخرفات، و هذا هو العمل الكبير المسمّي عندهم بالناموس الأكبر، و يزعمون أن من آثار أجزاء هذه البقرة من الإنسان عمل الخفاء و غيره.د.
ص: 228
و بالجملة علمه (رحمه اللّه) ببعض العلوم السرية ممّا لا ينكر، و لنذكر غريبتين صدرتا منه ممّا وصل إلينا بالطرق المعتبرة:
الأولي: قال العلامة النحرير الشيخ سليمان الماحوزي فيما ألحقه بكتاب البلغة في الرجال في ترجمة علماء البحرين، في ترجمة العالم الجليل السيد ماجد البحريني قال: و اجتمع بالشيخ العلامة البهائي في دار السلطنة أصفهان المحروسة، فأعجب به شيخنا البهائي. إلي أن قال: و حدثني الشيخ العلامة أن السيد لمّا اجتمع بالشيخ البهائي كان في يد الشيخ سبحة من التربة الحسينية- سلام اللّه علي مشرّفها- فتلا الشيخ علي السبحة فقطر منه ماء علي طريقة ما تستعمله أهل الشعابذة و العلوم الغريبة، فسأل السيد (رحمه اللّه) أ يجوز التوضّأ به؟ فقال السيد: لا يجوز، و علّله بأنّه ماء خيالي لا حقيقي، و ليس من المياه المتأصّلة المنزلة من السماء، أو النابعة من الأرض، فاستحسنه الشيخ (رحمه اللّه).
الثانية: قال الفاضل المتبحر قطب الدين الاشكوري- و هو تلميذ المحقق الداماد- في محبوب القلوب، في ترجمة كمال الدين بن يونس: حكي لي والدي (رحمه اللّه) ناقلا عن الشيخ الفاضل الشيخ عبد الصمد أخي الشيخ الجليل النبيل خاتمة المجتهدين في عصره بهاء الدين العاملي عامله اللّه بغفرانه الخفي و الجلي، إن أخي شيخنا البهائي ورد يوما في مجلس شاهنشاه الأعظم مروّج المذهب الحق الإمامي صاحب إيران شاه عباس الصفوي الحسيني أسكن اللّه لطيفته في الجنان، فقال له الملك: أيّها الشيخ استمع ما يقول رسول ملك الروم، و الرسول أيضا جالس في المجلس.
فحكي الرسول أن في بلادنا جماعة من العلماء العارفين للعلوم الغريبة، و الأعمال العجيبة، و قد عدّ بعض أعمالهم ثم قال: و ليس من العارفين لهذه
ص: 229
العلوم من بين علمائكم في إيران.
فلمّا رأي الشيخ أن كلام الرسول قد أثر في مزاجه الأشرف، و انزجر من حكايته، فقال الشيخ بحضرته: ليس لتلك العلوم التي عدّها الرسول وقر و اعتبار عند أصحاب الكمال، و الشيخ في أثناء الكلام قد حلّ شدّ چاقشوره (1).
الذي لبس، و أنا أنظر إليه و أتعجب من حركة يد الشيخ في هذا المجلس، و الملك الأعظم ناظر له، فبعد لحظة قد أطال الشيخ الشدّ في تلقاء وجه الرسول، ماسكا رأس الشد بيده، فاستحال الشدّ في الحال بالتنين العظيم، فاستوحش الرسول و كل أهالي المجلس، و قاموا و أرادوا الفرار من المجلس، فجذب (2) الشيخ رأسه بجانبه، فعاد الشدّ كما كان، فعرض الشيخ بخدمته الشريفة (3) أن تلك الأعمال ليس لها اعتبار عند ذوي الأبصار، و قد تعلمت هذا العمل في بعض هذه الأيام عن بعض أرباب المعارك في ميدان أصفهان، و هذا من أعمال اليد و النيرنجات (4)، و قد تعلمها أصحاب المعارك (5) لاستجلاب الدرهم و الدينار من العوام للحاجات. فأفحم الرسول و رجع عن المجلس الأرفع نادما للتكلّم عند الملوك و الأفاضل بأمثال تلك الحكايات، و تعيير العلماء بهذه الخرافات (6).ا.
ص: 230
و قال رحمه اللّه في ترجمة الشيخ (رحمه اللّه): و حكي لي بعض الأعلام أنه سمع من المولي الفاضل، و الحبر الكامل، قاضي معزّ الدين محمّد أقضي القضاة في مدينة أصفهان، أنه قال: رأيت ليلة من الليالي في المنام أحد أئمتنا عليهم السلام فقال لي: اكتب كتاب مفتاح الفلاح و داوم العمل بما فيه، فلمّا استيقظت و لم أسمع اسم الكتاب قطّ من أحد، فتصفّحت من علماء أصفهان فقالوا: لم نسمع اسم هذا الكتاب، و في هذا الوقت [كان] الشيخ الجليل مع معسكر السلطان في بعض نواحي إيران فلمّا قدم الشيخ (رحمه اللّه) بعد مدّة في أصفهان تفحصت منه أيضا عن هذا الكتاب، فقال: صنّفت في هذا السفر كتاب دعاء، و وسمته بمفتاح الفلاح (1)، إلّا أنّي لم أذكر اسمه لواحد من الأصحاب، و لا أعطيت نسخته للانتساخ لأحد من الأحباب، فذكرت للشيخ المنام، فبكي الشيخ، و ناولني النسخة التي بخطه، و أنا أوّل من أنتسخ ذلك الكتاب من خطه طاب ثراه (2).
و من تمام نعم اللّه تعالي علي هذا الشيخ الذي أسبغ عليه نعمة الظاهرة و الباطنة و الدنيا و الآخرة، أن رزقه اللّه تعالي زوجة عالمة صالحة، قال في الرياض: بنت الشيخ علي المنشار فاضلة عالمة فقيهة- و لم أعلم اسمها- محدّثة، و كانت زوجة شيخنا البهائي، و قد قرأت علي والدها، و قد سمعنا من بعض المعمرين الثقات الذي شاهدها في حياتها أنّها كانت تدرّس في الفقه و الحديث و نحوهما، و كانت النسوان يقرأن عليها، و قد ورثت من أبيها أربعة آلاف مجلّدا.
ص: 231
من الكتب، و ذكر لنا بعض الأفاضل أنّها وافرة العلم، كثيرة الفضل، و قد بقيت بعد وفاة الشيخ البهائي (1).
و قال في ترجمة والدها الشيخ الجليل زين الدين علي المعروف بمنشار العاملي: كان من أجلّة الفضلاء المعاصرين للسلطان شاه طهماسب الصفوي، و هو أبو زوجة الشيخ البهائي، و كان له كتب كثيرة وافرة جاء بها من الهند، و سماعي أنّها كانت بقدر أربعة آلاف مجلّد، و يقال: كان يسكن بالديار الهندية في أكثر عمره، و لمّا توفي ورثتها بنته زوجة الشيخ البهائي إذ لم يكن له غير بنت واحدة، و كانت تلك الكتب في جملة الكتب الموقوفة التي وقفها البهائي، فلمّا توفي البهائي ضاع أكثر تلك الكتب لأسباب منها عدم اهتمام المتولّي لها، و قد كانت هذه البنت أيضا فاضلة عالمة فقيهة مدرّسة. انتهي (2).
و يظهر منه و ممّا نقله من تاريخ عالم آرا أن الشيخ علي المذكور كان شيخ الإسلام بأصفهان في زمان السلطان شاه طهماسب، و بعد وفاته انتقل المنصب المذكور إلي صهره الشيخ البهائي (3).
و هذا الشيخ العظيم الشأن يروي عن والده المعظم، الشيخ الجليل عزّ الدين حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين الجبعي، صاحب التصانيف الرائقة، تلميذ الشهيد الثاني و مصاحبة في السفر و الحضر، الذي كتب له الإجازة المبسوطة التي مدحه فيها بقوله: ثم إنّ الأخ في اللّه، المصطفي في الإخوة، المختار في الدين، المترقي عن حضيض التقليد إلي أوج اليقين، الشيخ الامام العالم الأوحد ذا النفس الطاهرة الزكية، و ألهمه الباهرة العلية، و الأخلاق الزاهرة الإنسية، عضد الإسلام و المسلمين، عزّ الدنيا و الدين، حسين ابن4.
ص: 232
الشيخ الصالح العالم العامل، المتقن المتفنن، خلاصة الأخيار، الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمّد الشهير بالجبعي (1). إلي آخره.
كان شيخ الإسلام بقزوين، ثم بالمشهد الرضوي، ثم بهرات، كل ذلك كان بأمر السلطان شاه طهماسب، و توسّط الشيخ علي المنشار الذي كان شيخ الإسلام بأصفهان.
و في الرياض: لمّا كان أكثر أهل هراة في تلك الأوقات عارين عن معرفة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، و عن التدين بمذهب أهل البيت عليهم السلام، أمره (2) السلطان المزبور بالتوجه إلي بلدة هراة و الإقامة بها، لإرشاد ضلال تلك الناحية، و أعطاه ثلاث قرايا من قري تلك البلدة، و قد أمر السلطان المذكور الأمير شاه قلي سلطان يكان أغلي حاكم بلاد خراسان، بأن يحضر كلّ جمعة بعد الصلاتين السلطان محمّد خدا بنده ميرزا ولد السلطان المزبور في المسجد الجامع الكبير بهرات إلي خدمة هذا الشيخ، لاستماع الحديث، و ينقاد لأوامر هذا الشيخ و نواهيه بحيث لا يخالف أحد هذا الشيخ.
فأقام الشيخ بهرات ثماني سنين علي هذا المنوال، بإفادة العلوم الدينية، و إجراء الأحكام الشرعية فيها، و إظهار الأوامر المليّة (3)، فتشيّع لذلك خلق كثير ببركة أنفاسه- قدس سره- بهرات و نواحيها، دخلوا في مذهب الإمامية، حتي تطهّر تلك الناحية عن لوث المخالفين، و قد توجّه إلي حضرته الطلبة، بل العلماء و الفقهاء من الأطراف و الأكناف من أهل إيران و توران لأجل مقابلة الحديث و أخذ العلوم الدينية، و تحقيق المعارف الشرعية.).
ص: 233
ثمّ توجّه هذا الشيخ من هراة إلي قزوين لإدراك خدمة السلطان المذكور ثانيا، و استرخص من السلطان لزيارة بيت اللّه الحرام لنفسه و لولده الشيخ البهائي، فرخص هذا الشيخ لزيارة البيت و لم يرخص ولده، و أمره بإقامته هناك و اشتغاله بتدريس العلوم الدينية بها.
فتوجّه هذا الشيخ لزيارة البيت، و لمّا تشرف بزيارة البيت و زيارة المدينة، رجع من طريق البحرين و أقام بتلك البلدة و توطّن بها (1).
و في اللؤلؤة: أخبرني والدي أن الشيخ المزبور كان في مكّة المشرفة قاصدا الجوار فيها إلي أن يموت، و أنه رأي في المنام أن القيامة قد قامت و جاء الأمر من اللّه سبحانه بان ترفع أرض البحرين بما فيها إلي الجنّة، فلمّا رأي هذه الرؤيا آثر الجوار فيها و الموت في أرضها، و رجع من مكّة المشرفّة و جاء البحرين.
قال: و أقام الشيخ المزبور في البلاد المذكورة، و كانت وفاته لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة 984، و كانت ولادته أوّل يوم من المحرم سنة 918 (2).
عن العالم الجليل بدر الدين السيد حسن بن السيد جعفر بن فخر الدين حسن بن أيوب بن نجم الدين الأعرجي الحسيني العاملي الكركي، والد خاتمة المجتهدين السيد حسين المجتهد المفتي، و ابن خالة الشيخ الجليل المحقق الكركي، و شيخ شيخنا الشهيد الثاني، الذي وصفه في إجازته الكبيرة بقوله في موضع: و أرويها- أيضا- عن شيخنا الأجل الأعلم الأكمل ذي النفس الطاهرة الزكية، أفضل المتأخرين في قوّتيه العلمية و العمليّة (3).
و في موضع بقوله: شيخنا الكبير الفقيه العالم، فخر السيادة و بدرها، و رئيس الفقهاء و أبو عذرها (4). إلي آخره.6.
ص: 234
صاحب كتاب المحجّة البيضاء و الحجّة الغراء، جمع فيه بين فروع الشيعة و الحديث، و التفسير للآيات الفقهية، و غير ذلك من المؤلفات الجليلة، المتوفي سنة 933.
عن شيخيه الجليلين المحقق الثاني و سميه الميسي (1) طاب ثراهما، بطرقهما الآتية (2).
(حيلولة):
و عن والده الشيخ حسين (3).
عن شيخه و أستاذه، و من في جميع العلوم الشرعية و المقامات العالية النفسانية استناده، الشهيد الثاني (قدّس سرّه).
العشرون من مشايخ العلامة المجلسي: العالم الفاضل المتبحر المحدث العارف الحكيم المولي محسن بن الشاه مرتضي بن الشاه محمود، المشتهر بالفيض الكاشاني، صاحب الوافي و الصافي و المفاتيح، و غيرها ممّا كتبه في الحكمة و التصوف و الأخلاق و الآداب، المتوفي سنة 1091 و هو ابن أربع و ثمانين (4).
سادسهم: السيد الجليل النبيل، السيد ماجد بن السيد العالم هاشم بن علي بن مرتضي بن علي بن ماجد الحسيني.
قال المحقق الشيخ سليمان الماحوزي في الفصل الذي ألحقه بالبلغة في ذكر علماء البحرين: السيد العلامة الفهامة، محرز قصبات السبق في جميع الفضائل، و الفائز بالرقيب و المعلّي من قداح الكمالات الكسبيّة و الموهوبيّة من بين فحول الأواخر و الأوائل، السيد أبو علي ماجد بن السيد العالم هاشم بن علي العريضي البحراني.
و كان أوحد زمانه في العلوم، و أحفظ أهل عصره، نادرة في الذكاء و الفطنة، و هو أوّل من نشر الحديث في دار العلم شيراز المحروسة، و له مع علمائها مجالس عديدة، و مقامات مشهودة، أخبرني شيخنا الفقيه ببعضها.
و أقبل عليه أهلها إقبالا، و تلمّذ عليه أعيان العلماء مثل:
مولانا العلامة محمّد محسن الكاشاني صاحب الوافي.
و الشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل و الكمال الشيخ محمّد بن حسن بن رجب البحراني.
و الشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمّد بن علي البحراني.
و الشيخ زين الدين علي بن سليمان البحراني.
ص: 236
و الشيخ العلامة الخطيب الشيخ أحمد بن عبد السلام.
و السيد العلامة السيد عبد الرضا.
و الشيخ الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني. و غيرهم.
و خطب علي منبر شيراز خطبتي الجمعة بديهة، لما نسي تلميذه الفاضل السيد عبد الرضا الخطبتين اللتين أنشأهما، و القصّة مذكورة في سلافة العصر (1).
قال (رحمه اللّه): و لو لم يكن إلّا هذه النادرة لكفته فضيلة.
و له ديوان شعر رأيته بخطّ السيد الأديب اللغوي علي ابن خالنا العلامة السيد حسين التلكاني، و شعره في غاية البلاغة و الجزالة، و كان شيخنا العلامة معجبا بقصيدته الرائية التي في مرثية الحسين الشهيد عليه السلام، التي مطلعها:
بكي و ليس علي صبر بمعذور من قد أظلّ عليه يوم عاشوراء
و اجتمع بالشيخ العلامة البهائي (قدس سره) في دار السلطنة أصفهان المحروسة، فأعجب به شيخنا البهائي.
حكي بعض مشايخنا أنه سئل السيد (رحمه اللّه) في محضر الشيخ (قدّس سرّه) عن مسألة فأوجز السيد الجواب تأدبا مع الشيخ، فأنشد الشيخ (رحمه اللّه):
حمامة جرعي حومة الجندل اسجعي فأنت بمرأي من سعاد و مسمع
(2) فأطال الكلام في ذلك، فاستحسنه، ثم نقل ما تقدم (3) من قصّة ماء9.
ص: 237
السبحة.
قال (رحمه اللّه): و استجاز من الشيخ فكتب له إجازة طويلة تشتمل علي تأدب عظيم في حقّه، و ثناء جميل، و قد وجدت الإجازة في خزانة كتب بعض الأعيان، و لولا ضيق المقام لنقلتها.
و للسيد الرسالة اليوسفية جيّدة جدا، و عليها له حواشي مفيدة، و رأيتها بخط تلميذه الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر.
و له رسالة في مقدمة الواجب، مليحة كثيرة الفوائد.
و له حواش مليحة متفرّقة علي المعالم.
و حواش متفرّقة علي خلاصة الرجال، رأيتها بخطّه عند بعض الإخوان.
و له حواش علي الشرائع.
و علي اثني عشرية شيخنا البهائي.
و حواش علي كتابي الحديث (1)، و في نسخة التهذيب التي عندي جملة منها.
و له فتاوي متفرّقة جمعها بعض تلامذته، و هي عندي.
و له رسالة سمّاها سلاسل الحديد في تقييد (أهل التقليد (2)، و منه أخذ السيد العلامة السيد هاشم البحراني هذا الاسم، فانتخب من شرح عزّ الدين عبد الحميد بن أبي الحديد كتابا مليحا سمّاه سلاسل الحديد من كلام) (3) ابن أبي الحديد.ة.
ص: 238
(قلت: و منها أخذ المحدث المحقق صاحب الحدائق، فألّف كتابا سمّاه سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد) (1) ذكر في أوّله مقدمة في الإمامة، ثم نقل من شرحه ما يتعلّق بالإمامة و أحوال الخلفاء و الصحابة، و ما يناسب ذلك، و ما فيه من الخلل و المفاسد الظاهرة. انتهي.
قال (رحمه اللّه): و رأيت له وقفنامه، تتضمن وقف الخان الأفخم إمام قلي خان للمدرسة التي في دار العلم شيراز المعروفة بمدرسة الخان، و موقوفاتها، في غاية البلاغة، و نهاية البراعة.
و بالجملة فمحاسنه كثيرة، و علومه غزيرة، روّح اللّه روحه، و تابع فتوحه.
توفي في الليلة الحادية و العشرين من شهر رمضان بدار العلم شيراز سنة 1028. انتهي (2)، و دفن في مشهد السيد أحمد بن الامام مولانا الكاظم عليه السلام.
و سابعهم: الحكيم المتألّه الفاضل محمّد بن إبراهيم الشيرازي، الشهير بملا صدرا، محقق مطالب الحكمة، و مروّج دعاوي الصوفية بما لا مزيد عليه، صاحب التصانيف الشائعة التي عكف عليها من صدّقه في آرائه و أقواله، و نسج علي منواله، و قد أكثر فيها من الطعن علي الفقهاء حملة الدين، و تجهيلهم و خروجهم من زمرة العلماء، و عكس الأمر في حال ابن العربي صاحب الفتوحات فمدحه و وصفه في كلماته بأوصاف لا تنبغي إلّا للأوحدي من العلماء الراسخين، مع أنّه لم ير في علماء العامة و نواصبهم أشدّ نصبا منه أ ليس هو القائل في الفتوحات في ذكر بعض حالات الأقطاب ما لفظه: و منهم
ص: 239
من يكون ظاهر الحكم، و يجوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة من جهة المقام، كأبي بكر و عمر و عثمان و علي و حسن و معاوية بن يزيد و عمر بن عبد العزيز و المتوكل (1).
و هذا المتوكل الذي عدّه من الأقطاب، و ممن حاز الخلافة الظاهرة و الباطنة، هو الذي صرّح السيوطي الذي هو أيضا من المتعصبين- في تاريخ الخلفاء- بأنّه في سنة ست و ثلاثين أمر بهدم قبر الحسين عليه السلام، و هدم ما حوله من الدور، و أن يعمل مزارع، و منع الناس من زيارته، و خرب و بقي صحراء، و كان المتوكل معروفا بالتعصب فتألّم المسلمون من ذلك، و كتب أهل بغداد شتمه علي الحيطان، و هجاه الشعراء، و مما قيل في ذلك:
باللّه إن كانت أميّة قد أتت قتل ابن بنت نبيّها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمري قبره مهدوما
أسفوا علي ان لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما (2)
و صرّح أيضا فيه بأن أصل الضلالات من الشيعة (3).
و صرّح في مسامرة الأبرار بأن الرجبيّين جماعة لهم رياضة، من آثارها أنّهم يرون الروافض بصورة الخنزير (4).
و صرّح في الفتوحات بعصمة ابن الخطاب (5)، و غير ذلك ممّا هو نصّ علي كونه من نواصبهم.7.
ص: 240
و تصريحه بكون المهدي الموعود صلوات اللّه عليه هو الحجة بن الحسن العسكري عليهما السلام، كما عليه الإمامية، لا ينافي النصب فضلا عن التسنن، كما أوضحناه في كتابنا النجم الثاقب (1). و له في هذا الاعتقاد شركاء من علمائهم، ذكرنا أساميهم في الكتاب المذكور، و مع ذلك كلّه كيف يقول الإمامي في حقّه: المحقّق العارف باللّه، و من لا يجازف في القول. و أمثال ذلك فيه و في أضرابه.
و من تصانيفه شرح أصول الكافي، شرحه علي مذاقه و عقائده و أصوله و مطالبه، فاستحسنه من استصوبها، و استحقره من استضعفها، بل في الروضات: فمنهم من ذكر في وصف شرحه علي الأصول:
شروح الكافي كثيرة جليلة قدرا و أوّل من شرحه بالكفر صدرا
انتهي (2).
و فيه منه أوهام عجيبة، بل في كتاب التوحيد منه و هم لم يسبقه إلي مثله أحد، و لم يلحقه أحد.
ففي أوّل باب جوامع التوحيد: محمّد بن أبي عبد اللّه و محمّد بن يحيي جميعا رفعا إلي أبي عبد اللّه عليه السلام، أن أمير المؤمنين عليه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلمّا حشر (3) الناس قام خطيبا فقال:
الحمد للّه الواحد الأحد، الصمد المتفرد، الذي لا من شي ء كان، و لا من شي ء خلق ما كان قدرة بان بها من الأشياء، و بانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال، و لا حدّ تضرب له فيه الأمثال. الخطبة (4).9.
ص: 241
و المضبوط فيما رأينا من النسخ الصحيحة، و عليه مبني شروح الكافي من غيره: القدرة- بالقاف- بمعناها المعروف المناسب في المقام.
قال تلميذه في الوافي في البيان: (و لا من شي ء خلق ما كان) تحقيق لمعني الإبداع الذي هو تأييس الآيس من الليس المطلق، لا من مادة و لا بمدّة، و هذا في كل الوجود، أو علي ما هو التحقيق عند العارفين، و إن كان في الكائنات تكوين من موادها المخلوقة إبداعا لا من شي ء عند الجماهير. قدرة- منصوب علي التمييز، أو نزع الخافض- يعني و لكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة، أو مرفوع، أي له قدرة أو هو قدرة فإنّ صفته عين ذاته (1). انتهي.
و قال الحكيم المتألّه الآميرزا رفيع الدين النائيني في شرحه: و قوله عليه السلام: (قدرة بان بها من الأشياء) أي: له قدرة بان بهذه القدرة من الأشياء، فلا يحتاج أن يكون الصدور و الحدوث عنه في مادّة، بأن يؤثر في مادة فينقلها من حالة إلي حالة كغيره سبحانه، فإن التأثير من غيره لا يكون إلّا في مادة، بل إيجادا لا من شي ء بأمر (كن). و بانت الأشياء منه سبحانه بعجزها عن التأثير لا في مادّة، فليست له صفة تنال (2).
و قال المولي محمّد صالح الطبرسي في شرحه: «و لا من شي ء خلق ما كان قدرة» الظاهر أن كان تامّة، بمعني: وجد، و قدرة بالنصب علي التمييز، أو بنزع الخافض و إن كان شاذّا في مثله، و في بعض نسخ هذا الكتاب و في كتاب التوحيد للصدوق (بقدرة) (3) و هو يؤيد الثاني، أي لم يخلق ما وجد من الممكنات بقدرته الكاملة من مثال سابق يكون أصلا له، و دليلا عليه، لا من مادة أزليّةه.
ص: 242
كما زعمت الفلاسفة من أن الأجسام لها أصل أزلي هي المادة، بل هو المخترع للممكنات بما فيها من المقادير و الأشكال و النهايات، و المبتدع للمخلوقات بما لها من الهيئات و الآجال و الغايات بمحض القدرة علي وفق الإرادة و الحكمة.
و يحتمل أن يقرأ: قدرة- بالرفع علي الابتداء- أي له قدرة بان بها- أي بتلك القدرة الكاملة التي لا يتأبّي منها شي ء- من الأشياء، و بانت الأشياء منه، لتحقّق تلك القدرة له لا لغيره. انتهي (1).
و قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) في مرآة العقول: قوله عليه السلام:
(قدرة)- أي له قدرة- أو هو عين القدرة، بناء علي عينيّة الصفاة. و قيل: نصب علي التمييز، أو علي أنّها منزوع الخافض، أي و لكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة. و في التوحيد: قدرته، فهو مبتدأ، و بان بها خبره، أو خبره كافية، فكانت جملة استئنافية فكأنّ سائلا سأل و قال: كيف خلق لا من شي ء؟
فأجاب: بأن قدرته كافية (2).
إلي غير ذلك من كلماتهم التي يشبه بعضها بعضاً في شرح الفقرة المذكورة، و اتفاقهم علي كون الكلمة قدرة- بالقاف-.
و أمّا المولي المذكور فقرأها فدرة- بالفاء- و هي- كما في القاموس و غيره- قطعة من اللحم، و من الليل، و من الجبل (3)، و لم يقنع بذلك حتي جعلها أصلا، و رتّب عليه ما لا ربط له بالفقرة المذكورة، فقال بعد مدح الخطبة و توصيفها بما هي أهلها: فلنعقد لبيانها و شرحها عدّة فصول. إلي أن قال:
الفصل الثالث: في نفي التركيب عنه تعالي، قوله عليه السلام: (ما كان فدرة8.
ص: 243
بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه) يعني أنه بسيط الذات، أحدي الحقيقة بذاته، يمتاز عن الأشياء، و تمتاز الأشياء عنه بذواتها لا ببعض من الذات، و إنما يقع الامتياز بفصل ذاتي بين الأمور التي كان اشتراكها بالذات، أو بأمر مقوّم للذات كالإنسان و الفرس، فإنّهما لمّا اشتركا في أمر ذاتي كالحيوانية فلا بد أن يفترقا أيضا بأمر ذاتي، و بعض من الذات سواء كان محسوسا أو معقولا.
ففي الإنسان بعض به امتاز عن الفرس و بان منه، و هو معني الناطقيّة، و كذا الفرس بان من الإنسان ببعض منه كالصاهليّة، أو بسلب النطق كالعجم.
و الخطّ الطويل و الخط الصغير مثلا تقع البينونة بينهما بعد اشتراكهما في طبيعة الخطيّة بقطعة من الخط بان بها الطويل من القصير، و بان القصير من الطويل بوجودها في أحدهما، و عدمها في الآخر.
فعبّر عن الفصل المميّز للشي ء عمّا عداه من الأشياء بالفدرة و هي القطعة تمثيلا و تشبيها لمطلق الفصل الذاتي سواء كان في المعاني و المعقولات أو في الصور و المحسوسات، و سواء كان في المقادير أو في غيرها بالقطعة المتكمّمة التي تقع بها البينونة، و الاختلاف بينه و بين متكمّم آخر من جنسه، فالباري جلّ اسمه إذ ليس في ذاته تركيب بوجه من الوجوه سواء كان عقليّا أو خارجيا، و لا أيضا موصوف بالتقدير و الكمّية، فليس امتيازه عن الأشياء و امتياز الأشياء عنه إلّا بنفس ذاته المقدسة، و ليس كمثله شي ء بوجه من الوجوه. انتهي (1).
و أنت خبير بأنّ (ما) موصولة، و جملة (ما كان) متعلّقة بخلق، و (لا) نافية كما عليه بناء كلامه، و يكون ابتداء الجملة و يصير قوله عليه السلام: (خلق) بلا متعلّق، ثم إن استعمال هذه الكلمة الغريبة الوحشيّة الغير المعهودة في كلماتهم (عليهم السلام) خصوصا في هذه الخطبة البليغة التي صرّح بأنّها في1.
ص: 244
أعلي درجة الفصاحة، ما لا يخفي. مع أنّ في التعبير عن الفصل المميّز بقطعة من اللحم من البرودة و البشاعة ما لا يحصي، بل علي ما فسره فاللازم أن يكون الكلام هكذا: ما كان له فدرة أي فصل يميّزه عمّا عداه، و علي ما ذكره في آخر كلامه من أن امتيازه عن الأشياء و امتيازها عنه تعالي بنفس ذاته المقدسة، فالمناسب حينئذ أن يكون (ما كان) متعلقا بالسابق، أو يكون القدرة خبرا للمحذوف، أي هو تعالي فدرة بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه، و هذا أحسن من نفيها عنه، كما لا يخفي.
و قريب من هذا في الغرابة ما ذكره في كتاب الحجّة، في شرح الخبر الرابع من باب الاضطرار إلي الحجّة.
ففيه بالإسناد عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه و فرائض، و قد جئت لمناظرة أصحابك. إلي أن قال: ثم قال (عليه السلام) لي: اخرج إلي الباب فانظر من تري من المتكلّمين فأدخله، قال: فأدخلت حمران بن أعين و كان يحسن الكلام، و أدخلت الأحول و كان يحسن الكلام، و أدخلت هشام بن سالم و كان يحسن الكلام، و أدخلت قيس بن الماصر و كان عندي أحسنهم كلاما، و كان قد تعلّم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام. فلمّا استقر بنا المجلس و كان أبو عبد اللّه عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة (1) له مضروبة.
قال: فأخرج أبو عبد اللّه عليه السلام رأسه من فازته، فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام و ربّ الكعبة.
قال: فظننت أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبّة له، قال:).
ص: 245
فورد هشام بن الحكم و هو أول ما اختطت لحيته، و ليس فينا إلّا من هو أكبر سنّا منه، قال: فوسع له أبو عبد اللّه عليه السلام و قال: ناصرنا بقلبه و لسانه و يده (1)، انتهي موضع الحاجة.
و صريح هذا الخبر- الذي لا أظن أحدا يحتمل غيره- أن الإمام عليه السلام كان جالسا في الفازة، و كان يونس عنده، و دخل عليه السلام فيها الشامي، و أمر عليه السلام حينئذ يونس بأن يدخل عليه من ذكرهم، و أنه عليه السلام بعد دخولهم عليه أخرج رأسه الشريف من الفازة، و أن هشام بن الحكم هو الذي كان يخب به البعير، و أنه عليه السلام لما رآه قال:
«هشام» أي جاء هشام، أو هو، أو هذا هشام، مستبشرا به، فظنّوا أنّه عليه السلام يبشرهم بهشام العقيلي لشدّة محبّته له، إذ ورد هشام بن الحكم، و هذا من الوضوح بمكان.
و قال المولي المذكور في الشرح: كأنّه عليه السلام بعد ما لاقاه الرجل الشامي، و أمر يونس بإحضار جماعة من متكلّمي أصحابه، كان في منزل آخر بعيد عن منزل الفازة، فدخل إلي تلك الفازة لشغله من عبادة أو صحبة مع أهله، حتي إذا حضرت الجماعة و استقرّ بهم المجلس خرج عليه السلام من الفازة راكبا بعيره، جائيا إليهم مخبّأ. فقال هشام: و ربّ الكعبة- أي أقسم باللّه أن الذي يجي ء هو- هو عليه السلام.
و قوله: (فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل) أي لشدة محبّته إياه، فعلّل ذلك الظنّ. بقوله: كان شديد المحبّة له، أي كما يحب قرابته من أولاد عقيل ابن أبي طالب، و المراد منه هشام بن سالم دون ابن الحكم، لأن وروده بعد ذلك، و كلا الهشامين كانا محبوبين له وجيهين عنده، بل الثاني أحبّ إليه و أوجه4.
ص: 246
عنده، لما ظهر من صنيعه لأجله من التوسيع له في المجلس، و القول بأنّه ناصرنا بقلبه و لسانه و يده. انتهي (1).
و عدد مواقع الأوهام في هذه الكلمات غير خفي علي الناظر.
و له في شرح حال مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه عند قوله عليه السلام: «إذا قام قائمنا وضع اللّه يده علي رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم» كلام ينبئ عن اعتقاد له فيه عليه السلام غير ما عليه معاشر الإمامية. فراجع و تأمّل.
و من عادته في مؤلفاته نقل مطالب القوم في الحكمة و المعارف و الأخلاق بعباراتهم كثيرا من غير نسبتها إليهم، خصوصا من كتب الغزالي و ابن عربي.
و عندنا رسالة من الفخر الرازي في تفسير أربع سور، قال في أوّلها: هذه رسالة عملتها في التنبيه علي بعض الأسرار المودوعة في بعض سور القرآن العظيم، و الفرقان الكريم، تنبيها علي أن أكثر المفسرين كانوا محرومين عن الفوز بالمقصد القويم، غير واصلين إلي الصراط المستقيم (2).
ثم رتّبها علي أربعة فصول:
الأول: في الإلهيات، و فسر فيه سورة الإخلاص.
الثاني: في تفسير سورة مشتملة علي الإلهيات و النبوات و المعاد، و هي سورة سبّح اسم ربّك الأعلي (3) و فسرها بترتيب لطيف.
و للمولي المتقدم رسالة في تفسير هذه السورة المباركة، و لمّا عرضناها علي تفسير الرازي لم نجد بينهما فرقا إلّا في بعض كلمات زائدة لا يضرّ إسقاطها في 1
ص: 247
أصل المطالب.
توفي بالبصرة و هو متوجّه إلي الحجّ سنة 1050، و هذا المولي يروي:
1- عن شيخنا البهائي طاب ثراه.
2- و عن العالم المحقق النحرير السيد السند النقاد الخبير مير محمّد باقر ابن السيد الفاضل الأمير شمس الدين محمّد الحسيني الأسترآبادي الملقب بالداماد، لأنّ أباه كان صهرا للشيخ الأجلّ المحقق الثاني علي بنته، فافتخر بهذا اللقب، و ورثه منه ولده (1).
ذكر الفاضل علي قلي خان الداغستاني، المعروف بشش انگشتي (2)، المتخلّص بواله، في رياض الشعراء، علي ما نقله عنه الفاضل المعاصر الكشميري في كتاب نجوم السماء:
إن الشيخ الأجل علي بن عبد العالي رأي في المنام أمير المؤمنين عليه السلام، و أنه عليه السلام يقول له: تزوج بنتك من مير شمس الدين يخرج منها ولد يكون وارثا لعلوم الأنبياء و الأوصياء، فزوّج الشيخ بنته منه، و توفيت بعد مدّة قبل أن تلد ولدا، فتحيّر الشيخ من ذلك، و أنه لم يظهر لمنامه أثر، فرأي أمير المؤمنين عليه السلام مرّة أخري في المنام و هو عليه السلام يقول له: ما أردنا هذه الصبيّة بل البنت الفلانية، فزوّجها إيّاه، فولدت السيد المحقق المذكور.
انتهي (3).
قال تلميذه الفاضل العارف قطب الدين الاشكوري في محبوب القلوب: السيد السند المحقق في المعقول و المحقق في المنقول، سمّي خامس
ص: 248
أجداده المعصومين، مير محمّد باقر الداماد، لا زال سعيه في كشف معضلات المسائل مشكورا، و اسمه في صدر جريدة أهل الفضل مسطورا:
علم عروس همه استاد شد فطرت أو بود كه داماد شد
(1) ثم ذكر وجه التسمية و قال: و كان شكر اللّه سعيه، و رفع درجته، تصرّح النجابة بذكره، و تخطب المعارف بشكره، و لم يزل يطالع كتب الأوائل متفهّما، و يلقي الشيوخ متعلّما، حتي فاق في أقصر مدة في كل فن من فنون العلم علي أوحدي أخصّ، و صار في كل مآثر كالواسطة في النص:
عقليش از قياس عقل برون نقليش از قياس نقل فزون
(2) يخبر عن معضلات المسائل فيصيب، و يضرب في كل ما ينتحله من التعاليم بأوفي نصيب، توحّد بإبداع دقائق العلوم و العرفان، و تفرّد بفرائد أبكار لم يكشف قناع الإجمال عن جمال حقائقها إلي الآن، فلقد صدق ما أنشد بعض الشعراء في شأنه:
بتخميرش يد اللّه چون فروشد نم فيض آن چه بد در كار أو شد
و نقل في النجوم عن محمّد طاهر نصرآبادي أنّه ذكر في ترجمته: أنّه (رحمه اللّه) كان مجدّا ساعيا في تزكيته لنفسه النفيسة، و تصفية باطنه الشريف، حتيد.
ص: 249
اشتهر أنّه لم يضع جنبه علي فراشه بالليل في مدة أربعين سنة، و لم تفته نوافل الليل و النهار في مدة عمره (1).
و في محبوب القلوب: و له برد اللّه مضجعه:
از خوان فلك قرص جوي بيش مخور انگشت عسل مخواه و صد نيش مخور
از نعمة ألوان شهان دست بدار خون دل صد هزار درويش مخور
(2) قال في الحاشية: إن المشهور أنّ هذه الرباعية تعريض منه بمعاصرة شيخنا البهائي طاب ثراه، و قد أنشد الشيخ في جوابه هذه الرباعية:
زاهد به تو تقوي و ريا ارزاني من دانم بي ديني و بي ايماني
تو باش چنين و طعنه مي زن بر من من كافر و من يهود و من نصراني
(3) (4) و عن حدائق المقربين للأمير محمّد صالح: إنّه كان متعبدا في الغاية، مكثارا لتلاوة كتاب اللّه المجيد، بحيث ذكر لي بعض الثقات أنه كان يقرأ كل ليلة خمسة عشر جزءا من القرآن، و كان مقرّبا عند السلطان شاه عباس الماضي الصفوي كثيرا، و كذلك من بعده عند خليفته الشاه صفي.
و ذكر جماعة أنه ذهب في آخر عمره الشريف من أصفهان بمرافقة السلطان شاه صفي المرحوم إلي زيارة العتبات العاليات، فمات هناك في سنة إحدي و أربعين و ألف، كما نصّ عليه الخواتون آبادي، في تاريخ وقائعه.
ص: 250
السنين (1). و دفن في النجف الأشرف، و العراق يومئذ كان في تصرّف السلاطين الصفوية، و أخذه من يدهم السلطان مراد في سنة ألف و ثمانية و أربعين (2).
و هذا السيد الجليل يروي عن جماعة من المشايخ (3):
أوّلهم: السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي، المتقدم (4) ذكره.
ثانيهم: خاله المعظم العالم الجليل الشيخ عبد العالي ابن المحقق الثاني، و هو كما في الرياض: العالم الفاضل الجليل، و قد كان ظهر الشيعة و ظهيرها بعد أبيه، و رأس الإمامية أثر والده، قال: و كان معاصرا لا ميرزا مخدوم الشريفي السني، صاحب كتاب نواقض الروافض، و بينهما مناظرات و مباحثات في الإمامة و غيرها.
و قال صاحب تاريخ عالم آرا ما معناه: إن الشيخ عبد العالي المجتهد كان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب، و بقي بعده أيضا، و كان في العلوم العقلية و النقلية رئيس أهل عصره، و كان حسن النظر، جيد المحاورة، و صاحب الأخلاق الحسنة، و جلس علي مسند الاجتهاد بالاستقلال، و كان أغلب إقامته بكاشان، و يشتغل فيها بالتدريس و إفادة العلوم، و يعيّن جماعة فيها لفصل القضايا الشرعية، و الإصلاح بين الناس، و يتوجّه بنفسه أحيانا لذلك، و إذا جاء إلي معسكر الشاه طهماسب يبالغ في تعظيمه و تكريمه، و كان بابه (قدّس سرّه) مرجعا للفضلاء و العلماء، و أكثر علماء عصره أذعن لاجتهاده،
ص: 251
و يعمل علي قوله في الفروع و الأصول، و هو في الحقيقة زينة لبلاد إيران (1).
و ذكر في الرياض له مؤلفات كثيرة.
و في نقد التفريشي في ترجمته: جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، نقي الكلام، كثير الحفظ، من تلامذة أبيه، تشرّفت بخدمته (2).
و في أول المقابيس في ذكر ما اصطلحه فيه: و منها العلائي لولده و تلميذه الفاضل السديد، الفقيه العابد السعيد، المحدث الحفظة الرشيد، المحقق المدقق المتكلم المجيد، صاحب المفاخر و المعالي، الشيخ عبد العالي، بلّغه اللّه في الجنان إلي منتهي الأماني و الأعالي، و قد أدركه و نال صحبته، و أطري في مدحه، و روي عنه السيد السند المؤيد المرتضي، صاحب نقد الرجال الأمير مصطفي التفريشي، و أجاز لابن أخته المحقق الداماد، و روي عن أبيه و غيره من المشايخ الأمجاد. انتهي (3).
و في الرياض: و يروي عنه الشيخ يونس الجزائري، و القاضي معزّ الدين حسين الأصفهاني، و الشيخ البهائي.
قال: و لمّا توفي قيل بالفارسية: (ابن مقتداي شيعة)، و قد كان تاريخ وفاة والده (مقتداي شيعة) (4).
يروي عن والده الأجل الأكمل، المحقق الثاني (رحمه اللّه).
ثالثهم: العالم الجليل عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني.
ب- و عن أفضل المتأخرين، و أكمل المتبحرين، نادرة الخلف، و بقيّة السلف، مفتي طوائف الأمم، و المرشد إلي التي هي أحقّ و أقوم، قدوة الشيعة، و نور الشريعة، الجامع في معارج الفضل و الكمال و السعادة، بين مراتب العلم و العمل و الجلالة و الكرامة و الشهادة، الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمّد بن جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف الجبعي العاملي.
و كان والده الشيخ نور الدين علي المعروف بابن الحجة أو الحاجة، من كبار أفاضل عصره، و قد قرأ عليه ولده الشهيد جملة من كتب العربية و الفقه، و كان قد جعل له راتبا من الدراهم بإزاء ما كان يحفظه من العلم، و كذلك جميع أجداده كانوا أفاضل أتقياء، وجده الأعلي الشيخ صالح بن مشرف الطوسي العاملي كان من تلامذة العلامة.
تولد (رحمه اللّه) ثالث عشر شوال سنة 911، و ختم القرآن و عمره تسع سنين، و قرأ علي والده العربية، و توفي والده سنة 925 و عمره إذ ذاك أربع عشرة سنة، و ارتحل إلي ميس و هي أوّل رحلته، فقرأ علي الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي الشرائع و الإرشاد و أكثر القواعد، و كان هذا الشيخ زوج خالته، و والد زوجته الكبري.
ثم ارتحل إلي كرك نوح و قرأ علي السيد المعظم السيد حسن بن السيد جعفر الكركي الموسوي- صاحب كتاب المحجّة البيضاء- قواعد ميثم البحراني، و التهذيب و العمدة كلاهما في أصول الفقه من مصنّفات السيد المذكور، و الكافية في النحو. و غير ذلك.
ثم ارتحل إلي جبع سنة 934، و أقام بها مشتغلا بمطالعة العلم و المذاكرة إلي سنة 937.
ثم ارتحل إلي دمشق و قرأ علي الشيخ الفاضل الفيلسوف شمس الدين
ص: 253
محمّد بن مكّي (1)، من كتب الطب: الموجز النفيسي، و غاية القصد في معرفة الفصد من تصانيفه، و فصول الفرعاتي في الهيئة، و بعض حكمة الإشراق.
و قرأ علي الشيخ المرحوم أحمد بن جابر الشاطبية في علم القراءات.
ثم رجع إلي جبع سنة 938، ثم ارتحل إلي دمشق يريد مصر، و اجتمع في تلك السفرة مع الشيخ الفاضل شمس الدين بن طولون الدمشقي، و قرأ عليه جملة من الصحيحين في الصالحية بالمدرسة السليميّة و أجيز منه روايتهما.
و كان القائم بإمداده و تجهيزه في هذه السفرة الحاج شمس الدين محمّد ابن هلال، و قام بكلّ ما احتاج إليه مضافا إلي ما أسدي إليه من المعروف، و أجري عليه من الخيرات في مدة طلبه للعلم قبل سفره هذا. و أصبح هذا الحاج مقتولا في بيته هو و زوجته و ولدان له أحدهما رضيع سنة 952.
و سافر من دمشق إلي مصر يوم الأحد منتصف ربيع الأول سنة 942، و اتفق له في الطريق ألطاف خفيّة و كرامات جليّة.
منها: برواية تلميذه الشيخ محمّد بن علي بن الحسن العودي العاملي عنه- و كان معه إلي دمشق- قال: أخبرني ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة 950 أنّه في منزل الرملة مضي إلي مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء عليهم السلام الذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا و ليس في المسجد أحد، فوضع يده علي القفل و جذبه فانفتح، فنزل إلي الغار فاشتغل بالصلاة و الدعاء، و حصل له إقبال إلي اللّه بحيث ذهل عن انتقال القافلة و سيرها، ثم جلس طويلا و دخل المدينة بعد ذلك و مضي إلي مكان القافلة فوجدها قد ارتحلت و لم يبق منها أحد، فبقي متحيّرا في أمره مع عجزه عن المشي، فأخذ يمشي علي أثرها وحده، فمشي حتي أعياه التعب، فبينما هو في هذا الضيق إذم.
ص: 254
أقبل عليه رجل لا حق به و هو راكب بغلا فلمّا وصل إليه قال له: اركب خلفي، فردفه و مضي كالبرق، فما كان إلّا قليلا حتي لحق بالقافلة و أنزله و قال له:
اذهب إلي رفقتك، و دخل هو في القافلة، فتحريته مدّة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته أصلا و لا قبل ذلك.
و منها: لمّا وصل إلي غزّة، و اجتمع بالشيخ محي الدين عبد القادر بن أبي الخير الغزيّ، و جرت بينه و بينه احتجاجات و مباحثات، و أجازه إجازة عامة، و صارت بينهما مودّة زائدة، و أدخله إلي خزانة كتبه فقلب الكتب، و تفرّج في الخزانة، فلما أراد الخروج قال له: أختر لنفسك كتابا من هذه الكتب، فوضع يده علي كتاب من غير تأمّل و لا انتخاب فظهر كتاب لا يحضرني اسمه من كتب الشيعة من مصنفات المرحوم الشيخ جمال الدين بن المطهر (1).
و دخل مصر بعد شهر من خروجه، و اشتغل علي جماعة:
1- الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي: قرأ عليه منهاج النّووي، و أكثر مختصر ابن الحاجب في الأصول، و شرح العضدي، و سمع عنه كتبا كثيرة في الفنون العربية و غيرها.
2- المولي حسين الجرجاني: قرأ عليه شرح التجريد مع حاشية الدواني، و شرح أشكال التأسيس في الهندسة، و شرح الجغميني، كلاهما للقاضي زاده.
3- المولي محمّد الأسترآبادي: قرأ عليه جملة من المطوّل مع حاشية المير، و شرح الجامي علي الكافية.
4- المولي محمّد الگيلاني: قرأ عليه جملة من المعاني و المنطق.
5- الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي: قرأ عليه جميع شرح الشافية للجاربردي، و جميع شرح الخزرجية في العروض و القوافي.1.
ص: 255
6- الشيخ الجليل أبو الحسن البكري، صاحب كتاب الأنوار في مولد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و مقتل أمير المؤمنين و فاطمة عليهما السلام: قرأ عليه جملة من الكتب في الفقه و التفسير، و بعض شرحه علي المنهاج.
7- الشيخ زين الدين الجرمي المالكي: قرأ عليه الفية ابن مالك.
8- الشيخ ناصر الدين الملقاني المالكي: قال الشهيد: لم أر في الديار المصرية أفضل منه في العلوم العقلية و النقلية، قرأ عليه البيضاوي في التفسير، و غيره من الفنون.
9- الشيخ ناصر الدين الطيلاوي الشافعي.
10- الشيخ شمس الدين محمّد النّحاس.
11- الشيخ عبد الحميد السمهودي.
12- الشيخ شمس الدين محمّد بن عبد القادر العرضي.
13- الشيخ عميرة.
14- الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق 15- الشيخ شهاب الدين البلقيني.
16- الشيخ شمس الدين الديروطي. و غيرهم.
ثم ارتحل إلي الحجاز في شوال سنة 943، و لما قضي مناسكه زار النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و قد وعده بالخير في المنام بمصر فلمّا رأي القبر الشريف خاطبه صلّي اللّه عليه و آله و أنشد:
صلاة و تسليم علي أشرف الوري إلي آخر الأبيات، و فيها:
و من عادة العرب الكرام بوفدهم إعادته بالخير و الحبر و الوفر
و ان يك وفد قد وفوا لنزيلهم فكيف و قد أوعدتني الخير في مصر
ص: 256
و العجب ما في أمل الآمل حيث قال: ما رأيت له شعرا إلّا بيتين رأيتهما بخطّه و نسبهما إلي نفسه:
لقد جاء في القرآن آية حكمة تدمّر آيات الضلال و من يجبر
و تخبر أنّ الاختيار بايدنا و من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر
(1) مع أن القطعة المذكورة موجودة في رسالة ابن العودي، و كانت عنده.
ثم ارتحل إلي بلدة جبع في صفر سنة 944، و أقام بها إلي سنة 946 و توشح ببرد الاجتهاد، إلّا أنه بالغ في كتمان أمره.
ثم سافر إلي العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام في ربيع الآخر من السنة المذكورة، و رجع في خامس شعبان منها، و أقام في جبع إلي سنة 948، ثم سافر إلي بيت المقدس في ذي الحجة، و اجتمع بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطيف المقدسي، و قرأ عليه بعض صحيح البخاري، و بعض صحيح مسلم، و أجازه إجازة عامة، ثم رجع إلي وطنه و اشتغل بمطالعة العلوم و مذاكرتها مستفرغا وسعه إلي أواخر سنة 951، ثم جري القضاء و أبان من أمر اللّه و مشورته أن يسافر إلي جهة الروم، و يجتمع مع فضلائها، و يتعلّق بسلطان الوقت السلطان سليمان بن عثمان، و كان ذلك علي خلاف مقتضي طبعه، و لكن ليطيع من هو عالم بعواقب الأمور، فخرج في ذي الحجة من السنة المذكورة و أقام بدمشق.
ثم ارتحل إلي حلب، و دخل في 16 محرّم، و خرج منها 7 صفر سنة 952، و دخل القسطنطينية 17 ربيع الأول، و لم يجتمع مع أحد من الأعيان إلي ثمانية عشر يوما، و كتب في خلالها رسالة في عشرة مباحث من عشرة علوم و أوصلها إلي قاضي العسكر محمّد بن محمّد بن قاضي زاده الرومي، فوقعت منه موقعا حسنا، و كان رجلا فاضلا، و اتفق بينهما مباحثات في مسائل كثيرة.1.
ص: 257
و كان من قواعد الروم أن كلّ طالب علم منهم لا بدّ و أن يكون معه عرض من قاضي بلده، فيه جهة تعريفه، و أنه أهل لما طلب، إلّا الشهيد فإنّه حين الخروج استخار اللّه تعالي أن يأخذ من قاضي صيدا- و هو المعروف الشامي- عرضا فلم يظهر خيرة، و قد سأله بعض الفضلاء في قسطنطنية هل معك عرض من القاضي؟ فقال: لا، فقال: إذن أمرك مشكل، فأخرج له الرسالة المذكورة، و قال: هذا عرضي، فقال: لا تحتاج معه شيئا.
ثم إن قاضي العسكر بعث إليه بعد اثني عشر يوما من اجتماعه به الدفتر المشتمل علي الوظائف و المدارس، و بذل له ما اختاره، و أكد كون ذلك في الشام أو حلب، فاختار منه بعد الاستخارة المدرسة النوريّة ببعلبك التي وقفها السلطان نور الدين فأعرضها إلي السلطان، و كتب بها برأت (1)، و جعل له في كل شهر ما شرطه واقفها، و أقام بها بعد ذلك قليلا، و اجتمع فيها بالسيد عبد الرحيم العباسي صاحب معاهد التنصيص، و أخذ منه شطرا.
و خرج منها في 11 رجب متوجّها نحو العراق، و بعد زيارة أئمتها عليهم السلام رجع إلي جبع في صفر سنة 953، و قد تفأل بكتاب اللّه في المشهد الغروي في عاقبة أمره بعد هذه السفرة مع الأعداء و الحساد، فظهر في أول الصفحة فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ (2)، الآية.
و أقام ببعلبك يدرس في المذاهب الخمسة، و اشتهر أمره، و صار مرجع الأنام و مفتي كلّ فرقة بما يوافق مذهبها، و صار أهل البلد كلّهم في انقياده، و رجعت إليه الفضلاء من أقاصي البلاد.
ثم انتقل بعد خمس سنين إلي بلده بنيّة المفارقة، و أقام في بلده مشتغلا1.
ص: 258
بالتدريس و التصنيف، و أوّل مصنفاته الروض و آخرها الروضة ألّفها في ستة أشهر و ستة أيام، و كان غالب الأيام يكتب كرّاسا، و من عجيب أمره أنّه كان يكتب بغمسة واحدة في الدواة عشرين أو ثلاثين سطرا، و خلّف ألفي كتاب، منها مائتا كتاب كانت بخطه الشريف من مؤلفاته و غيرها.
مع أنه ذكر تلميذه الفاضل ابن العودي في رسالة بغية المريد: و لقد شاهدت منه سنة ورودي إلي خدمته أنّه كان ينقل الحطب علي حمار في الليل لعياله، و يصلّي الصبح في المسجد، و يشتغل بالتدريس بقيّة نهاره، فلما شعرت بذلك كنت أذهب معه بغير اختياره، و كان رحمه اللّه يصلي العشاء جماعة و يذهب لحفظ الكرم، و يصلّي الصبح في المسجد، و يجلس للتدريس و البحث كالبحر الزاخر، و يأتي بمباحث غفل عنها الأوائل و الأواخر.
و لعمري لقد اشتمل علي فضيلة جميلة، و منقبة جليلة، تفرّد بها عن أبناء جنسه، و حباه اللّه بها تزكية لنفسه، و هو أنه من المعلوم البيّن أنّ العلماء رحمهم اللّه لم يقدروا علي أن يروّجوا أمور العلم، و ينظموا أحواله، و يفرغوه في قالب التصنيف و الترصيف حتي يتفق لهم من يقوم بجميع المهمات و يكفيهم كلما يحتاجون من التعلّقات، و يقطع عنهم جميع العلائق، و يزيل عنهم جميع الموانع و العوائق، أمّا من ذي سلطان يسخّره اللّه لهم، أو من ذي مروّة و أهل خير يلقي اللّه في قلبه قضاء مهمّاتهم، و مع ذلك كانوا في راحة من الخوف بالأمان، و في دعة من حوادث الزمان، و لكلّ منهم و كلاء قوّامون بمصالح معيشتهم، و نظام دنياهم، بحيث لا يعرفون إلّا العلم و ممارسته، و لم يبرز منهم من المصنّفات في الزمان الطويل إلّا القليل، و من التحقيقات إلّا اليسير.
و كان شيخنا المذكور- روّح اللّه روحه- مع ما عرفت يتعاطي جميع مهمّاته بقلبه و بدنه، حتي لو لم يكن إلّا مهمّات الواردين عليه، و مصالح الضيوف المترددين إليه، مضافا إلي القيام بأحوال الأهل و العيال، و نظام المعيشة و إتقان
ص: 259
أسبابها، من غير وكيل و لا مساعد يقوم بها، حتي أنه ما كان يعجبه تدبير أحد من أموره، و لا يقع علي خاطره ترتيب مرتّب لقصوره عمّا في ضميره، و مع ذلك كلّه فقد كان غالب الزمان في الخوف الموجب لإتلاف النفس، و التستر و الاختفاء الذي لا يسع الإنسان أن يفكّر معه في مسألة من الضروريات البديهية، و لا يحسن أن يعلّق شيئا يقف عليه من بعده، و قد برز منه مع ذلك من التصنيفات، و الأبحاث و الكتابات و التحقيقات و التعليقات ما هو ناش عن فكر صاف، و غارف من بحار علم واف (1). إلي آخر ما ذكره.
ثم لمّا كان في سنة خمس و ستين بعد التسعمائة و هو (رحمه اللّه) في سن أربع و خمسين، ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما علي الآخر، فذهب المحكوم عليه و ذهب إلي قاضي صيدا- اسمه معروف، و كان الشيخ مشغولا بتأليف شرحا.
ص: 260
اللمعة- فأرسل القاضي إلي جبع من يطلبه، و كان مقيما في كرم له مدّة منفردا عن البلد، متفرّغا للتأليف، فقال بعض أهل البلد: قد سافر عنّا منذ مدة.
قال: فخطر ببال الشيخ أن يسافر إلي الحج، و كان قد حج مرارا لكنه قصد الاختفاء، فسافر في محمل مغطي، و كتب القاضي إلي السلطان: إنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة، فأرسل السلطان سليمان رستم باشا في طلب الشيخ، و قال له: ائتني به حيّا حتي أجمع بينه و بين علماء بلادي فيبحثوا معه، و يطّلعوا علي مذهبه و يخبروني، فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي.
فجاء الرجل فأخبر أن الشيخ توجه إلي مكّة المشرفة، فذهب في طلبه، فاجتمع به في طريق مكّة، فقال له: تكون معي حتي نحج بيت اللّه ثم افعل ما تريد، فرضي بذلك.
فلمّا فرغ من الحج سافر معه إلي بلاد الروم، فلمّا وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشيخ؟ فقال: هذا رجل من علماء الشيعة أريد أن أوصله إلي السلطان، فقال: أو ما تخاف أن يخبر السلطان بأنّك قد قصرت في خدمته و آذيته، و له هناك أصحاب يساعدونه فيكون سببا لهلاكك؟ بل الرأي أن تقتله و تأخذ برأسه إلي السلطان، فقتله في مكان من ساحل البحر.
و كان هناك جماعة من التركمان، فرأوا في تلك الليلة أنوارا تنزل من السماء و تصعد، فدفنوه هناك و بنوا عليه قبّة، و أخذ الرجل رأسه إلي السلطان فأنكر عليه و قال: إنّي أمرتك أن تأتيني به حيّا فقتلته.
و سعي السيد عبد الرحيم العباسي (1) في قتل ذلك الرجل، فقتله3.
ص: 261
السلطان.
و في رواية: أن القبض عليه كان في المسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر، و أخرجوه إلي بعض دور مكّة، و بقي هناك محبوسا شهرا و عشرة أيّام، ثم ساروا به علي طريق البحر إلي قسطنطنيّة، و قتلوه بها في تلك السنة، و بقي مطروحا ثلاثة أيّام، ثم ألقوا جسده الشريف في البحر.
و حدث الشيخ البهائي قال: أخبرني والدي قدس سره أنه دخل في صبيحة بعض الأيام علي شيخنا الشهيد المعظم فوجده متفكرا، فسأله عن سبب تفكّره، فقال: يا أخي، أظن أن أكون ثاني الشهيدين، و في رواية: ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة، لأنّي رأيت البارحة في المنام أن السيد المرتضي علم الهدي عمل ضيافة جمع فيها العلماء الإمامية بأجمعهم في بيت، فلمّا دخلت عليهم قام السيد المرتضي و رحّب بي و قال لي: يا فلان، أجلس بجنب الشيخ الشهيد، فجلست بجنبه، فلمّا استوي بنا المجلس انتبهت. و منامي هذا دليل ظاهر علي أنّي أكون تاليا له في الشهادة.
و في الدرّ المنثور لسبطه الشيخ علي: و مما سمعت في بلادنا مشهورا، و رأيته أيضا مشهورا في غيرها: أنّه قدّس سرّه لمّا سافر السفر الأول إلي اسطنبول، و وصل الي المكان الذي قتل به تغيّر لونه، فسأله أصحابه عن ذلك، فقال ما معناه: إنه يقتل في هذا المكان رجل كبير أو عظيم الشأن، فلمّا أخذ قتل في ذلك المكان.
و قال في الحاشية: وجدت بخطّ المرحوم المبرور الشيخ حسين بن عبد الصمد رحمه اللّه بعد سؤاله.
و صورة السؤال و الجواب: سئل الشيخ حسين بن عبد الصمد: ما يقول شيخ الإسلام فيما روي عن الشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني أنّه مرّ بموضع
ص: 262
في اسطنبول، و مولانا الشيخ سلّمه اللّه معه فقال: يوشك أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن، أو قال شيئا قريبا من ذلك، ثم إنّه رحمه اللّه استشهد في ذلك الموضع، و لا ريب أن ذلك من كراماته رحمه اللّه، و أسكنه جنان الخلد؟!!.
[الجواب]: نعم هكذا وقع منه قدس سره، و كان الخطاب للفقير، و بلغنا أنّه استشهد في ذلك الموضع، و ذلك ممّا كشف لنفسه الزكية حشره اللّه مع الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي، ثامن عشر ذي الحجة سنة 983 في مكّة المشرفة زادها اللّه شرفا و تعظيما (1).
و كذا نقله السيد نعمة اللّه في كتاب المقامات قال: وجد بخطّ المرحوم الشيخ حسين. إلي آخره (2).
و فيه و في آخر المجلّد الثالث من شرح الشرائع، بخط السيد علي الصائغ رحمه اللّه ما صورته: هذا آخر كلامه- بلّغه اللّه أعلي مرامه، و حشره مع نبيّه و إمامه، صلوات اللّه عليهم، و انتقم ممّن كان سببا في سفك دمائه، و لا جعل له نصيبا في ذمامه، فإنه (رحمه اللّه) كان قابضا بالحق آخذا بزمامه، و لم يعطفه عنه خوف ملامة، و ناهيك بكيفيّة شهادته دلالة علي فضله و إعظامه، و تبجيله و إكرامه- فإنه أسر و هو طائف حول البيت، و استشهد يوم الجمعة في رجب، تاليا للقرآن علي محبّة أهل البيت عليهم السلام، و الحال أنّه غريب و مهاجر إلي اللّه سبحانه الذي هو علي كل شي ء رقيب، و ختم له بحج بيت اللّه الحرامط.
ص: 263
و زيارة النبيّ عليه أفضل الصلاة و السلام (1). انتهي.
و هذا السيد الجليل من أفاضل تلامذته و الرواة عنه، كما تقدم (2).
تنبيه: اعلم أنّه قد سبق الشهيدين جماعة من العلماء فازوا بدرجة الشهادة، و لحقهما- أو الأول منهما- جمع من الفقهاء نالوا فيض هذه السعادة، إلّا أنه لم يتيسر لهم التشرف بهذا اللقب الشريف، في جميع الآفاق و الأعصار، غير بعضهم في بعض البلاد في بعض الأعصار، و ينبئك هذا عن كونه لقبا سماويا، و تشريفا إلهيا، كنظائره من القاب بعض الأعلام، كالصدوق، و المفيد، و علم الهدي، و المحقق الأول، و الثاني، و العلامة. و غيرها لأربابها الذين بهم تدور رحي الشيعة، و قامت أعلام الشريعة.
فممن تقدمهما: فخر الدين أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد ابن محمّد الطبري الروياني، شيخ الأجل السيد فضل اللّه الراوندي، كما تقدم في حال نوادره (3).
و الشيخ الجليل أبو علي محمّد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري الواعظ المعروف بابن الفارسي، صاحب كتاب روضة الواعظين، وصفه الشيخ منتجب الدين بالشهادة، قال: الشيخ الشهيد محمّد بن أحمد. إلي آخره (4).
و قال ابن داود: قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور الملقب بشهاب الإسلام، لعنه اللّه (5).
و الشيخ نصير الدين أبو عبد اللّه الحسين ابن الشيخ الإمام قطب الدين98
ص: 264
أبو الحسين الراوندي. قال منتجب الدين: عالم صالح شهيد (1).
و قال: الشيخ الإمام جمال الدين أحمد بن الحسين بن محمّد بن حمدان الحمداني، عالم ورع شهيد (2).
و في الرياض في ترجمة ابن بطريق في ذكر من يروي عنه: و منهم الشهيد النقيب مجد الدين أبو عبد اللّه أحمد بن أبي الحسين بن علي بن أبي الغنائم المعمّر ابن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه الحسيني (3).
و الجليل السيد تاج الدين الآوي الشهيد. في الرياض: كان من أجلة علماء الإمامية، و كان معاصرا للعلامة، و لم أعلم اسمه (4)، فلاحظ.
و قال القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين: إن السيد تاج الدين الآوي كان سيّدا فاضلا عظيما، ذا همّة عالية، و اقتدار و أهبه وافية، و لمّا رجع السلطان أولجايتو (5) من مذهب أهل السنة و صار شيعيا طلب هذا السيد إلي حضرته، و كان من مقرّبي مجلسه الخاص، و ظهر من هذا السيد آثار عظيمة في تعصبه للدين المبين، و اغتاظ جماعة كثيرة من أمراء تلك الدولة و وزرائها- الذين كانوا من أهل السنة- من جهة إبطاله لمذهبهم، إلي أن مات السلطان و اغتنموا الفرصة و اتّهموا هذا السيد بمخالفته مع المخالفين لتلك الدولة فقصدوا قتله، و استشهدوه قدس اللّه روحه و كمّل فتوحه (6). انتهي.
قلت: هو السيد تاج الدين أبو الفضل محمّد بن مجد الدين الحسين بن8.
ص: 265
علي بن زيد بن الداعي، جدّ السيد رضي الدين الآوي الآتي (1)، صديق علي ابن طاوس، كان أوّل أمره واعظا، و اعتقده السلطان أو لجايتو محمّد و ولاه نقابة نقباء الممالك بأسرها: العراق، و الري، و خراسان، و فارس و سائر ممالكه.
و عانده الوزير رشيد الدين الطبيب.
و ذكر في عمدة الطالب شرحا طويلا في كيفيّة معاندته، و ترتيبه مقدمات شهادته، إلا أنّه سلّم تاج الدين و ولديه شمس الدين حسين و شرف الدين علي إلي من يقتلهم، فأخرجهم إلي شاطئ دجلة، و قدّم قتل ابني السيد تاج الدين قبله، و كان ذلك في ذي القعدة سنة 711، و أظهر عوام بغداد و الحنابلة التشفّي بالسيد تاج الدين، و قطّعوه قطعا، و أكلوا لحمه، و نتفوا شعره، و بيعت الطاقة من شعر لحيته بدينار (2) إلي آخر ما ذكره.
و من الشهداء: الشيخ الشهيد حسن بن محمّد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمداني الدمشقي السكاكيني. كان هو و أبوه من أكابر علماء الشيعة، كما في الرياض.
و قال ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة:
حسن بن محمّد بن أبي بكر السكاكيني، كان أبوه فاضلا في عدّة علوم، متشيعا من غير سبّ و لا غلوّ- و ستأتي ترجمته- فنشأ ولده هذا غاليا في الرفض، فثبت عليه ذلك عند القاضي شرف الدين المالكي بدمشق، و ثبت عليه أنه كفّر الشيخين، و قذف ابنتيهما، و نسب جبرئيل إلي الغلط في الرسالة إلي غير ذلك، فحكم بزندقته و بضرب عنقه، فضرب بسوق الخيل حادي عشر من جمادي الأولي سنة أربع و أربعين و سبعمائة (3). انتهي.1.
ص: 266
و لا يخفي أن نسبة القول بغلط جبرئيل إلي السكاكيني و غيره من مفتريات الشهود و أكاذيبهم الشائعة بينهم (1).
و منهم: الشيخ زين الدين محمّد بن أبي جعفر بن الفقيه أميركا الصدري (2) ببرخة من ولاية قزوين، قال في المنتجب: فقيه صالح شهيد (3).
و فيه: الأمير الشهيد كيكاوس بن دشمن ديار بن كيكاوس الديلمي الطبري، زاهد فاضل، له كتب في النجوم، و كتاب في الصلوات الخمس، لي عنه إجازة (4).
و ممن قارب عصر هما أو تأخّر عنهما، المحقق الثاني، كما يأتي (5).
و المولي الجليل شهاب الدين عبد اللّه التستري.
و الأمير محمّد مؤمن الأسترآبادي، الشهيد في المسجد الحرام، كما تقدم (6).
و الحبر النبيل قاضي نور اللّه التستري، صاحب إحقاق الحق و المجالس.
و السيد الشهيد السيد نصر اللّه الحائري المقتول في قسطنطنيّة، كما مرّ (7).
و الشيخ فضل اللّه، كان من خيار علماء دولة السلطان الشاه طهماسب الصفوي، و من صلحائهم و أتقيائهم، و كان يسكن بمشهد الرضا عليه4.
ص: 267
السلام، و له وظائف من أوقاف الحضرة الشريفة، و كان في غاية التقوي و الورع، و كان يؤمّ الناس في المسجد الجامع بالمشهد المقدس الرضوي، و يأتم به خلق كثير، و قد استشهد في قضيّة غلبة الطائفة الأوزبكيّة علي تلك البلاد مع سائر أهل تلك الروضة المنورة في أوائل دولة السلطان الشاه عباس الماضي، كذا في الرياض نقلا عن تاريخ عالم آرا (1) و السيد العالم الجليل الشهيد خان ميرزا ابن الوزير الكبير معصوم بيك الشهيد، كان من مشاهير علماء عصر السلطان شاه إسماعيل، و شاه طهماسب أيضا. و كان والده المذكور وزير السلطان المذكور و أميرا لديوانه أيضا، و لمّا وقع الصلح بين السلطان المزبور و بين السلطان سليم بن السلطان مراد ملك الروم- و كان يتردّد الحجاج من بلاد العجم إلي بلاد الروم- ترخّص الوزير معصوم بيك من ملك العجم و ملك الروم المزبورين، و توجّه مع ولده خان ميرزا هذا إلي بيت اللّه الحرام، فغدر به الرومية في حالة الإحرام، و أغاروا عليهم بزيّ أعراب البادية في الليل، فقتلوا الوالد و الولد مع جماعة أخري من رفقائهم. كذا في الرياض نقلا عن التاريخ المذكور (2).
و الفقيه النبيه الشهيد الآميرزا إبراهيم بن الآميرزا غياث الدين محمّد الأصفهاني القاضي، من مشايخ العالم الجليل آغا باقر الهزارجريبي، المتقدم (3) ذكره.
و السيد السند العلامة الآميرزا محمّد مهدي ابن الآميرزا هداية اللّه الموسوي الأصبهاني، المجاور في المشهد الرضوي الذي يروي عن الأستاذ الأكبر آغا باقر البهبهاني، و العالم الكامل الشيخ مهدي الفتوني. و غيرهما،4.
ص: 268
صاحب المؤلفات الرائقة التي منها شرحه علي الدروس، و رسالة لطيفة في صلاة الليل و آدابها، كثيرة الفوائد، قتله الظالم نادر ميرزا سبط السلطان الغازي نادر شاة، في قصة مذكورة في التواريخ، و كان ذلك في سنة 1217، و له ذرية طيبة، فيها علماء فقهاء أدباء، ائمة للجمعة و الجماعة، و عليهم تدور رحي أغلب أمور الناس في الدين و الدنيا، في المشهد المقدس الرضوي علي مشرفه السلام.
و غيرهم.
قال في الرياض في باب الألقاب: الشهيدان هما الشيخ الشهيد محمّد ابن مكي بن حامد العاملي الجزيني.
و الشيخ الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الجبعي.
الشهيد الثالث: هو المولي الجليل شهاب الدين عبد اللّه بن محمود بن سعيد التستري ثم المشهدي الخراساني المعروف بالعقاب، المقتول بجور الطائفة الأوزبكية ببخاري بعد غلبتهم علي مشهد الرضا عليه السلام في أوائل دولة السلطان شاه عباس الماضي الصفوي.
و قال- بعد جملة من الألقاب-: الشهداء الثلاثة هم علي المشهور:
الشيخ محمّد بن مكي الشهيد الأول.
و الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.
و المولي عبد اللّه الخراساني الشهيد ببخاري.
و باصطلاح الشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي: هما الأولان مع الشيخ علي بن عبد العالي الكركي.
فالمولي عبد اللّه الخراساني المذكور علي هذا يكون الشهيد الرابع.
و القاضي نور اللّه التستري الشهيد ببلاد الهند هو الشهيد الخامس (1)،8.
ص: 269
انتهي.
قلت: في كثير من الإجازات توصيف المولي المذكور بالشهيد الثالث، إلّا أنّه مع ذلك لم يستقر الاصطلاح إلّا فيهما، و ما ذلك إلّا لما ذكرناه، مع أن المولي المذكور من أعلام العلماء، و فضل القاضي و ترويجه المذهب غير خفي علي أحد، و قد قتلا قتلا فظيعا.
أما الأول (1)، ففي الرياض بعد توصيفه بالعالم الفاضل المتكلم الفقيه الجامع، و أنه أقام برهة من الزمان في المشهد الرضوي، و اشتغل بالإفادة و الهداية، و إرشاد الخلائق، و ترويج الشريعة الغراء، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و كان يعظ الناس به في بعض الجمعات و يجتمع إليه خلق كثير، و هدي به جماعة غفيرة، و كانت أطواره محمودة عند الأكابر و الأصاغر، و كان يناصح السلطان شاه عباس الماضي الصفوي في أكثر أوقات إقامة السلطان بتلك الروضة المقدسة في أوائل جلوسه، و كان مكرّما عنده إلي أن غلبت الطائفة الاوزبكيّة علي ذلك المشهد، سنة سبع و تسعين و تسعمائة، فأخذوا المولي الجليل المذكور فذهبوا به إلي عبد المؤمن خان و قالوا: هذا رئيس الرافضة فأمنه الخان المذكور، و أرسله إلي والده عبد اللّه خان ببخاري، و بعد ما وصل إلي بخاري باحث مع علماء بخاري في المذهب فعجزوا عن معارضته، و قالوا لعبد اللّه خان: إنه ليس لكم شكّ في حقيّة مذهبكم، فما الباعث علي مباحثة هذا الرجل؟! و لا بدّ أن يقتل من كان مخالفا لمذهبنا!! و يجتنب عن مباحثته لئلا يصير باعثا علي إخلال العوام! و قيل: إنه ادعي أنه شافعي فلم ينفع، و قالوا:
إنّه قال ذلك تقيّة، و إلّا فهو رافضي، فاستشهد بتعصب الحنفيّة و قتلوه بالخنجر و الألماس و نحوهما، و لم يكتفوا بذلك، بل أحرقوا جسده الشريف في ميداني.
ص: 270
بخاري، هذا خلاصة ما في الرياض (1).
و أمّا القاضي التستري رحمه اللّه، ففي التذكرة (2) للفاضل الشيخ علي الملقب بحزين، المعاصر للعلامة المجلسي، و هو من علماء الهند، ما خلاصته:
إن السيد الجليل المذكور كان يخفي مذهبه، و يتقي عن المخالفين و كان ماهرا في المسائل الفقهية للمذاهب الأربعة، و لهذا كان السلطان أكبر شاه و أكثر الناس يعتقدون تسننه، و لمّا رأي السلطان علمه و فضله و لياقته جعله قاضي القضاة، و قبل السيد علي شرط أن يقضي في الموارد علي طبق أحد المذاهب الأربعة بما يقتضي اجتهاده و قال له: لمّا كان لي قوّة النظر و الاستدلال لست مقيّدا بأحدها و لا أخرج من جميعها، فقبل السلطان شرطه.
و كان يقضي علي مذهب الإمامية فإذا اعترض عليه في مورد يلزمهم أنه علي مذهب أحد الأربعة، و كان يقضي كذلك و يشتغل في الخفية بتصانيفه إلي أن هلك السلطان و قام بعده ابنه جهانكير شاه، و السيد علي شغله، إلي أن تفطّن بعض علماء المخالفين المقربين عند السلطان أنه علي مذهب الإمامية، فسعي إلي السلطان، و استشهد علي إماميته بعدم التزامه بأحد المذاهب الأربعة، و فتواه في كلّ مسألة بمذهب من كان فتواه مطابقا للإمامية، فأعرض السلطان عنه و قال: لا يثبت تشيّعه بهذا، فإنه اشترط ذلك في أول قضاوته.
فالتمسوا الحيلة في إثبات تشيّعه، و أخذ حكم قتله من السلطان، و رغّبوا واحدا في أن يتلمّذ عنده، و يظهر تشيّعه، و يقف علي تصانيفه، فالتزمه مدّة و أظهر التشيع إلي أن اطمأن به، و وقف علي كتابه مجالس المؤمنين، و بعد الإلحاح أخذه و استنسخه و عرضه علي طواغيته، فجعلوه وسيلة لإثبات تشيّعه.ط.
ص: 271
و قالوا للسلطان: إنه ذكر في كتابه كذا و كذا، و استحق لإجراء الحد عليه. فقال: ما جزاؤه؟ فقالوا: أن يضرب بالدرّة العدد الفلاني. فقال: الأمر إليكم فقاموا و أسرعوا في إجراء هذه العقوبة عليه، فمات رحمه اللّه شهيدا، و كان ذلك في أكبرآباد من أعاظم بلاد الهند و مرقده هناك يزار و يتبرك به، و كان عمره قريبا من سبعين.
ثم إن شيخنا الأجلّ الرباني الشهيد الثاني، يروي عن جماعة:
1- أولهم: العالم الجليل السيد حسن بن السيد جعفر الأعرج الحسيني، و قد مرّ ذكره (1).
2- ثانيهم: الشيخ النبيل أحمد بن محمّد بن خواتون العاملي العيناثي.
عن أبيه، بطريقه الآتي في ترجمة المحقق الثاني (2).
3- ثالثهم: الشيخ الأجل الأعظم نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي، زوج خالته، و والد زوجته الكبري.
قال الشهيد الثاني (رحمه اللّه) في إجازته الكبيرة- بعد عدّ مؤلّفات الشهيد الأول-: أرويها عن عدّة مشايخ بطرق عديدة، أعلاها سندا عن شيخنا الإمام الأعظم، بل الوالد المعظم، شيخ فضلاء الزمان، و مربّي العلماء الأعيان، الشيخ الجليل الواعظ، المحقق العابد الزاهد، الورع التقي، نور الدين علي ابن عبد العالي الميسي (3). إلي آخره.
و في الأمل: له شرح رسالة صيغ العقود و الإيقاعات، و شرح الجعفرية، و رسائل متعددة (4).
ص: 272
و في الرياض: رأيت بهرات بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد- والد الشيخ البهائي- في مجموعة هكذا: توفي شيخنا الإمام العلامة، التقي الورع، الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، أعلي اللّه نفسه الزكيّة، ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل، و دخل قبره الشريف بجبل صديق النبيّ ليلة الخميس الخامس- أو السادس- و العشرين من شهر جمادي الأولي سنة ثمان و ثلاثين و تسعمائة، و ظهر له كرامات كثيرة قبل موته و بعده، و هو ممّن عاصرته و شاهدته، و لم أقرأ عليه شيئا لانقطاعه و كبره (1).
و في الآمل نقل صورة إجازة المحقق الكركي له، أو فيها عند ذكره: سيدنا الشيخ الأجل العالم الفاضل الكامل، علامة العلماء، و مرجع الفضلاء، جامع الكمالات النفسانية، حاوي محاسن الصفات الكاملة العليّة، متنسم ذري المعالي بفضائله الباهرة، ممتطي صهوات المجد بمناقبه السنيّة الزاهرة، زين الملّة و الحق و الدين، أبي القاسم علي ابن المبرور المرحوم المقدس المتوّج المحبور الشيخ الأجل العالم الكامل تاج الحق و الدين عبد العالي الميسي، أدام اللّه تعالي ميامن أنفاسه الزكية بين الأنام، و أعاد علي المسلمين من بركات علومه الشافية. إلي آخره (2).
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من المشايخ العظام:
ابن عم الشهيد الأول: في الأمل: كان عالما، فاضلا، جليلا، نبيلا، شاعرا (3).
1- عن الشيخ الجليل ضياء الدين علي، الفاضل الفقيه الجليل
ص: 273
المعروف.
عن والده الأجل شمس الدين أبي عبد اللّه الشهيد الأول.
و عن شمس الدين ابن المؤذن الجزيني.
2- عن السيد الأجل علي بن دقماق (1)، مؤلف كتاب نزهة العشّاق، في الأدب. و في بعض الإجازات: علي بن محمّد، و في الرياض: دقماق معرّب طخماق (2).
عن الشيخ شمس الدين محمّد بن شجاع القطان الأنصاري الحلي، العالم العامل الكامل، صاحب كتاب معالم الدين في فقه آل ياسين عليهم السلام، المعروف: بابن القطان، المنقول فتاويه في كتب الأصحاب.
عن الشيخ الفاضل الفقيه، المتكلّم المحقق الوجيه، جمال الدين أبي عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه بن محمّد بن الحسين بن محمّد السيوري الأسدي الحلي الغروي، صاحب التنقيح و كنز العرفان، و غيرهما.
عن شمس الفقهاء الشهيد.
و عن ابن المؤذن الجزيني.
3- عن جدّه لأمّه أبي القاسم علي بن علي بن جمال الدين محمّد بن طيّ العاملي الفقعاني، العالم الفاضل، الأديب المعروف، صاحب الكتاب المعروف بمسائل ابن طيّ، المتوفي سنة 855.
عن شمس الدين محمّد بن محمّد بن عبد اللّه العريضي.
في الأمل: كان من العلماء الصلحاء (3).2.
ص: 274
و الشيخ زين الدين (1) جعفر بن الحسام العاملي العيناثي، الفاضل الزاهد.
عن السيد عزّ الدين الحسن بن أيّوب بن نجم الدين الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي.
كان كما في الرياض من أجلّة العلماء، و أكابر الفقهاء (2).
عن أربعة من أساطين الشريعة و هم:
1- فخر المحققين.
2- و السيد عميد الدين.
3- و أخوه السيد ضياء الدين.
4- و الشهيد الأول.
و عن شمس الدين ابن المؤذن الجزيني.
4- عن عز الدين أبي المكارم الحسن بن احمد بن يوسف بن علي الكركي، المعروف بابن العشرة.
هو الفقيه العالم الفاضل الكامل الزاهد، الذي يعبّر عنه تارة بعزّ الدين، و أخري بابن العشرة.
و في مجموعة الشهيد: و كان من العلماء العقلاء، و أولاد المشايخ الأجلاء، و حج بيت اللّه كثيرا نحو أربعين حجّة، و كان له علي الناس مبارّ و منافع، و قرأ علي السيد حسن بن نجم الدين الأعرج- من تلامذة الشهيد- و غيره، في حدود سنة 862، و مات بكرك نوح من قري جبل عامل بعد أن حفر2.
ص: 275
لنفسه قبرا، و كان كثير الورع و الدعاء (1).
قال السيد الفاضل في الروضات- بعد نقل ما نقلناه- و في الآمل: إنه كان فاضلا زاهدا فقيها، و كانت أمّه ولدت في بطن واحد عشرة أولاد في غشاء من جلد رقيق، فعاش منهم واحد و مات الباقي، فلذلك سمّي ابن العشرة، يروي عن ابن فهد (2). انتهي.
و لم نجد ما نقله عن الأمل من قصّة أمّه فيه، و قد استنسخته من نسخة الأصل، و هي موجودة في المشهد الرضوي في هذا التاريخ، و لا نقله عنه في اللؤلؤة، و لا صاحب الرياض المعاصر له، بل فيه في آخر الترجمة: و اعلم أن الظاهر كون العشرة بكسر العين المهملة، ثم سكون الشين المعجمة، ثم الراء المهملة المفتوحة ثم الهاء (3). انتهي، مع ما في الحكاية من الغرابة ما لا يخفي.
عن جماعة من الأعلام.
1- منهم: رضي الدين أبو طالب محمّد ابن الشهيد الأول، الذي قال في حقّه صاحب الأمل: كان عالما فاضلا جليل القدر (4).
عن والده المعظم.
و عن السيد ابن معيّة، الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالي (5).
2- و منهم العالم الزاهد ابن فهد الحلي، الآتي ذكره (6).
3- و منهم الشهيد الأول، كما نص عليه ابن أبي جمهور في أول عوالي3.
ص: 276
اللآلي (1).
4- و منهم الشيخ شمس الدين محمّد بن نجدة، الشهير بابن عبد العالي- كما في الرياض (2)، و إجازة الشهيد الثاني (3) - أو ابن عبد العلي، كما في الأمل (4).
عن شيخه الشهيد الأول (5).
الثاني من مشايخه- الميسي-: الشيخ محمّد بن أحمد بن محمّد الصهيوني (6) العاملي، الفاضل، العالم، الورع، المحقق، كما في الأمل (7).
عن الشيخ عزّ الدين حسن بن العشرة، بطرقه المتقدمة (8).
و عن أحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي.
في الأمل: من المشايخ الأجلاء، كان صالحا، عابدا، فاضلا، محدّثا (9).
عن الشيخ زين الدين جعفر بن حسام العاملي، المتقدم ذكره (10).
الثالث من مشايخه: مروّج المذهب و الملّة، و شيخ المشايخ الأجلّة، محيي مراسم المذهب الأنور، و مروّض رياض الدين الأزهر، مسهّل سبل النظر
ص: 277
و التحقيق، و مفتح أبواب الفكر و التدقيق، شيخ الطائفة في زمانه، و علامة عصره و أوانه، نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي، الفقيه المجتهد الكبير، الملقب تارة بالشيخ العلائي، و اخري بالمحقق الثاني، الأجل من أن يوصف و يمدح.
و كان فقيه عصره صاحب جواهر الكلام يقول: من كان عنده جامع المقاصد و الوسائل و الجواهر- يعني مؤلفه- لا يحتاج بعدها إلي كتاب آخر للخروج عن عهدة الفحص الواجب علي الفقيه في آحاد المسائل الفرعية (1).
سافر في أوائل أمره- كما تقدم في فوائد الإجازة (2) - إلي بلاد مصر، و أخذ من علمائها بعد الأخذ من علماء الشام، و سافر إلي عراق العرب و أقام بها زمانا طويلا، ثم سافر إلي بلاد العجم في زمن سلطنة الشاه إسماعيل سنة غلبة السلطان علي شاه بيك خان- ملك الأوزبك- و ذلك بعد ظهور دولته بعشر سنين، و بعد دخوله هراة دخل عليه الشيخ بها، و اتصل بصحبته، و كان المولي سيف الدين أحمد بن يحيي بن محمّد بن المولي سعد الدين التفتازاني- المعروف- يومئذ شيخ الإسلام بها.
قال الميرزا بيك المنشئ الجنابذي المعاصر للشاة عباس الماضي في تاريخه (3) كما في الرياض: إن المولي سيف الدين المذكور قد كان في جملة علماء السنة الذين جمعوا في دار الإمارة بهرات، لتعيين المنزل لحضرة الشاه إسماعيل الماضي الصفوي يوم وصل خبر فتحه إلي الهرات، و غلبته علي شاه بيك خان ملك الأوزبك، و قهره و قتله. ثم قال: إن السلطان شاه إسماعيل أمر بقتل المولي3.
ص: 278
سيف الدين أحمد بن يحيي المذكور لأجل تعصبه في مذهب التسنّن فقتل.
و قد دخل علي الهرات خاتم المجتهدين الشيخ علي بن عبد العالي الكركي، و اعترض عليهم في قتلهم إياه، و خطئهم في ذلك، و قال: لو لم يقتل لأمكن أن يتم عليه بالحجج و البراهين العقلية و النقلية حقيّة مذهب الإمامية، و بطلان مذهب أهل السنة و الجماعة، و يردع عن مذهبه الباطل، و يلزم بذلك و يسكت، و يذعن من إلزامه جميع أهل ما وراء النهر و خراسان بحقّية مذهب الشيعة الاثني عشرية، و لذلك كان الشيخ المذكور متأسّفا دائما (1). انتهي.
و بالجملة: و كان له عند السلطان المذكور و الشاه طهماسب منزلة عظيمة، و عيّن له وظائف و إدارات كثيرة ببلاد عراق العرب، و نصبه الشاه طهماسب حاكما في الأمور الشرعية لجميع بلاد إيران، و أعطاه في ذلك حكما و كتابا يقضي منه العجب (2).
و في الرياض- نقلا عن حسن بيك روملو المعاصر للشيخ في تاريخه- أن بعد الخواجه نصير الدين في الحقيقة لم يسع أحد أزيد مما سعي الشيخ علي الكركي هذا في إعلاء أعلام المذهب الحق الجعفري، و دين الأئمة الاثني عشر، و كان له في منع الفجرة و الفسقة و زجرهم، و قلع قوانين المبتدعة و قمعها، و في إزالة الفجور و المنكرات، و إراقة الخمور و المسكرات، و إجراء الحدود و التعزيرات، و إقامة الفرائض و الواجبات، و المحافظة علي أوقات الجمعة و الجماعات، و بيان أحكام الصيام و الصلوات، و الفحص عن أحوال الأئمة و المؤذنين، و دفع شرور المفسدين و المؤذين، و زجر مرتكبي الفسوق و الفجور، حسب المقدور، مساعي جميلة، و رغب عامة العوام في تعليم الشرائع و أحكام5.
ص: 279
الإسلام، و كلّفهم بها.
قال: من جملة الكرامات التي ظهرت في شأن الشيخ علي أن محمود بيك مهردار- كان من ألدّ الخصام و أشدّ الأعداء للشيخ علي- و كان يوما بتبريز في ميدان صاحب آباد يلاعب بالصولجان بحضرة ذلك السلطان، يوم الجمعة وقت العصر، و كان الشيخ في ذلك العصر- حيث أن الدعاء فيه مستجاب- يشتغل لدفع شرّه و فتنته و فساده بالدعاء السيفي، و دعاء انتصاف المظلوم من الظالم المنسوب إلي الحسين عليه السلام، و لم يتمّ الدعاء الثاني بعد و كان علي لسانه قوله (عليه السلام): قرّب أجله و أيتم ولده حتي وقع محمود بيك المذكور عن فرسه في أثناء ملاعبته بالصولجان، و اضمحل رأسه بعون اللّه تعالي (1).
انتهي.
قال: و رأيت في بعض التواريخ الفارسية المؤلّفة في ذلك العصر أن محمود بيك المخذول المذكور، كان قد خمر في خاطره الميشوم في عصر ذلك اليوم أن يذهب إلي بيت الشيخ علي بعد ما فرغ السلطان من لعب الصولجان، و يقتل الشيخ بسيفه في ذلك الوقت بعينه، و واضع في ذلك مع جماعة من الأمراء المعادين للشيخ، فاتفق بكرامة الشيخ أن ذهبت يد فرس محمود بيك في بئر كانت في عرض الطريق بعد الفراغ من تلك الملاعبة و التوجه إلي جانب بيت الشيخ، فطاح هو مع فرسه في تلك البئر، و انكسر رأسه و عنقه و مات في ساعته.
و نقل أيضا عن بعض التواريخ أنه رحمه اللّه كان أزهد عصره، و قد أوصي بجميع صلاته و صيامه، و بقضاء حجة الإسلام- أيضا- مع أنه قد حجّ.ض.
ص: 280
و لما كان في نشر الحكم الصادر من السلطان المذكور فوائد جميلة، تقرّبنا بنقله بتمامه:
ص: 281
بسم اللّه الرحمن الرحيم يا محمّد يا علي فرمان همايون، شرف نفاذ يافت آن كه چون از بدو طلوع تباشير صبح دولت ابد پيوند و ظهور رايات سعادت آيات شوكت ارجمند، كه بدون توافق آن رقم سعادتمندي دست قضا بر صحيفه احوال سعداء نمي كشيد، اعلاء اعلام شريعت غرّاي نبوي را كه آثار ظلام جهالت از فضاي عالم و عالميان از ظهور خورشيد تأثير آن زوال پذير شود، از مستمدّات اركان سلطنت و قواعد كامكاري مي دانيم، و احياي مراسم شرع سيد المرسلين، و اظهار طريقۀ حقّۀ أئمۀ معصومين صلوات اللّه عليهم كه چون صبح صادق غبار ظلمت آثار بدع مخالفان مرتفع گرداند، از جملة مقدّمات ظهور آفتاب معدلت گستري و دين پروري صاحب الأمر عليه السلام مي شماريم، و بي شائبه منشأ حصول اين امنيّت، و مناط وصول بدين نيّت، متابعت و انقياد و پيروي علماي دين است، كه بدستياري دانشوري و دين گستري ايشان صيانت و حفظ شرع سيد المرسلين نموده، بواسطه هدايت و ارشاد شأن كافّه انام از مضيق ضلالت و گمراهي بساحت اهتداء توانند رسيد، و از يمن افادات كثير البركاتشان كدورت و تيرگي جهل از صحائف خواطر اهل تقليد زدوده شود، سيّما در اين زمان كثير الفيضان عالي شأن كه به رتبۀ أئمه هدي عليهم السلام و الثناء اختصاص دارد، و متعالي رتبت، خاتم المجتهدين وارث علوم سيّد المرسلين، حارس دين امير المؤمنين، قبلة الأتقياء المخلصين، قدوة العلماء الراسخين، حجة الإسلام و المسلمين هادي الخلائق إلي الطريق المستقيم المبين، ناصب اعلام الشرع المتين، متبوع أعاظم الولاة في الأوان، مقتدي كافّۀ اهل
ص: 282
زمان، مبين الحلال و الحرام، نائب الإمام عليه السلام- لا زال كاسمه العالي عليا حاليا- كه بقوّة قدسيه ايضاح مشكلات قواعد ملّت و شرائع حقّه نموده، علماي رفيع المكان اقطار و امصار روي عجز بر آستانۀ علوّش نهاده، باستفاده علوم از مقتبسان انوار مشكاة فيض آثارش سر افرازند، و اكابر و اشراف روزگار سر اطاعت و انقياد از اوامر و نواهي آن هدايت پناه نپيچيده، پيروي احكامش را موجب نجات مي دانند، همگي همّت بلند و نيّت ارجمند مصروف اعتلاء شأن و ارتقاء مكان و ازدياد مراتب آن عالي شأن است، مقرّر فرموديم كه سادات عظام و اكابر و اشراف فخام، و امراء و وزراء و سائر اركان دولت قدسي صفات موصي اليه را مقتدا و پيشواي خود دانسته، در جميع امور اطاعت و انقياد بتقديم رسانيده، آن چه امر نمايد بدان مأمور، و آن چه نهي نمايد منهيّ بوده، هر كس را از متصديان امور شرعيه ممالك محروسه و عساكر منصوره عزل نمايد معزول، و هر كه را نصب نمايد منصوب دانسته، در عزل و نصب مذكورين بسند ديگري محتاج ندانند.
و هر كس را عزل نمايد ما دام كه از جانب آن متعالي منقبت منصوب نشود نصب نكنند.
و همچنين مقرّر فرموديم كه چون مزرعة كبيسه و دواليب كه در اراضي آنجا واقع است، در نهر نجف اشرف و نهر جديد موسوم براقبة از شتوي و صيفي، و مزرعه شويحيات و لرم زيب از اعمال دار الزبيد بحدودها المذكورة في الوثيقة الملّيّة، مع أراضي مزرعة أم الغرمات، و أراضي كاهن الوعد رماحية، كه احيا كردۀ مومي اليه است بر مشار اليه وقف صحيح شرعي فرموديم، و بعد از آن بر اولاد او ما تعاقبوا و تناسلوا به موجبي كه در وقفيه مسطور است، و حكم جهانمطاع صادر شده كه بر افاضت پناه مومي اليه مسلّم و مرفوع القلم دانسته، از حشو جميع حوزۀ عراق عرب بصيغه مفروزي وقفي افاضت دستگاه مومي اليه وضع نموده، داخل جمع و خرج حوزي مي نمايند و در مفروزيات بلا مبلغ برقبه دانسته، و در نسبت مفروزي وقفي قدسي صفات مومي اليه شناسند، چنانچه اگر حكمي در
ص: 283
باب استرداد و افراد و تبديل و تغيير سيور غالات و مسلميات و مفروزيّات واقع شود آن را مستثني شناسند، و مبلغ ده تومان تبريزي از دار الضرب حلّه كه عوض قيرحار هيت و حله كه مبلغ هشتصد تومان در وجه سيورغال عالي رتبت مشار اليه مقرّر بوده بواسطه تعذّر نقل برضا و رغبت ترك كرده در وجه سيور غال آن عالي منقبت مقرّر است، مذكورات را به همان دستور بر قرار دانسته اصلا تغيير و تبديل بقواعد آن راه ندهند، و ما دام كه وجه مذكور از دار الضرب بوكلاء مومي اليه واصل نشود يك دينار باحدي ندهند، و آن وجه را بر جميع حوالات و مطالبات مقدم دارند، و چون در اين ولا التماس نمود كه موضع بهيلل (1) كه عوض؟ سعيد بركه؟ مبلغ هفتاد و دو تومان در وجه سيورغال آن قدسي مرتبت مقرر بوده تغيير داده، عوض آن موضع برقانيّه و توابع سيّما حاجي دحيه كه ماليت آن بمبلغ هفتاد تومان مقرر است بر آن افاضت دستگاه شفقت فرمائيم، ايجابا لمسؤوله فرموديم كه موضع برقانيه و توابع را در وجه سيورغال خاتم المجتهدين مومي اليه از ابتداء ئيلان ئيل مقرّر دانسته بتصرف وكلاء مشار اليه دهند، و تمامي محصولات آن را در سنۀ مزبوره به گماشتگان او جواب گويند، و چيزي قاصر و منكسر نگردانند، و به هيچ عذر موقوف ندارند، و چون بموجب حكم فردوس مكان علّيّين آشيان دوازده خانوار از طائفه زبيد- كه از رعاياي شويحيات اند- مالا و وجوها تا بدان افاضت دستگاه مسلّم است به همان دستور مقرّر دانسته، مضمون حكم مزبور را كه در اين باب صادر شده معتبر شناخته، از آن تجاوز ننمايند مستوفيان كرام و عمّال و ديوانيان بايد كه تمامي مزبورات را از بنيچۀ اخراجات حكمي و غير حكمي بهر اسم و رسم كه باشد سيما ساوي روده يك و ده يك و نيم و چريك و رسم المهر و رسم الوزارة و رسم الصداره و حق الكالح (2) و حيازة و امثال آن از مطالبات به همۀ ابواب سوي و مستثني دانند،ا.
ص: 284
متصديان اشغال ديواني عراق عرب حسب المسطور مقرّر دانسته قلم و قدم كوتاه و كشيده داشته در ضرر و مساحت و باز ديدن از سركار مدخل ننمايند، و به علّت تفاوت و قرض غلّه و رسول داروغگي و سائر شناقص اصلا طلب نكنند، و در يرغو و سور غوي آن سركار مدخل نسازند، و جريمه نگيرند، و اگر جريمه صادر شود گذارند كه گماشتگان مومي اليه رفع نمايند، و اگر بسهو از بابت اخراجات سيّما مذكورات فوق يا آن چه بعد از اين سانح شود چيزي بر آن سر كار حواله ننمايند تحصيلداران نطلبند، و تن را بديوان آورند كه محسوبست، و چون الوس حورائي كه مزارع و روامس برقانيه اند به زراعت و حواشي آنجا قيام نمايند، هيچ آفريده ايشانرا تكليف بردن بمحل ديگر ننمايد، و گذارند كه به زراعت و حواشي آنجا قيام نمايند، مال وجهات (1) الوس مزبوره را بر شيخ الإسلام مومي اليه مسلّم و حرّ و مرفوع القلم دانسته، به دستور سائر محال سيورغال مومي اليه عمل نمايند، و چون حكم جهانمطاع صادر شده كه چنانچه از باب دوشلكات ديوان اعلي از گرفتن دوشلكات آن سر كار ممنوع اند، ارباب دوشلكات عراق عرب نيز خود را ممنوع شناسند، و به هيچ عذر و بهانه در آنجا مدخل نسازند.
چون هدايت پناه مومي اليه جهت هدايت خلائق احيانا از نجف أشرف متوجّه بعضي از ممالك محروسه مي شوند سيما رماحيه و جوائز در ذهاب و اياب كمال تعظيم بتقديم رسانند، و سر كار مومي اليه و متعلّقان او را در غيبت به دستور حضور بر قرار دانسته از حوالات و مطالبات مستثني شناسند، و چون در پايۀ سرير فلك مصير كه مجمع اكابر و اشراف و امراء و حكّام و اعيان ممالك محروسه است كائنا من كان ملازمت مقتدي الأنام مومي اليه نموده، مشار اليه بديدن احدي نرفته، حكام عراق عرب حفظ اين قاعده مرعي داشته، وظائف ملازمت بتقديم رسانيدهه.
ص: 285
طمع استقبال و رفتن شيخ الإسلام موصي اليه بديدن ايشان ننمايند، فكيف كه تكليف حضور مجلس خود نمايند، و در جميع ابواب بنوعي رعايت ادب نمايند كه مزيدي بر آن متصور نباشد، و مقرّر است كه آن چه از مقرّري سنوات سابقه از دار الضرب باقي مانده باشد بلا تعلل رسانيده، و سكه مدينة المؤمنين حلّه را نزد وكلاء عالي رتبت مومي اليه سپرده بي حضور ايشان سكه ننمايند، و از مخالفت محترز باشند، و چون حسب الحكم جميع محصولات برقانيه و توابع عن حصّه ارباب و ديوان در وجه قدسي سمات مومي اليه مقرّر است، حسب المسطور مقرّر دانسته عوض تخم طلب نمايند، و در عهده دانند، و بسند بقبض بهر عبارت و تاريخ كه باشد مستند نگردند، و تقدم و تأخّر تاريخ را اصلا معوّل عليه نشمرند، و افاضت پناه مومي اليه را در عدم تمكين حكم نقيض و تعزير هر كس كه مخالفت اين حكم نمايد مرخّص دانسته نهايت امداد نمايند، و از مخالفت كه موجب مؤاخذه است انديشه نمايند، أحكام مذكوره را به همان دستور مقرّر دانسته، از مضامين حكم جهانمطاع كه بتاريخ شهر محرم سنۀ ست و ثلاثين و تسعمائة صادر شده در جميع اين ابواب به تمامي قيود در نگذرند، و از آن عدول نجويند و خلاف كننده را ملعون و مطرود دانسته به مقتضاي آيه كريمه أُولٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّٰهِ وَ الْمَلٰائِكَةِ وَ النّٰاسِ أَجْمَعِينَ (1) از مردودان اين دودمان شمرند، در اين ابواب قدغن دانسته تقصير ننمايند، و در عهده شناسند، و هر ساله در اين باب پرداخته و شأن مجدّد نطلبند، و شكر و شكايت وكلاء و گماشتگان ايشانرا عظيم مؤثّر شمرند.
تحريرا في سادس عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة 939.
در كنار اين رقم نوّاب شاه طهماسب أنار اللّه برهانه بخطّ شريف خود، بطريق و آداب شهادت باين عبارت نوشته، كه احكام مسطوره را و جميع احكام61
ص: 286
كه در بارۀ مقتدي الأنام مومي اليه صادر شده ممضي و منفذ دانسته، خلاف كننده را ملعون و مطرود دانند، كتبه طهماسب، انتهي(1).كل
ص: 287
****
قواعد الملّة و الشرائع الحقة بالقوة القدسيّة، و الذي وضع علماء الأقطار و الأمصار ذووا المكانات الرفيعة وجوه العجز علي عتبته العالية كي يستفيدوا من مقتبسات أنوار مشكاة فيضه مفتخرين بذلك. و لا يتمرد أكابر الزمان و إشرافه عن إطاعة أوامره و نواهيه و الانقياد له و يعتقدون اتباع أحكامه ذريعة النجاة.
و ليعلم أن غاية الجد و نهاية الهمّة العالية و النيّة الكريمة مصروفة لاعتلاء شأن ذلك العالم العظيم الشأن و الارتقاء مكانته و ازدياد مراتبه. فلذا قد قررنا أن يعلم السادة العظام و الأكابر و الأشراف الأفاخم و الأمراء و الوزراء و أركان الدولة أنّ المولي المومي إليه القدسي الصفات مقتداهم و إمامهم. فيقدموا الإطاعة و الانقياد له في جميع الأمور فيطيعوا ما يأمرهم و ينتهوا عمّا ينهاهم، و من يعزله هو من متصدّي الأمور الشرعيّة أو من الجيش و العساكر المنصورة فهو معزول بآمره و من ينصبه هو في منصب و مقام فليعتقدوه منصوبا كذلك. و لا يحتاج في عزل المذكورين و نصبهم إلي مستند آخر.
و كلّ من يعزل من قبل ذلك العالم الجليل القدر لا يحق لأحد أن ينصبه في مقامه إلّا أن ينصبه ذلك الشيخ الجليل.
و هكذا قد قررنا أن مزرعة كبيسة و دواليب التي وقعت في تلك الأراضي في نهر النجف الأشرف و النهر الجديد الموسوم براقبة من شتوي و صيفي و مزرعة شويحيات و لرم زيب من اعمال دار الزبيد بحدودها المذكورة في الوثيقة المليّة مع أراضي مزرعة أم الغرمات، و أراضي كاهن الوعد رماحيّة، محياة من المومي إليه فوقفناها علي المشار إليه وقفا صحيحا شرعيّا و بعده علي أولاده مهما تعاقبوا و تناسلوا بحسب ما سطر في الوقفيّة.
و قد صدر حكم جلالة الملك المطاع في العالم علي أن تعلم الأراضي المذكورة سلما للمومي إليه و مرفوع القلم عنها له. و أن يجعلوها من بين جميع حوزة العراق العربيّة وقفا بصيغة مفروزة وقفية لذلك العالم الصاحب الإفاضات. بأن يعرّفوها داخلا في الجمع و النفقات و يحسبوها داخلا أيضا في المفروزيات بالرقبة التي لا يؤخذ مبلغ قبالها. فيثبتوها في النسبة المفروزة الوقفيّة للمومي إليه قدسي الصفاة. حتّي انّه لو وقع حكم في باب استرداد سائر المفروزيّات و تبديلها أو إفرادها- فليستثنوها منها فلا يستردوها بل يبقوها كما هي.
و قد قرر مبلغ عشرة توامين تبريزيّة من دار الضرب الحلة في وجه الحقوق المستمرة لذلك العالي المنقبة عوضا عن عوائد (قير حار هيت) و الحلّة التي كانت تبلغ ثمانمائة تومان و قد تركها برضاه و رغبته لأجل تعذر النقل. فليعلموا المذكورات مقرّرا كما قرّر و لا يجعلوا لأي تغيير و تبديل سبيلا بقواعدها، و لا يعطوا لأحد دينارا ما دام لم يصل الوجه المذكور من دار الضرب إلي وكلاء المومي إليه و ليقدموا ذلك الوجه (المبلغ) علي جميع الحوالات و المطالبات، و لأجل أنّ في هذا
ص: 288
****
. التمس أن يغيّر موضع «بهيلل» الذي قد قرّر في وجه الحقوق المستمرة للقدسي المرتبة بالغا باثنين و سبعين تومانا عوضا عن سعيد بركة فيجعل مكانه موضع برقانيّة و توابعها سيّما حاجي دحية الذي قرر ماليّته سبعين تومانا. فأحببنا لمسؤوله شفقة لذلك العالم الكثير الفيض. و قد أمرنا أن يقرر موضع برقانيّة و توابعها من وجه الحقوق المستمرة لخاتم المجتهدين المومي إليه من ابتداء (ئيلان ئيل) (سنة الحيّة) فيسلموها في تصرّف وكلاء المشار إليه.
و أن يجيبوا لمنصوبيه في جميع محصولاتها في السنة المزبورة و أن لا يقصروا و لا يكسروا شيئا منها و أن لا يوقفوها بأي عذر كان. و لأنّ بموجب حكم الملك المطاع اثنا عشر أهل بيت من طائفة زبيد الذين هم من رعايا شويحيات مسلّمون لذلك العالم كثير الإفاضة من حيث الحال و الوجوه فيعلموا مقرّرا علي هذا الحكم ما داموا كذلك و ليحسبوا مضمون الحكم المزبور الذي صدر في هذا الباب معتبرا و لا يتجاوزوا عنه و المستوفون الكرام و العمال و أهل الديوان لا بدّ ان يستثنوا هذه المزبورات من حق السلطان بأي عنوان و اسم و رسم كان سيّما أحد و عشر واحد و عشر و نصف و الإجارات و رسم المهر و رسم الوزارة و رسم الصدارة و حق الكالح و الحيازة و أمثالها من المطالبات فليعلموا تلك الأراضي مستثني من جميع تلك المطالبات و المتصدون للاشغال الديوانيّة في العراق العربيّة فليعلموا مقرّرا حسب المسطور و ليقصروا أقلامهم و أقدامهم في مساحة تلك الأراضي و لا يتدخّلوا في تحقيق الأمور المربوطة بتلك الأراضي و أن لا يطلبوا أبدا من هذه الأراضي أي تفاوت و ما ثبت و تعرض غلّة و سائر الشناقص و لا يتدخلوا في المطالبة و المحاكمة لذلك العالم و لا يأخذوا أي جريمة منه و لو صدر جريمة فليدعوا حتي يرفع منصوبي المومي إليه و أن لا يحولوا إليه شيئا وقع سهوا من باب الإخراجات سيّما المذكورات آنفا أو ما سنح بعد هذا. و لا يطلبوها المحصلون و ليأتوا الشخص نفسه إلي المحكمة حتي يحاسب و من حيث انّ الوس حورائي الذين هم الزارعون و الساكنون بالبرقانيّة فليقوموا بزراعة تلك الأراضي و حواشيها و لا يحق لأحد أن يكلّفهم ليذهب بهم إلي مكان آخر بل يتركوهم ليقوموا بزراعة تلك الأراضي و حواشيها و ليعرفوا الوجوه و الأموال من آلوس المزبورة مسلّمة و متعلّقة لشيخ الإسلام المومي إليه و يعملوا طبق سائر المحال الذي في وجه الحقوق المستمرة للمومي إليه و لأنّه صدر حكم الملك المطاع في العالم علي أنّه كما أن أرباب دوشلكات الديوان الأعلي ممنوعون من أخذ الدوشلكات من ذلك العالم العظيم كذلك أرباب الدوشلكات العراق العربيّة فليعوفوا أنفسهم ممنوعين و لا يتدخلوا هناك بأي عذر و عنوان.
و من جهة انّ الهادي المومي إليه يتوجّه من النجف الأشرف إلي بعض من الممالك المحروسة لهداية الخلائق أحيانا سيّما الرماحيّة و الجوائز فيقدموا إليه كمال التعظيم في ذهابه و إيابه. و ليعلموا
ص: 289
و في تاريخ وقائع السنين، للأمير إسماعيل خاتون آبادي: إن في سنة 939 صدر الرقم، و أشار إلي الرقم المذكور قال: و إني قرأته من أوّله إلي آخره قال: و في سنة 940 كان وفاة الشيخ المحقق المدقق، مروّج مذهب أهل البيت
****
الزعيم المومي إليه و متعلقيه في زمن الغياب كزمن الحضور مستثني من الحوالات و المطالبات و من حيث ان جانب السرير للعالم العظيم هو مجمع الأكابر و الاشراف و الأمراء و الحكام و أعيان الممالك المحروسة فليلازم كلّ لمقتدي الأنام المومي إليه كائنا من كان فإن المعظم المشار إليه لم يذهب إلي زيارة أحد فليراع حكام العراق العربيّة حفظ هذه القاعدة و ليقدموا وظائف الملازمة له. و لا يطمعوا في الاستقبال و الذهاب إلي زيارتهم من الشيخ المومي إليه. فكيف أن يكلفوه الحضور في مجلسهم! و ليراعوا الأدب بنوع في جميع الأبواب حتي لا يتصور المزيد عليه.
و قد قرّر أنّ ما كان باقيا من مقرّري السنوات السابقة من دار الضرب أن يوصلوا إليه بلا تعلل و أن يودعوا سكّة الحلّة مدينة المؤمنين عند وكلاء العالي المرتبة المومي إليه و لا يضربوا السكّة بدون حضورهم، و أن يحترزوا من المخالفة. و من حيث أنّه علي حسب الحكم جميع محصولات البرقانيّة و توابعها من حصّة الأرباب و الديوان قد قرر في وجه القدسي السمات المومي إليه، فليقرروا حسب المسطور و لا يطلبوا عوض البذر و أن يعلموه في عهدتهم و أن يقبضوه و إن كان سنده بأي عبارة و تاريخ و أن لا يعولوا علي تقدم تاريخه أو تأخره و أن يعلموا المومي إليه مركز الإفاضة مرخصا في عدم تمكين حكم النقيض و تعزير من يخالف هذا الحكم و يساعدوه في ذلك مساعدة بالغة.
و أن يخافوا من المخالفة التي توجب المؤاخذة و ليعلموا الأحكام المذكورة مقرّرة علي ذلك الحكم، و أن لا يتجاوزوا من حكم الملك المطاع في العالم الذي صدر من تاريخ الشهر المحرم سنة ست و ثلاثين و تسعمائة في جميع هذه الأبواب بتمام قيودها و أن لا يعدلوا عنها و أن يحسبوا المخالف معلونا و مطرودا بمقتضي الآية الكريمة. و يعدوهم من مردودي هذا البيت الجليل و أن يعلموا من هذه الأبواب ممنوعا و لا يقصروا و أن يعلموا في ذمتهم و أن يؤدّوا كل سنة في هذا الباب، و أن لا يطلبوا عنوانا مجدّدا و أن يعدوا الشكر و الشكوي من وكلاء ذلك العالم و منصوبيه عظيما و مؤثّرا.
تحريرا في سادس عشر شهر ذي الحجّة الحرام سنة، 939 و في جانب هذا الرقم قد كتب نواب الملك طهماسب أنار اللّه برهانه بخطه الشريف بعنوان آداب الشهادة و طريقها بهذه العبارة: الاحكام المسطورة و جميع الأحكام التي صدر في حق مقتدي الأنام المومي إليه فليعلم ممضيا و منفّذا و ليعلم من يخالفها ملعونا و مطرودا، كتبه طهماسب. انتهي
ص: 290
عليهم السلام، الشيخ علي بن عبد العالي، في يوم الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة (1).
فما في أمل الآمل من أن الوفاة كانت في سنة 937 من سهو القلم (2).
و في الرياض عن تاريخ عالم آرا (3): إنّه قدّس سره مات في مشهد علي عليه السلام، في ثامن عشر شهر ذي الحجة، و هو يوم الغدير، سنة أربعين و تسعمائة، في زمن السلطان شاه طهماسب المذكور.
و قال في موضع آخر: و قد صرّح الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي، والد شيخنا البهائي، بأن الشيخ علي الكركي قد قتل شهيدا (4)، و الظاهر أنه قد كان بالسم المستند إلي بعض أمناء الدولة المذكورين.
هذا و يروي هذا الشيخ العظيم الشأن:
عن العالم الجليل شمس الدين محمّد بن خاتون، المتقدم ذكره في مشايخ المولي عبد اللّه التستري (5).
عن الشيخ أحمد بن الحاج علي العاملي العيناثي.
عن زين الدين جعفر بن حسام العاملي.
إلي آخر ما تقدم في مشايخ سميّه الميسي (6).
و يروي (7) أيضا عن الطود الأعظم، و البحر الخضم، زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري، شيخ مشايخ الإمامية في عصره.
ص: 291
قال تلميذه المحقق الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين بن عيسي الذي كان صدرا في أيام بعض سلاطين المخالفين: فممّن قرأت عليه، و أخذت عنه، و اتصلت روايتي به، و لازمته دهرا طويلا، و أزمنة كثيرة، و هو أجلّ أشياخي و أشهرهم، و هو شيخ الشيعة الإمامية في زماننا غير منازع، شيخنا الشيخ الإمام السعيد، علّامة العلماء في المعقول و المنقول، المعمّر الأوحد الفاضل، ملحق الأحفاد بالأجداد، قدوة أهل العصر قاطبة، زين الملّة و الحق و الدين، أبو الحسن علي بن هلال قدس اللّه نفسه الزكية، و أفاض علي مرقده المراحم الربانية. إلي أن قال: و كثيرا ما أقتصر علي ذكره في أسانيدي- مع كثرة مشايخي- نظرا إلي جلالة قدره و إسناده (1).
و قال ابن أبي جمهور الأحسائي في أول عوالي اللآلي:
الطريق السادس عن شيخي- أيضا- و الأستاذ المرشد لي و لعامة الأصحاب إلي مناهج الصواب، أعني الشيخ الفاضل الكامل، الزاهد العابد، العلامة الشائع ذكره في جميع الأقطار، و المعلوم فضله و علمه في سائر الأمصار، زين الملّة و الحق و الدين، علي بن هلال الجزائري (2). إلي آخره.
و قال المحدث الجزائري في المقامات- في كلام له في تسبيح الزهراء عليها السلام-: و حكي لي من أثق به أن الشيخ العالم علي بن هلال الجزائري كان يتأنّي في أذكار هذه التسبيحة أكثر من ساعة، لأن كل لفظة من أذكارها تجري علي لسانه تتقاطر دموعه معها.
عن صاحب المقامات العالية في العلم و العمل، و الخصال النفسانية التي لا توجد إلّا في الأقلّ، جمال الدين أبي العباس أحمد بن شمس الدين محمّد9.
ص: 292
ابن فهد الأسدي الحلي (1)، المتولد في سنة 757، المتوفي في سنة 841، المدفون في البستان المتصل بالمكان المعروف بخيمكاه في الحائر الحسيني، المتبرك بمزاره، صاحب التصانيف الرائقة الشائعة كالمهذب، و عدّة الداعي، و التحصين في العزلة، و غيرها.
و قد تقدم في ترجمة السيد علي خان الحويزاوي ذكر رسالة له فيها كرامة باهرة له، فراجع (2).
و قال النقاد الخبير الشيخ عبد النبي الكاظمي في ترجمته في تكملة الرجال: كان زاهدا مرتاضا عابدا، يميل إلي التصوف، و قد ناظر في زمان ميرزا اسبند (3) التركمان والي العراق من علماء المخالفين فأعجزهم، فصار ذلك سببا لتشيّع الوالي، و زين الخطبة و السكة بأسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام.
و من تصانيفه المشهورة كتاب المهذب، و الموجز، و التحرير، و عدة الداعي، و التحصين، و رسالة اللمعة الجلية في معرفة النيّة.
و يروي أنه رأي في الطيف أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه آخذا بيد السيد المرتضي رضي اللّه عنه يتماشيان في الروضة المطهرة الغروية، و ثيابهما من الحرير الأخضر، و تقدم الشيخ أحمد بن فهد و سلّم عليهما، فأجاباه. فقال السيد له: أهلا بناصرنا أهل البيت. ثم سأله السيد عن أسماء تصانيفه، فلمّا ذكرها له قال السيد: صنّف كتابا مشتملا علي تحرير المسائل، و تسهيل الطرق و الدلائل، و اجعل مفتتح ذلك الكتاب: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه0.
ص: 293
المقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات. فلمّا انتبه الشيخ الأجل شرع في تصنيف كتاب التحرير، و افتتحه بما ذكره السيد (1). إلي آخره.
قال المحقق الكركي في الإجازة السابقة، بعد ذكر شيخه علي بن هلال:
و أجل أشياخه الذين قرأ عليهم و أخذ عنهم، و أفقههم و أزهدهم و أعبدهم و أتقاهم، الشيخ الأجل الزاهد العابد الورع، العلامة الأوحد، جمال الدين أبو العباس. إلي آخره (2).
و هذا الشيخ (3) الجليل يروي:
عن جماعة من الأساطين، من أجلاء تلامذة الشهيد الأول و فخر المحققين:
و قد مرّ ذكره (4).
الثاني: الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أبي محمّد الحسن ابن الشيخ شمس الدين بن الحسن الخازن الحائري، المعروف بعلي بن الخازن، الفقيه الفاضل العالم الكامل.
قال الشهيد في إجازته له: و لما كان المولي الشيخ العالم التقي، المحصل الورع القائم بأعباء العلوم، الفائق أولي الفضائل و الفهوم، زين الدين أبي الحسن علي بن المرحوم السعيد الصدر (5) الكبير العالم عزّ الدين أبي محمّد الحسن ابن المرحوم المغفور سيّد الأمناء شمس الدين محمّد- الخازن بالحضرة الشريفة
ص: 294
المقدسة المطهرة، مهبط ملائكة اللّه، و معدن رضوان اللّه، التي هي من أعظم رياض الجنة، المستقر بها سيد الإنس و الجنّة، إمام المتقين، و سيد الشهداء في العالمين، ريحانة رسول اللّه و سبطه و ولده أبي عبد اللّه الحسين ابن سيد العالمين أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب، صلوات اللّه عليهم أجمعين- ممّن رغب في اقتناء العلوم العقلية و النقلية، و الأدبية و الشرعية.
إلي أن قال: فليرو مولانا زين الدين علي بن الخازن- أدام اللّه تعالي بركته- جميع ذلك إن شاء بهذه الطرق و غيرها مما يزيد علي الألف، و الضابط أن يصحّ عنده السند في ذلك- بعد الاحتياط التام- لي و له، و عليه أن يذكرني في حرم السبط الشهيد و حضرته المقدسة مدّة حياتي و بعد وفاتي، و يهدي إليّ دعواته المبرورة في الحضرة المشهورة الحائرية، صلوات اللّه علي مشرفها و سلامه.
و كتب العبد الفقير إلي عفو ربّه و كرمه محمّد بن محمّد (1) بن أبي حامد بن مكّي، بدمشق المحروسة، منتصف نهار الأربعاء المعرب عن ثاني عشر شهر رمضان المبارك عمّت بركته، سنة أربع و ثمانين و سبعمائة (2). انتهي.
و هذه الإجازة طويلة، و قد ذكرها بتمامها الشيخ المجاز له أيضا في إجازته لأبي العباس بن فهد و قال في آخره: إلي هنا انتهي صورة ما حرّره و إجازة ما كتبه، عظّم اللّه أجره، و عوّضه عمّا وصله، بمحمّد و عترته، و المجاز له- علي ابن الحسن الخازن المذكور- قد أجاز للشيخ الفقيه جمال الدين أحمد- المشار إليه- جميع ما أجازه الشيخ شمس الدين محمّد و ذكره، و صورة ما كتبه:
فلينعم مولانا الشيخ جمال الدين أحمد أدام اللّه بركاته، و ليرو جميع ذلك لمن شاء متي شاء بهذه (3) الطرق بالشرائط المعتبرة بين أهل العلم قدس اللّهق.
ص: 295
أرواح السلف و وقّف ما فيه رضاء الخلف، و ليمهد الناظر في ذلك عذري، فإني لست من هذا المقام، و لا دونه و لا قريبا منه (1). إلي آخره.
عن شيخه الشهيد كما عرفت.
الثالث (2): الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المتوّج، المعروف بابن المتوّج البحراني صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها النهاية في تفسير خمسمائة آية (في آيات الأحكام) (3).
و في الرياض في ترجمة والده: فاضل عالم فقيه، جليل أديب شاعر نبيل، و كان من أكابر العلماء و الفقهاء المتأخرين، و هو يعرف أيضا: بابن المتوّج، و الأشهر بهذه الكنية ولده، أعني الشيخ أحمد فخر الدين (4)، انتهي.
و في أول عوالي اللآلي، عند ذكر طرقه بعد ذكر الشيخ الجليل ابن فهد الأحسائي: عن شيخه العلامة خاتمة المجتهدين المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر الدين أحمد (5). إلي آخره.
عن شيخه الأجل فخر المحققين.
الرابع: السيد الأجل الأكمل، الأرشد المؤيّد، العلّامة النحرير، بهاء الدين علي (6) بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن عبد الحميد بن عبد اللّه ابن أحمد بن حسن بن علي بن محمّد بن علي غياث الدين- الذي خرج عليه جماعة من العرب بشط سوراء بالعراق، و حملوا عليه و سلبوه، فمانعهم عن سلب
ص: 296
سراويله فضربه أحدهم فقتله. و كان عالما تقيا- ابن السيد جلال الدين عبد الحميد، الذي يروي عنه محمّد بن جعفر المشهدي في المزار الكبير، و قال فيه:
أخبرني السيد الأجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد اللّه بن أسامة العلوي الحسيني رضي اللّه عنه، في ذي القعدة من سنة ثمانين و خمسمائة قراءة عليه بحلّة الجامعين (1)، ابن عبد اللّه بن أسامة- المتولّي للنقابة بالعراق- ابن أحمد بن علي ابن محمّد بن عمر، الرئيس الجليل الذي ردّ اللّه علي يده الحجر الأسود، لمّا نهبت القرامطة مكّة في سنة ثلاث و عشرين و ثلاثمائة، و أخذوا الحجر، و أتوا به إلي الكوفة، و علّقوه في السارية السابعة من المسجد التي كان ذكرها أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه قال ذات يوم بالكوفة: لا بدّ أن يصلب في هذه السارية (2)، و أومأ إلي السارية السابعة. و القصة طويلة (3). و بني قبّة جده أمير المؤمنين عليه السلام من خالص ماله، ابن يحيي القائم بالكوفة ابن الحسين النقيب الطاهر ابن أبي عانقة أحمد الشاعر المحدث بن أبي علي عمر بن أبي الحسين يحيي- من أصحاب الكاظم عليه السلام، المقتول سنة خمسين و مائتين، الذي حمل رأسه في قوصرة إلي المستعين- بن أبي عبد اللّه الزاهد العابد الحسين الملقب بذي الدمعة، الذي ربّاه الصادق عليه السلام و أورثه علما جمّا، ابن زيد الشهيد بن السجاد عليه السلام النيلي النجفي النسابة.
و هو كما في الرياض: الفقيه الشاعر الماهر، العالم الفاضل الكامل، صاحب المقامات و الكرامات العظيمة، قدس اللّه روحه الشريفة، كان من أفاضل عصره و أعالم دهره، و كذا جدّه السيد عبد الحميد.
قال: و لعل السيد عبد الحميد جدّ هذا السيد، هو السيد جلال الدين0.
ص: 297
عبد الحميد بن عبد اللّه التقي الحسيني النسابة، الذي يروي عنه السيد شمس الدين فخار بن معد بن فخار الموسوي النسابة (1).
و بالجملة، فله مؤلفات شريفة قد أكثر من النقل عنها نقدة الأخبار و سدنة الآثار، أحسنها كتاب الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعية في مجلدات عديدة، قيل انها خمسة، و قد عثرنا بحمد اللّه تعالي علي المجلّد الأول منه، و هو في الأصول الخمسة، و في ظهره فهرست جميع ما في هذه المجلّدات بترتيب بديع، و أسلوب عجيب، بخطّ كاتب الكتاب، و قد سقط من آخر الكتاب أوراق، و تاريخ الفهرست يوم الأحد 17 جمادي الأولي بالمشهد الشريف الغروي سلام اللّه علي مشرفه سنة 777.
و يظهر من قرائن كثيرة أنّها نسخة الأصل، و يظهر من الفهرست أن في هذه المجلدات ما تشتهيه الأنفس من الحكمة الشرعية العلمية و العملية، و أبواب الفقه المحمدي، و الآداب و السنن و الأدعية المستخرجة من القرآن المجيد، و قد صرّح في أوائله أنه أورد علي الكشاف ثمانمائة إيراد، و جمعها في مجلّدين: أحدهما خاص سمّاه: تبيان انحراف صاحب الكشاف، و الآخر عام سمّاه: النكت اللطاف الواردة علي صاحب الكشاف.
و من بديع ما صنعه في هذا الكتاب ما ذكره في أوّله قال: دقيقة لطيفة عجيبة نشير إليها ليطلع الناظر فيه عليها، و هي أن جميع الآيات المذكورة في كتابنا هذا عدا ما شذّ عن النظر منها، إن شئت قرأت الآيات المذكورة في الكتاب بانفرادها من غير توقّف علي شي ء مما هو مذكور من الكلام في أثنائها، و إن شئت قرأت الكلام بانفراده- كما بيّنا- تجده كما قلنا، و إن شئت فامزج الآيات و الكلام تجد المعني علي النظام.4.
ص: 298
و من طرائفه ما ذكره في أبواب معاجز النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: و أنا أقول: أقسم باللّه ربي، لقد كنت في أثناء كتابتي لهذه الفضائل العظيمة، و جمعي لهذه المعجزات الكريمة، عرض لي عارض لم أطق معه حمل رأسي، فكنت إذا رفعته صرعني، و إذا قمت أقعدني، و ضاق صدري، و خفت أن أغلب علي إتمام ما أنا بصدده، فألهمت أن قلت: اللهم بحق محمّد عبدك و نبيك صاحب هذه الفضائل، و بحقّ آله المعصومين، صلّ عليهم أجمعين، و اصرف عنّي ما بي من هذه العلّة. فو اللّه العظيم لم يستتم كلامي حتي ذهب ذلك العارض كأنّه لم يكن، و قمت (كأنّما نشطت من عقال).
و من عجيب ما أدرجه فيه في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة قال: حكاية عجيبة حكاها والدي رحمه اللّه و وافقه عليها جماعة من أصحابنا، أن رجلا كان يقال له: محمّد بن أبي أذينة، كان تولّي مسبحة قرية لنا تسمي قرية نيلة، انقطع يوما في بيته فاستحضروه فلم يتمكن من الحضور، فسألوه عن السبب فكشف لهم عن بدنه، فإذا هو إلي وسطه ما عدا جانبي وركيه إلي طرفي ركبته محرق بالنار، و قد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار، فقالوا له: متي حصل لك ذلك؟.
قال: اعلموا أنّي رأيت في نومي كأن الساعة قد قامت، و الناس في حرج عظيم، و أكثرهم يساق إلي النار، و الأقل إلي الجنة، فكنت مع من سيق إلي الجنّة، فانتهي بنا المسير إلي قنطرة عظيمة في العرض و الطول فقيل: «هذا الصراط» فسرنا عليها، فإذا هي كلّ ما سلكنا فيها قل عرضها، و بعد طولها، فلم نبرح كذلك و نحن نسري عليها، حتي عادت كحدّ السيف، و إذا تحتها واد عظيم أوسع ما يكون من الأودية تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال، و الناس ما بين ناج و ساقط، فلم أزل أميل من جهة إلي أخري حتي انتهيت إلي قريب من آخر القنطرة، فلم أتمالك حتي سقطت من عليها،
ص: 299
فخضت في تلك النار حتي انتهيت إلي الجرف، فجعلت كلّما نتشبث به لم يتماسك منه شي ء في يدي، و النار تحدرني بقوّة جريانها، و أنا أستغيث، و قد انذهلت و طار عقلي، و ذهب لبّي، فألهمت فقلت: يا علي بن أبي طالب، فنظرت فإذا رجل واقف علي شفير الوادي، فوقع في روعي أنه الإمام علي عليه السلام فقلت: يا سيدي يا أمير المؤمنين. فقال: هات يدك، فمددت يدي، فقبض عليها و جذبني و ألقاني علي الجرف، ثم أماط النار عن وركي بيده الشريفة، فانتبهت مرعوبا، و أنا كما ترون.
فإذا هو لم يسلم من النار إلّا ما مسّه الإمام عليه السلام، ثم مكث في منزله ثلاث أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتي بري ء، و كان بعد ذلك قلّ أن يذكر هذه الحكاية لأحد إلّا أصابته الحمي.
و أعجب من ذلك ما ذكره في البحث الأول من الباب الخامس، في بيان حقيقة النفس و بقائها بعد الموت و تجردها- بعد ذكر نبذة من الأدلّة العقلية و النقلية ما لفظه-: و يعضد صحّة هذا الخبر ما حكي لي أحد مشايخي عن شيخه، أنّه حكي له أحد طلبة العلم من العجم، أنه مات شخص من الأعاجم، و خرج الناس يصلّون عليه، و خرج معهم، فكشف له عن بصيرته فرأي مثالا علي قدر النعش من أوّله إلي آخره مرتفعا عنه يسير بسيرة لا يفارقه، و هو يقول:
سألها جام جم به دست تو بود جون تو نشناختي كسي چه كند
برده بودي مرادت (1) أمده بود جون تو كج بأختي كسي چه كند
معناه: إن قدح الملك كان بيدك مدّة، لكن أنت ما عرفته، فما حيلة الغير؟ و قد كنت قاربت أن تغلب و تفوز بالغلبة، لكنك أفسدت ذلك بسوءه.
ص: 300
تدبيرك، فما حيلة الغير (1)؟ انتهي.
و قال رحمه اللّه في ضمن أحوال الحجة عليه السلام، بعد نقل خبر علي ابن إبراهيم بن مهزيار و لقائه الإمام عليه السلام بقرب الطائف، ما لفظه: و أمّا الحمرة التي ذكرها صلّي اللّه عليه و علي آبائه الطاهرين، فقد ظهر ليلة الاثنين خامس جمادي الأولي سنة اثنتين و سبعين و سبعمائة بعد العشاء الآخرة حمرة عظيمة أضاءت لها أقطار السماء، و كان خروجها من المغرب، و انتشرت حتي ملكت نصف الأفق، و شاهدها كثير من الناس بالمشهد الشريف الغروي سلام اللّه علي مشرّفه.
و حكي لي الشيخ الصالح حسن بن عبد اللّه أنّه كان تلك الليلة بعذار زبيد (2) فلمّا ظهرت هذه الحمرة، و علا صوتها، توهم أهل العذار أنّ ذلك حريق عظيم وقع في بعض جمايعهم، فقاموا فزعين يتعرّفون ذلك، فشاهدوا الحمرة و فيها أعمدة بيض، عدّها جماعة منهم فكانت خمسة و عشرين عمودا، و للّه عاقبة الأمور (3).
هذا، و يروي هذا السيد الجليل الهمام عن أربعة من المشايخ العظام:
الرابع: تاج الشريعة، و فخر الشيعة، شمس الملة و الدين، أبو عبد اللّه محمّد ابن الشيخ جمال الدين مكّي ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن حامد ابن أحمد النبطي العاملي الجزيني، أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيذ، جامع فنون الفضائل، و حاوي صنوف المعالي، و صاحب النفس الزكية القدسيّة القوية، التي ينبئ عنها ما ذكره السيد الجليل السيد حسين القزويني- المتقدم ذكره في مشايخ بحر العلوم (1) - في مقدمات شرحه علي الشرائع قال: وجدت بخط الشيخ السيد السعيد صاحب حدائق الأبرار، من أحفاد الشارح الفاضل الشهيد الثاني، قال: وجدت بخط الشيخ ناصر البويهي، و هو من الفقهاء المتبحرين، و العلماء المتقين، ما هذا لفظه: إنه رأي في منامه كأنّه في قرية جزين، التي هي قرية الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي الشهير بالشهيد الأول، في سنة خمس و خمسين و تسعمائة، قال: ذهبت إلي باب بيت الشيخ الشهيد فطرقته فخرج الشيخ إليّ، فطلبت منه الكتاب الذي صنفه الشيخ جمال الدين بن المطهر في الاجتهاد، فدخل بيته و أتاني بالكتاب و معه كتاب آخر- و أظنّه في الروايات- فناولنيهما و استيقظت و هما معي (2) انتهي.
ولد رحمه اللّه سنة (734) أربع و ثلاثين و سبعمائة و استشهد في سنة 786 (3)، فكان عمره الشريف اثنتين و خمسين سنة.
و صرّح في أربعينه، أن فخر المحققين أجازه في داره بالحلة سنة 751 (4)، و كذا السيد عميد الدين في الحضرة (5) الحائرية، و ابن نما بعد هذا التاريخ (6)
ص: 302
بسنة، و كذا ابن معيّة بعده (1) بسنة، و المطارآبادي بعده (2) بسنة، فعلم أنه (رحمه اللّه) ارتحل إلي العراق و تلمّذ علي تلامذة العلامة رحمه اللّه أوائل بلوغه، و هم جماعة كثيرة نشير إلي أساميهم الشريفة.
و قال (رحمه اللّه) في إجازته لابن الخازن: و أمّا مصنفات العامة و مرويّاتهم، فإنّي أروي عن نحو من أربعين شيخا من علمائهم، بمكة و المدينة و دار السلام بغداد و مصر و دمشق و بيت المقدس و مقام الخليل إبراهيم عليه السلام (3).
و من تأمل في مدّة عمره الشريف، و مسافرته إلي تلك البلاد، و تصانيفه الرائقة في الفنون الشرعية، و إنظاره الدقيقة، و تبحّره في الفنون العربية و الأشعار و القصص النافعة- كما يظهر من مجاميعه- يعلم أنه من الذين اختارهم اللّه تعالي لتكميل عباده و عمارة بلاده، و أن كلّ ما قيل أو يقال في حقّه فهو دون مقامه و مرتبته.
قال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين عيسي: و مرويّات شيخنا الشيخ الإمام شيخ الإسلام علامة المتقدمين، و رئيس المتأخرين، حلّال المشكلات، و كشّاف المعضلات، صاحب التحقيقات الفائقة و التدقيقات الرائقة، حبر العلماء، و علم الفقهاء، شمس الملة و الحق و الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن مكي الملقب بالشهيد، رفع اللّه درجته في عليين، و حشره في زمرة أئمته الطاهرين [صلوات اللّه عليهم أجمعين] (4) ثم ساق سنده إليه و قال: و لنا إلي شيخنا هذا عدّة أسانيد أخر، و لنا به مزيد اختصاص، لأنّه شيخر.
ص: 303
أسلافنا، و اختصاصهم به أمر مشهور، إلّا أنّ هذا الإسناد أجلّها (1).
و قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة: و أمّا مصنفات شيخنا الإمام الأعظم، محيي ما درس من سنن المرسلين، و محقق حقائق الأولين و الآخرين، الإمام السعيد أبي عبد اللّه الشهيد (2).
و في أول المقابيس: و منها الشهيد الشيخ الهمام، قدوة الأنام و فريدة الأيام، علامة العلماء العظام، مفتي طوائف الإسلام، ملاذ الفضلاء الكرام، خرّيت طريق التحقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق، مهذّب مسائل الدين الوثيق، مقرّب مقاصد الشريعة من كلّ فج عميق، السارح في مسارح العرفاء و المتألّهين، العارج إلي أعلا مراتب العلماء الفقهاء المتبحرين، و أقصي منازل الشهداء السعداء المنتجبين (3). إلي آخره.
و قوله (رحمه اللّه): و أقصي منازل الشهداء، إشارة إلي كيفيّة شهادته، و أنه (رحمه اللّه) قتل بأفظع أقسام القتل و أشدّه، و أحرقه لقلوب المؤمنين.
قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) في البحار: وجدت في بعض المواضع ما هذه صورته: قال السيد عزّ الدين بن حمزة بن محسن الحسيني رحمه اللّه وجدت بخطّ شيخنا المرحوم المغفور، العالم العابد، أبي عبد اللّه المقداد السيوري ما هذا صورته: كانت وفاة شيخنا الأعظم، الشهيد الأكرم- أعني شمس الدين محمّد بن مكّي قدّس في حظيرة القدس سرّه- تاسع عشر (4) جمادي الأولي سنة ست و ثمانين و سبعمائة، قتل بالسيف، ثم صلب، ثم رجم، ثم أحرق ببلدة دمشق، لعن اللّه الفاعلين لذلك، و الراضين به، في دولة بيدمري.
ص: 304
و سلطنة برقوق، بفتوي المالكي يسمي: برهان الدين، و عباد بن جماعة الشافعي، و تعصّب عليه في ذلك جماعة كثيرة بعد أن حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة.
و كان سبب حبسه أن وشي به تقي الدين (الجبلي أو) (1) الخيامي بعد ظهور أمارة الارتداد منه، و أنّه كان عاملا. ثم بعد وفاة هذا الواشي (2) قام علي طريقته شخص اسمه يوسف بن يحيي و ارتدّ عن مذهب الإمامية، و كتب محضرا شنّع فيه علي الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي ما قالته الشيعة و معتقداتهم، و أنّه كان أفتي بها الشيخ ابن مكي، و كتب في ذلك المحضر سبعون نفسا من أهل الجبل ممّن يقول بالإمامة و التشيّع، و ارتدوا عن ذلك، و كتبوا خطوطهم تعصبّا مع يوسف بن يحيي في هذا الشأن، و كتب في هذا ما يزيد علي ألف من أهل السواحل من المتسنّين، و أثبتوا ذلك عند قاضي بيروت- و قيل: قاضي صيدا- و أتوا بالمحضر إلي القاضي ابن جماعة لعنه اللّه بدمشق فنفذه إلي القاضي المالكي و قال له: تحكم فيه بمذهبك و إلّا عزلتك.
فجمع الملك بيدمر الأمراء و القضاة و الشيوخ لعنهم اللّه جميعا، و أحضروا الشيخ رحمه اللّه و أحضروا المحضر و قرئ عليه فأنكر ذلك، و ذكر أنّه غير معتقد له- مراعيا للتقية الواجبة- فلم يقبل ذلك منه، و قيل له:
قد ثبت ذلك شرعا، و لا ينتقض حكم القاضي.
فقال الشيخ للقاضي ابن جماعة: إني شافعي المذهب، و أنت إمام المذهب و قاضيه، فاحكم في بمذهبك. و إنّما قال الشيخ ذلك لأن الشافعي يجوّز توبة المرتد عنده.).
ص: 305
فقال ابن جماعة: علي مذهبي يجب حبسك سنة كاملة، ثم استتابتك، أمّا الحبس فقد حبست، و لكن أنت استغفر اللّه حتي أحكم بإسلامك. فقال الشيخ: ما فعلت ما يوجب الاستغفار، خوفا من أن يستغفر فيثبت عليه الذنب. فاستغلظه ابن جماعة لعنه اللّه و أكّد عليه، فأبي عن الاستغفار، فسارّه ساعة ثم قال: استغفرت، فثبت الذنب.
ثم قال- للمالكي- (1): الآن ما عاد الحكم إليّ، غدرا (2) منه و عنادا لأهل البيت عليهم السلام. ثم قال عباد: الحكم عاد إلي المالكي.
فقام المالكي و توضأ و صلّي ركعتين ثم قال: حكمت بإهراق دمك، فألبسوه اللباس، و فعل به ما قلناه من القتل و الصلب و الرجم و الإحراق، و ساعد في إحراقه شخص يقال له: محمّد بن الترمذي (3)، و كان تاجرا فاجرا، لعنة اللّه عليهم أجمعين (4). انتهي.
قال المجلسي (رحمه اللّه): وجد بخطّ ولد الشيخ الشهيد علي، إجازة والده الشهيد للشيخ ابن الخازن الحائري، التي كانت بخطّ أبيه. الشهيد المجيز المذكور، ما هذه صورته: استشهد والدي الإمام العلامة كاتب الخط الشريف شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن مكي بن محمّد بن حامد، شهيدا حريقا بعده بالنار، يوم الخميس تاسع جمادي الأولي، سنة ست و ثمانين و سبعمائة، و كلّ ذلك فعل برحبة قلعة دمشق (5). انتهي.
و اعلم أنه (رحمه اللّه) أوّل من لقب بالشهيد، و أوّل من هذّب كتاب6.
ص: 306
الفقه عن نقل أقاويل المخالفين، و ذكر آراء المبدعين، و قد أكمل اللّه تعالي له النعمة، و جعل العلم و الفضل و التقوي فيه و في ولده و أهل بيته.
أمّا زوجته ففي الأمل: أم علي زوجة الشيخ الشهيد كانت فاضلة، تقيّة، فقيهة، عابدة، و كان الشهيد (رحمه اللّه) يثني عليها، و يأمر النساء بالرجوع إليها (1).
و أمّا ولده: فمن الذكور:
الشيخ رضي الدين أبو طالب محمّد.
و الشيخ ضياء الدين أبو القاسم- أو أبو الحسن- علي، و قد مرّ (2) ذكرهما، و أنّهما من الفقهاء المشايخ الأجلاء.
و الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن. في الأمل: فاضل محقق فقيه، يروي عن أبيه. و قد أجاز له، و لأخيه رضي الدين أبي طالب محمّد، و لأخيه ضياء الدين أبي القاسم علي (3).
و من أحفاد الشيخ ضياء الدين الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق بن مكّي بن عبد الرزاق بن ضياء الدين علي.
في الرياض: هو من أجلّة أحفاد شيخنا الشهيد قدس سره فاضل عالم، فقيه متكلّم، محقق مدقق، جامع للعلوم العقلية و النقلية و الأدبية و الرياضية، و كان معاصرا للشيخ (البهائي و هو) (4) قد سكن بشيراز مدة طويلة، و قد نقل أنه لمّا ألّف البهائي كتاب الحبل المتين أرسله إليه بشيراز ليطالع فيه و يستحسنه، و كان البهائي يعتقده و يمدحه، و بعد ما طالعة كتب عليه التعليقات، و حواشير.
ص: 307
و تحقيقات، بل مؤاخذات أيضا.
و لهذا الشيخ أولاد و أحفاد، و هم إلي الآن موجودون يسكنون في بلدة طهران، و منهم الشيخ خير الدين المعاصر لنا، و هو أيضا رجل مؤمن صالح فاضل خير لا بأس به.
و بالجملة سلسلته خلف عن سلف كانوا أهل الخير و البركة اسما و رسما، و له من المؤلفات كتب في الفقه و الرياضي، و غيرهما (1). انتهي.
و من الإناث: أم الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ، في الأمل: إنّها قد كانت عالمة فاضلة فقيهة، صالحة عابدة، سمعت من المشايخ مدحها و الثناء عليها، تروي عن أبيها و عن ابن معية شيخ والدها- إجازة- و كان أبوها يثني عليها، و يأمر النساء بالاقتداء بها و الرجوع إليها في أحكام الحيض و الصلاة و نحوها (2). انتهي.
قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة: و رأيت خطّ هذا السيّد المعظم- يعني تاج الدين بن معيّة- بالإجازة لشيخنا الشهيد شمس الدين محمّد بن مكّي، و لولديه محمّد و علي، و لأختهما أم الحسن فاطمة المدعوّة بست المشايخ (3).
هذا، و أمّا والده، فقال المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم في إجازته الكبيرة:
و وجدت بخطّ شيخنا الشهيد في آخر الإجازة السابقة، تحت خط شيخ محمّد ابن صالح كاتبها، ما هذا لفظه: أروي جميع هذه عن الشيخ العلامة الأديب، رضي الحق و الدين، أبي الحسن علي ابن المرحوم المغفور العالم الشيخ السعيد جمال الدين أحمد الحلي المعروف: بابن المزيدي، عن المجيز المرحوم بلا2.
ص: 308
واسطة. فقد أجزت روايتها و رواية جميع ما صنّفته و ألّفته و رويته لأولادي الثلاثة: رضي الدين أبي طالب محمّد، و ضياء الدين أبي القاسم علي، و جمال الدين أبي منصور الحسن، أسأل اللّه جلّ جلاله أن يصلّي علي محمّد و آل محمّد، و أن يبلغني فيهم أملي من كلّ خير، و أن يجعلهم أولياء للّه مطيعين له، و أن يجعل لهم ذرية صالحة عالمين عاملين، انه أرحم الراحمين.
و قد كان والدي جمال الدين أبو محمّد مكي رحمه اللّه من تلامذة المجاز له الشيخ العلامة الفاضل نجم الدين طومان، و المترددين إليه إلي حين سفره إلي الحجاز الشريف، و وفاته بطيبة في نحو سنة ثمان و عشرين و سبعمائة أو ما قاربها، رحمة اللّه عليهم أجمعين، انتهي (1).
و مما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام، أن كتابه الشريف المسمّي بالدروس غير تام، لا يوجد فيه من أبواب الفقه: الضمان، العارية، الوديعة، المضاربة، الإجارة، الوكالة، السبق و الرماية، النكاح، الطلاق، الخلع، المبارأة، الإيلاء، الظهار، العهد، الحدود، القصاص، الديات. و نهض لإكماله و إتمامه العالم الجليل السيد جعفر الملحوس، و ذكر في آخره: أنه لما رآه حسرة بين العلماء ندبت نفسي علي قلّة البضاعة و عدم الفراغ و كؤد الزمان وجور أهله، أطمعت نفسي في إكماله، فنفذ ما أطمعت نفسي فيه. إلي أن ذكر بعض الوصايا لولده.
منها: عليك- يا بني- بإجلال العلماء العاملين الذين لم يتخذوا العلم بضاعة للدنيا، الذين شروا أنفسهم للّه، الذين مدحهم اللّه في محكم كتابه بقوله سبحانه وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا وَ إِنَّ اللّٰهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (2).9.
ص: 309
و تدبّر ما قلت لك، و تحفظ عني ما أوصيتك به هنا، و في كتابنا الموسوم بالمنتخب، تكن من الفائزين، فهناك قد بسطت لك قولي فيما أردتك به.
إلي أن قال: و وافق الفراغ من جمعه و كتابته آخر نهار العصر، سادس عشرين شهر رجب الأصبّ المبارك سنة ست و ثلاثين و ثمانمائة هجرية نبويّة، علي يد العبد الضعيف جعفر بن أحمد الملحوس الحسني (1) انتهي.
و هذا الكتاب الشريف موجود الآن في مدرسة فاضل خان المتصلة بالحرم الشريف الرضوي علي مشرّفه السلام، و لم أجد للسيد المذكور ترجمة فيما عندي من تراجم العلماء، إلّا أنّه يظهر من هذا الكتاب علوّ فهمه، و تبحّره و استقامته.
و في آخر بلدة الحلّة صحن وسيع و قبّة عالية تعرف هناك بقبّة الشيخ منتجب الدين يحيي بن سعيد ابن عمّ المحقق.
و يقال: في القبّة المذكورة قبر سيف الدولة ابن دبيس ممصرّ الحلّة، و ليس لهما أثر محرّر أو صخرة أو تاريخ، و علي الصخرة الكاشي المثبتة علي باب القبة منقوش بخط قديم: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لٰا يَعْلَمُونَ إِنَّمٰا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبٰابِ (2). هذا قبر العالم العامل الفاضل الكامل قدوة العارفين، و عمدة العاملين، سرّ علوم أهل البيت، المنزّه في فتواه عن عسي و لعل و ليت، مشيّد قواعد الإرشاد، و ممهد شرائع السداد، مالك أزمّة الفضل بتقريره، و سالك مسالك العدل بتهذيبه و تحريره، جامع ما تفرق من الأوصاف، حاوي ما تعجز عن شرح منهاجه ألسن الوصّاف، تذكرة الفقهاء، و تبصرة العلماء، و لمعة يستغني بها لاقتباس العلوم، و ذكري يتوصّل بها إلي إثبات كلّ منطوق و مفهوم، كاشف مشكلات الدروس، شمس الملة و الحق9.
ص: 310
و الدنيا و الدين، السيد محمّد جلال الدين بن جعفر ملحوس، أسكنه اللّه فسيح الجنان، و جاد علي ذلك الوجه الجميل بالعارض الهتان. انتهي.
فهو ابن صاحب التكملة، و لعلّه مدفون مع والده، و اللّه العالم.
تنبيه: عدّ المجلسي من جملة كتب الشهيد كتاب الاستدراك، في الفصل الأول من أول بحاره (1).
و قال في الفصل الثاني: و مؤلّفات الشهيد مشهورة كمؤلّفها العلامة، إلّا كتاب الاستدراك، فانّي لم أظفر بأصل الكتاب، و وجدت أخبارا مأخوذة منه بخطّ الشيخ الفاضل محمّد بن علي الجبعي، و ذكر أنّه نقلها من خطّ الشهيد رفع اللّه درجته (2) انتهي.
و هذه غفلة عجيبة منه، فإن الشهيد ينقل عن الاستدراك في المأخذ الذي ذكره و وصل إلينا بحمد اللّه تعالي، و صرّح بأنّه من القدماء.
قال في موضع من تلك المجموعة: هذه من دعوات مولانا الإمام أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام في دخلاته علي المنصور، و قد ذكر صاحب الاستدراك منها ثلاثا و عشرين، و هو يروي عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه و طبقته، و عن جماعة بمصر و خراسان (3). انتهي، فعدّ الاستدراك من كتبه سهو ظاهر.
و اعلم أن طرق إجازات علمائنا علي كثرتها و تشتّتها تنتهي إلي هذا الشيخ العظيم الشأن، و لم أعثر علي طريق لا تمرّ عليه إلّا علي قليل أشار إليها صاحب المعالم في إجازته (4).1.
ص: 311
و يروي قدس اللّه سره: عن جم غفير من حفّاظ الدين، و حرّاس الشرع المبين، جلّهم من تلامذة آية اللّه في العالمين (1).
أولهم: السيد الجليل العالم النسابة، تاج الدين أبو عبد اللّه محمّد ابن السيد جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن أحمد بن المحسن بن الحسين بن محمّد بن الحسين القصري ابن أبي الطيب محمّد بن الحسين القيومي ابن أبي القاسم علي ابن أبي عبد اللّه الحسين الخطيب بالكوفة ابن أبي القاسم علي- المعروف بابن معيّة- بن الحسن (بن الحسن) (2) بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثني ابن الإمام السبط أبي محمّد الحسن عليه السلام، العلوي الحسني الديباجي.
قال الشهيد (رحمه اللّه) في مجموعته: مات السيد المذكور ثامن ربيع الآخر سنة ستّ و سبعين و سبعمائة بالحلة، و حمل إلي مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام.
قال (رحمه اللّه): قد أجاز لي هذا السيد مرارا، و أجاز لولديّ أبي طالب محمّد و أبي القاسم علي، في سنة ست و سبعين و سبعمائة قبل موته، و خطّه عندي شاهدا (3). انتهي.
و هذا السيد جليل القدر، عظيم الشأن، واسع الرواية، كثير المشايخ.
قال تلميذه في كتاب عمدة الطالب، في ترجمة والده: و له ابنان أحدهما:
زكي الدين مات عن بنت و انقرض، و الآخر: شيخي المولي السيد العالم، الفاضل الفقيه، الحاسب النسابة، المصنّف، اليه انتهي علم النسب في زمانه،
ص: 312
و له الإسناد العالية و السماعات الشريفة. إلي آخر ما قال (1).
و في الأمل: فاضل عالم، جليل القدر، شاعر أديب، يروي عنه الشهيد، و ذكر في بعض إجازاته أنه أعجوبة الزمان في جميع الفضائل و المآثر (2).
انتهي.
قال الشهيد في مجموعته- التي كلّها بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي-:
قال القاضي تاج الدين: لمّا أذن لي والدي بالفتياء ناولني رقعة، قال: اكتب عليها، فلمّا أمسكت القلم قبض علي يدي و قال: أمسك فإنّك لا تدري أين يؤدّيك قلمك، ثم قال: هكذا فعل معي شيخي لمّا أذن لي، و قال لي شيخي:
هكذا فعل معي شيخي (3).
و من كلام القاضي تاج الدين دام ظلّه: إن القول في الدين، و الإقدام علي مخالفة ما استقرت عليه فتوي الأكثرين ليس بإلهين، إنّما هي دماء تسفك و تسفح، و أعراض تهتك و تفضح، و فروج تحلّل و تفتح، و صدور تضيق أو تشرح، و قلوب تكسر أو تجبر أو تفسح، و أموال تباذل بها و تسمح، و نظام وجود يفسد أو يصلح، و أمانات تنزع أو تودع، و مقادير ترفع أو توضع، و أعمال تشهد علي اللّه أنّها صالحة أو طالحة، و كرة يحكم بأنها خاسرة أو رابحة، و إن ذلك في الحقيقة منسوب إلي اللّه، إليه يعزوه، و عنه يقوله، و علي نفسه ينادي بأنّه الشرع الذي جاء به عن اللّه و رسوله صلّي اللّه عليه و آله (4). انتهي.
و قد مرّ في أول هذه الفائدة (5)، إنّ المحقق صاحب المعالم قال في إجازته2.
ص: 313
الكبيرة: إن السيد الأجل، العلامة النسابة، تاج الدين أبا عبد اللّه محمّد بن السيد أبي القاسم بن معيّة الديباجي الحسني، يروي عن جمّ غفير من علمائنا الذين كانوا في عصره، و أسماؤهم مسطورة بخطّه في إجازته لشيخنا الشهيد الأول و هي عندي (1). ثم أوردها، و هم ثلاثون من أعاظم العلماء كما عرفت، إلّا أنّا عثرنا علي إسناد له عال إلي الإمام العسكري عليه السلام و هو من خصائصه.
ففي المجموعة المتقدمة قال الشيخ الجباعي: قال السيد تاج الدين محمّد ابن معيّة الحسني- أحسن اللّه إليه- حدثني والدي القاسم بن الحسين بن معيّة الحسني- تجاوز اللّه عن سيئاته- إن المعمّر بن غوث السنبسي ورد إلي الحلة مرتين: إحداهما قديمة لا أحقّق تاريخها، و الأخري قبل فتح بغداد بسنتين.
قال والدي: و كنت حينئذ ابن ثمان سنوات، و نزل علي الفقيه مفيد بن جهم، و تردّد إليه الناس، و زاره خالي السعيد تاج الدين بن معيّة و أنا معه طفل ابن ثمان سنوات، و رأيته و كان شيخا طوالا من الرجال يعدّ في الكهول، و كان ذراعه كأنّه الخشبة الملحدة، و يركب الخيل العتاق، و أقام أياما بالحلة، و كان يحكي أنه كان أحد غلمان الإمام أبي محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، و أنه شاهد ولادة القائم عليه السلام.
قال والدي رحمه اللّه: و سمعت الشيخ مفيد الدين بن جهم يحكي بعد مفارقته و سفره عن الحلة أنه قال: أخبرنا بشي ء لا يمكننا الآن إشاعته، و كانوا يقولون أنه أخبره بزوال ملك بني العباس، فلمّا مضي لذلك سنتان أو ما يقاربهما أخذت بغداد، و قتل المستعصم، و انقرض ملك بني العباس، فسبحان من له الدوام و البقاء.8.
ص: 314
و كتب ذلك محمّد بن علي الجباعي، من خطّ السيد تاج الدين، يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع و خمسين و ثمانمائة (1).
و نقل الجباعي من خطّ السيد خبرين بهذا الإسناد:
أحدهما: بالإسناد عن المعمّر بن غوث السنبسي، عن أبي الحسن الراعي، عن نوفل السلمي قال: سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يقول:
إن اللّه خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته، و هم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن (2).
و الثاني: بالإسناد عنه، عن الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، أنه قال: أحسن ظنّك و لو بحجر يطرح اللّه شرّه فيه فتتناول حظّك منه، فقلت: أيّدك اللّه، حتي بحجر؟ قال: أ فلا تري الحجر الأسود (3)؟
انتهي.
قال ابن أبي جمهور في أوائل عوالي اللآلي: و حدثني المولي العالم الواعظ وجيه الدين عبد اللّه ابن المولي علاء الدين فتح اللّه بن عبد الملك بن فتحان الواعظ- القمي الأصل القاشاني المسكن- عن جدّه عبد الملك، عن الشيخ الكامل العلامة خاتمة المجتهدين أبي العباس احمد بن فهد قال: حدثني المولي السيد العلامة أبو العز جلال الدين عبد اللّه بن سعيد المرحوم شرف شاه الحسيني (رضي اللّه عنه) قال: حدثني شيخي الإمام العلامة مولانا نصير الدين علي بن محمّد القاشاني قدس اللّه نفسه قال: حدثني السيد جلال الدين بن دار الصخر قال: حدثني الشيخ الفقيه نجم الدين أبو القاسم بن سعيد قال:
حدثني الشيخ الفقيه مفيد الدين محمّد بن الجهم قال: حدثني المعمر السنبسيا.
ص: 315
قال: سمعت من مولاي أبي محمّد الحسن العسكري عليه و علي آبائه و ولده أفضل الصلاة و السلام يقول: أحسن ظنّك. إلي آخره، و فيه: يطرح اللّه فيه سرّه- بالسين المهملة (1) -.
و لا يخفي أن رواية مثل المحقق هذا الخبر بهذا السند من الشواهد الجزميّة علي صحّة الحكاية المذكورة، و العجب أن السيد المحدث السيد نعمة اللّه الجزائري في شرحه (2) علي العوالي أشار إلي المتن و لم يلتفت إلي سنده، و أن ابن جهم الفقيه كيف يروي عن الإمام العسكري عليه السلام بواسطة واحدة و بينهما قريب من أربعمائة سنة: فهو إما مرسل يبعّده قوله: حدثني و سمعت، أو مشتمل علي أمر غريب لا بدّ من الإشارة إليه، و قد أوضحناه بحمد اللّه تعالي.
و اعلم أنّ الشهيد (رحمه اللّه) يشارك شيخه هذا في الرواية عن كثير من مشايخه، فإنّهما متقاربا العصر، إذ بين وفاتيهما عشر سنين، فلذا أعرضنا عن ذكرهم و طرقهم حذرا من التكرار، و بقي جمع لم نعثر علي رواية الشهيد عنهم، فلا بد من الإشارة إلي بعضهم:
الأول: العالم الجليل السيد علم الدين المرتضي علي ابن السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد ابن السيد النسابة شيخ الشرف فخار بن معد ابن فخار بن أحمد بن محمّد بن أبي الغنائم محمّد بن الحسين بن محمّد الحائري ابن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن الإمام موسي بن جعفر عليهما السلام.
قال صاحب عمدة الطالب- في ذكر أبي الغنائم محمّد-: فمن عقب أبي
ص: 316
الغنائم: آل شتي، و آل فخار، منهم شيخنا علم الدين المرتضي علي ابن شيخنا جلال الدين عبد الحميد بن شيخنا شمس الدين فخار بن معد (1).
إلي آخره.
و السيد تاج الدين لم يعبر عن أحد مشايخه الذين ذكر أساميهم بقوله:
شيخي، إلّا هذا السيد فقال: و شيخي السعيد المرحوم علم الدين المرتضي علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي. و منه يعلم مزيد اختصاصه به و أخذه عنه.
و في الأمل- بعد الترجمة-: فاضل فقيه، يروي ابن معيّة، عنه [عن أبيه] (2) عن جده فخّار. له كتاب الأنوار المضيئة في أحوال المهدي عليه السلام (3)، انتهي.
و فيه و هم من جهتين، فإنّ الأنوار المضيئة (4) - كما مرّ- لسميّه النيلي المتأخّر عنه و ليس في أحوال المهدي عليه السلام و إن ذكر حاله فيه.
و لصاحب الرياض و الروضات (5) هنا أوهام و اختلاط لم نر فائدة في التعرّض لها.
عن والده السيد النسابة. و زين مسند النقابة، جلال الدين عبد الحميد.
في الأمل: كان فاضلا محدّثا راويا عن تلامذة ابن شهرآشوب، عنه.
له كتاب ينقل عنه الحسن بن سليمان بن خالد الحلّي في مختصر البصائر (6)،
ص: 317
انتهي.
و فيه أوهام:
الأول: إنه لا يروي عن تلامذة السروي، و هو ظاهر لمن عرف طبقاتهم.
الثاني: أن الحسن بن سليمان لم يذكر له كتابا، و إنّما قال في المختصر هكذا: و ممّا رواه لي و رويته عنه (1). إلي آخره. و هو أعمّ من نقله عن كتابه أو جعله شيخا لإجازة الرواية عن كتب من تقدم عليه.
الثالث: أن المذكور في المختصر هكذا: و مما رواه لي، و رويته عن السيد الجليل السعيد بهاء الدين علي بن السيد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني (2). إلي آخره. و أنت خبير بأن المراد منه السيد علي صاحب الأنوار المضيئة، الذي يروي عن الشهيد، الراوي عن السيد تاج الدين، الراوي (عن السيد علي الراوي) (3) عن أبيه عبد الحميد. فكيف يروي عنه صاحب المختصر و هو متأخر عنه بطبقات؟
الرابع: أن الموجود في المختصر الابن لا الأب، فلا ربط له بالترجمة.
عن والده الأرشد الأسعد فخار بن معد، الآتي في مشايخ المحقق الحلي (رحمه اللّه) (4).
الثاني: ظهير الدين محمّد بن فخر المحققين(5)
في الأمل: كان
ص: 318
فاضلا فقيها وجيها، يروي عنه ابن معيّة، و يروي عن أبيه، عن جدّه العلامة (1).
الثالث: السيّد السعيد مجد الدين محمّد بن علي الأعرج الحسيني(2)
العالم الفاضل الفقيه، والد السيدين الجليلين: ضياء الدين عبد اللّه، و عميد الدين عبد المطلب. يروي عن العلامة (رحمه اللّه).
في الأمل: كان فاضلا صدوقا (3).
و في الرياض: رأيت بخطّ ابن داود علي آخر نسخة من كتاب الفصيح المنظوم لثعلب، نظم ابن أبي الحديد المعتزلي، بهذه العبارة: بلغت المعارضة بخطّ المصنّف مع مولانا النقيب الطاهر العلّامة مالك الرق رضي الملّة و الحق و الدين، جلال الإسلام و المسلمين، أبي القاسم علي ابن مولانا الطاهر السعيد الإمام غياث الحق و الدين عبد الكريم ابن الطاوس العلوي الحسني، عزّ نصره، و زيدت فضائله.
كتبه مملوكه حقّا حسن بن علي بن داود- غفر اللّه له- في ثالث عشر من شهر رمضان المبارك من سنة إحدي و سبعمائة حامدا مصليا مستغفرا (4).
1- عن السيد عبد الحميد (5) بن فخار، المتقدم (6) - ذكره.
ص: 319
قال في الرياض: رأيت علي ظهر نسخة من كتاب المجدي في أنساب الطالبيين، تأليف الشريف أبي الحسن علي بن محمّد بن علي العلوي (1) العمري النسابة، صورة إجازة من السيد عبد الحميد بن فخار الموسوي لوالد هذا السيد، أعني عبد الكريم- المذكور- و له أيضا، و هذه صورتها: قرأ عليّ السيد الإمام العلّامة البارع القدوة المحقق المدقق، الحسيب النسيب، الفقيه الكامل، النقيب الطاهر، غياث الدين، جلال الملة، ملك السادة، مفتي الفرق، علم الهدي، ذو الحسبين و النسبين، أبو المظفر عبد الكريم بن المولي السيد السعيد، الإمام العلّامة، فقيه أهل البيت عليهم السلام جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسي بن جعفر بن محمّد بن محمّد طاوس (2) العلوي الحسني- زاد اللّه في شرفه، و أحيي بفضائله ذكر سلفه- هذا الكتاب المجدي من أوّله إلي آخره، قراءة مهذّبة مؤذنة بعزيز فضائله، دالّة علي ما خصّه اللّه به ممّا هو غني عن دلائله، و نقب من مشكلاته، و استشرح عن دقائق محسناته أيضا.
و كان في جملته هذه العبارة: و أجزت له و لولده السيد المطهر المبارك المعظم رضي الدين أبي القاسم عليّ، أمتعة اللّه بطول حياته (3).
2- و عن والده الجليل غياث الدين عبد الكريم بن جلال الدين أحمد ابن طاوس، نادرة الزمان، و أعجوبة الدهر الخوّان، صاحب المقامات و الكرامات، كما أشار إليه الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة (4).
قال تلميذه الأرشد تقي الدين الحسن بن داود في رجاله: سيّدنا الإمام9.
ص: 320
المعظّم غياث الدين الفقيه، النسابة النحوي العروضي، الزاهد العابد، أبو المظفر قدّس اللّه روحه انتهت رئاسة السادات و ذوي النواميس إليه، و كان أوحد زمانه، حائري المولد، حلّي المنشأ، بغدادي التحصيل، كاظمي الخاتمة، ولد في شعبان سنة 648، و توفي في شوّال سنة 693، و كان عمره خمسا و أربعين سنة (1) و أياما، كنت قرينه طفلين إلي أن توفي، ما رأيت قبله و لا بعده بخلقه، و جميل قاعدته، و حلو معاشرته ثانيا، و لا لذكائه و قوّة حافظته مماثلا، ما دخل ذهنه شي ء قطّ فكاد ينساه، حفظ القرآن في مدّة يسيرة و له إحدي عشرة سنة، اشتغل بالكتابة و استغني عن المعلم في أربعين يوما و عمره إذ ذاك أربع سنين، و لا تحصي مناقبه و فضائله، و له كتب.
منها: الشمل المنظوم في مصنفي العلوم، ما لأصحابنا مثله.
و منها كتاب: فرحة الغري بصرحة الغري، و غير ذلك (2).
و في الرياض: و قد لخّص بعض العلماء كتابه هذا- يعني الفرحة- و سمّاه: الدلائل البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية رأيته بطهران و لم أعرف مؤلّفه (3).
قلت: و ترجمة العلامة المجلسي (رحمه اللّه) بالفارسية.
و هو كتاب حسن كثير الفوائد.
و يظهر من قول ابن داود: كاظمي الخاتمة، أنه (رحمه اللّه) توفي في بلد الكاظم عليه السلام. و في الحلّة السيفية مزار شريف ينسب إليه، يزار و يتبرّك به، و نقله منها إليها بعيد في الغاية، و مثل هذا الإشكال يأتي في ترجمة عمّه6.
ص: 321
الأجل رضي الدين علي ابن طاوس (رحمه اللّه).
و هذا السيد الجليل يروي عن جماعة من المشايخ الأجلّة:
الأول: نجم الدين المحقق، صاحب الشرائع (1).
الثاني: والده الأجل، أبو الفضائل أحمد (2).
الثالث: عمه الأكمل، رضي الدين علي (3).
الرابع: الوزير الأعظم، الخواجه نصير الملّة و الدين (4).
الخامس: الشيخ مفيد الدين بن جهم (5).
السادس: ابن عم المحقق، نجيب الدين يحيي بن سعيد (6).
السابع: السيد عبد الحميد بن فخار، المتقدم (7) ذكره.
الثامن: الحكيم المحقق الشيخ ميثم شارح النهج (8)، و تأتي إن شاء اللّه تعالي ترجمتهم و طرقهم في طيّ ذكر مشايخ العلامة.
و في روضات السيد الفاضل المعاصر- في ذكر مشايخه بعد عدّ أكثر ما عددناه-: و الشريف أبي الحسن علي بن محمد بن علي العلوي العمري،ظ.
ص: 322
النسابة مؤلف كتاب المجدي في أنساب الطالبيين (1). و نسب كلّ ذلك إلي كتاب الرياض، و ليس فيه منه أثر، و كيف يذكره من مشايخه و هذا الشريف صاحب المجدي كان من معاصري السيد المرتضي و أضرابه، و لو كان فيه لكان عليه أن يستدركه عليه، فإنّه من الأوهام الظاهرة.
و الظاهر أنه اشتبه عليه صورة الإجازة، التي كتبها السيد عبد الحميد لغياث الدين السيد عبد الكريم، علي ظهر كتاب المجدي، الذي قرأه عليه كما نقلناه (2) فلا حظ، و اللّه العاصم.
الخامس (3): السيد الجليل جلال الدين جعفر بن علي ابن صاحب دار الصخر الحسيني.
عن المحقق (4).
العالم المدقق الفهامة. في الرياض: هو من أجلّة متأخري متكلّمي أصحابنا، و كبار فقهائهم.
و في مجالس القاضي: كان مولد هذا المولي بكاشان، و قد نشأ بالحلّة، و كان معاصرا للقطب الراوندي، و كان معروفا بدقّة الطبع و حدّة الفهم، وفاق علي حكماء عصره و فقهاء دهره، و كان دائما يشتغل بالحلّة و بغداد بإفادة العلوم الدينية، و المعارف اليقينية.
ثم عدّ بعض مؤلّفاته، قال: و قال السيد حيدر الآملي في كتاب منبع
ص: 323
الأنوار (1) في مقام نقل اعتراضات أرباب الاستدلال بعجزهم عن الوصول إلي مرتبة تحقيق الحال: إني سمعت هذا الكلام مرارا من العليم العامل، و الحكيم الفاضل، نصير الدين الكاشي، و كان يقول: غاية ما علمت في مدّة ثمانين سنة من عمري أن هذا المصنوع يحتاج إلي صانع، و مع هذا يقين عجائز أهل الكوفة أكثر من يقيني. فعليكم بالأعمال الصالحة، و لا تفارقوا طريقة الأئمة المعصومين عليهم السلام، فإنّ كل ما سواه فهو هوي و وسوسة، و مآله الحسرة و الندامة، و التوفيق من الصمد المعبود (2). انتهي.
و في مجموعة الشهيد: توفي الشيخ الإمام العلامة المحقق، أستاذ الفضلاء، نصير الدين علي بن محمّد القاشي، بالمشهد المقدس الغروي سنة خمس و خمسين و سبعمائة (3). انتهي.
و لم أعثر علي مشايخه إلّا علي السيد جلال الدين- المتقدم (4) - كما في أول عوالي اللآلي (5).
هذا و معرفة طرق سائر مشايخ السيد تاج الدين (6) موقوفة إلي مزيد تتبّع و تدبّر، لا أجد إليهما سبيلا، فلنرجع إلي ذكر مشايخ شيخنا الشهيد.خ.
ص: 324
ثانيهم (1): رضي الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ السعيد جمال الدين أحمد بن يحيي المزيدي الحلّي الفقيه المعروف.
قال الشهيد في أربعينه: أخبرنا الشيخ الفقيه العلامة رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي (2). إلي آخره.
و قال في إجازته لابن الخازن: و أرويها مع مرويات ابني سعيد، عن الشيخ الإمام ملك الأدباء و العلماء رضي الدين. إلي آخره.
و وصفه في إجازته لتاج الدين أبي محمّد عبد العلي بن نجدة بقوله:
الشيخ الإمام العلامة ملك الأدباء، عين الفضلاء، رضي الدين (3). إلي آخره.
توفي- كما في مجموعة الشهيد (رحمه اللّه)- غروب عرفة سنة سبع و خمسين و سبعمائة، و دفن بالغري (4).
و هذا الشيخ يروي عن ثمانية من المشايخ:
الأول: آية اللّه العلامة الحلي (5) (رحمه اللّه).
الثاني: العالم الفاضل الأديب، تقي الدين الحسن (6) بن علي بن داود الحلي، المعروف بابن داود، المتولّد في سنة 647، صاحب التصانيف الكثيرة التي منها كتاب الرجال الذي هو أول كتاب رتّب فيه الآباء و الأبناء علي ترتيب الحروف، و أوّل من جعل لأصول الكتب الرجالية و الحجج عليهم السلام رموزا تلقاها الأصحاب بالأخذ و العمل بهما في كتبهم الرجالية، إلّا أنّهم
ص: 325
في الاعتماد و المراجعة إلي كتابه هذا بين غال و مفرّط و مقتصد.
فمن الأول: العالم الصمداني الشيخ حسين- والد شيخنا البهائي- فقال في درايته الموسومة بوصول الأخيار: و كتاب ابن داود (رحمه اللّه) في الرجال مغن لنا عن جميع ما صنّف في هذا الفن، و إنّما اعتمادنا الآن في ذلك عليه (1).
و من الثاني: شيخنا الأجل المولي عبد اللّه التستري، فقال في شرحه علي التهذيب، في شرح سند الحديث الأول منه في جملة كلام له: و لا يعتمد علي ما ذكره ابن داود في باب محمّد بن أورمة (2)، لأن كتاب ابن داود ممّا لم أجده صالحا للاعتماد، لما ظفرنا عليه من الخلل الكثير، في النقل عن المتقدمين، و في تنقيد الرجال و التمييز بينهم، و يظهر ذلك بأدني تتبّع للموارد التي نقل ما في كتابه منها (3).
و من الثالث: جلّ الأصحاب، فتراهم يسلكون بكتابه سلوكهم بنظائره، و وصفوا مؤلّفه بمدائح جليلة، فقال المحقق الكركي- في إجازته للقاضي الصفي الحلي-: و عن الشيخ الإمام سلطان الأدباء و البلغاء، تاج المحدثين و الفقهاء، تقي الدين (4). إلي آخره.
و قال الشهيد في إجازته الكبيرة: الشيخ الفقيه الأديب النحوي العروضي، ملك العلماء و الأدباء و الشعراء، تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي، صاحب التصانيف الغزيرة، و التحقيقات الكثيرة، التي من جملتها كتاب الرجال، سلك فيه مسلكا لم يسبقه أحد من الأصحاب، و من وقف عليه علم جليّة الحال فيما أشرنا إليه. و له من التصانيف في الفقه- نظما و نثرا، مختصرا2.
ص: 326
و مطوّلا- و في المنطق، و العربية، و العروض، نحو من ثلاثين مصنّفا كلّها في غاية الجودة (1)، انتهي.
و عندي كتاب نقض العثمانية للسيد الأجل أحمد بن طاوس، بخطّ هذا الشيخ، و خطّه كاسمه حسن جيّد، و قد قرأ عليه، و تاريخ الكتابة 665.
و هذا الشيخ يروي عن السيد الأجل المذكور.
و ولده- المتقدم ذكره- عبد الكريم ابن طاوس.
و الشيخ نجم الدين المحقق الحلّي- رحمهم اللّه- بطرقهم الآتية (2).
الثالث: نجيب الدين محمّد بن جعفر بن محمّد بن نما الحلي، الفقيه الجليل، شيخ المحقق الآتي ذكره في جملة مشايخه (3).
الرابع: الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح، الآتي ذكره عن قريب (4).
الخامس: الشيخ العالم صفي الدين محمّد بن نجيب الدين يحيي ابن سعيد صاحب الجامع (5).
السادس: الشيخ الإمام الأعلم، شيخ الطائفة و ملاذها شمس الدين محمّد بن جعفر بن نماء الحلّي، المعروف: بابن الابريسمي، كذا في إجازة الشهيد الثاني (6).
السابع: السيد رضي الدين بن معيّة الحسني.5.
ص: 327
الثامن: والده السعيد جمال الدين أحمد بن يحيي المزيدي (1). و طرق هؤلاء مرّ بعضها، و يأتي باقيها.
ثالثهم: - أي: مشايخ الشهيد- الشيخ الفاضل الفقيه المحقق زين الملة و الدين، أبي الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي (2).
قال الشهيد في أربعينه: الحديث الرابع: ما أخبرني به الشيخ الإمام العلّامة المحقّق، زين الملّة و الدين، أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي، في سادس شهر ربيع الآخر سنة أربع و خمسين و سبعمائة بالحلّة. إلي آخره.
و في مجموعته: توفي شيخنا زين الدين علي بن أحمد بن طراد، يوم الجمعة أوّل رجب سنة اثنتين و ستين و سبعمائة بالحلّة (رحمه اللّه) (3).
و يظهر من أربعينه- و غيرها- أنّه يروي عن جماعة.
الأول: العلامة الحلي (رحمه اللّه).
الثاني: تقي الدين الحسن بن داود (4).
الثالث: الشيخ صفي الدين محمّد.
قال الشهيد في الأربعين: الحديث الثالث و الثلاثون: أخبرنا الشيخ زين الدين في تاريخه قال: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه محمّد ابن الشيخ الامام شيخ الطائفة نجيب الدين أبي أحمد يحيي بن أحمد بن سعيد الحلي. إلي آخره (5).
ص: 328
عن والده نجيب الدين (1)، و هو ابن عمّ المحقق، و يأتي في مشايخ العلامة إن شاء اللّه (2).
رابعهم (3): الشيخ الأجل الأكمل، جلال الدين أبو محمّد الحسن ابن الشيخ نظام الدين أحمد ابن الشيخ نجيب الدين أبي إبراهيم- أو أبي عبد اللّه- محمد بن نما، العالم الفاضل، الفقيه الكامل، أحد الفقهاء المعروفين بابن نما.
قال الشهيد في الأربعين: الحديث الثالث: ما أخبرني به الشيخ الفقيه العالم الصالح الدين، جلال الدين أبو محمّد الحسن بن أحمد ابن الشيخ السعيد شيخ الشيعة و رئيسهم في زمانه نجيب الدين أبي عبد اللّه محمّد بن نما الحلي الربعي، في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و خمسين و سبعمائة بالحلة. إلي آخره (4).
و هذا الشيخ يروي:
أ- عن المزيدي، و قد تقدم (5).
ب- و عن نجيب الدين يحيي بن سعيد، ابن عمّ المحقق، و يأتي (6).
ج- و عن والده نظام الدين أحمد.
1- عن والده نجيب الدين أبي عبد اللّه محمّد بن نما، الآتي ذكره في
ص: 329
مشايخ المحقق (رحمه اللّه) (1) 2- و عن أخيه نجم الملّة و الدين، جعفر بن محمّد (2)، العالم الفاضل، صاحب كتاب مثير الأحزان في مصائب يوم الطف، و شرح الثأر في أحوال المختار.
عن والده نجيب الدين محمّد.
خامسهم (3): السيد علاء الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن الحسن ابن زهرة الحسيني الحلبي (4) في الرياض: هو من أجلّاء العلماء و الفقهاء (5).
و في الأمل: فاضل، فقيه، جليل القدر (6).
و قال العلامة (رحمه اللّه) في إجازته الكبيرة التي كتبها له و لولده و لأخيه:
و بلغنا في هذا العصر ورود الأمر الصادر من المولي الكبير، و السيد الجليل الحسيب النسيب، نسل العترة الطاهرة، و سلالة الأنجم الزاهرة، المخصوص بالنفس القدسيّة، و الرئاسة الإنسيّة، الجامع بين مكارم الأخلاق و طيب الأعراق، أفضل أهل عصره علي الإطلاق، علاء الملّة و الحقّ و الدين، أبي
ص: 330
الحسن عليّ بن أبي إبراهيم محمّد بن أبي علي الحسن بن أبي المحاسن زهرة بن أبي المواهب عليّ بن أبي سالم محمّد بن أبي إبراهيم محمّد النقيب بن أبي علي أحمد ابن أبي جعفر محمّد بن أبي عبد اللّه الحسين بن أبي إبراهيم إسحاق المؤتمن بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام (1). إلي آخره.
1- عن آية اللّه العلامة.
2- و عن العالم الجليل الشيخ نجم الدين طومان (2) بن أحمد العاملي.
قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة: إنّ عندي بخطّ الشيخ شمس الدين محمّد بن صالح إجازة للشيخ الفاضل نجم الدين طومان (3)، بن أحمد.
إلي أن قال: و في كلام الشيخ محمّد بن صالح دلالة علي جلالة قدر الشيخ طمان (4)، و صورة لفظه في إجازته له هكذا: قرأ عليّ الشيخ الأجل، العالم الفاضل، الفقيه المجتهد، نجم الدين، طمان (5) بن أحمد الشامّي العاملي، كتاب النهاية في الفقه، تأليف شيخنا أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قراءة حسنة تدلّ علي فضله و معرفته.
قال: و وجدت في عدّة مواضع غير هذه الإجازة ثناء علي هذا الرجل، و مدحا له.
و قال في الحاشية: وجدت بخطّ شيخنا الشهيد في غير موضع: طومان.
و في خطّ الشيخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح: طمان، مكرّرا. و كذا في خطّ جماعة من العلماء. ثم رأيت علي ظهر كتاب ما هذه صورته: يثق باللّه).
ص: 331
الصمد طومان بن أحمد، و هو يقتضي ترجيح ما ذكره الشهيد (1). انتهي.
و قد تقدم عن الشهيد أنّه قال: و قد كان والدي جمال الدين أبو محمّد مكي رحمه اللّه من تلامذة المجاز له الشيخ العلامة الفاضل نجم الدين طومان، و المترددين إليه إلي حين سفره إلي الحجاز الشريف، و وفاته بطيبة في نحو سنة ثمان و عشرين و سبعمائة أو ما قاربها (2).
عن العالم الجليل شمس الدين أبي جعفر محمّد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني (3)، الفقيه، الفاضل المعروف الذي يروي عن جماعة كثيرة:
الأول: العالم الجليل السيد فخار بن معد الموسوي.
الثاني: نجيب الدين محمّد بن نما.
الثالث: المحقّق نجم الدين صاحب الشرائع.
الرابع: السيد رضي الدين علي بن طاوس.
الخامس: أبي الفضائل أحمد بن طاوس (4).
الآتي ذكر طرقهم (5) عند ذكر مشايخ العلامة، و المحقق رحمه اللّه.
و نقل صاحب المعالم عن خطّ الشيخ محمّد بن صالح أنه قال: أذن لي2.
ص: 332
السيد شمس الدين فخار (1) بن معدّ الموسوي رضي اللّه عنه في الرواية عنه سنة ثلاثين و ستمائة، لأنّه رضي اللّه عنه جاء إلي بلادنا و خدمناه، و كنت- و انا صبي- أتولّي خدمته.
قال: و لمّا أجاز لي قال لي: ستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به (2).
السادس: السيّد الجليل صاحب المقامات العالية، و الكرامات الباهرة، رضيّ الدين محمّد بن محمّد بن محمّد بن زيد بن الداعي الحسيني الأفطسي الآوي، النقيب، الصديق لعديله في الدرجات السامية السيد رضي الدين علي بن طاوس، و يعبّر عنه كثيرا في كتبه: بالأخ الصالح.
قال في المهج: دعاء حدّثني به صديقي، و المؤاخي لي، محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي، ضاعف اللّه جلّ جلاله سعادته، و شرّف خاتمته. و ذكر له حديثا عجيبا، و سببا غريبا، و هو أنّه كان قد حدثت له حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه، فنسخ منه نسخة فلمّا نسخه فقد الأصل الذي كان وجده (3). إلي آخره.
و قال في رسالة المواسعة و المضايقة: كنت قد توجّهت أنا و أخي الصالح محمّد بن محمّد بن محمّد القاضي الآوي- ضاعف اللّه سعادته، و شرف خاتمته- من الحلّة إلي مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه. إلي أن قال: و تجدّدت لي في تلك الزيارة مكاشفات جليلة، و بشارات جميلة، و حدّثني8.
ص: 333
أخي الصالح محمّد بن محمّد الآوي القاضي- ضاعف اللّه سعادته- بعدّة بشارات رآها لي (1). و ساق بعضها، و الحكاية طويلة ذكرناها في دار السلام (2).
و قال العلامة في منهاج الصلاح: نوع آخر من الاستخارة، رويته عن والدي الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر رحمه اللّه، عن السيد رضي الدين محمّد الآوي الحسيني، عن صاحب الأمر عليه السلام، و هو أن يقرأ (3). إلي آخر ما مرّ في كتاب الصلاة (4).
و قال الشهيد في الذكري: و منها الاستخارة بالعدد، و لم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية، قبل زمان السيد الكبير العابد، رضي اللّه الدين محمّد ابن محمّد بن محمّد الآوي الحسيني، المجاور بالمشهد المقدس الغروي رضي اللّه عنه و قد رويناها، و جميع مروياته عن عدّة من مشايخنا، عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهّر، عن والده رضي اللّه عنه عن السيد رضيّ الدين، عن صاحب الأمر عليه السلام (5). إلي آخره.
و ظاهر الكتابين الشريفين أن السيد (رحمه اللّه) تلقّاها من الحجة عليه السلام مشافهة بلا واسطة، و هذه في الغيبة الكبري منقبة عظيمة لا تحوم حولها فضيلة.
و في مجموعة الشهيد: توفي السيد رضي الدين محمّد الآوي ليلة الجمعة رابع صفر سنة أربع و خمسين و ستمائة (6).1.
ص: 334
1- عن أخيه الروحاني علي بن طاوس (1).
2- و عن والده فخر الدين محمّد.
عن والده رضيّ الدين محمّد.
عن والده زيد (2).
عن والده الداعي (3) ابن زيد بن علي بن الحسين بن الحسن بن أبي الحسن علي بن أبي محمّد الحسن النقيب الرئيس ابن علي بن محمّد بن علي بن علي المعروف بالجزري (4) - الذي قتله الرشيد- ابن أبي محمّد الحسن الأفطس- صاحب راية محمّد بن عبد اللّه بن الحسن حين خرج في المدينة- ابن أبي الحسن عليّ الأصغر ابن الإمام السجاد عليه السلام.
و نقل صاحب المعالم في إجازته عن رضيّ الدين الآوي، إن جدّه الداعي عمّر عمرا طويلا (5).
عن السيد المرتضي، و الشيخ أبي جعفر الطوسي، و سلّار، و ابن البراج، و أبي الصلاح التقي (6) الحلبي، جميع ما صنفوه و رووه، و أجيز لهم روايته و سمعوه (7).
و قد أغرب الفاضل المعاصر في الروضات، فقال في ترجمة السيد رضيي.
ص: 335
الدين: كان من أجلّاء العلماء و السادات، و أفاضل المحدّثين الثقات، و أعاظم مشايخ الإجازات، و كذلك ولده العظيم الشأن، و والده و جدّه المحمدان المتقدّمان، بل جدّ أبيه الملقب بزين الفريد- و المصحف في بعض المواضع بمزيد- و جدّ جده المشتهر بالسيد داعي الحسيني (1).
و كأنّه المترجم في فهرست الشيخ منتجب الدين القمي بعنوان: السيد أبي الخير داعي بن الرضا بن محمّد العلوي الحسني (2) مع قوله في وصفه:
فاضل، محدّث، واعظ، له كتاب آثار الأبرار و أنوار الأخيار في الأحاديث.
أخبرنا به السيد الأصيل المرتضي بن المجتبي بن العلوي العمري عنه. إلي آخر ما ذكره (3).
و نقله من الأمل (4) و اللؤلؤة (5) من نسخة سقيمة، و فيه مواقع للنظر للاشتباه.
فان نسب السيد رضي الدين مضبوط في كتب الأنساب من غير اختلاف، و صرّحوا جميعا بأنه حسيني من ولد علي الأصغر بن الإمام السجاد عليه السلام، و ساقوا نسبه كما أوردناه. و المذكور في المنتجب حسني (6)، فلا حظ و المقام لا يقتضي أكثر من هذا.
السابع: من مشايخ شمس الدين محمّد: أبوه العالم أحمد بن صالح،ا.
ص: 336
أجازه في سنة 635، و هو يروي عن ثلاثة (1) من المشايخ:
أ- نصير الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البحراني.
الذي وصفه الشهيد في أربعينه بقوله: الفقيه العالم المتكلم الأديب اللغوي (2).
و في المنتجب: فقيه ديّن، قرأها هنا علي مشايخ العراق، و اقام مدّة (3).
و في إجازة صاحب المعالم أنه أجاز أحمد سنة 588 (4).
و في إجازة المحقق الشيخ يوسف للعلامة الطباطبائي: و كان هذا الشيخ فقيها، أديبا، متكلّما، لغويّا، قرأ علي مشايخ العراق، و أقام بها مدة، و قبره إلي الآن معروف في جزيرة النبي الصالح عليه السلام، من قري البحرين، مع قبر الشيخ أحمد بن المتوج.
عن القاضي أبي الحسن علي بن عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي المقري، الرازي الفقيه الصالح.
عن والده القاضي عبد الجبار الملقّب بالمفيد، الآتي (5) ذكره في مشايخ جماعة.
و عن العالمين الجليلين السيد فضل اللّه الراوندي، و القطب (6)ه.
ص: 337
الراوندي.
و يروي الفقيه الراشد (1) عن السيد الراوندي، بلا واسطة أيضا.
ب- الشيخ الفقيه قوام الدين محمّد بن محمّد البحراني.
عن السيد فضل اللّه الراوندي (2).
ج- الشيخ الفقيه الفاضل علي بن محمّد بن فرج السوراوي (3).
عن العالم الجليل الحسين بن رطبة، الآتي ذكر طرقه إن شاء اللّه تعالي (4).
الثامن: من مشايخ الشيخ شمس الدين: علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي، الفاضل الفقيه، الجليل.
عن الشيخ عربي بن مسافر، الآتي في ذكر مشايخ المحقق (5).
التاسع: الشيخ محمّد بن أبي البركات الصنعاني اليماني، أجازه في سنة 636.
عن الشيخ عربي بن مسافر، بطرقه.
سادسهم (6): السيد الجليل أبو طالب أحمد بن أبي إبراهيم محمّد بن زهرة الحسيني
ص: 338
عن العلامة الحلي.
و عن عمّه علاء الملّة و الدين أبي الحسن علي بن زهرة، المتقدم ذكره (1).
سابعهم: السيد العالم الجليل الكبير العظيم الشأن، مهنّا ابن الجليل سنان القاضي بالمدينة ابن عبد الوهاب قاضيها ابن غيلة قاضيها ابن محمّد قاضيها ابن إبراهيم قاضيها ابن عبد الوهاب قاضيها ابن الأمير أبي غمارة المهنّا الأكبر ابن الأمير أبي هاشم داود ابن الأمير شمس الدين أبي أحمد القاسم ابن أبي علي عبيد اللّه (2) ابن أبي الحسن طاهر.
الذي (3) قالوا في حقّه: كان عالما عاملا، فاضلا كاملا، حاويا جامعا، ورعا زاهدا، صالحا عابدا، تقيّا نقيّا ميمونا، جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، عالي الهمة، بحيث أن بني إخوته يعرف كلّ منهم بابن أخي طاهر، و أحدهم ممدوح المتنبي (4).
قال السيد الأجل العالم السيد ضامن ابن العالم السيد شدقم المدني في كتاب تحفة الأزهار: كان بينه و بين رجل من أهل خراسان صحبة و محبّة و مودة، و كان الخراساني يحج و يزور النبيّ صلّي اللّه عليه و آله كل زمن، و يأتيه بمائتي دينار، و هذه معينة له من عنده كلّ سنة، فاعترض الخراساني رجل من الناس و قال: يا هذا، إنك لقد ضيّعت مالك في غير محلّه، فإن طاهرا يصرفه في غير طاعة اللّه و رسوله. فأثر عليه الكلام، فانصرف الخراساني، و صرف المال علي غيره و لم يواجهه، و كذا في السنة الثانية.
فلما آن وقت السفر للحج في السنة الثالثة رأي النبي صلّي اللّه عليه و آله
ص: 339
في منامه و هو يقول له: يا فلان ويحك! قبلت في ولدي طاهر كلام الأعداء، و قطعت عنه صلتك و ما كنت تبرّه به! لا تقطع صلتك عنه و برّك، أعطه جميع ما فاته منك ما استطعت.
فانتبه من منامه فرحا مسرورا بهذا المنام، و تجهّز للحج و أخذ معه المبلغ كما أمره النبي صلّي اللّه عليه و آله، و كذا الهدايا، فلمّا حجّ و زار النبي صلّي اللّه عليه و آله مضي إلي طاهر، و دخل عليه، و قبّل يديه و قدميه، و جلس في المجلس مع السادة الأشراف و الفضلاء و الأعيان.
فقال طاهر له ابتداء: يا فلان، سمعت فينا كلام الأعداء، فرأيت جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في المنام فأمرك بإيصال الستمائة دينار المنقطعة ثلاث سنين مع الهدايا، فلو لم يأمرك ما جئت بها، و قد عزلتها عن مالك من بلادك، ناشدتك هل كان ذلك كذلك؟
قال: هكذا القصة- و اللّه- يا ابن رسول اللّه، لم يعلم بذلك أحد إلّا اللّه عزّ و جل.
قال: إنّ معي خبرك من السنة الأولي، و الثانية، و في الثالثة ضاق صدري فرأيت جدّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله في منامي و هو يقول لي: لا تغتم فإنّي أتيت فلان من قبلك، و أمرته أن يعطيك ما فاتك، و أن لا يقطع عنك صلته ما استطاع، فحمدت اللّه عزّ و جلّ، و شكرته علي نعمه و إحسانه، فلمّا رأيتك علمت ما جاء بك إلّا ما رأيت في منامك.
فقام الخراساني ثانيا و قبّل يديه و قدميه، ملتمسا منه أن يبرئ ذمته فيما صغي به لكلام ذلك العدو، و قد دفع إليه المال (1).
ابن أبي (2) الحسين يحيي النسّابة، المتولّد في المدينة سنة 214، المتوفين.
ص: 340
بمكة سنة 277.
قال في تحفة الأزهار: كان عالما فاضلا، ورعا زاهدا. إلي أن قال: عارفا بأصول العرب و فروعها و قصصها، حافظا لأنسابها و وقائع الحرمين و أخبارها، و لهذا لقّب بالنسّابة (1).
ابن أبي محمّد الحسن بن أبي الحسن جعفر الحجّة.
قال في التحفة: قال جدي حسن- المؤلف طاب ثراه (2) -: إنه كان سيّدا شريفا عفيفا، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، جليل القدر، عالي الهمة، عالما عاملا. إلي أن قال: قائما ليله، صائما نهاره، و كان أبو القاسم طباطبا يعظّمه و يجلّه و يقول: جعفر هو الحجة من آل محمّد عليهم السلام، فلقّب بذلك، فعظّمه الناس، و مالوا إليه، فبلغ خبره إلي وهب بن وهب البختري والي المدينة من قبل هارون الرشيد فحبسه ثمانية عشر شهرا، و لم يزل بالحبس إلي أن مات (3)، و هو صائم نهاره، قائم ليله لم يفطر غير عيده، و في ولده الإمرة بالمدينة إلي عامنا هذا سنة 992.
قلت: بل الحق إمارتهم إلي عامنا هذا سنة 1088 (4). انتهي.
ابن أبي علي عبيد اللّه الأعرج- لنقص بأحد رجليه- و كان سيدا جليلا، وصفوه في الكتب بكلّ جميل، تخلّف عن بيعة النفس الزكيّة محمّد بن عبد اللّه فأتي به إليه فغمض عينيه عنه فحبسه، فلم يزل به إلي أن قتل محمّد فوفد علي السفاح فأقطعه بالمدائن ضيعة تغل في السنة ثمانين ألف (5) أو مائة ألف أو مائتي5.
ص: 341
ألف دينار، ثم رحل إلي خراسان (1). و توفي في ضيعة ذي أمران- أو ذي أمان- في حياة أبيه، و عمره سبع و ثلاثون سنة، و قيل: ست و أربعون (2).
ابن أبي عبد اللّه الحسين الأصغر المحدّث، الزاهد العفيف، الفاضل الجواد، الراوي عن أبيه السّجاد عليه السلام، و عن أخيه- لأبيه و امّه- أبي جعفر الباقر عليه السلام (3)، و عن عمّته فاطمة و كانت تحدث بفضله، و كان الصادق عليه السلام يقول: عمّي الحسين من الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذٰا خٰاطَبَهُمُ الْجٰاهِلُونَ قٰالُوا سَلٰاماً (4).
و روي المفيد في الإرشاد و غيره له فضائل جليلة (5).
توفي بالمدينة سنة 157 (6) و له سبع و خمسون سنة، و قيل: سنة 64، و قيل: سنة 76 (7).
هذا، و السيد مهنّا هو صاحب المسائل عن العلامة، و وصفه في الأجوبة عنها بقوله: السيد الكبير، النقيب الحسيب النسيب المرتضي، مفخر السادة، و زين السيادة، معدن المجد و الفخار، و الحكم و الآثار، الجامع للقسط (8) الأوفي من فضائل الأخلاق، الفاضل بالسهم المعلّي من طيب الأعراق، مزيّن ديوان القضاء بإظهار الحق علي المحجة البيضاء عند ترافعظ.
ص: 342
الخصماء، نجم الملّة و الحق و الدين، مهنّا بن سنان الحسيني القاطن بمدينة جدّه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، الساكن مهبط وحي اللّه، سيّد القضاة و الحكام بين (1) الخاص و العام، شرّف أصغر خدمه و أقلّ خدّامه برسائل في ضمنها مسائل. إلي آخره، و قال في آخر أجوبة جملة من المسائل: لمّا كان امتثال أمر من تجب طاعته و تحرم مخالفته من الأمور الواجبة، و التكاليف اللازمة، سارع العبد الضعيف حسن بن يوسف بن مطهّر الحلي إلي إجابة التماس مولانا السيد الكبير، الحسيب النسيب، المرتضي الأعظم، الكامل المعظّم، مفخر العترة العلوية، سيّد الأسرة الهاشمية، أوحد الدهر و أفضل العصر، الجامع لكمالات النفس، و المولي بنظره الثاقب إلي حظيرة القدس، نجم الملّة و الحق و الدين، أعاد اللّه علي المستعدين (2) بركة أنفاسه الشريفة، و أدام عليهم نتائج مباحثه الدقيقة (3). إلي آخره.
و يعبّر عنه في كثير من الأسئلة بقوله: قال سيدنا الإمام العلامة (4).
هذا، و قال السيد الجليل في تحفة الأزهار: كان (رحمه اللّه) سيدا جليل القدر، عظيم الشأن، رفيع المنزلة، حسن الشمائل، جمّ الفضائل، كريم الأخلاق، زكي الأعراق، عالي الهمّة، وافر الحرمة، تقيّا نقيّا، ميمونا عالما، عاملا فاضلا، كاملا فصيحا بليغا، أديبا جامعا، حاويا محقّقا مدقّقا، يعرف بصاحب المسائل المدنيات (5).ه.
ص: 343
و ناهيك بفضله تعريف العلامة (قدّس سرّه) له (1).
قال السيد علي بن داود الحسيني السمهودي في جواهر العقدين، بسنده المتصل إلي الشيخ شهاب الدين أحمد بن يونس القسطيني المغربي، عن بعض مشايخه قال: إن رجلا من أعيان المغاربة عزم من بلاده الحج و الزيارة، فدفع إليه رجل من أهل الخير و الصلاح مائة دينار، و قال له: خذ هذا المبلغ و أوصله إلي المدينة المنورة، ثم أدفعه لأحد السادة الأشراف بني الحسين صحيحي النسب، فيكون لي به صلة بجدّهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوم الفزع الأكبر يَوْمَ لٰا يَنْفَعُ مٰالٌ وَ لٰا بَنُونَ. إِلّٰا مَنْ أَتَي اللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (2).
فأخذ المال، فلمّا ورد المدينة سأل عن السادة بني حسين و صحّة نسبهم، فقيل له: لا شبهة في صحة نسبهم، غير أنّهم من الشيعة الرافضة حمير اليهود يبغضون أهل السنة، و يتظاهرون بالسب علانية، و القاضي و الخطيب و إمام المسلمين منهم، و أمر البلاد بيدهم، ليس لأحد في ذلك مدخل أبدا.
قال: فكرهت دفع المال إليهم، فمكثت مفكرا في أمري و ما أوصاني به صاحب المال، فاجتمعت بأحدهم و سألته عن مذهبه فقال: نعم صدق القائل، و كنّا شيعة علي مذهب آبائنا و أجدادنا عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله.
قال: فتيقن ذلك عندي، فبقيت واقفا باهتا متفكّرا، فقلت له:
يا سيدي لو كنت من أهل السنة لدفعت إليك ما معي من المبلغ، و قدره كذا و كذا. فشكا إليّ شدّة فاقته، و كثرة اضطراره، و التمس منّي بعضه، فقلت:
حاشا.9.
ص: 344
قال: كلا لن أبيع مذهبي- و الحق لي- بدنيا دنيّة، ولي ربّ غني يكفيني.
فمضيت عنه فرأيت في منامي تلك الليلة كأنّ القيامة قد قامت، و الناس يجوزون علي الصراط، فأردت الجواز فأمرت سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام بمنعي فمنعت، و استغثت فلم أجد لي مغيثا، فرأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله مقبلا فاستغثت به و قلت: يا رسول اللّه، إنّي من أمتك و بنتك منعتني من الجواز.
فقال صلّي اللّه عليه و آله: لم منعته؟
قالت: لأنّه منع ابني رزقه.
فالتفت إليّ و قال صلّي اللّه عليه و آله: لم منعت ابنها رزقه.
قلت: لأنه شيعي المذهب، مبغض لأهل سنتك، متظاهر بسب أصحابك.
قال صلّي اللّه عليه و آله: و ما أدخلك بين ولدي و أصحابي؟
فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا، فأخذت جميع المبلغ المودوع عندي و أضفت إليه من مالي مائة دينار، و مضيت بذلك كلّه إلي سيّدي و مولاي مهنّا ابن سنان، فقبّلت يديه، فحمد اللّه عزّ و جلّ و شكره و أثني عليه بما هو أهله ثم قال لي: يا هذا، العجب منك، إني قد التمست منك بالأمس منه يسيرا فأصررت بالمنع، و الآن أتيتني بالجميع و زيادة عليه، إن هذا لشي ء عجيب، ناشدتك هل رأيت في منامك جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و جدتي فاطمة الزهراء عليها السلام؟! فأمراك بدفعه إليّ بعد أن منعاك من الجواز علي الصراط؟
فقلت: نعم و اللّه هكذا يا بن رسول اللّه.
فقال مهنّا: لو لم ترهما لما أتيتني، و لو لم تأتني لشككت في صحة نسبي
ص: 345
بهما، و مذهبي كمذهبهما (1).
و في أمل الآمل في ترجمته: فاضل، فقيه، محقق. قال: و له كتاب المعجزات، جمعه، و هو قريب من الخرائج و الجرائح للراوندي، و فيه زيادات كثيرة عليه (2). انتهي.
و هذا السيد الجليل يروي عن آية اللّه العلامة الحلّي طاب ثراه.
و عن ولده فخر المحققين.
ثامنهم (3): السيد جلال الدين (4) عبد الحميد بن فخار الموسوي
المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (5).
و في مجموعة الشهيد: توفي السيد الفقيه شمس الدين محمّد بن أحمد بن
ص: 346
أبي المعالي الموسوي، في شهر رمضان سنة تسع و ستين و سبعمائة (1)، و هو يروي:
1- عن السيد الجليل محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي، قال في إجازته له- و هي كبيرة-: استخرت اللّه تعالي و أجزت للسيد الكبير المعظم الفاضل الفقيه، الحامل لكتاب اللّه، شرف العترة الطاهرة مفخر الأسرة النبوية، شمس الدين محمّد ابن السيد الكريم المعظم الحسيب النسيب جمال الدين أحمد ابن أبي المعالي جعفر (2) بن علي أبي القاسم بن علي أبي الحسن بن علي أبي القاسم ابن محمّد أبي النجم ابن علي أبي القاسم ابن علي أبي الحسن (3) الحائري ابن محمّد أبي جعفر الحائري ابن إبراهيم المجاب الصهر العمري ابن محمّد الصالح ابن الإمام موسي الكاظم عليه السلام (4). إلي آخره.
عن نجيب الدين يحيي بن سعيد- ابن عمّ المحقق- بطرقه (5).
2- و عن الشيخ الإمام العلامة الزاهد الورع الحافظ، كمال الدين (6) علي ابن الشيخ شرف الدين الحسين بن حماد الواسطي.
قال الشهيد في أربعينه: الحديث السادس: ما أخبرني به السيد الفقيه المحقق، الأديب الأريب، الصالح الحافظ المتقن، شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي، قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الفقيه الصدوق الزاهد، كمال الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن حمّاد الليثيه.
ص: 347
الواسطي (1). إلي آخره.
و قال السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس في إجازته- علي ما نقله صاحب المعالم-: استخرت اللّه و أجزت للأخ في اللّه تعالي، العالم الفاضل، الصالح الأوحد، الحافظ المتقن، الفقيه المحقق، البارع المرتضي، كمال الدين فخر الطائفة علي ابن الشيخ الإمام الزاهد بقيّة المشيخة شرف الدين الحسين ابن حماد بن أبي الخير الليثي نسبا الواسطي مولدا (2). إلي آخره.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة:
أ- السيد عبد الكريم ابن طاوس، كما عرفت.
ب- الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن أحمد بن صالح، الذي مرّ ذكره و طرقه (3).
ج- الشيخ نجيب الدين يحيي بن سعيد- ابن عمّ المحقق- و يأتي ذكره (4).
د- نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما، صاحب كتاب مثير الأحزان، و قد مرّ ذكره (5).
ه- الشيخ كمال الدين ميثم البحراني، شارح النهج، و يأتي في مشايخ العلامة (6).
و- الشيخ شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح بن محمّد.9.
ص: 348
قال صاحب المعالم في إجازته: و كان هذا الشيخ من أعيان علماء عصره، و رأيت بخط شيخنا الشهيد الأول، في بعض مجاميعه، حكاية أمور تتعلّق بهذا الشيخ، و فيها تنبيه علي ما قلنا، فمنها: أنّه كتب إلي الشيخ المحقق نجم الدين ابن سعيد أبياتا من جملتها:
أغيب عنك و أشواقي تجاذبني. الأبيات فأجابه المحقق بهذه الأبيات:
لقد وافت فضائلك العوالي. إلي آخره.
و كتب بعدها نثرا من جملته: و لست أدري كيف سوّغ لنفسه الكريمة- مع حنوه علي إخوانه، و شفقته علي أوليائه و خلّانه- إثقال كاهلي بما لا يطيق الرجال حمله، بل تضعف الجبال أن تقلّه، حتي صيرني بالعجز عن مجازاته أسيرا، و وقفني في ميدان محاوراته حسيرا (1). إلي آخره.
و قال شارح القصائد السبع العلويات- لابن أبي الحديد، المسمّي شرحه بغرر الدلائل- في أوّل الشرح: و كنت قرأت هذه القصائد علي شيخي الإمام العالم الفقيه المحقق، شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح قدس اللّه روحه و ذلك بداره بالحلّة، في صفر من سنة ثمانين و ستمائة، و رواها لي عن ناظمها و راقم علمها (2).
عن المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد.
ز- المحدّث الجليل الشيخ محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري، صاحب المزار الكبير، بطرقه الآتية (3).9.
ص: 349
هذا و يروي السيد شمس الدين محمّد بن أحمد بن أبي المعالي أيضا:
3- عن خاله السيد السعيد صفي الدين العلامة أبي عبد اللّه محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي، كذا في إجازة صاحب المعالم (1).
و في الأمل: السيد الجليل صفي الدين محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي، كان من الفضلاء الفقهاء الأدباء الصلحاء الشعراء، يروي عنه ابن معية و الشهيد، و من شعره قوله في قصيدة يرثي بها الشيخ محفوظ ابن وشاح:
مصاب أصاب القلب منه وجيب. الأبيات (2).
عن السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي (3).
عاشرهم (4): الشيخ الإمام البليغ جلال الدين محمّد ابن الشيخ الإمام ملك الأدباء شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري، كذا ترجمه صاحب المعالم (5).
و في الأمل ذكره تارة بعنوان: الشيخ جلال الدين محمّد بن محمّد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحارثي، كان عالما صالحا فاضلا، من تلامذة المحقق، يروي عنه ابن معيّة (6). و تارة بعنوان: الشيخ جلال الدين محمّد بن الشيخ شمس الدين محمّد ابن الكوفي، عالم جليل، يروي الشهيد عنه عن المحقق (7).
انتهي.
ص: 350
و الظاهر أنّهما واحد، و ذكر أنّه يروي عن المحقق (رحمه اللّه).
الحكيم الفقيه، المتألّه المشهور، صاحب شرح الشمسية و المطالع، و غيرهما.
قال الشيخ محمّد بن علي الجباعي في مجموعته المنقولة عن خطّ شيخنا الشهيد رحمه اللّه ما لفظه: وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي علي كتاب قواعد جمال الدين ما صورته: من خطّ مصنف الكتاب إجازة للعلامة قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي، صاحب شرح المطالع و الشمسية، و شرح الشرح، علي ظهر القواعد بخط قطب الدين و عليها البلاغ إلي حساب الوصايا من الجزء الأول، و البلاغ- علي بعض كتاب النكاح (1) من الثاني-:
قرأ علي هذا الكتاب الشيخ العالم الكبير، الفقيه الفاضل، المحقق المدقق، ملك العلماء و الأفاضل، قطب الملّة و الدين، محمّد بن محمّد الرازي- أدام اللّه أيامه- قراءة بحث و تدقيق، و تحرير و تحقيق، و سأل عن مشكلاته، و استوضح معظم مشتبهاته، فبينت له ذلك بيانا شافيا، و قد أجزت له رواية هذا الكتاب بأجمعه، و رواية جميع مصنفاتي و رواياتي، و ما أجيز لي روايته، و جميع كتب أصحابنا السالفين- رضوان اللّه تعالي عليهم أجمعين- بالطرق المتصلة منّي إليهم، فليرو ذلك لمن شاء و أحبّ علي الشروط المعتبرة في الإجازة، فهو أهل لذلك، أحسن اللّه عاقبته. و كتب العبد الفقير إلي اللّه تعالي حسن بن يوسف بن المطهّر الحلي مصنف الكتاب، في ثالث شعبان المبارك من سنة ثلاث عشرة و سبعمائة بناحية ورامين، و الحمد للّه وحده و صلّي اللّه علي محمّد النبيّ و آله الطاهرين.
ص: 351
و بخط قطب الدين في آخر الجزء الأول:
انتظم الجزء الأول من هذا الكتاب في سلك التحرير، بعون الملك المعين القدير، و بيوم الجمعة كاد أن ينطوي نشره، و شهر شوال ضوّع نشره، و تمام سبعمائة انظمّ إليه عشرة انتظاما أحدب أطرافه، و نوع أصنافه، العبد المحتاج إلي الصمد محمّد بن محمّد الرازي، سهل اللّه مآربه، و حصّل مطالبه بمحمّد و آله الطاهرين الأخيار (1).
قال الشيخ ابن مكي: اتفق اجتماعي به بدمشق أخريات شعبان سنة ست و سبعين و سبعمائة (2)، فإذا [هو] (3) بحر لا ينزف، و أجازني جميع ما تجوز عنه روايته، ثم توفي في ثاني عشر ذي القعدة من السنة المذكورة بدمشق، و دفن بالصالحية، ثم نقل إلي موضع آخر، و صلّي عليه برحبة القلعة، و حضر الأكثر من معتبري دمشق للصلاة عليه رحمه اللّه و قدس روحه.
و كان إمامي المذهب بغير شكّ و ريبة، صرّح بذلك و سمعته منه، و انقطاعه إلي بقيّة أهل البيت عليهم السلام معلوم.
قال ابن مكّي: و قد نقلت عن هذا الكتاب شيئا من خطه من حواشي الكتاب الذي قرأه علي المصنف، و فيه حزاز (4) بخطه أيام اشتغاله عليه علامتها: قط (5).ط.
ص: 352
و بخط ابن مكّي، و حكاية خطّه في آخره: فرغ من تحرير هذا الكتاب بعون الملك الوهاب، العبد الضعيف المحتاج إلي رحمة اللّه تعالي، محمّد بن محمّد بن أبي جعفر بابويه، في خامس ذي القعدة سنة ثمان و سبعمائة، قال الشيخ محمّد بن مكي: و هذا يشعر انّه من ذرية الصدوق ابن بابويه رحمهم اللّه تعالي (1). انتهي ما في المجموعة.
و قال الشهيد أيضا في إجازته لابن الخازن: و منهم الإمام العلامة سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، الحبر البحر، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، فإنّي حضرت في خدمته- قدس اللّه لطيفته- بدمشق عام ثمانية و ستين و سبعمائة، و استفدت من أنفاسه، و أجاز لي جميع مصنّفاته في المعقول و المنقول، أن أرويها عنه و جميع مرويّاته، و كان تلميذا خاصّا للشيخ الإمام جمال الدين المشار إليه (2). انتهي.
و قال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين: و يرويها شيخنا السعيد الشهيد، عن الإمام المحقق المتبحر، جامع المعقول و المنقول، قطب الملّة و الحق و الدين، أبي جعفر البويهي الرازي، شارح الشمسية و المطالع في المنطق، عن الإمام جمال الدين بلا واسطة، فإنّه من أجلّ تلامذته، و من أعيان أصحابنا الإماميّة، قدس اللّه أرواحهم و رضي عنهم أجمعين (3).
و في إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين والد البهائي، عند تعداد تلامذة العلامة الذين روي عنهم الشهيد: و الشيخ الإمام العلامة ملك العلماء، سلطان المحققين، و أكمل المدققين، قطب الملّة و الدين، محمّد بن محمّد1.
ص: 353
الرازي (1). إلي آخره.
و قال شيخنا البهائي في حاشية الأربعين- عند ذكر اسمه في سنده إلي العلامة-: هو صاحب المحاكمات، و شرح المطالع، و هو من تلامذة شيخنا العلامة، و قرأ عنده كتاب قواعد الأحكام، و له عليه قيود و حواش نقلها والدي طاب ثراه في قواعده من قواعد شيخنا الشهيد قدس اللّه روحه (2). انتهي.
و قال الآميرزا عبد اللّه في الرياض في باب الألقاب: الشيخ قطب الدين يطلق علي جماعة كثيرة، و من هذه الحيثيّة قد يشتبه في كثير من الأوقات بعضهم ببعض:
الأول: علي الشيخ المتقدم قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي، صاحب كتاب الخرائج و الجرائح و غيره.
الثاني: علي الشيخ أبي الحسن قطب الدين محمّد بن الحسن بن الحسين الكيدري السبزواري، صاحب مناهج النهج بالفارسية و غيره.
الثالث: علي المولي قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، صاحب شرح المطالع و المحاكمات و غيرهما، الفاضل المعروف الذي هو من أولاد ابن بابويه القمي.
الرابع: علي قطب الدين محمود بن مسعود الكازروني، المعروف بالعلّامة الشيرازي، تلميذ الخواجه نصير الدين الطوسي، و شارح القسم الثالث من المفتاح، و شارح المختصر الحاجبي و غيرهما.
الخامس: علي قطب الدين- المشهور بقطب المحيي- أستاذ مولانا جلال الدواني، و هو أحد مشايخ الصوفية، و صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتباته.
ص: 354
القطب المحيي بالفارسية- المشهورة- و هو قطب الدين محمّد بن الكوشكناري.
و الثلاثة الأول من علماء الخاصة، و الاثنان الأخيران من علماء أهل السنة و الجماعة (1). انتهي.
إلي غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من أصحابنا الإمامية.
و قد ذكره القاضي في المجالس (2)، و الشيخ الحرّ في الأمل (3)، و لم نقف علي من احتمل فيه غير ذلك، و كفي بشيخنا الشهيد الناص علي إماميته بالمعاشرة و المصاحبة و السماع منه صريحا شاهدا.
و لم يكن لإظهاره الإمامية بالقول و الفعل داع غير الصدق و كشف الحقّ، فإن بلدة الشام قاعدة بلاد المخالفين، و سلطانها و واليها و قضاتها و مفتيها منهم، و الأرزاق و المناصب و الحكم و الحدود بيدهم، فكيف يظهر للشهيد المقهور في تحت سلطانهم إماميته و هو منهم، مع ما هو عليه من العزّة و الرفعة و الأبهة و الجلالة، مع حرمة التقيّة عندهم.
و بالجملة لم نجد لاحتمال غير الإمامية فيه سبيلا، و لم نقف علي من أشار إليه إلي أن وصلت النوبة إلي السيد الفاضل المعاصر طاب ثراه فأدرجه في كتاب الروضات- أوّلا- في سلك علماء المخالفين، و أصرّ- ثانيا- بكونه منهم، متشبّثا بقرائن أوهن من بيت العنكبوت، و نحن نتقرّب إلي اللّه تعالي في نصرة هذا المظلوم، و كشف فساد ما أوقعه في هذا المكان السحيق، فنقول و باللّه التوفيق:
قال في الروضات- في باب القاف-: الشيخ العالم الأمين، و الحبر الفاضل المتين، أبو جعفر قطب الدين الرازي البويهي، الحكيم الإلهي،0.
ص: 355
الفهيم المنطقي، المتقدم المشهور بين علماء الدهور، و فضلاء الجمهور، اسمه محمّد بن محمّد، و نسبته إلي ورامين الري من جهة المولد و البلد.
و ينتهي نسبه إلي آل بويه الذين هم سلاطين الديالمة المشهورون، كما عن تصريح الشيخ علي بن عبد العالي. أو إلي بابويه القمي الذي هو جدّ شيخنا الصدوق المحدّث، كما عن بعض إجازات شيخنا الشهيد الثاني. (أ) (1) و كأنه من جهة ظهور هذه النسبة في الشيعيّة زعمه جماعة من القاصرين الناظرين إلي ظواهر كلمات الأشخاص من جملة علمائنا الخواص، مع أنه كان أرضي فضلاء زمانه في أرض المخالفين. (ب) و أكثرهم حرمة عند المصاحبين له منهم و المؤالفين. (ج) و انتهت إليه رئاستهم في دمشق الشام. (د) و الحال أنه كان من علماء الأعجام. (ه) و لم تنقل رئاسته علي أحد من خواص هذه الطائفة و لا العوام، مثل سائر علمائنا الأعلام. (و) بل و لم يعهد منه كلام تام و لا غير التام في الثناء علي أهل بيت العصمة. (ز) و لا عرفت منه مقالة في أصول هذا المذهب و لا فروعه سواء كان من مقولة مقولة أو مسموعة.
(ح) و لم يشك أحد من المتعرضين لأحوال علمائهم في كونه من كبرائهم، مع أنهم كثيرا ما يظهرون الشبهة بالنسبة إلي كثير من علمائهم (2) و شعرائهم.
(ط) مضافا إلي أن كتب إجازات أولئك مشحونة بذكر محامد صفاته، و بيان طرق رواياته عنهم، و الطرق منهم إلي رواياته. (ي) بخلاف كتب هذه الطائفة فإنّها خالية عن ذكره. (يا) فضلا عن ذكر جلالة قدره.
(يب) و يمكن أن يكون مرجع هذا التوهم المنتهي إلي مرتبة التحكم،ر.
ص: 356
تصريح شيخنا الشهيد (1) به فيما وجد بخطه الشريف علي ظهر كتاب قواعد العلامة أعلي اللّه مقامه، رعاية بذلك لغاية مصلحة التقية، أو (يج) استصلاحا لحال علمائنا الإمامية، و إظهارا لبراءتهم عن شيمة النفاق، و السلوك بعصبيات الجاهلية. (يد) و ذلك لغاية مطبوعيته و متبوعيته عند سائر الطوائف الإسلامية. (يه) و كذلك تصريح شيخنا المحقق الثاني علي بن عبد العالي الكركي العاملي في بعض إجازاته حيث (2) يقول- و ساق ما نقلناه عنه- ثم قال: و الظاهر أن ما ذكره منوط بتصريح الشهيد المرحوم. (يو) و إلّا فهو غير متمهر في أمثال هذه الرسوم، و قد عرفت الوجه في تصريح الشهيد- أيضا- و لو فرضنا كون ذلك من جهة إجازة العلامة له، و أنّه لو كان من غير الثقات المرضيين لما أجازه لرواية أحاديث الطاهرين؟ فكيف به إن كان من علماء المخالفين؟ ففيه منع الملازمة أولا، و منع بطلان التالي ثانيا. (يز) لعدم ثبوت نقل هذه الإجازة إلّا من كلام صاحب مجالس المؤمنين، و هو في أمثال هذه المراحل من المتهمين.
(يح) و لو سلّم، فإنه قد كان ذلك في مبدأ أمر الرجل، و زمانه كونه في ديار العجم، و انعكاس أمر التقية هناك، و غاية ارتفاع أمر الشيعة الإمامية باعتبار شيوع تشيّع سلطانهم السلطان محمّد شاه خدابنده، و أخذه بأنفاس جماعة العامة كما يشعر بهذه الدقيقة.
أولا: عدم إشعار كلمات العلامة في تلك الإجازة بشي ء من التمجيد لغير فهمه و فضيلته، فضلا عن التصريح بعدله و وثاقته. (يط) و ثانيا: دعاؤه له في آخر الإجازة بأن يحسن اللّه عاقبته، مع أنه يجوز لنا مثل هذا الدعاء في حق1.
ص: 357
جميع الأشقياء و الأقسياء، بل لو سلّم كون الرجل يومئذ من الشيعة حقيقة- أيضا-. (ك) لا ينافي أخذ حبّ رئاسته العامة بعد ذلك بنور بصيرته. (كا) و تأثير معاشرة نصاب دمشق الشام في تقلب قلبه و فطرته، و تبدّل نيته و سريرته، كما أنّ ذلك غير عزيز بالنسبة إلي كثير (كب) من أمثال ذلك. أمثال: الكاتبي القزويني، و الميرزا مخدوم الشريفي، و المولي رفيع الدين الجيلاني- فيما يقال- و غيرهم [من] المذكورين في تضاعيف كتابنا هذا، فليلاحظ.
مع أنه (كج) لو سلّم شهادة الرجلين الجليلين ببقاء شيعية الرجل إلي زمان رحلته، فلا يخفي أن مرجع هذه الشهادة بالأمور الباطنية- التي لا يعلمها إلّا علّام الغيوب- إلي نفي عروض سبب من أسباب الانحراف عن مذهب الحق طول هذه المدة عليه، فهو غير مسموع جدّا.
(كد) و لو سلّم فهي معارضة بتصريحات من هو أضبط لهذه الأمور، و أنظم و أبصر بهذه الشؤون و أعلم، و لا أقل (كه) من عدم حصول ظن حينئذ بمؤداها، بل حصول الظن بخلافها، كما لا يخفي، فلا تبقي لها بعد ذلك حجّية أصلا (كو) و تبقي أصالة عدم استبصار الرجل بحالته الأولي، كما بقيت بالنسبة إلي غير هذا من الذين اشتبه أمرهم علي صاحب المجالس، بطريق أولي. فليست هذه الماجرا بأول قارورة كسرت في الإسلام، بل اتفق مثل هذا الاشتباه من كثير من علمائنا الأعلام بالنسبة إلي من هو أرجس من الأنصاب و الأزلام، و من الناصبين للعداوة- بلا كلام- مع أهل بيت العصمة عليهم السلام.
و إذا فليست شهادة الشهيد، و المحقق الشيخ عليّ، بسعادة مولانا المحقق القطبي، بأعجب من شهادة مولانا المجلسي بسعادة عبد الرحمن
ص: 358
الجامي، بل العلامة الشيرازي (1)، (كز) و شهادة شيخنا الحرّ بشيعيّة أبي الفرج الأموي الأصفهاني، و شهادة كثير من الإمامية بإمامية أمثال السعدي و النظامي و الشيخ العطار و الشبستري و المولوي الرومي، و شهادة صاحب المجالس بحقيّة كثير من العامة و أساطين مذهبهم، و رؤساء بلادهم، و المصنفين في أصولهم و فروعهم، بمحض أن كان يرون في كتبهم أو يسمعون من قبلهم شيئا من مدائح أهل البيت عليهم السلام، أو إطراء في الثناء علي الأئمة المعصومين عليهم السلام، مع أن هذه الشيمة كانت قديمة فيهم، و منقولة عن أئمتهم الأربعة، و لم تكن فضائل ساداتنا الأبرار الأطهار إلّا مثل الشمس في رابعة النهار غير قابلة للإغماض و الإنكار.
و أني هو من الدلالة علي حقيّة الرجل في باب الاعتقاد، و موافقته للإمامية الحقة في أمور المبدأ و المعاد؟ و هل هو إلّا قصور في النظر، أو تقصير في تحصيل علوم الأخبار و السّير؟ مع عدم الأمن فيه من الضرر، و الكون فيه علي موضع الخطر. (كح) فإيّاك و الركون إلي الظالمين، و السكون إلي تقليد السالفين، و ان تحسن الظن بالموافقين مع المخالفين، و المداهنين مع المنافقين، و لا تتبع غير الحق حتي يأتيك اليقين.
ثم ليعلم أن هذا (كط) الرجل مذكور في تراجم كثير من علماء الجمهور، (ل) من الذين لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا الصدور، (لا) و منهم السيوطي في كتابه الموسوم في طبقات النحاة الموسوم (2): ببغية الوعاة، إلّا (لب) انه ذكره في باب المحمودين دون المحمّدين، و هو أبصر بالمشاركين له في الدين.
قال (لج): و إن شئت عين عبارة البغية فهي هكذا: قطب الدين محمود).
ص: 359
بن محمّد الرازي، المعروف بالقطب التحتاني، تمييزا له عن قطب آخر كان ساكنا معه بأعلي مدرسة الظاهرية، كان أحد أئمة المعقول، أخذ عن العضد (1)، و قدم دمشق، و شرح الحاوي و المطالع و الإشارات، و كتب علي الكشّاف حاشية، و شرح الشمسية في المنطق، و كان لطيف العبارة.
سأل السبكي عن حديث «كلّ مولود يولد علي الفطرة» فأجابه السبكي، فنقض هو ذلك الجواب و بالغ في التحقيق، فأجابه السبكي، و أطلق لسانه فيه، و نسبه إلي عدم فهم مقاصد الشرع و الوقوف مع ظواهر قواعد المنطق.
و سبق في ترجمة السيد عن شيخنا الكافيجي أنه قال: السيد و القطب التحتاني لم يذوقا علم العربية، بل كانا حكيمين، و مات القطب الرازي في ذي القعدة سنة 766 (2)، انتهي (3).
و ذكره أيضا جماعة من علمائنا الرجاليين في ذيل تراجمهم للإماميين، باعتبار ذكر الرجلين المتقدمين إياه في ذلك العداد، و شهادتيهما الصريحتين علي كونه من علمائنا الأمجاد، مثل شيخنا الحرّ العاملي عليه الرضوان، حيث ذكره في أمل الآمل بهذا العنوان: قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي، فاضل جليل محقق، من تلامذة العلامة، روي عنه الشهيد، و هو من أولاد أبي جعفر بن بابويه، كما ذكره الشهيد الثاني في بعض إجازاته (4) و غيره. و قد نقل القاضي نور اللّه في مجالس المؤمنين صورة إجازة العلامة له، و ذكر أنّها كانت علي ظهر كتاب القواعد، فقال (5) فيها. إلي آخر ما نقلناه سابقا.3.
ص: 360
و قال السيد مصطفي في رجاله: محمّد بن محمّد بن أبي جعفر الرازي، قطب الدين، وجه من وجوه الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، من تلامذة الإمام العلامة الحلي. يروي عنه شيخنا الشهيد، له كتب منها كتاب المحاكمات، و هو دليل و برهان قاطع علي كمال فضله و وفور علمه (1). انتهي.
و قال الشيخ حسن عند الرواية عنه: الشيخ الإمام العلامة، ملك العلماء المحققين، قطب الملة و الدين، محمّد بن محمّد الرازي، صاحب شرحي المطالع و الشمسية. انتهي.
و من مؤلفاته أيضا: حاشية الكشّاف، و حاشية أخري للكشّاف، و شرح القواعد، و شرح المفتاح، و رسالة في تحقيق الكليات، و رسالة في تحقيق التصور و التصديق، و قد تقدم محمّد البويهي. انتهي كلام صاحب الأمل (2).
و قال صاحب اللؤلؤة- بعد عدّه من جملة مشايخ الشهيد، و الإشارة إلي أحوال جملة منهم-: و أمّا الشيخ قطب الدين- المذكور- ففضله و جلالته و عظم منزلته أشهر من أن ينكر، و أظهر من أن تعثر به الغير. إلي أن قال: و قال في كتاب مجالس المؤمنين: المحقق العلامة قطب الدين محمّد بن محمّد البويهي الرازي، ثم قال- ما هذه ترجمته- بعد أن أثني عليه ثناء جميلا جليلا، و نسبه علي ما ذكره عمدة المجتهدين الشيخ علي بن عبد العالي قدس سره في إجازة كتبها لعمي يشعر بأنه ينتهي إلي السلسلة الشريفة سلاطين آل بويه، و منشؤه و مولده في دار المؤمنين ورامين من أعمال الري، و هو بعد تلمّذه لجمع من العلماء تشرّف بتلمّذه علي علّامة الزمان الشيخ جمال الدين حسن بن مطهّر الحلي، و كتب بيده قواعد العلامة و قرأ عليه قدس سره، و علي ظهر تلك النسخة8.
ص: 361
الموجودة الآن في بلاد الشام عند بعض الفضلاء صورة الإجازة بخطّ العلامة لتلميذه القطب رحمهما اللّه: قرأ عليّ أكثر هذا الكتاب الشيخ العالم الفقيه.
إلي آخر ما مرّ (1).
ثم قال: ثم إن العلامة القطب بعد أن توفي السلطان أبو سعيد- أنار اللّه برهانه- و استشهد خواجه غياث الدين و غيره من الوزراء انتقل إلي بلاد الشام، و علي ما ذكره صاحب طبقات النحاة: أن تقي الدين السبكي- من فقهاء الشافعية- نازعه في العلوم، و قابله بالمعارضة في الرسوم (2) ثم ساق الكلام إلي أن قال: و كتب الشهيد قدس سره بخطّه علي ظهر كتاب القواعد، ما معناه: إنّي تشرّفت في دمشق برؤية العلامة القطبي فوجدته بحرا زاخرا، فاستجزت منه فأجاز لي، و ليس عندي شبهة في كونه من العلماء الإمامية، و كفي تلمّذه و انقطاعه إلي العلامة الذي هو من فقهاء أهل البيت عليهم السلام، و خلوص عقيدته و تشيّعه شاهدا.
توفي سنة ست و ستين و سبعمائة في دمشق، و صلّي عليه في الحصن، و حضر صلاته أكثر أعيان البلد، و دفن في الصالحية، ثم نقل إلي مكان آخر.
و من تصانيفه المشهورة: شرح الشمسية، و شرح المطالع، صنّفهما بإشارة خواجه غياث الدين المذكور آنفا، فإنه كان مربّي أهل الفضل في ذلك الزمان.
و منها المحاكمات بين شارحي الإشارات، و رسالة في تحقيق التصور و التصديق، و حاشية علي القواعد الذي قرأه علي مصنفه العلامة- أنار اللّه برهانه- كتب علي حاشية- الكتاب، و دوّنه بعض فضلاء الإمامية في الشام، و سمّاها بالحواشي القطبية (3)، انتهي.2.
ص: 362
و أقول: ما نقلته هنا عن الشهيد (رحمه اللّه) من قوله: و ليس عندي شبهة في كونه من العلماء الإمامية، لا يخلو عن غرابة كما لا يخفي، و الحمل علي رفع توهم كونه ليس كذلك باعتبار إظهاره مذهب أهل السنة في الشام بعيد غاية البعد، فإن الشام مملوة من فضلاء الإمامية المظهرين للتقية (1). انتهي كلام شيخنا صاحب اللؤلؤة.
و أقول: إن ما ذكره من الاستغراب لنفي الشهيد (رحمه اللّه) عنه شبهة السنية في غاية الغرابة، إذ قد (لد) عرفت من تضاعيف ما سبق و بيان غاية اشتهاره في زمانه بكونه منهم، بل (له) ظهور عدم خلاف ذلك من كلمات الفريقين، أن الغرابة إن كانت في كلام الشهيد، فإنّما هي من جهة كونه في مقام دفع هذه التهمة عنه، لا من جهة كون كلامه موهما لكون الرجل من أهل هذه التهمة. (لو) و حسب الدلالة علي كون الرجل من كبار السنيّة ذكرهم إيّاه مع تمام الاحترام و الاسترحام، حيث يذكرونه، و ليس ذلك من عملهم بالنسبة إلي أحد من علماء الشيعة، لغاية ما وجد فيهم من شيمة العصبية، كما تري أن التفتازاني يقول في مفتتح شرحه علي الشمسية: و بعد فقد سألني فرقة من خلاني. إلي أن قال: و أجيل النظر في شرح الفاضل المحقق، و النحرير المدقق، قطب الملّة و الدين، شكر اللّه مساعيه، و قرن بالإفاضة أيّامه و لياليه (2). إلي آخر ما ذكره.
(لز) مع ان القطب المذكور لم يهمل أيضا في شي ء من مؤلفاته الصلاة علي الصحابة في ضمن إهداء الصلاة علي النبي و آله الطاهرين، كما هو شأن المتعصبين من هذه الطائفة (3).5.
ص: 363
انتهي كلام صاحب الروضات بطوله، الذي لا يوجد فيه بعد إسقاط ما هو من غيره كلمة حقّ و قول صدق أصلا، و لو لا انتشار كتابه، و خوف دخول شبهة في قلوب بعض غير المتمهرين في هذه الصناعة، لأعرضنا عنه و أخذنا فيما هو الأهم، و لكن اللّه تعالي أوجب نصرة المظلومين من المؤمنين حيّهم و ميّتهم، و أيّ ظلم أشنع و أفظع من هذا الافتراء العظيم علي هذا العالم الجليل؟! فنقول مستمدا من آل الرسول عليهم السلام:
في كلماته مواقع للنظر:
أ- قوله: و كان من جهة ظهور هذه النسبة. إلي آخره، مراده ان القاصرين، كالشهيد الأول، و المحقق الثاني، و الشهيد الثاني، و ولده صاحب المعالم، و صاحبي الأمل و اللؤلؤة، و القاضي، و أستاذ هذا الفن صاحب الرياض، و غيرهم ممّن عدوه من علمائنا الإمامية؛ ليس لهم مستند لذلك سوي كونه من أحفاد الصدوق، و شيوع التشيع في بني بويه، فإنّهم ممّن يحكمون بمجرّد بعض الظواهر من غير تأمّل و تفحص. و هذا افتراء علي هؤلاء النواميس، و نسبة سوء إليهم تكاد السموات يتفطرن منها، فإنّهم شكر اللّه تعالي سعيهم لا يحكمون في كتبهم الرجالية بإمامية أولاد الأئمة عليهم السلام لمجرد كونه ولد إمام، فضلا عن تعديله و تبجيله، إلّا بعد تصريح أئمة الفن أو قرائن اخري، فكيف يحكمون بإمامية من هو من أحفاد الصدوق لمجرد الانتساب؟! و ليس في كلام أحد منهم ما يوهم ذلك، أمّا غير الشهيد فذكروه في إجازاتهم و فهارسهم كغيره من أصحابنا، و أمّا الشهيد فصرح بإماميّته بالمعاشرة و التلمّذ عنده (1). و تصريح القطب بذلك- أيضا- كما عرفت.8.
ص: 364
وَ لٰا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقيٰ إِلَيْكُمُ السَّلٰامَ لَسْتَ مُؤْمِناً (1).
ب- قوله: و أكثرهم حرمة عند المصاحبين. إلي آخره، دعوي لم يذكر لها شاهدا و لا قرينة.
ج- قوله: و انتهت إليه رئاستهم. إلي آخره، كذب صريح (2)، فإنه لم يكن قاضيا و لا مفتيا في الشام لأحد من المذاهب الأربعة فضلا عن كونه قاضي القضاة، و إنّما ذكر السيوطي أنه كان ساكنا في المدرسة الظاهرية (3)، و هذا حال ضعفاء أهل العلم، و إنّما كان قاضي القضاة في عصره تقي الدين السبكي، كما صرّح هو في ترجمته و ولده عبد الوهاب (4).
قال ابن حجر في الدرر الكامنة في ترجمته: و انتهت إليه رئاسة القضاء و المناصب بالشام، و حصل له بسبب القضاء محنة شديدة (5). إلي آخره.
و مثله ما في طبقات الشافعية لابن القاضي و فيهما: أنّه توفي سنة 771 (6)، و قد مرّ في كلام السيوطي ما فعل السبكي بالقطب من الإهانة الكاشفة عن عدم قدر و منزلة له عندهم.
د- قوله: و الحال إلي آخره، و هو فرع الكذب السابق.
ه- قوله: و لم تنقل رئاسته الي آخره، رئاسة علمائنا في بلاد المخالفين منحصرة في التدريس مع نهاية التحفظ، و أخذ بعض الحقوق سرّا، و غيرها منظ.
ص: 365
الأمور الجزئية غير القابلة للذكر في الكتب، و لم يكن لهم حظّ في القضاوة و الحكم و إجراء الحدود و أخذ الحقوق قهرا و غيرها من آثار الرئاسة الظاهرة التي يذكر بعض نوادرها في التراجم، و كان له (رحمه اللّه) ما كان لأقرانه، و كفي بتلمّذ الشهيد الكاشف عن تلمّذ أهل عصره عنده رئاسة، بل و فخرا و ذكرا.
و- قوله: بل لم يعهد. إلي آخره، أكذب كسابقه، فإن كتبه الشائعة، كشرحي الشمسية و المطالع، و المحاكمات، غير موضوعة لذلك، و امّا ما صنفه في المنقول الموضوع لذلك الذي صرح الشهيد في إجازة ابن الخازن انه أجازه (1) له فليس بأيدينا. فكيف ينفيه عنه؟! و قد مرّ في كلام الشهيد قوله في حقّه:
و انقطاعه إلي بقيّة أهل البيت عليهم السلام معلوم. و كذا ما نقله عن خطّه في آخر الجزء الأول من القواعد: العبد المحتاج إلي الصمد محمّد بن محمّد الرازي، سهّل اللّه مآربه، و حصّل مطالبه، بمحمّد و آله الطاهرين الأخيار.
انتهي.
و هذا كلام لا يصدر من أحد من المخالفين.
و نسب الفاضل المتبحر قطب الدين الإشكوري في محبوب القلوب هذا الرباعي إليه:
روز حبّ (2) طلب ساقي كوثر كش وز كوثر كثرت مي وحدت دركش
لا يظمأ أصلا أبدا شاربها رمزيست در اين مي ار تواني دركش
(3)ا.
ص: 366
ز- قوله: و لا عرفت. إلي آخره، فيه:
أوّلا: النقض بكثير من العلماء الأجلاء المذكورين في الفهارست و الإجازات، ليس لهم ذكر و مقالة في الكتب العلمية، أصولا و فروعا.
و ثانيا: إن عدم النقل عنه في الأصول، فلعلّه لم يكن له مقالة خاصّة قابلة للنقل كأكثر علمائنا، و أمّا في الفروع فمع أنّه لم يكن من فرسانها، فكثيرا ما ينقل فقهاؤنا عنه، و الظاهر أنه من حواشيه علي القواعد المعروفة بالحواشي القطبية.
قال الشهيد الثاني في روض الجنان، في مسألة كفاية الحجر ذي الجهات الثلاث في الاستجمار، بعد اختيار العدم ما لفظه: و الفرق بين استجمار كل واحد بالحجر، و استجمار الواحد به واضح، لصدق العدد في كلّ واحد. فأمتثل الأمر الوارد بالثلاثة المقتضي للإجزاء، بخلاف الواحد لعدم صدق العدد عليه، كما قال العلامة قطب الدين الرازي تلميذ المصنف: أيّ عاقل يحكم علي الحجر الواحد أنه ثلاثة (1).
و قال الشيخ الأعظم الأنصاري في المكاسب: و لكن الذي يظهر من جماعة منهم قطب الدين، و الشهيد في باب بيع الغاصب، أن تسليط المشتري للبائع الغاصب علي الثمن، و الإذن في إتلافه، يوجب جواز شراء الغاصب به شيئا، و أنه يملك بدفعه إليه، فليس للمالك إجازة هذا الشراء (2). انتهي.
و في رسالة الاستصحاب في فروع مسائل أصالة الصحة- بعد نقل كلام جماعة فيما لو ادّعي الضامن الصغر عند الضمان- و قال: و حكي عن قطب الدين أنّه اعترض علي شيخه العلامة- في مسألة الضامن- بأصالة الصحة،0.
ص: 367
فعارضها بأصالة عدم البلوغ، و بقيت أصالة البراءة سليمة عن المعارض (1).
و قال الشهيد الثاني في روض الجنان: و أورد العلامة قطب الدين الرازي علي المصنّف، أن قوله: و لصوم الجنب، يدل علي أنّ غسل الجنابة واجب لغيره و هو لا يقول به، و أجاب المصنف بأن المراد تضييق الوجوب، و معناه أن الصوم ليس موجبا للغسل بل يتضيّق وجوبه بسببه، و إنّما الموجب له الجنابة، فذكره لبيان كيفيّة الوجوب لا لبيان ماهيّته (2)، كذا قرّره الشهيد و أقرّه. إلي آخره.
و في المسالك، في مسألة ما يندرج في المبيع: و قد حقّق العلامة قطب الدين الرازي رحمه اللّه بأنّ المراد تناول اللفظ بالدلالة المطابقية و التضمنية لا الالتزامية، فلا يدخل الحائط لو باع السقف. و هو حسن (3).
ح- قوله: و لم يشكّ أحد. إلي آخره، كذب واضح، و الشاهد علي ذلك أنّه لم ينقل كلام أحد منهم في حقّه، مع شدّة حرصه علي إثبات هذه الدعوي الباطلة، و لم يقف علي ترجمته في كتبهم إلّا علي ما ذكره السيوطي في الطبقات، و يأتي إن شاء اللّه تعالي عدم دلالته علي مطلوبه، بل دلالته علي عكس مراده.
ط- قوله: مضافا إلي أن كتب إجازات أولئك. إلي آخره، لا أصل له، و لو كان صادقا لأشار إلي بعضها و لو بالإجمال و الاختصار، بأن فلانا ذكره في إجازته، و ليس بناؤه في هذا الكتاب علي الإيجاز و الاختصار، فإنه ذكر في تراجم جماعة من العامة من الحكايات المضحكة، و كرامات أوليائهم المجعولة، و الأشعار الباطلة في المدائح و المراثي، ممّا هو إزهاق للحق، و ترويج للباطل، ما لا يحصي. فكيف يعرض عمّا يثبت دعواه في قبال كلّ من تقدمه من العلماء.6.
ص: 368
هذا، و قد ذكر السيوطي في آخر الطبقات أخبارا كثيرة معنعنة متصلة مسلسلة منه إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله بطرق مختلفة، و ليس للقطب فيها ذكر أصلا، مع أنه بزعمه من كبارهم.
ي- قوله: بخلاف كتب هذه الطائفة إلي آخره، كذب عجيب، يوضحه ما ذكره هو فيما يأتي من كلامه، مضافا إلي ما لم يذكره فنقول:
أما الكتب الموضوعة لتراجم العلماء ممّا ألف بعده، فهو مذكور في جميعها، كالأمل (1)، و الرياض (2)، و مجالس المؤمنين (3)، و محبوب القلوب لقطب الدين الاشكوري (4)، و اللؤلؤة (5). و كذا في جملة من الكتب الرجالية التي لا يذكرون فيها من العلماء المتأخرين عن الشيخ إلّا بعض كبرائهم، فذكره السيد مصطفي في نقد الرجال (6)، و المولي حاج محمّد في جامع الرواة (7)، و أبو علي في منتهي المقال (8).
و أمّا الإجازات:
فمنها ما كان غرض المجيز مجرّد اتصال السند، يقتصر فيها علي طريق واحد، فهي خالية عن ذكر جلّ العلماء، فلا دلالة فيها علي شي ء.
و منها: ما بني علي البسط و التفصيل، بل الاستقصاء علي حسب وسع صاحبها، و القطب مذكور في جميعها، كإجازة شيخنا الشهيد الثاني لعزّ الدين1.
ص: 369
الشيخ حسين بن عبد الصمد (1)، و إجازة ولده المحقق صاحب المعالم للسيد نجم الدين (2) و لولديه، و إجازة الشهيد الأول لأبي الحسن علي ابن الخازن (3)، و إجازة المحقق الثاني لصفي الدين الحلي (4)، و إجازة الجليل الأمير شرف الدين الشولستاني للمولي محمّد تقي المجلسي (5) و رواية المجلسي الأول للصحيفة الكاملة الموجودة في إجازات البحار (6)، و إجازته لآميرزا إبراهيم بن كاشف الدين اليزدي (7)، و إجازته للمولي محمّد صادق الكرباسي (8)، و إجازة العلامة آغا حسين الخوانساري لتلميذه الأمير ذو الفقار (9)، و إجازة المجلسي الأول لولده العلامة المجلسي (10) (رحمه اللّه)، و إجازة صاحب اللؤلؤة لبحر العلوم (11)، و إجازة المحقق الثاني لسميّه الشيخ علي بن عبد العالي الميسي (12)، هذا ما عثرت عليه وقتئذ، و ما لم نعثر عليه أكثر.
يا- قوله: فضلا عن ذكر جلالة قدره، أعجب من سابقه، فإنّه مذكور فيها بالجلالة و العظمة، و بما يوصف به أعاظم العلماء، و قد ذكر هو0.
ص: 370
بعض ما قالوا فيه بعد صفحة، فكيف ينفيه هنا؟!! و لنعم ما قيل: حبّ الشي ء يعمي و يصمّ، و لنذكر بعض ما قالوا فيه، غير ما قدمناه، و يأتي في كلامه.
ففي إجازة الشولستاني: و المولي الفاضل ملك العلماء قطب الدين محمّد الرازي (1).
و في سند الصحيفة للمجلسي (رحمه اللّه): و الشيخ العلامة قطب الدين محمّد الرازي (2).
و في إجازته للفاضل اليزدي: و الشيخ الأجلّ العلامة مولانا قطب الدين (3).
و في إجازته للكرباسي (4): و الشيخ العلامة الفهامة مولانا قطب الدين (5). إلي آخره.
و قال السيد الجليل بدر الدين الحسن بن علي بن الحسن الحسيني المدني، في كتاب الجواهر النظامية من كلام خير البريّة، علي ما نقله عنه في الرياض، في ذكر مشايخ الشهيد: منهم السادة الفضلاء و الأشراف النبلاء. فذكر السادة ثم قال: و الشيخ العلامة سلطان المحققين، قطب الملّة و الدين، محمّد الرازي (6). إلي آخره.
و في إجازة العلامة الخوانساري: و الشيخ العلامة قطب المحققين، و إمام1.
ص: 371
المدققين، قطب الملّة و الدين محمد بن محمّد الرازي (1).
و في إجازة التقي المجلسي لولده: عن الشهيد (رحمه اللّه) عن جمّ كثير من الفضلاء الأخيار، و العلماء الأبرار، و منهم الشيخ الأعظم. إلي أن قال:
و الشيخ المحقق العلامة، قطب العلماء و الفضلاء، مولانا قطب الدين (2). إلي آخره.
و في إجازة المحقق الكركي لسميه الميسي (رحمه اللّه): و يرويها- أي مصنفات العلامة- أيضا: شيخنا الإمام السعيد الشهيد عن جماعة منهم. إلي أن قال: و منهم سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، بحر التحقيق و طوده، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي (3). إلي آخره.
و هذه الإجازات كلّها موجودة في إجازات البحار، و كانت موجودة عند صاحب الروضات، و مع ذلك يقول: كتب الطائفة خالية عن ذكره فضلا عن ذكر جلالة قدره (4)، فهل تجد في كتبهم- بعد معدود من الرؤساء كالشيخ، و العلامة، و المحقق، و أضرابهم- أكثر ذكرا و أعظم قدرا و أجلّ رتبة، و أرفع مقاما منه؟! و قد تقدم قول الشهيد في حقّه في إجازته لابن الخازن: الإمام العلامة سلطان العلماء، و ملك الفضلاء، الحبر البحر، قطب الدين (5). إلي آخره.
و قد قال صاحب الروضات: في ترجمة فخر المحققين مضافا إلي ما رفع8.
ص: 372
في وصفه شيخنا الشهيد، و تلميذه الرشيد، من القصر المشيد، و القول السديد، مع عدم معهودية المبالغة منه و التأكيد، في مقام التزكية و التمجيد، إلي أن ذكر ما وصفه به و هو قوله: و منهم الشيخ الإمام سلطان العلماء، و منتهي الفضلاء و النبلاء، خاتمة المجتهدين، فخر الملّة و الدين، أبو طالب محمد (1). إلي آخره.
و لك أن تتأمّل في المنقبتين، و التفاضل المشاهد في البين، ممّن نزّه كلامه عن الكذب و المين.
و في محبوب القلوب: المولي العلامة البهيّ الألمعي، قطب الدين محمّد الرازي، شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع، و محكمات حكمية عن أفق المحاكمات ساطع (2). إلي آخره.
و أنت بعد ملاحظة هذه، و ما نقلناه سابقا و مرّ في كلامه، تعلم بصدق كذب ما ادّعاه.
يب- قوله: و يمكن أن يكون مرجع هذا التوهم- إلي قوله- رعاية لغاية مصلحة التقية.
لا يخفي ما في نسبة التوهم و التحكم إلي هؤلاء الأعلام من إساءة الأدب، و إن رعاية التقية تقتضي عد الإمامي مخالفا لا عدّ العالم الرئيس منهم علي ما زعمه في بلد رئاسته موافقا. هذا إن كان مراده الشهيد في تصريحه بإماميته، كما يظهر من كلامه بعد ذلك، و قد عرفت الوجه إلي آخره.
و إن كان المراد العلامة (رحمه اللّه) في إجازته له، فهو من السخافة بمكان، و أيّ طلبة عامي فضلا عن عالمهم يقرأ كتاب القواعد الذي فيه ممّا يخالفا.
ص: 373
مذهبهم ما لا يحصي، و يكتبه بخطّه و يجيزه من مؤلّفه، و كيف يبيّن العلامة له تلك المسائل المخالفة لضروري مذهبهم، ثم يجيزه رعاية للتقية؟ هذا مما تضحك منه الثكلي.
و من ذلك يظهر ما في (يج) قوله: استصلاحا. إلي آخره.
يد- قوله: و ذلك لغاية مطبوعيته إلي آخره، إن كان المراد سبب إجازة العلامة، ففيه أنه لم يكن له هذا الاشتهار في وقت الإجازة، فإنه بقي بعد الإجازة- علي ما يظهر من تاريخها و تاريخ وفاته بنص الشهيد- خمسة و خمسين سنة، فكيف يتصوّر أنّه وقت الإجازة كان متبوعا عند سائر الطوائف الإسلامية؟! و إن كان الغرض علّة تصريح الشهيد، ففيه ما تقدم من أنّها تقتضي عكس مراده.
يه- قوله: و كذلك تصريح شيخنا إلي آخره، فإنه تخرّص من غير أدني مستند، و ليس في كلامه- هنا و في غير المقام- إشارة إلي ذلك، و لا يزال علماؤنا الأعلام يوثّقون و يضعّفون و يقدحون و يمدحون، بنصّ أحد منهم علي أحد، من غير استناد إلي غيره، من غير فحص و سؤال عن مأخذه و مستنده. هذا المحقق صاحب المعالم يقول في حقّ والده الشهيد- لمّا رآه وثق عمر بن حنظلة لرواية له في الوقت-: إنه لو لم يذكر مستند التوثيق لأخذنا منه توثيقه إياه، و لكن الخبر لا دلالة فيه علي مراده (1). و علي ما ذكره لا بدّ من سدّ هذه الأبواب التي فتحها الأصحاب، و لا يبالي بذلك من نسبهم كافّة إلي القصور و التوهم.
يو- قوله: و إلّا فهو. إلي آخره.
قال المحقق الثاني في إجازته لصفي الدين: و قد اتفق لي في الأزمنة السابقة بذل الجهد، و استفراغ الوسع، مدّة طويلة، في تتبع مشاهير مصنفاتهم9.
ص: 374
في الفنون، خصوصا العلوم النقليّة من الفقه و الحديث و ما يتبعه، و التفسير و ما جري مجراه كاللغة و فنون العربية، فثبت لي حقّ الرواية القراءة لجملة كثيرة من المصنفات الجليلة المعتبرة، و كذا ثبت لي حقّ الرواية لجملة أخري، و كذا في المناولة. و أمّا الإجازة فقد ثبت لي بها حقّ الرواية لما لا يكاد يحصي و لا يحصر من مصنفاتهم في العلوم الإسلامية، إجازة خاصة و عامة من علمائنا رضوان اللّه عليهم، و من علمائهم الذين عاصرتهم و أدركت زمانهم، فأخذت عنهم، و أكثرت الملازمة لهم، و التردد إليهم، بدمشق و بيت المقدس شرّفه اللّه تعالي و عظّمه، و بمصر و بمكة زادها اللّه شرفا و تعظيما. و صرفت في ذلك سنين متعددة، و أزمنة متطاولة. و جمعت أسانيد ذلك و أثبته في مواضع (1). إلي أخر ما مرّ في (2) أوائل هذه الفائدة.
فلينظر المنصف إلي من نسب هذا الشخص المعظم مع هذا الجد و الجهد في هذا الفن في بلد القطب و حواليه إلي عدم التمهر، و إخفاء حال القطب عليه، مع قرب عصره إليه، و يزعم لنفسه التمهر فيه بعد قرون و أعصار، و لما خرج عن مقرّه، و لم يلق أساتيذ قرنه، و مشايخ عصره، و لم يذق مرارة سيره و سفره، و لذا هوت به الريح إلي مكان سحيق.
يز- قوله: لعدم ثبوت نقل هذه الإجازة- إلي قوله- من المتهمين.
فيه:
أولا: أن القاضي- نور اللّه قبره- من علمائنا الأبرار المجاهدين في سبيل اللّه، المرابطين في ثغور ديار المخالفين، الباذلين أنفسهم في تدميغ أباطيل الضالين، و هو الثقة الثبت الصادق الصالح عند كافة أصحابنا، غير متهم في0.
ص: 375
منقولاته، و إنّما اتهمه الأصحاب في بعض دراياته و استنباطاته من كلام أحد- في منظومة أو منثوره- ما يدلّ أو يشير إلي كونه من أهل الحق، مع عدم دلالته أو إشارة فيه، أو معارضته بما هو أقوي منه من وجوه، و حاشاه أن يكذب في نقله، و يتهم في روايته.
و ثانيا: أن سند إجازة العلامة للقطب غير منحصر بالقاضي.
قال العلامة المجلسي- في الفائدة الثالثة (1) عشر من الجزء الأول من إجازات البحار-: فائدة في ذكر إجازة العلامة للمولي قطب الدين الرازي علي ظهر القواعد للعلامة المذكور، و غير ذلك من الفوائد المتعلّقة بالقطب المذكور:
و وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي قال: وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي رحمه اللّه علي كتاب قواعد الأحكام ما صورته (2). إلي آخر ما نقلناه (3) عن هذه المجموعة الشريفة التي عثرنا عليها بحمد اللّه تعالي من غير زيادة و لا نقصان.
و كانت وفاة هذا الشيخ سنة 886، فالظاهر أنه قبل ولادة والد القاضي فلاحظ.
و ثالثا: أن نصّ الشهيد غير منحصر في المقام المذكور، بل صرّح بأحسن منه في إجازته لابن الخازن كما مرّ (4)، و هي من الإجازات المعروفة الموجودة في البحار و مواضع اخري، و نقل هو عنها أيضا في ترجمة الشهيد (رحمه اللّه) و غيره.
يح- قوله: و لو سلّم فإنه قد كان ذلك. إلي آخره، يعني أن القطب كان عامّيا، و لكن كان يتقي و يظهر التشيع لكون السلطان مروّجا للشيعة.3.
ص: 376
و أنت خبير بأن علماء العامة لا يجوزون التقية، و ينكرون علي الشيعة قولهم بها، حتي قال رازيهم في المحصّل حاكيا عن سليمان بن جرير: إن أئمة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم، لا يظفر معهما أحد عليهم: الاولي: القول بالبداء. إلي أن قال: الثانية: القول بالتقية (1). إلي آخره.
يط- قوله: و ثانيا: دعاؤه له في آخر الإجازة. إلي آخره، تمويه عجيب، فإن العلامة قال- بعد ذكر اسمه-: أدام اللّه أيامه (2)، و كان قاهرا علي القطب الذي كان يتقي منه علي ما زعمه، فكيف يدعو له بطول بقاء من لا يحبّ اللّه و رسوله و خلفاءه عليهم السلام بقاءه من غير ضرورة؟! و قد قال الكاظم عليه السلام لصفوان الجمال- كما رواه الكشّي-: كلّ شي ء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا.
قال: قلت: جعلت فداك أي شي ء؟
قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل- يعني هارون-.
قلت: و اللّه ما أكريته أشرا و لا بطرا و لا للصيد و لا للهو، و لكن أكريته لهذا لطريق- يعني طريق مكّة- و لا أتولاه بنفسي، و لكن أبعث معه غلماني.
فقال: يا صفوان، أ يقع كراك عليهم؟
قلت: نعم، جعلت فداك.
فقال لي: أ تحب بقاءهم حتي يخرج كراك؟
قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار (3). الخبر.8.
ص: 377
هذا حكم حبّ بقائهم، فكيف بدعاء بقائهم؟! و هذا حكم خليفتهم، فكيف بعلمائهم الذين هم أضرّ من جيش يزيد علي الحسين عليه السلام و أصحابه كما نصّ عليه الإمام العسكري عليه السلام (1).
ثم نقول: إن في كلام الشهيد في إجازته لابن الخازن- و قد كتبها بعد وفاة القطب بثمان سنين كما يظهر من تاريخها- ما هو صريح في جلالة قدره كقوله- بعد ذكر اسمه-: قدس اللّه لطيفته (2).
و هذا دعاء لا يجوز لغير أهل الحق، بل لم يعهد منهم إلّا للعلماء خاصة.
و قوله: و استفدت من أنفاسه (3). و هذا نص علي كونه صاحب مقامات عالية نفسانية، و درجات رفيعة روحانية، بعد طي مرحلتي الإيمان و العلم، كما هو ظاهر علي من له أدني ذوق و درية.
ك- قوله: لا ينافي أخذ حبّ الرئاسة. إلي آخره. فيه:
أولا: أنه ما عهدنا أحدا من علمائنا بعد وصولهم إلي الدرجات العالية من العلم خرج من النور إلي الظلمات، لمجرد جلب الحطام، و حبّ رئاسة العوام، نعم قد يتفق منهم ممّن لم يستحكم أساس التقوي قد صدر منهم بعض ما هو من ثمرة شجرة حبّ الدنيا، و أين هذا من التمسك بعري اللات و العزي؟! و ثانيا: أي رئاسة كانت له في الشام؟ في أي كتاب ذكر ذلك؟ و أي مؤرخ و مترجم نقلها؟ ما هذا شبيه بفعال أهل العلم، يبني الكلام علي مالا أصل له أصلا، ثم يتفرّع عليه ما يريده و يهواه، و يعارض به أساطين العلماء، و أبطال الصفا.8.
ص: 378
و مما يوضح لك كذب هذه الدعوي مضافا إلي عدم ذكرها في مقام، أن محمّد بن شاكر بن أحمد الكتبي المتوفي سنة 764- كما في كشف الظنون- لم يذكر القطب أصلا في كتاب فوات الوفيات- أي وفيات ابن خلكان التاريخ المعروف- و قد جمع فيه خمسمائة و اثنين و سبعين ترجمة من الذين فأتوا عن ابن خلكان أو كانوا بعده إلي تاريخ سنة 754، و أغلب ما فيه علماء مصر و الشام، و قضاتهم و أدبائهم و أمرائهم (1)، و كان هو في تلك البلاد.
و كذا لم يذكره- أيضا- ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، و لا معاصره قاضي القضاة بالشام تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية، و لم نعثر علي الكتابين، لكن لو كان له ترجمة في أحدهما لذكره السيوطي في الطبقات، كما هو دأبه في سائر التراجم.
و لا ذكره الصفدي الشامي في كتاب الوافي بالوفيات، الذي جمع فيه تراجم أعيان الصحابة و التابعين، و الملوك و الأمراء و القضاة و العمال، و القراء و المحدثين و الفقهاء، و المشايخ و الأولياء و الصلحاء، و النحاة و الأدباء و الشعراء، و الأطباء و الحكماء، و أعيان كل فنّ، إلي سنة 760 قبل وفاته بأربع سنين، و قبل وفاة القطب بست أو ثمان سنين، و إلّا لنقل عنه لوجود النسخة عنده علي ما يظهر من تراجم جماعة، و مع هذا الخمول عندهم كيف يجوز نسبة الرئاسة فيهم إليه؟! كا- قوله: و تأثير معاشرة نصاب الشام. إلي آخره، هو الوجه الثاني الخيالي لخروج القطب من مذهبه، و أنت خبير بأن الشام حينئذ- كما صرّح به في اللؤلؤة- كانت مملوءة من فضلاء الإمامية (2)، و هذا ظاهر لمن راجع الإجازات9.
ص: 379
و الفهارس، خصوصا الأمل، فإن كانت معاشرة النصاب مزلّة للقدم، كانت مخالطة أهل الحق تمسكا بالعروة التي لا تنفصم.
كب- قوله: من أمثال الكاتبي. إلي آخره. لم يحتمل أحد في الكاتبي و هو من مشاهير أئمة الشافعية- و ميرزا مخدوم، ما نسبه إليهما، نعم يوجد في الرياض نقلا عن بعضهم: نسبة الأخير إلي عكس مراده، و أنه في آخر عمره أظهر الحق، و شهد أن ما قاله و كتبه كان لحبّ الدنيا (1). و اللّه العالم.
و أما المولي رفيع الدين الجيلاني- شيخ صاحب الحدائق و صهر المجلسي علي بعض أقربائه- فقد مرّ (2) ذكره، فلا حظ و تأمل فيما صنعه جناب السيد الجارح بعلمائنا الأعلام.
كج- قوله: مع أنه لو سلّم شهادة الرجلين إلي آخره. كلام من لا عهد له أصلا بكتب الفقه و الأصول و الرجال، و طريقة الأصحاب في الجرح و التعديل، فإنهم- كثّر اللّه تعالي أمثالهم- كافّة علي اختلاف مشاربهم إذا اشترطوا في حجية قول الراوي اتصافه بالعدالة أو الإمامية أو الصلاح و الحسن، ثم وجدوا أحد أئمة الفن- كالشيخ، و النجاشي و أمثالهما- شهدوا بما فيه، تلقوه بالقبول من غير نكير.
و علي ما أسسه ينسد باب القبول مطلقا، إذ ما من أحد شهد عليه بالتشيع- مثلا- إلّا و يأتي عليه ما احتمله، مع ان استصحاب ما علم منه يقينا من المذهب أو الحالة أو الصفة كاف لنفي احتمال عروض ما ينافيه.
و علي ما ذكره ينسد- أيضا- باب جواز الطعن و السب و اللعن علي من شهدوا عليه بالنصب و الخلاف، و ما به يستحق ذلك، لأن جوازه متوقف علي4.
ص: 380
عدم عروض سبب من أسباب الرجوع إلي مذهب الحق إلي قبيل خروج روحه، و المعهود من الأصحاب كافة عدم الاعتناء بالاحتمال في المقامين، و ترتيب الآثار فيهما إلي أن يعلم أو تقوم البينة علي خلافه.
ثم نقول: إن الشهيد صرّح بأنه تشرف بخدمة القطب في أخريات شعبان، و استفاد منه، و أخذ منه الإجازة، و توفي القطب بعد ذلك بأقلّ من ثلاثة أشهر، و كان حاضرا في جنازته- كما تقدم (1) في صريح كلامه- فإذا بني تفضلا علي قبول شهادته فأيّ عاقل يحتمل أنّه عرض له في هذه المدة القليلة سبب صار به سنيّا من غير أن يقف عليه الشهيد (رحمه اللّه) مع حضوره عنده، و حشره معه، و استفادته من أنفاسه، و قوله بعد ذكر الصلاة عليه: رحمه اللّه و قدس روحه.
كد- قوله: و لو سلّم. فهي معارضة بتصريحات من هو أضبط لهذه الأمور، و أنظم و أبصر بهذه الشؤون و أعلم.
هذا مقام العائذ باللّه و رسوله و خلفائه صلوات اللّه عليهم، و الاستغاثة بخلفائهم رضوان اللّه عليهم.
فنقول: يا عصابة حملة الدين، و يا معاشر سدنة شريعة سيّد المرسلين صلّي اللّه عليه و آله، هلموا إلي مأتم أبي عبد اللّه المظلوم الشهيد، فقد استشهد قديما بالسيف و السنان، و استشهد حديثا بالقلم و البنان، و تأمّلوا في مفاد هذا الكلام، فإن حاصله أن الشهيد و إن شهد بإمامية القطب بالمعاشرة و السماع، و كان معه في بلده إلي حين الوفاة، لكن شهد بتسننه من هو أعلم و أنظم و أضبط و أبصر في هذه الأمور منه، بل و من المحقق الثاني- كما هو صريح قوله-: و لو سلّم شهادة الرجلين. إلي آخره. فلا بد من طرح قولهما و الأخذ بقول هذا2.
ص: 381
الأعلم الأبصر الأنظم، الذي هو كالعنقاء في هذا العالم. أو ليس هذا الكلام بالنسبة إليهما رزيّة هائلة تحرق بها القلوب في الصدور، و تسيل بها الدموع من العيون؟! ثم نقول: هذا الأعلم المقدّم قوله علي الشهيد و المحقق من أصحابنا أو من العامة، أمّا من الأصحاب، فلم نجد من احتمل فيه غير الإمامية فضلا عن التصريح به، و كلّ من تأخر عنهما تلقوا قولهما فيه بالقبول كما عرفت، و لا ادّعاه هذا الجارح أيضا، و لو فرض وجوده في كلام أحد، و فرض أعلميته في هذا الفن علي الشهيد (رحمه اللّه) فالواجب تقديم قوله أيضا، لأنه (رحمه اللّه) شهد بإماميّته بالحس و العيان، و سمع منه ذلك أيضا، و صاحبه بعد ذلك إلي حين وفاته، و كلّ من نسب إليه غير ذلك فإنّما استظهره من بعض أفعاله و أقواله و كلماته، ممّا هو مشابه لمذاهبهم، و كثيرا ما يصدر من أعاظم العلماء تقيّة و مماشاة و تحبيبا مثل ذلك.
و من هنا قلنا في مسألة تقديم الجرح علي التعديل المعنونة في الأصول و كتاب القضاء في الفقه: إن ما ذكروه في وجه تقديم الجرح علي التعديل في غير صورة التكاذب من أنّ الإخبار بالعدالة- من حيث هو مع قطع النظر عن فرض بعض الخصوصيات- إخبار بأمر وجودي، هو: الملكة و عدمي، هو:
عدم صدور الكبيرة مثلا، و لا ريب أن الإخبار بالأمر العدمي مستنده عدم العلم أو الأصل، فلا يعارض به ما هو بمنزلة الدليل بالنسبة إليه- أعني أخبار الجارح بالموجود- فالجارح مقدّم علي المعدّل لعدم المعارضة بينهما كالأصل و الدليل، فلا يلزم به تكذيب المعدّل، بخلاف تقديم المعدّل، فإن لازمه تكذيب الجارح، و مقتضي وجوب تصديق العادل هو الجمع.
و من هنا قال في الشرائع: و لو اختلف الشهود بالجرح و التعديل قدّم
ص: 382
الجرح، لأنه شهادة بما يخفي (1).
فقلنا: إن هذا الوجه لا يأتي في الجرح بالمذهب إذا كان بناء مذهب الحق علي السرّ و الخفاء، و الباطل علي الإذاعة و الإفشاء، كما هو كذلك بالنسبة إلي الإمامية و العاميّة في غالب الأعصار، خصوصا في سالف الزمان، فإن الوجه المذكور ينعكس حينئذ فإن الأخبار بالعامية إخبار بأمر أو أمور وجودية من الأفعال و الأقوال المطابقة لمذهبهم، و تولّي القضاء من قبلهم و غيرها. و أمر عدمي، هو عدم صدور فعل أو قول في الباطن يدلّ علي خلاف ذلك، و أن ما صدر منه في الظاهر صدر تقيّة أو تحبيبا لا اعتقادا و ديانة، و المزكي المخبر بإماميّته يخبر عن صدور قول أو فعل عنه في السرّ يدل علي اعتقاده الحق و إنكاره ما يخالفه، و لذا لم ينقل من عالم أنه كان إماميا في الظاهر عاميّا في الباطن و الاعتقاد، و أمّا العكس فكثير، و صرّح به العلامة (رحمه اللّه) في بعض كتبه.
و أما العامّة، فلم نجد أيضا من أشار إلي تسننه، و لا نقله هو، مع ولوعه به و حرصه عليه، فضلا عن التصريح و التصريحات من أصاغر علمائهم فضلا عن أكابرهم فضلا عمّن هو أعلم و أبصر من الشهيد (رحمه اللّه).
نعم، هو في طول تعبه، و طول كلامه، ذكر لإثبات دعواه في قبال هؤلاء الأعلام ثلاثة قرائن:
ذكره السيوطي في طبقات النحاة من غير تعرض لمذهبه (2).
و مدحه التفتازاني في أول شرحه علي الشمسية بقوله: الفاضل المحقق، و النحرير المدقق، قطب الملّة و الدين، شكر اللّه مساعيه، و قرن بالإفاضة أيامه و لياليه (3).ا.
ص: 383
و رواية السيد شريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين محمّد بن أحمد الحنفي، علي ما حكاه ميرزا محمّد الاخباري المقتول، المعلوم حاله و منقولاته عند العلماء في كتاب رجاله المتروك عند الأصحاب كافّة.
فلينظر المنصف و يتأمّل: أن القاصر الناظر إلي ظواهر كلمات الأشخاص هو أو الشهيد و المحقق و أتباعهما، علي ما نسبه إليهم في صدر كلامه.
كه- قوله: و لا أقلّ من عدم حصول الظن. إلي آخره، يعني ذكره [من قبل] السيوطي، و مدحه [من قبل] التفتازاني، يوجب عدم حصول الظن بشهادة الشهيد بإماميّته، و بإخباره عن إقراره بها.
و فيه- بعد الإعراض عن جواب هذا التجرّي- أنّه لا يشترط في حجية البينة و الخبر حصول الظن الفعلي بمفادهما، كما هو المحقق عند المحققين.
كو- قوله: و تبقي أصالة عدم استبصار الرجل بحالته الاولي.
كلام غريب فإنه سلّم بعد الإغماض بتشيّعه في العجم، و ادعي تبديله مذهبه بعد توطّنه في الشام لحبّ الرئاسة. فشهادة الشهيد و المحقق مطابق للأصل، و لم يعلم منه حالة عدم استبصار بعد ذلك حتي تستصحب، و إن رجع إلي زعمه الأول من عدم استبصاره من أول الأمر و حين ما أجازه العلامة تقيّة منه.
ففيه: أنّه دعوي تفرّد هو بها لا شاهد لها و لا مستند، بل كاذبة، علي ما ذهب إليه أصحابنا كافّة، و لا أقلّ من الشك و الجهل بحاله، فكيف يتمسك بالأصل المحتاج إلي يقين سابق؟!.
كز- قوله: و شهادة شيخنا الحرّ بشيعية أبي الفرج (1). إلي آخره.8.
ص: 384
عجيب، فإنه شيعي باتفاق كلّ من تعرّض لترجمته، و كفي في هذا المقام كلام العلامة في الخلاصة (1)، و كأنه زعم ترادف الشيعي و الإمامي، و لم يفرق بينهما، فأنكر ذلك، و هذا أعجب؟!.
كح- قوله: فإيّاك و الركون إلي الظالمين و السكون إلي تقليد السالفين.
إلي آخره.
أعجب من سابقه، فإن طريقة الأصحاب قد استقرت قديما و حديثا علي مراجعة كتب أئمة هذا الفن، و تعيين عدالة الرجل و فسقه و حسنه و ذمّه و مذهبه و دينه، و غير ذلك من الحالات و الصفات، بكلماتهم و تصريحاتهم و إشاراتهم، سواء كان المزكي و المجروح من القدماء أو المتأخرين.
نعم اختلفوا في وجه المراجعة، و قبول قولهم، هل هو من باب حجيّة البينة أو حجية خبر العادل، أو لحصول الظن بالعدالة و الفسق فيهم بقولهم، و حجيّته لسد باب العلم بأوصافهم، أو لحصول الظن بصدور الخبر و عدمه بتزكيتهم و جرحهم، فيكون حجّة لحجية الخبر المظنون الصدور أو لغير ذلك من الوجوه المذكورة في محلّها، و ليس ذلك من باب التقليد الذي نهي عنه.
ثم نقول بعد الغض عن ذلك: إن تقليد الشهيد، و المحقق و الشهيد الثانيين، و صاحب المعالم و الرياض، و غيرهم، مع تصريحهم، أحسن من تقليد السيوطي توهما، لما ستعرف من عدم دلالة كلامه علي ما يدّعيه، و تقليد التفتازاني تخيلا، لأنه مدحه ففيه إشارة إلي تسننه، و كلامه حجّة، و هو كما تري، و لنعم ما قيل:0.
ص: 385
ببين تفاوت ره از كجاست تا به كجا (1).
كط- قوله: هذا الرجل مذكور في تراجم كثير. إلي آخره. كذب صريح، أو حدس غير صائب، و لا شاهد أقوي من عدم نقله كلماتهم، و لو وجده في تراجمهم لنقله يقينا، لما تري من تشبّثه لإثبات دعواه بأوهام لا منشأ لها.
ل- قوله: من الذين لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا الصدور. من غرائب الكلام، فإنّ كتبهم في تراجم العلماء علي أصناف.
منها: ما وضعوه لعلماء مذاهبهم، كطبقات الشافعية و الحنفية و اخويهما، ففيها لا يذكرون غير الذين وضع الكتاب لأجلهم، و لو كان من أعاظم غيرهم.
و منها: ما وضعوه لعلماء القرون، كالدرر الكامنة لأعيان المائة الثامنة لابن حجر، و الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (2) لشمس الدين السخاوي، و النور السافر عن أخبار القرن العاشر للشيخ عبد القادر بن الشيخ عبد اللّه، و خلاصة الأثر في علماء القرن الحادي عشر، و سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لأبي الفضل محمّد خليل المرادي، و هكذا.
أو لصنف من العلماء كالنحاة و اللغويين، أو لعلماء بلد مخصوص، أو لمطلق الأعيان من العلماء و غيرهم كتاريخ ابن خلّكان و تذييلاته، و وافي الصفدي و أمثالهما. ففي هذه الكتب كثيرا ما يذكرون أعيان علمائنا فراجع و لا حظ يظهر لك صدق ما ادعيناه.
و العجب أنه نقل في ترجمة علم الهدي السيد المرتضي ترجمته و مدحه عنع.
ص: 386
ابن الأثير الجزري في مختصر ابن خلّكان، و عن الصفدي في الوافي بمقدار خمسين بيتا مع إسقاطه جملة من عباراته، ثم يقول هذا الكلام في هذا المقام، و لو لا خوف الإطالة لأشرت إلي ما عثرت عليه من هذا الباب.
لا- و منهم السيوطي في كتابه (1). إلي أخره.
يعني هو من الذين ترجموا القطب، و ممن لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا، و هذا أغرب من سابقه، فإن في الطبقات ترجمة جماعة من أصحابنا و مدحهم و الثناء عليهم لا بدّ لنا من ذكر بعضهم، و بعض ما قال فيهم:
فقال فيها: أبان بن تغلب بن رباح الجريري أبو سعيد البكري، مولي ابن جرير بن عباد، قال ياقوت: كان قارئا فقيها لغويّا إماميا، ثقة عظيم المنزلة، جليل القدر، روي عن علي بن الحسين، و أبي جعفر، و أبي عبد اللّه عليهم السلام، و سمع العرب، و صنّف غريب القرآن و غيره (2). إلي آخره.
و قال: علي بن الحسين بن موسي- إلي آخر النسب- نقيب العلويين، أبو القاسم الملقب بالمرتضي علم الهدي أخو الرضي. قال ياقوت: قال أبو جعفر (3) الطوسي: توحّد في علوم كثيرة، مجمع علي فضله مثل الكلام و الفقه و أصول الفقه، و الأدب من النحو و الشعر و معانيه و اللغة، و غير ذلك، و له تصانيف (4). إلي آخره.7.
ص: 387
و قال: محمّد بن علي بن شهرآشوب، أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين الشيعي، قال الصفدي: كان متقدما في علم القرآن، و الغريب، و النحو، واسع العلم، كثير العبادة و الخشوع، ألّف الفصول في النحو، أسباب نزول القرآن، متشابه القرآن، مناقب آل أبي طالب، المكنون، المائدة و الفائدة في النوادر و الفوائد. مات سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة (1).
و قال: علي بن محمّد بن علي أبو الحسن بن أبي زيد الأسترآبادي الفصيحي- لتكراره علي فصيح تغلب- قرأ النحو علي عبد القاهر الجرجاني، و قرأ عليه ملك النحاة، و درّس النحو بالنظامية بعد الخطيب التبريزي، ثم اتهم بالتشيع فقيل له في ذلك فقال: لا أجحد، أنا متشيع من الفرق إلي القدم (2)،.
إلي آخره.
و قال: علي بن محمّد بن محمّد بن علي بن السكون الحلبي (3) أبو الحسن قال ياقوت: كان عارفا بالنحو و اللغة، حسن الفهم، جيد النقل، حريصا علي تصحيح الكتب، لم يضع قط في طرسه (4) إلّا ما وعاه قلبه، و فهمه لبّه (5)، و له تصانيف، مات في حدود سنة 606، و تفقه علي مذهب الشيعة و برع فيه و درسه، و كان متدينا مصليا بالليل، سخيا ذا مروّة، ثم سافر إلي مدينة النبي صلّي اللّه عليه و آله و أقام بها، و صار كاتبا لأميرها، ثم قدم الشام (6).
و قال: معاذ بن مسلم الهرّاء أبو مسلم، و قيل: أبو علي، مولي محمّد بن0.
ص: 388
كعب القرظي، من قدماء النحويين. إلي أن ذكر أنه أول من وضع علم الصرف، قال: و كان معاذ شيعيا، مات سنة 187.
و في تذكرة اليغموري: معاذ بن مسلم بن رجاء، روي عن جعفر الصادق عليه السلام، و له كتب في النحو (1).
و نقل مثله عن تاريخ بغداد لابن النجّار.
و قال: هبة اللّه بن علي بن محمّد- إلي آخر النسب- أبو السعادات المعروف: بابن الشجري. إلي أن قال: كان أوحد زمانه، و فرد أوانه في علم العربية و معرفة اللغة و أشعار العربية و أيامها و أحوالها، متضلعا من الأدب، كامل الفضل. إلي أن قال: مات سنة 542 (2).
قلت: قال في الرياض: هو من أكابر علماء الإمامية، و من جملة مشاهير مشايخ أصحابنا (3). و بسط في ترجمته، و ذكره صاحب المنتجب (4)، و يروي عنه القطب الراوندي و غيره.
و قال: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون النديم أبو عبد اللّه، قال ياقوت: ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الإمامية، و قال: هو شيخ هل اللغة و وجههم، و أستاذ أبي العباس ثعلب (5). إلي آخره.
و قال: الحسن بن أحمد بن نجار الإربلي النحوي، عزّ الدين الضرير الفيلسوف الرافضي، قال الذهبي: كان بارعا في العربية و الأدب، رأسا في علوم الأوائل، و كان في منزله بدمشق يقري المسلمين و أهل الذمة و الفلاسفة،3.
ص: 389
و له حرمة وافرة إلّا أنه كان رافضيا (1). إلي آخره.
و قال: الرضي، الإمام المشهور، صاحب شرح الكافية لابن الحاجب، الذي لم يؤلف [مثلها] (2) بل و لا في غالب كتب النحو مثله جمعا و تحقيقا، و حسن تعليل، و قد أكب الناس عليه و تداولوه، و اعتمده شيوخ هذا العصر فمن قبلهم في مصنفاتهم و دروسهم، و له فيه أبحاث كثيرة مع النحاة، و اختيارات و مذاهب تفرّد بها، و لقبه نجم الأئمة (3). إلي آخره.
و قال: زيد الموصلي النحوي، قال الصفدي: كان نحويا شاعرا (4) أديبا رافضيا (5). إلي آخره.
و قال: سلار- بالتشديد و بالراء- ابن عبد العزيز أبو يعلي النحوي، صاحب المرتضي أبي القاسم الموسوي (6). إلي آخره.
و قال- أيضا- يحيي بن أحمد بن سعيد الفاضل نجيب الدين الهذلي الحلي الشيعي، قال الذهبي: لغوي أديب، حافظ للأحاديث، بصير باللغة و الأدب، من كبار الرافضة، سمع من ابن الأخضر، ولد بالكوفة سنة إحدي و ستمائة، و مات ليلة عرفة سنة تسع و ثمانين (7). انتهي.
و هذا هو الشيخ نجيب الدين ابن عمّ المحقق، و صاحب الجامع في الفقه.
و هذا المقدار كاف في تزييف قوله: لا يذكرون أحدا من علمائنا أبدا.8.
ص: 390
و ذكر السيوطي في هذا الكتاب أيضا جماعة أخري معدودين في الإمامية، مذكورين في الرجال و تراجم العلماء، كالخليل (1)، و المازني (2)، و ابن السكيت (3)، و ابن جنّي (4).
لب- قوله: إلّا أنه ذكره في باب المحمودين، و هو أبصر بالمشاركين له في الدين.
كلام يورث في العين قذي، و في القلب شجي، فسبحان اللّه، ما أوحشه عن علمائنا الصادقين، و آنسه بأعدائهم المبتدعين، فلو سلّمنا أن القطب كان سنيا جزما، لكنه قرأ علي العلامة مدّة مديدة، و صرّح في إجازته له بأن اسمه محمّد، و الشهيد كان في بلده، و قرأ عليه و صاحبه و صرّح في مواضع بان اسمه محمّد، و هكذا سائر مشايخنا. و السيوطي كان من أهل أندلس مقيما بالديار المصرية، بعد القطب بأزيد من مائة و خمسين سنة، متفرّدا في هذا القول.
فكان الواجب نسبة الاشتباه إلي السيوطي، و تقديم قول أصحابنا بحسب الصناعة من غير نظر إلي علو مقامهم، و مع ذلك يقول: هو أبصر.
بل هو أعمي و اشرّ. هذا صاحب كشف الظنون، المتبحر في هذا الفن، ذكره في مواضع عديدة منها فيما يتعلّق بإشارات ابن سينا قال: و المحاكمة بين الشارحين الفاضلين للمحقق قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي المعروف:
بالتحتاني، المتوفي سنة 766 (5)، و هكذا في ذكر المطالع و الشمسية (6).3.
ص: 391
لج- قوله: و إن شئت عين عبارة صاحب البغية فهي هكذا: إلي آخره.
لا يخفي علي الناظر المتأمّل في تمام كلامه، أن عمدة ما أوقعه في هذه المهالك العظيمة، و بعثه لمخالفة كافّة علماء الإمامية هذه الترجمة، و أنت خبير بأنّه ما أشار فيه إلي مذهبه، و مجرّد ذكره في هذا الكتاب لا يدلّ بل و لا إشارة فيه و لو ضعيفة علي مطلوبه، بعد ما عرفت أن غرضه جمع النحاة من أي مذهب كانوا، و لذا ذكر فيه الذين أشرنا إليهم من أصحابنا، بل المتأمل يجد قرائن تورث الظن بأنّه لم يكن معتقدا لتسنّنه.
منها: أنه غالبا يتعرض في التراجم لذكر المذهب، و إنّما يهمله في المعروفين غالبا، و قد نص علي القطب الشيرازي- المعاصر له المذكور بعده بفاصلة ترجمة- أنه كان شافعيا (1)، و عدم تعرضه في هذه الترجمة لعدم اعتقاده فيه ذلك، و قد أهمل ذكر مذهب التشيع في ترجمة الرضي و سلّار، بل و المازني و أضرابه.
و منها: ما عرفت من اشتباهه في اسمه، الكاشف عن عدم استيناسهم به، و عدم اهتمامهم بمعرفة حاله، كما هو سيرتهم بالنسبة إلي علمائنا، و قد صرّح السيوطي في ترجمة الرضي النحوي، بأني لم أقف علي اسمه و لا علي شي ء من ترجمته (2). إلي آخره.
و هذا ابن حجر العسقلاني، ذكر العلامة في كتاب الدرر الكامنة، مرّة في أثناء أسامي الحسن- مكبرا- فقال: الحسن بن يوسف بن المطهّر جمال الدين الشهير: بابن المطهّر الأسدي، يأتي في الحسين. ثم في باب الحسين قال:
الحسين بن يوسف بن المطهّر (3). إلي آخر الترجمة.8.
ص: 392
و لهم في هذا الباب أوهام كثيرة لا منشأ لها إلّا عدم اعتنائهم بمعرفة حال أصحابنا إلّا في وقت الحاجة، أو لإظهار الفضيلة كالسيوطي في هذا الكتاب الموضوع لجمع النحاة، فذكر فيه من يعانده إظهارا لطول الباع و كثرة الاطلاع.
و مما يقلع أساس ما بناه أن متبحر أهل السنة في هذا الفن، ملّا كاتب چلبي، طريقته في كشف الظنون في ذكر صاحب كلّ كتاب خصوصا المعروفين غالبا التعرض لمذهبه، و تاريخ وفاته، و قد ذكر هذا القطب في مواضع عديدة، و لم يتعرض لمذهبه، كما لم يتعرض لمذهب الخواجه نصير الدين الطوسي (1) (رحمه اللّه).
لد- قوله: إذ قد عرفت من تضاعيف ما سبق. إلي قوله: بكونه منهم.
و نحن كلما نظرنا في طول كلامه لم نجد شاهدا ضعيفا لجواز احتمال ذلك، فضلا عن غاية الاشتهار.
له- قوله: بل ظهور عدم احتمال خلاف في ذلك من كلمات الفريقين.
سبحان اللّه، ما أجرأه علي هذا الكذب الواضح الصريح، و الافتراء علي المحق البري ء الصحيح، انظروا- يا معاشر أهل العلم- من أول الترجمة إلي هنا من كتابه، فهل تجدون فيه نقل احتمال تسنّنه عن متعلم فضلا عن عالم فضلا عن جميعهم، فضلا عن نصّهم عليه من فريقنا أو فريقهم.
نعم يوجد فيه نقل النص علي إماميته عن الشهيدين، و المحقق الثاني، و صاحب المعالم، و القاضي نور اللّه، و المحدّث البحراني، و السيد مصطفي التفريشي. و مع ذلك يدّعي ظهور عدم احتمال خلاف ذلك من كلمات الفريقين، إن هو إلّا إفك افتراه، لا تكاد تجده في مؤلفات إحدي الطائفتين.6.
ص: 393
لو- قوله: و حسب الدلالة علي كونه من كبار السنيّة. إلي آخره.
هو كسابقه، هذا المولي علي القوشجي يقول في مفتتح شرحه علي التجريد: و إن كتاب التجريد الذي صنفه في هذا الفن المولي الأعظم، و الحبر المعظم، قدوة العلماء الراسخين، أسوة الحكماء المتألّهين، نصير الحق و الدين، محمّد بن محمّد الطوسي قدس اللّه نفسه، و روّح رمسه، تصنيف مخزون بالعجائب، و تأليف مشحون بالغرائب (1).
و أنت خبير بأن القوشجي من المتعصبين المعروفين، و المولي الأولي نصير الدين أبغض العلماء في قلوبهم، و أشدّهم عليهم، و أضرّهم بهم علما و عملا، و قتلا و نهبا، و به قطع اللّه تعالي دابر خلفائهم العباسيين، و مع ذلك يمدحه بما تري، و يترحم عليه، و القطب في الغرب في بلد المخالفين، مشتغل بالعلوم العقلية، و التفتازاني المعاصر له في الشرق لم يظهر له منه ما يوجب تنفره منه، ففعل به ما يعامل به أهل كلّ فن بمشاركيهم فيه، و إن سرحت بريد الطرف في مسارح الصحف رأيت للقوشجي فيما فعله نظائر كثيرة.
لز- قوله: مع أن القطب المذكور. إلي آخره.
أمّا كتبه في المنقول فما عثر عليها، و أمّا في المعقول فقال في أوّل شرح المطالع: و الصلاة علي خير بريّته، و خليفته في خليفته، محمّد و آله خير آل ما ظهر لا مع آل، و خطر معني ببال (2).
و عثرت علي جلد الإلهيات من المحاكمات ليس لأوّلها خطبة، و قال في آخره: وفقنا اللّه و جميع طالبي الحكمة لدرك الحقّ، و وقفنا علي مقامات الصدق، إنه علي كل شي ء قدير، و بالإجابة جدير، و صلي اللّه علي سيّدنا محمّدا.
ص: 394
أشرف الأخيار و آله المعصومين الأئمة الأبرار، و شيعته المنتجبين الأبرار، و سلّم تسليما (1).
و لا يخفي علي البصير اختصاص هذه الكلمات بمؤلّفي الإمامية. نعم في خطبة شرح الشمسية عطف أصحابه المنتجبين بالآل عليهم السلام، و هذا الموضع الواحد كيف صار سببا لحكمه بأنّه لم يهمل أيضا في شي ء من مؤلّفاته؟
و هل هذا إلّا إغراق، و لا ينبغي صدوره عن العالم؟ مع أن القيد احترازي، و الصلاة علي المنتجبين منهم جائز وارد في جملة من الأدعية، خصوصا الدعاء الرابع من الصحيفة الكاملة (2) مع أن هذا المقدار من التجنب في بلاد المخالفين لمن كان مدرسا في مدرستهم مطلوب محبوب.
و لذا قال الشهيد الثاني في أول رسالة منية المريد: و علي آله و أصحابه المتأدّبين بآدابه (3).
و في أول رسالة أسرار الصلاة: و علي آله الأئمة الأبرار و صحبه الأخيار صلاة دائمة بدوام الليل و النهار (4).
و في أول شرح النفليّة: و علي أصحابه و أزواجه و أتباعه المرضية (5).
و في أول شرح اللمعة: و علي آله الأئمة النجباء، و أصحابه الأجلّة الأتقياء، خير آل و أصحاب (6).
و في أول شرح الدراية: و علي آله الأطهار و أصحابه الأخيار (7).5.
ص: 395
و نظائره كثيرة يوجب نقل عبائرهم الملالة.
ثم إنه بعد كلماته السابقة نقل ترجمة القطب عن رجال ميرزا محمّد الاخباري المعروف، و ليس فيها شي ء قابل للذكر إلّا أنه ذكر أنّه يروي عنه جماعة منهم الشهيد الأول، و السيد الشريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين محمّد بن أحمد الحنفي. إلي آخره.
فوقع نظره علي حشيش كالمرعي الوبيل، فتشبّث به بيديه، و قام مبتهجا كأنّه وحي أوحي إليه فقال:
لح- و منه ظهر أيضا حقيّة ما حققناه في حقّ الرجل، حيث لم نر أحدا من أهل السنة من نهاية تعصبهم في أمر المذهب يروي عن أحد من علماء الشيعة، و يدخلهم في جريدة مشايخه فضلا عن مثل هذين المتعصبين في مذهبهما: السيد الشريف الجرجاني، و القاضي بدر الدين الحنفي. انتهي.
و أنت خبير- بعد الغضّ عن صحة نقل هذا الرجل المطعون في نقله و رأيه و عقائده و أعماله، عند كافّة أصحابنا المعاصرين له. و المتأخرين عنه- أنه يكفي في تكذيب قوله: لم نره. إلي آخره. ما ذكره هو بنفسه في ترجمة الحموئي حيث قال: الإمام الهمام، و شيخ المسلمين و الإسلام، إبراهيم بن الشيخ سعد الدين محمّد بن المؤيّد أبي بكر ابن الشيخ الإمام العارف جمال السنة أبي عبد اللّه محمّد بن حمويه بن محمّد الجويني المعروف: بالحموئي، و ابن حمويه جميعا، كان من عظماء علماء العامة و محدثيهم الحفّاظ، و كذا أبوه وجده.
إلي أن قال: و لهذا الشيخ من الكتب المشهورة بين الفريقين كتابه المسمي: بفرائد السمطين.
إلي أن قال: و كان في طبقة العلامة و من عاصره من أجلّاء علمائنا رضوان اللّه تعالي عليهم، بل و له الرواية في ذلك الكتاب- و غيره أيضا- عن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهّر والد العلامة، و عن المحقق الحلّي، و ابن عمه
ص: 396
يحيي بن سعيد، و عن ابني طاوس، و الشيخ مفيد الدين بن جهم، من كبراء أصحابنا الحليين. و كذا عن الخواجه نصير الدين الطوسي، و السيد عبد الحميد ابن فخار بن معد الموسوي، بحق رواياتهم جميعا عن مشايخهم الثقات الأجلّة من فقهاء الشيعة.
و لهذا اشتبه الأمر علي صاحب الرياض حيث ذهب إلي تشيعه، أو لما ظفر به في تضاعيف كتابه من أحاديث الوصيّة و التفضيل و سائر أخبار الارتفاع التي قلّ ما يوجد مثلها في شي ء من كتب العامة، غافلا عمّا اشتمل عليه و تضمنه أيضا من النص علي خلافة الثلاثة، و الإشارة إلي فضائلهم. هذا و له الرواية أيضا- أو لأبيه الشيخ سعد الدين- عن الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست (1). انتهي.
و قال العالم الجليل السيد جواد في إجازته للمولي آغا محمّد علي الهزارجريبي ما لفظه: و ناهيك بما ينقل عن أحمد بن حنبل، فإنه لم يسمع منه في بغداد و لم يقبل حتي رحل إلي الكوفة و استجاز من علمائنا، مع أن حالته في التعصب معروفة (2). انتهي.
و قد روي السمعاني، و الحافظ محمّد بن أبي الفوارس عن السيد فضل اللّه الراوندي (3)، و الرافعي عن الشيخ منتجب الدين (4).
و صرّح السيوطي في الطبقات أنه يروي عن ابان بن تغلب: شعبة، و سفيان بن عيينة، و حماد بن زيد، و هارون بن موسي (5).3.
ص: 397
و صرّح ابن الأثير الجزري في جامع الأصول: أن الخطيب التبريزي يروي عن السيد المرتضي (1).
و هذا ما حضرني عاجلا، و المتتبع يجد من هذا الباب نظائر كثيرة.
طريفة: قال الفاضل المذكور- في باب السين في ترجمة سعد التفتازاني-:
قال ابن الحجر العسقلاني- كما في بغية الوعاة-: إنه ولد سنة اثنتي عشرة و سبعمائة و أخذ عن القطب (2). و الظاهر أنّ المراد هو قطب الدين الرازي الإمامي دون الشيرازي العامي (3). انتهي.
فكأني بالمولي المحقق قطب الملّة و الدين يوم العرصات يخاطب معاتبا صاحب الروضات، الذي أتعب نفسه في إخراجه من النور إلي الظلمات، و افتري عليه بما هو أثقل من الجبال الراسيات، فيقول له: عرفتني في باب السين و أنكرتني في باب القاف؟ فما عدا مما بدا؟ و ما دعاك إلي شقّ العصا، و مجانبة العلماء، و محوي عن دفتر السعداء، و عدي في عداد الأعداء؟! فهل رأيتني أتوضأ بالمسكر من الشراب، أو أسجد علي خرء الكلاب، أو أسقط من السور التسمية، أو اكتفي من القراءة بالترجمة، أو نقلت هجر نبيّنا عند الأجل، أو رويت توبة أصحاب الجمل؟ فهلا فعلت بي ما فعلت بطاوس اليمن فنظمته في سلك فقهاء الزمن، و اكتفيت منه بأدني الوهم الذي أورثك حسن الظن، من غير شهادة أحد بحسن حاله، و ظهور جملة من النصوص بسوء اعتقاده و قبح فعاله، و شيوع فتاويه المنكرة، و انقطاعه عن الأئمة الغرّ البررة؟! فإن كان إثبات الإيمان لأحد بالإقرار، فقد اعترفت لشمس الفقهاء4.
ص: 398
الشهيد الأول و إن كان بالشهادة، فقد شهد لي بالإيمان جمّ غفير لا يداني أحد منهم في العلم و العمل. و إن كان بالشهرة، فما ذكرني أحد من الأعلام إلّا و وصفني بالإيمان.
فما هذه الغميضة عن حقّي الواضح لمن كان له عينان؟! و إنك و إن فضحتني في الدنيا بعد طول السنين بين العلماء الراسخين، و افتريت عليّ بما هو أثقل من السموات و الأرضين، لكني لا اؤاخذك بحقّي في هذا المشهد العظيم، و أعفو عنك رجاء أن يصفح عنا ربّنا بعفوه الجسيم.
هذا آخر ما وعدنا من نصرة قطب الملّة و الدين، فخذه و كن من الشاكرين، و الحمد للّه ربّ العالمين.
ثاني عشرهم- يعني مشايخ الشهيد الأول-: السيد العالم الجليل المرتضي عميد الدين عبد المطلب ابن السيد الأجل مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن أبي الحسن علي فخر الدين، العالم الفاضل. الأديب الشاعر، النسابة ابن محمّد بن أحمد بن علي الأعرج بن سالم بن بركات بن أبي البركات محمّد بن أبي الأعزّ محمد ابن أبي عبد اللّه الحسين النقيب بالحائر بن علي بن أبي محمد الحسن ابن محمّد الأعزّ ابن أبي محمّد أحمد الزائر بن أبي أحمد علي بن أبي الحسين يحيي النسابة. إلي آخر ما تقدم (1) في نسب السيد مهنّا المدني. و أمّه بنت الشيخ سديد الدين والد العلامة.
قال السيد ضامن في تحفة الأزهار: كان سيّدا جليل القدر، رفيع المنزلة، عظيم الشأن، حسن الشمائل، جمّ الفضائل، عالي الهمة، وافر الحرمة، كريم الأخلاق، زكي الأعراق، عمدة السادة الأشراف بالعراق، عالما عاملا فاضلا كاملا، فقيها محدّثا مدرسا بتحقيق و تدقيق، فصيحا بليغا أديبا مهذبا (2).
ص: 399
انتهي.
و مصنفاته مشهورة معروفة، ولد ليلة النصف من شعبان سنة 681 و توفي ليلة الاثنين عاشر شعبان سنة 754.
و في مجموعة الشهيد بخط الشيخ الجبعي: أجاز عميد الدين لابن مكّي لمّا قرأ عليه الجزء الأول من تذكرة الفقهاء، و أجاز له باقي الأجزاء سنة اثنتين و خمسين و سبعمائة بالحلة السيفية، و ولد عميد الدين عبد المطلب، و ذكر تاريخ الولادة و الوفاة، و أنه (رحمه اللّه) توفي ببغداد، و حمل إلي المشهد المقدس الغروي بعد أن صلّي عليه بالحلة في يوم الثلاثاء بمقام أمير المؤمنين عليه السلام (1)، انتهي.
و هو يروي عن جماعة:
الأول: والده: مجد الدين أبو الفوارس محمّد، العالم الجليل، و قد بالغ في الثناء عليه في تحفة الأزهار، قال: و اسمه مرقوم في حائر الحسين عليه السلام، و مساجد الحلّة، و يقال لولده بنو الفوارس (2).
عن آية اللّه العلامة.
الثاني: جدّه: فخر الدين علي المتوفي سنة اثنتين و سبعمائة، كما في مجموعة الشهيد (3).
عن السيد الجليل عبد الحميد بن فخار.
الثالث: آية اللّه العلامة.
الرابع: الشيخ مفيد الدين جهم (4)، الآتي ذكره (5).9.
ص: 400
الخامس: العالم الفاضل، رضي الدين علي بن الشيخ سديد الدين يوسف- أخو العلامة- صاحب كتاب العدد القوية، الذي قد أكثر في البحار النقل عن المجلد الثاني منه الذي وصل إليه، و يظهر منه أنه كتاب نافع جامع، توفي في حياة والده.
عن والده سديد الدين يوسف (1).
و عن المحقق نجم الدين (2)، و يأتي ذكر طرقهما (3).
ثالث عشرهم: العالم الجليل السيد ضياء الدين عبد اللّه بن أبي الفوارس، أخو السيد عميد الدين صاحب منية اللبيب في شرح التهذيب.
و في الرياض: هو الفقيه الجليل، الأعظم الأكمل الأعلم الأفضل، الكامل المعروف بالسيد ضياء الدين الأعرج الحسيني (4).
عن خاله الأعظم و الطود الأشم العلامة (رحمه اللّه)
رابع عشرهم: أجلّ مشايخه (5) و أعظم أساتيذه، العالم المحقق، النقاد الفقيه، فخر الملّة و الدين، أبو طالب محمّد ابن آية اللّه العلامة، المعبّر عنه في الكتب الفقهية: بفخر الدين، و فخر الإسلام، و فخر المحققين،
ص: 401
و الفخر. المتولد في ليلة الاثنين العشرين من جمادي الأولي سنة 682 المتوفي ليلة الجمعة الخامس و العشرين من جمادي الآخرة سنة 771 صاحب التحقيقات الشائعة، و التصانيف الرائقة، و منها المسائل الحيدرية، و هي مسائل سأله عنها تلميذه الأجل السيد حيدر الآملي- صاحب: الكشكول، و منبع الاسرار- و هي موجودة عندي بخط السيد و الأجوبة بخط الفخر، بين السطور و بعضها في الحاشية.
قال السيد بعد الحمد و الصلاة: هذه مسائل سألتها عن جناب الشيخ الأعظم سلطان العلماء في العالم، مفخر العرب و العجم، قدوة المحققين، مقتدي الخلائق أجمعين، أفضل المتأخرين و المتقدمين، المخصوص بعناية ربّ العالمين، الإمام العلامة في الملّة و الحق و الدين، ابن المطهّر مدّ اللّه ظلال إفضاله، و شيّد أركان الدين ببقائه، مشافهة في مجالس متفرقة علي سبيل الفتوي. و كان ابتداء ذلك في سلخ رجب المرجب سنة تسع و خمسين و سبعمائة هجرية نبويّة هلالية، ببلدة الحلة السيفية حماها اللّه عن الحدثان، و أنا العبد الفقير حيدر بن علي بن حيدر العلوي العلوي الحسيني الآملي، أصلح اللّه حاله، و جعل الجنّة مآله، ما يقول شيخنا. إلي آخره. و بخطه الشريف في الحاشية متصلا بقوله هذه مسائل: هذا صحيح (1)، قرأ عليّ أطال اللّه عمره، و رزقنا بركته و شفاعته عند أجداده الطاهرين، و أجزت له رواية الأجوبة عنّي، و كتب محمّد بن المطهّر.
و تقدم في أول الفائدة ما يناسب المقام (2).9.
ص: 402
و عن والده: الشيخ الأجل الأعظم، بحر العلوم و الفضائل و الحكم، حافظ ناموس الهداية، كاسر ناقوس الغواية، حامي بيضة الدين، ماحي آثار المفسدين، الذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النجوم، و علي المعاندين الأشقياء أشد من عذاب السموم، و أحدّ من الصارم المسموم، صاحب المقامات الفاخرة، و الكرامات الباهرة، و العبادات الزاهرة، و السعادات الظاهرة، لسان الفقهاء و المتكلمين، و المحدثين و المفسرين، ترجمان الحكماء و العارفين، و السالكين المتبحرين، الناطق عن مشكاة الحق المبين، الكاشف عن أسرار الدين المتين، آية اللّه التامة العامة، و حجة الخاصة علي العامة، علامة المشارق و المغارب، و شمس سماء المفاخر و المناقب، و المكارم و المآرب، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن مطهّر الحليّ، أفاض اللّه تعالي علي مرقده شآبيب الرحمة و الرضوان، و أسكنه أعلي غرف الجنان.
أمه أخت نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد المحقق.
تولّد في التاسع و العشرين من شهر رمضان المبارك سنة 648، و توفي في يوم السبت الحادي و العشرين من محرم الحرام سنة 726.
و كان آية اللّه لأهل الأرض، و له حقوق عظيمة علي زمرة الإمامية، و الطائفة الحقة الاثني عشرية، لسانا و بيانا، تدريسا و تأليفا، و كفاه فخرا علي من سبقه و لحقه مقامه المحمود في اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين فأفحمهم، و صار سببا لتشيع السلطان محمّد الملقب بشاة خدابنده الجايتوخان
ص: 403
ابن ارغون خان بن اباقا خان بن هولاكو خان بن تولي خان بن چنگيزخان، و صارت السكة و الخطب في البلاد بأسامي الأئمة عليهم السلام.
فإن السلطان غازان خان في سنة اثنتين و سبعمائة كان في بغداد، فاتفق أن سيدا علويا صلّي الجمعة في يوم الجمعة في الجامع ببغداد مع أهل السنة، ثم قام و صلّي الظهر منفردا، فتفطنوا منه ذلك، فقتلوه فشكا أقاربه إلي السلطان، فانكسر خاطره و أظهر الملالة من أنّه لمجرّد إعادة الصلاة يقتل رجلا من أولاد الرسول صلي اللّه عليه و آله، و لم يكن له علم بالمذاهب الإسلامية، فقام يتفحص عنها.
و كان في أمرائه جماعة متشيّعون منهم: أمير طرمطار بن مانجوبخشي بخشي، و كان في خدمة السلطان من صغره، و كان له وجه عنده، و كان يستنصر مذهب التشيع، و لمّا رآه مغضبا علي أهل السنة، انتهز الفرصة و رغّبه في مذهب التشيع، فمال إليه، و قام في تربية السادة، و عمارة مشاهد الأئمة عليهم السلام إلي أن توفي.
و قام بالسلطنة أخوه السلطان محمّد، و صار مائلا إلي الحنفية بإغواء جمع من علمائهم، فكان يكرمهم و يوقّرهم، فكانوا يتعصبون لمذهبهم، و كان وزيره خواجه رشيد الدين الشافعي ملولا من ذلك، و لكن لم يكن قادرا علي التكلم بشي ء من جهة السلطان، إلي أن جاء القاضي نظام الدين عبد الملك من مراغة إلي خدمة السلطان، و كان ماهرا في المعقول و المنقول، فجعله قاضي القضاة لتمام ممالكه، فجعل يناظر مع علماء الحنفية في محضر السلطان في مجالس عديدة فيعجزهم، فمال السلطان إلي مذهب الشافعية، و الحكاية المشهورة في الصلاة وقعت في محضره، فسأل العلامة قطب الدين الشيرازي إن أراد الحنفي أن يصير شافعيا فماله أن يفعل؟ فقال: هذا سهل يقول: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه.
ص: 404
و في سنة تسع و سبعمائة أتي ابن صدرجهان الحنفي من بخاري إلي خدمة السلطان، فشكا إليه الحنفية من القاضي نظام الدين، و أنه أذلّنا عند السلطان و أمرائه، فألطف بهم و وعدهم إلي أن كان في يوم الجمعة في محضر السلطان، سأل القاضي مستهزئا عن جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزنا علي مذهب الشافعي فقرره القاضي، و قال: هو معارض بمسألة نكاح الأخت و الأم في مذهب الحنفية، فطال بحثهما و آل إلي الافتضاح، و أنكر ابن صدر الحنفي ذلك، فقرأ القاضي من منظومة أبي حنيفة:
و ليس في لواطة من حدّ و لا بوطء الأخت بعد عقد
فأفحموا و سكتوا و ملّ السلطان و أمراؤه، و ندموا علي أخذهم مذهب الإسلامية (1)، و قام السلطان مغضبا، و كانت الأمراء يقول بعضهم لبعض: ما فعلنا بأنفسنا؟! تركنا مذهب آبائنا و أخذنا دين العرب المنشعب إلي مذاهب، و فيها نكاح الأم و الأخت و البنت، فكان لنا أن نرجع إلي دين أسلافنا. و انتشر الخبر في ممالك السلطان، و كانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منهم و يستهزئون بهم، و يسألونهم عن هذه المسائل.
و في هذه الأيام وصل السلطان في مراجعته إلي كلستاني، و كان فيه قصر بناه أخوه السلطان غازان خان فنزل السلطان مع خاصته فيه.
فلمّا كان الليل أخذهم رعد و برق و مطر عظيم في غير وقته بغتة، و هلك جماعة من مقرّبي السلطان بالصاعقة، ففزع السلطان و أمراؤه و خافوا، فرحلوا منه علي سرعة. فقال له بعض أمرائه: إنّ علي قاعدة المغول لا بدّ أن يمرّ السلطان علي النار، فأمر بإحضار أساتيذ هذا الفن فقالوا: إنّ هذه الواقعة منة.
ص: 405
شؤم الإسلام، فلو تركه السلطان تصلح الأمور.
فبقي السلطان و أمراؤه متذبذبين في مدّة ثلاثة أشهر في تركهم دين الإسلام، و كان السلطان متحيرا متفكرا و يقول: أنا نشأت مدّة في دين الإسلام، و تكلّفت بالطاعات و العبادات فكيف أترك دين الإسلام؟
فلما رأي أمير طرمطار تحيّره في أمره قال له: إن السلطان غازان خان كان أعقل الناس و أكملهم، و لمّا وقف علي قبائح أهل السنة مال إلي مذهب التشيّع، و لا بدّ أن يختاره السلطان.
فقال: ما مذهب الشيعة؟
قال أمير طرمطار: المذهب المشهور بالرفض.
فصاح عليه السلطان: يا شقي، تريد أن تجعلني رافضيا. فأقبل الأمير يزين مذهب الشيعة و يذكر محاسنه له.
و قال: تقول الشيعة: إن الملك يصير بعد السلطان إلي ولده، و تقول أهل السنة: إنه ينتقل إلي الأمراء. فمال السلطان إلي التشيع.
و في هذه الأيام ورد علي السلطان السيد تاج الدين الآوي الإمامي مع جماعة من الشيعة، و كانوا يناظرون مع القاضي نظام الدين في محضر السلطان في مباحث كثيرة، فعزم السلطان الرواح إلي بغداد و زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا ورد رأي بعض ما قوي به دين الشيعة، فعرض السلطان صورة الواقعة علي الأمراء، فحرّضه عليه من كان منهم في مذهب الشيعة، فصدر الأمر بإحضار أئمة الشيعة. فطلبوا جمال الدين العلامة، و ولده فخر المحققين، و كان مع العلامة من تأليفاته كتاب نهج الحق و كشف الصدق، و كتاب منهاج الكرامة، فأهداهما إلي السلطان، و صار موردا للإلطاف و المراحم.
فأمر السلطان قاضي القضاة نظام الدين عبد الملك- و هو أفضل علماء
ص: 406
زمانهم- أن يناظر مع آية اللّه العلامة، و هيّأ مجلسا عظيما مشحونا بالعلماء و الفضلاء، فأثبت العلامة- رفع اللّه تعالي أعلامه- بالبراهين القاطعة، و الدلائل الساطعة، خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بلا فصل، و أبطل خلافة الثلاثة، بحيث لم يبق للقاضي مجال مدافعة و إنكار، بل شرع في مدح العلامة و استحسن أدلّته.
قال: غير أنّه لمّا سلك السلف سبيلا فاللازم علي الخلف أن يسلكوا سبيلهم، لإلجام العوام، و دفع تفرّق كلمة الإسلام، و يستر زلّاتهم، و يسكت في الظاهر عن الطعن عليهم. و دخل السلطان و أكثر أمرائه في ذلك المجلس في مذهب الإمامية- كثرهم اللّه تعالي- و تابوا من البدع التي كانوا عليها، و أمر السلطان في تمام ممالكه بتغيير الخطبة، و إسقاط أسامي الثلاثة عنها، و بذكر أسامي أمير المؤمنين و سائر الأئمة عليهم السلام علي المنابر، و بذكر (حي علي خير العمل) في الأذان، و بتغيير السكة و نقش الأسامي المباركة عليها.
و لمّا انقضي مجلس المناظرة خطب العلامة خطبة بليغة شافية، و حمد اللّه تعالي و أثني عليه، و صلّي علي النبي صلّي اللّه عليه و علي آله.
فقال السيد ركن الدين الموصلي الذي كان ينتظر عثرة منه- و لم يعثر عليها-:
ما الدليل علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء عليهم السلام. فقرأ العلامة (رحمه اللّه) قوله تعالي: الَّذِينَ إِذٰا أَصٰابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قٰالُوا إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ.
أُولٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ (1).
فقال الموصلي: ما الذي أصاب عليا و أولاده عليهم السلام من المصيبة حتي استوجبوا الصلاة عليهم؟
فعدّ الشيخ بعض مصائبهم، ثم قال: أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن7.
ص: 407
يكون مثلك تدّعي أنّك من أولادهم ثم تسلك سبيل مخالفيهم، و تفضل بعض المنافقين عليهم، و تزعم الكمال في شرذمة من الجهال؟! فاستحسنه الحاضرون، و ضحكوا علي السيد المطعون، فأنشد بعض من حضر:
إذا العلوي تابع ناصبيا لمذهبه فما هو من أبيه
و كان الكلب خيرا منه طبعا لأن الكلب طبع أبيه فيه
و جعل السلطان بعد ذلك السيد تاج الدين محمّد الآوي- المتقدم ذكره (1) - و هو من أقارب السيد الجليل رضيّ الدين محمّد بن محمد الآوي، نقيب الممالك، و له و لأولاده شرح يطول.
هذا، و لآية اللّه العلامة بعد ذلك من المناقب و الفضائل ما لا يحصي.
أمّا درجاته في العلوم و مؤلّفاته فيها فقد ملأت الصحف، و ضاق عنها الدفتر، و كلّما أتعب نفسي فحالي كناقل التمر إلي هجر، فالأولي تبعا لجمع من الأعلام الإعراض عن هذا المقام.
و في الرياض: إنه كان من أزهد الناس و أتقاهم، و من زهده ما حكاه السيد حسين المجتهد في رسالة النفحات القدسية عنه، أنه قدس سره أوصي بجميع صلواته و صيامه مدّة عمره و بالحج عنه- مع أنه كان قد حجّ- كما نقله في شأن الشيخ علي الكركي أيضا (2).
و ذكر القاضي في المجالس و بعض فضلاء عصر شيخنا البهائي (3) حكاية له (رحمه اللّه) مع اختلاف يسير بينهما، و نحن نسوقها بلفظ الثاني، قال:ا.
ص: 408
و قيل: إنه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه، و كان يأبي عليه، و كان كتابا كبيرا جدّا، فاتفق أنه أخذه منه مشترطا بأنه لا يبقي عنده غير ليلة واحدة، و هذا كتاب لا يمكن نسخة إلّا في سنة أو أكثر، فأتي به الشيخ رحمه اللّه و شرع في كتابته في تلك الليلة، فكتب منه صفحات و ملّ، و إذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز، فسلّم و جلس ثم قال: أيّها الشيخ، تمسطر لي الأوراق و أنا أكتب، فكان الشيخ يمسطر له الورق و ذلك الرجل يكتب، و كان لا يلحق المسطر بسرعة كتابته، فلمّا نقر ديك الصباح و صاح، و إذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.
و قد قيل: إن الشيخ لمّا ملّ الكتابة نام، فانتبه فرأي الكتاب مكتوبا، و صرّح في المجالس بأنه كان هو الحجة عليه السلام (1).
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من النواميس العظام، و حفّاظ شريعة خير الأنام عليه و آله الصلاة و السلام.
أحد المشايخ الفقهاء الأجلّة، و هو الذي لمّا سأل الشيخ الأعظم الخواجه نصير الدين عن المحقق نجم الدين، لمّا حضر عنده بالحلة، و اجتمع عنده فقهاؤها: من أعلم الجماعة بالأصولين؟ فأشار في الجواب إليه و إلي والد العلامة، و قال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام و أصول الفقه.
عن السيد المؤيد فخار بن معد.
الثاني: الحكيم المتألّه كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، صاحب الشروح الثلاثة علي نهج البلاغة، و شارح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام، قد أفرد في شرح حاله بالتأليف المحقق البحراني الشيخ
ص: 409
سليمان و سمّاه: السلافة البهية.
و قال- أيضا- في الفصل الذي ألحقه ببلغته في الرجال في ذكر علماء البحرين: و منهم العالم الرباني، و العارف الصمداني، كمال الدين ميثم بن علي ابن ميثم البحراني، و هو المشهور في لسان الأصحاب بالعالم الرباني، و المشار إليه في تحقيق الحقائق، و تشييد المباني.
ثم ذكر بعض مناقبه و فضائله و مؤلفاته. إلي أن قال: و قبره متردد بين بقعتين كلتاهما مشهورة بأنها مشهده، إحداهما: في صيانة الدويخ، و الأخري:
في هلتا (1) من الماحوز، و أنا أزوره فيهما احتياطا، و إن كان الغالب علي الظن أنه في هلتا، لوفور القرائن علي ذلك من ظهور آثار الدعوات، و توافر المنامات.
و من غريب ما اتفق من المنامات في ذلك أن بعض المؤمنين من أهل الماحوز ممّن لا سواد له، و هو متمسك بظاهر الخبر، رأي في المنام أن الشيخ كمال الدين مضطجع فوق ساجة قبره الذي في هلتا، مسجي بثوب، و قد كشف الثوب عن وجهه قال: فشكوت إليه ما نلقي من الأعراب، فأجابني بقوله تعالي: وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (2) ثم سألته عن قوله تعالي: انْطَلِقُوا إِليٰ مٰا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. انْطَلِقُوا إِليٰ ظِلٍّ ذِي ثَلٰاثِ شُعَبٍ (3) الآية.
فقال: إن النواصب و من يشاكلهم في عقائدهم الفاسدة ينطلقون إلي الرسول صلّي اللّه عليه و آله و قد كطمهم العطش و الحرّ، فيطلبون منه السقيا و الاستظلال، فيقول لهم: انطلقوا إلي ما كنتم به تكذّبون- يعني عليا عليه السلام- فينطلقون إلي علي عليه السلام فيقول لهم: انطلقوا إلي ظلّ ذي ثلاث0.
ص: 410
شعب، يعني به الثلاثة المتلصصة خذلهم اللّه. و كان ذلك في سنة 1102.
ثم إن الرجل سألني عن هذه الآية، و لم يكن يحضرني ما ورد من أهل البيت عليهم السلام فيها، فأخبرته بتفاسير، فقال: أ لها تفسير غير هذا؟ ففتشنا تفسير الشيخ الثقة الجليل أبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم، فوجدت التفسير الذي حكاه عن منامه مرويّا فيه عنهم عليهم السلام، و هو من أغرب المنامات (1).
قلت: الظاهر أن قوله: أبي الحسن إلي آخره من سهو قلمه الشريف، إذ ليس في تفسير القمي ما نسبه إليه، و لا نقله أحد عنه، و الذي فيه ما رواه في ذلك تفسير الثقة محمّد بن العباس بن الماهيار، رواه فيه مسندا عن الصادق عليه السلام، علي ما نقله عنه الشيخ شرف الدين في كتاب تأويل الآيات (2).
توفي رحمه اللّه تعالي سنة 679.
و قد ذكرنا في الفائدة السابقة (3) شرح حال كتاب الاستغاثة، و أن نسبته إليه من الأغلاط الظاهرة، فلاحظ.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة عثرنا علي اثنين منهم.
الأول: الفيلسوف الأعظم الخواجه نصير الدين، الآتي ذكره (4).
و قال الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين، في ترجمته في مادة مثم: إنه شيخ نصير الدين في الفقه (5).
و في اللؤلؤة، عن الرسالة المسمّاة بالسلافة البهيّة، للشيخ سليمان2.
ص: 411
البحراني: وجدت بخط بعض الأفاضل المعتمدين أن الخواجه تلمذ علي الشيخ كمال الدين ميثم في الفقه، و الشيخ كمال الدين تلمّذ علي الخواجه في الحكمة (1).
الثاني: الشيخ الجليل جمال الدين- أو كمال الدين- علي بن سليمان البحراني (2)، الفاضل الجليل الصمداني، الحكيم العالم الرباني.
في الخلاصة: كان عالما بالعلوم العقلية و النقلية، عارفا بقواعد الحكماء، له مصنفات حسنة (3).
و قال صاحب المعالم: رأيت منها كتاب مفتاح الخير في شرح رسالة الطير للشيخ أبي علي ابن سينا، و شرح قصيدة ابن سينا في النفس، و فيها دلالة واضحة علي ما وصفه به العلامة و زيادة (4). انتهي.
و هو الذي أرسل إلي الخواجه نصير الدين رسالة العلم و توابعها لأستاذه الشيخ كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني، و التمس منه شرح تلك الرسالة، فقال الخواجه في أوّل شرحه عليها:
أتاني كتاب في البلاغة منته إلي غاية ليست تقارب بالوصف
و ذكر أبياتا ثم قال: وردت رسالة شريفة، و مقالة لطيفة، مشحونة بفرائد الفوائد، مشتملة علي صحائف اللطائف، مستجمعة لعرائس النفائس، مملوّة0.
ص: 412
من زواهر الجواهر، من الجناب الكريم السيد السندي، العالمي العاملي، الفاضلي المفضلي، المحققي المدققي، الجمالي الكمالي، أدام اللّه جماله، و حرس كماله، إلي الداعي الضعيف، المحروم اللهيف، محمّد الطوسي. إلي آخره.
و هو موجود عندي بخط العالم المتألّه السيد حيدر الآملي.
و في اللؤلؤة: و قبره الآن في قرية سترة من قرايا بلادنا البحرين، إلي جنب قبر شيخه ابن سعادة (1).
عن الشيخ المحقق المتكلم النحرير، كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي ابن سعيد بن سعادة.
قال المحقق الشيخ سليمان: له رسالة العلم التي شرحها سلطان المحققين خواجة نصير الملة و الدين الطوسي، و هي رسالة جيدة تشعر بفضل غزير، و قد أثني عليه الخواجه في ديباجة شرحه ثناء عظيما.
قلت: قال بعد قوله المتقدم و شطر من وصف الرسالة: و هي أوراق مشتملة علي رسائل في ضمنها مسائل، أرسلها و سأل عنها من كان أفضل زمانه، و أوحد أقرانه، الذي نطق الحق علي لسانه، و لوح الحقيقة في بيانه، و رأيت المولي أدام اللّه فضائله قد سألني الكلام فيها، و كشف القناع عن مطاويها، و أين أنا من المبارزة مع فرسان الكلام، و المعارضة مع البدر التمام؟
و كيف يصل الأعرج إلي قلة الجبل المنيع، و أني يدرك الظالع شأو الضليع (2). إلي آخره.
عن الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي الآتي ذكره في مشايخ ابني طاوس (3).5.
ص: 413
الثالث- من مشايخ آية اللّه العلّامة-: العالم الفاضل الحسن (1) بن الشيخ كمال الدين علي بن سليمان، المتقدم ذكره (2).
عن والده، صرّح بذلك في إجازته الكبيرة (3).
الفاضل العالم الفقيه، الأديب النحوي، المعروف: بالشيخ نجيب الدين، ابن عم المحقق، و صاحب كتاب الجامع، و كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه و النظائر.
المتولّد سنة 601، و امه بنت الفقيه محمّد بن إدريس صاحب السرائر.
قال ابن داود في ترجمته: شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة، كان جامعا لفنون العلوم الأدبية و الفقهية و الأصولية، كان أورع الفضلاء و أزهدهم.
إلي أن قال: مات في ذي الحجة سنة 690 (4).
و في الرياض، عن الكفعمي في حواشي فرج الكرب، بعد ذكره، و ذكر بعض مؤلفاته. و مدحه بعض الفضلاء:
ليس في الناس فقيه مثل يحيي بن سعيد.
صنّف الجامع فقها قد حوي كلّ شريد.
و مدحه بعض الفضلاء بقوله:
يا سعيد الجدود يا بن سعيد أنت يحيي و العلم باسمك يحيي
ص: 414
ما رأينا كمثل بحثك بحثا ظنّه العالم المحقق وحيا
و ذكر في الرياض: أنه رأي خطّ غياث الدين عبد الكريم بن طاوس، علي هامش معالم العلماء، هكذا: بلغ قراءة علي شيخنا العلامة بقيّة المشيخة نجيب الدين يحيي بن سعيد أدام اللّه تعالي بركته (1) إلي آخره.
و بالجملة فهو من الفقهاء المعروفين المنقول فتاويه في كتب الأصحاب، صاحب التصانيف الكثيرة التي أهمل ذكرها المترجمون سوي خرّيت هذه الصناعة صاحب الرياض، فرأيت ذكرها أداء لبعض حقوقه، و إن بنينا علي عدم ذكر المؤلفات في التراجم، لوجودها في أغلب الفهارس، و هذه صورتها:
كتاب الجامع للشرائع في الفقه.
كتاب نزهة الناظر في الفقه.
كتاب المدخل في أصول الفقه.
كتاب الفحص و البيان عن أسرار القرآن، نسبه إليه الشيخ زين الدين البياضي في كتابه الصراط المستقيم، و قال: إنه قد قابل ذلك الكتاب الآيات الدالة علي اختيار العبد بالآيات الدالّة علي الجبر، فوجد آيات العدل تزيد علي آيات الجبر بسبعين آية (2).
كتاب معالم الدين في الفقه، نسبه إليه سبط الشيخ علي الكركي في رسالة اللمعة في مسألة صلاة الجمعة.
و كتاب كشف الالتباس عن نجاسة الأرجاس (3)، نسبه إليه الكفعمي في بعض مجاميعه.س.
ص: 415
مسألة في نجاسة المشركين.
كتاب في السفر، نسبه إليه الشهيد في الذكري (1).
مسألة في البحث عن قضاء الصلوات الفائتة، نسبها إليه الشهيد في شرح الإرشاد (2).
فمن الغريب- بعد ذلك- ما في الروضات، في ترجمة المحقق، بعد ذكر اسم الشيخ المذكور في سلك تلامذة المحقق، ما لفظه: و ظني أن معظم تسلّط الشيخ نجيب الدين المذكور كان في فنون العربية و الأخبار، لما نقله صاحب البغية- يعني السيوطي- بعد الترجمة له بعنوان: يحيي بن أحمد بن يحيي بن سعيد، الفاضل نجيب الدين الهذلي الشيعي، عن الفاضل الذهبي إنه لغوي أديب، حافظ للأحاديث، بصير باللغة و الأدب، من كبار الرافضة (3). إلي آخره.
و هذا الذهبي من النصاب المعروفين عند أصحابنا، فكيف ظن بقوله و لم يظن بقول تلميذه الأجل ابن داود، و غيره من مترجمي أصحابنا، أنه من كبار فقهائنا؟! و يروي هذا الشيخ عن جماعة:
(أ)- أبو حامد السيد محيي الدين الحسيني، الآتي ذكره في مشايخ المحقق (4).
(ب)- نجم الدين ابن عمه المحقق، صرّح بذلك الشيخ حسين بن علي ابن حماد الليثي في إجازته للشيخ نجم الدين خضر بن محمّد.ي.
ص: 416
(ج)- نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نما، و يأتي في مشايخ المحقق أيضا (1).
(د)- شمس الدين أبو علي فخار بن معد، شيخ المحقق.
(ه)- الشيخ محمّد بن أبي البركات، و قد تقدم ذكره (2).
الخامس- من مشايخه-: والده الأجل الأكمل سديد الدين أبو يعقوب- و يقال أبو المظفر- يوسف بن زين الدين علي بن المطهّر الحلي، الفقيه المتكلم الأصولي.
قال الشهيد في إجازته لابن الخازن، في أثناء ذكر العلامة: و منهم:
الحسن ابن الإمام الأعظم الحجة أفضل المجتهدين، السعيد الفقيه سديد الدين أبو المظفر ابن الإمام المرحوم زين الدين علي بن المطهّر، أفاض اللّه علي ضرائحهم المراحم الربانية، و حباهم بالنعم الهنيئة (3)، انتهي.
و منه يظهر أن زين الدين علي- جدّ العلامة- كان أيضا من العلماء المبرزين.
و قال العلامة (رحمه اللّه) في كشف اليقين، في باب أخبار مغيبات أمير المؤمنين عليه السلام: و من ذلك إخباره عليه السلام بعمارة بغداد، و ملك بني العباس و أحوالهم، و أخذ المغول الملك منهم، رواه والدي (رحمه اللّه) و كان ذلك سبب سلامة أهل الكوفة و الحلة و المشهدين الشريفين من القتل. لانه لمّا وصل السلطان هولاكو إلي بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر الحلة إلي البطائح إلا القليل، فكان من جملة القليل والدي (رحمه اللّه) و السيد مجد الدين بن
ص: 417
طاوس (1)، و الفقيه بن أبي الغزّ، فأجمع رأيهم علي مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيليّة، و أنفذوا به شخصا أعجميا.
فأنفذ السلطان إليهم فرمانا مع شخصين أحدهما يقال له: نكله، و الآخر يقال له: علاء الدين، و قال لهما: قولا لهم: إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم تحضرون إلينا.
فجاء الأميران، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه، فقال والدي (رحمه اللّه): إن جئت وحدي كفي؟ فقالا: نعم، فأصعد معهما.
فلمّا حضر بين يديه، و كان ذلك قبل فتح بغداد، و قبل قتل الخليفة، قال له: كيف قدمتم علي مكاتبتي و الحضور عندي قبل أن تعلموا بما ينتهي إليه أمري و أمر صاحبكم؟! و كيف تأمنون أن يصالحني و رحلت عنه؟! فقال والدي (رحمه اللّه): إنّما أقدمنا علي ذلك لأنّا روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال في خطبة:
الزوراء و ما أدراك ما الزوراء! أرض ذات أثل، يشيّد فيها البنيان، و تكثر فيها السكان، و يكون فيها محارم و خزّان، يتخذها ولد العباس موطنا، و لزخرفهم مسكنا، تكون لهم دار لهو و لعب، يكون بها الجور الجائر، و الخوف المخيف، و الأئمة الفجرة، و الأمراء الفسقة، و الوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس و الروم، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، و لا يتناهون عن منكر إذا نكروه،ي.
ص: 418
تكتفي الرجال منهم بالرجال، و النساء بالنساء. فعند ذلك الغمّ العميم، و البكاء الطويل، و الويل و العويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، و هم قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطرقة، لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم، جهوري الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلّا فتحها، و لا ترفع عليه رأيه إلّا نكسها، الويل الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتي يظفر (1).
فلما وصف لنا ذلك، و وجدنا الصفات فيكم، رجوناك فقصدناك.
فطيّب قلوبهم، و كتب لهم فرمانا باسم والدي (رحمه اللّه) يطيب فيه قلوب أهل الحلة و أعمالها (2). انتهي.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة:
أ- المحقق خواجة نصير الدين الطوسي، كما يظهر من إجازة الشيخ محمّد بن احمد الصهيوني للشيخ علي بن عبد العالي الميسي (3).
ب- السيد العلامة النسابة فخار بن معد الموسوي، صرح بذلك الشهيد الثاني في أخر كشف الريبة، و المحقق الثاني في إجازته لسميّه (4).
ج- نجيب الدين أبي إبراهيم محمّد بن نما، كما يظهر من الإجازة المذكورة. (5)
د- الشيخ الإمام مهذب الدين الحسين (6) بن أبي الفرج ابن ردة النيلي،4.
ص: 419
العالم المحقق الجليل.
1- عن رضي الدين أبي نصر الحسن ابن أمين الدين أبي علي الفضل ابن الحسن الطبرسي، الفاضل الكامل، الفقيه النبيه، المحدث الجليل، صاحب كتاب مكارم الأخلاق، الجامع لمحاسن الأفعال و الآداب، الشائع بين الأصحاب.
عن والده (1) الجليل صاحب مجمع البيان، الاتي (2) ذكره إن شاء اللّه تعالي.
و يروي مهذب الدين الحسين بن ردة أيضا:
2- عن الشيخ الجليل أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي القاضي.
في الأمل: كان عالما فاضلا فقيها (3).
عن الإمام قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي، الآتي ذكره في مشايخ ابن شهرآشوب (4).
ه- الفاضل الفقيه الصالح السيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني.
عن برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني، الآتي في مشايخ الخواجه نصير الدين (5).
و- الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني، المتقدم ذكره في مشايخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح السيبي (6).7.
ص: 420
ز- الشيخ يحيي بن محمّد بن يحيي بن الفرج السوراوي، الفاضل الصالح.
عن رشيد الدين ابن شهرآشوب (1).
و عن الحسين بن هبة اللّه بن رطبة، و يأتي ذكر طرقهما (2).
ح- السيد عزّ الدين بن أبي الحارث محمّد الحسيني، عدّه في الرياض من مشايخ إجازته (3)، و لم أقف علي طريقه.
ط- السيد صفي الدين أبو جعفر محمّد بن معد (4) بن علي بن رافع بن أبي الفضائل معد بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن علي بن أحمد بن موسي ابن إبراهيم بن موسي الكاظم عليه السلام، العالم، الفاضل، المحدّث.
عن برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني، الآتي ذكره (5).
و عن الشيخ أبي الحسن (6) علي بن يحيي الخيّاط، الآتي ذكره في مشايخ السيد علي بن طاوس (7).
ي- الشيخ الجليل علي بن ثابت السورائي (8)، و قد تقدم في مشايخ شمس الدين السيبي (9).
يا- السيد رضيّ الدين علي بن طاوس، كما صرّح به الشهيد في الحديث8.
ص: 421
التاسع و الثلاثين من أربعينه (1).
يب- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ، الآتي ذكره (2)، ذكر ذلك صاحب المعالم في إجازته الكبيرة (3) (4).
السادس (5): ناموس دهره، و فيلسوف عصره، و عزيز مصره، سلطان المحققين الخواجه نصير الملة و الدين، الوزير الأعظم، محمّد بن محمّد ابن الحسن الطوسي، الحكيم المحقق الجليل، الذي شهد بعلوّ مقامه في مراتب العلوم المخالف فضلا عن المؤالف.
قال الفاضل المتبحر الچلبي، في مقدمات كشف الظنون: اعلم أن المؤلفين المعتبرة تصانيفهم فريقان:
الأول: من له في العلم ملكة تامّة، و درية كافية، و تجارب وثيقة، و حدس صائب، و فهم ثاقب، فتصانيفهم عن قوة تبصرة، و نفاذ فكر، و سداد رأي، كالنصير، و العضد، و السيد (6). إلي آخره.
و قال محمّد بن شاكر في فوات الوفيات: محمّد بن محمّد بن الحسن نصير الدين الطوسي، الفيلسوف، صاحب علم الرياضي، كان رأسا في علم
ص: 422
الأوائل، لا سيما في الإرصاد و المجسطي، فإنه فاق الكبار، قرأ علي المعين سالم ابن بدران المعتزلي الرافضي و غيره. و كان ذا حرمة وافرة عند هولاكو، و كان يطيعه فيما يشير به عليه، و الأموال في تصرفه، و ابتني بمراغة قبّة و رصدا عظيما، و اتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الإرجاء، و ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد و الشام و الجزيرة، حتي تجمع فيها زيادة علي أربعمائة ألف مجلّد. و قرر بالرصد المنجمين و الفلاسفة، و جعل له الأوقاف و كان حسن الصورة، سمحا كريما جوادا حليما، حسن العشرة، عزيز الفضل.
إلي أن قال: و ممّا وقف له عليه أن ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها: يا كلب بن كلب.
فكان الجواب: أمّا قولك (يا كذا) فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع، و هو نابح طويل الأظفار، و أمّا أنا فمنتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول و الخواص غير تلك الفصول و الخواص. و أطال في نقض كلما قاله. هكذا ردّ عليه بحسن طويّة و تأنّ غير منزعج، و لم يقل في الجواب كلمة قبيحة.
إلي أن قال: و كان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة و العلويين و الحكماء و غيرهم، و كان يبرهم و يقضي أشغالهم، و يحمي أوقافهم، و كان مع هذا كلّه فيه تواضع و حسن ملتقي. إلي أخر ما قال (1).
هذا و قال الفاضل النقاد قطب الدين الاشكوري اللاهيجي، في كتاب محبوب القلوب، في ترجمته: كان فاضلا محققا، ذلّت رقاب الأفاضل من المخالف و المؤالف في خدمته لدرك المطالب المعقولة و المنقولة، و خضعت جباه الفحول في عتبته لأخذ المسائل الفروعية و الأصولية، و صنّف كتبا و رسائل نافعة4.
ص: 423
نفيسة في فنون العلم خصوصا قد بذل مجهوده لهدم بنيان الشبهات الفخرية في شرحه للإشارات:
تا طلسم سحرهاي شبهه را باطل كند از عصاي كلك او آثار ثعبان آمده
(1) قال: و كان مولده بمشهد طوس، في يوم السبت الحادي عشر من شهر جمادي الاولي، وقت طلوع الشمس بطالع الحوت، سنة سبع و تسعين و خمسمائة. و نشأ بها.
و اشتغل بالتحصيل في العلوم المعقولة عند خاله، ثم انتقل إلي نيشابور و بحث مع فريد الدين الداماد و قطب الدين المصري، و غيرهما من الأفاضل الأماجد.
و في المنقول: تلميذ والده، و والده تلميذ السيد فضل اللّه الراوندي، و هو تلميذ السيد المرتضي علم الهدي رضي اللّه عنه.
ثم اختلج في خاطره الخطير ترويج مذهب أهل البيت عليهم السلام، فلمّا انزجر خاطره بسبب خروج المخالفين في بلاد الخراسان و العراق تواري في الأطراف متفكرا متحزّنا، حتي استطلبه ناصر الدين محتشم حاكم قوهستان من قبل علاء الدين ملك الإسماعيلية، فاتصل المحقق به فاغتنم المحتشم صحبته، و استفاد منه عدّة فوائد، و صنّف المحقق الأخلاق الناصري باسمه، و مكث عنده زمانا.
فلما كان مؤيّد الدين العلقمي القمي الذي هو من أكابر فضلاء الشيعة في ذلك الزمان وزير المستعصم الخليفة العباسي في بغداد، أراد المحقق دخولن.
ص: 424
بغداد بمعاونته حتي يوفّق بما اختلج في خاطره من ترويج المذهب الحق بمعاونة الوزير المذكور، فأنشد قصيدة باللسان العربي في مدح الخليفة المستعصم، و كتب كتابا إلي العلقمي الوزير و أرسل إلي بغداد حتي يعرض الوزير القصيدة علي الخليفة و يستطلبه.
و لمّا علم العلقمي فضله و نبله و رشده خاف انكسار سوقه لقربه بالخليفة، فكتب سرّا عند (1) المحتشم أن نصير الدين الطوسي قد ابتدأ بإرسال المراسلات و المكاتبات عند (2) الخليفة، و أنشد قصيدة في مدحه، و أرسل إليّ حتي أعرضها علي الخليفة، و أراد الخروج من عندك، و هذا لا يوافق الرأي فلا تغفل عن هذا.
فلما قرأ المحتشم كتابه حبس المحقق، و قد صحبه محبوسا حتي ورد قلعة الموت عند ملك الإسماعيلية، فمكث المحقق عند الملك، و صنّف هناك عدّة من الكتب منها تحرير المجسطي، و فيه حلّ عدة من المسائل الهندسية، ثم لمّا قرب إيلخان المشهور بهولاكو خان من قلاع الإسماعيلية لفتح تلك البلاد، خرج ولد الملك علاء الدين عن القلعة بإشارة المحقق سرا، و اتصل بخدمة هولاكو خان، فلما استشعر هولاكو أنه جاء عنده بإجازة المحقق و مشاورته، و افتتح القلعة و دخل بها، أكرم المحقق غاية الإكرام و الإعزاز، و صحبه، و ارتكب الأمور الكلية حسب رأيه و إجازته، فأرغبه المحقق لتسخير عراق العرب، فعزم هولاكو خان [علي فتح] بغداد، و سخر تلك البلاد و النواحي، و استأصل الخليفة العباسي.
ثم نقل ما حكاه العلامة من دخول والده عليه قال: و بعد تسخير تلكي.
ص: 425
البلاد، و استئصال الخليفة أمر هولاكو خان المحقق الطوسي بالرصد. إلي أن قال: و توفي المحقق سنة اثنتين و سبعين و ستمائة، و كان مدّة عمره خمسة و سبعين سنة و سبعة أشهر و سبعة أيام، و دفن في مشهد مولانا الكاظم عليه السلام.
و من الاتفاقات الحسنة أنهم لمّا احتفروا الأرض المقدسة لدفنه فيها وجدوا قبرا مرتبا مصنوعا لأجل دفن الناصر العباسي، و لم يوفق الناصر للدفن فيه، و دفنوه في الرصافة، فوجدوا تاريخ إتمامه المنقوشة في أحد أحجار القبر موافقا ليوم تولّد المحقق المذكور طاب ثراه، فلقد صدق من قال:
دهقان بباغ بهر كفن پنبه كاشته مسكين پدر زادن فرزند شادمان
(1) انتهي.
و ذكر في الحاشية عن تاريخ نگارستان أنّ أصل المحقق نصير الدين كان من چه رود المعروف الآن بجيرود، و لمّا تولّد في طوس و نشأ فيه اشتهر بالطوسي (2). انتهي.
و في الرياض في ترجمة بدر الدين الحسن بن علي: إن دستجرد من بلوك جهرود من ولاية قم، و دستجرد هذه هي التي كان أصل خواجة نصير الدين من بعض مواضعها، و يقال له: و رشاه (3).
و ذكر بعضهم أن وفاته كانت في آخر نهار يوم الاثنين يوم الغدير في التاريخ المتقدم.
و قال العلامة في إجازته الكبيرة: و كان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في5.
ص: 426
العلوم العقليّة و النقلية، و له مصنفات كثيرة في العلوم الحكمية و الشرعية علي مذهب الإمامية، و كان أشرف من شاهدناه في الأخلاق نوّر اللّه ضريحه، قرأت عليه إلهيات الشفاء لأبي علي بن سينا، و التذكرة في الهيئة تصنيفه، ثم أدركه المحتوم قدس اللّه روحه (1).
و هذا النحرير المعظّم يروي عن جماعة:
أ- والده الجليل محمّد الطوسي.
عن السيد الجليل السيد فضل اللّه الراوندي، الآتي في مشايخ ابن شهرآشوب (2).
ب- العالم الفقيه الجليل معين الدين سالم بن بدران بن علي المصري المازني (3)، المذكورة فتاواه في كتاب المواريث.
و قال تلميذه الخواجه في رسالة الفرائض، في فصل نصيب ذي القرابتين: و لنورد المثال الذي ذكره شيخنا الإمام السعيد معين الدين سالم بن بدران المصري في كتابه الموسوم بالتحرير (4). إلي آخره.
و قال (رحمه اللّه) في إجازته لتلميذه المذكور: قرأ عليّ جميع الجزء الثالث من كتاب غنية النزوع إلي علمي الأصول و الفروع، من أوّله إلي آخره قراءة تفهّم و تبيّن و تأمّل، متبحث عن غوامضه، عالم بفنون جوامعه. و أكثر الجزء الثاني من هذا الكتاب، و هو الكلام في أصول الفقه، الإمام الأجل، العالم الأفضل الأكمل، البارع المتقن، المحقق نصير الملّة و الدين، وجيه الإسلام و المسلمين، سند الأئمة و الأفاضل، مفخر العلماء و الأكابر، محمّد بن محمّد بنط.
ص: 427
الحسن الطوسي، زاد اللّه في علائه، و أحسن الدفاع عن حوبائه، و أذنت له في رواية جميعه عني، عن السيد الأجل العالم الأوحد الطاهر الزاهد عزّ الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قدّس اللّه روحه و نوّر ضريحه، و جميع تصانيفه، و جميع تصانيفي و مسموعاتي و قراءاتي و إجازاتي عن مشايخي، ما أذكر أسانيده و ما لم أذكر، إذا ثبت ذلك عنده، و ما لعلّي أن اصنفه. و هذا خطّ أضعف خلق اللّه و أفقرهم إلي عفوه سالم بن بدران بن علي المازني المصري.
كتبه ثامن عشر جمادي الآخرة سنة تسع عشر و ستمائة، حامدا للّه مصليا علي خير خلقه محمّد و آله الطاهرين (1). انتهي.
و إذا نظرت إلي تاريخ ولادة المحقق يظهر لك أن عمره وقت هذه الإجازة كان ستة (2) و عشرين سنة، و بلغ في هذه المدة إلي مقام يكتب في حقّه ما رأيت، و ذٰلِكَ فَضْلُ اللّٰهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ*.
عن السيد الجليل ابن (3) زهرة صاحب الغنية، الآتي ذكره في مشايخ المحقق إن شاء اللّه (4).
ج- الشيخ برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني نزيل الري، الفاضل المحدث الجليل، الذي اعتمد عليه المشايخ الأجلّة و أساطين الملّة في الرواية.
عن الشيخ الجليل سديد الدين محمود الحمصي (5)، الآتي ذكره (6).22
ص: 428
و عن الشيخ الجليل النبيل الأصيل، منتجب الدين أبي الحسن علي ابن الشيخ أبي القاسم عبيد اللّه ابن الشيخ أبي محمّد الحسن الملقب: بحسكا الرازي ابن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن موسي بن بابويه القمي، صاحب كتاب الفهرست- المعروف، الذي جمع فيه علماءنا من عصر الشيخ الطوسي إلي عصره، و صار بمنزلة التذييل لفهرست الشيخ المسمّي بلقبه المنتجب،- و الأربعين عن الأربعين الدائر بين المحدثين.
قال الشهيد الثاني في شرح الدراية: و كان هذا الشيخ كثير الرواية، واسع الطرق عن آبائه و أقاربه و أسلافه، و يروي عن ابن عمه الشيخ بابويه بن سعد بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن بابويه بغير واسطة (1)، و كان حسن الضبط، كثير الرواية عن مشايخه.
و في الرياض، عن كتاب ضيافة الإخوان للفاضل آغا رضي، نقلا عن كتاب التدوين للرافعي الشافعي العامي، عند ترجمة الشيخ المذكور: شيخ ريّان من علم الحديث سماعا و ضبطا و حفظا و جمعا، يكتب ما يجد و يسمع ممّن يجد، و يقلّ من يدانيه في هذه الأعصار في كثرة الجمع و السماع. إلي أن ذكر ولادته في سنة أربع و خمسمائة، و وفاته بعد سنة خمس و ثمانين و خمسمائة، و ختم الكلام بقوله: و لئن أطلت عند ذكره بعض الإطالة، فقد كثر انتفاعي بمكتوباته و تعاليقه، فقضيت بعض حقه بإشاعة ذكره و أحواله (2). انتهي.
و أمّا مشايخه الذين يروي عنهم علي ما يظهر من فهرسته و أربعينه فكثيرون يزيدون علي مائة (3)، لا يسع هذا المختصر لضبطهم غير أنّا نشير إلي بعضهم:ط.
ص: 429
أ- الشيخ المفسّر الجليل أبو الفتوح الرازي، صاحب التفسير (1).
ب- أمين الإسلام أبو علي الطبرسي (2)، صاحب مجمع البيان، و يأتي ذكر طرقهما في مشايخ ابن شهرآشوب.
ج- السيد أبو تراب مقدم السادات المرتضي (3)، العالم الجليل مؤلف كتاب تبصرة العوام في المذاهب بالفارسية، و هو كتاب شريف عديم النظير كثير الفائدة، و كتاب الفصول.
يروي عن سلّار بن عبد العزيز.
د- شيخ السّادة أبو حرب المجتبي (4)، ابنا (5) الداعي ابن القاسم الحسني، المحدثان العالمان الصالحان كلاهما.
عن الشيخ الجليل المفيد عبد الرحمن النيسابوري (6)، عمّ الشيخ أبي الفتوح الرازي، الآتي ذكره في ترجمته (7).
ه- الشيخ الجليل ابن عمّه بابويه (8).
عن أبيه الفقيه الصالح الثقة أبي المعالي سعد (9).
عن أبيه الفقيه أبي جعفر محمد (10).7.
ص: 430
عن أبيه الصالح الفقيه ثقة الدين الحسن (1).
عن أبيه الجليل الفقيه العظيم الشأن أبي عبد اللّه الحسين (2).
عن والده شيخ الشيعة، و عين الإمامية، علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي (رحمهم اللّه).
و- و الشيخ الإمام قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي (3)، الآتي ذكره ان شاء اللّه تعالي (4).
ز- السيد الإمام أبو الرضا فضل اللّه بن علي الحسني الراوندي (5)، الآتي في مشايخ ابن شهرآشوب (6).
ح- والده الشيخ الجليل الإمام الفقيه موفق الدين أبو القاسم عبيد اللّه (7).
عن والده الشيخ شمس الإسلام، أو شمس الدين، أبي محمد الحسن المعروف بحسكا (8)، الفقيه الجليل المعروف، الذي يروي عنه عماد الدين الطبري في كتاب بشارة المصطفي معبّرا عنه فيه بقوله: الشيخ الإمام الفقيه، الرئيس الزاهد العالم، أبو محمد الحسن بن الحسين بن الحسن (9). إلي آخره.
و يظهر منه كثرة مشايخه، و أنه صاحب تصنيف، و ذكر في المنتجب جملة7.
ص: 431
من تصانيفه.
و في الرياض: حسكا: بفتح الحاء المهملة، و فتح السين المهملة، و الكاف المفتوحة، و بعدها ألف لينة، مخفف حسن كيا، و الكيا لقب له، و معناه بلغة دار المرز من جيلان و مازندران و الريّ: الرئيس، أو نحوه من كلمات التعظيم، و يستعمل في مقام المدح (1).
1- عن أبيه الفقيه الصالح الحسين (2).
عن والده ثقة الدين الحسن. إلي آخر ما مرّ.
2- و عن عمه (3) أبي جعفر محمّد، جد بابويه، المتقدم ذكره (4).
3- و عن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي.
4- و عن الشيخ الجليل سلّار بن عبد العزيز.
5- و عن الفقيه النبيل القاضي ابن البراج.
السابع من مشايخ العلامة: جمال الدين أبو الفضائل و المناقب، و المآثر و المكارم، السيد الجليل أحمد بن السيد الزاهد سعد الدين أبي إبراهيم موسي بن جعفر- الذي هو صهر الشيخ الطوسي علي بنته كما يأتي (5) - ابن محمّد ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد ابن أبي عبد اللّه محمّد الملقّب بالطاوس، لحسن وجهه و جماله.
و في مجموعة الشهيد: كان هو أول من ولي النقابة بسوراء، و إنّما لقّب بالطاوس لأنه كان مليح الصورة، و قدماه غير مناسبة لحسن صورته، و هو
ص: 432
ابن إسحاق الذي كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة، خمسمائة عن نفسه، و خمسمائة عن والده، كما في مجموعة الشهيد (1).
ابن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود- رضيع أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السلام- ابن الحسن المثني ابن الإمام الهمام الحسن السبط الزكي عليه السلام.
فقيه أهل البيت عليهم السلام، و شيخ الفقهاء و ملاذهم، صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلي حدود الثمانين، التي منها: كتاب البشري في الفقه في ست مجلدات، و الملاذ فيه في أربع، و لم يبق منها أثر- لقلّة الهمم- سوي بعض الرسائل: كعين العبرة في غبن العترة، عثرت منها علي نسخة عليها خطّ شيخنا الحرّ (رحمه اللّه) و كتاب بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ، و عندنا منه نسخة بخط تلميذه الأرشد تقيّ الدين حسن بن داود، و قرأه عليه، و فيه بعض التبليغات بخط المصنّف، قال ابن داود في آخره: كتبه العبد الفقير إلي اللّه تعالي حسن بن علي بن داود ربيب صدقات مولانا المصنّف ضاعف اللّه مجده، أمتعة اللّه بطول حياته، و صلواته علي سيدنا محمّد النبي و آله و سلامه. و كان نسخ الكتاب في شوال من سنة خمس و ستين و ستمائة.
و قال بعد ذلك: وجدت علي نسخة مولانا المصنف جمال الدنيا و الدين- أعزّ اللّه الإسلام و المسلمين بطول بقائه- صورة هذا النثر و النظم. أقول: و قد رأيت أن أنشد في مقابله شي ء ممّا تضمنته مقاصد أبي عثمان ما يرد عليه ورود السيل الرفيع علي الغيطان:
و من عجب أن يهزأ اللّيل بالضحي و يهزأ بالأسد الغضاب الفراعل
(2)).
ص: 433
و يسطو علي البيض الرقاق ثمامة (1) و يعلو علي الرأس الرفيع الأسافل
إلي آخر الأبيات.
قال: و رأيت في آخر الكتاب المشار إليه بخطّ مولانا الإمام المصنّف- ضاعف اللّه إجلاله، و أدام أيامه- ما صورته: و سطرت خلف جزارة جعلتها منذ زمن في مطاوي كتاب الجاحظ معتذرا عن الإيراد عليه، و القصد بالردّ إليه:
و لم يعدنا التوفيق بعد و لم نخم وصلنا بأطراف اليراع القواطع
الأبيات.
قال: و لمّا قابلناه بين يديه- أدام اللّه علوّه- سطّر هذه الأبيات علي آخر نسخته:
بلغنا قبالا للبناء و لم ندع لشانئنا في القول جدا و لا هزلا
الأبيات، و هي كثيرة.
قال: و قال مولانا المصنّف عند عزمه علي التوجه إلي مشهد أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) لعرض الكتاب الميمون عليه، مستجديا سيب يديه:
أتينا تباري الريح منّا عزائم إلي ملك يستثمر الغوث آمله
كريم المحيا ما أظلّ سحابة فأقشع حتي يعقب الخصب هاطله
الأبيات.
قال: و قال و قد تأخر حصول سفينة يتوجه فيها إلي الحضرة المقدسة).
ص: 434
العلوية صلي اللّه علي مشرفّها:
لئن عاقني عن قصد ربعك عائق فوجدي لأنفاسي إليك طريق
الأبيات.
قال: و مما سطره- أجل اللّه به أولياءه- عند قراءتنا هذا الكتاب لدي الضريح المقدس عند الرأس الشريف صلي اللّه عليه لمّا قصدنا مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه إبّان الزيارة الرجبيّة النبويّة، عرضنا هذا الكتاب قارئين له بخدمته، لائذين بحر رأفته، مستهطلين سحاب إغاثته، في خلوة من الجماعات المتكاثرات الشاغلات، و أنشد عنده بعض من كان معنا ما اتفق من مخاطباتنا و منافثاتنا، و غير ذلك من كلام له يناسب حالنا في مقام حاثّين عزائمه علي مبرّاتنا، و إجابة دعواتنا، و لجأنا إليه التجاء الجدب الداثر إلي السحاب، و المسافر المبعد إلي الاقتراب، و المريض إلي زوال الأوصاب، و ذي الجريض إلي إماطة مخاطر الغنا و الذهاب، و من فعل ذلك من بعض أتباع مولانا صلوات اللّه عليه خليق باقتطاف ثمرات البغية من دوح يديه، فكيف منه و هو الأصل الباذخ، و الملك العدل السامق الشامخ، غير مستغش في خيبة سائليه، و إرجاء رجاء آمليه، بل البناء علي أن المسائل ناجحة و إن تأخرت، و الفواضل سانحة لديه و إن تبعدت:
يلوح بآفاق المناجح سعدها و إن قذفت بالبعد عنها العوائق
كما الغيث يرجي في زمان و تارة تخاف عزاليه الدواني الدوافق
(1) و قال طاب ثراه في أوائل الكتاب، و قد سقط من هذه النسخة الشريفة منها و من عدة مواضع منه أوراق: و قد كانت هذه الرسالة وصلت إليّ قبل هذه3.
ص: 435
الأوقات، و صدفتني عن الإيراد عليها حواجز المعارضات. إلي أن قال: و بعد ذلك أحضر الولد عبد الكريم- أبقاه اللّه- النسخة بعينها، و شرع يقرأ عليّ شيئا منها، فأجج منّي نارا أخمدتها الحوائل، و أنهج عيون قول أجمدتها القواطع النوازل:
عزائم منّا لا يبوخ اضطرامها إذا البغي سلّت للقاء مضاربه
تجلّي بها من كل خطب ظلامه و يشقي بها نجد نجيب نحاربه
فكيف إذا لم نلق خصما تهزّه عزائم في أقصي الحضيض كواكبه
هذا و إن كانت حدود المزاج منوطة بالكلال، و فجاج الفراغ مربوطة بحرج المجال، لكن الصانع إذا اهتمّ كاد يجعل آثاره في أعضاء مهجته، و زائل الإغضاء عن رحمة نقيبته، و بتلك المواد الضعيفة قد عزمت علي رمي عمرو (1) بنبال الصواب، و إن كان بناؤه ملتحفا لذاته بالخراب، فليس للراد عليه فضيلة استنباط عيون الألباب، بل العاجز مشكور علي النهوض إلي مبارزة ضعيف الذباب.
و أقول: إنه عرض لي مع صاحب الرسالة نوع كلفة، قد لا يحصل مثلها لنقض نقض كتاب «المشجر» مع عظماء المعتزلة كالجبّائي و أعيان من جماعته، و أبي الحسين البصري في الردّ علي السيد المرتضي، و هو الحاذق المبرز في صناعته، إذ هاتيك المباحث يجتمع لها العقل فيصادمها صدام الكتائب، و يصارمها صرام فوارس المقانب (2)، و هذه المباحث مهينة، فإن أهملها الباحث استظهرت عليه، و إن صمد لها رآها دون العزم الناهض فيما يقصد إليه، تهوين).
ص: 436
منعت منه الحكمة و الاعتبار، و استعداد يخالطه التصغير و الاحتقار، فالقريحة معه إذن بين متجاذبين ضدّين، و متداعيين حربين، و ذلك مادة العناء و جادة الشقاء:
و ليس العلي في منهل لذّ شربه و لكن بتتويج الجباة المتاعبا
مزايا لها في الهاشميّين منزل يجاوز معناها النجوم الثواقبا
إذا ما امتطي بطن اليراع أكفّهم كفي غربه سمر القنا و القواضبا
(1) انتهي ما أردنا نقله، ليعلم وضع الكتاب، و مقام صاحبه في البلاغة التي هي قطرة من بحار فضائله.
و هو رحمه اللّه أوّل من نظر في الرجال، و تعرّض لكلمات أربابها في الجرح و التعديل، و ما فيها من التعارض، و كيفية الجمع في بعضها ورد بعضها و قبول الأخري في بعضها، و فتح هذا الباب لمن تلاه من الأصحاب، و كلّما أطلق في مباحث الفقه و الرجال ابن طاوس فهو المراد منه، توفّي رحمه اللّه سنة 673.
و يروي عن جماعة من المشايخ العظام الذين يروي عن أكثرهم أخوه السيد الأجل رضي الدين علي أيضا، و هم علي ما عثرنا عليه سبعة:
(أ)- السيد الجليل فخار بن معد الموسوي (2).
(ب)- الحسين بن أحمد السورائي (3).
(ج)- السيد صفيّ الدين محمّد بن معد الموسوي، المتقدم (4) ذكره21
ص: 437
في مشايخ والد العلّامة (1).
(د)- الشيخ نجيب الدين محمد بن نما (2).
(ه)- السيد محي الدين (3) ابن أخي ابن زهرة صاحب الغنية.
(و)- أبو علي الحسين بن خشرم.
قال النقاد الخبير صاحب المعالم: و يروي- يعني العلامة- عن السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاوس، عن الشيخ السعيد أبي علي الحسين بن خشرم، جميع كتب أصحابنا السالفين، و رواياتهم و إجازاتهم و مصنّفاتهم (4).
(ز)- الفقيه محمّد بن غالب (5). في الأمل: نجيب الدين محمّد بن غالب، عالم فاضل، فقيه جليل، ذكره الشهيد في أول شرح الإرشاد، و ذكر أنه عرف الطهارة في كتاب المنهج الأقصد بتعريف ذكره، و ذكر ما فيه (6).
انتهي.
و في فرحة الغري لولده غياث الدين: و أخبرني والدي قدس سرّه عن الفقيه محمّد ابن أبي غالب (رحمه اللّه) عن الفقيه الصفي محمد بن معد الموسوي (7). إلي آخره. و يأتي ان شاء اللّه تعالي ذكر طرقهم في مشايخ أخيه2.
ص: 438
و المحقق.
الثامن (1): السيد الأجل الأكمل، الأسعد الأورع الأزهد، صاحب الكرامات الباهرة، رضي الدين أبو القاسم و أبو الحسن علي بن سعد الدين موسي بن جعفر آل طاوس، الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب- علي اختلاف مشاربهم و طريقتهم- علي صدور الكرامات عن أحد ممّن تقدمه، أو تأخر عنه، غيره.
قال العلامة في إجازته الكبيرة: و من ذلك جميع ما صنّفه السيدان الكبيران السعيدان رضي الدين علي، و جمال الدين أحمد، ابنا موسي بن طاوس، الحسنيان قدس اللّه روحيهما، و هذان السيدان زاهدان عابدان ورعان، و كان رضي الدين عليّ رحمه اللّه صاحب كرامات، حكي لي بعضها، و روي لي والدي- رحمه اللّه عليه- البعض الآخر (2) انتهي.
و لنتبرك بذكر بعض كراماته (3) أداء لبعض حقوقه علي الإسلام.
ص: 439
فمن ذلك ما ذكره في كتاب أمان الأخطار ما لفظه: إن بعض الجوار و العيال جاؤني ليلة و هم منزعجون، و كنت إذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا علي عليه السلام فقالوا: قد رأينا مسلخ الحمّام تطوي الحصر الذي كان فيه و تنشر، و ما نبصر من يفعل ذلك، فحضرت عند باب المسلخ، و قلت: سلام عليكم، قد بلغني عنكم ما قد فعلتم، و نحن جيران مولانا علي عليه السلام و أولاده و ضيفانه، و ما أسأنا مجاورتكم، فلا تكدروا علينا مجاورته، و متي فعلتم شيئا من ذلك شكوناكم إليه. فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمّام بعد ذلك أبدا.
و من ذلك ما فيه قال: إن ابنتي الحافظة الكاتبة شرف الأشراف، كمّل اللّه تعالي لها تحف الألطاف، عرّفتني أنّها تسمع سلاما عليها ممّن لا تراه، فوقفت في الموضع فقلت: سلام عليكم أيّها الروحانيون، فقد عرّفتني ابنتي شرف الأشراف بالتعرض لها بالسلام، و هذا الإنعام مكدّر علينا، و نحن نخاف منه أن ينفر بعض العيال منه، و نسأل أن لا تتعرضوا لنا بشي ء من المكدرات، و تكونوا معنا علي جميل العادات. فلم يتعرض لها أحد بعد ذلك بكلام جميل.
و من ذلك ما فيه قال: و كنت مرّة قد توجّهت من بغداد إلي الحلّة علي طريق المدائن، فلمّا حصلنا في موضع بعيد من القرايا جاءت الغيوم و الرعود، و استوي الغمام و المطر، و عجزنا عن احتماله، فألهمني اللّه جلّ جلاله أن أقول: يا من يمسك السموات و الأرض أن تزولا، أمسك عنّا مطره و خطره و كدره و ضرره بقدرتك القاهرة، و قوّتك الباهرة. و كرّرت ذلك و أمثاله كثيرا، و هو متماسك باللّه
ص: 440
جلّ جلاله، حتي وصلنا إلي قرية فيها مسجد فدخلته، و جاء الغيث شيئا عظيما في اللحظة التي دخلت فيها المسجد، و سلمنا منه.
و ذكر بعد ذلك قصّة أخري تقرب منها (1).
و من ذلك ما ذكره في مهج الدعوات قال: و كنت أنا بسرّ من رأي فسمعت سحرا دعاء القائم صلوات اللّه عليه، فحفظت منه الدعاء لمن ذكره: الأحياء و الأموات، و أبقهم- أو قال: و أحيهم- في عزنا و ملكنا. أو سلطاننا و دولتنا.
و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة (2). انتهي.
و يظهر من مواضع من كتبه خصوصا كتاب كشف المحجّة أنّ باب لقائه إيّاه صلوات اللّه عليه كان له مفتوحا (3)، قد ذكرنا بعض كلماته فيها في رسالتنا جنّة المأوي (4).
و من ذلك ما ذكره في رسالة المواسعة و المضايقة، في قصّة طويلة، و فيها:
و توجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلّة، فوصلنا ليلة الجمعة سابع و عشرين جمادي الآخرة سنة 641، بحسب الاستخارة، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له (عبد المحسن) من أهل السواد قد حضر بالحلّة، و ذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي صلوات اللّه عليه ظاهرا في اليقظة، و أنه أرسله إلي عندي برسالة.
فنفدت قاصدا و هو محفوظ بن قرأ، فحضر ليلة السبت ثامن و عشرين شهر جمادي الآخرة، فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرفته، و هو رجل2.
ص: 441
صالح لا تشكّ النفس في حديثه، و مستغن عنّا، و سألته فذكر أن أصله من حصن بشر، و أنه انتقل إلي الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهدية، و يعرف الدولاب بابن أبي الحسن، و أنه مقيم هناك، و ليس له عمل بالدولاب و لا زرع، و لكنّه تاجر في شراء غليلات و غيرها، و أنه كان قد ابتاع غلّة من ديوان السرائر، و جاء ليقبضها، و بات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر.
فلمّا كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية فخرج يقصد النهر، و النهر في جهة المشرق فما أحسن بنفسه إلّا و هو في تل السلام في طريق مشهد الحسين عليه السلام في جهة المغرب، و كان ذلك ليلة تاسع عشر (1) من شهر جمادي الآخرة من سنة إحدي و أربعين و ستمائة-، التي تقدم شرح بعض ما تفضّل اللّه عليّ فيها، و في نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام- فجلست أريق ماء، و إذا فارس عندي ما سمعت له حسا، و لا وجدت لفرسه حركة و لا صوتا، و كان القمر طالعا، و لكن كان الضباب كثيرا.
فسألته عن الفارس و فرسه، فقال: كان لون فرسه صديا، و عليه ثياب بيض، و هو متحنك بعمامة، و متقلد بسيف.
فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن: كيف وقت الناس؟
قال عبد المحسن: فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت، فقلت: الدنيا عليها ضباب و غبرة.
فقال: ما سألتك عن هذا، أنا سألتك عن حال الناس.
قال فقلت: الناس طيّبين مرخّصين، آمنين في أوطانهم و علي أموالهم.
فقال: تمضي إلي ابن طاوس و تقول له كذا و كذا.
و ذكر لي ما قال صلوات اللّه عليه، ثم قال عنه عليه السلام: فالوقت قدن.
ص: 442
دنا، فالوقت قد دنا.
قال عبد المحسن: فوقع في قلبي و عرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه، فوقعت علي وجهي، و بقيت كذلك مغشيا عليّ إلي أن طلع الصبح.
قلت له: فمن أين عرفت أنه قصد (1) ابن طاوس عنّي؟
قال: ما أعرف من بني طاوس إلا أنت، و ما [وقع] (2) في قلبي إلّا أنه قصدني بالرسالة إليك.
قلت: أي شي ء فهمت بقوله: فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا، هل قصد وفاتي قد دنت، أم قد دنا وقت ظهوره صلوات اللّه و سلامه عليه؟
فقال: بل قد دنا وقت ظهوره صلوات اللّه عليه.
قال: فتوجهت ذلك اليوم إلي مشهد الحسين عليه السلام، و عزمت أنّني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد اللّه تعالي، و ندمت كيف ما سألته صلوات اللّه عليه عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها.
قلت له: هل عرفت بذلك أحدا؟
قال: نعم عرّفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية، و توهّموا أنّي قد ضللت و هلكت بتأخري عنهم، و اشتغالي بالغشية التي وجدتها، و لأنّهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه عليه السلام.
فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا، و عرضت عليه شيئا فقال: أنا مستغن عن الناس، و بخير كثير.ر.
ص: 443
فقمت أنا و هو، فلمّا قام عنّي نفذت له غطاء، و بات عندنا في المجلس علي باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلّة.
فقمت و كنت أنا و هو في الروشن في خلوة، فنزلت لأنام، فسألت اللّه تعالي زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا، فرأيت كأن مولانا الصادق عليه السلام قد جائني بهدية عظيمة، و هي عندي، و كأنّني ما أعرف قدرها.
فاستيقظت فحمدت اللّه، و صعدت الروشن لصلاة نافلة الليل، و هي ليلة السبت ثامن و عشرين جمادي الآخرة.
فأصعد فتح (1) الإبريق إلي عندي، فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ علي كفّي فأمسك ماسك فم الإبريق و إدارة عنّي، و منعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة. فقلت: لعلّ الماء نجس، فأراد اللّه جلّ جلاله أن يصونني عنه، فإن للّه عزّ و جلّ عليّ عوائد كثيرة، أحدها مثل هذا، و أعرفها.
فناديت إلي فتح و قلت: من أين ملأت الإبريق؟
قال: من المسبّبة (2).
فقلت: هذا لعلّه نجس فاقلبه و طهره (3) و أملاه من الشط.
فمضي و قلبه، و أنا أسمع صوت الإبريق، و شطفه و ملأه من الشط، و جاء به، فلزمت عروته، و شرعت أقلب منه علي كفّي، فأمسك ماسك فم الإبريق و إدارة عنّي، و منعني منه، فعدت و صبرت و دعوت بدعوات، و عاودت الإبريق، و جري مثل ذلك.
فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة، و قلت في خاطري:
لعلّ اللّه يريد أن يجري عليّ حكما و ابتلاء غدا، و لا يريد أن أدعو الليل في).
ص: 444
السلامة من ذلك، و جلست لا يخطر بقلبي غير ذلك، فنمت و أنا جالس، و إذا برجل يقول لي- يعني عبد المحسن- الذي جاء بالرسالة: كان ينبغي أن تمشي بين يديه.
فاستيقظت و وقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه و إكرامه، فتبت إلي اللّه جلّ جلاله، و اعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك، و شرعت في الطهارة و لم يمسك أحد الإبريق، و تركت علي عادتي، فتطهرت و صلّيت ركعتين فطلع الفجر، فقضيت نافلة الليل.
و فهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة، فنزلت إلي الشيخ عبد المحسن و تلقيته و أكرمته، و أخذت له من خاصتي ستة (1) دنانير، و من غير خاصتي خمسة عشر دينارا ممّا كنت أحكم فيه كما لي، و خلوت به في الروشن و عرضت ذلك عليه، و اعتذرت إليه، فامتنع من قبول شي ء أصلا، و قال: إن معي نحو مائة دينار ما آخذ شيئا، أعطه لمن هو فقير. و امتنع غاية الامتناع، فقلت: إنّ رسول مثله صلوات اللّه عليه يعطي لأجل الإكرام لمن أرسله، لا لأجل فقره و غناه، فامتنع. فقلت له: مبارك، أمّا الخمسة عشر فهي من غير خاصّتي فلا أكرهك علي قبولها، و أمّا هذه الستّة دنانير فهي من خاصّتي فلا بدّ أن تقبلها منّي، فكاد أن يؤيسني من قبولها، فألزمته فأخذها، و عاد و تركها فألزمته، فأخذها، و تغديت أنا و هو، و مشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلي ظاهر الدار، و أوصيته بالكتمان، و الحمد للّه، و صلي اللّه علي سيد المرسلين محمد و آله الطاهرين (2).
انتهي.
و كان رحمه اللّه من عظماء المعظمين لشعائر اللّه تعالي، لا يذكر في أحد9.
ص: 445
من تصانيفه الاسم المبارك (اللّه) إلّا و يعقّبه بقوله: جلّ جلاله.
و قال العلامة في منهاج الصلاح في مبحث الاستخارة: و رويت عن السيد السند السعيد رضي الدين علي بن موسي بن طاوس، و كان أعبد من رأيناه من أهل زمانه (1). انتهي.
و كان دأبه في زكاة غلاته- كما ذكره في كتاب كشف المحجة- أن يأخذ العشر منها، و يعطي الفقراء الباقي منها (2). و كتابه هذا مغن عن شرح حاله، و علوّ مقامه، و عظم شأنه، فلنذكر في ترجمته مطالب اخري نافعة مهمّة:
الأول: عدّ العلامة المجلسي في أول البحار من كتبه، كتاب (ربيع الشيعة) (3) و قال بعد ذلك: و كتب السادة الأعلام أبناء طاوس كلّها معروفة، و تركنا منها كتاب ربيع الشيعة، لموافقته لكتاب أعلام الوري في جميع الأبواب و الترتيب، و هذا ممّا يقضي منه العجب (4).ي.
ص: 446
و قال العالم الجليل المولي عبد النبيّ الكاظمي في حاشية كتابه تكملة الرجال: قد وقفت علي اعلام الوري للطبرسي، و ربيع الشيعة لابن طاوس، و تتبعتهما من أولهما إلي آخرهما، فوجدتهما واحدا من غير زيادة و لا نقصان، و لا تقديم و لا تأخير أبدا إلّا الخطبة، و هو عجيب من ابن طاوس علي جلالته و قدرته علي هذا العمل، و لتعجبي و استغرابي صرت احتمل احتمالات، فتارة أقول: لعلّ ربيع الشيعة غيره، و نحو هذا. حتي رأيت المجلسي (رحمه اللّه) في البحار ذكر الكتابين، و نسبهما إليهما، ثم قال: هما واحد (1) و هو عجيب (2).
و قال في حاشية أخري: كنت أنقل عن ربيع الشيعة، لابن طاوس و اعلام الوري، فرأيتهما من أوّلهما إلي آخرهما متحدين لا ينقصان شيئا، و لا يتغيّران لا عنوانا و لا ترتيبا و لا غير ذلك إلّا خطبتهما، فأخذ في العجب2.
ص: 447
العجاب، و حدست أن لا يكونا كتابين، و احتملت أن يكون اشتباها من الناس تسمية أحدهما ربيع الشيعة، فتتبّعت كتب الرجال فلم أجد أحدا ذكر اتّحادهما، حتي وقفت علي البحار، فوجدت ذكر كتاب ربيع الشيعة أنه هو بعينه اعلام الوري، و تعجّب هو من اتحادهما (1). انتهي.
قلت: هذا الكتاب غير مذكور في فهرست كتبه في كتاب إجازاته، و لا في كشف المحجّة، و ما عثرت علي محلّ أشار إليه و أحال عليه كما هو دأبه غالبا في مؤلفاته بالنسبة إليها، و هذان الجليلان مع عثورهما علي الاتحاد و استغرابهما لم يذكرا له وجها، و قد ذاكرت في ذلك مع شيخنا الأستاذ (2) طاب ثراه، فقال- و أصاب في حدسه-: إنّ الظاهر أنّ السيد عثر علي نسخة من الاعلام لم يكن لها خطبة فأعجبه فكتبه بخطّه، و لم يعرفه، و بعد موته وجدوه في كتبه بخطّه،).
ص: 448
و لم يكن له (1) علم بإعلام الوري، فحسبوا أنه من مؤلفاته فجعلوا له خطبة علي طريقة السيد في مؤلفاته، و نسبوه إليه. و لقد أجاد فيما أفاد.
الثاني: أغرب السيد الفاضل المعاصر (رحمه اللّه) في الروضات في ترجمة هذا السيد الجليل، فأراد مدحه و تبجيله فقدحه، و أخرج كتابه الشريف مصباح الزائر عن الاعتبار، و أخرج جملة من الأدعية و الزيارات عن حريم ساحة الأخبار، لمجرد الخرص و التخمين، و متابعة ما دار في أفواه القاصرين.
فقال- في مقام ذكر مناقب السيد و فضائله-: و منها كونه في فصاحة المنطق، و بلاغة الكلام، بحيث تشتبه كثيرا ما عبارات دعواته الملهمة، و زياراته الملقمة بعبارات أهل بيت العصمة عليهم السلام، بل أراه في كتاب مصباح الزائر- و أمثاله- كأنه يري نفسه مأذونا في (2) جعل وظائف مقرّرة لمواضع مكرمة و مواقف صالحة، كما تري أنه يذكر أعمالا من عند نفسه ظاهرا لمسجد الكوفة و أمثالها غير مأثورة في شي ء من كتب أصحابنا المستوفين لوظائف الشريعة في مؤلفاتهم، و لا منسوبة في كلمات نفسه إلي أحد من المعصومين عليهم السلام، مع أنّ ديدنه المعروف ذكر السند المتصل إليهم في كلّ ما يجده من الجليل و الحقير، و لا ينبّئك مثل خبير (3)، انتهي.5.
ص: 449
و فيه أولا: أنّ ديدن السيد في بعض مؤلفاته كالأمان (1) و المهج (2) و الدروع (3)، أنه إذا أراد ذكر دعاء أنشأه بنفسه التصريح به، فلا حظ حتي يظهر لك صدق ما ادّعيناه، و لولا خوف الإطالة لأشرت إلي مواضعه.
و ثانيا: أنه صرّح في كتاب مصباح الزائر بأنّ كلّما فيه مما رواه أو رآه، قال- بعد ذكر الزيارة المختصة بأبي عبد اللّه عليه السلام في أوّل رجب، و زيارة الشهداء بأساميهم بعدها ما لفظه-: قد تقدم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان، و تختلف في أسمائهم أيضا، و في الزيادة و النقصان، و ينبغي أن تعرف- أيدك اللّه جلّ جلاله- بتقواه إنّنا تبعنا في ذلك ما رأيناه أو رويناه، و نقلنا في كل موضع كما وجدناه (4).
و قال في آخر الكتاب: هذا آخر ما وقع اختيارنا عليه، و انصرفت الهمّة إليه، قد وصل علي الوجه الذي استحسنّاه و اعتمدنا فيه علي ما رويناه، أو نظرناه (5). انتهي.
فكيف ينسب إليه مع ذلك أنه أنشأ بنفسه تلك الدعوات الكثيرة؟!.
و ثالثا: أن السيد ذكر في جملة من تلك المواضع و المواقف- غير الدعاء- آدابا مخصوصة، و وظائف معيّنة، و لو لا أنّها واردة مأثورة لكان ذكرها و الأمر بالعمل بها غير مشروع، فإنّها بدعة محرّمة، و تشريع غير جائز، و نسبته إلي مثل هذا السيّد الجليل قبيح في الغاية.
و رابعا: إنّ ما ذكره السيد من الآداب و الأعمال المتعلّقة بالمسجد، ذكرهة.
ص: 450
قبله الشيخ محمّد بن المشهدي في مزاره (1)، و ذكره قبله الشيخ الجليل المفيد (رحمه اللّه) في مزاره (2)، و العجب من قوله: في شي ء من كتب أصحابنا. إلي آخره. فهب أنه ما عثر علي المزارين، فهلا نظر إلي مزار البحار؟
و قوله فيه: و لمّا استوفينا الأخبار التي وصلت إلينا في أعمال هذا المسجد، فلنذكر ما أورده الشيخ المفيد، و السيد ابن طاوس، و مؤلف المزار الكبير، و الشيخ الشهيد رضي اللّه عنه، في كتبهم مرتّبا، و إن لم يصل في بعضها إلينا الخبر، و اللّفظ للسيد (رحمه اللّه) قال (3):. إلي آخره.
و أورد تلك الأعمال- أيضا- قبل السيد مؤلف المزار القديم، الذي أشرنا إليه في ضمن حال مزار المشهدي، في الفائدة السابقة، و كأنه للقطب الراوندي، أو صاحب الاحتجاج.
و خامسا: إنّ السيد و من قبله و بعده، و إن لم يصرحوا عند إيراد تلك الأعمال بكونها مأثورة مرويّة عن الحجج عليهم السلام، و لذا لم يذكرها العلامة المجلسي في كتاب تحفته، لبنائه فيه علي إيراد ما وقف علي كونه مرويّا، إلا أنّ هنا قرائن و شواهد تدلّ علي أنّها مأثورة.
منها: قول الشيخ الجليل محمّد بن المشهدي في أوّل مزاره ما لفظه: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد، و ما ورد في الترغيب في المساجد المباركات، و الأدعية المختارات، و ما يدعي به عقيب الصلوات، و ما يناجي به القديم تعالي من لذيذ الدعوات في الخلوات، و ما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمّات، ممّا اتصلت به من ثقات الرواة إلي السادات عليهم7.
ص: 451
السلام (1). إلي آخره.
و منها: ما في المزار القديم، فإنه أورد أولا أعمالا مرتّبة، و أدعية طويلة، للمواقف الشريفة من المسجد، غير الشائعة الدائرة، و بعد الفراغ منها، قال:
أعمال الكوفة برواية أخري (2)، ثم ساق الأعمال علي ما هو الموجود في تلك الكتب، فيظهر منه أنّ كليهما مرويّان مأثوران.
و منها: ما أشرنا إليه سابقا أنّ هذه الأعمال بهذا الترتيب و الآداب كيف يجوز نسبة جعلها إلي مثل الشيخ المفيد في عصر زيّنه اللّه تعالي بوجود أعلام للدين في بلد مملوء من الرواة و المحدثين؟ ثم يتلقّاها الأصحاب مثل الشهيد بالقبول، و يوردونها في زبرهم كسائر المنقول، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي لمن عدّ من ذوي النهي و العقول.
و سادسا: قوله: مع أنّ ديدنه. إلي آخره.
صحيح في غير هذا الكتاب و كتابه اللّهوف، فإنه ما أسند فيهما شيئا من الأخبار و القصص، و الأعمال و الأدعية و الزيارات إلي مأخذ، و فيها ما هو مأثور بسند أو أسانيد متعددة، ألّفهما في عنفوان عمره- كما يأتي (3) - ثم غيّر طريقته في سائر مؤلفاته، و بني علي ذكر المأخذ و لو لدعاء صغير، و عمل حقير.
و سابعا: ما في قوله: و زياراته الملقمة، فإنه ظنّ- كبعض من أهل العلم الغير الباحثين عن مآخذ السنن- أنّ هذه الزيارات المخصوصة بالأيام الشريفة، كأول الرجب و نصفه و نصف شعبان و ليالي القدر و العيدين و عرفة، المختصة بأبي عبد اللّه عليه السلام، غير مأثورة، و إن كان في المصباح زيارات مطلقة غير مسندة، إلّا أنّ المهم في بيان أنّها مأثورة، لكثرة الحاجة إليها.6.
ص: 452
فنقول: إن هنا أيضا شواهد تدل علي أنها مأثورة عن الحجج عليهم السلام، بعضها يتعلق بجميعها، و اخري ببعضها.
منها: أنه قال السيد في المصباح في شرح زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام في أول يوم من رجب، بعد ذكر ثوابه ما لفظه: شرح زيارته في ذلك اليوم، و يزار بها ليلة النصف من شعبان أيضا، إذا أردت ذلك فاغتسل (1). إلي آخره.
ثم قال في فضل زيارته ليلة النصف من شعبان ما لفظه: و أما الزيارة في هذه الليلة، فقد روي أنه يزار فيها بالزيارة التي قدمناها في أول رجب، فتؤخذ من هناك (2).
و منها: قوله في زيارة النصف من رجب بعد ذكر فضلها: فأمّا كيفيّة زيارته عليه السلام في هذا الوقت، فينبغي أن يزار بالزيارة الجامعة في أيام رجب، أو بما تقدم من الزيارات المنقولة لسائر الشهور، فإني لم أقف علي زيارة مختصّة بهذا الوقت المذكور (3). انتهي.
و قال في الإقبال- بعد ذكر فضل زيارته عليه السلام في النصف من رجب- أقول: و أمّا ما يزار به الحسين صلوات اللّه عليه في هذا النصف من رجب المشار إليه، فإني لم أقف علي لفظ متعيّن له إلي الآن، فيزار بالزيارة المختصّة بشهر رجب (4)،. إلي آخره.
و الظاهر أنه لم يكن عنده مزار المفيد (رحمه اللّه)، كما ستعرف.
و منها: قوله (رحمه اللّه)- في زيارة ليلة القدر-: شرح الزيارة، و هي مختصة7.
ص: 453
بهذه الليلة، و يزار بها في العيدين إذا أردت ذلك (1). إلي آخره.
و قال محمّد بن المشهدي في مزاره: زيارة الحسين بن علي عليهما السلام أيضا مختصرة، يزار بها في ليلة القدر، و في العيدين، و بالإسناد عن أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: إذا أردت (2). و ساق الزيارة كما ساقها السيد، و الشيخ المفيد (3).
و قال السيد في الإقبال: و منها زيارة الحسين عليه السلام في ليلة عيد الفطر، و قد ذكرنا في الجزء الثاني من كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر بعض فضلها، و ما اخترناه من الرواية ألفاظ الزيارة المختصة، فإن لم يكن كتابنا عنده موجودا في مثل هذا الميقات فليزر الحسين عليه أفضل الصلوات بغير تلك الزيارة من الزيارات المرويّات (4).
و قال في ذكر أعمال يوم الأضحي: و أمّا لفظ ما نذكره في هذا اليوم في زيارته عليه السلام، فقد كنّا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر زيارتين تختصّ بهذا الميقات، و ليس هذا الكتاب ممّا نقصد به ذكر الزيارات، فإن وجد تلك الزيارتين، و إلّا فزر الحسين عليه السلام، ليلة الأضحي و يوم الأضحي، بما ذكرناه في هذا الكتاب من الزيارة ليوم عرفة (5).
و قال في الإقبال أيضا: فصل فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصّة بالحسين عليه السلام يوم عرفة. اعلم أنه سيأتي في بعض ما نذكره من الدعوات يوم عرفة زيارة النبيّ و الأئمة عليهم أفضل الصلوات، و إنّما نذكر في2.
ص: 454
هذا الفصل زيارة تختصّ بهذا اليوم غير داخلة في دعواته. و ذكر هذه الزيارة (1)، و ساق ما ساقه في مصباحه (2)، و قبله الشيخ المفيد في مزاره (3)، و الشيخ المشهدي في مزاره (4)، باختلاف يسير.
و قال فيه أيضا: فصل فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في نصف شعبان. أقول: إنّ هذه الزيارة ممّا يزار بها الحسين عليه السلام في أوّل رجب أيضا، و إنّما أخّرنا ذكرها في هذه الليلة لأنّها أعظم (5)، فذكرناها في الأشرف من المكان. و ساق ما ساقه في المصباح في زيارة أوّل رجب.
و منها ما تقدم (6) ذكره من عبارة خطبة مزار المشهدي، من التصريح بأنّ كلّما فيه من الدعوات و الزيارات ممّا رواها عن الثقات متّصلة إلي الأئمة الهداة عليهم السلام.
و منها: أن الشيخ الكفعمي (رحمه اللّه) ذكر في كتابه البلد الأمين في أعمال شهر ربيع الأول بعض ما ورد في ثواب زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام في كل شهر، ثم قال: قلت: فلهذين الحديثين أوردنا في كتابنا هذا للحسين عليه السلام في أول كل شهر زيارة مفردة، إلّا أن يكون في الشهر زيارة موظفة، فنكتفي بذكرها (7). انتهي.
و ذكر في الأيام المتقدمة الزيارات المعروفة المختصة بها التي صرّح بأنها موظفة، و كأن عنده عدة مزارات من الأقدمين لم تصل إلينا. و لعلّ المنصف إذا5.
ص: 455
تأمل في هذه القرائن تطمئن نفسه بكونها مأثورة، و تستبعد أن يكون مثل الشيخ المفيد أو من قبله يخترع زيارة بكيفيّة مخصوصة، و يصرّح باختصاصها بيوم مخصوص من دون ورود أثر، ثمّ يتلقاها العلماء مصرحّين باختصاصها به، هذا ممّا لا يناسب نسبته إلي أصاغر أهل العلم فضلا عن إعلامهم.
و من الغريب- بعد ذلك كله- ما ذكره المحقق المحدث البحراني في الدرّة الرابعة و الثلاثين من كتابه الدرة النجفيّة، حيث قال: و منها: ما ذكره في مزار البحار- أيضا- عن السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين ابن طاوس رضي اللّه عنه، في كتاب مصباح الزائر في زيارة طويلة حيث قال فيها: ثم أعدل إلي موضع الرأس، و استقبل القبلة، وصل ركعتين صلاة الزيارة، تقرأ في الأولي: الحمد و سورة الأنبياء، و في الثانية: الحمد و سورة الحشر، أو ما تهيأ لك. إلي آخره.
أقول: و هذه الزيارة إمّا أن تكون من مرويّات السيّد قدس سرّه فيكون سبيلها سبيل الروايات المتقدمة، أو تكون من إنشائه كما يقع منه كثيرا، فيكون فيه تأييد لما ذكرناه لدلالته علي كون ذلك هو المختار عنده، و الأفضل لديه، أو المتيقّن (1) انتهي.
و قد عرفت تصريح السيد في المصباح بأن كلّ ما فيه ممّا رواه أو رآه، و ليس فيه من منشآته شي ء فضلا عن الكثرة، و ليس له كتاب مزار غيره، و هذا من إتقان المحدث المذكور و تثبته عجيب بأن يذكر ما لا أصل له أصلا.
و ثامنا: إن السيد ألف المصباح في أول تكليفه، قال (رحمه اللّه) في كتاب الإجازات: فصل: ممّا ألفته في بداية التكليف من غير ذكر الأسرار9.
ص: 456
و التكشيف: كتاب مصباح الزائر و جناح المسافر، ثلاث مجلّدات (1)، انتهي.
و إنشاؤه في هذا السنّ هذه الأدعية يعدّ من خوارق العادة، و منه يظهر وجه عدم مشابهته- كاللّهوف- لسائر مؤلفاته من ذكر الأسانيد و بيان الأسرار.
الثالث: قال في اللّؤلؤة: و أمّهما- أي السيد رضي الدين علي و جمال الدين أحمد- علي ما ذكره بعض علمائنا- بنت الشيخ المسعود الورّام بن أبي الفوارس ابن فراس بن حمدان. و أمّ أمّهما بنت الشيخ الطوسي، و أجاز لها و لأختها أمّ الشيخ محمّد بن إدريس جميع مصنّفاته، و مصنفات الأصحاب (2)، و نقله صاحب الروضات أيضا معتمدا عليه، و زاد: و وقع النصّ علي جدتيهما له من جهة الأم في مواضع كثيرة من مصنّفات نفسه، فليلاحظ (3). انتهي.
و لا يخفي أنّ الذي يظهر من مؤلفات السيد أن أمّه بنت الشيخ ورّام الزاهد، و أنه ينتهي نسبه من طرف الأب إلي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه، و لذا يعبّر عنه أيضا بالجدّ، و أمّا كيفيّة الانتساب إليه فقال السيد في الإقبال: فمن ذلك ما رويته عن والدي- قدس اللّه روحه، و نوّر ضريحه- فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة (رحمه اللّه) عن خال والدي السعيد أبي علي الحسن بن محمّد، عن والده محمّد بن الحسن الطوسي- جدّ والدي من قبل أمه- عن الشيخ المفيد (4). إلي آخره فظهر أنّ انتساب السيّد إلي الشيخ من طرف والده أبي إبراهيم موسي الذي أمّه بنت الشيخ، لا من طرف أمّه بنت الشيخ ورّام.
و ما ذكروه من أنّ أمّ أمّ السيّد- يعني زوجة ورّام- بنت الشيخ، فباطل7.
ص: 457
من وجوه:
أمّا أولا: فلأن وفاة ورّام في سنة 605، و وفاة الشيخ في سنة 460 فبين الوفاتين مائة و خمسة و أربعون سنة، فكيف يتصوّر كونه صهرا للشيخ علي بنته؟ و إن فرضت ولادة هذه البنت بعد وفاة الشيخ، مع أنهم ذكروا أن الشيخ أجازها.
و أمّا ثانيا: فلأنّه لو كان كذلك لأشار السيد في موضع من مؤلفاته، لشدة حرصه علي ضبط هذه الأمور.
و أمّا ثالثا: فلعدم تعرّض أحد من أرباب الإجازات و أصحاب التراجم لذلك، فإنّ صهريّة الشيخ من المفاخر التي يشيرون إليها، كما تعرضوا في ترجمة ابن شهريار الخازن و غيره.
و يتلو ما ذكروه هنا في الغرابة ما في اللّؤلؤة (1) و غيرها أنّ أمّ ابن إدريس بنت شيخ الطائفة، فإنه في الغرابة بمكان يكاد يلحق بالمحال في العادة. فإنّ وفاه الشيخ في سنة ستّين بعد الأربعمائة، و ولادة ابن إدريس كما ذكروه في سنة ثلاث و أربعين بعد خمسمائة، فبين الوفاة و الولادة ثلاثة و ثمانون سنة. و لو كانت أمّ ابن إدريس في وقت إجازة والدها لها في حدود سبعة عشر سنة مثلا كانت بنت الشيخ ولدت ابن إدريس في سنّ مائة سنة تقريبا، و هذه من الخوارق التي لا بدّ أن تكون في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار.
و العجب من هؤلاء الأعلام كيف يدرجون في مؤلفاتهم أمثال هذه الأكاذيب، بمجرّد أن رأوها مكتوبة في موضع من غير تأمّل و نظر.
ثم إن تعبيرهما عن الشيخ ورّام بالمسعود الورّام أو مسعود بن ورّام اشتباه8.
ص: 458
آخر، لعلّنا نشير إليه فيما بعد إن شاء اللّه، فإنّ المسعود الورّام أو مسعود بن ورّام غير الشيخ ورّام الزاهد صاحب تنبيه الخاطر، فلا تغفل.
الرابع: في مجموعة الشهيد: تولّي السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن محمّد بن محمّد الطاوس العلوي الحسني، صاحب المقامات و الكرامات و المصنّفات، نقابة العلويّين من قبل هولاكو خان، و ذكر أنّه كان قد عرضت عليه في زمان المستنصر، و كان بينه و بين الوزير مؤيد الدين محمّد بن أحمد بن العلقمي و بين أخيه و ولده عزّ الدين أبي الفضل محمّد بن محمّد صاحب المخزن صداقة متأكدة، أقام ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة، ثم رجع إلي الحلّة، ثم سكن بالمشهد الشريف برهة، ثم عاد في دولة المغول إلي بغداد، و لم يزل علي قدم الخير و الآداب و التنزّه عن الدنيّات، إلي أن توفّي بكرة الاثنين خامس ذي القعدة من سنة أربع و ستين و ستمائة، و كان مولده يوم الخميس منتصف محرّم سنة تسع و ثمانين و خمسمائة، و كانت مدة ولايته النقابة ثلاث سنين و أحد عشر شهرا (1). انتهي. و ظاهر هذه العبارة أنه توفّي ببغداد.
و قال السيد (رحمه اللّه) في كتابه فلاح السائل: ذكر صفة القبر، ينبغي أن يكون القبر قدر قامة إلي الترقوة، و يكون فيه لحد من جهة القبلة بمقدار ما يجلس الجالس فيه، فإنه منزل الخلوة و الوحدة، فيوسع بحسب ما أمر اللّه جلّ جلاله ممّا يقرب إلي مراضيه، و قد كنت مضيت بنفسي، و أشرت إلي من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار جدي و مولاي علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه، متضيفا و مستجيرا و رافدا و سائلا و آملا، و متوسلا بكل ما توسّل به أحد من الخلائق إليه، و جعلته تحت قدمي والديّ رضوان اللّه جلّ جلاله عليهما، لأنّي3.
ص: 459
وجدت اللّه جلّ جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما، و يوصيني بالإحسان إليهما، فأردت أن يكون رأسي مهما بقيت تحت القبور تحت قدميهما (1). انتهي.
و مقتضي ما ذكره هنا أنه أوصي بحمله إليه و دفنه فيه، و إلّا فلا بدّ أن يكون قبره في جوار الكاظمين عليهما السلام. و لكن في الحلّة في خارج البلد قبّة عالية في بستان تنسب إليه، و يزار قبره و يتبرّك فيها، و لا يخفي بعده لو كان الوفاة ببغداد، و اللّه العالم.
الخامس: في مشايخه، و هم جماعة، صرّح بهم متفرقا في مؤلفاته و غيره في إجازاتهم:
أ- العالم الصالح الشيخ حسين بن محمّد (2) السوراوي. قال في الفلاح:
أجازني في جمادي الآخرة سنة تسع و ستمائة (3).
عن الشيخ الجليل عماد الدين الطبري، صاحب بشارة المصطفي، الآتي في مشايخ شاذان بن جبرئيل القمّي (4).
ب- أبو الحسن علي (5) بن يحيي بن علي، الفقيه الجليل الحنّاط- بالحاء المهملة، و النون المشددة- كما هو المضبوط في نسخ جمال الأسبوع (6)، و فلاح السائل (7)، و أربعين الشهيد (8)، نسبة إلي بيع الحنطة. أو الخياط كما هوط.
ص: 460
المضبوط في كتابه فتح الأبواب (1)، نسبته إلي عمل الخياطة.
و قال رحمه اللّه في كتاب كشف اليقين: أخبرني بذلك- يعني بكتاب تفسير محمّد بن العباس الماهيار- الشيخ علي بن يحيي الحافظ (2)، و لعلّه تصحيف الحناط أو الخيّاط، أو هو لقب مخصوص. و صرّح في الفلاح (3) و الفتح (4) و اليقين (5) و الجمال (6) أنه أجازه سنة تسع و ستمائة.
عن جماعة:
1- منهم: الشيخ عربي بن مسافر، الآتي في مشايخ مشايخ المحقق (7).
2- و منهم: نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن الطوسي، في الأمل:
فاضل جليل، له مصنّفات يرويها علي بن يحيي الخيّاط (8).
3- و منهم: الشيخ علي بن نصر اللّه بن هارون- المعروف جدّه بالكمال- الحلّي، صرح بهما في الرياض (9)، و صاحب المعالم في إجازته الكبيرة (10). لم أعثر علي طريقيهما.
4- و منهم: الشيخ المحقق محمّد بن إدريس الحلّي (11).0.
ص: 461
5- و منهم: العالم النحرير ابن بطريق الحلي، و يأتي ذكر طرقهما (1).
6- و منهم: برهان الدين الحمداني القزويني، الذي مرّ ذكره (2).
7- و منهم: الشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل محمّد بن محمّد بن شعرة الجامعي.
8- و منهم: الشيخ الفقيه العالم أبو طالب نصير الدين عبد اللّه بن حمزة ابن عبد اللّه بن حمزة بن الحسن بن علي بن نصير الطوسي، صرّح بجميع ذلك صاحب المعالم في الإجازة الكبيرة (3). و هذا الشيخ عظيم الشأن، جليل القدر، من أعيان علماء الإماميّة.
قال محمّد بن الحسين القطب الكيدري- تلميذه- في كتاب كفاية البرايا في معرفة الأنبياء و الأوصياء: حدثني مولاي و سيدي الشيخ الأفضل العلامة، قطب الملّة و الدين، نصير الإسلام و المسلمين، مفخر العلماء، و مرجع الفضلاء، عمدة الخلق، ثمال الأفاضل، عبد اللّه بن حمزة بن عبد اللّه بن حمزة الطوسي، أدام اللّه تعالي ظلّ سموه و فضله للأنام و أهله ممدودا، و شرع نكتة و فوائده لعلماء العصر مشهودا، قراءة عليه بساتروار بهق (4) في شهور سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة.
عن الشيخ الإمام عفيف الدين محمّد بن الحسين الشوهاني.
عن شيخه الفقيه علي بن محمد القمي.
عن شيخه المفيد عبد الجبار بن عبد اللّه المقري.
عن شيخ الطائفة (5). انتهي.ة.
ص: 462
و في المنتجب: الشيخ الإمام نصير الدين أبو طالب عبد اللّه بن حمزة بن عبد اللّه الطوسي المشهدي المشارحي، فقيه ثقة وجه (1).
و قال في الرياض: رأيت من مؤلفاته: الوافي بكلام المثبت و النافي، و هو مختصر، و هو غير ابن حمزة صاحب الوسيلة (2).
ج- الشيخ الفاضل الجليل أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني، العالم الفاضل المعروف، صاحب كتاب رشح الولاء في شرح دعاء صنمي قريش، الذي نقل عنه الشيخ إبراهيم الكفعمي في حواشي جنته و غيرها.
قال في الفلاح: أخبرني في مسكني بالجانب الشرقي من بغداد الذي أسكنني به الخليفة المستنصر جزاه اللّه جلّ جلاله عنّا جزاء المحسنين، في صفر سنة خمس و ثلاثين و ستمائة (3).
و في الأمل: قرأ عليه الخواجه نصير الدين و ابن ميثم (4).
عن الشيخ الإمام عماد الدين أبي الفرج علي ابن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين الراوندي، الفقيه الثقة، كما في المنتجب (5).
عن والده قطب الدين الراوندي، الآتي ذكره (6).
و عن جماعة كثيرة نذكرهم في مشايخ نجيب الدين ابن نما.
د- الشيخ نجيب الدين ابن نما.9.
ص: 463
قال السيد في الدروع الواقية: و أخبرني شيخي الفقيه محمّد بن نما، فيما أجازه لي من كلّ ما رواه، لما كنت أقرأ عليه في الفقه (1). و يأتي في مشايخ المحقق (رحمه اللّه) (2).
ه- السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي، الآتي ذكره (3).
و- الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي.
قال في الدروع: و أخبرني الشيخ الزاهد حسن بن الدربي، فيما أجازه لي من كل ما رواه، أو سمعه أو أنشأه، أو قرأه (4). و يأتي طريقه في مشايخ المحقق (5).
ز- الشيخ صفي الدين محمّد بن معد الموسوي، الذي مرّ ذكره في مشايخ والد العلامة (6).
ح- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلّي، الفقيه العالم الفاضل، صاحب المنهاج في الكلام، الذي قرأ عليه المحقق علم الكلام و شيئا من علم الأوائل:
قال الشهيد- في الحديث التاسع من أربعينه-: أخبرنا السيد الإمام شيخنا عميد الدين أيضا قال: أخبرني خالي الإمام السعيد الحجّة شيخ الإسلام جمال الدين، قال: أخبرنا السيد الإمام العالم الطاهر أزهد أهل زمانه، ذو الكرامات رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن محمد1.
ص: 464
ابن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمد الطاوس، عن الشيخ الإمام العلامة رئيس المتكلّمين، سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلّي، عن الشيخ نجيب الدين يحيي بن سعيد الأكبر (1). إلي آخره و هو جد المحقق، و يأتي ذكره (2).
ط- السيد أبو حامد محي الدين محمّد بن عبد اللّه بن زهرة الحسيني الإسحاقي، ابن أخي ابن زهرة الحلبي، صاحب الغنية، كما صرّح به الشهيد في الحديث الثاني و الثلاثين من أربعينه (3).
ي- نجيب الدين محمّد السوراوي (4)، كما في بعض الإجازات، و لكن في الرياض: الشيخ يحيي بن محمّد بن يحيي بن الفرج السوراوي، كان فاضلا صالحا، يروي عن ابن شهرآشوب، و يروي العلامة عن أبيه عنه. كذا أفاد الشيخ المعاصر في أمل الأمل (5).
و أقول: يروي العلامة عن هذا الشيخ بتوسّط جماعة أخري أيضا، منهم: الشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد المحقق الحلّي، و السيد جمال الدين بن طاوس، و غيرهما، كلّهم عن هذا الشيخ. و هو يروي عن الشيخ الفقيه الحسين بن هبة اللّه بن رطبة أيضا، عن ولد الشيخ الطوسي.
ثم قد وقع في أوائل عوالي اللآلي لابن جمهور الأحسائي، أنّ والد العلامة يروي عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي، عن الشيخ هبة اللّه5.
ص: 465
ابن رطبة، عن الشيخ أبي علي [ابن] الشيخ الطوسي (1). و هو سهو في سهو، إذ الصواب: يحيي بن محمّد السوراوي، عن الحسين بن هبة اللّه بن رطبة، اللهم إلّا أن يقال: إنّ والد العلامة يروي عن الوالد و الولد معا، و كذا الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي أيضا يروي عن الوالد و الولد جميعا، فلا حظ، و تأمّل، انتهي.
التاسع: - من مشايخ آية اللّه العلّامة (2) - خاله الأكرم و أستاذه الأعظم، الرفيع الشأن، اللّامع البرهان، كشاف حقائق الشريعة بطرائف من البيان، لم يطمثهن قبله إنس و لا جان، رئيس العلماء، فقيه الحكماء، شمس الفضلاء، بدر العرفاء، المنوّه باسمه و علمه في قصّة الجزيرة الخضراء، الوارث لعلوم الأئمة المعصومين عليهم السلام، و حجّتهم علي العالمين، الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيي بن سعيد الهذلي الحلّي، الملقب:
بالمحقق علي الإطلاق، الرافع أعلام تحقيقاته في الآفاق، أفاض اللّه علي روضته شآبيب لطفه الخفي و الجلي، و أحلّه في الجنان المقام السنّي و المكان العليّ، و هو أعلي و أجلّ من أن يصفه و يعدّد مناقبه و فضائله مثلي، فالأولي في المقام الإعراض عنه، و التعرّض لبعض مستطرفات حاله.
ذكر شيخنا البهائي في مجموعة شيخنا الشهيد- التي كانت بخطّ جدّه الشيخ محمّد بن علي الجباعي، و أدرج فيها- و من خطّه نقلت قال: من خطّ الكفعمي: قال الشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلّي قدس اللّه روحه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، لما وقفت علي ما أمر به الصاحب الصدر الكبير، العالم
ص: 466
الكامل، العارف المحقق، بهاء الدنيا و الدين، غياث الإسلام و المسلمين، أدام اللّه أيامه في عزّ مؤبد، و فخر ممهد، و مجد مجدد، و نعمة قارة العيون، باسقة الغصون، دارّة الحلب، حميدة المنقلب، محروسة الجوانب، مصونة من الشوائب.
و تأمّلت ما برز عنه من الألفاظ التي هي أنور من الماء الزلال، و أطيب من الغني بعد الإقلال، فهي يعجز الطامع ببديعها، و يعجب السامع حنين جمعها و ترصيفها، فكأن الشاعر عناه بقوله:
و لا ذنب للأفكار أنت تركتها إذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها
تنوب بإيراد المعاني و ألّفت خواطرك الألفاظ بعد شرادها
فإن نحن حاولنا اختراع بديعة حصلنا علي مسروقها أو معادها
و ليس بمستغرب نوره ببديع النثر و النظم، مع ما وهبه اللّه سبحانه من جودة القريحة و قوّة الفهم، نسأل اللّه أن يديم لفضلاء الآداب، و رؤساء الكتّاب، ما كنفهم من طلبه، و شملهم من فضله، و أباحهم من مشاربه، و سوغهم من شرائعه، ليتم نفاق (1) سوقهم، و ليشمّروا للاجتهاد فيه عن سوقهم، دلّت ألفاظه الكريمة علي استدعاء ما يكون تذكرة لأهل الوداد، و عهدا يجدّد به ما أخلقته يد العباد، فعند ذلك أحببت أن أدخل فيمن سارع في امتثال أوامره، لأكون من جملة من شرفه بذكره، و يخطره بخاطره.
فأقول: إنّ الشعر من أفضل مشاعر الأدب، و أجمل مفاخر العرب، به تستماح المكارم، و تستعطف الطباع الغواشم، و تشحذ الأذهان و تسل).
ص: 467
الأضغان، و يستصلح الرأي الفاسد و تستثار الهمم الجوامد، لكنه عسر المطلب، خطر المركب، لافتقاره إلي أمور غريزية، و اخري كسبيّة، و هي شديدة الامتناع، بعيدة الاجتماع، فالمعتذر عن التعرض له معذور، و المعترف بالقصور عنه مشكور، و قد كنت زمن الحداثة أتعرض لشي ء منه ليس بالمرضي، فكتبت أبياتا إلي والدي رحمه اللّه أثني فيها علي نفسي بجهل الصبوة، و هي:
ليهنك أني كل يوم إلي العلي أقدم رجلا لن تزل به النعل
و غير بعيد أن تراني مقدما علي الناس حتي قيل: ليس له مثل
تطاوعني بكر المعاني و عونها و تقتادني حتّي كأنّي لها بعل
و يشهد لي بالفضل كلّ مبرّز و لا فاضل إلّا ولي فوقه فضل
فكتب رحمه اللّه فوق هذه الأبيات ما صورته:
لئن أحسنت في شعرك لقد أسأت في حق نفسك، أما علمت أنّ الشعر صناعة من خلع العفّة، و لبس الحرفة، و الشاعر ملعون و إن أصاب، و منقوص و إن أتي بالشي ء العجاب، و كأنّي بك قد أوهمك الشيطان بفضيلة الشعر، فجعلت تنفق ما تلفق بين جماعة لم يعرفوا لك فضيلة غيره، فسمّوك به، و قد كان ذلك وصمة عليك آخر الدهر. أما تسمع:
و لست أرضي أن يقال شاعر تبا لها من عدد الفضائل
. فوقف خاطري عند ذلك حتّي كأنّي لم أقرع له بابا، و لم أرفع له حجابا، و أكد ذلك عندي ما رويته بإسناد متصل أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله دخل المسجد و به رجل قد أطاف به جماعة، فقال: ما هذا؟
قالوا: علّامة.
فقال: ما العلّامة؟
ص: 468
قالوا: عالم بوقائع العرب، و أنسابها، و إشعارها.
فقال (صلّي اللّه عليه و آله): ذاك علم لا يضرّ من جهله، و لا ينفع من علمه (1).
و من البيّن أن الإجادة فيه تفتقر إلي تمرين الطبع، و صرف الهمّة إلي الفكر في تناسب معناه، و رشاقة ألفاظه، و جودة سبكه، و حسن حشوه، تمرينا متكررا حتي يصير خلقا و شيما، إنّ ذلك سبب الاستكمال فيه، فالإهمال سبب القصور عنه، و إلي هذا المعني أشرت في جملة أبيات هي:
هجرت صوغ قوافي الشعر مذ زمن هيهات يرضي و قد أغضبته زمنا
و عدت أوقظ أفكاري و قد هجعت عنفا و أزعج عزمي بعد ما سكنا
إنّ الخواطر كالآبار إن نزحت طابت و إن يبق فيها ماؤها أجنا
فأصبح شكورا أياديك التي سلفت ما كنت أظهر عيبي بعد ما كمنا
و لمكان إضرابي عنه و إعراضي حتي عفي ذكر اسمه، لم يبق إلّا ما هو حقيق أن يرفض و لا يعرض، و يضمر و لا يظهر، و لكن مع ذلك أورد ما أدخل في حيز الامتثال، و إن كان ستره أنسب بالحال، فمنه:
و ما الإسراف من خلقي و إنّي لأجزأ بالقليل عن الكثير
و ما أعطي المطامع لي قيادا و لو خودعت بالمال الخطير
و أغمض عن عيوب الناس حتّي إخال و إن تناجيني ضميري
و احتمل الأذي في كل حال علي مضض و أعفو عن كثير
و من كان الإله له حسيبا أراه النجح في كل الأمور1.
ص: 469
و منه:
يا راقدا و المنايا غير راقدة و غافلا و سهام الدهر ترميه
بم اغترارك و الأيام مرصدة و الدهر قد ملأ الأسماع داعيه
أما أرتك اللّيالي قبح دخلتها و غدرها بالذي كانت تصافيه
رفقا بنفسك يا مغرور إنّ لها يوما تشيب النواصي من دواهيه
و حسب تحصيل الغرض بهذا القدر، فنحن نقتصر عليه، و نستغفر اللّه سبحانه و تعالي من فرطات الزلل، و ورطات الخلل، و نستكفيه زوال النعم، و حلول النقم، و نستعتبه محلّ العثار و سوء المرجع في القرار، و من أفضل ما يفتتح به النظام، و يختم به الكلام، ما نقل عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله: من سلك طريقا إلي العلم سلك اللّه به طريقا إلي الجنّة (1).
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): لا خير في الحياة إلّا لعالم مطاع، أو مستمع واع (2).
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): تلاقوا و تذاكروا و تحدّثوا، فإن الحديث جلاء القلوب، إنّ القلوب ترين كما ترين السيف (3).
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): لا يزيد في العمر مثل الصدقة، و لا يردّ البلاء مثل الدعاء، و لا ينور العبد مثل الخلق الحسن، و لا يذهب الذنوب إلّا الاستغفار، و الصدقة ستر من النار، و جواز علي الصراط، و أمان من العذاب.
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): صلوا الأرحام يغفر لكم، و تعامدء.
ص: 470
المساكين يبارك لكم في أموالكم، و يزاد في حسناتكم.
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): إن اللّه سبحانه يقول: اطلبوا الحوائج عند ذوي الرحمة من عبادي، فإن رحمتي لهم، و لا تطلبوها عند القاسية قلوبهم، فإن غضبي فيهم (1).
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): اصطناع المعروف تقي مصارع السوء (2).
و قال (صلّي اللّه عليه و آله): من اقتصر من الدنيا علي ما أحل له سلم، و من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا، و من أراد به الدنيا فهو حظّه.
و كتب جعفر بن الحسن بن يحيي بن سعيد الحلّي (3). انتهي.
توفي رحمه اللّه- كما في رجال ابن داود تلميذه- في شهر ربيع الآخر سنة ست و سبعين و ستمائة (4). و قبره الشريف بالحلّة السيفيّة، عليه قبّة عالية، يزار و يتبرّك به.
ص: 471
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
[من هنا تبدأ طرق المحقق الحلي] يروي (1) عن جماعة من المشايخ العظام، و فقهاء أهل البيت عليهم السلام:
الأول: والده الشيخ حسن. في الأمل: كان فاضلا، عظيم الشأن (2).
عن والده: الشيخ أبي زكريا يحيي الأكبر بن الحسن بن سعيد الحلّي.
في الأمل: كان عالما محققا (3):
و في الرياض: كان من أكابر الفقهاء في عصره، و قد نقل الشهيد في شرح الإرشاد في بحث قضاء الصلوات الفائتة عنه القول بالتوسعة، قال: و من المتأخرين القائلين بالتوسعة قطب الدين الراوندي، و نصير الدين عبد اللّه بن حمزة الطوسي، و سديد الدين محمود الحمصي، و الشيخ يحيي بن سعيد- جد
ص: 5
الشيخين (1) نجم الدين و نجيب الدين- نقله عنه يحيي- يعني صاحب الجامع في مسألته في هذا المقام (2).
عن الشيخ الفقيه أبي محمّد عربي بن مسافر العبادي.
في المنتجب: فقيه صالح بالحلّة (3).
و في مزار محمّد بن المشهدي: حدثنا الشيخ الأجل، الفقيه العالم، أبو محمّد عربي بن مسافر، قراءة عليه بداره بالحلّة السيفيّة، في شهر ربيع الأول سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة (4). إلي آخره.
و في الرياض: شيخ جليل كبير من أصحابنا رضي اللّه عنهم (5).
و في الأمل: فاضل جليل، فقيه عالم، يروي عن تلامذة الشيخ أبي علي الطوسي كالياس بن هاشم و غيره، يروي الصحيفة الكاملة عن بهاء الشرف بالسند المذكور في أوّلها (6).
و قال الشيخ البهائي في حاشية أربعينه: العبادي- بفتح العين المهملة- منسوب إلي عبادة، اسم قبيلة (7).
و هذا الشيخ يروي عن جماعة.
(أ)- الشيخ الجليل عماد الدين الطبري، صاحب بشارة المصطفي،ه.
ص: 6
و يأتي في مشايخ السيد محيي الدين بن زهرة (1).
(ب)- الشيخ الأمين حسين بن طحال، و يأتي في مشايخ ابن نما (2).
(ج)- الشيخ الفقيه الجليل أبو عبد اللّه الحسين ابن الشيخ جمال الدين هبة اللّه بن الحسين بن رطبة السوراوي، كان من أكابر مشايخ أصحابنا.
عن الشيخ الأجل أبي علي ابن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه.
(د)- الشيخ أبي محمّد إلياس (3) بن محمّد بن هشام الحائري، العالم، الفاضل، الجليل.
عن الشيخ أبي علي الطوسي.
الثاني: السيد الامام العالم النحرير المعظّم، محيي (4) الملّة والدين، أبو حامد نجم الإسلام محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه بن علي بن زهرة الحلبي، صاحب كتاب الأربعين، الذي ألّفه في حقوق الإخوان، و منه نقل الشهيد الثاني في رسالة كشف الريبة رسالة الصادق عليه السلام إلي النجاشي والي
ص: 7
الأهواز (1) و عندنا نسخة منه بخط الشيخ الجباعي، نقله عن خط الشهيد رحمه اللّه و كانت امّه بنت الشيخ الفقيه محمّد بن إدريس (2)، كما صرّح هو في بعض إجازاته:
يروي عن جماعة:
أ- رشيد الدين بن (3) شهرآشوب المازندراني، الآتي ذكر اسمه الشريف إن شاء تعالي (4).
ب- عمّه الأكرم، السيد عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي، الفقيه الجليل المعروف، صاحب الغنية و غيرها، المتولّد في الشهر المبارك سنة إحدي عشرة و خمسمائة، المتوفي سنة خمس و ثمانين و خمسمائة، هو و أبوه و جدّه و أخوه و ابن أخيه من أكابر فقهائنا، و بيتهم بيت جليل بحلب.
قال في القاموس: و بنو زهرة شيعة بحلب (5).
و نقل القاضي في المجالس عن تاريخ ابن كثير الشامي، أنّ في سنة سبع و خمسمائة (6) لمّا فرغ الملك صلاح الدين أيوب من مهمّ ولاية مصر، و اطمأن من ي.
ص: 8
أمره، توجّه إلي أخذ بلاد الشام، و جاء منها إلي حلب، و نزل بظاهر حلب، و اضطرب والي حلب من ذلك، فطلب أهل حلب إلي ميدان العراق، و أظهر لهم المودّة و الملاءمة، و بكي بكاء شديدا، و رغّبهم في حرب صلاح الدين، فعاهده جميعهم في ذلك، و شرط عليه الروافض أمورا، منها: إعادة حيّ علي خير العمل في الأذان، و منها: أن يفوّض عقودهم و أنكحتهم إلي الشريف الطاهر أبي المكارم حمزة بن زهرة الحسيني الذي كان مقتدي شيعة حلب. فقبل ذلك الوالي جميع تلك الشروط (1) انتهي.
و أنت خبير بأن ولادة السيد بعد هذا التاريخ بأربع سنين، و قد نقل في الرياض تاريخ الولادة و الوفاة عن كتاب نظام الأقوال للفاضل نظام الدين التفريشي، ثم نقل ترجمة السيد عن الأمل (2)، إلي أن نقل عن القاضي ما 3.
ص: 9
نقلناه (1)، و لم يتعرّض لهذا التناقض. و أعجب منه ما في الروضات، فإنه نقل ما في النظام، و أعقبه بلا فصل ما في تاريخ ابن كثير (2)، و لم يتفطن للمناقضة.
و بالجملة فلا يبعد أن يكون التوهّم من ابن كثير، و أنّ المقتدي للشيعة والد السيّد.
1- عن أبي منصور السيد الجليل محمّد بن الحسن بن منصور النقاش.
في الأمل: فاضل صالح، فقيه (3).
و وصفه صاحب المعالم في إجازته بقوله: السيد الكبير أبي منصور (4).
عن أبي عليّ ابن شيخ الطائفة.
و يروي السيد أبو المكارم (5) أيضا:
2- عن الشيخ العفيف الزاهد القارئ أبي علي الحسن بن الحسين، المعروف بابن الحاجب الحلبي.
عن الشيخ الجليل أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي سهل الزينوآبادي، بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام.
عن الشيخ الفقيه رشيد الدين علي بن زيرك القمّي.
و السيد العالم أبي هاشم المجتبي بن حمزة بن زهرة بن زيد الحسيني.ظ.
ص: 10
عن المفيد عبد الجبّار الرازي، الآتي (1).
و يروي أيضا (2):
3- عن الفقيه أبي عبد اللّه الحسين بن طاهر بن الحسين الصوري.
عن الشيخ العالم أبي الفتوح الآتي ذكره (3).
و يروي السيد أيضا (4):
4- عن الجليل والده علي بن زهرة.
هذا، و قال شيخنا الحرّ في الأمل- بعد ترجمة السيد و عدّ مؤلفاته ما لفظه-.
رواها عنه ابن أخيه السيد محي الدين محمّد و غيره، و يروي عنه أيضا شاذان ابن جبرئيل، و محمّد بن إدريس، و غيرهما (5). انتهي.
و في الرياض- بعد نقل ما في الأمل-: و لعلّ في رواية شاذان بن جبرئيل و ابن إدريس عنه نظرا، فلاحظ (6).
و في الروضات: و تأمّل أيضا- يعني صاحب الرياض- في رواية ابن إدريس عنه، و كان النظر منه في تأمّله هذا ما لعلّه وجده في كتاب المزارعة من السرائر بهذه الصورة (7). ثم نقل العبارة، و فيها: انه أورد علي السيد فتوي له في الغنية، و أنه كتبه إليه، و أن السيد اعتذر بأعذار غير واضحة، و أبان أنه ثقل عليه. إلي آخر ما لعلّه يأتي في ترجمته (8).2.
ص: 11
قال: و أنت خبير بأنّ هذه الكيفية إن لم تؤكد عقد الرواية بينهما- كما هي من دأب السلف الصالحين بمحض ملاقاتهم القرناء- لا تنافي ذلك بوجه من الوجوه- و تشنيعات ابن إدريس علي جدّه الامجد، الذي هو شيخ الطائفة، أكثر منها علي هذا الرجل بكثير، فليعتذر عنه فيها، و يحمل الأمر علي الصحة من الشخص الكبير (1). انتهي.
و لا يخفي أنه لا ربط لما ذكره، لنظر صاحب الرياض و تأمّله، كيف و قد قرن معه شاذان، و لم يكن بينهما ما توهمه السبب لعدم رواية ابن إدريس عن أبي المكارم.
ج- والده أبو القاسم [بن] (2) علي صاحب المؤلفات الكثيرة.
عن أخيه أبي المكارم ابن زهرة.
د- الفقيه ابن إدريس صاحب السرائر.
قال صاحب المعالم في إجازته الكبيرة: حكي الشيخ نجيب الدين يحيي ابن سعيد- في الإجازة التي تكرر الحديث عنها- عن السيد محيي الدين ابن زهرة أنه قال: أخبرني بكتاب الرسالة المقنعة للشيخ المفيد- إجازة- الفقيه فخر الدين أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الحلّي العجلي، و هو جدّي لأمي (3). إلي آخره.
و يأتي ذكر طرق ابن إدريس إن شاء اللّه تعالي (4).
ه- الشريف الفقيه عزّ الدين أبو الحارث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني العلوي البغدادي. في الأمل: كان من فضلاء عصره (5).4.
ص: 12
عن الشيخ الفقيه قطب الدين الراوندي.
و- الشيخ الأجل شمس الدين أبو الحسين أو أبو زكريا- كما في إجازة العلامة (1) - يحيي بن الحسن بن الحسين بن علي محمد بن بطريق الحلي الأسدي، مؤلف كتاب العمدة الذي جمع فيه ما في الصحاح الستّة، و تفسير الثعلبي، و مناقب ابن المغازلي من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام بحيث لم يغادر شيئا من ذلك، و لم يذكر فيه شيئا من غيرها، و لم يسبقه إلي هذا التأليف البديع أحد من أصحابنا. و مؤلف كتاب المستدرك بعد العمدة، أخرج فيه قريبا من ستمائة حديث من كتب أخري لهم عثر عليها بعد تأليف العمدة، كالحلية لأبي نعيم، و المغازي لابن إسحاق، و الفردوس لابن شيرويه الديلمي، و مناقب الصحابة للسمعاني، و غيرها. و غير ذلك من المؤلفات.
عن الشيخ الإمام عماد الدين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الطبري الآملي الكجي، العالم الجليل، الفقيه النبيل، صاحب كتاب بشارة المصطفي لشيعة المرتضي، صلوات اللّه عليهما، في أربعة أجزاء، علي ما عثرنا علي نسخ عديدة منه بعضها عتيقة.
و في الأمل: أنه سبعة عشر جزءا (2)، و هو غريب، و الظاهر أنّ نسخة العلامة المجلسي هي مثل التي عندنا. فما عثرنا علي خبر أخرجه منها فقدناه ممّا عندنا. فالمظنون أنه من طغيان قلمه، أو من أخذه عنه. و قد ذكر الجليل ابن شهرآشوب البشارة من مؤلفاته، في المعالم (3)، و لم يتعرض لذلك.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة:9.
ص: 13
أوّلها: الشيخ أبي علي ابن الشيخ الطوسي (رحمه اللّه).
ثانيها: شمس الدين أبي محمّد الحسن بن بابويه، المعروف بحسكا، كما تقدّم ذكره في مشايخ سبطه منتجب الدين (1).
ثالثها: الشيخ الأمين أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام.
قال في المنتجب: فقيه صالح (2).
و في الرياض- في ترجمة ابنه أبي طالب حمزة، ما لفظه-: أبو طالب حمزة هذا ولد الشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن لخزانة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، و الراوي للصحيفة الكاملة السجادية، و قد مرّ في ترجمة والده الشيخ محمّد بن أحمد المذكور، أنه كان صهر الشيخ الطوسي علي ابنته، و أنه ولد له منها الشيخ أبو طالب هذا، فكان الشيخ الطوسي جدّه الأمّي، و الشيخ أبو علي خاله (3). انتهي.
و له مشايخ عديدة علي ما يظهر من البشارة:
1- كالشيخ الجليل أبي جعفر الطوسي والد زوجته (4).
2- و الشريف النقيب أبي الحسن زيد بن ناصر العلوي.
عن الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن عبد الرحمن العلوي صاحب كتاب التعازي (5).
3- و كأبي يعلي حمزة بن محمّد بن يعقوب الدهان (6) - في الرياض: كان من 2.
ص: 14
أكابر علمائنا-.
عن أبي الحسن محمّد بن أحمد الجواليقي.
عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد (1).
4- و كالشيخ الفقيه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي.
عن أبيه محمّد بن أحمد.
عن الصدوق رحمه اللّه.
5- و كالشيخ أبي الفرج محمّد بن أحمد بن محمّد بن عامر بن علان المعدل. أو غير هؤلاء ممّا لا حاجة إلي نقله.
رابعها: الشيخ أبي البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرقاء البصري، الذي قرأ عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام سنة 516، بأسانيده الموجودة في البشارة (2).
خامسها: الشيخ الفقيه أبي النجم محمّد بن عبد الوهاب بن عيسي السمان، في المنتجب: ورع فقيه (3).
سادسها: والده أبي القاسم علي بن محمد بن علي الفقيه.
سابعها: أبي اليقظان [الشيخ] عمّار بن ياسر.
ثامنها: ولده: أبي القاسم سعد بن عمّار.
يروي هؤلاء الثلاثة عن: الشيخ الزاهد إبراهيم بن أبي نصر الجرجاني.
عن السيد الزاهد محمّد بن حمزة الحسيني المرعشي رحمه اللّه.
عن أبي عبد اللّه الحسين بن بابويه، أخ الصدوق (رحمه اللّه).
تاسعها: الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي،5.
ص: 15
الزيدي في النسب و المذهب.
عاشرها: أبي غالب سعيد بن محمّد الثقفي، الكوفيان. كذا في البشارة، و قال: اخبراني (1) بها سنة 560 (2).
1- عن الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، صاحب كتاب التعازي.
عن أبيه (3).
2- و عن عمر بن إبراهيم الكناني المقري.
3- و عن محمّد بن عبد اللّه الجعفي.
4- و عن أبي المفضّل محمّد بن عبد اللّه الشيباني.
5- و عن زيد بن جعفر بن محمّد بن صاحب (4).
6- و عن محمد بن الحسين السملي.
7- و عن جعفر بن محمّد الجعفري، و غيرهم بأسانيدهم الموجودة في البشارة، و فرحة الغري (5).
حادي عشرها: أبي محمّد الجبّار بن علي بن جعفر- المعروف بحدقة- الرازي، قال في البشارة: أخبرني بها بقراءتي عليه سنة ثمان عشرة و خمسمائة.
عن أبي محمّد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيشابوري، و هو عمّ الشيخ أبي الفتوح الرازي المفسّر، الآتي في مشايخ ابن شهرآشوب (6).2.
ص: 16
ثاني عشرها: الشيخ الأديب أبي علي محمّد بن علي بن قرواش التميمي.
قال في البشارة: و أخبرني بقراءتي عليه في المحرم، سنة ست عشرة و خمسمائة، بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
عن أبي الحسين محمّد بن محمّد النقاد الحميري (1).
ثالث عشرها: الشيخ العالم محمّد بن علي بن عبد الصمد بن محمّد النيشابوري، الآتي في مشايخ رشيد الدين بن شهرآشوب (2).
رابع عشرها: أبي طالب (3) يحيي. قال في البشارة: حدثنا السيد الإمام الزاهد أبو طالب يحيي بن الحسن بن عبد اللّه الجواني الحسيني، في داره بآمل، لفظا منه، في محرّم سنة تسع و خمسمائة.
قال: أخبرنا الشيخ أبو علي جامع بن أحمد الدهشاني، بنيشابور، في شهر ربيع الأول سنة ثلاث و خمسمائة.
قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن العباس.
قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الثعالبي.
قال: أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد السرّي الفروضي.
قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن محمّد.
قال: حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي (4). إلي آخر ما في صحيفة الرضا عليه السلام.1.
ص: 17
و هذا سنة آخر غير الأسانيد التي ذكرناها في الفائدة السابقة (1).
الثالث: من مشايخ نجم الدين المحقق، شيخ الفقهاء في عصره نجيب الدين أبو إبراهيم أو أبو جعفر- كما في إجازة الشهيد لابن الخازن- محمّد بن جعفر بن أبي البقاء هبة اللّه بن نما بن علي بن حمدون الحلي الربعي، المعروف بابن نما، علي الإطلاق.
و في إجازة الشهيد الثاني: و عن الجماعة (2) كلّهم رضوان اللّه تعالي عليهم، جميع مصنّفات و مرويّات الشيخ الإمام العلامة نجيب الدين (3). إلي آخره.
و في إجازة ولده: ذكر الشيخ محمّد بن صالح القسيني في إجازته للشيخ نجم الدين بن طمان، بعد أن ذكر أنه قرأ عليه كتاب النهاية للشيخ أبي جعفر رضي اللّه عنه: و قد أذنت له في روايته عنّي عن شيخي الفقيه السعيد المعظّم شيخ الطائفة و رئيسها غير مدافع، نجيب الدين أبي إبراهيم محمّد بن جعفر (4). إلي آخره.
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة:
(أ)- برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني، المتقدم ذكره (5).
(ب)- والده جعفر بن نما.
1- عن الفقيه ابن إدريس، و يأتي (6).
ص: 18
2- و عن الحسين بن رطبة، و قد مرّ (1).
3- و عن أبيه الجليل: هبة اللّه بن نما، الموصوف في كثير من الأسانيد بالرئيس العفيف.
و في مزار الشيخ محمّد بن المشهدي: أخبرني الشيخ الفقيه العالم، أبو البقاء هبة اللّه بن نما (2).
و في الأمل: فاضل صالح (3).
و في الرياض: فاضل، عالم، فقيه جليل (4).
عن الشيخين الجليلين: أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي.
و إلياس بن هشام (5).
عن أبي علي بن شيخ الطائفة.
(ج)- الشيخ الجليل السعيد (6) المتبحر أبو عبد اللّه محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري المعروف بمحمّد بن المشهدي، و ابن المشهدي، مؤلف المزار المشهور الذي اعتمد عليه أصحابنا الأبرار الملقّب:
بالمزار الكبير- في بحار الأنوار- و قد مرّ في الفائدة السابقة (7) بعض ما يتعلق 8.
ص: 19
به و بكتابه هذا، و له أيضا كتاب بغية الطالب، و إيضاح المناسك، و كتاب المصباح، أشار إليهما في مزاره (1).
يروي عن جماعة من الأعلام، صرّح ببعضها المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، و ببعضها هو بنفسه في مزاره.
أوّلهم: شمس الدين يحيي ابن البطريق، و قد مرّ (2).
ثانيهم: عزّ الدين السيد بن زهرة، و قد سبق (3).
ثالثهم: مهذب الدين الحسين بن ردة، الذي مرّ ذكره في مشايخ والد العلّامة (4).
رابعهم: سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي، الآتي في مشايخ السيد فخار (5).
خامسهم: أبو البقاء هبة اللّه بن نما، و قد تقدم (6).
سادسهم: أبو عبد اللّه الحسين بن جمال الدين هبة اللّه بن الحسين ابن رطبة السوراوي، الفقيه الجليل، الموصوف في الإجازات بكلّ جميل.
قال صاحب المعالم: و ذكر الشيخ نجم الدين ابن نما في إجازته: إنه يروي جميع كتب الشيخ بالإجازة عن والده، عن الشيخ محمّد بن جعفر المشهدي، عن الشيخين الجليلين أبي عبد اللّه الحسين بن هبة اللّه بن رطبة، و أبي البقاء هبة اللّه بن نما. فابن رطبة يرويها عن الشيخ أبي علي عن والده 9.
ص: 20
و أبو البقاء يرويها عن الحسين بن طحال عن أبي علي عن والده (1).
سابعهم: الشيخ الأمير الزاهد أبو الحسين- و يقال: أبو الحسن- ورّام بن أبي فراس ورّام بن حمدان بن عيسي بن أبي نجم بن ورّام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك بن الحارث الأشتر النخعي. العالم الفقيه الجليل، المحدث المعروف، صاحب كتاب تنبيه الخاطر، الملقّب بمجموعة ورّام المذكور في الإجازات الذي خلط فيه أخبار الإمامية بآثار المخالفين، و مواعظ الخلفاء الراشدين عليهم السلام بملفقات المنافقين، و أكثر فيه النقل عن حسن- و هو سامريّ هذه الأمّة- ابن أبي الحسن البصري، حتي ظنّ جمّ من ناسخيه أنه المجتبي الزكي، أو أبو محمد العسكري صلوات اللّه عليهما.
و في المنتجب: عالم فقيه صالح، شاهدته بحلّة، و وافق الخبر الخبر (2). توفي ثاني محرّم سنة 605 علي ما ضبطه ابن الأثير في الكامل في وقائع السّنة المذكورة.
قال: توفي أبو الحسين ورّام بن أبي فراس الزاهد بالحلّة السيفيّة، و هو منها، و كان صالحا (3).
و قال الشهيد (رحمه اللّه) في شرح الإرشاد: و من الناصرين للقول بالمضايقة الشيخ الزاهد أبو الحسن ورّام بن أبي فراس رضي اللّه عنه فإنه صنّف فيها مسألة حسنة الفوائد، جيّدة المقاصد.
و قال السيد علي بن طاوس في فلاح السائل: كان جدي ورّام بن أبي فراس قدس اللّه- جل جلاله- روحه، ممّن يقتدي بفعله، و قد أوصي أن يجعل 7.
ص: 21
في فمه بعد وفاته فصّ عقيق عليه أسماء أئمته صلوات اللّه عليهم (1).
أ- عن سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمّصي الرازي، العلامة المتكلم المتبحر، صاحب كتاب المنقذ من التقليد و المرشد إلي التوحيد، المعروف بالتعليق العراقي، الذي هو في فنّ الكلام- و ما في الروضات (2) في شأنه و هم لا يخفي علي من رآه- و قد رأيته منذ زمان عند بعض العلماء، و غير ذلك من المؤلفات.
و في المنتجب: علامة زمانه في الأصولين، ورع. و عدّ له جملة من المؤلفات، و قال: حضرت مجلس درسه سنين (3).
و اعلم أنّ الموجود في كتب التراجم و الإجازات، و كتب الشهيدين، و غيرهم، في مسألة ميراث ابن العمّ للأبوين، و العمّ للأب إذا كان معه خال أو خالة، و السرائر في مواضع، و نسخ معالم الأصول، و غير ذلك من المواضع التي فيها ذكر لهذا الشيخ، و جملة منها بخطوط العلماء: الحمصي- بالمهملتين- نسبة إلي حمص- بكسر الحاء- البلد المعروف بالشامات، الواقع بين حلب و دمشق.
قال المحقق الداماد- في تعليقاته علي قواعد الشهيد-: كلّما قال شيخنا الشهيد السعيد- قدس اللّه لطيفته- في كتبه: الشاميين. إلي أن قال: و كلّما قال: الشاميون، فإنه يعني بهم إيّاهما، و الشيخ الفقيه المتكلم الفاضل سديد الدين محمود بن الحسن الحمصي.
و كذا قال في الرياض في الألقاب (4)، و قال في موضع آخر: فلعل أصله ط.
ص: 22
كان من الريّ، ثم صار حمصيا، أو بالعكس فلاحظ.
و عن خط البهائي أنه قال: وجدت بخط بعضهم أن سديد الدين الحمصي- الذي هو من مجتهدي أصحابنا- منسوب إلي حمّص قرية بالري، و هي الآن خراب (1).
و أقول: هذا هو الأظهر، و لعل الحمّصي- بتشديد الميم-، و يحتمل تخفيفه و هو المشهور. انتهي، و فيه ما لا يخفي.
ثم إنّ للفاضل المعاصر في الروضات هنا كلاما طويلا غريبا، و خلاصته- بعد حذف فضوله- أنه ليس بالحمّصي- بتشديد الميم- المأخوذ من الحمّص:
الحب المعروف، و لا بالحمصي المنسوب إلي حمص الشام، لأنه غير مذكور في تواريخ العرب الإسلامية، بل هو حمضي- بتشديد الميم و الضاد- لأنه قال في القاموس في مادة حمّض: و محمود بن علي الحمضّي- بضمّتين مشددة- متكلم شيخ للفخر الرازي (2).
قال: و هذا من جملة فرائد فوائد كتابنا هذا، فليلاحظ و ليتحمظ و ليتحفظ، و ليتقبّل، و لا تغفل (3). انتهي.
قلت: لاحظنا فرأينا فيه مواقع للنظر:
الأول: أن المراد من التواريخ إن كان تاريخ حمص لأبي عيسي، و تاريخه لعبد الصمد بن سعيد، فلم يعثر عليهما. و إن كان غيره فلا ملازمة. و تخطئة هؤلاء الأعلام- كما صرّح به- من غير مستند، خروج عن الاستقامة.
الثاني: أن تقديم كلام الفيروزآبادي علي كلام أساطين الدين إزراء 3.
ص: 23
بالعلماء الراشدين.
الثالث: أنّ مجرد الاشتراك في الاسم، و اسم الأب، لا يوجب تطبيق ما ذكره في القاموس لشيخنا سديد الدين.
الرابع: أن شيخنا الحمصي، المتكلم المتعصّب في مذهبه، كيف يصير شيخا لهذا المتعصب في التسنن، و قد قال هو- كما تقدم (1) في ترجمة القطب الرازي-: و لم نر أحدا من أهل السنة من نهاية تعصبهم في أمر المذهب يروي عن احد من علماء الشيعة، و يدخلهم في جريدة مشايخه. و بذلك استدل علي تسنن القطب، لأنه يروي عنه الشريف الجرجاني، و البدر الحنفي.
الخامس: إنّا تفحصنا في ترجمة الرازي من كتب القوم، فلم نر أحدا ذكر هذا الحمصي من مشايخه- مع تعرّضهم لمشايخه- حتي في كتاب الروضات، مع شدّة اهتمامه في ضبط هذه الأمور، فينبغي عدّ هذا من أغلاط القاموس.
السادس: أن الرازي قال في تفسيره في آية المباهلة: المسألة الخامسة:
كان في الري رجل يقال له: محمود بن الحسن الحمصي، و كان معلّم الاثني عشرية، و كان يزعم أن عليا عليه السلام أفضل من جميع الأنبياء سوي محمّد صلّي اللّه عليه و آله، ثم ذكر كيفيّة استدلاله بقوله تعالي: وَ أَنْفُسَنٰا (2) و أجاب عنه بالإجماع علي أن النبي أفضل من غيره، و أن عليا عليه السلام لم يكن نبيّا (3).
و أنت خبير بأن المراد بمن ذكره سديد الدين المعروف، فلو كان هو شيخه كيف يعبر عنه بهذه العبارة الركيكة، و يذكره منكرا مجهولا، و الموجود في التفسير- أيضا- بالصاد المهملة.6.
ص: 24
السابع: أن صاحب القاموس بنفسه متردد في ذلك، و مع ذلك خطّأه شركاء فنّه.
أمّا الأول: فإنه و إن قال في باب الضاد ما نقله، إلّا أنه قال في باب الصاد في مادة حمص: و حمص كورة بالشام. إلي أن قال: و بالضمّ مشددا محمود ابن علي الحمّصي، متكلم أخذ عنه الإمام فخر الدين الرازي، أو هو بالضاد (1).
أمّا الثاني: فقال أبو الفيض السيد محمّد مرتضي الحسيني الواسطي الزبيدي، في الجزء الرابع من كتابه تاج العروس في شرح القاموس، بعد نقل تلك العبارة: و زيادة الرازي بعد الحمصي، و هكذا ضبطه الحافظ في التبصير، و قال بعد قوله: أو هو بالضاد، و الأول أصوب (2).
و قال- أيضا في الجزء الخامس في باب الضاد بعد نقل كلام المصنّف-:
و قد تقدم للمصنّف في الصاد أيضا، و ذكرنا هناك أنه هو الصواب، و هكذا ضبطه الحافظ و غيره، فإيراده ثانيا تطويل مخلّ لا يخفي (3)، انتهي.
و مراده بالتبصير، كتاب تبصير المتنبّه في تحرير المشتبه، للحافظ ابن حجر العسقلاني النقاد، الذي إليه يلجأ أصحابهم في أمثال المقام، فظهر بهذه السبع الشداد أن ما حقّقه من أفحش أغلاط كتابه.
و هذا الشيخ الجليل يروي:
عن الشيخ الإمام موفق الدين الحسين بن [أبي] (4) الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني:ن.
ص: 25
في المنتجب: فقيه صالح ثقة (1).
عن الشيخ أبي علي الطوسي.
و يروي الشيخ ورّام أيضا.
ب- عن السيد الأجلّ الشريف أبي الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني.
في الرياض: كان من أجلّة علماء عصره، و مشاهيرهم (2).
1- عن الحسين بن رطبة و قد مرّ (3).
2- و عن الشيخ علي بن علي بن نما.
عن أبي محمّد الحسن بن علي بن حمزة الأقساسي، من ولد الشهيد بن الشهيد يحيي بن زيد، العالم الشاعر الأديب الشريف المعروف بابن الأقساسي.
ثامنهم: الشيخ العالم المقرئ أبو عبد اللّه محمّد بن هارون، المعروف بالكال، كذا في إجازة صاحب المعالم (4).
و نقل عن ابن نما أنه عدّ من كتبه مختصر كتاب التبيان في تفسير القرآن، و كتاب متشابه القرآن، و كتاب اللّحن الجلي و اللحن الخفي، قال: و قال العلامة: و كان هذا المقرئ واسع الرواية عن العامة و الخاصّة.
و قال السيد علي بن طاوس في كتاب التحصين لأسرار ما زاد عن كتاب اليقين، في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام: رأينا في كتاب نور الهدي و المنجي 2.
ص: 26
من الردي، تأليف الحسن بن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الجاوابي، و عليه خطّ الشيخ السعيد الحافظ محمّد بن محمّد المعروف بابن الكال بن هارون، و أنّهما قد اتفقا علي تحقيق ما فيه، و تصديق معانيه (1).
و قال- في موضع آخر بعد ذكر كتاب نور الهدي-: و عليه كما ذكرناه خط المقرئ الصالح محمّد بن هارون الكال، بأنّه قد اتفق مع مصنّفه علي تحقيق ما تضمّنه كتابه من تحقيق الأخبار و الأحوال (2).
تاسعهم: الشيخ الجليل أبو محمّد نجم الدين عبد اللّه بن جعفر بن محمّد الدوريستي، العالم الفقيه، المحدث المعروف.
عن جدّه أبي جعفر محمّد بن موسي بن جعفر.
عن جدّه الجليل، جعفر بن محمّد، الآتي في مشايخ الشيخ شاذان بن جبرئيل القمّي (3).
عاشرهم: الشيخ الفقيه أبو محمّد (4)، الآتي في مشايخ الشيخ شاذان بن شعرة الجامعاني، كذا في إجازة صاحب المعالم (5).
عن السيد الجليل بهاء الشرف، راوي الصحيفة الكاملة.
حادي عشرهم: والده: جعفر بن علي المشهدي، كذا في الإجازة السابقة (6).
و في الأمل: الشيخ الجليل جعفر بن محمّد المشهدي، عالم فقيه، يروي 8.
ص: 27
عنه ولده محمّد (1).
عن السيد بهاء الشرف المذكور.
ثاني عشرهم: الشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي.
عن السيد المذكور.
ثالث عشرهم: الشريف أبو الفتح بن الجعفريّة. قال في المزار:
أخبرني الشريف الجليل العالم أبو الفتح محمّد بن محمّد الجعفرية أدام اللّه عزّه.
و وصفه السيد فخار في كتاب الحجّة بقوله: الشريف أبو الفتح محمّد بن محمّد بن الجعفرية العلوية الطوسي الحسيني الحائري.
أ- عن الشيخ الفقيه عماد الدين أبي القاسم الطبري.
ب- و عن الشريف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الحسن العلوي الحسيني.
عن أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن.
عن والده.
رابع عشرهم: سالم بن قبادويه.
في الأمل: فاضل جليل القدر (2).
قال صاحب المعالم: يروي كلاهما عن السيد السند المذكور (3).
خامس عشرهم: السيد عزّ الدين شرف شاه بن محمّد الحسيني الأفطسي النيسابوري، المعروف بزيارة، المدفون بالغري علي ساكنه السلام، عالم 8.
ص: 28
فاضل، له نظم رائق، و نثر لطيف. كذا في المنتجب (1).
و وصفه في الإجازة السابقة بقوله: الشريف الأجلّ شرفشاه (2)، و في موضع: السيد الأجلّ الشريف شرفشاه بن محمّد بن الحسين بن زيارة الأفطسي (3).
عن شيخه الفقيه جمال الدين أبي الفتوح الرازي، الآتي (4).
سادس عشرهم: الشيخ المكين أبو منصور محمّد بن الحسن بن المنصور النقاش الموصلي.
أ- عن الشريف أبي الوفاء المحمدي الموصلي.
عن أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد، شيخنا المفيد.
و يروي أبو منصور النقاش:
ب- عن أبي علي الطوسي، كما تقدم (5).
سابع عشرهم: الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شهرآشوب، الآتي ذكره (6).
ثامن عشرهم: السيّد الأجل، جلال الدين عبد الحميد بن التقي عبد اللّه بن أسامة العلوي الحسيني، و هو جدّ السيد الأجلّ بهاء الدين علي صاحب الأنوار المضيئة، كما تقدم (7).7.
ص: 29
قال المشهدي في المزار: أخبرني السيد الأجلّ عبد الحميد. إلي قوله:
الحسيني (رضي اللّه عنه) في ذي القعدة، من سنة ثمانين و خمسمائة قراءة عليه بالحلّة (1). إلي آخره.
و في الأمل: فاضل صالح (2).
و في الرياض: من أكابر علماء الإمامية (3).
أ- عن السيد الأجلّ السيد فضل اللّه الراوندي، الآتي (4).
ب- و عن الشيخ المقرئ أبي الفرج أحمد بن حشيش القرشي.
عن الشيخ العدل الحافظ أبي الغنائم محمّد بن علي بن ميمون القرشي (المعروف بأبيّ إجازة) (5).
عن الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني، صاحب كتاب التعازي، و غيره. و قد مرّ في الفائدة السابقة ما يتعلّق به و بكتابه (6).
تاسع عشرهم: الشيخ الجليل الفاضل أبو الخير سعد بن أبي الحسن الفرّاء رضي اللّه عنه كذا وصفه المشهدي في مزاره (7).
عن الشيخ الفقيه أبي عبد اللّه الحسين بن طحال المقدادي، المتقدم ذكره (8).9.
ص: 30
عن أبي علي الطوسي.
العشرون: الشريف الأجل العالم أبو جعفر محمّد المعروف بابن الحمد النحوي أجازه سنة 571.
الحادي و العشرون: عماد الدين الطبري.
قال في المزار: أخبرنا الشيخ الفقيه، العالم، عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري قراءة عليه و أنا اسمع، في شهور سنة ثلاث و خمسين و خمسمائة، بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه (1).
عن الشيخ المفيد أبي علي الطوسي.
الثاني و العشرون: الشيخ عربي بن مسافر.
قال في المزار: أخبرني الشيخان الأجلان، العالمان الفقيهان، أبو محمّد عربي بن مسافر (2)، و هبة اللّه بن نما (3) بن علي بن حمدون رضي اللّه عنهما قراءة عليهما، في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة (4). إلي آخره، و قد تقدم ذكرهما.
(د)- الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفرج علي بن الشيخ الإمام قطب الدين الراوندي (5).
في المنتجب: فقيه ثقة (6). انتهي.
و يروي عنه جماعة كثيرة يظهر منها جلالة قدره، و مرّ ذكرهم متفرقا.5.
ص: 31
عن جماعة كثيرة:
أولهم: والده الامام قطب الدين الراوندي (1).
ثانيهم: ضياء الدين السيد فضل اللّه الراوندي (2).
ثالثهم: جمال الدين الشيخ أبو الفتوح الرازي المفسر (3).
رابعهم: سديد الدين محمود بن علي الحمصي (4).
خامسهم: أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي، صاحب مجمع البيان (5).
صرّح بذلك كلّه المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة (6)، و يأتي ذكر طرقهم.
(ه)- أبو الحسن (7) علي بن يحيي بن علي الخياط، الذي مرّ ذكره في مشايخ رضي الدين علي بن طاوس (8).
الرابع: من مشايخ نجم الدين المحقق الحلّي (رحمه اللّه): السيّد السند النسابة العلامة شيخ الشرف، شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي.
ص: 32
و قد مرّ ذكر سلسلة آبائه في مشايخ ابن معية (1)، و هو من أكابر مشايخنا العظام، و أعاظم فقهائنا الكرام، الموصوف في التراجم و الإجازات بكل جميل، و هو مؤلف كتاب الحجّة علي الذاهب إلي تكفير أبي طالب (عليه السلام)، و عندنا منه نسخة عتيقة، و هو كتاب لطيف نافع جامع في فنّه، و يظهر منه مشايخه الذين يروي عنهم.
أ- الشيخ الفقيه عربي بن مسافر، و قد تقدم (2).
ب- السيد الأجل عبد الحميد بن عبد اللّه التقي، الذي مرّ في مشايخ ابن المشهدي (3).
ج- الشيخ الجليل أبو الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّي، نزيل مهبط وحي اللّه، و دار هجرة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، العالم الفقيه الجليل، المعروف، صاحب المؤلفات البديعة التي منها: رسالة إزاحة العلّة في معرفة القبلة، و قد أدرجها العلامة المجلسي بتمامها في البحار، و كتاب الفضائل المعروف الدائر، و مختصره المسمّي بالروضة، و غيرها. و قال الشهيد في الذكري: و هو من أجلاء فقهائنا (4).
يروي عن جماعة:
أولهم: عماد الدين أبو القاسم الطبري، صاحب البشارة، و قد تقدم (5).
ثانيهم: أبوه الفاضل، جبرئيل بن إسماعيل (6).ه.
ص: 33
عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن محمّد البصروي.
في الأمل: فقيه فاضل نقلوا له أقوالا في كتب الاستدلال كما في المدارك في مسألة ماء البئر و غيرها- و ذكر أنه من قدمائنا-.
و في فقه المعالم، و غيرهما، له كتاب المفيد في التكليف (1).
و قال في ترجمة الشريف المعروف بابن الأشرف البحريني: فاضل فقيه يروي عن محمّد بن محمّد البصروي كتاب التكليف (2).
عن علم الهدي السيد المرتضي.
و قال المحقق الكاظمي في المقابيس: و منها: البصروي للشيخ الجليل النبيل المعظم المعتمد أبي الحسن محمّد بن محمد رضي اللّه عنه، و قد ذكره السروي في الكني (3) و غيره، و حكي بعض أقواله في الفقه، و له كتاب المفيد في التكليف، و لم أجده، و روي عن المرتضي و له منه إجازة، و روي عنه الفقيه الفاضل الشريف المعروف بابن الشريف (4) أكمل البحراني، و كذا الشيخ الثقة العالم الفقيه العظيم الشأن أبو الفضل شاذان صاحب رسالة إزاحة العلّة في معرفة القبلة، و غيرها، عن أبيه الشيخ جبرئيل بن إسماعيل القمّي عنه (5).
ثالثهم: الشيخ الفقيه أبو محمّد ريحان بن عبد اللّه الحبشي.
في الأمل: كان عالما فقيها محدثا (6). و قال عبد الرحمن السيوطي في كتاب أزهار العروش في أخبار الحبوش و منهم: ريحان الحبشي أبو محمّد الزاهد 8.
ص: 34
الشيعي، كان بالديار المصرية من فقهاء الإمامية الكبار يكرر علي النهاية و الذخيرة، و قال: ما حفظت شيئا فنسيته، يصوم جميع الأيام المسنونة، و كان ابن رزيّك يعظمه، و يقول: ما ساد من بني حام إلّا لقمان و بلال، و أنا أقول:
ريحان ثالثهم، مات في حدود الستين و خمسمائة (1).
أ- عن أبي الفتح محمّد بن عثمان الكراجكي الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالي (2).
ب- و عن القاضي عزّ الدين عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي (3)، العالم الفاضل، المحقق الفقيه.
1- عن العلامة الكراجكي.
2- و عن الجليل أبي الصلاح تقي الدين (4) نجم بن عبيد اللّه الحلبي، الفقيه النبيه المعروف، خليفة شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي في البلاد الشامية صاحب كتاب الكافي في الفقه المنقول فتاويه في الكتب المبسوطة، و شرح الذخيرة، و كتاب تقريب المعارف الذي قد أكثر المجلسي في فتن البحار النقل عنه و غيرها. و هو المراد بالحلبي إذا أطلق في كلمات الفقهاء.
و هو رحمه اللّه يروي:
عن السيد المرتضي علم الهدي.
و الشيخ الطوسي.
و يروي القاضي عبد العزيز بن أبي كامل أيضا:ط.
ص: 35
3- عن سميّه اسما و لقبا عزّ الدين أبي القاسم عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز البراج (1)، الفقيه العالم الجليل، القاضي في طرابلس الشام في مدة عشرين سنة تلميذ علم الهدي، و شيخ الطائفة، و كان يجري السيد عليه في كل شهر دينارا، و هو المراد بالقاضي علي الإطلاق في لسان الفقهاء، و هو صاحب المهذب و الكامل، و الجواهر، و شرح الجمل للسيّد، و الموجز و غيرها. و ربّما عدّ بعض هذه الكتب في ترجمة ابن أبي كامل و هو اشتباه نشأ من المشاركة في الاسم، و في جملة من التراجم التعبير عن لقب ابن البراج بعز المؤمنين، توفي رحمه اللّه ليلة الجمعة لتسع خلون من شعبان سنة 481، و كان مولده و منشؤه بمصر.
عن علم الهدي.
و عن شيخ الطائفة.
و عن أبي الصلاح الحلبي.
و عن أبي الفتح الكراجكي.
رابعهم: الشيخ الفقيه أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عمر العمري الطرابلسي.
في الرياض: من أجلّة علمائنا (2).
و في الأمل: فاضل جليل القدر (3).
عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي، المتقدم ذكره (4).
خامسهم: السيد الجليل أبو المكارم ابن زهرة، صاحب الغنية،5.
ص: 36
و قد مرّ ذكر طرقه (1).
سادسهم: الشيخ أبو محمّد حسن بن حسولة بن صالحان القمّي، الخطيب بالجامع العتيق.
عن الشيخ الصدوق أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن احمد بن العباس الدوريستي، العالم الجليل، المعروف بيته- آباء و أبناء- بالفقاهة و الفضل حتي قال في المنتجب في ترجمة ابنه عبد اللّه: له الرواية عن أسلافه مشايخ دوريست فقهاء الشيعة (2).
و في الأمل: ثقة عين عظيم الشأن (3)، و في مجالس القاضي- نقلا عن الشيخ الجليل عبد الجليل بن محمّد القزويني في بعض رسائله في الإمامة عند ذكر هذا الشيخ-: أنه كان مشهورا في جميع الفنون، مصنّفا، كثير الرواية، من أكابر هذه الطائفة و علمائهم، معظما في الغاية عند نظام الملك الوزير، و كان يذهب في كلّ أسبوعين مرّة من الري إلي قرية دوريست، و هي علي فرسخين من الري لسماع ما كان يريده من بركات أنفاسه، و يرجع، ثم قال: و هو من بيت جليل تحلّوا بحليتي العلم و الإمامة عن قديم الزمان (4).
و هذا الشيخ (5) الجليل يروي عن جماعة.
أ- الشيخ المفيد (6).0.
ص: 37
ب- السيد المرتضي (1).
ج- السيد الرضي (2).
د- الشيخ الطوسي (3)، و يأتي ذكر طرقهم ان شاء اللّه تعالي.
ه- والده محمّد بن أحمد.
عن أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق.
و- الشيخ الأقدم أحمد بن محمّد بن عياش، صاحب كتاب الأغسال الذي قد كثر عنه النقل في كتب العبادات، و كتاب مقتضب الأثر في عدد الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، و هو مع صغر حجمه من نفائس الكتب.
ز- والده الشيخ الجليل محمّد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي، في الآمل: فقيه، عالم، فاضل (4).
عن الشيخ الأجلّ أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق.
سابعهم: أبو جعفر محمّد بن موسي بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي المتقدم (5).
عن جدّه أبي عبد اللّه المذكور.
و أعلم أنّ العلامة رحمه اللّه قال في إجازته الكبيرة: إنه يروي عن والده و السيد جمال الدين أحمد بن طاوس، و الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر ابن سعيد جميعا عن السيد فخار العلوي الموسوي عن الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي عن الشيخ أبي عبد اللّه الدوريستي، عن الشيخ المفيد (رضي اللّه) عنه 7.
ص: 38
جميع كتبه و رواياته، و ذكر أيضا انه يروي جميع مصنّفات الشيخ السعيد علي ابن بابويه القمي قدس اللّه روحه بهذا الاسناد عن شاذان بن جبرئيل، عن جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد ابن علي بن بابويه عن أبيه المصنف (1).
و صريح هذا الكلام أن الشيخ شاذان يروي عن أبي عبد اللّه الدوريستي بلا واسطة سبطه، و أبي محمّد الحسن بن حسولة، و هو مع مخالفته لسائر الإجازات من ذكر الواسطة بعيد في الغاية، و قد تنظر فيه لذلك المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، و بسط القول فيه، و ذكر أن كل من في طبقة شاذان كابن إدريس و الشيخ منتجب الدين و عربي بن مسافر يروون عن أبي عبد اللّه الدوريستي المذكور بواسطتين، فكيف يروي الشيخ شاذان عنه بغير واسطة (2)؟! و هو كلام متين.
و يؤيده أنّ الذين يروون عن أبي عبد اللّه الدوريستي كلّهم في طبقة مشايخ الشيخ شاذان، كالسيد العالم مهدي بن أبي حرب الحسيني شيخ شيخنا الطبرسي صاحب الاحتجاج و السيد علي بن أبي طالب السليقي شيخ رواية القطب الراوندي، و الفقيه عبد الجبار المقري الرازي من تلامذة الشيخ الطوسي، و السيد المرتضي بن الداعي من مشايخ منتجب الدين و أمثالهم.
و قد رام السيد الفاضل المعاصر في الروضات (3) أن يصحح كلام العلامة فأتعب نفسه و لم يأت بشي ء قابل للنقل و الإيراد.
ثامنهم: السيد السند أحمد بن محمّد الموسوي.7.
ص: 39
في الأمل: كان عالما فاضلا جليلا (1).
عن القاضي ابن قدامة في المنتجب: فاضل (2).
عن السيدين الجليلين: علم الهدي السيد المرتضي، و أخيه: السيد الرضي طاب ثراهما.
تاسعهم: الشيخ محمّد بن سراهنك.
قال ابن طاوس في فرحة الغري: أخبرني والدي رضي اللّه عنه عن أبي علي فخار الموسوي، عن شاذان بن (3) جبرئيل القمّي، عن الفقيه محمّد بن سراهنك، عن علي بن علي بن عبد الصمد (4)، الآتي (5) في مشايخ ابن شهرآشوب (6).
د- الشيخ الفقيه، و المحقق النبيه فخر الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي (7) العجلي العالم الجليل المعروف الذي أذعن بعلوّ مقامه في العلم و الفهم، و التحقيق و الفقاهة، أعاظم الفقهاء في إجازاتهم و تراجمهم.
فقال الشهيد في إجازته لابن الخازن الحائري: و بهذا الاسناد عن فخار، و ابن نما مصنّفات الشيخ العلامة المحقق فخر الدين أبي عبد اللّه محمد بن إدريس الحلّي الربعي (8).9.
ص: 40
و قال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين: و منها جميع مصنفات و مرويّات الشيخ الامام السعيد المحقق حبر العلماء و الفقهاء، فخر الملّة و الحق و الدين، أبي عبد اللّه محمّد بن إدريس الحلّي الربعي برد اللّه مضجعه، و شكر له سعيه، بالأسانيد المتقدمة إلي الشيخ الفقيه محمد بن نما بحق روايته عنه بالقراءة و غيرها، فإنه أشهر تلامذته (1).
و قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة: و عن المشايخ الثلاثة- يعني نجيب الدين ابن نما، و السيد فخار، و السيد محيي الدين أبي حامد- جميع مصنفات و مرويات الشيخ الإمام العلامة المحقق فخر الدين أبي عبد اللّه محمّد بن إدريس الحلّي (2). إلي غير ذلك مما لا حاجة إلي نقله بعد وضوح حاله.
و الشيخ تقي الدين بن داود لظنّه أن الإعراض عن أخبار الآحاد إعراض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام و هو قادح في العدالة بل الايمان، أدرجه في الضعفاء، و مع ذلك قال: محمد بن إدريس العجلي الحلّي كان شيخ الفقهاء بالحلّة، متقنا في العلوم، كثير التصانيف لكنّه أعرض عن أخبار أهل البيت عليهم السلام بالكليّة (3)، و فيه ما لا يخفي، و قد رأيت من مؤلفاته مختصر تفسير التبيان للشيخ أبي جعفر الطوسي، و الظاهر أنه غير كتابه التعليقات الذي هو حواش و إيرادات عليه.
و ينبغي التنبيه هنا علي أمرين:
الأول: في مجموعة الشهيد، و نقله في البحار أيضا عن خطّه أنه قال:
قال الشيخ الإمام أبو عبد اللّه محمد بن إدريس الإمامي العجلي: بلغت الحلم سنة ثمان و خمسين و خمسمائة. و توفي إلي رحمة اللّه و رضوانه سنة ثمان و سبعين 9.
ص: 41
و خمسمائة (1).
و الظاهر أنّ كلمة سبعين مصحفّة من تسعين، و كثيرا يصحّف أحدهما بالأخري كتصحيف السبع بالتسع و بالعكس، و لهذا يصرّحون كثيرا ما في أمثال هذه المقامات بقولهم بتقديم السين أو التاء، و الشاهد علي ما استظهرناه أمور:
منها: قوله في كتاب الصلح: من السرائر: فيما لو أخرج الإنسان من داره روشنا إلي طريق المسلمين- بعد نقل القولين فيه ما لفظه- و هو الصحيح الذي يقوي في نفسي، لأن المسلمين من عهد الرسول صلّي اللّه عليه و آله إلي يومنا هذا و هو سنة سبع و ثمانين و خمسمائة لم يتناكروا (2). إلي آخره.
و منها: قوله (رحمه اللّه) في كتاب المواريث في مسألة الحبوة: و الأول من الأقوال هو الظاهر المجمع عليه عند أصحابنا المعمول به، و فتاويهم- في عصرنا هذا، و هو سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة- عليه بلا اختلاف بينهم (3).
و منها: قوله في كتاب المزارعة- بعد نقل القول-: بأن كل من كان البذر منه وجب عليه الزكاة، قال: و القائل بهذا القول السيد العلوي أبو المكارم ابن زهرة الحلبي شاهدته، و رأيته، و كاتبته، و كاتبني. إلي أن قال: فما رجع و لا غيرها في كتابه، و مات (رحمه اللّه) و هو علي ما قاله (4). إلي آخره.
و مر أنّ السيد توفي سنة خمس و ثمانين و خمسمائة (5).
و منها: ما قاله تلميذه الأجل السيد فخار في كتاب الحجّة ما لفظه: من ذلك ما أخبرني به شيخنا السعيد أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس (رضي اللّه) عنه 8.
ص: 42
في شهر ربيع الأول سنة ثلاث و تسعين و خمسمائة.
قال: أخبرني الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي، عن الحسين بن طحال المقدادي، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد الطوسي، عن والده. إلي آخره.
و هذا أول أحاديث هذا الكتاب الشريف.
و منها: ما في اللؤلؤة نقلا عن الرسالة المشهورة للكفعمي في وفيات العلماء بعد ذكر تاريخ بلوغه كما ذكر.
قال: و وجدت بخط ولده صالح، توفي والدي محمّد بن إدريس (رحمه اللّه) يوم الجمعة وقت الظهر ثامن عشر شوال سنة ثمان و تسعين و خمسمائة فيكون عمره تقريبا خمسة و خمسين سنة (1). انتهي، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
الثاني: كثيرا ما يعبر ابن إدريس عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بالجدّ، كالسيد علي بن طاوس، و لم أتحقق كيفيّة اتصاله إليه، و ما ذكره جملة من المتأخرين في ترجمته مضافا إلي كونه مجرّد الخرص و التخمين غير مستند إلي مأخذ متين، معدود من المحالات العادية.
ففي الرياض- في الفصل الأول من الخاتمة-: بنت المسعود بن الورّام، جدّة ابن إدريس الحلّي من طرف أمّه، كانت فاضلة عالمة صالحة، و قد مرّ في ترجمة ابن إدريس أنّ أم ابن إدريس بنت الشيخ الطوسي، و أمّها بنت المسعود ابن ورّام، و كانت أمّ ابن إدريس فيها الفضل و الصلاح، و قد أجازها و أختها بعض العلماء (2).
و قال أيضا: بنتا الشيخ الطوسي، قد كانتا عالمتين فاضلتين، و كانت س.
ص: 43
إحداهما أمّ ابن إدريس كما (1) سبق، و قد أجازها بعض العلماء، و لعلّ المجيز أخوها أبو علي ابن الشيخ الطوسي، أو والدهما الشيخ الطوسي (2)، انتهي.
و في اللؤلؤة- في ترجمة السيدين أبي القاسم رضي الدين علي و أبي الفضائل جمال الدين أحمد ابني طاوس-: و هما أخوان من أب و أمّ، و أمهما علي ما ذكره بعض علمائنا: بنت الشيخ مسعود الورّام بن أبي الفوارس بن فراس بن حمدان، و أمّ أمّهما بنت الطوسي، و أجاز لها و لأختها أم الشيخ محمّد بن إدريس جميع مصنّفاته، و مصنّفات الأصحاب.
أقول: و يؤيّده تصريح السيد رضي الدين رضي اللّه عنه عند ذكر الشيخ الطوسي بلفظ: جدّي، و كذا عند ذكر الشيخ ورّام و هو أكثر كثيرا في كلامه (3) انتهي.
و زاد بعضهم نغمة أخري، ففي الروضات- نقلا عن صاحب صحيفة الصفا في ترجمته- يروي عن خاله الشيخ أبي علي الطوسي، و عن جدّه لأمه الشيخ الطوسي، و عن أمّ أمّه بنت الشيخ مسعود بن ورّام، و عربي بن مسافر العبادي، و أبي المكارم حمزة الحسيني (4). انتهي.
و في الروضة البهيّة للسيد العالم المعاصر طاب ثراه: و يروي عن خاله أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن جدّه لأمه أبي جعفر الطوسي شيخ الطائفة، و أمّ أمّه زوجة الشيخ بنت مسعود ورّام كانت فاضلة صالحة (5).ا.
ص: 44
و هذه الكلمات كلّها منحرفة عن الطريقة، صادرة من غير رويّة، و قد أشرنا في ترجمة السيد علي بن طاوس إلي عدم إمكان ذلك، و انّ بين ولادة ابن إدريس و وفاة الشيخ ثلاثة و ثمانون سنة، فكيف يمكن أن تكون أمّه بنته؟ ثم كيف يروي عنه أو يروي عن ولده أبي علي و لم يدركه أحد من معاصريه؟ بل المعهود روايته عنه بواسطة و بواسطتين.
و ذكر أبو علي في أول أماليه: أنه سمع عن والده السعيد سنة خمس و خمسين و أربعمائة (1)، و بين هذا السماع و ولادة ابن إدريس قريب من تسعين سنة.
و بالجملة فاللّوازم الباطلة علي هذه الكلمات أزيد من أن تحصي، مع أنه تضييع للوقت، و المسعود الورّام أو مسعود بن ورّام الموجود فيها غير مذكور في كلمات أحد من الأقدمين، و لا يبعد انه وقع تحريف في النقل، و أن الأصل المسعودي، و هو علي بن الحسين المسعودي صاحب المروج، و إثبات الوصيّة.
قال العالم النحرير آغا محمّد علي صاحب المقامع، في حواشيه علي نقد الرجال، بعد نقل كلام عن رياض العلماء (2) من تعجبه من عدم ذكر الشيخ في الفهرست و الرجال- المسعودي مع انه جدّه من طرف أمّه كما يقال، و اعترض عليه بأن الشيخ ذكره في الفهرست (3). إلي أن قال: و إنه ليس بجدّ للشيخ، بل الذي رأيته في كلام غيره أنه جدّ الشيخ أبي علي ولد الشيخ، و أن ابن إدريس سبط المسعودي. إلي أن قال (رحمه اللّه): و أمّا كونه جدا لابن الشيخ ورّام ابن إدريس، فالظاهر أنه سهو واضح، بل غلط فاضح، ثم بسط القول بما لا عائدة في نقله، و المقصود استظهار ما ادّعيناه من الاشتباه، فلاحظ.0.
ص: 45
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة:
1- منهم: الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي، و قد مرّ في مشايخ الشيخ ورّام (1).
2- و منهم: الشيخ عربي بن مسافر العبادي، و قد مرّ أيضا (2).
3- و منهم: السيد أبو المكارم، صاحب الغنية (3).
4- و منهم: الشيخ الحسين بن رطبة، و قد مرّ ذكر طرقهما (4) أيضا.
5- و منهم: الفقيه عبد اللّه بن جعفر الدوريستي.
عن جدّه أبي جعفر محمّد بن موسي.
عن جدّه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي، كذا في إجازة السيد محمّد بن الحسن العلوي للسيّد شمس الدين محمّد بن جمال الدين محمّد ابن أبي المعالي، أستاذ الشهيد (5).
6- و منهم: السيد شرف شاه (6).
عن أبي الفتوح المفسّر الرازي، الآتي ذكره (7).
ه- الشيخ أبو الفضل بن الحسين الحلي الأجدب (8) رحمه اللّه، قرأ عليه ي.
ص: 46
سنة 595، كما صرّح به في كتاب الحجّة.
عن الشريف أبي الفتح محمّد بن محمّد بن الجعفرية العلوية، الطوسي الحسيني الحائري، كذا وصفه فيه، و قد تقدم في مشايخ محمّد بن المشهدي صاحب المزار (1).
و- السيد الصالح النقيب أبو منصور الحسن بن معيّة العلوي الحسني.
عن الشيخ الفقيه أبي محمّد عبد اللّه بن جعفر بن محمّد الدوريستي، المتقدم ذكره (2).
ز- السيد النقيب أبو جعفر يحيي بن محمّد بن أبي زيد العلوي الحسني، النقيب البصري.
عن والده أبي طالب محمّد بن محمّد بن أبي زيد، النقيب الحسن البصري.
عن تاج الشرف محمّد بن محمّد بن أبي الغنائم- المعروف بابن السخطة- العلوي الحسيني البصري النقيب.
عن الشريف الشيخ الامام العالم أبي الحسن نجم الدين علي بن محمّد الصوفي العلوي العمري، النسابة الشجري، المعروف، صاحب كتاب المجدي في أنساب الطالبيين.
ح- الشريف النقيب أبو طالب محمّد بن الحسن بن محمّد بن معيّة العلوي الحسيني.
ط- أبو العزّ محمّد بن علي الفويقي.
قال في كتاب الحجّة: أخبرني مشايخي أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس،7.
ص: 47
و أبو الفضل شاذان بن جبرئيل، و أبو العز محمّد بن علي الفويقي رضوان اللّه عليهم، بأسانيدهم إلي الشيخ المفيد (رحمه اللّه) (1).
ي- والده الجليل، قال في الكتاب المذكور: إنّ أبي معد بن فخار بن أحمد العلوي الموسوي حدثني، قال: أخبرني النقيب أبو يعلي محمّد بن علي بن حمزة الاقسيسي العلوي الحسيني- و هو يومئذ نقيب علينا بالحائر المقدس علي ساكنها السلام- بإسناده إلي الواقدي (2).
يا- العالم الأجل رضي الدين أبو منصور عميد الرؤساء هبة اللّه بن حامد ابن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب الحلّي، اللغوي، الإمام الفقيه، الفاضل الجامع، الأديب الكامل، المعروف بعميد الرؤساء، صاحب كتاب الكعب، المنقول قوله في بحث الوضوء عند مسألة الكعب (3): و المعوّل عليه عندنا و المقبول عند العامة.
قال السيوطي في الطبقات بعد ترجمته بما ذكرنا في ترجمة القطب الرازي:
قال ياقوت: هو أديب فاضل، نحوي شاعر، شيخ وقته، و متصدر ه.
ص: 48
بلده، أخذ عنه أهل تلك البلاد الأدب، و أخذ هو عن أبي الحسن علي بن عبد الرحيم الرقي المعروف بابن العصار و غيره، و له نظم و نثر، و كان يلقب بوجه الدريبة، و سمع المقامات من ابن النقوّر، و روي [عنه] (1) مات سنة عشر و ستمائة (2). انتهي.
و في الأمل: كان فاضلا جليلا، له كتب، يروي عنه السيد فخار (3).
و في الرياض: - نقلا عن خط ابن العلقمي الوزير علي بعض نسخ المصباح هكذا- كاتبه رضي الدين عميد الرؤساء أبو منصور هبة اللّه بن حامد ابن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب اللغوي الحلي، صاحب أبي محمّد عبد اللّه ابن أحمد بن الخشاب، و أبي الحسن عبد الرحيم الرقي السلمي رضي اللّه عنهم أجمعين، و كان رحمه اللّه تعالي من الأخيار الصلحاء المتعبدين، و من أبناء الكتاب المعروفين، و كان آخر قراءتي عليه في سنة تسع و ستمائة، و فيها مات بعد أن تجاوز الثمانين (4) انتهي. و نقله الشهيد أيضا في مجموعته (5).
و قال المحقق الداماد في شرح الصحيفة السجادية: و لفظ حدّثنا في هذا الطريق لعميد الدين، و عمود المذهب، عميد الرؤساء، فهو الذي روي الصحيفة الكريمة عن السيد الأجل بهاء الشرف، و هذه صورة خط شيخنا المحقق الشهيد قدس اللّه تعالي لطيفته علي نسخته التي عورضت بنسخة ابن السكون، و عليها- أعني علي النسخة التي بخط ابن السكون- خط عميد الدين عميد الرؤساء رحمهم اللّه تعالي قراءة، قرأها علي السيد الأجل النقيب 5.
ص: 49
الأوحد العالم جلال الدين عماد الإسلام أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد ابن الحسن بن معيّة أدام اللّه علوّه قراءة صحيحة مهذبّة، و رؤيتها له عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد، عن رجاله المسمّين في باطن هذه الورقة، و أجزت روايتها عنّي حسبما وقفته عليه، و حددته له، و كتب هبة اللّه بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث و ستمائة (1). انتهي.
و أنكر عليه شيخنا البهائي، و زعم أن اللفظ المذكور لابن السكون الآتي، و يأتي الكلام فيه (2).
ثم أن المذكور في الأمل و غيره أنه من جملة السادة، و استشكل في الرياض بعدم تبين ذلك من كلام ابن العلقمي و السيوطي، قال: و يحتمل الاشتباه في ذلك بالسيد عميد الرؤساء الآخر (3). انتهي.
و امّا الآخر: فهو عميد الرؤساء أبو الفتح يحيي بن محمد بن نصر بن علي، الذي يروي عن الشيخ المفيد بواسطة واحدة، و يؤيد عدم السيادة كلام المحقق صاحب المعالم حيث قال في الإجازة الكبيرة: و يروي- يعني العلامة- عن والده، عن السيد فخار، عن الشيخ أبي الحسين يحيي بن بطريق و الشيخ الامام الضابط البارع عميد الرؤساء هبة اللّه بن حامد بن أحمد بن أيوب جميع كتبهما و روايتهما (4). انتهي.
و قد ظهر من تضاعيف كلماتنا أنه يروي عن العميد المذكور أبو جعفر القاسم بن الحسن بن معيّة والد السيد تاج الدين، و السيد العلامة عبد اللّه بن 7.
ص: 50
زهرة الحلبي، و الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي تلميذه، و السيد فخار و غيرهم.
و أمّا هو فيروي: عن السيد الأجل بهاء الشرف نجم الدين أبي الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد بن علي بن محمّد بن عمر بن يحيي بن الحسين النسابة (1) بن أحمد بن المحدث بن عمر بن يحيي بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام السجاد عليه السلام، المذكور في أوّل النسخ المعروفة من الصحيفة الكاملة، و قد روي عنه خلق كثير غير عميد الرؤساء كابن السكون (2)، و الشريف الأجل نظام الشرف أبو الحسن (3) بن العريضي العلوي، و جعفر بن علي (4) والد محمّد المشهدي، و الشيخ هبة اللّه بن نما (5)، و الشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة (6)، و الشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي (7)، و الشريف أبو الفتح بن الجعفرية (8)، و الشيخ سالم بن قباروية (9)، و الشيخ عربي بن مسافر (10) و غيرهم، و مرّ ذكر الطرق إليهم.
يب- الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد ابن السكون الحلّي، الفاضل العالم، العابد الورع، النحوي اللغوي، الشاعر 6.
ص: 51
العالم، الفقيه المعروف بابن السكون، و هو الشيخ الثقة من علمائنا. كذا في الرياض (1). و ذكره السيوطي في الطبقات (2)، و بالغ في مدحه، و قد مرّ كلامه في ترجمة القطب الرازي (3).
و ذكر جماعة عن الشيخ البهائي أنه القائل في أوّل الصحيفة: حدثنا.
و أنكر عليه المحقق الداماد، فقال: و أمّا النسخة التي بخط علي بن السكون رحمه اللّه تعالي فطريق الاسناد فيها علي هذه الصورة: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن إسماعيل بن أشناس البزاز قراءة عليه، فأقر به، قال:
أخبرنا أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب الشيباني. إلي آخر ما في الكتاب (4). انتهي.
و لا ثمرة علمية في تشخيص القائل. و ما ذكراه من الترجيح غير معلوم، و العميد و ابن السكون كلاهما في طبقة واحدة، و كلاهما من تلامذة ابن العصّار اللغوي. و سند الصحيفة ينتهي إلي نسخة شيخنا الشهيد، و هو يرويها عن السيد تاج الدين محمّد بن قاسم بن معيّة، عن والده، و هو يرويها عن كليهما، و كذا سائر طرق الشهيد المنتهية إلي ابن نما، و السيد فخار، و السيد عبد اللّه بن زهرة الحلبي، فكلّهم يروونها عن كليهما، و كلاهما يروونها عن السيد بهاء الشرف.
هذا، و قال السيد الداماد: و يروي السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي- تلميذ ابن إدريس- الصحيفة عن ابن السكون، و عميد الرؤساء المذكورين، و كان في نسخة الصحيفة لابن السكون اختلافات مع النسخ 4.
ص: 52
المشهورة، و قد ضبط علماؤنا- قدس اللّه أسرارهم- جميع اختلافات نسخها نقلا عن خطّه الذي وجده الشيخ علي بن أحمد المعروف بالسديدي. و كذلك له اختلافات نسخ المصباح الكبير، و المصباح الصغير، كلاهما للشيخ الطوسي.
و قد ضبط جماعة من الأصحاب هذه الاختلافات أيضا، نقلا من النسخة التي كانت بخطّه فيهما، جزاهم اللّه خيرا. انتهي.
يج- السيد السعيد الفقيه أبو محمّد قريش بن السبيع بن مهنّا بن السبيع العلوي الحسيني المدني.
في الرياض: فاضل عالم، جليل محدث رضي اللّه عنه، و قد يعبّر عنه اختصارا: بقريش بن مهنّا، و له من المؤلفات كتاب فضل العقيق و التختّم به، ينقل عنه ابن طاوس في كتاب أمان الأخطار (1)، و فلاح السائل (2).
و في الرياض: و نسب إليه السيد حسين بن مساعد- في كتاب تحفة الأبرار- كتاب المختار من كتاب الطبقات لابن سعد، و من كتاب الاستيعاب لابن عبد البرّ (3).
عن الفقيه الحسين بن رطبة.
عن أبي علي الطوسي.
الخامس: من مشايخ أبي القاسم نجم الدين المحقق: السيد مجد الدين علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسن ابن عيسي بن محمّد بن عيسي بن علي العريضي- صاحب المسائل عن أخيه الكاظم عليه السلام- ابن جعفر الصادق عليه السلام، المعروف بالسيد مجد
ص: 53
الدين العريضي.
في الأمل: السيد مجد الدين علي بن الحسن بن إبراهيم الحلبي العريضي، فاضل جليل، من مشايخ المحقق (1).
عن ابن المولي.
عن الحسين بن رطبة.
عن الشيخ أبي علي.
عن والده أبي جعفر الطوسي، كذا في الإجازة الكبيرة لصاحب المعالم، نقلا عن خط الشهيد (2).
ثم نقل عن خطّه في موضع آخر هذا الطريق بدون واسطة ابن المولي.
قال (رحمه اللّه):
ثم (إنّ الشهيد رحمه اللّه نقل هذا الطريق من خط المحقق رحمه اللّه و أشار إلي مخالفته لما كتبه في ذلك الموضع الآخر من توسط ابن المولي بين السيد مجد الدين و ابن رطبة، و لم يتعرض لترجيح شي ء من الأمرين، و الظاهر ترجيح عدم الواسطة.
أمّا أولا: فلأن ترك الواسطة مأخوذ من خط المحقق (رحمه اللّه) كما ذكره، و لم يعلم مأخذ إثباتها.
و أمّا ثانيا: فلأن الواسطة هناك مذكورة بين الشيخ سديد الدين بن محفوظ و بين ابن رطبة، و سنذكر ما ينافي ذلك نقلا من خط المحقق رحمه اللّه.
و أمّا ثالثا: فلأن الشهيد رحمه اللّه ذكر بعد حكاية الطريق المذكور أن السيد مجد الدين العريضي يروي عن أبي طالب حمزة بن محمّد بن احمد بن 6.
ص: 54
شهريار الخازن، عن أبي علي، عن والده. و في هذا قرينة علي تقدم روايته، فان ابن شهريار هذا من طبقة ابن رطبة (1). انتهي.
و لم أجد لابن المولي المذكور ذكرا في غير هذا المقام، و لعلّ الفاحص عن حاله يجد له ترجمة.
السادس: الشيخ المتكلم، الفقيه البارع، سديد الدين سالم بن محفوظ، الذي مر ذكره الشريف في مشايخ رضي الدين علي بن طاوس (2).
1- عن نجيب الدين يحيي جدّ المحقق، كما تقدم (3).
2- و عن ابن رطبة.
قال صاحب المعالم: وجدت بخط الشيخ السعيد المحقق نجم الملّة و الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد في جملة إجازة ذكر فيها أنّ المجاز له قرأ عليه جزء من كتاب المبسوط للشيخ أبي جعفر ثم قال: و أجزت له رواية ذلك عنّي، عن الفقيه سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة.
عن أبي علي بن رطبة.
عن أبي علي الحسن بن محمّد.
عن والده محمّد بن الحسن الطوسي رحمه اللّه (4). انتهي.
و هذا ما وعده سابقا من نقله عن خط المحقق مما ينافي ما وجده بخط الشهيد، من رواية المحقق، عن سديد الدين، عن ابن المولي- كالسيد مجد الدين العريضي عنه- عن ابن رطبة، فتأمل، فإنه لا منافاة بين رواية سديد الدين عن ابن رطبة تارة بلا واسطة، و اخري معها.
ص: 55
في الأمل: عالم جليل القدر (1).
و في الرياض: من أجلة العلماء، و قدوة الفقهاء، و من مشايخ المحقق و السيد رضي الدين علي بن طاوس (2).
و وصفه الشهيد في الأربعين بقوله: الامام تاج الدين الحسن الدربي (3).
و ما في آخر الوسائل من قوله: و يروي العلامة كتاب كفاية الأثر للخزاز، عن السيد رضي الدين علي بن طاوس، عن الشيخ تاج الدين حسن بن «السندي» (4) من سهو قلمه، أو قلم الناسخ.
و يروي هذا الشيخ عن جماعة.
أ- الشيخ عربي بن مسافر (5).
ب- ابن شهريار الخازن، و قد سبق ذكرهما (6).
ج- الشيخ محمّد بن عبد اللّه البحراني الشيباني، ذكره في الرياض (7)، و لم أجد له ترجمة.
د- فخر الشيعة، و تاج الشريعة، أفضل الأوائل، و البحر المتلاطم الزخار الذي ليس له ساحل، محيي آثار المناقب و الفضائل، رشيد الملّة
ص: 56
و الدين، شمس الإسلام و المسلمين، أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شهرآشوب ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي المازندراني، الفقيه المحدث، المفسر المحقق، الأديب البارع، الجامع لفنون الفضائل، صاحب كتاب المناقب الذي هو من نفائس كتب الإماميّة.
قال العالم الجليل علي بن يونس العاملي في كتابه الصراط المستقيم:
صنّف الحسين بن جبير (1) كتابا سمّاه نخب المناقب لآل أبي طالب، اختصره من كتاب الشيخ محمّد بن شهرآشوب.
قال: سمعت بعض الأصحاب يقول: و زنت من كتاب ابن شهرآشوب جزءا فكان تسعة أرطال.
قال ابن جبير في خطبة نخب المناقب: فكّرت في كثرة ما جمع، و أنه ربّما يؤدي عظم حجمه إلي العجز عن نقله، بل ربّما أدي إلي ترك النظر فيه و التصفح لجميعه، لا سيّما مع سقوط الاهتمام في طلب العلم، فأومي إلي ذكر الرجال و أدخل الروايات بعضها في بعض. فمن أراد الإسناد و الرجال فعليه بكتاب ابن شهرآشوب المذكور، فإنه وضعها في ذلك المسطور، و الموجب لتركها خوف السّآمة من جملتها، و لأن الطاعن في الخبر يمكنه الطعن في رجاله إلّا ما اتفق عليه الفريقان، أو اختص به المخالف من العرفان، أو تلقّته الأمّة بالقبول (2).
إلي آخر كلامه الظاهر، بل الناص علي كون المناقب الشائع الدائر في هذه الأعصار و قبلها، بل في عصر المجلسي، ليس هو الأصل، بل هو مختصر منه، اختصره ابن جبير أو غيره، فان الموجود لا يزيد علي أربعين ألف بيت.1.
ص: 57
و أمّا عدّ المجلسي و الشيخ الحرّ في البحار و الوسائل و إثبات الهداة و غيرهم من مأخذ مجاميعهم المناقب لابن شهرآشوب ففيه مسامحة لا يخفي علي المتدرب في هذا الفن.
و ابن جبير المذكور- صاحب نخب المناقب المذكور، و نهج الإيمان، الذي ذكر في ديباجته انه جمعه بعد الوقوف علي ألف كتاب، كما ذكره الكفعمي في بعض مجاميعه و غيرهما- فاضل عالم، كامل جليل، يروي عن ابن شهرآشوب- كما في الرياض (1) - بواسطة واحدة.
و ليعلم أن الموجود من المناقب في أحوال الأئمة عليهم السلام إلي العسكري (عليه السّلام)، و لم نعثر علي أحوال الحجة عليه السلام منه، و لا نقله من تقدمنا من سدنة الأخبار كالمجلسي، و الشيخ الحرّ، و أمثالهما. و ربّما يتوهم أنه لم يوفق لذكر أحواله عليه السلام إلّا أنه قال في معالم العلماء في ترجمة المفيد (رحمه اللّه): إنه لقبه به صاحب الزمان عليه السلام، قال: و قد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب (2)، و الظاهر أنه كتبه في جملة أحواله عليه السلام، فهذا الباب سقط من هذا الكتاب. و اللّه العالم.
و لابن شهرآشوب مؤلفات حسنة غير المناقب، اعتمد عليها الأصحاب، و عندنا منها كتاب متشابه القرآن، أهداه شيخنا الحرّ إلي العلامة المجلسي، و في ظهر الكتاب خطهما، و هو كتاب عجيب ينبئ عن طول باعه، و كثرة تبحره، و كفاه فخرا إذعان فحول أعلام أهل السنة بجلالة قدره، و علوّ مقامه.
قال صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات: محمّد بن علي بن 5.
ص: 58
شهرآشوب- الثانية سين مهملة- أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين الشيعي، أحد شيوخ الشيعة، حفظ أكثر القرآن و له ثمان سنين، و بلغ النهاية في أصول الشيعة، كان يرحل إليه من البلاد، ثم تقدم في علم القرآن و الغريب و النحو، و وعظ علي المنبر أيام المقتفي ببغداد، فأعجبه و خلع عليه، و كان بهيّ المنظر، حسن الوجه و الشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الخشوع و العبادة و التهجد، لا يكون إلّا علي وضوء، أثني عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيرا، توفي سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة (1).
و قال الفيروزآبادي في كتاب البلغة في تراجم أئمة النحو و اللّغة: محمّد ابن علي بن شهرآشوب أبو جعفر المازندراني رشيد الدين الشيعي، بلغ النهاية في أصول الشيعة، تقدم في علم القرآن و اللّغة و النحو و وعظ أيام المقتفي فأعجبه و خلع عليه، و كان واسع العلم، كثير العبادة، دائم الوضوء، له كتاب الفصول في النحو، و كتاب المكنون و المخزون، و كتاب أسباب نزول القرآن، و كتاب متشابه القرآن، و كتاب الأعلام و الطرائق في الحدود و الحقائق، و كتاب الجديدة، جمع فيها فوائد و فرائد جمّة، عاش مائة سنة إلّا عشرة أشهر، مات سنة 588 ثمان و ثمانين و خمسمائة (2).
و ذكره السيوطي في طبقات النحاة (3)، كما تقدم في ترجمة القطب الرازي (4).
و قال شمس الدين محمّد بن علي بن أحمد الداودي المالكي تلميذ عبد الرحمن السيوطي في طبقات المفسرين: محمّد بن علي بن شهرآشوب بن أبي 8.
ص: 59
نصر أبو جعفر السروي المازندراني رشيد الدين، أحد شيوخ الشيعة، اشتغل بالحديث، و لقي الرجال، ثم تفقّه و بلغ النهاية في فقه أهل مذهبه، و نبغ في الأصول حتي صار رحله، ثم تقدم في علم القرآن و القراءات و التفسير و النحو، و كان إمام عصره، و واحد دهره، أحسن الجمع و التأليف، و غلب عليه علم القرآن و الحديث، و هو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه، و تعليقات الحديث و رجاله و مراسيله، و متّفقه و متفرقه. إلي غير ذلك من أنواعه، واسع العلم، كثير الفنون، مات في شعبان سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة.
قال ابن أبي طي: ما زال الناس بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطّة الحنبلي و ابن بطّة الشيعي حتي قدم الرشيد فقال: ابن بطّة الحنبلي بالفتح، و الشيعي- بالضم- (1). انتهي.
قلت: و هذه التراجم الثلاث من كتاب عبقات الأنوار لعلامة عصره، و فريد دهره المولي الأجلّ المعاصر مولوي مير حامد حسين الهندي طاب ثراه، و جعل الجنّة محلّه و مثواه.
و هذا الحبر القمقام يروي عن جماعة من المشايخ العظام، يعسر علينا إحصاؤهم، فلنقتصر بذكر بعض الأعلام.
صاحب كتاب الاحتجاج المعروف، المعوّل عليه عند أصحابنا.
قال تلميذه في معالم العلماء: شيخي أحمد بن أبي طالب الطبرسي، له الكافي في الفقه حسن، و الاحتجاج، و مفاخر الطالبيّة، و تاريخ الأئمة،
ص: 60
و فضائل الزهراء عليهم السلام (1).
و في الأمل: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، عالم، فاضل، محدث، ثقة (2).
عن السيد العالم العابد مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي.
في الآمل: كان عالما، فاضلا، فقيها، ورعا (3).
عن الشيخ أبي علي (4).
عن والده أبي جعفر الطوسي.
و عن الصدوق أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي المتقدم في مشايخ الشيخ شاذان بن جبرئيل القمّي (5).
الثاني: الشيخ العفيف أبو جعفر محمّد بن الحسين الشوهاني، نزيل مشهد الرضا عليه السلام، فقيه صالح، كذا في المنتجب (6)، و يروي عنه أيضا أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي.
قال في الثاقب في المناقب: حدثني شيخي أبو جعفر محمّد بن الحسين ابن جعفر الشوهاني في داره بمشهد الرضا عليه السلام بإسناده (7). إلي آخره.
عن الشيخين الجليلين: أبي علي الطوسي.
ص: 61
و أبي الوفاء عبد الجبار بن علي المقري الرازي، الآتي (1).
في الأمل: كان فاضلا ماهرا، من مشايخ ابن شهرآشوب، و لا يبعد كونه ابن المحسن الآتي (2)، انتهي (3).
قلت: في المنتجب: الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن المحسن الحلبي، فقيه صالح، أدرك الشيخ أبا جعفر الطوسي (رحمه اللّه) (و روي عنه، و عن ابن البراج) (4)، و قرأ عليه السيد الإمام أبو الرضا، و الشيخ الامام قطب الدين أبو الحسين الراونديان (رحمهما اللّه) (5).
و اتحاد الرجلين في غاية البعد، فان المذكور في الإجازات- و صرّح به ابن شهرآشوب في أول المناقب-: أن شيخه هذا كأغلب مشايخه يروي عن الشيخين الجليلين المتقدمين (6)، و لو كان ممن يروي عن الشيخ بلا واسطة لكان ذكره أولي، لشدة اعتنائهم بالأسانيد العالية، و كذا قراءة الراونديين علي المذكور في المنتجب، فإنهما من مشايخ ابن شهرآشوب كما يأتي (7)، و لو روي عنه ابن شهرآشوب لأشار إليه كما هو دأبه.
و بالجملة فالثاني في طبقة أبي علي و المقري الرازي، و الأول متأخر عنه بطبقة.
ص: 62
الرابع: الشيخ ركن الدين أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد (1) السبزواري النيسابوري التميمي، الفاضل، العالم، المحدث، و هو الذي ينتهي إليه رواية حرز الجواد المشهور صلوات اللّه علي صاحبه.
في المنتجب: فقيه ثقة (2). و الموجود في أكثر الإجازات و الروايات: علي ابن عبد الصمد، و الظاهر أنه من باب الاختصار، و النسبة إلي الجدّ، فإنه من مشاهير الرواة.
و لصاحب الرياض هنا كلام في أن شيخ ابن شهرآشوب هذا أو ولده المسمّي باسمه، و نصّ علي ما ذكرنا (3).
و ممّا يوضح ما ذكرنا أن عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري- المقدّم علي ابن شهرآشوب لأنه- يروي عن أبي الحسن علي بلا واسطة، روي أخبارا كثيرة في بشارة المصطفي عن محمّد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جدّه عبد الصمد (4)، و تاريخ إجازته له سنة أربع عشر و خمسمائة، فلو لم يكن هو أخو الشيخ ركن الدين، و أكبر منه، لكان ولده، فيلزم أن يكون ابن شهرآشوب يروي عن الوالد، و عماد الدين المقدّم عليه عن الولد، و لوازمه الباطلة مما لا تحصي.
و يأتي أنّ القطب الراوندي يروي عنه (5) أيضا، و صرّح في قصص الأنبياء بذلك، فقال: أخبرني الشيخ الصدوق علي بن علي بن عبد الصمد النيشابوري (6).
ص: 63
الخامس: أخوه الشيخ الجليل محمّد بن علي بن عبد الصمد.
في الأمل: عالم، فاضل، جليل القدر (1).
و قال عماد الدين الطبري في بشارة المصطفي: حدثنا لفظا الشيخ العالم محمّد بن علي بن عبد الصمد التميمي بنيشابور في شوال سنة أربع عشرة و خمسمائة، عن أبيه علي بن عبد الصمد، عن أبيه عبد الصمد بن محمّد التميمي (2). ثم ساق أخبارا كثيرة بهذا النسق، و عنه، عن أبيه، عن جدّه عبد الصمد.
و يروي كلاهما:
أ- عن الشيخين الجليلين أبي علي الطوسي.
ب- و أبي الوفاء الرازي.
ج- و عن والدهما أبي الحسن علي.
1- عن والده الجليل عبد الصمد بن محمّد التميمي (3).
في الرياض: كان من أجلّة علماء الأصحاب (4). انتهي.
و هذا الشيخ واسع الرواية، كثير المشايخ، كما يظهر من الجزء الرابع من بشارة المصطفي، و يظهر منه و من غيره أنه يروي:
عن الشيخ الصدوق أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه، فهو في درجة
ص: 64
المفيد (1) (رحمه اللّه)، فعدّ سائر مشايخه الموجودة في البشارة خارج عن وضع الكتاب، و قد جمع جملة منها في الرياض (2)، من أرادها راجعها.
و يروي أبو الحسن علي بن عبد الصمد أيضا:
2- عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني الجوري، الفاضل العالم المعروف بالسيد أبي البركات الجوري.
في الرياض: رأيت في صدر اسناد بعض النسخ العتيقة من كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام للصدوق هكذا: حدثني الشيخ الفقيه العالم أبو الحسن علي بن عبد الصمد التميمي رضي اللّه عنه- في داره بنيشابور في شهور سنة إحدي و أربعين و خمسمائة- قال: حدثني السيد الإمام الزاهد أبو البركات الخوزي رضي اللّه عنه، قال: حدثني الامام الأوحد العالم أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي الفقيه مصنّف هذا الكتاب (3).
إلي آخره.
و في الأمل: نسبه إلي الحلّة، و لم ينسبه إلي السيادة- و كلاهما في غير محلّه- و صرّح بروايته عن الصدوق (4).
و في فرحة الغري للسيد عبد الكريم بن طاوس: أخبرني والدي رضي اللّه عنه عن السيد أبي علي فخار الموسوي، عن شاذان بن جبرئيل القمّي، عن الفقيه محمّد بن سراهنك، عن علي بن علي بن عبد الصمد التميمي، عن والده، عن السيد أبي البركات الجوري،- بالراء غير المعجمة- عن علي بن 3.
ص: 65
محمّد بن علي القمّي الخزّاز (1)،- يعني مؤلف كتاب كفاية الأثر-.
و منه يعلم أنّ ما في الرياض؛ من ضبط الخوزي تارة: بالخاء المعجمة المضمومة و سكون الواو ثم الزاي المعجمة نسبة إلي خوزستان، إقليم معروف بقرب فارس، قال: و يروي بالجيم المضمومة و الواو الساكنة ثم الزاي المعجمة أيضا، نسبة إلي الجوزة قرية بالموصل؛ اشتباه كلّه بعد تصريح خريت علمي الحديث و الأسانيد.
عن الشيخين السابقين.
التاسع: الشيخ العالم الرشيد أبو سعيد عبد الجليل بن عيسي بن عبد الوهاب الرازي، المتكلم الفقيه، أستاذ الأئمة في عصره، و له مقامات و مناظرات مع المخالفين مشهورة، و له تصانيف أصوليّة، كذا في المنتجب (1).
و في معالم العلماء: الشيخ الرشيد عبد الجليل بن عيسي بن عبد الوهاب الرازي، له: مراتب الأفعال، نقض كتاب التصفّح لأبي الحسين (2).
و في اتحاده مع الشيخ المحقق رشيد الدين أبي سعيد عبد الجليل بن أبي الفتح بن مسعود بن عيسي المتكلم الرازي الذي وصفه في المنتجب بقوله:
أستاذ علماء العراق في الأصولين، مناظر ماهر حاذق، له تصانيف منها نقض التصفّح لأبي الحسين البصري (3). إلي آخره. و تعددهما كلام مذكور في محلّه.
عن الشيخين المذكورين (4).
و قد يعبّر عنه: بأبي الفضل الداعي، كان عالما فاضلا.
في الرياض: وجدت علي ظهر كتاب التبيان للشيخ الطوسي إجازة من الشيخ أبي الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي الرازي، بخطّه لولده أبي القاسم علي، و لهذا السيد أبي الفضل الداعي بن علي بن الحسن الحسيني، و كانا شريكين في قراءة ذلك التفسير علي الشيخ أبي الوفاء المذكور، و صورتها:
ص: 67
قرأ عليّ هذا الجزء و هو السابع من التفسير إلي آخر سورة لقمان ولدي أبو القاسم علي بن عبد الجبار، و أجزت له روايته عني، عن مصنّفه الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي رحمه اللّه عليه، كيف شاء و أحبّ، و سمع قراءته السيد الموفق أبو الفضل داعي بن علي بن الحسن الحسيني، أدام اللّه توفيقهما (1).
عن الشيخين الجليلين السابقين.
الحادي عشر: الشيخ الفاضل الجليل أبو المحاسن مسعود بن علي ابن محمّد الصوافي.
عن (2) علي بن عبد الصمد التميمي، كما في الخرائج.
عنهما أيضا.
الثالث عشر: الشيخ الجليل الفقيه الحسين بن أحمد بن طحال (1)، المتقدم ذكره (2).
الرابع عشر: فخر العلماء الأعلام، و أمين الملّة و الإسلام، أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، المفسّر الفقيه الجليل الكامل النبيل، صاحب تفسير مجمع البيان الذي عكف عليه المفسرون، و غيره من المؤلفات الرائقة الشائعة جملة منها، كالآداب الدينيّة، و إعلام الوري و جمع الجوامع، و عندنا منها كنوز النجاح، و عمدة الحضر.
و وصفه في الرياض بقوله: الشيخ الشهيد الامام أمين الدين أبو علي الفضل. إلي آخره، ثم قال- بعد ذكر عدّة من مؤلفاته- قد رأيت نسخة من مجمع البيان بخط الشيخ قطب الدين الكيدري قد قرأها نفسه علي نصير الدين الطوسي، ثم إن علي ظهرها أيضا بخطّه هكذا: تأليف الشيخ الامام، الفاضل، السعيد، الشهيد (3). انتهي.
و لم يذكر هو و لا غيره كيفيّة شهادته، و لعلّها كانت بالسمّ، و لذا لم نشتهر شهادته، نعم نسب إليه في الرياض قضيّته، و قال: ممّا اشتهر بين الخاص و العام أنه (رحمه اللّه) قد أصابته السّكتة، فظنّوا به الوفاة فغسلوه، و كفنوه، و دفنوه، ثم رجعوا، فأفاق رضي اللّه عنه في القبر، و قد صار عاجزا عن الخروج و الاستغاثة بأحد لخروجه، فنذر في تلك الحالة بأن اللّه إن خلصه من هذه البليّة ألف كتابا في تفسير القرآن، فاتفق أن بعض النباشين قد قصد نبش قبره لأجل أخذ كفنه فلمّا نبش قبره، و شرع في نزع كفنه أخذ قدس سرّه بيد النباش
ص: 69
فتحيّر النباش و خاف خوفا عظيما، ثم تكلّم معه فزاد اضطراب النباش و خوفه، فقال له: لا تخف أنا حيّ و قد أصابتني السكتة فظنّوا بي الموت، و لذلك دفنوني.
ثم قام من قبره و اطمأنّ قلب النباش. و لما لم يكن قدس سرّه قادرا علي المشي لغاية ضعفه التمس من النباش أن يحمله علي ظهره و يبلغه إلي بيته، فحمله و جاء به إلي بيته، ثم أعطاه الخلعة و أولاه مالا جزيلا، و تاب النباش علي يده ببركته عن فعله ذلك القبيح، و حسن حال النباش. ثم إنه (رحمه اللّه) بعد ذلك أقدم بنذره، و شرع في تأليف كتاب مجمع البيان، إلي أن وفقه اللّه لإتمامه (1).
انتهي.
و مع هذا الاشتهار لم أجدها في مؤلف أحد قبله، و ربّما نسبت إلي العالم الجليل المولي فتح اللّه الكاشاني، صاحب تفسير منهج الصادقين، و خلاصته، و شرح النهج، المتوفي سنة 988. و اللّه العالم.
و قال السيد التفريشي في نقد الرجال: إنه (رحمه اللّه) انتقل من المشهد الرضوي إلي سبزوار سنة ثلاث و عشرين و خمسمائة، و انتقل بها إلي دار الخلود سنة ثمان و أربعين و خمسمائة (2). انتهي.
قلت: و قبره الشريف في المقبرة المعروفة بقتلكاه في المشهد الرضوي علي مشرفه السلام، معروف يزار و يتبرّك به.
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة:
أ- الشيخ أبي علي الطوسي.
ب- الشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار الرازي.
ج- الشيخ الأجل الحسن بن الحسين بن الحسن بن بابويه القمي 6.
ص: 70
الرازي، جدّ الشيخ منتجب الدين، المتقدم ذكره (1).
د- الشيخ الإمام موفق الدين الحسين بن الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني.
في المنتجب: فقيه صالح، ثقة، قرأ علي الشيخ أبي علي الطوسي، و قرأ الفقه عليه الشيخ الامام سديد الدين محمود الحمصي (رحمهم اللّه) (2).
عن أبي علي الطوسي.
ه- السيد محمّد بن الحسين الحسيني. قال (رحمه اللّه) في إعلام الوري:
في كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري للشيخ أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عياش الذي أخبرني بجميعه السيد أبو طالب محمّد بن الحسين الحسيني القصبي الجرجاني قال: أخبرني والدي السيد أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن القصبي، عن الشريف أبي الحسين طاهر بن محمّد الجعفري، عنه (3) - يعني ابن عيّاش- صاحب كتاب المقتضب و الأغسال.
و- الشيخ الامام السعيد الزاهد أبي الفتح عبد اللّه بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، الذي روي عنه صحيفة الرضا عليه السلام، و تقدم باقي السند بروايته (رحمه اللّه) في الفائدة السابقة (4).
ز- الشيخ (5) أبو الحسن عبيد اللّه بن محمّد بن أحمد بن الحسين البيهقي.
في الرياض: فاضل عالم محدّث من كبار الإمامية، يروي عنه الشيخ أبو خ.
ص: 71
علي الطبرسي علي ما يظهر من تفسير سورة طه في مجمع البيان (1). انتهي.
الخامس عشر: الشيخ الامام السعيد، قدوة المفسرين، ترجمان كلام اللّه، جمال الدين أبو الفتوح الحسين بن علي بن محمّد بن أحمد الخزاعي الرازي النيسابوري، الفاضل العالم، الفقيه المفسر، الأديب العارف، الكامل البليغ، المعروف بأبي الفتوح الرازي المنتهي نسبه الشريف إلي عبد اللّه بن بديل ابن ورقاء الخزاعي- الذي كان أبوه من الصحابة- الذي كان جهوري الصوت، و أمره رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بمني في حجّة الوداع أن ينهي الناس عن الصيام أيام مني، فركب علي جمل أورق (2) و تخلل الفساطيط، و كان ينادي بأعلي صوته: أيّها الناس لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل و شرب و بعال، أي: الجماع.
و عبد اللّه- أيضا- من الصحابة، و من السابقين الراجعين إلي أمير المؤمنين عليه السلام، و المستشهدين بين يديه في صفين، بعد أن بالغ في الخدمة، و أبلي ببلاء عظيم.
و الشيخ المذكور جمع بين شرافة النسب، و الأخذ بمجامع العلوم، المنبئ عنه تفسيره الكبير العجيب الذي يقرب من مائة و خمسين ألف بيت، و هو و إن كان بالفارسية إلّا أنه حاو لكلّ ما تشتهيه الأنفس، و تقرّ به الأعين، و من نظر إليه و تأمل في مجمع البيان للطبرسي يجده كالمختصر منه، بل قال القاضي في المجالس- بعد أن أطري عليه من المدح و الثناء بما هو أهله-: و تفسيره الفارسي مما لا نظير له في وثاقة التحرير، و عذوبة التقرير، و دقة النظر، و الفخر الرازي في تفسيره الكبير قد أخذ منه، و بني عليه أساسه، و لكن لأجل دفع الانتحال
ص: 72
أضاف إليه بعض تشكيكاته (1). انتهي.
و بالجملة، فتفسيره هذا كتاب لا يملّ قاريه، و لا يضجر الناظر إليه، ينتفع منه الفقيه، و المفسر، و الأديب، و المؤرخ، و الواعظ، و طالب الفضائل و المناقب، و الفاحص عن المطاعن و المثالب، و له مؤلفات أخري مذكورة في ترجمته منها: شرح الشهاب، الداخل كالتفسير في فهرست البحار.
قال في الرياض: قال الشيخ أبو الفتوح الرازي في شرح الشهاب- المذكور- عند شرح قوله (عليه السلام): إن اللّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، بعد نقل: المؤلفة قلوبهم، ما هذا لفظه: و قد وقع لي مثل ذلك، كنت في أيام شبابي أعقد المجلس في الخان المعروف بخان علّان، و كان لي قبول عظيم، فحسدني جماعة من أصحابي، فسعوا بي إلي الوالي، فمنعني من عقد المجلس، و كان لي جار من أصحاب السلطان، و كان ذلك في أيام العيد، و كان قد عزم علي أن يشتغل بالشرب علي عادتهم، فلمّا سمع ذلك ترك ما كان عزم عليه، و ركب و أعلم الوالي أنّ القوم حسدوني، و كذبوا علي، و جاء حتي أخرجني من داري و أعادني إلي المنبر، و جلس في المجلس. إلي آخره، فقلت للناس: هذا ما قال النبي صلّي اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر (2). انتهي.
و لم أتحقق تاريخ وفاته، إلّا أن قبره الشريف في صحن السيد حمزة بن موسي بن جعفر عليهما السلام في مزار عبد العظيم الحسني (عليه السلام) و عليه اسمه و نسبه بخط قديم.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة:1.
ص: 73
(أ)- الشيخ أبي الوفاء عبد الجبار الرازي (1).
(ب)- والده: الشيخ علي بن محمّد، في الرياض: كان من أجلّة الفضلاء (2).
عن والده الشيخ الجليل المفيد أبي سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين النيسابوري.
في المنتجب: ثقة، عين، حافظ، له تصانيف منها الروضة الزهراء في تفسير فاطمة الزهراء، الفرق بين المقامين، و تشبيه علي عليه السلام بذي القرنين، كتاب الأربعين عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، كتاب مني الطالب في أيمان أبي طالب عليه السلام، كتاب المولي، أخبرنا بها شيخنا الامام جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي، سبطه عن والده عنه (3).
قلت: كذا في نسخ المنتجب، و في الأمل نقلا عنه: الروضة الزهراء في تفسير الزهراء (4)، و لكن قال سبطه أبو الفتوح في تفسيره في سورة آل عمران- بعد نقل خبرين في فضل فاطمة عليها السلام ما معني لفظه-: و هذان الخبران نقلتهما من كتاب جمعه جدّي الخواجه الإمام السعيد أبو سعيد، و اسمه الروضة الزهراء في مناقب فاطمة الزهراء عليها السلام (5).
هذا و زاد ابن شهرآشوب في المعالم في مؤلفاته: كتاب التفهيم في بيان القسيم، الرسالة الواضحة في بطلان دعوي الناصبة، ما لا بد من معرفته (6).4.
ص: 74
انتهي.
و عندنا نسخة أربعينه بخط الشيخ الجليل محمّد بن علي الجباعي- جدّ شيخنا البهائي- كتبه من النسخة التي كانت بخط الشهيد. و بخطه في آخر النسخة عرض علي أصله، و نقل من نسخة كتبت بمراغة في سنة أربع و ثلاثين و خمسمائة.
و في أول الكتاب: حدثني الشيخ الفقيه العالم، شجاع الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن محمّد بن العباس البيهقي، وفّقه اللّه تعالي للخيرات، إملاء بمدينة مراغة، في ثالث عشر من صفر من شهور سنة أربع و ثلاثين و خمسمائة. قال: حدثنا السيد الرئيس، العالم الزاهد، صفي الدين- و هو صاحب تبصرة العوام، شيخ الشيخ منتجب الدين- المرتضي بن الداعي بن القاسم الحسيني الرازي، بها، قال: حدثنا الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري رحمه اللّه قال: حدثني مصنّف الكتاب الخزاعي رحمه اللّه يقول:
اللهم إني أحمدك (1). إلي آخره.
و هذا الشيخ عبد الرحمن أخو المصنّف، و عمّ والد الشيخ أبي الفتوح، و شيخه كما يأتي (2)، و يظهر من الأربعين أنّ له مشايخ كثيرة من الخاصة و العامة نشير إلي نبذة من الطائفة الأولي:
1- منهم: والده: الشيخ الجليل أبو بكر أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي، صاحب الأمالي في الأخبار في أربع مجلّدات، و عيون الأحاديث، و الروضة في الفقه، و السنن، و المفتاح في الأصول، و المناسك. علي ما في المنتجب (3).1.
ص: 75
عن السيدين الأعظمين المرتضي و الرضي.
و الشيخ أبي جعفر الطوسي.
و السيد أبي محمّد زيد بن علي بن الحسين الحسني.
في المنتجب: صالح عالم فقيه، قرأ علي الشيخ أبي جعفر الطوسي، و له كتاب المذهب، و كتاب الطالبية، و كتاب [علم الطب] (1) عن أهل البيت عليهم السلام، أخبرنا بها الوالد عنه (2).
و في الأربعين: [الحديث] الرابع و العشرون: حدثنا أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري الشيخ أبو بكر الوالد رضي اللّه عنه، قال: حدثنا القاضي أبو الفضل زيد بن علي (3). إلي آخره.
2- و منهم: الشيخ الصائن أبو القاسم عبد العزيز بن محمّد بن عبد العزيز الإمامي النيسابوري، شيخ الأصحاب و فقيههم في عصره، له تصانيف في الأصولين، أخبرنا بها الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفتوح الحسين بن علي الخزاعي، عن والده، عن جدّه، عنه. كذا في المنتجب (4).
و في الأربعين المذكور: الحديث السادس و الثلاثون: حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمّد بن عبد العزيز الصائن رحمه اللّه- لفظا- بقم في ذي الحجّة سنة أربع و أربعين- يعني بعد أربعمائة- قال: حدثنا الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان رضي اللّه عنه (5). إلي آخره.
3- و منهم: الشيخ العدل المحسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري ه.
ص: 76
الخزاعي، عمّ الشيخ المفيد عبد الرحمن النيسابوري رحمه اللّه، ثقة، حافظ، واعظ، و كتبه: الأمالي في الأحاديث، كتاب السير، كتاب إعجاز القرآن، كتاب بيان من كنت مولاه، أخبرنا بها شيخنا الإمام السعيد جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي، عن والده، عن جده، عنه (رحمه اللّه). كذا في المنتجب (1).
و في الأربعين: الحديث الخامس و العشرون: أخبرنا المحسن بن الحسن ابن أحمد النيسابوري الشيخ العمّ (2) أبو الفتح رضي اللّه عنه بقراءتي عليه، قال:
حدثنا: قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد قراءة عليه (3). إلي آخره.
و في المنتجب: الشيخ أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن أبي مطيع فاضل، فقيه، له كتاب الورع، كتاب الاجتهاد، كتاب القبلة، كتاب الآثار الدينية (4).
4- و منهم: السيد أبو الخير داعي بن الرضا بن محمّد العلوي الحسيني رحمه اللّه، بقراءته عليه.
في المنتجب: فاضل، محدّث، واعظ، له كتاب آثار الأبرار و أنوار الأخيار، في الأحاديث، أخبرنا بها السيد الأصيل المرتضي بن المجتبي بن محمّد العلوي العمري عنه (5).
5- و منهم: أخوه الشريف أبو إبراهيم ناصر.3.
ص: 77
في المنتجب السيد أبو إبراهيم ناصر بن الرضا بن محمّد بن عبد اللّه العلوي الحسيني، فقيه ثقة، صالح محدّث، قرأ علي الشيخ الموفق أبي جعفر الطوسي، و له كتاب في مناقب آل الرسول عليهم السلام، و كتاب أدعية زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام (1)، و يظهر من الأربعين أنه يروي عن قاضي القضاة عبد الجبار (2) السابق.
6- و منهم: الوزير السعيد ذو المعالي زين الكفاة أبو سعد منصور بن الحسين الآبي، فاضل، عالم، فقيه، و له نظم حسن، قرأ علي شيخنا الموفق أبي جعفر الطوسي، و روي عنه الشيخ المفيد عبد الرحمن النيسابوري، كذا في المنتجب (3).
و في الأربعين: [الحديث] الثاني و العشرون: أخبرنا الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي- رحمه اللّه رحمة واسعة- بقراءتي عليه في مسجدي في سنة اثنين و ثلاثين و أربعمائة، قال: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه رحمه اللّه إملاء يوم الجمعة لتسع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثمان و سبعين، قال: حدثنا أبي (4). إلي آخره.
و هذا السند مما يغتنم في ما بين الطرق من جهة العلوّ، و ربّما يستغرب في بادي النظر، فإن الذي كان يقرأ علي أبي جعفر الطوسي كيف يروي عن الصدوق المتقدم عليه بطبقتين، و يرفع بأن ما بين التاريخين أربع و خمسون سنة، فلو كان عمر الوزير في تاريخ التحمل الذي هو قبل وفاة الصدوق بثلاث سنين: عشرون سنة مثلا، كان عمره في سنة السماع أربع و سبعين، و هو عمر ه.
ص: 78
متعارف شائع.
7- و منهم: الشيخ أبو عبد اللّه الحسن بن الحسين بن بابويه المتقدم (1) في مشايخ الشيخ منتجب الدين.
و لنكتف من مشايخه الذين هم في الأربعين: أربعون، بما ذكرنا.
(ج)- عمّ والده: الشيخ الجليل المفيد الحافظ أبو محمّد عبد الرحمن ابن الشيخ أبي بكر أحمد النيسابوري الخزاعي (2)، نزيل الري، الفاضل، الكامل، العالم المتبحّر.
قال في المنتجب: شيخ الأصحاب بالري، حافظ، واعظ، ثقة، سافر في البلاد شرقا و غربا، و سمع الأحاديث عن المؤالف و المخالف، و له تصانيف، منها: سفينة النجاة في مناقب أهل البيت عليهم السلام، العلويات، الرضويات، الأمالي، عيون الأخبار، مختصرات في المواعظ و الزواجر، أخبرنا بها جماعة منهم السيدان المرتضي و المجتبي- ابنا الداعي الحسني- و ابن أخيه الشيخ الإمام أبو الفتوح الخزاعي عنه رحمهم اللّه تعالي (3). انتهي.
(د)- الشيخ أبو علي الطوسي.
(ه)- القاضي الفاضل الحسن الأسترابادي، نص عليه صاحب المعالم، و يأتي في مشايخ ابن شهرآشوب (4).
السادس عشر من مشايخ ابن شهرآشوب: الشيخ الإمام أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي، المعروف بالقطب الراوندي،6.
ص: 79
العالم المتبحّر، النقاد المفسّر، الفقيه المحدّث، المحقق، صاحب المؤلفات الرائقة النافعة الشائعة جملة منها، و عثرنا عليها- كالخرائج، و قصص الأنبياء، و فقه القرآن، و لبّ اللباب، و الدعوات، و غير ذلك مما نقل عنها الأصحاب، و شرحه علي نهج البلاغة المسمّي بالمعراج من الشروح المعروفة، و ليس هو أوّل الشروح كما زعمه صاحب الرياض (1)، بل أول من قرع هذا الباب، و رام كشف النقاب عن كلام هو فوق كلام المخلوق، و دون كلام رب الأرباب أبو الحسن البيهقي المعروف، و هو موجود إلي الإن و للفخر الرازي أيضا شرح عليه و لم يتمّه.
و بالجملة، ففضائل القطب و مناقبه، و ترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به أظهر و أشهر من أن يذكر، و كان له أيضا طبع لطيف، و لكن أغفل عن ذكر بعض إشعاره المترجمون له الذين بنوا علي ذكرها في التراجم، و هذا الكتاب الشريف جرّدناه عنها، إلّا نوادر دعت إليها الضرورة، و لكن رأينا أن نذكر بعض ما له مما يتعلق بالفضائل لئلا يندرس في مرور الأيام فمنها:
قسيم النار ذو خير و خير يخلّصنا الغداة من السعير
فكان محمّد في الدين شمسا علي بعد كالبدر المنير
هما فرعان من عليا قريش مصاص (2) الخلق بالنصب الشهير
و قال له النبي (ص) لأنت منّي كهارون و أنت معي وزيري
و من بعدي الخليفة في البرايا علي جاه السرور علي سريري
و أنت غياثهم و الغوث فيهم لدي الظلماء كالصبح البشير
ولائي في البتول و في بنيها كمثل الروض في اليوم المطير).
ص: 80
محمّد النبي (ص) غدا شفيعي لأنّ عليا الأعلي ظهيري
و لا أرضي بتيم أو عدي أميرا خاب ذلك من أمير
مصير آل أحمد يوم حشري و يوم الحشر حبّهم نصيري
و له (رحمه اللّه) أيضا:
بنو الزهراء آباء اليتامي إذا ما خوطبوا قالوا سلاما
هم حجج الإله علي البرايا فمن ناواهم يلق الأثاما
فكان نهارهم أبدا صياما و ليلهم كما تدري قياما
أ لم يجعل رسول اللّه يوم ال - غدير عليا الأعلي إماما
أ لم يك حيدر قرما هماما أ لم يك حيدر خيرا مقاما
و إن آذي البتول بنو عدي يكن أبدا عذابهم غراما
بنوهم عروة الوثقي محامي عطاؤهم اليتامي و الأيامي
قسيم النار في الدنيا كفانا سيكفينا البليات العظاما
هم الراعون في الدنيا الأناما هم الحفّاظ في الأخري الذماما
فلا تسرف و لا تقتر عليهم عقوقهم و كن فيهم قواما
و له (رحمه اللّه) أيضا:
أمير المؤمنين غدا إمامي فأنا اليوم أجعله أمامي
أواليه و أفديه بروحي كتفدية المشوق المستهام
و من يهواه لا تفريط منه و لا إفراط جلّ عن الملام
فأعلي حبّه صيتي و صوتي و خلّصني من الكرب العظام
لأرجو الأمن في حشري و نشري و تسليما إلي دار السلام
فقد آثرت أهل البيت معا بعروتهم و حبلهم اعتصامي
ص: 81
علي و البتول كرام أصل و سبطا المصطفي فرعا الكرام
و زين العابدين إمام حق و باقر مشكل صعب المرام
و صادقهم و كاظمهم أناروا بسيط الأرض في غبش الظلام
و إعجاز الرضا في الأرض باق و فضل سليله فوق الكلام
واردي العسكريّان الأعادي بلا استعمال رمح أو حسام
و أن القائم المهدي شمس تلألأ ضوؤها تحت الغمام
هم أهل الولاية و التولي هم خير البرية و الأنام
و له (رحمه اللّه) أيضا:
لآل المصطفي شرف محيط تضايق عن تنظّمه البسيط
إذا كثر البلايا و الرزايا فكلّ منهم جأش ربيط
إذا ما قام قائمهم بوعظ كانّ كلامه درّ لقيط
إذا امتلأت بعد لهم ديار تقاعس دونه الدهر القسوط (1)
هم العلماء إن جهل البرايا هم الموفون إن خان الخليط (2)
بنو أعمامهم جاروا عليهم و مال الدهر إذ مال الغبيط
لهم في كلّ يوم مستجد برغم الأصدقاء دم عبيط
فمات محمّد و ارتد قوم بنكث العهد إذ خان الشموط
تناسوا ما مضي بغدير خمّ فأدركهم لشقوتهم هبوط
ألا لعنت أميّة قد أضاعوا الحسين كأنه فرخ سميط).
ص: 82
علي آل الرسول صلاة زكي طوال الدهر ما طلع الشميط (1)
و لهذا الشيخ (2) الجليل مشايخ كثيرة نشير إلي جملة منها:
أ- الشيخ أبو علي الطبرسي، صاحب مجمع البيان.
ب- عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري، صاحب البشارة.
ج- السيد مرتضي بن الداعي الرازي (3)، صاحب تبصرة العوام.
د- أخوه السيد المجتبي، و قد تقدما (4) في مشايخ الشيخ منتجب الدين.
ه- أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد التميمي (5).
و- أخوه: محمّد بن علي، و قد مرا في مشايخ ابن شهرآشوب (6).
ز- السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي.
في المنتجب: فقيه، محدث (7).
و في الرياض: إن الحق أنه هو بعينه السيد ناصح الدين أبو البركات المشهدي (8).
و قد أورده الشيخ رضي الدين أبو نصر الحسن بن أبي علي الطبرسي في مكارم الأخلاق، بعنوان السيد الإمام ناصح الدين أبو البركات المشهدي،3.
ص: 83
و نسب إليه كتاب المسموعات (1). و نقل عن ذلك الكتاب بعض الأخبار، و كذا ولده الشيخ علي في مشكاة الأنوار (2)، و نسب إليه كتاب المجموع.
و قال القطب في الخرائج: و أخبرنا السيد أبو البركات محمّد بن إسماعيل المشهدي (3).
1- عن الشيخ جعفر الدوريستي.
عن المفيد (رحمه اللّه).
و يروي السيد أبو البركات أيضا:
2- عن الشيخ الإمام محيي الدين أبي عبد اللّه الحسين بن المظفر بن علي الحمداني، نزيل قزوين، ثقة وجه كبير، قرأ علي الشيخ الموفق أبي جعفر الطوسي جميع تصانيفه مدة ثلاثين سنة بالغري علي ساكنه السلام، و له تصانيف: منها: هتك أستار الباطنيّة، و كتاب نصرة الحق، و لؤلؤة التفكر في المواعظ و الزواجر، أخبرنا بها السيد أبو البركات المشهدي عنه، كذا في المنتجب (4).
و في الرياض: هو من أكابر علماء الطائفة الإمامية و فقهائهم، المعروف بالحمداني القزويني قال: و لعلّه ألف الكتاب الأول في قزوين ردّا علي القرامطة الباطنية لما شاع ذكرهم و مذهبهم الباطل هناك في تلك الأوقات (5). انتهي.
ح- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن المحسن الحلبي.
في المنتجب: فقيه صالح، أدرك الشيخ أبا جعفر الطوسي (و روي عنه،7.
ص: 84
و عن ابن البراج) (1) و قرأ عليه السيد الإمام أبو الرضا، و الشيخ الامام قطب الدين أبو الحسين الراونديان (2).
ط- أبو نصر الغاري.
في الرياض: كان من أجلّة مشايخ السيد فضل اللّه الراوندي، قال:
و الغاري- كما وجدته بخطّه الشريف- بالغين المعجمة، و لعلّ نسبته إلي الغار، و هي قرية من قري الأحساء، و هي معمورة إلي الآن، و قد دخلتها و كان فيها- في الأغلب- جماعة من العلماء (3)، انتهي.
و قال القطب الراوندي في قصص الأنبياء: أخبرني أبو نصر الغاري.
1- عن أبي منصور العكبري، و هو الشيخ الأجل الصدوق أبو منصور محمّد ابن أبي نصر محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبر المعدل، المذكور بهذا الوصف و النسب في أول الصحيفة الكاملة بعد أبي عبد اللّه محمّد بن أحمد ابن شهريار الخازن الراوي عنه، و يروي هو:
عن أبي المفضل محمّد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني، كما فيها.
2- و عن السيدين المرتضي و الرضي (رحمهما اللّه): كما صرّح به القطب الراوندي في القصص (4).
ي- الشيخ أبو القاسم بن كميح.
في الرياض: فاضل، عالم، كامل، يروي (5) عن المفيد، و يروي عنه ابن شهرآشوب (6).2.
ص: 85
و في القصص: أخبرني الأستاذ أبو القاسم بن كميح.
عن الشيخ جعفر الدوريستي.
عن المفيد (رحمه اللّه) (1).
يا- الأستاذ أبو جعفر محمّد بن المرزبان.
عن الشيخ أبي عبد اللّه جعفر الدوريستي.
عن أبيه.
عن الصدوق (رحمه اللّه)، كذا في القصص (2).
يب- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين المؤدب القمي.
عن جعفر الدوريستي. إلي آخره كذا في القصص (3).
يج- الشيخ أبو سعد الحسن بن علي الأرابادي.
يد- الشيخ أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي، كلاهما:
عن أبي عبد اللّه جعفر الدوريستي.
يه- الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد المرشكي.
يو- الشيخ هبة اللّه بن دعويدار، فاضل، عالم، جليل الشأن.
يز- السيد علي بن أبي طالب السليقي، كلّهم:
عن الفقيه الجليل أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي.
يح- الشريف أبو السعادات هبة اللّه بن علي بن محمّد بن عبد اللّه بن حمزة بن محمّد بن عبد اللّه بن أبي الحسن بن عبد اللّه الأيمن بن عبد اللّه بن الحسن بن جعفر بن عبد الرحمن بن قاسم بن حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، المعروف: بابن الشجري البغدادي، المتولد في سنة 1.
ص: 86
خمس و أربعمائة، و المتوفي يوم الخميس لعشر بقين من شهر رمضان سنة اثنتين و أربعين و خمسمائة.
كان من أكابر علماء الإمامية و مشايخهم، و من أئمة النحو، و اللّغة، و أشعار العرب و أيامها، صاحب الأمالي الذي ألفه في أربعة و ثمانين مجلسا، و أقواله منقولة في العلوم العربية و الأدبية كمغني اللبيب و غيره.
و في المنتجب: فاضل، صالح، مصنّف الأمالي، شاهدت غير واحد قرأها عليه (1)، و له نوادر و قصص مذكورة في التراجم.
و ذكره ابن خلكان في تاريخه (2)، و السيوطي في الطبقات (3)، كما تقدم (4) في ترجمة القطب الرازي.
و قال تلميذه أبو البركات عبد الرحمن بن محمّد الأنباري في كتاب نزهة الأدباء: شيخنا الشريف أبو السعادات هبة اللّه بن علي بن محمّد بن حمزة العلوي الحسني. إلي أن قال: و كان الشريف ابن الشجري أنحي من رأينا من علماء العربية، و آخر من شاهدناهم من حذاقهم و أكابرهم، توفي سنة 522 (5).
1- عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي بطرقه السابقة (6).
2- و عن ابن قدامة.
عن السيد الرضي (رحمه اللّه).1.
ص: 87
يط- الشيخ أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصواني، المتقدم ذكره (1).
ك- الأستاذ أبو جعفر بن كميح، أخو الأستاذ أبي القاسم المتقدم ذكره (2).
في الرياض: فقيه، فاضل، من مشايخ ابن شهرآشوب (3) يروي:
عن أبيه كميح.
في الرياض: فاضل، عالم، جليل، من أعاظم علماء الأصحاب (4).
عن القاضي ابن البراج و قد تقدم (5).
كا- السيد الجليل ذو الفقار بن محمّد الحسني (6) الآتي إن شاء اللّه تعالي. في مشايخ السيد فضل اللّه الراوندي (7).
كب- الشيخ عبد الرحيم البغدادي، المعروف: بابن الأخوة.
1- عن السيدة النقيّة بنت السيد المرتضي.
في الرياض: كانت فاضلة جليلة، تروي عن عمّها السيد الرضي جامع كتاب نهج البلاغة، و يروي عنها الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة، علي ما أورده القطب الراوندي في آخر شرحه علي نهج البلاغة (8).9.
ص: 88
و يروي عن ابن الأخوة أيضا: عماد الدين علي بن الامام قطب الدين.
ففي إجازة صاحب المعالم في طرق نجم الدين جعفر بن نما: و يروي جميع كتب المرتضي أيضا:
عن والده.
عن الشيخ علي بن قطب الدين الراوندي.
عن شيخه و أستاذه الامام أبي الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن الاخوة البغدادي.
2- عن الشيخ أبي غانم العصمي الهروي الشيعي الإمامي.
عنه رحمه اللّه (1).
كج- الشيخ الجليل أبو جعفر محمّد بن علي النيشابوري، الآتي في مشايخ السيد الراوندي (2)، روي عنه في دعواته (3).
هذا، و له مشايخ أخر من العامة لا حاجة إلي ذكرهم.
و له (4) ولدان فاضلان:
أحدهما: الشيخ نصير الدين أبو عبد اللّه الحسين الشهيد، و قد مرّ في ترجمة الشهيد الثاني (5).
و الثاني: الشيخ الامام عماد الدين أبو الفرج علي، و قد مر في مشايخ علي بن طاوس (6).3.
ص: 89
و في الرياض: و كان والده و جدّه أيضا من العلماء (1) انتهي.
و لم أجد تاريخ وفاته، إلّا أنّ فراغه من تأليف فقه القرآن كان سنة 562، و قبره الشريف في قم في قريب من مزار السيدة فاطمة (عليها السلام) معروف يزار و يتبرك به (2).
السابع عشر (3): الأستاذ أبو جعفر.
الثامن عشر: الأستاذ أبو القاسم.
قال في المناقب: و أمّا أسانيد كتب المفيد فعن أبي جعفر، و أبي القاسم ابني كميح.
عن أبيهما.
عن ابن البراج.
عن الشيخ.
و من طرق أبي جعفر الطوسي أيضا عنه (4).
في الأمل: عالم فقيه (5).
و قال علي بن طاوس في المهج: و حدث- أيضا- الشيخ السعيد السيد العالم التقي نجم الدين كمال الشرف ذو الحسبين أبو الفضل المنتهي بن أبي زيد ابن كيابكي الحسيني في داره بجرجان في ذي الحجّة من سنة ثلاث و خمسمائة (6).
ص: 90
و في المناقب- في ذكر طرقه إلي كتب الشيخ الطوسي-: و حدثنا به أيضا المنتهي بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني، و محمّد بن الحسن الفتال النيشابوري، و جدّي شهرآشوب عنه أيضا- سماعا و قراءة و مناولة و إجازة- بأكثر كتبه و رواياته (1).
عن أبيه أبي زيد.
في الرياض: هو السيد عبد اللّه بن علي كيابكي ابن عبد اللّه بن عيسي ابن زيد بن علي الحسيني الكجي الجرجاني الذي يروي عنه ولده السيد المنتهي ابن أبي زيد، و هو يروي:
عن السيد المرتضي، و السيد الرضي (2)، و صرّح بذلك في المناقب أيضا (3).
الآتي في مشايخ السيد الراوندي (4).
الواحد و العشرون: القاضي السيد ناصح الدين أبو الفتح عبد الواحد ابن محمّد بن (5) المحفوظ بن عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد التميمي الآمدي.
في الرياض: فاضل، عالم، محدّث، إمامي، شيعي، و لكن قال في شأن علي عليه السلام في ديباجة كتابه غرر الحكم هكذا: علي كرّم اللّه وجهه، فلعلّه من باب التقية، أو هو من النساخ، و قال: اعلم أنّ نسبه علي ما وجدناه في بعض المواضع هكذا: القاضي السيد. إلي آخر ما ذكرناه، و المشهور أنه لم يكن من
ص: 91
السادات، فلاحظ (1).
قال: و بالجملة فقد عدّه جماعة من الفضلاء من جملة أجلّة العلماء الإمامية، منهم ابن شهرآشوب في أوائل كتاب المناقب حيث قال- في أثناء تعداد كتب الخاصة، و بيان أسانيد تلك الكتب-: و قد أذن لي الآمدي في رواية غرر الحكم (2).
و قد عوّل عليه و علي كتابه هذا المولي الأستاذ الاستناد في البحار، و جعله من الإمامية، و ينقل عن كتابه فيه، قال رحمه اللّه في أوّل البحار: و كتاب غرر الحكم، و درر الكلم للشيخ عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد، و يظهر مما سننقل عن ابن شهرآشوب أن الآمدي كان من علمائنا، و أجاز له رواية هذا الكتاب (3)، ثم نقل ما في معالم ابن شهرآشوب (4)، ففيه: عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد الآمدي التميمي له غرر الحكم، و درر الكلم يذكر فيه أمثال أمير المؤمنين عليه السلام (5).
و بالجملة فلا مجال للشكّ في كونه من علمائنا الإماميّة.
أمّا أوّلا: فلذكره ابن شهرآشوب في المعالم، كما عرفت.
و أمّا ثانيا: فلتصريحه بذلك في المناقب، فإنه قال فيه: فأمّا طرق العامة فقد صحّ لنا اسناد البخاري عن أبي عبد اللّه محمّد بن الفضل. و ساق أسانيده إلي كتبهم في فنون العلوم الشرعية في كلام طويل، ثم قال: فأمّا أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، ثم ساق أسانيده 9.
ص: 92
إلي كتب المشايخ. إلي أن قال: و قد أذن لي الآمدي في رواية غرر الحكم، و وجدت بخطّ أبي طالب الطبرسي كتابه الاحتجاج (1). و هذا كالنص منه علي أنه منّا، و إلّا لأدرجه في الذين فارقوا عنّا.
و أمّا ثالثا: فلأن المتأمل في هذا الكتاب الشريف الخبير بأحاديث كتب أصحابنا يعلم أنه جمع ما فيه منها و استخرجه عنها، و هذا متوقف علي الانس بمؤلفات أصحابنا، و طول التصفح في الأخبار المناسبة له.
و هذا من غير الإمامي المخلص بعيد غايته، بل لم نجد فيهم من دخل في هذا الباب، و تمسّك بطريقة الأصحاب.
و أمّا رابعا: فلأنه أخرج فيه بعض الأخبار الخاصة التي يستوحش منها المريضة قلوبهم، كقوله عليه السلام: أنا قسيم النار، و خازن الجنان، و صاحب الأعراف، و ليس منّا أهل البيت إمام إلّا و هو عارف بأهل ولايته، و ذلك لقول اللّه تعالي: إِنَّمٰا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هٰادٍ (2).
و قوله (عليه السّلام): أنا كأب الدنيا لوجهها، و قادرها بقدرها، و رادّها علي عقبها (3).
و قوله (عليه السلام): إنّا لننافس علي الحوض، و إنا لنذود عنه أعداءنا، و نسقي منه أولياءنا، فمن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا (4).
و قوله (عليه السلام): أنا و أهل بيتي أمان لأهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء (5).2.
ص: 93
و قوله (عليه السلام): أنا خليفة رسول اللّه فيكم، و مقيمكم علي حدود دينكم، و داعيكم إلي جنّة المأوي (1).
و قوله (عليه السلام): بنا اهتديتم الظلماء، و تسنّمتم العليا، و بنا انفجرتم عن السّرار (2).
و قوله (عليه السلام): بنا فتح اللّه، و بنا يختم، و بنا يمحو ما يشاء و يثبت، و بنا يدفع اللّه الزمان الكلب و بنا ينزل اللّه الغيث، فلا يغرّنكم باللّه الغرور (3).
و قوله (عليه السلام): لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه و مولجه، و جميع شانه لفعلت، لكني أخاف أن تكفروا في برسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله إلّا أني مفضية إلي الخاصّة ممن يؤمن ذلك منه (4). إلي آخره.
و قوله (عليه السلام): وا عجبا، أن تكون الخلافة بالصحابة و لا تكون بالصحابة و القرابة (5)!!.
و قوله (عليه السلام): و الذي فلق الحبّة، برأ النسمة، ما أسلموا و لكن استسلموا، و أسرّوا الكفر، فلمّا وجدوا أعوانا عليه أعلنوا ما كانوا أسرّوا، و أظهروا ما كانوا أبطنوا (6).
و قوله (عليه السلام): و لقد قبض رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و إنّ رأسه لعلي صدري، و لقد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها علي وجهي، و لقد 3.
ص: 94
ولّيت غسله صلّي اللّه عليه و آله و الملائكة أعواني، فضجّت الدار و الأفنية، ملأ يهبط و ملأ يعرج، و ما فارقت سمعي هينمة (1) منهم يصلّون عليه [حتي] (2) و اريناه صلوات اللّه عليه، فمن ذا أحقّ به حيّا و ميتا (3)؟! و قوله (عليه السلام): لا تخلو الأرض من قائم للّه بحججه، إمّا ظاهرا مشهورا، و إمّا باطنا مغمورا، لئلّا تبطل حجج اللّه و بيناته (4).
و قوله (عليه السلام): نحن دعاة الحق، و أئمّة الخلق، و ألسنة الصدق، من أطاعنا ملك و من عصانا هلك (5).
و قوله (عليه السلام): و نحن باب حطّة، و هو باب السلام، من دخله سلم و نجا، و من تخلف عنه هلك (6).
و قوله (عليه السلام): نحن النمرقة (7) الوسطي، بها يلحق التالي، و إليها يرجع الغالي (8).
و قوله (عليه السلام): نحن أمناء اللّه علي عباده، و مقيمو الحق في بلاده، بنا ينجو الموالي، و بنا يهلك المعادي (9).6.
ص: 95
و قوله (عليه السلام): نحن شجرة النبوّة، و محط الرسالة، و مختلف الملائكة، و ينابيع الحكمة و معادن العلم، ناصرنا و محبّنا ينتظر الرحمة، [و عدونا] (1) و مبغضنا ينتظر السطوة (2).
و قوله (عليه السلام): إنّما الأئمة قوام اللّه علي خلقه، و عرفاؤه علي عباده، و لا يدخل الجنة إلّا من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النار إلّا من أنكرهم و أنكروه (3).
و قوله (عليه السلام): سلوني قبل أن تفقدوني، فإني بطرق السماء أخبر منكم بطرق الأرض (4).
و نظائر ذلك كثير في كتابه.
ثم إنّ صاحب الرياض مع سعة دائرة اطلاعه لم ينقل في ترجمته احتمال عاميّته عن أحد، بل صرّح بأن جملة من الفضلاء عدّوه من العلماء الإمامية (5)، فلا ينبغي التأمّل بعد ذلك فيه، و قد شرح كتابه الغرر و الدرر العالم المحقق جمال الدين الخوانساري بالفارسية بأمر سلطان عصره الشاه سلطان حسين الصفوي في مجلّدين كبيرين، رزقنا اللّه تعالي زيارته.
في الرياض: فاضل، عالم، فقيه، جليل، و هو من مشايخ ابن شهرآشوب، قال: و قد كان من مشايخ السيد فضل اللّه الراوندي أيضا علي ما رأيته
ص: 96
بخطّ السيد فضل اللّه المذكور، و قال في وصفه: و رؤيتها عن قاضي القضاة الأجل الإمام السعيد عماد الدين أبي محمّد الحسن الأسترآبادي، قاضي الري (1). انتهي.
و يحتمل قريبا أنه هو الذي روي عنه منتجب الدين في الأربعين، قال:
الحديث الحادي و الثلاثون إملاء قاضي القضاة عماد الدين أبو محمّد الحسن بن محمّد بن أحمد الأسترآبادي قراءة عليه (2). إلي آخره.
و يظهر من المناقب أنه يروي:
عن القاضي أبي المعالي أحمد بن علي بن قدامة (3).
في الأمل: فاضل، فقيه جليل، يروي عن المفيد، و المرتضي، و الرضي (4) (رحمهم اللّه).
و قال صاحب المعالم: و يروي أيضا- أي نجم الدين جعفر بن نما- الجزء الأول منه- أي غرر السيد- عن والده، عن الشيخ أبي الحسن علي بن يحيي الخيّاط، عن السيد الأجل الشريف شرف شاه بن محمّد بن الحسين بن زيارة الأفطسي، عن شيخه الفقيه جمال الدين أبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي، عن القاضي الفاضل حسن الأسترآبادي، عن ابن قدامة، عن السيد المرتضي رحمه اللّه تعالي (5).
و في نزهة الألباء لعبد الرحمن بن محمّد الأنباري تلميذ أبي السعادات ابن الشجري: أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة كان قاضي الأنبار، له معرفة بالفقه 7.
ص: 97
و الشعر، و كان أديبا، توفي لست عشر من شوال سنة ست و ثمانين و أربعمائة في خلافة المقتدي (1).
الثالث و العشرون: الشيخ الشهيد السعيد العالم النبيل أبو علي محمّد بن الحسن بن علي بن أحمد بن علي الحافظ الواعظ الفارسي النيسابوري، المدعو تارة: بالفتال، و أخري بابن الفارسي، و المنسوب إلي أبيه الحسن مرة، و إلي جدّه عليّ ثانية، و إلي جدّه أحمد ثالثة، و الكل تعبير عن شخص واحد كما يظهر بالتأمل في عبارة ابن شهرآشوب في المناقب (2).
و صرّح به أيضا صاحب البحار (3) و غيره من العلماء النقاد الأبرار، و هو مؤلف كتاب روضة الواعظين المعروف، و كتاب التنوير في التفسير، و تقدم ذكر شهادته في ترجمة الشهيد الثاني (4).
و في المنتجب- في موضع-: ثقة جليل (5).
و في موضع: ثقة و أيّ ثقة (6).
و في رجال ابن داود: متكلم، جليل القدر، فقيه عالم زاهد ورع (7).
أ- عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
ب- و عن أبيه الحسن بن علي.
عن السيد المرتضي، صرّح بذلك في المناقب (8).
ص: 98
شيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج، صرّح بذلك في المناقب (1).
الخامس و العشرون: العالم المتبحر أبو الحسن، أو الحسن بن الشيخ أبي القاسم بن الحسين البيهقي، الفاضل المتكلم، الجليل المعروف:
بفريد خراسان (2).
في الرياض: كان من اجلّة مشايخ ابن شهرآشوب، و من كبار أصحابنا، كما يظهر من بعض المواضع (3).
و في معالم العلماء، في ذيل ترجمة والده كما يأتي (4): و لابنه أبي الحسن- و في بعض نسخه: و لابنه الحسين- فريد خراسان كتب منها: تلخيص مسائل من الذريعة للمرتضي، و الإفادة للشهادة، و جواب يوسف اليهودي العراقي (5).
انتهي.
و هو أول من شرح نهج البلاغة. و ساق نسبه تلامذته و رواة كتابه بعد خطبة الكتاب، و هي من الخطب البليغة الأنيقة، أولها:
الحمد للّه الذي حمده يفيض شعاب العرفان و مسائله، و يجمع شعوب الأجر الجزيل و قبايله. إلي آخره هكذا:
ص: 99
قال الشيخ الإمام السيد حجّة الدين فريد خراسان أبو الحسن بن الإمام أبي القاسم بن الإمام محمّد بن الإمام أبي علي بن الإمام أبي سليمان بن الإمام أيوب بن الإمام الحسن.
و الإمام الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن، كان مقيما بسيواري في ناحية بالشتان من نواحي بست، و هو الإمام الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد اللّه ابن عمر بن الحسن بن عثمان بن أيوب بن خزيمة بن محمّد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، صاحب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و يعرف بأبي الحسن بن أبي القاسم البيهقي المقيم بنيسابور، حماها اللّه:
قرأت (1) كتاب نهج البلاغة-. إلي أن قال-: و لم يشرح قبلي من كان من الفضلاء السابقين هذا الكتاب بسبب موانع منها:
من كان متبحرا في علم الأصول كان قاصرا في علم اللغة و الأمثال.
و من كان كاملا فيهما كان غافلا عن أصول الطب و الحكمة و علوم الأخلاق.
و من كان كاملا في جميع هذه العلوم و الآداب كان قاصرا في التواريخ و أيام العرب.
و من كان كاملا في جميع ذلك كان غير معتقد لنسبة هذا الكلام إلي أمير المؤمنين (عليه السلام).
و من حصلت لديه هذه الأسباب لم يعثر بذخائر كنز التوفيق، فإن التوفيق كنز من كنوز اللّه يختصّ به من يشاء من عباده، و أنا المتقدم في شرح هذا الكتاب.
إلي أن قال: و من قبل التمس منّي الامام السعيد جمال المحققين أبو م.
ص: 100
القاسم علي بن الحسن الحونقي النيسابوري رحمه اللّه أن أشرح كتاب نهج البلاغة شرحا، و أصرح إقذاء الالتباس عن شربه صرحا، فصدّني الزمان عن إتمامه صدّا، و بني بيني و بين مقصودي سدّا، و انتقل ذلك الإمام الزاهد الورع من لجّة بحر الحياة إلي الساحل، و طوي من العمر جميع المراحل، و ودع أفراس المقام في دار الدنيا مع الرواحل، و كل انسان و إن طال عمرة فإن. و كان ذلك الإمام قارعا باب العفاف، قانعا عن دنياه بالكفاف، رحمة اللّه عليه.
إلي أن قال: و خدمت بهذا الكتاب خزانة كتب الصدر الأجل السيد العالم عماد الدولة و الدين، جلال الإسلام و المسلمين، ملك النقباء في العالمين، أبو الحسن علي بن محمّد بن يحيي بن هبة اللّه الحسيني، فإنه جمع في الشرف بين النسب و الحسب، و في المجد بين الموروث و المكتسب، إذا اجتمعت السادة فهو نقيبهم و إمامهم، و إذا ذكرت الأئمة و العلماء فهو سيّدهم و همامهم، و إذا أشير إلي أصحاب المناصب فهو صدرهم، و إذا عدّ أرباب المراتب فهو فخرهم.
فأبقاه اللّه تعالي للسادات و العلماء صدرا ما صار الهلال بدرا (1). انتهي.
المقصود من نقله إحياء لدارس اسمه.
و ذكر في هذا الكتاب بعض طرقه إلي الرضي، و نحن نذكر عين عبارته، قال: قرأت كتاب نهج البلاغة علي الإمام الزاهد الحسن بن يعقوب بن أحمد القارئ، و هو و أبوه في فلك الأدب قمران، و في حدائق الورع ثمران، في شهور سنه ست عشرة و خمسمائة، و خطّه شاهد لي بذلك، و الكتاب سماع له عن الشيخ جعفر الدوريستي الفقيه، و الكتاب سماع لي عن والدي الإمام أبي القاسم زيد بن محمّد البيهقي.
و له إجازة. عن الشيخ جعفر الدوريستي، و خطّ الشيخ جعفر شاهد 7.
ص: 101
عدل بذلك.
و بعض الكتاب أيضا سماع لي عن رجال لي (رحمة اللّه عليهم) و الرواية الصحيحة في هذا الكتاب رواية أبي الأغر محمّد بن همام البغدادي تلميذ الرضي، و كان عالما بإخبار أمير المؤمنين عليه السلام (1).
والد الشيخ المتقدم.
قال ابن شهرآشوب في المعالم: أبو القاسم زيد بن الحسين البيهقي، له حلية الأشراف، و هي في أنّ أولاد الحسين عليه السلام أولاد النبيّ صلّي اللّه عليه و آله (2).
و قال في المناقب في أثناء أسانيده إلي كتب الخاصة: و ناولني أبو الحسن البيهقي حلية الأشراف (3).
و في ما ذكره إشكال من جهتين:
الأولي: أنّ كنية البيهقي هذا أبو القاسم لا أبو الحسين أو أبو الحسن.
و الثانية: أن اسم والده محمّد لا الحسين، و الإشكالان آتيان في كلام المنتجب و أربعينه أيضا.
ففي الأول: الشيخ أبو الحسين زيد بن محمّد بن الحسن البيهقي، فقيه صالح (4).
و في الثاني: الحديث الثلاثون: أخبرنا أبو الحسين زيد بن الحسن بن محمّد البيهقي- قدم علينا الري- قراءة، أخبرنا السيد أبو الحسن علي بن محمّد
ص: 102
ابن جعفر الحسيني الأسترآبادي (1). إلي آخره.
و يمكن أن يوجّه بتعدد الكنية له، و هو غير عزيز في الأصحاب و الرواة، و أن اسم أبي علي جدّه- كما تقدم في شرح نهج ولده- هو: الحسن، فما في المنتجب يوافقه، و ما في الأربعين و المناقب من باب سهو القلم. و تقديم الجدّ علي الأب، و كم له نظير في كلمات أمثالهم من المكثرين في التأليف، و احتمال كون المراد بأبي الحسن في المناقب هو الولد صاحب الشرح ساقط، لكون حلية الأشراف من مؤلفات أبيه.
هذا، و قال- ولده في شرح الخطبة الأولي من النهج-: و قد لقيت في زماني من المتكلمين من له السّنان الأخضم، و المقام الأكرم، يتصرف في الأدلة و الحجج تصرف الرياح في اللجج، كالنجم المضي ء للساري، و الثوب القشيب للعاري، منهم والدي الإمام أبو القاسم قدس اللّه روحه، و من تأمل تصنيفه المعمول بلباب اللباب، و حدائق الحدائق (2)، و مفتاح باب الأصول، عرف أنه في هذا الباب سبّاق غايات، و صاحب آيات (3). إلي آخره.
و قد ظهر ممّا ذكرنا أنه يروي:
أ- عن الشيخ الفقيه أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي.
ب- و عن السيد أبي الحسن علي بن محمّد، المتقدم (4).
في الرياض: كان من مشاهير سادات العلماء (5).
عن والده السيد محمّد بن جعفر.
ج- و عن السيد علي بن أبي طالب الحسيني- أو الحسني- الآملي.2.
ص: 103
في المنتجب: فقيه صالح (1).
عن السيد أبي طالب يحيي بن الحسين (2) بن هارون الحسيني الهروي، كان من أكابر علمائنا، يروي عن أبي الحسين النحوي سنة خمس و ثلاثمائة. له كتاب الأمالي الذي ينقل عنه السيد علي بن طاوس في مؤلفاته، و صاحب تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين.
و في الرياض: وجدت في بعض أسانيد كتاب الأربعين، و لعلّه لجدّ الشيخ منتجب الدين، هكذا: أخبرني أبو علي محمّد بن محمّد المقري (رحمه اللّه) بقراءتي عليه، قال: حدثنا السيد أبو طالب يحيي بن الحسين بن هارون العلوي الحسني أصلا قال: حدثنا أبو أحمد محمّد بن علي (رحمه اللّه) قال:
حدثنا محمّد بن جعفر القمي قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، قال:
حدثنا الحسن بن محبوب، عن صفوان بن يحيي، عن الصادق عليه السلام (3).
انتهي.
و في هذا السند مواقع للنظر ليس هنا مقام ذكرها.
السابع و العشرون من مشايخ رشيد الدين ابن شهرآشوب-:
الطود الأشم، و البحر الخضم، السيد الإمام ضياء الدين أبو الرضا فضل اللّه ابن علي بن عبد اللّه. إلي آخر النسب المنتهي إلي الامام السبط الزكي عليه السلام، و قد ذكرناه في الفائدة السابقة في حال كتابه النوادر (4)، و ذكرنا بعض مقاماته العالية، فإنّه كان علّامة زمانه، و عميد أقرانه، و أستاذ أئمة عصره، و له تصانيف، منها: ضوء الشهاب في شرح الشهاب (5).
ص: 104
قال في البحار: و كتاب ضوء الشهاب كتاب شريف مشتمل علي فوائد جمّة خلت عنها كتب الخاصّة و العامة (1)، و هذا ظاهر لمن نظر فيما نقله عنه في البحار.
و مما استطرفنا عنه- و فيه غرابة و موعظة و اعتبار- ما ذكره في شرح قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، المروي في الشهاب: كاد الفقر أن يكون كفرا (2)، و كاد الحسد أن يغلب القدر (3). بعد شرح متن الخبر ما لفظه:
و هذا من أعجب القصص في الحسد، و هي من أعاجيب الدنيا. كان أيام موسي الهادي ببغداد رجل من أهل النعمة، و كان له جار في دون حاله، و كان يحسده، و يسعي بكل مكروه يمكنه، و لا يقدر عليه. قال: فلمّا طال عليه أمره، و جعلت الأيام لا تزيده إلّا غيظا، اشتري غلاما صغيرا فربّاه و أحسن إليه، فلمّا شبّ الغلام و اشتدّ و قوي عصبه، قال له مولاه: يا بني، إنّي أريدك لأمر من الأمور جسيم، فليت شعري، كيف لي أنت عند ذلك؟
قال: كيف يكون العبد لمولاه، و المنعم عليه المحسن إليه. و اللّه- يا مولاي- لو علمت أن رضاك في أن أتقحم في النار لرميت نفسي فيها، و لو علمت أن رضاك في أن أغرق نفسي في لجّة البحر لفعلت ذاك، و عدّد عليه أشياء، فسر بذلك من قوله، و ضمه إلي صدره، و أكبّ عليه يترشفه و يقبّله، و قال: أرجو أن تكون ممّن يصلح لما أريد.7.
ص: 105
قال: يا مولاي، إن رأيت أن تمنّ علي عبدك فتخبره بعزمك هذا ليعرفه، و يضمّ عليه جوانحه، قال: لم يأن ذلك بعد، و إذا كان فأنت موضع سري، و مستودع أمانتي.
فتركه سنة، فدعاه، فقال: أي بني، قد أردتك للأمر الذي كنت أرشحك له.
قال له: يا مولاي مرني بما شئت، فو اللّه لا تزيدني الأيام إلّا طاعة لك.
قال: إن جاري فلانا قد بلغ مني مبلغا أحبّ أن أقتله.
قال: فأنا أفتك به الساعة.
قال: لا أريد هذا، و أخاف أن لا يمكنك، و إن أمكنك ذلك أحالوا ذلك عليّ. و لكنّي دبّرت أن تقتلني أنت و تطرحني علي سطحه، فيؤخذ و يقتل بي.
فقال له الغلام: أتطيب نفسك بنفسك، و ما في ذلك تشف من عدوك؟
و أيضا فهل تطيب نفسي بقتلك، و أنت أبرّ من الوالد الحدب و الام الرفيقة؟
قال: دع عنك هذا، فإنّما كنت أربّيك لهذا، فلا تنقض عليّ أمري، فإنه لا راحة لي إلّا في هذا.
قال: اللّه اللّه في نفسك يا مولاي، و أن تتلفها للأمر الذي لا تدري أ يكون أم لا، و إن كان لم تر منه ما أمّلت و أنت ميّت.
قال: أراك لي عاصيا، و ما أرضي حتي تفعل ما أهوي.
قال: أما إذا صحّ عزمك علي ذلك فشأنك و ما هويت، لأصير إليه بالكره لا بالرضا، فشكره علي ذلك، و عمد إلي سكين فشحذها و دفعها إليه، و أشهد علي نفسه أنّه دبّره، و دفع إليه من ثلث ماله ثلاثة آلاف درهم، و قال:
إذا فعلت ذلك فخذ في أي بلاد اللّه شئت.
فعزم الغلام علي طاعة المولي بعد التمنع و الالتواء.
ص: 106
فلما كان في آخر ليلة من عمره قال: تأهب لما أمرتك به فإني موقظك في آخر الليل، فلما كان في وجه السحر قام و أيقظ الغلام فقام مذعورا، و أعطاه المدية، فجاء حتي تسوّر حائط جاره برفق، فاضطجع علي سطحه، و استقبل القبلة ببدنه، و قال للغلام: ها، و عجّل. فترك السكين علي حلقه، و أفري أوداجه و رجع إلي مضجعه، و خلّاه يتشحّط في دمه.
فلما أصبح أهله خفي عليهم خبره، فلما كان آخر النهار أصابوه علي سطح جاره مقتولا، فأخذ جاره و احضروا وجوه المحلّة لينظروا إلي الصورة، و رفعوه و حبسوه، و كتبوا بخبره إلي الهادي، فأحضره فأنكر أن يكون له علم بذلك، و كان الرجل من أهل الصلاح، فأمر بحبسه.
و مضي الغلام إلي أصبهان، و كان هناك رجل من أولياء المحبوس و قرابته، و كان يتولّي العطاء للجند بأصبهان، فرأي الغلام و كان عارفا فسأله عن أمر مولاه، و قد كان وقع الخبر إليه، فأخبره الغلام حرفا حرفا، فأشهد علي مقالته جماعة و حمله إلي مدينة السلام، و بلغ الخبر الهادي فأحضر الغلام فقص أمره كلّه عليه، فتعجب الهادي من ذلك، و أمر بإطلاق الرجل المحبوس، و إطلاق الغلام أيضا (1). انتهي.
و من مؤلفاته الدائرة رسالته في أدعية السرّ، و سنده إليها، و قد فرّقها الأصحاب في كتب الأدعية، و قد أدرجها بتمامها الكفعمي في البلد الأمين، و عندنا منها نسخة، و لم أعثر علي باقي مؤلفاته، كالكافي في التفسير، و ترجمة الرسالة الذهبية، و الأربعين.
و له أولاد و أحفاد و أسباط علماء أتقياء مذكورون في تراجم الأصحاب، منهم:ا.
ص: 107
السيد الإمام أبو الحسن عزّ الدين علي بن السيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل اللّه.
قال السيد علي خان في كتاب الدرجات الرفيعة: هو شبل ذلك الأسد، و سالك نهجه الأسدّ، و العلم بن العلم، و من يشابه أبه فما ظلم، كان سيّدا عالما، فاضلا فقيها، ثقة أديبا، شاعرا، ألّف و صنّف، و قرّط بفوائده الأسماع و شنّف، و نظم و نثر، و حمد منه العين و الأثر، فوائده في فنون العلم صنوف، و فرائده في آذان الدهر شنوف.
و من تصانيفه تفسير كلام اللّه المجيد، لم يتمه. و الطراز المذهب في إبراز المذهب، و مجمع اللطائف و منبع الطرائف، و كتاب غمام الغموم، و كتاب مزن الحزن، و كتاب نثر اللآلي لفخر المعالي، و كتاب الحسيب النسيب للحسيب النسيب، و هو ألف بيت في الغزل و التشبيب. و كتاب غنية المتغني و منية المتمني، و من نظمه الباهر المرزي بعقود الجواهر (1).، ثم ساق جملة من إشعاره.
انتهي.
و عندنا نسخة من نهج البلاغة بخط بعض أسباطه، قال في آخره: فرغ من إتمام تحريره العبد الضعيف المحتاج إلي رحمة اللّه و غفرانه، الحسن بن محمّد ابن عبد اللّه بن علي الجعفري الحسني، سبط الامام أبي الرضا الراوندي قدّس اللّه روحه، في ذي القعدة من سنة إحدي و ثلاثين و ستمائة. انتهي.
و الجعفري: نسبة إلي جعفر بن الحسن المثني من أجداد السيد ضياء الدين.
و في الدرجات الرفيعة أيضا: و له مدرسة عظيمة بكاشان ليس لها نظير في وجه الأرض، يسكنها من العلماء و الفضلاء و الزهاد و الحجاج خلق كثير، و فيها 1.
ص: 108
يقول ارتجالا:
و مدرسة أرضها كالسماء تجلّت علينا بآفاقها
كواكبها عزّ أصحابها و أبراجها عزّ أطباقها
و صاحبها الشمس ما بينهم تضي ء الظلام بإشراقها
فلو أنّ بلقيس مرّت بها لأهوت لتكشف عن ساقها
و ظنّته صرح سليمان إذ يمرد بالجن حذّاقها
قال رحمه اللّه: و كان السيد المذكور موجودا إلي سنة ثمان و أربعين و خمسمائة (1). انتهي.
و يروي هذا السيد الجليل عن جمّ غفير من المشايخ الأجلّة، نذكر منهم ما عثرنا عليه:
الأول: الإمام الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني، كما مرّ في الفائدة السابقة في شرح حال كتاب نوادره (2).
الذي مرّ في مشايخ القطب الراوندي (3).
ابنا السيد الداعي الحسيني، و مرّ ذكرهما في مشايخ المنتجب (4).
الذي مرّ
ص: 109
في مشايخ القطب الراوندي (1).
في الرياض: صرّح به السيد فضل اللّه نفسه في طيّ تعليقاته علي كتاب الغرر و الدرر (2).
من مشايخ القطب الراوندي.
المتقدم ذكره (3).
يروي هو و القاضي الأسترآبادي:
عن القاضي أبي المعالي أحمد بن قدامة.
أ- عن السيدين الجليلين المرتضي و الرضي.
قال في الرياض: إنه كان من مشايخ السيد فضل اللّه، علي ما وجدته بخطّه الشريف في بعض إجازاته (4).
ب- و يروي ابن قدامة عن المفيد أيضا.
المتقدّم ذكره في مشايخ ابن شهرآشوب (5).
في الرياض: وجدت علي ظهر نسخة الأمالي للصدوق صورة خطّ هذا
ص: 110
السيد- يعني السيد فضل اللّه- هكذا: أخبرني بهذا الكتاب الشيخ الفقيه علي ابن عبد الصمد التميمي إجازة، و كتب بها إليّ من نيسابور في شهر ربيع الأول (1) من سنة تسع و عشرين و خمسمائة، و كذلك أجاز لولديّ أحمد و عليّ أبقاهما اللّه، قال: أخبرني والدي الشيخ الفقيه الزاهد علي بن عبد الصمد، عن السيد العالم أبي البركات علي بن الحسين الجوري (رحمه اللّه)، عن ممليه (2).
و قد مرّ مع أخيه (3)
في الأمل: فاضل يروي عنه فضل اللّه بن علي الراوندي (4).
و في الرياض: و منهم- أي من مشايخه- مكّي بن أحمد المخلطي، عن أبي غانم العصمي الهروي، عن المرتضي، علي ما وجدته بخطّه الشريف، و الخط متوسط علي ظهر كتاب الغرر و الدرر في إجازته لتلميذه السيد ناصر الدين أبي المعالي محمّد، و للسيد فضل اللّه تعليقات كثيرة علي كتاب الغرر و الدرر (5).
و قال صاحب المعالم: و ذكر السيد غياث الدين في إجازته: أنّه يروي جميع كتب السيد المرتضي عن الوزير العلامة السعيد نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد فضل اللّه الراوندي الحسني، عن مكّي بن أحمد المخلطي، عن أبي علي بن أبي غانم العصمي، عنه (6).
ص: 111
الثالث عشر: أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي (1) علي ما ذكره في البحار في رواية النيروز (2).
في الرياض: الشيخ الأجل علي بن الحسين بن محمّد، من مشايخ السيد فضل اللّه الراوندي، و يروي عنه المناجاة الطويلة لأمير المؤمنين عليه السلام، و هو يرويها عن أبي الحسن علي بن محمّد الخليدي، عن الشيخ أبي الحسن علي ابن نصر القطاني رضي اللّه عنه، عن أحمد بن الحسن بن أحمد بن داود الوثابي القاشاني، عن أبيه، عن علي بن محمّد بن شيرة القاساني، عن مولانا الحسن العسكري عليه السلام (3).
و قال في موضع آخر: و يروي الشيخ تاج الدين محمّد بن محمّد الشعيري، عن السيد فضل اللّه المناجاة الطويلة لعلي عليه السلام، و هو يرويها عن علي بن الحسين. إلي آخره (4).
عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، كما يظهر من كتاب الدعوات للقطب الراوندي.
و قال العلامة في الإجازة الكبيرة: الندبة لمولانا زين العابدين علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما، رواها: الحسن بن الدّربي، عن نجم الدين عبد اللّه ابن جعفر الدوريستي، عن ضياء الدين أبي الرضا فضل اللّه بن علي الحسني بقاشان، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسن المقري (1)، عن الحاكم أبي القاسم عبد اللّه بن عبيد اللّه الحسكاني، عن أبي القاسم علي بن محمّد العمري، عن أبي جعفر محمّد بن بابويه (2). إلي آخره.
و قال الشيخ منتجب الدين: الشيخ الإمام قطب الدين أبو جعفر محمّد ابن علي بن الحسن المقري النيسابوري، ثقة عين، أستاذ السيد الإمام أبو الرضا و الشيخ الإمام أبو الحسين- يعني القطب الراوندي- له تصانيف منها التعليق، الحدود، الموجز في النحو، أخبرنا بها أبو الرضا فضل اللّه بن علي الحسني، عنه (3).
القطب الراوندي.
هذا و عدّ الفاضل المعاصر في الروضات من مشايخه الحسين بن مؤدّب القمّي، و الشيخ هبة اللّه بن دعويدار، و أبي السعادات الشجري (1)، و لم أعثر علي مأخذ كلامه، و ظنّي أنه اشتبه عليه السيد الراوندي بالقطب الراوندي، فإن هؤلاء المشايخ من مشايخ القطب الراوندي، كما تقدم (2).
بن أبي جعفر أحمد- الملقب بحميدان أمير اليمامة- ابن إسماعيل- قتيل القرامطة- ابن يوسف بن محمّد بن يوسف الأخيضر بن موسي الجون بن عبد اللّه المحض بن الحسن المثني بن السبط الزكي الحسن بن علي عليهما السلام المروزي (3).
في الدرجات: حسام المجد القاطع، و قمر الفضل الساطع، و الإمام الذي عرف فضله الإسلام، و أوجبت حقّه العلماء الأعلام، و نطقت بمدحه أفواه المحابير، و ألسن الأقلام، و سعي جهده في بث أحاديث أجداده الكرام عليهم السلام. قلّما خلت إجازة من روايته لسعة علمه و درايته، و الثقة بورعه و ديانته، كان فقيها عالما متكلما، و كان ضريرا (4).
و في المنتجب: عالم دين، يروي عن السيد الأجل المرتضي أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي، و الشيخ الموفق أبي جعفر محمّد بن الحسن قدّس اللّه
ص: 114
روحهما، و قد صادفته و كان ابن مائة سنة و خمس عشر سنة (1) (2).
و وصفه صاحب عمدة الطالب بقوله: الفقيه العالم المتكلم الضرير (3). إلي آخره.
و هذا السيد الجليل يروي عن جماعة:
أ- الشيخ الطوسي.
ب- الشيخ محمّد بن علي الحلواني، تلميذ السيد المرتضي.
عنه رحمه اللّه.
ج- الشيخ الجليل خرّيت صناعة الرجال أبي العباس أحمد بن علي النجاشي (4)، صاحب الرجال.
د- الشيخ أبو الخير بركة بن محمّد بن بركة الأسدي.
في المنتجب: فقيه ديّن، قرأ علي شيخنا أبي جعفر الطوسي، و له كتاب حقائق الإيمان في الأصول، و كتاب الحجج في الإمامة، و كتاب عمل الأديان و الأبدان، أخبرنا بها السيد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسني المروزي، عنه (5).
ه- الشيخ سلّار بن عبد العزيز الديلمي، كما صرّح به صاحب المعالم في الإجازة الكبيرة (6).8.
ص: 115
و- السيد المرتضي، كما تقدم في كلام المنتجب (1).
العشرون: من مشايخه و مشايخ جلّ من في طبقته: الشيخ الجليل الملقب بالمفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي المقري النيسابوري ثم الرازي.
في المنتجب: فقيه الأصحاب بالري، قرأ عليه في زمانه قاطبة المتعلمين من السادة و العلماء، و هو قد قرأ علي الشيخ أبي جعفر الطوسي جميع تصانيفه، و قرأ علي الشيخين سالار و ابن البرّاج، و له تصانيف بالعربية و الفارسية في الفقه (2).
و قال السيد علي بن طاوس في المهج: إنه قد حدّث الشيخ أبو علي ولد الشيخ الطوسي. إلي أن قال: و كذا الشيخ المفيد شيخ الإسلام عزّ العلماء أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي الرازي، في مدرسته بالري في شعبان سنة ثلاث و خمسمائة (3). إلي آخره.
و في الرياض: وجدت علي ظهر نسخة من التبيان للشيخ الطوسي إجازة منه بخطه الشريف للشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار هذا، و كانت صورتها هكذا:
قرأ عليّ هذا الجزء- و هو السابع من التفسير- الشيخ أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه الرازي، أيّد اللّه عزّه، و سمعه أبو محمّد الحسن بن الحسين بن بابويه، و أبو عبد اللّه محمّد بن هبة اللّه الورّاق الطرابلسي، و ولدي أبو علي الحسن بن محمّد، و كتب محمّد بن الحسن بن علي الطوسي في ذي الحجة من سنة خمس و خمسين و أربعمائة (4). انتهي.
و هذا الشيخ يروي عن جماعة:
ص: 116
أولهم: شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (رحمه اللّه).
ثانيهم: القاضي ابن البرّاج، و قد تقدم في مشايخ شاذان (1).
ثالثهم: الشيخ الجليل أبي يعلي حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني، المدعو: بسلّار في ألسنة الفقهاء، و جملة من التراجم تارة، و بسالار فيها أخري، و لعلّه الأظهر- كما في الرياض- فإنه لا معني يعرف للأول. و أمّا الثاني فهو الرئيس بلغة الفرس كما يقولون اسمه سالار، و سپهسالار، قال:
و لعله كتب سلار بعنوان رسم الخط، كما يكتبون الحارث بصورة: الحرث، و مالك: ملك، و القاسم: القسم، و غيرها. فصحّف باللام المشددة (2).
و بالجملة، فهو الفقيه الجليل صاحب كتاب المراسم في الفقه المعروف:
بالرسالة، الذي اختصره المحقق صاحب الشرائع بالتماس بعض أصحابه و غيره.
في المنتجب: فقيه ثقة عين (3).
و في الخلاصة: شيخنا المتقدم في العلم و الأدب، و غيرهما. و كان ثقة وجها، و له المقنع في المذهب. إلي آخره (4).
و في مجموعة الشهيد في طيّ أسامي الذين قرأوا علي السيد المرتضي: أبو يعلي سلّار بن عبد العزيز، كان من طبرستان، و كان ربّما يدرّس نيابة عن السيد، و كان فاضلا في علم الفقه و الكلام (5).
و ذكره السيوطي في الطبقات كما مرّ (6)، و فيها: إنه توفي في صفر سنة 0.
ص: 117
448 (1). و لكن في نظام الأقوال- كما في الرياض-: إنه توفي بعد الظهر يوم السبت لست خلت من شهر رمضان سنة 463 (2)، و عليه فتكون وفاته بعد الشيخ الطوسي، و فيه بعد.
و في الرياض: إن المولي حشري التبريزي الصوفي الشاعر، قال في كتاب تذكرة الأولياء- الذي عقده لذكر أسامي الأولياء و العلماء و الصلحاء و الأكابر و المشاهير المدفونين في تبريز و نواحيه-: إن سلّار بن عبد العزيز الديلمي مدفون في قرية خسرو شاه من قري تبريز.
و أقول: قد وردت عليها أيضا، و سمعت من بعض أكابرها، بل عن جميع أهلها أنّ قبره بها، و كان قبره هناك معروفا، و قد زرته بها، قال:
و خسرو شاه علي مرحلة من تبريز بقدر ستّة فراسخ (3).
و يروي سلّار:
عن شيخيه الجليلين علمي العلم و الهدي: الشيخ المفيد، و السيد المرتضي.
رابعهم: المولي الأجلّ ذو الكفايتين أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمّد بن بارئ الكاتب.
في الرياض: كان من أجلاء مشايخ أصحابنا المعاصرين للشيخ الطوسي.
و يروي عنه المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي الرازي، كما يظهر من صدر سند خمسة عشر حديثا للحسن بن ذكوان الفارسي، صاحب أمير المؤمنين عليه السلام. و من أواخر مجمع البيان للطبرسي أيضا.1.
ص: 118
و قد أدرك الحسن بن ذكوان (1) المذكور زمن الرسول صلّي اللّه عليه و آله أيضا، و لكن لم يره، فإنه كان له يوم قبض النبيّ صلّي اللّه عليه و آله اثنتان و عشرون سنة، و هو قد كان علي دين المجوسية حينئذ، ثم أدركته السعادة الربانية بعد ذلك، فأسلم علي يد أمير المؤمنين عليه السلام، إلّا أنّ في صدر سند الأحاديث المذكورة، وقع بعنوان: الرئيس أبو الجوائز الحسن بن علي بن بارئ، و هو يروي عن الشيخ أبي بكر محمّد بن أحمد بن محمّد المفيد الجرجراني، كما يظهر من أواخر مجمع البيان.
و يروي أبو الجوائز هذا عن جماعة، و يروي أيضا عن علي بن عثمان بن الحسين، عن الحسن بن ذكوان الفارسي المذكور، كما يظهر من صدر سند الأحاديث المذكورة.
قال: و صدرها هكذا: حدّث الأجل السيد المخلص، سعد المعالتين (2)، ذو الكفالتين، أبو الجوائز الحسن بن علي بن محمّد بن بارئ الكاتب رحمه اللّه تعالي بالنيل، في ذي القعدة من سنة ثمان و خمسين و أربعمائة، في مشهد الكاظم عليه السلام.
قال: حدثنا علي بن عثمان بن الحسين صاحب الديباجي، بتل هوازي من أعمال بطيحة، سنة تسع و ثمانين و ثلاثمائة، و لي يومئذ سبع سنين، قال:
كنت ابن ثماني سنين بواسط، و قد حضرها الحسن بن ذكوان الفارسي (رحمة اللّه) في سنة ثلاث عشرة و ثلاثمائة، أيام المقتدر باللّه العباسي، و قد بلغه خبره فاستدعاه إلي بغداد ليشاهده و يسمع منه، و كان لابن ذكوان حينئذ ثلاثمائة و خمسة و عشرون سنة. إلي آخره.ي.
ص: 119
و هذه الأحاديث(1) موجودة عندنا، و قد استنسخناها من نسخة في بع
ص: 120
مجموعة عتيقة جدا كانت بخطّ الوزيري الفاضل المشهور، و كان تاريخ كتابتها
****
و خمسين و ثلاثمائة قال: حدثني الحسن بن زكردان الفارسي الكندي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في سلخ سنة ثلاثة عشر و ثلاثمائة بقرية إبراهيم من سواد الجاهدة و البطيحة و الشيخ مصعد إلي حضرة المقتدر ببغداد، لأنّ الوزير علي بن عيسي باسمه المقتدر في كثرة النفي الّتي نفاه فيها ابن الفرات إلي اليمن فاعطي علي بن عيسي الوزير خبر هذا الشيخ و انّه في بلد اليمن رجل يحدث عن علي عليه السلام و انّه صاحبه، و كان سنّ الشيخ ثلاثمائة و خمس و عشرون سنة فأراد أن يخرج إليه و يحظي بلقائه و السماع منه فوردت إليه الخريطة من بغداد باستدعائه و ذكر الرضا عنه، فاصعد و طالع المقتدر بخبر الشيخ فكتب المقتدر إلي اليمن حتي حمل علي يد أمير عمان و ادخل البصرة و الأمير بها يومئذ أبو صفوان بن الفارقي.
قال قيس بن أحمد فخرجت معه من البصرة إلي أن صرت بقرية إبراهيم فسألته أن يحدّثني بما ينفعني اللّه بعد أن لطفت له و قلت قد وجب حقّي عليك ببعد سفري في صحبتك، قال:
فحدثني الحسن ابن زگردان الفارسي الكندي قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام.
و ساق اثني عشر حديثا، ثمّ قال أبو الجوائز: حديث السلال عنه، حدثني علي بن عثمان قال حدثني المظفر بن الحسن بن سابق الواسطي السلال بتل هوازا في شهر ربيع الأول سنة ست و خمسين و ثلاثمائة و كان هذا الشيخ قد وافي إلي تل هوازا إلي ابن الجبلي الصانع و كان ابن عمه، قال: قدم إلي واسط في أيام ابن أبي الساج و مونس الخادم شيخ من اليمن يقال له: الحسن بن زكردان الفارسي الكندي، و كان له ثلاثمائة و خمسة و عشرون سنة قال: أنا رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم و أنا في بلدي، فخرجت إليه إلي المدينة فأسلمت علي يده، و سماني الحسن، و سمعت منه أحاديث كثيرة و شهدت معه مشاهده كلّها، فقلت يوما من الأيّام: يا أمير المؤمنين ادع اللّه لي، فقال: يا فارسي إنّك ستعمر و تحمل إلي مدينة يبنيها رجل من ولد عمّي العباس، تسمي في ذلك الزمان بغداد، و لا تصل إليها، تموت في موضع يقال له: المدائن. فكان كما قال عليه السلام، ليلة دخل المدائن مات رحمه اللّه.
و جلس للحديث بواسط فحدثنا ثلاثة أحاديث، و نظر إلي شيوخ الواسطيين يتغامزون فسألوه أن يحدّثهم زيادة فقال: لا أحدثكم أكثر من هذا.
ثمّ ساق الأحاديث الثلاثة بالسند المذكور و قال: و لم يحدّث بعد هذه الثلاثة الأحاديث بواسط شيئا، و اخرج إلي بغداد فمات بالمدائن فبقيت حسرة في قلوب أهل واسط. تمت الأخبار الزكردانيّات.
قال الأجلّ المخلص سعد المعالي ذو الكفايتين أبو الجوائز الحسن بن بارئ الكاتب رحمه اللّه: و سمعت من غير واحد بعد ذلك من جماعة من أصحاب الحديث أنّ القوم الواسطيين
ص: 121
سنة أربع و سبعين و خمسمائة، و عليها إجازات الدوريستي، و الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست، و السانزواري الفاضل المعروف (1).
و الوزيري هو: القاضي بهاء الدين أبو الفتوح محمّد بن أحمد بن محمّد الوزيري.
****
أخرجوا في صحبته رسولا استأجروه من جهتهم و تقدموا إليه أنّه إن جاوز الحسن بن زكردان الفارسي المدائن بفرسخ واحد انحدر إليهم و يتركه ليغسلوا ما كتبوه عنه و إن توفّي هناك لم ينحدر إليهم إلّا بعد دفنه و مشاهدة مقبرة فلمّا عاد إليهم و أخبرهم بميتته بالمدائن و ذكر المكان الذي دفن فيه اشتدّ اسفهم و تشيع كثير منهم و قامت صحّة ما كان في عسره و استدعائه إلي بغداد و وفاته قبل الوصول إليها، في البقعة التي عين عليها يصدق ما أخبر به من قول الرسول صلّي اللّه عليه و آله فيه، و ما فرضه من طاعته و شهد به عن اللّه عز و جل، و الحمد للّه و الصلاة علي خير خلقه محمّد و آله الطاهرين. انتهي.
و هذه الأحاديث كلّها في الفضائل سوي أربعة:
الأول: من الطائفة الأولي قال قيس: ثم سكت عنّي، فقلت: أيّها الشيخ زدني، فقال:
أتعبتني، فصبرت عليه ساعة و رفقت به ثمّ قلت: أيّها الشيخ زدني، فقال: اكتب عنّي، سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: من أمرج عينيه فيما لا يحلّ له عجّل اللّه له ثلاث خصال، إن رزقه مالا لم يبارك له فيه، و إن تزيّن بزينة قبّحها اللّه في أعين الناظرين، و إن تزوج امرأة حرمه اللّه اللذة في زوجته.
الثاني: منها أيضا قال: ثمّ قال: اكتب عنّي، سمعت عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: ما من كتاب يلقي في مضيقة من الأرض فيه اسم من أسماء اللّه عزّ و جلّ إلّا بعث اللّه عزّ و جلّ سبعين ألف ملك يحفّونه بأجنحتهم و يحرسونه حتي يبعث اللّه إليه وليّا من أوليائه فيرفعه، و من رفع كتابا من الأرض فيه اسم من أسماء اللّه رفع اللّه اسمه في العلّيّين، و خفّف عن والديه العذاب و إن كانا مشركين.
الثالث: فيها أيضا خبر إدخال السرور علي الأخ المؤمن.
الرابع: من الطائفة الثانية حديث الجباء و الدّين و العقل، و آدم عليه السلام.
و هما موجودان في الجوامع العظام رحم اللّه من ألحق الخبرين السابقين ببابهما. (منه قدّس سرّه).5.
ص: 122
في المنتجب: عدل ثقة صالح (1).
و في الرياض: و كان من تلامذة الدوريستي، و السانزواري، و الشيخ منتجب الدين، و له إجازة منهم، و تلك الإجازات موجودة بخطوطهم عند المولي ذو الفقار، و كذا خطّ الوزيري أيضا (2).
و السانزواري: هو الشيخ أبو محمّد الحسن بن أبي علي بن الحسن السانزواري المعاصر للشيخ منتجب الدين، و قال في حقّه: فقيه صالح (3)، و السانزوار هو بعينه السبزوار البلدة المعروفة.
خامسهم (4): الشيخ الفقيه أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي، المتقدم ذكره (5).
المتقدم ذكره في مشايخ القطب الراوندي (6)، صرّح بذلك صاحب المعالم في الطريق إلي صحاح الجوهري (7).
الثاني و العشرون: من مشايخ السيد فضل اللّه، الفقيه الجليل الذي تنتهي أكثر إجازات الأصحاب إليه: أبو علي الحسن بن شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، العالم الكامل، المحدث النبيل، صاحب الأمالي، الدائر بين سدنة الأخبار، و يعبّر عنه تارة: بأبي عليّ، أو: أبي عليّ
ص: 123
الطوسي، و أخري بالمفيد، أو: المفيد الثاني (1).
في المنتجب: فقيه ثقة عين (2).
و في الأمل: كان عالما فاضلا، فقيها محدّثا، جليلا ثقة، له كتب منها كتاب الأمالي، و شرح النهاية- يعني لوالده- في الفقه، و غير ذلك (3).
و في المعالم: له المرشد إلي سبيل التعبد (4).
و هذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة.
و في الرياض: عن والده و طائفة من معاصريه (5)، و لكن أكثر رواياته التي عثرنا عليها عن والده الجليل.
و في الأمل في ترجمة سلّار: يروي عنه الشيخ أبو علي الطوسي (6).
و في الرياض: نقل روايته عن المفيد (7) أيضا، و تأمل فيه، و هو في محلّه، فإن وفاه المفيد سنة 413، و لم أعثر علي تاريخ وفاة أبي علي، إلّا أنه يظهر من 5.
ص: 124
مواضع من بشارة المصطفي أنه كان حيّا في سنة 515 (1)، فلو روي عنه لعدّ من المعمرين الذين دأبهم الإشارة إليه.
و قال السيد عبد الكريم بن طاوس في فرحة الغري: نقل من خطّ السيد علي بن عزام الحسيني رحمه اللّه: و سألته أنا عن مولده، فقال: سنة سبع و سبعين و خمسمائة، و توفي رضي اللّه عنه سنة سبعين، أو إحدي و سبعين و ستمائة، و قال لي: رأيت رياضا النوبية جارية أبي نصر محمّد بن أبي علي الطوسي.
أقول: و كانت أمّ ولده، و اسمه الحسن باسم جده أبي علي (2). إلي آخره.
و لم نعثر علي حال الحسن و أبيه (3) محمّد أنّهما من أهل الدراية و الرواية أو لا؟.
و قد و فينا بحمد اللّه تعالي بما تعهدناه من ذكر الطرق إلي أرباب المؤلفين و مشايخنا الخلف و السلف الصالحين، و اتصال السند إلي أصحاب المجاميع التي عليها تدور رحي مذهب الشيعة كالكتب الأربعة، و ما يتلوها في الاعتبار. و أمّا شرح الطرق منهم إلي مصنّفات الرواة من الأصول و الكتب، فالمتكفّل لذلك فهارستهم و كتبهم المسندة و مشيختها.
نعم بقي علينا الإشارة إلي نبذة من أحوال جملة من هؤلاء المشايخ الذين
ص: 125
إليهم تنتهي السلسلة في الإجازات، و تكرّرت الإشارة إلي أسامي بعضهم، و لنذكر منهم اثني عشر شيخا:
1- الكراجكي.
2- و النجاشي.
3- و الشيخ الطوسي.
4- و الرضي.
5- و علم الهدي.
6- و المفيد.
7- و ابن قولويه.
8- و الصدوق.
9- و النعماني.
10- و ثقة الإسلام.
11- و علي بن بابويه.
12- و أبو عمرو الكشي.
أمّا الأول: فهو الشيخ الجليل أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي، الفقيه الجليل الذي يعبّر عنه الشهيد- كثيرا ما في كتبه- بالعلامة، مع تعبيره عن العلامة الحلّي: بالفاضل.
و في المنتجب: فقيه الأصحاب (1).
و في الأمل: عالم فاضل، متكلم فقيه، محدّث ثقة، جليل القدر (2)، ثم ذكر بعض مؤلفاته، و لم أر من المترجمين من أستوفي مؤلفاته، فاللازم علينا ذكرها- و إن بنينا علي عدم ذكر الكتب في التراجم لوجودها- في الكتب
ص: 126
المعروفة.
فنقول: قال بعض معاصريه في فهرسته المخصوص لذلك، ما لفظه:
فهرست الكتب التي صنّفها الشيخ الفقيه أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي رضي اللّه عنه و أرضاه، الحمد للّه و صلواته علي سيدنا محمّد رسوله، و علي آله الطاهرين و سلامه.
كتاب الصلاة، و هو: روضة العابدين و نزهة الزاهدين، ثلاثة أجزاء.
فالجزء الأول في الفرائض، و الثاني في ذكر السنن، و الثالث في ذكر التطوع الذي ليس بمسنون، و ما ورد في الجميع من علم و عمل، مشتمل علي ثلاثمائة ورقة، عمله لولده (1).
الرسالة الناصرية في عمل ليلة الجمعة و يومها، عملها للأمير ناصر الدولة رضي اللّه عنه بدمشق، جزء واحد، خمسون ورقة، يشتمل علي ذكر المفروض و المسنون و المستحب.
كتاب التلقين لأولاد المؤمنين، صنّفه بطرابلس، جزء لطيف، كراستان.
كتاب التهذيب- متصل بالتلقين- صنّفه بطرابلس، يشتمل علي ذكر العبادات الشرعية بتقسيم يقرب فهمه، و يسهل حفظه، كثير الفوائد، جزء واحد، سبعون ورقة.
كتاب في المواريث، و هو: معونة الفارض علي استخراج سهام الفرائض. فيه ذكر ما يستحقه طبقات الوارث، و السبيل إلي استخراج سهامهم من غير انكسار. كتاب مفيد، صنّفه بطرابلس لبعض الاخوان، جزء واحد،
ص: 127
ستون ورقة.
كتاب المنهاج إلي معرفة مناسك الحاج، و هو منسك كامل يشتمل علي فقه، و عمل و زيارات، جزء واحد، يزيد علي مائة ورقة، صنّفه للأمير صارم الدولة يحج به.
كتاب المقنع للحاج و الزائر، سأله القائد أبو البقاء فرز بن برأك، جزء لطيف.
المنسك العضبي، أمره بعمله الأمير صارم الدولة، و عضبها ذو الفخرين بطبرية، قد ذاع في الأرض نسخه.
منسك لطيف في مناسك النسوان، أمره بعمله صارم الدولة حرس اللّه مدّته.
كتاب نهج البيان في مناسك النسوان، أمره بعمله الشيخ الجليل أبو الكتائب أحمد بن محمّد بن عماد، رفع اللّه درجته، و صنّفه بطرابلس، و هو خمسون ورقة.
كتاب الاستطراف فيما ورد في الفقه في الانصاف، و هو معني غريب لم يسبق إلي مثله، يتضمّن بذكر النصف في الفقه، صنّفه للقاضي أبي الفتح عبد الحاكم.
مختصر كتاب الدعائم للقاضي نعمان، و هو من جملة فقهاء الحضرة.
كتاب الاختيار من الأخبار، و هو اختصار كتاب الأخبار للنعمان، يجري مجري اختصار الدعائم.
كتاب ردع الجاهل و تنبيه الغافل، و هو نقض كلام أبي المحاسن المعري، الذي طعن به علي الشريف المرتضي في المسح علي الرجلين، عمل بطرابلس.
كتاب البستان في الفقه، و هو معني لم يطرق، و سبيل لم يسلك، قسم فيه أبوابا من الفقه، و فرّع كلّ فن منها حتي حصل كلّ باب شجرة كاملة، يكون نيفا و ثلاثين شجرة كاملة، صنّفه للقاضي الجليل أبي طالب عبد اللّه بن
ص: 128
محمّد بن عمار، أدام اللّه سلطانه و كبت شانئيه و أعدائه.
كتاب الكافي في الاستدال بصحّة القول برؤية الهلال، عمله بمصر نحوا من مائة ورقة.
و من الكتب الكلامية:
نقض رسالة فردان بعد المروزي، في الجزء أربعون ورقة.
كتاب غاية الإنصاف في مسائل الخلاف، يتضمّن النقض علي أبي الصلاح الحلبي رحمه اللّه في مسائل خلف (1) بينه و بين المرتضي، نصر فيها رأي المرتضي، و نصر والدي رحمه اللّه، و أبي المستفيد رضي اللّه عنهم (2).
كتاب حجّة العالم في هيئة العالم، هذا كتاب يتضمّن الدلالة علي أن شكل السموات و الأرض كشكل الكرة، و إبطال مقال من خالف في ذلك، جزء لطيف.
كتاب ذكر الأسباب الصادة عن معرفة الصواب، جزء لطيف.
رسالة نعتها: بدامغة النصاري، و هو نقض كلام أبي الهيثم النصراني فيما رام تثبيته من الثالوث و الاتحاد، جزء واحد.
كتاب الغاية في الأصول، بجزء منه القول في حدوث العالم و إثبات محدثة.
كتاب رياضة العقول في مقدّمات الأصول، جزء لطيف، لم يتم.
كتاب المراشد المنتخب من غرر الفوائد، يتضمّن تفسير آيات من القرآن، مائتا ورقة.ي.
ص: 129
جواب رسالة الأخوين، يتضمّن الردّ علي الأشعرية، و إفساد أقوالهم و طعنهم علي الشيعة، ستون ورقة.
و من الكتب في الإمامة:
عدّة البصير في حجّ يوم الغدير، هذا كتاب مفيد، يختص بإثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير، جزء واحد، مائتا ورقة، بلغ الغاية فيه حتي حصل في الإمامة كافيا للشيعة، عمله في هذه المسألة بطرابلس للشيخ الجليل أبي الكتائب عمار أطال اللّه بقاه.
كتاب التعجب في الإمامة من أغلاط العامة، هذا كتاب جمع فيه بين أقوالهم المتناقضة الشاهدة بمذاهبهم الفاسدة، نحوا من المائة ورقة.
كتاب الاستنصار في النص علي الأئمة الأطهار عليهم السلام، هذا كتاب يتضمن ما ورد من طريق الخاصة و العامة من النص علي أعداد الأئمة عليهم السلام، جزء لطيف.
كتاب معارضة الأضداد باتفاق الأعداد في فنّ من الإمامة، جزء لطيف.
المسألة القيسرانية في تزويج النبيّ صلّي اللّه عليه و آله عائشة و حفصة، جزء لطيف.
المسألة النباتية في فضل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه علي جميع البرية سوي سيدنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله.
مختصر كتاب التنزيه، تصنيف المرتضي رحمه اللّه عبر ذكر الأنبياء، و بقي ذكر الأئمة صلوات اللّه عليهم.
كتاب الانتقام ممّن غدر أمير المؤمنين عليه السلام، و هو النقض علي ابن شاذان الأشعري فيما أورده في آية الغار، لم يسبق إلي مثله.
كتاب الفاضح في ذكر معاصي المتقلّبين علي مقام أمير المؤمنين عليه
ص: 130
السلام، لم يتم.
و من الكتب النجومية و ما يتعلق بها:
كتاب مزيل اللبس و مكمل الأنس.
كتاب نظم الدرر في مبني الكواكب و الصور، و هو كتاب لم يسبق إلي مثله، يتضمّن ذكر أسماء الكواكب المسمّاة علي ما نطقت به العرب و أهل الرصد.
كتاب إيضاح السبيل إلي علم أوقات الليل، هذا كتاب يتضمن ذكر المنازل الثمانية و العشرين و كواكبها، و مواقع بعضها من بعض، و صورها، و الإرشاد إلي معرفتها، و الاستدلال علي أوقات الليل بها، و هو كثير المنفعة، جزء واحد، مائتا ورقة.
كتاب في الحساب الهندي و أبوابه، و عمل الجذور و المكعبات المفتوحة و الصم.
و من الكتب المختلفة:
العيون في الآداب.
كتاب معدن الجواهر و رياضة الخواطر، يتضمّن من الآداب و الحكم ممّا روي عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله.
كتاب رياض الحكم، و هو كتاب عارض به ابن المقفّع.
كتاب موعظة العقل للنفس، عملها لنفسه، نحو من الكراسين.
كتاب التعريف بوجوب حقّ الوالدين، عملها لولده، كرأسه واحدة.
كتاب أذكار الاخوان بوجوب حقّ الإيمان، أنفذها إلي الشيخ الأجل أبي الفرج البابلي، كرأسه.
نصيحة الاخوان، أنفذها إلي الشيخ أبي اليقظان أدام اللّه تعالي تأييده.
كتاب التحفة في الخواتيم، جزء لطيف.
الرسالة العلويّة في فضل أمير المؤمنين عليه السلام علي سائر البرية سوي
ص: 131
سيدنا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، عملها للشريف أبي طالب، جزء لطيف.
كتاب الجليس، هذا كتاب لم يسبق إلي مثله، عمله كالروضة المنشورة، ضمنه من سير الملوك و آدابهم، و تحف الحكماء و طرفهم، من ملح الأشعار و الآداب ما يستغني به عن المجموعات و غيرها، لم يصنّف مثله، الجملة تكون خمسة أجزاء، خمسمائة ورقة.
كتاب انتفاع المؤمنين بما في أيدي السلاطين، حداه علي عمله الإخوان حرسهم اللّه بصيداء.
كتاب الأنيس، يكون نحوا من ألفي ورقة، جعله مبوّبا في كلّ فنّ، لم يسبق إلي مثله، مات رحمه اللّه، و لم يبلغ غرضه من تصنيفه.
و من الأنساب:
مختصر كتاب ابن جذاع، للشريف (رحمه اللّه) في ذكر المعقبين من ولد الحسن و الحسين عليهما السلام.
تشجير في ذكر المعقبين من ولد الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما، و لم يسبق إلي مثله.
كتاب الزاهد في آداب الملوك، للأمير صارم الدولة ذي الفضيلتين أدام اللّه علوه، لم يسبق إلي مثله، جزء لطيف.
كتاب كنز الفوائد، خمسة أجزاء، عمله لابن عمّه يتضمّن أصولا من الأدلة، و فنونا و كلاما في فنون مختلفة، و تفاسير آيات كثيرة، و مختصرات عملها عدة، و أخبارا سمعها مرويّة من الآداب، و نكتا مستحسنة.
تسلية الرؤساء، عملها للأمير ناصر الدولة (رضي اللّه عنه) جزء لطيف.
كتاب التأديب، عمله لولده، جزء لطيف.
المجالس في مقدمات صناعة الكلام، أمر بعملها الأمير صارم الدولة ذو الفضيلتين حرس اللّه عمره لما آثر الاطلاع بهذا العلم، بجزء منها ثمانية مجالس
ص: 132
و لم يتم، لم يسبق إلي مثل ترتيبه.
كتاب الإقناع عند تعذّر الإجماع، في مقدمات الكلام، لم يتم.
كتاب الكفاية في الهداية، في مقدمات أصول الكلام، لم يتم.
كتاب الأصول في مذهب آل الرسول عليهم السلام، يتضمّن الأخبار بالمذهب من غير أدلة، عملها للإخوان بصور في سنة ثمانية عشر و أربعمائة، جزء لطيف.
مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان، يتضمن نصرة القول بالعدد في معرفة أوائل الشهور، و هو الكتاب المنقوص عمله بالرملة لقاضي القضاة، جزء لطيف.
جواب رسالة الحازمية في إبطال العدد، و تثبيت الرؤية، و هي الردّ علي أبي الحسن بن أبي حازم المصري تلميذ شيخي رحمة اللّه عليه. عقيب انتقاله (1) عن العدد، أربعون ورقة.
الرسالة العامرية في الجواب عن مسألة سألت عنها الغلاة، أمر بعملها الأمير قوام الدولة، و أنفذها إلي العامري القاضي، جزء لطيف، عملت بالقاهرة.
مختصر القول في معرفة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله بالكتابة و سائر اللغات، عمل بالقاهرة لأبي اليقظان.
كرأسه مختصر طبقات الوارث، عمل للمبتدئين بطرابلس، لطيف.
الجدول المدهش، سأله في عمله سائل.م.
ص: 133
الرسالة الصوفية، و هي في خبر مظلوم و مراد، سأل في عملها بعض الإخوان.
كتاب الإيضاح عن أحكام النكاح، أمر بعمله الأمير ذخر الدولة بصيداء في سنة إحدي و أربعين و أربعمائة، يخرج في جزء واحد، فيه الخلاف بين الإمامية و الإسماعيلية.
رسالة التنبيه علي أغلاط أبي الحسن البصري، في فصل ذكره في الإمامة، لطيف.
الكتاب الباهر في الأخبار، لم يتم.
نصيحة الشيعة، لم يتم.
مسألة العدل في المحاكمة إلي العقل، لم يتم.
كتاب هداية المسترشد، لم يتم.
و يشتمل كنز الفوائد علي مختصرات عدّة:
منها: الذّخر للمعاد في صحيح الاعتقاد.
منها: الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه السلام.
منها: رسالة في وجوب الإمامة.
التذكرة بأصول الفقه.
منها: البرهان علي طول عمر القائم صلوات اللّه عليه.
رسالة في مسح الرجلين في الوضوء.
منها: التنبيه علي حقيقة الملائمة.
منها: الإيضاح بين السنة و الإمامية.
و مجلس الكرّ و الفر.
منها: الكلام في الخلإ و الملأ.
و منها: الردّ علي الغلاة.
ص: 134
و منها: الرد علي المنجمين. انتهي.
و قد سقط من آخرها أسطر، كما أنه سقط منها أيضا من تصانيفه:
كتاب الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريق النبوّة و الإمامة، و هو كتاب لطيف لم يسبقه فيما أعلمه أحد، أثبت فيه أن طريق إثبات الإمامي للسني إمامة أمير المؤمنين و ولده عليهم السلام كطريق إثبات السني لليهودي نبوّة نبيّنا صلّي اللّه عليه و آله، و أن الطريقين متماثلان، فذكر بعد المقدمات ما لفظه:
فصل: في حكاية مجلس، قد فرضنا أن ثلاثة اجتمعوا في مجلس:
أحدهم يهودي، و الآخر معتزلي، و الآخر شيعي إمامي، و أنهم تناظروا في النبوة و الإمامة، فتراجع بينهم النظر حتي حصل في التشبيه كالكر و الفرّ، إن اليهودي افتتح الكلام فسأل المعتزلي عن صحة نبوة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله؟.
فقال المعتزلي: الدليل علي ذلك أن اللّه أبانه بالمعجزات. إلي آخره فيقول اليهودي: من أين أثبت ذلك؟ فيتمسّك بالتواتر.
فيقول الشيعي: حجّتك علي اليهودي حجّة لنا. إلي آخره.
و هذا كتاب ينبئ عن دقّة نظره و تبحره، و جودة فكره.
و كتاب الفهرست: قال السيد علي بن طاوس في آخر الدروع الواقية:
و هذا جعفر بن أحمد- يعني القمّي صاحب كتاب المنبئ و المسلسلات و غيرها- عظيم الشأن من الأعيان، ذكر الكراجكي في كتاب الفهرست: أنّه صنّف مائتين و عشرين كتابا بقم و الري (1). إلي آخره.
و أمّا كتاب التعجب الذي أشار إليه، فهو أيضا كتاب لطيف جمع فيه ممّا تناقضت فيه أقوالهم، أو خالف فعالهم أقوالهم.2.
ص: 135
و من عجيب ما ذكره في الفصل الذي عقده لذكر بغضهم أهل البيت عليهم السلام، و أنّهم يدّعون محبتهم، و جوارحهم لهم مكذبة.
قال: و من عجيب أمرهم ما سمعته أنّهم في المغرب بمدينة قرطبة يأخذون في ليلة عاشوراء رأس بقرة ميتة و يجعلونه علي عصا و يحمل و يطاف به الشوارع و الأسواق، و قد اجتمع حوله الصبيان و يصفقون و يلعبون، و يقفون به علي أبواب البيوت، و يقولون: يا ستي المروسنة أطعمينا المطنفسة، يعنون القطائف، و أنها تعدّ لهم، و يكرمون و يتبركون بما يفعلون.
و حدثني شيخ بالقاهرة من أهل المغرب كان يخدم القاضي أبا سعيد بن العارفي، أنه كان ممّن يحمل هذا الرأس في المغرب و هو صبي في ليلة عاشوراء.
أ فتري هذه من فرط المحبّة لأهل البيت عليهم السلام، و شدة التفضيل لهم علي الأنام؟
و قد سمع هذه الحكاية بعض المتعصبين لهم، فتعجب منها و أنكرها، و قال: ما يستجيز مؤمن أن يفعلها.
فقلت: أعجب منها حمل رأس الحسين عليه السلام بن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهما علي رمح عال، و خلفه زين العابدين عليه السلام مغلول اليدين إلي عنقه، و نساؤه و حريمه معه سبايا مهتكات علي أقتاب الجمال، يطاف بهم البلدان، و يدخل بهم الأمصار التي أهلها يظهرون الإقرار بالشهادتين، و يقولون: إنّهم من المسلمين، و ليس فيهم منكر، و لا أحد منفر، و لم يزالوا بهم كذلك إلي دمشق، و فاعلوا ذلك يظهرون الإسلام، و يقرءون القرآن، ليس منهم إلّا من تكرر سماعه قول اللّه سبحانه: قُلْ لٰا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبيٰ (1) فهذا أعظم من حمل رأس بقرة في بلدة واحدة.
و من عجيب قولهم أنّ أحدا لم يشر بهذا الحال، و يستبشر بما جري فيها 3.
ص: 136
من الفعال، و قد رووا ما جري، و قرّره شيوخهم، و رسمه سلفهم من تبجيل كلّ من نال من الحسين صلوات اللّه و سلامه عليه في ذلك اليوم، و أثر في القتل به أثرا، و تعظيمهم لهم، و جعلوا ما فعلوا سمة لأولادهم.
فمنهم في أرض الشام: بنو السراويل، و بنو السرج، و بنو سنان، و بنو المكبّري، و بنو الطشتي، و بنو القضيبي، و بنو الدرجي.
فأمّا بنو السراويل: فأولاد الذي سلب سراويل الحسين عليه السلام.
و أمّا بنو السرج: فأولاد الذي سرجت خيله تدوس جسد الحسين عليه السلام، و دخل بعض هذه الخيل إلي مصر، فقلعت نعالها من حوافرها، و سمّرت علي أبواب الدور ليتبرك بها، و جرت بذلك السنة عندهم حتي صاروا يتعمّدون عمل نظيرها علي أبواب دورهم، فهي إلي هذه الغاية تري علي أبواب أكثر دورهم.
و امّا بنو سنان: فأولاد الذي حمل الرمح الذي علي سنانه رأس الحسين عليه السلام.
و أمّا بنو المكبّري: فأولاد الذي كان يكبّر علي خلف رأس الحسين عليه السلام، و في ذلك يقول الشاعر:
و يكبرون لأن قتلت و إنّما قتلوا بك التكبير و التهليلا
و أمّا بنو الطشتي: فأولاد الذي حمل الطشت الذي ترك فيه رأس الحسين عليه السلام، و هم بدمشق مع بني المكبّري معروفون.
و أمّا بنو القضيبي: فأولاد الذي أحضر القضيب إلي يزيد لعنه اللّه لنكت ثنايا الحسين عليه السلام.
و أمّا بنو الدرجي: فأولاد الذي ترك الرأس في درج جيرون.
و هذا لعمرك هو الفخر الواضح لو لا أنه فاضح، و قد بلغنا أنّ رجلا قال لزين العابدين عليه السلام: إنّا لنحبكم أهل البيت، فقال (عليه السلام):
ص: 137
أنتم تحبّون حبّ السّنورة، من شدّة حبّها لولدها تأكله (1). انتهي.
و هذا الشيخ يروي عن جملة من المشايخ الأجلّة كما يظهر من مؤلفاته:
أ- كأستاذه الشيخ المفيد.
ب- و السيد المرتضي.
ج- و أبي يعلي سلّار بن عبد العزيز الديلمي.
د- و أبي عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه بن علي الواسطي، العالم الفقيه المعروف، صاحب كتاب من أظهر الخلاف لأهل البيت عليهم السلام، الذي ينقل عنه السيد علي بن طاوس في رسالة المواسعة في فوائت الصلوات (2).
يروي عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري.
ه- و الشيخ الجليل محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، الفقيه النبيه، القمي الإمامي، ابن أخت أبي القاسم جعفر بن قولويه، أو هو خال أبيه، صاحب كتاب المائة منقبة في مناقب أمير المؤمنين و أهل البيت عليهم السلام من طرق العامة، و كلّها مسندة إلّا أن بعض من لا خير فيه أسقط منه الأسانيد، فأكثر ما يوجد من نسخه النسخة الساقطة أسانيدها، و لم يعثر السيد المحدّث السيد هاشم التوبلي إلّا عليها، و أكثر النقل منها في غاية المرام، و كلّها مراسيل.
و هذا الكتاب الشريف هو بعينه كتاب: إيضاح دفائن (3) النواصب،
ص: 138
الذي ينسب إليه. و الشاهد علي ذاك تصريح تلميذه العلامة الكراجكي في كتاب الإبانة، فإنّه بعد ما ذكر في المجلس الذي فرض فيه مناظرة الثلاثة:
المعتزلي و اليهودي و الإمامي، و أطال الكلام بينهم، و ظهر الحقّ، و أسلم اليهودي قال رحمه اللّه: قال الذي أسلم: أيّها الموفّق السديد و المرشد المفيد، قد دللت فأبلغت، و وعظت فبالغت، و ناديت فأسمعت، و نصحت فأفصحت، حتي ثبتت الحجّة و قهرت، و بنيت المحجّة و أظهرت، و وجب عليّ زائد الشكر، و لم يبق لمعاند عذر، و قد ذكرت رضي اللّه عنك أنّ من أصحاب الطريق العامة من قد روي معني النص الجلي علي أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة، فاذكر لنا بعضه لنقف عليه، و زدنا بصيرة ممّا هديتنا إليه.
قال الشيعي: حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمّد بن علي بن شاذان القمي رضي اللّه عنه من كتابه المعروف بإيضاح دفائن (1) النصّاب، و هذا كتاب جمع فيه ممّا سمع من طريق العامة مائة منقبة لأمير المؤمنين و الأئمة من ولده عليهم السلام، قال: حدثنا محمّد بن عبد اللّه. إلي آخره.
و قال في كنز الفوائد: و قرأت عليه كتابه المعروف بإيضاح دفائن ح.
ص: 139
النواصب، بمكّة في المسجد الحرام سنة اثنتي عشرة و أربعمائة (1).
و قال في كتاب الاستنصار في النص علي الأئمة الأطهار عليهم السلام:
و أمّا إنكار العامة لما نقلوه من ذلك عند المناظرة، و رفعهم له في حال الحاجة علي سبيل المكابرة، فهو غير قادح في الاحتجاج به عليهم، و لا مؤثر فيما هو لازم لهم، إذا كان من اطلع في أحاديثهم وجده منقولا عن ثقاتهم، و من سمع من رجالهم رواه في خلال أسانيدهم. و قد كان الشيخ أبو الحسن محمّد ابن أحمد بن شاذان القمي رضي اللّه عنه، و له تقدّم واجب في الحديثين، و علم ثاقب بصحيح النقلين، وضع كتابا سمّاه إيضاح دفائن النواصب (2)، جمع فيها أخبارا أخرجها من أحاديثهم، و آثارا استخرجها من طريقهم في فضائل أهل ن.
ص: 140
البيت عليهم السلام، منها ما يتضمّن النصّ بالإمامة علي الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، و سمعناه منه في سنة اثنتي عشرة و أربعمائة بالمسجد الحرام (1).
انتهي.
و أغرب الفاضل المعاصر في الروضات (2). فذكر في أوّل ترجمة ابن شاذان أنّ المناقب المائة عنده، و ذكر خطبته و الحديث الأول منه، و في آخرها من جملة ن.
ص: 141
ص: 142
ما استفاد من كتاب الكنز لتلميذه الكراجكي أنّ من جملة مصنّفات الرجل الإيضاح لدقائق النواصب، و الظاهر أنّه وضعه للكشف عن قبائح مقالاتهم، و الشرح للشنائع من اعتقاداتهم، كما أنه له مصنفات أخر غير ما ذكر في المناقب و المثالب (1). انتهي.
و في كلامه تصحيف لفظي، و تحريف معنوي، و حدس غير صائب (2).
و من مؤلفاته- أيضا- كتاب البستان، قال عماد الدين أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في كتاب ثاقب المناقب، بعد ذكر خبرين في ظهور آياته- يعني الحسين عليه السلام- في المائة، ما لفظه: و قد كتبت الحديثين من الجزء السادس و الثمانين من كتاب البستان، من تصنيف محمّد بن أحمد بن علي بن حسين بن شاذان (3).
و الظاهر أنه بعينه كتاب بستان الكرام الذي صرّح في الرياض أنه ينقل عنه بعض متأخري أصحابنا في كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام. قال: و أظن أنّ مؤلف هذا الكتاب مذكور باسمه في باب الميم خاصة في أسامي محمّد، و لكنه غير كتاب نزهة الكرام و بستان العوام، الذي ينقل عنه رضي الدين بن طاوس في فرج الهموم (4)، فإنه تأليف محمّد بن الحسين بن الحسن الرازي كما صرّح به فيه (5).
و- و الشيخ أبي الرجاء محمّد بن علي بن طالب البلدي- و هو تلميذ ه.
ص: 143
النعماني- كما صرّح به في كنز الفوائد (1).
ز- و الشريف أبي عبد اللّه محمّد بن عبيد اللّه بن الحسين بن طاهر الحسيني.
ح- و أبي الحسن طاهر بن موسي بن جعفر الحسيني.
عن أبي القاسم ميمون بن حمزة الحسيني.
ط- و القاضي أبي الحسن أسد بن إبراهيم بن كلب السلمي الحراني.
ي- و الشريف أبي منصور أحمد بن حمزة العريضي.
يا- و أبي العباس إسماعيل بن عنان. و هما و الشيخ أبو الرجاء يروون عن أبي المفضل الشيباني (2)،. و غير ذلك من المشايخ.
و له الرواية عن بعض شيوخ العامة أعرضنا عن ذكرها، توفي كما في تاريخ اليافعي سنة 449 (3) (4).
و لنتبرك بذكر خبر مسند عنه، و كذا عن كلّ واحد من المشايخ الآتية في ترجمتهم.
فبالأسانيد السابقة إلي العلامة الكراجكي، قال: أخبرني أبو الرجاء محمّد بن علي بن طالب البلدي، قال: أخبرني أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن المطلب الشيباني الكوفي، قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر بن حجاب (5) الأزدي بالكوفة، قال: حدثني خالد بن يزيد بن محمّد الثقفي، قال: حدثني ر.
ص: 144
أبي أبو خالد، قال: حدثني حنّان بن سدير، عن أبيه، عن محمّد بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال علي عليه السلام لمولاه نوف الشامي- و هو معه في السطح-: يا نوف، أ رامق أم نبهان؟
قال: نبهان، أرمقك يا أمير المؤمنين.
قال: هل تدري من شيعتي؟
قال: لا و اللّه.
قال: شيعتي الذبل الشفاه، الخمص البطون، الذين تعرف الرهبانية و الربانية في وجوههم، رهبان بالليل، أسد بالنهار، الذين إذا جنّهم الليل أتزروا علي أوساطهم، و ارتدوا علي أطرافهم، و صفّوا أقدامهم، و افترشوا جباههم، تجري دموعهم علي خدودهم، يجأرون إلي اللّه في فكاك رقابهم، و أمّا النهار فحلماء، علماء، كرام، نجباء، أبرار أتقياء.
يا نوف، شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطا، و الماء طيبا، و القرآن شعارا. ان شهدوا لم يعرفوا، و ان غابوا لم يفتقدوا، شيعتي الذين في قبورهم يتزاورون، و في أموالهم يتواسون، و في اللّه يتباذلون.
يا نوف، درهم و درهم، و ثوب و ثوب، و إلّا فلا.
شيعتي من لم يهرّ هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب، و لم يسأل الناس و لو مات جوعا، إن راي مؤمنا أكرمه، و إن رأي فاسقا هجره.
هؤلاء و اللّه- يا نوف- شيعتي، شرورهم مأمونة، و قلوبهم محزونة، و حوائجهم خفيفة، و أنفسهم عفيفة، اختلفت بهم الأبدان، و لم تختلف قلوبهم.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين، جعلت فداك، أين أطلب هؤلاء؟
قال: فقال لي علي عليه السلام: في أطراف الأرض، يا نوف يجي ء النبيّ صلّي اللّه عليه و آله آخذا بحجزة ربّه جلّت أسماؤه- يعني بحبل الدين و حجزة الدين- و أنا آخذ بحجزته، و أهل بيتي آخذون بحجزتي، و شيعتنا آخذون
ص: 145
بحجزتنا، فالي أين؟! إلي الجنّة و ربّ الكعبة. قالها ثلاثا (1).
الثاني: الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه النجاشي، الذي كان زيديا، ثم رجع، و هو الذي ولي الأهواز، و كتب إلي أبي عبد اللّه عليه السلام يسأله، فكتب عليه السلام إليه رسالة معروفة بالرسالة الأهوازية، التي نقلها السيد محيي الدين في أربعينه (2)، و الشهيد الثاني في كشف الريبة (3)، مسندا إليه (عليه السلام).
و عبد اللّه النجاشي ابن عثيم بن أبي السمّال سمعان بن هبيرة الشاعر ابن مساحق بن بجيرة بن أسامة بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن (اليسع بن) (4) إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان، العالم النقاد البصير، المصطلع الخبير، الذي هو أفضل من خطّ في فنّ الرجال بقلم، أو نطق بفم، فهو الرجل كلّ الرجل، لا يقاس بسواه، و لا يعدل به من عداه، كلّما زدت به تحقيقا ازددت به وثوقا، و هو صاحب الكتاب المعروف الدائر الذي أتّكل عليه كافّة الأصحاب.
قال العلامة الطباطبائي: و أحمد بن علي النجاشي، أحد المشايخ الثقات، و العدول الإثبات، من أعظم أركان الجرح و التعديل، و أعلم علماء هذا السبيل، أجمع علماؤنا علي الاعتماد عليه، و أطبقوا علي الاستناد في أحوال الرجال إليه (5).
و في الخلاصة: ثقة، معتمد عليه عندي (6).
ص: 146
و في الرواشح للمحقق الداماد: إن أبا العباس النجاشي شيخنا الثقة الفاضل، الجليل القدر، السند المعتمد عليه المعروف (1). إلي آخره.
و في فهرست البحار بعد عدّ كتابه في الرجال، و كتاب الكشي: و كتابا الرجال عليهما مدار العلماء الأخيار في الأعصار و الأمصار (2).
و في مزاره نقلا عن كتاب قبس المصباح للشيخ الفاضل أبي الحسن سليمان بن الحسن الصهرشتي تلميذ علم الهدي، و شيخ الطائفة، قال: قال:
أخبرنا الشيخ الصدوق أبو الحسين أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي المعروف بابن الكوفي ببغداد، و كان شيخا بهيّا، صدوق اللسان عند المخالف و المؤالف. انتهي.
و منه يظهر أنه كان يكني: بابي الحسين أيضا، كما صرّح به العلامة أيضا في إجازته الكبيرة (3)، و السيد جمال الدين أحمد بن طاوس في رجاله، علي ما نقله المحقق صاحب المعالم في أوّل كتابه التحرير الطاووسي (4).
و بالجملة فجلالة قدره، و عظم شأنه في الطائفة، أشهر من أن يحتاج إلي نقل الكلمات، بل الظاهر منهم تقديم قوله و لو كان ظاهرا علي قول غيره من أئمة الرجال في مقام المعارضة في الجرح و التعديل و لو كان نصّا.
و قال الشهيد في المسالك: و ظاهر حال النجاشي أنه أضبط الجماعة، و أعرفهم بحال الرجال (5).
و قال سبطه في شرح الاستبصار بعد ذكر كلام النجاشي، و الشيخ في 5.
ص: 147
سماعه: و النجاشي يقدم علي الشيخ في هذه المقامات، كما يعلم بالممارسة (1).
و قال شيخه المحقق الأسترابادي في ترجمة سليمان بن صالح من رجاله:
و لا يخفي تخالف ما بين طريقي الشيخ و النجاشي، و لعلّ النجاشي أثبت (2).
و قال العلامة الطباطبائي: و بتقديمه صرّح جماعة من الأصحاب، نظرا إلي كتابه الذي لا نظير له في هذا الباب، و الظاهر أنه الصواب، و لذلك أسباب نذكرها و إن أدّي إلي الإطناب.
أحدها: تقدّم تصنيف الشيخ (رحمه اللّه) لكتابيه الفهرست و كتاب الرجال علي تصنيف النجاشي لكتابة، فإنه ذكر فيه الشيخ (رحمه اللّه)، و وثقه و أثني عليه، و ذكر كتابيه مع سائر كتبه (3)، و حكي في كثير من المواضع عن بعض الأصحاب و أراد به الشيخ، و قال في ترجمة: محمّد بن علي بن بابويه: له كتب منها كتاب دعائم الإسلام في معرفة الحلال و الحرام (4)، و هو في فهرست الشيخ الطوسي (5)، و هذان الكتابان هما أجلّ ما صنّف في هذا العلم، و أجمع ما عمل في هذا الفن، و لم يكن لمن تقدم من أصحابنا علي الشيخ (رحمه اللّه) ما يدانيهما جمعا و استيفاء، و جرحا و تعديلا، و قد لحظهما النجاشي في تصنيفه، و كانا له من الأسباب الممدودة، و العلل المعدّة، و زاد عليهما شيئا كثيرا، و خالف الشيخ في كثير من المواضع، و الظاهر في مواضع الخلاف وقوفه علي ما غفل عنه الشيخ من الأسباب المقتضية للجرح في موضع التعديل، و التعديل في موضع الجرح، و فيه صح كلا معني المثل السائر: كم ترك الأول للآخر.5.
ص: 148
و ثانيها: ما علم من تشعب علوم الشيخ، و كثرة فنونه و مشاغله و تصانيفه في الفقه و الكلام و التفسير و غيرها، ما يقتضي تقسّم الفكر، و توزّع البال، و لذا أكثر عليه النقض و الإيراد و النقد و الانتقاد في الرجال و غيره، بخلاف النجاشي فإنه عني بهذا الفن فجاء كتابه فيه أضبط و أتقن.
و ثالثها: استمداد هذا العلم من علم الأنساب و الآثار، و أخبار القبائل و الأمصار، و هذا ما عرف للنجاشي و دلّ عليه تصنيفه فيه و اطلاعه عليه، كما يظهر من استطراده بذكر الرجل لذكر أولاده و إخوانه و أجداده، و بيان أحوالهم و منازلهم حتي كأنه واحد منهم.
و رابعها: أن أكثر الرواة عن الأئمة عليهم السلام كانوا من أهل الكوفة و نواحيها القريبة، و النجاشي كوفيّ من وجوه أهل الكوفة، من بيت معروف مرجوع إليهم، و ظاهر الحال أنه أخبر بأحوال أهله و بلده و منشأه، و في المثل:
(أهل مكّة أدري بشعابها).
و خامسها: ما اتفق للنجاشي من صحبة الشيخ الجليل العارف بهذا الفن، الخبير بهذا الشأن، أبي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، فإنّه كان خصيصا به، صحبه و شاركه، و قرأ عليه، و أخذ منه، و نقل عنه ممّا سمعه أو وجده بخطّه كما علم، و لم يتفق ذلك للشيخ (رحمه اللّه)، فإنه ذكر في أول الفهرست أنه رأي شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا، و ما صنّفوه من التصانيف، و رووه من الأصول، و لم يجد من استوفي ذلك أو ذكر أكثره إلّا ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين ابن عبيد اللّه (رحمه اللّه) فإنه عمل كتابين ذكر في أحدهما المصنفات، و في الأخر الأصول.
قال: غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا، و اخترم هو، و عمد بعض ورثته إلي إهلاك هذين الكتابين و غيرهما من الكتب علي ما حكاه
ص: 149
بعضهم (1).
و من هذا يعلم أنّ الشيخ لم يقف علي كتب هذا الشيخ، و ظنّ هلاكها كما أخبر به، و لم يكن الأمر كذلك، لما يظهر من النجاشي من اطلاعه عليها، و إخباره عنها، و قد بقي بعضها إلي زمان العلامة، فإنه قال في ترجمة محمّد بن مصادف: اختلف قول ابن الغضائري فيه، ففي احد الكتابين أنه ضعيف، و في الآخر أنه ثقة (2).
و قال: عمر بن ثابت أبي المقدام ضعيف جدّا، قاله ابن الغضائري، و قال في كتابه الأخر: عمر بن أبي المقدام ثابت العجلي، مولاهم الكوفي، طعنوا عليه، و ليس عندي كما زعموا، و أنّه ثقة (3).
و سادسها: تقدم النجاشي و اتساع طرقه، و إدراكه كثيرا من المشايخ العارفين بالرجال ممّن لم يدركهم الشيخ، كالشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي، و أبي الحسن أحمد بن محمّد بن الجندي، و أبي الفرج محمّد بن علي الكاتب، و غيرهم (4). انتهي.
و كان مولد هذا الشيخ- كما في الخلاصة- في صفر سنة اثنتين و سبعين و ثلاثمائة، و توفي بمطيرآباد (5) في جمادي الأولي سنة خمسين و أربعمائة (6)، فكانت وفاته قبل وفاة الشيخ بعشر سنين، و يأتي (7) في ترجمة السيد المرتضي أنه تولّي غسله مع الشريف أبي يعلي محمّد بن الحسن الجعفري و سلّار بن عبد العزيز.ر.
ص: 150
و أمّا كتابه المشار إليه في الرجال، فهو علي ترتيب الحروف إلّا في بعضها، و لم يلاحظ الحرف الثاني، و لا أسامي الآباء، و لذا صعب المراجعة إليه.
فرتبه- علي النحو الذي أسّسه ابن داود في الرجال- الشيخ الجليل الفاضل المولي عناية اللّه القهبائي، في النجف الأشرف، تلميذ العالمين المحققين الورعين المولي الأردبيلي و المولي عبد اللّه الشوشتري صاحب جامع الأقوال، و فيه فوائد حسنة، فإن الشيخ النجاشي كثيرا ما يتعرض لمدح رجل أو قدحه في ترجمة آخر بمناسبة، و قد أشار هذا المولي المرتب في آخر كلّ ترجمة إلي المواضع التي فيها ذكر لهذا الراوي، و له عليه حواشي رمزها (ع) (1) (2).
و رتبه أيضا العالم الفاضل الشيخ داود بن الحسن الجزائري المعاصر لشيخنا صاحب الحدائق، و حيث أن كتابه بين الأصول الخمسة في الرجال- و هي كتاب الكشي، و رجال الشيخ، و فهرسته، و رجال ابن الغضائري، و رجال النجاشي- كالكافي بين الكتب الأربعة
فلا بأس بالإشارة و التنبيه إلي أمور تتعلّق به:
الأول: قال (رحمه اللّه) في خطبة الكتاب بعد الحمد و الصلاة: أمّا بعد، فإنّي وقفت علي ما ذكره السيد الشريف أطال اللّه بقاه، و أدام توفيقه، من تعيير قوم من مخالفينا أنه لا سلف لكم و لا مصنّف، و هذا قول من لا علم له بالناس، و لا وقف علي أخبارهم، و لا عرف منازلهم و تاريخ أهل العلم، و لا لقي أحدا
ص: 151
فيعرف، و لا حجّة علينا لمن لا يعلم، و لا عرف و قد جمعت من ذلك ما استطعته، و لم أبلغ غايته لعدم أكثر الكتب، و إنّما ذكرت ذلك عذرا لمن وقع إليه كتاب لم أذكره، و قد جعلت للأسماء أبوابا ليهون علي الملتمس لاسم مخصوص، (و ها أنا) (1) أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالحين، و هي أسماء قليلة، و من اللّه أستمد المعونة، علي أن لأصحابنا رحمهم اللّه في بعض (هذا الفن) (2) كتبا ليست مستغرقة بجميع ما رسم، و أرجو أن نأتي في ذلك علي ما رسم و حدّ إن شاء اللّه تعالي (3). انتهي.
و هذا الكلام منه صريح في أن غرضه فيما جمعه ذكر المؤلفين من الشيعة، ردّا علي من زعم أنه لا مصنّف فينا، و غير الإمامية من فرق الشيعة كالفطحية و الواقفية و غيرهما، و إن كانوا من الشيعة، بل لكثير منهم مؤلف في حال الاستقامة، إلّا أنه (رحمه اللّه) بني علي التنصيص علي الفساد، و انحراف المنحرف، و سكت في تراجم المهتدين عن التعرض للمذهب، فعدمه دليل علي الاستقامة، و من البعيد أن يري كتاب الراوي و يقرأه و يرويه و لا يعرف مذهبه، مع أن أصحاب الأصول و المصنفات كانوا معروفين بين علماء الإمامية، نعم لو كان الرجل ممّن خفي أمره و اشتبه حاله ينبّه عليه، كما قال في ترجمة جميل بن درّاج: و أخوه نوح بن درّاج القاضي كان أيضا من أصحابنا، و كان يخفي أمره (4).
قال المحقق الداماد في الرواشح: قد علم من ديدن النجاشي أنّ كلّ من فيه مطعن و غميزة فإنه يلتزم إيراد ذلك البتّة، فمهما لم يورد ذلك، و ذكره من دون إرداف ذلك بمدح أو ذمّ أصلا، كان ذلك آية أنّ الرجل سالم عنده عن 8.
ص: 152
كل مطعن و مغمز (1).
و هو كلام متين، فإن عدّ الرجل من علماء الشيعة، و حملة الشريعة، و تلقّي العلماء منه، و بذل الجهد، و تحمّل المشاق، و شدّ الرحال في البلاد، و جمع الكتب في أساميهم و أحوالهم و تصانيفهم، دليل علي حسن حاله و علوّ مقامه.
و يأتي (2) لهذا الكلام تتمّة في بعض الفوائد الآتية إن شاء اللّه تعالي.
الثاني: في ذكر مشايخه في هذا الكتاب مع بنائه فيه علي الاختصار، فإنه قال- بعد كلامه السابق-: و ذكرت لكلّ رجل طريقا واحدا حتي لا تكثر الطرق، فيخرج عن الغرض (3). و قد جمعهم السيد السند المتقدم (4) ذكره مع بسط في الكلام، و نحن نذكر خلاصته:
أ- الشيخ المفيد، و هو المراد بقوله: شيخنا أبو عبد اللّه، و قوله: محمّد ابن محمّد، و محمّد بن النعمان، و محمّد، علي الإطلاق (5).
ب- أبو الفرج الكاتب، محمّد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرّة القناني، الذي وثّقه في الكتاب و أثني عليه (6).
ج- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شاذان القزويني، الذي أكثر رواياته عن أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، و قد يعبّر عنه بأبي عبد اللّه بن شاذان القزويني، و أبي عبد اللّه القزويني، و ابن شاذان، و الكلّ واحد (7).
د- أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان الفامي
ص: 153
القمّي، المتقدم (1) ذكره في مشايخ الكراجكي (2).
ه- القاضي أبو الحسين محمّد بن عثمان بن الحسن النّصيبي، أدركه و قرأ عليه بحلب (3).
و- محمّد بن جعفر الأديب، و قد يعبّر عنه: بمحمّد بن جعفر المؤدّب، و أخري: بمحمّد بن جعفر القمّي، و بأبي الحسن التميمي، و بأبي الحسن النحوي، و الكلّ واحد. يروي غالبا عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الحافظ (4).
و ذكر السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس في فرحة الغري: ذكر أبو جعفر الحسن بن محمد بن جعفر التميمي- المعروف بابن النجّار- في كتابه تاريخ الكوفة، و هو الكتاب الموصوف بالمنصف قال: أخبرنا أبو بكر الدارمي. إلي آخره (5).
و الظاهر أنه ابن أبي الحسن المذكور. و يروي عن أبي الحسن هذا:
الشريف الزاهد أبو عبد اللّه محمّد بن علي الحسني صاحب كتاب التعازي، كما يظهر من فرحة الغري (6).
ز- الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي، الثقة الخبير النقاد، الذي صرّح بأنه شيخه، و مستنده، و من استفاد منه (7).
ح- الشيخ أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران بن موسي المعروف بابن الجندي، و قد يعبّر عنه: بأحمد بن محمّد بن عمران، و أحمد بن محمّد بن 9.
ص: 154
الجندي، و أبو الحسن بن الجندي، و ابن الجندي، و الكلّ واحد (1).
ط- الشيخ أبو عبد اللّه أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز، قال في ترجمته: شيخنا المعروف بابن عبدون، و هو أيضا من مشايخ الشيخ (2).
ي- الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، المعروف (3).
يا- القاضي أحمد بن محمّد بن عبد اللّه الجعفي، الذي يروي غالبا عن أحمد بن محمّد بن عقدة الحافظ (4).
يب- أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسي الأهوازي، المعروف بابن الصّلت، الذي هو من مشايخ الشيخ أيضا، و طريقه إلي الحافظ ابن عقدة (5).
يج- والده علي بن أحمد بن علي بن العباس النجاشي (6).
يد- الشيخ أبو الحسين علي بن أحمد بن أبي جيد القمي، و قد يعبّر عنه:
بأبي الحسين علي بن أحمد بن محمّد بن طاهر، و بأبي الحسين بن أبي جيد، و هو أيضا من مشايخ الشيخ (7).
يه- أبو القاسم علي بن شبل بن أسد الملقب بالوكيل، و هو من مشايخ الشيخ، و كنّاه في رجاله: بأبي شبل (8).
يو- القاضي أبو الحسن علي بن محمّد بن يوسف (9).3.
ص: 155
يز- الحسن بن أحمد بن إبراهيم (1).
يح- أبو محمّد الحسن بن أحمد بن الهيثم العجيلي، الذي قال فيه: إنّه من وجوه أصحابنا (2).
يط- الشيخ الجليل أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه بن إبراهيم الغضائري، الذي هو من أجلّاء شيوخ الشيخ أيضا (3).
ك- أبو عبد اللّه الحسين بن جعفر بن محمّد المخزومي الخزاز المعروف بابن الخمري، الذي قال النجاشي في ترجمة الحسين بن أحمد بن المغيرة: له كتاب عمل السلطان، أجازنا روايته أبو عبد اللّه الخمري الشيخ الصالح في مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام سنة أربعمائة (4).
كا- أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن موسي بن هدية، و قد يعبّر عنه بالحسين بن أحمد بن محمّد، و بالحسين بن محمّد بن هدية، و بأبي عبد اللّه بن هدية، و الكلّ واحد (5).
كب- القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر (6).
كج- أبو الحسن أسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحراني (7).
كد- أبو الخير الموصلي سلافة بن زكا، و هو من رجال التلعكبري، و في المعالم: الحراني (8).ا.
ص: 156
كو- أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن عبد الملك بن أبي مروان الكلوذاني، المعروف: بابن المروان، الذي أكثر رواياته عن علي بن بابويه، و قد يعبّر عنه: بالعباس بن عمر الكلوذاني، و العباس بن عمر بن العباس، و الكلّ واحد (1).
كز- أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمّد بن عبد اللّه البصري، و قد يعبّر عنه: بأبي أحمد عبد السلام بن الحسين البصري، و عبد السلام بن الأديب (2).
كح- أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد (بن محمّد) (3) بن عبد اللّه الدعجلي (4).
كط- عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي (5).
ل- الشيخ الثقة الجليل أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري (6).
لا- أبو جعفر- أو أبو الحسين- محمّد بن هارون التلعكبري (7).
لب- أبو الحسين أحمد بن محمّد بن علي الكوفي الكاتب، الذي يروي عنه السيد الأجل المرتضي كتاب الكافي عن مؤلفه الكليني (8) (9).ي.
ص: 157
قال السيد السند بعد عدّ هؤلاء المشايخ: و لا ريب أن كثرة المشايخ العارفين بالحديث و الرجال تفيد زيادة الخبرة في هذا المجال- يعني: علم الرجال- فإنه علم منوط بالسماع، و لمراجعة الشيوخ الكثيرين مدخل عظيم في كثرة الاطلاع، و الذي يظهر من طريقة النجاشي في كتابه رعاية علوّ السنة، و تقليل الوسائط، كما هو دأب المحدّثين خصوصا المتقدمين، و هذا هو السبب في عدم روايته عمّن هو في طبقته من العلماء الأعاظم، كالسيد المرتضي و أبي يعلي محمّد ابن الحسن بن حمزة الجعفري (1)، و أبي يعلي سلّار بن عبد العزيز الديلمي، و غيرهم (2).
الثالث: في حسن حال هؤلاء المشايخ، و جلالة قدرهم، و علوّ مرتبتهم، فضلا عن دخولهم في زمرة الثقات بالقرينة العامة التي تعمّهم مع قطع النظر عن ملاحظة حال آحادهم، و ما ذكر في ترجمة من تعرّضوا لترجمته من التوثيق الصريح، أو القرائن الكاشفة عن الوثاقة أو المدح العظيم.
و هذا ظاهر لمن عرف ديدنه و طريقته في الأخذ عن المشايخ، و تركه عن بعضهم لمجرّد الاتهام، فكيف لو اعتقد انحرافه؟! و لنذكر بعض كلماته في هذا المقام.
قال رحمه اللّه- في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك بن عيسي بن سابور مولي أسماء بن خارجة بن حصين (3) الفزاري-: كوفي، أبو عبد اللّه، كان ضعيفا في الحديث، قال أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعا، و يروي عن المجاهيل. و سمعت من قال: كان أيضا فاسد المذهب و الرواية، و لا أدري كيف روي عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي بن همام، و شيخنا الجليل الثقة أبو
ص: 158
غالب الزراري رحمهما اللّه، و ليس هذا موضع ذكره (1). انتهي.
قلت: و قد روي عنه أيضا الثقة الجليل أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان البزوفري (2)، و الثقة النبيل محمّد بن يحيي العطار (3)، و مع ذلك يتعجب من روايتهما عنه، لما اعتقده فيه من الضعف في الحديث الذي لا ينافي العدالة كما قرّر في محله، فهل تجده مع هذه المقالة مرخصا نفسه في الرواية عن غير الثقة في الحديث، و الاعتماد في النقل علي المنحرف الضعيف؟! و قال: الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمّد بن علي بن أبي طالب الشريف النقيب أبو محمّد، سيّد في هذه الطائفة، غير أنّي رأيت بعض أصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته (4). إلي آخره، فلم يرو عنه في هذا الكتاب إلّا في ترجمة أبي القاسم الكوفي صاحب كتاب الاستغاثة (5).
و قال: أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن بن عيّاش الجوهري، كان سمع الحديث فأكثر، و اضطرب في آخر عمره، و كان جدّه و أبوه من وجوه أهل بغداد أيّام آل حمّاد و القاضي أبي عمر، ثم عدّ مصنّفاته، و قال: رأيت هذا الشيخ و كان صديقا لي و لوالدي، و سمعت منه شيئا كثيرا، و رأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا، و تجنبته، و كان من أهل العلم و الأدب القوي،ر.
ص: 159
و طيب الشعر، و حسن الخطّ رحمه اللّه و سامحه (1).
و قال: إسحاق بن الحسن بن بكران أبو الحسين العقرائي، التمار، كثير السماع، ضعيف في مذهبه، رأيته بالكوفة و هو مجاور، و كان يروي كتاب الكليني عنه، و كان في هذا الوقت علوا فلم أسمع منه شيئا، له كتاب الرد علي الغلاة، و كتاب نفي السهو عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، و كتاب عدد الأئمة عليهم السلام (2).
و قال: علي بن عبد اللّه بن عمران القرشي: أبو الحسن المخزومي، الذي يعرف بالميموني، كان فاسد المذهب و الرواية، و كان عارفا بالفقه، و صنّف كتاب الحج، و كتاب الردّ علي أهل القياس، فامّا كتاب الحج فسلّم إليّ نسخته فنسختها، و كان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة (3). انتهي.
و لم يرو عنه في هذا الكتاب شيئا.
و قال: محمّد بن عبد اللّه بن محمّد. إلي أخر النسب: أبو المفضل، كان سافر في طلب الحديث عمره، و أصله كوفي، و كان في أوّل أمره ثبتا ثم خلط، و رأيت جلّ أصحابنا يغمزونه و يضعفونه، له كتب كثيرة. إلي أن قال: رأيت هذا الشيخ و سمعت منه كثيرا، ثم توقفت عن الرواية عنه إلّا بواسطة بيني و بينه (4).
قال السيد الأجلّ: و لعلّ المراد استثناء ما ترويه الواسطة عنه حال الاستقامة و الثبت، و الاعتماد علي الواسطة بناء علي أن عدالته تمنع عن روايته عنه ما ليس كذلك، و علي التقديرين يفهم منه عدالة الواسطة بينه و بين أبي 9.
ص: 160
المفضل، و عدالة الوسائط بينه و بين غيره من الضعفاء مطلقا (1) انتهي.
مع أنه يروي عنه الشيخ الجليل الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، كما في مشيخة التهذيب (2) و الاستبصار (3) في طريقه إلي يونس بن عبد الرحمن.
و روي عنه الثقة الجليل علي بن محمّد الخزاز في كفاية الأثر كثيرا مع الترحم عليه (4)، بل في نسخ الكتاب في ترجمة علي بن الحسين المسعودي، هذا رجل زعم أبو المفضل الشيباني (رحمه اللّه) (5). إلي آخره.
و أكثر أخبار أمالي الشيخ رحمه اللّه عنه بتوسط جماعة، و كذا روي عنه ولده أبو علي في أماليه عن والده عن جماعة عنه، و فسّر الجماعة في موضع من أماليه بقوله: منهم الحسين بن عبيد اللّه، و أحمد بن عبدون، و أبو طالب بن غرور، و أبو الحسن الصفار، و أبو علي الحسن بن إسماعيل بن أشناس، قالوا:
حدثنا (6). إلي آخره، فترك الرواية عنه مع عدم اعتقاده بما قيل فيه، و إلّا فأيّ مدخلية للواسطة؟ و ما احتمله (رحمه اللّه) بعيد، بل الظاهر أنه كما قال الأستاذ الأكبر: مجرّد تورّع و احتياط عن اتهامه بالرواية عن المتهمين، و وقوعه فيه كما وقعوا فيه (7).
و قال أيضا: هبة اللّه بن أحمد بن محمّد الكاتب أبو نصر، المعروف: بابن برينة، كان يذكر أنّ أمّه أم كلثوم بنت أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري، سمع حديثا كثيرا، و كان يتعاطي الكلام، و كان يحضر مجلس أبي الحسين بن 3.
ص: 161
الشيبة العلوي الزيدي المذهب، فعمل له كتابا، و ذكر أنّ الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام، و احتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي أن الأئمة اثني عشر من ولد أمير المؤمنين عليه السلام (1).
له كتاب في الإمامة، و كتاب في أخبار أبي عمرو و أبي جعفر العمريين، و رأيت أبا العباس بن نوح قد عوّل عليه في الحكاية في كتابه أخبار الوكلاء، و كان هذا الرجل كثير الزيارات، و آخر زيارة حضرها معنا يوم الغدير سنة أربعمائة بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام (2)، و لم يعتمد عليه في كتابه، و لا أدخله في طرقه إلي الأصول و الكتب لمجرّد تأليفه الكتاب المذكور.
قال السيد الأجل- بعد نقل ما نقلناه-: و يستفاد من ذلك كلّه غاية احتراز النجاشي و تجنبه عن الضعفاء و المتهمين، و منه يظهر اعتماده علي جميع من روي عنه من المشايخ، و وثوقه بهم، و سلامة مذاهبهم و رواياتهم عن الضعف و الغمز، و أنّ ما قيل في أبي العيّاش بن نوح من المذاهب الفاسدة في الأصول لا أصل له، و هذا أصل نافع في الباب يجب أن يحفظ و يلحظ.
و يؤيد ذلك ما ذكره في جعفر بن مالك (3)، و ساق ما قدمناه عنه في صدر الكلام، قال: و كذا ما حكاه في عبيد اللّه بن أحمد بن أبي زيد، المعروف بأبي طالب الأنباري، عن شيخه الحسين بن عبيد اللّه، قال: قدم أبو طالب بغداد و اجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه، فلم يفعلوا ذلك (4). دلّ ذلك علي امتناع علماء ذلك الوقت عن الرواية عن الضعفاء، و عدم تمكين الناس من الأخذ عنهم، و إلّا لم يكن في رواية الثقتين الجليلين عن ابن سابور 7.
ص: 162
غرابة، و لا للمنع من الأنباري وجه.
و يشهد لذلك قولهم في مقام التضعيف: يعتمد المراسيل، و يروي عن الضعفاء و المجاهيل، فإن هذا الكلام من قائله في قوّة التوثيق لكلّ من يروي عنه.
و ينبه عليه- أيضا- قولهم: ضعّفه أصحابنا، أو غمز عليه أصحابنا، أو بعض أصحابنا من دون تعيين، إذ لو لا الوثوق بالكلّ لما حسن هذا الإطلاق، بل وجب تعيين المضعّف و الغامز، أو التنبيه علي أنه من الثقات.
و يدل علي ذلك اعتذارهم عن الرواية عن الطاطريين، و بني فضّال، و أمثالهم من الفطحية و الواقفية و غيرهم، بعمل الأصحاب برواياتهم لكونهم ثقات في النقل. و عن ذكر ابن عقدة باختلاطه بأصحابنا و مداخلته لهم، و عظم محلّه و ثقته و أمانته. و كذا اعتذاره عن ذكره لمن لا يعتمد عليه بالتزامه لذكر من صنّف من أصحابنا أو المنتمين إليهم. ذكر ذلك في ترجمة محمّد بن عبد الملك (1)، و المفضل بن عمر (2).
و من هذا كلامه، و هذه طريقته في نقد الرجال و انتقاد الطرق، و التجنّب عن الضعفاء و المجاهيل، و التعجب من ثقة يروي عن ضعيف، لا يليق به أن يروي عن ضعيف أو مجهول، و يدخلهما في الطريق، خصوصا مع الإكثار و عدم التنبيه علي ما هو عليه من الضعف أو الجهالة، فإنه إغراء بالباطل، و تناقض أو اضطراب في الطريقة، و مقام هذا الشيخ في الضبط و العدالة يجلّ عن ذلك، فتعيّن أن يكون مشايخه الذين يروي عنهم ثقاتا جميعا (3).
الرابع: في تفسير قوله في تراجم عديدة: عدّة من أصحابنا، أو جماعة
ص: 163
من أصحابنا، من دون تفسير صريح لهما.
قال السيد المعظم: و الأمر هيّن علي ما قررنا من وثاقة الكلّ، و لعلّه السرّ في ترك البيان، و مع ذلك فيمكن التميز بالمروي عنه، أو بدلالة ظاهر كلامه في جملة من التراجم (1). ثم شرح ذلك، و نحن نذكره ملخصا.
العدّة، عن جعفر بن قولويه، و هم: الشيخ المفيد، و الحسين الغضائري، و أبو العباس السيرافي، و الحسين بن أحمد بن هدبة. يظهر ذلك في ترجمة علي بن مهزيار و الكليني (2) (3).
العدّة، عن أبي غالب الزراري، و هم: محمّد بن أحمد، و السيرافي، و الغضائري. قال في ترجمة محمّد بن سنان: أخبرنا جماعة شيوخنا، عن أبي غالب (4)، و قد تكرر في التراجم رواية كلّ واحد عنه.
العدّة، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة المرعشي، و هم: محمّد بن أحمد، و أحمد بن علي، و الغضائري و غيرهم. و قال في ترجمته بعد ذكر كتبه: أخبرنا بها شيخنا أبو عبد اللّه، و جميع شيوخنا (5).
العدّة، عن محمّد بن أحمد بن داود، و هم: المفيد، و السيرافي، و الغضائري و أحمد بن علي، يظهر من ترجمته (6)، و ترجمة خاله سلامة (7).
العدّة، عن القاضي أبي بكر الجعابي، و هم: المفيد، و محمّد بن عثمان (8).5.
ص: 164
العدّة، عن أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الأنصاري، و هم:
الغضائري، (و أحمد بن علي (1).
العدّة، عن أحمد بن جعفر (2) بن سفيان، و هم: السيرافي، و الغضائري) (3).
العدّة، عن أبي الحسين محمّد بن علي، و هم: الغضائري، و أحمد بن علي (4).
العدّة، عن أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، و هم: السيرافي، و الغضائري، و ابن شاذان (5).
العدّة، عن ابن عقدة، و هم: محمّد بن جعفر الأديب، و أحمد بن محمّد ابن هارون، و أحمد بن محمّد بن الصلت، و أبو عبد اللّه الجعفي (6).
الخامس: و بالأسانيد السابقة عن أبي العباس النجاشي قال: أخبرنا محمّد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا إسماعيل بن محمّد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين قال: حدثنا إسماعيل بن الحكم الرافعي، عن عبد اللّه بن عبيد اللّه ابن أبي رافع، عن أبيه، عن أبي رافع قال: دخلت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و هو نائم، أو يوحي إليه، و إذا حيّة في جانب البيت فكرهت أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه و بين الحيّة حتي إن كان منها سوء يكون إليّ دونه،
ص: 165
فاستيقظ و هو يتلو هذه الآية: إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ (1) ثم قال: «الحمد للّه الذي أكمل لعلي عليه السلام منيته، و هنيئا لعلي عليه السلام بتفضيل اللّه إيّاه» ثم التفت إليّ فرآني إلي جانبه، فقال: «ما أضجعك هاهنا يا أبا رافع؟» فأخبرته خبر الحيّة، فقال: «قم إليها فاقتلها» فقتلتها.
ثم أخذ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بيدي فقال: «يا أبا رافع، كيف أنت و قوم يقاتلون عليا و هو علي الحقّ و هم علي الباطل؟ يكون في حقّ اللّه جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم فبقلبه، فمن لم يستطع فليس وراء ذلك شي ء».
فقلت: ادع لي إن أدركتهم أن يعينني اللّه و يقويني علي قتالهم.
فقال: «اللهم إن أدركهم فقوّه و أعنه» ثم خرج إلي الناس، فقال: «يا أيّها الناس من أحبّ أن ينظر إلي أميني علي نفسي و أهلي، فهذا أبو رافع أميني علي نفسي» (2).
الثالث: شيخ الطائفة المحقّة، و رافع أعلام الشريعة الحقّة، إمام الفرقة بعد الأئمة المعصومين عليهم السلام، و عماد الشيعة و الإمامية بكل ما يتعلّق بالمذهب و الدين، محقق الأصول و الفروع، و مهذب فنون المعقول و المسموع، شيخ الطائفة علي الإطلاق، و رئيسها الذي تلوي إليه الأعناق، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي البغدادي الغروي، الذي هو المراد بالشّيخ إذا أطلق في كلمات الأصحاب.
و في الخلاصة: شيخ الإمامية و وجههم قدّس اللّه روحهم، و رئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة صدوق، عين، عارف بالأخبار
ص: 166
و الرجال، و الفقه و الأصول و الكلام و الأدب، جميع الفضائل، تنسب إليه، صنّف في كلّ فنون الإسلام، و هو المهذّب للعقائد في الأصول و الفروع، الجامع لكمالات النفس في العلم و العمل، و كان تلميذ الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.
ولد قدس اللّه روحه في شهر رمضان سنة خمس و ثمانين و ثلاثمائة، و قدم العراق في شهور سنة ثمان و أربعمائة، و توفي رضي اللّه عنه ليلة الاثنين الثاني و العشرين من المحرم سنة ستين و أربعمائة، بالمشهد المقدس الغروي علي ساكنه السلام، و دفن بداره.
قال الحسن بن مهدي السليقي: توليت أنا و الشيخ أبو محمّد الحسن بن علي الواحد (1) العين زربي، و الشيخ أبو الحسن اللؤلؤي، غسله في تلك الليلة، و دفنه. و كان يقول أولا بالوعيد، ثم رجع، و هاجر إلي مشهد أمير المؤمنين عليه السلام خوفا من الفتن التي تجددت ببغداد، و أحرقت كتبه و كرسي كان يجلس عليه للكلام (2). انتهي.
و يعلم من هذا التاريخ أنه (رحمه اللّه) ولد بعد وفاة الصدوق (رحمه اللّه) بأربع سنين، و أنه عمّر خمسا و سبعين سنة، و أنه يوم ورود العراق كان في سنّ ثلاث و عشرين، و أن مقامه فيها مع الشيخ المفيد كان نحوا من خمس سنين، فإنه (رحمه اللّه) توفي سنة 413 (3)، و مع السيد المرتضي نحو من ثمان و عشرين سنة، فإنه (رحمه اللّه) توفي سنة 436 (4)، و بقي بعد السيد أربعا و عشرين سنة: اثنتي عشرة سنة منها في بغداد، لأن الفتنة التي كانت بين الشيعة و أهل ي.
ص: 167
السنة، و صارت سببا لمهاجرته من بغداد كانت سنة 448 كما ستعرف، فكان بقاؤه في المشهد الغروي اثنتي عشرة سنة، و دفن في داره، و قبره مزار يتبرك به، و صارت داره مسجدا باقيا إلي الآن.
قال السيد الأجلّ في رجاله: و قد جدّد مسجده في حدود سنة ثمان و تسعين من المائة الثانية بعد الألف، فصار من أعظم المساجد في الغري المشرّف، و كان ذلك بترغيبنا بعض الصلحاء من أهل السعادة (1) انتهي.
و قال القاضي في المجالس: ذكر ابن كثير الشامي في تاريخه في ترجمة الشيخ: أنه كان فقيه الشيعة، مشتغلا بالإفادة في بغداد إلي أن وقعت الفتنة بين الشيعة و السنة سنة ثمان و أربعين و أربعمائة، و احترقت كتبه و داره في باب الكرخ، فانتقل إلي النجف، و بقي هناك إلي أن توفي في شهر المحرم سنة 460 (2). انتهي.
ثم أنه يظهر من كتاب الطهارة من التهذيب، الذي هو شرح المقنعة، أنه ألّفه في أيام حياة (3) شيخه المفيد، فيكون سنّه حين الشروع في حدود خمس أو ستّ و عشرين تقريبا.
و قال السيد الأجلّ في رجاله بعد الثناء عليه بما هو أهله: أمّا التفسير فله فيه كتاب التبيان الجامع لعلوم القرآن، و هو كتاب جليل كبير عديم النظير في التفاسير، و شيخنا الطبرسي- إمام التفسير- في كتبه إليه يزدلف، و من بحره يغترف. إلي أن قال: و أمّا الحديث فإليه تشدّ الرحال، و منه تبلغ رجاله منتهي
ص: 168
الآمال، و له فيه من الكتب الأربعة- التي هي أعظم كتب الحديث منزلة، و أكثرها منفعة- كتاب التهذيب، و كتاب الاستبصار، و لهما المزيّة الظاهرة باستقصاء ما يتعلّق بالفروع من الأخبار، خصوصا التهذيب، فإنه كاف للفقيه فيما يبتغيه (1).
قلت: يأتي إن شاء اللّه تعالي في الفائدة الآتية (2) بعض ما يتعلق بهذا الكتاب الشريف، و له أيضا فيه كتاب الغيبة، حسن مشهور.
قال (رحمه اللّه): و أمّا الفقه فهو خرّيت هذه الصناعة، و الملقي إليه زمام الانقياد و الطاعة، و كلّ من تأخر عنه من الفقهاء الأعيان فقد تفقّه علي كتبه، و استفاد منها نهاية إربه، و منتهي مطلبه (3).
قلت: و الأمر كذلك، فإن كتبه فيها هي المرجع لمن بعده غالبا، قال في المقابيس: حتي أن كثيرا ما يذكر مثل المحقق و العلامة أو غيرهما فتاويه من دون نسبتها إليه، ثم يذكرون ما يقتضي التردد أو المخالفة فيها، فيتوهم التنافي بين الكلامين، مع أن الوجه فيهما ما قلناه (4).
قال السيد (رحمه اللّه): و له في هذا العلم كتاب النهاية الذي ضمّنه متون الأخبار (5).
قلت: هذا الكتاب بعد الشيخ إلي عصر المحقق، كان كالشرائع بين الفقهاء و أهل العلم بعد المحقق، فكان بحثهم و تدريسهم و شروحهم غالبا فيه و عليه، و كانوا يمتازونه بالإجازة.0.
ص: 169
قال صاحب المعالم: ذكر نجيب الدين يحيي بن سعيد في إجازته: ذكر السيد فخر الدين (1) محمّد بن عبد اللّه الحلبي أنه قرأ من كتب الشيخ أبي جعفر الطوسي الجزء الأول من كتاب النهاية في الفقه، و بعض الثاني، علي والده جمال الدين أبي القاسم عبد اللّه في سنة سبع و تسعين و خمسمائة، و أخبره بجميعه عن أخيه الشريف الطاهر عزّ الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني، و قرأه أبو المكارم علي الشيخ العفيف الزاهد القاري أبي علي الحسن بن الحسين المعروف بابن الحاجب الحلبي، و أخبره أنه قرأه علي الشيخ الجليل أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي سهل الزينوبادي بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام، و أخبره أنه سمعه علي الشيخ الفقيه رشيد الدين علي بن زيرك القمي، و السيد العالم أبي هاشم المجتبي بن حمزة بن زيد الحسيني، و أخبراه أنّهما سمعاه علي المفيد عبد الجبار بن عبد اللّه القاري الرازي، و أخبرهما أنه سمعه علي مصنّفه (2). ثم ذكر (رحمه اللّه) طرقا أخري قراءة و إجازة، تقدم بعضها في مطاوي كلماتنا.
و من شروحه شرح ولده الشيخ أبي علي، و لعلّه بعينه كتابه المسمي:
بالمرشد إلي سبيل التعبد. و شرح تلميذه الأجل الفقيه الصهرشتي، الآتي (3) ذكره عن قريب. و شرح سعيد بن هبة اللّه القطب الراوندي، المسمي:
بالمغني، في عشر مجلّدات، و هو غير كتابه الآخر المقصور علي شرح مشكلات النهاية، و كتابه الآخر في شرح ما يجوز و ما لا يجوز من النهاية. و نكت النهاية للمحقق، و غير ذلك.9.
ص: 170
و عثرت علي نسخة قديمة من كتاب النهاية و في ظهره بخطّ الكتاب، و في موضع آخر بخطّ بعض العلماء ما لفظه:
قال الشيخ الفقيه نجيب الدين أبو طالب الأسترآبادي (1) (رحمه اللّه):
وجدت علي كتاب النهاية بخزانة مدرسة الري، قال: حدثنا جماعة من أصحابنا الثقات أنّ المشايخ الفقهاء: الحسين بن المظفّر الحمداني القزويني، و عبد الجبار بن علي المقري الرازي، و الحسن بن الحسين بن بابويه المدعو بحسكا المتوطن بالري (رحمهم اللّه)، كانوا يتحادثون ببغداد، و يتذاكرون كتاب النهاية، و ترتيب أبوابه و فصوله. فكان كلّ واحد منهم يعارض الشيخ الفقيه أبا جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه عليه) في مسائل و يذكر أنّه لا يخلو من خلل ثم اتفق انهم خرجوا لزيارة المشهد المقدس بالغري علي صاحبه السلام كان ذلك علي عهد الشيخ الفقيه أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه و قدس روحه و كان يتخالج في صدورهم من ذلك ما يتخالج قبل ذلك، فأجمع رأيهم علي أن يصوموا ثلاثا، و يغتسلوا ليلة الجمعة، و يصلّوا و يدعوا بحضرة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام علي جوابه، فلعلّه يتضح لهم ما اختلفوا فيه.
فسنح لهم أمير المؤمنين عليه السلام في النوم، و قال: لم يصنّف مصنّف في فقه آل محمّد عليهم السلام كتابا أولي بأن يعتمد عليه، و يتخذ قدوة، و يرجع إليه، أولي من كتاب النهاية الذي (2) تنازعتم فيه، و إنّما كان ذلك لأنّ مصنّفه اعتمد في تصنيفه علي خلوص النيّة للّه، و التقرب و الزلفي لديه، فلا ل.
ص: 171
ترتابوا في صحّة ما ضمّنه مصنّفه، و اعملوا به، و أقيموا مسائله، فقد تعني في ترتيبه و تهذيبه، و التحري بالمسائل الصحيحة بجميع أطرافها.
فلمّا قاموا من مضاجعهم أقبل كلّ واحد منهم علي صاحبه، فقال: رأيت الليلة رؤيا تدل علي صحة النهاية، و الاعتماد علي مصنّفها، فأجمعوا علي أن يكتب كلّ واحد منهم رؤياه علي بياض قبل التلفظ، فتعارضت الرؤيا لفظا و معني، و قاموا متفرقين مغتبطين بذلك، فدخلوا علي شيخهم أبي جعفر الطوسي (قدس اللّه روحه)، فحين وقعت عينه عليهم قال لهم: لم تسكنوا إلي ما كنت أوقفتكم عليه في كتاب النهاية، حتي سمعتم من لفظ مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، فتعجبوا من قوله! فسألوه عمّا استقبلهم من ذلك، فقال: سنح لي أمير المؤمنين عليه السلام كما سنح لكم فأورد عليّ ما قاله لكم، و حكي رؤياه علي وجهها، و بهذا الكتاب يفتي الشيعة فقهاء آل محمّد عليهم السلام، و الحمد للّه وحده و صلّي اللّه علي محمّد و آله الطاهرين. انتهي.
و عندنا بحمد اللّه تعالي نسخة منها عتيقة بخطّ بعض بني بابويه، قال في آخره: و وافق الفراغ من نسخة العبد المذنب الفقير المحتاج إلي رحمة اللّه أبو المحاسن بن إبراهيم بن الحسين بن بابويه، يوم الثلاثاء الخامس عشر من ربيع الآخر من شهور سنة سبع عشرة و خمسمائة. انتهي.
قال السيد السند طاب ثراه: و كتاب المبسوط الذي وسع فيه التفاريع، و أودع فيه دقائق الأنظار، و كتاب الخلاف الذي ناظر فيه المخالفين، و ذكر فيه ما اجتمعت عليه الفرقة من مسائل الدين (1).
قلت: عدّ في الأمل من كتب الشيخ مفلح الصيمري- العالم الجليل-0.
ص: 172
منتخب الخلاف (1). و في آخر الأمل عدّ من الكتب التي لم يعرف مؤلّفيها:
المنتخب من الخلاف للشيخ الطوسي، انتخبه مؤلّفه سنة عشرين و خمسمائة (2).
و في الرياض: و أمّا منتخب الخلاف، فقد رأيت نسخا منها بمشهد الرضا عليه السلام، و نسخة عتيقة تاريخ كتابتها سنة ست و سبعمائة، فهو من مؤلفات الشيخ الطبرسي، و هو بعينه كتاب المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف، كما سبق في ترجمة الطبرسي. و لكن ليس هو بالذي للشيخ مفلح بن الحسين الصيمري، لأن الشيخ مفلح من المعاصرين لعلي بن هلال الجزائري و الشيخ علي الكركي، فهو من المتأخرين جدّا، و تاريخ تأليف منتخب الخلاف المشار إليه سنة عشرين و خمسمائة. ثم ذكر بعض ما ذكره في أوّله من إسقاطه الاستدلال بالإجماع المتكرر فيه، و في آخره إسقاطه الأخبار الخاصة لوجودها في مثل التهذيب و الاستبصار و بعض المسائل المعتادة، و زيادات تعدّ من التطويل (3).
قال السيد الأيّد قدّس سرّه: و له كتاب الجمل و العقود في العبادات، و الاقتصاد فيها و في العقائد و الأصول، و الإيجاز في الميراث، و كتاب يوم و ليلة في العبادات اليومية.
و أما علم الأصول و الرجال، فله في الأول كتاب العدّة، و هو أحسن كتاب صنّف في الأصول (4).
قلت: عدّ في الأمل من كتب المولي خليل القزويني: شرح العدة (5).
قال في الرياض: و أمّا شرح العدّة، فالمشهور علي الألسنة هو حاشية 2.
ص: 173
العدّة في الأصول للشيخ الطوسي، لم تتم، بل لم تصل إلي أواسطها، و هي مجلدان، و الأول يعرف بالحاشية الأولي، و الثاني يعرف بالحاشية الثانية، و قد أدرج في الحاشية حاشية واحدة طويلة تسوي أكثر المجلّد الأول، و أورد فيها مسائل عديدة جدّا من الأصول و الفروع و غير ذلك بالتقريبات، و كانت عادته طول عمره تغيير هذين الشرحين و هذه الحاشية إلي أن أدركه الموت، و لذلك قد اختلفت نسخها اختلافا شديدا بحيث لا يضبط، و لا مناسبة بين أول ما كتبه و بين آخره (1). انتهي.
و لجماعة من الفضلاء حواش علي حاشيته، كالمولي أحمد القزويني و غيره.
قال السيد الأجل: و في الثاني كتاب الفهرست الذي ذكر فيه أصول الأصحاب و مصنّفاتهم (2).
قلت: و هو من الكتب الجليلة في هذا الباب، و في ترتيبه كسائر كتب القدماء تشويش، و لذا رتبه علي النحو المرسوم الشيخ الفاضل المدقق علي بن عبد اللّه بن عبد الصمد بن الشيخ الفقيه محمّد بن حسن بن رجب المقابي، و رتبه و شرحه العلامة المحقق الشيخ سليمان الماحوزي، و سمّاه بمعراج الكمال إلي معرفة الرجال، و قال في أوّله: و من أحسن تلك المصنفات أسلوبا، و أعمّها فائدة، و أكثرها نفعا، و أعظمها عائدة، كتاب الفهرست لشيخ الطائفة، و رئيس الفرقة، أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي (قدس اللّه سره)، و نوّر بلطفه قبره، فقد جمع من نفائس هذا الفن خلاصتها، و حاز من دقائقه و معرفة إسراره نقاوتها، إلّا أنه خال عن الترتيب، محتاج إلي التهذيب (3). إلي 2.
ص: 174
آخره. و هو شرح طويل إلّا أنه بلغ إلي أوائل باب الباء، و لم يوفّق لإتمامه.
قال السيد المعظم: و كتاب الأبواب المرتب علي الطبقات من أصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله إلي العلماء الذين لم يدركوا أحد الأئمة عليهم السلام (1).
قلت: هذا كتابه الذي يعرف برجال الشيخ، و غرضه الأصلي من وضع هذا الكتاب- كما أشار إليه المحقق الكاظمي في عدّته- هو جمع أصحابهم عليهم السلام، و ظاهر الصحبة الاستقامة، و كون التابع علي ما عليه المتبوع، كما أن ظاهر صحبة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله الإسلام، و يؤيد ذلك جريان طريقته علي التنبيه علي الانحراف مع وجوده (2)، و يظهر منه أيضا أنّ غرضه مجرّد تعداد أسمائهم، و جمع شتاتهم، لا تمييز الممدوح منهم من المذموم، و توثيقه بعضهم في خلال ترجمته استطرادي أو لدفع شبهة، و لذا تري أنه لم يوثّق فيه من لا خلاف فيه كزرارة، و محمّد بن مسلم، و أبي بصير ليث المرادي، و هشام ابن سالم، و ابن الحكم. و لمّا خفيت القرائن و ضاعت الكتب، و طالت المدة، صار أغلب ما ذكره مجهولا لنا، بل جلّ المجاهيل الموجودة في الكتب إنّما هو من هذا الكتاب، و لكن سننبه إن شاء اللّه تعالي علي فائدة لعلّ بها تخرج أكثر ما ذكره من حريم المجاهيل.
و المهم في هذا المقام دفع ما يتراءي في هذا الكتاب من التناقض، من ذكر الرجل في بابين مختلفين، كذكره تارة فيمن يروي، و أخري في باب من لم يرو، حتي أوقع ذلك بعض الناظرين في التوهم فظن التعدد (3).م.
ص: 175
فمن ذلك قتيبة بن محمّد الأعشي، ذكر مرّة في أصحاب الصادق عليه السلام، و أخري في من لم يرو عنهم عليهم السلام (1).
و كليب بن معاوية الأسدي، مرّة في أصحاب الباقر عليه السلام، و أخري في أصحاب الصادق عليه السلام، و تارة في من لم يرو عنهم عليهم السلام (2).
و فضالة بن أيوب، تارة في أصحاب الكاظم عليه السلام، و أخري في أصحاب الرضا عليه السلام، و مرة في من لم يرو عنهم عليهم السلام (3).
و محمّد بن عيسي اليقطيني، مرّة في رجال الرضا عليه السلام، و مرّة في رجال الهادي عليه السلام، و مرّة في رجال العسكري عليه السلام، و رابعة في من لم يرو عنهم عليهم السلام (4).
و القاسم بن محمّد الجوهري، مرّة في رجال الصادق عليه السلام، و أخري في من لم يرو عنهم عليهم السلام (5).
و بكر بن محمّد الأزدي، تارة في رجال الصادق عليه السلام، و أخري في رجال الكاظم عليه السلام، و مرة في رجال الرضا عليه السلام، و رابعة في من لم يرو عنهم عليهم السلام (6).4.
ص: 176
و الحسين بن الحسن بن أبان، مرّة في رجال العسكري عليه السلام، و أخري في من لم يرو عنهم عليهم السلام (1). إلي غير ذلك ممّا يقف عليه الناظر.
و قيل أو يقال في دفع هذا التناقض وجوه:
أ- الأخذ بظاهره حذرا من التناقض، و الحكم بالتعدد، كما فعله ابن داود في أكثر المقامات، و فيه ما هو مذكور في تراجمهم.
ب- إن الشيخ قد يقطع علي رواية الراوي عنهم عليهم السلام بلا واسطة، فيذكره في باب من روي، و قد يقطع بعدمها فيذكره في من لم يرو عنهم عليهم السلام و قد يشكّ في ذلك و لا يمكنه التفحص عن حقيقة الحال فيذكره في البابين تنبيها علي الاحتمالين (2)، كذا حكي عن المحقق الشيخ أسد اللّه الكاظمي.
ج- إن الرجل قد يروي عنهم بلا واسطة، و قد يروي بواسطة، فيذكره في البابين.
د- ما ذكره الفاضل الشيخ عبد النبيّ الكاظمي في تكملة الرجال، من أنه قد يقع الخلاف في ملاقاة الراوي للمعصوم عليه السلام فيذكره في البابين (3)، إشارة إلي الخلاف، و جمعا للأقوال.
ه- إن الرجل ربّما صحب إماما أو إمامين، و لم يرو، إذ الصحبة لا تستلزم الرواية سيّما مع قوله في الخطبة: ثم أذكر بعد ذلك من تأخر زمانه عن الأئمة عليهم السلام من رواة الحديث، أو من عاصرهم و لم يرو عنهم (4)،2.
ص: 177
فيذكره في الأصحاب، و فيمن لم يرو.
و- الحمل علي السهو و النسيان اللذين لا يكاد ينجو منهما الإنسان، و قد وقع فيما لا رافع له إلّا الحمل علي الغفلة، كذكر سعيد بن هلال الثقفي الكوفي، و الحسن بن زياد الصيقل، و علي بن أحمد بن أشيم في باب واحد (1) منه، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع في فهرسته مرّتين (2)، بل ذكر يحيي بن زيد ابن علي بن الحسين عليهما السلام في رجال الكاظم (3)، مع أنه استشهد في حياة الصادق، كما هو مذكور في أوّل الصحيفة (4)، و في كتب السير و الأنساب.
قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته: و ليس هذا بعزيز في جنب الشيخ في تغلغله، و كثرة علومه، و تراكم إشغاله، ما بين تدريس و كتابة، و تأليف و إفتاء و قضاء، و زيارة و عبادة، و لقد كان مرجعا لأهل زمانه، حتي أن تلامذته- علي ما حكي التقي المجلسي- ما يزيد علي ثلاثمائة من مجتهدي الخاصّة، و من العامة ما لا يحصي، و قد كان الخليفة جعل له كرسي الكلام يكلّم عليه الخاص و العام حتي في الإمامة، و لخفّة التقية يومئذ، و ذلك إنّما يكون لوحيد العصر (5) (6). انتهي.
و السيد الداماد- في الرواشح- فرق في رجال الشيخ من باب أصحاب الباقر عليه السلام. إلي آخره بين أصحاب الرواية بالإسناد عن الإمام، و أصحاب الرواية بالسماع منه، و أصحاب اللقاء من دون الرواية مطلقا (7).ر.
ص: 178
و فيه ما لا يخفي من التكلف و عدم الشاهد علي ما ادّعاه (رحمه اللّه).
قال السيد المؤيّد: و كتاب الاختيار، و هو تهذيب كتاب معرفة الرجال للكشي (1).
قلت: الموجود بأيدينا اليوم من رجال الكشي هو اختيار الشيخ و ليس من الأصل أثر، و سنذكر إن شاء اللّه تعالي في ترجمة الكشي أنه وقع الانتخاب من اختيار الشيخ أيضا.
قال السيد الجليل: و له كتاب تلخيص الشافي في الإمامة، و كتاب المفصح في الإمامة، و كتاب ما لا يسع المكلّف الإخلال به، و كتاب ما يعلّل و ما لا يعلل، و شرح جمل العلم و العمل ما يتعلّق منه بالأصول، و كتاب في أصول العقائد- كبير- خرج منه الكلام في التوحيد، و شي ء من العدل، و مقدمة في الدخول إلي علم الكلام. و هداية المسترشد و بصيرة المتعبد، و كتاب مصباح المتهجد، و كتاب مختصر المصباح (2).
قلت: و كتاب المصباح كاسمه صار علما بين العلماء، و قدوة لجملة من المؤلفات.
فمنها: قبس المصباح، للشيخ الثقة الفقيه نظام الدين أبي الحسن أو أبي عبد اللّه سلمان بن الحسن بن سلمان الصهرشتي، العالم الجليل، المعروف المنقول فتاويه في كتب الأصحاب، صاحب كتاب إصباح الشيعة بمصباح الشريعة، و كتاب التبيان في عمل شهر رمضان، و نهج المسالك إلي معرفة المناسك، و شرح النهاية، و كتاب النفيس، و كتاب المتعة، و كتاب النوادر و غيرها: قرأ علي علم الهدي و الشيخ (رحمه اللّه) و القبس المذكور ملخص من المصباح الكبير مع ضمّ فوائد كثيرة جليلة إليه.2.
ص: 179
و منها: اختيار المصباح، للسيد الفاضل علي بن الحسين بن حسان بن باقي القرشي، المعروف بالسيد ابن باقي، و بابن الباقي، فرغ من تأليفه سنة 653، و فيه زيادات ليست في الأصل، و هذا الكتاب كثير الاشتهار عند علماء البحرين، و هم يعملون بما فيه.
و منها: منهاج الصلاح في اختيار المصباح، للعلامة الحلّي، قال (رحمه اللّه) في أوّله: و قد كان شيخنا الأعظم، و رئيسنا المقدم، أبو جعفر الطوسي قدّس اللّه روحه الزكية، و أفاض علي تربته المراحم الربانية، صنف فيما يرجع إلي القوة العملية كتاب مصباح المتهجد في عبادات السنة، و استوفي فيه أكثر ما ورد عن أئمتنا المعصومين عليهم السلام، ثم اختصره، و فيه بعض الطول، و أمر من امتثال أمره واجب، و من طاعته شي ء لازب، و هو المولي الكبير، و الصاحب الوزير. إلي أن قال: خواجة عزّ الملة و الحق و الدين محمّد بن محمّد القوهدي أعزّ اللّه بدوام أيامه الإسلام و المسلمين، أن أحرّر بعض تلك الدعوات، و اختصر ما صنّفه شيخنا (رحمه اللّه) بحذف المطولات، فأجبت أمره رفع اللّه قدره، و أحسن ذكره، و أدام أيامه الزاهرة، و ختم أعماله بالصالحات في الدنيا و الآخرة.
قال (رحمه اللّه): و أضفت إليه ما لا بدّ منه، و لا يستغني عنه (1)، فاختصر الكتاب في عشرة أبواب، و زاد بابا فيما يجب علي عامّة المكلّفين من معرفة أصول الدين، المعروف بالباب الحادي عشر، الذي له شروح كثيرة من جماعة من العلماء، كشرحه الكبير للشيخ خضر، و آخر منه صغير، و شرح ابن أبي جمهور الأحسائي، و شرح المقداد، و غيرها.ح:
ص: 180
و منها: التتمات، لرضي الدين علي بن طاوس في مجلّدات، قال في المجلّد الأول منه المسمي بفلاح السائل، في جملة كلام له في المراقبة و الخلوة:
و لقد كان بعض العارفين يكثر الخلوات، فقيل له: أما تستوحش لمفارقة الأهل و الجماعات؟ فقال: أنا جليس ربّي، إن أحببت أن يحدّثني تلوت كتابه، و إذا أحببت أن أحدثه دعوته و كرّرت خطابه، قلت أنا: و كم من مطلب عزيز، و حصن حريز في الخلوة بما لك القلوب، و كم هناك من قرب محبوب، و سرّ غير محجوب، فلما رأيت فوائد الخلوة و المناجاة، و ما فيها من مراد لعبده من العزّ و الجاه و الظفر بالنجاة، و السعادة في الحياة و بعد الوفاة، وجدت في المصباح الكبير الذي صنّفه جدّي لبعض أمّهاتي أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رحمه اللّه شيئا عظيما من الخير الكثير، ثم وقفت بعد ذلك علي تتمات و مهمّات فيها مراد لمن يجب لنفسه بلوغ غايات، و لا يقنع بالدون، و لا يرضي بصفقة المغبون، و عرفت أن لسان حال المالك المعبود يقول لكل مملوك مسعود: أي عبدي، قد قيّدت السابقين من الموقنين و المراقبين و المتقين و أصحاب اليمين يأملون فلا يقدرون علي زيادة الدرجات الآن، و أنت مطلق في الميدان، فما يمنعك من سبقهم بغاية الإمكان، أو لحاقهم في مقامات الرضوان؟! فعزمت أن أجعل ما اختاره باللّه جلّ جلاله ممّا رويته أو وقفت عليه، و ما يأذن جلّ جلاله لي في إظهاره من إسراره كما يهديني إليه، و ما أجده من كيفيّة الإخلاص و ما يريد اللّه جلّ جلاله لعقلي و قلبي من مقامات الاختصاص، و ما ينكشف لي بلطف مالك الكشف من عيوب الأعمال، و إخطار الغفلة و الإهمال، و ما لم يخطر الآن علي بالي معناه، و لا يحضرني سرّه و فحواه، و أجعل ذلك كتابا مؤلفا اسميه كتاب مهمّات في صلاح المتعبد و تتمات لمصباح المتهجد (1).6.
ص: 181
ثم جعله في عشر مجلّدات، و سمّي كلّ مجلّد باسم مخصوص، و هي:
فلاح السائل جلدان، زهرة الربيع، جمال الأسبوع، الدروع الواقية، المضمار في عمل شهر رمضان، مسالك المحتاج في مناسك الحاج، الإقبال في أعمال السنة غير شهر رمضان، السعادات بالعبادات التي ليس لها وقت محتوم معلوم في الروايات.
و منها: كتاب إيضاح المصباح لأهل الصلاح، للسيد الأجل النحرير بهاء الدين المرتضي أبي الحسن علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد النجفي صاحب كتاب الأنوار المضيئة، و هو بعينه- كما في الرياض- شرحه علي المصباح الصغير.
قال السيد السند: و مناسك الحج مجرّد العمل و الأدعية، و كتاب المجالس و الأخبار، و كتاب مقتل الحسين عليه السلام، و كتاب أخبار المختار، و كتاب النقض علي ابن شاذان في مسألة الغار، و مسألة في العمل بخبر (1) الواحد، و مسألة في تحريم الفقاع، و المسائل الرجبية في آي القران، و المسألة الرازية (2) في الوعيد، و المسائل الجنبلائية (3) أربع و عشرون مسألة، و المسائل الدمشقية اثنتا عشرة مسألة، و المسائل الإلياسية مائة مسألة في فنون مختلفة، و المسائل الحائرية نحو ثلاثمائة مسألة، و المسائل الحلبية، و مسائل في الفرق بين النبي و الإمام، و مسائل ابن البرّاج، و كتاب أنس الوحيد (4).ت.
ص: 182
هذه جملة الكتب التي ذكرها في الفهرست، ثم نقل عن الحسن بن مهدي السليقي، أحد تلامذة الشيخ: أن من مصنّفاته التي لم يذكرها في الفهرست، كتاب شرح الشرح- في الأصول- قال: و هو كتاب مبسوط أملي علينا منه شيئا صالحا، و مات و لم يتمّه، و لم يصنف مثله (1).
ثم ذكر (رحمه اللّه) ترتيب مؤلفاته في الفقه علي ما يظهر من مطاوي كلماته فيها، و قال: إنه أمر مهم يحتاج إليه الفقيه في الإجماع و الخلاف (2)، فمن أراده راجعه.
و أمّا مشايخه الذين يروي عنهم علي ما يظهر من كتبه فهم جماعة:
أ- الشيخ المفيد.
ب- الحسين بن عبيد اللّه الغضائري.
ج- أبو عبد اللّه أحمد بن عبد الواحد البزاز، المعروف بابن عبدون، و بابن الحاشر.
د- أبو الحسين علي بن أحمد، المعروف: بابن أبي جيد القمي.
ه- أحمد بن محمّد بن موسي بن الصلت الأهوازي، و هو طريقه إلي ابن عقدة.
و- أبو القاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل، أشار إليه في ترجمة إبراهيم ابن إسحاق الأحمري (3)، و في الأمالي: قرأ عليّ و أنا أسمع في منزله ببغداد في الربض بباب محول، في [صفر] (4) سنة عشر و أربعمائة (5).
ز- السيد الأجل المرتضي.
ص: 183
ح- الشريف أبو محمّد الحسن بن القاسم المحمدي، أشار إليه في ترجمة إسماعيل بن علي الخزاعي (1)، و محمّد بن أحمد الصفواني (2)، و محمّد بن علي بن الفضل (3).
ط- أحمد بن إبراهيم القزويني.
ي- أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم القزويني.
يا- جعفر بن الحسين بن حسكة القمي.
و في الإجازة الكبيرة للعلامة: أبو الحسين بن جعفر بن الحسين (4). إلي آخره، و أظنّ زيادة كلمة (ابن) بين الكنية و الاسم.
يب- أبو زكريا محمّد بن سليمان الحراني- أو الحمداني- من أهل طوس، روي عن أبي جعفر بن بابويه، كذا في إجازة العلامة عند ذكر مشايخه من الخاصّة (5).
يج- الشيخ أبو طالب بن عزور.
يد- السيد أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار.
في الرياض: فاضل عالم، عظيم القدر و الشأن، و هو من أجلاء هذه الطائفة الحقّة الإمامية علي ما بالبال، و كان من مشايخ الشيخ الطوسي. ثم ذكر مشايخه، و قال: عدّ العلامة- في إجازته لأولاد السيد ابن زهرة- هذا الشيخ من علماء العامة في جملة مشايخ الشيخ الطوسي (6)، و هو غريب (7).6.
ص: 184
انتهي.
و من نظر إلي أمالي أبي علي ابن الشيخ، و الأخبار التي رواها فيه بتوسط الحفّار، و تأمّل في متونها علم أن هذه النسبة كما قال في غاية الغرابة! و له كتاب الأمالي، ينقل عنه ابن شهرآشوب في المناقب.
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله- بعد نقل عبارة الإجازة، و عدّه العلامة، و جماعة أخري من مشايخه العامة- ما لفظه: الذي ذكر أنهم من رجال العامة لا يحضرني رواية الشيخ عنهم في كتابي الرجال، إلّا أبا علي بن شاذان، فقد روي عنه في ترجمة يحيي بن الحسن صاحب كتاب النسب (1)، و هلال الحفّار، فإنه قال في ترجمة إسماعيل بن علي بن علي أخي دعبل الخزاعي:
أخبرني برواياته كلّها الشريف أبو محمّد المحمّدي، و سمعنا هلال الحفار روي عنه مسند الرضا عليه السلام و غيره، فسمعناه منه، و أجاز لنا باقي رواياته (2)، و يبعد أن يكون هذا الرجل من العامة، و لم أجد له ذكرا في رجالهم (3). انتهي.
يه- الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي بن داود الفحام، المعروف بابن الفحّام السرّ من رآئي، صرّح في البحار و غيره أنه أستاذ الشيخ (4).
و في أمالي أبي علي أحاديث كثيرة رواها الشيخ عنه أكثرها دالّة علي تشيّعه (5)، فلاحظ.
يو- أبو عمرو عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّه بن مهدي، و هو الواسطة 5.
ص: 185
بين الشيخ و ابن عقدة، كما يظهر من أمالي ابن الشيخ في طرق أخبار كثيرة (1).
يز- الحسين بن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و هو طريق الشيخ إلي أخبار أبي قتادة القمّي.
يح- محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، في أمالي أبي علي عن والده، قال: حدثنا أبو الفتح محمّد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، إملاء في مسجد الرصافة بالجانب الشرقي ببغداد، في ذي القعدة سنة إحدي عشرة و أربعمائة (2). إلي آخره.
و في صدر مجالس عديدة- من أمالي الشيخ المفيد- ذكر لأبي الفوارس (3)، يبعد أن يكون هو جدّ أبي الفتح، فلاحظ.
يط- أبو منصور السكري، هو من مشايخ الشيخ- أيضا- كما يظهر من الأمالي، يروي عن جدّه علي بن عمر.
و في الرياض: و لا يبعد عندي كونه من علماء العامة أو الزيدية (4).
قلت: أمّا كونه من العامة فيبعدها ما رواه الشيخ عنه فيه، و أمّا كونه زيديا فاللّه أعلم.
ك- محمّد بن علي بن خشيش- بالخاء المعجمة المضمومة، و الشين المفتوحة المعجمة، و الياء الساكنة المنقطة تحتها نقطتين، و الشين المعجمة أخيرا، كما في إيضاح العلامة (5) - ابن نضر بن جعفر بن إبراهيم التميمي،9.
ص: 186
يروي عن جماعة منهم، أبو المفضل الشيباني، روي عنه في الأمالي المذكور أخبارا كثيرة (1).
كا- أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري، المعروف بابن الحمامي المقري.
كب- أبو الحسن محمّد بن محمّد بن محمّد بن مخلّد، قرأ عليه في ذي الحجة سنة سبع عشرة و أربعمائة.
كج- أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد اللّه بن بشران، المعروف بابن بشران المعدل، قال (رحمه اللّه): أخبرنا في منزله ببغداد في رجب سنة إحدي عشرة و أربعمائة (2).
كد- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن حموي (3) البصري، قال (رحمه اللّه):
أخبرنا قراءة ببغداد في دار الغضائري، في يوم السبت للنصف من ذي القعدة الحرام سنة ثلاث عشرة و أربعمائة (4).
كه- أبو الحسين بن سوار المغربي، عدّه العلامة في الإجازة الكبيرة من مشايخه العامة (5).
كو- محمّد بن سنان، عدّه العلامة في الإجازة من مشايخه منهم (6).
كز- أبو علي بن شاذان المتكلّم، و هو أيضا كسابقيه (7).6.
ص: 187
كح- أبو الحسين جنبش المقري، عدّه العلامة فيها من مشايخه من رجال الكوفة (1).
كط- القاضي أبو القاسم التنوخي، و هو أبو القاسم علي بن القاضي أبي علي المحسن بن القاضي أبي القاسم علي بن محمّد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم ابن تميم القحطاني، صاحب السيد المرتضي و تلميذه.
و في الرياض: و الأكثر علي أنه من الإمامية (2)، لكن العلامة قد عدّه في أواخر إجازته لأولاد ابن زهرة من جملة علماء العامة (3)، و من مشايخ الشيخ الطوسي. فتأمّل.
ل- القاضي أبو الطيب الطبري الحويري، عدّه العلامة فيها من مشايخه من رجال الكوفة (4).
و في الرياض: أبو الطيب قد يروي عنه الشيخ الطوسي في أماليه، و لعلّه بالواسطة، فإني لم أجده من مشايخه، و إن قال فيه: حدثنا أبو الطيب عن علي ابن هامان (5)، انتهي، و هذا منه غريب (6).
لا- أبو علي الحسن بن إسماعيل، المعروف بابن الحمامي، عدّه العلامة في الإجازة من مشايخه من الخاصة (7)، و احتمال اتحاده مع ابن الحمامي المتقدم (8) فاسد، لاختلاف الاسم، و الكنية، و اسم الأب.س.
ص: 188
لب- أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم بن علي القمّي، المعروف بابن الحنّاط، كذا في الإجازة (1).
و في الرياض: الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم بن علي القمّي، المعروف بابن الخياط، فاضل، عالم، فقيه جليل، معاصر للشيخ المفيد و نظرائه، و يروي عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و يروي الشيخ الطوسي عنه، و كثيرا ما يعتمد علي كتبه و رواياته السيد ابن طاوس، و ينقلها في كتاب مهج الدعوات و غيره (2).
و في الأمل: فاضل جليل، من مشايخ الشيخ الطوسي من الخاصة (3).
لج- أبو عبد اللّه بن الفارسي، عدّه العلامة من مشايخه الخاصة (4).
لد- أبو الحسن بن الصفار، و هو أيضا كسابقه (5).
و في الرياض: قد عدّه العلامة من مشايخ الشيخ الطوسي من علماء الخاصة، و صرّح بذلك نفسه في أواخر أماليه (6) أيضا، و لكن ليس فيه كلمة ابن في البين، و أظنّ أنه باسمه مذكور في تعداد المشايخ، فلاحظ.
و هو روي عن أبي المفضل الشيباني المعروف (7).
له- أبو الحسين بن أحمد بن علي النجاشي، كذا في الإجازة (8)، و الظاهر زيادة كلمة (ابن) و أن المراد منه الشيخ النجاشي المعروف.7.
ص: 189
لو- أبو محمّد عبد الحميد بن محمّد المقري النيسابوري، عدّه العلامة من مشايخه الخاصة (1).
لز- أبو عبد اللّه أخو سروة، و كان يروي عن ابن قولويه كثيرا من كتب الشيعة الصحيحة، كذا في الإجازة الكبيرة (2).
لح- أبو علي الحسن (3) بن محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن أشناس البزاز، الفقيه المحدّث الجليل المعروف بابن أشناس، و تارة بابن الأشناس البزاز، و تارة بالحسن بن إسماعيل بن أشناس، و تارة بالحسن بن أشناس، و الكل واحد.
و هو صاحب كتاب (4) عمل ذي الحجة، الذي نقل عنه بخطّ مصنّفه السيد ابن طاوس في الإقبال، و كان تاريخه سنة 437 (5).
و في صدر إسناد بعض نسخ الصحيفة هكذا: أخبرنا أبو الحسن محمّد 7.
ص: 190
ابن إسماعيل بن أشناس البزاز، قراءة عليه فأقرئه، قال: أخبرنا أبو المفضل. إلي آخره، و هو والد هذا الشيخ، و لكن في صدر الصحيفة المنسوبة إليه هكذا: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن أشناس البزاز، قراءة عليه فأقرّ به، قال: حدثنا أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه. إلي آخره.
و في بحث ميراث المجوس من السرائر، إن أصل كتاب إسماعيل بن أبي زياد السكوني العامي عندي بخطّي كتبته من خطّ ابن أشناس البزاز، و قد قرئ علي شيخنا أبي جعفر و عليه خطّه إجازة و سماعا لولده أبي علي و لجماعة رجال غيره (1). انتهي.
و الصحيفة التي يرويها تخالف النسخة المشهورة في الترتيب و العدد، و في بعض العبارات.
هذا ما عثرنا عليه من مشايخه من كتبه، و الإجازة الكبيرة، و أمالي ولده أبي علي.
و أغرب الفاضل المعاصر في الروضات، فقال في أوّل ترجمة السيد الرضي ما لفظه: يروي عنه شيخنا الطوسي، و جعفر بن محمّد الدوريستي (2). إلي آخره. مع أنه ذكر كغيره أن السيد الرضي توفي سنة 404، و ذكر في ترجمة الشيخ: أنه قدم العراق سنة 408 (3)، فكان قدومه بعد وفاة السيد بأربع سنين، فما أدركه حتي يروي عنه، و احتمال مسافرة السيد إلي طوس فيكون 0.
ص: 191
التلاقي فيه فاسد، فإن السيد تولي النقابة، و ديوان المظالم، و إمارة الحاج في سنة 380 (1) في حياة أبيه نيابة، و بعده مستقلا، و عمر الشيخ حينئذ خمس سنين، و مع هذه المناصب لا يحتمل في حقّه المسافرة، مع أنه لم يذكر في ترجمته و لا ترجمة أخيه و الشيخ المفيد المسافرة إلي العجم و زيارة الرضا عليه السلام.
و بالأسانيد السابقة إلي شيخ الطائفة، قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن جعفر العلوي الحسيني، قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم بن النضر أبو نصر الصيداوي، قال: حدثنا حمّاد ابن عثمان، عن حمران بن أعين قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: «لا تحقّروا اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكباءة (2) الخسيسة، فإن أبي حدثني قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن الكلمة من الحكمة لتتلجلج في صدر المنافق نزاعا إلي مظانها حتي يلفظ بها فيسمعها المؤمن، فيكون أحقّ بها و أهلها فيلقفها» (3).
الرابع: السيد الجليل، العالم العلم النبيل، أبو الحسن (4) محمّد بن أبي أحمد الحسين بن موسي بن محمّد بن موسي بن إبراهيم بن الامام الهمام أبي إبراهيم موسي الكاظم عليه السلام، الشريف الرضي، ذي الحسبين، لقّبه بذلك الملك بهاء الدولة، و كان يخاطبه: بالشريف الأجل، تولّد في سنة تسع
ص: 192
و خمسين و ثلاثمائة ببغداد، و كان أبوه يتولي نقابة الطالبيين و الحكم فيهم أجمعين، و النظر في المظالم، و الحج بالناس ثم ردّت (1). هذه الأعمال كلّها إليه في سنة ثمانين و ثلاثمائة.
قال السيد علي خان في الدرجات الرفيعة: و ذكره الباخرزي في دمية القصر، فقال: له صدر الوسادة بين الأئمة و السادة، و أنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاء ما أنورك! و لخضارة ما أغزرك! و له شعر إذا افتخر به أدرك به من المجد أقاصيه، و عقد بالنجم نواصيه. إلي آخر كلامه.
و نقل ما قاله الثعالبي فيه، قال: و كان الرضي قد حفظ القرآن بعد أن جاوز الثلاثين سنة في مدة يسيرة، و كان عارفا بالفقه و الفرائض معرفة قويّة، و أمّا اللغة و العربية فكان فيهما إماما (2)، ثمّ عدّ مؤلفاته.
قال: و قال أبو الحسن العمري: رأيت تفسيره للقرآن فرأيته من أحسن التفاسير، يكون في كبر تفسير أبي جعفر الطوسي أو أكبر، و كانت له هيبة و جلالة، و فيه ورع و عفّة و تقشف، و مراعاة للأهل و للعشيرة، و هو أول طالبي جعل عليه السواد. و كان عالي الهمة، شريف النفس، لم يقبل من أحد صلة و لا جائزة، حتي أنه ردّ صلات أبيه، و ناهيك بذلك شرف نفس و شدّة ظلف (3)، و أمّا الملوك من بني بويه فإنّهم اجتهدوا علي قبول صلاتهم فلم يقبل، و كان يرضي بالإكرام، و صيانة الجانب، و إعزاز الأتباع و الأصحاب. ذكر
ص: 193
الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في التاريخ في وفاة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد الطبري الفقيه المالكي قال: كان شيخ الشهود المعدّلين ببغداد، و متقدمهم، و كان كريما مفضّلا علي أهل العلم.
قال: و قرأ عليه الشريف الرضي القرآن و هو شاب حدث، فقال يوما من الأيام للشريف: أين مقامك؟ فقال: في دار أبي، بباب محوّل فقال: مثلك لا يقيم بدار أبيه، قد نحلتك داري بالكرخ المعروف: بدار البركة، فامتنع الرضي من قبولها، و قال: لم أقبل من أبي قطّ شيئا، فقال: إنّ حقي عليك أعظم من حقّ أبيك عليك، لأني حفّظتك كلام اللّه، فقبلها، و كان قدس اللّه روحه يلتهب ذكاء و حدّة ذهن من صغره. ثم ذكر حكايته المعروفة مع السيرافي (1).
قلت: إن علوّ مقام السيد في الدرجات العلمية مع قلّة عمره- فإنه توفي في سن سبع و أربعين- قد خفي علي العلماء، لعدم انتشار كتبه، و قلّة نسخها، و إنّما الشائع منها نهجه و خصائصه، و هما مقصوران علي النقليات، و المجازات النبوية حاكية عن علوّ مقامه في الفنون الأدبية.
و أمّا التفسير الذي أشار إليه العمري المسمي: بحقائق التنزيل و دقائق التأويل، فهو كما قال أكبر من التبيان، و أحسن منه، و أنفع و أفيد منه، و قد عثرنا علي الجزء الخامس منه، و هو من أوّل سورة آل عمران إلي أواسط سورة النساء علي الترتيب، علي نسق غرر أخيه المرتضي بقول: مسألة، و من سأل عن معني قوله تعالي. و يذكر آية مشكلة متشابهة، و يشير إلي موضع الإشكال و الجواب، ثم يبسط الكلام و يفسّر في خلالها جملة من الآيات، و لذا لم يفسر كل آية، بل ما فيها إشكال، و أوّل هذا الجزء قوله تعالي:!.
ص: 194
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتٰابَ (1) الآية فقال: كيف جمع سبحانه بين قوله (هُنَّ) و هو ضمير لجمع، و بين قوله: (أُمُّ الْكِتٰابِ) و هو اسم لواحد، فجعل الواحد صفة للجميع، و هذا فتّ (2) في عضد البلاغة، و ثلم في جانب الفصاحة (3). إلي آخره.
و ذهب في هذا التفسير الشريف إلي عدم وجود الحروف الزائدة في القرآن، كما عليه جمهور أئمة العربية، و لا بأس بنقل كلامه أداء لبعض حقوقه:
قال (رحمه اللّه): مسألة: و من سأل عن معني قوله تعالي: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ مٰاتُوا وَ هُمْ كُفّٰارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَ لَوِ افْتَديٰ بِهِ (4) فقال: وجه الكلام أن يقول: لو افتدي به بغير واو، فما معني دخول الواو ها هنا، و الكلام غير مضطر إليها.
فالجواب: انّ في ذلك أقوالا للعلماء:
فمنها: و هو أضعفها، أن تكون الواو ها هنا مقحمة، كإقحامها في قوله تعالي: حَتّٰي إِذٰا جٰاؤُهٰا وَ فُتِحَتْ أَبْوٰابُهٰا (5) و المراد به فتحت [أبوابها] (6).
و أقول: إن لأبي العباس المبرّد مذهبا في جملة الحروف المزيدة في القرآن أنا أذهب إليه، و اتّبع نهجه فيه، و هو: اعتقاد انه ليس شي ء من الحروف جاء في القرآن إلّا لمعني مفيد، و لا يجوز أن يكون ملقي مطرحا، و لا خاليا من ر.
ص: 195
الفائدة صفرا، و ذلك أن الزيادات و النقائص في الكلام إنّما يضطر إليها و يحمل عليها الشعر، الذي هو مقيد بالأوزان و القوافي، و ينتهي إلي غايات و مرام، فإذا نقصت أجزاء كلامه قبل إلحاق القافية التي هي الغاية المطلوبة اضطرّ الإنسان إلي أن يزيد في الحروف، فيمدّ المقصور، و يقطع الموصول، و ما أشبه ذلك. و إذا زاد كلامه و قد هجم علي القافية فاستوقفته عن أن يتقدمها، و أخذت بمخففّه دون تجاوزها، اضطر صاحبه إلي النقصان من الحروف، فقصر الممدود، و وصل المقطوع و ما أشبه ذلك، حتي يعتدل الميزان، و تصحّ الأوزان.
فأما إذا كان الكلام محلول العقال، مخلوع الإزار، ممكنا من الجري في مضماره، غير محجوز بينه و بين غاياته، فإن شاء صاحبه أرسل عنانه فخرج جامحا، و إن شاء قدع لجامه فوقف جانحا، لا يحصره أمد دون أمد، و لا يقف به حدّ دون حدّ، فلا تكون الزيادات فيه إلّا عيّا و استراحة، و تغوّثا و إلاحة، و هذه منزلة نرفع عنها كلام اللّه سبحانه الذي هو المتعذر المعوز، و الممتنع المعجز، و كل كلام إنّما هو مصلّ خلف سبقه، و قاصر عن بلوغ أدني غاياته، بل قد يرتفع عن بلوغ هذه المنزلة كلام الفصحاء المقدمين، و البلغاء المحدثين، فضلا عمّا هو أعلي طبقات الكلام، و أبعد عن مقدورات الأنام، و إني لأقول- أبدا- لو كان كلام يلحق بغباره، أو يجري في مضماره بعد كلام الرسول صلّي اللّه عليه و آله، لكان ذلك كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، إذ كان منفردا بطريقة الفصاحة، لا تزاحمه عليها المناكب، و لا يلحق بعقوه فيها الكادح الجاهد.
و من أراد أن يعلم برهان ما أشرنا إليه من ذلك، فليمعن النظر في كتابنا الذي ألّفناه و وسمناه بنهج البلاغة، و جعلناه يشتمل علي مختار جميع الواقع إلينا من كلام أمير المؤمنين عليه السلام في جميع الأنحاء و الأغراض و الأجناس
ص: 196
و الأنواع، من خطب و كتب، و مواعظ و حكم، و بوبناه أبوابا ثلاثة، يشتمل علي هذه الأقسام مميّزة مفصلة، و قد عظم الانتفاع به، و كثر الطالبون له، لعظيم قدر ما ضمّنه من عجائب الفصاحة و بدائعها، و شرائف الكلم و نفائسها، و جواهر الفقر و فرائدها.
و كلامه صلّي اللّه عليه مع ما ذكرنا من علوّ طبقته، و خلوّ طريقه، و انفراد طريقته، فإنه إذا حوّل ليلحق غاية من أدني غايات القرآن، وجد ناكسا متقاعسا، و مقهقرا راجعا، و واقفا بليدا، و واقعا بعيدا، علي أنّه الكلام الذي وصفناه بسبق المجارين، و العلوّ عن المسامين. فما ظنّك بما دون ذلك من كلام الفصحاء، و بلاغات البلغاء، الذي يكون بالقياس إليه هباء منثورا، و سرابا غرورا؟! و هذا الذي ذكرناه أيضا من معجزات القرآن إذا تأمله المتأمل، و فكر فيه المفكر، إذ كان الكلام المتناهي الفصاحة، العالي الذروة، البعيد المرمي و الغاية إذا قيس إليه و قرن به شال في ميزانه، و قصر عن رهانة، و صار بالإضافة إليه قالصا بعد السبوغ، و قاصرا بعد البلوغ، ليصدق فيه قول أصدق القائلين سبحانه إذ يقول: وَ إِنَّهُ لَكِتٰابٌ عَزِيزٌ. لٰا يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لٰا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (1).
و قد ذهبنا من غرض المسألة بعيدا، للداعي الذي دعانا، و المعني الذي حدانا، و نحن نعود إلي عود القول فيها بإذن اللّه.
و قد كان بعض من رام كسر المذهب الذي- تقدم ذكرنا له- عن المبرد، و اختيارنا طريقته فيه، سأله عن قول اللّه سبحانه: هٰذٰا بَلٰاغٌ لِلنّٰاسِ وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ (2) فقال: قد علمنا أن هذه (اللام) لام كي، فما معني إدخال 2.
ص: 197
(الواو) عليها لو لم نقدّرها مزيدة؟
فقال أبو العباس لسائله: ألست تعلم أن قوله تعالي: هٰذٰا بَلٰاغٌ مصدر وَ لِيُنْذَرُوا بِهِ فعل موضوع في موضع المصدر، لأن الأفعال تدلّ علي مصادرها، فالتقدير أن يكون هذا بلاغ للناس و إنذار، فبطل أن تكون (الواو) جاءت لغير معني، و قد أحسن أبو العباس في هذا الجواب غاية الإحسان.
و من احتج في تجويز ورود الحروف لغير معني في غير (1) القرآن، بل علي طريق الزيادة و الإقحام بقوله تعالي: فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ (2) و قوله: إنّ (ما) ها هنا زائدة، و المراد: فبرحمة من اللّه لنت لهم، فليس الأمر علي ما ظنّه، لأن (ما) هاهنا لها فائدة معلومة، و ذلك أن معناها تفخيم قدر الرحمة التي لأن بها لهم، فكأنّه تعالي قال: فبرحمة عظيمة من اللّه لنت لهم، و موقع (ما) هاهنا كموقعها في قوله تعالي فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مٰا غَشِيَهُمْ (3) فمن قولنا أنّه تعالي أراد:
تعظيم ما غشيهم من موج البحر، و لو لم تكن فيه هذه الفائدة لكان عيّا، لا يجوز علي الحكيم تعالي أن يأتي بمثله، و كان يجري مجري قول القائل: أعطيت فلانا ما أعطيته، إذا لم يرد تفخيم العطيّة.
و إما استشهاد من استشهد علي أنّ (الواو) زائدة في قوله تعالي: وَ لَوِ افْتَديٰ بِهِ (4) بقوله سبحانه: حَتّٰي إِذٰا جٰاؤُهٰا وَ فُتِحَتْ أَبْوٰابُهٰا (5) و لم يرد بعد ذلك خبر ل (إذا) فليس الأمر علي ظنّه لأن تقدير ذلك عند المحققين من العلماء حَتّٰي إِذٰا جٰاؤُهٰا وَ فُتِحَتْ أَبْوٰابُهٰا دخلوها وَ قٰالَ لَهُمْ خَزَنَتُهٰا سَلٰامٌ لأن في 3.
ص: 198
تفتيح الأبواب لهم دليلا علي دخولهم، فترك ذكر الدخول لها في الكلام من الدلالة عليه، و قد يسقط من القرآن كلم و حروف، و يدلّ فحوي الخطاب عليها اختصارا و حذفا و إبعادا في مذاهب البلاغة، و إغراقا في منازع الفصاحة، و لأن فيما يبقي أدلّة علي ما يلقي، إذ كانت البلاغة عند أهل اللسان لمحة دالّة و إشارة مقنعة. و لا يجوز أن تزاد فيه الكلم و الحروف التي ليس فيها زيادة معان و أدلّة علي معان- علي ما قدمناه من كلامنا في هذا المعني- لأن ذلك من قبيل العي و الفهاهة كما أن الأول من دلائل الاقتدار و الفصاحة.
و في القرآن موضعان آخران جاءت فيهما هذه (الواو) التي قدّر أنّها مزيدة، ما رأيت أحدا تنبّه عليهما، و إنّما عثرت أنا بهما عند الدرس، لأن العادة جرت بي في التلاوة أن أتدبّر غرائب القرآن و عجائبه، و خفاياه و غوامضه، فلا أزال أعثر فيه بغريبه، و اطلع علي عجيبة و أثير منه سرّا لطيفا، و أطّلع خبيئا طريفا.
و أحد [الموضعين] (1) المذكورين في السورة التي يذكر فيها يوسف عليه السلام، و ذلك قوله تعالي: فَلَمّٰا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيٰابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هٰذٰا وَ هُمْ لٰا يَشْعُرُونَ (2) فلم يرد بعد (فلما) خبر لها، و هذا مثل الآية التي في الزمر سواء، إلّا أن تلك تداول الناس الاستشهاد في هذا الموضع بها، و هذه خفيت عنهم، فترك ذكرها.
و تأويل هذا كتأويل تلك لا خلاف بينهما، لأن في قوله تعالي: وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيٰابَتِ الْجُبِّ دليلا علي جعله فيه، بقوّة العزم منهم، و الإجماع المنعقد بينهم، و كأنّه تعالي قال: حتي إذا ذهبوا به و أجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ، جعلوه هناك، و أوحينا إليه، فالموضعان متفقان.
و الموضع الآخر قوله تعالي في الصافات 5.
ص: 199
فَلَمّٰا أَسْلَمٰا وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَ نٰادَيْنٰاهُ أَنْ يٰا إِبْرٰاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيٰا (1) فلم يكن بعد قوله تعالي: (فلما) ما يجوز أن يكون خبرا لها، فالمواضع الثلاثة إذا متساوية.
فأما استشهادهم ببيت الهذلي (2) و هو آخر قصيدة، و لم يرد بعده ما يجوز أن يكون خبرا له، و ذلك قوله:
حتي إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمّالة الشردا
و قتائدة: اسم موضع، و الجمّالة: أصحاب الجمال، كما يقال: الحمّارة و البغّالة لأصحاب الحمير و البغال، و الشلّ: الطرد، و الشرد: الإبل الشاردة.
فليس الأمر علي ما قدّروه في هذا البيت، و ذلك أن معناه عند المحققين كمعني الآيتين المذكورتين سواء، لأن الشاعر لمّا جاء بالمصدر الذي هو قوله:
شلا كان فيه دلالة علي الفعل، فكأنّه قال: إذا أسلكوهم في هذا الموضع شلّوهم شلا، فاكتفي بذكر المصدر عن ذكر الفعل، لأن فيه دلالة عليه.
فإذا ثبت ما قلنا رجعنا إلي ذكر قول العلماء المحققين في معني هذه الواو، إذ كانت عندهم واردة لفائدة لولاها لم تعلم.
فنقول: إن معني ذلك عندهم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ مٰاتُوا وَ هُمْ كُفّٰارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً (3): علي وجه الصدقة و القربة، ما كانوا مقيمين علي كفرهم ثم قال: و لو أفتدي بهذا المقدار أيضا- علي عظم قدره- من العذاب المعدّ له ما قبل منه، فكأنّه تعالي لما قال: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً عمّ وجوه القبول بالنفي، ثم فصّل سبحانه لزيادة البيان، و لو لم ترد هذه (الواو) لم يكن النفي عاما لوجوه القبول، و كان القبول كأنّه 1.
ص: 200
مخصوص بوجه الفدية، دون غيرها من وجوه القربة، فدخلت هذه (الواو) للفائدة التي ذكرناها من نفي التفصيل بعد الجملة فأمّا من استشهد علي زيادة (الواو) هاهنا بقوله تعالي في الأنعام: وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (1) و قدّر أن (الواو) هناك زائدة، فليس الأمر علي ما قدّره، لأن (الواو) هناك عاطفة علي محذوف في التقدير، فكأنّه تعالي قال: وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ لضروب من العبر وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ.
فإن قال قائل: قد وردت في القرآن آيات تدل علي أن نفي القبول منهم لما لو قدروا عليه لبذلوه، إنّما هو في الافتداء من العذاب لا غيره، فوجب أن يكون ذلك أيضا في هذه الآية التي نحن في تأويلها مختصا بهذا الوجه دون وجه الصدقة، و القربة، فيصح أن (الواو) هنا زائدة.
فمن الآيات المشار إليها قوله تعالي في المائدة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذٰابِ يَوْمِ الْقِيٰامَةِ مٰا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ (2).
و منها أيضا قوله تعالي في الرعد: لِلَّذِينَ اسْتَجٰابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنيٰ وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ (3).
قيل له: قد ورد أيضا في القرآن ما يدل علي نفي القبول منهم لما يبذلونه علي وجوه القرب و الصدقات فمن ذلك قوله تعالي في براءة: قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فٰاسِقِينَ. وَ مٰا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقٰاتُهُمْ إِلّٰا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّٰهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لٰا يَأْتُونَ الصَّلٰاةَ إِلّٰا وَ هُمْ كُسٰاليٰ وَ لٰا يُنْفِقُونَ إِلّٰا وَ هُمْ كٰارِهُونَ8.
ص: 201
(1) فإذا وجدنا القرآن قد دلّ في مواضع علي نفي القبول منهم لما يبذلونه علي وجه القربة، و ما يبذلونه علي وجه الفدية، لم يكن مخالفنا أولي بحمل ذلك علي وجه القربة منا بحمله علي وجه الفدية و القربة، جميعا، إذ كان فيهما زيادة معني.
و كنا مع هذه الحال نافين عن كلام اللّه تعالي ما لا يليق به من إيراد الزوائد المستغني عنها، و التي لا يستعين بمثلها إلّا من يضطرّه ضيق العبارة إليها، أو يحمله فضل العيّ (2) عليها، و ذلك مزاح عن كلام اللّه سبحانه، فكلّما حملت حروفه علي زيادات للمعاني و الأغراض كان ذلك أليق به من حمله علي نقصان المعاني مع زيادات الألفاظ، و في ما ذكرناه من ذلك مقنع بحمد اللّه (3)، انتهي كلامه الشريف.
و قد خرجنا بطوله عن وضعنا، إلّا أنّ ذكر أمثاله في ترجمته أولي من نقل إشعاره، خصوصا ما مدح به أجلاف بني العباس اضطرارا، و ذكر كلمات المترجمين في مدحها و حسنها، لا نقول ما قاله الفاضل المعاصر في ترجمته في الروضات، فإنه بعد ما بالغ في الثناء عليه في أوّل الترجمة حتي قال: لم يبصر بمثله إلي الآن عين الزمان في جميع ما يطلبه إنسان العين من عين الإنسان، و سبحان الذي ورثه غير العصمة و الإمامة ما أراد من قبل أجداده الأمجاد و جعله حجّة علي قاطبة البشر في يوم الميعاد (4)، جعله في آخر الترجمة من أجلاف الشعراء الذين ديدنهم مدح الفاسقين لجلب الحطام.
و لو لا شبهة دخول نقل كلامه في تشييع الفاحشة، لنقلته بطوله لينظر
ص: 202
الناظر كيف ناقض ذيل كلامه صدره، إلّا أني أذكر من باب المثال قوله: و مما يحقق لك أيضا جميع ما ذكرناه كثرة ما يوجد في ديوان هذا الرجل العظيم الشأن من قصائد (1) مديح الخلفاء و الأعيان، و شواهد الركون إلي أهل الديوان، مع عدم محضور له في ترك هذا التملّق، و ظهور المباينة بين قوله هذا و فعله الذي أفاد في الظاهر أن لا تقيد له بأهل الدنيا، و لا تعلّق، و كذا من أشعار الغزل و التشبيب، و صفة الخدّ و العارض و العذار من الحبيب، و أشعار المفاخرة بالأصل و النسب. إلي آخر ما قال مما كاد [أن] تزول منه الجبال.
بل نقول: مضافا إلي أن قوّة النظم، و ملكة الشعر في عالم و ان فاتت أئمته لا يعدّ من الكمالات التي تطلب من حفّاظ الشرع، و سدنة الدين، و إنه (رحمه اللّه) في نظمه ذلك كان معذورا، بل ربّما كان عليه واجبا، و لكن نشره من بعده، و بعد قطع دابر الظالمين ترويج للباطل، فإن الفقهاء قد نصّوا في أبواب المكاسب أن مدح من لا يستحق المدح أو يستحق الذم، حرام.
و قال الشيخ الأعظم الأنصاري (طاب ثراه): و الوجه فيه واضح من جهة قبحه عقلا، و يدل عليه من الشرع قوله تعالي: وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ (2).
و عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله: من عظّم صاحب دنيا و أحبّه طمعا في دنياه سخط اللّه عليه، و كان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار (3).
و في النبوي الآخر- الوارد في حديث المناهي-: من مدح سلطانا جائرا، أو تخفّف أو تضعضع له طمعا فيه، كان قرينه في النار (4).6.
ص: 203
و مقتضي هذه الأدلة حرمة المدح طمعا في الممدوح، و أمّا لدفع شرّه فهو واجب (1)، انتهي.
و لكنه (رحمه اللّه) كان معذورا فيما قاله فيهم حفظا لنفسه أو لكافة الشيعة عن شرورهم، و أمّا بعده و بعدهم فحفظ هذه الأشعار و كتبها و نسخها و نشرها و قراءتها لا يخلو من شبهة التحريم، فإنه داخل في عموم النص و الفتوي، و السيد أجلّ و أعلي من أن يحتاج في ثبوت مقام فضله و كماله إلي إشعاره، و إن كان و لا بدّ ففي ما أنشده في رثاء أهل البيت عليهم السلام مندوحة عن نشر مدائح أعدائهم أعداء اللّه.
قال طاوس آل طاوس رضي الدين في كشف المحجة في وصاياه لولده:
و إيّاك و تقليد قوم من المنسوبين إلي علم الأديان، و كونهم قالوا الشعر، و مدحوا به ملوك الأزمان، فإنّهم مخاطرون بل هالكون أو نادمون إن كانوا ما تابوا منه، و يؤدّون يوم القيامة أنّهم كانوا أخراسا عنه، و لقد تعجّبت منهم كيف دوّنوه و حفظوه و كان يليق بعلومهم أن يذهبوه و يبطلوه، أو يرفضوه، أما تري فيه يا ولدي- مدح من اللّه جلّ جلاله و رسوله و خاصته ذامّون لهم، و ساخطون عليهم، أما في ذلك مفارقة للّه جلّ جلاله و كسر حرمة اللّه جلّ جلاله و أئمّتهم الذين هم محتاجون إليهم (2)؟!. إلي آخره.
و هو كلام حسن متين، و ان اشمأزت منه نفوس البطالين.
هذا، و ليعلم انّ كتابه نهج البلاغة- الذي تفتخر به الشيعة، و تبتهج به الشريعة، المنعوت في كثير من الإجازات بأخ القرآن في قبال أخته التي هي الصحيفة الكاملة السجادية- له شروح كثيرة دائرة و مستورة، و ما يحضرني الآن منها:
ص: 204
1/ شرح أبي الحسن البيهقي (1)، و هو أوّل من شرحه، كما مرّ في مشايخ ابن شهرآشوب (2).
2/ و شرح الفخر الرازي- إمام أهل السنة- إلّا أنه لم يتمه، صرّح بذلك الوزير جمال الدين القفطي وزير السلطان بحلب في تاريخ الحكماء (3).
3/ و شرح القطب الراوندي، المسمي: بمنهاج البراعة، في مجلّدين.
4/ و شرح القاضي عبد الجبار، المردد بين ثلاثة لا يعلم من أي واحد منهم، إلّا أنّهم قريبي العصر من الشيخ الطوسي.
5/ و شرح الإمام أفضل الدين الحسن بن علي بن أحمد الماهابادي، شيخ الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست.
6/ و شرح أبي الحسين محمّد بن الحسين بن الحسن البيهقي الكيدري، المسمي بالإصباح، فرغ من تأليفه سنة 576.
7/ و شرح آخر قبل شرح الكيدري المسمي (4): بالمعراج، فإنه قال في أول شرحه بعد كلام طويل: فعنّ لي أن أشرع في شرح هذا الكتاب مستمدا- بعد ا.
ص: 205
توفيق اللّه- من كتابي المعراج و المنهاج، غائصا علي دررهما في أعراف كافلا بإيراد فوائد علي ما فيهما، و زوائد لا كزيادة الأديم، بل كما زيد في العقل من الدرّ اليتيم، و متمما ما تضمّناه. إلي آخره.
أمّا المنهاج فهو شرح الراوندي، و أمّا المعراج، فلا أعرف مؤلفه.
و هذه الشروح كلّها قبل شرح ابن أبي الحديد بزمان طويل، و مع ذلك يقول في أول شرحه: و لم يشرح هذا الكتاب قبلي فيما أعلم إلا واحدا، و هو سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي. إلي آخره.
8/ و شرح ابن أبي الحديد المعتزلي.
9/ و مختصره للفقيه الجامع المولي سلطان محمود بن غلام علي الطبسي، ثم المشهدي القاضي فيه، صاحب رسالة في الرجعة بالفارسية.
12، 11، 10/ و شرح الشيخ كمال الدين ميثم البحراني: الكبير، و المتوسط، و الصغير.
13/ و شرح الشيخ العالم الجليل كمال الدين عبد الرحمن بن محمّد بن إبراهيم العتائقي الحلّي، من علماء المائة الثامنة، و هو شرح كبير في أربع مجلدات، اختاره من شروح أربعة، و هي الشرح الكبير لابن ميثم، و شرح القطب الكيدري، و شرح القاضي عبد الجبار، و شرح ابن أبي الحديد.
14/ و شرح المولي الجليل جلال الدين الحسين بن الخواجه شرف الدين عبد الحق الأردبيلي، المعروف بالإلهي، الفاضل المتبحر المعاصر للسلطان الغازي الشاه إسماعيل الصفوي، المتوفي سنة 905، و قد جاوز عمره عن السبعين، صاحب المؤلفات الكثيرة، سمّي شرحه: بمنهج الفصاحة في شرح نهج البلاغة، و هو بالفارسية، ألّفه باسم السلطان المذكور.
ص: 206
15/ و شرح العالم النبيل المولي فتح اللّه بن شكر اللّه القاشاني الشريف، بالفارسية، سمّاه: تنبيه الغافلين و تذكرة العارفين.
16/ و شرح العالم الفاضل علي بن الحسن الزوارئي المفسر المعروف، أستاذ المولي فتح اللّه المذكور، و تلميذ السيد غياث الدين جمشيد المفسر الزوارئي، و هو أيضا بالفارسية، إلّا أنه أحسن ما شرح بالفارسية.
17/ و شرح العالم الكامل الحكيم الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين ابن محمّد بن الحسين بن الجنيدر العاملي الكركي، الفاضل الماهر الأديب، المتوفي سنة 1077.
في الأمل: له كتب منها: شرح نهج البلاغة، كبير (1).
18/ و شرح الفاضل علي بن الناصر، سمّاه: أعلام نهج البلاغة.
19/ و شرح الفاضل نظام الدين الجيلاني، سمّاه: أنوار الفصاحة.
20/ و شرح العالم الجليل السيد ماجد البحراني، و لكن في الأمل: إنه لم يتمّ (2).
21/ و شرح السيد الجليل رضي الدين علي بن طاوس (رحمه اللّه) نسبه إليه العالم النحرير النقاد الخبير المولوي إعجاز حسين الهندي المعاصر (طاب ثراه) في كتابه كشف الحجب و الأستار عن وجوه الكتب و الأسفار (3).
22/ و شرح المولي الجليل جمال السالكين عبد الباقي الخطاط الصوفي التبريزي، المعروف بحسن الخطّ في خطّ النسخ و الثلث، و كان فاضلا عالما محقّقا، و لكن له ميل عظيم إلي مسلك الصوفية، و كان في عصر السلطان شاه عباس الماضي الصفوي، له من المؤلفات شرح نهج البلاغة مبسوط 7.
ص: 207
بالفارسية. إلي آخر ما في الرياض (1).
23/ و شرح عزّ الدين الآملي، في الرياض: فاضل، عالم، فقيه، محقّق، مدقّق، جامع للعلوم العقلية و النقلية، و كان من شركاء الدرس مع الشيخ علي الكركي، و الشيخ إبراهيم القطيفي، عند الشيخ علي بن هلال الجزائري.
قال: و قبره الآن معروف بتوابع بلدة ساري من بلاد مازندران، و له من الكتب كتاب شرح نهج البلاغة، و الرسالة الحسنية في الأصول الدينية، و فروع العبادات، ألّفها لآقا حسن من وزراء مازندران (2).
24/ و حاشية المولي عماد الدين علي القاري الأسترآبادي، صاحب الرسائل الكثيرة في القراءات.
25/ و شرح العالم المحدّث السيد نعمة اللّه الجزائري، كتفسيره المسمي:
بالعقود و المرجان الذي يكتب علي حواشي القرآن، يكتب علي حواشي النهج، صرّح بذلك في الرياض في ترجمته (3).
26/ و شرح رأيته في مشهد الرضا عليه السلام، و قد سقط من أوّله أوراق، و هو مختصر لم أعرف مؤلّفه، إلّا أنّ النسخة كانت عتيقة جدّا.
27/ و شرح السيد الجليل الآميرزا علاء الدين گلستانه، المسمي: ببهجة الحدائق، مختصر.
28/ و شرح آخر له كبير يقرب من ثلاثين ألف بيت، إلّا أنه ما جاوز من الخطبة الشقشقية إلّا نزرا يسيرا.
29/ و شرح العالم المحدث الجليل السيد عبد اللّه بن السيد محمّد رضا شبّر الحسيني، يقرب من أربعين ألف بيت.4.
ص: 208
30/ و شرح آخر له عليه يقرب من ثلاثين ألف بيت.
31/ و شرح الفاضل المعاصر الآميرزا إبراهيم الخويي.
و لعل السارح طرفه في أكناف التراجم يقف علي أضعاف ما عثرنا عليه.
و أمّا مشايخه: فقال (رحمه اللّه) في تفسير قوله تعالي: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهٰا أُنْثيٰ وَ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِمٰا وَضَعَتْ (1)، في وجه قراءة من قرأ وضعت- بضمّ التاء، و من قرأها بتسكينها- قال: قال لي شيخنا أبو الحسن علي بن عيسي النحوي صاحب أبي علي الفارسي، و هذا الشيخ كنت بدأت بقراءة النحو عليه قبل شيخنا أبي الفتح عثمان بن جني، فقرأت عليه مختصر الجرمي، و قطعة من كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، و مقدمة أملاها علي كالمدخل إلي النحو، و قرأت عليه العروض لأبي إسحاق الزجاج، و القوافي لأبي الحسن الأخفش، و هو ممّن لزم أبا علي السنين الطويلة، و استكثر منه، و علت في النحو طبقته، و قال لي:
بدأت بقراءة مختصر الجرمي علي أبي سعيد الحسن بن عبد اللّه السيرافي (رحمه اللّه) في سنة أربع و أربعين و ثلاثمائة، ثم انتقلت إلي أبي علي (2). انتهي.
و ظاهره أنه لم يقرأ علي السيرافي، و إلا لأشار إليه، مع أنه عند وفاة السيرافي كان ابن تسع سنين، كما يظهر من تاريخ ولادة الأول، و وفاة الثاني (3).
و نقل ابن خلّكان عن بعض مجاميع ابن جنّي: أن الشريف الرضي احضر إلي ابن السيرافي النحوي و هو طفل جدّا لم يبلغ عشر سنين فلقنه النحو، و قعد يوما في الحلقة فذاكره بشي ء من الإعراب علي عادة التعليم، فقال: إذا قلنا: رأيت عمر، فما علامة النصب في عمر؟ فقال: بغض عليّ عليه السلام!
ص: 209
فتعجب الحاضرون و السيرافي من حدّة خاطره (1). انتهي.
و في قوله: فلقّنه النحو، مسامحة.
أ- و يروي عن الشيخ المفيد، كما صرّح به في جملة من الإجازات (2).
ب- و عن الشيخ الجليل أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري، كما يظهر من كتاب خصائصه، بل لم نجد فيه رواية له عن غيره (3).
و في كتاب الدرجات الرفيعة و غيره: انه (رحمه اللّه) توفي بكرة يوم الأحد لست خلون من المحرم سنة ست و أربعمائة، و حضر الوزير فخر الملك و جميع الأعيان و الأشراف و القضاة جنازته و الصلاة عليه، قال: و مضي أخوه المرتضي من جزعه عليه إلي مشهد مولانا الكاظم موسي بن جعفر (عليهما السلام) لأنه لم يستطع أن ينظر إلي تابوته، و دفنه، و صلّي عليه فخر الملك أبو غالب، و مضي بنفسه آخر النهار إلي أخيه المرتضي إلي المشهد الشريف الكاظمي فألزمه بالعود إلي داره (4). انتهي.
قلت: لا أدري كيف صلّي عليه فخر الملك مع وجود الشيخ المفيد حينئذ، إلّا أن يكون في هذه الأيام في مشهد الحسين عليه السلام، لكونها أيام زيارته (عليه السلام)، و اللّه العالم.
و نقل في الدرجات عن أبي الحسن العمري، و هو السيد الجليل صاحب المجدي في أنساب الطالبيين، المعاصر للسيدين، قال: دخلت علي الشريف 8.
ص: 210
المرتضي (رضي اللّه عنه) فأراني بيتين قد عملهما، و هما:
سري طيف سعدي طارقا فاستفزّني هبوبا (1) و صحبي بالفلاة هجود
فقلت لعيني عاودي النوم و اهجعي لعلّ خيالا طارقا سيعود
فخرجت من عنده، و دخلت علي أخيه الرضي، فعرضت عليه البيتين، فقال بديهيا:
فردت جوابا و الدموع بوادر و قد آن للشمل المشتّت ورود
فهيهات من لقيا حبيب تعرّضت لنا دون لقياه مهامه بيد
فعدت إلي المرتضي بالخبر، فقال: يعزّ عليّ أخي قتله الذكاء، فما كان إلّا يسيرا حتي مضي الرضي بسبيله (2). انتهي.
فإن أخذ هذه الحكاية من كتابه المجدي (3) فلا مجال لردّها، و إلّا ففي النفس منها شي ء، لكثرة غرابتها، و ذكر في هذا الكتاب جملة من رسائل السيد، و نوادر حكاياته، من أرادها راجعة.
و بالأسانيد إلي السيد الجليل الشريف الرضي (رحمه اللّه) قال: حدثني هارون بن موسي قال: حدثنا أبو علي محمّد بن همام قال: حدثنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن الحسن قال: حدثنا محمّد بن علي بن خلف قال: حدثنا عيسي بن الحسين بن عيسي بن زيد العلوي، عن إسحاق بن إبراهيم ه.
ص: 211
الكوفي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن كميل بن زياد النخعي قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلي الجبان، فلمّا أصحر تنفس السعداء، ثم قال: يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم ربّاني، و متعلّم علي سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيؤوا بنور العلم، و لم يلجؤوا إلي ركن وثيق.
يا كميل بن زياد، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و المال تنقصه النفقة، و العلم يزكو علي الإنفاق.
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، يكسب الإنسان الطاعة في حياته، و جميل الأحدوثة بعد وفاته، و العلم حاكم، و المال محكوم عليه.
يا كميل بن زياد، هلك خزّان الأموال و هم أحياء، و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة. ها إن هاهنا لعلما جمّا- و أشار إلي صدره- لو أصبت له حملة، بلي أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، و مستظهرا بنعم اللّه علي عباده، و بحججه علي أوليائه. أو منقادا لحملة الحقّ لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألّا لا ذا و لا ذاك. أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة.
أو مغرما بالجمع و الادخار، ليسا من رعاة الدين في شي ء، أقرب شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلي لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة، إمّا ظاهرا مشهورا، أو خافيا مغمورا، لئلا تبطل حجج اللّه و بيناته، و كم ذا؟ و أين؟ أولئك و اللّه الأقلون عددا، و الأعظمون بهم يحفظ اللّه حججه بيّناته يودعها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم علي حقيقة البصيرة، و باشروا اليقين، استلانوا ما استوعر المترفون، بما
ص: 212
استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالملإ الأعلي، أولئك خلفاء اللّه في أرضه، و الدعاة إلي دينه، آه آه شوقا إلي رؤيتهم، انصرف إذا شئت (1).
الخامس: السيد السند المقدم المعظم، و منبع العلوم و الآداب و الأسرار و الحكم، محيي آثار أجداده الأئمة الراشدين، و حجّتهم البالغة الدامغة علي أعداء الدين، المؤيد المسدّد بروح القدس عند مناظرة العدي، الملقب من جدّه المرتضي في الرؤيا الصادقة السيماء بعلم الهدي، سيدنا أبو القاسم الثمانيني، ذو المجدين، علي بن الحسين الموسوي أخو الشريف الرضي، أمره في الجلالة و العظمة في الفرقة الإمامية أشهر من أن يذكر، و أجلّ من أن يسطر.
قال الشهيد في أربعينه: نقلت من خطّ السيد العالم صفيّ الدين محمّد ابن معد الموسوي، بالمشهد المقدس الكاظمي، في سبب تسمية السيد المرتضي بعلم الهدي، أنّه مرض الوزير أبو سعيد محمّد بن الحسين بن عبد الصمد، في سنة عشرين و أربعمائة، فرأي في منامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول له: قل لعلم الهدي يقرأ عليك حتي تبرأ، فقال: يا أمير المؤمنين و من علم الهدي؟ قال: علي بن الحسين الموسوي.
فكتب الوزير إليه بذلك، فقال المرتضي رضي اللّه عنه: اللّه اللّه في أمري، فإنّ قبولي لهذا اللقب شناعة عليّ، فقال الوزير: ما كتبت إليك إلّا بما لقبك به جدّك أمير المؤمنين عليه السلام: فعلم القادر الخليفة بذلك، فكتب إلي المرتضي: تقبّل يا عليّ بن الحسين ما لقّبك به جدّك، فقبل و اسمع
ص: 213
الناس (1).
و نظير هذه الرؤيا في الدلالة علي علوّ مقامه، ما نقله الفاضل السيد علي خان في الدرجات الرفيعة قال: و كان المفيد (رحمه اللّه) رأي في منامه فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله دخلت إليه و هو في مسجده بالكرخ، و معها ولداها الحسن و الحسين عليهما السلام صغيرين، فسلّمتهما إليه و قالت له: علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك. فلمّا تعالي النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأي فيها الرؤيا، دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر، و حولها جواريها، و بين يديها ابناها عليّ المرتضي و محمّد الرضي صغيرين، فقام إليها و سلّم عليها، فقالت له: أيّها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلّمهما الفقه، فبكي الشيخ، و قصّ عليها المنام. و تولّي تعليمهما، و أنعم اللّه تعالي عليهما، و فتح لهما من أبواب العلوم و الفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا، و هو باق ما بقي الدهر (2).
و نظيرها أيضا في الدلالة علي قربه منهم عليهم السلام، و أن جدّه عليه السلام ذكره باللقب المذكور في المنام، ما نقله السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد في الدّر النضيد، علي ما في الرياض: عن الشيخ الصالح عزّ الدين حسن بن عبد اللّه بن حسن التغلبي: أن السلطان مسعود بن بويه لمّا بني سور المشهد الشريف دخل الحضرة الشريفة، و قبّل العتبة المنيفة، و جلس علي حسن الأدب، فوقف أبو عبد اللّه- أعني الحسين بن أحمد بن الحجاج البغدادي- بين يديه، و أنشد القصيدة علي باب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فلمّا وصل إلي الهجاء الذي فيها، أغلظ له السيد المرتضي في الكلام، و نهاه أن ينشد ذلك في 9.
ص: 214
باب حضرة الإمام، فقطع عليه الإنشاد، فانقطع عن الإيراد، فلمّا جنّ عليه الليل رأي الإمام عليا عليه السلام في المنام و هو يقول له: لا ينكسر خاطرك، فقد بعثنا المرتضي علم الهدي يعتذر إليك، فلا تخرج إليه، و قد أمرناه أن يأتي دارك فيدخل عليك.
ثم رأي السيد المرتضي في تلك الليلة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام حوله جلوس، فوقف بين أيديهم عليهم السلام فسلّم عليهم (عليهم السلام)، فلم يقبلوا عليه، فعظم ذلك عنده، و كبر لديه، فقال: يا موالي، أنا عبدكم و ولدكم و مولاكم، فبم استحققت هذا منكم؟
فقالوا: بما كسرت خاطر شاعرنا أبي عبد اللّه بن الحجاج، فتمضي إلي منزله، و تدخل عليه، و تعتذر إليه، و تأخذه و تمضي إلي مسعود بن بويه، و تعرفه عنايتنا فيه، و شفقتنا عليه.
فقام السيد المرتضي من ساعته، و مضي إلي أبي عبد اللّه، فقرع عليه باب حجرته، فقال: يا سيدي، الذي بعثك إليّ أمرني أن لا أخرج إليك، و قال: إنه سيأتيك و يدخل عليك، فقال: نعم، سمعا و طاعة لهم، و دخل عليه، و اعتذر إليه، و مضي به إلي السلطان و قصّا القصّة عليه كما رأياه، فكرّمه و أنعم عليه، و حيّاه و خصّه بالرتبة الجليلة، و اعترف له بالفضيلة، و أمر بإنشاد القصيدة في تلك الحال، فقال:
يا صاحب القبة البيضاء علي النجف من زار قبرك و استشفي لديك شفي (1)
القصيدة، و هي طويلة ذكرناها في كتابنا دار السلام (2)، و أشرنا فيه ان 1.
ص: 215
النسخة كذا، و الموجود في التواريخ أن الباني عضد الدولة من آل بويه، فلعلّه من تصحيف النساخ.
و في قصّة الجزيرة الخضراء (1) التي نقلها علي بن فاضل المازندراني، و ذكرنا في كتابنا النجم الثاقب (2)، قرائن تدلّ علي اعتبارها.
قال علي بن فاضل في آخر القصة: و ما رأيتهم يذكرون أحدا من علماء الشيعة إلّا خمسة: السيد المرتضي، و الشيخ أبو جعفر الطوسي، و محمّد بن يعقوب الكليني، و ابن بابويه، و الشيخ أبو القاسم الحلي (3).
و أمّا أمّ السيدين التي قام لها الشيخ المفيد و سلم عليها، فهي بنت الحسين بن احمد بن الحسن، الملقب تارة: بالناصر الكبير، و أخري: بالناصر، و تارة: بناصر الحق أبي محمّد الأطروش، العالم الكبير، صاحب المؤلفات الكثيرة علي مذهب الإمامية، التي منها مائة مسألة صححها سبطه علم الهدي و سمّاها بالناصريات. و هو الذي خرج بطبرستان و الديلم في خلافة المقتدر، و توفي- أو استشهد- بآمل، و قبره فيه، و توهمت الزيدية أنه من أئمتهم و أخطأوا، بل هو من عظماء علماء الإمامية، و هو ابن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
و أظنّ أن الشيخ المفيد رحمه اللّه ألّف كتاب أحكام النساء للسيدة فاطمة أم السيدين، فإنّه قال في أوّله: فإنّي عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة أدام اللّه إعزازها جميع الأحكام التي تعم المكلّفين من الناس، و تختص النساء منهن علي التميز لهن، و الإيراد، ليكون ملخصا في كتاب يعتمد للدين، و يرجع 4.
ص: 216
إليه فيما يثمر العلم به و اليقين، و أخبرتني برغبتها- آدم اللّه تعالي توفيقها- في ذلك (1). إلي آخره.
ثم إنّا نقتصر في ذكر بعض مناقب السيد تبرّكا بما قاله فيه علماء أهل السنة:
قال ابن الأثير الجزري في جامع الأصول علي ما في الرياض و غيره في ترجمته بعد ذكر النسب: هو السيد الموسوي المعروف بالمرتضي، و هو أخو الرضي الشاعر، كانت إليه نقابة الطالبيين ببغداد، و كان عالما فاضلا كاملا متكلّما، فقيها علي مذاهب الشيعة، و له تصانيف كثيرة حدّث عن أحمد بن سهل الديباجي، و أبي عبد اللّه المرزباني و. غيرهما، روي عنه الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي، ولد سنة 355، و مات ببغداد سنة 436.
و قال- في موضع آخر-: إن مروّج المائة الرابعة برواية العلماء الإمامية هو الشريف المرتضي الموسوي (2).
و قال القاضي التنوخي صاحب السيد المرتضي- علي ما وجدته بخطّ بعض الأفاضل-: إن مولد السيد المذكور سنة 355، و خلف بعد وفاته ثمانين ألف مجلّد من مقروّاته و مصنفاته و محفوظاته، و من الأموال و الأملاك ما يتجاوز عن الوصف، و صنّف كتابا يقال له: الثمانين، و خلف من كلّ شي ء ثمانين، و عمّر إحدي و ثمانين سنة، فمن أجل ذلك سمّي بالثمانيني، و بلغ في العلم و غيره مرتبة عظيمة، قلّد نقابة الشرفاء شرقا و غربا، و إمارة الحاج و الحرمين، و النظر في المظالم و قضاء القضاة، و بقي علي ذلك ثلاثين سنة (3) انتهي.
و هي مدّة حياته بعد وفاة أخيه الرضي، و منه انتقلت هذه المناصب إليه.
ص: 217
و قال الجرزي في مختصر تاريخ ابن خلّكان: إن السيد المرتضي كان نقيب الطالبيين، إماما في علم الكلام و الأدب و الشعر. إلي أن قال: و له كتاب الغرر و الدرر، و هي مجالس أملاها تشتمل علي فنون من معاني الأدب، تكلّم فيها علي النحو و اللغة، و تدلّ علي فضل و توسع و اطلاع. إلي أن قال: و لقد كانت له أخبار و أشعار و مآثر و آثار ممّا تشهد أنّه من فرع تلك الأصول، و من أهل ذلك البيت الجليل (1).
و تقدم (2) في ترجمة القطب الرازي، عن طبقات السيوطي في ترجمته، نقلا عن ياقوت قال: قال أبو القاسم الطوسي: توحد في علوم كثيرة- مجمع علي فضله- مثل الكلام و الفقه، و أصول الفقه، و الأدب من النحو و الشعر و معانيه و اللغة، و غير ذلك (3).
و قال ابن خلكان في جملة كلام له: و كان إمام أئمة العراق بين الاختلاف و الاتفاق، إليه فزع علماؤها، و عنه أخذ عظماؤها، صاحب مدارسها، و جامع مشاردها، سارت أخباره، و عرفت إشعاره (4).
و أثني عليه اليافعي في تاريخه مرآة الجنان (5) بما يقرب من ذلك، و نقل ثناؤه عن ابن بسام في أواخر كتاب الذخيرة.
إلي غير ذلك ممّا لا حاجة إلي نقلها، و نقل ما ذكره علماؤنا في ترجمته، و يكفي في هذا المقام ما ذكر العلامة في آخر ترجمته، و هو قوله: و بكتبه 5.
ص: 218
استفادت الإمامية منذ زمنه (رحمه اللّه) إلي زماننا هذا، و هو سنة ثلاث و تسعين و ستمائة، و هو ركنهم و معلمهم قدّس اللّه روحه، و جزاه عن أجداده خيرا (1).
قلت: و ممّا يستغرب من حاله أنه (رحمه اللّه) كان إليه النقابة و النظر إلي قضاء القضاة، و ديوان المظالم، و إمارة الحاج، و هذه الأموال الكثيرة التي لا بدّ من صرف برهة من الأوقات في تدبيرها و إصلاحها و إنفاقها، و مع هذه المشاغل العظمية التي تستغرق الأوقات في مدّة ثلاثين سنة يبرز منه هذه المؤلّفات الكثيرة الرائقة، و أغلبها عقليات و فكريات و نظريات، لا يرجي بروزها إلّا ممّن حبس نفسه علي الفكر و البحث و التدريس، فلو عدّ هذا من كراماته فلا يعدّ شططا من القول، و هذرا من الكلام.
و قال العلامة الطباطبائي في رجاله- بعد ذكر شطر من فضائل-: و قد كان مع ذلك أعرف الناس بالكتاب و السنة، و وجوه التأويل في الآيات و الروايات، فإنه لما سدّ العمل بأخبار الآحاد اضطر إلي استنباط الشريعة من الكتاب و الأخبار المتواترة و المحفوفة بقرائن العلم، و هذا يحتاج إلي فضل اطلاع علي الأحاديث، و إحاطة بأصول الأصحاب، و مهارة في علم التفسير، و طريق استخراج المسائل من الكتاب، و العامل بأخبار الآحاد في سعة من ذلك.
و أمّا مصنّفات السيد فكلّها أصول و تأسيسات غير مسبوقة بمثال من تقدمه من علمائنا الأمثال (2).
و مما ينبغي التنبيه عليه أن كتاب عيون المعجزات الدائر بين المحدّثين، و نسبه إلي السيد جزما السيد هاشم البحريني، و ينقل عنه في كتبه، و احتمالا شيخنا المجلسي في البحار، هو من مؤلفات الشيخ الجليل حسين بن عبد
ص: 219
الوهاب المعاصر للسيدين، و قد صرّح في مواضع من هذا الكتاب بأنه مؤلّفه، و قد بسط القول في ذلك في الرياض (1) في ترجمة مؤلّفه، مع أن كثيرا من الأخبار المودعة فيه لا يلائم مذاق السيد (رحمه اللّه)، فلاحظ.
هذا و يروي علم الهدي عن:
أ- الشيخ المفيد (2).
ب- و أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري.
ج- و الحسين بن علي بن بابويه، أخي الصدوق.
د- و أبي الحسن احمد بن علي بن سعيد الكوفي، عن محمّد بن يعقوب الكليني.
ه- و أبي عبد اللّه المرزباني، و هو الشيخ الأقدم محمّد بن عمران، أو عبد اللّه بن موسي بن سعد بن عبيد اللّه الكاتب المرزباني، الخراساني الأصل، البغدادي المولد، و هو أيضا من مشايخ الشيخ المفيد. و غير هؤلاء من مشايخ عصره.
و بالأسانيد إلي السيد الأجلّ المرتضي قال: أخبرنا أبو عبد اللّه المرزباني قال: حدثني عبد الواحد بن محمّد الخصيبي قال: حدثني أبو علي أحمد بن إسماعيل قال: حدثني أيوب بن الحسين الهاشمي، قال: قدم علي الرشيد رجل من الأنصار- و كان عرّيضا- فحضر باب الرشيد يوما و معه عبد العزيز بن عمر ابن عبد العزيز، و حضر موسي بن جعفر عليهما السلام علي حمار له، فتلقاه الحاجب بالبشر و الإكرام، و أعظمه من كان هناك، و عجّل له الإذن.
فقال نفيع لعبد العزيز: من هذا الشيخ؟ قال: أو ما تعرفه! هذا شيخ
ص: 220
آل أبي طالب، هذا موسي بن جعفر. فقال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم، يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير، أما لئن خرج لأسوأنه، فقال له عبد العزيز: لا تفعل، فإن هؤلاء أهل بيت قلّ ما تعرض لهم أحد في خطاب إلّا و سموه في الجواب سمة يبقي عارها عليه مدي الدهر.
قال: و خرج موسي بن جعفر عليهما السلام، فقام إليه نفيع الأنصاري، فأخذ بلجام حماره ثم قال له: من أنت؟ فقال: يا هذا، إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمّد حبيب اللّه ابن إسماعيل ذبيح اللّه ابن إبراهيم خليل اللّه، و إن كنت تريد البلد فهو الذي فرض اللّه علي المسلمين و عليك- إن كنت منهم- الحج إليه، و إن كنت تريد المفاخرة فو اللّه ما رضي مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتي قالوا: يا محمّد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، و إن كنت تريد الصيت و الاسم فنحن الذين أمر اللّه تعالي بالصلاة علينا في الصلوات الفرائض في قوله: «اللهم صل علي محمّد و آل محمّد» و نحن آل محمّد، خلّ عن الحمار، فخلّي عنه و يده ترعد، و انصرف بخزي، فقال له عبد العزيز: أ لم أقل لك (1)؟!
السادس: شيخ المشايخ العظام، و حجّة الحجج الهداة الكرام، محيي الشريعة، و ماحي البدعة و الشنيعة، ملهم الحقّ و دليله، و منار الدين و سبيله، صاحب التوقيعات المعروفة المهدوية، المنقول عليها إجماع الإمامية، و المخصوص بما فيها من المزايا و الفضائل السنيّة، و غيرها من الكرامات الجليّة، و المقامات العليّة، و المناظرات الكثيرة الباهرة البهية، الشيخ أبو عبد اللّه محمّد ابن محمّد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن عبد الدار بن الريان بن فطر
ص: 221
ابن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن علة ابن خلد بن مالك بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
في رجال النجاشي: شيخنا و أستاذنا (رضي اللّه عنه) فضله أشهر من أن يوصف في الفقه و الكلام و الرواية، و الثقة و العلم. ثم عدّ مؤلفاته و قال: مات (رحمه اللّه) ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة و أربعمائة، و كان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة ست و ثلاثين و ثلاثمائة، و صلّي عليه الشريف المرتضي أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الأشنان، و ضاق علي الناس مع كبره، و دفن في داره سنين، و نقل إلي مقابر قريش (1) بالقرب من السيد أبي جعفر عليه السلام، و قيل: مولده سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمائة (2).
و في الفهرست: يكنّي أبا عبد اللّه، المعروف بابن المعلم، من جملة متكلمي الإمامية، انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه في العلم، و كان مقدما في صناعة الكلام، و كان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، و له قريب من مائتي مصنّف كبار و صغار، قال (رحمه اللّه): و كان يوم وفاته يوما لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه، و كثرة البكاء من المخالف له و من المؤالف (3).
و قال اليافعي في تاريخه المسمي بمرآة الجنان عند ذكر سنة 413: و فيها 6.
ص: 222
توفي عالم الشيعة، و إمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة، شيخهم المعروف بالمفيد، و بابن العلم، البارع في الكلام و الفقه و الجدل، و كان يناظر أهل كلّ عقيدة، مع الجلالة و العظمة في الدولة البويهية.
قال ابن طي: و كان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة و الصوم، خشن اللباس.
و قال غيره: كان عضد الدولة ربّما زار الشيخ المفيد، و كان شيخا ربعة، نحيفا أسمر، عاش ستّا و سبعين سنة، و له أكثر من مائة مصنّف (1)، و كانت جنازته مشهودة، شيّعه ثمانون ألف من الرافضة و الشيعة، و أراح اللّه منه (2).
و نقل القاضي في المجالس عن تاريخ ابن كثير الشامي انه قال فيه: محمّد ابن محمّد بن النعمان أبو عبد اللّه، المعروف بابن المعلم، شيخ الروافض، و المصنف لهم، و الحامي عنهم، كانت ملوك الأطراف تعتقد به لكثرة الميل إلي الشيعة في ذلك الزمان، و كان يحضر مجلسه خلق عظيم من جميع طوائف العلماء (3).
و قال بحر العلوم في رجاله: شيخ مشايخ الأجلّة، و رئيس رؤساء الملّة، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلّة، و الكاسر بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلّة، اجتمعت فيه خلال الفضل، و انتهت إليه رئاسة الكلّ، و اتفق الجميع علي علمه و فضله و فقهه و عدالته و ثقته و جلالته، و كان (رضي اللّه عنه) كثير المحاسن، جمّ المناقب، حديد الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب، واسع الرواية، خبيرا بالرجال و الأخبار و الأشعار، و كان أوثق أهل زمانه في س.
ص: 223
الحديث، و أعرفهم بالفقه و الكلام، و كلّ من تأخر عنه استفاد منه (1).
قلت: قلّما يوجد في كتب الأصحاب- الذين تأخروا عنه في فنون المسائل المتعلّقة بالإمامة من الأدلة و الحجج علي إثبات إمامة الأئمة عليهم السلام كتابا و سنّة، دراية و رواية، و ما يبطل به شبهات المخالفين، و ينقض به أدلّتهم علي صحة خلافة المتغلبين، و يطعن به علي أئمتهم المتسلطين- مطلب لا يوجد في شي ء من كتبه و رسائله و لو بالإشارة إليه، و هذا غير خفي علي من أمعن النظر فيهما، و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء، و كيف لا يكون كذلك و هو الذي امتاز بين علماء الفرقة بما ورد عليه من التوقيعات من ولي العصر و صاحب الأمر صلوات اللّه عليه، و قد ذكر المحقق النقاد ابن بطريق الحلي في رسالة نهج العلوم كما في اللؤلؤة و غيرها: انه ترويه كافّة الشيعة، و تتلقاه بالقبول (2)، و نقلها المحدث الطبرسي في الاحتجاج (3).
قال: ورد من الناحية المقدسة في أيام بقيت من صفر سنة عشر و أربعمائة كتاب إلي الشيخ المفيد طاب ثراه، و ذكر موصلة أنه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز.
و هذه صورته، نسخة ما ينوب مناب العنوان: للشيخ السديد و المولي الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان أدام اللّه إعزازه من مستودع العهد المأخوذ علي العباد.
نسخة ما في الكتاب: بسم اللّه الرحمن الرحيم. أما بعد، سلام عليك
ص: 224
أيّها الولي (1) المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنّا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلّا هو، و نسأله الصلاة علي سيّدنا و مولانا و نبيّنا محمّد و آله الطاهرين، و لنعلمك- أدام اللّه توفيقك لنصرة الحق، و أجزل مثوبتك علي نطقك عنّا بالصدق- أنه قد أذن لنا في تشريفك بالكتابة، و تكليفك ما تؤديه عنّا إلي موالينا قبلك- أعزّهم اللّه تعالي بطاعته، و كفاهم المهمّ برعايته لهم و حراسته، فقف أيّدك اللّه بعونه علي أعدائه المارقين من دينه- علي ما نذكره، و اعمل في تأديته إلي من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء اللّه، نحن و إن كنّا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي (2) أرانا اللّه من الصلاح لنا و لشيعتنا المؤمنين في ذلك، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط (3) علما بأنبائكم، و لا يعزب عنّا شي ء من أخباركم، و معرفتنا بالأذي (4) الذي أصابكم، منذ جنح كثير منكم إلي ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، و نبذوا العهد المأخوذ منهم كأنّهم لا يعلمون.
و إنّا غير مهملين لمراعاتكم، و لا ناسين لذكركم، و لو لا ذلك لنزل بكم البلاء (5) و اصطلمكم الأعداء، فاتقوا اللّه جلّ جلاله، و ظاهرونا علي نبئكم (6) من فتنة قد أناقت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله، و يحمي عنها من أدرك أمله، و هي أمارة لإدرار حركتها، و مناقشتكم (7) لأمرنا و نهينا، و اللّه متم نوره و لو كره المشركون، فاعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية، يحششها عصب ).
ص: 225
أمويّة، و يهول بها فرقة مهدويّة، أنا زعيم بنجاة من لم يرو منكم فيها (1) بمواطن الخفية و سلك في الظعن عنها السبل المرضية. إذا أهل جمادي الأولي من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، و استيقظوا من رقدتكم لما يكون في (2) الذي يليه.
ستظهر لكم من السماء آية جليّة، و من الأرض مثلها بالسوية، و يحدث في أرض المشرق ما يحرق و يقلق، و يغلب علي أرض العراق طوائف من الإسلام مرّاق تضيق بسوء فعالهم علي أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، يسر بهلاكه المتقون و الأخيار، و يتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يأملونه علي توفير غلبة منهم و اتفاق، و لنا في تيسير حجّهم علي الاختيار منهم و الوفاق، شأن يظهر علي نظام و اتساق.
ليعمل (3) كل امرئ منكم بما يقربه من محبّتنا، و ليجتنب ما يدنيه من كراهتنا و سخطنا، فإن أمرنا يبعثه فجأة حين لا تنفعه توبة، و لا ينجيه من عقابها ندم علي حوبة، و اللّه يلهمكم الرشد و يلطف لكم في التوفيق برحمة.
و نسخة التوقيع باليد العليا علي صاحبها السلام: هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي، المخلص في ودّنا الصفي، الناصر لنا الولي، حرسك اللّه بعينه التي لا تنام، فاحفظ به و لا تظهر علي خطّنا الذي سطرناه بماله ضمناه أحدا، و أدّ ما فيه إلي من تسكن إليه، و أوص جماعتهم بالعمل عليه، إن شاء اللّه تعالي، و صلّي اللّه علي محمّد و آله الطاهرين.
قلت: هذا التوقيع ورد قبل وفاة الشيخ بسنتين و نصف سنة تقريبا.
و قال الطبرسي: ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات اللّه عليه يوم ).
ص: 226
الخميس الثالث و العشرين من ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة و أربعمائة.
نسخته: من عبد اللّه المرابط في سبيله إلي ملهم الحق و دليله.
بسم اللّه الرحمن الرحيم، سلام عليك أيّها العبد الصالح الناصر للحق، الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنّا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلّا هو إلهنا و إله آبائنا الأولين، و نسأله الصلاة علي سيّدنا و مولانا محمّد صلّي اللّه عليه و آله خاتم النبيين، و علي أهل بيته الطيبين الطاهرين.
و بعد: فقد كنّا نظرنا مناجاتك- عصمك اللّه تعالي بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه، و حرسك به من كيد أعدائه- و شفعنا ذلك (1) من مستقر لنا ناصب (2) فيك في شمراخ من بهماء، صرنا إليه آنفا من غماليل (3)، ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، و يوشك ان يكون هبوطنا منه إلي صحيح من غير بعد من الدهر، و لا تطاول من الزمان، و يأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده (4) من الزلفة إلينا بالأعمال، و اللّه موفّقك لذلك برحمته.
فلتكن- حرسك اللّه بعينه التي لا تنام- أن تقابل لذلك فتنة (5) نفوس من قوم حرست باطلا لاسترهاب المبطلين، يبتهج لدمارها (6) المؤمنون، و يحزن لذلك المجرمون، و آية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم، من رجس منافق مذمّم، مستحل للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان، و لا يبلغ بذلك ).
ص: 227
غرضه من الظلم لهم و العدوان، لأنّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض و السماء، فلتطمئن بذلك من أوليائنا القلوب، و ليثقوا بالكفاية و إن راعتهم به الخطوب، و العاقبة لجميل (1) صنع اللّه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب، و نحن نعهد إليك أيّها الولي المجاهد فينا الظالمين، أيّدك اللّه بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين، أنه من أتقي ربّه من إخوانك في الدين، و أخرج (2) ما عليه إلي مستحقه كان آمنا من فتنها المبطلة (3)، و محنها المظلمة المضلّة، و من بخل منهم بما أعاره اللّه من نعمته علي من أمر بصلته، فإنه يكون بذلك خاسرا لأولاه و آخرته (4).
و لو أنّ أشياعنا- وفّقهم اللّه لطاعته- علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا علي حق المعرفة و صدقها منهم بنا، فما يحبسهم عنّا إلّا ما يتصل بنا ممّا نكرهه و لا نؤثره منهم، و اللّه المستعان و هو حسبنا و نعم الوكيل، و صلواته علي سيدنا البشير النذير محمّد و آله الطاهرين و سلّم، و كتب في غرّة شوال من سنة اثنتي عشرة و أربعمائة.
نسخة التوقيع باليد العليا صلوات اللّه علي صاحبها: هذا كتابنا إليك- أيّها الولي الملهم للحق العلي- باملائنا، و خطّ ثقتنا، فاخفه عن كلّ أحد و اطوه، و اجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلي أمانته من أوليائنا، شملهم اللّه ببركتنا و دعائنا إن شاء اللّه تعالي، و الحمد للّه، و الصلاة علي سيدنا محمّد ).
ص: 228
و آله الطاهرين (1).
قلت: الذي نقله في اللؤلؤة و غيرها عن رسالة ابن بطريق الحلّي، أن مولانا صاحب الزمان صلوات اللّه عليه و علي آبائه و أهل بيته، كتب إليه ثلاثة كتب في كلّ سنة كتابا (2)، و الذي نقله في الاحتجاج اثنان، فالثالث مفقود، و الذي يظهر من تاريخ وفاة الشيخ أن وصول الكتاب الأخير إليه كان قبل وفاته بثمانية أشهر تقريبا.
و قال السيد الأجل بحر العلوم: و قد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبري، مع جهالة المبلّغ و دعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغري، و يمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضي القرائن، و اشتمال التوقيع علي الملاحم و الأخبار عن الغيب الذي لا يطّلع عليه إلّا اللّه و أولياؤه بإظهاره لهم، و أن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام، و يعلم أنه الحجّة عليه السلام حال مشاهدته له، و لم يعلم من المبلّغ ادّعاؤه لذلك، و قد يمنع أيضا امتناعها في شأن الخواص، و أنّ اقتضاء ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار و دلالة بعض الآثار (3).
انتهي.
و نحن أوضحنا جواز الرؤية في الغيبة الكبري بما لا مزيد عليه، في رسالتنا جنّة المأوي (4)، و في كتاب النجم الثاقب (5)، و ذكرنا له شواهد و قرائن لا تبقي معه ريبة، و نقلنا عن السيد المرتضي و شيخ الطائفة و ابن طاوس (رحمهم اللّه) التصريح بذلك، و ذكرنا لما ورد من تكذيب مدّعي الرؤية ضروبا من 1.
ص: 229
التأويل يستظهر من كلماتهم (عليهم السلام) فلاحظ.
هذا و من أراد أن يجد وجدانا مفاد قول الحجّة عليه السلام في حقه: أيّها الولي الملهم للحق، فليمعن النظر في مجالس مناظرته مع أرباب المذاهب المختلفة، و أجوبته الحاضرة المفحمة الملزمة، و كفاك في ذلك كتاب الفصول (1) للسيد المرتضي الذي لخصه من كتاب العيون و المحاسن للشيخ، ففيه ما قيل في مدح بعض الأشعار يسكر بلا شراب، و يطرب بلا سماع، و قد عثرنا فيه علي بعض الأجوبة المسكتة التي يبعد عادة إعداده قبل هذا المجلس.
فممّا استطرفناه من ذلك ممّا فيه، قال السيد: قال الشيخ أدام اللّه عزّه:
حضرت يوما مجلسا فجري فيه كلام في رذالة بني تيم بن مرّة، و سقوط أقدارهم، فقال شيخ من الشيعة: قد ذكر أبو عيسي الورّاق فيما يدلّ علي ذلك قول الشاعر:
و يقضي الأمر حين تغيب تيم و لا يستأذنون و هم شهود
و إنك لو رأيت عبيد تيم و تيما قلت أيّهم العبيد
فذكر الشاعر أن الرائي لهم لا يفرّق بين عبيدهم و ساداتهم من الضعة و سقوط القدر، فانتدب له أبو العباس هبة اللّه بن المنجم.
ص: 230
فقال له: يا شيخ، ما أعرفك بإشعار العرب! هذا في تيم بن مرّة أو تيم الرباب، و جعل يتضاحك بالرجل، و يتماجن عليه، و يقول له: سبيلك أن تؤلّف دواوين العرب، فإن نظرك بها حسن.
قال الشيخ أدام اللّه عزّه: فقلت: جعلت هذا الباب رأس مالك، و لو أنصفت في الخطاب لأنصفت في الاحتجاج، و إن أخذنا معك في إثبات هذا الشعر تعلّق البرهان فيه بالرجال، و الكتب المصنفات، و اندفع المجلس و مضي الوقت و لكن بيننا و بينك كتب السير، و كلّ من اطلع علي حديث الجمل و حرب البصرة، فهل يريب في شعر عمير بن الأهلب الضبّي و هو يجود بنفسه بالبصرة و قد قتل بين يدي الجمل و هو يقول:
لقد أوردتنا حومة الموت أمنا فلم ننصرف إلّا و نحن رواء
نصرنا قريش ضلّه من حلومنا و نصرتنا أهل الحجاز عناء
لقد كان في نصر ابن ضبّة أمّه و شيعتها مندوحة و غناء
نصرنا بني تيم بن مرّة شقوة و هل تيم إلّا أعبد و إماء
فهذا رجل من أنصار عائشة، و من سفك دمه في ولايتها، يقول هذا القول في قبيلتها بلا ارتياب بين السير، و لم يك بالذي يقوله في تلك الحال إلّا و هو معروف عند الرجال، غير مشكوك فيه عند أحد من العارفين بقبائل العرب في سائر الناس. فأخذ في الضجيج، و لم يأت بشي ء (1). انتهي.
و ممّا يؤيد كلام الشيخ، و يناسب مجلسه المذكور، ما رواه العالم الجليل السيد حيدر العاملي في الكشكول: عن عكرمة عن ابن عباس، عن علي عليه السلام قال: لمّا مرّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي القبائل خرج مرّة و أنا معه 5.
ص: 231
و أبو بكر حتي أتينا علي مجلس من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر فسلّم، و كان نسّابة و قال: ممّن القوم؟
قالوا: من ربيعة.
قال: أنتم من هامتها أو لهازمها (1)؟
قالوا: بل هامتها العظمي.
قال: فأيّ هامّتها العظمي؟
قالوا: ذهل الأكبر.
قال أبو بكر: فمنكم عوف بن محلم الذي يقال فيه الأمر بوادي عوف؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم بسطام بن قيس ذو اللواء و منتهي الأحياء؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم جساس بن مرّة، حامي الذمار و المانع للجار؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم الحزوارة بن شريك قاتل الملوك و سالبها؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟
قالوا: لا.
قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟
قالوا: لا.
قال أبو بكر: فما أنتم من ذهل الأكبر، أنتم من ذهل الأصغر.ه.
ص: 232
فقام إليه غلام من شيبان حين بقل عذاره يقال له دغفل (1)، فأنشأ يقول:
إنّ علي سائلنا أن نسأله و اللقب لا نعرفه أو نحمله
يا هذا إنّك سألت فأخبرناك، و نحن سائلوك، فمن الرجل؟
قال: من قريش.
قال: بخ بخ أهل الشرف و الرئاسة، ثم قال: من أي قريش؟
قال: من تيم بن مرّة.
قال: إن كنت و اللّه إلّا من ضعفاء الثغرة، أمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل فسمي مجمعا؟
قال: لا.
قال: أمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه و أطعم الحجيج و رجال مكة، و هم مسنون عجاف؟
قال: لا.
قال: فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل البيت و الإفاضة بالناس أنت؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل الندوة؟
قال: لا.
قال: أ فمن أهل الحجابة؟8.
ص: 233
قال: لا.
قال: أ فمن أهل السقاية؟
قال لا. فاجتذب أبو بكر زمام ناقته، و رجع إلي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله، فقال الغلام:
صادف درّ السيل سيلا يدفعه ينبذه حينا و حينا يصدعه
أما و اللّه لو ثبت لأخبرتكم أنه من زمعات قريش، أي من أراذلها.
قال: فلمّا سمع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله بذلك تبسم (1).
و أمّا وجه تسميته بالمفيد، ففي معالم العلماء في ترجمته، و لقّبه المفيد صاحب الزمان صلوات اللّه عليه، و قد ذكرت سبب ذلك في مناقب آل أبي طالب عليهم السلام (2). انتهي.
و لا يوجد هذا الموضع من مناقبه، و لكن اشتهر أنه لقبه به بعض علماء العامة.
ففي تنبيه الخواطر للشيخ الزاهد ورّام: أن الشيخ المفيد لمّا انحدر مع أبيه و هو صبي من عكبري إلي بغداد للتحصيل اشتغل بالقراءة علي الشيخ أبي عبد اللّه المعروف: بالجعل، ثم علي أبي ياسر، و كان أبو ياسر ربّما عجز عن البحث معه، و الخروج عن عهدته، فأشار إليه بالمضي إلي عليّ بن عيسي الرماني الذي هو من أعاظم علماء الكلام، و أرسل معه من يدله علي منزله، فلمّا مضي و كان مجلس الرماني مشحونا من الفضلاء، جلس الشيخ في صف النعال، و بقي يتدرج للقرب كلما خلي المجلس شيئا فشيئا لاستفادة بعض المسائل من صاحب المجلس، فاتفق أن رجلا من أهل البصرة دخل و سأل الرماني، و قال
ص: 234
له: ما تقول في خبر الغدير و قصة الغار؟
فقال الرماني: خبر الغار دراية، و خبر الغدير رواية، و الرواية لا تعارض الدراية.
و لمّا كان ذلك الرجل البصري ليس له قوة المعارضة سكت و خرج.
و قال الشيخ: إنّي لم أجد صبرا عن السكوت عن ذلك، فقلت: أيها الشيخ! عندي سؤال، فقال: قل.
فقلت: ما تقول فيمن خرج علي الإمام العادل فحاربه؟
فقال: كافر، ثم استدرك، فقال: فاسق.
فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؟
فقال: إمام.
فقلت له: ما تقول في حرب طلحة و زبير له في حرب الجمل؟
فقال: إنّهما تابا.
فقلت له: خبر الحرب دراية، و التوبة رواية.
فقال: و كنت حاضرا عند سؤال الرجل البصري؟
فقلت: نعم.
فقال: رواية برواية، و سؤالك متجه وارد، ثم إنه سأله من أنت و عند من تقرأ من علماء هذه البلاد؟
فقلت له: عند الشيخ أبي علي جعل.
ثم قال له: مكانك، و دخل منزله و بعد لحظة خرج و بيده رقعة ممهورة، فدفعها إليّ و قال: ادفعها إلي شيخك أبي عبد اللّه.
فأخذت الرقعة من يده، و مضيت إلي مجلس الشيخ المذكور، و دفعت إليه الرقعة ففتحها و بقي مشغولا بقراءتها و هو يضحك، فلمّا فرغ من قراءتها.
قال: إن جميع ما جري بينك و بينه قد كتب إليّ به، و أوصاني بك،
ص: 235
و لقبك: بالمفيد (1).
و نقل ابن إدريس هذه الحكاية مختصرا في آخر السرائر (2).
و قال القاضي في المجالس نقلا عن مصابيح القلوب، قال: بينما القاضي عبد الجبار ذات يوم في مجلسه في بغداد- و مجلسه مملوء من علماء الفريقين- إذ حضر الشيخ و جلس في صفّ النعال، ثم قال للقاضي: إنّ لي سؤالا، فإن أجزت بحضور هؤلاء الأئمة.
فقال له القاضي: سل.
فقال: ما تقول في هذا الخبر الذي ترويه طائفة من الشيعة «من كنت مولاه فعلي مولاه» أ هو مسلّم صحيح عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله يوم الغدير؟
فقال: نعم خبر صحيح.
فقال الشيخ: ما المراد بلفظ المولي في الخبر؟
فقال: هو بمعني أولي.
فقال الشيخ: فما هذا الخلاف و الخصومة بين الشيعة و السنة؟
فقال الشيخ: أيّها الأخ هذه رواية، و خلافة أبي بكر دراية، و العادل لا يعادل الرواية بالدراية.
فقال الشيخ: ما تقول في قول النبيّ صلّي اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام: «حربك حربي، و سلمك سلمي»؟
قال القاضي: الحديث صحيح.
فقال: ما تقول في أصحاب الجمل؟
فقال القاضي: أيّها الأخ إنّهم تابوا.3.
ص: 236
فقال الشيخ: أيّها القاضي الحرب دراية، و التوبة رواية، و أنت قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية.
فبهت الشيخ القاضي، و لم يحر جوابا، و وضع رأسه ساعة ثم رفع رأسه، و قال: من أنت؟
فقال: خادمك محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي.
فقام القاضي من مقامه، و أخذ بيد الشيخ، و أجلسه علي مسنده، و قال:
أنت المفيد حقّا، فتغيّرت وجوه علماء المجلس، فلمّا أبصر القاضي ذلك منهم قال: أيّها الفضلاء و العلماء، إن هذا الرجل ألزمني، و أنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عمّا ذكره فليذكر ليقوم الرجل و يرجع مكانه الأول.
فلما انفصل المجلس شاعت القصة و اتصلت بعضد الدولة، فأرسل إلي الشيخ فأحضره، و سأله عمّا جري فحكي له ذلك، فخلع عليه خلعة سنيّة، و أخذ له بفرس محلّي بالزينة، و أمر له بوظيفة تجري عليه (1).
قلت: قد أورد المولي الفاضل الأوحدي أمير معزّ الدين محمّد بن أمير فخر الدين محمّد المشهدي، المعروف في البلاد الهندية بموسي خان، علي مناظرة الشيخ اعتراضا، زعم انّه لا مخلص له و لا جواب، و اشتهر ذلك في تلك البلاد بشبهة موسي خان، و قد تصدي كثيرون لدفعها، و قد سبقهم في إحراز قصبات هذا الميدان المولي الأجل المشار إليه بالبنان العلامة الأوحد مولانا شاه محمّد (2)، في كلام طويل نقله خروج عن وضع الكتاب، من أراده و طلبه ).
ص: 237
وجده.
و من عجيب غفلات الفاضل المعاصر في الروضات، أنه قال في آخر ترجمة الشيخ: ثم ليعلم أن لقب المفيد لم يعهد لأحد من علماء أصحابنا بعد هذا العلم الفرد، المشتهر بابن المعلم أيضا، كما قد عرفت، إلّا للفاضل الكامل المتقدم في الفقه و الأدب و الأصولين محمّد بن جهيم الأسدي الحلّي الملقب بمفيد الدين، و هو الذي قد يعبّر عنه في كتب الإجازات و غيرها بالمفيد
ص: 238
ابن الجهم (1). انتهي.
و هو من مشايخ العلامة كما تقدم (2)، و هذا منه في غاية الغرابة، فإن المفيد لقب لجماعة من الأعلام قبل ابن الجهم (3).
مثل: أبي علي الحسن بن الشيخ الطوسي، هو معروف في الإجازات، و قد يعبّر عنه بالمفيد الثاني (4).
و المفيد الرازي أبي الوفاء عبد الجبار المقري، مذكور في أغلب التراجم و الإجازات بهذا اللقب (5).
و المفيد النيسابوري: و هو الشيخ الحافظ عبد الرحمن (6) بن الشيخ أبي بكر أحمد بن الحسين، عمّ الشيخ أبي الفتوح المفسّر، و هو أيضا معروف مذكور بهذا اللقب، و قد صرّح هو بنفسه في ترجمة الشيخ (7) في مقام تعداد تلامذة الشيخ- و قد أخذه من المقابيس (8) و إن لم ينسبه إليه- ما لفظه: و الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري.
و المفيد الآخر عبد الجبار بن علي المقري الرازي (9). انتهي.
و أميركا بن أبي اللجيم (10) بن أميرة المصدري العجلي، أستاذ الشيخ م.
ص: 239
الجليل عبد الجليل الرازي صاحب المؤلفات الكثيرة.
و امّا مشايخ هذا الشيخ المعظم فهم جماعة:
أ- العالم الجليل أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه.
ب- الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمّي.
ج- أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي.
د- أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري، الثقة الجليل المعروف، صاحب الرسالة في أحوال آل أعين.
ه- أبو عبد اللّه محمّد بن عمران بن موسي بن سعد بن عبيد اللّه المرزباني، الكاتب البغدادي.
و- الفقيه المعروف أبو علي محمّد بن أحمد بن الجنيد، الكاتب الإسكافي، المعبّر عنه تارة بابن الجنيد، و اخري: بالإسكافي، و ثالثة بأبي علي، و رابعة بالكاتب، صاحب التصانيف الكثيرة، المتوفي سنة 381.
ز- شيخ الطائفة و عالمها أبو الحسن محمّد بن احمد بن داود بن علي القمي، الذي حكي الشيخ (1) المفيد أنّه لم ير أحفظ منه، صاحب الكتب الكثيرة التي منها المزار الذي ينقل عنه كثيرا، المتوفي سنة 368.
ح- الشيخ الثقة أبو علي أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي البصري، المصاحب للجلودي، قال في أماليه: حدثنا أبو علي أحمد بن محمّد الصولي بمسجد براثا سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة (2).
ط- شيخ الطائفة أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن قضاعة بن
ص: 240
صفوان بن مهران الجمّال، الذي ناظر مع قاضي الموصل في دار الأمير بن حمدان و بحضوره، ثم بأهله فجعل كفّه في كفّه، فلما وصل القاضي إلي بيته حمّ و انتفخ (1) الكفّ الذي مدّه للمباهلة، و اسودت و هلك من الغد، و انتشر بهذا ذكره عند الملوك (2). صاحب الكتب التي أملاها من ظهر قلبه، و يعبّر عنه بالصفواني في كتب الأصحاب.
ي- الشيخ المتقدم أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الأنصاري.
يا- السيد الجليل العظيم الشأن أبو محمّد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد اللّه بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام الطبري المرعشي، المعدود من أجلاء هذه الطائفة و فقهائها، المتوفي سنة 358 (3).
يب- القاضي أبو بكر محمّد بن عمر بن سالم بن محمّد البراء، المعروف بالجعابي، الحافظ النقاد، المعبّر عنه بأبي بكر الجعابي (4)، صاحب الكتاب الكبير في طبقات أصحاب الحديث من الشيعة.
يج- أبو الحسن علي بن محمّد بن خالد.
يد- أبو الحسن محمّد بن المظفر الورّاق.
يه- أبو حفص محمّد بن عمر بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات.
يو- أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن المغيرة البوشنجي العراقي.5.
ص: 241
يز- الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين الجواني.
يح- أبو الحسن علي بن محمّد القرشي.
يط- الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن طاهر الموسوي.
ك- أبو الحسن علي بن خالد المراغي القلانسي، و يظهر من أسانيد أماليه (1) أنه غير علي بن محمّد بن خالد الذي تقدم (2).
كا- أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيش الكاتب.
كب- أبو الحسن محمّد بن جعفر بن محمّد الكوفي النحوي التميمي، و الظاهر أنه الذي ترجمه النجاشي و مدحه، إلّا أنه كنّاه: بأبي بكر (3)، فلاحظ.
كج- أبو نصر محمّد بن الحسين البصير المقري.
كد- شيخ أصحابنا بالبصرة أبو الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي، صاحب الكتاب في الغدير.
كه- أبو الحسن علي بن مالك النحوي.
كو- أبو الحسين محمّد بن مظفر البزاز، و الظاهر أنه غير ما سبق (4)، لتعدد الكنية و اللقب. بل في جملة أسانيد كتاب الإرشاد: أبو بكر محمّد بن المظفر (5).
كز- أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم الكاتب.
كح- عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن أعين البزاز.
كط- أبو عبد اللّه محمّد بن داود الحتمي.3.
ص: 242
ل- أبو الطيب الحسين بن محمّد النحوي التمار، صاحب أبي بكر محمّد ابن القاسم.
لا- أبو الحسين أحمد بن الحسين بن أسامة البصري.
لب- أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد الأبهري.
لج- أبو الجيش المظفر بن محمّد البلخي الورّاق، قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: أنه قرأ علي أبي القاسم علي بن محمّد الرقاء، و علي أبي الجيش البلخي (1).
لد- أبو علي الحسين بن عبد اللّه القطان.
له- أبو الحسن أحمد بن محمّد الجرجاني.
لو- أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق.
لز- أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري.
لح- الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي العلوي، الذي أكثر الرواية عنه في الإرشاد.
لط- أبو بكر عمر بن محمّد بن (2) سليم بن البراء، المعروف بابن الجعابي،ظ.
ص: 243
الحافظ الثقة العارف بالرجال من العامة و الخاصة، كما صرح به الشيخ في الفهرست، و هو والد أبي بكر محمد الجعابي، الذي تقدم (1).
م- الشيخ الثقة الجليل أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان بن خالد ابن سفيان البزوفري.
ما- أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الرازي.
مب- أبو جعفر محمّد بن الحسين البزوفري، كما في آمالي أبي علي (2) مكررا، عن والده، عن المفيد، عنه، مع الترحم عليه، و هو ابن أبي عبد اللّه البزوفري.
مج- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن رياح القرشي.
مد- أبو الحسن زيد بن محمّد بن جعفر التيملي.
مه- محمّد بن أحمد بن عبد اللّه المنصوري.
مو- أبو القاسم علي بن محمّد الرفاء، صرّح به السروي في المعالم (3).
مر- أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن موسي بن هدية، صرّح به في الرياض (4)، و احتمل كونه بعينه الحسين بن محمّد بن موسي الذي هو من مشايخ النجاشي.
مح- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن شيبان القزويني.
في الرياض: عالم فاضل جليل فقيه إمامي نبيل، و هو من مشايخ الشيخ المفيد، و يروي عن علي بن حاتم الثقة، و قد ذكره ابن طاوس أيضا في الدروع الواقية، و نسب إليه كتاب علل الشريعة، و قد يعبّر عنه فيه بالقزويني، و عن 3.
ص: 244
كتابه بالعلل (1). انتهي.
و يروي عنه أحمد بن عبدون، كما في الفهرست في ترجمة الحسين بن عبيد اللّه بن سهل الساعدي، و ترجمة علي بن حاتم القزويني (2).
مط- أبو محمّد (3) سهل بن أحمد الديباجي، كما نصّ عليه في زيادات كتاب المقالات.
ن- جعفر بن الحسين (4) المؤمن رحمة اللّه، روي عنه مترحما في الاختصاص (5).
هذا ما حضرني من مشايخه الذين أكثر الرواية عنهم في أماليه و إرشاده.
و يوجد في أمالي أبي علي الطوسي، و الذين صرّح بهم النجاشي في ذكر 5.
ص: 245
طرقه إليهم، و يعرف حال المجهولين و المهملين منهم بما شرحناه في حال مشايخ النجاشي، بل أمر الشيخ في هذه المقامات أضيق و أتقن، كما لا يخفي علي من وقف علي طريقته.
و بالأسانيد إلي أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام قال: «قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: لا يزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي اللّه عزّ و جلّ حتي يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته؟ و جسدك فيما أبليته؟ و مالك من أين كسبته و أين وضعته؟ و عن حبّنا أهل البيت عليهم السلام؟ فقال رجل من القوم: و ما علامة حبّكم يا رسول اللّه؟ فقال: محبّة هذا، و وضع يده علي رأس علي بن أبي طالب عليه السلام» (1).
السابع: الفقيه الجليل المحدث أستاذ أبي عبد اللّه المفيد (رحمه اللّه) أبو القاسم جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسي بن قولويه القمّي.
قال النجاشي: كان أبو القاسم من ثقات أصحابنا و أجلائهم في الحديث و الفقه، روي عن أبيه، و عن أخيه، عن سعد، و قال: ما سمعت من سعد إلّا أربعة أحاديث، و عليه قرأ شيخنا أبو عبد اللّه الفقه، و منه حمل، و كلّما يوصف به الناس من جميل وفقه فهو فوقه، له كتب حسان، قرأت أكثر هذه الكتب علي شيخنا أبي عبد اللّه، و علي الحسين بن عبيد اللّه (2). انتهي.
و في الخرائج للقطب الراوندي: روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد
ص: 246
ابن قولويه قال: لما وصلت بغداد في سنة سبع و ثلاثين للحج- و هي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر إلي مكانه من البيت- كان أكثر همّي رؤية من ينصب الحجر، لأنه مضي عليّ في أثناء الكتب قصّة أخذه، و انه ينصبه مكانه الحجة في الزمان، كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه و استقر، فاعتللت علّة صعبة خفت منها علي نفسي، و لم يتهيأ لي ما قصدته، فاستنبت المعروف بابن هشام، و أعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدّة عمري، و هل يكون الموتة في هذه العلة أم لا؟ و قلت: همّي إيصال هذه الرقعة إلي واضع الحجر في مكانه، و أخذ جوابه، و إنّما أندبك لهذا.
قال: فقال المعروف بابن هشام: لمّا حصلت بمكة، و عزم الناس علي إعادة الحجر، بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أري وضع الحجر في مكانه، فأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس، فكلّما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم.
فأقبل غلام أسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله و وضعه في مكانه، فاستقام كأنّه لم يزل عنه، و علت لذلك الأصوات، فانصرف خارجا من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه، و أدفع الناس يمينا و شمالا حتي ظن بي الاختلاط في العقل، و الناس يفرجون لي، و عيني لا تفارقه حتي انقطع عن الناس، فكنت أسرع الشّد خلفه، و هو يمشي علي تؤدة السير و لا أدركه فلمّا حصل بحيث لا يراه أحد غيري، وقف و التفت إليّ، و قال عليه السّلام: هات ما معك، فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر إليها.
قل له: لا خوف عليك في هذه العلّة، و يكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الدمع حتي لم أطق حراكا، و تركني و انصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة، فلما كان سنة سبع و ستين اعتل أبو القاسم و أخذ ينظر في أمره، و تحصيل جهازه إلي قبره، فكتب وصيّته،
ص: 247
و استعمل الجدّ في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف، و نرجو ان يتفضل اللّه بالسلامة، فما علّتك بمخوفة؟ فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علّته، و هذه القصّة تنبئ عن مقام سنيّ، و قرب معنوي (1).
و في الخلاصة: أن الوفاة كانت في سنة تسع (2).
و في رجال الشيخ: ثمان (3).
و الأول لعلّه من مواضع تصحيف السبع بالتسع، و ما في رجال الشيخ لا يقاوم القصّة، كما لا يخفي.
و عدّ النجاشي من كتبه: كتاب الزيارات (4). و الشيخ في الفهرست: له كتاب جامع الزيارات (5)، و المراد منهما كتاب كامل الزيارات، و هو اسمه الذي سمّاه به، و هو كتاب مشهور معروف بين الأصحاب، نقل عنه أرباب التأليف منهم، مشتمل علي مائة و ستّة أبواب.
و ممّا ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أن الخبر الطويل الشريف المعروف بخبر زائدة، الذي يلوح من مضامين متنه علائم الصدق، و آثار الصواب، و نقله العلامة المجلسي في البحار (6) من كامل الزيارة، ليس من أصل الكتاب و إنما أدرجه فيه بعض تلامذته، و لم يتفطن المجلسي لذلك، فوقع في غفلة لا بدّ من التنبيه عليها.
ففي الكامل باب 88 فضل كربلاء و زيارة [الحسين عليه السلام] (7):
ص: 248
الحسين بن أحمد بن المغيرة- في حديث رواه شيخه أبو القاسم (رحمه اللّه) مصنّف هذا الكتاب، و نقل عنه- و هو عن زائدة، عن مولانا علي بن الحسين عليهما السلام. ذهب علي شيخنا (رحمه اللّه) أن يضمّنه كتابه هذا، و هو مما يليق بهذا الباب، و يشتمل أيضا علي معان شتي، حسن تام الألفاظ أحببت إدخاله فيه، و جعلته أوّل الباب، و جميع أحاديث هذا الباب و غيرها ممّا يجري مجراها يستدل بها علي صحّة قبر مولانا الحسين بن علي (عليهما السلام) بكربلاء، لأن كثيرا من المخالفين للحق ينكرون أن قبره (عليه السلام) بكربلاء، كما ينكرون أيضا أن قبر مولانا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه بالغريين بظهر نجف الكوفة، و قد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبي القاسم علي بن محمّد بن عبدوس الكوفي (رحمه اللّه) ممّا نقله عن مزاحم بن عبد الوارث البصري بإسناده عن قدامة بن زائدة، عن أبيه زائدة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام).
و قد ذاكرت شيخنا ابن قولويه (رحمه اللّه) بهذا الحديث بعد فراغه من تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه، فما قضي ذلك، و عاجلته منيته (رضي اللّه عنه) و ألحقه بمواليه عليهم السلام، و هذا الحديث داخل فيما أجاز لي (1) شيخي (رحمه اللّه)، و قد جمعت بين الروايتين بالألفاظ الزائدة و النقصان، و التقديم و التأخير فيهما حتي صح بجميعه عمّن حدثني به أولا، ثم الآن، و ذلك أنّي ما قرأته علي شيخنا (2) رحمه اللّه، و لا قرأه عليّ، غير أنّي أرويه عمّن حدثني به عنه.
و هو: أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عيّاش قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدثني أبو عيسي عبيد (3) اللّه بن الفضل بن ر.
ص: 249
محمّد بن هلال الطائي البصري (رحمه اللّه) قال: حدثني أبو عثمان سعيد بن محمّد، قال: حدثنا محمّد بن سلام بن سيّار الكوفي، قال: حدثني أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدثني عيسي بن أبي شيبة القاضي، قال: حدثني نوح بن درّاج، قال: حدثني قدامة بن زائدة، عن أبيه، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): بلغني- يا زائدة- أنّك تزور قبر أبي عبد اللّه (عليه السلام) أحيانا. و ساق الخبر إلي قوله: يا أخي سررت بكم، و قال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه، فقال (عليه السلام): يا أخي إنّي سررت بكم سرورا ما سررت مثله قطّ (1). إلي آخر الحديث.
و أمّا العلامة المجلسي فلم ينظر إلي ما صدر به الباب (2) المذكور، و لم ينقل المقدمة المذكورة، فقال: مل- و هو رمز الكامل- عبيد اللّه بن الفضل بن محمّد بن هلال، عن سعيد بن محمّد (3). و ساق السند و المتن، و أنت خبير بأنه ليس من الكامل و إن كان فيه، و أن الناظر في البحار يتحيّر في قوله: و قال مزاحم بن عبد الوارث في حديثه، فإنه لم يكن داخلا في السند الذي أثبته،3.
ص: 250
فكيف ينقل عنه؟ و المعهود من أئمة الفنّ أنّهم إذا وجدوا في متن الخبر اختلافا بالزيادة و النقيصة أو غيرهما من رجال السند، بأن رواه واحد منهم في كتابه أو حدث به كذا، و الآخر كذا، يشيرون إليه غالبا، و أمّا من لم يكن من رجاله فنقله في غير محلّه.
و أمّا الحسين بن أحمد بن المغيرة، و هو البوشنجي العراقي الذي تقدم (1) أنه من مشايخ المفيد، فذكر للخبر طريقين: أحدهما: من غير طريق شيخه أبي القاسم، و هو ما رواه من طريق مزاحم و لم يذكر تمام السند. و الآخر: من طريق شيخه الذي ذكره، فناسب أن يشير إلي الاختلاف.
ثم إن في نسخ البحار: و قال مزاحم، و ابن عبد الوارث، و الصحيح مزاحم بن عبد الوارث.
و اعلم أنّ المهم في ترجمة هذا الشيخ المعظم استقصاء مشايخه في هذا الكتاب الشريف، فإنّ فيه فائدة عظيمة لم تكن فيمن قدّمناه من المشايخ الأجلّة فإنه (رحمه اللّه) قال في أوّل الكتاب: و أنا مبيّن لك- أطال اللّه بقاك- ما أثاب اللّه به الزائر لنبيه و أهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين، بالآثار الواردة عنهم.
إلي أن قال: و سألت اللّه تبارك و تعالي العون عليه حتي أخرجته و جمعته عن الأئمة صلوات اللّه عليهم، و لم أخرج فيه حديثا روي عن غيرهم، إذ كان فيما رويناه عنهم من حديثهم صلوات اللّه عليهم كفاية عن حديث غيرهم، و قد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعني، و لا غيره، و لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم اللّه برحمته، و لا أخرجت فيه حديثا ممّا روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم، عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث و العلم (2)، انتهي.
ص: 251
فتراه (رحمه اللّه) نصّ علي توثيق كلّ من رواه عنه فيه، بل كونه من المشهورين بالحديث و العلم، و لا فرق في التوثيق بين النص علي أحد بخصوصه أو توثيق جمع محصورين بعنوان خاص، و كفي بمثل هذا الشيخ مزكّيا و معدّلا.
فنقول و اللّه المستعان: الذين روي عنهم فيه (1) جماعة:
أ- والده: محمّد بن قولويه (2)، الذي هو من خيار أصحاب سعد بن عبد اللّه، و أكثر الكشي النقل عنه في رجاله (3).
ب- أبو عبد الرحمن محمّد بن أحمد بن الحسين الزعفراني (4) العسكري المصري، نزيل بغداد، و أجاز عنه التلعكبري في سنة 325 (5).
ج- أبو الفضل محمّد (6) بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان الجعفي الكوفي، المعروف: بالصابوني، و بأبي الفضل الصابوني، صاحب كتاب الفاخر في الفقه، المنقول فتاويه في كتب الأصحاب.
د- ثقة الإسلام الكليني رحمه اللّه (7).
ه- محمّد بن الحسن بن الوليد (8)، شيخ القميين و فقيههم.
و- محمّد بن الحسن بن علي بن مهزيار (9).
ز- أبو العباس محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن القرشي البزاز (10)،ظ.
ص: 252
المتولد سنة 233، المتوفي سنة 316 كما في رسالة أبي غالب الزراري، و فيها:
إنّه خال والد أبي غالب، و إنه أحد رواة الحديث و مشايخ الشيعة، قال: و كان من محلّه في الشيعة أنه كان الوافد عنهم إلي المدينة عند وقوع الغيبة سنة ستين و مائتين، و أقام بها سنة و عاد، و قد ظهر له من أمر الصاحب عليه السلام ما أضاح (1) إليه (2).
ح- الشيخ الجليل محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري القمّي (3)، صاحب المسائل التي أرسلها إلي الحجة عليه السلام فأجابها، و التوقيعات بين السطور، رواها مسندا شيخ الطائفة في كتاب الغيبة (4).
ط- الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسي (5)، يروي عنه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، و في بعض النسخ: الحسين.
ي- أبو الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي (6)، العالم الجليل المعروف.
يا- أخوه علي بن محمّد بن قولويه (7).
يب- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّه (8) بن موسي 8.
ص: 253
ابن جعفر الموسوي العلوي، و الظاهر أنه المصري الذي أجاز عنه التلعكبري، و سمع منه بمصر سنة 340.
يج- أبو علي أحمد بن علي (1) بن مهدي بن صدقة الرقي بن هاشم بن غالب بن محمّد بن علي الرقي الأنصاري، الذي يروي عن أبيه، عن الرضا عليه السلام، و سمع منه التلعكبري سنة 340 (2).
يد- محمّد بن عبد المؤمن المؤدّب القمّي (3)، الثقة، صاحب كتاب النوادر الذي فيه سبعمائة حديث.
يه- أبو الحسن علي بن حاتم بن أبي حاتم القزويني (4)، صاحب الكتب الكثيرة الجيّدة المعتمدة، الذي روي عنه التلعكبري، و سمع منه سنة 326 (5).
يو- علي بن محمّد بن يعقوب بن إسحاق بن عمار الصيرفي (6) الكسائي الكوفي العجلي، المتوفي سنة 332، الذي روي عنه التلعكبري، و له منه إجازة، و سمع منه سنة 325 (7).
يز- مؤدّبه: أبو الحسن علي بن الحسين السعدآبادي القميّ (8)، الذي يروي عنه الكليني، و الزراري (9)، و علي بن بابويه، و محمّد بن موسي المتوكل.2.
ص: 254
يح- أبو علي محمّد بن همام (1) بن سهيل الكاتب البغدادي، شيخ الطائفة و وجهها، المولود بدعاء العسكري عليه السلام، المتوفي سنة 332، و قد أكثر الرواية منه التلعكبري، و سمع منه سنة 323، و هو مؤلف كتاب التمحيص، كما مرّ في الفائدة الثانية (2).
يط- أبو محمّد هارون بن موسي بن أحمد بن سعيد بن سعد التلعكبري الشيباني (3)، العظيم القدر و الشأن و المنزلة، الواسع الرواية، العديم النظير، الذي روي جميع الأصول و المصنفات، و لم يطعن عليه في شي ء، المتوفي سنة 385.
ك- القاسم بن محمّد بن علي بن إبراهيم الهمداني (4)، وكيل الناحية المقدسة بهمدان بعد أبيه محمّد الذي كان وكيلا بعد أبيه علي، وكلاء مشهورون مشكورون، و كفاهم بها فخرا و مدحا.
كا- الحسن بن زبرقان الطبري (5).
كب- أبو عبد اللّه الحسين (6) بن محمّد بن عامر بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمّي، الثقة، الذي أكثر الكليني من الرواية عنه في الكافي، و يروي عنه محمّد بن الحسن بن الوليد، و علي بن بابويه، و ابن بطة، و هو الراوي غالبا عن عمّه عبد اللّه بن عامر.
كج- أبو علي أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعري القميّ (7)، الفقيه 0.
ص: 255
الجليل، و هو من أجلاء مشايخ الكليني، و يروي عنه ابنه الحسين، و ابن الوليد، و ابن أبي جيد، و محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفري، و أبو الحسين، و أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري، و علي بن محمّد بن قولويه، و الصفار، و أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي، توفي سنة 306.
كد- أبو عيسي عبيد اللّه بن الفضل بن محمّد بن هلال الطائي (1) المصري، و في بعض النسخ عبد اللّه، و في من لم يرو عنهم عليهم السلام من رجال الشيخ: عبيد اللّه. إلي آخره. يكنّي أبا عيسي المصري، خاصي، روي عنه التلعكبري، قال: سمعت منه بمصر سنة 341 (2).
كه- حكيم بن داود بن حكيم (3)، يروي عن سلمة بن خطاب.
كو- محمّد بن الحسين (4) - و في بعض المواضع: الحسن- بن متّ الجوهري.
كز- محمّد بن أحمد بن علي بن يعقوب (5).
كح- أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار (6).
كط- أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن يعقوب (7)، و يحتمل اتّحاده مع سابقه، بل اتحاد الثلاثة، و يحتمل كونه ابن يعقوب بن شيبة المذكور في ترجمة جدّه الراوي عنه، فلاحظ.8.
ص: 256
ل- أبو عبد اللّه الحسين بن علي الزعفراني، حدّثه بالدير (1).
لا- أبو الحسين أحمد بن عبد اللّه بن علي الناقد (2).
لب- أبو الحسن محمّد بن عبد اللّه بن علي (3).
و بالأسانيد السابقة عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قال:
حدثني جماعة مشايخي، منهم: أبي، و محمّد بن الحسن، و علي بن الحسين، جميعا عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف، عن محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطيني، عن عبد اللّه بن زكريا المؤمن، عن ابن مسكان، عن زيد مولي ابن أبي (4) هبيرة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: «قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: خذوا بحجزة هذا الأنزع، فإنه الصدّيق الأكبر، و الهادي لمن اتبعه، من سبقه مرق عن الدين، و من خذله محقة اللّه، و من اعتصم به اعتصم بحبل اللّه، و من أخذ بولايته هداه اللّه، و من ترك ولايته أضلّه اللّه، و منه سبطا أمتي:
الحسن و الحسين، و هما ابناي، و من ولد الحسين عليه السلام الأئمة الهداة، و القائم المهدي عليهم السلام، فأحبّوهم، و تولّوهم، و لا تتخذوا عدوّهم وليجة من دونهم، فيحل عليكم غضب من ربكم، و ذلّة في الحياة الدنيا، و قد خاب من افتري» (5).
الثامن: العالم الجليل، و المحدّث النبيل، نقّاد الأخبار، و ناشر آثار الأئمة الأطهار عليهم السلام، عماد الملّة و المذهب و الدين، شيخ القميين و رئيس المحدثين، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه
ص: 257
القمّي أبا، و الديلمي أمّا، المولود بدعوة صاحب الزمان عليه السلام.
أخرج شيخ الطائفة في كتاب الغيبة عن ابن نوح قال: حدثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن سورة القمي- قال: قدم علينا حاجا- قال: حدثني علي بن الحسن بن يوسف الصائغ القمّي، و محمّد بن أحمد بن محمّد الصيرفي المعروف: بابن الدلال، و غيرهما من مشايخ أهل قم، أنّ علي بن الحسين بن موسي بن بابويه كانت تحته بنت عمّه محمّد بن موسي ابن بابويه فلم يرزق منها ولدا، فكتب إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي اللّه عنه أن يسأل الحضرة أن يدعو اللّه أن يرزقه أولادا فقهاء، فجاء الجواب: إنّك لا ترزق من هذه، و ستملك جارية ديلميّة، و ترزق منها ولدين فقيهين.
قال: و قال لي أبو عبد اللّه بن سورة حفظه اللّه: و لأبي الحسن بن بابويه ثلاثة أولاد: محمّد و الحسين فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان ما لا يحفظ غيرهما من أهل قم، و لهما أخ اسمه الحسن- و هو الأوسط- مشتغل بالعبادة و الزهد، لا يختلط بالناس، و لا فقه له.
قال ابن سورة: كلّما روي أبو جعفر و أبو عبد اللّه ابنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، و يقولون: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الإمام عليه السلام لكما، و هذا أمر مستفيض في أهل قم (1).
قال الشيخ: و أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ابن موسي بن بابويه، و أبي عبد اللّه الحسين بن علي أخيه، قالا: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي الأسود رحمه اللّه، قال: سألني علي بن الحسين بن موسي ابن بابويه رضي اللّه عنه بعد موت محمّد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه أن أسأل أبا القاسم الروحي قدّس اللّه روحه أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه 7.
ص: 258
السلام أن يدعو اللّه أن يرزقه ولدا.
قال: فسألته، فأنهي ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه عليه السلام قد دعا لعلي بن الحسين رحمه اللّه، و أنه سيولد له ولد مبارك ينفع اللّه به، و بعده أولاد، قال أبو جعفر محمّد بن علي الأسود (1): و سألته في أمر نفسي أن يدعو لي أن أرزق ولدا، فلم يجبني إليه، و قال لي: ليس إلي هذا سبيل.
قال: فولد لعلي بن الحسين رضي اللّه عنه تلك السنة محمّد بن علي، و بعده أولاد، و لم يولد لي.
قال أبو جعفر بن بابويه: و كان أبو جعفر محمّد بن علي الأسود كثيرا ما يقول إذا رآني أختلف إلي مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضي اللّه عنه، و أرغب في كتب العلم و حفظه: ليس بعجب أن يكون لك هذه الرغبة في العلم و أنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام.
و قال أبو عبد اللّه بن بابويه: عقدت المجلس و لي دون العشرين سنة، فربّما كان يحضر مجلسي أبو جعفر محمّد بن علي الأسود، فإذا نظر إلي إسراعي في الأجوبة في الحلال و الحرام، يكثر التعجب لصغر سني، ثم يقول: لا عجب، لأنّك ولدت بدعاء الإمام عليه السلام (2).4.
ص: 259
و رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين. إلي قوله: و قال أبو عبد اللّه (1).
قال العلامة الطباطبائي في ترجمته: شيخ من مشايخ الشيعة، و ركن من أركان الشريعة، رئيس المحدّثين، و الصدوق فيما يرويه عن الأئمة عليهم السلام، ولد بدعاء صاحب الأمر (عليه السلام)، و نال بذلك عظيم الفضل و الفخر، وصفه الإمام عليه السلام في التوقيع الخارج من ناحيته المقدسة بأنه فقيه خيّر مبارك ينفع اللّه به، فعمّت بركته الأنام، و انتفع به الخاصّ و العام، و بقيت آثاره و مصنّفاته مدي الأيام، و عمّ الانتفاع بفقهه و حديثه فقهاء الأصحاب، و من لا يحضره الفقيه من العوام (2).
و قال الشيخ في الفهرست: كان جليلا، حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه و كثرة علمه (3).
و قال النجاشي: شيخنا و فقيهنا و وجه الطائفة بخراسان، و كان ورد بغداد سنة خمس و خمسين و ثلاثمائة، و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السن (4) إلي آخره.
قلت: منهم الشيخ العديم النظير أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و أبو عبد اللّه محمّد بن النعمان المفيد، و أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، و علي بن أحمد بن عباس النجاشي، و أبو الحسين جعفر ابن الحسن بن حسكة القمّي، و أبو زكريا محمّد بن سليم الحمراني و غيرهم.
و قال النجاشي في ترجمة علي بن الحسين بن بابويه: إنه قدم العراق، و اجتمع بأبي القاسم الحسين بن روح (رحمه اللّه)، و سأله مسائل، ثم كاتبه بعد 9.
ص: 260
ذلك علي يد أبي جعفر محمّد (1) بن علي الأسود يسأله أن يوصل له رقعة إلي الصاحب عليه السلام، و يسأله الولد، فكتب عليه السلام إليه: دعونا اللّه لك بذلك، و سترزق ولدين ذكرين خيّرين. فولد له أبو جعفر، و أبو عبد اللّه من أمّ ولد، و كان أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه يقول: سمعت أبا جعفر يقول:
أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر عليه السلام، و يفتخر بذلك (2).
قال السيد الأجلّ الطباطبائي- بعد نقل ما نقلنا من أحاديث ولادته-:
إنّ هذه الأحاديث تدلّ علي عظم منزلة الصدوق، و كونه أحد دلائل الإمام، فإن تولّده مقارنا لدعوة الإمام، و تنبيهه بالنعت و الصفة من معجزاته صلوات اللّه عليه، و وصفه بالفقاهة و النفع و البركة دليل علي عدالته و وثاقته، لأن الانتفاع الحاصل منه رواية و فتوي لا يتمّ إلّا بالعدالة التي هي شرط فيها، و هذا توثيق له من الإمام الحجة صلوات اللّه عليه، و كفي به حجّة علي ذلك.
و قد نصّ علي توثيقه جماعة من علمائنا الأعلام:
منهم الفقيه الفاضل محمّد بن إدريس في السرائر و المسائل، و السيد الثقة الجليل علي بن طاوس في فلاح السائل و نجاح الآمل، و في كتاب النجوم، و الإقبال (3)، و غياث سلطان الوري لسكان (4) الثري. و العلامة في المختلف (5) و المنتهي (6)، و الشهيد في نكت الإرشاد (7) و الذكري (8). ثمّ عدّ جملة من العلماء 6.
ص: 261
الذين صرّحوا بتوثيقه. إلي أن قال: و كيف كان فوثاقة الصدوق أمر جلي، بل معلوم ضروري كوثاقة أبي ذر و سلمان، و لو لم يكن إلّا اشتهاره بين علماء الأصحاب بلقبيه المعروفين لكفي في هذا الباب (1).
قلت: في كتاب النكاح من السرائر: و إلي هذا ذهب شيخنا أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه. إلي أن قال: فإنه كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالأخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، و هو أستاذ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (2).
و قال السيد رضي الدين بن طاوس في فرج المهموم: و ممن كان قائلا بصحة النجوم، و أنها دلالات، الشيخ المتفق علي علمه و عدالته أبو جعفر محمّد ابن علي بن بابويه (3).
و قال في موضع آخر: و مما رويناه بعدّة أسانيد إلي أبي جعفر محمّد بن بابويه رضوان اللّه عليه فيما رواه في كتاب الخصال، و هو الثقة في المقال (4).
و في أوائل فلاح السائل: رويت من جماعة من ذوي الاعتبار و أهل الصدق في نقل الآثار، بإسنادهم إلي الشيخ المجمع علي عدالته أبي جعفر تغمّده اللّه برحمته (5).
و قد تبعنا المترجمين في ذكر النصوص و الشواهد علي وثاقته إزاحة لشبهة صدرت من بعضهم، و لعمري إنه إزراء في حقّ هذا الشيخ المعظم، فإنّ من قيل في حقه: شيخنا و فقيهنا، جليل القدر. كيف يتصور الشكّ في وثاقته؟! و ما في رجال أبي علي من المعذرة بانّ الوثاقة أمر زائد علي العدالة، مأخوذ 1.
ص: 262
فيها الضبط (1)، و المتوقف في وثاقته لعلّه لم يحصل له الجزم بها، و لا غرابة فيها أصلا، و إلّا فعدالة الرجل من ضروريات المذهب.
فيه- بعد الغضّ عمّا فيه- أن ما في الفهرست؛ كان جليلا حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للأخبار (2). إلي آخره؛ دالّ علي أنه كان في أعلي درجة الضبط و التثبّت، إذ حفظ الأخبار مع تنقيدها و البصارة في رجالها، بهذه الكثرة التي لم ير في القميين مثلها، لا يكون إلّا مع الضبط الكامل و التثّبت التام، مع أن الضبط بمعني عدم كثرة السهو و النسيان، داخل في العدالة المشترطة في الراوي، و بمعناه الوجودي- أي كثرة التحفّظ- من الفضائل التي لا يضرّ فقدانها بالوثاقة، كما قرّر في محلّه.
هذا و قد يستشكل في قول النجاشي من أنه ورد بغداد سنة 355، و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السن (3)، بأن كونه في هذا التأريخ حدث المن لا يلائم روايته رضي اللّه عنه، عن أبيه، و قد ملئت كتبه منها، لأن أباه رحمه اللّه مات سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، فلا أقل من أن يكون عمر الصدوق رحمه اللّه حينئذ خمسة عشر سنة فصاعدا، و هذا يقتضي أن يكون عمره وقت قدومه بغداد نيفا و أربعين سنة، و لمثله لا يقال: حدث السن.
و في الباب الحادي عشر من العيون: أنه سمع من محمّد بن بكران النقاش بالكوفة، سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة (4).6.
ص: 263
و في الباب السادس و العشرين منه: حدثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي بالكوفة، سنة أربع و خمسين و ثلاثمائة (1). و هذا مؤيد لما ذكر من التاريخ.
و لكن في الباب السادس منه: حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليبي بمدينة السلام- يعني بغداد- سنة اثنين و خمسين و ثلاثمائة (2).
و في عدّة أبواب: حدثنا عبد الواحد بن عبدوس بنيشابور في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة (3)، فكأنه رحل عن نيشابور بعد هذا الحديث إلي بغداد في تلك السنة، ثم خرج عنها و عاد إليها سنة 55، لكن لعلّ تأريخ اثنتين و خمسين أوفق بعبارة حدث السن.
و أمّا مشايخه، فلنذكرهم إن شاء اللّه تعالي في الفائدة الآتية عند شرح مشيخة الفقيه (4)، رعاية لعدم التفريق بينهم.
و بالأسانيد إلي الشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه، عن جماعة من أصحابنا قالوا: حدثنا محمّد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا جعفر بن إسماعيل الهاشمي، قال: سمعت خالي محمّد ابن علي يروي عن عبد الرحمن بن حمّاد، و عن عمر بن سالم صاحب السابري (5)، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هذه الآية: أَصْلُهٰا ثٰابِتٌ وَ فَرْعُهٰا فِي السَّمٰاءِ (6) قال: «أصلها: رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله،
ص: 264
و فرعها: أمير المؤمنين عليه السلام، و الحسن و الحسين عليهما السلام ثمرها، و تسعة من ولد الحسين عليهم السلام أغصانها، و الشيعة: ورقها، إنّ الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة».
قلت: قوله تعالي: تُؤْتِي أُكُلَهٰا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهٰا (1).
قال: «ما يخرج من علم الإمام إليكم في كلّ حجّ و عمرة» (2).
التاسع: الشيخ الجليل المتبحر النقاد، أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم ابن جعفر الكتاب النعماني، المعروف بابن أبي زينب.
قال النجاشي: شيخ من أصحابنا عظيم القدر، شريف المنزلة، صحيح العقيدة، كثير الحديث، قدم بغداد و خرج إلي الشام و مات بها، له كتب منها:
كتاب الغيبة، كتاب الفرائض، كتاب الردّ علي الإسماعيلية، رأيت أبا الحسين محمّد بن علي الشجاعي الكاتب يقرأ عليه كتاب الغيبة تصنيف محمّد بن إبراهيم النعماني بمشهد العتيقة لأنه كان قرأه عليه، و وصي لي ابنه أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد الشجاعي بهذا الكتاب و بسائر كتبه، و النسخة المقروءة عندي، و كان الوزير أبو القاسم الحسين بن علي بن محمد بن يوسف المغربي ابن بنته فاطمة بنت أبي عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني رحمهم اللّه (3). انتهي.
و له تفسير متضمن لخبر شريف واحد مسند عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، في أنواع آيات القرآن، و أمثلة كلّ نوع. يوجد مختصره من غير إسناد في أوّل تفسير علي بن إبراهيم القمي (4)، و قد اختصره
ص: 265
السيد الأجل المرتضي المعروف برسالة المحكم و المتشابه (1).
و أمّا كتابه في الغيبة فكفاه فضلا و اعتبارا كلام الشيخ المفيد في الإرشاد في باب أحوال الحجة عليه السلام- بعد ذكر جملة من النصوص-: و الروايات في ذلك كثيرة، قد دوّنها أصحاب الحديث من هذه العصابة، فممن أثبتها علي الشرح و التفصيل محمّد بن إبراهيم المكني أبا عبد اللّه النعماني، في كتابه الذي صنّفه في الغيبة (2)، انتهي.
قال (رحمه اللّه) في أوائل كتابه: و وجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين عليهم السلام بما أمروا به، أنّ من وهب اللّه له حظّا من العلم، و أوصله منه إلي ما لم يوصل إليه غيره، من تبيين ما اشتبه علي إخوانهم في الدين، و إرشادهم في (3) الحيرة إلي سواء السبيل، و إخراجهم من منزلة الشك. إلي نور اليقين، فقصدت القربة إلي اللّه عزّ و جلّ بذكر ما جاء عن الأئمة الصادقين الطاهرين، من لدن أمير المؤمنين إلي آخر من روي عنه منهم عليهم السلام في هذه الغيبة التي عمي عن حقيقتها (4) و نورها من أبعده اللّه عن العلم بها، و الهداية إلي (5) ما أتي عنهم فيها ما يصح لأهل الحق حقيقته، و رووه و دانوا به منها، و تؤكد حجّتهم بوقوعها، و تصديق ما أدوه منها، و إذا تأمّل من وهب اللّه له حسن ).
ص: 266
البصيرة، و فتح مسامع قلبه، و منحه جودة القريحة، و أتحفه (1) بالفهم و صحّة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات اللّه عليهم علي قديم الأيام و حديثها، من الروايات المتصلة (2) إلي آخر ما ذكره في كلام طويل، صرّح في مواضع منه بصحّة ما أودعه في كتابه هذا من الآثار المروية عنهم عليهم السلام.
و أما شيوخه في هذا الكتاب فهم جماعة كثيرة:
أ- أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الكوفي الزيدي، قال في أوّل خبر أسنده عنه: و هذا الرجل ممّن لا يطعن عليه في الثقة، و لا في العلم بالحديث و الرجال الناقلين له (3).
ب- عليّ بن أحمد بن عبيد اللّه البندبيجي.
عن جماعة منهم: عبيد اللّه بن موسي العلوي العباسي.
عن علي بن إبراهيم بن هاشم (4).
ج- الشيخ الجليل محمّد بن همام بن سهيل، قال في موضع: حدثنا محمّد بن همام في منزله ببغداد في شهر رمضان سنة سبع و عشرين و ثلاثمائة، قال: حدثني أحمد بن مابندار سنة سبع و ثمانين و مائتين (5).
د- محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور، كلاهما عن الحسن بن محمّد ابن جمهور العمي (6).
ص: 267
ه- ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني، و هو أستاذه (1).
و- عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس الموصلي (2).
ز- أبو القاسم الحسين بن محمّد البلادري، عن يوسف بن يعقوب القسطي المقري بواسط (3).
ح- محمّد عبد اللّه بن المعمّر الطبراني، بطبريّة سنة ثلاث و ثلاثين و ثلاثمائة، و كان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية و من الثقات (4).
ط- علي بن عبيد اللّه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم (5).
ي- أبو سليمان أحمد بن محمّد بن هوذة بن هراسة الباهلي، عن إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث و تسعين و مائتين (6)، و قد يروي عنه بتوسط عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس (7).
يا- أبو القاسم موسي بن محمّد الأشعري الثقة القمي المؤدّب (8)، ساكن شيراز، ابن بنت سعد بن عبد اللّه الأشعري سنة 313 بشيراز، عن سعد بن عبد اللّه.
يب- الشيخ الجليل هارون بن موسي التلعكبري (9).ه.
ص: 268
يج- عبد العزيز بن عبد اللّه بن يونس، أخو عبد الواحد المذكور (1).
يد- علي بن الحسين المسعودي (2)، صاحب إثبات الوصية، و مروج الذهب، عن محمّد بن يحيي العطار بقم.
يه- سلامة بن محمّد [عن] (3) الحسن بن علي بن مهزيار.
عن أبي الحسين علي بن عمر المعروف بالحاجي (4) و عن أحمد بن محمّد السياري (5). و عن أحمد بن داود أيضا، و هو عن علي بن الحسين بن بابويه (6).
يو- أبو علي أحمد بن محمّد بن أحمد بن يعقوب بن عمّار الكوفي، عن أبيه (7).1.
ص: 269
يز- محمّد بن أحمد بن يعقوب (1)، عن أبي عبد اللّه الحسين بن محمّد، و الظاهر أنه والد الشيخ المتقدم، و أنّهم من أحفاد إسحاق بن عمار الصيرفي الكوفي، و قد تقدم أنه من مشايخ جعفر بن قولويه (2).
يح- أبو الحارث عبد اللّه بن عبد الملك (3) بن سهل الطبراني، عن محمّد ابن المثني البغدادي (4).
يط- محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه (5)، كذا ذكر في الرياض، و لم أجده في كتابه، و كذا روايته عن هارون بن موسي، و عبد العزيز (6)، و لعلّ نسخ كتابه مختلفة، و اللّه العالم.
و بالأسانيد إلي العلامة الكراجكي، عن أبي الرجاء محمّد بن علي بن طالب البلدي، عن أستاذه أبي عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني، قال: حدثنا محمّد بن همام، قال: حدثنا عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي و الحسن بن طريف جميعا، عن حمّاد بن عيسي، عن عبد اللّه بن سنان، قال:
دخلت أنا و أبي علي أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال: «كيف أنتم إذا صرتم إلي حال لا يكون (7) فيها إمام هدي، و لا علم يري، فلا ينجو من تلك الحيرة إلّا من دعا بدعاء الغريق» فقال أبي: هذا و اللّه البلاء، فكيف نصنع جعلت فداك ).
ص: 270
حينئذ؟
قال: إذا كان كذلك- و لن تدركه- فتمسكوا بما في أيديكم حتي يتضح لكم الأمر.
هذا، و من عجيب تحريفات الفاضل المعاصر في ترجمة هذا الشيخ قوله:
و قال سمينا العلامة المجلسي في ديباجة بحار الأنوار: و كتاب جامع الأخبار، كتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزكي محمّد بن إبراهيم النعماني (رحمه اللّه) تلميذ الكليني. و قال في موضع آخر منها: كتاب نثر اللآلي، و كتاب جامع الأخبار من أجلّ الكتب (1)، انتهي.
و فيه تحريف لجملة من الكلم عن مواضعها:
أما أولا: فقال في البحار في عداد الكتب: و كتاب جامع الأخبار و أخطأ من نسبه إلي الصدوق، بل يروي عن الصدوق بخمس وسائط، ثم ذكر جماعة يحتمل كونه من مؤلفاتهم، ثم قال: و كتاب الغيبة للشيخ الفاضل (2). إلي آخره. فذكر جامع الأخبار مع الغيبة خطأ و نسبته إلي المجلسي افتراء.
و أمّا ثانيا: فقال في البحار في الموضع الآخر: و كتاب عوالي اللآلي و إن كان مشهورا، و مؤلّفه في الفضل معروفا، لكنه لم يميّز القشر من اللباب، و أدخل روايات متعصّبي المخالفين بين روايات الأصحاب، فلذا اقتصرنا منه علي نقل بعضها، و مثله كتاب نثر اللآلي، و كتاب جامع الأخبار، و كتاب النعماني من أجلّ الكتب (3)، ثم ذكر عبارة الإرشاد في مدحه، و أنت خبير بأن كتاب جامع الأخبار معطوف علي كتاب نثر اللآلي الذي هو كالعوالي عنده في 1.
ص: 271
قلّة الرجوع إليه، لا ربط لذكرهما مع كتاب النعماني، و هذا واضح.
العاشر: فخر الشيعة، و تاج الشريعة، ثقة الإسلام، و كهف العلماء الأعلام، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني- مصغّرا و بتخفيف اللام المنسوب إلي كلين كزبير، قرية من قري فشابويه التي هي إحدي كور الري، و فيها قبر أبيه يعقوب لا مكبّرا كامير التي هي قرية من ورامين، كما زعمه الفيروزآبادي (1). و ماله و الدخول في هذه المطالب؟! الرازي الشيخ الجليل العظيم، الكافل لأيتام آل محمّد عليهم السلام بكتابه الكافي، الذي يأتي في الفائدة الرابعة شرح علوّ قدره، و عظم شأنه، و تقدمه علي كلّ كتاب صنّف في الإسلام.
قال النجاشي: محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني- و كان خاله علّان الكليني الرازي- شيخ أصحابنا في وقته بالري، و وجههم، و كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني، يسمّي الكافي، في عشرين سنة (2).
و قال بحر العلوم في رجاله: ثقة الإسلام، و شيخ المشايخ الأعلام، و مروّج المذهب في غيبة الإمام (عليه السلام) ذكره أصحابنا و المخالفون، و اتّفقوا علي فضله و عظم منزلته.
قال الشيخ: ثقة جليل القدر، عارف بالأخبار (3).
و قال النجاشي و العلامة: شيخ أصحابنا في وقته بالري و وجههم، و كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم (4).
ص: 272
و ذكر المحقق في المعتبر في فضلاء أصحاب الحديث الذين اختار النقل عنهم ممّن اشتهر فضله، و عرف تقدمه في نقل الأخبار، و صحّة الاختيار، و جودة الاعتبار (1).
و في إجازة المحقق الكركي للشيخ أحمد بن أبي جامع: و أعظم الأشياخ في تلك الطبقة- يعني المتقدمة علي الصدوق- الشيخ الأجل، جامع أحاديث أهل البيت عليهم السلام، صاحب كتاب الكافي في الحديث، الذي لم يعمل الأصحاب مثله (2)، انتهي.
و يأتي إن شاء اللّه تعالي جملة من كلماتهم في مدح هذا الكتاب في الفائدة الآتية.
قال: و قال ابن الأثير في جامع الأصول: أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازي، الفقيه الإمام علي مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عالم في مذهبهم، كبير، فاضل عندهم مشهور (3). و عدّه في حرف النون من كتاب النبوة من المجددين لمذهب الإمامية علي رأس المائة الثالثة (4)، و كذا الفاضل الطيّبي في شرح المشكاة.
و هذا إشارة إلي الحديث المشهور المروي عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله أنه قال: إن اللّه يبعث لهذه الأمة في رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها (5).
و ما ذكره ابن الأثير و غيره من أهل الخلاف من أنّ الكليني هو المجدد لمذهب الإمامية في المائة الثالثة من الحق الذي أظهره اللّه علي لسانهم، و أنطقهم 3.
ص: 273
به، و من نظر إلي كتاب الكافي الذي صنّفه هذا الإمام طاب ثراه، و تدبّر فيه تبين له صدق ذلك (1)، انتهي.
و قال النجاشي: و مات أبو جعفر الكليني رحمه اللّه ببغداد، سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، سنة تناثر النجوم، و صلّي عليه محمّد بن جعفر الحسيني أبو قيراط، و دفن بباب الكوفة، و قال لنا أحمد بن عبدون: كنت أعرف قبره، و قد درس رحمه اللّه. (2)
قال السيد الأجل: ثم جدّد و هو إلي الآن مزار معروف بباب الجسر، و هو باب الكوفة، و عليه قبّة عظيمة، قيل: إن بعض ولاة بغداد رأي بناء القبر فسأل عنه، فقيل: إنّه لبعض الشيعة، فأمر بهدمه، و حفر القبر فرأي فيه جسدا بكفنه لم يتغيّر، و معه آخر صغير كأنه ولده بكفنه أيضا، فأمر بإبقائه، و بني عليه قبة.
و قيل: إنّه لما رأي إقبال الناس علي زيارة الكاظم عليه السلام حمله النصب علي حفر القبر، و قال: إن كان كما يزعمون من فضله فهو موجود في قبره، و إلّا منعنا الناس عنه، فقيل له: إن ها هنا رجلا من علماء الشيعة المشهورين، و من أقطابهم اسمه محمّد بن يعقوب الكليني، و هو أعور، فيكفيك الاعتبار بقبره، فأمر به فوجده بهيئته كأنه قد دفن تلك الساعة، فأمر بتعظيمه، و بني قبّة عظيمة عليه، فصار مزاره مشهورا (3)، انتهي.
و القبر الشريف في شرقي بغداد في تكية المولوية، و عليه شباك من الخارج إلي يسار العابر من الجسر مشهور تزوره العامة و الخاصة.
و اعلم أن له (رحمه اللّه) غير كتاب جامع الكافي كتبا أخري، منها: كتاب
ص: 274
رسائل الأئمة عليهم السلام، ينقل عنه السيد رضي الدين ابن طاوس في كشف المحجة (1)، و فلاح السائل (2)، و فتح الأبواب (3). و لم نعثر علي من نقل عنه بعده، فكأنه ضاع من قلّة الهمم، و انقلاب الأمم.
و ضبط السيد تاريخ الوفاة في سنة ثمان و عشرين (4)، و تبع في ذلك الشيخ في الفهرست (5)، و اللّه العالم.
و بالأسانيد السابقة إلي جماعة كثيرة من حفّاظ الشريعة، منهم أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، و أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري، و أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني، و أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد الصفواني و أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه الشيباني، و أبو عبد اللّه أحمد بن أبي رافع الصيمري، و أبو الحسن عبد الكريم بن عبد اللّه ابن نصير التنيسي، و أبو الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكتاب، و محمّد بن محمّد ابن عصام الكليني، و محمّد بن علي ماجيلويه، و علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، و علي بن أحمد بن موسي، و محمد بن أحمد بن محمّد بن سنان الزاهري أبو عيسي نزيل الري.
عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم رفعه إلي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «طلبة العلم ثلاثة، فاعرفهم بأعيانهم و صفاتهم: صنف يطلبه للجهل و المراء، و صنف يطلبه للاستطالة و الختل، و صنف يطلبه للفقه و العقل.
ص: 275
فصاحب الجهل و المراد مؤذ ممار متعرّض للمقال في أنديه الرجال، بتذاكر العلم، و صفة الحلم، قد تسربل بالخشوع، و تخلّي من الورع، فدق اللّه من هذا خيشومه، و قطع منه حيزومه.
و صاحب الاستطالة و الختل، ذو خبّ و ملق، يستطيل علي مثله من أشباهه، و يتواضع للأغنياء من دونه، فهو لحلوائهم (1) هاضم، و لدينهم حاطم، فأعمي اللّه علي هذا خبره، و قطع من آثار العلماء أثره.
و صاحب العقل و الفقه، ذو كآبة و حزن و سهر، قد تحنّك في برنسه، و قام الليل في حندسه، يعمل و يخشي وجلا، داعيا مشفقا، مقبلا علي شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشدّ اللّه من هذا أركانه، و أعطاه يوم القيامة أمانه» (2).
و تتمة ما يتعلّق بأحواله طاب ثراه تطلب من الفائدة الآتية (3) إن شاء اللّه تعالي.
الحادي عشر: الشيخ الأقدم، و الطود الأشمّ، أبو الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي، العالم الفقيه، المحدّث الجليل، صاحب المقامات الباهرة، و الدرجات العالية التي تنبئ عنها مكاتبة الإمام العسكري، و توقيعه الشريف إليه.
و صورته علي ما رواه الشيخ الطبرسي في الاحتجاج (4):
ص: 276
بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه ربّ العالمين، و العاقبة للموحدين، و النار للملحدين، و لا عدوان إلّا علي الظالمين، و لا إله إلّا اللّه أحسن الخالقين، و الصلاة علي خير خلقه محمّد و عترته الطاهرين.
أمّا بعد: أوصيك يا شيخي و معتمدي و فقيهي أبا الحسن علي بن الحسين ابن بابويه القمي- وفّقك اللّه لمرضاته، و جعل من ولدك أولادا صالحين برحمته- بتقوي اللّه، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة، و أوصيك بمغفرة الذنب، و كظم الغيظ، وصلة الرحم، و مواساة الإخوان، و السعي في حوائجهم في العسر و اليسر، و الحلم عند الجهل، و التفقه في الدين، و التثبت في الأمور، و التعهد للقرآن، و حسن الخلق، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال اللّه عزّ و جلّ: لٰا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ إِلّٰا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلٰاحٍ بَيْنَ النّٰاسِ (1) و اجتناب الفواحش كلها.
و عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل فإن النبي صلّي اللّه عليه و آله أوصي عليا عليه السلام فقال: يا علي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل. و من استخف بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيّتي، و أمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتي يعملوا عليه، و عليك بالصبر و انتظار الفرج، فإنّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج، و لا تزال شيعتنا 4.
ص: 277
في حزن حتي يظهر ولدي الذي بشّر به النبيّ صلّي اللّه عليه و آله حيث قال:
إنه يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.
فاصبر- يا شيخي و معتمدي أبا الحسن- و أمر جميع شيعتي بالصبر، فإنّ الأرض للّه يورثها من يشاء و العاقبة للمتقين.
و السلام عليك، و علي جميع شيعتنا، و رحمة اللّه و بركاته، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل، نعم المولي و نعم النصير (1). انتهي.
و نقله القاضي في المجالس (2) و في الرياض: و نقل الشهيد و القطب الكيدري أيضا- في كتاب الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة- هذا المكتوب من جملة كلام الحسن العسكري عليه السلام (3). انتهي.
و لم أجده فيه، و لعلّ نسخه مختلفة، و لا يخفي أنه لو فرض كون صدور التوقيع في سنة وفاة الإمام الزكي عليه السلام و هي سنة ستين بعد المائتين، كانت مدّة بقاء أبي الحسن عليّ بعد ذلك قريبة من سبعين سنة، فلو كان عند صدور التوقيع من الشيوخ سنّا فهو من المعمرين، و إلّا فخطاب الشيخ، و الفقيه و المعتمد منه عليه السلام إلي من هو في السن من الأحداث يدل علي مقام عظيم، كما يدل عليه أيضا ما تقدم في ترجمة ولده الأرشد أبي جعفر الصدوق من دعاء الحجة عليه السلام له، و إجابته عليه السلام مسئوله (4).
و يدلّ عليه- أيضا- ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة، عن جماعة، عن الحسين بن علي بن بابويه، قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا القميين كانوا 9.
ص: 278
ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة علي الحاج- و هي سنة تناثر الكواكب- إنّ والدي (رضي اللّه عنه) كتب إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس اللّه روحه يستأذن في الخروج إلي الحجّ، فخرج في الجواب: لا تخرج في هذه السنة. فأعاد و قال: هو نذر واجب فيجوز لي القعود عنه؟ فخرج في الجواب:
إن كان لا بد فكن في القافلة الأخيرة، و كان في القافلة الأخيرة، فسلم بنفسه، و قتل من تقدمه في القوافل الأخر (1).
و فيه بعد ذكر حسين الحلّاج و دعاويه الكاذبة في بغداد، و افتضاحه فيها، و فراره منها، قال: و أخبرني جماعة عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن الحسين ابن موسي بن بابويه، أن ابن الحلّاج صار إلي قم، و كاتب قرابة أبي الحسن يستدعيه و يستدعي أبا الحسن أيضا و يقول: أنا رسول الإمام و وكيله. قال:
فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي اللّه عنه خرقها و قال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات؟! فقال له الرجل- و أظن أنه قال: إنه ابن عمته أو ابن عمه- فإن الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته، و ضحكوا منه و هزؤا به، ثم نهض إلي دكانه و معه جماعة من أصحابه و غلمانه.
قال: فلما دخل إلي الدار التي كان فيها دكانه، نهض له من كان هناك جالسا، غير رجل رآه جالسا في الموضع، فلم ينهض له و لم يعرفه أبي، فلمّا جلس و اخرج حسابه و دواته كما يكون التجار، أقبل علي بعض من كان حاضرا فسأله عنه، فأخبره، فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه و قال له: تسأل عنّي و أنا حاضر؟ فقال له أبي: أكبرتك أيّها الرجل، و أعظمت قدرك أن أسألك. فقال له: تخرق رقعتي و أنا أشاهدك تخرقها؟ فقال له أبي: فأنت الرجل إذا، ثم قال:
يا غلام برجله و بقفاه، فخرج من الدار العدو للّه و لرسوله ثم قال: أ تدّعي 6.
ص: 279
المعجزات عليك لعنة اللّه؟! فأخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم (1).
و قال النجاشي: علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي أبو الحسن، شيخ القميين في عصره و متقدمهم و فقيههم و ثقتهم، كان قدم العراق و اجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه اللّه) و سأله مسائل، ثم كاتبه بعد ذلك علي يد علي بن جعفر بن الأسود (2). إلي آخر ما تقدم في ترجمة الصدوق (3)، ثم عدّ تصانيفه، و قال: أخبرنا أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمّد بن عبد الملك بن أبي مروان الكلوذانيّ (رحمه اللّه) قال: أخذت أجازه علي ابن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة بجميع كتبه، و مات علي بن الحسين سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و هي السنة التي تناثرت فيها النجوم.
و قال جماعة من أصحابنا يقولون: كنّا عند أبي الحسن علي بن محمّد السمري (رحمه اللّه) فقال: رحم اللّه علي بن الحسين بن بابويه، فقيل له: هو حي فقال: إنه مات في يومنا هذا فجاء الخبر بأنه مات فيه (4).
و قال الشيخ في كتاب الغيبة: و أخبرني جماعة عن أبي عبد اللّه الحسين بن علي بن بابويه، قال: حدثني جماعة من أهل قمّ، منهم علي بن أحمد بن عمران الصفار، و قريبه علوية الصفار، و الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمهم اللّه) قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها أبي رضي اللّه عنه علي بن الحسين ابن موسي بن بابويه، و كان أبو الحسن علي بن محمّد السمري يسألنا كلّ قريب 4.
ص: 280
عن خبر علي بن الحسين (رحمه اللّه) فنقول: قد ورد الكتاب باستقلاله (1). حتي كان اليوم الذي قبض فيه، فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك، فقال لنا: آجركم اللّه في علي بن الحسين فقد قبض في هذه الساعة! قالوا: فأثبتنا تاريخ الساعة و اليوم و الشهر، فلما كان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن قدس اللّه روحه (2). انتهي.
و قبره الشريف بقم مزار معروف، و عليه قبّة عالية يزار و يتبرّك به.
و من الغريب ما نقله فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين عن شيخنا البهائي: أنه في سنة عشر و ثلاثمائة دخل القرامطة لعنهم اللّه (3) إلي مكّة أيام الموسم، و أخذوا الحجر الأسود، و بقي عندهم عشرين سنة، و قتلوا خلقا كثيرا، و ممن قتلوا: علي بن بابويه، و كان يطوف، فما قطع طوافه، فضربوه بالسيف، فوقع إلي الأرض و أنشد:
تري المحبين صرعي في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا (4)
فإنه- مع عدم ذكره في شي ء من المؤلفات- مخالف لما تقدم من تاريخ وفاته و محل دفنه، و ببالي أني رأيت المقتول القائل للبيت في بعض التواريخ، و أنه من غير أصحابنا.7.
ص: 281
و في مجموعة الشهيد: ذكر الشيخ أبو علي ابن شيخنا الطوسي قدس سرّهما أن أول من ابتكر طرح الأسانيد، و جمع بين النظائر، و أتي بالخبر مع قرينه، علي بن بابويه في رسالته إلي ابنه، قال: و رأيت جميع من تأخر عنه يحمد طريقته فيها و يعوّل عليه في مسائل لا يجد النص عليها لثقته و أمانته، و موضعه من العلم و الدين (1).
و قال في الذكري: إن الأصحاب كانوا يأخذون الفتاوي من رسالة علي ابن بابويه إذا أعوزهم النص، ثقة و اعتمادا عليه (2). انتهي.
قلت: يظهر من النجاشي أن هذه الرسالة بعينها كتاب الشرائع، قال في عداد مصنفاته: كتاب الشرائع، و هي الرسالة إلي ابنه (3).
و لكن الشيخ في الفهرست (4) و ابن شهرآشوب في معالم العلماء (5) عدّاهما اثنين، و الثاني تبع الأول. و النجاشي أتقن و أضبط، و ليس لهذه الرسالة في هذه الأعصار و ما قبلها إلي عصر الشهيد أثر.
و قد أوضحنا- في الفائدة السابقة (6) - بطلان توهم كونها بعينها الفقه الرضوي بما لا مزيد عليه، و قد ضاع كما ضاع- لقلّة الهمم- سائر مؤلفاته.
نعم قال في أوّل البحار في جملة ما كان عنده من المؤلفات و كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة، للشيخ الأجل أبي الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، والد الصدوق، طيب اللّه تربتهما (7).
ص: 282
و قال في الفصل الآخر: و كتاب الإمامة مؤلفه من أعاظم المحدّثين و الفقهاء، و علماؤنا يعدّون فتاواه من جملة الأخبار، و وصل إلينا منه نسخة قديمة مصححة (1). انتهي.
و نحن لم نعثر علي هذا الكتاب، و نقلنا منه جملة من الأخبار بتوسط البحار، و نسبناه إلي أبي الحسن علي تبعا للعلامة المجلسي، و لكن في النفس منه شي ء، فإنه و إن عدّ النجاشي (2) و الشيخ (3) و ابن شهرآشوب (4) من مؤلفاته كتاب الإمامة و التبصرة من الحيرة، إلّا أن في كون ما كان عنده هو الذي عدّ من مؤلفاته نظر. فإنه يروي في هذا الكتاب عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري- الذي هو من مشايخ المفيد- و السيدين، و عن الحسن بن حمزة العلوي الذي هو أيضا من مشايخ المفيد، و الغضائري، و ابن عبدون، و عن أحمد بن علي عن محمّد بن الحسن- و الظاهر أنه ابن الوليد- عن محمّد بن الحسن الصفار، و عن سهل بن احمد الديباجي عن محمّد بن محمّد الأشعث، إلي غير ذلك مما ينافي طبقته، و إن أمكن التكلف في بعضها، إلّا أن ملاحظة الجميع تورث الظن القوي بعدم كونه منه (5)، و اللّه العالم.
و عدّ الشيخ و النجاشي أيضا من كتبه: كتاب قرب الإسناد، و هو ق.
ص: 283
كالأمالي من المؤلفات التي شاع تأليفها بين المحدّثين، كان يجمع كلّ محدّث ما كان عنده من الأخبار التي علا سندها و قلّت وسائطها و قرب إسنادها إلي المعصوم (عليه السلام) في مؤلف مخصوص، و كانوا يفتخرون و يبتهجون به.
و منه قرب الإسناد للشيخ الجليل عبد اللّه بن جعفر الحميري، و بقي من أجزائه قرب الإسناد إلي الصادق و إلي الكاظم و إلي الرضا عليهم السلام إلي الآن، و الباقي ضاع من حوادث الزمان.
و قرب الإسناد للمحدّث الجليل علي بن إبراهيم القمّي.
و قرب الإسناد لمحمّد بن عيسي بن عبيد اليقطيني.
و قرب الإسناد لمحمّد بن جعفر بن بطة.
إلي غير ذلك.
و قد صرّح المدقق المقدس الأردبيلي في حديقة الشيعة بأن قرب الإسناد لعلي بن بابويه وقع بيده بعد تأليفه آيات الأحكام، و كان بخطّ مؤلّفه، و قد أخرج منه بعض الأخبار في الحديقة (1).
و اعلم أن ضبط أسامي مشايخ هذا الشيخ الجليل متوقف علي تصفح أسانيد أخبار كتب ولده أبي جعفر الصدوق الموجودة في هذه الأعصار، و هو متوقف علي الفراغ من شغل أهم غير ميسور لنا، و الذي حضرنا من أساميهم:
أ- سعد بن عبد اللّه الأشعري.
ب- و علي بن إبراهيم (2) القمي.
ج- و محمّد بن يحيي العطار.
د- و عبد اللّه بن جعفر الحميري.
ه- و أحمد بن إدريس الأشعري.
ص: 284
و- و محمّد بن الحسن الصفار.
ز- و علي بن الحسين السعدآبادي.
ح- و علي بن موسي الكميذاني.
ط- و علي بن الحسن بن علي الكوفي.
ي- و الحسين بن محمّد بن عامر.
يا- و محمّد بن أحمد بن علي بن الصلت.
و بالأسانيد السابقة عن أبي جعفر الصدوق محمّد، عن والده أبي الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد ابن عبد الجبار، عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال: «سئل أبو عبد اللّه- يعني جعفر الصادق عليه السلام- عن حال أبي هاشم الكوفي فقال (عليه السلام): إنه كان فاسد العقيدة جدّا، و هو الذي ابتدع مذهبا يقال له:
التصوف، و جعله مفرّا لعقيدته الخبيثة.
و رواه بسند آخر عنه (عليه السلام)، و فيه: و جعله مفرّا لنفسه الخبيثة، و أكثر الملاحدة، و جنّة لعقائدهم الباطلة (1).
الثاني عشر: الشيخ المقدم الجليل أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي.
قال الشيخ في الفهرست: ثقة، بصير بالأخبار و بالرجال، حسن الاعتقاد، و له كتاب الرجال، أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسي عنه (2).
و في الرجال: من غلمان العياشي، ثقة بصير بالرجال و الأخبار، مستقيم المذهب (3).
ص: 285
و قال النجاشي: كان ثقة عينا، روي عن الضعفاء كثيرا، و صحب العياشي و أخذ عنه، و تخرج عليه في داره التي كانت مرتعا للشيعة و أهل العلم، له كتاب الرجال، كثير العلم إلّا أن فيه أغلاطا كثيرة، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح و غيره عن جعفر بن محمّد عنه بكتابه (1).
و يظهر من معالم العلماء أن اسم كتابه: معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين عليهم السلام (2)، و اختصره شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي، و يظهر سبب الاختصار علي ما صرّح به جماعة أن كتابه (رحمه اللّه) كان جامعا للأخبار الواردة في مدح الرواة و ذمّهم من العامة و الخاصة، فجرده الشيخ للخاصة و أزال عنه رواتهم.
و يظهر من آخرين أنّ السبب ما أشار إليه النجاشي و العلامة في الخلاصة، من أنه كان فيه أغلاط كثيرة (3)، فعمد الشيخ إلي تهذيبه و سمّاه باختيار الرجال، و صرّح جماعة من أئمة الفن أن الموجود المتداول من رجال الكشي من عصر العلامة إلي وقتنا هذا هو اختيار الشيخ، و أمّا الأصل فذكر جماعة من المتتبعين أنّهم لم يقفوا عليه.
ثم إن السيد الفاضل يوسف بن محمّد بن زين الدين الحسيني الشامي، رتّب هذا الكتاب علي ترتيب رجال الشيخ في سنة إحدي و ثمانين و تسعمائة، و كان عندي منه نسخة ذهبت عني.
ثم رتبه علي ترتيب منهج المقال و أمثاله الشيخ العالم زكي الدين المولي عناية اللّه بن شرف الدين بن علي القهپائي مولدا النجفي مسكنا، تلميذ المحققين الورعين المولي عبد اللّه التستري، و المقدس الأردبيلي، صاحب مجمع
ص: 286
المقال في سنة إحدي عشر بعد الألف، عندنا نسخة الأصل منه، و له عليها حواش نافعة، و رمزها ع، و قد أشار في ترجمة كلّ أحد كالسيد المتقدم إلي المواضع التي فيها ذكر لهذا الرجل مدحا و قدحا.
و رتبه أيضا الشيخ الفاضل الشيخ داود بن الحسن الجزائري المعاصر لصاحب الحدائق، كما صرّح به في اللؤلؤة (1)، و لم نعثر علي نسخته.
و اعلم انه قد ظهر لنا من بعض القرائن أنه قد وقع في اختيار الشيخ- أيضا- تصرف من بعض العلماء أو النساخ بإسقاط بعض ما فيه، و أن الدائر في هذه الأعصار غير حاو لتمام ما في الاختيار، و لم أر من تنبّه لذلك، و لا وحشة من هذه الدعوي بعد وجود القرائن التي منها:
ما في فرج الهموم للسيد رضي الدين علي بن طاوس، قال في جملة كلام له، و نحن نذكر ما روي عنه- يعني عن جدّه الشيخ الطوسي- في أول اختياره عن خطّه. فهذا لفظ ما وجدناه-: أملاه علينا الشيخ الجليل الموفق أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي أدام اللّه علوّه و كان ابتداء إملائه يوم الثلاثاء السادس و العشرين من صفر سنة ست و خمسين و أربعمائة بالمشهد المقدس الشريف الغروي علي ساكنه السلام، فإن هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال لأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي و اخترنا ما فيها (2)، انتهي.
و أول النسخ (3) التي رأيناها الأخبار السبعة التي صدر بها الكتاب قبل ).
ص: 287
الشروع في التراجم، و ليس فيه هذه العبارة.
و منها: ما في مناقب ابن شهرآشوب نقلا عن اختيار الرجال لأبي جعفر الطوسي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن سلمان الفارسي، أنه لما استخرج أمير المؤمنين عليه السلام خرجت فاطمة عليها السلام حتي انتهت إلي القبر فقالت: خلّوا عن ابن عمّي، فو الذي بعث محمّدا صلّي اللّه عليه و آله بالحق لئن لم تخلّوا عنه لأنشرن شعري، و لأضعن قميص رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله علي رأسي، و لأصرخن إلي اللّه، فما ناقة صالح بأكرم علي اللّه من ولدي؟! قال سلمان: فرأيت و اللّه أساس حيطان المسجد تقطعت من أسفلها حتي لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ، فدنوت منها فقلت: يا سيدتي
ص: 288
و مولاتي، إن اللّه تبارك و تعالي بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة. فرجعت الحيطان حتي سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا (1). انتهي.
و لم أجد هذا الخبر في النسخ التي رأيناها.
و منها: ما في حاشية تلخيص المقال للعالم المحقق الآميرزا محمّد طاب ثراه ما لفظه: ذكر أبو جعفر الطوسي في اختيار الرجال، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و عن أبي البختري قال: حدثنا عبد اللّه بن الحسن ابن الحسن، أن بلالا أبي أن يبايع أبا بكر، و أنّ عمر أخذ بتلابيبه فقال له: يا بلال، هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك فلا تجي ء تبايعه؟.
فقال: إن كان أبو بكر أعتقني للّه فليدعني له، و إن كان أعتقني لغير ذلك فها أنا ذا، و أمّا بيعته فما كنت مبايعا أحدا لم يستخلفه رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، و الذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلي يوم القيامة.
فقال عمر: لا أبا لك، لا تقم معنا، فارتحل إلي الشام، و توفي بدمشق و دفن بالباب الصغير، و له شعر في هذا المعني (2)، كذا وجد منسوبا إلي الشهيد الثاني، و لم أره في كتاب الاختيار للشيخ. و اللّه أعلم.
و منها: ما في رجال ابن داود في ترجمة حمدان بن أحمد، نقلا عن الكشي، أنه من خاصة الخاصّة، أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنه و الإقرار له بالفقه في آخرين (3). انتهي.
و هو غير مذكور في الكتاب (4)، و عدّه من أوهام ابن داود بعيد كبعد كون النقل من أصل كتاب الكشي.4.
ص: 289
و قال المحقق الداماد في الرواشح- بعد شرح حال حمدان و نقل إجماع ابن داود ما لفظه-: لكن كتاب الكشي ساذج (1) و لسانه ساكت من ادعاء الإجماع، إلّا أن يقال أن المعهود من سيرته و المأثور من سنّته أنه لا يطلق القول بالفقه و الثقة و الحبرية و العدّ من خاص الخاص إلّا فيمن يحكم بتصحيح ما يصحّ عنه و ينقل علي ذلك الإجماع، فلذلك نسب الحسن بن داود هذا الادعاء إليه، ثم ذكر الاحتمال الثاني، و الوجه الذي أبدعه أبعد الوجوه (2).
و قال رحمه اللّه في الراشحة العشرين: السواد الأعظم من الناس يغلطون فلا يفرقون بين المشيخة و المشيخة، و لا بين شيخان و شيخان، و يضمون كاف الكشي و يشدّدون النجاشي. إلي أن قال: و اعلمن أن أبا بكر محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي شيخنا المتقدم الثقة الثبت العالم البصير بالرجال و الأخبار، صاحب أبي نصر محمّد بن مسعود العياشي السلمي السمرقندي، و كثيرا من وجوه شيوخنا و علمائنا كانوا من كش البلد المعروف علي مراحل من سمرقند.
قال الفاضل البارع المهندس البيرجندي في كتابه المعمول في مساحة الأرض و بلدان الأقاليم: كشّ- بفتح الكاف و تشديد الشين المعجمة- من بلاد ما وراء النهر، بلد عظيم ثلاثة فراسخ، و النسبة إليه كشي (3)، و أما ما في القاموس: الكشّ- بالضم- الذي يلقح به النخل، و كش- بالفتح- قرية بجرجان (4)، فعلي تقدير الصحة فليست النسبة إليها (5)، انتهي.
قلت: و يشهد لصحة ما ذكره أن أغلب مشايخه و الرواة عنه من أهل خ.
ص: 290
تلك البلاد، فإنه من غلمان العياشي السمرقندي الراوي عنه، القاري عليه، المستفيد منه، و المعتمد عليه في التعديل و الجرح.
و يروي عن:
أ- أبي الحسن حمدويه بن نصير الكشي (1).
ب- و عن محمّد بن سعيد الكشي (2).
ج- و عن أبي جعفر محمّد بن أبي عوف البخاري (3).
د- و عن إبراهيم بن محمّد بن العباس الختلي (4)، و الختل كسكّر بلد بما وراء النهر (5)، خرج منه جمع كثير من العلماء.
ه- و عن أبي إسحاق إبراهيم بن نصير الكشي (6).
و- و عن أبي محمّد جبرئيل بن أحمد الفاريابي (7). قال الشيخ: و كان مقيما بكش (8).
ز- و عن نصر بن صباح البلخي (9).
ح- و عن علي بن محمّد القتيبي النيشابوري (10).
ص: 291
ط- و عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان (1)، و المراد النيشابوري، كما هو الحق عندنا.
ي- و عن طاهر بن عيسي الوراق، قال الشيخ فيمن لم يرو عنهم عليهم السلام: هو أبو محمّد من أهل كش، صاحب كتب روي عنه الكشي (2). إلي آخره، و يروي عن أبي سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي (3).
يا- و عن أبي صالح خلف بن حماد العامي الكشي (4).
يب- و عن آدم بن محمّد القلانسي البلخي (5).
يج- و عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد، شيخ من جرجان عامّي (6).
يد- و عن جعفر بن معروف يكني أبا محمّد، من أهل كش (7).
يه- و عن محمّد بن أحمد بن أبي عوف البخاري (8).
يو- و عن عبيد بن محمّد النخعي الشافعي (9).
يز- و عن محمّد بن الحسن البراثي الكشي (10).
يح- و عن عثمان بن حامد الكشي (11).9.
ص: 292
يط- و عن محمّد بن نصير (1)، قال الشيخ: من أهل كشّ، ثقة جليل القدر كثير العلم، روي عنه أبو عمرو الكشي (2).
ك- و عن سعد بن جناح الكشي (3).
كا- و عن أبي سعيد محمّد بن رشيد الهروي (4).
كب- و عن أبي سعيد جعفر (5) بن أحمد بن أيوب السمرقندي (6).
كج- و عن أحمد بن محمّد بن يعقوب البيهقي (7).
كد- و عن أبي علي أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي (8)، قال: و كان من الفقهاء، و كان مأمونا علي الحديث (9).
هذا، و يروي عنه: الثقة الجليل أبو أحمد حيدر بن محمّد بن نعيم السمرقندي، و أنت خبير بأن المراد من كش في هذه الموارد هو البلد المعروف، و فيه تولد تيمور لنك، و حمله في خصوص المقام علي ملقح النخل و قراءته بالضم من اعوجاج السليقة، و كان بعض من عاصرناه يقرؤه بالضم مستندا إلي بعض نسخ المنتقي لصاحب المعالم و إعرابه فيه بالضم، و هو عن جادة الاستقامة بمراحل.
هذا و يروي أبو عمرو الكشي عن جماعة آخرين غيرهم، مثل:ء.
ص: 293
كه- محمّد بن قولويه (1).
كو- و أبي سعيد الآدمي سهل بن زياد (2).
كز- و علي بن الحسن (3).
كح- و أبي علي أحمد بن علي السلولي (4).
كط- و الحارث بن نصير الأزدي (5).
ل- و أبي عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الوراق (6).
لا- و الحسين بن الحسن بن بندار (7).
لب- و أبي أحمد (8).
لج- و محمّد بن الحسن البراثي (9).
لد- و إسحاق بن محمّد (10).
له- و يوسف بن السخت (11).
لو- و محمّد بن بشر (12).ر.
ص: 294
لز- و محمّد بن أحمد (1).
لح- و إبراهيم بن محمّد بن يحيي بن عباس (2).
لط- و الحسين [بن إشكيب]، عن محمّد بن خالد البرقي (3).
م- و عبد اللّه بن محمّد، عن الوشاء (4).
ما- و إبراهيم بن علي الكوفي (5).
مب- و أبي الحسن أحمد بن محمّد الخالدي (6).
مج- و صدقة بن حماد (7).
مد- و أحمد بن منصور (8).
مه- و أحمد بن إبراهيم القرشي (9).
مو- و أبي جعفر محمّد بن علي بن القاسم بن أبي حمزة القمّي (10).
مز- و أبي محمّد الدمشقي (11).
مح- و أبي الحسن أحمد بن الحسن الفارسي (12).ه.
ص: 295
مط- و إبراهيم بن المختار بن محمّد بن العباس (1).
ن- و أبي بكر أحمد بن إبراهيم السنسني (2).
نا- و أبي عمرو بن عبد العزيز (3).
و بالأسانيد عن جعفر بن قولويه، و أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري عن أبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، عن نصر بن الصباح البلخي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الجارود، قال: قلت للأصبغ بن نباتة: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟ قال: ما أدري ما تقول؛ إلّا أن سيوفنا كانت علي عواتقنا، فمن أومي إلينا ضربناه بها، و كان يقول لنا: تشرّطوا تشرّطوا، فو اللّه ما اشتراطكم لذهب و لا فضّة، و ما اشتراطكم إلّا للموت، إنّ قوما من قبلكم من بني إسرائيل تشارطوا بينهم فما مات أحد منهم إلّا كان نبيّ قومه، أو نبيّ قريته، أو نبيّ نفسه، و إنكم بمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء (4).
هذا آخر ما أوردناه من ذكر طرقنا، و إجمال شرح جملة من المشايخ في الفائدة الثالثة من خاتمة كتابنا مستدرك الوسائل، و الحمد للّه أولا و آخرا، و صلّي اللّه علي محمّد و آله الطيبين الطاهرين المعصومين، في شهر رجب المرجب من شهور سنة عشرين و ثلاثمائة بعد الألف من الهجرة.8.
ص: 296
بسم اللّه الرحمن الرحيم يمثل هذا الملحق مخططا توضيحيا مبسطا لمشايخ و طرق الشيخ النوري إلي أصحاب المجاميع الاثني عشر الذين تنتهي إليهم جميع طرقه، و منهم تتفرع إلي الأئمّة المعصومين عليهم السلام، باعتماد ما أورده النوري في الفائدة الثالثة فحسب، و حيث وجدنا فيها اختلافا كثيرا مع المشجرة المطبوعة سابقا، فأشرنا إلي موارد الاختلاف تلك في هوامش خاصة بتلك الموارد في محلها.
ثم ان من الملاحظات المهمة التي ينبغي الالتفات إليها للاستفادة الوافية من هذا المخطط جملة أمور:
أولها: ان الشيخ النوري في فائدته هذه قسّم طرقه إلي ثلاثة أقسام هي:
1- مشايخه الخمسة و طرقهم، و قد قسّمنا نحن هذا القسم إلي اثنتي عشر طبقة تنتهي بالرقم 184.
2- مشايخ المشايخ، و قد رتبنا تسلسلهم من الرقم 185 إلي الرقم 1098.
3- أصحاب المجاميع الذين أشرنا إليهم سابقا، و الذين تبتدئ طبقتهم بالشيخ الكراجكي و تنتهي بالكشي، في التسلسل المحصور بين الرقمين 1099 و 1397.
ثانيها: خصصنا لكل علم ورد في المخطط رقما ضمن تسلسل وروده، فلو تكرر وروده أثبتنا له رقما جديدا، و وضعنا جميع هذه الأرقام في دائرة.
ثالثها: المتأمل في هذا المخطط يجد ان هناك ثلاثة أرقام تسبق كل
ص: 297
علم كما في المثال التالي:
11 27 1- الشيخ محمّد تقي الطهراني.
28 2- الشيخ أحمد الأحسائي.
و توضيح ذلك هو ان:
أ- الرقم الأول فوق السهم يشير إلي تسلسل الشيخ (و هو الشيخ حسين علي الملايري التويسركاني و انه يروي عن الشيخين (أو أكثر ان كانوا) المشار إليهما بالسهمين التاليين.
ب- و اما الرقم الموضوع في الدائرة فيشير إلي التسلسل العام للاعلام.
ج- كما ان الرقم الموجود بعد السهم المنطلق من الدائرة فيشير إلي تسلسل الشيخ، و مجموعهم يمثل مجموع الشيوخ في هذا الطريق، أي ان الشيخ التويسركاني (في هذا المثال) يروي عن شيخين هما الطهراني و الأحسائي.
رابعها: لما كان الشيخ النوري قد أنهي بعض الطرق و لم يوصلها في متن الفائدة فقد ارتأينا الإشارة إلي تلك الموارد بوضع نجمة عندها، و هي تعني أنّ الشيخ الملحوق بهذه النجمة يشكل منتهي من سبقه من الشيوخ في هذا الطريق، و غالبا ما يكون موضع الاتصال مع طرق أخري.
مثلا: لما كان الرقم (3) يروي عن الرقم (12) و الأخير يروي عن الرقم (29) الذي الحق بنجمة كنهاية لهذا الطريق، فان ذلك يعني ان لهذا العلم (29) و هو السيّد مهدي بحر العلوم له طرق أخري متصلة، حيث ورد برقم (18)، و يروي أيضا عن (38- 45) و هكذا.
و إتماما للفائدة، و تسهيلا للقارئ و الباحث فقد اعددنا في آخر هذا المخطط فهرسا يبيّن موارد تكرار هذا العلم في هذه الطرق المختلفة.
ص: 298
العلّامة النوري 1 1- الشيخ مرتضي بن محمّد أمين الأنصاري 2 2- الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني 3 3- السيّد محمّد مهدي القزويني 4 4- الشيخ علي بن خليل الطهراني 5 5- السيّد هاشم الخوانساري
ص: 299
1- 6- 1- الشيخ أحمد النراقي الكاشاني.
1- 7- 2- السيد صدر الدين محمد بن صالح بن محمد الموسوي العاملي.
2 8- 1- الشيخ محمد حسن بن باقر النجفي 2- 9- 2- السيد محمد شفيع الجابلقي 2- 10- 3- محمد رفيع الجيلاني 2- 11- 4- حسين علي الملايري التويسركاني 3 12- 1- عمه السيد محمد باقر بن أحمد القزويني 4 13- 1- الشيخ محمد حسن النجفي (صاحب الجواهر) 4- 14- 2- الشيخ عبد العلي الرشتي 5- 15- 1- والده السيد زين العابدين الخوانساري 5- 16- 2- السيد حسن بن علي بن الأمير محمد باقر الواعظ الحسيني الأصبهاني 5- 17- 3- الشيخ مهدي النجفي
ص: 300
6- 18- 1- السيد مهدي بحر العلوم 6- 19- 2- والده الشيخ مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي 6- 20- 3- السيد محمد مهدي الشهرستاني 6- 21- 4- الشيخ جعفر كاشف الغطاء 7 22- 1- والده السيد صالح الموسوي العاملي 8 23- 1- الشيخ جعفر بن الشيخ خضر آل علي 8- 24- 2- السيد جواد بن محمّد الحسيني العاملي 8- 25- 3- الشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي 9 و 10 26- 1- السيد محمّد باقر بن محمّد تقي الموسوي الجيلاني 11 27- 1- الشيخ محمد تقي بن عبد الرحيم الطهراني 28- 2- الشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي 12 29- 1- خاله السيد مهدي بحر العلوم
ص: 301
14 30- 1- أبو علي محمّد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن سعد الدين 15 31- 1- والده السيد أبو القاسم جعفر الموسوي الخوانساري 15- 32- 2- السيد الأمير محمّد حسين 15- 33- 3- السيد محمّد الرضوي المشهدي 15- 34- 4- السيد محمد باقر بن محمّد تقي الجيلاني 15- 35- 5- والده السيد أبو القاسم جعفر الموسوي الخوانساري 16- 36- 1- السيد زين العابدين 17- 37- 1- عمه الشيخ حسن
ص: 302
18- 38- 1- محمد باقر الأصبهاني البهبهاني الحائري 18- 39- 2- السيد حسين القزويني 18- 40- 3- السيد حسين بن أبي القاسم جعفر بن الحسين الحسيني الموسوي الخوانساري 18- 41- 4- الأمير عبد الباقي 18- 42- 5- محمد باقر بن محمّد باقر الهزارجريبي الغروي 18- 43- 6- الشيخ أبو صالح محمد مهدي بن بهاء الدين محمد الفتوني العاملي النجفي 18- 44- 7- الشيخ يوسف بن احمد بن إبراهيم الدرازي البحراني الحائري 18- 45- 8- الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي 19- 46- 1- الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني 19- 47- 2- المحدث البحراني 19- 48- 3- الشيخ محمد بن محمد زمان الكاشاني
ص: 303
19- 49- 4- الشيخ محمّد مهدي الفتوني 19- 50- 5- محمد إسماعيل بن محمد حسين المازندراني الخواجوئي 19- 51- 6- محمد مهدي الهرندي الأصفهاني 20 52- 1- الشيخ يوسف بن أحمد البحراني (صاحب الحدائق) 22- 53- 1- والده السيد محمد الموسوي العاملي 23- 54- 1- الوحيد البهبهاني 23- 55- 2- السيد مهدي بحر العلوم 24- 56- 1- الوحيد البهبهاني 24- 57- 2- السيد مهدي بحر العلوم 24- 58- 3- السيد علي بن محمّد علي بن أبي المعالي الصغير ابن أبي المعالي الكبير الطباطبائي 25- 59- 1- السيد مهدي بحر العلوم 25- 60- 2- الشيخ جعفر كاشف الغطاء
ص: 304
25- 61- 3- السيد علي بن محمّد الطباطبائي الحائري (صاحب الرياض) 25- 62- 4- السيد مهدي الشهرستاني 25- 63- 5- الشيخ احمد بن حسن البحريني 25- 64- 6- الشيخ احمد بن محمد آل عصفور 26- 65- 1- السيد محسن بن حسن الحسيني الأعرجي الكاظمي البغدادي 27- 66- 1- الشيخ جعفر كاشف الغطاء 30- 67- 1- الوحيد البهبهاني 31- 68- 1- والده السيد حسين بن أبي القاسم جعفر بن الحسين 32- 69- 1- والده السيد الأمير عبد الباقي 33- 70- 1- الشيخ جعفر كاشف الغطاء 35- 71- 1- السيد مهدي بحر العلوم 37- 72- 1- والده الشيخ جعفر كاشف الغطاء
ص: 305
38- 73- 1- والده محمد أكمل 39- 74- 1- والده الأمير إبراهيم بن محمّد معصوم الحسيني القزويني 39- 75- 2- السيد نصر اللّه بن الحسين الموسوي الحائري 40- 76- 1- آقا محمّد صادق 41- 77- 1- والده الأمير محمد حسين الخاتون آبادي (سبط العلامة المجلسي) 42- 78- 1- الشيخ محمد بن محمد زمان الكاشاني الأصفهاني النجفي 42- 79- 2- إبراهيم بن غياث الدين محمد الأصفهاني الخوزاني 43- 80- 1- أبي الحسن الشريف العاملي 44- 81- 1- الشيخ حسين بن محمّد بن جعفر الماحوزي البحراني 44- 82- 2- الشيخ عبد اللّه بن علي بن أحمد البحراني البلادي
ص: 306
83- 3- الشيخ رفيع الدين بن فرج الجيلاني الرشتي 45- 84- 1- السيد الأمير إبراهيم القزويني 45- 85- 2- الأمير محمد مهدي بن إبراهيم القزويني 45- 86- 3- السيد الأمير محمد صالح القزويني 45- 87- 4- علي أصغر المشهدي الرضوي 50- 88- 1- الشيخ حسين الماحوزي 51- 89- 1- الشيخ حسين الماحوزي 51- 90- 2- الأمير محمد حسين الخاتون آبادي 53- 91- 1- الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي 58- 92- 1- خاله الوحيد البهبهاني 63- 93- 1- والده الشيخ حسن 64- 94- 1- الشيخ يوسف البحراني 64- 95- 2- أبيه الشيخ محمد آل عصفور
ص: 307
64- 96- 3- الشيخ عبد العلي البحريني 65- 97- 1- الشيخ سليمان بن معتوق العاملي 65- 98- 2- أبي القاسم بن محمد حسن الجيلاني
ص: 308
73- 99- 1- ميرزا محمد الشيرواني 73- 100- 2- الشيخ جعفر القاضي 73- 101- 3- محمد شفيع الأسترآبادي 73- 102- 4- جمال الدين محمد الخوانساري 73- 103- 5- محمد باقر المجلسي 74- 104- 1- محمد باقر المجلسي 74- 105- 2- جمال الدين محمد الخوانساري 74- 106- 3- الشيخ جعفر القاضي قوام الدين بن عبد اللّه الكمرئي 75- 107- 1- أبو الحسن بن محمد طاهر بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصبهاني الغروي 76- 108- 1- محمد بن عبد الفتاح التنكابني الطبرسي السراب 77- 109- 1- والده السيد محمد صالح بن عبد الواسع
ص: 309
77- 110- 2- جده محمد باقر المجلسي 77- 111- 3- محمد بن عبد الفتاح التنكابني الطبرسي السراب 77- 112- 4- جمال الدين محمد الخوانساري 77- 113- 5- السيد علي خان الشيرازي المدني 78 و 79- 114- 1- محمد حسين الخاتون آبادي 78 و 79- 115- 2- محمد طاهر بن مقصود علي الأصبهاني 78 و 79- 116- 3- الشيخ حسين الماحوزي 78 و 79- 117- 4- الشيخ محمّد قاسم بن محمّد رضا الهزارجريبي 81 و 82- 118- 1- الشيخ سليمان بن عبد اللّه الماحوزي البحراني 82- 119- 1- الشيخ علي بن حسن بن يوسف بن حسن البحراني البلادي 82- 120- 2- الشيخ محمود بن عبد السلام الاوالي البحراني
ص: 310
83- 121- 1- محمّد باقر المجلسي 84 و 85 و 86 و 87- 122- 1- محمد باقر المجلسي 84 و 85 و 86 و 87- 123- 2- جمال الدين محمّد الخوانساري 84 و 85 و 86 و 87- 124- 3- العلامة الخراساني 93- 125- 1- الشيخ عبد اللّه البلادي 95- 126- 1- الشيخ حسين الماحوزي 96- 127- 1- الشيخ حسين الماحوزي 96- 128- 2- الشيخ سليمان الماحوزي 96- 129- 3- الشيخ عبد اللّه البلادري 97- 130- 1- الشيخ يوسف البحراني 98- 131- 1- السيد حسين الخوانساري 98- 132- 2- الوحيد البهبهاني 98- 133- 3- الشيخ محمد باقر الهزارجريبي
ص: 311
98- 134- 4- الشيخ مهدي الفتوني
ص: 312
105- 135- 1- والده حسين الخوانساري 106- 136- 1- محمد تقي المجلسي 107- 137- 1- محمد باقر المجلسي 107- 138- 2- الأمير محمد صالح بن عبد الواسع 108- 139- 1- محمد باقر بن محمد مؤمن الخراساني السبزواري 109- 140- 1- محمد باقر المجلسي 109- 141- 2- الشيخ علي (سبط الشهيد الثاني) 114 و 115 و 116 و 117- 142- 1- محمد باقر المجلسي 118- 143- 1- الشيخ سليمان بن علي الشاخوري البحراني 118- 144- 2- الشيخ أحمد بن محمّد المقابي 118- 145- 1- الشيخ صالح بن عبد الكريم الكزكراني البحراني
ص: 313
119- 146- 1- الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود البحراني الماحوزي 120- 147- 1- السيد هاشم بن سليمان التوبلي البحراني 120- 148- 2- الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المشغري
ص: 314
139- 149- 1- الشيخ يحيي بن الحسن اليزدي 139- 150- 2- السيد حسن الرضوي القائني 143- 151- 1- الشيخ علي بن سليمان البحراني القدمي زين الدين 143- 152- 3- الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني 143- 153- 4- الشيخ صالح بن عبد الكريم الكزكراني البحراني 144- 154- 1- محمد باقر المجلسي 144- 155- 2- والده محمد بن يوسف البحراني 144- 156- 3- الشيخ علي بن سليمان القدمي 144- 157- 4- السيد محمد مؤمن بن دوست محمد الحسيني الأسترآبادي 146- 158- 1- محمد باقر المجلسي 147- 159- 1- الشيخ فخر الدين بن محمّد الرماحي المسلمي النجفي الطريحي
ص: 315
148- 160- 1- محمد باقر المجلسي 148- 161- 2- الشيخ زين الدين (سبط الشهيد الثاني) 149 و 150- 162- 1- الشيخ محمد (سبط الشهيد الثاني) 149 و 150- 163- 2- مقصود بن زين العابدين 149 و 150- 164- 3- السيد حسين بن حيدر الكركي 151- 165- 1- الشيخ البهائي العاملي 152 و 153- 166- 1- السيد نور الدين العاملي 157- 167- 1- السيد نور الدين علي بن علي بن الحسين الموسوي الحسيني العاملي الجبعي المكي 159- 168- 1- الشيخ محمد بن جابر النجفي 161- 169- 1- الشيخ البهائي 161- 170- 2- والده الشيخ أبي جعفر محمد بن صاحب المعالم
ص: 316
161- 171- 3- ابن عمته شمس الدين محمد بن علي الموسوي العاملي الجبعي
ص: 317
162 و 160 و 164- 172- 1- الشيخ البهائي 167- 173- 1- السيد محمد (صاحب المدارك) 167- 174- 2- الشيخ حسن (صاحب المعالم) 168- 175- 1- الشيخ محمود حسام الدين الجزائري 170- 176- 1- والده أبو منصور جمال الدين حسن 171- 177- 1- الشيخ احمد بن الحسن بن سليمان العاملي النباطي 171- 178- 2- السيد نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي (صهر الشهيد الثاني) 171- 179- 3- السيد علي بن الحسين بن محمد بن الصائغ الحسيني العاملي الجزيني 171- 180- 4- أحمد بن محمد الأردبيلي 171- 181- 5- الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي
ص: 318
175- 182- 1- الشيخ البهائي 177 و 178 و 179 و 181- 183- 1- الشهيد الثاني 180- 184- 1- السيد علي الصائغ
ص: 319
«مشايخ المشايخ» «محمّد باقر الهزارجريبي» 42 و 133- 185- 1- إبراهيم القاضي 185- 186- 1- السيد ناصر الدين احمد بن محمّد بن الأمير روح الأمين الحسيني المختاري السبزواري 186- 187- 1- بهاء الدين محمد بن تاج الدين حسن بن محمّد الأصفهاني (الفاضل الهندي) 187- 188- 1- والده تاج الدين حسن (ملا تاجا) 188- 189- 1- حسن علي التستري
ص: 320
«السيد مهدي بحر العلوم» 18 و 29 و 55 و 57 و 59 و 67- 190- 1- السيد حسين القزويني 190- 191- 1- السيد نصر اللّه الحائري 191- 192- 1- السيد عبد اللّه بن نور الدين بن نعمة اللّه الجزائري
ص: 321
192- 193- 1- السيد نصر اللّه الحائري 192- 194- 2- الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي (سبط المجلسي) 192- 195- 3- السيد رضي الدين بن محمّد بن علي بن حيدر العاملي المكي 192- 196- 4- السيد صدر الدين بن محمّد باقر الرضوي القمي 192- 197- 5- والده السيد نور الدين الجزائري
ص: 322
193- 198- 1- محمد باقر المكي 193- 199- 2- الشيخ احمد بن إسماعيل الجزائري 193- 200- 3- الشيخ محمّد حسين الطوسي البغجمي 193- 201- 4- الشيخ علي بن جعفر بن علي بن سليمان البحريني 193- 202- 5- أبو الحسن بن محمّد طاهر الشريف العاملي الغروي 195- 203- 1- والده محمد بن علي العاملي 196- 204- 1- الشريف أبي الحسن 196- 205- 2- الشيخ أحمد الجزائري 197- 206- 1- الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي 197- 207- 2- السيد نعمة اللّه الجزائري
ص: 323
198- 208- 1- السيد علي خان 199- 209- 1- محمد نصير 199- 210- 2- الشيخ حسين بن عبد علي الخمايسي النجفي 199- 211- 3- الشيخ احمد بن محمد بن يوسف 199- 212- 4- الأمير محمد مؤمن الحسيني الأسترآبادي 199- 213- 5- الأمير محمد صالح الخاتون آبادي 200- 214- 1- الشيخ محمد الحر العاملي 200- 215- 2- محمد باقر المجلسي 200- 216- 3- محمد أمين بن محمد علي الكاظمي 201- 217- 1- أبيه الشيخ جعفر البحراني 202- 218- 1- خاله السيد محمد صالح الخاتون آبادي (صهر المجلسي) 202- 219- 2- المحدث الكاشاني
ص: 324
202- 220- 3- الشيخ محمد حسين بن الحسن الميسي الحائري 202- 221- 4- الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي 202- 222- 5- الأمير شرف الدين علي الشولستاني 202- 223- 6- الشيخ احمد بن محمّد بن يوسف 202- 224- 7- الحاج محمود الميمندي 202- 225- 8- السيد نعمة اللّه الجزائري 202- 226- 9- محمد باقر المجلسي 203- 227- 1- محمد شفيع بن محمد علي الأسترآبادي 207- 228- 1- السيد فيض اللّه بن غياث الدين محمد الطباطبائي 207- 229- 2- الأمير شرف الدين علي بن حجة اللّه الحسني الشولستاني 207- 230- 3- الشيخ علي بن جمعة العروسي الحويزي
ص: 325
207- 231- 4- الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني 207- 232- 5- السيد محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الجزائري 207- 233- 6- الشيخ هاشم بن الحسين بن عبد الرؤوف الأحسائي 207- 234- 7- الشيخ حسين بن محيي الدين 207- 235- 8- حسين بن جمال الدين محمّد الخوانساري 207- 236- 9- محمّد باقر بن محمّد تقي بن مقصود علي المجلسي
ص: 326
208- 237- 1- الشيخ جعفر البحريني 209- 238- 1- محمد تقي المجلسي 210- 239- 1- والده الشيخ عبد علي الخمايسي النجفي 210- 240- 1- الشيخ عبد الواحد بن احمد البوراني النجفي 216- 241- 1- فخر الدين الطريحي 217- 242- 1- أبيه الشيخ علي البحريني 220- 243- 1- الشيخ عبد اللّه بن محمّد العاملي 221- 244- 1- والده فخر الدين الطريحي 224- 245- 1- محمّد بن الحسن الحر العاملي 227- 246- 1- والده محمّد علي الأسترآبادي 228- 247- 1- السيد حسين بن حيدر الكركي 230- 248- 1- الشيخ عز الدين علي نقي بن أبي العلاء محمّد هاشم الطغائي الكمرئي الفراهاني الشيرازي الأصفهاني
ص: 327
231- 249- 1- الشيخ علي بن نصر اللّه الجزائري 232- 250- 1- الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري الغروي الحائري 233- 251- 1- السيد نور الدين (أخو صاحب المدارك لأبيه) 233- 252- 2- الشيخ جواد بن سعد اللّه بن جواد البغدادي الكاظمي 233- 253- 3- الشيخ محمّد بن علي بن محمّد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي 234- 254- 1- والده محي الدين بن عبد اللطيف 234- 255- 2- السيد علي خان بن خلف الموسوي الحسيني المشعشعي الحويزي 235- 256- 1- محمّد تقي المجلسي 236- 257- 1- الشيخ علي بن محمّد بن صاحب المعالم 236- 258- 2- رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني
ص: 328
236- 259- 3- السيد محمّد قاسم بن محمّد الطباطبائي القهپائي 236- 260- 4- محمّد شريف بن شمس الدين محمّد الرويدشتي الأصفهاني 236- 261- 5- محمّد محسن بن محمّد مؤمن الأسترآبادي 236- 262- 6- محمّد بن الحسن الحر العاملي 236- 263- 7- السيد علي خان الشيرازي المدني الهندي 236- 264- 8- السيد محمّد بن شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي 236- 265- 9- محمّد طاهر بن محمّد حسين الشيرازي النجفي القمي 236- 266- 10- السيد شرف الدين علي بن حجة اللّه الطباطبائي الحسني الحسيني الشولستاني 236- 267- 11- الأمير محمّد مؤمن بن دوست محمّد الأسترآبادي 236- 268- 12- السيد فيض اللّه بن غياث الدين محمّد الطباطبائي القهپائي
ص: 329
236- 269- 13- القاضي أمير حسين 236- 270- 14- محمّد صالح بن احمد السروي الطبرسي 236- 271- 15- خليل بن الغازي القزويني 236- 272- 16- أبو الشرف الأصفهاني 236- 273- 17- أبو الحسن المولي حسن علي التستري الأصبهاني 236- 274- 18- ابن عمة والده الشيخ عبد اللّه بن جابر العاملي 236- 275- 19- والده محمّد تقي المجلسي 236- 276- 20- محسن بن مرتضي بن محمود الفيض الكاشاني
ص: 330
237- 277- 1- الشيخ حسام الدين محمود بن درويش علي الحلي 239 و 240- 278- 1- فخر الدين الطريحي 242- 279- 1- بهاء الدين محمّد العاملي 243- 280- 1- الشيخ علي (سبط الشهيد الثاني) 246- 281- 1- محمّد تقي المجلسي 247- 282- 1- الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه 248- 283- 1- الشيخ بهاء الدين العاملي 249- 284- 1- الشيخ يونس الجزائري 250- 285- 1- السيد محمّد بن علي العاملي (صاحب المدارك) 252- 286- 1- الشيخ بهاء الدين العاملي 253- 287- 1- علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني (ابن أبي الدنيا المعمر المغربي)
ص: 331
254- 288- 1- والده الشيخ عبد اللطيف 255- 289- 1- الشيخ علي (سبط الشهيد الثاني) 258- 290- 1- عبد اللّه التستري 258- 291- 2- بهاء الدين محمّد العاملي 259- 292- 1- بهاء الدين محمّد العاملي 260- 293- 1- بهاء الدين العاملي 261- 294- 1- السيد نور الدين (أخو صاحب المدارك) 264- 295- 1- والده شرف الدين علي بن نعمة اللّه الموسوي 265- 296- 1- السيد نور الدين (أخو صاحب المدارك) 266- 297- 1- السيد فيض اللّه بن عبد القاهر الحسيني التفريشي 266- 298- 2- محمّد بن علي بن إبراهيم الأسترآبادي 266- 299- 3- الشيخ محمّد (ابن صاحب المعالم)
ص: 332
266- 300- 4- ظهير الدين إبراهيم الميسي 266- 301- 5- عبد اللّه التستري 266- 302- 6- بهاء الدين العاملي 267- 303- 1- السيد نور الدين العاملي 267- 304- 2- السيّد زين العابدين بن نور الدين مراد الحسيني الكاشاني 267- 305- 3- الشيخ إبراهيم بن عبد اللّه الخطيب المازندراني 268- 306- 1- عز الدين أبي عبد اللّه حسين بن حيدر بن قمر الحسيني الكركي العاملي 270 و 271- 307- 1- بهاء الدين العاملي 272- 308- 1- المولي درويش محمّد بن حسن العاملي النطنزي الأصفهاني 273- 309- 1- والده عز الدين عبد اللّه بن الحسين التستري 273- 310- 2- أبي الحسن علي بن عبد العالي الكركي
ص: 333
274- 311- 1- والده الشيخ جابر العاملي 274- 312- 2- كمال الدين درويش محمّد بن حسن العاملي النطنزي الأصفهاني 275- 313- 1- الشيخ عبد اللّه الشوشتري 275- 314- 2- مير محمّد باقر المحقق الداماد 275- 315- 3- الشيخ يونس الجزائري 275- 316- 4- السيد حسين بن حيدر الكركي 275- 318- 5- أبو الشرف الأصفهاني 275- 318- 6- الشيخ عبد اللّه بن جابر 275- 319- 7- الشيخ جابر بن عباس النجفي 275- 320- 8- معز الدين محمّد بن تقي الدين الأصفهاني 275- 321- 9- الشيخ أبو البركات 275- 322- 10- السيد ظهير الدين إبراهيم بن الحسين الحسيني الهمداني
ص: 334
275- 323- 11- الشيخ محمّد بن حسين بن عبد الصمد الجبعي اللويزاني الحارثي 276- 324- 1- بهاء الدين العاملي 276- 325- 2- محمّد طاهر القمي 276- 326- 3- خليل القزويني 276- 327- 4- الشيخ محمّد بن حسن بن الشهيد 276- 328- 5- محمّد صالح المازندراني 276- 329- 6- السيد ماجد بن هاشم بن علي الحسيني 276- 330- 7- محمد بن إبراهيم الشيرازي (ملا صدرا)
ص: 335
277- 331- 1- بهاء الدين العاملي 282- 332- 1- السيد محمّد مهدي بن محسن الرضوي المشهدي 284- 333- 1- الشيخ عبد العالي بن المحقق الثاني 288- 334- 1- بهاء الدين العاملي 288- 335- 2- الشيخ حسن (صاحب المعالم) 288- 336- 3- السيد محمد (صاحب المدارك) 288- 337- 4- والده السيد نور الدين علي 295- 328- 1- الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري 297- 339- 1- الشيخ محمد بن صاحب المعالم 297- 340- 2- والده الشيخ حسن (صاحب المعالم) 297- 341- 3- السيد أبو الحسن علي بن الحسين الحسني (ابن الصائغ) 298- 342- 1- ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم بن نور الدين علي بن عبد العالي الميسي
ص: 336
304 و 305- 343- 1- الشيخ محمد أمين بن محمد الأسترآبادي 306- 344- 1- بهاء الدين العاملي 306- 345- 2- محمّد باقر (المحقق الداماد) 306- 346- 3- الشيخ محمّد الشهيدي 306- 347- 4- الشيخ نور الدين محمّد بن حبيب اللّه 306- 348- 5- الشيخ نجيب الدين علي بن شمس الدين محمّد الشامي العاملي الجبلي الجبعي 309- 349- 1- الشيخ أحمد الأردبيلي 309- 350- 2- الشيخ احمد بن نعمة اللّه 309- 351- 3- الشيخ نعمة اللّه العيناثي 311 و 312- 352- 1- الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 315- 353- 1- الشيخ عبد العالي بن المحقق الثاني 319- 354- 1- الشيخ عبد النبي بن سعد الجزائري النجفي الحائري
ص: 337
320- 355- 1- الشيخ عبد العالي بن المحقق الثاني 320- 356- 2- أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان القطيفي البحراني الخطي الغروي 320- 357- 3- الشيخ إبراهيم بن حسن الدراق 321- 358- 1- الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 322- 359- 1- الشيخ محمّد بن أحمد بن نعمة اللّه بن خاتون العاملي 323- 360- 1- والده الشيخ عز الدين حسين بن عبد الصمد 330- 361- 1- بهاء الدين العاملي 330- 362- 2- السيد محمّد باقر بن شمس الدين محمّد الحسيني الأسترآبادي (الداماد)
ص: 338
332- 363- 1- والده السيد محسن الرضوي المشهدي 333- 364- 1- والده الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 337- 365- 1- والده شهاب الدين احمد بن أبي الجامع العاملي 338- 366- 1- الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي 342- 367- 1- والده نور الدين علي بن عبد العالي الميسي 342- 368- 2- الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 343- 369- 1- السيد محمّد (صاحب المدارك) 343- 370- 2- الشيخ حسن (صاحب المعالم) 343- 371- 3- محمّد الأسترآبادي 348- 372- 1- بهاء الدين العاملي 348- 373- 2- السيد محمّد (صاحب المدارك) 348- 374- 3- الشيخ حسن (صاحب المعالم)
ص: 339
348- 375- 4- أبيه شمس الدين محمّد الشامي العاملي الجبلي الجبعي 350- 376- 1- والده الشيخ نعمة اللّه بن شهاب الدين أبي العباس أحمد العاملي العيناثي 351- 377- 1- والده أبو العباس أحمد الشامي العاملي 351- 378- 2- أبو الحسن علي بن عبد العالي الكركي المحقق 353 و 356- 379- 1- والده الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 357- 380- 1- علي بن هلال الجزائري 359- 381- 1- والده شهاب الدين أحمد 359- 382- 2- جده الشيخ نعمة اللّه 360- 383- 1- بدر الدين حسن بن جعفر الأعرجي الحسيني العاملي الكركي 360- 384- 2- زين الدين بن علي (الشهيد الثاني)
ص: 340
362- 385- 1- السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي 362- 386- 2- خاله الشيخ عبد العالي بن المحقق الثاني 362- 387- 3- عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني
ص: 341
363- 388- 1- الشيخ محمّد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي 365- 389- 1- الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 375- 390- 1- جده مكي العاملي 375- 391- 2- جده لأمه محي الدين الميسي 383- 392- 1- الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني) 383- 393- 2- علي بن عبد العالي الميسي 386- 394- 1- والده الشيخ علي الكركي (المحقق الثاني 387- 395- 1- السيد حسن بن جعفر الأعرج 387- 396- 2- الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد الجبعي العاملي
ص: 342
388- 397- 1- الشيخ علي بن هلال الجزائري 390- 398- 1- ظهير الدين إبراهيم الميسي 390- 399- 2- زين الدين بن علي (الشهيد الثاني) 391- 400- 1- الشيخ علي بن عبد العالي الميسي 396- 401- 1- السيد حسن بن جعفر الأعرج الحسيني 396- 402- 2- الشيخ احمد بن محمد بن خواتون العاملي العيناثي 396- 403- 3- الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي
ص: 343
402- 404- 1- أبيه الشيخ محمد بن خواتون العاملي العيناثي 403- 405- 1- الشيخ محمّد بن محمّد بن محمّد بن داود المؤذن العاملي الجزيني (ابن عم الشهيد الأول) 403- 406- 2- الشيخ محمد بن احمد بن محمّد الصهيوني العاملي 403- 407- 3- الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي (المحقق الثاني)
ص: 344
405- 408- 1- الشيخ ضياء الدين علي (ابن الشهيد الأول) 405- 409- 2- السيد علي بن دقماق 405- 410- 3- جده لأمه أبو القاسم علي بن علي العاملي الفقعاني 405- 411- 4- عز الدين أبو المكارم الحسن بن أحمد الكركي (ابن العشرة) 406- 412- 1- عز الدين الحسن بن العشرة 406- 413- 2- أحمد بن علي العاملي العيناثي 407- 414- 1- شمس الدين محمّد بن خاتون 407- 415- 2- زين الدين أبو الحسن علي بن هلال الجزائري
ص: 345
408- 416- 1- والده شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن مكي (الشهيد الأول) 409- 417- 1- الشيخ شمس الدين محمّد بن شجاع القطان الأنصاري الحلي 410- 418- 1- شمس الدين محمّد بن محمّد بن عبد اللّه العريضي 410- 419- 2- الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام العاملي العيناثي 411- 420- 1- رضي الدين أبو طالب محمّد بن الشهيد الأول 411- 421- 2- ابن فهد الحلي 411- 422- 3- محمد بن مكي (الشهيد الأول) 411- 423- 4- الشيخ شمس الدين محمّد بن نجدة (ابن عبد العالي) 413- 424- 1- الشيخ زين الدين جعفر بن حسام العاملي 414- 425- 1- الشيخ أحمد بن علي العاملي العيناثي
ص: 346
415- 426- 1- جمال الدين أبو العباس احمد بن شمس الدين محمّد بن فهد الأسدي الحلي
ص: 347
417- 427- 1- الشيخ جمال الدين أبو عبد اللّه المقداد السيوري الأسدي الحلي الغروي 418 و 419- 428- 1- السيد عز الدين الحسن بن أيوب بن نجم الدين الأعرج الحسيني الاطراوي العاملي 420- 429- 1- والده محمد بن مكي (الشهيد الأول) 420- 430- 2- السيد ابن معيّة 423- 431- 1- محمد بن مكي (الشهيد الأول) 425- 432- 1- زين الدين جعفر بن حسام العاملي 426- 433- 1- الشيخ مقداد السيوري 426- 434- 2- الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أبي محمّد الخازن الحائري 426- 435- 3- الشيخ فخر الدين احمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المتوج (ابن المتوج البحراني) 426- 436- 4- السيد بهاء الدين علي بن غياث الدين عبد الكريم
ص: 348
427- 437- 1- محمد بن مكي (الشهيد الأول) 428- 438- 1- محمد بن الحسن (فخر المحققين) 428- 439- 2- السيد عميد الدين 428- 440- 3- اخوه السيد ضياء الدين 428- 441- 4- محمد بن مكي (الشهيد الأول) 434- 442- 1- محمد بن مكي (الشهيد الأول) 435- 443- 1- محمد بن الحسن بن يوسف الحلي (فخر المحققين) 436- 444- 1- محمد بن الحسن (فخر المحققين) 436- 445- 2- السيّد عميد الدين 436- 446- 3- اخوه السيد ضياء الدين 436- 447- 4- أبي عبد اللّه محمّد بن جمال الدين مكي بن شمس الدين محمّد النبطي العاملي الجزيني (الشهيد الأول)
ص: 349
447- 448- 1- السّيد تاج الدين أبو عبد اللّه محمّد بن جلال الدين أبي جعفر القاسم العلوي الحسني الديباجي 447- 449- 2- رضي الدين أبو الحسن علي بن جمال الدين احمد بن يحيي المزيدي الحلي 447- 450- 3- الشيخ أبو الحسن علي بن احمد بن طراد المطارآبادي 447- 451- 4- الشيخ جلال الدين أبو محمّد الحسن بن نظام الدين احمد 447- 452- 5- السيد علاء الدين أبو الحسن علي بن محمّد بن الحسن بن زهرة الحسيني الحلبي 447- 453- 6- السيد أبو طالب احمد بن أبي إبراهيم محمّد ابن زهرة الحسيني 447- 454- 7- السيد مهنّا بن سنان بن عبد الوهاب 447- 455- 8- السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي
ص: 350
447- 456- 9- السيد شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن أبي المعالي العلوي الموسوي 447- 457- 10- الشيخ جلال الدين محمّد بن شمس الدين محمّد الكوفي الهاشمي الحائري 447- 458- 11- الشيخ قطب الدين أبو جعفر محمّد بن محمّد الرازي البويهي 447- 459- 12- السيد المرتضي عميد الدين عبد المطلب بن مجد الدين أبي الفوارس محمّد بن أبي الحسن علي 447- 460- 13- السيد ضياء الدين عبد اللّه بن أبي الفوارس 447- 461- 14- فخر المحققين أبو طالب محمّد بن العلامة الحلي
ص: 351
448- 462- 1- السيد علم الدين المرتضي علي بن جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد 448- 463- 2- ظهير الدين محمّد بن فخر المحققين 448- 464- 3- السيد مجد الدين محمّد بن علي الأعرج الحسيني 448- 465- 4- السيد أبو القاسم علي بن غياث الدين عبد الكريم بن طاوس 448- 466- 5- السيد جلال الدين جعفر بن علي 448- 467- 6- نصير الدين علي بن محمّد بن علي القاشي 449- 468- 1- حسن بن يوسف بن المطهر (العلامة الحلي) 449- 469- 2- تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي (ابن داود) 449- 470- 3- نجيب الدين محمّد بن جعفر بن محمّد (ابن نما الحلّي)
ص: 352
449- 471- 4- الشيخ شمس الدين محمّد بن احمد بن صالح 449- 472- 5- الشيخ صفي الدين محمّد بن نجيب الدين يحيي بن سعيد 449- 473- 6- الشيخ شمس الدين محمّد بن جعفر بن نما الحلي (ابن الابريسمي) 449- 474- 7- السيد رضي الدين بن معية الحسني 449- 475- 8- والده جمال الدين احمد بن يحيي المزيدي 450- 476- 1- حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 450- 477- 2- تقي الدين الحسن بن داود 450- 478- 3- الشيخ صفي الدين محمّد 451- 479- 1- جمال الدين احمد بن يحيي المزيدي 451- 480- 2- نجيب الدين يحيي بن سعيد (ابن عم المحقق)
ص: 353
451- 481- 3- والده نظام الدين احمد بن نجيب الدين محمّد 452- 482- 1- حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 452- 483- 2- الشيخ نجم الدين طومان بن أحمد العاملي 453- 484- 1- حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 453- 485- 2- عمه أبي الحسن علي بن زهرة 454- 486- 1- حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 454- 487- 2- ولده محمّد بن الحسن بن يوسف (فخر المحققين) 456- 488- 1- السيد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي 456- 489- 2- الشيخ كمال الدين علي بن شرف الدين الحسين بن حماد الواسطي 456- 490- 3- خاله السيد صفي الدين أبو عبد اللّه محمّد ابن الحسن بن أبي الرضا العلوي
ص: 354
459- 491- 1- والده مجد الدين أبو الفوارس محمّد 459- 492- 2- جده فخر الدين علي 459- 493- 3- حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 459- 494- 4- الشيخ مفيد الدين محمّد بن جهم 459- 495- 5- رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف (أخو العلامة) 460- 496- 1- خاله حسن بن يوسف (العلامة الحلي) 461- 497- 1- عمه رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف (أخو العلامة) 461- 498- 2- والده الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف الحلي
ص: 355
462- 499- 1- والده السيد جلال الدين عبد الحميد 465- 500- 1- السيد عبد الحميد بن فخار الموسوي 465- 501- 2- والده غياث الدين عبد الكريم بن جلال الدين احمد بن طاوس 466- 502- 1- المحقق 469- 503- 1- السيد احمد بن طاوس 469- 504- 2- ولده عبد الكريم بن احمد بن طاوس 469- 505- 3- الشيخ نجم الدين جعفر (المحقق الحلي) 478- 506- 1- والده نجيب الدين يحيي بن سعيد (ابن عم المحقق) 481- 507- 1- والده نجيب الدين أبو عبد اللّه محمّد بن نما 481- 508- 2- اخوه جعفر بن محمّد 483- 509- 1- شمس الدين أبو جعفر محمّد بن أحمد بن صالح السيبي القسيني
ص: 356
488- 510- 1- نجيب الدين يحيي بن سعيد (ابن عم المحقق) 489- 511- 1- السيد عبد الكريم بن طاوس 489- 512- 2- الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن احمد بن صالح 489- 513- 3- الشيخ نجيب الدين يحيي بن سعيد (ابن عم المحقق) 489- 514- 4- نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما 489- 515- 5- الشيخ كمال الدين ميثم البحراني 489- 516- 6- الشيخ شمس الدين أبو محمّد محفوظ بن وشاح بن محمّد 489- 517- 7- الشيخ محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري 490- 518- 1- السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي 491- 519- 1- حسن بن يوسف (العلامة الحلي)
ص: 357
492- 520- 1- السيد عبد الحميد بن فخار 495- 521- 1- والده سديد الدين يوسف 495- 522- 2- نجم الدين (المحقق) 498- 523- 1- الشيخ مفيد الدين محمّد بن علي بن محمّد ابن جهم الأسدي 498- 524- 2- كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني 498- 525- 3- الشيخ الحسن بن كمال الدين علي بن سليمان 498- 526- 4- الشيخ نجيب الدين أبو أحمد (أبو زكريا) يحيي بن احمد بن يحيي الحلي الهذلي 498- 527- 5- والده سديد الدين أبو يعقوب (أبو المظفر) يوسف بن زين الدين علي بن المطهر الحلي 498- 528- 6- الخواجه نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي 498- 529- 7- السيد جمال الدين احمد بن سعد الدين أبي إبراهيم موسي بن جعفر (صهر الشيخ الطوسي)
ص: 358
498- 530- 8- السيد رضي الدين أبو القاسم (أبو الحسن) علي بن سعد الدين موسي بن جعفر آل طاوس 498- 531- 9- خاله أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيي بن سعيد الهذلي الحلي
ص: 359
498- 532- 1- والده فخار بن معد 501- 533- 1- نجم الدين جعفر بن سعيد المحقق (صاحب الشرائع) 501- 534- 2- والده أبو الفضائل أحمد بن طووس 501- 535- 3- عمه رضي الدين علي بن طاوس 501- 536- 4- الخواجه نصير الدين الطوسي 501- 537- 5- الشيخ مفيد الدين بن جهم 501- 538- 6- نجيب الدين يحيي بن سعيد (ابن عم المحقق) 501- 539- 7- السيد عبد الحميد بن فخار 501- 540- 8- الشيخ ميثم البحراني (شارح النهج) 508- 541- 1- والده نجيب الدين محمّد بن نما 509- 542- 1- السيد فخار بن معد الموسوي 509- 543- 2- نجيب الدين محمّد بن نما
ص: 360
509- 544- 3- نجم الدين جعفر المحقق (صاحب الشرائع) 509- 545- 4- السيد رضي الدين علي بن طاوس 509- 546- 5- أبو الفضائل أحمد بن طاوس 509- 547- 6- السيد رضي الدين محمّد بن محمّد بن محمّد ابن زيد بن الداعي الحسيني الأفطسي الآوي 509- 548- 7- والده احمد بن صالح 509- 549- 8- علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي 509- 550- 9- الشيخ محمّد بن أبي البركات الصنعاني اليماني 515- 551- 1- نجم الدين جعفر بن سعيد (المحقق) 516- 552- 1- خاله السيد صفي الدين أبي عبد اللّه محمّد ابن الحسن بن أبي الرضا العلوي 523- 553- 1- السيد فخار بن معد 524- 554- 1- الخواجه نصير الدين الطوسي
ص: 361
524- 555- 1- الشيخ جمال الدين (أو كمال الدين) علي ابن سليمان البحراني 525- 556- 1- والده الشيخ كمال الدين علي بن سليمان البحراني 526- 557- 1- السيد أبو حامد محيي الدين 526- 558- 2- ابن عمه نجم الدين (المحقق) 526- 559- 3- نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نما 526- 560- 4- شمس الدين أبو علي فخار بن معد 526- 561- 5- الشيخ محمّد بن أبي البركات اليماني 527- 562- 1- الخواجه نصير الدين الطوسي 527- 563- 2- فخار بن معد الموسوي 527- 564- 3- نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نماء 527- 565- 4- الشيخ مهذب الدين الحسين بن أبي الفرج ابن ردة النيلي
ص: 362
527- 566- 5- السيد احمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني 527- 567- 6- الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني 527- 568- 7- الشيخ يحيي بن محمّد بن يحيي بن الفرج السوراوي 527- 569- 8- السيد عز الدين بن أبي الحارث محمّد الحسيني 527- 570- 9- السيد صفي الدين أبو جعفر بن معد بن علي بن رافع بن أبي الفضائل معد 527- 571- 10- الشيخ علي بن ثابت السوراني 527- 572- 12- السيد رضي الدين علي بن طاوس 527- 573- 13- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ 528- 574- 1- والده محمّد الطوسي 528- 575- 2- معين الدين سالم بن بدران بن علي المصري المازني
ص: 363
528- 576- 3- الشيخ برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني 529- 577- 1- السيد فخار بن معد الموسوي 529- 578- 2- الحسين بن احمد السوراوي 529- 579- 3- السيد صفي الدين محمّد بن معد الموسوي 529- 580- 4- الشيخ نجيب الدين محمّد بن نما 529- 581- 5- السيد محيي الدين (ابن أخ ابن زهرة) 529- 582- 6- أبو علي الحسين بن خشرم 529- 583- 7- نجيب الدين محمّد بن غالب 530- 584- 1- الشيخ حسين بن محمّد السوراوي 530- 585- 2- أبو الحسن علي بن يحيي بن علي 530- 586- 3- الشيخ أبو السعادات أسعد بن عبد القاهر ابن أسعد الأصفهاني 530- 587- 4- الشيخ نجيب الدين بن نما
ص: 364
530- 588- 5- السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي 530- 589- 6- الشيخ تاج الدين الحسن بن الدربي 530- 590- 7- الشيخ صفي الدين محمّد بن معد الموسوي 530- 591- 8- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلي 530- 592- 9- السيد أبو حامد محيي الدين محمّد بن عبد اللّه بن زهرة الحسيني الاسحاقي (ابن أخ ابن زهرة الحلبي) 530- 593- 10- نجيب الدين محمّد السوراوي 531- 594- 1- والده الشيخ حسن بن يحيي 531- 595- 2- السيد أبو حامد محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه بن علي بن زهرة الحلبي 531- 596- 3- أبو إبراهيم (أبو جعفر) محمّد بن جعفر ابن أبي البقاء هبة اللّه بن نما الحلي الربعي
ص: 365
531- 597- 4- السيد شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي 531- 598- 5- السيد مجد الدين علي بن الحسن بن إبراهيم العريضي 531- 599- 6- الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ 531- 600- 7- الشيخ تاج الدين الحسن بن علي الدربي
ص: 366
547- 601- 1- علي بن طاوس 547- 602- 2- والده فخر الدين محمّد 548- 603- 1- نصير الدين راشد بن إبراهيم بن إسحاق ابن إبراهيم البحراني 548- 604- 2- الشيخ قوام الدين محمّد بن محمّد البحراني 548- 605- 3- الشيخ علي بن محمّد بن فرج السوراوي 549 و 550- 606- 1- الشيخ عربي بن مسافر 551- 607- 1- السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي 555- 608- 1- الشيخ كمال الدين أبو جعفر احمد بن علي ابن سعيد بن سعادة 565- 609- 1- رضي الدين أبو نصر الحسن بن أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي 565- 610- 1- الشيخ احمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي القاضي
ص: 367
566- 611- 1- برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني 568- 612- 1- رشيد الدين ابن شهرآشوب 568- 613- 2- الحسين بن هبة اللّه بن رطبة 570- 614- 1- برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني 570- 615- 2- الشيخ أبو الحسن علي بن يحيي الخياط 574- 616- 1- السيد فضل اللّه الراوندي 575- 617- 1- السيد حمزة بن زهرة الحلبي (صاحب الغنية) 576- 618- 1- الشيخ سديد الدين محمود الحمصي 576- 619- 2- الشيخ منتجب الدين أبو الحسن علي بن أبي القاسم عبيد اللّه حسكا الرازي 584- 620- 1- الشيخ عماد الدين الطبري 585- 621- 1- الشيخ عربي بن مسافر العبادي
ص: 368
585- 622- 2- نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن الطوسي 585- 623- 3- الشيخ علي بن نصر اللّه بن هارون الحلي 585- 624- 4- الشيخ محمّد بن إدريس الحلي 585- 625- 5- ابن بطريق الحلي 585- 626- 6- برهان الدين الحمداني القزويني 585- 627- 7- الشيخ جعفر بن أبي الفضل محمّد بن محمّد بن شعرة الجامعاني 585- 628- 8- الشيخ أبو طالب نصير الدين عبد اللّه بن حمزة الطوسي 586- 629- 1- الشيخ عماد الدين أبو الفرج علي بن قطب الدين أبي الحسين الراوندي 591- 630- 1- الشيخ نجيب الدين يحيي بن سعيد الأكبر 594- 631- 1- والده الشيخ أبو زكريا يحيي الأكبر بن الحسن بن سعيد الحلي
ص: 369
595- 632- 1- رشيد الدين بن شهرآشوب المازندراني 595- 633- 2- عمه السيد عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي 595- 634- 3- والده أبو القاسم بن علي 595- 635- 4- أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الحلي 595- 636- 5- عز الدين أبو الحارث محمّد بن الحسن بن علي الحسيني العلوي البغدادي 595- 637- 6- الشيخ شمس الدين أبو الحسن (أبو زكريا) يحيي بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد بن بطريق الحلي الأسدي 596- 638- 1- برهان الدين محمّد بن محمّد القزويني 596- 639- 2- والده جعفر بن نما 596- 640- 3- الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن جعفر بن علي ابن جعفر المشهدي الحائري (ابن المشهدي)
ص: 370
596- 641- 4- الشيخ عماد الدين أبو الفرج علي بن قطب الدين الراوندي 596- 642- 5- أبو الحسن علي بن يحيي بن علي الخياط 597- 643- 1- الشيخ عربي بن مسافر 597- 644- 2- السيد عبد الحميد بن عبد اللّه التقي 597- 645- 3- الشيخ أبو الفضل سديد الدين شاذان ابن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمي 597- 646- 4- فخر الدين أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن إدريس الحلي العجلي 597- 647- 5- الشيخ أبو الفضل بن الحسين الحلي الاجدب 597- 648- 6- السيد أبو منصور الحسن بن معية العلوي الحسني 597- 649- 7- السيد أبو جعفر يحيي بن محمّد بن أبي زيد العلوي الحسني النقيب البصري
ص: 371
597- 650- 8- أبو طالب محمّد بن الحسن بن محمّد بن معية العلوي الحسني 597- 651- 9- أبو العزّ محمّد بن علي الفويقي 597- 652- 10- والده معد بن فخار بن أحمد العلوي الموسوي 597- 653- 11- رضي الدين أبو منصور عميد الرؤساء هبة اللّه بن حامد بن احمد بن أيوب الحلي اللغوي 597- 654- 12- الشيخ أبو الحسن علي بن محمّد بن محمّد ابن علي بن محمّد بن محمّد بن السكون الحلي 597- 655- 13- السيّد أبو محمّد قريش بن السبيع بن مهنا بن السبيع العلوي الحسيني المدني 598- 656- 1- ابن المولي 599- 657- 1- نجيب الدين يحيي (جد المحقق) 599- 658- 2- الحسين بن رطبة
ص: 372
600- 659- 1- الشيخ عربي بن مسافر 600- 660- 2- ابن شهريار الخازن 600- 661- 3- الشيخ محمّد بن عبد اللّه البحراني الشيباني 600- 662- 4- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شهرآشوب ابن أبي النصر بن أبي الجيش السروي المازندراني
ص: 373
602- 663- 1- والده رضي الدين محمّد بن زيد 603- 664- 1- أبو الحسن علي بن عبد الجبار المقري الرازي 603- 665- 2- السيّد فضل اللّه الراوندي 604- 666- 1- السيد فضل اللّه الراوندي 605- 667- 1- الحسين بن رطبة 608- 668- 1- الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي 609- 669- 1- والده أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي 610- 670- 1- قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي 619- 671- 1- الشيخ أبو الفتوح الرازي 619- 672- 2- أبو علي الطبرسي 619- 673- 3- السيد أبو تراب مقدم السادات المرتضي ابن الداعي بن القاسم الحسني 619- 674- 4- السيد أبو حرب المجتبي بن الداعي بن القاسم الحسني
ص: 374
619- 675- 5- الشيخ بابويه بن سعد بن محمّد 619- 676- 6- الشيخ قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي 619- 677- 7- السيّد أبو الرضا فضل اللّه بن علي الحسني الراوندي 619- 678- 8- والده الشيخ موفق الدين أبو القاسم عبيد اللّه 628- 679- 1- الشيخ عفيف الدين محمّد بن الحسين الشوهاني 629- 680- 1- والده قطب الدين الراوندي 631- 681- 1- الشيخ أبو محمّد عربي بن مسافر العبادي 633- 682- 1- أبو منصور محمّد بن الحسن بن منصور النقاش 633- 683- 2- الشيخ أبو علي الحسن بن الحسين (ابن الحاجب الحلبي) 633- 684- 3- أبو عبد اللّه الحسين بن طاهر بن الحسين الصوري
ص: 375
633- 685- 4- والده علي بن زهرة 634- 686- 1- أخوه أبو المكارم ابن زهرة 636- 687- 1- الشيخ قطب الدين الراوندي 637- 688- 1- الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمّد ابن أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الطبري الآملي الكجي 639- 689- 1- ابن إدريس 639- 690- 2- الحسين بن رطبة 639- 691- 3- أبوه هبة اللّه بن نما 640- 692- 1- شمس الدين يحيي بن البطريق 640- 693- 2- عز الدين السيد ابن زهرة 640- 694- 3- مهذب الدين الحسين بن ردة 640- 695- 4- سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي 640- 696- 5- أبو البقاء هبة اللّه بن نما
ص: 376
640- 697- 6- أبو عبد اللّه الحسين بن جمال الدين هبة اللّه بن الحسين بن رطبة السوراوي 640- 698- 7- الشيخ أبو الحسين (أبي الحسن) ورام ابن أبي فراس ورام بن حمدان بن عيسي 640- 699- 8- الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن هارون 640- 700- 9- الشيخ أبو محمّد نجم الدين عبد اللّه بن جعفر بن محمّد الدوريستي 640- 701- 10- الشيخ أبو محمّد جعفر بن أبي الفضل بن شعرة الجامعاني 640- 702- 11- والده جعفر بن علي المشهدي 640- 703- 12- الشريف أبو القاسم بن الزكي العلوي 640- 704- 13- الشريف أبو الفتح محمّد بن محمّد الطوسي الحسيني الحائري 640- 705- 14- سالم بن قبادويه 640- 706- 15- السيد عز الدين شرفشاه بن محمّد الحسيني الافطسي النيسابوري
ص: 377
640- 707- 16- الشيخ أبو منصور محمّد بن الحسن بن المنصور النقاش الموصلي 640- 708- 17- الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شهرآشوب المازندراني 640- 709- 18- السيد جلال الدين عبد الحميد بن عبد اللّه بن أسامة العلوي الحسيني 640- 710- 19- الشيخ أبو الخير سعد بن أبي الحسن الفراء 640- 711- 20- أبو جعفر محمّد بن الحمد النحوي 640- 712- 21- عماد الدين الطبري 640- 713- 22- الشيخ عربي بن مسافر 641- 714- 1- والده قطب الدين الراوندي 641- 715- 2- ضياء الدين فضل اللّه الراوندي 641- 716- 3- جمال الدين أبو الفتوح الرازي 641- 717- 4- سديد الدين محمود بن علي الحمصي 641- 718- 5- أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي
ص: 378
645- 719- 1- أبو القاسم عماد الدين الطبري 645- 720- 2- أبيه جبرئيل بن إسماعيل 645- 721- 3- الشيخ أبو محمّد ريحان بن عبد اللّه الحبشي 645- 722- 4- الشيخ أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عمر العمري الطرابلسي 645- 723- 5- السيّد أبو المكارم ابن زهرة 645- 724- 6- الشيخ أبو محمّد حسن بن حسولة بن صالحان القمي 645- 725- 7- أبو جعفر محمّد بن موسي بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 645- 726- 8- السيّد احمد بن محمّد الموسوي 645- 727- 9- الشيخ محمّد بن سراهنك 646- 728- 1- الشريف أبو الحسن علي بن إبراهيم العلوي العريضي 646- 729- 2- الشيخ عربي بن مسافر العبادي
ص: 379
646- 730- 3- السيّد أبو المكارم 646- 731- 4- الشيخ الحسين بن رطبة 646- 732- 5- عبد اللّه بن جعفر الدوريستي 646- 733- 6- السيد شرفشاه 647- 734- 1- أبو الفتح محمّد بن محمّد بن الجعفرية العلوية الطوسي الحسيني الحائري 649- 735- 1- الشيخ أبو محمّد عبد اللّه بن جعفر بن محمّد الدوريستي 650- 736- 1- والده أبو طالب محمّد بن محمّد بن أبي زيد النقيب الحسني البصري 652- 737- 1- أبو يعلي محمّد بن علي بن حمزة الاقسيس العلوي الحسيني 653- 738- 1- السيّد بهاء الشرف نجم الدين أبو الحسن محمّد بن الحسن بن احمد بن علي 655- 739- 1- الحسين بن رطبة 656- 740- 1- الحسين بن رطبة
ص: 380
658- 741- 1- أبو علي الطوسي 662- 742- 1- الشيخ أبي منصور احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي 662- 743- 2- الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسين الشوهاني 622- 744- 3- الشيخ محمّد بن علي بن الحسن الحلبي 662- 745- 4- الشيخ ركن الدين أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد السبزواري النيسابوري التميمي 662- 746- 5- الشيخ محمّد بن علي بن عبد الصمد السبزواري 662- 747- 6- والده الشيخ علي بن شهرآشوب 662- 748- 7- جده شهرآشوب 662- 749- 8- الشيخ أبو الفتاح احمد بن علي الرازي 662- 750- 9- الشيخ أبو سعيد عبد الجليل بن عيسي ابن عبد الوهاب الرازي
ص: 381
662- 751- 10- السيّد أبو الفضل الداعي بن علي بن الحسن الحسيني 662- 752- 11- الشيخ أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصوافي 662- 753- 12- الشيخ أبو علي محمّد بن الفضل الطبرسي 662- 754- 13- الشيخ الحسين بن احمد بن طحال 662- 755- 14- أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي 662- 756- 15- الشيخ جمال الدين أبو الفتوح الحسين ابن علي بن محمّد بن أحمد الخزاعي الرازي النيسابوري 662- 757- 16- الشيخ أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي (القطب الراوندي) 662- 758- 17- أبو جعفر بن كميح
ص: 382
662- 759- 18- أبو القاسم بن كميح 662- 760- 19- السيد المنتهي بن أبي زيد عبد اللّه بن كيابكي الكجي الجرجاني 662- 761- 20- السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن محمّد بن معبد (حميدان) 662- 762- 21- السيد ناصح الدين أبو الفتح عبد الواحد ابن محمّد بن المحفوظ التميمي الآمدي 662- 763- 22- القاضي عماد الدين أبو محمّد حسن الأسترآبادي 662- 764- 23- الشيخ أبو علي محمّد بن الحسن بن علي بن احمد الحافظ الواعظ الفارسي النيسابوري الفتال 662- 765- 24- السيّد مهدي بن أبي حرب الحسيني 662- 766- 25- أبو الحسن (أو الحسن) بن أبي القاسم زيد بن الحسين البيهقي (فريد خراسان)
ص: 383
662- 767- 26- أبو القاسم زيد البيهقي 662- 768- 27- السيّد ضياء الدين أبو الرضا فضل اللّه بن علي بن عبد اللّه
ص: 384
663- 769- 1- والده زيد بن الداعي 664- 770- 1- والده عبد الجبار (المفيد) 664- 771- 2- السيّد فضل اللّه الراوندي 664- 772- 3- القطب الراوندي 673- 773- 1- سلار بن عبد العزيز 673- 774- 1- الشيخ المفيد عبد الرحمن النيسابوري (عم أبي الفتوح الرازي) 675- 775- 1- أبيه أبو المعالي سعد 678- 776- 1- والده شمس الإسلام (شمس الدين) أبو محمّد الحسن حسكا 679- 777- 1- الشيخ علي بن محمّد القمي 681- 778- 1- الشيخ عماد الدين الطبري 681- 779- 2- الشيخ حسين بن طحال 681- 780- 3- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن جمال الدين هبة اللّه بن الحسين بن رطبة السوراوي
ص: 385
681- 781- 4- الشيخ أبو محمّد الياس بن محمّد بن هشام الحائري 682- 782- 1- أبو علي ابن شيخ الطائفة الطوسي 683- 783- 1- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي سهل الزينوآبادي 684- 784- 1- الشيخ أبو الفتوح الرازي 688- 785- 1- الشيخ أبو علي ابن الشيخ الطوسي 688- 786- 2- شمس الدين أبو محمّد الحسن بن بابويه (حسكا) 688- 787- 3- الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن شهريار الخازن 688- 788- 4- الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرقاء البصري 688- 789- 5- الشيخ أبو النجم محمّد بن عبد الوهاب ابن عيسي السمان 688- 790- 6- والده أبو القاسم علي بن محمّد بن علي الفقيه
ص: 386
688- 791- 7- أبو اليقظان عمار بن ياسر 688- 792- 8- ولده أبو القاسم سعد بن عمار 688- 793- 9- أبو البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الزيدي 688- 794- 10- أبو غالب سعيد بن محمّد الثقفي 688- 795- 11- أبو محمّد الجبار بن علي بن جعفر (حدقة الرازي) 688- 796- 12- الشيخ أبو علي محمّد بن علي بن قرواش التميمي 688- 797- 13- الشيخ محمّد بن علي بن عبد الصمد بن محمّد النيشابوري 688- 798- 14- أبو طالب يحيي بن الحسن بن عبد اللّه الجواني الحسيني 691- 799- 1- أبي عبد اللّه الحسين بن احمد بن طحال المقدادي 691- 800- 2- إلياس بن هشام
ص: 387
698- 801- 1- سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي 698- 802- 2- السيد أبي الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي الحسيني 700- 803- 1- جده أبو جعفر محمّد بن موسي بن جعفر 701 و 702 و 703- 804- 1- السيد بهاء الشرف نجم الدين أبو الحسن محمّد بن الحسن بن أحمد العلوي 704- 805- 1- الشيخ عماد الدين أبو القاسم الطبري 704- 806- 2- الشريف أبو الحسن محمّد بن الحسن ابن احمد بن الحسن العلوي الحسيني 704- 807- 3- السيد بهاء الشرف 705- 808- 1- السيد بهاء الشرف 706- 809- 1- جمال الدين أبو الفتوح الرازي 707- 810- 1- الشريف أبو الوفاء المحمدي الموصلي 707- 811- 2- أبو علي الطوسي
ص: 388
709- 812- 1- السيد فضل اللّه الراوندي 709- 813- 2- الشيخ أبو الفرج احمد بن حشيش القرشي 710- 814- 1- أبو عبد اللّه الحسين بن طحال المقدادي 712- 815- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 720- 816- 1- أبو الحسن محمّد بن محمّد البصروي 721- 817- 1- أبو الفتح محمّد بن عثمان الكراجكي 721- 818- 2- عز الدين عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي 722- 819- 1- عز الدين عبد العزيز بن أبي كامل الطرابلسي 724- 820- 1- الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن احمد بن العباس الدوريستي 725- 821- 1- جده أبو عبد اللّه جعفر الدوريستي 726- 822- 1- القاضي ابن قدامة
ص: 389
727- 823- 1- علي بن علي بن عبد الصمد 732- 824- 1- جده أبو جعفر محمّد بن موسي 733- 825- 1- أبو الفتوح الرازي 736- 826- 1- تاج الشرف محمّد بن محمّد بن أبي الغنائم (ابن السخطة) العلوي الحسيني البصري النقيب 739- 827- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 740- 828- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 741- 829- 1- والده الشيخ أبو جعفر الطوسي 742- 830- 1- السيّد مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي 743- 831- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 743- 832- 2- أبو الوفاء عبد الجبار بن علي المقري الرازي 745 و 746- 833- 1- الشيخ أبو علي الطوسي
ص: 390
745 و 746- 834- 2- أبو الوفاء الرازي 745 و 746- 835- 3- والده أبو الحسن علي بن عبد الصمد 747- 836- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 747- 837- 2- أبو الوفاء الرازي 747- 838- 3- والده شهرآشوب 749 و 750 و 751 و 752 و 753- 839- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 749 و 750 و 751 و 752 و 753- 840- 2- أبو الوفاء الرازي 755- 841- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 755- 842- 2- أبو الوفاء الرازي 755- 843- 3- الشيخ الحسن بن الحسين بن الحسن ابن بابويه القمي الرازي 755- 844- 4- الشيخ موفق الدين الحسين بن الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني 755- 845- 5- السيد محمّد بن الحسين الحسيني
ص: 391
755- 846- 6- الشيخ أبو الفتح عبد اللّه بن عبد الكريم ابن هوازن القشيري 755- 847- 7- الشيخ أبو الحسن عبيد اللّه محمّد بن احمد بن الحسين البيهقي 756- 848- 1- الشيخ أبو الوفاء عبد الجبار الرازي 756- 849- 2- الشيخ علي بن محمّد 756- 850- 3- عم والده الشيخ أبو محمّد عبد الرحمن ابن أبي بكر احمد النيسابوري الخزاعي 756- 851- 4- الشيخ أبو علي الطوسي 756- 852- 5- القاضي الحسن الأسترآبادي 757- 853- 1- الشيخ أبو علي الطبرسي 757- 854- 2- عماد الدين محمّد بن أبي القاسم الطبري 757- 855- 3- السيد مرتضي ابن الداعي الرازي
ص: 392
757- 856- 4- اخوه السيد المجتبي بن الداعي 757- 857- 5- أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد التميمي 757- 858- 6- اخوه محمّد بن علي التميمي 757- 859- 7- السيد أبو البركات محمّد بن إسماعيل الحسيني المشهدي 757- 860- 8- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن المحسن الحلبي 757- 861- 9- أبو نصر الغاري 757- 862- 10- الشيخ أبو القاسم بن كميح 757- 863- 11- أبو جعفر محمّد بن المرزبان 757- 864- 12- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين المؤدب القمي 757- 865- 13- الشيخ أبو سعد الحسن بن علي الارآبادي 757- 866- 14- الشيخ أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي
ص: 393
757- 867- 15- الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمّد بن علي بن محمّد المرشكي 757- 868- 16- الشيخ هبة اللّه بن دعويدار 757- 869- 17- السيد علي بن أبي طالب السليقي 757- 870- 18- أبو السعادات هبة اللّه بن علي بن محمّد ابن عبد اللّه بن حمزة (ابن الشجري البغدادي) 858- 871- 19- الشيخ أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمّد الصواني 757- 872- 20- أبو جعفر بن كميح 757- 873- 21- السيّد ذو الفقار بن محمّد الحسني 757- 874- 22- الشيخ عبد الرحيم البغدادي (ابن الاخوة) 757- 875- 23- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي النيشابوري 758 و 759- 876- 1- أبوهما كميح
ص: 394
760- 877- 1- الشيخ أبو جعفر الطوسي 760- 878- 2- أبوه أبو زيد عبد اللّه بن علي الجرجاني 763- 879- 1- القاضي أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة 764- 880- 1- الشيخ أبو جعفر الطوسي 764- 881- 2- أبوه الحسن بن علي الفتال 766- 882- 1- والده أبو القاسم زيد بن الحسين البيهقي 766- 883- 2- الحسن بن يعقوب بن أحمد القارئ 767- 884- 1- الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 767- 885- 2- السيّد أبو الحسن علي بن محمّد 767- 886- 3- السيد علي بن أبي طالب الحسيني (أو الحسني) الآملي 768- 887- 1- أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني
ص: 395
768- 888- 2- السيد أبو البركات محمّد بن إسماعيل الحسيني المشهدي 768- 889- 3- السيد أبو تراب المرتضي ابن السيد الداعي الحسيني 768- 890- 4- أبو حرب المنتهي ابن الداعي الحسيني 768- 891- 5- السيد علي بن أبي طالب السليقي الحسني 768- 892- 6- الشيخ الحسين بن محمّد بن عبد الوهاب البغدادي 768- 893- 7- أبو جعفر محمّد بن علي بن محسن المقرئ 768- 894- 8- القاضي عماد الدين أبي محمّد الحسن الأسترآبادي 768- 895- 9- السيد نجم الدين حمزة بن أبي الأعز الحسيني 768- 896- 10- الشيخ أبو الحسن علي بن علي بن عبد الصمد
ص: 396
768- 897- 11- الشيخ محمّد بن علي بن عبد الصمد 768- 898- 12- الشيخ مكي بن احمد المخلطي 768- 899- 13- أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 768- 900- 14- علي بن الحسين بن محمّد 768- 901- 15- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسن النيسابوري 768- 902- 16- الشيخ أبو الحسين النحوي 768- 903- 17- أبو علي الحداد 768- 904- 18- الشيخ أبو نصر الغاري 768- 905- 19- السيد عماد الدين أبو الصمصام (و أبو الوضاح) ذو الفقار بن محمّد بن معبد بن الحسن (حميدان) 768- 906- 20- الشيخ المفيد أبو الوفاء عبد الجبار بن عبد اللّه بن علي المقري النيسابوري الرازي
ص: 397
768- 907- 21- الشيخ أبو الفضل عبد الرحيم بن الاخوة البغدادي 768- 908- 22- أبو علي الحسن ابن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي
ص: 398
769- 909- 1- والده الداعي بن زيد بن علي بن الحسين الجزري 775- 910- 1- أبوه أبو جعفر محمّد 776- 911- 1- أبوه الحسين 776- 912- 2- عمه أبو جعفر محمّد (جد بابويه) 776- 913- 3- شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي 776- 914- 4- الشيخ سلار بن عبد العزيز 776- 915- 5- القاضي ابن البراج 777- 916- 1- الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد اللّه المقري 780 و 781- 917- 1- الشيخ أبو علي ابن شيخ الطائفة الطوسي 783- 918- 1- الشيخ رشيد الدين علي بن زيرك القمي 783- 919- 2- السيد أبو هاشم المجتبي بن حمزة بن زهرة ابن زيد الحسيني 787- 920- 1- الشيخ أبو جعفر الطوسي (والد زوجته)
ص: 399
787- 921- 2- أبو الحسن زيد بن ناصر العلوي 787- 922- 3- أبو يعلي حمزة بن محمّد بن يعقوب الدهان 787- 923- 4- الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 787- 924- 5- الشيخ أبو الفرج محمّد بن احمد بن محمّد ابن عامر بن علّان المعدل 790 و 791 و 792- 925- 1- الشيخ إبراهيم بن أبي نصر الجرجاني 794- 926- 1- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن عبد الرحمن العلوي 794- 927- 2- عمر بن إبراهيم الكناني المقري 794- 928- 3- محمّد بن عبد اللّه الجعفي 794- 929- 4- أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه الشيباني 794- 930- 5- زيد بن جعفر بن محمّد بن صاحب 794- 931- 6- محمّد بن الحسين السملي
ص: 400
794- 932- 7- جعفر بن محمّد الجعفري 795- 933- 1- أبو محمّد عبد الرحمن بن احمد بن الحسين النيشابوري (عم أبي الفتوح الرازي) 796- 934- 1- أبو الحسين محمّد بن محمّد النقاد الحميري 798- 935- 1- أبو علي جامع بن احمد الدهشاني 799 و 800- 936- 1- أبو علي ابن شيخ الطائفة الطوسي 801- 937- 1- الشيخ موفق الدين الحسين بن أبي الفتح الواعظ البكرآبادي الجرجاني 802- 938- 1- الحسين بن رطبة 802- 939- 2- الشيخ علي بن علي بن نما 803- 940- 1- جده جعفر بن محمّد 806- 941- 1- أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن شهريار الخازن 810- 942- 1- أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد (المفيد)
ص: 401
813- 943- 1- الشيخ أبو الغنائم محمّد بن علي بن ميمون القرشي 814- 944- 1- أبو علي الطوسي 816- 945- 1- السيد المرتضي 818- 946- 1- أبو الفتح محمّد بن عثمان الكراجكي 818- 947- 2- أبو الصلاح تقي الدين نجم بن عبيد اللّه الحلبي 818- 948- 3- عز الدين أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير ابن عبد العزيز البراج 820- 949- 1- الشيخ المفيد 820- 950- 2- السيد المرتضي 820- 951- 3- السيد الرضي 820- 952- 4- الشيخ الطوسي 820- 953- 5- والده محمّد بن احمد 820- 954- 6- الشيخ احمد بن محمد بن عياش
ص: 402
820- 955- 7- والده الشيخ محمّد بن احمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي 822- 956- 1- السيّد المرتضي 822- 957- 2- السيد الرضي 824- 958- 1- جده أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 826- 959- 1- الشريف أبو الحسن نجم الدين علي بن محمّد الصوفي العلوي العمري النسابة الشجري 828- 960- 1- والده أبو جعفر الطوسي 830- 961- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 835- 962- 1- والده عبد الصمد بن محمّد التميمي 835- 963- 2- السيد أبو البركات علي بن الحسين الحسيني الجوري 838- 964- 1- الشيخ أبو جعفر الطوسي 844- 965- 1- أبو علي الطوسي
ص: 403
845- 966- 1- والده أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن القصبي 849- 967- 1- والده الشيخ أبو سعيد محمّد بن احمد بن الحسين النيسابوري 859- 968- 1- الشيخ جعفر الدوريستي 859- 969- 2- الشيخ محيي الدين أبو عبد اللّه الحسين بن المظفر بن علي الحمداني 861- 970- 1- أبو منصور محمّد بن أبي نصر محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبري 861- 971- 2- السيد المرتضي 861- 972- 3- السيد الرضي 862- 973- 1- الشيخ جعفر الدوريستي 863- 974- 1- الشيخ أبو عبد اللّه جعفر الدوريستي 864 و 865 و 866 و 867 و 868 و 869- 975- 1- أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 870- 976- 1- أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي
ص: 404
870- 977- 1- ابن قدامة 872- 978- 1- أبوه كميح 874- 979- 1- السيدة بنت السيد المرتضي 874- 980- 2- الشيخ أبو غانم العصمي الهروي الشيعي الإمامي 876- 981- 1- ابن البراج 878- 982- 1- السيد المرتضي 878- 983- 2- السيد الرضي 879- 984- 1- السيد المرتضي 879- 985- 2- السيد الرضي 879- 986- 3- الشيخ المفيد 881- 987- 1- السيد المرتضي 882 و 883- 988- 1- الشيخ جعفر الدوريستي 885- 989- 1- والده السيد محمّد بن جعفر
ص: 405
886- 990- 1- السيد أبو طالب يحيي بن الحسين بن هارون الحسيني الهروي 894 و 895- 991- 1- القاضي أبو المعالي أحمد بن قدامة 896- 992- 1- والده الشيخ علي بن عبد الصمد 898- 993- 1- أبو غانم العصمي الهروي 900- 994- 1- أبو الحسن علي بن محمّد الخليدي 901- 995- 1- أبو علي ابن شيخ الطائفة 901- 996- 2- أبو القاسم عبد اللّه بن عبيد اللّه الحسكاني 905- 997- 1- الشيخ الطوسي 905- 998- 2- الشيخ محمّد بن علي الحلواني 905- 999- 3- الشيخ أبو العباس احمد بن علي النجاشي 905- 1000- 4- الشيخ أبو الخير بركة بن محمّد بن بركة الأسدي 905- 1001- 5- الشيخ سلار بن عبد العزيز الديلمي
ص: 406
905- 1002- 6- السيد المرتضي 906- 1003- 1- شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي 906- 1004- 2- القاضي ابن البراج 906- 1005- 3- الشيخ أبو يعلي حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني (سلار أو سالار) 906- 1006- 4- ذي الكفايتين أبو الجوائز الحسن بن علي ابن محمّد بن بارئ الكاتب 906- 1007- 5- الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 908- 1008- 1- والده الشيخ الطوسي
ص: 407
909- 1009- 1- السيد المرتضي 909- 1010- 2- الشيخ أبو جعفر الطوسي 909- 1011- 3- سلار 909- 1012- 4- ابن البراج 909- 1013- 5- أبو الصلاح التقي الحلبي 910- 1014- 1- أبوه ثقة الدين الحسن 911- 1015- 1- والده الحسن 916- 1016- 1- شيخ الطائفة الطوسي 918 و 919- 1017- 1- الشيخ المفيد عبد الجبار الرازي 920 و 921- 1018- 1- أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الرحمن العلوي 922- 1019- 1- أبو الحسن محمد بن أحمد الجواليقي 923- 1020- 1- أبوه محمّد بن احمد 925- 1021- 1- السيّد محمّد بن حمزة الحسيني المرعشي
ص: 408
926- 1022- 1- أبوه علي العلوي 935- 1023- 1- أبو الحسن علي بن الحسين بن العباس 937- 1024- 1- الشيخ أبو علي الطوسي 939- 1025- 1- أبو محمّد الحسن بن علي بن حمزة الاقساسي (ابن الاقساسي) 941- 1026- 1- والده احمد بن شهريار الخازن 943- 1027- 1- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن الحسن العلوي الحسني 947- 1028- 1- السيد المرتضي 947- 1029- 2- الشيخ الطوسي 948- 1030- 1- السيد المرتضي 948- 1031- 2- الشيخ الطوسي 948- 1032- 3- أبو الصلاح الحلبي 948- 1033- 4- أبو الفتح الكراجكي
ص: 409
953 و 955- 1034- 1- أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه الصدوق 961- 1035- 1- والده أبو جعفر الطوسي 961- 1036- 2- أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي 962- 1037- 1- الشيخ أبو جعفر الصدوق 966- 1038- 1- أبو الحسين طاهر بن محمّد الجعفري 967- 1039- 1- والده الشيخ أبو بكر احمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي 967- 1040- 2- الشيخ أبو القاسم عبد العزيز بن محمّد ابن عبد العزيز الإمامي النيسابوري 967- 1041- 3- الشيخ المحسن بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي (عم عبد الرحمن النيسابوري) 967- 1042- 4- السيد أبو الخير داعي بن الرضا بن محمّد العلوي الحسيني 967- 1043- 5- أبو إبراهيم ناصر بن الرضا بن محمّد بن عبد اللّه العلوي الحسيني
ص: 410
967- 1044- 6- ذو المعالي أبي سعد منصور بن الحسين الآبي 967- 1045- 7- الشيخ أبو عبد اللّه الحسن بن الحسين بن بابويه 968- 1046- 1- الشيخ المفيد 970- 1047- 1- أبو المفضل محمّد بن عبد اللّه بن المطلب الشيباني 973- 1048- 1- الشيخ المفيد 974- 1049- 1- أبوه محمّد الدوريستي 977- 1050- 1- السيد الرضي 978- 1051- 1- القاضي ابن البراج 979- 1052- 1- عمها السيد الرضي 980- 1053- 1- السيد المرتضي 981- 1054- 1- الشيخ المفيد 990- 1055- 1- أبو الحسين النحوي
ص: 411
990- 1056- 2- أبو أحمد محمّد بن علي 991- 1057- 1- السيّد المرتضي 991- 1058- 2- السيّد الرضي 991- 1059- 3- الشيخ المفيد 992- 1060- 1- السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوري 993- 1061- 1- السيد المرتضي 994- 1062- 1- الشيخ أبو الحسن علي بن نصر القطاني 996- 1063- 1- أبو القاسم علي بن محمد العمري 998- 1064- 1- السيد المرتضي 1005- 1065- 1- الشيخ المفيد 1005- 1066- 2- السيّد المرتضي 1006- 1067- 1- أبو بكر محمّد بن احمد بن محمّد المفيد الجرجاني 1006- 1068- 2- علي بن عثمان بن الحسين
ص: 412
1015- 1069- 1- أبوه أبو عبد اللّه الحسين 1019- 1070- 1- احمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد 1020- 1071- 1- الشيخ أبو جعفر الصدوق 1021- 1072- 1- أبو عبد اللّه الحسين بن بابويه (أخو الصدوق) 1023- 1073- 1- أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الثعالبي 1038- 1074- 1- أبو عبد اللّه احمد بن محمّد بن عياش 1039- 1075- 1- السيّد المرتضي 1039- 1076- 2- السيّد الرضي 1039- 1077- 3- الشيخ أبو جعفر الطوسي 1039- 1078- 4- السيّد أبو محمّد زيد بن علي بن الحسين الحسني 1040- 1079- 1- الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان
ص: 413
1041 و 1043- 1080- 1- الشيخ أبو الحسن عبد الجبار بن احمد بن أبي مطيع 1044- 1081- 1- أبو جعفر الطوسي 1044- 1082- 2- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه 1049- 1083- 1- الشيخ أبو جعفر الصدوق 1056- 1084- 1- محمد بن جعفر القمي 1060- 1085- 1- الشيخ الصدوق 1062- 1086- 1- احمد بن الحسن بن احمد بن داود الوثابي القاشاني 1063- 1087- 1- أبو جعفر محمّد بن بابويه 1068- 1088- 1- الحسن بن ذكوان الفارسي
ص: 414
1069- 1089- 1- والده علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي 1073- 1090- 1- أبو القاسم يعقوب بن أحمد السري الفروضي 1082- 1091- 1- أبوه علي بن بابويه 1084- 1092- 1- احمد بن أبي عبد اللّه البرقي 1086- 1093- 1- أبوه الحسن بن أحمد
ص: 415
1090- 1094- 1- أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن محمّد 1092- 1095- 1- الحسن بن محبوب 1093- 1096- 1- علي بن محمّد بن شيرة القاشاني
ص: 416
1094- 1097- 1- أبو القاسم عبد اللّه بن احمد بن عامر الطائي 1095- 1098- 1- صفوان بن يحيي
ص: 417
«أصحاب المجاميع» الأول: الشيخ أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي 1099- 1- الشيخ المفيد 1100- 2- السيّد المرتضي 1101- 3- أبو يعلي سلار بن عبد العزيز الديلمي 1102- 4- أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه بن علي الواسطي 1103- 5- الشيخ محمد بن احمد بن علي بن الحسن ابن شاذان 1104- 6- الشيخ أبو الرجاء محمّد بن علي بن طالب البلدي 1105- 7- أبو عبد اللّه محمّد بن عبيد اللّه بن الحسين ابن طاهر الحسيني 1106- 8- أبو الحسن طاهر بن موسي بن جعفر الحسيني
ص: 418
1107- 9- أبو الحسن اسد بن إبراهيم بن كلب السلمي الحراني 1108- 10- أبو منصور احمد بن حمزة العريضي 1109- 11- أبو العباس إسماعيل بن عثمان
ص: 419
1102- 1110- 1- أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري 1106- 1111- 1- أبو القاسم ميمون بن حمزة الحسيني 1104 و 1108 و 1109- 1112- 1- أبو المفضل الشيباني
ص: 420
الثاني: الشيخ أبو العباس احمد بن علي بن احمد بن العباس بن محمّد ابن عبد اللّه النجاشي 1113- 1- الشيخ المفيد أبو عبد اللّه بن النعمان 1114- 2- أبو الفرج الكاتب محمّد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة القناني 1115- 3- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شاذان القزويني 1116- 4- أبو الحسن محمّد بن احمد بن علي بن الحسن بن شاذان الفامي القمي 1117- 5- أبو الحسين محمّد بن عثمان بن الحسن النصيبي 1118- 6- محمّد بن جعفر الأديب (المؤدب) النحوي التميمي القمي 1119- 7- الشيخ أبو العباس احمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي 1120- 8- الشيخ أبو الحسن احمد بن محمّد بن عمران بن موسي (ابن الجندي)
ص: 421
1121- 9- الشيخ أبو عبد اللّه احمد بن عبد الواحد ابن احمد البزاز (ابن عبدون) 1122- 10- الشيخ أبو الحسين احمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري 1123- 11- القاضي أحمد بن محمّد بن عبد اللّه الجعفي 1124- 12- أبو الحسن احمد بن محمّد بن موسي الأهوازي (ابن الصلت) 1125- 13- والده علي بن احمد بن علي بن العباس النجاشي 1126- 14- الشيخ أبو الحسين علي بن احمد بن أبي جيد القمي 1127- 15- أبو القاسم علي بن شبل بن اسد الوكيل (أبو شبل) 1128- 16- القاضي أبو الحسن علي بن محمّد بن يوسف 1129- 17- الحسن بن احمد بن إبراهيم
ص: 422
1130- 18- أبو محمّد الحسن بن احمد بن الهيثم العجيلي 1131- 19- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه ابن إبراهيم الغضائري 1132- 20- أبو عبد اللّه الحسين بن جعفر بن محمّد المخزومي الخزاز (ابن الخمري) 1133- 21- أبو عبد اللّه الحسين بن احمد بن موسي ابن هدية 1134- 22- القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر 1135- 23- أبو الحسن اسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحراني 1136- 24- أبو الخير الموصلي سلافة بن زكا الحراني 1137- 25- أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس ابن عبد الملك الكلوذاني (ابن مروان) 1138- 26- أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمّد ابن عبد اللّه البصري الأديب
ص: 423
1139- 27- أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن محمّد بن عبد اللّه الدعجلي 1140- 28- عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي 1141- 29- الشيخ أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري 1142- 30- أبو جعفر (أبو الحسين) محمّد بن هارون التلعكبري 1143- 31- أبو الحسين احمد بن محمّد بن علي الكوفي الكاتب
ص: 424
1115- 1144- 1- احمد بن محمّد بن يحيي العطار 1118 و 1123 و 1124- 1145- 1- احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ 1137- 1146- 1- علي بن بابويه 1143- 1147- 1- الشيخ الكليني
ص: 425
الثالث: شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي البغدادي الغروي 1148- 1- الشيخ المفيد 1149- 2- الحسين بن عبيد اللّه بن الغضائري 1150- 3- أبو عبد اللّه احمد بن عبد الواحد البزاز (ابن عبدون، ابن الحاشر) 1151- 4- أبو الحسين علي بن احمد (ابن أبي جيد القمي) 1152- 5- أحمد بن محمّد بن موسي بن الصلت الأهوازي 1153- 6- أبو القاسم علي بن شبل بن اسد الوكيل 1154- 7- السيد المرتضي 1155- 8- الشريف أبو محمّد الحسن بن القاسم المحمدي 1156- 9- أحمد بن إبراهيم القزويني
ص: 426
1157- 10- أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم القزويني 1158- 11- جعفر بن الحسين بن حسكة القمي 1159- 12- أبو زكريا محمّد بن سليمان الحرّاني (الحمداني) 1160- 13- الشيخ أبو طالب بن عزور 1161- 14- السيد أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار 1162- 15- الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي بن داود الفحام (ابن الفحام السرّ من رأيي) 1163- 16- أبو عمرو عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّه بن مهدي 1164- 17- الحسين بن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري 1165- 18- محمّد بن احمد بن أبي الفوارس الحافظ
ص: 427
1166- 19- أبو منصور السكري 1167- 20- محمّد بن علي بن خشيش بن نضر بن جعفر بن إبراهيم التميمي 1168- 21- أبو الحسن علي بن احمد بن عمر بن حفص المقري (ابن الحمامي المقري) 1169- 21- أبو الحسن محمّد بن محمّد بن محمّد بن مخلّد 1170- 22- أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد اللّه بن بشران (ابن بشران المعدل) 1171- 23- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن حموي البصري 1172- 24- أبو الحسين بن سوار المغربي 1173- 25- محمّد بن سنان 1174- 26- أبو علي بن شاذان المتكلم 1175- 27- أبو الحسين جنبش المقري
ص: 428
1176- 28- القاضي أبو القاسم التنوخي علي بن أبي علي المحسن بن أبي القاسم علي القحطاني 1177- 29- القاضي أبو الطيب الطبري الحويري 1178- 30- أبو علي الحسن بن إسماعيل (ابن الحمامي) 1179- 31- أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم بن علي القمي (ابن الحناط) 1180- 32- أبو عبد اللّه بن الفارسي 1181- 33- أبو الحسن بن الصفار 1182- 34- أبو الحسين بن احمد بن علي النجاشي 1183- 35- أبو محمّد عبد الحميد بن محمّد المقري النيسابوري 1184- 36- أبو عبد اللّه (أخو سروة) 1185- 37- أبو علي الحسن بن محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن أشناس البزاز (ابن أشناس أبو ابن الاشناس البزاز)
ص: 429
1152- 1186- 1- ابن عقدة 1159- 1187- 1- أبو جعفر بن بابويه 1163- 1188- 1- ابن عقدة 1164- 1189- 1- أبو قتادة القمي 1166- 1190- 1- جده علي بن عمر 1167- 1191- 1- أبو المفضل الشيباني 1179- 1192- 1- أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري 1181- 1193- 1- أبو المفضل الشيباني 1184- 1194- 1- ابن قولويه 1185- 1195- 1- أبو المفضل الشيباني
ص: 430
الرابع: السيد أبو الحسن محمّد بن أبي أحمد الحسين بن موسي بن محمّد الشريف الرضي (ذو الحسبين) 1196- 1- الشيخ المفيد 1197- 2- الشيخ أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري
ص: 431
الخامس: السيد علم الهدي أبو القاسم الثمانيني ذو المجدين علي بن الحسين الموسوي المرتضي 1198- 1- الشيخ المفيد 1199- 2- أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري 1200- 3- الحسين بن علي بن بابويه (أخو الصدوق) 1201- 4- أبو الحسن احمد بن علي بن سعيد الكوفي 1202- 5- أبو عبد اللّه محمّد بن عمران (أو عبد اللّه) ابن موسي بن سعد بن عبيد اللّه الكاتب المرزباني الخراساني
ص: 432
1201- 1203- 1- محمّد بن يعقوب الكليني
ص: 433
السادس: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد 1204- 1- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه 1205- 2- الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي ابن بابويه القمي 1206- 3- أبو الحسن احمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد القمي 1207- 4- أبو غالب احمد بن محمّد بن سليمان الزراري 1208- 5- أبو عبد اللّه محمّد بن عمران بن موسي ابن سعد بن عبيد اللّه المرزباني الكاتب البغدادي 1209- 6- أبو علي محمّد بن احمد بن الجنيد الكاتب الإسكافي (ابن الجنيد) 1210- 7- الشيخ أبو الحسن محمّد بن احمد بن داود ابن علي القمي 1211- 8- الشيخ أبو علي احمد بن محمّد بن جعفر الصولي البصري
ص: 434
1212- 9- أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن عبد اللّه بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمال (الصفواني) 1213- 10- الشيخ احمد بن إبراهيم بن أبي رافع الأنصاري 1214- 11- السيد أبو محمّد الحسن بن حمزة بن علي الطبري المرعشي 1215- 12- القاضي أبو بكر محمّد بن عمر بن سالم ابن محمّد البراء الجعابي 1216- 13- أبو الحسن علي بن محمّد بن خالد 1217- 14- أبو الحسن محمّد بن المظفر الوراق 1218- 15- أبو حفص محمّد بن عمر بن علي الصيرفي (ابن الزيات) 1219- 16- أبو عبد اللّه الحسين بن احمد بن المغيرة البوشنجي العراقي 1220- 17- الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين الجواني
ص: 435
1221- 18- أبو الحسن علي بن محمّد القرشي 1222- 19- الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن طاهر الموسوي 1223- 20- أبو الحسن علي بن خالد المراغي القلانسي 1224- 21- أبو الحسن علي بن محمّد بن حبيش الكاتب 1225- 22- أبو الحسن محمّد بن جعفر بن محمّد الكوفي النحوي التميمي 1226- 23- أبو نصر محمّد بن الحسين البصير المقري 1227- 24- أبو الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي 1228- 25- أبو الحسن علي بن مالك النحوي 1229- 26- أبو الحسين محمّد بن مظفر البزاز 1230- 27- أبو الحسن علي بن احمد بن إبراهيم الكاتب
ص: 436
1231- 28- عبد اللّه بن جعفر بن محمّد بن أعين البزاز 1232- 29- أبو عبد اللّه محمّد بن داود الحتمي 1233- 30- أبو الطيب الحسين بن محمّد النحوي التمار 1234- 32- أبو الحسين احمد بن الحسين بن أسامة البصري 1235- 34- أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد الأبهري 1236- 35- أبو الحبيش المظفر بن محمّد البلخي الوراق 1237- 36- أبو علي الحسن بن عبد اللّه القطان 1238- 37- أبو الحسن احمد بن محمّد الجرجاني 1239- 38- أبو عمرو عثمان بن احمد الدقاق 1240- 39- أبو القاسم إسماعيل بن محمّد الأنباري
ص: 437
1241- 40- الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي العلوي 1242- 41- أبو بكر عمر بن محمّد بن سليم بن البراء (ابن الجعابي) 1243- 42- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان بن خالد بن سفيان البزوفري 1244- 43- أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الرازي 1245- 44- أبو جعفر محمّد بن الحسين البزوفري (ابن أبي عبد اللّه البزوفري) 1246- 45- أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن رياح القرشي 1247- 46- أبو الحسن زيد بن محمّد بن جعفر التيملي 1248- 47- محمّد بن احمد بن عبد اللّه المنصوري 1249- 48- أبو القاسم علي بن محمّد الرفاء
ص: 438
1250- 49- أبو عبد اللّه الحسين بن احمد بن موسي ابن هدية 1251- 50- الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن شيبان القزويني 1252- 51- أبو محمّد سهل بن احمد الديباجي 1253- 52- جعفر بن الحسين المؤمن
ص: 439
1251- 1254- 1- علي بن حاتم
ص: 440
السابع: أبو القاسم جعفر بن محمّد بن موسي بن قولويه القمي 1255- 1- والده محمّد بن قولويه 1256- 2- أبو عبد الرحمن محمّد بن احمد بن الحسين الزعفراني العسكري المصري 1257- 3- أبو الفضل محمّد بن احمد بن إبراهيم بن سليمان الجعفي الكوفي (الصابوني) 1258- 4- الشيخ الكليني 1259- 5- محمّد بن الحسن بن الوليد 1260- 6- محمّد بن الحسن بن علي بن مهزيار 1261- 7- أبو العباس محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن القرشي البزاز 1262- 8- الشيخ محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري القمي 1263- 9- الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسي
ص: 441
1264- 10- أبو الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي 1265- 11- أخيه علي بن محمّد بن قولويه 1266- 12- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن إبراهيم ابن عبد اللّه بن موسي بن جعفر الموسوي العلوي 1267- 13- أبو علي احمد بن علي بن مهدي بن صدقة الرقي الأنصاري 1268- 14- محمّد بن عبد المؤمن المؤدب القمي 1269- 15- أبو الحسن علي بن حاتم بن أبي حاتم القزويني 1270- 16- علي بن محمّد بن يعقوب بن إسحاق بن عمار الصيرفي الكسائي الكوفي العجلي 1271- 17- أبو الحسن علي بن الحسين السعدآبادي القمي 1272- 18- أبو علي محمّد بن همام بن سهيل الكاتب البغدادي
ص: 442
1273- 19- أبو محمّد هارون بن موسي بن احمد بن سعيد بن سعد التلعكبري الشيباني 1274- 20- القاسم بن محمّد بن علي بن إبراهيم الهمداني 1275- 21- الحسن بن زبرقان الطبري 1276- 22- أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد بن عامر بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي 1277- 23- أبو علي احمد بن إدريس بن أحمد الأشعري القمي 1278- 24- أبو عيسي عبيد اللّه بن الفضل بن محمّد ابن هلال الطائي المصري 1279- 25- حكيم بن داود بن حكيم 1280- 26- محمّد بن الحسين (الحسن) بن مت الجوهري 1281- 37- محمّد بن احمد بن علي بن يعقوب 1282- 38- أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمار
ص: 443
1283- 39- أبو عبد اللّه محمّد بن احمد بن يعقوب 1284- 40- أبو عبد اللّه الحسين بن علي الزعفراني 1285- 41- أبو الحسين احمد بن عبد اللّه بن علي الناقد 1286- 42- أبو الحسن محمّد بن عبد اللّه بن علي
ص: 444
1263- 1287- 1- أبوه عبد اللّه بن محمّد بن عيسي 1267- 1288- 1- أبوه علي بن مهدي الأنصاري الرقي 1276- 1289- 1- عمه عبد اللّه بن عامر 1279- 1290- 1- سلمة بن خطاب
ص: 445
1287- 1291- 1- الحسن بن محبوب
ص: 446
الثامن: الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي «تفصيل مشايخه في الفائدة الخامسة- شرح مشيخة الفقيه-».
ص: 447
التاسع: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني (ابن أبي زينب) 1292- 1- احمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن ابن عقدة الكوفي الزيدي 1293- 2- علي بن احمد بن عبيد اللّه البندبيجي 1294- 3- الشيخ محمّد بن همام بن سهيل 1295- 4- محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور 1296- 5- محمّد بن يعقوب الكليني 1297- 6- عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس الموصلي 1298- 7- أبو القاسم الحسين بن محمّد البلادري 1299- 8- محمّد بن عبد اللّه بن المعمر الطبراني 1300- 9- علي بن عبيد اللّه 1301- 10- أبو سليمان احمد بن محمّد بن هوذة بن هراسة الباهلي
ص: 448
1302- 11- أبو القاسم موسي بن محمّد الأشعري القمي المؤدب 1303- 12- الشيخ هارون بن موسي التلعكبري 1304- 13- عبد العزيز بن عبد اللّه بن يونس 1305- 14- علي بن الحسين المسعودي 1306- 15- سلامة بن محمد 1307- 16- أبو علي احمد بن محمّد بن احمد بن يعقوب بن عمار الكوفي 1308- 17- محمّد بن احمد بن يعقوب 1309- 18- أبو الحارث عبد اللّه بن عبد الملك بن سهل الطبراني 1310- 19- محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري
ص: 449
1293- 1311- 1- عبيد اللّه بن موسي العلوي العباسي 1294- 1312- 1- أحمد بن ما بندار 1294- 1313- 2- الحسن بن محمّد بن جمهور العمي 1295- 1314- 1- الحسن بن محمد بن جمهور العمي 1298- 1315- 1- يوسف بن يعقوب القسطي المقري 1300- 1316- 1- علي بن إبراهيم بن هاشم 1301- 1317- 1- إبراهيم بن إسحاق النهاوندي 1301- 1318- 2- عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس 1302- 1319- 1- سعد بن عبد اللّه 1305- 1320- 1- محمّد بن يحيي العطار 1306- 1321- 1- الحسن بن علي بن مهزيار 1306- 1322- 2- أبو الحسين علي بن عمر 1306- 1323- 3- احمد بن محمّد السياري
ص: 450
1306- 1324- 4- أحمد بن داود 1307- 1325- 1- أبوه محمّد بن أحمد الكوفي 1308- 1326- 1- أبو عبد اللّه الحسين بن محمّد 1309- 1327- 1- محمّد بن المثني البغدادي 1310- 1328- 1- أبوه عبد اللّه بن جعفر الحميري
ص: 451
1311- 1329- 1- علي بن إبراهيم بن هاشم 1318- 1330- 1- إبراهيم بن إسحاق النهاوندي 1324- 1331- 1- علي بن الحسين بن بابويه
ص: 452
العاشر: أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي «تفصيل مشايخه في الفائدة الرابعة».
ص: 453
الحادي عشر: الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي.
1332- 1- سعد بن عبد اللّه الأشعري 1333- 2- علي بن إبراهيم القمي 1334- 3- محمّد بن يحيي العطار 1335- 4- عبد اللّه بن جعفر الحميري 1336- 5- أحمد بن إدريس الأشعري 1337- 6- محمّد بن الحسن الصفار 1338- 7- علي بن الحسين السعدآبادي 1339- 8- علي بن موسي الكميذاني 1340- 9- علي بن الحسن بن علي الكوفي 1341- 10- الحسين بن محمّد بن عامر 1342- 11- محمّد بن احمد بن علي بن الصلت
ص: 454
الثاني عشر: - الشيخ أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي.
1343- 1- أبو الحسن حمدويه بن نصير الكشي 1344- 2- محمّد بن سعيد الكشي 1345- 3- أبو جعفر محمّد بن أبي عوف البخاري 1346- 4- إبراهيم بن محمّد بن العباس الختلي 1347- 5- أبو إسحاق إبراهيم بن نصير الكشي 1348- 6- أبو محمّد جبرئيل بن احمد الفاريابي 1349- 7- نصر بن صباح البلخي 1350- 8- علي بن محمّد القتيبي النيشابوري 1351- 9- محمّد بن إسماعيل 1352- 10- طاهر بن عيسي الوراق 1353- 11- أبو صالح خلف بن حماد العامي الكشي
ص: 455
1354- 11- آدم بن محمّد القلانسي البلخي 1355- 12- أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد 1356- 13- أبو محمّد جعفر بن معروف 1357- 14- محمّد بن احمد بن أبي عوف البخاري 1358- 15- عبيد بن محمّد النخعي الشافعي 1359- 16- محمّد بن الحسن البراثي الكشي 1360- 17- عثمان بن حامد الكشي 1361- 18- محمّد بن نصير 1362- 19- سعد بن جناح الكشي 1363- 20- أبو سعيد محمّد بن رشيد الهروي 1364- 21- أبو سعيد جعفر بن احمد بن أيوب السمرقندي 1365- 22- أحمد بن محمّد بن يعقوب البيهقي 1366- 23- أبو علي احمد بن علي بن كلثوم السرخسي
ص: 456
1367- 24- محمّد بن قولويه 1368- 25- أبو سعيد الآدمي سهل بن زياد 1369- 26- علي بن الحسن 1370- 27- أبو علي احمد بن علي السلولي 1371- 28- الحارث بن نصير الأزدي 1372- 29- أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الوراق 1373- 30- الحسين بن الحسن بن بندار 1374- 31- أبو أحمد 1375- 32- محمّد بن الحسن البراثي 1376- 33- إسحاق بن محمّد 1377- 34- يوسف بن السخت 1378- 35- محمّد بن بشر 1379- 36- محمّد بن أحمد
ص: 457
1380- 37- إبراهيم بن محمّد بن يحيي بن عباس 1381- 38- الحسين بن إشكيب 1382- 39- عبد اللّه بن محمّد 1383- 40- إبراهيم بن علي الكوفي 1384- 41- أبو الحسن احمد بن محمّد الخالدي 1385- 42- صدقة بن حماد 1386- 43- احمد بن منصور 1387- 44- احمد بن إبراهيم القرشي 1388- 45- أبو جعفر محمّد بن علي بن القاسم بن أبي حمزة القمي 1389- 46- أبو محمّد الدمشقي 1390- 47- أبو الحسن احمد بن الحسن الفارسي 1391- 48- إبراهيم بن المختار بن محمّد بن العباس
ص: 458
1392- 49- أبو بكر احمد بن إبراهيم السنسني 1393- 50- أبو عمرو بن عبد العزيز
ص: 459
1351- 1394- 1- الفضل بن شاذان 1352- 1395- 1- أبو سعيد جعفر بن احمد بن أيوب التاجر السمرقندي 1381- 1396- 1- محمّد بن خالد البرقي 1382- 1397- 1- الحسن بن علي الوشاء
ص: 460
ص: 461
ص: 462
بسم اللّه الرحمن الرحيم
من فوائد خاتمة كتابنا الموسوم ب (مستدرك الوسائل) في نبذة ممّا يتعلق بكتاب الكافي، أحد الكتب الأربعة التي عليها تدور رحي مذهب الفرقة الناجية الإمامية، فإنّ أدلّة الأحكام و إن كانت أربعة: الكتاب، و السنة، و العقل، و الإجماع- علي ما هو المشهور بين الفقهاء- إلّا أن الناظر في فروع الدين يعلم أنّ ما استنبط منها من غير السنّة أقلّ قليل، و أنّها العمدة في استعلام الفرائض، و السنن، و الحلال، و الحرام، و أنّ الحاوي لجلّها، و المتكفّل لعمدتها الكتب الأربعة، و كتاب الكافي بينها كالشمس بين نجوم السماء، و امتاز عنها بأمور، إذا تأمّل فيها المصنف يستغني عن ملاحظة حال آحاد رجال سند الأحاديث المودعة فيه، و تورثه الوثوق، و يحصل له الاطمئنان بصدورها، و ثبوتها، و صحّتها بالمعني المعروف عند الأقدمين (1).
ص: 463
قال الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق: و قد ذكر الكليني في كتاب الكافي- و هو أجلّ كتب الشيعة، و أكثرها فائدة- حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد اللّه (عليه السلام) حين ورد عليه شاميّ لمناظرته. إلي آخره (1).
و قال المحقق الكركي في إجازته للقاضي صفيّ الدين عيسي: و منها
ص: 464
جميع مصنّفات و مرويّات الشيخ الإمام السعيد، الحافظ المحدّث الثقة، جامع أحاديث أهل البيت (عليهم الصلاة و السلام) أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، صاحب الكتاب الكبير في الحديث المسمّي بالكافي، الذي لم يعمل مثله، بالإسناد المتقدّم إلي الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن قولويه، بحقّ روايته عنه- قدّس اللّه سرّهما، و رفع قدرهما- و قد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشريعيّة و الأسرار الرّبانيّة ما لا يوجد في غيره.
و هذا الشيخ يروي عمّن لا يتناهي كثرة من علماء أهل البيت (عليهم السلام) و رجالهم، و محدّثيهم، مثل علي بن إبراهيم بن هاشم (1). إلي آخره.
و قال الشهيد في إجازته للشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن الخازن:
و به- أي بهذا الإسناد- مصنّفات صاحب كتاب الكافي في الحديث، الذي لم يعمل للإماميّة مثله (2).
و في كتاب الذكري، بعد ذكر رواية مرسلة في كيفيّة الاستخارة بالبنادق:
و لا يضرّ الإرسال، فإنّ الكليني (رحمه اللّه) ذكرها في كتابه، و الشيخ في التهذيب (3).
و قال المولي محمد أمين الأسترآبادي في فوائده المدنيّة: و قد سمعنا عن مشايخنا و علمائنا أنّه لم يصنّف في الإسلام كتاب يوازيه، أو يدانيه (4).
و تقدّم أنّ عمدة مشايخه (5) صاحبا المعالم، و المدارك، و الآميرزا محمّد ).
ص: 465
صاحب الرجال (1).
و قال العالم الجليل الشيخ حسين- والد شيخنا البهائي- في كتابه الموسوم بوصول الأخيار: أمّا كتاب الكافي فهو للشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، شيخ عصره في وقته، و وجه العلماء و النبلاء، و كان أوثق الناس في الحديث، و أنقدهم له، و أعرفهم به، صنّف الكافي و هذّبه، و بوبه في عشرين سنة، و هو يشتمل علي ثلاثين كتابا، يحتوي علي ما لا يحتوي عليه غيره. إلي آخره (2).
و قال العلامة المجلسي في مفتتح شرحه علي الكافي: و ابتدأت بكتاب الكافي للشيخ الصدوق، ثقة الإسلام، مقبول طوائف الأنام، ممدوح الخاصّ و العامّ، محمّد بن يعقوب الكليني- حشره اللّه مع الأئمة الكرام- لأنّه كان أضبط الأصول و أجمعها، و أحسن مؤلّفات الفرقة الناجية و أعظمها (3)، و نظائر هذه الكلمات كثيرة في مؤلّفات الأصحاب.
و ظاهر أنّ هذه المدائح لا ترجع إلي كبر الكتاب و كثرة أحاديثه، فإنّ مثله و أكبر منه ممّن تقدم منه، أو تأخّر عنه، كان كثيرا متداولا بينهم كالمحاسن، و نوادر الحكمة، و غيرهما، و إنّما هي لإتقانه، و ضبطه، و تثبّته.
و من هنا قال الفاضل النحرير الشيخ حسن الدمستاني، في كتابه انتخاب الجيد من تنبيهات السيد (4) (رحمهما اللّه تعالي) في باب الكفّارة عن خطأ ».
ص: 466
المحرم- بعد ذكر سند هكذا: صفوان بن يحيي، عن عبد الرحمن بن الحجاج، و عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1) بعد توضيح السند و كيفيّة العطف، بما لا مجال لورود الإشكال عليه-: إنّ صاحب المنتقي اشتبه عليه فشنّع علي الكليني، و الشيخ، في إيراد عبد الرحمن متوسّطا بين صفوان، و سليمان بن خالد، و علي الكليني خاصّة بسوء التدبّر في انتزاع الإسناد، حيث أنّ الحديث الوارد في شدخ بيض القطاة، المشار إلي سنده سابقا، المروي في كتاب الشيخ: عن صفوان، عن منصور بن حازم و ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، قالا: سألناه (2).
رواه في الكافي: عن ابن مسكان، عن منصور بن حازم، عن سليمان ابن خالد، قال: سألته (3). إلي آخره (4).
قال: و لقد أعجب و أغرب، و لعلّ سوء التدبّر إلي المشنّع أقرب! ثم أجاب عن إيراده و قال: و لم يكن لأحد أن يسي ء الأدب في حقّ أساطين المذهب، سيما ثقة الإسلام، و واحد الأعلام، خصوصا في الحديث، فإنّه جهينة الأخبار، و سابق هذا المضمار، الذي لا يشقّ له غبار، و لا يعثر علي عثار (5).
الثاني: ما أشار إليه السيّد عليّ بن طاوس في كشف المحجّة، في مقام
ص: 467
بيان اعتبار الوصيّة المعروفة، التي كتبها أمير المؤمنين لولده الحسن (عليهما السلام) و قد أخرجها من كتاب رسائل الأئمة (عليهم السلام) لأبي جعفر الكليني، ما لفظه: و هذا الشيخ محمّد بن يعقوب كانت حياته في زمن وكلاء مولانا المهديّ (صلوات اللّه عليه) عثمان بن سعيد العمري، و ولده أبي جعفر محمّد، و أبي القاسم الحسين بن روح، و علي بن محمّد السمري (رحمهم اللّه).
و توفّي محمّد بن يعقوب قبل وفاة عليّ بن محمّد السمري (رضي اللّه عنه) لأنّ علي بن محمّد السمري توفّي في شعبان، سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، و هذا محمّد بن يعقوب الكليني توفّي ببغداد، سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة (1)، فتصانيف هذا الشيخ- محمّد بن يعقوب- و رواياته في زمن الوكلاء المذكورين، في وقت يجد طريقا إلي تحقيق منقولاته، و تصديق مصنّفاته (2)، انتهي.
و نتيجة ما ذكره من المقدّمات عرض الكتاب علي أحدهم، و إمضائه و حكمه بصحّته، و هو عين إمضاء الإمام (عليه السلام) و حكمه أو تأليفه، كما هو بإذنه و أمره.
و هذا و إن كان حدسا غير قطعي يصيب و يخطئ، لا يجوز التشبّث به في 9.
ص: 468
المقام، إلّا أنّ التأمّل في مقدّماته يورث الظنّ القوي، و الاطمئنان التام، و الوثوق بما ذكره، فإنّه (رحمه اللّه) كان وجه الطائفة، و عينهم، و مرجعهم، كمّا صرّحوا به في بلد إقامة النوّاب، و كان غرضه من التأليف العمل به في جميع ما يتعلّق بأمور الدين، لاستدعائهم و سؤالهم عنه، ذلك كمّا صرّح به في أول الكتاب، خصوصا قوله:
و قلت: إنّك تحبّ أن يكون عندك كتاب كاف، يجمع من جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلّم، و يرجع إليه المسترشد، و يأخذ منه من يريد علم الدين، و العمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) (1) و السنن القائمة التي عليها العمل، و بها يؤدّي فرض اللّه عزّ و جلّ، و سنّة نبيّه (صلّي اللّه عليه و آله).
و قلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك اللّه بمعرفته و توفيقه إخواننا و أهل ملّتنا و يقل بهم إلي مراشدهم (2)، انتهي.
فظهر أنّ غرضه (رحمه اللّه) فيه لم يكن كالغرض من جملة المؤلّفات،ة.
ص: 469
كجمع ما ورد في ثواب الأعمال، أو خصال الخير و الشرّ، أو علل الشرائع، و غيرها، بل للأخذ و التمسّك به، و التديّن و العمل بما فيه، و كان بمحضره في بغداد يسألون عن الحجّة (عليه السلام) بتوسّط أحد من النّواب، عن صحة بعض الأخبار و جواز العمل به، و في مكاتيب محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري إليه (عليه السلام) من ذلك جملة وافرة، و غيرها، فمن البعيد غاية البعد أنّه (رحمه اللّه) في طول مدّة تأليفه- و هي عشرون سنة- لم يعلمهم بذلك و لم يعرضه عليهم، مع ما كان فيما بينهم من المخالطة و المعاشرة بحسب العادة.
و ليس غرضي من ذلك تصحيح الخبر الشائع من انّ هذا الكتاب عرض علي الحجّة (عليه السلام) فقال: «إنّ هذا كاف لشيعتنا» فإنّه لا أصل له، و لا أثر له في مؤلّفات أصحابنا، بل صرّح بعدمه المحدّث الأسترآبادي (1) الذي رام أن يجعل تمام أحاديثه قطعيّة، لما عنده من القرائن التي لا تنهض لذلك، و مع ذلك صرّح بأنّه لا أصل له، بل تصحيح معناه، أو ما يقرب منه بهذه المقدّمات المورثة للاطمئنان للمنصف المتدبّر فيها.
و مما يقرّب ذلك أنّ جماعة من الأعاظم، الذين تلقوا الكافي منه، و رووه عنه، و استنسخوه و نشروه، و إلي نسخهم تنتهي نسخه: كالشيخ الجليل- صاحب الكرامة الباهرة (2) - محمّد بن أحمد بن عبد اللّه بن قضاعة بن صفوان ابن مهران الجمّال، و أبي عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني، و هما عمودا هذا السقف الرفيع.
و في بعض مواضع الكافي: و في نسخة الصفواني كذا، كما في باب النصّ ه.
ص: 470
علي أبي الحسن الثالث (عليه السلام) (1).
و العالم الجليل أبي غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري- صاحب الرسالة في حال آل أعين- و قد قال في فهرست الكتب التي كانت عنده، و رواها عن أربابها من هذه الرسالة: و جميع كتاب الكافي تصنيف أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني، روايتي عنه بعضه قراءة، و بعضه إجازة، و قد نسخت منه كتاب الصلاة و الصوم في نسخة، و كتاب الحج في نسخة، و كتاب الطهارة و الحيض في جزء، و الجميع مجلّد، و عزمي أن أنسخ بقيّة الكتاب إن شاء اللّه في جزء واحد، ورق طلحي (2)، و غيرهم من الأجلّاء.
و قد كانوا يسألون عن الأبواب حوائج و أمورا دنيويّة تعسّرت عليهم، يريدون قضاءها و إصلاحها.
هذا أبو غالب الزراري جاء إلي بغداد لشقاق وقع بينه و بين زوجته سنين عديدة، في أيام أبي القاسم الحسين بن روح، فسأله الدعاء لأمر قد أهمّه من غير أن يذكر الحاجة، فخرج التوقيع الشريف: «و الزوج و الزوجة فأصلح اللّه ذات بينهما» فتعجّب و رجع، و قد جعل اللّه بينهما المودّة و الرحمة في سنين، إلي أن فرّق الموت بينهما.
و الخبر مذكور في غيبة الشيخ بسندين مفصّلا (3). و مع ذلك كيف غفلوا عن السؤال عن ذلك؟ و قد كان عرض الكتاب عليهم (عليهم السلام) مرسوما، فإنّه مذكور في ترجمة جمع من الرواة.
و في غيبة الشيخ: أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن احمد بن علي بن 6.
ص: 471
نوح، عن أبي نصر هبة اللّه بن محمّد بن أحمد، قال: حدّثني أبو عبد اللّه الحسين ابن أحمد الحامدي البزّاز- المعروف بغلام أبي علي بن جعفر، المعروف بابن رهومة النوبختي، و كان شيخا مستورا- قال: سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول: لمّا عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف، قال الشيخ- يعني أبا القاسم رضي اللّه عنه- اطلبوه إليّ لا نظره، فجاؤا به، فقرأه من أوّله إلي آخره، فقال: ما فيه شي ء إلّا و قد روي عن الأئمة (عليهم السلام) إلّا موضعين أو ثلاثة، فإنّه كذب عليهم في روايتها (لعنه اللّه) (1).
و أخبرني أبو محمّد المحمّدي (رضي اللّه عنه) عن أبي الحسين محمّد بن الفضل بن تمام (رحمه اللّه تعالي) قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن أحمد الزكوزكي (رحمه اللّه) و قد ذكرنا كتاب التكليف و كان عندنا: أنه لا يكون إلّا مع غال، و ذلك أنّه أوّل ما كتبنا الحديث، فسمعناه يقول: (و أيش) (2) كان لابن أبي العزاقر في كتاب التكليف، إنّما كان يصلح الباب و يدخله إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رضي اللّه عنه) فيعرضه عليه و يحكّكه، فإذا صحّ الباب خرج فنقله، و أمرنا بنسخة- يعني أنّ الذي أمرهم به الحسين بن روح رضي اللّه عنه-.
قال أبو جعفر: فكتبته في الإدراج بخطّي ببغداد. قال ابن تمام: فقلت له: فتفضل يا سيدي فادفعه حتي أكتبه من خطّك، فقال لي: قد خرج من يدي.
قال ابن تمام: فخرجت و أخذت من غيره و كتبت بعد ما سمعت هذه 4.
ص: 472
الحكاية.
و قال أبو الحسين بن تمام: حدّثني عبد اللّه الكوفي- خادم الشيخ حسين بن روح رضي اللّه عنه- قال: سأل الشيخ- يعني أبا القاسم رضي اللّه عنه- عن كتب ابن أبي العزاقر بعد ما ذمّ و خرجت فيه اللعنة، فقيل له: و كيف نعمل بكتبه و بيوتنا منها ملأي؟ فقال: أقول فيها ما قاله أبو محمّد الحسن بن علي (صلوات اللّه عليهما) و قد سأل عن كتب بني فضّال، فقالوا: كيف نعمل بكتبهم و بيوتنا منها ملأي؟ فقال (صلوات اللّه عليه): «خذوا بما رووا و ذروا بما رأوا» (1)، انتهي.
فمن البعيد غاية البعد أنّ أحدا منهم لم يطلب من الكليني هذا الكتاب، الذي عمله لعمل كافّة الشيعة، أو لم يره عنده، و لم ينظر إليه، و قد عكف عليه وجوه الشيعة و عيون الطائفة.
و بالجملة؛ فالناظر إلي جميع ذلك لعلّه يطمئن بما أشار إليه السيّد الأجلّ (2)، و توهّم أنّه لو عرض عليه (عليه السلام) أو علي أحد من نوّابه لذاع و اشتهر منقوض بالكتب المعروضة علي آبائه الكرام (صلوات اللّه عليهم) فإنّه لم ينقل إلينا كلّ واحد منها إلّا بطريق، أو طريقين، فلاحظ.
و قال العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) في مرآة العقول: و أمّا جزم بعض المجازفين (3) بكون جميع الكافي معروضا علي القائم (عليه السلام) لكونه في بلد ».
ص: 473
السفراء فلا يخفي ما فيه، نعم عدم إنكار القائم (عليه السلام) و إباؤه (صلوات اللّه عليهم) في أمثاله في تأليفاتهم و رواياتهم، ممّا يورث الظنّ المتاخم للعلم بكونهم (عليهم السلام) راضين بفعلهم، و مجوّزين للعمل بأخبارهم (1).
انتهي.
قلت: المجازفة إن كانت في جزمهم فحقّ، و أمّا في الوثوق به لما ذكرنا فلا جزاف في كلام من ادّعاه. نعم لا حجيّة فيه لغيره، لحصوله من غير القرائن الرجالية المعوّل عليها عندهم.
و العجب من صاحب الوسائل، فإنّه نقل كلام السيّد في كشف المحجّة إلي قوله: الوكلاء المذكورين (2)، و لم ينقل تتمّة كلامه الذي هو نتيجة مقدّماته، و أو في دلالة علي ما هو بصدد إثباته، فلاحظ.
الثالث: قول النجاشي في حقه (رحمه اللّه): إنّه أوثق الناس في الحديث، و أثبتهم (3).
و كذا العلّامة في الخلاصة (4)، و هذا القول من هذا النقّاد الخبير، و العالم الجليل لا يقع موقعه إلّا أن يكون حاويا لكلّ ما مدح به الرواة و المؤلّفين، ممّا يتعلّق بسند الحديث و اعتبار الخبر.
و من أجلّ المدائح و أشرف الخصال المتعلّقة بالمقام الرواية عن الثقات، و نقل الأخبار الموثوق بها، كما ذكروه في ترجمة جماعة.
قال الشيخ في الفهرست في ترجمة علي بن الحسن الطاطري: كان واقفيّا، شديد العناد في مذهبه. إلي أن قال: و له كتب في الفقه، رواها عن
ص: 474
الرجال الموثوق بهم و برواياتهم، فلأجل ذلك ذكرناها (1).
و في الخلاصة في ترجمة جعفر بن بشير: و كان يعرف بقفّة العلم، لأنّه كان كثير العلم، ثقة، روي عن الثقات، و رووا عنه (2).
و ذكر مثله النجاشي فيه، و في ترجمة محمّد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني (3).
و في غيبة النعماني: و هذا الرجل- يعني ابن عقدة- ممّن لا يطعن عليه في الثقة، و لا في العلم بالحديث، و الرجال الناقلين له (4).
و قال الشيخ في العدة: و إن كان أحد الراويين مسندا و الآخر مرسلا، نظر في حال المرسل، فإن كان ممن يعلم أنّه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به لا ترجيح لخبر غيره علي خبره، و لأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحيي، و أحمد بن محمد بن أبي نصر، و غيرهم من الثقات، الذين عرفوا بأنهم لا يروون و لا يرسلون إلّا ممّن يوثق به، و بين ما أسنده غيرهم، و لذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم (5)، انتهي.
و يأتي ان شاء تعالي أنّ المراد بنظائرهم، العصابة الذين ادّعي الكشيّ الإجماع علي تصحيح ما يصحّ عنهم، و اختاره الشيخ في اختياره.
و قال العلّامة في المختلف، في أحكام البغاة: لنا ما رواه ابن أبي عقيل، و هو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعدالته و معرفته (6).ة.
ص: 475
و قد ذكروا في ترجمة جماعة أنّه صحيح الحديث، و الصحيح عند القدماء و إن كان أعمّ منه عند المتأخرين (1)، و أسباب اتّصاف الحديث عندهم بالصحة أكثر منها عند هؤلاء، ككونه في أصل، و تكرّر سنده، و وجوده في كتاب معروض علي أحدهم (عليهم السلام) و اشتهاره و مطابقته لدليل قطعي، و غير ذلك من الأمور الخارجيّة. و منها: الوثاقة، و التثبت، و الضبط، من الأمور الداخليّة، و الحالات النفسانيّة للراوي، التي هي ميزان الصحّة عند المتأخّرين، و الموثقية، فلا يدل قولهم: صحيح الحديث علي مدح في الراوي، فضلا عن عدالته و وثاقته علي ما يقتضيه بادئ النظر.
و لكن المتأمّل المنصف يعلم أنّ الحكم بصحّة حديث فلان، من دون الإضافة إلي كتابه لا يصحّ أن يكون لأجل الأمور الخارجيّة، المتوقّفة علي الوقوف علي كل ما رواه، و دوّنه، و عرضه عليها. و دونه خرط القتاد، بل لا بدّ و ان يكون لما علم من حاله، و عرف من سيرته و طريقته، من الوثاقة، و التثبّت، و الضبط، و البناء علي نقل الصحيح من هذه الجهة، و هذا مدح عظيم، و توثيق بالمعني الأعمّ، فأحاديثه حجّة عند كلّ من ذهب إلي حجيّة كلّ خبر وثق بصدوره، و اطمأنّ بوروده إذا حصل الوثوق، و اطمئنان القلب من حسن الظاهر، و صلاح ظاهر الحال، كما هو الحقّ، و عليه المحقّقون، و يأتي إن شاء اللّه تعالي مزيد توضيح لهذا الكلام.
إلي غير ذلك ممّا قالوه في ترجمة جماعة من الرواية و أرباب المصنّفات، فإذا كان أبو جعفر الكليني (رحمه اللّه) أوثقهم و أثبتهم في الحديث، فلا بدّ و أن يكون ظ.
ص: 476
جامعا لكلّ ما مدح به آحادهم من جهة الرواية، و لا يقصر نفسا، و لا حالا و رواية عنهم، فلو روي عن مجهول أو ضعيف ممّن يترك روايته، أو خبرا يحتاج إلي النظر في سنده، لم يكن أوثقهم و أثبتهم، فإنّ كلّ ما قيل في حقّ الجماعة من المدائح و الأوصاف المتعلّقة بالسند يرجع إليهما، فإن قيس مع البزنطي و أضرابه، و جعفر بن بشير، فلا بدّ و أن يحكم بوثاقة مشايخه، و إن قيس مع الطاطري و أصحاب الإجماع فلا مناص من الحكم بصحّة حديثه، بالمعني الذي ذكرناه، و إنّه لم يودع في كتابه إلا ما تلقاه من الموثوقين بهم و برواياتهم، و بذلك يصحّ إطلاق الحجّة عليه، كما مدح بهذه الكلمة بعضهم، و عدّوها من الألفاظ الصريحة في التوثيق، و قالوا: إنّ المراد منها أنّه ممّن يحتجّ (1) بحديثه.
قال المحقّق الكاظمي في عدّته: إنّ هذه الكلمة صارت بين أهل هذا الشأن تدلّ علي علوّ المكان، لما في التسمية باسم المصدر من المبالغة، كأنّه صار من شدّة الوثوق، و تمام الاعتماد، هو الحجّة بنفسه، و إن كان الاحتجاج بحديثه (2)، انتهي.
و كذا يظهر صحّة ما قاله الشيخ المفيد في مدح الكافي: إنّه أجلّ كتب الشيعة، و أكثرها فائدة (3).
فإنّ أكثريّة الفائدة لجامعيّته، لما يتعلّق بالأصول، و الأخلاق، و الفروع، و المواعظ، و أمّا الأجليّة فلا بدّ و أن تكون من جهة الاعتبار و الاعتماد، و قد كان تمام الأصول موجودا في عصره، كما يظهر من ترجمة أبي محمّد هارون بن موسي 5.
ص: 477
التلعكبري (1)، الذي أدرك عصره و روي عنه و غيره، و لا يحتمل أحد أنّه كان يتأمّل في الأحاديث الموجودة فيها من جهة السند إليها، أو من أربابها إليهم (عليهم السلام).
و قد قال هو (رحمه اللّه) في رسالة الردّ علي الصدوق، في مسألة العدد ما لفظه: و أمّا رواة الحديث، فإنّ شهر رمضان شهر من شهور السنة، يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما، فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد ابن علي، و أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن علي، و أبي الحسن علي بن محمّد، و أبي محمّد الحسن بن علي (صلوات اللّه عليهم) و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال، و الحرام، و الفتيا، و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنّفات المشهورة. (2). إلي آخره.
فإذا كان الكافي أجلّ ما صنّف، فهو أجلّ من هذه الأصول و المصنّفات.
و يظهر هذا من النجاشي أيضا، لأنّه قال بعد قوله: و كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم صنّف الكتاب المعروف بالكليني، يسمّي الكافي في عشرين سنة (3).6.
ص: 478
و ظاهر أنّ ذكره لمدّة تأليف الكافي لبيان أثبتيّته، و أنه لم يكن غرضه مجرّد جمع شتات الأخبار، فإنّه لا يحتاج إلي هذه المدّة الطويلة، بل و لا إلي عشرها، بل جمع الأحاديث المعتبرة، المعتمدة، الموثوق بها، و هذا يحتاج إلي هذه المدّة، لاحتياجه إلي جمع الأصول و الكتب المعتبرة، و اتّصالها إلي أربابها بالطرق المعتبرة، و النظر في متونها، و تصحيحها و تنقيحها، و غير ذلك ممّا يحتاج إليه الناقد البصير، العالم الثقة، الذي يريد تأليف ما يستغني به الشيعة في الأصول و الفروع إلي يوم القيامة، هذا غرضه و إرادته، و هذا تصديق النقدة و مهرة الفن، و حملة الدين، و تصريحهم بحصول الغرض و وقوعه.
و يظهر من أوثقيّته و أثبتيّته أيضا أنّه مبرّأ عن كلّ ما قدح به الرواة، و ضعفوا به من حيث الرواية، كالرواية عن الضعفاء و المجاهيل، و عمّن لم يلقه، و سوء الضبط، و اضطراب ألفاظ الحديث، و الاعتماد علي المراسيل التي لم يتحقّق وثاقة الساقط عنده، و أمثال ذلك ممّا لا ينافي العدالة، و لا يجتمع مع التثبّت و الوثاقة.
و إذا تأمّلت فيما ذكرناه، و ما مرّ في ترجمة الشيخ النجاشي، من حال أمثاله، في شدّة احتياطهم في أخذ الخبر، و تلقّيه عن كلّ أحد تعرف أنّ النظر في حال مشايخ ثقة الإسلام، و احتمال تلقّيه عن ضعيف أو مجهول، ينافي أوثقيّته و أثبتيّته بنصّ النجاشي و العلامة، و يوجب تأخّره قدرا عن جماعة نزّهوا مرويّاتهم عن التدنّس بهذه الذموم، كما مرّ، و تأخّر كتابه رتبة عن كتب لا ينظر إلي أسانيد أحاديثها، مع انّه أجلّ كتب الشيعة.
و هكذا الكلام في مشايخ مشايخه لما ذكر.
و لا يخفي أنّ الظنّ بل الوثوق الحاصل بأحاديث الكافي من هذه القرينة من الظنون الرجاليّة المعتبرة عندهم، كما يظهر من عملهم في الفقه و الرجال، و ليس من الأمور الخارجيّة الغير المربوطة بحال الراوي و صفاته، ممّا لا دليل علي
ص: 479
حجيّته كما هو ظاهر.
و ما ذكروه في هذا المقام من الشبهات وارد علي من ادّعي بأمثال هذه القرائن قطعيّة أحاديثه، و لا ينافي بعد الغضّ عن ورود جملة منها الاطمئنان و الوثوق، و يأتي لهذا الكلام تتمّة إن شاء اللّه تعالي.
كما تقدّم بعضه، و هو قوله:
و قلت: إنّك تحب أن يكون عندك كتاب كاف، يجمع [فيه] جميع فنون [علم] الدين. إلي أن قال: بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) و السنن القائمة التي عليها العمل، و بها يؤدّي فرض اللّه عزّ و جلّ، و سنة نبيّه (صلّي اللّه عليه و آله). إلي أن قال: و قد يسرّ اللّه- و له الحمد- تأليف ما سألت، فأرجو أن يكون بحيث توخيت، فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصّر نيّتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا و أهل ملّتنا (1)، انتهي.
و هذا الكلام منه صريح في أنّه (رحمه اللّه) كتب الخطبة (2) بعد تأليف الكتاب، فاحتمال أنّه رجع عمّا أراده أولا ساقط لا يعتني به، كاحتمال الغفلة عن مقصده و مرامه، لدعواه أنّه كما أراد السائل، و لا يكون إلّا مع استقامته في بنائه و طريقته، و الالتفات إلي مقصده و نيّته وقت التأليف، ثمّ عرضه علي ما كان في نفسه من كيفيّته، و مطابقته لغرضه و غرض السائل.
إنّما الكلام في وجه الاستظهار، و وجه قبول هذه الشهادة، و قد أشرنا سابقا إلي الاختلاف بين القدماء و المتأخّرين في المراد من الصحّة في الخبر، و أنّ معه لا ينفع شهادة الطائفة الأولي للثانية في بادئ النظر، و نزيد هنا بيانا و توضيحا
ص: 480
فنقول:
قال الشيخ بهاء الدين في مشرق الشمسين، بعد تقسيم الحديث إلي الأقسام الأربعة المشهورة: و هذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل المتعارف بينهم إطلاق الصحيح علي ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به و الركون إليه، و ذلك بأمور:
منها: وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب الأئمّة (عليهم السلام) و كانت متداولة في تلك الأعصار، مشتهرة اشتهار الشمس في رابعة النهار.
و منها: تكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعدا، بطرق مختلفة، و أسانيد عديدة معتبرة.
و منها: وجوده في أصل معروف الانتساب إلي أحد الجماعة الذين أجمعوا علي تصديقهم: كزرارة، و محمّد بن مسلم، و الفضيل بن يسار، أو علي تصحيح ما يصحّ عنهم: كصفوان بن يحيي، و يونس بن عبد الرحمن، و أحمد ابن محمّد بن أبي نصر البزنطي، أو علي العمل بروايتهم: كعمّار الساباطي، و غيرهم ممّن عدّهم شيخ الطائفة في العدّة، كما نقله عنه المحقّق في بحث التراوح من المعتبر (1).
و منها: اندراجه في أحد الكتب التي عرضت علي الأئمة (صلوات اللّه عليهم) فأثنوا علي مصنّفيها، ككتاب عبيد اللّه بن عليّ الحلبي، الذي عرضه علي الصادق (عليه السلام) و كتابي يونس بن عبد الرحمن و فضل بن شاذان، المعروضين علي العسكري (عليه السلام).4.
ص: 481
و منها: كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها، و الاعتماد عليها، سواء كان مؤلّفوها من الفرقة الناجية المحقّة، ككتاب الصلاة لحريز بن عبد اللّه، و كتب ابني سعيد، و علي بن مهزيار، أو من غير الإماميّة، ككتاب حفص بن غياث القاضي، و كتب الحسين بن عبيد اللّه السعدي، و كتاب القبلة لعليّ بن الحسن الطاطري (1)، و قد جري رئيس المحدّثين (2) علي متعارف القدماء فحكم بصحة جميع أحاديثه، و قد سلك ذلك المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال لما لاح لهم من القرائن الموجبة للوثوق و الاعتماد (3)، انتهي.
و قال الأستاذ الأكبر في التعليقة: إنّ الصحيح عند القدماء هو ما وثقوا بكونه من المعصومين (عليهم السلام) أعمّ من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من الثقات، أو أمارات أخر، و يكونوا يقطعون بصدوره عنه (صلّي اللّه عليه و آله) أو يظنّون (4).
و صرّح هو (رحمه اللّه) و غيره أنّ بين صحيح القدماء و صحيح المتأخّرين العموم المطلق، و هذا واضح.
فعلي هذا، فحكم الكليني (رحمه اللّه) بصحّة أحاديثه لا يستلزم صحّتها 6.
ص: 482
باصطلاح المتأخّرين، لاحتمال كون المنشأ في الجميع أو بعضها غير وثاقة الراوي.
و أنت خبير بأنّ هذا وارد علي من أراد أن يحكم بصحّة أحاديثه بالمعني الجديد، بمجرّد شهادة الكليني بها، و أمّا من كان الحجّة عنده من الخبر هو ما وثقوا به بأمثال ما ذكره الشيخ البهائي، و غيره من علماء الرجال، من القرائن التي تورث الوثوق و الاطمئنان بصدور الخبر، لا بصحّة مضمونه، فشهادته نافعة جدّا عنده، بل عند جلّهم، فإنّهم اعتذروا عن آية اللّه العلامة، و شيخه جمال الدين أحمد بن طاوس لتغييرهم الاصطلاح باختفاء أكثر قرائن الصحّة، التي كانت عند القدماء، لا بعدم اعتبارها، أ تري أحدا من الأعلام يستشكل في حجيّة خبر يوجد في أحد الكتب و الأصول، التي أشار إليها شيخنا البهائي، لو وقع الأصل أو الكتاب بيده، و وثق بانتسابه إليه؟! حاشاهم عن ذلك، و إنّما وقعوا في هذا المضيق لعدم عثورهم عليه، أو لعدم ثبوته بالطريق المعتبر عنده.
فحينئذ نقول: إذا شهد ثقة الإسلام بكون أحاديث الكافي صحيحة، فسبب الشهادة أمّا وثاقة رواتها فلا إشكال فيه، لأنّها في حكم توثيق جميعهم بالمعني الأعمّ، و أيّ فرق في الأخذ بقول المزكّي العادل، بين تزكية واحد بعينه، أو جماعة معلومين متّسمين، مشتركين في أمر واحد هو كونهم من رواة أحاديث الكافي، أو كونها مأخوذة من تلك الأصول، و الكتب المعتبرة عند الإماميّة كافّة، و هي شهادة حسيّة أبعد من الخطأ و الغلط من التوثيق، فإنّ حاصلها إنّي نقلت الحديث الفلاني من الكتاب الفلاني، و احتمال الاشتباه فيه سدّ لباب الشهادات، و كذا لو كان بعضها للوثاقة و بعضها للأخذ من تلك الأصول، كما لعلّه كذلك.
و قد صرّح بما ذكرناه الأستاذ الأكبر البهبهاني (طاب ثراه) في الفائدة الأولي من التعليقة، في ردّ من اقتصر في الحجّة بخبر العادل، و اقتصر في ثبوت
ص: 483
العدالة بالظنون الرجاليّة و إن كانت ضعيفة، بعد إيراد شبهات عليهم، فقال (رحمه اللّه):
و مع ذلك جلّ أحاديثنا المرويّة في الكتب المعتمدة يحصل فيها الظن القوي، بملاحظة ما ذكرناه في هذه الفوائد الثلاث، و في التراجم، و ما ذكروا فيها، و ما ذكره المشايخ من أنّها صحاح، و أنّها علميّة، و أنّها حجّة فيما بينهم و بين اللّه تعالي، و أنّها مأخوذة من الكتب التي عليها المعوّل، و غير ذلك. مضافا إلي حصول الظنّ من الخارج بأنّها مأخوذة من الأصول و الكتب الدائرة بين الشيعة، المعمولة عندهم، و أنهم نقلوها في الكتب التي ألّفوها لهداية الناس، و لأن تكون مرجعا للشيعة، و عملوا بها، و ندبوا إلي العمل مع منعهم من العمل بالظنّ مطلقا، أو مهما أمكن، و تمكّنهم من الأحاديث العلميّة- غالبا أو مطلقا- علي حسب قربهم من الشارع و بعدهم، و دأبهم في عدم العمل بالظن مع علمهم، و فضلهم، و تقواهم، و ورعهم، و غاية احتياطهم، سيّما في الأحكام و أخذ الرواية، إلي غير ذلك.
مضافا إلي ما يظهر في المواضع بخصوصها من القرائن، علي أنّ عدم إيراث ما ذكر هنا الظنّ القوي، و إيراث ما ذكرناه في عدالة جميع سلسلة السند، ذلك فيه ما لا يخفي (1)، انتهي.
و من ذلك يظهر أنّ ما ذكره (رحمه اللّه) من الشبهات في صحّة أخبار الكافي، في رسالة الأخبار و الاجتهاد- التي ألّفها قبل التعليقة بمدّة كثيره، فإنّه ألّفها في حياة أستاذه السيّد صدر الدين، المتوفّي في عشر الستّين بعد المائة و الألف، كثيرا ما يشير في التعليقة إليها- فإنّما هي في قبال من تمسّك بشهادة الكليني علي صحّة أخبار كتابة بكونها قطعيّة، لأنّ الصحيح عندهم ما قطعوا 4.
ص: 484
بصدوره، فأورد عليهم شبهات بعضها مدفوعا في بادئ النظر، و بعضها لا ينهض لإبطال دعوي القطعيّة، و لذلك لم يعتن بها في التعليقة، و ادّعي الوثوق بصدورها مستشهدا بشهادة الكليني كما عرفت.
و العجب أنّ صاحب المفاتيح (طاب ثراه) قد أطال الكلام، و أورد جملة من شبهات جدّه في هذا المقام، و أخذ في تقويتها بما هو أوهن منها، و قال في آخر كلامه:
و بالجملة؛ الاعتماد علي ما ذكره الكليني، و دعوي صحّة ما في كتابه، و إثبات الأحكام الشرعيّة بمجرّد مقالته، جرأة عظيمة في الشريعة، خصوصا علي القول بمنع حجيّة الشهرة و الاستقراء، لأنّ ما دلّ علي عدم حجيّتها يدلّ علي عدم حجيّة ما ذكره بطريق أولي، لأنّ الظن الحاصل منهما أقوي من الظنّ الحاصل بما ذكره (1)، انتهي.
و لم ينقل في خلال مقاله مع طوله كلام جدّه في التعليقة،
و نحن نورد خلاصة جملة من تلك الشبهات و نشير إلي ما فيها.
منها: مجرّد حكم شيخهم بالصحّة.
و منها: اعتماد شيخهم علي الخبر.
و منها: عدم منع الشيخ عن العمل به.
و منها: عدم منع الشيخ عن روايته للغير.
و منها: موافقته للكتاب و السنة، انتهي.
و فيه أوّلا: إنّ في الرسالة أورد هذه الشبهة لإثبات أنّ المراد من الصحيح
ص: 485
في كلام القدماء الأعمّ من قطعيّ الصدور، كما صرّح به في المفاتيح (1) أيضا.
و ثانيا: إنّ الظاهر أنّ القرائن الثلاثة الأولي أخذها من كلام الصدوق، فإنّه قال في العيون بعد ذكر رواية عن محمّد بن عبد اللّه المسمعي ما لفظه: كان شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد سيّئ الرأي في محمّد بن عبد اللّه راوي هذا الحديث، و أنا أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنّه كان في كتاب الرحمة، قرأته عليه فلم ينكره و رواه لي (2)، انتهي.
و كتاب الرحمة لسعد بن عبد اللّه، و هو من جمله الكتب التي صرّح في أوّل الفقيه بأنها مشهورة، عليها المعوّل، و إليه المرجع (3).
و قال في الفقيه: كلّما لم يحكم ابن الوليد بصحّته فهو عندنا غير صحيح (4)، فبمجرد ذلك كيف يجوز نسبة ذلك إلي كلّهم؟
و ثالثا: إنّ الكلام فيه كالكلام في السابق، فإنّ ابن الوليد إذا كان عندهم بمكان من الوثوق، و التثبّت، و الاطلاع، و الاحتياط الخارج عن متعارف المشايخ، و عدم روايته عمّن فيه شائبة ضعف، من غلوّ (5) بمعناه عنده، أو غيره، فإذا حكم بصحة خبر، أو اذن في روايته، أو لم يمنع منها من كان يأخذ بقوله و يعتمد، فلا شكّ في الوثوق بهذا الخبر لوثاقة رواته، أو لوجوده في أصل معتبر، إلي آخر ما تقدّم.
مع أنّ الكليني بمعزل عن هذا الاحتمال في كلامه، بعد كونه أوثق م.
ص: 486
المشايخ و أثبتهم.
و رابعا: إنّ عدّ موافق الكتاب و السنة من أسباب الصحّة عندهم غريب، لا يوافقه ديدنهم في تصحيح الخبر و ردّه، و تصحيح الكتاب و طرحه، و انّما هو من المرجّحات بعد الفراغ عن الحجيّة، و من أسباب التميّز كما هو صريح الكليني، فإنّه قال بعد كلامه الذي قدمنا نقله:
و اعلم يا أخي- أرشدك اللّه- أنّه لا يسع أحدا تمييز شي ء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء (عليهم السلام) برأيه، إلّا علي ما أطلقه العالم (عليه السلام) بقوله: أعرضوا علي كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه (جلّ و عزّ) فخذوه، و ما خالف كتاب اللّه فردّوه.
و قوله (عليه السلام): دعوا ما وافق القوم فإنّ الرشد في خلافهم.
و قوله (عليه السلام): خذوا بالمجمع عليه، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه، و نحن لا نعرف من جميع ذلك إلّا أقلّه، و لا نجد شيئا أحوط و لا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلي العالم (عليه السلام) و قبول ما وسع من الأمر بقوله (عليه السلام): بأيّهما أخذتم من باب التسليم وسعكم، انتهي (1).
فلو كان غرضه تمييز الصحيح عن غيره، لكان عليه ذكر الوثاقة و هي أعظم أسباب الصحّة و أكثرها، و أسهلها تحصيلا عندهم، ثم كيف يأخذ بأخبار التخيير؟ و هل هو إلّا بين الحجّتين؟! فلو فرضنا أنّ الموافقة عند القدماء من القرائن، فلا بدّ من استثناء الكليني عنهم في هذا الكتاب، لاعترافه بإعراضه عنها، لما ذكره مع ذكره فيه الأخبار الصحيحة- حسب اعتقاده- للعمل بها، فلا بدّ و أن تكون صحّتها من غير جهتها.
مع أنّ بعد التأمّل في كلماتهم يظهر أنّه لا أصل لهذا الاحتمال.ر.
ص: 487
فممّا يشهد لذلك قول النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيي: و كان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن أحمد بن يحيي ما رواه عن محمّد بن موسي الهمداني، و عدّ نيف و عشرين رجلا ثم قال: قال أبو العباس ابن نوح: و قد أصاب شيخنا أبو جعفر (رحمه اللّه) في ذلك كلّه، و تبعه أبو جعفر ابن بابويه علي ذلك، إلّا في محمّد بن عيسي بن عبيد، فلا أدري ما رأيه فيه، لأنّه كان علي ظاهر العدالة و الثقة، انتهي. (1).
و يظهر منه، أوّلا: إنّ مناط الردّ و القبول عندهم هو الوثاقة.
و ثانيا: عدم كون الموافقة من أسباب الصحة، إذ من البعد أن يكون تمام أخبار هؤلاء غير موافق للكتاب، و لا يكون فيها ما يوافقه، فلو صحّ الخبر عندهم بالموافقة كما يصحّ بالوثاقة، فلا بدّ من استثناء من المستثنيات، و يقول المستثني: إلّا ما كان من رواياتهم توافق الكتاب.
و منه يظهر الاستشهاد بقولهم في ترجمة جماعة، بعدم الاعتماد بما تفرد به من دون استثناء ما وافق رواية المنفرد الكاتب لدخولها حينئذ في حريم الصحيح، الذي هو المعمول به عندهم، إلّا ما صدر عن تقيّة.
و بتصريحهم بعدم الاعتماد برواية جماعة و بكتبهم، لاتّصافهم ببعض ما ينافي الوثاقة عندهم، و إعراضهم عنها، من غير إشارة إلي استثناء ما وافق الكتاب منها، مع أنّا نعلم أنّ كثيرا منها أو أكثرها توافقه، و من جميع ذلك يظهر أنّ مناط الصحة الوثاقة بالمعني الأعمّ، بل القرائن الأخر التي عدّها في مشرق الشمسين (2) ترجع بعد التأمّل إليها، و إذا فقدت ردّ الخبر وافق الكتاب أم لا، و إذا عمل بالمردود الموافق كان للكتاب لا له، فإنّ الموافقة تجبر المضمون حينئذ،).
ص: 488
و لا ربط له بصحة الخبر.
قال شيخ الطائفة في العدّة: و أمّا ما اخترته فهو أنّ خبر الواحد إذا كان من طريق أصحابنا، و كان مرويّا عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) أو أحد من الأئمة (عليهم السلام) و كان ممّن لا يطعن في روايته، و يكون سديدا في نقله، و لم يكن هناك قرينة تدلّ علي ما تضمّنه، لأنّه إذا كان كذلك كان الاعتبار بالقرينة، و كان موجبا للعلم، و نحن نذكر القرائن فيما بعد (خيار) العمل به، و الذي يدلّ علي ذلك إجماع الفرقة المحقّة، فإنّي وجدتها مجمعة علي العمل بهذه الأخبار، التي رووها في تصانيفهم، و دوّنوها في أصولهم [لا يتناكرون ذلك] (1) و لا يتدافعونه، حتي أنّ واحدا منهم إذا أفتي بشي ء لا يعرفونه سألوه من أين قلت؟ فإذا أحالهم علي كتاب معروف و أصل مشهور، و كان راويه ثقة لا ينكرون حديثه، سكتوا و سلّموا الأمر في ذلك و قبلوا، و هذه عادتهم و سجيتهم من عهد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و من بعده من الأئمة (عليهم السلام) إلي زمان الصادق (عليه السلام) الذي انتشر عنه العلم، و كثرت الرواية من جهته، فلو لا أنّ العمل بهذه الأخبار جائز لما أجمعوا علي ذلك، و لأنكروه، لأنّ إجماعهم لا يكون إلّا عن معصوم (2)، انتهي.
لا يقال: هذه العبارة تطلق في مقام هضم النفس، و تدلّ بالفحوي علي أنّ الإخبار علمي، لأنّا نمنع من ذلك، بل الأولي في أمثال المقام الذي يقصد فيه إرشاد الغير، و تحريفه عن الباطل، التصريح بما هو الحقّ دون مراعاة هضم النفس.
ص: 489
و بالجملة لو جوّزت الحكم باشتغال ذمّة زيد إذا أقرّ بشي ء بمثل هذه العبارة، جاز لك دعوي دلالتها علي شهادة الكليني (رحمه اللّه) بصحة أخبار الكافي (1)، انتهي.
و أشار إلي هذه الشبهة قبله جدّه في الرسالة، فقال في مقام بيان عدم شهاداتهم علي صحّة كتبهم: و أمّا ما ذكره الكليني من قوله: و قد يسرّ اللّه تعالي تأليف ما سألت، و أرجو أن يكون بحيث توخّيت، فإنّه كالصريح فيما ذكرنا، و إنّ بناءه ليس علي الشهادة، و إزالة الحيرة لا تقتضي الشهادة بالصحة، بل لا تقتضي علمه بالصحة أيضا، بل ربما يكون في عبارته إيماء إلي ظنّه بها (2)، فتأمّل.
و الجواب: إنّ هذه العبارة لا يصحّ صدورها عنه بحسب متعارف العرف، إلّا بعد إنجاحه مسئول السائل، و جمعه الأخبار الصحيحة في مصطلحهم، حسب و سعة و معتقده، و لاحتماله الخطأ و النسيان و الغفلة في نفسه، فيما يتعلّق بها من إحراز الصحة، و ذكر تمام السند، و عدم الاسقاط منه، و عدم التبديل، و عدم الإسقاط في المتن، و أمثال ذلك ممّا يأتي احتماله في أغلب كلمات المتكلّمين، و مؤلّفات المصنّفين، و يدفع بالأصول المجمع عليها، و كذا غفلته عن ذكر بعض الأبواب المتعلّقة بأمور الدين رأسا، أتي بكلمة «أرجو» مشيرا إلي انّي جمعت الأخبار الصحيحة كما ذكرت، و أرجو من اللّه تعالي عدم وقوع غفلة في بعض ما يتعلّق بها، و علي ما في المفاتيح يكون الكليني متردّدا في صحّة تمام أخبار كتابه أو بعضها، و التردّد ينافي الشهادة المعتبرة فيها الجزم، و لذا قال: أرجو، و فيه من المفاسد ما لا يخفي.أ.
ص: 490
توضيحه: إنّ السائل سأله أن يجمع له الأخبار الصحيحة، ممّا يتعلّق بأمور الدين، فألّف له و لسائر إخوانه في الدين هذا الكتاب، لينتفع به إلي يوم القيامة، و صرّح بأنّه في هذا المقام لم يقصّر نيته في إهداء النصيحة الواجبة عليه لإخوانه، و النصيحة لهم في هذا المقام أن يكون باذلا جهده، و كادحا سعيه، حسب ما يقدر عليه، و عنده من الأسباب في هذا الجمع، فيجمع في جامعه ما يحتاجون إليه في أمور دينهم، و يكون بحيث ينتفعون به، و لا ينتفعون به إلّا بعد كون ما جمعه صحيحا، لعدم جواز الانتفاع في أمور الدين بالضعاف عندهم.
فنقول: إنّه (رحمه اللّه) حين الجمع و التأليف لهذا المقصد العظيم، إمّا كان عنده من أسباب إتمام هذا المرام، من الأصول و الكتب المعروضة و المعتمدة المعوّل عليها و أخبار الثقات ما يتمّ به المقصود أو لا، و لا أظنّ أحدا يحتمل في حقّه الثاني، فإنّ تمام الأصول كان عند أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و كان يروي تمامها بطرقه كما صرّحوا به في ترجمته، و هو من رجاله و تلامذته، و كان أكثرها عند الفقيه الثقة حميد بن زياد- شيخه المعاصر له- و غيرهما، فكيف به و هو جذيلها المحكك، و عذيقها المرجّب، شيخ الطائفة و مرجعها، القاطن في مركز العلم و مجمع الرواة بغداد، القريب من عديلتها في ذلك الكوفة، و قرب عصره بعصر الأئمة (عليهم السلام) و أرباب الأصول.
و بالجملة فاحتمال عدم تمكنه يعدّ من الوسواس الذي ينبغي الاستعاذة منه.
و علي الأول: فإمّا أن يقال: بأنه كان عارفا بصحيح الأخبار، و ضعيفها، و سليمها، و سقيمها، عالما بالأصول و الكتب المعتمدة، مميّزا لها من غيرها، ناقدا للرواة، بصيرا بالرجال، غير مشتبه عليه مزكيها بمجروحها، و ثقتها بضعيفها، صدوقها بكذوبها، ثبتها بمخلطها، أولا.
ص: 491
و لا سبيل إلي الاحتمال الثاني لما مرّ، من أنّه كان أوثق الناس في الحديث و أثبتهم، و لا يمكن البلوغ إلي هذه الذروة العالية إلّا بعد الأخذ بمجامع أطراف هذا الفنّ كما هو، و قد عدّ النجاشي من كتبه «كتاب الرجال» (1)، و هذا من الظهور بمكان لا يحتاج إلي البرهان.
فإذا علم أنه كان عنده من الأخبار الصحيحة ما يتمّ به إنجاح مسئوله، و كان عارفا بها، مميّزا للغثّ من السمين، و عازما علي جمعه الصحاح عند التأليف، و ملتفتا إلي مرام السائل و مقصده بعد الجمع، كما عرفت أنّه كتب الخطبة بعد التأليف، فاحتمال وجود الضعاف في كتابه إمّا لعدم وجود الصحيح عنده، و عدم عثوره عليه عند الحاجة، أو لعدم تمييزه بينه و بين الضعيف، فخلط بهما و جمع الكتاب منهما، أو لغفلته عنده عن مرام السائل، و عزمه علي إنجاحه، فصار كسائر المؤلّفين الذين بنوا علي مجرّد جمع الأخبار من صنف واحد أو أصناف، صونا لها عن التضييع و التشتت، أو لنسيانه بعد الشروع في مقصده، أو انصرافه عنه.
و قد عرفت بطلان كلّ ذلك حسب ما عرفت من حاله، و ذكر في ترجمته، و صرّح به في خطبة الكتاب، مع أنّه لو كان فيه الضعاف فاحتمال اندراجها فيه غفلة و نسيانا، ساقط من وجوه لا تخفي، و مع التعمّد لا يسوغ له أن يقول: و قد يسرّ اللّه تعالي تأليف ما سألت، فإنّه كذب و تدليس، و أن يقول: و أرجو أن يكون بحيث توخّيت، إذ مع علمه بها يعلم أنّ كتابه غير حاو لما سأله، فلا يكون قطعا بحيث توخّاه، فأين موضع الرجاء؟ و إنّما يصدق هذا الكلام إذا أتي بما طلب منه، و لكن احتمل فيه الغفلة و النسيان، الغير المنافي لكون 6.
ص: 492
الشهادة علميّة، و الإخبار جزميّا.
و لوضوح فساد هذه الشبهة عرفت أنّ الأستاذ الأكبر- الذي هو مبدئها لإبطال من تمسّك بالشهادة المذكورة علي قطعيّة الأخبار- رفع اليد عنها في التعليقة، و في الفوائد الأصولية، كما يأتي، و نصّ علي أنّه شهد بالصحّة كما مرّ (1).
الثالثة: ما في المفاتيح من أنّ إخبار الكليني بصحّة ما في الكافي، كما يمكن أن يكون باعتبار علمه (2) بها، و قطعه بصدوره عن الأئمة (عليهم السلام) فيجوز الاعتماد عليه كسائر أخبار العدول، كذلك يمكن أن يكون باعتبار اجتهاده و ظهورها عنده، و لو بالدليل الظنّي، فلا يجوز الاعتماد عليه، فإنّ ظنّ المجتهد لا يكون حجّة علي مثله، كما هو الظاهر من الأصحاب، بل العقلاء، و حيث لا ترجيح للاحتمال الأوّل وجب التوقف [في العمل] به، لأنّ الشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط، فيلزم التوقف (3).
ثم أورد علي نفسه شبهة و أجاب عنها، و أخري كذلك، كلّها كأصل الشبهة، مبنيّة علي أنّ المراد من الصحيح عندهم القطعيّ الصدور، الذي لا ندعيه، بل المدّعي أنّه عندهم ما وثقوا بصدوره، و اطمأنّوا به، و الكليني شهد بذلك، و الاعتماد بشهادته ليس اعتمادا علي ظنّ المجتهد، الذي ليس حجّة علي مثله، و إنّما يرد هذا علي الذين يعوّلون علي تصحيح الغير علي طريقة المتأخّرين.
أما الأول: فلما عرفت من أنّ شهادة الكليني (رحمه اللّه) علي صحّة خبر،
ص: 493
ترجع إلي كون الخبر موجودا في الأصول و الكتب المعوّل عليها، المعلومة الانتساب إلي أربابها، المتّصلة طرقه و أسانيده إليها، و أخرجه منها، أو تلقّاها عن الثقات الذين لم تكن معرفته لهم متوقّفة علي أمور نظريّة، لكونهم من مشايخه و مشايخ مشايخه، و قرب عصره منهم، و عدم اشتباههم بغيرهم، و كلّها شهادة حسيّة مقبولة عند الفقهاء (1)، فلو شهد عادل أنّ هذا الكتاب لفلان، و هذا الكلام موجود في كتاب فلان، أو فلان ثقة، فهل رأيت أحدا يستشكل في ذلك؟ بل عليه مدار الفقه في نقل الفتاوي، و الآراء، و الأقوال، و التزكية، و الجرح، و قد عرفت أنّ موافقة الكتاب و السنّة لم تكن عندهم من أسباب الصحّة، فلا تحتاج شهادته (رحمه اللّه) إلي نظر يوجب الاعتماد عليها الاعتماد علي ظنّ المجتهد.
و أمّا الثاني: فلأن صحّة الخبر حينئذ تتوقّف علي تشخيص رجال السند، المتوقف علي تمييز المشتركات منها، و لبعد العهد عن الرواة صار هذا الباب من مطالب الرجال من المسائل النظريّة الصعبة، التي اختلفت الأنظار في مواردها، و كذا علي توثيق آحاده بما ذكروه في ترجمته، من الألفاظ الصريحة في التوثيق، و الظاهرة فيه، و التي اختلف في دلالتها علي التوثيق.
و قد بلغ الخلاف في (كلمة) إلي حدّ فهم بعضهم منها المدح بل التوثيق، و آخر منها الذم و الضعف، كقولهم في حقّ جماعة: أسند عنه (2)، و كذا 4.
ص: 494
الاختلاف الشديد في حقّ جماعة زكّاهم جماعة، و ضعّفهم آخرون، و هكذا.
فالمصحّح للخبر يحتاج إلي نظر، و تأمّل، و تتبّع، و تشخيص، و تمييز، و ترجيح، و بعضها حدسيّة.
و قد كثر الخطأ و الزلل منهم في هذا المقام، كما هو مشاهد في الكتب الرجاليّة و الفقهيّة، فالاعتماد علي تصحيح الغير هنا، اعتماد علي ظنّ المجتهد الذي حظره، و هذا المطلب يحتاج إلي شرح لا يقتضيه المقام.
إذ لم يعتمدوا علي رواية مرويّة في الكافي، و لا صحّحوها، باعتبار أنّ الكليني أخبر بصحّة ما في الكافي، بل شاع بين المتأخّرين تضعيف كثير من الأخبار المروية فيه سندا، و لو كان ما ذكره الكليني مما يصحّ أن يعوّل عليه، و يجعل أصلا في الحكم بصحّة أخبار الكافي، لما حسن منهم ذلك، بل كان عليهم أن ينبّهوا علي أنّ ما ذكره أصل لا ينبغي العدول عنه، هذا و قد اتّفق لجماعة من القدماء: كالمفيد، و ابن زهرة، و ابن إدريس [و الشيخ] و الصدوق، الطعن في أخبار الكافي بما يقتضي أن لا يكون غيره محلّ الاعتبار (1)، انتهي.
و الجواب: أنّه لم يدع أحد حتي من ادّعي قطعيّة أخبار الكافي أنّ أخباره صحيحة- بالمصطلح الجديد- فيكون رجال أسانيدها في جميع الطبقات من عدول الإماميّة، كيف و فيه من رجال سائر المذاهب- الذين لا اختلاف (2) فيهم
ص: 495
- ما لا يحصي، و لا ادّعي أحد أنّ ما في الكافي مقدّم علي ما يوجد في غيره- في جميع الحالات- عند التعارض، بل المدّعي أنّ كلّ ما فيه موثوق صدوره عن من ينتهي إليه، مهذّب عما يدرجه في سلك الضعاف عندهم، لم يجمع فيه- كجملة من الجوامع- بين الغثّ و السمين، و السليم و السقيم، بل كلّه صحيح بهذا المعني، حجّة عند من بني علي حجيّة هذا القسم من الخبر، يعمل به مثل ما يعمل كلّ بما هو حجّة عنده من أقسامه، فإن خلا عن المعارض يتمسّك به، و إلّا فقد يقدّم، و قد يقدم غيره عليه إذا اشتمل علي مزايا توجب تقديمه.
إذا تمهّد ذلك نقول: إن أراد من المحقّقين، هم الذين اقتصروا في الحجّة علي الخبر الصحيح بالمعني الجديد، فلا كلام معهم و لا حجّة لقولهم علي أحد، و ليس المقام مقام دعوي الشهرة و الإجماع، لكثرة الاختلاف، و تشتت الأقوال في تعيين الحجّة من أقسامه، و إن أراد الجميع ففيه ما لا يخفي.
قال جدّه الأستاذ الأكبر- في الفائدة الثانية و العشرين، من الفوائد الحائرية-:
و منها: وجود الرواية في الكافي أو الفقيه، لما ذكرا في أوّلهما، و اعتمد علي ذلك جمع، و إذا اتفق وجودها فيهما معا ففيه اعتماد معتدّ به، بالغ كامل، و إذا اتفق وجودها في الكتب الأربعة من غير قدح فيه، فهو في غاية مرتبة من الاعتداد به و الاعتماد عليه.
و منها: إكثار الكافي أو الفقيه من الرواية، فإنّه أخذ أيضا دليلا علي الوثاقة، سيّما إذا أكثرا معا (1).
و تقدم قول الشهيد في الذكري، بعد نقل خبر مرسل عن الكافي، في بعض أنواع الاستخارة ما لفظه: و لا يضرّ الإرسال، فإن الكليني (رحمه اللّه)6.
ص: 496
ذكرها في كتابه، و الشيخ في التهذيب (1).
و قال المولي محمّد تقي المجلسي في الفائدة الحادية عشر من فوائد مقدمات شرحه علي الفقيه بالفارسية ما لفظه: و هم چنين احاديث مرسله محمّد بن يعقوب كليني، و محمّد بن بابويه قمّي، بلكه جميع احاديث ايشان كه در كافي و من لا يحضر است همه را صحيح مي توان گفت، چون شهادت اين دو شيخ بزرگوار كمتر از شهادت اصحاب رجال نيست، يقينا، بلكه بهتر است. إلي آخره (2).
و قال الشيخ الأعظم الأنصاري (طاب ثراه) في رسالة التعادل: فالذي يقتضيه النظر- علي تقدير القطع بصدور جميع الأخبار التي بأيدينا، علي ما توهمه بعض الأخباريين، أو الظن بصدور جميعها إلّا قليلا في غاية القلّة، كما يقتضيه الإنصاف ممّن اطلع علي كيفية تنقيح الأخبار و ضبطها في الكتب- هو أن يقال (3). إلي آخره.
و أمّا طعن الصدوق، أو المفيد في بعض أخبار الكافي، فإنّما هو في مقام وجود معارض أقوي- له- حقيقة أو في نظره، و لا يوجب ذلك الوهن في أخباره، لوجود بعض ما هو أصح و أقوي ممّا فيه، و إن كان هو أيضا صحيحا، فإن من جملة الموارد ما ذكره الصدوق في باب الرجلين يوصي إليهما، فينفرد كل واحد منهم 0.
ص: 497
بنصف التركة ما لفظه:
و في كتاب محمّد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن محمّد- و نقل الحديث ثم قال-: لست أفتي بهذا الحديث، بل بما عندي بخطّ الحسن بن علي (عليهما السلام) و لو صحّ الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير (1) كما أمر به الصادق (عليه السلام) (2). إلي آخره.
و قال الشيخ في التهذيب بعد ذكر الخبرين، و كلام الصدوق: و إنّما عمل علي الخبر الأول ظنّا منه أنّهما متنافيان، و ليس الأمر علي ما ظنّ (3). إلي آخره.
و الذي يوجب الوهن الطعن في خبر رواه الكليني و انفرد به، و لا معارض له، و لا أظنّه (4) وجد موردا طعن القدماء فيه، و أعرضوا عنه، و هذا الصدوق صرّح في الفقيه بالعمل بما انفرد به.
فمن ذلك الحديث الذي رواه في باب أنّ الوصي يمنع الوارث، و قال:
ما وجدته إلّا في كتاب محمّد بن يعقوب الكليني (5)، و لم ينقل في ذلك الباب حديثا غيره.9.
ص: 498
و من ذلك حديث ذكره في كفّارة من جامع في شهر رمضان، و قال: لم أجد ذلك في شي ء من الأصول، و إنّما انفرد بروايته علي بن إبراهيم (1).
و قال السيد بحر العلوم في شرح الوافي، الذي جمعه السيد الجليل صاحب مفتاح الكرامة ما لفظه: و أمّا مرسل الفقيه فقد قيل إن مرسلاته مسندات الكافي (2)، كما هو الظاهر هنا، و له كلام آخر يأتي في الفائدة الآتية إن شاء اللّه تعالي (3).
هذا و رأيناهم يطعنون في الخبر عند التعارض، بما لا يطعنون فيه به عند انفراده، فكأن الخبر عندهم عند انفراده له حكم، و عند ابتلائه بالمعارض له حكم آخر، فربّما كان فيه و هن لا يسقط الخبر عن الحجيّة، فيغمضون عنه و يسترونه إذا انفرد، و يظهرونه إذا ابتلي بالمعارض، فلنذكر من باب المثال موردا واحدا.
قال الشيخ في التهذيب في شرح عبارة المقنعة-: و إن كان كرّا قدره ألف رطل و مائتا رطل، لم يفسد (4)، بعد ذكر ما دلّ علي اعتصام الكرّ- ما لفظه:
فأمّا ما يدل علي كميّة الكر: فما أخبرني به الشيخ أيّده اللّه تعالي، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد بن يحيي،8.
ص: 499
عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
قال: «الكرّ من الماء الذي لا ينجسه شي ء، ألف و مائتا رطل» (1).
فأمّا الأخبار التي رويت ممّا يتضمّن التحديد بثلاثة أشبار، و الذراعين، و ما أشبه ذلك، فليس بينها و بين ما رويناه تناقض، لأنه لا يمتنع أن يكون ما قدره هذه الأقدار، وزنه ألف رطل و مائتا رطل، ثم ساق طرفا من تلك الأخبار. ثم قال:
فأما ما رواه محمّد بن أبي عمير، قال: روي لي عن عبد اللّه- يعني ابن المغيرة- يرفعه إلي أبي عبد اللّه (عليه السلام): «إن الكرّ ستمائة رطل».
فأول ما فيه أنه مرسل غير مستند، و مع ذلك مضادّ للأحاديث التي رويناها. إلي آخره (2).
فلو كان الإرسال سيّما من ابن أبي عمير مانعا عن الحجيّة التي لا تكون إلّا في الصحيح، فما وجه الاعتماد علي الخبر الأول، و لم يذكر في الباب غيره، و هما مشتركان في هذا الموهن (3)، مع أنّه ادّعي في العدة إجماع الطائفة علي العمل بمراسيله (4)، و عدم الفرق بين مرسله و مسنده، بل روي الخبر الأخير في أبواب الزيادات مسندا (5) فيعلم أن طعنه فيه لم يكن عن اعتقاد.
ثم إن ذكر ابن إدريس، و ابن زهرة في هذا المقام غير مناسب (6)، مع ما ا.
ص: 500
علم من طريقتهما من عدم الاعتناء بغير الأخبار القطعية، و عدّهما من القدماء أيضا خلاف مصطلحهم، من عدّهم من تأخر عن شيخ الطائفة من المتأخرين، و لو سلّم ما ذكره (رحمه اللّه) فلا يوجب طعن واحد أو أكثر في بعض أخبار الكافي و هنا في القرائن السابقة لاحتمال غفلته عنها، أو عدم فهمه منها ما فهمناه منها و الأول أظهر، فإن تراكم السير و التتبع و النظر و الاطلاع و طول التفحص طبقا عن طبق، أورث ظهور قرائن كثيرة، أوجبت دخول كثير من الضعاف في الحسان و الصحاح و هكذا.
كما لا يخفي علي من وقف علي ما ذكره المجلسيان في هذا المقام، و جملة ممّن كان في طبقتهما إلي الأستاذ الأكبر و العلامة الطباطبائي (رحمهم اللّه) فيما ذكراه- في التعليقة و الرجال- و نظر إلي ما حققوه، ثم نظر إلي الذين سبقوهم، إلي العلامة- و ما بنوا عليه في الجرح و التعديل- فإنه يجد تصديق ما ذكرناه، و لا يتوحش عمّا حققناه.
قال الفاضل الخبير المولي الحاج محمّد بن علي الأردبيلي في كتاب جامع الرواة و رافع الاشتباهات: و بسبب نسختي هذه يمكن أن يصير قريبا من اثني عشر ألف حديث أو أكثر من الأخبار التي كانت بحسب المشهور بين علمائنا (رضوان اللّه عليهم) مجهولة، أو ضعيفة، أو مرسله، معلومة الحال و صحيحة لعناية اللّه تبارك و تعالي، و توجّه سيّدنا محمّد و آله الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) (1)، انتهي.
و مراده من العدد المذكور، الأخبار المودعة في الكتب الأربعة، و إن لاحظنا ما ذكره في أخبار سائر الكتب المعتمدة الشائعة، كان العدد أضعافا مضاعفة.6.
ص: 501
الخامسة: ما في الرسالة من أن الكليني قد أكثر في الكافي من الرواية عن غير المعصوم (عليه السلام) في أول كتاب الإرث (1).
و قال في كتاب الديات في باب وجوه القتل: علي بن إبراهيم قال: وجوه القتل علي ثلاثة أضرب (2). إلي آخر ما قال، و لم يورد في ذلك الكتاب حديثا آخر.
و في باب شهادة الصبيان: عن أبي أيوب قال: سمعت إسماعيل بن جعفر (عليه السلام) (3). إلي آخره.
و أكثر أيضا في أصول الكافي من الرواية عن غير المعصوم: منه ما ذكره في مولد الحسين (عليه السلام) من حكاية الأسد الذي دعته فضّة إلي حراسة جسده (عليه السلام).
و ما ذكره في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أسيد بن صفوان (4)، و الحكايتان مشهورتان إلي غير ذلك (5)، انتهي.
و الجواب: إنّ هذه شبهة علي قوله (رحمه اللّه) عن الصادقين (عليهم السلام) لا علي قوله (رحمه اللّه) بالآثار الصحيحة، فنقل خبر أو كلام عن غيرهم (عليهم السلام) لا ينافي بناؤه، و نقله الآثار الصحيحة عنهم في أمور الدين، كما لو ذكر معني كلمة من الخبر لغة أو عرفا، عن نفسه أو عن غيرهم، بعد نقل خبر فيها، و من ذلك ذكره تواريخ ولادة الحجج (عليهم السلام) و وفاتهم (عليهم السلام) في صدر أبواب مواليدهم من نفسه، من غير استناده
ص: 502
إلي أحد، بل و منه الحكايتان اللتان أشار إليهما، فإنّهما محسوبتان من المعاجز التي تنقل عن غيرهم غالبا، و كلّ ذلك غير داخل في أمور الدين التي سأل عنها السائل.
بل و منه ما ذكره في أول الإرث، عن نفسه، و عن يونس (1)، فإنّها كلّيات استخرجها من الكتاب و السنة، التي نقلها في أبواب كتاب الإرث، و عليها شواهد منها، و بها يسهل فهمنا كما لا يخفي علي من راجعها، و لا يورث ذلك نقضا في قوله عن الصادقين (عليهم السلام).
و كذلك ما ذكره عن علي بن إبراهيم في وجوه القتل (2)، فإنه نتيجة ما رواه قبل هذا الباب، و ما رواه بعده في أبواب كتاب الديات، ذكره لسهولة الحفظ، و ليس في كلام عليّ ما لم يرو هو شاهد في تلك الأبواب.
و أمّا رواية أبي أيوب الخزاز، عن إسماعيل (3) فظاهر أن أبا أيوب الثقة صاحب الأصل الجليل، الذي قالوا فيه: كبير المنزلة، و يروي عنه الأجلّاء كيونس (4)، و صفوان (5)، و ابن أبي عمير (6)، و علي بن الحكم (7)، و حسين بن عثمان (8)، و غيرهم، لم يكن ليسأل عن إسماعيل حكما شرعيا، إلّا بعد علمه بأنه لا يقول في الجواب إلّا ما سمعه عن أبيه (عليه السلام) و إلّا فعدم حجيّة ب.
ص: 503
قول غير الإمام من البداهة بمكان لم يكن ليخفي علي مثله، و رواية يونس عنه ذلك أيضا يؤيد ذلك، و علي فرض عدم ظهور ذلك، أو عدم حجيّته لعدم استناده إلي اللفظ، لا بحث علي ثقة الإسلام إن علم أو وثق بذلك، فأخرج الخبر من غير تمويه و تدليس، يأخذه من يعتمد علي ذلك، و يترك من لا يري فيه حجّة، و ما وجد في الكتاب من أمثال ذلك (1) فهو من هذا الباب.
و يظهر من [كلام] الصدوق في الفقيه أن بناءهم كان علي ذلك، فإنه ذكر فيه رواية أبان، عن الفضل بن عبد الملك و ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل هل يرث من دار أمرته أو أرضها من التربة شيئا؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟
فقال: «يرثها و ترثه من كلّ شي ء ترك و تركت».
قال الشيخ مصنّف هذا الكتاب: هذا إذا كان لها منه ولد، فأمّا إذا لم يكن لها منه ولد، فلا ترث من الأصول إلّا قيمتها، و تصديق ذلك ما رواه:
محمّد بن أبي عمير، عن ابن أذينة: في النساء إذا كان لهن ولد، أعطين من الرباع (2)، انتهي.
انظر كيف خصّص الخبر الصحيح بقول ابن أذينة، فلولا علمه و اعتقاده بأنه كلام المعصوم (عليه السلام) لما خصّص الخبر، بل الأخبار الكثيرة به، و تبعه علي ذلك الشيخ في النهاية (3) و جماعة، و تمام الكلام في محلّه.
و بالجملة فقد كفانا مؤنة ردّ هذه الشبهات، إعراض صاحبها و هو 2.
ص: 504
الأستاذ الأكبر (طاب ثراه) عنها، كما عرفت من كلامه في الفوائد و التعليقة (1)، و يظهر منه، و من مواضع من الرسالة أن غرضه منها إبطال دعوي قطعيّة أخبار الكافي، لا ما نحن بصدد إثباته، فلاحظ و تأمّل.
و الصحيح منها باصطلاح من تأخّر؛ خمسة آلاف و اثنان و سبعون حديثا.
و الحسن: مائة و أربعة و أربعون حديثا.
و الموثق: مائة حديث و ألف حديث و ثمانية عشر حديثا.
و القوي منها: اثنان و ثلاثمائة حديث.
و الضعيف منها: أربعمائة و تسعة آلاف و خمسة و ثمانون حديثا (2)، انتهي.
و الظاهر أن المراد من القوي، ما كان بعض رجال سنده أو كلّه الممدوح من غير الإمامي، و لم يكن فيه من يضعف الحديث، و له إطلاق آخر يطلب من محلّه (3)، و علي ما ذكره فأكثر من نصف أخبار الكافي ضعيف لا يجوز العمل به، إلّا بعد الانجبار، و أين هذا من كونه أجلّ كتب الشيعة، و مؤلفه أوثق الناس في الحديث و أثبتهم، و لم يكن في كتاب تكليف الشلمغاني المردود المعاصر له خبر
ص: 505
مردود إلّا اثنان كما تقدم، فلاحظ و تأمّل.
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله بعد ذكر الحديث النبوي المشهور: - إن اللّه يبعث لهذه الأمة في رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها- ما لفظه: و ما ذكره ابن الأثير و غيره من أهل الخلاف، من أن الكليني هو المجدد لمذهب الإمامية في المائة الثالثة (1)، من الحق الذي أظهره اللّه علي لسانهم و أنطقهم به، و من نظر كتاب الكافي الذي صنّفه هذا الإمام (طاب ثراه) و تدبّر فيه، تبيّن له صدق ذلك، و علم أنه مصداق هذا الحديث، فإنه كتاب جليل عظيم النفع، عديم النظير، فائق علي جميع كتب الحديث بحسن الترتيب، و زيادة الضبط و التهذيب، و جمعه للأصول و الفروع، و اشتماله علي أكثر الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، و قد اتفق تصنيفه في الغيبة الصغري بين أظهر السفراء في مدة عشرين سنة، كما صرح به النجاشي (2)، و قد ضبطت أخباره في ستّة عشر ألف حديث و مائة و تسعة و تسعين حديثا، وجدت ذلك منقولا عن خطّ العلامة.
و قال الشهيد في الذكري: إن ما في الكافي يزيد علي ما في مجموع الصحاح الست للجمهور، و عدّة كتب الكافي اثنان و ثلاثون (3)، انتهي.
قلت: أمّا صحيح البخاري و هو أصح الست عندهم، فقال الحافظ ابن حجر كما في كشف الظنون: جميع أحاديثه بالمكرّر سوي المعلّقات و المتابعات، علي ما حرّرته و أتقنته: سبعة آلاف و ثلاثمائة و سبعة و تسعون حديثا، و الخالص من ذلك بلا تكرير: ألفا حديث و ستمائة و حديثان، و إذا ضمّ 6.
ص: 506
إليه المتون المعلّقة المرفوعة و هي: مائة و خمسون حديثا، صار مجموع الخالص:
ألفي حديث و سبعمائة و واحد و ستين حديثا (1).
و أما صحيح مسلم ففي كشف الظنون: روي عن مسلم أن كتابه:
أربعة آلاف حديث دون المكررات، و بالمكررّات سبعة آلاف و مائتان و خمسة و سبعون حديثا (2).
و أمّا سنن أبي داود السجستاني ففيه: أنه قال في أوله: و جمعت في كتابي هذا: أربعة آلاف حديثا و ثمانية أحاديث (3) من الصحيح و ما يشبهه و ما يقاربه (4)، انتهي.
و لا يحضرني عدد أخبار الباقي (5).
فمنها ما تبين أساميهم، و هي ما تكررت في الأسانيد، و منها ما لم تبين، و هي في مواضع معدودة.
ص: 507
فمن القسم الأول: العدة، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، و العدة، عن أحمد بن محمّد بن خالد (1)، و العدة، عن سهل بن زياد (2).
أما الأولي فقال الشيخ النجاشي في ترجمته: و قال أبو جعفر الكليني: كل ما كان في كتابي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي فهم:
محمّد بن يحيي، و علي بن موسي الكميذاني، و داود بن كورة، و علي (3)ك.
ص: 508
ابن إدريس، و علي بن إبراهيم بن هاشم، و كذا نقله العلامة عنه (قدس سره) في الخلاصة (1).
و أمّا الثانية: ففي الخلاصة عنه: و كلمات ذكرت في كتابي هذا عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فهم: علي بن إبراهيم، و أحمد ابن عبد اللّه بن أمية، و علي بن محمّد بن عبد اللّه بن أذينة، و علي بن الحسين السعدآبادي (2)، انتهي.
و في الكافي في الباب التاسع من كتاب العتق: عدّة من أصحابنا (علي ابن إبراهيم، و محمّد بن جعفر، و محمّد بن يحيي، و علي بن محمّد بن عبد اللّه القمي، و أحمد بن عبد اللّه، و علي بن الحسين) جميعا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسي. إلي آخره، هكذا في جملة من النسخ، و في بعضها عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان (3). إلي آخره.
و أمّا الثالثة: ففي الخلاصة: عنه (رحمه اللّه) أنه قال: و كلّما ذكرت في كتابي المشار إليه، عن سهل بن زياد فهم: علي بن محمّد بن إبراهيم [بن] علان، و محمّد بن أبي عبد اللّه، و محمّد بن الحسن، و محمّد بن عقيل الكليني، انتهي (4).
و قد أطال الأصحاب الكلام في هؤلاء العدد في تشخيصهم، و تمييز ما أبهم منهم، و في جرحهم و تعديلهم، بل أفرد له جماعة بالتأليف و لا أري كثير 2.
ص: 509
فائدة فيه لخصوص المقام، و إن كان فيه بعض الفوائد، و وجه عدم الفائدة واضح.
أما أولا فلما أوضحناه من الوثوق و الاطمئنان بتمام أخباره، و من جهة القرائن الداخلية خصوصا بهذا الصنف من أخباره الذي قد أكثر منه.
و أما ثانيا: فلأنهم قديما و حديثا، إذا رأوا في كلام أحد من العلماء: عند الأصحاب، أو عند أصحابنا، أو قال بعض أصحابنا، و نظائر ذلك، لا يشكّون في أنّ المراد بهم الفقهاء العدول، و العلماء الثقات الذين يحتج بقولهم في مقام تحصيل الإجماع أو الشهرة أو غير ذلك، نعم لم يختصوا ذلك بالإمامية بل يطلقون الأصحاب علي سائر فرق الشيعة، الذين هم في الفروع كالإمامية، كالواقفية و الفطحية و أضرابهما، لا الزيدية الذين صاروا عيالا لأبي حنيفة في الفروع.
فمن ذلك قول الشيخ في التهذيب في شرح قول المفيد (رحمه اللّه): و من طلّق صبيّة لم تبلغ المحيض، فعدّتها ثلاثة أشهر، قال: و الذي ذكرناه هو مذهب معاوية بن حكيم من متقدمي فقهاء أصحابنا، و جميع فقهائنا المتأخرين (1). إلي آخره.
و صرح الكشي: بأن معاوية بن حكيم عالم عادل من الفطحية (2).
و من ذلك قوله فيه في باب الخلع: الذي أعتمده في هذا الباب و أفتي به، أنّ المختلعة لا بد فيها من أن تتبع بالطلاق، و هو مذهب جعفر بن محمّد ابن سماعة، و الحسن بن سماعة، و علي بن رباط، و ابن حذيفة، من المتقدمين، و مذهب علي بن الحسين، من المتأخرين. فأمّا الباقون من فقهاء أصحابنا 2.
ص: 510
المتقدمين. فلست أعرف لهم فتيا في العمل به. إلي أن قال: و استدل من ذهب من أصحابنا المتقدمين علي صحّة ما ذهبنا إليه (1). إلي آخره.
و قال في اللمعة في طلاق العدة: و قد قال بعض الأصحاب: إن هذا الطلاق لا يحتاج إلي محلّل بعد الثلاث (2). إلي آخره، و المراد به عبد اللّه بن بكير الفطحي، كما صرّح به في الروضة (3).
و قال في الخلاصة: إسحاق بن عمار بن حيان مولي بني تغلب، أبو يعقوب الصيرفي، كان شيخا من أصحابنا، ثقة، روي عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام) و كان فطحيا (4)، إلي غير ذلك من موارد استعمالهم هذه الكلمة في غير الإمامية، إلّا أنّهم يريدون منه في جميع المواضع: العالم الفقيه الثقة الثبت، الذي يحتج بقوله و يعتمد علي روايته، كما هو ظاهر علي من أمعن النظر إلي تلك الموارد.
فكيف صارت هذه الكلمة في كلام ثقة الإسلام غير دالة علي توثيق الجماعة، فضلا عن فقاهتهم؟ و ما العلّة في إخراج مصطلحة عن مصطلحهم (5)؟ بل لم يرضوا بوثاقة واحد من العدة من كلامه، حتي توصلوا لها بما ذكر في ترجمته، كلّ ذلك خارج عن جادة الإنصاف.ا.
ص: 511
قال المحقق السيد محسن الكاظمي في عدته بعد ذكر عدد الكليني:
و رجال هذه العدد منهم المشاهير، كالعطار، و ابن إدريس، و علي بن إبراهيم، و فيهم من قد يخفي حاله و فيهم من لا نعرفه، و إن كان في نفسه معروفا، و ما كان الكليني ليتناول عن مجهول، و ناهيك في حسن حالهم كثيرة تناول مثل الكليني عنهم.
و قال في موضع آخر في عداد القرائن الدالة علي التوثيق: كقول الثقة:
حدثني الثقة، أو غير واحد من أصحابنا، أو جماعة من أصحابنا، لبعد أن لا يكون ثقة في جماعة يروي عنهم الثقة، و يتناول و لا سيّما مثل المحمدين الثلاثة (رضي اللّه عنهم) (1) انتهي.
و أمّا ثالثا: فلأنّهم في هذا المقام من مشايخ الإجازة، إذ لا شبهة أن الكليني (رحمه اللّه) أخذ هذه الأخبار التي رواها بتوسط تلك العدد من كتب ابن عيسي، و ابن البرقي، و سهل، و قالوا: يعرف كون الرجل شيخا للإجازة بأمور: كالنص عليه، فيكون شيخ إجازة بالنسبة إلي الأصول المعروفة، أو الكتب المشهورة، كما نصّوا علي سهل، و الوشاء و الحسين بن الحسن بن أبان، و غيرهم.
و قول الشيخ: و طريقي إلي ما أخذته من كلمات فلان عن فلان، و أما إذا قال: طريقي إليه فلان فلا، لأنه قد يكون من حفظه.4.
ص: 512
و رواية الشيخ عمّن يعلم أنه لم يشاهده، فيكون أخذه من كتابه، كما قاله الشيخ في آخر التهذيب و الاستبصار (1).
و العلم بأنه ليس صاحب كتاب أصلا: كأحمد بن الوليد، و أحمد بن العطار، و هذه الأمور تشتبه علي غير الممارس المتتبع، و إلّا فقد يكون شيخ إجازة بالنسبة إلي كتاب أو أزيد، و راويا بالنسبة إلي غيرها، كما هو الشأن بالنسبة إلي الحسين بن الحسن بن أبان بالنسبة إلي كتب الحسين بن سعيد، و كما هو الشأن بالنسبة إلي الوشاء بالنسبة إلي أحمد بن محمّد بن عيسي بالنسبة إلي كتاب أبان الأحمر، و العلاء بن رزين القلاء، و ظاهر أن المقام داخل في الأمر الثاني، و قول الكليني: كلما ذكرت في كتابي هذا (2).، بمنزلة ما ذكره الصدوق في المشيخة فلاحظ.
ثم إن كون الرجل من مشايخ الإجازة، إمّا من أمارات الوثاقة كما عليه جمع من المحققين.
قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته: ما كان العلماء و حملة الأخبار لا سيّما الأجلاء، و من يتحاشي في الرواية عن غير الثقات، فضلا عن الاستجازة ليطلبوا الإجازة في روايتها، إلّا من شيخ الطائفة و فقيهها و محدثها و ثقتها، و من يسكنون إليه و يعتمدون عليه.
و بالجملة فلشيخ الإجازة مقام ليس للراوي، و من هنا قال المحقق البحراني، فيما حكي الأستاذ: و إن مشايخ الإجازة في أعلي درجات الوثاقة و الجلالة (3). و عن صاحب المعراج: لا ينبغي أن يرتاب في عدالتهم (4). و عن 4.
ص: 513
الشهيد الثاني: إن مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلي التنصيص علي تزكيتهم (1)، و لذلك صحّح العلامة و غيره كثيرا من الأخبار، مع وقوع من لم يوثقه أهل الرجال من مشايخ الإجازة في السند. إلي أن قال: و بالجملة فالتعديل بهذه الطريقة طريقة كثير من المتأخرين، كما قال صاحب المعراج (2)، انتهي (3).
و قال المحقق الشيخ محمّد في شرح الإستبصار: عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ (4)، أو كونه شيخا للإجازة يخرجه عن وجوب النظر في حاله لتصحيح السند، فلا يضر ضعفه أو جهالته بصحته إذا سلم غيره من رجاله.
و في منتهي المقال: قال جماعة: إن مشايخ الإجازة لا تضر مجهوليتهم، لأن أحاديثهم مأخوذة من الأصول المعلومة، و ذكرهم لمجرد اتصال السند أو للتيمن، و يظهر من بعضهم التفصيل بينهم، فمن كان منهم شيخ إجازة بالنسبة إلي كتاب أو كتب لم يثبت انتسابها إلي مؤلّفها من غير إخباره، فلا بدّ من وثاقته عند المجاز له، فإن الإجازة كما قيل: إخبار إجمالي بأمور مضبوطة، مأمون عليها من التحريف و الغلط، فيكون ضامنا صحّة ما أجازه، فلا يعتمد عليه إلّا بعد وثاقته (5) انتهي.
و فيه نظر، و من كان منهم شيخ إجازة بالنسبة إلي ما ثبت انتسابه إلي مؤلّفه بالتواتر أو الشياع أو البينة أو غيرها، فلا يحتاج إلي وثاقته، و علي التقادير لا نحتاج إلي النظر إلي حال المشايخ المتقدمة أصحاب العدد، أمّا علي القول الأول و الثاني فظاهر، و كذا علي الثالث، لكون ابن عيسي، و البرقي، و سهل،3.
ص: 514
من المشايخ المعروفين و المؤلفين المشهورين، الذين لم يكن تخفي مؤلفاتهم علي مثل الكليني مع قرب عصره من عصرهم، و كثرة الرواة عنهم، و هذا ظاهر للناقد البصير.
و ممّا ذكرنا يظهر وجه عمل شيخ الطائفة في التهذيب و الاستبصار، فإنه (رحمه اللّه) كثيرا ما يطعن في السند عند التعارض، و يضعف بعض رجاله، و لكن كلّما ذكر من القدح إنّما هو في رجال أرباب الكتب التي نقل منها، و لم يقدح أبدا في رجال أوائل السند و طريقه إليها ممّن ذكره في المشيخة و الفهرست، فزعم بعضهم أن ذلك لكون الأصول و الكتب عنده مشهورة بل متواترة، و إنّما يذكر الأسانيد لمجرّد اتصال السند، و نحن لا ننكر ذلك، و لكن الظاهر أن الوجه هو ما تقدم عن العدة المؤيّد بما شرحناه في حال النجاشي (1) فلاحظ.
و أمّا رابعا: فلأن الغرض إن كان تصحيح السند من جهتهم، فيكفي وجود محمّد بن يحيي، و علي بن إبراهيم، و أحمد بن إدريس في عدّة ابن عيسي، و علي بن إبراهيم، و محمّد بن يحيي- علي ما في بعض نسخ الكافي- [في] عدّة البرقي.
و أمّا عدّة سهل: فعلي المشهور من ضعفه لا ثمرة لوجود الثقة في العدة إلّا في موارد نادرة ذكر فيها مع سهل ثقة آخر، فلا يضرّ ضعفه كما في باب مدمن الخمر من كتاب الأشربة، حيث روي: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، و يعقوب بن يزيد (2)، و في باب ما يلزم من يحفر البئر فيقع فيها المارّة:
عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر. إلي آخره، ثم قال:
سهل و ابن أبي نجران جميعا، عن ابن أبي نصر (3). إلي آخره، و علي ما هو 6.
ص: 515
الحقّ وفاقا للمحققين من توثيقه، فيكفي وجود محمّد بن الحسن في العدة بناء علي كونه الصفار علي ما ذكره جماعة، و إن كان لي فيه نظر.
أمّا الأول: فقال السيد الأيد (1) المحقق الأسترآبادي في رجاله في ذكر عدّة سهل: و الظاهر أن محمّد بن أبي عبد اللّه هو محمّد بن جعفر الأسدي الثقة، و إن محمّد بن الحسن هو الصفار (2). إلي آخره.
و قال المحقق الكاظمي في عدته: و محمد بن الحسن الظاهر أنه الصفار الثقة الجليل، فإن الكليني ممّن يروي عنه (3).
و قال العالم الجليل السيد محمّد باقر الجيلاني الأصفهاني- الملقب بحجّة الإسلام- في رسالته في العدة، في شرح كلام الفاضل الأسترآبادي ما لفظه:
و أما كون المراد بمحمّد بن الحسن هو الصفار فلكونه في طبقة ثقة الإسلام، و عمّر بعد موته بتسع أو ثمان و ثلاثين سنة، لأن النجاشي و العلامة قالا: إن محمّد بن الحسن هذا مات في سنة تسعين و مائتين (4)، و قد تقدم أن موت ثقة الإسلام في سنة تسع أو ثمان و عشرين و ثلاثمائة.
و أيضا أن رواية ثقة الإسلام، عن محمّد بن الحسن في أول سند الكافي أكثر من أن تحصي، و لم يقيّده في شي ء من المواضع، و يظهر من عدم تقييده في موضع بقيد أنه واحد، و هو إمّا الصفار أو غيره، و الغير الذي يحتمل ذلك هو 2.
ص: 516
الذي يروي عنه الكشي، و هو: محمّد بن الحسن البرناني (1) و نحوه ممّن كان في طبقته، و يبعد في الغاية أن يقتصر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن البرناني مع مجهولية حاله و لم يرو عن الصفار الذي هو من أعاظم المحدثين و العلماء و كتبه معروفة مثل بصائر الدرجات و نحوه؟! و أيضا قد أكثر ثقة الإسلام في الرواية عن محمّد بن الحسن و علي بن محمّد ابن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق.
منه [ما] في باب قلّة عدد المؤمنين من الأصول، حيث قال: محمّد بن الحسن و علي بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق (2).
و منه ما في باب الخضاب من كتاب الزي و التجمل من الفروع، قال:
علي بن محمّد بن بندار و محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق (3).
و منه ما في باب النبيذ من كتاب الأشربة، قال: محمّد بن الحسن و علي ابن محمّد بن بندار جميعا، عن إبراهيم بن إسحاق (4).
و إبراهيم بن إسحاق هذا هو: إبراهيم بن إسحاق الأحمر، للتصريح به في كثير من المواضع، و قد ذكر شيخ الطائفة في الفهرست في ترجمة إبراهيم هذا أنّ محمّد بن الحسن الصفار يروي عنه، حيث قال بعد أن أورد جملة من كتبه ما هذا لفظه: أخبرنا بها أبو الحسين بن أبي جيد القمي، عن محمّد بن الحسن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر،7.
ص: 517
انتهي (1).
و أيضا أنّ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد الذي تكون وفاته بعد وفاة ثقة الإسلام بأربع عشر سنة لما في النجاشي: من أنّ محمّد بن الحسن بن الوليد مات في سنة ثلاث و أربعين و ثلاثمائة (2)، و قد مرّ عن النجاشي: أن وفاة ثقة الإسلام في سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة (3)، يروي عن الصفار كما صرح به شيخ الطائفة في رجاله (4)، فرواية ثقة الإسلام عنه أولي (5)، انتهي كلامه زيد في إكرامه.
و هذه الوجوه كلّها مخدوشة كما ستعرف إن شاء اللّه تعالي.
و أمّا الثاني: و هو عدم كون محمّد بن الحسن المذكور هو الصفار فلوجوه:
الأول: إنّا لم نجد رواية للصفار عن سهل بن زياد في كتاب بصائر الدرجات من أوله إلي آخره، مع أنه مقصور علي ذكر الفضائل، و سهل مرمي بالغلو الذي لا منشأ له إلا ذكرها، و من البعيد أن يكون من رجاله و لا يروي عنه في كتابه، و قد روي عنه ثقة الإسلام في أصول الكافي أخبارا كثيرة، بل لا يحضرني روايته عنه في غير الكافي إلّا رواية في التهذيب في باب المسنون من الصلوات، و في الفقيه في باب الرجل يوصي بوصيّة فينساها الوصي (6).د.
ص: 518
و يؤيّد ذلك أنّ النجاشي ذكر في ترجمة سهل: أن له كتاب التوحيد، رواه أبو الحسن العباس بن أحمد بن الفضل بن محمّد الهاشمي، عن أبيه، عن أبي سعيد الآدمي، و له كتاب النوادر أخبرناه محمد بن محمّد، قال: حدثنا جعفر ابن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، و رواه عنه جماعة (1) انتهي.
فلو كان الصفار من الجماعة لقدّمه علي علي بن محمّد كما هو المعهود من طريقته، و المناسب لجلالة قدر الصفار و مثله ما في مشيخة التهذيب قال: و ما ذكرته عن سهل بن زياد: فقد رويته بهذه الأسانيد: عن محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا: منهم علي ابن محمّد و غيره، عن سهل بن زياد (2)، فلو كان الصفار لكان الأولي تخصيصه بالذكر.
الثاني: أنهم ذكروا ترجمة الصفار و ذكروا كتبه و الطرق إليها و ليس فيها ثقة الإسلام، فلو كان ممّن يروي عنه بلا واسطة لقدّموه في المقام علي غيره، و لو مع ملاحظة علوّ الإسناد الذي كان يدعوهم إلي عدم ذكر الجليل أحيانا لبعد الطريق معه.
ففي النجاشي بعد ذكر كتبه: أخبرنا بكتبه كلّها ما خلا بصائر الدرجات: أبو الحسين علي بن أحمد بن محمّد بن طاهر الأشعري القمي، قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد، عنه بها.
و أخبرنا أبو عبد اللّه بن شاذان قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيي، عن أبيه، عنه بجميع كتبه و ببصائر الدرجات (3).8.
ص: 519
و قال الشيخ في الفهرست في ترجمته: أخبرنا: جماعة، عن محمّد بن علي ابن الحسين: عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن رجاله، قال: و أخبرنا: الحسين بن عبيد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن يحيي، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار (1).
و ذكر مثله في مشيخة التهذيب (2)، و أنت خبير بأن الشيخ و النجاشي يرويان عن المفيد و أقرانه عن جعفر بن قولويه و أضرابه عن ثقة الإسلام (3)، فلو كان هو ممن يروي عن الصفار لكان أولي بالذكر من غيره مع عدم زيادة الواسطة فإنّها ثلاثة علي كلّ حال.
نعم للشيخ سند عال إلي الصفار ذكره في الفهرست، و المشيخة (4)، لا ربط له بالمقام.
الثالث: أنه ظهر من النجاشي، و الفهرست، و المشيخة أن محمّد بن يحيي العطار يروي عن الصفار، و وجدنا إخبارا في الكافي عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن. إلي آخره، و وجدناها في البصائر كما في الكافي سندا و متنا.
منها ما في باب التفويض إلي رسول اللّه، و إلي الأئمة (صلوات اللّه عليهم) في أمر الدين: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن، قال: وجدت في نوادر محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن سنان، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه ه.
ص: 520
السلام): «لا و اللّه ما فوّض اللّه إلي أحد». إلي آخره (1).
و في البصائر: في نوادر محمّد بن سنان، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): «لا و اللّه.» و ساق مثله سواء (2).
و في الباب المذكور: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن، عن يعقوب ابن يزيد، عن الحسن بن زياد، عن محمّد بن الحسن الميثمي، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إنّ اللّه عزّ و جلّ أدّب رسوله حتي قوّمه علي ما أراد، ثم فوّض إليه». الخبر (3).
و في البصائر: يعقوب بن زيد، عن أحمد بن الحسن بن زياد، عن محمّد ابن الحسن الميثمي. و ساق المتن مثل ما في الكافي (4).
و في باب أن اللّه عزّ و جل لم يعلّم نبيّه علما إلّا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما): محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نزل جبرئيل (عليه السلام) علي محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) برمانتين من الجنّة فلقيه علي (عليه السلام) فقال:
ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال: أمّا هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب، و إمّا هذه فالعلم» (5). الخبر.
و في البصائر: محمّد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس. إلي آخر السند و المتن، إلّا أن في آخر خبر الكافي زيادة يسيرة لعلّها سقطت فيما عندنا 3.
ص: 521
من نسخ البصائر (1) و في باب أن الجنّ تأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم. إلي آخره:
محمّد بن يحيي و احمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) علي المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد» (2) إلي آخر القصة المشهورة.
و في البصائر: إبراهيم بن هاشم. إلي آخر الخبر متنا و سندا (3).
و أمثال ما ذكرناه كثيرة. فيظهر من ذلك أن محمد بن الحسن الذي في الكافي بعد العطار أو مع أحمد بن محمد هو الصفار، فثقة الإسلام يروي عنه بالواسطة، و هذا و إن كان لا ينافي روايته عنه بلا واسطة أيضا كما ظنه الجماعة، إلّا أنّه قد مرّ و يأتي (4) ما يبعد كون المذكور في أوّل السند هو الصفار فلاحظ.
الرابع: أن الشيخ محمّد بن الحسن الصفار يروي عن جماعة كثيرة من المشايخ و الثقات و غيرهم، و مذكور في طرق الجماعة من أرباب الأصول و المصنفات:
مثل أحمد بن محمّد بن عيسي (5)، و أحمد بن محمّد بن خالد (6)، و إبراهيم ر.
ص: 522
ابن هاشم (1)، و يعقوب بن يزيد (2)، و علي بن حسان (3)، و الحسن بن علي بن النعمان (4)، و محمّد بن الحسين (5)، و عمران بن موسي (6)، و عبد اللّه بن جعفر (7)، و علي بن محمّد القاساني (8)، و عبد اللّه بن محمّد (9)، و الحسن بن موسي الخشاب (10)، و إبراهيم بن إسحاق (11)، و العباس بن معروف (12)، و عباد بن سليمان (13)، و السندي بن محمّد (14)، و محمد بن الجعفي (15)، و عبد اللّه بن عامر (16)، و سلمة بن الخطاب (17)، و أحمد بن موسي (18)، و أحمد بن الحسن بن علي بن فضال (19)، و محمّد بن أحمد (20)،6.
ص: 523
و أحمد بن جعفر (1)، و محمد بن عيسي (2)، و علي بن الحسين (3)، و محمّد بن عبد الجبار (4)، و علي بن إسماعيل (5)، و سلام بن أبي عمرة (6)، و محمّد بن يعلي (7)، و موسي بن جعفر (8)، و علي بن محمد بن سعيد (9)، و علي بن خالد (10)، و أحمد بن إسحاق (11)، و محمّد بن إسحاق (12)، و الحسين بن أحمد (13)، و أيوب بن نوح (14)، و محمّد بن عبد الحميد (15)، و معاوية بن حكيم (16)، و محمد بن إسماعيل (17)، و محمّد بن خالد الطيالسي (18)، و غير هؤلاء ممّا لا يحصي، فلما رجعنا إلي أسانيد الكافي رأينا محمّد بن الحسن الذي يروي عنه ثقة الإسلام بالواسطة 0.
ص: 524
يروي عن تلك الجماعة متفرقا، و لم يرو عن سهل بن زياد قطّ في موضع.
و محمّد بن الحسن الذي في أوّل السند منفردا أو مع علي بن محمّد لم نر روايته عن غير سهل بن زياد، الذي مرّ عدم وجوده في أسانيد البصائر، و عدم وجود الصفار في طرق المشايخ إليه إلّا في مواضع نادرة، منها باب أدني المعرفة (1)، و باب جوامع التوحيد (2)، و باب آخر من معاني الأسماء من كتاب التوحيد (3)، فروي فيها عن عبد اللّه بن الحسن العلوي، عن إبراهيم بن إسحاق في مواضع قليلة، و ان نسب إلي الكثرة في كلام السيد المعظّم، فلو كان هو الصفار لما كان لاقتصار روايته عن الرجلين- الغير المذكورين في مشايخه، و عن إبراهيم، و عدم روايته عن مشايخه المعروفين- وجه، و هذه قرينة تورث سكون النفس و وثوقها بعدم كونه هو.
الخامس: أنّ أحمد بن محمّد بن عيسي من مشايخ الصفار المعروفين منهم، قد أكثر في البصائر الرواية عنه، و كذا في سائر كتب الأحاديث المسندة، فكيف لم يذكره ثقة الإسلام في عدّة ابن عيسي مع ذكره مثل: داود بن كورة الكميداني، و من ذلك يظهر الوجه.
السادس: فإن أحمد بن محمّد البرقي أيضا من مشايخه المعروفين، كما لا يخفي علي من راجع الأسانيد و الطرق، و روي في البصائر عنه ما لا يحصي، و مع ذلك لم يذكره ثقة الإسلام في عدّة البرقي، و أدخل فيها جمعا وقع الأصحاب لتمييزهم و توثيقهم، بل مدحهم، في تعب شديد.
السابع: إنّ طريقة الكليني في ذكر هذا الصنف من الأسانيد غالبا أن 2.
ص: 525
يذكر: محمّد بن الحسن بعد عليّ بن محمّد (1) إذا جمع بينهما، أو يقول: علي بن محمّد و غيره (2)، و المراد من الغير: محمّد بن الحسن كما يظهر بالتتبع، و في الندرة يقدم محمد بن الحسن (3) عليه، و هذا ينبئ عن كون عليّ بن محمّد أجلّ شأنا عنده من محمّد بن الحسن، إذ ديدنهم تقديم الجليل في هذه المقامات، خصوصا مع الإكثار، و مثله ما تقدم من مشيخة التهذيب، و قوله في ذكر طريقه إلي سهل: عن محمد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، منهم: علي بن محمّد و غيره، عن سهل بن زياد (4)، و ظاهر للمنصف أنه لو كان هو الصفار لكان هو المتقدم في الذكر.
و أمّا الوجوه التي ذكرها السيد المعظم (5) و هي أربعة، فالوجه الأول و الأخير منها راجعان إلي إمكان اللقاء و الرواية، و عدم البعد بين طبقة الكليني و الصفار، و هذا ينفع في موضع وجد روايته عنه، فنوقش فيها بما يوجب الإرسال، فيرد بإمكان اللقاء كما ذكروا في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة، و رواية جماعة من الرواة عن بعض الأئمة (عليهم السلام).
و أما جعل مجرّد إمكان اللقاء سببا للحكم بروايته عنه فهو خلاف الوجدان، فإن لعدم رواية راو عن آخر أسبابا كثيرة سوي عدم إمكان اللقاء كالبعد بين بلديهما، و عدم مسافرة أحدهما إلي بلد الآخر، أو عدم اطلاعه به، أو كون أحدهما متهما عند الآخر، أو عند الجليل المطاع، و غير ذلك.
و لذا تري الصدوق لا يروي عن الكليني إلّا مع الواسطة مع روايته عن ي.
ص: 526
أبيه الذي توفي في سنة وفاة الكليني، و لا يروي شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد عن الكليني مع بقائه بعده بأزيد من عشرين سنة، و لا يروي الكليني عن موسي بن المتوكل، و لا عن الجليل سعد بن عبد اللّه المتأخر وفاته عن وفاة الصفار بأزيد من عشر سنين، و لا عن الجليل عبد اللّه بن جعفر الحميري مع أنه قدم الكوفة سنة نيف و تسعين و مائتين.
و لا يروي الكشي عن الكليني، و لا هو عنه، و لا يروي الثقة الجليل حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي عن الكليني، و قد روي جميع مصنفات الشيعة و أصولهم، و لا يروي الكليني عن العياشي، و أمثال هؤلاء مما لا يحصي.
و من ذلك يعرف ضعف الوجه الثاني من استبعاد تركه الرواية عن مثل الصفار الجليل، و اعتماده علي الرواية عن محمّد بن الحسن البرناني، و غيره ممن جهل حالهم، فإن الاستبعاد في محلّه لو ثبت لقاه إيّاه، و تمكن من الرواية عنه، و هو غير معلوم بل المظنون عدمه للوجوه المتقدمة، مع أن المجهولية عندنا لا تلازم المجهولية عنده.
و قد مرّ (1) كلام أستاذ السيد المعظم المحقق البغدادي الكاظمي في عدّته و هو قوله: و ما كان الكليني ليتناول عن مجهول، و ناهيك في حسن حالهم كثرة تناول مثل الكليني عنهم (2). إلي آخره، و هو كلام متين.
و أما الوجه الثالث ففيه: أن كون إبراهيم المذكور هو الأحمر لا يعين كون محمّد بن الحسن هو الصفار مع وجود شريك له في الاسم في طبقته، و جواز روايته عنه، و مع الغض فهو ظنّ ضعيف لا يقاوم الوجوه المتقدمة.أ.
ص: 527
و المحقق المؤيد الرازي (1) المعاصر (طاب ثراه) في رسالة توضيح المقال تبع الجماعة، و استظهر كونه هو الصفار، و ذكر ملخص الوجوه الأربعة من غير نسبة إلي صاحبها، و زاد في مقاله ما لفظه: و قد صرّح بالوصف في بعض روايات الكليني عنه بواسطة العطار (2)، انتهي.
و فيه: ان توصيف الكليني محمّد بن الحسن- الذي يروي عنه بواسطة محمد ابن يحيي العطار- بالصفار كيف يكون قرينة علي كون محمّد بن الحسن الذي يروي عنه بلا واسطة هو الصفار، بل توصيف الأول به و عدم توصيف الثاني من الشواهد علي المغايرة، و الموضع المذكور هو باب ما جاء في الاثني عشر، فإنّه (رحمه اللّه) ساق خبرا مسندا عن البرقي، ثم قال: حدثني محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن أبي هاشم، مثله سواء.
قال محمّد بن يحيي: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر (3). إلي آخر ما يأتي في الفائدة الآتية في ترجمة البرقي.
ثم إن في طبقة مشايخ ثقة الإسلام جماعة ممّن شارك الصفار في الاسم يحتمل روايته عنهم:
منهم: محمّد بن الحسن بن علي، أبو عبد اللّه المحاربي، في النجاشي:
جليل من أصحابنا، عظيم القدر، خبير بأمور أصحابنا، عالم ببواطن أنسابهم، له كتاب الرجال، سمعت أصحابنا يصفون هذا الكتاب: أخبرنا محمّد بن جعفر التميمي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد،2.
ص: 528
قال: أملا علينا محمّد بن الحسن بن علي كتاب الرجال (1).
و منهم: محمّد بن الحسن القمّي، و ليس بابن الوليد إلّا أنه نظيره، روي عن جميع شيوخه، روي عن سعد، و الحميري، و الأشعريين (2) محمّد بن احمد بن يحيي و غيرهم، روي عنه التلعكبري، كذا في باب من لم يرو من رجال الشيخ (3).
و منهم: محمّد بن الحسن بن علي، أبو المثني، كوفي، ثقة، عظيم المنزلة في أصحابنا، له كتب منها كتاب التجمل و المروّة، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا محمد بن هارون الكندي، قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن الحسن بكتابه، كذا في رجال النجاشي (4).
و ظاهر أن من يروي عنه النجاشي بواسطتين ممّن يجوز أن يروي عنه ثقة الإسلام.
و منهم: محمّد بن الحسن بن بندار القمّي، الذي ينقل عن كتابه الكشي كثيرا معتمدا عليه (5)، قال الأستاذ الأكبر، و منه يظهر جلالته و الوثوق به، و لكن استظهر كونه القمّي السابق (6)، و عندي فيه تأمّل.
و منهم: محمّد بن الحسن البرناني، الذي يروي عنه الكشي كثيرا و يعتمد عليه (7).7.
ص: 529
و مما ذكرنا يعرف ما في كلام السيد المعظم و هو قوله: و الغير الذي يحتمل ذلك. إلي آخر ما تقدم، فلاحظ و تأمّل.
و أما القسم الثاني: و هي العدد التي لم تبين أشخاصهم:
ففي باب نهي المحرم عن الصيد: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر (1).
و في باب الخمس: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي بن يزيد (2).
و في باب ما لا يجب له الإفطار و التقصير: حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عدّة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة (3).
و في باب أن أول ما خلق اللّه من الأرضين موضع البيت: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد، عن الحسين بن علي بن مروان، عن عدّة من أصحابنا، عن أبي حمزة الثمالي (4).
و في باب التطوع في وقت الفريضة: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن عدّة من أصحابنا أنهم سمعوا أبا جعفر (عليه السلام) يقول (5). الخبر.
و في باب النوادر من كتاب الجنائز: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن 7.
ص: 530
زياد، عن عثمان بن عيسي، عن عدّة من أصحابنا، قال: لما قبض أبو جعفر (عليه السلام) (1). الخبر.
و في باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون علم ما كان و ما يكون:
عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة.
و عدّة من أصحابنا منهم: عبد الأعلي، و أبو عبيدة، و عبد اللّه بن بشير الخثعمي، سمعوا أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول (2). الخبر.
قال السيد المحقق الكاظمي: فلعلّها هي السابقة، و فيه بعد البعد الطويل بين الموضعين، و في موضع لا يحضرني محلّه: عدّة، عن علي بن أسباط (3).
و في باب النهي عن الاسم: عدّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن فضّال (4). إلي آخره.
و في باب في الغيبة: عدّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد.
و فيه أيضا: عدّة من أصحابنا، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح (5).
و في باب أنه ليس شي ء من الحق في أيدي الناس إلّا ما خرج من عند 5.
ص: 531
الأئمة (عليهم السلام): عدّة من أصحابنا، عن الحسين بن الحسن بن يزيد (1).
قال السيد المعظم في رسالة العدّة في هذا المقام: قد وجدت روايته عن العدة عن ابن أبي نجران، كما في باب ما يلزم من يحفر البئر من ديات الكافي، قال: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد. إلي أن قال: ابن أبي نجران، عن مثني الحنّاط، عن زرارة (2).
و المراد عدّة من أصحابنا، عن ابن أبي نجران، كما لا يخفي علي المطلع بعادة ثقة الإسلام (3).
و يمكن أن يقال أنّ الأمر و ان كان كذلك لكن العدة لمّا كانت عين العدة عن سهل لم يفتقر إلي الذكر، انتهي (4).
و فيه أنه علي ما ذكره يكون ابن أبي نجران في طبقة سهل، و ممن يروي عنه ثقة الإسلام بواسطة واحدة، هي عدّة سهل أو غيرها، و لا أظنه (رحمه اللّه) يلتزم بذلك، فان عبد الرحمن بن أبي نجران ممّن يروي عنه أحمد بن محمّد ابن عيسي (5)، و الحسين بن سعيد (6)، و إبراهيم بن هاشم (7)، و أحمد بن محمّد 3.
ص: 532
ابن خالد (1)، و العباس بن معروف (2)، و محمّد بن خالد الطيالسي (3)، و ابن أبي عمير (4)، و علي بن الحسن بن فضال (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (6)، و أمثال هؤلاء.
بل سهل بن زياد كما في باب تفصيل النكاح (7) من التهذيب، و في باب من أحل اللّه نكاحه (8)، فهو معدود من مشايخ سهل لا من أقرانه و إن شاركه في الرواية عن بعض المشايخ كما في المقام.
فإن ثقة الإسلام بعد ما روي عن العدة عن سهل. إلي آخره، في الباب المذكور قال بعده: سهل و ابن أبي نجران جميعا، عن ابن أبي نصر، عن مثني الحناط، عن زرارة. و ساق الخبر، ثم قال: ابن أبي نجران، عن مثني، كما تقدم (9).7.
ص: 533
و لا أدري ما دعي السيد المعظم لإسقاط هذا السند و المتن من البين، و بعد عدم جواز رواية عدّة سهل عنه لا بد أن يكون الخبر بالنسبة إلي هذا السند معلّقا، و يكون قد أخذه من كتابه و اكتفي بذكر طريقه إليه بما ذكره في مواضع عديدة، أو غفل عنه و اللّه العاصم.
قال الفاضل الصالح محمّد بن علي بن الحسن العودي، تلميذ شيخنا الشهيد الثاني في رسالته في أحوال شيخه بعد ذكر سفره معه إلي استنبول: و مراجعته معه إلي سيواس، و مفارقته الشهيد، قال: و خرجنا منها يوم الأحد ثاني شهر رمضان، متوجهين إلي العراق، و هو أول ما فارقناه- يعني الشهيد- من الطريق الاولي، و خرجنا في حال نزول الثلج، و بتنا ليلة الاثنين أيضا علي الثلج، و كانت ليلة عظيمة البرد، و من غريب ما اتفق لي تلك الليلة كأني في حضرة شيخنا الجليل محمّد بن يعقوب الكليني (رحمه اللّه) و هو شيخ بهي جميل الوجه، عليه ابّهة العلم، و نحو نصف لمته بياض، و معي جماعة من أصحابي منهم رفيقي: الشيخ حسين بن عبد الصمد، فطلبنا من الشيخ أبي جعفر الكليني المذكور نسخة الأصل لكتابة الكافي لننسخه، فدخل إلي البيت و أخرج لنا الجزء الأول منه في قالب نصف الورق الشامي، ففتحه فإذا هو بخطّ حسن معرّب مصحح، و رموزه مكتوبة بالذهب، فجعلنا نتعجب من كون نسخة الأصل بهذه الصفة، فسررنا بذلك كثيرا لما كنّا قبل ذلك قد ابتلينا به من رداءة النسخ، فطلب منه بقيّة الأجزاء، فجعل يتألّم من تقصير الناس في نسخها، و رداءة نسخهم، و قال: إنّي لا أعلم أين بقيّة الأجزاء، و كأن ذلك صدر منه علي وجه التألم لتقصير الناس في نسخ الكتاب و تصحيحه، و قال:
اشتغلوا بهذا الجزء إلي أن أجد لكم غيره.
ثم دخل إلي بيته لتحصيل باقي الأجزاء، ثم خرج إلينا و بيده جزء بخط غيره علي قالب الورق الشامي الكامل، و هو ضخم غير جيّد الخطّ، فدفعه إلي
ص: 534
و جعل يشتكي من كتابة كتابه بهذه الصورة و يتألم من ذلك، و كان في المجلس الأخ الصالح الشيخ زين الدين الفقعاني نفعنا اللّه ببركته، فقال: أنا عندي جزء آخر من نسخة الأصل علي الوصف المتقدم، و دفعه إليّ فسررت كثيرا، ثم فتش البيت و أخرج جزء آخر إلي تمام أربعة أجزاء أو أكثر بالوصف المتقدم، فسررنا و خرجنا بالأجزاء إلي الشيخ الجليل المصنف و هو جالس في مكانه الأول.
فلما جلسنا عنده أعدنا فيما بيننا و بينه ذكر نسخ الكتاب، و تقصير الناس فيه، فقلت: يا سيدنا بمدينة دمشق رجل من أصحابنا اسمه زين العابدين الغرابيلي قد نسخ كتابك هذا نسخة في غاية الجودة في ورق جيّد، و جعل الكتاب في مجلّدين كل واحد بقدر كتاب الشرائع، و هذه النسخة فخر علي المخالف و المؤالف، فتهلّل وجه الشيخ (رحمه اللّه) سرورا و أظهر الفرح، و فتح يديه و دعا له بدعاء خفي، لم أحفظ لفضة ثم انتبهت (1).
قال النجاشي في ترجمة ثقة الإسلام: صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمي الكافي في عشرين سنة شرح كتبه: كتاب العقل.
إلي أن قال: كتاب الوصايا، كتاب الفرائض، كتاب الروضة، و له غير كتاب الكافي كتاب الردّ علي القرامطة (2). إلي آخره.
و قال الشيخ في الفهرست: له كتب منها: الكافي، و هو مشتمل علي ثلاثين كتابا، أوّله: كتاب العقل. إلي أن قال: كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الروضة من آخر كتاب الكافي، و له كتاب الرسائل (3). إلي آخره.
ص: 535
و قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء في ترجمته: له الكافي يشتمل علي ثلاثين كتابا منها: العقل، فضل العلم، التوحيد. إلي ان قال: الزي و التجمل، الروضة (1).
هذا و لكن في رياض العلماء في ترجمة العالم الجليل المولي خليل القزويني: و من أغرب أقواله القول بأن الكافي بأجمعه قد شاهده الصاحب (عليه السلام) و استحسنه، و أنه كلّ ما وقع فيه بلفظ: (و روي) فهو مروي عن الصاحب (عليه السلام) بلا واسطة، و انّ جميع أخبارها حقّ واجب العمل بها، حتي أنه ليس فيه خبر للتقية و نحوها، و انّ الروضة ليس من تألف الكليني، بل هو من تأليف ابن إدريس و ان ساعده في الأخير بعض الأصحاب، و ربّما ينسب هذا القول الأخير إلي الشهيد الثاني، و لكن لم يثبت (2)، انتهي.
و لا يخفي ما في الكلام الأخير بعد تصريح هؤلاء الأعلام و اتحاد سياق الروضة و سائر كتب الكافي و عدم وجود ما ينافيه و ما به يصلح نسبته إلي الحلي و نقل الأصحاب عنها قديما و حديثا كنقلهم عن غيرها من كتب الكافي و اللّه العاصم و منه التوفيق.1.
ص: 536
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9 ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
الّذي بعد الكافي أصحّ الكتب و أتقنها علي ما صرّح به أئمّة الفنّ.
قال العلامة الطباطبائي في ترجمة الصدوق في كلام له في توثيقه: مضافا إلي ما ذكر، إجماع الأصحاب علي نقل أقواله، و اعتبار مذاهبه في الإجماع و النزاع، و قبول قوله في التوثيق و التعديل، و التعويل علي كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه، فإنه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار و الاعتبار كالشمس في رابعة النهار، و أحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف و لا توقّف من أحد، حتي أنّ الفاضل المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد حديثه من الصحيح عنده و عند الكلّ (1).
ص: 5
و حكي تلميذه الشيخ الجليل الشيخ عبد اللطيف (1) بن أبي جامع في رجاله: أنه سمع منه مشافهة يقول: ان كلّ رجل يذكره في الصحيح فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل، و من الأصحاب من يذهب إلي ترجيح أحاديث الفقيه علي غيره (2) من الكتب الأربعة نظرا إلي زيادة حفظ الصدوق، و حسن ضبطه، و تثّبته في الرواية، و تأخّر كتابه عن الكافي (3) و ضمانه فيه لصحة ما يورده، و أنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، و إنّما يورد فيه ما يفتي به، و يحكم بصحّته، و يعتقد أنه حجّة بينه و بين ربّه (4).
و بهذا الاعتبار قيل: إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة و الاعتبار، و إنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب، و قد ذكرنا كلام الأستاد الأكبر في التعليقة و الفوائد، و كلام الشيخ الأعظم في رسالة التعادل في الفائدة السابقة (5).
و قد أطال بعضهم الكلام في الفقيه، و ذكروا قرائن ظنّوا أنّها تفيد رجوع الصدوق عمّا ذكره في أوّله، و عدم وفائه بما جعله علي عهدته، و لكنّ المتأمّلة.
ص: 6
المنصف لعلّه لا يستفيد منها إلّا إبطال ما زعم من قطعيّة آحاد أخباره، للشهادة المذكورة في خطبته و غيرها علي منوال ما مرّ في حال أخيه الأكبر الكافي.
و أمّا صيرورتها سببا للوهن في الوثوق بها و الظن بصدورها فهي أوهي حالا و أضعف بإلا من نيل هذا المقام، و رأينا نقلها و ذكر ما قيل أو يقال فيها خروجا عن الغرض من هذه الفائدة، و هي شرح حال المشيخة علي الطريقة المشهورة، مع أن في التأمّل في الفائدة السابقة ما يكتفي به الطالب، لاشتراك الكتابين في جملة من المطالب.
فنقول: قد سلك كلّ من مشايخنا الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (رضوان اللّه تعالي عليهم) في أسانيد كتابه مسلكا ما سلكه الآخر.
فالشيخ ثقة الإسلام جري في الكافي علي طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا، و ترك أوائل الاسناد ندرة اعتمادا علي ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا، و قد يتفق له الترك بدون ذلك أيضا، فإن كان للمبتدء بذكره في السند طريق معهود متكرّر في الكتاب كأحمد بن محمّد بن عيسي، و أحمد بن محمّد بن خالد، و سهل بن زياد، فالظاهر البناء عليه، و إلّا كان الحديث مرسلا، و يسمّي مثله في الاصطلاح: معلّقا.
و أمّا رئيس المحدّثين الصدوق فإنّه بني في الفقيه من أوّل الأمر علي اختصار الأسانيد، و حذف أوائل السند، ثم وضع في آخره مشيخة يعرف بها طريقه إلي من روي عنه، فهي المرجع في اتّصال سنده في أخبار هذا الكتاب، و ربّما أخلّ منها بذكر الطريق إلي بعض فيكون السند باعتباره معلّقا، و سنذكر طريقة شيخ الطائفة في الفائدة الآتية إن شاء اللّه تعالي.
ص: 7
ثم إنّهم أطالوا البحث و الفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة، و مدحهم و قدحهم، و صحّة الطريق من جهتهم، و لقرائن أخري.
و أوّل من دخل في هذا الباب العلّامة في الخلاصة، و تبعه ابن داود، ثم أرباب المجاميع الرجالية.
و شرّاح الفقيه: كالعالم الفاضل المولي مراد التفريشي، و العالم الجليل المجلسي الأول و غيرهم، و نحن نذكر خلاصة ما ذكروه مع الإشارة إلي ما عندي فيها، ثم نتبعه تنبيهات نافعة تتعلّق بالفقيه، و لتكن هذه الفائدة بمنزلة الشرح للفائدة الأولي من خاتمة الوسائل فإنّا نذكر الطرق علي ترتيبه.
فنقول و باللّه المستعان:
فأبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي، عن أبي أيوب، عن أبي علي- صاحب الكلل- عنه (1).
و الطريق ضعيف علي المشهور لمكان أبي عليّ، فإنه مجهول.
و أمّا الباقون فمن أجلاء الثقات، و يمكن تصحيح الطريق من وجوه:
أ- رواية ابن أبي عمير عن أبي علي- صاحب الكلل- كما في الكافي في باب حقّ المؤمن علي أخيه (2)، و هي من أمارات الوثاقة كما صرّح به الشيخ (3)، و عليه المحققون.
ص: 8
ب- إنّ في السند صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع الذين يحكم بصحّة رواياتهم علي المشهور، و سنوضحه ان شاء اللّه تعالي.
ج- ما أشار إليه المحقق الكاظمي في عدّته: من أنّ ما روي في الفقيه إنّما كان من أصل أبان لا من كتاب التفسير، و لا من كتاب الفضائل (1) لعدم المناسبة، و الأصول- و لا سيّما أصل مثله في أيام الصدوق- كانت مشهورة، فلا يضرّ توسط ما جهل (2).
د- ما أشار فيها أيضا من أنّ بعض المحققين قال: أظنّ أنّ أبا علي هذا هو عبد الرحمن بن الحجّاج لكثرة روايته عن أبان، لكن عبد الرحمن يدعي:
بياع السابري (3)، انتهي، و فيه بعد.
ه- ما في جامع الرواة: من أنّ الظاهر أنّ أبا علي هذا هو بعينه أبو علي صاحب الأنماط الكوفي المذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (4)، الذي يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في آخر باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيارات (5)، و في الكافي في باب ورود تبّع في كتاب الحج (6) (7).
و هذا و إن كان يرجع إلي أوّل الوجوه إلّا أنّ في ذكره الشيخ في رجال الصادق (عليه السّلام) تأكيد للوثاقة لما سنبيّنه ان شاء اللّه من أنّه من أمارات5.
ص: 9
الوثاقة.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد و أيوب بن نوح و إبراهيم بن هاشم و محمّد بن عبد الجبار كلّهم، عن محمّد بن أبي عمير و صفوان بن يحيي، عن أبان بن عثمان الأحمر (1).
و السند في أعلي درجة الصحة.
و أمّا أبان فهو من أصحاب الإجماع، و يأتي بعض الكلام فيه و في إبراهيم (2).
أبوه علي بن بابويه، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، و يكنّي أبا إسماعيل (3).
و هذا السند أيضا صحيح بالاتفاق.
و أمّا إبراهيم فيروي عنه ابن أبي عمير الذي لا يروي إلّا عن ثقة.
و الحسن بن محبوب، كما في الفقيه في باب المضاربة (1)، و باب الهدية (2)، و في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (3)، و في الكافي في باب أصول الكفر و أركانه (4)، و هو من أصحاب الإجماع، و هم أيضا لا يروون إلّا عن الثقة كما هو الحقّ عندنا وفاقا للعلامة الطباطبائي في ترجمة زيد النرسي (5)، و قد مرّ- في شرح حال أصل زيد (6) - كلامه، و سنوضحه إن شاء اللّه تعالي في مقام ذكر هؤلاء العصابة.
و يروي عنه أبان بن عثمان، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (7)، و هو أيضا من أصحاب الإجماع.
و يروي عنه صفوان بن يحيي، كما في الكافي في باب القول علي العقيقة (8)، و هو شريك الجماعة، و ممّن نصّ عليهم أنّهم لا يروون إلّا عن ثقة.
و يروي عنه إبراهيم بن مهزم في الكافي في كتاب العقيقة (9)، و هو من أجلّاء الثقات.
و أبو أيّوب في الكافي في باب دعوات موجزات (10)، و هو كسابقه، و بعد رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل فيه.2.
ص: 11
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود.
و أبوه علي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عنه.
و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (1).
و الطريق الأول: حسن بإبراهيم علي المشهور، صحيح عند المحققين كما سيأتي (2) في الطريق إليه.
و أمّا الثاني: فضعيف علي المشهور، لمكان الحسن بن أحمد المجهولين (3)، و الظاهر كما قيل: انه نسب الي جدّه مالك بن الأحوص الأشعري القميّ، و قد ذكره الشيخ في أصحاب العسكري (عليه السّلام) (4) و فيه مدح، مضافا إلي رواية مثل علي بن بابويه الجليل عنه، فالسند قوي وفاقا للتقي المجلسي (5).
و الثالث: صحيح بالاتفاق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عنه (6).
و كلّهم ثقات و أجلّاء من الإماميّة سوي ابن فضال، و لذا عدّ السند في المشهور من الموثق، و لكنّه من أصحاب الإجماع، و ممن أمر العسكري (عليه
ص: 12
السلام) بأخذ رواياتهم (1)، و قد أخبر محمّد بن عبد اللّه بن زرارة برجوعه عن الفطحية (2)، فدرج السند في سلك الصحاح أولي كما صرّح به في العدّة (3).
و أمّا إبراهيم فهو بعينه إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيي أبو إسحاق المدني مولي الأسلميين، من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السلام) له كتاب مبوّب في الحلال و الحرام عن الصادق (عليه السّلام) و كان خاصّا به خصيصا بحديثنا (4) يروي عنه: حماد كما في التهذيب في كتاب المكاسب (5)، و صرّح به في التعليقة (6)، و هو من أصحاب الإجماع، و من الثقات الأجلّاء.
و عاصم بن حميد كما في الكافي في باب صدقات النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (7) و باب ما أحل له (صلّي اللّه عليه و آله) من النساء (8).
و الجليل: عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم كما فيه في باب آلات الدواب (9)، و في التهذيب في باب ارتباط الخيل (10).
و ظريف بن ناصح كما في الفقيه (11).ة.
ص: 13
و ذكره الشيخ في رجال الصادق (عليه السّلام) (1) و مرّ و يأتي أنّه من الشواهد علي كونه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.
و قال أيضا في حقّه: أسند عنه (2)، و جميع ذلك يورث الظنّ القويّ بكونه من ثقاتنا.
محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
و الظاهر أنّ المراد بمحمّد بن علي هو الصيرفي الذي يكنّي أبا سمينة، و قالوا فيه: إنّه من الغلاة الكذّابين، و بعد أن اشتهر بالكذب في الكوفة انتقل إلي قم، و نزل علي أحمد بن محمّد بن عيسي، ثم اشتهر بالغلوّ فأخرجه أحمد من قم (4)، و له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد (5).
فالسند ضعيف و إن بنينا علي وثاقة محمّد بن سنان كما هو الحقّ، الّا أنّ في شرح المشيخة: و روي الأصحاب كتبه، إلّا ما كان فيه غلوّ، أو كان منفردا به، و كتبه كثيرة، و الظاهر أنّ مساهلتهم في النقل عن أمثاله لكونهم من مشايخ الإجازة، و الأمر فيه سهل، لأن الكتاب إذا كان مشتهرا متواترا عن صاحبه يكفي في النقل عنه، و كان ذكر السند لمجرّد التيمن و التبرك، مع أن الغلوّ الذي
ص: 14
ينسبونه إليهم لا نعرف أنّه كان الاخبار عاليا دقيقا أو كان موافقا للواقع، لأنا نراهم يذكرون: أنّ أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) مع أن أكثر الأصحاب رووا أحاديثهم، و ما رأينا من أخبار أمثاله خبرا دالا علي الغلو، و اللّه تعالي يعلم (1)، انتهي.
و يؤيد ما ذكره أنّ الصدوق مع قرب عهده به و وقوفه علي حاله، و ما صنع به شيخ الأشعريّين أحمد اعتمد عليه في جملة من طرقه سوي إبراهيم المذكور.
فمنها: طريقه إلي الحسن بن علي بن أبي حمزة (2)، و طريقه إلي محمّد بن سنان (3)، و إلي علي بن محمّد الحضيني (4)، و إلي وهيب بن حفص (5)، و كذا طريقه إلي أبي الجارود (6)، و طريقه إلي عبد الحميد الأزدي (7) - بناء علي كون محمّد بن علي القرشي الكوفي هو بعينه الصيرفي الهمداني (8)، كما استظهره فيف.
ص: 15
منتهي المقال (1) - و طريقه إلي هارون بن خارجة.
هذا و أما إبراهيم بن سفيان فغير مذكور في الرجال، و لا يوجد له رواية في الكتب الأربعة إلّا ما في الفقيه في باب ما يجوز للمحرم إتيانه: عنه، عن أبي الحسن (عليه السّلام) (2) و روي عن الحسين بن سعيد، عنه، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) في باب ما يجب علي من اختصر شوطا في الحجر (3)، و الأمر سهل.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عنه.
و أبوه أيضا، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه (4).
و السندان حسنان في المشهور.
ص: 16
أمّا الأول: فبسعدان، و أمّا الثاني فبابن هاشم، و الحقّ وثاقتهما.
أمّا الثاني فيأتي (1) عن قريب.
و أمّا الأول فلرواية من لا يروي إلّا عن ثقة عنه، مؤيّدة برواية الأجلّاء الكاشفة عادة عنها.
فروي عنه ابن أبي عمير، في الكافي في باب أن الأرض لا تخلو من حجه (2)، و صفوان بن يحيي، كما صرح به الشيخ في الفهرست (3)، و يونس ابن عبد الرحمن في الكافي، في باب البيان و التعريف (4)، و فضالة بن أيوب، في باب النوادر من كتاب الجنائز (5)، و الحسن بن محبوب، في الفقيه، في باب أحكام المماليك و الإماء من كتاب النكاح (6)، و الحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في زيارة الأربعين (7).
و هؤلاء الستة من أصحاب الإجماع، و فيهم ابن أبي عمير، و صفوان.
و يروي عنه العباس بن معروف كما في مشيخة الفقيه (8) في طريقه إليه، و أحمد بن إسحاق كذلك (9)، و عبد اللّه بن الصلت القمّي (10).
و شيخ القميين محمّد بن علي بن محبوب كما في التهذيب في باب6.
ص: 17
الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات (1).
و الحسن بن علي بن يوسف- المعروف بابن بقاح- فيه في باب اختيار الأزواج (2).
و أحمد بن محمّد [عن محمّد] (3) بن خالد فيه في باب الزيادات من الزكاة.
و الحسين بن هاشم في الكافي في باب إلطاف المؤمن (4)، و هو من الثقات، و إن رمي بالوقف.
و علي بن الحكم فيه في باب فضل فقراء المسلمين (5)، و محمّد بن خالد (6)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (7)، و علي بن أسباط (8) و غيرهم.
و صرّح الشيخ في الفهرست أنّ له أصلا (9)، و قد قال المفيد في رسالة العدد: و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة يكون تسعة6.
ص: 18
و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر- و عدّ إلي العسكري (عليهم السّلام)- و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة و المصنفات المشهورة (1)، انتهي.
و أمّا إبراهيم بن عبد الحميد، فهو الأسدي الكوفي الأنماطي، أخو محمّد ابن عبد اللّه بن زرارة (2) لأمّه، الثقة، لتصريح الشيخ في الفهرست (3)، و رواية الأجلاء عنه مثل: النضر بن سويد (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و يعقوب بن يزيد (6)، و جعفر بن محمّد بن سماعة (7)، و عبد اللّه بن محمّد النهيكي (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و علي بن أسباط (10). و غيرهم، و رميه بالوقف غير مضرّ، مع أنه ضعيف من أصله، مضافا إلي كونه من أرباب الأصول الذين عرفت مقامهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 19
يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني (1).
و كلّهم من أجلّاء الثقات، و فيهم حمّاد، و هو من أصحاب الإجماع، و منه يظهر حال إبراهيم.
و يروي عنه أيضا ابن أبي عمير كما في الكافي في باب يوم الفطر (2).
و من الأجلّاء: شيخ القميّين محمّد بن علي بن محبوب (3)، و سيف بن عميرة (4)، و علي بن الحكم (5)، و أبان (6)، و الظاهر أنه ابن عثمان، و هو من أصحاب الإجماع.
و قال النجاشي: شيخ من أصحابنا، ثقة، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) ذكر ذلك أبو العباس و غيره (7).
و قال الشيخ في [أصحاب الباقر عليه السّلام]: له أصول رواها عنه حماد ابن عيسي (8).
و قد عرفت مقام أرباب الأصول عندهم، فقول ابن الغضائري: - إنّه يكنّي أبا إسحاق، ضعيف جدا- لا يصغي اليه، و لذا قال العلّامة في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي و ابن الغضائري: و الأرجح عندي قبول روايته و إن حصل بعض الشك في الطعن فيه (9).5.
ص: 20
قال التقي المجلسي: بل لا يحصل الشكّ لأن أصوله معتمد الأصحاب بشهادة الصدوق و المفيد و وثقه الثقتان، و الجارح مجهول الحال، و لو لم يكن كذلك لكان عليه أن يقدّم الجرح، كما ذكره العلّامة في كتبه الأصولية (1).
أبوه، عن عبد اللّه بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصفهاني.
و عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن علويّة الأصفهاني، عنه (2).
و الظاهر اتحاد الأحمدين، و الاشتباه في السند الأول لما في النجاشي (3).
[و] عبد اللّه بن الحسن المؤدّب روي عن أحمد بن علويّة كتب الثقفي، روي عنه علي بن الحسين بن بابويه (4).
و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) من رجال الشيخ: أحمد بن علوية الأصفهاني المعروف بابن الأسود، روي عن إبراهيم بن محمّد الثقفي كتبه كلّها (5)، مع أنه ليس للأول (6) ذكر في كتب الأصحاب، ثم انّهم لم يوثقوا أحمد ابن علويّة صريحا، إلّا أنّهم مدحوه بما يقرب من التوثيق، و لا أقل من معناه الأعمّ.
ففي النجاشي: أنّ له كتاب الاعتقاد في الأدعية (7)، و ذكر طريقه إليه.
ص: 21
و في من لم يروعنهم (عليهم السّلام): روي عنه الحسين بن محمّد بن عامر، و له دعاء الاعتقاد و تصنيفه (1).
و الحسين هو الأشعري الثقة، و يروي عنه ابن الوليد (2) الجليل المعروف حاله في شدّة التحرز عن الرواية عن غير الثقة.
و قال ابن شهرآشوب في المعالم في ذكر الطبقة الأولي من شعراء أهل البيت (عليهم السّلام): و هم المجاهرون: الشيخ أحمد بن علويّة الأصفهاني (3).
و في إيضاح العلامة: أحمد بن علويّة الأصبهاني- بفتح العين المهملة، و فتح اللام، و كسر الواو، و تشديد الياء المنقطة تحتها نقطتين- له كتاب الاعتقاد في الأدعية، و له النونيّة المسمّاة بالألفية و المحبرة (4)، و هي ثمانمائة و نيّف و ثلاثون بيتا، و قد عرضت علي أبي حاتم السجستاني، فقال: يا أهل البصرة غلبكم و اللّه شاعر أصبهان في هذه القصيدة في أحكامها و كثرة فوائدها (5).
و ذكره ابن داود في القسم الأول من كتابه، و قال: أحمد بن علويّة الأصبهاني الرحّال- بالحاء المهملة- و التضعيف في من لم يرو عنهم (عليهم السلام) في الكشي (6)، سمّي الرحّال لأنه رحل خمسين رحلة من حج إليظ.
ص: 22
غزو (1).
و نقله عنه المحقق الكاظمي في عدّته (2)، و لم يتعرض لما فيه من الاشتباه، فان الرحّال من ألقاب محمّد بن أحمد الراوي عنه دونه.
ففي النجاشي: أحمد بن علويّة الأصبهاني، أخبرنا ابن نوح، قال:
حدّثنا محمّد بن علي بن أحمد بن هشام أبو جعفر القمي، قال: حدثنا محمّد ابن أحمد بن [محمّد بن] (3) بشر البطال بن بشير الرحّال، قال: و سمّي الرحّال لأنّه رحل خمسين رحلة من حجّ إلي غزو، و قال: حدثنا أحمد بن علويّة بكتاب الاعتقاد في الأدعية (4).
و فيه اشتباه آخر من نسبة ذلك إلي الكشي دون النجاشي، و ليس له ذكر في الكشي (5).
و أمّا عبد اللّه بن الحسن المؤدّب- أي معلّم علوم الأدبية كالنحو و الصرف و اللغة- فهو من مشايخ إجازة علي بن بابويه كما صرح به النجاشي (6)، و مرّ فيم.
ص: 23
الفائدة السابقة إجمال علوّ مقامهم (1)، مضافا إلي ذكره النجاشي في كتابه الذي عرفت حاله، و بناءه فيه في ترجمته.
و أمّا إبراهيم بن محمّد الثقفي- صاحب كتاب الغارات المعروف، الذي اعتمد عليه الأصحاب- فهو من أجلّاء الرواة المؤلّفين كما يظهر من ترجمته، و يروي عنه الأجلّاء كالصفّار (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (4).
و في أنساب السمعاني بعد الترجمة: قدم أصبهان و أقام بها، و كان يغلو في الرفض، و له مصنفات في التشيّع، روي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، و إسماعيل بن أبان (5).
و قال السيد علي بن طاوس: في الباب الرابع و الأربعين من كتابه الموسوم باليقين- الباب 44- فيما نذكره من تسمية مولانا علي بأمير المؤمنين (عليه السّلام) سمّاه به سيّد المرسلين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) روينا ذلك من كتاب المعرفة تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي من الجزء الأوّل منه، و قد أثني عليه محمّد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست في الرابع (6)، فقال ما هذا لفظه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الأصفهاني، من ثقات العلماء المصنفين (7).9.
ص: 24
قال: إن هذا أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي كان من الكوفة، و مذهبه مذهب الزيدية، ثم رجع إلي اعتقاد الإمامية، و صنّف هذا كتاب المعرفة، فقال له الكوفيون: تتركه و لا تخرجه لأجل ما فيه من كشف الأمور، فقال لهم: أيّ البلاد أبعد من مذهب الشيعة؟ فقالوا: أصفهان، فرحل من الكوفة إليها، و حلف أنّه لا يرويه إلّا بها، فانتقل إلي أصبهان، و رواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه، و كانت وفاته سنة 283 (1)، انتهي.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (2).
و في بعض نسخ الفقيه: أحمد بن علي بن زياد، و لعلّه من زيادة النسّاخ، و أحمد بن زياد هو الذي قال في حقّه الصدوق في كمال الدين بعد نقل خبر عنه:
لم أسمع هذا الحديث إلّا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني [- رضي اللّه عنه- بهمدان] (3) عند منصرفي من حجّ بيت اللّه الحرام، و كان رجلا ثقة ديّنا فاضلا، رحمة اللّه عليه و رضوانه (4).
و قد مرّ، و يأتي (5) نقل الاتفاق علي وثاقة إبراهيم من ابن طاوس.
و أمّا إبراهيم فهو من وكلاء الناحية، و كذا أولاده، و روي الكشي توثيقه و جماعة عن الامام (عليه السّلام) و كان قد حجّ أربعين حجّة (6).
و يروي عنه من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (7)، و علي بن مهزيار كما في
ص: 25
الكافي في باب من يؤاجر أرضا ثم يبيعها (1)، و في التهذيب في باب المزارعة (2)، و يعقوب بن يزيد في التهذيب في باب البينات (3)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي في التهذيب في باب أحكام الطلاق (4)، و أحمد بن أبي عبد اللّه في التهذيب في باب الكفاءة في النكاح (5)، و في الكافي في باب تزويج أم كلثوم (6)، و سهل بن زياد (7)، و محمّد بن عيسي (8)، و عمر بن علي بن عمر (9).
أبوه، عن الحميري- يعني عبد اللّه بن جعفر- عنه (10).
و هما من الأجلّاء، و تستظهر وثاقة إبراهيم من أمور:
أ- قول السيد علي بن طاوس في ربيع الشيعة: إنّه من سفراء الصاحب (عليه السّلام) و الأبواب المعروفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم (11).
ب- ما في الكشي: حدّثني أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي- و كان من القوم أو الفقهاء- و كان مأمونا علي الحديث، قال: حدثني إسحاق بن محمّد البصري، قال: حدثني محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، قال: إنّ أبي لما حضرته
ص: 26
الوفاة دفع إليّ مالا. و أعطاني علامة، و لم يعلم بتلك العلامة إلّا اللّه عزّ و جلّ و قال: من أتاك بهذه العلامة فادفع إليه المال، قال: فخرجت إلي بغداد و نزلت في خان، فلمّا كان في اليوم الثاني إذ جاء شيخ و دقّ الباب، فقلت للغلام: انظر من هذا؟ فقال: شيخ بالباب، فقلت: أدخل، فدخل و جلس و قال: أنا العمري، هات المال الذي عندك، و هو كذا و كذا و معه العلامة، قال: فدفعت إليه المال (1).
ج- رواية الأجلّاء عنه: كعبد اللّه بن جعفر في هذا الطريق (2)، و في الكافي في باب مولد الحسن بن علي (عليه السّلام) (3)، و باب مولد فاطمة الزهراء (عليها السّلام) (4)، و في الفهرست في ترجمة أخيه علي (5)، و سعد بن عبد اللّه كما يأتي في طريق الفقيه إلي علي بن مهزيار (6)، و في الفهرست في ترجمة علي (7)، و في الكافي في البابين المذكورين (8)، و محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في أواخر باب كيفية الصلاة من أبواب الزيادات (9)، و باب وصيّة الإنسان لعبده (10)، و باب الزيادات في فقه الحج (11)، و أحمد بن محمّد- و الظاهر8.
ص: 27
أنه ابن عيسي- في الكافي في باب مولد الحسين (عليه السّلام) (1).
و محمّد بن عبد الجبّار كما في النجاشي في ترجمته (2)، و محمّد بن أحمد بن يحيي في أواخر باب الذبح (3)، و باب الكفارة عن خطأ المحرم (4)، و باب الإقرار في المرض من التهذيب (5)، و في الاستبصار في باب لبس الخاتم للمحرم (6)، و من روايته عنه يظهر الأمر.
د- فإنه صاحب نوادر الحكمة، و لم يستثنوا روايته، و صرّح الأستاذ الأكبر (7) و غيره بأن فيه إشعار بالوثاقة.
ه- ما في التهذيب في كتاب الوصايا: عن محمّد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: كتبت إليه (عليه السّلام) إنّ مولاك علي بن مهزيار أوصي أن يحجّ عنه من ضيعة صيّر ربعها إلي حجّه (8) في كلّ سنة [إلي] (9) عشرين دينارا، و انه قد انقطع طريق البصرة فتتضاعف المئونة علي الناس، و ليس يكتفون بالعشرين، و كذلك أوصي عدّة من مواليك في حجّتهم؟ فكتب (عليه السّلام): يجعل ثلاث حجج [حجتين] (10) إن شاءه.
ص: 28
اللّه (1). الخبر، و فيه إشعار بأنّه كان وصيّ أخيه علي.
و- إنّ العلّامة حكم بصحّة طريق الصدوق إلي بحر السقّاء، و فيه إبراهيم (2).
محمّد بن الحسن، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن معاوية ابن عمّار، عنه (3).
و كلّهم من الأجلّاء الذين لم يطعن عليهم بشي ء سوي ابن أبان الذي لم يصرّحوا بتوثيقه، الذي يمكن استفادته:
أولا: من كونه من مشايخ الإجازة كما يظهر من النجاشي (4) و غيره، و مرّ (5) وجهها.
و ثانيا: رواية الأجلّة عنه مثل: محمّد بن الحسن بن الوليد هنا (6)، و في ترجمة محمّد بن أورمة (7)، و أبو علي الأشعري في الكافي في باب أخوّة المؤمنين (8)، و علي بن إبراهيم فيه في باب حقّ المؤمن علي أخيه (9)، و محمّد بن الحسن الصفار في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (10)، و غيره، و في غيره.
و ثالثا: ما في ترجمة الحسين بن سعيد (رحمه اللّه): من أنه مات في بيته
ص: 29
بقم (1)، و أوصي له بكتبه مع وجود أولاده، و فيهم أحمد دندان، روي عن جميع شيوخ أبيه سوي حمّاد (2) و في هذه الوصيّة من مثله من الدلالة علي علوّ المقام ما لا يخفي.
و رابعا: ما نصّ عليه جماعة من تصحيح العلامة في المختلف (3) و غيره، و جملة من الأصحاب طرق أحاديث في التهذيب و غيره و هو فيها.
و خامسا: نصّ ابن داود علي وثاقته في ترجمة محمّد بن أورمة، قال: روي عنه الحسين بن الحسن بن أبان و هو ثقة (4).
و ما قيل: - إن المراد ان الحسين روي عن محمّد في أيام كون محمّد ثقة- مستبعد جدا، و لذا قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته بعد حكمه بصحّة الطريق المذكور: إذ ليس فيه إلّا ابن أبان، و قد وثّقه ابن داود صريحا، و تأويل عبارته مجازفة مع أن العلّامة كثيرا ما يصحح حديث ابن الوليد جميع كتب ابن أبان.
و أمّا إبراهيم ففي شرح المشيخة (5) انّه مجهول الحال، لكن يظهر ممّا ذكره المصنف أنه كان كتابه معتمد الأصحاب (6)، انتهي.
قلت: و يمكن استفادة مدحه القريب من الوثاقة بل وثاقته من أمور:
أ- رواية صفوان عنه كما في الكافي في باب أن الرجل يسلم فيحج قبل أن يختتن (7)، و هو لا يروي إلّا عن ثقة.1.
ص: 30
ب- رواية الأجلّاء عنه، و فيهم بعض أصحاب الإجماع- الذين هم عندنا كصفوان- مثل: حمّاد بن عثمان كما في التهذيب في باب المزارعة (1)، و باب فضل المساجد من أبواب الزيادات (2)، و في الكافي في باب الرجل يؤم النساء (3)، و باب قبالة أرض أهل الذمة (4).
و معاوية بن عمار كما عرفت في التهذيب في باب وقت زكاة الفطرة (5).
و علي بن رئاب في الكافي في باب الكلب يصيب الثوب (6)، و باب فيمن أجنب بالليل في شهر رمضان (7)، و في التهذيب في باب تطهير الثياب من النجاسات (8).
و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في باب الطواف (9)، و باب الكفّارة عن خطأ المحرم (10)، و في الفقيه في باب تحريم صيد الحرم (11)، و باب ما جاء في طواف الأغلف (12).
و أبو المغراء حميد بن المثني الثقة الجليل في الكافي في باب الغنم تعطي2.
ص: 31
بالضريبة (1)، و في التهذيب في باب إبطال العول (2)، و باب المزارعة (3).
و الثقة الجليل عيينة- أو عتيبة- بياع القصب في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (4)، و باب الصلاة في السفينة منها (5).
و علي بن أبي حمزة- بناء علي كونه الثمالي الثقة- في [الكافي] (6) في باب فضل الحج و العمرة.
ج- ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجاله (7)، و يأتي إن شاء اللّه كونه من أمارات الوثاقة.
د- ما احتمله الفاضل الشيخ فرج اللّه الحويزاوي في كتاب إيجاز المقال من كونه أخا عبد اللّه بن ميمون القدّاح، قال: و حينئذ فيشمله قول الصادق (عليه السّلام): إنكم من نور اللّه في الأرض (8).
قلت: الصواب الباقر (عليه السّلام) فإنّه أشار بذلك إلي ما رواه الكشي مسندا عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال:
يا ابن ميمون كم أنتم بمكة؟ قلت: نحن أربعة، قال: إنكم نور اللّه (9).
الي آخره. و ردّه السيد في العدّة بأنه يأباه قول ابن حجر: إنّه- يعني إبراهيم-2.
ص: 32
كوفي، فإنّ القدّاح مكّي (1)، قال: مع أنّه إنّما يتم لو أراد عبد اللّه بقوله: نحن أربعة- حين قال له: كم أنتم بمكة-: أربعة بيوت، أمّا لو أراد أربعة أنفس فلا (2).
قلت: في التقريب: إبراهيم بن ميمون كوفي صدوق من السادسة (3)، و قال الذهبي في الميزان: إنّه من أجلّاء الشيعة (4).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري، عنه.
و عن محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه (5).
و قد أطالوا الكلام في ترجمة إبراهيم، و عدّ المشهور حديثه حسنا، و صرح جمع من المحققين بوثاقته و هو الحقّ لأمور:
أ- قول السيد علي بن طاوس في فلاح السائل في حديث نقله عن أمالي الصدوق (6): و رواة الحديث ثقات بالاتفاق (7)، و منهم إبراهيم.
ب- قول ولده الجليل عليّ في أوّل تفسيره: و نحن ذاكرون و مخبرون بما ينتهي إلينا، و رواه مشايخنا و ثقاتنا عن الذين فرض اللّه طاعتهم (8). إلي آخره، و قد أكثر فيه الرواية عن أبيه.
قال السيّد الأجل بحر العلوم في رجاله: و الأصحّ أنه عندي ثقة
ص: 33
صحيح الحديث لوجوه:
الأوّل ما ذكره ولده الثقة الثبت في خطبة تفسيره. و ساقه، و قال: ثم أنه روي معظم كتابه هذا عن أبيه (رضي اللّه عنه) و رواياته كلّها: حدثني أبي، و أخبرني أبي، إلّا النادر اليسير الذي رواه عن غيره، و مع هذا الإكثار لا يبقي الريب في أنه مراد في عموم قوله: مشايخنا و ثقاتنا، فيكون ذلك توثيقا له من ولده الثقة، و عطف الثقات علي المشايخ من باب عطف الأوصاف مع اتّحاد الموصوف و المعني: مشايخنا الثقات، و ليس المراد به: المشايخ غير الثقات، و الثقات غير المشايخ كما لا يخفي علي العارف بأساليب الكلام (1).
ج- رواية أجلّاء المحدّثين المتورّعين عنه:
مثل: سعد بن عبد اللّه (2)، و عبد اللّه بن جعفر (3)، و محمّد بن الحسن الصفار (4)، و محمّد بن علي بن محبوب (5)، و محمّد بن يحيي العطّار (6)، و علي ابن الحسن بن فضّال (7)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (8)، و لم يستثنوه عن رواة كتابه نوادر الحكمة.
و محمّد بن موسي بن المتوكل (9)، و ولده الجليل علي (10)، و الحسن بنة.
ص: 34
متيل (1) - و هو وجه من وجوه أصحابنا- و علي بن بابويه (2)، و محمّد بن الحسن بن الوليد (3)، و أحمد ابن إسحاق (4)، و هؤلاء وجوه الطائفة و عيونهم في هذه الطبقة، كيف يحتمل فيهم الاجتماع علي الرواية و التلقي من غير الثقة؟! و فيهم من كان يتحرّز عن كثير من الثقات لما توهّمه من الطعن الذي لو صدق لم يكن منافيا للوثاقة، مع أنّ أكثرهم من أهل قم، و شدّة انحرافهم عن يونس بن عبد الرحمن أمر معلوم، و إبراهيم كان تلميذ يونس المقتضي للتجنب عنه، و الأخذ عنه مع ذلك ينبئ عن كونه في أعلي درجة الوثاقة، و من ذلك يظهر وجه الأمر الرابع.
د- و هو قولهم في حقّه: و أصحابنا يقولون: إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم (5)، فان النشر كما صرّح به الأستاذ الأكبر لا يتحقق إلّا بالقبول، و إنّ انتشاره عندهم من حيث العمل و الاعتماد لا من حيث النقل (6).
و قال السيّد الأجلّ بحر العلوم في وجه تقريب دلالته علي التوثيق:
تلقي القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول، إلّا أنّ العمدة فيه ملاحظة أحوال القميين، و طريقتهم في الجرح و التعديل، و تضييقهم أمر العدالة، و تسرعهم إلي القدح و الجرح و الهجر و الإخراج بأدني ريبة كما يظهر من استثنائهم كثيرا من رجال نوادر الحكمة، و طعنهم في يونس بن عبد الرحمن مع جلالته و عظم منزلته، و إبعادهم لأحمد بن محمّد بن خالد من قم لروايته عن المجاهيل و اعتماده علي المراسيل، و غير ذلك ممّا يعلم بتتبع الرجال.9.
ص: 35
فلولا أن إبراهيم بن هاشم عندهم بمكان من الثقة و الاعتماد لما سلم من طعنهم و غمزهم بمقتضي العادة، و لم يتمكن من نشر الأحاديث التي لم يعرفوها إلّا من جهته في بلده، و من ثم قال في الرواشح (1): و مدحهم إيّاه بأنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم كلمة جامعة، و كل الصّيد في جوف الفراء (2). انتهي.
و بذلك كلّه يندفع توهّم أن تلك الأحاديث كانت عندهم، و هذه التي نشرها اتفقت الموافقة بينهما، فلا يكون اعتمادا منهم عليه، كما أنّ ظاهر قولهم:
و أصحابنا. إلي آخر الاتفاق، علي أن ذلك مسلّم لديهم و معروف عندهم، فيندفع توهم أنّها شهادة رجل واحد.
ه- حكم العلامة (رحمه اللّه) بصحة طريق الصدوق إلي عامر بن نعيم القمّي، و إلي كردويه الهمداني، و إلي ياسر الخادم (3)، و هو موجود فيها.
و- توثيق جماعة من المتأخرين إياه كالمحقق الأردبيلي في صوم زبدة البيان (4)، و المحقق الداماد في الرواشح (5)، و والد شيخنا البهائي (6)،ه.
ص: 36
و المجلسي في الأربعين (1)، و نقله عن والده عن جماعة و غيرهم.
قال السيد الأجل: و لا يعارضه عدم توثيق الأكثر، لما عرفت من اضطراب كلامهم، و لأن غايته عدم الاطلاع علي السبب المقتضي للتوثيق، فلا يكون حجّة علي المطلع، لتقدم قول المثبت علي النافي، و دعوي حصر الأسباب ممنوع، فان [في] الزوايا خبايا، و كثيرا ما يقف المتأخر علي ما لم يقف عليه المتقدم، و كذا الشأن في المتعاصرين، و لذا قبلنا توثيق كلّ من النجاشي و الشيخ لمن لم يوثقه الآخر و لم يوثقه من تقدم عليهما، نعم يشكل ذلك مع تعيين السبب و خفاء الدلالة، و أكثر الموثّقين هنا لم يستند إلي سبب معيّن فيكون توثيقه معتبرا (2).
ز- دعوي السيد الأجل بحر العلوم اتفاق الأصحاب علي قبول روايته، قال (رحمه اللّه): مع اختلافهم علي حجيّة الحسن، و في الاكتفاء في ثبوت العدالة بحسن الظاهر فلا بد من وجود سبب متّفق علي اعتباره يكون هو المنشأ في قبول الكلّ أو البعض، و ليس إلّا التوثيق، و ذكر (رحمه اللّه) أكثر الوجوه السابقة، و أطال الكلام في نقل كلمات القوم و اختلافهم فيه، و وصف حديثه تارة بالحسن و اخري بالصحة. إلي أن قال: و بالجملة فكلام الجماعة في هذا المقام مضطرب جدّا، لم أجد أحدا منهم استقام علي وصف حديثه بالحسن، و لم يختلف قوله فيه إلّا القليل، و منه يظهر أن دعوي الشهرة في ذلك محل نظر.
و قال في آخر كلامه: و هذه الوجوه التي ذكرناها و إن كان كلّ منها كافيا في إفادة المقصود إلّا أن المجموع مع ما أشرنا إليه من أسباب المدح كنار علي علم (3).5.
ص: 37
أبوه و محمّد بن موسي ابن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عنه (1).
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عنه (2).
أما السند الثاني فصحيح بالاتفاق.
و أمّا الأول فحسن بالسعدآبادي عند بعضهم، و ضعيف عن آخرين لجهالته، و وصفه في شرح المشيخة بالقوي (3)، و لكن الحق ما ذكره السيد المحقق الكاظمي، من أنّه و إن كان مسكوتا عنه، لكن أجلّاء المشايخ اعتمدوه، و رووا عنه، كالكليني في العدة (4)، و الصدوق علي بن الحسين (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و محمّد بن موسي بن المتوكل (7)، و أبي غالب الزراري الثقة (8)، و كان مؤدّبا له، و الصدوق إذا ذكره ترضي عنه. مع أنه شيخ إجازة، و لم يرو إلّا عن أحمد بن محمّد البرقي (9)، انتهي.
و من رواية هؤلاء الأجلّة عنه يمكن استظهار الوثاقة، و قد مرّ في حال
ص: 38
مشايخ الإجازة ما يؤكده، فلاحظ، بل يدل علي وثاقته كثرة رواية الجليل جعفر بن قولويه عنه في كتاب كامل الزيارة، و قد نصّ في أوّله أنه لا يروي فيه إلّا عن الثقات من أصحابنا (1) كما مرّ في ترجمته في الفائدة [الثالثة] (2)، فراجع.
و أمّا أحمد فقد وثقه الشيخ (3) و النجاشي (4) و غيرهما، و لكن طعنوا فيه أنه كان يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل، و لذلك أبعده أحمد بن محمّد بن عيسي عن قم، ثم ذكروا أنه أعاده و اعتذر إليه، و أنه لمّا مات مشي في جنازته حافيا حاسرا.
و قال ابن الغضائري: طعن عليه القمّيّون، و ليس الطعن فيه، إنما الطعن فيمن يروي عنه (5).
و بالجملة فهو من أجلّاء رواتنا، و قد نقل عن جامعه الكبير المسمي بالمحاسن كلّ من تأخر عنه من المصنفين و أرباب الجواميع، بل منه أخذوا عناوين الكتب خصوصا أبو جعفر الصدوق، فان من كتب المحاسن: كتاب ثواب الأعمال، كتاب الأعمال، كتاب العلل، كتاب القرائن، و عليه بني كتاب الخصال، و ان قال في أوله: فإني وجدت مشايخي و أسلا في (رحمة اللّه عليهم) قد صنّفوا في فنون العلم كتبا و غفلوا عن تصنيف كتاب يشتمل علي الاعتداد و الخصال الممدوحة و المذمومة (6). الي آخره.
و قال النجاشي في ترجمة محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري: و لمحمد1.
ص: 39
كتب منها: كتاب الحقوق، كتاب الأوائل، كتاب السماء، كتاب الأرض، كتاب المساحة و البلدان، كتاب إبليس و جنوده، كتاب الاحتجاج، أخبرنا أبو عبد اللّه بن شاذان القزويني، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: قال محمّد بن عبد اللّه بن جعفر: كان السبب في تصنيفي هذه الكتب أنّي تفقدت فهرست كتب المساحة التي صنفها أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، و نسختها، و رؤيتها عمّن رواها عنه، و سقطت هذه الستة الكتب عنّي، فلم أجد لها نسخة، فسألت إخواننا بقم و بغداد و الري فلم أجدها عند أحد منهم، فرجعت إلي الأصول و المصنفات فأخرجتها و ألزمت كلّ حديث منها كتابه و بابه الذي شاكله (1)، انتهي.
و هذه الكتب كلّها داخلة في جملة كتب المحاسن، كما أنّ كتاب رجاله الموجود أيضا منها، و عندنا منه نسخة، و لم يصل إلينا من المحاسن إلّا ثلاثة عشر كتابا منه، و الباقي ذهب فيما ذهب، و لو وجد لوجد فيه علم كثير.
قال (رحمه اللّه) في أول المحاسن كما في السرائر: أما بعد فانّ خير الأمور أصلحها و أحمدها و أنجحها، و أسلمها أقومها، و أنشدها أعمّها خيرا، و أفضلها أدومها نفعا، و إنّ قطب المحاسن الدين، و عماد الدين اليقين و القول الرضي و العمل الزكي، و لم نجد في وثيقة المعقول و حقيقة المحصول عند المناقشة و المباحثة لدي المقايسة و الموازنة خصلة لا تكون أجمع لفضائل الدين و الدنيا، و لا أشدّ تصفية لاقذاء العقل، و لا أقمع لخواطر الجهل، و لا ادعي إلي اقتناء كلّ محمود و نفي كلّ مذموم من العلم بالدين، و كيف لا يكون ذلك كذلك ما من اللّه عزّ و جلّ سببه، و رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) مستودعه و معدنه، و أولوا النهي تراجمته و حملته، و ما ظنّك بشي ء الصدق خلّته، و الذكاء و الفهم9.
ص: 40
آلته، و التوفيق و الحكم مريحته (1)، و اللين و التواضع نتيجته، و هو الشي ء الذي لا يستوحش معه صاحبه إلي شي ء، و لا يأنس العاقل مع نبذه بشي ء، و لا منه يستخلف عوضا يوازيه، و لا يعتاض منه بدلا يدانيه، و لا تحول فضيلته، و لا تزول منفعته، و أنّي لك بكنز باق علي الإنفاق، و لا تقدح فيه يد الزمان، و لا تكلمه غوائل الحدثان، و أقل خصاله الثناء له في العاجل مع الفوز برضوان اللّه في الآجل، و أشرف بما (2) صاحبه علي كل حال مقبول، و قوله و فعله محتمل محمول، و سببه أقرب من الرحم الماسّة، و قوله أصدق و أوفق من التجربة و إدراك الحاسة، و هو نجاة من تسليط التهم و تخاذير الندم، و كفاك من كريم مناقبه و رفيع مراتبه أنّ العالم بما أدّي من صدق قوله شريك لكلّ عامل في فعله طول المسند، و هو به ناظر ناطق صامت غائب حيّ ميت و رادع نصب (3)، انتهي.
و كفي في جلالة قدره أن عقد له ثقة الإسلام في الكافي (4) عدّة منفردة، و أكثر من الرواية عنه، و عدّ في أوّل الفقيه كتاب المحاسن (5).
و روي عنه أجلّاء المشايخ في هذه الطبقة:
مثل: محمّد بن الحسن الصفار (6)، و محمّد بن يحيي العطار (7)، و سعد بن9.
ص: 41
عبد اللّه (1)، و محمّد بن علي بن محبوب (2)، و الحسن بن متيل الدقاق (3)، و علي بن إبراهيم بن هاشم (4)، و أبوه إبراهيم (5)، و أحمد بن إدريس الأشعري (6)، و محمّد ابن الحسن بن الوليد (7)، و محمّد بن جعفر بن بطة (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و علي بن الحسين السعدآبادي (10)، و محمّد بن عيسي (11)، و محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه- أو عبيد اللّه- بن عمران الجنابي البرقي (12) صهره علي ابنته، و غير هم.
نعم في الكافي في كتاب الحجّة في باب ما جاء في الاثني عشر و النص عليهم- خبر صار سبب الحيرة- صورته: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام). و ذكر أن الخضر (عليه السّلام) حضر عند أمير المؤمنين (عليه السّلام) و شهد بإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام) واحدا بعد واحد، يسمّيهم بأسمائهم حتي انتهي إلي الخلف الحجّة (صلوات اللّه عليه) (13).1.
ص: 42
ثم قال الكليني (رحمه اللّه): و حدثني محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن أبي هاشم مثله سواء. قال محمّد بن يحيي: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد اللّه، قال: فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين (1). انتهي.
و ظاهره يوهم أنّ أحمد صار متحيّرا في أمر الإمامة، أو خصوص إمامة الخلف (عليه السّلام) و هذا طعن عظيم، و أجاب عنه نقّاد الأحاديث بوجوه:
أ- ما في شرح المولي الخليل القزويني، في شرحه: من أن هذا الكلام من محمّد بن يحيي وقع بعد إبعاده من قم، و قبل إعادته هو زمان حيرة أحمد بن محمّد بن خالد- بزعم جمع- أو زمان تردّده في مواضع خارجة من قم متحيّرا، و ذلك لأنه كان حينئذ متّهما بما قذف به، و لم يظهر بعد كذب ذلك القذف (2).
ب- ما احتمله بعضهم من أن المراد تحيّره بالخرافة لكبر سنّه، و لا يخفي بعده.
ج- ما أشار إليه المولي محمّد صالح في شرحه (3)، و فصّله السيد السند المحقق السيد صدر الدين العاملي فيما علّقه علي رجال أبي علي، فقال- بعد نقل كلام التقي المجلسي في حواشيه علي النقد (4)، و كلام بعضهم في حواشيه علي رجال ابن داود، من فهمهما تحيّر أحمد من الخبر- ما لفظه: من الجائزا.
ص: 43
أن لا يكون الأمر علي ما فهمه المحشيان، بل يكون محمّد بن يحيي إنّما عني أن يكون هذا الخبر بسند ثان و ثالث، بحيث يبلغ حدّ التواتر و الاستفاضة، ليرغم به أنف المنكرين، لا أنه تمنّي أن يكون من جاء به غير البرقي، ليكون قدحا فيه في البرقي، بل هو المتعين بعد الوقوف علي توثيق البرقي، و انتفاء القدح فيه بعد تدقيق النظر في عبارات القوم.
و أمّا قوله: قبل الحيرة، فلم يرد منه أن أحمد بن أبي عبد اللّه قد تحيّر، حاشاه و حاشا محمّد بن يحيي أن يقذفه بذلك، و إنّما المراد بالحيرة زمن الغيبة، و هي السنة التي مات فيها العسكري (عليه السّلام) و تحيّرت الشيعة، و من طالع الكتب التي صنّفت في الغيبة، علم أن إطلاق لفظ الحيرة علي مثل ما قلناه شائع في كلامهم.
و بالجملة فقد أحبّ محمّد بن يحيي أن يكون هذا الخبر قد ورد من طرق متعددة، لأن الإمامة من الأصول، و ليست كالفروع، فأجابه محمّد بن الحسن بما معناه: أن الرواية قد تضمّنت ذكر الغيبة، و قد حدثت بها قبل وقوعها، فأغني ظهور الإعجاز- و هو الإعلام بما لم يقع قبل أن يقع- عن الاستفاضة (1)، انتهي.
قلت: و علي ما حقّقه و هو الحقّ، من أن المراد من الحيرة في ألسنة الرواة أيام الغيبة، و مبدؤها سنة وفاة العسكري (عليه السّلام) فالظاهر أن غرض محمّد بن يحيي من قوله: وددت. الي آخره، أنّ راوي هذا الخبر يكون من الذين لم يدركوا أيام الحيرة، ليكون إخباره بما لم يقع قبل وقوعه خالصا عن التوهم و الريبة. و أتمّ في الدلالة علي المقصود و ظهور الإعجاز.
قال الصدوق في كمال الدين في جملة كلام له: و ذلك أن الأئمة (عليهما.
ص: 44
السلام) أخبروا بغيبته- يعني صاحب الأمر (صلوات اللّه عليه)- و وصفوا كونها لشيعتهم، فيما نقل عنهم في الكتب المؤلّفة، من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة، فليس احد من أتباع الأئمة (عليهم السّلام) إلّا و قد ذكر ذلك في كثير من كتبه و رواياته، و دوّنه في مصنفاته، و في الكتب التي تعرف بالأصول، مدوّنة مستحفظة عند شيعة آل محمّد (عليهم السّلام) من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنن (1)، انتهي.
فأحبّ محمّد بن يحيي أن يكون الراوي منهم، لا من مثل أحمد الذي أدرك أيام الحيرة، فإنه عاش بعد وفاة العسكري (عليه السّلام) أربعة عشر سنة، و قيل: عشرين، و توفّي سنة أربع و سبعين و مائتين (2)، لا أنّ غرضه الاستكثار من السند، فإن العبارة لا تفيده، بل الجواب لا يلائمه إلّا بتكلّف، و اللّه العاصم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن بن زياد، عنه (3).
السند في أعلي درجة الصحة، و محمّد بن الحسن بن زياد هو الميثمي الذي قالوا فيه: ثقة عين (4).
و أمّا أحمد فهو ابن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار أبو عبد اللّه مولي بني أسد، قال النجاشي: قال أبو عمرو الكشي: كان واقفا، و ذكر هذا عن حمدويه، عن الحسن بن موسي الخشاب قال: أحمد بن الحسن
ص: 45
واقف، و قد روي عن الرضا (عليه السّلام) و هو علي كلّ حال ثقة، صحيح الحديث، معتمد عليه (1). الي آخره، و ظاهره توقّفه في نسبة الوقف إليه.
و في الفهرست: كوفيّ، صحيح الحديث، سليم، روي عن الرضا (عليه السّلام) (2).
و قال السروي في المعالم: أحمد بن الحسن. الي آخره، روي عن الرضا (عليه السّلام) (3)، و فيهما إشارة، بل دلالة صريحة في عدم صحّة النسبة لروايته عنه (عليه السّلام) المنافية لطريقة الواقفيّة، و علي كلّ حال فروايته صحيحة بشهادة المشايخ.
و قد روي عنه يعقوب بن يزيد (4)، بلا واسطة محمّد بن الحسن، و عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك (5)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (6)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي (7)، و إبراهيم بن هاشم (8)، و غيرهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عنه (9).
و هؤلاء كلّهم من أجلّاء الثقات عند الأصحاب، سوي الحسن، فلم ينصّ أحد علي توثيقه، و لكن مدحوه بما استفاد منه المحققون الوثاقة، فنقول:
ص: 46
يدل عليها أمور:
أ- رواية ابن أبي عمير عنه، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (1).
ب- رواية الأجلّاء عنه، مثل: يعقوب بن يزيد (2)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و إبراهيم بن هاشم (5)، و أيوب بن نوح (6)، و أحمد بن محمّد بن خالد (7)، و محمّد بن عيسي (8)، و عبد اللّه بن الصلت (9)، و محمّد بن يحيي الخزّاز (10)، و علي بن الحسن بن فضال (11).
ج- قول النجاشي في حقّه: و كان من وجوه هذه الطائفة (12)، فإنّه ممّا يفهم منه فوق الوثاقة.
قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته، في ذكر جملة ما يفهم منه التوثيق: و كذا قولهم: عين من عيون هذه الطائفة، و وجه من وجوهها، و ما كان ليكون عينا للطائفة تنظر بها، بل شخصها و إنسانها، فإنه معني العين عرفا، و وجهها الذي به نتوجّه، و لا تقع الأنظار إلّا عليه، و لا تعرف إلّا به،0.
ص: 47
فإن ذلك هو معني الوجه في العرف، ألا و هو بالمكانة العليا، و ليس الغرض من جهة الدنيا قطعا، فيكون من جهة المذهب (1).
في شرح المشيخة: و الظاهر أن قولهم: وجه، توثيق لأن دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان لا ينقلون إلّا عمّن كان في غاية الثقة، و لم يكن يومئذ مال و لا جاه، حتي يتوجّهوا إليهم له بخلاف اليوم (2).
و ردّه في العدة بأنّه (رحمه اللّه) جعل الوجه بمعني ما يتوجه إليه، و إضافته إلي الطائفة لأدني ملابسة، أي ما تتوجّه إليه الطائفة، و هو كما تري خلاف ما يعقله الناس، إنّما يعقلون ما ذكرناه (3)، انتهي.
و قال الجليل الشيخ حسين- والد الشيخ البهائي- في رسالة وصول الأخيار: أمّا نحو شيخ الطائفة، و عمدتها، و وجهها، و رئيسها، و نحو ذلك، فقد استعمله أصحابنا فيمن يستغني عن التوثيق لشهرته، إيماء إلي أن التوثيق دون مرتبته (4)، انتهي.
و ظاهره مسلّمية كونه من ألفاظ التوثيق.
د- قول النجاشي في حقّه أيضا: و كان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة- بعد ما نقل قصّة أحمد بن محمّد بن عيسي معه- و قول الحسن في آخرها: لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ، كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمّد (عليهما السلام) (5) و قد مرّت في أوائل الفائدة الثالثة، و وجه الدلالة كسابقه1.
ص: 48
كما عرفت من السيد.
و قال التقي المجلسي في شرح المشيخة: عين، توثيق، لأن الظاهر استعارته من الميزان باعتبار صدقه، كما كان الصادق (عليه السّلام) يسمّي أبا الصباح: بالميزان، لصدقه (1).
قال في العدّة: فرق بين الميزان و العين، و كأنّه لم يراع العرف، و الوجه ما ذكرناه (2). الي آخره، و الظاهر ما ذكره من كونه استعارة من العين بمعني الباصرة، خصوصا إذ اقترن مع الوجه.
ه- كونه من مشايخ الإجازة، كما صرّح به في التعليقة (3)، و كذا العلامة الطباطبائي في شرحه للوافي (4)، الذي جمعه تلميذه السيد صاحب مفتاح الكرامة، و قد أشرنا سابقا إلي وجه الاستفادة.
و- حكم العلامة بصحة طرق هو فيها، منها الطريق المذكور، و منها طريق الصدوق إلي أبي الحسن النهدي (5)، و في كتاب التدبير من المسالك عند ذكر رواية عنه: أن الأصحاب ذكروها في الصحاح (6).
ثم إنّ الحسن هذا من الذين وقفوا علي الكاظم (عليه السّلام) ثم رجعوا، و أشار إلي ذلك في التعليقة (7)، و أطال الكلام في منتهي المقال (8) بما3.
ص: 49
لا طائل تحته.
و القول الفصل في هذا المقال ما ذكره شيخ الطائفة في كتاب الغيبة، بعد إبطال قول الواقفة: و يبطل ذلك أيضا ما ظهر من المعجزات علي يد الرضا (عليه السّلام) الدالة علي صحّة إمامته، و هي مذكورة في الكتب، و لأجلها رجع جماعة من القول بالوقف، مثل: عبد الرحمن بن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و يونس بن يعقوب، و جميل بن درّاج، و حماد بن عيسي، و غيرهم، و هؤلاء من أصحاب أبيه الذين شكّوا فيه (عليه السّلام) (1) ثم رجعوا، و كذلك من كان في عصره، مثل: أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و الحسن بن علي الوشاء، و غيرهم ممّن قال بالوقف، ثم التزموا الحجّة، و قالوا بإمامته و إمامة من بعده من ولده، فروي جعفر بن محمّد بن مالك. و ذكر كيفية رجوع البزنطي. إلي أن قال: و كذلك الحسن بن علي الوشاء، و كان يقول بالوقف فرجع، و كان سببه. و ساق الخبر (2).
هذا و في الفقيه: و روي عن الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي و أنا غلام، فتعشّينا عند الرضا (عليه السّلام) ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة، فقال (عليه السّلام) له: ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم، و ولد فيها عيسي بن مريم، و فيها دحيت الأرض من تحت الكعبة، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهرا (3)، و يظهر منه و ممّا مرّ أن الوقف منه كان عثرة في أوان شبابه انجبرت فيه.
و أمّا أحمد بن عائذ، فقد وثّقه النجاشي (4)، و روي عنه الحسن بن علي6.
ص: 50
ابن فضّال في التهذيب في باب أحكام الطلاق (1)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في التهذيب في باب أحكام الجماعة (2)، و هما من أصحاب الإجماع، و الأخير ممّن لا يروي إلّا عن الثقة علي المشهور.
أبوه و محمّد ابن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه.
و أبوه و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (3).
و رجال السندين من أجلّاء الثقات، ليس فيهما من يتأمّل فيه، سوي ماجيلويه الذي لم ينصّ أحد علي توثيقه، و لكن العلامة صحّح طريق الصدوق إلي إسماعيل بن رباح (4)، و هو فيه، و عدّوه من مشايخ الإجازة، و أكثر الصدوق من الترحّم عليه و الترضي عنه، مهما (5) أسند الحديث إليه (6)، فلا مجال للتأمّل فيه.
محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عنه (7).
و أحمد هذا هو ابن عقدة الزيدي، المشهور بالجلالة و الوثاقة و الحفظ، حتي قال الشيخ الطوسي: سمعت جماعة يحكون عنه أنّه قال: أحفظ مائة
ص: 51
و عشرين ألف حديثا بأسانيدها، و اذاكر بثلاثمائة ألف حديث (1).
قال النجاشي: هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، و الحكايات تختلف عنه في الحفظ و عظمه، و كان كوفيّا زيديّا جاروديّا، و علي ذلك مات، و ذكره أصحابنا لاختلاطه بهم، و مداخلته إيّاهم، و عظم محلّه، و ثقته و أمانته (2)، و لغيره من المدح و الإطراء عليه ما يقرب منه.
و عدّ جماعة من جملة كتبه، كتابا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من الثقات، و أشار إليه الشيخ في أول رجاله (3)، و المفيد في إرشاده (4)، و جماعة أخري سنذكر كلماتهم في محلّها إن شاء اللّه.
و قال ابن شهرآشوب في مناقبه: إن الذين رووا عنه من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل، و إن ابن عقدة ذكرهم في كتابه (5)، انتهي.
و اعتمد علي هذا الكتاب- المشتمل علي أربعة آلاف ثقة، و أربعة آلاف حديث، فإنه أخرج فيه لكلّ رجل حديثا- كلّ من تأخر عنه، و قال تلميذه الجليل أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: و هذا الرجل ممّن لا يطعن عليه في الثقة، و لا في العلم بالحديث، و الرجال الناقلين له (6).
و بالجملة: فجلالة قدره و عظمه و جلالة شأن الذين أخذوا عنه و رووا كتبه، كالنعماني (7)، و التلعكبري (8)، و محمّد بن أحمد بن الجنيد (9)، و محمّد بن أحمد بن7،
ص: 52
داود (1)، و عبد اللّه بن محمّد بن أحمد أبي طاهر الموسوي (2)، و ثقة الإسلام الكليني في الكافي (3)، و أحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازي (4)، و أحمد بن الحسين القطان (5)، و عبد اللّه بن أحمد بن جلين أبي بكر الوراق الدوري (6)، و محمّد بن جعفر النحوي (7)، و أبي الحسن التميمي (8)، و جعفر بن محمّد الأديب (9)، و محمّد بن عمر بن يحيي (10)، يغني عن النظر في حال محمّد بن إسحاق (11)، مع أنه من مشايخ الإجازة، و قد أكثر الصدوق من الرواية عنه مترحّما مترضّيا.
و هو الذي روي عنه في العلل حديثا ذكر فيه: أنه كان عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، فسأل الحسين بن روح رجل: كيف سلّط اللّه علي الحسين (عليه السّلام) قاتله و هو عدوّ اللّه، و الحسين (عليه السّلام) وليّ اللّه؟. و ساق الحديث، و في آخره: قال محمّد بن إبراهيم [بن] (12) إسحاقظ.
ص: 53
(رضي اللّه عنه): فعدت إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدّس اللّه روحه) من الغد، و أنا أقول في نفسي: أ تراه ذكر ما ذكر لنا بالأمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي: يا محمّد بن إبراهيم، لئن أخّر من السماء فتخطفني الطير، أو تهوي بي الرِّيحُ فِي مَكٰانٍ سَحِيقٍ، أحبّ إليّ [من] أن أقول في دين اللّه تعالي برأيي، و من عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، و مسموع عن الحجة (عليه السّلام) (1).
أبوه و محمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عنه (2).
و هؤلاء الخمسة من عيون الطائفة، و وجوهها، و العثرة المنقولة عن أحمد من كتمان الشهادة (3) كبعض العثرات المنقولة عن غيره من الأعاظم، فقلّ ما سلموا عنها، إلّا أنّهم جبروها بما تقدم عليها و تأخر منهم، ممّا صار سببا لعدم الاعتناء، و إعراض الأصحاب عنها، و عدم عدّهم إيّاها من قوادح علوّ مقامهم فضلا عن الخلل في عدالتهم.
ص: 54
أبوه و محمّد بن الحسن و سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عنه (1).
في شرح المشيخة: هذا المدح يعني قوله: صاحب. إلي آخره، يكفيه مع ذكر المصنّف أن كتابه معتمد الأصحاب (2).
و في العدّة للسيد الكاظمي (رحمه اللّه) بعدّه الممدوح بهذا القول (3).
و ظاهرهما عدم معروفيّة أحمد إلّا بهذا المدح الذي ذكره الصدوق في أول السند و آخره، و هو كذلك، فإنه غير مذكور فيما عثرنا عليه من الكتب في هذا الفنّ، و اعترف به الفاضل المولي مراد في شرح الفقيه، و لكن كان علي هؤلاء التفحّص عن حاله، و كشف المراد عن لفظ الصاحب، فإنه ليس المراد منه هنا مجرّد الصحابة التي بها يدخل في أصحابه (عليه السّلام) المشاركين له فيها، فما الداعي إلي الإشارة إليها في أوّل كلامه و آخره، و اختصاصه بها، بل الذي ظهر لنا أنه كان القيّم علي أموره (عليه السّلام) الكاشف عمّا فوق العدالة.
فروي الثقة الثبت علي بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصية، عن الحميري، عن أحمد بن إسحاق، قال: دخلت علي أبي محمّد (عليه السلام) فقال لي: يا أحمد، ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك و الارتياب؟ قلت: يا سيدي، لما ورد الكتاب بخبر سيدنا و مولده، لم يبق منا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم إلّا قال بالحق، فقال: أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة للّه.3.
ص: 55
ثم أمر أبو محمد (عليه السّلام) والدته بالحج في سنة تسع و خمسين و مائتين، و عرفها ما يناله في سنة ستين، و أحضر الصاحب (عليه السّلام) فأوصي إليه و سلّم الاسم الأعظم و المواريث و السلاح إليه، و خرجت أم أبي محمّد (عليه السّلام) مع الصاحب (عليه السّلام) جميعا إلي مكّة، و كان أحمد ابن محمّد بن مطهر أبو علي المتولّي لما يحتاج إليه الوكيل، فلما بلغوا بعض المنازل من طريق مكة، تلقي الأعراب القوافل، فأخبروهم بشدّة الخوف، و قلّة الماء، فرجع أكثر الناس إلّا من كان في الناحية، فإنّهم نفذوا و سلموا، و روي أنه ورد عليهم الأمر بالنفوذ (1).
و ظاهر أنّ من يجعله (عليه السّلام) قيّما علي أمور أهله، الذين فيهم أمّه و من هو مثله في هذا السفر العظيم الطويل، لا بدّ أن يكون بمكان من الوثاقة و الأمانة و الفطانة.
و من هذا الخبر يتبيّن إجمال ما في الكافي في باب مولد أبي محمّد (عليه السّلام) بإسناده عن أبي علي المطهر، أنه كتب إليه بالقادسية يعلمه انصراف الناس، و أنه يخاف العطش، فكتب (عليه السّلام): امضوا و لا خوف عليكم إن شاء اللّه، فمضوا سالمين و الحمد للّه ربّ العالمين (2).
و فيه: في باب تسمية من رآه (عليه السّلام) عن علي بن محمّد، عن فتح مولي الزراري، قال: سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه رآه و وصف له قدّه (عليه السّلام) (3).
و في الفقيه بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن موسي بن الحسن، عن5.
ص: 56
أبي علي أحمد بن محمّد بن مطهر، قال: كتبت إلي أبي محمّد (عليه السّلام) أنّي دفعت إلي ستّة أنفس مائة دينار و خمسين دينارا ليحجوا بها، فرجعوا و لم يشخص بعضهم، و أتاني بعض، و ذكر أنّه أنفق بعض الدنانير و بقيت بقيّة، و أنّه يردّ عليّ ما بقي، و أني قد رمت مطالبة من لم يأتني؟ فكتب: لا تعرض لمن لم يأتك، و لا تأخذ ممّن أتاك شيئا مما يأتيك به، و الأجر فقد وقع علي اللّه عزّ و جلّ (1).
و أخرج القطب الراوندي في الخرائج، عن أحمد بن مطهّر قال: كتب بعض أصحابنا إلي أبي محمّد (عليه السّلام) من أهل الجبل، يسأله عمّن وقف علي أبي الحسن موسي (عليه السّلام): أتوّلاهم أم أتبرأ منهم؟ فكتب:
أ تترحم علي عمّك لا رحم اللّه عمّك، تبرأ منه، أنا إلي اللّه منهم بري ء، فلا تتولاهم، و لا تعد مرضاهم، و لا تشهد جنائزهم، و لٰا تُصَلِّ عَليٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً، سواء من جحد إماما من اللّه، أو زاد إماما ما ليست إمامته من اللّه، و جحد أو قال: ثالث ثلاثة، إن الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أوّلنا، و الزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا (2). و يأتي بعض ما يتعلّق به في الفائدة العاشرة.
بلعنه، و نسبوه تارة إلي الغلوّ، و اخري إلي ضدّه النصب، و تارة إلي الوقف علي أبي جعفر (عليه السّلام) و مع ذلك نري الأجلّاء الكبار و المشايخ العظام رووا عنه، و عمد المؤلفين أخرجوا أحاديثه في مجاميعهم، و بتوسطهم وصلت إلينا هذه التوقيعات، و بمرأي منهم هذه الذموم و الجروح.
فممّن روي عنه سعد بن عبد اللّه هنا (1)، و في طريقه [الي] أميّة بن عمرو (2)، و في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه (3)، و باب فضل الصلاة من أبواب الزيادات (4).
و عبد اللّه بن جعفر الحميري كما صرّح به في النجاشي (5)، و أبو محمّد عبد اللّه بن العلاء، أو أبي العلاء المذاري الثقة الجليل، الذي في النجاشي:
أنه من وجوه أصحابنا (6) كما صرّح فيه أيضا.
و الجليل محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في باب الأنفال (7).
و موسي بن الحسن بن عامر بن عبد اللّه الأشعري- الذي قالوا فيه: ثقة عين جليل القدر (8) - في التهذيب في باب ما يجب علي المحرم اجتنابه (9)، و في2.
ص: 58
باب الطواف (1)، و في باب ماهيّة زكاة الفطرة، و غيرها (2).
و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة (3)، و باب التيمم (4)، و باب الدعاء بين الركعات (5)، و غيرها.
و محمّد بن يحيي العطار، في الكافي في باب نوادر الطواف (6).
و إبراهيم بن محمّد الهمداني الثقة، وكيل الناحية، في التهذيب في باب البيّنات (7)، و باب الوصية لأهل الضلال (8)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (9).
و الحسن بن علي الزيتوني، و في نسخة: الحسين (10)، و لعلّه سهو.
و أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، الذي يروي عنه البزنطي في الكافي، في باب أن الآيات هم الأئمة (عليهم السّلام) (11) و باب كراهية ردّ الطيب (12).
و علي بن محمّد، من مشايخ الكليني (13).4.
ص: 59
و محمّد بن عيسي العبيدي، في التهذيب في باب الوصية بالثلث (1)، و باب حكم الجنابة (2)، و غيرها.
و علي بن محمّد بن حفص أبو قتادة القمّي الثقة، كما في التهذيب في باب تلقين المحتضر من أبواب الزيادات (3).
و محمّد بن أحمد بن يحيي، في الكافي في باب من لا يجوز له صيام التطوع (4)، و في التهذيب في باب صلاة الغريق (5)، و باب صلاة المضطر من الزيادات (6)، و غير هؤلاء.
و في الكافي في باب مولد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله): محمّد بن يحيي، عن سعد بن عبد اللّه، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال (7).
الي آخره، و لا بدّ من الجمع بين رواية هؤلاء المشايخ عنه، الكاشفة عن الاعتماد عليه في النقل و الرواية، و بين ما ورد فيه من الذّمّ، و ما قالوا فيه بأحد وجوه:
أ- عدم اعتنائهم به، و عدم ثبوته عندهم، و لعلّه الظاهر من النجاشي، ففي رجاله: أحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي، صالح الرواية، يعرف منها و ينكر، و قد روي فيه ذموم عن سيدنا الإمام العسكري (عليه السّلام) و لا أعرف له إلّا كتاب يوم و ليله، و كتاب نوادر، أخبرني بالنوادر: أبو عبد اللّه بن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن يحيي، عن عبد اللّه بن جعفر، عنه، به.8.
ص: 60
و أخبرني: أحمد بن محمّد بن موسي الجنديّ (1) قال: حدثنا ابن همام، قال: حدثنا عبد اللّه بن العلاء المذاري، عنه بكتاب يوم و ليله، قال علي بن همام: ولد أحمد بن هلال سنة ثمانين و مائة، و مات سنة سبع و ستين و مائتين (2)، انتهي.
و المتأمّل في تمام كلامه، يعلم أنّه عنده- كما قال-: صالح الرواية، و عدم ثبوت ضعفه عنده، و عدم دلالة قوله، و ينكر عليه، كما سننبّه عليه إن شاء اللّه تعالي.
و يظهر هذا من الكليني أيضا، فإنه مضافا إلي إكثاره الرواية عنه في الكافي قال في باب الغيبة: الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال قال: حدثنا عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): لا بدّ للغلام من غيبة، قلت: و لم؟ قال: يخاف- و أومئ بيده إلي بطنه- و هو المنتظر، و هو الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، و منهم من يقول: مات أبوه و لم يخلف، و منهم من يقول:
ولد قبل موت أبيه بسنتين، قال زرارة، فقلت: ما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع اللّه بهذا الدعاء:
اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيّك، فإنّك إن لم تعرفني نبيّك لم أعرفه قطّ، اللهم عرفني حجّتك،9.
ص: 61
فإنك إن لم تعرفني حجّتك ضللت عن ديني.
قال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست و خمسين سنة (1)، انتهي.
و سبيل قوله: قال أحمد. الي آخره، سبيل ما تقدم في ترجمة أحمد البرقي، من أن الغرض من نقله هذا الكلام عنه لجعله هذا الخبر من الإخبار بالمغيبات، و الإخبار بما لم يقع قبل وقوعه ثم وقع، فيكون حجّة لدعوي العصابة الحقّة، فلولا كونه عنده ممّن يعتمد عليه، و يعوّل علي كلامه، لما أردف الخبر بكلامه.
و في هذا الخبر أيضا ردّ صريح علي من رماه بالنصب، كما نقله الصدوق (2)، و من رماه بالغلوّ أو اتّهمه به، كما في الخلاصة (3) و غيرها، و أنّي للناصبي و الغالي المكفّر عند محققي أصحابنا رواية مثل هذا الخبر؟! و مثله في الردّ عليهما ما رواه أيضا في باب ما جاء في الاثني عشر: عن علي بن محمّد، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد اللّه بن جعفر يقول:
كنّا عند معاوية، أنا و الحسن و الحسين (عليهما السّلام) و عبد اللّه بن عباس، و عمر بن أم سلمة، و أسامة بن زيد، فجري بيني و بين معاوية كلام، فقلت لمعاوية: سمعت رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يقول: أنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أولي بالمؤمنين من6.
ص: 62
أنفسهم، فإذا استشهد (عليه السّلام) فالحسن بن علي (عليهما السّلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين (عليه السّلام) من بعده، أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد (عليه السّلام) فابنة علي بن الحسين (عليهما السّلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم، و ستدركه يا علي، ثم ابنه محمّد بن علي (عليهما السلام) أولي بالمؤمنين من أنفسهم- و ستدركه يا حسين- فتكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين (عليه السّلام) قال عبد اللّه بن جعفر:
و استشهدت الحسن و الحسين (عليهما السلام) [و عبد اللّه بن عباس] (1) و عمر بن أم سلمة، و أسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية.
قال سليم: و قد سمعت ذلك من سلمان، و أبي ذر، و المقداد، و ذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (2).
ب- أن لا يكون ما رموه به من الغلوّ أو النصب أو الوقف، و ما ورد فيه مضرّا بما يعتبر فيه عندهم، لصحة الخبر من الصدق و التثبت و الضبط، و هل هو بعد صحّة الرمي إلّا كأحد ثقات الفرق الباطلة، من الزيدية و الفطحية و أضرابهم، الذين اعتمدوا عليهم في الرواية، و إن كانوا في شدّة من النصب و العداوة، و يحتمل هذا أيضا في كلام النجاشي.
ج- أن يكون زمان التلقّي منه و الأخذ عنه أيام استقامته، و قبل انحرافه عن طريقته، فإنّ صريح كلام الصدوق في كمال الدين، أنه رجع من الحق إلي الباطل (3)، و إذا تأمّلنا في تاريخ ولادته و وفاته، و الخبر الذي نقلنا عن الكافي، الدال علي كونه في أيام استقامته، و قوله: منذ ستّ و خمسين سنة، علمنا أن الانحراف كان في أواخر عمره، و هذا لعلّه الأظهر بالنسبة إلي الجماعة6.
ص: 63
المذكورين، مع اختلافهم في طريقتهم، و اطّلاعهم علي حاله، و عدم تفرقتهم بينه و بين غيره، هذا الشيخ الصدوق الناقل عن سعد بن عبد اللّه نصبه بعد التشيع، سلك به في المشيخة ما فعل بغيره من ذكره و ذكر الطريق إليه (1).
قال التقي المجلسي في شرحه: اعلم أنّ المصنّف مع علمه بضعف هذا الرجل، جزم بصحّة ما روي عنه، فهو إمّا أن يكون مضبوطا عنده اخباره قبل الانحراف، و المدار علي الرواية في وقت النقل، و كان صالحا، و إمّا لأنّه كان من مشايخ الإجازة كما يظهر من كلام ابن الغضائري، و إمّا لأنه لو (2) نقل الكتابين إلي كتابه كانوا قابلوا و رأوا صحّته، فعملوا به، و إمّا لأن الذم كان بمعني آخر، و لا ينافي كونه ثقة معتمدا عليه في النقل، كما يظهر من النجاشي (3)، انتهي.
و في كلامه شواهد لجملة ممّا ذكرناه، و أراد بالكتابين ما نقله العلامة عن ابن الغضائري، قال: و توقّف ابن الغضائري في حديثه، إلّا فيما يرويه عن الحسن ابن محبوب من كتاب المشيخة، و محمّد بن أبي عمير من نوادره، و قد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث و اعتمدوه فيهما (4).
د- أن تكون أخباره و رواياته التي كانت في أيدي الأصحاب ممّا جمعها في كتابه، أو رواها عن حفظة، مضبوطة معيّنة، معروضة علي الأصول التي هي موازين للردّ و القبول، فرأوها صحيحة خالية عن الغثّ و التخليط، فأجازوا النقل عنه، و جميع ما ذكرناه آت في كثير من أضرابه، فكن علي بصيرة فيما ذكروا فيهم من الذموم، و ما فعلوا بهم في مؤلّفاتهم، حتي لا تظنّ المناقضة6.
ص: 64
بين أقوالهم و أفعالهم (1)، و اللّه الهادي.
أحمد بن زياد، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (2).
السند صحيح بما شرحناه.
و أمّا إدريس فوصفه الصدوق بكونه صاحب الرضا (عليه السّلام) (3) و بذلك عدّوا حديثه حسنا (4).
و عدّه في إيجاز المقال (5) من المهملين، و الحقّ أنه من الثقات، لرواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه، كما في الكافي في باب بيع المرعي (6)، و في التهذيب في باب بيع الماء و المنع منه (7).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إدريس بن زيد و علي بن إدريس، عن الرضا (عليه السّلام).
كذا في المشيخة (8).
و لعلّ وجه التكرار كما قيل: إن إدريس بن زيد سمع بعض الأخبار منفردا، و سمع بعضها مع علي (9)، و السند صحيح.
ص: 65
و في العدّة كالصحيح، و جعل فيه الصحابة مدحا لعليّ (1)، و هو كذلك خصوصا علي ما ذكرناه في أحمد بن محمّد بن مطهر (2)، مع أن الظاهر عدم انفراده فيما يرويه، و يروي عنه إبراهيم بن هاشم (3)، و محمّد بن خالد (4)، و محمّد بن سهل (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حماد ابن عثمان، عنه (6).
و السند في أعلي درجة الصحة.
و إدريس هذا هو: ابن عبد اللّه بن سعد الأشعري، الذي وثّقه الشيخ (7) و النجاشي (8)، و يروي عنه حمّاد بن عثمان (9) - من أصحاب الإجماع- و سعد بن سعد (10)، و هو والد أبي جرير القمّي زكريا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عنه (11).
ص: 66
و ليس في السند من يتوقّف فيه إلّا محمّد بن سنان، المختلف فيه غاية الاختلاف، حتّي من شخص واحد.
هذا الشيخ المفيد (رحمه اللّه) جعله في الإرشاد من خاصّة الكاظم (عليه السلام) و من ثقاته، و من أهل الورع و الفقه و العلم من شيعته (1)، و جعله مطعونا فيه في رسالته في الرد علي أصحاب العدد (2).
و هذا شيخ الطائفة، ضعّفه في الفهرست (3) و الرجال (4)، و في الاستبصار في باب لزوم المهر المسمّي بالدخول (5).
و قال في كتاب الغيبة: فصل في ذكر طرف من أخبار السفراء الذين كانوا في حال الغيبة، و قبل ذكر من كان سفيرا في حال الغيبة، فذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام، و يتولي له الأمر علي وجه الإيجاز، و نذكر من كان ممدوحا منهم، حسن الطريقة، و من كان مذموما سي ء المذهب، ليعرف الحال في ذلك.
قال (رحمه اللّه): فمن الممدوحين: حمران بن أعين. إلي أن قال:
و منهم علي ما رواه أبو طالب القمي، قال: دخلت علي أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و سعد بن سعد عنّي خيرا، فقد وفوا لي.
إلي أن قال: و أمّا محمّد بن سنان، فإنه روي عن علي بن الحسين بن داود، قال:
سمعت أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) يذكر محمّد بن سنان بخير، و يقول:4.
ص: 67
رضي اللّه عنه برضائي عنه، فما خالفني و ما خالف أبي قطّ (1).
و هذا العلامة قال في الخلاصة بعد نقل تضعيفه عن جماعة: و الوجه عندي التوقف فيما يرويه (2).
و قال في المختلف في مسألة تحديد نشر الرضاع بالعشر بعد نقل رواية الفضيل بن يسار و الاحتجاج بها لما اختاره من النشر: لا يقال في طريقها محمّد ابن سنان، و فيه قول، لأنّا قد بيّنا رجحان العمل برواية محمّد بن سنان في كتاب الرجال (3)، و لعلّه كتابه الآخر غير الخلاصة.
و بالجملة فنقل كلماتهم و ما فيها يحتاج إلي بسط لا يقتضيه الكتاب، إلّا أنه عندنا من عمدة الثقات، و أجلّه الرواة، تبعا للمحققين و نقّاد المحصلين، فنشير إجمالا إلي أسباب مدحه، و نردفه بخلاصة ما جعلوه من أسباب جرحه، و من أراد التفصيل فعليه برجال السيد الأجل بحر العلوم.
أمّا الأولي فهي أمور:
أ- ما ورد فيه من التزكية و الثناء الكامل، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) كما مرّ عن غيبة الشيخ (4).
و قال السيد علي بن طاوس في مفتتح كتاب فلاح السائل: سمعت من يذكر طعنا علي محمّد بن سنان، و لعلّه لم يقف إلّا علي الطعن، و لم يقف علي تزكيته و الثناء عليه، و كذلك يحتمل أكثر الطعون (5).
ثم أشار إلي طعن الشيخ المفيد عليه في الرسالة (6)، و قال: علي أن0.
ص: 68
المشهور من السادة (عليهم السّلام) من الوصف لهذا الرجل، خلاف ما به شيخنا أتاه و وصفه، و الظاهر من القول ضد ماله به ذكر- ثم نقل خبر عبد اللّه ابن الصلت- ثم قال: هذا مع جلالته في الشيعة، و علوّ شأنه و رئاسته، و عظم قدره، و لقائه من الأئمة (عليهم السّلام) ثلاثة، و روي عنهم، منهم أبو إبراهيم موسي بن جعفر، و أبو الحسن علي بن موسي، و أبو جعفر محمّد بن علي (عليهم السّلام) (1). إلي آخره.
و روي الكشي: عن محمّد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن رجل، عن علي بن الحسين بن داود القمي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يذكر صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان بخير، و قال: رضي اللّه عنهما، فما خالفاني و لا خالفا أبي قطّ (2).
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه القمي، قال:
حدثني أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسي، عن رجل، عن علي بن الحسين ابن داود القمي قال: سمعت أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم عني خيرا، فقد وفوا لي، و لم يذكر سعد بن سعد [قال]: فخرجت فلقيت موفّقا، فقلت له: إن مولاي ذكر صفوان، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و جزاهم خيرا، و لم يذكر سعد بن سعد.
قال: فعدت إليه، فقال: جزي اللّه صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، و زكريا بن آدم، و سعد بن سعد خيرا، فقد وفوا لي (3).ظ.
ص: 69
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع: أن أبا جعفر الثاني (عليه السّلام) كان يخبرني بلعن صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، فقال: إنّهما خالفا أمري فلما كان من قابل قال أبو جعفر لمحمّد بن سهل البحراني: تولّ صفوان بن يحيي، و محمّد بن سنان، فقد رضيت عنهما (1).
و منه يظهر الجواب عمّا رواه فيه: عن محمّد بن مسعود، عن علي بن محمّد القمي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي القمّي، قال: بعث إليّ أبو جعفر (عليه السّلام) غلامه و معه كتاب، فأمرني أن أسير إليه، فأتيته و هو بالمدينة، نازل في دار بزيع، فدخلت عليه و سلّمت عليه، فذكر في صفوان، و محمّد بن سنان، و غيرهما، ما قد سمعه غير واحد، فقلت في نفسي: أستعطفه علي زكريا بن آدم، لعلّه أن يسلم ممّا قال في هؤلاء (2)، الخبر.
مع أن اقترانه مع صفوان، الذي لم يطعن عليه بشي ء، من أوضح الشواهد، من أن المراد بالمخالفة، فعل الصغيرة الغير المنافية للعدالة، فالمراد بعدمها في خبر ابن داود القمّي انتفاء المخالفة بعد توبته، و تجدد الرضا عنه، و أنّ اللعن محمول علي الإبعاد لمصلحة كما ورد مثله في كثير من الأعاظم.
و الظاهر من الشيخ في الغيبة (3)، و السيد في الفلاح (4)، أخذ خبر المدح من كتاب أبي طالب القمّي، و طريقه إليه صحيح في الفهرست (5)، فلا يضرّ0.
ص: 70
ضعف طريق الكشي (1)، مضافا إلي ما ذكره السيد الأجل: من أن الأخبار المذكورة لا تقصر عن خبر واحد صحيح، فإنّها روايات متعددة مشهورة، ذكرها الكشي، و المفيد- في كتاب الاختصاص (2) - [و الشيخ] (3) و اعتمد عليها الشيخان في مدح محمّد بن سنان، و نصّ المفيد علي كونها مشهورة في النقل، و في كلام الكشي ما يؤذن بذلك، حيث أجاب عمّا ورد من الطعن علي الفضل ابن شاذان، بأن ذلك قد تعقبه الرضا من الإمام، كما في صفوان و محمّد بن سنان (4)، و لولا اشتهار الحديث الوارد فيهما، و اعتباره عند الأصحاب، لما حسن التنظير بهما (5).
ب- إكثار جماهير الأجلّاء من الرواية عنه: كالحسن بن محبوب، و هو من أصحاب الإجماع، في التهذيب في باب تلقين المحتضرين (6)، و باب القضاء في الديات (7).
و يونس بن عبد الرحمن، و هو مثله صرّح به في الكشي (8)، و في باب الوقوف و الصدقات من التهذيب (9).
و صفوان بن يحيي، الذي لا يروي إلّا عن ثقة، في التهذيب في باب8.
ص: 71
فضل الصلاة من أبواب الزيادات (1)، و في باب الغرر و المجازفة (2)، و في باب قضاء شهر رمضان (3).
و الحسن بن فضّال، فيه في باب علامة شهر رمضان (4)، و هما أيضا من أصحاب الإجماع.
و أحمد بن محمّد بن عيسي (5)، و أيوب بن نوح (6)، و الحسن بن سعيد (7)، و الحسن بن علي بن يقطين (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و العباس بن معروف (10)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (11)، و عبد اللّه بن الصلت (12)، و الفضل ابن شاذان (13)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (14)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (15)، و محمّد بن عبد الجبار (16)، و موسي بن القاسم (17)، و يعقوب بن0.
ص: 72
يزيد (1)، و إبراهيم بن هاشم (2)، و أحمد بن محمّد بن خالد (3)، و الحسن بن الحسين اللؤلؤي (4)، و شاذان بن الخليل والد الفضل (5)، و علي بن أسباط (6)، و علي بن الحكم (7).
و محمّد بن أحمد بن يحيي (8)، و لم يستثنه القميّون من نوادره (9)، و محمّد ابن خالد البرقي (10)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (11)، و الحسن بن موسي (12)، و حمزة بن يعلي الأشعري (13)، و عمرو بن عثمان الثقفي (14)، و الحسن بن علي بن يوسف، المعروف بابن بقاح (15)، و موسي بن عمر بن يزيد (16).
و علي بن النعمان (17)، الذي قالوا فيه: كان ثقة وجها ثبتا صحيحا، واضح الطريقة (18)، و محمّد بن يحيي (19)، و الحسن بن علي3.
ص: 73
الوشاء (1)، و أحمد بن عمر (2).
و عبد الرحمن بن الحجاج (3)، أستاذ صفوان، كما صرّح به الفاضل الأردبيلي في جامع الرواة (4)، و العالم النبيل السيد حسين القزويني في مشتركاته (5).
و إسماعيل بن محمّد (6)، و الظاهر أنه المكي الجليل الملقب بقنبرة (7).
و يروي عنه جماعة من أرباب الكتب، رموا بعضهم بالضعف الغير الثابت عندنا، و سكتوا عن آخرين، و وجدناهم ممدوحين، تركناهم لعدم الحاجة.
و رواية هؤلاء عن أحد، من أتقن أسباب استفادة الوثاقة، كما سنشرحه إن شاء اللّه تعالي، و قال في الجامع بعد ذكر هؤلاء و غيرهم، و مواضع رواياتهم عنه:
أقول: لا يخفي أن رواية جمع كثير من العدول و الثقات عنه علي ما ذكرناه، تدلّ علي حسن حاله، و ما نقل الميرزا محمّد (رحمه اللّه) عن الخلاصة (8)، أنه قال قبل موته: كلّ ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية، و إنّما وجدته (9). إلي آخره، لو كان واقعا، كيف لم يطّلع هؤلاء العدول9.
ص: 74
و الثقات عليه (1)؟
و قال السيد الأجل، بعد ذكر جملة ممّن روي عنه من هؤلاء: أروي الناس عنه: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب- و قد قال النجاشي فيه: جليل من أصحابنا، عظيم القدر، كثير الرواية، ثقة عين، حسن التصانيف، مسكون إلي روايته (2) - و كذا أحمد بن محمّد بن عيسي الأشعري، مع ما علم من تحفّظه في النقل، و السرعة إلي القدح، و نفيه الأجلّاء بتهمة الغلو و الرواية عن الضعفاء، و كتب الحديث مشحونة برواية محمّد بن سنان، قد رواها جميع أصحابنا الكوفيين و القميين.
و أورده صاحب نوادر الحكمة، و لم يستثنها محمّد بن الحسن بن الوليد و أتباعه منه.
و ملأ بها ثقة الإسلام الكليني (قدّس اللّه سرّه) جامعه الكافي، أصولا و فروعا، و نقلها رئيس المحدثين الصدوق في كتابه الذي ضمن أن لا يورد فيه إلّا ما هو حجّة بينه و بين ربّه.
و ذكر في المشيخة، أن ما يرويه عنه، فقد رواه عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عنه (3).
و أكثر الشيخ في كتابيه من الرواية عنه، و روي في الفهرست (4) كتبه عن جماعة- و منهم المفيد-: عن الصدوق، عن أبيه و محمّد بن الحسن، عن سعدظ.
ص: 75
بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عنه (1).
و ذكر الشيخ الثقة الجليل أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري في رسالته إلي ولد ولده أحمد بن عبد اللّه بن أحمد، في جملة الكتب التي أوصي بها إليه، و وصّي بحفظها، و أجاز له روايتها، كتابي الطرائف و النوادر من كتب محمّد بن سنان، و قال: حدثني بكتاب محمّد بن سنان [الطرائف] (2) جدّي محمّد بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان.
و حدثني بكتاب النوادر أبو الحسن محمّد بن محمّد بن المغازي، عن جدّي محمّد بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، قال: و هو بخطّ جدّي أبي طاهر (3).
و إطباق هؤلاء العلماء العدول علي الرواية عنه، و الاعتناء بأخباره، و تدوينها في الكتب الموضوعة للعمل، كاشف عن حسن حاله، و قبول رواياته (4).
ج- ظهور معجزات أبي جعفر (عليه السّلام) فيه، بعود بصره بعد ذهابه ببركة دعائه، كما رواه الكشي (5)، و ضعف سنده لا يضرّ، لأن عود بصر2.
ص: 76
مثل محمّد بن سنان المعروف المشهور بين الأصحاب بعد ذهابه لو لم يكن صدقا و حقّا لما ذكره في كتابه، و لما أبقاه الشيخ في اختياره.
و وكالته لهم كما نصّ عليه الشيخ في الغيبة (1)، و حاشاهم (عليهم السّلام) ان يوكّلوا الفاسق و الغالي و الكذّاب في أمورهم، و لقائه أربعة منهم (عليهم السّلام) و اختصاصه بهم، و كثرة رواياته في الفروع و الأصول و سلامتها عن الغلوّ و التخليط.
و روايته النصّ الصريح علي الرضا و الجواد (عليهما السّلام) و اقتران نصّه بالإعجاز، بناء علي ما هو الظاهر من إظهاره له قبل أن يولد الجواد (عليه السّلام).
و سلامة مذهبه من الوقف، و من فتنة الواقفة التي أصابت كثيرا من الشيعة، فمنهم من بقي عليه: كالبطائني و أتباعه، و منهم من وقف ثم رجع:
كالبزنطي، و الوشاء، و جميل، و حمّاد، و رفاعة، و عبد الرحمن بن الحجاج، و يونس بن يعقوب، و غيرهم من الأعاظم، و ما ذلك إلّا لدعاء الكاظم (عليه السّلام) له بالتثبت، علي ما رواه ثقة الإسلام في الكافي (2)، و المفيد في الإرشاد (3)، و الكشي في رجاله، بأسانيد متعددة عنه و اللفظ للأول:
قال: دخلت علي أبي الحسن موسي (عليه السّلام) من قبل أن يقدم العراق لسنة، و علي (عليه السّلام) ابنه جالس بين يديه، فنظر إليّ فقال: يا محمّد، أما أنّه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت:
و ما يكون جعلت فداك، فقد أقلقني ما ذكرت؟ فقال: أصير إلي الطاغية، أما7.
ص: 77
إنّه لا يبدؤني منه سوء، و من الذي بعده، قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك؟
قال: يضلّ اللّه الظالمين و يفعل ما يشاء، قال: قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقّه و جحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب (عليه السّلام) حقّه و جحده إمامته بعد رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله).
قال: قلت: و اللّه لئن مدّ اللّه في العمر لأسلمن له حقّه، و لأقرّن له بإمامته، قال: صدقت يا محمّد، يمد اللّه في عمرك، و تسلّم له حقّه، و تقرّ له بإمامته و إمامة من يكون من بعده، قال: قلت: و من ذاك؟ قال: محمّد ابنه قال: قلت: الرضا و التسليم (1).
و زاد الكشي بعد التسليم: قال: كذلك قد وجدتك في صحيفة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أما انك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء، ثم قال: يا محمّد، إن المفضل أنسي و مستراحي، و أنت انسهما و مستراحهما (2)، و حرام علي النار أن تمسّك أبدا (3).
و أما وجوه القدح فيه:
فأوّلها: الغلو، نسبه إليه ابن الغضائري (4)، و الكشي في موضع (5)، و ذكر خلافه في موضع (6) آخر.
و الجواب: أنه إن أراد من الغلوّ ما هو معروف عند جمع من القميين، فثبوته لا يضرّ بالعدالة فضلا عن الإيمان، بل ثبوته عند غيرهم من مكمّلاته،3.
ص: 78
كما نص عليه الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق (1)، و إن أراد منه المعني المعروف عند الأصحاب الذي حكموا بكفر صاحبه و نجاسته و ارتداده و حرمة ذبيحته، ففيه انه يكذّبه:
أوّلا: سلامة رواياته عنه، و صراحتها في اعتقاده بإمامة الأئمة (عليهم السلام) و إثبات الصفات البشرية لهم، و هي أكثر من أن تحصي و ثانيا: رواية هؤلاء الأجلّة عنه و اعتمادهم عليه، و فيهم جمع من القميين الذين هم أشدّ شي ء في هذا الأمر، سيّما أحمد بن محمّد بن عيسي (2)، و محمّد ابن الحسن بن الوليد (3)، و الصدوق (4) (رحمهم اللّه) كما هو معلوم من طريقتهم، بل و مخالطة الفقهاء له، كأحمد بن محمّد بن أبي نصر (5)، و صفوان ابن يحيي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، كما يعلم من تتّبع الأخبار.
و ثالثا: ما في فلاح السائل للسيد علي بن طاوس قال: رويت بإسنادي إلي هارون بن موسي التلعكبري، بإسناده الذي ذكره في أواخر الجزء السادس من كتاب عبد اللّه بن حماد الأنصاري ما هذا لفظه: أبو محمّد هارون بن موسي قال: حدثنا محمّد بن همام قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال: قلت لأحمد بن هليل (8) الكرخي: أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ؟
فقال: معاذ اللّه هو و اللّه علّمني الطهور، و حبس العيال، و كان متقشّفاي.
ص: 79
متعبّدا (1).
و أمّا ما في الكشي، قال: وجدت بخط أبي عبد اللّه الشاذاني: سمعت العاصمي يقول: إن عبد اللّه بن محمّد بن عيسي الأسدي الملقب ببنان، قال:
كنت مع صفوان بن يحيي بالكوفة في منزلي إذ دخل علينا محمّد بن سنان، فقال صفوان: هذا ابن سنان، لقد همّ أن يطيّر غير مرّة فقصصناه حتي ثبت معنا (2).
فأجاب عنه النجاشي بعد نقله: بأنه يدل علي اضطراب كان و زال (3)، مع انه لم يعلم أنه أراد أيّ درجة من الارتفاع، فلعلّه أراد منه ما هو محظور عنده دون غيره.
و قد روي أيضا بالسند المذكور، قال: كنّا ندخل مسجد الكوفة، و كان ينظر إلينا محمّد بن سنان، و يقول (4): من أراد المضمئلات فإليّ، و من أراد الحلال و الحرام فعليه بالشيخ- يعني صفوان بن يحيي (5) -.
قال العلامة الطباطبائي: المضمئلات: المشكلات، إن حديث أهل البيت (عليهم السّلام) صعب مستصعب (6)، انتهي، و منه يظهر للناظر السبب لسوء الظن به.
و ثانيها: الكذب، نسبه إليه الفضل بن شاذان، علي ما رواه عنه الكشي في رجاله، ففي موضع منه: و ذكر الفضل أنّ من الكذّابين المشهورين ابن2.
ص: 80
سنان، و ليس بعبد اللّه (1).
و في موضع آخر: و ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه، قال:
الكذابون المشهورون: أبو الخطاب، و يونس بن ظبيان، و يزيد الصانع و محمّد ابن سنان، و أبو سمينة أشهرهم (2).
و الجواب: أما أولا: فبأنّ الظاهر اتحاد المراد في الموضعين، و الموجود في أصل كلام الفضل: ابن سنان، و لذا قال: و ليس بعبد اللّه الجليل المعروف، فانحصر في محمّد، فذكره باسمه في الثاني، ثم عيّنه في محمّد بن سنان الزاهري فذكره في ترجمته، فبعد تسليم كونه محمّدا، فمن الجائز أن يكون مراده محمّد ابن سنان أخا عبد اللّه، الذي له روايات في طبّ الأئمة (عليهم السّلام) و لا قرينة علي التعيين، بل هي علي عكسه أدلّ كما ستعرف.
و أمّا ثانيا: فلأن ابن داود قال في رجاله، في ترجمة محمّد بن علي أبو سمينة: في الكشي: كان يرمي بالغلوّ، و ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه:
أن الكذابين المشهورين أربعة: أبو الخطاب، و يونس بن ظبيان، و يزيد الصائغ، و أبو سمينة أشهرهم (3).
و لولا قوله: أربعة لكان من المحتمل سقوط ابن سنان من قلمه، و معه فهو دالّ علي خروج محمّد بن سنان عنهم.
قال السيد الأجل: و لعل النسخ في ذلك كانت مختلفة، أو أن الزيادة في بعضها من الدسّاسين في كتب الفضل (4)، انتهي، و يحتمل الدس في4.
ص: 81
الكشي.
و أمّا ثالثا: فلأن هذه المبالغة العظيمة في محمّد بن سنان و اقترانه مع أبي الخطاب ممّا يكذّبه الوجدان، فإنّ من نظر إلي الأخبار و عرف الرجال يعلم أنه ليس مثلهم، و لا ممّن يقرب منهم، و أنّه علي تقدير الضعف ليس من الكذابين المشهورين، أو ممّن يحرم الرواية عنه- كما يأتي (1) عن الفضل- إن ثبت تحريم الرواية عن الضعفاء، و يكذّبه أيضا رواية الأجلّاء عنه، بل الفضل و أبيه عنه، بل إكثاره، و بذلك ردّ كلامه الكشي بعد نقل كلامه السابق و كلامه الآتي ما لفظه:
و قد روي عنه: الفضل و أبوه، و يونس، و محمّد بن عيسي العبيدي، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و الحسن و الحسين ابنا سعيد الأهوازيان، و ابنا دندان، و أيوب بن نوح، و غيرهم من العدول و الثقات من أهل العلم (2)، انتهي.
و صريحه التنافي بين النسبة المذكورة و رواية الجماعة عنه، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
و أمّا رابعا: فيما رواه الكشي عنه: عن أبي الحسن علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان: ردّوا أحاديث محمّد بن سنان عنّي، و قال: لا أحلّ لكم أن ترووا أحاديث محمّد بن سنان عنّي ما دمت حيّا، و أذن في الرواية بعد موته، قال أبو عمرو: و قد روي عنه [الفضل]9.
ص: 82
و أبوه (1). إلي آخر ما تقدم.
و منه يظهر أن قوله: و أذن. إلي آخره، من تتمة كلام الفضل لا من كلام الكشي (2)، و إلّا لأخره عن قوله: قال أبو عمرو، الذي هو من كلام نفسه، أو لبعض رجاله و الرواة عنه.
و بعض المحققين استظهر من عدم نقل النجاشي هذه الجملة في رجاله، حيث نقل فيه عن الكشي إلي قوله: حيّا، أنه من كلام الكشي لا الفضل، و فيه تأمّل.
و لو كان لما ضرّ بالمقصود، فإن جزم الكشي باستناد الإذن إليه بعد موته يكفي في منافاته، لكون محمّد من الكذابين المشهورين، فإن الموت كما صرّح به السيد الأجل: لا يحلّ محرما و لا يبيح مكروها محظورا (3)، و ما قيل: أن قوله: ما دمت حيّا متعلّق بقوله: لا أحلّ لكم، لا بقوله: أن ترووا، فيكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع، لأنه إذا مات انتفي إن كان التحليل غير بعيد، إلّا أنه مناف لقوله: أذن، إن كان من تتمة كلامه، و لما فهمه الكشي منه، إن كان من كلامه، و كذا غيره من الذين عثرنا علي كلماتهم من المحققين، كالاستاذ الأكبر (4)، و المحقق البحراني (5)، و بحر العلوم (6) و غيرهم.7.
ص: 83
و ثالثها: ما رواه الكشي: عن حمدويه، قال: كتبت أحاديث محمّد بن سنان عن أيوب بن نوح، و قال: لا أستحل أن أروي أحاديث محمّد بن سنان (1).
و عن حمدويه بن نصير، أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان، فقال لنا: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمّد بن سنان و لكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كلّ ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية إنّما وجدته (2).
و الظاهر أنّ علة عدم الاستحلال في النقل الأول هي كون أخباره و جادة بقرينة الثاني.
فالجواب: أما أولا: فبأنّ اعتبار الوجادة و عدمه من المسائل الفرعية المختلف فيها، ذهب إلي الأوّل جماعة منا، فالقول به و ابتناء العمل عليه ليس من الصغائر فضلا عمّا فوقها.
و قال السيد الأجلّ في رجاله: و الظاهر اعتبار الوجادة إن كان الكتاب معروف الانتساب إلي مؤلّفه (3)، و قد مرّ بعض الكلام فيه في الفائدة الثالثة (4).
و ثانيا: أنّ لمحمّد بن سنان أخبار لا تحصي مشافهة عن الأئمة (عليهم السّلام) و هي غير داخلة في هذه الكليّة قطعا.
و ثالثا: أنّ له روايات كثيرة مشافهة و سماعا عن أصحابهم (عليهم السّلام) لا يمكن دخولها أيضا في هذه الكلية، قال السيد الأجل: و حمل كلامه.ي.
ص: 84
علي إرادة نفي العموم دون عموم النفي في غاية البعد (1).
و رابعا: أنه كيف حرّم الرواية عنه مع روايته عنه، ففي الكافي في باب أن المؤمن كفو المؤمنة: عدّة من أصحابنا، عن علي بن الحسن بن صالح الحلبي، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن رجل، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (2). الخبر.
و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين: أخبرني أحمد بن عبدون، عن علي بن محمّد بن الزبير القرشي، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عجلان، قال: سمعت صادقا يصدق علي اللّه- يعني أبا عبد اللّه (عليه السّلام)- قال: إذا جئت بالميت (3). الخبر.
و خامسا: أنه لو كان صدوقا قادحا كيف خفي علي الفقهاء الأجلّة من نقدة الرواة الذين أخذوا عنه مثل: ابن محبوب (4)، و صفوان (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و ابن فضال (7)، و أضرابهم، و تفرّد به أيوب بن نوح (8).
و سادسا: ما أشار إليه السيد الأجل في رجاله، من أن الكلام المنقول عن أيوب بن نوح هنا متدافع، فإن حمدويه بن نصير حكي عنه أنه دفع إليه.
إلي آخر ما مرّ، و علّل الامتناع بما حكاه عنه، و التدافع في ذلك ظاهر، فإن دفع9.
ص: 85
الدفتر الذي أخرجه إلي حمدويه و قوله: إذا شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، صريح في الرخصة، و قول حمدويه في روايته الأخري: كتبت أحاديث محمّد بن سنان عن أيوب بن نوح، واضح الدلالة علي روايته له أحاديث ابن سنان.
فلو كانت الرواية محرّمة غير جائزة كما ذكره لم يستقم ذلك، و ظني أن الرجل قد أصابته آفة الشهرة، فغمض عليه بعض من عانده و عاداه بالأسباب القادحة من الغلوّ و الكذب و نحوهما، حتي شاع ذلك بين الناس و اشتهر، و لم يستطع الأعاظم الذين رووا عنه، كالفضل بن شاذان، و أيوب بن نوح، و نحوهما، دفع ذلك عنه، فحاولوا بما قالوا رفع الشنعة عن أنفسهم، كما يشهد به صدور هذه الكلمات المتدافعة عنهم.
ثم سري ذلك إلي المتأخرين الذين هم أئمة الفن، مثل الكشي، و النجاشي، و المفيد، و الشيخ، و ابن شهرآشوب، و السيدين الجليلين ابني طاوس، و العلامة، و ابن داود، و غيرهم، فضعفه طائفة، و وثقه أخري (1)، و اضطرب آخرون، فاختلفت كلمتهم فيه كما علمت ذلك مما نقلناه عنهم مفصّلا، و في أقل من هذا الاختلاف و الاضطراب ما يمنع التعويل و الاعتماد علي ما قالوه، فبقيت الوجوه التي ذكرناها أوّلا سالمة عن المعارض، و عاد المدح من بعضهم عاضدا و مؤيدا لها، و استبان من الجميع أن الأصحّ توثيق محمّد بن سنان.
و من طريف ما اتفق لبعض العارفين، أنه تفأل لاستعلام حال محمّد بن سنان من الكتاب العزيز فكان ما وقع عليه النظر قوله تعالي: إِنَّمٰا يَخْشَي اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ (2)، و اللّه أعلم بأسرار عباده (3).7.
ص: 86
تنبيه طريف: من ألطاف اللّه المنان بمحمّد بن سنان أن جعل عموديه ممّن يفتخر بهم في الدين.
أمّا الآباء فهو كما في النجاشي: أبو جعفر الزاهري، من ولد زاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي، ثم نقل عن ابن عيّاش أنه محمّد بن الحسن بن سنان مولي زاهر، مات أبو الحسن و هو طفل، و كفله جدّه سنان فنسب إليه (1).
و الظاهر أن قوله (2): مولي زاهر، سهو، و الصواب: ابن زاهر أو ولده، كما نصّ عليه النجاشي، و زاهر مولي عمرو من شهداء الطف، ففي الزيارة التي خرجت من الناحية المقدسة للشهداء (رضوان اللّه عليهم): السلام علي زاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب: المقتولون من أصحاب الحسين (عليه السلام) في الحملة الأولي: نعيم بن عجلان. إلي أن قال: و زاهر بن عمرو مولي ابن الحمق (3)، كذا في النسخ، و يحتمل أن يكون مقلوبا، و الأصل: زاهر مولي عمرو بن الحمق.
و في الزيارة الرجبيّة المروية في مصباح السيد أيضا: السلام علي زاهر مولي عمرو بن الحمق (4).
و قال الحبر الخبير القاضي نعمان المصري في الجزء السادس من كتاب شرح الأخبار: و ممّن كان مع علي (عليه السّلام) من أصحاب النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) من مهاجري العرب و التابعين الذين أوجب لهم رسول اللّه (صلّي اللّه1.
ص: 87
عليه و آله) الجنّة و سمّاهم بذلك: عمرو بن الحمق الخزاعي، بقي بعد عليّ (عليه السّلام) فطلبه معاوية، فهرب منه نحو الجزيرة و معه رجل من أصحاب علي (عليه السّلام) يقال له: زاهر، فلما نزل الوادي نهش عمروا حيّة في جوف الليل فأصبح منتفخا، فقال: يا زاهر تنحّ عني فإن حبيبي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قد أخبرني: أنه سيشرك في دمي الجنّ و الإنس، و لا بدّ لي من أن أقتل، فبينا هما كذلك إذ رأيا نواصي الخيل في طلبه، فقال: يا زاهر تغيّب، فإذا قتلت فإنّهم سوف يأخذون رأسي، فإذا انصرفوا فاخرج إلي جسدي فواره.
قال زاهر: لا، بل أنثر نبلي ثم أرميهم به، فإذا فنيت نبلي قتلت معك، قال: لا، بل تفعل ما سألتك به، ينفعك اللّه به، فاختفي زاهر، و أتي القوم فقتلوا عمروا و اجتزوا رأسه فحملوه، فكان أوّل رأس حمل في الإسلام و نصب للناس، فلمّا انصرفوا خرج زاهر فواري جسده، ثم بقي زاهر حتي قتل مع الحسين (عليه السّلام) بالطف (1)، انتهي.
فظهر أن زاهر كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) و من شهداء الطف، فأحري بمحمّد بن سنان أن ينسب إليه، و يقال: أبو جعفر الزاهري.
و في بعض أسانيد طبّ الأئمة (عليهم السّلام): محمّد بن سنان بن عبد اللّه السناني الزاهري (2). إلي آخره.
و بعد ملاحظة ما في النجاشي و غيره يكون نسبه هكذا: محمّد بن الحسن ابن سنان بن عبد اللّه بن زاهر، المقتول في الطف.
و أمّا الأبناء: ففيهم جملة من الرواة، منهم: أبو عيسي محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان، المشتهر بمحمّد بن أحمد السناني، من مشايخ الصدوق، و قد9.
ص: 88
أكثر من الرواية عنه مترحما مترضيا (1)، و يروي عنه أبو عبد اللّه بن عيّاش كما في النجاشي في ترجمة جدّه محمّد (2).
و أبوه أحمد، يروي عنه ابنه محمّد، و سعد بن عبد اللّه، و الحميري، و محمّد ابن يحيي الأشعري كما في الفهرست (3).
و محمّد بن خالد السناني من مشايخ الصدوق (4).
و عبد اللّه بن محمّد بن سنان، في كامل الزيارات: حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة، عن عبد اللّه بن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن القاسم ابن الحارث (5). إلي آخره.
و في الإقبال: عن محمّد بن علي الطرازي في كتابه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن عباس (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبي، قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن جمهور، قال:
حدثني محمّد بن الحسين الصانع، عن محمّد بن الحسين الزاهري- من ولد زاهر مولي عمرو بن الحمق، و زاهر الشهيد بالطف- عن عبد اللّه بن مسكان (6).
إلي آخره.
و لم أعثر علي محمّد في غير هذا الموضع، و يحتمل أن يكون الأصل:
محمّد بن الحسن، و المراد محمّد بن سنان، نسب في هذا الموضع إلي أبيه، و اللّه العالم.3.
ص: 89
و أمّا إدريس بن هلال، فغير مذكور في الرجال، و يظهر من الفقيه في باب ما يجب علي من أفطر أو جامع في شهر رمضان أنه من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (1) فغير بعيد أن يكون من الأربعة آلاف الذين وثّقهم ابن عقدة من أصحابه (عليه السّلام).
و في شرح المشيخة يظهر من المصنف أن كتابه معتمد الأصحاب (2).
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان، عنه (3).
و علي بن إسماعيل هو: علي بن السندي، و السندي لقب إسماعيل الذي نقل توثيقه الكشي عن نصر (4).
و يروي عنه من في طبقة الحميري، مثل محمّد بن أحمد بن يحيي في التهذيب في باب حكم الجنابة (5)، و باب التيمم (6)، و باب تطهير الثياب (7)، و غيرها.
و محمّد بن يحيي العطار في التهذيب (8)، و في الكافي في أبواب كثيرة (9).
و سعد بن عبد اللّه، عنه، عن صفوان في الكافي (10)، في باب أحكام
ص: 90
فوائت الصلاة (1)، و في باب الخمس و الغنائم (2)، و غيرها.
و محمّد بن الحسن الصفار، عنه، عن صفوان، فيه (3) في باب الأئمة (عليهم السّلام) في العلم و الشجاعة و الطاعة (4). إلي آخره.
و في الفهرست: عنه، عن صفوان في ترجمة بسطام الزيات (5)، و ترجمة كليب بن معاوية الأسدي (6).
و أحمد بن أبي زاهر، عنه، عن صفوان، في الكافي في باب التفويض إلي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (7) بل يأتي في طريق زرارة بن أعين:
عبد اللّه بن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن عيسي (8).
فمن الغريب بعد ذلك، ما [في] شرح التقي المجلسي حيث قال: عن علي ابن إسماعيل، يمكن أن يكون ما ذكرناه آنفا أنه من وجوه من روي الحديث، و القرينة قرابته من إسحاق، و أن يكون علي بن إسماعيل الميثمي الممدوح الملقّب بالسندي، و سيجي ء أحواله عند ترجمته (9)، انتهي.
و فيه مواضع للاشتباه:
أ- احتمال كونه علي بن إسماعيل بن عمّار، فإنه من أصحاب الكاظم1.
ص: 91
(عليه السّلام) (1) و ممّن يروي عنه ابن أبي عمير (2) كثيرا، و جعفر بن بشير (3)، و هما في طبقة صفوان، فكيف يجوز رواية الحميري عنه.
ب- احتمال أنه الميثمي، فإنه ممّن يروي عنه صفوان بن يحيي كما يأتي (4) في طريق الحسين بن سعيد، و في باب الديون من التهذيب (5) و من في طبقته مثل: علي بن مهزيار (6)، و العباس بن معروف (7)، و الحسن بن راشد (8)، و داود بن مهزيار (9)، بل السكوني كما في الكافي في باب ترتيل القرآن (10)، مع أن الميثمي علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم من أصحاب الرضا (عليه السلام) فكيف يروي عنه الحميري؟
ج- جعل السندي لقبا للميثمي، و المعهود بينهم ما ذكرنا فلاحظ.
و أمّا إسحاق: فهو ابن عمّار بن حيّان، أبو يعقوب الصيرفي، من شيوخ أصحابنا الثقات، و من أرباب الأصول المعروفة، و هو كما في النجاشي: و إخوته يونس و يوسف و قيس و إسماعيل في بيت كبير من الشيعة، و ابنا أخيه علي بن0.
ص: 92
إسماعيل، و بشير بن إسماعيل، كانا من وجوه من روي الحديث (1).
و الحقّ الذي لا مرية فيه، أنّه غير مشترك، و غير فطحيّ، بل واحد ثقة إمامي، و كان العلماء منذ بني أمر الحديث علي النظر في آحاد رجال سنده يعتقدون أنه واحد، إلّا أنه فطحي لما ذكره الشيخ في الفهرست من قوله:
إسحاق بن عمار الساباطي، له أصل، و كان فطحيّا، إلّا أنه ثقة (2).
فجعلوا الخبر من جهته موثقا، إلي أن وصلت النوبة إلي شيخنا البهائي فجعله اثنين (3)، إمامي ثقة و هو ما في النجاشي، و فطحي ثقة و هو ما في الفهرست، فصار مشتركا، و احتاج السند إلي الرجوع إلي أسباب التمييز، و تلقوا منه بالقبول كلّ من تأخر عنه، فوقعوا في مضيق تحصيل أسباب التمييز، إلي أن وصلت النوبة إلي المؤيّد السماوي العلامة الطباطبائي (4) (قدّس سرّه) فاستخرج من الخبايا قرائن واضحة جليّة، تشهد بأنه واحد ثقة إمامي، و أن ما في الفهرست من سهو القلم، و عثرنا بعده علي قرائن أخري كذلك، و لو أردنا الدخول في هذا الباب لخرج الكتاب عن وضعه، و لا أظنّ أحدا وقف عليها فاحتمل غير ما ذكرناه، و اللّه وليّ التوفيق.
و أمّا المثني فترجمناه في الفائدة الثانية (1) في شرح حال كتابه، و إسحاق من أرباب الأصول، و ثقة في النجاشي (2) و الخلاصة (3).
أحمد بن الحسن (4) القطان، عن أبي الحسن (5) محمّد ابن صالح، عن عمرو (6) بن خالد المخزومي، عن أبي نباتة [عن] محمّد بن موسي، عن عمارة بن مهاجر، عن أم جعفر و أم محمّد ابنتي محمّد بن جعفر، عن أسماء بنت عميس، و هي جدّتهما.
و عن أحمد بن محمّد بن إسحاق، عن الحسين بن موسي النخاس، عن عثمان بن أبي شيبة، عن عبد اللّه بن موسي، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام)، عن أسماء بنت عميس (7).
و أغلب رجال السندين من العامة، ذكرهم للردّ عليهم (8)، و ذكره
ص: 94
بطرق أخري معتبرة في العلل (1) و غيره، و غيره بأخري (2) لا حاجة إلي نقلها.
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عنه (3).
و الحسين من مشايخه الذين قد أكثر النقل عنه مترضيا مترحما، حتي قال الأستاذ الأكبر: قال جدي: ترحم عليه عند ذكره أزيد من ألف مرّة فيما رأيت من كتبه (4).
و يروي عنه أيضا الجليل التلعكبري (5)، و الثقة الجليل محمّد بن أحمد ابن داود (6) القمي صاحب المزار.
و أبوه من وجوه الطائفة و فقيهها الثقة الثبت الذي لا مغمز فيه، و مرّ حال ابني هاشم و سنان (7).
و أمّا المفضّل فالكلام فيه طويل، و عند المشهور ضعيف، و عندنا تبعا لجملة من المحققين، من أجلاء الرواة، و ثقات الأئمة الهداة (عليهم السلام)
ص: 95
و يدلّ عليه أمور:
الأول: الأخبار الكثيرة.
منها: ما رواه الصدوق في العيون: عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي الحسن (عليه السّلام) أنه قال في حديث: يا محمّد، إن المفضل كان أنسي و مستراحي، و أنت انسهما و مستراحهما- أي الرضا و الجواد (عليهما السلام) (1) -.
و رواه الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن محمّد ابن سنان، عنه (عليه السّلام). مثله (2)، و الحسن: أمّا ابن موسي الخشاب، أو النوبختي و كلاهما ثقة، فالسندان صحيحان.
و منها: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد ابن محمّد، عن ابن سنان- و هو محمّد-، عن أبي حنيفة [سابق] (3) الحاج، قال:
مرّ بنا المفضل و أنا و ختني (4) نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا:
تعالوا إلي المنزل، فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده، حتي إذا استوثق كلّ واحد منّا من صاحبه قال: أمّا أنّها ليست من مالي، و لكنن.
ص: 96
أبو عبد اللّه (عليه السّلام) أمرني إذا تنازع رجلان في شي ء أن أصلح بينهما و أفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (1).
و بالإسناد، عن ابن سنان، عن المفضل قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي (2).
قال في التكملة: و هذان الخبران يدلان علي أنه كان وكيلا و أمينا، و أنه كان يمتثل أمره (عليه السّلام) (3).
و عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن يونس بن يعقوب، قال: أمرني أبو عبد اللّه (عليه السّلام) أن آتي المفضل و اعزّيه بإسماعيل (4)، و قال: اقرأ المفضل السّلام و قل له: إنا أصبنا بإسماعيل (5) فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنّا أردنا أمرا، و أراد اللّه عزّ و جلّ أمرا، فسلّمنا لأمر اللّه عزّ و جلّ (6).
و منها: ما رواه الكشي: عن محمّد بن مسعود، عن عبد اللّه بن خلف، عن علي بن حسّان الواسطي، عن موسي بن بكر (7) قال: سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) لما أتاه موت المفضل بن عمر قال: رحمه اللّه كان الوالد بعد الوالد، أما إنّه قد استراح (8).2.
ص: 97
و عن إسحاق بن محمّد البصري، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن بشير الدهان قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لمحمّد بن كثير الثقفي: ما تقول في المفضل بن عمر؟ قال: ما عسيت أن أقول فيه، لو رأيت في عنقه صليبا و في وسطه كستيجا (1) لعلمت أنه علي الحقّ بعد ما سمعتك تقول فيه ما تقول (2).
قال (رحمه اللّه): لكن حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة أتياني فشتماه عندي فقلت لهما: لا تفعلا فإني أهواه، فلم يقبلا، فسألتهما و أخبرتهما أن الكفّ عنه حاجتي، فلم يفعلا، فلا غفر اللّه لهما، أما إنّي لو كرمت عليهما لكرم عليهما من كرم عليّ، و لقد كان كثير عزّة في مودته لها، أصدق منهما في مودّتهما [لي] (3) حيث يقول:
لقد علمت بالغيب أني أخونها إذا هو لم يكرم عليّ كريمها.
أما إنّي لو كرمت عليهما، لكرم عليهما من يكرم عليّ (4).
و رواه عن نصر بن الصباح، عن أبي يعقوب بن محمّد البصري، عن محمّد بن سنان، عن بشير النبال. مثله، و فيه محمّد بن كثير (5) الثقفي (6).
و رواه ثقة الإسلام في الروضة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمّد بن4.
ص: 98
يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان قال: قلت للصادق (عليه السّلام): ألا تنهي هذين الرجلين عن هذا الرجل، فقال: من هذا الرجل و من هذين الرجلين (1)؟
قلت: ألا تنهي حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة عن المفضل بن عمر؟
قال: يا يونس قد سألتهما أن يكفّي عنه فلم يفعلا، فلا غفر اللّه لهما،- و ساق قريبا ممّا مرّ- و في آخره قال: قال (عليه السّلام): لو أحبّاني لأحبّا ما أحبّ (2).
و روي الكشي أيضا: عن علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن الحسين بن [سعيد] (3) عن بعض أصحابنا، عن يونس بن ظبيان قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): جعلت فداك، لو كتبت إلي هذين الرجلين بالكفّ عن هذا الرجل، فإنهما له مؤذيان؟ فقال: إذن أعزّيهما به، كان كثير عزّة في مودتها أصدق منهما في مودتي حيث قال:
لقد علمت بالغيب ألا أحبّها إذا هو لم يكرم عليّ كريمها.
أما و اللّه لو كرمت عليهما لكرم عليهم من أقرب و أوقر (4).
و عن علي بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، يرفعه عن عبد اللّه بن الوليد قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام):
ما تقول في المفضل؟ قلت: و ما عسيت أن أقول فيه بعد ما سمعت منك، قال8.
ص: 99
(رحمه اللّه): لكن عامر بن جذاعة و حجر بن زائدة (1). إلي آخره.
و عن إبراهيم بن محمّد، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه القمي، قال:
حدثني أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن أسد بن أبي العلاء، عن هشام بن أحمر، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر- و هو في ضيعة في يوم شديد الحر، و العرق يسيل علي صدره- فابتدأني فقال: نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو، المفضل بن عمر الجعفي، حتي أحصيتها نيفا و ثلاثين مرّة يقولها و يكرّرها لي، قال: إنّما هو والد بعد الوالد (2).
و عن نصر بن الصباح رفعه، عن محمّد بن سنان: أن عدّة من أهل الكوفة كتبوا إلي الصادق (عليه السّلام) فقالوا: إن المفضل يجالس الشطار (3)، و أصحاب الحمام، و قوما يشربون شرابا، فينبغي أن تكتب إليه و تأمره أن لا يجالسهم؟ فكتب إلي المفضل كتابا. و ختمه و دفعه إليهم، و أمرهم أن يدفعوا الكتاب من أيديهم إلي يد المفضّل، منهم: زرارة، و عبد اللّه بن بكير، و محمّد ابن مسلم، و أبو بصير، و حجر بن زائدة، و دفعوا الكتاب إلي المفضل ففكّه و قرأ، و إذا فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم: اشتر كذا و كذا، و اشتر كذا، و لم يذكر فيه قليلا و لا كثيرا ممّا قالوا فيه، فلما قرأ الكتاب دفعه إلي زرارة، و إلي محمّد بن مسلم، حتي دار الكتاب إلي الكلّ.
فقال المفضل: ما تقولون؟ قالوا: هذا مال عظيم، حتي ننظر فيه و نجمع و نحمل إليك ثم تدرك الانزال بعد نظر في ذلك، و أرادوا الانصراف.ر.
ص: 100
فقال المفضل: تغدّوا عندي، فحبسهم (1) لغدائه، و وجّه المفضل إلي أصحابه الذين سعوا بهم، فجاؤا فقرأ عليهم كتاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فرجعوا من عنده، و حبس المفضل هؤلاء ليتغدوا عنده، فرجع الفتيان، و حمل كلّ واحد منهم علي قدر قدرته ألفا و ألفين و أكثر، فحضروا و أحضروا ألفي دينار و عشرة آلاف درهم قبل أن يفرغ هؤلاء من الغداء، فقال لهم المفضل: تأمروني أن أطرد هؤلاء من عندي، تظنون أن اللّه تعالي محتاج إلي صلواتكم و صومكم.
و عن نصر بن الصباح، عن ابن أبي عمير، بإسناده أنّ الشيعة حين أحدث أبو الخطاب ما أحدث، خرجوا إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقالوا له: أقم لنا رجلا نفزع إليه من أمر ديننا و ما نحتاج إليه من الأحكام، قال: لا تحتاجون إلي ذلك، متي احتاج أحدكم يخرج إليّ و يسمع منّي و ينصرف، فقالوا: لا بدّ، فقال: قد أقمت عليكم المفضل، اسمعوا منه و أقبلوا عنه، فإنه لا يقول علي اللّه و عليّ إلّا الحق.
فلم يأت عليه كثير شي ء حتي شنعوا عليه و علي أصحابه، و قالوا:
أصحابه لا يصلّون و يشربون النبيذ، و هم أصحاب الحمام، و يقطعون الطريق، و مفضل يقربهم و يدنيهم (2).
و عن حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمّد بن عيسي، عن محمّد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن محمّد بن حبيب، قال: حدثني بعض أصحابنا من كان عند أبي الحسن الثاني (عليه السّلام) جالسا، فلما نهضوا قال لهم:
ألقوا أبا جعفر (عليه السّلام) فسلّموا عليه و أحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إليّ و قال: يرحم اللّه المفضل، إن كان ليكتفي بدون هذا (3).3.
ص: 101
و رواه الشيخ المفيد في الإرشاد، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن الكليني (1)، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد، عن يحيي بن حبيب الزيات، قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا (عليه السّلام). و ذكر مثله (2).
و عن محمّد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن البرقي، عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح الجوّان، قال: قال لي أبو الحسن (عليه السّلام): ما يقولون في المفضل بن عمر؟ قلت: يقولون فيه هيئة (3) يهوديّا أو نصرانيا و هو يقوم بأمر صاحبكم.
قال: ويلهم ما أخبث ما أنزلوه، ما عندي كذلك و مالي فيهم مثله (4).
و عن علي بن محمّد، قال: حدثني سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن موسي بن بكر، قال: كنت في خدمة أبي الحسن (عليه السّلام) و لم أكن أري شيئا يصل إليه إلّا من ناحية المفضل بن عمر، و لربّما رأيت الرجل يجي ء بالشي ء فلا يقبله منه، و يقول: أوصله إلي المفضل (5).
و عن علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن أحمد [عن أحمد] (6) بن كليب، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، قال: قد بلغ من شفقة المفضل أنه كان يشتري لأبي الحسن (عليه السّلام) الحيتان، فيأخذ رؤوسها و يبيعها،ه.
ص: 102
فيشتري بها حيتانا شفقة عليه (1).
و عن نصر بن الصباح، قال: حدثني إسحاق بن محمّد بن البصري، قال:
حدثني الحسن بن علي بن يقطين، عن عيسي بن سليمان، عن أبي إبراهيم (عليه السّلام) قال: قلت: جعلني اللّه فداك، خلّفت مولاك المفضل عليلا فلو دعوت اللّه له، قال: رحم اللّه المفضل قد استراح، قال: فخرجت إلي أصحابنا فقلت: قد و اللّه مات المفضّل، قال: ثم دخلت الكوفة فإذا هو قد مات قبل ذلك بثلاثة أيام (2).
و عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن عليّ بن حسّان اواسطي الخزّاز، قال: حدثني علي بن الحسن (3) العبيدي، قال: كتب أبو عبد اللّه (عليه السّلام) إلي المفضل بن عمر الجعفي- حين مضي عبد اللّه بن أبي يعفور-: يا مفضل عهدت إليك عهدي كان إلي عبد اللّه بن أبي يعفور (صلوات اللّه عليه) (4) فمضي (صلوات اللّه عليه) (5) موفيا للّه عزّ و جلّ و لرسوله و لإمامه بالعهد المعهود للّه، و قبض (صلوات اللّه علي روحه) محمود الأثر، مشكور السعي، مغفورا له، مرحوما برضي اللّه و رسوله و إمامه عنه، بولادتي من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ما كان في عصرنا أحد أطوع للّه و لرسوله و لإمامه منه.
فما زال كذلك حتي قبضه اللّه إليه برحمته، و صيّره إلي جنّته، مساكنا فيها مع رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) أنزله اللّه».
ص: 103
بين المسكنين، مسكن محمّد و أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) و إن كانت المساكن واحدة (و الدرجات واحدة) فزاده اللّه رضي من عنده، و مغفرة من فضله برضائي عنه (1).
و منها ما رواه شيخ الطائفة في كتاب الغيبة: عن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد [عن] (2) أسد بن أبي العلاء، عن هشام بن [أحمر] (3) قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر، و هو في مصنعة (4) له في يوم شديد الحر، و العرق يسيل علي صدره، فابتدأني فقال: نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو الرجل المفضل بن عمر، نعم و اللّه الذي لا إله إلّا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي، حتي أحصيت بضعا و ثلاثين مرّة يقولها و يكرّرها، و قال: إنّما هو والد بعد والد (5).
و الظاهر أنه أخذ الخبر من غير كتاب الكشي للاختلاف في مواضع متنا و سندا.7.
ص: 104
و رواه محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات، عن أحمد بن محمّد (1) إلي آخر الخبر متنا و سندا، و في بعض النسخ: في ضيعة له كما في الكشي (2).
و قال: روي عن هشام بن أحمر، قال: حملت إلي أبي إبراهيم (عليه السّلام) إلي المدينة أموالا، فقال: ردّها فادفعها إلي المفضل بن عمر، فرددتها إلي جعفي، فحططتها علي باب المفضل (3).
و عن موسي بن بكر، قال: كنت في خدمة أبي الحسن (عليه السّلام) فلم أكن أري شيئا يصل إليه إلّا من ناحية المفضل، و لربّما رأيت الرجل يجي ء بشي ء فلا يقبله منه، و يقول: أوصله إلي المفضل (4).
و الظاهر أنه أخذ الخبر من كتاب موسي، و طريقه إليه صحيح في الفهرست (5).
و منها ما رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص: عن محمّد بن علي،- يعني الصدوق- عن [محمّد بن] (6) موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن أبي أحمد الأزدي- يعني ابن أبي عمير- عن عبد اللّه بن الفضل الهاشمي، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) إذ دخل المفضل بن عمر، فلما بصر به ضحك إليه ثم قال: إليّ ياخ.
ص: 105
مفضل فو ربّي إنّي لأحبّك، و أحبّ من يحبّك يا مفضل، لو عرف جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان، فقال له المفضل: يا ابن رسول اللّه لقد حسبت أن أكون قد أنزلت فوق منزلتي.
فقال: بل أنزلت المنزلة التي أنزلك اللّه بها (1)، الخبر.
و في كتاب الإرشاد بعد كلامه الذي يأتي: فروي موسي الصيقل، عن المفضل بن عمر الجعفي (رحمه اللّه) قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فدخل أبو إبراهيم (عليه السّلام) و هو غلام، فقال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): استوص به، وضع أمره عند من تثق من أصحابك (2).».
ص: 106
هذه جملة من الأخبار التي وقفت عليها في مدح المفضل، بل جلالة قدره و نيابته رواها مثل ثقة الإسلام الكليني، و رئيس المحدثين الصدوق، و الصفار، و الشيخ المفيد، و شيخ الطائفة، و أبو عمر الكشي في كتبهم، بأسانيد فيها صحيح و غيره، و من أصحاب الإجماع، و مثل أحمد بن محمّد بن عيسي المعلوم حاله في شدّة التوقي عن الرواية عمّن ليس بأهله و غيره، فلا مجال للتأمّل و التشكيك فيها.
و أمّا ما ورد في ذمّه فغير قابل للمعارضة من وجوه:
الأول: انفراد الشيخ الكشي بنقله في قبال ما رواه هؤلاء المشايخ في مدحه بل هو أيضا، فيكون من الشاذ النادر الذي يجب تركه.
الثاني: قلّته بالنسبة إلي ما ورد في مدحه، و هي ثلاثة أحاديث:
أ- ما رواه عن جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عيسي، عن يونس، عن حمّاد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول للمفضل بن عمر الجعفي: يا كافر، يا مشرك، مالك و لابني- يعني إسماعيل بن جعفر (عليه السّلام)- و كان منقطعا إليه، يقول فيه مع الخطابيّة ثم رجع بعد (1).
ب- و عن حمدويه بن نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم و حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل بن جابر، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ائت المفضل فقل له: يا كافر يا مشرك ما تريد إلي ابني، تريد أن تقتله (2).6.
ص: 107
ج- و عن الحسين بن الحسن (1) بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي، قال: حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب و الحسن بن موسي، عن صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، قال:
دخل حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة الأزدي علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقالا له: جعلنا اللّه فداك، إن المفضل بن عمر يقول: إنّكم تقدرون أرزاق العباد.
فقال: و اللّه ما يقدر أرزاقنا إلّا اللّه، و قد احتجت إلي طعام لعيالي فضاق صدري، و أبلغت الفكرة في ذلك حتي أحرزت قوتهم، فعندها طابت نفسي، لعنه اللّه و بري ء منه، قالا: أ فتلعنه و تبرأ منه؟ قال: نعم، فالعناه و ابرءا منه، برئ اللّه و رسوله منه (2).
و ذكر الكشي أيضا قال: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد الفاريابي في كتابه: حدثني محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب و إسحاق بن عمّار، قالا: خرجنا نريد زيارة الحسين (عليه السّلام) فقلنا: لو مررنا بأبي عبد اللّه المفضل بن عمر فعساه يجي ء معنا، فأتينا الباب فاستفتحناه فخرج إلينا فأخبرناه، فقال: استخرج الحمار فأخرج، فخرج إلينا فركب و ركبنا، فطلع لنا الفجر علي أربعة فراسخ من الكوفة، فنزلنا فصلّينا و المفضل واقف لم ينزل يصلّي، فقلنا: يا أبا عبد اللّه ألا تصلّي؟ فقال: قد صلّيت قبل أن أخرج من منزلي (3).
و ذكر أيضا بعض الحكايات عن شريك، و عن كتب الطيارة الغالية، و غيرها، غير قابلة للنقل و غير محتاجة للجرح.9.
ص: 108
الثالث: و ها هنا من حيث الدلالة و المضمون فإن حاصل الأخبار الثلاثة كونه من الخطابيّة الغلاة، و كلّ ما ذكر فيه يرجع إليها حتي تركه الصلاة الذي هو من سيرة الخطابية كغير الصلاة من الفرائض، كما أوضحنا ذلك في الفائدة الثانية في شرح حال كتاب دعائم الإسلام (1)، و أنّهم يبيحون جميع المحارم إلي غير ذلك من المناكير، و الذي ظهر لنا من حاله عدم دخوله في الخطابيّة في وقت، و ضعف ما قيل أنه دخل ثمّ رجع و ذلك لوجوه:
أ- ما رواه الكشي في ترجمة هشام بن سالم: عن جعفر بن محمّد، قال:
حدثني الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني أبو يحيي، عن هشام بن سالم، قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنا و مؤمن الطاق أبو جعفر، قال: و الناس مجتمعون علي أنّ عبد اللّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا و صاحب الطاق و الناس مجتمعون عند عبد اللّه، و ذلك لأنّهم رووا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): أن الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة، فدخلنا نسأله عمّا كنّا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟
قال: في مائتين خمسة، قلنا: ففي مائة؟ قال: در همان و نصف درهم، قال: قلنا له: و اللّه ما تقول المرجئة هذا (2)، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلي أين نتوجّه أنا و أبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقّة المدينة باكين حياري لا ندري إلي من نقصد، و إلي من نتوجّه، نقول: إلي المرجئة؟ إلي القدرية؟ إلي الزيدية؟ إلي المعتزلة؟ إلي الخوارج؟!.
قال: فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إليّ بيده، فخفتة.
ص: 109
أن يكون عينا من عيون أبي جعفر (1)، و ذاك أنّه كان [له] (2) بالمدينة جواسيس ينظرون علي من اتفق من شيعة جعفر (عليه السّلام) فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم، فقلت لأبي جعفر [تنح] (3): فإني خائف علي نفسي و عليك، إنّما يريدني ليس يريدك، فتنح عنّي لا تهلك و تعين علي نفسك، فتنحي غير بعيد، و تبعت الشيخ و ذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر علي التخلص منه، فما زلت أتبعه حتي ورد علي باب أبي الحسن موسي (عليه السّلام) ثم خلاني و مضي، فإذا خادم بالباب فقال لي: ادخل (رحمك اللّه).
قال: فدخلت فإذا أبو الحسن (عليه السّلام) فقال لي ابتداء: لا إلي المرجئة، و لا إلي القدرية، و لا إلي الزيدية، و لا إلي المعتزلة، و لا إلي الخوارج، إليّ إليّ إليّ، قال: فقلت: جعلت فداك مضي أبوك؟ قال: نعم، قال: قلت:
مضي في موت؟ قال: نعم، قلت: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء اللّه (4) يهديك هداك، قلت: جعلت فداك إن عبد اللّه يزعم أنه فتن بعد أبيه، فقال: يريد عبد اللّه أن لا يعبد اللّه، قال: قلت له: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء اللّه (هداك) (5) يهديك هداك أيضا.
قلت: جعلت فداك أنت هو؟ قال: ما أقول ذلك، قلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، قال: قلت: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا، قال:
فدخلني شي ء لا يعلمه إلّا اللّه إعظاما له و هيبة أكثر ما كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلت عليه، قال: قلت: جعلت فداك أسألك عمّا كان يسأل أبوك؟ قال:ر.
ص: 110
سل تخبر و لا تذع، فإن أذعت فهو الذبح.
قال: فسألته فإذا هو بحر، قال: قلت: جعلت فداك شيعتك و شيعة أبيك ضلّال فألقي إليهم و ادعوهم إليك، فقد أخذت عليّ بالكتمان؟ فقال:
من آنست منهم رشدا فالق إليهم و خذ عليهم بالكتمان، فإن أذاعوا فهو الذبح، و أشار بيده إلي حلقه.
قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر، فقال لي: ما وراك؟ قال:
قلت: الهدي، قال: فحدثته بالقصة، قال: ثم لقيت المفضل بن عمر و أبا بصير، قال: فدخلوا عليه و سلّموا و سمعوا كلامه و سألوه، قال: ثم قطعوا عليه (عليه السّلام) قال: ثم لقينا الناس أفواجا، قال: و كان كلّ من دخل عليه قطع عليه إلَّا طائفة مثل (1) عمّار و أصحابه (2).
ب- ما مرّ عن الكليني: بإسناده عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنه أمره أن يأتي المفضل، و يبلّغه السّلام و يعزيه بموت إسماعيل و يأمره بالصبر (3).
ج- ما رواه القطب الراوندي في الخرائج: عن المفضل بن عمر قال: لمّا قضي الصادق (عليه السّلام) كانت وصيّته في الإمامة إلي موسي الكاظم (عليه السّلام) فادّعي أخوه عبد اللّه الإمامة، و كان أكبر ولد جعفر (عليه السّلام) في وقته ذلك، و هو المعروف بالأفطح، فأمر موسي (عليه السّلام) بجمع حطب كثير في داره، فأرسل إلي أخيه عبد اللّه يسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده و مع موسي جماعة من وجوه الإمامية، فلمّا جلس إليه أخوه عبد اللّه أمر موسي أن يجعل النار في ذلك الحطب كلّه فاحترق كلّه، و لا يعلم الناس7.
ص: 111
السبب فيه حتي صار الحطب كلّه جمرا، ثم قام موسي (عليه السّلام) و جلس بثيابه في وسط النار و أقبل يحدث الناس ساعة ثم قام فنفض ثوبه و رجع إلي المجلس، فقال لأخيه عبد اللّه إن كنت تزعم أنّك الإمام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس، قالوا: فرأينا عبد اللّه قد تغيّر لونه فقام يجرّ رداءه حتي خرج من دار موسي (عليه السّلام) (1).
د- ما رواه الصدوق في كمال الدين: عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن موسي بن عمران، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضل بن عمر، قال: دخلت علي سيّدي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت: يا سيّدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي: يا مفضل، الإمام من بعدي ابني موسي، و الخلف المأمول (م ح م د) بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسي (عليهم السّلام) (2).
ه- ما رواه أيضا في العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن، عن المفضل ابن عمر قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام) و علي (عليه السّلام) ابنه في حجره، و هو يقبّله و يمصّ لسانه و يضعه علي عاتقه و يضمّه إليه و يقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك، و أطهر خلقك، و أبين فضلك، قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودّة ما لم يقع لأحد إلّا لك.
فقال لي: يا مفضل هو منّي بمنزلتي من أبي (عليه السّلام) ذريّة بعضها من بعض و اللّه سميع عليم، قال: قلت: هو صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم4.
ص: 112
من أطاعه رشد و من عصاه كفر (1).
و- و ما رواه الشيخ النعماني في كتاب الغيبة: عن عبد الواحد، عن أحمد بن محمّد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن [جماعة] (2) الصائغ، قال: سمعت المفضل بن عمر يسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام): هل يفرض اللّه طاعة عبد ثم [يكتمه] (3) خبر السماء؟ فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): اللّه أجلّ و أكرم و أرأف بعباده و أرحم من أن يفرض طاعة عبد ثم [يكتمه] (4) خبر السماء صباحا و مساء، قال: ثم [طلع] (5) أبو الحسن موسي (عليه السّلام) فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): [أ يسرّك] (6) أن تنظر إلي صاحب كتاب علي (7)؟
الكتاب المكنون الذي قال اللّه عزّ و جلّ: لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (8) (9).ل.
ص: 113
ز- ما رواه محمّد بن الحسن الصفار في البصائر: عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الوراق، عن محمّد بن سنان، عن صباح المدائني، عن المفضل، أنه كتب إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فجاءه هذا الجواب من أبي عبد اللّه (عليه السّلام):
أمّا بعد، فإنّي أوصيك و نفسي بتقوي اللّه و طاعته، فإنّ من التقوي الطاعة و الورع و التواضع للّه، و الطمأنينة، و الاجتهاد، و الأخذ بأمره، و النصيحة لرسله، و المسارعة في مرضاته، و اجتناب ما نهي عنه، فإنه من يتق اللّه فقد أحرز نفسه من النار بإذن اللّه، و أصاب الخير كلّه في الدنيا و الآخرة، و من أمر بالتقوي فقد أفلح الموعظة، جعلنا اللّه من المتقين برحمته.
جاءني كتابك فقرأته و فهمت الذي فيه، فحمدت اللّه علي سلامتك و عافية اللّه إياك، ألبسنا اللّه و إيّاك عافيته في الدنيا و الآخرة.
ص: 114
كتبت تذكر أنّ قوما أنا أعرفهم كان أعجبك نحوهم و شأنهم، و أنّك أبلغت فيهم أمورا تروي عنهم كرهتها لهم، و لم تر لهم إلّا طريقا حسنا، و ورعا و تخشّعا، و بلغك أنّهم يزعمون أن الدين إنّما هو معرفة الرجال، ثم بعد ذلك إذا عرفتهم فاعمل ما شئت.
و ذكرت أنك [قد] (1) عرفت أن أصل الدين معرفة الرجال، فوفّقك اللّه.
و ذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون: أن الصلاة و الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج و العمرة و المسجد الحرام و البيت الحرام و المشعر الحرام و الشهر الحرام هو رجل.
و أن الطهر و الاغتسال من الجنابة هو رجل.
و كلّ فريضة افترضها اللّه علي عباده هو رجل.
و أنهم ذكروا ذلك بزعمهم أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفي بعلمه به من غير عمل، و قد صلّي و أتي الزكاة و صام و حجّ و اعتمر و اغتسل من الجنابة و تطهّر و عظّم حرمات اللّه و الشهر الحرام و المسجد الحرام.
و أنّهم ذكروا من عرف هذا بعينه و جسده (2) و ثبت في قلبه جاز له أن يتهاون، فليس له أن يجتهد في العمل، و زعموا أنّهم إذا عرفوا ذلك الرجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها و إن هم لم يعملوا بها.
و أنّه بلغك أنّهم يزعمون أن الفواحش التي نهي اللّه تعالي عنها: الخمر و الميسر و الربا و الميتة و لحم الخنزير هو رجل.
و ذكروا أن ما حرّم اللّه من نكاح الأمهات و البنات و العمّات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت، و ما حرّم علي المؤمنين من النساء، فما حرّم اللّه إنّما عني بذلك نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و ما سوي ذلك مباح كلّه.ه.
ص: 115
و ذكرت أنّه بلغك أنّهم يترادفون المرأة الواحدة، و يشهدون بعضهم لبعض بالزور، و يزعمون أن لهذا ظهرا و بطنا يعرفونه، فالظاهر ما يتناسمون (1) عنه يأخذون به مدافعة عنهم، و الباطن هو الذي يطلبون و به أمروا بزعمهم.
كتبت تذكر الذي زعم عظيم من ذلك عليك حين بلغك.
و كتبت تسألني عن قولهم في ذلك: إحلال هو أم حرام؟
و كتبت تسألني عن تفسير ذلك، و أن أبيّنه حتي لا تكون من ذلك في عمي و [لا] (2) شبهة.
و قد كتبت إليك في كتابي هذا تفسير ما سألت عنه، فاحفظه كلّه، كما قال اللّه في كتابه: وَ تَعِيَهٰا أُذُنٌ وٰاعِيَةٌ (3) و أصفه لك بحلاله، و أنفي عنك حرامه إن شاء اللّه. كما وصفت، و معرفكه حتي تعرفه إن شاء اللّه، فلا تنكره إن شاء اللّه، و لا قوّة إلّا باللّه، و القوّة للّه جميعا.
أخبرك: أنه من كان يدين بهذه الصفة التي كتبت تسألني عنها فهو عندي مشرك باللّه تعالي، بيّن الشرك لا شكّ فيه.
و أخبرك: أن هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله، و لم يعطوا فهم ذلك، و لم يعرفوا حدّ ما سمعوا، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم و منتهي عقولهم، و لم يضعوها علي حدود ما أمروا كذبا و افتراء علي اللّه و رسوله، و جرأة علي المعاصي، فكفي بهذا لهم جهلا، و لو أنّهم وضعوها علي حدودها التي حدّت لهم و قبلوها لم يكن به بأس، و لكنّهم حرّفوها و تعدّوا و كذبوا و تهاونوا بأمر اللّه و طاعته.
و لكنّي أخبرك أن اللّه حدّها بحدودها، لئلا يتعدّي حدوده أحد، و لو كان2.
ص: 116
الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهلهم ما لم يعرفوا حدّ ما حدّ لهم، و لكان المقصر و المتعدي حدود اللّه معذورا، و لكن جعلها حدودا محدودة لا يتعداها إلّا مشرك كافر، ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ فَلٰا تَعْتَدُوهٰا وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ (1).
فأخبرك حقائق أن اللّه تبارك و تعالي اختار الإسلام لنفسه دينا، و رضي من خلقه فلم يقبل من أحد إلّا به، و به بعث أنبياءه و رسله، ثم قال:
وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْنٰاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ (2) فعليه و به بعث أنبياءه و رسله و نبيّه محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) فأضلّ الذين لم يعرفوا معرفة الرسل و ولايتهم و طاعتهم، هو الحلال المحلّل ما أحلّوا، و المحرم ما حرّموا، و هم أصله و منهم الفروع الحلال و ذلك سعيهم، و من فروعهم أمرهم الحلال و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و حجّ البيت و العمرة، و تعظيم حرمات اللّه و شعائره و مشاعره، و تعظيم البيت الحرام و المسجد الحرام و الشهر الحرام، و الطهور و الاغتسال من الجنابة، و مكارم الأخلاق و محاسنها و جميع البر.
ثم ذكر بعد ذلك فقال في كتابه: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي الْقُرْبيٰ وَ يَنْهيٰ عَنِ الْفَحْشٰاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (3).
فعدوهم (4) المحرّم و أولياؤهم الدخول في أمرهم إلي يوم القيامة، فهم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و الخمر و الميسر و الزنا و الربا و الدم و لحم الخنزير، فهم الحرام المحرّم، و أصل كل حرام، و هم الشرّ و أصل كلّ شرّ، و منهم فروع الشر كلّه، و من تلك (5) الفروع الحرام و استحلالهم إيّاها، و من فروعهم تكذيبا.
ص: 117
الأنبياء و جحود الأوصياء، و ركوب الفواحش: الزنا و السرقة و شرب الخمر و المنكر و أكل مال اليتيم و أكل الربا و الخدعة و الخيانة، و ركوب الحرام كلّها، و انتهاك المعاصي، و إنّما أمر اللّه بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربي- يعني مودّة ذي القربي و ابتغاء طاعتهم- و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغي، و هم أعداء الأنبياء و أوصياء الأنبياء، و هم البغي، من مودتهم و طاعتهم يعظكم بهذه لعلّكم تذكرون.
و أخبرك إني لو قلت: [لك] (1) أن الفاحشة و الخمر و الميسر و الزنا و الميتة و الدم و لحم الخنزير هو رجل، و أنت أعلم أن اللّه قد حرّم هذا الأصل و حرّم فرعه و نهي عنه، و جعل ولايته كمن عبد من دون اللّه وثنا و شركا، و من دعا إلي عبادة نفسه فهو كفرعون إذ قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْليٰ (2) فهذا كلّه علي وجه إن شئت قلت: هو رجل، و هو إلي جهنّم، و من شايعه علي ذلك، فافهم مثل قول اللّه: إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ* (3) و لصدقت، ثم أنّي لو قلت: أنه فلان ذلك كلّه لصدقت أن فلانا هو المعبود المتعدي حدود اللّه التي نهي عنها أن يتعدي.
ثم إني أخبرك أن الدين و أصل الدين هو رجل، و ذلك الرجل هو اليقين، و هو الإيمان، و هو إمام أمّته و أهل زمانه، فمن عرفه عرف اللّه، و من أنكره أنكر اللّه و دينه، و من جهله جهل اللّه و دينه و حدوده و شرائعه بغير ذلك الإمام، كذلك جري بأن معرفة الرجال دين اللّه، و المعرفة علي وجهتها (4) معرفة ثابتة علية.
ص: 118
بصيرة يعرف بها دين اللّه، و يوصل بها إلي معرفة اللّه، فهذه المعرفة الباطنة.
الثابتة بعينها الموجبة حقّها المستوجبة أهلها عليها الشكر للّه الذي منّ عليهم بها، من منّ اللّه يمنّ به علي من يشاء، مع معرفة الظاهرة، و معرفة في الظاهرة.
فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحق علي غير علم لا يلحق بأهل المعرفة في الباطن علي بصيرتهم، و لا يصلوا بتلك المعرفة المقصّرة إلي حقّ معرفة اللّه كما قال في كتابه: وَ لٰا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفٰاعَةَ إِلّٰا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (1) فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليه قلبه علي بصيرة فيه، كذلك من تكلّم لا يعقد عليه قلبه، لا يعاقب عليه عقوبة من عقد عليه قلبه و ثبت علي بصيرة، فقد عرفت كيف كان حال رجال أهل المعرفة في الظاهر، و الإقرار بالحقّ علي غير علم في قديم الدهر و حديثه، إلي أن انتهي الأمر إلي نبيّ اللّه، و بعده إلي من صار، و إلي من انتهت إليه معرفتهم، و إنّما عرفوا بمعرفة أعمالهم و دينهم الذي دانوا اللّه به، المحسن بإحسانه و المسي ء بإساءته، و قد يقال أنه من دخل في هذا الأمر بغير يقين و لا بصيرة خرج منه كما دخل فيه، رزقنا اللّه و إيّاك معرفة ثابتة علي بصيرة.
و أخبرك إنّي لو قلت: أن الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و الحج، و العمرة، و المسجد الحرام، و البيت الحرام، و المشعر الحرام، و الطهور، و الاغتسال من الجنابة، و كلّ فريضة كان ذلك هو النبيّ الذي جاء به عند ربّه، لصدقت، ان ذلك كلّه انّما يعرف بالنبيّ، و لو لا معرفة ذلك النبيّ و الإيمان به و التسليم له ما عرف ذلك، فذلك من منّ اللّه علي من يمنّ عليه، و لو لا ذلك لم يعرف شيئا [من هذا] (2).ر.
ص: 119
فهذا كلّه ذلك النبيّ و أصله و هو فرعه، و هو دعاني إليه، و دلّني عليه، و عرفنيه، و أمرني به، و أوجب عليّ له الطاعة فيما أمرني به، لا يسعني جهله، و كيف يسعني جهله و من هو فيما بيني و بين اللّه، و كيف يستقيم لي لولا أنّي أصف أن ديني هو الذي أتاني به ذلك النبيّ أن أصف أن الدّين غيره، و كيف لا يكون ذلك معرفة الرجل و إنّما هو الذي جاء به عن اللّه، و إنّما أنكر الذي من أنكره بأن قالوا: أَ بَعَثَ اللّٰهُ بَشَراً رَسُولًا (1) ثم قالوا: أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنٰا فَكَفَرُوا (2) بذلك الرجل و كذّبوا به وَ قٰالُوا لَوْ لٰا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ (3) فقال: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتٰابَ الَّذِي جٰاءَ بِهِ مُوسيٰ نُوراً وَ هُديً لِلنّٰاسِ (4).
ثم قال في آية أخري: وَ لَوْ أَنْزَلْنٰا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لٰا يُنْظَرُونَ.
وَ لَوْ جَعَلْنٰاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنٰاهُ رَجُلًا (5) تبارك اللّه تعالي، إنّما أحبّ أن يعرف بالرجال، و أن يطاع بطاعتهم، فجعلهم سبيله و وجهه الذي يؤتي منه، لا يقبل اللَّه من العباد غير ذلك، لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون، و قال فيمن أوجب حجته لذلك: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ وَ مَنْ تَوَلّٰي فَمٰا أَرْسَلْنٰاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (6).
فمن قال لك: إنّ هذه الفريضة كلّها إنّما هي رجل و هو يعرف حدّ ما يتكلم به فقد صدق، و من قال علي الصفة التي ذكرت بغير الطاعة، لا يعني التمسك في الأصل بترك الفروع، لا يعني بشهادة أن لا إله إلّا للّه و بترك شهادة أن محمّدا رسول اللّه.0.
ص: 120
و لم يبعث اللّه نبيّا قطّ إلّا: بالبر، و العدل، و المكارم، و محاسن الأخلاق، و محاسن الأعمال، و النهي عن الفواحش ما ظهر و ما بطن، فالباطن منه ولاية أهل الباطن، و الظاهر منه فروعهم، و لم يبعث اللّه نبيّا قطّ يدعو إلي معرفة ليس معها طاعة في أمر و نهي.
فإنّما يقبل اللّه من العباد العمل بالفرائض التي افتراضها اللّه علي حدودها، مع معرفة من جاءهم من عنده و دعاهم إليه، فأوّل من ذلك معرفة من دعا إليه ثم طاعته فيما يقربه بمن لا طاعة له، و أنه من عرف أطاع، حرّم الحرام ظاهره و باطنه، و لا يكون تحريم الباطن و استحلال الظاهر، إنّما حرم الظاهر بالباطن و الباطن بالظاهر معا جميعا، و لا يكون الأصل و الفرع، و باطن الحرام حراما و ظاهره حلالا، و لا يحرّم الباطن و يستحل الظاهر، و كذلك لا تستقيم أن يعرف صلاة الباطن و لا يعرف صلاة الظاهر، و لا الزكاة و لا الصوم و لا الحج و لا العمرة و المسجد الحرام و جميع حرمات اللّه و شعائره.
و إن ترك لمعرفة الباطن، لأن باطنه ظهره، و لا يستقيم أن ترك واحدة منهما إذا كان الباطن حراما خبيثا، فالظاهر منه إنّما يشبه الباطن، و الباطن بالظاهر، فمن زعم أن تلك [انما] (1) هي المعرفة، و أنّه إذا عرف اكتفي بغير طاعة فقد كذب و أشرك ذاك، لم يعرف و لم يطع، و إنّما قيل: اعرف و اعمل ما شئت من الخير، فإنه لا يقبل ذلك منك بغير معرفة، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قلّ أو كثر، فإنه مقبول منك.
أخبرك أن من عرف أطاع، إذا عرف و صلّي و صام و اعتمر و عظّم حرمات اللّه كلّها، و لم يدع منها شيئا، و عمل بالبر كلّه و مكارم الأخلاق كلّها و يجتنب سيئها، و كل ذلك هو النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) أصله، و هو أصل هذار.
ص: 121
كلّه لأنه جاء و دلّ عليه و أمر به، و لا يقبل من أحد شيئا منه إلّا به.
و من عرف اجتنب الكبائر و حرّم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و حرّم المحارم كلّها، لأن بمعرفة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و بطاعته دخل فيما دخل فيه النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و خرج ممّا خرج منه النبيّ.
من زعم أنه يملك الحلال و يحرّم الحرام بغير معرفة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لم يحلّل للّه حلالا و لم يحرّم له حراما، و أنّه من صلّي و زكّي و حجّ و اعتمر فعل ذلك كلّه بغير معرفة من افترض اللّه عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك، و لم يصلّ و لم يصم و لم يزكّ و لم يحج و لم يعتمر و لم يغتسل من الجنابة و لم يتطهّر و لم يحرّم للّه حراما و لم يحلّل للّه حلالا، ليس له صلاة و إن ركع و سجد، و لا له زكاة و إن أخرج لكلّ أربعين درهما، و من عرفه و أخذ عنه أطاع اللّه.
و أمّا ما ذكرت أنّهم يستحلّون نكاح ذوات الأرحام التي حرم اللّه في كتابه، فإنّهم زعموا أنه إنّما حرّم علينا بذلك نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) فإن أحقّ ما بدأ منه تعظيم حقّ اللّه و كرامة رسوله و تعظيم شأنه [و ما] (1) حرّم اللّه علي تابعيه و نكاح نسائه من بعد قوله: وَ مٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ وَ لٰا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كٰانَ عِنْدَ اللّٰهِ عَظِيماً (2) و قال اللّه تبارك و تعالي: النَّبِيُّ أَوْليٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوٰاجُهُ أُمَّهٰاتُهُمْ (3) و هو أب لهم، ثم قال: وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ إِلّٰا مٰا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كٰانَ فٰاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ سٰاءَ سَبِيلًا (4).2.
ص: 122
فمن حرم نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لتحريم اللّه ذلك، فقد حرّم اللّه في كتابه العمّات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت و ما حرّم اللّه من إرضاعه، لأن تحريم ذلك تحريم نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، فمن حرم ما حرّم اللّه من الأمهات و البنات و الأخوات و العمات من نكاح نساء النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و من استحل ما حرّم اللّه فقد أشرك إذ اتخذ ذلك دينا.
و أمّا ما ذكرت أن الشيعة يترادفون المرأة الواحدة فأعوذ باللّه أن يكون ذلك من دين اللّه و رسوله، إنّما دينه أن يحلّ ما أحلّ اللّه و يحرّم ما حرّم اللّه سواء، و إنّ ممّا أحلّ اللّه المتعة من النساء في كتابه، و المتعة في الحج أحلّها ثم لم يحرمهما، فإذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة فعلي كتاب اللّه و سنّة نبيّه، نكاح غير سفاح، تراضيا علي ما أحبّا من الأجرة و الأجل، كما قال اللّه: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ (1) إن هما أحبّا أن يمدّا في الأجل علي ذلك الأجر فآخر يوم من أجلها قبل أن ينقضي الأجل قبل غروب الشمس مدّا فيه، و زادا في الأجل ما أحبّا، فإن مضي آخر يوم منه لم يصلح إلّا بأمر مستقبل، و ليس بينهما عدّة من سواه، فإن اتخذت سواه اعتدّت خمسة و أربعين يوما، و ليس بينهما ميراث، ثم إن شاءت تمتعت من آخر، فهذا حلال لها إلي يوم القيامة، و إن هي شاءت من عشرين إن ما بقيت في الدنيا، كلّ هذا حلال لهما علي حدود اللّه: وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ (2).
و إذا أردت المتعة في الحج فأحرم من العقيق و اجعلها متعة، فمتي ما قدمت طفت بالبيت و استلمت الحجر الأسود و فتحت به و ختمت سبعة1.
ص: 123
أشواط، ثم تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السّلام) ثم اخرج من البيت فاسع بين الصفا و المروة سبعة أشواط، تفتح بالصفا و تختم بالمروة، فإذا فعلت ذلك فصبرت حتي إذا كان يوم التروية صنعت ما صنعت بالعقيق، ثم أحرم بين الركن و المقام بالحج، فلم تزل محرما حتي تقف بالموقف، ثم ترمي الجمرات، و تذبح، و تحلّ، و تغتسل ثم تزور البيت، فإذا أنت فعلت ذلك فقد أحللت و هو قول اللّه: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (1) أن نذبح.
و أمّا ما ذكرت أنّهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض علي غيرهم، فإن ذلك ليس هو إلّا قول اللّه: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ (2).
إذا كان مسافرا و حضره الموت اثنان ذوا عدل من دينه، فإن لم يجدوا فآخران ممّن يقرءا القرآن من غير أهل ولايته تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَليٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقّٰا إِثْماً فَآخَرٰانِ يَقُومٰانِ مَقٰامَهُمٰا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيٰانِ (3) من أهل ولايته فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ لَشَهٰادَتُنٰا أَحَقُّ مِنْ شَهٰادَتِهِمٰا وَ مَا اعْتَدَيْنٰا إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الظّٰالِمِينَ. ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهٰادَةِ عَليٰ وَجْهِهٰا أَوْ يَخٰافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمٰانٌ بَعْدَ أَيْمٰانِهِمْ، وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اسْمَعُوا (4).
و كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين8.
ص: 124
المدعي و لا يبطل حقّ مسلم و لا يرد شهادة مؤمن، فإذا أخذ يمين المدعي و شهادة الرجل قضي له بحقّه و ليس يعمل بهذا، فإذا كان لرجل مسلم قبل آخر حقّ يجحده و لم يكن شاهد غير واحد، فإنّه إذا رفعه إلي ولاية الجور أبطلوا حقّه و لم يقضوا فيه بقضاء رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) كان الحق في الجور أن لا يبطل حقّ رجل فيستخرج اللّه علي يديه حقّ رجل مسلم، و يأجره اللّه و يجي ء عدلا كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) يعمل به.
و أمّا ما ذكرت في آخر كتابك أنّهم يزعمون أن اللّه ربّ العالمين هو النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و أنّك شبّهت قولهم بقول الذين قالوا في علي (عليه السّلام) ما قالوا، فقد عرفت أنّ السنن و الأمثال كائنة لم يكن شيئا فيما مضي إلّا سيكون مثله حتي لو كانت شاة بشاة و كان هاهنا مثله.
و اعلم أنه سيضل قوم بضلالة من كان قبلهم، كتبت فتسألني عن مثل ذلك ما هو و ما أرادوا به، أخبرك أن اللّه تبارك و تعالي هو خلق الخلق لا شريك له، له الخلق و الأمر و الدنيا و الآخرة و هو ربّ كلّ شي ء و خالقه، خلق الخلق و أحبّ أن يعرفوه بأنبيائه و احتج عليهم بهم (عليهم السّلام).
فالنبيّ هو الدليل علي اللّه، عبد مخلوق مربوب، اصطفاه بنفسه لرسالته، و أكرمه بها، فجعله خليفته في خلقه، و لسانه فيهم، و أمينه عليهم، و خازنه في السموات و الأرضين، قوله قول اللّه، لا يقول علي اللّه إلّا الحقّ، من أطاعه أطاع اللّه، و من عصاه عصي اللّه، و هو مولي من كان اللّه ربّه و وليّه، من أبي أن يقرّ له بالطاعة فقد أبي أن يقرّ لربه بالطاعة و بالعبودية، و من أقرّ بطاعته أطاع اللّه و هداه بالنبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) مولي الخلق جميعا، عرفوا ذلك أو (1)ه.
ص: 125
أنكروه، و هو الوالد المبرور فيمن أحبّه و أطاعه، و هو الوالد البار و مجانب الكبائر.
و قد كتبت لك ما سألتني عنه، و قد علمت أنّ قوما سمعوا صنعتنا هذه، فلم يقولوها (1) بل حرّفوها و وضعوها علي غير حدودها علي نحو ما قد بلغك، و احذر من اللّه و رسوله، و من يتعصّبون بنا أعمالهم الخبيثة، و قد رمانا الناس بها، و اللّه يحكم بيننا و بينهم، فإنه يقول: الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنٰاتِ الْغٰافِلٰاتِ الْمُؤْمِنٰاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيٰا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِمٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّٰهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (2).
و أمّا ما كتبت و نحوه، و تخوّفت أن تكون صفتهم من صفته فقد أكرمه اللّه عزّ و جلّ عمّا يقولون علوّا كبيرا، صفتي هذه صفة صاحبنا التي وصفنا له، و عندنا أخذناه، فجزاه اللّه عنّا أفضل الحقّ، فإن جزاءه علي اللّه، فتفهم كتابي هذا و القوّة للّه (3).
و رواه سعد بن عبد اللّه في كتاب البصائر، علي ما في مختصره للحسن بن سليمان الحلّي، عن القاسم بن الربيع الورّاق و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان (4). إلي آخر الخبر سندا و متنا باختلاف يسير.
و رواه القاضي نعمان في دعائم الإسلام، قال: و روينا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنه كتب إلي بعض أوليائه، قد كتب إليه بحال8.
ص: 126
قوم قبله (1)، و ذكر ملخصّ الخبر كما مرّ (2) في شرح حال دعائم الإسلام.
و بالجملة فالخبر في غاية الاعتبار، و كفي بمتنه شاهدا، و يظهر منه مضافا إلي براءة ساحة المفضّل عن الخطابية، الذين تضمّن الخبر مقالاتهم الفاسدة، و جلالة قدره التي يكشف عنها اهتمامه (عليه السّلام) بجواب كتابه بهذا البيان الطويل، سبب توهم من توهم فيه، فإن الظاهر أنه كان خالطهم و عاشرهم ليعرف مذاهبهم و طريقتهم و يستخرج من طواغيتهم مكنون سريرتهم فينهي أخبارهم إلي إمامه (عليه السّلام) علي بصيرة و روية، فظنّ الجاهل الغبيّ أو الحاسد الغوي (3) أنّه صبا إليهم و تدثّر بمذهبهم، إلي أن وقف عليهم ما أبداه في كتابه إليه (عليه السّلام) ثم صار مأمورا لإظهار البراءة منهم عليّ (4).
ح- ما رواه في الدعائم قال: ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليهما) من أجلّ دعاته، ثم أصابه ما أصاب المغيرة، فكفر و ادعّي أيضا النبوّة. إلي أن قال: فبلغ أمره جعفر بن محمّد (صلوات اللّه عليهما) فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه و تبرأ منه، و جمع أصحابه فعرفهم ذلك و كتب إلي البلدان بالبراءة منه، و عظم أمره علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فاستفظعه و استهاله.
قال المفضل: دخلت يوما علي أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فرأيته مقلوليا (5) متغيّظا مستعبرا، فقلت له: ما لك جعلت فداك؟0.
ص: 127
فقال: سبحان اللّه و تعالي عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا، أي مفضّل، زعم هذا الكذّاب الكافر أنّي أنا اللّه، سبحان اللّه و لا إله إلّا هو ربّي و ربّ آبائي، الذي خلقنا و هو أعطانا و خوّلنا، فنحن أعلام الهدي و الحجّة العظمي، أخرج إلي هؤلاء- يعني أصحاب أبي الخطاب- فقل لهم: إنّا مخلوقون و عباد مربوبون، و لكن لنا من ربّنا منزلة لم ينزلها أحد غيرنا، و لا تصلح إلّا لنا، و نحن من نور اللّه و شيعتنا منّا، و سائر الخلق في النار، و نحن جيران اللّه غدا في داره، فمن قبل منّا و أطاعنا فهو في الجنّة، و من أطاع الكافر الكذاب فهو في النار (1).
و من التأمّل في هذه الأخبار و ما تقدم، يظهر حاله في زمان الصادق (عليه السّلام) و بعده، و بعد وفاة إسماعيل، و في أيام أبي الحسن (عليه السّلام) ففي أيّ وقت صار خطابيّا ثم رجع؟! و أمّا حكاية ترك الصلاة مجاهرة بين أظهر مثل معاوية بن وهب، و إسحاق ابن عمّار، من أجلّاء أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ثم اعتذاره بما هو أشنع من جرمه لو صحت القصة؟! فعلائم الوضع منها لائحة، فإن المفضل كان في الظاهر معدودا من كبار أصحابه (عليه السّلام) فكيف يتجاهر بترك الصلاة بمرأي منهم؟! فإن كان في أيام خطابيّته فكيف خفي عليهما؟ و لم طلبا منه المرافقة مع أنّهم كانوا مأمورين بالمجانبة و البراءة؟
و لنعم ما قال المحقق السيد صدر الدين العاملي في تعليقته علي رجال أبي علي: الذي يخطر بالبال أن المفضّل كان صلّي و هم مشتغلون بالصلاة فلم يشعروا به، إمّا لأنّهم أطالوا في الصلاة و خفّف، أو لأنّهم اشتغلوا بالمقدمات و كان علي وضوء، أو لأنّهم تشاغلوا بالتعقيب و رأي أن يأتي به و هو راكب علي0.
ص: 128
حماره، أو لنحو ذلك، و لمّا كان قول الرجلين: إلا تصلّي؟ يتضمّن الاعتراض عليه في تغافله عن الصلاة و تكاسله عنها، لاعتقادهما أنه لم ينزل بعد، أجابهما جواب الظريف المداعب: بأنّي قد صلّيت قبل أن أخرج، و قصد صلاة الليل أو صلاة العشاءين أو نحو ذلك، و إلّا فدعوي إيقاع الصلاة قبل الفجر بأربع ساعات أو أكثر إقرار بترك الصلاة البتة، لأن الصلاة قبل وقتها ليست بصلاة، و من لا يستحي من التصريح بترك الصلاة أي شي ء يصنع بزيارة الحسين (عليه السّلام)؟!! الثاني: من الوجوه الدالة علي جلالة قدره تصريح جماعة من الأعلام بها، قال الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد: فممن روي صريح النص بالإمامة من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) علي ابنه أبي الحسن موسي (عليه السّلام) من شيوخ أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و خاصّته و بطانته و ظهارته (1) وثاقته الفقهاء الصالحين (رحمة اللّه عليهم) المفضل بن عمر الجعفي، و معاذ بن كثير، و عبد الرحمن بن الحجاج (2). الي آخره، ثم ابتدأ بخبره و ترحم عليه.
و قال شيخ الطائفة في كتاب الغيبة: و قبل ذكر من كان سفيرا حال الغيبة، نذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام و يتولّي له الأمر علي وجه من الإيجاز، و نذكر من كان ممدوحا منهم حسن الطريقة، و من كان مذموما سي ء الحال، ليعرف الحال في ذلك، و قد روي في بعض الأخبار أنّهم قالوا: خدّامنا شرار خلق اللّه، و هذا ليس علي عمومه، و إنّما قالوا لأن فيهم من غيّر و بدّل و خان علي ما سنذكره.
و قد روي محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن صالح الهمداني، قال: كتبت إلي صاحب الزمان (عليه السّلام): إنّ أهل8.
ص: 129
بيتي يؤذوني و يقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك (عليهم السّلام) أنّهم قالوا: خدّامنا شرار خلق اللّه، فكتب: و يحكم ما تقرءون ما قال اللّه تعالي:
وَ جَعَلْنٰا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَي الَّتِي بٰارَكْنٰا فِيهٰا قُريً ظٰاهِرَةً (1) فنحن و اللّه القري التي بارك فيها، و أنتم القري الظاهرة.
فمن المحمودين حمران بن أعين. إلي أن قال: و منهم المفضل بن عمر (2)، ثم ساق الأخبار الثلاثة التي تقدمت، فهو عند الشيخ من وكلائهم و قوّامهم الذين لم يغيّروا و لم يبدّلوا و لم يحرّفوا، ممن كان حسن المذهب محمود الطريقة.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب، في أحوال الصادق (عليه السّلام):
و من خواصّ أصحابه: معاوية بن عمّار، و زيد الشحام، و عبد اللّه بن أبي يعفور. إلي أن قال: و المفضل بن عمر الجعفي (3). الي آخره.
و عدّه الشيخ إبراهيم الكفعمي من البوابين (4)، و مرادهم من باب الإمام (عليه السّلام) علي ما يظهر من بعض قدماء الأصحاب هو بابه في العلوم و الأسرار.
و روي ابنا بسطام في طبّ الأئمة (عليهم السّلام): عن محمّد بن جعفر ابن علي البرسي، عن محمّد بن يحيي الأرمني، و كان بابا للمفضل بن عمر، و كان المفضل بابا لأبي عبد اللّه الصادق (عليه السّلام) (5) الخبر. الي آخره.8.
ص: 130
قال السيد المحقق صدر الدين العاملي: من نظر في حديث المفضّل المشهور عن الصادق (عليه السّلام) علم أن ذلك الخطاب البليغ و المعاني العجيبة و الألفاظ الغريبة لا يخاطب الإمام بها إلّا رجلا عظيما جليلا كثير العلم زكيّ الحسّ، أهلا لتحمل الأسرار الرفيعة و الدقائق البديعة، و الرجل عندي من عظم الشأن و جلالة القدر بمكان، انتهي.
قلت: قال السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب الأمان، في ذكر ما يصحبه المسافر معه من الكتب: و يصحب معه كتاب مفضّل بن عمر الذي رواه عن الصادق (عليه السّلام) في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي، و إظهار إسراره فإنه عجيب في معناه (1).
و قال في كشف المحجة فيما أوصي إلي ولده: انظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه الصادق (عليه السّلام) فيما خلق اللّه جلّ جلاله من الآثار (2).
و قال التقيّ المجلسي في شرح المشيخة: و اعلم أن للمفضل نسخة معروفة بتوحيد المفضل، كافية لمن أراد معرفة اللّه تعالي، و النسخة شاهدة بصحّتها، فينبغي أن لا يغفلوا عنها، لأن الغالب علي أبناء زماننا أنّهم يعتمدون في أصول الدين علي قول الكفرة، لأن أدلّتها عقلية و ليس فيها تقليد، و إنّما هو إراءة الطريق، و هذا النوع من الإراءة خير من إراءة الحكماء بكثير سيّما للعوام، و هي موافقة لما قال اللّه تعالي في القرآن و جميع كتبه و قاله الأنبياء و الأوصياء (عليهم السّلام) (3) انتهي.2.
ص: 131
قلت: و مضامين الكتاب كما قال (رحمه اللّه): من أقوي الشواهد بصحّتها، و في آخره قال (عليه السّلام): يا مفضّل خذ ما آتيتك و كن من الشاكرين، و لآلائه من الحامدين، و لأوليائه من المطيعين، فقد شرحت لك من الأدلة علي الخلق، و الشواهد علي صواب التدبير و العمل قليلا من كثير و جزءا من كلّ، فتدبّر، و ذكّر فيه و اعتبر به، فقلت: بمعونتك يا مولاي أقوي علي ذلك و أبلغه إن شاء اللّه تعالي، فوضع يده علي صدري فقال: احفظ بمشيّة اللّه [و لا تنس] (1) إن شاء اللّه تعالي، فخررت مغشيّا.
فلمّا أفقت قال: كيف تري نفسك يا مفضل؟ فقلت: قد استغنيت بمعونة مولاي و تأييده عن الكتاب الذي كتبته، و صار ذلك بين يدي كأنّما اقرأه من كفّي، فلمولاي الحمد و الشكر كما هو أهله و مستحقه، فقال: يا مفضل فرّغ قلبك و اجمع ذهنك و عقلك و طمأنينتك، فسألقي إليك من علم ملكوت السموات و الأرض و ما خلق اللّه بينهما، و فيهما من عجائب خلقه، و أصناف الملائكة و صفوفهم و مقاماتهم و مراتبهم إلي سدرة المنتهي، و سائر الخلق من الجن و الإنس إلي الأرض السابعة السفلي و ما تحت الثري، حتي يكون ما وعيته جزءا من أجزاء، انصرف إذا شئت مصاحبا ملكوءا فأنت منا بالمكان الرفيع، و موضعك من قلوب المؤمنين موضع الماء من الصدي، و لا تسألن عمّا و عدتك حتي أحدث لك منه ذكرا (2)، انتهي كلامه الشريف.
و يوجد في بعض المواضع حديث أوله: روي عن الشيخ الثقة الحسين ابن محمّد بن علي الحليّ، عن الشيخ السعيد أبي عبد اللّه الحسين بن أحمد، قال: حدثني جعفر بن مالك الفزاري الكوفي، عن عبد اللّه بن يونس الموصلي،0.
ص: 132
عن محمّد بن صدقة العبدي، عن محمّد بن سنان الزاهري، عن صفوان بن يحيي الكوفي، عن مفضّل بن عمر الجعفي، قال: قلت لمولانا الصادق: الوعد منه إليّ و قد خلوت به فوجدت منه فرصة أتمنّاها أسألك عمّا جري في خاطري. الخبر، و فيه مطالب غريبة غامضة لا توجد في غيره، و يحتمل أن يكون هو ما وعده (عليه السّلام) في آخر الخبر السابق، إلّا أنّي لم أجده في موضع يمكن الاعتماد عليه و النقل منه.
هذا و العالم الجليل الحسن بن علي بن شعبة عقد في كتابه تحف العقول بعد أبواب مواعظ الأئمة (عليهم السّلام) و حكمهم علي الترتيب بابا في مواعظ المفضل بن عمر، و ذكر فيه منه مواعظ شافية، روي أكثرها عن الصادق (عليه السّلام).
و مما فيه قال: و قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مرّة و أنا معه: يا مفضل كم أصحابك؟ فقلت: قليل، فلما انصرفت إلي الكوفة أقبلت عليّ الشيعة فمزّقوني كلّ ممزق، يأكلون لحمي و يشتمون عرضي، حتي أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي، و بعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي، و رموني بكلّ بهتان، حتي بلغ ذلك أبا عبد اللّه (عليه السّلام).
فلما رجعت إليه في السنة الثانية، كان أوّل ما استقبلني به بعد تسليمه عليّ أن قال: يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك و فيك؟ قلت:
و ما عليّ من قولهم، قال: أجل بل ذلك عليهم، أ يغضبون- بؤسا لهم- أنّك قلت أن أصحابك قليل؟! لا و اللّه ما هم لنا شيعة، و لو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك و ما اشمأزوا منه، لقد وصف اللّه شيعتنا بغير ما هم عليه، و ما شيعة جعفر إلّا من كفّ لسانه، و عمل لخالقه، و رجا سيّده و خاف اللّه حقّ خيفته، ويحهم أ فيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة؟ أو قد صار كالتائه من شدّة
ص: 133
الخوف؟ أو كالضرير من الخشوع؟ أو كالضنّي من الصيام؟ أو كالأخرس من طول الصمت و السكوت؟ و هل فيهم من قد أدأب ليله من طول القيام؟ و أدأب نهاره من الصيام؟ أو منع نفسه لذّات الدنيا و نعيمها خوفا من اللّه و شوقا إلينا- أهل البيت- انّي يكونون لنا شيعة؟ و إنّهم ليخاصمون عدوّنا فينا حتي يزيدوهم عداوة، ليهرون هرير الكلب و يطمعون طمع الغراب، أما إنّي لولا أتخوف عليهم أن اغويهم بك لأمرتك أن تدخل بيتك و تغلق بابك ثم لا تنظر إليهم ما بقيت، و لكن إن جاؤك فاقبل منهم، فإن اللّه قد جعلهم حجّة علي أنفسهم و احتج بهم علي غيرهم (1).
و من هذا الخبر و جملة ممّا سبق يظهر كثير من أسباب عداوة أهل عصره له، و حسدهم المورث لافترائهم عليه و بهتانهم به، و نسبته إلي المذاهب الفاسدة التي منشأها كلام الكشي، و دعوي الخطابية و الطيّارة أنه منهم كما هو عادة أمثالهم من عدّ الأجلّاء من زمرتهم لتكثير سوادهم، و الحمد للّه الذي أظهر طهارة ذيله عن هذه الأرجاس بما شرحناه.
الثالث: رواية ابن أبي عمير عنه، قال الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة: حدثنا محمّد بن أبي عمير (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: سئل رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) عن الدجّال (2).
الخبر.
و في تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في قوله تعالي:ه.
ص: 134
وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (1) (2). الخبر.
و في كمال الدين و العيون بإسناده: عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): لمّا اسري بي إلي السماء، أوحي إليّ ربّي جلّ جلاله (3).
الخبر.
الرابع: رواية الأجلّاء عنه مثل: محمّد بن مسلم كما في بصائر الصفار، بإسناده: عن فضالة، عن محمّد بن مسلم، عن المفضل بن عمر، قال: حمل إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) مال من خراسان مع رجلين من أصحابه (4). الخبر.
و جعفر بن بشير الجليل، الذي عدّت روايته عن أحد من أمارات الوثاقة لقولهم فيه: روي عن الثقات و رووا عنه، كما في الكافي في باب المؤمن و علاماته (5)، و في الاستبصار في باب من مسّ لحيته فسقط منها شعر (6)، و في كمال الدين (7).
و محمّد بن سنان (8)، و منصور بن يونس (9)، و خلف بن حمّاد (10)، و الحسن6.
ص: 135
ابن رباط (1)، و زرعة (2)، و عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (3) الذي عدّه النجاشي من شيوخ أصحابنا (4).
و يونس بن عبد الرحمن- من أصحاب الإجماع- في الكافي في كتاب الصوم (5)، و في باب فضل فقراء المسلمين (6).
و عثمان بن عيسي- من أصحاب الإجماع- كما في الكافي في باب اخوة المؤمنين (7)، و في باب الطاعة و التقوي (8).
و عمر بن أبان الكلبي (9).
و روي عنه ابن أبي عمير (10)، و الحسن بن محبوب (11)، و في جملة من الأخبار بواسطة واحدة، و قد أكثر المشايخ كالكليني، و الصفار، و سعد بن عبد اللّه- في كتبهم- و الصدوق- في كتبه- و الشيخ- في كتبه- من نقل رواياته، في أبواب التوحيد، و المعاجز و الفضائل، و الأدعية و الزيارات، و الأحكام، و كلّها سديدة، و منافية لطريقة الغلاة و الطيارة و الخطابيّة، و تلقّاها الأصحاب بالقبول، و انحصار جملة منها في خبره كما لا يخفي، فلا يصغي إلي تضعيف النجاشي، و الغضائري خلافا للشيخين الجليلين، و قد عرفت منشأه الغيري.
ص: 136
القابل لمقاومة ما فصلناه.
و أمّا إسماعيل (1)، فغير مذكور في الرجال، و في العدة: و الظاهر أنه هو الذي قال فيه ابن حجر في مناقبه: إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك والد محمّد، و ذكر أنّهما صدوقان (2)، انتهي، و في التقريب (3) مثله.
و في الفقيه في باب الدين و القرض: و روي إسماعيل بن قديد (4)، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: إن اللّه عزّ و جلّ مع صاحب الدين حتي يؤدّيه، ما لم يأخذه ممّا يحرم عليه (5)، و فيه إشعار بتشيّعه مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
محمّد بن موسي، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي، عن صفوان بن يحيي، عنه (6).
و السند صحيح، و ليس فيه من يتأمّل فيه، سوي محمّد بن عيسي الذي ضعّفه بعضهم، و توقّف فيه آخرون، و الحقّ أنّه ثقة ثبت جليل لقوّة ما دلّ عليه، و ضعف ما جرحوه به.
أما الأول فهي أمور:
أ- ما في النجاشي: محمّد بن عيسي بن عبيد بن يقطين بن موسي مولي أسد بن خزيمة أبو جعفر، جليل في أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، حسن
ص: 137
التصانيف، يروي عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) مكاتبة و مشافهة (1).
ب- رواية الأجلّاء عنه، و إكثارهم منها، بحيث يظهر اعتمادهم عليه، مثل: محمّد بن الحسن الصفار (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (4)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (5)، و علي بن محمّد بن بندار (6) - شيخ ثقة الإسلام الكليني- و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و أحمد بن محمّد بن عيسي كما في التهذيب في باب كيفيّة الحكم (8)، و في باب الزيادات في كتاب الوصايا (9)، و غيرها.
و أحمد بن محمّد بن خالد (10)، و علي بن إبراهيم (11)، و أبوه إبراهيم بن هاشم (12)، و سهل بن زياد (13)، و علي بن الحسن بن فضّال (14)، و الشيخ العديم8.
ص: 138
النظير حمدويه ابن نصير (1)، و محمّد بن يحيي (2)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (3)، موسي بن الحسن (4) و هو الأشعري الثقة الجليل، و محمّد بن نصير (5) و الظاهر أنّه الكشي الثقة الجليل، و إبراهيم بن إسحاق الأحمر (6)، و الحسين بن عبيد اللّه (7)، و علي بن محمّد بن شيرة القاساني (8)، و جبرئيل بن أحمد الفاريابي (9).
ج- ما في رجال الكشي، و نقله عنه النجاشي أيضا في رجاله: عن علي ابن محمّد القتيبي، قال: كان الفضل يحبّ العبيدي و يثني عليه و يمدحه و يميل إليه و يقول: ليس في أقرانه مثله (10)، و قال النجاشي بعد نقله: و بحسبك هذا الثناء من الفضل (11)، انتهي، و هو كما قال، فإنه معاصره و شريكه في التّلمّذ و الأخذ عن يونس، و أعرف به من غيره، مع ما هو عليه من علوّ المقام و جلالة القدر و البراءة عن المجازفة في الكلام.
د- ما في النجاشي: في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيي بعد ما نقل عن ابن الوليد، أنه استثني من رجال نوادر الحكمة جماعة عدّهم، و فيهم العبيدي:
قال أبو العباس بن نوح: و قد أصاب شيخنا أبو جعفر (رحمه اللّه) في ذلك كلّه،6.
ص: 139
و تبعه أبو جعفر بن بابويه علي ذلك، إلّا في محمّد بن عيسي بن عبيد، فلا أدري ما رأيه فيه، لأنه كان علي ظاهر العدالة و الثقة (1).
ه- ما في الكشي: في ترجمة محمّد بن سنان ما لفظه: روي عنه الفضل و أبوه، و يونس، و محمّد بن عيسي، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و الحسن و الحسين ابنا سعيد الأهوازيان، و أيوب بن نوح، و غيرهم من العدول و الثقات من أهل العلم (2)، انتهي، و هذا تصريح منه بوثاقة جماعة، منهم محمّد بن عيسي، و يأتي جملة من مدائحه متفرقا.
و أمّا الثاني فهو أيضا أمور:
أ- ما في النجاشي قال: ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنه قال:
ما تفرّد به محمّد بن عيسي من كتب يونس و حديثه لا يعتمد عليه، و رأيت أصحابنا ينكرون هذا القول و يقولون: من مثل أبي جعفر محمّد بن عيسي، سكن بغداد (3).
ب- ما في الفهرست للشيخ: أنه ضعيف، استثناه أبو جعفر بن بابويه. من رجال نوادر الحكمة و قال: لا أروي ما يختص بروايته (4).
ج- ما فيه أيضا قال: و قيل: أنه كان يذهب مذهب الغلاة (5).1.
ص: 140
و مرجع هذه الوجوه إلي واحد هو استثناء ابن الوليد عن رجال النوادر الذي لم يعلم وجهه، كما اعترف به ابن نوح من أئمة علم الرجال، و يحتمل أن يكون أحد وجهين:
الأول: الغلوّ كما نسبه الشيخ إلي القيل، و هو الأصل غالبا في سبب تضعيفه.
و يردّه مضافا إلي رواية أجلّاء أهل بلده عنه خصوصا الأشعريين، و فيهم مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي، و خلو رواياته عمّا يوهمه، و إنكار الأصحاب علي الصدوق، و ردّه متفرداته عن يونس بأنه لا نظير له.
ما رواه الكشي في ترجمة القاسم اليقطيني من كبار الغلاة: عن سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن عيسي، قال:
كتب إليّ أبو الحسن العسكري (عليه السّلام) ابتداء منه: لعن اللّه القاسم اليقطيني، و الآخر علي بن حسكة القمي، إن شيطانا يتراءي للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غرورا (1).
و في ترجمة الحسن بن محمّد- المعروف بابن بابا القمّي، و هو أيضا من كبارهم-: قال سعد: حدّثني العبيدي، قال: كتب إليّ العسكري (عليه السلام)، ابتداء منه: أبرأ إلي اللّه من الفهري (2)، و الحسن بن محمّد بن بابا القمي، فابرأ منهما، فإني محذّرك و جميع مواليّ، و إنّي ألعنهما عليهما لعنة اللّه، مستأكلين، يتأكّلان بنا الناس، فتّانين مؤذيين، آذاهما اللّه و أركسهما في الفتنة ركسا، يزعم ابن بابا أنّي بعثته نبيّا، و أنّه باب، ويله لعنه اللّه، سخر منه الشيطان فأغواه،».
ص: 141
فلعن اللّه من قبل منه ذلك، يا محمّد، إن قدرت أن تشدخ رأسه بحجر فافعل، فإنه قد آذاني، آذاه اللّه في الدنيا و الآخرة (1).
و في ترجمة ابن أبي الزبرقاء و غيره: حدثني محمّد بن قولويه و الحسين بن الحسن بن البندار القمي، قالا: حدثنا سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني محمّد ابن عيسي بن عبيد، قال: حدثني إسحاق الأنباري، قال: قال لي أبو جعفر الثاني (عليه السّلام): ما فعل أبو السمهري لعنه اللّه؟! يكذب علينا و يزعم أنه و ابن أبي الزبرقاء دعاة إلينا، أشهدكم أنّي أتبرأ إلي اللّه جلّ جلاله منهما، انّهما فتانان (2) ملعونان، يا إسحاق أرحني منهما يرح اللّه عزّ و جلّ بعيشك في الجنّة، فقلت له: جعلت فداك [يحلّ لي] (3) قتلهما؟
فقال: إنّهما فتّانان يفتنان الناس، و يعملان في خيط رقبتي و رقبة موالي، فدماؤهما هدر للمسلمين، و إيّاك و الفتك فإنّ الإسلام قد قيّد الفتك، و أشفق إن قتلته ظاهرا أن تسأل لم قتلته و لا تجد السبيل إلي تثبيت حجته، و لا يمكنك إدلاء الحجة فتدفع ذلك عن نفسك، فيسفك (4) دم مؤمن من أوليائنا بدم كافر، عليكم بالاغتيال، قال محمّد بن عيسي: فما زال، إسحاق يطلب ذلك أن يجد السبيل إلي أن يغتالهما بقتل، و كانا قد حذّراه لعنهما اللّه (5).
و عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد و محمّد بن عيسي، عن علي ابن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الأزدي، عن أبان بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: لعن اللّه عبد اللّه بن سبإ، أنّه ادّعي الربوبية3.
ص: 142
في أمير المؤمنين (عليه السّلام) و كان و اللّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) عبد اللّه طائعا، ويل لمن كذب علينا، و إنّ قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلي اللّه منهم، نبرأ إلي اللّه منهم (1).
و عن حمدويه و إبراهيم، عن العبيدي، عن ابن أبي عمير، عن المفضل بن يزيد، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام)- و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة فقال لي-: يا مفضّل لا تقاعدوهم، و لا تؤاكلوهم، و لا تشاربوهم، و لا تصافحوهم، و لا تؤاثروهم (2) (3).
و عن حمدويه و إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمزة، قال أبو جعفر محمّد بن عيسي: و لقد لقيت محمّدا رفعه إلي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: جاء رجل إلي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) فقال: السّلام عليك يا ربّي! فقال: ما لك لعنك اللّه، ربّي و ربّك اللّه، أما و اللّه لكنت ما علمتك لجبانا في الحرب، لئيما في السلم (4).
و روي في ترجمة بشار الشعيري (5)، و محمّد بن بشير (6)، و محمّد بن فرات (7) - من كبار الغلاة- عنه أخبارا كثيرة، صريحة في اللعن عليهم، و التبري منهم، و فساد مذهبهم، لا حاجة إلي نقلها.
الثاني: ما يظهر من التقي المجلسي في الشرح حيث قال: و الذي يخطر بالبال أن تضعيف الشيخ باعتبار تضعيف ابن بابويه، و تضعيفه باعتبار ابن8.
ص: 143
الوليد كما صرّح به مرارا، و تضعيف ابن الوليد لكون اعتقاده أنه يعتبر في الإجازة أن يقرأ علي الشيخ، أو يقرأ الشيخ و يكون فاهما لما يرويه، و كان لا يعتبر الإجازة المشهورة بأن يقول: أجزت لك أن تروي عني، و كان محمّد بن عيسي صغير السن و لا يعتمدون علي فهمه عند القراءة، و لا علي إجازة يونس له، و لهذا ضعّفه (1)، انتهي، ثم أخذ في ردّه.
و ربّما يؤيد ما ذكره ما في النجاشي، قال: قال أبو عمرو الكشي: نصر ابن الصباح يقول: إنّ محمّد بن عيسي بن عبيد بن يقطين أصغر في السن أن يروي عن ابن محبوب (2).
و فيه: أولا ما صرح به المحقق السيد صدر الدين العاملي: من أن ما ذكره المجلسي من أن محمّدا كان صغير السن و لا يعتمدون علي فهمه عند القراءة و لا علي إجازة يونس له فشي ء لا أعرف من أين أخذه، و قد راجعت رجال النجاشي، و الكشي، و الشيخ في الفهرست، و النقد، و رجال ابن داود، فلم أجد من التصريح بذلك شيئا، و كأن المجلسي استنبط صغره من ذكرهم عدم الاعتداد، انتهي، و هو كما قال.
و راجعت غير ما ذكره من المآخذ فلم نجد له أثرا، نعم ربّما يومئ إليه استثناء خصوص روايته عن يونس، فإنّه لو كان لضعف فيه لعمّ الاستثناء، و لا وجه له إلّا الصغر عند التحمل، و لكن يوهنه ما يأتي.
و ثانيا: أن الصغر حين الأخذ عن ابن محبوب- كما في النجاشي- أو عن يونس لا يوجب الضعف في نفسه بالنسبة إلي الرواية عنهما، فضلا عن الحكم به علي الإطلاق، مع أنه غير واقع من أصله.
أمّا بالنسبة إلي ابن محبوب فلوجوه:6.
ص: 144
أ- إن الموجود في نسخ الكشي الموجودة هكذا: قال نصر بن الصباح:
محمّد بن عيسي من صغار من روي عن ابن محبوب في السن (1)، فما في النجاشي و هم، فكأنّه رآه في الكشي في وقت، و طال العهد، و لم يراجع في وقت التأليف، فأثبت ما في حفظه الذي غيره طول الزمان.
ب- إنّ وفاة ابن محبوب في سنة 224، و كان من أبناء خمس و سبعين سنة، فيكون بعد وفاة أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) بأربع سنين، لكونه في سنة عشرين، و بعد وفاة والده الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) بواحد و عشرين سنة، لكونه في سنة ثلاث و مائتين.
و لم يشكّ أحد في روايته عن الرضا (عليه السّلام) فكيف بمن تأخر عنه (عليه السّلام) بما عرفت، و ذكره الشيخ في أصحاب الرضا (عليه السّلام) و قال: بغدادي (2)، بل الظاهر أنه كان في عصره (عليه السّلام) قابلا لكلّ شي ء.
فروي الشيخ في التهذيب بإسناده عن: محمّد بن أحمد بن يحيي، عن محمّد بن عيسي اليقطيني، قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) رزم ثياب و غلمانا، و حجّة لي، و حجّة لأخي موسي بن عبيد، و حجّة ليونس بن عبد الرحمن، فأمرنا أن نحج عنه، فكانت بيننا مائة دينار أثلاثا فيما بيننا، فلما أردت أن أعبّئ الثياب رأيت في أضعاف الثياب طينا، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: ليس يوجّه بمتاع إلّا جعل فيه طينا من قبر الحسين (عليه السّلام).
ثم قال الرسول: قال أبو الحسن (عليه السّلام): هو أمان بإذن اللّه، و أمر (عليه السّلام) بالمال بأمور: من صلة أهل بيته،6.
ص: 145
و قوم محاويج لا مئونة لهم، و أمر بدفع ثلاثمائة دينار إلي رحيم (1)م.
ص: 146
امرأته (1)، و أمرني أن أطلّقها عنه، و أمتعها بهذا المال، و أمرني أن اشهد علي طلاقها صفوان بن يحيي و آخر، نسي محمّد بن عيسي [اسمه] (2).
و السند و إن انتهي إليه، لكن بعد وثاقته و عدالته لا يقدح في التمسك به للمطلوب من انّه كان في عصره (عليه السّلام) قابلا لإرسال المال إليه مع كثرته، فإنه كان للمرأة ثلاثمائة دينار، و للحجّة مائة، و للصلة ما لم يذكر قدره، فكيف يكون صغيرا و الإمام (عليه السّلام) يستنيبه للحج عنه؟ و يرسل نفقة النائبين الآخرين إليه، و أحدهما مثل يونس؟ و يرسل إليه صلات أهل بيته و صلات الفقراء؟ و يوكّله في طلاق زوجته؟ و في هذه الأمور من الدلالة علي علوّ شأنه و جلالة قدره و رفعة مقامه فضلا عن عدالته و ثقته ما لا يخفي.
ج- إن محمّد بن عيسي يروي عن حنّان بن سدير كما يأتي (3) في ذكر طريق الصدوق إليه، و حنّان من أصحاب الصادق (عليه السّلام) كما صرّح به النجاشي (4)، و الشيخ في رجاله (5)، بل أدرك الباقر (عليه السّلام).
ففي التهذيب في باب المواقيت للحج: موسي بن القاسم، عن حنّان ابن سدير، قال: كنت أنا و أبي و أبو حمزة الثمالي و عبد الرحيم القصير و زيادظ.
ص: 147
الأحلام فدخلنا علي أبي جعفر (عليه السّلام) (1). الخبر.
فما في الكشي: سمعت حمدويه ذكر عن أشياخه: أنّ حنّان بن سدير واقفي، أدرك أبا عبد اللّه (عليه السّلام) و لم يدرك أبا جعفر (عليه السّلام) (2) فالمراد بأبي جعفر هو الجواد (عليه السّلام) لا الباقر (عليه السّلام) كما صرّح به المجلسي (3)، بل في الكافي في باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي: روي الفضل بن شاذان، قال: روي حنّان، قال: كنت جالسا عند سويد بن غفلة (4)، و مثله في التهذيب في باب ميراث الموالي مع ذوي الأرحام (5)، و سويد مات سنة 80 في عهد الحجاج (6).
د- إنّ محمّد بن عيسي يروي عن السكوني المعروف كما في الكافي في باب ترتيل القران (7)، و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (8)، و لم يذكر السكوني أحد في غير أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9) فلاحظ.
و أمّا الثاني (10): فلأن وفاة يونس كانت بعد وفاة مولانا الرضا (عليهب.
ص: 148
السّلام) بخمس سنين، فمن يروي عن الرضا (عليه السّلام) و يعدّ من أصحابه كيف يكون غير قابل للرواية عن يونس لصغره، مضافا إلي الخبر السابق، و مشاركته معه في النيابة للحج، بل في أصحاب الهادي (عليه السّلام) من رجال الشيخ: محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطيني يونسي (1)، و هو شاهد في شدّة اختصاصه به، المحتاج إلي ملازمته إيّاه مدّة، و لا يتحقق ذلك في أيام الصغر.
هذا و روي الكشي: عن سعد بن جناح الكشي، قال: سمعت محمّد ابن إبراهيم الورّاق السمرقندي يقول: خرجت إلي الحج، فأردت أن أمرّ علي رجل من أصحابنا- معروف بالصدق و الصلاح و الورع و الخير- يقال له: بورق البوشنجاني (2)،- قرية من قري هراة- و أزوره و أحدث به عهدي، قال:
فأتيته، فجري ذكر الفضل بن شاذان (رحمه اللّه) فقال بورق: كان الفضل به بطن، شديد العلّة، و يختلف في الليل مائة مرّة إلي مائة و خمسين مرّة.
فقال بورق: خرجت حاجّا فأتيت محمّد بن عيسي العبيدي و رأيته شيخا فاضلا، في أنفه عوج (3)، و هو القنا (4)، و معه عدّة، فرأيتهم مغتمين محزونين، فقلت لهم: ما لكم؟ فقالوا: إن أبا محمّد (عليه السّلام) قد حبس، فقال بورق: فحججت و رجعت، ثم أتيت محمّد بن عيسي، و وجدته قد انجلي عنه ما كنت رأيت به، فقلت: ما الخبر؟ فقال: قد خلّي عنه (5)، الخبر.
و عن جعفر بن معروف، قال: صرت إلي محمّد بن عيسي لأكتب عنه،3.
ص: 149
فرأيته يتقلنس (1) بالسواد، فخرجت من عنده و لم أعد إليه، ثم اشتدت ندامتي لما تركت من الاستكثار منه لما رجعت، و علمت أنّي قد غلطت (2).
هذا خلاصة ما يتعلق بالعبيدي، و من أراد الوقوف علي كلمات القوم و اختلافهم فيه الراجع إلي ما ذكرنا مدحا و قدحا فعليه بتكملة الرجال للعالم الجليل الشيخ عبد النبيّ الكاظمي، و برسالة السيد الأجل الناقد السيد محمّد باقر (3) (قدّس سرّه) فيه.
و أمّا إسماعيل بن جابر: فهو ثقة، من أرباب الأصول التي يرويها عنه صفوان (4)، و يروي عنه أيضا محمّد بن سنان (5)، و علي بن النعمان (6)، و عثمان ابن عيسي (7)، و حمّاد بن عثمان (8)، و عبد اللّه بن المغيرة (9)، و عبد اللّه بن مسكان (10)، و الحسين بن عثمان (11)، و موسي بن القاسم (12)، و ابن أبي عمير (13)، و جعفر بن بشير (14)، و معاوية بن وهب (15)، و إسحاق بن عمّار (16)، و غيرهم من3.
ص: 150
الأجلّاء.
محمّد بن علي ماجيلويه (1)، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد ابن سنان و صفوان بن يحيي، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي (2).
و محمّد بن علي من مشايخ إجازة الصدوق، الذي أكثر من الرواية عنه في المشيخة، و الخصال (3)، و الأمالي (4)، و العيون (5)، و التوحيد (6)، مترحّما
ص: 151
مترضيا في جميع المواضع.
و صحّح العلامة طريق الفقيه إلي: منصور بن حازم (1)، و معاوية بن وهب (2)، و فيهما محمّد بن علي، و وثقه الآميرزا محمّد في باب الألقاب من كتابه تلخيص الرجال (3).
و عمّه محمّد من أجلّاء الثقات، كأحمد البرقي.
و أمّا أبوه محمّد فهو ثقة علي ما صرّح به الشيخ في رجاله (4)، و العلامة في الخلاصة (5)، و صحح طرق الصدوق إلي جماعة هو فيها، كطريقه إلي إسماعيل ابن رباح (6)، و إلي الحارث بن المغيرة النضري (7)، و إلي حفص بن غياث (8)، و إلي حكم بن حكيم (9).
و يروي عنه أجلّاء المشايخ و عيون الطائفة، كالفقيه محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي (10)، و محمّد بن الحسن الصفار (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و جميل بن درّاج، أو جميل بن صالح كما في التهذيب في باب الزيادات في فقه النكاح (13).8.
ص: 152
و محمّد بن علي بن محبوب (1)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (2)، و إبراهيم ابن إسحاق الأحمري النهاوندي (3)، و السندي بن الربيع (4)، الذي يروي عنه صفوان (5)، و محمّد بن عبد الجبار (6)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (7)، و الثقة الثبت الحسن بن علي بن النعمان (8)، و غيرهم.
و يروي عن جعفر بن بشير (9) الذي قالوا فيه: روي عنه الثقات (10).
و قول النجاشي: و كان محمّد ضعيفا في الحديث، و كان أديبا حسن المعرفة بالأخبار و علوم العرب (11)، لا يدلّ علي ضعفه في نفسه، و لذا قدّم العلامة (12) و جملة من المحققين توثيق الشيخ (13) عليه، مع بنائهم علي تقديم قول الجارح خصوصا إذا كان مثل النجاشي الضابط.
و في تكملة الكاظمي: و المشهور بين الفقهاء العمل بروايته كما اعتمده العلامة، و حيث كان الجارح له هو النجاشي و هو أسطوانة أهل هذا الفن، و لا مجال لردّ كلامه، أخذوا في تأويل كلامه (14).9.
ص: 153
و أطال الكلام في نقل كلماتهم، و حاصل ما ارتضاه أن المراد: أنه يروي عن الضعفاء، و هو كلام متين.
و أمّا إسماعيل: فهو الفقيه الذي قالوا فيه: كان وجها في أصحابنا هو و أبوه و عمومته، و أنه أوجههم (1).
و يروي عنه: جميل بن دراج (2) كثيرا، و حمّاد بن عثمان (3)، و أبان بن عثمان (4)، و صفوان بن يحيي (5) - و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و روايتهم أو رواية الأخير من أمارات الوثاقة- و محمّد بن سنان (6)، و الثقة الجليل محمّد بن سماعة (7).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه (8).
و السند صحيح مرّ ذكر رجاله سوي عليّ، و هو أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي القاسم عبد اللّه أو عبيد اللّه الملقب ببندار بن عمران الجنابي البرقي، ابن بنت أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي من مشايخ ثقة الإسلام، المذكور في بعض
ص: 154
عدده، الذي يعبّر عنه في أوّل السند تارة: بعلي بن محمّد (1)، و أخري: بعلي ابن محمّد بن عبد اللّه (2)، و ثالثة: بعلي بن محمّد بن بندار (3).
و قال في حقّه النجاشي: ثقة فاضل فقيه أديب، رأي أحمد بن محمّد البرقي و تأدّب عليه، و هو ابن ابنته (4)، و صحّح العلامة طريق الفقيه إلي الحارث بن المغيرة و هو فيه (5).
و أمّا إسماعيل: فلم يذكر حاله، إلّا أنّه يروي عنه ابن أبي عمير كما هنا، و في التهذيب في باب زيارة البيت (6)، و في باب أوقات الصلوات (7)، و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (8)، و لا يروي إلّا عن ثقة.
عنه (1).
و إسماعيل غير مذكور، و يشير إلي مدحه- مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتبرة و ذكر الطريق إليه- ما في التهذيب في باب الزيادات في الحدود (2)، و في الكافي في كتاب الحدود: عن أحمد بن محمّد بن في مسائل إسماعيل ابن عيسي عن الأخير (عليه السّلام) (3)، في مملوك يعصي صاحبه أ يحل ضربه أم لا؟ فقال (عليه السّلام): لا يحل أن يضربه، إن وافقك فأمسكه، و إلّا فخلّ عنه (4).
و الظاهر أن المراد ابن عيسي، فإنه يروي عن أبيه سعد عنه، كما في التهذيب في باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم شهر رمضان (5)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (6)، و في باب أن الثّيب وليّ نفسها (7)، و فيه مدح ظاهر.
و في الخبر كما في التعليقة إشارة إلي معروفيته و كونه معتمدا و صاحب مسائل معروفة معهودة (8).
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن الفضل بن إسماعيل بن الفضل، عن
ص: 156
أبيه إسماعيل بن الفضل الهاشمي (1).
و أمّا جعفر: فهو من مشايخ الصدوق، الذي قد أكثر من الرواية عنه مترحما مترضيا (2).
و الحسين: من أجلّاء مشايخ ثقة الإسلام، و جدّه عامر بن محمّد بن عمران الأشعري، و صرّح في باب المستأكل بعلمه و مواضع أخر باسم جدّه عامر (3)، و في باب النوادر بعده: بكونه أشعريا (4)، و يذكر تارة باسم جدّه عمران فيقال: الحسين بن محمّد بن عمران (5)، ثقة لا مغمز فيه.
و عمّه عبد اللّه: من الثقات المعروفين، و أجلّاء مشايخ أصحابنا الأشعريين (6).
و عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم البجلي: ممّن وثقه النجاشي مرتين (7).
و المفضل (8): غير مذكور، و لكن وجود ابن أبي عمير في السند يكفي في الحكم بصحته علي ما هو المختار.
و إسماعيل: ثقة، جليل القدر، و هو ابن الفضل بن يعقوب بن فضل ابن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.ظ.
ص: 157
في ذكر الحقوق عن علي بن الحسين سيّد العابدين (عليهما السّلام): علي بن أحمد بن موسي (رضي اللّه عنه) عن محمّد بن جعفر الكوفي الأسدي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد اللّه بن أحمد، عن إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) (1) و في بعض النسخ عبيد اللّه بن أحمد.
و حال علي بن أحمد كحال إخوانه من مشايخ الصدوق (2).
و محمّد بن جعفر: من وكلاء الصاحب (عليه السّلام) و من الذين رأوه و وقفوا علي معجزته كما صرّح به الصدوق في كمال الدين (3)، و في النجاشي:
ثقة صحيح الحديث (4)، و هو من مشايخ ثقة الإسلام، و ما قيل فيه غير قابل للجرح و لا للمعارضة.
و صرّح النجاشي بأن البرمكي كان ثقة مستقيما (5)، فلا يصغي إلي تضعيف ابن الغضائري تبعا (6) للعلامة (7) و من تبعه من المحققين.
ص: 158
و أمّا عبد اللّه: فقد صرّح في شرح المشيخة أنه ابن نهيك الثقة الصدوق المعروف (1).
فالسند صحيح، و للنجاشي (2) أيضا إلي كتاب أبي حمزة- و هو المشتمل علي الحديث المذكور- طريق صحيح ذكرناه في أبواب جهاد النفس (3).
[37] لز- و إلي إسماعيل بن مسلم السكوني (4):أبوه و محمّد بن الحسن (رضي اللّه عنه) عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عنه (5).
أمّا النوفلي: فقال النجاشي: كان شاعرا أديبا، و سكن الري و مات بها، و قال قوم من القميين: أنه غلا في آخر عمره و اللّه أعلم، و ما رأينا له رواية تدلّ علي هذا (6)،. إلي آخره، و ذكر الشيخ في الفهرست كتابا له، و ذكر الطريق إليه من غير إشارة إلي غلوّه (7).
و قال فخر المحققين في الإيضاح: احتج الشيخ بما رواه عن السكوني في الموثق عن الصادق (عليه السّلام) قال: السحت: ثمن الميتة (8). إلي آخره، و السند في الكافي (9)، و الشيخ في التهذيب عنه هكذا: علي بن
ص: 159
إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني (1)، و فيه شهادة بتوثيق السكوني و النوفلي و إبراهيم بن هاشم، و صرّح بذلك العلامة الطباطبائي، قال: و تبعه علي ذلك ابن أبي جمهور في درر اللآلي (2).
و يروي عنه من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (3)، و العباس بن معروف (4)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (5)، و الثقة الجليل الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (6)، و محمّد بن أبي القاسم (7) الثقة، والد عليّ بن محمّد ماجيلويه، و أحمد بن محمّد البرقي (8)، و أبوه (9)، و علي بن إبراهيم القمي (10)، و الثقة الصدوق محمّد بن أحمد بن أبي قتادة عليّ (11).
و من جميع ذلك ربّما يورث الظن بوثاقته، مضافا إلي ما يأتي في السكوني، مع أن الغلوّ في آخر العمر لو سلّم غير مضرّ بأحاديثه كما نصّ عليه الأستاذ الأكبر (12).
و أمّا السكوني: فخبره إمّا صحيح أو موثق، و ما اشتهر من ضعفه فهو كما صرّح به بحر العلوم و غيره: من المشهورات التي لا أصل لها (13)، فإنا لم نجد5.
ص: 160
في ما بأيدينا من كتب هذا الفن و ما نقل عنه منها إشارة إلي قدح فيه، سوي نسبة العامية إليه في بعضها الغير المنافية للوثاقة (1).
و يدلّ علي وثاقته بالمعني الأعمّ بل الأخصّ- عند نقاد هذا الفن- أمور:
أ- قول الشيخ في العدة: - و هو ممّن رموه بالعامية- و لأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، و غياث بن كلّوب، و نوح بن درّاج، و السكوني، و غيرهم من العامة عن أئمتنا فيما لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (2).
ب- قوله أيضا في مواضع من كتبه كما يأتي في نقل [بعضها] (3).
ج- قول المحقق في المسألة الأولي من المسائل العزّية في ردّ من ضعف الخبر المعروف: الماء يطهّر و لا يطهر- بأن رواية (4) السكوني- ما لفظه: قوله:
الرواية مسندة إلي السكوني، و هو عامي، قلنا: و هو و إن كان عاميا فهو من ثقات الرواة، و قال شيخنا أبو جعفر في مواضع من كتبه: إن الإمامية مجمعة علي العمل بما يرويه السكوني، و عمّار، و من ماثلهما من الثقات (5)، و لم يقدح المذهب بالرواية مع اشتهار الصدق، و كتب جماعتنا مملوّة من الفتاوي المستندة إلي نقله فلتكن هذه كذلك (6).
د- قول الشيخ في كتاب النهاية في مسألة ميراث المجوسي: و قال قوم:
أنّهم يورثون من الجهتين معا، سواء كان ممّا يجوز في شريعة الإسلام أو لا يجوز،ا.
ص: 161
و هذا القول عندي هو المعتمد. إلي أن قال: مع أنه قد رويت الرواية، و قد أوردناها في كتاب تهذيب الأحكام (1) بأنّهم يورثون من الجهتين جميعا (2)، انتهي.
و لم يذكر هناك سوي حديث السكوني، و في رجال السيد الأجل نقلا عنه: الرواية الصحيحة (3)،. إلي آخره، و هو أدلّ علي المطلوب، و أمّا علي الأول فالوجه أن العمل بما تفرّد بروايته لا يكون إلّا مع صحّتها، و قال السيد (رحمه اللّه): و ما ذكره الشيخ و المحقق ربّما يقتضي الاعتماد علي النوفلي أيضا فإنه الطريق إلي السكوني و الراوي عنه (4).
ه- قول المحقق في المعتبر- في باب النفاس في مسألة أنه لا يكون [الدم] (5) نفاسا حتي تراه بعد الولادة أو معها- بعد نقل خبر عن السكوني ما لفظه: و السكوني عامّي لكنّه ثقة (6).7.
ص: 162
و- قول ابن إدريس في السرائر- و هو من المنكرين علي الشيخ أشدّ الإنكار في عمله برواية السكوني- بعد تسليم جواز العمل بأخبار الآحاد ما لفظه: إسماعيل بن أبي زياد السكوني، بفتح السين، منسوب إلي قبيلة من عرب اليمن، و هو عامّي المذهب بغير خلاف، و شيخنا أبو جعفر موافق علي ذلك، قائل به، ذكره في فهرست أسماء المصنفين و له كتاب يعدّ في الأصول (1)، و هو عندي بخطّي، كتبته من خط ابن أشناس البزاز، و قد قرئ علي شيخنا أبي جعفر و عليه خطّه إجازة و سماعا لولده أبي علي و لجماعة رجال غيره (2)، انتهي كلامه، و فيه فوائد:
منها: أنّ كتابه من الأصول، فيكون معتمدا علي ما هو المشهور المحقق عند المحققين من القدماء و المتأخرين، كما يظهر ممّا ذكروه في وضعها و تعريفها، و كيفيّة عمل الرواة و المفتين بها.
و منها: أنّ هذا الأصل كان موجودا في طبقة الشيخ و من قبله، شائعا متداولا يسمعونه عن الشيوخ و يقرؤنه عليهم، فما رووه عنه و أدرجوه في مجاميعهم مأخوذ من كتابه، فلا يحتاج إلي النظر إلي حال الوسائط بناء علي عدم الحاجة إلي الإجازة و نظائرها في أمثال هذه الكتب، و مع لزوم الحاجة ففيه فائدة أخري و هي وثاقة النوفلي لانتهاء طرق الشيخ إلي الأصل المذكور إليه.9.
ص: 163
ز- رواية الأجلّاء عنه، و فيهم جمع من أصحاب الإجماع، مثل: عبد اللّه ابن المغيرة كما في الفقيه في باب ما جاء في الإضرار بالورثة (1)، و في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات (2)، و في باب البينتين يتقابلان (3)، و في باب البينات (4).
و فضالة بن أيوب فيه في باب الحكم في أولاد المطلقات (5) و باب قضاء شهر رمضان (6)، و باب تلقين المحتضرين من الزيادات (7)، و باب التيمم (8)، و باب الحدّ في الفرية و السبّ (9)، و في الكافي في باب حقّ الأولاد في كتاب العقيقة (10).
و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب التيمم (11).
و جميل بن دارج في الكافي في باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق (12).
و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع، و سنبين إن شاء اللّه تعالي أن روايتهم عن أحد من أمارات وثاقته وفاقا للعلامة الطباطبائي.1.
ص: 164
و العباس بن معروف (1)، و هارون بن الجهم (2)، و محمّد بن عيسي (3)، و أبو الجهم بكير بن أعين (4)، و الثقة الجليل سليمان بن جعفر الجعفري (5).
ح- ما تقدّم من الفخر (6) من الحكم بكون السند الذي فيه السكوني موثقا.
ط- ما ذكرناه في خلال حال الجعفريات في الفائدة الثانية، من أن كثيرا من متون أحاديثها موجودة في الكتب الأربعة بطرق المشايخ إلي النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) عن أبيه (7)،. الي آخره، و يظهر منه أنّه كان حاضرا في المجلس الذي كان يلقي أبو عبد اللّه (عليه السلام) سنّة جدّه رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إلي ولده الكاظم (عليه السلام) بطريق التحديث، و مشاركا معه (عليه السلام) في التلقي عن والده (عليه السّلام) و هذا يدل علي علوّ مقامه و رفعة شأنه و اختصاصه بالصادق (عليه السّلام).
و منه يظهر أن من تشبّث لعاميّته بأسلوب رواياته بأنه عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) في غير محلّه، بل هو علي خلافه أدلّ، مع أنه منقوض في موارد كثيرة.ث.
ص: 165
فروي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما الزهد في الدنيا؟ قال: ويحك حرامها فتنكبه (1).
و عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الجهم بن الحكم، عن إسماعيل بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال، و لا تحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند اللّه (2).
و الخبران شاهدان صدق علي أن عمله معه (عليه السّلام) لم يكن كعمل الراوي مع الراوي له، كما يراه من رماه بالتسنّن، بل خاطبه (عليه السّلام) بما كان يخاطب به من يعتقد فيه المقام، و يري في كلامه الحجيّة و البرهان.
و روي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: ليس لليهودي و النصراني شفعة (3) ب.
و روي الصدوق في العلل: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من تعدي في الوضوء كان كناقصه (4) - يروي بالصاد (5) المهملة و الضاد المعجمة- قال المحقق السيد صدر الدين العاملي: فلعلّ خطابه بمثل هذه يشعر بكونه من أهل الأمانة.».
ص: 166
قلت: و ذلك لأنّه (عليه السّلام) أشار في كلامه هذا إلي المخالفين و تعدّيهم في الوضوء بجعل الغسلات ثلاثا ثلاثا، و لذا ذكروا هذا الخبر في هذا الباب، و فيه إشعار بعدم عاميّته ككثير من رواياته المخالفة للعامّة، و له شواهد كثيرة:
منها: ما ذكرناه من مخالفة جملة من رواياته لمذهب المخالفين.
و منها: أنّ الشيخ ذكره في الفهرست (1)، و ذكر كتابه و الطريق إليه، و ذكره أيضا في رجاله في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و ذكره النجاشي في رجاله و ذكر كتابه (3). و كذا ابن شهرآشوب في معالمه (4)، و لم يشر أحد منهم إلي عاميّته، مع ما علم من دينهم إلي الإشارة إلي مذهب من كان غير إمامي سيّما النجاشي، و إنّما هو شي ء أخذ من الشيخ من غير كتابيه، وكّل من تأخر عنه و صرّح به فمستنده كلامه، فتعداد جماعة نسبوه إلي العامية لا يغني من شي ء إلّا أن يوجد ذلك في كلام من تقدم علي الشيخ أو عاصره، و لم أقف علي من نقله، و قد عرفت وهن المأخذ بتركه و ترك من عرف من سيرتهم الذكر لو كان (5).».
ص: 167
و يؤيد ذلك أن البرقي في رجاله مع عدم بنائه علي ذكر المدح و القدح كثيرا ما يتعرض لعاميّة الراوي، و قد عدّ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) جماعة، و قال: أنه عاميّ، و قال: إسماعيل بن أبي زياد السكوني كوفي، و اسم أبي زياد: مسلم، و يعرف بالشعيري، و يروي عن العوام (1)، انتهي، و لو كان عاميّا لذكره علي عادته.
و منها عدم وثاقته عند المخالفين، فقال ابن حجر في التقريب: إسماعيل ابن زياد، أو أبي زياد الكوفي، قاضي الموصل، متروك، كذبوه من الثامنة (2).
و عن ابن عدي: أنه منكر الحديث (3)، و لا وجه له إلّا إماميته لما مرّ (4) من أن أحدا من أرباب المؤلفين لم ينسبه إلي شي ء من أسباب الجرح غير العاميّة، بل لا يحتمل ذلك بعد اتفاق الطائفة علي العمل برواياته الكاشفة عن وثاقته المنافية للكذب و الوضع و التدليس و الخلط و غيرها، و كذا عدّ كتابه من الأصول، فانحصر الوجه فيما ذكر و هو المطلوب.
و منها أن الشيخ عدّه مع نوح بن درّاج، و غياث بن كلوب، في كونهم من العامّة (5)، و المحقق في الأول التشيّع، فليكن السكوني في مثله، و إنّما جمعتهما القضاوة التي أورثتهما هذه الرزية، بل في عاميّة الأخير أيضا تأمّل يذكر في محلّه.0.
ص: 168
و أمّا ما في نكت النهاية للمحقق، من أنّ الأكثرين يطرحون ما انفرد به السكوني (1)، فهو مضافا إلي معارضته لما نقلنا عنه و احتمال حمله علي من تأخر عن الشيخ أنّه لا ينافي الوثاقة، لأنّهم يذكرون هذا الكلام غالبا في مقام انفراد الراوي بالنقل في مقابل الخبر الذي رواه الثقة المشهور بين الرواة فيصير شاذا، و هذا غير مختصّ به، و العجب ممّن يعمل بالخبر الموثق أو ما وثق بصدوره و يطرح خبر السكوني، فهب أنّه عامّي فهلّا استظهر وثاقته من كلامي الشيخ، و المحقق، و أعجب منه من جمع بين غلوّ النوفلي و تسنّن السكوني و بينهما بعد الخافقين و باللّه التوفيق.
عن محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمّد الخزاعي، عن محمّد بن جابر بن عياذ (2) العامري، عن زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) عن فاطمة (عليها السّلام) (3).
و السند إلي ابن مهران الثقة لا عيب فيه، و أمّا الرجلان اللذان بعده فغير مذكورين لا في رجال الخاصّة و لا ما بأيدينا من رجال العامّة، و لقلّة الحاجة إلي تصحيحه أعرضنا عن التفحص عن حالهما.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن أبي همام إسماعيل بن همام (4).
ص: 169
و هو ابن عبد الرحمن البصري الذي ذكر النجاشي أنه ثقة و أبوه و جدّه (1)، فالسند صحيح بالاتفاق.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الهيثم بن عبد اللّه النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن سعد بن طريف، عنه (2).
و الظاهر أن هذا طريقه إلي أصبغ فيما رواه عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في عهده إلي الأشتر، و وصيّته إلي ابنه محمّد بن الحنفية كما يظهر من النجاشي، و الفهرست، و من طريقهما إليه يصلح ما فسد من هذا السند.
ففي النجاشي: الأصبغ بن نباتة كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السّلام) و عمّر بعده، روي عنه (عليه السّلام) عهد الأشتر و وصيّته إلي محمّد ابنه.
أخبرنا ابن الجندي، عن علي بن همام، عن الحميري، عن هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بالعهد.
و أخبرنا عبد السّلام بن الحسين بن الأديب، عن أبي بكر الدوري، عن محمّد بن أحمد بن أبي الثلج، عن جعفر بن محمّد الحسني، عن علي بن عبدك، [عن الحسن بن ظريف] (3) عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بالوصيّة (4).
و في الفهرست بعد الترجمة بما يقرب منه: أخبرنا بالعهد ابن أبي جيّد،
ص: 170
عن محمّد بن الحسن، عن الحميري، عن هارون بن مسلم و الحسن بن طريف جميعا، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد (1). إلي آخره.
و أمّا الوصيّة فأخبرنا بها الحسين بن عبيد اللّه، عن الدوري،. إلي آخر ما في النجاشي، و منها يظهر أن ابن علوان يروي العهد و الوصية عن سعد بلا واسطة، فضعف عمرو عند بعضهم غير ضائر.
و السند إلي الحسين صحيح، و الحسين مدحوه و رموه بالعامية (2)، و نقل النجاشي أنه كان مستورا و لم يكن مخالفا (3)، و كيف كان يشهد بوثاقته- مضافا إلي قول ابن عقدة: كان الحسن- يعني أخاه- أوثق من أخيه و أحمد عند أصحابنا (4) - رواية أجلاء الثقات عنه، مثل: الحسين بن سعيد في الفقيه (5)، و التهذيب (6)، و في الكافي في مواضع (7)، و الحسن بن علي بن فضال (8) من العصبة الذين أمروا (عليهم السّلام) بالأخذ بما رووا، و الحسن بن ظريف بن ناصح (9)، و أبو الجوزاء منبه بن عبد اللّه (10)، و جماعة من المشكورين.
و سعد بن طريف بالمهملة، قيل: و ربّما يوجد في بعض النسخ بالمعجمة، قالوا فيه: صحيح الحديث (11)، و قد ذكرنا في الفائدة السابقة دلالة هذه الكلمة7.
ص: 171
علي التوثيق (1)، و يؤيّده رواية جعفر بن بشير عنه كما في الكافي في باب فضل القرآن (2)، و جماعة من الأجلّاء كعاصم بن حميد (3)، و سعد بن أبي خلف (4)، و الجليل هشام بن سالم (5)، و الحسين بن أبي العلاء (6)، و إبراهيم ابن أبي البلاد (7)، و إبراهيم بن عبد الحميد (8)، و الفقيه الشاعر الثقة عبد اللّه ابن غالب الأسدي (9)، و مهران بن محمّد (10) الذي يروي عنه ابن أبي عمير (11)، و منصور بن يونس (12)، و سلام بن أبي عمرة الخراساني (13)، و سيف ابن عميرة (14)، و غيرهم من الرواة إلّا أنّ هؤلاء أجلّاء ثقات، و بعضهم من عيون هذه الطائفة لا يحتمل في حقّهم عادة الاتفاق علي الرواية من غير ثقة.
و الأصبغ و إن لم يوثقوه صريحا إلّا أنه يظهر ممّا رواه الكشي و غيره (15) جلالة5.
ص: 172
قدره و رفعة مقامه عن التوثيق و التزكية.
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار (رضي اللّه عنه)، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن هلال، عن أميّة بن عمرو، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري (1).
أما أحمد فهو من عظماء مشايخ الإجازة، و روي عنه الصدوق (2)، و أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري (3)، و الحسين بن عبيد اللّه الغضائري (4) المعلوم حاله في التحرّز عن النقل عن المتهم بطعن و جرح فضلا عن غير الثقة، و أبو الحسين ابن أبي جيد (5)، و صحّح العلامة طريق الصدوق و الشيخ في الفقيه (6) و التهذيب (7) إلي جماعة هو فيه، و قد مرّ في
ص: 173
الفائدة (1) السابقة ما يغني عن التطويل في الكلام، و مرّ ما يتعلّق بأحمد بن هلال (2).
و أمّا أميّة بن عمرو فهو واقفي، و ذكر في النجاشي (3) و الفهرست (4) له كتابا و ذكرا طريقهما إليه، و يروي عنه محمّد بن خالد (5)، و محمّد بن عيسي (6)، و الحسن بن علي بن يقطين (7)، و في النجاشي: إن أكثر كتابه عن إسماعيل (8)، و من جميع ذلك يظنّ اعتبار كتابه، و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عنه (9).
أما الحكم بن مسكين فلم يوثقوه، و يمكن استفادة وثاقته من أمور:
أ- رواية ابن أبي عمير عنه كما في الاستبصار في باب السهو في صلاة المغرب (10)، و في باب الأجر علي تعليم القرآن (11)، و في التهذيب في باب من
ص: 174
يجب عليه الجهاد (1)، و في كتاب المكاسب (2)، و في الكافي في باب إدخال السرور علي المؤمن (3).
ب- رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه في الكافي في باب الولد إذا كان أحد أبويه مملوكا (4).
ج- رواية الأجلّاء عنه و فيهم: الحسن بن علي بن فضال (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (6)، و علي بن أسباط (7)، و معاوية بن حكيم (8)، و علي بن الحكم (9)، و محمّد بن عبد الحميد (10)، محمّد بن الهيثم (11)، و الحسن ابن محبوب (12)، و الحسن بن موسي الخشاب (13).
د- ما في النجاشي في ترجمته: أن أبا العباس- يعني ابن عقدة- ذكره (14)، أي في كتابه الذي جمعه في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و هم أربعة آلاف، و وثّق جميعهم كما ذكره جماعة، و مرّ و يأتي أيضا إن شاء اللّه تعالي.0.
ص: 175
و من هنا يظهر وجه حمل المحقق في المعتبر في مسألة: أقلّ ما تنعقد به صلاة الجمعة، فإنه ذكر خبر محمّد بن مسلم الذي رواه عنه الحكم بن مسكين الدال علي أنه سبعة، و اختاره الشيخ، و رواية زرارة، و ابن أبي يعفور، و منصور التي مفادها أنه خمسة، كما اختاره المفيد و السيد و عارض بينهما ثم رجّح الأخير بوجوه (1)، و لم يطعن في سند الأول كما هو دأبه في غير المقام.
نعم، قال العلامة في المختلف في طريق رواية محمّد بن مسلم: الحكم ابن مسكين و لا يحضرني الآن [حاله] (2) و نحن نمنع صحّة السند و نعارضه بما تقدّم من الأخبار، و يبقي عموم القرآن سالما عن المعارض (3).
و ردّه الشهيد في الذكري بأن: الحكم ذكره الكشي و لم يعرض له بذم، و الرواية مشهورة جدّا بين الأصحاب، لا يطعن (4) فيها كون الراوي مجهولا عند بعض الناس، و المعارضة منتفية بما ذكرنا من الحمل (5).
و انتصر الشهيد الثاني للعلامة و اعترض بأنه: لا يكفي عدم الجرح بل لا بدّ من التوثيق (6).
و أجاب عنه شارح المشيخة بأن: الظاهر أن الشهيد يكتفي في العدالة بحسن الظاهر (7).
قلت: أو يري الاكتفاء بالخبر، أو أوثق بصدوره بما ذكر هنا، و ما أشار3.
ص: 176
إليه في باب الاستخارة في كلامه الذي ذكرناه في الفائدة السابقة (1)، و بما حقّقناه يسقط الاعتراض من أصله، و يأتي في (ريب) في الطريق إلي علي بن بجيل:
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل الدقان، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي عبد اللّه الحكم بن مسكين الثقفي، عن علي بن بجيل (2). إلي آخره، و لا يخفي أن ذكر [كنيته] (3) من بين الجماعة يدلّ علي جلالته عنده (4).
و أمّا أيّوب فغير مذكور إلّا في جامع الرواة للفاضل الأردبيلي (5)، و قد أخرج عنه الخبر ثقة الإسلام في الكافي (6)، و الشيخ في التهذيب (7).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن أيوب بن الحرّ الكوفي الجعفي أخي أديم بن الحرّ، و هو مولي (8).
و النضر و يحيي و أيوب من أجلّاء الثقات، فالسند صحيح بعد ملاحظة
ص: 177
ما مرّ في حال البرقي و أبيه (1).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و الحميري جميعا، عنه (2).
و أيوب بن نوح ثقة بالاتفاق، و هو الذي قال فيه أبو الحسن العسكري (عليه السّلام)- كما في غيبة الشيخ مخاطبا لعمرو بن سعيد المدائني-: إن أحببت أن تنظر إلي رجل من أهل الجنّة فانظر إلي هذا (3)، يعني أيوب بن نوح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم ابن مهزيار، عن أخيه علي، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، عن بحر السقاء- و هو بحر بن كثير (4) -.
السند صحيح بما مرّ من وثاقة إبراهيم (5)، و الباقي من الأجلّاء.
و أمّا بحر السقاء فغير مذكور إلّا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (6)، و قد مرّ و يأتي استظهار كون من يذكر فيه من الأربعة آلاف الذين ذكرهم ابن عقدة في رجال الصادق (عليه السّلام) و وثقهم.
و يشير إلي وثاقته أيضا رواية حمّاد عنه و لو بالواسطة، و رواية حريز الذي
ص: 178
عدّ كلّ كتبه من الأصول، و عدّ كتابه من الكتب المعتمدة، و تضعيف العامّة إياه، في تقريب ابن حجر: بحر بفتح أوله و سكون المهملة، ابن كنيز بنون و زاي، السقاء، أبو الفضل البصري، ضعيف من السابعة، مات سنة ستين أي بعد المائة (1)، و ذكر مثله الذهبي، قال: و ابن حجر وثقه (2)، و قال الدار قطني: متروك (3).
مع إنّا في غني عن ذكر الامارات بعد وجود حمّاد بن عيسي في الطريق و هو من أصحاب الإجماع، فلا حاجة إلي النظر في حال الذين بعده، ثم إنّ الموجود من نسخ الفقيه و المنقول عنه: كثير بالثاء المثلثة، و قد عرفت المضبوط عندهم و الظاهر أنّهم أضبط في أمثال هذه المقامات.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي ابن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد ابن سنان، عنه (4).
قد مرّ ما يتعلّق بهذا السند و استظهار وثاقة عليّ في حال البرقي (5).
و بزيع المؤذّن ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و ذكر بزيعا آخر مولي عمرو بن خالد، و قال: كوفي (7)، و ذكر أبو عمرو الكشي في
ص: 179
رجاله بزيعا مطلقا، و ذكر أخبارا عن الصادق (عليه السّلام) في لعنه و عدّه في عداد أبي الخطاب و أضرابه (1).
و السيد الأجل صاحب المنهج قال بعد نقل ما في الكشي و الخلاصة: و في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بزيع مولي عمرو بن خالد كوفيّ، و بزيع المؤذن، و لا أدري هذا الملعون أيّهما أو غيرهما، ثم نقل عن تاريخ أبي زيد البلخي: أمّا البزيعية فأصحاب بزيع الحائك، أقرّوا بنبوته و زعموا أنّهم كلّهم أنبياء، و زعموا أنّهم لا يموتون و لكن يرفعون، و زعم بزيع أنّه صعد إلي السماء، و أنّ اللّه مسح علي رأسه و مجّ في فيه، و أن الحكمة تنبت في صدره (2).
و في رجاله الوسيط جزم بذلك، و قال في الحاشية: و أمّا الذي لعنه فأصحاب بزيع الحائك (3). إلي آخره، و يعلم منه أنه غيرهما و هو الموافق للاعتبار، فإن بزيع الملعون كان من أصحاب أبي الخطاب و صدّق رسالته، كما نصّ عليه الحسن بن موسي النوبختي في كتاب الفرق (4)، و هو و أصحابه معروفون بالكفر و الزندقة، كيف يحتمل أن يجعله الصدوق في عداد هؤلاء المشايخ و يعدّ كتابه معتمدا؟ و كيف يلقّب بالمؤذن و لا صلاة عندهم فضلا عن آذانها؟
فمن الغريب ما في شرح التقي المجلسي ما لفظه: و ما كان عن بزيع».
ص: 180
المؤذن فهو ضعيف، روي الكشي إخبارا في ذمّه، و منها خبر صحيح فيه لعنه (1)، فيمكن أن يكون نقل الكتاب قبل انحرافه إلي الغلو (2)، انتهي.
و لا أدري ما سبب جزمه بذلك و كيف لم يحتمل كون الملعون هو الكوفي أو غيرهما و هو الحائك؟
الحسين بن احمد بن إدريس (رضي اللّه عنه) عن أبيه، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
مرّ حال السند سوي ابن أبي الصهبان عبد الجبار، و هو ثقة، و السند صحيح، علي الأصحّ.
و أمّا بشار بن بشار- كما في بعض النسخ، أو الثاني: بالياء و السين المهملة كما في بعضها و المضبوط في الرجال-: ثقة، صاحب أصل، يروي عنه ابن أبي عمير (4)، و أبان بن عثمان (5)، و قال الحسن بن فضّال: هو خير من أبان (6).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سنان، عنه (7).
السند صحيح علي ما شرحناه.
و أمّا بشير فروي الكشي: عن طاهر بن عيسي الوراق، عن جعفر بن
ص: 181
[أحمد] (1) بن أيّوب، عن أبي الحسن صالح بن أبي حمّاد الرازي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن زيد الشّحام، قال: رآني أبو عبد اللّه (عليه السلام) و أنا أصلّي، فأرسل إليّ و دعاني فقال لي:
من أين أنت؟ فقلت: من مواليك، فقال: فأيّ موالي؟ قلت: من الكوفة، قال: من تعرف من الكوفة؟ قلت: بشير النبال، و شجرة، قال (عليه السلام): كيف صنيعتهما إليك؟ قلت: ما أحسن صنيعتهما إليّ، قال: خير المسلمين من وصل و أعان و نفع، ما بتّ ليلة قطّ و للّه في مالي حقّ يسألنيه (2)، الخبر.
و روي ثقة الإسلام: عن العدة، عن سهل، عن محمّد بن عيسي، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن عفّان السدوسي، عن بشير النبال، قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الحمّام؟ فقال: تريد الحمام؟ قلت: نعم، فأمر بإسخان الحمام، ثم دخل فاتزرنا بإزار و غطّي ركبتيه و سرته (3)، الخبر.
قال بعض المحققين: و لعلّ في اعتناء الإمام (عليه السّلام) به و إدخاله2.
ص: 182
الحمام معه بعد إسخانه نوع مدح (1).
و يروي عنه من الأجلّاء: داود بن فرقد (2)، و الجليل علي بن شجرة (3)، و محمّد بن سنان (4)، و أبان بن عثمان (5) من أصحاب الإجماع، و سيف بن عميرة (6).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن سنان، عنه (7).
السند صحيح علي الأصح.
و بكار ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8)، و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الكافي في باب حبّ النساء (9)، و في التهذيب في الحرّ إذا مات و ترك وارثا مملوكا (10)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب الخير و الشرّ (11)، و الحسن بن علي بن فضال فيه في باب قضاء حاجة المؤمن (12).
و هؤلاء من أصحاب الإجماع الذين لا يروون إلّا عن ثقة، كما سنحقّقه، و علي المشهور، فيكفي رواية ابن أبي عمير عنه.
ص: 183
و يروي عنه أيضا: محمّد بن سنان (1)، و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (2).
و في التعليقة: و يظهر من أخباره حسن عقيدته، و حكم خالي (3) بحسنه لأن للصدوق طريقا إليه، قلت: بل الحقّ وثاقته بما ذكرنا (4).
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بكر بن صالح الأزدي (5).
كذا في نسخ الوسائل، و في بعضها في الحاشية: الرازي بدل الأزدي (6)، كما هو الموجود في بعض نسخ الفقيه، و منه نسخة التقي المجلسي (7)، و لذا ضعّف بكر بن صالح الرازي الضبّي لما قال النجاشي في ترجمته من أنه:
ضعيف (8) (جدّا، كثير التفرّد بالغرائب) (9).
و يختلج بالبال أن الأزدي هو الصحيح، و هو غير الرازي الذي ضعّفوه، و أن الموجود في الأسانيد هو الأوّل، و لم نقف علي تقييده بأحدهما، أو أن كتاب
ص: 184
الرازي معتمد معروض علي الأصول، و ذلك لمنافاة رواية الأجلّة عنه و هو بهذا المكان من الضعف.
مثل إبراهيم بن هاشم، و الحسين بن سعيد في الاستبصار في باب من له زميل يظلّل (1)، و علي بن مهزيار فيه في باب جواز أن يحج الصّرورة عن الصرورة (2)، و في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحج (3)، و أحمد بن محمّد ابن عيسي في روضة الكافي بعد حديث قوم [صالح] (4)، و في باب ألبان الإبل من كتاب الأطعمة (5)، و في التهذيب في باب صفة الوضوء (6)، و في الاستبصار في باب مقدار ما يمسح من الرأس و الرجلين (7).
و أحمد بن محمّد بن خالد (8)، و علي بن محمّد (9)، و الحسين بن الحسن (10). و غيرهم.
و بالجملة فلا بدّ من القول بالتعدّد، أو اعتبار كتابه، أو تضعيف ما في النجاشي، أو بتعدد الرازي كما يظهر من رجال الوسيط (11)، و أن ما في النجاشي الذي صرّح بأنه يروي عن الكاظم (عليه السّلام) غير ما في الفهرست فإنه لم6.
ص: 185
يضعفه (1)، و ذكره في رجاله في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) (2) كلّ ذلك لمنافاة رواية هؤلاء خصوصا أحمد الأشعري لما فيه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف و أحمد بن إسحاق بن سعد و إبراهيم بن هاشم جميعا، عنه (3).
و بكر الأزدي من وجوه الطائفة، و رجال السند من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن بكير بن أعين.
و هو كوفي يكني: أبا الجهم، من موالي بني شيبان، و لمّا بلغ الصادق (عليه السّلام) موت بكير بن أعين قال: أما و اللّه لقد أنزله عزّ و جلّ بين رسوله و بين أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) (4) كذا في المشيخة.
و روي هذا الخبر الكشي بطريق صحيح (5)، و يروي عنه غير ابن أبي عمير جماعة من وجوه الطائفة مثل [عمر] (6) بن أذينة (7)، و حريز بن عبد اللّه (8)، و علي بن رئاب (9)، و الحسن بن الجهم (10)، و جميل بن
ص: 186
دراج (1)، و عبد الرحمن بن الحجاج (2)، و أخوه زرارة في الكافي في باب طلاق الغائب (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و أبان بن عثمان (5)، و جماعة أخري، و السند صحيح علي الأصحّ.
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبيد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال الأسدي، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون.
و عنهم، عن الحميري، عن عبد اللّه بن محمد بن عيسي، عن الحجال، عنه (6).
و أبو محمّد الحجال هو الذي قال فيه النجاشي: ثقة ثقة، ثبت (7).
و عبد اللّه بن، محمّد أخو أحمد بن محمّد بن عيسي يلقب ببنان لم يرد فيه شي ء، و لكنه كما في الشرح من مشايخ الإجازة (8)، و يروي عنه وجوه القميين مثل: محمّد بن يحيي (9)، و محمّد بن علي بن محبوب (10)، و محمّد بن أحمد بن
ص: 187
يحيي (1)، و محمّد بن الحسن الصفار (2)، و أبو علي الأشعري (3)، و أحمد بن إدريس (4)، و سعد بن عبد اللّه (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و جعفر بن محمّد الأشعري (7)، و من لم يطمئن بوثاقته من رواية هؤلاء عنه فليعالج نفسه فإنّها مريضة (8).
و أبو إسحاق من وجوه الطائفة و فقهائها و علمائها و عبّادها و زهّادها، أجلّ من أن يزكّي و يوثّق، فالطريق بجملتها صحيحة.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن ثوير بن أبي فاختة، و اسم أبي فاختة: سعيد بن علاقة (9).
السند صحيح علي الأصح، أمّا غير الهيثم من الرجال فثقات بالاتفاق، و الهيثم و إن لم يوثقوه بل مدحوه بقولهم: قريب الأمر، و فاضل (10)، و لكن
ص: 188
يستكشف وثاقته من رواية جماعة عنه، و فيهم: محمّد بن الحسن الصفار (1)، و سعد بن عبد اللّه (2)، و محمّد بن علي بن محبوب (3)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (4)، و أحمد بن محمّد بن خالد (5)، و محمّد (6) بن أحمد بن يحيي (7) - و لم يستثن من نوادره- و موسي بن الحسن (8)، و سهل بن زياد (9)، و من هنا يظهر وجه حكم العلامة بصحّة هذا الطريق في الخلاصة.
و أمّا ثوير بن أبي فاختة أبو جهم، فروي الكشي فيه حديثا يظهر منه كونه من مشاهير الشيعة (10)، و يؤيده ما في ترجمته في تقريب ابن حجر: ثوير- مصغّرا- ابن أبي فاختة- معجمه مكسورة و مثنّاة مفتوحة- سعيد بن علاقة- بكسر المهملة- الكوفي، أبو الجهم، ضعيف، رمي بالرفض من الرابعة (11).
و ذكره ابن داود في القسم الأول و قال: يروي عن أبيه، ممدوح (12).
و في شرح المشيخة بعد ذكر خبر الكشي: اعلم أنه لا شكّ في جلالة أمثال هذا الرجل بأن يكون مشتهرا غاية الاشتهار عند العامة، و أخذ الحق يصير عندهم متّهما سيّما في مثل زمان أبي جعفر (عليه السّلام) فإنه لم يكن7.
ص: 189
الشيعة فيه إلّا قليلا (رضي اللّه تعالي عنهم) (1) انتهي.
و يروي عنه الجليل أبو عبيدة الحذّاء في الكافي في باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب (2)، و في الروضة (3).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن سلمة بن الخطاب، عن محمّد بن الليث، عنه (4).
أمّا سلمة، ففي النجاشي: كان ضعيفا في حديثه (5)، و الضعف في الحديث: الرواية عن الضعفاء، و الاعتماد علي المراسيل، و ليس جرحا في نفسه، مع أنه ضعيف من أصله، لإكثار الأجلّاء من الرواية عنه، فروي عنه الصفار (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (8)، و محمّد بن يحيي الأشعري (9)، و أحمد بن إدريس (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، و محمّد ابن أحمد بن يحيي (12) - و لم يستثن من نوادره- و علي بن إبراهيم (13)، و هؤلاء وجوه
ص: 190
الطائفة في طبقتهم و عيونها، قد أجمعوا علي الرواية عنه، فإن خفي علي أحدهم لم يكن يخفي علي الآخر، و احتمال عكوفهم جميعا علي الرواية من (1) الضعيف بعيد غايته، فاللازم عدّه ممّن تقبل روايته.
و قال الشيخ في الفهرست: سلمة بن الخطاب البراوستاني، له كتب- و عدّها و قال-: أخبرنا بجميع [كتبه و] (2) رواياته ابن أبي جيّد، عن ابن الوليد، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و أحمد بن إدريس و محمّد بن الحسن الصفار، عن سلمة (3).
و ذكره في رجاله في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) و قال: له كتب ذكرناها في الفهرست، روي عنه الصفار، و سعد، و أحمد بن إدريس، و غيرهم (4)، و لم يشر فيها إلي ضعفه، و في رواية ابن الوليد كتبه بتوسط الجماعة من الدلالة علي الاعتماد ما لا يخفي.
و محمّد بن الليث ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و أنه ممن أسند عنه (5)، و ذكرنا في محلّه أن في ذكره فيه و ذكره الكلمة المذكورة في حقّه دلالة علي كونه من الأربعة الآلاف الموثقين في كتاب ابن عقدة، و المعتمد عند جمهور المحققين.
و أمّا جابر فلم أقف علي حاله، و في الشرح: و يظهر من المصنف أنه كان كتابه معتمدا (6).5.
ص: 191
علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن جعفر بن [أحمد] (1)، عن عبد اللّه بن الفضل، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عنه (2).
أمّا علي فهو الدقاق الذي أكثر الصدوق من الرواية عنه مترضيا (3)، فهو من مشايخه الذين يجري عليهم ما يجري علي إخوانهم من مشايخ الإجازة.
و مرّ الكوفي و البرمكي في لو (4).
و عبد اللّه بن الفضل هو النوفلي الثقة الذي لا مغمز فيه.
و يأتي جابر الجعفي (5).
و أمّا الأنصاري فهو من السابقين الأولين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين (عليه السّلام) (6) و حامل سلام رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إلي باقر علوم الأولين و الآخرين (7)، و أوّل من زار أبا عبد اللّه الحسين (عليه السّلام) في يوم الأربعين (8)، المنتهي إليه سند أخبار اللوح السمائي الذي فيه نصوص من
ص: 192
اللّه ربّ العالمين علي خلافة الأئمة الراشدين، الفائز بزيارته من بين جميع الصحابة عند سيدة نساء العالمين (1)، و له بعد ذلك مناقب اخري و فضائل لا تحصي (2).
ينسب بعضها إليه، و الأمر ملتبس (1)، و ظاهره أن سبب الضعف نسبة الكذب و الوضع إليه من مجهول لا يعرف حاله، و يكذّبه رواية الأجلّة عنه و اعتمادهم علي تفسير جابر عليه.
فروي عنه الثقة أبو الحسن أحمد بن النضر (2) كثيرا، و محمّد بن خالد الطيالسي (3)، و سيف بن عميرة (4)، و الجليل يونس بن عبد الرحمن، كما في الكافي في باب العفو (5)، و باب برّ الوالدين (6)، و باب أن الميت يمثّل له ماله و ولده (7).
و الحسن بن محبوب فيه في باب الرفق (8)، و باب نصيحة المؤمن (9)، و باب ما أخذه اللّه علي المؤمن (10).
و عثمان بن عيسي (11)، و حمّاد بن عيسي في التهذيب في باب الوصيّة و وجوبها (12)، و في الكافي في باب الإشارة و النص علي الحسن بن علي (عليهما السلام) (13).
و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب فضل الخبز (14)، و هؤلاء الخمسة من1.
ص: 194
أصحاب الإجماع.
و محمّد بن خالد البرقي (1)، و الحسين بن المختار (2)، و علي بن سيف بن عميرة (3)، و إسماعيل بن مهران السكوني (4)، و النضر بن سويد (5)، و نصر بن مزاحم (6)، و الحسين بن علوان (7)، و إبراهيم بن عمر اليماني (8)، و خلّاد السدي الذي يروي عنه ابن أبي عمير (9)، و محمّد بن سنان (10).
و كيف يحتمل في حقّه الضعف بالكذب و الوضع مع اعتماد هؤلاء عليه، و فيهم مثل يونس، و حمّاد الذي بلغ من تقواه و تثبّته و احتياطه أنه كان يقول:
سمعت من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) سبعين حديثا، فلم أزل ادخل الشك علي نفسي حتي اقتصرت علي هذه العشرين (11)، و هل يروي مثله عن غير الثقة المأمون، يؤيد ذلك اعتماد علي بن إبراهيم عليه في تفسيره كثيرا (12).9.
ص: 195
و في شرح المشيخة: اعلم أنّ علي بن إبراهيم روي أخبارا كثيرة في تفسيره عن عمرو بن شمر، عن جابر، و كذا باقي الأصحاب، و كان ذلك لما رأوها موافقا (1) لباقي أخبار الأئمة (عليهم السّلام) اعتبروها، و المصنف روي عنه أخبارا كثيرة، و قال: اعتقد أنّها حجّة بيني و بين ربّي (2)، و لم نطلع علي رواية تدلّ علي ضعفه و ذمّه (3).
قلت: و يظهر من الشيخ المفيد (رحمه اللّه) أيضا الاعتماد عليه، فإنّه في كتاب الكافية- المبني علي المسائل العلمية و تنقيد الأخبار و ردّها و قبولها- تلقّي أخباره بالقبول، فقال في موضع سؤال: فإن قالوا: أ فليس قد روي عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمّا دنا [من] (4) الكوفة مقبلا من البصرة، خرج الناس مع قرظة بن كعب يتلقونه (5). الخبر.
و فيه أنه (عليه السّلام) أنكر علي من نسب أهل الجهل إلي الشرك و الكفر، فأجاب عن السؤال بغير ردّ الخبر و تضعيفه كما هو دأبه في غير المقام.
و استدل أيضا لدعواه أنه (عليه السّلام) ظلّل طلحة و الزبير بعد قتلهما، أو شهد عليهما بالنار، بما رواه إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمرو، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) (6). الخبر.6.
ص: 196
و قال في جواب من ردّ دعواه كذب الخبر المعروف من بشارة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) عشرة من أصحابه بالجنّة، بأنه لم ينكره المهاجرون و الأنصار، ما لفظه: علي أنّ كثيرا من الشيعة يروون عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام): أن أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) واقف طلحة و الزبير و خاطبهما (1). الخبر.
فاستدل بروايته علي إنكاره (عليه السّلام) الخبر المذكور، و كذا صنع به في رسالته (2) في الردّ علي أصحاب العدد- كما يأتي (3) - و غير ذلك، فالحقّ دخوله في الثقات خصوصا لو بنينا علي كون رواية واحد من أصحاب الإجماع فضلا عن خمسة منهم من أمارات الوثاقة كما صرّح به العلامة الطباطبائي (4)، و يظهر من العلامة في المختلف (5).
و أمّا جابر، فما أشبهه بمحمّد بن سنان في هذا المقام، و الحقّ أنّه من أجلّاء الرواة، و أعاظم الثقات، بل من حملة أسرارهم و حفظة كنوز أخبارهم.
و يشهد لذلك أمور:
أ- ما رواه محمد بن الحسن الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد و أحاديثه و أعاجيبه، فدخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أنا أريد أن أسألهع.
ص: 197
عنه، فابتدأني من غير أن أسأله: رحم اللّه جابر بن يزيد الجعفي، كان يصدق علينا، و لعن اللّه المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا (1).
و رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص: عن جعفر بن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي، فقلت: أنا أسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) فلما دخلت ابتدأني فقال: «رحم اللّه جابر الجعفي، كان يصدق علينا، لعن اللّه المغيرة بن [سعيد] (2) كان يكذب علينا» (3).
و رواه الكشي: عن حمدويه و إبراهيم، قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم (4). و ساق مثله، و فيه: المغيرة بن سعيد، و هذه الطرق كلّها صحيحة مروية في الكتب المعتمدة و لا معارض لها، و لو لم يكن في ترجمته غير هذا الخبر الصحيح المتضمن للإعجاز لكفي في إثبات ما ندّعيه.
ب- ما رواه الكشي: عن جبرئيل بن أحمد، حدثني محمّد بن عيسي، عن عبد اللّه بن جبلة الكناني، عن ذريح المحاربي، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن جابر الجعفي و ما روي؟ فلم يجبني، و أظنّه قال: سألته بجمع فلم يجبني، فسألته الثالثة فقال لي: يا ذريح دع ذكر جابر، فإن السفلة6.
ص: 198
إذا سمعوا بأحاديثه شنعوا، أو قال: أذاعوا (1).
و رواه في ترجمة ذريح بإسناده: عن محمّد بن سنان، عن عبد اللّه بن جبلة الكناني، عن ذريح المحاربي، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) بالمدينة:
ما تقول في أحاديث جابر؟ قال: تلقاني بمكّة، فلقيته بمكة، قال: تلقاني بمني، قال: فلقيته بمني، فقال لي: ما تصنع بأحاديث جابر؟ إله عن أحاديث جابر فإنّها إذا وقعت إلي السفلة أذاعوها، قال عبد اللّه بن جبلة:
[فاحتسبت] (2) ذريحا سفلة (3)، و هذا الخبر أيضا كالصحيح لمكان جبرئيل، و فيه من الدلالة علي علوّ مقامه ما لا يخفي.
ج- ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بإسناده: عن أبي المفضل، عن محمّد بن عبد اللّه الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن تفسير جابر، فقال: لا تحدث به، السفلة فيذيعونه، أما تقرأ كتاب اللّه: فَإِذٰا نُقِرَ فِي النّٰاقُورِ (4) إنّ منّا إماما مستترا، فإذا أراد اللّه إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر، فقام بأمر اللّه (5).
و رواه الكشي: عن آدم بن محمّد بن البلخي، قال: حدثنا، علي بن الحسن ابن هارون الدقاق، قال: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثني أحمد بن (6) عليظ.
ص: 199
ابن سليمان، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن حسان، عن المفضل بن عمر الجعفي (1). و ساق مثله.
د- ما رواه السيد علي بن أحمد العقيقي العلوي كما في الخلاصة، عن أبيه، عن عمّار بن أبان، عن الحسين بن أبي العلاء، أن الصادق (عليه السّلام) ترحم عليه- يعني جابر- و قال: إنه كان يصدق علينا (2).
ه- ما رواه الحافظ ابن عقدة علي ما في الخلاصة: عن محمّد بن أحمد (3) بن البراء الصائغ، عن أحمد بن الفضل، عن (4) حنّان بن سدير، عن زياد بن أبي الحلال (5): أنّ الصادق (عليه السّلام) ترحم علي جابر و قال:
إنه كان يصدق علينا، و لعن المغيرة و قال: إنه كان يكذب علينا (6).
و- ما رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: سئل عن القائم (عليه السّلام) فضرب بيده علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: هذا و اللّه قائم آل محمّد (عليهم السّلام).
قال عنبسة: فلما قبض أبو جعفر (عليه السّلام) دخلت علي أبي عبد اللّه2.
ص: 200
(عليه السّلام) فأخبرته بذلك فقال: صدق جابر، ثم قال: لعلّكم ترون أن ليس كلّ إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله (1).
ز- ما رواه فيه في باب أن الجنّ تأتيهم فيسألونهم: عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمّد بن أورمة، عن أحمد بن النضر، عن النعمان ابن بشير، قال: كنت مزاملا (2) لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنّا بالمدينة دخل علي أبي جعفر (عليه السّلام) فودّعه، و خرج من عنده و هو مسرور، حتي وردنا الأخرجة (3) - أوّل منزل تعدل من فيد (4) إلي المدينة- يوم الجمعة فصلّينا الزوال.
فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال (5) أدم معه كتاب فناوله جابر، فتناوله فقبّله و وضعه علي عينيه، و إذا هو من محمّد بن عليّ إلي جابر بن يزيد، و عليه طين أسود رطب، فقال له: متي عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة، فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال: بعد الصلاة.
قال: ففك الخاتم و أقبل يقرأه و يقبض وجهه حتي أتي علي آخره، ثم أمسك الكتاب، فما رأيته ضاحكا و لا مسرورا حتي وافي الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلا بتّ ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له، فوجدته قد خرج و في عنقه كعاب قد علّقها و قد ركب قصبة و هو يقول:1.
ص: 201
أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور
و أبياتا نحو هذا، فنظر في وجهي و نظرت في وجهه، فلم يقل لي شيئا و لم أقل له، و أقبلت أبكي لما رأيته، و اجتمع عليّ، و عليه الصبيان و الناس، و جاء حتي دخل الرحبة و أقبل يدور مع الصبيان و الناس يقولون: جنّ جابر بن يزيد، جن جابر، فو اللّه ما مضت الأيام حتي ورد كتاب هشام بن [عبد الملك] (1) إلي و اليه: أن انظر رجلا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه و ابعث إليّ برأسه، فالتفت إلي جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا:
أصلحك اللّه كان رجلا له فضل و علم و حديث و حج فجنّ، و هو ذا في الرحبة مع الصبيان علي القصب يلعب معهم.
قال فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب علي القصب، فقال:
الحمد للّه الذي عافاني من قتله، و لم تمض الأيام حتي دخل منصور بن جمهور [الكوفة] (2) و صنع ما كان يقول جابر (3).
و السند حسن إلي أحمد بن النضر الثقة، و أخرجه الكليني في جامعه الذي عرفت حاله، و فيه ضروب من المعاجز.
و مؤيّد بما رواه الكشي: عن نصر بن الصباح، قال: حدثنا أبو يعقوبه.
ص: 202
إسحاق بن محمّد البصري، قال: حدثنا علي بن عبد اللّه، قال: خرج جابر ذات يوم و علي رأسه قوصرة راكبا قصبة، حتي مرّ علي سكك الكوفة فجعل الناس يقولون: جنّ جابر، جنّ جابر، فلبثنا بعد ذلك أياما، فإذا بكتاب هشام قد جاء بحمله إليه، قال: فسال عنه الأمير، فشهدوا عنده أنّه قد اختلط، و كتب بذلك إلي هشام و لم يعرّض له، ثم رجع إلي ما كان من حاله الأولي (1).
و لا يخفي ما في الخبر من الدلالة علي عظم قدره و جلالة شأنه. و مثله.
ح- ما رواه فيه أيضا: عن عدّة من أصحابنا، عن صالح بن أبي حمّاد، عن إسماعيل بن مهران، عمّن حدثه، عن جابر بن يزيد، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قلت له: حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بسبعين حديثا، لم أحدث بها أحدا قطّ، و لا أحدث بها أحدا، فلما مضي محمّد بن علي (عليهما السّلام) ثقلت علي عنقي، و ضاق بها صدري فما تأمرني؟ فقال: يا جابر إذا ضاق بك من ذلك شي ء فاخرج إلي الجبّانة، و احفر حفيرة، ثم دلّ رأسك فيها، و قل: حدثني محمّد بن علي بكذا و كذا، ثم طمّه، فإن الأرض تستر عليك.
قال جابر: ففعلت ذلك فخفّ، عنّي ما كنت أجده (2).
و سند الخبر و إن كان ينتهي إليه، إلّا أنه بعد ثبوت صدقه في إخباره بالأخبار المستعصية عن الصادقين) (عليهما السّلام) يكون في الحجيّة كغيره.
قال المحقق السيد صدر الدين العاملي: تأمّل في هذا الخبر لعلّك تهتدي منه و من مثله إلي نوع ما كان ينشد المفيد فيه من الأشعار، و يمكن الجواب بأن ثقل السر عليه إنّما كان حرصا علي إظهار فضل آل محمّد عليهم السّلام، و ظنّه7.
ص: 203
قابليّة بعض الناس لإفشائه، انتهي. و يقرب من هذا الخبر:
ط- ما رواه الكشي: عن جبرئيل بن أحمد: حدثني محمّد بن عيسي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: حدثني أبو جعفر (عليه السّلام) تسعين (1) ألف حديث، لم أحدث بها أحدا قطّ و لا أحدث بها أحدا أبدا، قال جابر: فقلت لأبي جعفر (عليه السّلام): جعلت فداك إنّك قد حمّلتني و قرأ عظيما بما حدثتني به من سرّكم الذي لا أحدث به أحدا، فربّما جاش صدري حتي يأخذني منه شبه الجنون، قال: «يا جابر فإذا كان ذلك (2) فاخرج إلي الجبال (3)، فاحفر حفيرة و دلّ رأسك فيها»، ثم قل: حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بكذا و كذا (4).
و رواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص بإسناده: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمّد بن عيسي مثله، إلّا أنّ فيه: سبعين ألف حديث، و فيه:
فاخرج إلي الجبّان (5). إلي آخره.
ي- ما رواه: عن علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن جابر قال: رويت خمسين ألف حديث ما سمعه (6) أحد مني.
يا- ما رواه أيضا: عن جبرئيل بن أحمد، حدثني الشجاعي، عن محمّد2.
ص: 204
ابن الحسين، عن أحمد بن النضر، عن، عمرو بن شمر، عن جابر، قال:
دخلت علي أبي جعفر (عليه السّلام) و أنا شابّ فقال: من أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: ممّن؟ قلت: من جعفي، قال: ما أقدمك إلي هاهنا؟
قلت: طلب، العلم، قال: ممّن؟ قلت: منك، قال: فإذا سألك أحد من أين أنت فقل: من أهل المدينة، قال، قلت: أسألك قبل كلّ شي ء عن هذا، أ يحلّ لي أن أكذب؟ قال: ليس هذا بكذب، من كان في المدينة فهو من أهلها حتي يخرج، قال: و، دفع إليّ كتابا و قال لي: إن أنت حدّثت به حتي يهلك بنو أميّة فعليك لعنتي و لعنة آبائي، و إن أنت كتمت منه شيئا بعد هلاك بني أميّة فعليك لعنتي و لعنة آبائي، ثم دفع إليّ كتابا آخر، ثم قال: و هاك هذا فإن حدثت بشي ء منه أبدا فعليك لعنتي و لعنة آبائي (1).
و روي الكشي أخبارا كثيرة في ظهور الكرامات العجيبة منه لم نستشهد بها لضعف أسانيدها و عدم الحاجة إليها.
و في كتاب عيون المعجزات للعالم الجليل الحسين بن عبد الوهاب الشعراني، و ربّما ينسب إلي علم الهدي السيد المرتضي كما احتمله العلامة المجلسي (2)، و جزم به السيد المحدث التوبلي (3):
روي لي الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر (رضي اللّه عنه) يرفع الحديث برجاله إلي البرسي، مرفوعا إلي جابر (رضي اللّه عنه) قال: لمّا أفضت الخلافة إلي بني أميّة (4). إلي آخره.
و في البحار نقلا عن والده، عن كتاب قديم في المناقب، قال: حدثنا8.
ص: 205
احمد بن عبيد اللّه، قال: حدثنا محمّد بن جعفر، قال: حدثنا محمّد بن إبراهيم ابن محمّد الموصلي، قال: أخبرني أبي، عن خالد، عن جابر بن يزيد الجعفي (1).
و قال: حدثنا أبو سليمان بن أحمد، قال: حدثنا، محمّد بن سعيد، عن أبي سعيد سهل بن زياد، قال: حدثنا محمّد بن سنان، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: لمّا أفضت الخلافة (2). و ساق الخبر.
و فيه معاجز كثيرة، و ذكر الخيط و تزلزل المدينة و هلاك جماعة كثيرة، و ذكر بعض مقاماتهم و حقوق الإخوان، و يظهر منه علوّ مقامه عندهم بما لا يطمعه طامع، و لطول الخبر لم نخرجه، و هو مكرر في الكتب القديمة، بل في نوادر المعجزات- و كأنّه مختصر الدلائل للطبري- في باب معاجز السجاد (عليه السلام) ما لفظه:
و منها خبر الخيط، معروف مشهور، روي الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلي محمّد بن جعفر البرسي، عن إبراهيم ابن محمّد الموصلي، عن جابر الجعفي (3). إلي آخره.
يب- ما في رجال الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: وجدت بخطّ محمّد بن شاذان بن نعيم، سمعت أبا محمّد القماصي الحسن بن علوية الثقة يقول: سمعت الفضل بن شاذان يقول: حجّ يونس بن عبد الرحمن أربعا و خمسين حجّة، و اعتمر أربعا و خمسين عمرة، و ألّف ألف جلد ردّا علي المخالفين، و يقال: انتهي علم الأئمة (عليهم السلام) إلي أربعة نفر، أوّلهم سلمان الفارسي، و الثاني جابر، و الثالث السيد، و الرابع يونس بن1.
ص: 206
عبد الرحمن (1).
و المراد من الجابر هو الجعفي لا الأنصاري كما نصّ عليه جماعة، بل لم نقف علي من احتمل غيره، ما في الخلاصة قال: قال ابن الغضائري: جابر ابن يزيد الجعفي الكوفي، ثقة في نفسه، و لكن جلّ من روي عنه ضعيف (2).
يج- ما في الفهرست في ترجمته قال: جابر بن يزيد الجعفي، له أصل، أخبرنا به، و ذكر طريقه. ثم قال: و له كتاب التفسير، ثم ذكر طريقه (3). و لم يذكر فيه شيئا يدلّ علي ضعفه. و يأتي (4) في قول المفيد مدح عظيم لأصحاب الأصول.
و منه يظهر أن قول بعضهم: لا يكاد يفهم حسن من قولهم: له كتاب أو أصل أصلا، شطط من الكلام.
يد- ما في رجال الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): جابر بن يزيد أبو عبد اللّه الجعفي، تابعي، أسند عنه، روي عنهما (5)، و ذكره في أصحاب الباقر (عليه السّلام) أيضا و قال: جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي، توفي سنة ثمان و عشرين و مائة علي ما ذكره ابن حنبل، و قال يحيي بن معين: مات سنة اثنتين و ثلاثين [و مائة] (6) و قال القتيبي: هو من الأزد (7)، انتهي.
و لم يشر إلي ضعف فيه، و قد استظهرنا في محله من كلمة أسند عنه أنّه6.
ص: 207
ممّن ذكره ابن عقدة في رجاله، فيكون من الأربعة آلاف الذين وثقهم.
يه- رواية ابن أبي عمير عنه كما في الكافي في باب النوادر من كتاب الصلاة: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) لجبرئيل: يا جبرئيل أيّ البقاع أحبّ إلي اللّه عزّ و جلّ؟ قال: المساجد، و أحبّ أهلها إلي اللّه أولهم دخولا و آخرهم خروجا منها (1).
و تأمّل في السند صاحب جامع الرواة و احتمل الإرسال لبعد ما بين ابن أبي عمير و جابر (2)، و الظاهر أنّه في غير محلّه.
و رواية جملة من الأجلّاء [عنه] منهم: صفوان بن يحيي كما في الخرائج في فصل أعلام الصادق (عليه السّلام) (3).
و عنبسة بن بجاد العبادي (4)، و هشام بن سالم (5)، و النضر بن سويد (6).
و سيف بن عميرة (7)، و عمّار بن مروان (8)، و إبراهيم بن سليمان (9)، و إبراهيم بن عمر اليماني (10)، و عمر بن أبان (11)، و المفضل بن2.
ص: 208
عمر (1)، و الحسن بن السري (2)، و عمرو بن شمر (3)، و عمرو بن عثمان (4)، و عمر بن يزيد (5)، و عبد اللّه بن غالب (6)، و يعقوب السراج (7) الذي قال المفيد فيه: أنه كان من شيوخ أصحاب الصادق (عليه السّلام) و خاصّته و بطانته و ثقاته (8).
و ميسر (9)، و السكوني (10)، و مثني الحنّاط (11)، و صباح المزني (12).
يو- عدّه المخالفون من الكذابين، و تضعيفهم إيّاه و اهتمامهم علي النهي عن الرواية عنه، حتي قال مسلم في أوّل صحيحه: حدثنا أبو غسان محمّد بن عمرو الرازي، قال: سمعت جريرا يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة (13) حدثنا حسن الحلواني، حدثنا يحيي بن آدم، حدثنا مسعر، حدثنا جابر- و هو ابن يزيد- قبل أن يحدث ما أحدث (14).
حدثني سلمة بن شبيب، حدثني الحميدي، حدثنا سفيان قال: كان3.
ص: 209
الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر، فلمّا أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه، و تركه بعض الناس، فقيل له: و ما أظهر؟ قال: الإيمان بالرجعة (1).
حدثنا حسن الحلواني، حدثنا أبو يحيي الحمّاني، حدثنا قبيصة و أخوه أنّهما سمعا الجراح بن مليح يقول: سمعت جابرا يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر، عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) كلّها (2).
حدثني حجّاج بن الشاعر، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: سمعت زهيرا يقول: قال جابر- أو سمعت جابرا يقول-: إنّ عندي لخمسين ألف حديث ما حدّثت منها بشي ء، [قال] (3) ثم حدث يوما بحديث فقال: هذا من الخمسين ألفا (4).
حدثني إبراهيم بن خالد اليشكري قال: سمعت أبا الوليد يقول:
سمعت سلام بن أبي مطيع يقول: سمعت جابر الجعفي يقول: عندي خمسون ألف حديث عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (5).
و حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال:
سمعت رجلا سأل جابر عن قوله عزّ و جلّ: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتّٰي يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّٰهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحٰاكِمِينَ (6)؟ فقال جابر: لم يجي ء تأويل هذه الآية، قال سفيان: و كذب، فقلنا لسفيان: و ما أراد بهذا؟ فقال: إن الرافضة تقول: إنّ عليا (عليه السّلام) في السحاب، فلا نخرج مع من خرج من ولده0.
ص: 210
حتي ينادي مناد من السماء- يريد عليا (عليه السّلام) أنه ينادي- اخرجوا مع فلان، يقول جابر: فذا تأويل هذه الآية و كذب، كانت في إخوة يوسف (1).
و حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال:
سمعت جابرا يحدّث بنحو من ثلاثين ألف حديث، ما أستحل أن أذكر منها شيئا، و إن كان لي كذا و كذا (2).
ذكر هذه الأخبار في مقام ذكر الكذابين و من لا يجوز الأخذ عنه، كالحارث الأعور الهمداني و غيره.
و قال ابن حجر في التقريب: جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد اللّه الكوفي، ضعيف، رافضي، من الخامسة (3).
و قال الذهبي في الميزان: جابر الجعفي الكوفي، أحد علماء الشيعة، عن سفيان: كان جابر الجعفي ورعا في الحديث، و ما رأيت أورع منه (4)، ثم ذكر بعض ما رواه مسلم.
و قال: و عن يحيي بن يعلي: سمعت زائدة يقول: جابر الجعفي رافضي، شتم أصحاب النبي (صلّي اللّه عليه و آله) (5).
و قال جرير بن عبد الحميد: لا أستحلّ أن أحدث عن جابر الجعفي لأنه كان يؤمن بالرجعة.
و قال في مختصره في الرجال، كما في النهج و غيره، بعد الترجمة: عن أبي الطفيل، و الشعبي، و عنه: شعبة، و السفيانان، من أكبر علماء الشيعة، وثقه3.
ص: 211
شعبة فشذّ، و تركه الحفّاظ (1).
و قال أبو داود صاحب السنن: ليس في كتابي منه شي ء سوي حديث السهو (2).
و عن ابن الجوزي في المنتظم قال: كان جابر بن يزيد الجعفي رافضيا غاليا، مات سنة 128 (3).
إلي غير ذلك من كلماتهم الناشئة عن عداوتهم المنبعثة عن كونه عالما شيعيا رافضيا (4).
يز- عدّه ابن شهرآشوب في المناقب بابا لأبي جعفر الباقر (عليه السّلام)ا.
ص: 212
و كذلك الكفعمي في جنّته (1)، و المراد من الباب بابهم (عليهم السّلام) في علومهم و أسرارهم، و في الأول، و الإرشاد للمفيد، و إعلام الوري للطبرسي، في مقام ذكر فضائل الباقر (عليه السّلام) ما لفظهم: و كان جابر بن يزيد الجعفي إذا روي عن محمّد بن علي (عليهما السّلام) شيئا يقول: حدثني وصيّ الأوصياء و وارث علوم (2) الأنبياء محمّد بن علي (عليهم السّلام) (3).
و روي الكشي: عن حمدويه قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال: دخلت المسجد حين قتل الوليد، فإذا الناس مجتمعون، قال: فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خزّ حمراء، و إذا هو يقول: حدثني وصي الأوصياء و وارث علم الأنبياء محمّد بن علي (عليهما السّلام) قال: فقال الناس: جنّ جابر، جنّ جابر (4).
و روي الحسين بن حمدان، عن أحمد بن يوسف بن محمّد، عن أبي سكينة، عن عمرو بن الزهير، عن الصادق (عليه السّلام) قال: إنّما سمّي جابر لأنه جبر المؤمنين بعلمه، و هو بحر لا ينزح، و هو الباب في دهره، و الحجة علي الخلق من حجّة اللّه أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) (5).
و عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن جعفر بن محمّد الخزاز، عن مخول ابن إبراهيم، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن ميمون بن إبراهيم، عن جابر أنه قال: علّمني ابن فاطمة (عليهما السّلام) كلمات ما أشاء أن أعلم بهن شيئا إلّا علمته، يعني الباقر (عليه السّلام).9.
ص: 213
و بهذا الإسناد، عن ميمون قال: كان جابر قد جنن نفسه، فركب القصب و طاف مع الصبيان حيث طلب للقتل، و كان فيما يدور إذ لقيه رجل في طريقه، و كان الرجل قد حلف بطلاق امرأته في ليلته تلك أنه يسأل عن النساء أوّل من يلقاه، فاستقبله جابر فسأله عن النساء؟ فقال له جابر: النساء ثلاث، و هو راكب القصبة فمسكها الرجل، فقال له جابر: خلّ عن الجواد، فركض مع الصبيان، فقال الرجل: ما فهمت ما قال جابر، ثم لحق به فقال له: ما معني النساء ثلاث؟ فقال جابر: واحدة لك، و واحدة عليك، و واحدة لا لك و لا عليك، و قال له: خلّ عن الجواد.
فقال الرجل: ما فهمت قول جابر، فلحق به و قال: ما فهمت ما قلت؟
فقال له: أما التي لك فالبكر، و أمّا التي عليك فالتي كان لها بعل و لها ولد منه، و التي لا لك و لا عليك فالثيب التي لا ولد عليها (1).
يح- قول الشيخ المفيد في رسالته في الرّد علي أصحاب العدد ما لفظه:
و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان من شهور السنة يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي، و أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن علي، و أبي الحسن علي بن محمّد، و أبي محمّد الحسن بن علي ابن محمّد (صلوات اللّه عليهم) و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنفات المشهورة، و كلّهم قد أجمعوا نقلا و عملا علي أنّ شهر رمضان يكون تسعة و عشرين، نقلوا ذلك عن أئمة الهدي (عليهم السّلام) و عرفوه من عقيدتهم، و اعتمدوه في ديانتهم، و قد فصّلت أحاديثهم في كتابي المعروف ب (مصابيح النور في علامات [أوائل] (2) الشهور)ر.
ص: 214
و أنا أثبت من ذلك ما يدلّ علي تفصيلها إن شاء اللّه.
فممّن روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السّلام) أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان: أبو جعفر محمّد بن مسلم. إلي أن قال- في عداد من روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)-:
و روي عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سمعته يقول. إلي آخره.
ثم ذكر بعده ما رواه ابن أبي يعفور، و معاوية بن وهب، و عبد الأعلي ابن أعين، و سماعة، و عبد اللّه (1) بن زرارة و أضرابهم (2)، فلولا أن جابر عنده من الموصوفين بالنعوت التي قدمها لما أدرج حديثه في حديثهم، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
و يشهد لذلك ما فعل به في كتاب الاختصاص، فإنه قال فيه: أصحاب محمّد بن علي (عليهما السّلام): جابر بن يزيد الجعفي، حمران بن أعين، و زرارة، [عامر بن] (3) عبد اللّه بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبد اللّه بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري، سلام بن المستنير، بريد بن معاوية العجلي، [الحكم] (4) بن أبي نعيم (5)، انتهي. انظر كيف قدّمه في الذكر علي جميعهم.
هذا ما عثرت عليه من أسباب مدحه و وثاقته و علوّ مقامه و درجته.8.
ص: 215
قال التقي المجلسي في الشرح: و الذي يخطر ببالي من تتبع إخباره أنه كان من أصحاب أسرارهما (عليهما السلام) و كان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء، حصل به الغلوّ في بعضهم، و نسبوا إليه افتراء سيّما الغلاة و العامة.
روي مسلم في أول كتابه ذموما كثيرة في جابر (1)، و الكلّ يرجع إلي الرفض، و إلي القول بالرجعة، و كان مشتهرا بينهم، و عمل علي أخباره جلّ أصحاب الحديث، و لم نطّلع علي شي ء يدل علي غلوّه و اختلاطه سوي خبر ضعيف رواه الكشيّ (2)، انتهي.
و المراد من الخبر إن كان هو ما رواه: عن حمدويه و إبراهيم ابني نصير قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن أحاديث جابر؟ فقال: ما رأيته عند أبي قطّ إلّا مرّة واحدة، و ما دخل عليّ قط (3). فهو إمّا محمول علي التقية عن زرارة، و هو في غاية البعد، أو موضوع كما لا يخفي علي من تأمّل فيما قدمناه، كيف و هو من الذين رووا النص من الباقر علي الصادق (صلوات اللّه عليهما) بالسند الصحيح، كما رواه الكليني (4)، و الطبرسي (5)، و المفيد (6)، و السروي (7)، و غيرهم.
و في باب معاجز الباقر (عليه السّلام) ممّا رآه بنفسه و رواه شي ء كثير،8.
ص: 216
و كذا في أخبار الزيارات، و منها زيارة أمين اللّه، و أبواب الفضائل منه ما لا يحصي.
و الظاهر أن الأصل في ما نسب إليه من الضعف و التخليط ما ذكره النجاشي في ترجمته، فلنذكره مع الجواب عنه بعون اللّه تعالي.
قال (رحمه اللّه): جابر بن يزيد أبو عبد اللّه، و قيل: أبو محمّد، الجعفي، عربي قديم، نسبه: ابن الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحرب بن معاوية ابن وائل بن مرار بن جعفي، لقي أبا جعفر و أبا عبد اللّه (عليهما السّلام) و مات في أيامه سنة ثمان و عشرين و مائة، روي عنه جماعة- غمز فيهم [و] ضعّفوا- منهم: عمرو بن شمر، و مفضّل بن صالح، و منخل بن جميل، و يوسف بن يعقوب، و كان في نفسه مختلطا، و كان شيخنا أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه يدلّ علي الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها، و قلّما يورد عنه شي ء في الحلال و الحرام، له كتب منها التفسير، ثم ذكر طرقه إليه و إلي سائر كتبه (1).
و قال العلامة في الخلاصة بعد نقل ما في النجاشي: و الأقوي عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء عنه، كما قاله الشيخ ابن الغضائري (2).
قال السيد الأجل الآميرزا محمّد في المنهج: و اعلم أن ما تقدم من قول الخلاصة: و الأقوي عندي. إلي آخره، مشعر بأنّه قيل ما يرويه عنه الثقات فلعلّه الصواب، فإن تلك الإشعار إن كان ممّا قيل فيه فلعلّ ذلك لسخافة ما نقل عنه هؤلاء الضعفاء، و إن نقلت عنه أو مضمونها فلعلّ ذلك أيضا من فعل هؤلاء، علي أنّ قائل الأشعار غير معلوم الآن لنا، و كان مستند نسبة الاختلاط2.
ص: 217
إليه ليس إلّا هذا، و اللّه تعالي أعلم (1)، انتهي.
قلت: قد كانت جملة من المسائل المتعلّقة بالمعارف عند جماعة من أعاظم هذا العصر من المناكير التي يضلّلون معتقدها و ينسبونه إلي الاختلاط، كوجود عالم الذّر، و الأظلّة عند الشيخ المفيد، و طيّ الأرض عند علم الهدي، و وجود الجنّة و النار الآن عند أخيه الرضي، و أمثال ذلك ممّا يتعلّق بمقاماتهم (عليهم السّلام) و غيره، مع تواتر الأخبار بها و صيرورتها كالضروريات في هذه الأعصار، و ظاهر أنّ من يري الذي يروي خلاف ما اعتقده ينسبه إلي الاختلاط، بل الزندقة، و من سبر روايات جابر في هذه الموارد و غيرها يعرف أن نسبة الاختلاط إليه اعتراف له ببلوغه المقامات العالية، و الذروة السامية من المعارف.
ثم نقول: الظاهر أن الشيخ المفيد أنشد هذه الأشعار من باب الحكاية و النقل من دون اعتقاد بصدق مضمونها فيه، لما تقدم من نصّه علي جلالته و عدم تطرق الطعن إليه بوجه في الرسالة العددية، و اعتماده علي رواياته في إرشاده، و في كتاب الكافية في موارد متعددة أشرنا إلي بعضها في ترجمة عمرو ابن شمر (2).
ثم إن تمسّك النجاشي لاختلاطه بالأشعار كما هو الظاهر من كونها مستندة فيه، مع ما رأي من إكثار أئمّة الحديث مثل: الكليني، و شيخه عليّ، و الصدوق، الصفار، و ابن قولويه، و الشيخ المفيد- شيخه- في الإرشاد و الأمالي و الكافية و الاختصاص و غيرهم من النقل عنه عجيب، و أعجب منه قوله: و قلّما يورد عنه شي ء في الحلال و الحرام (3)، فإن في كثير من أبواب الأحكام منه خبرا.2.
ص: 218
و روي الصدوق في باب السبعين من الخصال عنه خبرا طويلا فيه سبعون حكما من أحكام النساء يصير بمنزلة سبعين حديثا (1).
و كتاب جعفر بن محمّد بن شريح (2) أكثر أخباره عنه، و أغلبها في الأحكام، فلو جمع أحد أسانيد جابر في الأحكام لصار كتابا، فكيف يستقلّ هذا النقاد مروياته في الحلال و الحرام، و مع الغضّ نقول: ليس هذا و هنا فيه، فإنّ القائمين بجمع الأحكام في عصره كان أكثر من أن يحصي، فلعلّه رأي أن جمع غيرها ممّا يتعلّق بالدين، كالمعارف و الفضائل و المعاجز و الأخلاف و الساعة الصغري و الكبري أهمّ، و نشرها ألزم، فكلّها من معالم الدين و شعب شريعة خاتم النبيين، كما أنّ قلّة ما ورد من زرارة و أضرابه في هذه المقامات لا تورث و هنا فيهم، وَ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهٰا.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي [عن الحسين بن سعيد] (3) عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عنه (4).
رجال السند إلي القاسم من الأجلّاء، و أما القاسم فلم يوثقوه صريحا، و يمكن استظهار وثاقته من رواية النضر عنه، لما قيل في ترجمته من أنّه: صحيح الحديث (5)، و قد مرّ في الفائدة السابقة (6) بيان دلالة هذه الكلمة علي وثاقة
ص: 219
مشايخ من قيلت هذه الكلمة في حقّه، فراجع.
و يؤيّد رواية يونس بن عبد الرحمن عنه في التهذيب في باب ميراث من علا في الآباء (1)، و باب ابن الأخ و جدّه (2).
و حمّاد فيه أيضا (3)، و في الاستبصار في باب أنّ القاذف إذا عرفت توبته قبلت شهادته (4)، و في طريق الصدوق إليه كما يأتي (5)، و هما من أصحاب الإجماع.
و الحسين بن سعيد في التهذيب في باب البيّنات (6).
و أمّا جرّاح، في النجاشي: روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ذكره أبو العباس، له كتاب يرويه عنه جماعة منهم النضر بن سويد (7).
أما قوله: روي. إلي آخره، ففيه إشارة إلي كونه من أصحاب الأصول كما أشرنا إليه سابقا، و عرف ذلك منه بالاستقراء.
و قوله: ذكره، إشارة إلي كونه من الأربعة آلاف الذين جمعهم أبو العباس و وثقهم و تلقّاه الأصحاب بالقبول.
و عرفت كون رواية النضر من أمارات الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (8).
ص: 220
السند في أعلي درجة الصحة.
و جعفر من عيون الطائفة و زهّادها، و هو الذي قالوا فيه: روي عن الثقات و رووا عنه (1).
أبوه، عن علي بن موسي الكميذاني، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد ابن أبي عمير، عن أبي جعفر الشامي، عنه (2).
و الكميذاني (3) من مشايخ الكليني، داخل في عدّته عن ابن عيسي، و يكفي في مدحه روايتهما (4) عنه، مع أنه من مشايخ الإجازة، و وجود الطرق الصحيحة إلي أحمد، و إلي ابن سعيد، و إلي ابن أبي عمير للمشايخ الثلاثة (5).
و الكميذاني علي ما يظهر من تاريخ قم كانت إحدي القري السبعة التي كانت مجتمعة قبل بناء قم، و يقال لها: هفت ده- أي سبعة قري- و هي:
ممجان، و قزوان، و مألون، و سكن، و جلينادان (6)، و كميذان (7)، فلما نزل الأشعريون بأرض قم جعلوا السبعة واحدة و سمّوها بقم (8)، فصارت كميذان إحدي محلاتها في شرح يطول، و ذكر في باب ميادين قم: ميدان يحيي بن عمران ابن عبد اللّه الأشعري بكميذان، بقرب المسجد الجامع، و ميدان أبي علوية
ص: 221
الحسن بن يحيي بن عمران الأشعري بكميذان، بقرب قصر مشرف عليه يعرف به (1).
و أبو جعفر الشامي غير مذكور، و لا يضرّ جهالته بعد رواية ابن أبي عمير عنه، كاشتراك جعفر بن عثمان بين الثقة و غيره، لكون ابن أبي عمير من العصابة الذين لا يحتاج إلي النظر إلي من بعده، إذا صحّ السند إليه، مع أن الظاهر من بعض الاتحاد، مضافا إلي النص علي وثاقة أحدهما، و رواية ابن أبي عمير عن الآخر، فالسند في غاية الاعتبار.
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير [البجلي] عنه (1).
في النجاشي: الحسن بن متّيل، وجه من وجوه أصحابنا، كثير الحديث (2)، و حكم في الخلاصة بصحّة هذا السند (3).
و ابن ناجية ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4)، و يروي عنه الجليل عبد اللّه ابن مسكان (5)، و جعفر بن بشير (6) الذي قالوا فيه: روي عن الثقات (7)، و في الشرح: و الظاهر من المصنف أن كتابه معتمد (8)، فقول السيد الجليل في العدّة: و جعفر مهمل (9)، في غير محلّه.
و الوشاء (1)، و أبان (2)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (3)، و سيف بن عميرة (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و غيرهم من الأعاظم، فالطريق في أعلي درجة الصحة.
أبوه و محمّد ابن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين ابن سعيد، عن أحمد بن عبد اللّه القروي، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عن أمّ المقدام الثقفيّة، عن جويرية (6).
قلت: كذا في نسخ المشيخة و في كتابه علل الشرائع، إلّا أن فيه أحمد ابن عبد اللّه القزويني (7)، و يظهر من سائر طرق المشايخ إلي جويرية في قصّة ردّ الشمس عليه (عليه السّلام) بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله) اختلال في هذا الطريق.
فروي الصفار في البصائر، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن بحر، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي المقادم، عن جويرية (8). إلي آخره.
ص: 224
و روي الجليل محمّد بن العباس الماهيار في تفسيره علي ما نقله عنه في تأويل الآيات: عن أحمد بن إدريس (1)، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي المقدام (2)، عن جويرية (3).
و يمكن أن يقال: أنّ أبا بصير رواه عن أمّ المقدام بالواسطة، و عن أبي المقدام بدونها، و قد رواه عن جويرية غيرهما.
فرواه محمّد بن علي الطوسي في كتاب ثاقب المناقب: عن داود بن كثير الرقي، عن جويرية (4).
و الصفار في البصائر: عن محمّد بن الحسين، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي الجارود، عن جويرية (5)، و غيرهما، و لذا لا يحتاج إلي النظر في حال رجاله و لا يضرّه جهالة بعضه و اختلاف بعض متونه بما لا يضرّ بالمقصود.
قال السيد المرتضي في شرح القصيدة البائية للسيد الحميري عند قوله:
و عليه قد حبست ببابل مرة أخري و ما حبست لخلق معرب
(6)5.
ص: 225
هذا البيت يتضمّن الإخبار عن ردّ الشمس في بابل علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) و الرواية بذلك مشهورة.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب: و ذكر أنّ الشمس ردّت عليه مرارا، و ذكر ستّة عشر موضعا، ثم قال: و أمّا المعروف مرّتان في حياة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) بكراع الغميم، و بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله)- إلي أن قال-:
و أمّا بعد وفاته (صلّي اللّه عليه و آله) ما روي جويرية بن مسهر، و أبو رافع، و الحسين بن علي (عليهما السّلام) (1).
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن جهيم بن أبي جهم، و يقال له: ابن أبي جهمة (2).
مرّ توثيق سعدان في (ح) (3) فالسند صحيح.
و أمّا جهيم فأهملوه في الرجال، و يمكن استظهار وثاقته من رواية الحسن ابن محبوب عنه في الكافي في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (4)، و يونس ابن عبد الرحمن فيه في باب البداء من كتاب التوحيد (5)، و هما من أصحاب
ص: 226
الإجماع، و علي بن الحكم (1)، و سعدان (2)، و في الشرح: و يظهر من المصنّف أن كتابه معتمد (3).
و ابن المغيرة هو الذي قالوا فيه: ثقة ثقة (1)، و يروي عنه صفوان (2)، و يونس (3)، و ابن أبي عمير (4)، و أبان بن عثمان (5)، و ثعلبة بن ميمون (6)، و أبو أيوب (7)، و يحيي الحلبي (8)، و حماد بن عثمان (9)، و معاوية بن عمّار (10)، و علي ابن النعمان (11)، و عبد اللّه بن مسكان (12)، و محمّد بن الفضيل (13)، و الفضيل بن يسار (14)، و عبد الكريم بن عمرو الخثعمي (15)، و غيرهم من الأجلّاء.
و روي الكشي: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسي، عن عبد اللّه بن محمّد الحجال، عن يونس بن يعقوب، قال: كنّا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: أما لكم من مفزع؟! أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟! ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النصري (16)؟
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 228
محمّد بن الوليد الخزاز، عن حمّاد بن عثمان، عنه (1).
أمّا محمّد، ففي النجاشي: أبو جعفر الكوفي ثقة عين. نقيّ الحديث، قال: و عمّر حتي لقيه محمّد بن الحسن الصفار، و سعد (2).
و في الكشي: فطحي، من أجلّة العلماء و الفقهاء و العدول (3).
و حبيب الخثعمي هو الذي قال [فيه] (4) النجاشي: ثقة مرّتين، و يروي عنه ابن أبي عمير (5)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (6)، و حمّاد بن عثمان (7)، و هم من أصحاب الإجماع، و القاسم بن محمّد (8)، و علي بن إسماعيل الميثمي (9)، و غيرهم.
و اعلم أنّ من ذكرناه من رجال الطريق هو الموجود في الوسائل (10)، و فيما رأيناه من نسخ الفقيه، و لكن في شرح التقي المجلسي: عن محمّد بن الوليد الخزّاز، و شرح حاله ثم قال: عن محمّد بن عيسي، و هو ابن عبيد اليقطيني، و قد تقدم ثقته (11)، انتهي.6.
ص: 229
و هو غريب منه لاقتصاره علي نسخة مغلوطة، و قد صرّحوا في ترجمة الخزاز، أنه يروي عن حماد بن عثمان (1)، و الموجود في الأسانيد كثيرا رواية محمّد ابن عيسي عن حمّاد بتوسط يونس بن عبد الرحمن (2) فلاحظ، و بالجملة فالسند موثّق كالصحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن سنان، عنه (3).
السند صحيح.
و أمّا حذيفة بن منصور [بن] (4) الكثير الخزاعي فمن أجلاء الثقات لوجوه:
أ- ما في النجاشي: ثقة، روي عن أبي جعفر، و أبي عبد اللّه، و أبي الحسن (عليهم السّلام) و ابناه الحسن و محمّد رويا الحديث، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا (5). إلي آخره.
ب- رواية ابن أبي عمير عنه كما في طريق النجاشي إلي كتابه، و صفوان في التهذيب في باب فرض صلاة السفر (6)، و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات (7)، و أبان بن عثمان فيه في باب العارية (8)، و حمّاد بن عثمان و جميل بن دراج في الكافي في باب السنّة في المهور (9)
ص: 230
- هؤلاء الستّة من أصحاب الإجماع لا يروون جميعهم أو الأوّلان منهم إلّا عن الثقة- و غيرهم من الثقات: كمحمّد بن سنان (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (3)، و الحكم بن مسكين (4).
ج- ما في الخلاصة قال: و وثقه شيخنا المفيد و مدحه (5). إلي آخره.
قلت: و في الرسالة العددية لم يطعن في السند الذي فيه حذيفة إلّا بمحمّد بن سنان (6)، و لو لا وثاقته عنده لكان أولي بالطعن.
د- ما ذكره الشيخ في التهذيب عند ذكر حديثه في عدم نقصان شهر رمضان: هذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه:
أحدهما: أنّ متن الخبر لا يوجد في شي ء من الأصول المصنّفة، و إنّما هو موجود في الشواذ من الأخبار.
و منها: أن كتاب حذيفة بن منصور عري منه، و الكتاب معروف مشهور، و لو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه (7). إلي آخره.
و في تعليقة الأستاذ الأكبر في كلامه فوائد: منها كون حذيفة جليلا، صحيح الحديث، موثوقا به.
و منها أن الأخبار التي نقلها المشايخ عنه علي سبيل الاعتماد و الإفتاء بها إنّما هي من كتابه المعروف المشهور (8). إلي آخره.3.
ص: 231
ه- ما رواه الكشي: عن حمدويه و محمّد، قالا: حدثنا محمّد بن عيسي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سأل أبو العباس فضل البقباق (1) لحريز الإذن علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فلم يأذن له، فعاوده فلم يأذن له، فقال: أي شي ء للرجل أن يبلغ في عقوبة غلامه؟ قال، قال:
علي قدر ذنوبه، فقال: قد و اللّه عاقبت حريزا بأعظم ممّا صنع، قال: ويحك إنّي فعلت ذلك أنّ حريزا جرّد السيف (2)، ثم قال: أما لو كان حذيفة بن منصور ما عاودني فيه [بعد] (3) أن قلت: لا (4).
و هذا الخبر رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي العباس، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما للرجل يعاقب به مملوكه (5). إلي آخره، باختلاف يسير، و سقط صدره لعلّه لعدم الحاجة، و ذيله لذلك، أو لعدم ذكره البقباق لتضمّنه ذمّه، فالمناقشة في السند بابن عيسي في غير محلّه.
و دلالته علي المدح العظيم، خصوصا اختصاصه (عليه السّلام) حذيفة بخصلة التسليم- الذي هو من أشرف الخصال- من بين أصحابه غير خفيّ علي المنصف البصير.
و من جميع ذلك يظهر أنه لا ينبغي الإصغاء إلي ما حكي عن ابن الغضائري في ترجمته من أن: حديثه غير نقيّ، يروي الصحيح و السقيم،3.
ص: 232
و آمره ملتبس، و يخرج شاهدا (1)، و لا حاجة إلي شرح سقم هذا الكلام كما في الشرح (2) و غيره.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و الحسن بن ظريف و علي بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز بن عبد اللّه (3).
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي العطار و أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد و علي بن حديد و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسي الجهني، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري، عن علي بن إسماعيل و محمّد بن عيسي و يعقوب ابن يزيد و الحسن بن ظريف، عن حمّاد بن عيسي، عنه.
و ما كان فيه عن حريز بن عبد اللّه في الزكاة: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن (علي بن) (4) إسماعيل بن سهل، عن حمّاد بن عيسي، عنه.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عنه (5).
الحسن بن ظريف ثقة، و علي بن إسماعيل الذي يروي عنه الحميري تقدم وثاقته في (كز) (6).
ص: 233
فالسند الأوّل صحيح، و كذا الثاني و إن ضعّفنا علي بن حديد لوجود الجليلين في طبقته، و كذا الثالث، و كذا الخامس بما مرّ في إبراهيم (1).
و أمّا الرابع: ففي نسخ الوسائل: علي بن إسماعيل (2)، و لكن فيما رأينا من نسخ الفقيه و شرح المشيخة: إسماعيل بن سهل، و الأوّل غير مذكور، و الظاهر أنّه من طغيان القلم، و أمّا الثاني فذكره في الفهرست، و ذكر له كتابا، و ذكر طريقه إليه (3) و لم يشر إلي طعن فيه.
و قال النجاشي: ضعّفه أصحابنا (4)، ثم ذكر الكتاب و الطريق، و في نسبته التضعيف إليهم إشعار بتمريضه، و لعلّه في محلّه لرواية الأجلّة عنه خصوصا مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي كما في الكافي في باب الاعتراف بالذنوب (5)، و في باب دعوات موجزات (6).
و علي بن مهزيار (7)، و العباس بن معروف (8)، و محمّد بن عبد الجبار (9)، و محمّد بن خالد البرقي (10)، و كيف كان فلا حاجة إلي التجشّم بعد وجود الطريق الصحيح، مع أنّ كتب حريز كلّها تعدّ في الأصول كما في الفهرست (11)، و طرق المشايخ إليها تقرب من التواتر.9.
ص: 234
و حريز من أعاظم الرواة و عيونها، ثقة ثبت، لا مغمز فيه، و حديث الحجب واضح التأويل ظاهر الحكمة مبيّن المراد، قد أكثر الأجلّاء من الرواية عنه، و لعدم الحاجة طوينا الكشح عن عدّهم.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
و الجهم: هو ابن بكير أخو زرارة، و جدّ الشيخ الجليل أبي غالب أحمد ابن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم.
و أبو محمّد الحسن ثقة جليل، يروي عنه الأجلّاء، مثل: الحسن بن عليّ ابن فضال (2)، و عبد اللّه بن بكير (3)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (4)، و سعد ابن سعد، (5)، و محمّد البرقي (6)، و علي بن أسباط (7)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و محمّد بن القاسم بن فضيل بن يسار (10)، و أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد العاصمي (11).
و في الكافي: عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن الجهم،
ص: 235
قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السّلام) جالسا فدعا بابنه و هو صغير فأجلسه في حجري و قال لي: جرّده فانزع قميصه، فنزعته، و قال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثم قال: أ تري، هذا كان مثله في هذه الموضع من أبي (عليه السّلام) (1).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن القاسم بن يحيي، عن جدّه الحسن بن راشد.
و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم ابن يحيي عنه (2).
أمّا القاسم: فذكره الشيخ في الفهرست، و ذكر أن له كتابا فيه آداب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (3) و ذكر طريقه إليه، و في من لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) من رجاله (4)، و لم يشر إلي طعن فيه، و كذا في أصحاب الرضا (5) (عليه السّلام)، و كذا النجاشي (6)، و في الخلاصة: ضعيف (7).
قال في التعليقة: أخذه من ابن الغضائري كما في النقد (8)، فلا يعبأ به،
ص: 236
و رواية الأجلّة عنه سيّما مثل أحمد بن محمّد بن عيسي (1) أمارة الاعتماد، بل الوثاقة، و يؤيّده كثرة رواياته و الإفتاء بمضمونها، و يؤيّد فساد كلام ابن الغضائري في المقام عدم تضعيف شيخ من المشايخ العظام الماهرين بأحوال الرجال إيّاه، و عدم طعن من أحد ممّن ذكره في مقام ذكره في ترجمته، و ترجمة جدّه و غيرها (2)، انتهي.
قلت: و يروي عنه: إبراهيم بن هاشم (3)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (4)، و محمّد بن عيسي (5)، و محمّد بن خلف (6)، و إبراهيم بن إسحاق (7)، و محمّد بن خالد (8)، و غيرهم.
و أمّا الكتاب المذكور فهو بعينه الحديث المعروف بالأربعمائة كما لا يخفي علي من نظر إلي سنده في الخصال (9)، و تلقّاه الأصحاب بالقبول، و وزّعوا أحكامه و آدابه علي الأبواب المناسبة لها، و لو لا خوف الإطالة لذكرت جملة منها.
و أمّا جدّه الحسن: فاعلم أن المذكور في الكتب الرجالية ثلاثة:0.
ص: 237
الأول: الحسن بن راشد الطغاوي، الذي قال فيه النجاشي: له كتاب النوادر، حسن، كثير العلم (1)، و ذكره في الفهرست (2)، و لم يضعّفاه (3)، و ضعّفه ابن الغضائري (4)، و ليس هو جدّ القاسم لأنّه كوفي مولي لبني العباس، و الطغاوي كما في الخلاصة: منسوب إلي جبّال بن منبّه، و هو أعصر بن سعد ابن قيس. إلي آخره، و أمّ الطغاويين: الطغاوة بنت جرم بن ريان، قال:
و مسكنهم البصرة (5)، مع أنّ الذي في رجال ابن الغضائري و تبعه غيره: الحسن بن أسد الطغاوي لا راشد.
و العجب من شارح المشيخة حيث قال: و ما كان عن الحسن بن راشد الطغاوي ضعيف، ثم ذكر ما في النجاشي، و ابن الغضائري، ثم ذكر الحسن بن راشد أبا علي الثقة. إلي أن قال: و ذكر المصنّف الضعيف بناء علي أنه كان كتابه حسنا معتمدا عليه كما يظهر من الجارحين أيضا (6)، انتهي، و هو فاسد من وجوه.
الثاني: أبو علي البغدادي الوكيل، الحسن بن راشد، مولي المهلب، الثقة الجليل، المذكور في الأسامي و الكني، من أصحاب الجواد و الهادي (7) (عليهما السّلام) و هذا أيضا ليس جدّ القاسم، لأنه من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و يروي عنه كثيرا، و بينهما من البعد من جهة الزمان و اختلاف المروي عنه و الراوي ما لا يخفي.0.
ص: 238
الثالث: أبو محمّد الحسن بن راشد مولي بني العباس، و في الخلاصة:
عن ابن الغضائري مولي المنصور (1)، و في رجال البرقي: كان وزيرا للمهدي (2)، و هذا هو الجدّ، ذكره الشيخ في أصحاب الباقر (3) (عليه السّلام) و لم يضعّفه، و في رجال ابن داود عن ابن الغضائري: ضعيف جدّا (4)، و فيه مضافا إلي ضعف تضعيفاته، كثرة رواية ابن أبي عمير عنه، عن الصادق (عليه السّلام).
و في الاحتجاج للطبرسي: بإسناده إلي محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري، أنه كتب إلي صاحب الزمان (صلوات اللّه عليه) يسأله عن التوجه للصلاة يقول: علي ملّة إبراهيم و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله)؟ فإنّ بعض أصحابنا ذكر: أنه إذا قال: علي دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) فقد أبدع، لأنّا لم نجده في شي ء من كتب الصلاة، خلا حديثا واحدا في كتاب القاسم بن محمّد، عن جده الحسن بن راشد، أن الصادق (عليه السّلام) قال للحسن:
كيف التوجّه؟ فقال: أقول: لبيك و سعديك، فقال له الصادق (عليه السّلام): ليس عن هذا أسألك، كيف تقول: وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما؟
قال الحسن: أقوله، فقال الصادق (عليه السّلام): إذا قلت ذلك فقل: علي ملّة إبراهيم، و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) و منهاج علي بن أبي طالب (عليه السّلام) و الائتمام بآل محمّد (عليهم السّلام) حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين.
فأجاب (عليه السّلام): التوجّه كلّه ليس بفريضة، و السنة المؤكّدة فيه0.
ص: 239
التي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض، حنيفا مسلما، علي ملّة إبراهيم، و دين محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) و هدي عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) و ما أنا من المشركين إِنَّ صَلٰاتِي. (1)
الآية، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم (2)، الخبر.
و فيه إشارة إلي وثاقتهما كما لا يخفي علي المتأمّل، هذا و لكن طبقته و طبقة الطغاوي بناء علي ضعفه و كونه ابن راشد واحدة، و يشكل التمييز، إلّا أن المطلق كما قيل ينصرف إلي الفرد الكامل.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن زياد الصيقل، و هو كوفي مولي، و كنيته أبو الوليد (3).
مرّ (4) ما يحتاج إلي الشرح من رجال السند، و ظهر أنه في غاية الاعتبار.
و أمّا الحسن فذكره الشيخ في أصحاب الباقر و الصادق (5) (عليهما السّلام) و ذكر له في الفهرست (6) كتابا، و ذكر طريقه إليه، و لكن لم يوثقه، و يمكن استظهار توثيقه من رواية يونس عنه هنا (7).
ص: 240
و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب الكذب (1).
و فضالة بن أيوب في الكافي في باب الورع (2)، و في باب ما فرض اللّه عزّ و جلّ من الكون مع الأئمة (عليهم السّلام) (3).
و أبان بن عثمان فيه في باب التفكّر (4)، و في التهذيب في باب لحوق الأولاد بالآباء (5)، و في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات (6)، و في الفقيه في باب أحكام المماليك و الإماء (7)، و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع.
و يروي عنه كثيرا الجليل عبد اللّه بن مسكان (8)، و جعفر بن بشير (9) الذي عدّ روايته من أمارات الوثاقة، و الجليل الحلبي كما في التهذيب في باب ما أحلّ اللّه تعالي نكاحه من النساء (10)، و محمّد بن سنان (11)، و مثني بن الوليد الحنّاط (12)، و علي بن الحكم (13)، و حسين بن عثمان (14)، و عبد الكريم بن عمرو (15) الذي يروي عنه ابن أبي نصر.8.
ص: 241
و من الغريب بعد ذلك ما في مشتركات الكاظمي حيث قال: و ابن زياد الصيقل المجهول، عنه إبراهيم بن حيّان (1).
و أعجب منه نقل أبي علي كلامه و عدم تعرّضه له بشي ء (2).
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متّيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عنه (3).
هؤلاء كلّهم من الأجلّاء و وجوه الطائفة.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني (4).
هذا السند ضعيف في المشهور بالصيرفي، و هو أبو سمينة، و قد مرّ بعض ما فيه في (ز) (5).
و الحسن مرميّ بالوقف و الكذب، أمّا الأول فغير مضرّ، و أمّا الثاني فبعيد غايته لوجوه:
أ- رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي- الذي لا يروي إلّا عن ثقة- عنه، و هو من أصحاب الإجماع كما في التهذيب في باب التدبير (6).
ص: 242
ب- رواية الأجلّاء و إكثارهم عنه مثل: الجليل أبي نصر إسماعيل بن مهران السكوني (1)، و أبي جعفر محمّد بن العباس بن عيسي (2)، و إبراهيم بن هاشم (3)، و النوفلي (4)، و أبو الحسن أحمد بن ميثم (5)، و محمّد بن أبي الصهبان (6)، و صالح بن حمّاد (7).
ج- تلقّي الأصحاب رواياته بالقبول، و كفي شاهدا لذلك أن التفسير الذي ألّفه النعماني كلّه خبر أخرجه بإسناده إلي الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) في أنواع الآيات و أقسامها، و ذكر الأمثلة لكلّ قسم منها، و السند ينتهي إلي إسماعيل بن مهران، عنه، عن أبيه (8). إلي آخره.
و ذكر ملخصه علي بن إبراهيم في أوّل تفسيره (9)، و السيد الأجلّ علم الهدي اختصر تفسير النعماني، و يعرف برسالة المحكم و المتشابه، و الشيخ الجليل سعد بن عبد اللّه غيّر ترتيب الخبر، و جعله مبوّبا و فرّقه علي الأبواب، و قال في أوّله بعد الخطبة: روي مشايخنا، عن أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام). إلي آخر ما في تفسير النعماني مع زيادة بعض الأخبار، و كيف يجتمع هذا مع رميه بالكذب، و إن صوّبنا الرامي فلا بدّ من ارتكاب أحد الوجهين:7.
ص: 243
الأول: أن يكون المراد كذبه في دعواه في صحّة مذهبه، فلا ينافي وثاقته في نقله، و إليه يشير ما في ابن الغضائري: أنه واقف بن واقف، ضعيف في نفسه، و أبوه أوثق منه (1)، و قال الشارح: إنّ الطعون باعتبار مذهبه الفاسد، و لذا روي عنه مشايخنا لثقته في النقل (2).
الثاني: أن يكونوا اقتصروا في النقل عن كتبه التي عرضوها علي الأصول فوجدوها سليمة صحيحة، أو جعلوه شيخا للإجازة بناء علي عدم مبالاتهم بضعفه، كما في الشرح و هو أبعد الوجوه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (3).
السند صحيح، و الحسن من أصحاب الإجماع، و ممّن أمرنا بأخذ ما رواه، حتي قال الأستاذ الأعظم الأنصاري (قدس سره) في مسألة الاحتكار من كتاب المكاسب ما لفظه: و في السند بعض بني فضال، و الظاهر أن الرواية مأخوذة من كتبهم، التي قال العسكري (عليه السّلام) عند سؤاله عنها: «خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا» (4) ففيه دليل علي اعتبار ما في كتبهم، فيستغني بذلك عن ملاحظة من قبلهم في السند، و قد ذكرنا أن هذا الحديث أولي بالدلالة علي عدم وجوب الفحص عمّا قبل هؤلاء من الإجماع الذي ادّعاه الكشي (5) علي تصحيح ما يصحّ عن جماعة (6)، انتهي.
ص: 244
و هو كلام متين فحينئذ فلا حاجة إلي الإطالة في الكلام فيه.
أبوه، عن علي بن الحسن ابن علي الكوفي، عن أبيه.
و عن جعفر بن علي بن الحسن الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي الكوفي (1).
الحسن بن علي الكوفي: هو الثقة الجليل ابن عبد اللّه بن المغيرة، كما قرّر في محلّه، و ابنه عليّ، و سبطه جعفر غير مذكور في الرجال، و لكن روي كتاب الحسن جماعة صحّ السند إليهم مثل: محمّد بن علي بن محبوب (2)، و أحمد بن محمّد بن خالد (3)، و محمّد بن يحيي (4)، و محمّد بن الحسن الصفار (5)، و الحسن بن متيل (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و محمّد بن عبد الجبار (10)، مع أن إكثار اعتماد الصدوق علي عليّ و جعفر مترحّما مترضّيا في جملة من الطرق (11) ينبئ عن جلالتهما مضافا إلي كونهما من مشايخ الإجازة.
ص: 245
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عنه (1).
الحسن ثقة، صحيح الحديث، فالسند صحيح.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي المعروف بابن بنت إلياس (2).
الوشاء: من وجوه هذه الطائفة، و مرّ في (يز) (3)، و جلالة الباقين واضحة.
[81] فا- و إلي الحسن بن [قارن] (4): حمزة بن محمّد بن العلوي (رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (5).
و حمزة هذا هو: ابن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) من أجلّة مشايخ الصدوق كما في الرياض (6)، مع أن طريقه إلي عليّ غير منحصر فيه.
و أمّا الحسن بن قارن- بالراء المهملة كما في نسخة، أو بالزاي المعجمة
ص: 246
كما في أخري- فغير مذكور في الرجال، و يهون الخطب أنه لم يرو عنه خبر إلّا خبر الفقيه في باب الحدّ الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة (1)، رواه عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام).
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (2).
السند صحيح بالاتفاق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عنه (3).
و عبد الكريم هو: الخثعمي الواقفي الثقة بنص النجاشي (4)، و رواية البزنطي (5) عنه، و كذا جعفر بن بشير (6)، و جماعة من الثقات.
و الحسن بن هارون: أربعة [أسماء] مذكورة في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ (7)، و زعم بعضهم أنه الكندي (8)، و يروي عنه الأجلّاء: كسيف بن عميرة (9)، و عبد الكريم (10)، و ثعلبة بن
ص: 247
ميمون (1)، و الظاهر من الصدوق أن كتابه معتمد، مع أن وجود البزنطي في السند يغني عن النظر إلي من بعده.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه ابن القاسم، عنه (2).
أمّا موسي: فقال النجاشي: إنّه ضعيف في الحديث (3)، و فيه إشارة إلي عدم ضعفه في نفسه كما عن ابن الغضائري (4)، و ارتضاه [في] الخلاصة و عدّه من الغلاة (5) الموهون (6) بإكثار رواية الجليل محمّد بن الحسين عنه (7)، و الحسن بن علي الكوفي (8)، و أوثق الناس و أصدقهم لهجة- كما في النجاشي (9) - علي بن أسباط (10)، من أرباب الأصول.
و الضعف في الحديث إمّا بنقل غرائب حالاتهم (عليهم السّلام) أو للرواية عمّن ليس بثقة، و لا يضرّ باعتباره في نفسه المعلوم من رواية الأجلّاء عنه، و عدم تعرّض الشيخ لقدح فيه في الفهرست (11)، و أصحاب
ص: 248
الكاظم (1) (عليه السّلام).
و أمّا عبد اللّه بن القاسم: فهو الحضرمي- المعروف بالبطل- بقرينة رواية موسي عنه، و نسبه في النجاشي إلي الغلوّ و الكذب (2)، و في الخلاصة إلي الوقف (3)، و الظاهر أن نسبة الكذب من لوازم نسبة الغلوّ الثابت عندهم برواية ما لا تحتمله عقولهم من شؤونهم و مقاماتهم (عليهم السّلام) و غرائب أفعالهم، و لا محيص لهم حينئذ إلّا الرمي بالكذب المرهون في المقام برواية ابن أبي عمير عنه- كما في الفقيه في آخر أبواب الكتاب (4) - و جملة من الثقات مثل:
سليمان بن سماعة (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6) أو البرقي (7)، و غيرهم.
و في التعليقة (8): عن الفاضل الخراساني (9): أن العلّامة وصف حديثه بالصحة في الخمس.
و روي الصفّار في البصائر: عن محمّد بن الحسين، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن خالد بن نجيح الحوار (10)، قال: دخلت8.
ص: 249
علي الصادق (عليه السّلام) و عنده خلق، فجلست ناحية فقلت في نفسي:
و يحكم ما أغفلكم عمّن (1) تتكلّمون عند ربّ العالمين؟! فناداني: ويحك يا خالد! إنّي و اللّه عبد مخلوق، ولي ربّ اعبده، و إن لم أعبده عذّبني بالنار، فقلت: لا و اللّه لا أقول فيك أبدا إلّا قولك في نفسك (2).
و هو صريح في عدم غلوّ جميع رجال السند.
و أمّا الوقف فغير مضرّ بالوثاقة، مع أنّه موهون بعدم تعرّض الشيخ له في الفهرست (3)، و نسبة النجاشي (4) إليه ما يضادّه.
و الحسين بن أبي العلاء: هو أبو علي الأعور الخفّاف، الذي قال فيه النجاشي: و أخواه عليّ و عبد الحميد، روي الجميع عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و كان الحسين أوجههم (5)، و أخوه عبد الحميد ثقة (6)، فلو كان الحسين غير ثقة لا يكون أوجه منه.
و في الفهرست: له كتاب يعدّ في الأصول (7)، مع أنّا في غني عن هذا الاستظهار برواية ابن أبي عمير عنه (8)، و صفوان (9)، و عبد اللّه بن المغيرة (10)،5.
ص: 250
و فضالة بن أيوب (1)، و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و الأوّلان لا يرويان إلّا عن ثقة (2).
و من الأجلّاء: أحمد بن محمّد بن عيسي (3)، و علي بن الحكم الثقة (4)، و علي بن النعمان (5)، و جعفر بن بشير (6)، و علي بن أسباط (7)، و العباس بن عامر (8)، و القاسم بن محمّد الجوهري (9)، و يحيي بن عمران الحلبي (10)، و موسي بن سعدان (11)، و نقل ابن داود عن شيخه السيد جمال الدين تزكيته في البشري (12)، و مع ذلك كلّه فالتزلزل في وثاقته في غير محلّه.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد
ص: 251
ابن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحسين بن حمّاد الكوفي (1).
الطريق صحيح، و الحسين يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب كراهية المسألة من كتاب الزكاة (2)، و البزنطي كما صرّح به الأستاذ في التعليقة (3)، و أبان بن عثمان في التهذيب في باب المحرم يقبّل امرأته (4)، و في باب الكفارة عن خطأ المحرم (5)، و هؤلاء من أصحاب الإجماع، و لا يروي الأولان إلّا عن الثقة.
و من الأجلّاء: عبد اللّه بن مسكان كثيرا (6)، و الحسين بن محمّد بن سماعة (7)، و أبو مالك الحضرمي (8)، و موسي بن سعدان (9)، و حميد بن زياد (10)، و عبد الصمد الذي روي أحمد بن محمّد بن عيسي عنه عنه (11)، و إبراهيم بن مهزم (12)، و عبيس بن هشام (13)، و داود بن حصين (14)،4.
ص: 252
و عبد الكريم بن عمرو (1)، و ذكر في الفهرست كتابه و الطريق إليه (2)، كما أن الصدوق عدّه من الكتب المعتمدة، مع أنّ وجود البزنطي في الطريق كاف للحكم بصحّة حديثه.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد ابن يحيي العطار، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (3) (عليهم السّلام).
رجال السند من الأجلّاء، و الحسين هو الملقب بذي الدمعة، كان أبو عبد اللّه (عليه السّلام) تبنّاه و ربّاه و زوّجه بنت الأرقط كما في النجاشي (4)، و في جملة من كتب الأنساب يكنّي: بأبي عاتقة، و إنّما لقب بذي الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل، و ربّاه الصادق (عليه السّلام) فأورثه علما جمّا، و كان زاهدا، توفي سنة 135 (5).
و في رياض العلماء: و يروي عنه غير ابن أبي عمير: يونس بن عبد الرحمن كما في الكافي في باب وجوه النكاح (6)، و أبان بن عثمان في باب صوم كفّارة اليمين (7)، و خلف بن حمّاد (8)، و علي بن أسباط (9)، و غيرهم (10)، فظهر أنّه لا
ص: 253
مجال للتأمل في وثاقته.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن جبلة، عن أبي عبد اللّه الخراساني، عنه (1).
عبد اللّه من الثقات، و الخراساني غير مذكور، إلّا أنّ في رواية عبد اللّه بن جبلة عنه (2)، و إبراهيم بن هاشم (3)، كما يأتي في طريقه (4)، و عدّه الصدوق من أرباب الكتب المعتمدة مدح عظيم.
و الحسين مثله في الإهمال و الشركة في الأخيرة، و لذا قال في الشرح:
و الخبر قوي (5).
محمّد بن الحسن، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عنه.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (6).
مرّ استظهار وثاقة [ابن] في (يج) (7) فالسندان صحيحان.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن محمّد القمّي، عن الرضا
ص: 254
(عليه السّلام) (1).
ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (عليه السّلام) (2) و في الكافي: محمّد ابن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الحميري، عن الحسين بن محمّد القمّي، قال: قال الرضا (عليه السّلام): من زار قبر أبي (3). إلي آخره.
و في التهذيب: عن علي بن حبشي بن [قوني] (4)، عن علي بن سليمان الرازي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسن بن محمّد القمي (5). إلي آخره.
و في كامل الزيارات: حدثني أبو العباس محمّد بن جعفر القرشي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الخيبري، عن الحسين (6) بن محمّد الأشعري القمي (7). إلي آخره.
و في باب فضل زيارة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (8) أيضا حديث بهذا السند، و لكن في الكافي: الحميري (9)، و فيهما الخيبري.1.
ص: 255
و أما ما في التهذيب من ذكر الحسن فهو من سهو القلم كما نصّ عليه في الجامع (1)، و من الثلاثة يظهر أنه يروي عن الرضا (عليه السّلام) بل في الخبر الأخير قال: قال أبو الحسن موسي (عليه السّلام): أدني ما [يثاب] (2) به زائر أبي عبد اللّه الحسين بشطّ فرات إذا عرف حقّه و حرمته و ولايته، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (3).
و في الفقيه في باب ثواب زيارة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) رواية عنه عن الرضا (4) (عليه السّلام)، و من هذه الأخبار يظهر أنه لا يجوز احتمال كونه أبا عليّ الأشعري شيخ ثقة الإسلام، و لكن اعتماد المشايخ الثلاثة عليه و إخراج أحاديثه و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة يورث الظنّ القوي بحسن حاله و كونه ممّن يعتمد عليه و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي العطار و أحمد بن إدريس جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين بن المختار القلانسي.
و عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين ابن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عنه (5).
رجال السند من الأجلاء.
ص: 256
و أمّا الحسين: فقال المفيد في الإرشاد: و ممّن روي النص علي الرضا علي ابن موسي (عليهما السّلام) بالإمامة من أبيه، و الإشارة إليه منه بذلك، من خاصته و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته: داود بن كثير. إلي أن قال: و الحسين بن المختار (1)، انتهي.
و في الخلاصة: قال ابن عقدة عن علي بن الحسن: أنه كوفي ثقة (2)، يروي عنه ابن أبي عمير كما في الكافي في باب ذكر اللّه في الغافلين (3)، و حمّاد بن عيسي كما في النجاشي (4)، و عبد اللّه بن المغيرة في الكافي في باب الإشارة و النص علي أبي الحسن الرضا (5) (عليه السّلام) و يونس بن عبد الرحمن فيه في باب الرواية علي المؤمن (6)، و هؤلاء الأربعة من أصحاب الإجماع.
و من الأجلّاء: عثمان بن عيسي فيه في باب اختلاف الحديث (7)، و محمّد بن سنان (8)، و علي بن الحكم (9)، و أحمد بن حمزة (10)، و موسي بن القاسم (11)، و سليمان بن سماعة (12)، و عبد اللّه بن مسكان (13)، و الحسن بن زياد2.
ص: 257
الوشاء (1)، و أحمد بن عائذ (2)، و إبراهيم بن أبي البلاد (3)، و محمّد بن عبد اللّه ابن زرارة (4)، و محمّد البرقي (5)، فلا مجال للتشكيك في وثاقته بل و جلالته.
نعم ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و قال: إنّه واقفي (6)، و يوهنه أنه ذكره في أصحاب الصادق (7) (عليه السّلام) و لم ينسبه إليه، و كذا في الفهرست مع ذكره كتابه و طريقه إليه، و كذا النجاشي فإنه قال:
الحسين بن المختار كوفي، مولي أحمس من بجيلة، و أخوه الحسن، ذكرا فيمن روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام) له كتاب يرويه عنه حمّاد بن عيسي و غيره (8). إلي آخره، و لو كان عنده واقفيّا لكان ذكره أهمّ.
و أخرج الصدوق في العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد ابن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار، قال: لمّا مرّ بنا أبو الحسن (عليه السّلام) بالبصرة خرجت إلينا منه ألواح [مكتوب] (9) فيها بالعرض: عهدي إلي أكبر ولدي (10).
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان و علي بن الحكم معا، عن الحسين بن المختار، قال: خرجت4.
ص: 258
إلينا ألواح من أبي الحسن موسي (عليه السّلام)- و هو في الحبس-: عهدي إلي أكبر ولدي أن يفعل كذا و أن يفعل كذا، و فلان لا تنله شيئا حتي ألقاك أو يقضي اللّه عليّ الموت (1).
و رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الكليني (2)، و استند إليه و إلي نظائره في إثبات موت أبي الحسن (عليه السّلام) و وصايته إلي ابنه الرضا (عليه السّلام) ردّا علي الواقفة المنكرين الموت و الوصاية، فاحتمال كون الحسين منهم من الوهن بمكان.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري الكوفي (3).
الحفص: ثقة، صاحب أصل (4)، يروي عنه ابن أبي عمير (5)، و صفوان ابن يحيي (6)، و عبد اللّه بن سنان (7)، و علي بن الحكم (8)، و هشام بن الحكم كما في الكافي في باب الإبط من كتاب الزي و التجمّل (9).
فالسند في أعلي درجة من الصحة.
ص: 259
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن حفص أبي ولاد بن سالم الكوفي، و هو مولي (1).
رجال السند من الأجلّاء.
و هذا الحفص أيضا ثقة، صاحب أصل (2)، يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و فضالة (4)، و حمّاد بن عثمان (5)، و علي بن الحكم (6)، و محمّد بن أبي حمزة (7).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عنه.
و عن علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بن أبي بشير، قال: حدثنا الحسين بن الهيثم، قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري، عنه.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي القاضي (8).
السند الأول: صحيح بما مرّ في البرقي و أبيه (9).
ص: 260
و أمّا الثاني: فعلي من مشايخ الإجازة (1)، و محمّد بن أبي عبد اللّه هو:
محمّد بن جعفر الأسدي الثقة (2)، و ابنا أبي بشير و الهيثم غير مذكورين، و سليمان بن داود وثّقه النجاشي (3)، يروي عنه الحسن بن محمّد بن سماعه (4)، و يحيي الحلبي (5).
و تضعيف ابن الغضائري (6) ضعيف لو انفرد فكيف به إذا عارضه توثيق النجاشي.
و أمّا الثالث: ففيه: القاسم بن محمّد الأصفهاني القمي، المعروف بكاسولا (7)، قال فيه ابن الغضائري: يعرف حديثه تارة و ينكر اخري (8)، و مع ذلك قد أكثر من الرواية عنه إبراهيم بن هاشم (9)، و يروي عنه محمّد بن علي5.
ص: 261
ابن محبوب (1)، و أبو الحسن الفقيه علي بن محمّد بن شيرة القاساني (2)، و سعد ابن عبد اللّه (3)، و قد أكثر في الكافي من الرواية عنه بتوسط مشايخه (4)، و يروي عنه أيضا أحمد بن محمّد البرقي (5).
و حقّ القول في المقام أنه لا حاجة إلي النظر في حال الآحاد، لأن كتاب حفص معتمد عوّل عليه الأصحاب، و الطرق إليه كثيرة.
أمّا الأول: ففي الفهرست: حفص بن غياث، عامي المذهب، له كتاب معتمد (6).
و في معالم السروي: حفص بن غياث القاضي، عامي، له كتاب معتمد (7).
و مثلهما ما في الخلاصة (8).
و قال السيد المحقق في رجاله الكبير، بعد نقل ما في الفهرست، و الخلاصة: و ربّما جعل ذلك مقام التوثيق من أصحابنا (9).
و قال الشيخ في العدة: عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، و غياث بن كلوب، و نوح بن درّاج، و السكوني. و غيرهم من العامة عن أئمتنا (عليهم السّلام) و لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (10).0.
ص: 262
أمّا عامّيته و إن كانت غير منافية لوثاقته و اعتبار كتابه، إلّا أنّ الظاهر تفرّد الشيخ بذلك في الفهرست، و ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لم يرمه بها (1).
و أمّا النجاشي: فأطال في ذكر نسبه و قضاوته في بغداد و الكوفة، و ذكر كتابه و طرقه إليه، و لم يتعرض لفساد مذهبه، إلّا أن يقال باكتفائه بذكر: قضاوته من قبل هارون (2) عن ذكر مذهبه، و فيه تأمّل.
و يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و جميل بن درّاج (4) من أصحاب الإجماع، و من الثقات: علي بن شجرة (5)، و أبو أيوب (6)، و محمّد البرقي (7)، و محمّد بن حفص ابنه (8). و غيرهم.
و ممّا يبعّد عاميّته و يقرّب إماميّته ما رواه في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج، عن يونس بن ظبيان و حفص ابن غياث، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قالا: قلنا: جعلنا فداك أ يكره أن يكتب الرجل في خاتمه غير اسمه و اسم أبيه؟ فقال: في خاتمي مكتوب: اللّه خالق كلّ شي ء، و في خاتم أبي محمّد بن علي- و كان خير محمّدي رأيته بعيني-:
العزّة للّه، و في خاتم علي بن الحسين: الحمد للّه العلي العظيم، و في خاتم0.
ص: 263
الحسن و الحسين: حسبي اللّه، و في خاتم أمير المؤمنين: للّه الملك (1)، و فيه مواضع تشهد بتشيّعه.
و أصرح منه ما رواه الشيخ في التهذيب، و الصدوق في الخصال، و علي ابن إبراهيم في تفسيره، بأسانيدهم: عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السّلام)- و كان السائل من محبّينا- فقال أبو جعفر (عليه السّلام): بعث اللّه محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) بخمسة أسياف (2). ثم شرح (عليه السّلام) الخمسة في كلام طويل لم يعهد منهم (عليهم السّلام) إلقائه إلي غير شيعتهم، فلاحظ.
و في التهذيب بالإسناد: عن سليمان [بن] (3) أبي أيوب، عن حفص بن غياث، قال: (كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن مسائل، فسألته) (4) عن الأسير هل يتزوّج في دار الحرب؟ فقال: أكره ذلك، فإن فعل في بلاد الروم فليس هو بحرام، و هو نكاح، و أمّا في الترك و الديلم و الخزر فلا يحلّ له ذلك (5)، و هو كالنص في تشيّعه، و المراد بالإخوان: شيعته الذين كانوا يعتقدون حجيّة كلامه (عليه السّلام).
و يؤيد ذلك روايته عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام) أيضا كما نصّ5.
ص: 264
عليه النجاشي (1)، و رواية المخالفين عنه غير معهودة (2).
و أمّا الثاني: فإنّ الصدوق رواه عن طرق ثلاثة، و النجاشي ذكر له طريقين آخرين، و قال: إنّ كتابه سبعون و مائة حديث أو نحوها، و كذا الشيخ في الفهرست ذكر له طريقا (3)، و يظهر منهم أن مشايخ القميين: كابن الوليد، و الصفار، و سعد، و الحميري. و غيرهم رووا كتابه، مضافا إلي عدّه الصدوق من الكتب المعتمدة.
و جميل بن درّاج (1)، و حمّاد بن عثمان (2)، و أبان بن عثمان (3)، و هشام بن سالم (4)، و محمّد بن أبي حمزة (5)، و السندي بن محمّد (6). و غيرهم من الأجلّاء.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عنه (7).
رجال هذا السند و حمّاد من عيون الطائفة.
في وصيّة النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) لأمير المؤمنين (عليه السّلام): محمّد بن علي الشاه بمرو الرود، قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالدي، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميمي، قال: حدثنا أبي- أحمد بن صالح التميمي- قال: حدثنا محمّد بن حاتم القطان، عن حمّاد بن عمرو، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام).
و عن محمد بن علي الشاه، قال: حدثنا أبو حامد، قال: حدثنا أبو يزيد، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميمي، قال: حدثني (8) أبي، قال: حدثني أنس بن محمّد أبو مالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أنه (صلّي اللّه عليه
ص: 266
و آله) قال (1): يا علي، أوصيك بوصيّة فاحفظها، فلا تزال بخير ما حفظت وصيّتي. و ذكر الحديث بطوله (2).
رجال سند هذه الوصيّة مجاهيل، لا طريق إلي الحكم بصحّتها و اعتبارها من جهته، و لكن متنها ممّا يشهد بصحّتها، مع أن أكثر فقراتها مرويّة في الكتب المعتمدة، و ليس فيه ممّا يوهم الغلوّ و التخليط.
و في المحاسن في كتاب القرائن: عن حمّاد بن عمرو النصيبي، عن السري بن خالد، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن آبائه، عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) قال: قال لعلي (عليه السّلام): يا علي، أوصيك بوصيّة فاحفظها عنّي (3). و ذكر شطرا منها.
و في رسالة أبي غالب الزراري إلي ولد ولده، عند ذكر ما كان عنده من الكتب، و طرقه إليها: كتاب وصيّة النبيّ لأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما و آلهما) عن أبي العباس بن عقدة- و علي ظهره إجازته لي جميع حديثه بخطّه-:
و قد أجزت لك رواية ذلك (4)، انتهي.
و من جميع ذلك يظهر أنّها كانت معروفة متداولة بينهم داخلة في إجازاتهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم و يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسي الجهني.
و عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه.
و عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و الحسن
ص: 267
ابن ظريف و علي بن إسماعيل بن عيسي كلّهم، عنه (1).
الطرق الثلاثة صحيحة، و إن كان عليّ مهملا (2) لوجود الثقة معه.
و حمّاد من عيون هذه الطائفة، و من أصحاب الإجماع، و له مناقب جمّة، و إن قال ابن حجر في التقريب: حمّاد بن عيسي بن عبيدة بن الطفيل الجهني الواسطي، نزيل البصرة، ضعيف من التاسعة، غرق بالجحفة سنة ثمان و مائتين (3)، و عن شيخهم ابن معين أنه قال فيه: شيخ صالح (4)، إلّا أنّ مدحهم كقدحهم لا نفع فيه و لا ضرر (5).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد ابن أبي القاسم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عنه (6).
الطريق صحيح علي ما أسّسناه.
و ابن مسكان من أجلّاء الثقات.
و أمّا حمّاد: فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال:
ص: 268
روي عنه ابن فضّال (1)، فهو داخل في الأربعة آلاف الموثقين كما مرّ، بل في عموم قوله (عليه السّلام) في بني فضّال: خذوا ما رووا (2)، مضافا إلي عدّ كتابه الصدوق من الكتب المعتمدة.
قال: رويته عن علي بن حاتم إجازة، قال: أخبرنا القاسم بن محمّد، قال. حدثنا حمدان بن الحسين (3)، كذا في النسخ.
و علي من الثقات و إن قال النجاشي بعد التوثيق: إنّه يروي عن الضعفاء (4)، إلّا أن في الفهرست: له كتب كثيرة جيّدة معتمدة (5).
و القاسم مشترك بين الممدوحين في هذه الطبقة.
و حمدان غير مذكور في الكتب، إلّا أنّ الشارح التقي ظنّ أنّه وقع في النسخ تقديم و تأخير (6)، و الأصل: الحسين بن حمدان المعروف الذي ضعّفه النجاشي (7)، و قد شرحنا حاله في الفائدة الثانية عند ذكر كتابه الموسوم بالهداية (8).
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني
ص: 269
(رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
و السند صحيح بما قدمناه، و لكن حمدان مشترك بين موثق و ممدوح، ليس فيهم من لقب بالديواني، و لذا جعله في جامع الرواة (2) تبعا للسيد التفريشي (3) غيرهم، و احتمله الشارح (4)، فهو مجهول، إلّا أنّ كتابه معتمد كما يظهر من الصدوق.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران بن أعين مولي بني شيبان الكوفي (5).
رجال الطريق من الأجلاء.
و أمّا حمزة فيكفي في إثبات وثاقته رواية ابن أبي عمير (6) عنه، و كذا صفوان ابن يحيي (7)، و عبد اللّه بن بكير (8)، و جميل بن درّاج (9)، و يونس بن عبد الرحمن (10)،
ص: 270
و عبد اللّه بن مسكان (1)، من أصحاب الإجماع.
و من غيرهم من الأجلّاء: سماعة (2)، و عليّ بن رئاب (3)، و محمّد بن القاسم بن الفضيل (4)، و علي بن النعمان (5)، و عبد الكريم بن عمرو (6)، و عبيد بن زرارة (7)، و عبد اللّه بن سنان (8)، و الحسن بن عليّ بن عبد اللّه (9)، و عليّ بن رباط (10) - و هو ابن الحسن بن رباط-، و هشام بن سالم (11)، و إبراهيم ابن محمّد الأشعري (12)، و أبو ولاد (13)، و محمّد بن سنان (14)، و أبو مالك الحضرمي (15)، و من لم يطمئن بوثاقته بعد رواية هؤلاء الأجلّة عنه فهو بمعزل عن جادة الاستقامة.
[أبوه و] (16) محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن محمّد بن عيسي
ص: 271
ابن عبيد، عنه.
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبد الصمد ابن محمّد، عنه.
و عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (1).
السند الأول صحيح، و كذا الأخير بما تقدم.
و أمّا الثاني: فعبد الصمد لم يوثقه أحد، إلّا أنّ رواية الصفار عنه (2)، و كذا محمّد بن علي بن محبوب (3)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (4) - و لم يستثن من نوادره- تورث الظن بوثاقته و لو بالمعني الأعم، مع أنه لا حاجة إليها بعد وجود الطريقين.
و حنّان: ثقة في الفهرست (5)، واقفي في أصحاب الكاظم (6) (عليه السّلام)، و لم يتعرض النجاشي (7) لمذهبه فهو عنده إمامي كما يظهر من ديدنه.
و قد روي عنه من الرواة عيونها فروي عنه: ابن أبي عمير (8)، و صفوان (9)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (10)، الثلاثة الذين لا يروون2.
ص: 272
إلّا عن ثقة، و من أضرابهم من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و الحسن بن علي بن فضّال (3).
و من غيرهم من الأجلّة: جعفر بن بشير (4)، و إسماعيل بن مهران (5)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (6)، و إبراهيم بن هاشم (7)، و موسي بن القاسم (8)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (9)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (10)، و الحسن بن الجهم (11)، و الفضل بن شاذان (12)، و عمرو بن عثمان (13)، و الحسين بن بشار (14)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (15)، و الحسين بن سعيد (16).7.
ص: 273
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (1).
خالد: هو ابن بكار الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال: أسند عنه (2)، و يروي عنه من لا يروي إلّا عن ثقة، و رجال الطريق من الأجلّاء، فالخبر صحيح علي الأصحّ.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن النضر بن شعيب، عنه (3).
محمّد: هو ابن أبي الصهبان القمي الثقة (4).
و خالد: وثّقه النجاشي (5) و غيره.
أمّا النضر: فغير مذكور، إلّا أنّ رواية الأجلّة عنه مثل: محمّد المذكور (6)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب كما في ترجمة خالد (7)، و في الاستبصار في باب الجنب و الحائض يقرءان القرآن (8)، و في أبواب كثيرة (9)، و كذا في الكافي (10) في جملة من الأبواب، تورث الظن بوثاقته و لو بالمعني الأعمّ.
ص: 274
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عنه (1).
خالد بن نجيح: هو الجواز أو الجوّان بالتشديد الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (2) (عليه السّلام) و مرّتين في أصحاب الكاظم (3) (عليه السّلام) من غير إشارة إلي جرح، و في ترجمة المفضّل من الكشي: أنّه هو أهل الارتفاع (4)، الذي هو إلي المدح و علوّ المقام أقرب منه إلي الذم بالمعني الشائع عندهم.
و الغلوّ الحقيقي الذي يكفر صاحبه لا يجوز نسبته إليه بعد رواية ابن أبي عمير عنه (5)، و الخبر الذي أخرجناه من البصائر (6) في (فد) (7) فراجع، مع أنه لا حاجة إلي النظر إليه بعد كون ابن أبي عمير الذي يروي عنه من أصحاب الإجماع.
كذا في نسخ الوسائل (1)، و في بعض النسخ كتب في الحاشية: ابن يزيد بدل بوزيد، و الظاهر أنّ في تلك النسختين اشتباها، و الصحيح أبو زيد كما صرّح به السيد المحقق الكاظمي في العدّة (2)، و النقاد الخبير المولي حاج محمّد في جامع الرواة (3)، و بوزيد غير مذكور في طريق أصلا، و لا اسم له في كتاب، و يأتي الطريق إلي أبي يزيد.
و أبو زيد: وثقه الشيخ في أصحاب الهادي (عليه السّلام) (4)، و في الفهرست: نيشابوري، ثقة، صادق اللهجة، من أهل الدين، و كان من أصحاب علي بن محمّد (عليهما السّلام) (5). إلي آخره، فالخبر صحيح.
و أبو يزيد: كنية لفرقد والد داود (1) الذي قالوا فيه أيضا: ثقة ثقة (2)، و يروي عنه: فضالة (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و صفوان (5)، و الحسن بن علي بن فضال (6)، و [علي بن الحسن] (7) الطاطري، و الحسين بن سعيد (8)، [و أبو بكر] (9) الحضرمي، و علي بن أسباط (10)، و غيرهم من الأجلّاء، فالخبر صحيح بالاتفاق.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن
ص: 277
سنان، عنه (1).
مرّ [ت] بحمد اللّه تعالي وثاقة تمام رجال هذا الطريق.
و أمّا داود: فغير مذكور، و لا طريق إلي معرفة حاله إلّا عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة، و لذا قال الشارح: فيكون الخبر قويّا (2).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن الحصين الأسدي، و هو مولي (3).
أثبتنا وثاقة الحكم في (مب) (4).
و أمّا داود: فوثقه النجاشي (5)، و ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و قال في أصحاب الكاظم (عليه السّلام): إنّه واقفي (7).
و قال المحقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار: إنّ قول النجاشي لا يعارضه قول الشيخ بأنه واقفي إلّا لما ظنّه البعض من أنّه يجوز الجمع بين الوقف و الثقة، بل لأن النجاشي أثبت، فلو علم كون الوقف ثابتا لنقله كما يعلم عادته في الكتاب (8)، انتهي.
و هو كلام متين تلقّاه بالقبول جمّ من المحققين، و هو من الأصول الرجالية التي تتفرع عليها فروع كثيرة.
ص: 278
و يؤيده رواية الأجلّة عنه: كأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (1)، و صفوان بن يحيي (2)، و علي بن النعمان (3)، و العباس بن عامر (4)، و جعفر بن بشير (5)، و موسي بن [أكيل] (6) و غيرهم.
و في الرواشح: و أمّا داود بن الحصين الأسدي فموثّق اتفاقا، و قد قيل فيه بالوقف و لم يثبت، و لذلك كم من حديث [استصحه] (7) العلامة رحمه اللّه و هو في الطريق، و من ذلك في منتهي المطلب (8) في باب قنوت صلاة الجمعة (9)، انتهي، فالخبر صحيح علي الأصح.
الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي اللّه عنه)، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن عبد اللّه بن محمّد الرازي، عن حريز بن صالح، عن إسماعيل بن مهران، عن زكريا بن آدم، عن داود بن كثير الرقي.
و روي عن الصادق (عليه السّلام) أنه قال: أنزلوا داود الرقي منّي بمنزلة المقداد من رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (10).
ص: 279
مرّ الحسين في (ل) (1).
و أبوه من المشايخ العظام مثل: محمّد بن أحمد بن يحيي الأشعري الجليل، و ظنّ بعضهم أنّ عبد اللّه هو الذي استثناه القميّون من نوادر الحكمة فيكون ضعيفا، و هو فاسد، لأنّ الذي استثنوه ابن أحمد الرازي، فابن محمّد داخل في المستثني منه فيكون ممدوحا (2).
و لكن حريز غير مذكور فلا يغني وثاقة أو حسن من تقدم عليه و جلالة إسماعيل و زكريا بعده، و الذي يهون الخطب أن أصل داود مروي بطريق صحيح، فرواه في الفهرست بإسناده: عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عن داود (3)، و طرقه إلي ابن أبي عمير كثيرة و إن اقتصر في المقام: عن عدّة من أصحابنا، عن أبي المفضّل، عن ابن بطّة، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير.
إنّما الكلام في داود فإنّما اختلفوا فيه كاختلافهم في أضرابه مثل: جابر، و المفضّل، و ابن سنان، و الحقّ وفاقا لجماعة من المحققين كونه من أجلّاء الثقات، و الذي يدلّ علي ذلك أمور:
أ- الخبر الذي نقلناه عن الصدوق (4)، و رواه الكشي في رجاله: عن حمدويه و إبراهيم و محمّد بن مسعود، قالوا: حدثنا محمّد بن نصير، [قال] (5):
حدثنا محمّد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (6). مثله.0.
ص: 280
و الظاهر أنّ محمّد بن نصير هو الثقة من أهل كش، الذي يروي عنه الكشي بلا واسطة (1) أيضا، فالخبر صحيح يحتج به، و رواه في موضع آخر هكذا: أنزلوه فيكم بمنزلة المقداد (رحمة اللّه عليه) (2).
ب- ما رواه: عن علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن محمّد، عن أبي عبد اللّه البرقي رفعه، قال: نظر أبو عبد اللّه (عليه السّلام) إلي داود الرقي و قد ولّي فقال: من سرّه أن ينظر إلي رجل من أصحاب القائم (عليه السّلام) فلينظر إلي هذا (3).
ج- قول الشيخ المفيد في الإرشاد: و ممن روي النص علي الرضا علي بن موسي (عليهما السّلام) بالإمامة من أبيه و الإشارة إليه منه بذلك من خاصته و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته: داود بن كثير الرقي (4). إلي آخره.
د- قول الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام): داود بن كثير الرقي، مولي بني أسد، ثقة (5).
ه- كونه من أرباب الأصول كما في الفهرست (6)، فيشمله ما ذكرهظ.
ص: 281
الشيخ المفيد في الرسالة العددية في حقّهم من المدائح و المناقب الجليلة (1)، و قد ذكرنا كلامه في (نز) (2).
و- رواية شيوخ الطائفة و أجلّاء الرواة عنه مثل: ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب الصلح بين الناس (3)، و الحسن بن محبوب في الفهرست (4) و غيره، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب الحسد (5)، و الحسن بن علي بن فضال (6)، و أبان بن عثمان (7)، و هؤلاء الخمسة من أصحاب الإجماع.
و جعفر بن بشير (8)، و أبو سعيد القماط (9)، و سعدان (10)، و الحسن بن علي الوشاء (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و علي بن أسباط (13)، و علي بن الحكم كما في بعض نسخ الكافي في باب لحم الجزور (14).
ز- قول الشيخ أبي عمرو الكشيّ بعد ذكر ما روي فيه قال: و تذكره الغلاة أنه من أركانهم، و قد تروي عنه المناكير من الغلوّ، و تنسب إليه1.
ص: 282
أقاويلهم، و لم أسمع أحدا من مشايخ العصابة يطعن فيه، و لا عثرت من الرواة (1) علي شي ء غير ما أثبتّه في هذا الباب (2)، انتهي.
و فيه من الدلالة علي جلالة قدره ما لا يخفي، إذ قلّ ما يتفق جليل لم يطعن عليه أحد من العصابة كما نصّ عليه الأستاذ الأكبر (3)، فمن سلم من طعنهم فقد فاز بالقدح المعلّي، و تأتي بعض الشواهد و المؤيّدات في الجواب عن جرحه.
فنقول: قال النجاشي (رحمه اللّه): داود بن كثير الرقي، و أبوه كثير يكني أبا خالد، و هو يكنّي أبا سليمان، ضعيف جدّا، و الغلاة تروي عنه، قال أحمد ابن عبد الواحد: قلّما رأيت له حديثا سديدا، له كتاب المزار. إلي أن قال: و له كتاب الإهليلجة.
و أخبرني أبو الفرج محمّد بن علي بن أبي قرّة، قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن بن عروة الكاتب، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إلياس، قال:
قلت لأبي عبد اللّه العاصمي: داود بن كثير الرقي ابن من؟ قال: ابن كثير بن أبي خالدة (4)، روي عنه الجماني (5) و غيره، قال: قلت له: متي مات؟ قال:
بعد المائتين، قلت: بكم؟ قال: بقليل بعد وفاة الرضا (عليه السلام) روي عن موسي و الرضا (عليهما السلام) (6).0.
ص: 283
و في الخلاصة: قال ابن الغضائري: إنّه كان فاسد المذهب، ضعيف الرواية، لا يلتفت إليه، و عندي في أمره توقّف، و الأقوي قبول روايته لقول الشيخ الطوسي (رحمه اللّه) و قول الكشي أيضا، و قال أبو جعفر بن بابويه (1).
و ساق الخبر المقدم.
هذا غاية ما ورد في جرحه، و أيّد بأن الجرح مقدّم علي التعديل، و أن النجاشي أضبط من الشيخ.
و الجواب: أن الجرح مقدّم إذا ذكر السبب و عرف سببيّته، إذا بنينا علي إجراء قواعد الشهادة في المقام علي أضعف الوجوه، و إلّا فلا بدّ من إعمال الترجيح و الأخذ بما هو أوثق بناء علي ما هو الحقّ من كون وجه المراجعة إلي أقوالهم كونه من أسباب الوثوق بصدور الخبر، و علي التقديرين لا يقدم قول النجاشي في المقام.
أمّا علي الأول: فلأن السبب هو الغلوّ الذي اعتقده فيه من جهة رواية الغلاة عنه، و ما ذكره أحمد، بل الظاهر أنّه تبع ابن الغضائري في ذلك، و غير خفي علي المنصف أن داود من الرواة المعروفين، فلو كان من الغلاة الكفرة التاركين للعبادة الذاهبين إلي ألوهيّة السادة [عليهم السلام] لما خفي علي عيون الطائفة المعاصرين له الراوين عنه كما عرف، و لما خفي علي الصدوق، بل و شيخه، و إلّا لما كان خالفه، بل و علي شيوخ الإمامية قبل النجاشي بقرون كما نصّ الكشي علي أنّه لم يطعن عليه أحد منهم، و إنّما نسب إليه الغلوّ هو و ابن الغضائري من رواية داود معجزات غريبة شاهدها ممّا لا يحتملها كلّ أحد.
قال المحقق السيد صدر الدين: و هي عندي دليل علوّ الرتبة لا الغلوّ، و يشهد لذلك استشهاده بكلام أحمد، و أنت إذا راجعت أبواب1.
ص: 284
المعاجز و الفضائل و المزار- و له فيها من الرواية ما لا تحصي- لم تر خبرا غير سديد عند أهل السداد.
و العجب أنّ النجاشي نسب إليه كتاب الإهليلجة الذي هو في دلالته علي علوّ مقامه في التوحيد أسطع برهان.
و أمّا قوله: و الغلاة تروي، ففي تكملة الكاظمي: أنه وارد مورد التعليل، و هذا ليس قدحا فيه، فإنه إذا كان معتمدا في نفسه روي عنه كلّ أحد و لو كان هو أيضا منهم لروي عنهم، فعدم روايته عنهم مؤيد لصحّة مذهبه، علي أنّه معارض بكثرة رواية أصحابنا عنه (1).
قلت: و في الكشي: طاهر بن عيسي، قال: حدثني الشجاعي، عن الحسين بن يسار (2)، عن داود الرقي، قال: قال لي داود: تري ما تقول الغلاة الطيارة، و ما يذكرون عن شرطة الخميس عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) [و ما يحكي أصحابه عنه] فذلك (3) [و اللّه] اري [أراني] (4) أكبر منه و لكن أمرني أن لا أذكره لأحد.
قال، و قلت له: إنّي قد كبرت و دقّ عظمي، أحبّ أن يختم عمري بقتل فيكم، فقال: و ما من هذا بدّ إن لم يكن في العاجلة يكن في الآجلة (5).
و فيه أيضا: حدثني خلف بن حماد، قال: حدثني أبو سعيد، قال:
حدثني الحسن بن محمّد بن أبي طلحة، عن داود الرقي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): جعلت فداك إنّه و اللّه ما يلج في صدري من6.
ص: 285
أمركم شيئا إلّا حديثا سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: قال لي: و ما هو؟ قال: سمعته يقول: سابعنا قائمنا إن شاء اللّه تعالي، قال: صدقت و صدق ذريح و صدق أبو جعفر (عليه السّلام)! فازددت و اللّه شكّا.
ثم قال لي: يا داود بن أبي [خلدة] (1)، أما و اللّه لو لا أن موسي قال للعالم:
ستجدني إن شاء اللّه صابرا ما سأله عن شي ء، و كذلك أبو جعفر (عليه السّلام) لولا أن قال: إن شاء اللّه لكان كما قال، قال: فقطعت عليه (2).
و مع رواية هذه الأخبار و أمثالها مثل النص عن الصادق علي الكاظم و عنه علي الرضا (عليهم السّلام) لا يحتمل فيه الغلوّ.
و أمّا علي الثاني: فإن النجاشي و إن كان أضبط و أثبت بالنسبة إلي الشيخ لو انفرد، و أمّا في المقام فقول الشيخ مؤيد بنصّ شيخهما المفيد و صريح الكشي، و نقله عن العصابة، و كلام الصدوق الكاشف عن رأي شيخه ابن الوليد، و الأخبار المتقدمة، و غير ذلك ممّا مرّ، و لذا قدّمه السروي في المعالم (3)، و العلامة في الخلاصة، و ولده الفخر كما في التكملة، و جماعة من المحققين، و النجاشي منفرد لعدم دلالة قول أحمد علي ضعف في نفسه، و تضعيف ابن الغضائري لا تأييد فيه.
فظهر من جميع ذلك أنّ في قول الشهيد الثاني رحمه اللّه في حواشي الخلاصة: أن قول المصنّف: و الأقوي قبول روايته، و تعليله بقول الشيخ فيه9.
ص: 286
نظر بيّن، لأن الجرح مقدّم علي التعديل، فكيف مع كون الجارح جماعة فضلاء إثبات (1)، مواقع للنظر يعرف ممّا حققناه.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي و عبد الرحمن بن أبي نجران، عن داود بن سرحان العطار الكوفي (2).
داود: ثقة جليل، و رجال الطريق من وجوه الطائفة.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن سعد بن عبد اللّه و علي بن إبراهيم بن هاشم جميعا، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عنه (3).
رجال الطريق ثقات بما تقدم.
و داود ذكره الشيخ من غير توثيق (4)، و لكن يمكن استظهار وثاقته من رواية أحمد بن محمّد بن عيسي و أخيه عبد اللّه، عنه كما في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (5)، و في باب أوقات الصلاة (6)، و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (7).
و أحمد فيه في باب فضل زيارة أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا (عليهما السّلام) (8)، بعد ملاحظة حال أحمد و سيرته و مداقّته في حال الرواة، و في
ص: 287
التهذيب بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسن [عن عبد اللّه] (1) عن أحمد بن محمّد، عن داود الصرمي قال: قلت له- يعني أبا الحسن العسكري. (عليه السّلام)-: إنّي زرت أباك و جعلت ذلك لكم، فقال: لك من اللّه أجر و ثواب عظيم، و منّا المحمدة (2).
و يروي عنه أحمد بن أبي عبد [اللّه] (3) أيضا كما في الفهرست (4)، و الخبر كالصحيح وفاقا للشارح (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن درست بن أبي منصور الواسطي (6).
رجال السند من أجلّاء الثقات.
و درست ذكره النجاشي (7)، و [الشيخ في] الفهرست (8) من غير توثيق، و ذكرا له كتابا يرويه جماعة، و تشير إلي وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه كما في النجاشي، و أحمد بن أبي نصر البزنطي كما في الكافي في باب ثواب المرض (9)، و لا يرويان إلّا عن ثقة.
ص: 288
و يونس بن عبد الرحمن فيه في باب زكاة المال الغائب (1)، و في التهذيب في باب الحكم في أولاد المطلقات (2)، و الحسن بن محبوب في الكافي في باب مجالسة العلماء (3)، و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب ديات الأعضاء (4)، و هؤلاء الخمسة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: النضر بن سويد (5)، و الحسن بن علي الوشاء (6)، و علي بن الحسن الطاطري (7) - الذي قال في ترجمته في الفهرست:
له كتب رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم (8) - و عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك (9)، و محمّد بن عيسي (10)، و أحمد بن عمرو بن أبي شعبة الحلبي (11)، و إسماعيل بن مهران (12)، و محمّد بن علي (13) - الذي يروي عن أحمد بن محمّد ابن عيسي- و الحسين بن زيد (14)، و أبو شعيب المحاملي (15)، و زياد القندي (16)،5.
ص: 289
و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (1)، و علي بن أسباط (2)، و ابن رباط (3)، و أبو يحيي الواسطي (4). و غيرهم، و مع رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل في وثاقته.
نعم ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و قال: إنّه واقفي (5)، و تأمّل فيه الأستاذ الأكبر في التعليقة (6)، و هو في محلّه لعدم تعرّض النجاشي له مع ما علم من ديدنه، و روايته عن الكاظم (عليه السّلام) علي نحو الاعتماد كما رأيناه في كتابه، و هو مناف للموقف فلاحظ.
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ذريح بن يزيد بن محمّد المحاربي.
و عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن رزين، عنه (7).
السند الأول: صحيح.
و أمّا الثاني: فصالح و إن لم يوثقوه، إلّا أنّ في الفهرست: له أصل (8)، فبه
ص: 290
و برواية ابن محبوب عنه يستظهر وثاقته، و يروي عنه: منصور بن يونس (1)، و محمّد بن معروف (2)، فهو كالصحيح.
و ذريح من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسي، عن ربعي بن عبد اللّه بن الجارود [الهذلي] (3)، و هو عربي بصري (4).
ربعي: ثقة، صاحب أصل (5)، يروي عنه: ابن أبي عمير (6)، و حماد ابن عيسي (7)، و حمّاد بن عثمان (8)، و صفوان بن يحيي (9)، و الحسن بن علي ابن فضال (10)، و علي بن إسماعيل الميثمي (11)، و الفضيل بن يسار كما في
ص: 291
التهذيب في باب ما أحلّ اللّه نكاحه من النساء (1)، و حريز (2)، و أبو عبد اللّه البرقي (3)، و علي بن عمران الخزاز المعروف (4) بشفا، و القاسم بن الفضيل (5)، و مسعدة بن صدقة (6)، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (7).
و رفاعة: كان ثقة في حديثه، مسكونا إلي روايته، لا يعترض عليه بشي ء من الغمز، حسن الطريقة، كذا في النجاشي (8)، و يروي عنه سوي ابن أبي عمير: صفوان بن يحيي (9)، و الحسن بن علي بن فضال (10)، و عبد اللّه بن المغيرة (11)، و الحسن بن محبوب (12)، و فضالة بن أيّوب (13)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر (14)، و يونس بن عبد الرحمن (15)، و حمّاد بن عثمان (16)، و عثمان بن عيسي (17)،
ص: 292
و هؤلاء العشرة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم: أبو شعيب المحاملي (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و القاسم بن محمّد الجوهري (3)، و الحكم بن مسكين (4)، و الفضل بن شاذان (5)، و جعفر بن بشير (6)، و سهل بن زياد (7)، و الحسن بن علي بن الوشاء (8)، و إبراهيم بن هاشم (9). و غيرهم.
و لا يخفي أن رواية هؤلاء عنه تكشف عن جلالة قدره و علوّ مقامه زيادة عن وثاقته، بحيث تكون روايته عن أحد كاشفة عن وثاقته و لو بالمعني الأعمّ.
جعفر بن علي بن الحسن ابن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن غالب بن عثمان، عنه (10).
جعفر: من مشايخه الذين أكثر من الرواية عنه و الترحم عليه.
و غالب: ثقة مثل روح، فالخبر كالصحيح، بل صحيح علي الأصح.
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي
ص: 293
عمير، عنه (1).
تقدم حال رجاله في (له) (2).
و رومي ثقة نصّا (3) و أمارة، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن موسي بن المتوكل و محمّد بن علي ماجيلويه و الحسن بن إبراهيم رضي اللّه عنهم، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح.
و أمّا الريّان: فهو ثقة صدوق (5)، ورد فيه مدائح، و يروي عنه: محمّد ابن زياد (6) - و هو ابن أبي عمير- و الحسن بن علي بن فضال (7)، و [عبد اللّه] (8) ابن جعفر، و سهل بن زياد (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، بل ابنه علي كما في الكافي في باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) (11).
ص: 294
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسي و الحسن بن ظريف و علي بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز بن عبد اللّه، عنه (1).
الحسن: ثقة، لم يغمز عليه بشي ء، و مرّ حال الباقي و أنّهم أجلّاء ثقات إثبات.
و علوّ مقام زرارة أجلّ من أن يذكر، و أشهر من أن يسطر، فالسند المنحل إلي الأسانيد صحيح لا مجال للمقال فيه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن سماعة بن مهران (2).
هذا أحد الموضعين اللذين انفرد الحسن عن أخيه الحسين في الرواية، فإن في النجاشي: الحسين بن سعيد بن حمّاد بن مهران- مولي علي بن الحسين (عليهما السّلام)- أبو محمّد الأهوازي، شارك أخاه في الكتب الثلاثين المصنّفة، و إنما كثر اشتهار الحسن (3) أخيه بها، و كان الحسين بن يزيد السورائي يقول: الحسن شريك أخيه الحسين في جميع رجاله إلّا في زرعة بن محمّد الحضرمي، و فضالة بن أيوب، فإن الحسين كان يرويه (4) عن أخيه الحسن
ص: 295
عنهما (1)، انتهي.
و لكن في الكافي في باب السهو في الركعتين الأوّلتين (2)، و في باب التطوع في السفر (3)، و في التهذيب في باب البيّنات (4)، و في باب الرجوع إلي مني (5)، و في باب حكم الحيض (6)، رواية الحسين عن زرعة بلا واسطة أخيه، و احتمال سقط: عن أخيه في تمام تلك الأبواب بعيد غايته.
هذا و رجال السند من الأجلّاء.
و زرعة واقفي إلّا أنّه ثقة، صاحب أصل (7)، يروي عنه: يونس بن عبد الرحمن (8)، و الحسن بن محبوب (9)، و النضر بن سويد (10)، و يعقوب بن يزيد (11)، و عثمان بن عيسي (12)، و علي بن الحكم (13)، و محمّد بن أورمة (14)، و الحسين بن محمّد بن عمران الأشعري (15)، و موسي بن القاسم (16).6.
ص: 296
و أمّا سماعة: فسنذكر ما يتعلّق به عند ذكر الطريق إليه (1)، و هو ثقة (2)، مرمي بالوقف (3)، و كيف كان فالخبر موثّق كالصحيح في الاعتبار كما لا يخفي علي البصير النقاد.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن إسحاق بن [سعد] (4)، عن زكريا بن آدم القمّي صاحب الرضا (عليه السّلام) (5).
مرّ أحمد بن زياد في (يا) (6).
و أحمد بن إسحاق: هو شيخ القميين و وافدهم، و خاصّة أبي محمّد (عليه السّلام)، و ممّن تشرف بلقاء الصاحب (عليه السّلام)، و من الوكلاء و السفراء و الأبواب المعروفين، و بالجملة فهو في علوّ المقام يشبه زكريا بن آدم الذي قال [فيه] (7) الرضا (عليه السّلام): إنه المأمون علي الدين و الدنيا (8)، و لمّا قال له (عليه السّلام): إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم؟ قال (عليه السّلام): لا تفعل فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظم (عليه السّلام) (9). إلي غير ذلك من المناقب المحمودة التي لهما، يطلب من محلّها.
ص: 297
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي العباس (1) الفضل بن عبد الملك، عنه (2).
و عن أبيه، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد، بالإسناد عن زكريا النقاض، و هو زكريا بن مالك الجعفي (3).
اعلم أنّ الصدوق ذكر طريقه إلي زكريا بن مالك الجعفي، و ذكر في موضع آخر قبله طريقه إلي زكريا النقّاض، و صاحب الوسائل لمّا اعتقد اتّحادهما (4) وفاقا للشارح التقي (5)، بل الصدوق أيضا جمع الطريقين في عنوان واحد، و نعم ما فعل، إلّا أنّه كان عليه أن ينبّه علي ذلك.
و محمّد بن أحمد: هو الأشعري الثقة الجليل، و قد مرّت وثاقة الحسين شيخه (6)، و من لم يوثقه يكفيه الطريق الثاني الصحيح إلي محمّد.
و الظاهر أنّ عليّ هو: الميثمي الذي هو من وجوه متكلّمي الأصحاب، أو ابن عمّار الذي هو من وجوه من روي الحديث وفاقا للسيد الكاظمي في العدة (7)، فالسند حسن كالصحيح.
ص: 298
و زكريا: ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و يروي عنه عبد اللّه بن مسكان بلا واسطة كما في التهذيب في باب تمييز أهل الخمس (2)، فهو إمّا ثقة أو لا تضرّ جهالته لكون ابن مسكان من أصحاب الإجماع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري- و هو محمّد بن مسلم بن شهاب- عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) (3).
مرّ بعض رجاله (4).
و سفيان: من أركان العامّة، و كذا الزهري، فإنه عندهم من أكابر التابعين كابن المسيّب، و مراسيله عندهم كمراسيل ابن أبي عمير عندنا، و لكن كان له انقطاع إلي السجاد (عليه السّلام)، و الظاهر أن سببه ما في كشف الغمّة، قال: قال أبو عمرو الزاهد في كتاب اليواقيت في اللغة: قالت الشيعة: إنّما سمي علي بن الحسين (عليه السّلام) سيّد العابدين لأن الزهري رأي في منامه كأن يده مخضوبة غمسة، قال: فعبرها، فقيل: إنّك تبتلي بدم خطأ، و كان عاملا لبني أميّة، فعاقب رجلا فمات في العقوبة، فخرج هاربا، و توحش و دخل إلي غار و طال شعره.
قال: و حجّ علي بن الحسين (عليه السّلام)، فقيل له: هل لك في الزهري [قال: ان لي فيه] (5) قال أبو العباس: هكذا كلام العرب: إن لي فيه،
ص: 299
لا يقال غيره، قال: فدخل عليه فقال له: إنّي أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة إلي أهله و اخرج إلي أهلك و معالم دينك، قال فقال له: فرّجت عنّي يا سيّدي، و اللّه عزّ و جلّ و تبارك و تعالي أعلم حيث يجعل رسالته، فكان الزهري بعد ذلك يقول: ينادي مناد يوم القيامة، ليقم سيّد العابدين في زمانه، فيقوم علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما (1).
و اعلم أنّ هذا الطريق هو طريقه إلي الزهري فيما رواه عنه (عليه السّلام) في وجوه الصوم و هو خبر طويل، و أخرجه ثقة الإسلام في الكافي: عن علي، عن أبيه، عن القاسم (2). إلي آخره، و عليّ في تفسيره: عن القاسم (3). إلي آخره، و الشيخ في التهذيب بإسناده عن الكليني (4)، و الصدوق في الفقيه (5)، و الخصال (6)، و المقنع (7)، و الشيخ المفيد في المقنعة (8)، فيكون الخبر مقبولا بعد تلقّيه هؤلاء المشايخ بالقبول، و الظاهر انحصار الطريق إليه، و إلّا لأشار إليه أحدهم فيكشف عن وثاقة رجاله و لو بالمعني الأعمّ.
بل و للزهري أخبار أخر طويلة شريفة يعرف منها اختصاصه به (عليه السّلام).ة.
ص: 300
منها: الندبة المعروفة له، ذكرها الكفعمي في البلد الأمين، أوّلها: يا نفس حتام إلي الدنيا سكونك (1). إلي آخره.
و قال العلامة في إجازته لبني زهرة: و من ذلك الندبة لمولانا زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السّلام)، رواها الحسن بن الدربي، و ساق السند إلي: سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: سمعت مولانا زين العابدين علي ابن الحسين (عليهما السّلام) يحاسب نفسه و يناجي ربّه و هو يقول: يا نفس (2). إلي آخره.
و منها: ندبة اخري له (عليه السّلام) ينتهي سندها أيضا إلي ابن عيينة، عن الزهري، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يناجي و يقول: قل لمن قلّ عزاؤه و طال بكاؤه. الندبة، و قد أخرجناهما بطولهما في كتابنا الموسوم بمعالم العبر.
و منها الخبر الذي لا زال يستشهد أصحابنا بمثله علي إيمان راويه إلّا أن يعلم خلافه، و هو ما رواه الخزاز القمّي في كفاية الأثر: عن الحسين بن علي، عن محمّد بن الحسين البزوفري، عن محمّد بن علي بن معمّر، عن عبد اللّه بن معبد، عن محمّد بن علي بن طريف، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن معمّر، عن الزهري، قال: دخلت علي علي بن الحسين (عليهما السّلام)- في المرض الذي توفي فيه- إذ قدم إليه طبق فيه الخبز و الهندباء فقال لي: كله، قلت: أكلت يا بن رسول اللّه، قال: إنّه الهندباء، قلت: ما فضل الهندباء؟
قال: ما من ورقة من الهندباء إلّا و عليها قطرة من ماء الجنّة، فيه شفاء1.
ص: 301
من كلّ داء، قال: ثم رفع الطعام و أتي بالدهن، فقال: ادهن يا أبا عبد اللّه، قلت: ادهنت، قال: إنه هو البنفسج، قلت: و ما فضل البنفسج علي سائر الأدهان؟ قال: كفضل الإسلام علي سائر الأديان.
ثم دخل عليه محمّد ابنه (عليهما السّلام) فحدّثه طويلا بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق، قلت: يا ابن رسول اللّه، إن كان من أمر اللّه ما لا بد منه- و وقع في نفسي أنه قد نعي نفسه- فإلي من يختلف بعدك؟
قال: يا أبا عبد اللّه إلي ابني هذا- و أشار إلي ابنه محمّد- إنه وصيّي و وارثي و عيبة علمي، معدن العلم و باقر العلم، قلت: يا ابن رسول اللّه، ما معني باقر العلم؟ قال: سوف يختلف إليه خلّاص شيعتي، و يبقر العلم عليهم بقراً.
قال: ثم أرسل محمّدا ابنه في حاجة له إلي السوق، فلما جاء محمّد (عليه السّلام) قلت: يا ابن رسول اللّه، هلا أوصيت إلي أكبر أولادك؟ قال: يا أبا عبد اللّه، ليست الإمامة بالصغر و الكبر، هكذا عهد إلينا رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و هكذا وجدناه مكتوبا في اللوح و الصحيفة، قلت: يا ابن رسول اللّه، فكم عهد إليكم نبيّكم أن يكون الأوصياء من بعده؟ قال: وجدناه في الصحيفة و اللوح اثني عشر مكتوبة بإمامتهم (1) و أسامي آبائهم و أمّهاتهم.
ثم قال: يخرج من صلب محمّد ابني سبعة من الأوصياء، فيهم المهدي صلوات اللّه عليهم (2).
و أنت خبير بأن إلقاءه (عليه السّلام) هذه الأسرار إليه ثم روايته ما حمله مع عاميّته في غاية البعد، و اللّه العالم بسرائر عباده.1.
ص: 302
و منها: ما رواه ابن شهرآشوب في المناقب، قال: كان الزهري عاملا لبني أميّة، فعاقب رجل. و ساق ما مرّ عن كشف الغمة إلي قوله: و سألته، ثم قال:
و رجع إلي بيته و لزم علي بن الحسين (عليهما السّلام) و كان يعدّ من أصحابه، و لذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري ما فعل نبيّك- يعني علي بن الحسين (عليهما السّلام)- (1).
و منها: ما رواه الخزّاز في كفاية الأثر: عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن محمّد الشرقي، عن أحمد بن الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمّر، عن الزهري، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، قال: كنت عند الحسين بن علي (عليهما السّلام) إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين (عليهما السّلام) و ضمّه إليه ضمّا، و قبّل ما بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت ما أطيب ريحك و أحسن خلقك،- فتداخلني من ذلك- فقلت: بأبي أنت و أمّي يا ابن رسول اللّه، إن كان ما نعوذ باللّه أن نراه فيك فإلي من؟ قال: علي ابني هذا هو الإمام أبو الأئمة.
قلت: يا مولاي هو صغير السن! قال عليه السّلام: نعم إن ابنه محمّد يؤتم به- و هو ابن تسع سنين- ثم [أطرق، ثم] (2) قال عليه السّلام: ثم يبقر العلم بقرا (3).
و منها: ما رواه الصدوق في العلل: عن عبد اللّه بن نضر بن سمعان، عن جعفر بن محمّد المكّي، عن عبد اللّه بن محمّد بن عمر الأطروش، عن صالح بن زياد، عن عبد اللّه بن ميمون، عن عبد اللّه بن معن، عن عمران بن سليم، قال: كان الزهري إذا حدث عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال:4.
ص: 303
حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: و لم تقول له زين العابدين؟ فقال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عباس، أن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلي ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف (1).
هذا و قد روي جملة من معاجز السجاد (عليه السّلام) مذكورة في أبواب معاجزه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
زياد: ثقة، و رجال السند من الأجلّاء، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي بن عبيد و يعقوب بن يزيد، عنه (3).
أثبتنا وثاقة [ابن] (4) عيسي في (لا) (5). فالسند صحيح.
و أمّا زياد: فهو واقفي (6)، بل من جملة مؤسّسي مذهب الوقف (7)، و لكنه ثقة في النقل، و كتابه معتمد و يشهد لذلك أمور:
أ- ما قاله الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) في ترجمة أحمد بن محمّد بن مسلمة الوصّافي البغدادي: روي عنه حميد أصولا كثيرة، منها:
ص: 304
كتاب زياد بن مروان القندي (1)، انتهي.
فإذا عدّ كتابه منها فلا يضرّ ما رآه.
ب- رواية جماعة من الأجلّاء عنه، و فيهم: ابن أبي عمير كما في الكافي في باب السجود (2)، و باب حدّ الرضاع الذي يحرم (3)، و في التهذيب في باب ما يجب أن يخرج من الصدقة (4). و غيرها.
و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله (5)، و في باب إتمام الصلاة في الحرمين في كتاب الحج (6)، و في التهذيب في باب الزيادات في فقه الحج (7)، و في الاستبصار في باب إتمام الصلاة في الحرمين (8) - و هذا ينبئ عن شدّة إنصاف يونس، و تبيّن وثاقة زياد في النقل لما كان بينهما من العداوة الخاصّة من جهة الوقف، كما رواه الكشي (9) - و يعقوب ابن يزيد (10)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (11)، و علي بن الحكم (12)، و إبراهيم بن هاشم (13)، و محمّد بن إسماعيل الزعفراني (14)، و أحمد بن أبي0.
ص: 305
عبد اللّه (1)، و محمّد بن عيسي (2)، و محمّد بن عليّ (3)، و الحسين بن محمّد بن عمران الأشعري كما في التهذيب في باب صيام ثلاثة أيام في كلّ شهر (4).
ج- كلام الشيخ المفيد في الإرشاد، كما تقدم في ترجمة داود الرقّي (5)، فقد عدّه فيه من أضرابه فلاحظ (6)، و كذا كلامه في أرباب الأصول (7)، و عليه بني الشارح التقي حكمه بوثاقته في الشرح، و قال بعد نقل توثيق الإرشاد: فالخبر موثق (8)، و قال المحقّق البحراني في البلغة: و ابن مروان القندي موثق في المشهور (9)، و وثقه المجلسي في الوجيزة (10)، و الأستاذ الأكبر في التعليقة (11).
و الوثاقة بالمعني الأعمّ أي: التحرّز عن الكذب عمدا مع التثبت و الضبط لا ينافيها شي ء من الكبائر سوي التعمد في الكذب، و هذا المعني حاصل فيه بما ذكرناه من القرائن، حتي بعد وقفه و عناده، و أكله ما كان عنده من الأموال، و احتمال رواية هؤلاء عنه قبله صحيح في بعضهم، و أمّا مثل أحمد ابن محمّد بن عيسي المعلوم حاله في التحرّز عن الرواية عن الضعفاء،2.
ص: 306
و الزعفراني، و ابن يزيد، و الحسين الأشعري، و ابن هاشم، فلا، إذ لم يكن أحد منهم من أصحاب الكاظم [عليه السّلام].
و السيد الأجل العلامة الطباطبائي بالغ في ذمّه و جرحه، و جعله من الضعفاء المجروحين، و أجاب عن توثيق المفيد بما حاصله أنّه في مقام المناظرة مع الواقفة، و غرضه أنّ هذا النص الذي يدّعيه قد رواه من هو عندكم بهذه المثابة و المنزلة، و لا أدري كيف استخرج هذا المعني من عبارته، و عن رواية ابن أبي عمير، و يونس عنه: بأنّ الأجلّاء كثيرا ما يروون من (1) الضعفاء، و أنّهم رووا عنه قبل وقفه (2).
و الاحتمال الأول موهون عنده، و عند المشهور في ابن أبي عمير، و كذا في يونس عنده لما ذكره في ترجمة زيد النرسي: أن رواية أحد من أصحاب الإجماع عنه من أمارات الوثاقة (3).
و الاحتمال الثاني غير آت في الذين عددناهم، مع أنّ عدّ كتابه في الأصول مغن عن تكلّف ذكر القرائن، فإنّ الطرق إليه صحيحة في الفقيه، و الفهرست (4)، و موثق في النجاشي، بل فيه: له كتاب يرويه عنه جماعة (5)، و الراوي عنه أصله في هذه الطرق يعقوب بن يزيد، و محمّد بن إسماعيل الزعفراني، و كلاهما من الأجلّاء، و قد عرفت أن روايتهما عنه في حال وقفه، فهي كاشفة عن صحّة كتابه- و لذا عدّ في الأصول- أو وثاقته في النقل، فيتمّ المطلوب.0.
ص: 307
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام أبي أسامة (1).
محمّد بن عبد الحميد: ثقة، يروي عنه جلّ مشايخ عصره مثل:
سعد (2)، و الصفار (3)، و محمّد بن علي بن محبوب (4)، و موسي بن الحسن (5)، و محمّد بن الحسين (6)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (7)، و عمران بن موسي (8)، و علي بن مهزيار (9)، و محمّد بن عيسي (10)، و عبد اللّه بن محمّد بن عيسي (11)، بل ابن أبي عمير كما في التهذيب في باب مستحق الفطرة (12)، و علي بن الحسن ابن فضّال فيه في باب حكم الساهي و الغالط في الصيام (13)، و في باب تطهير الثياب (14)، و في الاستبصار في باب عرق الجنب يصيب الثوب (15)، و باب من أفطر قبل دخول الليل (16).
ص: 308
و أمّا أبو جميلة: فهو المفضّل بن صالح الأسدي النخّاس أو الحدّاد، من أصحاب جابر، ضعّفه [في] الخلاصة تبعا لابن الغضائري (1)، و نسب إلي الكذب و وضع الحديث، و لا أدري كيف يحتمل الوضع و الكذب مع رواية عيون الطائفة عنه كثيرا، كأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في الكافي في باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير (2)، و في باب الحلق و التقصير (3)، و في باب صيد البزاة و الصقور (4)، و في باب الرجل يترك الشي ء القليل و عليه دين كثير (5)، و في باب كراهة أن يؤخذ من تراب البيت (6)، و في التهذيب في باب الوصيّة المبهمة (7)، و في الفقيه في باب الرجل يوصي لرجل بسيف (8).
و صفوان بن يحيي فيه في باب النوادر بعد كتاب الزي و التجمّل (9).
و الحسن بن محبوب في التهذيب في باب الأجور و المهور (10)، و في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات (11)، و في الاستبصار في باب ميراث الأبوين مع الزوج (12)، و في باب دية الشفتين (13)، و في الكافي في باب من أوصي بعتق6.
ص: 309
أو صدقة (1)، و في الفقيه في باب الوصيّة بالعتق (2).
و الحسن بن علي بن فضّال في الفهرست (3)، و في أبواب كثيرة في التهذيب (4) و الفقيه (5).
و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب الحدّ و السرقة (6)، و باب القضاء في قتيل الزحام (7)، و في الكافي في باب ذمّ الدنيا (8)، و في كتاب الروضة قبل حديث نوح يوم القيامة بحديثين (9).
و ابن أبي عمير، و عبد اللّه بن المغيرة كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (10)، و هؤلاء السبعة من أصحاب الإجماع، و فيهم: البزنطي، و ابن أبي عمير، و صفوان، و لا يروون إلّا عن ثقة، و ابن فضّال الذي هو من أكمل أفراد معشر أمرنا بأخذ ما رووا.
و من أضرابهم من الأجلّاء: إسماعيل بن مهران (11)، و الحسن بن علي الوشاء (12)، و أبو شعيب المحاملي (13)، و علي بن الحكم (14)، و جعفر بن محمّد بن4.
ص: 310
سماعة (1)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (2)، و عمرو بن عثمان الثقفي (3)، و أبو الفضل عباس بن عامر (4)، و سلمة بن الخطاب (5)، و موسي بن القاسم (6)، و عباس بن هشام (7)، و عبد اللّه بن جبلة (8)، و محمّد بن عبد الجبار (9)، و هارون بن الجهم (10)، و محمّد بن عبد الحميد (11)، و ثعلبة (12).
و أغلب الجماعة من الفقهاء و الأجلّاء لا يرضي المنصف أن يعتقد فيهم الاجتماع علي النقل من الكذّاب و الوضّاع مع كونه في عصرهم، و يبعد غاية البعد خفاء حاله عليهم و اطّلاع ابن الغضائري بعد قرون علي ما خفي عنهم- إنّ هذا الاختلاف- فلا بدّ و أن يكون الوجه في تضعيفه حملا لفعله علي الصحّة ما في التعليقة قال: لعلّ تضعيف الخلاصة من ابن الغضائري في ترجمة جابر (13)، و تضعيفه و اتّهامه بالغلوّ لروايته الدالّة عليه بحسب معتقده و زعمه، و قد مرّ منّا غير مرّة و يأتي أيضا في نصر بن الصباح و غيره التأمّل في ثبوت القدح بذلك و ضعف تضعيفاته.2.
ص: 311
هذا و رواية الأجلّة و من أجمعت العصابة-: كابن أبي عمير، و ابن المغيرة، و الحسن بن محبوب، و البزنطي- في الصحيح يشهد بوثاقته و الاعتماد عليه، و يؤيّده كونه كثير الرواية و سديدها، و مفتي بها، و رواياته صريحة في خلاف الغلوّ، نعم فيها زيادة ارتفاع شأن بالنسبة إليهم، و لعلّه [لهذا] (1) حكم بغلوّه لزعمه أنّ هذا تعدّ علي القدر الذي ينبغي أن ينسب إليهم (عليهم السلام) و لا يخفي فساده (2)، انتهي.
و يؤيّد جميع ذلك أن الشيخ- رحمه اللّه- ذكره في الفهرست (3)، و أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لم يضعّفه (4)، و في التهذيب في باب القضاء في الديات بعد أن ذكر ما ورد في مقدار الدية ثم ذكر فتواه و قال: فأمّا ما روي من أنّ صاحب الإبل إذا لم يكن معه إبل أعطي عن كلّ إبل عشرين من فحولة الغنم، فتصير ألفين من الغنم، فيحتمل شيئين (5). إلي أن قال:
و الوجه الثاني: أن يكون ذلك مخصوصا بالعبد إذا قتل حرّا عمدا، فحينئذ يلزمه ذلك (6)، و قد روي ذلك: أحمد [و الحسن] (7) و أبو شعيب، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام (8). إلي آخره، و لو لا اعتماده عليه ما كان يجعل خبره شاهدا للجميع.
و اعلم أنه يظهر من النجاشي أن كتاب زيد يرويه جماعة، منهم صفوان5.
ص: 312
ابن يحيي (1)، و الطرق الصحيحة إليه كثيرة فضعف أبي جميلة علي قول ابن الغضائري لا يضرّ بالسند، و زيد ثقة عين ممدوح في الأخبار.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أبي الجوزاء [المنبه] (2) بن عبد اللّه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عنه (3).
أبو الجوزاء وثقه العلّامة في باب الكني (4)، و المجلسي في الوجيزة (5)، و في النجاشي أنه صحيح الحديث (6)، و يروي عنه من الأجلّاء: سعد بن عبد اللّه (7)، و الصفار (8)، و أحمد بن محمّد بن خالد (9)، و أبوه (10)، و محمّد بن أحمد ابن يحيي (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (13)، و صرّح الشيخ بأنّه عامّي (14)، و يبعده: توثيق العلامة، و عدم تعرض النجاشي، و رواية الجماعة.
ص: 313
و قد بيّنا في الفائدة السابقة دلالة قولهم: صحيح الحديث، علي وثاقة الرجل في نفسه (1)، فلاحظ.
و أمّا الحسين بن علوان الكلبي: ففي النجاشي: كوفي عامي، و أخوه الحسن يكنّي أبا محمّد ثقة، رويا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ليس [للحسن] (2) كتاب، و الحسن أخصّ بنا و أولي (3).
و في الخلاصة: قال ابن عقدة: إن الحسن كان أوثق من أخيه و أحمد عند أصحابنا (4).
و عدّه في الكشي مع جماعة و قال: هؤلاء من رجال العامّة إلّا أنّ لهم ميلا و محبّة شديدة، و قد قيل: إنّ الكلبي كان مستورا و لم يكن مخالفا (5)، انتهي.
و كيف كان فيشهد بوثاقته في الحديث مضافا إلي ما ذكر رواية الأجلّاء عنه و فيهم: الحسن بن علي بن فضّال كما في الكافي في باب مولد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (6) و في التهذيب في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (7) - و فيه جهتان تكشف كلّ واحدة منهما عنها- و الهيثم بن أبي مسروق (8)، و الحسن بن ظريف بن ناصح (9)، و أبو الجوزاء (10).ة.
ص: 314
و أمّا عمرو بن خالد: ففي الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدثني أبو عبد اللّه الشاذاني و كتب به إليّ، قال: حدثني الفضل، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا أبو يعقوب المقري- و كان من كبار الزيدية- قال: أخبرنا عمرو بن خالد- و كان من رؤساء الزيدية- عن أبي الجارود- و كان رأس الزيدية- قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السّلام) جالسا إذ أقبل زيد بن علي (عليه السّلام) فلمّا نظر إليه أبو جعفر (عليه السّلام) قال: هذا سيّد أهل بيتي و الطالب بأوتارهم، و منزل عمرو بن خالد كان عند مسجد سمال (1). و ذكر ابن فضّال:
أنّه ثقة (2)، انتهي.
و تزكية ابن فضّال مقبولة- خصوصا إن جعلنا وجه الحجيّة دخولها في عنوان الخبر الواحد لقولهم (عليهم السّلام): خذوا (3) - و وثاقته و تثبّته و إتقانه، نعم من جعله من باب الشهادة فهو بمعزل عن قبول قوله، و يؤيّده رواية أبان ابن عثمان عنه كما في التهذيب في باب ما يجوز الصلاة فيه من أبواب الزيادات (4)، و في الكافي في باب الطاعة و التقوي (5)، و في باب الصلاة في الكعبة و فوقها (6)، و في تزويق البيوت (7)، و هو من أصحاب الإجماع.2.
ص: 315
و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، و محمّد بن سنان (2)، و نصر بن مزاحم (3)، و لا معارض لوثاقته بالنص و الأمارة إلّا تصريحهم بزيديّته، و غايته كون الخبر موثّقا بالاصطلاح.
و أمّا زيد بن علي (عليه السّلام): فهو عندنا جليل القدر عظيم الشأن كبير المنزلة، و ما ورد ممّا يوهم خلاف ذلك مطروح أو محمول علي التقيّة، و المقام لا يقتضي الشرح أزيد من ذلك.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن أبي نصر الأنماطي، عن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي (4).
أثبتنا في (مب) وثاقة الحكم (5).
و عمرو: ثقة في النجاشي (6)، و يروي عنه: صفوان بن يحيي في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (7)، و في الاستبصار في باب وجوب الاستنجاء من الغائط و البول (8)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب التفرقة بين ذوي
ص: 316
الأرحام من المماليك (1).
و عبد اللّه بن جبلة (2)، و ابن نهيك (3)، و محمّد بن يحيي الخزّاز (4)، و الحسين ابن عثمان (5)، و عبد اللّه بن سنان (6)، و المثني الحنّاط (7)، و مهران بن محمّد بن أبي نصر (8) ابن أخيه الذي يروي عنه ابن أبي عمير (9).
و أمّا سدير: ففي الكشي بطريق صحيح علي الأصح: أن الصادق (عليه السّلام) قال لزيد الشحّام حول الكعبة- و هو (عليه السّلام) في الطواف و كفّه في كفّه و دموعه تجري علي خدّه-: يا شحّام ما رأيت ما صنع ربّي إليّ- ثم بكي و دعا- و قال: يا شحّام إنّي طلبت إلي إلهي في سدير، و عبد السّلام بن عبد الرحمن، و كانا في السجن، فوهبهما لي و خلّي سبيلهما (10).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب في الكافي في باب إدخال السرور علي المؤمن (11)، و فضالة فيه في باب الغيبة (12)، و عبد اللّه بن مسكان فيه في باب آخر من درجات الإيمان (13)، و في باب التسليم و فضل3.
ص: 317
المسلمين (1)، و في باب آخر من فضل الزراعة (2)، و في كتاب الروضة (3).
و بكر بن محمّد (4)، و العلاء بن رزين (5)، و علي بن رئاب (6)، و عقبة- الذي يروي عنه ابن أبي عمير (7) - و جميل بن صالح (8)، و الحسين بن نعيم الصحّاف (9)، و إبراهيم بن أبي البلاد (10)، و إسحاق بن جرير (11)، و هشام أو هاشم بن المثني (12) - الذي يروي عنه ابن أبي عمير (13) - و عمرو بن أبي نصر (14)، و غيرهم.
و الناظر في أخبارهم بعين التأمّل يعلم أنّه من أكابر الشيعة، و من خواصّ الأئمة (عليهم السّلام) و في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن محمّد ابن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي، و ذكر أنّ الباقر (عليه السّلام) أوصاه بحوائج له في المدينة، فلمّا كان في أثناء الطريق إذا برجل من الجنّ قال: و ناولني كتابا طينه رطب.
قال: فلمّا نظرت إلي الخاتم إذا خاتم أبي جعفر (عليه السّلام)ة.
ص: 318
فقلت: متي عهدك بصاحب الكتاب؟ قال: الساعة، و إذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفتّ فإذا ليس عندي أحد (1). الخبر.
و لنعم ما قيل أنّ هذا يدلّ علي زيادة اختصاص منه بالإمام، و ما كان الإمام ليرسل كتابه مع الجنّ إلّا لوصف في المرسل إليه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، [عن] (2) الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عنه (3).
مرّ حال تمام رجال السند في (م) في الطريق إلي الأصبغ (4).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف (5).
الثلاثة من شيوخ الطائفة و عيونها.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج الكوفي (1).
عبد الكريم: ثقة برواية البزنطي عنه (2).
و سعيد: هو بعينه ابن عبد الرحمن الأعرج الثقة الذي يروي عنه:
صفوان (3)، و عبد اللّه بن المغيرة (4)، و أبان بن عثمان (5)، و عثمان بن عيسي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7) من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: معاوية بن وهب (8)، و علي بن النعمان (9)، و علي بن الحسن بن رباط (10)، و سيف بن عميرة (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و إسحاق بن عمار (13)، و محمّد بن الوليد (14)، و إسماعيل بن عبد الخالق (15)
ص: 320
و غيرهم، فهو معدود منهم، فالخبر صحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عليّ بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (1).
السند صحيح عندنا بما مرّ، و حسن أو ضعيف عند جماعة.
و أمّا سعيد: فغير مذكور، و في الشرح: و يظهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد، فالخبر قوي كالصحيح (2).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن مفضّل، عن سعيد بن يسار العجلي الأعرج الحنّاط الكوفي (3).
مفضّل: مشترك، إلّا أنّ رواية البزنطي عنه تنبئ عن وثاقته، و لكونه من أصحاب الإجماع لا يحتاج إلي النظر في حاله.
و سعيد: ثقة، من أرباب الأصول، يروي عنه شيوخ الطائفة مثل:
صفوان بن يحيي (4)، و عبد اللّه بن مسكان (5)، و حماد بن عثمان (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أبان بن عثمان (8)، و عبد اللّه بن بكير (9) من أصحاب
ص: 321
الإجماع.
و من ماثلهم من الأجلّة: محمّد بن أبي حمزة (1)، و علي بن النعمان (2)، و الحسن بن موسي الخشاب (3)، و عبد الكريم بن عمرو (4)، و إسحاق بن عمّار (5)، و يونس بن يعقوب (6)، و علي بن عقبة (7). و غيرهم، فهو من عصابة ينبغي أن تعدّ روايته عن أحد من أمارات الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (8).
السند هكذا في النسخ، أمّا الشارح التقي فما ذكر سلمة بن تمام و لا الطريق إليه، و في عدّة السيد الكاظمي أشار إلي الطريق و صرّح بأن سلمة مهمل (9).
قلت: أمّا السند فمرسل قطعا، فإن ابن أبي الخطاب لا يمكن أن يروي عن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) فإنه من أصحاب الجواد و الهادي (عليهما السّلام) توفي سنة اثنتين و ستين بعد المائتين.
و سلمة بن تمام: علي ما في التقريب: أبو عبد اللّه الشقري- بفتح
ص: 322
المعجمة و القاف- الكوفي، صدوق من الرابعة (1)، و مراده من الرابعة: الطبقة الثالثة من التابعين، و هذا من الوضوح بمكان، و صرّح الذهبي في الميزان: أنه كان معاصرا للأعمش، و وثقه ابن معين (2).
و أمّا الإهمال فهو كذلك غير مذكور إلّا أن قوله: صاحب أمير المؤمنين (عليه السّلام) مدح اعترف به في العدة كما مرّ، بل ذكرنا في (كا) (3) ما يمكن أن يستظهر منه الوثاقة.
هذا و أخرج منه الشيخ في التهذيب- في باب ضمان النفوس (4)، و باب ديات الأعضاء (5) - خبرين: عن منهال بن الخليل- أو جميل (6) - عنه، عن علي (عليه السّلام).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني (7).
مرّ سلمه في (نه) (8) فالخبر صحيح أو حسن كالصحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه.
ص: 323
و أبوه، عن الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن، الحسين بن سعيد، عنه (1).
الطرق الثلاثة صحيحة بما مرّ.
و سليمان من أجلّاء الثقات.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه (2).
قال الشارح التقي في ترجمة سليمان: يظهر من كتاب العيون و غيره أنه كان من علماء خراسان و أوحديهم، و باحث مع أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) و رجع إلي الحق، و كان له مكاتبات إلي الجواد و الهادي و العسكري (عليهم السّلام) و اعتمد المصنّف عليه، و تقدم رواياته عنه، و الطريق إليه صحيح فيكون الخبر حسنا، و ربّما يخطر بالبال أنّهما رجلان لأنّ له روايات عن الكاظم (عليه السّلام) و إن احتمل أن يكون معتقدا للحقّ سابقا، و كانت المباحثة تقيّة من المأمون و العلماء، و الظاهر أن المصنّف يعتقد ثقته (3)، انتهي.
قلت: احتمال الاتحاد ضعيف غايته.
أمّا أولا: فلأن الموجود في التوحيد و العيون مسندا: عن الحسن بن محمّد النوفلي يقول: قال: قدم سليمان المروزي متكلّم خراسان علي المأمون فأكرمه و وصله، ثم قال له: إنّ ابن عمّي علي بن موسي (عليهما السّلام) قدم من الحجاز، و هو يحبّ الكلام و أصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية المناظرته، فقال سليمان: يا أمير المؤمنين، إني أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم فينتقص عند القوم إذا كلّمني، و لا يجوز الاستقصاء عليه.
ص: 324
قال المأمون: إنّما وجهت إليك لمعرفتي بقوّتك، و ليس مرادي إلّا أن تقطعه عن حجّة واحدة فقط، فقال سليمان: حسبك يا أمير المؤمنين اجمع بيني و بينه و خلّني و الذم (1). ثم ساق صورة مجلس المناظرة و لم يذكر فيها اسم أبيه أصلا مع ذكر اسمه كثيرا.
و أمّا ثانيا: فلأن المناظرة كانت في مسألة البداء، و كان سليمان ينكره، فأقام (عليه السّلام) الحجّة حتي قال سليمان في آخر كلامه للمأمون: يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا البداء، و لا أكذّب به إن شاء اللّه.
و في مسألة حدوث الإرادة و كان ينكرها سليمان أيضا، فأقام (عليه السّلام) البرهان عليه، و في آخر الخبر: فانقطع سليمان، قال المأمون عند ذلك: يا سليمان هذا أعلم هاشمي، ثم تفرّق القوم و لم يظهر منه الإقرار بالحدوث فضلا عن الرجوع إلي الحقّ و الاعتراف بإمامته (عليه السّلام) فما المستند في الحكم به.
و أمّا ثالثا: فلأنه لو رجع إلي الحقّ لأشار إليه الصدوق في كلامه بعد إيراد الخبر، حيث قال: كان المأمون يجلب علي الرضا (عليه السّلام) من متكلمي الفرق و أهل الأهواء المضلّة كلّ من سمع به، حرصا علي انقطاع الرضا (عليه السّلام) عن الحجّة مع واحد منهم، و ذلك حسدا منه له و لمنزلته من العلم، فكان لا يكلمه أحد إلّا أقرّ له بالفضل و التزم الحجّة له عليه، لأن اللّه تعالي ذكره يأبي إلّا أن يعلي كلمته (2). إلي آخر ما قال.
و أمّا رابعا: فلما في كشف الغمّة: بإسناده عن سليمان بن حفص المروزي، قال: كان موسي بن جعفر (عليهما السّلام) سمّي ولده عليا:4.
ص: 325
الرضا، و كان يقول: أدعو إليّ ولدي الرضا، و قلت لولدي الرضا، و قال لي ولدي الرضا، و إذا خاطبه قال: يا أبا الحسن (1)، و هذا كلام من كثرت معاشرته و مخالطته معه (عليه السّلام) و كثر حضوره عنده، و المروزي المناظر ما كان يعرف الرضا (عليه السّلام) فضلا عن أبيه، فضلا عن المعاشرة و الرواية عنه.
و في تقريب ابن حجر: سليمان بن صالح الميثمي، مولاهم، أبو صالح المروزي، ملقب سلمويّه، ثقة من العاشرة، مات قبل سنة عشر و مائتين و قد بلغ مائة (2).
و فيه: سليمان بن عامر بن عمير الكندي المروزي، صدوق من التاسعة (3). و الطبقة تلائم أن يكون المناظر أحدهما.
و أمّا خامسا: ففي العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد ابن عيسي اليقطيني، عن سليمان بن حفص، قال: كتب إليّ أبو الحسن (عليه السّلام): قل في سجدة الشكر مائة مرّة: شكرا شكرا، و إن شئت: عفوا عفوا، قال الصدوق: قد لقي سليمان موسي بن جعفر و الرضا (عليهما السّلام)، و لا أدري هذا الخبر عن أيّهما (عليهما السّلام) (4).
قلت: بل هو الأول، ففي الكافي: علي بن إبراهيم، عن علي بن محمّد القاساني، عن سليمان بن حفص المروزي، قال: كتبت إلي أبي الحسن موسي ابن جعفر (عليهما السّلام) في سجدة الشكر؟ فكتب إليّ (5). و هذا الخبر8.
ص: 326
كسابقه، و بالجملة فاحتمال الاتحاد فاسد جدّا.
و أمّا ابن حفص المروزي: فيمكن استظهار وثاقته من جملة أمور:
أوّلها: أنّ العلامة ذكر في المختلف خبر سليمان بن حفص المروزي المروي في التهذيب بإسناده: عن الصفار، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عنه، قال: سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم (1). الخبر علي ما في النسخ الصحيحة من التهذيب.
و يوجد في بعض النسخ و جملة من الكتب الفقهيّة: سليمان بن جعفر المروزي الغير المذكور في الرجال و لا في الأسانيد، و هو اشتباه من النساخ قطعا، و استدلّ- رحمه اللّه- به علي كون الغبار الغليظ مفطرا يوجب القضاء و الكفارة، ثم قال: و احتج الآخرون: بأصالة براءة الذمّة، و بما رواه عمرو بن سعيد، عن الرضا (عليه السّلام) عن صائم يدخل الغبار في حلقه، قال:
لا بأس.
و الجواب: الأصالة يبطل حكمها مع قيام الدليل المخرج عنها، و قد بيّناه، و عمرو بن سعيد و إن كان ثقة إلّا أن فيه قولا (2). إلي آخره.
فلولا أن سليمان عنده ثقة ما كان يقدّم خبره علي خبر عمرو الثقة، و لو كان وجه التقدم أمورا خارجيّة كالشهرة و غيرها لأشار إليه.
ثانيها: رواية الأجلّاء عنه: كعلي بن محمّد القاساني (3)، و محمّد بن7.
ص: 327
عيسي (1)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (2)، و موسي بن عمر بن يزيد (3) الذي يروي عنه وجوه الطائفة و مشايخ القمّيين.
و ثالثها: عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
و رابعها: ما يظهر من الأخبار شدّة اختصاصه بهم (عليهم السّلام) كما تقدم بعضها، و يعضد ذلك كله أنّ أخباره سديدة ليس فيها ما يوهم الخلط و الارتفاع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان ابن خالد البجلي [الأقطع الكوفي] و كان خرج مع زيد بن علي (عليه السّلام) فأفلت (4).
قلت: ثم تاب و رجع إلي الحقّ قبل موته، و رصي أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عنه بعد سخطه، و توجّع بموته.
و في النجاشي: كان قارئا فقيها وجها، روي عن الباقر و الصادق (عليهما السّلام) (5)، و في الخلاصة: ثقة (6).
و يروي عنه وجوه الرواة و شيوخ الطائفة: كعبد اللّه بن مسكان (7)،
ص: 328
و حمّاد بن عيسي (1)، و صفوان بن يحيي (2)، و جميل بن درّاج (3)، و الحسن بن محبوب (4)، و محمّد بن أبي عمير (5) من أصحاب الإجماع.
و من ماثلهم من الأجلّاء مثل: هشام بن سالم (6)، و علي بن رئاب (7)، و منصور بن حازم (8)، و عمّار الساباطي (9)، و حريز (10)، و عبد الكريم بن عمرو (11)، و سماعة (12)، و مالك بن عطية (13)، و منصور بن يونس (14)، و سعدان ابن مسلم (15)، و عبد اللّه بن سنان (16)، و إسحاق بن عمّار (17)، و أبي أيوب الخزّاز (18). و غيرهم، فالخبر صحيح لا مرية فيه.
أبوه، عن سعد بن
ص: 329
عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري المعروف بابن الشاذكوني (1).
مرّ حال القاسم، و [سليمان بن] (2) داود في (صج) (3) فالخبر حسن كالصحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن عبّاد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي (4).
عباد غير مذكور.
و أبوه ضعيف في الكشي (5)، و كذا في النجاشي (6)، مع تأمّل منه، و لكن لم نجد ما يتمسك به لإصلاحه غير ما في التعليقة ما حاصله أن المستند هو الغلوّ، قال: و فيه مضافا إلي ما مرّ غير مرّة أن أحاديثه في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلوّ و فساده (7).
قلت: و منها ما في روضة الكافي: عن العدّة، عن سهل، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: بينا رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): إنّ فيك شبها من عيسي بن مريم، و لو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من
ص: 330
الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك، يلتمسون بذلك البركة (1).
الخبر.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أحمد بن علي، عن عبد اللّه بن جبلة، عن علي بن شجرة، عن سليمان بن عمرو الأحمر (2).
أحمد بن علي: مجهول.
و ابن جبلة: ثقة واقفي (3).
و ابن شجرة: من الأجلّاء الثقات (4).
و أمّا سليمان: فذكر الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): ابن عمر الأزدي الكوفي أبو عمارة (5)، ثم ابن عمرو بن عبد اللّه بن وهب النخعي، أبو داود الكوفي، أسند عنه (6)، و نقل [في] الخلاصة: عن ابن الغضائري، عن ابن عقدة، قال: كان أبو داود النخعي يلقّبه المحدّثون:
كذّاب النخع، و لكن نقل [في] الخلاصة أيضا عن ابن الغضائري: أن أبا داود النخعي المطعون سليمان بن هارون (7)، فيبقي ابن عمرو سليما.
و ينبئ عن مدحه بل و وثاقته رواية الأجلّة عنه، مثل: علي بن
ص: 331
شجرة (1)، و سيف بن عميرة (2)، و علي بن الحكم (3)، و الحسين بن عثمان (4)، و علي بن سيف بن عمرة (5).
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي العامري، عنه (6).
أمّا عثمان: فهو ثقة، و أخباره معتمدة، و ما نسب إليه من الوقف و الخيانة غير مضرّ، إمّا لعدم صحّة النسبة، أو لزواله و عوده إلي الاستقامة، أمّا الأول فوجوه:
أ- نقل الكشي الإجماع عن بعض المشايخ: أنّه من الستّة الذين اجتمع أصحابنا علي تصحيح ما يصحّ عنه و تصديقهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم من أصحاب أبي إبراهيم و أبي الحسن الرضا (عليهما السّلام) (7).
ب- قول الشيخ في العدّة ما لفظه: أمّا إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل: الفطحيّة و الواقفة و الناووسيّة و غيرهم. إلي أن قال: و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته، [موثوقا به في أمانة] (8)، و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل: عبد اللّه بن
ص: 332
بكير و غيره، و أخبار الواقفة مثل: سماعة بن مهران، و علي بن أبي حمزة، و عثمان ابن عيسي (1). إلي آخره.
ج- إكثار الأجلّاء الثقات- و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة- من الرواية عنه مثل: صفوان بن يحيي في التهذيب في باب حكم الإيلاء (2)، و علي بن الحسن بن فضّال (3)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (4)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (5)، و جعفر بن عبد اللّه المحمدي (6) رأس المذري الفقيه الذي هو وجه أصحابنا و أوثق الناس.
و إبراهيم بن هاشم (7)، و علي بن مهزيار (8)، و العباس بن معروف (9)، و موسي بن القاسم بن معاوية بن وهب (10)، و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (11)، و الحسن بن علي بن يوسف و هو ابن بقاح (12)، و يعقوب بن يزيد (13)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (14)، و أحمد بن محمّد بن خالد (15)،0.
ص: 333
و أبوه (1)، و علي بن السندي (2)، و إبراهيم بن عبد الحميد (3)، و الهيثم النهدي (4)، و السندي بن الربيع (5)، و أبو جعفر الأحول محمّد بن علي بن النعمان مؤمن الطاق (6)، و سهل بن زياد (7).
و لا بعد في رواية مثل إبراهيم و أبي جعفر الأحول عنه مع بعد طبقتهما، لأنّه كان من المعمرين. و لا أظنّ أحدا بعد التأمل يحتمل اجتماع هؤلاء- و هم وجوه الطائفة و المتثبتون في النقل- علي الرواية عن غير الثقة.
د- ما في تعليقة الأستاذ الأكبر من أنّا لم نقف علي أحد من فقهائنا السابقين تأمّل في روايته في موضع من المواضع، نعم ربّما يتأمّلون من غير جهته، و يؤيّده كونه كثير الرواية و سديدها و مقبولها، و أن أهل الرجال ربّما ينقلون عنه و يعتدون بقوله، منه في أسامة بن حفص (8)، انتهي.
قلت: فإن العلامة (9) ذكر أسامة في القسم الأول لقول عثمان- علي ما2.
ص: 334
في الكشي (1) و التهذيب (2) - إنه كان قيّما للكاظم (عليه السّلام).
ه- إن العلامة صحّح طريق الصدوق إلي معاوية بن شريح (3) و هو فيه.
و- إنه كان من الوكلاء كما في النجاشي (4) و غيره، و فسقه زال بالتوبة كما يأتي.
ز- إن المحقق استدلّ علي وجوب الغسل علي من رأي في المنام أنه جامع و أمني ثم استيقظ و رأي المني، برواية سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ثم قال: و سماعة و إن كان واقفيّا لكن عمل الأصحاب علي مضمون روايته هذه (5)، انتهي.
و السند: ثقة الإسلام، عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة (6)، و عدم اعتذاره عن ابن عيسي كاشف عن سلامته عنده.
و أمّا الثاني: فالأصل في جميع ما نسب إليه هو الكشي كما صرّح في النجاشي، فغيره أقصر منه باعا، فلنذكر ما في الكشي، قال: ما روي في عثمان ابن عيسي الرواسي الكوفي من أصحاب الكاظم و الرضا (عليهما السّلام).
ذكر نصر بن الصباح: أن عثمان بن عيسي كان واقفيا، و كان وكيل موسي أبي الحسن (عليه السّلام) و في يده مال، فسخط عليه الرضا (عليه السّلام) ثم تاب عثمان و بعث إليه (عليه السّلام) بالمال، و كان شيخا عمّر7.
ص: 335
ستين سنة، و كان يروي عن أبي حمزة الثمالي، و لا يتهمون [عثمان بن عيسي] (1).
و قال في موضع آخر: حمدويه قال: قال محمّد بن عيسي: إنّ عثمان بن عيسي رأي في منامه أنه يموت بالحير فيدفن بالحير، فرفض الكوفة و منزله، و خرج إلي الحير و ابناه معه، فقال: لا أبرح منه حتي يمضي اللّه مقاديره، فأقام يعبد ربّه جلّ و عزّ حتي مات و دفن فيه، و صرف (2) ابنيه إلي الكوفة (3).
و في موضع آخر: علي بن محمّد قال: حدثني [محمد بن أحمد] (4) بن يحيي، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن محمّد، قال:
أحد القوّام: عثمان بن عيسي، و كان يكون بمصر، و كان عنده مال كثير و ستّ جواري، فبعث إليه أبو الحسن (عليه السّلام) فيهن و في المال، فكتب إليه:
إن أبي قد مات و قد أقسمنا ميراثه، و قد صحّت الأخبار بموته و احتج عليه، قال: فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شي ء، و إن كان قد مات علي ما تحكي فلم يأمرني بدفع شي ء إليك، و قد أعتقت الجواري (5)، انتهي.
قال المحقق صاحب المعالم في التحرير الطاووسي بعد نقل ما في الكشي:
و أقول: إنّ جميع ما ذكر له و عليه ضعيف (6)، انتهي.5.
ص: 336
و عليه فيبقي ما ذكرنا من الأمارات خاليا عن المعارض، مع أن نصر لم يلق عثمان فيكون مرسلا، و الناقل غير معلوم، و ليس هو من معشر يقبل مراسيلهم (1)، و في التعليقة: و فسقه ارتفع بالتوبة، بل الظاهر من قولهم: ثم تاب أنه لم يمتدّ الفسق، فحاله حال البزنطي، و ابن المغيرة و غيرهما من الثقات، و التأمل في توبته لأن الناقل نصر ليس بمكانه لاعتماد المشايخ كالكشي و غيره عليه في النقل في تراجم كثيرة لا تعدّ و لا تحصي (2). إلي آخره.
قلت: الذين وقفوا ثم رجعوا من الأجلّاء جماعة كثيرة مثل: عبد الرحمن ابن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و يونس بن يعقوب، و جميل بن دارج، و حماد ابن عيسي، و الحسن بن علي الوشّاء، و غيرهم ممّن ذكرهم الشيخ الطوسي في الغيبة، و ذكر كيفيّة وقوفهم و رجوعهم (3).
و ممّا يؤيد و يشهد برجوع عثمان كأضرابه روايته عن الرضا (عليه السلام) علي نسق من يروي عنه ممّن أخذوه إماما و حجّة، ففي الكافي في باب الرجل يأخذ الحجّة فلا يكفيه: بإسناده عن عثمان بن عيسي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): ما تقول في الرجل يعطي الحجّة فيدفعها إلي غيره؟ قال: لا بأس به (4).
و أمّا قول النجاشي في صدر ترجمته: كان شيخ الواقفة و وجهها (5)، الظاهر في الدوام، أو كون الوقف في مدّة طويلة، فأجاب عنه المحقق السيد صدر الدين: بإمكان حمل عبارته علي الذين وقفوا في ابتداء الوقف لا فرقه7.
ص: 337
الواقفة و الطائفة الذين هم أحد المذاهب، أن يكون المراد من الواقفة المعني المصدري لا الفرقة، و ذلك أن يكون في الذين وقفوا شيب و شبان أو مشايخ و تلامذة، و يكون عثمان المعمّر في الشيب أو الأعلم في الشيوخ، و يؤيدّه أن النجاشي نقل ما نقله عن الكشي ساكتا عليه، ثم أورد بأن البطائني قائد أبي بصير المظنون أنّه أسنّ من عثمان، و أجاب بأن البطائني كان في الكوفة، و عثمان في مصر، فالمراد أنّ عثمان شيخهم في مصر.
و اعلم أن الفاضل الكاظمي في تكملة الرجال أطال في نقل كلمات بعض الفقهاء في حكمهم بضعف الخبر عن جهة وقف عثمان و خيانته، فاستظهر منه أنّهم لم يلتفتوا إلي رجوعه و توبته (1)، ثم نقل كلاما للشيخ الحرّ في تحرير الوسائل، و قال: و اعلم أنه لم يوثقه أحد من أهل الرجال، و لكن الحرّ يريد أن يلفّق توثيقه من القرائن و عمدتها الوكالة، و ما نقله بعضهم من الإجماع.
و فيه: أوّلا: أن الناقل للإجماع غير معلوم فلا اعتماد عليه.
و ثانيا: أنّه معارض بالشهرة المتأخرة علي ضعفه، و الوكالة مع الخيانة لا تدلّ علي الاعتماد فضلا عن الوثاقة، و قد علم من هذا كلّه اشتباه السبط (2) حيث قال: المعروف بين المتأخرين عدّ الحديث المشتمل عليه موثقا، بل المعروف تضعيفه، ثم قال: بل لم نقف علي توثيقه، و كونه ممن أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنه، (إنّما هو من قول بعضهم، و البعض غير معلوم الحال، و لو سلّم العلم و الاعتماد عليه فهو من الإجماع المنقول بالخبر الواحد، و للاعتماد عليه كلام و بتقديره لا يفيد إلّا الظن، و الأخبار الواردة في ذمّه منها مار.
ص: 338
هو معتبر فلو لم يكن ظنّه أقوي فهو مساوي، فلا وجه للترجيح (1).
فإن قلت: قد قدمت أن رواية الجليل قرينة الاعتماد، و الحسين بن سعيد يروي عنه فهو قرينة.
قلت: لما ذكرت وجه، إلّا أن الذم الوارد في عثمان بلغ النهاية، و يحتمل أن يقال: إنّ رواية الحسين عنه ربّما كانت قبل وقفه، فيرجح القبول كما في روايته عن محمّد بن سنان المذموم (2)، انتهي.
و فيه مواقع للنظر بل التعجب:
أمّا أولا: فلعدم انحصار القرائن المعتبرة فيما ذكره كما عرفت سابقا.
و ثانيا: أن الناقل للإجماع الكشي عن بعضهم، و لا يرتاب ذو درية أن المراد من البعض في هذا المقام بعض علماء المؤلّفين من مشايخه أو معاصريه العارفين بحال الرواة و أخبارهم و حال الطائفة معهم، و لم يكن لينقل في هذا المقام عن الجهلاء و المجاهيل و الضعفاء، و من احتمله فقد خالف وجدانه.
و ثالثا: أنه مؤيّد بإجماع الطائفة علي العمل برواياته كما نقله الشيخ في العدّة (3).
و رابعا: أن الشهرة المتأخرة التي ادّعاها معارضة بدعوي السبط- و هو الشيخ محمّد شارح الاستبصار- الشهرة علي خلافه، و نسبته إلي الاشتباه اشتباه، فإنه أقدم و أبصر و أعرف.
و خامسا: أن الشهرة المتأخرة في هذا المقام لا تغني من شي ء بعد معلوميّة مستندهم و انتهائه إلي ما في النجاشي و الكشي، و كثرة اختلاف كلماتهم في أمثال1.
ص: 339
هذا المقام المنبئ عن عدم توغّلهم فيه، فلا تورث ظنّا فضلا عن قابليّته لمعارضة الإجماعين من مقاربي عصره الذين من كلامهم وقعوا فيما وقعوا.
و سادسا: أن أخبار الذم هي ما أخرجناه عن الكشي، و روي الثاني منها الصدوق في العلل: عن ابن الوليد، عن محمّد بن يحيي العطار، عن أحمد بن الحسين (1). إلي آخر ما في الكشي.
أمّا مرسل نصر فمع الغضّ عن إرساله و ما قيل في نصر فتوبته مذكورة فيه، فمن أخذ بصدره لا مناص له عن الأخذ بذيله.
و أمّا الثاني: ففي سنده أحمد بن الحسين الذي ضعّفه القميون كما في النجاشي (2)، و محمّد بن جمهور الضعيف عند المشهور (3)، و أحمد بن محمّد غير معلوم، و في العلل: أحمد بن حماد (4)، ففيه اضطراب مع ذلك، و العجب أنه قال: منها ما هو معتبر (5)، و إنّما هو خبران لا قدح نافع في أوّلهما و لا حجيّة في ثانيهما، مع أنّ الناظر لا يرتاب في تقييد الثاني بالأول، و مع هذا كيف يعارض الإجماعين، و ليس الإجماع المذكور من أقسام الإجماع المنقول المذكور في الأصول كما سنوضحه إن شاء اللّه تعالي.
و سابعا: أن الذين رووا عنه من الأجلّاء ممّا وجد في الكتب الأربعة فضلا عن غيرها قريب من عشرين، و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة كصفوان، و من أمروا [عليهم السّلام] بالأخذ بما رووا كابن فضّال، و أحمد بن محمّدر.
ص: 340
الأشعري المعلوم حاله في التثبت و الاحتياط، و ابن عبد اللّه رأس المذري أوثق الناس في الحديث، و غيرهم ممّن عددناهم، و مع ذلك [اقتصر علي الحسين بن سعيد] (1) فإن عثر علي غيره و اقتصر مع ذلك عليه فهو خيانة، و إلّا فلا ينبغي لمن لا يبذل جهده التعرض للجرح و القدح.
و ثامنا: ما ذكره من احتمال كون رواية الحسين عنه قبل وقفه فاسد، فإن الحسين من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي (عليهم السّلام) و روايته عنه قبله مستلزمة لكون الحسين من أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و ما ذكره أحد من أنه كان في حياة الكاظم (عليه السّلام) من القوّام بمصر، و الحسين كوفي، انتقل منها إلي الأهواز ثم ارتحل من الأهواز إلي قم و توفي بقم كما في الفهرست (2).
و كذا أحمد بن محمّد بن عيسي، و ابن مهزيار- الذي أسلم علي يد الرضا (عليه السّلام)- و رأس المذري، و ابن معروف، و موسي بن القاسم، و ابن أبي الخطاب، و ابن هاشم، فإن رواية هؤلاء الأجلّاء عنه لا بدّ و أن يكون في عهد الرضا (عليه السّلام) إذ ليس أحد منهم من أصحاب الكاظم (عليه السّلام).
فتحصل من جميع ما ذكرنا أن عثمان ثقة صدرت منه عثرة كغيره من الأجلاء و تاب عنها، بل تدارك العثرة بمجاورة قبر الطيب الطاهر (عليه السّلام) و العبادة عنده حتي لقي ربّه.
و أمّا سماعة فيدلّ علي وثاقته- بل جلالته- أمور:0.
ص: 341
أ- ما في النجاشي، قال: روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام) و مات بالمدينة، ثقة ثقة، و له بالكوفة مسجد بحضرموت (1).
ب- و الإجماع الذي نقله الشيخ في العدّة (2) و دلالته علي التوثيق تعرف ممّا أوضحناه في الفائدة السابقة في شرح قولهم: صحيح الحديث (3)، و سنزيده توضيحا إن شاء اللّه عند الكلام في بيان ما يظهر من قولهم: أجمعت العصابة (4).
ج- رواية الأجلّاء- و فيهم من لا يروي إلّا عن ثقة- مثل: ابن أبي عمير (5) كما نصّ عليه في التعليقة (6)، و المشتركات للقزويني.
و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في الكافي في باب كراهية السرف (7)، و في باب حجّ الصبيان (8)، و في باب المحرم يقبّل امرأته (9)، و في التهذيب في باب البيّنات (10).
و صفوان بن يحيي فيه في باب الاعتكاف (11)، و هؤلاء الثلاثة لا يروون8.
ص: 342
إلّا عن ثقة.
و من ماثلهم من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و عبد اللّه بن المغيرة (3)، و عبد اللّه بن مسكان (4)، و أبان بن عثمان (5)، و ابن فضّال (6)، و عثمان بن عيسي (7)، هؤلاء عشرة من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبد اللّه بن جبلة (8)، و هشام بن سالم (9)، و الحسين بن عثمان (10)، و محمّد بن عيسي (11)، و جعفر بن عثمان (12)، و أبو أيوب (13)، و عمّار بن مروان (14)، و محمّد بن سماعة (15)، و علي بن الحكم (16)، و مسمع بن أبي مسمع (17)، و عبد الكريم (18)، و محمّد بن1.
ص: 343
سنان (1)، و مروك بن عبيد (2)، و صباح الحذاء (3)، و إسحاق بن عمّار (4)، و جميل بن صالح (5)، و عبد اللّه بن الوضاح (6)، و ربعي بن عبد اللّه (7)، و يحيي اللحام (8)، و عبد اللّه بن القاسم (9)، و سعدان (10)، و أبو المعزي حميد بن المثني (11)، و جماعة أخري ممدوحون، و بحسب العادة لا يجوّز العاقل أن يجتمع هؤلاء علي الرواية من غير الثقة، نعم رماه الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) بالوقف و قال: له كتاب روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) واقفي (12).
و فيه: أوّلا: أنه- رحمه اللّه- متفرّد في هذا الرمي هنا، و في العدة في كلامه المتقدم ما شاركه أحد من أئمة الرجال، خصوصا مثل النجاشي الثبت الخبير الضابط، و ابن الغضائري الذي لم يسلم من طعنه جليل، و كأنّه تبع الصدوق في الفقيه، قال في باب الصلاة في شهر رمضان: و ممن روي الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة، عن سماعة، و هما واقفيّان، قال: سألته (13)7.
ص: 344
(عليه السّلام). الخبر.
ذكر هذا في مقام توهين الخبر مع أنّه قد أكثر من الرواية عنه فيه، و الاعتماد عليه في كثير من أبوابه، و انحصار المستند فيما رواه، فيحتمل أن تكون التثنية من طغيان القلم، و من البعيد غايته خفاء كلامه عن النجاشي و قوله:
ثقة فيه مرّتين، و كأنّه لم يعتن به لضعف النسبة عنده.
و أمّا ثانيا: فلأن الشيخ قال في أصحاب الصادق (عليه السّلام):
يكنّي أبا محمّد بيّاع القزّ، مات بالمدينة (1)، و الظاهر أنّه أشار بكلامه الأخير إلي ما ذكره أحمد بن الحسين- يعني الغضائري- كما في النجاشي: أنه وجد في بعض الكتب أنه مات سنة خمس و أربعين و مائة في حياة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ذلك أن أبا عبد اللّه (عليه السّلام) قال له: إن رجعت لم ترجع إلينا، فأقام عنده، فمات في تلك السنة، و كان عمره نحوا من ستين سنة، و ليس أعلم كيف هذه الحكاية، لأنّ سماعة روي عن أبي الحسن (عليه السّلام) و هذا الحكاية تتضمن أنّه مات في حياة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و اللّه أعلم، له كتاب يرويه عنه جماعة كثيرة (2)، انتهي.
فما في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) ينافي ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و لا يمكن الجمع بينهما، فإن حدوث مذهب الواقفة بعد وفاة أبي الحسن (عليه السّلام).
و أمّا ثالثا: فلأنه لم يذكر سماعة في أصحاب الرضا (عليه السّلام) و لا غيره، و لا وجد منه حديث رواه عنه (عليه السّلام) نعم في التهذيب:
بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن سماعة بن مهران، قال: سألت الرضا7.
ص: 345
(عليه السّلام) عن المأكول من الطير و الوحش. إلي أن قال لي: يا سماعة السبع كلّها حرام (1). الخبر، لكنه من طغيان القلم، يعرف ذلك بالمراجعة إلي ما في الكافي فإنه رواه عن: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عنه، قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (2). إلي آخر ما في التهذيب حرفا بحرف.
و النجاشي استبعد الحكاية لروايته عن أبي الحسن (عليه السّلام) فلو روي عن الرضا (عليه السّلام) لكان أولي بالاستشهاد، فموته في حياة الصادق أو الكاظم (عليهما السّلام) و معه لا يجوز رميه بالوقف بمعناه المعروف الذي به امتازت الفرقة المعروفة عن غيرها، و حمله علي معناه الآخر الذي يستعملونه في بعض مشتقاته- فيقولون: وقف علي الصادق (عليه السّلام) أو غيره، فيدخل به في زمرة الفطحيّة أو الناووسيّة- فاسد لعدم إطلاقهم علي الذاهب إليه الواقفي، و إن ألجأنا إلي ذكر التوجيه لما في أصحاب الكاظم (عليه السّلام).
فنقول: يحتمل أن يكون مراده أن مذهب سماعة كان الوقف علي أبي الحسن (عليه السّلام) و انقطاع الإمامة به، و كان لا يعتقد الإمامة في ولده كما تقول به الإماميّة، و الكلام حينئذ في تخطئة هذا الاعتقاد و الحكم بدخول صاحبه في زمرة سائر الفرق الباطلة، و هو متوقف علي إثبات أحد الأمرين:
أمّا وجوب الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام) في عصر كلّ إمام و عدم كفاية معرفة إمام زمانه، و من قبله في الحكم بإيمانه أو وصول ذلك إليه متواترا.
أو بطرق أخري قطعيّة بحيث يكون ردّه و عدم الاعتقاد به تكذيبا للنبيّ1.
ص: 346
(صلّي اللّه عليه و آله) و من بعده من الحجج (عليهم السّلام).
و إن لم نقل بوجوبه ابتداء، و كلاهما محل للنظر و التأمّل بل المنع الظاهر، و إلّا لزم تكفير ما لا يحصي من أصحاب كلّ إمام، يعرف ذلك بالمراجعة إلي حالهم بعد وفاة كلّ إمام، بل الذين رووا النصّ علي الاثني عشر كانوا متحيّرين عنده لاحتمالهم البداء فيه، و تمام الكلام في محلّه، و هذا الحمل و إن كان بعيدا إلّا أنّه أحسن من إبقائه علي ظاهره، لأنه يتوقف علي إثبات درك سماعة مولانا الرضا (عليه السّلام) و حدوث مذهب الواقفة المعروفة التي تنعت بالكلاب الممطورة قبله، و كلاهما من الفساد بمكان:
أمّا الأوّل: فبما ذكرنا، حتي أن الشيخ الذي رماه بالوقف لم يذكره في أصحاب الرضا (عليه السّلام).
أمّا الثاني: فغير خفي علي من له خبرة بحال السلف.
و روي الكشي: عن علي بن جعفر، قال: جاء رجل إلي أخي (عليه السّلام) فقال له: جعلت فداك من صاحب هذا الأمر؟ فقال: أما إنهم يفتنون بعد موتي و يقولون: هو القائم، و ما القائم إلّا بعد سنين (1).
و عن: أبي القاسم الحسين بن محمّد، عن عمر بن يزيد، عن عمّه، قال: كان بدو الواقفة أنه كان اجتمع ثلاثون ألف دينار عند الأشاعثة زكاة أموالهم و ما كان يجب عليهم فيها، فحملوه إلي وكيلين لموسي (عليه السّلام) بالكوفة، أحدهما حيّان السراج و الآخر كان معه، و كان موسي (عليه السّلام) في الحبس، فاتخذا بذلك دورا و عقدا العقود و اشتريا الغلات، فلما مات موسي (عليه السّلام)، و انتهي الخبر إليهما أنكرا موته و أذاعا في الشيعة أنه لا يموت لأنه القائم، و اعتمدته طائفة من الشيعة و انتشر قولهم (2) في الناس، حتي كانا.
ص: 347
عند موتهما أوصيا بدفع المال إلي ورثة موسي (عليه السّلام) و استبان للشيعة أنّهما قالا ذلك حرصا علي المال (1).
و قال الشيخ الأقدم أبو محمّد الحسن بن موسي النوبختي- ابن أخت أبي سهل بن نوبخت من علماء الغيبة الصغري- في كتاب مذاهب فرق أهل الإمامة ما لفظه: ثم إنّ جماعة المؤتمين بموسي بن جعفر (عليهما السّلام) لم يختلفوا في أمره، فثبتوا علي إمامته إلي حبسه (عليه السّلام) في المرة الثانية، ثم اختلفوا في أمره فشكوا في إمامته عند حبسه (عليه السّلام) في المرة الثانية التي مات فيها في حبس الرشيد فصاروا خمس فرق:
فرقة منهم زعمت أنه مات في حبس السندي. إلي أن قال: فسمّيت هذه الفرقة القطعيّة، لأنّها قطعت علي وفاة موسي بن جعفر (عليهما السّلام) و علي إمامة علي (عليه السّلام) ابنه بعده، و لم تشكّ في أمرها و لا ارتابت، و مضت علي المنهاج الأول.
و قالت الفرقة الثانية: إنّ موسي بن جعفر (عليهما السّلام) لم يمت و إنّه حيّ لا يموت حتي يملك شرق الأرض و غربها، و يملأ كلّها عدلا. إلي أن قال: و قال بعضهم: أنه القائم و قد مات، و لا تكون الإمامة لغيره حتي يرجع فيقوم و يظهر، و زعموا أنه قد رجع بعد موته إلّا أنه مختف.
إلي أن قال: و قال بعضهم: إنّه قد مات و إنّه القائم، و إنّ فيه شبها من عيسي بن مريم، و إنّه لم يرجع، و لكنّه يرجع في وقت قيامه. إلي أن قال:
فسمّوا هؤلاء جميعا الواقفة لوقوفهم علي موسي بن جعفر (عليهما السّلام)، و أنه الإمام القائم، و لم يأتموا بعده بإمام، و لم يتجاوزوه إلي غيره، قال- رحمه اللّه-:1.
ص: 348
و قد لقّب [الواقفة] (1) بعض مخالفيها ممن قال بإمامة علي بن موسي (عليهما السّلام): الممطورة و غلب عليها هذا الاسم و شاع لها.
و كان سبب ذلك أن علي بن إسماعيل الميثمي، و يونس بن عبد الرحمن ناظر بعضهم، فقال له علي بن إسماعيل- و قد اشتد الكلام بينهم-: ما أنتم إلّا كلاب ممطورة، أراد أنّكم أنتن جيف، لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف، فلزمهم هذا اللقب، فهم يعرفون به اليوم، لأنه إذا قيل للرجل أنه ممطور فقد علم (2) أنه من الواقفة علي موسي بن جعفر (عليهما السّلام) خاصّة، لأن كلّ من مضي منهم فله واقفة وقفت عليه، و هذا اللّقب لأصحاب موسي خاصة (3). انتهي.
و بعد التأمل في كلامه و ما قبله تعلم أنه لا شبهة في نسبة من رمي- من لم يدرك الرضا (عليه السّلام) إلي الوقف- إلي الاشتباه، و سماعة لم يدركه، فلا يكون واقفيا حتي بالمعني الذي حملنا عليه كلام الشيخ لما رواه الصدوق في العيون و الخصال و الإكمال: عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبد اللّه بن الصلت، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة، قال: كنت أنا و أبو بصير و محمّد بن عمران- مولي أبي جعفر (عليه السّلام)- في منزل، فقال محمّد بن عمران: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: نحن اثنا عشر محدّثا، فقال له أبو بصير: لقد سمعت ذلك من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فحلفه مرّة أو مرتين فحلف أنه سمعه، قال أبو بصير: لكني سمعته من أبي جعفر (عليه السّلام) (4). و أنّي للواقفي6.
ص: 349
بأيّ معني أن يروي هذا الحديث.
و ممّا يشهد أنه لم يدرك الرضا (عليه السّلام) أن البرقي في رجاله يقول:
أصحاب فلان- يعني: أحد الأئمة (عليهم السّلام)- فيذكر أولا من أدركه من أصحاب جدّه، ثم من أدركه من أصحاب أبيه (عليهما السّلام) ثم يذكر من نشأ في عصره من غير ترتيب، فقال في أصحاب أبي الحسن (عليه السّلام): سماعة بن مهران مولي حضرموت، و يقال: مولي خولان كوفي (1).
إلي أن قال: أصحاب أبي الحسن علي بن موسي (عليهما السّلام): من أدركه من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام): حمّاد،. و عدّ جماعة، و قال: و من أصحاب أبي الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام). وعد جماعة. إلي أن قال: و من نشأ في عصره إسحاق بن موسي بن جعفر (عليهما السّلام) (2). و عدّ جماعة كثيرة، و لو كان سماعة من أصحابه لذكره في إحدي الطائفتين، و هو من الرواة المعروفين الذين لم يكن لينساهم.
و مما يشهد لذلك أنّا لم نقف علي أحد من أصحاب الرضا (عليه السّلام) و من بعده يروي عنه، كأحمد بن محمّد بن عيسي، و ابني سعيد، و علي ابن مهزيار، و العباس بن معروف، و محمّد بن عيسي، و إبراهيم بن هاشم، و أضرابهم من الرواة المكثرين، بل رووا عنه بتوسط عثمان بن عيسي كما تقدم، و من جميع ذلك تبيّن عدم إمكان كونه واقفيا بالمعني المعروف، فمن رماه به فقد ارتكب ما لا يجوز في العادة من غير تأمّل.
و لقد أطال صاحب التكملة في نقل كلمات الفقهاء في الكتب و تضعيفهم الخبر من جهته لوقفه، بل قال في أول الترجمة: و ظاهر الأكثر علي أنّه واقفي،3.
ص: 350
بل ظاهرهم الاتفاق علي وقفه، ثم نقل بعض كلماتهم. إلي أن قال: و بهذا تبطل دعوي ابن الغضائري أيضا أنّه مات في حياة الصادق (عليه السّلام) فإن روايته عن الكاظم (عليه السّلام) مقطوع بها (1).
قلت: نقل كلماتهم في هذا المقام غير نافع بعد العلم بكون المستند كلام الشيخ المعلوم حاله، و لم يكن لهم توغّل في هذه المطالب لاشتغالهم بالأهمّ، و لذا تري لهم فيها من الاختلاف و التناقض ما لا يحصي حتي في المقام، ففي مجمع الفائدة: لكن الرواية ضعيفة بسماعة (2)، مع أن الموثق عنده حجّة، و قبل رواية زرعة و هو أسوء حالا عندهم منه.
و في التكملة عن المولي محمّد صالح: أنه فطحي (3)، و من العجيب أنه ردّ ابن الغضائري بكلماتهم أنه واقفي و بروايته عن الكاظم (عليه السّلام)، فإن مأخذ كلماتهم قول الشيخ في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) فالمعارضة بينهما، و لا ترجيح لولا ثبوت روايته عن الكاظم (عليه السّلام). ثم كيف استدلّ بروايته عن الكاظم (عليه السّلام) علي بطلان دعوي ابن الغضائري و لم يستدل علي عدم دركه الرضا (عليه السّلام) علي بطلان ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام)؟ و به يخرب أساس الكلمات و سائر ما قاله صاحب التكملة ممّا لا طائل تحته.
و قد عثرت بعد ما كتبت هذا علي كلام السيد الأجل بحر العلوم في شرحه علي الوافي الذي جمعه تلميذه الجليل صاحب مفتاح الكرامة، قال: و في شرح سند فيه سماعة، و أمّا سماعة: فالظاهر أنه ثقة غير واقفي، كما هو ظاهر6.
ص: 351
النجاشي (1)، و صريح المقدس الأردبيلي (2)، و المحقق الشيخ محمّد (3)، و المحقق البحراني صاحب البلغة (4)، مضافا إلي أنه روي أنّ الأئمة (عليهم السّلام) اثنا عشر، و يؤيّد ذلك أيضا ما روي أنه مات في حياة الصادق (عليه السّلام).
و علي هذا فروايته عن أبي الحسن (عليه السّلام) لعلّه في صغره (5)، و قد وقع مثله كثيرا، و ابن الغضائري ما رماه بشي ء، و السالم من سلم منه، علي أنه مقبول الرواية عند القميين، و علي تقدير تسليم الوقف فإنّما كان في حياة الكاظم (عليه السّلام) و ذلك لا يضر (6)، انتهي.
و لقد أجاد فيما أفاد، و لكن لا يحتاج إلي قوله: لعلّه في صغره، فإنّ مقامه مع أبيه (عليهما السّلام) كان عشرين سنة، و مع ذلك ففي النفس منه شي ء، فإن الصفار روي في بصائره: عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن أبي المعزي، عن سماعة قال: قلت لأبي الحسن (عليه السّلام): إنّ عندنا من قد أدرك أباك و جدّك، و إنّ الرجل ليبتلي بالشي ء لا يكون عندنا فيه شي ء فنقيس؟
فقال: إنّما هلك من كان قبلكم حين قاسوا (7). و هذا الكلام كالصريح في أنه كان بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السّلام).
إلّا أني رأيت الخبر في كتاب درست بن أبي منصور هكذا: عن أبي المعزي، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت:2.
ص: 352
جعلت فداك، إن أناسا من أصحابك قد لقوا [أباك] (1) و جدّك و قد سمعوا عنهما الحديث، و قد يرد عليهم الشي ء ليس عندهم فيه شي ء و عندهم ما يشبهه فيقيسوا علي أحسنه، قال: فقال: ما لكم و القياس، إنّما هلك من هلك بالقياس (2). الخبر.
و الظاهر أنّه قضيّة واحدة، و الاشتباه في أحد الكتابين، و لعلّه بالبصائر أولي لكثرة الوسائط و اللّه العالم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار و الحسن بن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عنه (3).
عليّ: من أجلّاء الثقات و وجوه الطائفة كمن تقدمه.
و سويد: من ثقات الرواة، فالخبر صحيح.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح بما مرّ.
و سهل: وثقه النجاشي مرّتين (5)، و هو من وجوه الأشعريين، فالخبر صحيح عندنا، و حسن كالصحيح عند المشهور.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن عبد اللّه البرقي، عن الحسن بن
ص: 353
محبوب، عن الحسن بن رباط، عنه (1).
استظهرنا وثاقة عليّ في يه (2)، مع أن للصدوق طرقا صحيحة إلي البرقي.
و ابن محبوب من شيوخ الطائفة.
و أمّا ابن رباط: فيشير إلي وثاقته رواية ابن محبوب عنه، و أنه من أرباب الأصول كما في الفهرست (3)، فيدخل في معشر مدحهم المفيد في الرسالة العددية (4)، و في الكشي: ما روي في بني رباط، قال نصر بن الصباح: كانوا أربعة إخوة:
الحسن و الحسين و علي و يونس، كلّهم أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و لهم أولاد كثيرة من حملة الحديث (5).
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله: بنو رباط أهل بيت كبير بالكوفة، من بجيلة أو من مواليهم، منهم الرواة و الثقات و أصحاب المصنّفات، و من مشاهيرهم: عبد اللّه، و الحسن، و إسحاق، و يونس، أولاد رباط، و محمّد بن عبد اللّه بن رباط، و علي بن الحسن بن رباط، و جعفر بن محمّد بن إسحاق بن رباط، و محمّد بن محمّد بن إسحاق بن رباط، و هو من رجال الغيبة و آخر من يعرف من هذا البيت (6).
و سيف التمار: ثقة في النجاشي (7) و الخلاصة (8)، فالخبر صحيح أو في3.
ص: 354
حكمه، فإن ابن محبوب من أصحاب الإجماع.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن سيف، عن أخيه الحسين، عن أبيه سيف بن عميرة (1).
هكذا السند في الفقيه، و في شرح التقي (2)، و مشيخة الوسائل (3)، و لم يتعرّض أحد لما فيه.
فإن الظاهر أن السند هكذا: أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، و ذلك لما في النجاشي، قال: الحسين بن سيف بن عميرة: أبو عبد اللّه النخعي، له كتابان، كتاب يرويه عن أخيه علي ابن سيف، و آخر يرويه عن الرجال (4).
و في ترجمة أخيه علي بن سيف بن عميرة النخعي: أبو الحسن كوفي، مولي، ثقة، هو أكبر من أخيه (5)، و لما في أسانيد الأخبار، ففي الكافي في الروضة بعد حديث أبي ذرّ: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين ابن سيف، عن أخيه عليّ، عن أبيه (6)، و كذا بعد حديث نوح يوم القيامة (7).
و في باب النكت: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي حمزة (8)، و في بعض النسخ:
ص: 355
عن الحسن و هو اشتباه فيه، و في أسانيد كثيرة مثله، كما نبّه عليه نقّاد هذا الفن المولي الحاج محمّد في جامع الرواة (1)، و عدم وجود الحسن بن سيف في الرواة، و فيه في باب المؤمن و صفاته: عن إسماعيل بن مهران، قال: حدثني الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان بن عمرو النخعي (2). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الحدّ في نكاح البهائم: محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسن بن علي الكوفي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن زيد (3). إلي آخره، إلي غير ذلك من المواضع، و ممّا ذكرنا ظهر حال الأخوين.
أمّا علي: فثقة نصّا (4).
و أمّا الحسين: فبالأمارة لرواية الأجلّة عنه، مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي (5) - المتصلّب في النقل و الاحتراز عن المتهمين فضلا عن الضعيف- و علي بن الحكم (6)، و الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة (7)، و إسماعيل بن مهران (8)، و أحمد بن محمّد بن خالد (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، كما يوجد في جملة من الأسانيد في الاستبصار و غيره، و حمله0.
ص: 356
في الجامع (1) علي السهو، و سقوط الحسن بن علي الكوفي من البين.
و أبو هما سيف: ثقة في الفهرست (2)، و الخلاصة (3)، و النجاشي (4) في نسخة صحيحة عتيقة عندي كتبت في عهده، و كذا نقله عنه ابن داود (5)، و التقي المجلسي في الشرح (6)، و إنكار الآميرزا محمّد في المنهج (7) وجودها في النجاشي كاشف عن سقوط الكلمة من نسخته.
و روي عنه جمع من الأجلّاء- جمّ غفير- مثل: حمّاد بن عثمان (8)، و ابن أبي عمير (9)، و فضالة بن أيوب (10) - من أصحاب الإجماع- و علي بن الحكم (11)، و إسماعيل بن مهران (12)، و محمّد بن عبد الحميد (13)، و محمّد بن خالد الطيالسي (14)، و العباس بن عامر (15)، و موسي بن القاسم (16)، و ابنه5.
ص: 357
علي (1)، و علي بن أسباط (2)، و ابن بقاح (3)، و عبد اللّه بن جبلة (4)، و عبد السّلام بن صالح (5). و غيرهم.
و تفرّد السروي في المعالم (6) فنسبه إلي الوقف و لم يسبقه أحد، و نسب إلي السهو لخلوّ كتب أئمة الرجال عنه، مع أنّهم صرّحوا بأنّه من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السّلام) (7) فاحتمال الوقف فيه فاسد كما أوضحناه في سماعه (8).
في المناهي (9): حمزة بن محمّد ابن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: حدثني أبو عبد اللّه عبد العزيز بن محمّد بن عيسي الأبهري، قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمّد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري،
ص: 358
قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا الحسين بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: نهي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) عن الأكل علي الجنابة، و قال: إنه يورث الفقر. و ذكر الحديث بطوله (1).
هكذا السند في النسخ، و الظاهر أنه سقط من آخر نسب حمزة: محمّد آخر، فإن جعفر ابن السيد محمّد المحروق ابن محمّد بن زيد (2)، و هذه سلسلة نسب العالم السيد علي خان المدني الشيرازي كما تقدم في الفائدة [الثانية] (3) في شرح حال فقه الرضا (عليه السّلام) و أحمد المذكور هو: أحمد السكين الذي مرّ أن الرضا (عليه السّلام) كتبه لأجله (4)، و الظاهر أن السقط من النساخ لتوهمهم زيادة [أحد] (5) المحمدين.
و حمزة من مشايخ الصدوق و قد أكثر من الرواية عنه مترضيا، و ذكره الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) و قال: حمزة بن محمّد القزويني العلوي، يروي عن علي بن إبراهيم و نظرائه، و يروي عنه محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه (6).
و في المجلس (44) من أمالي الصدوق: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد0.
ص: 359
العلوي رضي اللّه عنه- في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة- قال: أخبرني علي ابن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلاثمائة (1). إلي آخره.
و عبد العزيز: غير مذكور.
و أمّا محمّد بن زكريا: ففي النجاشي و الخلاصة كان وجها من وجوه أصحابنا بالبصرة، و كان أخباريا واسع العلم، و صنّف كتبا كثيرة (2)، مات سنة 298 (3). و قد قرّر في محله أنّ قولهم وجها. إلي آخره. يفيد التوثيق و زيادة، فقول الشارح: و أمّا محمّد فممدوح، في غير محلّه، و مناف لطريقته. و مرّ حال الحسين في (فو) (4) و لكن شعيب غير مذكور فالخبر ضعيف علي المشهور، إلّا أنّ في الشرح: و يظهر من الصدوق أن كتابه معتمد، قال: فالخبر قويّ مؤيّد بالأخبار الصحيحة (5).
قلت: و تلوح من متن الخبر آثار الصدق، و ليس فيه من آثار الوضع علامة و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عنه (6).
شهاب: من أجلّاء الثقات، و من بيت كبير من الشيعة، فيه جمع كثير من ثقات الرواة، فالخبر صحيح أيّ صحيح.
ص: 360
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن صالح بن الحكم الأحول (1).
رجال السند كلّهم من أجلّاء الثقات.
و أمّا صالح: ففي النجاشي: ضعيف (2). إلّا أنّه ضعيف (3) لرواية صفوان بن يحيي عنه كما في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من أبواب الزيادات (4)، و في الاستبصار في باب الشاذكونة تصيبها النجاسة (5)، و حماد بن عثمان (6)، و جميل بن درّاج، و عبد اللّه بن بكير كما في النجاشي (7)، و الأربعة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة.
و جعفر بن بشير: الذي قالوا في حقّه: روي عن الثقات (8)، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفينة من أبواب الزيادات (9).
فما في التعليقة من أن جعفر بن بشير يروي عنه بواسطة حمّاد بن
ص: 361
عثمان (1) في غير محلّه، و كأنّه- رحمه اللّه- نظر إلي ما في المشيخة و لم يطلع علي ما في التهذيب.
و محمد بن زكريا (2)، مضافا إلي أنّ وجود حمّاد في الطريق يغني عن النظر إلي من بعده، فالخبر صحيح أو في حكمه.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان و يونس بن عبد الرحمن جميعا، عن صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (3).
السند إلي صالح صحيح بما مرّ، و أمّا هو فيشير إلي مدحه بل وثاقته و لو بالمعني الأعمّ أمور:
منها: رواية يونس عنه هنا، و في الكافي في باب ما تجب فيه الدية كاملة (4)، و هو من أصحاب الإجماع.
و منها: رواية محمد بن أحمد بن يحيي عنه كما في التهذيب في باب الكفّارة عن خطأ المحرم (5)، و في الاستبصار في باب من قتل جرادة (6)، و ما استثناه القميون عن نوادره فهو عندهم ممّن يعتمد علي رواياتهم.
ص: 362
و منها: رواية جملة من الثقات عنه غيرهما، كمحمّد بن سنان (1)، و محمّد ابن إسماعيل بن بزيع (2)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (3)، و محمّد بن خالد الطيالسي (4).
و منها: أنه يروي عنه الحسين بن عليّ بن بقاح الجليل (5)، الذي قالوا في حقّه: صحيح الحديث (6)، و مرّ في الفائدة السابقة (7)، و يأتي في (رنط) (8) دلالة هذه الكلمة علي وثاقة كل من يروي عنه فلاحظ.
و منها: أن النجاشي ذكره في كتابه الموضوع لذكر المصنّفين من أصحابنا، و ذكر نسبه و قال: له كتاب يرويه جماعة منهم محمّد بن إسماعيل بن بزيع (9)، ثم ذكر طريقه إليه، و كذا الشيخ في الفهرست (10) ذكره و كتابه و طريقه إليه، و لم يطعنا عليه بشي ء، و كذا السروي في المعالم (11).
و منها: أن الصدوق عدّ كتابه من الكتب المعتمدة (12).
و من جميع ذلك يعلم أنّ ما نقله ابن داود عن ابن الغضائري في ترجمته: ليسه.
ص: 363
حديثه بشي ء، كذّاب غال، كثير المناكير (1)، و مثله في الخلاصة (2) من غير نسبة إليه، و الظاهر أنّه تبعه و أخذه عنه، في غير محلّه، و الغلو الذي يعتقده ابن الغضائري إن لم يزدهم مدحا و علوّا ليس ممّا يجرح به.
و من هنا قال الشارح التقي: و الظاهر أنّ الغلوّ الذي نسبه ابن الغضائري إليه للأخبار التي تدل علي جلالة قدر الأئمة (عليهم السّلام) كما رأيناها، و ليس فيها غلوّ، و يظهر من المصنّف أن كتابه معتمد الأصحاب، و لهذا ذكر أخباره المشايخ و عملوا عليها (3)، و ارتضاه الأستاذ في التعليقة (4).
قلت: و من رواياته الخطبة الشريفة البليغة النبويّة الطويلة الغديرية الجامعة صنوفا من فضائل أهل البيت (عليهم السّلام) المرويّة في الاحتجاج (5)، و كشف اليقين للسيد علي بن طاوس (6) رحمه اللّه، و من رواياته الخبر الشريف في كيفيّة زيارة العاشوراء (7) و ما فيها من الأجر و الثواب، و كذا في البكاء علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (8) الذي تلقّاه الأصحاب بالقبول، بل صار العمل الذي تضمّنه في الشيوع و الاعتماد، و مشاهدة الخيرات العاجلة فيه متفرّدا في جميع الأعمال المستحبّة و السنن الأكيدة، كتفرّد ابن الغضائري من بين جميع المشايخ في جرحه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن
ص: 364
الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجلي، عن حمّاد بن عثمان، عن صباح بن سيابة أخي عبد الرحمن بن سيابة الكوفي (1).
رجال السند من أعاظم الشيوخ.
و أمّا صباح: فتشير إلي وثاقته رواية حمّاد عنه، و كذا رواية معاوية بن عمّار في التهذيب (2)، و في الكافي في مواضع (3)، و أبان بن عثمان (4)، و هو كحمّاد من أصحاب الإجماع، و إبراهيم بن عبد الحميد (5)، و عمر بن أبان (6)، و محمّد ابن سنان (7)، و منصور بن يونس (8)، و في التعليقة: في الكافي رواية تدلّ علي كونه من خواصّ الشيعة (9)، و كذا في آخر الروضة (10) (11).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه.
و أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عن
ص: 365
موسي بن عمر، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، عنه (1).
السند الأول صحيح بما تقدم.
و أمّا الثاني: فموسي بن عمر إن كان هو ابن بزيع الثقة كما احتمله الشارح (2)، فكذلك (3) لكون الباقي من أجلّاء الثقات.
و إن كان ابن يزيد بن ذبيان الصيقل و قد يعبّر عنه: بموسي بن عمر الصيقل كما هو الظاهر، و صرّح به في جامع الرواة (4)، و الشارح جعله الظاهر، فلم يوثقوه صريحا، إلّا أنّ رواية شيوخ الطائفة عنه تشير إلي وثاقته، فروي عنه:
سعد بن عبد اللّه (5)، و محمّد بن الحسن الصفار (6)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (7)، و محمّد بن علي بن محبوب (8)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (9)، و لم يستثن من نوادره، و الحسين بن عبيد اللّه (10)، و أحمد بن محمّد الأشعري أو البرقي كما في الكافي في كتاب العتق (11)، مع أنّ في النجاشي: موسي بن عمر بن يزيد ابن ذبيان الصيقل، مولي بني نهد، أبو علي، و له ابن اسمه علي، و به كان يكنّي، له كتاب طرائف الأخبار، و كتاب النوادر، أخبرنا: الحسين بن5.
ص: 366
عبيد اللّه، قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن سعد، عن موسي بكتبه (1)، و لم يطعن عليه بشي ء، و ظاهره كما مرّ غير مرّة أنه من أصحابنا المؤلّفين غير مطعون عليه، و كذا في الفهرست (2) ذكره و ذكر كتابه و طريقه إليه.
فالحقّ أن السند الثاني كالأول، و العجب أن أبا علي لم يترجمه في منتهاه (3) أصلا مع وجوده في الأصول المعروفة.
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (4).
السند صحيح بما مرّ.
و صفوان من معشر يفتخر بهم الشيعة و تبتهج بهم الشريعة، و مناقبه كثيرة مذكورة في الجوامع، و الطرق الصحيحة من الشيوخ إلي كتبه كثيرة لا حاجة إلي نقلها.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن يحيي الخزاز و محمّد ابن سنان جميعا، عنه (5).
السند صحيح بالاتفاق.
ص: 367
و أمّا طلحة: فهو و إن كان عاميّا- علي ما صرّح به الشيخ (1) و غيره (2) - إلّا أنّ كتابه معتمد، و هو ثقة.
أما الأول: ففي الفهرست: عامي المذهب، إلّا أن كتابه معتمد، و في معالم ابن شهرآشوب: طلحة بن زيد، عامي، له كتاب معتمد (3)، و يمكن استظهار ذلك من النجاشي فإنه ذكر كتابه و قال: ترويه جماعة تختلف برواياتهم (4)، فإن رواية الجماعة تكشف عن الاعتناء به، و مراد الشيخ و السروي من قولهما: معتمد، أي عند الأصحاب لا عندي، و من هنا استظهر الشارح دخوله في زمرة ذكرهم في العدّة و قال: عملت الطائفة بما رواه السّكوني، و حفص بن غياث، و غياث بن كلوب، و غيرهم من العامّة عن أئمتنا (عليهم السلام) و لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه (5)، و كذا عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.
و أمّا الثاني: فرواية صفوان عنه في الكافي في باب حدّ المحارب (6)، و في التهذيب في باب الحدّ في السرقة (7)، و في الفقيه في باب حدّ السرقة (8)، و عبد اللّه بن مسكان في التهذيب في أحكام الجماعة (9)، و عبد اللّه بن المغيرة فيهظ.
ص: 368
في باب من يجب معه الجهاد (1)، و في الكافي في باب صدقة أهل الجزية (2)، و باب ذمّ الدنيا (3)، و موضعين في الاستبصار (4)، و عثمان بن عيسي في الكافي في باب أكل الطين (5)، و في التهذيب في باب الذبائح و الأطعمة (6)، و الأربعة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة، و كذلك الثلاثة علي ما هو الحقّ عندنا.
و من أضرابهم من الأعاظم: محمّد بن يحيي الخزاز (7)، و منصور بن يونس (8)، و العباس بن معروف (9)، و إبراهيم بن مهزم (10)، و منصور بن حازم (11)، و إبراهيم بن هاشم (12)، و محمّد بن سنان (13)، مع أنّ وجه اعتمادهم علي كتابه و إن أمكن كونه لعرضهم إياه علي الأصول أو علي الإمام (عليه السلام) و تصديقه، و لكنّه إمكان عقلي لا يساعده- العادة- لبعد الأول غايته، و عدم إشارتهم إلي الثاني، بل الظاهر أنّه لوثاقة صاحبه و ضبطه و إتقانه،ة.
ص: 369
فالحق أنّ خبره يعدّ من الموثق بالاصطلاح الجديد، صحيح عند القدماء، و عليه البناء.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عنه (1).
السند صحيح، و مرّ في الفائدة الثانية شرح حال كتابه و وثاقته و سائر الطرق إليه (2).
(أبوه و) (3) محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عامر بن جذاعة [الأزدي] و هو عامر بن عبد اللّه بن جذاعة و هو عربي كوفي (4).
استظهرنا وثاقة الحكم في (مب) (5) فالسند صحيح.
و أمّا عامر: فاختلف فيه كلام القوم لتعارض أسباب الجرح و التعديل فيه.
ص: 370
أمّا الثاني (1) فأمور:
أ- الخبر المعروف الذي رواه الكشي: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّه، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر (عليهما السّلام): إذا كان يوم القيامة نادي مناد: أين حواري محمّد بن عبد اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، الذين لم ينقضوا العهد و مضوا عليه، فيقوم سلمان، و المقداد، و أبو ذرّ. إلي أن قال: ثم ينادي المنادي: أين حواري محمّد بن علي (عليهما السلام)، فيقوم عبد اللّه ابن شريك العامري، و زرارة بن أعين، و بريد بن معاوية العجلي، و محمّد بن مسلم، و أبو بصير ليث بن البختري المرادي، و عبد اللّه بن أبي يعفور، و عامر بن عبد اللّه بن جذاعة، و حجر بن زائدة، و حمران بن أعين. الخبر (2).
ب- رواية الأجلّة و الثقات عنه مثل: حماد بن عثمان في الكافي في باب النوادر من كتاب الجنائز (3)، و أبان بن عثمان فيه في باب ما يعاين المؤمن و الكافر (4)، و في باب الدعاء عند النوم (5)، و في باب النوادر من كتاب فضل القرآن (6) - و هما من أصحاب الإجماع- و حريز السجستاني (7)، و سيف بن عميرة (8)، و علي بن أسباط (9)، و مالك بن عطيّة (10)، و يعقوب بن سالم4.
ص: 371
الأحمر (1)، و إبراهيم بن مهزم (2)، و إبراهيم بن سليمان الخزّاز (3).
ج- عدّ الصدوق كتابه في الكتب المعتمدة.
و أمّا الأول (4): فهو الخبر الذي رواه الكليني و الكشي بسنديهما إلي الصادق (عليه السّلام) و قد تقدّم في (ل) (5) في ترجمة المفضّل، و فيه أنّه دعا عليه و علي حجر بن زائدة بعدم المغفرة.
و العلامة في الخلاصة قدّم التعديل (6)، و الشهيد ضعّف الخبرين (7) بوجود المجهولين في الأول و بالإرسال في الثاني، ثم جعله من المجاهيل، و توقف بعضهم، و الحقّ هو الأول لأمور:
أ- إن حديث الحواريين كما في التعليقة مقبول (8)، تلقّاه الأصحاب بالقبول بخلاف الثاني، خصوصا مع تضمّنه مدح المفضّل، و المشهور ضعّفوه.
ب- تأيّده برواية الأجلّة عنه خصوصا مثل: حمّاد و حريز و قد مرّ غير مرّة أنه من أمارات الوثاقة.
ج- تضمّن خبر الجرح ذمّ حجر بن زائدة معه، و هو من الأجلّاء و لم6.
ص: 372
يطعنوا عليه بشي ء، ففي النجاشي: حجر بن زائدة الحضرمي أبو عبد اللّه، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) ثقة، صحيح المذهب، صالح من هذه الطائفة، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا (1). إلي آخره، و التفكيك ركيك غايته.
د- إنّ في الأخذ بالأول يمكن الجمع- الغير البعيد- بحمل الثاني علي عثرة صدرت فتابا منها فقبلت، كما جرت السيرة في أكثر الأجلّة، و لو أخذنا بالثاني فلا بدّ من طرح الأول، و الجمع أولي منه، فاتضح أنّ الخبر صحيح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
السند صحيح بما مرّ.
و عامر غير مذكور، و يشير إلي وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه، و كذا حمّاد ابن عثمان كما في الكافي في باب الصلاة إلي الكعبة (3)، و في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس من أبواب الزيادات (4)، مع أنّه يغني عن النظر في حاله وجود ابن أبي عمير قبله، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و الحميري [جميعا]، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن جميل، عن عائذ بن حبيب الأحمسي (5).
السند صحيح بالاتفاق.
ص: 373
و يشير إلي وثاقة عائذ رواية جميل عنه هنا، و في الكافي في باب النوادر في آخر كتاب الصلاة (1).
و مالك بن عطيّة (2)، و ابنه الثقة أحمد (3) كما مرّ في (يز) (4)، مع أنّ في السند اثنين من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح أو في حكمه.
[161] قسا- و إلي العباس بن عامر [القصباني] (5):أبوه، عن علي ابن الحسن [بن علي] (6) الكوفي، عن أبيه، عنه.
و عن جعفر بن علي بن الحسن بن علي الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عنه (7).
الحسن بن علي هو ابن عبد اللّه بن المغيرة، من أجلّاء الثقات كوالده الجليل عبد اللّه.
و أما ولده علي، فقال الشارح: يظهر من روايته عنه كثيرا أنّه كان معتمدا، و هو من مشايخ الإجازة (8)، و نقل أبو علي عن الأستاذ الأكبر في حواشيه علي النقد: أنه يظهر من المشيخة توثيقه.
و قال في موضع آخر: يظهر توثيقه من عبارة الصدوق في باب مكان
ص: 374
المصلي (1)، انتهي.
و رواية علي بن بابويه عنه أيضا تشير إلي مدح عظيم.
و ولده من مشايخ الصدوق، و قد أكثر من الرواية عنه مترضيا (2)، و حكمه حكم سائر المشايخ.
و في الفهرست في ترجمة العباس: له كتاب، أخبرنا [به] (3) أبو عبد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الكوفي و أيّوب بن نوح، عن العباس بن عامر (4).
و الطريق صحيح بالاتفاق، و يعلم منه أنّ الصدوق ليقتصر علي بعض طرقه.
و أمّا العباس: فهو الشيخ الصدوق الثقة، كثير الحديث، كما في النجاشي (5) و الخلاصة (6).
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عنه.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي جميعا، عنه (7).
السند صحيح.
و العباس من أجلّاء الثقات، يروي عنه سوي الجماعة: محمّد بن
ص: 375
علي بن محبوب (1)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (2)، و سعد بن عبد اللّه (3)، و موسي بن الحسن (4)، و علي بن إبراهيم (5)، و الحسن بن علي الكوفي (6)، و محمّد ابن عبد الجبار (7)، و علي بن الحسن بن فضّال (8).
و في مشتركات الكاظمي و القزويني: و محمّد بن أبي عمير (9)، و لم يذكره الخبير الأردبيلي في الجامع (10)، و لو وجد روايته عنه في الكتب الأربعة لوقف عليها لطول تفحّصه فيها، مع أنّه بعيد غايته، و كيف يجتمع رواية علي بن إبراهيم الموجود بعد ثلاثمائة عنه مع رواية ابن أبي عمير المتوفي سنة 217 عنه (11) و اللّه العالم.
و يقول: رضي اللّه عنه (1)، انتهي. فحكمه حكم مشايخ الإجازة.
و في النجاشي: عبّاس بن هلال الشامي، يروي عن الرضا (عليه السلام) أخبرنا محمّد بن عثمان بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن خاقان- النهدي صاحب القلانس- قال: حدثنا محمّد بن الوليد الخزّاز، قال: حدثنا [علي] (2) بن هلال الشامي، عن الرضا (عليه السّلام)، بنسخة و هي تختلف بحسب الرواة، كذا في نسخ النجاشي.
و في المنهج (3) ناقلا عنه، و لا ريب في كون علي من سهو القلم، فإنه ذكره في باب عباس، و ذكر في العنوان أيضا عبّاس، و بالجملة هذا طريق موثق.
و يروي عن العباس غير إبراهيم بن هاشم و محمّد بن الوليد، علي بن الحسن الميثمي (4)، و محمّد بن عيسي (5)، و يعقوب بن يزيد (6)، فالخبر حسن كالصحيح.
و من العجب أنّ أبا علي أسقط ترجمة عبّاس في منتهاه! و ليس من أغلاط كتابه بعجب.4.
ص: 377
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن خالد بن إسماعيل، عنه (1).
رجال السند كلّهم من الأجلّاء إلي خالد، و أمّا هو، فاعلم أوّلا: أن الموجود في الوسائل: خالد بن إسماعيل (2)، و كذا في شرح التقي (3)، و ما رأيناه من نسخ الفقيه، و لكن في جامع الرواة: خالد بن أبي إسماعيل (4).
فعلي الأول، فقال الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): خالد ابن إسماعيل بن أيوب المخزومي أسند عنه (5)، و في الكافي في باب نوادر آخر كتاب النكاح، روي عنه صفوان (6)، فهو من الذين وثقهم ابن عقدة، و يعضده رواية صفوان عنه و كذا جعفر بن بشير (7)، و هي من أمارات الوثاقة كما مرّ غير مرّة.
و في الفهرست: صاحب أصل يروي عنه صفوان (8).
و علي الثاني: فهو ثقة في النجاشي، يروي عنه صفوان كما فيه (9)،
ص: 378
و الذي أظنّ أنّهما واحد، فإمّا سقطت كلمة أبي من قلم الشيخ أو زادت في قلم النجاشي لعدم ذكر كلّ منهما الآخر، و رواية صفوان عنهما، و كأنّه كذا فهم الشارح، و لذا قال عن خالد بن إسماعيل: كوفي ثقة، النجاشي و الخلاصة (1)، مع أن فيهما خالد بن أبي إسماعيل، ثم ذكر ما في الفهرست، و لو لا فهم الاتحاد لاتّجه عليه أنّه لا ربط لنقل توثيق أحد في ترجمة آخر، و كيف كان فالسند صحيح.
و أمّا عبد الأعلي: فيروي عنه من الأجلّاء: يونس بن عبد الرحمن كما في الكافي في باب الإشارة و النصّ علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (2) و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب الحمام من كتاب الدواجن (3)، و يونس عن حمّاد عنه في موضعين منه (4)، و أبان بن عثمان فيه في باب أنّه لا يقع يمين بالعتق (5)، و في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (6)، و في التهذيب في باب الإيمان و الأقسام (7)، و عبد اللّه بن بكير في التهذيب في باب حكم المسافر (8)، كلّهم من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم: سيف بن عميرة (9)، و إسحاق بن عمّار (10)، و علي بن4.
ص: 379
الحسن بن رباط (1)، و يحيي بن عمران الحلبي (2)، و علي بن رئاب (3)، و خالد ابن إسماعيل (4)، و موسي بن أكيل (5)، و درست (6)، و مرازم بن حكيم (7)، و ثعلبة بن ميمون (8)، و داود بن فرقد (9)، و موسي بن بكر (10)، و هارون بن حمزة (11)، و علي بن إسماعيل الميثمي (12).
و بعد رواية هؤلاء- و فيهم من الثقات الإثبات و سدنة الرواة من لا يخفي علي أهل الفن- لا يبقي ريب في وثاقته.
و أخرج الكشي: عن حمدويه، قال: حدثنا محمّد بن عيسي بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلي، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يعتبون عليّ بالكلام، و أنا أكلّم الناس، فقال: أمّا مثلك من يقع ثم يطير فنعم، و أمّا من يقع ثم لا يطير فلا (13).
و عبد الأعلي و إن كان مشتركا إلّا أنّ الأصحاب ذكروا الخبر في ترجمته و استظهروا منه المدح مع انّه شهادة لنفسه، إلّا أنّهم كما في التعليقة (14) لم يعتنوا9.
ص: 380
بذلك، و لو لم يكن من القرائن ما يشهد بصحّته لهم لما نقلوه في كتبهم.
و مثله ما أخرجه ثقة الإسلام في باب ما يجب علي الناس عند مضي الإمام (عليه السّلام): عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: حدّثنا حمّاد، عن عبد الأعلي، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن قول العامّة: إنّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: من مات و ليس له إمام مات ميتة جاهليّة؟ فقال: الحقّ و اللّه قلت، فإن أمام هلك و رجل بخراسان لا يعلم [من] (1) و سميّه لم يسعه ذلك (2). الخبر، و هو طويل شريف ينبئ عن حسن فهمه و صحّة عقيدته و علوّ قدره عنده (عليه السّلام) فراجع.
ثم إن كان مولي آل سام هو بعينه عبد الأعلي بن أعين- و إن كان يظهر من الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) تعدّدهما- فيدخل حينئذ في جمع مدحهم بما هو فوق التوثيق الشيخ المفيد في الرسالة العدديّة (4) كما مرّ في (نز) (5) في ترجمة جابر.
و وجه استظهار الاتحاد ما رواه في الكافي في باب فضل الأبكار: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبد الأعلي بن أعين مولي آل سام، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (6). إلي آخره.1.
ص: 381
و أمّا التعدد في أصحاب الصادق (عليه السّلام)- ففي التعليقة- فسهل لما ظهر من عادة الشيخ، و صرّح جمع بأنّه يكرّر الذكر (1)، ثم بناء علي الاتحاد فيزيد في عدد الجماعة الذين رووا عنه من الأجلّاء: يونس بن يعقوب الثقة من الوكلاء (2)، و عبد الكريم بن عمرو (3)، و أيّوب بن الحرّ (4)، و يعقوب بن سالم (5)، و مالك بن عطيّة (6)، و محمّد بن سنان (7)، و جابر (8)، فاتضح أنّ الخبر صحيح علي الأصح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي القرشي، عن إسماعيل بن بشار، عن أحمد بن حبيب، عن حكم الحنّاط، عنه (9).
الأولان ثقتان.
ص: 382
و القرشي هو أبو سمينة مرّ في (ز) (1).
و إسماعيل بن بشار- بالباء الموحّدة و الشين المعجمة كما في بعض النسخ و بعض الأسانيد، أو بالمثنّاة التحتانيّة و المهملة كما في أخري- البصري و قد ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و قد أشرنا سابقا، و يأتي شرحه إن شاء اللّه تعالي أنّه من أمارات الوثاقة و إن كان الموثق ابن عقدة.
و يؤيّده رواية أبان بن عثمان عنه في الروضة بعد حديث يأجوج و مأجوج (3).
و أحمد غير مذكور، و في الشرح أنه من مشايخ الإجازة (4)، فلا يضرّ في الحكم بصحّة الخبر بعد أن كان صاحب الكتاب ثقة كما في المقام.
و الحكم هو ابن أيمن الخيّاط، له أصل كما في الفهرست، يروي عنه ابن أبي عمير كما فيه (5) و في النجاشي (6).
و صفوان بن يحيي في الكافي في باب الرجل يتقبّل بالعمل (7)، و باب القوم يجتمعون علي الصيد و هم محرمون (8)، و في التهذيب في باب الكفارة عن خطأ المحرم (9)، و عبد اللّه بن المغيرة فيه في باب الأقسامظ.
ص: 383
و الأيمان (1)، و في الكافي في باب أنه لا يحلف الرجل إلّا علي علمه (2).
و من الأجلّاء غير أصحاب الإجماع: الحسين بن سعيد (3)، و محمّد بن سماعة (4)، و إبراهيم بن عبد الحميد (5)، و محمّد بن سنان (6)، و ابن بقاح (7)، فهو ثقة برواية الأولين، مؤيّدة برواية هؤلاء الأجلّة، و عدّ كتابه من الأصول.
و عبد الحميد ثقة في النجاشي (8)، يروي عنه ابن أبي عمير (9)، و صفوان (10)، و هشام بن سالم (11)، و يعقوب بن يزيد (12)، فالخبر ضعيف علي المشهور صحيح علي ما نقلناه عن الشرح.
أبوه (عن سعد
ص: 384
ابن عبد اللّه) (1) عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد، عن (2) عمران ابن موسي، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عنه (3).
هؤلاء كلّهم ثقات لا خلاف فيه، إلّا ما توهمه بعضهم من احتمال رجوع توثيق النجاشي للحسن بن علي إلي أبيه علي بن النعمان (4) و هو ضعيف غايته، مع أنّه يروي عنه شيوخ عصره مثل: الصفار (5)، و سعد بن عبد اللّه (6)، و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و البرقي (8)، و عمران بن موسي (9)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (10)، و سهل (11).
و عبد الحميد بن غواص (12) - بالمعجمتين أو بإعجام الأولي و إهمال الثانية أو بالعكس- ثقة في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (13)، و الخلاصة (14). منض.
ص: 385
شهداء الرواة كما في النجاشي (1).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: أحمد بن محمّد بن أبي نصر (2)، و ابن أبي عمير (3)، و جميل بن درّاج (4)، و حمّاد بن عثمان (5)، و عبد اللّه بن بكير (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7).
و من أضرابهم: ثعلبة (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و محمّد بن سماعة (10)، و القاسم بن عروة (11)، و أبو أيوب الخزاز (12)، و منصور بن يونس (13)، و درست (14) و الحسن بن علي (15). و غيرهم، فالخبر صحيح.
[167] قسز- و إلي عبد الرحمن [بن] (16) أبي عبد اللّه البصري: عن
ص: 386
أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير و غيره، عنه (1).
كلّهم ثقات أجلّاء.
و عبد الرحمن وثقه النجاشي في ترجمة سبطه إسماعيل بن همام بن عبد الرحمن قال: ثقة هو و أبوه وجده (2).
و يروي عنه: ابن أبي عمير (3)، و حمّاد بن عثمان (4)، و صفوان بن يحيي (5)، و أبان ابن عثمان (6)، و عبد اللّه بن مسكان (7)، و عبد اللّه بن بكير (8)، و يونس بن عبد الرحمن (9)، و حمّاد بن عثمان (10)، و الحسن بن محبوب (11)، و فضالة بن أيوب (12)، هؤلاء عشرة من أصحاب الإجماع، و فيهم الثلاثة الذين لا يروون إلّا عن الثقة.1.
ص: 387
و ممّن يدانيهم من الأجلّاء: حريز (1)، و موسي بن القاسم (2)، و علي بن الحكم (3)، و عمر بن أذينة (4)، و سعد بن أبي خلف (5)، و عبد اللّه بن سنان (6)، و الفضيل بن يسار (7)، و ربعي بن عبد اللّه (8)، و أبو عبد اللّه البرقي (9)، فهو معدود من الأجلّاء و الشيوخ.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (10).
رجال السند و عبد الرحمن كلّهم من الأجلّاء الإثبات و الشيوخ لا مغمز فيهم.
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير و الحسن ابن محبوب جميعا، عن عبد الرحمن بن الحجاج [البجلي] (11) الكوفي و هو مولي،
ص: 388
و قد لقي الصادق و موسي بن جعفر (عليهما السلام) و روي عنهما، و كان موسي (عليه السّلام) إذا ذكره قال: إنّه لثقيل في الفؤاد (1).
هؤلاء كلّهم ثقات أجلّاء لا تأمّل في أحد منهم سوي أحمد العطار، فإنه لم يوثقه أحد، و يمكن استفادة توثيقه بل جلالة قدره من أمور:
أ- حكم العلامة بصحّة طرق (2) هو فيها و هي كثيرة لا يحتمل الغفلة في جميعها، منها طريق الشيخ إلي الحسين بن سعيد في الكتابين (3)، و منها طريقه إلي محمّد بن علي بن محبوب (4)، و منها طريق الصدوق إلي عبد الرحمن (5)، المذكور، و منها طريقه إلي عبد اللّه بن أبي يعفور (6)، و يأتي الجواب عمّا أورد علي هذه القرينة.
ب- نصّ الشهيد الثاني في شرح الدراية (7) علي وثاقته و أمثاله، بل شيوعها في الأعصار السابقة.
ج- رواية المشايخ الأجلّة عنه معتمدا عليه فيما لا يجوز الاعتماد فيه إلّا بتوسط الضابط من الثقات، و منهم من هو في غاية التثبت و الأخذ و التحرز عن8.
ص: 389
النقل إلّا عن الثقة السليم، كالحسين بن عبيد اللّه الغضائري (1) المعلوم حاله في هذا المقام.
و الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي (2) المشهور الذي يستند إليه النجاشي و غيره في أحوال الرجال، و قال في ترجمته، إنّه: كان ثقة في حديثه، متقنا لما يرويه، فقيها، بصيرا بالحديث و الرواية، و هو استاذنا و شيخنا و من استفدنا منه (3).
و في ترجمة الحسين بن سعيد في النجاشي بعد عدّ مؤلّفاته: أخبرنا بهذه الكتب غير واحد من أصحابنا من طرق مختلفة كثيرة، فمنها ما كتب به إليّ أبو العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي رحمه اللّه، في جواب كتابي إليه، و الذي سألت تعريفه من الطرق إلي كتب الحسين بن سعيد الأهوازي رضي اللّه عنه، فقد روي عنه أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسي الأشعري. إلي أن قال:
فأمّا ما عليه أصحابنا و المعوّل عليه ما رواه عنهما (4) أحمد بن محمّد بن [عيسي] (5)، أخبرنا الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن علي بن سفيان البزوفري فيما كتب إليّ في شعبان سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، قال: حدثنا أبو علي الأشعري أحمد بن إدريس بن أحمد القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد بكتبه الثلاثين كتابا.
و أخبرنا أبو علي أحمد بن محمّد بن يحيي العطار القمّي، قال: حدثنا أبي و عبد اللّه بن جعفر الحميري و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن أحمد بن محمّد بنر.
ص: 390
عيسي، ثم ذكر باقي الطرق و قال في آخره: قال ابن نوح: فيجب أن تروي عن كلّ نسخة من هذا ممّا رواه صاحبها فقط، و لا تحمل رواية علي رواية، و لا نسخة علي نسخة لئلا يقع فيه اختلاف (1)، انتهي.
و يظهر من تمام كلامه أنّ نسخ كتب الأهوازي كانت مختلفة بالزيادة و النقيصة في الأحاديث أو في متونها، و في هذا المقام لا بدّ و أن يكون شيخ الإجازة ثقة ضابطا، و إن قلنا بعدم الضرر في ضعفه و جهالته إذا علم بانتساب الكتاب إلي صاحبه و حفظه من الزيادة و النقيصة، لأنّ المخبر في المقام ضامن لصحته، و أمنه من الغلط و التحريف و الزيادة و النقصان و غير ذلك، و لا يجوز الاعتماد فيه علي غير الثقة، و هذا واضح لا مرية فيه.
و الثالث (2): أبو عبد اللّه محمّد بن علي بن شاذان القمي، من مشايخ النجاشي، يروي عنه كثيرا، و هو يروي غالبا عن أحمد بن محمّد بن يحيي، و اعتمد عليه في طريقه إلي الحسن بن العباس (3)، و الحسين بن علوان (4)، و سلمة بن الخطاب (5)، و داود بن علي اليعقوبي (6)، و محمّد بن جبرئيل الأهوازي (7)، و قد شرحنا علوّ مقام مشايخ النجاشي في الفائدة الثالثة (8) عند ترجمته.
و الرابع: أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري كما نصّ عليه الشيخ في6.
ص: 391
من لم يرو عنهم (1) (عليهم السّلام).
و الخامس: أبو الحسين بن أبي جيد القمي (2).
و السادس: الشيخ الصدوق (3) رحمه اللّه.
و في النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيي العطار: أخبرني عدّة من أصحابنا، عن ابنه أحمد، عن أبيه بكتبه (4).
و في ترجمة عبد اللّه بن جعفر الحميري بعد عدّ كتبه: أخبرنا عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عنه بجميع كتبه (5).
و المراد بالعدّة: أبو العباس بن نوح السيرافي، و أبو عبد اللّه الحسين بن الغضائري، و أبو عبد اللّه بن شاذان.
ففي ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسي: أخبرنا بكتبه الشيخ أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه، و أبو عبد اللّه بن شاذان، قالا: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيي (6).
و في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيي الأشعري: أحمد بن علي و ابن شاذان و غيرهما، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه (7)، إلي غير ذلك من المقامات التي يظهر منها أنّه معدود من المشايخ العظام، و الأجلّة الكرام الذين هم المرجع و العماد في الطرق و غيرها.
و من هنا قال شيخنا البهائي في مشرق الشمسين: قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح و التعديل بمدح و لا قدح،9.
ص: 392
غير أنّ [أعاظم] (1) علمائنا المتقدمين قدّس اللّه أرواحهم قد اعتنوا بشأنه، و أكثروا الرواية عنه، و أعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحّة روايات هو في سندها، و الظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظنّ بعدالته مثل أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، فإنّ الصدوق روي عنه كثيرا، و هو من مشايخه و الواسطة بينه و بين سعد بن عبد اللّه (2). إلي آخر ما قال.
فمن الغريب بعد ذلك ما في تكملة الفاضل الكاظمي بعد نقله كلامه، قال: و أنت تعلم أنه لا مستند له سوي حسن الظن بالمشايخ، و هذا القدر لا يصلح مستندا شرعيّا. و أمّا ما ادّعاه من الجري علي منوال الأصحاب، فأنت قد علمت الخلاف بين الأصحاب، مع أن المتعرض لحاله منهم قليل فيحتاج في الميل إلي أحد من الطائفتين إلي مرجّح خارجي، مع أنّه في موضع من الحبل، قال: و هذه الرواية ضعيفة بجهالة أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، و لو سكت عن الدلالة علي توثيقه لنفعني ذلك، و كذا المقدّس- يعني الأردبيلي رحمه اللّه- صرّح باعتماده في التوثيق علي التصحيح، فلم يبق سوي توثيق الشهيد في الدراية، و أنا منه علي وجل (3)، انتهي.
و فيه مواقع للنظر:
أمّا أولا: فلأنه لم ينقل من عهد الشيخ إلي عهد صاحب المدارك أن أحدا ردّ الخبر لوجود أحمد في سنده، و العجب أنّه لم ينقل التضعيف للجهالة إلّا منه، و من الكاشاني في معتصم الشيعة (4)، و هو إن قال فبلسان بعضهم و إلّا فهو بمعزل عن هذا الاصطلاح، و ممّن لا يري الأخذ به، بل قال في أوائلا.
ص: 393
الوافي في مقام الإنكار علي أهله: و أيضا فإنّ كثيرا من الرواة المعتنين بشأنهم الذين هم مشايخ لمشايخنا المشاهير الذين يكثرون الرواية عنهم ليسوا بمذكورين في كتب الجرح و التعديل بمدح و لا قدح، و يلزم علي هذا الاصطلاح أن يعدّ حديثهم في الضعيف مع أن أصحاب هذا الاصطلاح أيضا لا يرضون بذلك، و ذلك مثل أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد الذي هو من مشايخ شيخنا المفيد، و الواسطة بينه و بين أبيه (1)، و الرواية عنه كثيرة.
و مثل أحمد بن محمّد بن يحيي العطار الذي هو من مشايخ الشيخ الصدوق، و يروي عنه كثيرا، و الواسطة بينه و بين سعد بن عبد اللّه (2). إلي آخر كلامه.
و صريحه: أنّهم مع بنائهم علي العمل بمصطلحهم يعملون بروايات أحمد، و هو بمنزلة نقل توثيقه منهم، فعدّه من المخالفين فاسد جدّا، و لم يبق إلّا صاحب المدارك، و خلافه غير مضرّ، مع أنّ دعوي عدم المعرفة لا يعارض دعوي المعرفة بالقرائن المتقنة التي عليها مدار المسائل الرجالية.
و أمّا ثانيا: فقوله: و هذا القدر لا يصلح. إلي آخره، فاسد جدّا، فإن اعتماد المشايخ العظام الذين هم في غاية من التثّبت و الإتقان في الأخذ و الرواية و التحرّز عن الرواية عن الضعفاء بل عن المتهمين عن النقل عنهم إذا اجتمعوا علي الرواية عن أحد، و اعتمدوا عليه في طرقهم و أسانيدهم فلا ريب في حصول الظن القوي و الاطمئنان التام بوثاقته و تثبّته و ضبطه، و هذا ظنّ بالعدالة و الوثاقة حاصل من القرائن الداخليّة، و هو حجّة في المقام، سواء بنينا علي حجيّة كلّ خبر موثوق بصدوره، أو حجّية خبر العادل فقط فان بالظن1.
ص: 394
المذكور يحصل الوثوق بالصدور جزما، و الظن بالعدالة الحاصل من أفعال المشايخ و المزكين كالحاصل من أقوالهم حجّة، و عليه عملهم قديما و حديثا في المقام.
نعم لو قلنا بأن وجه العمل بأقوالهم (عليهم السّلام) دخوله في باب البيّنة، و يشترط فيه ما يشترط فيها، فالأمر شديد، و لا كلام لنا مع من يذهب إليه، و بالجملة هو مستند شرعي لا شبهة فيه.
و أمّا ثالثا: فقوله: و كذا المقدّس. إلي آخره، إشارة إلي أن مستند المقدّس الأردبيلي في توثيقه أحمد العطار هو تصحيح العلامة (1) الطرق التي هو فيها، و ظاهره أنّه غير مرضيّ عنده، مع أنّه فصل هذه المسألة في أول الكتاب (2) و جزم علي كونه من طرق التوثيق و التحسين فما عدا ممّا بدا (3)؟! قال فيه (4): حكم العلامة و غيره بتصحيح الطريق، أو بتوثيقها أو بتحسينها، هل يدل علي أنّ جميع رجال طريق الأول عدول إماميّون، و يكون بمنزلة ما لو نصّ علي كلّ واحد واحد من رجاله بأنّه ثقة، و أن رجال الثاني موثّقون، و أن [رجال] (5) الثالث ممدوحون أم لا؟ فلو لم نعثر علي وثاقة رجل).
ص: 395
و رأيناه في طريق الحكم الذي حكم العلامة- رحمه اللّه- بصحّته حكمنا بكونه ثقة عدلا ضابطا إماميّا كأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، و أحمد بن محمّد ابن يحيي العطار. إلي أن ذكر الخلاف من بعضهم و التفصيل من آخر.
ثم قال: و الحقّ أنّ مبني المسألة علي أنّ توثيق المتأخرين هل هو مقبول أم لا؟ و لم أعثر علي خلاف في هذا، و الحقّ القبول، لأنّا إذا عرفنا من اصطلاحهم أنّ معني الصحيح هو أن يكون جميع سلسلة السند عدولا إماميّين كان معناه الظاهر أن جميع سلسلته ثقات، فحينئذ فلا فرق بين أن ينصّ عليه بالخصوص، أو بمثل المسألة، كما إذا عدّد أشخاصا ثم أطلق عليهم أنّهم ثقات، و الظاهر الإجماع عليه، و لذلك حكم المصنّف بوثاقة الحلبيين كلّهم، بقول النجاشي: و آل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا. و كانوا جميعهم ثقات مرجوعا إلي ما يقولون (1)، فبعد التصريح بأنّ المراد بالصحيح ذلك فما الفرق بين الصورتين؟ و كذلك بالنسبة إلي التوثيق و التحسين.
فان قلت: قد يطلقون الصحيح علي الحديث المعمول به بين الطائفة، كما قال العلامة في المختلف: إنّ حديث عبد اللّه بن بكير صحيح (2)، و في الخلاصة: إنّ طريق الصدوق إلي أبي مريم الأنصاري صحيح و إن كان في طريقه أبان بن عثمان و هو فطحي، لكنّ الكشي قال: إنّ الصحابة اجتمعت علي تصحيح ما يصح عنه (3).
و عن الشهيد في المسالك وصف حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة، و علي هذا فالوصف بالصحّة، و لا يدلّ علي المطلوب، إذ هو قد7.
ص: 396
يكون لكونه معمولا به، و قد يكون لكون السند مشتملا علي ثقات، و قد يكون لكونه مشتملا علي مشايخ الإجازة.
قلت: لا شكّ أن الشائع و المعروف المتداول بحيث صار من شعار الطائفة هو أنّه إذا أطلقوا الصحيح مجرّدا عن القرينة فلا يراد و لا يحمل إلّا علي ذلك المصطلح عليه، و استعماله في غيره لقرينة نادرا لا يقدح في ذلك عند الإطلاق، و لم يدع أحد انقلاب الاصطلاح في ذلك، ألا تري أنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة، و عند التجرّد يحمل علي المعني الحقيقي بالإجماع، مع أن استعمال المجاز قد كثر و شاع حتي قيل: أكثر اللغة مجازات، و لم يخرجوا عن هذا الأصل، فكيف بالشاذ و النادر و ألفاظ العموم حقيقة فيه، و قد استعملت في المخصوص حتي ضرب مثلا، و لم يعدّه أحد قدحا في كونها عند التجرد تحمل علي العموم، و كذا سائر أهل الاصطلاحات من النحاة و غيرهم كثيرا ما يستعملون الألفاظ المصطلحة في غير المعني الذي اصطلحوا عليه، و لا يقدح ذلك في الاصطلاح، و بهذا يسقط ما فصّله البعض المذكور (1)، انتهي.
و هو كلام متين، و إن كان لنا في أصل المسألة تفصيل لا يقتضي المقام ذكره، و لكنّه في أمثال المقام حقّ، و العجب أنّه مع هذا التحقيق يقول هنا:
فلم يبق إلّا توثيق الشهيد، مع أنّ العلامة صحّح طرقا ستّة هو فيها في آخر الخلاصة (2)، التي بني فيها علي الجري علي الاصطلاح الجديد كما لا يخفي علي الناظر، ثم في قوله: و أنا منه علي وجل، ما لا يخفي من الجسارة علي مثل الشهيد الذي هو- في خصوص أمثال هذا المقام- في نهاية التثبّت و الاحتياط، كما لا يخفي علي من نظر إلي حواشيه علي الخلاصة.ة.
ص: 397
فقد بان بحمد اللّه تعالي أنّ أحمد معدود من أجلّة المشايخ الثقات، و من عدّه من المجاهيل فهو بمعزل عن معرفة خفيّات أسباب الجرح و التعديل.
و أمّا عبد الرحمن فهو من الأجلّاء الإثبات الوكلاء و العلماء المتكلمين، أستاذ صفوان بن يحيي، يطلب شرح حاله و مناقبه من المطوّلات.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي، عنه، و في بعض النسخ عن عمّه: عبد الرحمن بن كثير الهاشمي (1).
و اعلم أنّ علي بن حسّان الواسطي وثّقه ابن الغضائري مرّتين (2)، و نقل الكشي عن العياشي أنّه سأل [من] (3) ابن فضّال، عن علي بن حسّان؟ فقال:
عن أيّهما سألت؟ أمّا الواسطي فإنه ثقة (4). إلي آخره، و هذا ممّا لا كلام فيه، إنّما الكلام في أنّ لعبد الرحمن بن كثير الهاشمي ابن أخ يسمي علي بن حسّان الهاشمي، و يروي عن عمّه كثيرا، و هو ضعيف عند الجماعة، ثم نسب بعضهم (5) الصدوق إلي السهو في هذا المقام، و أنّ الأصل علي بن حسّان الهاشمي الذي نسبوه إلي الغلوّ و الكذب.
قال في الخلاصة: قال ابن الغضائري بعد تضعيف علي بن حسان بن كثير: و من أصحابنا علي بن حسّان الواسطي ثقة ثقة.
و ذكر ابن بابويه في إسناده إلي عبد الرحمن بن كثير الهاشمي روايته عن
ص: 398
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي، و هو يعطي أنّ الواسطي هو ابن أخي عبد الرحمن، و أظنّه سهوا من قلم الشيخ ابن بابويه أو الناسخ (1)، انتهي.
و اعلم أوّلا: أن النسخ التي رأيناها من الفقيه و الوسائل (2) مختلفة، ففي جملة منها عن علي بن حسان، عن عمّه عبد الرحمن، و في جملة عن علي عن عبد الرحمن، و ليس فيها عن عمّه.
و ثانيا: أنّهما متفقة في وجود الواسطي بعد حسّان، و لا يجوز الجمع بينه و بين قوله: عن عمّه، الموجود في بعض النسخ، فلا بدّ من إسقاط أحدهما، و لا ترجيح لإسقاط الأول الموجود في تمام النسخ كما صرّح به ابن الغضائري، بل الظاهر هو الثاني لوجوده في بعضها، مع تصريح جامع الرواة برواية الواسطي عن عبد الرحمن أيضا (3).
و ثالثا: أن شارح المشيخة صرّح بالاتحاد و أنّه لا منافاة بين كونه هاشميا و واسطيّا، و قد صرّح الصدوق في باب الكبائر من الفقيه و في جملة من كتبه بما يوجب ذلك، قال: عن علي بن حسان الواسطي، عن عمّه عبد الرحمن، و نسبة السهو في جميع المواضع إليه غير جائز، و هو أعرف من عليّ بالرجال (4)، قال- رحمه اللّه-: و أمّا ضعفهما (5) بالغلو فالذي ظهر لي بالتتبع أنّهما كانا من أصحاب الأسرار، و لذا حكم بصحّة أخبارهما الصدوقان، و اللّه تعالي يعلم (6)،2.
ص: 399
انتهي.
قلت: و يؤيّده أنه يروي عن الهاشمي الثقة الجليل الحسن بن علي الكوفي (1)، [عمران بن موسي] (2)، و سهل بن زياد (3)، و محمّد بن الحسن الصفار (4).
و أمّا عبد الرحمن: فيروي عنه الحسن بن محبوب في الكافي في باب العرش و الكرسي (5)، و علي بن الحسن في التهذيب في باب [فضل] (6) زيارة أبي عبد اللّه الحسين بن، علي (عليهما السّلام) (7)، و هو من معشر أمروا- عليهم السّلام- بالأخذ بما رووا، و علي بن الحكم (8)، و علي بن حسان الواسطي (9).
و في الفهرست: روي كتابه عن الحسين بن عبيد اللّه، عن محمّد بن علي ابن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن علي بن حسان، عنه.
و عن محمّد بن علي، عن أبيه، عن محمّد بن يحيي و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن حسان، عنه (10).
قال في التعليقة: و رواية هؤلاء الأجلّة الثقات كتبه تشهد علي الاعتماد.3.
ص: 400
بل الوثاقة كما مرّ في الفوائد، و يعضده رواية المحدثين الأجلّة رواياته في كتب الأخبار، و اعتنائهم بها، و إفتائهم بمضمونها، و إكثارهم من ذلك (1)، انتهي.
قلت: مضافا إلي رواية ابن محبوب عنه- و هو من أصحاب الإجماع- و علي بن الحسن- و هو من بني فضّال- و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة، و تصريح الشارح جدّه بأن التتبع في الأخبار يشهد أنه كان من أصحاب الأسرار، و منه يظهر ما في النجاشي (2) من التضعيف الذي يظهر بالتأمّل أنه من جهة الغلو المستند إلي نقل الروايات العجيبة، فلاحظ.
جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن عبد الرحيم القصير الأسدي الكوفي (3).
تقدم حال السند (4).
و أمّا عبد الرحيم فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5)، و يروي عنه من أصحاب الإجماع: عبد اللّه بن مسكان في الكافي في باب ما يعاين المؤمن و الكافر (6)، و باب ما نصّ اللّه و رسوله علي الأئمة صلوات اللّه عليهم (7)، و في كتاب الروضة (8)، و حمّاد بن عثمان فيه في باب آخر من أن
ص: 401
الإيمان يشرك الإسلام (1)، و باب النهي عن الصفة من كتاب التوحيد (2)، و صفوان، عن منصور، عنه فيه في باب أن الأئمة (عليهم السّلام) هم الهداة (3).
و من الثقات الأجلّاء: إسحاق بن عمّار (4)، و العباس بن عمار (5)، و سعدان بن مسلم (6)، و محمّد بن يحيي الخثعمي (7)، و محمّد بن الفضيل (8)، و عمر بن أبان الكلبي (9)، و زياد بن القندي (10)، و هذه ثلاث أمارات تدلّ علي وثاقته، فالخبر صحيح.
محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن عبد الصمد بن بشير الكوفي (11).
رجال السند من الأجلّاء الثقات.
و عبد الصمد هو الذي قال في حقّه النجاشي: ثقة ثقة (12).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: ابن أبي عمير (13)، و يونس بن
ص: 402
عبد الرحمن (1)، و الحسن بن علي (2)، و فضالة بن أيوب (3)، و عثمان بن عيسي (4).
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبيس بن هشام (5)، و ابن نهيك (6)، و جعفر ابن بشير (7)، و الحجال (8)، و القاسم بن محمّد (9)، و محمّد بن سنان (10)، و موسي بن القاسم (11)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (12)، و الحسن بن ظريف (13).
محمّد بن موسي ابن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، و كان مرضيا.
و عن علي بن أحمد بن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه، عن سهل بن زياد الآدمي، عنه (14). تقدم رجال السند الأوّل.
و علي بن أحمد هو: الدقاق الذي يروي عنه الصدوق كثيرا مترضّيا، و هو من مشايخ الإجازة (15).
ص: 403
و قد صرّح السيد المحقق الكاظمي في العدة: أن ترضي الأجلّاء عن أحد و ترحمهم عليه ما كان ليكون إلّا عن ثقة يرجع إليه الأجلّاء (1).
و محمّد بن أبي عبد اللّه هو: محمّد بن جعفر الأسدي، و قد مرّ في (لو) (2).
و أما سهل بن زياد: فيأتي في (شه) (3).
و أمّا عبد العظيم: فهو من أجلّاء السادات، و سادة الأجلّاء، نقتصر في ذكر حاله علي نقل رسالة من الصاحب بن عبّاد وصلت إلينا بخطّ بعض بني بابويه، تاريخ الخطّ: سنة ستّ عشرة و خمسمائة، صورتها: قال الصاحب رحمة اللّه عليه: سألت عن نسب عبد العظيم الحسني- المدفون بالشجرة، صاحب المشهد قدّس اللّه روحه- و حاله و اعتقاده و قدر علمه و زهده، و أنا ذاكر ذلك علي اختصار و باللّه التوفيق:
هو: أبو القاسم عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه و علي آبائه السّلام، ذو ورع و دين، عابد معروف بالأمانة، و صدق اللهجة، عالم بأمور الدين، قائل بالتوحيد و العدل، كثير الحديث و الرواية.
يروي عن أبي جعفر محمّد بن علي بن موسي، و عن ابنه أبي الحسن صاحب العسكر (عليهم السّلام) و لهما إليه الرسائل.
و يروي عن جماعة من أصحاب موسي بن جعفر، و علي بن موسي (عليهما السّلام).
و له كتاب يسميه كتاب يوم و ليلة، و كتب ترجمتها روايات عبد العظيم بن5.
ص: 404
عبد اللّه الحسني.
و قد روي عنه من رجالات الشيعة خلق، كأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (1)، و أحمد بن محمّد بن خالد (2)، و أبو تراب الروياني (3).
و خاف من السلطان فطاف البلدان علي أنه قيج (4)، ثم ورد الري، و سكن بساربانان، في دار رجل من الشيعة في سكّة الموالي، و كان يعبد اللّه عزّ و جل في ذلك السرب (5)، يصوم النهار و يقوم الليل، و يخرج مستترا فيزور القبر الذي يقابل الآن قبره، و بينهما الطريق، و يقول: هو قبر رجل من ولد موسي ابن جعفر (عليهما السّلام) و كان يقع خبره إلي الواحد بعد الواحد من الشيعة حتي عرفه أكثرهم.
فرأي رجل من الشيعة في المنام كأن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: إنّ رجلا من ولدي يحمل غدا من سكة الموالي، فيدفن عند شجرة التفاح، في باغ (6) عبد الجبار بن عبد الوهاب، فذهب الرجل ليشتري الشجرة، و كان صاحب الباغ رأي أيضا رؤيا في ذلك، فجعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفا علي أهل الشرف و التشيع يدفنون فيه، فمرض عبد العظيم رحمة اللّه عليه و مات (7)، فحمل في ذلك اليوم إلي حيث المشهد.
فضل زيارته: دخل بعض أهل الري علي أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السّلام) فقال: أين كنت؟ فقال: زرت الحسين صلوات اللّهف.
ص: 405
عليه، فقال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين صلوات اللّه عليه.
وصف علمه: روي أبو تراب الروياني، قال: سمعت أبا حمّاد الرازي يقول: دخلت علي علي بن محمّد (عليه السّلام) بسرّ من رأي فسألته عن أشياء من الحلال و الحرام، فأجابني فيها، فلمّا ودّعته قال لي: يا أبا حمّاد إذا أشكل عليك شي ء من أمر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، و اقرأه منّي السّلام.
ما روي عنه في التوحيد: روي علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد ابن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدثني عبد العظيم الحسني- في خبر طويل- يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالي واحد، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، و ليس بجسم و لا صورة، و لا عرض و لا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام و مصوّر الصور، خالق الأعراض و الجواهر (1).
عبيد اللّه بن موسي الروياني، عن عبد العظيم، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا (عليه السّلام): ما تقول في الحديث الذي يروي الناس [عن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) انه قال:] بأن اللّه ينزل [كل ليلة] إلي السماء الدنيا (2)؟ فقال: لعن اللّه المحرفين الكلم عن مواضعه، و اللّه ما قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) ذلك، إنّما قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ ينزّل ملكا إلي سماء الدنيا ليلة الجمعة، فينادي: هل من سائل فأعطيه، و ذكرا.
ص: 406
الحديث (1).
و بهذا الإسناد عن الرضا (عليه السّلام) في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ. إِليٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ (2) قال: مشرقة، منتظرة ثواب ربّها عزّ و جلّ (3).
ما روي عنه في العدل: روي علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد ابن أبي عبد اللّه، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن موسي الرضا (عليهم السّلام) قال: خرج أبو حنيفة من عند الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فاستقبله موسي (عليه السّلام) فقال: يا غلام ممّن المعصية؟
فقال: لا تخلو من ثلاث: إمّا أن تكون من اللّه عزّ و جلّ و ليست منه، فلا ينبغي للكريم أن يعذّب عبده بما لم يكتسبه، و إمّا أن تكون من اللّه و من العبد [و ليس كذلك] فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، و إمّا أن تكون من العبد و هي منه، فإن عاقبه [اللّه] فبذنبه، و إن عفا عنه فبكرمه وجوده (4).
و روي عبيد اللّه بن موسي، عن عبد العظيم، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا (عليه السّلام): ثمانية (5) أشياء لا تكون إلّا بقضاء اللّه و قدره: النوم، و اليقظة، و القوّة، و الضعف، و الصحّة، و المرض، و الموت، و الحياة (6).7.
ص: 407
ثبّتنا اللّه بالقول الثابت من موالاة محمّد و آله و صلّي اللّه علي سيّدنا رسوله محمّد و آله و أجمعين (1)، هذا آخر الرسالة.
و قول الصدوق هنا و في كتاب الصوم من الفقيه: و كان مرضيّا (2)، أي كان دينه صحيحا، و الأصحاب يرضون حديثه و يعملون به، كذا في شرح المجلسي (3)، و الظاهر أنّ هذا الوصف مأخوذ من الآية الشريفة و هي قوله:
مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ (4) و لذا استعمل في باب الشهادات.
ففي الباقري المروي في التهذيب: شهادة الأخ لأخيه تجوز إذا كان مرضيّا و معه شاهد آخر (5).
و في تفسير الإمام (عليه السّلام): عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في قوله تعالي: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ قال: ممّن ترضون دينه و أمانته و صلاحه و عفّته، و تيقّظه فيما يشهد به، و تحصيله و تمييزه، فما كل صالح مميّز و لا محصّل، و لا كلّ محصّل مميّز صالح (6)، فانقدح أنّ هذه الكلمة تدل علي الوثاقة الكاملة.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن ليث المرادي، عنه (7).
ص: 408
رجال السند- سوي الخثعمي الآتي ذكره- من الأجلّاء.
و عبد الكريم الهاشمي وثّقه الشيخ في أصحاب الكاظم (1)، و يروي عنه- من أصحاب الإجماع-: أبو بصير ليث المرادي (2)، و زرارة في الكافي في باب الزكاة تبعث من بلد إلي بلد (3)، و في باب دخول عمرو بن عبيد و المعتزلة علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (4)، و في التهذيب في باب الزيادات في الزكاة (5)، و في باب قسمة الغنائم (6).
أبوه (7)، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، و لقبه كرام (8).
في النجاشي: عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي، مولاهم كوفي، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام)، ثم وقف، كان ثقة ثقة عينا (9).
و يروي عنه البزنطي (10) كثيرا، و أضرابه من الأجلّاء: كجعفر بن
ص: 409
بشير (1)، و الوشاء (2)، و إسحاق بن عمّار (3)، و حفص بن البختري (4)، و جعفر بن محمّد بن سماعة (5)، و محمّد بن سنان (6)، و عبيس بن هشام (7)، و علي بن خالد (8).
و قال المفيد في الرسالة العددية: و أمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة، يكون تسعة و عشرين يوما و يكون ثلاثين يوما، فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي و أبي عبد اللّه (عليهم السّلام)- و ساق إلي العسكري (عليه السّلام)- و الأعلام و الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنّفات المشهورة.
ثم ذكر رواية جماعة منهم و قال: و روي كرّام الخثعمي و عدّ جماعة آخرهم عبد اللّه بن أبي يعفور، و ممّن لا يحصي كثرة مثل ذلك حرفا بحرف (9)، انتهي.
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن محمّد و محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن كرّام قال: حلفت بيني و بين نفسي أن لا أكل طعاما بنهار أبدا.
حتي يقوم قائم آل محمّد (عليهم السّلام) فدخلت علي أبي عبد اللّه (عليه4.
ص: 410
السّلام) فقلت له: رجل من شيعتكم جعل للّه أن لا يأكل طعاما بنهار أبدا حتي يقوم قائم آل محمّد (عليهم السّلام).
قال: فصم إذا يا كرّام، و لا تصم العيدين، و لا ثلاثة أيام التشريق، و لا إذا كنت مسافرا، و لا مريضا، فإن الحسين (عليه السّلام) لمّا قتل عجّت السموات و الأرض و من عليها و الملائكة، فقالوا: يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الأرض حتي نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك، و قتلوا صفوتك، فأوحي اللّه إليهم: يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب، فإذا خلفه محمّد و اثنا عشر وصيّا له (عليهم السّلام) و أخذ بيد فلان [القائم] (1) من بينهم، فقال: يا ملائكتي و يا سماواتي و يا أرضي بهذا انتصر، قالها ثلاث مرّات (2).
قال في التعليقة: و في ذلك دلالة علي عدم وقفه، و روي الشيخ هذه الرواية عن عبد الكريم بن عمرو (3) مرّة، و عن كرّام اخري، فدلّ علي أن كرّاما هو عبد الكريم (4)، انتهي.
و مع تسليم الوقف فلا يضرّ العمل برواياته، خصوصا بعد إكثار مثل البزنطي من الرواية عنه، و ما قاله المفيد في حقّه، و توثيق النجاشي مرّتين مع نسبة الوقف إليه.
فما في الخلاصة: قال ابن الغضائري: إنّ الواقفة تدعيه، و الغلاة تروي عنه كثيرا، و الذي أراه التوقف عمّا يرويه (5)، انتهي، محلّ نظر من وجوه.5.
ص: 411
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عنه (1).
قد أوضحنا وثاقة أحمد في (قسط) (2) فالسند صحيح.
و ابن أبي يعفور من الفقهاء المعروفين الذين هم عيون هذه الطائفة، يعدّ مع زرارة و أمثاله، بل في الكشي بثلاثة طرق عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنّه قال: و اللّه ما وجدت أحدا يطيعني و يأخذ بقولي- و في لفظ: يقبل وصيّتي و يطيع أمري- إلّا رجلا واحدا رحمة اللّه عليه عبد اللّه بن أبي يعفور، فإنّي أمرته و أوصيته بوصيّة فاتبع أمري و أخذ بقولي (3).
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عنه (4).
رجال السند من الأجلّاء.
و ابن فضال مضافا إلي كونه من أصحاب الإجماع هو من معشر أمرنا بالأخذ بما رووا، و لا ننظر إلي أحوالهم.
و ابن بكير من أصحاب الإجماع، و ممّن ادّعي الشيخ في العدّة: أنّ الطائفة عملت برواياتهم (5)، و وثقه أيضا في الفهرست (6).
ص: 412
و في الكشي: قال العياشي: عبد اللّه بن بكير و جماعة من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا (1)، و عدّه المفيد في الرسالة (2) في عداد من وصفهم بما مرّ في (قعه) (3).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: عمّه زرارة (4)، و الحسن بن محبوب (5)، و عبد اللّه بن مسكان (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي (8)، و فضالة بن أيوب (9)، و الحسن بن علي بن فضال (10)، و صفوان بن يحيي (11)، و جميل بن درّاج (12)، و عبد اللّه بن المغيرة (13)، و هؤلاء عشرة.
و من أضرابهم من الأجلّاء و الثقات: عبد اللّه بن جبلة (14)، و أحمد بن1.
ص: 413
علي بن فضال (1)، و القاسم بن عروة (2)، و منصور بن يونس (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و محمّد بن عبد الجبار (5)، و جعفر بن بشير (6)، و حريز (7)، و علي ابن أسباط (8)، و الحجال (9)، و علي بن الحكم (10)، و العباس بن عامر (11)، و علي بن رئاب (12)، و محمّد بن خالد (13)، و أبو أيوب (14)، و محمّد بن سنان (15)، و عمر بن أذينة (16)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (17)، و ابن رباط (18)، و حفص ابن سوقة (19)، و سليمان الجعفري (20)، و عبد اللّه بن سنان (21)، و الحسن بن4.
ص: 414
الجهم (1)، و النضر بن سويد (2)، و محمّد بن عبد اللّه الحلبي (3)، و سيف بن عميرة (4)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (5)، و أحمد بن محمّد بن خالد (6)، و سهل بن زياد (7)، و الحسن بن موسي الخشاب (8)، و محمّد بن عيسي (9)، و عليّ بن عقبة (10)، و إسماعيل بن عمّار (11)، و العلاء بن رزين (12)، و عبد اللّه بن حمّاد (13)، و مروان بن مسلم (14)، و موسي بن القاسم (15)، و الحسن بن راشد (16)، و محمّد بن أبي حمزة (17)، و الحكم بن مسكين (18)، و شهاب (19).
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن
ص: 415
موسي بن المتوكل رضي اللّه عنهم، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد ابن عبد الجبار، عنه (1).
رجال السند ثقات بالاتفاق.
و في النجاشي و الخلاصة: كان عبد اللّه واقفا، و كان فقيها ثقة مشهورا (2)، و يروي عنه: الحسن بن محبوب (3)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (4)، و الحسن بن علي الكوفي (5)، و الفضل بن شاذان (6)، و العباس ابن عامر (7)، و حميد بن زياد (8)، و غيرهم.
و عبد اللّه بن جندب جليل القدر رفيع المنزلة لدي أبي الحسن و الرضا (عليهما السلام) و كان وكيلا لهما.
و في الكشي: قال عبد اللّه بن جندب لأبي الحسن (عليه السّلام):
أ لست عنّي راضيا؟ قال: إي و اللّه، و رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و اللّه عنك راض (1).
الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن [محمّد بن أحمد] بن يحيي (2)، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الجريري (3) - و اسمه سفيان- عن أبي عمران الأرمني، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن أبي عمران موسي بن رنجويه الأرمني، عنه (4).
السندان ضعيفان علي الطريق المشهور بجهالة بعضهم، و ضعف آخرين.
و يمكن أن يقال: إنّ محمّد بن حسّان- و هو الرازي أبو عبد اللّه الزبيبي- و إن ضعّفه ابن الغضائري (5)، و قال النجاشي: يعرف و ينكر و يروي عن الضعفاء (6)، إلّا أنّه يروي عنه الأجلّاء مثل:
ص: 417
أحمد بن إدريس (1)، و الحسن بن علي بن النعمان (2)، و أبو علي الأشعري (3)، و سعد بن عبد اللّه (4)، و عبد اللّه بن جعفر الحميري (5)، و محمّد ابن علي بن محبوب (6)، و الحسن بن متيل (7)، و محمّد بن عبد الجبار (8)، و محمّد ابن الحسين بن أبي الخطاب (9)، و محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر الأسدي (10)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (11)، و لم يستثن من نوادر الحكمة، و اعتمد عليه الصدوق في طريقه إلي عبد اللّه بن الحكم (12)، و إلي محمّد بن أسلم (13)، و إلي عليّ بن غراب (14)، كلّ ذلك يشير إلي وثاقته كما صرّح به في التعليقة (15).
و هؤلاء الأجلّة عيون الطائفة في عصره، لا يمكن أن يخفي عليهم من حاله ما ظهر لابن الغضائري بعد قرون، و الظاهر أنّ سبب تضعيفه روايته ما0.
ص: 418
يوهم الغلوّ عنده، و النجاشي لم يضعّفه في نفسه، فلا معارض للأمارات المذكورة، و مع ذلك كلّه فهو من مشايخ الإجازة كشيخه أبي عمران الأرمني.
و أمّا عبد اللّه: فقال النجاشي: ضعيف روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (1)، و لكن يروي عنه ابن أبي عمير (2) كما في التهذيب في باب البيّنات (3)، و في الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (4)، و هي أمارة الوثاقة، و لا يعارضها ما في النجاشي، الظاهر كونه للغلوّ (5) كما يظهر من الخلاصة (6).
و قال الشارح: و الخبر ضعيف، و يمكن القول باعتباره: لاعتماد لأصحاب علي كتابه، و إن كان ضعيفا في نفسه، و ضعف مشايخ الإجازة لا يضرّ (7).
محمّد بن موسي بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي،
ص: 419
عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (1).
السند صحيح علي الأصح بما تقدم (2).
و أمّا عبد اللّه: فقال النجاشي: عبد اللّه بن حمّاد بن الأنصاري، من شيوخ أصحابنا، له كتابان (3)، و ذكره الشيخ [في رجاله]- في أصحاب الكاظم (4).
و الفهرست (5) و لم يذكره بسوء.
فما عن ابن الغضائري: حديثه نعرفه تارة و ننكره اخري (6) -، مع عدم الدلالة علي ضعف في نفسه- غير قابل للمعارضة مما في النجاشي، الدالّة علي وثاقته و جلالته، فالخبر صحيح.
و لعبد اللّه في أبواب الزيارات خبر شريف يظهر منه علوّ مقامه عندهم (عليهم السّلام) (7).
ففي كامل الزيارات: عن محمّد بن عبد اللّه الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري (8)، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال لي: إنّ عندكم- أو قال: في قربكم- لفضيلة ما أوتي أحد مثلها، و ما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها، و لا تحافظون عليها و لا علي القيام بها، و إنّ لها لأهلا خاصّة قد سمّوا لها، و أعطوها بلا حول منهم و لا قوّة، إلّا ما كان من صنع اللّه لهم، و سعادةل.
ص: 420
حباهم بها، و رأفة و تقدم، قلت: جعلت فداك و ما هذا الذي وصفت؟
قال: زيارة جدّي الحسين (عليه السّلام) فإنه غريب بأرض غربة- و ساق (عليه السّلام) بعض حالاته. إلي أن قال: - فقلت له: جعلت فداك قد كنت آتيه حتّي ابتليت بالسلطان، و حفظ أموالهم، و أنا عندهم مشهور، فتركت- للتقيّة- إتيانه، و أنا أعرف ما في إتيانه من الخير (1). الحديث و هو طويل شريف.
و العجب أن في الخلاصة: قال ابن الغضائري: أنّه يكنّي أبا محمّد، نزل قم، و لم يرو عن الأئمة (عليهم السّلام) (2)، انتهي.
و يروي عنه إبراهيم بن هاشم كما في كامل الزيارات (3).
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي و محمّد بن أبي عمير جميعا، عنه (4).
السند في أعلي درجة الصحة.
و أمّا [ابن] سليمان فظنّه الشارح: الصيرفي الكوفي، الذي له أصل، و صرّح النجاشي أنه: روي عنه جعفر بن علي (5)، قال: فالخبر قوي كالصحيح، و يمكن الحكم بصحته لاتفاق الأصحاب علي أصله علي ما ذكره المفيد رضي اللّه عنه (6)، و اعتماد الأصحاب علي كتابه مع صحته، عن ابن أبي عمير و صفوان بن يحيي، و هما من أهل الإجماع، و لهذا عمل أكثر أصحابنا المتأخرين
ص: 421
علي العمل بأخباره (1)، انتهي.
و لكن الأقوي وفاقا لجامع الرواة أنه: النخعي الكوفي، الذي يروي عنه: أبان بن عثمان (2)، و صفوان بن يحيي (3)، و ابن أبي عمير (4)، و يونس ابن عبد الرحمن (5)، و عبد اللّه بن مسكان (6)، و النضر بن سويد (7)، و هارون ابن الجهم (8)، و معاذ بن مسلم (9)، و حمزة بن حمران (10)، و الوشاء (11)، و أبو شعيب المحاملي (12)، و يحيي الحلبي (13)، و عبيس بن هشام (14)، و ابن أذينة (15)، و عبد اللّه بن سنان (16)، و محمّد بن الحسن العطار (17).
صرّح بذلك كلّه في الجامع (18)، و منه يظهر وثاقته مع أن رواية صفوان و ابن أبي عمير كافية في الحكم بها، سواء كان هو الصيرفي أو النخعي.6.
ص: 422
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، و هو الذي ذكر عند الصادق (عليه السّلام) فقال: أمّا أنه يزيد علي السّن خيرا (1).
قلت: و هو الذي قالوا فيه: كان خازنا للمنصور و الهادي و المهدي و الرشيد، كوفي، ثقة، من أصحابنا، جليل، لا يطعن عليه في شي ء، و لا عجب أن يعدّ هذا من كراماته، و في النجاشي: له كتب، رواها عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته، منهم عبد اللّه بن جبلة (2). إلي آخره.
و رأينا استغناءه عن ذكر من يروي عنه من الأجلّاء، فإنّما نذكرهم في التراجم استظهارا للوثاقة و هو فوقها.
و بالجملة فالخبر صحيح، و رجال السند من الأجلّاء.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن بندار بن حمّاد، عنه (3).
بندار: غير مذكور، و ليس له خبر في الكتب الأربعة كما يظهر من المجامع.
و كذا عبد اللّه، و أخرج عنه في الفقيه خبرا واحدا في باب الحدّ الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة (4)، فالخبر ضعيف.
ص: 423
و في الشرح: و يظهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد الأصحاب (1).
[186] قفو- و إلي [عبد اللّه] (2) بن القاسم: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عن أبي عبد اللّه الرازي، عن عبد اللّه بن أحمد [بن] (3)، محمد بن خشنام الأصبهاني، عنه (4).
أبو عبد اللّه الرازي: هو الجاموراني الذي استثنوه من نوادر الحكمة (5)، و لكن يروي عنه سوي محمّد بن أحمد بن يحيي، محمّد بن علي بن محبوب (6)، و أحمد بن محمّد بن خالد (7)، و سهل بن زياد (8).
و عبد اللّه بن أحمد: هو بعينه عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك الثقة الجليل المعروف.
و ابن خشنام، غير مذكور في الرجال، و ليس له رواية في الكتب الأربعة.
فالخبر ضعيف، فلا حاجة إلي تمييز عبد اللّه بن القاسم، المشترك بين الضعفاء.
نعم قال في الشرح: فالخبر ضعيف علي مصطلح المتأخرين، و صحيح علي اصطلاح المصنّف، إمّا لأن الكتاب كان موافقا للأصول، أو لأنه روي عنه
ص: 424
حال استقامته، أو لأنّه لا يعتقد ضعف المذكورين (1).
جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن [عمه] عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
أثبتناه صحّة السند في (له) (3) و ابن لطيف غير مذكور، و لكنّه ثقة لرواية ابن أبي عمير عنه، فالخبر صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن أبي بكر عبد اللّه بن محمّد الحضرمي و كليب الأسدي (4).
السند صحيح إلي الأصمّ.
و أمّا هو (5): فضعفه النجاشي، و تبعه الخلاصة (6) و رمياه بالغلوّ و الكذب، و في النجاشي: أن له كتاب [المزار] (7)، سمعت من رواه فقال: هو تخليط (8).
و في التعليقة: قال جدّي: يمكن أن يكون حكم النجاشي بالتضعيف لما ذكره بقوله: سمعت من رواه. إلي آخره، و يشكل الجزم به لهذا، و الحال
ص: 425
أنّ أكثر أصحابنا رووا عنه، و لم نجد في أخبارنا ما يدل علي غلوّه، و الظاهر أنّ القائل بذلك ابن الغضائري كما يفهم من قوله و اعتماده في بعض الأخبار عليه (1)، انتهي.
و ما روي في كتاب الأخبار يدلّ علي خلاف الغلوّ و هي كثيرة، نعم فيها ما هو بزعم ابن الغضائري غلوّ، كروايته عنهم: نحن جنب اللّه، و نحن صفوة اللّه، و نحن الذين بنا يفتح و بنا يختم، إلي غير ذلك و الكلّ تعظيم (2)، انتهي.
و يؤيّده أنه يروي عنه ابن فضّال- في الكافي في آخر كتاب المعيشة (3) - و هو من أصحاب الإجماع، و من أمرنا بالأخذ بما رووا، و الجليل إسماعيل بن مهران (4)، و جعفر بن يحيي (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (6)، و عبد اللّه ابن حمّاد (7) - من أصحاب الأصول- و له في أبواب الزيارات (8) أخبار شريفة لا تناسب الغلوّ، بل تنبئ عن تدينه و ولوعه بالعبادة، فلاحظ.
و أمّا الحضرمي: فيروي عنه ابن أبي عمير في الكافي في باب اللواط (9)، و صفوان بن يحيي في الفقيه في باب حدّ القذف (10)، و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب الحدّ في الفرية و السبّ (11)، و في باب سيرة9.
ص: 426
الإمام في الجهاد (1)، و في الكافي في باب إعطاء الأمان (2)، و جميل بن درّاج فيه في باب دخول المدينة (3)، و في التهذيب في باب ميراث الأولاد (4)، و عبد اللّه ابن مسكان فيه في باب من أحلّ اللّه نكاحه من النساء (5)، و باب صفة الوضوء من أبواب الزيادات (6)، و غيرهما، و عثمان بن عيسي في الكافي في باب طهور الماء (7)، و في التهذيب في باب المياه (8)، و الستة من أصحاب الإجماع، و الأولان لا يرويان إلّا عن ثقة.
و من أضرابهم من الأجلّاء: أبو إسحاق الفقيه ثعلبة بن ميمون (9)، و الحسن بن سيف بن عميرة (10)، و سيف بن عميرة (11)، و عبد الكريم بن عمرو (12)، و أيوب بن الحرّ (13)، و معاوية بن حكيم (14)، و منذر بن جيفر (15)3.
ص: 427
الذي يروي عنه صفوان، و يعقوب بن سالم (1)، و محمّد بن سنان (2)، و منصور ابن يونس (3)، و محمّد بن أبي حمزة (4)، و غيرهم، و حينئذ لا مجال للشبهة في وثاقته.
و قال ابن داود في باب الكني: أبو بكر الحضرمي، من أصحاب الصادق، في الكشي: ثقة، جرت له مناظرة حسنة [مع زيد] (5)، و الظاهر أنّه أخذه من أصل الكشي لا من اختيار الشيخ، فلا وقع لإيراد السيد التفريشي عليه بعدم وجود التوثيق في الكشي (6).
و روي الكشي (7) و غيره بعض الأخبار الدالة علي مدحه لا حاجة إلي نقلها.
و يأتي ذكر كليب في باب الكاف (8) إن شاء اللّه تعالي.
الخلاصة (1)، و الظاهر أنه لكونه من أصحاب جابر، و سريان الغلوّ منه إليه، فيرتفع بارتفاعه عنه، بل أوضحنا جلالته و علوّ مقامه، و يضعفه أيضا (2) رواية جعفر عنه الذي قالوا فيه: روي عن الثقات (3).
و الجليل آدم بن إسحاق الأشعري في الكافي في باب حدّ النبّاش (4)، و في التهذيب في باب الحدّ في نكاح البهائم (5) و في الفقيه في باب نوادر الحدود (6)، و كذا في الاستبصار (7)، و يروي صالح بن عقبة عنه كثيرا (8)، و يظهر من الصدوق أيضا أن كتابه معتمد الأصحاب (9).
أبوه و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب [عن صفوان بن يحيي] عن عبد اللّه بن مسكان [و هو كوفي] من موالي عنزة، و قيل: إنّه من موالي عجل (10).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و ابن مسكان: من الأجلّاء، و من أصحاب الإجماع، و قالوا فيه: إنّه أروي أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (11) إلّا أن في النجاشي: ثقة
ص: 429
عين، روي عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام) و قيل: إنّه روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ليس بثبت (1).
و في الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدثني محمّد بن نصير، قال:
حدثني محمّد بن عيسي، عن يونس، قال: لم يسمع حريز بن عبد اللّه من أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إلّا حديثا أو حديثين، و كذلك عبد اللّه بن مسكان، لم يسمع إلّا حديث: من أدرك المشعر فقد أدرك الحج. إلي أن قال: و زعم أبو النضر محمّد بن مسعود: أن ابن مسكان كان لا يدخل علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) شفقة الّا يوفيه حقّ إجلاله، و كان يسمع من أصحابه، و يأبي أن يدخل عليه إجلالا و إعظاما له (عليه السّلام) (2)، انتهي.
و في الخلاصة نسب ما في النجاشي إلي الكشي، و ما في الكشي إلي النجاشي (3)، و كيف كان ففيهما من الأوهام الواضحة ما لا يخفي علي الخبير، إذ في روايات الأصحاب ما لا يحصي عنه، عنه (عليه السّلام) بحيث لا يحتمل الإرسال، و لا علينا أن نسوق بعضها:
ففي التهذيب في باب الرجوع في الوصيّة في الصحيح: عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قضي أمير المؤمنين (عليه السّلام) (4). إلي آخره.
و في آخر أبواب كتاب الوصايا في الصحيح: عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم و علي بن النعمان، عن ابن مسكان جميعا، عن أبي عبد اللّه (عليه2.
ص: 430
السّلام)، قال: قلت له: امرأة أعتقت (1). إلي آخره.
و في الصلاة في الصحيح: عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: في الرجل يرفع يديه (2). إلي آخره.
و في الزيادات في الصحيح: عن عبد اللّه بن مسكان، قال: رأيت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) أذّن و أقام (3). إلي آخره.
و في العتق في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: من أعتق (4). إلي آخره.
و في الغرر و المجازفة في الصحيح: عن ابن أبي عمير، عن سفيان بن صالح و حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن هشام بن سالم و علي بن النعمان، عن ابن مسكان جميعا، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): في الجواز لا يستطيع أن يعدّه (5). إلي آخره.
و في باب الصيد في الصحيح: عنه، عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنه قال في الذبيحة تذبح (6). إلي آخره.
و في بيع الربوي في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنه سئل عن الرجل يقول: عاوضني (7). إلي آخره.
و في العارية في الصحيح: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:3.
ص: 431
لا يضمن العارية (1). إلي آخره.
و في الغدوّ إلي عرفات: عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سألته عن تلبية المتمتع (2). إلي آخره.
و في الأحداث الموجبة للطهارة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: كان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (3). إلي آخره.
و في القود بين الرجال و النساء: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: إذا قتلت المرأة (4). إلي آخره.
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل المسلم يهوديّا (5).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل العبد (6).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام) في رجلين قتلا (7).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل الرجلان (8).
و فيه: عنه، عنه (عليه السّلام): إذا قتل الرجل (9).
و في الديات: عنه، عنه (عليه السّلام) دية الصيد قيمته (10).ه.
ص: 432
و فيها: عنه، عنه (عليه السّلام) دية العبد قيمته (1).
و في الطهارة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: سألته (عليه السّلام) عن الوضوء ممّا ولغ فيه الكلب (2).
و في الأطعمة: عنه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن لحوم الحمر (3).
و في باب الأغسال المفترضات: عنه، عنه عليه (عليه السّلام) قال:
سألته عن غسل الميت (4).
و في أحكام البئر: عنه قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عمّا يقع في الآبار (5).
و في آخر باب دخول الكعبة في الصحيح: عن النضر بن سويد، عنه قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) و هو خارج عن الكعبة، و هو يقول (6).
و في ميراث أهل الملل المختلفة: عنه، عنه (عليه السّلام) قال: من أسلم علي ميراث (7).
و في باب بيع الواحد بالاثنين: صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: كان علي (عليه السّلام) يكره عن (8). إلي آخره.0.
ص: 433
و في الاستبصار في باب من لم يجد الهدي و أراد الصوم: عن النضر، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد و علي بن النعمان، عن ابن مسكان، قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل تمتع فلم يجد هديا (1). إلي آخره.
و في الكافي في باب فرض الزكاة: عن عبد اللّه بن المغيرة، عن ابن مسكان، و غير واحد، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إن اللّه جلّ و عزّ (2). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الإجازات: عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في الحمّال يكسر الذي حمل (3). إلي آخره.
و في الاستبصار في باب من فاتته صلاة فريضة: عن فضالة، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إن نام رجل أو نسي (4).
إلي آخره.
و في الكافي في باب فضل سويق الحنطة: عن درست بن أبي منصور، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول:
شرب السويق (5). إلي آخره.
و في باب من حجّ عن غيره: عن أبي عبد اللّه المؤمن، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت: الرجل يحج عن الآخر (6). إلي2.
ص: 434
آخره.
و في باب الكبائر: عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما من عبد إلّا و عليه أربعون جنّة (1). إلي آخره.
و في باب طلب الرئاسة: عن عبد اللّه بن المغيرة، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: إيّاكم و هؤلاء الرؤساء (2). إلي آخره.
و في باب غسل الميت: عن النضر بن سويد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن غسل الميت (3). إلي آخره.
و في التهذيب في باب حدود الزنا: ابن محبوب، عن عبد اللّه بن مسكان، قال: سمعته يقول: حدّ الجلد في الزنا (4). إلي آخره.
و في الكافي في باب مولد أمير المؤمنين (عليه السّلام): عن محمّد بن عبد اللّه بن مسكان، عن أبيه، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إن فاطمة بنت أسد (5). إلي آخره.
و فيه في كتاب الروضة: عن عبد اللّه بن حمّاد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: نحن أصل كلّ خير، و من فروعنا كلّ برّ (6). إلي آخره.
و في التهذيب في باب الخروج إلي الصفا: عن محمّد بن سنان، عنة.
ص: 435
عبد اللّه بن مسكان، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل طاف بين الصفا و المروة (1). إلي آخره.
و في الكافي في باب المكارم: عن عثمان بن عيسي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه خصّ رسله بمكارم الأخلاق (2). إلي آخره.
و في الرسالة العدديّة للمفيد بعد ذكر رواية: عن صفوان بن يحيي، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: صم لرؤية الهلال و أفطر لرؤيته، الخبر.
قال: و روي صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، مثل ذلك سواء (3).
و في كامل الزيارات في باب ثواب من زار الحسين (عليه السّلام) بإسناده: عن عبد اللّه بن مسكان، عنه (عليه السّلام) قال: من زار قبر الحسين (عليه السّلام) من شيعتنا (4). إلي آخره.
و في باب ما يكون لزائر الحسين (عليه السّلام): عن صفوان بن يحيي، عنه، عنه (عليه السّلام) قال: من أتي قبر الحسين (عليه السّلام) عارفا بحقه (5). إلي آخره.
و في باب (68): عن علي بن النعمان، عن عبد اللّه بن مسكان، قال:4.
ص: 436
قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إن اللّه ليتجلّي لزوّار قبر الحسين (عليه السّلام) قبل أهل عرفات (1). إلي آخره.
و نقل في التكملة عن بعضهم احتمال الإرسال في رواياته عنه، و أجاب عنه بظهور (عن) في الاتصال، و لزوم عدم الوثوق في جميع الأخبار المعنعنة، في كلام طويل لا فائدة في نقله، بعد صراحة ما فيها من قوله: سألت (2). إلي آخره، في بطلان ما ذكر، فلا حاجة إلي التمسك بالظهور، و لعلّ المتتبع يجد أضعاف ما أثبتناه.
جعفر بن علي الكوفي، عن جدّه الحسن بن علي، عن جدّه عبد اللّه بن المغيرة.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه.
و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم و أيّوب بن نوح، عنه (3).
السند الأول تقدّم في (قسا) (4).
و الثاني صحيح علي الأصح.
و الثالث صحيح بالاتفاق.
و ابن المغيرة: من أصحاب الإجماع، و في النجاشي: أبو محمّد البجليّ، ثقة ثقة، لا يعدل به أحد من جلالته و دينه و ورعه (5).
أبوه و محمّد بن الحسن،
ص: 437
عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عنه.
و أبوه و محمّد بن موسي بن المتوكل و محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن ميمون القداح المكي (1).
الطريقان صحيحان بما مرّ من توثيق ابن هاشم (2).
و أمّا عبد اللّه: ففي النجاشي: روي أبوه، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه، و روي هو عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و كان ثقة (3)، انتهي.
و يشير إلي وثاقته أيضا رواية عبد اللّه بن المغيرة عنه كما في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات (4).
و حمّاد بن عيسي فيه في باب كميّة الفطر (5)، و باب حكم العلاج للصائم (6)، و في الكافي في باب ثواب العالم (7)، و في باب ما يجوز للمحرم أن يلبسه (8) و الحسن بن علي بن فضّال فيه في باب الزاني (9)، و في كتاب النكاح (10)، و في باب فضل إطعام الطعام في كتاب الزكاة (11)، و في التهذيب في باب0.
ص: 438
أحكام السهو في الصلاة (1).
و الثلاثة من أصحاب الإجماع.
و من الأجلّاء: إبراهيم بن هاشم (2)، و أحمد بن إسحاق بن سعد (3)، و أبو خالد صالح القماط الذي يروي عنه صفوان (4)، و محمّد بن خالد (5)، و أبو طالب عبد اللّه بن الصلت القمي (6).
و ما في الكشي: عن محمّد بن عيسي أنه كان يقول بالتزيد (7) فضعفه في الخلاصة (8)، و يضعفه أيضا عدم إشارة النجاشي إليه (9)، و لا الفهرست مع ذكره كتابه و طريقه إليه (10).
و يشير إليه أيضا ما في الكشي في الصحيح: عن عبد اللّه بن ميمون، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: يا بن ميمون كم أنتم بمكّة؟ قلت: نحن أربعة، قال: أما إنّكم نور اللّه في ظلمات الأرض (11).
و ما في الخلاصة: أنّ هذا لا يفيد العدالة، لأنّه شهادة منه لنفسه، لكنّ الاعتماد علي ما قاله النجاشي صحيح (12).9.
ص: 439
و لكن في السند صفوان، و مقتضي الإجماع علي تصحيح ما يصحّ عنه:
الحكم بصحّة الخبر، و صدوره عن الإمام (عليه السّلام) و إن كان فيه ما يجرّ النفع إلي الراوي.
هذا و من الغريب ما في كتاب تبصرة العوام للسيد الأجلّ الأقدم السيد مرتضي الرازي في ذكر مذاهب الإسماعيلية من أن: عبد اللّه بن ميمون القداح كان من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و أخذ محمّد بن إسماعيل بعد وفاة أبيه و جدّه الصادق (عليه السّلام) إلي مصر (1)، و ذكر شرحا لا يليق بالكتاب، و نسب إليه بعض الزندقة، و لعلّه غيره أو الحكاية موضوعة، فراجع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عنه (2).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و أمّا عبد اللّه: فهو من الأجلّاء، و ذكرنا ما يتعلق به و بكتابه في الفائدة الثانية (3) فراجع.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي كهمس، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، الكوفي العربي، و هو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري (4).
ص: 440
مرّ توثيق الحكم في (مب) (1).
و أبو كهمس: و إن قيل (2) أنه كنية: للقاسم بن عبيد، و الهيثم بن عبد اللّه، و لكن الإطلاق ينصرف إلي: الهيثم بن عبيد- أو عبد اللّه- الشيباني الكوفي العربي، الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال:
أسند عنه (3)، و ذكره النجاشي و قال: ذكره سعد بن عبد اللّه في الطبقات (4)، و الظاهر اتحاده مع الثاني.
و يروي عنه الحسن بن علي بن فضّال كما في التهذيب في باب وقت الزكاة (5)، و في الكافي في باب المؤمن و علاماته (6).
و الحسن بن محبوب فيه في باب الصدق و الأمانة (7).
و حمّاد في التهذيب في باب حكم المغمي عليه في الصيام (8).
و عبد اللّه بن بكير فيه في آخر باب أحكام الطلاق قال رحمه اللّه: و اسمه هيثم بن عبيد، عن رجل من أهل واسط من أصحابنا (9)، و منه أيضا يظهر7.
ص: 441
ضعف الاشتراك.
و من الأجلّاء غير أصحاب الإجماع: حريز (1)، و علي بن الحكم (2)، و محمّد بن مروان (3)، و حنّان (4)، و حجاج بن رفاعة الكوفي الخشاب (5)، و علي بن عقبة (6)، و مروان بن مسلم (7)، و رواية هؤلاء الأجلّاء من أمارات الوثاقة.
و قد ذكرنا غير مرّة أن في ذكر الشيخ أحدا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) خصوصا مع قوله فيه: أسند عنه إشارة إلي وجوده في رجال ابن عقدة، فيكون من موثّقاته، و من ذلك كلّه يظهر أنّ السند صحيح.
و عبد المؤمن من الثقات المعروفين: و يروي عنه من أصحاب الإجماع:
الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عنه (8)، و حمّاد بن عيسي (9)، و عبد اللّه بن المغيرة (10)، و عبد اللّه بن مسكان (11)، فالخبر صحيح.4.
ص: 442
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن عبد الملك، و كنيته أبو ضريس، و زار الصادق (عليه السّلام) قبره بالمدينة مع أصحابه (1).
السند صحيح بما مرّ.
و أمّا عبد الملك: ففيه مدح و ذم، فمنهم من رجح الأول، و منهم من رجح الثاني، و منهم من أعرض عنهما لضعف مستندهما فعدّه من المجاهيل، و الحق هو الأول لوجوه:
الأول: رواية يونس عنه كما عرفت، و رواية أخيه زرارة عنه كما في التهذيب في باب العمل في ليلة الجمعة من أبواب الزيادات في الجزء الثاني (2)، و فيه في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات عن زرارة: أنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر (عليه السّلام) (3). إلي آخره.
و ليث- و هو أبو بصير البختري- فيه في باب تلقين المحتضرين (4)، و في روايتهم عنه ما لا يخفي من الدلالة علي مدحه، بل وثاقته.
و يؤيّدها رواية حريز (5) عنه، و عبيد بن زرارة (6)، و مثني (7)، و سيف بن عميرة (8).
ص: 443
الثاني: ما مرّ من قول الصدوق جازما به من غير [إحالة] (1) إلي رواية.
الثالث: ما في الكشي: عن حمدويه، عن محمّد بن عيسي، عن (2) أبي نصر، عن الحسن بن موسي، عن زرارة، قال: قدم أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مكّة، فسأل عن عبد الملك بن أعين، فقلت: مات، قال: مات؟! قلت: نعم، قال: فانطلق بنا إلي قبره حتي نصلّي عليه، قلت: نعم، فقال:
لا و لكن نصلّي عليه هاهنا، و رفع يده و دعا له، و اجتهد في الدعاء، و ترحم عليه (3).
و رواه الشيخ في التهذيب بإسناده: عن علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن موسي (4)، عن جعفر بن عيسي، قال: قدم أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مكّة فسألني عن عبد الملك بن أعين (5)، و ساق مثله.
و في السند: البزنطي، فالخبر صحيح، أو في حكمه، فقول الشهيد:
الروايات التي ذكرها الكشي في المدح و الذم- المقتضي لقلة الأدب- جميعها ضعيفة السند، لا يثبت بها حكم، فأمره علي الجهالة بالحال محتاج إلي التأمّل (6).5.
ص: 444
الرابع: ما رواه في الكشي: عن علي بن الحسن، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن علي بن الحسن بن عبد الملك بن أعين، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام)- بعد موت عبد الملك بن أعين-: اللهم إن أبا ضريس كنّا عنده خيرتك من خلقك، فصيّره في ثقل محمّد صلواتك عليه يوم القيامة، ثم قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): أما رأيته؟- يعني في النوم- فتذكرت، فقلت: لا، فقال: سبحان اللّه أين (1) مثل أبي الضريس لم يأت بعد (2).
الخامس: ما في رجال ابن داود قال: عبد الجبار بن أعين أخو زرارة من أصحاب الباقر (عليه السّلام) في رجال الشيخ (3)، هو و أخواه عبد الملك و عبد الرحمن محمودون (4).
السادس: ما ذكره أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه فيما ألحقه برسالة أبي غالب الزراري ما لفظه: وجدت في المنتخبات التي أجازناها جعفر بن محمّد عن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن مروك بن عبيد، عن محمّد بن مقرن الكوفي، قال: حدثني المشايخ من أصحابنا: أنّ حمران و زرارة و عبد الملك و عبد الرحمن بني أعين كانوا مستقيمين، مات منهم أربعة في زمن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و كانوا من أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام) و بقي زرارة إلي أن مات أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و كان أفقههم (5). إلي آخره.7.
ص: 445
و في التعليقة: مضي في عبد الرحمن أخيه من رسالة أبي غالب مدحه (1)، انتهي، و غرضه هذه العبارة و ليست من الرسالة، فلاحظ.
السابع: ما رواه الكشي في ترجمة أبي حمزة الثمالي قال: حدثني محمّد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن [ابن] فضّال عن الحديث الذي روي عن عبد الملك بن أعين و تسمية ابنه: الضريس، قال: فقال: إنّما رواه أبو حمزة، و أصبغ بن عبد الملك خير من أبي حمزة. إلي آخره، كذا في نسخة الكشي، بخط المولي عناية اللّه مرتّبه، و مؤلّف مجمع الرجال، و كتب تحت أصبغ: كأنه الملقب بضريس (2).
و لكن في التعليقة: و أصبغ عبد الملك خير (3). إلي آخره، و هذا هو المناسب للسؤال عن حال عبد الملك و ما روي فيه ما يدل علي ذمّه كما يأتي، و عليه فيكون عبد الملك عند ابن فضّال من أجلّاء الثقات.
و يؤيد ذلك كلّه ما رواه ثقة الإسلام في الروضة في الصحيح: عن أبي بكر الحضرمي، عن عبد الملك بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السّلام) فاعتمدت علي يدي فبكيت، فقال: مالك؟ قال: كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر و بي قوّة، فقال: أما ترضون أن عدوّكم يقتل بعضهم بعضا و أنتم آمنون في بيوتكم، إنه لو قد كان ذلك أعطي الرجل منكم قوّة أربعين رجلا، و جعلت قلوبكم كزبر الحديد لو قذف بها الجبال لقلعتها، و كنتم قوّام الأرض و خزّانها (4).ة.
ص: 446
و مع ذلك يورث الظن القوي بوثاقته، و أمّا ما عدّوه من أسباب ذمّه فهو ما رواه الكشي: عن حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن [أبي] عمير، عن علي بن عطيّة، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لعبد الملك ابن أعين: كيف سميت ابنك ضريسا؟ فقال: كيف سماك أبوك جعفرا؟ قال:
إن جعفرا نهر في الجنّة، و ضريسا اسم شيطان (1).
و لا يخفي أن غاية ما يدل عليه الخبر قلّة أدبه و سوء تعبيره جهلا، و هو غير مناف للوثاقة، مع عدم قابليّته لمعارضة ما سبق خصوصا مع تكذيب ابن فضّال أصل القضيّة كما مرّ فالخبر صحيح أو مثله.
أبوه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن محمّد بن أبي حمزة، عنه (2).
محمّد بن أبي حمزة: ثقة، لا مغمز فيه، و يروي عنه: ابن أبي عمير (3)، و صفوان بن يحيي (4)، و جعفر بن بشير (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و النضر بن سويد (7)، و غيرهم من الأعاظم.
و أمّا عبد الملك: فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8)، و في الفهرست: له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضّل، عن حميد، عن
ص: 447
الحسن بن محمّد بن سماعة، عنه (1). و في رجال ابن داود: عبد الملك بن عتبة اللهبي بكسر اللام و سكون الهاء (2)، منسوب إلي لهب بن إسحاق (3)، بن كعب بن الحارث، قبيلة تعرف بالقيافة و الزجر، من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السّلام) في الكشي (4) و رجال الشيخ، ثقة (5).
و ذكره أبو العباس بن سعيد فيمن روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) (6) انتهي، فهو داخل في الأربعة آلاف الذين وثّقهم ابن عقدة.
و يروي عنه: علي بن الحكم (7)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (8)، و الفقيه ثعلبة بن ميمون (9)، فظهر ممّا ذكرنا أنّه ثقة صاحب كتاب.
أمّا الأوّل (10) فلا معارض له.
و أمّا الثاني ففي النجاشي: عبد الملك بن عتبة الهاشمي اللهبي صليب، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السّلام) ذكره أبو العباس بن سعيد فيمن روي عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر (عليهما السّلام) ليس له كتاب،ا.
ص: 448
و الكتاب الذي ينسب إلي عبد الملك بن عتبة هو لعبد الملك بن عتبة النخعي صيرفي كوفي ثقة (1). إلي آخره.
قلت: عدم اطلاعه علي كتاب له، و عدم كون الكتاب المنسوب إليه في عصر النجاشي له، لا ينافي اطلاع الآخرين عليه كالصدوق، و الشيخ، و السروي في المعالم (2)، و كيف كان فالخبر صحيح.
أمّا علي ما في النجاشي فلأن الكتاب الذي ذكر الصدوق الطريق إليه و نسبه إلي الهاشمي فهو للنخعي الصيرفي الثقة، و الطرق إليه كلّها صحيحة.
و علي ما ذكرنا فللنص علي وثاقة الهاشمي في رجال ابن داود، و رجال ابن عقدة كما مرّ غير مرّة، مع أنّ في الطريق ابن فضّال: و قد مرّ في ترجمة الحسن ابن فضال في (عز) (3) أن قولهم (عليهم السّلام) في بني فضّال: خذوا ما رووا، أدلّ و أصرح في عدم الحاجة إلي النظر إلي حال من قبلهم من دلالة الإجماع المعهود عليه، فالخبر صحيح أو في حكمه.
و في المقام أوهام للمترجمين:
منها: عدّ شارح المشيخة: الهاشمي من المجاهيل (4).
و منها: ظنّه: أنّ اللهبي منسوب إلي أبي لهب المعروف.
و منها: جعل السروي في المعالم: الهاشمي و الصيرفي واحدا.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن
ص: 449
عبد الملك بن عمرو الأحول الكوفي، و هو عربي (1).
مرّ توثيق الحكم في (مب) (2)، فالسند صحيح.
و الأحول: يروي عنه: جميل بن درّاج كما في التهذيب في باب النذر (3).
و أبان بن عثمان فيه في باب حكم الحيض (4).
و عبد اللّه بن بكير فيه في باب كيفيّة الصلاة (5).
و ابن مسكان فيه في باب ضروب الحجّ (6)، و في الكافي في باب أصناف الحجّ (7)، هؤلاء أربعة من أصحاب الإجماع.
و من غيرهم من الأعاظم و الثقات: إسحاق بن عمّار (8)، و جميل بن صالح (9)، و الحكم (10)، و لا ريب في كشف رواية هؤلاء عنه، عن وثاقته.
و في الكشي: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): إنّي لأدعو اللّه لك حتي اسمّي دابّتك، أو قال: أدعو لدابتك (11).
و روي ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الملك بن عمرو، قال: قال أبو0.
ص: 450
عبد اللّه (عليه السّلام) مالي لا أراك تخرج إلي هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال قلت: و أين؟ قال: جدّة و عبادان و المصيصة و قزوين، فقلت:
انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم، فقال: ايّ و اللّه لو كان خيرا ما سبقونا إليه، قال: قلت: فإنّ الزيديّة تقول: ليس بيننا و بين جعفر خلاف، إلّا أنّه لا يري الجهاد؟ فقال: إنّي لا أري، بلي و اللّه إنّي لا أراه، و لكنّي أكره أن أدع علمي إلي جهلهم (1).
و في التعليقة: عن الشيخ عبد النبيّ الجزائري صاحب الحاوي. أنّ العلامة حكم في المختلف في بحث القنوت بصحّة روايته (2).
قلت: و كذا في كفّارة النذر منه (3)، و كذا ولده في الشرح (4)، و الشهيد في الدروس (5)، و قال الشهيد الثاني في المسالك: و الأولي أن يريد بصحّتها توثيق رجال السند إلي عبد الملك، و هي صحّة اضافيّة مستعملة في كلامهم كثيرا (6)، انتهي (7).
قلت: و هو كما قال، إذ فرق بين قولهم: في الصحيح عن فلان، عنه (عليه السّلام) و قولهم: في صحيحة فلان، عنه (عليه السّلام) فإن الصحة في الثاني وصف للخبر، فلا بدّ من أن يكون رجال سنده ثقات، و في الأول وصف للسند مسامحة، فيتبع مقدار الموصوف تمام السند أو بعضه.
و الموجود في المختلف هو الأول، ففي بحث القنوت: و ما رواه في5.
ص: 451
الصحيح عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) و في بحث الكفّارات: لنا ما رواه عبد الملك بن عمرو في الصحيح عن الصادق (عليه السلام). إلي آخره.
و ظاهرهما صحّة السند إليه، و أمّا هو فلا يعلم حاله من كلامه رحمه اللّه.
نعم ما ذكره الشهيد في ردّ الخبر الأول بقوله: السند صحيح و لكنّه ينتهي إليه، فهو شهادة لنفسه، و مع ذلك فهو مرجّح بسبب المدح، فيلحق بالحسن لولا ما ذكرناه (1).
لعلّه في غير محلّه بما في التعليقة، بأن ذكر المشايخ إيّاها و اعتنائهم بها و ضبطها و تدوينها و نقلها في مقام مدحه يدلّ علي ظهور أمارة صحّتها لهم، سيّما و أن الراوي لها ابن أبي عمير، و هي إليه صحيحة.
قال رحمه اللّه: و في رواية ابن أبي عمير و لو بواسطة جميل عنه إشعار بوثاقته، و كذا رواية صفوان و لو بواسطة مثل أبان، و هو كثير الرواية و مقبولها، انتهي.
فالحق أن الخبر صحيح.
فقد رويته عنه (2).
هو من مشايخه المعروفين الذين اعتمد عليهم كثيرا مترضيا، و قال العلامة في التحرير: روي ابن بابويه في حديث صحيح: عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل: يا ابن رسول اللّه، قد روي لنا عن آبائك فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفّارات (3). الخبر.
ص: 452
و الصدوق رواه عنه (1)، و في المدارك بعد نقل الخبر: و أقول: إنّ عبد الواحد بن عبدوس و إن لم يوثق صريحا لكنّه من مشايخ الصدوق المعتبرين، الذين أخذ عنهم الحديث، فلا يبعد الاعتماد علي روايته (2)، انتهي.
و كفي به مصححا مع ما علم من مداقّته في السند، و تبعه جماعة، و قد ذكرنا في الفائدة السابقة ما يوضح ما اختاروه (3).
و روي الشيخ في التهذيب بإسناده: عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبدوس، قال: أوصي رجل بتركته- متاع و غيره- لأبي محمّد (عليه السلام)، فكتبت إليه (4). الخبر.
و الظاهر أنه والد عبد الواحد، و ليس له ذكر في الرجال، لكن رواية ابن فضّال عنه يدلّ علي مدح يقرب من الوثاقة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن عبيد بن زرارة بن أعين، و كان أحول (5).
عبيد: هو الذي قال فيه النجاشي: روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، ثقة ثقة، عين، لا لبس فيه و لا شكّ، له كتاب يرويه جماعة عنه (6)، انتهي.
ص: 453
و الجماعة كما في الجامعين (1): حمّاد بن عثمان (2)، و أبان بن عثمان (3)، و الحسن بن علي بن فضّال (4)، و عبد اللّه بن بكير (5)، و جميل بن درّاج (6)، و حماد بن عيسي (7)، و يونس بن عبد الرحمن (8)، من أصحاب الإجماع.
و من أضرابهم من الأعاظم: معاوية بن وهب (9)، و إبراهيم بن محمّد الأشعري (10)، و علي بن شجرة (11)، و عبد الرحمن بن الحجاج (12)، و إسحاق بن عمار (13)، و هارون بن مسلم (14)، و أخوه رومي (15)، و علي بن إسماعيل بن عمّار (16)، و علي بن رئاب (17)، و داود بن الحصين (18)، و بكير بن أعين (19)،9.
ص: 454
و حميد بن المثني (1)، و أيوب بن الحرّ (2)، و عمر بن أذينة (3)، و أحمد بن الحسن (4)، و حريز (5)، و زيد النرسي (6)، و علي بن عقبة (7)، و ثعلبة بن ميمون (8)، و يحيي الحلبي (9)، و علي بن الحسن بن رباط (10)، و يعقوب بن شعيب (11)، و غيرهم.
فالسند صحيح بما مرّ في (له) (1).
و أبو أحمد كنية لابن أبي عمير، و روايته عن عبيد اللّه أمارة علي وثاقته، فلا يضرّه عدم ذكرهم له في الرجال، فالخبر صحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد و عبد اللّه ابني محمّد بن عيسي، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن و جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد ابن عثمان، عنه (2).
السند الأوّل في أعلي درجة الصحّة، و كذا الثاني.
و الحلبي: هو كبير الحلبيين- الذين هم بيت كبير في الشيعة- و أفقههم، و هو صاحب الكتاب الذي عرض علي الصادق (عليه السلام) فصحّحه و استحسنه، و قال عند قراءته: أ تري لهؤلاء مثل هذا؟ و قد رواه عنه جمّ غفير لا حاجة إلي ذكرهم (3).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن فضّال، عنه (4).
السند صحيح أو في حكمه لوجود ابن فضّال، لكونه من أصحاب الإجماع و ممّن أمروا (عليهم السلام) بأخذ رواياتهم.
ص: 456
و الوصّافي: ثقة في النجاشي (1) و الخلاصة (2)، و يروي عنه ابن مسكان أيضا (3)، و الوصافي ضبطه بعضهم: بالمعجمة، و بعضهم: بالمهملة (4)، و هو أظهر.
عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسي، عن عبد الصمد بن بشير، عنه (5).
الأوّل مرّ حاله (6).
و الثاني (7) من مشايخ أبي عمرو الكشي، و عليه اعتمد في رجاله كما في النجاشي، قال: و هو أبو الحسن، صاحب الفضل بن شاذان و رواية كتبه (8)، و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام): تلميذ الفضل بن شاذان، نيشابوري، فاضل (9).
و يروي عنه أيضا شيخ القميين: أحمد بن إدريس (10)، و أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري المرعشي (11) - الذي قالوا في ترجمته: كان من
ص: 457
أجلّاء هذه الطائفة و فقهائها (1)، و كان فاضلا أديبا عارفا فقيها زاهدا و رعا، كثير المحاسن، ديّنا، يروي عنه شيوخ أصحابنا، كالمفيد، و ابن الغضائري، و التلعكبري، و أحمد بن عبدون (2) -.
و يروي هو كتب الفضل بن شاذان بتوسط علي بن محمّد بن قتيبة، و من هنا ذكره العلامة في القسم الأول، و قال في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: روي الكشي حديثا صحيحا عن علي بن محمّد القتيبي، قال: حدثني الفضل بن شاذان، قال: حدثني عبد العزيز بن المهتدي- و كان خير قمّي رأيته- إلي آخره.
و في حديث صحيح: عن علي بن محمّد القتيبي، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن الحسن الواسطي (3). إلي آخره.
و حيث وصف الحديث بالصحّة فلا بدّ من كون رجال سنده ثقات، و الصحّة بالمعني الجديد، لعدم احتمال المصطلح القديم فيهما كما لا يخفي، و كذا ذكره صاحب الحاوي في قسم الثقات، و هو الحقّ الذي لا مجال للتأمّل فيه.
و حمدان: ثقة، من وجوه أصحابنا كما في النجاشي (4) و الخلاصة (5).
و محمّد بن الحسين: هو ابن الخطاب الجليل.
و عثمان بن عيسي: من أصحاب الإجماع، و مرّ في (قمد) (6).
و عبد الصمد: من الثقات.4.
ص: 458
فالسند صحيح علي الأصح أو في حكمه.
و أمّا ابن زياد: فقال الشارح: و كأنّه رواسي الكوفي، يكنّي: أبا الحسين، روي عنه إبراهيم بن عبد الحميد، و يحتمل ثلاثة مجاهيل أخر، و الظاهر أن ما ذكره المصنّف: كان كتابه معتمد الأصحاب. إلي أن قال:
فالخبر قوي كالصحيح أو موثق كالصحيح، باعتبار وصف المصنّف الكتب التي يروي عنها.
و العجب من جماعة يعدّون قولهم: لا بأس به، مدحا، و غفلوا عن وصف المصنّف الكتب و أصحابها، و يطرحون أخبارهم بالضعف، فلا تغفل عمّا غفلنا عنه أيضا لمتابعتهم (1)، انتهي.
و صريح صاحب الجامع أنّه: الهمداني الكوفي (2)، و كيف كان فالخبر في حكم الصحيح لوجود عثمان بن عيسي، و لكون ابن زياد من أصحاب الصادق (عليه السلام) في رجال الشيخ (3)، و قد مرّ غير مرّة استظهار كونه ممّن وثقهم ابن عقدة، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (4).
و أبوه: من أجلّاء الأشعريين.
و ابن أبي الصهبان مثله.
و أبو أحمد: هو ابن أبي عمير.
و أبان: من أصحاب الإجماع.
فالسند صحيح، أو في حكمه علي احتمال ضعيف.
و عطاء: يروي عنه حريز (1)، و عمرو بن المقدام (2)، و لا يضرّ جهالته بعد وجود ابن أبي عمير و أبان في السند.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن خالد، عنه.
و أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن صفوان بن يحيي، عنه.
و أبوه، عن علي بن سليمان الرازي (3) الكوفي، عن محمّد بن خالد، عن العلاء بن رزين القلاء.
و محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن [فضّال و الحسن بن محبوب] (4)، عنه (5).
السند الأوّل: صحيح بما مرّ في (لب) (6) من وثاقة محمّد بن خالد.
ص: 460
و رجال الثاني: من الأجلاء كالرابع.
و امّا الثالث: ففيه اختلاف غريب، ففي نسخة عندي من الفقيه: علي ابن سليمان الزاري، و كذا في نسخة شارح المشيخة التقي المجلسي (1)، و نسخة صاحب الجامع (2).
و في نسخة اخري عندي: الرازي، و كذا في نسخة صاحب الوسائل (3)، و كذا في نسخة السيد المحقق الكاظمي صاحب العدّة (4)، و الظاهر أنّه:
الزراري لعدم وجود الرازي في الكتب الرجالية، و لقول الشيخ في الفهرست في ترجمة العلاء: و أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن سليمان الزراري الكوفي، عن محمّد بن خالد، عن العلاء ابن رزين (5)، و هذا هو السند المتقدم.
فعلي الأول: و هو الصحيح فالسند أيضا صحيح، لكون علي هو: ابن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو الحسن الزراري، كان له اتصال بصاحب الأمر (عليه السلام) و خرجت إليه توقيعات، و كانت له منزلة في أصحابنا، و كان ورعا، ثقة، فقيها، لا يطعن عليه في شي ء، كذا في النجاشي (6) و الخلاصة (7).
و علي الثاني: فالسند ضعيف لجهالة الرازي، و لذا قال المحقق الكاظمي6.
ص: 461
في العدّة: و الثالث: مجهول بعليّ بن سليمان، فإنه مهمل (1).
و أمّا العلاء فهو من أجلّاء الثقات، و شيوخ الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، صحب محمّد بن مسلم و تفقّه عليه (2).
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: الحسن بن محبوب (3)، و الحسن بن علي بن فضال (4)، و فضالة بن أيوب (5)، و صفوان بن يحيي (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و أحمد بن محمد بن أبي نصر (8)، و ابن أبي عمير (9)، و عبد اللّه ابن المغيرة (10).
و من أضرابهم من الأجلّاء: عبد الرحمن بن أبي نجران (11)، و الحجال (12)، و علي بن الحسن بن رباط (13)، و جعفر بن بشير (14)، و أحمد بن الحسن (15)، و علي بن رئاب (16)، و محمّد بن عبد الحميد (17)، و علي بن7.
ص: 462
أسباط (1)، و القاسم بن محمّد (2)، و محمّد بن العباس (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و السندي بن محمّد (5)، و علي بن الحكم (6)، و محمّد البرقي (7).
و غيرهم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عنه (8).
السند صحيح عندنا، موثق في المشهور بأبان، و هو من أصحاب الإجماع.
و أمّا العلاء: فهو غير مذكور بمدح و لا ذمّ، إلّا أنّ الشيخ ذكره في أصحاب، الصادق (عليه السلام) (9)، و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الفقيه في باب من يجب ردّ شهادته (10)، و كذا أبان، فهو ثقة علي الأصح، مع أنّ وجود أبان في السند يكفي في اعتبار كتابه الذي عدّه الصدوق من الكتب المعتمدة (11) أيضا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن
ص: 463
محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن، الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عنه (1).
قدّمنا وثاقة ماجيلويه في (لب) (2) فالسند صحيح.
و أمّا علي: فإن كان الثمالي: فهو ثقة بالاتفاق، و إن كان البطائني- و هو:
أبو الحسن، قائد أبي بصير يحيي، من عمد الواقفة- فكتابه معتمد، و أخباره معتبره لوجوه:
الأول: قول الشيخ في العدّة ما لفظه: و إن كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحيّة و الواقفة و الناووسيّة و غيرهم. إلي أن قال: و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجا في روايته، موثوقا به في أمانته، و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل: عبد اللّه بن بكير و غيره، و أخبار الواقفة مثل: سماعة بن مهران، و علي بن أبي حمزة، و عثمان ابن عيسي (3). إلي آخره.
الثاني: عدّ الشيخ في الفهرست كتابه من الأصول (4).
الثالث: رواية جماعة عنه- من الذين لا يروون إلّا عن الثقة، نصّا منهم، أو بقرائن معتمدة-: كأحمد بن محمّد بن أبي نصر (5)، و ابن أبي عمير (6)،7.
ص: 464
و صفوان بن يحيي (1)، و يونس بن عبد الرحمن (2)، و فضالة بن أيوب (3)، و عبد اللّه ابن المغيرة (4)، و الحسن بن محبوب (5)، و عثمان بن عيسي (6).
و من أضرابهم: جعفر بن بشير (7) - الذي قالوا في حقّه: روي عن الثقات، و رووا عنه (8) - و علي بن الحسن الطاطري (9) - الذي قالوا في حقّه: له كتب في الفقه، رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم (10) - و الحسين بن سعيد (11)، و الحسن بن علي الوشاء (12)، و علي بن الحكم (13)، و أبو داود سليمان ابن سفيان (14)، و عتيبة بياع القصب (15)، و إبراهيم5.
ص: 465
ابن عبد الحميد (1)، و محمّد بن سنان (2)، و ظريف بن ناصح (3)، [و وهيب] بن حفص (4)، و إسماعيل بن مهران (5)، و محمّد بن خالد الطيالسي (6)، و علي بن أسباط (7)، و درست بن أبي منصور (8)، و موسي بن القاسم (9)، و معاوية بن وهب (10)، و عمرو بن عثمان (11)، و العباس بن عامر (12)، و عبد اللّه بن المفضل النوفلي (13)، و عبد اللّه بن حمّاد (14)، و سليمان بن داود (15).9.
ص: 466
و عبد اللّه بن جبلة (1)، و غيرهم من الممدوحين.
الرابع: دعوي المحقق إجماع الأصحاب علي العمل بروايته، قال في المعتبر في مسألة الأسئار: و أما سؤر الطيور فطاهر إلّا ما كان علي منقاره [نجاسة] (2) دما أو غيره، ثم استدل بروايتي علي بن أبي حمزة، و عمّار، ثم قال:
لا يقال علي بن أبي حمزة: واقفي، و عمّار: فطحي، فلا يعمل بروايتهما، لأنّا نقول: الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب أو انضمام القرينة، لأنّه لولا ذلك لمنع العقل من العمل بخبر الثقة، إذ لا قطع (3) بقوله، و هذا المعني موجود هنا، فإن الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هناك، و لو قيل: قد ردّوا رواية كلّ واحد منهما في بعض المواضع، قلنا: كما ردّوا رواية الثقة في بعض المواضع، متعلّلين بأنه خبر واحد، و إلّا فاعتبر كتب الأصحاب فإنّك تراها مملوءة من رواية عليّ المذكور و عمّار (4)، انتهي.
و اعلم أنه ورد في عليّ أخبار، فيها ذمّه و وقفه و اللعن عليه، و منها اشتهر ضعفه، و ضعف الخبر الذي هو فيه، و لا حاجة إلي نقلها و نقل كلماتهم بعد تكرّر نقلها في الكتب، الذي ينبغي أن يقال و يسأل عن الجارحين الذين طرحوا أخباره بما ورد فيه: أنّ هؤلاء الأعاظم المعاصرين له- الذين هم وجوه الطائفة، و حفّاظ الشرع، و نقاد الأخبار، و فيهم الثلاثة الذين لا يروون إلّا عن ثقة، و ثمانية من الذين أجمعوا علي تصحيح ما يصحّ عنهم، و جعفر بن بشير، و الطاطري، و الحسين بن سعيد- كيف أجازوا لأنفسهم الرواية عنه، بل3.
ص: 467
و الإكثار منها في الأحكام الدينية، و تلقوها أصحاب الجوامع الشريفة كالكليني و الشيخ و غيرهما بالقبول، و أودعوها فيها فهل خفي عنهم حاله؟
أو كانوا من الذين لا يبالون من الأخذ عن الكذّاب و الوضّاع؟
أو كانوا لا يرون ما نسب إليه قدحا في رواياته و ضعفا في أخباره؟
و الأول احتمال فاسد، فإنّهم كانوا في عصره معاشرين له مختلطين معه، و ما ورد فيه لو صحّ قد كان بمرأي منهم و مسمع، و بتوسّطهم وصل إلي من بعدهم، فكيف ستر عنهم حاله؟! و الثاني غير لائق بمقامهم، و هم منزّهون عن احتمال ذلك فيهم عند كافّة الأصحاب.
بقي الثالث و هو الحقّ، و عليه فالسبب وجوه أشار إليها التقي المجلسي في الشرح:
الأول: أن يكون العمل بأخباره لموافقتها أخبار الثقات، بأن عرضوا كتبه و منها أصله علي الأصول فوجدوها موافقة، و هذا الوجه لا يتمّ إلّا فيما أخذ عن كتابه لا سماعا عنه، و مع الاشتباه كما في الكافي و مثله ممّا ذكر فيه تمام السند يشكل الأمر، مع أن ظاهر إجماع الشيخ في العدّة: وجوب العمل بأخباره مطلقا (1).
الثاني: أن يكون أخذهم عنه في حال استقامته، و هذا لا يتمّ في الذين لم يدركوا أيام الكاظم (عليه السلام): كالحسين بن سعيد، و موسي بن القاسم، و إسماعيل بن مهران السكوني، فإنّ وقفه كان مقارنا لوفاة الكاظم (عليه السلام) علي ما رواه الكشي في الضعيف: عن يونس بن عبد الرحمن، قال: مات أبو الحسن (عليه السلام) و ليس أحد من قوّامه إلّا و عنده المال1.
ص: 468
الكثير، و كان ذلك سبب وقفهم (1) و جحودهم موته، و كان عند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار (2).
فكلّ من كان من أصحاب الرضا (عليه السلام) روي عنه في أيام وقفه، مع أن حمل تمام أخبار هؤلاء و فيهم من أدرك الجواد (عليه السلام) أيضا علي روايتهم عنه في عهد الكاظم من البعد ما لا يخفي، و يؤيّده عدم تقييد أحد منهم في بعض رواياته روايته عنه بقوله: قبل وقفه (3)، كما كانوا قد يفعلونه في بعض أخبار المنحرفين.
الثالث: كونه ثقة عندهم في غير ما يتعلّق بمذهبه الباطل، و هذا هو الظاهر من طريقتهم و إطلاق إجماع العدّة، و لا ينافيه ما ورد في ذمّه ممّا يتعلّق بمذهبه، نعم ينافيه ما في الكشي، قال: قال ابن مسعود: حدثني أبو الحسن علي بن الحسن بن فضّال، قال: علي بن أبي حمزة كذّاب متّهم (4).
و قال في موضع آخر: قال ابن مسعود: سمعت عليّ بن الحسن يقول:
ابن أبي حمزة كذّاب ملعون، قد رويت عنه أحاديث كثيرة، و كتبت عنه تفسير القرآن كلّه من أوّله إلي آخره، إلّا أنّي لا أستحلّ أن أروي عنه حديثا واحدا (5).
و الجواب: أوّلا: أن قوله و اعتقاده لا يعارض عمل هؤلاء الأعاظم الذين هم فوقه بدرجات لا تحصي، و هو من أمارات الوثاقة من واحد منهم، فكيف بجميعهم، و كيف يجوّز البصير أن يكون ابن فضّال عرف كذبه و لم يعرفه يونس، و البزنطي، و ابن أبي عمير، و صفوان و نظرائهم.6.
ص: 469
و ثانيا: أنّ ما قاله فيه داخل في جملة معتقداته، و معدود من آرائه، و قد قالوا في بني فضّال: ذروا ما رأوا.
و ثالثا: أن التأمل الصادق يشهد أنّه سقط من كلام الكشي هذا شي ء، و إنّ ما قاله ابن فضّال انّما هو في حقّ الحسن بن علي بن أبي حمزة لا في حقّ أبيه، ففي الكشي في ترجمة الحسن هكذا: ما روي في الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني من أصحاب الرضا (عليه السلام): محمّد بن مسعود قال:
سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فقال: كذّاب ملعون، رويت عنه أحاديث كثيرة، و كتبت عنه تفسير القرآن [كله] (1) من أوّله إلي آخره، إلّا أنّي لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا (2).
و في النجاشي: قال أبو عمرو الكشي: فيما أخبرنا به محمّد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عنه، قال: قال محمّد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فطعن عليه (3) و لم ينقل في ترجمة أبيه عنه شيئا.
و السيد أحمد بن طاوس ذكر في رجاله في ترجمة عليّ ما في الكشي، فيها:
قال المحقق صاحب المعالم في تحريره: تقدّم إيراد كلام ابن مسعود في الحسن ابن عليّ هذا و ليس في الكلام هنا تصريح بإرادة عليّ، فالظاهر أنّ المراد به الحسن لا أبوه، و العجب أن النجاشي حكاه مصرّحا باسم علي في ترجمة الحسن، و لكنّ الظاهر بل المقطوع أنّ في عبارة كتابه غلطا، و أنّ كلمتي الحسن و ابن سقطتا من سهو القلم أو من النساخ، و ما هنا موافق لما في أصل الاختيار لكتاب الكشي، فإنه أورد الكلام في الحسن مصرّحا باسمه، و في عليّ كما هنا،3.
ص: 470
فأصل التوهم من هناك (1)، انتهي.
و الموجود في نسختي من النجاشي و قد كتبت في عصر مؤلّفه: الحسن بن علي بن أبي حمزة فالسهو من ناسخ كتابه.
و رابعا: أن ظاهر كلامه عدم صحّة أحاديث عليّ مطلقا قبل الوقف و بعده، و كونه كاذبا في جميع حالاته، و جعل هذا الكلام طعنا في القائل أولي من جعله طعنا فيه، فإنّه لا (مسرح) (2) للطعن علي ابن أبي حمزة قبل وقفه، فإنّه كان من قوّام أبي الحسن الأول (عليه السلام) و صاحب الأصل، و قد مرّ كلام المفيد فيما يتعلّق بأرباب الأصول (3)، و قول بعضهم: كون الرجل ذا أصل لا يخرجه عن الجهالة (4). كلام من لا اطلاع له بكلمات السلف الصالحين. و بالجملة فالحق أن أحاديثه معتبرة معتمدة وفاقا للسلف، علي ما يظهر من مؤلّفاتهم و اللّه العالم.
السند صحيح بما مرّ في (لب) (1).
و أمّا ابن أشيم فذكره الشيخ في أصحاب الرضا (2)، و قال العلامة: من أصحاب الرضا (عليه السلام) مجهول (3)، انتهي.
و لكن يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسي كما في الفقيه في باب ميراث المولود يولد و له رأسان (4)، و في التهذيب في باب وقت الزكاة (5)، و في باب حكم المسافر و المريض في الصيام (6)، و في باب الحكم في أولاد المطلقات (7)، و في باب أحكام الجماعة (8)، و في باب الطواف (9)، و في الاستبصار في باب وقت المغرب (10).
و في كامل الزيارات في باب (11)، و من عرف طريقة أحمد في باب الرواية، يطمئن بوثاقة من يروي عنه و لو بالمعني الأعمّ خصوصا إذا أكثر منها.
و يروي عنه أيضا يعقوب بن يزيد، و علي بن مهزيار كما في الكامل فيظ.
ص: 472
الباب التاسع (1)، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه معتمدا (2).
[209] رط- و إلي علي بن إدريس صاحب الرضا (عليه السلام) (3): تقدم السند في (كب) (4) مع إدريس بن زيد شريكه.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (5).
السند صحيح، و علي وثّقه النجاشي قال: و كان أوثق الناس و أصدقهم لهجة، و ذكر أنّه كان فطحيّا جري بينه و بين علي بن مهزيار رسائل في ذلك، رجعوا فيها إلي أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول و تركه (6). و صرّح في الفهرست أنّ له أصلا (7).
و روي عنه من الأجلّاء: أحمد بن محمّد بن عيسي (8)، و يعقوب بن يزيد (9)، و الحسين بن سعيد (10)، و علي بن الحسن بن فضال (11)، و الحسن بن موسي الخشاب (12)، و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (13)، و علي بن
ص: 473
مهزيار (1)، و الحسن بن علي الوشاء (2)، و الحسن بن علي الكوفي (3)، و منصور ابن حازم (4)، و موسي بن القاسم البجلي (5)، و عمران بن موسي (6)، و علي ابن الحسن الطاطري (7)، و الهيثم النهدي (8)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (9)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (10)، و غيرهم.
و بالجملة فلا شكّ في وثاقته عند أحد، إنّما الإشكال في رجوعه عن الفطحية علي ما جزم به النجاشي، و هو عندهم أوثق و أضبط و أعرف، فإنه قد عارضه كلام الكشي قال: كان علي بن أسباط فطحيّا، و لعلي بن مهزيار [اليه] (11) رسالة في النقض عليه مقدار جزء صغير، قالوا: فلم ينجع ذلك فيه و مات علي مذهبه (12)، و من هنا اختلفت كلمات القوم فيه، فبعضهم رجح كلام النجاشي فعدّ أحاديثه في الصحاح، و بعضهم ما في الكشي لعود الضمير إلي جماعة من الأصحاب فعدّها في الموثقات.
و حقّ القول ما قاله بعض المحققين من أنّه لا تناقض بين كلام الكشي و النجاشي، لأنّ الكشي لم يذكر غير رسالة واحدة وصفها بكونها مقدار جزء1.
ص: 474
صغير، و النجاشي ذكر أنّه جري بينهما رسائل، فالذي ذكره الكشي ليس فيه أكثر من أنّه لم يرجع بعد صدور إحدي تلك الرسائل، و قد يفهم من كلام النجاشي مثل هذا أيضا، لأنّها إن أجدت الأولي فما الباعث علي التعدد، بل يلوح من كلام النجاشي أن الرجوع لم يكن بسبب الرسائل بل بسبب الرجوع إلي الإمام الجواد (عليه السلام) و قوله: مات علي مذهبه معلوم أن خبر نشأ عن الاستصحاب، و إلّا فما يدريه بانتفاء الرجوع في الواقع، و لو لم يصل إلينا خبر الثقة برجوعه لحكمنا بمثل ذلك أيضا، انتهي.
و قال ابن داود في رجاله بعد نقل ما في النجاشي ثم الكشي: أقول:
و الأشهر ما قاله النجاشي، لأنّ ذلك شاع بين أصحابنا [و ذاع] (1) [فلا] (2) يجوز بعد ذلك الحكم بأنه مات علي المذهب الأول (3)، و صرّح العلامة: بأني أعتمد علي روايته (4).
و بالجملة فلا إشكال في الوثاقة و الرجوع، و أنه لا ثمرة في تحقيق الثاني عند من يحتج بالموثق إلّا عند التعارض، إنّما الإشكال في أحاديثه قبل الرجوع عند من لا يري حجيّة الموثّق، و قد تعرّض لهذا الإشكال جماعة هنا.
و في ترجمة الحسن بن علي بن فضّال الذي رجع [عن] (5) الفطحيّة قبل موته أو أخبر به عنده. قال الفاضل الكاظمي في التكملة في ترجمة الحسن: لكن يرد الإشكال من جهة أن الرجوع وقع عند موته، فالروايات التي رواها كلّها وقعت أيام فطحيّته، فلا تأثير للرجوع في خروج روايته عن الروايات الفطحيّة، فعليم.
ص: 475
القول بعدم حجيّة الموثق يزداد الإشكال و تسقط أخباره من [الأصل] (1)، و علي الحجيّة يرد الإشكال من جهة الترجيح عند المعارض، لأنه موثق بل من أعلي مراتب الموثق، و العجب ممّن قبل رواياته من القائلين بعدم حجيّة الموثق لم يلتفتوا إلي هذا الإشكال، و لعلّ العذر و التقصّي عنه بأنّ وثاقته تمنعه من سكوته عن بيان الكذب و التحريف في أخباره لو كان، فسكوته دليل علي قبوله لها و يكون كقبول سائر العدول، انتهي (2).
و هذا هو حقّ القول في الجواب، و عليه بناء الأصحاب قديما، أ تري أحدا تأمّل في روايات عبد الرحمن بن الحجاج، و رفاعة بن موسي، و جميل بن درّاج، و حمّاد بن عيسي، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و الحسن بن علي الوشاء، و غيرهم ممّن صرّح الشيخ في كتاب الغيبة (3) و غيره بأنّهم وقفوا ثم رجعوا، و كذا في روايات جمّ غفير من أعاظم الصحابة الذين ارتدوا ثم رجعوا، فإن الإشكال المذكور آت في رواياتهم، و لا فرق في قلّة الزمان و طوله و كثرة الروايات و قلّتها، و لم نر أحدا توقف في خبر واحد منهم لاحتمال صدوره عنه في أيام انحرافه، و ليس ذلك إلّا للتقرير المذكور.
التمار، هو الذي قال في حقّه النجاشي: أنّه أوّل من تكلّم علي مذهب الإمامية، و صنّف كتبا في الإمامة، كان كوفيّا و سكن البصرة، و كان من وجوه المتكلمين من أصحابنا، انتهي (1).
و هذا المدح العظيم إذا قرن برواية صفوان عنه و جملة من الأعاظم مثل:
العباس بن عامر (2)، و علي بن مهزيار (3)، و السكوني (4)، يورث الظن القوي بوثاقته و هو المطلوب.
محمّد بن الحسن، عن الحسن ابن متيل الدقاق، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي عبد اللّه الحكم ابن مسكين الثقفي، عن علي بن بجيل بن عقيل الكوفي (5).
مرّ في (مب) (6) توثيق الحكم فالسند صحيح.
و علي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (7) (عليه السلام)، و مرّ غير مرّة الاعتماد علي مجاهيل أصحاب الصادق (عليه السلام) في رجال الشيخ، و قال الشارح: و يظهر من المصنّف اعتبار كتبه، فالخبر قوي كالصحيح (8).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي
ص: 477
ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (1).
السند صحيح عندنا، و عليّ هو بغدادي انتقل إلي واسط، ثقة يروي عنه الصفار (2)، و محمّد بن عيسي (3)، و سهل بن زياد (4) و غيرهم (5).
و في الكشي: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمّد بن عيسي اليقطيني، قال: كتب (6) (عليه السلام) إلي علي بن بلال في سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين.
«بسم اللّه الرحمن الرحيم: أحمد اللّه إليك، و أشكر طوله و عوده، و أصلّي علي النبيّ محمّد و آله صلوات اللّه و رحمته عليهم، ثم إنّي أقمت أبا علي (7) مقام الحسين بن عبدربّه، و ائتمنته علي ذلك بالمعرفة بما عنده، و الذي لا يتقدمه أحد، و قد أعلم أنّك شيخ ناحيتك، فأحببت إفرادك و إكرامك بالكتاب بذلك، فعليك بالطاعة له، و التسليم إليه جميع الحقّ قبلك، و أن تحضّ مواليّ علي ذلك، و تعرفهم من ذلك ما يصير سببا إلي عونه و كفايته، فذلك توفير علينا، و محبوب لدينا، و لك به جزاء من اللّه و أجر، فإنّ اللّه يعطي من يشاء، و الإعطاء (8) و الجزاء برحمته، و أنت في وديعة اللّه، و كتبت بخطّي و أحمد اللّهي.
ص: 478
كثيرا» (1).
و فيه في ترجمة إبراهيم بن عبده: حكي بعض الثقات بنيسابور أنّه خرج لإسحاق بن إسماعيل من أبي محمّد (عليه السلام) توقيع (2): «يا إسحاق بن إسماعيل سترنا اللّه و إيّاك بستره»، و ساق التوقيع و هو طويل (3).
و فيه: «و يا إسحاق اقرأ كتابنا علي البلالي رضي اللّه عنه، فإنه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه» (4). إلي آخره.
و المراد به علي بن بلال علي ما صرّح المولي عناية اللّه و غيره.
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن العمركي بن علي البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السلام).
و محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار و سعد بن عبد اللّه جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و الفضل بن عامر و موسي بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر (عليهما السلام).
و كذلك جميع كتاب علي بن جعفر فقد رويته بهذا الاسناد (5).
كذا فيما عندنا من نسخ الوسائل و فيه غلط فاحش، و الموجود في نسخ الفقيه، و شرح المشيخة (6)، و العدّة للسيد المحقق
ص: 479
الكاظمي (1)، و جامع الرواة: عن موسي بن القاسم البجلي (2) و هو الصحيح.
و في الفهرست في ترجمة موسي: أخبرنا جماعة، عن محمّد بن علي بن الحسين (3) عن محمّد بن الحسن (4)، و أخبرنا ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن الصفار، و سعد بن عبد اللّه، عن الفضل بن عامر، و أحمد بن محمّد، عن موسي بن القاسم، عن رجاله (5).
و يقرب منه ما في مشيخة التهذيب (6).
بل يأتي هنا في الطريق إلي موسي مثل ما فيهما.
و هذا ممّا لا إشكال فيه، كما لا إشكال في صحّة الطريقين المنشعبين إلي طرق كثيرة، فإن العمركي و اسمه- علي ما نقله ابن داود عن شيخه السيد جمال الدين أحمد بن طاوس، و أسنده إلي رواية صحيحة- علي بن البوفكي- و بوفك قرية من قري نيشابور (7) - كما في النجاشي: شيخ من أصحابنا ثقة، روي عنه شيوخ أصحابنا منهم: عبد اللّه بن جعفر الحميري (8).
و قال الشيخ في رجاله: و يقال إنه اشتري غلمانا أتراكا بسمرقند8.
ص: 480
للعسكري (عليه السلام) (1).
و جهالة الفضل بن عامر غير مضرّ بعد كون أحمد معه، مع أن رواية الأجلّاء عنه مثل: سعد بن عبد اللّه (2)، و محمّد بن الحسن الصفار (3)، و الجليل موسي بن الحسن الأشعري كما في الكافي في باب كم يعاد المريض (4)، بل ابن الوليد كما هو محتمل الفهرست (5)، تشير إلي وثاقته.
و في نسخ مشيخة التهذيب خاصّة الفضل بن غانم بالغين و النون، و الظاهر أنّه من سهو القلم (6)، و كيف كان فكتاب علي بن جعفر (عليه السلام) المبوّب و الغير المبوّب الموجود في هذه الأعصار بحمد اللّه تعالي من الأصول المعتبرة المشهورة، الذي رواه عنه كثير من الأعاظم كما لا يخفي علي من أمعن النظر في الفهارس و المجاميع، و هذا واضح كجلالة قدره و عظم منزلته و إدراكه أربعة من الأئمة (عليهم السّلام) و إن كان جلّ رواياته عن أخيه موسي (عليه السلام).
إنّما الإشكال فيما ذكره التقي المجلسي- رحمه اللّه- في الشرح بعد ترجمته و ذكر فضائله ما لفظه: و بالجملة فجلالة قدره أجل من أن يذكر، و قبره بقم مشهور، و سمعت أن أهل الكوفة التمسوا منه مجيئه من المدينة إليهم، و كان في الكوفة مدّة، و أخذ أهل الكوفة الأخبار عنه، و أخذ منهم أيضا، ثم استدعي القميّون نزوله إليهم فنزلها، و كان بها حتي مات بها رضي اللّه عنه و أرضاه، و انتشر أولاده في العالم، ففي أصبهان قبر بعض أولاده منهم السيد كمال الدين في قرية1.
ص: 481
(سين برخوار) و قبره يزار، و سادات [نطنز] (1) أكثرهم من أولاده منهم: السيد أبو المعالي، و السيد أبو علي و أولادهما بأصبهان من الأعاظم في الدين و الدنيا، انتهي (2).
و قال ولده العلامة المجلسي في البحار: ثم اعلم أن المشاهد المنسوبة إلي أولاد الأئمة الهادية و العترة الطاهرة و أقاربهم صلوات اللّه عليهم يستحب زيارتها و الإلمام بها- إلي ان قال- و علي بن جعفر المدفون بقم، و جلالته أشهر من أن يحتاج إلي البيان، و أمّا كونه مدفونا بقم فغير مذكور في الكتب المعتبرة، لكن أثر قبره الشريف موجود و عليه اسمه مكتوب (3)، انتهي.
و إني لأتعجب من هذين الجليلين الماهرين الخبيرين، و احتمالهما كون عليّ مدفونا بقم فضلا عن الظنّ أو الجزم به، لما سمعه الأول مما لا أصل له، و ذكر الثاني من كتابة الاسم علي القبر، بل القرائن الكثيرة المعتبرة تشهد بعدم كونه فيه.
منها ما أشار إليه من عدم ذكر ذلك في الكتب، مع أنّ عليا جمع بين السيادة و الفضل و الجلالة و كثرة الرواية و الاشتهار، و لو كان ممّن هاجر إلي قم و مات فيها لتعرّض له أهل الرجال، كتعرضهم كثيرا في التراجم أنّ فلان كوفي مثلا انتقل إلي البصرة أو هاجر أو سكن بلد كذا، و كذا أهل الأنساب مع أنّهم ذكروا مقامه و جلالته و كتبه و الطريق إليه و ما ورد فيه، و لم يذكر أحدا أنه هاجر إلي العجم.3.
ص: 482
و منها أنّه لو كان في قم خصوصا علي ما ذكر الشارح من أنّ أهلها التمسوا منه المهاجرة إليهم لأخذوا الاخبار عنه، كيف تركوا الأخذ منه و الرواية عنه و هم الذين كانوا يشدّون الرحال إلي أقاصي البلاد لأخذ الحديث من حملته، و هم الذين سافروا من قم إلي أصبهان و هي أبعد البلاد من الشيعة لأخذ الحديث عن إبراهيم الثقفي الذي هاجر من الكوفة إليها، و مع ذلك يتركون أخذ الحديث ممّن نزل فيهم و هو الشيخ الكبير العالم الجليل ابن الإمام و أخوه و عمه، و عنده ما تشتهيه الأنفس و تلذّ القلوب.
و أمّا سند الدعوي فهو واضح لمن نظر إجمالا إلي ترجمته و الفهارس و الجوامع العظام، فإن الذين كانوا يتمكنون من الرواية عنه في عصر الجواد (عليه السلام) من أهل قم مثل: أحمد بن محمّد بن عيسي، و أخوه، و أحمد بن محمّد البرقي، و محمّد بن قولويه، و أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه الأشعري، و أبو جرير إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعري، و أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، و أحمد بن محمّد بن عبيد الأشعري، و الحسين بن محمّد القمي، و الحسين بن سعيد فإنّه هاجر إلي قم و كان فيها إلي أن مات، و زكريا بن آدم القمي، و عبد اللّه بن الصلت أبو طالب القمي، و محمّد بن إسحاق القمي.
و لم يرو أحد من هؤلاء كتابه عنه، و إلّا لذكره المشايخ في طرقهم، فإن طريق الصدوق كما عرفت ينتهي إلي العمركي، و موسي بن القاسم البجلي، و طريق النجاشي إلي علي بن أسباط بن سالم، و علي بن الحسن، و طريق الشيخ إلي العمركي و البجلي أيضا، بل ليس لأحد من هؤلاء رواية عنه في الكتب الأربعة، بل و لا لأحد من القميين سوي أبي قتادة علي بن محمّد بن حفص القمي في الاستبصار في باب الماء المستعمل (1)، و في باب الثوب يصيب جسد3.
ص: 483
الميت (1)، و في باب من فاتته صلاة الكسوف (2)، و في باب أيام النحر و الذبح (3).
و في التهذيب في باب صفة الوضوء (4)، و أخذه عنه كان في غير قم قطعا، فإنه ليس من أصحاب الرضا (عليه السلام) و لا من أصحاب الجواد (عليه السلام)، و لو صحّت مهاجرة عليّ لكانت في أيام الجواد (عليه السلام)، فكانت روايته عنه قبله، بل في الكافي في باب النص علي العسكري (عليه السلام)، علي بن محمّد، عن موسي بن جعفر بن وهب، عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا أبا الحسن لمّا توفي ابنه محمّد، فقال للحسن (عليه السلام) ابنه (5): «يا بني أحدث للّه شكرا فقد أحدث فيك أمرا» (6)، فلو صحت الهجرة لكانت في أيام الهادي (عليه السلام) فتبصر.
و الذين رووا عن عليّ علي ما في الجامعين: ابنه محمّد (7)، و العمركي (8)، و موسي بن القاسم (9)، و علي بن أسباط (10)، و سليمان بن جعفر (11)، و أبو قتادة (12)،6.
ص: 484
و محمّد بن عبد اللّه بن مهران (1)، و يعقوب بن يزيد (2)، و داود النهدي (3)، و أحمد ابن محمّد بن عبد اللّه (4)، و أحمد بن موسي (5)، و الحسن بن علي بن عثمان (6)، و إسماعيل بن همام (7)، و الحسين بن عيسي (8)، و موسي بن جعفر بن وهب (9)، و الاعتذار بأنه توفي حين وروده قبل الأخذ عنه أبرد من الثلج في الشتاء (10).
و منها أن الفاضل الماهر الخبير الحسن بن محمّد بن الحسن القمّي المعاصر للصدوق قال في كتاب تاريخ قم، الذي ألّفه لكافي الكفاة صاحب بن عبّاد، الباب الثالث في ذكر الطالبيّة- يعني أولاد أبي طالب الذين نزلوا بقم و سكنوا فيها- و ذكر أنسابهم و بعض أخبارهم، ثم ذكر أولا بعض فضائل السادات، ثم ابتدأ بذكر السادة الحسنيين، ثم شرع في السادة الحسينيّة، قال ما معناه:
أوّل من نزل منهم بقم أبو الحسن الحسين بن الحسين بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) و شرح حاله.
ثم ذكر فاطمة بنت موسي بن جعفر (عليهما السلام) و شرح حالها و وفاتها و مدفنها، ثم ذكر موسي المبرقع و حاله و ذرّيته في كلام طويل، ثم ذكرك.
ص: 485
الحسن بن علي بن محمّد الملقب بالديباج ابن الصادق (عليه السلام) و ذكر ذرّيته و من بقي منهم في قم و من خرج.
ثم شرع في ذكر من نزل بقم من أولاد علي بن جعفر من السادات العريضيّة، فذكر أوّل من نزل منهم بقم الحسن بن عيسي بن محمّد بن علي ابن جعفر الصادق (عليه السلام) و معه ابنه علي، ثم شرح ذرّيته، ثم روي عن بعضهم أن عريض قرية من قري المدينة علي فرسخ منها، و كانت للباقر (عليه السلام) و الصادق (عليه السلام) أوصي بها لولده عليّ و كان عمره عند وفاة الصادق (عليه السلام) سنتين، و لما كبر سكن القرية و لذا يقال لولده العريضية.
ثم ذكر ممّن هاجر منهم من الري إلي قم: علي بن الحسين بن محمّد بن علي بن جعفر (عليه السلام) و شرح حاله و ذرّيته، ثم ذكر منهم أبا الحسين أحمد بن القاسم بن أحمد بن علي بن جعفر (عليه السلام) و كان أعمي، و ذكر له كرامة، ثم ذكر الحسن بن علي بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن جعفر (عليه السلام) و ذكر أنّه كان من الفقهاء و من رواة الأحاديث و لذا ذكره في باب العلماء، انتهي (1).
قلت: قال في فهرست الكتاب: الباب السادس عشر، في ذكر بعض علماء قم و عدد خواصّهم مائتان و ستّة و ستون، و ذكر مصنّفاتهم و رواياتهم و بعض أخبارهم، و هذا الباب فقد مع ما فقد من أبواب هذا الكتاب (2).
و أنت خبير بأنّه لو كان جدّ هؤلاء السادة علي بن جعفر (عليه السلام) ممّن نزل بقم و دفن بها لكان أولي بالذكر من جميعهم، و ما كان ليخفي عليه كما8.
ص: 486
يظهر لمن نظر إلي هذا الكتاب و اطلاعه علي جميع ما يتعلّق بهذه البلدة الطيّبة.
و قرأها، و هذا مما يورث القطع بالعدم.
و الحقّ أنّ قبره بعريض كما هو معروف عند أهل المدينة، و قد نزلنا عنده في بعض أسفارنا و عليه قبّة عالية، و يساعده الاعتبار كما عرفت، و أمّا الموجود في قم فيمكن أن يكون من أحفاده.
ففي عمده الطالب في ترجمة عليّ و نسبته إلي العريض- قرية علي أربعة أميال من المدينة كان يسكن بها- و أمّه أم ولد، يقال لولده العريضيّون و هم كثير، فأعقب من أربعة رجال: محمّد، و أحمد الشعراني، و الحسن، و جعفر الأصغر، أمّا جعفر الأصغر بن علي العريضي. فأعقب من ولده عليّ و لعلي أعقاب (1).
إلي آخره، فهو علي بن جعفر الأصغر بن علي بن جعفر الصادق (عليه السلام).
و يحتمل أن يكون علي بن جعفر بن علي الهادي (عليه السلام) الملقب بالكذّاب، ففي العمدة في ترجمة جعفر أنّه أعقب من ستّة و عدّ منهم عليّ (2).
بل عن كتاب فصل الخطاب لمحمّد البخاري الملقب بخواجه پاسار في ترجمة العسكري (عليه السلام): و لمّا زعم أبو عبد اللّه جعفر بن أبي الحسن علي الهادي رضي اللّه عنه، أنّه لا ولد لأخيه أبي محمّد الحسن العسكري رضي اللّه عنه، و ادّعي أنّ أخاه الحسن العسكري رضي اللّه عنه جعل الإمامة فيه سمّي الكذاب، و العقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر، و عقب علي هذا في ثلاثة (3). إلي آخره.
و هذان الاحتمالان جاريان في المدفون في خارج بلدة سمنان، و يعرف أيضا بقبر علي بن جعفر، و عليه قبّة عالية و له صحن في غاية من النزاهة و اللّها.
ص: 487
العالم.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسّان الواسطي.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الحسن بن موسي الخشاب، عن علي ابن حسّان الواسطي (1).
السندان في أعلي درجة الصحّة.
و علي بن حسّان الواسطي من أجلّاء الثقات و تقدّم في (قع) (2) فالخبر صحيح، و لكن صدر من شارح المشيخة، و السيد الكاظمي في العدّة ما يقتضي منه العجب:
أمّا الأول فقال في شرح قوله: و ما كان فيه عن علي بن حسان، ما لفظه:
مشترك بين الواسطي الثقة الثقة، و بين الهاشمي الضعيف، و تقدّم أحوالهما في ترجمة عبد الرحمن بن كثير (3)، لكنّ الظاهر من المصنّف أنّ كتابه معتمد، فيكون الواسطي، و لو كان الهاشمي لكان كتابه معتمدا أيضا (4)، انتهي.
و الموجود في الفقيه و غيره ممّن نقل مشيخة الفقيه توصيف علي بالواسطي في الموضعين (5)، فاحتمال الاشتراك ساقط من أصله، إلّا أن يكون قد سقط من نسخته فيهما و هو بعيد.
و أمّا الثاني فذكر في الطريق الثاني الحسن بن موسي الخشاب ثم قال:
و الأول صحّ، و الثاني مجهول بالخشاب، و عليّ ثقة، انتهي (6).
ص: 488
و الموجود في نسخ صاحب الوافي، و صاحب الوسائل (1)، و التقي المجلسي، و العالم الجليل المولي مراد التفريشي شارح الفقيه، و الخبير بهذا الفن صاحب جامع الرواة (2)، و غيرهم، الحسن بن موسي الخشاب علي ما صرّحوا به.
قال التفريشي: قوله: عن علي بن حسّان صحيح بسنده الأول، صحيح أو حسن بالثاني بالحسن بن موسي الخشاب، و هو من وجوه أصحابنا، مشهور كثير العلم و الحديث (3).
و في الخلاصة: و علي بن حسّان الواسطي ثقة عن الكشي، انتهي (4).
و الترديد لعدم فهم بعضهم التوثيق من قولهم: من وجوه أصحابنا، و هو ضعيف وفاقا للمحققين و التتبع أيضا يشهد بذلك، ففي الكافي في باب أنّ الأئمة ولاة أمر اللّه: أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسي الخشاب، عن علي بن حسّان (5)، و كذا في باب فيه نكت و نتف من التنزيل (6)، و في باب أنه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمة (عليهم السلام) (7) و في باب أن الأئمة (عليهم السّلام) في العلم و الشجاعة و الطاعة سواء (8)، و في باب النوادر بعد باب المياه المنهي عنها: عن الخشاب، عن علي بن حسّان (9).6.
ص: 489
و في التهذيب في باب الوكالات: محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسن ابن موسي الخشاب، عن علي بن حسّان (1) إلي غير ذلك، نعم في بعض نسخ النهاية: الحسين، و لا شكّ أنّه من سهو قلم الناسخ، و الاقتصار عليه و الحكم بضعف السند مع عدم ذكر للحسين أصلا في الكتب الرجالية و أسانيد الأحاديث و تصريح هؤلاء الأعلام، و عدم إشارة لهم إلي النسخة، خلاف طريقة مثله من الأعلام في هذا المقام.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عنه (2).
السند صحيح، و علي بن الحكم هو الكوفي الأنباري الثقة الجليل، كثير الرواية، ابن أخت داود بن النعمان بياع الأنماط، و تلميذ ابن أبي عمير، يروي عنه الحسن بن محبوب (3)، و علي بن الحسن بن فضال (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و أحمد بن محمّد بن عيسي (6)، و أحمد بن محمّد البرقي (7)، و عبد اللّه بن محمّد بن عيسي (8)، و محمّد بن السندي (9)، و محمّد بن الحسين (10)، و محمّد بن علي بن محبوب (11)، و علي بن
ص: 490
إسماعيل (1)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (2)، و موسي بن القاسم (3)، و سعد بن عبد اللّه (4)، و عبد اللّه بن جعفر (5)، و عبد اللّه بن الصلت (6)، و هارون بن مسلم (7)، و الحجال (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و أحمد بن محمّد الكوفي (10)، و علي بن الحسين بن موسي كما في التهذيب في باب فضل الكوفة و هو غريب (11).
و غيرهم من الأعاظم، و احتمال التعدد فيه لأن الكشي ذكره و وصفه بالأنباري (12)، و النجاشي بالنخعي (13)، و الفهرست بالكوفي (14)، توهم فاسد، و قرائن الاتحاد كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، و ما أشبه حاله في الجلالة و كثرة الرواية و توهم التعدد بإسحاق بن عمّار الصيرفي، و هو ناشئ من قلّة التأمّل و التتبع.6.
ص: 491
أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عنه (1).
الطريق المنشعب إلي أربعة كلّها صحيحة.
و علي ثقة جليل القدر صاحب أصل كبير رواه عنه جماعة.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عنه (2).
السند صحيح، و عليّ ثقة من الوكلاء، فالخبر صحيح.
و الموجود في الفهرست (3) و النجاشي (4): رواية علي بن إبراهيم عنه بدون.
توسّط أبيه، فقوله: عن أبيه إمّا زيادة من سهو القلم، أو هو طريق آخر الجواز رواية الولد و الوالد عنه.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن علي ابن الحكم، عنه (5).
السند في أعلي درجة الصحّة.
و علي بن سويد السائي- و قد يعبّر عنه بعليّ السائي وثقه الشيخ في
ص: 492
أصحاب الرضا (1) (عليه السلام)، و لأبي الحسن موسي (عليه السلام) رسالة إليه و هو (عليه السلام) في الحبس، يظهر منها علوّ مقامه و قرب منزلته عندهم (2).
و يروي عنه الحسن بن محبوب في الكافي في باب أحكام المتعة (3)، و في التهذيب في باب تفصيل أحكام النكاح (4)، و يونس بن عبد الرحمن بتوسط ابن ثابت- و هو أبو حمزة الثمالي-، و ابن عون، فالخبر صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن محمّد، عن إسحاق ابن عمّار، عنه (5).
كذا في نسخ الوسائل، و الموجود في الشروح، و الوافي و الفقيه: حمزة بن عبد اللّه.
و علي الأول فالسند صحيح علي الأصح حسن عند المشهور، فإن حمزة هو ابن الطيّار، و يروي عنه جميل بن درّاج (6)، و أبان الأحمر (7)، و يونس بن عبد الرحمن، عن حمّاد، عنه (8). و في الصحيح أنّ الصادق (عليه السلام) قال [فيه] (9) بعد موته: «رحمه اللّه تعالي و لقّاه نضرة و سرورا» (10).
و علي الثاني فالسند ضعيف بجهالته كجهالة علي بن عبد العزيز باشتراكه،
ص: 493
إلّا أن صاحب الجامع صرّح بأنّه: علي بن عبد العزيز المزني الخيّاط الكوفي (1)، الذي يروي عنه ابن أبي عمير في الكافي في باب فضل النظر إلي الكعبة (2)، و عبد اللّه بن مسكان فيه في باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله (3)، و في التهذيب في باب صفة الإحرام (4)، و أبان بن عثمان في الكافي في كتاب الروضة بعد حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) (5)، و في الفقيه في باب عقد الإحرام و شرطه (6)، و الثلاثة من أصحاب الإجماع، و الأول لا يروي إلّا عن ثقة.
و من غيرهم من الأعاظم: ثعلبة الفقيه (7)، و علي بن الحكم (8)، و إسحاق بن عمّار (9)، و هارون بن حمزة (10)، و الحسين بن المختار (11)، فالخبر علي الأول صحيح، و علي الثاني ضعيف، و في الشرح بعد الحكم بجهالة حمزة و عليّ (12)، فالخبر قويّ و ذلك لعدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (13).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن حسّان، عن علي بن عطيّة الأصمّ
ص: 494
الحنّاط الكوفي (1).
علي بن حسان هو الواسطي الثقة فالسند صحيح، و ابن عطيّة ثقة في النجاشي (2) يروي عنه ابن أبي عمير كما في الفهرست (3)، فالخبر صحيح.
أبوه (4)، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن حسّان، عن إدريس بن الحسن، عن علي بن غراب- و هو ابن أبي المغيرة الأزدي (5) -.
قد استظهرنا وثاقة محمّد بن حسّان في (قفا) (6)، و ضعفنا تضعيف ابن الغضائري و غيره، لكن إدريس غير مذكور فالسند ضعيف، إلّا أن يقال ان علي بن غراب ثقة و يروي كتابه عنه جماعة، فلا يضرّ جهالة إدريس لكونه من مشايخ الإجازة في المقام، فالخبر صحيح.
أمّا الأوّل: فقد عرفت أن علي هو ابن أبي المغيرة، و في النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي ثقة هو و أبوه، روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) و هو يروي كتاب أبيه عنه (7).
و في الخلاصة، و رجال ابن داود: علي بن أبي المغيرة ثقة (8)، و في الفهرست في ترجمة علي بن غراب: هو علي بن عبد العزيز المعروف بابن غراب (9)، و في أصحاب الصادق: علي بن عبد العزيز الفزاري و هو ابن غراب،
ص: 495
أسند عنه، له كتاب (1)، و فيه: علي بن أبي المغيرة حسّان الزبيدي، أسند عنه (2).
و الظاهر أنّه وقع و هم فيهما، و المعلوم منهما أنّ ابن غراب ممّن أسند عنه، فيكون علي ما استظهرنا في محلّه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.
و أمّا الثاني: ففي الفهرست: له كتاب رويناه بالإسناد عن حميد، عن إبراهيم بن سليمان أبو إسحاق الخزّاز، عنه.
و رواه بطريق آخر (3) عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عنه.
و رواه بطريق آخر عن علي بن الحسن- يعني ابن فضّال- عن أخيه أحمد، عن أبيه الحسن بن علي، عنه (4).
و في النجاشي أن ابنه الثقة الحسن يروي كتابه عنه (5).
و يروي عنه أيضا بعنوان علي بن أبي المغيرة، أو علي بن المغيرة كما في بعض النسخ، و الظاهر الاتحاد كما نصّ عليه الفاضل الأردبيلي (6)، حمّاد بن عثمان في الكافي في باب صفة الوضوء (7)، و في التهذيب فيه (8)، و إبراهيم بن أبي البلاد (9)، و عاصم بن حميد (10)، و سيف بن عميرة (11)، و غيرهم.4.
ص: 496
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الفضل الواسطي صاحب الرضا (عليه السلام) (1).
السند صحيح، و ابن فضل غير مذكور بمدح، لكن مرّ في (كا) (2) استظهار مدح عظيم يقرب من الوثاقة من قوله: صاحب الرضا أو غيره من الأئمة (عليهم السلام) فلاحظ، فالخبر في غاية الاعتبار.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عن علي بن محمّد الحضيني (3).
مرّ اعتبار الكوفي في (ز) (4) فالسند لا بأس به.
و أمّا علي فغير مذكور إلّا أنه يروي عنه إبراهيم بن مهزيار (5)، و الفقيه الثقة حمدان القلانسي (6) و محمّد بن سنان (7) فلا بأس به، مضافا إلي عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (8).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عنه (1).
السند صحيح علي الأصحّ، و لكن علي كسابقه، و يروي عنه بعض الأجلّة.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (2).
السند معتبر بل صحيح عندنا، و لكن علي بن مطر مهمل و لا رواية له في الكتب المعتبرة.
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار الأهوازي.
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار الأهوازي (3).
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس ابن معروف، عن علي بن مهزيار الأهوازي.
السند الأخير صحيح بالاتفاق، و الوسط كذلك علي الأصح بما مر في (يب) (4)، و لكن الحسين في السند الأول مجهول و لا ضرر فيه بعد وجود طرق صحيحة هنا، و في سائر الفهارس، و في الشرح ذكر الشيخ أسانيده الصحيحة من طريق الصدوق، و يصير أربعة و عشرين طريقا (5).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن
ص: 498
محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عنه (1).
السند صحيح علي الأصحّ بما مرّ في (لا) في ترجمة ابن عيسي (2)، و أمّا ابن ميسرة ففي الفهرست و النجاشي: له كتاب رواه عنه أحمد بن أبي عبد اللّه (3)، و فيه دلالة علي إماميّته و عدم ما يوجب القدح فيه و إلّا لذكراه، مضافا إلي رواية الوشاء الجليل عنه، و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (4)، فالخبر معتبر، و في الشرح: فالخبر حسن كالصحيح، أو قوي كالصحيح (5).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عنه (6).
السند صحيح، و عليّ هو أبو الحسن الأعلم النخعي، كان ثقة ثبتا صحيحا واضح الطريقة (7)، روي عنه سوي أحمد و إبراهيم: محمّد بن إسماعيل بن بزيع (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و أيوب بن نوح (10)، و أحمد بن محمّد بن خالد (11)، و محمّد بن الحسين بن أبي
ص: 499
الخطاب (1)، و محمّد بن خالد (2)، و علي بن حديد (3)، و الهيثم بن أبي مسروق النهدي (4)، و الحسن ابنه (5)، و عبد الحميد بن عوّاض (6)، و موسي بن عمر بن يزيد (7)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (8)، و يعقوب بن يزيد (9)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (10)، و الحسن بن علي بن فضّال (11)، و محمّد بن عبد الجبار (12)، و سهل بن زياد (13).
البزنطي (1)، و أبوهما عليّ من أجلّاء الطائفة، عظيم المنزلة عند الكاظم (عليه السلام)، ورد فيه مدائح عظيمة، يطلب من الكشي (2)، و غيره، فالخبر صحيح.9.
ص: 501
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
ص: 3
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 4
ص: 5
الفائدة الخامسة
ص: 6
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عنه (1).
أبو أيوب هو إبراهيم بن عثمان أو عيسي ثقة، فالسند صحيح مضافا إلي كون ابن محبوب في السند.
و كذا عمّار ثقة لا مغمز فيه.
و يروي عنه ابن أبي عمير (2)، و ابن فضّال (3)، و جعفر بن بشير (4)، و أبو العباس (5)، و علي بن رئاب (6)، و عمرو بن ميمون (7)، و هشام بن سالم (8)، و علي بن النعمان (9)، و غيرهم فهو معدود من الأجلّاء.
أبوه، و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن الحسين بن علي بن فضّال، عن عمرو بن سعيد المدايني، عن مصدق بن صدقة، عنه (10).
أحمد و مصدق من العلماء الرواة، و الفقهاء الثقات مع كونهما فطحيّين.
ص: 7
و المدائني ثقة اختلفوا في فطحيّته، و قال الأردبيلي في مجمع الفائدة: عمرو ابن سعيد المدايني قيل أنّه فطحي، إلّا أنّ الأرجح أنه ثقة و ليس بفطحي (1) انتهي، و الظاهر أنّ المشهور علي فطحيّته.
و أمّا عمار فقد كثر الكلام فيه من جهة فطحيّته المعلومة بنقل الثقات، و لذا قال صاحب التكملة- رحمه اللّه- في آخر ترجمته: فالمسألة تبني علي أن الموثق حجّة أم لا (2)، انتهي.
و الحقّ ان اخباره معتمدة لا بد من العمل بها، و إن قلنا بعدم حجيّة الموثق مطلقا، أو عند وجود معارض صحيح، و ذلك لوجود الدليل الخاصّ علي حجيّتها، و يستكشف ذلك من مواضع-:
أ- كلام المفيد في الرسالة العددية من أن رواة الحديث- بأن شهر رمضان من شهور السنة يكون تسعة و عشرين يوما، و يكون ثلاثين يوما- فقهاء، أصحاب أبي جعفر (عليه السلام). إلي أن قال: و الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إلي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة، و المصنّفات المشهورة. إلي أن قال: ممّن روي عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام)- أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان- أبو جعفر محمّد بن مسلم.
إلي أن قال: و روي مصدق بن صدقة، عن عمّار بن موسي الساباطي، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: «يصيب شهر رمضان ما يصيب الشهور من النقصان، يكون ثلاثين يوما و يكون تسعة و عشرين يوما» (3).7.
ص: 8
ب- و ما تقدم في (رز) (1) في ترجمة علي بن أبي حمزة، و هو قول المحقق في «أسآر المعتبر»، من أنّ الأصحاب عملوا برواية هؤلاء- يعني عليّ و عمّار- كما عملوا هناك.
و لو قيل: قد ردّوا رواية كلّ واحد منهما في بعض المواضع.
قلنا كما ردّوا رواية الثقة في بعض المواضع متعلّلين بأنه خبر واحد، و إلّا فاعتبر كتب الأصحاب فإنّك تراها مملوءة من رواية علي و عمّار (2).
و قال أيضا في أحكام البئر، فيما ينزح للعصفور و شبهه: لنا: ما رواه عمّار الساباطي، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: «و أقلّه العصفور ينزح منها دلو واحدة»، و قد قلنا أنّ عمّار مشهود له بالثقة في النقل، منضمّا إلي قبول الأصحاب لرواية هذه، و مع القبول لا يقدح اختلاف العقيدة (3).
و قال في المسألة الاولي من المسائل الغريّة: قال شيخنا أبو جعفر في مواضع من كتبه انّ الإماميّة مجمعة علي العمل بما يرويه السكوني و عمّار و من ماثلهما من الثقات لم يقدح المذهب بالرواية مع اشتهار الصدق. إلي آخره.
ج- ما في الفهرست: عمّار بن موسي الساباطي له كتاب كبير جيّد معتمد و كان فطحيّا (4).
و في التهذيب- بعد حكاية تضعيفه عن جماعة- انه و ان كان فطحيا فهو5.
ص: 9
ثقة في النقل لا يطعن عليه (1) و الظاهر بل المقطوع انه داخل في العموم الذي ادّعاه في عدّته في قوله فلأجل ما قلناه عملت الطائفة باخبار الفطحيّة مثل عبد اللّه بن بكير و غيره و اخبار الواقفة. إلي آخره (2).
و لذا قال المحقق في المعتبر في مسألة التراوح: و الاولي و ان ضعف سندها فان الاختبار يؤيدها من وجهين أحدهما عمل الأصحاب علي رواية عمّار لثقته، حتي ان الشيخ في العدّة ادّعي إجماع الإماميّة علي العمل بروايته (3).
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله بعد نقل هذه العبارة: و لم أجد في العدّة تصريحا بذكر عمّار، و الذي وجدته فيه دعوي عمل الطائفة باخبار الفطحيّة مثل عبد اللّه بن بكير و غيره، و شمول العموم له غير معلوم لأنّه فرع المماثلة في التوثيق و لم يظهر من العدّة ذلك و كان المحقق أدخله في العموم لثبوته من كلامه في التهذيب و الفهرست، انتهي (4).
قلت: عمّار من الثقات المعروفين، و في المعتبر في مسألة الإنائين: و عمّار هذا و ان كان فطحيّا و سماعة و ان كان واقفيّا لا يوجب ردّ روايتهما هذه، امّا أوّلا فلشهادة أهل الحديث لهما بالثقة. إلي آخره (5).
و في النجاشي: عمّار بن موسي الساباطي أبو الفضل مولي و أخواه قيس و صباح رووا عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام) و كانوا ثقات في الرواية (6). إلي آخره، و مثله [في] الخلاصة (7)، و تقدم كلام الشيخ في6.
ص: 10
التهذيب (1)، و في الكشي: قال محمّد بن مسعود: عبد اللّه بن بكير و جماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا، منهم ابن بكير، و ابن فضّال يعني الحسن بن عليّ، و عمّار الساباطي، و علي بن أسباط، و بنو الحسن بن علي بن فضّال عليّ و أخواه، و يونس بن يعقوب، و معاوية بن حكيم، و عدّ عدّة من اجلّة الفقهاء العلماء (2)، و انتهي.
فهو ان لم يكن أوثق من ابن بكير فهو مثله قطعا فهو داخل في العموم من غير تردّد.
د- ما رواه الكشي في ثلاثة مواضع كما هو الموجود في اختيار الشيخ، ففي موضع روي عن أبي الحسن موسي (عليه السلام) انه قال: استوهبت عمّار من ربّي تعالي، فوهبه لي (3).
و في موضع: عن علي بن محمّد، عن محمّد بن احمد بن يحيي، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن حمّاد الكوفي، عن مروك، عن رجل (4) قال: قال لي أبو الحسن الأول (عليه السّلام): اني استوهبت عمّار الساباطي من ربّي، فوهبه لي (5).
و في موضع آخر: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّه القمي، عن عبد الرحمن بن حمّاد الكوفي، عن مروك بن عبيد، عن رجل، و ذكر مثله (6).
و السند و ان كان ضعيفا، الّا انّ في ذكر الخبر في ثلاثة مواضع، و اختياره7.
ص: 11
الشيخ كذلك، دلالة علي قوّته و اعتباره.
و قال ابن طاوس في رجاله كما في التحرير الطاووسي: و رأيت في بعض النسخ رواية مروك، عن أبي الحسن (عليه السلام) بلا واسطة (1)، و عليه فالخبر قوي جدّا و حيث ان الضعف الذي رمي به عمّار في بعض الكلمات منحصر سببه في فطحيّته و الخبر يدلّ علي خروجه منهم حكما فلا نقص ينسب اليه من هذه الجهة، و لاتفاق الكلمة علي فقهه و عدالته و علمه و درايته لا بدّ و ان يعدّ من أجلّاء أصحابنا.
قال الشيخ البهائي في شرح الفقيه: و عمّار الساباطي و ان كان فطحيّا الّا انّه كان ثقة جليلا من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السلام) و حديثه يجري مجري الصحاح، و قد ذكر الشيخ في العدة: ان الطائفة لم تزل تعمل بما يرويه عمّار، و قول الكاظم (عليه السّلام): انّي استوهبت عمّارا من ربّي، فوهبه لي، مشهور. و سؤاله الصادق (عليه السّلام) ان يعلّمه الاسم الأعظم و قوله (عليه السّلام): انّك لا تقوي علي ذلك، و إظهار بعض علامات ذلك عليه يدلّ علي كمال قربه و اختصاصه، فقد ثبت بنقل الشيخ و تقرير هؤلاء الفضلاء له فيكون المخالف مسبوقا بالإجماع (2)، انتهي.
و أغرب صاحب التكملة حيث قال- بعد نقل هذا الكلام-: و امّا ما ذكر من اقترانه بالقرائن كخبر الكشي عن الكاظم (عليه السّلام)، فانا في عجب من ذلك، فإنّك تحقّقت انه فطحي الي ان مات، فكيف يستوهبه الكاظم (عليه السّلام) من اللّه، و يوهبه له، و هو فطحي ملعون من الكلاب الممطورة؟!، و لو كان من الصادق (عليه السّلام) لكان له وجه، فالأوليا.
ص: 12
الطرح لذلك و لضعف السند أو حمل عمّار علي غير الساباطي، و ان كان نقل المصنف لفظ الساباطي (1)، انتهي.
قلت: اعلم أوّلا ان الفطحيّة أقرب المذاهب الباطلة إلي مذهب الإمامية و ليس فيهم معاندة و إنكار للحق و تكذيب لأحد من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بل لا فرق بينهم و بين الإماميّة أصولا و فروعا أصلا، إلّا في اعتقادهم امامة امام بين الصادق و الكاظم (عليهما السلام) في سبعين يوما، لم تكن له راية فيحضروا تحتها، و لا بيعة لزمهم الوفاء بها، و لا أحكام في حلال و حرام، و تكاليف في فرائض و سنن و آداب كانوا يتلقونها، و لا غير ذلك من اللوازم الباطلة، و الآثار الفاسدة الخارجية المريبة غالبا علي امامة الأئمة الذين يدعون الي النار، سوي الاعتقاد المحض الخالي عن الآثار، الناشئ عن شبهة حصلت لهم عن بعض الاخبار، و انّما كان مدار مذهبهم علي ما أخذوه من الأئمة السابقة و اللاحقة صلوات اللّه عليهم كالإماميّة.
و من هنا تعرف وجه عدم ورود لعن و ذمّ فيهم، و عدم أمرهم (عليهم السلام) بمجانبتهم كما ورد ذمّ الزيديّة و الواقفة و أمثالهما و لعنهم، بل في الكشي أخبار كثيرة، و فيها انّهما و النّصّاب عندهم (عليهم السلام) بمنزلة سواء، و أنّ الواقف عاند عن الحقّ و مقيم السيئة، و أن الواقفة كفّار زنادقة مشركون، و نهوا (عليهم السلام) عن مجالستهم و انّهم داخلون في قوله تعالي وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتٰابِ أَنْ إِذٰا سَمِعْتُمْ آيٰاتِ اللّٰهِ يُكْفَرُ بِهٰا وَ يُسْتَهْزَأُ بِهٰا فَلٰا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّٰي يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ (2) قال: يعني الآيات الأوصياء الذين كفروا بها الواقفة و آل أمرهم الي ان أذنوا (عليهم السلام) في الدعاء عليهم في القنوت، و لشدّة عنادهم و تعصّبهم لقّبوا بالكلاب الممطورة، و الممطورة كما مرّ0.
ص: 13
في (قمد) (1) في ترجمة سماعة.
هذا و لم نعثر الي الآن علي ورود ذمّ في الفطحيّة، بل كانت معاملتهم (عليهم السلام) معهم في الظاهر كمعاملتهم مع الإماميّة، و قد أمروا بأخذ ما رووه بنو فضّال و هم عمدهم، و رواياتهم لا تحصي كثرة.
و روي الصدوق في العيون، و العلل، و معاني الاخبار، عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن احمد بن زياد الهمداني (2)، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه قال: سألت الرضا (عليه السّلام) فقلت له: لم كني النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) بابي القاسم؟ فقال: لانّه كان له ابن يقال له: قاسم، فكنّي به، قال: فقلت: يا ابن رسول اللّه، فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال:
نعم، اما علمت ان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: انا و عليّ أبوا هذه الأمّة؟ قلت: بلي، قال: اما علمت ان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) أب لجميع أمّته، و عليّ (عليه السّلام) منهم؟ قلت: نعم، قال: اما علمت أن عليا (عليه السّلام) قاسم الجنّة و النار؟ قلت: بلي، قال: فقيل له: أبو القاسم، لانه أبو قاسم الجنّة و النار، الخبر (3).
و امّا سند ما ادّعيناه ففي الكشي: الفطحيّة هم القائلون بإمامة عبد اللّه ابن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) و سمّوا بذلك، لانه قيل: انه كان افطح الرأس، و قال بعضهم: كان افطح الرجلين، و قال بعضهم: انّهم نسبوا اليل.
ص: 14
رئيس من أهل الكوفة، يقال له: عبد اللّه بن فطيح، و الذين قالوا بإمامته عامّة مشايخ العصابة و فقهائها، مالوا الي هذه المقالة، فدخلت عليهم الشبهة لما روي عنهم (عليهم السلام)، انّهم قالوا: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضي.
ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لمّا امتحنه بمسائل من الحلال و الحرام لم يكن عنده فيها جواب، و لما ظهر منه من الأشياء التي لا ينبغي ان تظهر من الامام (1).
ثم ان عبد اللّه مات بعد أبيه بسبعين يوما، فرجع الباقون إلّا شذاذ منهم عن القول بإمامته إلي القول بإمامة أبي الحسن موسي (عليه السّلام) و رجعوا الي الخبر الذي روي: أن الإمامة لا تكون في الأخوين بعد الحسن و الحسين (عليهما السلام) و بقي شذاذ منهم علي القول بإمامته، و بعد ان مات، قالوا بامامة أبي الحسن موسي (عليه السلام).
و روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انه قال لموسي (عليه السّلام):
يا بنيّ انّ أخاك يجلس مجلسي و يدعي الإمامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فإنه أوّل أهلي لحوقا بي (2)، انتهي.
و قال الشيخ الجليل الأقدم أبو محمّد الحسن بن موسي النوبختي في كتاب فرق المذاهب، في ذكر فرق الشيعة بعد أبي عبد اللّه (عليه السّلام):
و الفرقة الخامسة منهم قالت: الإمامة بعد جعفر (عليه السّلام) في ابنه عبد اللّه ابن جعفر (عليه السّلام) (3) و ذلك انه كان- عند مضي جعفر (عليه السلام)- أكبر ولده سنّا، و جلس مجلس أبيه، و ادّعي الإمامة و وصيّة أبيه.).
ص: 15
و اعتلّوا بحديث يروونه عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) انه قال: الإمامة في الأكبر من ولد الامام.
فمال الي عبد اللّه و القول بإمامته جلّ من قال بامامة جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أبيه (1) غير نفر يسير عرفوا الحقّ، فامتحنوا عبد اللّه بمسائل في الحلال و الحرام من الصلاة و الزكاة و غير ذلك، فلم يجدوا عنده علما، و هذه الفرقة القائلة بامامة عبد اللّه بن جعفر (عليه السّلام) هي الفطحيّة.
و سمّوا بذلك لان عبد اللّه كان افطح الرأس، و قال بعضهم: كان افطح الرجلين، و قال بعض الرواة: نسبوا إلي رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبد اللّه بن فطيح (2).
و مال الي هذه الفرقة جلّ مشايخ الشيعة و فقهائها، و لم يشكّوا [في] انّ الإمامة في عبد اللّه بن جعفر [و] في ولده من بعده، فمات عبد اللّه و لم يخلّف ذكرا، فرجع [عامة] الفطحيّة عن القول بإمامته- سوي قليل منهم- الي القول بامامة موسي بن جعفر (عليهما السّلام).
و قد كان رجع جماعة منهم في حياة عبد اللّه الي موسي بن جعفر (عليهما السلام) ثم رجع عامتهم بعد وفاته عن القول به، و بقي بعضهم علي القول بإمامته ثم امامة موسي بن جعفر (عليهما السلام) من بعده (3)، انتهي.
فانقدح من كلام هذين الشيخين الجليلين ما ادّعيناه من عدم الفرق بين الإماميّة و الفطحيّة إلّا في اعتقادهم امامة عبد اللّه في سبعين يوما لمجرّد الشبهة لا للعناد و جلب الخصام و إنكار الحقّ و تكذيبه.ه.
ص: 16
إذا عرفت ذلك: فاعلم ثانيا ان الزائد فيهم (عليهم السلام) كالناقص منهم (عليهم السلام) واحدا في أصل ثبوت الكفر الحقيقي الباطني، و اشتراك كلّ من كان علي خلاف الحقّ في الضلالة و البطلان، و لكن المتأمّل في آيات كثيرة و الاخبار المتظافرة، يجد انّ العذاب الموعود، و العقاب المعهود، لمن أنكر و جحد، و تولّي و عند، و كذب و أصرّ، و أدبر و استكبر، و ان من عرفهم (عليهم السلام) و أقرّ بهم و صدّقهم، أو جهلهم أو بعضهم، من غير إنكار و تكذيب و عداوة يرجي له الرحمة و المغفرة و ان تولي غير مواليه.
و في تفسير علي بن إبراهيم في الصحيح: عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال، قلت: جعلت فداك، ما حال الموحدين المقرّين بنبوّة رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) من المسلمين المذنبين الذين يموتون و ليس لهم امام و لا يعرفون ولايتكم؟ فقال (عليه السّلام): أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح لم تظهر منه عداوة فإنه يخدّ له خدّا إلي الجنّة التي خلقها اللّه تعالي بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته الي يوم القيامة حتي يلقي اللّه فيحاسبه بحسناته و سيآته، فإمّا الي الجنّة و امّا الي النار، فهؤلاء من الموقوفين لا مر اللّه.
قال (عليه السّلام): و كذلك يفعل بالمستضعفين، و البله، و الأطفال، و أولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، و أمّا النصاب من أهل القبلة، فإنّهم يخدّ لهم خدّا الي النار التي خلقها اللّه بالمشرق تدخل عليهم منها اللهب، و الشرر، و الدخان، و فورة الجحيم الي يوم القيامة، ثم بعد ذلك مصيرهم الي الجحيم،. ثُمَّ فِي النّٰارِ يُسْجَرُونَ. ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِ اللّٰهِ. (1) اي اين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله اللّه4.
ص: 17
للناس اماما (1).
و إذا كان هذا حال من لا يعرفهم و لا يعاديهم، فمن عرفهم و تولّاهم، و لكن تولّي وليجة دونهم من غير تكذيب لهم، فهو أقرب الي العفو و الرحمة.
و من هنا يعلم: ان الذين قتلوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحروب الثلاثة كانوا شهداء و فيهم كثير ممّن كانوا يتولّونهما (2).
ثم نقول ثالثا: أن الذي يظهر من مطاوي الأخبار، أنّ الجنّة محرّمة علي المشركين و الكفّار الجاحدين، و اما من هو في حكمهم في بعض الآثار، فلا يظهر من تلك الاخبار شمولها له مع انّ عدم الدخول في الجنّة المعهودة غير مستلزم للدخول في النار، فان للّه تعالي ان يعفو عن بعضهم و يخلق لهم ما يتنعمون فيه غير الجنّة.
و في الكافي عن الصادق (عليه السّلام): أن مؤمنا كان في مملكة جبّار فولع به، فهرب منه الي دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك فأظلّه، و أرفقه، و اضافه، فلمّا حضره الموت اوحي اللّه عزّ و جلّ اليه: (و عزّتي و جلالي لو كان لك في جنّتي مسكن لأسكنتك فيها و لكنّها محرمة علي من مات بي مشركا، و لكن: يا نار هيديه (3) و لا تؤذيه) و يؤتي برزقه طرفي النهار، قلت: من الجنّة، قال: من حيث يشاء اللّه عزّ و جلّ (4).
و في ثواب الأعمال بإسناده عن علي بن يقطين، قال: قال أبو الحسن موسي بن جعفر (عليهما السلام): انه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن، و كان له جار كافر، و كان يرفق بالمؤمن و يولّيه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر،3.
ص: 18
بني اللّه له بيتا في النار من طين فكان يقيه حرّها و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا ما كنت تدخل علي جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق و تولّيه المعروف في الدنيا (1).
و في آخر كتاب أبي جعفر محمّد بن المثني أبي القاسم الحضرمي: ممّا رواه الشيخ أبو محمّد هارون بن موسي التلعكبري، و الحقه به عن ابن همام، عن حميد بن زياد و محمّد بن جعفر الرزاز القرشي، عن يحيي بن زكريا اللؤلؤي، قال: حدثنا محمّد بن احمد بن هارون الحرار (2) عن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر، عن جابر الجعفي، عن رجل، عن جابر بن عبد اللّه، قال: كان لأمير المؤمنين (عليه السّلام) صاحب يهودي، قال: و كان كثيرا ما يألفه، و ان كانت له حاجة اسعفه فيها، فمات اليهودي فحزن عليه و استبدّت وحشة له، قال: فالتفت إليه النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و هو ضاحك، فقال له: يا با الحسن، ما فعل صاحبك اليهودي؟ قال: قلت:
مات، قال: اغتممت به و استبدت وحشتك عليه؟ قال: نعم يا رسول اللّه، قال: فتحب ان تراه محبورا؟ قال: قلت: نعم، بأبي أنت و أمّي، قال: ارفع رأسك، و كشط له عن السماء الرابعة فإذا هو بقبّة من زبرجد خضراء معلّقة بالقدرة.
فقال له: يا با الحسن، هذا لمن يحبّك من أهل الذمّة من اليهود و النصاري و المجوس، و شيعتك المؤمنون معي و معك غدا في الجنّة (3).6.
ص: 19
و هذا باب واسع لو أردنا استقصاء الكلام فيه لخرجنا عن وضع الكتاب، و فيما ذكرناه كفاية في تبيّن فساد ما في التكملة من جهات عديدة:
الأولي: قوله: كيف يستوهبه الكاظم (عليه السّلام)؟
قلت: يستوهب مواليا له و لآبائه و لأبنائه الغرّ (عليهم السلام) و هو معتقد لامامتهم و ناشر لمآثرهم مخطئ في اعتقاد امامة رجل ما رتّب عليه أثرا، كما استوهبوا جعفر الكذاب الجاحد المعاند المنكر المدعي الإمامة لنفسه المرتكب لموبقات كثيرة، أعظمها إيذاء آل اللّه بالضرب و السعي و الحبس و نهب المال، فأيّهما أحقّ بالأمن و الأمان و الشفاعة عند المالك الديّان؟! الثانية: قوله: و يوهبه له.
قلت: يهب ربّ رحيم غفور تنزّه عن عقوبة الضعفاء بشفاعة وليّه عبدا مطيعا مواليا لأوليائه معاديا لأعدائهم لزلّة صدرت منه بشبهة في فهم بعض الاخبار من غير فساد و علوّ و استكبار، ليت شعري أيّ قبح تصوّر في هذا العفو فاستعجب من طلبه؟! فيه ظلم عليه أو علي احد، أو حيف أو خلف لوعد، أو غير ذلك ممّا يجب تنزيه فعله تعالي عنه؟! و في الاحتجاج عن الصادق، عن أمير المؤمنين (عليهما السلام) انه قال في حديث: و الذي بعث محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) بالحقّ نبيّا لو شفع أبي في كلّ مذنب علي وجه الأرض لشفّعه اللّه فيهم (1)، الخبر، تأمّل فيه يفتح لك أبوابا.
الثالثة: قوله: من الكلاب الممطورة.
اشتباه لا ينبغي صدوره من مثله فان البقر تشابه عليه، و الكلاب الممطورة: من ألقاب الواقفة الجاحدين المكذّبين لا الفطحيّة، و بينهما بعد0.
ص: 20
المشرقين.
الرابعة: قوله: و لو كان من الصادق (عليه السّلام). إلي آخره.
فان مورد هذا الكلام في متعارف التحاور في مقام [صدرت منه] (1) من أحد زلّة عظيمة قلبيّة أو جوارحية استحق بها الشفاعة من شافع جليل، و لم يكن عمّار في عصره (عليه السّلام) الّا كسائر الإماميّة، و لم يعهد منه ارتكاب بعض المآثم كشرب النبيذ و أمثاله، كما قد ينقل عن بعض الرواة، مما دعاه (عليه السّلام) الي الاستيهاب ثم الاخبار عنه و اختصاصه به.
الخامسة: احتمال كون عمّار المذكور غير الساباطي.
و هو عجيب، فإن الأصل هو الكشي ذكره في ثلاثة مواضع، و العنوان في الأول في: عمّار بن موسي الساباطي من أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (2)، و في الأخيرين في: عمّار الساباطي (3)، ثم ان الساباطي موجود في متن الخبر أيضا في الأخيرين، فلاحظ.
ه- من القرائن الواضحة و الشواهد الجليّة كون ما في كتاب عمّار بل مطلق رواياته داخلا في عموم قولهم (عليهم السلام) في بني فضّال: خذوا ما رووا، فان طرق المشايخ الي عمّار و كتابه تنتهي الي احد بني فضّال، ثم اليه.
امّا الصدوق فقد عرفت أنه يرويه بإسناده عن احمد بن الحسن بن علي ابن فضّال بإسناده عنه (4)، و الشيخ في الفهرست يرويه بإسناده عن سعد و الحميري، عن احمد بن الحسن. إلي آخره (5).5.
ص: 21
و في النجاشي: له كتاب يرويه جماعة، أخبرنا محمّد بن جعفر قال:
حدثنا احمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضّال قال:
حدثنا عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة، عنه (1) و لا يضرّ ذلك وجود طرق أخر لهم إليه من غير ان تمرّ ببني فضّال كما يظهر من بعض أسانيد الكافي و التهذيب كما هو واضح.
و من جميع ما ذكرناه ظهر أن عمّار ثقة فطحيّ، لكنه في حكم الإمامي، بل في شرح الوافي للسيد صاحب مفتاح الكرامة: و يحتمل قويّا ان يكون إماميّا، انتهي (2).
و يؤيّده ان النجاشي- كما تقدم- ذكره و أخويه و وثقهم و لم يشر الي مذهبه، و عادته الذّكر لو كان غير امامي، و لذا قال العلامة الطباطبائي في رجاله- بعد نقل كلامه و كلام المفيد في الرسالة-: و ظاهرهما أنّه مع التوثيق صحيح المذهب، و يشهد له ما رواه الكشي، و ذكر خبر مروك (3).
هذا و يروي عن عمّار: حمّاد بن عثمان (4)، و عبد اللّه بن مسكان (5)، و الحسن بن علي بن فضّال (6)، و هشام بن سالم (7)، و ثعلبة بن ميمون (8)، و معاذ بن مسلم (9)، و مصدق بن صدقة (10)، و الحكم بن9.
ص: 22
مسكين (1)، و محمّد بن سنان (2)، و مروان بن مسلم (3) و غيرهم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار و الحسن بن متيل جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، قال: حدثني عمرو بن أبي المقدام، و اسم أبي المقدام، ثابت بن هرمز الحداد، السند صحيح علي الأصح كما مرّ (4).
و امّا عمرو فيمكن استظهار وثاقته من مجموع أمور:
أوّلها: ما رواه الكشي عن حمدويه بن نصير قال: حدثني محمّد بن الحسين، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن أبي (5) العرندس الكندي، عن رجل من قريش قال: كنّا بفناء الكعبة و أبو عبد اللّه (عليه السلام) قاعد فقيل له: ما أكثر الحاج! فقال: ما أقل الحاج! فمرّ عمرو بن أبي المقدام، فقال:
هذا من الحاج (6).
و ضعف السند لا ينافي حصول الظن خصوصا إذا رواه أربعة من الأجلّاء و فيهم الميثمي الذي قالوا فيه: صحيح الحديث، و قد أوضحنا في الفائدة السابقة دلالة هذه الكلمة علي وثاقة من بعده من الرجال (7).
ثانيها: رواية جعفر بن بشير عنه كما في الكافي في باب الأكل و الشرب
ص: 23
من آنية الذهب و الفضة (1)، و في التهذيب في باب الذبائح و الأطعمة (2)، و جعفر هو الذي روي عن الثقات و رووا عنه.
ثالثها: رواية ابن أبي عمير الذي لا يروي إلّا عن ثقة عنه، كما في روضة الكافي بعد حديث الصيحة (3).
رابعها: رواية جماعة من أصحاب الإجماع عنه غير ابن أبي عمير، و هم:
الحسن بن محبوب كما في الكافي في باب من ادّعي الإمامة و ليس لها بأهل (4)، و في التهذيب في باب شرح زيارة قبورهم، و في باب آداب الحكّام (5).
و صفوان بن يحيي في التهذيب (6) في باب صفة التيمم، و كذا في الاستبصار (7)، و هو أيضا ممّن لا يروي إلّا عن ثقة نصّا منهم، و عبد اللّه بن المغيرة في الكافي في باب الرفق (8)، و في باب شرب الماء من قيام (9)، و في التهذيب في باب أحكام الطلاق (10)، و احمد بن محمّد بن أبي نصر كما صرّح به السيد المحقق القزويني في جامع الشرائع (11).
و خامسها: رواية الأجلّاء عنه غير هؤلاء الأعاظم مثل: يحييا.
ص: 24
الحلبي (1)، و علي بن إسماعيل (2)، و عبد اللّه بن حمّاد (3)، و خلف بن حمّاد (4)، و الحكم بن مسكين (5)، و النضر بن سويد (6)، و عبادة بن زياد الأسدي (7)، و محمّد بن الوليد (8)، و ابن سنان (9)، و احمد بن النضر (10)، و نصر بن مزاحم (11).
و سادسها: ما نقله [في] الخلاصة عن الغضائري، قال: قال: عمرو بن أبي المقدام ثابت العجلي مولاهم الكوفي، طعنوا عليه من جهة، و ليس عندي كما زعموا، و هو ثقة (12).
و ربّما أورد علي هذا الوجه بوجهين:
الأول: معارضته بكلامه الآخر الذي نقله عنه [في] الخلاصة قال: عمر بن ثابت بالثاء أولا، ابن هرمز (13) أبو المقدام الحدّاد مولي بني عجلان كوفي، روي عن علي بن الحسين، و أبي جعفر، و أبي عبد اللّه (عليهم السلام) ضعيف جدّا قاله الغضائري (14)، و قال في كتابه الآخر، ثم نقل ما مرّ.0.
ص: 25
الثاني: ان ما نقله عنه [في] الخلاصة في عمر لا أخيه عمرو (1) و الغرض توثيقه.
و الجواب عن الأول: انّ كلامه الأوّل مؤيّد بالوجوه السابقة فلا بدّ من الأخذ به، و كلامه الآخر موهون جدّا بعدم طعن احد من المشايخ الذين تقدّموا عليه أو تأخروا عنه عليه، فان الصدوق جعل كتابه من الكتب المعتمدة (2).
و الكشي ذكره و مدحه بذكر الخبر السابق في ترجمته، و لم ينقل عن احد طعنا فيه (3)، و قال النجاشي: عمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز الحدّاد مولي بني عجل، روي عن علي بن الحسين و أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهم السلام) له كتاب لطيف (4) ثم ذكر طريقه اليه.
و ذكر الشيخ في أصحاب الصادق (5) [عليه السّلام] و كذا في الفهرست، و ذكر له كتاب حديث الشوري، و كتاب المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين (عليه السلام) اليهوديّ، و ذكر طريقه إليهما من غير طعن أو نقله فيه (6).
و قد أكثر ثقة الإسلام و غيره من نقل رواياته و الاعتماد عليه، و في الفقيه:1.
ص: 26
و قال الصادق (عليه السّلام): من تعدّي في وضوءه كان كناقصه.
و في ذلك حديث آخر بإسناد منقطع رواه عمرو بن أبي المقدام قال:
حدثني من سمع أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: انّي لا عجب ممّن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين و قد توضأ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) اثنتين اثنتين، فإن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) كان يجدّد الوضوء لكلّ فريضة.
فمعني هذا الحديث هو: انّي لأعجب ممّن يرغب عن تجديد الوضوء و قد جدّده النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (1). الي آخر ما قال، و يظهر منه كما في التعليقة انه معتمد مقبول القول (2).
فتضعيفه ضعيف جدا و لا قوّة له للمعارضة.
و عن الثاني: أن الظاهر من الخلاصة و جمع آخر اتحادهما و عدم وجود عمر في الرواة، و لم ينقل في الكتب الأربعة عنه خبر واحد، مع انّ ظاهر الغضائري كونه كثير الرواية.
و يؤيّده ان ما ذكره [في] الخلاصة (3) عن الغضائري في عمر بن ثابت، هو بعينه ما في النجاشي (4) في عمرو الّا التضعيف، و في الخلاصة: و لعلّ الذي وثقه الغضائري و نقل عن أصحابنا تضعيفه هو هذا، يعني عمرو (5).
و بالجملة لا مجال لتوهم المعارضة فتبقي أمارات الوثاقة سليمة.
و في كشف الغمّة: من كتاب الحافظ أبي نعيم عن عمرو بن أبي المقادم قال: كنت إذا نظرت الي جعفر بن محمّد (عليهما السلام) علمت انّه من سلالة2.
ص: 27
النبيين (1).
و من جميع ذلك ظهر فساد ما في التكملة، قال: قوله. عمرو بن أبي المقدام. إلي آخره، هذا ضعفه الغضائري تارة، و وثقه تارة أخري، و نقل من الأصحاب تضعيفه، فيرجع هذا الي الخلاف فيه، و لا اعتبار هنا بتضعيف الغضائري و لا بتوثيقه لتعارضهما فينسد الطريق إلي معرفة حاله فيكون مجهولا، و امّا الرواية التي رواها الكشي فضعيفة السند بالإرسال مع اضطرابها، و شكّ العلامة في تعيين الرجل (2)، انتهي.
و وجوه الفساد ظاهرة لمن تأمّل في مطاوي كلماتنا، و امّا نسبة الاضطراب فهي منه عجيب، فان نسخ الكشي متفقة علي ما نقلناه، و في الخلاصة عنه انّ الصادق (عليه السّلام) قال: هذا أمير الحاج (3)، و هذا من أوهام الخلاصة لا من اضطراب الخبر، و ليس التحريف في نقل الخبر سببا لاضطرابه، فلاحظ.
أبوه، عن احمد بن إدريس، عن محمّد بن احمد، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن معاذ الجوهري، عنه (4).
محمّد بن احمد هو ابن يحيي الأشعري المعروف صاحب نوادر الحكمة، ثقة جليل، لم يذكر فيه طعن في نفسه و ان قيل انه يروي عن الضعفاء و يعتمد المراسيل.
و اللؤلؤي ثقة كثير الرواية، كذا في النجاشي (5) و الخلاصة (6)، و يروي عنه
ص: 28
أجلاء من في طبقة محمّد بن احمد، مثل: سعد بن عبد اللّه (1)، و محمد بن عبد الجبار (2)، و موسي بن القاسم (3)، و الحجال (4)، و محمّد بن علي بن محبوب (5)، و احمد بن أبي عبد اللّه (6)، و محمّد بن الحسن الصفار (7)، و موسي بن جعفر البغدادي (8)، و موسي بن الحسن بن عامر (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، و احمد بن أبي زاهر (11)، و احمد بن الحسين (12)، و محمّد بن عمران (13)، و سهل بن زياد (14)، و علي بن محمّد (15)، و إبراهيم بن سليمان (16)، و غيرهم، فلا مجال للتأمّل في وثاقته.
نعم في النجاشي في ترجمة محمّد بن احمد بن يحيي: و كان محمّد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمّد بن احمد بن يحيي ما رواه عن محمّد بن موسي الهمداني، و ما رواه عن رجل، أو يقول: بعض [أصحابنا] (17) أو عنر.
ص: 29
محمّد بن يحيي المعاذي- الي ان قال- أو ما يتفرّد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي،. الي آخره، و نقل عن أبي العباس بن نوح انّ الصدوق تبعه في ذلك، و قرره عليه ابن نوح إلّا في محمد بن عيسي، فربما جعل هذا الاستثناء طعنا و قدحا فيه (1).
و فيه: أولا: أن مجرّد الاستثناء لا يستلزمه، لذا وثقه النجاشي مع نقله الاستثناء.
و ثانيا: أن ابن الوليد خصّه من بين شركائه بقوله: أو ما يتفرّد به، فلعلّ عدم القبول لعدم الضبط التام الغير المنافي للعدالة، أو لما ذكره النجاشي من ان له كتاب مجموع نوادر (2)، فان النوادر ما ليس لها باب يجمعها و ما كان كذلك يكثر في نوعه المخالفة للأصول، فظاهر العبارة ليس فيه طعن علي اللؤلؤي بوجه، لانّ عدم قبول المتفردات لكونها متفرّدات لا لشي ء في اللؤلؤي و الّا لعمّ الاستثناء و لم يخصّه من بينهم بما ذكره، و منه يعلم ما في قول الشيخ في من لم يرو عنهم [عليهم السلام] في ترجمة اللؤلؤي: ضعّفه ابن بابويه (3)، فإنه تبع شيخه في عدم قبول متفرداته و هو غير التضعيف.
و ثالثا: أنه معارض برواية الجماعة عنه و هم عيون الطائفة، و لا جرح هنا حتي يحتمل تقديمه، و لو كان لما كان قابلا للمعارضة.
و امّا رابعا: فيما قال التقي المجلسي في الشرح: و يظهر من النجاشي ان اللؤلؤي اثنان و يمكن التمييز من الرجال و الطبقات، فان المذكور هنا الثقة يروي عنه الصفار و أمثاله، و المجهول في مرتبة بعده بمرتبتين، فان الثقة يروي عن احمد بن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أبيه فهو في طبقة صفوان و حمّاد5.
ص: 30
مع قلّة روايته، بل لا يظهر كونه راويا و ان توهمه جماعة.
ففي النجاشي: أحمد بن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، له كتاب يعرف باللؤلؤة، و ليس هو الحسن بن الحسين اللؤلؤي، روي عنه الحسن بن الحسين اللؤلؤي (1)، و في الفهرست و الخلاصة: ثقة، و ليس بابن المعروف بالحسن بن الحسين اللؤلؤي [كوفي] (2) له كتاب اللؤلؤة، أخبرنا الحسين بن عبيد اللّه، عن احمد بن جعفر، عن احمد بن إدريس، عن احمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن احمد بن الحسن (3)، و ظاهر انّ الضمائر راجعة إلي أحمد- و له كتاب اللؤلؤة- لا الحسن، فتدبر، فلا يقع الاشتباه، و لهذا لم يذكر أصحاب الرجال نفسه و انّما ذكروا ابنه احمد (4)، انتهي.
و الحسن بن علي هو المعروف بابن بقاح، ثقة مشهور صحيح الحديث كما في النجاشي (5) و الخلاصة (6).
و معاذ الجوهري ذكره الشيخ في الفهرست (7) و ذكر له كتابا و ذكر طريقه اليه و لم يطعن عليه، و في التعليقة: يروي عنه ابن أبي عمير (8)، و هي من أمارات الوثاقة، و يروي عنه ابن بقاح كثيرا و هو صحيح الحديث، و قد مرّ انه أيضا من أمارات الوثاقة (9).4.
ص: 31
و قال الشهيد في مجموعته- مختار من كتاب معاذ بن ثابت بن الحسن الجوهري-: روي عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: إيّاكم و كثرة المزاح، الخبر.
و ساق بعض الاخبار منه و من كتب اخري من الأصول و قال في آخره:
و أكثر هذه مقروءة علي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه، و الظاهر اعتبار كتابه عنده، فالسند صحيح علي الأصح (1).
و امّا عمرو بن جميع الأزدي البصري قاضي الريّ، ففي الكشي، و أصحاب الباقر (عليه السّلام): بتريّ (2)، و في أصحاب الصادق (عليه السلام): ضعيف الحديث (3)، و في النجاشي: ضعيف (4).
و الظاهر انّ مراده من الضعف، ضعفه في المذهب كما في الأولين أو الحديث كما في الأخير، و لا ينافي ذلك وثاقته في نفسه.
أمّا الأول فواضح، و أمّا الأخير فإنّه أعمّ، إذ من أسبابه عندهم الرواية عن الضعفاء، و رواية بعض عجائب حالاتهم (عليهم السلام) و غرائب أفعالهم (عليهم السلام) و غيرها، و امّا استظهار وثاقته فلروايته يونس بن عبد الرحمن، عنه كما في الفهرست (5)، و في الكافي في باب العبادة من كتاب الكفر و الايمان (6).3.
ص: 32
و عثمان بن عيسي فيه في باب النوادر آخر كتاب النكاح (1)، و هما من أصحاب الإجماع، و مرّ مرارا انّه من أمارات الوثاقة (2) وفاقا للعلامة الطباطبائي (3)، و رواية ابن بقاح عنه بلا واسطة فيه أيضا في باب ما يسقط من الخوان من كتاب الأطعمة (4) و قد عرفت ممّن قالوا فيه أنه صحيح الحديث، فيكون عمرو ثقة بما مرّ في الفائدة السابقة (5).
و اعلم أنّ في النجاشي بعد الترجمة و التضعيف: له نسخة يرويها (6)، ثم ذكر طريقه إليها، و في الشرح: و الظاهر أن النسخة كانت تصنيف أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و يمكن ان يكون الأصحاب سمع منه بأنّ نسخته عنده و لهذا اعتمد الأصحاب عليه، و كثيرا ما يروون الاخبار عنه، و حكم الصدوقان بصحته، و الظاهر ان الضعف باعتبار القضاء من جهة العامّة و يمكن ان يكون للتقيّة و لسهولة نشر اخبار أهل البيت (عليهم السلام) كما فعله جماعة من أصحابنا، منهم القاضي ابن البرّاج، انتهي (7).
فقوله (ره) في آخر كلامه: فالخبر قوي كالصحيح (8)، قويّ صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسين بن علوان، عنه (9).
ص: 33
استظهرنا وثاقة الهيثم في (ند) (1).
و وثاقة الحسين- و لو في الحديث- في (قكح) (2)، و كذا عمرو بن خالد فيه، فالخير صحيح عند القدماء، موثق عند المتأخرين.
237 رلز- و الي عمرو بن سعيد الساباطي (3):أحمد بن محمّد ابن يحيي العطار، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن الحسن بن علي بن فضّال، عنه (4).
مر وثاقة العطار في (قسط) (5).
و ابن فضّال و ان كان فطحيّا الّا انه ثقة جليل روي عنه اخوه، و غيره من الكوفيين و القميين، و منهم محمّد بن احمد بن يحيي (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و محمّد بن موسي (8)، و الحسين بن بندار (9)، و محمّد بن يحيي (10)، و الحميري (11)، و ابن عقدة (12)، و محمّد بن الحسين (13)
ص: 34
و عمران بن موسي (1) و محمّد بن علي بن محبوب (2)، و الصفّار (3)، و غيرهم، مضافا الي دخوله في زمرة من أمرنا بالأخذ برواياتهم، فالسند موثّق كالصحيح.
و امّا عمرو بن سعيد فثقة في النجاشي (4) و الخلاصة (5)، و نقل في الكشي عن نصر فطحيّته (6)، و ردّه [في] الخلاصة بغلوّ نصر فلا يقبل قوله، و فيه نظر، الّا انّ عدم تعرّض النجاشي له ممّا يوهنه، و مع القبول فلا وحشة لما مرّ في عمّار (7)، مضافا الي وجود ابن فضّال فيؤخذ بما رواه علي كلّ حال.
بن محمّد بن عيسي (1)، و محمّد بن عبد الجبار (2)، إبراهيم بن هاشم (3)، و محمّد بن سنان (4)، و علي بن إسماعيل (5)، و مروك بن عبيد (6)، و غيرهم، فالسند صحيح.
و امّا عمرو فضعيف في المشهور، و نحن بيّنا وثاقته- بحمد اللّه تعالي- في (نز) (7)، فالخبر صحيح علي الأصح.
239 رلط- و إلي عمر (8) بن أبي زياد:أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عنه (9).
الحكم ثقة في (مب) (10) و الباقي من الأجلّاء، فالسند صحيح.
و ابن أبي زياد ثقة في النجاشي (11) و الخلاصة (12)، و يروي عنه أيضا جعفر ابن بشير كما في الكافي في باب الإجمال في طلب الرزق (13)، فالخبر صحيح عندنا، حسن بالحكم في المشهور.
ص: 36
240 رم- و الي عمر (1) بن أبي شعبة:محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حماد بن عثمان، عنه (2).
رجال السند ثقات و جلّهم من الأعاظم.
و أمّا ابن أبي شعبة ففي النجاشي في ترجمة ابن أخيه علي: كان يتّجر هو و أبوه و إخوته الي حلب فغلب عليهم النسبة إلي حلب، و آل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا، و روي جدّهم أبو شعبة عن الحسن و الحسين عليهما السلام، و كانوا جميعهم ثقات مرجوعا الي ما يقولون (3). إلي آخره.
و استظهر جماعة توثيقه من هذه العبارة، و أنّ ضمير (كانوا) يرجع الي آل أبي شعبة و يحتمل الرجوع الي (هو و اخوته) و هو بعيد، و يؤيد الأول ما في النجاشي أيضا في ترجمة ابنه احمد بن عمر (4) بن أبي شعبة الحلبي: ثقة، روي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، و عن أبيه من قبل، و هو ابن عمّ عبيد اللّه و عبد الأعلي [و عمران] (5) و محمّد الحلبيين، روي أبوهم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) و كانوا ثقات (6)، و ان احتمل هنا أيضا رجوع الضمير الي الذين روي أبوهم (7) عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و هو أيضا كسابقه.
ص: 37
و رواية حمّاد عنه أيضا تشير الي وثاقته، و كذا رواية ابن بكير عنه كما في التهذيب في باب أحكام الجماعة، و هما أيضا من أصحاب الإجماع فالخبر صحيح أو في حكمه (1).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (2).
رجال السند كلّهم من عيون الطائفة.
و ابن أذينة ثقة بالاتفاق، و وجه الشيعة بالبصرة، و له مجلس طريف مع بعض رؤساء المخالفين ذكرناه في الفائدة الثانية في شرح حال كتاب دعائم الإسلام (3).
الحسين بن احمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عن محمّد بن عيسي، عن صفوان بن يحيي، عن داود بن الحصين، عنه (4).
السند صحيح بما مرّ في (لا) (5) في ترجمة ابن عيسي، و في (قط) في ترجمة داود (6).
و امّا عمر بن حنظلة فيدل علي وثاقته أمور:
أ- رواية صفوان عنه كما في التهذيب في باب أوقات الصلاة (7)، و في
ص: 38
الفقيه في باب المتعة (1).
ب- رواية الأجلّة عنه، و فيهم جماعة من أصحاب الإجماع، مثل: زرارة في التهذيب في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها من أبواب الزيادات (2).
و عبد اللّه بن مسكان (3) - و هو ممّن أكثر من الرواية عنه- و عبد اللّه بن بكير (4)، و أبو أيوب الخزّاز (5)، و علي بن رئاب (6)، و علي بن الحكم (7)، و منصور بن حازم (8)، و هشام بن سالم (9)، و إسماعيل بن جابر الجعفي (10)، و موسي بن بكير (11)، و علي بن سيف بن عميرة (12)، و الحارث بن المغيرة (13)، و أبو المعزي حميد بن المثني (14)، و داود بن الحصين (15)، و احمد بن عائذ (16)، و عبد3.
ص: 39
الكريم بن عمرو (1).
ج- ما رواه في التهذيب في باب أوقات الصلاة: بإسناده عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن يونس، عن يزيد بن خليفة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال [أبو عبد اللّه (عليه السّلام)] (2): اذن لا يكذب علينا، قلت:
قال: وقت المغرب إذا غاب القرص، الّا أن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) إذا جدّ به السير أخّر المغرب، و يجمع بينها و بين العشاء، فقال: صدق، و قال: وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق الي ثلث الليل، و وقت الفجر حين يبدو حتي يضي ء (3).
أمّا السند فصحيح، أو في حكمه، و قد مرّ توثيق محمّد بن عيسي (4)، و يونس من أصحاب الإجماع، و قد أكثر من الرواية عنه، فيزيد ثقة، أو لا يحتاج الي النظر اليه مع انه يروي عن يزيد صفوان بن يحيي في الكافي في باب كفّارة الصوم و فديته (5)، و في باب الورع (6)، و في كتاب الجنائز (7)، و في التهذيب مرّتين في باب الغرر و المجازفة (8)، و في الفقيه في باب نوادر0.
ص: 40
الطواف (1)، و لا يروي إلّا عن ثقة، و يروي عنه عبد اللّه بن مسكان (2)، و عاصم ابن حميد (3)، و أبو المعزي (4) فرمي السند بالضعف كما في المنتقي (5) ضعيف جدا، مع انّه غير مضرّ لعدم منعه عن حصول الظنّ بوثاقته أو صدقه أو بالخبر الصادر عنه، و هو كاف، نعم علي مذاق صاحبه من كون التزكية من باب الشهادة فلا ينفع في المقام.
و أمّا الدلالة فهي ظاهرة، فإن مرجع قوله (عليه السّلام): إذا. إلي انه إذا كان الآتي بالوقت عمر بن حنظلة فلا يكذب علينا بالمجهول، اي: لا مجال لنقل الكذب علينا فيه مع كونه الناقل عنّا، و هذا يدلّ علي علوّ مقامه و جلالة قدره و وثاقته و مقبولية اخباره عند الأصحاب بحيث يتبيّن من روايته كذب ما روي علي خلافه.
و لعلّه لهذا فهم الشهيد الثاني من الخبر وثاقته (6)، و كذا المحقق ولده الّا انّه ناقش في السند (7)، و كذا المدقق ولده الشيخ محمّد في شرح الاستبصار.
و أمّا علي القراءة بالمعلوم فربّما نوقش فيها بأنّه قال (عليه السّلام): لا يكذب علينا. لا مطلقا، و بأن عدم الكذب أخصّ من الكفّ عن المعاصي بل وجود الملكة المانعة، و لأنه كان متهما عند السائل فسأل الإمام عمّا رواه، و لو كان الوثوق به حاصلا لما كان الي السؤال حاجة، لأنّ قوله [عليه السلام]: لا1.
ص: 41
يكذب علينا، بمعني: لا ينبغي وقوع ذلك منه، مثل قولك: فلان لا يخوننا و لا يؤذينا، يقال في مقام دفع شرّه و نحو ذلك.
قال السيد المحقق صدر الدين العاملي- بعد نقل هذه الوجوه-: و في نظري انّ هذه كلّها كلمات ضعيفة، انتهي، و في التعليقة: مع ان دلالة الحديث علي الذم أظهر (1).
و قال أبو علي- بعد نقله-: و الأمر كذلك بناء علي بناء الفعل للفاعل (2)، و لعلّ وجهه بعض الوجوه المتقدمة، أو ما أشار إليه في التكملة:
بان التنوين في «إذا» للتعويض كما اتفق عليه النحاة، مثل: حينئذ، أي: لا يكذب في ذلك الذي رواه لكم، فلا يدلّ علي انتفاء أصل المكذب عنه، و انه لا يكذب أصلا.
و لعل لهذا قال الصالح (3) ما يدلّ علي مدحه، فان المدح في الجملة و لو كان بالنسبة إلي خصوص تلك الواقعة حاصل قطعا، و فيه نظر، فان نفي الفعل المتعدي يفيد العموم كما حقّق الأصوليون و لا يخصّصه المورد فالرواية من جهة المتن دالّة، انتهي (4).
و يؤيّده أن الكلام لا يحتمل الاختصاص فانّ قول الراوي: أتانا عنك بوقت. في الإجمال بمنزلة قوله: أتانا عنك بخبر، و لم ينقل عنه شيئا يحتمل الصدق و الكذب فلا محلّ للاختصاص، نعم لو كان هذا الكلام بعد ذكره تفصيل وقت المغرب و العشاء لكان لاحتمال الاختصاص مجال.1.
ص: 42
د- توثيق الشهيد إيّاه (1). و يشكل بأنه وثقه من الخبر المذكور كما صرّح به ولده صاحب المعالم (2).
و قال المحقق البحراني في حاشية البلغة: قال السند المسند السيد محمّد قدّس سرّه: أنّه- يعني الشهيد- قال في فوائده علي الخلاصة: عمر بن حنظلة غير مذكور بجرح و لا تعديل و لكن الأقوي عندي انّه ثقة لقول الصادق (عليه السلام) في حديث الوقت: إذا لا يكذب علينا، انتهي (3).
فإذا ضعف المستند سندا أو دلالة فلا يحتج بكلامه، و هذا كلام متين، الّا انّ في التعليقة نقلا عن سبطه المحقق الشيخ محمّد قال: وجدت له في الروضة حاشية علي عمر بن حنظلة حاصلها أن التوثيق من الخبر، ثم ضرب (4) علي ذلك و جعل عوضها: من محلّ آخر، انتهي (5) و حينئذ فلا مانع من الأخذ بقوله.
ه- ما أشار إليه في التكملة بقوله: و بكثرة رواياته لاخبار الأئمة (عليهم السلام) فإنّ هذا دالّ علي علوّ المرتبة و المنزلة عندهم (عليهم السلام) لقول الصادق (عليه السّلام) في المستفيض: اعرفوا منازل الرجال منّا بقدر رواياتهم عنّا (6).
و ما فيها أيضا قال: و بقبول الأصحاب رواياته علي كثرتها، فإنّه لم يرد3.
ص: 43
شي ء من رواياته و بعدم القدح فيه مع انّه نصب أعينهم، انتهي (1).
و كفاه شاهدا الخبر الشريف المنعوت بمقبولة عمر بن حنظلة الذي رواه المشايخ الثلاثة (2) و صار أصلا عند الأصحاب في كثير من أحكام الاجتهاد، و كون المجتهد العارف بالأحكام منصوبا من قبلهم (عليهم السلام) و جملة من مسائل القضاء و كثير من المطالب المتعلّقة بباب التعادل من الأصول، و منه يعلم أيضا علوّ مقامه في العلم و حسن نظره و تعمّقه في المسائل الدينيّة.
ز- جملة من الروايات: ففي بصائر الصفار عنه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): أظنّ انّ لي عندك منزلة، قال: أجل، قلت: فإنّ لي إليك حاجة، قال: و ما هي؟ قلت: تعلّمني الاسم الأعظم، قال: أ تطيقه؟ قلت:
نعم، قال: فادخل البيت.
قال: فدخلت (3) فوضع أبو جعفر (عليه السّلام) يده علي الأرض فأظلم البيت فارتعدت فرائض عمر، فقال: ما تقول، أعلّمك؟ قال: فقلت:
لا، فرفع يده فرجع البيت كما كان (4).
قال في التكملة: هذا خبر محفوف بقرائن الصدق فيكون حجّة، فان الخبر المحفوف بالقرائن و ان ضعف يكون حجّة بالاتفاق، بل أقوي من الصحيح الخالي عن القرائن، انتهي (5).
و قد تلقاه أرباب المؤلفات بالقبول، و ذكروه في أبواب المعاجز و الفضائل2.
ص: 44
من غير نكير.
و في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: يا عمر، لا تحملوا علي شيعتنا و ارفقوا بهم فانّ الناس لا يحتملون ما تحملون (1).
و فيه أيضا دلالة علي جلالته، و وجود الخبر في الكافي كاف في صحّته و اعتباره كما مرّ (2).
و في العوالم، نقلا عن اعلام الدين للديلمي: من كتاب الحسين بن سعيد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لعمر بن حنظلة: يا أبا صخر، أنتم و اللّه علي ديني و دين آبائي، و قال: و اللّه لنشفعن (3) ثلاث مرات حتي يقول عدوّنا: فَمٰا لَنٰا مِنْ شٰافِعِينَ. وَ لٰا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (4) (5).
و في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي، عن يونس، عن أبان، عن إسماعيل الجعفي، عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): القنوت يوم الجمعة؟ فقال: أنت رسولي إليهم في هذا، الخبر (6).
و وجود يونس في السند يمنع من ضرر كونه شهادة لنفسه، مضافا الي وجوده في الكافي، فانقدح بحمد اللّه تعالي انّ عمر ثقة جليل، و الخبر صحيح.3.
ص: 45
243 رمج- و إلي عمر (1) بن القيس الماصر:أبوه و محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان و غيره، عنه (2).
السند صحيح عندنا كما مرّ و لكن عمر بتريّ لعين، ليس فيه ما يورث الوثوق بخبره غير عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (3).
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير و صفوان بن يحيي، عنه.
و أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن عمر بن يزيد، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه عمر بن يزيد.
و أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عباس، عنه (4).
رجال السند الأول من عيون الطائفة.
و امّا الثاني فابن عبد الحميد هو ابن سالم العطار، ثقة في النجاشي علي الأصح (5)، و يروي عنه: الصفار (6)، و الحميري (7)، و سعد بن عبد اللّه (8)،
ص: 46
و محمّد بن احمد بن يحيي (1)، و لم يستثن من نوادره، و محمّد بن علي بن محبوب (2)، و موسي بن الحسن بن عامر الأشعري (3)، و علي بن الحسن بن فضّال (4)، و سهل بن زياد (5)، و محمّد بن جعفر الكوفي (6)، و علي بن محمّد (7)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (8)، و عبد اللّه بن محمّد بن عيسي الأشعري (9)، و محمّد بن خالد البرقي (10)، و ابنه احمد (11)، و علي بن مهزيار (12)، و ابن أبي عمير- كما في التهذيب في باب مستحق الفطرة (13) - و عمران ابن موسي (14)، و محمّد بن عيسي (15).
فظهر انّ محمّد بن عبد الحميد من الأجلاء الإثبات و أعاظم الثقات.
و محمّد بن عمر بن يزيد بياع السابري روي عن أبي الحسن (عليه السّلام) له كتاب، روي عنه محمّد بن عبد الحميد، كذا في النجاشي (16)، و قريب منه ما1.
ص: 47
في الفهرست (1)، و هذا المقدار يكفي في حسن حاله.
مضافا الي رواية الجليل موسي بن القاسم عنه (2)، و ابن أخيه الثقة أحمد ابن الحسين بن عمر (3)، و الجليل يعقوب بن يزيد (4)، و الجليل محمّد بن عبد الجبار (5) فلو ظنّ احد بوثاقته لرواية هؤلاء عنه لم يكن مجازفا.
و اخوه الحسين ثقة في رجال الشيخ (6) و الخلاصة (7)، و يروي عنه يونس ابن عبد الرحمن في الكافي في باب النرد و الشطرنج (8) بعد كتاب الأشربة، و الحسن بن محبوب فيه في باب اتخاذ الإبل (9) من كتاب الدواجن، و محمّد بن أحمد بن يحيي و لم يستثن (10)، و علي بن الحكم (11)، و القاسم بن محمّد (12)، و سعد ابن عبد اللّه كما في التهذيب في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (13)، و استشكله في الجامع و هو في محلّه فالسند صحيح أو حسن في حكمه (14).
و امّا الثالث فمحمّد بن إسماعيل، هو ابن بزيع الثقة الجليل المعروف.0.
ص: 48
و محمّد بن عباس، هو ابن عيسي أبو عبد اللّه كما صرّح به في الجامع (1) ثقة في النجاشي (2) و الخلاصة (3)، و يروي عنه الأجلّاء، و روي عنه حميد أصولا كثيرة كما في المعالم (4).
و من الغريب ما في شرح التقي- رحمه اللّه- حيث جعله ممّن لم يذكر (5)، مع انّه مذكور في أكثر الكتب، فالسند صحيح.
و امّا عمر، فهو أبو الأسود عمر بن محمّد بن يزيد، و ربّما ينسب الي جدّه فيقال: عمر بن يزيد بياع السابري مولي ثقيف ثقة في أصحاب الكاظم (عليه السلام) (6) و الفهرست (7)، و في النجاشي: كوفي ثقة جليل، احد من كان يفد [في] كلّ سنة، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام) (8).
قال الشارح: و المراد بالوفود، أنّ أهل الكوفة لما لم يمكنهم ملازمة المعصومين (عليهم السلام) كانوا يرسلون الي خدمتهم (عليهم السلام) جماعة لأخذ المسائل، و يرسلون المكاتيب المشتملة علي المسائل و يجيبون (عليهم السلام) مسائلهم، و لبعث الخمس و الزكاة و أمثالهما، و منهم عمر بن يزيد، و هذا مدح عظيم مشتمل علي اعتماد المعصومين (عليهم السلام) و اعتماده.
ص: 49
الأصحاب بثقته (1).
و في الكشي: «ما روي في عمر بن يزيد بياع السّابري مولي ثقيف».
حدثني جعفر بن معروف قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا بن يزيد، أنت و اللّه منّا أهل البيت، قلت له: جعلت فداك، من آل محمّد (عليهم السلام)؟! قال: أي و اللّه من أنفسهم، قلت: من أنفسهم؟! قال أي و اللّه من أنفسهم يا عمر، أما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ أَوْلَي النّٰاسِ بِإِبْرٰاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّٰهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (2) (3)؟
و الاشكال بأنه الراوي فلا ينفعه ما تضمّنه الخبر، قد مرّ جوابه غير مرّة.
نعم، قد أشكل فيه بعض المحققين بما رواه في الكافي بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام):
انّي و اللّه ما ادري كان أبي عقّ عني أو لا، قال: فأمرني أبو عبد اللّه فعققت عن نفسي و انا شيخ (4).
قال: و عبارة: يا بني، في عبارة الكشي لا تلائم: و انا شيخ، لان الشيخ لا يقال له: يا بنيّ، و يمكن ان يقال أنّ مدّة امامة الصادق (عليه السّلام) اربع و ثلاثون سنة، فلعلّ ما في الكشي صدر في ابتداء إمامته و ما في الكافي في آخرها، فنفرض انّ عمره في الرواية الأولي ثلاثون ثم مضي ثلاثون، لكن ولد الصادق (عليه السّلام) سنة 83 و منها الي مائة و أربعة عشر (5): احدي و ثلاثونة.
ص: 50
فتدبّر، انتهي.
قلت: في نسختي من الكشي و هي بخط المولي عناية اللّه صاحب كتاب مجمع الرجال: يا ابن يزيد، و كذا في نسخة السيد مصطفي كما يظهر من نقده (1)، و كذا في نسخة السيد الأجلّ الباهر السيد محمّد باقر- رحمه اللّه تعالي- كما يظهر من رسالته.
و روي الشيخ الطوسي في أماليه عن المفيد، عن أبي عبد اللّه الحسين بن احمد بن المغيرة، عن حيدر بن محمّد السمرقندي، عن محمّد بن عمرو الكشي، عن محمّد بن مسعود العياشي، عن جعفر بن معروف، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا ابن يزيد، أنت و اللّه منّا أهل البيت. الي آخره (2).
فظهر ان كلمة: يا بنيّ، من تصحيف النساخ فسقط الاشكال من أصله، و مع الغضّ فالإمام بمنزلة الوالد- و ان كان صغير السن- لجميع أتباعه و ان كانوا شيوخا، فلو خاطبهم بالبنوة لما خرج من حدود البلاغة.
و في تفسير عليّ مسندا، و في تفسير العياشي بإسنادهما: عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): أنتم و اللّه من آل محمّد (عليهم السلام) (3) (4).
و ساق مثله بزيادة قالها ثلاثا بعد قوله: نعم و اللّه من أنفسهم.
و هذا أظهر بالسياق و الاستشهاد بالآية الشريفة.1.
ص: 51
و في الكافي و التهذيب بإسنادهما (1): إلي حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): الرجل يشهدني علي الشهادة فاعرف خطّي و خاتمي و لا اذكر من الباقي قليلا و لا كثيرا؟ قال: فقال لي: إذا كان صاحبك ثقة و معك رجل ثقة فاشهد له (2).
و فيه دلالة علي كونه ثقة عنده (عليه السّلام) لوضوح اعتبار العدالة في كلّ من الشاهدين، و لهذا ذهب بعض الأصحاب إلي جواز التعويل علي شهادة عدل تكون شهادته مستندة الي خطّه إذا كان معه عدل و يكون المدعي أيضا عادلا، كذا قيل.
و في الثاني بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): أكون مع هؤلاء و أنصرف من عندهم عند المغرب فأمرّ بالمساجد فأقيمت الصلاة فإن أنا نزلت معهم لم أتمكن من الأذان و الإقامة و افتتاح الصلاة؟ فقال: ائت منزلك و انزع ثيابك فإن أردت أن تتوضّأ فتوضأ و صلّ فإنك في وقت الي ربع الليل (3).
و فيه دليل علي مواظبته علي السنن، و كونه راويا لمدحه غير مضرّ بعد تلقي الأصحاب ما رواه و ضبطه و جمعه و تدوينه، و كون الراوي عنه مثل عبد اللّه الثبت الثقة.
و يروي عنه من أصحاب الإجماع: ابن أبي عمير (4)، و حماد بن عثمان (5)،0.
ص: 52
و حماد بن عيسي (1)، و صفوان بن يحيي (2)، و أبان بن عثمان (3)، و الحسن بن محبوب (4).
و من أضرابهم من الأعاظم و الثقات: معاوية بن عمّار (5)، و معاوية بن وهب (6)، و عمر بن أذينة (7)، و حريز (8)، و هشام (9)، و الحسن بن السريّ (10)، و محمّد بن يونس (11)، و محمّد بن عبد الحميد (12)، و درست (13)، و ربعي (14)، و ابن أخيه أحمد بن الحسين (15)، و محمّد بن عذافر (16)، و الحسن بن عطيّة (17)، و إبراهيم بن أبي البلاد (18)، و جميل بن صالح (19)، و ابنه الحسين (20) و غيرهم.1.
ص: 53
ثم لا يخفي ان عمر بن يزيد و ان كان مشتركا بين السابري المذكور و بين عمر بن يزيد بن ذبيان الصيقل لا غير- كما فصّل في محلّه- الّا انّ المراد به هنا هو السابري كما صرّح به جماعة لرواية صفوان (1)، و ابنه الحسين (2)، و محمّد بن عباس (3)، عنه.
مع ان ابن ذبيان أيضا ثقة عندنا لرواية محمّد بن زياد، و هو ابن أبي عمير عنه، كما في النجاشي (4)، و لا يروي إلّا عن ثقة، و الحسن بن محبوب (5)، بل ذكر في جامع الرواة (6) رواية عبد اللّه بن بكير عنه (7)، و عبد اللّه بن المغيرة (8)، و عبد اللّه بن مسكان (9)، و أبان بن عثمان (10) من أصحاب الإجماع.
و من شاكلهم من الأجلّة: هشام بن الحكم (11)، و عبد اللّه بن سنان (12)، و محمّد بن يونس (13)، و إسحاق بن عمّار (14)، و معاوية بن عمار (15)، و معاوية بن8.
ص: 54
وهب (1)، و جعفر بن بشير (2)، و محمّد بن الوليد (3)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (4)، و جماعة أخري لم تظهر لنا قرينة علي التعيين و هو اعرف بما قال.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن عمران الحلبي (5)، و كنيته: أبو الفضل.
رجال السند من الأجلّاء و عمران من ثقات آل أبي شعبة، فالخبر في أعلي درجة الصحّة.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر ابن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن عيسي بن أبي منصور، و كنيته: أبو صالح، و هو كوفي مولي.
و حدثنا محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبد اللّه بن سنان، عن ابن أبي يعفور، قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) إذ أقبل عيسي بن أبي منصور فقال لي: إذا أردت أن تنظر خيارا في الدنيا و خيارا في الآخرة فانظر إليه (6).
ص: 55
السند صحيح بالاتفاق.
و عيسي ثقة في النجاشي (1)، و روي في الكشي الخبر المذكور عن الفضل ابن شاذان مكاتبة، عن ابن أبي عمير. إلي آخره، و فيه: إذا أردت أن تنظر الي خيار في الدنيا و خيار في الآخرة. الي آخره (2).
و فيه أيضا: عن محمّد بن نصير، قال: حدثنا محمّد بن عيسي، عن إبراهيم بن علي، قال: كان أبو عبد اللّه (عليه السّلام) إذا رأي عيسي بن أبي منصور قال: من أحبّ ابن يري رجلا من أهل الجنّة فلينظر الي هذا (3).
و فيه: سألت حمدويه بن نصير عن عيسي، قال: خيّر فاضل هو المعروف بشلقان، و هو ابن أبي منصور، و اسم أبي منصور: صبيح (4).
و روي في التهذيب بإسناده: عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن الحجّاج بن خشّاب، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
سألته عن امرأة أوصت اليّ بمال ان يجعل في سبيل اللّه، فقيل لها: تحجّ به، فقالت: اجعله في سبيل اللّه، فقالوا لها: فيعطيه آل محمّد (عليهم السلام) قالت: اجعله في سبل اللّه، فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): اجعله في سبيل اللّه كما أمرت، قلت: أمرني كيف اجعله؟ قال: اجعله كما أمرتك، ان اللّه تعالي يقول: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ (5).1.
ص: 56
أ رأيت لو أمرتك ان تعطيه يهوديا كنت تعطيه نصرانيا؟! قال: فمكثت بعد ذلك ثلاث سنين ثم دخلت عليه فقلت له مثل الذي قلت أوّل مرّة، فسكت هنيهة، ثم قال: هاتها، قلت: من أعطيها، قال: عيسي شلقان (1).
و الظاهر أنّ أمره (عليه السّلام) بإعطائها عيسي علي سبيل الوديعة لكونه وكيلا له (عليه السّلام) لا لكونه من فقراء الشيعة كما في الوافي (2).
و ربّما يشير إلي الوكالة ما رواه في الكافي في باب الهجرة: عن مرازم بن الحكيم، قال: كان عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) رجل من أصحابنا يلقّب شلقان، و كان قد صيّره في نفقته، و كان سي ء الخلق فهجره، فقال يوما: يا مرازم تكلّم عيسي؟ فقلت: نعم، فقال: أصبت، لا خير في المهاجرة (3).
بناء علي ان المراد من قوله: صيّره. إلي آخره، اي جعله قيّما عليها متصرّفا فيها، و يحتمل ان يكون المراد تحمل نفقته و جعله في عياله، و في آخر الخبر قرينة4.
ص: 57
واضحة علي انّ الضمير في هجره راجع الي مرازم لا الي أبي عبد اللّه (عليه السلام) و هكذا فهمه المولي الصالح في الشرح (1)، و المولي الخليل في شرحه بالفارسية (2)، فما في الوافي من عوده الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) لعلّه اشتباه و اللّه العالم.
و يروي عنه: الحسن بن محبوب (3)، و حمّاد بن عثمان (4)، و أبان بن عثمان (5)، و عبد اللّه بن مسكان (6)، و عمر بن أبان (7)، و يونس بن يعقوب (8).
أبوه، عن محمّد بن احمد بن علي ابن الصلت، عن أبي طالب عبد اللّه بن الصلت، عن عبد اللّه بن المغيرة، عنه (9).
اما محمّد، فقال الصدوق في كتاب كمال الدين: ورد إلينا من بخاري شيخ- من أهل الفضل و العلم و النباهة ببلد قم- طالما تمنّيت لقاه و اشتقت الي مشاهدته، لدينه، و سديد رأيه، و استقامة طريقته، و هو الشيخ الديّن أبو سعيد محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن أحمد بن علي بن الصلت ادام اللّه تعالي توفيقه، و كان أبي يروي عن جدّه محمّد بن احمد بن علي بن الصلت قدس اللّه روحه، و يصف علمه و فضله و زهده و عبادته، و كان احمد بن محمّد
ص: 58
ابن عيسي في فضله و جلالته، يروي عن أبي طالب عبد اللّه بن الصلت القمي رضي اللّه عنه، و بقي حتي لقيه محمّد بن الحسن الصفار و روي عنه. إلي آخره (1).
و هذه الأوصاف تستلزم الوثاقة و فوقها مضافا الي كثرة رواية علي (2) عنه، و هو المراد من محمّد بن احمد بن علي بعد علي بن الحسين في طريق الشيخ إلي علي (3) و رواياته عنه.
و بما ذكرنا ظهر ان كلام السيد المحقق الكاظمي في العدّة حيث قال في الطريق المذكور: و هو مجهول بمحمّد بن أحمد، فإنّه مهمل في غير محلّه (4) و انّه منه- مع طول باعه- عجيب، و الظاهر انّه تبع في ذلك السيد الجليل في تلخيص الأقوال (5) و غيره.
و امّا أبو طالب القمي- عبد اللّه- فهو ثقة في أصحاب الرضا (عليه السلام) (6)، و النجاشي (7)، و الخلاصة (8)، و يروي عنه من الأجلّاء: أحمد بن7.
ص: 59
محمّد بن عيسي (1)، و أحمد بن أبي عبد اللّه (2)، و الصفار (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و إبراهيم بن هاشم (5)، و علي بن إسماعيل (6)، و محمّد بن عبد الجبار (7)، و إبراهيم بن إسحاق (8)، و حمدان النهدي (9)، و غيرهم.
و في الكشي: عن العياشي، عن حمدان النهدي، عن أبي طالب القمي، انّه كتب الي أبي جعفر بن الرضا (عليهما السلام) يستأذن ان يرثي أبا الحسن (عليه السّلام) فكتب إليه: اندبني و اندب أبي.
و عن علي بن محمّد، عن محمّد بن عبد الجبار، عن أبي طالب القمي، قال: كتبت الي أبي جعفر (عليه السّلام) أبيات شعر و ذكرت فيها أباه، و سألته أن يأذن لي في أن أقوال فيه، فقطع الشعر و حبسه و كتب في صدر ما بقي من القرطاس: قد أحسنت فجزاك اللّه خيرا (10).
و ابن المغيرة من الأجلّة و أصحاب الإجماع، فالسند صحيح.
و امّا عيسي، فالظاهر- كما صرّح به جماعة- أنّه هو الجريري الثقة فير.
ص: 60
النجاشي (1) و الخلاصة (2)، و صاحب الكتاب في الفهرست (3)، و النجاشي (4)، و يروي عنه الحسن بن محمّد بن سماعة (5)، و عبد اللّه بن جبلة (6)، و ابن المغيرة (7)، و يظهر من باب الغدوّ الي عرفات من التهذيب رواية ابن أبي عمير عنه (8).
و أمّا الشيباني أخو زرارة فلا كتاب له، بل و لا ذكرت له رواية في الكتب الأربعة فالخبر صحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد ابن أبي عبد اللّه، عن عيسي بن عبد اللّه بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
المحمّدون الثلاثة من أجلّاء الثقات و كذا الرابع- و هو محمّد بن عبد اللّه ابن زرارة علي الأصح- لوجوه:
أ- قول علي بن الريّان الثقة في حقّه: كان و اللّه محمّد بن عبد اللّه أصدق عندي لهجة من احمد بن الحسن بن فضّال، فإنّه رجل فاضل ديّن، كما هو
ص: 61
مذكور في ترجمة الحسن بن فضّال، و قد مرّ وثاقة أحمد في (رلز) (1) فمحمّد أوثق منه.
ب- رواية البزنطي عنه كما في مشتركات الكاظمي قال: روي الشيخ في الصحيح عن البزنطي، عن محمّد بن عبد اللّه، فقال ملا محمّد تقي- رحمه اللّه- في شرح الفقيه: و كأنّه ابن زرارة الثقة لكثرة رواية البزنطي عنه (2)، انتهي.
و فيه نظر، إذ ليس في الكتب الأربعة رواية البزنطي عنه أصلا، نعم في التهذيب في باب فضل زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) رواية علي بن الحسن ابن علي بن فضّال، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن البزنطي.
و في آخر الخبر: قال علي بن الحسن بن فضّال: قال لي محمّد بن عبد اللّه:
لقد تردّدت إلي أحمد بن محمّد انا و أبوك و الحسن بن جهم أكثر من خمسين مرّة و سمعناه منه.
و أمّا العكس فلم يوجد في خبر، كما يظهر من الجامع (3)، فضلا عن الكثرة.
ج- ترحّم الامام (عليه السلام) بعد موته، ففي التهذيب بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، قال: مات محمّد بن عبد اللّه بن زرارة فأوصي الي أخي أحمد، و كان خلّف دارا، و كان أمره بجميع تركته أن تباع و يحمل ثمنها إلي أبي الحسن (عليه السّلام) فباعها، فاعترض فيها ابن أخت له و ابن عمّ له (4)ظ.
ص: 62
فأصلحنا أمره بثلثه الدنانير، و كتب إليه أحمد بن الحسن، و دفع الشي ء بحضرتي إلي أيّوب بن نوح و أخبره أنه جميع ما خلّف، و ابن عمّ له، و ابن أخت له عرض فأصلحنا أمره بثلثه الدنانير (1) فكتب: قد وصل ذلك، و ترحّم علي الميت، و قرأت الجواب (2).
د- كثرة رواية الأجلّاء عنه، و فيهم: علي بن الحسن بن فضّال (3) شيخ بني فضّال و وجههم الذين أمروا (عليهم السلام) بأخذ رواياتهم، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (4)، و علي بن أسباط (5)، و محمّد بن الحسين بن أبي1.
ص: 63
الخطاب (1)، و احمد بن الحسن بن فضّال كما في باب الخلع من التهذيب مرّتين (2)، و محمّد بن أحمد الكوفي (3) و لقبه حمدان.
ه- ما نقله السيد المحقق في المنهج (4) و التلخيص (5) من ان العلامة وثق رواية هو في طريقها، و قال الشارح التقي: و وثقه بعض المعاصرين (6)، و في وجيزة ولده: ثقة (7).
و من جميع ذلك يظهر أنه لا مجال للتأمّل في وثاقته، فالسند صحيح.
و امّا عيسي فاعلم أنّه قد ورد في الأسانيد التعبير عنه بعناوين متعددة، ففي بعضها: عيسي بن عبد اللّه الهاشمي، و في بعضها: عيسي بن عبد اللّه العمري، و في بعضها: العلوي، و في بعضها: القرشي، و الظاهر أنّ الكلّ تعبير عن شخص واحد.
و في النجاشي: عيسي بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) له كتاب يرويه جماعة، أخبرنا أبو الحسن بن الجندي، قال:
حدثنا أبو علي بن همام، قال: حدثنا محمّد بن احمد بن خاقان النهدي، قال:
حدثنا أبو سمينة، عن عيسي بكتابه، و قد جمع أبو بكر محمّد بن سالم الجعابي روايات عيسي عن آبائه، أخبرنا محمّد بن عثمان، عنه (8).9.
ص: 64
و في الفهرست: عيسي بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) له كتاب، أخبرنا به أبو عبد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه و محمّد بن الحسن، عن سعد و الحميري، عن احمد بن أبي عبد اللّه، عن النوفلي و محمّد بن علي الكوفي، عن عيسي بن عبد اللّه (1).
و فيه- بفاصلة خمس تراجم-: عيسي بن عبد اللّه الهاشمي، له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الحسن بن علي الزيتوني، عن احمد ابن هلال، عن عيسي بن عبد اللّه الهاشمي (2).
و هكذا فعل في رجاله، فقال في أصحاب الصادق (عليه السّلام):
عيسي بن عبد اللّه ابن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (3) ثم بفاصلة بضع عشر أسامي: عيسي الهاشمي (4).
و ظاهر الكتابين تعدّدهما، و لكن صريح الميرزا (5) و ظاهر التفريشي اتحادهما (6)، و به جزم الفاضل الخبير في جامع الرواة (7)، و هو الحقّ لعدم ذكر النجاشي (8) غير واحد، و لو كان آخر و هو صاحب كتاب لذكره، و يشهد لذلك أنّ البرقي في رجاله (9) لم يذكر في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) غير واحد، و كذا ابن شهرآشوب في المعالم (10) - مع تبعيّته للفهرست و بنائه علي8.
ص: 65
استدراك ما فات من الفهرست من المؤلّفات- ما ذكر غير واحد.
و حينئذ نقول: أنّ ما في النجاشي و الفهرست من سلسلة النسب موجود في الاخبار مذكور في الأنساب.
ففي الكافي في باب إثبات الإمامة في الأعقاب: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن عيسي بن عبد اللّه بن عمر بن علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: إن كان كون- و لا أراني اللّه- فبمن ائتم؟ فأومي الي ابنه موسي، قال:
قلت: فإن حدث بموسي (عليه السّلام) حدث فبمن ائتم؟ قال: بولده، قلت: فإن حدث بولده حدث و ترك أخا كبيرا أو ابنا صغيرا فبمن ائتم؟ قال:
بولده، ثم واحدا فواحدا، و في نسخة الصفواني: هكذا ابدا (1).
و قد سقط محمّد بعد عبد اللّه في السند من النساخ كما يظهر من باب الإشارة و النص علي أبي الحسن موسي (عليه السّلام) فإنه- رحمه اللّه- روي الخبر المذكور فيه هكذا: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عيسي بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ساق الخبر علي نسخة الصفواني، و زاد في آخره: قلت: فان لم أعرفه و لم اعرف موضعه؟ قال:
تقول: اللهم إني أتولّي من بقي من حججك من ولد الامام الماضي، فإن ذلك يجزيك ان شاء اللّه (2).7.
ص: 66
و من هذا الخبر الشريف يظهر جلالة قدره، و تورّعه، و شدّة احتياطه في أمور الدين.
و يقرب منه ما رواه الصفار في البصائر (1)، و الشيخ المفيد في الاختصاص، و اللفظ للثاني: عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الصخر أحمد بن عبد الرحيم، عن الحسن بن علي، قال:
دخلت انا و رجل من أصحابنا علي أبي طاهر عيسي بن عبد اللّه العلوي، قال أبو الصخر: و أظنّه من ولد عمر بن علي (عليه السّلام) و كان أبو طاهر نازلا في دار الصيديين فدخلنا عليه عند العصر و بين يديه ركوة من ماء و هو يتمسّح، فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام، ثم ابتدأنا فقال: معكما احد؟ فقلنا: لا- ثم التفت يمينا و شمالا هل يري أحدا- ثم قال: أخبرني أبي عن جدّي أنّه كان مع أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) بمني و هو يرمي الجمرات، و أن أبا جعفر (عليه السّلام) رمي الجمار فاستتمّها فبقي في يديه بقيّة، فعدّ خمس حصيات فرمي ثنتين في ناحية و ثلاثا في ناحية.
فقلت له: أخبرني جعلت فداك، ما هذا؟ فقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعه احد قطّ، انا رأيتك رميت بحصاك ثم رميت بخمس بعد ذلك ثلاثا في ناحية و ثنتين في ناحية.
قال: نعم، إنّه إذا كان كلّ موسم أخرجا الفاسقين غضّين طريّين فصلبا هاهنا لا يراهما إلّا إمام عدل، فرميت الأول بثنتين و الآخر بثلاث لان الآخر أخبث من الأول (2).
و منه يظهر أنّ أباه عبد اللّه و جدّه محمّد أيضا كانا من الرواة أيضا، و تقدمر.
ص: 67
قول النجاشي: و قد سمع الجعابي روايات عيسي عن آبائه.
و في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة (1)، و في باب الكفاءة في النكاح (2)، و في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (3)، و في باب الصلاة المرغّب فيها (4)، و في باب دخول الحمّام (5) هكذا: محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن عيسي بن عبد اللّه الهاشمي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السّلام).
و في أصحاب الصادق من رجال الشيخ: عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) مدني (6)، و في أصحاب علي بن الحسين (عليهما السلام): المدني الهاشمي (7)، و في الكافي في باب أن أول ما خلق اللّه من الأرضين موضع البيت بإسناده: عن عيسي بن عبد اللّه الهاشمي، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (8) و مثله في باب الإشارة و النص علي أبي جعفر (عليه السّلام) (9).
و في عمدة الطالب في ترجمة عمر بن علي (عليه السّلام) الملقب بالاطرف: أعقب من رجل واحد، و هو ابنه محمّد، و هو أعقب من أربعة رجال: عبد اللّه، و عبيد اللّه، و عمر، و أمّهم خديجة بنت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام)- الي ان قال- و أمّا عبد اللّه بن محمّد بن الأطراف- و في2.
ص: 68
ولده البيت و العدد فاعقب من أربعة رجال: احمد، و محمّد، و عيسي المبارك، و يحيي الصالح- الي ان قال- و أمّا عيسي المبارك بن عبد اللّه و كان سيّدا شريفا روي الحديث، انتهي (1).
و لعيسي أخ اسمه احمد مذكور في الرواة، ففي أصحاب الصادق (عليه السلام) احمد ابن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الهاشمي المدني، أسند عنه (2).
و له أيضا ابن اسمه محمّد منهم، ففي الكافي في باب أن الأئمة (عليهم السلام) لم يفعلوا شيئا و لا يفعلون الّا بعهد من اللّه عزّ و جلّ: احمد بن محمّد و محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن احمد بن محمّد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمّد بن احمد بن عبد اللّه العمري، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أنزل علي نبيّه كتابا قبل وفاته فقال: يا محمّد، هذه وصيّتك الي النجبة من أهلك.
فقال: و ما النجبة يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب و ولده (عليهم السلام) و كان علي الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) الي أمير المؤمنين (عليه السّلام) و أمره أن يفكّ خاتما منه و يعمل بما فيه، ففكّ أمير المؤمنين (عليه السلام) خاتما و عمل بما فيه، ثم دفع الي ابنه الحسن عليه السلام ففكّ خاتما و عمل بما فيه.
ثم دفعه الي الحسين (عليه السّلام) ففكّ خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلي الشهادة، فلا شهادة لهم الّا معك، و اشر نفسك للّه عزّ و جلّ، ففعل.1.
ص: 69
ثم دفعه الي علي بن الحسين (عليهما السلام) فوجد فيه أن أطرق و اصمت و الزم منزلك و أعبد ربّك حتي يأتيك اليقين، ففعل.
ثم دفعه الي محمّد بن علي (عليهما السلام) ففكّ خاتما فوجد فيه:
حدّث الناس و افتهم و لا تخافنّ الّا اللّه عزّ و جلّ فإنه لا سبيل لأحد عليك.
ثم دفعه الي ابنه جعفر (عليه السّلام) ففكّ خاتما فوجد فيه: حدّث الناس و افتهم و انشر علوم أهل بيتك و صدق آبائك الصالحين، و لا تخافنّ الّا اللّه عزّ و جلّ و أنت في حرز و أمان.
ثم دفعه الي ابنه موسي (عليه السّلام) و كذلك يدفعه موسي (عليه السلام) الي الذي بعده، ثم كذلك الي قيام المهدي (عليه السّلام) (1).
و من جميع ما ذكرنا ظهر أنّ عيسي بن عبد اللّه الهاشمي هو من ولد عمر الاطرف ابن أمير المؤمنين (عليه السّلام) و أنه أباه وجده و أخاه و ابن أخيه من عمد الرواة الذين اخرج رواياتهم نقّاد الأحاديث مثل ثقة الإسلام و غيره، و أنّهم من أهل الفضل و الورع كما لا يخفي علي من تأمّل في رواياتهم و أسئلتهم.
و أبو طاهر عيسي المبارك عماد هذا البيت الرفيع، و يستظهر حسن حاله و علوّ مقامه من أمور:
أ- ذكره النجاشي (2) مع كتابه في كتاب وضع لذكر مؤلّفي أصحابنا و مؤلّفاتهم كما مرّ في ترجمته.
ب- ذكره في الفهرست (3) كذلك.
ج- الأخبار المذكورة فإنه يظهر منها علوّ مقامه و قربه منهم و كشفهم له أسرارهم.3.
ص: 70
د- ما مرّ عن العمدة (1).
ه- رواية الأجلّاء عنه و الثقات مثل: عبد الرحمن بن أبي نجران (2)، و محمّد بن عبد اللّه بن زرارة (3)، و السكوني (4)، و النوفلي (5)، و أصرم بن خوشب (6) و ان كان عاميّا.
و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (7)، و العجب أنّ أبا علي لم يجعل له في كتابه المنتهي ترجمة، و عدّه من المجاهيل مع ذكره جماعة لم يذكر في حقّهم الّا قولهم: أسند عنه.
هذا و أمّا النسب الذي ساقه الصدوق لعيسي (8) فغير معهود في كتب الأنساب، فإنّهم لم يذكروا لعليّ بن عمر الأشرف ابن علي بن الحسين (عليهما السلام) المعروف بعليّ الأصغر ابنا اسمه عبد اللّه، بل صرّحوا بأنه أعقب من ثلاثة رجال: القاسم، و عمر الشجري، و أبو محمّد الحسن، و لم أقف في ولدهم من اسمه عيسي، و لم ير أيضا في أسانيد الأحاديث، و لا أشار إليه أيضا أحد من ائمة الرجال، فلا ريب انه من سهو القلم أو من زيادة النساخ.
و في شرح المشيخة بعد ذكر ما في النجاشي و الفهرست: و الظاهر انّهما واحد و ان ذكره الشيخ مرّتين، و أنّ ذلك في كتابه لكثير، و في النسب مخالفة معة.
ص: 71
ما ذكره المصنّف فيمكن ان يكونا اثنين أو وقع السهو من أحدهما، انتهي (1).
و احتمال التعدّد فاسد جدّا، و السهو من الصدوق قطعا.
احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، عنه.
السند صحيح بما مرّ في (يا) (2) و (يد) (3) و (كو) (4) و حمّاد من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح موضوعا أو حكما.
و عيسي صاحب كتاب في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (5) مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6) و قد مرّ غير مرّة انّ ذكره فيه من أمارات الوثاقة فلاحظ.
محمد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي، عن العيص بن قاسم (7).
رجال السند من أجلّاء الطائفة، و العيص من عيونهم، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه رضي اللّه عنه، عن سعد ابن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع.
ص: 72
و عن محمّد بن يحيي الخزاز جميعا، عنه (1).
السند كسابقه في أعلي درجة الصحة، و امّا غياث فالكلام فيه في موضعين:
الأول: في وثاقته، و يدلّ عليها أمور:
أ- تصريح النجاشي، قال: غياث بن إبراهيم التميمي الأسدي، بصري سكن الكوفة، ثقة، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام) له كتاب مبوّب في الحلال و الحرام يرويه جماعة (2)، و تبعه [في] الخلاصة (3) في التوثيق.
ب- رواية ابن أبي عمير عنه، كما في التهذيب في باب ان مع الأبوين لا يرث الجدّ و الجدّة (4)، و في باب ميراث من علا من الآباء (5)، و في معاني الاخبار كما يأتي (6).
ج- رواية جماعة من الأجلّاء و فيهم: بنو فضّال و أصحاب الإجماع و أضرابهم مثل: الحسن بن علي بن فضّال (7)، و عبد اللّه بن المغيرة (8)، و محمّد بن يحيي الخزاز (9)، و الحسن بن موسي الخشاب (10)، و عبد اللّه بن9.
ص: 73
سنان (1)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (2)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (3)، و محمّد بن يحيي الخثعمي (4)، و ابن بقاح (5)، و الحكم بن أيمن (6)، و محمّد بن خالد (7)، و محمّد بن عيسي الأشعري (8) - والد احمد- و النوفلي (9).
د- قول الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام): غياث بن إبراهيم أبو محمّد التميمي الأسدي، أسند عنه، و روي عن أبي الحسن موسي (عليه السلام) (10).
بناء علي قراءة الكلمة بالمعلوم و رجوع الضمير الي ابن عقدة فيكون الرجل ممّن ذكره ابن عقدة في رجاله الموضوع لذكر ثقات أصحاب الصادق (عليه السّلام) و هم أربعة آلاف، و له شواهد مذكورة في محلّه.
الثاني: في مذهبه، فاعلم انّ النجاشي (11) ذكره من غير تعرّض لمذهبه، و هو من الرواة المعروفين، و يبعد عدم اطلاعه علي انحرافه، و الذي عليه المحققون و عرف من ديدنه أنّ عدم التعرض دليل علي إماميّته عنده، و كذا في الفهرست (12) ذكره و ذكر كتابه و الطريق اليه و لم يشر الي طعن فيه، و كذا في من9.
ص: 74
لم يرو عنهم (عليهم السلام) من رجاله (1).
و في معالم ابن شهرآشوب: غياث بن إبراهيم له كتاب يسمّي الجامعة، و مقتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) (2) و صريح النجاشي و أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) من رجال الشيخ (4) انه تميمي من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السلام) و لكن في أصحاب الباقر (عليه السّلام) من رجال الشيخ: غياث بن إبراهيم بتري (5).
و ظنّ العلامة وحدتهما فقال في الخلاصة في ترجمة التميمي: ثقة، روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) و كان بتريّا (6)، و نقله عنه المحقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار ثم قال: الظاهر أنّ الأصل في ذلك ما نقله الكشي عن حمدويه عن بعض أشياخه انه كان كذلك، و الجارح غير معلوم، الّا ان الشيخ صرّح بكونه بتريا، و يحتمل ان يكون قول الشيخ مستنده ما قال الكشي الّا ان الجزم به غير معلوم.
ثم قال: لم نقف علي ما نقله شيخنا- يعني صاحب المدارك- عن الكشي، و شيخنا أيّده اللّه- يعني الآميرزا محمّد صاحب الرجال- لم ينقل ذلك عن الكشي في رجاله، و في فوائده علي الاستبصار ما يقتضي عدم وقوفه علي ذلك، حيث قال: و رواية الكشي علي ما نقله شيخنا- رحمه اللّه- انتهي (7).د.
ص: 75
و أيّد بعضهم ما ذكروه بما نقله الزمخشري في ربيع الأبرار (1)، و ابن الأثير في جامع الأصول (2)، و الشهيد في شرح الدراية (3)، من أنّه وضع حديث الطائر للمهدي، و في ما ذكروه نظر من وجوه:
الأول: ان البتري من أصحاب الباقر (عليه السّلام)، و التميمي من أصحاب الصادق و الكاظم (عليهما السلام) و لم يذكره أحد في أصحاب الباقر (عليه السلام) و لم يرو رواية له عنه (عليه السّلام) فهو غيره، و في رجال البرقي:
غياث بن إبراهيم النخعي عربي كوفي (4)، و التميمي بصري.
الثاني: أن الصدوق روي في معاني الاخبار: عن احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السلام) قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن معني قول رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): انّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي، من العترة؟ قال: أنا و الحسن و الحسين و التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم، لا يفارقون كتاب اللّه و لا يفارقهم حتي يردوا علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) حوضه (5).
و رواه أبو محمّد الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة فقال: حدثنا محمّد ابن أبي عمير رضي اللّه عنه عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عليه4.
ص: 76
السلام) (1)، و ساق مثله.
و أنت خبير بان البتريّة من عمد فرق الزيدية الذين لا يعتقدون امامة الثمانية من التسعة، و لا ادري معتقدهم في التاسع، و الخبر صحيح و لا يحتمل نقله من الزيديّة.
الثالث: أنّ ما نقله صاحب المدارك (2) عن الكشي اشتباه قطعا، إذ ليس ما نقله موجودا في النسخ، و صرّح جماعة بعدم عثورهم عليه فيه، و احتمال وجوده في أصل الكشي و عثوره علي نسخته معلوم الفساد، أنه لم ينقل عنه احد قبله الي قريب من طبقة ابن شهرآشوب و لا بعده الي عصرنا، و لعلّ العبارة في ترجمة غير غياث.
و في رجال أبي علي: و عن حاشية الشهيد علي الخلاصة: نقل الكشي كونه بتريا بطريق مرسل، و لا يبعد ان يكون المصنّف أخذ ذلك عنه كما لا يخفي علي المتأمّل (3)، انتهي.
قلت: قد رأيت تصريح الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بكونه كذلك، علي ان الرواية المرسلة علي ما مرّ نقله عن الشيخ محمّد و نقله الفاضل الشيخ عبد النبيّ أيضا حمدويه عن بعض أشياخه و الاعتماد علي مثل ذلك غير عزيز، فقول الشيخ محمّد: و الجارح غير معلوم ليس بمكانه، إذ لا شكّ في كون بعض أشياخه من العلماء الإماميّة و الفقهاء الاثني عشرية، و لذا جزم المحقق في المعتبر علي ما نقل عنه في بحث الجماعة بكونه بتريّا (4) (5)، انتهي.3.
ص: 77
و فيه أوّلا: أنّا لم نجد ذلك في حواشي الشهيد علي الخلاصة، و لا نقله مع اعتناء ائمة هذا الفن بنقل تحقيقاته، فلم يتحقق أصله حتي يصير أصلا لكلام غيره.
و ثانيا: أن الشيخ ما ذكر ذلك في أصحاب الصادق (عليه السّلام) ابدا، و قد ذكر ذلك في أصحاب الباقر (عليه السّلام) (1)، و لا قرينة للاتحاد الّا الاشتراك في الاسم و الأب، و يفسده ما أوضحناه، فراجع.
و ثالثا: أن في قوله: و الاعتماد. الي آخره، من وجوه الفساد ما لا يخفي، و أي عالم كفّر من ظاهره الايمان بكلام غير معلوم النسبة الي غير معلوم الحال، فانّ ظاهر النجاشي (2)، و خبر العيون (3) ايمانه، و البتريّة: كفرة يجري عليهم بعض أحكام الإسلام.
و رابعا: قوله: إذ لا شك. إلي آخره، فإن الكشي كثيرا ما يعوّل في الجرح و التعديل علي غير الإماميّة، فلاحظ.
الرابع: أن نسبة حكاية وضع حديث الطير اليه معلوم الفساد.
امّا أوّلا: ففي التعليقة بعد ذكر الحكاية، أقول: و سيجي ء في وهب بن وهب انه نقل خبرا للمنصور في جواز الرهن علي الطير فلذا سمّوه كذابا (4)، و العجب انّ أبا علي نقل في رجاله تمام عبارة التعليقة و أسقط هذا الكلام من آخره، و لعلّه لمنافاته لما رجّحه، و يظهر منه أنه وقع الاشتباه في الراوي و السامع، و تعدّد الوضع بعيد غايته.6.
ص: 78
و امّا ثانيا: فالظاهر أن الشهيد أخذ القصّة من كتبهم (1)، و الموجود في جامع الأصول هكذا: و من الواضعين جماعة وضعوا الحديث تقرّبا الي الملوك، مثل: غياث بن إبراهيم، دخل علي المهدي بن المنصور و كان تعجبه الحمامة الطّيارة الواردة من الأماكن البعيدة، فروي حديثا عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) انّه قال: لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل أو جناح، قال: فأمر له بعشرة آلاف درهم، فلمّا خرج قال المهدي: اشهد أنّ قفاه قفا كذّاب علي رسول اللّه، ما قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): جناح، و لكن هذا تقرّب إلينا، و أمر بذبحها، و قال: انا حملته علي ذلك (2).
و كون غياث المذكور هو التميمي الأسدي مبني علي الاتحاد، و فيه ما تقدم، فلعلّه النخعي، و معه لا تأييد فيه، مضافا الي معارضته لما ذكر الدميري في حياة الحيوان، قال: و ذكر أنّ الرشيد كان يعجبه الحمام و اللعب به فاهدي له حمام و عنده أبو البختري وهب القاضي، فروي له بسنده عن أبي هريرة أن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) قال: لا سبق إلّا في خف أو حافر أو جناح، فزاد: أو جناح، و هي لفظة وضعها للرشيد فأعطاه جائزة سنيّة، فلمّا خرج قال الرشيد:
تا اللّه لقد علمت انه كذب علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) و أمر بالحمام فذبح، فقيل له: و ما ذنب الحمام؟ قال: من اجله كذب علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) فترك العلماء حديث أبي البختري لذلك و غيره من موضوعاته، فلم يكتبوا حديثه الي ان نقل عن بعضهم أن الواضع غياث بن إبراهيم وضعه للمهدي لا للرشيد (3).
لكن في شرح التقي المجلسي في كتاب القضاء- بعد نقل الخبر الصادقي-:0.
ص: 79
أن الملائكة تحضر الرهان في الخف و الحافر و الريش، و الظاهر أن تغيير الأسلوب للتقيّة، كما ذكر في حياة الحيوان: أن وهب بن وهب القاضي ادخل الريش في الخبر عند المنصور و أعطاه مالا جليلا، ثم قال بعد ذهاب وهب:
اشهد أنّ لحيته لحية كذّاب، و ما افتري هذا الخبر الّا لرضاي، و نقل عن حفص ابن غياث أيضا للمهدي، بمثل وهب (1)، انتهي.
و لم أجد ما نقله في الكتاب المذكور فلاحظ.
و امّا ثالثا: فلأنّ البتريّة لا تنافي الوثاقة كأخواتها من المذاهب الباطلة، و أمّا الوضع و الكذب خصوصا في أمور الدين لجلب الحطام فلا يجتمع معها، و قد عرفت نصّ النجاشي و الخلاصة عليها، و رواية ابن أبي عمير، و ابن فضال، و ابن مغيرة، و غيرهم من الأجلة عنه، فلو كان هو الواضع خبرا لا يكاد يخفي علي أهل عصره لكان روايتهم عنه و هنا فيهم و إزراء بهم، فالأمر دائر بين تكذيب أصل القصة لعدم ورودها من طريق الأصحاب، و كثرة وجودها في الكتب غير نافعة بعد انتهائها الي من لا اعتماد علي منقولاته، أو كون الواضع وهب للمنصور أو للرشيد، أو كونه غياث النخعي.
فتلخص أنّه لا معارض لما في النجاشي و غيره ممّا تقدم لعدم صحّة ما نسب إلي الكشي، و عدم معلوميّة اتحاد ما في أصحاب الباقر (عليه السّلام) لما في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بل الشواهد قائمة علي عدمه، فالحقّ عدّ خبره من الصحاح وفاقا لصاحب المدارك، و الشيخ البهائي كما نقله المحقق البحراني في حاشية البلغة (2).ا.
ص: 80
و في التعليقة: قال جدّي: احتمل بعض الأصحاب أن يكون متعددا و يكون الثقة غير بتريّ، و الظاهر و حدتهما، انتهي (1).
و لم يبيّن وجه الظهور، بل سامح في شرح المشيخة في النقل بما يقضي منه العجب، فإنه بعد ما نقل ما في النجاشي و الفهرست قال: أبو محمّد أسند عنه، بتري من أصحاب الباقر و الصادق و من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) من رجال الشيخ (2) (3).
و قد عرفت انه ليس في أصحاب الباقر (عليه السّلام): أبو محمّد أسند عنه، و لا في أصحاب الصادق و من لم يرو عنهم (عليهم السلام) بتريّ (4) و لعلّه لفهم الاتّحاد، و هذا غير جائز في أمثال هذا المقام و اللّه العاصم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عنه.
و عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين ابن سعيد، عنه (5).
السند الأول صحيح بالاتفاق.
ص: 81
و كذا الثاني علي الأصح بما مر في (يج) في ترجمة ابن ابان (1).
و فضالة من أجلّاء الثقات و من أصحاب الإجماع.
أبوه و محمّد بن موسي بن المتوكل (2)، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن شريف بن سابق التفليسي، عن الفضل بن أبي قرّة السمندي الكوفي (3).
شريف ضعيف في النجاشي و الغضائري (4)، الّا ان في النجاشي: له كتاب يرويه جماعة (5)، و في الفهرست من غير تضعيف: له كتاب أخبرنا به جماعة (6). إلي آخره.
و ظاهرها: اعتبار كتابه، بل الإماميّة، و الظاهر أن النجاشي تبع الغضائري، و سبب تضعيفه يؤول غالبا الي الغلوّ و الارتفاع، و ضعفه ظاهر، فالسند لا يقصر عن الحسن.
و امّا الفضل ففي النجاشي: روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) لم يكن بذاك، له كتاب يرويه جماعة (7). إلي آخره.
قوله: لم يكن بذاك، أي في كمال الثقة، و في رواية الجماعة كتابه إشارة إلي الوثاقة.
ص: 82
و في الفهرست: له كتاب، أخبرنا جماعة (1). إلي آخره، و لكن في الخلاصة:
ضعيف لم يكن بذاك (2)، و في التعليقة (3): تضعيف الخلاصة من الغضائري، كما في النقد (4)، و هو ضعيف.
قلت: و يحتمل ان يكون من طغيان القلم فان الجمع بين الكلمتين يحتاج الي تكلّف، و يظهر من الاخبار أيضا تشيّعه، ففي باب المكاسب من الفقيه: عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: هؤلاء يقولون أن كسب المعلّم سحت؟ فقال: كذبوا أعداء اللّه، انّما أرادوا ان لا يعلّموا أولادهم القرآن، لو أن رجلا أعطي المعلم دية ولده كان للمعلم مباحا حلالا (5).
فالخبر قوي وفاقا للشارح مع ان ظاهر النجاشي و الصدوق اعتبار كتابه.
عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي اللّه عنه، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيسابوري، عن الرضا (عليه السلام) (6).
أوضحنا وثاقة الأول في (قصح) (7)، و وثاقة الثاني في (رج) (8)، فالخبر صحيح علي الأصح.
و لمّا كان الكتاب المذكور كثير الحاجة في الفروع فلا بأس بذكر بعض
ص: 83
الشواهد لصحّة الخبر المنقول عنه، فنقول: قال الصدوق في العلل (1) و العيون (2): حدثني عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن عليّ بن محمّد ابن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمّد الفضل بن شاذان.
و حدثنا الحاكم أبو جعفر محمّد بن نعيم بن شاذان رحمه اللّه، عن عمّه أبي عبد اللّه محمّد بن شاذان، قال: قال الفضل بن شاذان. إلي آخره.
و بين المذكور في العلل و العيون اختلاف كثير بالزيادة و النقصان.
و في النجاشي بعد ذكر كتبه التي منها العلل: أخبرنا أبو العباس بن نوح، قال: حدثنا احمد بن جعفر، قال: حدثنا احمد بن إدريس بن احمد، قال:
حدثنا علي بن احمد بن قتيبة النيسابوري عنه بكتبه (3).
و في الفهرست أيضا ذكر كتبه، و عدّ منها العلل، ثم قال: أخبرنا برواياته و بكتبه هذه المفيد أبو عبد اللّه، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن محمّد بن الحسن، عن احمد بن إدريس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل.
و رواها محمّد بن علي بن الحسين، عن حمزة بن محمّد العلوي، عن أبي نصر قنبر بن علي بن شاذان، عن أبيه، عن الفضل (4).
فظهر انه يروي عن ابن قتيبة: عبد الواحد، و احمد بن إدريس، و تقدم أيضا أنّه يروي عنه، أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي المرعشي، و أبو عمرو الكشي، و يروي: عن الفضل ابن قتيبة، و علي بن شاذان، و أبو عبد اللّه محمّد2.
ص: 84
ابن شاذان وكيل الناحية كما صرّح به السيد علي بن طاوس في ربيع الشيعة (1) و الشيخ الطبرسي في إعلام الوري: ممّن وقف علي معجزات صاحب الزمان (عليه السّلام)، و فيه التوقيع: و امّا محمّد بن شاذان بن نعيم فإنه رجل من شيعتنا أهل البيت (2).
و محمّد بن إسماعيل المردد بين النيسابوري- كما هو الأظهر عندنا- و البرمكي- كما عليه جماعة- و هو الواسطة بينه و بين ثقة الإسلام (3)، و الظاهر انه الواسطة في جميع [كتابه (4) اليه (5)] (6)، و انّما هي لعدم البناء علي العلم بالوجادة علي ما مرّ شرحه في أوّل الفائدة الثالثة (7) مع ان الطريق في المشيخة و الفهرست صحيح علي المصطلح فلا مجال للوسوسة.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد ابن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك المعروف بابي العباس البقباق الكوفي (8).
رجال السند من شيوخ العصابة، و أبو العباس ثقة عدّ من عيونها، فالخبر صحيح بالاتفاق.
ص: 85
محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن صفوان بن يحيي، عن فضيل بن عثمان الأعور المرادي الكوفي (1).
السند صحيح بما مرّ في (لا) (2)، و ابن عثمان هو أبو محمّد الأعور الصائغ الأنباري ابن أخت علي بن ميمون المعروف بابي الأكراد، و لكن في النجاشي الفضل ثقة ثقة (3)، و في الاخبار أيضا كذلك، و لا ريب في الاتحاد وفاقا لأكثر من وقفنا علي كلامهم.
و يروي عنه صفوان بن يحيي (4)، و فضالة بن أيوب (5)، و علي بن النعمان (6)، و سيف بن عميرة (7)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (8)، و محمّد بن خالد الطيالسي (9)، و علي بن الحكم (10)، و محمّد بن عيسي (11)، و غيرهم، فالخبر صحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن ابن
ص: 86
أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن الفضيل بن يسار.
و هو كوفي مولي لبني نهد، انتقل من الكوفة إلي البصرة، و كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا رآه قال: بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ.
و ذكر ربعيّ بن عبد اللّه عن غاسل الفضيل بن يسار انه قال: انّي لا غسل الفضيل و انّ يده لتسبقني الي عورته، قال: فخبرت بهذا أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقال: رحم اللّه الفضيل بن يسار هو منّا أهل البيت (1).
السند صحيح عندنا بما مرّ في (يه) (2) و (لب) (3)، و علي المشهور من ضعف السند بجهالة علي بن الحسين يمكن الحكم بصحّته أيضا بوجوه:
أ- أن الشيخ يروي عن الفضيل بن يسار بإسناده الصحيح عن احمد ابن محمّد بن عيسي، عن حمّاد، عن حريز، عنه، كما في باب فضل الصلاة من أبواب الزيادات (4).
و بإسناده الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن حريز بن عبد اللّه، عنه، كما في باب المواقيت منها (5)، و في باب وقت الزكاة و فيه: الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، عنه، و هو الأصح (6).
و بإسناده الصحيح عن علي بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، عنه، في باب كيفيّة الصلاة منها (7)، و باب ما يجوز الصلاة فيه من0.
ص: 87
اللباس منها (1)، و الطرق الي حمّاد كثيرة صحيحة كما مرّ (2).
و صرّح في النجاشي أنّ له كتابا يرو عنه حمّاد بن عيسي (3).
ب- أنّ طريق الصدوق الي ابن أبي عمير صحيح، فيكون الي الفضيل أيضا صحيحا.
ج- أنّ طرق الصدوق إلي أحمد كثيرة فيها صحيح و غيره، فلا يضرّ جهالة السعدآبادي.
و امّا الفضيل فهو من أصحاب الإجماع موصوف بالوثاقة و الجلالة و العينيّة (4)، و روي الكشي (5) الخبرين مسندا (6) مع زيادة، و أحاديث أخري في مدحه، و جلالة قدره، و أن الأرض تسكن اليه (7)، من غير ذكر معارض، و هو غريب.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن احمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن القاسم بن بريد بن معاوية العجلي (8).
ص: 88
السند صحيح عندنا بما مر، ضعيف عند جماعة بالثاني، أو مع الرابع أو مع الخامس أو بالتفريق، و يرفع مع ضعف أصله بأنّ النجاشي قال: القاسم ثقة روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، له كتاب يرويه فضالة بن أيّوب (1)، انتهي.
و قد مر صحّة طريقه الي فضالة عند الكلّ فطريقه الي القاسم صحيح (2).
محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن النضر بن سويد، عنه (3).
السند صحيح علي الأصح من وثاقة ابن عيسي كما مرّ.
و امّا القاسم فلم يوثقوه صريحا، لكنّ الحق وثاقته لوجوه:
أ- أن النجاشي صرّح كما هنا أنّ له كتابا رواه النضر بن سويد (4)، و النضر من الذين قالوا في حقّهم: صحيح الحديث (5)، و قد أوضحنا في الفائدة السابقة أنّ هذه الكلمة علي الإطلاق من غير اضافة الي كتاب أو احاديث معهودة دالّة علي وثاقته و وثاقة من يروي عنه (6).
و قال المدقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار بعد ذكر حديث سنده:
محمّد بن احمد بن يحيي، عن محمّد بن عيسي اليقطيني، عن النضر بن سويد،
ص: 89
عن عمرو بن شمر، عن جابر،. إلي آخره. و ذكر حال رجاله إجمالا قال: الّا أنّ ضعف الحديث بعمرو بن شمر يغني عن تحقيق الحال.
فان قلت: إذا قال النجاشي: أن النضر بن سويد صحيح الحديث (1)، و صحّ اليه الطريق- بناء علي سلامة محمّد بن عيسي- علم صحّة الحديث للعلم الشرعي بأنّه من حديثه، و ذلك كاف في الصحّة.
قلت: الذي نفيناه الصحّة الاصطلاحية، و ما ذكرته لا يخلو من وجه غير أنّ الرواية تحتمل أن تكون ليست من أحاديثه، بل من مرويّاته، و كونه صحيح الحديث محتمل لأن يراد به أحاديثه الخاصّة كالأصول، و في هذا نظر، لان الظاهر خلاف ذلك، (2) انتهي.
فإذا كان الظاهر خلافه فالمراد مطلق مرويّاته، و الحكم بصحّتها مع عدم معلوميّتها و حصرها عند النجاشي قطعا، فلا يمكن ان يكون وجه الصحة القرائن الخارجية لأنّها تلاحظ بالنسبة إلي آحاد الأحاديث، و هو في المقام غير ممكن، فلا بدّ ان يكون الوجه الامارات الداخليّة، و هي الوثاقة و العدالة، فلولا وثاقة كلّ من يروي عنه و هكذا الي آخر رجال السند لا يمكن الحكم بصحة أحاديثه، و هذا أمر ممكن و لو من جهة اخباره، و يأتي ان شاء اللّه تعالي في شرح حال أصحاب الإجماع ما ينبغي ان يلاحظ (3).
ب- رواية الأجلّاء عنه و اكثارهم ذلك و فيهم من أصحاب الإجماع حمّاد و هو ابن عثمان في التهذيب في باب البينات (4)، و في الكافي في باب شهادة0.
ص: 90
القاذف (1)، و في الاستبصار في باب مقدار الدية (2)، و غيره، و يونس بن عبد الرحمن في باب ميراث من علا من الآباء في موضعين (3)، و في الكافي في باب ابن أخ و جدّ (4)، و الحسين بن سعيد (5)، و النضر بن سويد (6)، و لم ينقل في الكتب الأربعة رواية أحد عنه غير هؤلاء.
ج- ما في شرح التقيّ أن له أصلا (7)، و نقله عن الفهرست (8)، و عليه فيدخل في الجماعة الذين وصفهم المفيد بما فوق الوثاقة- كما مرّ غير مرّة- و لكنّي لم أجده في نسختين عندي، و لا نقله احد، و هو أعرف بما قال، و لعلّه من اختلاف النسخ، و كيف كان ففيما مرّ كفاية.
و يروي عنه: سعد بن عبد اللّه (3)، و الحميري (4)، و الحسن بن علي ابن فضّال (5)، و أبو عبد اللّه محمّد بن أبي القاسم (6)، و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و محمّد بن احمد بن يحيي (8)، و إبراهيم بن هاشم (9)، و علي بن الحسن بن فضّال (10)، و احمد بن الحسن بن فضّال (11)، و سهل بن زياد (12)، و عمران بن موسي (13)، و احمد بن يوسف (14)، و هؤلاء وجوه الطائفة في تلك الطبقة، فلا بد و أن يعدّ هارون من الأجلّاء، و مرّ في (ح) وثاقة سعدان (15)، فالسند صحيح.
و امّا القاسم فمذكور في النجاشي (16) و الفهرست (17) مع كتابه،6.
ص: 92
و الطريق اليه من غير توثيق، و تشهد لوثاقته أمارات:
أ- ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ: القاسم بن عروة أبو محمّد مولي أبي أيّوب المكّيّ، و كان أبو أيوب من موالي المنصور، له كتاب (1)، فهو ممّن ذكرهم ابن عقدة في كتابه الذي ذكر فيه أربعة آلاف من أصحابه (عليه السلام) و وثقهم، و مرّ، و يأتي (2) - ان شاء اللّه- شرحه.
ب- رواية ابن أبي عمير عنه، كما في الكافي في باب الرجل يحلّ جاريته لأخيه (3)، و في باب شهادة المماليك (4)، و في الفقيه في باب ما يجب فيه الدية و نصف الدية (5)، و في التهذيب في باب الاثنين إذا قتلا واحدا (6).
ج- رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه، كما في التهذيب في باب أوقات الصلاة (7).
و هما لا يرويان الّا عن ثقة.
د- رواية النضر بن سويد كما في النجاشي في طريقه الي كتابه (8)، و قد مرّ انّ روايته عن أحد من أمارات الوثاقة (9).
ه- رواية الأجلّة عنه غير هؤلاء و هم: عبيد اللّه بن احمد بن نهيك (10)،0.
ص: 93
و الحسين بن سعيد (1)، و محمّد بن خالد (2)، و ابنه احمد (3)، و الحسن بن فضّال (4)، و محمّد بن عيسي (5)، و محمّد بن عبد اللّه بن زرارة (6)، و علي بن مهزيار (7).
و- حكم العلامة في الخلاصة بصحّة هذا الطريق (8). [و من] كلّ ذلك- مع عد الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (9) - فالأقوي كون الخبر صحيحا.
هاشم، و مر حسن حال القاسم القريب من الوثاقة في (عج) (1)، فالخبر صحيح، أو حسن كالصحيح.
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (2).
السند صحيح، و كردويه غير مذكور، و لكن تشهد لوثاقته رواية ابن أبي عمير عنه، بل إكثاره منها كما يظهر من التهذيب في باب تطهير المياه (3)، و باب كيفيّة الصلاة (4)، و باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (5)، و باب وجوب الفصل بين ركعتي الشفع و الوتر من الاستبصار (6)، و باب كيفيّة قضاء صلاة النوافل و الوتر منه (7)، و باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة من التهذيب (8)، فالخبر صحيح علي الأصح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيوب، عن كليب بن معاوية الأسدي الصيداوي (9).
ص: 95
رجال السند من الأجلّاء حتي محمّد كما مرّ في (لب) (1).
و امّا كليب فلم يوثقوه صريحا، و لكن يدل علي وثاقته أمور:
أ- رواية صفوان عنه كما في الفهرست (2) و يأتي عن الكشي (3).
ب- رواية ابن أبي عمير عنه، كما فيه أيضا، فإنه ذكر لكتابة طريقين ينتهيان إليهما (4)، فدلالته علي الوثاقة أظهر، و في الكافي في باب ان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) حرّم كلّ مسكر (5) روايتهما عنه.
ج- ما ورد فيه من المدح، ففي الكشي: عن علي بن إسماعيل، عن حمّاد ابن عيسي، عن الحسين بن المختار، عن أبي أسامة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّ عندنا رجلا يسمي كليبا فلا يجي ء عنكم شي ء إلّا قال:
أنا أسلّم، فسمّيناه كليبا بتسليمه؟ فترحم عليه أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، و قال: أ تدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو و اللّه الإخبات قول اللّه عزّ و جلّ: الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ وَ أَخْبَتُوا إِليٰ رَبِّهِمْ (6) (7).
و رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحّام، عنه (عليه السّلام)، مثله (8).
و رواه سعد بن عبد اللّه في بصائر الدرجات (9) كما في منتخب حسن بن8.
ص: 96
سليمان، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، الي آخر المتن و السند، و فيه: عن أبي أسامة زيد الشحّام (1).
و رواه العياشي في تفسيره عن أبي أسامة مثله (2).
و بعد وجود الخبر في هذه الكتب المعتبرة، و وجود حمّاد في السند، لا محلّ لقول العلامة في الخلاصة بعد ذكر الخبر: و في الأول الحسين بن المختار و هو واقفي (3)، مع انّا أوضحنا عدم وقفه في (ص) (4) بما لا مزيد عليه.
و في الكشي: عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن كليب بن معاوية الأسدي، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: و اللّه انكم لعلي دين اللّه و دين ملائكته، فأعينوني بورع و اجتهاد، فو اللّه ما يتقبّل إلّا لعلي دين اللّه و دين ملائكته، فأعينوني بورع و اجتهاد، فو اللّه ما يتقبّل الّا منكم، فاتقوا اللّه و كفّوا ألسنتكم، و صلّوا في مساجدهم (5)، فإذا تميّز القوم فتميّزوا (6).
و رواه عماد الدين الطبري في بشارة المصطفي: عن الحسن بن الحسين بن بابويه، عن أبي جعفر الطوسي، عن الشيخ المفيد، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن كليب الأسدي، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: اما و اللّه، انّكم لعلي دين اللّه و دين ملائكته، فأعينوني علي ذلك بورع و اجتهاد، عليكم بالصلاة و العبادة، عليكم بالورع (7).ر.
ص: 97
و رواه أيضا عنه، عن عمّه محمّد، عن أبيه الحسن، عن عمّه الصدوق، عن محمّد بن موسي بن المتوكّل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن إبراهيم ابن هاشم، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس بن عبد الرحمن، عنه، مثله (1).
و أنت خبير بأن صفوان و يونس من أصحاب الإجماع، و الحكم بصحّة الخبر الذي صحّ صدوره عنهما، يقتضي الحكم بصحّة صدوره عن الامام (عليه السلام) و لو كان فيه ما ينفع الراوي، فقول العلامة في الخلاصة: و الثاني شهادة لنفسه فنحن في تعديله من المتوقّفين (2)، في غير محلّه، و ظاهره تسليم دلالتهما عليه.
و في الكشي: روي عن محمّد بن المعلي النّيلي، عن حسين بن حمّاد الخزّاز، عن كليب قال: قال رجل لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): ا يحب الرجل الرجل و لم يره؟ قال:ها هو ذا أنا أحبّ كليب الصيداوي و لم أره.
و هو كليب بن معاوية الصيداوي الأسدي و الصّيدا بطن من بني اسد (3).
و الظاهر- كما صرّح به المولي عنايت اللّه- أنّ هذه الترجمة من الشيخ الطوسي- رحمه اللّه- (4)، فتكون الأخبار الثلاثة مختارة له.
د- رواية جماعة من الأجلّة عنه، و فيهم من أصحاب الإجماع: يونس ابن عبد الرحمن كما عرفت، و فضالة و هو في الطريق، و في التهذيب (5) متفردا، و مع القاسم بن محمّد الجوهري في مواضع عديدة (6)، و القاسم (7)، و محمّد بن0.
ص: 98
سنان (1) و علي بن الحكم (2)، و احمد بن عائذ (3).
فمن لم يطمئن من هذه الامارات بوثاقته- مع عدم وجود معارض لها أصلا- فلا بأس بعدّه من أهل الوسواس، مضافا الي عدّ الصدوق (4) كتابه من الكتب المعتمدة، و قول النجاشي: له كتاب رواه جماعة (5)، فالخبر صحيح علي الأصح، و مرّ لكتابة طريق آخر في (قفح) (6).
أبوه، عن علي بن موسي بن جعفر الكميذاني، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي محمّد مالك بن أعين الجهني، و هو عربي كوفي، و ليس هو من موالي سنسن (7).
علي بن موسي داخل في العدّة التي يروي عنهم ثقة الإسلام عن احمد ابن محمّد بن عيسي (8)، و كفي في جلالته مضافا الي كونه من مشايخ الإجازة رواية الكليني و علي بن بابويه عنه، و الجليل أبو جعفر بن أبي زاهر الأشعري القمي الذي كان محمّد بن يحيي العطار من أخصّ أصحابه، كما في الكافي في باب جهات علوم الأئمة (عليهم السلام) (9).
ص: 99
و أوضحنا وثاقة عمرو بن أبي المقدام في (رلد) (1) مضافا الي وجود ابن محبوب في السند، فالخبر صحيح.
و امّا مالك فذكره الشيخ في أصحاب الباقر (عليه السّلام) (2)، و قال:
مات في حياة أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، ثم في أصحاب الصادق (عليه السلام) (3)، و ذكره الكشي أيضا (4)، و لم يوثقوه، و يمكن استظهار وثاقته من أمور:
أ- رواية بن أبي عمير عنه، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (5).
ب- رواية أصحاب الإجماع عنه كيونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب البداء (6)، و بريد بن معاوية فيه في باب لباس المعصفر من كتاب الزي و التجمل (7)، و عبد اللّه بن مسكان فيه في باب البداء (8)، و في باب أبوال الدواب (9)، و في الروضة (10)، و في التهذيب في باب صفة الوضوء (11)، و في باب تطهير الثياب من أبواب الزيادات (12)، و في باب أحكام السهو في الصلاة (13).
ج- رواية جملة من شيوخ الطائفة عنه سوي المذكورين كالفقيه ثعلبة بن8.
ص: 100
ميمون (1)، و عمر بن أذينة (2)، و عاصم بن حميد (3)، و علي بن رئاب (4)، و هشام بن سالم (5)، و عمرو بن أبي المقدام (6)، و القاسم بن بريد بن معاوية (7).
د- رواية يحيي بن عمران الحلبي عنه كما في الكافي في باب المصافحة (8)، و في النجاشي (9)، و الخلاصة (10) في ترجمة يحيي: ثقة ثقة صحيح الحديث، و قد مرّ توضيح دلالة هذه الكلمة علي وثاقة كلّ من يروي عنه (11).
ه- ما رواه في الكافي في باب المصافحة: عن علي بن إبراهيم، عن محمّد ابن عيسي، عن يونس، عن يحيي الحلبي، عن مالك الجهني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أنتم و اللّه شيعتنا، ألا تري أنّك تفرط في أمرنا، إنّه لا يقدر علي صفة اللّه، فكما لا يقدر علي صفة اللّه كذلك لا يقدر علي صفتنا [و كما لا يقدر علي صفتنا]، كذلك لا يقدر علي صفة المؤمن، إن المؤمن ليلقي المؤمن فيصافحه فلا يزال اللّه ينظر إليهما و الذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات4.
ص: 101
الورق حتي يفترقا، فكيف يقدر علي صفة من هو كذلك؟! (1).
و في الروضة: عن ابن مسكان، عنه قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السلام): يا مالك، أما ترضون ان تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفّوا و تدخلوا الجنّة، يا مالك؟ انه ليس من قوم ائتموا بإمام [في الدنيا] الّا جاء يوم القيامة يلعنهم و يلعنونه الّا أنتم، و من كان علي مثل حالكم [يا مالك]، إن الميت و اللّه منكم علي هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه (2).
و هو شريك علقمة بن محمّد الحضرمي في رواية فضيلة زيارة عاشوراء عن أبي جعفر الباقر (عليه السّلام)، علي رواية جعفر بن قولويه في كتاب كامل الزيارات (3).
و من جميع ذلك يظهر قربه منهم و علوّ قدره عندهم (عليهم السلام).
و قال الشيخ المفيد في باب فضائل أبي جعفر الباقر (عليه السّلام): و قال مالك بن أعين الجهني فيه من قصيدة مدحه بها:
إذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا
و ان قيل اين ابن بنت النبي نلت بذاك فروعا طوالا
نجوم تهلّل للمدلجين جبال تورث علما جبالا (4)
و قال المحقق في الشرائع: لو خلّف نصراني أولاد صغارا و ابن أخ و ابن أخت مسلمين، كان لابن الأخ ثلثا التركة و لابن الأخت الثلث، و ينفق الاثنان علي الأولاد بنسبة حقّهما، فإذا بلغ الأولاد مسلمين كانوا أحقّ بالتركة علي رواية2.
ص: 102
مالك بن أعين (1).
و في الجواهر «وصفها جماعة [من] المحققين كالعلامة و الشهيد و غيرهما بالصحة، بل هي من المشاهير التي رواها الثلاثة في الثلاثة- ثم ذكر باقي المتن و شرحه و أطال الكلام فيما يرد علي الرواية من الإشكال- الي ان قال: و مع ذلك كلّه فالرواية ضعيفة، و الحكم بصحّتها مع شهرته غير صحيح، فإنّها في الكافي (2) و التهذيب (3) مسندة إلي مالك بن أعين، و في الفقيه (4) اليه و الي عبد الملك، و مالك مشترك بين أخي زرارة الضعيف و الجهني المجهول، و الظاهر بقرينة الفقيه الأول، و احتمال الضعف فيه قائم بواسطة الترديد بينه و بين عبد الملك.
و ما في الوسائل (5) من اسناد الصدوق إليهما جميعا خلاف الموجود في الفقيه، و المنقول عنه في الوافي (6)، و غايته حسن هذا الطريق، فان عبد الملك ممدوح بغير التوثيق، و الحسن غير الصحيح، و المحكوم عليه بالصحة في كلامهم غير هذا الطريق، و الظاهر من الصحّة خصوصا في المقام الحقيقيّة منها دون الإضافيّة.
و قد تحصل من ذلك كلّه ضعف الحديث» (7)، انتهي.
و فيه مع مخالفته لطريقته في مواضع لا تحصي مواقع للنظر، و السند في الكافي هكذا: علي بن إبراهيم، عن أبيه و محمّد بن يحيي، عن احمد بن0.
ص: 103
محمّد و عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن مالك بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السّلام) (1)، و في التهذيب بإسناده عن احمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب (2) مثله.
و في الفقيه: روي الحسن بن محبوب. إلي آخره (3).
و غير خفي علي الناظر الناقد أن المشايخ اخرجوا الخبر من كتاب الحسن ابن محبوب الشيخ الجليل الذي هو أحد الأركان في عصره، و تعدّ كتبه في الأصول التي لا مسرح (4) لأحد في الطعن في الخبر المودع فيها، مضافا الي كونه من أصحاب الإجماع الذين لا ينظر الي سند الخبر الذي صحّ صدوره عنهم، كما في المقام، مع تصريح العلامة في المختلف (5) و الشهيد في الدروس (6) و الشرح (7) بصحّته.
و في الإرشاد: و لو خلّف الكافر أولادا صغارا لا حظّ لهم في الإسلام (8) و ابن أخ و ابن أخت مسلمين فالميراث لهما دون الأولاد، و لا إنفاق علي رأي (9).
قال الشهيد في الشرح: «و ما أفتي به هنا قول ابن إدريس رحمه اللّه7.
ص: 104
و المحقق، و قال أكثر الأصحاب و الصدوق و المفيد و الشيخ و القاضي و نجيب الدين بخلاف ذلك، و به قال أبو الصلاح و ابن زهرة، و عمّموا الحكم في القرابة، و المستند: صحيحة مالك بن أعين عن أبي جعفر (عليه السّلام).
إلي آخره» (1).
و كيف يخفي عليه- رحمه اللّه- حال مالك الموجود في الكشي (2) و أصحاب الباقر (عليه السّلام) (3)، المتكرّر في الأسانيد، الذي عدّ الصدوق (4) كتابه من الكتب المعتمدة، الذي يروي عنه ابن أبي عمير (5)، الذي ادّعي الشيخ (6) الإجماع علي أنه لا يروي و لا يرسل الّا عن ثقة، و كذا وجوه الطائفة، و اخرج خبره المشايخ الثلاثة، و لا معارض له سوي بعض القواعد التي كثيرا ما يخصّصونها بأدون من هذا بمراتب عديدة، مع انّ في الخبر وجها لا يتم به القاعدة أشار إليه في النكت و الشرح (7)، و تمام الكلام في الفقه.
فمن العجب قوله- رحمه اللّه- و الجهني المجهول، و قوله: و تحصل.
إلي آخره (8)، و المقام لا يقتضي الزيادة علي ذلك، و اللّه العاصم.
الحسين بن إبراهيم بن تاتانة رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن سنان، عنه.
ص: 105
كذا في نسخ الوسائل (1)، و الموجود في الفقيه (2) و خاتمة الوافي (3): عن أبيه، عن محمّد بن سنان، و يساعده الاعتبار لعدم رواية علي عن محمّد ابدا و تأخّر طبقته عن طبقته جدّا (4)، فلاحظ.
الحسين من مشايخ اجازة الصدوق الذي قد أكثر من الرواية عنه مترضيا (5)، و في شرح المشيخة. و لم يصحّح الجد، و لكن في الأمالي الذي عندنا و قد صححه جماعة من الفضلاء: من أولاد ابن بابويه، بالنون أولا و أخيرا و التاء المثنّاة [من] فوق في الوسط، و يمكن ان يكون من (ناتوان) (6) اي الضعيف و اللّه يعلم.
و السند صحيح بما مرّ في (كو) (7)، ضعيف أو حسن عند الجماعة.
و امّا مبارك ففي أصحاب الصادق (عليه السّلام) أربعة: مبارك الأسدي الكوفي، و البصري و الشيباني و المدايني (8)، و ليس فيه و لا في غيره ذكر للعقرقوفي، و في الكافي في باب فرض الزكاة: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بنا.
ص: 106
مرّار، عن يونس، عن مبارك العقرقوفي، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام). الخبر (1).
و يونس بن عبد الرحمن من أصحاب الإجماع، و روايته عنه من أمارات الوثاقة، أو مدح عظيم، و فيه في باب فضل فقراء المسلمين: عدّه من أصحابنا، عن احمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسي، عن مبارك غلام شعيب، قال: سمعت أبا الحسن موسي (عليه السّلام)، الخبر (2).
قال في الجامع: لا يبعد اتحاده مع الأول بقرينة المروي عنه، و احتمال كون شعيب هو العقرقوفي يؤيّده أيضا (3)، انتهي.
و يؤيّده ان هذا الخبر يناسب باب الزكاة و الصدوق لم يخرج من كتابه الذي ذكر طريقه إلّا في كتاب الزكاة (4)، فالظاهر انّ كتابه كتاب الزكاة، فيكون ممّن روي عنه عثمان بن عيسي، و هو من أصحاب الإجماع أيضا فالخبر حسن كالصحيح.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن معاوية بن حكيم، عن عبد اللّه ابن المغيرة (5)، عنه.
في النجاشي: معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمّار الدهني، ثقة جليل في أصحاب الرضا (عليه السّلام)، قال أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه:
سمعت شيوخنا يقولون: روي معاوية بن حكيم أربعة و عشرين أصلا لم يرو
ص: 107
غيرها (1).
و ذكره الشيخ في أصحاب الجواد (2) و الهادي (3) (عليهما السلام)، و في الفهرست (4)، و لم يتعرض لمذهبه أيضا، بل في التهذيب في شرح قول المفيد:
و من طلّق صبيّة لم تبلغ المحيض فعدّتها ثلاثة أشهر- لا في باب عدّة اليائسة كما في رجال (5) أبي علي- ما لفظه: «و الذي ذكرناه هو (6) مذهب معاوية بن حكيم من متقدمي فقهاء أصحابنا و جميع فقهائنا المتأخرين» (7).
هذا و لكن في الكشي: فطحي، و هو عدل عالم، و قال أيضا: محمّد بن الوليد الخزّاز، و معاوية بن حكيم، و مصدق بن صدقة، و محمّد بن سالم بن عبد الحميد، هؤلاء كلّهم فطحيّة، و هم من اجلّة العلماء و الفقهاء و العدول و منهم من أدرك الرضا (عليه السّلام)، و كلّهم كوفيّون (8).
و ليس له في هذا القول ثان، حتي السروي في المعالم (9) ذكره و لم يتعرض لمذهبه مع بنائه عليه، و من هنا يتطرق الوهن في النسبة، و ان كانت القاعدة تقتضي الجمع و الحكم بكونه ثقة فطحيّا الّا انه حيث لا مرجح في البين كما صرّحوا به.4.
ص: 108
و يروي عنه صفوان بن يحيي (1)، و علي بن الحسن بن فضّال (2)، و احمد ابن محمّد بن عيسي (3)، و الصفار (4)، و سعد بن عبد اللّه (5)، و احمد بن أبي عبد اللّه (6)، و محمّد بن علي بن محبوب (7)، و محمّد بن يحيي (8)، و حمدان القلانسي (9)، و ابن بطة (10)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (11)، و محمّد بن احمد بن يحيي (12)، و موسي بن الحسن (13)، و موسي بن القاسم (14)، و سهل بن زياد (15).
و في التهذيب في باب حكم الجنابة: الحسن بن محبوب، عن معاوية بن حكيم، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (16).
و حمله في الجامع علي السهو لعدم العهد برواية الحسن بن4.
ص: 109
محبوب عنه، و احتمل كونه معاوية بن عمّار أو معاوية بن وهب لروايته عنهما (1).
و امّا المثني ففي الكشي: قال أبو النضر محمّد بن مسعود: قال علي بن الحسن: سلام و مثني بن الوليد و مثني بن عبد السلام كلّهم حنّاطون كوفيّون لا بأس بهم (2).
قال الشارح: اي ليس حديثهم في كمال الصحة، و لا بأس بأن يعمل به أو الأعمّ من الحديث و المذهب (3)، انتهي.
قلت: مفاد هذا الوصف يختلف بحسب اختلاف الموصوف، فإن كان من العلماء ففي علمه، و أنّه لا قصور فيه، و ان كان من التجار نزل علي حسن المعاملة، و كان نفي البأس و القصور عنها، و ان كان من الرواة فنفي البأس عنه نفيه عن رواياته، و أنّه لا علّة فيها تسقطها عن الحجيّة، كما لو سئل عن امام قوم يريد ان يصلّي معه؟ فأجيب بأنه لا بأس به، يريد خلوّه عما يسقطه عن مقام الإمامة، فلا بدّ ان يكون جامعا لشرائطها، و كتب الرجال وضعت لكشف حال الرواة من حيث روايتهم، فإذا قيل في حقّ احد: لا بأس به، أي من حيث روايته فلا بدّ و ان تكون رواياته جامعة لأقلّ مراتب الحجيّة، فلو كان فيه ما يسقط خبره عن الحجيّة لا يصلح إطلاق نفي البأس عنه.
نعم فيه إيماء إلي خلوّه عن بعض الأوصاف و الفضائل التي لا يضرّ فقدها بحجيّة خبره، بل هي كمالات و مزايا قد تنفع في مقام التعارض، فان1.
ص: 110
كان مراد الشارح من قوله كمال الصحّة ما ذكرناه فهو حقّ، و الّا فهو خلاف مفهوم الكلمة عرفا، حتي انه- رحمه اللّه- في قوله: و لا بأس بأن يعمل به، لم يرد الّا ما ذكرناه، فإنّ نفي البأس عن العمل بالخبر لا يكون الّا مع استجماعه لشرائط الحجيّة، و معه يجب العمل به إذا [كان] (1) العمل بالخبر دائرا بين وجوب الأخذ و الحرمة و لا ثالث له، فظهر أنّ الحقّ دلالة الكلمة علي التوثيق.
و يؤيّده في المقام رواية أحمد بن محمّد البزنطي عنه كثيرا، كما في الكافي في باب صيد الحرم (2)، و في التهذيب في باب ما يجوز للمحرم قتله (3)، و في باب الزيادات في فقه الحج (4)، و في الفقيه في باب ميراث الأجداد و الجدّات (5)، و في الاستبصار في باب بيع الزرع و الأخضر (6)، و كذا صفوان بن يحيي في الكافي في باب صيد الحرم (7)، و لا يرويان الّا عن ثقة.
و يروي عنه من أصحاب الإجماع غيرهما: عبد اللّه بن المغيرة في الفقيه في طريقه (8)، و في طريقه الي أبي حبيب ناجية (9)، و في التهذيب في باب تطهيرة.
ص: 111
الثياب (1).
كل ذلك- مع عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة عند الأصحاب (2) - فالخبر صحيح أو موثق كالصحيح.
هاشم.
و أبو أحمد محمّد بن أبي عمير زياد بن عيسي الأزدي بغدادي الأصل و المقام، المعبّر عنه تارة بابن أبي عمير، و اخري بمحمّد بن زياد، و ثالثة بمحمّد ابن أبي عمير، جليل القدر و المنزلة عندنا و عند المخالفين.
و في الفهرست: و كان من أوثق الناس عند الخاصّة و العامّة، و انسكهم نسكا، و أورعهم و اعبدهم، و قد ذكره الجاحظ في كتابه في (1) فخر قحطان علي عدنان بهذه الصفة التي وصفناه و ذكر أنه كان [أوحد أهل] (2) زمانه في الأشياء كلّها، قال- رحمه اللّه-: و روي عنه أحمد بن محمّد بن عيسي كتب مئة رجل من رجال أبي عبد اللّه (عليه السلام) (3).
قلت: الذين عثرت علي روايته عنهم: كردويه (4)، و يحيي بن عمران (5)، و مرازم (6)، و وهب بن عبدربّه (7)، و مسمع (8)، حمّاد بن عثمان (9)، و حسين بن2.
ص: 113
عثمان الأحمسي (1)، و أبو مسعود الطائي (2)، و أبو أيّوب الخزاز (3)، و ذريح بن محمّد المحاربي (4)، و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (5)، و معاوية ابن عمّار (6)، و عبد اللّه بن سنان (7)، و سيف بن عميرة (8)، و داود بن فرقد (9)، و علي بن يقطين (10)، و جميل بن درّاج (11)، و إسحاق بن عبد اللّه الأشعري (12)، و رفاعة بن موسي (13)، و حسن بن عطيّة (14)، و حفص بن البختري (15)، و عبد الرحمن بن الحجاج (16)، و عبد اللّه بن المغيرة (17)، و عبد اللّه ابن مسكان (18)، و شهاب بن عبدربّه (19)، و شعيب العقرقوفي (20)،2.
ص: 114
و علي بن رئاب (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و حسين بن معاذ (3)، و نصر بن كثير (4)، و منصور بن يونس (5)، و داود بن زربي (6)، و حسين ابن موسي الأسدي (7)، و ربعي بن عبد اللّه (8)، و حسين بن أبي حمزة (9)، و عبد الوهاب بن صباح (10)، و علاء بن فضيل (11)، و عبد اللّه بن لطيف التفليسي (12)، و علي بن الحسن الصيرفي (13)، و عمرو بن أبي المقدام (14)، و عمر بن أذينة (15)، و عمر بن يزيد الثقفي (16)، و إبراهيم بن عبد الحميد (17)، و إبراهيم بن عثمان (18)، و إسحاق بن عمّار (19)، و إسحاق بن8.
ص: 115
هلال (1)، و بشر بن مسلمة (2)، و بكر بن جناح (3)، و بكر بن محمّد (4)، و بكير بن أعين (5)، و معاوية بن وهب (6)، و موسي بن بكر الواسطي (7)، و منصور بن حازم (8)، و مهران [بن محمّد] بن أبي نصر (9)، و الحسن بن محبوب (10)، و وليد بن علا (11)، و هاشم بن حيان (12)، و هاشم بن المثني (13)، و هشام بن سالم (14)، و هشام بن الحكم (15)، و يحيي بن عليم الكلبي (16)، و يعقوب بن سراج (17)ظ.
ص: 116
و يعقوب بن شعيب (1)، و يعقوب بن عيثم (2)، و يوسف بن أيوب (3)، و يعقوب بن يقطين (4)، و يونس بن يعقوب (5)، و محمّد ابن عمران (6)، و محمّد بن حمران (7)، و علي بن أبي حمزة (8)، و حكم بن حكيم (9)، و حكم بن علباء الأسدي (10)، و حكم بن مسكين (11)، و حمّاد السري (12)، و حنان بن سدير (13)، و حميد بن المثني (14)، و خلاد بن خالد (15)، و عمّار بن مروان (16)، و حبيب الأحول (17)،1.
ص: 117
و أبان بن تغلب (1)، و حسن بن زياد العطار (2)، و محمّد بن قيس البجلي (3)، و زيد الزرّاد (4)، و أبان بن عثمان (5)، و علي بن عطيّة (6)، و محمّد بن عطيّة (7)، و داود بن النعمان (8)، و درست بن أبي منصور (9)، و زياد بن أبي الحلال (10)، و زيد النرسي (11)، و زكريا بن إدريس (12)، و زياد بن مروان (13)، و سعد بن بكير (14)، و سعد بن أبي عمر (15)ظ.
ص: 118
و سعيد بن غزوان (1)، و سلام مولي علي بن يقطين (2)، و سيف بن سليمان (3)، و شعيب بن أعين (4)، و صفوان الجمال (5)، و عباد بن صهيب (6)، و عباس بن معروف (7)، و عبد اللّه بن المغيرة (8)، و فضل بن غزوان (9)، و إبراهيم بن محمّد الأشعري (10)، و أخوه فضل (11)، و عبد الحميد بن أبي العلاء (12)، و قاسم بن عبد الرحمن (13)، و عيص بن القاسم (14)، و غياث بن إبراهيم (15)، و فضل بن9.
ص: 119
عثمان (1)، و عبد اللّه بن فضل الهاشمي (2)، و كليب بن معاوية الأسدي (3)، و حسن بن أخي فضيل (4)، و سعيد بن أبي عمير (5).
هذا ما حضرني عاجلا، و لعلّ المتتبع في الطرق و الأسانيد يقف علي أزيد من هذا، و يعرف المائة المذكورة في الفهرست، ثم ان ما يجب التنبيه عليه في هذه الترجمة أمور:
الأول: قال الشيخ في العدّة: و إذا كان احد الراويين مسندا و الآخر مرسلا نظر في حال المرسل، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل الّا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره علي خبره، و لأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير و صفوان بن يحيي و احمد بن محمّد بن أبي نصر، و غيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون و لا يرسلون الّا عمّن يوثق به، و بين ما يسنده غيرهم، و لذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم (6).
و قال الآبي في كشف الرموز في رواية مرسلة لابن أبي عمير: و هذه و ان كانت مرسلة لكن الأصحاب تعمل بمراسيل ابن أبي عمير، قالوا: لأنّه لا ينقل الا معتمدا (7).
و قال السيد علي بن طاوس في فلاح السائل- بعد نقل حديث عن4.
ص: 120
الأمالي للصدوق (1) و سنده هكذا: حدثنا (2) محمّد بن موسي بن المتوكل- رحمه اللّه- قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: ما أحب اللّه من عصاه، الحديث.
قال- رحمه اللّه-: و رواة الحديث ثقات بالاتفاق، و مراسيل محمّد بن أبي عمير كالمسانيد عند أهل الوفاق (3).
و قال الشهيد- في الذكري في أحكام أقسام الخبر-: و المتواتر قطعي القبول لوجوب العمل بالعلم، و الواحد مقبول بشروطه المشهورة- إلي ان قال- أو كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، و لهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير، و صفوان بن يحيي، و احمد بن أبي نصر البزنطي، لأنهم لا يرسلون الّا عن ثقة (4).
و قال المحقق في المعتبر في- بحث الكرّ-: الثالثة رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: الكرّ ألف و مائتا رطل، و علي هذه عمل الأصحاب، و لا طعن في هذه بطريق الإرسال لعمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير (5)، و له في موضع آخر كلام يناقضه في0.
ص: 121
الجملة (1).
و قال الشيخ البهائي- رحمه اللّه- في شرح الفقيه: و قد جعل أصحابنا رضوان اللّه عليهم مراسيل ابن أبي عمير كمسانيده في الاعتماد عليهما، لما علموا من عادته أنه لا يرسل الّا عن ثقة (2).
و قال ابن فهد في المهذب البارع في مسألة الوزن في الكرّ- بعد نقل رواية ابن أبي عمير-: و لا يضعّفها الإرسال لعملهم بمراسيل ابن أبي عمير (3).
و بذلك صرّح العلامة في النهاية قال: و الوجه المنع إلّا إذا عرف ان الراوي فيه لا يرسل الّا مع عدالة الواسطة كمراسيل ابن أبي عمير (4).
و قال السيد عميد الدين في شرح التهذيب في بحث المرسل: و اختيار المصنّف المنع من كونه حجّة ما لم يعلم انه لا يرسل الّا عن عدل كمراسيل محمّد ابن أبي عمير من الإماميّة (5).
و قال المحقق الثاني في شرح القواعد: و الروايتان صحيحتان من مراسيل ابن أبي عمير الملحقة بالمسانيد (6).
و قال السيد الأجل بحر العلوم في شرح الوافي الذي جمعه تلميذه صاحب مفتاح الكرامة: السند صحيح- تقدّم الكلام في مثله- الّا انّه مرسل، و قد وقع الاتفاق علي قبول مراسيل ابن أبي عمير، الي غير ذلك من كلماتهم، الناصّة جملة منها في دعوي الإجماع علي عمل الأصحاب بمراسيله، المعلّل في9.
ص: 122
جملة منها بعدم روايته عن غير الثقة، و ظاهر العدّة و الذكري أن ذلك كان معلوما معروفا عندهم، و بعد بلوغ دعوي الإجماع إلي الاستفاضة و إمكان علمهم بذلك باخباره المحفوفة بالقرائن، و بتتبعهم في حال مشايخه المحصورين أو بهما، لا ريب في حصول الوثوق و الاطمئنان بذلك.
فان كانت الحجّة من الخبر ما وثق بصدوره، فلا ريب في استلزام الوثوق بالساقط- بنص هؤلاء- الوثوق بصدور الخبر، بل هو اولي من الخبر الذي وثّق احاد رجال سنده واحدا و اثنان، إذ الساقط في مرسل ابن أبي عمير كأنّه وثقه كلّ هؤلاء الذين نسب إليهم مستفيضا العمل به معلّلا بأنه ثقة.
و ان كانت الحجّة الخبر الصحيح، و حينئذ فإن قلنا: أنّ وجه حجيّة قول المزكي ما دلّ علي حجيّة قول العادل و تصديق خبره فلا إشكال أيضا، فإن الشيخ أخبر جازما بان مشايخ ابن أبي عمير ثقات عند الأصحاب، فيجب تصديقه و الأخذ به، كما أخذوا بتوثيقه من كان قبله بأزيد من مائتي سنة.
قال بعض المحققين: لا يقال أنّ المراد ثقة عند ابن أبي عمير، لان الشيخ لم يوثّق كلّ من روي عنه ابن عمير، و كونه ثقة عند ابن أبي عمير لا يعلم الّا من قبله، لأنّه فعله، فقول الشيخ: لا يروي إلّا عن ثقة خبرا مرسلا، و جوابه منع الحصر لجواز أن يعلم ذلك معاصروه من حاله و يبلغ ذلك حدّ الاستفاضة حتّي يحصل- لمثل الشيخ رضي اللّه عنه- به العلم، و قول الشيخ لا يروي إلّا عن ثقة، خبر من قبل نفسه لم يسنده الي احد و ظاهره العلم به.
و اما قول العلامة: لا يرسل الّا عن ثقة، فإن صحّ عنده ما صحّ عند الشيخ من أنّه لا يروي إلّا عن ثقة فذلك مأخذ لكونه لا يرسل الّا عن ثقة، و ان لم يصح عنده فمن الجائز أن يكون الإرسال لا للجهل بالراوي مطلقا بل لعدم العلم به بالخصوص، و ذلك بان يتردد بين ثقات يحتمل كون كلّ منهم
ص: 123
راويا، انتهي (1).
و قد عرفت أنّ من صرّح بما صرّح به الشيخ جماعة و لا ينحصر بالعلامة.
و إن قلنا بأن وجه الحجيّة حصول الظنّ و الاطمئنان من قوله بعدالة الراوي الذي وثقه، و قد قرّر في محلّه جهة الظن بالعدالة، و إذا بلغ حدّ الوثوق و الاطمئنان فلا ريب في حصول الاطمئنان بالوثاقة بنص هؤلاء علي وثاقة كلّ من روي عنه، و هذا أمر وجداني غير قابل للإنكار، و بعد التأمل فيما ذكرنا تعرف أن ما أوردوه في هذا المقام من الشبهات في غير محلّه.
ففي المعتبر في موضع آخر (2): و الجواب الطعن في السند لمكان الإرسال، و لو قال قائل: مراسيل ابن أبي عمير تعمل بها الأصحاب، منعنا ذلك لانّ في رجاله من طعن الأصحاب فيه، فإذا أرسل احتمل ان يكون الراوي أحدهم، انتهي (3).
و فيه- مع عدم إمكان الجمع بينه و بين كلامه السابق و جزمه بعملهم- أن الطعن لم يعلم كونه من المجمعين، و بما ينافي الوثاقة، فإنّهم كثيرا ما يطعنون في الراوي بما لا بنافيها، بل يحكمون بضعفه، كالرواية عن الضعفاء، و الاعتماد علي المراسيل، و أمثال ذلك، مع ان خروج فرد أو فردين ينافي دعوي الجزم بالوثاقة لا الظن، بل الاطمئنان بالوثاقة أو الصدور كما لا يخفي علي المصنف.
و قال الشهيد الثاني في الدراية و شرحها: و المرسل ليس بحجّة مطلقا علي الأصحّ، الّا ان يعلم تحرّز مرسله عن الرواية عن غير الثقة كابن أبي عمير من0.
ص: 124
أصحابنا- علي ما ذكره كثير منهم- و سعيد بن المسيّب عند الشافعي فيقبل مرسله و يصير في قوّة المسند.
و في تحقق هذا المعني و هو العلم بكون المرسل لا يروي إلّا عن ثقة نظر لان مستند العلم ان كان هو الاستقراء لمراسيله بحيث يجدون المحذوف ثقة فهذا في معني الاسناد و لا بحث فيه، و ان كان لحسن الظن به في أنّه لا يرسل الّا عن ثقة فهو غير كاف شرعا في الاعتماد عليه، و مع ذلك غير مختص بمن يخصونه به، و ان كان استناده إلي إخباره بأنه لا يرسل الّا عن الثقة فمرجعه الي شهادته بعدالة الراوي المجهول- و سيأتي ما فيه-، و علي تقدير قبوله فالاعتماد علي التعديل.
و ظاهر كلام الأصحاب في قبول مراسيل ابن أبي عمير هو المعني الأول و دون إثباته خرط القتاد، و قد نازعهم صاحب البشري في ذلك و منع تلك الدعوي، انتهي (1).
و مال اليه تلميذه الأرشد الشيخ حسين في وصول الأخيار (2)، و سبطه في المدارك ففيه: و الرواية قاصرة السند بالإرسال و ان كان المرسل لها ابن أبي عمير كما صرّح به المصنّف و جدي، انتهي (3).
و ظاهر التكملة انحصار المخالف منهم (4) و المعظم كما نصّ عليه [في] (5) المفاتيح علي الاعتبار و نسبه الي والده [صاحب] (6) الرياض وجده الأستاذا.
ص: 125
الأكبر و فخر المحققين و غيرهم ممّن أشرنا إليهم، قال- رحمه اللّه- في المفاتيح:
و هو المعتمد لوجهين: أحدهما دعوي جماعة من الأصحاب- كالشيخ في العدة (1) و النجاشي (2) و الشهيدين في الذكري (3) و شرح الدراية (4)، و المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة (5)، و السيد الأستاد- اتفاق الأصحاب علي العمل بمراسيله. و في الذخيرة: اشتهر بين الأصحاب العمل بها (6).
قال: و ثانيهما تصريح الشيخ في العدّة (7)، و العلّامة في النهاية (8)، و الشهيد في الذكري (9)، و السيد عميد الدين في المنية (10)، و فخر الإسلام في شرح قواعد أبيه (11)، و الفاضل البهائي في الوجيزة (12): بأنه لا يرسل إلّا عن ثقة، و يؤيّده دعوي الكشي (13) إجماع العصابة علي تصحيح ما يصح عنه، و ان كان0.
ص: 126
المعتبر حصول الظن بعدالة الواسطة كما هو التحقيق، فلا إشكال في حصوله بما ذكروه، و ان كان المعتبر اخبار العدل أو شهادة العدلين لها فلا إشكال في تحقّقهما بما ذكر، انتهي (1).
و الجواب، عن وجه النظر المذكور في شرح الدراية أن الشيخ و الجماعة أخبروا جزما بعمل الأصحاب بمراسيل يثبت به عملهم بها، و يدل عليه ما دلّ علي حجية خبر العادل، و حجيّة البيّنة، و إذا كان مستند العمل و القول وثاقة الراوي الساقط فهو بمنزلة أن يوثقه جميعهم، و لا يسأل المزكي عن سبب علمه، و لا يفحص عن مستنده الي بعض الاحتمالات التي معها يتطرّق احتمال الخطأ في تزكيته و الّا لا نسدّ (2) باب التزكية.
فإن الاحتمال المذكور لو لم يكن مانعا من الظن فلا يعتني به، و ان كان مانعا لزم أن لا يحصل من خبر العدل الظن بالجرح و التعديل و المطالب اللغوية و غيرها في جميع الموارد لاحتمال الخطأ في مستند علمه بالمذكورات، و لو ذكر مستنده و أبرزه لكان غير تام عندنا و ذلك باطل بالضرورة.
مع ان المستند لو انحصر فيما ذكره فلا وجه للنظر أيضا، فإن لنا ان نختار أوّلا الشق الأول، و لكن مورد الاستقراء مشايخ ابن أبي عمير لا رواياته، و احصاؤهم و معرفتهم و الاطلاع علي أحوالهم أمر ممكن سهل تناوله بالفحص اليسير و شهادة الخبير و اخبار ابن أبي عمير كما أحصوا رواية ابن عيسي عنه كتب أصحاب الصادق (عليه السلام) [و هم مئة] (3) و قالوا: معاوية بن حكيم رويع.
ص: 127
أربعة و عشرين أصلا لم يرو غيرها (1) بل أحصوا روايات جماعة فقالوا:
أبان بن تغلب روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ثلاثين ألف حديث (2).
و يعقوب بن شعيب روي عنه خمسة آلاف حديث (3)، و حمّاد بن عيسي عشرين حديثا (4)، و حريز حديثين (5)، و علي بن يقطين حديثا واحدا (6)، و أديم بن الحرّ الجعفي الحذّاء نيف و أربعين حديثا (7)، و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه سبعمائة مسألة (8) و هكذا.
و هذا هو الظاهر من العدّة و الذكري، فان قول الأول (9): الذين عرفوا بأنّهم لا يروون و لا يرسلون الّا ممّن يوثق به، و قول الثاني (10): أو كان مرسله معلوم التحرّز عن الرواية عن مجروح لا تقع موقعه الّا بعد وقوف الأصحاب علي حال مشايخه و معرفتهم بوثاقتهم فيعرف بذلك، ثم [نختار] (11) الشق الثاني فإن أخبر بأساميهم و اشخاصهم المعروفين عند الأصحاب بالوثاقة فلا اشكالظ.
ص: 128
في وجوب تصديقه بأنّهم مشايخه و يرجع التزكية و التوثيق إلي الأصحاب و يهون الإشكال الذي ذكره الشهيد و ولده المحقق في شرح الدراية و المعالم في القسم الثاني بأن أخبر بوثاقة مشايخه دون أعيانهم بأن التعديل انّما يقبل مع انتفاء معارضة الجرح له، و انّما يعلم الحال مع تعيين العدول و تسميته لينظر هل له جارح أولا، و مع الإبهام لا يؤمن [عدم] وجوده، و أصالة عدم الجارح مع ظهور تزكيته غير كاف في هذا المقام إذ لا بد من البحث في حال الرواة علي وجه يظهر به أحد الأمور الثلاثة من الجرح، أو التعديل، أو تعارضهما حيث يمكن، بل اضرابه عن تسميته مريب في القلوب، و التمسك بالأصل غير موجّه بعد العلم بوقوع الاختلاف في شأن كثير من الرواة.
و بالجملة فلا بد للمجتهد البحث عن كلّ ما يحتمل ان يكون له معارض حتي يغلب علي ظنّه انتفاؤه كما نبهوا عليه في العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص، هذا غاية ما قالا في وجه الاشكال.
و الجواب، بعد تسليم جميع ما ذكر: أنّ محل فحص الجماعة في هذا المقام هو الكشي (1) و النجاشي (2) و رجال الشيخ (3) و الفهرست (4) و الغضائري (5)، الأصول الخمسة المعروفة لا غيرها، كما هو ظاهر لمن نظر الي عملهم، و نراهم يعملون بتوثيق أحدهم و ان لم يذكره الآخرون أو ذكره و لم يوثقه، و هم متأخرونظ.
ص: 129
عن طبقة ابن أبي عمير بقرون، فيكتفون في الفحص بمراجعتها و عدم وجدان المعارض فيها، و الإجماعات المستفيضة السابقة كاشفة عن تصديق الأصحاب من معاصري ابن أبي عمير و من تلاهم توثيقه مشايخه بناء علي كون المستند اخباره.
فلو كان لتوثيقه معارض كانوا أحق و اولي بالوقوف عليه لقربهم و مخالطتهم و مخالطة من عاشرهم، فالظن بعدم وجود المعارض الحاصل من عملهم بمراسيله و تصديقهم وثاقة مشايخه أقوي مرتبة و أشدّ أساسا من الظن بعدمه بعد المراجعة إلي الكتب المذكورة التي ما بني بعضها الّا لذكر المدح و القدح مع انّ في الأصل الذي اسّساه نظر.
قال الأستاذ الأكبر في مقام ذكر الأمور المفيدة للتوثيق: و منها أن يقول الثقة: حدّثني الثقة، و في إفادته التوثيق المعتبر خلاف معروف و حصول الظن منه ظاهر، و احتمال كونه في الواقع مقدوحا لا يمنع الظن فضلا عن احتمال كونه ممّن ورد فيه قدح كما هو الحال في سائر التوثيقات.
و ربّما يقال: الأصل تحصيل العلم و لمّا تعذّر يكفي الظن الأقرب و هو الحاصل بعد البحث، و يمكن ان يقال- مع تعذّر البحث-: يكفي الظن كما هو الحال في سائر التوثيقات و سائر الأدلّة و الأمارات الاجتهادية، و ما دلّ علي ذلك دلّ علي هذا، و مراتب الظن متفاوتة جدا، و كون المعتبر هو أقوي مراتبه لم يقل به احد مع انّه علي هذا لا يكاد يوجد حديث صحيح بل و لا يوجد، و تخصيص خصوص ما اعتبرت من الحدّ بأنّه الي هذا الحدّ معتبر دون ما هو أدون من ذلك انّي لك بإثباته مع انّه ربّما يكون الظن الحاصل في بعض التوثيقات بهذا الحد و أدون (1)، انتهي.1.
ص: 130
و قال [السيد في] (1) المفاتيح: ان أرادوا ان هذا الظن ليس بحجّة لأنه يشترط في حجيّة كلّ ظن حصول ظن آخر من جهة الفحص بعدم وجود معارض له فهو باطل، لان ذلك لو سلّم فإنّما هو في صورة إمكان الفحص عن المعارض و امّا مع عدمه فلا يشترط كما هو الظاهر من سيرة العقلاء في موارد عملهم بالظن و كذلك من معظم الأصحاب، انتهي (2).
قلت: و لو فرض انه وجد معارض في كلام احد من هؤلاء الجماعة لكان الظن الحاصل من توثيق ابن أبي عمير شيخه المعاصر المخالط معه الآخذ عنه أقوي من تضعيف الشيخ إيّاه، مثلا بعد أزيد من مائتي سنة فلا فرق في العلم بشخصه أو الجهل به، كلّ ذلك مع كون مناط حجيّة قول المزكي هو الظن، و لو كانت أدلّة حجيّة خبر العادل كما عليه جماعة فالإشكال ساقط من أصله.
الثاني: ظاهر جماعة و صريح آخرين ان مستند عمل الأصحاب بمراسيله كونه لا يروي و لا يرسل الّا عن ثقة، و هنا احتمالان آخران:
الأول: ما يظهر من الفاضل الكاظمي في تكملة الرجال من انّ المستند هو الإجماع المنقول المعروف علي تصحيح ما يصحّ عن جماعة هو منهم (3)، و به صرّح المحقق السيد صدر الدين في حواشيه علي رجال أبي علي حيث قال:
الظاهر أنه ليس العلّة في قبول مراسيل ابن أبي عمير كونه لا يروي إلّا عن ثقة ليقال انه ليس كونه ثقة عنده حجّة علي غيره، بل لكونه من أصحاب الإجماع، و لعلّ الأصحاب قد قابلوا اخبار هؤلاء فوجدوا كثيرا منها أو أكثرها علي صفة يحصل العلم بكونه مطابقا للواقع أو الظن بذلك فاستدلّوا بذلك علي5.
ص: 131
انّ ما لم يعلم كذلك، و هذا لا حاجة فيه الي كونه لا يرسل الّا عن ثقة، انتهي (1).
و فيه مواقع للنظر:
أما أولا: فلان الناظر في كتب الرجال خصوصا النجاشي و كتب الدراية و الأصول في مقام ذكر حجيّة المرسل و الكتب الفقهية يعرف قطعا ان لمراسيل ابن أبي عمر أو مع مسانيده خصوصيّة عندهم ليس لغيره، سواء الذين تلقوا الإجماعات المنقولة المستفيضة بالقبول و أخذوا بها، و هم المعظم، أو لم يأخذوا بها كالشهيد و ولده فإنّهما ما أنكرا أصل النسبة و انّما أنكرا الحجيّة لشبهة تقدّمت، فلو كان المستند هو الإجماع لشاركه الجماعة فلا وجه للاختصاص الموجود في كلماتهم حتي صار مثلا و مثالا للاستثناء من كليّة عدم حجيّة المرسل و هذا واضح لمن رجع الي كلماتهم.
و اما ثانيا: [فالمشهور حملهم] (2) الصحة في قاعدة الإجماع علي مصطلح القدماء، و زعموا انّ لها أسبابا عندهم غير وثاقة الراوي أيضا، فالحكم بصحّة خبر أحدهم لا يلازم وثاقة شيخه، و روايته عنه لا تدلّ علي وثاقته مع ان صريح العدّة (3) و الذكري (4) و كشف الرموز (5) و نهاية العلامة (6) و شرح العميدي (7)،4.
ص: 132
التعليل بروايته عن الثقة و تحرّزه عن المجروح فكيف يصير المستند الإجماع المذكور.
و قال الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك: ان المشهور علي ان مراسيله كالمسانيد الصحيحة (1).
و امّا ثالثا: فلان الشهيد الثاني ممّن أخذ بالإجماع المعروف و مع ذلك توقّف في الإجماع المذكور (2).
و امّا رابعا: فقوله: و لعلّ الأصحاب. إلي آخره، من الغرابة بمكان، و يأتي ان شاء اللّه تعالي في ذكر القاعدة ان هذا الاحتمال في حدود الامتناع مع ان أغلب الجماعة من أرباب الأصول، و عليها تعرض سائر الكتب، و بها تعرف اخبارها و تنكر، و لا طرف للأصول تقابل معه و تعرض عليه، و الذي اعتقده بعد التأمّل في عبارة العدّة أن القضيّة بالعكس، و أن مستند الإجماع كون الجماعة لا يروون و لا يرسلون الّا عن ثقة، و سنوضح ذلك ان شاء اللّه تعالي في محلّه.
الثاني: ما يظهر من النجاشي في ترجمته قال: و كان حبس في أيام الرشيد فقيل: ليلي القضاء و قيل: انه ولي بعد ذلك، و قيل: بل ليدلّ علي مواضع الشيعة و أصحاب موسي بن جعفر (عليهما السلام)، و روي أنه ضرب أسواطا بلغت منه فكاد ان يقرّ لعظيم الألم، فسمع محمّد بن يونس بن عبد الرحمن و هو يقول: اتّق اللّه [يا محمد بن أبي عمير] فصبر ففرّج اللّه عنه.
و روي أنه حبسه المأمون حتي ولّاه قضاء بعض البلاد، و قيل: أنّ أخته دفنت كتبه في حال استتارها و كونه في الحبس اربع سنين فهلكت الكتب،9.
ص: 133
و قيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت، فحدّث من حفظه، و ممّا كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا [أصحابنا] يسكنون الي مراسيله، انتهي (1).
و ظاهره أن مستند العمل عدم تمكّنه من ذكر شيوخ رواياته لتلف الكتب، و في كلامه اشكال من جهتين أشار إليهما المحقق المذكور (2):
الاولي: قال: إن قيل: كيف صحّ كون السكون الي مراسيله معلولا للاملاء من الحظ و ممّا في أيدي الناس؟ قلت: عدم السكون الي المراسيل، إما لأنّها مظنّة عدم الضبط، أو أقرب الي التهمة، كما انّ ذكر المروي عنه أبعد عنها، أو لكون الغالب في ترك ذكر المروي عنه كونه غير معروف فلا يكون لذكره فائدة و هذه الموانع منتفية بالنسبة إلي مراسيل ابن أبي عمير إذ ليست هي الباعثة علي الإرسال، بل أمر آخر.
و فيه: أنّ مجرّد ارتفاع المانع لا يكون سببا للقبول.
و جوابه: انه ليس المراد من السكون القبول، بل مجرّد عدم النفور منها و ترك المبالاة بها، و لا ينافي ذلك ما سيجي ء عن الذكري من نقل الإجماع علي القبول لا السكون، لأن المراد ههنا بيان إمكان القبول ببيان عدم المانع منه، و اما وقوعه فلعلّة اخري ككونه لا يروي إلّا عن ثقة، انتهي.
و هو كلام حسن غير أن كون المراد من السكوني ما ذكره بعيد، فان الظاهر أن المراد منه ما ذكروه في بعض التراجم من قولهم: مسكون الي روايته، و في النجاشي في ترجمة محمّد بن بكران: عين مسكون الي روايته (3)، و صرّح2.
ص: 134
الشهيد في شرح درايته أن المسكون الي روايته قريب من صالح الحديث (1).
و هو و ان كان أعمّ من الصحيح و الحسن و الموثق كما في الشرح الّا انّه إذا نسب إلي الأصحاب فالقدر المشترك المتيقن هو الأول، فيدل علي وثاقته وثاقة من يروي عنه الي الامام (عليه السّلام).
الثانية: في قوله: و ممّا كان سلف له. إلي آخره، قال: فقد يقال: لا ينبغي ان يكون ذلك عذرا في الإرسال لأنه كما عرف الحديث في أيديهم يعرف صاحبه أيضا.
و الجواب من وجهين:
الأول: ان أحاديثهم (عليهم السلام) عليها مسحة نور فكيف تجهل، و أيضا فالعادة تقضي في متن الحديث بالذكر عند التذكر خصوصا من العالم العامل الذي يكثر الإفادة بخلاف السند.
و الثاني: أن يكون ما في أيدي الناس أخذوه منه علي سبيل الفتوي فلم يضبطوا سنده.
الثالث: قال الشيخ في الفهرست: و أدرك من الأئمة (عليهم السلام) ثلاثة: أبا إبراهيم موسي بن جعفر (عليهما السلام) و لم يرو عنه و روي عن أبي الحسن الرضا و الجواد (عليهما السلام)، انتهي (2).
و صريحه انه لم يدرك أبا عبد اللّه (عليه السّلام) فضلا عن الرواية عنه، و انه أدرك الكاظم (عليه السلام) و لم يرو عنه و كلاهما محلّ نظر.
اما الأول: ففي الكافي في باب صلاة الجمعة: محمّد بن يحيي، عن أحمد ابن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن محمّد بن أبي عمير7.
ص: 135
قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام). الحديث (1).
و في باب صلاة النوافل: محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن محمّد ابن سنان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن أبي عمير، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) (2)، و استبعاد كون ابن مسكان هو عبد اللّه يرفع بجواز حمله علي محمّد.
و في التهذيب في باب جواز الكلام في الأذان و الإقامة: الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن ابن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (3). الحديث.
و فيه في باب الزيادات في فقه الحجّ: صفوان، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (4). الحديث.
و فيه في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس: منها (أي الزيادات) بإسناده عن احمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن صفوان، عن صالح النيلي، عن محمّد بن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) (5).
الحديث.
و رواه في باب تطهير الثياب: عن الشيخ المفيد، عن احمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد، عن صالح، عن السكوني، عن ابن أبي عمير (6).6.
ص: 136
كذا في نسختي و [في] بعض النسخ: عن صالح السكوني. الي آخره.
و فيه في باب المسنون من الصلاة: الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن ابن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن أفضل ما جرت [به] السنة من الصلاة؟ قال: تمام الخمسين (1).
و في الكشي: حدثني أبو عبد اللّه محمّد بن إبراهيم الورّاق، قال: حدثني علي بن محمّد بن يزيد القمي، قال: حدثني بنان بن محمّد بن عيسي [عن ابن أبي عمير] (2) عن هشام بن سالم، عن محمّد بن أبي عمير (3) قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال: كيف تركت زرارة؟ قال: تركته لا يصلّي العصر حتي تغيب الشمس، قال: فأنت رسولي إليه. إلي آخره (4).
الي غير ذلك ممّا يجده المتتبع و اختلفت انظار نقدة الفن.4.
ص: 137
فمنهم من أخذ بظاهر هذه الأسانيد و تلقّاه بالقبول، فقال الفاضل الخبير الأردبيلي في جامع الرواة: أقول: علي ما رأيناه روايته عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) كثيرا، ظهر أنه أدرك من الأئمة (عليهم السلام) أربعة، فإن قيل:
بعيد أن يروي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) بلا واسطة لبعد زمانهما، قلنا:
مضيّه (عليه السّلام) علي ما في الكافي سنة ثمان و أربعين و مائة، و موته رحمه اللّه علي ما في النجاشي و الخلاصة سنة سبع عشر و مائتين، فالفاصلة بين الموتين تسعة و ستون و إذا كان عمره ثمانون سنة أو أزيد أو أقلّ بقليل يمكن ان يروي عنه (عليه السّلام).
و يؤيّد ما نقلنا نقل الشيخ رحمه اللّه تعالي ان محمّد بن أبي عمر من رجال الصادق (عليه السلام)، و هو و ان كان ابن أبي عمر مكبّرا، لكن بينا في ترجمته قرائن أنه اشتباه و الصواب مصغّرا (1).
و يؤيّده أيضا كون محمّد بن نعيم الصحاف وصيّه، لأنه روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) علي ما في ترجمة أخيه الحسين بن نعيم نقلا عن الخلاصة (2) و النجاشي (3) فإذا روي وصيّه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و بقي الي بعد وفاته فروايته عنه (عليه السّلام) كانت بطريق أولي، انتهي (4).
و هو كلام حسن الّا أن ظاهر خبر الكشي (5) يقتضي أن يكون ابن أبي عمير في عهده (عليه السّلام) رجلا قابلا لرسالته الي مثل زرارة، و معه يعدّ من4.
ص: 138
المعمرين الذين بناؤهم علي الإشارة إليه في ترجمة أمثاله من العاظم.
و منهم من أخذ بظاهر كلام الجماعة من أنه لم يدركه (عليه السلام)، و بني علي تأويل ما عثر عليه من الاخبار المذكورة.
قال العالم الفاضل الكاظمي في تكملة الرجال: لم يذكر أحد من الرجاليين أن محمّد بن أبي عمير من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، بل ظاهرهم انه لم يدركه، و لذا عدّه الشيخ الكشي في الطبقة الثالثة من أصحاب الإجماع.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان الشيخ الكليني روي في الكافي في باب أوقات صلاة الجمعة و العصر (1) - و ساق الحديث الأوّل ثم قال-: و التفصيّ (2) امّا بالإرسال و هو واضح، أو بالقلب بأن يكون محمّد هذا مقدّما و القاسم مؤخّرا، و الأصل هكذا: محمّد بن أبي عمير عن القاسم بن عروة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام)، و يحقق هذا ما ذكرناه في ترجمة القاسم- هذا (3) - انه يروي عنه محمّد بن أبي عمير و أنه من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، الّا أنه يبقي الاشكال من حيث انّهم ذكروا ان محمّد بن خالد روي عن القاسم بن عروة و لم يذكروا انّه روي عن ابن أبي عمير و ان كانا متعاصرين.
و جوابه: أنه و ان كانا متعاصرين فإنه ليس كلّ متعاصرين يلزم رواية كلّ منهما عن الآخر، فإن المدار علي تحقق طرق التحمّل.
و يمكن دفعه بأنه إذا ورد في الأسانيد رواية رواها عن آخر و جاز اجتماع كلّ منهما في عصر واحد انتفي الإرسال عملا بظاهر الحال من الاسناد مع عدم المعارض، و الأصل عدم السهو و الغلط و النسيان و التوهم و الاشتباه، و لانه لو9.
ص: 139
فتح هذا الباب لا نخرم به ألف باب، و انّما يعدل عن هذا القانون إذا عارضه ما هو أقوي منه، و يحتمل تبديل ابن بكير بمحمّد بن أبي عمير بقرينة أنّه قال في آخر الحديث: قال القاسم: و كان ابن بكير يصلّي الركعتين و هو شاك، الحديث، فتأمّل، و رأيت في الاستبصار سندا آخرا لم يحضرني الّا انّ فيه روايته عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فيكون مرسلا، انتهي (1).
و في كلامه مواقع للنظر خصوصا قوله: و لم يذكروا انه روي عن ابن أبي عمير، ففي الفقيه في باب سجدة الشكر: روي احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حريز، عن مرازم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: سجدة الشكر واجبة علي كلّ مسلم، الخبر (2).
و تقدّم في (رنز) (3) في طريق أصحاب الصادق (عليه السّلام) الي الفضيل بن يسار روايته عنه كتاب الفضيل، و كذا في (قعو) (4) في طريقه الي عبد اللّه بن أبي يعفور، و كذا في (لج) (5) في طريقه الي إسماعيل بن رباح، و يأتي أيضا في طريقه الي أبي بصير (6) و طريقه الي أبي عبد اللّه الفرّاء (7).
و بعدد الأحاديث الموجودة في الكتب الخمسة يوجد رواية البرقي عنه، و يمكن ان تزيد علي ألف، فكيف ينسب إليهم عدم الذكر؟! ثم ان احتمال الإرسال بعيد غايته، و امّا احتمال القلب فغير بعيد، فانّ حمّاد بن عثمان و ابن مسكان الظاهر في عبد اللّه و هشام بن سالم من الذين يروي1.
ص: 140
عنهم ابن أبي عمير كثيرا، بل الخبر الذي ذكره الشيخ في الزيادات في فقه الحج (1) ذكره سابقا في أوائل الحج هكذا:
و عنه- يعني محمّد بن يعقوب- عن عدّة من أصحابنا، عن احمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن حمّاد بن عثمان، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (2). إلي آخره، كذا في نسختي و هي صحيحة جدّا.
و بعض الأصحاب نقله هكذا: عن صفوان، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد،. إلي آخره، و قال المحقق الشيخ حسن في المنتقي- بعد ذكر الخبر بالسند الأول-: لا وجه لذكر ابن أبي عمير، فقد مضي إيراد الحديث بطريق الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن حمّاد بن عثمان (3).
و بالجملة، الذي يختلج بالبال هو القلب أو الزيادة في هذه الأسانيد، خصوصا في خبر الكشي الدال علي كونه في عهد الصادق (عليه السّلام) من الرجال (4) و لكن نسبة الاشتباه إلي الأعاظم في جميع هذه الموارد جرأة عظيمة.
و من هنا قال خرّيت صناعة الأسانيد، العالم النحرير، الشيخ حسن الدمستاني في كتابه الشريف الموسوم بانتخاب الجيد من تنبيهات السيد (5) بعد ذكر سند التهذيب في باب تطهير الثياب:
أقول: أنكر بعض الأعلام رواية ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) و لا وجه، إذ لا مانع من جهة الطبقة، لأن ما بين وفاتيهما علي ما في».
ص: 141
الكاظمي (1) و النجاشي (2) تسع و ستون سنة، مع أن شواهد صحّتها في الإسناد بيّنة، ثم ذكر بعض الموارد المتقدمة و قال:
فإن قيل: ابن أبي عمير عن حمّاد، كما في باب الأحداث، و عن ابن مسكان كما في زيادات اللباس و المكان، و عن القاسم بن عروة كما في أول كتاب النكاح، فلو حمل ابن أبي عمير في هذه الشواهد علي الرجل المشهور لزم أن يكون راويا عمّن روي عنه، و هو في غاية الندور.
قلنا: و هو كذلك، و لا محذور، لأن التعارض في الرواية- و ان ندر- فهو ثابت كما حقّق في الدراية، لا سيّما في حقّ ابن أبي عمير حيث هلكت كتبه أيام حبسه بدفن أو مطر كما في النجاشي (3)، فاحتاج الي أن يروي عمّن روي عنه، و بالجملة فروايته عن الصادق (عليه السّلام) صحيحة الّا أنّها نادرة بالنسبة إلي روايته عن الرضا (عليه السّلام)، و لعلّه السبب في ترك التعرض لها في النجاشي و الكشي، و قد أثبتها ابن داود نقلا عن رجال الشيخ فقال في كتابه:
محمّد بن أبي عمير البزّاز بياع السابري من أصحاب الرضا و الصادق (عليهما السّلام) من رجال الشيخ (4)، و الذي وجدناه في أصحاب الصادق (عليه السّلام) كما في أصحاب الهادي (عليه السّلام) بزيادة: عنه الحسن بن محمّد بن سماعة، و نقصان الياء من عمير، و لا ريب انه تصحيف لان ابن أبي عمير من أوصافه بياع السابري.
ففي كتاب الفرائض من الكافي: محمّد بن نعيم الصحاف قال: مات محمّد بن أبي عمير بياع السابري و أوصي اليّ (5)، و من ثم صحح صاحب كتاب1.
ص: 142
الرجال توثيق محمّد بن نعيم الصحاف بكونه وصيّا لابن أبي عمير، و الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن أبي عمير، كما في باب أن صاحب المال أحقّ بماله في الوصيّة من الكافي (1).
و في أول باب من كتاب الطلاق من الكافي: الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد بن عيسي (2) - هو ابن أبي عمير- و رواية الحسن عنه بهذا العنوان كثيرة، انتهي (3).
لقد أجاد فيما أفاد، و مع ذلك كلّه ففي النفس شي ء، فانّا لم نقف علي روايته عن الكاظم (عليه السّلام) الّا قليلا مع أنّه عدّ من أصحابه، و كانت مدّة إمامته خمسا و ثلاثين سنة فتأمّل، و اللّه العالم.
و امّا الثاني و هو دركه الكاظم (عليه السّلام) و عدم روايته عنه، فيعارضه قول النجاشي: لقي أبا الحسن موسي (عليه السّلام) و سمع منه أحاديث كثيرة كناه في بعضها [فقال]: يا أبا أحمد (4).
و دفع بعض المحققين التعارض بأنّه يجوز أن يكون الشيخ نفي الرواية، أي النقل المغيّر، و النجاشي اثبت مجرّد السماع، و لا يجب ان يكون ناقل السماع نفس ابن أبي عمير ليناقض قول الشيخ في نفي الرواية، بل يجوز ان يكون ناقل السماع غير ابن أبي عمير، انتهي (5).
قلت: و لا بدّ من فرض وجود الناقل في مجلس السماع و الّا فلا بدّ من استناده اليه فيعود المحذور.ه.
ص: 143
و قال التقي المجلسي عند قول الفهرست: و لم يرو عنه، اي كثيرا (1).
و في التكملة بعد ذكر التناقض: و ما عساه ان يقال أن السماع منه غير الرواية عنه، و أحدهما لا يستلزم الآخر، تعسّف ظاهر، مع انه ينافيه قوله:
كناه في بعضها، فإنه ظاهر في ان ما سمعه منه (عليه السّلام) رواه، و لأنّه إذا لم يروه فمن اين علم سماعه، فتأمّل.
و كيف كان فالحق أنه روي عنه بدليل الوجدان في عدّة أحاديث.
قال الشيخ الحر: و ذكر العلامة رحمه اللّه (2) أنه لقي الكاظم (عليه السلام) و سمع منه احاديث (3).
و هو الأصح، و بعض تلك الأحاديث موجود في كتاب كمال الدين و تمام النعمة (4)، انتهي (5).
فالأولي ما في شرح التقي، و لقلته- حتي انّا لم نعثر في الكتب الأربعة [علي] روايته عنه (عليه السّلام)- حكم الشيخ بالعدم، و لعلّه لم يعثر علي تلك الأحاديث المعدودة التي منها ما في كتاب كمال الدين، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار- رضي اللّه عنه- قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيشابوري، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن الحسين بن زيد، عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي قال: سمعت أبا الحسن موسي بن جعفر (عليهما السلام) يقول لمّا ولد الرضا (عليه السّلام): ان ابني هذا ولد مختونا طاهرا مطهرا و ليس من الأئمة (عليهم السلام) احد يولد [إلّا] مختونا2.
ص: 144
طاهرا مطهرا و لكن سنمر الموسي [عليه] لإصابة السنة و اتباع الحنيفية (1).
و في كتاب التوحيد: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير قال: سمعت موسي بن جعفر (عليهما السلام) يقول: لا يخلّد اللّه في النار إلّا أهل الكفر و الجحود و أهل الضلال و الشرك (2). الخبر، و فيه مواضع كناه فيه (3) فقال: يا أبا أحمد.
و فيه: عن الشريف أبي علي محمّد بن احمد [بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)]، عن علي بن محمّد بن قتيبة [النيسابوري]، عن الفضل بن شاذان، [عن محمد بن أبي عمير]، قال: سألت أبا الحسن موسي بن جعفر (عليهما السلام) عن معني قول رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): الشقي من شقي في بطن امّه و السعيد من سعد في بطن امه. الخبر (4).
و عن أبيه و عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس [العطار رحمهما اللّه]، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن أبي عمير، قال: دخلت علي سيدي موسي بن جعفر (عليهما السلام)، فقلت: يا ابن رسول اللّه، علّمني التوحيد، فقال: يا با احمد، لا تتجاوز [في التوحيد] ما ذكره اللّه تعالي ذكره في كتابه، الخبر (5).2.
ص: 145
الرابع: و حيث ذكرنا ما عثر عليه من مشايخه في صدر الترجمة فلنذكر العصابة الذين رووا عنه، فمن أصحاب الإجماع: جميل بن دراج علي ما صرّح به في جامع الشرائع (1)، و الحسن بن محبوب (2)، و الحسن بن علي بن فضّال (3)، و حماد بن عثمان (4)، و ابن مسكان (5) كما عرفت، و احمد بن محمّد بن أبي نصر (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و صفوان بن يحيي (8)، و فضالة (9)، و عبد اللّه بن المغيرة (10).
و من أضرابهم و من تابعهم عبد اللّه بن عامر (11)، و عبد اللّه أو عبيد اللّه بن أحمد بن نهيك (12)، و احمد بن محمّد بن عيسي (13)، و إبراهيم بن هاشم (14)، و محمّد بن الحسين (15) و أيوب بن نوح (16)، و محمّد بن عيسي بن عبد اللّه7.
ص: 146
الأشعري (1)، و العباس بن معروف (2)، و علي بن مهزيار (3)، و الحسين بن سعيد (4)، و يعقوب بن يزيد (5)، و محمّد بن خالد البرقي (6)، و الحسن بن ظريف (7)، و محمّد بن عبد الجبار (8)، و علي بن السندي (9)، و عبد اللّه بن محمّد ابن عيسي (10)، و أبو طالب عبد اللّه بن الصلت (11)، و أبو الحسين النخعي (12)، و علي بن الحسن الطاطري (13)، و محمّد بن إسماعيل السماك (14)، و علي بن أسباط (15)، و موسي بن الحسين (16)، و الحسن بن علي (17)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (18)، و هارون بن مسلم (19)، و محمّد بن عبد اللّه بن زرارة (20)،2.
ص: 147
و موسي بن القاسم (1)، و العباس بن موسي (2)، و نوح بن شعيب (3)، و بكر ابن صالح (4)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (5)، و الفضل بن شاذان (6)، و معاوية بن حكيم (7)، و علي بن إسماعيل الميثمي (8)، و احمد بن الفضل الخزاعي (9)، و محمّد بن عيسي بن عبيد (10)، و محمّد بن بشير (11)، و موسي بن عمران (12)، و احمد بن الحسن بن علي بن فضال (13)، و موسي بن عمر (14)، و سندي بن الربيع (15)، و أبو أيوب المدني (16)، و محمّد بن علي ابن محبوب (17)، و صالح النيلي (18)، و القاسم بن عروة (19)، و علي بنق.
ص: 148
سليمان (1)، و عمرو بن عثمان (2)، و موسي بن إسماعيل (3)، و علي بن حديد (4)، و إبراهيم بن مهزيار (5)، و محمّد بن عبد الحميد (6)، و احمد بن أبي عبد اللّه (7)، و سهل بن زياد (8)، و علي بن أبي حمزة البطائني (9)، و عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (10)، و يحيي بن زكريا بن شيبان (11)، و إسماعيل بن مهران (12)، و احمد بن هلال (13)، و أبو سمينة (14)، و علي بن احمد بن أشيم (15)، و هشام2.
ص: 149
ابن سالم (1)، كما مرّ (2)، و صالح السكوني كما تقدم عن التهذيب (3)، و لعلّه النيلي (4) المتقدم، و الحسن بن سعيد (5).
و قال صاحب المعالم في المنتقي: اتفق في التهذيب حماد بن عثمان عن محمّد بن أبي عمير و هو سهو، لانّ ابن أبي عمير يروي عن حمّاد لا العكس (6) و اتفق رواية فضالة عن ابن أبي عمير عن رفاعة و هو أيضا سهو، فان كلّا منهما يروي عن رفاعة، و لا يعرف لأحدهما رواية عن الآخر (7).
و قال أيضا في سند فيه صفوان عن ابن أبي عمير في حج التهذيب: لا ريب ان فيه غلطا، و الصواب امّا عطف ابن أبي عمير عن صفوان أو وجه آخر غير رواية أحدهما عن الآخر، لأنّها غير معروفة (8).
و قال في سند آخر مثله: رواية صفوان عن ابن أبي عمير سهو، و الصواب عطفه عليه لانه المعهود حتي في خصوص هذا السند، انتهي (9).
و علي هذا البناء الذي أسّسه يأتي الإشكال في رواية هشام بن سالم عنه، كما في الكشي (10)، و جميل و اضرابه، مع انّ رواية صفوان عنه كثيرة لا يجوز معهاع.
ص: 150
الحمل علي الخطأ.
ففي التهذيب في باب الكفّارة عن خطأ المحرم: موسي بن القاسم، عن صفوان، عنه (1)، و في باب بيع المضمون: محمّد بن الحسين، عن صفوان، عنه (2)، و في باب السنة في عقد النكاح: محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عنه (3)، و في الفقيه في باب ميراث القاتل: روي صفوان بن يحيي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أحدهما (عليهما السلام) (4).
و من هنا قال المحقق صدر الدين العاملي في مقام تنزيه شيخ الطائفة عن السهو الذي نسبه اليه المحقق صاحب المعالم في المقام و أمثاله ما لفظه: هنا قدر جامع لمنع القطع علي السهو فيما يذكر الجماعة، و هو انّا لم نجد قلم الشيخ و لا أحدا من هؤلاء سها إلي أمر غير ممكن، كان يوجد مثلا: محمّد بن يحيي العطار عن محمّد بن مسلم، أو زرارة، مثلا، و المفروض أن الشيخ ينقل الأسانيد نقلا و يضيف إليها شيئا يسيرا و هو ما بينه و بين الكتاب المنقول عنه، فليس ما يدّعون عليه من السهو نوع غلط في الاجتهاد بل من سبق القلم الي ما لا يريده الكاتب، و القلم قد يسبق الي لفظ مهمل فضلا عن المستعمل، فكيف اتفق1.
ص: 151
أنّ ما سبق اليه قلم الشيخ ممّا له وجه و ممّا لا رادّ له غير مخالفة العادة.
و لكن صاحب المنتقي رضي اللّه عنه فتح للناس بابا فاتبعوه و زادوا، و ممّا نقل في المنتقي انه وقف علي نسخة التهذيب بخط الشيخ- رحمه اللّه- فوجده غيّر أسانيد كثيرة و في كثير منها كتب (عن) بدل (الواو) و بالعكس، فلم أدر كيف قطع رفع اللّه درجته علي أنّ هذا التغيير قد كان بقلم الشيخ قدس سرّه، و لعلّ آخر مثله من المجتهدين قطع علي كون ذلك غلطا فغيّره، بل يجوز ان يكون من بعض التلامذة سمع من أستاذه شيئا و قطع بأنه صواب فغيّر النسخة، انتهي (1).
و في كلامه الأخير نظر، فإنه يمكن القطع من بعض القرائن بأن التغيير منه مع عدم معهوديّة تصحيح الغير نسخة الأصل فيما اعلم و اللّه العالم.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن محمّد بن يحيي العطار و احمد ابن إدريس جميعا، عنه (2).
السند صحيح بأربعة طرق، و محمّد من الشيوخ الأجلّة و أعاظم الطائفة، و ما عليه في نفسه طعن في شي ء، و هو صاحب كتاب نوادر الحكمة، في النجاشي: هو كتاب حسن كبير يعرفه القميون بدبّة شبيب، قال: و شبيب فامي كان بقم له دبّة ذات بيوت يعطي منها ما يطلب منه من دهن فشبّهوا هذا الكتاب بذلك (3).
قال- رحمه اللّه-: و كان محمّد بن الحسن يستثني من رواية محمّد بن أحمد
ص: 152
ابن يحيي ما رواه عن محمّد بن موسي الهمداني، أو ما رواه عن رجل، أو يقول:
بعض أصحابنا، أو عن محمّد بن يحيي المعاذي، أو عن أبي عبد اللّه الرازي الجاموراني، أو عن أبي عبد اللّه السياري، أو عن يوسف بن السخت، أو عن وهب بن منبه، أو عن أبي علي النيشابوري، أو عن أبي يحيي الواسطي، أو عن محمّد بن علي أبو سمينة، أو يقول: في حديث، أو كتاب و لم أروه، أو عن سهل ابن زياد الآدمي، أو محمّد بن عيسي بن عبيد بإسناد منقطع، أو أحمد بن هلال، أو محمّد بن علي الهمداني، أو عبد اللّه بن محمّد الشامي، أو عبد اللّه بن أحمد الرازي، أو أحمد بن الحسين بن سعيد، أو أحمد بن بشير الرقي، أو عن محمّد ابن هارون، أو عن ميمونة بن معروف، أو عن محمّد بن عبد اللّه بن مهران، أو ما يتفرّد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي و ما يرويه عن جعفر بن محمّد بن مالك، أو يوسف بن الحارث، أو عبد اللّه بن محمّد الدمشقي.
قال أبو العباس بن نوح: و قد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن الوليد في ذلك كلّه، و تبعه أبو جعفر بن بابويه علي ذلك كلّه إلّا في محمّد ابن عيسي بن عبيد، فلا ادري ما رأيه فيه؟ لانه كان علي ظاهر العدالة و الثقة، انتهي (1).
و الشيخ في الفهرست- بعد ذكر كتاب نوادر الحكمة و ما تضمّنه من الكتب و ذكر الطريق اليه المنتهي الي الصدوق الراوي عنه بالسند المذكور قال-: قال محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه: الّا ما كان فيه من تخليط، و هو الذي يكون طريقه محمّد بن موسي الهمداني (2)، و ذكر ما في النجاشي باختلاف يسير في الترتيب و غيره.2.
ص: 153
و العجب نسبة الاستثناء في الكتابين الي الصدوق، و هو يقول في أول الفقيه: و لم اقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلي إيراد ما افتي به، و احكم بصحّته، و اعتقد فيه انه حجّة فيما بيني و بين ربّي تقدّس ذكره، و تعالت قدرته، و جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل و إليها المرجع، مثل كتاب حريز. الي ان قال: و نوادر الحكمة تصنيف محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري. إلي آخره (1).
و في المشيخة ذكر طريقه اليه و لم يشر في الموضعين الي ما نسب اليه (2).
و قد أخرج في الكافي و التهذيب بعض الاخبار عن محمّد بن احمد بن يحيي عن بعض هؤلاء، بحيث يظهر منهم عدم الاعتناء بهذا الاستثناء:
ففي الكافي في باب من لا يجوز له صيام التطوع إلّا بإذن غيره: عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن احمد، عن احمد بن هلال، عن مروك بن عبيد. إلي آخره (3).
و في التهذيب في باب صلاة الغريق و أمثاله: محمّد بن احمد بن يحيي، عن احمد بن هلال، عن ابن مسكان. إلي آخره (4)، و فيه في باب أحكام السهو في الصلاة (5)، و في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس من أبواب الزيادات (6)، و في باب الزيادات في كتاب الحدود كثيرا: محمّد بن احمد بن يحيي، عن محمّد بن يحيي المعاذي، عن الطيالسي (7).0.
ص: 154
و فيه في باب تلقين المحتضرين (1)، و في باب الديون و أحكامها (2)، و في كتاب المكاسب (3)، و مرّتين في باب الأطعمة و الأشربة: محمّد بن احمد بن يحيي، عن أبي عبد اللّه الرازي و هو الجاموراني (4).
و في الكافي في باب كراهيّة التوقيت (5)، و في التهذيب في باب الزيادات في القضايا و الاحكام (6)، و في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس (7)، و في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات بإسنادهما عن محمّد بن احمد بن يحيي، عن احمد بن محمّد بن سيّار و هو أبو عبد اللّه السياري (8).
و في الكافي في باب قضاء الدين من كتاب المعيشة مرّتين (9)، و في باب الإبط بعد كتاب الزي و التجمل بإسناده عن محمّد بن يحيي، عن يوسف بن السخت (10).
و في التهذيب في باب الذبائح و الأطعمة: محمّد بن أحمد بن يحيي، عن أبي يحيي الواسطي، عن حمّاد بن عثمان (11).
و فيه في باب حكم المسافر و المريض في الصيام (12)، و في باب الذبائح6.
ص: 155
و الأطعمة (1)، و في باب حكم الظهار (2).
و في باب من أراد الاستنجاء و في يده اليسري خاتم: محمّد بن احمد بن يحيي، عن سهل بن زياد، أو عن أبي سعيد الآدمي (3).
و فيه في باب النذور (4)، و في باب الاشتراك في الجنايات: محمّد بن أحمد ابن يحيي، عن أبي عبد اللّه الرازي، عن محمّد بن عبد اللّه بن هارون (5).
و في باب الذبائح و الأطعمة (6)، و في باب الكفلات (7)، و في باب الإجارات: محمّد بن أحمد بن يحيي، عن أبي عبد اللّه- يعني البرقي- عن الحسن ابن الحسين اللؤلؤي (8).
و فيه في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات (9) و في باب أحكام فوائت الصلاة (10)، و في باب الحدود في اللواط (11)، و في باب دية عين الأعور (12)، و في الكافي في باب حدّ اللواط: محمّد بن احمد بن يحيي، عن يوسف بن الحارث (13).5.
ص: 156
هذا و امّا روايتهما عن الجماعة بغير توسّط محمّد بن أحمد فأكثر من ان تحصي، و حينئذ ينقدح الإشكال في جعل مجرّد الاستثناء من علائم الضعف و ان كان فيهم بعض الضعفاء.
قال في التعليقة: و ربّما يتأمّل في إفادة هذا الاستثناء القدح في نفس الرجل المستثني، و لا يبعد ان يكون التأمّل في موضعه لما ذكرنا في الفائدة الثالثة (1)، و سيجي ء في محمّد بن عيسي ما يزيد التحقيق بل التأمل في نفس ما ارتكبوه أيضا، و يؤيّده ان النجاشي (2) و غيره وثّقوا بعضا من هؤلاء مثل الحسن بن الحسين اللؤلؤي، انتهي (3).
فعلي هذا فالمراد من الاستثناء استثناء روايات هؤلاء الجماعة في كتاب نوادر الحكمة الذي صرّح الشيخ في الفهرست بان في رواياته تخليطا و هو الذي يكون طريقه محمّد بن موسي. إلي آخره، لا استثناء اشخاص الجماعة حتي لو وجدوا في أسانيد غير كتاب النوادر، حكم بضعفها لضعفهم فلا تعرض فيه لحالهم، فيطلب من غيره فان وجد أحدهم موثقا أو ممدوحا فلا يجوز ان يعارض بالاستثناء المذكور.
و يؤيّده قول ابن الوليد: و ما رواه عن رجل، أو يقول: بعض أصحابنا أو يقول: في حديث، أو كتاب و لم أروه، أو يقول: و روي، إذ لو كان الغرض تضعيف السند لكان ذلك من توضيح الواضح، و كذا عدّ وهب العامي اليماني المقدم علي محمّد بن احمد بطبقات من دون الإشارة إلي ذكر الوسائط التي لا بدّ منها، إذ بدونها تعدّ رواياته من المراسيل، و معها لا بدّ من النظر في حالهم فيعلم1.
ص: 157
أن الغرض استثناء خصوص رواياته فيه.
و كذا قوله: أو عن محمّد بن عيسي بإسناد منقطع، اي يكون في السند بعده إرسال، قال الصدوق في الفقيه في باب إحرام الحائض: و بهذا الحديث افتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبد اللّه (عليه السّلام)- و ذكر الحديث ثم قال- لانّ هذا الحديث إسناده منقطع، و الحديث الأول رخصة و رحمة و إسناده متصل (1).
فيكون الحاصل استثناء مراسيل محمّد بن عيسي في خصوص كتاب نوادر الحكمة لا مطلق رواياته فيه، فضلا عن غيره، فلا دلالة فيه علي ضعف فيه أصلا، فلا موقع لكلام أبي العباس بن نوح الذي تلقّاه بعده جملة بالقبول.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن الحسن بن متيل عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن زيد الرزّامي خادم الرضا (عليه السّلام)، عنه.
و أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (2).
السند الثاني صحيح بالاتفاق، و الأولان من الأول من الأجلّاء، و استظهرنا في (قفا) وثاقة الرازي من الامارات (3)، و الرزّامي ذكره النجاشي و ذكر الطريق اليه (4)، و يروي عنه محمّد بن إسماعيل بن بزيع في الكافي في باب النهي عن الصورة و الجسم (5) و فيهما و في وصفه بخادم الرضا (عليه السّلام)
ص: 158
دلالة علي مدحه، فيعدّ خبره من الحسان.
و امّا الجبلي فيروي عنه الأجلّاء مثل يعقوب بن يزيد في الكافي في باب الأسعار من كتاب المعيشة (1)، و علي بن الحكم فيه في باب بيع المرابحة (2)، و معاوية بن حكيم في باب ما يجب من حقّ الامام علي الرعية (3)، و إسماعيل بن مهران في التهذيب في باب تفصيل أحكام النكاح (4)، و محمّد بن عبد اللّه بن زرارة فيه في باب المهور و الأجور (5)، و في باب ميراث الموالي مع ذوي الرحم (6)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (7)، و أحمد بن محمّد بن خالد (8).
فما في النجاشي (9) و الخلاصة (10) يقال انه كان غاليا فاسد الحديث لا يعارض الامارة المذكورة لعدم ثبوته عندهما، و الجهل بالقائل، و عدم معلومية المراد من الغلوّ، فلعلّه أراد ما لا يكفر به صاحبه، بل هو كذلك لمنافاة جملة من رواياته الغلوّ بالمعني المعروف.
ففي الكافي بإسناده عن محمّد بن أسلم، عن محمّد بن سليمان، قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) (11) عن رجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتعام.
ص: 159
بالعمرة إلي الحجّ، فأعانه اللّه علي عمرته و حجّه، ثم اتي المدينة فسلّم علي النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، ثم أتاك عارفا بحقّك يعلم أنّك حجّة اللّه علي خلقه و بابه الذي يؤتي منه فسلّم عليك، ثم اتي أبا عبد اللّه [الحسين] (عليه السلام) فسلّم عليه، ثم اتي بغداد، و سلّم علي أبي الحسن موسي (عليه السلام)، ثم انصرف الي بلاده، فلما كان في وقت الحجّ رزقه اللّه الحجّ، فأيّهما أفضل هذا الذي قد حجّ حجّة الإسلام يرجع أيضا فيحجّ أو يخرج الي خراسان إلي أبيك علي بن موسي (عليهما السلام) فيسلم عليه؟ قال: لا بل يأتي خراسان فيسلّم علي أبي الحسن (عليه السّلام) أفضل، و ليكن ذلك في رجب، الخبر (1).
و رواه ابن قولويه في كامل الزيارات مثله (2) و الصدوق في العيون رواه عنه مثله، و في لفظه: ثم أتي المدينة فسلّم علي النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، ثم اتي أباك أمير المؤمنين (عليه السّلام) عارفا بحقّه يعلم أنّه حجّة اللّه علي خلقه و بابه الذي يؤتي منه فسلّم عليه، ثم اتي أبا عبد اللّه (عليه السّلام).
إلي آخره (3).
و ما ساقه أوفق بالمقام كما أشرنا إليه في أبواب المزار، و هذا الخبر كما تري صريح في مذهب الإماميّة و مناف لطريقة الغلاة، فالخبر حسن كالصحيح.
علي بن احمد بن موسي و محمّد بن أحمد السناني و الحسين بن إبراهيم [بن أحمد] بن هشام المكتب رضي اللّه عنه، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عنه (4).
ص: 160
تقدم حال السند في (لو) (1)، و في الشرح محمّد بن أحمد السناني بن محمّد ابن سنان الزاهري يكنّي أبا عيسي نزيل الري، يروي عن أبيه، عن جدّه محمّد بن سنان، روي عنه ابن نوح و أبو المفضل في من لم يرو من رجال الشيخ (2) و المكتب: المعلّم.
و هؤلاء الثلاثة من مشايخ الصدوق و لم يكن لهم كتاب ظاهرا، و المصنّف لا يذكرهم الّا مع الترضية، و اجتماعهم لا يقصر عن ثقة، فالخبر صحيح أو حسن كالصحيح، انتهي (3).
و في النجاشي طريق صحيح الي تمام كتب محمّد بن أبي عبد اللّه (4).
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عنه (5).
هؤلاء الأربعة من عيون الطائفة و شيوخها فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن الحسن بن رباط، عن محمّد بن بجيل أخي علي بن بجيل بن عقيل الكوفي (6).
ص: 161
استظهرنا وثاقة الهيثم في (ند) (1)، و في النجاشي (2) و الخلاصة: علي بن الحسن بن رباط أبو الحسن، ثقة كوفي معوّل عليه (3).
و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الكافي في باب المتعة (4)، و الحسن بن محبوب كثيرا (5)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (6)، و معاوية بن حكيم (7)، و الحسن بن علي بن فضّال (8)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (9)، و محمّد ابن أحمد بن يحيي (10)، و محمّد بن أبي الصهبان (11)، و محمّد بن سنان (12)، و محمّد ابن عمرو (13)، و عمرو بن عثمان (14).
فالسند صحيح، و محمّد كاخيه غير مذكور إلّا في أصحاب الصادق (عليه السلام) من رجال الشيخ (15) و لكن الظاهر من الصدوق كون كتابه من الكتب المعتمدة (16).ظ.
ص: 162
علي ابن احمد بن موسي و محمّد بن أحمد السناني و الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن هشام المؤذّن رضي اللّه عنه، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي الكوفي (1).
مرّ حال السند و الأسدي في (لو) (2) و (رع) (3) و الظاهر اتّحاد المؤذّن و المكتّب، فلاحظ.
أبوه و محمّد ابن الحسن رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي و احمد بن إدريس جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيّات، و اسم أبي الخطاب زيد (1).
كلّهم من عيون الطائفة.
و في النجاشي بعد الترجمة: أبو جعفر الزيّات الهمداني، و اسم أبي الخطاب زيد، جليل من أصحابنا، عظيم القدر، كثير الرواية، ثقة، عين، حسن التصانيف، انتهي (2).
و يروي عنه غير الجماعة الصفار (3)، و احمد بن محمّد بن عيسي (4)، و محمّد بن علي بن محبوب (5)، و الحسن بن متيل (6)، و موسي بن الحسن (7)، و غيرهم من الأجلّاء.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن احمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن حريز، عنه.
و عن محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد [عن محمد بن أبي عمير] عن محمّد بن حكيم (8).
ص: 164
السندان صحيحان، و امّا محمّد بن حكيم فهو و ان كان مشتركا بين الخثعمي الذي ذكره النجاشي (1) و لم يذكر غيره، و الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، و بين الساباطي الذي ذكره أيضا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) الّا انّ الظاهر أنّ الموجود في الأسانيد هو الأول، و المطلق ينصرف إليه لقرائن.
روايات قابلة لإدراجه في الكتاب.
و منها أن الكشي قال في محمّد بن حكيم: من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، حدثني حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حكيم، قال: ذكر لأبي الحسن (عليه السّلام) أصحاب الكلام فقال: امّا ابن حكيم فدعوه (4).
حمدويه قال: حدثني محمّد بن عيسي، قال: حدثنا يونس بن عبد الرحمن، عن حمّاد، قال: كان أبو الحسن (عليه السّلام) يأمر محمّد بن حكيم أن يجالس أهل المدينة في مسجد رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و ان يكلّمهم و يخاصمهم، حتي كلّمهم في صاحب القبر، فكان إذا انصرف اليه، قال له: ما قلت لهم، و ما قالوا لك؟ و يرضي بذلك منه (5).
محمّد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمّد بن يزيد القمي، قال:
حدثني محمّد بن احمد بن يحيي، عن إبراهيم بن هاشم، عن يحيي بن عمران4.
ص: 165
الهمداني، عن يونس، عن محمّد بن حكيم، و قد كان أبو الحسن (عليه السلام) و ذكر مثله (1)، انتهي و المراد به الخثعمي.
قال في جامع الرواة: و الظاهر أنّ ما ذكره الكشي: و محمّد بن حكيم الخثعمي متحدان علي ما يظهر بأدني تأمّل (2)، ففي عدم تقييده العنوان بالخثعمي دلالة واضحة علي كون الآخر لخموله و ندرة روايته غير مراد من الإطلاق.
و مثله ما في الفهرست ففيه: محمّد بن حكيم له كتاب، رويناه بهذا الاسناد عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن حكيم (3).
و الاسناد هو الذي ذكره قبله: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، عن ابن بطّة، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب (4).
ثم انه ذكر بعد ذلك بفاصلة تراجم: محمّد بن مسعود، له كتاب (5)، محمّد بن حكيم له كتاب (6)، محمّد بن إسحاق بن عمار له كتاب، رويناها بهذا الاسناد عن حميد، عن القاسم بن إسماعيل، عنهم (7).
و المراد بالإسناد المذكور قبله تراجم جماعة عن أبي المفضّل، عن حميد (8)،0.
ص: 166
و قال في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) القاسم بن إسماعيل القرشي يكنّي أبا محمّد المنذر، روي عنه حميد [بن زياد] أصولا كثيرة (1)، انتهي.
فالظاهر ان الكتب الثلاثة من تلك الأصول، فيكون هو الخثعمي الذي هو صاحب الأصل، إذ في النجاشي: محمّد بن حكيم الخثعمي روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام)، يكنّي أبا جعفر، له كتاب (2).
و هذا دأبه في ترجمة صاحب الأصل كما علم بالتتبّع و الاستقراء، و صرّح به شيخنا الأستاد العلامة طاب ثراه (3)، فيكون هو المذكور أولا، و انّما كرّره لتعدد الطريق و مشاركة غيره معه في أحدهما، أو سهوا (4).
و له نظائر كثيرة في كتابيه، و لو كان الساباطي صاحب أصل و كتاب لما خفي علي النجاشي، و انّما ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بملاحظة أخيه الثقة المعروف مرازم بن حكيم (5).
و منها ان محمّد بن حكيم من الذين يتكررون كثيرا في الأسانيد، و لم نجد موضعا قيّد بالخثعمي مع ان جلّ رواته من الأجلّاء النقدة، و لو كان مشتركا يوجب التحيّر لقيّدوه في بعض المواضع.
و يؤيّد ما ذكرنا ما قاله السيد في المدارك: و امّا محمّد بن حكيم فقد ذكره الشيخ و النجاشي و ذكر أنّ له كتابا و لم يرو فيه قدحا، و بالجملة فالعمل8.
ص: 167
بمضمون هذه الرواية متّجه لاعتبار سندها، انتهي (1).
و لو لا فهمه اتحاد ما في النجاشي (2) و الفهرست في الموضعين (3) لأشار إلي الاشتراك، و لكن ما ذكره خلاف المعهود من طريقته من عدم الاكتفاء بهذا القدر كما صرّح به في التكملة (4).
و يدلّ علي وثاقته و جلالته مضافا الي ما ذكره و إكثاره من الرواية السالمة من التخليط إكثار رواية الأجلّة عنه، و فيهم الثلاثة الذين لا يروون الّا عن ثقة، كابن أبي عمير في الكافي في باب الكفر (5)، و في باب المباهلة (6)، و في باب البدع و الرأي (7)، و في باب الخير و الشرّ (8)، و في باب البيان و التعريف (9)، و في باب عقد المرأة علي نفسها النكاح (10)، و في باب عدد النساء (11)، و في الاستبصار في باب وقت المغرب و العشاء (12).2.
ص: 168
و صفوان بن يحيي في الكافي في باب أوقات الزكاة (1)، و في باب الرجل يشتري المتاع في كتاب الزكاة (2)، في التهذيب في باب عدد النساء (3)، و في باب أحكام الطلاق (4).
و احمد بن محمّد بن أبي نصر في الكافي في باب النهي عن الجسم و الصورة (5).
و من أضرابهم من أصحاب الإجماع: يونس بن عبد الرحمن فيه (6)، و في باب ما عند الأئمة عليهم السلام من سلاح رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (7)، و في باب المسترابة بالحبل من كتاب الطلاق (8)، و حمّاد بن عثمان في الكافي في باب الجمع بين الصلاتين (9)، و في باب من جهل ان يقف بالمشعر (10)، و في التهذيب في باب المواقيت من أبواب الزيادات (11)، و في باب تفصيل فرائض الحجّ (12)، و الحسن بن محبوب في الفقيه في باب النوادر في كتاب النكاح (13)، و أبان بن عثمان في التهذيب في باب لحوق الأولاد بالآباء (14)،6.
ص: 169
و في باب عدد النساء (1)، و في الكافي في باب المسترابة بالحبل (2).
و مما يليهم من الأعاظم: ابن أذينة (3)، و حريز (4)، و يعقوب بن يزيد (5)، و محمّد بن سنان (6)، و علي بن إسماعيل الميثمي (7)، و احمد بن عائذ (8)، و محمّد ابن إسحاق بن عمّار (9)، و محمّد بن أبي حمزة (10).
هذا و من لم يطمئن بوثاقته و جلالته بعد رواية هؤلاء عنه و هم شيوخ الطائفة و عيون العصابة فليطلب لمرض قلبه دواء.
و في مشتركات المولي محمّد أمين الكاظمي: ابن حكيم الذي ليس هو الساباطي، عنه جعفر بن محمّد ابنه و الحسن بن محبوب (11). إلي آخر ما قال.
و في رجال أبي علي بعد نقله قوله: الذي ليس هو الساباطي: لعلّ الصواب ان يقول بدله الخثعمي، انتهي (12).
و قد ظهر ممّا مرّ انّ ما ذكره هو الصواب فيا ليته اقتصر في كتابه علي نقل الترجمة و ما في تعليقة الأستاذ (13): و يترك كلمات نفسه التي خطؤها أكثر منح.
ص: 170
صوابها.
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن عبد اللّه بن مسكان، عن محمّد بن علي الحلبي (1).
رجال السند كلّهم من الأجلّاء.
و في النجاشي: محمّد بن علي بن أبي شعبة الحلبي أبو جعفر، وجه أصحابنا و فقيههم، و الثقة الذي لا يطعن عليه،. الي آخره (2).
فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه.
و عن محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن صفوان بن يحيي و ابن أبي عمير جميعا، عنه (3).
السند الأول صحيح علي الأصح و الثاني بالاتفاق.
و في الوسائل- بعد ذكر الطريقين- أقول: و تقدّم له طريق آخر مع جميل بن درّاج، انتهي (4).
و هو صريح في اتحاده مع ما تقدم في (سد) (5) في الطريق الي جميل و محمّد
ص: 171
ابن حمران الذي استظهرنا وفاقا لجماعة انه النهدي الثقة، فيكون لهما كتاب مشترك، و لكلّ واحد منهما كتاب مفرد، فذكره أولا لا يدلّ علي انّ هذا غيره، و يحتمل كونه محمّد بن حمران بن أعين ابن أخي زرارة.
قال السيد الكاظمي في العدّة: و اما ابن حمران فثلاثة: ابن أعين الشيباني ابن أخي زرارة، و أبو جعفر النهدي، و هما ثقتان لاندراج الأول في الجماعة الذين قيل فيهم: و هؤلاء كلّهم ثقات، و نصّهم بالتوثيق في خصوص الثاني، و لكلّ كتاب يروي عنه و يؤخذ منه، و الثالث الفهري، و هذا لم يذكر بشي ء لكن الظاهر ان المراد هنا أحد الأولين، فإن الظاهر من رواية العلماء الأجلّاء انّما هو الأخذ عن أهل الكتب، بل الظاهر هو الأول لوقوع ابن أبي عمير في الطرق الثلاثة، هو ممّن يروي عن الأول، انتهي (1).
و الفاضل النحرير صاحب جامع الرواة استظهر اتّحاد النهدي و الشيباني بعد نقل ما في النجاشي في ترجمة النهدي و قوله: له كتاب، أخبرنا أحمد بن محمّد قال: حدثنا احمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسين (2) قال: حدثنا علي بن أسباط بن سالم في دهليزه يوم الأربعاء لأربع ليال خلون من شعبان سنة ثلاثين و مائتين قال: حدثنا محمّد بن حمران: و لهذا الكتاب رواة كثيرة (3).
قال رحمه اللّه: أقول: رواية علي بن أسباط الذي عدّوه من رواة محمّد ابن حمران النهدي عن زرارة، و رواية محمّد بن زياد الذي هو ابن أبي عمير الذي5.
ص: 172
عدّوه من رواة محمّد بن حمران بن أعين عن زرارة كثيرا، و القرائن الآتية الذي تظهر بأدني تأمّل، و كون محمّد بن حمران النهدي و محمّد بن حمران بن أعين كوفيين يشعر باتحادهما و اللّه اعلم، انتهي (1).
قلت: و يشير الي الاتحاد أن النجاشي ذكر النهدي لا غير، و الفهرست (2) ابن أعين لا غير مع انه ممّن أكثروا من الرواية عنه، فان كان المتكرّر في الأسانيد الأول يستبعد من الشيخ عدم ذكره، و ان كان الثاني يستبعد من النجاشي إهماله مع انّه من بيت جليل معروف.
و مما يشير إليه أيضا عدم ذكر مميّز له في تلك الأسانيد الكثيرة مع ان جلّ من روي عنه من الأعاظم، فقد روي عنه: احمد بن محمّد بن أبي نصر في الكافي في باب النوادر بعد باب جوامع التوحيد (3)، و في الفقيه في باب غسل الجمعة (4).
و يروي عنه أيضا بواسطة محمّد بن سماعة (5)، و ابن أبي عمير (6)، و صفوان (7) كما مرّ، و في أسانيد كثيرة.
و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئا (8)، و في باب القود بين النساء و الرجال (9)، و في باب البينات (10) و غيرها.1.
ص: 173
و أبان بن عثمان (1)، و علي بن أسباط (2)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (3)، و احمد بن محمّد بن عيسي (4)، و الحسن بن علي بن الوشاء (5)، و الحسين بن سعيد (6)، و سيف بن عميرة (7)، و إبراهيم بن محمّد (8)، و مع ذلك كلّه ففي النفس شي ء، فان ما في النجاشي (9): نهدي، و ابن أعين شيباني، الّا ان يكون نهد شعبة من قبيلة شيبان أو نزل ابن أعين فيهم فنسب إليهم و اللّه العالم.
[حفصة] (1)، عن محمّد بن خالد بن عبد اللّه البجلي القسري، و هو كوفي عربي (2).
مر حال الثلاثة الأول في (له) (3) و [حفصة] (4) مجهول غير مذكور في رجال الخاصّة و فيما عندنا من العامة.
و محمّد بن خالد مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ، و قال: انّه وليّ المدينة (5)، يروي عنه حمّاد بن عثمان كما في التهذيب في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (6)، و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها من أبواب الزيادات (7).
و في الكافي في باب حدّ الصبيان في السرقة: حميد بن زياد، عن عبيد اللّه ابن أحمد النهيكي، عن ابن أبي عمير، عن عدّة من أصحابنا، عن محمّد بن خالد القسري قال: كنت علي المدينة فأتيت بغلام قد سرق، فسألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عنه فقال: سله حيث سرق كان يعلم أنّ عليه في السرقة عقوبة؟ فإن قال: نعم، قيل له: أي شي ء تلك العقوبة؟ فان لم يعلم أن عليه في السرقة قطعا فخلّ عنه، قال: فأخذت الغلام فسألته و قلت له:
أ كنت تعلم ان في السرقة عقوبة؟ قال: نعم، قلت: اي شي ء هو؟ قال:3.
ص: 175
الضرب، فخلّيت عنه (1).
و في الجعفريات (2) و دعائم الإسلام و اللفظ للأخير، بالإسناد عن جعفر ابن محمّد (عليهما السلام): أنه حضر يوما عند محمّد بن خالد أمير المدينة فشكا اليه محمّد وجعا يجده في جوفه، فقال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليهم السلام) أنّ رجلا شكا الي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) وجعا يجده في جوفه، فقال: خذ شربة عسل و الق فيه ثلاث حبّات شونيز (3) أو خمسا أو سبعا، فاشربه تبرأ باذن اللّه، ففعل فبرأ ذلك الرجل، فخذ ذلك أنت، فاعترض عليه رجل من أهل المدينة كان حاضرا فقال: يا أبا عبد اللّه، قد بلغنا هذا و فعلناه فلم ينفعنا، فغضب أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و قال: انّما ينفع اللّه بهذا أهل الإيمان به و التصديق برسوله، و لا ينتفع به أهل النفاق و من أخذه علي غير تصديق منه لرسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، فأطرق الرجل (4).
و في الكافي في الصحيح: عن مرّة مولي محمّد بن خالد، قال: صاح أهل المدينة الي محمّد بن خالد في الاستسقاء فقال لي: انطلق الي أبي عبد اللّه (عليه السلام) فسله: ما رأيك فإن هؤلاء قد صاحوا إليّ؟ فأتيته (عليه السّلام)، فقلت له، فقال لي: قل له فليخرج، قلت: متي يخرج جعلت فداك؟ قال:
يوم الاثنين، قلت: كيف يصنع؟ قال: يخرج المنبر ثم يخرج يمشي- الي ان قال- قال: ففعل، فلمّا رجعنا جاء المطر قالوا: هذا من تعليم جعفر.5.
ص: 176
و في رواية يونس: فما رجعنا حتي أهمّتنا (1) أنفسنا (2).
و في التهذيب في الصحيح: عن حمّاد السراج، قال: أرسلني محمّد بن خالد الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أقول له: إن الناس قد أكثروا عليّ في الاستسقاء فما رأيت في الخروج غدا؟ فقلت ذلك لأبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال لي: قل له: ليس الاستسقاء هكذا، قل له يخرج فيخطب الناس و يأمرهم بالصيام اليوم و غدا، و يخرج بهم يوم الثالث و هم صيام، قال: فأتيت محمّدا فأخبرته بمقالة أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فجاء فخطب فأمرهم بالصيام كما قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، فلما كان في اليوم الثالث أرسل إليه: ما رأيك في الخروج؟
قال: و في غير هذه الرواية أنّه أمره ان يخرج يوم الاثنين فيستسقي (3).
و من جميع ذلك يستكشف حال محمّد و تشيّعه، و انقطاعه اليه (عليه السلام)، و تسليمه له، و شفقته عليه، و عدم كتمه مسائل الدين منه، مضافا الي رواية حمّاد عنه، و ابن أبي عمير، عن عدّة من أصحابنا، و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة، و من هنا قال الشارح: فالخبر قوي (4).
علي بن احمد بن موسي الدقاق و محمّد بن أحمد السناني و الحسين ابن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن هشام المكتب رضي اللّه عنهم، قالوا: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن علي
ص: 177
ابن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصّحّاف، عن محمّد بن سنان، عن الرضا (عليه السّلام) (1).
مرّ ما يتعلق بالخمسة (2) و صحّة السند من جهتهم، و امّا علي فضعيف في النجاشي، و قال: لا يعبأ بما رواه (3)، مع انّه يروي عنه أبو عبد اللّه بن جعفر العلوي رأس المذوري- قال فيه النجاشي: كان وجها في أصحابنا، و فقيها و أوثق الناس في حديثه (4) - كما في الكافي و التهذيب في باب فضل الجهاد (5) (6).
و علي بن محمّد من مشايخ ثقة الإسلام، و البرمكي و القاسم.
ضعّفه العلامة بالغلوّ في الخلاصة (7)، و الظاهر كما في التعليقة (8) أنه أخذه من الغضائري الذي لا اعتناء بتضعيفاته خصوصا إذا كان السبب هو الغلوّ، و هو احد رواة الرسالة الطويلة التي أخرجها ثقة الإسلام في أول الروضة لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) (9)، و كان الأصحاب يضعونها في مساجد بيوتهم، و إذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، و لا يرويها الّا السالم من الغلوّ و الارتفاع، كما لا يخفي علي من تأمّل فيها.
و في رسالة أبي غالب الزراري في ذكر فهرست كتبه، و رسالة صباح1.
ص: 178
المدائني حدثني بها أبو العباس الرزّاز، عن القاسم بن الربيع الصحاف، عن محمّد بن سنان، عن صباح المدائني (1).
و يظهر منه اعتماده عليه، و كيف كان فيؤيّد هذا السند و يعضده وجوه:
أ- اعتماد الصدوق عليه في كتابه علل الشرائع و غيره (2).
ب- عدّه في المقام من الكتب المعتمدة (3).
ج- انّ النجاشي يروي كتب محمّد بن سنان عن جماعة من شيوخنا، عن أبي غالب احمد بن محمّد- يعني الزراري- عن [عم] (4) أبيه علي بن سليمان، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه (5).
و الطريق صحيح، و يظهر هذا السند من رسالة أبي غالب أيضا (6).
د- ما في الفهرست: و كتبه مثل كتب الحسين بن سعيد علي عددها، و له كتاب النوادر، و جميع ما رواه الّا ما كان فيها من تخليط أو غلوّ، أخبرنا جماعة، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه و محمّد بن الحسن جميعا، عن سعد بنن.
ص: 179
عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين و احمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان (1).
و هذا السند المنشعب الي أسانيد متعدّدة في أعلي درجة الصحّة و ليس في كتاب علله غلوّ و لا تخليط.
و رواه أيضا عنه (2)، عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن أبي القاسم عمه، عن محمّد بن علي الصيرفي، عنه (3).
فانقدح صحّة نسبة الكتاب الي محمّد الذي أوضحنا وثاقته بل جلالته في (كو) (4)، فالخبر صحيح.
محمّد بن علي ماجيلويه رحمه اللّه، عن محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عنه.
و أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عنه (5).
السند الثاني صحيح علي الأصح فلا يضرّ ضعف الأول بمحمّد بن علي مع أنّه قد علم من الفهرست ان له أسانيد صحيحة إليه (6).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن سهل بن اليسع الأشعري (7).
ص: 180
السند صحيح، و في النجاشي: محمّد بن سهل بن اليسع بن عبد اللّه بن سعد بن مالك [بن الأحوص] الأشعري القمي، روي عن الرضا و أبي جعفر (عليهما السلام)، له كتاب يرويه جماعة (1).
و ظاهره اعتبار كتابه، بل كونه من الأصول كما أشرنا اليه، و ذكره في الفهرست أيضا مع كتابه و طريقه اليه (2).
و يشير الي وثاقته مضافا الي ما ذكر رواية الأجلّة عنه و فيهم: حمّاد بن عيسي من أصحاب الإجماع، كما في التهذيب في باب صفة الإحرام (3)، و احمد ابن محمّد بن عيسي كثيرا (4)، و أبوه (5)، و محمّد بن علي بن محبوب (6)، و موسي ابن القاسم (7)، فالخبر حسن كالصحيح.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي العطار و احمد ابن إدريس جميعا، عن محمّد بن عبد الجبار- و هو محمّد بن أبي الصهبان- (8).
رجال السند و محمّد كلّهم من أجلّاء الثقات، فالخبر صحيح.
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه (9).
ص: 181
مرّ اعتبار السند غير مرّة الا انّ محمّد ضعيف مذموم جدّا، و في النجاشي: له كتاب النوادر [و هو] أقرب كتبه إلي الحقّ (1).
قال الشارح: و الظاهر أنّ المصنّف و غيره يروون عنه هذا الكتاب لما كان موافقا للحقّ، انتهي (2).
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عثمان العمري قدّس اللّه روحه (3).
و هو وكيل الناحية في خمسين سنة، الذي ظهر علي يديه من طرف المأمول المنتظر صلوات اللّه عليه معاجز كثيره و لما سأل أبو علي احمد بن إسحاق عن أبي محمّد (عليه السلام) فقال: من أعامل؟ و عمّن آخذ؟ و قول من اقبل؟ فقال (عليه السّلام): للعمري و ابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤديان، و ما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما و أطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان.
و مناقبه و فضائله أشهر من ان تذكر توفي آخر جمادي الأولي سنة 305 (4).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن عذافر الصيرفي (5).
ص: 182
رجال السند كلّهم من الأجلّاء، و ابن عذافر بالعين المهملة المضمومة و الذال المعجمة و الراء المهملة ابن عيسي بن أفلح الخزاعي الصيرفي المدايني، ثقة في النجاشي (1)، و الخلاصة (2)، و رجال الشيخ في أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا (3) (عليهم السلام)، و عمّر (93) (4)، و أبوه و عمّه عمر بن عيسي أيضا من الرواة، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أبوه و محمّد بن الحسن و محمّد بن موسي بن المتوكل و احمد بن محمّد بن يحيي العطار و محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنهم، عن محمّد بن يحيي العطار، عنه.
و أبوه و الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنهما، عن أحمد بن إدريس، عنه (5).
السندان اللذان ينشعب عنهما أسانيد كثيرة صحيحان، و في النجاشي:
محمّد بن علي بن محبوب الأشعري القمي، أبو جعفر شيخ القميين في زمانه، ثقة عين، فقيه صحيح المذهب، انتهي (6).
و يروي عنه أيضا علي بن الحسن بن فضّال كثيرا (7) و ابن بطّة (8).
ص: 183
أحمد بن زياد ابن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (1).
السند صحيح علي الأصح بما مرّ في (يا) (2) و (يد) (3) و (كو) (4)، و لكن محمّد بن عمرو غير مذكور في الرجال بل في أسانيد احاديث الكتب الأربعة علي ما يظهر من الجامع (5)، و حيث عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (6)، فالخبر قويّ وفاقا للشارح (7).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (8).
السند صحيح بما مرّ في (لب) (9) و غيره، و رواية ابن أبي عمير عن العجلي من أمارات وثاقته، فلا يضر عدم مذكوريته إلّا في أصحاب الصادق (عليه السلام) من رجال الشيخ (10)، فالخبر صحيح أو في حكمه.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه،
ص: 184
عن محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطيني.
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عنه (1).
أوضحنا وثاقة ابن عيسي في (لا) (2) فالخبر صحيح.
أبوه، عن احمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن داود بن إسحاق الحذّاء، عنه.
و جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد اللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (3).
السند الأول ضعيف بداود الغير المذكور الّا هنا، و في جملة من الأسانيد، و يظهر منها أنّ كنيته أبو سليمان، و السند الثاني صحيح بما مرّ في (له) (4).
و اعلم أن الصدوق ذكر في أواسط المشيخة: و ما كان فيه عن محمّد بن الفيض التيمي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه (5)، و ذكر السند الأول.
و قال- في قريب من أواخره-: أو ما كان فيه عن محمّد بن الفيض فقد رويته عن جعفر بن محمّد (6)، و ذكر السند الثاني.
فزعم صاحب الوسائل اتحادهما فذكر واحدا و جعل الطريقين له (7)، و اتبعناه لأنّا شرحنا المشيخة علي ترتيبه، و صاحب الوافي (8) و جامع الرواة (9)
ص: 185
و العدّة (1) زعموا أنّ الأخير غير الأول.
و الشارح- بعد ذكر الأخير منفردا- قال: يمكن أن يكون ما تقدم و وقع التكرار سهوا، و أن يكون محمّد بن الفيض المختار الكوفي الجعفي من أصحاب الصادق (عليه السّلام) في رجال الشيخ (2)، و ان يكون محمّد بن الفيض بن مالك المدايني مولي عمر بن الخطاب، من أصحاب الرضا (عليه السّلام) في رجال الشيخ (3)، و ان كان بعيدا.
و علي ايّ حال فهو مجهول لكن كتابه معتمد، و يمكن الحكم بصحته لصحته ظاهرا عن محمّد بن أبي عمير (4)، و ان يكون حسنا لجعفر بن محمّد بن مسرور فإنه من مشايخ الصدوق و لا يذكره الّا مع قوله (رضي اللّه عنه)، و علي المشهور قوي كالصحيح، انتهي (5).
قلت: بل علي المشهور في حكم الصحيح، و الأصح وثاقته لرواية ابن أبي عمير عنه، و رواية داود عن الآخر.
294 رصد- و إلي محمّد بن القاسم الأسترآبادي مشافهة من غير واسطة (6) و هو الراوي له التفسير المنسوب الي الامام أبي محمّد العسكري (عليه السّلام)، الذي أكثر من النقل عنه في أغلب كتبه الموجودة عندنا:
ص: 186
كالفقيه (1) و الأمالي (2) و العلل (3) و غيرها، و اعتمد علي ما فيه، كما لا يخفي علي من راجع مؤلّفاته، و تبعه علي ذلك أساطين المذهب و سدنة الاخبار.
فمنهم أبو منصور احمد بن علي بن أبي طالب قال في أوّل كتابه الموسوم بالاحتجاج: و لا نأتي في أكثر ما نورده من الاخبار بإسناده، إمّا لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلّت العقول عليه، أو لاشتهاره في السير و الكتب بين المخالف و المؤالف، إلّا ما أوردته عن أبي محمّد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام)، فإنه ليس في الاشتهار علي حدّ ما سواه، و ان كان مشتملا علي مثل ما قدّمناه، فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أوّل جزء من ذلك دون غيره، لان جميع ما رويت عنه (عليه السّلام) إنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار التي ذكرها (عليه السلام) في تفسيره (4).
و منهم قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي، فإنه أخرج في خرائجه من التفسير المذكور جملة وافرة (5).
و منهم رشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب، فإنه نسب التفسير المذكور اليه (عليه السلام) جزما، و نقل عنه في مناقبه في مواضع عديدة: منها في باب معاجز النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) في فصل فيه نطق الجمادات قال:
تفسير الامام الحسن العسكري (عليه السّلام)، في قوله تعالي: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ (6) قالت اليهود، الي آخر ما في التفسير (7).2.
ص: 187
بل قال في معالم العلماء: الحسن بن خالد البرقي أخو محمّد بن خالد، من كتبه تفسير العسكري من إملاء الإمام (عليه السّلام) مائة و عشرين مجلّدا، انتهي (1).
و يظهر منه أمران:
الأول: أنّ سند التفسير ليس منحصرا في الأسترآبادي شيخ الصدوق، بل يرويه الحسن بن خالد الثقة في النجاشي (2) و الخلاصة (3)، صاحب الكتب في الفهرست التي يرويها عنه ابن أخيه أحمد بن محمّد البرقي، الذي للمشايخ اليه طرق صحيحة (4).
الثاني: أن التفسير كبير تام غير مقصور علي الموجود، الذي فيه تفسير سورة الفاتحة و بعض سورة البقرة.
و منهم المحقق الثاني علي بن عبد العالي الكركي فإنه قال في إجازته لصفي الدين الحلي- بعد ذكر جملة من طرقه و أسانيده العالية- ما لفظه: و أعلي من الجميع بالإسناد إلي العلامة جمال الدين احمد بن فهد، عن السيد العالم النسابة تاج الدين محمّد بن معيّة، عن السيد العالم علي بن عبد الحميد بن فخّار الحسيني، عن والده السيد عبد الحميد، عن السيد الفقيه مجد الدين أبي القاسم علي بن العريضي، عن الشيخ السعيد رشيد الدين أبي جعفر محمّد بن شهرآشوب المازندراني، (عن) (5) السيد العالم ذي الفقار محمّد بن [معد] (6)ظ.
ص: 188
(العلوي) (1) الحسني كلاهما، عن الشيخ الامام عماد الفرقة الناجية أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن عبيد اللّه الغضائري، أخبرنا أبو جعفر محمّد بن بابويه، حدثنا محمّد بن القاسم المفسّر الجرجاني، حدثنا يوسف بن محمّد بن زياد و علي بن محمّد بن سنان، عن أبويهما، عن مولانا و مولي كافة الأنام أبي محمّد الحسن العسكري، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.
قال: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) لبعض أصحابه ذات يوم: أحبب في اللّه، و أبغض في اللّه، و وال في اللّه، و عاد في اللّه، فإنه لا تنال ولاية اللّه الّا بذلك، و لا يجد رجل طعم الايمان و ان كثرت صلاته و صيامه حتي يكون كذلك، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا [أكثرها] في الدنيا، عليها يتوادّون و عليها يتباغضون، و ذلك لا يغني عنهم من اللّه شيئا، فقال الرجل:
يا رسول اللّه، كيف لي اعلم أنّي واليت و عاديت في اللّه، فمن وليّ اللّه عزّ و جلّ حتي أواليه و من عدوّه حتي أعاديه، فأشار له رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) الي علي (عليه السلام) قال: ألا تري هذا؟ قال: بلي، فقال: وليّ هذا وليّ اللّه فواله، و عدوّ هذا عدوّ اللّه فعاده، وال وليّ هذا و لو أنه قاتل أبيك و ولدك، و عاد عدوّه و لو أنه أبوك و ولدك، انتهي (2).
و يظهر منه أنّ هذا التفسير عنده في غاية الاعتبار، و لاقتصاره في نقل الخبر المرسوم عندهم نقله في آخر كثير من الإجازات، كما يظهر منه أيضا أنه.
ص: 189
الشيخ و الغضائري روياه عنه (عليه السّلام) بالسند المذكور، فيكون معتبرا عندهما و إلّا لاستثنياه عن مروياتهما، كما لا يخفي علي من عرف طريقة المشايخ.
و منهم فخر الفقهاء الشهيد الثاني فإنه ينقل عنه معتمدا عليه قال في المنية: فصل: و من تفسير العسكري (عليه السّلام) في قوله تعالي: وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِيثٰاقَ بَنِي إِسْرٰائِيلَ لٰا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللّٰهَ- الي قوله- وَ الْيَتٰاميٰ (1) قال الامام (عليه السّلام): اما قوله وَ الْيَتٰاميٰ، و نقل عنه أوراقا (2).
و قال في آخر أجازته الكبيرة للشيخ حسين بن عبد الصمد: و لو حاولنا ذكر طريق الي كلّ من بلغنا من المصنفين و المؤلّفين لطال الخطب، و اللّه تعالي وليّ التوفيق، و لنذكر طريقا واحدا هو أعلي ما اشتملت عليه هذه الطرق الي مولانا و سيّدنا و سيّد الكائنات رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله و سلّم) و يعلم منه أيضا مفصّلا أعلي ما عندنا من السند الي كتب الحديث كالتهذيب و الاستبصار و الفقيه و المدينة و الكافي و غيرهما، أخبرنا شيخنا- و ساق أسانيد عالية إلي السيد فخار- عن شاذان بن جبرئيل، عن جعفر الدوريستي، عن المفيد، عن الصدوق أبي جعفر محمّد بن بابويه قال: حدثنا محمّد بن القاسم الجرجاني، و ساق مثل ما مرّ عن المحقق الكركي (3).
و قال التقي الشارح: و ما كان عن محمّد بن القاسم، و قيل: ابن أبي القاسم كما يذكره الصدوق هكذا: المفسّر الأسترآبادي، و اعتمد عليه الصدوق و كان شيخه، و ما ذكره الغضائري باطل و توهم، أنّ مثل هذا التفسير لا يليق0.
ص: 190
بالإمام و من كان مرتبطا بكلام الأئمة (عليهم السلام) يعلم انه كلامهم، و اعتمد عليه شيخنا الشهيد الثاني و نقل عنه اخبارا كثيرة في كتبه، و اعتماد التلميذ الذي كان مثل الصدوق، يكفي عفي اللّه عنّا و عنهم (1).
و قال ولده العلامة في البحار: كتاب تفسير الامام من الكتب المعروفة، و اعتمد الصدوق عليه، و أخذ منه، و إن طعن فيه بعض المحدثين، و لكن الصدوق اعرف و أقرب عهدا ممّن طعن فيه، و قد روي عنه أكثر العلماء من غير غمز فيه (2).
ثم قال في الفصل الخامس: و لنذكر ما وجدناه في مفتتح تفسير الإمام العسكري صلوات اللّه عليه، قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام اللّه تعالي تأييده: حدثنا السيد محمّد بن سراهنك الحسني الجرجاني (3)، عن السيد أبي جعفر مهتدي بن حارث الحسيني المرعشي، عن الشيخ الصدوق أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمي رحمه اللّه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الأسترآبادي (4).
و ساق ما هو الموجود في صدر التفسير ثم قال: أقول: و في بعض النسخ في أول السند هكذا: قال محمّد بن علي بن محمّد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان و أبو محمّد جعفر بن احمد بن علي القمي رحمهما اللّه قالا: حدثنا الشيخ الفقيه1.
ص: 191
أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، الي آخر ما مرّ (1).
قلت: كذا في نسختي، و فيها: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن القاسم الأسترآبادي الخطيب.
و في العيون في موضع: حدثني محمّد بن أبي القاسم المعروف بابي الحسن الجرجاني، و في موضع آخر: محمّد بن القاسم المعروف بابي الحسن الجرجاني، و تأتي الإشارة إلي أسامي جماعة أخري من العلماء الاعلام شاركوهم في الاعتماد عليه (2).
إذا عرفت ذلك فنقول: قال في الخلاصة: محمّد بن القاسم أو أبي القاسم المفسّر الأسترآبادي روي عنه أبو جعفر بن بابويه، ضعيف كذّاب، روي عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين، أحدهما يعرف بيوسف بن محمّد ابن زياد، و الآخر بعلي بن محمّد بن يسار، عن أبويهما (3)، عن أبي الحسن الثالث (عليه السّلام)، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه، بأحاديث من هذه المناكير، انتهي (4).
و لم يسبقه فيما بأيدينا من الكتب الرجالية و الحديث احد سوي الغضائري (5)، و لم يلحقه أيضا أحد سوي المحقق الداماد، فإنه قال في شارع النجاة في مبحث الختان:
و در أصول اخبار أهل البيت (عليهم السلام) وارد است كه در زمان حرب معاوية زمين نجو أمير المؤمنين (عليه السلام) را ابتلاع نموده است.5.
ص: 192
«و در تفسير مشهور عسكري (عليه السّلام)- كه بمولاي ما صاحب العسكر منسوبست- حديثي مطوّل مشتمل بر حكايت آن حال علي التفصيل مذكور شده، و من مي گويم: صاحب آن تفسير- چنانچه محمّد بن علي بن شهرآشوب رحمه اللّه در معالم العلماء آورده و من در حواشي كتاب نجاشي و كتاب رجال الشيخ تحقيق كردم- حسن بن خالد برقي است برادر ابي عبد اللّه محمّد ابن خالد برقي و عم أحمد ابن ابي عبد اللّه برقي و باتفاق علماء ثقة و مصنّف كتب معتبره بوده است.
در معالم العلماء گفته: و هو أخو محمّد بن خالد، من كتبه تفسير العسكري من إملاء الإمام (عليه السّلام)، و اما تفسير محمّد بن القاسم، كه از مشيخۀ روايت ابي جعفر بن بابويه است علماء رجال او را ضعيف الحديث شمرده اند، تفسيريست كه آن را از دو مرد مجهول الحال روايت كرده، و ايشان بأبي الحسن الثالث الهادي العسكري (عليه السّلام) اسناد كرده اند و قاصران نا متمهران اسناد را معتبر مي پندارند و حقيقت حال آن كه تفسير موضوع، و بأبي محمّد سهل بن أحمد الديباجي مسند و بر مناكير احاديث و اكاذيب اخبار محتوي و منطوي و اسناد آن بامام معصوم مختلق و مفتريست، انتهي» (1).».
ص: 193
و لم يزد علي ما في الخلاصة (1) شيئا، و ما في الخلاصة مأخوذ بعينه من الغضائري كما يظهر من نقد الرجال (2).
و قد أكثر المحققون من الطعن فيه و الإيراد عليه بوجوه نذكرها مع ما عندنا:
الأول: ما قرّر في محلّه من ضعف تضعيفات الغضائري و عدم الاعتماد عليه.
الثاني: أن الصدوق الآخذ عن محمّد بن القاسم المصاحب له، الذي قد أكثر من النقل عنه من هذا الكتاب في أكثر كتبه، و ما يذكره الّا و يعقبه بقوله:
رضي اللّه عنه، أو رحمه اللّه، و قد يذكره مع كنيته، كيف خفي عليه ضعفه و كذبه، و عرفه الغضائري بعد قرون.
الثالث: كيف خفي كذبه و ضعفه علي الجماعة الذين رووا هذا التفسير- الموضع بزعم الغضائري- عن الصدوق؟ و هم: محمّد بن أحمد بن شاذان والد أحمد شيخ الكراجكي كما مر، و جعفر بن أحمد شيخ القميين في عصره، صاحب الكتب الكثيرة كما تقدم في الفائدة الثانية في حال كتبه الأربعة (3)، و هو أيضا شيخ الصدوق (4) كما يأتي، و الحسين بن عبيد اللّه الغضائري كما في إجازة الكركي، و الجليل محمّد بن احمد الدوريستي كما مرّ، و نصّ عليه الطبرسي فية.
ص: 194
الاحتجاج (1).
الرابع: أن التفسير منسوب إلي أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) لا والده أبي الحسن الثالث (عليه السّلام).
الخامس: أن سهل الديباجي و أباه غير داخلين في سند هذا التفسير، و لم يذكرهما احد فيه، فنسبة الوضع اليه كذب و افتراء، كلّ هذا يكشف عن الاختلاط المسقط للكلام عن الاعتبار.
السادس: أن الطبرسي نص في الاحتجاج أن الراويين من الشيعة الإمامية (2)، فكيف يقول (3): يرويه عن رجلين مجهولين؟
و العجب أن المحقق الداماد نسب الذين اعتبروا السند و اعتمدوا علي التفسير و هم: جده المحقق الثاني، و الشهيد الثاني، و القطب الراوندي، و ابن شهرآشوب، و الطبرسي، و غيرهم الي القصور و عدم التمهر (4)، مع عدم تأمّله في هذه الاشتباهات الواضحة في كلام الغضائري و الخلاصة، فاقتحم فيها من حيث لا يعلم بل زاد عليها.
السابع: نسبة التضعيف الي علماء الرجال مع انه ليس في الكشي و النجاشي و الفهرست و رجال الشيخ ذكر له أصلا، و هذه الأصول الأربعة هي العمدة في هذا الفن، و المضعّف منحصر في الغضائري، و اما الخلاصة فهو ناقل لكلامه و ان ارتضاه، و الناظر يتوهم في كلامه غير ما هو الواقع فلا يخلو من نوع تدليس.
الثامن: ظنّه أن التفسير الذي رواه الأسترآبادي غير التفسير الذي رواها.
ص: 195
الحسن البرقي، و هو توهم فاسد، فان ابن شهرآشوب الذي هو الأصل في نسبته إلي البرقي ينقل في مناقبه عن التفسير الموجود الذي رواه الأسترآبادي في مواضع- كما لا يخفي علي من راجعها- مصدّرا بقوله: تفسير الإمام أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السّلام) (1)، فهو معتبر عنده معتمد عليه، فان كان هو غير ما رواه البرقي لزم أن يكون هناك تفسيران معتبران كلاهما من إملاء الإمام (عليه السّلام)، و لا أظن أحدا يلتزم به، فلا بد من الاتحاد و تعدّد الراوي، فالحسن اما كان حاضرا في مجلس الإملاء أو رواه عن أحدهما أو كليهما، بل الجماعة الذين أشرنا إلي أساميهم كلّهم ينقلون من الموجود الذي رواه الأسترآبادي.
التاسع: ان حديث النجو (2) الذي أشار إليه موجود في هذا التفسير (3) و ذكر مختصره بعبارته ابن شهرآشوب في المناقب (4) فراجع.
العاشر: الحكم بوجود المناكير و الأكاذيب فيه تبعا للغضائري، فيا ليته أشار الي بعضها، نعم فيه بعض المعاجز الغريبة و القصص الطويلة التي لا توجد في غيره، و عدّها من المنكرات يوجب خروج جملة من الكتب المعتمدة عن حريم حدّ الاعتبار، و ليس فيه شي ء من اخبار الارتفاع و الغلوّ ابدا.
فقول السيد الفاضل المعاصر أيّده اللّه- في ضمن شرح حال الفقه الرضوي، و جرحه بعد الحكم بعدم كونه موضوعا، و عدم وجود اخبار الغلوّ فيه- ما لفظه: (بخلاف غيره ممّا نسب إلي الأئمة (عليهم السلام)، كمصباح الشريعة المنسوب الي مولانا الصادق (عليه السّلام)، و تفسير الامام المنسوب9.
ص: 196
الي سيّدنا أبي محمّد العسكري (عليه السّلام)، فان من أمعن النظر الي تضاعيفهما اطّلع علي أمور عظيمة مخالفة لأصول الدين و المذهب، مغايرة لطريقة الأئمة (عليهم السلام)، و سياق كلماتهم) (1).
شطط من القول، و جزاف من الكلام، كما لا يخفي علي من راجع ما حقّقناه في الفائدة الثانية في حال مصباح الشريعة (2).
و التمسك بعدم صحّة الطريق اولي من التشبث بما يتشبّث به الغريق، و كيف يخفي علي الصدوق- و هو رئيس المحدثين- مناكير هذا التفسير مع شدّة تجنّبه عنها، و معرفته بها، و أنسه بكلامهم (عليهم السلام)، و قربه بعصرهم (عليهم السلام)، و عدّه من الكتب المعتمدة و ولوعه في إخراج متون أحاديثه، و تفريقها في كتبه؟
و ما أبعد ما بينه و بين ما تقدم عن التقي المجلسي في الشرح من قوله:
و من كان مرتبطا بكلام الأئمة (عليهم السلام) يعلم انه كلامهم (3).
نعم قصّة المختار مع الحجاج المذكورة فيه (4) ممّا يخالفه تمام ما في السير و التواريخ، من انّ المختار قتله مصعب الذي قتله عبد الملك، الذي وليّ الحجاج علي العراق بعد ذلك، لكنّه لا يوجب عدم اعتبار التفسير، و الّا لزم عدم اعتبار الكافي، فإنّ ثقة الإسلام روي فيه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: ان يزيد بن معاوية دخل المدينة و هو يريد الحجّ، فبعث الي رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد: أ تقرّ لي انّك عبد لي ان5.
ص: 197
شئت بعتك و ان شئت استرققتك؟ فقال له الرجل: و اللّه ما أنت بأكرم منّي في قريش حسبا، و لا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية و الإسلام، و لا أنت بأفضل منّي في الدين، و لا بخير مني، فكيف أقرّ لك بما سألت؟! فقال له يزيد: ان لم تقرّ لي و اللّه قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إيّاي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ابن رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، فأمر به فقتل.
ثم أرسل الي علي بن الحسين (عليهما السلام)، فقال له مثل مقالته للقرشي، فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): أ رأيت إن لم أقرّ لك أ ليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه اللّه: بلي، فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك و ان شئت فبع، فقال له يزيد لعنه اللّه: اولي [لك]، حقنت دمك و لم ينقصك ذلك من شرفك.
و جعل- رحمه اللّه- لهذا الخبر عنوانا في الروضة فقال: حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) مع يزيد لعنه اللّه (1).
هذا و اتفق أهل السير و التواريخ علي خلافه، قال في البحار: و اعلم ان في هذا الخبر اشكالا، و هو أنّ المعروف في السير أنّ هذا الملعون لم يأت المدينة بعد الخلافة، بل لم يخرج من الشام حتي مات و دخل النار.
فنقول مع عدم الاعتماد علي السير، لا سيّما مع معارضة الخبر: يمكن ان يكون اشتبه علي بعض الرواة، و كان في الخبر أنه جري ذلك بينه (عليه السلام) و بين من أرسله الملعون لأخذ البيعة، و هو مسلم بن عقبة (2)، ثم نقل8.
ص: 198
ما في كامل الجزري (1) ممّا وقع بينه و بين مسلم، و كلّما ذكره رحمه اللّه يجري في الخبر المتقدم.
و بالجملة: فالذي عليه المحققون كالاستاذ الأكبر في التعليقة (2)، و المحقق البحراني الشيخ سليمان في الفوائد النجفيّة (3)، و المجلسيّين (4)، و الفاضل النحرير المولي محمّد جعفر بن محمّد طاهر الخراساني في اكليل الرجال فقال عند قول الخلاصة: و التفسير موضوع الي آخره، خرّج من هذا التفسير أصحابنا كابن بابويه و غيره ممّن التزم ان لا يذكر في كتابه إلّا ما صحّ عن الأئمة (عليهم السلام)، انتهي (5).
و الحر العاملي و المحدث الجزائري و المحدث التوبلي و العالم الجليل الحسن ابن سليمان الحلي تلميذ الشهيد الأول قال في كتاب المحتضر: و ممّا يدلّ علي رؤية المحتضر النبيّ و عليا و الأئمة (عليهم السلام) عند الموت ما قد جاء في تفسير الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام).
ثم نقل عنه الخبرين و قال: هذان الحديثان يصرّحان برؤية المحتضر محمّدا و عليا و غيرهما صلوات اللّه عليهما (6)، ليس للشك فيها مجال، و كيف يقع الشك في مثل هذه الأحاديث المجمع عليها التي يروونها عن الأئمة (عليهم السلام) جماعة علماء الإمامية. الي آخره (7).
و قال في موضع آخر: و من كتاب التفسير المنقول برواية محمّد بن بابويه3.
ص: 199
عن رجاله عن الامام الحسن العسكري عليه الصلاة و السلام قوله عزّ و جلّ:
وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّٰا بِاللّٰهِ. (1)، و نقل حديثا طويلا ثم قال: و من التفسير الشريف قوله: وَ إِذٰا لَقُوا الَّذِينَ. (2)، الي آخر ما في هذا الكتاب اللطيف ممّا يدل علي غاية اعتماده علي هذا التفسير الشريف (3).
و المولي الجليل الشيخ عبد علي الحويزاوي صاحب نور الثقلين.
و خاتمة المحدثين و المحققين المولي أبو الحسن الشريف و غيرهم.
فانقدح من جميع ما ذكرنا ان هذا التفسير داخل في جملة الكتب المعتمدة التي أشار إليها الصدوق في أوّل الفقيه (4)، و اللّه العالم.
الحسين بن إبراهيم رضي اللّه عنه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عنه (5).
الحسين من مشايخه الذين يروي عنهم مترضيا مترحما مع ان طريقه الي عليّ غير منحصر فيه.
و في النجاشي (6) و الخلاصة: عمرو بن عثمان الثقفي الخزّاز، و قيل الأزدي أبو علي كوفي ثقة، روي عن أبيه، عن سعيد بن يسار، و له ابن اسمه محمّد روي عنه ابن عقده، و كان عمرو بن عثمان نقي الحديث صحيح الحكايات (7).
ص: 200
فالسند صحيح علي الأصح مع انه يروي عن عمرو: أحمد البرقي (1)، و الحسن بن علي بن فضّال (2)، و للمشايخ إليهما طرق صحيحة.
و في النجاشي (3) و الخلاصة: محمّد بن القاسم بن الفضيل بالياء بعد الضاد ابن يسار النهدي ثقة هو و أبوه و عمّه العلاء و جدّه الفضيل (4).
فالخبر صحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عنه (5).
السند صحيح علي الأصح، و محمّد بن قيس هو أبو عبد اللّه البجلي الكوفي الثقة العين، صاحب كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) كما في النجاشي، و فيه و في الفهرست: ان عاصم يرويه عنه (6).
فظهر انه المراد هنا لا غيره ممّن شاركه في اسم الأب، فالخبر صحيح بالاتفاق لوجود الطريق الصحيح للشيخ الي الصدوق الي عاصم.
عن المظفر بن جعفر ابن المظفر العلوي العمري رضي اللّه عنه، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود العياشي رضي اللّه عنه (7).
ص: 201
قال الشيخ في من لم يرو عنهم (عليهم السلام): المظفر بن جعفر بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد ابن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، روي عنه التلعكبري اجازة كتب العياشي محمّد بن مسعود بن محمّد بن عياش السلمي، عن ابنه جعفر ابن محمّد، عن أبيه أبي النضر يكني أبا طالب (1).
و بينه و بين ما في المشيخة مخالفة في والد جعفر الذي في من لم يرو عنهم (عليهم السلام).
[و] هو جعفر الملك الملتاني في عمدة الطالب (2)، و امّا جعفر (بن) (3) الملك بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن الاطرف، و كان قد خاف بالحجاز فهرب في ثلاثة عشر رجلا من صلبه، فما استقرت به الدار حتي دخل الملتان فلما دخلها فزع اليه أهلها و كثير من أهل السواد و كان في جماعة قوي بهم علي البلد حتي ملكه و خوطب بالملك و ملك أولاده هناك، الي آخر ما قال (4)، و مثله غيره.
فالظاهر وقوع التحريف في كلام الصدوق، و الصحيح المظفّر بن جعفر بن محمّد.
و لكن في الأمالي للشيخ المفيد: أخبرني الشريف أبو عبد اللّه محمّد بن الحسين الجواني، قال: أخبرني أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري عن جعفر بن محمّد بن مسعود (5). إلي آخره.
و كيف كان فهو من مشايخ الصدوق و الشيخ العديم النظير التلعكبري6.
ص: 202
و بتوسطه يرويان كتب العياشي و يعتمدان عليه- و قد مرّ استفادة الوثاقة من ذلك- و الشريف أبو عبد اللّه محمّد شيخ المفيد.
أو نقول كتب العياشي الجليل المعروف ما كانت تحتاج في صحّة انتسابها إليه إلي الواسطة فهو شيخ اجازة للرواية، فلا يضر الجهل بحاله كما عليه جماعة.
مع ان الراوي عن العياشي غير منحصر في ابنه، و الراوي عن ابنه غير منحصر في العلوي العمري، ففي النجاشي بعد ذكر كتبه: أخبرني أبو عبد اللّه ابن شاذان القزويني، قال: أخبرنا حيدر بن محمّد بالسمرقندي، قال: حدثني محمّد بن مسعود (1).
و في الفهرست- بعد ذكرها-: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي بجميع كتبه و رواياته (2).
و في من لم يرو عنهم (عليهم السلام) جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي فاضل روي عن أبيه جميع كتب أبيه، روي عنه أبو المفضل الشيباني (3)، ثم0.
ص: 203
انّهم صرّحوا ان الكشي من غلمان العياشي و أخذ عنه العلم (1).
و في النجاشي في ترجمته: أخبرنا أحمد بن [علي] (2) بن نوح و غيره، عن جعفر بن محمّد، عنه (3)، و في الفهرست: أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون ابن موسي، عن محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي (4).
فانقدح من جميع ذلك استفاضة الطرق الي كتبه و صحّة بعضها، و امّا العياشي فهو من عيون هذه الطائفة و رئيسها و كبيرها جليل القدر عظيم الشأن واسع الرواية و نقّادها و نقّاد الرجال.
علي بن احمد بن عبد اللّه بن احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه محمّد بن خالد البرقي، عن العلاء بن رزين، عنه (5).
علي من مشايخه و هو و أبوه غير مذكورين، فالسند ضعيف علي المشهور الّا انّه يمكن الحكم بصحة طريقه الي محمّد بن مسلم من وجوه:
الأول: ان طريقه الي أحمد البرقي صحيح- كما مرّ (6) - بل و له اليه طرق كثيرة كما يظهر من مطاوي أسانيده و أظنّه- رحمه اللّه- يتفنّن بذكر مشايخه.
الثاني: ان له طرقا صحيحة كثيرة الي العلاء- كما مرّ (7) - فلا يضرّ ضعفه بهذا السند.
الثالث: ان الشيخ و ان لم يذكر محمّد بن مسلم في الفهرست و المشيخة،
ص: 204
الّا انّه يظهر من التهذيب في مواضع منها في باب كيفيّة الصلاة ان طريقه إليه:
بإسناده عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزّاز، عنه (1).
و بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عنه (2).
و عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عنه (3).
و بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد، عن الحسين- يعني ابن سعيد-، عن صفوان بن يحيي، عن حريز، عنه (4). و هذه الطرق كلّها صحيحة فلا محلّ للتشكيك في صحّة السند.
محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن محمّد بن سنان، عنه (5).
السند صحيح علي الأصح من وثاقة محمّد بن سنان.
و اما محمّد بن منصور فمشترك بين جماعة الثقة منهم في النجاشي (6) و الخلاصة: محمّد بن منصور بن يونس [بزرج] (7) معرب [بزرك] (8) و صرّح في
ص: 205
العدّة (1) بأنه المراد، و استظهره الشارح و ان احتمل غيره من المجاهيل (2)، و الحق هو الأول إذ ليس لغيره كتاب فيذكر ليذكر الطريق اليه.
محمّد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير و الحسن بن محبوب جميعا، عنه (3).
السند صحيح علي الأصح من وثاقة ابن هاشم.
و ابن النعمان هو أبو جعفر الأحول الملقب بمؤمن الطاق الثقة الجليل كما صرّح به في العدّة (4)، و الجامع (5)، و الخلاصة (6)، و احتمل- ضعيفا- ان يكون احد المجهولين (7)، المذكورين في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8):
الأزدي الكوفي أو الحضرمي الكوفي، و عليه أيضا فالخبر صحيح لرواية ابن أبي عمير عنه أو في حكمه لأنّه و ابن محبوب من أصحاب الإجماع.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عنه (9).
ص: 206
السند صحيح بما مرّ في (يا) (1) و (يد) (2)، و لكن الكرماني مجهول غير مذكور إلّا في أصحاب الجواد (عليه السّلام) من رجال الشيخ (3)، إلّا انه يظهر من بعض القرائن أنه بعينه محمّد بن الوليد أبو جعفر الخزّاز الكوفي الذي في النجاشي:
ثقة عين نقيّ الحديث و له كتاب (4)، و الكشي و ان جعله فطحيّا الّا انه قال انه من اجلّة العلماء و الفقهاء و العدول (5). و هي أمور:
أ- ان الصدوق لم يذكر في المشيخة غير واحد و من البعيد غايته ان يترك الثقة الجليل الكثير الرواية و يذكر من لا ذكر له (6).
ب- ان الخزّاز الكوفي صاحب كتاب معروف ذكره النجاشي (7)، و الفهرست (8) و ذكر الطريق اليه فهو اولي بالذكر و الآخر لا كتاب له.
ج- ان الشيخ قال في رجاله: محمّد بن الوليد الخزّاز الكرماني (9)، و لم يذكر غيره و لا يمكن عادة ان يترك الثقة الجليل و يذكر مجهولا لا ذكر له، فيعلم انه هو، و الظاهر انّ ما حققناه هو ما جزم به المحقق الميرزا في المنهج (10)، و التلخيص (11)، و السيد في النقد (12)، فإنّهما لم يذكرا غير الخزّاز الكوفي، و لولا9.
ص: 207
جزمهما بالاتحاد لذكرا الكرماني أيضا لشدّة حرصهما علي ضبط ما في تلك الأصول، و الشارح جعله محتملا، قال: و ان أمكن ان يكون هذا- يعني الجليل الخزاز- موصوفا بالكرماني بان يكون سكن كرمان، و يؤيّده وصفه الشيخ بالخزاز، و الطبقة واحدة لأن أحمد البرقي و إبراهيم بن هاشم في طبقة واحدة (1).
قلت: ذكر النجاشي (2)، و الفهرست (3) في موضع ان الراوي لكتاب الخزاز أحمد البرقي و في موضع رواه بسنده الي الصفار عنه (4)، و يظهر من الأسانيد انه يروي عن محمّد بن الوليد: علي بن الحسن بن فضّال (5)، و سهل ابن زياد (6)، و سعد بن عبد اللّه (7)، و الحميري (8)، و محمّد بن احمد بن يحيي (9)، و عمران بن موسي (10) و كلّهم في طبقة ابن هاشم، ثم قال الشارح:
و الظاهر ان العلّامة أيضا هكذا فهم لوصفه حديثه بالصحة، و ان احتمل ان يكون مراده الطريق فقط (11).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي، عن زكريا المؤمن، عنه (12).
ص: 208
الذي يظهر من الشارح (1)، و الكاظمي (2) و غيرهما انّ المراد بزكريا المؤمن هو الموجود في النجاشي (3)، و الخلاصة: زكريا بن محمّد أبو عبد اللّه المؤمن روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن [موسي] (عليهما السلام) و لقي الرضا (عليه السلام) و حكي عنه ما يدلّ علي انه كان واقفيّا و كان مختلط الأمر في حديثه (4).
و عليه: فالسند ضعيف و ربّما يستبعد ضعفه برواية ابن [بقاح] (5) عنه كثيرا (6)، و موسي بن القاسم البجلي (7)، و حميد بن زياد (8)، و علي بن الحكم (9)، و الحسن ابن محمّد بن سماعة (10)، و احمد بن إسحاق (11)، و محمّد بن بكر بن جناح (12)، و إبراهيم ابن أبي سمال (13).
و هؤلاء كلّهم ثقات إثبات و ان كان بعضهم واقفيا، و يبعد ان يجتمعوا علي الرواية عن غير الثقة الضابط، فالظاهر عدّ السند موثقا.8.
ص: 209
و من المحتمل ان يكون المراد من زكريا المؤمن هو زكريا بن آدم الثقة الجليل المعروف القمي، لا زكريا بن محمّد، في آخر الجزء الخامس عشر من أمالي أبي علي الطوسي: عن والده، عن الغضائري، عن التلعكبري، عن ابن عقدة، قال: حدثنا محمّد بن خالد البرقي، قال: حدثنا زكريا المؤمن- و هو ابن آدم القمي الأشعري-، عن إسحاق بن عبد اللّه بن سعيد بن مالك الأشعري، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول. الخبر (1).
و منه يظهر ان هذا اللقب له حيث يطلق كما هنا، و في التهذيب في باب عقد المرأة علي نفسها النكاح (2) و في باب الزيادات في فقه النكاح (3)، و يؤيّده ان الغالب في الأسانيد التعبير عن الأول بزكريا بن محمّد أو مع الأزدي أو أبي عبد اللّه المؤمن، و الطبقة أيضا لا تنافي ذلك و اللّه العالم.
و امّا محمّد بن يحيي ففي النجاشي (4) و الخلاصة: ثقة (5)، و يروي عنه ابن أبي عمير (6)، و ابن سماعة (7)، و عبد اللّه بن المغيرة (8)، و الحسين بن سعيد (9)، و احمد بن محمّد بن عيسي (10)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (11)، و الحسن1.
ص: 210
ابن محبوب (1)، و القاسم بن محمّد (2)، و العباس بن عامر (3)، و أبو إسماعيل السراج عبد اللّه بن عثمان (4).
و بالجملة فذكره النجاشي، و في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5)، و الفهرست (6)، و الخلاصة و وثقوه و لم يتعرضوا لمذهبه، إلّا انّ في الاستبصار في باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام بعد ذكر روايتين: عن محمّد بن يحيي الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: فالوجه في هذين الخبرين و ان كان أصلهما واحدا و هو محمّد بن يحيي الخثعمي و هو عامي و مع ذلك. إلي آخره (7).
و ذكرهما أيضا في التهذيب و ردّه بالاضطراب فإنه يرويه عنه (عليه السلام) في أحدهما بالواسطة و في الآخر بدونها ثم اوّله كما في الاستبصار و لم يطعن عليه بالعاميّة (8).
و يبعد عاميّته- مضافا الي ما تقدم- ما رواه فيه بإسناده: عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن محمّد بن يحيي الخثعمي، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) انه قال: أتاني رجلان أظنّهما من أهل الجبل فسألني أحدهما عن الذبيحة؟ فقلت في نفسي: و اللّه لا برد لكما علي ظهري (9) لا تأكل، قالع.
ص: 211
محمّد: فسألته انا عن ذبيحة اليهودي و النصاري؟ فقال: لا تأكل منه (1)، و فيه من الدلالة علي عدم عاميّته ما لا يخفي، و بالجملة: فالخبر صحيح أو في حكمه.
محمّد بن عصام الكليني و علي بن احمد بن موسي و محمّد بن أحمد السناني رضي اللّه عنهم، عن محمّد بن يعقوب الكليني، و كذلك جميع الكافي فقد رويته [عنهم، عنه] (2)، عن رجاله (3).
الثلاثة من مشايخه الذين يذكرهم كثيرا مترضّيا، و يروي الكافي عن مؤلّفه جلّ من في هذه الطبقة من الأجلّاء، قد أشرنا إلي أساميهم في آخر ترجمته في الفائدة الثالثة (4) فلا حاجة الي التطويل في الكلام.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (5).
السند صحيح علي الأصح.
ص: 212
و اما مرازم بن حكيم المدايني مولي الأزد فثقة في النجاشي (1)، و الخلاصة (2)، و أصحاب الكاظم (عليه السلام) (3) و هو عمّ علي بن حديد، و يروي عنه: ابن أبي عمير (4)، و جميل بن درّاج (5)، و حماد بن عثمان (6)، و احمد بن محمّد بن أبي نصر (7)، و حريز (8)، و يونس بن عبد الرحمن (9)، و صفوان (10)، و علي بن حديد (11)، و الكاهلي (12) فهو معدود من الأجلّاء.
و في الكافي بإسناده عن محمّد بن عمرو الكوفي- أخي يحيي-، عن مرازم ابن حكيم، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: ما تنبّأ نبيّ قطّ حتي يقرّ للّه بخمس: البداء، و المشيّة، و السجود، و العبودية، و الطاعة (13).
أبوه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن احمد بن يحيي، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عنه (14).
السند صحيح الي سهل الذي صعب أمره علي ائمة الجرح و التعديل
ص: 213
فضعّفه بعضهم و هو المشهور، و زكاه آخرون و هم جمع من المحققين، و يظهر بعد التأمل ان حاله كحال اخوانه الذين ابتلوا بما ابتلي به مثل جابر و المفضّل و محمّد ابن سنان، و الكلام فيه طويل و قد أفرده بالتأليف السيد المعظم صاحب مطالع الأنوار (1) طاب ثراه.
و نحن نذكر خلاصة ما قيل أو يمكن ان يقال فيه مدحا و قدحا:
امّا الأول: فهي أمور:
أ- قول الشيخ في أصحاب الهادي (عليه السّلام) من رجاله: سهل الآدمي يكني أبا سعيد ثقة رازي (2)، و قد ألفه (3) بعد تأليف الفهرست، لقوله في ترجمة الصدوق (4) و الكليني (5) و العياشي (6): إني ذكرت كتبهم في الفهرست (7)، و يعلم من التهذيب (8) أيضا ان بناءه كان علي ذلك (9).
فإنه- رحمه اللّه- كما نصّ عليه الأستاذ الأكبر: كثيرا ما يتأمّل في أحاديث جماعة بسببهم، و لم يتفق له في كتبه مرّة ذلك في حديث بسببه، بل و في خصوص الحديث الذي هو واقع في سنده ربّما يطعن بل و يتكلف في الطعن من غير جهة و لا يتأمّل فيه أصلا (10).
و من هنا يظهر ضعف ما في تكملة الكاظمي من ان الشيخ ذكر في أول7.
ص: 214
كتابيه (1): ان المنشأ في تصنيفهما هو اختلاف الاخبار، و رفع التناقض الظاهر بينهما، و مقتضي ذلك جمع جميع ما ورد عنهم من غير التفات إلي أنّه معتمد وثقه، فروايته عن الرجل لا [تقتضي] (2) الوثاقة و الاعتماد (3). إلي آخره.
وجه الظهور: ان التمسك ليس بمجرد ذكره خبرا هو في سنده بل بعدم الطعن فيه في محلّ كان عليه الطعن علي السند بسببه لو كان مطعونا، كما طعن في سند حديث العدد (4) بمحمد بن سنان الموجود فيه، و بحديث من فاته الوقوف بالمشعر (5) بوجود محمّد بن يحيي الخثعمي في سنده و هو عامي و هكذا.
ب- انه ممّن يروي [عن] (6) ثلاثة من الأئمة (عليهم السلام)، و هم:ظ.
ص: 215
الجواد و الهادي و العسكري (عليهم السلام) كما يظهر من ذكره في رجال الشيخ في الأبواب الثلاثة (1)، و قال أبو عمرو الكشي في رجاله: في سهل بن زياد الآدمي أبي سعيد، قال نصر بن الصباح: سهل بن زياد الرازي أبو سعيد الآدمي يروي عن أبي جعفر و أبي الحسن و أبي محمّد صلوات اللّه عليهم (2)، و لم يذكر في ترجمته غير هذا.
و لا يخفي علي من أنس بكلماتهم انّهم يذكرون ذلك في مقام مدح الراوي و علوّ مقامه، و إذا لوحظ مع ذلك انه لم يرد فيه طعن من أحدهم (عليهم السلام) كما ورد منهم الطعن و الذم و اللعن في حقّ جماعة من الغلاة و الكذابين في هذه الطبقة- مع انه كان معروفا مشهورا يروي عنهم (عليهم السلام)- كانت دلالته علي المدح القريب من الوثاقة ظاهرة.
ج- ما في النجاشي قال: و قد كاتب أبا محمّد العسكري (عليه السّلام) علي يد محمّد بن عبد الحميد العطار للنصف من شهر ربيع الآخر سنة خمس و خمسين و مائتين، ذكر ذلك [احمد بن علي] (3) بن نوح و احمد بن الحسين رحمهما اللّه انتهي (4).
و هذه المكاتبة هي ما رواه الصدوق في الباب (6) من كتاب التوحيد:
عن احمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، انه قال:
كتبت الي أبي محمّد (عليه السّلام) سنة خمس و خمسين و مائتين: قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم و منهم من يقول صورة،0.
ص: 216
فإن رأيت يا سيدي ان تعلّمني من ذلك ما أقف عليه و لا أجوزه فكنت (1) متطوّلا علي عبدك؟ فوقع (عليه السّلام): سألت عن التوحيد و هذا عنكم معزول، اللّه واحد احد، صمد، لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا احد، خالق ليس بمخلوق، يخلق تبارك و تعالي ما يشاء من الأجسام و غير ذلك، و يصوّر ما يشاء، و ليس بمصوّر، جلّ ثناؤه، و تقدست اسماؤه، [و] (2) تعالي عن ان يكون له [شبيه] (3) هو لا غيره ليس كمثله شي ء، و هو السميع البصير (4).
و رواه الكليني في الكافي: عن علي بن محمّد و محمّد بن الحسن، عن سهل مثله (5).
قال السيد المعظم في الرسالة: و لا يخفي انّ فيه دلالة علي مدحه من وجوه: منها كونه ممّن كاتب أبا محمّد العسكري (عليه السلام) لا سيّما علي يد محمّد بن عبد الحميد الذي وثقه النجاشي (6)، و العلامة (7) فقالا: انّه كان ثقة من أصحابنا الكوفيين. إلي آخره (8).
قلت: وجه الخصوصيّة، أن سند المكاتبة يصير حينئذ صحيحا فان كونه علي يده لم يثبت من طرف سهل، بل لاخبار الثقتين الجليلين كما في النجاشي (9) و يخرج الخبر أيضا عن مناقشة كون سهل راوي مدحه، فمكاتبته إيّاه (عليه0.
ص: 217
السلام)، و سؤاله عن مسائل التوحيد، و اعتناؤه (عليه السّلام) بجوابه بخطّه المبارك لا يجتمع قطعا مع ما نسب اليه من الغلوّ و الكذب كما يأتي.
و اعلم ان كلمة أئمة الرجال متفقة علي ان أحمد بن محمّد بن عيسي لقي الرضا (1)، و الجواد (2)، و الهادي (3) (عليهم السلام)، و لم يذكره أحد في أصحاب أبي محمّد العسكري (عليه السّلام)، و وفاة الهادي (عليه السلام) كانت سنة أربع و خمسين بعد المائتين، فتكون وفاة احمد فيها أو قبلها (4) فتكون المكاتبة بعد وفاة احمد الذي إليه ينتهي ما نسب الي سهل من أسباب الضعف، فلو سلم اصابته فيما فعل به و قال فيه لكانت المكاتبة ناسخة لهما، فكيف لو ظهر خطؤه فيهما كما ستعرف؟
و في التهذيب في باب الوصيّة المبهمة، بإسناده إلي سهل بن زياد، قال:
كتبت الي أبي محمّد (عليه السّلام): رجل كان له ابنان فمات أحدهما- الي ان قال-: فوقع (عليه السلام): ينفذون فيها وصيّة أبيهم علي ما سمّي، فان لمظ.
ص: 218
يكن سمّي [شيئا] ردّوها الي كتاب اللّه عزّ و جلّ إن شاء اللّه (1)، و ذكر طريقه إليه في المشيخة (2) كما يأتي (3).
د- رواية اجلّة هذه الطبقة عنه، مثل الشيخ الجليل الفضل بن شاذان كما يأتي (4)، و شيخ الأشعريين محمّد بن يحيي العطار (5)، و شيخ أصحابنا و وجههم بقم الحسن بن متّيل القمي كما في كامل الزيارات في باب فضل زيارة المؤمنين (6)، و في باب ان الحائر من المواضع التي يحبّ اللّه ان يدعي فيها (7)، و في باب فضل كربلاء (8)، و في باب الإتمام عند قبر الحسين (عليه السلام) (9).
و محمّد بن الحسن الصفار كما في التهذيب في باب المسنون من الصلاة (10)، و في الفقيه في باب الرجل يوصي وصيّته فينساها الوصي (11).
و في توحيد الصدوق عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه، قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمّد، قال: كتبت الي أبي الحسن (عليه السّلام)، الخبر (12).3.
ص: 219
و بهذا الاسناد، عن سهل، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد ابن زيد، قال: جئت الي الرضا (عليه السّلام) اسأله عن التوحيد، الخبر (1).
و علي ما ذكره جماعة من كونه داخلا في عدّة ثقة الإسلام فروايته عنه لا تحصي و لكن عرفت ضعفه في الفائدة السابقة (2).
و محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في باب حكم الظهار (3).
و علي بن إبراهيم في الكافي في باب الرجل يدخل يده في الإناء قبل ان يغسلها (4).
و أبو [الحسين] (5) محمّد بن جعفر الأسدي كثيرا (6)، و محمّد بن قولويه (7)، و محمّد بن الحسن بن الوليد أو ابن علي بن مهزيار (8).ظ.
ص: 220
و أبو الحسن علي بن محمّد بن إبراهيم الرازي المعروف بعلّان (1)، بل و ثقة الإسلام الكليني كما في التهذيب في باب الزيادات بعد باب الصلاة (2)، و في آخر باب الطواف أيضا (3)، و في الكافي في آخر باب الخواتيم: سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسي (4)، و السند الذي قبله: عدّة من أصحابنا عن احمد ابن محمّد بن خالد- الي آخره-، و هكذا الي ثلاثة أحاديث ليس في سندها سهل، فيظهر منه انّه رواه عنه بلا واسطة.
و في باب حدّ حفر القبر و اللحد و الشق اوّله: سهل بن زياد، قال:
روي أصحابنا ان حدّ القبر إلي الترقوة، و قال بعضهم: إلي الثدي، و قال بعضهم: قامة الرجل حتي يمدّ الثوب علي رأس من في القبر، و امّا اللحد فبقدر ما يمكن الجلوس، قال: و لمّا حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة، الخبر (5).
[و فيه]: سهل عن بعض أصحابه عن أبي همام. إلي آخره (6)، و يظهر منه مضافا الي روايته عنه غاية اعتماده عليه، و لا يخفي أن الطبقة لا تنافي2.
ص: 221
ذلك كما لا تنافي بين روايته عنه بلا واسطة و بين روايته عنه في الغالب مع الواسطة، فقول صاحب الجامع: - بعد نقل ما في التهذيب- و هو مرسل، لانه كلّما روي عن سهل روي بواسطة عدّة من أصحابنا، أو علي بن محمّد، أو محمّد بن أبي عبد اللّه، أو غيرهم (1)، في غير محلّه.
و احمد بن أبي عبد اللّه (2)، و محمّد بن احمد بن يحيي (3)، و سعد بن عبد اللّه كما في الكشي في ترجمة القاسم اليقطيني (4)، و الحسين بن الحسن بن بندار القمي (5) من مشايخ الكشي، و محمّد بن عقيل الكليني (6) من مشايخ ثقة الإسلام.
ه- اعتماد المشايخ العظام عليه و اكثارهم من الرواية عنه.
امّا ثقة الإسلام فلا يخفي- علي من راجع جامعه الكافي- كثرة اعتنائه به و إكثاره من نقل الحديث بتوسطه و عدّه في عداد المشايخ الأجلّة حتي عدّ له عدّة، و هكذا الشيخ الصدوق في جميع كتبه التي بأيدينا.
و امّا الشيخ أبو عبد اللّه المفيد ففي رسالته العددية في الردّ علي الصدوق بعد ان ذكر حديث حذيفة بن منصور و في سنده محمّد بن سنان و طعن عليه بسببه و ذكر حديثا سنده: محمّد بن يحيي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن بعض3.
ص: 222
أصحابه، عن الصادق (عليه السّلام) و طعن عليه بوجوه كثيرة ترجع إلي العلّة في المتن و الإرسال في السند و لم يصنع بسهل ما صنع قبيله بمحمّد (1).
و روي في كتاب الاختصاص، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، قال:
حمل الي محمّد بن موسي بن المتوكل رقعة من أبي (الحسن) (2) الأسدي، قال:
حدثني سهل بن زياد الآدمي لما ان صنّف عبد اللّه بن المغيرة كتابه وعد أصحابه ان يقرأ عليهم في زاوية من زوايا مسجد الكوفة- و كان له أخ مخالف- فلمّا ان حضروا لاستماع الكتاب جاء الأخ و قعد، قال: فقال لهم: انصرفوا اليوم، فقال الأخ: اين ينصرفون فانّي أيضا جئت لما جاءوا؟ قال: فقال له: لما جاءوا؟
قال: يا أخي أريت فيما يري النائم ان الملائكة تنزل من السماء، فقلت: لماذا ينزلون هؤلاء؟ فقال قائل: ينزلون يستمعون الكتاب الذي يخرجه عبد اللّه بن المغيرة، فانا أيضا جئت لهذا و انا تائب الي اللّه، قال: فسرّ عبد اللّه بن المغيرة بذلك (3).
و لا يخفي ما في نقل هؤلاء الأجلّة هذه الحكاية عنه من الدلالة علي الاعتماد.
و في النجاشي في ترجمته: و له كتاب النوادر أخبرناه محمّد بن محمّد، قال:
حدثنا جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، و رواه عنه جماعة (4)، و المراد بمحمّد بن محمّد هو المفيد، و روايته الكتاب بتوسّط المشايخ الأجلّة لا تكون الّا مع اعتماده عليه.
و امّا الشيخ فقد تقدم ما يدلّ علي ذلك، و ذكره أيضا في المشيخة في عداد0.
ص: 223
من نقل عن أصله أو كتابه، و قال: ما ذكرته عن سهل بن زياد فقد رويته بهذه الأسانيد: عن محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا- منهم علي بن محمّد و غيره- عن سهل بن زياد (1).
و كونه كثير الرواية جدّا، و أكثرها سديدة مقبولة مفتي بها كما صرّح في التعليقة (2)، و قد ورد في النصوص ان منزلة الرجال علي قدر روايتهم عنهم (عليهم السلام).
ففي أصل زيد الزرّاد، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا بنيّ اعرف منازل شيعة علي (عليه السلام) علي قدر روايتهم و معرفتهم (3).
و في غيبة النعماني، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام) انه قال: اعرفوا منازل شيعتنا عندنا علي حسب روايتهم و فهمهم عنّا، الخبر (4).
و في لفظ الكشي: اعرفوا منازل الرجال منّا علي قدر روايتهم عنّا (5)، و في لفظ آخر منازل الناس منّا. إلي آخره (6).
و ظاهر الجميع كون كثرة الرواية عنهم (عليهم السلام) مع الواسطة أو بدونها مدحا عظيما كما عليه علماء الفن، فإنّهم عدّوها من أسبابه، لكشفها غالبا عن اهتمامه بأمور الدين و سعيه في نشر آثار السادات الميامين، و هذه فضيلة عظيمة توصل صاحبها الي مقام عليّ يكشف عنه التوقيع المبارك المهدوي (عليه3.
ص: 224
السلام): و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة أحاديثنا. إلي آخره (1).
و الصادق (عليه السّلام) ما يمنعك عن محمّد بن مسلم فإنه سمع من أبي و كان عنده وجيها (2)، قال العلامة الطباطبائي في رجاله مضافا الي كثرة رواياته في الفروع و الأصول و سلامتها عن وجوه الطعن و التضعيف خصوصا عمّا غمز به من الارتفاع و التخليط فإنّها خالية عنهما و هي أعدل شاهد علي براءته عما قيل فيه، انتهي (3).
و يأتي بعض مدائحه في الجواب عن أسباب قدحه التي:
أولها: ما في النجاشي: سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي، كان ضعيفا في الحديث، غير معتمد فيه، و كان احمد بن محمّد بن عيسي يشهد عليه بالغلو و الكذب، و قد كاتب أبا محمّد العسكري (عليه السّلام) (4) الي آخر ما مرّ.
ثانيها: ما في الكشي: قال علي بن محمّد القتيبي: سمعت الفضل بن شاذان يقول في أبي الخير و هو صالح بن سلمة أبو حماد الرازي: أبو الخير كما كني، و قال علي: كان أبو محمّد الفضل يرتضيه و يمدحه و لا يرتضي أبا سعيد الآدمي، و يقول: هو أحمق (5).
و ثالثها: ما في الخلاصة (6) و نقد التفريشي عن الغضائري في ترجمته:
كان ضعيفا جدّا فاسد الرواية و المذهب، و كان احمد بن محمّد بن عيسي الأشعري أخرجه من قم و أظهر البراءة منه و نهي الناس عن السماع منه و الرواية2.
ص: 225
عنه، و روي المراسيل و يعتمد المجاهيل (1).
رابعها: ما في الفهرست: سهل بن زياد الآدمي الرازي يكني أبا سعيد.
ضعيف، له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد بن يحيي، عنه.
و رواه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد و الحميري، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عنه (2)، هذا غاية ما يمكن ان يذكر من أسباب قدحه.
و امّا ما في الرسالة (3) و غيرها من نقل كلمات الفقهاء كالمحقق و العلامة و من تابعهما في الفروع و حكمهم بضعفه و ردّ الخبر بسببه، فتطويل لا طائل فيه بعد العلم بكون مسندهم في التضعيف هذه الوجوه كلّها أو بعضها فان تمت و سلمت عن المعارض فلا حاجة في موافقتهم و ان ضعفت و سقطت عن درجة الاعتبار فالمعارضة، فلا ضرر في [مخالفتهم] (4) و ليس مدحه أو قدحه من الأحكام الشرعية التي ينتفع فيها بالشهرة جبرا أو كسرا.
إذا عرفت ذلك فنقول:
امّا الجواب عن الأول: اما ما يتعلّق بفعل احمد و قوله فيأتي الجواب عنه في الجواب عن كلام الغضائري، و امّا قول النجاشي فلا ينافي الوثاقة و لا يعارض توثيق رجال الشيخ فان المراد من الضعف في الحديث الرواية عن الضعفاء و المجاهيل و الاعتماد علي المراسيل و هي غير قادحة في العدالة كما فعل العلامة و جمهور الفقهاء في محمّد بن خالد الذي وثّقه الشيخ.ظ.
ص: 226
و قال [فيه] (1) النجاشي ما قال في سهل (2) فحكموا بوثاقته (3) مع بنائهم علي تقديم الجارح خصوصا إذا كان مثل النجاشي و هكذا في غيره، و مرّ في (نه) (4) في سلمة ما ينبغي ان يلاحظ.
و عن الثاني: فقال في الرسالة: و امّا الحكم بالاحمقيّة فلان المعهود في إطلاق هذا اللفظ في مقام التنبيه علي البلادة لا الفسق أو فساد العقيدة كما لا يخفي علي ذي فطنة و دراية. انتهي (5).
قلت: قد روي هذا الفضل العظيم الشأن في كتابه في الغيبة: عن سهل ابن زياد الآدمي، عن عبد العظيم، قال: دخلت علي سيدي علي بن محمّد (عليهما السلام) فلما بصر بي، قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم أنت وليّنا حقا، فقلت له: يا ابن رسول اللّه انّي أريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتي القي اللّه عزّ و جلّ؟ فقال: هات يا أبا القاسم، فقلت، اني أقول:
ان اللّه تبارك و تعالي واحد، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، خارج عن الحدّين، حدّ الابطال و حدّ التشبيه، و انه ليس بجسم، و لا صورة، و لا عرض، و لا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام، و مصوّر الصور، و خالق الاعراض و الجواهر، و ربّ كلّ شي ء و مالكه و جاعله و محدثة، و ان محمّدا عبده و رسوله خاتم النبيين فلا نبيّ بعده إلي يوم القيامة.
و أقول: ان الامام و الخليفة و ولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي9.
ص: 227
طالب، ثم من بعده ولده الحسن و الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمّد بن علي الباقر، ثم جعفر بن محمّد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمّد بن علي، ثم أنت يا مولاي، فقال (عليه السّلام): و من بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟ قال: فقلت: فكيف ذاك يا مولاي؟
قال: لانه لا يري شخصه و لا يحلّ ذكره باسمه حتي يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، قال: فقلت: أقررت.
و أقول: ان وليّهم ولي اللّه، و عدوّهم عدوّ اللّه، و طاعتهم طاعة اللّه، و معصيتهم معصية اللّه.
و أقول: ان المعراج حقّ، و المسائلة في القبر حقّ، و ان الجنّة حق، و النار حق، و الصراط حق، و الميزان حقّ، و ان الساعة آتية لا ريب فيها، و ان اللّه يبعث من في القبور.
و أقول: أن الفرائض الواجبة بعد الولاية: الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، و الجهاد، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، فقال علي ابن محمّد (عليهما السلام): يا أبا القاسم هذا و اللّه دين اللّه الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبّتك اللّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا و الآخرة (1).ظ.
ص: 228
و قد روي هذا الخبر الشريف عن عبد العظيم: احمد بن أبي عبد اللّه البرقي كما في كتاب كفاية الأثر للخزّاز القمي (1)، و عبيد اللّه بن موسي أبو تراب الروياني كما يظهر من رسالة الصاحب في أحوال عبد العظيم (2).
و في رواية الفضل هذا الحديث عن سهل فوائد:
منها: ان مراده من الأحمق مع فرض صحّة نسبته اليه لو كان ما ينافي الضبط و الوثاقة لم يكن ليروي عنه.
و منها: انه لو صحّ ما نسب اليه من الغلوّ و الارتفاع عنده كيف يروي عنه و يتمسك بروايته.
و منها: ان من يروي مثل هذا الخبر- الجامع لجميع ما عليه الإماميّة- كيف يجوز نسبة الغلوّ اليه؟ و كيف يروي الغالي ما يضاد تمام معتقداته؟ و هل هذا الّا تهافت من القول و تناقض في الكلام؟ فمن المحتمل صدور هذا القول من الفضل في محلّ نقل عن سهل قول أو كلام ينسبه الي البلاهة بسببه من لم يعرف وجهه، فقاله، فاشتهر لجلالته حتي دوّن و صار محلّا للابتلاء، و اللّه العالم.
و عن الثالث: ففيه أولا: انه لا اعتناء بتضعيفاته و لا اعتماد بجرحه (3) عندة:
ص: 229
محققي أصحابنا كما مر مرارا.
و ثانيا: ان إطلاق تضعيفه لا بدّ و ان يقيّد بما في النجاشي المؤيّد بما في رجال الشيخ و هو الضعف في الحديث الغير المنافي للوثاقة.
و ثالثا: ان الظاهر كما نصّ عليه جماعة: انّ منشأ تضعيفه ما نقله عن أحمد (1)، بل و مستند غيره، فإنه كان جليلا عظيما رئيسا في الشيعة، يحتج بقوله و فعله في أمثال هذا المقام، فالمهم لمن يريد تزكية سهل الجواب عن قدحه.
فنقول: مستعينا باللّه تعالي انّ فيه:
أولا: ما تقدم من انّ أحمد لم يدرك أبا محمّد العسكري (عليه السلام) (2) و ما فعل بسهل و قال فيه لا بدّ و ان يكون قبله، و يدلّ عليه أيضا ان سهل كما عرفت يروي عن عبد العظيم الذي ورد الري مخفيا و سكن- كما في النجاشي- سربا في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد اللّه في ذلك السرب و يصوم نهاره و يقوم ليله فكان يخرج مستترا. الي ان قال: فلم يزل يأوي الي ذلك السرب و يقع خبره الي الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمّد (عليهم السلام) حتي عرفه أكثرهم- ثم ذكر قصّة- وفاته و كانت وفاته في عصر أبي الحسنظ.
ص: 230
الهادي (عليه السّلام) كما تقدّم في ترجمته (1).
و في ثواب الأعمال أيضا في الصحيح عن محمّد بن يحيي العطار، عمّن دخل علي أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) من أهل الري، قال: فقال: اين كنت؟ قلت: زرت الحسين (عليه السّلام)، قال: اما انّك لو كنت زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي (عليهما السلام)، فسهل لا بدّ و ان يكون أحد الشيعة الذين أشار إليهم في النجاشي فيكون منفيا وقتئذ (2).
و قد عرفت نصّ النجاشي (3) علي انه كاتب أبا محمّد (عليه السّلام)، و عرفت صحّة سندها، و مكاتبة أخري في التهذيب المرويّة عن طريق ثقة الإسلام في الوصايا المبهمة (4)، و لا يجتمع عند الإماميّة غلوّ شخص و كذبه الي حدّ يوجب نفيه و طرده و البراءة منه، و اعتناء الامام (عليه السّلام) به و جوابه عن مسألته بخطّه المبارك.
بل و لا يعقل غلوّه و سؤاله عن التوحيد و المسائل الفرعيّة، فإن الغلاة بمعزل عن هذه المطالب، فلا بدّ من الإغماض عن فعل احمد، فان لاحظنا جلالته، فنقول: كان شي ء ثم زال، و الّا فما هو بأعظم ممّا صنع بنفسه من كتم الشهادة و نفي من لا شك في خطئه فيه، و بالجملة فنسبة الخطأ إليه أولي من نسبته إلي امامه.
و ثانيا: ان أحمد لو كان مصيبا في قوله و فعله، و كان سهل غاليا كاذبا، كيف خفي حاله علي أجلّاء هذه الطبقة؟ و لم لم يقلّدوه في رأيه و لم يصوّبوه في6.
ص: 231
عمله؟ فتراهم يروون عنه بقم و الري كما عرفت من روي عنه بلا واسطة، و روي عنه معها أيضا جماعة، و في الفهرست: له كتاب، أخبرنا به ابن أبي جيّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن احمد بن يحيي، عنه.
و رواه محمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد و الحميري، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عنه (1).
و رواه في المشيخة بطريق آخر تقدّم (2)، فيعلم من ذلك انّ مشايخ هذه الطبقة و اجلّاءهم علي خلاف معتقد احمد، و الظاهر انّ أبا الحسن علي بن محمّد الرازي الذي جلّ روايات الكليني عن سهل بتوسطه تحمّل عنه في الري في أيام نفيه، فان قلت: لعلّ ذلك لانه كان من مشايخ الإجازة للكتب المشهورة.
قلت: قال في التعليقة هذا مع بعده في نفسه كما هو ظاهر فيه:
أوّلا: ان كل واحد من الأعاظم ان جعله المشايخ من أمارات الوثاقة و الاعتماد حسب ما ذكرنا.
و ثانيا: بيّنا فساده في الفائدة الثالثة عند ذكر وجوه تصحيح روايات احمد ابن محمّد بن يحيي و نظائره (3).
و ثالثا: انّهم ربّما تأمّلوا في السند الذي هو فيه من غير جهته، و لم يتأمّلوا فيه قطّ كما أشرنا، و منهم المفيد في رسالته في الرد علي الصدوق و نقل عنه ما مرّ، ثمّ قال:
و رابعا: ان شيخيّة الإجازة دليل الوثاقة بل ربّما جعلوها في أعلي درجاتهاظ.
ص: 232
كما مرّ في الفائدة.
و خامسا: لو تمّ لزم الحكم بصحّة احاديث مثل احمد بن محمّد بن يحيي و أمثاله كما عليه خالي (1)، انتهي (2).
قلت: قد روي عنه العدّة، و محمّد بن يحيي مكاتباته، و الفضل بن شاذان ما رواه عن عبد العظيم، و لا كتاب في هذه المواضع، و لا فرق في القلّة و الكثرة بعد الأخذ و الضبط و التمسك و الجمع في الدفاتر.
و ثالثا: انّ الغلوّ الذي دعي أحمد إلي نفيه و اليه يرجع الكذب فإن الغالي عندهم كاذب مطلقا ان كان هو الغلوّ المعروف الذي يكفر صاحبه و يخرج به عن ملّة الإسلام، و هو القول بالوهيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أو أحد من الأئمة (عليهم السلام) كما نصّ عليه في المسالك (3).
و قال الشيخ الأعظم الأنصاري طاب ثراه: و امّا الغلاة فلا إشكال في كفرهم بناء علي تفسيرهم بمن يعتقد ربوبيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أو أحدا من الأئمة (عليهم السلام) لا ما اصطلح عليه بعضهم: من تجاوز الحدّ الذي هم عليه صلوات اللّه عليهم، و من هذا القبيل ما يطعن القميون في الرجل كثيرا و يرمونه بالغلوّ، و لذا حكي الصدوق عن شيخه ابن الوليد ان أول درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) (4)، انتهي (5).7.
ص: 233
و قال الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق: الغلوّ في اللغة هو تجاوز الحدّ و الخروج عن القصد، قال اللّه تعالي: يٰا أَهْلَ الْكِتٰابِ لٰا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لٰا تَقُولُوا عَلَي اللّٰهِ إِلَّا الْحَقَّ. الآية (1). فنهي عن تجاوز الحدّ في المسيح، و حذّر من الخروج عن القصد في القول، و جعل ما ادّعته النصاري فيه غلوّا لتعديه الحدّ علي ما بيّناه، و الغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين و الأئمة من ذرّيته (عليهم السلام) الي الإلهية و النبوّة، و وصفوهم من الفضل في الدين و الدنيا الي ما تجاوزوا فيه الحدّ و خرجوا عن القصد، و هم ضلّال كفّار- الي ان قال-: و المفوّضة صنف من الغلاة، و قولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة: اعترافهم بحدوث الأئمة و خلقهم و نفي القدم عنهم، و اضافة الخلق و الرزق مع ذلك إليهم، و دعواهم ان اللّه سبحانه تفرّد بخلقهم خاصة، و انّهم فوّض إليهم خلق العالم بما فيه و جميع الافعال، و الحلاجيّة ضرب من أصحاب التصوّف.
الي ان قال: و امّا نصّ أبي جعفر- رحمه اللّه- بالغلو علي من نسب مشايخ القميين و علماءهم الي التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم الي التقصير علامة علي غلوّ الناس، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة و العلم من كان مقصّرا، و انّما يجب الحكم بالغلوّ علي من نسب المحققين (2) الي التقصير سواء كانوا من أهل قم أو من غيرها من البلاد و سائر الناس، و قد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد- رحمه اللّه- لم نجد لها رافعا في التقصير، و هي ما حكي [عنه] انه قال: أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ و الامام.
فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع انه من علماء القميينر.
ص: 234
و مشيختهم.
و قد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصّرون تقصيرا ظاهرا في الدين، و ينزلون الأئمة (عليهم السلام) عن مراتبهم، و يزعمون انّهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتي ينكت (1) في قلوبهم، و يقولون: انّهم ملتجؤون في حكم الشريعة إلي الرأي و الظنون، و يدّعون انّهم من العلماء.
و هذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه، و يكفي في علامة الغلوّ نفي القائل عن الأئمة (عليهم السلام) سمات الحدوث، و حكمه لهم بالالهية و القدم و ما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام و اختراع الجواهر و ما ليس بمقدور العباد من الاعراض (2)، انتهي.
إذا عرفت ذلك، فنقول: الغلوّ بهذا المعني الذي يوجب الكفر لم يكن في سهل قطعا و ما كان معتقدا لالوهيّة أمير المؤمنين أو أحد من الأئمة (عليهم السلام) و نفي سمات الحدوث عنهم و يشهد لذلك أمور:
أ- ما في النجاشي ان: له كتاب التوحيد، رواه أبو [الحسن] العباس بن احمد بن الفضل بن محمّد الهاشمي الصالحي، عن أبيه، عن أبي سعيد الآدمي (3).
و ظاهر لكلّ ذي دربة (4) انه وضع لذكر ما ورد لإثبات وجوده تعالي و صفاته و أفعاله و ما يتعلق بذلك ممّا يذكر في أبواب التوحيد، و يظهر من كتابب.
ص: 235
توحيد الكافي (1)، و كتاب التوحيد للصدوق (2) جملة من اخبار كتابة الدالّة صريحا علي كونه كسائر الموحدين المؤمنين، و بالجملة تأليف مثل هذا الكتاب لا يكون الّا ممّن يعتقد إلها كإله المسلمين (3).
ب- انه كان في الري و قد روي عنه جماعة من أهلها و غيرها و فيهم خال الكليني ثقة الإسلام: أبو الحسن علي بن محمّد (4) المعروف بعلّان (5)، الذي يروي الكليني بتوسطه عن سهل ما لا يحصي، و لا يعقل عادة ان يكون حاله-.
ص: 236
مستورة عنه، فلو عرف غلوّه هو أو غيره ما كانوا ليرووا عنه، و ما كان الكليني ليروي عنه كغيره من الغلاة المعروفين في هذه الطبقة و قبلها، الذين لم يرووا عنهم أصحابنا خصوصا الأجلّاء منهم حديثا واحدا، مثل: فارس بن حاتم، و القاسم اليقطيني، و علي بن حسكة و أضرابهم.
ج- انه كان في عصر ثلاثة من الأئمة (عليهم السلام) بل أدرك الغيبة كما يظهر من الحضيني (1)، و قد ورد عنهم (عليهم السلام) في حقّ الغلاة المعروفين من اللعن و البراءة و الأمر بهما أحاديث كثيرة، فلو كان سهل منهم- و هو من المعروفين المؤلفين و شيخ جماعة من أجلّاء الرواة و المحدثين- لورد فيه ما ورد فيهم، و لأمروا بالبراءة منه و اللعنة عليه.
د- ما تقدّم من المكاتبة الصحيحة سؤالا و جوابا.
ه- جملة ممّا رواه مما يدلّ علي كونه من الموحدين الذين يعتقدون بإمامة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام).
منها ما رواه الصدوق في التوحيد: عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في قول اللّه عزّ و جلّ: كُلُّ شَيْ ءٍ هٰالِكٌ إِلّٰا وَجْهَهُ (2) قال: من اتي اللّه بما امره به من طاعة محمّد و الأئمة من بعده صلوات اللّه عليهم أجمعين فهو الوجه الذي لا يهلك، ثم قرأ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ (3) (4).
و بهذا الاسناد، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): نحن وجه اللّه3.
ص: 237
الذي لا يهلك (1).
و عن احمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن أبي سلام، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: نحن المثاني التي أعطاها اللّه نبيّنا محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله)، و نحن وجه اللّه [و نتقلب] (2) في الأرض بين أظهركم، عرفنا من عرف اللّه، و من جهلنا فأمامه اليقين (3).
و عن محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رضي اللّه عنه، قال: حدثنا محمّد ابن يعقوب الكليني، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد و غيره، عن محمّد ابن سليمان، عن علي بن إبراهيم الجعفري، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قال: ان اللّه رفيع، عظيم، لا يقدر العباد علي صفته، و لا يبلغون كنه عظمته، لٰا تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (4) و لا يوصف بكيف و لا اين و لا حيث، و كيف أصفه بكيف و هو الذي كيّف الكيف حتي صار كيفا، فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف، أم كيف أصفه باين و هو الذين ايّن الأين حتي صار أينا، فعرفت الأين بما ايّن لنا من الأين، أم كيف أصفه بحيث و هو الذي حيّث الحيث حتي صار حيثا، فعرفت الحيث بما حيّث لنا من الحيث، فاللّه تبارك و تعالي داخل في كل مكان، و خارج من كلّ شي ء،3.
ص: 238
لٰا تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ (1) لا إله الّا هو العلي العظيم وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (2) (3).
و رواه ثقة الإسلام في الكافي عن علي بن محمّد. الي آخره (4).
و عن محمّد بن أحمد الشيباني المكتب رضي اللّه عنه، قال: حدثنا محمّد ابن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثنا [.] (5) سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن الامام علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن موسي الرضا (عليهم السلام)، قال: خرج أبو حنيفة ذات يوم من عند الصادق (عليه السّلام) فاستقبله موسي بن جعفر (عليهما السلام) فقال له: يا غلام ممّن المعصية؟
قال: لا تخلو من ثلاث، امّا ان تكون من اللّه عزّ و جلّ، و ليست منه، فلا ينبغي للكريم ان يعذّب عبده بما لا يكتسبه، و امّا ان تكون من اللّه عزّ و جلّ و من العبد، و ليس كذلك، فلا ينبغي للشريك القويّ أن يظلم الشريك الضعيف، و امّا ان تكون من العبد و هي منه، فإن عاقبه اللّه فبذنبه، و ان عفا عنه فبكرمه وجوده (6).
و عن علي بن احمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رحمه اللّه، قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثني محمّد بن جعفر البغدادي، عن سهل2.
ص: 239
ابن زياد، عن أبي الحسن علي بن محمّد (عليهما السلام)، انه قال: الهي تاهت أوهام المتوهّمين، و قصر طرف الطارفين، و تلاشت أوصاف الواصفين، و اضمحلّت أقاويل المبطلين عن الدّرك لعجيب شأنك، أو الوقوع بالبلوغ الي علوك، فأنت [في المكان] الذي لا تناهي، و لم تقع عليك عيون بإشارة و لا عبارة، هيهات ثم هيهات يا اوّليّ يا وحدانيّ يا فردانيّ شمخت في العلوّ بعز الكبر، و ارتفعت من وراء كل غورة و نهاية بجبروت الفخر (1).
و روي الخزّاز في كفاية الأثر: عن أبي عبد اللّه الخزاعي، قال: حدثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، قال: قلت لمحمّد بن علي بن موسي بن جعفر (عليهم السلام): انّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد (عليهم السلام) الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فقال: يا با القاسم ما منّا إلّا قائم بأمر اللّه، و هاد الي دين اللّه، و ليس القائم- الذي يطهّر اللّه به الأرض من أهل الكفر و الجحود، و يملأها عدلا و قسطا- الّا هو الذي يخفي علي الناس ولادته، و يغيب عنهم شخصه، و يحرم عليهم تسميته، و هو سمي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و كنيته، و هو الذي تطوي له الأرض، و يذلّ له كلّ صعب، يجتمع اليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من اقاصي الأرض، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّٰهَ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (2) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الأرض أظهر أمره، فإذا أكمل له العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج باذن اللّه، فلا يزال يقتل أعداء اللّه حتي يرضي اللّه تبارك و تعالي.8.
ص: 240
قال عبد العظيم: قلت له: يا سيدي كيف يعلم انّ اللّه قد رضي.
قال: يلقي في قلبه الرحمة، الخبر (1).
و في الكافي في باب الاضطرار إلي الحجّة: عن علي بن محمّد، عن سهل مسندا، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)، انه قال: اللهم انّك لا تخلي أرضك من حجّة لك علي خلقك (2).
و في باب فرض طاعة الأئمة (عليهم السلام): عن محمّد بن الحسن، عنه بإسناده، عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام):
اعرض عليك ديني الذي أدين اللّه عزّ و جلّ به، قال: فقال: هات، قلت:
اشهد ان لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و ان محمّدا عبده و رسوله، و الإقرار بما جاء به من عند اللّه، و ان عليّا كان اماما فرض اللّه طاعته، ثم كان بعده الحسن اماما فرض اللّه طاعته، ثم كان بعده الحسين اماما فرض اللّه طاعته، ثم كان بعده علي بن الحسين اماما فرض اللّه طاعته- حتي انتهي الأمر إليه- ثم قلت: أنت يرحمك اللّه، قال: فقال: هذا دين اللّه و دين ملائكته (3).
و في باب ان الأئمة (عليهم السلام) شهداء اللّه عزّ و جلّ: عن علي بن محمّد، عنه بإسناده، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) في قول اللّه عزّ و جلّ: فَكَيْفَ إِذٰا جِئْنٰا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنٰا بِكَ عَليٰ هٰؤُلٰاءِ شَهِيداً (4) قال: نزلت في امّة محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) خاصّة في كلّ قرن منهم امام منّا شاهد عليهم، و محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) شاهد علينا (5).1.
ص: 241
و في باب ان الأئمة (عليهم السلام) ولاة أمر اللّه: عنه، عنه مسندا، عنه (عليه السّلام) (1) قال: ان اللّه عزّ و جلّ خلقنا فأحسن خلقنا، و صوّرنا فأحسن صورنا، و جعلنا خزّانه في سمائه و أرضه، و لنا نطقت الشجرة، و بعبادتنا عبد اللّه عزّ و جلّ، و لولانا ما عبد اللّه (2).
و في باب ان الأئمة (عليهم السلام) أركان الأرض: عن علي بن محمّد و محمّد بن [الحسن] (3)، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، قال: حدثني سعيد الأعرج، قال: دخلت انا و سليمان بن خالد علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فابتدأنا، فقال: يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) يؤخذ به، و ما نهي عنه ينتهي عنه، جري له من الفضل ما جري لرسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، و لرسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) الفضل علي جميع من خلق اللّه، المعيّب علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في شي ء من احكامه كالمعيّب علي اللّه عزّ و جلّ و علي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، و الراد عليه في صغيرة أو كبيرة علي حدّ الشرك باللّه، كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه باب اللّه الذي لا يؤتي إلّا منه، و سبيله الذي من سلك بغيره هلك، و بذلك جرت الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد، جعلهم اللّه أركان الأرض ان تميد بهم، و الحجّة البالغة علي من فوق الأرض و من تحت الثري.
و قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): انا قسيم اللّه بين الجنّة و النار،ظ.
ص: 242
و انا الفاروق الأكبر، و انا صاحب العصا و الميسم (1)، و لقد أقرّت لي جميع الملائكة و الروح بمثل ما أقرت لمحمّد (صلّي اللّه عليه و آله)، و لقد حملت علي مثل حمولة رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و هي حمولة الرب، و ان محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) يدعي فيكسي و يستنطق، و ادعي فأكسي و استنطق، فأنطق علي حدّ منطقه، و لقد أعطيت خصالا لم يعطهن أحد قبلي، علمت علم المنايا، و البلايا، و الأنساب، و فصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، و لم يعزب عني ما غاب عنيّ، أبشّر بإذن اللّه، و أؤدّي عن اللّه عزّ و جلّ، كلّ ذلك مكّنني اللّه فيه بإذنه (2).
الي غير ذلك ممّا يوجب نقله الخروج عن وضع الكتاب و كلّها دالّة علي كونه كسائر الإماميّة العارفة باللّه و برسوله و بالحجج (عليهم السلام) كغيره من الأجلّاء، و انّي للغالي- بالمعني المتقدم- رواية هذه الاخبار النافية لمعتقده المخالفة لرأيه و مذهبه.
و ما رواه هو في ذم الغلاة و كفرهم:
ففي الكشي: بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن عيسي، قال: كتب اليّ أبو الحسن العسكري (عليه السلام) ابتداء منه: لعن اللّه القاسم اليقطيني [و لعن] (3) علي بن حسكة القمي، ان شيطانا ترائي للقاسم فيوحي اليه زخرف القول غرورا (4).6.
ص: 243
و في ترجمة علي بن حسكة: من الغلاة، حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي الحسن العسكري (عليه السّلام): جعلت فداك يا سيدي انّ علي بن حسكة يدعي انه من أوليائك، و انّك أنت الأول القديم، و انه بابك و نبيّك، أمرته ان يدعو الي ذلك، و يزعم ان الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم كلّ ذلك بمعرفتك، و معرفة من كان في مثل حال ابن حسكة فيما يدّعي من النيابة و النبوّة و من عرف ذلك فهو مؤمن كامل سقط عنه الاستعباد بالصوم و الصلاة و الحج و ذكر جميع شرائع الدين، انّ معني ذلك كلّه ما يثبت لك، و مال [الناس اليه كثيرا] (1) فإن رأيت ان تمن علي مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة؟
قال: فكتب (عليه السّلام) و كذب ابن حسكة عليه لعنة اللّه، و بحسبك انّي لا أعرفه في موالي ماله لعنه اللّه، فو اللّه ما بعث اللّه محمّدا (صلّي اللّه عليه و آله) و لا نبيّا قبله الّا بالحنيفيّة و الصلاة و الزكاة و الحج و الصيام و الولاية، و ما دعي محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) الّا إلي اللّه وحده لا شريك له و كذلك نحن الأوصياء من وراه عبيد اللّه لا نشرك به شيئا ان أطعناه رحمنا و ان عصيناه عذّبنا ما لنا علي اللّه من حجّة بل الحجّة للّه عزّ و جلّ علينا و علي جميع خلقه، أبرأ الي اللّه ممّن يقول ذلك و انتفي الي اللّه من هذا القول فاهجروهم لعنهم اللّه و الجأوهم إلي أضيق الطريق فان وجدت من احد منهم خلوة فاشدخ رأسه بالصخر (2).
فلينصف المنصف ان من يروي مثل هذا هل يحتمل في حقّه الغلوّ، و اعتقاد ألوهيّة أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)، و يستحق البراءة و النفي من البلد؟! حاشا ثم حاشا.7.
ص: 244
ز- ان الذي يظهر من تتبع الاخبار خصوصا ما ورد في تراجم الغلاة، و ما ذكروه في مقالات أرباب المذاهب، و صريح التوقيع المتقدم: أن الغلاة لا يرون تكليفا، و لا يعتقدون عبادة، بل و لا حلالا، و لا حراما، و قد مرّ في ترجمة محمّد بن سنان انه لما سأل الحسين بن احمد عن احمد بن هليل الكرخي، أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ، قال: معاذ اللّه، هو و اللّه علّمني الطهور، و حبس العيال، و كان متقشفا متعبّدا (1).
فيظهر منه: انه لا يجتمع الغلوّ و العبادة و تعليمها، و إذا راجعت الكافي و التهذيب تجد لسهل من أوّل كتاب الطهارة الي كتاب الديات في أكثر الأبواب خبرا أو أزيد فيما يتعلّق بأحكام الدين أكثرها سديدة مقبولة، و أخذها المشايخ عنه و ضبطوها في الجوامع مثل الكافي الذي ذكر في أوّله ما ذكر (2) و مع ذلك كلّه كيف يجوز نسبة الغلوّ اليه.
ح- انّ حجيّة قول أحمد (3) في هذا المقام ان كان لحصول الظن به فيدخل في الظنون الرجالية التي بنوا علي العمل بها، فهو موهون في المقام بما مرّ و بخطئه كثيرا في أمثال هذه الموارد، و بما صدر منه من التجسس المنهي، و كتمان الشهادة سيّما في أمر الإمامة من أهمّ أمور الدين لمجرّد العصبية، و هي عثرة لم يقدر العلماء إلي الان علي جبرها (4)، أ و لم يكفه ما فعل ان نسكت عنه حتي نرمي الأعاظم بسهمه و هو مكسور، و نضربهم بسيفه و هو مكلول؟! و لعمري لو عدّظ.
ص: 245
ما فعل بسهل من مطاعنه اولي من ان يجعل سببا لطرح أزيد من ألف حديث و يطعن به علي ثقة الإسلام الذي نقلها و اعتمد عليها.
قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله: و الأصل في تضعيفه كما يظهر من كلام القوم احمد بن محمّد بن عيسي الأشعري، و حال القميين سيّما ابن عيسي في التسرّع الي الطعن و القدح و الإخراج من قم بالتهمة و الريبة ظاهر لمن راجع الرجال، و لو كان [الأمر فيه] علي ما بالغوا به من الضعف و الغلو و الكذب لورد عن الأئمة (عليهم السلام) ذمه، و قدحه، و النهي عن الأخذ عنه و الرجوع اليه (1)، كما ورد في غيره من الضعفاء المشهورين بالضعف، فإنه كان في عصر الجواد و الهادي و العسكري (عليهم السلام)، و روي عنهم (عليهم السلام)، و لم نجد له في الاخبار طعنا، و لا نقل ذلك عن احد من علماء الرجال، و لولا انه بمكان من العدالة و التوثيق لما سلم من ذلك، هذا كلّه بناء علي كون المراد بالغلوّ المعني المتقدم و ان كان غيره فالحقّ انّ فعل احمد يدلّ علي جلالة قدره (2).
قال في التكملة في ترجمة ابن أورمة: أصل الغلو في كلامهم غير معلوم المراد، إذ يجوز ان يكون من قبيل قول ابن الوليد من الغلو: نفي السهو و النسيان عن النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، فإنه بهذا المعني عين الصواب بل هو المشهور بين الأصحاب (3)، انتهي.
و قال الشارح التقي: و اعلم ان الظاهر ان ابن عيسي أخرج جماعة من قم باعتبار روايتهم عن الضعفاء و إيراد المراسيل في كتبهم، و كان اجتهادا منه في ذلك، و كان الجماعة يروون للتأييد (4) و لكونها في الكتب المعتبرة، و الظاهرا.
ص: 246
خطأ ابن عيسي في اجتهاده، و لكن لما كان رئيس قم و الناس مع المشهورين الّا من عصمه اللّه.
و لو كنت تلاحظ ما رواه الكليني في أحمد بن محمّد بن عيسي في باب النصّ علي أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) (1)، و إنكاره النصّ لتعصب الجاهلية بأنه لم قدّمتم عليّ في النص؟ و ذكر هذا العذر بعد الاعتراف به، لما كنت تروي عنه شيئا، و لكنه تاب، و نرجو ان يكون تاب اللّه عليه، لكن أكثر الناس تابعون للشهرة، و إذا كان رجل أخطأ في نقل الحديث، كيف يجوز إخراجه من البلد و من مأواه، ثم الإرجاع و التوبة و إظهار الندامة؟ كما تقدم في أحمد بن محمّد بن خالد (2) - ثم ذكر بعض مدائح سهل- و قال: و امّا الكتاب المنسوب اليه، و مسائله التي سألها من الهادي و العسكري (عليهما السلام)، فذكرها المشايخ سيّما الصدوقين و ليس فيه شي ء يدل علي ضعف في النقل أو غلوّ في الاعتقاد مع أنّها قليلة، و الغالب كونه من مشايخ الإجازة، و جميع هذه المفاسد نشأ من الاجتهاد و الآراء، و نرجو من اللّه تعالي ان يعفو عنهم و لكن بعد ما عرفت حقيقة الحال يشكل العفو فان اللّه تعالي يغفر للجاهل سبعين ذنبا قبل ان يغفر للعالم ذنبا واحدا، انتهي (3).
و من جميع ذلك ظهر الجواب عن الرابع، و هو تضعيف الشيخ في الفهرست (4) لوجوب تقييده بقاعدة الجمع بما في النجاشي (5) الغير المنافي للوثاقة مع رجوعه عنه في رجال الشيخ (6) المتأخّر عن الفهرست، و احتمال التعارض في3.
ص: 247
كلاميه ثم التساقط فاسد بعد معلوميّة التأخّر كما عليه عمل الأصحاب بالنسبة إلي فتاوي صاحب المؤلّفات المتعدّدة المعلوم تأخّر بعضها عن بعض، مضافا الي عدم مقاومته لجميع ما مرّ فلاحظ، و تأمّل.
و امّا علي بن يعقوب الهاشمي (1)، ففي الشرح: غير مذكور، فالخبر قوي كالصحيح، أو صحيح لكونهم من مشايخ الإجازة كما ذكره بعض الأصحاب و شيخنا الأعظم عبد اللّه بن حسين التستري رضي اللّه عنه و أرضاه (2).
و في عدّة الكاظمي: مهمل (3)، قلت: يروي علي بن الحسن بن فضّال عن علي بن يعقوب الهاشمي كما في التهذيب في باب قسمة الغنائم و غيره (4)، و الحسن بن علي بن فضّال فيه في باب السنّة في عقود النكاح (5).
و احمد من بني فضّال في تلخيص الميرزا في ترجمة علي: روي عنه احمد ابن الحسن بن علي بن فضّال، و احمد بن هلال، و محمّد بن احمد بن الحسن القطواني نبّه عليه في الكافي، انتهي (6).
و في الكافي في باب المستضعف من كتاب الكفر و الايمان (7)، و في9.
ص: 248
التهذيب في باب أحكام الطلاق (1)، و باب عدد النساء (2)، و باب حكم أمتعة التجارات في الزكاة: علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد و احمد ابني الحسن، عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم (3)، فظهر انه يروي عن عليّ جميع المعروفين من بني فضّال الذين أمرنا بأخذ ما رووا و هو من أوثق أمارات الوثاقة و بعضهم أيضا من أصحاب الإجماع.
و يروي عنه أيضا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (4)، و محمّد بن بكران (5).
و مروان بن مسلم (6): ثقة بالاتفاق فالخبر صحيح علي الأصح، و يمكن الحكم بصحته علي المشهور، ففي الفهرست في ترجمة [مروان] (7): له كتاب رواه محمّد بن أبي حمزة، أخبرنا به جماعة، عن احمد بن [محمد بن الحسين] (8)، عن أبيه، عن سعد و الحميري، عن محمّد بن الحسين، عن [الحسن بن علي] (9) بن فضّال، عن مروان بن مسلم (10)، و طريق الفهرست (11) و النجاشي (12) الي محمّد بن أبي حمزة صحيح فراجع.1.
ص: 249
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن هارون بن مسلم، عنه (1).
هارون بن مسلم ثقة وجه في النجاشي (2) و الخلاصة (3)، يروي عنه الحسن بن علي بن فضّال (4)، و محمّد بن علي بن محبوب (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و محمّد بن أحمد بن يحيي (7)، و إبراهيم بن هاشم (8)، و علي بن الحسن بن فضّال (9)، و احمد بن الحسن بن فضّال (10)، و علي بن مهزيار (11)، و عمران بن موسي (12)، و الحميري (13)، و سعد (14)، و محمّد بن أبي القاسم (15).
و صحّح العلامة طريق الفقيه الي القاسم بن عروة و مسعدة بن زياد، و مسعدة بن صدقة و هو فيه (16).
ص: 250
و من هنا يظهر انّ قول النجاشي في ترجمته: له مذهب في الجبر و التشبيه (1)، ليس قدحا فيه بان يكون المراد كونه من المجبّرة و المشبّهة، فان الذاهب إليهما كيف يكون وجها للإماميّة؟ و في الشرح يصدق علي من يقول:
«لا جبر و لا تفويض» ان له مذهبا في الجبر، و كذا إذا قال: انه جسم لا كالأجسام، و لا يعرف معني الجسم، كما يقول: جوهر لا كالجواهر، و غرضه انه شي ء لا كالأشياء يصدق عليه ان له مذهبا في التشبّه سيما بالنظر الي من لا يعرف اصطلاح الحكماء و المتكلمين (2)، في كلام طويل لا حاجة الي نقله.
و مسعدة ثقة عين في النجاشي (3) و الخلاصة (4)، فالخبر صحيح.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة الربعي (5).
مسعدة بتريّ في الكشي (6)، عامّي في أصحاب الباقر (عليه السّلام) (7)، و في النجاشي: مسعدة بن صدقة العبدي يكنّي أبا محمّد، قاله ابن فضّال، و قيل:
يكني أبا بشر، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السّلام)، له كتب منها: كتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام)، أخبرنا ابن شاذان، قال:
أخبرنا (8) أحمد بن محمّد بن يحيي، عن عبد اللّه بن جعفر، قال: حدثنا هارون
ص: 251
ابن مسلم، عنه (1).
و ذكره في الفهرست مع كتابه و الطريق و لم يتعرض لمذهبه (2).
قال الشارح: و الذي يظهر من اخباره التي في الكتب انه ثقة، لأن جميع ما يرويه في غاية المتانة موافقة لما يرويه الثقات من الأصحاب، و لهذا عملت الطائفة بما رواه هو و أمثاله من العامّة، بل لو تتبعت وجدت اخباره اسدّ و امتن من اخبار جميل بن درّاج، و حريز بن عبد اللّه، مع ان الأول من أهل الإجماع و الثاني أيضا مثله في عمل الأصحاب- الي ان قال-: و الحاصل ان مدار القدماء كان علي الصدق لا علي المذهب بخلاف المتأخرين فإنّهم علي العكس، انتهي (3).
و في الكافي في باب حالات الأئمة (عليهم السلام) في السن، مسندا عن مصعب، عن مسعدة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال أبو بصير: دخلت اليه و معي غلام يقودني و هو خماسي لم يبلغ، فقال لي:
كيف أنتم إذا احتجّ عليكم بمثل سنّه (4)؟
و بعيد من البتري أو العامي ان يروي مثل هذا مع انّ بين المذهبين من التباين مالا يخفي.
و من هنا ذكر الخلاصة طريق الصدوق اليه و صحّحه، فقال: و عن الفضيل بن عثمان الأعور المرادي الكوفي صحيح- الي ان قال-: و كذا عن مسعدة بن صدقة الربعي (5)، مع انه صرّح في أوّل الفائدة الثامنة انه لا يذكر7.
ص: 252
الطرق الي من تردّ روايته و يترك قوله (1)، و هو مؤيّد لما ذكره الشارح.
أبوه رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن أبان، عن مسمع بن مالك البصري، و يقال له:
مسمع بن عبد الملك البصري، و لقبه كردين، و هو عربي من بني قيس بن ثعلبة، و يكنّي أبا سيّار، و يقال انّ الصادق (عليه السّلام) قال له أوّل ما رآه: ما اسمك؟ فقال: مسمع، فقال: ابن من؟ قال: ابن مالك، فقال: بل أنت مسمع ابن عبد الملك (2).
القاسم هو الجوهري، ذكره النجاشي (3) و الفهرست (4) و ذكرا كتابه و الطريق اليه و لم يتعرضا لمذهبه، و لكن في أصحاب الكاظم (عليه السّلام):
واقفي (5)، و في الكشي: قالوا انه كان واقفيا (6).
و المشهور: ضعّفوه، و ضعّفوا الخبر الذي هو في سنده، و هذا منهم عجيب، فان مجرّد الوقف ليس من أسباب الضعف مثل الكذب و الغلوّ و الفسق بل يجتمع مع المدح فيصير السند من جهته قويّا، و مع الوثاقة فيصير موثقا، و ما في النجاشي و الفهرست يدلّ علي مدحه- كما مرّ غير مرّة- و يدلّ علي مدحه بل علي وثاقته رواية ابن أبي عمير عنه في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من
ص: 253
أبواب الزيادات (1)، و في باب أحكام الطلاق (2).
و في الكافي في باب أحكام التعزية (3)، و في باب مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) (4)، و صفوان بن يحيي في التهذيب في باب فضل المساجد (5)، و حمّاد ابن عيسي (6)، و ابن فضّال (7)، و الحسين بن سعيد (8)، و احمد بن محمّد بن عيسي (9)، و إبراهيم بن هاشم (10)، و محمّد بن خالد (11)، و الحسن بن سعيد (12)، و علي بن محمّد القاساني (13)، و الحسين ابن أبي العلاء (14)، و علي بن مهزيار (15)، و اخوه إبراهيم (16)، و أبو طالب عبد اللّه بن الصلت (17)، و الحجال (18)،1.
ص: 254
و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، ذكر ذلك كلّه في الجامع (2).
و في رجال ابن داود في القسم الأول: القاسم بن محمّد الجوهري من أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و في الكشي: كوفي سكن بغداد، قال نصر بن الصباح: لم يلق أبا عبد اللّه (عليه السّلام)، و قيل: كان واقفيا (3).
أقول: ان الشيخ ذكر القاسم بن محمّد الجوهري في رجال الكاظم (عليه السلام) و قال: كان واقفيا (4)، و ذكر في باب من لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام): القاسم بن محمّد الجوهري روي عنه الحسين بن سعيد (5)، فالظاهر انه غيره، و الأخير ثقة (6).
و أورد عليه السيدان في النقد، و التلخيص، فقال الأول (7): و فيه نظر من وجهين، امّا أولا: فلأن الذي يظهر من كلام النجاشي مع ملاحظة كلام الشيخ في كتابيه يدلّ علي انه رجل واحد. و ذكر الشيخ إياه مرّة في رجال الكاظم و مرّة في باب من لم يرو عنهم لا يدلّ علي تغايرهما لان مثل هذا كثير في كتابه مع قطعنا بالاتحاد- ثم ذكر بعض ما مرّ في الفائدة الثالثة (8) - ثم قال:
و امّا ثانيا: فلأن قوله: و الأخير ثقة، ليس بمستقيم، لأني لم أجد في كتب الرجال توثيقه (9)، و قال الثاني في الحاشية: و الاتحاد عند التأمّل أظهر، و لو2.
ص: 255
سلّم، فتوثيق الأخير من اين؟ و لعلّه توهم من رواية الحسين عنه، انتهي (1).
قلت: امّا الاتحاد فالحق معهما بل استظهر الفاضل الخبير المولي محمّد جعفر بن محمّد طاهر الخراساني في كتاب اكليل الرجال (2): ان القاسم بن محمّد الزيات، و القاسم بن محمّد بن أيوب، و القاسم بن محمّد الجوهري، و القاسم ابن محمّد الأصبهاني، و القاسم بن محمّد القمي المذكورون في الأسانيد كلّهم واحد.
و امّا الإيراد علي توثيقه و السؤال عن مأخذه و دعوي عدمه لعدم الوجدان في كتب الرجال ففي غير محلّه بعد جواز عثوره علي وثاقته في بعض الكتب الفقهية أو الأحاديث أو الرجالية التي لم تصل إلينا كما وجدنا وثاقة كثير في خلال تلك الكتب و يمكن وجود الوثاقة في نسخته من الكتب المعروفة فإن اختلافها غير خفي علي الخبير و لا زال يتمسكون الأصحاب بتوثيق المحقق في المعتبر و العلامة من حكمه بتصحيح السند و لم يشترط احد وجوده فيها.
و بالجملة: أخبر عادل بوثاقة واحد (3) لا معارض له و لا موهن سوي استبعاد عدم وجودها في بعض الكتب و هو غير قابل لمنعه عن الحجيّة خصوصا بعد تأييده برواية الأجلّة عنه و عدم [وجود] طعن عليه الّا بالوقف المجامع معها لو صحّ، فمع التسليم، فالسند موثّق، و في الشرح: لكن الأصحاب علي طرح أخباره في كتب الرجال و امّا في النقل و العمل فهم مطبقون عليهما فالخبر قوي كالصحيح أو ضعيف علي رأيهم (4).8.
ص: 256
و أبان من أصحاب الإجماع.
و مسمع ثقة في الكشي (1) نقلا عن علي بن فضّال، و في النجاشي: ابن عبد الملك بن مسمع بن مالك بن مسمع أبو سيّار كردين، شيخ بكر بن وائل بالبصرة و وجهها و سيّد المسامعة، و كان أوجه من أخيه عامر بن عبد الملك و أبيه (2)، روي عن أبي جعفر (عليه السّلام) رواية يسيرة، و روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أكثر، و اختصّ به، و قال له أبو عبد اللّه (عليه السلام): «انّي لاعدك لأمر عظيم يا با السيار» (3).
و يروي عنه من الأجلّة غير أبان: صفوان بن يحيي (4)، و عثمان بن عيسي (5)، و علي بن رئاب (6)، و ابن أبي عمير (7)، و فضالة كما في بصائر الصفار (8)، و حماد بن عيسي كما يأتي في الطريق إلي المعلي (9)، و حمّاد بن عثمان كما في الكشي في ترجمة المعلّي (10)،ظ.
ص: 257
و عبد اللّه بن سنان (1)، و عبد اللّه بن بكير (2)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (3) و غيرهم.
و في كامل الزيارات بإسناده عن مسمع كردين، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): يا مسمع أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين (عليه السلام)؟ قلت: لا، انا رجل مشهور من أهل البصرة، و عندنا من يتبع هوي هذا الخليفة، و أعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب و غيرهم و لست آمنهم ان يرفعوا حالي عند ولد سليمان فيمثلون بي، قال لي: أ فما تذكر ما صنع به؟
قلت: بلي، قال: فتجزع؟ قلت: اي و اللّه، و استعبر لذلك حتي يري أهلي أثر ذلك عليّ فامتنع من الطعام حتي يستبين ذلك في وجهي، قال: رحم اللّه دمعتك، أما انك من الذين يعدّون في أهل الجزع لنا، و الذين يفرحون لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يخافون لخوفنا، و يأمنون إذا أمنا، أما انّك ستري عند موتك حضور آبائي لك، و وصيّتهم ملك الموت بك، و ما يلقونك به من البشارة (ما تقرّ به عينك قبل الموت فملك) (4) الموت ارق عليك، و أشدّ رحمة لك من الامّ الشقيقة علي ولدها، الخبر (5).
و في الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، قال: رأيت مسمعا بالمدينة و قد كان حمل الي أبي عبد اللّه (عليه السلام) تلك السنة مالا، فرده أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عليه، فقلت [له] لم ردّ عليك أبو عبد اللّه (عليه السّلام) المال الذي حملته [إليه]؟ه.
ص: 258
قال: فقال: انّي قلت له حين حملت اليه المال: انّي كنت ولّيت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم، و قد جئتك بخمسها ثمانين ألف درهم، و كرهت ان احبسها عنك، و ان اعرض لها و هي حقّك الذي جعله اللّه تبارك و تعالي في أموالنا.
فقال: أو ما لنا من الأرض و ما أخرج اللّه [منها] الّا الخمس؟ يا أبا سيّار انّ الأرض كلّها لنا، فما أخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا، فقلت له: و انا أحمل إليك المال كلّه، فقال: يا أبا سيار قد طيّبناه لك، و أحللناك منه، فضمّ إليك مالك، و كل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون- الي ان قال-:
قال عمر بن يزيد: فقال لي أبو سيّار: ما أري أحدا من أصحاب الضياع، و لا ممّن يلي الأعمال، يأكل حلالا غيري، الّا من طيّبوا له ذلك (1).
السند صحيح، قال بعض المحققين: فتراه (عليه السّلام) كيف يكنّيه و يطيب له الكلام و كيف تسليمه الأمر الي الامام (عليه السّلام) و قوله: أحمل إليك المال كلّه، فأيّ مدح أحسن من هذا المدح؟ انتهي (2).
فتحصل انّه يدلّ علي وثاقته أمور:
أ- توثيق علي بن فضّال بناء علي حجيّة خبر الموثق مطلقا، أو مع عدم وجود معارض صحيح و لا معارض هنا، فإنه لم يطعن عليه أحد بشي ء، أو حجيّة الخبر الموثوق بصدوره، أو حجيّة الظن بالعدالة من اي سبب كان، كل ذلك لما قالوا في ترجمة عليّ: من انه كان فقيه أصحابنا بالكوفة، و وجههم، و ثقتهم، و عارفهم بالحديث، و المسموع قوله، سمع منه شيئا كثيرا، و لم يعثر له علي زلّة فيه، و لا ما يشينه (3).6.
ص: 259
و في التعليقة: و كثيرا ما يعتمدون علي قوله في الرجال، و يستندون إليه في معرفة حالهم من الجرح و التعديل (1)، بل غير خفي انه اعرف بهم من غيره، بل و جميع علماء الرجال، فإنّك إذا تتبّعت وجدت المشايخ في الأكثر بل كاد ان يكون الكلّ يستندون الي قوله و يسألونه و يعتمدون عليه.
ب- رواية ابن أبي عمير عنه (2).
ج- رواية صفوان عنه (3).
د- رواية غيرهما من الأجلّة و فيهم بعض أصحاب الإجماع (4).
ه- الخبر الذي مرّ عن النجاشي و نسبته جزما الي الصادق (عليه السلام)، و قوله: و اختص به (5).
و- قول العلامة في الإيضاح- بعد ذكر نسبه- عظيم المنزلة (6)، و إطلاق هذه الكلمة علي غير الثقة بل و فوقها بعيد، و احتمال إرادة الرئاسة الدنيوية أبعد، مؤيّدا ذلك كلّه بقول النجاشي: وجههم و سيّد المسامعة (7).
فمن الغريب بعد ذلك ما في المعتبر: انه مجهول (8)، و في المدارك: انه غير موثق (9)، و في التنقيح: انه ممدوح (10)، كلّ ذلك لعدم التتبع أو التعمق،ظ.
ص: 260
لا لقصور في الأمارات.
محمّد بن موسي بن المتوكل رضي اللّه عنه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عنه (1).
رجال السند عيون الطائفة.
و مصادف مولي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) يروي عنه ابن محبوب بلا واسطة أيضا في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (2)، و في باب الزيادات في فقه الحج (3)، و في الاستبصار في باب جواز ان تحج المرأة عن الرجل (4)، و الثقة مرازم بن حكيم (5).
و في الكشي: محمّد بن مسعود، قال: حدثني أحمد بن منصور الخزاعي، قال: حدثني أحمد بن الفضل الخزاعي، عن ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن مصادف، قال: اشتري أبو الحسن (عليه السّلام) ضيعة بالمدينة، أو قال: قرب المدينة، قال: ثم قال لي: إنما اشتريتها للصبية، يعني ولد مصادف و ذلك قبل ان يكون من أمر مصادف ما كان (6).
قال الشارح: و الظاهر انّ هذا من كلام علي بن عطية و يدل علي انه
ص: 261
انحرف عنه (عليه السّلام)، انتهي (1).
و الظاهر ان غرضه، انّه (عليه السلام) اشتري الضيعة لهم قبل موت مصادف أو قتله كما هو ببالي اني رأيت في بعض المواضع ان هارون قتله، و ان هذا كان اعجازا منه (عليه السّلام) و شفقة له عليه.
و يدل علي مدحه أو وثاقته ما في الكافي: عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن احمد بن النضر، عن أبي جعفر الفزاري، قال: دعا أبو عبد اللّه (عليه السّلام) مولي له يقال له: مصادف فأعطاه ألف دينار، فقال له: تجهّز إلي مصر، قال: فتجهز بمتاع فخرج مع التجار إلي مصر.
فلما دنوا مصر استقبلتهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله [في المدينة و كان متاع العامة]، فأخبروهم انه ليس بمصر شي ء منه فتحالفوا علي ان لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار دينارا فلما قضوا أموالهم و انصرفوا إلي المدينة، دخل مصادف علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و معه كيسان في كلّ واحد ألف دينار، فقال: جعلت فداك هذا رأس المال و هذا الآخر الربح.
فقال (عليه السّلام): هذا الربح كثير، و لكن ما صنعتم في المتاع؟
فحدّثه كيف صنعوا و تحالفوا، فقال: سبحان اللّه تحلفون علي قوم مسلمين الّا تبيعوهم الّا بربح الدينار دينارا ثم أخذ أحد الكيسين، فقال (عليه السّلام):
هذا رأس مالي و لا حاجة لنا في هذا الربح، ثم قال: يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال (2).
و رواه الشيخ في التهذيب (3) بإسناده عن الكليني مثله.8.
ص: 262
قال صاحب التكملة: فهذا دال علي انه و كلّه و ائتمنه، فإن بنينا علي انه يشترط في الوكيل العدالة كما هو مذهب بعض أصحابنا كانت مفيدة لها كما هو ظاهر الخبر، و تتعارض مع تضعيف الغضائري (1)، و الّا فلا، كما هو مذهب المشهور، و الصحيح فلا دلالة و لا تعارض، و لأنّا وجدنا كثيرا من وكلائهم غير عدول كعلي بن أبي حمزة الواقفي و اضرابه.
و قد يقال: انّما تبيّن فسق أولئك بعد الوكالة فامّا في مدّة الوكالة فلم يعلم فسقهم فجاز ان يكونوا عدولا في ذلك الحال، و لكن لا يبعد ان يقال: إذا كانت الوكالة علي جلب الحقوق الواجبة كالزكوات و الأخماس و غير ذلك كانت مفيدة للعدالة و الوثاقة، بدليل قوله تعالي: وَ مٰا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (2)، و قوله: وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا (3)، و الفاسق ظالم لنفسه و هذا يقتضي عدالة العمّال و المتصدقين و نحوهما، و هذا التفصيل يحتمله بل يظهر من السبط، حيث قال: (و في ثبوت التوثيق بالوكالة علي الإطلاق نظر، و هو انّ الوكالة انّما تثبت التوثيق فيما يتوقف علي ذلك) (4)، و لكن ان لم تكن الوكالة مفيدة للوثاقة فلا محالة أنّها مفيدة للحسن، فتعارض الرواية أيضا تضعيف الغضائري، و يترجح قوله بضعف الرواية، لاشتمالها علي أبي جعفر و هو مجهول، انتهي (5).
و في كلامه مواقع للنظر:9.
ص: 263
امّا أوّلا: فلأن استظهار الوثاقة و الأمانة من توكيله (عليه السّلام) لا يتوقف علي ما ذكره من انه يشترط في الوكيل العدالة أوّلا أو التفصيل المذكور، بل نستظهرها و لو قلنا بعدم الاشتراط مطلقا، و ذلك انّهم (عليهم السلام) نهوا عن استبضاع شارب الخمر و ائتمانه في اخبار كثيرة (1)، فحكموا (عليهم السلام) بأنه سفيه، فيدخل في عموم قوله تعالي: وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ (2)، الآية.
و في الصادقي- المروي في العياشي- قول اللّه تعالي: وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ. الآية، قال: من لا يثق به (3)، و يظهر منه: انّ المانع في شارب الخمر هو عدم الوثوق به، فكلّ من لا وثاقة له لا يؤتمن علي مال، و نهوا (عليهم السلام) عن ائتمان الخائن، و المضيّع و غير المؤمن في جملة من الأحاديث.
و في اختصاص المفيد- في الباقري-: من عرف من عبد من عبيد اللّه كذبا إذا حدّث، و خلفا إذا وعد، و خيانة إذا ائتمن، ثم ائتمنه علي امانة، كان حقّا علي اللّه ان يبتليه فيها، ثم لا يخلف عليه، و لا يأجره (4)، و مع هذه النواهي الأكيدة كيف يجوز ان ينسب إليهم (عليهم السلام) دفع مالهم الي غير الثقة، و اتكالهم عليه في التجارة، و سكونهم (عليهم السلام) الي قوله و فعله؟! و لذا قال المحقق الكاظمي في العدّة: و ما كانوا (عليهم السلام) ليعتمدوا الّا علي ثقة سالم العقيدة، و انّي يعتمدون علي الفاسد و يميلون اليه و هم ممّا ينهون عنه و ينأون؟! و من ثم إذا ظهر الفساد من أحدهم عزلوه، و قد عدل بهذه الطريقة غير واحد من الأصحاب كالعلامة، و صاحب المنهج،5.
ص: 264
و الشيخ البهائي و غيرهم، و من هنا تعرف مقام المفضّل بن عمر، و محمّد بن سنان و غيرهما و ان غمز عليهم بارتفاع القول (1).
و امّا ثانيا: فلأن ما استدل به لاشتراط العدالة في التوكيل في الحقوق الواجبة من الآيتين يستدل به في المقام أيضا، فإن كون متعلّق الوكالة من الحقوق أو غيرها لا ربط له بصدق الركون الي الظالم و الاعتضاد بالمضلّ و عدمه، فان صدق في صورة الائتمان في الأول يصدق في الائتمان في أمور نفسه من البيع و الشراء أيضا خصوصا بعد ملاحظة ما ورد في النهي عن إضاعة المال، و هذا واضح بحمد اللّه تعالي.
و اما ثالثا: فقوله فتعارض الرواية. إلي آخره، من غرائب الكلام فإنه صرّح في ترجمة أحمد بن الحسين انه ابن الغضائري الذي يذكر في كتب الرجال في كلام طويل، و نقل عن جماعة كالسبط (2)، و المجلسي (3)، و التفريشي (4) و غيرهم، انّهم لم يقفوا علي جرح فيه و لا تعديل، و ان كلام العلامة في الاعتماد عليه و عدمه مضطرب، ثم ذكر انه من مشايخ النجاشي و ترحّم عليه في ديباجة الفهرست (5) و قال في آخر كلامه: و بالجملة فلا يبعد الاكتفاء بذلك كلّه في حسن حاله فتأمّل، انتهي (6).
و مجرّد حسن الحال لا يدخله في العدول فلا حجيّة في قوله الّا من باب الظن الموهون في المقام بعدم تضعيفه غيره و بالخبر السابق الذي ذكره مثل ثقة الإسلام، عن الجليل أبي علي، عن الجليل ابن عبد الجبار، عن الجليل أحمد1.
ص: 265
ابن النضر (1)، مع شهادته بصحّته و لو علي اصطلاح الأقدمين، و تلقّاه الأصحاب بالقبول، و مع هذا كيف لا يقاوم الظنّ الحاصل من هذه القرائن بصدور الخبر الظن الضعيف المذكور حتي يقدم عليه؟! و لعمري هذه مصيبة ينبغي الاسترجاع عندها.
مع ان الخبر يؤيّد أيضا بما رواه ثقة الإسلام في باب صدقات النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله) و فاطمة و الأئمة (عليهم السلام)، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان.
و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان.
و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان.
و محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيي، عن عبد الرحمن بن الحجاج: ان أبا الحسن موسي (عليه السلام) بعث إليه بوصيّة أبيه و بصدقته، مع أبي إسماعيل مصادف، بسم اللّه الرحمن الرحيم. الخبر (2)، و هو صحيح بطرق متعددة، و فيه دلالة علي أمانته، و كونه من ثقاته (عليه السلام)، و في تكنية عبد الرحمن الجليل دلالة علي جلالة قدره أيضا.
و فيه في باب شراء السرقة و الخيانة: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، قال: أرادوا بيع تمر عين ابن (3) زياد، فأردت أن أشتريه، ثم قلت: حتي استأمر (4) أبا عبد اللّه (عليه السّلام)ن.
ص: 266
فأمرت مصادفا. كما في جملة من النسخ و في التهذيب (1)، و في بعضها:
معاذا، و لعلّه تحريف، فسأله (عليه السّلام) فقال: قل له: يشتريه، فإنه ان لم يشتره اشتراه غيره (2).
و لا يخفي انّ في اعتماد الجليل جميل عليه و رسالته بالجواب عنه دلالة علي حسن حاله.
و في الروضة: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن محمّد بن مرازم، عن أبيه، قال: خرجنا مع أبي عبد اللّه (عليه السّلام) حيث خرج من عند أبي جعفر [المنصور] من الحيرة، فخرج ساعة اذن له و انتهي الي السالحين (3) في أوّل الليل، فعرض له عاشر فقال له: لا أدعك أن تجوز، فألح عليه و طلب إليه فأبي إباء، و انا و مصادف معه، فقال له مصادف: جعلت فداك انّما هذا كلب قد آذاك و أخاف ان يردك و ما ادري ما يكون من أمر أبي جعفر، و انا و مرازم (4) أتاذن لنا ان نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر؟ فأبي (عليه السّلام) و لم يزل مصادف يلحّ عليه حتي مضي أكثر الليل، فاذن (عليه السّلام) العاشر، فقال (عليه السّلام): يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟ (5).
و روي الكشي في ترجمة أبي الخطاب: عن حمدويه، قال: حدثنا يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن عبد الصمد بن بشير، عن مصادف، قال: لمّا اتي القوم الذين أوتوا بالكوفة، دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فأخبرته بذلك، فخر ساجدا و الزق جؤجؤه بالأرض و بكي و اقبل يلوذ بإصبعه و يقول: بله.
ص: 267
عبد اللّه قن داخر (1) مرارا كثيرة، ثم رفع رأسه و دموعه تسيل علي لحيته، فندمت علي إخباري إيّاه، فقلت: جعلت فداك و ما عليك أنت من ذا؟ فقال: يا مصادف ان عيسي لو سكت عمّا قالت النصاري فيه لكان حقّا علي اللّه ان يصمّ سمعه و يعمي بصره، و لو سكتّ عما قال في أبو الخطاب لكان حقّا علي اللّه ان يصمّ سمعي و يعمي بصري (2).
و في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن مصادف، قال: كنت مع أبي عبد اللّه (عليه السّلام) بين مكّة و المدينة، فمررنا علي رجل في أصل شجرة و قد القي بنفسه فقال: مل بنا الي هذا الرجل فإنّي أخاف ان يكون قد اصابه عطش، فملنا، فإذا رجل من الفراسين طويل الشعر، فسأله: أعطشان أنت؟ قال: نعم، فقال لي:
انزل يا مصادف فاسقه، فنزلت و سقيته، ثم ركبت، فسرنا، فقلت: هذا نصراني، فتتصدق علي نصراني؟ فقال: نعم إذا كانوا في مثل هذا الحال (3).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد ابن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن إبراهيم ابن عمران الشيباني، عن يوسف (4) بن إبراهيم، عن يحيي بن أبي الأشعث
ص: 268
الكندي، عن مصعب بن يزيد الأنصاري، قال: استعملني أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) علي أربعة رساتيق (1) المدائن (2) و ذكر الحديث (3).
الخمسة الاولي من الأركان، و السادس غير المذكور في الرجال، و السابع أبو داود مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
و يروي صفوان عنه، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (5)، و في الكافي في باب اللباس من كتاب الزيّ و التجمّل (6)، و الجليل عيص بن القاسم عنه، عنه (عليه السّلام) (7) فيه في باب لبس الخزّ (8).
و ظاهر الموضعين تشيّعه، ففي الأول: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السلام) و عليّ جبّة خزّ و طيلسان خزّ، فنظر اليّ، فقلت: جعلت فداك علي5.
ص: 269
جبّة خزّ و طيلسان خزّ هذا (1) فما تقول فيه؟ فقال: و ما بأس بالخزّ، قلت:
و سداه إبريسم؟ قال: و ما بأس بإبريسم، فقد أصيب الحسين (عليه السّلام) و عليه جبّة خزّ، الخبر (2).
و في الثاني: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و عليّ قباء خزّ و طيلسان خزّ مرتفع، فقلت: انّ عليّ ثوبا اكره لبسه، فقال: و ما هو؟ قلت:
طيلساني هذا، فقال: و ما بال الطيلسان؟ قلت: هو خزّ، قال: و ما بال الخز؟
قلت: سداه إبريسم، قال: و ما بال الإبريسم؟ قال: لا يكره ان يكون سدي الثوب إبريسم و لا زرّه و لا علمه، انّما يكره المصمت من الإبريسم للرجال و لا يكره للنساء (3).
و ظاهر السؤال علي نحو الاستفتاء به، و الجواب علي نحو الإفتاء، و الاستشهاد بفعل الحسين (عليه السّلام) انه كان ممّن يعتقد إمامته، و الّا لروي (عليه السّلام) له حديثا في الجواب كما هو دأبهم في أمثال المقام بالنسبة إلي العامّة، فقول الشارح: و الثلاثة الأخيرة مجاهيل و الظاهر انّهم من العامّة (4)، حدس غير مصيب.
و في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ: يحيي بن أبي الأشعث الكندي البصري أسند عنه (5)، فعلي القراءة بالمعلوم و عود الضمير الي ابن عقدة- كما لعلّه أظهر الاحتمالات- يكون يحيي من الأربعة الآلاف الذين ذكرهم ابن عقدة في رجال أصحاب الصادق (عليه السّلام) و وثقهم.0.
ص: 270
و امّا مصعب فهو غير مصعب بن يزيد الموجود في النجاشي الذي قال فيه: ليس بذاك (1) لانّه يروي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فلا يمكن ان يكون عاملا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، و ليس للعامل ذكر في الرجال، و لم أجده في كتب العامّة، و الحديث الذي أشار إليه، رواه الشيخ في التهذيب، و فيه: يحيي بن الأشعث (2)، و نقله في الوسائل في باب تقدير الجزية في كتاب الجهاد (3).
ابن ميسرة (1) ان شاء اللّه، و امّا حال نفسه فذكره في الفهرست (2) و ذكر الطريق الي كتابه و لم يطعن هو عليه و لا غيره.
و يروي عنه ابن أبي عمير كما في الفهرست (3)، و في التهذيب في باب زكاة الحنطة (4)، و صفوان بن يحيي في التهذيب في باب المياه و أحكامها (5)، و عثمان بن عيسي (6)، و رواية الأولين من أمارات الوثاقة، و الثلاثة من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح أو في حكمه، و يروي عنه أيضا الحسين بن سعيد (7).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما- عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيي و ابن أبي عمير جميعا، عن معاوية بن عمار الدهني الغنوي الكوفي مولي بجيلة (8).
رجال السند شيوخ الطائفة و عيونها.
و معاوية ركن العصابة و وجهها في النجاشي: و كان وجها في أصحابنا، و مقدّما، كبير الشأن، عظيم المحلّ، ثقة، و كان أبوه عمّار ثقة في العامّة وجها- الي ان قال- و مات معاوية سنة خمس و سبعين و مائة (9).
و قال ابن حجر في التقريب: معاوية بن عمّار بن أبي معاوية الدهني بضم
ص: 272
المهملة و سكون الهاء ثم نون، صدوق من الثامنة (1)، و قال أيضا: عمّار بن معاوية الدهني بضم اوّله و سكون الهاء بعدها نون، أبو معاوية البجلي الكوفي صدوق يتشيّع من الخامسة (2).
و مراده من الثامنة الطبقة الوسطي من اتباع التابعين، اي الذين لقوا من لقوا الصحابة، و من الخامسة الطبقة الصغري من التابعين الذين رأوا الواحد و الاثنين و لم يثبت لبعضهم السماع منهم.
و بذلك كلّه ظهر انّ ما في الكشي في ترجمته انه عاش مائة و خمسا و سبعين سنة (3) من سهو القلم، أو من أغلاط النساخ، و لوازمه الفاسدة كثيرة، و قد أتعب بعض المحققين نفسه لبيان وجه صحيح لكلامه، لا طائل تحته، و لا ثمرة في نقله، و بيان فساده الّا جواز روايته عن أمير المؤمنين، و من بعده الي الصادق (عليهم السلام) المقطوع عدمه.
و بالجملة يروي عنه شيوخ أصحاب الحديث كما يظهر من الأسانيد و جمع في الجامعين (4) كالثلاثة: البزنطي (5) و صفوان (6) و ابن أبي عمير (7)، و حماد بن عيسي (8)، و حماد بن عثمان (9)، و ابن محبوب (10)، و أبان بن4.
ص: 273
عثمان (1)، و من أضرابهم من أجلّاء الثقات خلق كثير.
أبوه رضي اللّه عنه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي (2).
السند صحيح بالاتفاق.
و ابن ميسرة ذكره النجاشي (3) مع كتابه و طريقه اليه، و ذكره الشيخ أيضا في الفهرست (4)، و أصحاب الصادق (5) (عليه السّلام)، و لم يطعنا عليه.
و يروي عنه ابن أبي عمير (6)، و عبد اللّه بن المغيرة (7)، و عبد اللّه بن بكير (8)، و حمّاد بن عثمان (9)، و فضالة (10)، و احمد بن محمّد بن أبي نصر (11)، فلا ينبغي الشك في وثاقته، إنّما الإشكال في اتحاده مع ابن شريح السابق كما عليه جماعة (12) حتي قال الشارح: هنا كأنّه كرّر سهوا فإنه ابن شريح الذي
ص: 274
نسب الي جدّه مرّة و الي أبيه أخري (1) و كلّهم ادّعوا الظهور و لم يذكروا وجهه سوي عدم ذكر النجاشي ابن شريح، و يعارضه ما هنا، و في الفهرست: معاوية ابن شريح له كتاب أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطّة، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن ابن أبي عمير، عنه- ثم قال بعد ثلاثة تراجم-:
معاوية بن ميسرة له كتاب أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، عن ابن بطة، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم، عنه (2).
و نسبة السهو إليهما مع اختلاف الطريقين أبعد من نسبة سقوط الآخر من قلم النجاشي، و غير بعيد ان يكون معاوية بن شريح أخا محمّد بن شريح الحضرمي الذي قال في النجاشي: أبو عبد اللّه ثقة، روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (3)، و عمّ جعفر بن محمّد بن شريح صاحب الكتاب الموجود في هذه الأعصار كما مرّ حاله و حال كتابه في الفائدة الثانية (4)، فالسابق حضرمي و هذا5.
ص: 275
كندي.
و لكن في التعليقة: الظاهر كما يظهر من الاخبار اتحادهما (1)، و لم أجد فيها ما أشار اليه (2) و هو اعلم بما قال، و قد وافقنا علي استظهار التعدّد صاحب جامع الرواة (3) و كفي به ظهيرا و شريكا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي القاسم معاوية بن وهب البجلي الكوفي (4).
السند صحيح بما مرّ في (لب) (5) من وثاقة ماجيلويه.
و معاوية ثقة جليل لم يغمز عليه بشي ء.
قال زيد النرسي في أصله: رأيت معاوية بن وهب البجلي في الموقف و هو قائم يدعو، فتفقدت دعاءه، فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد، و سمعته يعد رجلا رجلا من الآفاق يسمّيهم و يدعو لهم حتي نفر الناس فقلت له: يا أبا القاسم أصلحك اللّه، لقد رأيت منك عجبا؟! قال: يا بن أخي و ما الذي أعجبك مما رأيت مني؟ فقلت: رأيتك لا تدعو لنفسك و انا أرمقك حتي الساعة، فلا أدري أي الأمرين أعجب؟ ما أخطأت من حظّك في الدعاء لنفسك في مثل هذا الموقف أو عنايتك و ايثارك إخوانك علي نفسك حتي تدعو
ص: 276
لهم في الآفاق!! فقال: يا ابن أخ لا تكثر تعجّبك من ذلك اني سمعت مولاي و مولاك و مولي كلّ مؤمن و مؤمنة جعفر بن محمّد (عليهما السلام)- و كان و اللّه في زمانه سيّد أهل السماء و سيّد أهل الأرض و سيّد من مضي منذ خلق اللّه الدنيا الي ان تقوم الساعة بعد آبائه رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و أمير المؤمنين و الأئمة من آبائه صلّي اللّه عليهم- يقول- و الّا صمّت أذنا معاوية، و عميت عيناه، و لا نالته شفاعة محمّد و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما-: من دعا لأخيه [المؤمن] بظهر الغيب. الي آخر ما مرّ في أبواب الدعاء من كتاب الصلاة (1).
قال زيد: فقلت لمعاوية: أصلحك اللّه، ما قلت في أبي عبد اللّه (عليه السلام) من الفضل من انّه سيّد أهل الأرض و أهل السماء و سيد من مضي و من بقي أ شي ء قلته أنت، أم سمعته منه يقول في نفسه؟
قال: يا ابن أخي، أ تراني كلّ ذا جرأة علي اللّه ان أقول فيه ما لم أسمعه منه؟! بل سمعته يقول ذلك و هو كذلك و الحمد للّه (2).
و اعلم ان الشيخ خاصّة ذكر في الفهرست معاوية بن وهب بن جبلة (3)، و معاوية بن وهب بن فضّال (4)، و معاوية بن وهب بن الميثمي (5)، و ذكر لكلّ كتابا، و انّ الراوي عنهم كتبهم عبد اللّه بن احمد بن نهيك، فربّما يورث ذلك الشك في بعض القلوب من جهة الاشتراك فيدعوه الي طرح ما لا يحصي من0.
ص: 277
الأخبار الصحيحة، فلا بدّ من ذكر رواة البجلي حفظا للاخبار عن ثلم الأغيار.
فنقول: يروي عن البجلي: ابن أبي عمير (1)، و الحسن بن محبوب (2)، و صفوان بن يحيي (3)، و حماد بن عيسي (4)، و ابن فضّال (5)، و فضالة (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و عبد اللّه بن المغيرة (8)، و علي بن الحكم (9)، و محمّد ابن سنان (10)، و احمد بن الحسن الميثمي (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و عبد اللّه ابن جندب (13)، و الحسين بن سعيد (14)، و القاسم بن محمّد (15)، و عبد الرحمن ابن أبي نجران (16)، و موسي بن القاسم (17)، و علي بن النعمان (18)، و عبد اللّه8.
ص: 278
المؤمن (1)، و أبو إسماعيل السراج (2)، و الحسن بن راشد (3)، و يحيي الحلبي (4)، و عبد اللّه بن جبلة (5)، و إسحاق بن عمّار (6)، و معاوية بن شريح (7)، و غسان البصري (8)، و إبراهيم بن عقبة (9)، و ابن ثابت (10)، و ابن عون (11)، و عمرو بن شمر (12)، و محسن (13)، و يعقوب (14)، و حنّان (15).
و قال الشارح التقي: و اعلم ان لنا ثلاثة رجال مسمّون بمعاوية بن وهب. و الثلاثة مشتركة في ان راويهم: حميد، عن عبيد اللّه بن نهيك، عنهم، و هم بحسب الطبقة اقعد بمرتبتين، و التمييز بحسب الطبقة و الرجال الذين يروون عنهم، فإن البجلي راوية ابن أبي عمير، و صفوان، و حماد و أمثالهم، و الغالب انه يروي عن أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و رجال أبي جعفر، أو أبي عبد اللّه (عليهما السلام) نادرا، و كذا روايته عن أصحاب الكاظم (عليه2.
ص: 279
السلام) نادرا، و الثلاثة راويهم إبراهيم بن هاشم، أو أحمد بن محمّد، أو أحمد ابن أبي عبد اللّه و أمثالهم، و لم يرووا عن الأئمة (عليهم السلام)، و لو رووا لكانوا يروون عن الرضا (عليه السّلام)، أو رجال أبي الحسن (عليه السّلام)، و يحتمل روايتهم عن موسي بن جعفر (عليهما السلام) لكن بالاحتمال البعيد.
و مدار الرجال و معرفتهم بالظنون لا بالعلم فإنه لو روي احد، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السّلام) فان الظن ان يكون زرارة المشهور، و يحتمل ان يكون المسمّي بزرارة متعدّدا و لمّا [كانت] (1) روايتهم نادرة لم يذكروه كما احتمل- في رواية حمّاد عن حريز- واحد من فحول الفضلاء، ان يكون حمّاد من المجاهيل.
و قال في المعتبر: انه مشترك (2)، لكنّه عنه عجيب و الحقّ معه بحسب الاحتمال، لكنه لو فتح هذا الباب في الرجال انسدّ باب المعرفة كما لا يخفي علي الخبير، و ليس انه اشتبه عليه حاشا بل اضطر الي ذلك لمعارضة أخبار أخر و للأصول و القواعد كما هو شأن كثير منهم، فإن جماعة من المتأخرين إذا أرادوا العمل بخبر أبي بصير، يقولون: و في الصحيح عن أبي بصير، و لو أرادوا ان لا يعملوا، يقولون: انه واقفي، أو مشترك، أو ضعيف و يعتذرون بان مرادنا من الصحة الصحة الإضافية، و أمثال ذلك، و في الخبر الذي يريدون ان يعملوا به و كان فيه محمّد بن عيسي، أو محمّد بن عيسي، عن يونس، يقولون: في الصحيح، و إذا كان في ذمّ زرارة، قالوا: فيه ابن عيسي و هو ضعيف، فتدبّر و لا تكن من المقلّدين، انتهي (3).2.
ص: 280
و هو كلام متين، و قد عثرنا علي موارد كثيرة من أمثال ما ذكره، و اللّه العاصم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة الأحمسي، عن معروف بن خرّبوذ المكّي (1).
مالك بن عطيّة ثقة في النجاشي (2)، و الخلاصة (3)، فالسند صحيح، و معروف من أصحاب الإجماع من الستة الأوائل من أصحاب السجاد، و الباقر (عليهما السلام).
قال الكشي: ذكر أبو القاسم نصر بن الصباح، عن الفضل بن شاذان، قال: دخلت علي محمّد بن أبي عمير و هو ساجد فأطال السجود فلما رفع رأسه، ذكر له الفضل طول سجوده (4)، فقال: كيف لو رأيت جميل بن درّاج؟ ثم حدّثه انه دخل علي جميل بن درّاج فوجده ساجدا فأطال السجود جدّا فلما رفع رأسه قال له محمّد بن أبي عمير: أطلت السجود! قال: لو رأيت معروف ابن خرّبوذ (5)! و عن طاهر، قال: حدثني جعفر، قال: حدثنا الشجاعي، عن محمّد بن الحسين، عن سلام بن بشير الرماني (6) و علي بن إبراهيم التيمي، عن محمّد
ص: 281
الأصبهاني، قال: كنت قاعدا مع معروف بن خرّبوذ بمكّة و نحن جماعة، فمرّ بنا قوم علي حمير معتمرون من أهل المدينة، فقال لنا معروف: سلوهم هل كان بها خبر؟
فسألناهم، فقالوا: مات عبد اللّه بن الحسن [بن الحسن (عليه السلام) فأخبرناه بما قالوا، قال: فلما جاوزوا، مرّ بنا قوم آخرون، فقال لنا: فسألوهم، [فسألناهم] فقالوا: كان عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (عليه السلام) اصابته غشية فأفاق، فأخبرناه بما قالوا، فقال: ما ادري ما يقول هؤلاء و أولئك؟! أخبرني ابن المكرمة- يعني أبا عبد اللّه (عليه السّلام)- ان قبر عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (عليه السّلام) و أهل بيته علي شاطئ الفرات، قال:
فحملهم أبو الدوانيق (1)، فقبروا علي شاطئ الفرات (2).
و روي الصدوق في العيون و الأمالي، عن الحسن بن عبد اللّه بن سعيد، عن الجلودي، عن الأشعث بن محمّد الضّبيّ، عن شعيب بن عمرو (3)، عن أبيه، عن جابر الجعفي، قال: دخلت علي أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) و عنده زيد اخوه، فدخل عليه معروف بن خرّبوذ المكّي، فقال أبو جعفر (عليه السّلام): يا معروف أنشدني من طرائف ما عندك فأنشد:
لعمرك ما ان أبو مالك بوان و لا بضعيف قواه
و لا بألدّ لدي قوله يعاد الحكيم إذا ما نهاهظ.
ص: 282
و لكنه سيّد بارع كريم الطبائع حلو ثناه
إذا سدته سدت مطواعه و مهما و كلت اليه كفاه (1).
قال: فوضع محمّد بن علي (عليهما السلام) يده علي كتفي زيد فقال:
هذه صفتك يا أبا الحسين (2).ظ.
ص: 283
و الظاهر انه احمد الأربعة الذين ذكر الكشي في ترجمة عبد اللّه بن ميمون القداح المكّي مسندا عنه، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: يا بن ميمون كم أنتم بمكّة؟ قلت: نحن أربعة، قال: اما إنّكم نور في ظلمات الأرض (1).
هذا و هناك جملة من الاخبار يستشم منها رائحة القدح فيه بما ينافي الجلالة لا الوثاقة كما قد يتوهم في بعضها.
ففي كتاب سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خرّبوذ المكّي، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: دخلت عليه فانشأت الحديث فذكرت باب القدر، فقال: لا أراك إلّا هناك اخرج عني، قال: قلت: جعلت فداك، إنّي أتوب منه، فقال: لا و اللّه حتي تخرج الي بيتك و تغسل ثوبك و تغتسل و تتوب منه الي اللّه كما يتوب النصراني من نصرانيّته، قال: ففعلت (2).
قلت: من وقف علي ما ورد في أبواب القدر و القضاء و الاستطاعة، و ما وقع من الأجلّاء و الأعاظم في هذا الباب و نهيهم الشديد عن الدخول في بعض أبوابها، علم انّ ما صدر منه عثرة شاركه فيها من هو أعظم قدرا منه، و لولا خوف الإطالة لنقلت جملة منها، و من أرادها فليراجع الأبواب المذكورة.
و في الكشي: حدثني حمدويه، قال: حدثني أيوب بن نوح، قال: حدثنا صفوان بن يحيي، عن عاصم بن حميد، عن سلام بن سعيد الجمحي، قال:
حدثنا أسلم مولي محمّد بن الحنفيّة، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السّلام) جالسا مسندا ظهري إلي زمزم، فمرّ علينا محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن17
ص: 284
الحسن (عليه السّلام).
قال: اما انه سيظهر و يقتل في حال مضيعة، ثم قال: يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فإنه عندك امانة، قال: فحدثت به معروف بن خربوذ، و أخذت عليه مثل ما أخذ عليّ، قال: و كنّا عند أبي جعفر (عليه السّلام) غدوة و عشية أربعة من أهل مكّة، فسأله معروف عن هذا الحديث الذي حدثته، فإني أحبّ ان أسمعه منك.
قال: فالتفت الي أسلم، فقال له أسلم: جعلت فداك، إنّي أخذت عليه مثل الذي أخذته عليّ، فقال أبو جعفر (عليه السّلام): لو كان الناس كلّهم لنا شيعة لكان ثلاثة ارباعهم لنا شكّاكا و الربع الآخر أحمق (1).
و فيه- مضافا الي جهالة أسلم- انّ مرض إذاعة الحقّ و إفشاء السرّ كان من الأمراض العامّة في جلّ أصحابهم (عليهم السلام).
و في غيبة الشيخ الطوسي بإسناده، عن الفضل بن شاذان، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام): ان عليا كان يقول الي السبعين بلاء، و كان يقول: بعد البلاء رخاء، و قد مضت السبعون و لم نر رخاء؟ فقال أبو جعفر (عليه السّلام): يا ثابت، ان اللّه تعالي كان وقّت هذا الأمر في السبعين فلمّا قتل الحسين (عليه السّلام) اشتدّ غضب اللّه علي أهل الأرض فأخّره إلي أربعين و مائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم قناع السّر فأخّره اللّه تعالي و لم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا و يَمْحُوا اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتٰابِ (2).
قال أبو حمزة: و قلت ذلك لأبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال: قد كان9.
ص: 285
ذاك (1).
و في البصائر: عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل ابن صالح، عن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ما أجد من أحدثه، و لو انّي أحدث رجلا منكم بالحديث، فما يخرج من المدينة حتي اوتي بعينه، فأقول: لم اقله (2).
و في أمالي الشيخ بإسناده، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال:
سمعت أبي يقول لجماعة من أصحابه: و اللّه لو ان علي أفواهكم اوكية (3) لاخبرت كلّ رجل منكم ما لا يستوحش [معه] إلي شي ء، و لكن [قد سبقت] فيكم الإذاعة و اللّه بالغ امره (4).
و في البصائر بأسانيد متعدّدة، عن ابن مسكان، قال: سمعت أبا بصير يقول: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): من أين أصاب أصحاب علي (عليه السلام) ما أصابهم مع علمهم بمناياهم و بلاياهم؟ قال: فأجابني شبه المغضب، ممّ ذلك إلّا منهم! قال: قلت: فما يمنعك جعلني اللّه فداك؟ قال:
ذاك باب أغلق، ألا ان الحسين بن علي (عليهما السلام) فتح منه شيئا، ثم قال: يا أبا محمّد انّ أولئك كانت علي أفواههم اوكية (5).
و فيه: عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: قلت له: ما لنا من1.
ص: 286
يحدّثنا بما يكون كما كان علي (عليه السّلام) يحدّث أصحابه؟ قال: بلي [و اللّه] و ان ذلك لكم و لكن هات حديثا واحدا حدّثتكم به فكتمتم، فسكتّ فو اللّه ما حدثني بحديث الّا [و قد] وجدته حدّثت به (1).
و الاخبار في هذا المعني كثيرة.
و العجب ان معروف من الذين رووا الأمر بالكتمان فابتلي بالإذاعة! ففي كتاب سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام)، قال: أ تحبون ان يكذّب اللّه و رسوله، حدّثوا الناس بما يعرفون و أمسكوا عما ينكرون (2).
و في معاني الأخبار بإسناده، عن سلام، عنه، عنه، عنه (عليه السلام) (3) قال: سمعته يقول اظلّتكم فتنة مظلمة عمياء مكتنفة لا ينجو منها الّا النومة، قيل: يا با الحسن و ما النومة؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه (4).
هذا و ممّا يوهم منه القدح ما في الكشي: عن جعفر بن معروف، قال:
حدثنا محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن ابن بكير، عن محمّد بن مروان، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انا و معروف بن خرّبوذ، فكان ينشدني الشعر و أنشده، و يسألني و أسأله، و أبو عبد اللّه (عليه السلام) يسمع، فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ان رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا خير له من ان يمتلئ شعرا.ر.
ص: 287
فقال معروف: إنّما يعني بذلك الذي يقول الشعر، فقال: ويلك، أو ويحك قد قال ذلك رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) (1).
قال السيد أحمد بن طاوس كما في تحرير الطاووسي: رأيت الطعن عليه في مراجعته للصادق (عليه السلام) في إنشاد معروف الشعر، ثم ذكر الطريق، و قال: أقول: انّ في الطريق ضعفاء، لانّ ابن الغضائري قدح في جعفر بن معروف السمرقندي و ان كان غاليا كذّابا، و امّا ابن بكير فإنه فطحي، قال- رحمه اللّه-: و ذكره الكشي ممّن اجتمعت العصابة علي تصديقه و الانقياد له بالفقه من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) (2).
و في التعليقة: - بعد نقل كلامه- و مرّ الجواب منّا عن أمثال هذه الاخبار في زرارة و غيره (3).
و أحسن من الجوابين ما في الشرح: انّ الخبر لا يدلّ علي قدح فيه، فإنه يمكن ان يكون سأله (عليه السّلام) ان المراد به من يقول الشعر أو مطلقا، فقال (عليه السّلام): مطلقا، أو كان ظنّ معني الخبر علي ما قال، فنبهّه (عليه السلام) علي ما قال، و لهذا لما سمع منه (عليه السّلام) ان المعني عامّ لم يتكلّم بعده، و الخطاب بويلك و ويحك غير معلوم عند الراوي، مع ان الخطاب بويلك شائع عند العرب في مقام المدح أيضا، علي ان محمّد بن مروان مجهول، انتهي (4).
و كيف كان فالإجماع الذي نقله الكشي (5) لا يقاومه أمثال ذلك ممّا لا1.
ص: 288
دلالة في متنه و لا قوّة في سنده.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسي، عن المسمعي، عن المعلي بن خنيس و هو مولي الصادق (عليه السلام) كوفي بزّاز قتله داود بن علي (1).
السند صحيح إلي المسمعي، و الي آخره في حكمه لوجود حمّاد من أصحاب الإجماع ان كان المراد من المسمعي عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ بناء علي المشهور من ضعفه، و يحتمل قويّا ان يكون المراد منه مسمع بن عبد الملك كردين كما هو الظاهر في المقام.
و يظهر من العلّامة (2) و في الجامع: و الي المعلي بن خنيس صحيح كما في الخلاصة (3) علي الظاهر من كون المسمعي فيه مسمع بن عبد الملك (4) كردين. إلي آخره، و يؤيّده رواية حمّاد بن عيسي عنه، و لم نقف علي روايته عن الأصم.
و في الاستبصار في باب الجنب يدهن، عن كردين المسمعي. إلي آخره (5).
و في اختصاص المفيد، مسندا عن فضالة بن أيوب، عن رجل من المسامعة اسمه مسمع بن عبد الملك و لقبه كردين. إلي آخره (6).
و امّا المعلي فالكلام فيه في مواضع:
الأول: في أسباب وثاقته و مدحه و هي أمور:
ص: 289
أ- قول الشيخ في كتاب الغيبة، قال- و قبل ذكر من كان سفيرا حال الغيبة-: نذكر طرفا من اخبار من كان يختص بكلّ امام و يتولّي له الأمر علي وجه من الإيجاز، و نذكر من كان ممدوحا منهم حسن الطريقة، و من كان مذموما سيّ ء المذهب، ليعرف الحال في ذلك- الي ان قال-:
فمن الممدوحين حمران بن أعين- الي ان قال-: و منهم المعلّي بن خنيس، و كان من قوّام أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و انّما قتله داود بن علي بسببه، و كان محمودا عنده و مضي علي منهاجه و امره مشهور، فروي عن أبي بصير، قال: لمّا قتل داود بن علي المعلي بن خنيس فصلبه، عظم ذلك علي أبي عبد اللّه (عليه السلام) و اشتدّ عليه، و قال له: يا داود علي ما قتلت مولاي و قيّمي في مالي و علي عيالي؟ و اللّه انه لأوجه عند اللّه منك- في حديث طويل- و في خبر آخر:
انه قال: اما و اللّه لقد دخل الجنّة (1).
و قال في الخلاصة: قال الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب الغيبة، بغير اسناد: انّه كان من قوّام أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، و كان محمودا عنده و مضي علي منهاجه، و هذا يقتضي وصفه بالعدالة (2).
ب- رواية ابن أبي عمير عنه كما في التهذيب في باب بيع الماء و المنع منه (3)، و في الاستبصار في باب بيع الزرع الأخضر (4).
و حماد بن عثمان فيه في باب النحل و الهبة (5)، و في الكافي في باب سيرة الإمام في نفسه في المطعم و الملبس (6).2.
ص: 290
و عبد اللّه بن مسكان في الكافي في باب الرضا بموهبة الايمان مرّتين (1)، و مرتين في باب من آذي المسلمين (2)، و في التهذيب في باب تفصيل أحكام النكاح (3).
و جميل بن درّاج في الكافي في باب الرجل يطأ علي العذرة (4)، و في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس من أبواب الزيادات (5).
و من أضرابهم من الأجلاء: يحيي الحلبي (6)، و عبد اللّه بن أبي يعفور (7)، و حريز (8)، و عبد الكريم الخثعمي (9)، و علي بن الحكم (10)، و شعيب الحداد (11)، و داود بن فرقد (12)، و هشام بن سالم (13)، و سيف بن عميرة (14)، و عنبسة بن بجاد (15)، و علي بن عطيّة (16)، و معلي بن زيد (17)،4.
ص: 291
و إبراهيم بن عمرو (1)، و إسحاق بن عمّار (2)، و سعدان بن مسلم (3).
و رواية هؤلاء عنه إذا انضمّت إلي رواية أصحاب الإجماع و رواية ابن أبي عمير كانت من أعظم شواهد العدالة و أجلّ أمارات الوثاقة.
ج- جملة من الاخبار، ففي الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح، قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) يدعي علي المعلّي بن خنيس دينا عليه، و قال:
ذهب بحقّي، فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ذهب بحقّك الذي قتله، ثم قال الوليد: قم الي الرجل فاقضه [من] حقه، فإني أريد أن أبرد عليه جلده الذي كان باردا (4)، و رواه الشيخ في التهذيب عن عليّ مثله (5).
و فيه في كتاب الروضة بالإسناد: عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: دخلت عليه يوما، فألقي إليّ ثيابا، و قال: يا وليد ردّها علي مطاويها (6)، فقمت بين يديه، فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): رحم اللّه المعلّي بن خنيس، فظننت أنه شبه قيامي بين يديه بقيام المعلّي بين يديه ثم قال:
أف للدنيا [أف للدنيا انما الدنيا] دار بلاء يسلّط اللّه فيها عدوّه علي وليّه (7)، و الروايتان صحيحتان.ة.
ص: 292
و فيه في باب القرض: عن العدّة، عن سهل بن زياد، عن احمد بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن عقبة بن خالد، قال: دخلت انا و المعلي و عثمان ابن عمران علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فلما رآنا، قال: مرحبا مرحبا بكم، وجوه تحبّنا و نحبّها جعلكم اللّه معنا في الدنيا و الآخرة (1).
و في الكشي: حمدويه بن نصير، قال: حدثني العبيدي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال حدثني إسماعيل بن جابر، قال: كنت مع أبي عبد اللّه (عليه السّلام) مجاورا بمكّة، فقال لي: يا إسماعيل اخرج حتي تأتي مروا (2) أو عسفان، فسأل هل حدث بالمدينة حدث؟ قال: فخرجت حتي أتيت مروا فلم الق أحدا، ثم مضيت حتي أتيت عسفان فلم يلقني احد، فلما خرجت منها لقيني عير تحمل زيتا من عسفان، فقلت لهم: هل حدث بالمدينة حدث؟ قالوا: لا، الّا قتل هذا العراقي الذي يقال له: المعلي بن خنيس، قال:
فانصرفت الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام).
فلما رآني، قال لي: يا إسماعيل قتل المعلّي بن خنيس؟ فقلت: نعم، فقال: أما و اللّه لقد دخل الجنّة.
و عن محمّد بن مسعود، قال: كتب اليّ الفضل، قال: حدثنا ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن جابر، قال: قدم أبو إسحاق (عليه السّلام) (3) من مكّة، فذكر له قتل المعلّي بن خنيس، قال: فقام مغضبا يجرّ ثوبه، فقال له إسماعيل ابنه: يا أبه أين تذهب؟ قال: لو كانت نازلةم.
ص: 293
لأقدمت عليها، فجاء حتي دخل علي داود بن علي، فقال له: يا داود لقد أتيت ذنبا لا يغفره اللّه لك، قال: و ما ذاك الذنب؟ قال: قتلت رجلا من أهل الجنّة، ثم مكث ساعة، ثم قال: ان شاء اللّه، فقال له داود: و [أنت] قد أتيت ذنبا لا يغفره اللّه لك، قال: و ما ذاك الذنب؟ قال: زوّجت ابنتك فلانا الأموي، قال: ان كنت زوّجت فلانا [الأموي]، فقد زوّج رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) عثمان، ولي برسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) أسوة، قال: ما انا قتلته، قال: فمن قتله؟ قال: قتله السيرافي، قال: فأقدنا منه، قال: فلما كان من الغد غدا [إلي] السيرافي فأخذه فقتله، فجعل يصيح: يا عباد اللّه يأمروني أن اقتل لهم الناس ثم يقتلوني (1).
و عن احمد بن منصور، عن احمد بن الفضل، عن محمّد بن زياد، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن إسماعيل بن جابر، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال لي: يا إسماعيل قتل المعلّي؟ قلت: نعم، قال: اما و اللّه لقد دخل الجنّة (2).
و بإسناده عن ابن أبي نجران، عن حمّاد الناب، عن المسمعي، قال: لمّا أخذ داود بن علي المعلي بن خنيس حبسه و أراد قتله، فقال له معلّي: أخرجني إلي الناس، فإن لي دينا كثيرا و مالا حتّي اشهد بذلك، فأخرجه إلي السوق، فلما اجتمع الناس، قال: يا ايّها الناس انا معلّي بن خنيس، فمن عرفني فقد عرفني، اشهدوا انّ ما تركت من مال عين، أو دين، أو امة، أو عبد، أو دار، أو قليل، أو كثير فهو لجعفر بن محمّد (عليهما السلام)، قال: فشدّ عليه صاحب شرطة داود فقتله.4.
ص: 294
قال: فلما بلغ ذلك أبا عبد اللّه (عليه السّلام)، خرج يجرّ ذيله حتي دخل علي داود بن علي و إسماعيل ابنه خلفه، فقال: يا داود قتلت مولاي و أخذت مالي؟ فقال: ما انا قتلته و لا أخذت مالك، قال: فو اللّه لأدعون اللّه علي من قتل مولاي و أخذ مالي، قال: ما قتلته و لكن قتله صاحب شرطتي، فقال: بإذنك أو بغير إذنك؟ قال: بغير اذني، قال: يا إسماعيل شأنك به، قال:
فخرج إسماعيل و السيف معه حتي قتله في مجلسه.
قال حمّاد: و أخبرني المسمعي، عن معتب، قال: فلم يزل أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ليلته ساجدا و قائما، قال: فسمعته (عليه السّلام) في آخر الليل و هو ساجد ينادي: اللهم إنّي أسألك بقوّتك القويّة، و بمجالك الشديد، و بعزّتك التي [جلّ] (1) خلقك لها ذليل، ان تصلّي علي محمّد و آل محمّد، و ان تأخذه الساعة، قال: فو اللّه ما رفع رأسه من سجوده حتي سمعنا الصائحة، فقالوا: مات داود بن علي، فقال: أبو عبد اللّه (عليه السّلام): انّي دعوت اللّه [عليه] بدعوة بعث بها اللّه اليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة انشقت منها مثانته (2).
و رواه ثقة الإسلام في الكافي عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن حمّاد بن عثمان، عن المسمعي، قال: لمّا قتل داود بن علي المعلي بن خنيس، قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): لأدعون اللّه علي من قتل مولاي، و أخذ مالي، فقال له داود بن علي: انّك لتهدّدني بدعائك، قال حمّاد: قال المسمعي. و ساق مثله، و في آخره: فمات (3).5.
ص: 295
قال: (1) وجدت بخط جبرئيل (2) بن أحمد، حدثني محمّد بن عبد اللّه بن مهران، قال: حدثني محمّد بن علي الصيرفي، عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي العلاء و أبي المعزي، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول- و جري ذكر المعلّي بن خنيس- فقال: يا أبا محمّد اكتم عليّ ما أقول لك في المعلي، قلت: أفعل، فقال: اما انه ما كان ينال درجتنا الّا بما ينال منه داود بن علي، قلت: و ما الذي يصيبه من داود؟ قال: يدعو به، فيأمر به، فيضرب عنقه، و يصلبه.
قلت: انا للّه و انا إليه راجعون، قال: ذاك قابل، قال: فلما كان قابل، ولي المدينة فقصد المعلّي، فدعاه و سأله عن شيعة أبي عبد اللّه (عليه السّلام)،4.
ص: 296
و ان يكتبهم له، فقال: ما اعرف من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أحدا، و انّما أنا رجل اختلف في حوائجه، و ما اعرف له صاحبا، فقال:
أ تكتمني؟ اما انّك ان كتمتني قتلتك، فقال له المعلي: بالقتل تهدّدني؟! و اللّه لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم، و لئن قتلتني لتسعدني و أشقيك، فكان كما قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) لم يغادر منه قليلا و لا كثيرا (1).
و رواه أبو جعفر الطبري في دلائل الإمامة، قال: روي الحسين، قال:
أخبرنا أحمد بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن علي بن محمّد، عن الحسن بن العلاء [و أبي المغراء] (2) جميعا، عن أبي بصير- و ساق الي قوله-: و لئن قتلتني ليسعدني اللّه إنشاء اللّه و يشقيك اللّه، فقتله (3).
و رواه ابن شهرآشوب في المناقب، قال: قال أبو بصير: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول- و قد جري ذكر المعلي بن خنيس- فقال: يا أبا محمّد اكتم ما أقول لك في المعلّي، و ساق الي قوله: لو كانوا تحت قدمي ما رفعت [قدمي] عنهم، و ان أنت قتلتني لتسعدني و لتشقين، فلما أراد قتله، قال المعلي:
أخرجني إلي الناس، فإن لي أشياء كثيرة حتي اشهد بذلك، فأخرجه إلي السوق، فلمّا اجتمع الناس، قال: يا ايّها الناس اشهدوا انّ ما تركت من مال عين، أو دين، أو أمة أو عبد، أو دار، أو قليل، أو كثير فهو لجعفر بن محمّد (عليهما السلام)، فقتل (4).ه.
ص: 297
[و روي] الشيخ المفيد في رسالة الذبائح (1) و السيد المرتضي في مسائل الطرابلسيات: عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين ابن المختار، عن الحسين بن عبد اللّه (2) قال: اصطحب المعلّي بن خنيس و عبد اللّه بن أبي يعفور، فأكل أحدهما ذبيحة اليهودي و النصراني، و امتنع الآخر عن أكلها، فلمّا اجتمعا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، أخبراه بذلك، فقال (عليه السّلام): أيّكما الذي ابي؟ قال المعلي: انا، فقال (عليه السّلام):
أحسنت (3).
قلت: روي الكشي عكس ذلك عن حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمّد بن عيسي. و محمّد بن مسعود قال: حدثني محمّد بن نصير، قال: حدثنا محمّد بن عيسي، عن سعيد بن جناح، عن عدّة من أصحابنا. و قالظ.
ص: 298
العبيدي (1): - و حدثني به أيضا عن ابن أبي عمير- ان ابن أبي يعفور و معلّي بن خنيس كانا بالنيل علي عهد أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فاختلفا في ذبائح اليهود، فأكل معلّي و لم يأكل ابن أبي يعفور، فلما صارا الي أبي عبد اللّه (عليه السلام) أخبراه فرضي بفعل ابن أبي يعفور و خطأ المعلّي في أكله إيّاه (2).
و جلالة مقام ابن أبي يعفور يقتضي صحّة ما في الكشي الّا ان علوّ شأن المفيد و السيد و اتقانهما في النقل يوجب تقديم ما اسنداه.
و في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، [عن محمد بن إسماعيل]، عن أبي إسماعيل السراج، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، ان الذي دعي به أبو عبد اللّه (عليه السّلام) علي داود بن علي حين قتل المعلي بن خنيس و أخذ مال أبي عبد اللّه (عليه السّلام): اللهم إنّي أسألك بنورك الذي لا يطفي، و بعزائمك التي لا تخفي، و بعزّتك التي لا تنقضي (3)، و بنعمتك التي لا تحصي، و بسلطانك الذي كففت به فرعون عن موسي (عليه السّلام) (4).
الشيخ المفيد في الإرشاد (5) و الطبرسي في إعلام الوري: روي ان داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس قتل المعلّي بن خنيس- مولي جعفر بن محمّد (عليهما السلام)- و أخذ ماله، فدخل عليه جعفر (عليه السّلام) و هو يجرّ رداءه، فقال له: قتلت مولاي و أخذت مالي أما علمت ان الرجل ينام علي الثكل و لا ينام علي الحرب؟ اما و اللّه لأدعون اللّه عليك، فقال له داود: تهدّدني بدعائك3.
ص: 299
كالمستهزئ بقوله، فرجع أبو عبد اللّه (عليه السّلام) الي داره، فلم يزل ليله كلّه قائما و قاعدا حتي إذا كان السحر، سمع و هو يقول في مناجاته: يا ذا القوّة القويّة، و يا ذا المحال الشديدة، و يا ذا العزّة التي كلّ خلقك لها ذليل، اكفني هذا الطاغية و انتقم لي منه، فما كان [إلّا] ساعة حتي ارتفعت الأصوات بالصياح و قيل: [قد] مات داود بن علي الساعة (1).
و روي ابن شهرآشوب قتل داود المعلّي، و دعاء الصادق (عليه السّلام) عليه و هلاكه، عن الأعمش و الربيع و ابن سنان و علي بن أبي حمزة و الحسين بن أبي العلاء و أبي المغراء و أبي بصير قريبا ممّا مرّ، ثم قال: و في رواية لبانة بنت عبد اللّه ابن العباس: بات داود تلك الليلة حائرا قد أغمي عليه، فقمت افتقده [في الليل] فوجدته مستلقيا علي قفاه و ثعبان قد انطوي علي صدره و جعل فاه علي فيه، فأدخلت يدي في كمي فتناولته، فعطف فاه الي، فرميت به فانساب في ناحية البيت، و انتبه داود، فوجدته حائرا قد احمرت عيناه، فكرهت ان أخبره بما كان و جزعت عليه، ثم انصرفت فوجدت ذلك الثعبان كذلك، ففعلت به مثل الذي فعلت [في] المرّة الاولي و حركت داود فأصبته ميّتا، فما رفع جعفر (عليه السّلام) رأسه من سجوده حتي سمع الواعية (2).
الشيخ المفيد في الاختصاص بإسناده عن احمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّي بن خنيس، قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في بعض حوائجه، فقال لي: مالي أراك كئيبا حزينا؟ فقلت: ما بلغني من أمر العراق و ما فيها من هذه الوباء فذكرت عيالي، فقال: أ يسرك ان تراهم؟ فقلت: وددت و اللّه، قال: فاصرفه.
ص: 300
وجهك، فصرفت وجهي، ثم قال: اقبل بوجهك، فإذا داري متمثلة نصب عيني، فقال لي: ادخل دارك، فدخلت، فإذا لا افقد من عيالي صغيرا و لا كبيرا الّا هو في داري بما فيها فقضيت وطري ثم خرجت، فقال (عليه السّلام) اصرف وجهك، فصرفته، فلم أر شيئا (1).
و رواه أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في الدلائل عن احمد بن الحسين مثله مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ المتن (2).
القطب الراوندي في الخرائج: عن محمّد بن مسلم، قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه المعلّي بن خنيس باكيا، قال: و ما يبكيك؟
قال: بالباب قوم يزعمون ان ليس لكم [عليهم] (3) فضل و انّكم و هم شي ء واحد، فسكت، ثم دعا بطبق من تمر فحمل منه تمرة فشقّها نصفين و أكل التمر و غرس النوي في الأرض، فنبتت فحملت بسرا و أخذ منها واحدة فشقّها و اخرج منه رقّا و دفعه الي المعلّي، و قال: اقرأه، و إذا فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه علي المرتضي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين واحدا واحدا الي الحسن بن علي و ابنه (عليهم السلام) (4).
الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: بإسناده عن أبي بصير، قال:
سمعت أبا عبد اللّه الصادق (عليه السّلام) يقول- و قد ذكر المعلّي بن خنيس- فقال: رحم اللّه المعلّي بن خنيس، فقلت: يا مولاي ما كان المعلي؟ قال: و اللّه ما نال المعلي من درجتنا الّا بما نال منه داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس، قلت: جعلت فداك، و ما الذي يناله من داود، قال: يدعو به- إذا تقلد المدينة4.
ص: 301
عليه لعنة اللّه و سوء الدار- و يطالبه بان يثبت له أسماء شيعتنا و أوليائنا ليقتلهم، فلا يفعل، فيضرب عنقه فيصلبه.
فقلت: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، و متي يكون ذلك؟ قال: من قابل، قال: فلما كان ولي المدينة داود، فاحضر المعلّي بن خنيس فسأله عن شيعة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و أوليائه ان يكتبهم، فقال له المعلي: ما اعرف من شيعته و أوليائه أحدا، و انّما أنا وكيله، أنفق علي عياله، و اتردّد في حوائجه، لا اعرف له شيعة و لا صاحبا، قال: تكتمني امّا ان تقول لي و الّا قتلتك، فقال له المعلّي: أ بالقتل تهدّدني؟ و اللّه لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم، و لئن قتلتني يسعدني اللّه و يشقيك، فأمر به فضربت عنقه، فصلب علي باب [قصر] الامارة.
فدخل عليه أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال: يا داود بن علي قتلت مولاي و وكيلي في مالي، [و ثقتي] (1) علي عيالي؟ قال: ما انا قتلته، قال: فمن قتله؟ قال: ما ادري، قال الصادق (عليه السّلام): ما رضيت ان قتلته و صلبته حتي تكذب و تجحد، و اللّه ما رضيت ان قتلته عدوانا و ظلما حتي صلبته، تريد ان تشهره و تنوه بقتله لانه مولاي، و اللّه انه عند اللّه لأوجه منك و من أمثالك، و لك منزله في النار فانظر كيف تخلص منها، و اللّه لأدعون عليك فيقتلك كما قتلته، قال له داود بن علي: تهدّدني بدعائك؟ فاصنع ما أنت صانع، ادع اللّه لنفسك فإذا استجاب لك فادع عليّ.
فخرج أبو عبد اللّه (عليه السّلام) من عنده مغضبا، فلما جنّ [عليه] الليل، اغتسل و لبس ثياب الصلاة و ابتهل الي اللّه عزّ و جلّ و علا، و قال: يا ذا يا ذوي يا ذويه آت اليه سهما من سهامك يفلق قلبه، ثم قال لغلامه: أخرجر.
ص: 302
و اسمع الصراخ علي داود بن علي، فرجع الغلام، فقال: يا مولاي الصراخ عال عليه و قد مات، فخرّ أبو عبد اللّه (عليه السّلام) ساجدا، و هو يقول في سجوده: شكرا للكريم شكرا للدائم القائم الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه و يكشف السوء.
و أصبح داود ميّتا و الشيعة يهرعون الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) يهنّئونه، فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): لقد مات علي دين أبي لهب لعنهما اللّه، و لقد دعوت اللّه عليه بثلاث كلمات لو دعوت اللّه لأزال الأرض و من عليها فأجابني فيه فعجل به الي امّه الهاوية (1).
الي غير ذلك ممّا ورد في هذا الباب، و تأتي جملة منها أيضا في الموضع الثالث، و تحصل من جميعها- و فيه الصحاح و غيرها المؤيد بها- انه من أولياء اللّه، و انه من أهل الجنّة و دخلها بعد قتله، و انه (عليه السّلام) كان يحبه، و انه كان وكيله و قيّمه علي نفقات عياله، و مرّ في (شط) (2) في ترجمة مصادف ما يتعلّق بهذا المقام، و انه كان قويّ الإيمان ثابت الولاية مؤثرا نفسه علي نفوس اخوانه.
و ان الصادق (عليه السّلام) ما قنع بقتل قاتله حتي اهتم بالدعاء علي الأمر به فأهلكه، و لم ينقل عنه مثله أو بعضه بالنسبة الي احد من المقتولين من أقاربه فضلا عن غيرهم، و غير ذلك ممّا يستكشف من تلك الاخبار و يستدلّ بها علي وثاقته و جلالته و اختصاصه التام به و انه نال درجة ولايتهم.
د- ما في التعليقة قال رحمه اللّه: و يظهر من مهج الدعوات لابن طاوس، و غيره كونه من أشهر وكلاء الصادق (عليه السّلام) و أجلّهم، و انه قتل بسبب ذلك، و انه كان يجبي الأموال إليه (عليه السّلام) انتهي (3).7.
ص: 303
ولي في استفادة ذلك ممّا في المهج تأمّل يأتي وجهه عند نقله إنشاء اللّه تعالي.
ه- ما في النجاشي: له كتاب يرويه جماعة (1)، فإنه من الامارات الجليّة علي الاعتماد عليه كما مرّ غير مرّة و يأتي توضيحه ان شاء اللّه تعالي.
الثاني (2): في أسباب قدحه و هي أيضا أمور:
أ- ما في النجاشي قال: معلّي بن خنيس مولي الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، و من قبله كان مولي بني أسد، كوفي بزّاز، ضعيف جدا لا يعوّل عليه، له كتاب. إلي آخره (3).
ب- ما في الغضائري علي ما نقله الخلاصة (4) و النقد: كان أول أمره مغيريّا (5)، ثم دعا الي محمّد بن عبد اللّه النفس الزكية، و في هذه الظنّة أخذه داود بن علي فقتله، و الغلاة يضيفون اليه أشياء كثيرة، و لا اري الاعتماد علي شي ء من حديثه (6).
ج- جملة من الروايات ففي الكشي: محمّد بن الحسن البرناني (7) و عثمان،5.
ص: 304
قالا: حدثنا محمّد بن يزداد، عن محمّد بن الحسين، عن الحجّال (1)، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي العباس البقباق، قال: تذاكر ابن أبي يعفور و معلّي ابن خنيس، فقال ابن أبي يعفور: الأوصياء علماء ابرار اتقياء، و قال معلّي بن خنيس: الأوصياء أنبياء، قال: فدخلا علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال:
فلمّا استقر مجلسهما، قال: فبدأهما أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال: يا عبد اللّه ابرأ ممّن قال انّا أنبياء (2).
و عن إبراهيم بن محمّد بن العباس الختلي، قال: حدثنا احمد بن إدريس القمي المعلّم، قال: حدثني [محمد بن أحمد] (3) بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّه بن القاسم، عن حفص الأبيض التمّار، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أيام طلب المعلّي بن خنيس رحمه اللّه، فقال لي: يا حفص إنّي أمرت المعلّي فخالفني فابتلي بالحديد، انّي نظرت اليه يوما و هو كئيب حزين، فقلت: يا معلّي كأنّك ذكرت أهلك و عيالك؟ فقال: أجل، قلت: ادن مني، فدنا منّي، فمسحت وجهه، فقلت:
اين تراك؟ فقال: أراني في أهل بيتي و هو ذا زوجتي و هذا ولدي، قال: فتركته حتي تملأ منهم، و استترت منهم حتي نال ما ينال الرجل من اهله، ثم قلت:
ادن مني، فدنا مني، فمسحت وجهه، فقلت: اين تراك؟ فقال: أراني معك في المدينة.ظ.
ص: 305
قال: قلت: يا معلّي انّ لنا حديثا من حفظه علينا حفظ اللّه عليه دينه و دنياه، يا معلّي لا تكونوا أسراء في أيدي الناس بحديثنا ان شاؤا منّوا عليكم و ان شاؤا قتلوكم، يا معلّي انه من كتم الصعب من حديثنا جعله اللّه نورا بين عينيه و زوّده القوّة في الناس، و من أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتي يعضّه السلاح أو يموت بخبل، يا معلّي أنت مقتول فاستعد (1).
و عن أبي علي احمد بن علي السلولي المعروف بشقران، قال: حدثنا الحسين بن عبد اللّه القمي، عن محمّد بن أورمة، عن يعقوب بن يزيد، عن سيف بن عميرة، عن المفضّل بن عمر الجعفي، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) يوم صلب فيه المعلّي، فقلت له: يا بن رسول اللّه، الا تري الي هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا؟ قال: و ما هو؟ قال، فقلت:
قتل المعلّي بن خنيس، قال: رحم اللّه المعلّي، قد كنت اتوقع ذلك، لأنه أذاع سرّنا، و ليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤنة علينا من المذيع سرّنا، فمن أذاع سرّنا الي غير اهله لم يفارق الدنيا حتي يعضّه السلاح أو يموت بخبل (2).
و رواه الصفار في البصائر، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب مثله سواء (3).
سعد بن عبد اللّه في كتاب بصائره علي ما نقله عنه الشيخ الحسن بن سليمان الحلّي في منتخبه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبي الربيع الورّاق، عن بعض أصحابه، عن حفص الأبيض، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أيام قتل المعلّي بن خنيس و صلبه، فقال: يا حفص انّي نهيت المعلّي عن أمر فأذاعه، فابتلي بما تري، قلت له: ان2.
ص: 306
لنا حديثا من حفظه علينا حفظ اللّه عليه دينه و دنياه، و من اذاعه علينا سلبه اللّه، يا معلّي لا تكونوا أسري في أيدي الناس ان شاؤا منّوا عليكم و ان شاؤا قتلوكم، يا معلّي انه من كتم الصعب من حديثنا جعله اللّه نورا بين عينيه و رزقه العزّ في الناس، يا معلّي من أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتي يعضّه السلاح أو يموت بخبل، انّي رأيته يوما حزينا، فقلت: ما لك ذكرت أهلك و عيالك؟ فقال: نعم، فمسحت وجهه، فقلت: اين تراك؟ فقال: أراني في أهلي مع زوجتي و عيالي، فتركته في تلك الحال مليّا، ثم مسحت وجهه، فقلت:
اين تراك؟ فقال: أراني معك في المدينة، فقلت له: احفظ ما رأيت و لا تذعه، فقال لأهل المدينة: ان الأرض تطوي لي، فأصابه ما رأيت (1).
و روي أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في الدلائل بإسناده عن محمّد ابن الحسين، عن موسي بن سعدان، عن حفص الأبيض التمار، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أيّام صلب المعلّي بن خنيس، فقال لي: يا حفص إنّي أمرت المعلّي بأمر فخالفني، فابتلي بالحديد، انّي نظرت اليه يوما فرأيته كئيبا حزينا، فقلت له: ادن مني، فدنا مني، فمسحت وجهه بيدي، و قلت له: أين أنت؟ قال: يا سيدي انا في منزلي، هذه و اللّه زوجتي و ولدي، فتركته حتي قضي و طره منهم [و استترت] (2) منه حتي نال حاجته من اهله و ولده حتي كان منه الي أهله ما يكون من الزوج إلي المرأة، ثم قلت له: ادن منّي، فدنا، فمسحت وجهه، و قلت له: أين أنت؟ فقال: انا معك في المدينة و هذا بيتك.
فقلت له: يا معلّي انّ لنا حديثا من حفظه علينا حفظه اللّه و حفظ عليهظ.
ص: 307
دينه و دنياه، يا معلّي لا تكونوا أسراء في أيدي الناس بحديثنا ان شاؤا منّوا عليكم و ان شاؤا قتلوكم، يا معلّي انه من كتم الصعب من حديثنا جعله اللّه نورا بين عينيه و أعزّه في الناس من غير عشيرة، و من اذاعه لم يمت حتي يذوق عضّة الحديد و ألحّ عليه الفقر و الفاقة في الدنيا حتي يخرج منها و لا ينال منها شيئا و عليه في الآخرة غضب و له عذاب اليم، ثم قلت له: يا معلّي أنت مقتول فاستعد (1).
محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، عن عبد الواحد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن رباح الزهري، عن محمّد بن العباس [الختلي] (2) عن [الحسن] (3) بن علي بن أبي حمزة البطائني، عن حفص بن نسيب فرعان (4)، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أيّام قتل المعلّي بن خنيس مولاه، فقال لي: يا حفص حدّثت المعلّي بأشياء فأذاعها فابتلي بالحديد، انّي قلت له:
ان لنا حديثا من حفظه علينا حفظه اللّه و حفظ عليه دينه و دنياه، و من اذاعه علينا سلبه اللّه دينه و دنياه، يا معلّي انّه من كتم الصعب من حديثنا جعله اللّهظ.
ص: 308
نورا بين عينيه و رفعه و رزقه العزّ في الناس، و من أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتي يعضّه السلاح أو يموت متحيّرا (1).
هذا تمام ما وجدناه في كتب الأحاديث ممّا فيه ما يوهم القدح فيه.
الثالث: في الجواب عن تلك الوجوه:
امّا عن الأول فإن النجاشي و ان كان أضبط و أتقن و يقدّم قوله عند التعارض مضافا الي تقديم الجرح، الّا انّه حيث يلاحظ قوله مع قول الشيخ مثلا من دون النظر الي المرجحات الخارجية، و امّا في مثل المقام الذي أيّد كلام الشيخ بالأخبار المستفيضة و فيها الصحاح و ما في حكمها الصريحة في الموافقة فلا اعتبار بما في النجاشي، خصوصا بعد ما علم من حاله من قلّة اطّلاعه علي الأحاديث، كما يظهر ذلك ممّا مر في ترجمة جابر الجعفي في (نز) (2).
و بالجملة فلا يجوز رفع اليد عن الخبر الصحيح و ما يقرب منه بقول النجاشي مع عدم ذكره سبب الضعف و احتمال استناده الي ما استند اليه الغضائري الموهون بما يأتي، مع انّ ظاهر النجاشي و الغضائري ضعف المعلّي من أول أمره، و انه ضعيف في نفسه لا باعتبار ما صدر منه من الإذاعة التي أشير إليها في اخبار القدح، و الاخبار المتقدمة حتي الطائفة الثانية منها متفقة علي حسن حاله و أمانته قبلها، و لا يجوز طرح هذه الاخبار القريبة من التواتر لقولهما المبتلي بالمعارض الموهون بضعف السبب كما يأتي.
و اما عن الثاني: اما عن كونه مغيريّا فبعد التسليم فبعدم مضرّيّته لاتفاق الأخبار المتقدمة علي إماميته و حسن حاله بعد ذلك، و كيف يجوّز العاقل ان يكون في أيام خدمته و قيمومته علي عياله (عليه السّلام) الي آخر عمره من7.
ص: 309
أصحاب المغيرة الذي تواتر عنه (عليه السّلام) لعنه و البراءة منه؟! و مغيريّته قبل ذلك- ان صحّت- لا تضرّ برواياته بعد رجوعه و توبته كغيره من الأعاظم الذين زلّوا فثبتوا، وقفوا ثم رجعوا و هم جمّ غفير.
و امّا عن كونه من دعاة محمّد بن عبد اللّه فإنه من الأكاذيب الواضحة بعد ملاحظة احاديث العترة الطاهرة، فروي الصفار في البصائر، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيي، عن العيص بن القاسم، عن المعلّي بن خنيس، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): ما من نبيّ، و لا وصيّ، و لا ملك إلّا في كتاب عندي، لا و اللّه ما لمحمّد بن عبد اللّه بن الحسن فيه اسم (1).
و رواه أيضا، عن [عبد اللّه بن جعفر] (2) عن محمّد بن عيسي، عن صفوان مثله (3).
و عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم و جعفر بن بشير، عن عنبسة، عن المعلّي بن خنيس، قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إذ أقبل محمّد بن عبد اللّه [بن الحسن] فسلّم ثم ذهب، فرّق له أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و دمعت عينه (4)، فقلت له: لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع، قال: رققت له، لانّه ينسب في (5) أمر ليس له، لم أجده في كتاب علي (عليه السّلام) من خلفاء هذه الأمة و لا من ملوكها (6).
و رواه ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين1.
ص: 310
مثله (1).
و قال رضي الدين علي بن طاوس في مهج الدعوات: وجدت في كتاب عتيق بخطّ الحسين بن علي بن هند، قال: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز القرشي، قال: حدثنا محمّد بن عيسي بن عبيد بن يقطين، قال: حدثنا بشر (2) ابن [حماد] (3)، عن صفوان بن مهران الجمّال، قال: رفع رجل من قريش المدينة من بني مخزوم الي أبي جعفر المنصور- و ذلك بعد قتله لمحمّد و إبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن- إن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) بعث مولاه المعلّي بن خنيس لجباية الأموال من شيعته، و إنه كان يمدّ عنها (4) محمّد بن عبد اللّه، فكاد المنصور أن يأكل كفّه علي جعفر (عليه السلام) غيظا، و كتب الي عمّه داود بن علي، و داود إذ ذاك أمير المدينة، ان يسيّر اليه جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، و لا يرخّص له في التّلوّم (5) و المقام، فبعث اليه داود بكتاب المنصور، و قال له:م.
ص: 311
اعمل (في) (1) المسير الي أمير المؤمنين في غد و لا تتأخر.
قال صفوان و كنت بالمدينة يومئذ، فأنفذ اليّ جعفر (عليه السّلام)، فصرت اليه، فقال لي: تعهّد راحلتنا، فإنّا غادون في غد إن شاء اللّه العراق، و نهض من وقته و انا معه الي مسجد النبي (صلّي اللّه عليه و آله)، و كان ذلك بين الاولي و العصر، فركع [فيه] (2) ركعات، ثم رفع يديه، فحفظت يومئذ من دعائه (عليه السّلام) يا من ليس له ابتداء، الدعاء.
قال: فلمّا أصبح أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، رحلت له الناقة و صار متوجّها الي العراق حتي قدم مدينة أبي جعفر و اقبل حتي أستأذن فأذن له، قال صفوان: فأخبرني بعض من شهد عند أبي جعفر، فلما رآه أبو جعفر قرّبه و أدناه، ثم استدعي قصّة الرافع علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، يقول في قصّته:
إنّ معلّي بن خنيس مولي جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يجبي له الأموال من جميع الآفاق، و انه مدّ بها محمّد بن عبد اللّه، فدفع إليه القصّة، فقرأها أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، فأقبل إليه المنصور، و قال: يا جعفر بن محمّد ما هذه الأموال التي يجبيها لك معلّي بن خنيس؟ فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): معاذ اللّه من ذلك يا أمير المؤمنين، قال له: تحلف علي براءتك من ذلك؟ قال: نعم احلف باللّه انه ما كان من ذلك شي ء (3). إلي آخر ما تقدّم في كتاب الأيمان في باب جواز استحلاف الظالم بالبراءة من حول اللّه و قوته (4).2.
ص: 312
و في آخر الخبر: إنّ المنصور احضر القرشي النّمام الساعي، فأحلفه أبو عبد اللّه (عليه السّلام) بهذه اليمين، فلم يستتم الكلام حتي أجذم و خرّ ميّتا، فراع أبو جعفر ذلك و ارتعدت فرائصه، فقال: يا أبا عبد اللّه سر من غد الي حرم جدّك ان اخترت ذلك، و إن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك و برّك، فو اللّه لا قبلت عليك قول احد بعدها ابدا (1).
و العجب ان المنصور عرف كذب القرشي الخزومي و الغضائري صدقه في ما نسب الي المعلّي و أثبته في كتابه و القي العلماء في مهلكة سوء الظن به! و ممّا يزيد في توضيح هذا الكذب الصريح، إنّ أبا الفرج الأصفهاني الخبير بفنون التواريخ قد استقصي في مقاتل الطالبيين كلّ من كان مع محمّد قتل أو لم يقتل، و شرح حال محمّد من أوّله الي آخره (2)، و ليس لمعلّي ذكر في كتابه أصلا، و لا يمكن عادة اطّلاع الغضائري عليه و خفاءه علي مثل أبي الفرج المتقدم عليه.
و ممّا يؤيّده أيضا ما رواه الطبرسي في الاحتجاج، عن ابن أبي يعفور (3)، قال: لقيت أنا و معلّي بن خنيس الحسن (4) بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، فقال: يا يهودي فأخبرنا بما قال [فينا] (5) جعفر بنر.
ص: 313
محمّد (عليهما السلام)، فقال [عليه السّلام]: هو و اللّه أولي باليهودية منكما، إنّ اليهودي من شرب الخمر (1).
و بهذا الاسناد، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام، يقول: لو توفّي الحسن بن الحسن بالزنا و الربا و شرب الخمر كان خيرا [له] ممّا توفي عليه (2).
و روي الصفار في البصائر: عن يعقوب بن يزيد و محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن علي بن سعيد، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) و عنده أناس من أصحابنا، فقال له معلّي بن خنيس: جعلت فداك ما لقيت من الحسن بن الحسن؟ ثم قال له الطيار (3): جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك إذ لقيت محمّد بن عبد اللّه بن الحسن علي حمار حوله أناس من الزيديّة، فقال لي: أيّها الرجل اليّ اليّ، فإنّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال: من صلّي صلاتنا و استقبل قبلتنا و أكل ذبيحتنا فذاك المسلم الذي له ذمّة اللّه و ذمّة رسوله، من شاء اقام و من شاء ظعن، فقلت له: اتّق اللّه و لا يغرنك هؤلاء الذين حولك.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السّلام) للطيار: فلم تقل له غيره؟ قال: لا، قال: فهلا قلت له: إنّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) قال ذلك و المسلمون مقرّون له بالطاعة، فلمّا قبض رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و وقع الاختلاف انقطع ذلك، فقال محمّد بن عبد اللّه بن علي: العجب لعبد اللّه بن الحسن انه3.
ص: 314
يهزأ و يقول: انّ هذا في جفركم الذي تدعون! قال: فغضب أبو عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال: العجب لعبد اللّه بن الحسن يقول: ليس فينا امام صدق! ما هو بإمام و لا أبوه كان اماما، يزعم ان علي بن أبي طالب (عليه السّلام) لم يكن اماما، و يردّد ذلك، و امّا قوله في الجفر، فإنّما هو جلد ثور مذبوح كالجراب فيه كتب و علم ما يحتاج الناس إليه إلي يوم القيامة من حلال أو حرام، إملاء رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، و خطّ علي (عليه السلام) بيده، و فيه مصحف فاطمة (عليها السلام)، ما فيه آية من القرآن، و ان عندي خاتم رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و درعه و سيفه و لواءه، و عندي الجفر علي رغم أنف من زعم (1).
و في الكافي: عن حميد بن زياد، عن [أبي العباس] عبيد اللّه بن احمد الدهقان (2) عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمّد بن زياد بياع السابري، عن ابان، عن صباح بن سيابة، عن المعلّي بن خنيس، قال: ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم و سدير و كتب غير واحد الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) حين ظهرت المسودة (3) قبل أن يظهر ولد العباس، بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الأمر إليك فما تري؟ قال: فضرب بالكتب الأرض، ثم قال: أفّ أفّ ما أنا لهؤلاء بإمام، أ ما يعلمون إنّه إنّما يقتل السفياني (4).ة.
ص: 315
فليتأمّل المنصف في هذه الاخبار الناصّة علي إن المعلّي من خاصّته (عليه السلام) و أصحابه (عليه السّلام) و من أعداء بني الحسن، و إنّهم كانوا يؤذونه لاتصاله به (عليه السّلام)، و إنّه كان مطلعا علي فساد معتقدهم و راويا له، و إنه كان معه (عليه السّلام) و من خدمه قبل ظهور بني العباس الي أن قتل، و كان ظهور محمّد بعدهم و قد صدر منه بالنسبة الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) من الشتم و الإهانة و الحبس ما هو مسطور في الكافي (1) و غيره، و مع ذلك يكون خادمه القيّم علي عياله من دعاة محمّد و معينة، هذا ممّا تضحك منه الثكلي.
و من هنا يظهر كذب نسبة المغيريّة إليه أيضا فإنّهم من اتباع محمّد كما نصّ عليه الشيخ الأقدم أبو محمّد الحسن بن موسي النوبختي في كتاب الفرق و المقالات، فقال بعد ذكر فرق الزيدية: و امّا المغيريّة أصحاب المغيرة بن سعيد فإنّهم نزلوا معهم الي [القول بإمامة] محمّد بن عبد اللّه بن الحسن و تولّوه و أثبتوا إمامته، فلمّا قتل صاروا لا امام لهم و لا وصي، و لا يثبّتون لأحد امامة بعده- الي ان قال-: و نصب بعض أصحاب المغيرة المغيرة اماما و زعم ان الحسين بن علي (عليهما السّلام) اوصي اليه، ثم اوصي اليه علي بن الحسين (عليهما السلام)، ثم زعم ان أبا جعفر محمّد بن علي عليه و علي آبائه السلام اوصي اليه فهو الإمام الي أن يخرج المهدي، و أنكروا امامة أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، فقالوا: لا امامة في بني علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بعد أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام)، و إنّ الإمامة في المغيرة بن سعيد الي خروج المهدي، و هو عندهم محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (عليه السلام)، و هو حيّ لم يمت و لم يقتل، فسمّوا هؤلاء المغيريّة باسم المغيرة بن سعيد مولي خالد بن عبد اللّه القسري.ة.
ص: 316
ثم تراقي الأمر بالمغيرة الي أن زعم أنّه رسول نبيّ، و أن جبرئيل يأتيه بالوحي من عند اللّه، فأخذه خالد بن عبد اللّه القسري، فسأله عن ذلك، فأقرّ به، و دعي خالد اليه، فاستتابه خالد، فأبي ان يرجع عن قوله، فقتله و صلبه، و كان يدّعي أنه يحيي الموتي، و قال بالتناسخ، و كذلك قول أصحابه إلي اليوم، انتهي (1).
و إذ ثبت فساد مقالة الغضائري في المقامين يظهر لك فساد مقالته الثالثة، و هي قوله: و في هذه الظنّة. إلي آخره، مضافا إلي صريح الأخبار السابقة من انّ السبب (2) طلبه من المعلّي ثبت أسماء شيعة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و محبّيه و آبائه عن ذلك.
و امّا قوله: و الغلاة يضيفون. إلي آخره، فجوابه عدم ثبوت قدح له في ذلك بعد الحكم بكذبهم، فإنّهم يضيفون الي أمير المؤمنين (عليه السّلام) أيضا ما لا يجوّزه المسلم و كذا الي بعض الأئمة (عليهم السلام)، هذا إن أراد من الغلاة الصنف المعروف الذي شرحناه في ترجمة سهل (3)، و إن أراد غلاة القميين، فينبغي عدّه في أسباب مدحه بل جلالته و علوّ مقامه.
و من جميع ذلك صحّ لنا ان نقول- بعد قوله: و لا اري ان الاعتماد علي شي ء من حديثه- خلافا لأبي عبد اللّه الصادق (عليه السّلام)، حيث اعتمد عليه في سنين عديدة في إنجاح مآربه و مصارف عياله و إرساله إلي أصحابه و إرسال أصحابه (عليه السّلام) إيّاه اليه، و خلافا له (عليه السّلام) في عدّه من شيعته و أنسه (عليه السّلام) به و محبّته له و جوابه عن كل ما كان يسأله.5.
ص: 317
و في الكافي في باب سيرة الإمام (عليه السّلام) في نفسه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّي بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): جعلت فداك ذكرت آل فلان (1) و ما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال:
هيهات يا معلّي، و اللّه [أن لو] (2) كان ذلك ما كان إلّا سياسة الليل و سياحة النهار و لبس الخشن و أكل الجشب، فزوي ذلك عنّا، فهل رأيت ظلامة قطّ صيّرها اللّه نعمة إلّا هذه؟! (3).
و في إقبال السيد علي بن طاوس بإسناده عن محمّد بن علي الطرازي فيما ذكره في كتابه عن أبي الفرج محمّد بن موسي القزويني الكاتب رحمه اللّه، قال:
أخبرني أبو عيسي محمّد بن احمد بن محمّد بن سنان، عن أبيه، عن جدّه محمّد ابن سنان، عن يونس بن ظبيان، قال: كنت عند مولاي أبي عبد اللّه (عليه السلام) إذ دخل علينا المعلّي بن خنيس في رجب، فتذاكروا الدعاء فيه، فقال المعلّي: يا سيّدي علّمني دعاء يجمع كلّ ما أودعته الشيعة في كتبها فقال (عليه السلام): قل يا معلّي:
اللهم إنّي أسألك صبر الشاكرين لك. الدعاء، ثم قال: يا معلّي و اللّه لقد جمع لك هذا الدعاء ما كان من لدن إبراهيم الخليل (عليه السّلام) الي محمّد (صلّي اللّه عليه و آله) (4).3.
ص: 318
و قال الشيخ في المصباح: و روي المعلّي بن خنيس، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: قل في رجب: اللهم انّي. إلي آخره (1).
و له في باب حقوق المؤمن حديث معروف رواه أكثر المشايخ، و في لفظ الكافي، قال: قلت له- يعني الصادق (عليه السلام)-: ما حقّ المسلم علي المسلم؟ قال: له سبع حقوق واجبات، ما منهن حقّ الّا و هو عليه واجب، ان ضيّع منها شيئا خرج من ولاية اللّه و طاعته و لم يكن للّه فيه من نصيب، قلت له:
جعلت فداك و ما هي؟ قال: يا معلّي انّي عليك شفيق، أخاف ان تضيّع و لا تحفظ و تعلم و لا تعمل، قال: قلت: لا قوّة إلّا باللّه، الخبر (2).
الي غير ذلك ممّا يوجب نقله الملال، و قد مرّ غير مرّة جواز الاستشهاد بأمثال هذه الاخبار ممّا يكون فيها الراوي ناقلا لمدحه خصوصا إذا صحّ السند الي احد من أصحاب الإجماع، و قد صرّح بذلك الأستاد الأكبر في مواضع من التعليقة (3).
و اما الجواب عن الثالث: امّا عن الخبر الأول، فالظاهر بل المقطوع انّه كان بينهما بحث علمي من دون اعتقاد كما يتفق ذلك كثيرا بين المتصاحبين اللذين منهما ابن أبي يعفور و المعلّي، كما يظهر من مطاوي ما مرّ و لو كان عن اعتقاد لقال (عليه السّلام) ابرأ منه و لأمره (عليه السّلام) بالرجوع و استتابه، و لتبرأ منه لو أصرّ، و ما كان ليستخدمه، كلّ ذلك لم يكن، و يشهد لذلك كثير ممّا روي عنه في كتاب الحجّة.
و امّا عن سائر الأخبار فبان حاصل مضمونها بعد التأمل و تقييد9.
ص: 319
مطلقاتها، انه أذاع ما رآه و فعل به الامام (عليه السّلام) من طيّ الأرض من المدينة إلي الكوفة، و منها إليها، و قد مرّ في ترجمة معروف (1)، ان الإذاعة كانت من الأمراض العامّة بين خواص أصحابهم (عليهم السلام) فضلا عن غيرهم، و بعد تسليم قدحها في الوثاقة، فإنّما كانت في آخر عمره فلا تضرّ بأحاديثه السابقة.
و في تحرير الطاووسي- بعد نقل جملة من اخبار المدح و القدح، و الحكم بضعف بعض أسانيدها، و التأمّل في بعض آخر- ما لفظه: و الذي ظهر لي، أنّه من أهل الجنّة و اللّه الموفق (2).
و قال الشارح التقي: و الظاهر إنّ هتك السرّ كان إظهار معجزته كما ظهر من خبر حفص (3)، و النهي إرشادي يتعلّق بالأمور الدنيوية، و صار سببا لعلوّ درجاته رضي اللّه تعالي عنه، و لعن اللّه قاتله الدوانيقي و اتباعه، فانظر ايّها المنصف انه أي أشياء نسبت اليه و هو في أيّ مرتبة! و الذي حصل لي من التتبع التام، و عسي ان يحصل لك ما حصل لي، إنّ جماعة من أصحاب الرجال رأوا أنّ الغلاة نسبوا إلي جماعة أشياء ترويجا لمذاهبهم الفاسدة، كجابر، و المفضل بن عمر، و المعلّي و أمثالهم و هم بريئون ممّا نسب إليهم، فرأوا أن يضعّفوا هؤلاء كسرا لمذاهبهم الباطلة حتي لا يمكنهم الزامنا بأخبارهم- الي ان قال-: فتدبّر حتي يحصل لك العلم كما حصل لي، و لا تجتر بجرح الفحول من أصحاب الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، و قرينة الوضع عليهم دون غيرهم أنّهم كانوا من أصحاب الاسرار، و كانوا ينقلون معجزاتهم، فكانوا يضعفون عليهم، و الجاهل بالأحوال لا يستنكر ذلك كما تقوّل: أنّ المعلّي كان يقول إنّر.
ص: 320
الأئمة (عليهم السلام) محدّثون بمنزلة الأنبياء بل قال: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، فتوهموا أنه يقول: إنّهم أنبياء، فتدبّر ما أقول فإنك تستبعد أولا، و لكن بعد التدبّر تعلم أنّ ذلك من فضل اللّه علينا، انتهي المقصود من كلامه (1)، و تلقاه في التعليقة بالقبول (2)، و قريب منها ما في عدّة السيد المحقق الكاظمي (3).
و في التكملة- بعد نقل كثير من الاخبار السابقة- و هذه الاخبار لا تنافي بينها، فإنّ الاخبار الأوّل دلّت علي أنّ قتل المعلي ابتلاء بما ضيّع حديث أهل البيت (عليهم السلام)، و متّفقة علي سبق عدالته و ثقته و علوّ شأنه و جلالة قدره، و اختلفت في نهاية امره، فدلّت صحيحة ابن أبي عمير (4) علي بقاء تلك المنزلة، لا سيّما قوله: أريد أن أبرد عليه جلده الذي كان باردا، فإنّه يدلّ علي عدم تغيّر حاله عنده و بقاء منزلته لديه، و قوله (عليه السّلام) في الأخري (5):
سلّط عدوّه علي وليّه، و دلّت رواية النعماني (6) و رواية الصفار (7) بقوله:
(فخالفني) علي معصيته و اذاعة سرّه.
و لعلّ الي هذا نظر المحقق في المعتبر (8) فضعّفه، لكن رواية ابن أبي عمير أصحّ و اثبت، و يؤيّدها تعديل الطوسي له في كتاب الغيبة (9)، و روايات الكشي0.
ص: 321
الدالة علي المدح (1).
و أمّا تضعيف النجاشي (2)، و الغضائري (3) فالظاهر منه تضعيفه من أوّل أمره و انه ضعيف في نفسه لا باعتبار هذه الواقعة.
و هذا اتّفقت الاخبار علي عدمه، و هي أقوي من تضعيفهما، و الاخبار التي رواها الكشي في ذمّه (4)، كلّها من جهة اذاعة السرّ، و لم يرد في ذمّه من غير هذا الوجه، و لئن سلّمنا انه فاسق من هذا الوجه، فهو متأخر عن رواياته، فهي مرويّة عنه في حال عدالته علي الظاهر، انتهي (5).
و اعلم أنّ في السند حمّاد بن عيسي فالخبر صحيح أو في حكمه.
أبوه و محمّد بن الحسن و جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عنه (6).
السند صحيح بما مرّ في (له) (7).
و امّا المعلّي فذكره الشيخ في الفهرست (8)، و في من لم يرو عنهم (عليهم السلام) (9)، و ذكر كتبه و الطريق إليها و لم يطعن عليه، و لكن في النجاشي: مضطرب الحديث و المذهب و كتبه قريبة (10)، ثم ذكرها و قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال:
ص: 322
حدثنا جعفر بن محمّد، قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّي (1).
و لا يخفي أن رواية المفيد كتبه، عن شيخه ابن قولويه، عن الجليل الحسين الأشعري تنافي الاضطراب في المقامين، و كذا رواية شيخ القميين محمّد ابن الحسن بن الوليد عنه كما في الفهرست في ترجمة أبان بن عثمان (2)، و كذا الحسين بن سعيد كما في التهذيب في باب الزيادات في القضايا و الاحكام (3)، و الثقة الجليل أبو علي الأشعري أحمد بن إدريس كما في الكافي في باب الصبر (4)، و [باب] الجلوس في كتاب العشرة (5)، و علي بن إسماعيل الميثمي (6).
و بعد رواية هؤلاء الأجلّة عنه- و فيهم أبو علي الذي قالوا فيه: صحيح الرواية، و ابن الوليد المعلوم حاله في التحرّز عن الضعفاء بل المتهمين، و إكثار الكليني من الرواية عنه بتوسط أبي بكر الأشعري (7) - يمكن استظهار وثاقته بل جلالته كما نصّ عليه الشارح.
حيث قال: يظهر من كتاب كمال الدين، و الغيبة، و التوحيد جلالة هذا الرجل، و اعتمد عليه المشايخ العظام، و لم نطّلع علي خبر يدلّ علي اضطرابه في الحديث و المذهب كما ذكره بعض الأصحاب، و علي ايّ حال فأمره سهل لكونهة.
ص: 323
من مشايخ الإجازة لكتاب الوشاء غالبا و لغيره قليلا، انتهي (1).
و أمّا ما في ترجمته في الغضائري كما في الخلاصة (2) و النقد: أبو محمّد نعرف حديثه و ننكره، روي عن الضعفاء، و يجوز ان يخرج شاهدا (3)، فغير مضر و مع التسليم فغير قابل للمعارضة (4) و إن كان مؤيّدا بما في النجاشي كما لا يخفي (5)، و نقل المحقق البحراني في المعراج عن بعض معاصريه عدّ حديثه صحيحا، و عدّه من مشايخ الإجازة، انتهي (6).
محمّد بن موسي بن المتوكل و محمّد بن علي ماجيلويه و احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عنه (7).
السند صحيح علي الأصح من وثاقة ابن هاشم.
و ابن خلّاد ثقة في النجاشي (8) و الخلاصة (9)، و يروي عنه من الأجلّاء:
أحمد بن محمّد بن عيسي (10)، و علي بن الحسن بن فضّال (11)، و معاوية بن
ص: 324
حكيم (1)، و احمد بن أبي عبد اللّه (2)، و الصفار (3)، و موسي بن عمر (4).
و في جامع القزويني (5): و محمّد بن زياد (6)، و الظاهر انه ابن أبي عمير، و سهل بن زياد (7)، فالخبر صحيح.
أبوه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حمّاد بن عثمان، عنه (8).
السند صحيح بالاتفاق و فيه اثنان من أصحاب الإجماع.
و معمر بن يحيي ثقة في النجاشي (9)، و الخلاصة (10)، و يروي عنه سوي حمّاد: ابن أبي عمير (11)، و أبان (12)، و البزنطي (13)، و ثعلبة بن ميمون (14)،
ص: 325
أبوه، عن الحميري، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن احمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عنه (3).
السند صحيح بالاتفاق.
و أوضحنا وثاقة أبي جميلة في (قكز) (4)، فالخبر صحيح، أو في حكمه لوجود البزنطي فيه.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن الحسن بن متيل، عن احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي الكوفي و هو مولي (5).
مرّ وثاقة أحمد في (يه) (6)، و أبيه في (لب) (7)، و ابن سنان في (كو) (8)، و المفضل في (ل) (9) بما لا مزيد عليه، فالخبر صحيح علي الأصح عندنا و عند المحققين.
أبوه رضي اللّه عنه، عن محمّد ابن يحيي العطار، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد اللّه بن المغيرة، عنه (10).
ص: 326
السند صحيح لوثاقة ابن هاشم.
و ابن جيفر بتقديم الياء كما اتّفقت عليه نسخ الفقيه (1)، و في الفهرست و أصحاب الصادق (2) (عليه السّلام)، أو بتقديم الفاء كما في النجاشي، و صرّح جماعة بأنّه سهو (3)، لم يوثقوه صريحا، و لكن يروي عنه صفوان كما في الفهرست (4)، و عبد اللّه بن المغيرة (5)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع في روضة الكافي (6)،ة.
ص: 327
و الجليل إسماعيل بن مهران السكوني (1)، فهو ثقة بالأمارة، و الخبر صحيح علي الأصح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم الأسدي الكوفي (2).
المحامدة (3) كلّهم ثقات بل أجلّاء، و أوضحنا وثاقة سيف في (قمح) (4)، فالسند صحيح.
و في النجاشي: منصور بن حازم أبو أيّوب البجليّ، كوفي ثقة عين صدوق، من جلّة أصحابنا و فقهائهم، روي عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام) (5)، و يروي عنه من أصحاب الإجماع ابن أبي عمير (6)، و صفوان بن يحيي (7)، و يونس بن عبد الرحمن (8)، و عبد اللّه بن المغيرة (9)، و عبد اللّه بن مسكان (10)، و جميل بن درّاج (11)، و أبان بن عثمان (12)،
ص: 328
و عثمان بن عيسي (1).
و من أضرابهم من الأجلّاء: أحمد بن محمّد بن عيسي (2)، و علي بن النعمان (3)، و حفص بن البختري (4)، و سيف بن عميرة (5)، و محمّد بن حمران (6)، و أبو بكر الحضرمي (7)، و عاصم بن حميد (8)، و محمّد بن إسماعيل (9)، و محمّد بن عبد الجبار (10)، و الحارث بن المغيرة (11)، و عمر بن حنظلة (12)، و داود بن النعمان (13)، و علي بن رئاب (14)، و علي بن أسباط (15)، و عبد الرحمن بن الحجاج (16)، و علي بن الحسن بن رباط (17)، و غيرهم.
و روي في الكشي (18) و في الكافي بطريق صحيح إنه عرض دينه علي5.
ص: 329
الصادق (عليه السّلام) في خبر طويل، و في آخره: و إن الحجّة من بعده محمّد ابن علي أبو جعفر (عليه السّلام) و كانت طاعته مفروضة، فقال: رحمك اللّه، قال: فقلت: أعطني رأسك أقبله، فضحك، فقلت: أصلحك اللّه، و قد علمت أنّ أباك لم يذهب حتي ترك حجّة من بعده كما ترك أبوه، و اشهد باللّه أنّك أنت الحجّة و أنّ طاعتك مفترضة فقال: كفّ رحمك اللّه، قلت: أعطني رأسك أقبّله، فقبّلت رأسه فضحك، ثم قال: سلني عمّا شئت فلا أنكرك بعد اليوم ابدا (1).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد الجبار، عن أبي محمّد الدهلي (2)، عن إبراهيم بن خالد العطار، عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه منصور الصيقل (3).
الثلاثة الأول من الأجلاء، و الرابع غير مذكور، و امّا الخامس، ففي النجاشي: إبراهيم بن خالد العطار العبدي، يعرف بابن أبي مليقة، روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، ذكره أصحابنا في الرجال، له كتاب (4).
و في الفهرست: إبراهيم بن خالد العطار له كتاب، أخبرنا به احمد بن عبدون، عن أبي طالب الأنباري، عن حميد بن زياد، عن ابن نهيك، عن إبراهيم بن خالد (5).
و قال العلامة في الإيضاح: إبراهيم بن خالد العطار العبدي بالعين
ص: 330
المهملة و الباء المنقطة تحتها نقطة و الدال المهملة، يعرف بابن مليكة بالميم المضمومة و اللام المفتوحة و الياء المنقطة تحتها نقطتين الساكنة و الكاف المفتوحة، انتهي (1).
و يظهر من الجماعة أنّه من الرواة المعروفين المصنّفين، و لم يطعنوا عليه بشي ء لا في مذهبه و لا في اعماله، و هذا المقدار من المدح يخرجه من الجهالة الّا انّه غير نافع لجهالة من قبله، و كذا الذي بعده، إذ ليس له ذكر في غير المقام إلّا في الكافي في باب التمحيص، روي سهل، عنه، عن أبيه (2)، و في الفقيه، في باب طلاق الحامل، روي علي بن الحكم، عنه، عن أبيه (3).
و امّا منصور و هو ابن الوليد الصيقل أبو محمّد، ذكره الشيخ في أصحاب الباقر (4) و الصادق (عليهما السلام) و قال: روي عنهما (عليهما السلام) (5)، و يمكن استظهار وثاقته من رواية الأجلّة عنه و فيهم من أصحاب الإجماع، جميل بن درّاج في التهذيب في باب بيع الواحد بالاثنين (6)، و عبد اللّه بن مسكان فيه (7)، و في الكافي في باب الرضا بموهبة الايمان (8)، و أبان بن عثمان في التهذيب في باب زكاة أموال الأطفال (9).1.
ص: 331
و من أضرابهم: إسحاق بن عمّار (1)، و علي بن الحكم (2)، و عبد اللّه بن سنان (3)، و محمّد بن سنان (4)، و سيف بن عميرة (5)، و عمر بن أبان (6)، و في الكافي في الروضة: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن داود بن سليمان الحمّار، عن سعيد بن يسار، قال: استأذنّا علي أبي عبد اللّه (عليه السلام) انا و الحارث بن المغيرة [النصري] (7) و منصور الصيقل فواعدنا دار طاهر مولاه- إلي ان قال-: ثم قال: الحمد للّه الذي ذهب بالناس يمينا و شمالا فرقة مرجئة و فرقة خوارج و فرقة قدريّة و سميتم أنتم الترابية، ثم قال (عليه السّلام): اما و اللّه ما هو الّا اللّه وحده لا شريك له و رسوله و آل رسوله (صلّي اللّه عليه و آله) و شيعتهم كرّم اللّه وجوههم، و ما كان سوي ذلك فلا.
الخبر (8).
و في الشرح: فالخبر قوي أو حسن علي شهادة المصنف (9).
أبوه رضي اللّه عنه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسي و علي بن حديد و محمّد
ص: 332
ابن إسماعيل بن بزيع جميعا، عنه (1).
السند صحيح جزما من غير طريق عليّ، و من طريقه يتوقف علي شرح حاله.
فنقول: في النجاشي: علي بن حديد بن حكيم المدايني الأزدي الساباطي، روي عن أبي الحسن موسي (عليه السلام)، له كتاب، أخبرنا أبو عبد اللّه بن شاذان، قال: حدثنا علي بن حاتم، قال: حدثنا الحميري، قال:
حدثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن فضّال، عن علي بن حديد بكتابه (2).
و في الفهرست: علي بن حديد المدائني، له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضّل، عن ابن بطة، عن أبي محمّد عيسي بن محمّد بن أيوب الأشعري، عن علي بن حديد (3).
و في أصحاب الرضا (عليه السّلام): علي بن حديد كوفي مولي الأزد، و كان منزله و منشأه بالمدائن (4)، و في أصحاب الجواد (عليه السّلام): علي بن حديد بن حكيم (5).
و في معالم العلماء: علي بن حديد المدايني له كتاب (6).
و في النجاشي (7)، و الفهرست (8) في ترجمة الثقة مرازم بن حكيم، ينتهي طريقهما الي كتابه الي علي بن حديد عنه.4.
ص: 333
هذه أصول الكتب الرجالية، لم يطعن عليه أربابها فيها، و لم ينقل عن الغضائري الطعّان فيه شي ء (1).
و امّا الكشي، فقال في علي بن حديد: قال نصر بن الصباح: علي بن حديد بن حكيم فطحيّ، من أهل الكوفة، و كان أدرك الرضا (عليه السلام) (2)، ثم في ترجمة هشام بن الحكم: علي بن محمّد، قال: حدثني أحمد ابن محمّد، عن أبي علي بن راشد، عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام)، قال:
قلت: جعلت فداك قد اختلف أصحابنا فأصلّي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: عليك بعلي بن حديد، قلت: فآخذ بقوله؟ قال: نعم، فلقيت علي بن حديد، فقلت له: نصلّي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال:
لا (3).
ثم في ترجمة يونس بن عبد الرحمن: آدم بن محمّد القلانسي البلخي، قال: حدثني علي بن محمّد القمي، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن عيسي القمي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبيه يزيد بن حماد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: قلت له: أصلّي خلف من لا اعرف؟ قال: لا تصلّ الّا خلف من تثق بدينه، فقلت له أصلّي خلف يونس و أصحابه؟ فقال: يأبي ذلك عليكم علي بن حديد، قلت: آخذ بقوله في ذلك؟ قال: نعم، قال:
فسألت علي بن حديد عن ذلك، فقال: لا تصلّ خلفه، و لا خلف أصحابه (4).
علي بن محمّد القتيبي، قال: حدثني الفضل بن شاذان، قال: كان احمد ابن محمّد بن عيسي تاب و استغفر اللّه من وقيعته في يونس لرؤيا رآها، و قد كان0.
ص: 334
علي بن حديد يظهر في الباطن الميل الي يونس و هشام (رحمهما اللّه).
ثم ذكر خبرين فيهما ذمّ يونس بالإسناد السابق عن أحمد بن محمّد بن عيسي (1).
ثم قال: فلينظر الناظر فيعجب من هذه الاخبار التي رواها القميون في يونس، و ليعلم انّها لا تصحّ في العقل و ذلك ان أحمد بن محمّد بن عيسي و علي ابن حديد قد ذكر الفضل من رجوعهما في الوقيعة في يونس، و لعلّ هذه الروايات كانت من احمد قبل رجوعه، و من عليّ مداراة لأصحابه، انتهي (2).
و يظهر منه: ان عليّ بن حديد كان من الفقهاء المبرزين الذين يزكي و يجرح بتزكيتهم و جرحهم، و لذا التجأ الكشي إلي توجيه كلامه في يونس و أصحابه (3) و يظهر ذلك من الخبرين أيضا.
و يؤيّدهما في الجملة ما في الكافي عن محمّد بن علي بن محمّد، عن سهل، عن علي بن مهزيار، عن أبي علي بن راشد، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): اختلفوا مواليك، فأصلّي خلفهم جميعا؟ فقال: لا تصلّ الّا خلف من تثق بدينه، ثم قال: [ولي موال] قلت: [أصحاب]، فقال مبادرا قبل ان استتم ذكرهم: لا يأمرك علي بن حديد بهذا- أو هذا ما يأمرك عليّ بن حديد به- فقلت: نعم (4).
و من هنا تعرف وجوه النظر فيما ذكره أبو علي في رجاله بعد نقل الخبرين و تضعيفهما ما لفظه: ثم الظاهر إنه (عليه السّلام) انّما جوّز له الأخذ بقوله فيماه.
ص: 335
سأله لا مطلقا كما في الثاني، فلعلّ ذلك لعلمه (عليه السّلام) أنّ في ذلك لا يقول الّا ما هو الحقّ بوجه لا علي وجه العمل بفتواه مطلقا فلا يضرّ ذلك بهشام و لا بيونس في الثاني لاحتمال ابن ظبيان و لا يوجب توثيق ابن حديد، انتهي (1).
و الظاهر خلاف ما استظهره، و التقييد لا مستند له، و الضرر يرتفع بما في الكشي، و احتمال ابن ظبيان بمكان من الفساد، و أنّي كان ليونس بن ظبيان أصحاب يسأل عن الصلاة خلفهم؟ مع أنّ صريح الكشي بكونه ابن عبد الرحمن (2).
هذا و في الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد و احمد بن محمّد جميعا، عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، قال: كنت مقيما بالمدينة في شهر رمضان سنة ثلاث عشر و مائتين فلمّا قرب الفطر كتبت الي أبي جعفر (عليه السلام) اسأله عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل، أو أقيم حتي ينقضي الشهر و أتمّ صومي؟ فكتب اليّ كتابا قرأته بخطه (عليه السلام): سألت رحمك اللّه عن أيّ العمرة أفضل، عمرة شهر رمضان أفضل يرحمك اللّه (3)، و رواية و ان كان عليّ الّا انه لا ينافي حصول الظن منه بعد نقل الأجلّة عنه و ثبته مثل ثقة الإسلام في الكافي.
و في خرائج الراوندي: عن سهل بن زياد، عن علي بن حديد، قال:
خرجت مع جماعة حجاجا فقطع علينا الطريق، فلمّا دخلت المدينة لقيت أبا جعفر (عليه السّلام) في بعض الطريق، فأتيته إلي المنزل فأخبرته بالذي أصابنا فأمر لي بكسوة، و أعطاني دنانير، و قال: فرقها علي أصحابك علي قدر ما ذهب،2.
ص: 336
فقسمتها بينهم فإذا هي علي قدر ما ذهب منهم لا أقلّ [منه] و لا أكثر! (1).
و يؤيّد وثاقته أيضا رواية ابن أبي عمير عنه كما في التهذيب في باب ما أحلّ اللّه نكاحه من النساء (2)، و اضرابه من الأجلّاء كالحسين بن سعيد (3)، و علي ابن فضّال (4)، و احمد بن محمّد بن عيسي (5)، و علي بن مهزيار (6)، و محمّد بن عبد الجبار (7)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (8)، و محمّد بن عبد اللّه (9)، و إبراهيم بن هاشم (10) و احمد بن أبي عبد اللّه (11)، و سهل بن زياد (12).
و من جميع ذلك ظهر أنّ مراد الشيخ من الضعف الذي نسبه الي علي بن حديد (13) لا بدّ و ان يكون الضعف في المذهب و الفطحيّة- التي نسبها اليه نصر الغالي (14) عند الكشي (15)، و الجماعة- الذي لا تنافيه (16)، الوثاقة كالضعف الذيظ.
ص: 337
رمي به السكوني، فمن يروي حجيّة الموثّق أو ما وثق بصدوره من الاخبار و هو مع ذلك يضعّف ابن حديد- لقول الشيخ في التهذيب و الاستبصار مع خلوّ كتابيه و سائر الأصول عنه- فهو لعدم التعمّق في أطراف الكلام، و عدم الالتفات الي الفرق البيّن في مقام العمل بين التضعيف بحسب العقائد، و التضعيف في عمل الجوارح، فتبصّر و لا تكن من الغافلين.
و امّا منصور فالكلام تارة في وثاقته، و اخري في مذهبه.
أمّا الأولي:
فالحق انه ثقة وفاقا للمحققين لأمور:
أ- ما في النجاشي: منصور بن يونس بزرج أبو يحيي، و قيل: أبو سعيد، كوفي ثقة، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام)، له كتاب (1).
ب- رواية ابن أبي عمير عنه كما في الكافي في باب البكاء من كتاب الدعاء (2)، و في باب أدب الصائم (3)، و في باب فضل القصد من كتاب الزكاة (4)، و في الفقيه في موضعين في باب تحريم الدماء و الأموال (5)، و في التهذيب في باب أوّل وقت الظهر (6).
ج- رواية صفوان عنه في التهذيب في باب المهور و الأجور (7)، و في3.
ص: 338
الإستبصار في باب من عقد علي امرأة و شرط لها أن لا يتزوج عليها (1).
د- رواية جماعة من الأجلّة غيرهما عنه، مثل ابن فضّال (2)، و علي بن الحكم (3)، و إسماعيل بن مهران (4)، و محمّد بن إسماعيل بن بزيع (5)، و عبيس ابن هشام (6)، و صالح بن خالد (7)، و الحسن بن علي الوشاء (8)، و سعيد بن يسار (9)، و محمّد بن عبد الحميد (10).
و امّا الثانية:
ففي أصحاب الكاظم (عليه السّلام) خاصّة: منصور بن يونس بزرج، له كتاب، واقفي (11)، و ذكره في أصحاب الصادق (12) (عليه السّلام)، و الفهرست (13) من غير تعرّض لمذهبه كالنجاشي (14).
و في الكشي: حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن محمّد بن أصبغ، عن إبراهيم، عن عثمان بن القاسم، قال: قال لي منصور بزرج: قال لي أبو الحسن0.
ص: 339
(عليه السّلام) و دخلت عليه يوما: يا منصور أما علمت ما أحدثت في يومي هذا؟ قال: قلت: لا، قال: قد صيّرت عليا ابني وصيّي، [و الخليفة] (1) من بعدي، فادخل عليه فهنئه بذلك، و أعلمه أنّي أمرتك بهذا، قال: فدخلت عليه فهنّأته بذلك و أعلمته أنّ أباه أمرني بذلك، قال الحسن بن موسي: ثم جحد منصور هذا بعد ذلك لأموال كانت في يده فكسرها (2)، و كان منصور أدرك أبا عبد اللّه (عليه السّلام) (3).
و رواه الصدوق في العيون: عن الحسن بن محمّد بن عبد اللّه بن عيسي، عن أبيه، عن الحسن بن موسي الخشّاب، عن محمّد بن الأصبغ، عن أبيه، عن غنّام (4) بن القاسم، قال: قال لي منصور. إلي آخره (5) باختلاف يسير، ثم قال من غير استناد الي الحسن: ثم جحد منصور بعد ذلك فأخذ الأموال التي كانت في يده و كنزها (6)، و الظاهر بقرينة اتحاد العبارتين كونه كلام الحسن و هو و ان كان جليلا الّا انّه لم يدرك الرضا (عليه السّلام)، فيكون خبره مرسلا.
فما في المدارك، في أنّ الكذب من المفطرات: و روي الكشي حديثا معتبر الاسناد متضمّنا- لانه بعني منصور بزرج- جحد النص علي الرضا (عليهي.
ص: 340
السلام) (1) توهم ظاهر.
ثمّ أن قاعدة الجمع في أمثال المقام و ان كان عدّه ثقة واقفيا و عدّ خبره موثّقا- و عليه في المقام جماعة من الأصحاب- الّا انه حيث فقدت الامارات المؤيّدة أو الموهنة لأحد الطرفين- و في المقام ربّما يتأمّل في وقفه لعدم تعرض النجاشي و لا الفهرست المتأخر عن رجال الشيخ له- من أن صريح كلام حسن (2) ان الجحد كان لأكل الأموال لا لسوء الفهم و بعض الاخبار المتشابهة، و هذا لا يجتمع مع الوثاقة، و معه لا بدّ من تقديم كلام النجاشي لتأييده برواية صفوان و ابن أبي عمير و سائر الأجلّة.
و في ترجمة محمّد بن إسماعيل بن بزيع: قال أبو العباس بن سعيد في تاريخه: إنّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع سمع منصور بن يونس، و حمّاد بن عيسي، و يونس بن عبد الرحمن (3). إلي آخره. و ظاهره كونه من مشايخ ابن بزيع معدودا في سلسلة حمّاد و يونس.
و في التعليقة: و وصفه الصدوق في كمال الدين بصاحب الصادق (عليه السلام) (4).
هذا و قال الفاضل المحقق المولي محمّد المعروف بسراب، كما في اكليل الرجال: إنّ الرواية مجهولة بإبراهيم و عثمان، و الظاهر إنّ ما يذكره بقوله: أن منصور جحد هذه الأموال كانت في يده، إنّما هو استنباط لا يثبت لنا، لأنّه لمّا أنكر هذا و كان في يده مال، استنبط كون منشأ الإنكار هو المال لبعد الإقرار بهذا عند بعض و عدم نقله، و علي تقدير ثبوته لما عاصره أو قرب زمانه بزمانه لا6.
ص: 341
يثبت لنا، فلم يظهر بهذه الرواية مع ضعفه عدم ديانته في مذهبه فلا يعارض بهذه الرواية توثيق النجاشي مع تأييده برواية محمّد بن إسماعيل بن بزيع و ابن أبي عمير عنه، انتهي (1).
و الظاهر إنّه تبع في هذا الاشتباه الخلاصة، ففيه بعد الترجمة: قال الشيخ:
إنه واقفي (2)، و قال النجاشي: إنه ثقة روي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) (3)، و الوجه عندي التوقّف فيما يرويه و الردّ لقوله، لوصف الشيخ له بالوقف، و قال الكشي: عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن محمّد بن الأصبغ، عن إبراهيم، عن عثمان بن القاسم: إن منصور بن يونس بزرج جحد النصّ علي الرضا (عليه السّلام) لأموال كانت في يده، انتهي (4).
و أنت خبير بأن الرواية تعدّ من أسباب مدح منصور، و نسبة جحد النص و أكل الأموال إليه من الحسن شيخ حمدويه، فنسبة الجحد الي عثمان كما في الخلاصة اشتباه جدّا، و تضعيف الرواية بجهالته و جهالة إبراهيم اشتباه آخر، ثم التفكيك بين الاخبار بالجحد، و الاخبار بكونه لأجل أكل المال- مع انه خبر حسّي- اشتباه ثالث، و فتح هذا الباب يوجب سدّ باب قبول الجرح في كثير من المواضع و إن كان و لا بدّ فيما ذكرنا من الإرسال و الوهن بعدم تعرّض الجماعة له، و اللّه العالم.
أبوه رضي اللّه عنه، عن محمّد ابن يحيي العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب،
ص: 342
عنه (1).
السند صحيح و الخبر في حكمه لوجود ابن محبوب من أصحاب الإجماع في السند، بل لا يبعد وثاقة منهال لرواية الأجلّة عنه سوي الحسن، مثل عبد الرحمن بن الحجاج في التهذيب في باب ابتياع الحيوان (2)، و في باب التلقي و الحكرة (3)، و في باب السلم في الرقيق (4)، و غيرها، و عبد اللّه بن يحيي الكاهلي (5)، و مالك بن عطيّة (6)، و مثني الحنّاط (7)، و يونس بن يعقوب (8)، و يونس بن عبد الرحمن في التهذيب في باب أحكام السهو من أبواب الزيادات (9).
الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه، عن الفضل بن عامر و احمد ابن محمّد بن عيسي، عنه (1).
السند صحيح و ان لم يوثّقوا الفضل لوجود احمد معه، بل يمكن استظهار وثاقة الفضل من رواية [الأجلة] مثل: سعد (2)، و الصفار (3)، و موسي بن الحسن الأشعري (4)، عنه، و هم عيون هذه الطائفة، و موسي من شيوخ أصحابنا، فالخبر صحيح بالاتفاق.
أحمد بن محمّد بن يحيي العطار، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن أبي يحيي الأهوازي، عن محمّد بن جمهور، عن الحسين بن المختار بيّاع الأكفان، عنه (5).
في هذا السند علل مزمنة أعيت أطبّاء الفن عن علاجها، فإن ميمون إن كان هو الذي ذكره الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (6)، و عدّه في الخلاصة من خواصّه (7)، فرواية ابن المختار عنه غير ممكنة لكونه من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا (عليهم السلام)، فيكون بينهما إرسال، و إن كان غيره فلا ذكر له أصلا، و إن كان الحسين غير ابن المختار القلانسي فلا بدّ و أن يكون قريبا من زمان عليّ (عليه السّلام)، فرواية ابن جمهور و هو من أصحاب الرضا (عليه السّلام)، عنه غير ممكنة، فيكون الإرسال بينهما، و مع ذلك فالاهوازي مجهول، و الموجود أبو جعفر الأهوازي أحمد بن الحسين بن
ص: 344
سعيد، فالخوض في حال باقي رجال السند لا فائدة فيه.
331 شلا- و إلي النضر (1) بن سويد:محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عنه (2).
محمّد بن عيسي ثقة في (لا) (3)، فالسند صحيح.
و النضر ثقة جليل صحيح الحديث لا مغمز فيه، فالخبر صحيح، مع أنّ للصدوق طرقا كثيرة صحيحة إليه.
ففي الفهرست: النضر بن سويد، له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسي، عن النضر (4).
و رواه محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه و محمّد بن الحسن، عن سعد ابن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي و احمد بن إدريس، عن احمد بن محمّد، عن أبي عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي و الحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد (5).
و اعلم أنّ في جملة من نسخ الفقيه: محمّد بن عيسي بن عبيد (6) كما
ص: 345
ذكرناه و في أكثرها و منها نسخة الشارح: محمّد بن موسي بن عبيد، و نسبه في الجامع الي الاشتباه (1)، و قال الشارح: لم يذكر في كتب الرجال، و الظاهر انّه كان (عيسي) بدل (موسي)، و مع هذا غير سديد، إذ يستبعد رواية ابن عبيد عن النضر و كأن في نسخة النجاشي التي كانت عند العلامة صحيحة، و لذا حكم بصحّة السند، و الذي في النجاشي (2) من ذكر أبيه فهو أصحّ من الأصل، لكن روايته عن أبيه غير معهودة أيضا، و الظاهر إنه كانت النسخة: أحمد بن محمّد بن عيسي عن أبيه، كما في السند الأخير من الفهرست (3)، و السند الأول أيضا غير سديد، لأنّه إنّ كان محمّد بن عيسي بن عبيد فروايته عن النضر بعيدة، و إن كان أبا أحمد فرواية الصفار عنه بعيدة، لكنّه ليس في البعد مثل الأول، و علي ايّ حال فالخبر صحيح بستّة عشر طريقا، و بانضمام ما في الأصل علي نسخة العلامة مع السند الأول للفهرست، يصير ثمانية عشر، انتهي (4).
قلت: الظاهر ما استظهره، و الاستبعاد في غير محلّه فإنّ النضر من أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (5)، و العبيدي في يروي عن حنّان و هو من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و عن السكوني و هو من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7)، و قد مرّ في (لا) (8).1.
ص: 346
و امّا روايته عمّن في طبقة النضر فأكثر من أن تحصي، و يروي عن النضر احمد بن محمّد بن خالد كما في الكافي في باب إن الايمان مبثوث بجوارح البدن (1)، فرواته العبيدي الذي يروي عنه احمد بن محمّد بن عيسي عنه بطريق اولي، و قوله كما في السند الأخير من الفهرست من سهو القلم، فإن فيه: احمد بن محمّد بن خالد عن أبيه (2)، لا ابن عيسي.
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن الحسن بن متيل الدقاق، عن احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، [عنه] (3).
السند صحيح بما مرّ في (كو) (4)، و (لب) (5) و امّا الرازي فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و في الكافي باب الكبائر: يونس، عن حمّاد، عنه (7)، و في التهذيب في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة:
الطاطري، عن ابن زياد- يعني ابن أبي عمير- عن حمّاد، عنه (8)، و المراد بحمّاد: ابن عثمان بقرينة رواية ابن أبي عمير [عنه]، و يروي عنه جعفر بن بشير الذي روي عن الثقات في التهذيب في باب عدد فصول الأذان (9)، و في باب الأذان و الإقامة من أبواب الزيادات (10)، و أبان بن عثمان في الكافي في كتاب
ص: 347
الروضة (1)، كلّ ذلك من أمارات الوثاقة، فقول السيد في العدّة: و الرازي مجهول غير سديد (2).
333 شلج- و إلي النعمان بن سعد (3) - صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام)-:محمّد بن موسي بن المتوكل رضي اللّه عنه، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن احمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن ثابت بن أبي صفيّة، عن سعيد بن جبير، عنه (4).
ثابت هو أبو حمزة الثمالي، و يأتي في الكني (5) ان شاء اللّه، و السند صحيح اليه بما مر في (يه) (6)، و (كو) (7)، و (لب) (8)، و امّا ابن جبير ففي الكشي: حدثني أبو المغيرة، قال: حدثني الفضل، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: إنّ سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين، و كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يثني عليه، و ما كان سبب قتل
ص: 348
الحجاج به الّا علي هذا الأمر، و كان مستقيما (1).
قال (2): و قال الفضل بن شاذان: و لم يكن في زمن علي بن الحسين (عليهما السلام) في أوّل أمره الّا خمسة أنفس: سعيد ابن جبير، و سعيد بن المسيب، و محمّد بن جبير بن مطعم، و يحيي بن أمّ الطويل، و أبو خالد الكابلي (3).
و يظهر منه حسن حاله و إماميّته دون الوثاقة، و مع ذلك ففي النفس منه شي ء علي ما يظهر من ترجمته في كتب الجماعة و أقواله في الكتب الفقهية.
و امّا النعمان، فقد مرّ في (كا) (4) دلالة قولهم صاحب فلان أحد الأئمة (عليهم السلام) علي مدح عظيم يقرب من الوثاقة، فالخبر صحيح عند القدماء، حسن عند المتأخرين.
أبوه رضي اللّه عنه، عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن الحسين بن المختار، عنه (5).
أوضحنا وثاقة الحسين في (ص) (6)، فالسند صحيح.
و الوليد ثقة في النجاشي (7)، و الخلاصة (8) و لا طعن فيه، يروي عنه ابن أبي عمير بلا واسطة (9) و بواسطة حمّاد بن عثمان (10)، و عبد اللّه بن المغيرة (11)،
ص: 349
و عبد اللّه بن سنان (1)، و إبراهيم بن أبي البلاد (2)، و هشام بن سالم (3)، و محمّد ابن حمران (4)، و جميل بن صالح (5)، و جميل بن درّاج (6)، و ابنه العباس بن الوليد (7)، و إبراهيم بن عبد الحميد (8)، فهو منخرط في سلك الأجلّاء.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي البختري وهب بن وهب القاضي القرشي (9).
السند صحيح.
و أبو البختري ضعيف عامي لا مسرح (10) للمدح فيه، الّا أنّ الظاهر اعتبار كتابه لاكثار الأصحاب من الرواية عنه و فيهم الأجلّاء كالعباس بن معروف في باب تلقين المحتضرين من أبواب للزيادات (11)، و علي ابن الحكم فيه في أبواب التدليس (12)، و السندي بن محمّد كما في النجاشي (13)،
ص: 350
و إبراهيم بن هاشم (1)، و احمد بن أبي عبد اللّه كما في الفهرست (2)، و أبوه (3).
و ممّا يؤيّد ذلك أنّ الجليل عبد اللّه بن جعفر الحميري روي في قرب الاسناد عن السندي بن محمّد، عنه، عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أزيد من مائة حديث في نسق واحد (4)، فلولا اعتبار كتابه و أخذه عنه لكان هذا طعنا فيه و لا يرتضيه احد.
و من هنا قال الشارح و الظاهر أنّ ما كان من كتابه موافقا للأخبار الصحيحة كانوا ينقلونها عنه و يذكرونها في كتبهم، قال: و نسبة أنه كذّاب مشكل، و المصنّف حكم بصحّة كلّ ما في هذا الكتاب، و روي الأخبار الكثيرة عنه، و طريقه اليه صحيح، و طريقه علي ما في الفهرست أصحّ (5).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الهمداني، عن وهيب بن حفص الكوفي المعروف [بالمنتوف] (6).
إن كان محمّد بن علي هو ابن إبراهيم بن محمّد الهمذاني بالذال المعجمة الذي كان وكيل الناحية كأبيه و جدّه، فهو من الأجلّاء و السند صحيح، و إن كان المراد به أبا سمينة الضعيف عند المشهور، فقد مرّ في (ز) (7) اعتبار رواياته و ان كان ضعيفا، و يؤيّد الأول وصفه بالهمداني، و أبو سمينة يعرف بالكوفي،
ص: 351
و ما احتمله بعضهم من أنّه جعل الهمداني وصفا لأبيه، و الكوفي وصفا له أو بالعكس أو بكون حمل أحدهما علي الموطن و الآخر علي المسكن، بعيد لا داعي لارتكابه، و يؤيّده أيضا ما تقدم في (ز) (1) إنّ ماجيلويه يروي عن أبي سمينة بتوسط عمّه محمّد بن أبي القاسم، بل في الشرح إنّ أبا سمينة ارفع منه بدرجة (2).
و امّا وهيب ففي النجاشي: أبو علي الجريري مولي بني أسد، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام) و وقف، و كان ثقة (3).
و زعم صاحب الجامع انه غير الجريري و غير وهيب بن حفص النخّاس الذي قال النجاشي: ذكره سعد (4) و يروي عنه جماعة، و ذكره الشيخ في من لم يرو عنهم (5) و الظاهر اتحاده مع الأول (6)، و يؤيّده أن البرقي لم يذكر في رجاله غير واحد (7) و ان كان فيه و في بعض نسخ الفقيه مكبّرا، و الظاهر انه سهو لعدم وجوده في الأسانيد.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن يزيد بن
ص: 352
إسحاق شعر، عنه (1).
المحمدون محمودون بكلّ جميل، و اما يزيد فيستظهر وثاقته من أمور:
أ- نصّ الشهيد الثاني عليها علي ما نقله عنه جماعة (2).
ب- حكم العلامة في الخلاصة بصحّة هذا الطريق الذي فيه يزيد (3).
ج- رواية الأجلّة عنه و فيهم الحسن بن علي بن فضّال كما في التهذيب في باب مستحق الزكاة للفطرة (4)، و في باب وصيّة الصبي (5)، و الحسن بن موسي الخشاب كثيرا (6)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (7)، و احمد بن محمّد بن عيسي فيه في باب فضل التجارة (8)، و الهيثم بن أبي مسروق (9)، و الجليل موسي بن القاسم بن معاوية بن وهب (10)، و الشيخ الصدوق و الذي لا يطعن عليه يحيي بن زكريا ابن شيبان (11)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (12).
د- رواية محمّد بن أبي يونس عنه كما في التهذيب في باب بيع الثمار (13)،2.
ص: 353
و قد قالوا فيه بعد التوثيق: صحيح الحديث، و قد مرّ غير مرّة و يأتي ان شاء اللّه تعالي مشروحا دلالة هذه الكلمة علي وثاقة مشايخه، فراجع.
ه- ما رواه في الكشي عن حمدويه، قال: حدثنا الحسن بن موسي، قال: حدثني يزيد بن إسحاق شعر- و كان من ادفع (1) الناس لهذا الأمر- قال: خاصمني مرّة أخي محمّد، و كان مستويا، قال: فقلت له- لمّا طال الكلام بيني و بينه-: إن كان صاحبك بالمنزلة التي تقول فاسأله ان يدعو اللّه لي حتي ارجع الي قولكم، قال: قال لي محمّد: فدخلت علي الرضا (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك ان لي أخا و هو أسنّ منّي، و هو يقول بحياة أبيك، و انا كثيرا ما أناظره، فقال لي يوما من الأيام: سل صاحبك إن كان بالمنزلة التي ذكرت ان يدعو اللّه لي، قال: فالتفت أبو الحسن (عليه السّلام) نحو القبلة فذكر ما شاء اللّه ان يذكر، ثم قال: [اللهمّ] خذ بسمعه و بصره و مجامع قلبه حتي تردّه إلي الحقّ، قال: كان يقول هذا و هو رافع يده اليمني.
قال: فلما قدم، أخبرني بما كان، فو اللّه ما لبثت الّا يسيرا حتي قلت بالحقّ (2).
قال الشارح: و وثقه الشهيد الثاني و كأنّه لدعائه (عليه السّلام) المستلزم للعدالة، فإنّ الفسق و الكذب غير حقّ، و اهتمامه (عليه السّلام) بشأنه ظاهر في أنّه كان قابلا للحقّ في جميع الأمور و لم يفعل ذلك في غيره من الواقفيّة، و كان يلعنهم لعدم قبولهم له، مع ان أمر مشايخ الإجازة سهل، انتهي (3).2.
ص: 354
و في الخلاصة: و روي الكشي، عن حمدويه، عن الحسن بن موسي، عن يزيد بن إسحاق انه كان من ارفع الناس لهذا الأمر، و انّ أخاه [محمد] كان يقول بحياة الكاظم (عليه السّلام)، فدعا الرضا (عليه السّلام) له حتي قال بالحق (1)، و الذي في الكشي خلاف ما نقله (2).
و اعلم أنّي لم أر طعنا فيه و شيئا قابلا لمعارضة ما مرّ ممّا يدلّ علي وثاقته نصّا و امارة فالأخذ به لازم و السند صحيح، و كذا الخبر فان هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي كوفي ثقة عين في النجاشي (3)، و الخلاصة (4)، و لا مغمز فيه.
اعتبار رواياته خصوصا إذا كان شيخا للإجازة، و ابن خارجة كوفي ثقة هو و اخوه مراد في النجاشي (1)، و الخلاصة (2).
و يروي عنه عيون الطائفة كابن أبي عمير (3)، و جميل بن درّاج (4)، و صفوان بن يحيي (5)، و حمّاد بن عثمان (6)، و عثمان بن عيسي (7)، و جعفر بن بشير (8)، و علي بن النعمان (9)، و يحيي الحلبي (10)، و يحيي بن عمران (11)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (12)، و الحسين بن سعيد (13)، و أبو المعزي (14)،ظ.
ص: 356
و احمد بن محمّد بن خالد (1)، و محمّد بن سنان (2)، و علي بن الحكم (3)، و غيرهم.
محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم و احمد بن إسحاق بن سعد، عنه (4).
احمد: هو الأشعري الجليل شيخ القميين و وافدهم و خاصّة أبي محمّد (عليه السّلام) و من رأي الصاحب (عليه السّلام) و له بعد ذلك مناقب جميلة، فالسند صحيح و كذا الخبر فان هاشم كوفي ثقة في النجاشي (5) و الخلاصة (6).
و يروي عنه ابن أبي عمير (7)، و غير بعيد ان يكون قد سقط من السند، فان هاشم من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8) و رواية إبراهيم و احمد عن
ص: 357
أصحابه (عليه السّلام) بعيد، و اللّه العالم.
محمد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيي العطار، عن إبراهيم بن هاشم، عن هشام بن إبراهيم- صاحب الرضا (عليه السّلام)- (1).
السند صحيح.
و امّا هشام و قد يقال له هاشم بن إبراهيم العباسي هو بعينه المشرقي البغدادي وفاقا لأكثر المحققين من المترجمين، و اختلف في حاله لاختلاف ما ورد، و قيل فيه مدحا و ذمّا.
اما ما يدلّ علي وثاقته و مدحه فهي أمور:
أ- ما في الكشي، قال: قال حمدويه: هشام المشرقي هو ابن إبراهيم البغدادي، فسألته عنه فقلت له: ثقة هو؟ فقال: ثقة، و قال: رأيت ابنه ببغداد (2).
ب- ما رواه عن حمدويه و إبراهيم، قالا: حدثنا أبو جعفر محمّد بن عيسي العبيدي، قال: سمعت هشام بن إبراهيم الختلي (3) و هو المشرقي العباسي، يقول: استأذنت لجماعة علي أبي الحسن (عليه السّلام) في سنة تسع و تسعين و مائة، فحضروا و حضرنا ستّة عشر رجلا علي باب أبي الحسن (عليه السلام)، فخرج مسافر و قال: [لا يدخل] (4) آل يقطين و يونس بن عبد الرحمن، و يدخل الباقون رجلا رجلا.
ص: 358
فلمّا دخلوا و خرجوا، خرج مسافر و دعاني، و موسي (1)، و جعفر بن عيسي، و يونس فأدخلنا جميعا عليه، و العباس (2) قائم ناحية بلا حذاء و لا رداء، و ذلك في سنة أبي السرايا فسلّمنا ثم أمرنا بالجلوس، فلمّا جلسنا، قال له جعفر بن عيسي: نشكو الي اللّه و إليك ما نحن فيه من أصحابنا، فقال: و ما أنتم فيه منهم؟ فقال جعفر: هم و اللّه يا سيدي يزندقونا و يكفّرونا و يبرؤن منّا.
فقال: هكذا كان أصحاب علي بن الحسين، و محمّد بن علي، و أصحاب جعفر، و موسي (صلوات اللّه عليهم)، و لقد كان أصحاب زرارة يكفّرون غيرهم، و كذلك غيرهم كانوا يكفّرونهم، فقلت له: يا سيّدي نستعين بك علي هذين الشيخين يونس و هشام و هما حاضران، فهما ادّبانا و علّمانا الكلام، فإن كنّا يا سيّدي علي هدي ففزنا، و إن كنّا علي ضلالة فهذان أضلانا، فمرنا بتركه و نتوب الي اللّه منه يا سيدي، فادعنا الي دين اللّه نتّبعك.
فقال: ما أعلّمكم الّا علي هدي، جزاكم اللّه عن الصحبة (3) القديمة و الحديثة خيرا، فتأوّلوا القديمة علي بن يقطين و الحديثة خدمتنا، و اللّه اعلم، الخبر (4).
ج- ما في الخلاصة في ترجمة جعفر بن عيسي، قال: روي الكشي عن حمدويه و إبراهيم، قالا: حدثنا أبو جعفر محمّد بن عيسي العبيدي، عن هشام ابن إبراهيم الختلي المشرقي- و هو احد من أثني عليه في الحديث- انّ أبا الحسن (عليه السّلام) قال فيه خيرا (5).0.
ص: 359
د- وصف الصدوق إيّاه بكونه صاحب الرضا (عليه السّلام) (1) بناء علي ما بيّناه في (كا) (2) من دلالة هذه الكلمة علي مدح عظيم، و ان مفادها غير مفاد قولهم: فلان من أصحاب أحدهم (عليهم السلام).
ه- رواية يونس عنه كما في التهذيب في باب الحدّ في المسكر (3)، و سعد ابن سعد فيه في أواخر كتاب المكاسب (4).
و- في النجاشي: هاشم (5) بن إبراهيم العباسي الذي يقال له:
المشرقي، روي عن الرضا (عليه السّلام)، و له كتاب يرويه جماعة، أخبرنا الحسين، عن علي بن محمّد، عن حمزة، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن يونس، عن هاشم، عن الرضا (عليه السّلام) بالنسخة (6).
و المراد به هشام، و قد يذكر هاشم بعنوان هشام كما في هاشم بن حيّان، و هاشم الرماني، فلاحظ، و لا يخفي ما في رواية هؤلاء عنه كتابه من الدلالة علي مدحه و اعتبار كتابه.
و ما في التعليقة، قال: و في توحيد الصدوق رواية يظهر منها كونه من متكلّمي الشيعة الفضلاء المدققين (7).
ز- ما في الكشي، قال: وجدت بخطّ محمّد بن الحسن بن بندار القمي، في كتابه: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم (8)، عن محمّد بن سالم، قال: لمّاظ.
ص: 360
حمل سيّدي موسي بن جعفر (عليهما السلام) الي هارون، جاء اليه هشام بن إبراهيم العباسي، فقال له: يا سيّدي، قد كتب لي صك الي الفضل بن يونس، فسأله أن يروّج امري، قال: فركب إليه أبو الحسن (عليه السّلام) فدخل عليه حاجبه و قال: يا سيّدي، أبو الحسن موسي (عليه السّلام) علي الباب (1)، فقال:
ان كنت صادقا فأنت حرّ و لك كذا و كذا.
فخرج الفضل بن يونس حافيا يعدو حتي خرج اليه، فوقع علي قدميه يقبّلهما، ثم سأله ان يدخل فدخل، فقال له: اقض حاجة هشام بن إبراهيم فقضاها، الخبر (2).
و امّا ما يدلّ علي ذمّه فهي أيضا أمور:
أ- ما رواه الكشي عن محمّد بن الحسن، قال: حدثني علي بن إبراهيم ابن هاشم (3)، عن الريان بن الصلت، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إنّ هشام بن إبراهيم العباسي زعم أنّك أحللت له الغناء؟! فقال:
كذب الزنديق، إنّما سألني عنه، فقلت له: سأل عنه رجل أبا جعفر (عليه السلام)، فقال له أبو جعفر (عليه السّلام): إذا فرق اللّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء؟
قال الرجل: مع الباطل، فقال له أبو جعفر (عليه السّلام): قد قضيت (4).7.
ص: 361
و رواه الصدوق في العيون: عن احمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن الريان، قال: سألت الرضا (عليه السّلام) يوما بخراسان، فقلت له: يا سيّدي: إنّ هشام بن إبراهيم العباسي حكم عنك أنّك رخّصت له في استماع الغناء، فقال: كذب و ذكر مثله (1).
و لكن في قرب الاسناد للحميري: حدثني الريان بن الصلت، قال:
قلت للرضا (عليه السّلام): إنّ العباسي أخبرني أنّك رخّصت في سماع الغناء و ساق مع اختلاف يسير (2).
و في الكافي: عن العدّة، عن سهل، عن علي بن الريان، عن يونس، قال:
سألت الخراساني (صلوات اللّه عليه) عن الغناء، و قلت: أنّ العباسي ذكر عنك أنك ترخص في الغناء و ساق ما يقرب منه (3).
و قال بعض المحققين: أظن أنّ المراد من العباسي: هشام بن إبراهيم المغنّي المشهور، قلت: و يحتمل أن يكون العباسي لقبا لغيره، و يكون التصريح في الكشي و العيون بالاسم من المصنّف ظنّا منهما أنّ المراد منه هشام، المذكور، و يأتي ما يقرب ذلك.
ب- ما رواه الكشي أيضا: عن محمّد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن احمد، عن يعقوب بن يزيد، عن رجل من أصحابنا، عن صفوان بن يحيي و ابن سنان انّهما سمعا أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لعن اللّه العباسي فإنه زنديق و صاحبه يونس فإنّهما يقولان بالحسن و الحسين (4).3.
ص: 362
ج- ما رواه أيضا عنه، عن علي، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن عيسي، عن أبي طالب، عن معمّر بن خلاد، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: إنّ العباسي زنديق و كان أبوه زنديقا (1).
د- ما رواه عنه بالإسناد عن أبي طالب، قال: حدثني العباسي إنه قال للرضا (عليه السّلام): [لم] لا تدخل فيما سألك أمير المؤمنين؟ قال: فقال:
و أنت أيضا عليّ يا عبّاسي؟ فقال: [نعم] و لتجيبه الي ما سألك، أو لا لأعطيّنك القاضية- يعني السيف- قال أبو النضر: سألنا الحسين بن إشكيب عن العباسي هشام بن إبراهيم، و قلنا له: أ كان من ولد العباس؟ قال: لا، كان من الشيعة فطلبه (هارون) فكتب كتب الزيدية و كتب إثبات امامة العباس، ثم دسّ الي من يغمز به، و اختفي، و اطّلع السلطان علي كتبه، فقال: هذا عباسي، فآمنه و خلّي سبيله (2).
ه- ما رواه الحميري في قرب الاسناد، عن الريان بن الصلت، قال:
دخلت علي العباسي يوما فطلب دواة و قرطاسا بالعجلة، فقلت: ما لك؟
فقال: سمعت من الرضا (عليه السّلام) أشياء احتاج أن اكتبها لا أنساها، فكتبها، فما كان بين هذا و بين ان جائني بعد جمعة في وقت الحرّ و ذلك بمرو، فقلت: من أين جئت؟ فقال: من عند هذا، قلت: من عند المأمون؟ قال:
لا، قلت: من عند الفضل بن سهل؟ قال: لا، من عند هذا، فقلت: من0.
ص: 363
تعني؟ قال: من عند علي بن موسي (عليهما السلام)، فقلت: ويلك خذلت اي شي ء قصّتك؟ فقال: دعني من هذا، متي كان آباؤه يجلسون علي الكراسي حتي يبايع لهم بولاية العهد كما فعل هذا؟! فقلت: ويلك استغفر ربّك، فقال: جاريتي فلانه اعلم منه، ثم قال [العباسي]: لو قلت برأسي هكذا لقالت الشيعة برأسها، فقلت: أنت رجل ملبوس عليك، إن من عقد (1) الشيعة انه لو رأوه (2) (صلّي اللّه عليه و آله) (3)، و عليه إزار مصبوغ، و في عنقه كرّ (4) يضرب في هذا العسكر، لقالوا: ما كان في وقت من الأوقات أطوع للّه جلّ و عزّ من هذا الوقت، و ما وسعه غير ذلك (5)، فسكت: ثم كان يذكره عندي وقتا بعد وقت.
فدخلت علي الرضا (عليه السّلام)، فقلت له: إنّ العباسي يسمعني فيك و يذكرك، و هو كثيرا ما ينام عندي و يقيل، فتري أنّي آخذ بحلقه و أعصره حتي يموت، ثم أقول: مات ميتة فجأة؟ فقال- و نفض يديه ثلاث مرات-: لا يا ريّان لا يا ريّان لا يا ريّان، فقلت: إن الفضل بن سهل هو ذا يوجّهني إلي العراق في أمور له، و العباسي خارج بعدي بأيام إلي العراق، فتري أن أقولم.
ص: 364
لمواليك القميين: أن يخرج منهم عشرون [أو] ثلاثون رجلا كأنّهم قاطعوا طريق أو صعاليك، فإذا اجتاز بهم قتلوه، فيقال: قتله الصعاليك، فسكت فلم يقل لي نعم و لا لا، فلمّا صرت الي الحوان (1) بعثت فارسا الي زكريا بن آدم [القمي]، و كتبت [اليه]: انّ هيهنا أمور لا يحتملها الكتاب، فإن رأيت أن تصير الي مشكوة (2) في يوم كذا و كذا لأوافينك بها ان شاء اللّه، فوافيت و قد سبقني إلي مشكوة فأعلمته الخبر، و قصصت عليه القصّة و إنه يوافي هذا الموضع يوم كذا و كذا، فقال: دعني و الرجل، فودّعته و خرجت، و رجع الرجل الي قم، و قد وافاها معمّر، فاستشاره فيما قلت له، فقال معمّر: لا ندري سكوته أمر أو نهي، و لم يأمرك بشي ء فليس الصواب أن تتعرض له، فأمسك عن التوجه اليه زكريا، و اجتاز العباسي بالجادّة و سلم منه (3).
و- ما رواه الصدوق في العيون: عن احمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن الريان بن الصلت انه قال في حديث: و كان هشام بن إبراهيم الراشدي الهمداني من أخصّ الناس عند الرضا (عليه السلام) من قبل ان يحمل و كان عالما أديبا لسنا، و كانت أمور الرضا (عليه السّلام) تجري من عنده و علي يده، و تصير الأموال من النواحي كلّها اليه قبل حمل أبي الحسن (عليه السّلام)، فلمّا حمل أبو الحسن (عليه السلام) اتّصل هشام بن إبراهيم بذي الرئاستين (4) فقرّبه ذو الرئاستين7.
ص: 365
[و أدناه، فكان ينقل اخبار الرضا (عليه السّلام) الي ذي الرئاستين] و المأمون فحظي بذلك عندهما، و كان لا يخفي عليهما من اخباره شيئا، فولّاه المأمون حجابة الرضا (عليه السلام)، فكان لا يصل الي الرضا (عليه السّلام) الّا من أحبّ، و ضيّق علي الرضا (عليه السّلام).
فكان من يقصده من مواليه لا يصل اليه، و كان لا يتكلّم الرضا عليه السلام في داره بشي ء إلّا أورده [هشام] علي المأمون و ذي الرئاستين و جعل المأمون العبّاس ابنه في حجر هشام، و قال [له]: أدّبه، فسمّي هشام العباسي لذلك، قال: و أظهر ذو الرئاستين عداوة شديدة لأبي الحسن (عليه السّلام) و حسده علي ما كان المأمون يفضّله به، الخبر (1).
ز- ما فيه أيضا قال الصدوق رحمه اللّه: و روي أنه قصد الفضل بن سهل مع هشام بن إبراهيم الرضا (عليه السّلام)، فقال له: يا بن رسول اللّه جئتك في سرّ فأخل لي المجلس، فاخرج الفضل يمينا مكتوبة بالعتق و الطلاق و مالا كفّارة له، و قالا له: انّما جئناك لنقول كلمة حق و صدق، و قد علمنا أنّ الإمرة أمرتكم و الحق حقّكم يا بن رسول اللّه، و الذي نقوله بألسنتنا عليه ضمائرنا و الّا ينعتق ما نملك و النساء طوالق و علي ثلاثين حجّة راجلا (2) [إنا] علي أن نقتل المأمون و نخلّص لك الأمر حتي يرجع الحق [لنقول] إليك. فلم يسمع منهما و شتمهما و لعنهما، و قال لهما: كفرتما النعمة فلا تكون لكما السلامة و لا لي إن رضيت بما قلتما، فلما سمع الفضل ذلك منه مع هشام علما انّهما أخطئا فقصدا المأمون بعد ان قالا للرضا (عليه السّلام): أردنا بما فعلنا أن نجربك، فقال لهما الرضا (عليه السلام): كذبتما فإن قلوبكما علي ما اخبرتماني، إلّا إنّكمان.
ص: 366
لم تجداني كما أردتما، فلمّا دخلا علي المأمون، قالا: يا أمير المؤمنين أنّا قصدنا الرضا (عليه السّلام) و جربناه و أردنا أن نقف علي ما يضمره لك فقلنا و قال.
فقال المأمون: وفقتما، فلمّا خرجا من عند المأمون، قصده الرضا (عليه السلام) و اخليا المجلس و أعلمه ما قالا و امره أن يحفظ نفسه منهما، فلمّا سمع ذلك من الرضا (عليه السّلام) علم انّ الرضا (صلوات اللّه عليه) هو الصادق (1).
هذه سبعة بسبعة (2)، و الذي حصل لي بعد التأمّل في هذه الاخبار في المقامين أن هشام بن إبراهيم المشرقي ثقة صاحب كتاب و هو الموجود في الأسانيد و يلقّب بالعباسي، و هناك هشام بن إبراهيم أخر يلقّب بالعباسي أيضا و هو الذي كان مستقيما أو منافقا، ثم أظهر النصب و العداوة و التزندق، و كان من جملة رجال الدولة و أعوان العباسيّة، و الذي يدل علي تعدّد العباسي أمور:
أ- ان أحدهما مشرقي أي من أهل الشرق و المراد به خراساني و ما والاها من أهل ختّل كسكّر في القاموس (3) و غيره، بلد بما وراء النهر، و قد خرج منه جماعة من العلماء و المحدثين و منهم إبراهيم بن محمّد بن العباس الختلي من مشايخ أبي عمرو الكشي، و الثاني راشدي همداني و همدان من بلاد الجبل.
ب- إنّ وجه تسمية المشرقي بالعباسي انه كتب لنجاة نفسه من هارون كتابا اثبت فيه امامة عباس فنجي منه كما مرّ عن الكشي و إن اشتبه عليه فذكره في ذيل ما ورد في ذم الآخر، و اما الثاني فوجه التسمية تأديبه العباس ابنظ.
ص: 367
المأمون (1).
ج- عدم تعرّض النجاشي لنقل طعن و ذمّ في العباسي الذي صرّح بأنّه المشرقي، و احتمال عدم وقوفه علي ما في الكشي و الكافي و العيون و قرب الاسناد فاسد جدّا، و عدم افراده المذموم بالترجمة لعدم دخوله في الرواة و المحدثين و المؤلّفين، و لذا قلنا: إنّ الموجود في الأسانيد هو العباسي المشرقي و إنّما الخلط و الاشتباه جاء من الكشي، فقال في العنوان ما روي في هشام بن إبراهيم العباسي من أصحاب الرضا (عليه السّلام)، فذكر فيه اخبار الذم و بعض اخبار المدح (2).
و قال في عنوان آخر: ما روي في هشام بن إبراهيم المشرقي من أصحاب الرضا (عليه السّلام)، و ذكر فيه قصّة الوثاقة مع أنّه صرّح في ترجمة جعفر بن عيسي ابن يقطين: ان هشام بن إبراهيم الختلي هو المشرقي العباسي (3)، فاتّضح- بحمد اللّه تعالي- تعدّده و وثاقة المشرقي و عدم المضرّة في الاشتراك في صورة الإطلاق لعدم دخول الزنديق في زمرة الرواة و أرباب الكتب، مع أنّ الصدوق ذكر الطريق الي صاحب الكتاب المعدود من الكتب المعتمدة (4)، هذا ما عندنا.
و امّا الأصحاب فلهم في مقام الجمع بين الطائفتين وجوه:
أ- الجمع بين الوثاقة و الزندقة و الحكم بالاتحاد، ففي الخلاصة: هشام ابن إبراهيم العباسي بالسين المهملة، روي الكشي- و ذكر الخبر الأول و الثالث- عن الرضا (عليه السّلام) انه زنديق، و قال: قال ابن الغضائري:ب.
ص: 368
هشام بن إبراهيم العباسي صاحب يونس، طعن عليه و الطعن عندي في مذهبه لا في نفسه (1).
و ابن داود ذكر ما في النجاشي في القسم الأول (2) و ما في الغضائري في القسم الثاني، قال: و الطعن عندي في مذهبه لا في ثقته (3) و تبعهما بعضهم و فيه- مضافا الي ما مرّ- إنّ الوثاقة تجتمع مع المذاهب الفاسدة و لكن لا تجتمع مع الكذب الصريح و لو بالمعني الأعمّ و قد مرّ ابتلاؤه بالكذب العمدي في غير واحد من الاخبار.
ب- الحكم بالاتحاد و حمل اخبار الذم علي التقيّة، قال التقي المجلسي في الشرح- بعد ذكر حديث الغناء- و الظاهر أنّ هشام لمّا سمع هذا و لم يبالغ (عليه السّلام) فيه تقيّة، فهم أنّه ليس بحرام لان الدنيا كلّها باطل، و سبّه (عليه السّلام) بالزنديق لكونه مشهورا بالتشيّع فكأنّه يدفعه عن نفسه لئلا يصل اليه ضرر، كما رواه في القويّ عن صفوان، و ذكر الخبر الثاني في الذم، و بعد قوله (عليه السّلام) بالحسن و الحسين، اي بإمامتهما، ثم الثالث و بعد قوله زنديقا، اي شيعة باعتقاد العامّة، ثم الرابع، و قال في آخره: و لو لم يكن للتقيّة كيف يمكن لمثله ان يقول له (عليه السّلام) مثل هذا الكلام و لم يقل له المأمون عليه اللعنة مثل هذا، و هذا لكونه (عليه السّلام) يعلم أنّه شيعة له، و كان (عليه السّلام) يرضي بان يقول له (عليه السّلام) أمثال هذا ليدفع عن نفسه4.
ص: 369
توهم التشيّع.
ثم ذكر وجه التسمية المشرقي بالعباسي، و قال: فظهر انه كان يسمّي بهشام و هاشم، فالخبر [حسن] كالصحيح، أو ضعيف علي الظاهر من هذه الأقوال، و الظاهر من الاخبار و أقاويل الأصحاب ان أمثال هذه اولي ممّا فعل سعيد بن جبير لكن الطبع ارضي ممّا فعله و اللّه يعلم و إن كان الأظهر التخيير و إن كان الأشهر وجوب التقيّة، انتهي (1).
و ظاهر التعليقة تصديقه و إن كان في بعض كلماته إشارة الي ما اخترناه (2) و كيف كان ففيه- مضافا الي التكلّفات البعيدة و التأويلات البشعة و عدم شدّة التقيّة في عصره (عليه السّلام)- إنّ خبر الريان في قرب الاسناد و قصّته مع زكريا بن آدم غير قابل للحمل علي التقيّة صدرا و ذيلا، فلاحظ.
ج- ما يظهر من المدقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار و غيره أنّهم ثلاثة، قال: أقول: ان الذي يفهم من الكشي أن هشام بن إبراهيم المشرقي هو ابن إبراهيم البغدادي، و النجاشي- كما تقدّم- قال: هاشم (3) بن إبراهيم العباسي الذي يقال له المشرقي، و ظاهر الحال أنّه ظنّ الاتحاد، فيكون هو الزنديق المذكور في روايات الكشي، و الأمر لا يخلو من اشكال، فقول شيخنا (4) أيّده اللّه: فتأمّل، لا يبعد أن يكون قول النجاشي: الذي يقال له المشرقي، لا يدلّ علي الاتحاد مع المشرقي، بل المشرقي وصف للرجلين، ثم ان كلام شيخنا مبني علي بعض نسخ النجاشي، و الّا ففي بعضها: هشام بن إبراهيم العباسي- الي ان قال-: و الذي نظنّ إن النجاشي توهم في أمر الرجل،ج.
ص: 370
انتهي (1).
قال صاحب اكليل الرجال: و مقتضي اختلاف ظاهر العنوان أنّ الرجل ثلاثة: هاشم بن إبراهيم العباسي الذي يقال له المشرقي، و هشام بن إبراهيم العباسي و هو ليس بالمشرقي، و هشام بن إبراهيم المشرقي هو ليس بالعباسي (2)، الي غير ذلك من الكلمات غير المحرّرة التي تشبه بعضها بعضا، و التعرض لنقلها و ما فيها من الخلط و الاشتباه يوجب التطويل، و لا أظن لمن تأمّل فيما اخترناه أن يختار غيره.
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري جميعا، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن علي بن الحكم و محمّد بن أبي عمير جميعا، عن هشام بن الحكم و كنيته أبو محمّد مولي بني شيبان بياع الكرابيس تحوّل من بغداد إلي الكوفة (3).
السند ينشعب إلي ثمانية (4) و كلّها صحيحة، و هشام عين الطائفة و وجهها
ص: 371
و متكلّمها و ناصرها، من أرباب الأصول و له نوادر حكايات و لطائف مناظرات تطلب من محالّها.
أبوه و محمّد بن الحسن بن احمد ابن الوليد رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد و الحسن بن طريف و أيوب بن نوح، عن النضر ابن سويد، عنه (1).
و عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير و علي ابن الحكم جميعا، عن هشام بن سالم الجواليقي (2).
السندان ينشعبان إلي أربعة عشر (3) كلّها صحيحة علي الأصح من وثاقة
ص: 372
ابن هاشم، و ابن سالم ثقة ثقة في النجاشي (1)، و الخلاصة (2)، صاحب أصل.
يروي عنه: ابن أبي عمير (3)، و صفوان (4)، و النضر (5)، و ابن محبوب (6)، و يونس (7)، و الحسن بن علي (8)، و الحلبي (9)، و جعفر بن بشير (10)، و البزنطي (11)، و حمّاد بن عثمان (12)، و الحسين بن سعيد (13)، و ابن بزيع (14)، و ابن جندب (15)، و الحجال (16)، و غيرهم من الأجلّاء فهو منهم.
أبوه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ياسر خادم الرضا (عليه السّلام) (17).
السند صحيح عندنا حسن علي المشهور.
ص: 373
و ياسر له مسائل عن الرضا (عليه السّلام)- ذكره الفهرست (1)، و النجاشي- يرويها عنه احمد بن محمّد البرقي (2).
و يروي عنه من الأجلّة: علي بن إبراهيم (3)، و أبوه (4)، و الجليل احمد ابن إسحاق الأشعري الوكيل كما في التهذيب في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات (5)، و يعقوب بن يزيد (6)، و احمد بن عمر الحلال (7)، و نوح بن شعيب (8)، و احمد بن محمّد (9)، و سهل بن زياد (10).
و في الخلاصة: و عن رفاعة بن موسي النخّاس صحيح، و كذا عن زياد ابن سوقة، و كذا عن حمّاد بن عثمان، و كذا عن ياسر الخادم (11)، و في الشرح:
فالخبر حسن كالصحيح، و الظاهر أنّه بملاحظة إبراهيم الثقة علي الأصح (12).
و روي الصدوق في العيون عن أبيه و علي بن عبد اللّه الورّاق، عن سعد ابن عبد اللّه، عن علي بن الحسين الخيّاط، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه ابن موسي بن جعفر (عليهما السلام)، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن7.
ص: 374
العسكري عن أبيه، عن جدّه علي بن موسي الرضا (عليهم السّلام) انه كان يلبس ثيابه ممّا يلي يمينه، و ساق الخبر ثم قال: قال مصنّف هذا الكتاب رحمه اللّه ياسر الخادم قد لقي الرضا (عليه السّلام) و حديثه عن أبي الحسن العسكري غريب انتهي (1)، و هذا منه غريب فان علي بن إبراهيم الباقي في سنة سبع و ثلاثمائة كما صرّح به في العيون يروي عن ياسر كثيرا فراجع.
344 شمد- و إلي ياسين الضرير (2): أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن ياسين الضرير البصري (3).
ابن عيسي ثقة في (لا) (4) فالسند صحيح.
و امّا ياسين الضرير الزيات البصري ففي النجاشي: لقي أبا الحسن موسي (عليه السّلام) لما كان بالبصرة و روي عنه و صنّف هذا الكتاب المنسوب اليه، ثم ذكر الطريق اليه (5)، و ذكره في الفهرست أيضا مع الكتاب و الطريق (6) و لم يغمزا عليه بشي ء.
و يروي عنه احمد بن محمّد بن عيسي المعلوم حاله في التثبّت في النقل كما
ص: 375
في الكافي في باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير (1)، و في التهذيب في باب الطواف (2)، و في باب فضل التجارة (3)، و في الاستبصار في باب إنه لا ربا بين المسلم و بين أهل الحرب (4)، و حريز كما في الكافي في باب ما يهدي الي الكعبة (5)، و في التهذيب في باب الوصيّة المبهمة (6)، و في كثير من الأسانيد روايته عن حريز.
قال في الجامع: و هذا من المواضع التي روي فيها متعاكسا (7)، و سعد بن عبد اللّه في التهذيب في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات (8)، و علي بن إبراهيم ذكره المحقق السيد صدر الدين العاملي و نسبه الي الكافي في باب الرضا بالقضاء و لم أجده فيه (9)، و لا يخلو عن غرابة أيضا.
و من هذه الامارات لا يبعد استظهار الوثاقة أو ما يقرب منها، فالخبر حسن كما في الشرح، و فيه: أو قوي كالصحيح علي المشهور (10).
محمّد بن الحسن، عن [الحسين بن الحسن] (11) بن ابان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن
ص: 376
أيوب، عن ابان بن عثمان، عنه (1).
أثبتنا وثاقة ابن أبان في (يج) (2)، فالسند صحيح.
و امّا يحيي، ففي النجاشي و تبعه الخلاصة: يحيي بن العلاء (3)، و الظاهر انه سقط أبي من نسخته، فان الموجود في غيره و الأسانيد: أبي العلاء، و هو رازي، و أصله كوفي، ثقة فيهما، غير مطعون في غيرهما من رجال الشيخ (4)، و الفهرست (5) و غيرهما، و يروي عنه أبان كثيرا (6)، و إسحاق بن عمّار (7)، و جعفر بن بشير (8)، فالخبر صحيح مع انّ في السند اثنين من أصحاب الإجماع.
و امّا يحيي فغير مذكور إلّا أنّ في أصحاب الرضا (عليه السّلام) و الخلاصة:
يحيي بن عمران الهمداني يونسي (1)، و الظاهر الاتحاد، لقوله: يونسي، أي تلميذه، و لما رواه في التهذيب في باب كيفيّة الصلاة (2)، و في الاستبصار في باب الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم: عن علي بن مهزيار، عن يحيي بن [أبي] (3) عمران الهمداني، قال: كتبت الي أبي جعفر (عليه السّلام) (4).
و روي هذا الخبر في الكافي في باب قراءة القرآن من كتاب الصلاة، عن علي بن مهزيار، عن يحيي بن أبي عمران الهمداني. إلي آخره (5)، فالظاهر- وفاقا لصاحب الجامع- أنّ لفظة أبي سقطت من قلم النساخ (6)، و ذكره في الفقيه أيضا في باب ما يصلّي فيه و ما لا يصلّي فيه من الثياب (7) مثل ما في المشيخة.
و كيف كان، فالخبر صحيح عند القدماء حسن عند المتأخرين، أو ضعيف.
السند صحيح عندنا بما مرّ غير مرّة هكذا في الوسائل من ذكر حسان في صدر الكلام (1)، و في المشيخة: و ما كان فيه عن يحيي الأزرق. إلي آخره.
و يحيي الأزرق متكرّر في الأسانيد، و المعهود المذكور في التراجم يحيي بن عبد الرحمن الأزرق، ففي النجاشي: يحيي بن عبد الرحمن الأزرق، كوفي ثقة، روي عن أبي عبد اللّه، و أبي الحسن (عليهما السلام)، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا (2)، ثم ذكر طريقه، و في الفهرست: يحيي بن عبد الرحمن الزرق، له كتاب أخبرنا به جماعة. إلي آخره (3)، و ليس فيهما ذكر لابن حسان.
و في أصحاب الصادق (عليه السّلام): يحيي بن عبد الرحمن الأزرق الأنصاري، مولي، كوفي (4)، ثم ذكر يحيي بن حسان الكوفي، ثم يحيي بن حسان، ثم يحيي الأزرق (5)، و لا شك أنّ الأخير هو بعينه ابن عبد الرحمن و لم يصف الآخرين بالأزرق، ثم أنّ الصدوق لم يذكر طريقه الي يحيي بن عبد الرحمن صاحب الكتاب المذكور في النجاشي و الفهرست المتكرّر في الأسانيد الذي يروي عنه الأجلّة، ثم لم نجد خبرا في الأربعة (6) - كما يظهر من المجامع (7) - في سنده يحيي بن حسان الأزرق، و جميع ذلك يورث الظن القوي وفاقا للفاضل الخبير الأردبيلي بأنّ كلمة حسان من طغيان القلم و ان الأصلا.
ص: 379
عبد الرحمن (1)، و ما في الوافي (2)، و الوسائل (3) من ذكره في أوّل الكلام من تصرّفهما.
و يروي عنه بعنوان يحيي الأزرق، أو يحيي بن عبد الرحمن الأزرق: أبان ابن عثمان (4)، و حماد بن عثمان (5)، و صفوان بن يحيي (6)، و عبد اللّه بن بكير (7)، و علي بن الحسن بن رباط (8)، و علي بن النعمان (9)، و القاسم بن إسماعيل القرشي (10).
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الأسدي الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عنه (11).
الثاني هو ابن جعفر الثقة في (لو) (12)، و النخعي غير مذكور، و عمّه هو النوفلي المذكور في (لز) (13) و السند ضعيف علي المشهور.
و يحيي غير مذكور إلّا في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (14)، و فيه:
ص: 380
عبادة، و في رجال البرقي (1): عبّاد كما هنا، و يروي عنه حنّان بن سدير (2)، و في الشرح: فالخبر قوي (3).
احمد بن الحسين القطان، عن احمد بن محمّد بن سعيد الهمداني مولي بني هاشم، عن عبد الرحمن بن جعفر الجريري، عن يحيي بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (4).
أحمد الأول من مشايخ الصدوق فله ما لهم من الوثاقة، أو المدح القريب منها، مضافا الي كثرة الطرق إلي أحمد الثاني و هو ابن عقدة الثقة الجليل الزيدي المعروف كما مرّ في ترجمته في (يط) (5)، و منها يظهر تثبّته في النقل، فيستظهر منه حسن حال الجريري الغير المذكور، فالسند قوي جدّا.
و امّا يحيي فذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و منه و من رواية ابن عقدة كتابه بتوسط الجريري، يظهر أنه من الأربعة الآلاف الذين ذكرهم ابن عقدة و وثقهم من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و يعبّر عنه في كتب الأنساب (7): بيحيي الصالح، و هو والد محمّد الصوفي جدّ الشيخ الجليل أبي الحسن العمري النسابة صاحب كتاب المجدي في النسب، فالخبر حسن، و في الشرح: قوي (8).
ص: 381
محمّد بن الحسن رضي اللّه عنه، عن الحسن بن متّيل، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر ابن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن يعقوب بن شعيب بن ميثم الأسدي و هو مولي كوفي (1).
السند صحيح بالاتفاق.
و أبو محمّد يعقوب بن شعيب بن ميثم بن يحيي التمار ثقة في النجاشي (2)، و الخلاصة (3)، و يروي عنه ابن أبي عمير (4)، و صفوان بن يحيي (5)، و حماد بن عثمان (6)، و أبان بن عثمان (7)، و يونس بن عبد الرحمن (8)، و عبد اللّه بن المغيرة (9)، و فضالة بن أيوب (10)، و عبد اللّه بن بكير (11).
و من أضرابهم علي بن النعمان (12)، و محمّد بن سنان (13)، و الحسن بن
ص: 382
محمّد بن سماعة (1)، و محمّد بن أبي حمزة (2)، و إبراهيم بن هاشم (3)، و عبد الحميد الطائي (4)، و عبد اللّه بن الوضاح (5)، و سيف بن عميرة (6)، و داود بن فرقد (7)، و الحسن بن الميثمي (8)، و محمّد بن عبد الجبار (9)، و غيرهم.
الأول صحيح علي الأصح، و الثاني بالاتفاق.
و رواية ابن أبي عمير من أمارات الوثاقة، فالخبر صحيح، و يروي عنه أيضا أبان بن عثمان كما في التهذيب في باب تطهير الثياب (1).
و صحّح العلامة في الخلاصة الطريق المذكور (2)، و قال السيد الداماد:
و يعلم حسن حاله و صحة حديثه من عد العلامة في الخلاصة طريق [الصدوق] (3) في الفقيه اليه صحيحا و من استصحاح الأصحاب اخبارا هو في طريقها (4).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر الحميري و محمّد بن يحيي العطار و احمد بن إدريس رضي اللّه عنهم، عنه (5).
رجال السند و يعقوب من أجلّاء المشايخ و الثقات الإثبات و الخبر صحيح بالاتفاق.
المشهور، و يوسف أبو داود مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام)، فيحتمل قويّا أنّ كونه من الأربعة الآلاف، و يروي عنه صفوان بن يحيي في التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (1)، و في الكافي في باب اللباس من كتاب الزي و التجمل (2)، و لا يروي إلّا عن ثقة، فالخبر صحيح، و يروي عنه الجليل الثقة العين: العيص بن القاسم البجلي (3).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن عيسي بن عبيد، عن محمّد بن سنان، عن يوسف بن يعقوب أخي يونس بن يعقوب و كانا فطحيّين (4).
السند صحيح بما مرّ في (لا (5)، و (كو) (6).
و امّا يوسف ففي أصحاب الكاظم (عليه السّلام) واقفي (7)، و ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8)، و لم أر ما يوجب الاعتماد عليه الّا كونه من
ص: 385
أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و تكرّر رواية أخيه الفقيه يونس عنه (1)، و عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة (2)، فالخبر قوي أو ضعيف (3).
ما يأتي، اعلم ان الصدوق نسي أن يذكر طريقه الي يونس و هو موجود في الفهرست، فأخذه صاحب الوسائل منه و أدرجه في المشيخة، و قال: و ما كان فيه عن يونس بن عبد الرحمن فلم يذكره الصدوق، و لكن ذكره الشيخ في الفهرست، فقال- بعد ما ذكره- له كتب كثيرة أكثر من ثلاثين- الي ان قال-:
أخبرنا بجميع كتبه و رواياته جماعة، عن محمّد بن علي بن الحسين، عن محمّد بن الحسن و احمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عنه.
و أخبرنا بذلك ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و علي بن إبراهيم و محمّد بن الحسن الصفار كلّهم، عن إبراهيم ابن هاشم، عن إسماعيل بن مرار و صالح بن السندي، عن يونس.
و رواها محمّد بن علي بن الحسين، عن حمزة بن محمّد العلوي و محمّد ابن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل و صالح، عن يونس.
و أخبرنا ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن محمّد بن
ص: 386
عيسي بن عبيد، عن يونس، انتهي (1).
قلت: الطريق الأخير غير مناسب ذكره هنا الّا ان يقال انّ الصدوق يروي عن ابن الوليد كلّما رواه، و في مشيخة التهذيب طرق أخري تأتي إن شاء اللّه في الفائدة الآتية مع ذكر ما يتعلّق بها و بما في الفهرست و مشيخة الاستبصار.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد ابن أبي عبد اللّه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي الحسن يونس بن عمّار بن (العيص) (2) الصيرفي التغلبي الكوفي و هو أخو إسحاق بن عمّار (3).
مالك بن عطيّة ثقة لا طعن فيه، فالسند صحيح.
و يونس مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4)، و في النجاشي في ترجمة أخيه إسحاق: ثقة، و اخوته يونس و يوسف و قيس و إسماعيل، و هو في بيت كبير من الشيعة (5).
و يروي عنه يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب من حافظ علي صلاته (6)، و ابن أبي عمير فيه في باب الكتمان (7)، و في النهي عن القول بغير
ص: 387
علم (1)، و الحسن بن محبوب فيه في باب ما يحل للمملوك النظر اليه من مولاته (2)، و في الروضة بعد حديث محاسبة النفس (3)، و عثمان بن عيسي فيه في باب الشكر (4)، و في التهذيب في باب الزيادات في فقه النكاح (5)، و الأربعة من أصحاب الإجماع، و ثانيهم لا يروي إلّا عن ثقة مع أنّ في السند الحسن بن محبوب، فالخبر صحيح أو في حكمه.
و يروي عنه أيضا علي بن رئاب (6)، و مالك بن عطيّة (7)، و يظهر من كثير من الاخبار حسن حاله و اختصاصه بهم (عليهم السلام) و شفقتهم عليه.
ففي الكافي في كتاب الدعاء: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن يونس بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): جعلت فداك هذا الذي قد ظهر بوجهي يزعم الناس ان اللّه عزّ و جلّ لم يبتل به عبدا له فيه حاجة، فقال لي: لا لقد كان مؤمن آل فرعون مكتع الأصابع فكان يقول هكذا و يمدّ يده و يقول: يا قوم اتّبعوا المرسلين، قال: ثم قال: إذا كان الثلث الأخير من الليل في أوّله فتوضأ و قم الي صلاتك التي تصلّيها، فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين، فقل و أنت ساجد:
يا علي يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات و يا معطي الخيرات8.
ص: 388
صلّ علي محمّد و آل محمّد، و أعطني من خير الدنيا و الآخرة ما أنت أهله، و اصرف عنّي من شرّ الدنيا و الآخرة ما أنت اهله، و اذهب عني هذا الوجع، [و سمه] (1) فإنه قد غاظني و حزنني، و ألحّ في الدعاء، قال: فما وصلت الي الكوفة حتي اذهب اللّه به عني كلّه (2).
و رواه أيضا في باب شدّة ابتلاء المؤمن بهذا السند و المتن الّا انّ فيه احمد ابن محمّد بن عيسي (3).
و فيه في باب حقّ المرأة علي الزوج بإسناده عن يونس بن عمّار، قال:
زوجني أبو عبد اللّه (عليه السّلام) جارية كانت لإسماعيل ابنه، فقال: أحسن إليها، فقلت: و ما الإحسان إليها؟ قال: أشبع بطنها، و اكس جثّتها (4)، و اغفر ذنبها، ثم قال: اذهبي وسطك اللّه ماله (5).
و فيه بإسناده عنه، قال: وصفت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) من يقول بهذا الأمر ممّن يعمل عمل السلطان، فقال: إذا ولّوكم يدخلون عليكم المرفق و ينفعونكم في حوائجكم، قال: قلت: منهم من يفعل ذلك، و منهم من لا يفعل، قال: من لا يفعل ذلك فابرؤا منه برأ اللّه منه (6).
و فيه في الصحيح عنه، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): أنّ لي جارا من قريش من آل محرز قد نوّه باسمي و شهرني كلّما مررت به، قال: هذا3.
ص: 389
الرافضي يحمل الأموال الي جعفر بن محمّد، قال: فقال لي: فادع اللّه عليه إذا كنت في صلاة الليل و أنت ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فاحمد اللّه عزّ و جلّ و مجّده و قل:
اللّهمّ ان فلان بن فلان قد شهرني و نوّه بي و غاظني و عرضني للمكاره، اللّهمّ اضربه بسهم عاجل تشغله به عني، اللّهمّ و قرّب اجله و اقطع أثره و عجّل ذلك يا ربّ الساعة الساعة، قال: فلما قدمنا الكوفة قدمنا ليلا فسألت أهلنا عنه، قلت: ما فعل فلان؟ فقالوا: هو مريض، فما انقضي آخر كلامي حتي سمعت الصياح من منزلة، و قالوا: قد مات (1).
و قد مرّ غير مرّة وجه الاستشهاد بأمثال هذه الاخبار علي وثاقة الراوي، أو مدحه.
و من الغريب بعد ذلك ما في عدّة السيد الكاظمي حيث قال: بعد ذكر الطريق المذكور: و يونس هذا مجهول (2)، مع أنّه ممّن عدّ رواية ابن أبي عمير من أمارات الوثاقة و أصرّ عليها و هكذا رواية الأجلّة.
و قال السيد الأجل بحر العلوم في رجاله- بعد نقل كلام النجاشي و غيره في بني عمّار- قال: و ظاهر كلام الجماعة سلامة مذهب الجميع، بل المستفاد من كلام النجاشي: و هو في بيت كبير من الشيعة، استقامة جميع أهل هذا البيت- الي أن قال-: و قوله: ثقة و اخوته يونس. لا يقتضي توثيق اخوته لاحتمال أن يكون يونس و ما بعده خبرا من الاخوة لا بدلا، نعم لو قال: ثقة هو و اخوته، لدلّ علي ذلك، و في رجال ابن داود عن النجاشي و الكشي: ثقة هو و اخوته، و الوهم فيه ظاهر إذ ليس في الكشي من ذلك شي ء، و الموجود فيأ.
ص: 390
النجاشي ما حكيناه لا ما حكاه، انتهي (1).
قلت: قدّمنا في ترجمة الكشي في آخر الفائدة الثالثة اختلاف نسخ الكشي بالزيادة و النقيصة (2)، و من الجائز وجوده في نسخته و ثبوت كلمة (هو) في نسخته من النجاشي، و هذا المقدار من الاختلاف غير عزيز في النسخ، و قد مرّ في بعض التراجم وجود كلمة ثقة في نسخ- جماعة- من النجاشي و أنكرها الآخرون لعدم وجودها في نسختهم، فالجزم بالحكم بالوهم مشكل.
ثمّ أنّ الموجود في كتب الرجال عمّار بن حيّان لا العيص كما هنا و لعلّه من طغيان القلم أو هو بعض أجداده.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن يونس بن يعقوب البجلي (3).
أوضحنا وثاقة الحكم في (مب) (4)، فالسند صحيح.
و امّا يونس فالكلام فيه في موضعين:
أ- في وثاقته بل و جلالته.
ب- في مذهبه.
امّا الأول فهو ثقة جليل و يدلّ عليها أمور:
أ- ما في النجاشي: يونس بن يعقوب بن قيس أبو [علي] الجلاب [البجلي] الدّهنيّ، امّه منيّة بنت عمّار بن أبي معاوية الدهني أخت معاوية بن
ص: 391
عمار، اختص بأبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام، و كان [يتوكل] (1) لأبي الحسن (عليه السّلام)، و مات بالمدينة في أيّام الرضا (عليه السّلام)، فتولّي امره، و كان (خطيّا) (2) عندهم، موثقا (3).
ب- ما في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) من رجال الشيخ: يونس بن يعقوب مولي نهد، له كتب، ثقة (4)، و في أصحاب الرضا (عليه السّلام): ثقة، له كتاب، من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (5).
ج- رواية الثلاثة الذي لا يروون الّا عن الثقة عنه، و هم: ابن أبي عمير كما في الفهرست (6)، و في الفقيه في باب الرضا (7)، و في الاستبصار في باب أقلّ الطهر (8)، و في الكافي في الروضة بعد حديث قوم صالح (9)، و صفوان بن يحيي فيه في باب زكاة مال اليتيم (10)، و في التهذيب في باب زكاة أموال الأطفال (11)، و احمد بن محمّد بن أبي نصر فيه في أواخر باب الصيد و الذكاة (12)، و في الكافي في باب الإبط من كتاب الزي و التجمّل (13)، و في باب صفة الذبح7.
ص: 392
و النحر (1).
د- رواية الأجلّة عنه و فيهم: الحسن بن محبوب (2)، و الحسن بن علي ابن فضّال (3)، و محمّد بن عبد الحميد (4)، و السندي بن محمّد (5)، و حمران بن أعين (6)، و محمّد بن أبي حمزة (7)، و علي بن الحكم (8)، و محمّد بن سنان (9)، و محمّد بن الوليد (10)، و ثعلبة (11)، و علي بن أسباط (12)، و عمرو بن عثمان (13)، و موسي بن القاسم (14)، و الحجّال (15)، و إسماعيل بن مهران (16)، و احمد بن عبد اللّه الكرخي (17)، و محمّد بن إسماعيل (18)، و محمّد بن عيسي (19)، و احمد بن3.
ص: 393
الحسن الميثمي (1)، و الحسن بن علي بن يقطين (2)، و العباس بن عامر (3)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب الإذاعة (4).
ه- جملة من الاخبار، فروي في الكشي عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، قال: حدثنا محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، قال: دخلت علي أبي الحسن موسي (عليه السلام)، قال: فقلت له: جعلت فداك ان أباك كان يرقّ عليّ و يرحمني فإن رأيت أن تنزلني بتلك المنزلة فعلت، قال: فقال لي: يا يونس انّي دخلت علي أبي و بين يديه حيس أو هريسة، فقال لي: ادن يا بنيّ فكل من هذا، هذا بعث به إلينا يونس [انه] من شيعتنا القدماء، فنحن لك حافظون (5).
قال أبو النضر: سمعت علي بن الحسن يقول: مات يونس بن يعقوب بالمدينة فبعث إليه أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) بحنوطه و كفنه و جميع ما يحتاج اليه، و أمر مواليه و موالي أبيه و جدّه ان يحضروا جنازته، و قال لهم: هذا مولي لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) كان يسكن العراق، و قال لهم: احفروا له في البقيع فإن قال لكم أهل المدينة: انه عراقي و لا ندفنه في البقيع، فقولوا لهم:
هذا مولي لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) و كان يسكن العراق، فإن منعتمونا أن ندفنه بالبقيع منعناكم أن تدفنوا مواليكم في البقيع، فدفن في البقيع، و وجّه أبو الحسن علي بن موسي (عليه السّلام) الي زميله محمّد بن الحباب- و كان رجلا1.
ص: 394
من أهل الكوفة- صلّ عليه أنت (1).
و عن علي بن الحسن، قال: حدثني محمّد بن الوليد، قال: رآني صاحب المقبرة و انا عند القبر بعد ذلك، فقال لي: من هذا الرجل صاحب القبر فإنّ أبا الحسن علي بن موسي (عليهما السلام) أوصاني به و أمرني أن أرش قبره أربعين شهرا، أو أربعين يوما في كلّ يوم- قال أبو الحسن: الشك مني- (2).
قال، و قال لي صاحب المقبرة: إن السرير عندي- يعني سرير النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)- فإذا مات رجل من بني هاشم صرّ السرير، فأقول:
أيّهم مات؟ حتي اعلم بالغداة، فصرّ السرير في الليلة التي مات فيها هذا الرجل، فقلت: لا أعرف أحدا منهم مريضا فمن الذي مات؟! فلما ان كان من الغد جاؤوا فأخذوا منّي السرير، و قالوا: مولي لأبي عبد اللّه (عليه السّلام) كان يسكن العراق (3).
و عن علي بن الحسن، قال: حدثني محمّد بن الوليد، عن صفوان بن يحيي قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): جعلت فداك، سرّني ما فعلت بيونس، قال: فقال لي: أ ليس ممّا صنع اللّه ليونس أن نقله من العراق الي جوار نبيّه (صلّي اللّه عليه و آله) (4).
و عن علي بن الحسن، عن عباس بن عامر، عن يونس بن يعقوب، قال: كتبت الي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) اسأله أن يدعو اللّه لي أن يجعلني ممّن ينتصر به لدينه، فلم يجبني، فاغتممت لذلك، قال يونس: فأخبرني بعض3.
ص: 395
أصحابنا انّه كتب اليه بمثل ما كتبت إليه، فأجابه و كتب في أسفل كتابه:
يرحمك اللّه انّما ينتصر اللّه لدينه بشر خلقه (1).
و هذه اخبار رواها علي بن الحسن و هو من معشر بني فضّال الذين أمرنا بأخذ ما رووا.
و قد مرّ في (عز) (2) قول الأستاذ الأعظم الأنصاري في بحث الاحتكار:
ان هذا الحديث (3) اولي بالدلالة علي عدم وجوب الفحص عمّا قبل هؤلاء من الإجماع الذي ادّعاه الكشي علي تصحيح ما يصحّ عن جماعة، انتهي (4)، و لا فرق في الموصول بين كونه في مقام مدح راوية أو لا فكلّها في حكم الصحيح الذي يجب الأخذ به.
و عن علي بن محمّد، قال: حدثني محمّد بن احمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، قال: قال لي يونس: ذكر لي أبو عبد اللّه أو أبو الحسن (عليه السّلام) شيئا أسرّ به، قال: فقال لي: و اللّه ما أنت عندنا متّهم، إنّما أنت رجل منّا أهل البيت فجعلك اللّه مع رسوله و أهل بيته و اللّه فاعل ذلك ان شاء اللّه و ذكر أنّه قال ليونس: انظروا الي ما ختم اللّه به ليونس، قبضه اللّه مجاورا نبيه (صلّي اللّه عليه و آله) (5).
و عن علي بن محمّد، قال: حدّثني محمّد بن احمد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، قال: كتبت الي أبي الحسن (عليه السّلام) في شي ء كتبت اليه فيه: يا سيّدي، فقال للرسول: قل له إنّك أخي (6)، و السنداني.
ص: 396
صحيحان، و وثاقة يونس تمنع من الافتراء سيّما علي الامام (عليه السّلام).
قال: و روي عن أبي سعيد الآدمي، قال: حدثني [محمّد بن الوليد] (1) قال:
حضرت جنازة معاوية بن عمار، و يونس بن يعقوب حاضر فصلّي بأصحابنا و أذّن و أقام (2).
و عن حمدويه، قال: حدثني أيّوب، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، قال: قال لي أبو عبد اللّه (عليه السّلام): [يا يونس] قل لهم: يا مؤلّفة قد رأيت ما تصنعون، إذا سمعتم الأذان أخذتم نعالكم و خرجتم من المسجد (3).
و في ترجمة عيسي بن عبد اللّه القمي و زرارة أيضا ما يظهر منه علوّ مقامه (4)، و لا معارض لهذه الأخبار أبدا و لا مغمز فيه من احد و لا يخلو من غرابة.
و امّا الثاني: فظاهر جماعة انه فطحي، قال أبو عمرو الكشي: حدثني حمدويه- ذكره عن بعض أصحابنا-: أنّ يونس بن يعقوب فطحي كوفيّ مات بالمدينة كفّنه الرضا (عليه السّلام) (5)، و قال في ترجمة عبد اللّه بن بكير: قال محمّد بن0.
ص: 397
مسعود: عبد اللّه بن بكير و جماعة من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا، منهم: ابن بكير- إلي ان قال: - و يونس بن يعقوب. إلي آخره (1)، و تقدم كلام الصدوق في أخيه يوسف (2).
و امّا الشيخ فذكره في أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا (3) (عليهم السلام) و الفهرست (4) و لم يطعن عليه بالفطحيّة، و لكن النجاشي قال: و كان قد قال بعبد اللّه ثم رجع (5)، و لهذا يمكن الجمع بين كلمات من رماه بها حفظا لها عن الردّ و بين ما مضي من الاخبار الصريحة في حسن عقيدته كما أشار إليه في الخلاصة، قال: و روي الكشي احاديث حسنة تدلّ علي صحّة عقيدة هذا الرجل، و الذي اعتمد عليه قبول روايته، انتهي (6).
و في تحرير الطاووسي- بعد نقل جملة من روايات الكشي- أقول: إنّه يبعد من مجموع ما رويت ان يكون المشار اليه فطحيّا، و الرواية التي بدأت بذكرها ضعيفة، الشاهدة بكونه فطحيّا، انتهي (7).
قلت: و المراد بالرواية هي ما نقلها الكشي عن حمدويه (8)، و فيها مع الضعف تناقض ظاهر، إذ الفطحيّة لا تجتمع مع هذا الإكرام و التبجيل- سيّما بعد الموت- من الامام (عليه السّلام)، كما لا تجتمع مع سائر ما تضمّنته0.
ص: 398
الاخبار من الكرامة و التبجيل، فامّا أن يقال بنجاة الفطحيّة، أو خصوص يونس كعمّار (1)، أو يقال بأنّها زلّة صدرت ثم جبرت، و هو الحقّ الذي لا محيص عنه بعد صراحة الاخبار و اعتبارها، و للقوم هنا كلمات لا تخلو من اضطراب و تشويش طوينا الكشح عن التعرض لها.
محمّد بن موسي بن المتوكل رضي اللّه عنه، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزّاز، و يقال: إنّه إبراهيم بن عيسي (2).
السند صحيح بالاتفاق.
و أبو أيوب ثقة في الكشي (3)، و النجاشي (4)، و الفهرست (5)، و الخلاصة (6)، فالخبر صحيح.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن [عمّه] محمّد بن أبي القاسم، عن احمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عنه (7).
ص: 399
السند صحيح الي عليّ، و مر في (رز) (1) اعتبار رواياته و ان كان واقفيا شديد العناد و مضافا الي وجود ابن أبي عمير في السند.
و المراد بابي بصير: أبو محمّد يحيي بن القاسم الأسدي بقرينة قائده علي (2) الذي صرّحوا بأنه يروي كتابه (3)، و هو ثقة في النجاشي (4)، و الخلاصة (5).
و في الكشي: اجتمعت العصابة علي [تصديق] هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام)، و انقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستّة: زرارة، و معروف بن خرّبوذ، و بريد، و أبو بصير الأسدي، و الفضيل بن يسار، و محمّد بن مسلم الطائفي (6).
و روي عن حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): ربّما احتجنا أن نسأل عن الشي ء، فمن نسأل؟ قال: عليك بالأسدي، يعني أبا بصير (7).ظ.
ص: 400
و الخبر في أعلي درجة الصحّة، و العقرقوفي ابن أخته (1)، فلا يصغي بعد ذلك الي ما ورد أو قيل فيه من الوقف المنافي لوفاته في حياة الكاظم (عليه السلام)، و التخليط المنافي للإجماع المتقدم و غير ذلك من الموهنات، و قد أطالوا الكلام في ترجمته من جهات، بل أفرد جماعة لترجمته برسالة مفردة، و ما ذكرناه هو الحق الذي عليه المحققون، و من أراد الزيادة فعليه بكتب الأصحاب.
أسلم أو أشيم، و احتمل في العدّة ان يكون المراد منه عثمان بن عيسي أو نحوه، و كيف كان فالسند صحيح إلي فضالة و هو من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح أو في حكمه.
و لكن الخطب الأعظم في المراد من أبي بكر بن أبي سمال (1)، ثم في مذهبه، فإنّ كلام المترجمين من الاضطراب و التشويش ما يحيّر العقول.
فنقول: قال صاحب المنهج (2)، و التلخيص (3) في باب الكني: أبو بكر ابن أبي سمال (4) هو إبراهيم بن أبي سمال ثقة واقفي- كما مرّ- و اسم أبي سمال:
محمّد بن الربيع.
و قال التقي المجلسي في الشرح: و ما كان فيه عن أبي بكر بن أبي سمال، هو أبو إبراهيم و إسماعيل ابني أبي بكر بن أبي سمال الثقتين و لم يرد فيه شي ء، و لكن يظهر من المصنّف أنّ له كتابا معتمدا للطائفة، انتهي (5).
و قال الأستاد الأكبر في التعليقة: قوله في أبي بكر بن أبي سمال. الي آخره، ظهر ممّا مرّ فيه، و في محمّد بن حسان عرزم ان أبا بكر هذا هو والد إبراهيم، و لذا عدّه خالي مجهولا، انتهي (6)، و تبع كلّ واحد منهم جماعة، و مقتضي الأول: ان أبا بكر كنية لإبراهيم المذكور في التراجم، و هو المراد من ابن أبي السمال (7) حيثما يذكر في التراجم و الأسانيد.ك.
ص: 402
و مقتضي الثاني: انه كنية لأبيه الغير المذكور في التراجم، فيكون هو المراد من ابن أبي السمال الذي يظهر من الاخبار أنّه من الأمراء المعروفين في الشيعة.
ففي التهذيب بإسناده عن احمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و عنده إسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي السمال (1) ان يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس؟! قال: ثم قال لي: لم تركت عطاك؟! قال: قلت: مخافة علي ديني، قال: ما منع ابن أبي السمال (2) ان يبعث إليك بعطائك؟! أما علم أنّ لك في بيت المال نصيبا! (3).
بل يظهر هذا من النجاشي أيضا، حيث ساق نسبه الي أسد بن خزيمة (4)، و هذا دأبه في المعروفين، و الأصل في هذا الاختلاف كلام النجاشي، و التشويش في صدره و مخالفته مع ذيله، و مخالفة ما في رجال الشيخ (5) للفهرست (6) و ما في بعض الأسانيد.
فنقول: قال النجاشي: إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن الربيع يكنّي بابي بكر محمد بن السمال (7) سمعان بن هبيرة- و ساق إلي- أسد بن خزيمة، ثقة هو و أخوه إسماعيل بن أبي السمال، رويا عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام)ل.
ص: 403
و كانا من الواقفة، انتهي (1).
و صريح أخره ان والد إبراهيم و هو محمّد يكنّي بابي السمال فلا بدّ و ان يكون الأصل في الصدر هكذا: إبراهيم بن محمّد بن الربيع يكني بابي بكر، و محمّد بابي السمال بن سمعان- يعني الربيع- فيكون الاخوان ابني أبي السمال.
و منه يظهر ما في توجيه بعضهم من أنّ ابن السمال صفة للربيع و يكون جملة يكنّي واقعة بين الموصوف و الصفة لتوضيح ما علم سابقا من أنّ محمّدا يكنّي بابي بكر و يكون سمعان عطف بيان للسمال، انتهي (2).
و قد عرفت وجه الظهور: و يؤيّده ما في الكشي، فإنه قال في العنوان في إبراهيم بن أبي السمال: من أصحاب أبي الحسن موسي (عليه السّلام)، ثم ساق جملة من الاخبار و في أحدها: لقيني مرّة إبراهيم بن أبي سمال، و في آخر:
لما كان من أمر أبي الحسن (عليه السّلام) ما كان قال إبراهيم و إسماعيل ابنا أبي سمال، و في آخر: عن صفوان، عن أبي الحسن (عليه السّلام)، قال صفوان:
أدخلت عليه إبراهيم و إسماعيل ابني أبي سمال. الخبر، و هو طويل (3).
و في أصحاب الكاظم (عليه السّلام): إبراهيم و إسماعيل ابنا أبي سمال واقفيان (4)، و يؤيّد جميع ذلك ان إبراهيم صاحب كتاب في الفهرست (5)، و النجاشي (6) و يرويه جماعة منهم الحسن بن علي بن فضّال، و ليس لأبيه ذكر في الكتب و لا يعرف له كتاب، فكيف يترك الصدوق كتاب الابن المعتبر الموجود0.
ص: 404
و يذكر كتاب الوالد الذي لا ذكر له و لا لمؤلّفه بل يعدّه من الكتب المعتمدة عند الأصحاب؟! (1).
و يؤيّد ذلك كلّه ما في جملة من الأسانيد، ففي التهذيب في باب كيفيّة الصلاة: أبو القاسم معاوية، عن أبي بكر بن أبي سمال (2)، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (3)، و فيه في باب الطواف: موسي بن القاسم، عن إبراهيم بن أبي سمال، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: ثم تطوف بالبيت. الي آخره (4).
و فيه فيه: عنه، عنه، عنه، عنه (عليه السّلام) قال: ثم تأتي مقام إبراهيم (5)، و فيه في باب الخروج الي الصفا: عنه، عنه، عنه، عنه (عليه السلام) قال: ثم انحدر ماشيا. الي آخره (6).
و فيه في باب الدعاء بين الركعات بإسناده عن علي بن معلّي، عن إبراهيم ابن أبي سمال، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام). الي آخره (7).4.
ص: 405
هذا و لكن في الفهرست: إبراهيم بن أبي بكر بن سمال له كتاب، أخبرنا به ابن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أخويه، عن أبيهما الحسن بن علي بن فضّال، عن إبراهيم بن أبي بكر (1)، و هكذا في الأسانيد التي فيها ابن فضّال.
ففي الكافي في باب أنّ صاحب المال أحقّ بماله ما دام حيّا: احمد بن محمّد، عن علي بن الحسن، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال الأسدي، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام). إلي آخره (2).
و في التهذيب في باب حكم العلاج للصائم: روي علي بن الحسن بن فضّال، عن إبراهيم بن أبي بكر، عن الحسن بن راشد (3).
و في باب الرجوع في الوصيّة: أحمد بن محمّد، عن علي بن الحسن، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي السمال الأزدي، عمّن أخبره، عن أبي عبد اللّه (4)، و ساق ما في الكافي، و لم أقف علي هذا التعبير في غير طريق ابن فضّال فيوشك ان يكون الاشتباه وقع في كتابه منه أو من ناسخه و تبعه الشيخ غفلة كغفلته الأخري.
امّا في الفهرست أو في هذه الأسانيد فإنّ مقتضي ما في الفهرست ان يكون عليّ يروي، عن أخويه، عن أبيهما، عن إبراهيم، و الموجود في الأسانيد روايته عنه بلا واسطة حتي في الكافي، فلا بدّ و ان يكون الاشتباه في الفهرست، و زيادة الابن بين إبراهيم و أبي بكر من كتاب علي (5)، فظهر أنّ الحقّ ما في المنهج و التلخيص، و أنّ الآخرين تبعوا الشيخ من غير تأمّل، و أنّ الخبر موثّقظ.
ص: 406
امّا الوثاقة فلتصريح النجاشي (1)، و اما الوقف فلما في أصحاب الكاظم (عليه السلام) (2)، و امّا النجاشي فإنّه و إن صرّح به في كلامه لكن قال في ذيله: و ذكر الكشي عنهما في كتاب الرجال حديثا شكّا و وقفا عن القول بالوقف (3)، بل قال في ترجمة داود بن فرقد: مولي آل أبي السمال، له كتاب رواه عدّة من أصحابنا، ثم ساق طريقه (4).
و قال: و قد روي عنه [هذا الكتاب] جماعات من أصحابنا- رحمهم اللّه- كثيرة، منهم أيضا إبراهيم بن أبي بكر محمّد بن عبد اللّه [بن] النجاشي المعروف بابن أبي السمال (5)، ثم ساق طريقه اليه، [و هذا] (6) كالصريح في اعتقاده رجوعه عن الوقف، فالخبر صحيح علي الأصح، و للقوم هنا كلمات يشبه بعضها بعضا في الاضطراب و التشويش.
موسي بن المتوكل و الحسين بن إبراهيم رضي اللّه عنهم، عن علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن أبي ثمامة صاحب أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) (1).
السند صحيح، و لكن أبا ثمامة غير مذكور، و في الوصف المذكور مدح عظيم، و في التهذيب في باب الديون بإسناده عن عبد الكريم من أهل همدان، عن رجل يقال له: أبو ثمامة (2)، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السّلام):
إنّي أريد ان الزم مكّة و المدينة و عليّ دين فما تقول؟ فقال: ارجع الي مؤدّي دينك (3) فانظر أن تلقي اللّه عزّ و جلّ و ليس عليك دين، إنّ المؤمن لا يخون (4).
و ثمامة بالثاء المثلثة في جملة من الأسانيد، و في بعضها بالتاء المنقطة فوقها نقطتين، و من هنا يتطرق احتمال كونه أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر2.
ص: 408
الشيعي المعروف.
و ربما يؤيّده ما في الكافي عن عبد الكريم الهمداني عن أبي تمامة، قال:
قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السّلام): إنّ بلادنا بلاد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر. الخبر (1)، فإنّ بلاد طيّ بلاد باردة، و كيف كان فالخبر حسن وفاقا للشارح (2).
محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي جرير بن إدريس صاحب موسي بن جعفر (عليهما السلام) (3).
السند صحيح علي الأصح.
و أبو جرير هو زكريا بن إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي، لم يوثقوه صريحا، و يمكن استظهار وثاقته من أمور:
أ- رواية البزنطي عنه كما في الكافي في باب لبس الصوف من كتاب الزي و التجمل (4).
ب- رواية صفوان عنه كما فيه في باب انّ الامام متي يعلم ان الأمر قد صار اليه (5).
ج- رواية ابن أبي عمير عنه فيه في باب فرض الحجّ و العمرة (6)، و في التهذيب في باب وجوب الحج (7).
ص: 409
د- رواية جماعة من الأجلّة عنه غيرهم و فيهم من أصحاب الإجماع، يونس بن عبد الرحمن (1)، و عبد اللّه بن المغيرة (2)، و عثمان بن عيسي (3)، و من غيرهم سعد بن سعد (4)، و إسماعيل بن مهران (5)، و إبراهيم بن هاشم (6)، و محمّد بن سنان (7)، و محمّد بن خالد (8).
ه- ما رواه الكشي (9) عن محمّد بن قولويه، قال: حدثنا سعد، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن محمّد بن حمزة بن اليسع، عن زكريا بن آدم، قال: دخلت علي الرضا (عليه السّلام) من أوّل الليل في حدثان (10) موت أبي جرير، فسألني عنه، و ترحّم عليه، و لم يزل يحدّثني و أحدّثه حتي طلع الفجر، فقام (عليه السّلام) فصلّي الفجر (11).
و- يؤيّده ما في الكافي، عن احمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيي، عن أبي جرير القمي، قال: قلت لأبي الحسن (عليه0.
ص: 410
السلام): جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلي أبيك ثم إليك، ثم حلفت له و حقّ رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) و حقّ فلان و فلان حتي انتهيت إليه إنّه لا يخرج منّي ما تخبرني به الي احد من الناس، و سألته عن أبيه أ حيّ هو أم ميّت؟
فقال: قد و اللّه مات، فقلت: جعلت فداك إنّ شيعتك يروون إنّ فيه سنّة أربعة أنبياء، قال: قد و اللّه الذي لا إله الّا هو هلك، قلت: هلاك غيبة أو هلاك موت؟ قال: هلاك موت، فقلت: لعلّك منّي في تقيّة؟ فقال: سبحان اللّه! قلت: فاوصي إليك؟ قال: نعم، قلت: فأشرك معك فيها أحدا؟ قال:
لا، قلت: فعليك من إخوتك إمام؟ قال: لا، قلت: فأنت الإمام؟ قال: نعم (1).
و قول العلّامة في الخلاصة: زكريا بن إدريس أبو جرير- بضم الجيم- القمي، كان وجها، يروي عن الرضا (عليه السّلام) (2). و قد قرّر في محلّه دلالة هذه الكلمة علي الوثاقة و ما فوقها.
ز- وصفه بصاحب موسي بن جعفر (عليهما السلام) بناء علي ما مرّ في نظيره في (كا) (3)، و هذه الأمارات كافية في استكشاف الوثاقة خصوصا رواية الثلاثة الذين لا يروون الّا عن الثقة و لم نجد فيه طعنا من احد، نعم ذكر بعضهم إنّ أبا جرير كنية لزكريا بن عبد الصمد القمي أيضا، و حيث أنّه ثقة في أصحاب الرضا (عليه السّلام) (4)، و الخلاصة (5) فالاشتراك لا يزيد السند الّا اعتبارا.
محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي القرشي الكوفي،
ص: 411
عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن منذر الكوفي (1).
السند ضعيف بالقرشي، و هو أبو سمينة، و لكن ذكرنا في (ز) (2) ما يدلّ علي اعتبار رواياته و ان كان ضعيفا.
و امّا أبو الجارود فالكلام فيه طويل، و الذي يقتضيه النظر بعد التأمّل فيما ورد فيما قالوا فيه أنّه كان ثقة في النقل مقبول الرواية معتمدا في الحديث إماميّا في اوّله و زيديّا في آخره، امّا الأول فيدل عليه وجوه:
أ- إنّه صاحب أصل كما في الفهرست (3).
ب- عدّه المفيد في الرسالة العدديّة من الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال و الحرام و الفتيا و الاحكام، الذين لا يطعن عليهم و لا طريق الي ذمّ واحد منهم، و هم أصحاب الأصول المدوّنة و المصنفات المشهورة. إلي آخره (4)، و لا بدّ و أن يكون مراده الطعن و الذم من جهة النقل و الرواية لعدم جواز احتمال خفاء زيديّة زياد- الذي هو رئيس أحد المذاهب الثلاثة المشهورة في الزيدية و هم الجاروديّة- عليه رحمة اللّه.
ج- رواية كثير من الأجلّة عنه و فيهم من أصحاب الإجماع، الحسن بن محبوب كما في الكافي في باب ما جاء في الاثني عشر (عليهم السّلام) (5)، و عبد اللّه بن المغيرة في التهذيب في باب الزيادات في كتاب الصوم (6)، و عبد اللّه ابن مسكان في الكافي في أواخر كتاب المعيشة في باب آخر منه في حفظ المال (7)،2.
ص: 412
و أبان بن عثمان فيه في باب بناء المساجد (1)، و في التهذيب في باب عقود البيع (2)، و في باب تلقين المحتضرين (3)، و في باب فضل المساجد (4)، و في الاستبصار في باب بئر الغائط يتخذ مسجد (5)، و عثمان بن عيسي في باب آداب التجارة (6).
و من غيرهم: عبد اللّه بن سنان (7)، و أبو عبيدة الحذّاء زياد بن عيسي (8)، و ثعلبة بن ميمون (9)، و عمر بن أذينة (10)، و منصور بن يونس (11)، و محمّد بن سنان (12)، و عبد الصمد بن بشير (13)، و علي بن إسماعيل (14)، و إبراهيم ابن عبد الحميد (15)، و علي بن النعمان (16)، و عمرو بن أبي المقادم (17)، و محمّد بن7.
ص: 413
بكر (1)، و معاوية بن ميسرة (2)، و سيف بن عميرة (3)، و محمّد بن أبي حمزة (4)، و مالك بن عطيّة (5)، و أبو مالك الحضرمي (6).
و احتمال رواية هؤلاء عنه قبل تغيّره فاسد فإنّ في النجاشي: كوفيّ كان من أصحاب أبي جعفر و روي عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و تغيّر لمّا خرج زيد (7) رضي اللّه عنه، و ظاهره كصريح أبي الفرج في مقاتل الطالبيين (8) و غيره من أهل السّير إنّه خرج فيمن خرج مع زيد، و كان خروجه في سنة احدي و عشرين و مائة بعد مضي سبع سنين تقريبا من امامة الصادق (عليه السّلام)، و بعض هؤلاء لم يدركوا الصادق (عليه السّلام) كالحسن بن محبوب و عثمان بن عيسي، و بعضهم أدركوا أواخر عصره، فالظاهر أنّ أكثرهم تحمّلوا عنه في أيام زيديّته.
د- ما في كتاب ابن الغضائري الطعّان علي ما نقله عنه العلامة في الخلاصة، و التفريشي في النقد: حديثه في [حديث] أصحابنا أكثر منه في الزيدية، و أصحابنا يكرهون ما رواه محمّد بن سنان عنه و يعتمدون ما رواه بكر ابن محمّد الارجني (9).
و ظاهره اعتبار رواياته و إخراج ما رواه ابن سنان عنه لاتّهامه عندهم2.
ص: 414
بزعمه، فإن ثبت عدم اتّهامه بل جلالته كما مرّ (1) فلا محذور، و من نظر الي تفسير الجليل علي بن إبراهيم القمي و إكثاره من النقل عن تفسيره يعلم شدّة اعتماده عليه، بل و غيره كما لا يخفي علي من راجع الكافي و غيره.
و امّا الثاني: فهو من الوضوح بمكان لا يحتاج الي نقل الكلمات و الروايات، الّا أنّ هنا دقيقة انفردنا [بالتنبيه عليها] (2) و لا تخلو من غرابة، و هي أنّ الكشي قال في العنوان في أبي الجارود: زياد بن المنذر الاعمي السرحوب حكي أنّ أبا الجارود سمّي سرحوبا، و تنسب اليه السرحوبيّة من الزيديّة، و سمّاه بذلك أبو جعفر (عليه السّلام)، و ذكر إنّ سرحوبا اسم شيطان اعمي يسكن البحر، و كان أبو الجارود مكفوفا اعمي القلب.
ثم ذكر أربعة أحاديث فيها ذمّه و لعنه و نسبة الكذب اليه كلّها عن الصادق (عليه السّلام) بعنوان أبي الجارود من دون ذكر اسمه (3).
و في ما نقله في هذه الترجمة إشكال من جهتين:
الأول: ان تغيّره كان عند خروج زيد الخارج بعد أخيه أبي جعفر (عليه السلام) بسبع سنين تقريبا (4) كما نصّ عليه النجاشي (5)، فكيف يذمه أبو جعفر (عليه السّلام) و يسمّيه باسم الشيطان و هو من أصحابه لم يتغيّر و لم يتبدل؟!، فان صحّ فلا بد و ان يكون غير زياد.8.
ص: 415
الثاني: إنّ الذي يظهر من الشيخ الأقدم أبي محمّد الحسن بن موسي النوبختي ابن أخت أبي سهل في كتاب الفرق و المقالات،- و قد اعتمد عليه جلّ من كتب في هذا الفن، و اعتمد عليه الشيخ المفيد في كتاب العيون و المحاسن- أنّ أبا الجارود المذموم الملقب بالسرحوب من أبي جعفر (عليه السلام) غير زياد بن المنذر، قال رحمه اللّه: و فرقة قالت: أنّ الإمامة صارت بعد مضي الحسين في ولد الحسن و الحسين (عليهما السلام)، فهي فيهم خاصّة دون سائر ولد علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، و هم كلّهم فيها شرع سواء من قام منهم و دعا لنفسه فهو الامام المفروض الطاعة بمنزلة علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، واجبة إمامته من اللّه عزّ و جلّ علي أهل بيته و سائر الناس كلّهم، فمن تخلّف عنه في قيامه و دعائه إلي نفسه من جميع الخلق فهو هالك كافر، و من ادعي منهم الإمامة و هو قاعد في بيته مرخ [عليه] ستره فهو كافر مشرك، و كلّ من اتبعه علي ذلك و كلّ من قال بإمامته، و هم الّذين سمّوا السرحوبية، و أصحاب أبي خالد الواسطي و اسمه يزيد (1)، و أصحاب فضيلم.
ص: 416
ابن الزبير الرسان، [و زياد بن المنذر] و هو الذي يسمّي أبا الجارود و [لقّبه] سرحوبا محمّد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، و ذكر إنّ سرحوبا شيطان اعمي يسكن البحر، و كان أبو الجارود اعمي البصر اعمي القلب، فالتقوا هؤلاء مع الفرقتين اللتين قالتا: إنّ عليا (عليه السّلام) أفضل الناس بعد النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، فصاروا مع زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) عند خروجه بالكوفة، فقالوا بإمامته، فسمّوا كلّهم في الجملة الزيدية إلّا انّهم مختلفون. إلي آخره (1).
و ظاهره أنّ السرّحوبية كانوا في عصر أبي جعفر (عليه السّلام)، و انه (عليه السّلام) سمّي الفضيل من رؤسائهم سرحوبا و انّه المكنّي بابي الجارود، و علي ما ذكره فذكر الكشي هذه الاخبار في ترجمة زياد بن المنذر في غير محلّه و تبعه غيره من غير تأمّل، و يؤيّده- مضافا الي ما مرّ (2) من استقامة زياد قبل خروج زيد بعد وفاة أخيه الباقر (عليه السّلام) بسبع سنين- أنّ الباقر و الصادق (عليهما السلام) من الذين ادّعوا الإمامة من غير خروج منهما عند السرحوبية- و العياذ باللّه من الكفّار و المشركين- فلو كان أبو الجارود زياد بن المنذر هو الملقب بالسرحوب كيف يروي عن أبي جعفر (عليه السّلام) تمام تفسير كتاب اللّه؟! بل في العيون: حدثنا احمد بن محمّد بن يحيي العطار، قال: حدثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي8.
ص: 417
الجارود، عن أبي جعفر (عليه السّلام) عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (1)، قال: دخلت علي فاطمة (عليها السلام) و بين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر أخرهم القائم، ثلاثة منهم محمّد، و أربعة منهم علي (عليهم السلام) (2).
حدثنا الحسين بن احمد بن إدريس- رضي اللّه عنه- قال: حدثنا أبي، عن احمد بن محمّد بن عيسي و إبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: دخلت، و ذكر مثله (3)، و السندان صحيحان.
قال المحقق السيد صدر الدين العاملي- بعد الإشارة الي هذا الخبر الشريف و جوابه- إنّه تغيّر بعد خروج زيد بن عليّ (عليه السّلام) (4)، و فيه كما في كلمات غيره اعتراف بسلامته قبله فليس هو السرحوب الملعون الكذاب.
مع أنّه روي الخبر لابن محبوب بعد خروج زيد بسنين كثيرة، فإنّ الحسنا.
ص: 418
مات في آخر سنة مائتين و اربع و عشرين، و كان من أبناء خمس و سبعين، فتكون ولادته في سنة مائة و تسع و أربعين بعد خروج زيد- كما مرّ- بثمانية و عشرين سنة و اللّه العالم بمقدار عمره حين تحمّله الخبر عن أبي الجارود.
و قال المحقق المذكور في الرد علي التمسك بكلام شيخنا المفيد علي حسن حاله- كما تقدم- ما لفظه: لعلّ أبا الجارود روي ذلك قبل أن يتغيّر، و اطّلع علي كون الرواية قبله (1) شيخنا المفيد رضي اللّه عنه من الخارج.
و فيه: إنّ الرواية في الرسالة هكذا: روي محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) يقول: صم حين يصوم الناس، فإنّ اللّه جعل الأهلّة مواقيت (2)، و وفاة محمّد في سنة مائتين و عشرين فالكلام فيه كالكلام في ابن محبوب.
و بالجملة ففي النفس في أصل بقاء زياد علي زيديّته شي ء، و ان أرسل في الكتب إرسال المسلّمات فلاحظ و تأمّل فيما ذكرنا.
هذا و في تقريب ابن حجر: زياد بن المنذر أبو الجارود الاعمي الكوفي رافضي، كذبه يحيي بن معين من السابعة مات بعد الخمسين (3)، اي بعد المائة كما صرّح به في أوّل كتابه، و أظنّ أنّ المنذر أبا زياد هو منذر بن الجارود العبدي الذي ذكره في النهج، و قال: و من كتاب له (عليه السّلام) الي المنذر بن الجارود العبدي و قد خانه في بعض ما ولّاه من أعماله، اما بعد: فان صلاح أبيك غرّني منك، و ظننت أنّك تتبع هداه و تسلك سبيله، فإذا أنت فيما رقي اليّ عنك لا تدع لهواك انقيادا، و لا تبقي لاخرتك عتادا، تعمر دنياك لخراب5.
ص: 419
آخرتك، و تصل عشيرتك، بقطيعة دينك. إلي آخر الكتاب.
قال السيد- رحمه اللّه- (1): و المنذر هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّه لنظار في عطفيه مختال في برديه تفّال في شراكيه (2).
قلت: و قال السيد بن طاوس في الملهوف: و كان الحسين (عليه السلام): قد كتب الي جماعة من أشراف البصرة كتابا مع مولي له اسمه سليمان و يكنّي أبا رزين يدعوهم الي نصرته و لزوم طاعته منهم يزيد بن مسعود النهشلي و المنذر بن الجارود العبدي- الي ان قال-: و امّا المنذر بن الجارود فإنّه جاء بالكتاب و الرسول الي عبيد اللّه بن زياد لانّ المنذر خاف ان يكون الكتاب دسيسا من عبيد اللّه و كانت بحريّة بنت المنذر بن الجارود تحت عبيد اللّه بن زياد فأخذ عبيد اللّه الرسول فصلبه. الخبر (3).
و امّا الجارود أبو المنذر العبدي فهو صحابي جليل و هو راوي مقالات قس ابن ساعدة لرسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، و ذكر أسامي الأئمة (عليهم السلام) عنه، و خبر المعراج، و ذكر أساميهم الشريفة عنه (صلّي اللّه عليه و آله) في حديث طويل رواه ابن عيّاش في المقتضب (4)، و الكراجكي في كنزه (5).
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما، عن سعد بن عبد اللّه، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد اللّه.
و عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عنه (6).
ص: 420
السندان صحيحان.
و أبو الجوزاء ثقة في الخلاصة (1)، صحيح الحديث في النجاشي (2)، فالخبر صحيح.
365 شسه- و إلي أبي حبيب ناجية (3):أبوه رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن معاوية بن حكيم، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن مثني الحنّاط، عنه (4).
السند صحيح أو موثق لكون معاوية فطحيّا في الكشي (5)، و ابن المغيرة من أصحاب الإجماع، فالخبر صحيح أو في حكمه و إن لم يوثّقوا ناجية و هو ابن أبي عمارة الذي روي فيه في الكشي عن العياشي، قال: سألت علي بن الحسن ابن فضّال عن نجيّة، فقال: هو نجيّة و له اسم آخر أيضا ناجية بن أبي عمارة الصيداوي [قال]: و أخبرني بعض ولده إنّ أبا عبد اللّه (عليه السّلام) كان يقول نجّ (6)، نجية فسمّي بهذا الاسم (7).
و يروي عنه أيضا حمّاد بن عيسي في الفقيه في باب صلاة الاستخارة (8)، و معاوية بن عمّار في الكافي في باب شدّة ابتلاء المؤمن (9)، و في
ص: 421
باب علل الموت (1)، و في كتاب مثني بن الوليد الحنّاط، قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، فقال له ناجية أبو حبيب الطّحان: أصلحك اللّه انّي أكون أصلّي بالليل النافلة فأسمع من الرحي ما أعرف أنّ الغلام قد نام عنها فاضرب الحائط لأوقظه؟ قال: و ما بأس بذلك، أنت في طاعة ربك تطلب رزقك (2).
و رواه في الكافي: عن محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن احمد بن محمّد بن أبي نصر، عن ابن الوليد- في بعض النسخ، و أبي الوليد في أخري-، مثله (3)، و قد عرفت أنّ الاولي صحيحة و المراد به المثني (4) لوجود الخبر في كتابه، و النسخة الأخري مصحّفة.
أبوه رضي اللّه عنه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن علي الوشاء، عنه (5).
السند صحيح.
و النهدي موجود في الفهرست (6)، و النجاشي: له كتاب يروي عنه محمّد بن علي بن محبوب (7)، و يروي عنه أيضا موسي بن الحسن في الكافي في باب كم يعاد المريض (8)، و في باب القول عند رؤية الجنازة (9)،
ص: 422
و الثلاثة من الأجلّاء، و احتمل كونه بعينه محمّد بن احمد بن خاقان، أو الهيثم بن أبي مسروق و فيهما بعد، فالخبر حسن كالصحيح.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عن احمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن محمّد ابن الفضيل، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، و دينار يكنّي أبا صفية و هو من حي (1) بني ثعل، و نسب الي ثمالة لانّ داره كانت فيهم، و توفي سنة خمسين و مائة، و هو ثقة عدل، و لقد لقي أربعة من الأئمة: علي بن الحسين، و محمّد بن علي، و جعفر بن محمّد، و موسي بن جعفر (عليهم السلام)، و طرقي اليه كثيرة لكنّي اقتصرت علي طريق واحد منها (2).
محمّد بن الفضيل هو محمّد بن القاسم بن الفضيل كما جزم به المصطلع الخبير الفاضل الأردبيلي في الجامع (3)، و يؤيّده حكم العلامة بصحة هذا الطريق (4).
و أبو حمزة هو الجليل الذي كان كلقمان زمانه، و في النجاشي: عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إنّه في زمانه مثل سلمان في زمانه (5)، و فضائله كثيرة تطلب من محلّها، و في الفهرست: له كتاب أخبرنا به عدّة من أصحابنا، عن محمّد بن بابويه، عن أبيه و محمّد بن الحسن و موسي بن المتوكل، عن سعد بن
ص: 423
عبد اللّه و الحميري جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، عنه (1).
و هذا السند صحيح بالاتفاق، فالخبر صحيح.
سالم بن مكرم الجمّال: محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عنه (2).
هذا السند ضعيف علي المشهور بابي سمينة، معتبر عندنا، امّا لاعتبار رواياته كما مرّ في (ز) (3)، أو لكونه شيخ اجازة في المقام، و الكتاب كان معروفا عندهم، و مع ذلك فللصدوق اليه طريق صحيح.
ففي الفهرست: له كتاب، أخبرنا به جماعة، عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه و الحميري و محمّد بن يحيي و احمد بن إدريس، [عن احمد ابن محمد] عن الحسن بن علي الوشاء، عن احمد بن عائذ، عن أبي خديجة (4)، و امّا أبو خديجة فاختلفوا فيه لاختلاف أسباب مدحه و ذمّه.
و الذي يدل علي مدحه و وثاقته بل و جلالته أمور:
أ- ما في النجاشي قال: سالم بن مكرم بن عبد اللّه (5) أبو خديجة، و يقال:
أبو سلمة الكناسي، يقال: صاحب الغنم مولي بني أسد الجمّال، يقال: كنيته كانت أبا خديجة، و إنّ أبا عبد اللّه (عليه السّلام) كنّاه أبا سلمة، ثقة ثقة، روي عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام)، له كتاب يرويه عنه عدّة
ص: 424
من أصحابنا (1)، ثم ذكر طريقه اليه.
و في كلامه مواضع يستشهد بها: منها توثيقه مرّتين، و منها قوله: روي. إلي آخره، كما مرّ من أنّه اشارة إلي كونه من أصحاب الأصول، و منها قوله يرويه. إلي آخره.
فإنّ فيه دلالة علي اعتمادهم علي كتابه، و منها عدم طعنه عليه، و عدم نقله عن احد مع أنّه من الرواة المعروفين [أرباب أصحاب] (2) كهشام و يونس و غيرهما.
و في ترجمة أحمد بن عائذ فيه (3)، و في الخلاصة: ثقة كان صحب أبا خديجة سالم بن مكرم و أخذ عنه و عرف به (4).
ب- رواية ابن أبي عمير عنه كما في التهذيب في باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه (5).
ج- رواية الأجلّة عنه، مثل عبد الرحمن بن أبي هاشم المنعوت بقولهم:
جليل من أصحابنا ثقة ثقة (6)، و احمد بن عائذ (7)، و الحسن بن علي الوشاء كما في النجاشي (8)، و أبو الجهم (9)، و محمّد بن سنان (10)، و علي بن الحسن1.
ص: 425
و الحسن بن علي بن فضّال بتوسط علي بن محمّد (1).
د- ما في الكشي: محمّد بن مسعود، قال: سألت أبا الحسن علي بن الحسن عن اسم أبي خديجة، فقال: سالم بن مكرم، فقلت له: ثقة؟ فقال:
صالح، و كان من أهل الكوفة، و كان جمّالا، و ذكر أنّه حمل أبا عبد اللّه (عليه السلام) من مكّة إلي المدينة، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): لا تكتن بابي خديجة، قلت:
فبم اكتني؟ قال: بابي سلمة (2).
ه- نصّ الشيخ بوثاقته كما نقله عنه العلّامة في الخلاصة (3)، هذا ما عثرنا عليه من أسباب مدحه و وثاقته، قال المحقق الداماد: الأرجح فيه عندي الصلاح كما رواه الكشي، و الثقة كما حكم به الشيخ في موضع إن لم يكن الثقة مرّتين كما نصّ عليه النجاشي و قطع به (4).
و أمّا ما يدلّ علي ضعفه فأمران لعلّهما يرجعان الي واحد:
أ- ما في الكشي مرسلا: و كان سالم من أصحاب أبي الخطاب، و كان فيع.
ص: 426
المسجد يوم بعث عيسي بن موسي بن علي [بن عبد اللّه بن العباس] (1) و كان عامل المنصور علي الكوفة الي أبي الخطاب لمّا بلغه أنّهم قد أظهروا الإباحات و دعوا الناس الي نبوّة أبي الخطاب و أنّهم يجتمعون في المسجد و لزموا الأساطين يورّون الناس انّهم قد لزموها للعبادة و بعث إليهم [رجلا فقتلهم] (2) جميعا، لم يفلت منهم الّا رجل واحد [اصابته جراحات] فسقط بين القتلي يعدّ فيهم، فلمّا جنّه الليل خرج من بينهم فتخلّص، و هو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمّال الملقب بابي خديجة فذكر بعد ذلك أنّه تاب، و كان ممّن يروي الحديث، انتهي (3).
و مثله بزيادة في القصّة ما في كتاب الفرق لأبي محمّد الحسن بن موسي النوبختي، و قال في آخر القصّة: و هؤلاء هم الذين قالوا أنّ أبا الخطاب كان نبيّا مرسلا أرسله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) ثم صيّره بعد ذلك حين حدث هذا من الملائكة، قال: ثم خرج من قال بمقالته من أهل الكوفة و غيرهم الي محمّد بن إسماعيل بن جعفر (عليه السلام) بعد قتل أبي الخطاب، فقالوا بإمامته و أقاموا عليها، انتهي (4).
ب- ما في الفهرست: سالم بن مكرم يكنّي أبا خديجة، و مكرم يكنّي أبا سلمة ضعيف له كتاب. الي آخره (5)، و في الاستبصار في باب ما يحلّ لبني هاشم من الزكاة: فهذا الخبر لم يروه غير أبي خديجة و إن تكرّر في الكتب، و هو ضعيف عند أصحاب الحديث لما لا احتاج الي ذكره (6).0.
ص: 427
و في التعليقة: و هذا يشير الي أنّ سبب الضعف شي ء معروف عندهم كنفسه، و غير خفي أنّه ليس شي ء معروف الّا ما في الكشي، انتهي (1).
و هو كلام متين إذ لم يذكر أحد في ترجمته فسقا جوارحيا، و لا اعتقاد سوء غير الخطابية، فهي سبب التضعيف، و مرجع الذموم، و الداعي للسيد ابن طاوس (2)، و تلميذه العلامة في الخلاصة إلي القول بالتوقف (3).
فنقول: اعلم أولا: إنّ خروج أبي الخطاب كان قبل سنة ثمان و ثلاثين و مائة لما رواه الكشي، عن حمدويه، عن أيوب بن نوح، عن حنّان بن سدير، عن سدير، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) و ميسر (4) عنده، و نحن في سنة ثمان و ثلاثين و مائة، فقال له ميسر بياع الزّطي: جعلت فداك عجبت لقوم كانوا يأتون هنا الي هذا الموضع فانقطعت آثارهم و فنيت آجالهم! قال (عليه السلام): و من هم؟ قلت: أبو الخطاب و أصحابه، و كان متكئا فجلس فرفع إصبعه إلي السماء، ثم قال: علي أبي الخطاب لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. الخبر (5).
و ظاهره أنّ الوقعة كانت قبل ذلك بسنين، و هذا التاريخ قبل وفاة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) بعشر سنين.
و ثانيا: إنّ الخطابية- كما عرفت هنا، و في ترجمة المفضل (6)، و في الفائدةك.
ص: 428
الثانية في شرح حال دعائم الإسلام (1) - يبيحون المحارم، و لا يعتقدون تكليفا، و لا يروون إمامة موسي بن جعفر و ولده (عليهم السلام)، و اتّخذوا محمّد بن إسماعيل إماما بل نبيّا.
و في كتاب الفرق المتقدم في ذكر عقائدهم: و إنّ اللّه تبارك و تعالي جعل لمحمّد بن إسماعيل جنّة آدم، و معناها عندهم الإباحة للمحارم و جميع ما خلق في الدنيا، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ كُلٰا مِنْهٰا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمٰا وَ لٰا تَقْرَبٰا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ (2)، موسي بن جعفر بن محمّد و ولده من بعده (عليهم السلام) من ادّعي منهم الإمامة- الي أن قال-: و زعموا أنّه يجب عليهم أن يبدؤا بقتال من قال بالإمامة ممّن ليس علي قولهم و خاصّة من قال بامامة موسي بن جعفر و ولده من بعده (عليهم السلام) و تأوّلوا في ذلك بقول اللّه تعالي: قٰاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّٰارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (3) قالوا: فالواجب أن نبدأ بهؤلاء، انتهي (4).
و ثالثا: إنّه لا شك أنّ أبا خديجة قد كان في وقت ثقة معتمدا صاحب كتاب يرويه عنه جماعة، و عند خروج أبي الخطاب خطابيّا فاسد العقيدة، و في المقام احتمالات:
الأول: أن تكون الحالة الأولي قبل الخروج و بقي بعده خطابيّا الي آخر عمره كما يظهر من الشيخ في بعض أقواله (5)، أو شكّ في رجوعه و عدمه كما يظهر من السيّد و العلامة (6)، و علي هذا فلا اعتناء برواياته الّا أن تقيّد بحالم.
ص: 429
استقامته، بل قال المحقق المولي محمّد المعروف بسراب- علي ما نقله عنه الفاضل الخراساني في الاكليل- تضعيف الشيخ- رحمه اللّه- لا يعارض توثيق النجاشي (1) و تأكيده فيه، و حكم علي بن الحسن بكونه صالحا، و حكم الكشي بتوبته باحتمال كون الرواية حين كونه من أصحاب أبي الخطاب، و ظاهر التوثيق و المدح المطلق عدم كون الرواية حين ضعفه و الّا فلا ينفعه في ثقتيّته (2) وقتا ما من أوقات الرواية، و لا دلالة علي كونه راويا حين الضعف، فالراجح عدم ضعف الرواية باشتمالها عليه، انتهي (3)، و مورده و إن كان في صورة الاستقامة بعد الانحراف الّا أنّ ما ذكره من الوجه جار في المقام أيضا.
الثاني: أن يكون في أول أمره خطابيا و الاستقامة و التأليف و الأخذ عنه بعد الانحراف.
الثالث: أن يكون الانحراف متخلّلا بين الاستقامتين و حكمهما واحد و هو الحكم بوثاقته و اعتبار كتابه و عدم مضريّة الانحراف برواياته فإنه عثرة كعثرة غيره من الأعاظم و الأجلاء الذين زلّوا و ضلّوا ثم رجعوا و استقاموا، فالمهم إثبات استقامته بعد خروجه فيشمله ما مرّ من المدائح و يشهد لذلك أمور:
ا- إطلاق كلام النجاشي (4)، فلولا علمه باستقامته بعد الخروج لما جزم بالتوثيق المؤكّد مع علمه بخروجه لوجود [ه في] الكشي بل و كتاب الفرق عنده ظاهرا لوجوده عند شيخه أبي عبد اللّه المفيد.1.
ص: 430
ب- نصّ الكشي (1) علي توبته، و العجب ان العلامة في الخلاصة (2) نقل عن الكشي انه كان من أصحاب أبي الخطاب و لم ينقل عنه توبته، و تقدمه في ذلك شيخه ابن طاوس كما يظهر من التحرير (3)، و هذه غفلة عجيبة لا تليق بهما.
ج- إنّ قول النجاشي بعد ذكر التوبة انه كان ممّن يروي الحديث (4) ظاهر بل صريح في أنّ دخوله في هذا الباب و روايته و تأليفه كان بعد التوبة و لعلّه كان قبل ذلك جمّالا كما صرّح به أوّلا ثم صار مع أبي الخطاب ثم نجا و صار من أهل الحديث.
د- تصريح النجاشي بأنه روي عن أبي الحسن (عليه السّلام) (5)، و قد عرفت أنّ الخطابية ينسبونه (عليه السّلام) الي الكفر و الشرك و يوجبون قتاله و يزعمون أنّه الشجرة المنهيّة في قوله تعالي: وَ لٰا تَقْرَبٰا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ* (6) فكيف يروي الخطابي عنه (عليه السّلام) الأحكام الدينية و يثبته في كتابه كلّ هذا ناشئ عن الغفلة عن مذهب الخطابية.
ه- تصريح النجاشي بأنّ الحسن بن علي الوشاء الثقة الجليل الذي قالوا في حقّه: كان وجها من وجوه هذه الطائفة و عينا من عيونها يروي عن أبي خديجة كتابه (7)، و الوشاء لم يدرك الصادق (عليه السّلام) قطعا، فروايته عنه كتابه كان في عصر أبي الحسن (عليه السّلام)، و قد عرفت أنّ خروج أبي1.
ص: 431
الخطاب كان قبل وفاة أبيه (عليه السّلام) بأزيد من عشر سنين، و علي قول الجماعة روي عنه في حال خطابيّته، و لا يخفي علي من له أدني بصيرة في هذا الفن و نظر في الأحاديث أنّ الأصحاب كانوا متحرّزين عن الخطابية مأمورين بالبراءة منهم و هجرهم كما أنّهم بالنسبة إليهم كانوا كذلك.
بل صرّح الشيخ المفيد في الإرشاد إنّه لم يكن في الإسماعيلية أحد من خاصّة الصادق (عليه السّلام) و لا من الرواة (1)، فنسبة هذا الجليل إلي الرواية عمّن أمروا بالبراءة منه و اللعنة عليه لا تخلو من إزراء يجب الاستغفار عنه.
و في الكافي في باب كراهة الارتفاع الي قضاة الجور: عن الحسين بن محمّد، عن المعلّي بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضا [الي أهل الجور] و لكن انظروا الي رجل منكم. الخبر (2)، و هو معروف مقبول، و الحسن إن كان هو الوشاء فيؤيّد ما في النجاشي (3)، و إن كان ابن فضّال فيكون الكلام فيه كالكلام في الوشاء و يزيد في قوّة ما اخترناه، فانقدح بحمد اللّه تعالي سلامة أبي خديجة عمّا يوجب الطعن عليه و انه من الثقات الأجلّاء، و أظن أنّ الصادق (عليه السلام) إنّما كنّاه بأبي سلمة كنية أبيه تفألا بسلامته لاشتهار خروجه مع أبي الخطاب و اللّه العالم.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن الحسن بن رباط، عنه (4).
ص: 432
الحكم ثقة في (مب) (1)، و قريب منها ابن رباط في (قمز) (2)، فالسند صحيح أو حسن في حكمه.
و أبو الربيع هو خالد أو خليد بن اوفي العنزي الشامي مذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، له كتاب في النجاشي (4)، و يروي عنه الحسن بن محبوب (5)، و عبد اللّه بن مسكان كما في النجاشي (6)، و يونس بن عبد الرحمن في الكافي في باب طلب الرئاسة (7)، هؤلاء من أصحاب الإجماع، و منصور بن حازم (8)، و محمّد بن حفص (9)، و غيرهم.
و قال الشهيد في مسألة بيع الثمرة من كتابه نكت الإرشاد- بعد ذكر خبر في سنده الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي- ما لفظه: و قد قال الكشي: أجمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عن الحسن بن محبوب (10).0.
ص: 433
قلت: في هذا توثيق لأبي الربيع الشامي، و اسمه خليل بن اوفي (1)، و لم ينصّ الأصحاب علي توثيقه فيما علمته، غير أنّ الشيخ ذكره في كتابيه (2)، و بعض المتأخرين أثبته في المعوّل علي روايته، انتهي (3).
و استدلّ علي توثيقه شيخنا الحرّ في أمل الآمل (4) بما كرّرنا إليه الإشارة من أنّ في ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) دلالة علي كونه من الأربعة الآلاف الموثقين الموجودين في رجال ابن عقدة و هو في محلّه كما يأتي في الفائدة الثامنة.
و ممّا يستغرب في المقام ما في التعليقة من أنّ في باب طلب الرئاسة حديثا يدلّ علي تشيّعه الّا أنّه يستفاد منه ذمّه، انتهي (5).
قلت: إمّا تشيّعه فهو كما قال المحقق السيد صدر الدين: غير خفي علي من تتبّع أخباره.
منها ما في الكافي في باب أنّ الامام إذا شاء أن يعلم علم، بسندين فيهما: صفوان، عن ابن مسكان، عن زيد (6) بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام)، قال: إنّ الامام إذا شاء أن يعلم علم (7).ل.
ص: 434
و في باب حسن المعاشرة، بإسناده عنه، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه (عليه السلام) و البيت غاصّ بأهله، فيه الخراساني، و الشامي، و من أهل الآفاق، فلم أجد موضعا اقعد فيه، فجلس أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و كان متّكئا، ثم قال: يا شيعة آل محمّد اعلموا أنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه و من لم يحسن صحبة من صحبه (و مخالقة من خالقه) (1) و مرافقة من رافقه و مجاورة من جاوره و ممالحة من مالحه، يا شيعة آل محمّد اتّقوا للّه ما استطعتم و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه (2).
و امّا استفادة الذم من الحديث الذي أشار إليه فعجيب [فيه] (3) بإسناده عن أبي الربيع الشامي، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: قال لي: و يحك يا أبا الربيع لا تطلبن الرئاسة، و لا تك ذنبا، و لا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه، و لا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا، فإنّك موقوف و مسئول لا محالة، فإن كنت صادقا صدقناك، و إن كنت كاذبا كذّبناك (4)، و هذا لا يفيد ذمّا، ففي التنزيل:
وَ لٰا تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (5) وَ لٰا تَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ (6)، و لو كان ذمّا لم يروه و لم ينقله، و لو كان ذمّا و نقله فلعلّ نقله له يشعر بتنبّهه من الغفلة و ندمه علي الزلّة، فما كلّ ما يوعظه به الرجل و ينهي عنه يكون فيه، و قد نهي8.
ص: 435
(عليه السلام) عبد اللّه بن مسكان (1)، و أبا حمزة الثمالي (2)، و محمّد بن مسلم (3) - و هم أجلّاء هذه الطائفة- عن أشياء هي مذكورة في هذا الباب من الكافي قبل الخبر و بعده، و لم يستشعر احد من ذلك قدحا فيهم، فراجع.
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسي ابن عبيد، عنه (4).
أحمد ثقة في (يا) (5)، فالسند صحيح.
و الأعور ثقة في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (6)، و الخلاصة (7)، فالخبر صحيح.
في وصيّة النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لعلي (عليه السّلام)، أوّلها: يا علي إذا دخلت العروس بيتك- محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه، عن أبي سعيد الحسن بن علي العدوي، عن يوسف بن يحيي الأصبهاني أبي يعقوب، عن أبي علي إسماعيل بن حاتم، قال: حدثنا أبو جعفر احمد بن [صالح] (8) بن سعيد المكّي، قال: حدثنا عمرو (9) بن حفص، عن إسحاق بن نجيح، عن
ص: 436
حصيف، عن مجاهد، عنه (1).
السند غير قابل للتصحيح لاشتماله علي المجاهيل و العامي الّا أنّه يمكن دعوي اعتباره مضافا الي ذكرها في الفقيه، و قد قال في أوله ما قال (2)، و شهادة مضامين متونها عن صدورها عن أهل بيت الوحي، نقلها الشيخ المفيد في الاختصاص بإسناده عن احمد، قال: حدثنا عمرو بن حفص [و أبو بصير] (3) عن محمّد بن الهيثم، عن إسحاق بن نجيح [عن حصيب] (4) عن مجاهد (5)، و لعلّ في ذلك كفاية في الوثوق بصدورها و اللّه العالم.
و الخدري من السابقين الذين رجعوا إلي أمير المؤمنين (عليه السّلام).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن هاشم، عنه (6).
السند صحيح، و أبو عبد اللّه غير مذكور أصلا، الّا أنّ المصنّف شهد باعتبار كتابه (7).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (8).
ص: 437
السند صحيح، و الفراء هو سليم الفرّاء الكوفي المذكور في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، الثقة في النجاشي (2) علي ما استظهره الأردبيلي في الجامع (3) بقرينة رواية ابن أبي عمير عنهما و روايتهما عن أبي عبد اللّه (عليهما السلام) و عن حريز مع التعدّد، فرواية ابن أبي عمير كافية للحكم بالوثاقة، فالخبر صحيح أو في حكمه علي المشهور.
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عبد اللّه بن علي [الرزّاز] (4)، عن أبي كهمس الكوفي (5).
الحكم ثقة في (مب) (6) و الرزّاز غير مذكور، فالسند ضعيف و مرّ ذكر أبي كهمس في (قصج) (7) و لوجود طريق آخر لكتاب أبي كهمس و عدّه الفقيه من الكتب المعتمدة (8)، قال الشارح: الخبر قوي (9).
أبوه، عن سعد بن عبد اللّه،
ص: 438
عن احمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابان بن عثمان، عنه (1).
السند صحيح علي الأصح بناء علي استقامة أبان، و في حكمه لو كان ناووسيّا لكونه و فضالة من أصحاب الإجماع.
و أبو مريم هو عبد الغفّار بن القاسم بن قيس [بن قيس] بن قهد الأنصاري الثقة في النجاشي، و الخلاصة (2)، يروي عنه من أصحاب الإجماع أبان (3)، و عثمان (4)، و فضالة كما في الاستبصار في باب ما تجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدّعي (5)، و عبد اللّه بن المغيرة (6)، و الحسن بن محبوب (7).
و من أضرابهم من الأجلّاء ثعلبة (8)، و علي بن النعمان (9)، و هشام بن سالم (10)، و يونس بن يعقوب (11)، و محمّد بن أبي حمزة (12)، و العباس بن معروف (13)، و ظريف بن ناصح (14)، و علي بن الحسن بن رباط (15)، و أبو3.
ص: 439
ولّاد (1)، و عبد اللّه بن حمّاد (2)، و جميل بن ناصح (3)، و الحسن بن السري (4)، فهو معدود من الأجلّاء.
376 شعو- و إلي أبي المعزي (5):حميد بن المثني العجلي: أبوه، عن سعد بن عبد اللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسي، عن أبي المعزي حميد بن المثني و هو عربي كوفي ثقة (6).
عثمان ثقة في (قمد) (7)، و من أصحاب الإجماع، فالسند صحيح.
و حميد ثقة ثقة في النجاشي (8)، و يروي عنه ابن أبي عمير (9)، و صفوان (10)، و البزنطي (11)، و فضالة (12)، و الحسن بن محبوب (13)، و الحسن بن علي بن فضّال (14)، و يونس بن عبد الرحمن (15)، و أبان بن عثمان (16)، و عثمان بن عيسي (17).
ص: 440
و من أضرابهم من الأجلّاء: الحسين بن سعيد (1)، و احمد بن محمّد بن عيسي (2)، و علي بن الحكم (3)، و عبد الرحمن بن أبي نجران (4)، و سيف بن عميرة (5)، و يحيي الحلبي (6)، و عبد اللّه بن جبلة (7)، و غيرهم، و هو أيضا من أجلّاء الطائفة.
حمزة بن محمّد العلوي رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عنه (8).
مرّ حمزة في (قمط) (9)، و السند صحيح أو في حكمه لكون حمزة من مشايخ الإجازة.
و أبو النمير غير مذكور، قال الشارح: و يظهر من المصنّف ان كتابه معتمد، قال: فالخبر قوي أو ضعيف بمحمّد بن سنان (10).
أبوه، عن الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عنه (11).
السند في أعلي درجة الصحّة، و الخبر صحيح أو في حكمه لوجود ابن محبوب فلا يضرّ عدم مذكورية أبي الورد إلّا في أصحاب الباقر (عليه السّلام) مع
ص: 441
أنه يروي عنه ابن محبوب بلا واسطة في التهذيب في باب ضمان النفوس من كتاب الديات (1)، و هشام بن سالم (2)، و مالك بن عطية (3)، و أبو أيوب (4)، و محمّد بن النعمان (5)، و علي بن رئاب (6) كثيرا، و أبو بكر الحضرمي (7)، و في الكافي في الصحيح عن سلمة بن محرز، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انه قال لرجل يقال له أبو الورد: يا أبا الورد أمّا أنتم فترجعون- اي عن الحجّ- مغفورا لكم، و امّا غيركم فيحفظون في أهاليهم و أموالهم (8).
و في التعليقة: و ربّما أجمع الأصحاب علي العمل بروايته كما في المسح علي الخفين للضرورة (9)، فالقول بوثاقة أبي الورد غير بعيد خصوصا بعد ملاحظة ما تقدم عن نكت الشهيد (10)، و صرّح به بحر العلوم في ترجمة زيد النرسي (11).
العلامة بصحّة هذا الطريق (1)، فالسند صحيح.
و الحنّاط: ثقة مرّ في الأسامي ذكره و طريق آخر الي كتابه أصحّ من هذا و كأنّه للتفنّن في الطريق و لاشتهاره بالكنية مع احتمال السهو كما في الشرح (2).
محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن احمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عنه (3).
السند صحيح بما مرّ في الفقيه مع ان طريق الفقيه إلي البرقي غير منحصر فيه، و في النجاشي: داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر ابن أبي طالب أبو هاشم الجعفري رحمه اللّه كان عظيم المنزلة عند الأئمة (عليهم السلام) شريف القدر ثقة، روي أبوه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) (4)، و يقرب منه ما في غيره.
و في الكشي: له منزلة عالية عند أبي جعفر و أبي الحسن و أبي محمّد (عليهم السلام) (5)، و له في أبواب معاجزهم و فضائلهم مالا يحصي، في ربيع الشيعة:
أنّه من السفراء و الأبواب المعروفين (6).
و يروي عنه البرقي (7)، و علي بن إبراهيم (8)، و أبوه (9)، و سهل بن
ص: 443
زياد (1)، و احمد بن إسحاق (2)، و احمد بن محمّد بن عيسي (3)، و محمّد بن الوليد (4)، و ابن أبي عمير كما في التهذيب في فضل زيارة أبي الحسن و أبي محمّد (عليهما السلام) (5)، و غيرهم.
جاء نفر من اليهود الي رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله) فسألوه عن مسائل: علي بن احمد بن عبد اللّه البرقي رضي اللّه عنه، عن أبيه، عن جدّه أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي، عن عبد اللّه بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبد اللّه، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) (6).
قال الشارح: الظاهر أنّ علي و احمد كانا ثقتين عند المصنّف لاعتماده في كثير من الروايات عليهما سيّما الابن، لكن علي قانون المتأخرين مجهولان، و كذا الباقي غير عبد اللّه و معاوية، فالخبر قوي و صار أقوي بحكم الصدوق علي صحّته، انتهي (7).
قلت: و يؤيّد قوّة الخبر أنّ الشيخ المفيد رواه في الاختصاص أيضا، و سنده هكذا: حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين بن مهران، قال: حدثني الحسين بن عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). إلي
ص: 444
آخره (1)، إلّا أنّ فيه: جاء رجل من اليهود، و أظنّ أنّ في السندين تحريفا، امّا في الأوّل فقوله: عن جدّه الحسن و الصحيح الحسين (عليهما السلام)، و امّا في الثاني فقوله: حدّثني الحسين بن عبد اللّه و الصحيح الحسن بن عبد اللّه، و اللّه العالم.
382 شفب- و إلي حديث سليمان بن داود (عليهما السلام) في معني قول اللّه عزّ و جلّ: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْنٰاقِ (2):علي بن أحمد ابن موسي، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) (3).
الأوّل: هو الدّقّاق من مشايخه الذين أكثر من الرواية عنهم مترحّما أو مترضّيا، و الثاني: ثقة في (لو) (4)، و الثالث: مجهول، روي في الفقيه في باب الوصيّة من لدن آدم عن الكوفي، عنه، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه.، إلي آخره (5).
و في باب نوادر الميراث بالسند المذكور هنا (6)، و النوفلي ثقة في (لز) (7)، و علي ابن سالم ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) (8)، و يروي عنه: يونس
ص: 445
ابن عبد الرحمن في الكافي في باب ميراث ولد الزنا (1)، و في التهذيب في باب الاشهاد علي الوصيّة (2)، و في باب الرجوع في الوصيّة (3)، و في باب الزيادات في كتاب الوصيّة (4)، و في باب ميراث ابن الملاعنة (5)، و عثمان بن عيسي في الكافي في كتاب الكفر في باب الرياء (6)، و علي بن أسباط في التهذيب في باب التيمّم (7)، فلا يبعد دعوي وثاقته و في هذه المواضع روي عن الصادق أو الكاظم (عليهما السلام) بلا واسطة.
و سالم هو ابن عبد الرحمن الأشل كما نصّ عليه في الجامع (8)، و وثقه في ابنه عبد الرحمن (9)، و في أصحاب الصادق (عليه السّلام): أسند عنه (10)، فهو بل ابنه عليّ من الأربعة الآلاف الموثقين.
و أغرب الشارح (11)، فقال: (عن علي بن سالم) علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبيه أبي حمزة البطائني غير مذكور، و الذي يخطر بالبال، أنّه كان الحسن بن علي بن سالم (12) عن أبيه كما يقع كثيرا، و لم تعهد رواية علي عن أبيه،ظ.
ص: 446
و علي ايّ حال فالخبر قوي أو ضعيف، انتهي (1).
و فيه:
أوّلا: إنّ السند المذكور غير منحصر في الموجود هنا بل موجود في التهذيب أيضا في باب الرهون (2)، و في الفقيه في باب الرهون (3)، و باب نوادر الميراث (4)، و في الاستبصار في باب ربح المؤمن علي أخيه المؤمن (5)، و في الكافي في باب الرياء من كتاب الكفر (6)، و في قصص الأنبياء في قصّة آدم (عليه السّلام) بإسناده، عن الصدوق، عن ابن المتوكل، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كان أبو جعفر (عليه السلام). إلي آخره (7).
و في باب الثلاثين من توحيد الصدوق: عن الحسين بن إبراهيم المؤدّب، عن محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفي، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا علي بن سالم، عن أبيه، قال: سألت الصادق (عليه2.
ص: 447
السلام). الخبر (1).
و ثانيا: إنّا لم نقف علي ما ادّعي كثرته في الأسانيد من رواية الحسن عن أبيه علي بن سالم يعني أبا حمزة، بل الموجود: الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه كما في الكافي في باب ما يجب الاقتداء بالأئمة (عليهم السلام) في طلب الرزق (2)، و في الفقيه في باب المعايش و المكاسب (3)، و في باب الوصيّة من لدن آدم (4)، و في التهذيب في باب الصيد و الذكاة (5)، و غير ذلك.
و ثالثا: إنّا لم نقف علي موضع ذكر [فيه] اسم والد عليّ مع كثرة رواياته بل المعهود في الأسانيد التعبير عنه بابي حمزة، فراجع.
احمد بن محمّد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن احمد بن العباس و العباس بن عمرو الفقيمي، قالا: حدثنا هشام ابن الحكم، عن ثابت بن هرمز، عن الحسن بن أبي الحسن، عن احمد بن عبد الحميد، عن عبد اللّه بن علي، قال: حملت متاعي من البصرة إلي مصر، و ذكر الحديث (6).
السند غير قابل للتصحيح لوجود جملة من المجاهيل و الضعفاء فيه الّا أنّ للأصحاب إلي هشام طرقا معتبرة، و رواية هشام هذا الخبر الطويل كاشفة عن اعتباره و صحّته عنده بعد ملاحظة علمه و مقامه و إتقانه.
ص: 448
قال الشيخ المفيد- رحمه اللّه- في العيون و المحاسن كما في فصول السيّد المرتضي: و هشام بن الحكم من أكبر أصحاب أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، و كان فقيها، و روي حديثا كثيرا، و صحب أبا عبد اللّه (عليه السّلام) و بعده أبا الحسن موسي (عليه السّلام)، و كان يكنّي أبا محمّد و أبا الحكم، و كان مولي بني شيبان، و كان مقيما بالكوفة، و بلغ من مرتبته و علوّه عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد (عليهما السلام) إنّه دخل عليه بمني و هو غلام أوّل ما اختط عارضاه و في مجلسه شيوخ الشيعة: كحمران بن أعين، و قيس الماصر، و يونس بن يعقوب، و أبو جعفر الأحول، و غيرهم، فرفعه علي جماعتهم و ليس فيهم الّا من هو أكبر سنّا منه، فلما رأي أبو عبد اللّه (عليه السلام) أنّ ذلك الفعل كبر علي أصحابه، قال: هذا ناصرنا بقلبه، و لسانه، و يده.
و قال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام) و قد سأله عن أسماء اللّه عزّ و جلّ و اشتقاقها، فأجابه، ثم قال له: أ فهمت يا هشام فهما تدفع به أعدائنا الملحدين مع اللّه عزّ و جلّ؟ قال هشام: نعم، قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): نفعك اللّه به و ثبّتك، قال هشام: فو اللّه ما قهرني أحد في التوحيد حتي قمت مقامي هذا، انتهي (1) و مثل هذا الجليل يبعد أن يروي مثل هذا الخبر مع عدم وثوقه بصحّته.
و امّا بلال: فهو ممدوح عند أصحابنا و وردت في مدحه و انقطاعه الي أمير المؤمنين (عليه السّلام) اخبار اخرجناها في كتابنا المسمّي بنفس الرحمن (2).
ص: 449
أبوه و محمّد بن الحسن رضي اللّه عنهما [عن سعد بن عبد اللّه]، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السّلام) (1).
قد تقدّم السند في (رصو) (2) في الطريق الي محمّد بن قيس و ذكرنا إنّه البجلي الثقة صاحب كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و إنّ السند صحيح، و لا ادري ما السبب الي تكراره.
أبوه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام).
و يغلط أكثر الناس في هذا الاسناد فيجعلون مكان حمّاد بن عيسي حمّاد ابن عثمان، و إبراهيم بن هاشم لم يلق حمّاد بن عثمان و انّما لقي حمّاد بن عيسي و روي عنه. انتهي كلام الصدوق (3).
السند صحيح الي حمّاد و هو من أصحاب الإجماع فالخبر صحيح أو في حكمه.
و امّا حكمه بعدم لقاء إبراهيم حماد بن عثمان فهو الأصل في هذا الكلام المتفرّد به و ليس في كلام مشايخ الفنّ منه اثر، نعم تبعه العلامة في الخلاصة، فقال في الفائدة التاسعة: قد يغلط جماعة في الاسناد عن إبراهيم بن هاشم الي حمّاد بن عيسي فيتوهمّونه حمّاد بن عثمان، و هو غلط فإنّ إبراهيم بن هاشم لم
ص: 450
يلق حمّاد بن عثمان بل حمّاد بن عيسي (1).
و قال ابن داود في تنبيهات رجاله: إذا ورد عليك الإسناد من إبراهيم بن هاشم الي حمّاد فلا تتوهم أنّه حمّاد بن عثمان، فإنّ إبراهيم بن هاشم لم يلق حمّاد ابن عثمان بل حمّاد بن عيسي (2)، و اشتهر هذا الكلام بعدهما حتي قال الكاظمي في مشتركاته: و كرّر في الكافي إبراهيم بن هاشم عن حمّاد بن عثمان (3) و هو سهو و صوابه ابن أبي عمير عن حمّاد كما هو الشائع المعهود (4).
و في ترجمة ابن عيسي: و في الكافي (5) و التهذيب (6): إبراهيم بن هاشم عن حمّاد بن عثمان و هو أيضا سهو لذكر أصحاب الرجال عدم تلاقيهما (7).
و أنت خبير بأنّ الأصل في هذا التغليط كلام المشيخة، و تلقّاه الجماعة بالقبول من غير تفحّص و تأمّل في أصل المطلب، و لعمري نسبة سهو واحد الي الصدوق أهون من نسبة غفلات كثيرة الي مثل ثقة الإسلام و غيره من الاعلام، و كيف كان فهذا الكلام ساقط عندنا لوجوه.
الأوّل: إنّ الحكم بعدم اللقاء شهادة نفي، و شهادة الإثبات مقدّمة عليها مع معلومية تاريخ وفاة ابن عثمان فإنّها في سنة مائة و تسعين كما في الكشي (8)، فتكون بعد سبع سنين من امامة مولانا الرضا (عليه السّلام)، و إبراهيم أيضا من أصحابه- كما يأتي- فيكونان في طبقة واحدة، و لا يضرّ4.
ص: 451
الجهل بولادة ابن هاشم فلا بدّ حينئذ من ذكر مستند يجوز التشبّث به لرد شهادتهم باللقاء مع إمكانه و الحكم بالإرسال أو السهو في تلك الأسانيد الكثيرة.
الثاني: كثرة وقوع هذا السند في الكافي و غيره، ففي الكافي في باب تحنيط الميت و تكفينه: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن حريز، عن زرارة و محمّد بن مسلم، قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السّلام). الخبر (1).
و في التهذيب في أواخر باب تعجيل الزكاة و تأخيرها: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام). الخبر (2).
و في آخر باب صفة الإحرام: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنّه قال. الخبر (3).
و في أواخر باب الخروج الي الصفا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد ابن عثمان [عن الحلبي] قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام). الخبر (4).
و مثله في الاستبصار في باب من أحلّ من إحرام المتعة (5)، و في الكافي في باب الوصيّة من كتاب الحجّ: علي، عن أبيه، عن حمّاد بن عثمان، عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السّلام)، قال: إذا أصبحت فاصحب نحوك. الخبر (6).6.
ص: 452
بل في جملة من الأسانيد: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، و لا بدّ ان يكون المراد في بعضها ابن عثمان.
منها: ما في الكافي (1) و الاستبصار في باب من اوصي بجزء من ماله: علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن ابان بن تغلب، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام). الخبر (2).
قال المحقق صدر الدين: و ابان مات سنة احدي و أربعين و مائة فعلي تاريخ الكشي أنّ حمّاد بن عثمان عاش نيفا و سبعين سنة، ينبغي أن يكون حمّاد هنا ابن عثمان، انتهي (3)، و ذلك لأنّ وفاة ابن عيسي في سنة تسع أو ثمان بعد المائتين.
و منها ما وقع فيها: علي بن إبراهيم، عن حمّاد، عن الحلبي كما في الكافي في باب فضل المقام بالمدينة (4)، و في التهذيب في باب الغدوّ الي عرفات (5)، و في الاستبصار في باب أنّ ولد الملاعنة يرث أخواله (6) و غيرها، فإنّ الذي يروي عن الحلبي- و المراد منه محمّد بن علي بن أبي شعبة الحلبي- هو ابن عثمان، و لم يذكر أحد رواية ابن عيسي، عنه.
الثالث: إنّ إبراهيم بن هاشم من أصحاب الرضا (عليه السّلام) كما في النجاشي (7) و الفهرست (8) و الخلاصة (9)، و يروي عن حمّاد بن عثمان علي بن مهزيار9.
ص: 453
كما في التهذيب في باب نزول المزدلفة (1)، و هو من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي (عليهم السلام) (2) و الحسين بن سعيد فيه في باب حكم الجنابة (3)، و في باب أحكام الجماعة (4)، و هو مثل عليّ من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي (عليهم السلام) (5) و مثلهما إسماعيل بن مهران و غيرهم. و من هنا صرّح جماعة من المتبحرين بصحّة هذه الأسانيد و عدم [وجود] إرسال أو سهو فيها.
فقال الفاضل الأردبيلي في جامع الرواة بعد نقل كلام العلامة و ابن داود، أقول: روي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عثمان و ابن عيسي كثيرا كما مرّ في ترجمتهما، و لا اعلم إنّ ابن داود رحمه اللّه تعالي من اين حكم بأنّ إبراهيم لم يلق حمّاد بن عثمان، انتهي (6)، و قد عرفت أنّه أخذ ذلك من المشيخة.
و قال السيّد المحقّق القزويني في جامع الشرائع- بعد نقل كلام الفاضلين- و هذا المعني غير ثابت علي ما نبّه به الفضلاء لكثرة وقوع روايته صريحا عن حمّاد بن عثمان، ثم ذكر بعض المواضع و قال: و بالجملة قد تكرّرت رواية إبراهيم عن ابن عثمان في اخبار كثيرة بحيث لا يحتمل السهو أو سقوط الواسطة في جميعها و لعلّ منشأ كلام الفاضلين كلام الصدوق، ثم ذكر كلامه و قال: و قد عرفت حقيقة الحال، و وافقنا علي ذلك السيدان السندان السيد صدر الدين العاملي و صاحب مطالع الأنوار، و اللّه العالم بحقيقة الحال (7).ر.
ص: 454
و حيث وفينا بحمد اللّه تعالي بما وعدنا من شرح مشيخة الفقيه علي الترتيب الذي نقله شيخنا في الوسائل
و بسطنا الكلام في طائفة كثرت رواياتهم و اختلفت كلمة الأصحاب فيهم، و ذكرنا من القرائن و الامارات ما لم تجتمع في كتاب من كتب هذا الفن الّا أنّه لعدم ترتيب ذكرهم علي ترتيب الكتب الرجالية يصعب علي الباحث الناظر معرفة محلّ ذكر من أراد معرفة حاله بل معرفة أصل وجوده في هذا الشرح و عدمه فرأيت أن اذكر أسامي من ترجمت حاله نسقا مرتّبا مشيرا الي محلّه و موضع ذكره تكثيرا للفائدة و تسهيلا علي الطالب، و باللّه المستعان و عليه التكلان.
فنقول:
[1]- إبراهيم بن أبي زياد الكرخي/ (د)/ [4].
[2]- إبراهيم بن [أبي] (1) يحيي المدائني/ (و)/ [6].
[3]- إبراهيم بن خالد العطار/ (شكه)/ [325].
[4]- إبراهيم بن عبد الحميد/ (ح)/ [8].
[5]- إبراهيم بن عمر اليماني/ (ط)/ [9].
[6]- إبراهيم بن محمّد الثقفي/ (ي)/ [10].
[7]- إبراهيم بن محمّد الهمداني/ (يا)/ [11].
[8]- إبراهيم بن مهزيار/ (يب)/ [12].
[9]- إبراهيم بن هاشم/ (يد)/ [14].
ص: 455
[10]- أحمد بن الحسن بن فضّال/ (رلز)/ [237].
[11]- أحمد بن الحسن الميثمي/ (يو)/ [16].
[12]- أحمد بن عائذ/ (يز)/ [17].
[13]- أحمد بن علوية/ (ي)/ [10].
[14]- أحمد بن زياد الهمداني/ (يا)/ [11].
[15]- أحمد بن خالد البرقي/ (يه)/ [15].
[16]- أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة/ (يط)/ [19].
[17]- أحمد بن محمّد بن يحيي العطار/ (قسط)/ [169].
[18]- أحمد بن محمّد بن مطهّر/ (كا)/ [21].
[19]- أحمد بن هلال العبرتائي/ (كب)/ [22].
[20]- إدريس بن زيد/ (كج)/ [23].
[21]- إسحاق بن عمّار/ (كز)/ [27].
[22]- إسماعيل بن أبي زياد السكوني/ (لز)/ [37].
[23]- إسماعيل بن بشار/ (قسه)/ [165].
[24]- إسماعيل بن عبد الرحمن/ (لب)/ [32].
[25]- إسماعيل بن عيسي/ (لد)/ [34].
[26]- إسماعيل بن سهل/ (عا)/ [71]
[27]- بحر السّقّاء/ (مه)/ [45].
[28]- بزيع المؤذّن/ (مو)/ [46].
[29]- بشير النبال/ (مح)/ [48].
[30]- بكار بن كردم/ (مط)/ [49]
ص: 456
[31]- بكر بن صالح/ (ن)/ [50].
[32]- بكير بن أعين/ (نب)/ [52]
[33]- ثوير بن أبي فاختة/ (ند)/ [54].
[34]- جابر بن يزيد الجعفي/ (نز)/ [57].
[35]- جرّاح المدايني/ (نح)/ [58].
[36]- جهيم بن أبي جهم/ (سو)/ [66]
[37]- حذيفة بن منصور/ (ع)/ [70].
[38]- الحسن بن الجهم/ (عب)/ [72].
[39]- الحسن بن الحسين اللؤلؤي/ (رله)/ [235].
[40]- الحسن بن راشد/ (عج)/ [73].
[41]- الحسن بن رباط/ (قمز)/ [147].
[42]- الحسن بن زياد الصيقل/ (عد)/ [74].
[43]- الحسن بن علي بن أبي حمزة/ (عو)/ [76].
[44]- الحسن بن علي الوشاء/ (يز)/ [17].
[45]- الحسين بن أحمد الأشعري/ (ل)/ [30].
[46]- الحسين بن أبي العلاء/ (فد)/ [84].
[47]- الحسين بن الحسن بن ابان/ (يج)/ [13].
[48]- الحسين بن حمّاد/ (فه)/ [85].
[49]- الحسين بن زيد الشهيد/ (فو)/ [86]
ص: 457
[50]- الحسين بن سيف بن عميرة/ (قمح)/ [148].
[51]- الحسين بن علوان/ (قكح)/ [128].
[52]- الحسين بن محمّد بن عامر/ (له)/ [35].
[53]- الحسين بن محمّد القمي/ (فط)/ [89].
[54]- الحسين بن المختار/ (ص)/ [90].
[55]- الحسين بن يزيد النوفلي/ (لز)/ [37].
[56]- حفص بن غياث/ (صج)/ [93].
[57]- الحكم الخيّاط/ (قسه)/ [165].
[58]- الحكم بن مسكين/ (مب)/ [42].
[59]- حمزة بن حمران/ (قا)/ [101].
[60]- حمزة بن محمّد/ (قمط)/ [149].
[61]- حنّان بن سدير/ (قب)/ [102].
[62]- خالد بن إسماعيل/ (قسد)/ [164]
[63]- داود بن حصين/ (قط)/ [109].
[64]- داود الصرمي/ (قيب)/ [112].
[65]- داود بن كثير الرقي/ (قي)/ [110].
[66]- درست بن أبي منصور/ (قيج)/ [113].
[67]- رفاعة بن موسي/ (قيو)/ [116].
[68]- زرعة بن محمّد الحضرمي/ (قكا)/ [121].
[69]- زكريّا بن مالك/ (قكج)/ [123].
[70]- زكريا المؤمن/ (شب)/ [302]
ص: 458
[71]- الزهري محمّد بن مسلم/ (قكد)/ [124].
[72]- زياد بن مروان القندي/ (قكو)/ [126]
[73]- سدير الصيرفي/ (قلط)/ [129].
[74]- سعد بن طريف/ (م)/ [40].
[75]- سعدان بن مسلم/ (ح)/ [8].
[76]- سعيد الأعرج/ (قلح)/ [138].
[77]- سعيد بن يسار/ (قلة)/ [135].
[78]- سلمة بن تمام/ (قلو)/ [136].
[79]- سلمة بن الخطاب/ (نه)/ [55].
[80]- سليمان بن حفص المروزي/ (قلط)/ [139].
[81]- سليمان بن خالد/ (قم)/ [140].
[82]- سليمان بن داود المنقري/ (صج)/ [93].
[83]- سليمان بن عمرو/ (قمج)/ [143].
[84]- سماعة بن مهران/ (قمد)/ [144].
[85]- سهل بن زياد/ (شه)/ [305].
[86]- سيف بن عميرة/ (قمح)/ [148].
[87]- صالح بن الحكم/ (قنا)/ [151].
[88]- صالح بن عقبة/ (قنب)/ [152].
[89]- صباح بن سيابة/ (قنج)/ [153].
[90]- طلحة بن زيد/ (قنو)/ [156]
ص: 459
[91]- عامر بن نعيم/ (قنط)/ [159].
[92]- عامر بن جذاعة/ (قنح)/ [158].
[93]- عباس بن هلال/ (قنج)/ [153].
[94]- عبد الأعلي مولي آل سام/ (قد)/ [104].
[95]- عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه البصري/ (قسز)/ [167].
[96]- عبد الرحيم القصير/ (قعا)/ [171].
[97]- عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني/ (قعج)/ [173].
[98]- عبد الكريم الهاشمي/ (قعد)/ [174].
[99]- عبد الكريم الخثعمي/ (قعه)/ [175].
[100]- عبد اللّه بن بكير/ (قعز)/ [177].
[101]- عبد اللّه بن حمّاد الأنصاري/ (قفب)/ [182].
[102]- عبد اللّه بن سليمان/ (قفج)/ [183].
[103]- عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ/ (قفح)/ [188].
[104]- عبد اللّه بن القاسم الحضرمي/ (فد)/ [82].
[105]- عبد اللّه بن مسكان/ (قص)/ [190].
[106]- عبد اللّه بن الصلت/ (رز)/ [207].
[107]- عبد اللّه بن ميمون/ (قصب)/ [192].
[108]- عبد الملك بن أعين/ (قصه)/ [195].
[109]- عبد الملك بن عتبة الهاشمي/ (قصو)/ [196].
[110]- عبد الملك بن عمرو/ (قصز)/ [197].
[111]- عبد الواحد بن عبدوس/ (قصح)/ [198]
ص: 460
[112]- عبيد بن زرارة/ (قصط)/ [199].
[113]- عثمان بن زياد/ (رج)/ [203].
[114]- عثمان بن عيسي/ (قمد)/ [144].
[115]- علاء بن سيابة/ (رو)/ [206].
[116]- علي بن أبي حمزة البطائني/ (رز)/ [207].
[117]- علي بن احمد بن أشيم/ (رح)/ [208].
[118]- علي بن أسباط/ (ري)/ [210].
[119]- علي بن إسماعيل السندي/ (كز)/ [27].
[120]- علي بن إسماعيل الميثمي/ (ريا)/ [211].
[121]- علي بن بلال/ (ريح)/ [218].
[122]- علي بن جعفر عليه السّلام/ (ريد)/ [214].
[123]- علي بن حسان/ (قع)/ [170].
[124]- علي بن حديد/ (شكو)/ [326].
[125]- علي بن الحسن بن رباط/ (رعب)/ [272].
[126]- علي بن الحسن الكوفي/ (قسا)/ [161].
[127]- علي بن الحسين السعدآبادي/ (يه)/ [15].
[128]- علي بن الحكم/ (ريو)/ [216].
[129]- علي بن سويد/ (ريط)/ [219].
[130]- علي بن غراب/ (ركب)/ [222].
[131]- علي بن محمّد بن أبي القاسم/ (لج)/ [33].
[131]- علي بن محمّد بن قتيبة/ (رج)/ [203].
[132]- علي بن موسي الكميداني/ (س)/ [60].
[133]- عمار بن موسي الساباطي/ (رلج)/ [233]
ص: 461
[134]- عمرو بن أبي المقدام/ (رلد)/ [234].
[135]- عمرو بن أبي نصر/ (قكط)/ [129].
[136]- عمرو بن جميع/ (رله)/ [235].
[137]- عمرو بن خالد/ (قكح)/ [123].
[138]- عمرو بن شمر/ (نز)/ [57].
[139]- عمر بن أبي شعبة/ (رم)/ [240].
[140]- عمر بن حنظلة/ (رمب)/ [242].
[141]- عمر بن يزيد السابري/ (رمد)/ [244].
[142]- عيسي بن شلقان/ (رمو)/ [246].
[143]- عيسي بن عبد اللّه الهاشمي/ (رمح)/ [248]
[144]- غياث بن إبراهيم/ (رنا)/ [251].
[145]- الفضل بن أبي قرّة/ (رنج)/ [253].
[146]- القاسم بن سليمان/ (رنط)/ [259].
[147]- القاسم بن عروة/ (رس)/ [260].
[148]- القاسم بن محمّد الأصبهاني/ (صج)/ [93].
[149]- القاسم بن محمّد الجوهري/ (شح)/ [308].
[150]- القاسم بن يحيي/ (عج)/ [73].
[151]- كردويه/ (رسب)/ [262].
[152]- كليب الأسدي/ (رسح)/ [268]
ص: 462
[153]- مالك الجهني/ (رسد)/ [264].
[154]- مبارك العقرقوفي/ (رسه)/ [265].
[155]- مثنّي بن عبد السلام/ (رسو)/ [266].
[156]- محمّد بن أبي عمير/ (رسز)/ [267].
[157]- محمّد بن أحمد بن يحيي الأشعري/ (رسح)/ [268].
[158]- محمّد بن أحمد بن أبي الصلب/ (رمز)/ [247].
[159]- محمّد بن إسحاق/ (يط)/ [19].
[160]- محمّد بن أسلم الجبلي/ (رسط)/ [269].
[161]- محمّد بن جعفر الأسدي/ (لو)/ [36].
[162]- محمّد بن حسان الرازي/ (قفا)/ [181].
[163]- محمّد بن حكيم/ (رعز)/ [277].
[164]- محمّد بن حمران/ (رعط)/ [279].
[165]- محمّد بن خالد البرقي/ (لب)/ [32].
[166]- محمّد بن خالد السرّي/ (رفا)/ [281].
[167]- محمّد بن زكريا/ (قمط)/ [149].
[168]- محمّد بن سنان/ (كو)/ [26].
[169]- محمّد بن عبد الحميد/ (قكز)/ [127].
[170]- محمّد بن عبد اللّه بن زرارة/ (رمح)/ [248].
[171]- محمّد بن علي ماجيلويه/ (لب)/ [32].
[172]- محمّد بن عيسي العبيدي/ (لا)/ [31].
[173]- محمّد بن الفيض/ (رصج)/ [293]
ص: 463
[174]- محمّد بن القاسم الأسترآبادي/ (رصد)/ [294].
[175]- محمّد بن الوليد الكرماني/ (شا)/ [301].
[176]- محمّد بن يحيي/ (شب)/ [302].
[177]- مسعدة بن زياد/ (شو)/ [306].
[178]- مسعدة بن صدقة/ (شز)/ [307].
[179]- مسمع كردين/ (شح)/ [308].
[180]- مصادف/ (شط)/ [309].
[181]- مظفّر بن جعفر بن مظفّر/ (رصز)/ [297].
[182]- مصعب بن يزيد/ (شي ء)/ [310].
[183]- معاوية بن حكيم/ (رسو)/ [266].
[184]- معاوية بن ميسرة/ (شيد)/ [314].
[185]- معاوية بن وهب/ (شية)/ [315].
[186]- معروف بن خرّبوذ/ (شيو)/ [316].
[187]- معلّي بن خنيس/ (شيز)/ [317].
[188]- معلّي بن محمّد البصري/ (شيح)/ [318].
[189]- المفضّل بن عمر/ (ل)/ [30].
[190]- منصور بن حازم/ (شكد)/ [324].
[191]- منصور بن الوليد/ (شكه)/ [325].
[192]- منصور بن يونس/ (شكو)/ [326].
[193]- منهال القصّاب/ (شكز)/ [327].
[194]- موسي بن سعدان/ (فد)/ [84].
[195]- موسي بن عمر الصيقل/ (قند)/ [154]
ص: 464
[196]- نضر بن شعيب/ (قد)/ [104].
[197]- نعمان الرازي/ (شلب)/ [332].
[198]- وهب بن وهب/ (شله)/ [335].
[199]- هارون بن خارجة/ (شلح)/ [338].
[200]- هارون بن مسلم/ (رس)/ [260].
[201]- هشام بن إبراهيم العباسي/ (شم)/ [340].
[202]- هيثم بن أبي مسروق/ (ند)/ [54].
[203]- ياسر الخادم/ (شمج)/ [343].
[204]- ياسين الضرير/ (شمد)/ [344].
[205]- يحيي بن أبي عمران/ (شمو)/ [346].
[206]- يحيي بن حسّان الأزرق/ (شمز)/ [347].
[207]- يحيي بن عبد اللّه العمري/ (شمط)/ [349].
[208]- يزيد بن إسحاق شعر/ (شلز)/ [337].
[209]- يعقوب بن شعيب/ (شن)/ [350].
[210]- يعقوب بن عيثم (1) / (شنا)/ [351].
[211]- يوسف بن إبراهيم/ (شنج)/ [353].
[212]- يونس بن عمّار/ (شنو)/ [356].
[213]- يونس بن يعقوب/ (شنز)/ [357].
ص: 465
[214]- أبو بكر بن أبي سماك (1) / (شس)/ [360].
[215]- أبو الجارود زياد بن المنذر/ (شسج)/ [363].
[216]- أبو جرير زكريّا بن إدريس القمي/ (شسب)/ [362].
[217]- أبو جميلة المفضّل بن صالح/ (قكز)/ [127].
[218]- أبو حبيب ناجية/ (شسه)/ [365].
[219]- أبو كهمس/ (قصد)/ [194].
و قد تركنا أسامي جماعة ذكرناهم في خلال الشرح مختصرا و لم نستطرف في ترجمتهم بشي ء.
[1]- أ- إبراهيم بن هارون الهيبستي (2).
[2]- ب- أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن أبي (3) حمزة بن عمارة الحافظ.
[3]- ج- أبو الحسن أحمد بن ثابت الدواليني (4).
[4]- د- أحمد بن الحسن بن عبدربّه القطان، في كمال الدين: حدثنا
ص: 466
أحمد بن الحسن القطان المعروف بأبي عليّ بن عبدربّه الرازي و هو شيخ كبير من أصحاب (1) الحديث (2)، و في موضع آخر: أحمد بن محمّد بن الحسين القطان و كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الريّ يعرف بابي علي بن عبدربّه (3).
[5]- ه- أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكير الخوزي (4)، روي عنه بنيسابور.
[6]- و- أحمد بن إبراهيم بن الوليد السلمي.
[7]- ز- أحمد بن أبي جعفر البيهقي.
[8]- ح- أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن عبدربّه.
[9]- ط- أبو العباس أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه (5) بن محمّد بن مهران الآبي العروضي، قال ابن شهرآشوب في المعالم: له [كتاب] ترتيب الأدلّة فيما يلزم خصوص (6) الإماميّة دفعه عن الغيبة و الغائب، المفاداة (7) فية.
ص: 467
المذهب، [كتاب] (1) في النقض علي أبي خلف (2).
[10]- ي- احمد بن جعفر الهمداني و هو بعينه احمد بن زياد بن جعفر الهمداني.
[11]- يا- أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد (3) الضبّي المرواني النيسابوري، و الظاهر أنّه بعينه احمد بن الحسين المرواني، و في بعض الأسانيد أبو نصير و في بعضها بصير.
[12]- يب- أبو حامد احمد بن الحسين بن الحسن بن علي الحاكم.
[13]- يج- أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي.
[14]- يد- أبو حامد أحمد بن علي بن الحسين الثعالبي.
[15]- يه- أحمد بن قارون القائيني.
[16]- يو- أبو علي أحمد بن محمّد بن يحيي العطار الأشعري القمّي.
[17]- يز- أحمد بن محمّد الأسدي.
[18]- يح- أحمد بن محمّد إبراهيم العجلي.
[19]- يط- أبو الحسن احمد بن محمّد بن الصقر الصائغ.
[20]- ك- أحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي و غير بعيد ان يكون هو العجلي المتقدم.
[21]- كا- أحمد بن محمّد بن إسحاق الدينوري القاضي.
[22]- كب- أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المنقري.
[23]- كج- أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزي المقري الحاكم و لعلّهد.
ص: 468
المنقري المتقدم.
[24]- كد- أبو الحسين أحمد بن محمّد بن الحسين البزّاز.
[25]- كه- أحمد بن محمّد بن عيسي بن أحمد بن علي بن أبي طالب (1) و في بعض أسانيده احمد بن عيسي بن علي بن أبي طالب و الظاهر اتّحادهما.
[26]- كو- أحمد بن محمّد الشيباني المكتّب.
[27]- كز- أبو العباس أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسن بن الحكم (2).
[28]- كح- أحمد بن محمّد بن زمرة، و في بعض النسخ: رزقة القزويني (3).
[29]- كط- أحمد بن محمّد بن إسحاق المغازي (4).
[30]- ل- أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن غالب الأنماطي.
[31]- لا- أحمد بن هارون القاضي، و في بعض أسانيده: أحمد بنة.
ص: 469
هارون الطائي (1)، و الظاهر الاتّحاد.
[32]- لب- أحمد بن يحيي المكتّب.
[33]- لج- إسحاق بن عيسي.
[34]- لد- إسماعيل بن حكيم العسكري.
[35]- له- إسماعيل بن علي بن رزين.
[36]- لو- إسماعيل بن منصور بن أحمد القصّار.
[37]- لز- أبو معمّر إسماعيل بن إبراهيم بن معمّر.
[38]- لح- أبو الفضل تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي الحيري.
[39]- لط- جعفر بن محمّد بن مسرور، في التعليقة: و يحتمل كونه ابن قولويه لان اسم قولويه مسرور، و هو في طبقة الكشي إلي زمان الصدوق، انتهي (2)، و فيه من البعد ما لا يخفي.
[40]- م- أبو القاسم جعفر بن محمّد بن موسي بن قولويه القمّي.
[41]- ما- جعفر بن علي بن الحسن.
[42]- مب- جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن عبيد اللّه بن المغيرة الكوفي (3).
[43]- مج- جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبم.
ص: 470
عليهم السلام كذا في الأسانيد، و قد سقط بعض الأسامي بين جعفر و زيد فإنه لم يكن لزيد ابن اسمه جعفر و لو كان لاستحال روايته عنه.
[44]- مد- أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان الحاكم.
[45]- مه- أبو محمّد جعفر بن أحمد بن عليّ الفقيه الإيلاقي الرازي صاحب كتاب المسلسلات و غيره.
[46]- مو- الحسن بن إبراهيم بن هاشم.
[47]- مز- الحسن بن أبي علي احمد بن إدريس الأشعري القمي و هو أخو الحسين الآتي.
[48]- مح- الحسن بن أحمد بن الخليل بن أحمد.
[49]- مط- أبو محمّد الحسن بن حمزة بن علي بن الحسن بن عبد اللّه ابن أبي طالب (1).
[50]- ن- الحسن بن عبد اللّه بن سعيد العسكري، و في بعض الأسانيد أبو أحمد بن الحسن. الي آخره، و الظاهر زيادة لفظ الابن.
[51]- نا- أبو طالب الحسن بن عبد اللّه بن سنان الطائي.
[52]- نب- الحسن بن علي بن أحمد الصانع (2).
[53]- نج- الحسن بن علي السكوني.
[54]- ند- أبو القاسم الحسن بن محمّد السكوني المذكّر.
[55]- نه- الحسن بن علي بن شعيب الجوهري.ا.
ص: 471
[56]- نو- أبو علي الحسن بن علي بن محمّد العطار.
[57]- نز- الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي.
[58]- نح- أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيي العلوي الحاني؟؟؟ (1).
[59]- نط- الحسن بن يحيي بن ضريس، في الرياض: هو من أجلّ مشايخ شيخنا الصدوق، يروي عن أبيه.
[60]- س- الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب (2).
[61]- سا- الحسين بن إبراهيم بن ناتانة، مرّ عن المجلسي أنّه معرب ناتوان (3).
[62]- سب- الحسين بن إبراهيم بن بابويه.
[63]- سج- أبو الطيب الحسين بن أحمد بن قحط الرازي (4).
[64]- سد- الحسين بن أحمد بن إدريس الأشعري.
[65]- سه- الحسين بن أحمد البيهقي الحاكم.
[66]- سو- أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد العلوي.
[67]- سز- أبو عبد اللّه الحسين بن إسماعيل الكندي.
[68]- سح- أبو أحمد الحسين بن عبد اللّه بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري.
[69]- سط- أبو محمّد الحسين بن عبد اللّه بن سعيد العسكري، و لعلّه السابق و ان بعد تعدّد الكنية.ط.
ص: 472
[70]- ع- الحسين بن علي بن محمّد القمي المعروف بابي عليّ البغدادي.
[71]- عا- الحسين بن علي الصوفي.
[72]- عب- أبو عبد اللّه الحسين بن يحيي البجلي.
[73]- عج- الحسين (1) بن محمّد بن سعيد الهاشمي، و الظاهر انه بعينه الحسين بن محمّد الهاشمي.
[74]- عد- حمزة (2) بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد المحروق بن محمّد (3) بن زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام).
[75]- عه- الخليل بن أحمد.
[76]- عو- خضر بن محمّد بن مسروق (4).
[77]- عز- رافع بن عبد اللّه بن عبد الملك.
[78]- عح- سليمان بن أحمد اللّخمي.3.
ص: 473
[79]- عط- سعد بن عبد اللّه و هو غير الجليل المعروف.
[80]- ف- صالح بن عيسي العجلي.
[81]- فا- عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الحسن (1) النيسابوري الحاكم.
[82]- فب- عبد الرحمن بن محمّد بن خالد البرقي.
[83]- فج- أبو اسد عبد الصمد بن شهيد الأنصاري.
[84]- فد- أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد.
[85]- فه- أبو محمّد عبد اللّه (2) بن حامد.
[86]- فو- عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب الأصبهاني.
[87]- فز- أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد الصانع (3).
[88]- فح- أبو سعيد عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب بن نصر الشجري و لا يبعد اتحاده مع السابق.
[89]- فط- عبد اللّه بن نضر بن سمعان التميمي.
[90]- ص- عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري و الظاهر انه المراد بعبد الواحد بن محمّد في بعض الأسانيد و احتمال التعدد غير بعيد.ا.
ص: 474
[91]- صا- أبو محمّد عبدوس بن علي بن العباس الجرجاني.
[92]- صب- أبو القاسم عتاب بن محمّد الوراميني الحافظ.
[93]- صج- علي بن إبراهيم بن إسحاق، و قد يعبّر عنه بعلي بن إبراهيم و يحتمل التعدّد.
[94]- صد- أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد اللّه الأصفهاني الأسواري.
[95]- صه- علي بن أحمد بن محمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي.
[96]- صو- علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي.
[97]- صز- علي بن أحمد بن محمّد.
[98]- صح- علي بن أحمد بن متّيل.
[99]- صط- علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقّاق و لعلّه المذكور سابقا.
[100]- ق- علي بن أحمد بن مهزيار.
[101]- قا- علي بن أحمد بن محمّد بن عمران التّبباق (1)، كذا في نسخ صحيحة و لعلّه مصحّف الورّاق.
[102]- قب- علي بن أحمد بن موسي بن إبراهيم بن محمّد بن عبد اللّه ابن جعفر الصادق عليه السلام.
[103]- قج- علي بن حاتم القزويني.
[104]- قد- علي بن الحسن القزويني.ع.
ص: 475
[105]- قه- علي بن الحسن بن الفرح (1) المؤذّن.
[106]- قو- علي بن الحسين البرقي.
[107]- قز- علي بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث (2) بن إبراهيم الهمداني.
[108]- قح- علي بن الحسين بن شاذويه المكتب.
[109]- قط- علي بن الحسين بن الصلت.
[110]- قي- أبو الحسن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمّي والده المعظّم.
[111]- قيا- علي بن سهل.
[112]- قيب- علي بن عبد الرزّاق الدّرزاق (3).
[113]- قيج- علي بن عبد اللّه الورّاق.
[114]- قيد- علي بن محمّد (4) بن خراتحت (5) الجزقني النسّابة.-.
ص: 476
[115]- قيه- أبو الحسن علي بن محمّد بن عمرو العطار.
[116]- قيو- علي بن محمّد بن موسي الدقاق.
[117]- قيز- علي بن محمّد بن عصام.
[118]- قيح- علي بن مهرويه القزويني (1).
[119]- قيط- علي بن هبة اللّه الورّاق.
[120]- قك- علي بن عيسي المجاور.
[121]- قكا- أبو الحسن علي بن المفضّل (2) بن العباس البغدادي.
[122]- قكب- عمّار بن الحسين الاشروسي (3).
[123]- قكج- عمّار بن إسحاق الأشتر و اتحادهما غير بعيد (4).
[124]- قكد- أبو القاسم غياث (5) بن محمّد الحافظ.
[125]- قكه- أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي (6)ي.
ص: 477
الهمداني، أجاز له بهمدان سنة 354.
[126]- قكو- أبو أحمد القاسم بن محمّد السراج الهمداني.
[127]- قكز- محمّد بن إبراهيم بن أحمد الليثي.
[128]- قكح- محمّد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي (1).
[129]- قكط- محمّد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب الطالقاني.
[130]- قل- محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي، و لا يبعد اتّحاده مع سابقه.
[131]- قلا- أبو نضر (2) محمّد بن أحمد بن تميم السرخسي، و في نسخة صحيحة: محمّد بن أكمل.
[132]- قلب- محمّد بن احمد بن محمّد بن زياد (3) بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين عليه السّلام.0.
ص: 478
[133]- قلج- محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي.
[134]- قلد- محمّد بن أحمد بن سنان المعروف بمحمّد السناني.
[135]- قلة- محمّد بن أحمد الشيباني.
[136]- قلو- محمّد بن أحمد بن يونس المعاني (1).
[137]- قلز- محمّد بن أحمد بن إبراهيم.
[138]- قلح- محمّد بن أحمد البغدادي الورّاق.
[139]- قلط- محمّد بن أحمد القضاعي.
[140]- قم- محمّد بن أحمد العثاني (2).
[141]- قما- محمّد بن أحمد بن يحيي العطار كذا في بعض الأسانيد و يحتمل كونه مقلوبا (3).
[142]- قمب- محمّد بن إسحاق بن أحمد المثنّي (4).ي.
ص: 479
[143]- قمج- محمّد بن بكران النقّاش.
[144]- قمد- محمّد بن بكر بن علي بن محمّد بن المفضّل الحنفي (1).
[145]- قمة- محمّد بن جعفر البندار.
[146]- قمو- محمّد بن جعفر بن الحسن البغدادي.
[147]- قمز- محمّد بن جعفر بن محمّد الخزاعي (2).
[148]- قمح- محمّد بن حسان (3).
[149]- قمط- محمّد بن الحسين (4) بن أحمد بن الوليد القمي.
[150]- قن- محمّد بن الحسن بن علي بن فضّال (5).م.
ص: 480
[151]- قنا- محمّد بن الحسن بن متّيل.
[152]- قنب- محمّد بن الحسن بن أبان (1).
[153]- قنج- محمّد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن أبي طالب (2).
[154]- قند- محمّد بن الحسن بن سعيد الهاشمي الكوفي.
[155]- قنة- محمّد بن الحسن بن عمر (3).
[156]- قنو- محمّد بن الحسين بن الحسن الديلمي الجوهري.
[157]- قنز- محمّد بن الحسين، و لعلّه البزّاز كما في بعض الأسانيد.
[158]- قنح- محمّد بن خالد السناني (4).ظ.
ص: 481
[159]- قنط- محمّد بن سعيد بن عزيز السمرقندي الفقيه رواه (1) عنه بأرض بلخ.
[160]- قس- محمّد بن علي بن أسد الأسدي (2).
[161]- قسا- محمّد بن علي بن بشّار القزويني.
[162]- قسب- محمّد بن علي بن أحمد بن محمّد (3).
[163]- قسج- محمّد بن علي بن شيبان القزويني (4).
[164]- قسد- أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد بن حاتم النوفلي الكرماني.
[165]- قسه- محمّد بن علي بن هشام (5).
[166]- قسو- محمّد بن علي بن مهرويه.
[167]- قسز- محمّد بن علي ماجيلويه، و لعلّه المراد من محمّد بن علي حيث يطلق.ع.
ص: 482
[168]- قسح- محمّد بن علي القزويني و لعلّه ابن مهرويه المتقدّم.
[169]- قسط- محمّد بن علي بن الشاه.
[170]- قع- محمّد بن علي المشّاط (1).
[171]- قعا- محمّد بن علي بن إسماعيل.
[172]- قعب- محمّد بن علي بن الأسود.
[173]- قعج- محمّد بن علي بن نصر البخاري.
[174]- قعد- محمّد بن عمر بن سلام بن البرء بن سبرة بن سيّار التميمي أبو بكر الجعابي (2).6.
ص: 483
[175]- قعه- محمّد بن عمر الحافظ و لعلّه الجعابي.
[176]- قعو- محمّد بن عمرو البصري (1).
[177]- قعز- محمّد بن عمرو (2) بن عثمان بن الفضل العقيلي الفقيه.
[178]- قعج- محمّد بن عمرو بن علي البصري (3).
[179]- قعط- محمّد بن عمير البغدادي الحافظ (4).
[180]- قف- محمّد بن الفضيل (5) بن زيدويه الجلاب الهمداني.
[181]- قفا- محمّد بن القاسم الأسترآبادي، و يعبّر عنه أيضا بالجرجاني، و في بعض الأسانيد أبو القاسم (6).
[182]- قفب- محمّد بن محمّد الخزاعي.
[183]- قفج- محمّد بن محمّد بن عصام الكليني.
[184]- قفد- محمّد بن محمّد بن غالب الشافعي.
[185]- قفه- محمّد بن موسي بن المتوكل و لعلّه المراد من محمّد بنه.
ص: 484
موسي حيث يطلق.
[186]- قفو- محمّد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه.
[187]- قفز- محمّد بن يحيي بن عمران الأشعري (1).
[188]- قفح- أبو طالب مظفّر بن جعفر بن مظفّر العلوي السمرقندي البصري.
[189]- قفط- محمّد بن علي بن أحمد برزج (2) بن عبد اللّه بن منصور ابن يونس.
[190]- قص- يحيي بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز.
[191]- قصا- يحيي بن أحمد بن إدريس (3).
[192]- قصب- أبو علي شريف الدين الصدوق (4).
[193]- قصج- أبو الحسن بن يونس (5).ظ.
ص: 485
[194]- قصد- أبو محمّد بن العباس الجرجاني (1).
[195]- قصه- أبو القاسم بن محمّد بن أحمد بن عبدويه السراج الزاهد (2).
[196]- قصو- أبو الحسن (3) طاهر بن محمّد بن يونس بن حيوة الفقيه.
[197]- قصز- أبو أحمد بن هاني بن محمّد بن محمود العبدي، و في بعض المواضع: هاني بن محمود بن هاني، و في بعض المواضع: أبو أحمد هاني.
[198]- قصح- أبو أحمد بن الحسين بن أحمد بن حمويه بن عبد النيسابوري الورّاق (4).
[199]- قصط- أبو محمّد الوجبائي (5).
[200]- ر- أبو جعفر المروزي (6).».
ص: 486
[201]- را- أبو الحسن بن يونس (1).
[202]- رب- أبو عبد اللّه بن حامد (2) كذا في بعض الأسانيد و لا يبعد زيادة كلمة أبو فيكون هو الذي تقدم.
[203]- رج- أبو محمّد بن أبي عبد اللّه الشافعي الفرغاني.
[204]- رد- أبو سعيد محمّد بن الفضل بن إسحاق الذكر النيسابوري (3).
هذه جماعة وجدنا الشيخ الصدوق يروي عنهم في كتبه التي بأيدينا و لعلّ الناظر في أسانيد غيره ممّن يروي عنه بلا واسطة أو معها يجد أزيد من ذلك.
و في روضات الفاضل المعاصر في ترجمته: و امّا رواية صاحب الترجمة قراءة و اجازة فهي كما يستفاد من تتبّع مؤلّفاته الموجودة بين ظهرانينا مضافا الي مشيخة كتاب الفقيه عن جماعة كثيرة جدّا تزيد علي سبعين رجلا من أفاضل رجال الفريقين، انتهي (4).
قال العالم النحرير المولي مراد التفريشي في أوّل شرحه علي الفقيه المسمّي بالتعليقة السجاديّة: قال شيخنا رحمه اللّه تعالي: إنّ احاديث هذا الكتاب خمسة آلاف و تسعمائة و ثلاثة و ستون حديثا منها الفان و خمسون حديثا مرسلا، انتهي (5).
ص: 487
و بذلك صرّح شيخنا البهائي في شرحه علي الفقيه في ذيل كلامه (1) الآتي:
و قال شيخنا المحدّث البحراني في اللؤلؤة: قال بعض مشايخنا: امّا الفقيه فيشتمل مجموعه علي اربع مجلّدات يشتمل علي ستمائة و ستّة و ستين بابا (2)، الأوّل منها يشتمل علي سبعة و ثمانين بابا، و الثاني علي مائتين و ثمانية و عشرين بابا، و الثالث علي ثمانية و سبعين بابا، و الرابع علي مائة و ثلاثة و سبعين بابا.
و جميع ما في المجلد الأوّل حصر بألف و ستمائة و ثمانية عشر حديثا، و جميع ما في الثاني حصر بألف و ستمائة و سبعة و ثلاثين حديثا، و جميع ما في الثالث حصر بألف و ثلاثمائة (3) و خمسة أحاديث، و جميع ما في الرابع حصرت بتسعمائة و ثلاثة أحاديث.
و جميع مسانيد الأوّل سبعمائة و سبعة و سبعون حديثا، و مراسيله واحد و أربعون و ثمانمائة حديث، و مسانيد الثاني ألف و أربعة و ستون حديثا، و مراسيله ثلاث و سبعون و خمسمائة حديث، و مسانيد الثالث ألف و مائتان و خمسة و تسعون حديثا، و مراسيله خمسمائة و عشرة أحاديث، و مسانيد الرابع سبعة و سبعون و سبعمائة حديثا، و مراسيله مائة و ستة و عشرون حديثا.
فجميع الأحاديث المسندة ثلاثة آلاف و تسعمائة و ثلاثة عشر حديثا.
و المراسيل الفان و خمسون حديثا، انتهي (4).ه.
ص: 488
جدول مفصل بعدد اجزاء الفقيه و أبوابه و أحاديثه و مسانيده و مراسيله المصدر/ الجزء/ عدد الأبواب/ مجموعها/ عدد الأحاديث/ مجموعها/ الأحاديث المسندة/ مجموعها/ الأحاديث المرسلة/ مجموعها/ مجموع الأحاديث المسندة و المرسلة/ الملاحظات التعليقة/ السحاوية للمولي مراد التفريشي//// 5963/ 5963/ 3913/ 2050/ 2050/ 5963// لؤلؤة البحرين/ 1/ 87// 1618// 777// 841/// حاصل مجموع الأبواب يختلف عما مذكور في المصدر بفارق (94) أربعة و تسعون بابا.
/ 2/ 228// 1637// 1064// 573/////// 566// 5963// 3913// 2050/ 5963// 3/ 78// 1805// 1295// 510//// 4/ 173// 903// 777// 126/// النسخة المطبوعة من الفقيه/ 1/ 88// 1577/////// اعتمدنا الترقيم المذكور لأحاديث و أبواب كل جزء من اجزاء الفقيه المطبوع، و الظاهر ان اختلاف عدد الأحاديث مع ما مذكور في المصدرين أعلاه يرجع الي عدم ترقيم الشواهد و المتابعات في الفقيه.
/ 2/ 227// 1627////////// 670// 5901/////// 3/ 179// 1781/////// 4/ 176// 916//////
ص: 489
و مرادهم من المرسل أعمّ ممّا لم يذكر فيه اسم الراوي بأن قال: روي، أو قال: قال (عليه السّلام) أو ذكر الراوي و صاحب الكتاب و نسي أن يذكر طريقه إليه في المشيخة، و هم علي ما صرّح به التقي المجلسي في شرحه الفارسي المسمّي باللوامع أزيد من مائة و عشرين رجل.
قال: و اخبارهم تزيد علي ثلاثمائة و الكلّ محسوب من المراسيل عند الأصحاب لكنّا بيّنا أسانيدها، امّا من الكافي، أو من كتبه، أو من كتب الحسين بن سعيد بل ذكرنا أكثر أسانيد مراسيله و هي تقرب من خمسمائة بل ذكرنا لكلّ خبر مرسل اخبارا مسانيد تقوّيه، انتهي (1).
قلت: و هذه فهرست أسامي الجماعة المذكورين علي ما في الشرح: ابن أبي سعيد المكاري (2)، ابن أبي ليلي (3)، أبو إسحاق السبيعي (4)، أبو سعيد المكاري (5)،4.
ص: 490
أبو الصباح الكناني (1)، أبو الصلت الهروي (2)، أبو عبيدة الحذاء (3)، أبو العلاء (4)، أبو مالك المغربي (5)، أبو هاشم البصري (6)، أحمد ابن النضر، الأرقط (7)، إسحاق بن جرير، إسماعيل بن سعد، الأعمش سليمان بن مهران، أيوب بن نوح (8)، بريد بن معاوية العجلي، جعفر بن رزق اللّه، جميل بن صالح، الحجّال (9)، حديد بن حكيم، حسّان8.
ص: 491
الجمال (1)، الحسن التفليسي (2)، الحسن بن عطيّة، الحسن بن موسي الخشاب، الحسين بن عثمان الأحمسي، الحسين بن بشار، الحسين بن عبد اللّه الأرجاني، الحسين بن زيد، الحسين بن كثير (3)، حفص بن عمرو (4)، الحكم ابن سليمان (5)، حمّاد اللحام (6)، حمران بن أعين، حمزة بن محمّد (7)، خالد).
ص: 492
ابن الحجاج، زكريا بن عبد اللّه المؤمن (1)، زياد بن المنذر، سدير الصيرفي، السري (2)، سعد بن إسماعيل، سعد بن الحسن، سعد بن سعد، سعيد بن المسيب، سلمة بن تمام، سليم الفراء، سليم بن قيس، سهل ابن زياد، شريف بن سابق التفليسي، شعيب بن يعقوب، صالح ابن ميثم، صباح المزني (3)، ضريح الكناسي (4)، الطالقاني شيخه.
ص: 493
الصدوق (1)، طريف بن سنان، طريف بن ناصح (2)، عباد بن كثير البصري، عباس بن بكّار، عبد الرحمن بن أبي هاشم، عبد الرحمن ابن أعين [و عبد الرحمن] (3) بن سيابة، عبد السلام بن صالح الهروي [و عبد الصمد (علي احتمال تقدم)] (4)، عبد اللّه بن العباس (5)، عبد اللّه بن عجلان السكوني، عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عثمان بن عيسي، عقبة بن خالد، العلاء بن الفضل (6)، علي بنل.
ص: 494
أحمد الدّقّاق، علي بن الحسن بن فضّال (1)، علي بن راشد، علي بن سعيد (2)، علي بن عبد اللّه الورّاق، علي بن ميمون الصانع (3)، عمرو بن إبراهيم، عمرو بن عثمان (4)، عمر بن يزيد صاحب السابري (5)، عنبسة بنظ.
ص: 495
مصعب، القاسم بن محمّد الجوهري، كامل (1)، ليث المرادي (2)، مثني بن الوليد الحناط، محمّد بن أبي حمزة، محمّد بن أحمد السناني، محمّد بن يحيي بن عمّار (3)، محمّد بن بحر الشيباني، محمّد بن الحكم (4)،د.
ص: 496
[محمّد] (1) بن زياد (2)، محمّد الطيار، محمّد بن سليمان الديلمي، محمّد بن عبد اللّه بن هلال، محمّد بن عطيّة، محمّد بن علي الكوفي، محمّد بن عمرو بن سعيد، محمّد بن الفضل الهاشمي، محمّد بن الفضيل (3)، محمّد بن مارد، محمّد بن مرازم، محمّد بن مروان (4)،ل.
ص: 497
محمّد بن ميسرة (1)، محمّد بن الوليد الخزّاز، محمّد بن يحيي الخزّاز، موسي ابن بكر الواسطي، نشيط بن صالح، نصر الخادم، النضر بن شعيب، وهب بن عبدربّه، هارون بن مسلم، هشام بن المثني (2)، هلقام بن [أبي] (3) هلقام، اليسع بن عبد اللّه القمي، يونس الكناسي (4)، يوسف ابن محمّد بن إبراهيم، يونس بن ظبيان، يونس بن عبد الرحمن (5)،ن.
ص: 498
انتهي (1).
و معرفة طرقه إليهم في غاية السهولة للممارس بما أشار إليه الشارح و غيره، انّما الكلام في سائر مراسيله فان ظاهر المشهور اجراء حكم غيرها عليها، و لكن نصّ جماعة بامتيازها عن غيرها.
قال الفاضل التفريشي في شرحه- بعد الكلام المتقدم- و الاعتماد علي مراسيله ينبغي ان لا يقصر عن الاعتماد علي مسانيده حيث حكم بصحّة الكلّ، و قد قيل في ترجيح المرسل: ان قول العدل: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله)، يشعر باذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال: حدثني فلان.
و أولويّة مرسل العدل- العارف عمّا في مسنده ضعف- ظاهرة دون ما سنده ضعيف، إذ لا حجيّة في إذعان العدل و لا إيراث ظنّ بصدور الخبر عن المعصوم بخلاف ما لو روي (2).
و قال: السيّد الأجلّ بحر العلوم- بعد نقل بعض الأمارات الدالة علي تقدم ما في الفقيه علي ما في الكافي، كما مرّ في أوّل الفائدة بهذا الاعتبار-:
و قيل ان مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة و الاعتبار، و ان هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب8.
ص: 499
الأصحاب (1).
و قال الشيخ بهاء الملّة و الدين في شرح الفقيه- عند قول المصنّف:
و قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام): كلّ ماء طاهر حتي تعلم انه قذر (2) - ما لفظه: هذا الحديث كتاليه من مراسيل المؤلّف رحمه اللّه، و هي كثيرة في هذا الكتاب تزيد علي ثلث الأحاديث الموردة فيه، و ينبغي ان لا يقصر الاعتماد عليها من الاعتماد علي مسانيده من حيث تشريكه بين النوعين في كونه ممّا يفتي به و يحكم بصحّته و يعتقد انه حجّة بينه و بين ربّه سبحانه.
بل ذهب جماعة من الأصوليين إلي ترجيح مرسل العدل علي مسانيده، محتجين بان قول العدل: قال رسول اللّه (صلّي اللّه عليه و آله): كذا، يشعر باذعانه بمضمون الخبر، بخلاف ما لو قال: حدّثني فلان، عن فلان، انه قال (صلّي اللّه عليه و آله): كذا، و قد جعل أصحابنا قدّس اللّه أرواحهم مراسيل ابن أبي عمير كمسانيده في الاعتماد عليها، لما علموا من عادته انّه لا يرسل الّا عن ثقة فجعل مراسيل المؤلّف طاب ثراه كمراسيل ابن أبي عمير ظاهرا (3).
ثم ذكر عدد الأحاديث مطابقا لما في شرح التفريشي، و ربّما يؤيّد ما في الشرحين ما ذكره الشهيد في شرح الدراية، فإنه قال في فروع الوجادة: و إذا نقل من نسخة موثوق بها في الصحّة بأن قابلها [هو] (4) أوثقه علي وجه وثق بها المصنّف من العلماء، قال في نقله من تلك النسخة: قال فلان، يعني ذلك المصنّف، و الّا يثق بالنسخة، قال: بلغني عن فلان انه ذكر كذا و كذا، و وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني، و ما أشبه ذلك.ر.
ص: 500
و قد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك من غير تحرّز و تثبّت (1). الي آخر ما قال.
و يدخل المقام في عموم ما أسّسه بطريق اولي من جهات عديدة لا تخفي، فيكون قوله: قال (عليه السّلام)، اخبارا جزميّا بصدور هذا الكلام منه، و سبب الجزم لا بدّ و ان يكون وثاقة الوسائط و تثبّتهم و ضبطهم، أو هي مع تكرّر الحديث في الأصول، و غير ذلك من القرائن الحسيّة التي عليها المدار، مثل موافقة الكتاب و العقل و السنة القطعيّة، فإنّها تورث الظن بالصدور فضلا عن القطع به، و انّما يجبر بها المضمون فقوله (رحمه اللّه): قال (عليه السّلام):
كما هو اخبار جزمي عن صدور هذا الكلام عنه (عليه السّلام)، اخبار عن وجود هذه القرائن المعتبرة، كما أشار إليه في أوّل كتابه المقنع بقوله: و حذفت الأسانيد منه لئلا يثقل حمله و لا يصعب حفظه، و لا يملّه قاريه إذا كان ما أبيّنه فيه في الكتب الأصوليّة موجودا مبيّنا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم اللّه (2)، انتهي.
و قال المحقق الداماد في الرواشح في ردّ من استدل علي حجيّة المرسل مطلقا: بأنه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل لما ساغ له اسناد الحديث الي المعصوم. الي آخره.
قال: و انّما يتمّ ذلك إذا كان الإرسال بالإسقاط رأسا و الاسناد جزما، كما لو قال المرسل: قال النبيّ (صلّي اللّه عليه و آله)، أو قال الامام (عليه السّلام) ذلك، و ذلك مثل قول الصدوق عروة الإسلام رضي اللّه عنه في الفقيه: قال (عليه السّلام) الماء يطهر و لا يطهر (3)، إذ مفاده الجزم أو الظن بصدور الحديث2.
ص: 501
عن المعصوم، فيجب ان تكون الوسائط عدولا في ظنّه، و الّا كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته و عدالته. إلي آخره (1).
و قال المحقق الشيخ سليمان البحراني: في البلغة في جملة كلام له في اعتبار روايات الفقيه: بل رأيت جمعا من الأصحاب يصفون مراسيله بالصحّة، و يقولون انّها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي عمير، منهم: العلامة في المختلف (2)، و الشهيد في شرح الإرشاد (3)، و السيد المحقق الداماد (4)، قدّس اللّه أرواحهم (5)، انتهي.
و بما ذكرنا ظهر ضعف كلام الشارح التفريشي من انه لا حجيّة في إذعان العدل. الي آخره، و ظهر أيضا ان هذا القسم من مراسيل الفقيه يشارك مسانيده فيما ذكره من الحكم بالصحّة و كونه حجّة بينه و بين ربّه تعالي، و يختص بالحكم باحتفافه بالقرائن الدالّة علي صحّته بالمعني الذي لا بدّ من العمل بالخبر بعد وجودها فيه بما أوضحناه للمصنف البصير، و لا ينبئك مثل خبير.
صورة خطّ المؤلف نوّر اللّه مضجعه و قد آن لنا ان نختم هذه الفائدة الشريفة بحمد من علّم الإنسان ما لم يعلم و بالصلاة علي رسوله الأكرم و علي آله حجج اللّه علي طوائف الأمم، وقع الفراغ بيد مؤلّفه العبد المذنب المسي ء حسين بن محمّد تقي النوري الطبرسي في ربيع الآخر من سنة 1318 ثمان عشرة بعد الالف و ثلاثمائة في المشهد الشريف الغروي علي مشرّفه آلاف السلام و التحية.ا.
ص: 502
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9 ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ارتأينا ان نذكر للقارئ الكريم جملة تنبيهات حول عملنا في الفائدة السادسة بالذات، لما في ذلك من أهمية بالغة، و هي:
لقد سبق التنبيه في مقدمة تحقيق خاتمة مستدرك الوسائل الجزء الأول، و عند التعريف بهذه الفائدة صفحة: 53 الفقرة (8) عليٰ تصحيح الأردبيلي (قدّس سرّه) بعض طرق الشيخ إليٰ أصحاب الأُصول و المصنفات في مشيخة التهذيب في هذه الفائدة، مع عدم وجود تلك الطرق في المشيخة، كما هو الحال في الطرق: 87 و 91 و 107 و 108 و 120 و 154 و كثير غيرها.
و قد استبعدنا هناك أن تكون كل هذه الأُمور قد صدرت سهواً من قلم الأردبيلي (قدّس سرّه) كما ذهب إليٰ ذلك جملة من الأعلام، بما فيهم المحدث النوري نفسه الذي اعترض عليٰ بعض الطرق كما في الطريق [108] و غيره بعدم وجودها في المشيخة و قد اكتشفنا من خلال متابعتنا الحثيثة للأسانيد المتصلة بأصحاب الأُصول و المصنفات في أوائل التهذيب ممّن لم يذكر
ص: 5
الشيخ طرقاً لهم في المشيخة، و مقارنة ذلك بطرقه إليهم في الفهرست ان الأردبيلي (قدّس سرّه) في رسالة تصحيح الأسانيد المنقولة خلاصتها في هذه الفائدة قد اعتمد عليٰ تلك الأسانيد مباشرة، و جعلها بمثابة الطرق إليٰ أصحاب الأُصول و المصنفات، الذين لم تذكر طرقهم في مشيخة التهذيب، و ذلك ضمن اعتبارات خاصة ألمح لها الأردبيلي في ديباجة رسالته في آخر جامع الرواة 2: 471 من الفائدة الرابعة. و يدلُّ عليٰ ذلك قوله فيها: «. و أيضاً رأيت الشيخ (رحمه اللّٰه) يروي الحديث عن أُناس آخر معلقاً و ليس له في المشيخة و لا في الفهرست إليهم طريق. إليٰ أن ألقي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب و الاستبصار لعل اللّٰه يفتح إليٰ ذلك باباً، فلما رجعت إليهما فتح اللّٰه إلي أبواباً، فوجدت لكل من الأُصول و الكتب طرقاً كثيرة غير مذكورة فيهما، أكثرها موصوفة بالصحة و الاعتبار».
هذا و لم نتعرض في هوامش تلك الطرق إليٰ مناقشة هذا المبني الرجالي في تتميم طرق المشيخة من أسانيد التهذيب لحاجته إليٰ بحث مستقل، فلاحظ.
ان الطرق التي ستذكر في هذه الفائدة منقولة من جامع الرواة الفائدة الرابعة 2: 474 تحت عنوان «في أسانيد كتابي الشيخ» و سوف يصرح المصنف بذلك، و قد قمنا بتخريج هذه الطرق من مصادرها دون الإشارة إليٰ جامع الرواة عقيب كل طريق، إلّا في الحالات الخاصة التي تقتضي ذلك.
قد يحصل من الإشارة في متن هذه الفائدة إليٰ رقم الحديث في بعض الكتب الحديثية لا سيما التهذيب و الاستبصار بعض التفاوت بين الرقم المشار إليه و بين رقمه المخرج في الهامش، مع ان المراد واحد، و قد
ص: 6
نتج هذا التفاوت من جراء ترقيم الأحاديث المكررة و المعطوفة عليٰ ما تقدمها بعبارة (مثله) أو نحوه عند طبع كتابي التهذيب و الاستبصار، بينما اعتمدت النسخ الخطية منهما من قبل المؤلف و لم تؤخذ الأحاديث المكررة فيهما بعين الاعتبار من حيث عدد الأحاديث في الأبواب.
في أغلب الأحيان تتم الإشارة في المتن إليٰ تسلسل الحديث في بابه، كأن يقال: في الحديث العاشر من الباب كذا، و نحن لم نعتمد عليٰ تسلسل الأحاديث في أبوابها في التخريج، بل اعتمدنا عليٰ تسلسلها العام في كل جزء، بغية تسهيل مراجعتها للقارئ، و في المثال ربما يكون الحديث العاشر هو الحديث التسعين أو غير ذلك. مع ان المراد واحد، و ربما يجد القاري ان الحديث في المثال هو ليس العاشر في بابه لما ذكرناه في التنبيه الثاني.
في هذه الفائدة دراسة رجالية موسعة بجميع طرق الشيخ الطوسي (قدّس سرّه)، بحيث لم يترك طريق في التهذيب و الاستبصار و الفهرست إلّا و قد حكم عليه بأنه صحيح، أو موثق، أو حسن، أو مختلف فيه، أو ضعيف، أو مجهول، كما سيأتي بيانه في أول الفائدة.
و نحن لم نعقب عليٰ الطرق الصحيحة أو المختلف فيها إلّا نادراً، و ركزنا الحديث في الهامش عليٰ بيان سبب الحكم في ما ورد فيه التصريح في المتن بأنه مجهول، أو ضعيف، أو حسن، أو موثق.
فاذا ما صُرِّح بضعف طريق بحثنا في رجال ذلك الطريق رجلًا رجلًا و ميزنا الضعيف فيهم، ثم نذكر بعد هذا في الهامش بأن الطريق المذكور ضعيف بفلان، لأنا لم نجد في ذلك الطريق من هو ضعيف غيره في كتب الرجال، بغض النظر عن اختلاف المباني العلمية في التوثيقات العامة،
ص: 7
فالغرض هو تحقيق النص و تعضيدهُ، و قد نضطر أحياناً إليٰ مخالفته فيما إذا خالف النصُّ المشهور، كأن يحكم بضعف طريق لا يوجد في رجاله غير الثقة، و هكذا.
قد يقتصر في رسالة تصحيح الأسانيد (الفائدة الرابعة في جامع الرواة) عليٰ ذكر الطريق الصحيح في الفهرست أو مشيخة التهذيبين، و يدع ذكر غير الصحيح، أما إذا لم يكن هناك ثمة طريق صحيح إليٰ أحد المشايخ، فإنه يتم التنبيه عليٰ سائر الطرق إليه بتفصيل دقيق مع ترك الاقتصار إلّا في النادر.
و قد سرنا عليٰ وفق هذا المنهج في الغالب، مع التنبيه أحيانا عليٰ بعض الطرق التي لم تذكر وفقاً لما يقتضيه الحال، فلاحظ.
ص: 8
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للّٰهِ وَ صلّيٰ اللّٰهُ عَليٰ مُحمَّدٍ و آلِهِ آلِ اللّٰهِ
ص: 9
ص: 10
ص: 11
ص: 12
في نبذ ممّا يتعلّق بكتاب التهذيب، الذي هو أعظم كتب الحديث في الفقه منزلة، و أكثرها منفعة، بل هو كاف للفقيه فيما يبتغيه من روايات الأحكام، مغن عمّا سواه في الغالب، و لا يغني عنه غيره في هذا المرام، مضافاً إليٰ ما اشتمل عليه من الفقه و الاستدلال، و التنبيه عليٰ الأُصول، و الرجال، و التوفيق بين الأخبار، و الجمع بينها بشاهد النقل و الاعتبار.
و قد مرّ في ترجمته في الفائدة الثالثة (1) أنّ الشيخ شرع في هذا الكتاب و لمّا بلغ سنّهُ ستّاً و عشرين، و هذا ممّا يقضي منه العجب.
ثم أن طريقته في نقل الأحاديث في هذا الكتاب مختلفة.
قال السيد الأجل بحر العلوم (رحمه اللّٰه): فإنّه قد يذكر في التهذيب و الاستبصار جميع السند كما في الكافي، و قد يقتصر عليٰ البعض بحذف الصدور كما في الفقيه، و استدرك المتروك في آخر الكتابين، فوضع له مشيخته المعروفة، و هي فيهما واحدة غير مختلفة، و قد ذكر فيها جملة من الطرق إليٰ أصحاب الأُصول و الكتب، ممّن صدر الحديث بذكرهم، و ابتدأ بأسمائهم، و لم يستوف الطرق كلّها، و لا ذكر الطريق إليٰ كلّ من روي عنه بصورة التعليق، بل ترك الأكثر لقلّة روايته عنهم، و أحال التفصيل إليٰ فهارسة الشيوخ المصنّفة في هذا الباب.
و زاد في التهذيب الحوالة عليٰ كتاب الفهرست، الذي صنّفه في هذاة:
ص: 13
المعنيٰ، و قد ذهبت فهارسة الشيوخ بذهاب كتبهم، و لم يبق منها إلّا القليل، كمشيخة الصدوق، و فهرست الشيخ الجليل أبي غالب الزراري، و يعلم طريق الشيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إليٰ المصنفين، و قد يعلم ذلك من طريق النجاشي، فإنه كان معاصراً للشيخ، مشاركاً له في أكثر المشايخ: كالمفيد، و الحسين بن عبيد اللّٰه، و أحمد بن عبدون، و غيرهم.
فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم، كان ذلك طريقاً للشيخ.
و الحاجة إليٰ فهرست الشيخ، أو غيره متوفّرة فيمن لم يذكرهم الشيخ في المشيخة لتحصيل الطريق إليه، و فيمن ذكره فيها لاستقصاء الطرق و الوقوف عليٰ الطريق الأصح، أو الأوضح، و الرجوع إليه في هذا القسم معلوم، بمقتضيٰ الحوالة الناصّة عليٰ إرادته، و كذا الأول، لأن الظاهر دخوله فيها، كما يستفاد من فحوي كلامه في أول المشيخة و آخرها، مع أنّ ثبوت تلك الطرق له في معنيٰ الإحالة عليها فيما رواه في الكتابين و غيرهما، و لا يتوقف عليٰ التصريح، و لا يلزم من جواز الرجوع في المتروك من السند، جوازه مع الاستقصاء لحصول الاشتباه معه في تعيين الكتاب الذي أخرج منه الحديث، فإنه قد يخرجه من كتب من تقدّم من المحدّثين، و قد يخرجه من كتب من تأخّر، فلا يتميّز المأخذ، و لا يمكن الحكم بصحة الحديث إذا صحّ الطريق إليٰ البعض، و لو صحّ إليٰ الكلّ ففي الصحة وجهان من احتمال تلقّي الحديث من أفواه الرجال، و من بعد هذا الاحتمال من عادة المصنّفين، فإن المعهود [منهم] (1) أخذ الحديث من الكتب،ر.
ص: 14
و لاستعلام الواسطة المتروكة طريق آخر، هو [ردّ] (1) المتروك إليٰ المذكور، بأن يَثْبُت للشيخ مثلًا في أسانيد الكتابين طريق إليٰ صاحب الأصل، أو الكتاب، فيحكم بكونه طريقاً في المتروك، و بمثله يمكن تحصيل الطرق المتروكة في الكافي، و غيره من كتب الحديث، و تصحيح أكثر الروايات المرويّة فيها بحذف الاسناد، لوجود الطرق الصحيحة إليٰ رجال السند في تضاعيف الأخبار، و مثله تركيب الأسانيد بعضها (مع) (2) بعض، أو مع الطرق الثابتة، و ليس شي ء منها بمعتمد، إذ قد يختص الطريق ببعض كتب أصحاب الحديث، بل ببعض روايات البعض، كما يعلم من تتبع الإجازات، و الرجال، و يظهر من أحوال السلف في تحمّل الحديث، فلا يستفاد حكم الكلّ من البعض، لكنّه لا يخلو من التأييد خصوصاً مع الإكثار، انتهيٰ (3).
قلت: و مع الإكثار كثيراً ما يظنّ، بل يطمئن الناظر أنّه هو الطريق، و رحيٰ مطالب الأسانيد (و مسائل) (4) الرجالية تدور عليٰ الظنون.
ثم إنه (رحمه اللّٰه) وضع مشيخة، ذكر فيها طرق الشيخ في المشيخة و الفهرست، و أشار إليٰ الصحة، و الضعف، و الخلاف، من غير إشارة إليٰ ما يظهر من طرقه في الأسانيد، و لكن فارس هذا الميدان العالم الجليل المولي الحاج محمّد الأردبيلي، جمع في رسالته التي سمّاها (بتصحيح الأسانيد) و ذكر مختصرها في (جامعه) ما فيهما و ما يظهر من أسانيد الكتابين، و نحن نورد ما أورده، لما فيه من الفوائد ما لا تحصي، جزاه اللّٰهل.
ص: 15
تعاليٰ عن العلماء الراسخين، بل الإسلام و المسلمين، خير جزاء المحسنين.
قال (رحمه اللّٰه) في صدر الرسالة بعد كلمات: فطمحت النظر إليٰ أحاديث كتابَي التهذيب و الاستبصار، قدّس اللّٰه روح مؤلّفهما، و رفع في فراديس الجنان قدره، بما بذل الجهد فيهما، فرأيت الشيخ (رحمه اللّٰه) يذكر مجموع السند، في أوائل الكتاب، ثم يطرح ابتداء السند لأجل الاختصار، و يبتدئ بذكر أهل الكتب، و أصحاب الأُصول، و يذكر في المشيخة و الفهرست طلباً لإخراج الحديث من الإرسال طريقاً، أو طريقين، أو أكثر، إليٰ كلّ واحد منهم، و من كان مقصده الاطلاع عليٰ أحوال الأحاديث، فينبغي له أن يطمح نظره إليٰ المشيخة، و يرجع إليٰ الفهرست.
و إنّي (1) لمّا رجعت إليهما ألفيت كثيراً من الطرق الموردة (2) فيهما معلولًا عليٰ المشهور، بضعف، أو جهالة، أو إرسال، و أيضاً رأيت الشيخ (رحمه اللّٰه) يروي الحديث عن أُناس أُخَر معلّقاً، و ليس له في المشيخة و لا في الفهرست إليهم طريق، و لم يبال الشيخ (قدّس اللّٰه روحه) بذلك، لكون الأُصول و الكتب عنده مشهورة، بل متواترة، و إنّما يذكر الأسانيد لاتّصال السند، و لذا تراه لا يقدح عند الحاجة إليه في أوائل السند، بل إنّما يقدح فيمن يذكر بعد أصحاب الأُصول، لكن المتأخرين من فقهائنا (رضوان اللّٰه عليهم) (يقولون) (3): حيث أنّ تلك الشهرة لم تثبت عندنا، فلا بدّ لنا من النظر في جميع السند، فبذلك أسقطوا كثيراً من أخبار الكتابينر.
ص: 16
عن درجة الاعتبار.
و قد خطر بخاطر هذا القليل البضاعة، المجهد نفسه لإيضاح هذه الصناعة، أنّه إن حصل لي طريق يكون لطريقة الشيخ (رحمه اللّٰه) مقوّياً، و قرينة للمتأخرين و الاعتبار، لكانت تلك الأحاديث الغير المعتبرة من هذين الكتابين معتبرة، و لمن أراد الاطلاع عليٰ طرق هذين الكتابين منهلًا (مروية) (1).
و كنت أفتكر برهة من الزمان في هذا الأمر، متضرعاً إليٰ اللّٰه سبحانه، و مستمداً من هداياته، و ألطافه التي وعدها المتوسلين إليٰ جنابه بقوله: وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا (2) إليٰ أن القي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب و الاستبصار، لعلّ اللّٰه تعاليٰ يفتح إليٰ ذلك باباً، فلمّا رجعت إليهما، فتح اللّٰه لي أبوابها، فوجدت لكلّ من الأُصول و الكتب طرقاً كثيرة، غير مذكورة فيهما، أكثرها موصوفة بالصحة و الاعتبار، فأردت أن أجمعها للطالبين للهداية و الاستبصار، و ليكون عوناً و ردءً للناظرين في الأخبار مدي الأعصار، ثم إني اكتفيت في جمعها لاطمئنان القلب، و حصول الجزم للناظر إليها، عليٰ ضبط قدر قليل منها، لأنّ المنظور فيما نحن فيه الاختصار، فنظرت أوّلًا إليٰ الفهرست، و المشيخة، فكتبت:
الطريق الذي يحكم من غير خلاف بصحّته.
و الطريق الذي يحكم من غير خلاف بضعفه.
و في الطريق الذي كان خلافياً، و لم أقدر عليٰ ترجيحه، كتبت اسم9.
ص: 17
الشخص الذي صار الطريق بسببه مختلفاً فيه، حتي أن الناظر فيه يكون هو الذي يرجّحه.
ثم كتبت تحت كلّ واحد من الطرق الضعفية، و المرسلة، و المجهولة: الطرق الصحيحة، و الحسنة، و الموثّقة التي وجدتها في هذين الكتابين، و أشرت إليٰ أنّها في أيّ باب، و أيّ حديث من هذا الباب، حتي يكون للناظر مبرهناً و مدلّلًا، و له إليٰ مأخذه سبيلًا سهلًا، و بذلت الجهد، و صرفت الوسع، فجاء كتابي هذا بحمد اللّٰه سبحانه و تعالي وافياً شافياً، و جعلت لما رأيت في المشيخة علامة المشيخة، و لما في الفهرست (ست)، و في التهذيب (يب)، و في الاستبصار (بص) (1) قال (رحمه اللّٰه): و أرجو من الناظر فيه أن ينظر بعين الإنصاف، و يجانب طريق الغيّ و الاعتساف، و إن اطلع أحياناً في تعداد الأحاديث عليٰ سهو أو خطأ، مع أنّه لا يضرّ بالمقصود، يكون ساعياً لإصلاحها، و لا يجعلني غرضاً لسهام الملامة، فإنّ الإنسان مشتق من النسيان، و إن كنت ذكرت من الطرق المذكورة في رسالتي المزبورة كثيراً، لكن اختصرت في هذه الفائدة بأربعة أو خمسة منها (2)، انتهيٰ.
ثم شرع (رحمه اللّٰه) في ذكر الطرق.
و ربّما نبّهت عليٰ فائدة في بعض الطرق أدرجتها في كلامه، مصدّراً بقولي: قلت، و في آخره: انتهيٰ.
قال (رحمه اللّٰه):ة.
ص: 18
فأقول: طريق الشيخ (قدّس سرّه):
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه: حَسَن في التهذيب، في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الخامس و الخمسين (2)، و في كتاب المكاسب، قريباً من الآخر بخمسة و أربعين حديثاً (3)، و في باب لحقوق الأولاد بالآباء، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (4)، و في باب الحدّ في السرقة، في الحديث الخامس و السبعين (5)، و في الإستبصار، في باب الرجل تكون له الجارية يطأها و يطأ غيرها سفاحاً، في الحديث الرابع (6).
قلت: في النجاشي: له كتاب، يرويه عنه محمّد بن عبد الجبار، و أحمد بن محمّد بن خالد (7)، و هما ثقتان، و طريق الشيخ إليٰ الأول في
ص: 19
الفهرست (1)، و [إليٰ] (2) الثاني في المشيخة (3) صحيح، انتهيٰ.
رواه عنه جماعة (1)، و الأصل الذي يرويه عن صاحبه جماعة، لا بُدّ و أن يصل إليه مستفيضاً، لو لم يكن متواتراً، انتهيٰ.
الآخر بتسعة و ثلاثين حديثاً (1). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي و الستين (2). و في باب صفة الإحرام، قريباً من الآخر بأحد و ثلاثين حديثاً (3). و في باب الطواف، في الحديث الحادي و الستين (4). و في باب نزول مزدلفة، في الحديث التاسع (5).
قلت: بيّنا صحة طريق الصدوق إليٰ أبان في الفائدة السابقة (6)، و طريق الشيخ إليه صحيح، فإليٰ أبان صحيح، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن جعفر بن سفيان، و أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (7).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب من النجاسات، في الحديث الثالث (8). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بثمانية و سبعين حديثاً (9). و في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني عشر (10). و في باب صفة الإحرام، قريباً من
ص: 22
الآخر بأربعة و ثلاثين حديثاً (1). و في باب الحلق، في الحديث الثالث عشر (2).
قلت: مرّ في الفائدة السابقة أن طريق الصدوق إليه في أعليٰ درجة الصحة (3)، و كذا وثاقة أحمد بن محمّد بن يحييٰ في (قسط) (4)، و أحمد ابن جعفر من كبار مشايخ الإجازة فهو مثله، انتهيٰ.
فيه: ابن الزبير في الفهرست (5).
صحيح في التهذيب، في باب صفة الإحرام، قريباً من الآخر بثمانية أحاديث (6). و في باب الطواف، في الحديث الحادي عشر (7)، و مرة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بثمانية و عشرين حديثاً (8). و في باب الخروج إليٰ الصفا، في الحديث الثاني عشر (9). و في الإستبصار، في باب المتمتع متي يقطع التلبية، في الحديث الثالث (10).
قلت: مرّ في (شس) (11) أن طريق الصدوق إليه صحيح إليٰ فضالة،
ص: 23
و هو من أصحاب الإجماع، فالطريق صحيح، أو في حكمه، انتهيٰ.
مجهول في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث عشر (2). و في الحديث التاسع و العشرين (3). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث السابع (4). و في باب اللقطة و الضالة، في الحديث السابع (5). و في باب العتق و أحكامه، في الحديث الثالث (6).
قلت: مرّ في (ج) (7) أن طريق الصدوق إليه صحيح بالاتفاق، انتهي.
مجهول في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب المياه و أحكامها، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (2). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث التاسع و العشرين (3). و في باب بيع المضمون، في الحديث السادس و العشرين (4).
صحيح في باب دخول الحمّام، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (5).
ص: 25
صحيح في كتاب المكاسب، في الحديث السادس و الأربعين (1).
قلت: و في النجاشي: قال أبو عبد اللّٰه بن شاذان: حدثنا علي بن حاتم، قال: أطلق لي أبو أحمد القاسم بن محمّد الهمداني، عن إبراهيم بن إسحاق، و سمع منه سنة تسع و ستين و مائتين (2)، و الطريق صحيح، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (3).
قلت: في السند أبو المفضل، و ابن بطّة، و الثاني ثقة عليٰ الأصح، و في الأول كلام، و هو من كبار مشايخ الإجازة، فالحكم بالضعف في غير محلّه، انتهيٰ.
محمّد بن جعفر من مشايخه المعروفين (1)، و هما إمّا ثقتان، أو لا يحتاجان إليٰ التوثيق، فالطريق موثّق (2)، انتهيٰ.
فيه: موسي بن جعفر الحائري و إليه طريق آخر فيه أبو طالب الأنباري، و ابن أبي جيد في الفهرست (1).
قلت: طريق النجاشي إليه موثق بحُمَيْد (2)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (1)، و في باب تفصيل أحكام النكاح، في الحديث الخامس و العشرين (2). و في الإستبصار، في باب التمتع بالأبكار، في الحديث الثالث (3).
قلت: كذا في النجاشي (4)، و قد أوضحنا في ترجمة النجاشي في الفائدة الثالثة وثاقة جميع مشايخه، و منهم: ابن أبي جيد علي بن أحمد (5)، فراجع (6)، انتهي.
مجهول في الفهرست (7) و إليه صحيح في التهذيب، في كتاب المكاسب، في الحديث الثاني
ص: 31
و العشرين (1).
قلت: الطريق إليٰ كتب الثقفي في النجاشي و الفهرست و مشيخة الصدوق تزيد عن حدّ الاستفاضة (2)، و بها يستغني عن النظر إليٰ رجال السند [انتهيٰ].
صحيح في الفهرست (3)
و فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس و العشرين (5). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني في الحديث الثالث و الثلاثين (6)، و في باب الديون و أحكامها في الحديث الخامس و العشرين (7). و في باب الزيادات في الوصايا، في الحديث السابع عشر (8). و في الإستبصار، في باب وجوب الصلاة عليٰ كلّ ميت مسلم، في الحديث الثاني (9).
ص: 32
صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و التسعين (1). و مرّة اخري فيه، قريباً من الآخر بأحد و ستين حديثاً (2). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأحد و عشرين حديثاً (3). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، من أبواب الزيادات، في آخر كتاب الصلاة في الحديث الرابع (4). و مرّة اخري فيه، في الحديث الثامن (5).
قلت: طريق الصدوق إليه (6) صحيح بالاتفاق، و كذا طريق النجاشي (7) عليٰ الأصح، انتهيٰ.
قلت: طريق النجاشي إليه (1) صحيح بالاتفاق [انتهيٰ].
فيه: أحمد بن جعفر في الفهرست (2).
و إليه موثّق في التهذيب، في باب المواقيت من أبواب الزيادات، في الحديث السابع عشر (3). و في باب الرهون، قريباً من الآخر بثمانية أحاديث (4). و في الإستبصار، في باب أول وقت الظهر و العصر، في الحديث التاسع و العشرين (5). و مرّة اخري فيه، قريباً من الآخر بسبعة أحاديث (6). و أُخري فيه، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (7).
صحيح في المشيخة (1).
و في الفهرست فيه: أحمد [بن محمد] بن جعفر بن سفيان البزوفري (2).
صحيح في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة و عشرين حديثاً (5).
ابن نهيك، عنه في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب القضاء في الديات و القصاص، في الحديث العاشر (2).
و إليه حسن في باب الاثنين إذا قتلا واحداً، في الحديث الأول (3). و في الإستبصار، في باب جواز قتل الاثنين بواحد، في الحديث الأول (4).
و إليه موثّق في باب إنه لا يجب عليٰ العاقلة عمد، في الحديث الثالث (5).
قلت: و طريق الصدوق إليه (6) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.ة.
ص: 39
فيه: أحمد بن جعفر، و أحمد ابن أبي زاهر في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست، و طريق آخر فيه: ابن الزبير في الفهرست (2).
صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الخامس عشر (3). و مرّة اخريٰ فيه، في الحديث الحادي و العشرين (4).
و إليه صحيح في باب صفة الوضوء، في الحديث الثالث و الثلاثين (5). و في باب حكم الجنابة، في الحديث الحادي و الثلاثين (6). و في آخر باب التيمم (7).
فيه: ابن أبي جيد، و طريق آخر فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (8).
ص: 40
قلت: و في النجاشي إليه طريقان صحيحان (1) بناء عليٰ وثاقة مشايخه، كما تقدم في ترجمته (2) [انتهيٰ].
فيه: أحمد بن محمّد بن موسي في الفهرست (3).
المؤمنين (عليه السّلام) في الحديث الأول (1).
قلت: ذكر محمّد بن أحمد و هو شيخ الطائفة و عالمها و فقيه القميين في هذا المقام عجيب، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
الثامن (1). و في باب الاعتكاف، في الحديث الثاني عشر (2). و في الإستبصار، في باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف، في الحديث الخامس (3).
و إليه صحيح في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الرابع و الخمسين (1)، و في الحديث السادس و الخمسين. و في باب الحدّ في السرقة، قريباً من الآخر بتسعة عشر حديثاً (2)، و في باب ضمان النفوس، في الحديث التاسع (3).
ضعيف في الفهرست (4).
محمّد بن علي بن شاذان القزويني (1)، و يعبّر عنه: بأبي عبد اللّٰه القزويني (2)، و اتضح في ترجمة النجاشي وثاقته كسائر مشايخه [انتهيٰ].
قلت: للصدوق طريق صحيح إليه بالاتفاق، و آخر عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم (1) [انتهيٰ].
السادس (1)، و في باب حكم الجنابة، في الحديث الخامس عشر (2)، و في الحديث الثاني و الأربعين (3)، و في باب حكم الحيض، في الحديث الخامس (4).
قلت: رويٰ عن ابن عقدة: ثقة الإسلام (5)، و النعماني (6) و التلعكبري (7)، و من يتلوهم من المشايخ، و في النجاشي: و قد لقيت جماعة ممّن لقيه، و سمع منه، و أجازه، منهم من أصحابنا، و من العامة، و من الزيدية (8)، و يظهر من أمالي أبي علي: أن الشيخ يروي عنه أيضاً، بتوسط أبي عمرو عبد الواحد بن محمّد بن عبد اللّٰه (9)، فالطريق لا يحتاج إليٰ النظر [انتهيٰ].
و إلي نوادره:
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و الخمسين (2). و في الإستبصار، في باب المتصيّد يجب عليه التمام أم التقصير (3).
صحيح في باب الصلاة عليٰ المدفون، في الحديث السادس (4)، و في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث الرابع و الأربعين (5).
قلت: رويٰ الجميع في النجاشي: عن الغضائري، عن أحمد، عن أبيه، عنه، إلّا ما كان فيها من غلو (6) [انتهيٰ].
صحيح في الاستبصار، في باب رفع اليدين في كلّ تكبيرة في صلاة الميت (7).
ص: 50
فيه: أبو طالب الأنباري في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب القضاء في اختلاف الأولياء، في كتاب الديات في الحديث السابع (1). و في باب الجنايات عليٰ الحيوان، في الحديث الثامن (2). و في باب حدود الزنا، قريباً من الآخر بثلاثة و تسعين حديثاً (3). في الاستبصار في باب أنه ليس للنساء عفو و لا قود، في الحديث الأول (4).
تطهير المياه من النجاسات، في الحديث العاشر (1). و مرّة اخريٰ فيه، في الحديث السابع و العشرين (2). و في الإستبصار، في باب كميّة الكرّ، في الحديث الأول (3).
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (4).
الفهرست (1).
القرشي، و الأنباري في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في كتاب المكاسب، في الحديث الثامن عشر (2). و مرّة اخريٰ فيه، في الحديث الثامن و السبعين (3).
الطلاق، قريباً من الآخر بثمانية و سبعين حديثاً (1). و في الإستبصار، في باب حدّ من أتي بهيمة، في الحديث الثالث (2).
ضعيف في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب في باب الحيض من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأحد و عشرين حديثاً (3).
صحيح في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع و الثمانين (4). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و الثلاثين (5)، و في باب الصلاة المرّغب فيها، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس (6). و في باب اللقطة قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (7).
ص: 58
قلت: سبب الضعف عندهم وجود النوفلي في الطريق، و قد أوضحنا وثاقته في (لز) (1) فلاحظ، انتهيٰ.
فيه: أبو طالب الأنباري في الفهرست (2).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (4). و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث المائة و الرابع (5)، و في الإستبصار، في باب من يجب عليه التمام في السفر، في الحديث الآخر (6)، و في باب وقت نوافل النهار، في الحديث
ص: 59
الثالث (1)، و في باب آخر وقت صلاة الليل، في الحديث الثالث (2).
قلت: و إليه صحيح في مشيخة الفقيه (3)، انتهيٰ.
و السادس (1).
قلت: إليه صحيح في النجاشي (2)، عليٰ الأصح من وثاقة ابن بطة، [انتهيٰ].
97 و إلي إسماعيل بن شعيب (القرشي) (3): فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (4).
طريقان: في أحدهما: ابن أبي جيد، و في آخر: أبو طالب الأنباري، و القاسم بن إسماعيل القرشي في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث العاشر (6). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع و الأربعين (7). و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بسبعة و ستين حديثاً (8). و في الإستبصار، في باب الرعاف، من أبواب ما يقطع الصلاة، في الحديث الثاني (9). و في
ص: 61
و إليه صحيح في التهذيب، في كتاب المكاسب، في الحديث الثاني (1).
قلت: و في طريق النجاشي إليه: أحمد بن جعفر (2)، و قد أشرنا إليٰ وثاقته، فالطريق موثق (3)، انتهيٰ.
صحيح في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث المائة و الثالث عشر (1).
صحيح فيه قريباً من الآخر بمائة حديث (2).
مجهول في الفهرست (3).
قلت: هو صاحب كتاب الجعفريات، المعروف بالأشعثيات، و قد أوضحنا في أول الفائدة الثانية (4) صحّة طريقه، و طريق غيره إليه، انتهيٰ.
طرق، منها:
إليٰ كتاب الملاحم:
مجهول.
و إلي كتاب ثواب القرآن:
ضعيف.
و إلي كتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السّلام):
و كتاب النوادر:
فيه علي بن محمّد بن الزبير.
ص: 64
صحيح في التهذيب، في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، في الحديث الرابع عشر (1). و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث المائة و الثاني (2).
و إليه موثق في باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه، في الحديث الثامن (3)، و مرّة اخريٰ فيه، في الحديث الثالث عشر (4).
قلت: الشيخ و إن ذكره في موضعين (5) إلّا أنّهم اتفقوا عليٰ اتحادهما، و لم أجده في المشيخة، و هو أعلم بما نقل، انتهيٰ.
و إليه فيه: سعد بن طريف، و الحسين بن علوان في التهذيب، في باب من يجب عليه الجهاد، في الحديث الأول (1).
و إليه فيه: أبو جرير في باب فضل التجارة و آدابها، في الحديث السادس عشر (2).
حسن في باب حدود الزنا، في الحديث الخامس و الثمانين (3).
قلت: قوله: في المشيخة، الظاهر أنه من سهو القلم، لعدم وجوده فيها، انتهيٰ.
ص: 67
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الزيادات، في فقه الحج، في الحديث المائة و الثمانية و الثمانين (2)، و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بمائة و اثنين و ثمانين حديثاً (3).
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (2). و في باب الإحرام للحج، في الحديث السادس (3). و في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث السادس و الستين (4). و في الإستبصار، في باب الميت يموت في المركب، في الحديث الرابع (5)، و في باب أجر المغنيّة، في الحديث الخامس (6).
قلت: في طريق النجاشي إليه ابن بطة (7)، و إليه صحيح في مشيخة الفقيه، انتهيٰ (8).
في الحديث التسعين (1).
صحيح في التهذيب، في باب صلاة التسبيح، في الحديث الأول (1).
و كذا إليٰ كتاب الحج:
و كتاب الجامع:
في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيد في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأربعة و سبعين حديثاً (4). و في باب فضل المساجد، قريباً من الآخر بخمسة و ثلاثين حديثاً (5).
و إليه صحيح و حسن أيضاً في باب العتق، قريباً من الآخر بأحد و عشرين حديثاً (6)، و كذا في الاستبصار، في باب جرّ الولاء، في الحديث الثامن (7).
قلت: طريق الفقيه إليه صحيح بالاتفاق (8)، و في طريق النجاشي:
ص: 72
أحمد بن محمّد بن يحييٰ العطار (1)، انتهيٰ.
و إليه موثق في باب ما يحرم جارية الأب عليٰ الابن (1)، و في التهذيب، في باب بيع الثمار، في الحديث السابع و العشرين (2).
قلت: و الثاني ليس بمرسل، بل قال: و رواه حميد، عن ابن نهيك، عنه، و يأتي صحّة طريقه إليٰ حميد (3)، بل له إليه طرق كثيرة، انتهيٰ.
انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فضل صيام يوم الشك، في الحديث العاشر (3). و في الإستبصار، في باب صيام يوم الشك، في الحديث الثامن (4).
قلت: في النجاشي: الأودي (5)، و طريقه إليه صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (7). و في باب حكم الجنابة، قريباً من الآخر باثنين و خمسين حديثاً (8). و في باب التيمم، في الحديث الحادي و الأربعين. و مرّة اخريٰ فيه، في الحديث الثاني و الأربعين (9). و في باب
ص: 75
صفة الوضوء من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع (1).
قلت: طريق الفقيه إليه (2) مطلقاً، و النجاشي إليٰ نوادره (3) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
الحديث الثاني و الثلاثين (1). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بتسعة عشر حديثاً (2). و في باب الصلاة في السفر، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (3). و في الإستبصار، في باب الأغسال المسنونات، في الحديث الآخر (4).
قلت: طريق الصدوق إليه (5) صحيح، أو في حكمه كما مرّ في (س) (6) انتهيٰ.
مرسل في الفهرست (7).
مجهول في الفهرست (1).
قلت: كتابه موجود في هذه الأعصار، و قد مرّ في الفائدة الثانية ما يقتضي الاعتماد عليه (2)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تعجيل الزكاة، في الحديث الخامس (2). و في الإستبصار، في باب تعجيل الزكاة عن وقتها، في الحديث الرابع (3).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة، فهو صحيح كما مرّ (4)، بل فيه أنه يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (5)، و مرّ أن طريقه إليه صحيح، و طريق الفقيه إليه (6) أيضاً صحيح، بناء عليٰ وثاقة ابن هاشم، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد، و غير واحد في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (2)، و في باب حكم الجنابة، في الحديث الحادي و العشرين (3)، و في باب تعجيل الزكاة، في الحديث الخامس عشر (4). و في الإستبصار، في باب السنة في القنوت، في الحديث التاسع (5). و في باب القنوت في صلاة الجمعة، في الحديث الخامس (6).
قلت: في النجاشي: إن الحسن بن محبوب يروي كتابه (7)، و يأتي أن طريق الشيخ إليٰ ابن محبوب صحيح، انتهيٰ.
في باب ديات الأعضاء، في الحديث السادس عشر (1).
قلت: طريق النجاشي إليه (2) صحيح بناء عليٰ وثاقة ابن بطة، بل في الفهرست أيضاً، لأنه قال: له أصل رويناه بالإسناد الأول إليٰ الحسن بن محبوب، و يأتي (3) صحّة طريقه إليه، و لبنائه عليٰ الاختصار اقتصر عليٰ الإسناد الأول الضعيف بأبي المفضل (4)، انتهيٰ.
و في الحديث الخامس (1). و في الإستبصار، في باب أوّل وقت الظهر و العصر، في الحديث الثاني و العشرين (2). و في باب السهو في صلاة المغرب، في الحديث الخامس (3).
قلت: طريق الفقيه إليه (4) صحيح، انتهيٰ.
من الآخر بسبعين حديثاً (1). و في الإستبصار، في باب حكم من أصبح جنباً في شهر رمضان، قريباً من الآخر بحديثين، و في الحديث الآخر (2).
قلت: طريق الصدوق إليه (3) موثّق كالصحيح، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الخروج إليٰ الصفا، في الحديث الثامن و الثلاثين (5)، و في باب الوصية لأهل الضلال، في الحديث السابع (6). و في الإستبصار، في باب من أوصيٰ بشي ء في سبيل اللّٰه، في الحديث الثالث (7).
و إليه موثّق في باب إنّ من قدم من سفر متي يجوز طلاقه، في الحديث الثاني (8).
قلت: و إليه في النجاشي (9) موثق، انتهيٰ.
ص: 84
فيه: أبو المفضّل في الفهرست (1).
صحيح في الفهرست (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة عشر حديثاً (4).
قلت: و إليه في النجاشي ابن بطة (5)، انتهيٰ.
طريقان مجهولان في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فرض الصلاة في السفر، في
ص: 85
الحديث الآخر (1). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث الثلاثين (2). و في باب علامة أوّل شهر رمضان، في الحديث الثاني و الخمسين (3).
قلت: طريق الفقيه إليه (4) صحيح، عليٰ الأصح من وثاقة محمّد بن سنان (5)، و يقرب منه ما في النجاشي (6)، انتهيٰ.
الحديث السادس و الستين (1). و في باب تحريم المدينة و فضلها، في الحديث الأول (2).
عشر (1).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب (3) في باب الشركة و المضاربة، في الحديث الثامن عشر (4). و في باب تفصيل أحكام النكاح، قريباً من الآخر باثنين و عشرين حديثاً (5). و في الإستبصار، في باب المضارب يكون له الربح، في الحديث الخامس (6). و في باب إنه إذا شرط ثبوت الميراث في المتعة، في الحديث الثالث (7).
قلت: طريق النجاشي إليه (8) موثق، انتهيٰ.
موثق في التهذيب، في باب ما يحرم من النكاح من الرضاع، في الحديث الثامن عشر (9)، و في باب الحرّ إذا مات و ترك وارثاً مملوكاً، في
ص: 88
الحديث الثالث عشر (1)، و في الإستبصار، في باب مقدار ما يحرم من الرضاع، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (2). و في باب من خلّف وارثاً مملوكاً، في الحديث الرابع عشر (3).
فيه: الأنباري في الفهرست (4).
صحيح في التهذيب، في باب الأغسال المفروضات، في الحديث الحادي و العشرين (5). و في باب التيمم و أحكامه، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (6)، و في باب المياه و أحكامها، في الحديث الثاني، و في الحديث الثالث (7). و في الإستبصار، في باب من ترحّلَ من مني قبل أن يحلق، في الحديث الآخر (8).
ضعيف في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيّد، و علي بن السندي في الفهرست (2)، و قد بيّنا في ترجمة علي بن إسماعيل أنه ثقة (3)، فعلي هذا يكون الطريق إليه صحيحاً (4).
قلت: في طريق النجاشي إليه أحمد بن محمّد بن يحييٰ (5)، انتهيٰ.
له كتاب الراهب و الراهبة، ضعيف في الفهرست (6).
ص: 90
صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث الثاني و الخمسين (1). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بثمانية و عشرين حديثاً (2). و في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن (3). و في باب حكم العلاج للصائم، في الحديث السادس و الثلاثين (4). و في باب السراري و ملك الأيمان، في الحديث الثاني (5).
فيه: الأنباري في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بأربعة و خمسين حديثاً (2). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث المائة و الثاني عشر (3). و في باب ما تجوز فيه الصلاة، قريباً من الآخر بخمسة عشر حديثاً (4). و في الإستبصار، في باب ما يحلّ للملوك من النساء بالعقد، في الحديث السادس (5)، و في باب إن الثيب ولّي نفسها، في الحديث الرابع (6).
قلت: في طريق الفقيه إليه السعدآبادي (7)، و قد أثبتنا وثاقته في الفقيه (8)، فالطريق صحيح، [انتهيٰ].
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، في الحديث التاسع و العشرين (1). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بعشرة أحاديث (2). و في باب حدود الزنا، في الحديث الثمانين (3). و في باب الحدّ في السرقة، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (4).
قلت: طريق الفقيه إليه (5) صحيح بالاتفاق، و في طريق النجاشي إليه ابن بطة (6)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب المياه و أحكامها، من أبواب الزيادات، في الحديث الأول (2). و في باب من الصلاة المرغّب فيها، في الحديث الرابع عشر (3). و في باب النوادر في كتاب الجهاد، في الحديث العشرين (4). و في الإستبصار، في باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصافه، في الحديث الآخر (5). و في باب إنه لا يجوز أن يعتق كافر، في الحديث الثاني (6).
الآخر (1). و في باب ميراث (اولي) (2) من ذوي الأرحام، في الحديث الآخر (3).
قلت: يروي عنه عبد اللّٰه بن جعفر، و روي عنه عنه أبو غالب الزراري في الرسالة كتابه في الديات (4)، و طريقه إليه صحيح كما مر (5)، انتهيٰ.
يحييٰ (1)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تفصيل فرائض الحج، في الحديث السادس و العشرين (3). و في الإستبصار، في باب من أدرك المشعر الحرام بعد طلوع الشمس، في الحديث الآخر (4).
و إليه حسن في التهذيب، في باب الذبائح و الأطعمة، قريباً من الآخر بسبعة و تسعين حديثاً (5).
و إليه موثق في باب الحدّ في الفرية و السب، في الحديث الحادي و العشرين (6).
قلت: هو بعينه الحسن بن زياد المتقدم، كما صرّح به في التلخيص (7) و غيره، و إن جعل له في الفهرست عنوانين (8)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب زكاة مال الغائب، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (1). و في باب الطواف، في الحديث السادس و العشرين (2). و في باب العيوب الموجبة للرد في البيع، في الحديث الثالث (3). و في باب بيع الواحد بالاثنين، في الحديث التاسع و الستين (4). و في الإستبصار، في باب إنفاق الدراهم المحمول عليها، في الحديث الثاني (5).
فيه: الأنباري في الفهرست (1).
مجهول في الفهرست (2).
ضعيف في الفهرست (3).
قلت: و إليه في النجاشي ابن بطة (4) الثقة عليٰ الأصح، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (6). و في باب تطهير الثياب و البدن من النجاسات، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (7). و في باب صفة الوضوء، في الحديث الأول (8). و في باب أحكام السهو في الصلاة، قريباً من الآخر بحديثين (9). و في الإستبصار، في باب كيفيّة التلفّظ بالتلبية،
ص: 98
في الحديث الخامس (1).
قلت: في طريق النجاشي إليه ابن بطة (2)، انتهيٰ.
صحيح في الفهرست (3).
فيه: الأنباري في الفهرست (4).
قلت: و احتمل في المنهج (5) كونه بعينه الحسن بن علوان الكلبي، و عليه فإليه في النجاشي أحمد بن محمّد بن يحييٰ (6)، [انتهيٰ].
صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث السابع و العشرين (7). و في باب صلاة الكسوف، من أبواب
ص: 99
الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث التاسع (1). و في باب النوادر في كتاب الجهاد، في الحديث الأول (2). و في باب فضل المساجد، في الحديث التاسع و العشرين (3). و في باب الزيادات في فقه النكاح، في الحديث العاشر (4).
قلت: هو بعينه الحسن بن علي بن عبد اللّٰه بن المغيرة الذي تقدم (5)، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (6).
و في باب الأيمان و الأقسام، قريباً من الآخر بسبعة أحاديث (1).
و إليه صحيح ستّ مرات في الإستبصار، في باب كيفيّة قضاء صلاة النوافل و الوتر (2).
قلت: و إليه في النجاشي صحيح (3)، و كذا في الفقيه (4) بالاتفاق، انتهي.
ضعيف في المشيخة (5) و الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، في الحديث الثامن و الخمسين (7). و في باب المياه و أحكامها، في الحديث الثاني و العشرين (8). و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث الخامس و الثلاثين (9). و في باب الأحداث الغير الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس عشر (10). و في باب صفة الوضوء، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (11).
ص: 101
قلت: و طريق الفقيه إليه صحيح بالاتفاق (1)، و إليه في النجاشي طريقان: في أحدهما: ابن أبي جيد. و في الآخر: أحمد بن محمّد بن يحييٰ (2). و قد مرّ صحتهما عليٰ الأصح (3)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال المفروضات، في الحديث السادس و العشرين (5). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (6). و في باب حكم الجنابة، في الحديث الثالث (7). و في الإستبصار، في باب حكم المذي و الوذي، في الحديث الثامن (8). و في باب مقدار المسافة التي يجب فيها التقصير، في الحديث الرابع عشر (9).
صحيح في التهذيب، في باب النوادر في كتاب الجهاد، في الحديث الأول (10). و في باب المهور و الأجور، قريباً من الآخر بأربعة و عشرين
ص: 102
حديثاً (1). و في الإستبصار، في باب القعود بين الأذان و الإقامة، في الحديث الأول (2). و في باب الصلاة عليٰ المدفون، في الحديث الثالث (3).
صحيح في باب من عقد عليٰ امرأة و شرط لها، في الحديث الأول (4).
قلت: هو ابن بقاح الثقة الجليل المعروف، [انتهيٰ].
له أصل، فيه ابن أبي جيد في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، قريباً من الآخر بأحد و أربعين حديثاً (3). و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بأربعين حديثاً (4)، و في باب التيمم، قريباً من الآخر بأحد عشر حديثاً (5). و في باب تطهير المياه من النجاسات، في الحديث الثالث عشر (6). و في الحديث الثامن عشر (7).
فيه: أبو طالب الأنباري، و القاسم بن إسماعيل في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الزيادات في فقه النكاح، في الحديث الأربعين (2). و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث المائة و الثالث و الثلاثين (3).
و إليه حَسَنٌ في باب القضاء في الديات، قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (4).
ضعيف في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث المائة و الخامس و السبعين (6). و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث السادس عشر (7). و في الحديث الثامن عشر (8). و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بثلاثة و أربعين حديثاً (9). و في الإستبصار، في باب ذبائح الكفار، في الحديث الخامس عشر (10).
ص: 107
قلت: هو ابن عثمان الأحمسي، و في طريق النجاشي إليه ابن بطة (1)، انتهيٰ.
و إليه موثق في التهذيب، في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث الرابع و الثلاثين (1). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع و الستين (2). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات (3)، في الحديث الرابع و (الستين) (4).
و إليه صحيح فيه، في الحديث المائة و الثالث و العشرين (5)، و في الإستبصار، في باب من يسجد فتقع جبهته عليٰ موضع مرتفع، في الحديث الثالث (6).
قلت: طريق الفقيه إليه (7) صحيح، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في
ص: 109
الحديث السابع و العشرين (1)، و في باب وصيّة الإنسان لعبده، قريباً من الآخر بأربعة و عشرين حديثاً (2).
قلت: و طريق الفقيه إليه (1) صحيح، انتهيٰ.
صحيح في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
صحيح في المشيخة (4)، و الفهرست (5).
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فضل زيارة أبي الحسن علي بن موسي الرضا (عليهما السّلام) في الحديث الثاني (7). و في باب القضاء في قتيل الزحام، في الحديث الثامن (8). و في الإستبصار، في باب حدّ من أتي بهيمة، في الحديث الثامن (9).
قلت: في طريق النجاشي إليه ابن أبي جيد (10)، انتهيٰ.
ص: 111
ضعيف في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث السابع (2)، و في الحديث الخامس عشر (3).
و إليه فيه: عبد اللّٰه بن يحييٰ في باب صفة الوضوء، قريباً من الآخر بسبعة و عشرين حديثاً (4).
و إليه فيه: علي بن إسماعيل في الاستبصار، في باب كيفيّة قسمة الغنائم بين الفرسان و الرجالة، في الحديث الآخر (5). و قد بيّنا في ترجمته أنه ثقة (6).
ص: 112
قلت: طريق النجاشي إليٰ كتابه في المتعة صحيح، و إلي جميع كتبه فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ، إلّا أنه ذكره في العنوان مكبّراً (1)، و في الطريق الثاني كما في الفهرست (2) و غيره، انتهيٰ.
السابع و الأربعين (1). و في الإستبصار، في باب عدد الفصول في الأذان و الإقامة، في الحديث الحادي عشر (2).
قلت: و إليه في النجاشي (3) موثق، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب من النجاسات، قريباً من الآخر بثلاثة و أربعين حديثاً (5). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بثلاثة و خمسين حديثاً (6). و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بخمسة و ثلاثين حديثاً (7). و أُخري بثلاثة و ثلاثين حديثاً (8). و أُخري بأحد
ص: 114
و ثلاثين حديثاً (1). و أُخري بثمانية أحاديث (2).
قلت: و إليه في النجاشي أحمد بن محمّد بن يحييٰ (3)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث المائة و الرابع و الأربعين (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في كتاب المكاسب، في الحديث المائة و التاسع (1).
رويٰ مرسلًا عن حميد في الفهرست (2).
قلت: و إليه في النجاشي (3) صحيح بناء عليٰ وثاقة مشايخه، و مرّ غير مرّة في مثله عدم إرسال ما في الفهرست (4)، [انتهيٰ].
ضعيف في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الحيض، من أبواب الزيادات، في الحديث العشرين (6)، و في باب الزيادات في فقه الحج، قريباً من الآخر بمائة و خمسة و ثمانين حديثاً (7)، و في الإستبصار، في باب الحبليٰ تري الدم، في الحديث العاشر (8).
و إليه حسن في باب السكني و العمريٰ، في الحديث الرابع (9).
ص: 118
قلت: في طريق النجاشي إليه ابن بطة (1)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس عشر (3)، و في باب من الزيادات في الزكاة، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (4). و في باب الذبح، في الحديث التاسع و الثلاثين (5). و في باب الدعوة إليٰ الإسلام، في الحديث الثاني (6). و في باب النوادر في الجهاد، في الحديث الآخر (7). و في باب الديون، في الحديث الثالث و الخمسين (8).
قلت: في طريق النجاشي إليه أحمد بن محمّد بن يحييٰ (9)، انتهيٰ.
حديثاً (1). و في باب الزيادات في صلاة الأموات، في الجزء الأول، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (2). و في باب الخمس في الحديث السابع (3). و في باب من الزيادات في الصيام، في الحديث السابع و العشرين (4).
قلت: طريق الفقيه إليه (5) صحيح بالاتفاق، و إليه في النجاشي أحمد ابن محمّد بن يحييٰ (6)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (7).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، قريباً من الآخر بثلاثة و خمسين حديثاً (8). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بحديثين (9). و في باب العتق و أحكامه، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (10). و في الإستبصار، في باب وجوب الفصل بين ركعتي الشفع و الوتر، في الحديث الرابع (11). و في باب ما يجب عليٰ من وطئ امرأته في حال الاعتكاف، في الحديث الأول (12).
ص: 120
قلت: طريق الفقيه إليه (1) صحيح بالاتفاق، و في طريق النجاشي إليه أحمد بن محمّد بن يحييٰ (2)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الحادي و الخمسين (4). و في باب البيع بالنقد و النسية، في الحديث الثالث و العشرين (5). و في باب السنّة في عقود النكاح، في الحديث الثلاثين (6). و في باب الأيمان و الأقسام، قريباً من الآخر بعشرة أحاديث (7). و في الإستبصار، في باب الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج، في الحديث الآخر (8).
قلت: و إليه في النجاشي (9) موثق، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب المياه و أحكامها، في الحديث الآخر (1). و في باب تطهير الثياب من النجاسات، في الحديث الحادي و العشرين (2). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، قريباً من الآخر بخمسة عشر حديثاً (3). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (4). و في الإستبصار في باب الرجل يصلّي في ثوب فيه نجاسة، من أبواب تطهير الثياب، في الحديث الأول (5).
قلت: و إليه في الفقيه طرق: أحدها صحيح (6) بناء عليٰ وثاقة ابن هاشم، انتهيٰ.ع.
ص: 122
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الحدّ في الفرية و السب، في الحديث الخامس (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الكفارة عن خطأ المحرم، في الحديث المائة و السادس و الثلاثين (4). و في باب بيع الماء و المنع منه، في الحديث الرابع (5).
و إليه موثق في باب الزيادات في آخر كتاب الزكاة، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (6).
و إليه حسن في باب الأيمان و الأقسام، في الحديث الثالث عشر (7).
قلت: و إليه في النجاشي ابن بطة (8) الثقة عليٰ الأصح، انتهيٰ.
ص: 123
طريقان: في أحدهما: أبو المفضل (1). و في الآخر: ابن أبي جيّد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث الخامس و الأربعين (3). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث الحادي و الثمانين (4). و في باب الصيد و الذكاة، في الحديث الحادي و التسعين (5). و في باب وصيّة الإنسان لعبده، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (6). و في الإستبصار، في باب من نسي الركوع، في الحديث الآخر (7).
قلت: و إليه في الفقيه (8) صحيح، انتهيٰ.
طريقان: أحدهما (1) موثق، و الآخر فيه: ابن أبي جيد في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب من النجاسات، في الحديث التاسع (4). و في باب صفة الوضوء، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن (5). و في الحديث العاشر (6)، و في الحديث الحادي و العشرين (7)، و في باب التيمم، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (8). و في الإستبصار، في باب القراءة خلف من يقتديٰ به، في الحديث السابع (9).
قلت: و طريق الفقيه إليه (10) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ص: 125
ضعيف في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الخمسين (3). و في باب صفة الوضوء، في الحديث الثالث و الأربعين (4). و في باب حكم الجنابة، في الحديث الثالث و الثلاثين (5). و في باب حكم الحيض، في الحديث الثامن و الستين (6). و في باب التيمم، في الحديث الخامس و العشرين (7). و في الإستبصار، في باب مقدار الماء الذي لم ينجسه شي ء (8).
و إليه متواتر عليٰ ما بيّناه في تصحيح الأسانيد (9).
قلت: و إليه في الفقيه طرق ثلاثة (10): اثنان منها صحيح بالاتفاق،
ص: 126
و كذا الثالث عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم، [انتهيٰ].
صحيح في الفهرست (1).
فيه: أبو المفضل في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فضل الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (3). و في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و الأربعين (4). و في باب البينات، في الحديث الثاني و الستين (5). و في باب ابتياع الحيوان، في الحديث الثاني و الثلاثين (6). و في باب العتق، في الحديث الستين (7).
قلت: و طريق الفقيه إليه (8) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث عشر (2). و في باب نوافل الصلاة في السفر، في الحديث الرابع عشر (3). و في باب المواقيت، في الحديث الرابع (4). و في باب صفة الإحرام، في الحديث الرابع و العشرين (5). و في باب الطواف، في الحديث الثاني و الثلاثين (6).
قلت: في طريق الفقيه إليه محمّد بن عيسيٰ بن عبيد، و في طريق آخر ابن هاشم (7)، و كلاهما ثقتان عليٰ الأصح فالطريق صحيح، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بتسعة عشر حديثاً (2).
قلت: في طريق النجاشي إليه ابن بطة (3)، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه موثق في التهذيب، في باب ميراث من علا من الآباء، في الحديث الثلاثين (3).
حديثاً (1). و في باب أحكام الطلاق، قريباً من الآخر بثلاثة و تسعين حديثاً (2). و في الإستبصار، في باب من قتل سبعاً في الإحرام، في الحديث الثاني (3).
قلت: و إليه في الفقيه (4) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيّد، و طريق آخر رواه مرسلًا عن حميد عن القاسم بن إسماعيل القرشي في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث الستين (6). و في باب أحكام الجماعة، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (7)، و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بحديثين (8). و في باب أحكام فوائت الصلاة، في الحديث السادس عشر (9). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بثلاثة و أربعين حديثاً (10).
قلت: و إليه في الفقيه الحكم بن مسكين (11)، و قد أوضحنا وثاقته في
ص: 133
و في الحديث الثامن و الستين (1). و في الحديث المائة و الثامن عشر (2).
فيه: ابن أبي جيد. و روي مرسلًا عن حميد أيضاً في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب دخول الحمام، في الحديث الثامن و العشرين (4). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (5). و في باب الديون، في الحديث الرابع و الخمسين (6). و في باب الكفالات، في الحديث الثامن (7). و في باب الحوالات، في الحديث الرابع (8).
قلت: و إليه في الفقيه (9) صحيح بالاتفاق، و كذا في رسالة أبي غالب الزراري (10) انتهيٰ.
ص: 135
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث الأربعين (2). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بتسعة و سبعين حديثاً (3). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث الثلاثين (4). و في الإستبصار، في باب وقت المغرب، في الحديث الخامس عشر (5). و في باب السجود عليٰ القطن في الحديث السادس (6).
قلت: و إليه في الفقيه (7) صحيح عليٰ الأصح الأشهر من وثاقة العبيدي، و إليه في النجاشي: ابن بطة (8)، انتهيٰ.
المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و السبعين (1). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث المائة و الرابع و العشرين (2). و في باب الأنفال، قريباً من الآخر بحديثين (3). و في باب العاجز عن الصيام، في الحديث التاسع (4).
قلت: و إليه في النجاشي (5) صحيح بناء عليٰ وثاقة مشايخه، انتهيٰ.
انتهيٰ.
الطلاق، في الحديث الآخر (1).
صحيح في باب التلقي و الحكرة، في الحديث التاسع عشر (1)، و في باب الحكم في أولاد المطلقات، في الحديث الثالث و الثلاثين (2).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (3) بالاتفاق، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد، و طريق آخر مجهول في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأحد و عشرين حديثاً (5). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث الرابع عشر (6). و في الحديث السادس عشر (7). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (8). و في باب صلاة التسبيح، في الحديث الثالث (9).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (10) عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم، انتهي.
ص: 140
صحيح في الفهرست (1).
قلت: و كذا في الفقيه (2)، انتهيٰ.
الحادي و العشرين (1). و في باب الكفارة عن خطأ المحرم، قريباً من الآخر بأربعة و عشرين حديثاً (2). و في كتاب المكاسب، في الحديث الخامس (3). و في باب الحد في الفرية و السب، قريباً من الآخر بعشرة أحاديث (4). و في باب القضاء في قتيل الزحام، قريباً من الآخر بحديثين (5).
الزيادات، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (1). و في باب كيفيّة الصلاة، في الحديث الثالث و التسعين (2). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث السابع و الثلاثين (3). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني (4). و في باب فضل المساجد، في الحديث الثامن و الثلاثين (5).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه بالاتفاق (6)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، في الحديث الثامن و العشرين (1). و في الحديث الثاني و الثلاثين (2). و في الحديث الثامن و الثلاثين (3). و في الحديث الثاني و الأربعين (4). و في الحديث السادس و السبعين (5). و إليه متواتر عليٰ ما بيّناه في تصحيح الأسانيد (6).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (7)، انتهيٰ.
انتهيٰ.
فيه: أبو المفضّل في الفهرست (1).
مجهول في الفهرست (2).
مجهول، و طريق آخر ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فضل صيام يوم الشك، في الحديث السادس (4). و في باب الولادة و النفاس، في الحديث الخامس و الثلاثين (5). و في باب الصيد و الذكاة، في الحديث المائة و الرابع عشر (6). و في الحديث المائة و الخامس عشر (7). و في الحديث المائة و السادس عشر (8).
ص: 145
قلت: و إليه في الفقيه صحيح (1)، و في طريق النجاشي إليٰ كتاب مسائله عن الرضا (عليه السّلام): ابن بطة (2)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث السادس و الستين (3). و في باب ثواب الحج، في الحديث الآخر (4). و في كتاب المكاسب، في الحديث الثاني و الثلاثين (5). و في باب الإقرار في المرض، في الحديث السادس و الأربعين (6).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار و العبيدي (7)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب، في الحديث السادس و العشرين (1). و في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الثامن و التسعين (2). و في الإستبصار، في باب المقدار الذي يجب إزالته من الدم، في الحديث الثالث (3).
قلت: في طريق النجاشي إليه: أحمد بن جعفر (4)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير المياه، في الحديث الخامس عشر (1). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع (2). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث التاسع (3). و في الحديث الثاني و الثلاثين (4). و في الحديث الثالث و الثلاثين (5).
قلت: قد أوضحنا صحّة الطريق إليه في الفائدة الثانية في شرح حال أصله (1)، انتهيٰ.
فيه مجاهيل في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (1). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات في الحديث السابع و العشرين (2). و في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الثالث و الستين (3). و في باب الزيادات في فقه النكاح، قريباً من الآخر بخمسة و عشرين حديثاً (4). و في باب عدد النساء، في الحديث الخامس و الخمسين (5).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (6)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، في الحديث المائة و الحادي و الثمانين (1). و مرّة اخريٰ فيه، قريباً من الآخر بسبعة و أربعين حديثاً (2). و في باب أحكام السهو في الصلاة، قريباً من الآخر بخمسة و عشرين حديثاً (3). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث الرابع و الثلاثين (4). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (5).
قلت: هو بعينه سعد بن الأحوص المتقدم، [انتهيٰ].
البينات، قريباً من الآخر بثمانية و عشرين حديثاً (1).
صحيح في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
ضعيف، و طريق آخر فيه ابن أبي جيد في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع (5). و في باب (6) تطهير الثياب، من أبواب الزيادات في الحديث (7) الثاني و العشرين (8). و في باب دخول الحمام، في الحديث الخامس (9). و في باب عدد فصول الأذان. قريباً من الآخر بحديثين (10).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (11) بالاتفاق، انتهيٰ.
ص: 154
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الغير الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع (2). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع (3). و في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، في الحديث العشرين (4). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، من أبواب الزيادات في الجزء الثاني، في الحديث الثامن و الأربعين (5). و في باب أمتعة التجارات في الزكاة، في الحديث الثالث (6).
قلت: و إليه في النجاشي (7) صحيح بالاتفاق، و في طريق الفقيه إليه: عبد الكريم الخثعمي (8)، و هو ثقة، إلّا أن فيه قولًا بالوقف ضعّفناه في (قعه) (9) انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما يجب أن يخرج من الصدقة، و أقلّ ما يعطيٰ، في كتاب الزكاة، في الحديث الرابع (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (2)، انتهيٰ.
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (5)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب وجوب الحج، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (7). و في باب الخروج إليٰ الصفا، في الحديث التاسع و العشرين (8). و في باب الذبح، في الحديث الثاني و الثلاثين (9). و في باب الحلق، في الحديث الخامس و العشرين (10). و في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث السادس و الخمسين (11).
ص: 156
قلت: و إليه في الفقيه صحيح، أو في حكمه لوجود البزنطي فيه (1)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الغرر و المجازفة، في الحديث الرابع (3).
قلت: و إليه في [النجاشي] (4): ابن بطة (5)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الحيض، في الحديث الرابع و الثلاثين (7). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث الثامن (8)، و في الحديث الثامن و السبعين (9). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (10)، في الحديث الرابع. و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع (11).
ص: 157
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (1) بالاتفاق، انتهيٰ.
مجهول في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ميراث الأولاد، في الحديث الرابع عشر (3).
ضعيف في الفهرست (4).
قلت: كتابه من الأُصول المعروفة، و للأصحاب إليه طرق كثيرة، و قال الشيخ الأجل أبو عبد اللّٰه النعماني في كتابه في الغيبة: ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم و رواه عن الأئمة (عليهم السّلام) خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من كتب الأُصول التي رواها أهل العلم، و حملة حديث
ص: 158
أهل البيت (عليهم السّلام) و أقدمها. إليٰ أن قال: و هو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها، و تعوّل عليها (1)، [انتهيٰ].
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب في باب عدد فصول الأذان و الإقامة، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (3)، و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث السابع و الثلاثين (4). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الخمسين (5). و في باب الإجازات، في الحديث الرابع عشر (6). و في باب اختيار الأزواج، في الحديث الحادي و العشرين (7).
قلت: و إليه في الفقيه طريق صحيح بالاتفاق، و طريق آخر كذلك عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم، و ثالث كذلك عليٰ الأصح من وثاقة السعدآبادي (8)، انتهيٰ.
باب الحكم في أولاد المطلقات، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث، و بحديثين (1)، و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث الثامن و الثلاثين (2).
قلت: و إليه في الفقيه: ابن هاشم (3)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (4).
و إلي سليمان بن داود:
موثق في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث السابع و العشرين (5). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس و الخمسين (6). و في الحديث الثالث و الستين (7). و في باب الإقرار في المرض، في الحديث العشرين (8). و في باب الزيادات في الوصايا، في الحديث الآخر (9).
ص: 160
قلت: و إليه في الفقيه صحيح، أو في حكمه، لوجود عثمان بن عيسيٰ (1)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام السهو، في الحديث الثاني عشر (3). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، في آخر كتاب الصلاة، في الحديث السابع و الخمسين (4). و في باب الجزية، في الحديث الآخر (5). و في باب الكفارة عن خطأ المحرم، في الحديث الآخر (6). و في باب قتال أهل البغي، في الحديث الثاني (7).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد بن محمّد بن يحييٰ (8)، انتهيٰ.
و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، قريباً من الآخر بأحد و عشرين حديثاً (1). و في الإستبصار، في باب كفارة من خالف النذر، في الحديث السادس (2).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام فوائت الصلاة، في الحديث الآخر (4). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة و أربعين حديثاً (5). و في باب الإحرام للحج، في الحديث السادس (6). و في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث الثاني و التسعين (7). و في باب الزيادات في القضايا و الأحكام، في الحديث السادس و الأربعين (8).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (9)، انتهيٰ.
قلت: و إليه في النجاشي (1) صحيح، بناء عليٰ وثاقة مشايخ النجاشي كما مر، انتهيٰ.
الحديث التاسع (1). و في باب وجوب الحج، في الحديث الثاني و الثلاثين (2). و في باب الطواف، في الحديث الخامس (3)، و في باب الذبح (4)، في الحديث الحادي و التسعين، و في الإستبصار، في باب أن المشي أفضل من الركوب (5).
قلت: و إليه في الفقيه: السعدآبادي، و الحسن بن رباط (6)، انتهيٰ.
صحيح في الفهرست (7).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (1)، انتهيٰ.
ضعيف، و طريق آخر رواه مرسلًا عن حميد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب البيع بالنقد و النسيّة، في الحديث الخامس (3)، و في باب الزيادات في فقه النكاح، في الحديث الحادي و التسعين (4). و في باب أحكام الطلاق، في الحديث الحادي و الستين. و في الحديث الثاني و الستين (5)، و في الإستبصار، في باب إن المواقعة بعد الرجعة شرط لمن يريد أن يطلّق طلاق العدّة، في الحديث العاشر (6).
في الحديث السابع و السبعين. و في الحديث الحادي و الثمانين (1). و في باب تفصيل أحكام النكاح، في الحديث الحادي و الخمسين (2). و في باب المهور و الأُجور، في الحديث الرابع و الأربعين (3). و في الإستبصار، في باب الصلاة في السبخة، في الحديث الثاني (4).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (5)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه حسن في التهذيب، في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع و السبعين (7). و في باب الزيادات في فقه النكاح، في الحديث السابع و الثلاثين (8). و في الإستبصار، في باب وقت المغرب، في الحديث الحادي و الثلاثين (9).
صحيح في التهذيب، في باب الطواف، في الحديث السابع
ص: 168
فيه: أبو المفضّل في الفهرست (1).
فيه: أبو المفضل في الفهرست (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الزيادات، بعد باب الإجارات، في الحديث الرابع و الأربعين (4). و في باب المهور و الأُجور، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (5). و في باب العتق، قريباً من الآخر بستّة و ثلاثين حديثاً (6). و في باب من الزيادات في الوصايا، في الحديث السابع و الثلاثين (7). و في باب ديات الشجاج، في الحديث العاشر (8).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (9)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب من الزيادات في الحدود، في الحديث الثاني (1)، و في الإستبصار، في باب أنه إذا [أعنف (2)] أحد الزوجين عليٰ صاحبه فقتله ما حكمه، في الحديث الأول (3).
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (5). و في باب فضل المساجد، في الحديث الحادي عشر (6). و في باب صفة الإحرام، في الحديث الثامن و الأربعين (7). و في باب الغرر و المجازفة، في الحديث الخامس و الأربعين (8). و في باب المزارعة، في الحديث العاشر (9).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (10).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأذان و الإقامة، في الحديث
ص: 171
الرابع و العشرين (1). و في الحديث الثامن و الثلاثين (2). و في باب فضل المساجد، في الحديث الحادي عشر (3). و في باب الكفارة عن خطأ المحرم، قريباً من الآخر بثلاثة و ستين حديثاً (4). و في الإستبصار، في باب من قتل جرادة، في الحديث الثاني (5).
قلت: و إليه في الفقيه: السعدآبادي (6)، انتهيٰ.
خطأ المحرم، الحديث الخامس عشر (1). و في باب من الصلاة المرغب فيها، في الحديث الثاني عشر (2). و في باب ضمان النفوس، في الحديث الخامس و الثلاثين (3).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس و الثلاثين (5). و في باب عدد فصول الأذان، في الحديث التاسع (6). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث الثالث (7)، و في الحديث الرابع عشر (8)، و في الحديث السادس و التسعين (9).
قلت: و إليه في الفقيه (10) طريق صحيح بالاتفاق، و آخر كذلك عليٰ الأصح كما مر في (قند) (11)، انتهيٰ.
صحيح غير ما ذكره ابن النديم من كتبه.
ص: 173
و إليه مجهول في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
قلت: و إليه في الفقيه: ابن هاشم (3)، و إليه في النجاشي: ابن أبي جيد (4)، انتهيٰ.
صحيح في الفهرست (1).
ضعيف، و طريق آخر مجهول في الفهرست (2)، و إليه ضعيف في المشيخة (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع و العشرين (4). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث السادس و الأربعين (5). و في باب أحكام الجماعة، في الحديث السادس عشر (6). و في الحديث السابع و الخمسين (7). و في باب من يجب معه الجهاد (8).
قلت: و إليه في الفقيه (9) صحيح الاتفاق، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، قريباً من الآخر بثمانية و عشرين حديثاً (1). و في باب أحكام الجماعة، في الحديث الخامس (2). و في باب من أسلم في شهر رمضان، في الحديث التاسع (3). و في باب تفصيل أحكام النكاح، في الحديث الرابع و العشرين (4). و في الإستبصار، في باب كيفيّة المسح عليٰ الرأس و الرجلين، في الحديث الرابع (5).
قلت: و إلي كتاب دياته المعروف المعروض عليٰ الصادق (عليه السّلام) في النجاشي صحيح، و كذا إليٰ كتابه الحدود، و إلي كتابه النوادر. و كتابه الجامع فيه: أحمد العطار (6)، انتهيٰ.
ضعيف في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
قلت: و إليه في الفقيه (3) صحيح، بناء عليٰ وثاقة الحكم بن مسكين كما مر في (مب) (4) انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام فوائت الصلاة، في الحديث الثاني و العشرين (6). و في باب النوادر في الجهاد، في الحديث الثاني و العشرين (7). و في باب الرهون، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (8). و في باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها، قريباً من الآخر بحديثين (9). و في باب الحدّ في الفرية و السب، في الحديث العاشر (10).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (11)، انتهيٰ.
ص: 177
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الحادي و الخمسين (2). و في باب صفة الوضوء، في الحديث التاسع و الأربعين (3). و في باب التيمم، في الحديث السادس عشر (4). و في الحديث الرابع و الثلاثين (5). و في باب تطهير المياه، في الحديث الثامن عشر (6).
قلت: و إليه في الفقيه طريقان (7) صحيحان بالاتفاق، انتهيٰ.
و إليه صحيح و حسن في الاستبصار، في باب الأمة تزوج بغير إذن مولاها، في الحديث الثاني (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن أبي جيد، و ابن بطة (2)، انتهيٰ.
من أهل نهاوند، ضعيف في الفهرست (1).
حسن في التهذيب، في باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان، في الحديث الثامن (2). و في باب قضاء شهر رمضان، في الحديث الحادي و الثلاثين (3). و في باب الزيادات في الصيام، في الحديث الثاني عشر (4).
ضعيف في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث السابع عشر (6). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن عشر (7). و في الحديث التاسع و الخمسين (8). و في الحديث المائة و السابع (9). و في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن (10).
ص: 181
قلت: و إليه في الفقيه طريقان (1) صحيحان بالاتفاق، انتهيٰ.
مرسل في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير المياه، في الحديث الرابع و العشرين (3). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع و الثلاثين (4). و في باب فضل المساجد، قريباً من الآخر بأربعة و أربعين حديثاً (5). و في الإستبصار، في باب البئر تقع فيها الفأرة و الوزغة، في الحديث السادس (6). و في باب إن الكفن لا يكون إلّا قطناً (7).
الخامس (1). و في باب الوقت الذي يلحق الإنسان فيه المتعة (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث الثامن و الأربعين (4). و في باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني في الحديث الثاني عشر (5). و في آخر كتاب الديات، بستّة أحاديث (6). و في الإستبصار، في باب وقت المغرب، في الحديث الرابع (7).
مجهول في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام الجماعة، في الحديث الثالث و الخمسين (2). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، في الجزء الثاني قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (3). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني في الحديث الحادي و الأربعين (4). و في باب ابتياع الحيوان، في الحديث الخمسين (5). و في باب الحدّ في السرقة، في الحديث الرابع (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب فضل المساجد، في الحديث السادس و الستين (1). و في باب صفة الإحرام، في الحديث السابع و الأربعين (2).
قلت: و إليه في الفقيه (3) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الذبائح و الأطعمة، قريباً من الآخر بخمسة و أربعين حديثاً (5). و في باب الزيادات في الوصايا، في الحديث الحادي عشر (6). و في الإستبصار، في باب الخمر يصير خلًا بما يطرح فيه، في الحديث الخامس (7). و في باب إنّ من كان له ولد أقرّ به ثم نفاه، في كتاب الوصايا، في الحديث الأول (8).
قلت: و إليه في النجاشي ابن بطة (9)، انتهيٰ.
قلت: و إليه في الفقيه، و النجاشي السعدآبادي (1)، انتهيٰ.
مجهول، و فيه: أبو المفضل، عن حميد أيضاً في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما يجب عليٰ المحرم اجتنابه، في الحديث الثالث عشر (3). و في باب الكفارة عن خطأ المحرم، قريباً من الآخر بثمانية و ستين حديثاً (4). و في الإستبصار، في باب الطيب، من أبواب ما يجب عليٰ المحرم اجتنابه، في الحديث الثامن (5).
عليه القطع، في الحديث الآخر (1).
فيه: أبو المفضل، عن حميد بن زياد في الفهرست (2).
صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الحادي و الستين (4).
صحيح في باب صفة التيمم، في الحديث الرابع (5). و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث التاسع (6). و في باب دخول الحمام، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (7). و في باب التيمم، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث (8).
قلت: و إليه موثق في الفقيه بابن فضال (9)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد، و طريق آخر فيه ابن أبي جيد في الفهرست (10).
ص: 189
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (1). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس و الأربعين (2). و في باب زكاة أموال الأطفال، في الحديث العاشر (3). و في باب الكفارة في اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان، في الحديث الثالث عشر (4). و في باب الغدو إليٰ عرفات، في الحديث الخامس (5).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (6) بالاتفاق، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير المياه، في الحديث الثاني (1). و في باب تطهير الثياب، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (2). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث الثاني و الأربعين (3). و في الحديث الخامس و الخمسين (4). و في باب فضل المساجد، قريباً من الآخر بخمسة و ثلاثين حديثاً (5).
مجهول في الفهرست (1).
صحيح في الفهرست (2).
مجهول. و طريق آخر فيه ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث التاسع و السبعين (4). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث الثاني و العشرين (5). و في الحديث الرابع و الخمسين (6). و في باب القبلة، في الحديث السابع (7). و في الحديث الرابع و العشرين (8).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (1) بالاتفاق، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني (1).
صحيح في باب زكاة الفطرة، في الحديث الآخر (2). و في باب كمية زكاة الفطرة، في الحديث الخامس (3). و في باب حكم العلاج للصائم، في الحديث الثاني عشر (4). و في الإستبصار، في باب سقوط فرض الفطر عن الفقير، في الحديث الآخر (5).
قلت: و إليه في الفقيه طريقان، فيهما: ابن هاشم (6) الثقة عند المحققين، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب إبطال العول، في الحديث الثامن (1).
صحيح في الاستبصار. في باب آخر (2).
وقت صلاة الليل، في الحديث الآخِر (3).
ضعيف في الفهرست (4).
فيه: ابن أبي جيد، و طريق آخر حسن في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي و العشرين (6). و في باب الحيض، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن و الأربعين (7). و في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني (8). و في باب صفة التيمم، في الحديث الثالث (9). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث
ص: 199
الثاني (1).
قلت: و إليه في الفقيه (2) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
رواه مرسلًا عن حميد في الفهرست (3).
الأول (1). و في باب تحريم السمك الطافي، في الحديث التاسع (2).
قلت: و إليه في الفقيه: الحكم بن مسكين، و أبو كهمس (3) و قد بيّنا وثاقتهما في (مب) (4) و (قصد) (5)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (7).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و الثلاثين (8). و في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس و الأربعين (9). و في باب حكم المسافر و المريض في الصيام، في الحديث الخامس (10). و في باب العاجز عن
ص: 201
الصيام، في الحديث الثالث (1). و في باب البيع بالنقد و النسيئة، في الحديث الثالث و العشرين (2).
قلت: و إليه في الفقيه موثق بالحسن بن علي بن فضال (3)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث التاسع و الأربعين (4). و في باب النذور، في الحديث الحادي و الأربعين (5). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث التاسع و الخمسين (6). و في باب العيوب الموجبة للرد، في كتاب البيع، في الحديث الحادي عشر، و الثاني عشر (7).
قلت: و إليه في الفقيه، الحكم بن مسكين (8)، انتهيٰ.
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (1)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (2).
صحيح في الفهرست (3).
ضعيف في الفهرست (4).
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، في الحديث المائة و السادس و الثلاثين (6). و في باب أحكام السهو في الصلاة، في الحديث الحادي و الستين (7). و في باب ما تجوز فيه الصلاة من اللباس، في الحديث الخامس و الخمسين (8). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (9). و في باب فضل شهر رمضان و الصلاة
ص: 203
فيه، في الحديث الحادي عشر (1).
قلت: و إليه في الفقيه: الحكم بن مسكين (2). و إليه في النجاشي: أحمد العطار (3)، و كلاهما ثقتان عليٰ الأصح، فالطريقان صحيحان، انتهيٰ.
قلت: في النجاشي إليٰ كتابه طرق كثيرة (1)، و يظهر منه أنه من2.
ص: 205
الكتب المعروفة و الأُصول المشهورة، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب في ارتباط الخيل، في الحديث العاشر (2).
الجنابة، قريباً من الآخر بثلاثة و عشرين حديثاً (1). و في باب حكم الحيض، في الحديث السابع و الخمسين (2). و في باب المياه في الحديث السادس (3).
قلت: و إليه في النجاشي: علي بن أحمد والد النجاشي، ذكره مترحماً (4)، و أوضحنا في ترجمته وثاقة مشايخه (5)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الأول (1)، و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث الثالث و التسعين (2). و في باب أحكام السهو في الصلاة، في الحديث الرابع و السبعين، و الخامس و السبعين (3)، و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأحد عشر حديثاً (4).
قلت: و إليه في الفقيه (5) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
صحيح في التهذيب، في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (7). و في باب الوصية، في الحديث العاشر (8).
صحيح في الاستبصار، في باب الذي يسافر إليٰ ضيعته، في الحديث الثالث (9).
ص: 211
قلت: مرّ أن طريقه إليٰ أحمد البرقي صحيح، فطريقه إليٰ علي بن إسحاق كذلك (1)، انتهيٰ.
صحيح في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تطهير المياه، في الحديث الخامس و العشرين (2). و في باب تطهير الثياب، في الحديث السادس و العشرين (3). و في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة و ستين حديثاً (4)، و في باب أحكام السهو في الصلاة، في الحديث الخامس و الثلاثين (5). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بعشرين حديثاً (6).
قلت: و إليه في النجاشي موثق (7)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل و أحمد بن زيد الخزاعي في الفهرست (1).
و إليه فيه: حمزة بن بزيع في التهذيب، في باب الصلاة عليٰ الأموات، في آخر كتاب الصلاة، في الحديث الثاني عشر، و الثالث عشر (2).
و في باب من إليه الحكم، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (1). و في باب تفصيل أحكام النكاح، في الحديث السابع عشر (2). و في باب من أحلّ اللّٰه نكاحه من النساء، في الحديث التاسع و الثلاثين (3).
فيه: أبو المفضل، عن حميد (4)، و طريق آخر فيه: أبو المفضل و أبو محمّد القاسم بن إسماعيل القرشي في الفهرست (5).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث السبعين (6). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بمائة و تسعة أحاديث (7).
و إليه موثق في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع و الثلاثين (8). و في باب فضل صيام يوم الشك، في الحديث الخامس (9).
ص: 219
قلت: و إليه في النجاشي موثق بالحسن بن علي بن فضّال (1)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث التاسع و الثلاثين (3). و في باب الإحرام للحج، في الحديث الخامس (4). و في باب الغدوّ إليٰ عرفات، في الحديث التاسع (5). و في باب الإفاضة من عرفات، في الحديث الخامس (6). و في الإستبصار، في باب ما ينبغي أن يعمل من يريد الإحرام للحج، في الحديث الأول (7).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (8)، انتهيٰ.
مجهول في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح (في التهذيب) في كتاب المكاسب، في الحديث السابع و الخمسين (3). و في باب فضل التجارة، في الحديث الرابع (4). و في باب الحدّ في السحق، في الحديث التاسع (5).
و إليه حسن في الاستبصار، في باب وقت صلاة الفجر، في الحديث الثامن (6).
قلت: و إليه في الفقيه (7) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
و إليه (فيه) (1): محمّد بن عبد الحميد في التهذيب، في باب الذبح، قريباً من الآخر بسبعة و عشرين حديثاً (2).
و إليه صحيح في باب القضاء في قتيل الزحام، في الحديث السادس عشر (3).
قلت: مرّ غير مرّة أنه غير مرسل (4). و رواه في النجاشي عن الغضائري، عن أحمد بن جعفر، عن حميد. إليٰ آخره (5)، فالطريق موثق بحميد،2.
ص: 223
[انتهيٰ].
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (1).
في الحديث المائة و الثالث و الثمانين (1)، و المائتين و العاشر (2)، و قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (3). و في باب أقسام الجهاد، في الحديث الأول (4).
باب المسنون من الصلوات، في الحديث السادس عشر (1). و في باب كيفيّة الصلاة، في الحديث السادس عشر (2). و في باب أحكام السهو، في الحديث السابع و العشرين (3).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (4) بالاتفاق، انتهيٰ.
رواه مرسلًا عن ابن النديم في الفهرست (1).
موثق في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أحكام السهو، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (3). و في باب صلاة العراة، في الجزء الثاني، في الحديث الرابع (4). و في باب ما يحرم من النكاح من الرضاع، في الحديث الثاني عشر (5)، و الثاني و العشرين (6). و في باب عدد النساء، في الحديث التاسع (7).
الرابع عشر (1). و في باب أحكام الجماعة، في الحديث الحادي و العشرين (2). و في باب فضل المساجد، قريباً من الآخر بستّة أحاديث (3).
و إليه موثق في باب فضل الكوفة، في الحديث الحادي عشر (4).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (5)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث السبعين (7). و في باب الأذان و الإقامة، في الحديث الثاني و العشرين (8). و في باب أحكام السهو، في الحديث الثالث و الخمسين (9). و في باب الزيادات في الزكاة، في الحديث السابع عشر (10). و في الإستبصار، في باب وجوب الاستنجاء من الغائط و البول، في الحديث الخامس (11).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد بن جعفر (12)، انتهيٰ.
ص: 230
و إليه صحيح في الاستبصار، في باب البئر يقع فيها الكلب، في الحديث الثامن (1). و في باب البئر تقع فيها العذرة اليابسة، في الحديث الثاني (2). و في باب مسّ الحديد، في الحديث الرابع و الخامس (3). و في باب المسافة التي يجب فيها التقصير، في الحديث التاسع عشر (4).
قلت: و إليه في الفقيه موثق (انتهيٰ) (5).
و في باب أحكام الجماعة، قريباً من الآخر بتسعة و عشرين حديثاً (1). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، في آخر كتاب الصلاة، في الحديث العشرين (2)، و الثاني و الأربعين (3).
قلت: و إليه في الفقيه: السعدآبادي (4)، و أوضحنا وثاقته في (يه) (5) انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث السبعين (7). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث السبعين (8). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بتسعة و خمسين حديثاً (9). و في باب أحكام الجماعة، في الحديث الثامن عشر (10). و في باب فضل المساجد، في الحديث الثاني عشر (11).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (12)، انتهيٰ.
ص: 235
صحيح في التهذيب، في باب تطهير الثياب، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (1). و في باب الزيادات، بعد باب الأنفال، في الحديث الخامس (2). و في باب عقد المرأة عليٰ نفسها النكاح، في الحديث الثاني (3). و في الإستبصار، في باب إنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج، في الحديث الثالث (4). و في باب إن الثيب وليّ نفسها، في الحديث الثاني (5).
الحديث التاسع و الثمانين (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن أبي جيد (2)، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بثلاثة و ثمانين حديثاً، و باثنين و ثمانين حديثاً (4). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث السادس و العشرين (5). و في باب الوقوف و الصدقات، في الحديث الخامس و الأربعين (6). و في باب من الزيادات في الوصايا، في الحديث السابع و العشرين (7).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (8)، انتهيٰ.
مجهول في الفهرست (1).
مجهول في الفهرست (2).
مجهول في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث الثاني عشر، و الثالث عشر (4)، و الحادي و العشرين (5). و في باب حكم الحيض، في الحديث الخامس عشر (6). و في باب صفة الوضوء، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن (7).
قلت: و إليه في الفقيه طريق صحيح بالاتفاق، و طريقان آخران صحيحان أو ما يقرب منه عليٰ الأصح (8) كما مرّ في (رمد) (9) [انتهيٰ].
ص: 240
رواه مرسلًا، عن عبيس بن هشام في الفهرست (1).
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في الاستبصار، في باب النوم من أبواب ما ينقض الوضوء، في الحديث السادس (3).
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن عشر (5)، و في الحديث الأربعين (6)، و الثامن و الأربعين (7). و في الإستبصار، في باب الذي يسافر إليٰ ضيعته، في الحديث السابع (8). و في باب المتصيد يجب عليه التمام أم التقصير، في الحديث السادس (9).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (10)، انتهيٰ.
ص: 241
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (2)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب المواقيت، في كتاب الحج، في الحديث الخامس عشر (3).
ضعيف في الفهرست (1).
و السبعين (1)، و في الحديث الثاني و الثمانين (2). و في الإستبصار، في باب حدّ الطرّار، في الحديث الآخر (3). و في باب حدّ النباش، في الحديث الثالث عشر (4).
قلت: هو عيسيٰ بن أبي منصور شلقان. و إليه في الفقيه (5) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه حسن كالصحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الثالث (2). و في باب دخول الحمام، في الحديث الرابع و العشرين (3). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و العشرين (4). و في باب من الصلاة المرغّب فيها، في الحديث الرابع (5).
ص: 245
قلت: و إليه في الفقيه صحيح، عليٰ الأصح من وثاقة محمّد بن عبد اللّٰه بن زرارة (1). ثم ان الظاهر كما نص عليه بعض المحققين اتحاده مع سابقه (2)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الحيض، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس و الخمسين (2). و في باب تطهير الثياب، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس (3). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث الثالث و الأربعين (4). و في باب فضل الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع عشر (5). و في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع و الثلاثين (6).
قلت: و إليه في الفقيه (7) صحيح بالاتفاق، و مثله طريق أبي غالب الزراري إليه في رسالته (8)، انتهيٰ.
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (1)، انتهيٰ.
و إليه طريقان: أحدهما حسن، و الآخر مجهول في الفهرست (1).
(2) فيه: الحسين بن الحسن بن أبان في التهذيب، في باب المياه، في الحديث السابع و العشرين (3).
و إليه صحيح في باب تطهير الثياب، في الحديث الرابع و الأربعين (4). و في باب أحكام فوائت الصلاة، في الحديث السابع (5). و في الإستبصار، في باب السهو في الركعتين الأولتين، في الحديث الثامن (6).
و إليه حسن في باب المسنون من الصلاة، في الحديث الثالث (7).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (8) بالاتفاق، انتهيٰ.
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد بن جعفر و ابن فضال (1)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الحيض، من أبواب الزيادات، في الحديث العشرين (3). و في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس و الثمانين (4). و في باب وجوب الحج، في الحديث السادس (5). و في باب الزيادات في فقه النكاح، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (6). و في الإستبصار، في باب الحائض تطهر عند وقت الصلاة، في الحديث الثاني (7).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (8)، انتهيٰ.
قلت: و إليه صحيح في الفقيه عليٰ الأصح من وثاقة العبيدي (1)، انتهي.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، في الحديث الحادي عشر (3). و في باب فضل المساجد، في الحديث الخامس و الستين (4). و في باب علامة أول شهر رمضان، في الحديث الرابع عشر (5). و في الإستبصار، في باب علامة أول يوم من شهر رمضان، في الحديث الحادي عشر (6).
قلت: الظاهر اتحاده مع سابقه (7)، انتهيٰ.
ص: 253
صحيح في التهذيب، في باب فضل الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث العشرين (1). و في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الخمسين (2). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بثلاثة و أربعين حديثاً (3). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (4). و في باب وقت الزكاة، في الحديث الخامس عشر (5).
قلت: و إليه في الفقيه: السعدآبادي (6)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بستة و ثلاثين حديثاً (1). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و الأربعين (2). و في باب علامة أول شهر رمضان، قريباً من الآخر بثمانية أحاديث (3). و في باب سنن الصيام، في الحديث الأول، و الثالث (4).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح (5)، بناء عليٰ وثاقة محمّد بن عيسيٰ، انتهيٰ.
الثاني (1)، و في الحديث التاسع عشر (2).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح (3)، كما أوضحناه في (رس) (4).
و إليه في النجاشي: أحمد العطار (5) [و هو] موثق، أو في حكمه، [انتهيٰ].
طريقان: أحدهما ضعيف، و الآخر فيه ابن أبي جيد في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال المفروضات، في الحديث السادس و الثلاثين (2). و في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (3). و في باب دخول الحمام، في الحديث الثاني (4). و في باب فضل المساجد، في الحديث الثامن و العشرين (5). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة و تسعين حديثاً (6).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم (7)، انتهيٰ.
و إليه حسن في باب أحكام الجماعة، في الحديث التاسع و العشرين (1). و في الإستبصار، في باب القراءة خلف من يقتديٰ به، في الحديث الرابع (2).
طريقان: أحدهما مجهول، و الآخر فيه أحمد بن محمّد بن موسي و نصر بن مزاحم في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب الأحداث الغير الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي و العشرين (2). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بأحد و تسعين حديثاً (3). و في باب البيع بالنقد و النسيئة، في الحديث التاسع (4). و في باب القود بين الرجال و النساء، في الحديث الحادي و الثلاثين (5). و في الإستبصار، في باب عدد المرّات في التيمم، في الحديث الرابع (6).
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و السبعين (2). و في باب الخروج إليٰ الصفا، في الحديث التاسع عشر (3). و في باب الشفعة، في الحديث التاسع عشر (4). و في باب الزيادات في فقه النكاح، قريباً من الآخر بتسعة و عشرين حديثاً (5). و مرّة اخريٰ بثمانية و عشرين حديثاً (6).
قلت: هو راوي الصحيفة الشريفة، و الطريق إليها و شرح اعتباره يطلب من شروحها (1)، انتهيٰ.
و إليه موثق في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث التاسع و التسعين (1). و في الإستبصار، في باب من يحج عن غيره هل يلزمه أن يذكره عند المناسك، أم لا؟ من أبواب الزيادات، في الحديث الآخر (2).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح عليٰ الأصح، أو موثق بمعاوية بن حكيم (3)، انتهيٰ.
الثامن (1).
صحيح في باب الاستخارة للنكاح، في الحديث الأول (2). و في باب ميراث الأُخوة و الأخوات، في الحديث الخامس (3). و في الإستبصار، في باب إن الاخوة و الأخوات عليٰ اختلاف أنسابهم لا يرثون، في الحديث الخامس، و السادس (4).
قلت: و إليه في النجاشي، و في أول كتابه الموجود موثق (5)، و يظهر من رسالة أبي غالب الزراري أنه يرويه عن: جده محمّد بن سليمان، عن الحسن بن محمّد الطيالسي، عن الحسن بن علي الخزاز المذكور (6)، انتهيٰ.
قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (1). و في باب ما يجب عليٰ المحرم اجتنابه، في الحديث الحادي و الأربعين (2). و في باب الصيد و الذكاة، في الحديث التسعين (3). و في الإستبصار، في باب من أحقّ بالصلاة عليٰ المرأة، في الحديث الثاني (4).
قلت: و إليه في النجاشي: السعدآبادي (5)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث السادس و السبعين (2). و في باب حكم الجنابة، في الحديث السبعين (3). و في باب تطهير المياه، في الحديث السابع عشر (4). و في باب الأغسال، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (5). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث الحادي و الخمسين (6).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (7)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (8).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث الثالث و الأربعين (9). و في باب فضل المساجد، في الحديث التاسع (10). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث الثالث و الخمسين (11). و في باب عدد النساء، قريباً من الآخر
ص: 265
ثلاث طرق حسنات: في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
و إلي نوادره:
طريقان: أحدهما فيه: أبو المفضل عن حميد. و الآخر فيه: أبو القاسم جعفر بن محمّد الموسوي في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث العشرين، و الثاني و العشرين (4). و في باب تطهير المياه، في الحديث الثالث عشر (5). و في باب تطهير الثياب، في الحديث العشرين (6). و في باب صفة الوضوء، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع (7).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح بالاتفاق (8). و إليه في النجاشي طرق: أحدها صحيح أيضاً بالاتفاق (9)، انتهيٰ.
ص: 267
صحيح في الفهرست (1).
صحيح في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
صحيح في الفهرست (4).
صحيح في التهذيب، في باب التيمم، في الحديث الثامن و العشرين (5). و في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن عشر (6). و في باب الصبيان متي يؤمرون بالصلاة، في الحديث الرابع (7). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر باثنين و عشرين حديثاً (8). و في باب فضل المساجد، في الحديث الثالث (9).
ص: 268
الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بعشرة أحاديث (2). و في باب أحكام الجماعة، في الحديث الأربعين (3).
صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث السادس و الأربعين (1). و في باب صفة الوضوء، في الحديث الثالث (2)، و السابع عشر (3)، و الخامس و الستين (4)، و السبعين (5).
الحديث التاسع عشر (1). و في باب تطهير المياه، في الحديث الخامس و الثلاثين (2). و في باب تطهير الثياب، في الحديث الثاني و التسعين (3).
قلت: و إليه في الفقيه (4) صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
الآخر بخمسة عشر حديثاً (1). و في الإستبصار، في باب من أوصيٰ فقال: حجّوا عنّي مبهماً، في الحديث الأول (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب النذور، قريباً من الآخر بسبعة أحاديث (1). و في الإستبصار، في باب إنه لا نذر في معصية، في الحديث الآخر (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، قريباً من الآخر بثمانية و ثمانين حديثاً (1). و في باب الأذان و الإقامة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و الثلاثين (2). و في باب فضل المساجد، في الحديث الرابع (3)، و الثامن عشر (4). و في باب ثواب الصيام، في الحديث الثاني (5).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح بالاتفاق (6)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب من إليه الحكم، في الحديث السادس (1).
الوضوء، في الحديث الثلاثين (1)، و السادس و الثمانين (2). و في باب حكم الجنابة، في الحديث الحادي و الأربعين (3).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح بالاتفاق (4)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (5).
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع و السبعين (7). و في باب تفصيل فرائض الحج، في الحديث الثلاثين (8). و في باب عدد النساء، في الحديث الخامس و الأربعين (9)، و السادس و الأربعين (10)، و الثامن و السبعين (11).
قلت: و إليه في الفقيه طريقان صحيحان بالاتفاق (12)، انتهيٰ.
ص: 278
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب فضل الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني (2). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (3)، و الخامس عشر (4).
صحيح في باب صلاة الكسوف، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث الآخر (5). و في الإستبصار، في باب الجهر ببسم اللّٰه الرحمن الرحيم، في الحديث الرابع (6).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (7)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (8).
صحيح في التهذيب، في باب التيمم، من أبواب الزيادات، في الحديث
ص: 279
الثاني (1). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بعشرين حديثاً (2). و في باب حكم الطهارة، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (3). و في باب القود بين الرجال و النساء، قريباً من الآخر باثني عشر حديثاً (4). و في الإستبصار، في باب جواز أكل لحوم الأضاحي بعد الثلاثة أيام، في الحديث الثالث (5).
قلت: و إليه في الفقيه طريق صحيح بالاتفاق، و آخر عليٰ الأصح من وثاقة إبراهيم بن هاشم (6). و إليه في النجاشي موثق (7)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب الطواف، في الحديث السابع و السبعين (1).
ضعيف في المشيخة (2)، و الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث التاسع (4). و في باب حكم الحيض، في الحديث الثالث و الستين (5). و في باب تطهير الثياب، في الحديث التاسع و العشرين (6). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بثلاثة عشر حديثاً (7). و في الحديث الآخر (8).
ص: 281
قلت: و إليه في الفقيه صحيح بالاتفاق (1)، انتهيٰ.
فيه: أحمد بن محمّد بن يحييٰ في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات في الحديث الأربعين (3). و في باب صلاة المضطر، في الحديث التاسع و العشرين (4). و في باب الغدوّ إليٰ عرفات، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (5). و في باب الوكالات، في الحديث الأول (6). و في الإستبصار، في باب من يجب عليه التمام في السفر، في الحديث الثامن (7).
مجهول في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع (2). و الثاني و السبعين (3). و في باب الصلاة عليٰ الأموات، في آخر كتاب الصلاة، في الحديث السادس (4). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الجزء الثاني، في الحديث الحادي و الأربعين (5). و في الإستبصار، في باب موضع الوقوف من الجنازة، في الحديث الآخر (6).
و إليه حسن في التهذيب، في باب التيمم، في الحديث الثالث (1).
و إليه موثق في الاستبصار، في باب إنّ ولد الولد يقوم مقام الولد، في الحديث الرابع (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الديون و أحكامها، في الحديث العاشر (4). و في باب فضل التجارة، في الحديث السابع و السبعين (5). و في باب الوصية لأهل الضلال، في الحديث السادس (6). و في الإستبصار، في باب كراهية مبايعة المضطر، في الحديث الثاني (7). و في باب من أوصيٰ بشي ء في سبيل اللّٰه، في الحديث الأول (8).
قلت: و إليه في النجاشي (9) صحيح، انتهيٰ.
ص: 284
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب الأغسال المفروضات، في الحديث الحادي و الثلاثين (2). و في باب الأغسال، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بحديثين (3). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث السبعين (4). و في باب أحكام السهو، في الحديث الثالث و الستين (5). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث الثامن عشر (6).
قلت: و إليه في الفقيه صحيح بالاتفاق (7)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضّل، عن حميد.
و إليه طريق آخر فيه أيضاً أبو المفضل، عن حميد. و طريق آخر كذلك أيضاً في الفهرست (8).
ص: 286
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (1).
و إليه فيه الحسن بن موسي في الاستبصار، في باب دية من قطع رأس الميت، في الحديث الأول (2).
و في باب الحلق، في الحديث الخامس و العشرين (1).
قلت: و إليه في الفقيه: صحيح (2) بالاتفاق، و هو بعينه محمّد بن أبي الصهبان المتقدم (3)، فلا تغفل، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث الحادي عشر (5). و في باب المياه، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (6). و في باب تطهير المياه، في الحديث الرابع و الثلاثين (7). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (8). و في باب التيمم، في الحديث السادس عشر (9).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (10)، انتهيٰ.
مرسل و مجهول في الفهرست (1).
الحديث الخامس و الستين (1).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث الثامن و السبعين (1). و مرّة أُخري فيه قريباً من الآخر بثلاثة عشر حديثاً (2). و في باب التيمم، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة أحاديث (3). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث التاسع و الخمسين (4). و في باب النوادر في الجهاد، في الحديث الثامن عشر (5).
قلت: و إلي تفسيره موثق في النجاشي (6)، انتهيٰ.
في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب الحيض، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (1).
صحيح في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيد، و محمّد بن عبد الحميد في الفهرست (2).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب أوقات الصلاة، في الحديث الخامس و الأربعين (3). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بأحد و ستين حديثاً (4). و في باب الحلق، في الحديث الأول (5)، و الرابع و العشرين (6). و في باب زيارة البيت، في الحديث الثامن (7).
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (1).
باب صلاة العيدين، في الحديث الحادي عشر (1)، (و) (2) كثيراً.
صحيح في باب فضل الصلاة، في الحديث الثامن و العشرين (3).
صحيح في الفهرست (1).
(2) صحيح في التهذيب، في باب زكاة أموال الأطفال، في الحديث الخامس عشر (3). و في باب البيّنات، في الحديث الثامن و التسعين (4). و في كتاب المكاسب، في الحديث الخامس و الستين (5). و في باب الأيمان و الأقسام، في الحديث الحادي و السبعين (6). و في الإستبصار، في باب ميراث الزوجة إذا لم يكن وارث غيرها، في الحديث السادس (7).
قلت: و إليه في الفقيه (8) حسن عند المشهور، صحيح عندنا كما مرّ في (رصه) (9) [انتهيٰ].
صحيح في التهذيب، في باب زكاة الغنم، في الحديث الثاني (1). و في باب علامة أول شهر رمضان، في الحديث الثاني عشر (2). و في باب نيّة الصيام، في الحديث السابع (3). و في باب حكم الساهي و الغالط في الصيام، في الحديث الثاني (4). و في باب الزيادات في القضايا و الأحكام، قريباً من الآخر بستة أحاديث (5).
قلت: و إليه في الفقيه (6): صحيح عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم، [انتهيٰ].
رويٰ عنه بلا واسطة في الفهرست (1)، و التهذيب (2)، و الاستبصار (3).
ضعيف في الفهرست (4).
و إلي محمّد بن مرازم:
صحيح في التهذيب، في باب علامة أول شهر رمضان، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (5). و في باب فضل التجارة، في الحديث الخامس و الأربعين (6). و في الإستبصار، في باب حكم الهلال إذا غاب قبل الشفق، في الحديث الثاني (7).
قلت: و إليه في النجاشي: السعدآبادي (8)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع و الستين (1). و في باب الأذان و الإقامة، في الحديث الخامس عشر (2). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (3). و في باب الذبائح و الأطعمة، قريباً من الآخر بتسعين حديثاً (4). و في الإستبصار، في باب الرجل يموت في السفر و ليس معه رجل، في الحديث الثالث (5).
قلت: قد ذكرنا ما يتعلق بطرق المشايخ إليٰ العياشي في (رصز) (1)، انتهيٰ.
صحيح في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث المائة و الحادي و الأربعين (1). و في الإستبصار، في باب إنه يستحب إتمام الصلاة في حرم الكوفة (2).
و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث التاسع و الستين (1).
صحيح في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، في الحديث الرابع و العشرين (2). و في باب البيّنات، في الحديث السابع و السبعين (3).
قلت: و إليه في النجاشي: محمّد بن جعفر الرزّاز (4)، من مشايخ الجليل أبي غالب الزراري، و خال والده (5)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (6).
و إليه صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي عشر (7). و في باب الكفارة عن خطأ المحرم، قريباً من الآخر بثمانية و عشرين حديثاً (8). و في باب الديون و أحكامها، في الحديث الخمسين (9). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث المائة و الثامن و العشرين (10).
ص: 307
صحيح في المشيخة (1).
ضعيف في الفهرست (1).
صحيح في التهذيب، في باب علامة أول شهر رمضان، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (2).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه، بناء عليٰ وثاقة ابن هاشم (1)، انتهيٰ.
المساجد، قريباً من الآخر باثنين و خمسين حديثاً (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (2)، انتهيٰ.
و في الإستبصار، في باب أقل ما يجزي من التسبيح في الركوع و السجود، في الحديث الخامس (1).
و إليه ضعيف، في الفرائض و غيرها في المشيخة (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب التيمم، في الحديث السادس عشر (2). و الخامس و العشرين (3). و في باب تطهير الثياب، في الحديث الثالث و الثلاثين (4). و في باب الحيض، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس (5).
قلت: و إليه في الفقيه: طريقان صحيحان بالاتفاق (6)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (7).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، في الحديث المائة و الثاني و السبعين (8). و في باب زكاة الحنطة، في الحديث الثامن (9). و في الاستبصار، في باب المقدار الذي يجب فيه الزكاة من الحنطة، في الحديث الخامس (10).
و إليه فيه: محمّد بن قولويه في باب حكم الماء إذا وقع فيه الكلب، في الحديث الثالث (11). و في التهذيب، في باب المياه، في الحديث التاسع و العشرين (12).
ص: 314
قلت: و إليه في الفقيه صحيح، عليٰ الأصح من وثاقة عثمان بن عيسيٰ (1)، مع أنه من أصحاب الإجماع، و إليه في النجاشي: محمّد بن جعفر (2) من مشايخ الغضائري (3)، انتهيٰ.
الحديث السابع و الثلاثين (1). و في باب حكم الجنابة، قريباً من الآخر بعشرين حديثاً (2). و في باب التيمم، في الحديث الثامن و الثلاثين (3)، و في الإستبصار، في باب إنشاد الشعر، من أبواب ما ينقض الوضوء، في الحديث الأول (4). و في باب وجوب الاستبراء من الجنابة بالبول، في الحديث الخامس (5). و في باب إن المتيمم إذا وجد الماء، في الحديث السابع (6).
قلت: و إليه في الفقيه (7): صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
صحيح، و إليه: طريق آخر حسن في الفهرست (8).
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب حكم الحيض، في الحديث التاسع و العشرين (2). و في باب تطهير الثياب، في الحديث الثاني عشر (3). و الحادي و الستين (4). و في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخر بخمسة و ثلاثين حديثاً (5). و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس عشر (6).
قلت: و إليه في الفقيه (7): صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
و قد بيّنا في ترجمة محمّد بن أبي عبد اللّٰه، و غيره أن محمّد بن جعفر الرزاز متحد معه (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب صفة الوضوء، في الحديث الثاني عشر (2). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث المائة و الثالث عشر (3). و في باب الزيادات بعد باب الإجازات، في الحديث الثالث و الثلاثين (4). و في باب اختيار الأزواج، في الحديث العشرين (5). و في باب السنة في عقود النكاح، في الحديث الثاني و الثلاثين (6).
قلت: و إليه في الفقيه: صحيح، بناء عليٰ وثاقة ابن هاشم (7)، و يأتي إن شاء اللّٰه تعاليٰ أن الرزاز غير محمّد بن أبي عبد اللّٰه (8)، انتهيٰ.
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث التاسع و الستين (1)، و كثيراً.
قلت: و إليه في الفقيه (2): صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
إليٰ وصيّته:
ضعيف.
و إلي كتابه:
مجهول في الفهرست (3).
و إليه: موثق في التهذيب، في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الأربعين (4). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأحد عشر حديثاً (5).
قلت: و إليه في الفقيه: محمّد بن سنان (6)، الذي اختلفوا في وثاقته و عدمها، و أثبتنا الوثاقة في (كو) (7)، و هو السبب لحكمه بضعف الطريق إليٰ
ص: 319
الوصيّة، و هو خلاف ما بنيٰ عليه في أول كلامه (1)، من كون حكمه به، حيث اتفقوا فيه، مع أنه رجح الوثاقة في ترجمته (2) فراجع، انتهيٰ.
صحيح في المشيخة (1)، و الفهرست (2).
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب أحكام السهو، من أبواب الزيادات، في الحديث التاسع عشر (4).
ضعيف في الفهرست (5).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بتسعة و أربعين حديثاً (6). و في باب ما يفسد الصيام، في الحديث الثاني (7). و في باب البيع بالنقد و النسيئة، في الحديث الرابع (8). و في باب الإجارات، في الحديث الثاني و العشرين (9). و في الإستبصار، في باب إنّ البول و الغائط و الريح يقطع الصلاة، في الحديث الأول (10).
ص: 321
قلت: و إليه في الفقيه (1) صحيح بالاتفاق، و إليه في النجاشي: أحمد ابن جعفر، عن حميد (2)، انتهيٰ.
قلت: هو صاحب كتاب الجعفريات المعروف بالأشعثيات، و قد أوضحنا في الفائدة الثانية صحّة طرق المشايخ إليه بما لا مزيد عليه (1)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد، و إبراهيم بن هاشم، و طريق آخر مرسل في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب فرض صلاة السفر، في الحديث الرابع (3). و في باب أوقات الصلاة، في الحديث العشرين (4). و مرّة اخريٰ فيه قريباً من الآخر بتسعة عشر حديثاً (5). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، في الحديث المائة و الخامس و العشرين (6). و في باب أحكام السهو في الصلاة، في الحديث الرابع (7).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن أبي جيد (8)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، و أبو محمّد الحسن بن علي السعدي في الفهرست (1).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب التيمم، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس عشر (3). و في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني. في الحديث الخامس (4). و في باب صلاة الخوف، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث الآخر (5). و في باب الديون و أحكامها، في الحديث التاسع و الثلاثين (6). و في باب من الزيادات في القضايا و الأحكام، في الحديث الخامس و الخمسين (7).
قلت: و إليه في النجاشي (8): صحيح بالاتفاق، انتهيٰ.
ص: 324
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث السادس و الستين (1)، و في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي و العشرين (2). و في باب كيفية الصلاة، في الحديث الثاني و التسعين (3).
صحيح في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، في الحديث التاسع و الأربعين (4).
صحيح في الاستبصار، في باب وقت المغرب، قريباً من الآخر بثمانية أحاديث (5).
قلت: و إليه في الفقيه (6) صحيح، عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم. و إليه في النجاشي: محمّد بن جعفر الرزاز (7)، الذي زعم في الجامع أنه الأسدي الثقة (8)، و فيه تأمل، بل هو خال والد أبي غالب الزراري، و شيخه كما يأتي (9)، انتهيٰ.
ص: 326
فيه: أبو المفضّل، عن حميد في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث السادس و التسعين (2).
صحيح في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني و التسعين (3)، و الثالث و التسعين (4).
و إليه حسن، و موثق فيه، في الحديث المائة و التاسع عشر (5).
و إليه صحيح فيه، قريباً من الآخر بخمسة و أربعين حديثاً (6).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد بن جعفر، عن حميد (7)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، و القاسم بن إسماعيل، في الفهرست (1).
ضعيف في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الثالث و الثلاثين (3). و في باب فضل المساجد، في الحديث المائة و الثامن (4). و في الإستبصار، في باب مقدار ما يجزي من الماء في الاستنجاء من البول، في الحديث الثاني (5).
و إليه حسن فيه، في الحديث الأول (6). و في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الثاني و الثلاثين (7).
قلت: و إليه في النجاشي: السعدآبادي (8)، انتهيٰ.
ص: 329
ضعيف. و طريق آخر فيه: أبو المفضل، و يونس بن علي العطار، و هو مجهول في الفهرست (1).
قلت: في الفهرست طريق ثالث ذكره بين الطريقين صورته: و رواها يعني كتبه ابن الوليد، عن الصفار، عن محمّد بن عيسيٰ بن عبيد، عن نصر بن مزاحم، و طريقه إليٰ ابن الوليد صحيح كما تقدم (2)، و العبيدي ثقة عليٰ الأصح الأشهر، فالطريق صحيح، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (2)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و العشرين (4). و في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث السادس و الثمانين (5). و في باب عدد النساء، في الحديث المائة و التاسع و العشرين (6). و في باب السراري و ملك الأيمان، في الحديث الرابع و الثلاثين (7). و في الإستبصار، في باب الرجل يصلّي في ثوب فيه نجاسة، من أبواب تطهير الثياب، في الحديث السابع (8).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد بن جعفر (9)، انتهيٰ.
ص: 332
قلت: و إليه صحيح في الفقيه (1). و كذا في النجاشي (2)، بناء عليٰ وثاقة مشايخه، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث الحادي و السبعين (4). و في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث الحادي و العشرين (5). و في باب تطهير الثياب، من أبواب الزيادات، في الحديث الرابع عشر (6). و في باب أحكام السهو، في الحديث الآخر (7). و في باب فضل الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس (8).
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (9).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب الولادة و النفاس، في الحديث
ص: 334
السابع و الأربعين (1). و في كتاب المكاسب، في الحديث المائة و الرابع و الخمسين (2). و في باب الذبائح و الأطعمة، في الحديث المائة و الستين (3). و في باب ضمان النفوس، في الحديث الرابع (4).
قلت: و إليه في النجاشي (5) صحيح عليٰ الأصح من وثاقة ابن هاشم، انتهيٰ.
علامة أول شهر رمضان، في الحديث الثاني و العشرين (1). و التاسع و الثلاثين (2).
قلت: و إليه في الفقيه: يزيد بن إسحاق شعر (3)، و قد أوضحنا وثاقته في (شلز) (4)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (5).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، في الحديث التاسع و الثلاثين (6)، و في باب أحكام السهو في الصلاة، في الحديث السابع (7). و الثاني و العشرين (8). و في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات، في الحديث الثامن و الستين (9). و في الإستبصار، في باب وضع الإبهام عليٰ الأرض في حال السجود، في الحديث الثاني (10).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (11)، انتهيٰ.
ص: 336
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الرابع و الستين (2). و في باب المياه، في الحديث الأربعين (3). و في باب تلقين المحتضرين، قريباً من الآخر بأربعين حديثاً (4). و في باب ثواب الصيام، في الحديث الأول (5). و في باب من أسلم في شهر رمضان، في الحديث الثالث (6).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (7)، انتهيٰ.
فيه: جماعة في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث السادس (8). و في الجماعة: الحسين بن عبيد اللّٰه الغضائري،
ص: 337
ذكرنا برهانه في ترجمة هارون بن موسي (1).
و إليه: صحيح في باب حكم الحيض، في الحديث الخامس و الخمسين (2). و في الإستبصار، في باب وجوب الترتيب في الأعضاء الأربعة، في الحديث الأول (3).
و إليه: فيه جماعة في التهذيب، في باب حكم الحيض، قريباً من الآخر بستة أحاديث (4)، و كثيراً.
و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث التاسع و الثلاثين (1). و في باب الأحداث الغير الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (2).
قلت: و إليه في الفقيه طرق صحيحة بالاتفاق، و طريق آخر فيه: ابن هاشم (3)، انتهيٰ.
ضعيف في المشيخة (4)، و الفهرست (5).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الخامس (6). و الثاني و الثلاثين (7). و في باب الأحداث الموجبة للطهارة، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس (8)، و في باب المياه، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس عشر (9). و في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بسبعة و خمسين حديثاً (10).
ص: 340
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة، كما يظهر بالتأمّل (1)، انتهيٰ.
السجود عليٰ القطن و الكتان، في الحديث الثالث (1).
قلت: و إليه في الفقيه: ابن هاشم (2)، و في النجاشي: ابن بطة (3)، انتهيٰ.
موثق في باب زكاة الذهب، في الحديث الثاني (1). و في باب النوادر في الجهاد، في الحديث التاسع عشر (2). و في كتاب المكاسب، في الحديث الخامس و الخمسين (3). و في باب النذور، في الحديث الثامن و الثلاثين (4).
قلت: و إليه في الفقيه: الحسين بن الحسن بن أبان (5)، و قد أوضحنا وثاقته في (يج) (6)، انتهيٰ.
و إليه صحيح في التهذيب، في باب البيع بالنقد و النسيئة، في الحديث السادس عشر (1). و مرّة اخريٰ فيه قريباً من الآخر بتسعة أحاديث (2). و في باب بيع الواحد و الإثنين، في الحديث الثامن و الثمانين (3). و في باب الإجارات، في الحديث التاسع و العشرين (4).
قلت: يعرف الساقط من النجاشي (5) إلّا أنه مجهول، انتهيٰ.
فإن بين الأسدي و الرازي اختلافاً من جهات و تغايراً بأُمور، لا يمكن معها الحكم بالاتحاد، و لم يأت في ترجمة الأسدي بقرينة واضحة سويٰ الاشتراك في بعض المشايخ و بعض الرواة عنهما، و الذي زلّه في هذا المزلق عدم ذكر البزاز في كتب التراجم المعروفة، و إنما يوجد في جملة من الأسانيد من غير ضبط صحيح، و لذا يوجد في بعضها: البزاز، و في بعضها: الرزاز، و في ثالث: الرازي، و نحن بعون اللّٰه نوضح عدم الاتحاد، و يستكشف من خلاله أنه من المشايخ الأجلاء، و أدلاء الرشاد.
فنقول: قال الشيخ الجليل أبو غالب أحمد بن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين المعروف بالزراري لكون أُمّ الحسن ابن الجهم بنت عبيد بن زرارة.
و أوّل من نسب منهم إليٰ زرارة سليمان، نسبه إليه أبو الحسن علي الهادي (عليه السّلام) في توقيعاته، و كانوا قبل ذلك يعرفون: بولد الجهم.
فقال (رحمه اللّٰه) في رسالته إليٰ ابن ابنه عبد اللّٰه بن محمّد بن أحمد في ذكر آل أعين ما لفظه: وجدتي أُمّ أبي فاطمة بنت جعفر بن محمّد بن الحسن القرشي البزاز مولي [ل] بني مخزوم.
و قد رويٰ محمّد بن الحسن الحديث، و كان أحد حفّاظ القرآن، و قد نقلت عنه قراءته و كبرت منزلته فيها.
و أخوها: أبو العباس، محمّد بن جعفر البزاز (1)، و هو أحد رواة الحديث، و مشايخ الشيعة.ي.
ص: 346
و كان له أخ، اسمه: الحسن بن جعفر، قد رويٰ أيضاً الحديث، إلّا أن عمره لم يطل فينقل عنه.
و كان مولد محمّد بن جعفر سنة ثلاث (1) و ثلاثين و مائتين، و مات سنة ستّ عشرة و ثلاثمائة، و سنهُ ثمانون سنة.
و كان من محلّه في الشيعة أنه كان الوافد عنهم إليٰ المدينة، عند وقوع الغيبة سنة ستين و مائتين، و أقام بها سنة، و عاد، و قد ظهر له من أمر الصاحب (عليه السّلام) ما (احتاج) (2) إليه.
و أُمّه، و أُمّ أخته: فاطمة جدّتي بنت محمّد بن عيسيٰ القيسي إليٰ أن قال-: و كان محمّد بن عيسيٰ أحد مشايخ الشيعة و [م] من كان يُكاتَبُ، و كان خرج توقيع إليه، جواب كتاب كتبه عليٰ يدَي أيوب بن نوح (رضي اللّٰه عنه)، في أمر (3) عبد اللّٰه بن جعفر حدثني بذلك خال أبي أبو العباس الرزاز، إليٰ أن قال أيضاً-: و كان محمّد بن عيسيٰ أحد رواة الحديث.
حدثني عنه خال أبي؛ محمّد بن جعفر الرزاز و هو جدّه: أبو امه عن الحسن بن علي بن فضّال.
قال: و حدثني عنه بكتاب عيسيٰ بن عبد اللّٰه العلوي، و هو كتاب معروف إليٰ أن قال في ذكر مشايخه-: و سمعت أنا بعد ذلك من عمّ أبي: علي بن سليمان، و من خال أبي: محمّد بن جعفر الرزاز. إليٰ آخره (4).9.
ص: 347
ثم رويٰ عنه في ذكر طرقه إليٰ أصحاب الكتب التي كانت عنده كثيراً منها، و وصفه بالبزاز تارة، و أُخري بالرزاز (1).
إذا عرفت ذلك، فنقول: تشهد عليٰ انه غير محمّد بن جعفر الأسدي الذي صرّحوا بأنه بعينه محمّد بن أبي عبد اللّٰه؛ أُمور:
أ ان كنية البزاز؛ أبو العباس (2)، و كنية الأسدي؛ أبو الحسين (3).
ب ان البزّاز؛ محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن (4)، و الأسدي؛ محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون (5).
ج ان الأول؛ قرشي مخزومي (6)، و الثاني؛ أسدي كوفي (7).
د ان الأول؛ مات في سنة [ست] عشرة و ثلاثمائة (8)، و الثاني؛ في ليلة الخميس لعشر خلون من جمادي الأوليٰ سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة، كما في النجاشي (9).
ه ان الأسدي كان ساكناً في الري (10)، و لذا يوصف بالرازي كثيراً، و يروي غالباً عن الرواة الذين كانوا بالري مثل: سهل بن زياد، و محمّد بن0.
ص: 348
إسماعيل البرمكي كما يظهر من الكافي (1) و غيره، و الرزاز كان بالكوفة إليٰ أن مات كما يظهر من الرسالة (2).
و ان الأسدي صاحب كتاب في الجبر و الاستطاعة و غيره (3)، و لو كان هو البزاز لأشار إليه أبو غالب.
ز ان النجاشي ذكر في طريقه إليٰ كثير من المشايخ؛ المفيد، عن أبي غالب، عن محمّد بن جعفر الرزاز (4). إليٰ آخره.
و قال في ترجمة الأسدي: أخبرنا أبو العباس بن نوح، قال: حدثنا الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمّد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه، قال: و قال ابن نوح: حدثنا أبو الحسن بن داود، قال: حدثنا أحمد بن حمدان القزويني، عنه بجميع كتبه (5).
و لو كان هو الرزاز لذكر الطريق الأول، و هو أجلّها و آثرها عنده و عند غيره، و مثله الشيخ في الفهرست، فإنه يروي كتبه، عن جماعة، عن التلعكبري، عنه (6).
ح ان النجاشي ذكر في ترجمة الأسدي: أن أباه جعفر بن محمّد كان وجهاً، رويٰ عنه أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (7)، و لو كان هو الرزاز لذكره0.
ص: 349
أبو غالب لشدّة حرصه عليٰ ضبط فضائل قبيلته امّاً و أباً.
ط ان أبا علي الأسدي ابن محمّد بن أبي عبد اللّٰه كان من الرواة، يروي عنه الصدوق في كمال الدين بتوسط شيخه محمّد بن محمّد بن الخزاعي، عن أبيه الأسدي (1)، و لو كان هو البزاز لذكره في الرسالة قطعاً.
ي ان الشيخ في باب من لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام) و غيره ذكروا أنّ الأسدي كان من الأبواب في الغيبة (2)، و لو كان هو البزاز لأشار إليه فيها يقيناً.
يا ان الرزاز من أجلّ مشايخ الشيخ الجليل جعفر بن محمّد بن قولويه، فروي عنه أخباراً كثيرة في أكثر أبواب كتابه كامل الزيارة، و هو الواسطة غالباً بينه و بين خال الرزاز محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات، و يعبّر عنه تارة: بمحمّد بن جعفر الرزاز (3)، و ثانية: بمحمّد بن جعفر القرشي الرزاز (4)، و ثالثة: بأبي العباس الرزاز (5)، و رابعة: بأبي العباس القرشي (6)، و غيرها، و لم يُكَّنِهِ بأبي الحسين أبداً، و لا أباه بأبي عبد اللّٰه، و لم يصفه بالأسدي، بل يروي عنه بتوسط الحميري. فقال في الباب التاسع: حدثني محمّد بن عبد اللّٰه، عن محمّد بن أبي عبد اللّٰه الكوفي، عن موسي بن عمران النخعي. إليٰ آخره (7)، و بعد ثلاثة أحاديث قال: و حدثني محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات. إليٰ آخره (8).1.
ص: 350
يب ان صاحب الجامع، جمع في ترجمة محمّد بن أبي عبد اللّٰه الكوفي (1)، و محمّد بن جعفر الأسدي (2)، و محمّد بن جعفر بن عون (3) مع حكمه كالأكثر باتحاد الثلاثة طرق المشايخ إليه في أسانيد الأحاديث، و لم نجد في جميعها اتصاف الأسدي: بالرزاز، أو البزاز، و لا التعبير في المواضع الثلاثة: بأبي العباس، و لا في موضع وصف بالرزاز أباه بأبي عبد اللّٰه، و لا نفسه بالأسدي، و لا بأبي الحسين. و مع ذلك كلّه قال في ترجمة الأخير:
أقول: قد ظهر لنا من رواية محمّد بن أبي عبد اللّٰه، عن سهل بن زياد، و روايته عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، و روايته عن موسي بن عمران النخعي و غيرهم في ترجمة [محمّد بن] أبي عبد اللّٰه. و رواية أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي، عن موسي بن عمران النخعي، و رواية محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب في هذه الترجمة، و القرائن الأُخر التي في هذه الترجمة، و ترجمة محمّد بن أبي عبد اللّٰه، و ترجمة محمّد بن إسماعيل البرمكي، و ترجمة محمّد بن خالد الطيالسي، اتّحادُ محمّد بن أبي عبد اللّٰه، و محمّد بن جعفر أبي الحسين الأسدي، و محمّد بن جعفر أبي العباس الرزاز (4)، انتهيٰ.
و القرائن التي أشار إليها هي أيضاً الاشتراك في الراوي و المروي عنه،ظ.
ص: 351
و هي في غاية الوهن بعد التأمل فيما ذكرنا.
و من هنا قال المحقق البحراني في البلغة في ترجمة الأسدي كما نقله أبو علي-: و بعض مشايخنا توهم اتحاده مع الرزاز، و التوهم سخيف (1)، انتهيٰ.
ثم اني لم أجد من ترجم الرزاز مع كثرة روايته سويٰ المحقق المذكور، فإنه ذكره فيه و جعله ممدوحاً (2)، لكنه قال في المعراج في شرح طريق فيه أبو غالب عنه ما لفظه: أما الطريق الأول، ففيه أحمد بن محمّد بن محمّد بن سليمان الزراري، و هو أبو غالب الثقة الجليل القدر، و خال أبيه محمّد بن جعفر، و هو الرزاز بالراء المهملة و الزائين المعجمتين قبل الألف و بعدها و هو جليل القدر، عظيم الشأن، خال محمّد بن محمّد بن سليمان أبي أحمد المذكور.
قال أبو غالب:. و نقل بعض ما نقلنا عن رسالته، ثم قال: و هذا كما تري يدل عليٰ جلالة قدره، و علوّ شأنه، و قد ذكر السيّد (3) محمّد (رحمه اللّٰه) في شرح النافع: أنه مجهول الحال، و هو مدفوع بما نقلنا عن رسالة أبي غالب المذكور، انتهيٰ (4).
قلت: و يشير إليٰ وثاقته، بل يدلّ عليها كونه من مشايخ الشيخ جعفر ابن قولويه، و قد أكثر من الرواية عنه في كامله مع تصريحه في أوّله بأنه لا يروي فيه إلّا عن ثقات مشايخه (5)، كما نقلنا عنه في ترجمته في الفائدة الثانية (6). [انتهيٰ].3.
ص: 352
مجهول في الفهرست (1).
فيه: أبو المفضل، عن حميد، و طريق آخر فيه: القاسم بن إسماعيل أيضاً في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب الخروج إليٰ الصفا، في الحديث الخامس و الأربعين (3).
صحيح في باب العقود عليٰ الإماء، في الحديث الرابع و الأربعين (4). و في باب الإقرار في المرض، في الحديث السادس و العشرين (5). و في الإستبصار، في باب من صام يوم التروية و يوم عرفة، هل يجوز أن يضيف إليهما يوماً آخر بعد انقضاء أيام التشريق؟ في الحديث الثاني (6).
قلت: و إليه في الفقيه: ابن هاشم عليٰ الشرح الذي مرّ في (شمز) (7) انتهيٰ.
ص: 353
حسن في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، في الحديث الثامن و السبعين (1).
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب العقود عليٰ الإماء، في الحديث الثالث و الأربعين (2).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (3)، انتهيٰ.
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (1).
قلت: في النجاشي إليٰ حميد: صحيح (2)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب حكم الجنابة، في الحديث السادس و السبعين (4). و في باب تطهير المياه، في الحديث الحادي و العشرين (5). و في باب صلاة السفينة، في الحديث الآخِر (6). و في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث العاشر (7). و في باب علامة أوّل شهر رمضان، في الحديث الحادي و العشرين (8).
قلت: و إليه في النجاشي: صحيح، و هو يزيد بن إسحاق شعر (9)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، قريباً من الآخِر بأربعة و أربعين حديثاً (2).
فيه: أبو المفضل، عن حميد في الفهرست (3).
و [إليه صحيح في التهذيب، (4)] في باب المواقيت، من أبواب الزيادات، في الحديث الثالث و التسعين (5). و في باب الصلاة في السفر، من أبواب الزيادات، في الحديث الخامس و التسعين (6). و في باب الصلاة في السفينة، من أبواب الزيادات، في الجزء الثاني، في الحديث السابع (7). و في باب زكاة مال الغائب، في الحديث السابع (8).
ص: 357
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (1)، انتهيٰ.
الحديث الخمسين (1). و في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الرابع (2). و في باب صفة الوضوء، في الحديث السابع و الخمسين (3). و في باب تطهير الثياب، قريباً من الآخر بأربعة عشر حديثاً (4). و في باب تلقين المحتضرين، في الحديث العاشر (5).
قلت: و إليه صحيح في الفقيه بالاتفاق (6)، انتهيٰ.
مجهول.
و إليه: طريق آخر حسن كالصحيح.
و طريق آخر فيه: أبو المفضل، عن محمّد بن جعفر الرزاز في مشيخة الاستبصار، و كذا في مشيخة التهذيب (1).
ص: 361
ص: 363
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الثاني (1). و في الحديث الحادي عشر (2). و في باب صفة الوضوء، في الحديث التاسع (3). و في الحديث التاسع و العشرين (4). و الحادي و الستين (5).
قلت: في الفهرست بعد ذِكر الطرق-: و قال محمّد بن علي بن الحسين: سمعت محمّد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّٰه) يقول: كُتُبَ يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلّها صحيحة معتمد عليها، إلّا ما ينفرد به محمّد بن عيسيٰ بن عبيد، عن يونس و لم يروه غيره، فإنه لا يعتمد عليه و لا يفتي به (6)، انتهيٰ.
و أنت خبير بأنّ حكم ابن الوليد بصحّة الطرق لا بُدّ و أن يكون لوثاقة الراوي، و لا يجي ء هنا ما يحتمل أن يكون سبباً للحكم بالصحة لو حكموا بصحة خبر من القرائن الخارجية كما لا يخفيٰ عليٰ المتأمّل، و عليه فيخرج بعض من هذه الطرق من حدّ الجهالة و الضعف إليٰ حريم الوثاقة (7).ظ.
ص: 364
و قد أوضحنا في (لا) (1) ضعف ما استثناه، و عدم قبول المشايخ ما اعتقده فيه.
و روي الصفار كتب يونس عنه، بل في الطريق الأخير رويٰ ابن الوليد عن الصفار، عنه، عنه (2).
و في بعض نسخ النجاشي، و منها نسخة المولي عناية اللّٰه بعد ذكر كتبه-: أخبرنا محمّد بن علي أبو عبد اللّٰه بن شاذان القزويني، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن يحييٰ، قال: حدثنا عبد اللّٰه بن جعفر، قال: حدثنا محمّد بن عيسيٰ، قال: حدثنا يونس بجميع كتبه (3).
و في رسالة أبي غالب الزراري في ذكر طرقه إليٰ ما كان عنده من الكتب-: كتاب الزكاة ليونس: حدثني به الحميري، عن محمّد بن عيسيٰ، عن يونس (4) إليٰ ان قال-: كتاب الجامع ليونس بن عبد الرحمن و هو: جامع الآثار، أربعة أجزاء-: حدثني به خال أبي: أبو العباس الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عنه.
و حدثني به أيضاً: أبو العباس الحميري (5)، انتهيٰ.
و أمّا كتابه في اليوم و الليلة، فروي النجاشي بطريق صحيح، انه عرض عليٰ أبي محمّد العسكري (عليه السّلام) فقال: أعطاه اللّٰه بكل حرف نوراً يوم القيامة (6)، انتهيٰ.8.
ص: 365
ضعيف في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الثالث و السبعين (2). و في باب حكم الحيض، في الحديث الثاني و السبعين (3). و في باب تطهير الثياب، في الحديث الثالث و الستين (4). و في باب الحيض من أبواب الزيادات، في الحديث الثاني (5). و في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث السابع و التسعين (6).
قلت: و إليه في الفقيه: الحكم بن مسكين، الثقة في (مب) (7).
و إليه في النجاشي: موثق (8)، انتهيٰ.
الحديث الرابع و الثلاثين (1).
الخامس و الستين (1).
و في الجماعة: الحسين بن عبيد اللّٰه الغضائري، ذكرنا برهانه في ترجمة هارون بن موسي التلعكبري (1)، فعلي هذا الطريق إليه صحيح.
أبو جعفر محمّد بن علي قال: رويٰ لي جماعة من مشايخنا، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي في التهذيب، في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، قريباً من الآخر بثلاثة أحاديث (2).
(1) فيه: أبو المفضل، عن حميد. و طريق آخر ضعيف في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، في الحديث الخمسين (3). و في باب الزيادات في فقه الحج، في الحديث المائتين و السادس و العشرين (4). و في الإستبصار، في باب مقدار الماء الذي لم ينجسه شي ء، في الحديث العاشر (5). و في باب طلاق المعتوه، في الحديث الآخر (6).
قلت: حكمه بضعف الطريق لوجود محمّد بن سنان خلاف ما عهد عليه، فإنه من معشر اختلفوا فيهم، و المحققون عليٰ الوثاقة، كما مرّ في (كو) (7)، فراجع. [انتهيٰ].
ص: 373
(1) فيه: ابن الزبير، و علي بن الحسن. و طريق آخر فيه: ابن أبي جيد. و آخر مرسل في الفهرست (2).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب المياه، في الحديث الثالث، و الرابع (3). و في باب كيفيّة الصلاة من أبواب الزيادات، في الحديث المائة و الرابع و الستين (4). و في باب حكم العلاج للصائم، في الحديث العاشر (5). و في باب بيع الثمار، في الحديث الرابع و العشرين (6).
ابن إسماعيل البرمكي، فعلي هذا فالطريق إليه صحيح، و اللّٰه أعلم.
قلت: و إليه في الفقيه: الحكم بن مسكين، و الحسن بن رباط (1). و في النجاشي: موثق إليٰ الحسن بن محبوب الراوي عن خالد (2)، انتهيٰ.
(3) فيه: أبو المفضل، و القاسم بن إسماعيل في الفهرست (4).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب كيفية الصلاة، في الحديث المائة و السادس و العشرين (5). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، قريباً من الآخر بسبعة عشر حديثاً (6). و في باب صفة الإحرام، في الحديث الخامس (7). و في باب الكفارة عن خطاء المحرم، في الحديث المائة و الثاني و السبعين (8). و في الإستبصار، في باب من قتل سبعاً، في الحديث الآخر (9).
الزيادات، قريباً من الآخر بستة أحاديث (1).
قلت: و إليه في النجاشي: موثق بحميد (2)، انتهيٰ.
فيه: ابن أبي جيد في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب المواقيت، في كتاب الحج، في الحديث الثامن و العشرين (4). و في الإستبصار، في باب النوم من أبواب ما ينقض الوضوء، في الحديث السادس (5).
و إليه: موثق في التهذيب، في باب الشركة و المضاربة، في الحديث الثاني و الثلاثين (6). و في باب ميراث من علا من الآباء، في الحديث الثامن و العشرين (7). و في باب ميراث ابن الملاعنة، في الحديث العشرين (8).
قلت: و إليه في النجاشي: أحمد العطار (9). [انتهيٰ].
الصباح في الفهرست (1).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب أحكام السهو، في الحديث الرابع و الخمسين (2).
812 و إلي أبي العباس البقباق (1):صحيح في التهذيب، في باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه، في الحديث الحادي عشر (2). و في كتاب المكاسب، في الحديث المائة (3). و في الإستبصار، في باب من الزيادات في شهر رمضان، في كتاب الصلاة، في الحديث الخامس (4). و في باب من له عليٰ غيره مال فيجحده، في كتاب المكاسب، في الحديث الثامن (5).
و إليه: موثق في باب أنه لا يجوز العقد عليٰ الإماء إلّا بإذن مواليهن، في الحديث الثاني (6)، و كثيراً.
قلت: و إليه في الفقيه: صحيح بالاتفاق، انتهيٰ (7).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (1)، انتهيٰ.
و في باب الديون، في الحديث الثاني و الأربعين (1). و في كتاب المكاسب، في الحديث التاسع و السبعين (2). و في حديث المائة و الثالث و الستين (3).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (4)، انتهيٰ.
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب حكم المغميٰ عليه في الصيام، في الحديث الثالث عشر (1).
و إليه: موثق [في التهذيب]، في باب وقت الزكاة، في الحديث السابع (2). و في الإستبصار، في باب ان المواقعة بعد الرجعة شرط لمن يريد ان يطلق طلاق العدّة، في الحديث التاسع (3).
ضعيف في الفهرست (4).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، في الحديث السادس و الأربعين (5). و في باب الذبح، في الحديث الثالث و العشرين (6).
قلت: و في النجاشي: له كتاب، يرويه أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير، عنه (7). و الظاهر حسب الاستقراء ان الطريق:
المفيد، عن ابن حمزة، عن ابن بطة، عن أحمد. و هو صحيح عليٰ الأصح من وثاقة ابن بطة، و يحتمل ان يكون:
الغضائري، عن أحمد بن جعفر، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد
ص: 387
ابن محمّد بن عيسيٰ (1). بقرينة الطريق الذي قبيله (2)، انتهيٰ.
ضعيف في الفهرست (3).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تطهير المياه، في الحديث الثامن عشر (1). و في باب من أسلم في شهر رمضان، في الحديث التاسع (2). و في باب الشهداء و أحكامهم، في الحديث الثالث (3). و في باب السنة في عقود النكاح، قريباً من الآخر بخمسة أحاديث (4). و في باب الزيادات في فقه النكاح، في الحديث السابع و الخمسين (5).
قلت: و إليه في النجاشي: ابن بطة (6)، و اسمه: عبد الغفار بن القاسم، انتهيٰ.
طريق الشيخ إليٰ عبيس، صحيح كما مرّ (1)، انتهيٰ.
الآخر بخمسة أحاديث (1). و في باب دخول الحمام، في الحديث التاسع (2). و الثامن و العشرين (3). و قريباً من الآخر بحديثين (4).
و إليه: صحيح في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين، من أبواب الزيادات، قريباً من الآخر بأربعة أحاديث (1). و في باب التلقي و الحكرة، في الحديث الرابع (2).
قلت: اسمه: عبد اللّٰه بن إبراهيم الغفاري، و قد مرّ [ت] صحّة الطريق إليه (3)، انتهيٰ.
صحيح في التهذيب، في باب ثواب الحج، في الحديث العاشر (4).
و إليه: موثق [في التهذيب]، في باب التلقي و الحكرة، في الحديث الرابع و العشرين (5).
قلت: هو بعينه أبو الصباح الكناني، و قد تقدم (6)، [انتهيٰ].
مرسل، و مجهول في الفهرست (7).
قلت: جزم السيد المحقق في التلخيص و المنهج: ان المراد منه: أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي الهُذليّ الإمامي صاحب مروج الذهب
ص: 397
و إثبات الوصيّة و غيرهما (1).
و هو ظاهر جماعة (2).
و هو بعيد غايته، فانّ مقام هذا الشيخ في العلم و الفضل و التبحر معلوم مشهور غير خفي عليٰ مثل الشيخ، فكيف لم يترجمه في الأسامي و لا في الكنيٰ؟ بل ذكره في الألقاب من غير تبجيل و لا تعظيم، بل ذكره بما يقرب من الإهمال و الجهالة، خصوصاً قوله: له كتاب.
فإنه صاحب مؤلفات كثيرة ذكرها معاصره النجاشي (3)، و هو من كبار مشايخ الشيخ النعماني (4)، فكيف يقول: رويٰ عنه موسي بن حسّان و هو غير مذكور؟ بل الظاهر كما احتمله السيد التفريشي ان المراد به هنا: القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد اللّٰه بن مسعود المسعودي (5)، الذي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السّلام) و قال: أسند عنه (6)، و أُخرج عنه في التهذيب في باب ميراث من علا من الآباء حديثاً بإسناده: عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن خلّاد بن خالد، عن القاسم بن معن، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): في ابن أخ وجد؟ قال: المال بينهما نصفان (7).0.
ص: 398
و منه يظهر تشيّعه كما لا يخفيٰ عليٰ البصير.
ان للتأمّل في كثير من المواضع التي حكم فيها صاحب الرسالة بضعف الطريق خصوصاً دعواه الاتفاق فيه مجالًا، و رأينا التعرّض له يوجب الاطناب المُمِلّ، و لكن في التأمل في بعض المواضع التي أشرنا إليها و في الفائدة السابقة يفتح للبصير أبواباً لضعف حكمه و صحّة الطرق المذكورة، فراجع و تأمّل.
إنّا و إنْ لم نقل بأنّ شيخيّة الإجازة من أمارات الوثاقة و لم ندّع تواتر الكتب أو أكثرها عند المشايخ، فلا يحتاج إليٰ النظر في حال مشايخ الإجازة، و بنينا عليٰ إحراز وثاقتهم، و اكتفينا فيه بحصول الظن من الأمارات، و لم نقتصر عليٰ التنصيص فضلًا عن الاكتفاء في الحُجّة من الحديث بحصول الوثوق بصدوره الحاصل في المقام من حسن حالهم و سلامتهم، إلّا أنّه يمكن الحكم بوثاقة هؤلاء المشايخ الذين اعتمد عليهم الشيخ و النجاشي في طرقهم إليٰ أرباب الكتب لأُمور تقدمت في كلماتنا متفرقة، و نشير إليها هنا إجمالًا لكثرة الحاجة إليها:
أ تصريح الشهيد الثاني في شرح الدراية بوثاقتهم حيث قال: تُعرف العدالة المعتبرة في الراوي: بتنصيص عدلين عليها أو بالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل أو غيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السالفين، من عهد الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني، و ما بعده إليٰ زماننا هذا. لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين إليٰ تنصيص عليٰ تزكية و لا تنبيه عليٰ عدالة؛ لمّا اشتهر في كلّ عصر من ثقتهم و ضبطهم و ورعهم، زيادة عليٰ العدالة.
ص: 399
و انّما يتوقف عليٰ التزكية غير هؤلاء من الرواة الذين لم يشتهروا بذلك، ككثير ممّن سبق عليٰ هؤلاء (1). إليٰ آخره.
و ظاهره: دخول مشايخهما في هذه الكلية، خصوصاً مثل الشيخ أبي الحسين علي بن أحمد بن أبي جيد القمي، المعروف بابن أبي جيد، و أبي عبد اللّٰه أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز، المعروف بابن الحاشر و بابن عبدون، من مشايخ الشيخ، و قد أكثر من الرواية عنهما و الاعتماد عليهما في المشيخة و الفهرست، و كذا النجاشي بالنسبة إليٰ الأول.
و قال ولده المحقق صاحب المعالم، في الفائدة التاسعة من فوائد كتابه المنتقي-: يروي المتقدمون من علمائنا (رضي اللّٰه عنهم) عن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنِهم، و ليس لهم ذكر في كتب الرجال.
و البناء عليٰ الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين.
وَ يُشْكِل: بأن قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أُولئك الأجلّاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخاً، يكثرون الرواية عنه، و يظهرون الاعتناء به. و رأيت لوالدي (رحمه اللّٰه) كلاماً في شأن بعض مشايخ الصدوق، قريباً مما قلناه.
و ربّما يتوهم أنَّ في عدم التعرض لذكرهم في كتب الرجال إشعاراً بعدم الاعتماد عليهم، و ليس بشي ء، فإنَّ الأسباب في مثله كثيرة، و أظهرها: أنّه لا تصنيف لهم، و أكثر الكتب المصنفة في الرجال لمتقدمي الأصحاب اقتصروا فيها عليٰ ذكر المصنفين و بيان الطرق إليٰ رواية كتبهم.
هذا و من الشواهد عليٰ ما قلناه، أنّكَ تراهم في كتب الرجال يذكرون).
ص: 400
عن جمع من الأعيان، أنهم كانوا يروون عن الضعفاء، و ذلك عليٰ سبيل الإنكار عليهم [و إنْ كانوا] لا يعدونه طعناً فيهم، فلو لم تكن الرواية عن الضعفاء من خصوصيات من ذكرت عنه، لم يكن للإنكار وجه، و لو لا وقوع الرواية عن بعض الأجلاء، عمّن هو مشهور بالضعف، لكان الاعتبار يقتضي عدّ رواية من هو مشهور معروف بالثقة و الفضل و جلالة القدر، عمّن هو مجهول الحال ظاهراً من جملة القرائن القوية عليٰ انتفاء الفسق عنه (1).
ثم استشهد بكلام للكشي، و آخر للنجاشي و قال: إنّ من هذا الباب رواية الشيخ، عن أبي الحسين بن أبي جيد، فإنه غير مذكور في كتب الرجال، و الشيخ يؤثر الرواية عنه غالباً؛ لأنه أدرك محمّد بن الحسن بن الوليد عليٰ ما يفيده كلام الشيخ فهو يروي عنه بغير واسطة. و المفيد و جماعة إنما يروون عنه بالواسطة. فطريق ابن ابي جيد أعليٰ؛ و للنجاشي أيضاً عنه رواية كثيرة، مع أنه ذكر في كتابه جماعة من الشيوخ، و قال: إنه ترك الرواية عنهم لسماعة من الأصحاب تضعيفهم (2).
ثم ذكر من هذا الباب: أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، و محمّد بن علي ماجيلويه، و أحمد بن محمّد بن يحييٰ العطار، [ثم قال]: و العلّامة يحكم بصحة الاسناد المشتمل عليٰ أمثال هؤلاء، و هو يساعد ما قرّبناه (3)، انتهيٰ.
و مرّ كلام الشيخ البهائي و غيره في ترجمة أحمد العطار، في1.
ص: 401
(قسط) (1)، فراجع.
ب إنَّ السّند إذا اشتمل عليٰ رجال بعضها ضعيف أو مجهول، فلا بُدّ من الحكم بضعف الخبر و إن كان غيره من الثقات. و إذا تعدّد الضعيف، فمقتضيٰ الاعتبار الذي يساعده عملهم استناد الضعف إليٰ أوّل ضعيف يوجد في السند، فإنّ به يسقط الخبر عن الاعتبار، و يخرج عن حريم الحجيّة، و يصير النظر إليٰ حال من بعده لغواً، ثقة كان أو ضعيفاً، و لا دلالة له عليٰ حال من بعده، بخلاف حال من تقدمه فإنه يدل عليٰ كونه ثقة، واحداً كان أو متعدداً. إذْ. لو كان فيه ضعيفاً لاستند الضعف إليه، لا إليٰ من كان بعده.
إذا تمهد ذلك فنقول: إنَّ الشيخ كثيراً ما يقدح في الكتابين في رجال السند الذين وقعوا بعد صاحب الكتاب، و لم يقدح أبداً في رجال طريقه إليه. و احتمال تواتر الكتب عنده غير آت عند من اتخذ طريقة المتأخرين سبيلًا يسلكه في فنّ الحديث، و قد مرّ في شرح حال الكافي (2) ما ينبغي أن يلاحظ.
ج ما شرحناه في ترجمة النجاشي من شدّة تورّع المشايخ عن الرواية عن المتهمين فضلًا عن الضعفاء و المجروحين، و نقلنا جملة من كلماتهم الدالة عليٰ ذلك (3).
و نذكر هنا مثالًا [و هو] ما ذكره النجاشي في ترجمة الأنباري.
قال: عبيد اللّٰه بن أبي زيد أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري، شيخ من أصحابنا، [يكني أبا طالب]، ثقة في الحديث، عالم به، كان قديماً من3.
ص: 402
الواقفة.
قال أبو عبد اللّٰه الحسين بن عبيد اللّٰه: قال أبو غالب الزراري: كنت أعرف أبا طالب أكثر عمره واقفاً مختلطاً بالواقفة، ثم عاد إليٰ الإمامة، و جفاه أصحابُنا، و كان حسن العبادة و الخشوع، و كان أبو القاسم بن سهل الواسطي العدل يقول: ما رأيت رجلًا كان أحسن عبادة و لا أبين زهادة و لا أنظف ثوباً و لا أكثر تحليّاً من أبي طالب!! و كان يتخوف من عامّة واسط أن يشهدوا صَلاته و يعرفوا عمله، فينفرد في الخراب و الكنائس و البيع، فإذا عثروا به وُجِدَ عليٰ أجمل حال من الصلاة و الدعاء، و كان أصحابنا البغداديون يرمونه بالارتفاع.
له كتاب أُضيف إليه، يسمّيٰ: كتاب الصفوة.
قال الحسين بن عبيد اللّٰه: قدم أبو طالب بغداد، و اجتهدت أن يمكنني أصحابنا من لقائه فأسمع منه فلم يفعلوا ذلك (1)، انتهيٰ.
فنقول: من مشايخ أبي عبد اللّٰه الحسين هذا و أبي عبد اللّٰه المفيد، أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري، ففي من لم يرو عن الأئمة عليهم السّلام من رجال الشيخ: يكني أبا علي، ابن عمّ أبي عبد اللّٰه، يعني: الحسين بن سفيان الجليل المعروف، رويٰ عنه التلعكبري، و سمع منه سنة خمس و ستين و ثلاثمائة، و له منه إجازة، و كان يروي عن أبي علي الأشعري.
أخبرنا عنه: محمّد بن محمّد بن النعمان و الحسين بن عبيد اللّٰه (2).
و لم يوثِّقه هو، و لا ذكره غيره، و الجمود في باب التزكية يقتضي الحكم بالجهالة، و عدّ الحديث من جهته ضعيفاً، إلّا أنّ التأمل في حال5.
ص: 403
الحسين و المفيد و التلعكبري، و اعتمادهم عليه كثيراً يقتضي الحكم بكونه في أعليٰ درجة الوثاقة، إذْ قد عرفت إنَّ الغضائري ما كان يروي إلّا عمّن يرتضيه الشيوخ، فمرضيّه مرضيهم. و قد رأينا النجاشي اعتمد في طريقه إليٰ جماعة عليٰ أحمد بن جعفر بتوسط شيخه الغضائري، فروي عنه، عنه، في طريقه إليٰ:
إبراهيم بن مهزيار (1)، و إبراهيم بن مسلم (2)، و إسماعيل بن مهران (3)، و إسماعيل بن علي (4)، و إسماعيل بن أبي عبد اللّٰه (5)، و الحسن بن موفق (6)، و الحسن بن عمرو (7)، و الحسين بن عبد اللّٰه (8)، و الحسين بن أبي عمان (9)، و أحمد بن [أبي] بشر (10)، و أحمد بن الحسن (11)، و أحمد بن محمّد (12)، و أحمد بن وهب (13)، و أحمد بن الحارث (14)، و جعفر بن محمّد (15)، و بكر بني.
ص: 404
جناح (1)، و جعفر بن إسماعيل (2)، و جعفر بن المثنيٰ (3)، و جميل بن صالح (4)، و جارود بن المنذر (5)، و حميد بن شعيب (6)، و حكم بن الفتات (7)، و حكم بن مسكين (8)، و حماد بن عيسيٰ (9)، و حكم بن حكيم (10)، و حسان بن مهران (11)، و خالد بن عماد (12)، و درست بن أبي منصور (13)، و رفاعة بن موسي (14)، و رقيم بن إلياس (15)، و زكريا بن [الحرّ] (16)، و زحر بن عبد اللّٰه (17)، و سعد بن سعد (18)، و سعيد بن بيان (19)،ظ.
ص: 405
و سليمان بن جعفر (1)، و سليمان بن صالح (2)، و سالم الحنّاط (3)، و سويد ابن مسلم (4)، و صالح الحذاء (5)، و صباح بن صبيح (6)، و الضحاك بن سعد (7)، و طلحة بن زيد (8)، و عبد اللّٰه بن سنان (9)، و عبد اللّٰه بن زرارة (10)، و عبد اللّٰه بن وضاح (11)، و عبد اللّٰه بن أيوب (12)، و عبد الرحمن بن أحمد (13)، و عبد الرحمن بن أعين (14)، و عبد الرحمن بن عمران (15)، و عبد اللّٰه ابن عطا (16)، و عبد الملك بن الوليد (17)، و عبد الغفار بن حبيب (18)، و علي بن0.
ص: 406
الحسن (1)، و علي بن أسباط (2)، و علي بن فضل (3)، و علي بن معمّر (4)، و علي بن محمّد (5)، و علي بن عبد اللّٰه (6)، و عمر بن يزيد الصيقل (7)، و عمرو بن إلياس البجلي (8)، و عمرو بن إلياس بن عمرو (9)، و عمران بن مسكان (10)، و عمران بن حمران (11)، و عتبة بن ميمون (12)، و عيسيٰ بن أعين (13)، و عبادة بن زياد (14)، و الفضل بن محمّد (15)، و القاسم بن محمّد (16)، و محمد بن عباس (17)، و محمّد بن موسي (18)، و محمّد بن نافع (19)، و محمّد ابن2.
ص: 407
علي بن محبوب (1)، و محمّد بن مسعود الطائي (2)، و محمّد بن مصبح (3)، و محمّد بن عصام (4)، و محمّد بن المثنيٰ (5)، و موسي بن جعفر بن وهب (6)، و موسي بن أبي حبيب (7)، و موسي بن بريد (8)، و موسي بن أكيل (9)، و موسي بن سابق (10)، و معاوية ابن ميسرة (11)، و مثنيٰ بن راشد (12)، و مثنيٰ بن عبد السلام (13)، و منصور بن يونس (14)، و معمر بن يحييٰ (15)، و منذر بن جفير (16)، و وهب بن عبد ربّه (17)، و وهب بن محمّد (18)، و وهب بن حفص (19)، و هيثم بن محمّد الثمالي (20)، و هارون بن حمزة (21)، و يوسف بن7.
ص: 408
ثابت (1)، و يحيي بن هاشم (2)، و أبو بلال الأشعري (3)، و أبو طاهر بن حمزة (4)، و أبو محمّد الواسطي (5).
و الشيخ (رحمه اللّٰه) أيضاً رويٰ، عن شيخه الغضائري، عنه (6). و اعتمد عليه في طريقه إليٰ بعض كتب أبان الأحمر (7)، و أحمد بن البشر (8)، و أحمد بن الحسن اللؤلؤي (9)، و أحمد بن إدريس أبي علي الأشعري (10)، و أبي خديجة سالم بن مكرم (11).
ثم أنّه يروي عنه أيضاً الشيخ الجليل أبو العباس السيرافي. شيخ النجاشي و أُستاذه الذي كان عليه اعتماده في التزكية و الجرح (12). فروي،ع.
ص: 409
عنه، عنه في ترجمة عمر بن محمّد بن يزيد بياع السابري (1).
و في ترجمة محمّد بن أبي يونس تسنيم (2)، و ترجمة محمّد بن علي ابن أبي شعبة (3)، و ترجمة فضل بن سليمان الكاتب (4)، و ترجمة عون بن سالم (5)، و ترجمة عثمان بن جعفر (6)، و ترجمة عمر أبو حفص الزبالي (7)، و ترجمة عمر بن [أبي] زياد الأبزاري (8). إليٰ غير ذلك من طرق المشايخ إليٰ مصنفات الرواة التي اعتمدوا عليه فيها.
و إذا تأمّلت في رواية أربعة من أساطين الدين عنه، و هم: المفيد، و التلعكبري، و الغضائري، و أبو العباس بن نوح الذين لا يضاهيهم أحد في الجلالة و التثبّت و المعرفة، و اعتمادهم عليه في الطريق إليٰ أزيد من مائة كتاب من كتب الأصحاب، لا تكاد تشك في علو مقامه و جلالته، فضلًا عن وثاقته و أمانته.ه.
ص: 410
و هكذا حال سائر إخوانه كابن أبي جيد، و ابن بطّة، و الأنباري، و ابن عبدون و أمثالهم.
فإن دخلت في كشف حال المشايخ من هذا الباب، يُفتح لك من الأبواب ما تستغني به عن النظر إليٰ كلمات كثير من الأصحاب
قال الشيخ (رحمه اللّٰه) في أوّل المشيخة: كنّا شرطنا في أول هذا الكتاب أنْ نقتصر عليٰ إيراد شرح ما تضمنته الرسالة المقنعة، و أنْ نذكر مسألة مسألة، و نورد [فيها] (1) من الإحتجاج من الظواهر و الأدلّة المفضية إليٰ العلم، و نذكر مع ذلك طرفاً من الأخبار التي رواها مخالفونا، ثم نذكر بعد ذلك ما يتعلّق [بأحاديث] (2) أصحابنا (رحمهم اللّٰه) و نورد المختلف في كلّ مسألة منها، و المتفق عليها. و وفينا بهذا الشرط في أكثر ما يحتوي عليه كتاب الطهارة، ثم أنَّا رأينا أنْ [يَخرج (3)] بهذا البسط عن الغرض، و يكون مع هذا الكتاب مبتوراً غير مستوفي، فعدلنا عن هذه الطريقة إليٰ إيراد أحاديث أصحابنا (رحمهم اللّٰه) المختلف فيه (4) و المتفق، ثم رأينا بعد ذلك إنَّ استيفاء ما يتعلّق بهذا المنهاج أوليٰ من الإطناب في غيره، فرجعنا و أوردنا من الزيادات ما كنّا اخللنا به (5)، انتهيٰ موضع الحاجة.
ص: 411
و يظهر منه: أنَّ أبواب الزيادات بمنزلة المستدرك لسائر أبواب كتابه، استدرك هو عليٰ نفسه، و جعله جزءً من الأصل عليٰ خلاف رسم المصنفين من جعل المستدرك مؤلّفاً عليٰ حِدَةٍ و إنْ كان المستدرك مؤلّف الأصل، و لكن للسيد المحدث الجزائري كلاماً في شرح التهذيب لا يخلو من غرابة.
قال في ذيل حديث ذكره الشيخ في باب الزيادات ما لفظه: و قد كان الأوْليٰ ذكر هذا الحديث مع حديث فارس، و ذكره هنا لا مناسبة تقتضيه، و لكن مثل هذا في هذا الكتاب كثير، و كنت كثيراً ما أَبحث عن السبب فيه حتي عثرت به، و هو: إنَّ الشيخ (قدس اللّٰه روحه) قد رُزِق الحظّ الأوفر في مصنفاته، و اشتهارها بين العلماء، و إقبال الطلبة عليٰ نسخها، و كان كلّ كرأس يكتبه، تبادر الناس عليٰ نسخه و قراءته عليه، و تكثر النسخ من ذلك الكراس، ثم يطلع بعد ذلك الكراس و كتابته عليٰ أخبار تناسب الأبواب السابقة، و لكنّه لم يتمكن من إلحاقها بها؛ لسبق الطلبة إليٰ كتابته و قراءته، فهو تارة يذكر هذا الخبر في أبواب غير مناسبة له، و تارة اخريٰ يجعل له باباً، و يسميه: باب الزيادات أو النوادر، و ينقل فيه الأخبار المناسبة للأبواب السابقة.
ثم ذكر نظير ذلك ما وقع لشيخه العلامة المجلسي (رحمه اللّٰه) في كتاب بحار الأنوار، و ما وقع في نُسَخ التهذيب من التشويش و الاضطراب إليٰ أنْ قال-: و أمّا الشيخ (طاب ثراه) فإنه لم يُرجع النظر مرّة أُخري عليٰ ذلك؛ و ذلك أنّه كان كلّ كرأس يؤلّفه يأخذه منه طلبة العلم، و يبادرون إليٰ كتابته و قراءته، و من هنا لمّا عَثَرَ عليٰ بعض الأخبار المناسبة للأبواب لم يمكنه إلحاقها معها، فوضع لها باب النوادر، فجاء كتاباً مشوشاً قد تداخل
ص: 412
بعضه ببعض (1)، انتهيٰ.
و فيه: أوّلًا: إنَّه كالاجتهاد في مقابل النص فيا ليته في مدّة بحثه عن السبب نظر إليٰ عبارة المشيخة فلم يقتحم في مهلكة الحدس الغير الصائب.
و ثانياً: إنّ ما ذكره غير مذكور في ترجمته، و لا نقله أحد في محل، و إنّما هو حدس و تخمين لا ينبغي من العالِم إبرازه في قالب الجزم فيتطرق به الوهن في سائر منقولاته.
و ثالثاً: إنَّ الشيخ شرع في التهذيب في حياة شيخه أبي عبد اللّٰه المفيد، و ذكرنا في ترجمته: أنَّ بعد التأمل في تاريخ قدومه بغدادَ، و تاريخ وفاة المفيد، و تاريخ وفاته، و مبلغ عمره، يظهر أنَّ سنّة حينئذ كان في حدود خمس و عشرين سنة، و لم يكن له حينئذ رئاسة و لا مرجعية، و الرياسة في الإمامية حينئذ كانت برمتها لأبي عبد اللّٰه المفيد، بل لم يكن له رئاسة بعد وفاة شيخه في سنة ثلاث عشر و ثلاثمائة في طول ثمان و عشرين سنة، مدّة مقامه مع السيّد الأجل علم الهدي، الذي انتهت إليه الرئاسة في الإمامية.
و نقل الشهيد في أربعينه (2): أنَّه كان يجري عليٰ تلامذته رزقاً، فكان للشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه اللّٰه) أيام قراءته عليه كل شهر اثنيٰ عشر ديناراً، و إنّما كان رئيساً في طول أربع و عشرين سنة، مدة بقائه بعد وفاة السيد، و لعل التهذيب أوّل مؤلفاته، و لذا ابتدأ به في فهرسته، فظهر ما في الحدسظ.
ص: 413
من الخطأ.
و رابعاً: أنَّ نتيجة ما ذكره اختلاف نسخ التهذيب بالزيادة و النقصان في الأحاديث، و إلي الآن ما رأينا أحداً ذكره أو نقله، و الوجدان أيضاً يشهد بخلافه، و هذا أمر لو كان لملأ الدفاتر منه.
أ رأيت فقيهاً احتجّ بحديث منه، فأنكره الآخر و ردّه بعدم وجوده فيه، فأجابه الثالث باختلاف النسخ و عثور الأول عليٰ النسخة المزيدة؟! مع أنّ كتاب التهذيب من الكتب المقروّة عليٰ المشايخ من عهد الشيخ إليٰ قريب من عصرنا الذي اندرس فيه علم الحديث، و لم يكن ليخفيٰ هذا الاختلاف عليهم، و أمّا الاختلاف بوجود كلمة و نقصانها أو تبديلها بآخر (1)، فهذا ممّا يوجد في أكثر المؤلفات، فظهر من ذلك أن القياس عليٰ كتاب بحار شيخه في غير محلّه، فإن اختلاف نسخ البحار بالزيادة و النقصان أمرٌ معلوم، حتي رأينا بعض مجلّداته يزيد عليٰ مثله بخمسة آلاف بيت و لا يوجد تهذيب يزيد عليٰ الآخر بحديث واحد.
قال في اللؤلؤة بعد ذكر عدد أحاديث الكافي و الفقيه و الاستبصار-: و أمّا التهذيب فلم يحضرني عدّ ما اشتمل عليه من الأحاديث و إنْ لم يزد عليٰ أحاديث الكافي لم يقصر عنها، و الاشتغال بعدها ليس من المهمات و اللّٰه العالم (2)، انتهيٰ.
قلت: إنَّ العلّامة المجلسي (رحمه اللّٰه) قد عدّ أحاديث كل باب منه في شرحه عليه المسمي بملاذ الأخيار، إلّا أنّ الموجود منه من أوّل الكتاب
ص: 414
إليٰ آخر العبادة، و من أوّل الطلاق إليٰ آخره، و عندي نسخة جليلة تامة من كتاب التهذيب بالغ بعض العلماء في تصحيحه، و ضبط ما اختلف فيه النسخ من الكلمات، و عدّ الأبواب و أحاديث كلّ باب، فامتحنته فوجدته صحيحاً، و في بعض الأبواب اختلاف يسير بيّنه و بين الشرح بحديث أو حديثين؛ لأن الشيخ قد يذكر الحديث ثم يذكر من كتاب آخر سنداً آخر و يقول: مثل ذلك، فعدّه في الشرح واحد أو في النسخة اثنين.
و بالجملة قد جمعنا عدد الأبواب و أحاديثها، فكان عدد الأبواب: ثلاثمائة و ثلاثة و تسعين باباً، و عدد الأحاديث: ثلاثة عشر ألف و خمسمائة و تسعين حديثاً (1)، ينقص عن أحاديث الكافي بألفين و ستمائة و تسعة أحاديث، فلعل مراد صاحب اللؤلؤة أحاديث فروع الكافي، لإتمام ما في الأُصول و الفروع و الروضة، و اللّٰه العالم.13
ص: 415
ص: 416
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 1
ص: 2
ص: 3
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 4
ص: 5
ص: 6
و المراد من هذه الكلمة الشائعة، فإنه من مهمات هذا الفن، إذْ عليٰ بعض التقادير تدخل آلاف من الأحاديث الخارجة عن حريم الصحة إليٰ حدودها، أو يجري عليها حكمها
فنقول:
قال الشيخ أبو عمرو الكشي في رجاله- [في] تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)-:
أجمعت العصابة عليٰ تصديق هؤلاء الأولين، من أصحاب أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) و انقادوا لهم بالفقه.
فقالوا: أفقه الأولين ستّة:
زرارة.
و معروف بن خربوذ.
و بريد.
و أبو بصير الأسدي.
و الفضيل بن يسار.
و محمّد بن مسلم الطائفي.
قالوا: و أفقه الستة زرارة.
و قال بعضهم: مكان أبي بصير الأسدي: أبو بصير المرادي، و هو ليث
ص: 7
ابن البختري (1).
تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام).
أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء (2)، و تصديقهم لما يقولون، و أقرّوا لهم بالفقه من دون أُولئك الستة الذين عددناهم و سمّيناهم.
و هم ستّة نفر:
جميل بن دراج.
و عبد اللّٰه بن مسكان.
و عبد اللّٰه بن بكير.
و حماد بن عيسيٰ.
و حماد بن عثمان.
و أبان بن عثمان.
قالوا: و زعم أبو إسحاق الفقيه و هو ثعلبة بن ميمون أنّ أفقه هؤلاء: جميل بن درّاج. و هم أحداث أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (3).
تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم، و أبي الحسن (عليهما السّلام).
أجمع أصحابنا عليٰ تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء، و تصديقهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم.
و هم ستّة نفر آخر، دون الستة النفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) منهم:
يونس بن عبد الرحمن.5.
ص: 8
و صفوان بن يحييٰ بياع السابري.
و محمّد بن أبي عمير.
و عبد اللّٰه بن المغيرة.
و الحسن بن محبوب.
و أحمد بن محمّد بن أبي نصر.
و قال بعضهم: مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضّال، و فضالة بن أيوب.
و قال بعضهم: مكان فضالة: عثمان بن عيسيٰ.
و أفقه هؤلاء: يونس بن عبد الرحمن، و صفوان بن يحييٰ (1).
و قال ابن داود في رجاله في ترجمة حمدان بن أحمد، نقلًا عن الكشي-: أنّه من خاصّة الخاصة، أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و الإقرار له بالفقه في آخرين (2)، انتهيٰ.
و الموجود من نسخ الكشي خال عنه، و لعلّه أخرجه من الأصل، إذ الشائع الدائر مختصره، كما مرّ شرحه في ترجمته (3).
ثمانية عشر منهم هم الذين نقل الكشي الإجماع عليهم، عليٰ الظاهر من عدم كون فضالة عطفاً عليٰ ابن أبي (4) نصر كما توهمه التقي المجلسي
ص: 9
في شرح الفقيه (1) إذ يصير عددهم حينئذ سبعة، و قد صرّح بأنهم ستّة، مع أنه ذكر في الطبقة الأُوليٰ معتقده، ثم ذكر الخلاف في أبي بصير الرابع منهم فلا بُدّ و إن يكون هنا كذلك (2).
و الأربعة ممّن نقل عن بعض الأصحاب الإجماع عليهم، فالستّة عشر منهم محلّ اتفاق إجماعه و إجماع الآخر عليهم (3).
و انفرد الأول بنقل الإجماع عليٰ اثنين، و هما: أبو بصير الأسدي، و ابن محبوب.
و الآخر بنقله عليٰ أربعة، و هم: أبو بصير المرادي، و ابن فضّال، و ابن أيوب، و عثمان.
هذا إن كان المراد بالبعض في المواضع الثلاثة واحداً، و إلّا فيكثر نقل الإجماع عليٰ جماعة، ثم إنّه لا منافاة بين الإجماعين في محل الانفراد، لعدم نفي أحد الناقلين ما أثبته الآخر، و عدم وجوب كون العدد في كلّ طبقة ستّة، و إنّما اطلع كلّ واحد عليٰ ما لم يطلع عليه الآخر، و الجمع بينهما ممكن، فيكون الجميع مورداً للإجماع. و إنّما فسّرنا قوله: «بعضهم»: ببعض الأصحاب، لعدم جواز نقل الكشي في أمثال المقام عن غير العلماء الأعلام و الفقهاء العظام.
قال السيّد المحقق في تلخيص الرجال في ترجمة فضالة-: قال بعض أصحابنا: أنّه ممّن أجمع أصحابنا عليٰ تصحيح ما يصحّ عنهم،ا.
ص: 10
و تصديقهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم، الكشي (1).
و قال في منهج المقال في ترجمته: و في الكشي قال بعض أصحابنا. إليٰ آخره، و العبارة تقدمت في أحمد بن محمّد بن أبي نصر (2)، و نقل في أحمد عين عبارة الكشي في الطبقة الثالثة (3).
و توهم بعض أفاضل المعاصرين في رسالة توضيح المقال، أنّ قوله: قال بعض أصحابنا، عين عبارة الكشي (4)، قال: و أمّا ناقل الإجماع المزبور فهو الكشي عليٰ ما هو المعروف، و ربّما ينقل عن غيره كما في فضالة بن أيوب، حيث قال: قال: بعض أصحابنا: أنه ممّن أجمع أصحابنا. إليٰ آخره (5).
و هو توهم عجيب، مع أنّه لم يترجم فضالة في كتابه أصلًا، و قد سبقه إليٰ هذا التوهم المحقق الداماد في الرواشح فقال بعد نقل تمام عبارة الكشي، و كلام لابن داود ما لفظه: ثم إنّ أبا عمرو الكشي قال في ترجمة فضالة بن أيوب: قال بعض أصحابنا: إنّه ممّن أجمع أصحابنا عليٰ تصديق ما يصحّ عنهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم، انتهيٰ (6).
و أنت خبير بأنّه ليس في رجال الكشي ترجمة فضالة أصلًا.
و كيف كان فلا إشكال في ذلك، و إذا ضمّ إليٰ الجماعة ما في رجال ابن داود يصير العدد ثلاثة و عشرين.6.
ص: 11
و إنْ اختلفوا في المراد من العبارة المذكورة، و طعن بعضهم في مذهب بعض المجمعين.
فنقول: أمّا شيخ الطائفة فيظهر منه ذلك.
أوّلًا: بما ذكره في أوّل اختياره لكتاب الكشي، عليٰ ما نقله عن خطّه السيد الأجل علي بن طاوس في كتاب فرج المهموم، قال: و نحن نذكر ما رويٰ عنه يعني الشيخ من أول اختياره من خطّه، فهذا لفظ ما وجدناه: أمليٰ علينا الشيخ الجليل الموفق أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي (أدام اللّٰه علوّه) و كان ابتداء إملائه يوم الثلاثاء السادس و العشرين من صفر سنة ست و خمسين و أربعمائة، بالمشهد الشريف المقدس الغروي، عليٰ ساكنه السلام، قال: هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال، لأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، و اخترنا ما فيها (1)، انتهيٰ.
و ظاهر كلامه، بل صريح مدلوله كما نصّ عليه السيّد المتقدم أن كلّ ما في الموجود مرضيّة و مختاره، و استدل بذلك عليٰ مطلوبه من صحّة علم النجوم في كلام لا يقتضي المقام نقله، و من الواضح أنّ الإجماع لو لم يكن مختاره و مرضيه، و مقبولًا عنده، لما أبقاه عليٰ حاله.
و ثانياً: بما في العدّة، حيث قال (رحمه اللّٰه): و إذا كان أحد الراويَيْن مُسنداً و الآخر مُرسِلًا نظر في حال المرسِل، فإنْ كان ممّن يعلم أنه لا يرسل إلّا عن ثقة موثوق به، فلا ترجيح لخبر غيره عليٰ خبره، و لأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما رواه محمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحييٰ، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و غيرهم من الثقات، الذين عرفوا بأنّهم لا يروون و لا
ص: 12
يرسلون إلّا عَمَّن يوثق به، و بين ما يسنده غيرهم؛ و لذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفرد (1) عن رواية غيرهم (2)، انتهيٰ.
و ليس فيه ذكر للإجماع المذكور، إلّا أنّ المنصف المتأمل في هذا الكلام لا يرتاب أنّ المراد من قوله: من الثقات الذين. إليٰ آخره: أصحاب الإجماع المعهودين، إذ ليس في جميع ثقات الرواة جماعة معروفون بصفة خاصّة، مشتركون فيها، ممتازون بها عن غيرهم غير هؤلاء. فإن صريح كلامه: أنّ فيهم جماعة معروفين عند الأصحاب بهذه الفضيلة، و لا تجد في كتب هذا الفن من طبقة الثقات عصابة مشتركين في فضيلة غير هؤلاء.
و منه يظهر أيضاً سبب هذا الإجماع، و مستند الإجماع الذي طال التشاجر فيه، و سننبه عليه (ان شاء اللّٰه تعاليٰ) و يظهر أيضاً أنّ ما اشتهر أنّ الشيخ ادّعيٰ الإجماع عليٰ أنّ ابن أبي عمير، و صفوان، و البزنطي خاصّة لا يروون و لا يرسلون إلّا عن ثقة، و شاع في الكتب حتي صار من مناقب الثلاثة، و عدّ من فضائلهم خطأً محض، منشأه عدم المراجعة إليٰ العدة الصريحة في أنّ هذا من فضائل جماعة، و ذكر الثلاثة من باب المثال.
فمن الغريب ما في رسالة السيّد الجليل، البحر الزاخر، السيّد محمّدة.
ص: 13
باقر الجيلاني (طاب ثراه) في ترجمة أبان بن عثمان، حيث قال في ردّ من ذهب إليٰ أنّ المراد من العبارة: توثيق رجال السند بعد أصحاب الإجماع ما لفظه: و يؤيّده ما ذكره شيخ الطائفة في حقّ صفوان بن يحييٰ، و ابن أبي عمير، من أنّهما لا يرويان إلّا عن ثقة (1)، إذ لو كان الأمر كما ذكر لما كان وجه لاختصاص ذلك بهما (2)، انتهيٰ.
و هذا منه مع تبحره، و طول باعه، في غاية الغرابة؛ لما عرفت.
و ثالثاً: بما في الروضة، عند شرح قول المصنف في كتاب الطلاق، و قد قال بعض الأصحاب و هو عبد اللّٰه بن بكير-: إنّ هذا الطلاق لا يحتاج إليٰ محلّل بعد الثلاث؛ قال (رحمه اللّٰه): و إنّما كان ذلك قول عبد اللّٰه، لأنه قال حين سئل عنه: هذا ممّا رزق اللّٰه من الرأي، و مع ذلك رواه بسند صحيح، و قد قال الشيخ (رحمه اللّٰه): إنّ العصابة أجمعت عليٰ تصحيح ما يصح عن عبد اللّٰه ابن بكير، و أقرّوا له بالفقه و الثقة. و فيه نظر، لأنه فطحي المذهب. إليٰ أن قال: و العجب من الشيخ مع دعواه الإجماع المذكور أنّه قال: إنّ إسناده إليٰ زرارة وقع نصرة لمذهبه (3). إليٰ آخره.
و هذا الكلام صريح في أنّ الشيخ بنفسه نقل الإجماع، إمّا لِمَا ذكره في أوّل اختياره، أو لِمَا في العدّة، أو وقف (رحمه اللّٰه) عليٰ كلام له في غير كتبه الدائرة، و احتمال مثل هذا السهو في موضعين من كلامه لا يليق بمقامه، خصوصاً في هذا الكتاب المبني عليٰ المتانة و الإتقان، كما عليه كلّ من تأخر عنه.
و قال رشيد الدين محمّد بن علي بن شهرآشوب في مناقبه، في2.
ص: 14
أحوال الباقر (عليه السّلام): و اجتمعت العصابة عليٰ أنّ أفقه الأولين ستة، و هم أصحاب أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)، و هم:
زرارة بن أعين.
و معروف بن خربوذ المكي.
و أبو بصير الأسدي.
و الفضيل بن يسار.
و محمّد بن مسلم الطائفي.
و بريد بن معاوية العجلي (1).
و قال في أحوال الصادق (عليه السّلام): و اجتمعت العصابة عليٰ تصديق ستّة من فقهائه (عليه السّلام) و هم:
جميل بن درّاج.
و عبد اللّٰه بن مسكان.
و عبد اللّٰه بن بكير.
و حمّاد بن عيسيٰ.
و حمّاد بن عثمان.
و أبان بن عثمان (2).
و الظاهر لكلّ ناظر أنّ نظره إليٰ الإجماع المعهود، و لكثرة اعتماده عليه ادعاه بنفسه، و غرضه الإشارة إليٰ العلماء من أصحابه (عليه السّلام) لا تحقيق المطالب الرجالية، فلا يضرّ إسقاطه بعض الكلمات.
و قال العلّامة في الخلاصة بعد نقل فطحيّة عبد اللّٰه بن بكير عن0.
ص: 15
الشيخ و الكشي في موضع قال: و قال في موضع آخر: إنّ عبد اللّٰه بن بكير ممّن اجتمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و أقرّوا له بالفقه، و أنا أعتمد عليٰ روايته، و إن كان مذهبه فاسداً (1).
و قال في ترجمة صفوان: قال أبو عمرو الكشي: أجمع أصحابنا عليٰ تصحيح ما يصحّ عن صفوان بن يحييٰ بياع السابري، و الإقرار له بالفقه في آخرين يأتي ذكرهم في مواضعهم إن شاء اللّٰه تعاليٰ (2).
و لكثرة اعتماده عليٰ الإجماع المذكور ادّعاه بنفسه، فقال في ترجمة البزنطي: أحمد بن محمّد بن أبي نصر. اليٰ أن قال: لقي الرضا (عليه السّلام) و كان عظيم المنزلة عنده، و هو ثقة جليل القدر، و كان له اختصاص بأبي الحسن الرضا، و أبي جعفر (عليهما السّلام)، أجمع أصحابنا عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و أقرّوا له بالفقه (3). و لم ينسبه إليٰ أحد، و قد سبقه في الاعتماد عليه و توزيعه عليٰ تراجم أصحابه: شيخه الأجل أحمد بن طاوس في رجاله كما يظهر من التحرير الطاووسي (4) من غير طعن عليه، كما هو دأبه في الطعن عليٰ أكثر أحاديث الكشي في مدح الرواة أو ذمّهم.
و قال في الفائدة الثامنة من الخلاصة في ذكر مشيخة الفقيه-: و عن أبي مريم الأنصاري صحيح، و إن كان في طريقه أبان بن عثمان، و هو فطحي، لكن الكشي قال: إنّ العصابة أجمعت عليٰ تصحيح ما يصحّ عنه (5).
و قال في المختلف في مسألة تبيّن فسق الإمام-: لا يقال عبد اللّٰه بن7.
ص: 16
بكير فطحي. إليٰ آخره؛ لأنّا نقول: عبد اللّٰه بن بكير و إنْ كان فطحياً إلّا أنّ المشايخ وثّقوه، و نقل توثيق الكشي. قال: و قال في موضع آخر: عبد اللّٰه بن بكير ممّن أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و أقرّوا له بالفقه (1).
و قال في كتاب المختلف في أول فصل الكفارة من كتاب الصوم-: لا يقال لا يصح التمسك بهذا الحديث من حيث السند، فان في طريقه أبان ابن عثمان الأحمر، و كان ناووسيّاً، لأنّا نقول: إنّ أبان و إنْ كان ناووسياً إلّا أنّه كان ثقة، و قال الكشي: إنّه ممّا أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و الإجماع حجّة قاطعة، و نقله بخبر الواحد حجّة (2)، انتهيٰ.
و أمّا ابن داود، فهو لغاية اعتماده ذكره في موضع واحد، و ادّعاه من غير نسبة إليٰ الكشي، فقال: فصل: أجمعت العصابة (3) عليٰ ثمانية عشر رجلًا، فلم يختلفوا في تعظيمهم، غير أنّهم يتفاوتون، و هم ثلاث دَرَجٍ.
الدرجة العليا: ستة (4)، منهم من أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام) أجمعوا عليٰ تصديقهم، و إنفاذ قولهم، و الانقياد لهم، و هم:
زرارة بن أعين.
معروف بن خربوذ.
بريد بن معاوية.
أبو بصير ليث بن البختري.
الفضيل بن يسار.ح.
ص: 17
محمّد بن مسلم الطائفي.
الدرجة الوسطيٰ: فيها ستّة، أجمعوا عليٰ تصحيح ما يصح عنهم، و أقرّوا لهم بالفقه، و هم أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (1):
يونس بن عبد الرحمن.
صفوان بن يحييٰ بياع السابري.
محمّد بن أبي عمير.
عبد اللّٰه بن المغيرة.
الحسن بن محبوب.
أحمد بن محمّد بن أبي نصر.
الدرجة الثالثة: فيها ستّة، أجمعوا عليٰ تصديقهم، و فضلهم، و ثقتهم، و هم:
جميل بن دراج.
عبد اللّٰه بن مسكان.
عبد اللّٰه بن بكير.
حماد بن عيسيٰ.
حماد بن عثمان.
أبان بن عثمان.
و أفقههم جميل (2).
و بين ما ذكره و بين ما تقدم عن الكشي اختلاف من وجوه، ينبئ عن9.
ص: 18
عدم كون اختيار الكشي الدائر مأخذاً له، و بذلك يزيد اعتباره، و فيه أيضاً الإجماع عليٰ توثيق أبان فلا تغفل.
و قال الشهيد في مسألة بيع الثمرة من كتابه غاية المراد، بعد ذكر حديث في سنده الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي ما لفظه: و قد قال الكشي: أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب.
قلت: في هذا توثيق ما (1) لأبي الربيع الشامي (2). إليٰ آخره.
و قال الشهيد الثاني في شرح الدراية بعد تعريف الصحيح-: و قد يطلق الصحيح عندنا عليٰ سليم الطريق من الطعن بما ينافي الأمرين، و هما كون الراوي باتصال عدلًا إماميّاً، و إن اعتراه مع ذلك الطريق السالم إرسالٌ، أو قَطْعٌ.
و بهذا الاعتبار يقولون كثيراً: رويٰ ابن أبي عمير في الصحيح كذا، و في صحيحة كذا (3)، مع كون روايته المنقولة كذلك مرسلة.
قال: و بالجملة فيطلقون الصحيح عليٰ ما كان رجال طريقه المذكورون فيه عدولًا إماميةً، و إنْ اشتمل عليٰ أمر آخر بعد ذلك، حتي أطلقوا الصحيح عليٰ بعض الأحاديث المروية عن غير إماميّ بسبب صحّة السند إليه. إليٰ أن قال: و كذلك نقلوا الإجماع عليٰ تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحياً (4)،».
ص: 19
و هذا كلّه خارج عن تعريف الصحيح الذي ذكروه.
قال: ثم في هذا الصحيح ما يفيد فائدة الصحيح المشهور، كصحيح أبان، و منه ما يراد منه وصف الصحة دون فائدتها، ثم ذكر القسم الأول (1)، انتهيٰ.
و ظاهره الإجماع عليٰ صحّة هذا الإجماع، ثم في قوله: ثم في هذا. إليٰ آخره، فائدة جليلة تأتي إليها الإشارة إن شاء اللّٰه تعاليٰ.
و هذا المقدار كاف لأهل النظر و التحقيق في تلقيهم هذا الإجماع بالقبول، و لا يحتاج إليٰ نقل كلمات من بعدهم، كالشيخ البهائي، و المحقق الداماد، و المجلسيين، و صاحب الذخيرة، و الموليٰ الكاظمي، و الطريحي، و غيرهم فإنه يوجب الإطناب.
بعد وضوح عدم كون المراد منه الإجماع المصطلح المعروف الكاشف عن قول المعصوم، أو رأيه بأحد الوجوه المذكورة في محله.
فنقول: قال السيد الجليل الماهر السيد محمّد باقر الجيلاني (طاب ثراه) في رسالته، في تحقيق حال أبان: إنّ مدلول الإجماع المذكور بالدلالة الالتزامية كونهم في أعليٰ درجات الوثاقة، فكما يُكتفيٰ بنقل عدل عن النجاشي توثيق راوٍ في توثيقه، فليكتف في ذلك بنقل الكشّي، بل هذا أوليٰ، لنقله عن كلّ الأصحاب، بل يحتمل القبول هنا، و لو عليٰ القول بعدم جواز الاجتزاء في التزكية بقول المزكي الواحد، كما يظهر وجهه
ص: 20
للمتأمّل، مضافاً إليٰ أنّه يمكن أن يقال: الظاهر من نقل الكشّي ذلك اعترافه بذلك، فيكون هو من المزكين لهؤلاء الأماجد أيضاً (1). انتهيٰ.
قلت: ما ذكره (رحمه اللّٰه) يتم عليٰ القول بكون مفاد العبارة: وثاقة الجماعة المذكورين، أو وثاقتهم و وثاقة كلّ من كان في السند بعد أحدهم، و أمّا عليٰ ما هو المشهور من أنّ المراد: صحّة أحاديث الجماعة بالمعني المصطلح عند القدماء فلا دلالة فيها، و لو بالالتزام عليٰ وثاقتهم؛ لجواز كون وجه الصحة احتفاف أحاديثهم بالقرائن الخارجية التي تجامع ضعف راويها، كما صرّح به جماعة منهم.
و عليه فلا بُدّ أن يقال في وجه الحجية: إنّ إجماع العصابة عليٰ صحّة أحاديث الجماعة إجماع عليٰ اقتران أحاديثهم بما يوجب الحكم بصحتها، و قد أوضحنا في الفائدة الرابعة (2) في توضيح صحّة أحاديث الكافي: أنّ ما يوجب صحّة مضمون الخبر مثل موافقة الكتاب، و السنة القطعية، و العقل خارج عن تلك القرائن، و الباقي كالوجود في الأصل المعلوم، و في الكتاب المعروض عليٰ الإمام (عليه السّلام)، و تكرّر السند، و أمثال ذلك ممّا يدرك بالحس، و لا يتوقف عليٰ النظر و التحقيق الذي يتطرّق إليه الخطأ غالباً، فمرجع الإجماع عليٰ صحّة أحاديث زرارة مثلًا إليٰ الإجماع عليٰ احتفاف أحاديثه بالقرائن المذكورة.
و إذا ثبت الإجماع المذكور بنقل الكشي (3) و غيره كما عرفت أن الأصحاب تلقوه بالقبول من غير نكير ثبت وجود تلك القرائن في1.
ص: 21
أحاديث هؤلاء الأعاظم، و معه لا ريب في حجيّتها؛ فإنّ سبب عدول المتأخرين من طريقتهم، إليٰ الاقتصار عليٰ القرائن الداخلية و هي الوثاقة، و لو بالمعني الأعم تعذّر وصولهم و عثورهم عليٰ تلك القرائن، و مع ثبوت وجودها في طائفة فلا تأمّل لأحد في حجيّتها.
و التحقيق أن يقال: بناء عليٰ كون الحجّة من الخبر هو ما وثق بصدوره، و حصل الاطمئنان بوروده، كما هو الحقّ، و عليه معظم أهل عصرنا، فلا شك في الوثوق بالخبر إذا كان في السند أحد من الجماعة، و صحّ الطريق إليه، مع قطع النظر عن معارض منه، أو من غيره، سواء كان مدلول العبارة وثاقته، أو مع من بعده أوْ لَا. خصوصاً إذا انضمّ إليٰ التصحيح التصديق و الإقرار، و من أنكر الوثوق أو تأمّل فيه فقد كابر وجدانه و معه يدخل الخبر في صنف الحجة منه، و تشمله أدلّته، إذ لا فرق بين أسباب الوثوق إذا تعلّقت بالسند و الصدور لا بالحكم و المضمون، و هذا واضح بحمد اللّٰه تعاليٰ.
و لنقدم خلاصة كلمات الأصحاب، ثم نذكر ما عندنا من التحقيق و الصواب.
حيث قال في المقدمة [الثانية] (1) من أول إجزائه بعد نقل عبارة الكشي-: قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله: أجمعت العصابة، أو الأصحاب، عليٰ تصحيح ما يصح عن هؤلاء-: الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم، و نسبته إليٰ أهل البيت [عليهم السّلام]
ص: 22
بمجرد صحته عنهم، من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه، حتي لو رووا عن معروف بالفسق، أو بالوضع، فضلًا عمّا لو أرسلوا الحديث، كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً عليٰ نسبته إليٰ أهل العصمة صلوات اللّٰه عليهم- و أنت خبير بأنّ العبارة ليست صريحة في ذلك و لا ظاهرة، فإن ما يصح عنهم هو الرواية لا المروي، بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع عليٰ عدالتهم، و صدقهم، بخلاف غيرهم ممن لم ينقل الإجماع عليٰ عدالته (1). انتهيٰ.
و حاصله: كما في رسالة السيّد المحقق ان متعلّق التصحيح الرواية بالمعني المصدري، أي قولهم: أخبرني، أو حدثني، أو سمعت من فلان؛ و عليٰ هذا فنتيجة العبارة: أنّ أحداً من الجماعة إذا تحقق أنّه قال: حدثني فلان، فالعصابة أجمعوا عليٰ أنّه صادق في اعتقاده (2).
و لا يخفيٰ ما فيه من الركاكة، خصوصاً بالنسبة إليٰ هؤلاء الأعلام، و لو كان المراد ما ذكره، اكتفيٰ بقوله: أجمعت العصابة عليٰ تصديقهم.
بل هنا دقيقة اخريٰ و هي: إنّ أئمة فنّ الحديث و الدراية صرّحوا بأنّ الصحة و الضعف، و القوة و الحسن، و غيرها من أوصاف متن الحديث، تعرضه باعتبار اختلاف حالات رجال السند، و عليٰ ذلك جرت إطلاقاتهم في كتب الحديث، و الدراية، و الفقه، و الأُصول، فيقولون: الحديث الصحيح ما كان سنده كذا، و الضعيف ما كان سنده كذا، إليٰ آخر الأقسام.
و قد يطلق عليٰ السند مسامحة و توسعة مع التقييد، فيقولون: في الصحيح عن ابن أبي عمير مثلًا، و هو خروج عن الاصطلاح كما صرّحوا (3)0.
ص: 23
به، فالمراد بالموصولة في قوله: ما يصح عنه، هو متن الحديث؛ لأنه الذي يتصف بالصحة و الضعف.
و أغرب في هذا المقام الفاضل الكاظمي في التكملة، فقال في ذكر الألفاظ التي تداول استعمال أهل الحديث و الرجال إيّاها: و منها: صحيح الحديث، اعلم أنّ الصحة في لسان القدماء يجعلونها صفة لمتن الحديث، عليٰ خلاف اصطلاح المتأخرين حيث يجعلونها صفة للسند (1)، انتهيٰ.
و الكلّ عليٰ خلافه، كما لا يخفيٰ عليٰ من نظر إليٰ كلمات الأصحاب، خصوصاً في مقام تعريف الأقسام حتي في كتب الأُصول.
و بالجملة فهو قول لم يذهب إليه أحد فيما أعلم، إلّا ما نقله أبو علي في رجاله، عن أُستاذه السيّد الأجل صاحب الرياض، قال: قال بعد إنكار المذهب المشهور-: بل المراد دعوي الإجماع عليٰ صدق الجماعة، و صحّة ما ترويه، إذا لم يكن في السند من يتوقف فيه، فإذا قال أحد الجماعة: حدثني فلان، يكون الإجماع منعقداً عليٰ صدق دعواه، و إذا كان فلان ضعيفاً أو غير معروف لا يجديه ذلك نفعاً (2).
و قد ذهب إليٰ ما ذهب إليه بعض أفاضل العصر، و ليس لهما دام6.
ص: 24
فضلهما ثالث (1).
و كتب تحت قوله: بعض أفاضل العصر: «هو السيّد البهي و الفاضل الصفي السيد مهدي الطباطبائي دام ظلّه، و زيد فضله» (2).
و الظاهر أن المراد منه العلّامة الطباطبائي بحر العلوم (طاب ثراه)، لا ولد أُستاذه (3).
أمّا الأول: فهو أعرف بما نقل.
و أمّا الثاني: فصريحه في رجاله خلاف ما نسبه إليه، و يأتي كلامه إن شاء اللّٰه تعاليٰ.
نسبه الأُستاذ الأكبر في الفوائد إليٰ القيل (4).
و قال المحقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار، بعد نقل القول المشهور-: و توقف في هذا بعض، قائلًا: أنّا لا نفهم منه إلّا كونه ثقة، قال: و الذي يقتضيه النظر القاصر: أنّ كون الرجل ثقة أمر مشترك، فلا وجه لاختصاص الإجماع بهؤلاء المذكورين، و حينئذٍ لا بُدّ من بيان الوجه (5)، انتهيٰ.
ص: 25
و ردّه في الفوائد (1)، و أطال الكلام بما لا نريٰ حاجة في نقله.
و الذي ينبغي أن يقال، هو: أنّ مراد القيل، إنْ كان بيان معنيٰ العبارة و مدلولها، بأن يكون معنيٰ قولهم: تصحيح ما يصح عنه: أي ثِقَة و سبق الكلام لإفادة هذا المعنيٰ، فلا أظن أحداً يحتمله؛ لوضوح التغاير و التباين بين مفاد الكلمة و مدلول الجملة، بل التعبير عن الوثاقة بها أشبه شي ء بالأكل من القفا، و لفظ ثقة من الألفاظ الدائرة الشائعة، لا داعي للتعبير عنها بما لا ينطبق عليها مدلوله إلّا بعد التكلّف و البيان.
و إنْ كان المراد بيان إفادة العبارة وجود الوثاقة في الجماعة، و لو بالدلالة الالتزامية و إنْ سيقت العبارة لبيان معنيٰ آخر فهذا حقّ و عليه المحققون، حتي من المشهور الذين قالوا: أنّ معنيٰ العبارة صحّة ما رووه إذا صحّت الرواية إليهم، فلا يلاحظ ما بعدهم إليٰ المعصوم (عليه السّلام) و إن كان فيه ضعيف، كما نصّ عليه الأُستاذ الأكبر في أوّل عنوان كلامه في بيان معنيٰ الإجماع (2).
و عليه، فلا وَقْع لإيراد شارح الاستبصار أصلًا، إذ الإجماع وقع عليٰ تصحيح رواياتهم، الذي يلزمه وجود الوثاقة فيهم، و هذا المعنيٰ مختص بهم، لا يشاركهم أحد فيه، و لم يقع عليٰ نفس الوثاقة فيسئل عن وجه الاختصاص، لوجود الشريك أو الشركاء لهم عليٰ تأمّل فيه، كما بيّنه في الفوائد (3)، نعم لا بُدّ من بيان وجه الملازمة.
فنقول: إن كان المراد من الصحيح في المقام هو باصطلاح المتأخرين و إنْ وقع اللفظ في كلام الكشي و مشايخه، و هم من القدماء-7.
ص: 26
و لا بُدّ من حمله عليٰ مصطلحهم؛ لكون الصحيح عند المتأخرين من إفراد صحيح القدماء، و هو المراد في هذا المقام كما سنوضحه إن شاء اللّٰه تعاليٰ فلا إشكال في الملازمة كما لا يخفيٰ.
و إن كان المراد منه الصحيح عند القدماء، و عدم ظهور إرادة الفرد المعهود منه، فقال السيد الجليل: إنّ اتفاق الأصحاب عليٰ تصحيح حديث شخص و قبوله بمحض صدوره منه من غير تثبت و التفات إليٰ من قبله ليس إلّا من جهة شدّة اعتمادهم عليه، كما لا يخفيٰ عليٰ من سلك مسلك الإنصاف، و عدل عن منهج الجور و الاعتساف، بل الظاهر من الإجماع المذكور كونهم في أعليٰ مراتب الوثاقة، و أسني مدارج العدالة، و هذا هو الداعي لاختصاص الإجماع بهم دون غيرهم من الثقات و العدول (1)، انتهيٰ.
و في كلامه الأخير نظر، و سنبين وجه الاختصاص إن شاء اللّٰه تعاليٰ.
و في الفوائد: يبعد أن لا يكون الرجل ثقة، و مع ذلك تتفق العصابة بأجمعها عليٰ تصحيح جميع ما رواه (2).
و التحقيق أن يقال مضافاً إليٰ ما أفادوا-: أنّ الحكم بالتصحيح إنْ كان من جهة الوثاقة فهو المطلوب، و إنْ كان من جهة القرائن الخارجية، بأن قوبلت أخبار الجماعة، فوجدت مطابقة للأُصول أو القرائن الخارجية من مطابقة الكتاب أو السنة كما زعموا أو علم مطابقة كثير منها بحيث صارت سبباً للظن، أو العلم بمطابقة الباقي كما قد يتوهم.
و قال المحقق السيد صدر الدين العاملي: إنّ وقوع المطابقة و حصولها في أخبار شخص أعظم دليل عليٰ وجود الوثاقة بالمعني الأعم، بل هو7.
ص: 27
عينها، بل هو أعليٰ أفرادها، و بعد تحقق كون الرجل إمامياً ما المانع من كون شدة تحرجه في الصدق بحسب ما ظهر لنا دليلًا عليٰ العدالة؟ فإنّا إنّما نستدلّ عليها بالآثار، و هذا أعظم أثر (1).
و لقد أجاد فيما أفاد، و يأتي إن شاء اللّٰه تعاليٰ في بعض الفوائد الآتية زيادة توضيح لما نبّه عليه.
هذا، و قد تقدم أنّ العلّامة استدلّ في المختلف لوثاقة أبان بن عثمان بهذا الإجماع، و وصف الخبر الذي في سنده أبان بالصحة (2).
و صرّح بذلك المقدس الأردبيلي في مواضع من كتابه مجمع الفائدة (3).
و نقله في التكملة عن الشيخ فخر الدين الطريحي في مرتب المشيخة (4).
و عن حاشية المختلف للسيد فيض اللّٰه: اعلم أنّ صحّة هذا الحديث مبني عليٰ أن أبان بن عثمان من الذين أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنهم، عليٰ ما نقله الكشي، فإن صحّ الإجماع المذكور فالحديث صحيح، و إلّا فالحديث موثّق (5).
و في مشرق الشمسين للبهائي: يصفون أي المتأخرين بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنّه فطحي، أو ناووسي بالصحة، نظراً إليٰ اندراجه فيمن أجمعوا عليٰ تصحيح ما يصح عنه (6).ن.
ص: 28
و قال المدقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار: و أمّا عثمان بن عيسيٰ، فالمعروف بين المتأخرين عدّ الحديث المشتمل عليه من الموثق، مع اتصاف باقي السند بوصفه.
أقول: و قد ينظر في ذلك بأنّ توثيقه لم يقف عليه، و كونه ممّن أجمع الأصحاب عليٰ تصحيح ما يصح عنه، إنّما يستفاد من الكشي، و عبارته هذه صورتها:
في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم، و أبي الحسن الرضا (عليهما السّلام).
أجمع أصحابنا عليٰ تصحيح ما يصح عن هؤلاء، و تصديقهم، و أقرّوا لهم بالفقه و العلم. إليٰ أن قال: و قال بعضهم: مكان الحسن بن علي بن فضال: فضالة بن أيوب. و قال بعضهم: مكان فضالة: عثمان بن عيسيٰ (1).
و أنت خبير بأنّ البعض غير معلوم الحال، و بتقدير العلم بحاله و الاعتماد عليه فهو من الإجماع المنقول بخبر الواحد، و الاعتماد عليه بتقديره لا يفيد إلّا الظن، و الأخبار الواردة في ذمّه منها ما هو معتبر، و الظن الحاصل منه إن لم يكن أقوي فهو مساو لغيره فلا وجه للترجيح (2)، انتهيٰ.
و في كلامه مواقع للنظر لا يناسب المقام ذكرها (إلّا أنّ صريحه) (3) مسلّمية استفادة الوثاقة من العبارة، و إنما منعه من الأخذ بها في عثمان مجهوليّة الناقل أو معارضة الأخبار.ة.
ص: 29
و قال السيّد المحقق الكاظمي في عدّته-: ثم أنّ هنا أمارات تدل عليٰ وثاقة الراوي، و أُخري تدل عليٰ مدحه. فمن الأوليٰ: اتفاق الكلمة عليٰ الحكم بصحة ما يصحّ عنه، كما اتفق ذلك في جماعات من الأوائل و الأواسط و الأواخر، و هو قولهم: إنّ العصابة أجمعت عليٰ تصحيح ما يصح عنهم؛ ما كانوا ليتفقوا في إنسان عليٰ الحكم بصحة كلّ ما يحكيه إلّا و هو بمكانة من الوثاقة، فبطل ما عساه يقال: إن حكم القدماء بصحة حديث لا يقتضي الحكم بوثاقة راويه؛ لأنهم ممّا يصححون بالقرائن، و إن كان في رواته الضعفاء، بل و المتأخرين، فإنهم ربّما حكموا بصحة الحديث و في طريقه مجهول أو ضعيف، من حيث أنّه شيخ إجازة، و ذلك إنّا إنّما تعلّقنا باتفاق الكلّ عليٰ الحكم بصحة كلّ ما يرويه، لا الحكم في الجملة بصحة ما رواه في الجملة بل عليٰ الكلية في كلا المقامين، و معلوم أنّ كلّ واحد منهم بحيث يصحح بالقرائن، لكن نهوض القرائن لكلّ واحد في كلّ خبر خبر يرويه خارج عن مجاري العادات، فعلم أنّ المدرك في حكم الكلّ في الكلّ إنّما هو وثاقته لدي الكلّ، و ذلك غير عزيز (1)، انتهيٰ.
و يأتي زيادة توضيح لما أفاده إن شاء اللّٰه تعاليٰ.
إليٰ غير ذلك من الكلمات التي يوجب نقلها الملالة.
و من جميع ذلك ظهر صحة ما نقله في الفصول، حيث قال: و منها قولهم: أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و هذا عند الأكثر عليٰ ما قيل توثيق من قيل ذلك في حقّه، و لعلّ هذه الدلالة مستفادة منه بالالتزام، نظراً إليٰ استبعاد إجماعهم عليٰ روايات غير الثقة. إليٰ آخره (2).3.
ص: 30
و قال العالم الجليل المعاصر في توضيح المقال بعد نقل ما في الفصول-: و اختاره بعض أفاضل عصرنا (1)، و ادّعيٰ إجماع العصابة عليه.
ثم ردّه بما حاصله: إن كان المراد به ما ينفي المذهب المشهور فهو ضعيف؛ لعدم الدلالة، و عدم الوقوف عليٰ قائل غير من ذكر، و لا كثرة، و لا إجماع.
و إن أُريد به زيادة عليٰ المشهور إثبات وثاقة الرجل المقول في حقه اللفظ المزبور، نظراً إليٰ استبعاد إجماعهم عليٰ روايات غير الثقة، و شرح ذلك.
ثم قال: ففيه أنّ ما ذكر عليٰ فرض تسليم إفادته بنفسه، أو بانضمام اللفظ المزبور شرطاً أو شطراً، للظن المعتبر معارض بظهور عبائر المشهور، بل صراحتها في نفي ذلك، مع أنّ الظاهر خلافه، ثم ناقش في أصل الملازمة (2)، انتهيٰ.
و أنت بعد التأمل فيما نقلناه عنهم، تعرف ضعف إيراده، و أن الحقّ هو الشق الثاني، و قد ذكرنا فساد قول القائل عليٰ الشق الأول.
و مع ذلك كلّه، ففائدة الإجماع عليٰ هذا القول إن عدّ مقابلًا للمشهور في غاية القلّة، خصوصاً ما نقله الكشي، إذ ليس في الطبقة الثالثة من يحتاج في إثبات وثاقته إليٰ هذا الإجماع، و كذا في الطبقة الثانية، إلّا عبد اللّٰه بن بكير، و هو ثقة في الفهرست (3)، و الخلاصة (4)، و ادّعيٰ في العدّة4.
ص: 31
اتفاق الطائفة عليٰ العمل بروايته (1). و أبان بن عثمان الذي مرّ تمسك الجماعة لوثاقته به، و هو أيضاً مستغن عنه، لبعض الأمارات المذكورة في محلّه.
و لما ذكره الشيخ المفيد؛ في كتاب الكافية في إبطال توبة الخاطئة، بعد ذكر خبر أوّله هكذا: فمن ذلك ما رواه أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن علي بن الحسن بن فضال في كتاب المبتدأ و المغازي و إسناده في الكتاب عن أبان بن عثمان، عن الأجلح، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي اللّٰه عنه) قال:. و ساق الخبر، ثم قال؛ فهذا الحديث صحيح الاسناد، واضح الطريق، جليل الرواة، و هو يتضمن. إليٰ آخره (2).
و ظاهر أنّ الصحة إذا وصف بها السند لا يراد منها إلّا وثاقة رجاله، و منه يظهر حال الحسن (3) الموجود في إجماع البعض، مضافاً إليٰ ما في ترجمته ممّا هو فوق العدالة، و قريب منه عثمان بن عيسيٰ، حسب الأمارات التي ذكرناها في (قمد) في ترجمته (4).
نعم في الطبقة الأُوليٰ يحتاج إليه معروف لا غيره (5)، فلاحظ و تأمّل.ظ.
ص: 32
قال المحقق الداماد في الرواشح: قد أورد أبو عمرو الكشي في كتابه الذي هو أحد أُصولٍ إليها استناد الأصحاب، و عليها تعويلهم في رجال الحديث جماعة أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنهم، و الإقرار لهم بالفقه و الفضل، و الضبط و الثقة، و إن كانت روايتهم بإرسال أو رفع، أو عمّن يسمّونه و هو ليس بمعروف الحال، و لمّة منهم في أنفسهم فاسدوا العقيدة، غير مستقيمي المذهب، و لكنهم من السفط و الجلالة في مرتبة قُصْيَا (1).
ثم ذكرهم عليٰ ما في الكشي، و قال: و بالجملة هؤلاء عليٰ اعتبار الأقوال المختلفة في تعيينهم- [وَاحِدٌ] (2) و عشرون، بل و اثنان و عشرون رجلًا، و مراسيلهم و مرافيعهم و مقاطيعهم و مسانيدهم إليٰ من يسمونه من غير المعروفين معدودة عند الأصحاب (رضوان اللّٰه عليهم) من الصحاح، من غير اكتراث منهم لعدم صدق حدّ الصحيح عليٰ ما قد علمته عليها (3).
و قال الشيخ البهائي [قدّس سرّه] في مشرق الشمسين، بعد أن ذكر أنواع الحديث باصطلاح المتأخرين ما لفظه: و أوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا الشيخ العلّامة جمال الملّة و الحق و الدين، الحسن بن المطهر الحلي
ص: 33
(قدس اللّٰه روحه) ثم إنّهم (أعليٰ اللّٰه تعاليٰ مقامهم) ربّما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان، فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن أبي عمير و صفوان بن يحييٰ بالصحة، لما شاع من أنّهم لا يرسلون إلّا عمّن يثقون بصدقه، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنّه فطحي أو ناووسي بالصحة، نظراً إليٰ اندراجه فيمن أجمعوا عليٰ تصحيح ما يصح عنهم (1)، ثم ذكر بعض الأمثلة من كتب العلّامة و الشهيد.
و في التعليقة: المشهور أنّ المراد صحّة ما رواه، حيث تصح الرواية إليه فلا يلاحظ ما بعده إليٰ المعصوم (عليه السّلام)، و إن كان فيه ضعيف، و هذا هو الظاهر من العبارة (2).
و في رسالة أبان بن عثمان للسيد الجليل المتقدم: قد وقع الخلاف في أنّ المراد بالموصول في قولهم: أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه ما هو؟ فالأكثر عليٰ أنّ المراد منه: المروي، حاصله أنه إذا صحت سلسلة السند بينهم و بين أحد هؤلاء العظام اتفقوا عليٰ الحكم بصحة ذلك الحديث، و قبوله، أو إذا صحّ و ظهر لهم صدور الحديث من أحدهم أطبقوا عليٰ الحكم بصحته، و هذا أنسب باصطلاح القدماء، و هذا هو المتبادر من الكلام، و لهذا بنيٰ الأمر عليه كثيرٌ من العلماء الأعلام، كالعلّامة، و الفاضل الحسن بن داود، و شيخنا الشهيد، و المدقق السمي الداماد، و الفاضلين المجلسيين، و الفاضل السمي الخراساني، و غيرهم عطّر اللّٰه تعاليٰ مراقدهم (3)، انتهيٰ.
و بالجملة دعوي الظهور في المعنيٰ المذكور، و نسبته إليٰ المشهور،5.
ص: 34
وقعت في كلام جماعة يوجب نقلها الملالة، و فيما نقلناه كفاية.
كذا في كلام بعض المعاصرين، و الحقّ أنّ هذا القول و القول الثاني من فروع القول الثالث، بأن يقال بعد بطلان القول الأول، و إحقاق ما ذهب إليه المشهور إنّ الحكم بتصحيح رواياتهم هل يستلزم الحكم بوثاقة الجماعة، و كلّ من كان بعدهم إليٰ المعصوم (عليه السّلام) أو لا؟
و عليٰ الثاني هل يستلزم الحكم المذكور الحكم بوثاقة الجماعة، أو لا؟.
أمّا الثالث: فالمصرح به قليل، و إن قوّاه الفاضل المعاصر في توضيح المقال (1).
و الثاني: هو الثاني الذي ضعّفناه عليٰ احتمال، و قوّيناه عليٰ احتمال آخر، و نسبناه إليٰ المشهور، و لكن الذي استفدناه من المشهور وثاقة من قيل في حقّه ذلك، و كون الإجماع المذكور بمنزلة بعض ألفاظ التعديل، و أمّا النفي عن غيرهم فغير ظاهر منهم.
و كيف كان فالمتبع هو الدليل، و لا وحشة من الحقّ لقلّة السالك إليه.
فنقول: القول الأول الذي جعلناه الرابع استضعفه الأُستاد في فوائد التعليقة، فقال: و ربّما يتوهم بعض من إجماع العصابة وثاقة من رويٰ عنه هؤلاء، و فساده ظاهر، نعم، يمكن أن يفهم منه اعتداد ما بالنسبة إليه، و عندي أنّ رواية هؤلاء إذا صحت إليهم لا تقصر عن أكثر الصحاح (2)، انتهيٰ.
و قال السيّد الجليل في الرسالة: و وجه الثاني أي: القول بعدم الدلالة، هو أنّ الإجماع المذكور موجود من كلام الفاضل أبي عمرو الكشي، و هو من قدماء الأصحاب (نوّر اللّٰه مراقدهم) و الصحة في اصطلاحهم مغايرة لاصطلاح
ص: 35
المتأخرين، إذ الحديث الصحيح عندهم ما ثبت صدوره عن المعصوم (عليه السّلام) سواء كان ذلك من جهة مُخْبره، أو من القرائن الخارجية، و الآثار المعتبرة.
قال (رحمه اللّٰه): و يكفي في الاعتماد بالحديث و نقله ثبوت صدوره عن الحجّة، سواء كان ذلك من جهة الاعتماد بالمخبر أو لا، بل من وجه آخر، و هو ظاهر. و معلوم أنّ العام لا دلالة له عليٰ الخاص.
لا يقال ذكر الواسطة دليل عليٰ الأول لظهور فساده، إذ الظاهر أنّ ذلك من جهة اتصال السند بأهل العصمة (عليهم السّلام) و لو كانت الواسطة ممّن لا يعوّل عليه كما لا يخفيٰ.
قال (رحمه اللّٰه): و يؤيّده ما ذكره شيخ الطائفة في حقّ صفوان بن يحييٰ، و ابن أبي عمير، من أنّهما لا يرويان إلّا عن ثقة، إذ لو كان الأمر كما ذكر لما كان وجه لاختصاص ذلك بهما (1)، انتهي.
إليٰ غير ذلك من الكلمات التي يشبه بعضها بعضاً، أو أُخذ بعضها من الآخر، و مرجع الجميع إليٰ كلمة واحدة هي: أعميّة الاصطلاح، فأخذوها حجّة عليٰ النفي من غير كشف لحقيقة الحال.
و نحن لو نقول بها تبعاً لهم نتبع مع ذلك جماعة من الأعلام و إن قلّوا فيما أعلم في دلالة هذا العام عليٰ هذا الخاص بالقرينة الواضحة.
بل نقول: هو المستند لإجماعهم عليٰ تصحيح رواية هؤلاء دون غيرهم ممّن شاركهم في الوثاقة و الجلالة قولًا واحداً من غير طعن فيهم.
فنقول: قد تقدم كلام الشيخ في العدة: من أنّ البزنطي، و صفوان، و ابن أبي عمير، و غيرهم من الذين عرفوا بأنّهم لا يرسلون و لا يروون إلّا عن الثقة (2).8.
ص: 36
و صريح كلامه أنّ في القوم جماعة معروفين بهذه الصفة، و استظهرنا أنّ مراده منهم أصحاب الإجماع فلاحظ (1).
و مرّ قول الشهيد في غاية المراد (2) في سند فيه الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي-: أنّ الكشي ادّعيٰ الإجماع في حق ابن محبوب، و فيه توثيق كما في نسختي، و هي عتيقة، أو توثيق ما لأبي الربيع الشامي (3).
و قال العلّامة الطباطبائي في رجاله في ترجمة زيد النرسي، في ردّ من طعن عليٰ أصله بأنه موضوع-: و الجواب عن ذلك أنّ رواية ابن أبي عمير لهذا الأصل تدلّ عليٰ صحته، و اعتباره، و الوثوق بمن رواه: إليٰ أن قال: و حكيٰ الكشي في رجاله إجماع الصحابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه، و الإقرار له بالفقه و العلم، و مقتضي ذلك صحّة الأصل المذكور، لكونه ممّا قد صحّ عنه، بل توثيق راويه أيضاً؛ لكونه العلّة في التصحيح غالباً، و الاستناد إليٰ القرائن و إن كان ممكناً إلّا أنّه بعيد في جميع روايات الأصل (4)، انتهيٰ ما أفاد.
و نحن نشيد بنيانه بعون اللّٰه تعاليٰ
اعلم أنّ الذين صرّحوا بأن صحيح القدماء أعمّ و ذكروا من أمارات الصحة عندهم موافقة أحد الأُمور الأربعة: العقل، و الكتاب، و السنة
ص: 37
القطعية، و الإجماع، من الأُمور الخارجية، و الوجود في الأصل أو المعروض عليٰ الإمام (عليه السّلام) و أمثاله كلماتهم (1) تنتهي إليٰ ما ذكره الشيخ البهائي في أوّل مشرق الشمسين، و صاحب المعالم في أوّل المنتقي، حيث قال في كلام له: فان القدماء ليس لهم علم بهذا الاصطلاح قطعاً؛ لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالة عليٰ صدق الخبر، و إن اشتمل طريقه عليٰ ضعف، فلم يكن للصحيح كثير مزيّة، فوجب له التمييز باصطلاح أو غيره، فلما اندرست تلك الآثار، و استقلت الأسانيد بالأخبار، اضطر المتأخرون إليٰ تمييز الخالي من الريب، و تعيين البعيد من الشك، فاصطلحوا عليٰ ما قدّمنا بيانه، و لا يكاد يُعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمن العلّامة إلّا من السيّد جمال الدين ابن طاوس، و إذا أُطلق الصحة في كلام من تقدم فمرادهم منها الثبوت و الصدق (2)، انتهيٰ.
و مرّ ما في المشرق في الفائدة الرابعة (3).
و نحن نسأل الشيخ و هذا المحقق عن مأخذ هذه النسبة، و مدرك هذا القول؟ فإنّا لم نجد في كلمات القدماء ما يدل عليٰ ذلك، بل هي عليٰ خلاف ما نسباه و من تبعهما إليهم، بل وجدناهم يطلقون الصحيح غالباً عليٰ رواية الثقة، و إن كان غير الإمامي.
أمّا الأول: فقال الشيخ في العدة و هو لسان القدماء و وجههم-: فصل في ذكر القرائن التي تدل عليٰ صحة أخبار الآحاد، أو بطلانها، أو ما يترجح به الأخبار بعضها عليٰ بعض، و حكم المراسيل.1.
ص: 38
القرائن التي تدل عليٰ صحة متضمن الأخبار التي لا توجب العلم أربعة أشياء.
و ذكر العقل أي: أصل الإباحة، أو الحظر-.
و الكتاب: خصوصه، أو عمومه، أو دليله، أو فحواه.
و السنة المقطوع بها من جهة التواتر.
قال (رحمه اللّٰه): فان ما يتضمنه خبر الواحد إذا وافقه مقطوع عليٰ صحته أيضاً، وجب العمل به، و إنْ لم يكن ذلك دليلًا عليٰ صحة نفس الخبر؛ لجواز أن يكون الخبر كذباً، و إن وافق السنة المقطوع بها.
ثم ذكر الإجماع و قال: فإنه متي كان كذلك دلّ أيضاً عليٰ صحة متضمنة، و لا يمكننا أيضاً أن نجعل إجماعهم دليلًا عليٰ صحة نفس الخبر؛ لجواز أن يكونوا أجمعوا عليٰ ذلك عن دليل غير الخبر، أو خبر غير هذا الخبر، و لم ينقلوه، استغناءً بإجماعهم عليٰ العمل به، و لا يدل ذلك عليٰ صحة نفس الخبر، فهذه القرائن كلّها تدلّ عليٰ صحة متضمن أخبار الآحاد، و لا تدل عليٰ صحتها أنفسها، لما بيّناه، من جواز أن تكون الأخبار مصنوعة، و إن وافقت هذه الأدلّة (1)، انتهيٰ.
انظر كيف صرّح في مواضع عديدة بأن موافقة هذه الأدلة لا توجب الصحة في نفس الخبر، و لا يصير الخبر بها صحيحاً، و عليٰ هذا كافّة الأصحاب، و مع ذلك كيف يجوز نسبة ذلك إليهم من غير اكتراث، ثم ترتيب الآثار عليها.
و من الغريب ما في تكملة الفاضل الكاظمي في ردّ من ذكر قولهم: صحيح الحديث من ألفاظ الوثاقة ما لفظه: و اعلم أنّ الصحة في لسان القدماء يجعلونها صفة لمتن الحديث، عليٰ خلاف اصطلاح المتأخرين،ف.
ص: 39
حيث يجعلونها صفة للسند، و يريدون أي: القدماء به ما جمع شرائط العمل، إمّا من كونه خبر ثقة كما هو في اصطلاح المتأخرين، أو بكونه محفوفاً بقرائن تدلّ عليٰ العلم أو الظن بواقعيّة مضمونه، و هي كثيرة، أكثرها اندرست في أمثال زماننا، و هي إمّا موافقة ظاهر الكتاب أو عمومه، أو فحواه، أو نصه، أو مفهومه المخالف، أو الشهرة عليه، أو رواية، أو غير ذلك ممّا هو مسطور في الكتب الأُصولية، و نبّه عليه الشيخ في مقدمة الاستبصار (1).
قال الشيخ البهائي في المشرق: كان المتعارف بينهم يعني: القدماء إطلاق الصحيح عليٰ كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، و اقترن بما يوجب الوثوق به و الركون إليه، و ذلك أُمور (2). ثم أخذ بتفاصيلها (3)، انتهيٰ.
انظر كيف يضاد قوله العلم أو الظن بواقعية مضمونه قول الشيخ في مواضع عديدة، و كيف عدّ موافقة ظاهر الكتاب من القرائن المندرسة! و إحالته عليٰ ما في الاستبصار توجب أيضاً عدّ موافقة العقل و الإجماع و السنة المتواترة منها! و هو أعرف بما قال. مع أن الشيخ أجمل في أول كتابيه ما فصّله في العدة و غيرها، و أشار إليٰ ذلك بقوله في أول الإستبصار، قبل ذكر أقسام الخبر و القرائن-: و أنا أُبين ذلك عليٰ غاية من الاختصار، إذ شرح ذلك ليس هذا موضعه، و هو مذكور في الكتب المصنّفة في أُصول الفقه، المعمولة في هذا الباب (4).
و قد عرفت ما ذكره في العدة (5).8.
ص: 40
و أمّا صاحب المشرق فلم يذكر الموافقة المذكورة في عداد القرائن، و إنّما عدّ أُموراً لا ريب في كونها من الأمارات، و لكن الشيخ مسؤول بذكر المستند لإطلاق الصحيح عليٰ الخبر المقترن ببعض منها، أو جملة منها لا تنافي مذهب المتأخرين.
و الظاهر أنّ الشيخ و من تبعه اشتبه عليهم المعمول به بالصحيح، و لا ملازمة بينهما كما عند المتأخرين، كالضعيف المنجبر، و الحسن عند من يريٰ حجيّته، فلا بُدّ في المقام من ذكر موارد أطلقوا الصحيح عليٰ خبر غير الثقة، لمجرّد الاقتران، و إلّا فاعتمادهم ببعض القرائن في مقام العمل لا ينهض لإثبات الدعويٰ.
و أمّا الثاني: و هو إطلاقهم الصحيح عليٰ خبر الثقة؛ و لو من غير الإمامي كثيراً، و في موارد لا يبعد بعد ملاحظتها دعوي الاطمئنان بانحصار مصطلحهم فيه، فتنحصر الأعميّة في دخول الموثق في الصحيح عندهم، فله شواهد:
منها: ما في أول الكافي، و هو قوله (رحمه اللّٰه): بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السّلام) (1). و قد أوضحنا في الفائدة الرابعة أن المراد منها أخبار الثقات (2)، و له في باب ميراث ابن أخ و جدّ كلام أوضح منه (3).ظ.
ص: 41
و منها: ما في الفقيه، و أمّا خبر صلاة يوم غدير خم، و الثواب المذكور فيه، فإن شيخنا محمّد بن الحسن (رضي اللّٰه عنه) كان لا يصححه، و يقول: إنّه من طريق محمّد بن موسي الهمداني، و كان غير ثقة، و كلّما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس اللّٰه روحه) و لم يحكم بصحته من الأخبار، فهو عندنا متروك غير صحيح (1).
و لا يخفيٰ عليٰ المتأمل أنّ المراد من الصحيح في أول الكلام ما كان تمام رواته ثقات، فيكون في آخره كذلك، مع أنّ غير الوثاقة ممّا عدّوه من أسباب الصحة، كالوجود في الأصل، و المعروض عليٰ الإمام (عليه السّلام) و الموافقة من الأُمور المحسوسة الغير المحتاجة إليٰ تبعيّة الآخر، و الذي لا ضير في التبعيّة فيها معرفة الرجال و وثاقتهم، و ضبطهم و تثبتهم، خصوصاً لمثل الناقد الخبير محمّد بن الحسن بن الوليد، الذي من سلم من طعنة فكأنّه مرضيّ للكلّ.
و منها: الفقرة الثانية في قولهم: تصحيح ما يصح عنه. فإن المراد من الصحة في قولهم: «ما يصح عنه» لا بُدّ و أن يكون من جهة اتصاف رجال السند مثلًا إليٰ ابن أبي عمير بالوثاقة، لوضوح عدم قابلية السند إليه، لاقترانه بما عدّوه من قرائن الصحة عندهم، سويٰ الوثاقة.
و السيد الجليل في رسالة أبان كأنّه التفت إليٰ هذا فزاد في كلامه في8.
ص: 42
معنيٰ الصحة عنه، بعد اتصاف السند بالوثاقة كما سبق قوله: أو إذا صحّ و ظهر لهم صدور الحديث من أحدهم (1)؛ حذراً من وجوب حمل الصحة في الفقرة الأُوليٰ أيضاً عليه؛ لركاكة التفكيك.
و لا يخفيٰ أنّ الصحة و الظهور من غير جهة الوثاقة، لا يكون إلّا من جهة تكثّر الطرق إليٰ أحدهم، إليٰ حدّ التواتر أو ما يقرب منه؛ و فيه من التكلّف ما لا يخفيٰ، خصوصاً مع حمل الفقرة الأُوليٰ أيضاً عليه، رعاية للتطابق.
و منها: قولهم في ترجمة جماعة: صحيح الحديث، كما مرّ في شرح المشيخة (2)، و يأتي توضيحه (3) إن شاء اللّٰه تعالي.
و منها: ما في التهذيب، في باب التيمم، في بحث المحتلم الخائف عليٰ نفسه من الغسل لشدة البرد، بعد إيراد حديث بسندين.
أولهما: محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (4).
و ثانيهما: سعد بن عبد اللّٰه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن عبد اللّٰه بن سنان أو غيره عنه (عليه السّلام) (5).
قال: فأول ما فيه أنه خبر مرسل منقطع الإسناد؛ لأنّ جعفر بن بشير في الرواية الأُوليٰ قال: عمّن رواه، و هذا مجهول يجب اطراحه؛ و في الرواية الثانية قال: عن عبد اللّٰه بن سنان أو غيره، فأورده و هو شاكّ فيه، و ما يجري هذا المجريٰ8.
ص: 43
لا يجب العمل به، و لو صحّ الخبر عليٰ ما فيه لكان محمولًا (1). إليٰ آخره.
و منها: ما فيه في باب حكم المسافر و المريض في الصيام، بعد إيراد خبر سنده: الصفار، عن عمران بن موسي، عن موسي بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن عبد الأعليٰ مولي آل سام، في الرجل. إليٰ آخره (2).
قال: فأول ما فيه أنّه موقوف غير مسند إليٰ أحد من الأئمة (عليهم السّلام) و ما كان هذا حكمه لا يعترض به الأخبار الكثيرة المسندة، و لو صحّ كان الوجه (3). إليٰ آخره.
و منها: ما في الاستبصار، في باب من فاته الوقوف بالمشعر الحرام، بعد إيراد خبرين، في آخر سند الأول: محمّد بن يحييٰ الخثعمي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام). و في آخر الثاني: عنه، عنه (عليه السّلام).
قال بعد رمي الخثعمي بالعاميّة و الاضطراب من جهة روايته تارة بلا واسطة و أُخري بدونها-: و يمكن عليٰ تسليمهما و صحتهما (4). إليٰ آخره.
و منها: ما فيه، في باب ميراث ذوي الأرحام، بعد نقل خبرين عن الفضل بن شاذان (رحمه اللّٰه) في قضاءٍ لعلي (عليه السّلام)، أوّلهما: عن سويد بن غفلة.
قال: قال الفضل: و هذا الخبر أصح مما رواه سلمة بن كهيل، و ساقه.
ثم قال: لأنّ سلمة لم يدرك علياً (عليه السّلام)، و سويد قد أدرك علياً (عليه السّلام) (5).
و منها: ما في الفهرست، في ترجمة يونس بن عبد الرحمن بعد ذكر4.
ص: 44
الطرق إليٰ كتبه.
[قال]: و قال محمّد بن علي بن الحسين: سمعت محمّد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّٰه) يقول: كُتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلُّها صحيحة معتمد عليها، إلّا ما ينفرد به محمّد بن عيسيٰ بن عبيد، و لم يروه غيره (1).
إليٰ غير ذلك من الموارد الصريحة في أنّ المناط في الصحة عندهم حالات نفس السند، من غير ملاحظة اقترانه بأمر خارجي.
و يوضحه و يدلّ عليه أنّ الشيخ ذكر الحجّة من الخبر الواحد في كتاب العدّة في مواضع، و ليس فيه ذكر للخبر الضعيف المنجبر ضعفه بالقرائن الخارجية، فلو كان الضعيف المقترن فيها داخلًا في صحيحهم لكان حُجّةً، و معه كان عليه أن يذكره، مع أنّه أهمله.
فإنه (رحمه اللّٰه) قال في موضع: و أمّا ما اخترته من المذهب و هو أنّ خبر الواحد إذا كان وارداً من طريق أصحابنا، القائلين بالإمامة، و كان ذلك مرويّاً عن النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) أو عن أحد من الأئمة (عليهم السّلام)، و كان ممّن لا يطعن في روايته، و يكون سديداً في نقله، و لم تكن هناك قرينة تدلّ عليٰ صحة ما تضمّنه الخبر لأنه إن كانت هناك قرينة تدلّ عليٰ ذلك كان الاعتبار بالقرينة، و كان ذلك موجباً للعلم، و نحن نذكر القرائن فيما بعد جاز العمل به، و الذي يدل عليٰ ذلك إجماع الفرقة المحقّة (2). إليٰ آخر ما تقدم في الفائدة الرابعة (3).
و قريب منه ما ذكره في موضع آخر.
و من هنا أورد عليه الشهيد الثاني (رحمه اللّٰه) في درايته حيث قال:9.
ص: 45
و اختلفوا في العمل بالحسن؛ فمنهم من عمل به مطلقاً كالصحيح، و هو الشيخ (رحمه اللّٰه) عليٰ ما يظهر من عمله، و كلّ من اكتفيٰ في العدالة بظاهر الإسلام و لم يشترط ظهورها. و منهم من ردّه مطلقاً و هم الأكثرون حيث اشترطوا في قبول الرواية الإيمان و العدالة، كما قطع به العلّامة في كتبه الأُصولية (1)، و غيره.
و العجب أن الشيخ (رحمه اللّٰه) اشترط ذلك أيضاً في كتب الأُصول، و وقع له في الحديث و كتب الفروع الغرائب، فتارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقاً حتي أنّه يخصص به أخباراً كثيرة صحيحة حيث تعارضه بإطلاقها (2). إليٰ أن قال: و أمّا الضعيف فذهب الأكثر إليٰ المنع عن العمل به مطلقاً، و أجازه آخرون، مع اعتضاده بالشهرة رواية أو فتوي، كما يعلم مذاهب الفرق الإسلامية باخبار أهلها مع الحكم بضعفهم عندنا، و إن لم يبلغوا حدّ التواتر، و بهذا اعتذر للشيخ (رحمه اللّٰه) في عمله بالخبر الضعيف، و هذه حجّة من عمل بالموثق أيضاً. و فيه نظر.
و قال في وجهه: إنّ هذا يتمّ لو كانت الشهرة متحققة قبل زمن الشيخ (رحمه اللّٰه) و الأمر ليس كذلك، فإن من قبله من العلماء كانوا بين مانع من خبر الواحد مطلقاً، كالمرتضيٰ و الأكثر عليٰ ما نقله جماعة، و بين جامع للأحاديث من غير التفات إليٰ تصحيح ما يصحّ، و ردّ ما يردّ، قال: فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ عليٰ وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقق، و لمّا عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية جاء من بعده من الفقهاء و اتّبعه منهم عليها الأكثر تقليداً له (3). إليٰ آخر ما قال.
و من مجموع كلامه يظهر أنّ الضعيف المنجبر بالشهرة رواية كانت2.
ص: 46
أو فتوي غير داخل في الصحيح عندهم، و إنْ عمل به لِمَا ذَكَرَ، بل الحسن أيضاً، و إن كان فيما ذَكَرهُ فيه نظر بيّن؛ لكون أكثر ما عدّوه من الحسان داخلًا في قسم الصحاح عندهم مع ملاحظة الشروط للوجه الذي سنتلوه عليك إن شاء اللّٰه تعاليٰ في بعض الفوائد الآتية.
و بالجملة فصريح كلامه: أنّ ما اشتهر [ت] نسبته إليٰ القدماء في معنيٰ الصحيح لا أصل له أصلًا، و أنّ الاقتران بالقرائن الخارجية لا مدخلية له في اتصاف الخبر بالصحة.
و أوضح ممّا ذكره (رحمه اللّٰه) هنا، ما ذكره في أوّل الباب، فإنه عرّف الصحيح بما هو المشهور، و شرح قيود التعريف، و ردّ القيدين الذين قيّده بهما العامة و هما: الشذوذ و العلّة، و شرح قيود تعريفهم، ثم ذكر أنّه قد يطلق عليٰ سليم الطريق و إن اعتراه مع ذلك إرسال أو قطع (1) في كلام طويل مرّ بعضه سابقاً.
و ليس في كلامه إشارة إليٰ مذهب القدماء في الصحيح، كما زعموا أنّه أعمّ مطلقاً أو من وجه من صحيح المتأخرين، أ ليس بغريب أن يتعرض في كلامه لكلام العامّة و يهمل كلام أصحابه، و مخالفة القدماء منهم فيه، و لا يتعرض لصحته و سقمه، فلو كان الصحيح عندهم غير الصحيح عنده لتعرض له يقيناً.
و مثله الشهيد الأول في أول الذكري (2)، بل ظاهره فيما نقلناه عنه سابقاً حمل الصحيح في الإجماع عليٰ ما هو عند المتأخرين فلاحظ.
و من العجيب أنّ سيّد المفاتيح (رحمه اللّٰه) قال: إن القدماء يحكمون بالصحة بأسباب لا تقتضي ذلك.
منها: مجرّد حكم شيخهم بالصحة.4.
ص: 47
و منها: اعتماد شيخهم عليٰ الخبر.
و منها: عدم منع شيخهم عن العمل به.
و منها: عدم منع الشيخ عن روايته للغير.
و منها: موافقته للكتاب و السنة (1)، انتهيٰ.
و قد عرفت نصّهم عليٰ عدم كون موافقتهما من أسباب الصحة، و الثلاثة الاوليٰ أخذها من كلام الصدوق في العيون و الفقيه، كما مرّ في الفائدة الرابعة (2)، و مرجعها إليٰ الاتكال عليٰ تصحيح الغير، و عليه عمل غالب المتأخرين، بل جلّ أهل عصرنا، و اعتماد الصدوق عليٰ تصحيح ابن الوليد؛ المعلوم حاله، و عدم حاجته إليٰ تمييز المشتركات، و معرفته معاني ألفاظ الجرح و التعديل، و غير ذلك؛ أهون من الاعتماد عليٰ من يحتاج إليٰ النظر إليٰ تلك الأُمور النظرية، مع تمكنه منه، فان هذا تقليد محض، و ذاك اتكال عليٰ تزكيته، مع أنّ الصدوق لم يطلق في الأخيرين الصحيح عليٰ الخبر؛ و مجرّد العمل و الرواية لا يصحح، فمن أين ينسب إليٰ جميعهم ذلك؟
و أعجب منه ما ذكره العالم الجليل السيّد صدر الدين فيما علّقه عليٰ رجال أبي علي، في كلام له في هذا المقام- [فقال]: نعم يرد عليه أنّ الصحيح في كلام القدماء بمعني آخر، فينبغي التأمل في أنّ الصحيح بالمعني المعروف فردّ منه أم لا (3)، انتهيٰ.
فلم يرض بالاتحاد و لا الأعميّة حتي احتمل التباين، فيكون الصحيح عند القدماء خبر غير الثقة المقترن بما ذكروا، و هو كما تري.ل.
ص: 48
و ممّا يؤيد أيضاً ما ذكرنا أنّهم في مقام ذكر اعتبار ما أرادوا جمعه من الأخبار يقولون: إنّها مرويّة عن الثقات، هذا علي بن إبراهيم قال في أول تفسيره: و نحن ذاكرون و مخبرون ما ينتهي إلينا، و رواه مشايخنا، و ثقاتنا، عن الذين فرض اللّٰه طاعتهم (1). إليٰ آخره.
و قال جعفر بن قولويه، في أول كامله: و قد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنيٰ و لا غيره، و لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا (رحمهم اللّٰه برحمته) (2). إليٰ آخره.
و قال الصدوق في أوّل المقنع: و حذفت الأسناد منه، لئلا يثقل حمله، و لا يصعب حفظه، و لا يملّه قاريه، إذ كان ما أُبيّنه فيه موجوداً بيّناً عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات (3) (رحمهم اللّٰه تعاليٰ).
و قال الشيخ محمّد بن المشهدي، في أوّل مزاره: فاني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات. إليٰ أن قال: ممّا اتصلت به ثقات الرواة إليٰ السادات (4). إليٰ آخره، إليٰ غير ذلك.
ثم لا يخفيٰ أنّ المحقق (رحمه اللّٰه) و إنْ كان من المتأخرين إلّا أنّه آخر من تبع القدماء اصطلاحاً، و يعدّ منهم في هذا المقام، لحدوث الاصطلاح الجديد كما قالوا من العلّامة و من تأخر عنه، و قد قال (رحمه اللّٰه) في المعارج: قد تقترن بخبر الواحد قرائن عليٰ صدق مضمونه، و إن كانت غير دالة عليٰ صدق الخبر نفسه، لجواز اختلافه مطابقاً لتلك القرينة، و القرائن أربع:
إحداها: ان يكون موافقاً لدلالة العقل، أو لنص الكتاب خصوصه، أو3.
ص: 49
عمومه، أو فحواه، أو السنة المقطوعة بها، أو لما حصل الإجماع عليه (1). إليٰ آخره.
و كيف خفي عن هؤلاء الأعلام كلامه، حتي عدوّا موافقة الكتاب و السنة من أمارات صحّة الخبر، و أظن و إن كان الظن لا يغني من الحق شيئاً أنّه اشتبه مذهب الشيخ و من وافقه سابقاً عليه، أو لاحقاً به، ممّن يريٰ حجيّة الخبر الواحد المجرد عن القرائن الخارجية، المتصف ببعض الشروط الداخلية؛ بمذهب السيّد و الجماعة الذين منعوا من حجيّته إلّا مع اقترانه بما يقتضي العلم بصحّة مضمونه.
قال العلّامة الكراجكي منهم في مختصر كتاب التذكرة في أُصول الفقه لشيخه أبي عبد اللّٰه المفيد: فأمّا خبر الواحد القاطع في العذر، فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إليٰ العلم بصحّة مخبره، و ربّما كان الدليل حجّة من عقل، و ربّما كان شاهداً من عرف، و ربّما كان إجماعاً بغير خلف، فمتيٰ خلا خبر واحد من دلالة يقطع بها عليٰ صحّة مخبره فإنه كما قدمناه ليس بحجّة، و لا موجب علماً و لا عملًا عليٰ كلّ وجه (2)، انتهيٰ.
و الحاصل أنا نطالب الجماعة الذين نصّوا بأنّ من الصحيح عندهم المقترن بأُمور خارجية، و أنّه أعمّ من الصحيح المصطلح من هذه الجهة، و أرسلوه إرسال المسلمات، بشاهدٍ يُصدِّق هذه الدعويٰ، و نصٍّ عليٰ ذلك من كلام أحد من القدماء، و إلّا فانّا في عذر من عدم قبوله، مضافاً إليٰ ما ذكرنا مما يدلّ عليٰ خلافه، و باللّٰه نستعين.
اعلم أنّ القرائن التي بها يصير الخبر الواحد حجّة إمّا داخليّة، أو خارجية.
ص: 50
و نعني بالأُوليٰ: الوثاقة بالمعني الأعم، أو العدالة بالمعني الأعم، أي عدالة كلّ راوٍ عليٰ مذهبه، و يعبر عنها أيضاً بالوثاقة بالمعني الأعم أو بالمعني الأخص، فيدخل فيها الإيمان عليٰ اختلاف المذاهب، و غيرها من الضبط و التثبّت.
و بالثانية: ما عدّه في مشرق الشمسين (1) و المفاتيح (2) و غيرهما في هذا المقام.
أمّا الأُوليٰ: فإذا اتصف راويها [بها] و دخلت روايته في صنف الحجّة، فيمكن الحكم بصحّة حديثه من جهته مطلقاً، سواء كان صاحب كتاب أو لا، و سواء اطلع هذا الحاكم برواياته أو بعضها، أو لم يقف عليٰ حديث واحد من أحاديثه، فيجوز أن يقول: كلّما رواه زرارة عن الإمام (عليه السّلام) فهو صحيح، أو كلّما رواه الحسين بن سعيد كذلك، إذا كان من بعده مثله، و هذا واضح.
و من ذلك قول أبي محمّد العسكري (عليه السّلام) لأحمد بن إسحاق كما في الكافي-: «العمري و ابنه ثقتان، فما أدّيا إليكَ عنّي فعنّي يؤديان، و ما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما و أطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان» (3).
و أمّا الثانية: فلا يمكن أن يحكم بحديث واحد من رأو إلّا بعد الوقوف عليٰ اقترانه بها، لأنّها كلّها أوصاف لنفس الخبر، و ما لم يكن الخبر معيّناً معلوماً لا يمكن العلم باتصافه بها، فلا يمكن أن يقال في حقّ رأو غير مصدق قوله في نفسه: إنّ كلّما رواه صحيح، أي مقترن بها، لأن العلم بالاقتران إن كان من جهة إخباره فهو غير مصدّق فيه، و إن كان من جهة اطلاعه فالمفروض عدمه.
نعم يجوز الحكم بصحة أحاديثه المعلومة المحصورة في كتاب، أو عند رأو سمعها منه، و غير ذلك ممّا يمكن معه الاطلاع عليٰ الاقتران9.
ص: 51
و عدمه، و هذا أيضاً واضح لا سترة فيه.
و من ذلك ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة: أنه لمّا عمل محمّد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف، قال الشيخ يعني: أبا القاسم الحسين بن روح (رضي اللّٰه عنه)-: اطلبوه إليّ لأنظره، فجاؤا به فقرأه من أوله إليٰ آخره. فقال: ما فيه شي ء إلّا و قد روي عن الأئمة (عليهم السّلام)، إلّا موضعين أو ثلاثة فإنه كذب عليهم في روايتها لعنه اللّٰه (1).
إذا عرفت ذلك فنقول: إذا أعرضنا عن المقام الأول، و سلمنا من الجماعة أعَميّة صحيح القدماء، و أنّه قد يكون من الجهة الأُوليٰ، و قد يكون من الجهة الثانية، فلا بُدّ لنا أيضاً في المقام الحكم بكون المراد من الصحيح الصحيح من الجهة الأُوليٰ لوجهين:
الأول: أنّ العصابة حكموا بصحة كلّ ما صحّ عن هؤلاء من غير تخصيص بكتاب أول أصل أو أحاديث معينة.
و بالجملة الكل حكموا بتصحيح الكل، و ما صح عنهم غير محصور، لعدم انحصار أحاديثهم بما في كتبهم، خصوصاً الطبقة الأُوليٰ و الثانية، و لا بما عند رأو معلوم، و مع ذلك لا يجوز أن يكون السبب الجهة الثانية كما عرفت.
الثاني: أنّ ذلك قريب من المحال بحسب العادة، لأن جلّ أحاديثنا الموجودة تنتهي إليٰ هؤلاء، و اللّٰه العالم بما لم يصل منها إلينا، هذا محمّد ابن مسلم أحد الستة الأُوليٰ، رويٰ الكشي عن حريز عنه، قال: ما شجرني رأي قطّ إلّا سألت عنه أبا جعفر (عليه السّلام) حتي سألته عن ثلاثين ألف حديث، و سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن ستة عشر ألف حديث (2).
هذه ستّة و أربعون ألف حديث أجوبة مساءلة، و هي أزيد من تمام6.
ص: 52
أحاديث الكتب الأربعة و اللّٰه أعلم بسائر أحاديثه، و لا أظنّ أنّ أحاديث زرارة تنقص من أحاديثه، و هو الذي قال في حقّه أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): «لولا زرارة لظننت أن أحاديث أبي ستذهب» (1) و هكذا حال أغلب الجماعة كما لا يخفيٰ عليٰ من تأمل حقّ التأمل في تراجمهم و في الجوامع.
و المراد بالعصابة: الفرقة الشيعة الإمامية من أصحابهم (عليهم السّلام)، و من يليهم. و التعبير عنهم بها لعلّةٍ تبعاً لأبي عبد اللّٰه الصادق (عليه السّلام) فيما ذكره في رسالته إليٰ أصحابه التي أمرهم بمدارستها، و النظر فيها، و تعاهدها و العمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فاذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، فإنه (عليه السّلام) خاطبهم فيها بقوله: «أيّتها العصابة المرحومة المفلحة، أو أيتها العصابة المرحومة المفضلة، أو أيتها العصابة الحافظ اللّٰه لهم أمرهم» (2) و غير ذلك.
و في باب ميراث ابن أخ و جدّ، من الكافي بعد ذكر أخبار تخالف ما رواه في أول الباب قال: و هي أخبار صحيحة، إلّا أنّ إجماع العصابة أنّ منزلة الأخ. إليٰ آخره. ثم ذكر خبراً آخر، و قال: و ليس هذا أيضاً ممّا يوافق إجماع العصابة (3). إليٰ آخره.
و قال النجاشي في ترجمة أبي غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري-: و كان أبو غالب شيخ العصابة في زمنه و وجههم (4).
و قال أبو علي محمّد بن همام في أول كتابه التمحيص-: لمّا رأيت ما شملني و العصابة المهتدية من الاختبار و اللأواء (5). إليٰ آخره.8.
ص: 53
و في أمالي الشيخ، بإسناده عن عبد اللّٰه بن الوليد، قال: دخلنا عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في زمن مروان، فقال: «ممّن أنتم»؟ فقلنا: من أهل الكوفة. قال: «ما من البلدان أكثر محبّاً لنا من أهل الكوفة، و لا سيما هذه العصابة» (1)، الخبر.
قال المجلسي: هذه العصابة: أي الشيعة فإنّها أخص (2).
و بالجملة فالمراد منها في المقام حَمَلة الآثار، و نقّاد الأخبار، و هم في ذلك العصر خلق كثير و جمّ غفير منتشرون في البلدان متفرّقون في الأمصار، فاحتمال اطلاع كلّ واحد منهم عليٰ جميع أحاديث كلّ واحد من الجماعة و علمه باقتران كلّ واحد منها بإحدي القرائن المذكورة، ثم اطلاع الشيخ الكشي و شيخه الآخر عليٰ اطلاع كل واحد منهم عليها، فاسد عند كلّ من له أدنيٰ حظّ من البصيرة.
و أمّا ما قيل: إنّه قد يقع الإجماع عليٰ صحة أخبارٍ إذا قوبلت و علم من الخارج صدقها و مطابقتها للواقع، أو علم مطابقة كثير منها بنحو ظنّ أو قطع بمطابقة الباقي، فهو كسابقه في الفساد، خصوصاً نسبة الحدس إليٰ العصابة، حيث فتشوا بعض أخبار الجماعة فوجدوها صحيحة، فقاسوا باقيها، و في قصّة كتاب الشلمغاني كفاية لبطلان هذا القياس، و عدم حصول الظن، فضلًا عن القطع بصحة الباقي، لمجرّد الوقوف عليٰ صحّة جملة منها.
هذا، و أمّا إنْ كان السبب في حكم العصابة بصحّة أحاديث الجماعة كونهم كما استظهرناه من العدّة (3) من الذين عرفوا بأنّهم لا يروون و لا يرسلون7.
ص: 54
إلّا عن ثقة، فهو أمر ممكن يسهل معرفته، كما اعترف به المشهور، بل ادعيٰ عليه الإجماع في خصوص ابن أبي عمير، أو هو مع أخويه صفوان و البزنطي.
و قد شرحنا في ترجمة ابن أبي عمير في (رسز) كيفية معرفة الأصحاب ذلك، و أجبنا عن بعض الشبهات في المقام، و ذكرنا وجه الحجيّة بما لا مزيد عليه، و لا بُدّ للناظر من المراجعة إليه (1)، و قد اتفق ذلك لبعضهم بالنسبة إليٰ بعض الرواة.
ففي الفهرست في ترجمة علي بن الحسن الطاطري: كان واقفياً شديد العناد في مذهبه، قال: و له كتب في الفقه، رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم، فلأجل ذلك ذكرنا (2).
قال المحقق السيّد العاملي بعد نقل هذه العبارة-: عليّ واقفي، فيعلم أنّه لو لم يكن كتبه عن الثقات لم يروها، و أنت تدري أنّ مجرّد كونها عن الثقات لا يكفي في جواز روايتها، إلّا أن يعلم صدقه فيها، و ليس العلم بالصدق لمجرد كونه ثقة، لأنه لا يصلح حصر الرواية حينئذ عنه في كونه لا يروي إلّا عن الثقات.
و بالجملة نريد بذلك التنبيه عليٰ أن أصحاب الإجماع قد لا يكون الإجماع عليٰ التصحيح لوثاقتهم بل لكونهم رووا ما علم صحّته من الخارج (3)، انتهيٰ.
قلت: شدّة عناد علي في مذهبه تقتضي الإعراض و الاجتناب عنه، و عن أمثاله، و لكن الأصحاب أُمروا بأخذ ما عندهم من الحقّ، و عدم الاعتناء إليٰ عنادهم في هذا المقام.
ففي أصل زيد الزراد عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام)ط.
ص: 55
يقول: «إنّ لنا أوعية نملؤها علماً و حكماً، و ليست لها بأهل فما نملؤها إلّا لتنقل إليٰ شيعتنا، فانظروا إليٰ ما في الأوعية فخذوها، ثم صَفُّوها من الكدورة، تأخذونها بيضاء نقيّة صافية، و إيّاكم و الأوعية فإنّها وعاء سوء فتنكبوها».
و قال زيد: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: «اطلبوا العلم من معدن العلم، و إيّاكم و الولايج (1) فهم الصَّدَّادُون عن سبيل اللّٰه»، ثم قال: «ذهب العلم و بقي غَبرَات العلم في أوعية سوء، و احذروا فإن في باطنها الهلاك، و عليكم بظاهرها فإن في ظاهرها النجاة» (2).
و المراد بالكدورة و الباطن هو رأيهم و تأويلاتهم في الأحاديث، كما أشار إليه الإمام العسكري (عليه السّلام) بقوله: «خذوا ما رووا و ذروا ما رأوا» (3) بالنسبة إليٰ كتب بني فضّال، و أبو القاسم بن روح بالنسبة إليٰ كتب الشلمغاني، فأراد الشيخ إظهار عدم عصبيّته في المقام، و عدم عنادة للحق الذي وجده عنده، و ظهر صدوره عنهم (عليهم السّلام) بوثاقته، و وثاقة وسائطه إليهم (عليهم السّلام) المعلوم عند الشيخ، لسهولة اطلاعه عليها، لمحصوريتهم في كتبه التي أشار إليها أو لإخباره بوثاقتهم، كما شرحنا مثله في ترجمة ابن أبي عمير (4).
و هذا ممّا يؤكد كون سبب الإجماع عليٰ الصحة أيضاً وثاقة الوسائط، فضلًا عن وثاقتهم التي صرّح بها السيّد المؤيد في كلامه الذي نقلناه عنه سابقاً (5).ع.
ص: 56
و كيف كان فصريح الشيخ أنّ سبب النقل بل الاعتماد وثاقة الوسائط، لا العلم بالصحة من الخارج، فأين وجه التنبيه؟
ثم ان السيد المحقق الكاظمي في العدة بعد استدلاله عليٰ وثاقة الجماعة بما ذكرناه في الوجه الثاني قال: و من الناس من تجاوز عن هذا المقام، فزعم أنّ الإجماع عليٰ تصحيح ما يصح عن هؤلاء كما قضيٰ بوثاقتهم فهو قاض بوثاقة من يروون عنه، و هذا خطأ، فإن الاتفاق عليٰ وثاقة رأو و صحّة كلّ ما يرويه لا يستلزم أن لا يروي إلّا عن ثقة، بل أقصاه أن لا يروي إلّا ما ثبت لديه و لو بالقرائن، نعم لو حكموا بأنه لا يروي إلّا عن ثقة كما اتفق ذلك لبعض هؤلاء كصفوان و ابن أبي عمير و البزنطي لتم، بليٰ اللّهم ربّما كان في رواية الثقة الجليل عن إنسان نوع اعتبار له (1)، انتهيٰ.
و فيه أولًا: أنّ الاستبعاد الذي اعترف به في نفس الجماعة آت هنا، و إن لم يكن بتلك المرتبة، و المدار في الرجال عليٰ الظنون.
و ثانياً: ما مرّ من أنّ إطلاق الصحة عليٰ الخبر من غير جهة وثاقة رجال سنده و لو بالمعني الأعمّ غير معلوم بل الظاهر عدمه (2).
و ثالثاً: ما مرّ من أنّ نفس مطابقة أخبار رأو لما علم من الخارج صحّته من أمارات الظن بالوثاقة (3)، فراجع.
و رابعاً: ما مرّ من مشاركة الجماعة للثلاثة في عدم الرواية إلّا عن الثقة عليٰ ما يظهر من العدة (4).1.
ص: 57
فتحصل من جميع ما ذكرناه قوّة القول بدلالة الإجماع المذكور عليٰ وثاقة الجماعة، و من بعدهم إليٰ المعصوم، مطابقة بناء عليٰ ما حققنا في المقام الأول (1)، أو التزاماً عليٰ مسلك المشهور، و إن استوهنه جماعة من الأعلام
قال السيد الجليل في رسالة أبان: إن قلت: المراد من الوثاقة المستفادة من الإجماع إمّا معناها الأخص، أي: الإمامي العادل الضابط، أو الأعمّ و عليٰ التقديرين: لا، ثم دلالة الإجماع عليها:
أمّا الأول: فلظهور أنّ جماعة ممّن ادعيٰ الإجماع في حقهم حكم بفساد عقيدتهم، كعبد اللّٰه بن بكير، و الحسن بن علي بن فضال، فقد حكم شيخ الطائفة و غيره بفطحيتهما (2)، و حكيٰ الكشي عن محمّد بن مسعود: عبد اللّٰه بن بكير، و جماعة من الفطحية، هم فقهاء أصحابنا، منهم: ابن بكير، و ابن فضال يعني الحسن بن علي بن فضال (3) و كذا أبان بن عثمان، فقد تقدمت حكاية ناووسيّته (4)، و عثمان ابن عيسيٰ فقد حكم شيخ الطائفة بوقفه (5)، و دلّت عليه جملة من الروايات (6).
و أمّا الثاني: فلأنه لو دلّ عليه لزم توثيقهم لكلّ من ادَّعيٰ الإجماع في حقه، و هو باطل لعدم توثيقهم لأبان بن عثمان و عثمان بن عيسيٰ، و منه يظهر أن التوثيق فيمن وثقوه ليس لأجل الإجماع بل من غيره، و منه يظهر عدم دلالة الإجماع عليه.
قلنا: نختار الأول، فنقول: لا إشكال في المذكورين في الطبقة
ص: 58
الأُوليٰ، كما لا يخفيٰ و كذلك في المذكورين في الثالثة، بناء عليٰ اعتقاد المدعي للإجماع و هو الكشي، و إنما ذكر ابن فضال و عثمان بن عيسيٰ حاكياً عن البعض (1)، و أمّا من ذكر في الطبقة الثانية فكذلك في غير ابن بكير و أبان بن عثمان كما لا يخفيٰ، و أمّا فيهما فيجاب بمثل ما ذكر إذ لم يظهر من الكشي الاعتراف بفساد عقيدتهما، بل إنّما حكاه عن ابن مسعود و ابن فضال، بل هو التحقيق بالنسبة إليٰ أبان بن عثمان، و حُكم غيره بذلك لا يضرّ فيما نحن بصدده في دلالة كلامه عليه، و عليٰ فرض التسليم نقول: أنّ المدعيٰ ظهور العبارة فيما ذكر، و ثبوت خلافه في بعض المواضع لدلالة أقوي غير مضرّ، و هذا كما يقال: ان لفظ ثقة تدل عليٰ كون الممدوح به إماميّاً عادلًا، و مع ذلك كثيراً ما يوصف من فسدت عقيدته بذلك، كما لا يخفيٰ.
فالتحقيق دلالته عليٰ الوثاقة، بل أعليٰ مراتبها، و تظهر الثمرة في معروف بن خرّبوذ، فإنه لم يوثق في كتب الرجال صريحاً، و إنْ ذكروا له مدحاً، فإنه عليٰ المختار من دلالة الإجماع عليٰ الوثاقة يكون حديثه معدوداً من الصحاح، بخلافه عليٰ غيره فيكون حسناً، و كذا الحال في أبان ابن عثمان و عثمان بن عيسيٰ، فإنه عليٰ المختار يعدّ حديثهما موثقاً أو صحيحاً، بخلافه عليٰ غيره فلا يكون مندرجاً تحت الأقسام الثلاثة المذكورة.
و أنت إذا تصفحت كلمات المحققين من المتأخرين السالكين إليٰ مراعاة هذا الاصطلاح، وجدتهم مطبقين في الحكم بكون حديث معروف ابن خرّبوذ صحيحاً، و أبان بن عثمان و عثمان بن عيسيٰ صحيحاً أو موثقاً، و هو يرشدك إليٰ ما اخترناه من دلالة الإجماع عليٰ الوثاقة فلا تغفل (2)، انتهيٰ.6.
ص: 59
و لقد أجاد فيما أفاده (طاب ثراه) و قد أوضحنا في ترجمة عثمان في (قمد) (1) أنه كان مستقيماً جليلًا، ثم وقف ثم تاب، و نظيره في الأعاظم ما لا يحصيٰ، و إن فارقهم من جهة زيادة أيام انحرافه ظاهراً، و لكن التوبة تغسل درنها.
و أمّا ابن فضال فلعل رجوعه في آخر عمره كما عليه المحققون و تقريره ما له عند الرواة من الأحاديث، و ما عنده من مؤلفاته، يُخْرِجُ رواياته عن روايات الفطحية، مع ما في الفهرست (2) و الخلاصة (3) و غيرهما من جلالة قدره، و عظم منزلته، و زهده، و ورعه و وثاقته، و ما روي في بني فضال و هو من عُمَدِهم.
و أمّا أبان ففي ما في الرسالة من شرح حاله غني للناظر، مضافاً إليٰ ما مرّ عن المفيد (رحمه اللّٰه) (4).
إنّ ديدن أعاظم أصحاب الأئمة (عليهم السّلام)، و فقهائهم الذين كانوا مرجعاً للفتويٰ بأمرهم (عليهم السّلام)، خصوصاً أو عموماً كان عليٰ نقل كلامهم (عليهم السّلام) و لو عليٰ نحو الإفتاء، و ما كانوا يفتون إلّا بما سمعوا منهم أو رووه، فتصديق العصابة للجماعة و انقيادهم لهم في فقههم عبارة أُخري عن اعترافهم بصحة ما يقولون و يفتون، و ما كانوا يفتون إلّا بما رووه بلا واسطة أو معها، و هذا عين حكمهم بصحة ما يصح عنهم، و لذا لم يفرّق أهل النظر من الأصحاب بين الطبقة الأُوليٰ و الأخيرتين.
فقال المحقق الشيخ حسن في المنتقي في كلام له-: و قد قَويَ الوهم في هذا الباب عليٰ بعض من عاصرنا، فاعتمد في توثيق كثير من المجهولين عليٰ صحّة الرواية عنهم، و اشتمالها عليٰ أحد الجماعة الذين نقلوا الإجماع عليٰ
ص: 60
تصحيح ما يصح عنهم، و هم ثمانية عشر رجلًا ذكرهم الكشي (1). إليٰ آخره.
و قال المحقق الداماد في الرواشح كما مرّ-: قد أورد أبو عمرو الكشي في كتابه جماعة أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصحّ عنهم، و الإقرار لهم بالفقه (2). إليٰ آخره.
و مرّ عن الوافي قوله بعد نقل ما في الكشي في الطبقات-: قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله أجمعت العصابة، أو الأصحاب عليٰ تصحيح ما يصح عن هؤلاء، الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم (3). إليٰ آخره.
و بذلك صرّح التقي المجلسي في أول شرح الفقيه (4).
و قال السيّد الأجل بحر العلوم:
قَدْ أجْمَعَ الكل علي تصحيح ما يَصحُّ عَن جَماعةٍ فَلْيُعْلَما
وَ هُمْ أُولوا نَجَابَةٍ و رِفعَهْ أرَبَعةٌ وَ خَمْسَةٌ وَ تِسْعَهْ
فَالسِّتة الاوليٰ مِنَ الأمجاد أربعة مِنْهُمْ مِن الأوْتَادِ
زُرَارة كذا بَرِيد قَدْ أتي ثُمَّ محمّد وَ لَيْث يَا فَتيٰ
كَذا الفُضَيْل، بَعْدَهُ مَعْرُوف وَ هُوَ الذي مَا بيْنَنَا مَعْرُوفُ
و السِّتة الوُسْطَي أُولوا الفَضَائِلِ رُتْبَتُهم أدْنيٰ مِن الأوَائِلِ
جَمِيل الجَمِيل مَعْ أبان و العَبْدَلانِ ثُمّ حَمّادَانِ
و السّتة الأُخريٰ هُمْ صفوانُ و يونسٌ عليهم الرضوانُ
ثُمَّ ابنُ مَحْبوبِ كذا محمّدُ كَذاكَ عَبدُ اللّٰهِ ثُمَّ أحْمَدُ (5)ك.
ص: 61
و في عدّة المحقق السيّد محسن الكاظمي: ثم أن هنا أمارات تدل عليٰ وثاقة الراوي و أُخري تدلّ عليٰ مدحه.
فمن الاوليٰ: اتفاق الكلمة عليٰ الحكم بصحة ما يصح عنه، كما اتفق ذلك في جماعات من الأوائل و الأواسط و الأواخر، و هو قولهم: ان العصابة أجمعت عليٰ تصحيح ما يصح عنهم (1). إليٰ آخره.
و قال الأُستاذ في فوائد التعليقة: منها قولهم: أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصحّ عنه، و اختلف في بيان المراد. إليٰ أن قال: بعد استظهار الوثاقة منه بمعناها الأعم فلا يقدح نسبة بعضهم إليٰ الوقف و أمثاله، نعم النسبة إليٰ التخليط كما وقعت في أبي بصير يحييٰ الأسدي ربّما تكون قادحة (2)، انتهيٰ.
و الأسدي من الستة الاوليٰ إليٰ، غير ذلك من الكلمات الصريحة في اتحاد مفاد ما في الطبقات الثلاث.
و لكن السيد الجليل في رسالة أبان فرّق بين التصديق و التصحيح، فقال بعد اختيار مذهب المشهور-: إن قلت: إنّ هذا إنّما يتمّ فيما ذكر في الطبقة الثانية و الثالثة، و أمّا في الطبقة الاوليٰ فلا، إذ المذكور فيها تصديقهم لا تصحيح ما يصح عنه، فكما يكون هذا ظاهر في صحة المروي يكون ذلك ظاهراً في صحة الرواية و الأخبار، فكما يمكن إرجاعه إليه يمكن العكس، و إلّا فما الوجه في الاختلاف؟
قلت: الظاهر أنّ هذا الاختلاف دليل عليٰ المعنيٰ الذي اخترناه.
توضيح المرام: إنّ نشر الأحاديث لمّا كان في زمن الصادقين (عليهما السّلام)، و كان المذكور في الطبقة الاوليٰ من أصحابهما كانت روايتهم غالباً عنهما من غير واسطة، فيكفي للحكم بصحة الحديث تصديقهم كما لا6.
ص: 62
يخفيٰ، و أمّا المذكور في الطبقة الثانية و الثالثة فعلي ما ذكره لمّا كان من أصحاب الصادق و الكاظم و الرضا (عليهم السّلام) و كانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر (عليه السّلام) عليٰ ما ذكره مع الواسطة، و الطبقة الثالثة كذلك بالنسبة إليٰ الصادق (عليه السّلام) أيضاً، و لم يكن الحكم بتصديقهم كافياً في الحكم بصحة الحديث ما اكتفيٰ بذلك، و لذا قال: أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنهم.
و لمّا تحقق رواية كلّ من في الطبقة الثانية عن مولانا الصادق (عليه السّلام) من غير واسطة، و كذلك الطبقة الثالثة بالنسبة إليٰ سيّدنا الكاظم و الرضا (عليهما السّلام) أتي بتصديقهم أيضاً.
و الحاصل: أنّ التصديق فيما إذا كانت الرواية عن الأئمة (عليهم السّلام) من غير واسطة، و التصحيح إذا كانت معها فلا تغفل (1)، انتهيٰ.
و فيه: مضافاً إليٰ ما فيه من التكلّف؛ و مخالفة الجماعة، و صحة إطلاق الصحة عليٰ رواية الثقة عن المعصوم بلا واسطة، كما قالوا في ترجمة يحييٰ بن عمران الحلبي: رويٰ عن أبي عبد اللّٰه و أبي الحسن (عليهما السّلام) ثقة ثقة، صحيح الحديث (2)، و مثله في أبي الصلت الهروي كما يأتي (3) أن رواية الطبقة الأُوليٰ عن الصادقين (عليهما السّلام) مع الواسطة، و عن آبائهما الأطيبين (عليهم السّلام) كثيرة (4)، و إن كانت قليلة بالنسبة إليٰ غيرها، و عليٰ ماة.
ص: 63
أسَّسه (رحمه اللّٰه) تخرج تلك الأحاديث عن هذه القاعدة، لعدم دخولها في ضابطة التصديق لكونها مع الواسطة، و لا في التصحيح لكونهم من الطبقة الأُوليٰ، و لا أظن أحداً يلتزم بهذا عليٰ اختلاف مشاربهم، و أظن الذي أوقعه في هذا المضيق كلام الشيخ البهائي في المشرق حيث قال في عداد القرائن: و منها وجوده في أصل معروف الانتساب إليٰ أحد الجماعة الذين أجمعوا عليٰ تصديقهم كزرارة، و محمّد بن مسلم، و الفضيل. أو عليٰ تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحييٰ، و يونس بن عبد الرحمن، و أحمد ابن محمّد بن أبي نصر (1)، انتهيٰ.
الثالث: ان ما ذكرنا من الوجه في عدم جواز الحكم بصحة حديث رأو عليٰ الإطلاق إلّا من جهة وثاقته و وثاقة من بعده إليٰ المعصوم (عليه السّلام)؛ و فساد احتمال كونه من جهة القرائن جار في قولهم في بعض التراجم-: صحيح الحديث، و لا فرق بينهم و بين أصحاب الإجماع إلّا من جهة الإجماع في هؤلاء دونهم، و هم جماعة أيضاً:
[1] إبراهيم بن نصر بن القعقاع الجعفي، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه و أبي الحسن (عليهما السّلام) ثقة، صحيح الحديث (2).
[2] أبو عبد اللّٰه أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم8.
ص: 64
التمار الكوفي، ثقة، صحيح الحديث (1).
[3] أبو حمزة أنس بن عياض الليثي، ثقة، صحيح الحديث (2).
[4] أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي، صحيح الحديث (3).
[5] الحسن بن علي بن بقاح الكوفي، ثقة مشهور، صحيح الحديث (4).
[6] الحسن بن علي بن نعمان الأعلم، ثقة ثبت، له كتاب نوادر، صحيح الحديث (5).
[7] سعد بن طريف، صحيح الحديث (6).
[8] أبو سهل صدقة بن بندار القمي، ثقة، صحيح الحديث (7).
[9] أبو الصلت الهَرَوي، عبد السلام بن صالح، رويٰ عن الرضا (عليه السّلام) ثقة، صحيح الحديث (8).
[10] أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمّد الجَوّاني، ثقة، صحيح الحديث (9).
[11] النضر بن سُوَيد الكوفي، ثقة، صحيح الحديث (10).7.
ص: 65
[12] يحييٰ بن عمران بن علي بن أبي شعبة الحلبي، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه و أبي الحسن (عليهما السّلام) ثقة ثقة، صحيح الحديث (1).
[13] أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي الرازي، كان ثقة، صحيح الحديث (2).
أمّا دلالة قولهم: صحيح الحديث عليٰ وثاقة من قيل في حقّه ذلك فهو صريح جماعة.
قال الشهيد الثاني في بداية الدراية و شرحها: ألفاظ التعديل: عدل ثقة. إليٰ أن قال: و كذا قوله: و هو صحيح الحديث، فإنه يقتضي كونه ثقة ضابطاً، ففيه زيادة تزكية (3).
و هو ظاهر سبطه في شرح الإستبصار في شرح قوله (عليه السّلام): الكرّ من الماء نحو حبّي هذا (4).
و صريح الفاضل النحرير الشيخ عبد النبيّ الجزائري في حاوي الأقوال (5).
و المحقق البحراني الشيخ سليمان في البلغة (6)، فإنهما عدّا جعفر السمرقندي من الثقات.
و عليٰ ما أسسناه فالدلالة واضحة، إلّا أنّ الثمرة في هذا المقام منحصرة في السمرقندي، و ابن طريف، و الباقي كما عرفت نصّ عليهم بالوثاقة، إنّما الكلام في دلالته عليٰ وثاقة من بعده، و هو أيضاً ظاهر عليٰ ما).
ص: 66
ذكرنا هنا و في (رنط) في ترجمة القاسم بن سليمان (1)، و في الفائدة الرابعة (2).
و ظاهر المحقق الداماد مسلميّته عند أهل الفن، قال في الرواشح: هل رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه تعديل؟ صحّ ما في الشرح العضدي: أنّ فيه مذاهب.
أوّلها: تعديل، إذ الظاهر أنّه لا يروي إلّا عن عدل.
الثاني: ليس بتعديل، إذ كثيراً نريٰ من يروي و لا يفكر ممّن يروي.
و ثالثها: و هو المختار، إن علم من عادته أنّه لا يروي إلّا عن عدل فهو تعديل، و إلّا فلا (3).
و ثقة صحيح الحديث في اصطلاح أئمة التوثيق و التوهين من أصحابنا (رضوان اللّٰه تعاليٰ عليهم) تعبير عن هذا المعنيٰ (4)، انتهيٰ.
و ظاهره كون الكلمة اصطلاحاً في ذلك إذا وقعت بعد التوثيق.
و ظاهر العلّامة الطباطبائي تصديقه، فإنه نقله عنه في بعض فوائد رجاله (5)، و لم يورد عليه بشي ء.
و مع الغض ففي إطلاق الحديث المعلوم من عدم عهد فيه يقيده في أحاديث محصورة كفاية في عدم جواز الحكم بالصحة من جهة القرائن كما مرّ (6).
نعم لو وجد ما يجب معه الحمل عليٰ العهد يسقط عن الدلالة كما قالوا في الحسين بن عبيد اللّٰه السعدي: له كتب صحيحة الحديث (7)، و في6.
ص: 67
النجاشي في خصوص ابن الأعلم (1)، و كذا في أبي الحسين الأسدي فإنه قال: كان ثقة صحيح الحديث، إلّا انه رويٰ عن الضعفاء (2)، فلا بُدّ من الحمل عليٰ الموجود في كتابه، مع أنّ اختلاف الاعتقاد في الوثاقة و الضعف غير عزيز في الأقدمين كما في المتأخرين.
و اعلم أنه قال النجاشي: الحسن بن علي بن النعمان، مولي بني هاشم، أبوه علي بن النعمان الأعلم ثقة، ثبت، له كتاب نوادر، صحيح الحديث كثير الفوائد (3).
قال السيّد في الرجال الكبير بعد نقله، و نقل ما في الخلاصة-: و قد قيل أن ما في الخلاصة و النجاشي يحتمل عود التوثيق فيهما إليٰ الأب، و ربّما استفيد توثيقه من وصف كتابه بأنّه صحيح الحديث، و فيهما نظر. إليٰ أن قال: ثم لا يخفيٰ أنّ وصف الكتاب بكونه صحيح الحديث إنّما يقتضي الحكم بصحة حديثه إذا علم أنه من كتابه، لا الحكم بصحة حديثه مطلقاً، كما هو مقتضيٰ التوثيق، عليٰ أن ظاهر الجماعة الحكم بصحة حديثه مطلقاً و اللّٰه أعلم (4)، انتهيٰ.
و فيه تنصيص بالمطلب الأول، و ظهور في الثاني، فتأمّل.5.
ص: 68
ص: 69
ص: 70
في ذكر أمارة عامة لوثاقة جميع المجاهيل الموجودة في خصوص كتاب الرجال لشيخ الطائفة في خصوص أصحاب الصادق (عليه السلام) و هي التي أشرنا إليها في كثير من التراجم، بأنّه من الأربعة آلاف الذين وثقهم ابن عقدة، فإنه صنّف كتاباً في خصوص رجاله (عليه السّلام) و أنهاهم إليٰ أربعة آلاف، و وثق جميعهم، و كلّ ما في رجال الشيخ منهم موجودون فيه، فهم ثقات بتوثيقه، و صدّقه في هذا التوثيق المشايخ العظام أيضاً.
و توضيح صدق هذه الدعويٰ، و إثبات مفادها، يحتاج إليٰ نقل كلماتهم، فأقول:
قال العلّامة في الخلاصة في ترجمة ابن عقدة-: يكنّي أبا العباس، جليل القدر، عظيم المنزلة، و كان زيديّاً جارودياً، و عليٰ ذلك مات، و إنّما ذكرناه من جملة أصحابنا لكثرة روايته عنهم، و خلطته بهم، و تصنيفه لهم، رويٰ جميع كتب أصحابنا، و صنّف لهم، و ذكر أُصولهم. إليٰ أن قال: له كتب ذكرناها في كتابنا الكبير، منها: كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق (عليه السّلام) أربعة آلاف رجل، و أخرج فيه لكلّ رجل الحديث الذي رواه (1).
و قال الشيخ المفيد في الإرشاد، في أحوال الصادق (عليه السّلام): إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه (عليه السّلام) من الثقات عليٰ اختلافهم في الآراء و المقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل من أصحابه (2).
و قال الشيخ الجليل محمّد بن علي الفتال في روضة الواعظين: قد9.
ص: 71
جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه (عليه السّلام) من الثقات عليٰ اختلافهم في الآراء و المقالات، فكانوا أربعة آلاف (1).
و قال السيّد الجليل صاحب الكرامات الباهرة السيّد علي بن عبد الحميد النيلي في كتاب الأنوار المضيئة: و مما اشتهر بين العامة و الخاصة أن أصحاب الحديث جمعوا أسماء الرواة عنه (عليه السّلام) من الثقات (2)، و ذكر مثله.
و قال الشيخ الطبرسي في الفصل الرابع من الباب الخامس من كتابه اعلام الوريٰ في ذكر مناقبه (عليه السّلام): و لم ينقل عن أحدٍ من سائر العلوم ما نقل عنه [عليه السّلام] فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه [عليه السّلام] من الثقات عليٰ اختلافهم في المقالات و الديانات، فكانوا أربعة آلاف رجل (3).
و قال في الفصل الثالث من القسم الأول من الركن الرابع، منه-: و روي عن الصادق (عليه السّلام) من أبوابه من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان (4).
و قال ابن شهرآشوب في المناقب: نقل عن الصادق (عليه السّلام) من العلوم ما لا ينقل عن أحد، و قد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات عليٰ اختلافهم في الآراء و المقالات، و كانوا أربعة آلاف رجل.
بيان ذلك: إنَّ ابن عقدة صنّف كتاب الرجال لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، عدّدهم فيه (5).
و قال المحقق في المعتبر في جملة كلامه فيما انتشر عنهم من العلوم-: و كذا الحال في جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، فإنه انتشر عنه من العلوم الجمّة ما بهر به العقول، حتي غلا فيه جماعة، و أخرجوه إليٰ حدّ7.
ص: 72
الإلهية، و روي عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل (1).
و قال الشهيد في الذكري: حتي أنّ أبا عبد اللّٰه جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) كُتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف، و دوّن من رجاله العروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق و الحجاز و الشام. إليٰ أن قال: و من رام معرفة رجالهم، و الوقوف عليٰ مصنّفاتهم، فليطالع كتاب الحافظ ابن عقدة و فهرست النجاشي (2). إليٰ آخره.
و قال العالم النحرير الشيخ حسين والد البهائي (رحمه اللّٰه) في وصول الأخيار: و منهم جعفر الصادق (عليه السّلام) الذي اشتهر عنه من العلوم ما بهر العقول، حتي غلا فيه جماعة، و أخرجوه إليٰ حدّ الألُوهية، و دوّن العامة و الخاصة ممّن برز و مهر بتعلّمه من العلماء و الفقهاء أربعة آلاف رجل، كزرارة بن أعين، و عدّ جماعة و قال: من أعيان الفضلاء من أهل الحجاز، و العراق، و الشام، و الخراسان، من المعروفين المشهورين من أصحاب المصنفات الكثيرة و المباحث المشهورة (3). إليٰ آخر ما قال.
و قال التقي المجلسي، في الشرح بعد ذكر ما في الخلاصة-: و ذكرَ الأصحاب إخباراً عن ابن عقدة في كتاب الرجال، و المسموع من المشايخ أنه كان كتاباً بترتيب كتب الحديث و الفقه، و ذكر أحوال كلّ واحد.
منهم، و روي عن كتابه خبراً أو خبرين أو أكثر، و كان ضِعْفَ الكافي (4)، انتهيٰ.
و بعد التأمل في تلك الكلمات يظهر أنّ مراد من أجمل و عبّر عنه.
ص: 73
الجامع بأصحاب الحديث أو غيره هو ابن عقدة، و إن كتابه مشتمل عليٰ العدد المذكور، و كلّهم ثقات مشهورون، معروفون بالعلم و الفضل، كما صرّح به المفيد، و الفتال، و الطبرسيان (1)، فاذا علم أنّ فلاناً ذكره أبو العباس في كتابه فهو ثقة عند هؤلاء الإعلام.
أمّا الشيخ النجاشي فذكر هذا الكتاب إجمالًا في مؤلفات ابن عقدة (2)، ثم في التراجم كثيراً ما يقول ذكره أبو العباس، أو في الرجال، أو في كتابه، أو ذكر في رجال أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، مشيراً إليٰ وجوده في الكتاب المذكور. إلّا أنّ الغالب أنّه يوثقه أيضاً، و إنّما ينتفع بذلك فيمن لم يوثقه صريحاً، و قنع بكونه ممّن ذكره ابن عقدة، كأسباط بن سالم الزطي (3)، و الحسين بن حماد (4)، و الحسين بن أبي العلاء (5)، و بسّام بن عبد اللّٰه الصيرفي (6)، و تليد بن سليمان أبي إدريس المحاربي (7)، و جرّاح المدائني (8)، و حكم بن مسكين (9)، و داود بن زربي (10)، و ذريح المحاربي (11)، و صالح بن سعيد القماط (12)، و عبد الملك بن عتبة الهاشمي اللهبي (13)،5.
ص: 74
و محمّد بن خالد الأشعري (1)، و موسي بن طلحة القمي (2).
و انّما الفائدة التامة في رجال شيخ الطائفة، فإنه قال في أوله بعد أن ذكر أنّه بنيٰ عليٰ جمع أسماء الرجال الذين رووا عنهم (عليهم السّلام)، قال: و لم أجد لأصحابنا كتاباً جامعاً في هذا المعنيٰ إلّا مختصرات قد ذكر كلّ إنسان منهم طرفاً إلّا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق (عليه السّلام)، فإنه قد بلغ الغاية في ذلك، و لم يذكر رجال باقي الأئمة (عليهم السّلام)، و أنا أذكر ما ذكره، و أورد من بعد ذلك ما لم يذكره (3)، انتهيٰ.
و هو نصّ عليٰ ذكره في باب أصحاب الصادق (عليه السّلام) جميع ما في رجال ابن عقدة، و قوله: أورد. إليٰ آخره، أي: من رجال باقي الأئمة (عليهم السّلام).
و لمّا أحصينا ما في الباب المذكور منهم وجدناهم: ثلاثة آلاف و خمسين رجلًا (4)، ينقص عمّا في رجال ابن عقدة بكثير، و يأتي وجهه إن شاء اللّٰه تعاليٰ، و لا يضرّ بالمقصود من كون تمام ما في الأول موجوداً في الثاني، و بعد ثبوت وثاقة تمام ما في الثاني بنص المشايخ العظام تثبت وثاقة تمام ما في الأول، فيخرج كلّ ما فيه من المجاهيل عن حريم الجهالة، و يدخل في حدود الوثاقة.
و إلي مثل ذلك أشار المحقق الداماد في الرواشح، بعد تعريف المجهول الاصطلاحي بأنه: الذي حكم أئمة الرجال عليه بالجهالة كإسماعيل بن قتيبة، إليٰ أن ذكر المجهول اللغوي و شرحه، ثم قال:).
ص: 75
و بالجملة جهالة الرجل عليٰ معنيٰ عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه أو ذمة في الكتب الرجالية ليس ممّا يسوغ الحكم بضعف السند، أو الطعن فيه، كما ليس يسوغ تصحيحه أو تحسينه أو توثيقه، إنما تكون الجهالة و الإهمال من أسباب الطعن، بمعني حكم أئمة الرجال عليٰ الرجل بأنه مجهول أو مهمل، فمهما وجد شي ء من أسباب الجرح انصرم التكليف بالفحص و التفتيش، و ساغ الطعن في الطريق، فأمّا المجهول أو المهمل لا بالمعني المصطلح عليه عند أرباب هذا الفن، بل بالعرف العامي، أعني المسكوت عن ذكره رأساً، أو عن مدحه و ذمه فعلي المجتهد أن يتبع مظان استعلام حاله من الطبقات و الأسانيد، و المشيخات و الإجازات، و الأحاديث و السير و التواريخ، و كتب الأنساب و ما يجري مجراها، فإن [وقع] (1) إليه ما يصلح للتعويل عليه فذاك، و إلّا وجب تسريح الأمر إليٰ بقعة التوقف، و تسريح القول فيه إليٰ موقف السكوت عنه.
و من غرائب عصرنا هذا أنّ القاصرين عن تعريف القوانين و الأُصول، سويعات من العمر يشتغلون بالتحصيل، و ذلك أيضاً لا عليٰ شرائط السلوك، و لا من جواد السبيل، ثم يتعدون الحدّ، و يَتَجَرّؤُن في الدين، فاذا تصفحوا وريقات قد [استنسخوها] (2)، و هم غير متمهرين في سبيل علمها، و مسلك معرفتها، و لم يظفروا بالمقصود منها بزعمهم، استحلّوا الطعن في الأسانيد، و الحكم عليٰ الأحاديث بالضعف، فتري كتبهم و فيها في [مقابلِ] (3) سند سند عليٰ الهامش ضعيف ضعيف، و أكثرها غير مطابق للواقع (4)، انتهيٰ كلامه و رفع في الخلد اعلامه.ة.
ص: 76
و لقد أجاد في بيانه، و صدق في طعنه عليٰ المنخرطين بزعمهم في سلك أقرانه، و لعمري ما فعلوا بكتب الأحاديث رزيّة جليلة، و مصيبة عظيمة، ينبغي الاسترجاع عند ذكرها، و أعجب منهم الذين جاؤا من بعدهم، و تابعوهم بغير إحسان، و لم يصرفوا قليلًا من عمرهم في التفحص عن مقالاتهم، و التجسس عن صحّة تضعيفاتهم، فصدقوهم قولًا و عملًا، و أوقعوا في بنيان آثار الأطهار، و أحاديث الأبرار و هو أساس الدين خللًا، من غير داع في أكثر الموارد، كالأحاديث المتعلقة بالتوحيد، و النبوّة، و الإمامة، و الفضائل، و الدعوات، و أمثالها، ممّا ليس فيها ما يخالف الأدلّة القطعية، و لا حكم تكليفي، و لا فائدة له سويٰ افتضاحنا بين من خالفنا، و تشنيعهم علينا، بأنّ أصحّ كتب الإمامية عندهم كتاب الكافي، و أخبار ضعافه باعتراف علمائهم أزيد من نصف ما فيه، مع أنّ بالتأمل و الدقة حسب الأمارات الواضحة لا يبلغ ضعافه عشر ذلك بالاصطلاح الجديد.
و العجب من العلّامة المجلسي، و تلميذه المحدث الجزائري، مع عدم اعتقادهما بهذا النمط الجديد، خصوصاً الثاني، و شدة إنكاره عليٰ من أخذه، بنيا في شرحيهما عليٰ التهذيب، و الأول في شرحه عليٰ الكافي أيضاً عليٰ ذلك (1)، فصنعا بهما ما أشار إليه في الرواشح، و لم أجد محملًا صحيحاً لما فعلا.
و من جميع ذلك ظهر أنّ في ذكر المجاهيل في الكتب الرجالية فائدة عظيمة، إذ كثيراً ما يطّلع المتأخر اختياراً، أو يقع نظره، عليٰ أمارة واضحة تورث المعرفة بالمجهول و وثاقته، فيثبته (2) عند ذكر اسمه، و لو أسقطه مند.
ص: 77
الكتاب لم ينتفع بها غالباً.
فقول أبي علي في أوّل رجاله-: و لم أذكر المجاهيل لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم صادر من غير تأمّل، و إن سبقه في إسقاط المجاهيل من الكتاب المولي عبد النبيّ في الحاوي، و معاصره المولي خداوردي الأفشاري في كتاب زبدة الرجال، و لن ينفعه الاشتراك في إسقاط الإيراد (1)، مع أنّ له فائدة أُخري أشار إليها بعض المعاصرين: من أنّه ربّما تشترك أسامي الثقات مع المجاهيل بحيث لا تميز، أو يتوقف عليٰ ملاحظتهما معاً، فالناظر في كتبهم كثيراً ما يظن انحصار الاسم الذي يريده، أو يميّزه بزعم أنه الموجود في الكتاب، و في الواقع هو من المجاهيل الساقطين؛ و هو كلام متين، و نحن نحمد اللّٰه تعاليٰ عليٰ الوقوف عليٰ هذه الأمارة الواضحة التي صلح بها حال كثير من المجاهيل.
و قد أشار إليها شيخنا الأجلّ في أمل الآمل في باب الخاء في ترجمة أبي الربيع الشامي خليد بن أوفيٰ فإنه قال فيه: و لو قيل بتوثيقه و توثيق جميع أصحاب الصادق (عليه السّلام) إلّا من ثبت ضعفه لم يكن بعيداً؛ لأن المفيد في الإرشاد (2)، و ابن شهرآشوب في معالم العلماء (3)، و الطبرسي في إعلام7.
ص: 78
الوريٰ (1)، قد وثقوا أربعة آلاف من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و الموجود منهم في جميع كتب الرجال و الحديث لا يبلغون ثلاثة آلاف، و ذكر العلّامة و غيره (2) أن ابن عقدة جمع أربعة آلاف المذكورين في كتاب الرجال (3)، انتهيٰ.
و قد أوضحنا ما أجمله
إنّ الذي يروم استقصاء أصحاب إمامٍ (عليه السّلام)، و استيعاب رواته يذكر كلّ من أدركه، و لو من أوّل أيام خلافته قليلًا، أو من آخر أوقات خلافته جزءاً يسيراً، كما فعل الذين أرادوا إحصاء أصحاب رسول (صلّي اللّٰه عليه و آله)، كصاحب الإستيعاب، و أُسد الغابة، و الإصابة و غيرها، فتراهم يذكرون منهم كلّ من أدرك من طرفي أيام رسالته (صلّي اللّٰه عليه و آله)، بأقل ما به يصدق الإدراك.
و أمّا من قصد جمع أصحاب كلّ إمامٍ (عليه السّلام)، فيذكر كلّ من أدرك منهم غالب أيام عمره، و اختص به، و اشتهر باسم صحابته، و إن أدرك اثنين منهم بما يعتد به يذكره في البابين، و هكذا، و إن أدرك غير من اختص به (عليه السّلام) قليلًا ربّما يشيرون (4) إليه، كما تري البرقي يقول في رجاله في العنوان: أصحاب أبي الحسن الرضا علي بن موسي (عليهما السّلام) ثم يقول: من أدركه من أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): حماد بن عثمان. إليٰ أن قال: و من أصحاب أبي الحسن موسي ابن جعفر (عليهما السّلام). و عدّ جماعة، ثم قال: أصحاب أبي الحسن الرضا (عليه السّلام)، و من نشأ في عصره: إسحاق بن موسي ابن جعفر (عليهما السّلام) (5). إليٰ آخره.
إذا عرفت ذلك تعلم وجه نقصان عدد ما في رجال الشيخ من
ص: 79
أصحاب الصادق (عليه السّلام) عمّا في رجال ابن عقدة منهم، مع تصريحه بأنه يذكر ما ذكره، فان ابن عقدة أحصاهم لغرضه، و الشيخ أسقط بعضهم لما ذكرنا، و تعلم أنّ ما أسقطه في هذا الباب منهم أثبته في باب أصحاب أبي جعفر الباقر (عليه السّلام)، أو في باب أصحاب أبي إبراهيم موسي بن جعفر (عليهما السّلام)، و إن كانوا مجهولين من هذه الجهة، و هذا واضح بحمد اللّٰه تعاليٰ.
إنّ المقرر المعهود عند أئمة هذا الفن، أنّه إذا قال عالم عدل إمامي: فلان ثقة من غير تعرضه أو غيره لمذهبه، فإن المُزكَّي عدل إمامي، إمّا لكون (ثقة) اصطلاح لهم في ذلك، أو لانصراف المطلق إليٰ الفرد الكامل، أو لغير ذلك من الوجوه. و لا فرق في ذلك بين توثيق واحد معين، أو جماعة محصورين بكلمة واحدة كما في المقام.
فإن المفيد، و الفتال، و الطبرسيان (1)، صرّحوا بابن ابن عقدة جمع أربعة آلاف من الثقات، فلا بُدّ من حمل الوثاقة عليٰ المصطلح المعهود كما هو مقتضيٰ عمل الأصحاب في جميع الموارد.
إلّا أنّ الإنصاف أنّ بعد ملاحظة قولهم عليٰ اختلاف آرائهم في الآراء و المقالات أو الديانات يوجب حملها عليٰ المعنيٰ الأعمّ، أي: العدالة من غير انضمام الإيمان، فالمراد عدالة كلٍّ في مذهبه، أو يقال: أنّ الأصل ما ذكرنا في رجال الشيخ، إليٰ أن يظهر من كلامه أو من كلام غيره خلافه.
إن قلت: إنّ كلام الجماعة ناظر إليٰ عمل ابن عقدة و ما صنعه في كتابه، فيكون المراد أنّه جمع أربعة آلاف من الثقات عنده، فيؤول الكلام إليٰ الاعتماد عليٰ توثيق المزكي العادل الغير الإمامي. و فيه من المناقشات ما لا يخفي.
قلت: أولًا: إنّه خلاف ظاهر كلام الجماعة، فإن مقتضاه حمل
ص: 80
الوثاقة عليٰ المعنيٰ الواقعي، أو ما في اعتقادهم لا عليٰ معتقده.
و ثانياً: إنّ في الفهرست في ترجمة ابن عقدة: و إنّما ذكرناه في جملة أصحابنا لكثرة روايته عنهم، و خلطته بهم، و تصنيفه لهم (1).
و في المعالم: و كان زيدياً جارودياً، إلّا إنّه رويٰ جميع كتب أصحابنا، و صنّف لهم (2).
و هذا صريح في أنّه وثّق الجماعة عليٰ طريقة الإمامية؛ لأن الكتاب إنّما صُنّف لهم، فإنه لا حاجة للزيدي إليٰ الصادق (عليه السّلام) فضلًا عن أصحابه، و حيث كان ثقة عارفاً أميناً يكون توثيقه كتوثيق الإمامي في المقام.
قال الشيخ النعماني في كتاب الغيبة: و هذا الرجل ممّن لا يطعن عليه في الثقة، و لا بالعلم بالحديث و الرجال الناقلين له (3)، انتهيٰ.
و نظير ذلك ما قاله الأُستاذ الأكبر، بعد الإشكال في تعديل غير الإمامي، مثل علي بن الحسن بن فضال، بعدم ظهور إرادة العدل الإمامي، أو في مذهبه، أو الأعمّ، أو مجرد الوثوق بقوله، و لم يظهر اشتراط العدالة في قبول الرواية.
قال (رحمه اللّٰه): إلّا أنْ يقال: إذا كان الإماميّ المعروف مثل العياشي الجليل، يسأله يعني ابن فضال عن حال رأو، فيجيب: بأنّه ثقة عليٰ الإطلاق، مضافاً إليٰ ما يظهر من رويّته من التعرض للوقف و الناووسيّة و غيرهما في مقام جوابه و إفادته له. إليٰ أن قال: فإنه ربّما يظهر من ذلك إرادة العدل الإمامي، مضافاً إليٰ أنه لعلّ الظاهر مشاركة أمثاله مع الإمامية في اشتراط العدالة (4). إليٰ آخره.5.
ص: 81
و مثل العياشي في السؤال عن ابن فضال، النجاشي بالنسبة إليٰ كتاب ابن عقدة كما يظهر من بعض المواضع، منها قوله: الحسين بن عثمان الأحمسي البجلي، كوفي، ثقة، ذكره أبو العباس في رجال أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (1).
الحسين بن ثوير بن أبي فاختة. إليٰ أن قال: ثقة، ذكره أبو العباس في الرجال و غيره (2).
الحسين بن محمّد بن الفضل، ثقة، رويٰ أبوه عن أبي عبد اللّٰه، و أبي الحسن (عليهما السّلام)، ذكره أبو العباس (3).
إسحاق بن جرير بن يزيد. إليٰ أن قال: ثقة، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، ذكر ذلك أبو العباس (4).
بسطام بن سابور الزيّات أبو الحسين الواسطي، مولي، ثقة، و اخوته: زكريّا، و زياد، و حفص ثقات كلّهم، رووا عن أبي عبد اللّٰه [و أبي الحسن] (عليهما السّلام)، ذكرهم أبو العباس و غيره في الرجال (5). إليٰ غير ذلك من التراجم.
و لا يخفيٰ ظهوره في توثيقه اعتماداً عليٰ توثيق أبي العباس، و لو لا اتحاد المعنيٰ بأحد الوجهين لم يكن للاستشهاد بكلامه محلّ، و اللّٰه العالم.
و قال السيّد المحقق الكاظمي في العدّة: و أمّا توقّفهم في توثيق ابن فضال، و ابن عقدة، و أضرابهما من الثقات المنحرفين من أئمة هذا الشأن، و أهل القدم الراسخ فيه و الباع الطويل، فالذي يستفاد من تتبع سيرة قدماء الأصحابه.
ص: 82
هو الاعتماد عليٰ أمثال هؤلاء، كما يُعرِب عنه تَصفُّحُ كتب الرجال (1). إليٰ آخره.
و ثالثاً: بعد التسليم و الغضّ عمّا ذكرنا فنقول: لا شبهة في كون توثيق مثل ابن عقدة الذي وصفوه بالعلم و الوثاقة، و الأمانة و الجلالة، و المعرفة بحال الرواة من أسباب الوثوق بصدور الخبر من جهة من ذكره، فإن أقلّ ما لا بُدّ من حمل الوثاقة عليه رعاية للمعنيٰ اللغوي، و العرفي، الجامع بين جميع المذاهب التحرّز عن الكذب، و التثبت و الضبط، و لا يتخلّف إخبار الحاوي لهذه الأوصاف عن حصول الوثوق و الاطمئنان بخبره عند كلّ من أنصف من نفسه، و فيه الكفاية لمن اقتصر في الحجة من الإخبار بالموثوق بصدوره من جهة السند، و هذا منه.
إنّه ربّما يُتَوهّمُ التنافي بين هذه الأمارة الكاشفة عن وثاقة كلّ من في رجال الشيخ من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و بين ما صنعه الشيخ بهم، فإنه قال في الباب المختص بهم:
إبراهيم بن أبي حبّة، و اسم أبي حبّة: اليسع بن سعد المكي، ضعيف (2).
الحارث بن عمر البصري، أبو عمر، ضعيف الحديث (3).
عبد الرحمن بن الهلقام، أبو محمّد العجلي، ضعيف (4).
عمرو بن جميع أبو عثمان البصري الأزدي، ضعيف الحديث (5).
محمّد بن حجّاج المدني، منكر الحديث (6)
ص: 83
محمّد بن عبد الملك الأنصاري، كوفي نزل بغداد، أُسنِدَ عنه، ضعيف (1).
محمّد بن مقلاص الأسدي الكوفي، أبو الخطاب، ملعون غال (2).
و بعض آخر و إن لم يصرح فيه بضعفه إلّا أنّه معلوم صرّح هو به في الفهرست أو غيره، و هذا يكشف عن عدم موافقة الشيخ لابن عقدة، و عدم تصديقه إياه في توثيقاته، و يوجب الشك في الباقي، إلّا ما صرّح هو أو غيره بوثاقته، و يدفع هذا التوهم بوجوه:
الأول: إنّ المقدمات التي استخرجنا منها هذه القاعدة كلّها نصوص من المشايخ الأجلّة، لا مسرح لتطرق النظر و الإشكال فيها، و خروج بعض الأفراد عن تحتها لا يضرّ بها، و إلّا لأضرّ بأكثر القواعد، و هو باطل بالضرورة، و قد مرّ الجواب بهذا عن بعض الأعلام في قاعدة الإجماع (3)، فلاحظ.
الثاني: إنّ القدماء يطلقون الضعيف في كثير من الموارد عليٰ من هو ثقة، و يريدون من الضعف ما لا ينافي الوثاقة، كالرواية عن الضعفاء، أو رواية الضعفاء عنه، أو الاعتماد عليٰ المراسيل، أو الوجادة، أو رواية ما ظاهره الغلوّ و الجبر و التشبيه و أمثالها، بل لكونه غير أمامي، كما اشتهر أنّ السكوني ضعيف، و المراد أنه عامي، و إلّا فوثاقته مما لا خلاف فيه، بل صرّح بعضهم بأن من [الضعف (4)] الرواية بالمعني.
و إذاً فلا منافاة بين كون أحدٍ ثقة عند الجماعة المذكورين و ابن عقدة،ه.
ص: 84
و بين ضَعْفِه من بعض هذه الجهات عند الشيخ، و كون السبب الكَذِبَ و الوضع، و غيرهما غير معلوم، فلا يوجب خللًا في القاعدة، نعم هذا لا يتمّ في أبي الخطاب و مثله، فيجاب عنه بما نذكره في:
الثالث: من أنّ المُوَثِقَ ذَكر [هُ] أيام استقامته و أشار إليٰ زمان روايته، و الجارح نظر إليٰ أيام انحرافه، و كان الأصحاب يتحرزون حينئذ منه، و يتحرجون من الرواية عنه، و لكن لا يرفعون اليد عمّا تلقوه منه قبله، إلّا أنهم كثيراً ما يشيرون إليٰ ذلك فيقولون: حدثني فلان أيام استقامته.
و في الكشي، في الصحيح عن عيسيٰ شلقان قال: قلت لأبي الحسن (عليه السّلام) و هو يومئذ غلام قبل أوان بلوغه-: جُعلت فداك ما هذا الذي نسمع من أبيك أنه أمرنا بولاية أبي الخطاب، ثم أمرنا بالبراءة منه؟ قال: فقال أبو الحسن (عليه السّلام) من تلقاء نفسه-: إنّ اللّٰهَ خَلَقَ الأنبياءَ عليٰ النبوّة، فلا يكونون إلّا أنبياء، و خَلَقَ المؤمنين عليٰ الإيمان، فلا يكونون إلّا مؤمنينَ، و استودع قوماً إيماناً فإن شاء أتمّه لهم، و إن شاء سلبهم إياه، و إنّ أبا الخطاب كان ممّن أعاره اللّٰه الإيمان، فلما كذب عليٰ أبي سلبه اللّٰه الإيمان.
قال: فعرضت هذا الكلام عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال: لو سألتنا عن ذلك ما كان ليكون عندنا غير ما قال (1).
و آل أمر الأصحاب في شدّة الاجتناب عنه حتي قال الغضائري كما في الخلاصة و أري ترك ما يقول أصحابنا: حدّثنا أبو الخطاب أيام استقامته (2)، انتهيٰ.7.
ص: 85
و لكن هذا خروج عن الاستقامة، و ترك للأخذ بالحجة من السنة من غير عذر مسوّغ، سويٰ شدة العداوة مع هذا (1) الرجس، و هي ممدوحة إليٰ حدّ لا يوجب إبطال الحقّ، قال اللّٰه تعاليٰ: وَ لٰا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَليٰ أَلّٰا تَعْدِلُوا (2) و خلاف ما عليه عمل الأصحاب في أمثال هذا المقام.
قال الشيخ في العدة: فأمّا ما ترويه الغلاة و المتهمون و المضعفون و غير هؤلاء، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال استقامة و حال غلو عُمِلَ بما رووه في حال الاستقامة، و تُرِكَ ما رووه في حال خطئهم؛ و لأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته، و تركوا ما رواه في حال الخليطة، و كذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي، و ابن أبي المذاقر (3). إليٰ آخره، انتهيٰ.
و كفي شاهداً لهم ما في ترجمة الشلمغاني في النجاشي، و الخلاصة: و كان مستقيم الطريقة، متقدماً في أصحابنا، فحمله الحسد لأبي القاسم بن روح عليٰ ترك المذهب، و الدخول في المذاهب الرديّة، حتي خرجت فيه توقيعات، فأخذه السلطان و قتله و صلبه، و تغيّر و ظهرت عنه مقالات مُنكرة، و له من الكتب التي عملها حال الاستقامة كتاب التكليف (4)، رواها المفيد إلّا حديثاً منه في باب الشهادات: أنه يجوز للرجل أن يشهد لأخيه إذا كان له شاهد واحد من غير علم (5).0.
ص: 86
ص: 87
ص: 88
في بيان دخول كثر من الأخبار الحسان في عداد الصحاح و لو عليٰ طريقة أكثر المتأخرين من اشتراط العدالة في الراوي، و عدم حجيّة الحسن، أو تقديم الصحيح عليه عند التعارض، و إن قلنا بحجيّته. و فيه ذكر بعض الألفاظ التي أخرجوها ممّا تدل عليٰ التوثيق، و عدّوها في عداد ما يدلّ عليٰ المدح، و بعض الأمارات الشائعة الدالة عليٰ الوثاقة
إن الأصحاب عليٰ اختلاف آرائهم في معنيٰ العدالة الشرعية، التي هي موضوع لكثير من الأحكام اتفقوا عليٰ وجوب ترتيب آثار العدالة عليٰ شخص ثبت بالطريق المعتبر حسنُ ظاهره الذي هو طريق نوعاً ما إليٰ وجود ملكة الاجتناب عن الكبائر و الإصرار عليٰ الصغائر، خصوصاً إذا كان سبباً فعلًا لحصول الظن به، سواء قلنا: بأنه هو عين العدالة، و فسرناها به، أو قلنا: بأنّها الملكة، و حسن الظاهر من طرق معرفتها تعبّداً أو عقلًا، كسائر الملكات النفسانية التي لها آثار خارجية، و علائم ظاهريّة، تعرف بها غالباً، كالشجاعة و السخاوة و الجبن و البخل و غيرها.
فمن ثبت عنده حسن الظاهر و لو بالشهادة به عليٰ الأصح من جواز استناد الشاهد لذي الطريق بالطريق، سواء شهد بذي الطريق مستنداً إليٰ الطريق أو شهد به فيثبت عند المشهود له فيرتب آثار ذي الطريق عليها لثبوت طريقها تثبت عنده العدالة عليٰ ما هو المتيقن من هذه الأقوال.
و أمّا لو قلنا بأنّ حسن الظاهر هو العدالة شرعاً، أو طريق تعبّدي إليٰ وجود الملكة، فعدم الحاجة إليٰ حصول الظن أو الوثوق به واضح، فظهر أنه لا فرق في المقام بين أن يقول أحد المزكين كالشيخ و النجاشي
ص: 89
و أمثالهما: فلاناً ثقة، أو عدلًا، أو من العدول، أو يذكر من كواشف العدالة و ما يلازم حسن الظاهر شيئاً يكشف عنها نوعاً في ثبوت وثاقة من قيل في حقّه ذلك، و وجوب ترتيب آثارها عليها، و هذا ممّا لا سترة عليه بحمد اللّٰه تعاليٰ.
أنّهم بسطوا الكلام في كتب الدراية و غيرها في بيان الألفاظ الدَّالّة عليٰ التعديل و المدح، و اقتصروا في الأوّل بقولهم: ثقة، أو عدل مطلقاً أو مع انضمام ضابط أو ثبت، أو حافظ، أو متقن، أو حجّة (1). و إلّا فلا يكفي «عدل» فيه عليٰ ما صرّح به والد البهائي (2)، أو «حجّة» عليٰ ما صرّح به الشهيد (3)، و أنكره بعضهم (4)، أو صحيح الحديث عنده (5)، و أنكره أكثر من تأخر عنه (6)، و باقي الألفاظ عدّوها ممّا يدل عليٰ المدح و إن اختلفت في القرب من الأول و البعد عنه، إلّا أن الحاصل عدّ الحديث من جهة من قيل في حقه بعض من ذلك حسناً.
نعم صرّحوا بأنّ مثل شيخ هذه الطائفة، و عميدها، و رئيسها، و وجهها، و نحو ذلك إنّما يستعملونه فيمن يستغني عن التوثيق لشهرته، إيماءً إليٰ أنّ التوثيق دون مرتبته (7).
ص: 90
و ادعيٰ بعضهم دلالة بعض الألفاظ أيضاً عليه (1)، من غير موافقة الأكثرين معه، حتي آل أمر الجماعة إليٰ أن عدّوا أحاديث إبراهيم بن هاشم و نظرائه من الأعاظم في عداد الحسان (2)، معتذرين بعدم التنصيص عليهم بالوثاقة من أئمة التعديل و الجرح، مع أنّ كثيراً من ألفاظ المدح يدل عليٰ حسن الظاهر، أو يلازمه بدلالة واضحة لا مجال لإنكارها.
هذا إبراهيم بن هاشم، قالوا في حقه: إنّه أول من نشر حديث الكوفيين بقم (3)، و هذا النشر متوقف عليٰ علمه و احتوائه أحاديثهم، و تلقي رواة القميين عنه، و قبولهم ما رواه لهم، و هو في طبقة أحمد بن محمّد بن عيسيٰ الرئيس ديناً و دنيا، و روي عنه بمحضر من أحمد (4) جُلّ من في هذه الطبقة من الأجلاء: كالصفار (5)، و الحميري (6)، و سعد (7)، و ولده علي ابن إبراهيم (8)،ة.
ص: 91
و محمد بن الحسن بن الوليد (1)، و ابن متيل (2)، و محمّد بن علي بن محبوب (3)، و محمّد بن يحييٰ العطار (4)، و أحمد بن إسحاق (5)، و علي بن بابويه والد الصدوق (6)، و غيرهم من الذين رووا عنه، و قبلوا منه، و حفظوا و كتبوا و حدّثوا بكلّ ما أخذوا عنه، و حينئذ صدق النشر المذكور.
و هذا يلازم عرفاً بعد التأمل في حال الجماعة كون ظاهر إبراهيم ظاهراً مأموناً، و كونه معروفاً عندهم بستر المعاصي، و العفّة في البطن و الفرج، و اجتناب الكبائر، و أداء الفرائض، إذ لو كان فيه خلاف بعض ذلك لما خفي عليهم، لاحتياج النشر إليٰ كثرة المخالطة المنافية لستره عليهم، و لو علموا فيه شرّاً لم يجتمعوا و هم بمكان من العظمة و الجلالة و التثبت عليٰ التلقي عنه، و التحديث عنه، فظهر أنّ النشر لا يتخلف عن حسن الظاهر، الكاشف عن الملكة.
و إذا تأمّلت في قولهم: صالح، أو زاهد، أو خيّر، أو دين، أو فقيه أصحابنا، أو شيخ جليل، أو مقدم أصحابنا، أو مشكور، و ما يقرب من ذلك، عرفت عدم صلاحية إطلاق هذه الألفاظ في كلمات مثل هذه الأعاظم عليٰ غير من حَسُنَ ظاهره، و فقدت أو سترت معايبه.
و كيف يكون الرجل صالحاً و يُعدّ من الصلحاء و هو بعد متجاهر بترك بعض الفرائض، أو بارتكاب بعض الجرائم، و احتمال جهلهم بظاهر حالهة.
ص: 92
ينافيه ذكرهم له، و توصيفهم إيّاه، و أخذهم عنه بلا واسطة، أو معها، و سوء فعاله سرّا لا ينافي حسن ظاهره، الذي يكشف عنه صلاحه الثابت بالنص منهم.
و من تأمّل في موارد استعمال الصلاح، و الصالح، و الصالحين، و الصلحاء، في الكتاب و السنة لا يكاد يشك في دلالتها عليٰ ما فوق العدالة، و لذا قال الشهيد في شرح الدراية بعد عدّ الوصف بالزهد، و العلم، و الصلاح، من أسباب المدح ما لفظه: مع احتمال دلالة الصلاح عليٰ العدالة و زيادة (1)، انتهيٰ.
و كيف يجتمع الزهد الحقيقي الواقعي الذي لا بُدّ من حمل اللفظ عليه مع الفسق في الظاهر، بل في الباطن أيضاً، و كذا الكلام في الباقي، أ ليس من المستنكر أن يقال: فلان شيخ جليل إلّا أنه لا يصلي صلاة الصبح، أو يفعل كذا من المعاصي، و هكذا في قولهم: فقيه أصحابنا، أو وجههم، أو عينهم، و كيف يكون وجهاً لهم و هو مجدور، و عيناً لهم و هو أعور؟!! و بالجملة فدلالة هذه الألفاظ مطابقة أو التزاماً عليٰ حسن الظاهر ظاهرة.
و إذا ضمّ إليها عدم طعن أحد فيه بشي ء، و ذكره الأعلام مع حَمَلَة الشريعة، و رواة الشيعة، زاد في حسنه و بهائه، و لو كان صاحب أصل أو كتاب لم يطعنوا عليه، و ذكروا طرقهم إليه، يكون أخذاً بمجاميع الحسن في الظاهر، الكاشف عند من أنصف من نفسه عن حسن السرائر. و ما وراء عبادان قرية! و يؤيد جميع ما ذكرنا أنّا لم نجد القدماء فرّقوا في مقام العمل، و في موارد الترجيح عند التعارض، بين من قيل في حقّه بعض تلك المدائح، و بين من وثقوه صريحاً، و لم نَرَ مورداً قدّموا الصحيح باصطلاح المتأخرين عليٰ حسنهم عند التعارض، مع تقديمهم الموثق و الضعيف عليه.
هذا الشيخ في الكتابين كثيراً ما يطعن في السند عند التعارض بأنّ فيه8.
ص: 93
فلاناً، و هو عاميّ، أو فطحي، أو واقفي، أو ضعيف، و لم نجده طعن فيه بأنّ فيه فلاناً الممدوح ببعض ما مرّ، فيطرح مع تصريحه في العدّة في صورة التعارض إذا كان بين خبري الإماميّين بقوله: فما كان راويه عدلًا وجب العمل به، و ترك العمل بما لم يروه العدل (1)، و مع ذلك لم نجده ترك العمل بما رواه الممدوح ببعض ما ذكر في مورده، بل دأبه الجمع في هذه الموارد بالدلالة من غير طعن في السند أصلًا، و من أراد الوثوق فعليه بمراجعة الكتابين.
و منه يظهر أنّهم من صنف واحد، و أن توصيفهم بعضهم بالوثاقة، و آخر بالصلاح، أو الزهد، أو الديانة، أو غيرها إنّما هو تفنن في العبارة، و لذا قنعوا ببعض ذلك في الذين عدالتهم كالضروري عند الأصحاب.
ففي النجاشي: زرارة بن أعين. إليٰ أن قال: شيخ أصحابنا في زمانه و متقدمهم، و كان قارئاً فقيهاً متكلّماً شاعراً أديباً، قد اجتمعت فيه خلال الفضل و الدين، صادقاً فيما يرويه (2).
و في أبان بن تغلب: عظيم المنزلة (3) في أصحابنا، لقي علي بن الحسين، و أبا جعفر، و أبا عبد اللّٰه (عليهم السّلام) رويٰ عنهم، و كانت له عندهم منزلة و قدم (4).
و يقرب منه ما ذكره في ترجمة بريد بن معاوية (5).
و في ترجمة البزنطي: لقي الرضا، و أبا جعفر (عليهما السّلام) و كان عظيم المنزلة عندهما (6).0.
ص: 94
و في ترجمة ثعلبة أبي إسحاق النحوي: كان وجهاً في أصحابنا، قارئاً فقيهاً نحويّاً لغويّاً راوية، و كان حسن العمل، كثير العبادة و الزهد (1).
و اكتفيٰ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسيٰ بقوله: شيخ القميين و وجههم و فقيههم (2).
و في ترجمة شيخه الحسين الغضائري بقوله: شيخنا (رحمه اللّٰه) (3).
و في ترجمة أبي يعلي الجعفري: خليفة الشيخ المفيد، متكلم فقيه (4). إليٰ غير ذلك.
و في الفهرست في ترجمة الصفواني: كان حفظة كثير العلم، جيّد اللسان (5). و ليس فيهما توثيق الصدوق.8.
ص: 95
و قنع في ترجمة الحسين بن سعيد بذكر كتبه (1). إليٰ غير ذلك ممّا يقف عليه الناظر في التراجم.
و قالوا في أبي الحسن موسي بن الحسن بن محمّد المعروف بابن كبرياء: كان مفوّهاً عالماً، متديّناً حسن الاعتقاد، و مع حسن معرفته بعلم النجوم حسن العبادة و الدين (2)؛ و مع ذلك عدّه المجلسي في الوجيزة (3)، و المحقق البحراني في البلغة (4)، من الممدوحين. فان كان لعدم دلالة هذه الألفاظ عليٰ حسن ظاهره فهو شبيه بإنكار البديهي، و مع الدلالة و الوثوق بتوسطه بحسن السريرة فعدّه منهم في غير محلّه.
و قد أشار إليٰ ما حققنا السيّد المحقق الكاظمي في العدة، فقال بعد ذكر جملة من تلك الألفاظ-: و كذلك قولهم: من خواص الشيعة، كما قال أبو جعفر (عليه السّلام) لأخي محمّد بن إبراهيم الحضيني: رحم اللّٰه أخاك يعني محمّد فإنه من خصيص شيعتي. و من اكتفيٰ في العدالة بحسن الظاهر و لو في تعريفها كما هو الظاهر هان عليه الخطب (5).
و أصرح من ذلك ما ذكره السيد الأجل بحر العلوم في ترجمة إبراهيم ابن هاشم بعد نقل كلمات الأصحاب و اختلافها في الحكم بصحة السند من جهته تارة و بحسنه تارة أُخري ما لفظه: و الجمع بين كلماتهم في ذلك مشكل، فإنّ الحَسَنَ في اصطلاحهم مباين للصحيح.
و قد يُتَكَلَّفُ للجمع بحمل الصحيح عليٰ مطلق الحجّة أو نحوه عليٰ1.
ص: 96
خلاف الاصطلاح مجازاً، أو بحمل الحَسَنِ عليٰ مطلق الممدوح رجال سنده بالتوثيق أو غيره، أو حمل الوصف بالحَسَنِ عليٰ ما يقتضيه ظاهر الحال في إبراهيم بن هاشم، لفقد النصّ عليٰ توثيقه، و الصحة عليٰ التحقيق المستفاد مما له من النعوت.
و هذه الوجوه متقاربة في البعد عن الظاهر، و عليٰ الأخيرين تنعكس الشهرة، و هما كالأول أوليٰ من حمل الحكم بالصحة عليٰ الغلط و الاشتباه، و أولي من الكلّ: إبقاء كلّ من اللفظين عليٰ معناه، عليٰ أن يكون السبب اختلاف النظر، و مثله غير عزيز في كلامهم. و بذلك تنكسر سورة الشهرة المشتهرة.
و قد يفهم من قول العلّامة (طاب ثراه): «و الأرجح قبول روايته» (1) و كذا من مناقشة صاحب المدارك و غيره في بعض رواياته، كروايته في تسجية الميت تجاه القبلة (2)، و غيرها، احتمال عدم القبول، إمّا لأنّ اشتراط عدالة الراوي ينفي حجيّة الحَسَن مطلقاً، أو لأن ما قيل في مدحه لا يبلغ حدّ الحَسَن المعتبر في قبول الرواية.
و هذا الاحتمال ساقط بكلا وجهيه:
أمّا الأول: فلأن التحقيق أنّ الحَسَن يشارك الصحيح في أصل العدالة، و إنّما يخالفه في الكاشف عنها، فإنه في الصحيح هو التوثيق أو ما يستلزمه (3)، بخلاف الحَسَن فان الكاشف فيه هو حُسْن الظاهر المُكتفي به في ثبوت العدالة عليٰ أصحّ الأقوال. و بهذا يزول الإشكال في القول بحجيّةً.
ص: 97
الحَسَن مع القول باشتراط عدالة الراوي كما هو المعروف بين الأصحاب (1).
انتهيٰ ما أردنا نقله من كلامه الذي هو القول الفصل، و الكلام الجزل في هذا المقام، الذي زلّت فيه أقدام الأعلام، و ليشهد بصحته الوجدان، و يساعد عليه البرهان، و عليه يمكن دعوي اتحاد اصطلاح القدماء و المتأخرين في الصحيح، أو أعميّة الأول من جهة دخول الموثق فيه أيضاً.
و من جميع ذلك ظهر أنّه لا يجوز للمستنبط الاتّكال عليٰ تصحيح الغير و تحسينه و تضعيفه، بل الواجب عليه النظر إليٰ أُصول هذا الفن، و التأمل في ألفاظ المدح المذكورة في التراجم، و النظر في مداليلها، و ما تَكَنَّفَهَا من القرائن حتي يستكشف منها حُسْنَ الظاهر الكاشف عن الملكة، فيصير الممدوح المصطلح ثقة، و الخبر الحسن صحيحاً، و كيف يجوز الاعتماد عليٰ الغير في هذا المقام مع هذا الاختلاف العظيم الذي فيهم، من جهة فهم المداليل، حتي آل أمرهم في بعضها إليٰ الحكم بطرفي الضدّ، كقول بعضهم في قولهم «لا بأس به»: انّه توثيق، و آخر: أنه لا يفيد المدح أيضاً.
و قال بعضهم: إنّ في نفي البأس بأساً، و غير ذلك، هذا كلّه في الشهادة القولية، و الألفاظ المعهودة المذكورة في التراجم.
و أمّا الشهادة الفعلية و استظهار حُسن الظاهر منها، بل الوثاقة ابتداءً منها نظير الوثوق بعدالة الإمام من جهة صلاة العدول معه فأحسنها و أتقنها و أجلّها فائدة في المقام رواية الأجلاء عن أحدٍ، فإنّ التتبع و الاستقراء في حال المشايخ الأجلّة يشهد بأن روايتهم عن أحد و اجتماعهم في الأخذ عنه قرينة واضحة عليٰ وثاقته، و ما كانوا ليجتمعوا عليٰ الرواية إلّا عمن كان مثلهم، و إن رويٰ0.
ص: 98
أحدهم عن ضعيف في مقامٍ شَهروه، و نوّهوا [باسمه (1)]، و رموه بنبال الضعف، و ربّما يوثّقوه ثم يقولون: إلّا أنّه يروي عن الضعفاء، بحيث يستفاد منه أن الطريقة عليٰ خلافه، فيحتاج النادر إليٰ التنبيه، فاذا كثرت الرواة من الأجلّة الثقات عن أحد فدلالتها عليٰ الوثاقة واضحة. و لنذكر بعض الشواهد من كلماتهم:
قال النجاشي في ترجمة عبد اللّٰه بن سنان بعد ذكر كتبه-: رويٰ هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا، لِعِظَمِهِ في الطائفة و ثقته و جلالته (2).
قال الشيخ المحقق الأُستاذ (طاب ثراه): يستفاد من هذه العبارة أنّ إكثار الرواية، و كثرة الرواة عن شخص ممّا يدل عليٰ الوثاقة، و هو كذلك بعد الفحص التام (3).
و قال الكشي في ترجمة محمّد بن سنان، بعد ما نقل عن الفضل بن شاذان قدحه، و أنّه قال: رُدّوا أحاديث محمّد بن سنان، و قال: لا أُحلّ لكم أن ترووا أحاديث محمّد بن سنان عني ما دمت حيّاً، و أذن في الرواية بعد موته، قال أبو عمرو: قد رويٰ عنه الفضل بن شاذان (4)، و أبوه (5)، و يونس (6)، و محمّد بن عيسيٰ العبيدي (7)، و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (8)، و الحسن (9) و الحسين ابنا سعيد الأهوازيان (10)، و ابنا دندان، و أيوب بن1.
ص: 99
نوح (1)، و غيرهم من العدول و الثقات من أهل العلم (2)، انتهيٰ.
و هذا نصّ في أنّ رواية الأجلاء عن أحد تنافي القدح فيه، فإنّ ما ذكره دفاع عن محمّد بن سنان برواية العدول من أهل العلم عنه، فيعلم أنّهم لا يجتمعون عليٰ الرواية عن أحد إلّا عن الثقة السالم عن الطعن و القدح.
و لذا تعجب النجاشي في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك بعد تضعيفه فقال: و لا أدري كيف رويٰ عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي بن همام، و شيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري (رحمهما اللّٰه) (3).
و قال صاحب المعالم في المنتقي: و لو لا وقوع الرواية من بعض الأجلاء عمّن هو مشهور بالضعف، لكان الاعتبار يقتضي عدّ رواية من هو مشهور معروف بالثقة و الفضل و جلالة القدر عمّن هو مجهول الحال ظاهراً من جملة القرائن القويّة عليٰ انتفاء الفسق عنه (4)، ثم استشهد لذلك بما نقلنا عن الكشي و النجاشي في ابن سنان، و ابن مالك (5).
قلت: رواية الجليل المشهور عن المشهور بالضعف المقدوح بالكذب، و الوضع و التدليس، و غيرها ممّا ينافي الوثاقة في أيام ضعفه نادرة جدّاً، و هي لا توجب الوهنَ في الأمارة المستخرجة من سيرتهم و عملهم، و قد مرّ في ترجمة النجاشي (6) جملة من الشواهد لما ادّعيناه.
و ممّا يدل عليٰ ذلك أنّ البرقي في رجاله مع عدم بنائه عليٰ التزكيةة.
ص: 100
و الجرح كثيراً ما يذكر مجهولًا و يقول: رويٰ عنه فلان (1)، يعني أحد الأجلاء، و لا داعي له فيه إلّا بيان اعتباره، و الاعتماد عليه برواية الجليل عنه.
و كذا ما مرّ عن الشيخ في العدة، و هو قوله: و لأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحييٰ، و أحمد بن محمّد بن أبي نصر، و غيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون و لا يرسلون إلّا ممّن يوثق به، و بين ما يسنده غيرهم، و لذلك عملوا بمراسيلهم (2). إليٰ آخره، فانّا حملنا الجماعة عليٰ أصحاب الإجماع كما تقدم (3)، و لو لم يكونوا هم المقصود من الكلام فظاهره اشتراك من شابه الثلاثة في الوثاقة و الجلالة، أو كان أعليٰ منهم درجة و مقاماً عند العصابة، معهم في البناء المذكور، و هم خلق كثير.
و يؤيّده أنّه قال في الفهرست في ترجمة علي بن الحسن الطاطري: و له كتب في الفقه، رواها عن الرجال الموثوق بهم و برواياتهم، فلأجل ذلك ذكرناها (4).
و لو لم يكن أجلاء رواة الإمامية كذلك لم يكن لهذا العذر موقع.
أ يحتمل أن يكون أحمد بن محمّد بن عيسيٰ الذي أخرج البرقي عن قم؛ لروايته عن الضعفاء (5)، و سهل بن زياد عنها؛ لاتهامه بالغلوّ (6)، و غيرهما. و لم يرو عن الحسن بن محبوب لأجل اتهامه في روايته عن أبي حمزة (7)،ظ.
ص: 101
أو ابن أبي حمزة (1) يروي عن غير الثقة؟!! و هكذا غيره من مشايخ القميين، و سيرتهم مع الغلاة و المتهمين و الكذابين و الوضاعين معروفة مذكورة في التراجم.
و من هنا يعلم أن قول النجاشي في ترجمة أبي عبد اللّٰه محمّد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني: رويٰ عن الثقات و رووا عنه (2).
و قوله في ترجمة أبي محمّد البجلي: فقحة العلم. جعفر بن بشير رويٰ عن الثقات و رووا عنه (3). ليس من خصائصهما.
بل قوله مثلًا في عبد اللّٰه بن سنان: ثقة من أصحابنا جليل، لا يطعن عليه في شي ء (4).
و في أحمد بن محمّد أبي علي الجرجاني: كان ثقة في حديثه، ورعاً لا يطعن عليه (5).
و في علي بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين: كان ورعاً ثقة فقيهاً، لا يطعن عليه في شي ء (6). و غيرهم أيضاً. يفيد هذه الفائدة؛ إذ الرواية عن الضعفاء من أعظم المطاعن عندهم.
و كذا قولهم: صحيح الحديث عليٰ ما شرحناه سابقاً (7)، بل المتأملظ.
ص: 102
في التراجم يطمئن بأنّ ديدنهم التعرض للرواية عن الضعفاء، كالتعرض للوقف و الفطحية و العامية و أمثالها، فكما أنّ ظاهر قولهم في حقّ راوٍ: أنّه ثقة، أنه إمامي، عليٰ ما علم من سيرتهم، فكذا ظاهره عدم الرواية عن الضعفاء، و الوجه فيهما عليٰ حدّ سواء.
و لذا قال الشهيد في الذكري في بيان تصحيح الخبر من جهة الحَكَم ابن مسكين-: بأن الحكم ذكره الكشي (1) و لم يعرّض له بذم (2). و ظاهره أنّ بناءهم عليٰ ذكر الطعن لو كان فيه، فعدمه يدلّ عليٰ عدمه.
و ظاهر للمتأمّل في التراجم أن الرواية عن الضعفاء من أسباب الضعف عندهم، فلا بُدّ من ذكرها عند ذكرها، و يقرب منه ما ذكره العلّامة في الخلاصة، في ترجمة أحمد بن إسماعيل (3).
و من جميع ما ذكرنا تعرف النظر في كثير من كلمات المشهور في المقام. و لنذكر بعضها مثالًا و الباقي موكول إليٰ فحص من رام إحكام أساس دينه.
قال في المعراج: إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي ممدوح (4)، و في الخلاصة: كان فقيهاً، و نقل ابن عقدة أنّ الصادق (عليه السّلام) ترحم عليه، و حكيٰ عن ابن نمير أنه قال: انه ثقة (5).
و في النجاشي في بسطام بن الحصين بن عبد الرحمن الجعفي: كان3.
ص: 103
وجهاً في أصحابنا، و أبوه و عمومته، و كان أوجههم إسماعيل، و هم بيت بالكوفة (1). فان لم يحصل من فقاهته، و وجاهته، و ترحمه (عليه السّلام) عليه، و توثيق ابن نمير إيّاه و إن كان عاميّاً الوثوق بحسن ظاهره و لا (2) طريق أسد و أتقن منه فما الطريق إليٰ تحصيله؟ و إلّا فلا وجه لعدّه حسناً، و في الوجيزة (3): حسن كالصحيح.
و فيهما: إسحاق بن إبراهيم الحضيني: حسن (4). و في الكشي: و كان الحسن بن سعيد [تولّيٰ إيصال] (5) إسحاق بن إبراهيم الحضيني، و علي بن الريان بعد إسحاق إليٰ الرضا (عليه السّلام)، و كان سبب معرفتهم لهذا الأمر، و منه سمعوا الحديث و به عُرفوا، و كذلك فعل بعبد اللّٰه بن محمّد الحضيني و غيرهم حتي جرت الخدمة عليٰ أيديهم (6).
و في التهذيب: بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) أُعلمه أنّ إسحاق بن إبراهيم وقّف ضيعةً عليٰ الحج و أُم ولده، و ما فضل عنها (7) للفقراء. إليٰ أن قال: فكتب (عليه السّلام): فهمت يرحمك اللّٰه ما ذكرت من وصيّة إسحاق بن إبراهيم (رضي اللّٰه عنه) (8). إليٰ آخره،0.
ص: 104
فكونه وكيلا له (عليه السّلام)، و ترضاه (عليه السّلام) عنه، و وقفه الضيعة، كاشف قطعاً عن حسن ظاهره، بل وثاقته كما صرّح به في التعليقة (1)، و نصّ عليه في التكملة (2).
و فيهما (3) و في الحاوي أحمد بن علي البلخي: حسن (4). مع ان في باب من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) في رجال الشيخ، و الخلاصة: أحمد بن علي البلخي، الرجل الصالح، أجاز التلعكبري (5)، فلو لَمْ يدل الصلاح عليٰ حسن ظاهره، و لم تكشف شيخية الإجازة لمثل الجليل التلعكبري عنه، فبما ذا يستدلّ عليه و فيهما: أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي، حسن (6)، مع أنّ في النجاشي و الخلاصة: شيخنا الفقيه، حسن المعرفة (7).
و فيهما: أحمد بن موسي بن جعفر (عليهما السّلام) حسن (8)، مع أنّ في إرشاد المفيد: كان كريماً جليلًا ورعاً، و كان أبو الحسن موسي (عليه السّلام) يحبّه و يقدّمه، و وهب له ضيعته المعروفة باليسيرة، و يقال أنّه (رضي اللّٰه عنه) أعتق ألف مملوك.
أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحييٰ، قال: حدثنا جدّي، قال: سمعت إسماعيل بن موسي يقول: خرج أبي بولده إليٰ بعض أمواله9.
ص: 105
بالمدينة، فكنّا في ذلك المكان، و كان مع أحمد بن موسي عشرون من خدم أبي و حشمه، إن قام أحمد قاموا معه، و إن جلس جلسوا معه، و أبي بعد ذلك يرعاه ببصره، ما يغفل عنه، فما انقلبنا حتي تشيّخ أحمد بن موسي بيننا (1).
و في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد الأشعري، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن الرجل يكون بعض ولده أحبّ إليه من بعض، و يقدم بعض ولده عليٰ بعض؟ فقال: نعم، قد فعل ذلك أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) نحل محمّداً، و فعل ذلك أبو الحسن (عليه السّلام) نحل أحمد شيئاً، فقمت أنا به حتي حزته له (2).
و لعل هذه الضيعة هي اليسيرة في كلام المفيد (رحمه اللّٰه) و هذه الأوصاف و المناقب كيف تنفكّ عن الوثاقة فضلًا عن حسن الظاهر، و لكنّ القوم أعرف بما فعلوا، إليٰ غير ذلك من التراجم.
و عليٰ هذا الأساس الواهي بنوا أنواع الأحاديث و قسّموها إليٰ الأربعة المعروفة، و حكموا بحسن أكثر الصحاح، و لو دخلت من هذا الباب الذي فتحناه تحقق لك صدق ما ادعيناه في أول الفائدة. و باللّٰه المستعان.5.
ص: 106
ص: 107
ص: 108
في الفائدة الثانية عشرة من فوائد خاتمته من ذكر الثقات و الممدوحين تفصيلًا، و لا نذكر من ذكره، إلّا من ذكره و لم يعثر عليٰ توثيقه، أو بعض مدائحه، فنذكره و نشير إليه، و قد مرّ [ت] في كلماتنا الإشارة إليٰ جملة من الأمارات الكليّة عليٰ الوثاقة التي منها:
كونه من مشايخ علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (1).
و منها: كونه من مشايخ جعفر بن قولويه في كتابه كامل الزيارة (2).
و منها: كونه من رجال الصادق (عليه السّلام) في رجال الشيخ (3).
و منها: رواية أحد الثلاثة، و هم: ابن أبي عمير، و البزنطي، و صفوان بن يحييٰ، عنه عليٰ ما هو المشهور، و عليٰ ما حققنا، يشاركهم غيرهم من أصحاب الإجماع أيضاً (4).
و منها: رواية الأجلاء عنه (5).
و منها: رواية جعفر بن بشير عنه (6).].
ص: 109
و منها: رواية محمّد بن إسماعيل الزعفراني عنه (1).
و منها: كونه من مشايخ النجاشي (2).
إليٰ غير ذلك ممّا نشير إليه في التراجم إن شاء اللّٰه، كلّ ذلك عليٰ غاية من الإيجاز و الاختصار، و لم ألتزم بترتيب الآباء عليٰ النحو المقرّر؛ لاحتياجه إليٰ صرف برهة من الزمان فيما لا فائدة فيه يُعتنيٰ بها.
فنقول:6.
ص: 110
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الأول: ما قاله الشيخ الجليل أبو عبد اللّٰه النعماني في كتاب الغيبة: من أنّه ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم و رواه عن الأئمة (عليهم السّلام) خلاف في أنّ كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من [أكبر (1)] كتب الأُصول التي رواها أهل العلم [من (2)] حملة حديث أهل البيت (عليهم السّلام). إليٰ أن قال: و هو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها، و يعوّل عليها (3)، انتهيٰ.
و إذا انتهت أسانيد الكتاب إليٰ أبان، فهذا الإجماع يكشف عن وثاقته جدّاً.
الثاني: اعتماد البرقي، و الصفار، و ثقة الإسلام في الكافي، و النعماني و الصدوق، و العياشي و غيرهم من المشايخ العظام عليه، كما لا يخفيٰ عليٰ من راجع جوامعهم (4).
الثالث: رواية الأجلّة من أصحاب الإجماع و غيرهم عنه، مثل: حماد بن عيسيٰ (5)، و عثمان بن عيسيٰ (6)، و عمر بن أُذينة (7)، و إبراهيم بن2.
ص: 112
عمر اليماني (1).
الرابع: إنّه من رجال الصادق (عليه السّلام) و لم يضعفه فيه (2)، و لا في أصحاب علي بن الحسين (عليهما السّلام) (3) و إنمّا ضعّفه في أصحاب الباقر (عليه السّلام) (4)، و لم يعلم سببه، و لعلّه تضعيف المخالفين.
ففي التقريب: متروك، من الخامسة (5)، و ينبغي عدّه من مدائحه.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
إليٰ آخر ما في الأصل (5)، لم يكن من الواقفة، أو كان ثم رجع، لقول النجاشي في ترجمة داود بن فرقد مولي آل أبي السماك (6): و قد رويٰ عنه هذا الكتاب جماعات من أصحابنا، (رحمهم اللّٰه) كثيرة، منهم أيضاً: إبراهيم ابن أبي بكر. إليٰ آخره (7). و أشار إليٰ ذلك (8) العلّامة الطباطبائي
ص: 115
في رجاله (1).
محمّد بن عيسيٰ كما صرّح به في التعليقة (1) و أبو أحمد القاسم بن محمّد الهَمَداني وكيل الناحية (2)، و محمّد بن أحمد بن يحييٰ (3)، و أحمد ابن محمّد البرقي (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5)، و يروي عنه عبد اللّٰه بن مسكان في الفقيه (6)، و التهذيب (7)، و الاستبصار (8).
علي بن أبي طالب (عليه السّلام):
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9).
قال الجليل إبراهيم بن محمّد الثقَفي في كتاب الغارات: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، و كان ثقة. إليٰ آخره (10).
في كشف الغمة: قال قطب الدين الراوندي في كتابه: رويٰ أحمد بن
ص: 117
محمّد، عن جعفر بن الشريف الجُرجاني، قال: حججت سنة، فدخلت عليٰ أبي محمّد (عليه السّلام) بسرّمن رأي، و قد كان أصحابنا حملوا معي شيئاً. إليٰ أن قال: فقلت: يا ابن رسول اللّٰه! إنَّ إبراهيم بن إسماعيل الخلنجي و هو من شيعتك كثير المعروف إليٰ أوليائك، يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف [درهم، و هو أحد المبتلين في نعم اللّٰه في جرجان].
فقال: شكر اللّٰه لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعه إليٰ شيعتنا، و غفر له ذنوبه، و رزقه ذكراً سوياً قائلًا بالحق، فقل له: يقول لك الحسن بن علي: سمّ ابنك أحمد (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و في تقريب ابن حجر: أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة، حجة، تُكلّم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات 185 (2).
و في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين (1).
يروي عنه: البزنطي في الكافي، في باب إتمام الصلاة في الحرمين (2). و كذا في الاستبصار (3). و في التهذيب، في باب الزيادات، في فقه الحج (4). و في باب فضل المساجد، من أبواب الزيادات (5).
و في الكشّي: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد الفاريابي: حدثني موسي بن جعفر بن وهب، عن إبراهيم ابن شيبة، قال: كتبت إليه (عليه السّلام) جُعِلْتُ فِداك، إنّ عندنا قوماً يختلفون في معرفة فضلكم بأقاويل مختلفة تشمئزّ منها القلوب، و تضيق لها الصدور، و يروون في ذلك الأحاديث لا يجوز لنا الإقرار بها؛ لما فيها من القول العظيم، و لا يجوز ردّها و الجحود لها إذْ نُسبت إليٰ آبائك، فنحن وقوف عليها. ثم ذكر بعض ذلك. إليٰ أن قال: فكتب (عليه السّلام): ليس هذا ديننا فاعتزله (6).
عثمان، في الفقيه، في باب تحريم الدماء (1). و في الكافي، في باب القتل (2).
مدني، و هو ابن أبي عمرو، مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
في الكشّي في ترجمة الفضل بن شاذان-: و الفضل بن شاذان يروي عن جماعة، منهم: محمّد بن أبي عمير، و صفوان بن يحييٰ، و الحسن ابن محبوب. و عدّ جماعة من أضرابهم. إليٰ أنْ قال: و علي بن الحكم، و إبراهيم ابن عاصم. (4) إليٰ آخره.
قال السيّد في الوسيط: و الظاهر أنه من أصحابنا المعروفين من المشايخ (5).
أبو محمّد المدني، أسْنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
54 إبراهيم بن عرفي (2) الأسدي: مولاهم، كوفي، أسند عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ذكره الشيخ في أصحاب الهادي [عليه السّلام (5)] و في التهذيب: علي ابن محمّد، عن علي بن الريان، قال: كتب بعض أصحابنا بيد إبراهيم بن عقبة إليه، يعني: أبا جعفر (عليه السّلام) يسأله عن الصلاة عليٰ الخمرة المدنية؟ فقال: (عليه السّلام): «صلّ فيها ما كان معمولًا بخيوط، و لا تصلّ ما كان بسيوره.» (6) الحديث.
و يروي عنه من الأجلاء: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (7)، و علي ابن مهزيار (8)، و معاوية بن حكيم (9)، و أحمد بن محمّد بن
ص: 125
خالد (1)، و يعقوب بن يزيد (2)، و محمّد بن عيسيٰ (3).
و في الاستبصار: محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسيٰ، قال: كتب إليه إبراهيم بن عقبة، يسأله عن الفطرة، كم هي برطل بغداد عن كل رأس؟ و هل يجوز إعطاؤها غير مؤمن؟ فكتب (عليه السّلام) إليه: «عليك أنْ تخرج عن نفسك صاعاً بصاع النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) و عن عيالك، و لا ينبغي لك أنْ تعطي زكاتك إلّا مؤمناً» (4).
و من الجميع يمكن استظهار إماميّته و وثاقته.
أسْنَد عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). أغلب رواياته عن أبان ابن تغلب (2)، و يروي عنه جعفر بن بشير، في الفقيه، في باب ما جاء في السفر إليٰ الحجّ (3).
بغدادي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) يروي عنه: الحسن ابن محبوب، في الفقيه، في باب المضاربة (5)، و باب الهدية (6). و في التهذيب، في باب أوقات الصلاة (7). و ابن أبي عمير، فيه، في باب الزيادات بعد الإجارات (8). و في الكافي، في باب الاستحطاط بعد الصفقة (9)، و في باب القول عليٰ العقيقة (10).
و استظهر في الجامع اتحاده مع ابن أبي زياد الكرخي المتقدم (11).
ص: 127
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) مرتين (2). و يروي عنه عبد اللّٰه بن مسكان، في الفقيه، في باب صوم السنة (3).
أخو إسحاق، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، أسْنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عمّار (1)، و علي بن رئاب (2)، و أبو المعزي حميد بن المثنيٰ (3)، و عيينة بياع القصب (4).
و هو صاحب كتاب في مشيخة الفقيه (5)، و قد مرّ مشروحاً في (يج) (6).
قال رضي الدين علي بن طاوس في فلاح السائل، بعد ذكر خبر عن أمالي الصدوق، سنده هكذا: محمّد بن موسي بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: «ما أحبَّ اللّٰهَ من عصاهُ»، فقال السيد: و رواة الحديث ثقات بالاتفاق، و مراسيل محمّد بن أبي عمير كالمسانيد عند أهل الوفاق (1)، و مرّ في شرح المشيخة (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو حجيّة الكندي، قال الشيخ المفيد في كتاب الكافية في إبطال توبة الخاطئة، بعد ذكر حديث. سنده هكذا: أبان بن عثمان، عن الأجلح، عن أبي صالح، عن ابن عباس. إليٰ آخره: فهذا الحديث صحيح الإسناد، واضح الطريق، جليل الرواة (4)، انتهيٰ.
(عليه السّلام) (1).
و اسم أبي زاهر: موسي، أبو جعفر الأشعري القمي، مولي، كان وجهاً بقم، و حديثه ليس بذلك النقي، و كان محمّد بن يحييٰ أخصّ أصحابه به، كذا في النجاشي (2)، و الخلاصة (3).
قال صاحب إكليل المنهج: قوله: كان وجهاً بقم، هذا مساوق للتوثيق كما يظهر من ترجمة الحسن بن علي الوشاء (4)، انتهيٰ.
و صرّح الأستاذ في التعليقة (5)، و السيّد في العدّة (6) بعدم كون قولهم: ليس بذلك النقي، من أسباب القدح، و لا ينافي العدالة، فإن المراد أنَّ حديثه ليس في المرتبة القصوي من النقاوة.
و يروي عنه: محمّد بن يحييٰ الثقة الجليل كثيراً (7)، و الجليل أحمد
ص: 132
ابن إدريس (1).
و في أربعين الشهيد بإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن موسي بن عيسيٰ (2)، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (3).
قال بعض المحققين: و أحمد بحسب الطبقة يمكن أن يكون هو ابن أبي زاهر (4)، فظهر أنّ ما في البلغة: ابن أبي زاهر ممدوح و فيهظ.
ص: 133
أخو زيد القتات من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
يروي عنه الصدوق مترضياً (1)، و في معالم ابن شهرآشوب: له ترتيب الأدلّة فيما يلزم خصوم الإمامية دفعه عن الغيبة و الغائب، المكافاة في المذهب في النقض عليٰ أبي خلف (2).
أبو العباس، من مشايخ الصدوق، يذكره مترضياً (3).
واقفي، في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (4) و يروي عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: في الكافي، في باب من أوصيٰ بعتق أو صدقة (5). و في الفقيه، في باب الوصية بالعتق و الصدقة (6). و في التهذيب، في باب وصيّة الإنسان بعده (7). و في الإستبصار، في باب أنّ حكم المملوك حكم الحرّ في ما ذكرناه من أبواب الطلاق (8).
يروي عنه: فضالة بن أيوب، في الكافي، في باب صلاة الاستسقاء (1). و محمّد بن يحييٰ العطار، فيه، في باب الوقوف عليٰ الصفا (2). و موسي ابن بكر كثيراً (3). و موسي بن الحسن (4). و أبو عبد اللّٰه البرقي (5). و أبوه (6).
أبو شبل، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
يروي عنه: الجليل الحسين بن سعيد، في مشيخة الفقيه (8). و في التهذيب، في باب صلاة العيدين (9). و في باب كيفية الصلاة (10). و كذا في الاستبصار (11).
أسْنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (12).
ص: 137
من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارة (1).
قال السيد السند في تلخيصه: لم أرَ إليٰ الآن، و لم أسمع من أحد يتأمّل في حديثه (1).
و يروي عنه: الشيخ المفيد كثيراً، و الحسين بن عبيد اللّٰه، و أحمد بن عبدون (2). و في الكافي، في باب ما عند الأئمّة (عليهم السّلام) من سلاح رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم): أحمد بن محمّد عن محمّد بن الحسن (3).
و زعم في الجامع أنه ابن الوليد (4).
انتهيٰ.
قلت: ما ذكره يوجد في بعض النسخ، و في الأكثر: الشيباني، و هو المتقدم، فلا تغفل (1).
كسابقه (2).
أبو الحسن، المعروف بابن الجندي، في النجاشي: استاذنا، ألحقنا بالشيوخ في زمانه (3). و قال في ترجمة أحمد بن عامر بن سليمان و هو والد عبد اللّٰه راوي نسخه صحيفة الرضا (عليه السّلام) ما لفظه: دفع إليّ هذه النسخة نسخة عبد اللّٰه بن أحمد بن عامر الطائي أبو الحسن.
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، و عبّر عنه: بصاحب أبي محمّد (عليه السّلام) في موضعين من كلامه (1)، و ذكرنا في (كا) أنّه كان القيّم عليٰ أُموره (عليه السّلام) و أنّه كان فوق العدالة.
و يروي عنه: الجليل موسي بن الحسن، و علي بن بابويه، و محمّد ابن الحسن بن الوليد، و سعد بن عبد اللّٰه، و الحميري كتابه، و ذكره ثقة الإسلام في باب تسمية من رآه، و قد مرّ فراجع (2).
أوضحنا وثاقته في شرح المشيخة في (قسط) (3).
أبو علي البيهقي، في الكشّي في ترجمة الفضل ابن شاذان-: قال أحمد بن محمّد بن يعقوب، أبو علي البيهقي (رحمه اللّٰه) أمّا ما سألت من ذكر التوقيع الذي خرج في الفضل بن شاذان، أن مولانا (عليه السّلام) لعنه؛ بسبب قوله بالجسم؟! فإني أُخبرك أنّ ذلك باطل، و إنّما كان مولانا (عليه السّلام) أنفذ إليٰ نيسابور وكيلًا من العراق، و كان يسمّيٰ: أيّوب بن ناب، يقبض حقوقه، فنزل بنيسابور عند قوم من الشيعة ممّن يذهب مذهب الغلو و الارتفاع و التفويض، كرهت أن اسميهم، فكتب هذا الوكيل يشكو الفضل ابن شاذان فإنه يزعم أنّي لست من الأصل، و منع الناس من إخراج حقوقه، و كتب هؤلاء النفر أيضاً إليٰ الأصل الشكاية للفضل، و لم يكن ذكروا الجسم
ص: 141
و لا غيره.
و ذلك التوقيع خرج من يد المعروف بالدهقان ببغداد في كتاب عبد اللّٰه بن حمدويه البيهقي، و قد قرأته بخط مولانا (عليه السّلام) و التوقيع هذا.
الفضل بن شاذان ما له و لمواليّ يؤذيهم و يكذّبهم، و إنّي أحلف بحقّ آبائي لئن لم ينته الفضل عن مثل ذلك، لأرمينه بمرماة لا يندمل جرحه منها، لا في الدنيا، و لا في الآخرة».
و كان هذا التوقيع بعد موت الفضل بن شاذان بشهرين، و ذلك في سنة ستين و مائتين.
قال أبو علي: و الفضل بن شاذان كان برستاق بيهق، فورد خبر الخوارج، فهرب منهم، و أصابه التعب من خشونة السفر، فاعتلّ منه، و مات فيه (1)، و صلّيت عليه (2).
و هذه الحكاية تدلّ عليٰ إماميّته، و جلالة شأنه، و نباهته.
أحمد بن مهران (رحمه اللّٰه) رفعه. و أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار (1). إليٰ آخره.
و في باب مولد أبي الحسن موسي (عليه السّلام): أحمد بن مهران (رحمه اللّٰه) عن محمّد بن علي، عن سيف بن عميرة (2).
و في باب مولد الرضا (عليه السّلام): أحمد بن مهران (رحمه اللّٰه) عن محمّد بن علي، عن الحسن بن منصور (3). إليٰ آخره.
و في باب فيه نكت و نتف: أحمد بن مهران (رحمه اللّٰه) عن عبد العظيم بن عبد اللّٰه الحسني، عن علي بن أسباط (4).
و بعد حديثين: أحمد بن مهران (رحمه اللّٰه) عن عبد العظيم، عن بكار (5).
و هذا الإصرار [عليٰ (6)] الترحم عليه ينبئ عن علوّ قدره، و حسن حاله، مضافاً إليٰ كونه من مشايخه، فقول الغضائري كما في الخلاصة: أنه ضعيف (7) ينبغي أنْ يُعدّ من قوادح الغضائري المتأخر عنه بقرون (8).ل.
ص: 143
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو عبد اللّٰه، الازْدِي الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في كتاب سليم بن قيس بعد ذكر أن الناس بايعت علياً (عليه السّلام) طائعين غير مكرهين قال: غير ثلاثة رهطٍ بايعوه ثم شكّوا في القتال معه، و قعدوا في بيوتهم: محمّد بن سلمة، و سعد بن أبي وقاص، و ابن عمر، و أُسامة بن زيد سَلَّمَ بعد ذلك، و رضيٰ، و دعيٰ لعليّ (عليه السّلام) و استغفر له، و برأ من دعوته، و شهد انّه عليٰ الحقّ، و من خالفه ملعون حلال الدم (3).
و في كتاب الغارات لإبراهيم الثقفي: بعث أُسامة بن زيد إليٰ عليّ (عليه السّلام): أن ابْعَثْ إليّ بعطائي، فواللّٰه لتعلم إنّك لو كنت في فم أسدٍ لدخلت معك، فكتب إليه: «إنّ هذا المالَ لمن جاهد عليه، و لكنّ هذا مالي بالمدينة فأصب منه ما شئت» (4).
أخو زكريا بن آدم، صاحب كتاب في النجاشي (1)، يروي عنه: الجليلان محمّد بن أبي الصهبان (2)، و محمّد ابن الحسين بن أبي الخطاب (3).
أبو إبراهيم الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
يروي عنه: ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) في الكافي، في باب الزانية من كتاب النكاح (2).
أبو السَّفاتِج الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و في الكافي، في باب النهي عن القول بغير علم، بإسناده عن ابن أبي عمير، عن يونس، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد اللّٰه (3).
ابن محمّد بن الفضل بن يعقوب إليٰ آخره-، أبو محمّد، شيخ من الهاشميين، ثقة. رويٰ أبوه، عن أبي عبد اللّٰه و أبي الحسن (عليهما السّلام) ذكره أبو العباس و عمومته كذلك: إسحاق و يعقوب و إسماعيل، و كان ثقة (1).
قال المحقق الشيخ محمّد: اعلم أنَّ جَدي في شرح بداية الدراية قال: محمّد و إسماعيل و إسحاق و يعقوب بنو الفضيل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، كلّهم ثقات، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و أظن أن التوثيق استفادة من عبارة النجاشي في ترجمة الحسين بن محمّد؛ لأنه قال: الحسين بن محمّد بن الفضل إليٰ آخره، أبو محمّد، شيخ من الهاشميين. إليٰ قوله: ثقة (3).
و لا يخفيٰ أن الإشارة فيها احتمال الرواية عن أبي عبد اللّٰه و أبي الحسن (عليهما السّلام) إلّا أن الظاهر ما فهمه جدّي (قدّس سرّه) (4).ب.
ص: 150
يروي عنه: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في باب زكاة الفطرة (1). و في باب مستحق الفطرة (2). و في الإستبصار، في باب سقوط فرض الفطر (3). و في باب أقلّ ما يعطيٰ الفقير من زكاة الفطرة (4).
يروي عنه: أبو العباس ابن نوح كما في رجال الشيخ باب من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (5) و روايته عن أحدهم من أوثق أمارات الوثاقة كما لا يخفيٰ عليٰ من وقف عليٰ حاله.
الصادق (عليه السّلام) (1).
بالباء الموحدة و الشين كما نقل، أو يسار بالمثناة و المهملة، كما في جملة من النسخ و الأسانيد (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و يروي: عنه: أبان بن عثمان في روضة الكافي، بعد حديث يَأجُوجَ و مَأجوجَ: حُمَيد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكِنْدي، عن أحمد بن الحسن المِيثَمي، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل البَصْري قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: «تقعدون في المكان فتحدثون و تقولون» ما شئتم و تتبرءون ممّن شئتم و تولّون من شئتم؟» قلت: نعم، قال: «و هل العيش إلّا هكذا؟» (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و في رجال ابن داود: ثقة، (الكشّي) (2).
و في الكشّي، مسنداً عن معمّر بن خلاد، قال: رفعتُ ما خرج من غلّة إسماعيل بن الخَطّاب بما أوصيٰ به إليٰ صفوان [بن يحييٰ]، فقال (عليه السّلام): رحم اللّٰه إسماعيل بن الخطاب [بما أوصيٰ به إليٰ صفوان بن يحييٰ]، و رحم صفوان، فإنّهما من حزب آبائي، و من كان من حزب آبائي أدخله اللّٰهُ الجنّة (3).
و لعلّ ابن داود استظهر الوثاقة من هذا الخبر، و لا ينافيه ضعفه المُصْطَلح، أو أخرجها من أصل الكشّي لا اختياره فلا إيراد عليه.
و قال ابن طاوس في رجاله كما في تحريره-: إسماعيل بن الخطاب، روي الترحّم عليه، و أنّا ذاكر صورة الوارد، قال صاحب الكتاب: حدثني محمّد بن قولويه (4). و ساق الخبر، و لم يطعن عليه هو دأبه في مورده.
ص: 157
183 إسماعيل بن رباح (1) الكوفي: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) يروي عنه: ابن أبي عمير في التهذيب، في باب زيارة البيت (3). و في باب أوقات الصلاة (4). و في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (5). و في مشيخة الفقيه (6).
يروي عنه: ابن أبي عمير في الفقيه، في باب معرفة الكبائر (7).
يكنّي أبا خالد، في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسيٰ، عن عُمَر بن أُذَينة، عن زرارة و محمّد بن مسلم و بكير ابن أعين و بُرَيد و فُضَيل و إسماعيل الأزْرَق و مُعَمّر بن يحييٰ؛ عن أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) (8). إليٰ آخره.
و في التهذيب، في باب أحكام الطلاق: الحسين ابن سعيد، عن حماد بن عثمان (9)، عن عُمَر بن اذيْنة، عن زُرارة و بُكير ابني أعْيُن
ص: 158
و محمّد بن مُسْلم و بُريد بن معاوية العجلي و الفُضَيل بن يَسار و إسماعيل الأزرق و مُعَمّر بن يحييٰ بن سالم (1) كلّهم سمعه، من (2) أبي جعفر، و من ابنه بعد أبيه- (عليهما السّلام) [بصفة (3)] ما قالوا، و إن لم احْفَظ حروفه غير أنه لم يسقط جمل معناه: إنَّ الطلاق (4). إليٰ آخره.
و في التعليقة: و السند بهذا النحو ورد في غير موضع، و يشير إليٰ نباهة شأن مُعَمَّر و إسماعيل (5)، انتهيٰ. و هو كما قال، فإنّ عدّه في سلك هؤلاء الأجلّة يكشف عن كونه منهم.
في النجاشي: ضعّفه أصحابنا، له كتاب (6). كذا في النجاشي، و لعلّ المراد من الضعف الرواية عن الضعفاء، و الاعتماد عليٰ المراسيل، و أمثال ذلك. و لا ينافي وثاقته التي تكشف عنها رواية الأجلّة عنه، مثل أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (7)، و العباس بن معروف (8)، و علي بن مهزيار (9)،
ص: 159
و عبد اللّٰه بن حماد الأنصاري (1)، و محمّد بن عبد الجبار (2)، و محمّد بن خالد (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
أسْنَد عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
في الكشّي في ترجمة المفضل-: حدثني حمدويه، قال: حدثني محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن إسماعيل ابن عامر، قال: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فوصفت له الأئمة (عليهم السّلام) حتي انتهيت إليه، فقلت: و إسماعيل من بعدك، فقال: «أمّا ذا فلا» (7). الخبر.
و في السند و المتن إشارة إليٰ إماميته و وثاقته (8).
ص: 160
، كافي الكُفاة:
الذي ألّف لأجله الصدوقُ العيونَ، و الفاضل الحسن بن محمّد القُمّي كتابَ قُمّ، و ذكر في أوّله من فضائله و مناقبه و علمه و تقواه و ورعه و سداده و كرمه و إحسانه، و تعظيمه للسادة العلوية، و إكرامهم و سدّ خلّتهم، و لَمّ شَعَثهم، شطراً وافياً. و قد نقلنا في ترجمة عبد العظيم الحسني (1) رسالة له في أحواله، و فيها من الدلالة عليٰ إماميته ما لا يخفيٰ عليٰ ذي مُسْكة.
و يروي عنه: الشيخ الجليل جعفر بن أحمد القُميّ في كتاب المُسَلسلات (2)، إلّا أنّه مع ذلك وقع إلينا منه رسالة الإبانة في مذهب العدلية؛ قال في أواخرها: و زعمت العثمانية، و طوائف الناصبيّة أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) مفضولٌ في أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) غير فاضل! و استدلّت بأن أبا بكر و عمر وليا عليه.
و قالت الشيعة العدلية: ثم ذكر ما يقتضي أفضليّته (عليه السّلام).
ثم قال: و ذهبت طائفة من الشيعة أنّ علياً (عليه السّلام) كان في تقيّة، فلذلك ترك الدعوة (3) إليٰ نفسه، و زعمت أنّ عليه نصّاً جليّا لا يحتمل التّأويل.
و قالت العدليّة: هذا فاسد، كيف تكون عليه التقية في إقامة الحقّ، و هو سيّد بني هاشم؟ و هذا سعد بن عبادة نابذ المهاجرين، و فارق
ص: 161
الأنصار، لم يخش مانعاً و دافعاً، و خرج إليٰ حَوْران و لم يبايع، و لو جاز خفاء النص الجلي عن (1) الإمامة (2) فهو (3) أعليٰ الأُمور لجاز أنْ ينكتم صلاة سادسة، و شهر يصام فيه غير شهر رمضان فرضاً، و كلّما أجمع عليه الأُمة من أمر الأئمة الذين قاموا بالحق و حكموا بالعدل صواب (4)، انتهيٰ.
و هذا صريح في مذهب الاعتزال، و من هنا عدّه السيّد رضي الدين علي ابن طاوس في كتاب فرج المهموم من المعتزلة (5). إلّا أنْ يقال مضافاً إليٰ عدم مقطوعية نسبة الكتاب إليه-: إنّه كان كذلك ثم رجع، أو خرج مخرج التَّقية، و اللّٰه العالم.
يروي عنه في الصحيح-: عبد اللّٰه بن المغيرة، في التهذيب، في
ص: 162
باب القبلة (1). و الحسين بن سعيد، فيه، فيه (2).
و قال أبو عمرو الكشّي: قال الفضل بن شاذان: كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع (3) اقرأ عليٰ مقرئ يقال له: إسماعيل بن عباد (4).
و استظهر في التعليقة كونه القصري (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو إسرائيل الملاشي (2) الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أسْنَد عنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
يروي عنه: يعقوب بن يزيد (1)، و علي بن سيف بن عميرة (2).
207 إسماعيل بن قُدامة بن حماطة (3) الضبي الكوفي:أسْنَد عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
لم يضرّه تَقَدَّم هذا الأمر أو تَأخَّرَ (1).
يروي عنه: الجليل صاحب الأصل إبراهيم بن أبي البلاد، في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) (2).
هذا في أوّل الفائدة الثانية (1).
يروي عنه: الجليل معاوية بن وهب، في الكافي، في باب النفر من مني (2).
بتوسط معاوية بن عمار (1)، و ابن أبي عمير بواسطته (2)، و بلا واسطة في الكافي، في باب أن الخمر رأس كل إثم (3). و الحكم بن مسكين (4).
زيد النيسابوري، عن عمرو (1) بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمير (2)، عن أُسَيْد بن صفوان صاحب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال: لمّا كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) ارتجّ الموضع بالبكاء، و دُهِش الناس كيوم قُبضَ النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و جاء رجل باكياً و هو مسرع مسترجع، و هو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتي وقف عليٰ باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال: رحمك اللّٰه يا أبا الحسن، كُنت أوّل القوم إسلاماً. الزيارة، و بكيٰ، و بكيٰ أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) ثم طلبوه فلم يصادفوه (3).
و من المصائب الكادحة (4) أن بعض من خالفنا أورد الزيارة لأبي بكر!! و أن علياً (عليه السّلام) زاره بها.
فروي الخَطّابي في غريب الحديث، عن أحمد ابن الحسين التَّيْمي، عن محمّد بن إبراهيم بن سهل، عن أحمد بن مُصْعَب المِرْوَزِي، عن عُمَر بن إبراهيم، عن إسماعيل بن عَيّاش، عن عبد الملك بن عُمَير، عن اسَيْد بن صَفْوان: أنّ أبا بكر لمّا مات قام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) عليٰ باب البيت الذي هو مُسَجّي فيه، فقال: كُنتَ و اللّٰهِ للدينِ يعسوباً أوّلًا حين تفرّقا.
ص: 170
و غيرهم (1)! و اللّٰه الحاكم بيننا و بينهم بالحق.
و بالجملة، يعرف بما في الكافي استقامة اسَيْد، و نباهته، و جلالته.
أبو أحمد الكوفي القلالي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
234 أَشْيَمَ (4) بن عبد اللّٰه أبو صالح الخُرَاسَاني:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
عارِفَة، قاله علي بن أحمد العقيقي، و هي التي أغمضت زرارة، كذا في الخلاصة في القسم الأول (6).
و في رسالة أبي غالب الزرَارِي بعد ذكر أسامي إخوانه من طريق أحمد بن الحسن بن فضال قال: و بغير هذا الاسناد، لهم أُخت يقال لها: أمّ الأسْود، و يقال: أنّها أوّل من عرف هذا الأمر منهم، من جهة أبي خالد
ص: 173
الكابُلي (1).
أُخت أمير المؤمنين (عليه السّلام) جلالة شأنها، و علو مقامها غير خفي عليٰ من له أدنيٰ خبرة بالآثار (1).
من أهل الجنّة، و من شهود فدك، و من شربت من دلو ادْلِيَ إليها من السماء بين مكة و المدينة، و لها بعد ذلك فضائل أُخري (2).
في رجال البرقي، في عنوان: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) هكذا: الأصحاب، ثمّ الأصفياء، ثم الأولياء، ثم شُرْطَة الخميس من الأصفياء. إليٰ أن قال: و من الأولياء: الأعْلَم الأزْدِي، و عدّ منهم الحارث الهَمْداني، و أبو عبد اللّٰه الجَدَلي (3)، و كذا ذكره الخلاصة في آخر القسم الأول (4).
ص: 175
و في رجال ابن داود. ثقة (1)، و قول صاحب النقد: و لم أجد في غيره (2)، لا طائل تحته.
شيخ من أصحاب أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) متحقق بهذا الأمر، و هو جدّ الحسن بن علي بن بنت إلياس، له كتاب يرويه جماعة، كذا في النجاشي (3). و فيه، في ترجمة الحسن: رويٰ عن جدّه إلياس، قال: لمّا حضرته الوفاة، قال لنا: اشهدوا عليّ و ليست ساعة الكذب هذه الساعة لسمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: «و اللّٰه لا يموت عبد يحب اللّٰه و رسوله و يتولّي الأئمة (صلوات اللّٰه عليهم) فتمسّه النار» ثم أعاد الثانية، و الثالثة من غير أنْ أسأله (4)، و من جميع ذلك يعلم استقامته و نباهته بل وثاقته.
من ودي القري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
246 أنَسَهُ (2): مولي النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) شهد بدراً، و قيل: قتل بها، و قيل: بقي إليٰ أُحُد من أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في رجال الشيخ (3).
و التجمّل (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
صاحب متاع مصر، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو يحييٰ الكوفيّ الوابشيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكافي، في باب أنّ الأئمة (عليهم السّلام) إذا شاءوا أن يعلموا علموا، مرتين (1). و في الروضة (2). و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، في باب فضل القرآن (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في الخصال: عن أحمد بن زياد الهَمْدانيّ، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن مُصْعَب، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: «أجرت في البراء بن مَعْرُور الأنْصاريّ ثلاث من السنن.
أمّا أُولاهُنَّ: فإنَّ النّاس كانوا يستنجون بالأحجار، فأكل الدَّبَّاء، فَلَانَ بطنه، فاستنجيٰ بالماء، فأنزل اللّٰه الآية (5)، فجرت السنة بالاستنجاء بالماء. فلما حضرته الوفاة كان غائباً عن المدينة فأمَر أن يحوّل وجهُهُ إليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و وصّي بالثلُثِ من ماله، فنزل الكتاب بالقِبلة (6)، و جرت السّنة بالثلُثِ» (7).
و في معناه جملة من الأخبار، و هو أحَدُ النّقباء ليلة العقبة، و والد
ص: 183
البِشْر الّذي أكل من الذراع المسموم مع النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) فمات من يومه بسببه (1).
و في البلغة (2)، و الوجيزة (3): ممدوح، و يبعد النقابة مع عدم الوثاقة!
المولي، المكاتب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و يروي كتابه: ابن أبي عمير كما في النجاشي (5)، و عبيد اللّٰه بن نهيك، و الحسن بن محمّد بن سماعة في الفهرست (6)، و يروي عنه: صفوان في التهذيب، في آخر كتاب المكاسب (7)، و عبد اللّٰه بن المغيرة في باب الذبائح و الأطعمة (8).
نسخ الأسانيد: (يزيد) بالمثنّاة (1)، و اللّٰه العالم.
(2) (3) كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
(5) أسْلَمَ عليٰ يد أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقال رويٰ عنه: ابن أبي عمير، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
و الظاهر كما عليه المحققون اتحاده مع بريد النصراني، و يروي عنه: عبيس بن هشام (7)، و له في الفهرست، و النجاشي كتاب (8).
و روي الصدوق في التوحيد: عن أبيه، عن أحمد ابن إدريس و محمّد بن يحييٰ العطار؛ عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن حمّاد، عن الحسن بن إبراهيم، عن يُونُس بن عبد الرّحمن، عن
ص: 186
هِشام بن الحكم، عن جاثِليقَ من جَثَالِقَةِ النَّصاري، يقال له: (بُرَيْهَةُ)، قد مكث جاثِلِيق النصرانيّة سبعينَ سنةً و كان يَطْلُب الإسلام، و يَطْلُبُ من يحتجُّ عليه ممّن يقرأ كتبه و يعرف المسيح (عليه السّلام) بصفاته و دلائله و آياته، قال: و عرف بذلك حتي اشتهر في النّصاري و المسلمينَ و اليهودِ و المجوسِ، حتي افتخرت به النّصاري، و قالت: لو لم يكن في دين النّصرانيّة إلّا بُريهَةُ لأجْزَأنا، و كان طالباً للحق و الإسلام مع ذلك. إليٰ أنْ قال قال يُونُسُ بن عبد الرّحمن: فقال لي هِشام: بينما أنا عليٰ دُكّاني عليٰ باب الكرخ جالس و عندي قوم يقرءون عليّ القرآن، فإذا [أَنا] بفوج النصاري معه ما بين القِسيسِينَ إليٰ غيرِهم نحوٌ من مائه رجلٍ عليهم السّوادُ و البَرانِسُ و الجّاثِليقِ الأكبرُ فيهم بُرَيْهَة.
ثم ساق احتجاجه مع هشام في كلام طويل، قال: و افترق النّصاري و هم يتمنّون أنْ لا يكونوا رأوا هِشاماً و لا أصحابه.
قال: فَرَجَعَ بُرَيْهَةُ مغتمّاً مهتمّاً حتّي صار إليٰ منزله.
فقالت امرأته التي تخدِمُه مالي أراك مغتمّاً مهتمّاً؟ فحكي لها الكلام الذي كان بينه و بينَ هِشَامٍ، فقالت لِبُرَيْهَةَ: و يحك أ تريدُ انْ تكون عليٰ حقّ أو عليٰ باطل؟! قال بُرَيْهَةُ: بَلْ عليٰ الحقّ، فقال: أينما وجدت الحقّ فَمِلْ إليه، و إيّاكَ و اللَّجَاجَة، فإنَّ اللَّجاجَة شكٌّ، و الشَّك شؤمٌ، و أهلُهُ النَّار.
قال: فصوّب قولَها و عَزَم عليٰ الغُدو عليٰ هشام.
و ساق غدوّة إليهِ و احتجاجه ثانياً. إليٰ أن قال: فارتحلا حتّي أتَيا المدينةَ، و المرأةُ معهما [و هما] يُريدان أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) فَلَقيا موسي بن جعفرٍ (عليهما السّلام) فحكي له هِشَامٌ الحكاية، فلمّا فَرغَ، قال موسي بن جعفر
ص: 187
(عليهما السّلام): [يَا بُرَيْهَةُ] «كيف علمك بكتابك؟» قال: أنا به عالِمٌ، قال: «كيف ثِقَتُكَ بتأويله؟» قال: ما أوْثَقَني بعلمي به (1)، قال: فابتدأ موسي بن جعفر (عليهما السّلام) بقراءة الإنجيل.
قال بُرَيْهَةُ: و المَسيحُ لقد كان يقريها (2) هكذا، و ما قرأ هذه القراءة إلّا المَسيحُ، ثم قال بُرَيْهَةُ: إيّاكَ كُنْتُ أطلُبُ مُنْذُ خمسين سنة أوْ مِثْلَكَ، قال: فآمنَ و حَسُنَ إيمانُهُ، و آمَنَتِ الْمَرْأةُ و حَسُنَ إيمانُها.
قال: فدخل هِشَامٌ [بُرَيْهَةُ] و المرأة علي أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) إليٰ أن قال: فَلَزِمَ بُريْهَةُ أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) حتّي مات أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) ثمّ لَزِمَ موسي بن جعفرٍ (عليهما السّلام) حتّي مات في زمانه فغسّلهُ و كفَّنُه وَ لَحَدَهُ بيده، و قال: هذا حواريٌّ من حواري المَسِيح يَعْرفُ حَقَّ اللّٰهِ عليه، قال: فتمنّي أكثرُ أصْحابِهِ أنْ يكونوا مِثْلهُ (3).
أبو عبد اللّٰه الأسدي، مولاهم.
أَسْنَدَ عنْهُ، يروي عنه: أبان بن عثمان في الكافي (1)، و التهذيب (2)، و الاستبصار، في كتاب الذبائح و الصيد (3)، و روي الكشيّ مدحاً له (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
من وكلاء الناحية، في النجاشي: أخبرنا أبو العبّاس أحمد ابن عليّ ابن نوح، قال: حدّثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا القاسم ابن محمّد بن عليّ بن إبراهيم [بن محمّد] الذي تقدم ذكره وكيل (7) الناحية، و أبوه وكيل الناحية، و جدّه عليّ وكيل الناحية، و جدّ أبيه إبراهيم بن محمّد
ص: 189
وكيل.
قال: و كان في وقت القاسم بهَمذان معه أبو عليّ بسِطام بن عليّ و العُزَيْز بن زُهَيْر، و هو أحد بني كَشْمَرْد، و ثلاثتهم وكلاء في موضع واحد بهَمذان. و كانوا يرجعون في هذا إليٰ أبي محمّد الحسن بن هارون بن عمران الهَمَذاني، و عن رأيه يَصْدُرونَ. و مِنْ قَبْله عن رأي أبيه أبي عبد اللّٰه (1) هارون، و كان أبو عبد اللّٰه و ابنه [أبو] محمّد وكيلَيْنِ (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)
مولي عبد الصمد، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و في أصحاب الباقر (عليه السّلام) و جُملةٍ من الأسانيدِ: بِشْرٌ (1).
محمّد (عليهما السّلام).
في كمال الدين (1)، و دلائل الطبري (2)، و غيبة الشيخ (3): أنّه هو الّذي أمره أبو الحسن (عليه السّلام) بشراء أمّ الحجّة (عليه السّلام) فتولي شراءها، و فيه (4): أنّه (عليه السّلام) قال له: أنتم ثِقاتُنا أهل البيت، و إنّي مُزكّيك و مشرّفك بفضيلة تسبق بها سائر الشيعة.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
311 بِشْر بن عُتْبة (1) الأسَدِيّ الكُوفيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
312 بِشْر بن عُمَارة (3) الخثعميّ الكوفيّ، المكتب:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
في محاسن البرقي، في باب سعة المنزل: عن نُوح بن شُعيب، عن سليمان بن راشد، عن أبيه، عن بِشْر، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) يقول: العيش: السعة في المنزل، و الفضل في الخادم.
و بشر هذا هو ابن حذام (2)، رجلُ صدقٍ. ذكروا عن سليمان، عن أبيه، عن المفضل أن أبا الحسن (عليه السّلام) كان يثني عليه (3). إليٰ آخره.
و الخبر موجود في الكافي بهذا السند، و فيه: بشير (4).
عنه: حماد بن عثمان، في الكافي، في باب فرض طاعة الأئمة (عليهم السّلام) (1).
عنه: يحييٰ، في الكافي، في باب الحبّ في اللّٰه و البغض في اللّٰه (2). و فيه، في الروضة: عنه، عنه (3)، قال: سمعت الصادق (عليه السّلام) يقول: وصلتم و قطع النّاس، و أحببتم و أبغض النّاس، و عرفتم و أنكر النّاس (4). و روي هذا الخبر في باب فرض طاعة الإمام، عن حماد بن عثمان، عن بَشِير العَطّار، عنه (عليه السّلام) (5).
فالظاهر وفاقاً للتعليقة (6) اتّحاده مع العطّار المتقدم، و اتّصافه بهما، فيروي عنه حمّاد أيضاً.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
(عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أخو أحمد الأشعري، يروي عنه: الجليل محمّد بن يحييٰ (2)، و محمّد بن علي بن محبوب (3)، و محمّد بن الحسن الصفار (4)، و عبد اللّٰه بن جعفر الحميري (5)، و أحمد بن إدريس (6)، و سعد بن عبد اللّٰه (7)، و علي بن إبراهيم (8) و هؤلاء الإثبات عيون الطائفة و محمّد بن أحمد بن يحييٰ، و لم يستثن من نوادره (9).
و في التعليقة: و في هذا إشعار بالاعتماد عليه، بل لا يبعد الحكم بوثاقته، قال: و ممّا يؤيد جلالته بل وثاقته سلوك أخيه أحمد بالنسبة إليٰ البرقي، و روايته مع ذلك عنه كثيراً (10)، و قال جدّي: هو كثير الرواية، و من مشايخ الإجازة (11)، انتهيٰ.
ص: 202
و في النجاشي، في ترجمة محمّد بن سِنَان: وَ ذكَرَ أيضاً (يعني: أبا عمرو في رجاله) أنّه وجد بخط أبي عبد اللّٰه الشاذانيّ: إنّي سمعت [العاصمي (1)] يقول: إنّ عبد اللّٰه بن محمّد بن عيسيٰ الملقّب بِبُنان قال: كنت مع صفوان بن يحييٰ بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمّد بن سِنان، فقال صفوان: إنّ هذا ابن سِنان لقد هَمَّ أن يطير غير مرّة فقصصناه حتّي ثبت معنا، و هذا يدلّ عليٰ اضطراب كان و زال (2).
و يظهر منه اعتماد النجاشي عليه و بنائه عليٰ قوله، و من جميع ذلك يمكن استظهار وثاقته.
أبو إدريس المُحاربي الكوفيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في النجاشي: ذكره أبو العباس، له كتاب، يرويه عنه جماعة (2). و هذا يؤكد وثاقته التي تكشف (3) عنها كونه من أصحاب الصادق [عليه السّلام] في رجال الشيخ، مضافاً إليٰ ما ذكره مخالفونا في ترجمته كما في المنتهيٰ (4).
ص: 204
أبو سعيد البَجَلي الكوفيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) يروي عنه علي بن النعمان في الكافي، في باب النهي عن خِلالٍ تُكره لهن في كتاب النكاح (2).
عنه: ابن مُسكان في الكافي، في باب ترك دعاء الناس (3).
مولاهم، الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
شرح الأخبار للقاضي نعمان، بإسناده عن محمّد بن سَلّام، بإسناده عن عَوْن بن علي، عن أبيه: و كان كاتباً لعليّ (عليه السّلام) أنه ذكر من كان معه (عليه السّلام) في حروبه. إليٰ أن قال: و ثَعْلبة بن عمرو، و هو الّذي أعطيٰ عليّاً (عليه السّلام) يوم الجمل مائة ألف درهم أعانه بها، قُتل يوم صفين (1).
و في الكشّي مسنداً عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) أنه قال في حديث: لثم لَحِقَ أبو ساسان، و عَمّار، و شُتَيْرَة، و أبو عَمْرَة، فصاروا سبعة. (2).
و عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): ارتدّ النّاس إلّا ثلاثة: أبو ذَرّ، و المقداد، و عمّار؟ فقال (عليه السّلام): فأين أبو ساسان، و أبو عَمْرَة الأنصاري (3).
و في اسمه خلاف، فقيل: ثعلبة، و قيل: راشد، و قيل: أُسامة، و قيل: عمرو بن مِحْصَن، و رجّحه في الدرجات الرفيعة؛ لقول النجاشي الشاعر في رثائه يوم صفّين:
لَنِعْمَ فَتَي الحَيَّيْنِ عَمْرُو بن مِحْصَن
الأبيات (4).ظ.
ص: 207
و في رجال البرقي، من الأصفياء من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام): سلمان الفارسي. إليٰ أن قال: أبو عمرة (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو العلاء، أسْنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ابن محبوب، عن حمّاد، عنه، في الكافي، في باب سيرة الإمام في نفسه (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
صاحب السرايا و الألوية يوم صفين و بعده، رويٰ إبراهيم الثقفي في كتاب الغارات بإسناده إليٰ الكَلْبي و لُوط بن يحييٰ: أن ابن قَيْس بن زُرارة قدِم عليٰ عليّ (عليه السّلام) فأخبره بخروج بُسْر بن أرْطَاة من قبل معاوية، فندبَ النّاسَ، فتثاقلوا عنه. إليٰ أنْ قال: فقام جارية بن قُدامة السَّعْديّ فقال: أنا أكفيكهم يا أمير المؤمنين، فقال: «أنت لعمري لميمون النقيبة، حسن النّية،
ص: 209
صالح العشيرة»، و نَدَبَ معه ألفين، و أمره أن يأتي البصرة و يضم إليه مثَلهُم، فشخص جارية، و خرج معه، فلمّا ودّعه أوصاه بما أوصاه. إليٰ أنْ قال: فَقَدِمَ البصرة، و ضم إليه مثل الذي معه، ثم أخذ طريق الحِجاز، حتي قَدِم اليمن و لم يغصب أحداً، و لم يقتل أحداً، إلّا قوماً ارتدوا باليمن فقتلهم و حرقهم (1).
و في آخر الخبر: أنّه أخذ البيعة للحسن بن علي (عليهما السّلام) من أهل مكّة و المدينة لمّا بلغه وفاة أمير المؤمنين (عليه السّلام) و لمّا أخرج بُسْراً لعنه اللّٰه من الحجاز و رجع، دخل عليٰ الحسن (عليه السّلام) فضرب عليٰ يده فقبله (2) و عزّاه، و قال: ما يحبسك؟ سرْ يرحمك اللّٰه إليٰ عدوّك قبل أنْ يُسَارَ إليك، فقال: «لو كان الناس كلّهم مثلك سرت بهم» (3).
الذي حدث عنه يحييٰ بن سالم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو عبيد، مولي عبد الرحمن بن عابس الصُّهْبَانيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و قد مرّ أنَّ رواية النضر و من ماثله ممّن قيل في حقّه: صحيح الحديث، من أمارات الوثاقة (1).
كوفي، نزل الرّيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في أمالي أبي عليّ الطوسيّ، مسنداً عن يحييٰ بن المغيرة الرازيّ، قال: كنت عند جَرير ابن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر النّاس؟ فقال: تركت الرّشيد و قد كَرَبَ قبر الحسين (عليه السّلام) و أمر أن تُقطَع السّدرة التي يه، فَقُطِعت، قال: فرفع جَرير يديه و قال: اللّٰه أكبر جاءنا فيه حديث من رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): «أنّه قال لعن اللّٰهُ قاطعَ السّدرة ثلاثاً».
فلم نقف عليٰ معناه حتّي الآن؛ لأنّ القصد بقطعه (تغيير مصرع الحسين (عليه السّلام) حتي لا يقف النّاس عليٰ قبره (2).
ص: 213
و روي الخزّاز في كفاية الأثر بإسناده عن جرير بن عبد اللّٰه الضَّبّيّ قال: حدثني الأعْمَش، عن إبراهيم بن بُرَيد السمّان، عن أبيه، عن الحسين ابن علي (عليهما السّلام) قال: «دخل أعرابي عليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) يريد الإسلام، و معه ضَب ثم ذكر (عليه السّلام) تكلم الضبّ: إليٰ أن قال: فقال الأعرابي: أشهد أنّ لا إله إلّا اللّٰه، و أنّك رسول اللّٰه حقّا، فأخبرني يا رسول اللّٰه! هل يكون بعدك نبي؟ قال: لا، أنا خاتم النبيين، و لكن يكون بعدي أئِمةٌ من ذُريّتي قوّامون بالقسط، كعدد نُقباء بني إسرائيل.
أوّلهم علي بن أبي طالب فهو الإمام و الخليفة من بعدي، و تسعة من الأئمة من ذُرية هذا، و وضع يده عليٰ صدري، و القائم تاسعهم يقوم بالدِّين في آخر الزمان كما قمت في أوله»، الخبر (1).
و قال ابن حجر العسقلاني في هديٰ الساري مُقدمة شرح البخاري، بعد نقل الإجماع عليٰ وثاقته عن جمع، قال-: و وثقه العجْلي، و النسائي، و أبو حاتم، و قال: يحتج بحديثه، و نسبه قتيبة إليٰ التشيّع المفرط (2)، انتهيٰ.
كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أمّه أمّ هانئ بنت أبي طالب، أُخت أمير المؤمنين (عليه السّلام) في إرشاد المفيد مسنداً عن الحسن البصري، قال: سهر أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الليلة التي قتل في صبيحتها و لم يخرج إليٰ المسجد لصلاة الليل عليٰ عادته، فقالت له ابنته أمّ كلثوم (رحمة اللّٰه عليها): ما هذا الذي أسهرك؟ فقال: «لأنّي مقتول لو أصبحت»، فأتاه ابن النباح فآذنه بالصلاة، فمشيٰ غير بعيد ثم رجع، فقالت له أم كلثوم: مُرْ جُعْدةَ فليصلٍّ بالناس، قال: «نعم مروا جُعدة فليصلٍّ، ثم قال: «لا مَفرّ من الأجل.» الخبر (2)، و هو نصّ عليٰ عدالته و وثاقته.
و في فرحة الغري مسنداً: أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أمَر ابنه الحسن (عليه السّلام) أنْ يحفر له أربع قبور في أربع مواضع: في المسجد، و في الرحبة، و في الغري، و في دار جعدة بن هبيرة، و إنّما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره (3).
و في الكشّي مسنداً عن الصادق (عليه السّلام): كان مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) من قريش خمسةُ نفر، و كانت ثلاث عشرة قبيلة مع معاوية، فأمّا الخمسة: محمد بن أبي بكر. إليٰ أن قال: و كان معه جُعْدة بن هُبيرة المخزوميّ، و كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاله، و هو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنّما
ص: 215
لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك! فقال له جعدة: لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك (1).
عدّه في الوسائل من الممدوحين (2)! و هو عجيب!! فإن في ما نزل فيه من الآيات، و ما ورد في شأنه من الأخبار، يكشف عن مقام هو فوق العدالة بدرجات (3).
أبو سليمان الفَزاريّ الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في الفهرست، و الأوْديّ في النجاشي، له كتاب، يرويه عنه ابن أبي
ص: 216
عمير كما فيهما (1).
و في أصحاب الكاظم [عليه السّلام]: جعفر بن حيان، واقفي (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) يروي عنه: يونس ابن عبد الرحمن في الكشّي، في ترجمته (5)، و في الخبر مدح له.
يروي عنه: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في باب الدُّعاء بن الركعات، و هو ابن محمّد بن سَماعة الثّقة المذكور في الأصل (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولي بني سُلَيم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
يُعرب بالبِرْذون الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) مسنداً عن يزيد بن سَلِطان، قال: لمّا أوصيٰ أبو إبراهيم (عليه السّلام) أشْهَدَ إبراهيم بن محمّد الجَعْفريّ. إليٰ أنْ قال: و جعفر بن صالح. الخبر (5)، و هو طويل.
(عليه السّلام):
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ص: 219
له كتاب، عنه جماعة، منهم: ابن أبي عمير، كذا في النجاشي (1).
411 جعفر بن القُرْط المُزَنيّ (1) الكوفيّ:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
يروي عنه: إبراهيم بن هاشم (1)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (2)، و الحسن بن علي (3)، و محمّد بن أحمد بن يحييٰ (4)، و لم يُسْتَثْنَ من نوادره (5) و محمّد بن علي بن محبوب (6)، و محمّد ابن خالد (7)، و سهل بن زياد (8).
وَجْهٌ، رويٰ عنه: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، كذا في النجاشي (1)، و الخلاصة (2).
يروي عنه: محمّد بن يحييٰ في الكافي كثيراً، وحده (3)، و مع محمّد ابن الحسن (4). و علي بن محمّد (5)، الجليل من مشايخ ثقة الإسلام، و الحسين بن محمّد الأشعري (6)، و أحمد بن أبي زاهر (7).
و استظهر في التعليقة اتّحاده مع الأسَدي (8).
نقل توثيقه عن النجاشي في ترجمة محمّد بن أبي سارة المولي
ص: 223
عناية اللّٰه في المجمع (1)، و اختلاف النسخ غير عزيز، فلا وجه للإيراد عليه بعدم وجوده في النسخ المعروفة.
من مشايخ الصدوق، لا يذكره إلّا مترحماً، أوْ مترضياً (2).
فاضل، رويٰ عن أبيه جميع كتبه، رويٰ عنه: جعفر بن محمّد بن قُولوَيْه (3)، و المظفر بن جعفر المظفر العلويّ (رضي اللّٰه عنه) في مشيخة الفقيه (4)، و أبو المفضل الشيباني (5).
يروي علي بن الحسن بن فضال، عن أخيه أحمد، عن أبيه، عنه، عن الحسن [بن علي] بن رباط كثيراً (6). و من وقف عليٰ تثبّت بني فضال
ص: 224
يطمئن بوثاقة جعفر.
قال رضي الدين بن طاوس في المُهَج: و روي الصَّيْمَري أيضاً في الكتاب المذكور يعني: كتاب الأوصياء في ذلك ما هذا لفظه: و حدّث محمّد بن عمرو الكاتب، عن علي بن محمّد بن زياد الصّيْمَريّ صِهْر جعفر ابن محمود الوزير عليٰ ابنته أُمّ أحمد، و كان رجلًا من وجوه الشيعة و ثقاتهم، و مقدماً في الكتابة و الأدب و العلم و المعرفة (1). إليٰ آخره.
و ظنّ أبو علي أنّ الضمير في قوله (و كان رجلًا) راجع إليٰ الصَّيْمريّ، فذكره في ترجمته (2)، و لا يخفيٰ فساده لمن راجع المهج (3).
ص: 225
كان وكيلًا، و كان مكاتباً كما في رجال الشيخ باب من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (1) و في الأوّل إشعار بالوثاقة، و في الثاني مدح عظيم. و يروي عنه: أبو عمرو الكشي كثيراً في كتابه (2).
مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، عنه: جعفر بن بَشير في مشيخة الفقيه (4)، و قد قالوا في ترجمته: رويٰ عن الثقات (5)، و عبد اللّٰه بن مُسْكان من أصحاب الإجماع في الفقيه، في باب ما جاء فيمن بات ليالي مني بمكة (6)، و في التهذيب، في باب زيارة البيت (7)، و في باب
ص: 226
الزيادات، في فقه الحج (1).
جدّ علي بن المثنيٰ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)
يروي عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر بتوسط عبد الكريم، في الكافي، في باب أنّ الأئمة (عليهم السّلام) يعلمون علم ما كان (3).
أبو الأسود، مولاهم، كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و في نسخة: جهيم، صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (1)، يروي عنه: يونس بن عبد الرحمن (2)، و الحسن بن محبوب (3)، و سعدان بن مسلم (4)، و مرّ في (سو) (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، يروي عنه: صفوان بن يحييٰ، في الكافي، في باب صلة الرحم (7)، و هشام بن سالم (8)، و محمّد بن سنان (9)، و محمّد بن أبي عمير بواسطة هشام.
ففي الكافي و التهذيب: عن إبراهيم بن هاشم، عنه، عنه، عنه، قال: قال لي أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): «أما تغشيٰ سلطان هؤلاء؟» قلت: لا،، قال: «لم؟» قلت: فراراً بديني، قال: «قد عزمت عليٰ ذلك؟» قلت: نعم، قال: «الآن سلم لك دينك» (10).
و في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي النعمان، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام) «يا أبا النعمان لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفية، و لا تطلبنَّ انْ تكون رأساً فتكون ذنباً، و لا تستأكل الناس بنا فتفتقر، فإنّك موقوف لا محالة، و مسؤول، فإنْ صدقت صدّقناك، و إنْ كذبت كذّبناك» (1).
471 حَبَّةُ بن جوين (1):أبو قدامة العُرَنيّ الكوفي، من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (2)، صرّح الذهبي و ابن حجر في الميزان (3) و التقريب (4)، أنه كان غالياً في التشيّع.
و روي السيد علي بن طاوس في فلاح السائل: عن كتاب زهد مولانا علي بن أبي طالب (عليه السّلام): عن سعد بن عبد اللّٰه، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن محمّد بن سنان، عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن حبة العرني، قال: بينا أنا و نوف نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين (عليه السّلام) في بقيّة من الليل
ص: 237
واضعاً يده عليٰ الحائط شبه الواله، و هو يقول (1):. الخبر. و هو طويل شريف، فيه دلالة عليٰ قربه منه، و اختصاصه به، و عطوفته (عليه السّلام) عليه.
و في البلغة (2)، و الوجيزة (3): ممدوح.
تابعي، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبي الأشرس الأسديّ:
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: يونس بن عبد الرحمن في التهذيب، في باب علامة أوّل شهر رمضان (2). و في الإستبصار، في باب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال (3). و في بعض النسخ: الجماعي (4).
دخل الكوفة، عداده في الكوفيين، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في طب الأئمة: عن محمّد بن إبراهيم السرّاج، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني و كان أقدم من حريز السجستاني، إلّا أن حريزاً كان أسبغ علماً من حبيب هذا قال: شكوت إليٰ الباقر (عليه السّلام) (6). الخبر.
ص: 239
أبو سريحة، صاحب النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله)، و هو من حواري الحسن (عليه السّلام) في الخبر المعروف، المروي في الكشّي (1)، و الاختصاص (2).
فنزل عليٰ الحسن بن أبان (1)، و قال الشهيد (رحمه اللّٰه): هذا يدلّ عليٰ أنّه جليل مشهور (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو محمّد الشريف النقيب، في النجاشي: سيّد في هذه الطائفة، غير أنّي رأيت بعض أصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته، له كتب، منها: خصائص أمير المؤمنين (عليه السّلام) من القرآن. إليٰ أنْ قال: قرأت عليه فوائد كثيرة، و قرء عليه و أنا أسمع (4)، و ظاهره جلالته، مع أنّ الغامز مجهول، و المغمز في بعض رواياته، و عدم اعتناء النجاشي به.
و قال في ترجمة علي بن أحمد الكوفي: و ذكر الشريف أبو محمّد المحمَّدي (رحمه اللّٰه) أنّه رآه (5)، و هو أيضاً من مشايخ الشيخ، من الذين أكثر من ذكره، و يعبّر عنه تارة: بأبي محمّد المحمدي (6)، و أُخري: بأبي محمّد
ص: 244
الحسن ابن القاسم (1)، و ثالثة: بالشريف أبي محمّد المحمّدي (2).
و في المشيخة: أخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن أحمد بن القاسم العلوي المحمّدي (3)، و قد مرّ استظهار وثاقة مشايخهما، خصوصاً الأوّل (4).
عنه: ابن فضال، في الروضة، بعد حديث قوم صالح (عليه السّلام) (5).
عيسيٰ، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن محمد، عنه (1). و الظاهر أنّه البزنطي، و كذا في الاستبصار، في باب وجوب غسل الميت (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
تابعي، رويٰ عن: أبي الطفيل، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
(عليهما السّلام):
تابعي، رويٰ عن: جابر بن عبد اللّٰه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) و يعبّر عنه بالحسن المثلَّث، أُمّه فاطمة بنت أبي عبد اللّٰه الحسين (عليه السّلام).
عنه: عبد اللّٰه بن مسكان في الكافي، في كتاب الزي و التجمل مكرّراً (1)، و فيه خبر شريف، يدلّ عليٰ تشيّعه، و ثباته، و قربه من الإمام (عليه السّلام)، فراجع (2).
يكنّي أبا الوليد، مولي، كوفيّ، أوضحنا وثاقته في (عد) (3).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: جعفر بن بشير، في التهذيب، في باب الأذان و الإقامة (3)، و أبان بن عثمان، فيه، في أوّل كتاب الزكاة (4)، و في باب زكاة الحنطة (5).
باب الوصيّة بالثلث (1)، و في الإستبصار، في باب من أوصيٰ لمملوكه بشي ء (2)، و في باب ما يرد من النكاح (3).
و في التعليقة: في الصحيح عن محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن الحسن ابن صالح، و لم تستثن روايته، و فيه إشعار بحسن حاله، بل بوثاقته (4)، انتهيٰ، و الوثاقة لا تنافي الزيدية و التبرية (5).
احتمال وجود نسخة الأصل عنده، فالحكم في غير محلّه.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارات (2).
في إرشاد المفيد: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد ابن قولويه، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرافعي (3) قال: كان لي ابن عمّ يقال له: الحسن بن عبد اللّٰه، و كان زاهداً، و كان من أعبد أهل زمانه، و كان يتّقيه السلطان لجدّه في الدين و اجتهاده، و ربّما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما يغضبه، فكان يحتمل ذلك له لصلاحه، فلم تزل هذه حاله حتي دخل يوماً المسجد و فيه أبو الحسن موسي (عليه السّلام) فأوميٰ إليه، فأتاه، فقال له: «يا أبا علي ما أحبّ إليّ ما أنت عليه! إلّا أنّه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة».
فقال له: جعلت فداك، و ما المعرفة؟ قال: «اذهب تفقه و اطلب الحديث» قال: عمّن؟ قال: «عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض عليّ
ص: 251
الحديث».
قال: فذهب فكتب ثم جاء فقرأه عليه، فأسقطه كلّه، ثم قال له: «اذهب فاعرف» و كان الرجل معنيّاً بدينه.
قال: فلم يزل يترصّد أبا الحسن (عليه السّلام) حتي خرج إليٰ ضيعة له، فلقيه في الطريق، فقال له: جعلت فداك إنّي أحتج إليك بين يدي اللّٰه، فدلّني عليٰ ما يجب عليّ معرفته، قال: فأخبره أبو الحسن (عليه السّلام) بأمْر أمير المؤمنين (عليه السّلام) و حقّه، و ما يجب له، و أمْر الحسن، و الحسين، و علي بن الحسين، و محمّد بن علي، و جعفر بن محمّد (عليهم السّلام) ثم سكت.
فقال له: جعلت فداك فمن الإمام اليوم؟ قال: «إنْ أخبرتك تقبل مني؟» قال: نعم، قال: «أنا هو»، قال: فشي ء استدلّ به؟ قال: «اذهب إليٰ تلك الشجرة و أشار بيده إليٰ بعض شجر أُمّ غيلان فقل لها: يقول لكِ موسي بن جعفر: أقبلي». قال: فأتيتها فرأيتها و اللّٰه تخدّ الأرض خدّاً (1) حتي وقفت بين يديه، ثم أشار إليها بالرجوع فرجعت، قال: فأقرّ به، ثم لزم الصمت و العبادة، فكان لا يراه يتكلّم بعد ذلك (2).
و رواه الصفار في البصائر: عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن قلان الرافعي، مثله. و زاد في آخره: و كان من قبل ذلك يريٰ الرؤيا الحسنة، و يري له، ثم انقطعت عنه الرؤيا، فرأي ليلة أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) فيما يريٰ النائم، فشكا إليه انقطاع الرؤيا، فقال: «لا تغتم، فإن المؤمن إذا رسخ في الإيمان رفع عنه الرؤيا» (3).ر.
ص: 252
و رواه الشيخ الطبرسي في إعلام الوريٰ، عن الكليني (1): و القطب الراوندي في الخرائج، عن الرافعي (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) عنه: معاوية بن وهب، في التهذيب، في باب الغرر و المجازفة (4).
533 الحَسَن بن علي بن الحَسَن (بن علي) (5) بن عمر بن علي بن الحَسَن بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام): أبو محمّد الاطروش ناصر الحق، و الناصر الكبير جدّ السيدين المرتضيٰ و الرضي من قبل أُمّهما فاطمة بنت أبي محمّد الحسن بن أحمد بن الحسن، و هو صاحب الديلم. في النجاشي: كان (رحمه اللّٰه) يعتقد الإمامة و صنّف فيها كتباً، منها: كتاب في الإمامة صغير. إليٰ أنْ قال كتاب أنساب الأئمة إليٰ صاحب الأمر (عليهم السّلام) (6).
و هذا صريح في كونه من علماء الإمامية.
و قال السيد المرتضيٰ في شرح المسائل الناصرية-: و أمّا أبو محمّد
ص: 253
الناصر الكبير، و هو الحسن بن علي ففضله في علمه و زهده و فقهه أظهر من الشمس الباهرة، و هو الذي نشر الإسلام في الديلم حتي اهتدوا به بعد الضّلالة، و عدلوا بدعائه بعد الجهالة، و سيرته الجميلة أكثر من أنْ يحصيٰ، و أظهر من أنْ يخفيٰ (1). و ما ذكر اسمه في هذا الشرح إلّا مترضياً، أو مترحماً، أو قائلًا، كرّم اللّٰه وجهه (2). و كلّما ذكره الصدوق قال: قدس اللّٰه روحه (3).
و لشيخنا البهائي غ كلام فصل في كونه من أصحابنا، مذكور في الرياض (4)، ينبغي مراجعته.
عنه: إبراهيم بن سليمان (1). و احتمل في المنهج كونه ابن علوان الثقة (2).
الحسن بن محبوب، في التهذيب، في باب الوديعة (1). و في الكافي، في باب الدعاء للكرب و الهم (2). و في باب فضل الزراعة (3).
و في التعليقة: رويٰ ابن أبي نصر في الصحيح عن أبان بن عثمان، عنه. و فيه اشعار بالاعتماد عليه (4).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في كمال الدين، بإسناده عن محمّد بن جعفر أبي عبد اللّٰه الكوفيّ الأسدي، أنّه ذكر عدد من انتهيٰ إليه ممّن وقف عليٰ معجزات القائم (عليه السّلام) و رآه، ثم عدّهم. إليٰ أن قال: من اليمن: الفضل بن يزيد، و ابنه الحسن (6).
و عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن علان، عن الحسن بن الفضل اليماني قال: قصدت سرّ من رأي، فخرج إليّ صرّة فيه دنانير و ثوبان، فرددتها، فقلت في نفسي: أنا عندهم بهذه المنزلة! فأخذتني العزّة، ثم
ص: 256
ندمت بعد ذلك، و كتبت رقعة اعتذر و استغفر، و دخلت الخلاء و أنا أُحدث نفسي و أقول: و اللّٰه لئن ردّت الصرّة لم أحلّها و لم أنفقها حتي أحملها إليٰ والدي فهو أعلم منّي، فخرج إليّ الرسول: أخطأت إذ لم تعلمه، إنّا ربّما فعلنا ذلك بموالينا و ربّما سألونا ذلك يتبركون به. و خرج إليّ: أخطأت بردّك برّنا، و إذا استغفرت اللّٰه فاللّٰه يغفر لك، و إذا كان عزيمتك و عقد نيّتك أن لا تُحْدث فيها حدثاً و لا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك، و أمّا الثوبان فلا بُدّ منهما لتحرم فيهما.
قال: و كتبتُ في معنيين، و أردت أنْ أكتب في معنيً ثالثٍ، فقلت في نفسي: لعلَّه يكره ذلك، فخرج إليَّ الجواب في المعنيين، و المعنيٰ الثالث الذي طويته و لم أكتبه، قال: و سألت طيباً، فبعث إليَّ بطِيبٍ في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل، فنفرت ناقتي بعسفان و سقط محملي و تبدّد ما كان معي، فجمعت المتاع و افتقدت الصرّة و اجتهدت في طلبها، حتي قال بعض من معنا: ما تطلب؟ فقلت: صرّة كانت معي، قال: و ما كان فيها؟ قلت: نفقتي، قال قد رأيت من حمَلها. فلم أزل أسأل عنها حتي آيست منها، فلما وافيت مكّة حللت عيبتي و فتحتها فإذا أوّل ما بدأ عليّ منها الصرّة، و إنّما كانت خارجاً في المحمل، فسقطت حين تبدّد المتاع.
قال: و ضاق صدري ببغداد في مقامي، فقلت في نفسي: أخاف أن لا أحُجَّ في هذه السنة و لا انصرف إليٰ منزلي، و قصدت أبا جعفر اقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها، فقال: صِرْ إليٰ المسجد الذي في مكان كذا و كذا، فإنّه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه، فقصدتُ المسجد و أنا فيه إذ دخل عليّ رجل، فلما نظر إليّ سلّم وَ ضَحِكَ، و قال لي: أبشر فإنك ستحج
ص: 257
في هذه السنة و تنصرف إليٰ أهلك سالماً إنّ شاء اللّٰه تعاليٰ.
قال: و قصدت ابن وجناء أسأله أنْ يكتري لي و يرتاد لي عديلًا، فرأيته كارهاً، ثم رأيته بعد أيام، فقال: أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إليّ أن أكتري لك و أرتاد لك عديلًا ابتداءً.
فحدّثني الحسن: أنّه وقف في هذه السنة عليٰ عشر دلالات، و الحمد للّٰه ربّ العالمين (1).
و ظاهر ثقة الإسلام في الكافي، أنّه رواه عن الحسن بلا واسطة، فإنّه قال في صدر السند: الحسن بن الفضل بن زيد اليماني، قال: كتب أبي بخطّه كتاباً، فورد جوابه، ثم كتبتُ بخطّي، فورد جوابه، ثم كتب بخطه: رجل من فقهاء أصحابنا، فلم يرد جوابه، فنظرنا و كانت العلّة: أنّ الرجل تحوّل قَرْمَطِيّاً.
قال الحسن بن الفضل: فزرت العراق، و وردت طوس، و عزمت أن لا أخرج إلّا عن بينة من أمري و نجاح من حوائجي، و لو احتجت أن أُقيم بها حتي أتصدق (2)، و في خلال ذلك يضيق صدري بالمقام و أخاف أن يفوتني الحج، قال: فجئت يوماً إليٰ محمّد بن أحمد أتقاضاه، فقال لي: صِرْ إليٰ مسجد كذا و كذا و أنّه يلقاك رجل، قال: فصِرت إليه، فدخل عليّ رجل، فلما نظر إليّ ضَحِكَ و قال: لا تغتم، فإنَّك ستحجُّ في هذه السنة، و تنصرف إليٰ أهلك و ولدك سالماً، قال: فاطمأننت و سكن قلبي.
و أقول: ذا مصداق ذلك و الحمد للّٰه ربّ العالمين.
[قال]: ثم وردت العسكر، ز فخرج إليّ صرّة، و ساق ما يقرب منت.
ص: 258
خبر الكمال، و في آخره: و كنت وافقت جعفر بن إبراهيم النيشابوري عليٰ أن أركب معه، و أزامله. فلمّا وافيت بغداد بدا لي فاستقلته و ذهبت أطلب عديلًا، فلقيني ابن الوَجْناء بعد أن كنت صرت إليه و سألته أن يكتري لي، فوجدته كارهاً، فقال لي: أنا في طلبك، و قد قيل لي: أنه يصحبك فاحْسِن معاشرته، و اطلب له عديلًا، و اكتر له (1).
بل هو صريح الشيخ الطوسي في الغيبة، حيث ذكر خبراً في أوّل باب معجزاته (عليه السّلام) عن جماعة، عن ابن قولويه، عن الكليني، رفعه إليٰ محمّد بن إبراهيم بن مهزيار، ثم قال: و بهذا الاسناد، عن الحسن بن الفضل بن زيد اليماني، قال: كتبت في معنيين. إليٰ آخره (2).
فالخبر في الذروة العالية من الاعتبار، و فيه من الدلالة عليٰ جلالة شأن الحسن ما لا يخفيٰ.
في غيبة الشيخ الطوسي (رحمه اللّٰه): عن شيخيه: أبي عبد اللّٰه المفيد و الغضائري (رحمهما اللّٰه) عن محمّد بن أحمد الصَّفْوَانِي، قال: رأيت القاسم بن العلاء و قد عمّر مائة سنة و سبع عشرة سنة، منها ثمانين سنة صحيح العينين لقي مولانا أبا الحسن و أبا محمّد (عليهما السّلام) ثم حجب بعد الثمانين و ردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام، و ساق القصة التي فيها معجزة من صاحب الأمر (عليه السّلام). إليٰ أن قال: و التفت القاسم إليٰ ابنه الحسن، فقال له: إنَّ اللّٰه منزلك منزلة و مرتبك مرتبة فأقبلها بشكر، فقال له
ص: 259
الحسن: يا أبه قد قبلتها.
قال القاسم: عليٰ ماذا؟ قال: عليٰ ما تأمرني به يا أبه، قال: عليٰ أن ترجع عمّا أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه و حقّ من أنت في ذكره لأرجعَنَّ عن شرب الخمر، و مع الخمر أشياء لا تعرفها، فرفع القاسم يده إليٰ السماء، و قال: اللّهم ألهِم الحسن طاعتَكَ و جنّبه معصيتَكَ، ثلاث مرّات.
ثم دعا بدرج فكتب وصيّته بيده (رحمه اللّٰه) و كانت الضياع التي في يده لمولانا وقفاً وقفه، و كان فيما أوصيٰ الحسن، أنْ قال: يا بني إنْ أُهلت لهذا الأمر يعني: الوكالة لمولانا فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة، و سائرها ملك لمولاي، إليٰ أن ذكر وفاته، و قال: فلما كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية عليٰ الحسن مولانا (عليه السّلام) في آخره دعاء: ألهمك اللّٰه طاعته و جنّبك معصيته، و هو الدعاء الذي كان دعا به أبوه، و في آخره: قد جعلنا أباك إماماً لك و فعاله لك مثالًا (1).
كيساً فيه سبعمائة درهم، و قال: «استنفق هذه، فإذا نفدت فأعلمني» (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
وكيل الوقف بواسط، الظاهر كمال الدين جلالته، كذا في التعليقة (3).
أبو محمّد، في كمال الدين: عن أبي عبد اللّٰه الأسدي، أنّه ممّن وقف عليٰ معجزة القائم (عليه السّلام) و فيه مسنداً عنه: قال: كنت ساجداً تحت الميزاب في رابع أربع و خمسين حجّة بعد العتمة و أنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّكني محرِّك، فقال: قم يا حسن بن وجناء، قال: فقمت، فإذا جارية صفراء إليٰ أن ذكر دخوله معها عليٰ الامام (عليه السّلام) و ساق الخبر. إليٰ أن قال: فقال (عليه السّلام): يا حسن الزم بالمدينة دار جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام) و لا يهمَّنَّكَ طعامك و شرابك، و لا ما يستر عورتك». إليٰ أن قال: فانصرفت من جهتي، و لزمت دار جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فإنا أخرج منها فلا أعود إلّا لثلاث خصال: لتجديد وضوءٍ. أو لنومٍ. أو لوقت الإفطار، فأدخل بيتي فأصيب رباعيا مملوءاً ماءً، و رغيفاً عليٰ رأسه عليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فأكل ذلك فهو كفاية لي. و كسوة الشتاء في وقت الشتاء، و كسوة الصيف في وقت الصيف (4). الخبر.
ص: 261
صرّح في البحار، و غيره: أنه استاد الشيخ (1). و في أمالي ولده أبي علي أحاديث كثيرة رواها الشيخ، عنه (2)، في أكثرها دلالة عليٰ تشيّعه.
في أمالي الصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّٰه، عنه، قال: حدثني شيخ صديق من أهل قطيعة الربيع (3) ممّن كان يقبل قوله. إليٰ أن قال: قال الحسن: و كان هذا الشيخ من خيار العامة، شيخ صديق مقبول القول، ثقة جدّاً عند الناس (4).
قال في التعليقة: و يظهر منه مضافاً إليٰ تشيّعه فضله و جلالته (5).
في التعليقة (1).
في الخلاصة، و النجاشي في ترجمة إسماعيل بن محمّد-: أبو محمّد، وجه أصحابنا المكيين، كان ثقة فيما يرويه، قدم العراق و سمع أصحابنا [منه] مثل: أيوب بن نوح، و الحسن بن معاوية (2). إليٰ آخره، و يظهر منه معروفيّته، بل نباهته.
555 الحَسَن بن مُوسيٰ الحَنّاط الكوفي (1):من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: ابن أبي عمير في الفهرست، و النجاشي (3). و أحمد بن محمّد بن أبي نصر في الفقيه، في باب ميراث ولد الصلب (4). و في التهذيب، في باب الزيادات بعد باب الصلاة عليٰ الأموات (5).
556 الحَسَن بن مهدي السَّليقي (6): في الرياض: الفاضل العالم الفقيه المعروف بالسَّيلقي (7)، و يقال: السَّليقي، و يقال: السَّقيفي. و كان من تلامذة الشيخ الطوسي، و ينقل بعضاً من تصانيف الشيخ ممّا لم يذكره نفسه في الفِهْرس (8).
و هذا السيّد هو الذي كان شريكاً في غسل الشيخ الطوسي، و معه
ص: 264
الشيخ أبو الحسن اللؤلؤي، و غيرهما (1)، كما في الخلاصة (2) و يظهر منه جلالته.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من مشايخ الصدوق، يروي عنه مترضياً (2).
ممّن أكثر [الصدوق من الرواية عنه (3)] في كتبه مترضياً (4).
565 الحُسَين بن أبي (5) الخضر الكوفي: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
يروي عنه: ولده الجليل محمّد، في الكافي، في أوّل باب المواقيت، و آخره (7).
و في الكشّي: ما روي في الحسين بن أبي الخطّاب.
من أصحاب الرضا (عليه السّلام) ذُكر عن محمّد بن يحييٰ: أنَّ محمّد بن
ص: 266
الحسين ابن أبي الخطّاب ذَكَر: أنّه يحفظ مولد الحسين بن أبي الخطاب، أنّه ولد في سنة أربعين و مائة، و أهل قم يذكرون الحسين بن أبي الخطّاب، و سائر الناس يذكرون الحُسَين بن الخطّاب (1).
و يظهر منه أنّه من الرواة المعروفين.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: ابن أبي عُمير في الكافي، في باب أنّ الأرض لا تخلو من حجّة (3) و صفوان بن يحييٰ في التهذيب، في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة (4)، و في باب الزيادات، في فقه الحج (5) و فُضالة بن أيّوب (6)، و عبد اللّٰه بن المُغيرة (7)، و موسي بن القاسم (8)، و علي بن الحكم (9)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (10)، و العباس بن عامر (11)، و علي بن النعمان (12)، و جعفر بن بشير (13).
ص: 267
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
باب العمل في ليلة الجمعة و يومها (1).
و هو من مشايخ ثقة الإسلام، رويٰ عنه في باب الإشارة و النَّص عليٰ الحسن بن علي (عليهما السّلام) (1) و في باب النوادر، في كتاب العلم (2)، و في مولد علي بن الحسين (عليهما السّلام) مترحماً عليه (3).
و الظاهر: أنّه بعينه الحُسين بن الحسن العلوي، الذي رويٰ عنه فيه، في باب مولد الصاحب (عليه السّلام) (4) و الهاشمي، الذي رويٰ عنه، في باب شرط من أذِن لهم في أعمالهم (5)، و في باب آخر من أنّ المؤمنَ كُفو المؤمن (6).
من أصحاب الكاظم، و الرضا (عليهما السّلام) (1)، عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر في الكافي، في باب فضل الحجّ و العَمْرة (2)، و في باب السنة، و المُهور (3). و في التهذيب، في باب المُهور و الأُجور (4)، و في باب الوصيّة المبهمة (5). و في الفقيه، في باب الوصية بالشي ء و المال و غيرها (6) و ابن أبي عمير في الكافي، في باب الوصية لأُمّهات الأولاد (7). و في التهذيب، في باب وصيّة الإنسان لعبده (8) و يونس بن عبد الرحمن فيه، في باب الحدّ في نكاح البهائم (9). و في الكافي، في باب النوادر، في كتاب الحدود (10) و جماعة من الأجلّة (11).
أبو عبد اللّٰه النّحويّ الهمداني، في النّجاشي: سكن حلب، و كان عارفاً
ص: 271
بمذهبنا، مع علمه بعلوم العربية و اللغة و الشعر (1). و مدحه ابن طاوس في الإقبال، و نقل عن كتابه: المناجاة المعروفة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في شهر شعبان (2).
و في تاريخ اليافعي بعد ذكر جملة من حالاته و له أيضاً كتاب لطيف سمّاه: (كتاب الآل)، و ذكر في أوّله تفصيل معاني الآل، ثم ذكر فيه الأئمة الاثني عشر من آل النبيّ (عليهم السّلام) و تواريخ مواليدهم، و وفاتهم و آبائهم، و أُمّهاتهم (3)، انتهيٰ.
و الموجود في غير النجاشي: الحسين بن أحمد ابن خالويه (4).
589 الحُسَين بن سلمان (1) الكِنَانِيّ الكُوفيّ:أبو عبد اللّٰه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
595 الحُسَين (1) بن شهاب الواسطي: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
(عليه السّلام) (1).
عنه: أبو الحسن أحمد بن النضر الجُعْفيّ (2)، و عبد اللّٰه بن يحييٰ (3)، و الحسين بن المختار (4).
من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارة (5).
جعفر، و سعد بن عبد اللّٰه (1). و هؤلاء عيون الطائفة.
الوزير المغربي، أبو القاسم، من ولد بلاش بن بهرام جور، و أُمّه فاطمة بنت أبي عبد اللّٰه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني، شيخنا صاحب كتاب الغيبة، له كتب، و عدّها، و قال (1): توفي (رحمه اللّٰه) يوم النصف من شهر رمضان سنة ثمان عشرة و أربعمائة، النجاشي (2).
و لا يخفيٰ أن ذكره في المصنفين، و ترحمه عليه كاشف عن استقامته و سلامته.
التهذيب، في باب كيفية الصلاة، من أبواب الزيادات (1).
الحُسين بن محمّد بن عُمْران الأشعري، أبو عبد اللّٰه، الثّقة، من كبار مشايخ ثقة الإسلام (1).
و في آخر السرائر عند ذكر رواية الحسين بن عثمان عن ابن مسكان اسم ابن مسكان: الحسن و هو ابن أخي جابر الجعفي، غريق في ولايته لأهل البيت (عليهم السّلام) (1).
و في التعليقة: و في الرجال: الحسين، و يحتمل أن يكون الحسن سهواً (2)، انتهيٰ.
و قول الغضائري: حسين بن مسكان لا أعرفه، إلّا أنَّ جعفر بن محمّد بن مالك رويٰ عنه أحاديث فاسدة، و ما عند أصحابنا من هذا الرجل علم (3)، لا دلالة فيه عليٰ تضعيفه في نفسه (4)، و مع الغض لا يقاوم ما مرّظ.
ص: 284
من وجوه.
631 الحُسَين بن المُنْذر بن أبي طريفة (1) البجلي: كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: يونس بن عبد الرحمن في الكافي، في باب الرد إليٰ الكتاب، في كتاب العلم (3). و في باب التحديد، في كتاب الحدّ (4) و أبان بن عثمان فيه، في باب تزويق البيوت (5) و حفص بن البختري (6)، و محمّد بن سنان (7)، و حنان بن سدير (8)، و حفص بن سوقة (9).
و في الكشّي: عن حمدويه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن الحسين بن المنذر، قال: كنت عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) جالساً، فقال لي معتب: خفف عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): «دعه فإنّه من فِراخ الشيعة» (10).
و ذكره الخلاصة في القسم الأوّل؛ لهذا الخبر (11). و ردّه الشهيد بعد ضعف السند بمحمّد بعدم الدلالة إلّا عليٰ كونه من الشيعة (12).
ص: 286
و في الرواشح الدامادية ضبط: القراح، بالقاف و المهملتين، أي: الخالص الذي لا يشوبه شي ء، و قال: و ما زعم بعض أصحابنا المتأخرين في حواشي الخلاصة: من أن الرواية لا تعفيد ترجيحاً فيه، إذ ليس مفادها إلّا مجرد كونه من الشيعة (1)، ساقط، و فيه من المدح ما يجلّ عن البيان، و لذلك ذكره العلّامة و غيره من الممدوحين (2)، انتهيٰ.
قلت: مضافاً إليٰ رواية الأجلّة عنه، و فيهم اثنان من أصحاب الإجماع (3).
كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و في النجاشي: أبو عبد اللّٰه. رويٰ عن أبي عبد اللّٰه [عليه السّلام]. و عن أبيه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و عن أبي حمزة، و عن معمّر بن يحييٰ، و بريد، و أبي أيّوب، و محمّد بن مسلم، و طبقتهم، له كتاب. و ساق طريقه إليٰ الصفار، عن أحمد بن محمّد ابن
ص: 287
عيسيٰ، عن ابن أبي عمير، عن الحين بكتابه (1)، كذا في نسختي، و هي قديمة، كتبت في عهد المصنّف (2).
و في المنهج، و المنتهيٰ بعد نقل صدر كلامه، إلّا أنَّ في آخر كلامه: ابن أبي عمير، عن الحسن بكتابه. و قد تقدم بهذا الاعتبار عنه و عن الفهرست (3)، انتهيٰ. و لا يخفيٰ ما في نسختهما من التحريف كبعض الأسانيد.
و يروي عنه أيضاً أحمد ابن محمّد بن أبي نصر في التهذيب (4) و الاستبصار (5) و حمّاد بن عثمان في التهذيب، في باب تطهير الثياب (6)، و الحسن بن الجهم (7). و علي بن عقبة (8).
في أواخر كتاب الطهارة (1).
باب الزيادات في فقه الحج (1).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
صاحب السابري، الكوفي أبو علي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب كَظْم الغيظ (3).
و في النجاشي في ترجمة أخيه عمر بن سالم البزاز-: صاحب السابري، كوفي، و أخوه حَفْصُ، رويا عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و كانا ثقتين (4). و كذا في الخلاصة (5).
و العجب من أبي علي، مع نقله هذه العبارة عنهما في ترجمة عمر، زعم أنَّ أخاه حفص من المجاهيل، فأسقطه من كتابه (6).
أبو عمرو، الأسدي الغَاضِرِي المَقْرِي البَزَّاز الكُوفي، أسنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: أبان بن عثمان في الكافي، في باب الشكر (1)، و في باب ما يفعل بالمولود (2)، و في باب انه يعقّ يوم السابع (3) و عبد اللّٰه بن سنان (4)، و محمّد بن يحييٰ الخثعمي (5).
عنه: ابن فضال (1)، و الحسن بن علي بن يقطين (2). و في الكافي، في باب لبس الخز: محمّد بن عيسيٰ، عن حَفْصُ بن عمر ابي محمّد مؤذن علي بن يقطين، قال: رأيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) (3).
و في الكشّي، في ترجمة علي بن يقطين: مثله، إلّا أنّ فيه: مؤذن علي بن يقطين، عن علي بن يقطين، قال: رأيت. إليٰ آخره (4).
مولي، كوفي، القسري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
682 حَفْصُ بن ميْمُون الحِمّاني (6): من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7) و في الكشّي: ما رويٰ في جعفر بن ميمون. ثم ذكر خبراً فيه ذمّه، و أنّه من أصحاب أبي الخطاب، و أنَّه من أهل النّار (8). و لكن في كثير من النسخ في متن الخبر-: حفص بن ميمون؛ و لذا أورده جملة من المترجمين هنا، و لم يلتفتوا إليٰ العنوان، و معه لا بُدّ من الحمل عليٰ التحريف فيبقيٰ حفص سالماً.
ص: 299
مولي قريش، الخيّاط، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: ابن أبي عمير في الفهرست (2)، و النجاشي (3) و صفوان بن يحييٰ في الكافي، في باب الرجل يتقبل بالعمل (4)، و في باب القوم يجتمعون للصيد و هم محرمون (5). و في التهذيب، في باب الكفارة عن خطأ المحرم (6) و عبد اللّٰه بن المغيرة فيه (7)، و في الكافي (8) و الحسين بن سعيد (9)، و محمّد بن سنان (10)، و علي بن عقبة (11)، و إبراهيم بن عبد الحميد (12)، و صباح المزني (13).
ص: 301
عربي، قليل الحديث، و هو أخو مُشْمعِلّ، و مشمعلّ أكثر رواية منه، و شارك الحكم أخاه مشمعلًا في كتاب الديات، ثم ذكر طريقه إليٰ الثقة الجليل عباس بن هِشام أبي الفضل النّاشِري، قال: حدثنا مُشمعل و الحكم به (1).
و فيه مواضع يظهر منها حسن حاله.
مكرّراً (1)، و معاوية بن عمار (2)، و زياد بن سوقة (3)، و معاوية بن ميسرة (4)، و اللّٰه العالم.
عنه: ابن أبي عمير، في التهذيب، في باب الزيادات، بعد باب الأنفال (5).
أوضحنا وثاقته في (مب) (1).
في النجاشي: كان مشهوراً بالكلام، و حكيٰ عنه مجالس كثيرة، ذكر بعض أصحابنا أنّه رأي له كتاباً (2)؛ و لذا عدّه في البلغة (3)، و الوجيزة (4) من الممدوحين.
في الدرجات الرفيعة: عن جماعة من أهل السيَرِ، أنّه كان رجلًا صالحاً شجاعاً مذكوراً مطاعاً في قومه. إليٰ أن قال: و كان حُكَيْم المذكور أحد من شَنّع عليٰ عثمان؛ لسوء أعماله و عمّاله، و هو من خيار أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) مشهوراً بولاية و النّصح له، و فيه يقول أمير المؤمنين (عليه السّلام) عليٰ ما ذكره ابن عبد ربّه في العقد-:
دَعَا حُكَيْم دَعْوَةً سَمِيَعة نَالَ بِهَا المَنْزِلَةَ الرَّفِيعَة (5) ثم ذكر كيفيّة شهادته يوم الجمل الأصغر (6)، و يظهر منها قوّة إيمانه، و شدّة يقينه.
و في مجالس القاضي: كان رجلًا صالحاً مطاعاً في قومه، حارب طلحة و الزُّبير قبل قدومه (عليه السّلام) و استشهد (7).
ص: 305
من مشايخ ابن قولويه في كامل الزيارة (1).
706 حُكَيْم بن سَعْد (2) الحنفي: و كان من شرطة الخميس، يكني أبا يحييٰ، من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) في رجال الشيخ (3).
و في رجال البرقي، في عنوان أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام): الأصحاب (4)، ثم الأصفياء، ثم الأولياء. ثم شُرْطَة الخميس من الأصفياء. إليٰ أن قال: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي كانوا شُرْطَة الخميس، كانوا ستّة آلاف رجل.
و قال علي بن الحكم: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذين قال لهم: تَشَرَّطوا، إنّما اشارِطكم عليٰ الجَنّة، و لست اشَارِطكم عليٰ ذهب و لا فضّة، إن نبيّا قال فيما مضي: تَشَرّطوا فاني لست اشَارِطكم إلّا عليٰ الجنّة.
و قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لعبد اللّٰه بن يحييٰ الحضرمي يوم الجمل-: «أبشر يا [ابن] يحييٰ فإنك و أباك من شُرْطَة الخميس حقّا، لقد أخبرني رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) باسمك و اسم أبيك في شُرْطَة الخميس، و اللّٰه سَمّاكم في السماء شُرْطَة الخميس عليٰ لسان نبيه (صلّي اللّٰه عليه و آله)». إليٰ أن قال: و من الأولياء: الأعلم الأزْدِي و عدّ جماعة، و قال: أبو يحييٰ حكيم بن
ص: 306
سعد الحنفي، و كان من شرطة الخميس (1).
و في الكشّي: عن نصر، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الجارود، قال: قلت للأصبغ بن نُبَاتَة: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟ قال: ما أدري ما تقول! إلّا أنَّ سُيوفَنَا كانت عليٰ عواتقنا فمن أوميٰ إليه ضربناه بها، و كان يقول لنا: «تَشَرّطوا تَشَرّطوا، فواللّٰه ما اشْتِراطكم لذهب و لا فضّةٍ، و ما اشْتراطكم إلّا للموت، إنَّ قوماً من قبلِكم من بني إسرائيل تشَارطوا بينهم فما مات أحدٌ منهم حتي كان نبي قومِهِ، أو نبيّ قريتِهِ أو نبيَّ نفسِهِ، و أنكم بمنزلتِهم غيرَ أنَّكم لستم بأنبياء» (2). ثم ذكر ما قاله (عليه السّلام) للحضرمي (3).
و يظهر من جميع ذلك: أنَّ كون الرجل من شُرْطَة الخميس مدح عظيم، و لو قيل: بكونه من أمَارَاتِ الوثاقةِ لم يقل شططاً. ثم أنَّ في نُسختي من رجال البرقي: أبو يحييٰ، و في تقريب ابن حجر في باب من اسمه حكيم بضم أوَّله: حُكَيم بن سَعَد أبو تحيي أوّله مثنّاة من فوق مكسورة، كوفي، صدوق، من الثالثة (4).
مؤذِنُ بني عَبْسٍ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) عنه: الثقة عبد الصمد بن بشير،
ص: 307
في التهذيب (1)، و الكافي (2)، و الاستبصار (3).
مولي، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
النُّعْمان بن ثَابِت السَّلَمِي (5)، القفلي، الكوفي.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: الحسن بن علي بن فضال، في الروضة (2)، و في الفقيه، في باب ما يجب من العدل عليٰ الجمل، في كتاب الحج (3).
716 حَمّاد بن بَشِير الطنافسي (4): كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) عنه: أبان بن عثمان، في الكافي، في باب شارب الخمر (6)، و في التهذيب، في باب الذبائح و الأطعمة (7). و ابن بكير، فيه، في باب فضل التجارة (8)، و في الكافي، في باب حبّ الدنيا (9)، و في باب الوفاء و البخس (10)، و ثعلبة بن ميمون (11)، و يحيي الأزرق (12).
ص: 309
و في التعليقة: و يروي عنه صفوان بن يحييٰ (1).
ابن أبي شعبة الحلبي، في الروضة (1).
723 حَمّاد بن زَيد البَصْري (2). أبو إسماعيل الأزْدِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و في الفهرست في الكنيٰ-: أبو إسماعيل البصري، له كتاب، رويناه بهذا الاسناد عن ابن أبي عمير، عنه (4).
و الإسناد: جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير (5).
قال أبو علي: و في المشتركات: أبو إسماعيل البصري، ثقة، عنه: ابن أبي عمير. و كأنّه حماد بن زيد البصري، انتهيٰ (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7)، عنه: الحسن بن محبوب، في
ص: 311
التهذيب، في باب ديات الأعضاء (1). و يحتمل كونه البصري.
الذي رويٰ فيه الكشّي مدحاً عظيماً (1).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، يرويه عنه عبد اللّٰه بن مسكان (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
758 حَمْزَة بن عبادة الغزّي (1) الكُوفِيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من مشايخ الصدوق، يروي عنه مترضياً (2). و في العيون في موضع-: حدّثنا حَمْزَة بن محمّد بن أحمد العَلويّ (رضي اللّٰه عنه) في رجب، سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ سنة سبع و ثلاثمائة (3). إليٰ آخره.
و في موضع: حَدَّثَني حَمْزَة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (4).
و قد مرّ في حال فقه الرضا (عليه السّلام) ذكر لهذا السيد الجليل (4)، فلاحظ.
الكفارة (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2). و هو ابن راشد المذكور في النجاشي أنَّ له كتاباً يرويه عنه: الجليل عُبَيْس بن هِشَام (3).
768 حُمَيْدُ بن حَمّاد جُوَار (4) التَّمِيمِيّ الكُوفِيّ: أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) و في الخلاصة، عن ابن عقدة: أنَّ ابن نمير وثَّقهُ (6).
مولاهم، مات سنة سبع و سبعين و مائة، و هو ابن إحديٰ و ثمانين سنة، يكنّي: أبا [العَلاء (1)].
ص: 325
مولاهم، الكوفيّ، صَيْرَفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو إسْحَاق الخَمِيسيّ الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو إسْماعيل الخَيّاط، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
مولي بني أسد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: صَفْوانُ بن يَحْييٰ، في الكافي، في باب نوادر، في آخر كتاب النكاح (2).
و عن جَعْفَر بن أحمد، عن جَعْفَر ابن بَشير (1)، عن أبي سَلَمَة الجَمَّال، قال: دخل خَالِدُ البَجَليُّ عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و أنا عنده، فقال: جُعِلْتُ فداكَ، إنّي أريد أنْ أصِفَ لك ديني الذي أدين اللّٰه به، و قد قال له قبل ذلك: إني أُريد أن أسألك. فقال له: «سلني، فواللّٰه لا تسألني عن شي ء إلّا حدثتك به عليٰ حَدهِ، لا أكْتُمُكَهُ». قال: إنَّ أوّل ما أبدأ به: إني أشهد أنَّ لا إله إلّا اللّٰهُ و حَدُه لا شريك له إليٰ أن ذكر النبيّ و الأئمة صلوات اللّٰه عليهم و قال: و أشهد أنَّك أورثك اللّٰهُ ذلك كله.
قال: فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): «حسبك، اسكت الآن، فقد قلت حقاً»، فسكت.
فحمد اللّٰه، و أثني عليه، ثم قال [عليه السّلام]: «ما بعث اللّٰه نبيّاً له عَقِبٌ و ذريَّةٌ إلّا أجري لآخرهم مثل ما أجري لأوّلهم، و إنّا نحن ذُريَّة محمّدٍ (صلّي اللّٰه عليه و آله و سلّم) أجري لآخرنا مثل ما اجري لأوَّلنا، و نحن عليٰ منهاج نبيّنا (عليه السّلام) لنا مثل ما له من الطاعة الواجبة» (2). كذا فيما رأينا من نسخ الكشّي، و [مَنْ] نقله عنه أيضاً.
و السند في غاية الاعتبار: لوجود جَعْفر بن بَشِير فيه. مؤيّد بما مرّ من كلام ابن فضال (3). و وجوده في أصحاب الصادق (عليه السّلام) من رجال الشيخ.
و مرّ في أصحاب الإجماع قول الشهيد في نُكتِهِ في سند فيه: الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي إنَّ الكشّي نقل الإجماع عليٰ تصحيح ما يصح عن الحسن، و فيه توثيق ما لأبي).
ص: 328
الربيع الشامي (1).
و عليه: فخالد أَوْلي من أبي الربيع في الحكم بالوثاقة. و لبعض الأساطين أوهامٌ في المقام، شَرَحَ بعضَها أبو علي في المنتهيٰ (2).
796 خَالِدُ بن الحَجّاج الكَرْخيُّ (3):من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) عنه: ابن مسكان في التهذيب، في باب بيع المضمون (5) و يعقوب بن يزيد فيه، فيه (6) و حفص ابن البَخْتَريُّ فيه، فيه (7)، و في باب السلَم في الطعام (8) و أخوه يحييٰ بن الحَجّاج الثقة كثيراً (9) و محمّد بن حكيم (10).
و في النجاشي و الخلاصة في ترجمة أخيه يحييٰ-: و أخوه خالد (11).
ص: 329
و يظهر منه أنَّهُ من الرواة المعروفين.
من أصحاب الصادق، و الكاظم (عليهما السّلام) النجاشي مولي ثقة، كذا في رجال ابن داود (1).
و أورد عليه السيدان في النقد و التلخيص؛ لعدم وجوده في رجال الشيخ و النجاشي، و أنّه اشتبه عليه بابن ماد الذي يأتي (2)، و زاد أبو علي، فقال: و الصواب ابن ماد، و ابن حمّاد لا ذكر له أصلًا (3).
قلت: كَثْرة اختلاف نسخ رجال الشيخ بالزيادة و النقيصة تمنع عن الحكم بالسهو، و أمَّا عدم الذكر، ففي التهذيب، في باب حدود الزنا، بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن خالد بن حمّاد، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: جاءت امرأة (4). الخبر.
ص: 330
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
نجيب بني أُميّة، من السابقين الأولين، و المتمسكين بولاية (3) أمير المؤمنين (عليه السّلام).
و كان سبب إسلامه: أنَّه رأي ناراً مؤججة يريد أبوه أنْ يُلْقِيَهُ فيها، و إذا برسولِ اللّٰهِ (صلّي اللّٰه عليه و آله) قد جذبه إليٰ نفسه و خلّصه من تلك النار، فلمّا استيقظ و عرف صدق رؤياه، أسلم، و هاجر مع جعفر إليٰ الحبشة، و تولّيٰ هو تزويج أمّ حبيبة من النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و رجع مع جعفر بعد ما فتح خيبر، فكتبت تلك غزوة لهم، و اسهموا في الغنيمة، و شهد خالد غزوة الفتح و الطائف و حنين، و ولّاه رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) صدقات اليمن، فكان في عمله ذلك حتي بلغه وفاة رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فترك ما في يده و أتي المدينة و لزم علياً (عليه السّلام) و لم يبايع أبا بكر حتي أُكْرِهَ أميرُ المؤمنين (عليه السّلام) عليٰ البيعة فبايع مُكْرَهاً.
و هو من الاثني عشر الذين أنكروا عليٰ أبي بكر و حاجّوه في يوم الجمعة و هو عليٰ المنبر، في حديث شريف مروي في الخصال (4)،
ص: 332
و الاحتجاج: و في آخره: أنّه قال لهم بعض الصحابة في يوم آخر بعد ما جمع أحزابه-: و اللّٰه يا أصحاب عليّ لئن ذهب الرجل منكم يتكلّم بالذي تكلّم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه، فقام إليه خَالدُ بن سعد بن العاص، فقال (1): يا ابن فلان! أ فبأسيافكم تهدّدونا؟ أم بجمعكم تفزعونا؟ و اللّٰه إنَّ أسيافَنا أحدُّ من أسيافِكم، و إنَّا لأكثر منكم، و إنْ كنا قليلين؛ لأنَّ حجة اللّٰه فينا، و اللّٰه لولا إني أعلم أنَّ طاعة اللّٰه و رسوله، و طاعة إمامي أوليٰ بي لشهرت سيفي و لجاهدتكم في اللّٰه، إليٰ أنْ أُبلي عذري.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السّلام): «اجلس يا خالد، فقد عرف اللّٰه لك مقامك، و شكر لك سعيك» (2).ة.
ص: 333
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و قال مسلم بن الحجاج: أبو العَلَاء الخَفّاف، له نسخة أحاديث رواها عن أبي جعفر (عليه السّلام) (1).
كان من العامّة، أخبرنا ابن نوح، قال: حدثنا أحمد بن محمّد، قال: حدثنا سعد، عن السنديّ ابن الربيع، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عنه بالأحاديث (2).
و عن المحقق الدَّاماد: أنّ عاميّة الرجل غير ثابتة عندي كيف و علماء العامة غمزوا عليه بالتشيّع، قال عمدة محدثيهم، أبو عبد اللّٰه الذَّهبيُّ في مختصره، في أسماء الرجال-: خَالِدُ بن طُهْمَان الكُوفِيّ الخَفّاف [رويٰ] عن أنس، و عِدَّة. صدوقٌ، شيعيٌّ، ضعّفه ابن معين (3). و مثل ذلك في شرح صحيح البخاري (4).
و لعلّ شيخنا النجاشي قد رام أنّه من رجال حديث العامة، لا أنّه عاميُّ المذهب، و من المتقرّر أنّ من آية جلالة الرجل و صحة حديثه، تضعيف العامّةِ إيّاه بالتشيّع (5)، مع اعترافهمظ.
ص: 335
بجلالته (1)، انتهيٰ.
و يؤيّده ما في تقريب ابن حجر: خَالِد بن طُهْمَان، و هو خالد بن أبي خالد، و هو أبو العَلَاء الخَفّاف، مشهور بكنيته، صدوق، رمي بالتشيّع (2)! ثم اختلط من الخامسة (3).
و في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ، عن عبد اللّٰه بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عُثمان، عن خالد بن طُهْمان، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: «إذا قهقهت، فقل حين تفرغ-: اللهم لا تمقتني» (4).
و في التهذيب، في باب كيفية الصلاة: عن محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن أبي جعفر (5)، عن علي بن الحكم، عن أبي العلاء الخَفّاف،ل.
ص: 336
عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: «مَنْ صلَّيٰ المغرب ثم عقّب لم يتكلّم حتي يصلّي ركعتين، كتبتا له في علّيين، فإنْ صلّيٰ أربعاً، كتبت له حجّة مبرورة» (1).
وَ مَنْ أنِسَ بسيرتهم (عليهم السّلام) يعلم أنَّ هذه طريقتهم مع شيعتهم، و أنَّ المُخَاطب إذا كان من العامّة يسندون الحكم إليٰ جَدهم (صلّي اللّٰه عليه و آله) بطريق الرواية، كأنّهم أحد المحدثين (2).5.
ص: 337
و ابنه الحسين، من أصحاب الباقر (عليه السّلام) أيضاً (1)، [و هو] من أرباب الأُصول (2). يروي عنه أجلّاء الرواة و عيونهم (3).
823 خَالِدُ بن نَجِيح الجَوّان (1) الكُوفِيّ:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، يرويه عنه: ابن أبي عمير (3)، و يروي عنه أيضاً: صفوان ابن يحييٰ، في الكافي، في باب الحثّ عليٰ الطلب، في كتاب المعيشة (4). و عثمان ابن عيسيٰ، فيه، في باب الشكر (5)، و في باب الدعاء عند النوم (6)، و في التهذيب، في باب الأذان و الإقامة (7)، و في باب الزيادات بعد باب الإجارات (8)، و مرّ في [قه] خبر يدل عليٰ عدم غلوّه (9).
و في التهذيب، في الصحيح عليٰ الأصح عنه، قال: قلت لأبي الحسن (موسي عليه السّلام): إنّا نجلب المتاع من صنعاء، نبيعه بمكّة، العشرة: ثلاثة عشر، اثني عشر. و نجي ء به فيخرج إلينا تجار من تجار مكّة، فيعطونا دون ذلك: الأحد عشر، و العشرة و نصف، و دون ذلك. فأبيعه، أو أقدم مكة؟ فقال لي: «بعه في الطريق، و لا تقدم به مكة، فإن اللّٰه أبي أن يجعل
ص: 341
متجر المؤمن بمكة (1) أو ربح المؤمن بمكة» (2).
فقول الكشّي: أنَّه من أهل الارتفاع (3). يكذّبه جميع ما ذكرنا، مضافاً إليٰ وهنه في أصله. و في التعليقة (4) كلام ينبغي ملاحظته. ثمّ أنّ النسخ مختلفة في ضبط لقبه، يطلب من المطوّلات (5).
يظهر من النجاشي، أنَّه من علماء الإمامية، و من الغضائري، أنّه من المؤلّفين (6)، و لم يطعن عليه بشي ء، و كفي به له
ص: 342
مدحاً (1).
أبو عبد اللّٰه، أو أبو محمّد، أو أبو يحييٰ، قديم الإسلام، قيل: أنه كان سادس ستّة، و هو من المُعَذَّبين في اللّٰه بمكة (2).
و في تفسير الإمام (عليه السّلام) في قوله تعاليٰ: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ (3) الآية، بعد تفسير الآية، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السّلام): هؤلاء خيَارٌ من أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عذَّبهم أهلُ مكّةَ ليفتنونهم عن دينهم، منهم: بلال و صُهَيب، و خَبّاب، و عمّار بن ياسر، و أبواه. إليٰ أن قال: و أمّا خَبّاب بن الأرتّ (4)، فكانوا قد قيّدوه بقيد و غلّ، فدعا اللّٰه
ص: 343
بمحمّدٍ، و عليّ و الطيبين من آلهما، فحوّل اللّٰهُ القيد فرساً ركبه، و حوّل الغلّ سيفاً بحمائل يقلّده، فخرج عنهم من أعمالهم فلمّا رأوا ما ظهر عليه من آيات محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله) لم يجسر أحد أن يَقْرَبه، و جرّد سيفه، و قال: من شاء فليقرب فإنّي (سألته بمحمّد و علي صلّيٰ اللّٰه عليهما و آلهما) (1) إلا أصيب بسيفي أبا قبيس إلّا قددته نصفين فضلًا عنكم، فتركوه، فجاء إليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) (2).
و روي نَصْرُ بن مُزَاحِم في كتاب صفين: عن محمّد بن مروان، عن (3) الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قول اللّٰه عزّ و جلّ: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ الآية. قال: نزلت في رجل، و هو. إليٰ أن قال: و خَبّاب بن الأرت مولي ثابت بن أمّ أنْمَار و في آخر الخبر و أمّا بِلال، و خَبّاب، و عابس، و عمّار فعذّبوا حتي قالوا بعض ما أراد المشركون، ثم أُرسِلوا، ففيهم نزلت هذه الآية وَ الَّذِينَ هٰاجَرُوا فِي اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مٰا ظُلِمُوا (4) الآية (5).ِ.
ص: 344
و عن عمر بن سعد، عن عبد الرحمن بن جُنْدب، قال: لمّا رجع أمير المؤمنين (عليه السّلام) من صفين، و جاز دور بني عوف و كنّا معه، إذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية، فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ما هذه القبور؟ فقال له قُدامة ابن عَجْلان الأزديّ: يا أمير المؤمنين! إنَّ خَبّابَ بن الأرَتّ تُوفِّيَ بعد مخرجك، فأوصيٰ أنْ يدفن في الظهر، و كان الناس يدفنون في دورهم و أفنيتهم، فدفن الناس إليٰ جنبه، فقال (عليه السّلام): رحم اللّٰه خبّاباً، فقد أسلم راغباً، و هاجر طائعاً، و عاش مجاهداً، و ابتُلي في جسمه أحوالًا، و لن يضيع اللّٰه أجرَ من أحسنَ عملًا. الخبر (1).
و في نهج البلاغة: قال (عليه السّلام) في ذكر خَبّاب بن الأرتّ (رحمه اللّٰه): يرحم اللّٰه خَبّاباً، أسلم راغباً، و هاجر طائعاً، و عاش مُجاهداً، طوبيٰ لمن ذكر المعاد، و عمل للحساب، و قنع بالكفاف، و رضيَ عن اللّٰه (2).2.
ص: 345
و في شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري: عن سعيد بن كثير، قال: خرج علي (عليه السّلام) إليٰ صفين، و خَبّابُ بن الأرتّ مريض بالكوفة، فرجع علي (عليه السّلام) و قد تُوفّيَ خَبّابٌ (1).
و في مجمع البيان في قوله تعاليٰ: أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيٰاتِنٰا (2): روي في الصحيح، عن خبّاب بن الأرَتّ، قال: كنت رجلًا غنيّاً، و كان لي عليٰ العاص بن وائل دَيْنٌ، فأتيته أتقاضاه، فقال لي: لا أقضيك حتي تكفر بمحمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقلت: لن أكفر به حتي نموت و نبعث، فقال: فأنّي لمبعوث بعد الموت، فسوف أقضيك إذا رجعت إليّ مالي و ولدي، فنزلت (3).
و قال ابن ميثم في الشرح: خَبّابُ: بالخاء المعجمة، و الباء المشددة، كان من المهاجرين، و من أصحابه (عليه السّلام) و مات بعد انصرافه منصفين بالكوفة، و هو أوّل من قَبَرَهُ (عليه السّلام) بها، و قد مدحه بأوصافٍ ثلاثة من أوصاف الصّالحين. إليٰ أن قال: و قوله (عليه السّلام): طُوبيٰ. إليٰ آخره، في معرض مدح خَبّابٍ، يُشعر بأنَّ خَبّاباً كان كذلك (4). انتهيٰ (5).
و من الغريب أنَّ العلّامة المجلسي مع إخراجه هذه الأخبار في مجلّدات بحاره (6) قال في الوجيزة: خبّاب مجهول (7).0.
ص: 346
كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
830 خُزَيمةُ بن ربيلة (1) الكُوفيّ:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) يرويها عنه: إبراهيم بن عبد الحميد (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
840 خطّابُ بن سَلَمة البَجَلِيّ، الجَرِيريّ (6)، الكُوفيّ:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) عنه (7): يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب الرجل يقتل مملوك غيره (8). و في التهذيب، في باب القود بين الرجال و النساء (9). و في الاستبصار (10). و الجليل الحسين بن خالد (11)،
ص: 349
و الجليل عبد اللّٰه بن حمّاد (1).
و في الكافي: عبد اللّٰه بن حمّاد، عنه، قال: كانت عندي امرأة تصف هذا الأمر، و كان أبوها كذلك، و كانت سيئة الخُلُقِ، فكنت أكره طلاقها لمعرفتي بإيمانها و ايمان أبيها، فلقيت أبا الحسن موسي (عليه السّلام) و أنا أُريد أن أسأله عن طلاقه، فقلت: جعلت فداك إنّ لي إليك حاجة، فتأذن لي أن أسألك عنه؟ فقال: ايتني غداً صلاة الظهر، قال: فلمّا صليت الظهر أتيته، فوجدته قد صلّيٰ و جلس، فدخلت عليه، و جلست بين يديه، فابتدأني و قال: يا خطّاب كان أبي زوّجني ابنة عمّ لي و كنت سيئة الخُلُق، و كان أبي (عليه السّلام) ربّما أغلق علي و عليها الباب رجاء أن ألقاها، فأتسلق الحائط و أهرب منها، فلمّا مات أبي (عليه السّلام) طلّقتها، فقلت: اللّٰه أكبر، أجابني و اللّٰه عن حاجتي من غير مسألة (2)، و فيه من الدلالة عليٰ تشيّعه و حسن حاله (ما لا يخفيٰ) (3).
841 خَطّاب بن عَبد اللّٰه (4) الهَمْداني الأعور: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). عنه: الحسن بن مَحْبوب، في الفقيه، في باب نوادر الميراث، و فيه: عن خطّاب أبي محمّد الهَمْدانِيّ (6) و علي بن الحكم، في الكافي، في باب صلة الرحم (7). و في التهذيب، في
ص: 350
باب ميراث المفقود، عن هشام بن سالم، قال: سأل خطّاب الأعور أبا إبراهيم (عليه السّلام) و أنا جالس. الخبر (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و هو من المرجحات عندي (1).
847 خَلّادُ بن أسود بن (2) خَلّاد:أبو الأسود الكَلْبيّ، الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الثانية (1). و في النجاشي و غيره: يروي عنه ابن أبي عمير (2).
853 خَلّادُ بن عَمْرُو بن خَالِد، الملائني (1)، الكُوفِيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
859 خَيْثَمَةُ (1) بن خَدِيج بن الرَّحِيلُ الكُوفيُّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
860 خَيْثَمَةُ (3) بن الرَّحِيل بن مُعَاويَةَ الجُعْفِيّ الكُوفيّ: أبو خَدِيج، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
861 خيثمة (5) بن عَدِي الهَجَرِيّ الكُوفيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
هو: ابن خَيْران الخَادِم، الثقة، نُسب إليٰ أبيه، رويٰ عنه ثقة الإسلام في الكافي بتوسط الحسين بن محمّد، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) (7) و الباب الذي يليه (8). و يظهر منه اعتماده عليه. و كذا المفيد في الإرشاد (9)، فلاحظ.
و قال ابن شهرآشوب في المناقب (10)، في باب إمامة الجواد (عليه السّلام)-: و قد ثبت بقول الثقات إشارة أبيه إليه، منهم: عمّه علي بن جعفر
ص: 355
الصادق (عليه السّلام) و صفوان بن يحييٰ. إليٰ أن قال: و الخيراني (1).ً.
ص: 356
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولي الحسن بن علي بن أبي طالب، الهاشميّ، الكوفيّ، أخو شَقِيق بن أبي عبد اللّٰه، مولي الحسن بن علي، و كان صفّاراً، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو سليمان اليَشْكُريّ الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أخو إسحاق بن حرّة، رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) عنه (2): يَحْيَي الحَلَبي، في التهذيب، في باب كيفية الصلاة (3)، و الحكم بن أيمن (4)، و ثابت ابن شريح (5).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
أبو عُمَارة البَكْرِيّ الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
أبو أحمد القزْوِيني، في النجاشي: ذكره ابن نوح في رجاله، له كتاب عن الرضا (عليه السّلام) (8). و في إرشاد المُفيد: فممن رويٰ النصَّ عليٰ الرضا علي بن موسي (عليهما السّلام) بالإمامة من أبيه، و الإشارة إليه منه بذلك، من خاصّته، و ثقاته، و أهل الورع، و العلم، و الفقه من شيعته: داود بن كثير. إليٰ ان قال: و داود بن سليمان. (9) إليٰ آخره. ثم أخرج ما رواه، و يقرب
ص: 358
منه ما رواه في الكافي، عنه (1).
و تأمّل بعضهم في اتحاد ما في الإرشاد و النَّجاشي (2)، و هو في محلّه، إلّا أنّ فتح هذا الباب يوجب تطرّق الشبهة في كثير من رجال الأسانيد، و عملهم عليٰ خلافه.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، عنه: الحسين بن سعيد، في التهذيب، في باب الكفّارة عن خطأ المحرم (2).
أبو عيسيٰ المُلّائِي الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (3). و في النجاشي: له كتاب، يرويه جماعة. و عدّ منهم: ابن أبي عمير (4).
و يروي عنه أيضاً: البزنطي (5)، و يونس (6)، و ابن بكير (7)، و ابن محبوب (8)، و جماعة من الأجلاء ذكرناهم في (قيج) (9)، و ضعفنا فيه نسبة الوقف الذي نسبه إليه في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (10) خاصّة، فلاحظ.
ص: 361
يروي عنه من الأجلّاء: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، و الحسن بن علي بن فضال (2)، و أحمد بن الحسين بن عبد الملك أبو جعفر الأودي (3).
و في الخلاصة: أحمد بن يحييٰ بن حكيم الأودي بالدال المهملة بعد الواو الساكنة الصوفي، كوفي، أبو جعفر، ابن أخي ذُبْيَان، بالذال المعجمة بعدها باء منقطة تحتها نقطة ساكنة (4).
و ظاهره: أنَّه من الرواة المعروفين، و لذا ذكره في الإيضاح، فقال: ذُبْيَان بضمّ الذال المعجمة. (5) إليٰ آخره. و قد قال في أوّله: إنّني مثبت في هذه الأوراق تحقيق أسماء جماعة من رواتنا (6). و في التهذيب (7)، و فَرْحَةِ الغَرِيّ (8)،
ص: 364
و غيرهما (1): زيارة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) هو راويها، و لا يرويها إلّا الخُلَّص من شيعتهم.ظ.
ص: 365
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، كوفي، أبو سلمة من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
و في آخر القسم الأوّل من الخلاصة: و من خواص أمير المؤمنين (عليه السّلام). (1) و ذكر مثله، و ذكره ابن داود أيضاً في القسم الأوَّل (2).
و من العجيب بعد ذلك ما في تلخيص السيّد، حيث قال: رِبعِيُّ بن خِرَاش، في رجال ابن داود لا غير، و قد ذكره العامّة، و قالوا: عابدٌ ورعٌ لم يكذب في الإسلام، من [جلّه (3)] التابعين، و كبارهم، رويٰ عن علي (عليه السّلام) مات سنة إحديٰ و مائة، و قال في الحاشية: قال الذهبي (4): رِبعِيّ بن خِرَاش، أبو مريم العَبْسِي، سمع عمر، و ابن مسعود [و] عنه: منصور، و أبو مالك الأشْجَعِي، قانتٌ للّٰه، لم يكذّب قطّ، توفي سنة 104. و في التقريب (5) بعد الترجمة-: ثقة، عابد، مخضرم، من الثانية (6).
سكن البصرة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). عنه: أبان بن عُثْمَان، في الكافي، في باب استبراء الأمَةِ (4)، و في التهذيب، في باب لُحوق الأولادِ بالآباءِ (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6) عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب مواليد الأئمة (عليهم السّلام) (7) و علي بن الحكم (8)، و عبّاس بن عامر (9).
عنه: حَمّاد بن عُثْمَان، في الكافي، في باب كِفاية العِيال، في كتاب الزّكاة (10).
ص: 371
عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) له كتاب في زكوات النعم، أخبرني الحسين بن عبيد اللّٰه و غيره، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدثني أبي و سائر شيوخي، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن محمّد ابن أبي عمير، قال: حدثنا عبد اللّٰه بن المغيرة، قال: حدثنا مُقَرِّن، عن جَدّه رَبيعَة بن سُمَيْع، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنَّه كتب له في صدقات النِّعَم و ما يؤخذ من ذلك، و ذكر الكتاب (1).
كذا في النجاشي، في أوَّل الكتاب قبل دخوله في الأبواب، فإنَّه قال في الخطبة: و قد جعلت للأسماء أبواباً عليٰ الحروف، ليهون عليٰ الملتمس لاسم مخصوص منها، [و ها أنا] أذكر المتقدمين [في التصنيف] من سلفنا الصالحين (2)، و هي أسماء قليلة (3)، انتهيٰ.
و الذين ذكرهم من المتقدمين خمسة، ثانيها: ربيعة، و صريحةُ أنّه من الصلحاء، و كفاه بذلك مدحاً، مضافاً إليٰ وجود ابن أبي عمير، و عبد اللّٰه في السند، و رواية المشايخ كتابه.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
مولي خالد بن عبد اللّٰه القَسْريّ الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4). قال رضي الدين علي بن طاوس في فلاح السائل: ذكر الكراجكي في كنز الفوائد، قال: جاء في الحديث أنَّ أبا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكِّئاً عليٰ يد الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقال رجل يقال له رزام مولي خالد بن عبد اللّٰه: من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير المؤمنين عليٰ يده؟ فقيل له: هذا أبو عبد اللّٰه جعفر بن محمّد
ص: 373
الصادق (عليهما السّلام) فقال انّي و اللّٰه ما علمت، لوددت أنَّ خدّ أبي جعفر نعلٌ لجعفر (عليه السّلام) ثم قام فوقف بين يدي المنصور، فقال له: أسألُ يا أمير المؤمنين؟ فقال له المنصور: سل هذا، فقال: إنّي اريدك بالسؤال، فقال له المنصور: سل هذا، فالتفتَ رِزام إليٰ الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقال له: أخبرني عن الصلاة و حدودها؟ فقال له الصادق (صلوات اللّٰه عليه): «للصلاة أربعة آلاف حدّ لست تؤاخذ بها» فقال: أخبرني بما لا يحل تركه و لا تتم الصلاة إلّا به؟ فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): «لا تتم الصّلاة إلّا لذي طُهرٍ سابغٍ و تمامٍ بالغٍ غير نازغٍ و لا زائغٍ». (1) الحديث (2).
و قد مرّ في باب تأكّد استحباب الخشوع في الصلاة، من أبواب أفعال الصلاة (3). و فيه إشارة إليٰ علوّ مقامه، و قابليّته لتلقي المطالب العالية.ع.
ص: 374
و في الكشّي، بإسناده عن رزام مولي خالد القسري، قال: كنت أُعذب بعد ما خرج منها (1) محمّد بن خالد، فكان صاحب العذاب يعلّقني بالسقف و يرجع إليٰ أهله و يغلق عليّ الباب، و كان أهل البيت إذا انصرف خلوّا الحبل عنّي و يخلّوني أقعد عليٰ الأرض، حتي إذا دنا مجيئه علّقوني. فواللّٰه أني كذلك ذات يوم إذا رقعة وقعت من الكُوة إليّ من الطريق فأخذتها، فإذا هي مشدودة بحصاة، فنظرت فيها فاذا خطّ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فاذا:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم «قل يا رِزامُ: يا كائِناً قبلَ كل شي ءٍ و يَا كائناً بَعْدَ كُل شَي ءٍ و يا مُكونَ كل شي ءٍ ألبسني درعَكَ الحَصينةَ مِن شرِّ جميعِ خَلقِكَ».
قال رزام: فقلت ذلك، فما عاد إليَّ شي ءٌ من العذاب بعد ذلك (2).
رُزيق ابن الزبَيْرِ الخَلْقَانِيّ (1) الذي ذكره قبله بفاصلة ترجمة (2)، و فيه بعد (3).
عنه: جعفر بن بشير، مرّتين في كتاب الروضة (4).
927 رزين، بيّاعُ الأنماط الكُوفِيّ (1): من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: ابن أبي عمير، كما صرّح به في التعليقة (3)، و أبان بن عثمان، في التهذيب، في باب من أحلَّ اللّٰهُ نكاحه من النساء، ثلاث مرات (4).
و في الكافي، في باب القول عند الإصباح و الإمساء، في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن الحسين (5) بن عطيّة، عن رَزيِن صاحب الأنماط، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: من قال: اللَّهم إنّي أشهدُك. إليٰ أن قال: و عليّاً و الحسن و الحسين و فلاناً و فلاناً، حتي ينتهي إليه أئمّتي و أوليائي، عليٰ ذلك أحيي، و عليه أموت، و عليه أُبعث يوم القيامة، و أبرأ من فلان، و فلان، و فلان، فإن مات في ليلته دخل الجنّة (6). و فيه من الدلالة عليٰ خلوصه في التشيع ما لا يخفيٰ.
ص: 377
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
929 رَزِينُ بن عَدِيِّ الأسَدِي (2) الكُوفيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
دفع عليٌّ (عليه السّلام) إليه راية هَمْدان يوم خرج إليٰ صِفّين، كذا في أصحاب علي (عليه السّلام) من رجال الشيخ، في ترجمة أبي الجَوْشاءِ (6).
من أصحاب عليّ و الحَسنِ (عليهما السّلام) في رجال الشيخ (7)، و في كتاب دعائم الإسلام: عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه كتب إليٰ رِفَاعة لما استقضاه
ص: 378
عليٰ الأهواز كتاباً فيه: ذَرِ الْمَطامِعَ، و خالِفِ الْهَويٰ (1). و هو كتاب شريف مشتمل عليٰ كثير من أحكام القضاء فرّقه (2) القاضي فيه (3) - [و] يظهر منه: قربه منه (4)، و اختصاصه به، مع أنَّ القاضي المنصوب منه (عليه السّلام) لا يفقد العدالة، و هو من العِصابة الذين جَهَّزوا أبا ذرّ في الرَّبَذَةِ، و حضروا غسله و كفنه و الصلاة عليه و دفنه، و قد مدحهم النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) كما هو مسطور في الأخبار و السيَر (5).
و في مناقب ابن شهرآشوب: إنَّه ارتجز في يوم الجَمَل، و كان يقول:
إنَّ الَّذِينَ قَطَعُوا الوَسِيلَة وَ نَازعُوا [عليٰ] عليّ الفَضِيلَة
فِي حَرْبِهِ كَالنَعْجَةِ الأكِيلة
(6). و في كتاب نصر بن مزاحم، مُسْنَداً: إنَّ علياً (عليه السّلام) و معاوية، عقدا الألوية، و أمَّرا الأُمراء، قال: و اسْتعْملَ عليٌّ (عليه السّلام) عليٰ الخيل: عمّارَ بن ياسر. إليٰ أن قال: و عليٰ بَجيلة: رِفَاعةَ بن شَدّاد (7).5.
ص: 379
و فيه في أحوال المجتبيٰ (عليه السّلام): و من أصحاب الحسن بن علي (عليهما السّلام): عبد اللّٰه بن جعفر الطيّار. إليٰ أن قال: و أصحابه من خواص أبيه، مثل حُجْر وَ رشِيد وَ رِفَاعة. (1) إليٰ آخره.
و في إرشاد المفيد، و غيره: إنَّ أوّل كتابٍ كتبَهُ الشِّيعةُ إليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) لمّا اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد، فيه:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
للحسين بن علي (عليهما السّلام) من سليمان بن صُرَد، و المُسَيّب بن نَجَبَة، وَ رِفاعة بن شَدَّاد البَجَليّ، و حبيب بن مظَاهِر و شيعتهِ المؤمنين. (2) إليٰ آخره.
و قالوا: لمّا نزل (عليه السّلام) كربلاء، كتب إليٰ أشراف الكوفة ممّن كان يظن أنه عليٰ رأيه:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
من الحسين بن علي، إليٰ سُليمان بن صُرَد، و المُسَّيب بن نَجية، و رفاعة بن شدَّاد، و عبد اللّٰه بن وَال، و جماعة المؤمنين (3). إليٰ آخره.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، و في أصحاب الباقر (عليه السّلام) (2)، رويٰ عنه و عن أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) (3).
رويٰ عنه: أبو خالد القماط (4)، و في الكافي: عن رُفَيد مولي يزيد بن عمر بن هبيرة، قال: سخط عَلَيَّ ابن هبيرة و حلف عليّ ليقتلني، فهربت منه و عذت بأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فأعلمته خبري، فقال لي: انصرف إليه و اقرأه منّي السَّلام، و قل له: إنّي قد آجَرْتُ عليك مولاك رُفَيْداً، فلا تَهِجْهُ بِسُوءٍ، فقلتُ له: جُعِلْتُ فِداك شامِيٌّ خَبيثُ الرأيِ، فقال: اذْهَبْ إليهِ كما أقولُ لكَ، فأَقْبَلتُ فَلمّا كنت في بعضِ البَوادِي اسْتَقْبَلَني أَعْرابِيٌّ، فقال: أَينَ تذهبُ؟ إنّي أَريٰ وَجْهَ مَقْتولٍ! ثُمَّ قَالَ [لي]: اخْرُجْ يدكَ، ففعلتُ، فقال: [يَدُ] مقتولٍ، ثم قال [لي]: أَبْرِزْ رِجْلَكَ، فأَبْرَزْتُ رِجْلِي، فقال: رِجْلُ
ص: 381
مقتولٍ، ثم قال [لي]: أَبْرِزْ جَسَدَكَ، ففعلتُ، فقال: جَسَدُ مقتولٍ، ثم قال لي: اخْرُجْ لسِانَكَ، ففعلت، فقال لي: امْضِ، فلا بَأْسَ عليكَ، فَإنَّ في لِسانِكَ رِسالَةً لو أتَيْتَ بها الجبالَ الرَّاوسِي لانْقَادَتْ [لكَ].
قال: فَجِئْتُ حتّي وقفتُ عليٰ بابِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فاسْتأذَنْتُ، فلمّا دخلتُ عليهِ قال: أَتَتْكَ بخائِنٍ رِجْلاهُ (1)، يَا غُلامُ النَّطْعَ و السَّيْفَ، ثم أمَرَ بِي فَكُتِّفْتُ وَ شُدَّ رأسي، و قامَ عَلَيَّ السَّيَّافُ لِيَضْرِبَ عُنُقي، فقلتُ: أَيُّها الأمير لَمْ تَظْفَرَ بِي عَنْوَةً و إنَّمَا جِئْتُكَ من ذاتِ نَفسِي وَ هاهُنَا أمْرٌ أَذْكُرهُ لَكَ ثُمَّ أَنْتَ وَ شَأْنُكَ.
فقالَ: قل، فَقُلْتُ: أَخلنِي، فَأَمَرَ مَنْ حَضَرَ فَخَرَجُوا، فَقُلْتُ لَهُ: جَعْفَرُ بن مُحَمّدٍ يُقْرِؤكَ السَّلَامَ و يقولُ لَكَ: قَدْ آجَرْتَ عَليكَ مَوْلَاكَ رُفَيْدا، فَلا تَهِجْهُ بِسُوءٍ، فقال: اللّٰهُ، لَقَدْ قَالَ لَكَ جَعْفَرٌ هذِهِ المَقالَةَ وَ أَقْرَأَنِي السَّلَام؟ فَحَلَفْتُ [له]، فَرَدّها عَلَيّ ثَلَاثاً، ثُمَّ حَلَّ أَكْتَافِي، ثمَّ قالَ: لا يقْنِعُنِي مِنْكَ حَتَّي تَفْعَلَ بِي ما فَعَلْتُ بِكَ، فقلت: مَا تَنْطَلِقُ يَدِي بذلكَ، و لا تطِيبُ بِهِ نَفْسِي، فَقالَ: و اللّٰه، ما يُقْنِعُنِي إلّا ذَاكَ، ففعلتُ بهِ كما فَعَلَ بِي وَ أَطْلَقْتُهُ، فنَاوَلَنِي خَاتَمَهُ و قالَ: أُمُورِي في يَدِكَ فَدَبِّرْ فيها ما شِئْتَ (2).ر.
ص: 382
936 رُفيع (1) مولي بني سَكُون:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في التهذيب، بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن علي ابن إسماعيل الميثمي، عن فُضَيْل الرَّسَّان، عن رَقَبة بن مَصْقَلَة، قال: دخلت عليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) فسألته عن أشياء، فقال: إنِّي أراكَ مِمَّن يُفْتي في مَسجِد العراق، فقلتُ: نعم، قال: فقال لي: فَمن أنت؟ فقلت: ابن عمّ الصَّعْصَعَة، فقال: مرحباً بك يا ابن عمّ صَعْصعَة، فقالت له: ما تقول في المسح عليٰ الخفين؟ فقال: كان عمر يراه ثلاثاً للمسافر و يوماً و ليلةً للمُقيم، و كان أبي (عليه السّلام) لا يراه في سفر و لا حضر، فلما خرجت من عنده فقمت عليٰ عتبة الباب، فقال لي: أقْبِل يا ابن عمّ صَعْصَعَة، فأقبلت عليه، فقال: إنَّ القوم كانوا يقولون برأيِهم فيخطئون و يصيبون، و كان أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) لا يقول برأيه (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو عمارة الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مِنَ المُستشهدينَ في يومِ الطَّفّ، في الحملة الأُوليٰ بين يَدَي أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) و هو جدّ محمّد بن سِنَان.
أشرنا إليٰ بعض ما ورد فيه في (كو)، في ترجمة محمد بن سَنَان (3).
في الفائدة الثالثة، المروي بسندين، المشتمل متنه عليٰ الأخبار ببعض ما يكون فكان، و بمطالب تشهد بصحته و اعتباره. و فيه مدح عظيم لزائدة (1)، فلاحظ.
مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو الأزْهَر العِجْلِيّ، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الوالدين (1)، و في باب طعام أهل الذِّمَّة (2)، و خلف بن حمّاد (3).
أبو يحييٰ الدَّعَّاء، الخَيَّاط الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو يحييٰ كَوكَبُ الدَّم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) و في الكشّي: قال حَمْدَوَيْه: عن العُبَيْدِي، عن يونس، قال: أبو يحييٰ المُوصِلي، و لقبه: كوكب الدم، كان شيخاً من الأخيار.
قال العبيدي: أخبرني الحسن بن علي بن يقطين، أنَّه كان يعرفه أيام أبيه، له فضلٌ و دِينٌ (6).
و زاد في الخلاصة نقلًا عنه، تبعاً لشيخه ابن طاوس، بعد قوله: و دين-: و روي أنّ أبا جعفر (عليه السّلام) سأل اللّٰه تعاليٰ أن يجزيه خيراً، ثُمَّ نقل عن الغضائري تضعيفه، و احتمل ثانياً أنّهما متغايران، ثم توقّف فيه (7).
و في التعليقة: و يومئ ما في الكشّي إليٰ الوثاقة، و تضعيف الغضائري لا يقاومه؛ و لذا عَدُّه خالي ممدوحاً، انتهيٰ (8).
ص: 388
و في البُلغة: رُوي مدحه (1). و في المقام أوهام تطلب من المطوّلات (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
حتي انتهيت إليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) فقال حسبك قد ثبّت اللّٰه لسانك، و هدي قلبك (1).
أبو يحييٰ البَارقِيّ الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في النجاشي في ترجمة ابنه يحييٰ أبو عبد اللّٰه الكِنْدي العَلّاف، الشيخ الثِّقة، الصدوق، لا يطعن عليه-: رويٰ أبوه الحديث، عن الحسين بن أبي العَلاء، و محمّد ابن حُمْرَان، و كُلَيب بن مُعَاوِيَة، و صَفْوَان بن يحييٰ. و روي عنه: ابنه يحييٰ (3)، انتهيٰ.
و لو لا أنَّه من الثِّقات لكان يحييٰ مطعوناً في روايته عنه، بل ظاهر النجاشي انحصار شيخه به، و أنه من الرُّواة المعروفين، و في الفهرست في ترجمة صفوان بن يحييٰ، بعد ذكر كتبه إجمالًا، و الطرق إليها-: و ذكر ابن (4) من كتبه: كتاب الشراء و البيع، وَ عَدّ جملة، ثم قال: أخبرنا بها أحمد بن عبدون، عن ابن الزبير، عن زَكَرِيَّا بن شيبان، عنه (5).
ص: 390
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و في النجاشي: [زَكَرِيا بن] عبد اللّٰه الفَيّاض، أبو يحييٰ، الذي رويٰ عن أبي عبد اللّٰه، و أبي الحسن (عليهما السّلام) قال ابن نوح: و روي عن أبي جعفر (عليه السّلام) ثم ساق سنداً إليٰ أبان بن عثمان، عن أبي جعفر الأحول و الفضيل؛ عن زكريا، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: «إنَّ النّاس كانوا بعد رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بمنزلة هارون و موسي و من اتّبعه، و العجل و من اتبعه» و ذكر الحديث، و له كتاب يرويه جماعة، ثم ذكر طريقه إليٰ صفوان بن يحييٰ عن عمرو بن خالد عنه (2)، انتهيٰ.
و رواية هؤلاء الأجلّة عنه، مضافاً إليٰ رواية الجماعة كتابه، مع عدم طعن عليه من أحد، من أمارات الوثاقة، مضافاً إليٰ كونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و الخبر المذكور رواه ثقة الإسلام في الروضة، عن أبي جعفر الأحول و الفضيل بن يسار؛ عنه (3)، باختلاف لا يضرّه.
ص: 391
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
973 زَكَريا بن مَالِك الجُعْفِيّ الكُوفِيُّ (2):من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) هو صاحب كتاب معتمد في المشيخة، يرويه عنه: صفوان بن يحييٰ، عن عبد اللّٰه بن مسكان، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك (4)، عنه. و عنه: عبد اللّٰه بن مسكان، في التهذيب في باب تمييز أهل الخمس (5).
أبو عبد اللّٰه المُؤمن، ذكره في الفهرست مع كتابه و الطريق إليه من غير طعن (6). و في النجاشي: لقي الرّضا (عليه السّلام) في المسجد الحرام، و حكيٰ عنه ما يدلّ عليٰ أنه كان واقفاً، و كان مختلط الأمر في حديثه (7)، انتهيٰ.
و هو طعن من مجهول (8)، و يعارضه عدّ كتابه من الأُصول، ففي رجال
ص: 392
الشيخ في ترجمة أحمد (1) بن الحسين ابن مُغَلس (2) الضَّبِّي-: رويٰ عنه حميد بن زياد كتاب زكريا ابن محمّد المؤمن، و غير ذلك من الأُصول (3).
و يؤيّده رواية الأجلّاء الإثبات عنه، مثل: حميد بن زياد في التهذيب، في باب الزيادات، في فقه النكاح (4) و علي بن الحكم (5)، و الجليل الذي قالوا فيه: صحيح الحديث الحسن بن علي بن بَقّاح كثيراً (6)، و علي ابن الحسن بن فضال بتوسط ابن بقاح، عنه (7) و موسي بن القاسم (8)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (9)، و محمّد بن بكر (10).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
991 زَيادُ بن الأسْوَدِ (1) الكُوفِيُّ التمّار:من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في رجال البرقي، و آخر الخلاصة، من خواصّه يعني علياً (عليه السّلام)-: سالم و عبيدة و زياد، بنو الجَعْد الأشْجَعِيُّون (3)، و يظهر من كتب العامة إنّ الصحيح: ابن أبي الجَعْد (4)، و يؤيّده ما في النجاشي، و الخلاصة، و غيرهما في باب الراء-: رافع سَلَمَة بن زَياد بن أبي الجَعْد. إليٰ أن قال ثقة، من بيت الثقات (5) إليٰ آخره.
ص: 397
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1006 زَيادُ الكُوفِيّ الخَيّاطُ (1):من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1018 زَيْدُ بن بَيَان (1) التغْلبيّ:كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1019 زَيْدُ بن جُهَيْم (3) الهِلَاليّ:كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) عنه: صفوان ابن يحييٰ، في الفقيه، في باب ما أحَلَّ اللّٰهُ عزّ و جلّ من النكاح (5)، و في باب ما نصَّ اللّٰهُ عَزَّ وَ جَلّ و رسولُهُ (صلّي اللّٰه عليه و آله) عليٰ الأئمة (عليهم السّلام) خبر شريف (6) يدل عليٰ تشيّعه و قابليّته لإلقاء الأسرار إليه.
القرآن من الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ (1)، استشهدَ يوم مُؤتة سنة ثمان، و هو ابن خمس و خمسين، شهد بدراً، و أُحداً، و الخَنْدَقَ، و الحُدَيْبِيةَ، و خَيْبراً، و خرج أميراً في سبع سرايا (2).
و في تفسير علي بن إبراهيم، في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): إنَّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) كان يحبّه، و سمّاه زَيْدَ الحبِّ (3).
و في تفسير الإمام (عليه السّلام) حديث طويل، فيه: إنَّ رَسُولَ اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بَعثَ سَرِيّةً أميرهم زيد بن حارثة، و أنّهم لمّا لقوا العدوّ في ظاهر بلدهم2.
ص: 404
كَمِنُوا لهم، فلمَّا جنّ الليل خرجوا و هم نائمون غير أربعة، أحدهم زيد، فرشقوهم بالنبال، فخرجت من أفواه الأربعة أنوارٌ، و كان نور الذي خرج من فَمِ زيدٍ كالشمس الطالعة، فقاموا و رأوا العدوَّ و هم لا يرونهم، فَأَتوهم إليٰ آخرهم، و فتحوا و غنموا و سبوا و رجعوا، فأخبرهم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بما جريٰ عليهم. إليٰ أن قال (صلّي اللّٰه عليه و آله): و أمّا زيد بن حارثة، كان يخرج من فيه نور أضوء من الشمس الطالعة، و هو سيّد القوم و أفضلهم، فلقد عَلِمَ اللّٰهُ ما يكون فاختاره و فضّله عليٰ علمه بما يكون منه أنه في اليوم الذي ولي هذه الليلة التي كان فيها ظفر المؤمنين بالشمس الطالعة [من فيه (1)] جاءه رجل من منافقي عسكره يريد التضريب بينه و بين علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) و إفْسَادَ (2) ما بينهما، فقال: بَخٍ بَخٍ أصبحت لا نظير لك في أهل بيت رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و صحابته، هذا الذي بلاؤك، و هذا الذي شاهدناه نورك.
فقال له زيد: يا عبد اللّٰه اتّق اللّٰه، و لا تفرط في المقال.
و لا ترفعني فوق قدري، فإنّك بذلك مخالف كافر (و إنْ تلقيت) (3)ظ.
ص: 405
مقالتك بالقبول [كنت] كذلك (1) يا عبد اللّٰه، ألّا أُحدّثَك بما كان من أوائل الإسلام و ما بعده حتي دخل رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) المدينة، و زوّجه فاطمة، وَ وُلِد له الحسن و الحسين (عليهما السّلام)؟
قال: بليٰ.
قال: إنَّ رسولَ اللّٰهِ (صلّي اللّٰه عليه و آله) كان لي شديد المحبّة، حتي (تبنّاني لذلك) (2) فكنت ادعيٰ زيد بن محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله)، حتي وُلِد لعلي الحسن و الحسين (عليهم السّلام) فكرهت ذلك لأجلهما، فقلت لمن كان يدعوني: أُحبّ أنْ تدعوني زيداً مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فإنّي أكره أنْ أُضاهي الحسن و الحسين (عليهم السّلام) فلم يزل ذلك حتي صَدَّقَ اللّٰهُ ظنّي، و أنزل عليٰ محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله): مٰا جَعَلَ اللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (3) يعني: قلباً يُحبّ محمّداً و آله (صلوات اللّٰه عليهم) و يعظّمهم، و قلباً يعظّم به غيرهم كتعظيمهم، أو قلباً يُحبّ به أعداءهم، بل من أحبّ أعداءهم فهو يبغضهم و لا يحبّهم، ثم قال: وَ مٰا جَعَلَ أَزْوٰاجَكُمُ اللّٰائِي تُظٰاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهٰاتِكُمْ وَ مٰا جَعَلَ أَدْعِيٰاءَكُمْ أَبْنٰاءَكُمْ. إليٰ قوله: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ يعني: الحسن و الحسين (عليهما السّلام) أوليٰ ببنوّة رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في كتاب اللّٰه و فرضه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهٰاجِرِينَ إِلّٰا أَنْ تَفْعَلُوا إِليٰ أَوْلِيٰائِكُمْ مَعْرُوفاً (4) إحساناً6.
ص: 406
و إكراماً لا يبلغ ذلك محلّ الأولاد كٰانَ ذٰلِكَ فِي الْكِتٰابِ مَسْطُوراً (1).
فتركوا ذلك، و جعلوا يقولون: زيداً أخاً رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فما زال النّاس يقولون لي هذا و أكرهه حتي أعاد رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) المؤاخاة بينه و بين علي بن أبي طالب (عليه السّلام).
ثم قال زيد: يا عبد اللّٰه، إنَّ زيداً مولي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) كما هو مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فلا تجعله نظيره، و لا ترفعه فوق قدره، فتكون كالنصاريٰ لما رفعوا عيسيٰ (عليه السّلام) فوق قدره، فكفروا باللّٰه العظيم.
قال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): فلذلك فضّل اللّٰهُ زيداً بما رأيتم، و شرّفه بما شاهدتم، و الذي بعثني بالحق نبيّاً إنَّ الذي أعدَّهُ اللّٰهُ لزيدٍ في الآخرة لَيَقْصر (2) في جَنْبِهِ ما شاهدتم في الدنيا من نوره، إنّه ليأتي يوم القيامة و نوره يسير أمامَه و خلفَه و يمينه و يسارَه و فوقَه و تحتَه، من كلِّ جانبٍ مسيرة ألف سنةٍ (3). الخبر.
و العجب من الشيخ، حيث ذكر زيد بن أَرقم في الأصل (4)؛ لقول فضل: أنّه ممن رجع إليٰ أمير المؤمنين (عليه السّلام) (5) مع إنكاره النص (6)، و دعائه (عليه السّلام) عليه (7). و لم يذكر زيد بن حارثة مع هذه المدائح8.
ص: 407
العظيمة (1).
أخو أبي الديداء (2) أسند عنه (3)، عنه: حمّاد بن عثمان، في الكافي، في باب الخل و الزيت (4)، و في الروضة بعد حديث الناس يوم القيامة (5).
أبو الحسن. في الإرشاد: كان يلي صدقات رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و أسَنَّ، و كان جليل القدر، كريم الطبع، ظريف النفس (6)، كثير البر، و مدحه الشعراء، و قصده الناس من الآفاق لطلب فضله (7).
رويٰ نصر بن مزاحم في كتاب صِفّينَ مُسنَداً، قال: قام عَديّ ابن حَاتِم الطّائي فحمد اللّٰه بما هو أهله و أثني عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين!
ص: 408
ما قلتَ إلّا بعلم، و لا دعوتَ إلّا إليٰ حقّ، و لا أَمرتَ الّا برشد. و ساق كلامه، و فيه: سؤاله عنه (عليه السّلام) الصبر، و إرسال الكتب و الرسل إليٰ أهل الشام، فإنْ رجعوا و إلّا فينهض (عليه السّلام) إليهم. قال: فقام زيد بن حِصْن (1) الطّائي و كان من أصحاب البَرانِس المجتهدين فقال: الحمد للّٰه حتي يرضيٰ، و لا إله إلّا اللّٰه [ربّنا (2)]، محمّد رسول اللّٰه نبيّنا (صلّي اللّٰه عليه و آله).
أمّا بعد، فواللّٰه لو كنّا في شكّ من قتال من خالفنا [لا يصلح لنا (3)] النيّة في قتالهم. إليٰ أن قال: فواللّٰه [ما ارتبنا (4)] طرفة عين فيمن يبغون دمه، فكيف بأتْبَاعِهِ القاسية قلوبهم، القليل في الإسلام حظّهم، أعوان الظلم، و مسددي أساس الجور و العدوان، ليسوا من المهاجرين و الأنصار، و لا التابعين لهم بإحسان (5). الخبر.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1035 زَيْدُ بن عُبَيْد الأزْدِيّ الغَامِدي (1):مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
تابعي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في إرشاد المفيد: رويٰ محمّد بن علي، قال: أخبرني زيد بن علي بن الحسين بن زيد، قال: مرضت، فدخل الطبيب عليّ ليلًا، و وصف لي دواءً آخذه في السَّحَر، كذا و كذا يوماً، فلم يمكنّي تحصيله من الليل، و خرج الطبيب من الباب، و ورد صاحب أبي الحسن (عليه السّلام) في الحال،
ص: 412
و معه صرَّة فيها هذا (1) الدواء بعينه، فقال لي: أبو الحسن (عليه السّلام) يُقْرِؤُكَ السَّلام، و يقول لك: خذ هذا الدواء كذا يوماً، فأخذته فشربته فبرئت.
قال محمّد بن علي: قال لي زيد بن علي: يا محمّد! أيْنَ الغُلَاة عن هذا الحديث (2).
و رواه ثقة الإسلام، في الكافي، في باب مولد أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) مثله. و فيه: و لم (3) يخرج الطبيب من الباب حتي ورد عليّ نصر بقارورة فيها ذلك الدواء (4). إليٰ آخره.
قلت: الحسين هو المُلَقّب بذي الدَّمْعَة، ابن زيد الشَّهيد، و صاحب الترجمة يقال له: زيد الشَّبِيه النسّابَة (5).
الخلاصة (1)، و أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (2) غيره.
صاحب الأصل المعروف، الذي رواه عنه: ابن أبي عمير (3)، و أخرج بعض أخباره في الكافي (4). مرّ مشروحاً في الفائدة الثانية (5).
في رجال البرقي: و من أصحابه يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) من اليمن. و عدّ جماعة. إليٰ أنْ قال: زيد بن وهب الجهني (6).
ص: 415
و اعلم إنَّ البرقي بعد جعله أصحابه (عليه السّلام) طبقات من الأصفياء و الأولياء و غيرها، ذكر منهم جماعة، و قال في آخر الباب: و من المجهولين من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام). و ذكر أسامي معدودة (1). و يظهر منه أن غيرهم معروفون. ثم أنّ قال في عداد خواصه (عليه السّلام)-: أبو عبد الرحمن عبد اللّٰه بن حَبيِب السَّلَميّ، و بعض الرواة يطعن فيه (2)، انتهيٰ.
و منه يظهر أن كلَّ من تقدم عليه أو تأخر عنه و منهم (3) زيد، غير مطعون، فلا بُدّ أنْ يعدّوا من الثقات.
و في الفهرست: زيد بن وَهْب، له كتاب خطَب أمير المؤمنين (عليه السّلام) عليٰ المنابر في الجمع و الأعياد و غيرها. أخبرنا به احمد بن محمّد بن موسي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن يعقوب بن يوسف بن زياد الضبِّي، عن نَصْر بن مُزاحم المِنْقَرِي، عن عمرو (4) بن ثابت، عن عَطِيّة بن الحارث. و عن عمر بن سعد (5)، عن أبي مِخْنف لُوط بن يحييٰ، عن أبي منصور الجُهَني، عن زيد بن وهب قال: خطب أمير المؤمنينل.
ص: 416
(عليه السّلام) و ذكر الكتاب (1).
و قال ابن حجر في التقريب: زيد بن وَهْب الجُهَني، أبو سُليمان الكُوفي، مخضرم، ثقة، جليل، لم يصب من قال: في حديثه خلل، مات بعد الثمانين، و قيل: سنة ست و تسعين (2).
و روي نصر في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن مالك بن أعين يعني: الجُهَني عن زيد بن وَهْب الجُهَني، أنَّ عمّارَ بن ياسر نادي يومئذٍ: أَينَ من يبغي رضوان ربّه و لا يؤوب إليٰ مال و لا ولد؟ فأتتهُ عصابةٌ من الناس (3). الخبر، و يظهر منه أنَّه شهد المعركة.
و روي الطبرسي في الاحتجاج: عن زيد أبو وَهْب الجُهَنِي، قال: لمّا طُعِنَ الحسنُ بن علي (عليه السّلام) بالمدائن، أتيته و هو متوجّع، فقلت: ما تري يا ابن رسول اللّٰه فإنَّ النَّاس متحيّرون، فقال (عليه السّلام) (4). و ساق الخبر، و فيه ما يدلّ عليٰ أنّه من خُلَّص شيعتهم (عليهم السّلام) (5).ه.
ص: 417
ص: 418
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري : 9ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و في الخلاصة: عبدُ الرحْمن بن سَالِم بن عبد الرَّحْمن الأشَلّ، كُوفِيّ، مولي، رويٰ عن: أبي بصير، ضعيف، و أبوه ثقة (3).
و في نقد التفريشي: سَالِم بن عَبدِ الرَّحْمن الأشَلّ، وثقه الغضائري عند ترجمة ابنه عبد الرحمن بن سالم فلاحظها (4)، انتهيٰ. عنه: عبد اللّٰه بن بُكَير (5)، و منصور بن حازم (6).
[الجَصّاص (1)] الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
تعجيل عقوبة الذنب (1). و حماد بن عثمان، فيه، في كتاب العقل و الجهل (2).
و في التعليقة: و يروي عنه: صفوان بن يحييٰ (3).
اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان (1)، و في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس من أبواب الزيادات (2).
عنه: حماد بن عُثمان، في الاستبصار، في باب البكاء في الصلاة (3).
أبو مُجَاهِد (1) الطّائيّ، مولاهم، كُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و الاستبصار (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
المَدَنِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و يقال له: ابن أبي عطارد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
فضال، في الكافي، في باب النوادر، في كتاب الحج (1).
الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الشَّاعِر، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و في الكافي: عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن سفيان بن مصعب العبدي، قال: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال: قولوا لُام فَرْوَة تجي ء فتسمع ما صنع بجدّها، قال: فجاءت فقعدت خلف الستر، ثم قال: فانْشِدْنا، قال: فقلت:
فَرْوَ (5) جُودِي بدمْعِكِ الْمَسْكُوبِ
قال: فصاحت، و صحن النساء، فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): الباب الباب (6)، فاجتمع أهل المدينة عليٰ الباب، قال: فبعث إليهم أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) صبي لنا غُشي عليه، فصحن النساء (7).
ص: 23
و في الكشي: عن إسحاق بن محمّد البصري، عن محمّد بن جمهور، قال: حدثني أبو داود المُسْتَرِقّ، عن علي بن النعمان، عن سماعة، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): علّموا أولادَكُم شِعْر العَبْدِيّ، فإنّه عليٰ دين اللّٰه (1).
و في كامل الزيارة، مسنداً عن أبي عُمَارة المُنْشد، [عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)] قال: قال لي: يا أبا عمارة أنشدني للعَبْدِيّ في الحسين بن علي (عليهما السّلام) قال: فأنشدته فبكيٰ، ثم أنشدته فبكيٰ، ثم أنشدته فبكيٰ، قال: فواللّٰه ما زلت أنشده و يبكي حتي سمعت البكاء من الدار (2)، الخبر.
و في البلغة، و الوجيزة: ممدوح (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في مناقب ابن شهرآشوب، في (أحوال المجتبيٰ (عليه السّلام): أصحابه:
ص: 24
أصحاب أبيه، و بابه: قَيْس بن وَرْقَاء المعروف بسفينة (1). و مثله [قول الكَفْعَمِي في جُنَّته] (2). و في دلائل الطبري: و بوّابه سفينة (3).
و روي الحسين بن حَمْدان بإسناده عن محمّد بن سنان الزاهري، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يَزِيد الجُعْفي، عن سعيد بن المُسَيَّب، عن عمرو بن الحَمِق (4) الخُزاعي، عن عَمّار بن ياسر، قال: كنّا مع رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في غزوة ذات الأباطل (5)، فرجعنا منها ظاهرين، و لحقنا سقيٌّ من السّماء، فحملت الماءَ الأرضُ، و توقفت (6) الغُدْرَان و المَسالِك، فوردنا عليٰ ماء عظيم قد اعترض الطريق في بطن واد عريض، فوقف الناس يرومون الخوض فيه و العبور، و كلّ لا يقدر عليٰ ذلك، حتي ورد رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ الوادي، فنظر إليٰ شدّة جريانه و قلة حِيلة النّاس في عبوره، فقال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): تَسَفَّنْ يا سفينة عليٰ الوادي، فنزل سَفينة عن فرسه، و وضع عن سلاحه، فرمي بنفسه في عرض الوادي، فصار الوادي دونه، و صار كالسفينة، فنزل رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله)، فمشيٰ عليٰ ظهر سفينة حتي صارظ.
ص: 25
في جانب الوادي، و دعيٰ أمير المؤمنين (عليه السّلام) فنزل، و عبّر عليٰ ظهر سفينة.
ثم قال له رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): قم يا سفينة، فحسبك هذا افتخاراً. فقام سفينة عليٰ (1) الوادي، فتضايق الوادي، وقبت (2) ضفناه حتي تخطاه العسكر، فمن أجل ذلك لقّبه رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): سفينة (3).
و بإسناده، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن عبد الرحمن بن الحَجّاج، عن محمّد بن أبي يعقوب، عن أبي عبد اللّٰه الصادق (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لسفينة مولي أُمّ سَلَمَة-: ملأك اللّٰه علماً جمّا إليٰ مُشاشِك، فأنت فُلْكُ اللّٰهِ المَشْحُونُ، و أنت الباب لي و لابني الحسن بعد سلمان (4).
و بإسناده، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: بينما رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في بعض أسفاره، إذْ انتهيٰ النّاسُ إليٰ غَدِيرٍ، فإذا فيه ماء، فعبّر الناس أمتعتهم، فجاء سفينة فعبّر متاع رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقال له: يا قَيْس أنت سفينتي، و الباب لِلأئمّة من بعد سلمان، و أنت و سلمان و من يليه في البابيّة (5) سواء (6).ب.
ص: 26
و بإسناده، عن أبي حمزة الثُّمالي، عن الحُجْر بن عَدِيّ الطّائيّ، عن الأصْبغ بن نُبَاتة، قال: ركب سَفينة البحر في مركب مع قوم، فانكسر بهم المركب، فركب سفينة خشبة من خشب المركب إليٰ أن ورد الساحل، فإذا هو بأسدٍ قد تلقاه! فقال: أنا سفينة صاحب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله)، و سفينته، فنكس الأسد برأسه، و طأطأ رأسه، و أومي إليه أنْ اركب. فركب سفينةُ الأسدَ و هو يسير به حتي انتهيٰ به إليٰ قرية، فلما نظر أهلُها إليٰ سفينة عليٰ الأسد فزعوا و تعجبوا!! و دخل القرية، قالوا: اللّٰه أنّ أمرك لعجيب، فَمنْ أنت؟ قال: أنا سفينة مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله)، فعظّموه و علّوه (1).
و راوي هذه الأخبار و إنْ كان مرميّاً بالغلوّ (2)، إلّا أنّها مؤيّدة بما مرّ من المَناقِب، و الجُنّة، و الدلائل (3).
و بما رواه في الكافي، بإسناده: عن إدريس بن عبد اللّٰه الأوْدي، أنّه قال: لما قُتِل الحُسين (عليه السّلام) أراد القوم أن يوطئوه الخيل (4)!! فقالت فضّة لزينبَ: يا سيدتي! إنَّ سفينة كُسِرَ به في البحر، فخرج به (5) إليٰ جزيرة، فإذا هو بأسد، فقال: يا أبا الحارث أنا مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله)، فَهَمْهَمَ بين يديه حتي وقفه عليٰ الطريق (6). الخبر.ظ.
ص: 27
و بما رواه الراوندي في الخرائج: أنَّ النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) بعث برجل يقال له: سَفينة بكتاب إليٰ مُعاذ و هو باليمن، فلما صار [في بعض] الطريق، إذا هو بأسد رابضِ في الطريق، فخاف أن يجوز، فقال: أيّها الأسد إنّي رسول رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ مُعاذ، و هذا كتابه إليه، فَهَرْوَلَ الأسَدُ قُدّامه غَلْوَةً (1)، ثمّ هَمْهَمَ، ثمّ خرج، ثمّ تَنَحّيٰ عن الطريق.
فلما رجع بجواب الكتاب، فإذا بالسَّبُعِ في الطريق! ففعل مثل ذلكَ فلما قَدِمَ عليٰ النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) أخبره بذلك، فقال: إنَّه قال في المرّة الأُوليٰ: كيف رسول اللّٰه؟ و قال في المرة الثانية: اقرأ رسول اللّٰه السلام (2).
و فيه: رويٰ ابن الأعرابي (3)، أنَّ سَفِينَة مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال: خرجت غازياً، فَكُسِر بي، فغرق المركب و ما فيه، و أَقبلت و ما عليّ إلّار.
ص: 28
خرقة قد اتّزرت بها، فكنت (1) عليٰ لوح، و أقبل اللّوح يرمي بي عليٰ جبل في البحر، فإذا صعدت و ظننت انّي نجوت، جاءتني مَوجةٌ فانتسفَتْني، ففعلت بي مراراً، ثمّ أنِّي خرجت اشتدُّ عليٰ شاطئ البحر، فلم تلحقني، فحمدت اللّٰه عليٰ سلامتي.
فبينما أنا أمشي، إذ بصر بي أسدٌ، فأقبل نحوي يريد أن يفترسني، فرفعت يديّ إليٰ السّماء، فقلت: اللهم أني عبدك و مولي نبيّك (صلّي اللّٰه عليه و آله) نجّيتني من الغرق، أ فتسلّط عليّ سَبُعك، فَأُلهمْتُ أنْ قلت: أيّها السَّبُع أنا سفينةُ مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) (2). احْفَظْ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في مولاه.
فواللّٰه إنه لترك الزَّئير، و أقبل كالسِنور يمسح خدّه بهذه الساق مرّة و بهذه الساق أخري، و هو ينظر في وجهي مليّاً، ثمّ طأْطَأ ظهرَه و أومأ إليّ أن أركب، فركبت ظهره، فخرج يَخُبُّ (3) بي، فما كان بأسرع من أنْ أَهبط جزيرة، و إذا فيها من الشجر و الثمار و عين عذبه (4) من ماء، فدهشت، فوقف و أومأ إليّ أن انزل، فنزلت، و بقي واقفاً حذاي ينظر، فأخذت من تلك الثّمار و أكلت، و شربت من ذلك الماء فرويت، و عمدت إليٰ ورقة فجعلتها مئزراً و اتزرت بها، و تَلَحَّفْتُ بأُخري، و جعلت ورقة شبيهاً بالمِزْود (5) فملأتها من تلك الثمار، و بللت الخرقة التي كانت معي لأعصرهاد.
ص: 29
إذا احتجت إليٰ الماء، فلمّا فرغت ممّا أردت، أقبل إليّ فطأطأ ظهره، ثم أومأ إليّ أن أركب، فلمّا ركبت، أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه، فلمّا صرت عليٰ البحر إذا مركب سائر في البحر فلوَّحت لهم، فاجتمع أهل المركب يسبّحون و يهلّلون و يرون رجلًا راكباً أسداً! فصاحوا: يا فتي من أنت، أ جنّي أم إنسي؟
فقلت: أنا سفينة مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) راعي الأسد في حقّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) ففعل ما ترون.
فلما سمعوا ذكر رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) حَطُّوا الشّراعَ وَ حمَلوا رَجُلَين في قارِب صغير و دفعوا إليهما ثياباً، فجاء إليّ، و نزلت من الأسد، و وقف ناحية مطرقاً ينظر ما أصنع، فرميا إليّ بالثياب، و قالا: ألبسها، فلبستها، فقال أحدهما: اركب ظهري حتي أُدخلك القارب، أ يكون السّبُع أرعي لحق رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) من أمّته؟! فأقبلت عليٰ الأسد، فقلت: جزاك اللّٰه خيراً عن رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فواللّٰه لنظرت إليٰ دموعه تسيل عليٰ خدّه ما يتحرك حتي دخلت القارِب، و أقبل يلتفت اليّ ساعة بعد ساعة حتي غبنا عنه (1).
و من جميع ذلك يظهر قوّة يقينه، و خلوص إيمانه، و صفاء سريرته، و علوّ مقامه. فَذِكْرُهُ في الممدوحين، أو عدم ذكره فيهم أيضاً كما في المنتهيٰ (2)، و الوسائل ناش عن عدم التجسس عن حاله.ع.
ص: 30
الكُوفِيّ، مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولي، عَطّار (1)، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و في نسخة: مسلم (4).
في الفقيه، في باب الأيمان و النذور: رويٰ محمّد بن إسْماعيل، عن سَلام بن سَهْم الشيخ المتعبّد أنّه سمع أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول لسدير: «يا سدير أنّه من حلف باللّٰه كاذباً كفر، و من حلف باللّٰه صادقاً أثِم، إنّ اللّٰه عزّ و جلّ يقول: وَ لٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ (5)» (6).
و طريق الفقيه إليٰ محمّد بن إسماعيل صحيح، و (الشيخ المتعبّد) لا يطلق عليٰ غير من حَسُنَ ظاهرُه، فيكشف عن عدالته، و إنْ قال في البُلغة، و الوجيزة: ممدوحٌ (7).
عنه: الحسن بن محبوب، و علي بن أسباط، في الكافي، في باب ما يفصل بين دعوي المحقّ و المبطل (8).
ص: 33
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب آخر من أنَّ الإيمان يشرك الإسلام (3)؛ و ابن محبوب، عن أبي جعفر محمّد بن النُّعْمان الأحول، عنه، فيه، في باب نُكَت و نُتَف، مرّتين (4). و الأحول، عنه مكرراً (5).
و في روضة الكافي: عن العدّة، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن الأحول، عن سَلام المُسْتَنير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يحدّث: إذا قام القائم (عليه السّلام) عرض الإيمان عليٰ كلّ ناصب، فإن دخل فيه بحقيقته و إلّا ضرب عنقه، أو يؤدّي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمّة، و يشدّ عليٰ وسطه الهِمْيان (6) و يخرجهم من الأمصار إليٰ السواد (7).
ص: 34
و في تفسير العياشي، عن سَلام المُسْتَنير، عن الصادق (عليه السّلام) قال: لقد تَسَمّوا باسم ما سمّي اللّٰه به أحداً إلّا علي بن أبي طالب (عليه السّلام) و ما جاء تأويله، قلت: جعلت فداك متي تأويله؟ قال: إذا جمع اللّٰه النبيين و المؤمنين حتي ينصروه، و هو قول اللّٰه: وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَ حِكْمَةٍ. الآية (1).
و يومئذ يدفع راية رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ عليّ (عليه السّلام) فيكون إليه أمر الخلائق أجمعين، و كلّهم تحت لوائه، و يكون هو أميرهم، فهذا تأويله (2).
و من هنا قال في التعليقة: يظهر من أخباره كونه من الشيعة، بل من خواصهم (عليهم السّلام) (3).
مشايخ النجاشي، و قد أوضحنا وثاقتهم في ترجمته (1)، و يظهر في ترجمة علي بن محمّد (بن علي بن) (2) العَدَويّ الشمْشَاطِيّ الفاضل صاحب الكتب الكثيرة غاية اعتماده عليه، و يظهر منه أنه يلقّب (3) بالمَوْصِلي أيضاً (4).
عنه: حماد بن عثمان، في الكافي، في باب الخلّ و الزيت (5).
كما في كتب العامة (1).
امّه أم سَلَمَة زوجة النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) يأتي في أخيه محمّد (1).
و علي بن إبراهيم (1)، و محمّد بن أحمد بن يحييٰ (2)، و لم يستثن من نوادره.
و قول النجاشي: كان ضعيفاً في حديثه (3)، لا ينافي وثاقته في نفسه، المكشوفة من رواية هؤلاء الأجلاء الإثبات عنه، و قد مرّ في (نه) فلاحظ (4).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و في نسخة: كُلْثُمة (4).
أبو يحييٰ، في رجال البرقي: و من خواص أمير المؤمنين (عليه السّلام) من مُضَر و عدّ جماعة. إليٰ أن قال: سلمة بن كُهَيْل (5)، و كذا في آخر الخلاصة من غير نسبة إليه (6).
و اعلم أنّ كونه من خواصه (عليه السّلام) ينافي عادة اتحاده مع الآخر المعدود من التبرية (7)، و دخوله مع جماعة عليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) كما في الكشي (8)، و روضة الكافي (9)؛ فإنه لا بُدّ حينئذٍ أن يكون عمرُهُ في حدود
ص: 42
مائة أو أزيد، و إدراكه خمسة من الأئمة (عليهم السّلام) و بناؤهم عليٰ ذكر هذه النوادر.
و في مُسَلْسَلات القُمّي خبر شريف مُسَلْسَلٌ مُتَّصِلٌ إليٰ سلمة بن كُهَيْل، قال: رأيت رأس الحسين بن علي (عليهما السّلام) عليٰ القنا و هو يقرأ: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّٰهُ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (1) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، عنه: جميل بن دَرّاج، في الكافي، في باب ميراث الولد (4). و في التهذيب، في باب ميراث الأولاد (5). و محمّد ابن زياد و هو ابن أبي عمير عنه، في الكافي، في باب ميراث الأعمام (6). و أبو أيوب الخراز (7)، و هِشام بن سالم (8)، و محمّد بن سِنان (9).
و في التعليقة: رويٰ ابن أبي عُمَيْر عنه بواسطة جميل و صفوان، عنه، عن الصادق (عليه السّلام) النصّ عليٰ الكاظم (عليه السّلام) (10).
ص: 43
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
المُقرْي، مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: هشام بن سالم، في التهذيب، في باب الذبائح و الأطعمة (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب إجارة الأجير (2). و في التهذيب، [في باب الإجازات] (3).
1215 سُلَيْمان (1) بن صالح الشَّيْبانِيّ: مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكَنُود: أن سليمان بن صُرَد دخل عليٰ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بعد مرجعه (1) من البصرة، فعاتبه وَ عَذَلَه، و قال له: ارتبْتَ و تربّصتَ و راوغتَ، و قد كنت من أَوْثَقِ الناس في نفسي و أسرعهِم فيما أظنّ إليٰ نصرتي، فما قعد (2) بك عن أهل بيت نبيّك، و ما زَهَّدك في نصرهم؟
[ف] قال: يا أمير المؤمنين، لا تردّنَّ الأُمور عليٰ أعقابها، و لا تُؤَنِّبْنِي بما مضي منها، و استيقن (3) مودّتي تخلّص لك نصيحتي، و قد بقيت أُمورٌ تَعْرِفُ فيها (4) وليَّكَ من عدوِّك.
فسكت عنه، و جلس [سليمان] قليلًا ثم نهض و خرج إليٰ الحسن ابن علي (عليهما السّلام) و هو قاعد في المسجد، فقال [أ] لا أُعَجِّبُكَ من أمير المؤمنين (عليه السّلام) و ما لقيت منه من التبكيت و التوبيخ؟
فقال الحسن (عليه السّلام): إنّما يُعَاتَبُ مَنْ تُرْجيٰ مودَّتُه و نصيحته.
فقال: إنّه بقيت أُمور سيوسق (5) فيها القنا، وَ يُنْتَضَي فيها السيوف،م.
ص: 48
و يحتاج فيها إليٰ أشباهي فلا [تَسْتَغِشُّوا عَتَبِي (1)].
فقال له الحسن (عليه السّلام): و ما أنتَ عندنا بظنين (2).
و في حديث المفضل الطويل في الرجعة انه يقول الحسن (عليه السّلام) لجدّه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عند شكواه إليه، و أنه دعا أهل الكوفة لحرب معاوية. إليٰ أن قال: فكأنّما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إلّا عشرون رجلًا منهم قاموا، منهم: سليمان بن صرد. الخبر (3).
و قال الجليل ابنُ نُمَا في شرح الثأر-: و أمّا أهل العراق فإنّهم وقعوا (4) في الحيرة و الأسف و النّدم عليٰ تركهم نصرة الحسين (عليه السّلام). إليٰ أن قال: فأول من نهض سُلَيْمَان بن صُرَدُ الخُزَاعِيّ، و كانت له صحبة مع النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و مع علي (عليه السّلام)، و المُسَيّب بن نَجَبَة الضِّرَارِيّ و هو من كبار الشيعة، و له صحبة مع علي (عليه السّلام) و عبد اللّٰه بن سَعْد بن نُفَيْل الأزْدِيّ،ع.
ص: 49
وَ رِفَاعَة بن شَدّاد البَجَلِيّ، و عبد اللّٰه بن والٍ التَّيْمِيّ. و اجتمعوا في دار سليمان و معهم أُناس من الشيعة، فبدأ سليمان بالكلام، فحمد اللّٰه و أثني عليه، و قال:
أمّا بعد فقد ابْتُلينا بطول العمر و التعرض للفتن، و نرغب إليٰ ربّنا أن لا يجعلنا ممّن يقول له: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مٰا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جٰاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمٰا لِلظّٰالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (1) و قال علي (عليه السّلام): العمر الذي اعْذرَ اللّٰهُ فيه ستون سنة، و ليس فينا إلّا مَنْ قد بلغها، و كنّا مُغْرمين بتزكية أنفسنا و مدح شيعتنا، حتي بليٰ اللّٰه خيارنا، فوجدنا كذّابين في نصر ابن بنت رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و لا عذر دون أنْ تقتلوا قاتليه، فعسي ربّنا أن يَعْفوَ عنّا.
قال رِفاعة بن شَدّاد: قد هداك اللّٰه لأصوب القول، و دعوت إليٰ أرشد الأُمور جهاد الفاسقين، و إلي التوبة من الذنب، فمسموع منك، مستجاب لك، مقبول قولك، فإن رأيتم ولّينا هذا الأمر شيخ الشيعة صاحب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) سليمان بن صرد.
فقال المُسَيّب بن نَجَبَة: و أَنا أَريٰ الّذي رأيتم، فاستعدُّوا للحرب. إليٰ أنْ ذكر خروجهم و لقاءهم أهل الشام بالرقَّة.
قال: و حمل بعضهم عليٰ بعض، و جعل سليمان يحرضهم عليٰ القتال و يبشّرهم بكرامة اللّٰه، ثم كَسَر جِفنَ سيفه و تقدّم نحو أهل الشام و هو يقول:
إلَيْكَ رَبِّي تُبْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَ قَدْ عَلَانِي فِي الوَرَيٰ مَشِيبِي
فَارْحَم عُبَيْداً عرما تكذيب و اغفر ذنوبي سيدي وَ حَوْبِي
(2)2.
ص: 50
إليٰ أنْ قال: فقاتل سُلَيمان بن صُرَد (رحمه اللّٰه) فلقد بذل في أهل الثأر مهجته، و أخلص للّٰه توبته. و قد قلت هذين البيتين حيث مات مبرّءاً من العَتَبِ و الشيْنِ:
قَضَي سُلَيْمانُ نَحْبَهُ فَغَدَا إليٰ جِنَانٍ و رحمةِ الباري
مَضيٰ حَميِداً في بذلِ مُهْجَتِهِ و أخْذِهِ للحُسينِ بالثّأرِ (1)
أبو داود الحمار، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) قيل: الظاهر أنه الذي تقدم عن الفقيه (2).
البارِقيّ، مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، أبو عُمَارة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو عُبَيْدَة البَكْرِيّ، الذُّهْلِيّ، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: عثمان بن عيسيٰ (2)، و عبد الصمد بن بشير (3).
1242 سَمَاعة الحَنّاط (4):كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
أبو دُجَانة الأنصاري، ثبت مع النبيّ و علي (صلوات اللّٰه عليهما).
و في إرشاد المفيد: و روي المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): يخرج مع القائم (عليه السّلام) من ظهر الكوفة سبعة و عشرون رجلًا. إليٰ أن قال: و سَلْمان، و أبو دُجانة الأنصاري، و المِقداد، و مالك الأشْتَر، فيكونون بين يديه أنصاراً و حكّاماً (7).
أخو مُقرن، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولي بني هاشم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2). و في الخلاصة: قال السيّد علي بن أحمد العَقِيقيّ العلويّ: رويٰ أبي، عن علي ابن الحسن، عن علي بن أسباط، عن محمّد بن إسحاق بن عمّار، عن أبيه، عن الصادق (عليه السّلام): أن سنانَ بن عبد الرحمن من أهل قوله تعاليٰ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنيٰ (3) (4). لكنّه ذكر هذا الخبر في ترجمة والد عبد اللّٰه، و هو اشتباه (5)، مذكور وجهه في محلّه.
الكُوفِيّ من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البُرْجُمي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: الحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في باب الذبح (3). و في الكافي، في باب البدنة و البقرة عن كم تجزئ (4).
الهَمْدانِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). عنه: حماد بن عيسيٰ، في الكافي، في باب مواريث القتلي (6)، و في باب المقتول لا يدري من قتله (7). و في الفقيه، في باب ميراث الجنين (8). و في التهذيب، في باب القضاء في قتيل الزحام (9)، و في باب ميراث المرتد (10).
و الحسين بن سعيد، فيه، في باب الغرر و المجازفة (11).
ص: 58
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و هو غير ابن كُلَيب بن مُعاوية الأسَدِيّ المذكور في الأصل (2).
و يروي عن النهدي كما في الجامع (3) -: يونس بن عبد الرحمن، في الروضة (4)، و هشام بن سالم (5)، و مالك بن عطية (6).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الحسين (عليه السّلام) في رجال الشيخ، و هو من الشهداء (2). و في الملهوف: كان شريفاً كثير الصلاة (3).
عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أخيه، عنه (1).
و في رواية ابن الوليد عنه و لو بالواسطة ما يدلّ عليٰ الوثوق به، كما لا يخفيٰ عليٰ من عرف طريقته.
أوضحنا وثاقته بحمد اللّٰه تعاليٰ في (شه) (2)، فلاحظ.
ذكره الشيخ في أصحاب الرسول و علي (صلوات اللّٰه عليهما) (3).
و روي الخزاز في كفاية الأثر، بإسناده عن سهل بن سعد الأنصاري، قال: سألت فاطمةَ بنت رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عن الأئمة (عليهم السّلام). فقالت: كان رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) يقول لعلي (عليه السّلام): يا علي أنت الإمام و الخليفة بعدي، و أنت أوْليٰ بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيت، فابنك الحسن أوْليٰ بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضي الحسن، فالحسين أوْليٰ بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ذكرت باقي الأئمة (عليهم السّلام). إليٰ أن قالت: و إذا مضي الحسن، فابنة القائم المهدي أوْليٰ بالمؤمنين من أنفسهم، يفتح اللّٰه به مشارق الأرض و مغاربها، فهم أئمة الحقّ و ألسنة الصدق، منصور من نصرهم، مخذول من خذلهم (4).
مولي قريشٍ، الكُوفِيّ، الذي يقال له: النَّهْمِيّ، من أصحاب
ص: 61
الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو يحييٰ، الواسطي، لقي أبا محمّد العسكري (عليه السّلام) (2) له كتاب، يرويه ابن الوليد، عن الحميري و سعد بن عبد اللّٰه؛ عن أحمد بن محمّد و أحمد بن أبي عبد اللّٰه (3)؛ عنه. و معه لا وقع لقول الغضائري: و إن حديثه نعرفه تارة و ننكره اخريٰ (4)، إذ لا عبرة بمعرفته و إنكاره بعد رواية هؤلاء الأجلّة كتابه.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو الهُذَيْل، التميميُّ، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و الظاهر كما في التعليقة أنّهُ سيفُ التَّمار (5)، الذي له كتاب في الفهرست، يرويه جماعة، منهم: الحسن بن محمّد بن سماعة (6). و أنَّ المُغيرةَ بن سُلَيْمان التَّمار والد سيف الثقة.
عنه: ابن أبي عمير، في التهذيب، في باب وجوب الحج (7)، و في باب الذبح (8). و صفوان بن يحييٰ، فيه، في باب الطواف (9)، و في باب حكم الظهار (10). و في الكافي، في باب المزاحمة عليٰ الحجر الأسود (11)،
ص: 63
و في باب الحج ماشياً (1)، و في باب الظهار (2). و الحسن بن محبوب، فيه، في باب المعاوضة في الطعام (3). و حماد بن عثمان، في التهذيب، في باب نوافل الصلاة في السفر (4). و ابن أبي نجران (5)، و ابن رباط (6)، و محمّد بن خالد (7)، و حفص بن عاصم (8).ة.
ص: 64
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من ثقات أصحاب مالك الأشتر، رويٰ المفيد في أماليه، مُسْنِداً عن هِشَام بن محمّد، قال: لمّا ورد الخبر عليٰ أمير المؤمنين عليه السّلام بمقتل محمّد ابن أبي بكر، كتب إليٰ مالك بن الحارث الأشْتر و كان مقيماً بنصيبين أمّا بعد. فإنَّكَ ممّن اسْتَظْهِرُ به عليٰ إقامة الدِّين. إليٰ أنْ قال: فأقدم عليّ، لننظر في أمر مِصر، و اسْتَخْلِفْ عليٰ عملك أهل الثقة و النصيحة من أصحابك، فاستخلَف مالك عليٰ عمله شَبِيبَ بن عَامِر الأزْدي (2). الخبر.
من شهداء الطف (3).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
عنه: عبد اللّٰه بن مسكان، في التهذيب، في باب الحيض (1)، و غيره (2).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، كوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1294 شُعَيْبُ بن مَرْثد (3): أخو (مفضّل بن مَرْثَد) من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
مولي علي بن الحسين (عليهما السلام)، رويٰ في الكشي بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: شُعَيْبُ مولي علي بن الحسين (عليهما السّلام) و كان فيما علمناه خياراً (6).
و لم يذكر ابن شهرآشوب في مناقبه من مواليه غيره، و قال: مِن
ص: 68
مواليه: شعيب (1)، و فيه إشارة إليٰ كثرة اختصاصه به و استقامته معه (عليه السّلام).
مولاهم، كُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
رويٰ عنه: شُعَيْبُ الحَدَّاد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و في النجاشي: بسام بن عبد اللّٰه الصَّيرفي، مولي بني أسَد، رويٰ عن أبي عبيد اللّٰه (عليه السّلام) له كتاب.
ثم ذكر طريقه إليه، عن العدة، عن ابن قولويه، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن الزيات، عن صفوان بن يحييٰ، عن أبي الصبّاح، عنه (4). و كلّهم من عيون الطائفة.
و في [المنتهيٰ (5)]: و في رواية صفوان عنه و لو بواسطة دلالة عليٰ وثاقته، و هو عند النجاشي إمامي (6).
ص: 70
بيّاع الأكسيَة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولاهم، كوفِيٌّ، أسْنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في الفهرست: له كتاب (2).
عنه: عثمان بن عيسيٰ (3)، و الحسن بن علي (4).
أبو الخَيْر الرَّازِي، رويٰ الكشي عن علي بن محمّد القتيبي، قال: سمعت الفضل بن شاذان يقول في أبي الخير و هو صالح بن سَلَمَة بن أبي حَمّاد الرَّازي كما كني. و قال: كان أبو محمّد الفضل يرتضيه و يمدحه (5).
و يروي عنه: سعد بن عبد اللّٰه (6)، و أحمد بن أبي عبد اللّٰه (7)، و علي بن محمّد الكُلَيْني من مشايخ ثقة الإسلام (8) و الحسين بن الحسن الهاشمي (9). منهم (10)، و محمّد بن الحسن، منهم (11)، و محمّد بن أبي عبد اللّٰه
ص: 72
جعفر الأسدي (1)، و هم أجلّاء الشيوخ.
و في التعليقة: رويٰ عنه محمّد بن أحمد بن يحييٰ، في الصحيح، في العيون (2). و لم يُسْتَثْنَ (3).
و بعد جزم الفضل بصلاحه، و رواية هؤلاء عنه، لا يُصْغيٰ إليٰ ما في النجاشي: و كان أمره ملتبساً يعرف و ينكر (4)، انتهيٰ.
و الظاهر انه تبع الغضائري، المقدوح (في) (5) تضعيفاته (6).
قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة-: و قد كان في زمن السُّفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسَّفارة من الأصل، منهم: أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسَدي، أخبرني أبو الحسين ابن أبي
ص: 73
جِيْد القُمِّيُّ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن يحييٰ العَطّار، عن محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن صالح بن أبي صالح، قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين و مائتين قبضَ شي ءٍ، فامتنعت من ذلك، و كنت أستطلع الرأي، فأتاني الجوابُ بالري-: محمّدُ بن جعفر العربي، فَلْيدفع إليه، فَإنَّه من ثِقاتِنا (1).
و يشير ذلك إليٰ كونه وكيلًا، مضافاً إليٰ رواية محمّد بن أحمد، عنه. و لم يستثن (2)، صرّح بذلك في التعليقة (3).
و يروي عن جعفر بن بشير، في الكافي، في باب دعائم الإسلام (1). و في التهذيب، في باب الحدّ في الفرية و السب (2). و في ترجمة جعفر: رويٰ عنه الثقات (3).
كوفي الأصل، من أهل هَمْدَان، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و فيه: صَالِح بن سُهَيل الهَمْدَانِيّ، كوفي (4). و في أصحاب الباقر (عليه السّلام): صَالِح بن سَهْل الهَمْدَاني (5). و الظاهر تبعاً للسيّد المحقق في التلخيص (6) أنَّ الكلَّ واحدٌ، و قد يُصَغَّرُ هذا.
و يروي عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في كتاب التوحيد، في باب الجبر و القدر (7). و الحسن بن محبوب، فيه، في باب معرفة أوليائهم (8)، و في باب مولد النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) (9) و في باب أنّه (صلّي اللّٰه عليه و آله) أوّل من أجاب (10)، و في باب طينة المؤمن و الكافر (11). و محمّد بن خالد (12).
ص: 76
و في روضة الكافي: عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن أُورَمَة، عن ابن سِنان، عن المُفَضَّل، قال: كنت أنا و القاسمُ شريكي وَ نْجمُ بن حَطِيم و صَالِحُ بن سَهْل بالمدينة، فتناظرنا في الربوبية، فقال بعضنا لبعض: ما تصنعون؟ نحن بالقرب منه، فليس منّا في تقيّة، قوموا بنا إليه، قال: فقمنا فواللّٰه ما بلغنا الباب إلّا و قد خرج إلينا بلا حذاء و لا رداء قد قام كلّ شعرة من رأسه منه، و هو يقول: لا لا يا مُفَضَّل و يا قاسم و يا نَجْم، لا لا بَلْ عِبٰادٌ مُكْرَمُونَ. لٰا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (1).
قال بعض المحققين: و لعلّ خطابه لمن عدا صالح، و إنكاره عليهم دونه، دليلٌ عليٰ أن صالحاً هو المُنْكِر للغلوّ و المُناظِر فيه (2)، انتهيٰ.
و يؤيّده ما رواه في الكشي بإسناده عن صَالِح بن سَهْل، قال: كنت أقول في أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) بالربوبيّة، فدخلت عليه، فلمّا نظر إليّ قال: يا صالح! إنَّا و اللّٰه عبيد مخلوقون، لنا و اللّٰه ربّ نعبده، و إن لم نعبده عذّبنا (3). و يعلم منه أنّه كان فيه شي ء و زال لرواية ابن محبوب و يونس (4)، عنه بعد الصادق (عليه السّلام).
و في الكافي: في الصحيح عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سَهْل، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): إنَّ بعضَ قُريشٍ قال لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله):ه.
ص: 77
بأيّ شي ءٍ سبقت الأنبياء و أنت بُعِثْت آخرهم و خاتمهم؟
فقال: إنّي كنت أوَّل من آمن بربي، و أوّلَ من أجاب حيث أخذ اللّٰهُ ميثاقَ النبيّين، و أشهدهم عليٰ أنفسهم: أ لست بربكم؟ فكنت أوّل نبيّ قال: بليٰ، فسبقتهم بالإقرار باللّٰه عزّ و جلّ (1).
و مع ذلك، ففي الخلاصة عن الغضائري: صَالِح بن سَهْل الهَمْدانِيّ، كوفيٌّ غالٍ، كَذّابٌ، وَضّاعٌ للحديث، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام). لا خير فيه، و لا في سائر ما رواه. و فيه أيضاً: و ذكر الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة، أنّه من المذمومين صالح بن محمّد بن سهل الهمداني (2). و الظاهر أنّه هذا (3)، انتهيٰ.
قلت: أمّا كلام الغضائري، فالحقّ: أنه لا خير فيه، و كيف خَفِي غلوّه و كذبه عليٰ مثل يونس و ابن محبوب المعاصرين له، الآخذين عنه؟ و عليٰ ثقة الإسلام الذي أخرج أخباره في جامعه؟! مع أن فيها ما ينافي الغلوّ، و لا يروي الغالي منه ما مرّ، و الشيخ ذكره في مواضع عديدة و لم يُشِرْ إليه.
و أمّا كلام الخلاصة، و استظهاره كونه هو المذموم في الغيبة، فإن فيه اشتباهاً، فإن الخَبر الذي استشهد به الشيخ لذم صالح، موجود في الكافي (4)، و التهذيب (5)، صورته:7.
ص: 78
علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السّلام) إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل، و كان يتوليٰ له الوقف بقم، فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلٍّ، فإني أنفقتها، فقال له: أنت في حلٍّ، فلما خرج قال أبو جعفر (عليه السّلام): أحدهم يثب عليٰ أموال آل محمّد (عليهم السّلام). إليٰ آخره.
و قد عرفت أن صالح بن سهل من أصحاب الباقر و الصادق (عليهما السّلام) (1)، و هذا من أصحاب الجواد (عليه السّلام) (2) و الأوّل ابن سَهْل، و هذا ابن محمّد بن سهل، و ليس في الخبر أنّه هَمْدَانيٌّ، و لو كان، فهو ابن أخيه. فاحتمال الاتحاد فاسدٌ جدّاً.
و لصالح في الكافي في باب أنّ الأئمة (عليهم السّلام) نور اللّٰه (3)، خبر شريف في تأويل آية النور، يظهر منه استقامته، و عدم غلوّه، بل كونه من حملة أسرارهم.
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و احتُمل اتحاده مع سابقه. عنه: ابن أبي عمير في التهذيب، في باب الزيادات في الصيام (2) و ابن فضّال (3) فيه. و في التهذيب، في كتاب الصوم (4) و فضالة في التهذيب، فيه (5) و علي بن إبراهيم (6).
ذكرنا الأمارات الدالة عليٰ مدحه، بل وثاقته في (قنب) (7)، فراجع.
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو محمّد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) عنه: أحمد بن محمّد أبي نَصْر في الكافي، في باب المحرم يواقع امرأته (6)، و في التهذيب، في باب الكفارة عن خطأ المُحْرِم (7) و جعفر بن بشير في الكافي، في الروضة، بعد حديث الناس يوم القيامة (8)، و في باب النوادر، بعد باب التيمم (9) -
ص: 81
و عبد الرحمن بن أبي نجران (1)، و سماعة بن مهران (2)، و غيرهم (3).
و احتمل بعضهم اتحاده مع ابن صَبيح الحَذّاء (4)! مع أنَّ الشيخ ذكره في أصحاب الصادق (عليه السّلام) بعد ابن صبيح بفاصلة ترجمتين (5).
الأسَدِي، مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ابن أبي عمير، و القاسم بن إسماعيل (1).
1341 صَبِيح بن عَمْرو النَّدِي (2):الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). في التهذيب: الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الوهاب بن الصباح، عن أبيه، قال: لقي مسلم مولي أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) صَدَقةَ الأحْدَب، و قد قدم من مكّة، فقال له مسلم: الحمد للّٰه، و ذكر دعاءً طويلا. إليٰ أنْ قال: فقال له أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام)، نِعْمَ ما تعلّمت إذا لقيت أخاً من إخوانك، فقل له هكذا، فإنّ الهديٰ بنا هدي، فإذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما يقولون (6).
ص: 84
عنه: يحييٰ بن زكريا بن شيبان (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
[هو] رويٰ عنه: الحسن بن علي بن فَضَّال، كذا في أصحاب الكاظم (3) (عليه السّلام) عنه: محمّد بن زياد و هو ابن أبي عمير في الكافي، في باب قضاء حاجة المؤمن (4)، و أحمد بن إدريس (5).
في رجال البرقي عند ذكره خواص أمير المؤمنين، (عليه السّلام)-: و أصحابه من ربيعة صيفي بن فسيل الشيباني، و كان ممّن خدم عليّاً (عليه السّلام) و هو جدّ عبد الملك بن هارون (6) بن عنترة (7)، و مثله في آخر الخلاصة (8).
و في رجال ابن داود. صَيْفي بن فسيل، بالفاء [و السين (9)] المهملة و الياء المثناة تحت، من أصحاب علي، و من خواصه (عليه السّلام) (10).
ص: 86
الأمويُّ، الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو سالم الكوفيُّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحابه كما في رجال الشيخ (3)، عنه: علي بن الحكم (4)، و يونس بن يعقوب (5)، و فضيل بن عثمان، في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: علي بن رئاب مكرّراً، في التهذيب (2)، و الاستبصار (3).
عنه: الجليل الوَشّاء، في الكافي، في باب نوادر في الدواب، قال: مررت بأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و قد نزل الحيرة، فقال (عليه السّلام): ما علاجك؟ قلت: نخاس. فقال (عليه السّلام): أَصِبْ لي بغلةً فضحاء. قلت: جعلت فداك و ما الفضحاء؟ قال: دهماء، بيضاء البطن، بيضاء الأفحاج، بيضاء الجَحْفَلَة. إليٰ أن قال: و أتيته بها، فقال: هذه الصفة التي أردتها، قلت: جُعلت فداك، ادع اللّٰه لي، فقال لي (4): أكْثَرَ اللّٰهُ مالَك، و ولدَك، قال: فصرت أكثر أهل الكوفة مالًا و ولداً (5).
و إيمانه، و خلوصه، و معرفته، و براءته من أعدائه (عليه السّلام).
و أمّا الثاني: ففي البحار، عن مقتل السيّد محمّد بن أبي طالب، في سياق سير أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) إليٰ كربلاء بعد لقائه الحرّ، قال: ثم أقبل الحسين (عليه السّلام) إليٰ أصحابه، فقال: هل فيكم أحد يعرف الطّريق عليٰ غير الجادّة؟ فقال الطّرماح: نعم يا ابن رسول اللّٰه، أنا أخْبَرُ الطّريق، فقال الحسين (عليه السّلام): سِرْ بين أيدينا، فسار الطّرمَّاحُ و اتّبعه الحسين (عليه السّلام) و أصحابه، و جعل الطرّمِاحُ يرتجز و يقول:
(يَا نَاقَتِي لَا تَذْعُرِي مِنْ زَجْرِي).. الأبيات
(1) (2) و في مقتل أبي مخْنَف: قال الطّرمَّاحُ بن عَدِي (رحمه اللّٰه): كنت في القتلي، و قد وقع فيّ جراحات، و لو حلفت لكنت صادقاً: إنّي كنت غير نائم إذْ أقبل عشرون فارساً و عليهم ثياب بيض يفوح منها المسك و العنبر، فقلت في نفسي: هذا عُبيدُ اللّٰه بن زياد قد أقبل يريد جثّة الحسين (عليه السّلام) ليمثّل بها. فجاؤا حتي صاروا قريباً منه، فتقدم رجل إليٰ جثّة الحسين (عليه السّلام) و أجلسه قريباً منه، فأوميٰ بيده إليٰ الكوفة، و إذا بالرأس قد أقبل (3)، الخبر.7.
ص: 91
فإنْ أخْرجناه من عصابة الشهداء، فلا ينبغي عدم عدّه من الممدوحين لهذه الأخبار، و إن كانت ضعيفة (1)، و لذا قال في الوجيزة: ممدوح (2).
و أغرب المحقق البحراني في البلغة، فقال: لم نعقد للطاء باباً، إذ ليس فيها من ينظم حديثه في الأنواع الثلاثة، و قيل: طلحة بن زيد، موثق (3)؛ لقول الشيخ (4): إنَّ كتابه معتمد (5)، انتهيٰ.
قلت: طَلّاب بن حَوْشَب، ثقة في النجاشي (6) و الخلاصة (7)، و لم يطعن عليه أحد، و قد عَرَفْتَ حال الطرماح، و اللّٰه العاصم (8).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1373 ظَالم بن عَمْرو (1) بن جَنْدَل بن سُفيان البَصْري:الفاضل التابعيّ أبو الأسْوَد الدُّؤلي. عدّه الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين (2)، و المجتبيٰ (3) (عليهما السّلام) و هو أوّل من تكلّم في النحو، و وضعه بأمر عليّ (عليه السّلام) و تعليمه (عليه السّلام) إيّاه باتفاق أهل العربية، لأسباب مذكورة في محلّها.
و روي الشيخ منتجب الدين في آخر أربعينه، مسنداً عن علي بن محمّد، قال: رأيتُ ابنة أبي الأسود الدُّؤلي، و بين يدي أبيها خبيص، فقالت: يا أبه أطعمني؟ فقال: افتحي فاك، ففتحت فوضع فيه مثل اللوزة، ثم قال: عليك بالتمر، فإنّه أنفع و أشْبَع، فقالت: هذا أنْفَع و أنْجَع، قال: هذا بعث به إلينا معاوية يخدعنا به عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقالت: قبّحه اللّٰه، يخدعنا عن السّيد المطهر، بالشّهد المُزَعْفر، تبّاً لمرسله، و آكله، ثمَّ عالجت نفسها، و قاءت ما أكلت منه، و أنشأت تقول:
أَ بالشَّهْدِ المُزَعْفَرِ يا ابْن هِنْدٍ نبيعُ إليكَ إسلاماً و دينَا؟
فَلا و اللّٰه ليسَ يَكونُ هَذا وَ مولانا أَميرُ المُؤْمنِينَا
(4) و في تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي بعد ذكر بعض القصص في
ص: 94
زهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما معناه-: و ما هذا و أمثاله منه ببديع، و قد كان له مولي من مواليه، يقال له: أبو الأسود الدُّؤَلي، فلما تُوفيَ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أراد معاوية استمالته و صرفه عن محبته (عليه السّلام) فكان يبعث إليه التحف و الهدايا حيناً بعد حين، فبعث إليه يوماً هدية فيها أنواع من الحلوا، فلما وضعت في بيته و فيها شَهْد مُزعفَرٌ، و كان له بنت خماسي، أو سداسي، فركضت و أخذت شيئاً منه و وضعته (1) في فيها، فقال أبو الأسود: يا بنيّة ألقيه، فإنه سمّ! قالت: لم؟، قال: أما عَلِمْتِ أنَّ ابنَ هند أَرسله ليردّنا عن محبة أهل البيت؟ فألقت ما في فيها، و قالت. إليٰ آخره (2).
و ذكر ابن شهرآشوب في مناقبه و جماعة من أهل السير له مرثية في شهادة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أولها:
إلا يا عَيْن جُودِي فاسْعِدِينَا ألا فابْكِي أَمِيرَ المُؤْمنِيَا
(3) الأبيات.
و فيها ما يكشف عن حُسن عقيدته، و خلوص إيمانه، و صافي محبته.
و في روضة الفضائل، بإسناده إليٰ أبي الأسْود الدُّؤلي، عن عمه، عن النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) أنه قال: لمّا نزلت هذه الآيةة.
ص: 95
فَإِمّٰا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّٰا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (1) قال لعلي بن أبي طالب (عليه السّلام): بذلك أخْبَرني جبرئيل (2).
و في رجال أبي علي نقلًا عن العمدة (3) للشيخ الجليل يحييٰ بن البطريق الحلّي-: أبو الأسود الدؤلي، و هو من بعض الفضلاء الفصحاء، من الطبقة الاوليٰ في شعراء الإسلام و شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (4).
و أمّا علماء العامّة، فوثقوه في رجالهم، كابن حجر (5)، و الذهبي (6)، و مع ذلك كلّه فعده في البلغة (7) و الوجيزة (8) من المجاهيل، و فيه من الغرابة ما لا يخفيٰ؟!
من أصحاب الحسين (عليه السّلام) في رجل الشيخ (1)، و هو من الشهداء في الطف، و لكنّ الموجود في المقاتل، و في أكثر نسخ زيارة الشهداء: عابس بن شبيب (2)، و في بعض نسخ الزيارة، كما في رجال الشيخ (3).
من أصحاب الرسول (صلّي اللّٰه عليه و آله) في رجال الشيخ (4)، هو الملقب بحَمِيِّ الدَّبْر (5) لمّا بعثه رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) مع جماعة هو رئيسهم في غزوة ذات الرَّجِيع، فقتلهم هُذَيل كما هو مذكور في التفاسير (6)، في تفسير قوله تعاليٰ: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ (7) الآية.
و في المناقب، و إعلام الوريٰ (8)، و غيرها (9)، و في القصة: ان هَذيلًا لمّا أرادوا قتل عاصم، و كان معه سبعة نبال، قتل بكلّ واحدٍ واحداً من كبارهم،
ص: 97
قال: اللّهم إنّي حميت دينك صدر النهار، فاحْمِ لَحْمي آخر النهار، فلمّا قتلوه أرادوا رأسه ليبيعوه من سُلافة بنت سعد، و قد كانت نذرت حين أُصيب ابناها بأُحد، قتلهما عاصم، لئن قدرت عليٰ رأسه لنشربنَّ في قِحْفه (1) الخمر، فمنعهم الدَّبْرُ، فلمّا حالت بينهم و بينه، قالوا: دعوه حتي نمسي، فتذهب عنه، فبعث اللّٰه الوادي، فأحتمل السيل عاصماً، فذهب به، و قد كان عاصم أعطيٰ اللّٰه عهداً أن لا يمسّ مشركاً و لا يمسّه مشرك أبداً في حياته، و لذا سمّي: حَمِيُّ الدَّبْر (2).
الكُوفِيُّ، تابعي، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو أحْمَد، العَبْسِي، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، يرويه عنه في الصحيح فضالة بن أيّوب، عن جميل، عنه (2)، و عنه: جميل، في الكافي، في باب النوادر، في آخر كتاب الصلاة (3)، و مالك بن عطية (4)، و ابنه الثقة أحمد (5).
الكُوفِيُّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: الصفار (3). و سعد بن عبد اللّٰه، في مشيخة الفقيه، في طريقه إليٰ سليمان الدّيلمي (4)، و محمّد بن أحمد بن يحييٰ مكرّراً (5)، و لم يستثن. و محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، في التهذيب، في باب العمل في ليلة الجمعة و يومها (6)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، فيه (7)، و في الاستبصار (8).
و يكفي في استظهار وثاقته، رواية هؤلاء الأجلّة عنه.
يمانية، و هو عليٰ فرس له أدهم، و كأنّ عينيه عين أفعي، فبينا هو في سمت و تليين من عريكته إذ هتف به هاتف من أهل الشام يقال له: عرار (1) بن أدهم: يا عباس، هلمّ إليٰ البراز، فبرز إليه العباس، فقتله. إليٰ أن قال: فقال: يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام)-: يا عباس، قال: لبيك، قال: أَ لم أنهك و حسناً و حسيناً و عبد اللّٰه بن جعفر، أن تخلوا عن مراكزكم، و تبارزوا أحداً؟ قال: إنَّ ذلك لكذلك، قال: فما عدا ممّا بدا؟! قال: أ فأُدعيٰ إليٰ البراز يا أمير المؤمنين فلا أُجيب جعلني اللّٰه فداك؟ قال: نعم طاعة إمامك أولي به من إجابة عدوّك، و دّ معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة الّا طعن في نيطه إطفاءً لنور اللّٰه.
الصادق (عليه السّلام) (1).
عمّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) سيّد من سادات أصحابه، و هو من أصحاب علي (عليه السّلام) أيضاً كذا في الخلاصة (2)، و في أمالي أبي علي الطوسي مسنداً عن علي (عليه السّلام) أنه قال: قال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): احْفَظوني في عمّي العباس، فإنه بقيّة آبائي (3).
و فيه بإسناده عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): مَنْ آذيٰ العباس فقد آذاني، إنّما عمّ الرجل صنو أبيه (4).
و روي الشيخ أبو محمّد الديلمي، في إرشاد القلوب: أن النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) كان جالساً في مسجده، و حوله جماعة من الصحابة، إذْ دخل عليه عمّه العباس، و كان رجلًا صبيحاً، حسناً، حلو الشمائل، فلمّا رآه النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) قام إليه، و استقبله، و قبّل بين عينيه، و رحّب به، و أجلسه إليٰ جانبه، و جعل يفديه بأبيه و أُمّه، فأنشده العباس قوله فيه بمدحه (صلّي اللّٰه عليه و آله):
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الضَّلالِ و في مُسْتَودَعٍ حَيْثُ يَخْصِفُ الوَرَقُ
الأبيات.
فقال النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله): يا عمّ، جزاك اللّٰه خيراً، و مكافأتك عليٰ اللّٰه عزّ و جلّ، ثم قال: معاشر الناس، احفظوني في عمّي العباس، و انصروه، و لا تخذلوه (5).
ص: 104
و رواه ابن شهرآشوب في مناقبه بإسقاط ما قبل الأبيات قال: فقال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): لا يفضض اللّٰه فاك (1).
و روي الصدوق في العيون بإسناده عن الرضا (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السّلام) و العباس ابن عبد المطلب و عقيل: أنا حرب لمن حاربكم، و سِلمٌ لمن سالمكم (2).
و في مصباح الزائر (3)، و مزار الشهيد (4)، و مزار المفيد (5)، كما في البحار (6) في زيارة رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) من البعيد و ساقوا الزيارة و فيها: السلام عليٰ عمّك سيّد الشهداء، السلام عليٰ عمّك العباس بن عبد المطلب. إليٰ آخره.
1411 عَبّاسُ بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (1). من شهداء الطف، فضائله أشهر من أن تذكر.
المعروف: بابن مَرْوَان، هو من مشايخ النّجاشي، و قد مرّت وثاقتهم في ترجمته (2)، و قال في ترجمة بكر بن محمّد أبي عثمان المازني: أخبرنا بذلك العباس بن عمر بن العباس الكِلْوَذاني، المعروف بابن مروان (رحمه اللّٰه) (3).
و قال في ترجمة علي بن الحسين بن بابويه بعد ذكر كتبه-: أخبرنا أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمّد بن عبد الملك بن أبي مروان الكِلْوَذاني (رحمه اللّٰه) قال: أخذت أجازه علي بن الحسين بن بابويه لمّا قدم بغداد سنة 329. (4) إليٰ آخره.
و في التعليقة يظهر من التراجم حُسْنه، بل و كونه من المشايخ،
ص: 106
و مشايخ الإجازة (1).
1418 عبد الأعلي بن أعينَ العِجْلِيّ (1): مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: عبد اللّٰه بن مسكان (3)، و حماد بن عثمان (4)، و ثعلبة بن ميمون (5)، و علي بن رئاب (6)، و أيّوب بن الحرّ (7)، و مالك بن عطية (8)، و يونس بن يعقوب (9)، و محمّد بن سنان (10)، و جابر (11)، و غيرهم (12).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) و في نسخة صحيحة: عبد القاهر.
الشِّبامي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
و قال القاضي في المجالس: قال السمعاني: إنَّ الشبَام بكسر الشين المعجمة، و فتح الباء الموحّدة، ثم الميم بعد الألف، مدينة باليمن، أهلها جميعاً من غُلاة الشيعة، و طائفة من هَمْدان نزلوا الكوفة، و عبد الجبار بن العباس الشّبَامي الكوفي المحدّث منهم، و كان في التشيّع غالياً (5)، انتهيٰ.
و ظاهره أنّه من الرواة المعروفين.
الفَزارِيّ، مولاهم الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) له كتاب في النجاشي، يرويه عنه: صفوان بن يحييٰ (2). و في رجال البرقي [من أصحاب (3)] الكاظم عليه السّلام (4).
عنه: صفوان بن يحييٰ (5).
مولي، كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). عنه: أخوه داود (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
فضّال، عن علي بن عَقَبة، عن عمر بن أَبان الكَلْبي عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: قلت له: أصلحك اللّٰه، لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر حتّي ليوشك الرجل منّا أن يسأل في يده؟ فقال: يا [أبا] عبد الرحمن (1)، أ تري من حبس نفسه عليٰ اللّٰه لا يجعل اللّٰه له مخرجاً؟ بليٰ و اللّٰه، رحم اللّٰه عبداً أحيا أمرنا.
قلت: أصلحك اللّٰه إنَّ هؤلاء المرجئة يقولون: ما علينا أن نكون عليٰ الذي نحن عليه حتّي إذا جاء ما تقولون كنّا نحن و أنتم سواء (2)! فقال: يا عبد الحميد، صدقوا، من تاب تاب اللّٰه عليه، و من أسرّ نفاقاً فلا يرغم اللّٰه إلّا أنفه، و مَن أظهر أمرنا أهراق (3) اللّٰهُ دَمَهُ، يذبحهم اللّٰه عليٰ الإسلام كما0.
ص: 113
يذبح القصّاب شاتَه، قال: قلت: فنحن فيه يومئذ و الناس سواء؟ قال: لا، أنتم يومئذ (1) سنام الأرض و حكّامها، لا يسعنا في ديننا إلّا ذلك، قُلتُ: فإنْ مت قبل أن أدرك القائم (عليه السّلام)؟
قال: القائل منكم إذا قال: إنْ أدرك قائم آل محمّد (عليهم السّلام) نصرته. كالمقارع له بسيفه، و الشهادة معه شهادتان (2). و في هذا الخبر شهادة بجلالته و إنْ كان هو راويه، فإنّ في السند ابن فضّال، الذي أُمرنا بأخذ ما رواه (3).
و يروي عنه أيضاً: أبان، في باب فضل الإيمان عليٰ الإسلام (4).
1444 عبدُ الخَالق بن الصيْقل (1) الكُوفيّ: رويٰ عنه (عليه السّلام) (2).
أبو عَمْرو اليَشْكُرِي، الكُوفِيّ، مات سنة سبع و ستين و مائة، و هو ابن خمس و سبعين سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) رسول رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ اليمن، قُتل مع علي (عليه السّلام) بصفين، كذا في رجال الشيخ (2).
و في الخلاصة في القسم الأوّل (3)، و في البلغة (4)، و الوجيزة (5): ممدوح.
و سبعون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: صفوان بن يحييٰ، في الكافي، في باب ما يوجب الجلد (2)، و في التهذيب، في باب حدود الزنا (3)، و ابن أبي عمير، في الكافي، في باب العزل (4).
أبو محمّد، الضَّرير، المفسِّر، حافظ، حسن الحفظ، كان بقاسان، رأيت كتابه إليٰ أبي عبد اللّٰه الحسين بن عبيد اللّٰه، و أبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد. إليٰ آخره، النجاشي (5).
و لا يخفيٰ دلالة كلامه عليٰ مدحه، و كونه من علماء الإمامية، و خلوه عمّا يوجب ضعفه في الرواية، و لذا عدّه في البلغة (6)، و الوجيزة (7) من الممدوحين.
أبو القاسم، صاحب كتاب في الفهرست، يرويه عنه: محمّد بن خالد البرقي (8).
ص: 118
و عنه: الجليل محمّد بن أبي الصهبان كثيراً (1)، و ابن أبي عمير، في التهذيب، في باب حدود الزنا (2)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، في الروضة، بعد حديث نوح يوم القيامة (3)، و إبراهيم بن هاشم (4)، و موسي بن الحسن (5)، و علي ابن أسباط (6)، و أحمد بن محمّد البرقي (7)، و إبراهيم بن إسحاق (8)، و غيرهم (9).
الصيْقَل، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1465 عبدُ الرّحمنِ بن زَيد أبي زيد (2):الجُرشِي، مولي، كوُفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أولًا: ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام): عبد الرّحمنِ بن سالم الأشل، روي عنهما (عليهما السّلام) (1).
و ثانياً: رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عنه، كما في الكافي، في باب مولد فاطمة (سلام اللّٰه عليها) (2)؛ و في باب وقت الفجر (3)؛ و في الإستبصار، في باب جواز غسل الرجل امرأته (4)؛ و مرّتين في باب الرجل يموت في السفر (5)؛ و يقرب منه رواية أحمد بن محمّد بن عيسيٰ عنه، كما في الكافي، في باب الرجل يغسل المرأة (6).
و ثالثاً: رواية ابن أبي عمير عنه، فيه، في باب الأوقات التي يكره فيها الباه (7).
مضافاً إليٰ عدم طعن من النجاشي، و رجال الشيخ، و سلامة رواياته.
عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب ما يجب فيه الدية كاملة (1)؛ و في التهذيب، في باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات (2)؛ و في باب ديات الأعضاء (3)، و في باب القصاص (4)، و في الفقيه، في باب ما يجب عليٰ من قطع فرج امرأته (5).
و أبان بن عثمان، في الكافي، في باب ما يستحب من تزويج النساء (6)؛ و في باب السجود (7)؛ و في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج (8)؛ و في باب الصيد و الذكاة (9).
و يونس بن عبد الرحمن، فيه، في باب الحكم في أولاد المطلقات (10)؛ و في باب لحوق الأولاد بالآباء (11)؛ و في الكافي، في باب الغيبة و البهت (12)؛ و في باب نوادر كتاب العقيقة (13).
و فضالة بن أيوب، في التهذيب في باب الرجوع في الوصية (14).8.
ص: 122
و عبد اللّٰه بن سنان، فيه، في باب الوصيّة المبهمة (1).
و منصور بن حازم (2)، و منصور بن يونس (3)، و محمّد بن خالد (4).
و روي الصدوق في أماليه، عن أبيه، عن عبد اللّٰه بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحمنِ بن سيابة، قال: دفع إليَّ أبو عبد اللّٰه الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) ألف دينار و أمرني أن اقسّمها في عيال من أُصيب مع زيد بن علي (عليه السّلام)، فقسمتها، فأصاب عبد اللّٰه بن الزبير أخا فُضيل الرَّسّان أربعة دنانير (5).
و رواه الكشي عن إبراهيم بن محمّد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير مثله، و فيه: فأصاب عيال عبد اللّٰه. إليٰ آخره (6).
و قد أوضحنا في (شط) في ترجمة مصادف (7)، و في (شيز) في ترجمة المعلّي (8)، دلالة التوكيل منهم (عليهم السّلام) في أمثال هذه الأمور عليٰ العدالة، و حاشاهم أن يأتمنوا الفاسق و الخائن و المضُيِّع و السفيه و أمثالهم، مع نهيهم (عليهم السّلام) شيعتهم عنه في أخبار كثيرة (9).ا.
ص: 123
و في الكافي في الصحيح-: عن ابن فضال، عن الحسن بن أسباط، عنه، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): جُعلت لك الفداء، الناس يقولون: النجوم لا يحلّ النظر فيها، و هي تعجبني، فإن كان تضرّ بديني فلا حاجة لي في شي ء يضرّ بديني، و إن كانت لا تضرّ بديني، فواللّٰه إِنّي لأشتهيها، و أشتهي النظر فيها، فقال: ليس كما يقولون، و لا يضرّ بدينك (1).
و من العجيب ما في المدارك من الطعن في السند!؟ بأنّ عبد الرّحمنِ ابن سيابة مجهول (2)، و في البلغة (3)، و الوجيزة (4): ممدوح.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو يَحْييٰ، البَكْروانِي، البَصْري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)
رويٰ ابن فضّال و الحجال جميعاً؛ عن ثعلبة عنه، عن الصادق (عليه السّلام) في كتاب الروضة، بعد حديث قوم صالح (عليه السّلام) (2).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
مولاهم، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1491 عبدُ الرّحيم بن سُلَيْمان الرَّازِي (1):الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أخو عبد الملك، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، و فيه: إنّه الأسَدي الكوفي (4)، و كأنّه ابن روح المتقدّم، أو هو ابن عَتِيك القصير كما في بعض الأسانيد (5).
و استظهر في الجامع اتحاد الثلاثة (6)، بأن يكون عَتِيك جدّه، و قد مرّ في (قعا) استظهار وثاقته من رواية الأجلة عنه، و فيها: ابن أبي عمير، و حمّاد بن عثمان، و ابن مسكان، و صفوان بالواسطة، و غيرهم (7).
الجَرِيرِيّ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8).
ص: 128
البَارِقي، الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، كذا في نسخ رجال الشيخ.
و في النجاشي في ترجمة أبي بكر محمّد بن همّام-: شيخ أصحابنا و متقدّمهم، له منزلة عظيمة، كثير الحديث، قال أبو محمّد هارون بن موسي رحمه اللّٰه: حدّثنا محمّد بن همّام، قال: حدثنا أحمد بن مابنداد، قال: أَسلم أبي أول من أسلم من أهله، و خرج من دين المجوسية، فكان يدعو أخاه سهيلًا إليٰ مذهبه، فيقول له: يا أخي اعلم انك لا تألوني نصحاً، و لكنَّ النَّاس مختلفون، فكلٌّ يدّعي أَن الحقّ فيه، و لست أَختار أَن أَدخل في شي ء إلّا عليٰ يقين، فمضت لذلك مدة، و حجَّ سهيل، فلمّا صدر من الحج، قال لأخيه: إِنَّ الذي كنت تدعو إليه هو الحقّ، قال: و كيف علمت ذلك (4)؟ قال: لقيت في حجّي عبد الرزّاق بن همّام الصنْعاني، و ما رأيت أحداً مثله! فقلت له عليٰ خلوة: نحن قوم من أولاد الأعاجم، و عهدنا بالدخول في الإسلام قريب، و أري أهله مختلفين في مذاهبهم، و قد جعلك
ص: 129
اللّٰه من العلم بما لا نظير لك فيه في عصرك مثل، و أريد أن أجعلك حجّة فيما بيني و بين اللّٰه عزّ و جلّ، فإن رأيت أن تبيّن لي ما ترضاه لنفسك من الدين لأتّبعك فيه و أقلّدك، فأَظهر لي محبّة آل رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و تعظيمهم، و البراءة من عدوّهم، و القول بإمامتهم. إليٰ آخره (1).
و في تقريب ابن حجر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحِمْيري، مولاهم، أبو بكر الصنْعاني، ثقة، حافظ، مصنّف شهير، عمي في آخر عمره فتغيّر، و كان يتشيّع من التاسعة، مات سنة إحديٰ عشرة بعد مائتين، و له خمس و ثمانون سنة (2).
و في كامل ابن أثير في حوادث تلك السنة: فيها توفي عبد الرزاق بن همّام الصنعاني، دَيِّن، من مشايخ أحمد بن حنبل، و كان يتشيّع (3)، و ذكر الذهبي في ترجمته ما يقرب منهما (4).
و عليٰ ما ذكروا (5) لا يمكن روايته عن الباقر (عليه السّلام) (6)، بل كان في سنة وفاة الصادق (عليه السّلام) في حدود العشرين، نعم أدرك من عصر الجواد (عليه السّلام) ثمان سنين (7).3.
ص: 130
و من هنا قال في التعليقة: و لعلّه من أصحاب أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) و أبيه، و الشيخ جعله الأول و ابنه (عليهم السّلام) اشتباهاً كما وقع نحوه منه كثيراً، و يحتمل التعدد بعيداً (1)، انتهيٰ.
قلت: و الظاهر فساد الاحتمال؛ لأنّهم ذكروا انه يروي عن جماعة منهم: مُعَمَّر بن راشد، و لا يوجد في أسانيد الكتب الأربعة غير روايته عن معمّر، ففي الكافي، في باب ذم الدنيا: سليمان بن داود المنقري، عنه، عن معمّر بن راشد (2)؛ و كذا في باب الاستغناء عن الناس (3)؛ و في باب العصبية (4)، و في باب الطمع (5)، و في باب حبّ الدنيا (6).
و في التهذيب: سليمان بن داود الشّاذكُوني عنه، عن معمّر، في باب فضل صيام يوم الشك (7)؛ و في باب علامة أول شهر رمضان (8).
و في الإستبصار في الباب الأول (9)؛ و لم نر روايته عن الصادق (عليه السّلام) فلا التباس في الأسانيد، كما أشار في التعليقة في آخر كلامه (10)، بل هو واحد، جليل شيعي.3.
ص: 131
[مولي (1)]، كُوفِيّ، أصله بصري، أبو بكر [الملائي (2)]، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، عنه: أبو نُعَيم الفضل (4) بن دكين (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
مولي، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
رويٰ عنهما (عليهما السّلام) و بقي بعد أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8).
أبو كثير السلَمِيّ، مات سنة إحديٰ و ثمانين و مائة، و هو ابن ثلاث و سبعين سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9).
ص: 132
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، عنه: أبان الأحمر، في الكافي، في باب الصلاة عليٰ محمّد و آله (عليهم السّلام) (2).
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
ابن العَبَّاس، بن عبد المُطَّلب، عِداده في الكوفيين، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ذكره في رجال الشيخ، في رجال الهادي (عليه السّلام) (3) و (4) احتمل في المنهج كونه والد الحسين بن محمّد بن عبيد اللّٰه الأشعري (5)، الذي قال في النجاشي: شيخ ثقة، رويٰ أبوه عن حنّان بن سدير (6).
و يؤيد الاحتمال ما في المشيخة في الطريق إليٰ حنّان فإنه: ابن الوليد، عن الصفار، عن عبد الصمد بن محمّد، عنه (7)، و منه يُعلم كونه معتمد الشيوخ، لا سيّما ابن الوليد.
و يروي عنه أيضاً: محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب، في باب كيفيّة الصلاة، من أبواب الزيادات (8)، و في باب الصلاة في السفر (9)،
ص: 134
و محمّد بن أحمد بن يحييٰ، فيه، في زيادات الوصيّة (1)، و لم يُستثن.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، الخَزّاز، اليَزْكَندي، الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
هذا عندي موجباً للطعن فيه، لكنه من مرجّحات الطعن (1)، في غير محله.
1516 عبدُ العَزِيز بن أبي سلمة الماجِشون (2): المَدَنيّ الثقة، عند العامة، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الصَّيْرَفيّ، الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
المَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
مولاهم، الخَزّاز، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
و في كشف الغمّة، عن عبد العزيز الخَزّاز قال: كنت أقول فيهم بالربوبية، فدخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال لي: يا عبد العزيز ضع لي ماء أتوضأ، ففعلت، فلما دخل، قلت في نفسي: هذا الذي قلت فيه ما قلت يتوضأ! فلمّا خرج قال: يا عبد العزيز لا تحمل عليٰ البناء فوق ما يطيق فينهدم، إِنّا عبيد مخلوقون (7).
ص: 136
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و في النجاشي: كوفي، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، ضعيف، ذكره ابن نوح، له كتاب يرويه جماعة. ثم ذكر طريقه إليٰ الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن الحسن بن محبوب، بكتابه (2).
و احتمل في المنهج (3) اتحاده مع الخزاز (4) المتقدم، و عليه فلعل ابن نوح لم يطّلع عليٰ رجوعه، فان ظاهر الخبر أنه كان شي ء و زال، كما أن ظاهر النجاشي عدم ارتضائه، و عليٰ كلّ حال فالتضعيف ضعيف بكونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و رواية الجماعة كتابه، و رواية الحسن بن محبوب عنه في النجاشي، و في التهذيب، في باب حدود الزنا (5)، و في باب الحدّ في الفرية و السب (6).
قال في جامع الرواة: و كثيراً (7)، و عبد الرحمن بن أبي نجران، في الكافي، في كتاب الدعاء (8).
يعقوب (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الذي رويٰ عن جابر، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو العلاء الجُعْفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البَزّاز، الكوُفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
بن يزيد، فيه (1)، و في التهذيب (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
1538 عبدُ اللّٰه بن أبي بكر بن (4) محمّد: ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
رويٰ عن أبيه عن الرضا (عليه السّلام) يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (6).
ص: 141
عنه: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد (1)، و في التهذيب، في باب حكم المسافر و المريض في الصيام (2)، و في الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير (3).
من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (4)، و هو الذي دعا له رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول (5).
و قال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) بصفين: و عبد اللّٰه بن أبي طلحة، و هو الذي دعا رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) لأبيه في حمل امّه به، فقال: «اللهم بارك لهما في ليلتهما».
و الخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف عليٰ أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، و كانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمّا قدم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) المدينة مهاجراً أَهدي إِليه المسلمون عليٰ مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول اللّٰه أَهديٰ إليك الناس عليٰ مقاديرهم، و لم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله).
ص: 142
و كان [لأمّه (1)] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، و كان أبو طلحة من خيار الأنصار، و كان يصوم النهار و يقوم الليل، و يعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، و كان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، و افتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، و لم يعلم أبو طلحة بموته، و عمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، و جاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ و استراح، و كتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، و آويٰ إليٰ فراشه و آوت، و أصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أ رأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد (2) هلك، فتعزّ عنه بعزاء اللّٰه، و سلم إليه، و خذ في جهازه.
فأَتيٰ أبو طلحة النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) من أَمْرِها! و دعا لها، و قال: «اللهم بارك لهما في ليلتهما» فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد اللّٰه هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، و أرسلت به مع ابنها أَنس إليٰ النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله)، فحنّكه و دعا له، و كان من أفضل أبناء الأنصار (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضا (عليه السّلام) و قد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، و مرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضا عليه السّلام (2). و منه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.
1548 عبدُ اللّٰه بن أَسَد (1) الكُوفِيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: زكريا المؤمن.
مولي آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان و ثمانين و مائة، و هو ابن سبعين، أو إحديٰ و سبعين سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في الوجيزة (5)، و البلغة (6): ممدوح. و في التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسي، عن جعفر بن عيسيٰ، قال: قَدِمَ أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) مكّة، فسألني عن عبد اللّٰه بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إليٰ أنْ قال: فرفع (عليه السّلام) يديه يدعو، و اجتهد في الدعاء، و ترحّم عليه (7). كذا في نسختي، و هي صحيحة جدّاً، و كذا في نسخ جماعة، إلّا أَنّ بعضهم نقله عنه، و فيه بدل عبد اللّٰه: عبد الملك (8)، و عليه أخرجناه في ترجمته، ثم
ص: 145
احْتمل الاشتباه، بل رام (1) إليٰ الحكم [بعدم (2)] وجود عبد اللّٰه! و هو ضعيف.
ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسي بن بكر، عن عبد اللّٰه بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) (3). الخبر.
و فيه مضافاً إليٰ ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته و وثاقته، فروي عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة (1)، و في باب حكم الحيض (2)، و في باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات (3)، و في الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي (4)، و في الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم (5) و العباس بن معروف (6)، و محمّد بن الحسين (7)، و الحسن بن علي بن النعمان (8)، و محمّد بن خالد (9).
رسول رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) مع أخويه عبد الرحمن و محمّد إليٰ اليمن، و في الكشي عدّه من التابعين، و رؤسائهم، و زهّادهم (10)، و هو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.
و روي نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد اللّٰه بن كعب) (11) قال: لما قتل عبد اللّٰه بن بُدَيل (12) يوم صِفِّين، مرّ به
ص: 147
الأسود بن طُهَمان الخُزاعي (1) و هو بآخر رمق فقال: رحمك اللّٰه يا عبد اللّٰه، إن كان جارك لنا من سوابقك، و إن كنت لمن الذاكرين اللّٰه كثيراً، أوصني رحمك اللّٰه قال: أُوصيك بتقويٰ اللّٰه، و أَن تناصح أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و تقاتل معه، حتّي يظهر الحق، أَو تلحق باللّٰه، و أَبْلِغْ أمير المؤمنين (عليه السّلام) مني السلام، و قال: قاتل عليٰ المعركة، حتّي تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح و المعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إليٰ علي (عليه السّلام) فأخبره، فقال: رحمه اللّٰه، جاهد عدونا في الحياة، و نصح لنا في الوفاة (2).
و في شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معه (عليه السّلام) بصفين: و عبد اللّٰه (3) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، و لم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّي قتلوا عن آخرهم، قال: و عبد اللّٰه بن بديل من الذين وصفهم اللّٰه تعاليٰ بقوله: وَ لٰا عَلَي الَّذِينَ إِذٰا مٰا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ (4) (5) الآية.2.
ص: 148
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1558 عبدُ اللّٰه بن بكر (3) المُرادِيّ: الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
يروي عنه علي بن الحكم (5).
في الخلاصة: كان جليلًا، قليل الرواية (6)، و أُمّه أسماء بنت عُمَيْس، و زوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و فضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس (7).
و في شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد اللّٰه، عن أبيه و كان كاتباً لعلي (عليه السّلام) أنّه سئل عن تسمية من شهد مع علي (عليه السّلام) حروبه. إليٰ أن قال: قال: عبد اللّٰه بن جعفر الذي قال له
ص: 149
رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، و قد أشبهت خلق أبيك (1).
المَدَنِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1567 عبدُ اللّٰه بن حَسّان بن حُمَيْد (1):الكُوفِيّ، المَدَنيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: خلف بن حماد (3).
ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) هذا هو عبد اللّٰه والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، و قد ورد في عبد اللّٰه بعض الطعُون، إلّا أنّ فيما كتبه أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) إليه حين حمل هو و أهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، و أوّله:
بسم اللّٰه الرحمٰن الرحيم، إليٰ الخلف الصالح، و الذريّة الطيبة من ولد أخيه و ابن عمه. إليٰ آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر عليٰ البلاء من كتاب الطهارة (6)، فلاحظ.
ص: 151
أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
المتكرر في الأسانيد، و الذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد اللّٰه بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.
و هو من مشايخ الشيخ الجليل عبد اللّٰه بن جعفر الحميري، و عليه اعتمد في طريقه إليٰ كتاب علي بن جعفر (عليه السّلام)، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إليٰ أبي إبراهيم موسي بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد اللّٰه بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إليٰ آخره (3)، و ساق جميع ما في الكتاب مرتباً عليٰ الأبواب بهذا السند.
و يروي عنه ثقة الإسلام مكرراً (4) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار (5) عليٰ المشهور و المختار بن محمّد بن المختار (6)، و عنه: فضيل بن عثمان (7)، و يحيي بن عمران الحلبي (8)، و يحيي بن مهران (9)، و محمّد بن أحمد
ص: 152
العلوي (1)
1573 عبدُ اللّٰه بن (2) الحسن المُؤدّب: من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، و عليه اعتمد هو و ولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة (3).
الهَمْدَانِيّ، المَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ذكره الشيخ في أصحاب العسكري (عليه السّلام) (5)، و في الكشي في رجال الرضا (عليه السّلام) و من كتاب له إليٰ عبد اللّٰه بن حمدويه البيهقي: و بعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة (6). إليٰ أن قال: و رحمهم و إيّاك معهم برحمتي لهم و اللّٰه واسع كريم (7).
من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (8) و كان عامله في النَّهروان، و قتله
ص: 153
الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، و قالوا: و اللّٰه ما ذبحنا لك و لهذا الخنزير إلّا واحداً، و بقروا (1) بطن زوجته و هي حامل و ذبحوها، و ذبحوا طفله الرضيع فوقه، و لمّا التقي الجمعان، استنطقهم عليٌّ (عليه السّلام) بقتل عبد اللّٰه، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقال (عليه السّلام): لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا و أنا اقدر عليٰ قتلهم به لقتلتهم (2).
يكني أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (3).
و في أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمّا توجه أمير المؤمنين (عليه السّلام) من المدينة إليٰ الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد اللّٰه بن خليفة الطائي، و قد نزل بمنزل يقال له: قائد (4)، فقرّبه أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فقال له عبدُ اللّٰه: الحمد للّٰه الَّذي ردّ الحقَّ إليٰ أهله، و وضعه في موضعه، كره
ص: 154
ذلك قوم أو سرّوا به، فقد و اللّٰه كرهوا محمّداً (صلّي اللّٰه عليه و آله) و نابذوه، و قاتلوه، فردّ اللّٰه كيدهم في نحورهم، و جعل دائرة السَّوء عليهم، و اللّٰه لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فرحَّب به أمير المؤمنين (عليه السّلام) و أَجْلَسَه إليٰ جنبه و كان له حبيباً و وليّاً و أخذ يسأله عن الناس، الخبر (1).
و فيه مواضع تدلّ عليٰ كثرة إخلاصه، و قوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، و اللّٰه العالم.
أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في الكافي، في مولد أبي جعفر الثاني (عليه السّلام): الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد اللّٰه بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسول (صلّي اللّٰه عليه و آله) و كان أبو جعفر (عليه السّلام) يجي ء في كلّ يوم مع الزوال إليٰ المسجد، فينزل في الصحن، و يصير إليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و يسلّم عليه، و يرجع إليٰ بيت فاطمة (سلام اللّٰه عليها) فيخلع نعليه، و يقوم فيصلّي، فوسوس إليّ (1) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّي تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبل (عليه السّلام) عليٰ حمار له (2)، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، و جاء حتّي نزل عليٰ الصخرة التي عليٰ باب المسجد، ثم دخل، الخبر (3).
و فيه معاجز كثيرة، و يدلّ عليٰ حسن عقيدته و خلوصه في إيمانه، مضافاً إليٰ قول الأشعري.
ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، و كان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في تلك الغزوة.
و في تفسير الإمام (عليه السّلام) في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأي في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد اللّٰه بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إليٰ أن قال: قال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): و أمّا عبد اللّٰه
ص: 156
ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي و أُمّك لك محبّان، و إِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا و تعنينا، و إنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، و لسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، و يزداد علينا بغيها و عنتها، فقال عبد اللّٰه: ما كنت أعلم بغيها عليكم، و كراهتكما لها، و لو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، و لكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر (1).
و في دعائم الإسلام، بإسناده عن علي (عليه السّلام) قال: أتي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقيل: يا رسول اللّٰه إِنّ عبد اللّٰه بن رواحة ثقيل لما به، فعاده (صلّي اللّٰه عليه و آله) فأصابه مغمي عليه، و النساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضيٰ أجله و رزقه، فإليٰ جنتك و رحمتك، و إِنْ لم ينقض أجله و رزقه و أثره، فعجّل شفاه و عافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد اللّٰه بن رواحة و تعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّي يقبض عليٰ فراشه! فقال: و مَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أ ليس هو الذي يُقتل في سبيل اللّٰه مقبلًا غير مدبر، فقال (صلّي اللّٰه عليه و آله): إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، و الطعين، و المبطون، و صاحب الهدم، و الغرق (2)، و المرأة تموت جُمعاً، قالوا: و كيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قام (صلّي اللّٰه عليه و آله) فوجد عبد اللّٰه خِفَّةً، فأخبر (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقال: يا عبد اللّٰه حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!ق.
ص: 157
فقال: يا رسول اللّٰه [رأيت (1)] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهويٰ بها لهامّتي، و قال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل اللّٰه، فكيف بعد اهوائها، و إذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهويٰ بها لهامّتي، و قال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل اللّٰه، فقال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): صدق عبد اللّٰه فما بال موتاكم يبتلون بقول (2) أحياكم (3). و فيه مدح عظيم.
و الجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه (4)، و فيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ عليٰ جلالته، و علوّ قدره، و ثبات إيمانه، و العجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟
الزَّيات، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و في النقد عن الغضائري-: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به (3)، و تبعه [في (4)] الخلاصة (5).
و أنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام).
و في البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، و وجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم و البلدان و الجبال و الأنهار و الأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، و ساق الرواية، و هي طويلة، و قال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة و العامّة، و ذكر الصدوق و غيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إليٰ آخره.
و صدر الرواية مسائل عبد اللّٰه بن سلام و كان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله): عبد اللّٰه. عن ابن عباس (رضي اللّٰه عنه) قال: لمّا بعث النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) أمر عليّاً (عليه السّلام) أن يكتب كتاباً إليٰ الكفّار، و إلي النصاري، و إلي اليهود، ثم ذكر كتابه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ يهود خيبر، و أنّهم أتوا إليٰ شيخهم ابن سلام و أخبروه، و انه استخرج من التوراة ألف مسألة و أربعمائة مسألة و أربع مسائل من غامض المسائل، و أنه أتي إليه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة و أربعمائة مسألة و أربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد اللّٰه بن سلام رأسه، و بكيٰ، و قال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.
و في آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلّا اللّٰه وحده لا شريك له، و أشهد أنك لرسول اللّٰه، و إن الجنّة حقّ، و الميزان حقّ، و الحساب حقّ، و الساعة آتية لا ريب فيها، و أن اللّٰه يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، و سمّاه رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عبد اللّٰه بن سلام (1).1.
ص: 160
أبو خديجة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي قال له كما في رجال الشيخ (2)، و الخلاصة (3) في القسم الأول-: ما يسرّني انّي لم أشهد صفين، و لوددت أَنّ كلّ مشهد شهده أمير المؤمنين (عليه السّلام) شهدته، و ذكره ابن داود أيضاً في القسم الأول (4).
كُوفِيّ، و هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (1)، و يروي عنه: ابن أبي عمير، و صفوان، و يونس، و غيرهم من الأجلّة، كما تقدّم في (قفج) (2).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عدّه في البلغة (2)، و الوجيزة (3) من الممدوحين، و في الكشي: ما رويٰ في عبد اللّٰه بن طاوس، و كان عمره مائة سنة، (و كان من أصحاب الرضا عليه السّلام) (4) وجدت في كتاب محمّد بن الحسن بن بُنْدار القمي بخطّه [حدثني الحسن بن أحمد المالكي (5)] قال: حدثني عبد اللّٰه بن طاوس في سنة ثمان و ثلاثين [و مأتين (6)] قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) فقلت له: إِنَّ لي ابن أخ قد زوّجته ابنتي، و هو يشرب الشراب، و يكثر ذكر الطلاق، فقال (عليه السّلام) له: إِنَّ كان من إخوانك فلا شي ء عليه، و إن كان من هؤلاء فانزعها منه، فإنّها يمين الفراق، فقلت له: روي عن آبائك (عليهم السّلام) إيّاكم و المطلقات ثلاثاً في مجلس، فإنّهن ذوات الأزواج، فقال: هذا من إخوانكم لا منهم، إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم.
قال: قلت له: إنَّ يحييٰ بن خالد سَمّ أباك موسي بن جعفر (صلوات اللّٰه عليهما)؟ قال: نعم، سمّه في ثلاثين رطبة، قلت: فما كان يعلم أنّها مسمومة؟ قال: غاب عنه المُحدِّث، قلت: و من المُحدِّث؟ قال: ملك
ص: 163
أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و هو مع الأئمّة (عليهم السّلام)، ثم قال: إِنّك ستعمّر، فعاش مائة سنة (1).
و ظاهر العنوان، و ذيل الخبر صحّته، و وقوع ما أخبره (عليه السّلام) به، و هو دالّ عليٰ تشيّعه و سلامته، بل قابليّته لتحمّل أسرارهم.
عربيّ، كُوفِيّ، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و ليس هو أخا يحييٰ بن طلحة، له كتاب، كذا في النجاشي (2)، عنه: الحسن بن محبوب، في الروضة، بعد حديث نوح يوم القيامة (3)، و علي بن إسماعيل المَيثَمي، في النجاشي (4)، و علي بن النعمان (5)، و محمّد بن حفص (6)، و محمّد بن سنان (7).
في الاستبصار (1)؛ و في الكافي، في باب الوقت الذي يوجب التيمم (2)، و جعفر بن بشير، في التهذيب، في باب التيمم (3).
العَوْفِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
قال الشيخ في كتاب الغيبة: أَخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسي التَّلعُكْبرِيّ، عن أحمد بن علي الرازي، قال: حدثني محمّد بن علي، عن حَنْظَلة بن زكريا، عن الثقة، قال: حدثني عبد اللّٰه بن العباس العلوي ما رأيت أصدق لهجة منه، و كان يخالفنا في أشياء كثيرة قال: دخلت عليٰ أبي محمّد (عليه السّلام) بسرّمن رأي فهنّأته بسيدنا صاحب الزمان (عليه السّلام) (5).
و ذكر نسبه في موضع آخر: عبد اللّٰه بن العباس بن عبد اللّٰه بن الحسن ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) (6).
و في مشتركات الكاظمي: عنه: محمّد بن الحسن بن الوليد، و يقع في أوائل السند (7).
ص: 165
1605 عبدُ اللّٰه بن عبد اللّٰه (1) الأَنْبَارِيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1606 عبدُ اللّٰه بن عبيد (3) النَّخَعِيّ: من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4)
أبو عُتَيبَة، الأَسَدِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
المَدَنِيّ، أبو طُوالة، تابعي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
له كتاب في الإمامة، و كتاب الاستعاذة في الطعون عليٰ الأوائل، و الرّد عليٰ أصحاب الاجتهاد و القياس، و الزبيريّون في أصحابنا ثلاثة، هذا. إليٰ
ص: 166
آخره (1)، و هو نصّ في كونه من علمائنا الإمامية، و مؤلّفيهم.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
عنه: عبد اللّٰه بن بكير، في التهذيب، في باب ابتياع الحيوان (1)، و في باب السراري مكرّراً (2).
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، يرويه عنه: ابن أبي عمير (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
في كتاب الغيبة للنعماني في ذكر طريقه إليٰ كتاب سُليم عن: هارون بن محمّد، عن أحمد بن عبد اللّٰه (5) بن جعفر المعلّي الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمر (6) بن جامع بن عمرو بن جندب (7) الكندي، قال: حدثني عبد اللّٰه بن المبارك، شيخ لنا كوفي ثقة. إليٰ آخره (8).
أخو عُقْبة بن مُحْرِز، الجعْفِي، الكُوفِيّ، مولي، رويٰ عن أبي جعفر
ص: 169
و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)، كذا في النجاشي (1)، عنه: جميل بن درّاج، في التهذيب، في باب ميراث الاخوة (2)، و أبان بن عثمان، فيه، في باب ميراث الأولاد (3)، و في الكافي، في باب ميراث الولد (4)، و عمر بن أُذينة، فيه (5)، و في باب [ميراث (6)] الاخوة (7)، و عبد الحميد الطائي، فيه، في باب ميراث الولد، و فيه: عبد اللّٰه بن مُحْرز بياع القلانس (8).
و في الكافي في باب [ميراث (9)] الاخوة: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن عبد اللّٰه بن مُحْرز، أنه سأل الصادق (عليه السّلام): عن رجل ترك ابنته، و أُخته لأبويه، فقال: المال كلّه لابنته، فقال له (عليه السّلام): إنّا احتجنا إليٰ هذه المسألة: رجل مات من أهل الخلاف (10)، و له أُخت مؤمنة، عارفة؟ قال: فخذ النصف لها، خذوا منهم كما يأخذون منكم، قال ابن أُذينة: فذكرت ذلك لزرارة، فقال لي: إِنَّ عليٰ ما جاء به ابن محرز لنوراً (11).
أبو بكر الحَضْرَمي، يروي عنه: ابن أبي عمير (1)، و صفوان (2)، و يونس (3)، و عبد اللّٰه بن مسكان (4)، و جميل بن دراج (5)، و عثمان بن عيسيٰ (6)، و غيرهم من الأجلاء، كما مرّ في (قفح) (7).
و في باب القرع من كتاب الأطعمة (1)، و هو من الثلاثة الذين اتفقوا عليٰ توثيق من رووا عنه، فلا يعارضه استثناء ابن الوليد إِيّاه من رجال النوادر، و تصديق ابن نوح ما فعل، مضافاً إليٰ عدم دلالة الاستثناء عليٰ الضعف، كما مرّ شرحه.
يلقب بنان، مرّ في باب الباء (1).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، و في بعض الأسانيد: الأَزْدِي (4)، عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب الصبر (5)، و في الفقيه، في باب ثواب صوم شعبان (6).
الهُذَلي، أبو عبد الرحمن، جليل القدر، عظيم الشأن، كبير المنزلة.
رويٰ الثقفي في الغارات بإسناده: عن أبي عَمْرو الكِنْدي، قال: كنّا ذات يوم عند علي (عليه السّلام)، فوافق الناس منه طيب نفس و مزاح، فقالوا: يا أمير المؤمنين حدّثنا عن أصحابك. قال: عن أيّ أصحاب تسألوني؟ (7) قالوا: عن أصحاب محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله)، قال: كلّ أصحاب محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله) أصحابي، فعن أيّهم تسألوني؟ قالوا: عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك و بالصلاة عليهم دون القوم، قال (عليه السّلام): من أيّهم؟ قالوا: حدّثنا عن
ص: 173
عبد اللّٰه بن مسعود قال: قرأ القرآن، و علم السنة، و كفي بذلك، قالوا: فواللّٰه ما درينا بقوله: و كفي بذلك، كفيٰ (1) بقراءة القرآن و علم السنة، أَم كفيٰ بعبد اللّٰه، الخبر (2).
و في الخصال بإسناده: عن عيسيٰ بن عبد اللّٰه الهاشمي العمري، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السّلام)، قال: خلقت الأرض لسبعة، بهم يرزقون، و بهم يمطرون، و بهم ينصرون: أبو ذر، و سلمان، و المقداد، و عمار، و حذيفة، و عبد اللّٰه بن مسعود، قال: و أنا إمامهم، و هم الذين شهدوا الصلاة عليٰ فاطمة (سلام اللّٰه عليها) (3).
و رواه فرات بن إبراهيم في تفسيره بإسناده: عن عبيد بن كثير عنه (عليه السّلام) مثله بتغيير يسير (4).
و منهما يظهر انه أحد السبعة، فيما رواه الكشي بإسناده: عن ابن فضّال عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام)، قال: خلقت الأرض لسبعة، بهم يرزقون، و بهم ينصرون، و بهم يمطرون: سلمان الفارسي، و المقداد، و أبو ذر، و عمّار، و حذيفة (رحمهم اللّٰه) و كان علي (عليه السّلام) يقول: و أنا إمامهم، و هم الذين صلّوا عليٰ فاطمة (سلام اللّٰه عليها) (5).
و رواه المفيد في الاختصاص بسنده: عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن ابن فضّال، مثله (6).5.
ص: 174
و في الكشي في ترجمة مالك الأشتر-: عن أبي ذر أنّه قال: أخبرني رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إِنّي أَموت في أرض غربة، و إنه يلي غسلي و دفني و الصلاة عليّ رجال من أُمتي (1) صالحون (2).
و في رواية الاستيعاب: عنه، قال: سمعت عن رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين (3)، و قد صحّ في كتب السير (4)، و كتب الإمامة (5) في مبحث المطاعن: أنه من الّذين شهدوا جنازته، و باشروا تجهيزه.
و قال الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي: رويٰ محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعب القرضي، أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطاً في دفنه أبا ذر، قال الشيخ: فإن قيل: فقد روي أن عبد اللّٰه بن مسعود إنّما كان يطعن عليه يعني عثمان لأنه عزله، قيل: إنّ ابن مسعود عند كلّ من عرفه بخلاف هذه الصورة؛ لأنه لم يكن ممّن يخرج من دينه و يطعن في أمانته بأمر يعود إليٰ منفعة الدنيا (6).
و قال أيضاً في ردّ من زعم ان ضربه عثمان طعن عليه لا عليٰ عثمان، لأن للإمام تأديب غيره ما لفظه: و ذلك إنّما كان طعناً فيه دون ابن مسعود، لأنه لا خلاف بين الأُمة في طهارة ابن مسعود، و فضله، و إيمانه، و مدح0.
ص: 175
رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و ثنائه عليه، و إِنَّه مات عليٰ الجملة المحمودة منه (1)، و في كل هذا خلاف بين المسلمين في عثمان (2).
و في الخصال مسنداً: عن زيد بن وهب، قال: كان الذين أنكروا عليٰ أبي بكر جلوسه في الخلافة، و تقدّمه عليٰ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) اثني عشر رجلًا من المهاجرين و الأنصار، و كان من المهاجرين خالد بن سعيد. إليٰ أن قال: و عبد اللّٰه بن مسعود. إليٰ آخره (3).
و هو من الذين رووا عن رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) أنه نصّ عليٰ أن الأئمة أو الخلفاء من بعده اثنيٰ عشر، أَسنده جماعة من العامة (4) و الخاصة (5) إليه بأسانيد كثيرة.
و في بعض الأسانيد الذي أخرجه [الخزاز (6)] في كفاية الأثر، قال: سمعت رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين (عليه السّلام) و التاسع مهديهم (7).
و من الغريب! أن جميع المترجمين، اقتصروا في ترجمته بما في الكشي، قال: ما روي في ابن مسعود: سُئل الفضل بن شاذان، عن ابن مسعود، و حذيفة، فقال: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود؛ لأن حذيفة كان ركناً (8)،).
ص: 176
و ابن مسعود خلط و والي القوم، و مال معهم، و قال بهم (1)، انتهيٰ.
و لم يشر أحد منهم إليٰ بعض ما نقلناه، فكأنهم عدّوه من الضعفاء، و فيه من الوهن من وجوه ما لا يخفيٰ، مع أن طريق الكشي إليٰ الفضل غير معلوم، و لم يعهد منهم الطعن بكلام منسوب إليٰ أحد بسند مجهول! و مع التسليم، أَنّي له بالمعارضة لما قدّمنا.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
التَّمِيميّ، المِنْقري، الكُوفي من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
القُرَشي، الزُّهْرِيّ، الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
ابن أبي عمير، عن النَّهْدي، عنه، في الفقيه، في باب النوادر، آخر أبواب الكتاب (1).
هَارُون بن مُسلم، عن عبد اللّٰه بن هلال بن خاقان (1)، و لعلّ في أحد الموضعين تصحيفاً.
و عنه: ابن محبوب فيه، في باب ما يلبس المحرم من الثياب- (2) و الحسن بن علي بن فضال في التهذيب، في باب الزيادات في فقه النكاح- (3) و ثعلبة بن ميمون (4)، و عبد اللّٰه بن يحييٰ الكاهلي (5)، و يونس ابن يعقوب (6).
صاحب كتاب في النجاشي (7)، و في الكافي، بإسناده: عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّٰه، قال: كان عبد اللّٰه بن هُليل يقول بعبد اللّٰه، فصار إليٰ العسكر، فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إِنّي عرضت لأبي الحسن (عليه السّلام) لأسأله عن ذلك، فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتي إذا حاذاني، أَقْبَلَ نحوي بشي ء من فيه، فوقع عليٰ صدري، فأخذته فاذا هو رَقٌّ مكتوب: ما كان هنالك و لا كذلك (8).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، عنه: ثعلبة بن ميمون (2)، و أحمد بن محمّد (3)، و الظاهر أنه ابن عيسيٰ.
رضيع الحسين بن علي (عليهما السّلام)، قُتل بالكوفة، ثقة، و كان رسوله (عليه السّلام) رُمي به من فوق القصر، فنكس، فقام إليه عمرو الأزدي فذبحه، و يقال: بل فعل ذلك عبد الملك بن عمير اللخمي (4).
من أصحاب الحسين (عليه السّلام) كذا في نسختين من الجامع (5)، نقلًا عن منهج السيد (6)، و لم أجد كلمة: ثقة في أصحاب الحسين (عليه السّلام) (7)، و لا في كتاب السيد، و لا نقله أحد غيره، و أظن أَنَّه من طغيان القلم، و إن كان هو فوق الوثاقة.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو مالك، النَّخَعِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
انتقل إليٰ البصرة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
يروي عنه: جميل بن دراج (1)، و ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عنه (2)، و عبد اللّٰه بن مسكان (3)، و أبان بن عثمان (4)، و إسحاق بن عمار (5)، و الحكم بن مسكين (6)، و هو صاحب كتاب معتمد، في مشيخة الفقيه (7).
مولاهم، الكوفي، أبو الخراج (1)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البَجَلِي، مولاهم، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من مشايخ الصدوق، الذي يروي عنه مترضياً، و مرّ في (قصح) (3).
الكوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و في الكشي: رويٰ محمّد ابن غالب، عن محمّد بن الوليد [الخزاز (5)]، عن ابن بكير، عن عبد الواحد ابن المختار الأنصاري، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن الشطْرَنْج؟ فقال: إِنَّ عبد الواحد لفي شغل عن اللعب، قال ابن بكير: عبد الواحد ما كان عندي يذكر اللعب حتي يسأل عنه أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) (6).
عنه: زرارة، في التهذيب، في باب أحكام الطلاق (7)، و فضيل بن يسار، في الكافي، في باب الرضا بموهبة الايمان (8)، و أبان بن عثمان،
ص: 186
فيه، في باب أن الأئمة (عليهم السّلام) لو ستر عليهم.، إليٰ آخره (1)، و أبو بصير، في مشيخة الفقيه، في طريق جويرية (2).
1686 عبدُ الوهاب بن بكر (3) النَّخَعِيّ: مولاهم، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
عنه: الحجال، في الكافي، في باب الوفاء و البخس (1)، و في التهذيب، في كتاب المعيشة (2).
ابن عبدُ الرحمن بن أبي ليليٰ الأنْصَاري، الكُوفِي، القاضي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1702 عُبَيْدُ بن عَطِيّة السلَمِي (3):
مولاهم، الخَيّاط، الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
البَجَلِي، أبو محمّد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أبو علي المَدَني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6). هذا هو أبو علي عبيد اللّٰه الأعرج، جدّ السادات الأَعرجيّة، ابن الحسين الأَصغر، عظيم القدر، جليل الشأن.
مرَّ ترجمته في الفائدة الثالثة، في ترجمة السيد مهنا المدني (7).
ص: 190
أبو عبد الرحمن، الهراء، الهَمْدَانِي، الكُوفِي، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
كما مرّ (1).
ابن أبي المختار، العَبَسي، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1724 عتيبة (1) بن عبد الرحمن الكوفي:
بَيّاع القَصَب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: عبد اللّٰه بن المغيرة، في الكافي، في باب المرأة تموت و لا تترك إلّا زوجها (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الكُوفِيّ، رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عبد اللّٰه ابن المُغيرة، عن سعد، عنه، في التهذيب، في باب الإجارات (2).
الكُوفِي، يكني أبا الحسين (3)، رويٰ عنه: إبراهيم بن عبد الحميد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، و صريح صاحب جامع الرواة: أنه صاحب الكتاب المعتمد في مشيخة الفقيه، يرويه عنه: عبد الصمد بن بشير (7)، و عنه: إبراهيم بن عبد الحميد (8).
أبو عَدِي الجُهَني، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9).
ص: 195
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
عنه: علي بن الحكم كثيراً (1).
من أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عظيم الشأن، جليل القدر، قبّله (صلّي اللّٰه عليه و آله) بعد موته (1)، و يكفي في علوّ مقامه قوله (عليه السّلام) في زيارة الشهداء: السلام عليٰ عثمان بن أمير المؤمنين، سَمِيّ عثمان بن مظعون (2).
باب الخلّ و الزيت (1)، و عنه: دُرُسْت بن أبي منصور (2).
الأَزْرَق، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الباقر (عليه السّلام) (1). يروي عنه: الجليل عبد الصمد بن بشير (2).
عثمان (1)، و أبو بصير (2)، و أبو المعزي (3)، و نوح بن دراج (4).
يروي عنه: الحسن بن محمّد بن سماعة (5).
القَمّاط، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
من أصحاب الحسين (عليه السّلام) (7)، و كان معه (عليه السّلام) في كربلاء.
و في الإرشاد في سياق قصّة الطَّفِ عند لقائه الحرّ: فقال الحسين (عليه السّلام) لبعض أصحابه: يا عقبة بن سمعان أخرج الخُرْجَين اللذين فيهما كتبهم. إليٰ آخره.
و فيه أيضاً بعد ذكر خطبته (عليه السّلام) يوم عاشوراء عليٰ ناقته: ثم إنَّه (عليه السّلام) أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان فعقلها. إليٰ آخره (8).
و في مصباح الزائر في زيارة أَول رجب، و النصف من شعبان، و ليلتهما، عند زيارة الشهداء: السلام عليٰ عقبة بن سمعان (9)، و لكن في الكامل لابن الأثير: و أخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان، مولي الرباب ابنة امرؤ القَيْس
ص: 203
الكَلْبِيّة، امرأة الحسين (عليه السّلام) فقال: ما أنت؟ قال: أنا عبد مملوك، فخلّي سبيله، فلم ينج منهم غيره و غير المرقع بن ثمامة. إليٰ آخره (1)، و هو غريب!.
أبو صَالح الخُراساني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
1780 عُقْبة (3) بن صَالِح بن مِيثم:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
والد صالح بن عُقْبة، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
أخو أمير المؤمنين (عليه السّلام)، جليل، عظيم، لا يقتضي المقام نقل ما ورد فيه.
و في البلغة: ممدوح (1)، و في الوجيزة: مختلف فيه، و هذا منهما غريب (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الأسَدِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه، يروي عنه: أبان بن عثمان (2)، و عنه: ابن أبي عمير، في باب من يجب ردّ شهادته (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
إبراهيم بن محمّد العلوي، و دفن عند مسجد السهلة، في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (1).
و يظهر من جميع ذلك مدح معتدّ به، خصوصاً من رواية حميد عنه، لما مرّ في ترجمته (2).
كُوفِيّ، و في بعض النسخ: ابن الأحمسي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: ابن أبي عمير، في الكافي، في باب الاعتراف بالذنوب (2)، و في باب تعجيل عقوبة الذنب (3)، و علي بن الحكم، في باب معنيٰ الزهد (4).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
وثّقه النجاشي (2)، و الخلاصة في ترجمة أخيه محمّد (3). عنه: علي ابن رئاب، في التهذيب، في باب من يحرم نكاحهن من النساء (4).
و السيد المرتضيٰ (1)، و محمّد بن أحمد بن داود (2)، و محمّد بن وهبان (3)، و هم عيون الطائفة، و نقّاد الأحاديث، كيف يحتمل عادة اجتماعهم عليٰ الرواية عن غير الثقة؟!.
له كتاب في النجاشي، يرويه عنه: ابن أبي عمير (4).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
وثقه في المنتقي (6)، و مشرق الشمسين (7)، و في غيبة الشيخ بالسند الصحيح: عن محمّد بن عيسيٰ، قال: كتب أبو الحسن العسكري (عليه السّلام) إليٰ الموالي ببغداد، و المدائن، و ما يليها: قد أقمت أبا علي بن راشد، مقام علي بن الحسين بن عَبْد ربه، و من قبله من وكلائي، و قد أوْجَبَت في طاعته طاعتي، و في عصيانه الخروج إليٰ عصياني، و كتبت بخطّي (8). كذا.
و قد صرّح جمع باتحاده مع علي بن الحسين بن عبد اللّٰه، الممدوح، بل الوكيل، يطلب شرحه من المطوّلات (9).
ص: 213
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) المَدَنِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) و في رجال ابن داود معظم (2).
الصلاة (1)، و عبد اللّٰه بن بكير، فيه، في باب كيفية الصلاة (2)، و علي بن رئاب (3)، و المعلّيٰ بن عثمان (4)، و زياد بن عيسيٰ أبو عبيدة الحذاء (5).
و روي البرقي في المحاسن: عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن عبد الأعلي، قال: سأل علي بن حنظلة أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن مسألة و أنا حاضر فأجابه فيها، فقال له علي: فإنّ كان كذا و كذا، فأجابه بوجه آخر؛ حتي أجابه بأربعة أوجه، فقال علي بن حنظلة: يا أبا محمّد هذا باب قد أحكمناه، فسمعه أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال له: لا تقل هكذا يا أبا الحسن، فإنّك رجل ورع إنَّ من الأشياء أشياء مضيّقة؛ ليس تجري إلّا عليٰ وجه واحد؛ منها وقت الجمعة، ليس لوقتها إلّا حدّ واحد حين تزول الشمس، و من الأشياء أشياء موسّعة؛ تجري عليٰ وجوه كثيرة، و هذا منها، و اللّٰه ان عندي لسبعين وجهاً (6).
و رواه الصفار في البصائر، في الصحيح: عن ابن مسكان مثله (7).
و رواه المفيد في الاختصاص، بإسناده: عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع، عن علي بن النعمان مثله (8).
و في التهذيب بإسناده: عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبد اللّٰه7.
ص: 215
ابن جبلة، قال: حدثني غير واحد من أصحاب علي بن أبي حمزة، عن علي بن أبي حمزة، أنه سأل أبا الحسن (عليه السّلام): عن المطلّقة عليٰ غير السنة أتزوجها؟ فقال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم، و تزوّجوهنَّ، فلا بأس بذلك.
قال الحسن: و سمعت جعفر بن محمّد بن سماعة، و سئل عن امرأة طلقت عليٰ غير السنة إلي أَنْ أَتزوجها؟ فقال: نعم، فقلت له: أ لست تعلم أَن علي بن حنظلة رويٰ: إياكم و المطلّقات ثلاثاً، فإنهن ذوات أزواج؛ فقال: يا بني رواية علي بن أبي حمزة أوسع عليٰ الناس، الخبر (1).
و في التعليقة: يظهر من رواية ابن سماعة مقبوليّة رواية علي بن حنظلة عندهم؛ و وثوقهم بقوله، و اعتمادهم عليه (2).
بالعسكر (1)، فبلغني أن هناك رجلًا محبوساً أُتي من ناحية الشام مكبولًا، و قالوا: إنَّه تنبّأ، قال: و أتيت الباب و داريت البوابين حتي وصلت إليه، فاذا رجل له فهم و عقل، فقلت له: يا هذا ما قِصّتُك؟ و ساق القصة؛ و فيها: أن الجواد (عليه السّلام) سار به من الشام إليٰ الكوفة، و منها إليٰ المدينة، و منها إليٰ مكّة، و منها إليٰ الشام، في قليل من الزمان مرّتين في سنتين، فحدّث بها، فسمعه محمّد بن عبد الملك الزيّات، فأخذه و قيّده و أرسله إليٰ العراق، فَعَلّمَهُ أَن يرفع قصّته إِليه، ففعل.
فوقّع: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة. إليٰ آخره، أن يخرجك من حبسك هذا.
قال علي بن خالد: فغمني ذلك، ثم ذكر أنه (عليه السّلام) أخرجه من الحبس في ليلته، قال (رحمه اللّٰه): و كان هذا الرجل أعني علي بن خالد زيدياً، فقال بالإمامة لمّا رأي ذلك، و حسن اعتقاده (2).
و الحسن بن محمّد بن سماعة (1)، و الحسن بن علي بن فضّال (2).
الأَسَدي، و كان من العبّاد، كذا في رجال الشيخ، في رجال علي (عليه السّلام) (3).
محبوب، في الكافي، في باب المرأة تحيض بعد دخول الوقت (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب ميراث ولد الزنا (3)، و في التهذيب، في باب الاشهاد عليٰ الوصيّة (4)، و في باب الرجوع في الوصية (5)، و في باب الزيادات في كتاب الوصيّة (6)، و في باب ميراث ابن الملاعنة (7)، و عثمان بن عيسيٰ (8).
و قد أوضحنا في (شفب) (9) فساد توهم من زعم أن سالم اسم أبي حمزة البطائني، فصاحب الترجمة علي بن أبي حمزة المعروف، فلاحظ.
عنه: عمر بن أُذينة، في التهذيب، في باب أحكام الجماعة (1).
العدل، في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: أخبرنا جماعة، عن التلَّعكبري، عن أبي علي بن أحمد الرازي الأيادي (1)، قال: أخبرنا الحسين ابن علي، عن علي بن سنان الموصلي العدل (2).
1854 علي بن (1) الصامت:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
يروي عنه الصدوق مترضيا (1).
الشيْباني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الترجمة أنهم برقيّون.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
في الكشي في ترجمة علي بن عبد الغفار-: خبر شريف فيه مدحه (2).
ابن علي بن أبي طالب عليهم السّلام، المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، هو من أجداد السيدين المرتضيٰ و الرضي من طرف أُمّهما، قال في أول الناصريات: و أمّا علي بن عمر الأشْرف، فإنَّه كان عالماً، و قد رويٰ الحديث (4).
و في الكافي بإسناده عن إسحاق بن جعفر (عليه السّلام) قال: كنت عند أبي يوماً فسأله علي بن عمر بن علي فقال: جعلت فداك إليٰ من نفزع و يفزع الناس بعدك؟ فقال: إليٰ صاحب الثوبين الأصفرين و الغديرتين يعني الذؤابتين و هو الطالع علينا من الباب، يفتح الباب بيديه جميعاً، فما لبثنا أن طلع علينا كفان أخذت بالبابين ففتحهما ثم دخل علينا أبو إبراهيم (عليه السّلام) (5).
الكُوفِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
يكنّي أبا سهل (2)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
يروي عنه الصدوق مترضياً (4)؛ و ربما قال: المجاور في مسجد الكوفة (5).
في النجاشي في ترجمة ابنه محمّد-: كان وجهاً بقم، و أميراً عليها من قبل السلطان، و كذلك كان أبوه (6).
و صرّح في التعليقة بحسنه (7) من هذه العبارة، و هو مبني عليٰ عدم كون المراد من الوجه في المقام الوجاهة في الدين، بل مطلق الشهرة، و كونه ممن يرجع إليه، و إلا فهو من ألفاظ التعديل عند المحققين.
ابن الهُذَيل، الشاعر الكُوفِيّ، و أَخوه محمّد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8).
ص: 227
في باب السمك (1).
ابن محمّد بن مسرور، أبو الحسن، له كتاب فضل العلم، يرويه عنه: أخوه الجليل جعفر بن محمّد بن قولويه، كما في النجاشي (2)، و يفهم منه كما في التعليقة (3) إماميّته، و فضله، و جلالته.
صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (4)، و يروي عنه: الفقيه الثقة حَمْدان القلانسي (5)، و إبراهيم بن مهزيار (6)، و محمّد بن سنان (7).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8).
القُرَشي، الكُوفِيّ، في النجاشي في ترجمة شيخه ابن عبدون-: و كان قد لقي أبا الحسن علي بن محمّد القرشي، المعروف بابن الزبير، و كان علوّاً في الوقت (9).
و عن المحقق الداماد: هو ابن الزبير المعروف عند الأصحاب، شيخ
ص: 229
الشيوخ، و راوية للأُصول، قال النجاشي: و كان علوّاً في الوقت، أي كان غاية في الفضل، و العلم، و الثقة، و الجلالة، في وقته و أوانه (1)، انتهيٰ.
قلت: بل في قوله: كان قد لقي أبا الحسن. إليٰ آخره، إشارة إليٰ ذلك أيضاً، فإنّه بحسب العادة لا يقال ذلك إلّا في حقّ الجليل.
و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام): رويٰ عن علي بن الحسن بن فضال جميع كتبه، و روي أكثر الأصول، رويٰ عنه: التلَّعكبري، أخبرنا عنه: أحمد ابن عبدون، مات سنة ثمان و أربعين و ثلاثمائة، و دفن في مشهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) (2)، انتهيٰ.
و هو أحد المشايخ الذين أكثروا من الاعتماد عليهم في ذكر طرقهم إلي أرباب المؤلفين. و من جميع ذلك ظهر أنَّ حكم الشيخ البهائي (3)، و سيّد المدارك (4)، بصحة السند من جهته في محلّه. و قد مرّ في آخر الفائدة السادسة ما ينفع المقام (5).
الأَشْعَري، من مشايخ محمّد بن الحسن بن الوليد، كما في من لم
ص: 230
يرو عنهم (عليهم السّلام) (1).
أبو الحسن [في النجاشي (2)]: كان فقيهاً، مكثراً من الحديث، فاضلًا، غمز عليه أحمد بن محمّد بن عِيسيٰ، و ذكر أنه سمع منه مذاهب منكرة، و ليس في كتبه ما يدلّ عليٰ ذلك. له كتاب التأديب، و هو كتاب الصلاة، و هو موافق كتاب ابن خانبة، و فيه زيادات في الحج، و كتاب الجامع في الفقه كبير، أخبرنا: علي بن أحمد بن محمّد بن طاهر، قال: حدثنا محمّد بن الحسن، قال: حدثنا سعد، عن علي بن محمّد بن شِيرة القاساني بكتبه (3). و ظاهره كون علي عنده (4) من الأجلاء، و عدم الاعتناء بغمز ابن عيسيٰ.
و يؤيّده رواية ابن الوليد كتبه، بتوسط مثل سعد بن عبد اللّٰه، و يروي عنه أيضاً من الأجلاء: محمّد بن علي بن محبوب (5)، و علي بن إبراهيم (6)، و محمّد بن عيسيٰ بن عبيد (7)، و يؤيّده أيضاً ما في رجال الشيخ: علي بن شيرة ثقة (8)، و أمّا قوله فيه بلا فصل: علي بن محمّد القاشاني، ضعيف
ص: 231
أصفهاني، من ولد زياد مولي عبد اللّٰه بن العباس، من آل خالد الأزهر (1).
فإن قلنا بالاتحاد، كما عليه بعضهم (2)، فيتعارض توثيقه تضعيفه و يسقط عن الاعتبار [و (3)] يؤيّد الأول بما في النجاشي، و يوهن الثاني بكونه مأخوذاً عن المنقول عن أحمد الذي استضعفه في النجاشي، مضافاً إليٰ رواية الأجلّاء عنه ممّن تقدّم، و الصفار (4)، و إبراهيم بن هاشم (5)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (6)، و غيرهم (7).
و إن قلنا بالتغاير فابن شيرة ثقة لا معارض له سويٰ غمز أحمد. و في التعليقة: رويٰ عنه محمّد بن أحمد بن يحييٰ، و لم يستثن (8).
هو بعينه علي بن محمّد بن زياد الصيمري، قال رضي الدين علي بن طاوس في كتاب فرج المهموم: ذكر بعض أصحابنا في كتاب الأوصياء، و هو كتاب معتمد، رواه الحسن بن جعفر الصيمري، و مؤلفه علي بن محمّد الصيمري، و كانت له مكاتبات إليٰ الهادي و العسكري (عليهما السّلام)، و جوابهما إليه، و هو ثقة، معتمد عليه (9).
ص: 232
و في مهج الدعوات: فمن الخلفاء الذين أرادوا قتله (عليه السّلام) يعني أبا محمّد العسكري (عليه السّلام)، المسمي بالمستعين من بني العباس، روينا ذلك من كتاب الأوصياء و ذكر الوصايا، تأليف السعيد علي بن محمّد بن زياد الصيْمَري، من نسخة عتيقة عندنا، قال: و كان (رضي اللّٰه عنه) قد لحق مولانا علي ابن محمّد الهادي، و مولانا الحسن بن علي العسكري (صلوات اللّٰه عليهما) و خدمهما، و كاتباه، و دفعا (1) إليه توقيعات كثيرة (2).
و لأبي علي هنا وَهْمٌ أشرنا إليه في ترجمة جعفر بن محمود (3). و في الكافي في باب مولد صاحب الأمر (عليه السّلام): عن علي بن محمّد، عن ابن عقيل عيسيٰ بن نصر، قال: كتب علي بن زِياد الصيمري يسأل كفنا، فكتب (عليه السّلام) إليه إنك تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين، و بعث (عليه السّلام) إليه بالكفن قبل موته بأيام (4).
و في دلائل الطبري: حدثني أبو المفضل، قال: حدثني محمّد بن يعقوب، قال: كتب علي بن محمّد الصيمري يسأل الصاحب (عليه السّلام) كفناً يتبيّن ما يكون من عنده، فورد: أنّك تحتاج إليه سنة إحديٰ و ثمانين، فمات في الوقت الذي حدّه، و بعث إليه بالكفن قبل أن يموت بشهر.
و قال علي بن محمّد الصيمري: كتبتُ إليه أسأله عمّا عندك من العلوم، فوقّع (عليه السّلام): علمنا عليٰ ثلاثة أوجه: ماض، و غابر، و حادث، أمّا الماضي: فتفسير، و أمّا الغابر: فموقوف، و أمّا الحادث: فقذف7.
ص: 233
في القلوب، و نقر في الإسماع، و هو أفضل علمنا، و لا نبيّ بعد نبيّنا (صلّي اللّٰه عليه و آله) (1).
ابن إسحاق بن عمّار الصَّيْرَفِيّ، الكِسَائِيّ، الكُوفِيّ، العِجْلي، من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارة (1)، و يروي عنه أيضاً من شيوخ الطائفة: التلعكبري (2)، و محمّد بن أحمد بن داود (3).
محمّد بن الفرج (1)، و سهل بن زياد (2).
صاحب كتاب في النجاشي، يرويه عنه الجليل: أحمد بن ميثم (3)، و عنه: العباس بن عامر (4).
1904 علي بن المُغيرة (5) الزُّبيدي:
الأزْرق، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6)، عنه: حماد بن عثمان، في الروضة بعد حديث رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) (7)، و جميل بن دراج، في التهذيب، في باب أحكام الأرضين (8)، و ابن أبي نجران (9)، و يحيي بن إبراهيم بن أبي البلاد (10).
ص: 236
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الصائِغ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، عنه: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في أواخر كتاب المكاسب (2)، و ابن مسكان، فيه، في باب الإجارات (3)، و الحسن بن محمّد بن سماعة (4)، و علي بن الحكم (5)، و علي بن حديد (6)، و عبيس بن هشام (7)، و أبو داود المسترق (8).
و جعفر بن بشير في الكشي في الصحيح عنه، قال: دخلت عليه يعني أبا عبد اللّٰه عليه السّلام أسأله (9)، فقلت: إنّي أدين اللّٰه بولايتك و ولاية آبائك و أجدادك (عليهم السّلام)، فادع اللّٰه أن يثبّتني فقال: رحمك اللّٰه، رحمك اللّٰه (10).
و لا يخفيٰ أن كونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام) و رواية صفوان عنه، ثمَّ ابن مسكان من أصحاب الإجماع و غيرهم من الأجلّة، و ابن بشير الذي قيل في حقّه: رويٰ عن الثقات كلّها من أمارات الوثاقة، و يؤيّدها الخبر (11)، بل اعتمد عليه العلّامة (12) في قبول خبره، و إن ناقشه
ص: 238
الشهيد (1) بما هو مدفوع في التعليقة (2).
و في النجاشي: له كتاب يرويه عنه جماعة (3). فقول الغضائري: حديثه يعرف و ينكر، و يجوز أن يخرج شاهدا (4)، ينبغي أن يعدّ من أوصاف كلامه فتبصّر.
عنه: ابن أبي عمير، مرّتين في الكافي، في باب زيارة الاخوان (5).
1913 علي بن يزيد الأخنسي (1):
الكُوفِيّ، مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
له كتاب، يرويه عبيس بن هشام الناشري، في النجاشي (1)، و يأتي ما فيه في الذي يليه.
أبو اليَقْظَان، البَكْرِيّ، الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب درجات الايمان (3)، و في الفقيه، في باب ولاء المعتق (4)، و في التهذيب، في باب العتق (5)، و في باب الزيادات في كتاب الميراث (6).
و في التعليقة: الظاهر اتحاده مع السابق (7)، وفاقاً للسيد مصطفي (8)، و نقل في المنتهيٰ الحكم بالاتحاد عن صاحب مجمع الرجال (9).
الكُوفِيّ، مولي، و أخوه حفص، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (10).
ص: 241
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن علي بن الحكم و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّٰه، عن إسماعيل بن مهران جميعاً، عن سيف بن عميرة، عن عبد اللّٰه بن مسكان، عن عمّار بن حيّان، قال: خبّرت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) ببرّ إسماعيل ابني لي، فقال: لقد كنت أُحِبُّهُ، و قد ازددت له حُبّاً (1).
أبو عَاصِم السَّجِسْتانِي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). عنه: أبو المعزي (2).
عنه: عبد اللّٰه بن مسكان، في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج (3).
عدّه الكشي مع جماعة من أصحابنا ممّن رويٰ عنهم: محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع (4). فالظاهر أنّه من أصحابنا المعروفين؛ و يؤيده رواية أحمد بن محمّد بن عيسيٰ عنه، في الكافي، في باب الدعاء للعلل و الأمراض (5)، و في التهذيب، في باب المسنون من الصلاة (6).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
في أصحاب الرضا (عليه السّلام)، رويٰ عنه: الحسن و الحسين ابنا
ص: 244
سعيد (1).
مولاهم، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
يأتي في عمر، و في أخيه محمّد (2).
ثابت بن هُرْمُزْ، العِجْلِيّ، مولاهم، كُوفِيّ، تابعي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) أوضحنا وثاقته في (رلد) (4).
العربي، يأتي في عمر (5).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
و ابنه إلياس، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
و في النجاشي: إلياس البجلي، كوفي، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه و أبي جعفر (عليهما السّلام) و هو أبو إِلياس بن عمرو، رويٰ عنه: ابن جَبَلة، له
ص: 246
كتاب (1).
ثم ذكر طريقه إليه عن شيخه الحسين الغضائري. و منه يظهر اعتباره.
مولاهم، الأعْشيٰ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) له كتاب في الفهرست (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
قال: قلت له: إِنّي لا ألقاك إلّا في السنين، فأخبرني بشي ء آخذ به، فقال: أوصيك بتقويٰ اللّٰه، و الورع، و الاجتهاد، و اعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه (1).
و في التهذيب بإسناده: عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد اللّٰه بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن وقت صلاة الظهر في القَيْظ فلم يجبني، فلمّا كان بعد ذلك، قال لعمرو بن سعيد بن هلال: انَّ زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القَيْظ فلم أخبره، فحرجت (2) من ذلك، فاقرأه منّي السلام، و قل له: إذا كان ظلّك مثلك فصلّ الظهر، و إذا كان ظلّك مثليك فصل العصر (3).
و لا يخفيٰ أن مبلّغ الأحكام منهم لا يكون غير الثقة، و لذا قال شارح المشيخة: رويٰ الشيخ في الموثق ما يدل عليٰ توثيقه في باب الأوقات (4).
هذا و من جعله فطحيّاً فهو لظنّه اتحاده مع المدائني (5). و هو فاسد، مع عدم ثبوته فيه أيضاً (6).ج.
ص: 249
النَّبْهاني، كُوفِيّ، يكنّي أبا الأسود، مات سنة إحديٰ و ثمانين و مائة، و له تسع و ثمانون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أن أبا إسحاق و اسمه عمر (1) بن عبد اللّٰه السَّبيعيّ صلّيٰ أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة، و كان يختم القرآن في كلّ ليلة، و لم يكن في زمانه أعبد منه، و لا أوثق منه في الحديث، عند الخاص و العام، و كان من ثقات علي بن الحسين (عليهما السّلام)، و ولد في الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين (عليه السّلام) و له تسعون سنة، و هو من همدان (2)، انتهيٰ.
أكثر من الرواية عن الحارث الأعور، و أكثر من الرواية عنه: أبو حمزة الثمالي، و صرّح في المنهج (3)، و التلخيص (4)، بكونه من العامة. و يبعدّه ما رواه في الكافي، في باب أن الأرض لا تخلو من حجّة، في الصحيح: عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، عمّن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام): أن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: اللهم إنّك لا تخلي أرضك من حجّة عليٰ خلقك (5).
و رواه في باب الغيبة بهذا السند: عنه، عنه، عنه، عنه (عليه السّلام) هكذا: اللهم و إني لأعلم أنَّ العلم لا يأرز (6) كلّه، و لا ينقطع موادّة، و أنك لا تخلي أرضك من حجّة لك عليٰ خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حجتك، و لا تضل أولياءك بعد إذ هديتهم، الخبر (7). و هو3.
ص: 252
معروف مشهور لا يرويه إلّا من أخذ بأُصول الإمامية.
يكنّي أبا ثُمامة، من أصحاب الحسين (عليه السّلام) في رجال الشيخ (1).
و قال المفيد في الإرشاد، في سياق قصّة مسلم بن عقيل و دخول معقل عليه للبيعة حيلة، قال: فأخذ مسلم بن عقيل بيعته، و أمر أبا ثُمامة الصائدي يقبض المال منه، و هو الذي كان يقبض أموالهم و ما يعين به بعضهم بعضاً، و يشتري لهم (2) السلاح، و كان بصيراً، و فارساً من فرسان العرب، و وجوه الشيعة (3).
و هو الذي قال للحسين (عليه السّلام) يوم عاشوراء: نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، و لا و اللّٰه لا تقتل حتي أُقتل دونك، و أُحب أن ألقيٰ اللّٰه ربي و قد صلّيت هذه الصلاة، فرفع الحسين (عليه السّلام) رأسه إليٰ السماء، و قال: ذكرت الصلاة جعلك اللّٰه من المصلين،. الخبر (4).
أبو مروان، هو ابن باب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
1974 عَمْرو بن عُمَير بن مِحْجَن (1):
الحَنَفِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو عبد اللّٰه، المُلّائي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). في التهذيب، في باب المكاتبة: الحسين بن سعيد، عن أبي أحمد، عن عمر صاحب الكرابيس (4). و الظاهر أن المراد بأبي أحمد: ابن أبي عمير (5).
في الكافي، في باب أن الإمامة عهد من اللّٰه: عن محمّد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير و جميل، عن عمرو ابن مصعب، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: أ ترون أن المؤمن منّا يوصي إليٰ من يريد، لا و اللّٰه، و لكن عهد من رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ رجل فرجل، حتي انتهيٰ إليٰ نفسه (1).
و المتن يشير إليٰ إماميّته، و السند إليٰ وثاقته.
الكُوفيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
النَّخَعِيّ، مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
1993 عَمْرو بن يَزِيد (4) الهَمْدَانيّ:
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
ذكره البرقي في رجال الصادق (عليه السّلام) (6) عنه: الفقيه ثعلبة بن ميمون، في الكافي (7)، و التهذيب، في باب الكفاءة في النكاح (8).
ابن أُمّ سَلَمة، ربيب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و من رجال علي (عليه السّلام) (9) ولّاه البحرين، و في نهج البلاغة: و من كتاب له إليٰ عمر بن أبي سلمة المخزومي،
ص: 258
عامله عليٰ البحرين، فعزله و استعمل النعمان بن عجلان الزرقي مكانه:
أمّا بعد فاني قد ولّيت النعمان بن عجلان الزرقي عليٰ البحرين، و نزعت يدك بلا ذمّ لك و لا تثريب، فلقد أحسنت الولاية، و أدّيت الأمانة، فأقبل غير ظنين، و لا ملوم، و لا متهم، و لا مأثوم، فقد أردتُ المسير إليٰ ظَلَمة أهل الشام، و أحببت أن تشهد معي، فإنك ممّن أستظهر به عليٰ جهاد العدو، و إِقامة عمود الدين إن شاء اللّٰه (1).
و في صدر كتاب سُلَيم بن قَيْس بعد ذكر حال سليم و كتابه ثم قال أبان: فحججتُ من عامي ذلك، و دخلت عليٰ علي بن الحسين (عليهما السّلام) و عنده أبو الطفيل عامر بن واثِلة صاحب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله)، و كان من خيار أصحاب علي (عليه السّلام)، و لقيت عنده عمر بن أبي سلمة، ابن أمّ سلمة زوجة النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) فعرضته يعني كتاب سليم عليه [و عليٰ أبي الطفيل و عليٰ (2)] علي بن الحسين (صلوات اللّٰه عليه) ذلك أجمع ثلاثة أيام، كلّ يوم إليٰ الليل، و يغدو عليه عمر و عامر، فقرأت عليه ثلاثة أيام، فقال لي: صدق سليم (رحمه اللّٰه) هذا حديثنا كلّه، نعرفه.
و قال أبو الطفيل و عمر بن أبي سلمة: ما فيه حديث إلّا و قد سمعته من علي (صلوات اللّٰه عليه) و من سلمان، و من أبي ذر، و من المقداد، الخبر (3).
و فيه (4) و في الاحتجاج: قال سليم: سمعت عبد اللّٰه بن جعفر بن أبي3.
ص: 259
طالب قال: قال لي معاوية: ما أشد تعظيمك للحسن و الحسين (عليهما السّلام). و ساق الخبر، و فيه: إن عبد اللّٰه أخبره ببعض ما قاله رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في حقّ علي و الأئمة من ولده (عليهم السّلام) و نصّه عليهم بالإمامة بمحضر جمع سمّاهم، و فيهم عمر بن أبي سلمة. إليٰ أن قال: قال معاوية للحسن و الحسين عليهما السّلام [و ابن عباس (1)]: ما يقول ابن جعفر؟ قال ابن عباس و معاوية بالمدينة أول سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل علي (عليه السّلام)-: أرسل إليٰ الذين سمّاهم، فأرسل إليٰ عُمَر بن أبي سلمة، فشهدوا جميعاً أنَّ الّذي قاله ابن جعفر حقّ، الخبر (2).
و في تقريب ابن حجر بعد الترجمة-: صحابيّ صغير، و أمَّره عليّ (عليه السّلام) عليٰ البحرين، و مات سنة ثلاث و ثمانين عليٰ الأصح (3).
فعُلم من جميع ذلك ان قول أبي علي في رجاله: قتل بصفين (4) من أغلاطه.
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
القَلّاء، مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
قلت: زعم بعضهم اتحادهما (2)، و الأكثر عليٰ التغاير (3)، و إن الأول بتري، و الثاني واقفي، و الوثاقة لا تنافيهما.
و في التهذيب، في باب الزيادات، في فقه الحج: صفوان عن عمر ابن رباح (4)، و كذا في الاستبصار، في باب إتمام الصلاة في الحرمين (5)، و في الكافي، في باب من طلق لغير السنة و الكتاب: أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان، عنه (6).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو حَفْص، الثَّوْرِيّ، الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، أخي (2) سفيان، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
المُسْلِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5) و في الفقيه: عمرو (6)، و في الكافي، في باب أن صاحب المال أحقّ بماله: ثعلبة بن ميمون، عن أبي الحسن عمر بن شداد، عنه (7)، عنه في التهذيب أيضاً (8).
البَصْرِيّ، أبو الوليد، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (9).
ص: 265
عنه: ابن أبي عُمير، في الكافي، في باب الطواف و استلام الأركان (1)، و في الفهرست: له كتاب، رواه عنه: ابن أبي عمير (2).
ابن يَزِيد، صاحب كتاب في الفهرست (1)، و النجاشي (2)، يرويه عنه: محمّد بن علي بن محبوب، و يروي عنه: محمّد بن أحمد بن يحييٰ كثيراً، في الكافي (3)، و التهذيب (4)، و لم يُستثن.
2033 عُمر (1) بن مَزْيَد الجُعْفِيّ:
الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
العَدَوِيّ، الحَنْظَلِيّ، الكُوفِيّ، مات سنة سبع و خمسين و مائة، و له سبع و سبعون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2052 عِمران (1) بن شِفَاء الأَصْبَحِيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و في النّجاشي: كوفي، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) عنه: علي بن الحسن الطاطري (3).
يستثن و أحمد بن إدريس (1)، و محمّد بن الحسن الصفار في البصائر كثيراً (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أخو أبي الربيع السمّان، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) عنه: أبان بن عثمان، في الكافي، في باب المني و الوذي (4)، و في التهذيب، في باب الأحداث الموجبة للطهارة (5)، و في باب حكم الجنابة (6)؛ و عبد اللّٰه بن مسكان، فيه، في باب الأغسال من أبواب الزيادات (7)، و في باب أحكام السهو في الصلاة (8)، و في الكافي، في باب التشهد في الركعتين الأولتين (9)؛ و ابن أبي عمير، في الفقيه، في باب ما أحلّ اللّٰه عزّ و جلّ من النكاح (10)؛ و عبد اللّٰه بن بكير، فيه، في باب حدّ المماليك في الزنا (11)، و في الكافي، في باب ما
ص: 275
يجب عليٰ المماليك من الحدود (1) إلّا ان فيه مصعب العابد، و صرّح في الجامع بأن العابد زيادة من النساخ- (2) و جعفر بن بشير، فيه، في كتاب العشرة (3)؛ و مالك بن عطية (4)، و منصور بن حازم (5)، و ابن سنان (6)، و حماد بن عيسيٰ عن ابن سنان عنه (7) و المراد منه عبد اللّٰه و إسحاق بن عمار (8)، و عاصم بن حميد (9)، و أبو المعزي (10)، و منصور بن يونس (11).
و في الكافي، و التهذيب، في الصحيح: عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أحدهما (عليهما السّلام): لا يجبر الرجل إلّا عليٰ نفقة الوالدين و الولد، قلت لجميل: فالمرأة؟ قال: قد رويٰ أصحابنا و هو عنبسة بن مصعب، و سورة بن كليب عن أحدهما (عليهما السّلام): انه إذا كساها. (12) الحديث.
و في التعليقة، و في الصحيح: عن محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن6.
ص: 276
أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عنبسة، و ربّما يروي عنه بواسطة منصور بن حازم، و بواسطة ابن مسكان (1).
و في الكشي: قال حمدويه: عنبسة بن مصعب ناووسي، واقفي عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (2).
و الناووسية لا تنافي الوثاقة المستفادة من رواية ابن أبي عمير و صفوان، و سائر الأجلّة عنه، و من كونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
بل في التعليقة: و لعلّ نسبته إليٰ الناووسية بسبب ما روي عنه عن الصادق (عليه السّلام) أنه قال: من جاءكم يخبركم أنه غسّلني، و كفنني، و دفنني، فلا تصدقوه. و إلي هذه الرواية استند الناووسية، و الرواية قابلة للتوجيه بأن هذا الكلام منه كان في زمان خاص و من جهة خاصّة. إليٰ آخره (4).
و في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن علي بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عَنْبسة بن مصعب، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: أشكو إليٰ اللّٰه وحدتي، و تقلقلي من أهل المدينة، حتي تقدموا و أراكم و أسرّ بكم، فليت هذه الطاغية أذن لي، فاتخذت قصراً فسكنته، و أسكنتكم معي، و أضمن له أن لا يجي ء من ناحيتنا مكروه أبداً (5).ة.
ص: 277
كُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
في الكشي مسنداً: عن ابن أبي نجران، عن أبي عمران، عن فرات ابن أحْنف، قال: العُقَيلي كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) و كان حَمّاراً (4)، و لكنّه يؤدي الحديث كما سمع (5).
و في أمالي المفيد (6)، و أبي علي (7)، خبر مسند ينتهي إليٰ الفَجِيع العُقَيلي، ذكر فيه وصايا أمير المؤمنين (عليه السّلام) عند وفاته.
2080 عَوْق مولي (1) عبد الرّحيم:
ابن نَصْر البَارِقيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
رويٰ عنه: علي بن النعمان، و في موضع آخر: عيسيٰ بن حسان الكاتب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البَكْري، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو أحمد النَّخَعِيّ، مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر، في الكافي، في باب فضل فقراء المسلمين (5)، و ابن بكير، في باب الشهور التي يستحب فيها العمرة (6)، و الحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج، مرّتين (7)، و جعفر بن بشير، فيه، في كتاب المكاسب (8).
كُوفِيّ، من أصحابنا، قليل الرواية، رويٰ عن أبي الحسن موسي (عليه السّلام)
ص: 281
له كتاب التفسير، كذا في النجاشي (1).
و يظهر منه أنه من مؤلّفي الإمامية، و لذا حكم بحسنه في: البلغة (2)، و الوجيزة (3)، و التعليقة (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أبو يحييٰ، عداده في الكوفيين، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
قلت: هو الملقب بمؤتم الأشبال، خرج مع إبراهيم بن عبد اللّٰه، ثم استتر إليٰ أن مات أيام الهادي لعنه اللّٰه، و له عثرة بالنسبة إليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) مذكورة في الكافي (7)، إلّا ان الظاهر أنه تاب، و لذا رويٰ عنه في الأُمور الدينية، كما في التهذيب، في باب وصيّة الصبي (8) و غيره، و في الكافي، في باب النشو من كتاب العقيقة (9).
ابن أبي الجَعْد، النَّخَعِيّ، مولاهم، كُوفِيّ، من أصحاب
ص: 282
الصادق (عليه السّلام) (1).
ابن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) الهاشمي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، و هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (2).
ذكرنا حسن حاله بل جلالته و علوّ مقامه في (رمح) (3)، و كان الصادق (عليه السّلام) خاله، كما صرّح به الصدوق في كمال الدين، في باب ما روي عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) (4).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
2108 عيسيٰ بن عَمْرو مولي الأنصاري (6):
رويٰ عنه: منصور بن حازم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7) و في رجال البرقي: من أهل فارس، خدم أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) سنين، عنه (8): سيف بن عميرة (9).
الكُوفِيّ، ينزل همدان، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (10).
ص: 284
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2111 عيسيٰ بن الفرج السّلولي (2):
مولاهم، كُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
القُرَشي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو جعفر الرازي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
أبو موسي البَجَليّ، الضَّرِير، في النجاشي: رويٰ عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام)، و لم يكن بذاك و له، كتاب الوصيّة، رواه شيوخنا عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثنا أبو عيسيٰ عبيد اللّٰه بن الفضل بن هلال بن الفضل بن محمّد بن أحمد بن سليمان الصابوني، قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن محمّد، قال: حدثنا أبو يوسف الوحاظيّ و الأزهر بن بسطام بن رستم و الحسن بن يعقوب، قالوا: حدثنا عيسيٰ بن المستفاد، و هذا الطريق مصري فيه اضطراب، ثم ذكر
ص: 285
طريقاً آخر إليٰ عبيد اللّٰه (1).
و في الفهرست: له كتاب رواه عبيد اللّٰه بن عبد اللّٰه الدِّهقان (2)، و في الخلاصة: له كتاب الوصية، لا يثبت سنده، و هو في نفسه ضعيف (3).
قلت: هذا الكتاب قد اعتمد عليه الأعاظم من الشيوخ، فأخرج منه ثقة الإسلام في الكافي في باب أنّ الأئمة (عليهم السّلام) لم يفعلوا شيئاً و لا يفعلون إلّا بعهد من اللّٰه عزّ و جلّ. إليٰ آخره (4) حديثاً طويلًا.
و قال السيد الرضي في كتاب الخصائص: حدثني هارون بن موسي، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن عمّار العِجْلي الكوفي، قال: حدثني عيسيٰ الضرير، عن أبي الحسن عن أبيه (عليهما السّلام). الخبر (5).
و قال: حدثني هارون بن موسي، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن علي (6)، قال: حدثنا أبو موسي عيسيٰ الضَّرير، عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال. الخبر (7). كذا في نسخ الخصائص.
و كذا نقله عنه رضي الدين علي بن طاوس في الطرفة الخامسة عشر و السادسة عشر من كتابه الطرف. و لا يخفيٰ ما في رواية الرضي عن أبي2.
ص: 286
الحسن الكاظم (عليه السّلام) بثلاث وسائط من البعد (1).
و قال السيد ابن طاوس في أول الكتاب المذكور: و قد رأيت كتاباً يسمّيٰ كتاب الطرائف في مذاهب الطوائف، فيه شفاء لما في الصدور. إليٰ أن قال: و إنّما نقلت ما هنا ما لم أره في ذلك الكتاب من الأخبار المتحققة أيضاً في هذا الباب، و هي ثلاث و ثلاثون طرفة (2)، انتهيٰ.
و كلّها منقولة من كتاب عيسيٰ بلا واسطة، سويٰ الخبرين اللذين نقلهما بتوسط الرضي. و لا يخفيٰ بعد نقل هؤلاء عنه معتمدين عليه ما في الخلاصة (3). و أمّا حكمه بالضعف، فهو ناش من قول النجاشي: و لم يكن بذاك؛ إذ ليس موجوداً في [كلام (4)] الغضائري (5)، و إلّا لنقله في النقد (6). و هذه الكلمة و إن تُوهم كونها من ألفاظ القدح، و لكنّ المحققون عليٰ خلافه.
ففي عدّة السيد الكاظمي (7) وفاقاً للأُستاذ في التعليقة: إنَّ أكثر ما تستعمل في نفي المرتبة العليا، كما يقال: ليس بذلك الثقة، و ليس بذلك).
ص: 287
الوجه، و ليس بذلك البعيد، فكان فيه نوع من المدح (1).
الشاعر، الكوفي، هو ابن الهذيل الآتي (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو عاصم الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). عنه: علي بن أسباط (4).
الجَزَرِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
مات سنة ستّ و ستين و مائة، و له ثمان و سبعون سنة، و هو [المشاعري (6)] الشاعر، أسْنَدَ عَنْهُ، يكنّي أبا سلمة، من أصحاب
ص: 290
الصادق (عليه السّلام) (1).
و في النجاشي: كان زيدياً، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (2).
رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، له كتاب يرويه عنه عثمان بن عيسيٰ، كما في النجاشي (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
قال المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة في ذكر دلائل أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) في الطريق عند خروجه من المدينة إليٰ سرّ من رأي لمّا استدعاه المتوكل: رويٰ الحميري، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد اللّٰه البرقي، عن الفتح بن يزيد الجُرجاني، قال: ضمّني و أبا الحسن (عليه السّلام) الطريق لمّا قدم به من المدينة، فسمعته في بعض الطريق يقول: من اتقي اللّٰه يتقيٰ، و من أطاع اللّٰه يطاع.
ص: 294
فلم أزل [أدلف (1)] حتي قربت منه و دنوت، فسلمت عليه، فردّ عليّ السلام، فأول ما ابتدأني أن قال لي: يا فتح من أطاع الخالق فلم يبال بسخط المخلوقين، يا فتح إنَّ اللّٰه جلّ جلاله لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه، فأنّيٰ يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحدّه، و الأبصار أن تحيط به، جلّ عمّا يصفه الواصفون، و تعالي عمّا ينعته الناعتون، نأي في قربه و قرب في نأيه، بعيد في قربه و قريب في بعده، كيّف الكيف فلا يقال كيف، و أيّن الأين فلا يقال أين، إذْ هو منقطع الكيفيّة و الأينيّة، الواحد الأحد جلّ جلاله.
كيف يوصف محمّد (صلّي اللّٰه عليه و آله) و قد قرن الجليل اسمه باسمه، و أشركه في طاعته، و أوجب لمن أطاعه جزاء طاعته فقال: وَ مٰا نَقَمُوا إِلّٰا أَنْ أَغْنٰاهُمُ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (2) فقال تبارك اسمه يحكي قول من ترك طاعته يٰا لَيْتَنٰا أَطَعْنَا اللّٰهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا (3).
أم كيف يوصف من قَرَن الجليل طاعته بطاعة رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): حيث قال: أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (4)، و قال: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَي الرَّسُولِ وَ إِليٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ (5).
يا فتح كما لا يوصف الجليل جلّ جلاله، و لا يوصف الحجّة،3.
ص: 295
فكذلك لا يوصف المؤمن المسلّم لأمرنا، فنبيّنا (صلّي اللّٰه عليه و آله) أفضل الأنبياء، و وصيّنا (صلّي اللّٰه عليه و آله) أفضل الأوصياء، ثم قال بعد كلام: فاردد الأمر إليهم و سلم لهم، ثم قال لي: إن شئت، فانصرفت عنه.
فلمّا كان في الغد تلطّفت في الوصول إليه، فسلّمت فردّ السلام، فقلت يا ابن رسول اللّٰه: تأذن لي في كلمة اختلجت في صدري ليلة الماضية؟ فقال لي: سل و اصغ إليٰ جوابها سمعك، فان العالم و المتعلّم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، فأمّا الذي اختلج في صدرك فان يشاء العالم أنبأك، إنَّ اللّٰه لم يظهر عليٰ غيبة أحداً إلّا من ارتضيٰ من رسول، و كلّما عند الرسول فهو عند العالم، و كلّما أطلع الرسول عليه فقد أطلع أوصياؤه عليه.
يا فتح عسيٰ الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أودعتك، و شكّك في بعض ما أنبأتك، حتي أراد إزالتك عن طريق اللّٰه و صراطه المستقيم، فقلت في نفسي: متي أيقنت أنّهم هكذا، فقال: معاذ اللّٰه، إنّهم مخلوقون مربوبون، مطيعون للّٰه، و آخرون راغمون، فاذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به، فاقمعه بمثل ما أنبأتك به.
قال فتح: فقلت له: جعلني اللّٰه فداك، فرّجت عني، و كشفت ما لبس الملعون عليّ، فقد كان أوقع في خَلَدي (1) أنّكم أرباب؛ فسجد (عليه السّلام) فسمعته يقول في سجوده: راغماً لك يا خالقي، داخراً، خاضعاً.
ثم قال: يا فتح كدت أن تهلك، و ما ضرّ عيسيٰ أن هلك من هلك،).
ص: 296
إذا شئت (1) رحمك اللّٰه، قال: فخرجت و أنا مسرور بما كشف اللّٰه عني من اللبس، فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه و هو متكئ و بين يديه حنطة مقلوّة [يعبث (2)] بها، و قد كان الشيطان أوقع في خَلَدي أنه لا ينبغي ان يأكلوا و لا يشربوا! فقال: اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أُسوة، كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الأسواق، و كلّ جسم يتغذّي إلّا خالق الأجسام، الواحد الأحد، منشئ الأشياء، و مجسّم الأجسام، و هو السميع العليم، تبارك اللّٰه عمّا يقول الظالمون، و علا علوّاً كبيراً، ثم قال: إذا شئت رحمك اللّٰه (3).
و رواه الصدوق في التوحيد: عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد ابن جعفر الأسدي (4)، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن الحسين بن الحسن بن بردة، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمّد العلوي، عن فتح بن يزيد الجرجاني، قال: لقيته (عليه السّلام) عليٰ الطريق عند منصرفي من مكّة إليٰ خراسان، و هو سائر إليٰ العراق، فسمعته يقول: من اتقي اللّٰه. و ساق الخبر مع زيادة و اختلاف. إليٰ أن قال: قلت: جعلتُ فداك قد بقيت مسألة، قال: هات للّٰه أبوك. إليٰ أن قال: فقمت لأقبّل يده و رجله فأدنيٰ رأسه، فقبّلت وجهه و رأسه، فخرجت و بي من السرور و الفرح ما أعجز عن وصفه لما تبيّنت من الخير و الحظ (5).8.
ص: 297
و رواه في الكافي، في باب جوامع التوحيد: عن علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد المختار و محمّد بن الحسن، عن عبد اللّٰه بن الحسن العلوي جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: ضمّني و أبو الحسن (عليه السّلام) الطريق في منصرفي من مكّة إليٰ خراسان، و هو سائر إليٰ العراق، فسمعته. و ساق الخبر إليٰ قوله: إذ هو منقطع الكَيْفوفيّة و الأيْنُونيّة (1).
و فيه، في باب آخر هو من الباب الأول، و هو في معاني الأسماء، رويٰ بهذا السند: عنه، عنه (عليه السّلام) تتمّة الخبر (2). و فيه زيادات كثيرة، و مطالب شريفة، و لم يذكر في الباب غيره، و في آخره: و اللّٰه عونك و عوننا في إرشادنا و توفيقنا.
و فيه، في باب المشيّة و الإرادة، بهذا السند: عنه، عنه (عليه السّلام) (3) و ذكر بعض أجزائه عليٰ ما في كتاب التوحيد (4).
و رواه أبو جعفر الطبري في الدلائل، في باب أحوال أبي الحسن الهادي (عليه السّلام) (5) عليٰ ما صرّح به العلّامة المجلسي (رحمه اللّٰه) في المجلّد الثاني عشر من البحار (6).
إذا عرفت ذلك فاعلم أن فيما نقلناه قرائن واضحة عليٰ أن المراد بأبي الحسن (عليه السّلام) هو الهادي لا الرضا (عليهما السّلام).6.
ص: 298
منها: ذكر المسعودي، و الطبري، مع قربهما و تثبّتهما، هذا الخبر في أحوال الهادي (عليه السّلام) و تبعهما صاحب كشف الغمّة (1)، و غيره.
منها: قول فتح كما في الكافي و التوحيد عند (2) منصرفي من مكّة إليٰ خراسان و هو سائر. إليٰ آخره، ففرّق بين مسيره و مسيره (عليه السّلام) و لو كان المراد هو الرضا عليه السّلام (و هو في مسيره) (3) إليٰ خراسان لما فرق بينهما.
منها: قوله: و هو (عليه السّلام) سائر إليٰ العراق و الرضا (عليه السّلام) سار من مكّة إليٰ خراسان، من طريق البصرة، و لم يكن مقصده العراق، و يؤيّد ذلك كلّه: ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الهادي (عليه السّلام) (4).
و في مناقب ابن شهرآشوب: و من أصحابه يعني الهادي عليه السّلام داود ابن زيد. إليٰ أن قال: و الفتح بن يزيد الجرجاني (5).
و في النجاشي: الفتح بن يزيد أبو عبد اللّٰه الجرجاني، صاحب المسائل، أخبرنا أبو الحسن بن الجندي، قال: حدّثنا محمّد بن همام، قال: حدّثنا عبد اللّٰه بن جعفر، عن أحمد بن أبي عبد اللّٰه، عن الفتح بها (6).
و قد ظهر ممّا مرّ مسائله، و أن المسئول أبو الحسن الهادي (عليه السّلام)، و السند إليه صحيح في النجاشي و في كتاب المسعودي (7).
فما في الخلاصة: صاحب المسائل لأبي الحسن (عليه السّلام) و اختلفوا8.
ص: 299
أيّهم هو الرضا أم الثالث (عليهما السّلام) و الرجل مجهول، و الإسناد إليه مدخول- (1) في غير محلّه.
و أمّا حكمه بجهالته، ففيه أن الظاهر من النجاشي، و الفهرست (2)، كونه من أصحابنا الإمامية، و قد اعتمد المشايخ عليٰ روايته، و في شرح المشيخة: و يظهر من مسائله في الكافي و التوحيد أنه كان فاضلا (3).
و في التعليقة: هذا هو الظاهر من مسائله و كيفيّة أسئلته و أجوبة الامام، و يظهر منها غاية رأفته (عليه السّلام) و شفقته عليه، كدعائه له بقوله: ثبّتك اللّٰه، و قوله (عليه السّلام): للّٰه أبوك، و غيرها، و في آخرها: فقمت. إليٰ آخره- [ثمّ (4)] قال-: و ما مرّ عن الخلاصة من القدح فهو بعينه كلام الغضائري، كما نقله في النقد (5)، و المجمع (6)، و لا اعتداد به أصلًا كما مرّ مراراً (7).
و في التكملة: قال التقي: و يظهر من مسائله علوّ حاله، فلا يلتفت لقول ابن الغضائري المجهول حاله، المجتري عليٰ الفضلاء الأخيار بما اجتريٰ عفا اللّٰه عنّا و عنه (8)، انتهيٰ.
هذا و في التوحيد للصدوق، بإسناده: عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن فتح بن يزيد الجرجاني، قال: كتبت إليٰ أبي الحسن الرضا (عليه السّلام)7.
ص: 300
أسأله عن شي ء من التوحيد، فكتب إليّ بخطه قال جعفر: و إنَّ فتحاً أخرج إليّ الكتاب فقرأته بخطّ أبي الحسن (عليه السّلام): بسم اللّٰه الرحمن الرحيم، الحمد للّٰه الملهم عباده الحمد. إليٰ آخره (1). و يظهر منه أيضاً نباهة شأنه، و علوّ مقامه، و لا منافاة بين إدراكه الرضا (عليه السّلام) و بين ما ذكرنا كما لا يخفيٰ.
و لأبي علي في رجاله (2)، و المحقق صدر الدين في حواشيه (3)، و الأردبيلي في جامعه (4)، و غيرهم (5)، في المقام أوهام، يظهر فسادها بأدني تأمّل فيما ذكرنا.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2154 الفَضْل (1) بن غَزْوان الضبِّي:
مولاهم، أبو علي، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) يروي عنه: ابن أبي عمير، في الصحيح (3)، و قد يصغّر.
فضّال (1)، و علي بن محمّد (2) من مشايخ ثقة الإسلام-، و ابن أبي عمير؛ كما في التعليقة (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) عنه: إسحاق بن عمار (5).
مولاهم، كوفي، الرّسان، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6). عنه: أبان ابن عثمان، في الكافي، في الروضة بعد حديث قوم صالح (7).
و في الكشي، في ترجمة السيد الحميري، بإسناده: عن علي بن إسماعيل و الظاهر أنه الميثمي الجليل عن فضيل الرسان، قال: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام). إليٰ آخره (8)، و هو خبر شريف يدلّ عليٰ إماميّته، و ورعه، و تقواه، و اختصاصه به (عليه السّلام)، و عطوفته عليه.
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) كنيته أبو محمّد كما في رجال البرقي (2). عنه: البزنطي، في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أمير المؤمنين (عليه السّلام) (3) و في باب حدّ الماء الذي يغتسل به الميت (4)، و في التهذيب، في باب تلقين المحتضرين (5)، و في الاستبصار (6).
2164 الفُضَيْل بن عبيد اللّٰه (1) الأنصاري:
المَدَنِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو يحييٰ المدني، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
ابن الزُّبير بن العوّام، القُرشي، المَدَنِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و في بعض نسخ الكافي بدل فيض: نصر (1).
الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
ابن جعفر بن أبي طالب، المدني، الهاشمي، أسْنَدَ عنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2). عنه: أبو هاشم الجعفري (3)، و الغفاري (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
يكنّي أبا محمّد المنذر، رويٰ عنه حميد أصولًا كثيرة [في من (6)] لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (7) عنه: حميد في الفهرست، في تراجم كثيرة (8)، و أبو علي محمّد بن همّام الجليل في ترجمة خليل العبدي (9) و احمد بن محمّد بن رباح في ترجمة صباح الحذاء (10) كلّ ذلك يدل عليٰ كونه
ص: 310
معتمداً، موثوقاً به.
و يؤيده روايته عن جعفر بن بشير، فيه، في ترجمة إبراهيم بن نصر (1)، و ترجمة ناصح البقال (2)، لما قالوا في ترجمته: رويٰ عن الثقات و رووا عنه (3).
له كتاب في النجاشي، يرويه عنه: علي بن إبراهيم (1).
2189 القاسم الشيباني (1):
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و في التعليقة: في الحسن بإبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن القاسم الصيرفي (1)، و الظاهر أنه هو (2)، انتهيٰ.
و عنه: ابن مسكان في الكشي، في ترجمة أبي الخطاب (3)، و في البلغة (4) و الوجيزة (5) ممدوح. و الحق وثاقته لما ذكرنا، وفاقاً لصاحب الحاوي (6)، للصحيح المذكور.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
الخشاب (1).
يروي عنه: ابن أبي عمير (1)، و قد مرّ في (شح) (2).
ابن إبراهيم القُمي، من مشايخ جعفر بن محمّد ابن قولويه في كامل الزيارة (3).
مولي أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان مسلم من عتاقيه، و كان يكتب بين يديه (عليه السّلام) من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ابن عبد اللّٰه بن مَسْعود المَسعُوديّ، كوفيّ، أسْنَدَ عَنْه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ممّن رأي القائم (عليه السّلام) و وقف عليٰ معجزاته (عليه السّلام)، عليٰ ما رواه
ص: 316
الصدوق في كمال الدين، بإسناده: عن محمّد بن جعفر الأسدي (1)
عظيم القدر، جليل الشأن، في الكافي في باب النص عليٰ الرضا (عليه السّلام) مسنداً عن الكاظم (عليه السّلام) أنّه قال ليزيد بن سليط في حديث طويل: لو كان الأمر إليّ لجعلت الإمامة في القاسم ابني، لحبّي إياه، و رأفتي عليه، و لكن ذلك إليٰ اللّٰه عزّ و جل، يجعله حيث يشاء، الخبر (2).
العَمّاري، الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، و في النجاشي: رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) له كتاب رواه علي بن الحسن بن رباط، و غيره (4) و هو نص في كونه من مؤلّفي أصحابنا الإماميّة، و كون كتابه معتمدهم.
و عنه: عبد اللّٰه بن المغيرة، في التهذيب، في باب القبلة (5)، و في باب فضل المساجد (6)، و في الفقيه، في باب صلاة العيدين (7)، و ظريف بن ناصح، و إبراهيم بن مهزم، و عبد الرحمن بن أبي هاشم، عليٰ ما في الجامع (8).
ص: 317
ابن راشد، بيّنا حسن حاله و ضعف تضعيفه في (عج) (1)، و هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (2).
أمه أم الفضل، و هو رضيع الحسن بن علي (عليهما السّلام) في الدرجات الرفيعة: رويٰ أنّ أمّ الفضل قالت لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): رأيت عضواً من أعضائك في بيتي، قال: خيراً رأيته، تلد فاطمة غلاماً ترضعينه بلبن قثم، فولد الحسن (عليه السّلام) فأرضعته بلبن قثم، و كان قثم يشبه النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) (3).
و في نهج البلاغة: و من كتاب له إليٰ قثم بن العباس (رحمه اللّٰه) و هو عامله عليٰ مكة: أما بعد فأقم للناس الحج، و ذكرهم بأيام اللّٰه، و اجلس لهم العصرين، فأفت للمستفتي، و علّم الجاهل، [و ذاكر (4)] العالم. إليٰ أن قال (عليه السّلام): و انظر إليٰ ما اجتمع عندك من مال اللّٰه فاصرفه إليٰ من قبلك من ذي العيال و المجاعة، مصيباً به مواضع [الفاقة (5)]، و الخلّات، و ما فضل من ذلك فاحمله إلينا (6). و هو نصّ عليٰ علمه، و وثاقته، و أمانته.
ابن حاطب [الجمحي (1)] الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
و في نسخة: سعيد، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2224 قَرْض (1) بن حَفْص الكُوفيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الأنْصارِيّ، الخَزْرجيّ صحابي مشهور، و من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) (3) شهد أُحداً و مابعدها من المشاهد.
و هو كما في أُسد الغابة و غيره: أحد العشرة الذين وجههم عمر مع عمّار بن ياسر إليٰ الكوفة من الأنصار، و كان فاضلًا، و فتح الرّي سنة ثلاث و عشرين، في خلافة عمر، و ولاه علي (عليه السّلام) الكوفة لمّا سار إليٰ الجمل، فلمّا صار إليٰ صفين أخذه معه (4).
و روي الشيخ المفيد في كتاب الكافية: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر: أنّ أمير المؤمنين (عليهما السّلام) لمّا دنا إليٰ الكوفة مقبلًا من البصرة خرج الناس مع قرظة بن كعب يتلقونه، فلقوة دون نهر النضر بن زياد، فدنوا منه يهنونه بالفتح، و انه ليمسح العرق عن جبهته، فقال له قرظة بن كعب: الحمد للّٰه يا أمير المؤمنين الذي أعزّ وليك و أذل عدوك، و نصرك عليٰ القوم الباغين، الطاغين، الظالمين، الخبر (5).
و روي نصر بن مزاحم في كتاب صفين مسنداً: انّ علياً (عليه السّلام) حين قدم من البصرة إليٰ الكوفة بعث يزيد بن قيس الأرجني إليٰ المدائن، قال:
ص: 321
و بعث قرظة بن كعب عليٰ [البهقباذات (1) (2)].
و في رجال الشيخ: أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) دفع إليه راية الأنصار يوم صفين (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
2227 قنبرة (5) بن علي بن شاذان:
أبو نصر، من مشايخ حمزة بن محمّد العلوي، شيخ الصدوق، في رجال ابن داود: جليل القدر (6). و هو من كلامه لا من غيره كما توهمه أبو علي (7).
و قال التقي المجلسي: يظهر من العيون توثيقه في ذكر رسالة المأمون، و كذا توثيق أبيه (8)، و هو كما قال بناء عليٰ ما أسسناه في بعض
ص: 322
الفوائد السابقة، و عليه فلا وقع لما أورد عليه أبو علي، فلاحظ.
الكُوفي، و أمّه رُمّانة الأشعري، يكني أبا المفضّل، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البكري، و هو خليق أيضاً. إليٰ آخره (1).
ابن ثعلبة البكري، ممدوح، كذا في رجال الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) و قيل باتحاده مع سابقه (2).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الغامدي، أبو عمارة (5)، كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
في الكافي، في صدر كتاب الحجة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمّن ذكره، عن يونس بن يعقوب، و ذكر حديثاً طويلًا فيه: أنّ شامياً أتي
ص: 324
الصادق (عليه السّلام) ليناظر أصحابه فقال (عليه السّلام) ليونس بن يعقوب: أُنظر من تري بالباب من المتكلمين، قال: فأدخلت ابن أعين، و كان يحسن الكلام، و أدخلت الأحول، و كان يحسن الكلام، و أدخلت هشام بن سالم، و كان يحسن الكلام.
و أدخلت قيس الماصر، و كان عندي أحسنهم كلاماً، و كان قد تعلّم الكلام من علي بن الحسين (عليهما السّلام). إليٰ أن قال: ثم قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) لقيس الماصر: كلّمه، فكلّمه، فأقبل أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) يضحك من كلامهما ممّا قد أصاب الشامي. إليٰ أن قال بعد كلام طويل: ثم التفت أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) إليٰ حمران فقال: تُجري بالكلام عليٰ الأثر فتصيب، و إلي هشام بن سالم فقال: تريد الأثر و لا تعرفه، و إلي الأحول فقال: قيّاس روّاغ (1) تكْسِرُ باطلًا بباطل، إلّا أنّ باطلك أظهر، ثم التفت إليٰ قيس الماصر فقال: تتكلّم و أقْرَبُ ما يكون من الخبر عن رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) أبعد ما يكون منه، تمزج الحق مع الباطل، و قليل من الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت و الأحول قَفّازان حاذقان (2) (3).
قال المحقق صدر الدين: و لا يضرّ الإرسال في الرواية، لأنّ عليها علامة الصدق لائحة، و لكن أورد لفظ: قفّازان حاذقان، هنا يعني رجال أبي علي (4) و في النقد (5)، و لم أعرف أنهم فهموا منه مدحاً أو ذمّاً!0.
ص: 325
و ظاهرهما أنّهما فهما منه المدح؛ لأنّ القدرة عليٰ المراوغة في الذبّ عن الحقّ صفة مدح، فتأمّل (1).
و يظهر من الكافي، في باب التفويض إليٰ رسول اللّٰه و الأئمة (صلوات اللّٰه عليهم) أن لقيس الماصر أصحاباً، و ذلك يقتضي أنه من مشايخ العصابة، ففيه: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر. و ذكر حديثاً طويلًا (2).
الهمْداني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
رسول أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) إليٰ أهل الكوفة، فأخذه ابن مرجانة و قتله (4) في شرح، يظهر منه أنه كان في الذّروة العالية من درجات الايمان و الإخلاص.
كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في الكشي في كلام له مرّ في ابن عبادة البكري: و قيس بن مهران أيضاً خليق ذلك به، و كلّ هؤلاء صحبوا أمير المؤمنين (عليه السّلام) و لا أدري
ص: 326
أيّهم أراد أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) ذكر هذا الكلام بعد روايته: عن محمّد بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن معمّر بن خلاد، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السّلام): إنّ رجلًا من أصحاب علي (عليه السّلام) يقال له: قيس، كان يصلّي، فلمّا صلّيٰ ركعة أقبل أسود سالخ (1)، فصار في موضع السجود، فلما نحّيٰ جبينه عن موضعه تطوق [الأسود (2)] في عنقه، ثم أنساب في قميصه، ثم نقل لنفسه الشريفة ما يشبهه، و قال في آخره: و من لم يخف إلّا اللّٰه كفاه (3). ثم ان بعضهم ضبط: قهران (4)، و بعضهم: فهدان (5)، و اللّٰه العالم.
ابن قيس البَجَليّ، الدُّهْنيّ، الكوفيّ، مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ص: 327
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3) عنه: محمّد بن مسلم، و مثنّيٰ الحنّاط، كما في الجامع (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)
أبو عامر الأزْديّ، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الأنصاري، السّلمي، يكني أبا اليسر، صحابي جليل مشهور، شهد العقبة و بدراً، و هو الذي أسّر العبّاس يوم بدر، و اختطف راية المشركين، و شهد مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) صفين، و كان من أصحابه، و مات سنة خمس و خمسين.
و قال القاضي نعمان المصري (3) في كتاب شرح الأخبار: رويٰ محمّد بن سلام، بإسناده: عن عون بن عبد اللّٰه، عن أبيه و كان كاتباً لعلي (عليه السّلام) أنه سئل عن تسمية من شهد مع علي (عليه السّلام) حروبه من المهاجرين و الأنصار، الذين بشرهم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بالجنّة، و من التابعين، و من أفاضل العرب؟ و كان عالماً بذلك. و ساق الخبر و هو طويل-.
و فيه في ذكر من كان معه من الأنصار، و من بني سلمة: أبو اليسر كعب بن عمرو، بدري، و هو الذي قال حين نزل عليٰ النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ الرِّبٰا (4) قال: و ذرنا. فلمّا
ص: 330
نزلت وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ لٰا تَظْلِمُونَ (1) قال: رضينا، فلما نزلت وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ (2) قال: قد أنظرنا. فلما نزلت وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ (3) قال: تصدّقنا (4).
يأتي ان شاء اللّٰه في هشام بن محمّد (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
روت عن الرضا (عليه السّلام) كتاباً، أخبرنا علي بن أحمد (7)، قال: حدثنا محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عنها بالكتاب؛ كذا في النجاشي (8).
و لا يخفيٰ أن في رواية هؤلاء الأجلة الإثبات كتابها دلالة واضحة عليٰ اعتمادهم عليها و عليٰ كتابها.
ابن عبد اللّٰه بن مسعود، الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، و في نسخة: ليث.
المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، عنه: الفضيل بن عثمان (4).
أبو يحييٰ العَبْديّ، البَكْريّ، أسنَدَ عنه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
ص: 333
كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكوفي مات في حياة أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) و هو غير مالك أخي زرارة، صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (3). أوضحنا وثاقته في شرحها في (رسد) (4).
هو أبو الهيثم، يأتي في الكنيٰ (5).
و في التعليقة: هو من الأئمة الأربعة للعامة، رويٰ الصدوق عنه أخباراً كثيرة، يظهر منها انقطاعه إليٰ الصادق (عليه السّلام) (1)، انتهيٰ، و لا ينافي كلّ ما كان عليه، و قيل فيه الوثاقة في النقل.
عنه: عبد اللّٰه بن مسكان، في التهذيب، في باب الزيادات بعد باب الصلاة عليٰ الأموات (1).
الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
راوي الصحيفة الكاملة، عن يحييٰ بن زيد الشهيد و عن أبي عبد اللّٰه الصادق (عليه السّلام).
و الكلام في كون الراوي هو أو جدّه، و إنه ابن هارون، و غير ذلك، يطلب من المطولات، و شروح الصحيفة، إنّما المهمّ بيان حاله الغير المعلوم من كتب الرجال، غير ذكره ابن داود في القسم الأوّل (5)، و لذا عدّه في الوجيزة من المجاهيل (6).
و هذا جمود لا يليق بشأنه، فان أسانيد تمام نسخ الصحيفة المختلفة بالزيادة و النقصان في أصل الأدعية، و في فقرأتها، و كلماتها، تنتهي إليه،
ص: 337
و قد رواها شيوخ الطائفة و وجوه العصابة، و تلقوها بالقبول من غير نكير من أحد منهم؛ و لو كان لأحد منهم طريق من غير جهته لذكره، و يظهر ذلك من النجاشي (1)، و الفهرست (2) أيضاً، و هذا الاتفاق منهم يكشف قطعاً عن وثاقته و أمانته أَوْ أَلْقَي السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ (3).
و علي بن الحكم (1)، و العبّاس بن عامر (2)، و علي بن الحسن بن رباط (3)، و غيرهم.
النَّهْديّ، الكوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: خلف بن حمّاد (2).
أبو أحمد القيسي، من موالي قيس غيلان، رويٰ عن الرضا (عليه السّلام) صاحب كتاب في: الفهرست (3)، و النجاشي (4)، عنه: ابن أبي عمير، في الفقيه، في باب تحريم الدماء و الأموال (5).
و احتمل في الجامع أن الأصل حسين بن أحمد المنقري لا محسن (6)، كما في الكافي (7)، و أبان بن عثمان (8)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ كثيراً (9)، و بنان بن محمّد (10)، و أحمد البرقي (11)، و علي بن الحسن بن فضّال (12)، و إبراهيم ابن هاشم (13)، و موسي بن القاسم (14)، و الحسن بن
ص: 342
محمّد بن سماعة (1).
سرشناسه : نوري، حسين بن محمد تقي ، 1254 - 1320ق.
عنوان و نام پديدآور : خاتمه مستدرك الوسائل/ تاليف حسين النوري الطبرسي؛ تحقيق موسسه آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث.
مشخصات نشر : قم: موسسه آل البيت(ع)، لاحياء التراث ، 1415ق. = -1373.
مشخصات ظاهري :9 ج.
فروست : موسسه آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث ؛ 30 ، 31 ، 32 ، 35
شابك : 2400 ريال : ج. 1 964-5503-84-1 : ؛ 964-5503-86-8 ؛ 5000 ريال : ج. 6 964-319-017-X : ؛ 8000 ريال : ج. 9 964-319-020-X :
يادداشت : كتاب حاضر خاتمه مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل است كه خود در اصل اضافاتي است بر كتاب وسائل الشيعه حر العاملي.
يادداشت : ج. 6 (چاپ اول: 1416ق. = 1373).
يادداشت : ج. 8 (چاپ اول: 1418ق. = 1376).
يادداشت : ج. 9 (چاپ اول: 1420ق. = 1378).
يادداشت : كتابنامه.
عنوان ديگر : مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
عنوان ديگر : وسائل الشيعه.
موضوع : حديث -- علم الرجال
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 12ق.
موضوع : اخلاق اسلامي -- متون قديمي تا قرن 14
شناسه افزوده : حر عاملي، محمد بن حسن، 1033-1104ق . وسائل الشيعه.
شناسه افزوده : موسسه آل البيت(عليهم السلام). لاحياء التراث.
رده بندي كنگره : BP135 /ح4و5018 1373
رده بندي ديويي : 297/212
شماره كتابشناسي ملي : م 74-1602
نام كتاب: خاتمة المستدرك
موضوع: تاريخ فقيهان و راويان
ص: 1
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
أبو سعيد البَكْري، الجريري، مولي بني قيس بن ثعلبة، كُوفيّ من أصحاب الصادق عليه السّلام (1).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق عليه السّلام (2).
ابن عُمير القُرَشِيّ، الأُمَوي، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الطّالقانِي (رحمه اللّٰه). أبو العباس المُكَتّب، من مشايخ الصدوق، يروي عنه مترضياً (5)، و هو الواسطة بينه و بين الحسين بن روح، و ابن عقدة، و مرّ
ص: 5
في (يط) (1).
الهاشمي، المدني، أسْنَدَ عَنْهُ، أصيب سنة أربعين و مائة، و له سبع و خمسون سنة، و هو الذي يلقّب بابن الامام، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
المعروف بعَلّان الكُلَيني، خيّر، كذا في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (1)، و الخلاصة (2)، و في: البلغة (3)، و الوجيزة (4)، ممدوح.
قلت: الخيّر إذا أُطلق عليٰ الراوي فهو بملاحظة روايته، فلا تنفك عن حسن الظاهر، كما أوضحناه سابقاً (5).
البلغة (1) من الممدوحين.
عنه: يعقوب بن يزيد، في التهذيب، في باب الأيمان (2)، و موسي ابن القاسم، فيه في باب الكفارة عن خطأ المحرم (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من شهداء الطف، زوجته فاطمة بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام).
و أخوه سلمة، أمّهما أم سلمة، في شرح الأخبار بالإسناد السابق: عن علي ابن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليه السّلام قال: و ممّن كان مع علي (عليه السّلام) سلمة و محمّد ابنا أبي سلمة، و أمّهما أمّ سلمة زوج النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله)، أتت بهما إليٰ علي (عليه السّلام)، فقالت: هما عليك صدقة، فلو حسن بي أن أخرج لخرجت معك (4).
و كذا في رجال الشيخ، إلّا أنه نقل عن ابن عقدة أنّهما: سلمة و عمرو (5).
و يقال: عِمْران بن عامر النَّهْدِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2339 محمّد بن أبي عمر (1) الكُوفِيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
2344 محمّد بن أبي الهزهاز (1):
رويٰ عنه: صفوان، في الصحيح، كذا في التعليقة (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو الفضل الجُعْفِيّ، من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارة (4).
أبو الحسن الزّاهد، من أهل طوس، رويٰ عنه: التلّعكبري، كذا في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (5) و في الخلاصة: أبو الحسين (6)، و ذكره ابن داود في القسم الأول (7).
ابن هارون الكِنْدي، رويٰ عن: ابن عقدة، رويٰ عنه: ابن نوح، كذا في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (8)، و ابن نوح هو الجليل أبو العباس
ص: 12
السيرافي، من الذين كانوا يتحرّزون عن الرواية عن الضعفاء.
الزَّعْفَرانِيّ، من مشايخ جعفر بن قولويه، في كامل الزيارة (1).
البَجَلِيّ، أبو جعفر الكُوفِيّ، يظهر من النجاشي (2)، و من لم يرو عنهم (عليهم السّلام)، أنّه من كبار مشايخ الإجازة (3).
أبو أحمد الطَّرسُوسِيّ، صاحب كتاب في النجاشي، يرويه عنه: الجليل أحمد بن إدريس (4).
ابن أحمد بن عيسيٰ بن المنصور العبّاسي، الهاشمي، أبو الحسن، رويٰ عنه: التلّعكبري، ذكره ابن داود في القسم الأول (5).
و في رجال أبي علي: قد أكثر المفيد (طاب ثراه) من الرواية عنه، عليٰ ما في أمالي الشيخ أبي علي (6)، و في موضع: أخبرني إجازة (7)، و يكفيه ذلك مدحاً، و قد أكثر الشيخ أبو علي في الكتاب من الرواية عن أبيه
ص: 13
عن بعض مشايخه عنه (1)، و في رواياته ما ينافي العاميّة (2).
و غرضه الردّ عليٰ صاحب المنهج؛ حيث قال: و في كتاب الغيبة ما يقتضي كونه و عمّه من العامّة (3).
عنه: الجليل أحمد بن إدريس، في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (4)، و محمّد بن علي بن محبوب، في التهذيب، في كتاب الصلاة (5) و القضاء (6) و النكاح (7)، و محمّد بن أحمد بن يحييٰ (8)، و لم يستثن.
و في التعليقة: هو الذي يروي عن العمركي كتابه، و يروي عنه الأجلّة، و عدّة المذكورين، و يصحّح العلّامة حديثه (9)، و في البلغة: لم نذكر محمّد بن أحمد العلوي، الذي في طريق الروايات من علي بن جعفر، في كتابه، لعدم الظفر بتوثيقه صريحاً، و صحّح العلّامة الروايات التي هو في طريقها في عدّه مواضع من المنتهي (10)، و المختلف (11)، كما نبّه عليه في المنتقي (12)، و اقتفاه السيد السند صاحب المدارك (13)، في مباحث
ص: 14
ثم تأمّل فيه و هو في غير محلّه، و في الجامع: يطلق عليه الهاشمي و الكوكبي أيضاً (3).
المعروف بمحمّد بن أحمد السّناني، أبو عِيسيٰ، نزيل الري، أكثر الصدوق من الرواية عنه مترضياً (4)، و يروي عنه: ابن نوح المعلوم حاله في التثبّت و التحرّز عن المتهمين و أبو المفضل (5)، فلا يصغي إليٰ قول الغضائري: حديثه و نسبه مضطرب (6).
قلت: إمّا النسب فقد مرّ في ترجمة جدّه محمّد عدم اضطراب فيه (7)، و أمّا الحديث فهو منفرد في قوله الموهون كليّاً و في المقام برواية الجليلين (8) عنه، و العجب من العلّامة المجلسي. و قوله في الوجيزة: ضعيف (9). مع عدم اعتنائه بقوله أصلًا، و عدم دلالته عليٰ ضعفه في نفسه.
ابن عبد اللّٰه بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين (عليهما السّلام)، من
ص: 15
مشايخ الصدوق، وصفه في بعض أسانيده بقوله: الشريف، الصدوق، و كنّاه بأبي علي (1).
بغدادي، يونسي، كذا في الخلاصة في آخر القسم الأول (2). فهو ممدوح عنده، و يؤيّده رواية عبد اللّٰه بن جعفر عنه في التهذيب، في باب الزيادات في فقه النكاح (3)، و في الكافي، في آخر كتاب النكاح، قال: كتبت إليٰ أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السّلام) (4) و في التهذيب: أبي محمّد (عليه السّلام) و علي بن محمّد الجليل من مشايخ ثقة الإسلام فيه، في باب فضل شهر رمضان (5).
و الظاهر أنه ابن أحمد بن محمّد بن مطهّر صاحب أبي محمّد (عليه السّلام)، و القيّم عليٰ أموره، و مرّ في (كا) (6).
2358 محمّد بن أحمر (1) العِجْلِيّ الكُوفِيّ:
أبو عمارة، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثلاث و سبعين و مائة، و له إحديٰ و ثمانون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو حاتم، صاحب كتاب في الفهرست، يرويه عنه: عبد اللّٰه بن جعفر الحميري (3). و عنه: سعد بن عبد اللّٰه، و محمّد بن أبي الصهبان (4)، و الثلاثة من أجلاء الطائفة. ذكره الشيخ في الفهرست، و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (5)، و ابن شهرآشوب في المعالم (6)، من غير طعن عليه.
و انفرد ابن داود في رميه إيّاه بالعامية (7)، مع أنّها لا تنافي الوثاقة.
يأتي في: ابن إسحاق بن يسار.
البُرْجُمِيّ، الكُوفِيّ، التَّمِيمِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
المَدَنِيّ، مولي فاطمة بنت عتبة، أسْنَدَ عَنْهُ، يكنّي أبا بكر صاحب المغازي، من سبي عين التمر، و هو أول سبي، و قيل كنيته أبو عبد اللّٰه، رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، مات سنة إحديٰ و خمسين و مائة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1)، و قال أيضا: محمّد بن إسحاق الهاشِمي، مولاهم، المَدَني، قدم الكوفة (2). و الظاهر اتحادهما، و قد يعبّر عنه أيضاً بمحمّد بن إسحاق المدني.
و في الكشي: محمّد بن إسحاق، من رجال العامة، إلّا أنّ له ميلًا و محبّة شديدة (3)، عنه: حريز، في الفقيه في باب نوادر النكاح (4)، و الحسن بن محبوب، في الكافي، في الروضة، في حديث الجنان و النوق (5).
أبو العلاء الخَارِقِيّ، الهَمْدَانِيّ، الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الجُعْفِيّ، الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
المَدَنِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ابن جعفر (عليهما السّلام)، في الكافي: عن علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن موسي بن جعفر (عليهما السّلام). و كان أسنّ شيخ من ولد رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بالعراق، فقال: رأيته يعني القائم- (عليه السّلام) بين المسجدين و هو غلام (3).
و عنه عنه، في باب ما يفصل به بين دعوي المحق و المبطل (4)، و لكن في باب مولد أبي محمّد (عليه السّلام): علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسي بن جعفر (عليهما السّلام)، قال: كتب أبو محمّد (عليه السّلام) إليٰ أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزّبيري قبل موت المُعْتز بنحو عشرين [يوماً (5)]-: ألزم بيتك حتّي يَحْدُثَ الحادث، الخبر (6).
و الظاهر أنَّ إبراهيم زيادة من النساخ، إذ ليس في ولد إبراهيم من اسمه إسماعيل؛ و لذا لا يوجد في بعض نسخ الكافي، و في بعضها بياض،
ص: 21
كما نصّ عليه في الجامع (1)، ثم ان في رؤيته القائم (عليه السّلام) و إكثار علي بن محمّد من الرواية عنه مدح كاف في الاعتماد عليه.
و هو ابن الحنفية، في الكشي مسنداً: عن الرضا (عليه السّلام)، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: إنّ المحامدة تأبيٰ أن يعصي اللّٰه عزّ و جلّ، و عدّ منهم: محمّد بن الحنفيّة (1).
و في غير واحد من الأخبار: أنّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال فيه لعلي (عليه السّلام): إنه سيولد لك غلام بعدي فسمّه باسمي، و كنّه بكنيتي، فسمّاه محمّداً، و كنّاه أبا القاسم، و لا يجوز ذلك لأحد سواه إلّا الحجّة (عليه السّلام) (2).
و يظهر من أخبار كثيرة فضله، و علمه، و جلالة قدره، و أنه كان يدين بإمامة علي بن الحسين (عليهما السّلام) (3)، و هو ممّن رويٰ النص عليٰ الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام)، عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السّلام).
و عدّه في البلغة من الممدوحين (4)، و لا يخلو من غرابة.
أبو جعفر القمّي، في النجاشي: ذكره القميون و غمزوا عليه، و رموه بالغلوّ، حتي دسّ عليه من يفتك به، فوجدوه يصلّي من أول الليل إليٰ آخره، فتوقّفوا عنه، ثم نقل طعن ابن الوليد عليه، ثم قال: و قال بعض أصحابنا: أنّه رأي توقيعاً من أبي الحسن الثالث (عليه السّلام) إليٰ أهل قم في معنيٰ محمّد بن أورمة، و براءته ممّا قذف به، و كتبه صحاح إلّا كتاباً ينسب إليه ترجمته تفسير الباطن (5).
ص: 23
و في الخلاصة: عن الغضائري: اتّهمه القمّيّون بالغلوّ، و حديثه نقيّ لا فساد فيه، و لم أرَ شيئاً ينسب إليه تضطرب فيه النفس إلّا أوراقاً في تفسير الباطن و ما يليق بحديثه، و أظنّها موضوعة عليه، و رأيت كتاباً خرج من أبي الحسن علي بن محمّد (عليهما السّلام). إليٰ آخره (1).
و قد أوضح في التعليقة فساد ما نسب إليه، و علوّ مقامه بما لا مزيد عليه (2)، هذا و يروي عنه: علي بن الحسن بن فضّال (3).
و لصاحب تكملة الرجال هنا كلام ينبغي النظر فيه (4).
ابن مَعْبَد الأسْلَمِيّ، كُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثلاث و ستين و مائة، و هو ابن سبع و سبعين سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2392 محمّد بن (1) التَّميمِيّ السعيدي (2):
كُوفِيّ، مولاهم، رويٰ عنّ: يحييٰ بن مساور، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، الأزْدِيّ، أبو العلاء، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
و هو أحد المحامدة في كلام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، كما مرّ في ابن عمّه محمّد بن الحنفية (7)، أمه أسماء بنت عميس، خلف عليٰ أمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد أخيه عون، قتل مع عمه بصفّين، و لمّا استشهد جعفر دخل رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عليٰ آل جعفر قال عبد اللّٰه بن
ص: 26
جعفر في حديث-: ثم أخذ بيد محمّد و قال: هذا شبيه عمّنا أبي طالب، الخبر (1).
المدني، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الأَسْلَمِيّ، هو كاتب وصيّة أبي إبراهيم (عليه السّلام) في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) (3).
الكافي، في باب الدعاء أدبار الصلاة (1).
الطّائِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ابن نافع الخَثْعَمِيّ، الكُوفِيّ، في الخلاصة: رويٰ ابن عقدة، عن محمّد بن عبد اللّٰه بن أبي حكيمة، قال: سألنا ابن نُمير عن محمّد بن جميل ابن عبد اللّٰه بن نافع الخيّاط؟ فقال: ثقة، قد رأيته، و أبوه ثقة (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، نزل بغداد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكِنْدِيّ، الكُوفِيّ، الحَضْرَمِيّ، التبَّعِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
كُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
القُمّيّ، الأَشْعَرِيّ، و يقال: محمّد بن الحسن الأشعري، و يلقب بشنبولة. يروي عنه في الكافي، و التهذيب، و الاستبصار، و الفهرست: الحسين بن سعيد (2)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (3)، و علي بن مهزيار (4)، و العبّاس بن معروف (5)، و إدريس بن عبد اللّٰه الأشعري (6)، و حمزة بن يعلي الأشعري (7)، و ظاهر أنّ رواية هؤلاء و فيهم من كان يخرج الراوي عن الضعفاء عن قم عن أحد تورث الظن القوي بوثاقته.
و في التهذيب بإسناده: عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن أُورمة القميّ، عن محمّد بن الحسن الأشعري، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السّلام): جعلت فداك، إنّي سألت أصحابنا عمّا أريد أن أسألك فلم أجد عندهم جواباً، و قد اضطررت إليٰ مسألتك، و إن سعد بن سعد أوصيٰ إليّ، فأوصيٰ في وصيّته حجّوا عني، الخبر (8)، و السند معتبر لوجود ابن فضّال فيه.
و في التعليقة: يظهر منه عدالته (9).
ص: 30
و في الكافي: العدّة، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شنبولة (1)، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السّلام): جعلت فداك، إِنَّ مشايخنا رووا عن أَبي جعفر و أَبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام)، و كانت التقيّة شديدة، فكتموا كتبهم، فلم تُرْوَ عنهم، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدّثوا بها فإنّها حقّ (2).
و فيه إيماء إليٰ كونه كثير الرواية، بل فيه نوع مدح، و ما قيل: إنَّ إثباته بهذه الرواية دوري، مرّ جوابه غير مرّة وفاقاً للأستاذ في التعليقة (3).
2416 محمّد بن الحسن بن أبي يزيد (4):
الهَمْداني، المِشْعاري، الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ابن الحسين بن إسحاق بن أبي طالب العلوي، أبو عبد اللّٰه الشريف، من مشايخ الصدوق، و حكم بصحّة حديثه في كمال الدين (7).
القُمِيّ، أكثر الكشّي من الرواية عنه معتمداً عليه، بل عليٰ ما وجده
ص: 31
بخطّه (1).
أبو جعفر، رويٰ عنه حميد أصولًا كثيرة، مات سنة إحديٰ و ستين و مائتين، و صلّي عليه القاسم بن حازم، كذا في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (2).
و لا يخفيٰ أنَّ التعرض لهذه المطالب في الترجمة كاشف عن كون صاحبها من كبار مشايخ الإجازة، خصوصاً بعد ملاحظة ما مرّ في ترجمة حميد (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) له كتاب التحريف و التبديل في الفهرست (5).
محمّد بن عيسيٰ، في الكافي، في باب المؤمن و علاماته (1)، و في باب المواقيت (2)، و في التهذيب، في باب حكم الحيض (3)، و في باب الزيادات في فقه الحج (4)، و في باب التخيير بين القراءة و التسبيح (5).
و في الفهرست: عبد العزيز بن المهتدي جدّ محمّد بن الحسين، له كتاب (1)، و يظهر منه كما في التعليقة (2) معروفيّته، بل نباهة شأنه، و يقرب منه ما في النجاشي (3)، فلاحظ.
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أبو عبد اللّٰه، أسْنَدَ عَنْهُ، مدني، نزل الكوفة، مات سنة إحديٰ و ثمانين و مائة، و له سبع و ستون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو الفضل، في النجاشي: أحمد بن إسماعيل بن عبد اللّٰه، أبو عبد اللّٰه، بجليّ، عربيّ، من أهل قم، يلقّب سمكة، كان من أهل الفضل، و الأدب، و العلم، و يقال: إنَّ عليه قرأ أبو الفضل محمّد بن الحسين بن العميد (5)، انتهيٰ.
و يظهر منه معروفيّته، و جلالة شأنه، و هو ابن العميد الكاتب المعروف وزير ركن الدّولة، و أستاذ صاحب بن عبّاد الذي قال في حقّه: بدأت الكتابة بعبد الحميد و ختمت بابن العميد.
الجوهري، من مشايخ جعفر بن قولويه في كامل الزيارة (1).
2433 محمّد بن الحصين (2) بن عبد الرحمن:
الجُعْفِيّ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). و الظاهر أنه الذي رويٰ عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب في باب القبلة (4)، و في باب أحكام الجماعة (5)، و في الكافي، في باب التزين يوم الجمعة (6)، و في الروضة بعد حديث قوم صالح (7)، و ابن فضال، فيه، في باب علل الموت (8).
يتعلّق به في (رعز) (1).
2439 محمّد بن حمزة بن أبيض (1):
الكُوفِيّ، الخَثْعَمِيّ (2)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). عنه: صفوان ابن يحييٰ، في التهذيب، في باب ميراث ابن الملاعنة (4)، و حمّاد بن عيسيٰ، فيه، في باب كيفيّة الصلاة (5).
2443 محمّد بن حنظلة العبدي (1):
أبو سلمة الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
القُرشي، مولاهم، كوفي، أبو العلاء، مات سنة إحديٰ و ثمانين و مائة، و له سبع و سبعون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و محمّد بن أبي عبد اللّٰه (1).
و زاد في الجامع: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، و علي بن الحكم، و محمّد بن إسماعيل، و محمّد بن جعفر أبو العباس الكوفي (2).
و في من لم يروَ عنهم (عليهم السّلام): رويٰ عنه حميد أصولًا كثيرة، و مات سنة تسع و خمسين و مائتين، و له سبع و تسعون سنة (3).
و في رسالة أبي غالب الزراري: و كان جدّي أبو طاهر أحد رواة الحديث، قد لقي محمّد بن خالد الطيالسي فروي عنه: كتاب عاصم بن حميد، و كتاب سيف بن عميرة، و كتاب العلاء بن رزين، و كتاب إسماعيل ابن عبد الخالق، و أشياء غير ذلك (4).
و المراد بأبي طاهر: الثقة، الجليل، محمّد بن الحسن بن الجهم، أول من لُقّب من هذه الطائفة بالزراري من مولانا أبي محمّد (عليه السّلام). و يظهر من جميع ذلك أنه من أجلّاء الرواة، و الثقات الإثبات.
و من العجب عدّه في الوجيزة (5) من المجاهيل، و عدم ذكره في البلغة!؟
(ما) (1).
الكوفي، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الصادق (عليه السّلام) (1).
2470 محمّد بن زادية (1):
عنه: يعقوب بن يزيد، في الكافي مكرّراً (2).
الكُوفِيّ، أبو أحمد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو النضر (1) الكَلْبِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2). هو والد هِشام الكلبي النَّسّابة، الإمامي.
قال السمعاني في ترجمة محمّد: إنه صاحب التفسير، كان من أهل الكوفة، و قائلًا بالرجعة، و ابنه هشام ذا نسب عال، و في التشيّع غال (3).
الأُمويّ الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الطّائي، الكُوفِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
طاهر عليٰ محمّد بن سعيد بسبب خبثه، فحاجّه محمّد بن سعيد فخلّي سبيله، قال أبو عبد اللّٰه الجرجاني: إنَّ محمّد بن سعيد بن كلثوم كان خارجياً ثم رجع إليٰ التشيّع، بعد أن كان بايع عليٰ الخروج و إظهار السيف (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الأنصاري، مولاهم، المدني، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكِلابي، الجعفري، أبو عمرو، الكوفي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثلاث و سبعين و مائة، و هو ابن إحديٰ و ستين سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو عُمارة، مولي بني هاشم، المدني، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الأزدي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
2523 محمّد بن سُليمان القبي (3):
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ابن زَيْنَبة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في العيون بإسناده عنه في حديث فيه كيفيّة أخذ هارون مولانا الكاظم (عليه السّلام) و إرساله إليٰ البصرة عند عيسيٰ بن جعفر، و فيه: أنه سعيٰ علي بن يعقوب الهاشمي إليٰ عيسيٰ بمحمّد بن سليمان و أنه يدين بطاعة موسي بن جعفر المحبوس عندك (6).
و في الكشي في ترجمة هشام بن الحكم، خبر شريف يدلّ عليٰ
ص: 53
حسن حاله، و ولائه، و فضله، و إنه كان في حبس الرشيد (1).
البَكْرِيّ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر، في التهذيب، في باب نزول المزدلفة، و في غيره مكرّراً، و في بعض الأسانيد: محمّد بن سماعة الصّيرفي (3).
أبي يحييٰ الأسْلمي، مولاهم، مدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الهاشمي، و أخوه عبد اللّٰه، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). قد أكثر ابنا بسطام في طب الأئمة (عليهم السّلام) من الرواية عن عبد اللّٰه بن سنان، عن أخيه محمّد بن سنان (6)، و منه يعلم علوّ مقامه.
عنه: الجَليل أحمد بن داود بن علي القمّي، في من لم يرو
ص: 54
عنهم (عليهم السّلام) (1)، و الصفار (2)، و محمّد بن علي بن محبوب (3)، و محمّد بن أحمد بن هشام، من مشايخ علي بن بابويه (4).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الأَشْعَرِيّ، القُمِيّ، في النجاشي: له كتاب يرويه جماعة، أخبرنا علي ابن أحمد، قال: حدثنا محمّد بن الحسن، قال: حدثنا سعد و الحميري و محمّد بن يحييٰ و أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن أبيه، عن محمّد بن سهل، بكتابه (2).
و لا يخفيٰ ما في رواية هؤلاء الأجلّة كتابه، و قوله: يرويه جماعة من الدلالة عليٰ وثاقته، بل جلالته، و قد مرّ في (رند) (3)، فلاحظ.
من أصحاب الرضا (عليه السّلام) (1) يروي عنه: الجليل يعقوب بن يزيد (2)، و محمّد بن عيسيٰ بن عبيد (3)، و محمّد بن عبد الحميد (4)، و عمرو بن عثمان (5)، و أحمد بن أبي عبد اللّٰه (6).
2547 محمّد بن شِهاب الكَبِيسي (1):
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
المَليكي، الجُذعاني، القُرَشِيّ، التَّميمِيّ (1)، أبو غزارة (2) المَكِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الأنصاري، القاضِي، الكُوفِيّ، مات سنة ثمان و أربعين و مائة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
و ذكره في الخلاصة في القسم الأول، و نقل عن ابن عقدة انه مروي (5) عن ابن نمير: انه كان صدوقاً مأموناً، و لكنّه سيّ ء الحفظ جدّاً، و هذه الرواية من المرجحات لا انّها توجب تعديلًا (6)، و ذكره ابن داود أيضا في القسم الأول، و قال: ممدوح (7). و في الوجيزة ممدوح (8).
و قال المولي محمّد صالح في شرح الكافي: ممدوح، مشكور،
ص: 62
صدوق، مأمون (1)، و في التعليقة: رويٰ ابن أبي عمير عنه عن أبيه (2).
و قد أغرب أبو علي في رجاله بعد تصريح هؤلاء المشايخ فقال بعد نقل ما نقلناه: كلّ ذلك عجيب غريب! فإنّ نصب الرجل أشهر من كفر إبليس، و هو من مشاهير المنحرفين، و تولّيٰ القضاء لبني أُميّة ثم لبني العباس برهة من السنين، كما ذكره غير واحد من المؤرخين (3)؛ و ردّه شهادة جملة من أجلاء أصحاب الصادق (عليه السّلام) لأنّهم رافضة مشهور، و في كتب الحديث مذكور، من ذلك ما ذكره الكشي في ترجمة محمّد بن مسلم (4)، فلاحظ، و من ذلك في ترجمة عمّار الدهني (5)، و يجب ذكره في الضعفاء كما فعله الفاضل الشيخ عبد النبيّ الجزائري صاحب الحاوي (6) (7)، انتهيٰ.
قلت: المدعي صدقه و أمانته و وثاقته في الحديث و مجرّد القضا و العاميّة لا ينافي ذلك.
و قال صدر المحققين العاملي في حواشيه عليٰ رجاله: و في تضاعيف الأخبار ما يدلّ عليٰ أنّ ابن أبي ليليٰ لم يكن عليٰ ما ذكره المؤلف من النصب، بل يظهر من الروايات ميله لآل محمّد (عليهم السّلام) و روايات ردّه الشهادة تشهد بذلك؛ لأنه قبل شهادتهم بعد ردّها، و في صدر الوقوف من 1.
ص: 63
الكافي (1)، ان ابن أبي ليليٰ حكم في قضيّة بحكم، فقال له محمّد بن مسلم الثقفي: إنّ علياً (عليه السّلام) قضيٰ بخلاف ذلك، و روي له ذلك (2) عن الباقر (عليه السّلام) فقال: ابن أبي ليليٰ هذا عندك في كتاب؟ قال: نعم، قال: فأرسل و ائتني به، قال له محمّد بن مسلم: عليٰ أن لا تنظر في الكتاب إلّا في ذلك الحديث، ثم أراه الحديث عن الباقر (عليه السّلام) فردّ قضيّته، و نقضه للقضاء بعد الحكم دليل عليٰ عدم التعصب فضلًا عن النصب، و إخفاء محمّد بن مسلم سائر ما في الكتاب عنه يمكن تعليله بأنه كان فيه من الأسرار التي لا يمكن إذاعتها لكلّ أحد، و يمكن تعليله بأُمور آخر.
و بالجملة فمن تتبّع الأخبار عرف أنَّ ابن أبي ليليٰ كان يقضي بما يبلغه عن الصادقين (عليهما السّلام)، و يحكم بذلك بعد التوقف بل ينقض ما كان قد حكم به إذا بلغه عنهم (عليهم السّلام) خلافه، فكيف يكون مَنْ حاله ذلك من النواصب (3)!؟ انتهيٰ كلامه (رحمه اللّٰه).
قلت: في التهذيب في الصحيح: عن عبد اللّٰه بن المغيرة، عن عبد الرّحمن الجعفي، قال: كنت اختلف إليٰ ابن أبي ليليٰ في مواريث لنا لنقسمها، و كان فيه حبيس، فكان يدافعني، فلمّا طال شكوته إليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقال: أومأ علم أنَّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) أمر بردّ الحبيس، و إنفاذ المواريث، قال: فأتيته ففعل كما كان يفعل، فقلت له: إنّي شكوتك إليٰ جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقال لي: كيت و كيت، قال: فحلّفني ابن أبي ليليٰ أنه قال ذلك، فحلفت له، فقضي لي بذلك (4).2.
ص: 64
و فيه بإسناده: عن ابن أبي عمير، عن نوح بن دراج، قال: قلت لابن أبي ليليٰ: أ كنت تاركاً قولًا قلته أو قضاءً قضيته لقول أحد؟ قال: لا إلّا رجل واحد، قلت: من هو؟ قال: جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) (1).
و في خبر شريف رواه مرّةً في باب معرفة الإمام و الردّ إليه (2)، و أخري في باب نسبة الإسلام (3)، بإسناده عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليليٰ، عن أبيه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) لا يتمكن الناصبي عادة من نقله و روايته، فلاحظ.
و اعلم أنَّ القاضي هو محمّد لا أبوه عبد الرّحمن كما في التقريب (4)، و غيره (5).
ابن الحارث بن أبي ذُويب المدني، أبو الحارث، أسْنَدَ عَنْهُ، مات ابن أبي ذويب سنة سبع و خمسين و مائة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البارقِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في التعليقة: يظهر من رواية في كمال الدين جلالته (1).
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) أبو عبد اللّٰه، أسْنَدَ عَنْهُ، مدني، نزل الكوفة، مات سنة إحديٰ و ثمانين و مائة، و له سبع و ستون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و قال المفيد في الرسالة العدديّة: و أمّا رواة الحديث بأنَّ شهر رمضان شهر من شهور السنة، فهم فقهاء، أصحاب أبي جعفر (عليه السّلام). إليٰ أن قال: و الأعلام، الرؤساء، المأخوذ عنهم الحلال و الحرام، و الفتيا و الأحكام، الذين لا يطعن عليهم، و لا طريق إليٰ ذمّ واحد منهم. إليٰ أن قال: و محمّد بن عبد اللّٰه بن الحسين (3).
أبو إسماعيل، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في رجال ابن داود: ممدوح، و زاد بعد عبد اللّٰه: مولي فزارة (2).
ابن أبي عقيل الثَّقفِيّ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
ابن عمّ الحسين بن أبي العلاء، في الخلاصة: عن ابن عقدة: انه كان خيّراً (1).
الأشعري (2)، عنه: أحمد بن محمّد بن أبي نصر (3)، و الظاهر أنه ابن عبد اللّٰه الأشعري، و قد تقدم (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
أخو دارم، مولي بني تميم، الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ابن أبي الكِرام الجعفري، الهاشمي، المدني، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
ابن طَيْفُور، يظهر من الصدوق في كتاب العلل في باب العلّة التي
ص: 71
اتخذ اللّٰه بها إبراهيم خليلًا (1)؛ انه من العلماء المعتمدين.
أبو المُفَضّل الشَّيْبانِيّ، من كبار مشايخ الإجازة، و إن ضعّفوه في آخر عمره، إلّا انّ عملهم عليٰ خلافه كما يظهر من مراجعة الجوامع (2). و قد مرّ في الفائدة السادسة ما ينفع المقام (3).
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
له كتاب يرويه القمّيون، عنه: الحسن بن محبوب (5)، قاله النجاشي (6). و لا يخفيٰ ما في روايتهم مع ما علم من حالهم و روايته و هو من أصحاب الإجماع من الدلالة عليٰ حسنه، بل وثاقته، و جلالته.
يروي عنه: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب كثيراً (7)، و الحسن بن
ص: 72
عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في باب الكبائر (1)، و ابن بكير، فيه، في باب القرض يجر المنفعة (2)، و في التهذيب، في باب القرض و أحكامه (3)، و علي بن إسماعيل (4).
في باب الرضاع (1)، و علي بن سيف (2).
العرزمي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أحمد بن محمّد بن سُليمان الزُّراري، و هو الذي كتب إليه جدّه أبو غالب الرسالة المعروفة في حال آل أعين، و ذكره الخلاصة في القسم الأول (4).
و في النجاشي: كان أديباً و سمع، و هو ابن ابن أبي غالب شيخنا. إليٰ آخره، له كتاب فضل الكوفة عليٰ البصرة، و كتاب الموشح، و كتاب [جمل (5)] البلاغة (6)، و في الوجيزة: ممدوح (7).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
و قيل: الزّغيل (1)، من بني الحارث بن كعب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، مولي بني [حيفة (3)]، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ابن أبي عبد الرّحمن المَدَنِيّ، مولي آل المكندر (5)، و اسم أبي عبد الرّحمن: فروخ، و ربيعة هو الذي يقال له: ربيعة الرأي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
الجُهَنِيّ، الكُوفِيّ، أبو عمارة، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
ص: 77
و علاماته (1)، و علي بن أسباط (2)، و محمّد بن عيسيٰ (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
ابن محمّد (عليهما السّلام) (1). أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن الجليل موسي ابن القاسم، عنه، في الكافي، في باب النرد و الشطرنج (2)، و ابنه عيسيٰ (3)، و موسي بن عبد اللّٰه (4).
سنة تسع و عشرين و ثلاثمائة، كذا في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) (1). و هو من مشايخ ثقة الإسلام في الكافي، رويٰ عنه في الروضة خطبة الوسيلة (2)، و خطبة اخريٰ بعدها (3).
العِجْلِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الأنصاري، العطّار، الكُوفِيّ، مولاهم، و هو ابن أبي حفص، أسْنَدَ عَنْهُ، و قيل إنّه كان [يعد (3)] بألف رجل، مات سنة ستة و سبعين و مائة (4).
ابن أبي طالب (عليه السّلام)، أبو عبد اللّٰه المدني، قتل سنة خمس و أربعين [و مائة (5)] بالمدينة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، الهاشمي، المدني، أَسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة إحديٰ و سبعين و مائة، و له أربع و ستون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
ص: 82
الهَمْدَانِيّ، النباعِيّ (1)، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الهَمْدَانِيّ، المَشَاعِرِيّ (1)، الكُوفِيّ، مات سنة ست و ثمانين و مائة، و كان مولده سنة اثنتين و ثلاثين و مائة، يوم (2) ظهر بنو هاشم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الخُراساني، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2682 محمّد بن الفَيْض التيمي (1):
تيم الرَّباب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (3)، و يروي عنه: ابن أبي عمير، و قد مرّ في (رصج) (4).
له كتاب في الفهرست (1)، و في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام)، و يروي عنه: سعد و الحميري (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
ابن زيد بن الحسن (4) بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، مدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
قلت: كذا في نسخ رجال الشيخ، و المنقول عنها، و الظاهر بل المقطوع أنَّ الأصل الحسن بن زيد، و الحسين غلط، لاتفاق أهل النَّسب و غيرهم عليٰ أنّه لم يكن لزيد ولد اسمه الحسين (6)، و المذكور فيها و في كتب الأحاديث (7) ابنه أبو محمّد الحسن، أمير المدينة من قبل المنصور، و هو أوّل علوي لبس السواد، و ابنه أبو محمّد القاسم، الزاهد، العابد، الورع، هو الذي خرج بعد أبيه بطبرستان (8)، و استولي عليها، و ابنه أبو القاسم محمّد صاحب الترجمة،
ص: 88
يقال له: البطحاني، كان من الفقهاء، و لأبيه القاسم حديث شريف، رواه مسنداً، عن أبيه، عن جده، أخرجناه في كتاب الحج، في باب أحكام الدواب (1).
2698 محمّد بن كَرْب (1) النَّهْدِيّ:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، ثقة، عين، كذا في: النجاشي (1)، و الخلاصة (2). و له كتاب، عنه: الحسن بن محبوب (3)، و عبيد بن زرارة (4).
عنهم (عليهم السّلام) (1). و عنه: الحسين بن عبيد اللّٰه الغضائري في الفهرست، في ترجمة أحمد بن صبيح (2). و من عرف طريقة الغضائري اطمأن بوثاقة مشايخه.
أبو جعفر، يروي عنه الصدوق مترحّماً مترضياً (3).
أبو عمرو (4) المُزَنِيّ، الكُوفِيّ، مات سنة أربع و ستين و مائة، و له اثنان و سبعون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
من مشايخ الصدوق (6)، و الواسطة بينه و بين الكليني، يروي عنه كثيراً مترحّماً مترضياً.
ابن علي العلوي، يأتي في الكنيٰ إن شاء اللّٰه تعاليٰ.
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
ص: 93
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البصري، أبو عبد اللّٰه، و يقال: أبو يحييٰ، أَسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة إحديٰ و ستين و مائة، و له ثلاث و ثمانون (2) سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
و له في الفهرست كتاب يرويه عنه محمّد بن سماعة (4)، و في الجامع عنه: صفوان بن يحييٰ، في الكافي، في باب الهداية أنّها من اللّٰه (5)، و في باب انّ من عرف إمامه لم يضرّه. إليٰ آخره (6)، و في باب ترك دعاء الناس (7)، و ابن بكير (8) (9).
سعيد (1)، و ابن مسكان (2)، و يحيي بن عِمْران الحلبي (3)، و علي بن رئاب (4)، و موسي بن بكر (5)، و عمرو بن أبي المقدام (6)، و إبراهيم بن محمّد الثقفي (7)، و علي بن الحكم (8)، و علي بن رئاب (9)، و أحمد بن النضر (10)، و جماعة (11).
المَدَنِيّ، تابعي، و هو محمّد بن مسلم بن عبيد اللّٰه بن عبد اللّٰه بن الحارث بن شِهاب بن زُهْرة بن كلاب، ولد سنة اثنين و خمسين، و مات سنة أربع و عشرين و مائة، و له اثنتان و سبعون سنة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
قد ذكرنا في شرح المشيخة في (قكد) (2) اختصاصه بالسجاد (عليه السّلام)، و اتصاله به، و أخذه عنه، و ما يستظهر منه تشيّعه، و وثاقته، و بعد المراجعة إليه يظهر ما في رجال أبي علي (3) من دعوي نصبه، و عداوته، مستنداً إليٰ ما في شرح ابن أبي الحديد (4)، و اعتراضه عليٰ أستاذه المدعيٰ تشيّعه من وجوه الفساد.
كُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، و في موضع يكنّي أبا المضارب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2). عنه: يونس بن عبد الرّحمن، في الكافي، في باب الرجل يقذف امرأته (3)، و في التهذيب، في باب الحدّ في الفرية و السبّ (4)، و أبان، في الكافي، في باب الرجل يقذف امرأته (5)، و ابن مسكان (6)، و ثعلبة بن ميمون (7)، و هشام بن سالم (8)، و أبو عبد اللّٰه البرقي (9)، و صفوان، في التهذيب، في باب الزيادات في فقه النكاح (10)، و في باب الطلاق (11).
في التعليقة في آخر الكتاب ما يشير إليٰ كونه من رؤساء الشيعة (1).
الزَّعْفَرانِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، يكنّي أبا النصر، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). عنه: ابن أبي عمير، في الكافي (2)، و التهذيب، في باب فضل التجارة (3).
و في النّجاشي: عامّي، غير انه رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) (4).
و التهذيب (1)، في كتاب الحج، حماد بن عيسيٰ عن ميمون، و الكلّ محتمل.
الأنصارِيّ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: محمّد بن أحمد بن يحييٰ، في الكافي، في باب العلاج للمحرم (3)، و في التهذيب، في باب ضمان النفوس (4)، و في الفقيه، في باب ضمان الظئر إذا انقلبت عليٰ الصبي (5)، و لم يستثن.
المَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
2756 محمّد بن نَضْلة (1) الخُزاعِيّ:
أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
و في الكافي (1)، و التهذيب (2)، في كتاب الميراث، انه كان وصيّاً لابن أبي عمير، و انه كتب إليٰ العبد الصالح (عليه السّلام). و فيه غرابة، من حيث أن ابن نعيم من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و ابن أبي عمير مات سنة 217، في عصر الجواد (عليه السّلام)، و العبد الصالح لقب جدّه (عليه السّلام)، فلا بدّ أن يراد من ابن أبي عمير غير المعروف في الرواة، فلاحظ.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
2764 محمّد بن وائل (1) العَنَزِيّ:
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
شريف طويل، يظهر منه خلوصه و إيمانه، و شفقته و رأفته عليه، فلاحظ.
2769 محمّد بن الوليد (بن الوليد) (1) العَنَزِيّ:
أبو الفضل، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
رويٰ عن: كرام، و علاء بن رزين، له كتاب، النجاشي (1). عنه: أبو المعزي (2)، و النضر بن سويد (3)، الذي قالوا فيه: صحيح الحديث (4)، و مرّ غير مرّة أنّ هذه الكلمة من أمارات وثاقة مشايخ من قيل فيه، فلاحظ.
أبو جعفر، في الكشي: عن طاهر بن عيسيٰ و غيره، عن أبي سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب التاجر السمرقندي، أنه قال فيه: و رأيته خيّراً فاضلًا (1).
عنه في الصحيح: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في باب صلاة الكسوف من أبواب الزيادات (2).
ابن الحسن [بن الحسن (1)] بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) الهاشمي، المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). و احْتُمِلَ اتحاده مع ابن طحلاء (4).
البدي، أخو [زكريا بن يحييٰ (5)] البدي، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
رويٰ عنه: زكريا بن محمّد، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
كُوفِيّ، ذكره سعد في طبقات الشيعة و قال: رويٰ عنه زياد، له كتاب
ص: 110
في النجاشي (1). و في الجامع عنه: يونس بن عبد الرّحمن، و الحسن بن علي الوشاء (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو نصر البَجَلِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4) و في الكافي، في باب القصد، في كتاب الزكاة: الحسن بن محبوب، عن عمر بن أبان، عن مدرك بن الهزهاز (5). و في التهذيب، في باب الغنم يعطيٰ بالضريبة: أبان، عن مدرك ابن الهزهاز (6).
و لعلّ أبي في رجال الشيخ من زيادة النساخ.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ابن سعد الأشعري، له كتاب في النجاشي، يرويه عنه صفوان (3). عنه سعد بن سعد (4)، و في الكافي، في باب صوم التطوع في السفر: عدّه من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عنه (5).
و في الكشي مسنداً عنه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): أسألك عن أهمّ الأُمور إليّ، أمن شيعتكم أنا؟ فقال: نعم، قلت: اسمي مكتوب عندكم؟ قال: نعم (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). عنه: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في باب الكفارة عن خطأ المحرم (6)، و محمّد بن مسلم، و أحمد بن سليمان، فيه (7)، و في الكافي، في باب صلاة الاستسقاء، إلّا أنّ في الكافي: مرّة مولي محمّد بن خالد (8)، و هو الأصح، لما مرّ في (ما) (9).
الكُوفِيّ، مولاهم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في الكشي، في الصحيح عليٰ الأصح عنه، قال: أخبرني أبو الحسن (عليه السّلام) بخراسان فقال: ألحق بأبي جعفر (عليه السّلام) فإنه صاحبك (3). عنه: الوشاء (4) و محمّد بن عيسيٰ (5).
و في الكافي في باب أن الامام متي يعلم أن الأمر قد صار إليه: عن علي بن إبراهيم، عنه (6)، و ذكر حديثاً شريفاً فيه حسن عقيدته، و طول خدمته، و يظهر منه أنه كان خادماً لأبي الحسن الأول (عليه السّلام) أيضاً.
و في الخرائج: عن محمّد بن الوليد الكرماني قال: أتيت أبا جعفر بن الرضا (عليهما السّلام) فوجدت بالباب الذي في الفناء قوماً كثيراً فعدلت إليٰ مسافر فجلست إليه حتي زالت الشمس، فقمنا للصلاة، الخبر (7).
و في الوجيزة: ممدوح (8)، و في أصحاب الرضا (عليه السّلام): يكنّي
ص: 117
أبا مسلم (1).
2832 المُسْتَعمل (2) بن سعد الأسديّ:
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البصري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
في: إرشاد المفيد: ثم كتب يعني الحسين عليه السّلام مع هاني بن هاني، و سعيد بن عبد اللّٰه، و كانا آخر الرسل:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إليٰ الملإ من المؤمنين. إليٰ أن قال (عليه السّلام): أنا باعث إليكم أخي، و ابن عمّي، و ثقتي من أهل بيتي، مسلم بن عقيل. إليٰ آخره (4).
و في أمالي الصدوق بإسناده: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال علي لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): يا رسول اللّٰه إنك لتحب عقيلًا، قال: أي و اللّٰه، إني لأحبّه حبين، حبّا له و حبّاً لحب أبي طالب، و إن ولده لمقتول في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، و تصلّي عليه الملائكة المقربون، ثم بكيٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) حتي جرت دموعه عليٰ صدره ثم قال، إليٰ اللّٰه أشكو ما تلقيٰ عترتي من بعدي (5).
ص: 122
أوّل الشهداء في الطف (1).
في الكشي بسندين عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) انه قال: ذكر أنّ مسلماً مولي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) سندي، و أن جعفراً (عليه السّلام) قال له: إنّي أرجو أن تكون قد وفقت الاسم، و أنه عُلِّم القرآن في النوم فأصبح و قد علمه (2).
و عدّ في: البلغة (3)، و الوجيزة (4)، من الممدوحين، و في ترجمة صدقة الأحدب (5) خبر يستفاد منه مدحه و إماميّته.
2866 المِسْوَر (1) بن مخزمة (2) الزُّهْرِيّ:
كان رسول علي (عليه السّلام) إليٰ معاوية كذا في رجال الشيخ (3). و في الخلاصة (4) في القسم الأول، و الرسالة منه (عليه السّلام)، بل و من كلّ عاقل لا تنفك عن الوثاقة في الحديث عادة.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أوضحنا في شرح المشيخة في (شط) وثاقته، فلاحظ (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: يونس بن يعقوب (2).
2876 مَطَر بن سَيّار (3) الكُوفِيّ:
أبو سيّار، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
من الذين قيل فيهم: صحيح الحديث.
و في التعليقة: يروي عنه ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم (1)، و يروي كتابه الصدوق، عن أبيه و ابن الوليد، عن الصفار، عن الحسن الكوفي، عن ابن بقاح (2)، كلّ ذلك من أمارات الوثاقة.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من شهود وصيّة أبي إبراهيم (عليه السّلام)، في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) (4).
2885 معاوية بن سلمة النَّصْرِيّ (1):
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
2886 معاوية بن سواد (3) الكِنَانِيّ:
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
له كتاب في النجاشي، يرويه عنه: صفوان بن يحييٰ (1)، و عنه: ابن أبي عمير، في الكافي، في باب فضل الصوم (2).
2896 معاوية بن وهب الميثمي (1):
لكل واحد منهم كتاب في الفهرست (2)، يرويه عنه: عبيد اللّٰه بن أحمد بن نهيك، الشيخ الثقة، الصدوق، الجليل.
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أبو الفضل الكُوفِيّ، مولي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الدَّغْشِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
أبو الحسن، الذي أكثر ثقة الإسلام من الرواية عنه بتوسط مشايخه، في النّجاشي: مضطرب الحديث و المذهب (4)، و عن الغضائري: نعرف حديثه و ننكره (5).
و يضعّفه (6) رواية الأجلّاء عنه مثل: الحسين بن سعيد، في التهذيب، في باب الزيادات في القضايا و الأحكام (7)، و محمّد بن الحسن بن الوليد، في الفهرست، في ترجمة أبان بن عثمان (8)، و علي بن إسماعيل، في التهذيب، في باب المسنون من الصلوات (9)، و أبو علي الأشعري، في الكافي، في باب الصبر، و باب الجلوس في كتاب العشرة (10).
ص: 131
و هو صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (1)، و مرّ في (شيح) ما ينبغي أن يلاحظ (2).
في البلغة: ممدوح (1)، و في الكافي، في باب حج النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) ان الذي حلق رأس النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) في حجّته معمّر بن عبد اللّٰه بن حراثة بن نصر بن غوث بن عوسج بن عدي بن كعب، قال: لمّا كان في حجّة رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و هو يحلقه قالت قريش: أي معمّر! اذُنُ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) في يدك و في يدك المُوسيٰ!؟ فقال معمّر: و اللّٰه إنّي لأعدّه من اللّٰه فضلًا عظيماً عليّ، قال: و كان معمّر هو الذي يرحل لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): يا معمّر إنَّ الرّحل الليلة لمسترخ، فقال معمّر: بأبي أنت و أمي لقد شددته كما كنت أشدّه، و لكن بعض من حسد مكاني منك يا رسول اللّٰه أراد أن يستبدل بي، فقال رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله): ما كنت لأفعل، الخبر (2).
مولي بني أسد (1)، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، نزل البصرة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
أخو شعيب الكاتب، عنه: ابن أبي عمير، في الكشي: جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن محمّد بن علي و غيره، عن ابن أبي عمير، عن المفضّل بن مزيد أخي شعيب، قال: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و قد أُمرت أن أخرج لبني هاشم جوائز، فلم أعلم إلّا و هو (عليه السّلام) عليٰ رأسي و أنا مستخل، فوثبت إليه فسألني عمّا أمر لهم، فناولته الكتاب، قال: ما أريٰ لإسماعيل هنا شيئاً، فقلت: هذا الذي خرج إلينا، ثم قلت له: جعلت فداك قد تري مكاني من هؤلاء القوم، فقال لي: انظر ما أصبت فعد به عليٰ أصحابك، فإن اللّٰه جلّ و علا يقول: إِنَّ الْحَسَنٰاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئٰاتِ (2) (3).
و في ترجمة أبي الخطاب: عن حمدويه و إبراهيم، عن محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير، عن المفضل بن مزيد، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة فقال لي: يا مفضّل لا تقاعدوهم، و لا تواكلوهم، و لا تشاربوهم، و لا تصافحوهم، و لا توارثوهم (4).
و في الوجيزة: ممدوح (5)، و الأظهر الحكم بالوثاقة.
السعْدِيّ، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6). و بالغ ابن حجر
ص: 138
في التقريب في الثناء عليه (1).
كما في رجال البرقي (1).
و في التعليقة: الظاهر ان رميهم إيّاه بالغلوّ لروايته الروايات الدالة عليه بزعمهم، و في ثبوت الضعف بذلك تأمل، و في كتب الأخبار ما يدلّ عليٰ عدم غلوّه قطعاً (1)، انتهيٰ.
قلت: و ينافيه أيضاً رواية الفقيه الجليل أحمد بن ميثم كتابه (2)، و عنه أيضاً: عمّار بن مروان (3). و الظاهر ان منشأ اتّهامه كونه من أصحاب جابر ابن يزيد الجعفي؛ المطعون عندهم، و الراوي عنه (4).
و في رجال أبي علي: و لو سلم من الضعف فلا يسلم من الجهالة (5). و بعد كونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، و رواية الجليلين عنه ترتفع الجهالة.
رويٰ عنه: يونس، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
مولاهم، كوفي، رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، ابنه الحسين من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
و في النجاشي، في ترجمة مؤمن الطاق: محمّد بن علي بن النعمان ابن أبي طريفة البجلي، مولي، الأحول أبو جعفر، كوفي، صيرفيّ، يلقب مؤمن الطاق و صاحب الطاق، و عم أبيه المنذر بن أبي طُرَيفة، رويٰ عن:
ص: 141
علي بن الحسين، و أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهم السّلام). و ابن عمّه الحسين ابن المنذر بن أبي طريفة رويٰ أيضاً عن: علي بن الحسين، و أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهم السّلام) (1).
و لو لا أنَّ المنذر من الرواة المعروفين لما ناسب ذكره كذلك في هذا المقام، فقول الخلاصة: منذر بن أبي طريفة من أصحاب الباقر (عليه السّلام) مجهول (2)، في غير محلّه.
2951 منذر بن جيفر (3) العبدي:
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4). له كتاب (5) في الفهرست، يرويه عنه صفوان بن يحييٰ (6)، و كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (7)، يرويه عنه عبد اللّٰه بن المغيرة، و كتاب في النجاشي (8)، يرويه عنه إسماعيل بن مهران، إلّا أنّ فيه جفير (9)، و الأول أصحّ.
و عنه: محمّد بن إسماعيل بن بزيع، في روضة الكافي بعد حديث
ص: 142
الفقهاء (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
صاحب الصحف، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
يكنّي أبا محمّد، رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). و هو منصور الصيقل، صاحب الكتاب المعتمد في مشيخة الفقيه (6).
استظهرنا وثاقته برواية الأجلّة عنه، و فيهم جمع من أصحاب الإجماع في (شكه) (7)، مضافاً إليٰ كونه من أصحاب الصادق (عليه السّلام).
التَّمِيمِيّ، المَدَنِيّ، القُرَشِيّ، مات سنة اثنتين و ثمانين و مائة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، عنه: علي بن شجرة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أخو القاسم، كوفي، له كتاب في النجاشي، يرويه عنه صفوان بن يحييٰ (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، يروي عنه الثلاثة (3): ابن أبي عمير (4)، و أحمد البزنطي (5)، و صفوان بن يحييٰ (6)، و يونس بن عبد الرحمن (7)، و عبد اللّٰه ابن المغيرة (8)، و النضر بن سويد (9)، و جعفر بن بشير (10)، و الوشاء (11)، و علي بن الحكم (12)، و فضالة (13)، و علي بن الحسن بن فضّال (14)، و خلف بن حماد (15)،
ص: 147
و معاوية بن وهب (1)، و علي بن أسباط (2)، و علي بن الحسن ابن رباط (3)، و معاوية ابن حكيم (4)، و محمّد ابن سماعة (5)، و منصور بن يونس (6)، و جماعة اخريٰ (7).
و في الكافي في باب ميراث الولد مع الزوج: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، قال: دفع إليّ صفوان كتاباً لموسيٰ بن بكر، فقال لي: هذا سماعي من موسي بن بكر، و قرأته عليه فاذا فيه: موسي بن بكر، عن علي بن سعيد، عن زرارة، قال: هذا ما ليس فيه اختلاف عند أصحابنا، عن أبي عبد اللّٰه، و أبي جعفر (عليهما السّلام) أنّهما سئلا عن امرأة، الخبر (8).
و فيه، في باب الخلع: عنه، عنه، عن جعفر بن سماعة، و ذكر أن جميل شهد خلعاً فأمضاه من غير أن يتبعه بالطلاق، قال: و كان جعفر بن سماعة يقول: يتبعها الطلاق في العدة و يحتج برواية موسي بن بكر، عن العبد الصالح (عليه السّلام)، الخبر (9).
و من جميع ذلك ظهر وثاقته، و جلالته، و في التعليقة: و هو كثير 9.
ص: 148
الرواية، و رواياته مقبولة مفتي بها (1).
المَدَنِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
البغدادي، أبو الحسن، له كتاب في النجاشي، يرويه عنه: الجليلان محمّد بن أحمد بن أبي قتادة، و عمران بن موسي (3).
و في الفهرست: يرويه عنه محمّد بن أحمد بن يحييٰ (4)، و لم يستثن. و عنه: سعد بن عبد اللّٰه كثيراً (5)، و كذا الصفار في البصائر (6)، و الجليل علي بن محمّد من مشايخ ثقة الإسلام (7)، و محمّد بن علي بن محبوب (8). فالحقّ انه معدود من الأجلّاء؛ و إن أهمله في الوجيزة.
رويٰ عنهما (عليهما السّلام)، رويٰ عنه: علي بن المغيرة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
2981 موسي بن صالح (2) الهَمْدَانِيّ:
الكُوفِيّ، أبو مسعود، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
راوي الزيارة الجامعة الكبيرة (1)، التي يشهد متنها بصحته، قال المحقّق صدر الدين العاملي: و في روايتها مدح لأنَّ من لقّنه الامام (عليه السّلام) مثل هذا الكلام لا يكون إلّا من أهل العلم و الفضل، انتهيٰ.
قلت: بل و ممّن يحتمل أسرارهم، و يؤيّده رواية الجليلين: محمّد بن إسماعيل البرمكي هنا، و الحسن بن موسي عنه، في الكافي، في كتاب العقل و الجهل (2).
أَسْنَدَ عَنْهُ، كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
3002 مُوفَّق بن أبي المُسْتَنَد (2) الثَّقَفِيّ:
كُوفِيّ، مولي آل المغيرة بن شعبة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
مولي أبي الحسن (عليه السّلام)، في إثبات الوصيّة للمسعودي، و عن الدلائل للحميري، مسنداً: عن أميّة بن علي، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السّلام) بمكة في السنة التي حجّ فيها، ثمَّ صار إليٰ خراسان و معه أبو جعفر (عليه السّلام) و أبو الحسن (عليه السّلام) يودّع البيت، فلمّا قضيٰ طوافه عدل إليٰ المقام، فصلّي عنده، فصار أبو جعفر (عليه السّلام) عليٰ عنق موفق، يطوف به، فصار أبو جعفر (عليه السّلام) إليٰ الحجر، فجلس فيه، فأطال، فقال له موفق: قم جعلت فداك، فقال: ما أريد أن أبرح من مكاني هذا إلّا أن يشاء اللّٰه، و استبان في وجهه الغمّ، فأتيٰ موفّق أبا الحسن (عليه السّلام) فقال له: جعلت فداك قد جلس أبو جعفر (عليه السّلام) في الحجر و هو يأبيٰ أن يقوم، الخبر (5).7.
ص: 155
و في رجال الكشي مسنداً عن: البزنطي و محمد بن سنان، قالا: كنّا بمكة و أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) بها فقلنا له: جعلنا اللّٰه فداك، نحن خارجون و أنت مقيم فإن رأيت أن تكتب لنا إليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) كتاباً نلمّ به، قال: فكتب إليه، فقدمنا فقلنا للموفق: أخْرجه إلينا، قال: فأخرجه إلينا و هو في صدر موفق، فأقبل يقرأ و يطويه و ينظر فيه و يتبسّم. الخبر (1).
و في الكافي مسنداً: عن الحسين بن سعيد، عن نصير مولي أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، عنه، قال: كان مولاي أبو الحسن (عليه السّلام) إذا أمر بشراء البقل يأمر بالإكثار منه، و من الجيرجير، فيشتريٰ له. الخبر (2).
قيل: هو بعينه موفّق بن هارون المذكور في أصحاب الإمام الرضا (عليه السّلام) من رجال الشيخ.
و في التعليقة: و يظهر منه أي من خبر رجال الكشي أَنّه من خدّامه، بل و من خواصّه (عليه السّلام)، و أصحاب إسراره. إليٰ آخره (3).
و في رجال الكشي أيضاً: عن أبي طالب عبد اللّٰه بن الصلت القمّي، قال: دخلت عليٰ أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) في آخر عمره فسمعته يقول: جزي اللّٰه صفوان بن يحييٰ، و محمد بن سنان، و زكريا بن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي، و لم يذكر سعد بن سعد، قال: فخرجت فلقيت موفّقاً و قلت له: إنّ مولاي ذكر. الخبر (4).
و عن المولي عناية اللّٰه في المجمع: أنّه عبدُ أبي الحسن الرضا (عليه السّلام)،3.
ص: 156
و كتب في الحاشية: يظهر اعتباره كثيراً جدّاً و خصوصيّته مع الجواد (عليه السّلام) (1).
السكوني، له كتاب في رجال النجاشي، يرويه عنه ابن أبي عمير (1)، و عنه: عثمان بن عيسيٰ (2)، و أحمد بن محمد بن عيسيٰ (3)، و أيوب بن نوح (4)؛ كل ذلك من أمارات الوثاقة.
3020 ميمون الحيان (1):
كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو معشر (1) السندي المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
بعض الأسانيد: نصير (1).
أبو القاسم، معتمد العيّاشيّ، و الكشي (2).
[و (3)] في كثير من التراجم (4)تعليقة الوحيد عليٰ منهج المقال: 352.(5) في الجرح و التعديل رموه بالغلوّ و الارتفاع عليٰ مذاقهم و معتقدهم، مع أنَّ الكشي قال في ترجمة عباس بن صدقة: قال نصر بن الصباح: العباس بن صدقة و أبو العباس [الطرناني (6)] و أبو عبد اللّٰه الكِنْدي المعروف بشاة رئيس كانوا من الغلاة الكبار الملعونين (7). و لم يذكر عن غيره شيئاً.
و قد أوضح الأستاذ في التعليقة (7)، فساد النسبة، و عدم المضرّة عليٰ تقدير الصحّة بما لا مزيد عليه.
و بالجملة فهو من الشيوخ الثبّت، بعد التأمّل الصّادق، و السبر التام.
أبو الولِيد العبدي، الكوفي، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
في التقريب، و فيه نضير (1).
الجمّال، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عنه، في الاستبصار، في باب من لم يجد الهدي و وجد الثمن (2)، و في التهذيب، في باب ضروب الحج (3). و في بعض نسخه: عن أبي بصير، و الظاهر كما صرّح به في الجامع (4): أنّه سهو.
و عنه: الحسن بن محبوب، في الروضة (5) بعد حديث قوم صالح، و علي بن الحكم (6)، و محمد بن سنان (7).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
كُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: الحسن بن محبوب، في التهذيب، في باب توارث الأزواج من الصبيان (1)، و في آخر باب حدود الزنا (2)، و في باب الحد في الفرية و السبّ مرّتين (3).
أبو عمرو النحوي الكوفي، سكن الرّيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
3061 نُوح بن تَغْلب الجريري (1) القيسي (2):
أخو أبان بن تغلب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
ابن عُثْمان المَخْزومي، في رجال الشيخ: إنَّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) دفع إليه راية المهاجرين يوم خروجه إليٰ صفين (4).
مولاهم، الكوفي، القاضي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). عنه: ابن أبي عمير، في التهذيب، في باب الزيادات في القضايا و الأحكام (6)، و عن محمّد بن السكين عنه، في الكافي، في باب ان مثل سلاح رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) مثل التابوت (7).
و صرّح في الخلاصة بأنّه كان من الشيعة (8)، و الشيخ في العدّة (9) عدّه من العامّة، و لكن ادّعيٰ أنّ الطائفة عملت برواياته من غير خلاف بينهم؛ و لذا جعله في الوجيزة موثّق (10)، و في البلغة: و ابن درّاج مختلف فيه،7.
ص: 170
و الأظهر جلالته (1)، و نقل في الحاشية (2) عبارة العدّة.
و الأظهر كونه ثِقَةً إِمامياً:
أما الأول: فلما عرفت.
و أمّا الثاني: فلما في النجاشي في ترجمة ابنه الجليل أيوب قال: و أبوه نوح بن درّاج، كان قاضياً، و كان صحيح الاعتقاد (3)، و مرّ كلام الخلاصة، و يعضده ما رواه في التهذيب بإسناده: عن الصفّار، بإسناده عن هاشم الصيداني، قال: كنت عند العبّاس و موسي بن عيسيٰ، و عنده أبو بكر ابن عياش، و إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، و علي بن الظبيان، و نوح ابن درّاج تلك الأيام عليٰ القضاء [قال (4)]: فقال العبّاس: يا [(5)] با بكر أما تري ما أحدث نوح في القضاء؟ أنه ورّث الخال و طرح العصبة و أسقط الشّفعة! فقال له أبو بكر بن عياش: و ما عسيٰ أن أقول للرجل قد قضيٰ بالكتاب و السنة، فاستويٰ العبّاس جالساً فقال: كيف قضيٰ بالكتاب و السنة؟ فقال أبو بكر: إنّ النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) لمّا قُتل حمزة بن عبد المطلب بعث علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فأتاه بابنة حمزة فسوّغها [رسول اللّٰه صلّي اللّٰه عليه و آله (6)] الميراث كلّه، فقال له العباس: [يا أبا بكر (7)] فظلم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) جدّي؟ فقال: أصلحك اللّٰه، شرع لرسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) ما صنع، فما صنع رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إلّا الحق (8).ر.
ص: 171
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
وصفه شرّاح النهج بأنه صاحب علي (عليه السّلام)، و يظهر من أخبار كثيرة أنّه من خواصه، و عبّاد أصحابه، مثل: جندب بن زهير، و همّام بن عبادة، و أمثالهما أهل النسك و البرانس.
و روي الكراجكي في كنزه مسنداً: عن أبي حمزة الثمالي، عن يحييٰ ابن أمّ الطويل، عن نوف البكالي، قال: عرضت لي إليٰ أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السّلام) حاجة فاستتبعت إليه جندب بن زهير، و الربيع بن خيثم، و ابن أخيه همّام بن عبادة بن خيثم، و ساق الخبر (2)، و فيه الخطبة المعروفة و قصّة وفاة همام، و فيه زيادة في أوله و آخره لا توجد في غيره.
و في الخبر الذي رواه ابن طاوس في فلاح السائل (3)، و أشرنا إليه في ترجمة حبّة (4) ما ينبغي أن يلاحظ.
و في التعليقة: و يظهر من الأخبار أنّه من خواصّه (عليه السّلام) منها ما رواه في الخصال (5).0.
ص: 172
تابعي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الرّازي، ذكره الشيخ في أصحاب الرضا (عليه السّلام) (2)، يروي عنه: أحمد ابن محمّد (3)، و محمّد بن يحييٰ (4)، و يحيي بن زكريا (5).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (8).
و في أصحاب الصادق (عليه السّلام): الوليد صاحب الأسفاط (9). عنه: بن ط.
ص: 173
مسكان، في الكافي، في باب المرأة يزوّجها وليّان (1)، و في التهذيب، في باب عقد المرأة عليٰ نفسها النكاح (2).
قال إبراهيم بن محمّد الثّقفي في كتاب الغارات: أخبرنا يحييٰ بن صالح الحريري، قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن عمر، و كان ثقة (1). إليٰ آخره.
الكوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
و في نسخة: ابن أبي سلمة، مولي بني هاشم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
بغدادي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
كُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
الكُوفيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
البصري، القاري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
مولي آل أبي جُعدة، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
أبو سعيد المكاري، رويٰ عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام)، له كتاب يرويه جماعة (3)، و في التعليقة: في رواية الجماعة كتابه أمارة الاعتماد (4).
و يروي عنه: ابن أبي عمير (5)، و صفوان (6) في الصحيح، و علي بن النعمان (7).
قلت: و عنه أيضاً: يونس بن عبد الرّحمن (8)، و معاوية بن وهب (9)، و أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (10)، و النضر بن سويد (11)، و يحيي الحلبي (12)، و زكريا المؤمن (13)، و أبو أيوب الخزّاز (14)، و علي بن الحسن 4.
ص: 180
ابن رباط (1)، و القاسم بن إسماعيل القرشي (2).
و صرّح في الرواشح بحسنه، و قال: و أمّا توهّم الوقوف فيه لما في النجاشي في ترجمة الحسين بن أبي سعيد فتوهّم ساقط، أوضحنا سقوطه في معلّقتنا الرجاليّة (3)، انتهيٰ.
قلت: في العيون (4) خبر صريح في وقفه لكنّه لا ينافي الوثاقة التي نحن بصددها.
الكُوفِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
المِرْقال، حامل الراية العظميٰ بصفين، الشهيد في يوم شهادة عمّار، عظيم الشأن، جليل القدر، من أراد تحقيقه فعليه بمراجعة وقعة صفين (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7).
ابن عبد اللّٰه الصيدلاني، النَّخَعيّ، أبو نصر الكوفي، من أصحاب 3.
ص: 181
الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
مولي إسحاق بن عمّار، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
المذْحجي، في مروج الذهب لعلي بن الحسين المسعودي: كان هاني بن عروة المرادي شيخ مراد و زعيمها، يركب في أربعة آلاف دارع و ثمانية آلاف راجل، فاذا إجابتها أجلافها من كندة كانوا في ثلاثين ألف دارع (4).
و في حبيب السير: كان من أشراف الكوفة و أعيان الشيعة، قال: و روي أنّه قد أدرك النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و تشرّف بصحبته، و كان يوم قُتل ابن تسع و ثمانين سنة (5).
و في إرشاد المفيد عن عبد اللّٰه بن سليمان، و المنذر بن المشمعل الأسديّان، في حديث أنّهما لمّا أخبرا أبا عبد اللّٰه الحسين (عليه السّلام) بقتل مسلم و هاني فقال: إنّا للّٰه و إنّا إليه راجعون، رحمة اللّٰه عليهما، يردّد ذلك مراراً (6). و فيه أنه أخرج إليٰ الناس كتاباً فيه: بسم اللّٰه الرّحمن الرحيم إمّا 4.
ص: 182
بعد فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم و هاني بن عروة و عبد اللّٰه بن يقطر (1). إليٰ آخره.
و في مزار المفيد (2)، و مزار محمّد بن المشهدي (3)، و مصباح الزّائر (4)، و مزار الشهيد (5)، في سياق أعمال الكوفة عليٰ الترتيب المعروف الذي أوضحنا مأثوريته في ترجمة السيد علي بن طاوس ما لفظهم في آخرها: ذكر زيارة هاني بن عروة المرادي (رحمه اللّٰه) فقف عليٰ قبره و تسلّم عليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و تقول:
سلام اللّٰه العظيم و صلواته عليك يا هاني بن عروة السلام عليك أيّها العبد الصالح الناصح للّٰه و لرسوله و لأمير المؤمنين، و الحسن و الحسين (صلوات اللّٰه عليهم) أشهد أنّك قتلت مظلوماً فلعن اللّٰه من قتلك و استحلّ دمك و حشٰا (6) اللّٰه قبورهم نارا أشهد أنّك لقيت اللّٰه و هو راض عنك بما فعلت و نصحت و أشهد أنّك قد بلغت درجة الشهداء و جعل روحك مع أرواح السعداء بما نصحت للّٰه و لرسوله مجتهداً و بذلت نفسك في ذات اللّٰه و مرضاته فرحمك اللّٰه و رضيٰ عنك و حشرك مع محمّد و آله الطاهرين و جمعنا و إيّاك معهم في دار النعيم و السلام (7) عليك و رحمة اللّٰه.
ثم صلّ ركعتين (8) صلاة الزيارة و اهدِها له، و ادع لنفسك بما شئت،ط.
ص: 183
و ودّعه بما ودّعت به مسلم بن عقيل (رحمه اللّٰه)، و شهد حرب الجمل مع علي (عليه السّلام).
و في مناقب ابن شهرآشوب انه كان يرتجز و يقول:
يا لك حرب حثها جمالها فائدة ينقصها ضلالها
هذا عليّ حوله أقيالها (1) (2).
و في تكملة الكاظمي بعد مدحه لبعض ما ذكرنا قال: و اشتهر عن السيد مهدي سوء ظنه به، و هي النظرة الأوليٰ ثم اطّلع عليٰ هذا أو أمثاله فتاب عمّا ظنّه به و رثاه بقصيدة معتذراً (3)، انتهيٰ.
قلت: بل بالغ في رجاله (4) في ذكر أحواله، و أجاب عن بعض الحكايات التي فيها طعن فيه في كلام طويل من أراده راجعه.
مولاهم، الطحان، الكوفي، رويٰ عنه: أبو أيوب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). عنه: ابن مسكان، في الفقيه (2)، و التهذيب (3)، و ثعلبة، في الكافي (4).
الخثعمي، رويٰ عنه: ابن رباط، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). عنه: ابن بكير، في الكافي، في باب استبراء الأمة (2).
ابن العوّام القُرشي، المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
عنه: فضالة، في التهذيب، في باب أوقات الصلاة (1).
أبو أيّوب الصّيرفي، الكوفي، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
في الكافي، في باب الدعاء أدبار الصلاة: ابن أبي عمير، قال: حدثني أبو جعفر الشامي، قال: حدثني رجل بالشام يقال له هلقام بن أبي هلقام، قال: أتيت أبا إبراهيم (عليه السّلام) فقلت له: جعلت فداك علّمني دعاءً جامعاً للدنيا و الآخرة، و أوجز (3)، الخبر.
ابن أخي ربيع بن خيثم، في الخبر الذي تقدّم في نوف قال: و كان يعني همّام من أصحاب البرانس. إليٰ أن قال: فقام همّام بن عبادة و كان عابداً مجتهداً. إليٰ أن قال: فوضع أمير المؤمنين (عليه السّلام) يده عليٰ منكب همّام بن عبادة فقال. و ذكر الخبر بطوله، و في آخره: فصاح همّام ابن عبادة صيحة عظيمة وقع مغشيّاً عليه، فحركوه فإذا هو فارق الدنيا (رحمة اللّٰه عليه)، فاستعبر الربيع باكياً و قال: لأسْرع ما أردت موعظتك يا أمير المؤمنين بابن أخي! و لوددت لو انّي بمكانه، فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها، أما و اللّٰه لقد كنت أخافها عليه. إليٰ أن قال: فصلّي عليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) عشيّة ذلك 2.
ص: 189
اليوم و شهد جنازته و نحن معه (1)، الخبر.
و قال المولي محمّد صالح في شرح الكافي همام ككشّاف، هو همّام ابن شريح (2) بن بريد بن مرّة بن عمرو بن جابر بن عوف الأصهب، و كان من شيعة علي (عليه السّلام) و أوليائه (3)، انتهيٰ، و انّما أوقعه في هذا الاشتباه عدم ذكر الكليني (4) اسم الأب، و عدم مراجعته غير الكافي.
ربيب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و كان فصيحاً بليغاً، رويٰ جماعة من الخاصّة منهم الصدوق في العيون (5)، و معاني الأخبار (6)، و الطبرسي في المكارم (7)، و جماعة من العامّة (8)، بأسانيد كثيرة: عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) قال سألت خالي هند بن أبي هالة عن حِلْية رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و كان وصّافاً للنبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) فقال: كان رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) فخماً مفخّماً. إليٰ آخره.
قال الحسن عليه السّلام: فكتمتها الحسين (عليه السّلام): زماناً ثمّ حدثته فوجدته 6.
ص: 190
قد سبقني إليه و سأله عمّا سألته عنه، الخبر.
و في لفظ العيون: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي و كان وصّافاً للنبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و أنا اشتهي أن يصف لي منه شيئاً لعلي أتعلّق به فقال (1). إليٰ آخره.
و قد تصدّي جماعة منّا (2) و منهم (3) لشرح الخبر المتلقيٰ بالقبول، الكاشف عن وثاقة هند من وجوه.
و في كشف الغمّة (4) و غيره (5): عن عمّار بن ياسر و أبي رافع مولي رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال أبو عبيدة و حدّثنيه سنان بن أبي سنان: أنّ هند بن أبي هالة ربيب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و أُمّه خديجة (6) زوج النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و أخته لأمه فاطمة (سلام اللّٰه عليها).
قال أبو عبيدة: و كان هؤلاء الثلاثة: هِنْد بن أبي هالة، و أبو رافع، و عمّار بن ياسر يحدّثون عن هجرة أمير المؤمنين (عليه السّلام) إليٰ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بالمدينة، و مبيته من قبل ذلك عليٰ فراشه (7). إليٰ آخره، و في الاستيعاب: انه قُتِل يوم الجمل (8).0.
ص: 191
و في التقريب: قيل: استشهد يوم الجمل مع علي (عليه السّلام)، و قيل: عاش بعد ذلك (1).
المدني، رويٰ عنه: أبان الأحمر، و عبد اللّٰه الكاهلي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2).
ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب علي (عليه السّلام) (3). و في الكافي في الصحيح: عن صفوان بن يحييٰ، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: بعث إليّ أبو الحسن (عليه السّلام) (4) بوصيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) و هي:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم هذا ما أوصيٰ. الوصيّة، و في آخرها: هذا ما قضيٰ به عليّ في ماله الغد من يوم قدم مَسْكِن (5)، شهد أبو سمر بن أبرهة. إليٰ أن قال: و هيّاج بن أبي هيّاج، و كتب علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بيده لعشر خلون من جمادي الأول سنة سبع (6) و ثلاثين (7). و لا يخفيٰ كشف ذلك عن وثاقته، و الظاهر سقوط أبي من رجال الشيخ لأنّ الكافي أتقن و أضبط.7.
ص: 192
3137 الهيثم بن (1) أبي روح:
عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي (2)، و التهذيب (3)، في باب ميراث المفقود.
أبو كهمس، الكوفي، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). مرّ في (قصد) (2) بعض الاختلاف فيه، و أوضحنا وثاقته.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3). و له في النجاشي (4) كتاب، و في رجال ابن داود: من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، في النجاشي: ثقة (5). و من المحتمل كونه الموثق، أو وجدها في نسخته فلا إيراد عليه، و يؤيّد الوثاقة رواية يونس بن عبد الرحمن عنه، في الكافي، في باب إخراج روح المؤمن و الكافر (6)، و الحسن بن محبوب كثيراً (7)، و حمّاد بن عيسيٰ (8)، و محمّد بن سنان (9)، و الحسين بن سعيد (10).8.
ص: 194
صاحب كتاب معتمد هي مسائله عن الرضا (عليه السّلام) في مشيخة الفقيه (1). يروي عنه شيوخ الطائفة: كعلي بن إبراهيم القمي (2)، و أبيه (3)، و الجليل أحمد بن إسحاق الأشعري الوكيل (4)، و يعقوب بن يزيد (5)، و أحمد بن عمر الحلال (6)، و نوح بن شعيب (7)، و أحمد بن محمّد (8)، و مرّ في (شمج) (9) فلاحظ.
البصري، صاحب كتاب معتمد في مشيخة الفقيه (10)، ذكرنا الأمارات الكاشفة عن حسنه بل وثاقته في (شمد) (11) فلاحظ.
البصري، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (12).0.
ص: 195
أبو البلاد الكوفي، مولي غطفان المقري، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في النجاشي: رويٰ عن أبي جعفر، و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) (2)، و يعرف منه إماميّته.
و في الكافي: عن العدّة، عن البرقي، عن يحييٰ بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جدّه، قال: شكوت إليٰ أبي جعفر (عليه السّلام) ذرباً (3) وجدته، فأمرني بألبان البقر. إليٰ أن قال: فقال (عليه السّلام) لي: لو كانت أيّامه لخرجت أنا و أنت إليٰ ينبع (4) حتي نشربه (5). و فيه إشعار بنوع اختصاص منه بالإمام (عليه السّلام) و كذا يظهر من الأخبار نوع خصوصيّة لولده إبراهيم و نافلته يحييٰ، كذا قيل.
و استظهرنا في شرح المشيخة (1)، وفاقاً لصاحب الجامع (2) كونه بعينه يحييٰ ابن عمران المذكور في أصحاب الرضا (عليه السّلام) (3) الذي يروي عنه علي بن مهزيار كثيراً (4).
و من جميع ذلك يظهر حسنه وفاقاً للتعليقة (5)، و مرّ في (شمو) (6) فلاحظ.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1) عنه: علي بن أسباط (2).
و يقال له: القلانسي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، و في رجال البرقي: أبو شبل (4).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في مناقب ابن شهرآشوب: و قد ثبت بقول الثقات إشارة أبيه يعني الجواد عليه السّلام إليه، منهم عمّه علي بن جعفر. إليٰ أن قال: و يحيي بن حبيب الزيات (6)، و مثله الطبرسي في إعلام الوريٰ (7).
و في الكافي مسنداً: عن محمّد بن عمرو الزيات، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: من مات في المدينة بعثه اللّٰه في الآمنين يوم القيامة، منهم: يحييٰ بن حبيب، و أبو عبيدة الحذاء، و عبد الرحمن بن الحجاج (8).3.
ص: 198
و يروي عنه: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، في التهذيب، في باب المسنون من الصلاة (1)، و محمّد بن الوليد (2).
خاله محمّد بن جعفر [الرزاز (1)] عنه (2).
و في رسالة أبي غالب: و كان جدّي أبو طاهر أحد رواة الحديث، قد لقي محمّد بن خالد الطيالسي فروي عنه كتاب عاصم. إليٰ أن قال: و روي عن يحييٰ بن زكريا اللؤلؤي، و عن رجال غيره. و ظاهره أنه من أجلّاء الرواة المعروفين. إليٰ أن قال: في فهرست كتبه كتاب عن يحييٰ ابن زكريا اللؤلؤي، عن علي بن أسباط، حدثني به خالي، عن يحييٰ (3)، و من اعتناء هؤلاء المشايخ به تظهر وثاقته للخبير بحالهم.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2) عنه: معاوية بن وهب، في الكافي، في باب ما يعاين المؤمن و الكافر (3).
و في الروضة في الصحيح: عن عبد اللّٰه بن مسكان، عن بدر بن الوليد الخثعمي، قال: دخل يحييٰ بن سابور عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) ليودّعه فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): أما و اللّٰه إنّكم لعلي الحقّ و إنّ من خالفكم لعلي غير الحقّ، و اللّٰه ما أشكُّ لكم في الجنّة [و إنّي (4)] لأرجو أن يقرّ اللّٰه بأعينكم إليٰ قريب (5) (6).
و في ترجمة زكريا بن سابور خبر (7) ينبغي أن يلاحظ.ظ.
ص: 201
مكرّراً، و وصف في بعض الأسانيد: بصاحب المصري (1).
3177 يحييٰ بن عبادة (2) المكّي:
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3)، صاحب كتاب معتبر في مشيخة الفقيه (4)، [يروي (5)] عنه: حنان بن سدير (6).
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) المدني، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (7). هو صاحب الديلم في الأسانيد، المشروح حاله في السير (8) و الأنساب (9).
عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب ان مستقي العلم من بيت آل محمّد (عليهم السّلام) (10)، و في باب إنظار المعسر (11)، و في باب طلاق 4.
ص: 204
المضطر (1)، و في التهذيب، في باب أحكام الطلاق (2)، و عبد اللّٰه بن حماد الأنصاري (3).
أبو القاسم الكوفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
الكُوفيّ، أبو عبيد الحنائي (1)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام)، عنه: علي بن الحكم (2).
بيزيد هذا الكناسي فالذي ذكره الدارقطني انه بريد بالباء المنقطة نقطة واحدة من تحتها، قال: و هو شيخ من شيوخ الشيعة، رويٰ عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) (1)، و الشيخ الطوسي ذكره في رجال أبي جعفر (2) و أبي عبد اللّٰه (عليهما السّلام) (3)، و قال: يزيد بياء منقطة نقطتين من تحتها، ذكر ذلك في كتابه كتاب الرجال و اللّٰه أعلم (4). انتهيٰ.
عنه: الحسن بن محبوب، في الفقيه، في باب ما يجب به التعزير (5)، و لكن في التهذيب: الحسن عن أبي أيوب الخزّاز عنه (6)، و استصوبه في الجامع (7) لكثرة رواية أبي أيوب عنه. و عنه: علي بن رئاب (8)، و هشام بن سالم (9)، و أبو أيوب الخزاز (10).
يكني أبا خالد، مولي حكم بن أبي الصلت الثقفي، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (11).4.
ص: 209
الحلواني، عربي، و ليس من بني الحارث، و لكنه (1) من بني يأمن إخوته (2)، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (3).
عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي (4)، و التهذيب، في باب الأوقات كثيراً (5)، و صفوان بن يحييٰ، في الكافي، في باب كفارة الصوم و فديته (6)، و منه في باب نوادر كتاب الجنائز: صفوان بن يحييٰ، عن يزيد ابن خليفة الخولاني، و هو يزيد بن خليفة الحارثي (7). إليٰ آخره، و في باب الورع (8)، و مرّتين في التهذيب، في باب الغرر و المجازفة (9)، و في الفقيه، في باب نوادر الطواف (10)، و ابن مسكان، فيه (11)، و في الكافي (12)، و أبو المغراء (13)،3.
ص: 210
و حنان بن سدير (1).
و في الوجيزة: ثقة (2)، و في البلغة: موثق (3)، و الظاهر أنّه لظنه اتحاده مع ابن خليفة المذكور في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) و قال: إنّه واقفي (4). و الظاهر أنّه غير ما في أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5)، بل و ما في النجاشي، فإنّه قال: يزيد بن خليفة الحارثي، رويٰ عن ابي عبد اللّٰه (عليه السّلام) له كتاب يرويه جماعة، أخبرنا محمّد بن محمّد، و ساق السند إليٰ علي بن الحسن، عن محمّد بن أبي حمزة، عن يزيد بكتابه (6). و لم يطعن عليه بالوقف.
و كذا ما في الكشي قال: ما روي في يزيد بن خليفة الحارثي، حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمّد بن عيسيٰ و محمّد بن مسعود، قال (7): حدثني علي بن محمّد، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسيٰ ابن عبيد، عن النضر بن سويد رفعه، قال: دخل عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) رجل يقال له: يزيد بن خليفة فقال له: من أنت؟ فقال له (8): من الحرث ابن كعب، قال: فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): ليس من أهل بيت إلّا و فيهم د.
ص: 211
نجيب أو نجيبان، و أنت نجيب الحارث بن كعب (1).
و النضر صحيح الحديث فلا يضرّ الإرسال، و فيه مدح عظيم.
و في الكافي، في الصحيح: عن حنّان بن سدير، عن يزيد بن خليفة و هو رجل من بني الحارث بن كعب قال: سمعته يقول: أتيت المدينة و زياد بن عبيد اللّٰه الحارثي عليها، فاستأذنت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فدخلت عليه و سلمت عليه و تمكنت من مجلسي، قال: فقلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): إنّي رجل من بني الحارث و قد هداني اللّٰه عزّ و جلّ إليٰ محبّتكم و مودّتكم أهل البيت، قال: فقال لي: كيف اهتديت إليٰ مودّتنا أهل البيت، فواللّٰه إنّ محبّتنا في بني الحارث لقليل؟! قال: فقلت له: جعلت فداك إنّ لي غلاماً خُراسانيّاً و هو يعمل القصارة، و له همشهريجون (2) أربعة، و هم يتداعون كلّ جمعة لتقع الدعوة عليٰ رجل منهم، فيصيب غلامي كلّ خمس جمع جمعة، فيجعل لهم النبيذ و اللحم، قال: ثم إذا فرغوا من الطعام و اللحم جاء بإجانة فملأها نبيذاً، ثمَّ ه.
ص: 212
جاء بمطهرة فإذا ناول إنساناً منهم قال: لا تشرب حتي تصلّي عليٰ محمّد و آل محمّد، فاهتديت إليٰ مودّتكم بهذا الغلام.
قال: فقال (عليه السّلام) لي: استوص به خيراً و أقرأه منّي السلام، و قل له: يقول لك جعفر بن محمّد: انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربنَّ قليله، فإنَّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال: كلّ مسكر حرام، و قال: ما أسكر كثيره فإن قليله حرام، قال: فجئت إليٰ الكوفة و أقرأت الغلام السلام من جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: فبكيٰ، ثمّ قال لي: اهتمّ بي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) حتي يقرأني السلام؟! قال: قلت: نعم و قد قال لي: قل له: انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربنَّ قليله فإنَّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) قال: كلّ مسكر حرام، و ما أسكر كثيره فقليله حرام، و قد أوصاني بك فاذهب فأنت حرّ لوجه اللّٰه، قال: فقال الغلام: و اللّٰه إنّه لشراب ما يدخل في جوفي ما بقيت في الدنيا (1). و السند في غاية الاعتبار.
و في الجامع: يدل الخبر عليٰ حسن اعتقاده و حاله، لكنه بنفسه في الطريق، و ذلك في المقام غير مضرّ (2).
قلت: مرّ وجهه مراراً.
عدّه المفيد في إرشاده: من خاصّة أبي الحسن الكاظم (عليه السّلام)، و من 3.
ص: 213
ثقاته، و من أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته (1). و في مناقب ابن شهرآشوب: و روي صريح النص عليه أي الكاظم عليه السّلام بالإمامة من أبيه: ثقات منهم أخوه علي. إليٰ أن قال: و يزيد بن سليط. إليٰ آخره (2).
و في البلغة: و ابن سليط ثقة (3)، و في الوجيزة: وثقه المفيد (4)، و في الكافي بسندين عنه، قال: لقيت أبا إبراهيم (عليه السّلام) و نحن نريد العمرة في بعض الطريق فقلت: جعلت فداك هل تُثْبِتُ هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال: نعم، فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم، إنّي أنا و أبي لقيناك هاهنا و أنت مع أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و معه إخوتك، فقال له أبي: بأبي أنت و أُمّي أنتم كُلكم أئمة مُطهّرون و الموت لا يَعْري منه أحد، فأحْدِثْ إليّ شيئاً احَدِّثْ به من يَخْلُفُني من بعدي فلا يضلّ، فقال: نعم يا أبا عبد اللّٰه هؤلاء ولدي و هذا سيدهم و أشار إليك و قد عُلّم الحكم، و الفهم، و السّخاء، و المعرفة بما يحتاج إليه الناس و ما اختلفوا فيه من أمر دينهم و دنياهم، و فيه حسن الخلق، و حسن الجواب، و هو باب من أبواب اللّٰه عزّ و جلّ، و فيه اخريٰ: خير من هذا كلّه، فقال له أبي: و ما هي بأبي أنت و أُمّي؟ قال (عليه السّلام): يُخْرج اللّٰه عزّ و جلّ منه غوث هذه الأُمة و غياثها و نورها و فضلها و حكمتها خير مولود.
ثم أطال (عليه السّلام) الكلام في مناقبه، و إن الإمامة من اللّٰه تعاليٰ، و كنّي 0.
ص: 214
يزيد في بعض كلامه بأبي عمارة. إليٰ أن قال: يا يزيد إنّها وديعة عندك فلا تخبر بها إلّا عاقلًا و عبداً تعرفه صادقاً، و إنْ سُئِلْتَ عن الشّهادة فاشهد بها. و في آخر الخبر قال يزيد: و كان اخوة عليّ (عليه السّلام) يرجون أن يرثوه فعادوني إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: و اللّٰه لقد رأيته و إنّه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي (1) أجْلِسُ [فيه (2)] أنا (3).
و من أمعن النظر في تمام الخبر لعلّه يقطع بوثاقته بل جلالته.
و مثله خبر آخر (4) رواه فيه بعده، و هو أيضاً طويل شريف، يستفاد منه ما فوق الخبر الأول من المدح و الجلالة، فلاحظ.
و في تكملة الكاظمي: و يعلم منهما أنه من أصحاب الصادق، و الكاظم، و الرضا، و الجواد (عليهم السّلام) و أنه معتقد لإمامتهم و معترف بها، فإن قلت: هو راويهما فيلزم الدور، قلت: اتفق الفقهاء و غيرهم عليٰ أنَّ الإقرار بالمذهب كاف لإثباته، و عليه جرت سيرة النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) و أمير المؤمنين و الأئمة بعدهما (صلوات اللّٰه عليهم) فإنهم يرضون من الكفار بالإقرار بالشهادتين و الاعتراف بالمذهب، نعم ما يظهر منهما من عدالته و أمانته و جلالته كما لا يخفيٰ عليٰ الناظر لا يكون دليلًا عليٰ ذلك و لو قيل: إنّ ذلك يثبت من قول الشيخ المفيد، و هذا يكون مؤيّداً له لكان حسناً، و يؤيّده 5.
ص: 215
أيضاً صحّة مضمون الخبرين (1)، انتهيٰ.
قلت: مضافاً إليٰ كونهما في الكافي و قد شهد بصحة ما فيه، و قال (2) أيضاً: و لا يتوهم من هذه النسبة كونه زيدي المذهب، أي قائلًا بإمامة زيد كما اعترف به غير واحد.
قال الصالح: هذه النسبة باعتبار النسب لا باعتبار المذهب (3)، ثمّ استشهد (4) لذلك بالخبرين، و قال في آخر كلامه: و يدلان عليٰ أن وصفه بالزيدية لا باعتبار المذهب (5). و لقد أجاد فيما أفاد.
الحكم (1).
3200 يزيد بن قيس الأرجني (2):
في رجال الشيخ: إنّه كان عامل علي (عليه السّلام) عليٰ الري، و همدان، و أصفهان (3).
قال المحقق صدر الدين العاملي مستدركاً عليٰ أبي علي: لم يذكر المصنف يزيد بن قيس الارجني، مع أنَّ يزيد كان عاملًا لعليّ (عليه السّلام)، و العمل يستلزم العدالة لأنّه أمين عليٰ أموال المسلمين و دمائهم (4)، انتهيٰ.
و في كتاب نصر بإسناده عن يوسف و أبي روق: أنّ علياً (عليه السّلام) حين قدم من البصرة إليٰ الكوفة بعث يزيد بن قيس الأرجني عليٰ المدائن و جوخا كلّها (5).
و لعلّ ما في رجال الشيخ، كان بعد رجوعه من صفين، فإنّه ممّن شهدها.
ففي كتاب نصر: عن عمر بن سعد، عن أبي روق، قال: دخل يزيد ابن قيس الأرجني عليٰ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: يا أمير المؤمنين، نحن عليٰ جهاز و عدّة، و أكثر الناس من أهل القوّة، من ليس به ضعف ).
ص: 217
و ليس به علّة، فمر مناديك فيناد في الناس فليخرجوا إليٰ أهل معسكرهم بالنخيلة؟ فإنَّ أخا الحرب ليس بالسؤوم و لا النَّؤوم، و لا أخاً من أمكنه الفرص آمالها و استشهار فيها، و لا من يؤخّر الحرب في اليوم إليٰ غد أو بعد.
فقال زياد بن النضر: نصح لك يا أمير المؤمنين يزيد بن قيس، و قال: ما يعرف فتوكل عليٰ اللّٰه، الخبر (1).
و فيه بعد قصّة عطش أصحابه و إخراج العين عند دير الراهب و إسلام الراهب قال: ثم مضي أمير المؤمنين (عليه السّلام) حتي نزل بأرض الجزيرة فاستقبله بنو تغلب و النمر بن قاسط بالجزيرة قال: قال (عليه السّلام) ليزيد بن قيس الأرجني: يا يزيد بن قيس قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: هؤلاء قومك من طعامهم فاطعَمْ، و من شرابهم فاشرَبْ (2).
عنه: حريز، في الكافي، في باب من قال لا إله إلّا اللّٰه و اللّٰه أكبر (1).
الدُّهْني، والد يونس بن يعقوب (2)، عنه: ابنه يونس (3).
قال السيد علي بن طاوس في فلاح السائل بعد ذكر خبر حديث يتضمن تغيّر لون الحسن بن علي (عليهما السّلام) عند الوضوء قال: و روي نحو هذا الحديث عن مولانا الحسن (عليه السّلام) يعقوب بن نعيم بن قرقارة من أعيان أصحاب الرضا عليه السّلام في كتاب الإمامة (4)].
يحييٰ، في التهذيب، في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس (1)، و في الكافي، في باب اللباس (2)، و عيص بن القاسم (3).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (4).
أبو يعقوب، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5). عنه: ابن أبي عمير، في الكافي، في باب من وصف عدلًا و عمل بغيره (6).
في من لم يرو عنهم (عليهم السّلام): سهل بن الحسن الصفار أخو محمّد، روي عن يوسف بن الحارث الكميداني، عن عبد الرّحمن العرزمي كتابه. رويٰ عنه: أخوه محمّد بن الحسن (7).
و في التعليقة: ان ذلك يومي إليٰ معروفيّته، بل و الاعتماد عليه (8).
قلت: و ذكر ذلك في الفهرست أيضاً في ترجمة العرزمي (9)، و استظهر (رحمه اللّٰه) أنّه الذي يروي عنه محمّد بن يحييٰ في النوادر، و استثناه 1.
ص: 221
القميون (1)، و ظاهر بعضهم المغايرة، و قد مرّ عدم الاعتناء بهذا الاستثناء، و بعد التسليم عدم مضرّته.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (2)، يروي محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عنه (3).
و صفوان، و ابن أبي عمير، في التهذيب، في باب ضروب الحجّ (1)، و في الإستبصار، في باب أنّ التمتع فرض من نأي عن الحرم (2)، و عثمان بن عيسيٰ، في التهذيب، في باب ثواب الحج (3).
و عبد اللّٰه بن المغيرة عن محمّد بن زياد و هو ابن أبي عمير عنه، في الكافي في باب النهي عن الجسم و الصورة (4)، و منصور بن يونس (5)، و محمّد بن سنان (6)، و الحسن بن راشد (7)، و المفضل بن عمر (8)، و محمّد بن موسي حوراء (9)، و صالح بن سعيد (10)، و داود بن كثير الرقّي (11).
و يدلّ عليٰ حسن حاله و استقامته و علوّ مقامه و عدم غلوّه أخبار كثيرة:
أما في آخر السرائر ممّا استطرفه من جامع البزنطي: و عنه عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) عن يونس بن ظبيان،2.
ص: 224
فقال: رحمه اللّٰه، و بنيٰ له بيتاً في الجنّة، كان و اللّٰه مأموناً عليٰ الحديث (1). و الضمير في عنه راجع إليٰ صاحب الكتاب يعني البزنطي علي ما هو المعهود في كثير من مؤلّفات القدماء، أو إليٰ أبي بصير لا إليٰ سليمان بن خالد، كما صرّح به المولي عناية اللّٰه في مجمع الرجال، و هذا ظاهر لمن راجع السرائر.
و كيف كان فالخبر صحيح غايته، و اعترف به المولي المذكور إلّا أنّه قال: و لعلّه خرج مخرج التقيّة لمعارضة كلام الشيخ له (2). و هذا منه من الغرابة بمكان، و ما رأينا و لا سمعنا أن أحدهم (عليهم السّلام) كان يتقي من الغلاة خصوصاً الصادق (عليه السّلام) بالنسبة إليٰ أبي الخطاب و أصحابه عليٰ ما زعموا من أنّ يونس منهم.
و رواه الكشي في رجاله: عن محمّد بن قولويه، عن سعد بن عبد اللّٰه ابن أبي خلف القمي، عن الحسن بن علي الزبيدي (3)، عن أبي محمّد القاسم بن الهروي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، مثله. إلّا أنّه قال بعده: ابن الهروي مجهول، و هذا حديث غير صحيح مع ما قد روي في يونس بن ظبيان (4).
قلت: قد عرفت صحّة الخبر، و هذا مؤيّده، و ما ذكره غير قابل 5.
ص: 225
للمعارضة كما ستعرف، ثمّ أنّ ظاهر الخبر بل صريحه أنّه توفي في عهد الصادق (عليه السّلام) فلا تغفل.
ب ما في الكشي في ترجمة الفيض قال: ما روي في الفيض بن المختار، و إن الفيض أول من سمع عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) نصّه عليٰ ابنه موسي بن جعفر (عليهما السّلام).
جعفر بن أحمد بن أيوب، عن أحمد بن الحسن الميثمي (1)، عن أبي نجيح، عن الفيض بن المختار. و عنه، عن علي بن إسماعيل، عن أبي نجيح، عن الفيض، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام): جعلت فداك، ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم أؤاجرها آخرين، عليٰ أن ما أخرج اللّٰه منها من شي ء كان لي من ذلك النصف (2)، أو أقل من ذلك أو أكثر؟ قال: لا بأس به.
فقال له إسماعيل ابنه: يا أبت لم تحفظ؟ قال: فقال: يا بنيّ أو ليس كذلك أعامل أكرتي! إنّي كثيراً ما أقول لك الزمني و لا تغفل، فقام إسماعيل فخرج، فقلت: جعلت فداك، و ما عليٰ إسماعيل أن لا يلزمك إذا كنت أفضيت إليه الأشياء من بعدك كما أُفضيت إليك بعد أبيك، قال: فقال: يا فيض ان إسماعيل ليس مني كأنا من أبي.
قلت: جعلت فداك، فقد كنّا لا نشك أن الرحال ستحط إليه من بعدك، و قد قلت فيه ما قلت، فان كان ما يخاف و أسأل اللّٰه العافية فإليٰ من؟ قال: فأمسك عني، فقبّلت ركبته و قلت: ارحم سيدي، فإنما هي ث.
ص: 226
النار، انّي و اللّٰه لو طمعت انّي أموت قبلك لما باليت، و لكنّي أخاف البقاء بعدك، فقال لي: مكانك.
ثمّ مال إليٰ ستر في البيت فرفعه و دخل ثم مكث قليلًا ثمّ صاح يا فيض أدخل! فدخلت، فإذا هو في المسجد قد صلّيٰ فيه، و انحرف عن القبلة، فجلست بين يديه، فدخل إليه أبو الحسن (عليه السّلام) و هو يومئذ خُماسي و في يده درّة، فأقعده عليٰ فخذه، فقال له: بأبي أنت و أُمّي، و ما هذه المخفقة بيدك؟ قال: مررت بأخي عليّ و هي في يده يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده.
فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): يا فيض إنّ رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) أُفضيت إليه صحف إبراهيم و موسي (عليهما السّلام) فائتمن عليها رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عليّاً (عليه السّلام) و ائتمن عليها عليّ الحسن، و ائتمن عليها الحسن الحسين، و ائتمن عليها الحسين علي بن الحسين، و ائتمن عليها علي بن الحسين محمّد بن عليّ (صلوات اللّٰه عليهم)، و ائتمنني عليها أبي، و كانت عندي، و لقد ائتمنت عليها ابني هذا عليٰ حداثته، و هي عنده، فعرفت ما أراد، فقلت له: جعلت فداك زدني.
قال: يا فيض إنّ أبي كان إذا أراد أنْ لا تُردّ له دعوة أقعدني عليٰ يمينه، فدعا و أمّنت فلا ترد له دعوة، و كذلك أصنع بابني هذا، و لقد ذكرناك أمس بالموقف فذكرناك بخير، فقلت له: يا سيدي زدني.
فقال: يا فيض إنّ أبي كان إذا سافر و أنا معه فنعس و هو عليٰ راحلته أدنيت راحلتي من راحلته، فوسّدته ذراعي الميل و الميلين حتي يقضي وطره من النوم، و كذلك يصنع بي ابني هذا، قال: قلت: جعلت فداك
ص: 227
زدني.
قال: إنّي لأجد بابني هذا ما كان يجد يعقوب بيوسف، قلت: يا سيدي زدني.
قال: هو صاحبك الذي سألت عنه فأقرّ له بحقّه، فقمت حتي قبلت رأسه و دعوت اللّٰه له، فقال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) أما أنّه لم يؤذن له (1) في أمرك منه، قال: جعلت فداك أخبر به أحداً؟ قال: نعم، أهلك و ولدك و رفقاءك، و كان معي أهلي و ولدي و يونس بن ظبيان من رفقاي، فلما أخبرتهم حمدوا اللّٰه عليٰ ذلك كثيراً.
و قال يونس: لا و اللّٰه حتي أسمع ذلك منه، و كانت فيه عجلة، فخرج و اتبعته فلما انتهيت إليٰ الباب سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) و قد سبقني فقال: الأمر كما قال لك فيض، قال: سمعت و أطعت (2).
و رواه الشيخ النعماني في كتاب الغيبة: عن محمّد بن همام، قال: حدثني حُمَيد بن زياد، قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن المِيثمي، قال: حدثنا أبو نجيح المسمعي، عن الفيض مثله (3).
و رواه في الكافي: عن محمّد بن يحييٰ و أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن 4.
ص: 228
الميثمي، عن فيض بن المختار، في حديث طويل في أمر أبي الحسن (عليه السّلام)، حتي قال له أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): هو صاحبك الذي سألت عنه. و ساق إليٰ آخر الخبر (1).
و عليه فالخبر صحيح عليٰ الأصح من وثاقة الحسن بن الحسين كما مرّ في (رله) (2)، و كذا عليٰ رواية الكشي (3)، و النعماني (4)، لأنّ الميثمي ممّن قالوا في حقّه: صحيح الحديث (5).
و كيف كان فالخبر صريح في عدم اعتقاده بامامة إسماعيل، و اعترافه و اعتقاده بامامة الكاظم (عليه السّلام).
ج ما في الكافي: عن العدّة، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحييٰ، عن جدّه الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير، قال: كنت أنا و يونس بن ظبيان و المفضّل بن عمرو و أبو سلمة السراج، جلوساً عند أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و كان المتكلم منّا يونس، و كان أكبرنا سنّاً، فقال له: جعلت فداك إنّي أحضر مجلس هؤلاء القوم يعني ولد العباس فما أقول؟ فقال: إذا أُحضرت فذكرتنا فقل: اللهم أرنا الرخاء و السرور، فإنّك تأتي عليٰ ما تريد (6)، الخبر.).
ص: 229
و هو طويل شريف فيه زيارة حسنة، فيها جملة من غرائب فضائلهم (1).
و رواه ابن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه و علي بن الحسين و محمّد بن الحسن بن الوليد جميعاً، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن القاسم (2)، مثله سنداً و متناً.
و رواه الشيخ في التهذيب بسند الكليني و فيه: و كان المتكلم يونس ابن ظبيان، و كان أكبرنا سناً فقال له: جعلت فداك إذا أردت زيارة الحسين (عليه السّلام) كيف أصنع و كيف أقول؟ قال: إذا أتيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) فاغتسل. إليٰ آخر الزيارة الشريفة، التي هي أوّل الزيارات في التهذيب (3).
و قال الصدوق في الفقيه: زيارة قبر أبي عبد اللّٰه الحسين بن علي بن أبي طالب المقتول بكربلاء (صلوات اللّٰه عليهما)، قال الصادق (عليه السّلام): إذا أتيت. و ساق مثل ما في الكافي (4) و التهذيب (5) باختلاف يسير في بعض الكلمات، و قال في آخره: و قد أخرجت في كتاب الزيارات و كتاب مقتل الحسين (عليه السّلام) أنواعاً من الزيارات، و اخترت هذه لهذا الكتاب، لأنّها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية، و فيها بلاغ و كفاية (6).5.
ص: 230
و ظاهر الصدوق وثاقة يونس و جلالته، فإن هذه الزيارة البليغة لفظاً و معني لا يلقيها الإمام إلّا لمن كان في أعليٰ الدرجة من الإيمان فضلًا عن الوثاقة، و لا يحتمل في حقه حينئذ الغلوّ و الخطابية و الكذب.
و هذا أيضاً ظاهر أحمد بن محمّد بن أبي نصر في جامعه، و هو من الأُصول المعروفة، فإنه نقل الخبر السابق الصريح في حسن عاقبته و وثاقته و أمانته، و لم يتعرّض لطعن فيه و قال بلا فصل: يونس بن ظبيان قال: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) و هو رمد شديد الرمد، فاغتممنا لذلك، ثم أصبحنا من الغد فدخلنا عليه، فإذا لا رمد بعينه و لا به [قلبة (1)] فقلنا: جعلنا فداك هل عالجت عينيك بشي ء؟ فقال: نعم بما هو العلاج، فقلنا: ما هو؟ قال: عوذة، قال: فكتبناها و هي:
أعوذ بعزّة اللّٰه و أعوذ بقوّة اللّٰه و أعوذ بقدرة اللّٰه و أعوذ بنور اللّٰه و أعوذ بعظمة اللّٰه و أعوذ بجلال اللّٰه و أعوذ بجمال اللّٰه و أعوذ ببهاء اللّٰه و أعوذ بجمع اللّٰه قلنا ما جمع اللّٰه؟ قال: بكلّ اللّٰه و أعوذ بعفو اللّٰه و أعوذ بغُفران اللّٰه و أعوذ برسول اللّٰه و أعوذ بالأئمّة و يسمّي واحداً فواحداً (عليهم السّلام) ثمّ قال: عليٰ ما يشاء من شرّ ما أحذر (2)، اللهم أنت ربّ الطيبين (3) (4).
د ما في التهذيب مسنداً: عن يونس بن ظبيان، قال: أتيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) حين قدم الحيرة، و ذكر حديثاً حدّثناه، إلّا أنّه سار معه 8.
ص: 231
حتي أتينا إليٰ المكان الذي أراد فقال: يا يونس أقرن دابّتك، فقرنت بينهما، ثم رفع يده و دعا دعاءً خفيّاً لم أفهمه، ثم استفتح الصلاة فقرأ فيها سورتين خفيفتين يجهر فيهما، ففعلت كما فعل، ثم دعا ففهمته و علّمنيه و قال: يا يونس أ تدري أي مكان هذا؟ قلت: جعلت فداك لا و اللّٰه، و لكنّي أعلم أنّي في الصحراء، قال: هذا قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام) يلتقي هو و رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) إليٰ يوم القيامة، الدعاء: اللهم لا بد من أمرك و لا بدّ من قدرك، الدعاء (1).
و رواه السيد عبد الكريم في فرحة الغريّ بسنده إليٰ الشيخ و قال في آخره: نقلته من خطّ الطوسي في التهذيب، ثمّ نقله عن مزار الجليل محمّد ابن أحمد بن داود القمّي بسند آخر ينتهي إليٰ يونس (2)، و هذا دعاء معروف موجود في تمام كتب المزار، تلقّاه الأصحاب بالقبول، و به يدفع توهم كونه راويه، مع أنّ دلالته عليٰ إيمانه و حسن ولائه بإقراره و اعترافه كاف لما نحن بصدده.
ثمّ في التهذيب (3) و الفرحة (4) زيارة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) رواها الشيخ عن شيخه المفيد عن شيخه محمّد بن أحمد بن داود عن ابن عقدة بإسناده إليٰ يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فتوضأ و اغتسل و امش عليٰ هنيأتك و قل: الحمد 0.
ص: 232
للّٰه الذي. الزيارة، و قد تلقاها الأصحاب أيضاً بالقبول.
و نقلها الصدوق في الفقيه (1) من غير اسناد، و لا يرويها إلّا مؤمن مستقيم كما لا يخفيٰ عليٰ من أمعن النظر فيها، إليٰ غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة عليٰ إيمانه و إخلاصه و استقامته، و شفقته (عليه السّلام) عليه.
و مع ذلك فانظر إليٰ ما رواه الكشي في ذمّه، قال في أول الترجمة: يونس بن ظبيان متّهم غال، و ذكر أنّ عبد اللّٰه بن محمّد بن خالد الطيالسي قال: كان الحسن بن علي الوشاء بن بنت إلياس يحدثنا بأحاديثه إذا مرّ علينا حديث النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) الذي يرويه يونس بن ظبيان حديث العمود فقال: تحدثوا عنّي هذا الحديث لأروي لكم، ثمّ رواه (2).
حدثني محمّد بن قولويه القمي، قال: حدثني سعد بن عبد اللّٰه، قال حدثني محمّد بن عيسيٰ، عن يونس قال: سمعت رجلًا من الطيارة يحدث أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن يونس بن ظبيان أنه قال: كنت في بعض الليالي و أنا في الطواف فإذا نداء من فوق رأسي: يا يونس إنّي أنا اللّٰه لا إله إلّا أنا فاعبدني، و أقم الصلاة لذكري، فرفعت رأسي فإذا ح (3).
فغضب أبو الحسن (عليه السّلام) غضباً لم يملك نفسه، ثمّ قال للرجل: أخرج عنّي لعنك اللّٰه، و لعن من حدثك، و لعن يونس بن ظبيان ألف لعنة تتبعها ألف لعنة، كلّ لعنة منها تبلغك قعر جهنم، أشهد ما ناداه إلّا 7.
ص: 233
الشيطان، أما أن يونس مع أبي الخطاب في أشدّ العذاب مقرونان و أصحابهما إليٰ ذلك الشيطان مع فرعون و آل فرعون في أشدّ العذاب، سمعت ذلك من أبي (عليه السّلام).
قال (1) يونس: فقام الرجل من عنده فما بلغ الباب، إلّا عشر خطيٰ حتي صرع مغشيّاً عليه، و قد قاء برجيعه و حمل ميّتاً، فقال أبو الحسن (عليه السّلام): أتاه ملك بيده عمود فضرب عليٰ هامته ضربة قلب بها مثانته حتي قاء برجيعه، و عجل اللّٰه بروحه إليٰ الهاوية، و ألحقه بصاحبه الذي حدّثه يونس ابن ظبيان و رأي الشيطان الذي كان يتراءي له (2).
حدثني أحمد بن علي، قال: حدثني أبو سعيد الآدمي، عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن حمّاد، عن ابن فضال، عن غالب بن عثمان، عن عمّار بن أبي عتبة (3)، قال: هلكت بنت لأبي الخطاب فلما دفنها طلع يونس بن ظبيان في قبرها و قال: السلام عليك يا بنت رسول اللّٰه (4)، ثم رويٰ خبر المدح الذي مرّ (5).
و الجواب: إمّا عن الخبر الأول فاعلم أولًا أنّ المولي عناية اللّٰه زعم في ترتيب رجال الكشي أنّ المراد بحديث العمود فيه هو الذي يأتي في ة.
ص: 234
الخبر الثاني (1)، و هو اشتباه عجيب! ناش من قلّة الانس بأحاديث آل محمّد (عليهم السّلام) بل المراد به الحديث المعروف: من أنّ اللّٰه تعاليٰ جعل لهم عموداً من نور يرون به أعمال العباد، رواه جمّ غفير من الرواة عنهم (عليهم السّلام) منهم يونس بن ظبيان، و قد رواه عنه جماعة كثيرة (2)، و منهم الوشاء.
فروي الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن الحسن بن علي الخزاز، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) يقول: إذا أراد اللّٰه أن يحبل بإمام اوتي بسبع ورقات من الجنّة فأكلهنّ قبل أن يقع، فإذا وقع في الرحم سمع الكلام في بطن امّه، فإذا وضعته رفع له عمود من نور فيما بين السماء و الأرض، و كتب عليٰ عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لٰا مُبَدِّلَ لِكَلِمٰاتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (3).
و عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن سهل الهمداني و غيره، رواه عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إذا أراد اللّٰه أن يقبض روح إمام و يخلق من بعده إماماً أنزل قطرة من تحت العرش إليٰ الأرض، فيلقيها عليٰ ثمرة أو عليٰ بقلة، فيأكل تلك الثمرة أو تلك البقلة الإمام الذي يخلق اللّٰه منه نطفة الإمام الذي يقوم من بعده، قال: فيخلق اللّٰه من تلك القطرة نطفة في الصلب، ثمّ يصير إليٰ الرحم فيمكث 5.
ص: 235
فيها أربعين ليلة، فإذا مضي له أربعون ليلة سمع الصوت، فإذا مضي له أربعة أشهر كتب عليٰ عضده الأيمن: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ (1) الآية، فإذا خرج إليٰ الأرض أُوتي الحكمة، و زيّن بالعلم و الوقار، و أُلبس الهيبة، و جعل له مصباح من نور يعرف به الضمير، و يري به أعمال العباد (2).
و عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن مقاتل، عن الحسين بن أحمد، عن يونس بن ظبيان مثله (3).
و عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل، مثله بأدني تفاوت (4).
و رواه العياشي في تفسيره عن يونس مثله (5).
و عن عمران بن موسي، عن أيّوب بن نوح، عن عبد السلام بن سالم، عن الحسين، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: إنّ الامام يسمع في بطن امّه، فإذا ولد خطّ عليٰ منكبيه خطّ، ثم قال: هكذا بيده، فذلك قول اللّٰه تعاليٰ: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لٰا مُبَدِّلَ لِكَلِمٰاتِهِ (6) و جعل له في كلّ قرية عمود من نور يريٰ به ما يعمل أهلها فيها (7).3.
ص: 236
و عن عمران بن موسي، عن أيوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن الحسين، مثله (1).
و عن علي بن خالد، عن أيوب بن نوح، مثله (2).
و لهذا الحديث عنه طرق اخريٰ لا حاجة إليٰ نقلها بعد نقل هؤلاء الاعلام الموصوفين بكل جميل، و فيهم مثل: ابن عيسيٰ، و ابن محبوب، و ابن نوح، و ابن أبي نجران، و لعلّ الوشاء استعظم الحديث أولًا كجملة من الرواة الذين كانوا يتحاشون عن رواية أمثال هذه الأحاديث، بل كانوا ينسبون راويها إليٰ الغلوّ و الارتفاع، فلمّا وقف عليٰ رواية هؤلاء هانت عليه الرواية، فعدّ هذا الخبر من أخبار مدحه أوليٰ و أنسب.
و أمّا الخبران الآخران فحاصلهما أنّه كان خطابياً، و من أصحاب أبي الخطاب في حياة أبي الخطاب إليٰ أن مات، و هذا ممّا يكذّبه الوجدان، فان خروج أبي الخطاب و هلاكه كان قبل سنة ثمان و ثلاثين و مائة بمدّة كما يظهر من الكشي في ترجمة أبي الخطاب في خبر معتبر.
و فيه في الصحيح: عن ابن أبي عمير، عن المفضّل بن يزيد (3)، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام) و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة فقال لي: يا مفضل لا تقاعدوهم و لا تواكلوهم و لا تشاربوهم و لا تصافحوهم و لا توارثوهم (4).
و الأخبار في هذا المعنيٰ و لعنه و لعن من بقي منهم و لعن من دخل 5.
ص: 237
قلبه رحمة لهم و البراءة منهم و الاجتناب عنهم كثيرة، رواها الذين رووا عن يونس بن ظبيان الفضائل و المعارف و الأحكام الدينية كابن أبي عمير، و صفوان، و ابن محبوب، و ابن المغيرة، و أمثالهم، فالخبر المتضمن لخطابيّة يونس قدح في عمل أساطين المذهب، و شيوخ الطائفة، بل يظهر للمتتبّع أنّ الصادق (عليه السّلام) كان يألف و يستأنس به، و يخصّه بإلقاء المطالب العالية، و لم يعهد أنّه (عليه السّلام) فعل بخطابي قليلًا مما فعل به.
و في الكافي بإسناده: عن عبد اللّٰه بن المغيرة، عن محمّد بن زياد، قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) فقلت له: إنّ هشام بن الحكم يقول قولًا عظيماً، الخبر (1).
و ابن المغيرة من أصحاب الإجماع فلا يضرّ كونه راوياً، و يظهر منه أنّه من أهل العلم و الفضل و التوحيد، و لم يكن غالياً و لا مقصّراً.
و فيه: عن عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن يونس بن ظبيان و حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قالا: قلنا: جعلنا فداك، أ يكره أنْ يكتب الرجل في خاتمه غير اسمه و اسم أبيه؟ فقال: في خاتمي مكتوب: اللّٰه خالق كلّ شي ء، و في خاتم أبي محمّد بن علي و كان خير محمّدي رأيته بعيني: العزّة للّٰه، و في خاتم علي بن الحسين (عليهما السّلام): الحمد للّٰه العلي العظيم، و في خاتم الحسن و الحسين (عليهما السّلام): حسبي اللّٰه، و في خاتم أمير المؤمنين (عليه السّلام): للّٰه الملك (2).2.
ص: 238
و في التهذيب (1)، و كامل الزيارة (2)، مسنداً: عن محمّد بن سنان، عنه، عنه (عليه السّلام) قال: من زار قبر الحسين (عليه السّلام) يوم عرفة كتب اللّٰه له ألف ألف حجّة مع القائم (عليه السّلام)، الخبر.
و الخطابي لا يروي أمثال هذه الأخبار، فإنه من الإسماعيلية كما أوضحنا ذلك في شرح حال كتاب دعائم الإسلام (3)، و ذكرنا أنّهم ينكرون الأحكام و الشرائع، و ليس منهم رواة في كتب الأحاديث، بل لا تجد في كتب الرجال راوياً قدحوه بأنّه كان منهم كما طعنوا فيه بأنّه ناووسي، أو كيساني، أو واقفي، أو فطحي، أو زيدي.
و قد رووا عن يونس كثيراً من الأحكام الفرعية كما لا يخفيٰ عليٰ من راجعها، مؤيّداً ذلك كلّه بما مرّ عن جامع البزنطي (4)، و هو من أصحاب الإجماع، و من الثلاثة الذين لا يروون إلّا عن الثقة، و ظاهر الخبر الثاني الذي نقلناه عنه أنّه رويٰ عن يونس، و أنّي للخبرين و المعارضة لما رواه، و إن كان فلا بدّ فليعدّا مع أخبار لعن زرارة التي رويٰ أغلبها محمّد بن عيسيٰ.
و ممّا يؤيد ذلك كلّه ما رواه الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن قبر أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فقال: ما سمعت من ).
ص: 239
أشياخك؟ فقلت له: حدّثنا صفوان بن مهران، عن جدّك (عليه السّلام): أنّه دفن في نجف الكوفة.
و رواه بعض أصحابنا عن يونس بن ظبيان بمثل هذا الخبر (1)، و لا يخفيٰ أن عدّه البزنطي من المشايخ، و الرواية عنه في محضره (عليه السّلام) لا يجتمع مع خبر اللعن المتقدّم، و الخبر مع علوّ سنده في أعليٰ درجة الصحة.
هذا و قال الكاظمي في التكملة: و اعلم أنّ هذا قد ضعّفه أكثر أهل الرجال، و أورد الكشي (2) إخباراً في مدحه و ذمّه كلّها ضعيفة إلّا واحداً صحيحاً، إلّا أنّ فيه محمّد بن عيسيٰ.
و بخطّ المجلسي: رويٰ ابن إدريس في السرائر عن جامع البزنطي. و ساق الخبر، ثمّ قال: و هذا حديث صحيح (3)، لأنّ ابن إدريس أخذه عن جامع البزنطي، و هو ممّن أجمعت العصابة عليٰ تصحيح ما يصح عنه.
و رواه الكشي (4) بطريق مجهول إليٰ ابن أبي عمير إليٰ هشام بن سالم، فكان خبر المدح أصحّ.
و في الكافي (5) حديث دالّ عليٰ مدحه أيضاً لا يحضرني الآن، قال 9.
ص: 240
الصالح (1): و فيه دلالة عليٰ حسن حال يونس بن ظبيان، و لكن علماء الرجال بالغوا في ذمّه و نسبوه إليٰ الكذب، و الوضع، و التهمة، و الغلوّ، و وضع الحديث، و نقلوا عن الرضا (عليه السّلام) أنّه لعنه و قال: أما إنّ يونس بن ظبيان مع أبي الخطاب في أشدّ العذاب (2).
فلو خليت الأخبار و نفسها لحكمت بوثاقته، و لكن أخبار الذمّ مؤيدة بفتويٰ أساطين علم الرجال، فلذا توقّفت فيه (3)، انتهيٰ.
قلت: و أخبار المدح أيضاً مؤيّدة بعمل الشيوخ المعاصرين له الأعرفين بحاله من الكشي الساكن في أقصي بلاد خراسان، و الغضائري المتأخر عنه بقرون، و بقول الصدوق في الزيارة التي هو راويها أنّها أصح الزيارات رواية (4)، و المراد بالصحة وثاقة الرواة هنا قطعاً و إن قلنا بأعميّة الاصطلاح.
و قال الأُستاذ في التعليقة: رويٰ الثقة الجليل علي بن محمّد الخزاز في كتابه الكفاية عنه النص عليٰ الأئمّة الاثني عشر (عليهم السّلام) عن الصادق (عليه السّلام) (5). و يظهر منها مدح له و أنّه حين الرواية لم يكن غالياً، ثم ذكر خبر التوحيد الذي أشرنا إليه، ثم قال: و يظهر من غير ذلك من الأخبار أيضاً ما يدلّ عليٰ عدم غلوّه فلاحظ، و مضيٰ في صدر الرسالة هنا كلام 5.
ص: 241
يناسب المقام فراجع (1).
و أغرب أبو علي في رجاله فقال في مقام ردّ كلام أُستاذه أقول: بعد إطباق المشايخ عليٰ ضعفه مضافاً إليٰ ما ورد فيه من الحديث الصحيح لا مجال للتوقّف أصلًا.
و ما ذكره عن الكفاية إليٰ القدح أقرب من المدح لأنّه (رحمه اللّٰه) صنّف الكتاب المذكور في إثبات الأئمّة الاثني عشر (عليهم السّلام) من طريق المخالفين، و لذا تراه ينقل فيها عن العامّة، و الزيدية، و الواقفيّة، و نظائرهم، عليٰ أنّ عدم غلوّه حين رواية تلك الرواية لا يجدي نفعاً أصلًا، و كذا ما في التوحيد (2)، فإنّه بعد سلامة سنده ربّما يدلّ عليٰ سلامته وقتاً ما. إليٰ آخره (3).
قلت: ما ذكره كذب صريح و افتراء محض، و الظاهر أنّه ما رأي الكفاية في عمره و ما اطّلع عليٰ غرض مؤلّفه أصلًا، و أراد إبطال حق بحدس أخطأ فيه، فإنه (رحمه اللّٰه) صنّفه لضعفاء الشيعة، و جلّ مشايخه من شيوخ الشيعة، و قد يدخل في بعض الأسانيد بعض المخالفين ككثير من أحاديث كتب الصدوق و غيره.
قال (رحمه اللّٰه) في صدر الكتاب: أمّا بعد فإنّ الذي دعاني إليٰ جمع هذه الأخبار في النصوص عليٰ الأئمّة الأبرار (عليهم السّلام) انّي وجدت قوماً من ضعفاء الشيعة و متوسطيهم في العلم، متحيرين في ذلك و متعجزين،5.
ص: 242
يشكون فرط اعتراض الشبهة (1) عليهم و زمرات المعتزلة تلبيساً و تمويهاً عاضدتهم عليه حتي آل الأمر بهم إليٰ أن جحدوا أمر النصوص عليهم من جهة يقطع العذر بها، و زعموا أنّ ورود هذه الأخبار من النصوص عليهم من جهة لا يقطع بمثلها العذر، حتي أفرط بعضهم و زعم: أنّ ليس لها من الصحابة أثر و لا عن أخبار العترة، فلمّا رأيت ذلك كذلك ألزمت نفسي الاستقصاء في هذا الباب. إليٰ آخره (2).
و مشايخه في هذا الكتاب: الصدوق، و قد أكثر من النقل عنه، و عن أخيه الحسين، و أبو المفضل الشيباني، و محمّد بن وهبان، و ابن عياش أحمد بن محمّد الجوهري، و أضرابهم.
و مع الغضائري كيف يكون الخبر أقرب إليٰ القدح؟! فإنّ يونس أمّا إمامي أو غال، و لم يحتمل أحد في حقّه العاميّة.
و الخبر الصحيح معارض بصحيح البزنطي المقدّم عليه من وجوه، و قد عرفت ما في إطباق المشايخ (3)، و عرفت أنّ مقتضيٰ الخبرين كونه خطابيّاً في عهد أبي الخطاب، و قد قتل في أوائل الدولة العباسية، و بعض أخبار المدح في عهد المنصور؛ إذْ الصادق (عليه السّلام) لم يقدم إليٰ العراق إلّا في عهده، و قد عرفت أنّه عامل معه في الحيرة و النجف معاملته مع خواصّه.ه.
ص: 243
و كيف كان فلا بد لنا من نقل الخبر، فانّ فيه من الدلالة عليٰ علوّ مقام يونس ما لا يخفيٰ عليٰ الناقد، مضافاً إليٰ فوائد اخريٰ و إنْ خرجنا به عن وضع الكتاب.
قال (رحمه اللّٰه) في أول باب ما جاء عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) مما يوافق هذه الأخبار و نصّه عليٰ ابنه موسي عليه السّلام: حدّثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا أبو محمّد هارون بن موسي، قال: حدثني محمّد بن همام، قال: حدثني عبد اللّٰه بن جعفر الحميري، قال: حدثني عمر بن علي العبدي، عن داود بن كثير الرقي، عن يونس بن ظبيان، قال: دخلت عليٰ الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت: يا ابن رسول اللّٰه انّي دخلت عليٰ مالك و أصحابه و عنده جماعة يتكلمون في اللّٰه عزّ و جلّ فسمعت بعضهم يقول: إنّ للّٰه تعاليٰ وجهاً كالوجوه، و بعضهم يقول: له يدان، و احتجوا بقول اللّٰه سبحانه بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ (1) و بعضهم يقول: هو الشاب من أبناء ثلاثين سنة، فما عندك في هذا؟
قال: و كان متكئاً فاستويٰ جالساً و قال: اللهم عفوك عفوك عفوك، ثمّ قال: يا يونس من زعم أنّ للّٰه وجهاً كالوجوه فقد أشرك، و من زعم أنّ للّٰه جوارحاً كالمخلوقين فهو كافر باللّٰه، فلا تقبلوا شهادته و لا تأكلوا ذبيحته، تعاليٰ اللّٰه عمّا يصفه المشبهون بصفة المخلوقين، فوجه اللّٰه أنبياؤه و أولياؤه، و قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ (2)، فاليد القدرة كقوله 5.
ص: 244
تعاليٰ: أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ (1).
فمن زعم أنّ اللّٰه في شي ء أو عليٰ شي ء، أو يتحول من شي ء إليٰ شي ء، أو يخلو منه شي ء، أو يشغل به شي ء، فقد وصفه بصفة المخلوقين، و اللّٰه خالق كلّ شي ء، لا يقاس بالقياس، و لا يشبه بالناس، و لا يخلو منه مكان، و لا يستقل (2) به مكان، قريب في بعده، بعيد في قربه، ذلك اللّٰه ربّنا لا إله غيره، فمن أراد اللّٰه و أحبّه و وصفه بهذه الصفة فهو من الموحدين، و من أحبّه بغير هذه الصفة فاللّٰه منه بري ء و نحن من براء.
ثم قال (عليه السّلام): إنّ أولي الألباب عملوا بالفكرة حتي ورثوا منه حبّ اللّٰه، فإنّ حبّ اللّٰه إذا ورثه القلب استضاء به القلب و أسرع إليه اللطف، فإذا نزل اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من (3) أهل الفوائد تكلّم بالحكمة، فإذا تكلّم بالحكمة صار من أهل الفطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة، فإذا عمل بها في القدرة عرف الإطباق السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في فكر بلطف (4) و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبري، فعاين ربّه في قلبه، و ورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثه العلماء، و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون، إنّ الحكماء قد ورثوا الحكمة بالصمت، و إنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب، و إنّ ).
ص: 245
الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذه بهذه السيرة (1) إمّا أن يسفل و إمّا أن يرفع، و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع إذا لم يرع حقّ اللّٰه و لم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف اللّٰه حقّ معرفته و لم يحبّه حقّ محبته، فلا يغرّنك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و كلامهم و علومهم فإنّهم حمر مستنفرة (2) (3).
ثم قال يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنّا ورثناه و أوتينا شرع الحكمة و فصل الخطاب، فقلت: يا ابن رسول اللّٰه فكلّ من أهل البيت ورث ما ورثت (4) من كان من ولد عليّ و فاطمة (عليهما السّلام)؟ فقال: ما ورثه إلّا الأئمّة الاثني عشر، قلت: سمّهم لي يا ابن رسول اللّٰه؟ قال: أوّلهم علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، و بعده الحسن و الحسين، و بعده علي بن الحسين، و بعده محمّد بن علي، ثمّ أنا، و بعدي موسي ولدي، و بعد موسي علي ابنه، و بعد علي محمّد ابنه، و بعد محمّد عليّ ابنه، و بعد علي الحسن ابنه، و بعد الحسن الحجّة (عليهم السّلام)، اصطفانا اللّٰه و طهرنا و أتانا ما لم يؤت أحداً من العالمين.
ثم قلت: يا ابن رسول اللّٰه إنّ عبد اللّٰه بن سعيد دخل عليك بالأمس فسألك عمّا سألتك فأجبته بخلاف هذا، فقال: يا يونس كلّ امرئ و ما يحتمله و لكلّ وقت حديثه و انّك لأهل لما سألت، فاكتم هذا الأمر إلّا عن ).
ص: 246
أهله و السلام (1).
قال أبو محمّد (2): و حدّثني أبو العباس بن عقدة، قال: حدثني الحميري، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن يحييٰ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّٰه بن أحمد، عن الحسن (3) ابن (4) أخت شعيب العقرقوفي، عن خاله شعيب، قال: كنت عند الصادق (عليه السّلام) إذ دخل يونس فسأله. و ذكر الحديث، إلّا انّه يقول في حديث شعيب عند قوله ليونس: إذا أردت العلم الصحيح فعندنا فنحن أهل الذكر الذين قال اللّٰه عزّ و جلّ: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لٰا تَعْلَمُونَ (5) (6).
تأمّل في هذا الخبر الذي رواه الأجلّاء و ما فيه من جلالة قدر يونس، و ما في الكشي انه قال لبنت أبي الخطاب ما قال (7)؟! و إلي قول أبي علي: من أنّه إليٰ القدح أقرب (8)؟!
أو البيطار، في النجاشي: قريب الأمر، له كتاب المزار، عنه: حميد (9).9.
ص: 247
و في الوجيزة: ممدوح (1).
عن أبيه، عن الصفّار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن سنان، عن أبي معاذ السّدي، عن أبي أراكة، قال: صلّيت خلف أمير المؤمنين (عليه السّلام) الفجر في مسجدكم هذا عليٰ يمينه و كان عليه (عليه السّلام) كآبة، و مكث حتّي طلعت الشّمس عليٰ حائط مسجدكم هذا قيد رمح و ليس هو عليٰ ما هو اليوم، ثمّ أقبل عليٰ النّاس فقال: أما و اللّٰه لقد كان أصحاب رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) و هم يكابدون هذا اللّيل، يراوحون بين جباههم و ركبهم، كأنّ زفير النّار في آذانهم، فإذا أصبحوا أصبحوا غبراً صفراً، بين أعينهم شبه ركب المعزي، فإذا ذُكر اللّٰه مادوا كما يميد الشّجر في يوم الرّيح و انهملت أعينهم حتي تبتل ثيابهم، قال: ثمّ نهض و هو يقول: فكأنّما بات القوم غافلين، ثمّ لم ير مفتراً حتي كان من أمر ابن ملجم لعنه اللّٰه ما كان (1). و هذا الخبر موجود في الكافي (2) و النهج (3) و غيرهما.
و روي الحسين بن سعيد في كتاب الزهد: عن محمّد بن سنان، عن أبي عمّار صاحب الأكسية (4)، عن البريدي (5)، عن أبي أراكة، قال: سمعت عليّاً (عليه السّلام) يقول: إنّ للّٰه عباداً كسرت قلوبهم خشية اللّٰه فاستنكفوا عن المنطق، و أنّهم لفصحاء، عقلاء الباء، نبلاء، يستبقون إليه بالأعمال الزّاكية، لا يستكثرون له الكثير، و لا يرضون له القليل، يرون أنفسهم أنّهم شرار،).
ص: 250
و أنّهم لأكياس أبرار (1).
هذا و من أولاده و ذريّته أجلّاء ثقات، و آل أبي أراكة بيت كبير من بيوت الشيعة، أشار إليه النجاشي في ترجمة علي بن شجرة بن ميمون بن أبي أراكة (2).
عنه: صفوان بن يحييٰ، في التهذيب، في باب الزيادات بعد باب الأنفال (1)، و في باب أحكام الأرضين (2).
عدّه البرقي في رجاله (3) من خواص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) من اليمن، فقول ابن داود: عربي من خواصه (عليه السّلام) (4) في محلّه، و المعترض عليه لم يراجع رجال البرقي، بل و آخر الخلاصة (5).
انحصار الطعن فيه فلا تغفل.
في الكافي: عن العدّة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي (1) البلاد، عن أبي بلال المكّي، قال: رأيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) دخل الحجر من ناحية الباب فقام يصلّي عليٰ قدر ذراعين من البيت، فقلت له: ما رأيت أحداً من أهل بيتك يصلّي بحيال الميزاب؟ فقال: هذا مصلّي شبر و شبير ابني هارون (2).
و عن محمّد بن يحييٰ و غيره، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: حدثني أبو البلال المكّي، قال: رأيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) طاف بالبيت ثمّ صلّيٰ فيما بين الباب و الحجر الأسود ركعتين، فقلت له: ما رأيت أحداً منكم صلّي في هذا الموضع؟ فقال: هذا المكان الذي تيب علي آدم (عليه السّلام) (3).
و في التهذيب بإسناده: عن محمّد بن أبي الصهبان، عن محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: حدثني أبو بلال المكّي، قال: رأيت أبا عبد اللّٰه (عليه السّلام) بعرفة أتي بخمسين نواة، فكان يصلّي بقل هو اللّٰه أحد، و صلّي مائة ركعة بقل هو اللّٰه أحد، و ختمها بآية الكرسي، فقلت له: جعلت فداك ما رأيت أحداً منكم صلّيٰ هذه الصلاة هاهنا؟ فقال: ما شهد 5.
ص: 253
هذا الموضع نبيّ و لا وصي نبيّ إلّا صلّيٰ هذه الصلاة (1).
و هذه الأخبار الصحاح التي رواها المشايخ تنبئ عن إماميّته و حسن حاله و ملازمته له (عليه السّلام).
السؤالي (2)، عدّه البرقي في رجاله (3) من خواص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) من مضر، و كذا في آخر الخلاصة (4).
عنه: الحسن بن محبوب، في الكافي، في باب السجود و التسبيح و الدعاء فيه (5)، و في التهذيب، في باب كيفية الصلاة من أبواب الزيادات (6).
الذي عقر الجمل، كذا في رجال الشيخ (7)، و في شرح الأخبار بإسناده: عن عون بن عبد اللّٰه، عن أبيه كاتب علي (عليه السّلام)، في حديث طويل انّه عدّ من كان معه (عليه السّلام) من المهاجرين و الأنصار الذين بشّرهم رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) بالجنّة و من التابعين و من أفاضل العرب. إليٰ أنْ قال:3.
ص: 254
و عمرو بن حارثة (1)، و هو الذي عقر الجمل يوم الجمل، يكني أبا حبّة، قتل بالخزرة (2) (3).
و ذكره ابن داود في القسم الأول إلّا أنّ فيه أبو جندب بن عبد (4) و اللّٰه العالم.
له كتاب، رويٰ عنه ابن مسكان في النجاشي (1) و احتُمِلَ اتحاده مع سابقه (2)، و في الفقيه في باب الإباق: ابن أبي عمير، عن أبي حبيب، عن محمّد بن مسلم (3).
النهي عن بيع الذهب و الفضة (1)، و في التهذيب، في باب بيع الواحد بالاثنين (2).
الوشاء (1)، و محمد بن علي بن محبوب (2)، و موسي بن الحسن (3).
في النجاشي في ترجمة محمد بن عبد الرّحمن بن قبة: سمعت أبا الحسين بن المهلوس العلوي الموسويّ (رضي اللّٰه عنه) يقول في مجلس الرضيّ أبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسي، و هناك شيخنا أبو عبد اللّٰه محمّد ابن محمّد بن النعمان (رحمهم اللّٰه) أجمعين: سمعت. إليٰ آخره (4).
و ظاهره كما في التعليقة كونه ممّن يعتمد عليه (5).
ص: 260
من أهل زُبالة (1)، كذا في أصحاب الكاظم (عليه السّلام) (2). و في الكافي: عن العدّة، عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن أبي قتادة القميّ، عن أبي خالد الزبالي، قال: لما قدم (3) بأبي الحسن موسي (عليه السّلام) عليٰ المهدي القُدْمَة الاوليٰ نزل زبالة، فكنت أُحَدِّثُه فرآني مغموماً، فقال لي: يا أبا خالد ما لي أراك مغموماً؟ فقلت: و كيف لا أغتمُّ و أنت تُحمل إليٰ هذا الطاغية و لا أدري ما يُحْدِثُ فيك، فقال: ليس عليّ بأس، إذا كان شهر كذا و كذا يوم كذا فوافني في أوّل الليل (4).
فما كان لي همّ إلّا إحصاء الشّهور حتي كان ذلك اليوم فوافيت الميل (5)، فما زلت عنده حتي كادت الشّمس أنْ تغيب، و وسوس الشّيطان عليه اللعنة في صدري، و تخوّفت أنْ أشك فيما قال فبينا، أنا كذلك إذ نظرت إليٰ سواد قد أقبل من ناحية العراق، فاستقبلتهم، فإذا أبو الحسن (عليه السّلام) أمام القَطار عليٰ بغلة، فقال: أيه يا أبا خالد، فقلت: لبّيك يا بن رسول اللّٰه،).
ص: 261
فقال: لا تشكّنّ، وَدّ الشيطان أنّك شككت، فقلت: الحمد للّٰه الذي خلّصك منهم، فقال: إنّ لي إليهم عودة لا أتخلّص منهم (1).
و الخبر صحيح، و يدلّ عليٰ إماميّته و حسن عقيدته و محبّته.
يروي عنه، الحسن بن محبوب بتوسط علي بن الحسن بن رباط، في التهذيب، في كتاب المكاسب (1)، و في الكافي، في باب بيع السلاح (2)، و عنه أيضاً: إسحاق بن عمّار مكرراً (3).
سهل بن زياد، أوضحنا وثاقته في شرح المشيخة (4).
مرّ في (هياج) (1) انّه من شهود وصيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام)، و هي وصيّة طويلة مرويّة بسند صحيح، قال بعض المحققين: فتدبر و تذكّر أنّ الوصيّة ممّا يستحب فيها أنْ يشهد ذوا عدل (2)، انتهيٰ.
قلت: في رجال الشيخ: أبو شمر بن أبرهة بن الصباح الحميري، و كان من أهل الشام، و معه رجال من أهل الشام لحقوا بأمير المؤمنين (عليه السّلام) بصفين (3).
و الظاهر الاتحاد، و وقوع التصحيف في الكافي (4).
من اليمن (1)، و كذا في آخر الخلاصة (2)، و في رجال الشيخ: أبو صادق، و هو أبو عاصم بن كليب الحزمي، عربي، كوفي (3).
يرويه عنه القاسم بن إسماعيل (1). عنه: يونس بن عبد الرحمن، في الكافي، في آخر كتاب الكفر و الإيمان (2).
السلمي، عدّه البرقي في رجاله من خواص أصحاب (3) أمير المؤمنين (عليه السّلام) من مضر، و لكن قال: و بعض الرواة يطعن فيه (4).
و في مناقب ابن شهرآشوب قيل: إنّ عبد الرّحمن (5) السلمي علّم ولد الحسين (عليه السّلام) الحمد، فلمّا قرأها عليٰ أبيه أعطاه ألف دينار و ألف حلّه و حشا فاه درّاً، فقيل له في ذلك: فقال (عليه السّلام): و أين يقع هذا من عطائه، يعني تعليمه (6).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1).
في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي الحسن موسي (عليه السّلام): عن العدة، عن أحمد بن محمّد، قال: حدثني أبو علي الأرجاني الفارسي، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي أُخذ فيها أبو الحسن الماضي (عليه السّلام)، فقلت له: إنَّ هذا الرجل قد صار في يد هذا و ما ندري إليٰ ما يصير، فهل بلغك عنه في أحد من ولده شي ء؟ فقال لي: ما ظننت أنَّ أحداً يسألني عن هذه المسألة، دخلت عليٰ جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له و هو يدعو و عليٰ يمينه موسي بن جعفر (عليهما السّلام)، يؤمّن عليٰ دعائه فقلت له: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إليك و خدمتي لك، فَمَنْ وليّ الناس بعدك؟ فقال: إنَّ موسي قد لبس الدّرع و ساويٰ عليه، فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إليٰ شي ء (2).
و فيه دلالة عليٰ إماميّته و احتياطه في الدين.
الحسين بن سعيد، في الكافي، في باب صلاة الحوائج (1).
عنه: الحسن بن فضّال، في الكافي (1)، و التهذيب (2)، في كتاب المكاسب.
اسمه محمّد، قال النجاشي في ترجمة عبد اللّٰه بن عبد الرحمن: الزبيري و الزبيريون في أصحابنا ثلاثة: هذا و أبو محمّد عبد اللّٰه بن هارون الزبيري و أبو عمرو محمّد بن عمرو بن عبد اللّٰه بن مصعب بن الزبير (3). و ظاهره أنّه من علمائنا الإمامية، و هو كثير الرواية مقبولها.
قال بعض المحققين: رأيت له أحاديث جياداً، منها حديثاً في أوائل الجهاد من الكافي (4) طويل جدّاً، و آخر في كتاب الكفر و الإيمان منه (5)، و من تأمّلهما علم غزارة علم الرجل و جودة قريحته، و أنّه أهل لأن يخاطب بما لا يخاطب بها إلّا جهابذة العلماء (6)، انتهيٰ و هو كما قال.
هو محمّد بن هارون بن عيسيٰ الوراق، له كتب في النجاشي (1)، يظهر منه أنّه من علمائنا الإمامية، و في الرواشح الدامادية: هو من أجلّة المتكلمين من أصحابنا، و من أفاضلهم (2). و أطال في ذكر ما يدل عليٰ مدحه منه.
ذكره ابن داود في الممدوحين (3)، و عدم ذكره في المجروحين، مع التزامه إعادة ذكر من فيه غميزة، حتي سعد بن عبد اللّٰه، و هشام بن الحكم، و بريد بن معاوية، و غيرهم من الوجوه و الأعيان (4)، و قال (5) في ترجمة ثبيت (6) مدحاً له و توقيراً لأمره: صاحب أبي عيسيٰ الوراق (7).
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (1). و في الفقيه (2): صفوان الجمال، عن أبي غرّة الخراساني (3)، و عنه: إسحاق بن عمّار (4)، و تقدّم بالمهملة (5).
عنه: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ، في التهذيب، في كتاب المكاسب (6)، و محمّد بن عيسيٰ، فيه (7).
في الفهرست في ترجمة أبي منصور الصرام: من أجلّة المتكلمين من أهل نيشابور. إليٰ أنْ قال: رأيت ابنه أبا القاسم، و كان فقيهاً، و سبطه أبا الحسن، و كان من أهل العلم. إليٰ آخره (8).
اسمه الحارث، أو النعمان بن ربعي بن بلدمة السلمي، بدري، و شهد مع علي (عليه السّلام) مشاهده كلّها، توفي سنة أربعين، و صلّي عليه علي (عليه السّلام)، و مرّ في أبواب الأشربة خبر فيه فضيلة له (9).ة.
ص: 277
مرّ في (قصد) ما يشير إليٰ وثاقته (1).
في رجال الشيخ: انه خرج عليٰ مقدمة علي (عليه السّلام) يوم خروجه إليٰ صفين (2).
له كتاب في الفهرست، و النجاشي، يرويه أحمد بن محمد بن عيسيٰ عن ابن أبي عمير عنه (3). و عنه: عبد اللّٰه بن المغيرة، في الكافي، في باب الفرش (4).
و في التعليقة: و رواية ابن أبي عمير عنه تشير إليٰ الوثاقة، و رواية جماعة كتابه إليٰ الجلالة (5).
من أصحاب الباقر (عليه السّلام) في رجال الشيخ (6). و في الكافي، في باب حقّ المؤمن عليٰ أخيه: ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس و في نسخة 0.
ص: 278
عن يونس عن أبي المأمون الحارثي. إليٰ آخره (1).
و ابن أبي عمير عنه، فيه، في باب إطعام المؤمن (1)، و أحمد بن محمّد عنه، في التهذيب، في باب القود بين الرجال و النساء (2). و الظاهر أنّه ابن عيسيٰ، بقرينة روايته عن الحسن عنه أيضاً فيه في باب أحكام الطلاق (3).
له كتاب في الفهرست، و النجاشي، يرويه عنه الحسن بن محبوب (4). و قد مرّ غير مرّة دلالة ذلك عليٰ الوثاقة و الإمامية فلا تغفل.
له كتاب في النجاشي، يرويه عنه ابن أبي عمير (5). و عنه: صفوان ابن يحييٰ، في الكافي، في باب الكذب (6)، و في باب نوادر في كتاب العتق (7)، و ابن مسكان، فيه، في باب النوادر في كتاب الديات (8)، و جعفر ابن بشير، عن الحسين بن أبي العلاء، عنه، في التهذيب، في باب الحدّ في الفرية و السبّ (9)، و في الفقيه، في باب القذف (10)، و ابن رباط (11)، و القاسم 3.
ص: 280
ابن إسماعيل (1).
نصير قالا: حدثنا محمّد بن عيسيٰ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: دخل أبو موسي البنّاء (1) عليٰ أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) مع نفر من أصحابه، فقال لهم أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): احتفظوا بهذا الشيخ، قال: فذهب علي وجهه في طريق مكّة، فذهب من فرح (2) فلم ير بعد ذلك (3).
والد عبد الرّحمن بن أبي نجران، رويٰ الكشي ما يدلّ عليٰ إماميّته و إخلاصه و محبّته (4).
في النجاشي في ترجمة علي بن محمّد العدوي-: و رأيت في فهرست كتبه بخط أبي نصر بن الريان (رحمه اللّٰه) كتباً زائدة عليٰ هذه الكتب (5).
يروي عنه: صفوان بن يحييٰ، عن حكيمة بنت أبي الحسن القرشي،9.
ص: 282
عن حكيمة بنت موسي بن عبد اللّٰه، عن حكيمة بنت محمّد بن علي بن موسي (عليهم السّلام)، في مناقب ابن شهرآشوب في معجزات الجواد (عليه السّلام) (1).
اسمه الحارث بن حصيرةِ، و قد تقدم (2).
عنه: الحسن بن محبوب (3)، و علي بن رئاب كثيراً (4)، و مالك بن عطية (5)، و محمد بن النعمان (6)، و هشام بن سالم (7).
3336 أبو وهب القَصْري (8):
في التهذيب، في باب فضل زيارة مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام): منيع ابن الحجاج، عن يونس، عنه (9)، و كذا في كامل الزيارة رواه عن أبيه و عن الكليني عن محمد بن يحييٰ العطار. إليٰ آخره (10).
و لكن في الكافي في باب فضل الزيارات و ثوابها: عن يونس بن ي.
ص: 283
أبي وهب القصري (1). و الظاهر أنّ تحريف عن، بابن، من قلم النساخ؛ و يؤيّده رواية الحسين بن سعيد عن أبي وهب مرتين فيه في باب من ادعيٰ الإمامة و ليس لها بأهل (2).
له كتاب في النجاشي يرويه عنه عبيس بن هشام (3)، و في الفهرست: يرويه عنه القاسم بن إسماعيل القرشي (4). و ظاهرهما كونه من مؤلّفي الإمامية، و رواية الجماعة كتابه تشير إليٰ الجلالة.
من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (5).
في الوجيزة: ممدوح (6)، و في الخلاصة في القسم الأول: قال العقيقي: ترحّم عليه أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام)، فقيل: إنّه كان يشرب النبيذ؛ فقال: أ يعزز عليٰ اللّٰه أنْ يغفر لمحبّ علي (عليه السّلام) عليٰ شرب النبيذ و الخمر (7)؟! و قال ابن شهرآشوب في المعالم في شعراء أهل البيت (عليهم السّلام)2.
ص: 284
المجاهدين: أبو هريرة العجلي، قال أبو بصير (1): قال أبو عبد اللّٰه (عليه السّلام): من ينشدنا شعر أبي هريرة؟ قلت: جعلت فداك إنّه كان يشرب، فقال: (رحمه اللّٰه)، و ما ذنب إلّا و يغفره اللّٰه لولا بغض عليّ (عليه السّلام) (2)، و الظاهر اتحادهما.
عنه: عبد اللّٰه بن مسكان، في التهذيب، في باب الوكالات (3)، و في باب أحكام الطلاق (4)، و في الإستبصار، في باب الوكالة في الطلاق (5)، و صفوان، في التهذيب، في باب الزيادات في فقه الحج (6)، و عثمان بن عيسيٰ، فيه، في باب الأحداث الغير الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات (7)، و حفص بن البختري (8)، و حجاج الخشاب (9).
الذي حدث عنه يعقوب بن سالم، من أصحاب الصادق (عليه السّلام) (10)، و لعلّه الرازي المتقدّم.9.
ص: 285
له كتاب في الفهرست، يرويه عنه الحسن بن محبوب (1)، و في النجاشي: يرويه عنه الحسن بن محمد بن سماعة (2). و عنه: ابن محبوب و علي بن الحكم جميعاً، في التهذيب، في باب نوافل الصلاة في السفر (3)، و ابن بكير، في الكافي، في باب نوادر في الرضاع (4)، و إبراهيم بن محمّد الأشعري (5).
و زعم صاحب الجامع: أنّ أبا يحييٰ هذا هو محمّد بن مروان البصري (6)، و لم أجد ما يستظهر منه ما زعمه، و كيف كان هو إمامي ثقة أو ممدوح.
قال ابن شهرآشوب في المناقب: و قد ثبت بقول الثقات إشارة أبيه يعني الجواد (عليه السّلام) إليه، منهم عمّه علي بن جعفر (عليه السّلام). إليٰ أنْ قال: و أبو يحييٰ الصنعاني (7). و بقرب منه ما في إعلام الوريٰ للطبرسي (8).
و في الكافي في باب الأئمة (عليهم السّلام) يزدادون ليلة الجمعة: عن أحمد 7.
ص: 286
ابن إدريس القمّي و محمّد بن يحييٰ، عن الحسن بن علي الكوفي، عن موسي بن سعدان، عن عبد اللّٰه بن أيوب، عن أبي يحييٰ الصنعاني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) قال: قال لي: يا أبا يحييٰ إنّ لنا في ليالي الجمعة لشأناً من الشأن، قال: قلت: جعلت فداك و ما ذاك الشأن؟ قال: يؤذن لأرواح الأنبياء الموتي (عليهم السّلام) و أرواح الأوصياء الموتي و روح الوصي الذي بين أظهركم يعرج بها إليٰ السماء، حتي توافي عرش ربّها فتطوف به أسبوعاً و تصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش [ركعتين (1)] ثمّ تردّ إليٰ الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء و الأوصياء قد ملئوا سروراً، و يصبح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم و قد زيد في علمه مثل جمّ الغفير (2).
أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد الكاتب.
و في نسخة: أبي الحمراء، عنه: ابن فضال، في الكافي، في باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي (1).
اسمه حسن (2)، كما صرّح به في الكافي، في باب نقض الوضوء، عنه: ابن أبي عمير، فيه (3)، و في التهذيب في كتاب المكاسب (4)، و في باب الأحداث الموجبة للطهارة (5).
من أعاظم علمائنا المتقدمين، ينقل عنه علي بن طاوس في كتاب عمل شهر رمضان كثيراً (6)، و هو محمّد بن علي بن يعقوب بن إسحاق،0.
ص: 289
و مرّ في الأصل (1).
هو محمّد بن أبي حمزة الثمالي، يروي عنه: أحمد بن محمّد بن عيسيٰ (2)، و الفضل بن شاذان (3)، و ربما يوجد في بعض الأسانيد أبو ثابت، و هو اشتباه (4).
أحمد بن محمّد بن عمران، من مشايخ النجاشي (5).
من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) و مؤذّنه (6)، و في الفقيه: و كان ابن النباح يقول في أذانه: حيّ عليٰ خير العمل، حيّ عليٰ خير العمل، فاذا رآه علي (عليه السّلام) قال: مرحباً بالقائلين عدلًا، و بالصلاة مرحباً و أهلًا (7).
و في مناقب ابن شهرآشوب: و كان مؤذّنه (عليه السّلام) جويرية بن سهل العبدي، و ابن النباح (8).6.
ص: 290
و روي المفيد في الإرشاد مسنداً في حديث أنّه (عليه السّلام) قال في الليلة التي قتل في صبيحتها: إنّي مقتول لو أصبحت، فأتاه ابن النبّاح، فأذّنه بالصلاة فمشيٰ غير بعيد ثمّ رجع،. الخبر (1).
هو سليمان بن مهران (1).
في الكافي، في باب الإشارة و النص عليٰ أبي الحسن الثالث (عليه السّلام): رويٰ وصيّة أبي جعفر (عليه السّلام) و في آخرها-: و كتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطّه، و شهد الحسن (2) بن محمد بن عبيد اللّٰه بن الحسين (3) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) و هو الجوّانيّ عليٰ مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر الكتاب (4).
و يظهر من عمدة الطالب أنّ الجواني نسبة محمّد بن عبيد اللّٰه الأعرج ابن الحسين، و ذكر أنّه نسبه إليٰ جوانية قرية بالمدينة (5). و يظهر من كلماتهم مشاركة بعض آخر في هذه النسبة، و كيف كان فظاهر الخبر حسن حاله، بل عدالته و أمانته.».
ص: 292
له كتاب في الفهرست، يرويه عنه محمّد بن إسماعيل بن بزيع (1)، و يروي عنه أيضاً: الوشاء (2)، و المفضّل بن عمر (3)، و أخرج عنه ابن قولويه في كامل الزيارة (4) أخباراً كثيرةً، يظهر منها و ما في الكافي (5) و التهذيب (6) إماميّته، و من رواية الأجلّاء حسنه، بل وثاقته.
الحسين بن زيد الشهيد، الذي ربّاه الصادق (عليه السّلام) (7).
جعفر بن عبد اللّٰه بن جعفر بن عبد اللّٰه بن جعفر بن محمد بن علي ابن أبي طالب (عليه السّلام)، و يقال له: جعفر بن عبد اللّٰه المحمدي (8).
و في الكافي، في باب النوادر بعد كتاب الصلاة: رويٰ محمد بن الحسين، عن بعض الطالبيين يلقّب برأس المذري قال: سمعت الرضا (عليه السّلام) (9). الخبر.ة.
ص: 293
و يقال له: البزاز أيضاً، محمّد بن جعفر، خال (1) والد أبي غالب الزراري، و من مشايخه و مشايخ ثقة الإسلام، و هو غير أبي عبد اللّٰه محمّد ابن جعفر الأسدي، كما أوضحناه في آخر الفائدة السادسة (2).
محمّد بن مسلم بن شهاب.
عنه: ابن محبوب، في الكافي، في باب زيارة النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) (3)، و في التهذيب، في باب فضل زيارته (صلّي اللّٰه عليه و آله) (4)، و لكن في بعض نسخه: السندي، و لعلّه تحريف.
كان من أهل الري، و كان من وكلاء القائم (عليه السّلام) كذا في ربيع الشيعة (5).
يطلق عليٰ غير السكوني أيضاً، ففي الإستبصار، في باب إقرار بعض ).
ص: 294
الورثة لغيره بدَين عليٰ الميت: جميل بن درّاج، عن الشعيري، عن الحكم (1)، و روي هذا الخبر بعينه في الكافي. عن جميل، عن زكريا بن يحييٰ الشعيري، عن الحكم (2).
و في رواية جميل عنه ما يشير إليٰ وثاقته.
ص: 300
ص: 301
ص: 302
في إنجاز ما وعدناه في أبواب جهاد النفس، في ذيل باب وجوب طاعة العقل، من بيان أنّ ما نسب إليٰ أصحابنا الأخباريين (1) من إنكارهم 0.
ص: 303
حجّية القطع الحاصل من العقل خلاف ما يظهر من كلماتهم (1).
فنقول: قد اشتهرت هذه النسبة إليهم في عثرنا بطبقات أهل العلم، و الأصل في هذا الاشتهار كلام الشيخ الأعظم الأنصاري أعليٰ اللّٰه تعاليٰ مقامه في رسالة حجيّة القطع.
فقال (رحمه اللّٰه) في التنبيه الثاني منها: إنّك عرفت أنّه لا فرق فيما يكون فيه العلم كاشفاً محضاً بين أسباب العلم، و يُنسبُ إليٰ غير واحد من أصحابنا الأخباريين عدمُ الاعتماد عليٰ القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة القطعيّة الغير الضرورية، لكثرة وقوع الغلط و الاشتباه فيها، فلا يمكن الركون إليٰ شي ء منها.
فإن أرادوا عدم جواز الركون بعد حصول القطع؛ فلا يعقل ذلك بعد (2) في مقام اعتبار العلم من حيث الكشف، و لو أمكن الحكم بعدم اعتباره لجري مثله في القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة حذو (3) النّعل ق.
ص: 304
بالنّعل.
و إن أرادوا عدم جواز الخوض في المطالب العقليّة لتحصيل المطالب الشرعية لكثرة وقوع الغلط و الاشتباه فيها، فلو سُلِّم ذلك، و أُغمض عن المعارضة لكثرة ما يحصل من الخطأ في فهم المطالب من الأدلة الشرعية فله وجه، و حينئذٍ فلو خاض فيها، و حصّل القطع بما لا يوافق الحكم الواقعيّ لم يُعذَر في ذلك، لتقصيره في مقدمات التحصيل، إلّا أن الشأن في ثبوت كثرة الخطأ أزيد ممّا يقع في فهم المطالب من الأدلّة الشرعية.
و قد عثرتُ بعد ما ذكرت هذا عليٰ كلام يُحكيٰ عن المحدّث الأسترآباديّ في فوائده المدنيّة، قال في عداد ما استدلّ به عليٰ انحصار الدليل في غير الضروريات الدينيّة بالسماع عن الصادقين (عليهم السّلام)، قال:
«الدليل التاسع: مبني عليٰ مقدمة دقيقة شريفة، تفطّنتُ لها بتوفيق اللّٰه تعالي، و هي أنّ العلوم النظرية قسمان:
قسم ينتهي إليٰ مادّة هي قريبة من الإحساس، و من هذا القسم علم الهندسة، و الحساب، و أكثر أبواب المنطق، و هذا القسم لا يقع فيه الخلاف بين العلماء و الخطأ في نتائج الأفكار، و السبب في ذلك أنّ الخطأ في الفكر إمّا من جهة الصورة أو من جهة المادة، و الخطأ من جهة الصورة لا يقع من العلماء، لأنّ معرفة الصورة من الأُمور الواضحة عند الأذهان المستقيمة، و الخطأ من جهة المادة لا يتصور في هذه العلوم، لقرب المواد من الإحساس.
و قسم ينتهي إليٰ مادّة هي بعيدة عن الإحساس، و من هذا القسم
ص: 305
الحكمة الإلهية، و الطبيعيّة، و علم الكلام، و علم أُصول الفقه، و المسائل النظرية الفقهية، و بعض القواعد المذكورة في كتب المنطق، و من ثَمّ وقع الاختلافات و المشاجرات بين الفلاسفة في الحكمة الإلهية و الطبيعيّة، و بين علماء الإسلام في أُصول الفقه، و علم الكلام، و غير ذلك.
و السبب في ذلك أنّ القواعد المنطقية إنّما هي عاصمة عن الخطأ من جهة الصورة، لا من جهة المادة، و ليست في المنطق قاعدة بها يعلم أنّ كلّ مادة مخصوصة داخلة في أيّ قسم من الأقسام، و من المعلوم امتناع وضع قاعدة تكفل بذلك».
ثم استظهر ببعض الوجوه تأييداً لما ذكره و قال بعد ذلك:
«فإن قلت: لا فرق في ذلك بين العقليّات و الشرعيّات، و الشاهد عليٰ ذلك ما نشاهده من كثرة الاختلافات الواقعة بين أهل الشرع في أصول الدين، و في الفروع الفقهية.
قلت: إنّما نشأ ذلك من ضمّ مقدمة عقليّة باطلة بالمقدمة النقلية الظنيّة أو القطعية.
و من الموضحات لما ذكرناه من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم من الخطأ في مادّة الفكر أنّ المشّائين (1) ادّعوا البداهة في أنّ 2.
ص: 306
تفرّق (1) ماء كوز إليٰ كوزين إعدامٌ لشخصه، و إحداثٌ لشخصين آخرين، و عليٰ هذه المقدّمة بنو إثبات الهيولي.
و الإشراقيين (2) ادّعوا البداهة في أنّه ليس إعداماً للشخص الأول، و إنّما انعدمت صفة من صفاته و هو الاتصال».6.
ص: 307
ثمّ قال: «إذا عرفت ما مهّدناه من المقدّمة الشريفة، فنقول:
إن تمسّكنا بكلامهم (عليهم السّلام) فقد عُصمنا من الخطأ، و إن تمسّكنا بغيرهم لم نعصم عنه» (1) انتهيٰ.
و المستفاد من كلامه: عدم حجيّة إدراكات العقل في غير المحسوسات، و ما تكون مبادئه قريبةً من الإحساس، إذا لم يتوافق عليه العقول.
و قد استحسن ما ذكره غير واحد ممّن تأخّر عنه، منهم: السيّد المحدّث الجزائري في أوائل شرح التهذيب عليٰ ما حكي عنه، قال بعد ذكر كلام المحدّث المتقدم بطوله-: «و تحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه.
فإن قلت: قد عزلت العقل عن الحكم في الفروع و الأُصول، فهل يبقيٰ له حكم في مسألة من المسائل؟
قلت: أمّا البديهيّات فله وحده، و هو الحاكم فيها؛ و أمّا النظريات فإن وافقه النقل و حكم بحكمه قُدّم حكمه عليٰ النقل؛ و أمّا لو تعارضا هو و النقلي فلا شكّ عندنا في ترجيح النقل، و عدم الالتفات إليٰ ما حكم به العقل، قال: و هذا أصل تبني (2) عليه مسائل كثيرة، ثم ذكر جملة من المسائل المتفرّعة» (3).
أقول: لا يحضرني شرح التهذيب حتي أُلاحِظ ما فرّع عليٰ ذلك،2.
ص: 308
فليت شعري إذا فرض حكم العقل عليٰ وجه القطع بشي ء كيف يجوز حصول القطع أو الظنّ من الدليل النقلي عليٰ خلافه!؟ و كذا لو فرض حصول القطع من الدليل النقلي كيف يجوز حكم العقل بخلافه عليٰ وجه القطع!؟.
و ممّن وافقهما عليٰ ذلك في الجملة المحدّث البحراني في مقدّمات الحدائق (1)، حيث نقل كلاماً للسّيد المتقدّم و استحسنه» (2). إليٰ آخره، انتهيٰ ما أردنا نقله من كلامه الشريف.
و ظاهرٌ أنّ مورد كلام السيّد الجزائري، و المحدّث البحراني، ما ذكره المحدّث الأسترآبادي، فإن ظهر من كلماته في الفوائد المدنيّة: انّ مراده ممّا نفاه من حجيّة إدراكات العقل هو الإدراك الظنّي و الاستنباطات الظنّية في نفس الأحكام الشرعية، يكون مرادهما أيضاً ذلك، فلا أصل لهذه النسبة (3)، و لا محل لما أورد عليهم، و استغرب منهم.
فنقول: في كلماته في الفوائد مواضع عديدة يستفاد منها ما ذكرنا:
الأول: المواضع الساقطة من العبارة المنقولة، فإنّه قال: الدليل التاسع مبني عليٰ مقدمة و ساق كما نقله (قدّس سرّه) إليٰ قوله-: و من المعلوم عند اولي الألباب امتناع وضع قاعدة تكفل بذلك، قال: «و ممّا يوضح ما ذكرنا من جهة النقل: الأحاديث المتواترة معنيً الناطقة بأنّ اللّٰه أخذ ضغثاً (4) من ).
ص: 309
الحقّ، و ضغثاً من الباطل، فمغثهما (1)، ثم أخرجهما إليٰ الناس، ثم بعث أنبياء يفرّقون بينهما، ففرّقهما الأنبياء و الأوصياء، فبعث اللّٰه الأنبياء ليفرّقوا ذلك، و جعل الأنبياء قبل الأوصياء ليعلم الناس من يفضّل اللّٰه و من يختص، و لو كان الحق عليٰ حدّه، و الباطل عليٰ حدّه، كل واحد منهما قائم بشأنه، ما احتاج الناس إليٰ نبيّ و لا إليٰ وصيّ، و لكنّ اللّٰه خلطهما و جعل تفريقهما إليٰ الأنبياء و الأئمة (عليهم السّلام) من عباده.
و ممّا يوضحه من جهة العقل ما في الشرح العضدي للمختصر الحاجبي حيث قال في مقام ذكر الضروريات القطعية:
«منها المشاهدات الباطنية، و هي: ما لا يفتقر إليٰ عقل كالجوع و الألم.
و منها الأوليات: و هي ما تحصل بمجرّد العقل، كعلمك بوجودك، و أنّ النقيضين يصدق أحدهما.
و منها المحسوسات: و هي ما يحصل بالحس.
و منها التجربيّات: و هي ما تحصل بالعادة، كإسهال المسهل و الإسكار.
و منها المتواترات (2): و هي ما تحصل بالإخبار تواتراً، كبغداد و مكّة.
و حيث قال في مقام ذكر الضروريات الظنيّة: أنّها أنواع:
الحدسيات: كما نشاهد نور القمر يزداد و ينقص بقربه و بعده من الشمس، فنظنّ أنه مستفاد منها.ت.
ص: 310
و المشهورات كحسن الصدق و العدل و قبح الكذب و الظلم؛ و كالتجربيات الناقصة، و كالمحسوسات الناقصة.
و الوهميات مثل ما يتخيّل بمجرّد الفطرة بدون نظر العقل أنّه من الأوليات، مثل كلّ موجود متحيّز.
و المسلّمات: ما سلّمه الناظر من غيره» (1).
و حيث قال في مقام ذكر أصناف الخطأ في مادّة البرهان:
«الثالث: جعل الاعتقاديات، و الحدسيّات، و التجربيّات الناقصة، و الظنيّات، و الوهميّات؛ ممّا ليس بقطعيّ كالقطعي، و إجراؤها مجراه، و ذلك كثير (2)».
و حيث قال في مبحث الإجماع: «و الجواب: إنّ إجماع الفلاسفة عليٰ قدم العالم عن نظر عقلي، و تعارض الشبهة و اشتباه الصحيح بالفاسد فيه كثير.
و أمّا في الشرعيات: فالفرق بين القطع و الظن بيّن، لا يشتبه عليٰ أهل المعرفة و التميز» (3). انتهيٰ كلامه.
فإن قلت: لا فرق في ذلك بين العقليات و الشرعيات و ساق كما في الرسالة (4) إليٰ قوله-: و هو الاتصال.
ثم قال: و من الموضحات لما ذكرناه أنّه: لو كان المنطق عاصماً عن الخطأ من جهة المادة لم يقع بين فحول العلماء العارفين بالمنطق اختلاف،6.
ص: 311
و لم يقع غلط في الحكمة الإلهية، و في الحكمة الطبيعية، و في علم الكلام، و علم أُصول الفقه، و الفقه، كما لم يقع في علم الحساب، و في علم الهندسة.
و إذا عرفت ما مهّدناه من الدقيقة الشريفة فنقول: إن تمسّكنا بكلامهم (عليهم السّلام) فقد عُصمنا من الخطأ، و إن تمسّكنا بغيرهم (عليهم السّلام) لم نُعصم عنه، و من المعلوم أنّ العصمة من الخطأ أمر مطلوب مرغوب فيه شرعاً و عقلًا؛ أ لا تري أنّ الإمامية استدلّت عليٰ وجوب عصمة الإمام بأنّه لولا العصمة للزم أمره تعالي باتّباع الخطأ، و هو قبيح عقلًا.
و أنت إذا تأمّلت في هذا الدليل علمت أنّ مقتضاه أنّه لا يجوز الاعتماد عليٰ الدليل الظنّي في أحكامه تعاليٰ أصلًا، سواء كان ظنّي الدلالة، أو ظنّي المتن، أو ظنّيهما.
و العجب كلّ العجب أنّ جمعاً من الأفاضل القائلين بصحّة هذا الدليل رأيتهم قائلين بجواز العمل بالدليل الظنّي، و نبّهتهم عليٰ تنافي لازميهما فلم يقبلوا، فقلت في نفسي:
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب و الصبح مسفر
ثم قال: فائدة شريفة نافعة، فيها توضيح لما اخترناه، من أنّه لا عاصم عن الخطأ في النظريات التي مبادئها بعيدة عن الإحساس إلّا التمسّك بأصحاب العصمة (صلوات اللّٰه عليهم) و هي أن يقال: إنّ الاختلافات الواقعة بين الفلاسفة في علومهم، و الواقعة بين علماء الإسلام في العلوم الشرعية، السبب فيها. إلي أن قال: و بالجملة سبب الاختلاف إمّا إجراء الظنّ مجري القطع، أو الذهول و الغفلة عن بعض الاحتمالات،
ص: 312
أو التردّد و الحيرة في بعض المقدّمات، و لا عاصم عن الكلّ إلّا التمسّك بأصحاب العصمة (صلوات اللّٰه عليهم) (1). انتهيٰ كلامه.
و صريح كلامه: أنّ الذي نفاه من الحجيّة إدراكه الظنّي، بل لا يريٰ للعقل إدراكاً قطعياً في استنباط الأحكام الفرعية، كما يظهر من استشهاده بكلام العضدي و ارتضائه به.
أ رأيت من يجعل حسن الصدق و العدل و قبح الكذب و الظلم من الظنّيات التي منشؤها الشهرة مع أنّه من المصاديق الواضحة للمستقلّات العقلية القطعية يعتقد له إدراكاً قطعياً في ما دونه؟! فالنزاع في الحقيقة صغروي، و يؤيّده ما يأتي من كلماتهم ما هو صريح في حجّية إدراكه القطعي.
و العجب أنّه يصرّح بأنّ مقتضيٰ هذا الدليل عدم جواز الاعتماد علي الدليل الظنّي في أحكامه تعاليٰ، ثم ينسب إليه أنّ مقتضاه عدم حجّية حكم العقل القطعي، بل يجعل مقالته أصلًا لكلمات من تبعه، و لكنّه (أعليٰ اللّٰه مقامه) (2) معذور؛ لأنّه لم يكن عنده كتاب الفوائد، و إنّما نقله عن حاشية محمد تقي الأصفهاني (3) عليٰ المعالم (4)، و كذا ما نقله عن السيد الجزائري،3.
ص: 313
كما لا يخفيٰ عليٰ من راجعهما، و صريح صاحب الحاشية أنّه نقله من أصل الكتاب.
الثاني: قوله في أول هذا الفصل: الأول: عدم ظهور دلالة قطعية و إذن في جواز التمسّك في نظريات الدين بغير كلام العترة الطاهرة (عليهم السّلام) و لا ريب في جواز التمسّك بكلامهم (عليهم السّلام)، فتعيّن ذلك، و الأدلّة المذكورة في كتب العامّة و كتب متأخّري الخاصّة عليٰ جواز التمسّك بغير كلامهم مدخولة، أجوبتها واضحة ممّا مهدناه و نقلناه. (1) إليٰ آخره.
و لو لم يكن حكم العقل القطعي عنده حجّة لما قال: «عدم ظهور دلالة قطعيّة» فإنّه إشارة إليٰ الدليل العقلي، و قوله: «و إذن». إليٰ آخره، إشارة إليٰ الدليل النقلي، و الذي قدّمه و أطال الكلام فيه هو أيضاً في نفي حجّية الاستنباطات الظنّية.
الثالث: قوله: الدليل الرابع: إنّ كلّ مسلك غير ذلك المسلك إنّما يعتبر من حيث إفادته الظنّ بحكم اللّٰه تعاليٰ، و قد أثبتنا سابقاً أنّه لا اعتماد عليٰ الظنّ المتعلّق بنفس أحكامه تعاليٰ أو بنفيها (2).
و هو أيضاً نصّ في عدم اعتقاده الإدراك القطعي للعقل في أحكامه تعاليٰ، و إنّ إدراكه فيها لا يتجاوز حدّ الظنّ الذي ليس بحجّة.
الرابع: قوله: الدليل السادس: إنّ العقل و النقل قاضيان بأنّ المصلحة في بعث الرسل و إنزال الكتب: دفع الاختلاف و الخصومات بين العباد؛ ليتمّ نظم معايشهم و معادهم، فإذا كان من القواعد الشرعية جواز العمل بالظنّ 9.
ص: 314
المتعلّق بنفس أحكامه تعاليٰ أو بنفيها، لفاتت المصلحة؛ لحصول الاختلاف و الخصومات كما هو المشاهد (1). انتهيٰ.
و فيه أيضاً من الدلالة عليٰ المبطلين ما لا يخفيٰ.
الخامس: قوله في الفصل الأول و هو في إبطال التمسّك بالاستنباطات الظنّية في نفس أحكامه تعاليٰ في الوجه العاشر: و اعلم أنّ انحصار طريق العلم بنظريات الدين في الرواية عنهم، و عدم جواز التمسك بالاستنباطات الظنّية من كتاب اللّٰه، و من سنّة رسوله (صلّي اللّٰه عليه و آله) أو من الاستصحاب، أو من البراءة الأصلية، أو من القياس، أو من إجماع المجتهدين، و أشباهها، كان من شعار متقدّمي أصحابنا أصحاب الأئمة (عليهم السّلام) حتي صنّفوا في ذلك كتباً (2). انتهيٰ.
و لو كان ممّن يريٰ للعقل إدراكاً قطعياً لعدّه، بل قدّمه عليٰ الاستصحاب و ما يليه.
السادس: قوله فيه بعد ذكر الأخبار الدالّة عليٰ تقسيم الناس عليٰ ثلاثة باختلاف في مضمونها ما لفظه في الحاشية: في هذه الأحاديث الشريفة إشارة إليٰ تصويب طريقة الأخباريين من الإمامية (3).
و في شرح المقاصد، و شرح المواقف: انّ طائفة من العلماء ذهبوا إليٰ أنّه يجب أَخذ أُصول الدين و فروعه من أصحاب العصمة (عليهم السّلام) و إلي أنّه لا يستقلّ العقل بتحصيلها كما ينبغي.0.
ص: 315
السابع: قوله فيه أيضاً: الوجه العاشر: الخطب و الوصايا المنقولة عن أمير المؤمنين و أولاده (عليهم السّلام) الصريحة في أنّ كلّ طريق يؤدّي إليٰ اختلاف المعاني من غير ضرورة التقيّة مردودٌ غير مقبول عند اللّٰه تعاليٰ؛ من حيث إنّه يؤدّي إلي الاختلاف. و من المعلوم أنّ هذا المعنيٰ كما يشمل القياس، و الاستحسان، و الاستصحاب، و أشباهها، يشمل الاستنباطات الظنّية من كلام رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله).
عليٰ أنّ الظنّ غير حاصل عليٰ مذهب الخاصّة في كثير من تلك المواضع، و إنّما يحصل عليٰ مذهب العامّة؛ و الصريحة (1) في أنّه لا يجوز الإفتاء و القضاء إلّا لرجل يعضّ في العلم بضرس قاطع (2). إليٰ آخره.
الثامن: قوله في بعض فوائد مقدّمة الكتاب بعد نقل كلام الشيخ في الاستبصار (3)، انتصاراً لما هو بصدده من حجّية مطلق الأخبار ما لفظه: فأقول: ملخص كلامه: إنّ الأخبار المسطورة في الكتب [التي (4)] انعقد إجماع [قدماء (5)] الطائفة المحقّة عليٰ ورودها عن المعصومين (عليهم السّلام) و كانت مرجعاً لهم فيما يحتاجون إليه من عقائدهم و أعمالهم تنحصر في أقسام ثلاثة:
الأول: أن تكون صحّة مضمونه متواترة، فذلك لا يجوز فيه التناقض.ر.
ص: 316
و الثاني: أن توجد قرينة دالّة عليٰ صحّة مضمونه، و من القرائن: أن يكون مضمونه مطابقاً لدليل العقل القطعي؛ كالخبر الدالّ عليٰ أنّ التكليف لا يتعلّق بغافل عنه ما دام غافلًا، و الخبر الدالّ عليٰ أنّ الفعل الواجب الذي حجب اللّٰه العلم بوجوبه عن العباد موضوع عنهم ما داموا كذلك؛ لا الدليل العقلي الظنّي، كالاستصحاب، و كجعل عدم ظهور المدرك عليٰ حكم شرعي مدركاً عليٰ عدم ورود ذلك الحكم في الواقع. (1) إليٰ آخره.
التاسع: قوله في الفصل السادس: و أمّا التمسّك بالترجيحات الاستحسانيّة الظنّية، المسطورة في كتب العامّة، و كتب (2) جمع من متأخّري أصحابنا، و هو أيضاً باطل؛ لأدلةٍ: الدليل الأول: أنّه لا إذن بذلك من جهة الشارع، و لم يظهر دلالة قطعية عقلية عليه. (3) إليٰ آخره.
و لا يخفيٰ صراحته و صراحة ما قبله في حجّية إدراك (4) العقل و حكمه إذا كان قطعياً، و ذكر مثل هذا في الوجه الأول من الوجوه التي استدلّ بها عليٰ عدم جواز التمسّك بالاستنباطات الظنّية في نفس أحكامه تعاليٰ.
العاشر: قوله في الفوائد المكيّة و هي أجوبة مسائل سألها عنه الشيخ العالم الفاضل حسين بن حسن بن ظهير الدين العاملي، و هي عندي بخطّه (رحمه اللّٰه)ك.
ص: 317
ما لفظه: قوله أيده اللّٰه تعاليٰ: ما وجه اختلاف أصحابنا الإمامية في المسائل الشرعية سيّما المتأخّرين منهم، حتي أنّ الواحد منهم ربّما خالف نفسه مرتين أو مرارا. إليٰ آخره.
أقول: أمّا اختلاف قدمائنا (قدّس اللّٰه أرواحهم) فهو ناشٍ عن اختلاف أصحاب العصمة (صلوات اللّٰه عليهم) في فتاويهم، صرّح بذلك رئيس الطائفة في كتاب العدّة (1).
و أمّا اختلاف المتأخّرين فقد يكون من هذا القبيل، و كثيراً ما يكون ناشئاً عن عدم الاطّلاع عليٰ نصٍّ من أصحاب العصمة (صلوات اللّٰه عليهم) و ذلك في الوقائع النادرة الوقوع، بل المعدومة الوقوع أو ظنّ بعضهم ضعف بعض النصوص المنقولة في الكتب الأربعة عن أُصول قدمائنا المجمع عليٰ ورودها عن أصحاب العصمة (صلوات اللّٰه عليهم) و عن تمسّكهم بأمارات عقليّة، و خيالات ظنّية كأصل البراءة، و الاستصحاب، و كالتمسّك بإطلاق أو عموم أو بإجماع خرصي، و الحقّ أنّ القسم الأول من الاختلاف مرضي دون الثاني (2). انتهيٰ.
إليٰ غير ذلك من كلماته التي توجد في كتابه متفرّقاً، ممّا لا حاجة إلي نقلها بعد التأمّل فيما نقلناه، ممّا هو صريح في أنّ مراده ممّا نفاه: إدراك العقل الظنّي الذي يعبّر عنه بالاستنباطات الظنّية، و أنّه لا يريٰ له إدراكاً قطعياً في استنباط الأحكام الفرعية، و لو فرض وجوده فيها فهو حجّة عنده.).
ص: 318
و أمّا السيّد المحدّث الجزائري فلا يخفيٰ عليٰ من راجع شرحه علي التهذيب و الأنوار النعمانية، أنّه تبعه في أقواله، و نسج عليٰ منواله، حتي في عناوين المطالب، فقال في الأول: المسألة السابعة: في الدلائل المذكورة عندهم عليٰ إبطال التمسّك بالاستنباطات الظنّية، و هي أُمور (1). و ذكر جملة ممّا في الفوائد و زاد اخريٰ.
ثم قال: المسألة الثامنة: في بيان انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين من المسائل الشرعية أصليّة كانت أو فرعية في السماع عن الصادقين (عليهم السّلام) (2). ثم ذكر بعض الوجوه التي في الفوائد، و زاد عليها اخريٰ، و يظهر من جميعها أنّ المقصد واحد، و المراد متّحد، مضافاً إليٰ تصريحه في بعض الموارد.
فقال في الأنوار: و أمّا المسائل الفرعية فمدارهم عليٰ طرح الدلائل النقلية، و القول بما أدّت إليه الاستحسانات العقلية، و إذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون أولًا الدلائل العقلية، ثم يجعلون دليل النقل مؤيّداً لها، و عاضداً إيّاها، فيكون المدار و الأصل إنّما هو العقل، و هذا منظورٌ فيه. (3) إليٰ آخره.
و هذا نصّ في أنّ مراده من دليل العقل هو الاستحسان، الذي قد يعبّر عنه بالاستنباط الظنّي.
و أصرح منه ما ذكره في شرح الدعاء الثاني من الصحيفة الكاملة، قال: و قد استدلّوا عليٰ بطلان الإحباط بدلائل عقلية أبطلناها في شرحنا 1.
ص: 319
الكبير (1)، و لعمري إنّ جلّ ما حداهم عليٰ هذا ما استفاض بينهم: من أنّه إذا تعارض الدليلان العقلي و النقلي وجب تأويل الثاني أو طرحه، إن لم يمكن التأويل.
و قد ضقت بهذه المسألة ذرعاً، حتي ظهر لي بفضل اللّٰه أنّ هذا لا يتمشّي إلّا فيما إذا كانت مقدّماته بديهية، أو ما إذا كانت مقدّماته مأخوذة من الدليل النقلي، أمّا في غيرها فلا ينبغي لعاقل فضلًا عن فاضل أن يرتاب في بطلان ما اشتهر، بل يجب عليه أن يجزم بعكسه؛ لأنّها عند التحقيق لا تفيد إلّا ظنا (2). إليٰ آخره.
و ممّا يؤيد ما ذكرنا أنّ الشيخ الأجلّ الحرّ العاملي الذي هو أصلب في الأخبارية من المحدّث الجزائري صرّح في الوسائل بحجيّة حكم العقل إذا كان قطعياً، فقال في الفائدة الثامنة في ذكر القرائن التي تقترن بالخبر، ممّا يدل عليٰ ثبوته عنهم (عليهم السّلام) أو عليٰ صحّة مضمونة ما لفظه: و منها موافقته لدليل عقلي قطعي، و هو راجع إليٰ موافقة النصّ المتواتر، لأنّه لا ينفكّ منه أصلًا (3).
و قال في كتاب الجهاد؛ باب وجوب طاعة العقل و مخالفة الجهل (4). و ساق جملة من الأخبار المعروفة، التي منها: «أنّ للّٰه عليٰ الناس حجّتين: حجّة ظاهرة و حجّة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء 8.
ص: 320
و الأئمة (صلوات اللّٰه عليهم)، و أمّا الباطنة فالعقول» (1).
ثمّ قال: أقول: العقل يطلق في كلمات العلماء و الحكماء عليٰ معانٍ كثيرة، و بالتتبّع يعلم أنّه يطلق في الأحاديث عليٰ ثلاثة معان:
أحدها: قوّة إدراك الخير و الشر، و التمييز بينهما، و معرفة أسباب الأُمور، و نحو ذلك، و هذا هو مناط التكليف.
و ثانيها: حالة و ملكة تدعو إليٰ اختيار الخير و المنافع، و اجتناب الشرّ و المضارّ.
و ثالثها: التعقّل، بمعني العلم، و لذا يقابل بالجهل، لا بالجنون.
و أحاديث هذا الباب و غيره أكثرها محمولة عليٰ المعنيٰ الثاني و الثالث (2).
و قال في الفائدة التاسعة و السبعين من كتابه المسمّي بالفوائد الطوسيّة: قد تجدّد في هذا الزمان من بعض المائلين إليٰ العمل بالأدلّة العقلية الظنّية الاستدلال عليٰ ذلك بما ورد في الحديث من قولهم (عليهم السّلام): «صديق كلّ امرئ عقله، و عدوّه جهله» (3).
و قولهم (عليهم السّلام): «العقل دليل المؤمن» (4).
و قولهم (عليهم السّلام): «الحجّة عليٰ الناس اليوم العقل» (5).
و قولهم (عليهم السّلام): «إنّ للّٰه عليٰ الناس حجّتين: حجّة ظاهرة و حجّة ر.
ص: 321
باطنة» (1). إليٰ آخره.
ثمّ أورد عليٰ هذا الاستدلال بوجوه كثيرة. إليٰ أن قال: الحادي عشر: بعد التنزّل عن جميع ذلك نقول: إنّها غير صريحة في حجّية الدليل العقلي الظنّي قطعاً، و لا ظاهرة في العموم بالنسبة إليه، فلا يجوز الاستدلال بها عليه، و لو سلّمنا عمومها فإنّ المخصِّص لها موجود، و هو الآيات (2) الكثيرة، و الروايات (3) المتواترة في النهي عن العمل بالظنّ، فإذا خُصَّت بالدليل العقلي القطعي لم يبق لها فائدة؛ لأنّ هذا القسم غير موجود في الفروع قطعاً، و عليٰ تقدير وجوده في غيرها مثل بطلان تكليف ما لا يطاق، و نحو ذلك فهو مسلّم، لكن هناك دليل نقلي متواتر قطعاً، و الاستقراء شاهد بذلك (4).
ثم ذكر للعقل المعاني الثلاثة السابقة، و قال: و في هذه الأخبار و سائر أخبار مدح العقل دليلٌ واضحٌ عليٰ أنّ المراد به العقل المقابل للجهل، أعني العلم، لا المقابل للجنون، و هو من التعقّل. و قد أُطلق الجهل عليٰ الظنّ في الأخبار.
ثم ذكر أنّه لو كان المراد من العقل فيها المقابل للجنون فلا بدّ من تخصيصه بأنواع اثني عشر، و ساق الأنواع.
ثم قال: و هذه الأنواع ربّما تتداخل، و أكثرها يمكن استفادته من 2.
ص: 322
النقل، أو من النقل و العقل، و لا بدّ فيها كلّها من الوصول إليٰ حدّ العلم (1). إليٰ آخره.
و قال في الفائدة الثانية و التسعين في ردّ الرسالة التي كتبها بعض معاصريه في الاجتهاد-: قال المعاصر: لا دليل إلّا كلام اللّٰه و رسوله و الأئمّة (صلوات اللّٰه عليهم) و ما قالوا بحجّيته و عملوا به، و هو أُمور: العقل، كما دلّ عليه الكتاب و السنة (2). إليٰ آخره.
فقال في الجواب، قوله: العقل كما دلّ عليه الكتاب و السنّة. أقول: هذا الكلام مجمل لا يخلو من تسامح، و قد صرّح في موضع آخر ممّا نقلناه بأنّ العقل عبارة عن فهم المعارف، من إثبات الصانع، و صفاته، و التوحيد، و العدل، و التمييز بين الخطأ و الصواب، فعلي هذا لا يكون حجّة عنده إلّا فيما يتوقّف عليه حجّية الدليل السمعي، فإن أراد هذا سقط النزاع، لأنّ الأخباريين قائلون بحجّية هذا القدر، و أحاديث الأئمة (عليهم السّلام) ناطقة به، و لا خلاف فيه؛ إذ لا يمكن حجّية الدليل السمعي بالدليل السمعي، و الحديث الذي أورده لا يدلّ عليٰ أكثر من ذلك.
و حينئذ فجعل العقل من جملة الأدلّة قليل الفائدة؛ لأن الكلام في أدلّة الأحكام الشرعية الفرعية.
و لا يخفيٰ أنّه قد استعمل بمعانٍ كثيرة في كلام العلماء تزيد عليٰ عشرة معان، و استعمل في الأحاديث. و ذَكَرَ المعاني الثلاثة المتقدّمة (3).6.
ص: 323
ثمّ قال: و معلوم أنّ أكثر الآيات و الروايات الواردة في مدح العقل يراد بها المعنيٰ الثالث، و لا شبهة في وجوب العمل بالعلم و اليقين، و لا ريب أنّ العقل إنّما يحصل منه العلم و اليقين ببعض مطالب الأُصول لا بجميعها، و لا بشي ء من مطالب الفروع، و لا دليل عليٰ حجّية المقدمات العقلية الظنّية.
و معلومٌ بالتتبّع أنّ كلّ مقدمة عقلية قطعية تتعلق بالأُصول و الاعتقادات ففيها نصّ متواتر، و هذا ظاهر لمن تتبّع. إليٰ أن قال: و من المعلوم المتّفق عليه أنّه لا يوجد دليل عقلي قطعي في شي ء من مسائل فروع الفقه، و العقل الظنّي فيها ليس عليٰ حجّيته دليل يعتدّ به، بل النهي عن الظنّ شامل له (1). إليٰ آخره.
و قال أيضاً في جملة كلام له: و لعلّ وجه ردّها أي الروايات الدالة علي الرؤية مخالفتها للدليل العقلي القطعي، و الدليل النقلي المتواتر، فلا يدلّ عليٰ أحدهما منفرداً، و قد عرفت تلازمهما، و من تتبّع جزم بصحّة ما قلناه (2).
إليٰ غير ذلك من كلماته التي تنادي بأعلي صوتها: أنّ ما نفوا حجّيته حُكْمَ العقل الظنّي، و أنّه لا حكم قطعي له في الفروع، و أنّه لو فرض وجوده نادراً فهو حجّة، لا ينفكّ عنه صدور دليل نقلي قطعي بالتواتر.
و أمّا المحدّث البحراني، فلا يخفيٰ عليٰ من راجع مؤلفاته أنّه أيضاً تابعهم، و استصوب مقالتهم، و نفي ما نفوه، فيحمل المجمل من كلامه عليٰ 9.
ص: 324
ما نصّ عليه.
قال في مقدّمات الحدائق و في الدرر النجفية (1): قد اشتهر بين (2) أصحابنا (رحمهم اللّٰه) الاعتماد عليٰ الأدلة العقلية في الأُصول و الفروع، و ترجيحها عليٰ الأدلّة النقلية، و لذا تراهم في الاصولين (3) متي تعارض الدليل العقلي و السمعي قدّموا الأول، و اعتمدوا عليه، و تأوّلوا الثاني بما يرجع إليه، و إلّا طرحوه بالكليّة.
و في كتبهم الاستدلالية في الفروع الفقهية أول ما يبدؤون في الاستدلال بالدليل العقلي، و ينقلون الدليل السمعي مؤيّداً له، و من ثمّ قدّم أكثرهم العمل بالبراءة الأصلية و الاستصحاب و نحوها من الأدلة العقلية عليٰ الأخبار الضعيفة باصطلاحهم، بل الموثّقة (4).
ثم ذكر مثالًا و قال: و بالجملة فكلامهم تصريحاً في مواضع، و تلويحاً في أُخري متّفق الدلالة عليٰ ما نقلناه، و لم أر من ردّ ذلك و طعن فيه سويٰ المحدّث المحقّق السيّد نعمة اللّٰه الجزائري في مواضع من مصنّفاته، منها: في كتاب الأنوار النعمانية و هو كتاب جليل يشهد بسعة دائرته، و كثرة اطّلاعه علي الأخبار، و جودة تبحّره في العلوم و الآثار حيث قال فيه و نعم ما قال، فإنّه الحقّ الذي لا تعتريه غياهب الإشكال (5). ثمّ نقل 9.
ص: 325
كلامه بطوله، و قد عرفت مراده من تصريحاته، فيكون هو الحقّ الذي استحسنه و اختاره.
و مع ذلك قال في جملة كلام له بعد نقل كلام السيّد: و لا ريب أنّ الأحكام الفقهية من عبادات و غيرها توقيفية، تحتاج إليٰ السماع من حافظ الشريعة؛ و لهذا قد استفاضت الأخبار كما مرّ بك الإشارة إليٰ شطر منها في المقدّمة الثالثة بالنهي عن القول في الأحكام الشرعية بغير سماع منهم، و علم مأثور عنهم (عليهم السّلام) (1) و وجوب التوقّف عن الفتويٰ و الرجوع إليٰ الاحتياط في العمل متي انسدّ طريق العلم منهم، و وجوب الردّ إليهم فيما خفي وجهه و أشكل أمره من الأحكام، و ما ذاك إلّا لقصور العقل المذكور عن الاطّلاع عليٰ أغوارها، و إحجامه عليٰ التلجلج في لجج بحارها، بل لو تمّ للعقل الاستقلال لبطل إرسال الرسل، و إنزال الكتب؛ و من ثم تواترت الأخبار ناعية عليٰ أصحاب القياس بذلك (2).
ثم ساق بعضها و قال: إليٰ غير ذلك من الأخبار (3) المستفيضة الدالّة علي كون الشريعة توقيفيّة لا مدخل للعقل في استنباط شي ء من أحكامها بوجهٍ من الوجوه. نعم، عليه القبول و الانقياد و التسليم (4). إليٰ آخره (5).
و هو صريح في أنّه لا يريٰ للعقل استقلالًا و طريقاً إليٰ معرفة الأحكام بالقطع و اليقين، لا أنّه يستقلّ و لا يكون مع ذلك حجّة.8.
ص: 326
إليٰ غير ذلك من كلماتهم الصريحة فيما ادّعينا ممّا لا حاجة إليٰ نقلها، بعد التنصيص من هؤلاء الأعلام، الذين هم عمد أصحابنا الأخباريين، و عيونهم و وجوههم، و كلّ من أتي بعدهم فقد حذا حذوهم، و اتّبع أقوالهم. فالمهم في هذا الباب إثبات الصغريٰ، و بيان إمكان استقلال العقل في استنباط بعض الأحكام الفرعية بالقطع و اليقين.
و ما أشبه هذا النزاع بنزاعهم الآخر، من دعواهم قطعيّة الأخبار لقرائن ذكروها، و إنكار المجتهدين ذلك لقرائن اخريٰ تنفيها.
و اللّٰه الموفق للصواب و إليه المرجع و المآب.
ص: 327
ص: 328
ص: 329
ص: 330
اعلم أنّ علم الحديث علم شريف، بل هو أشرف العلوم، فإنّ غايته الفوز بالسعادة الأبدية، و التحلّي بالسنن النبوية، و الآداب العلوية، و به يدرك الفوز بالمعارف الحقّة ما لا يدرك من غيره، و منه يتبيّن الحلال و الحرام، و الفرائض و السنن، و طرق تهذيب النفس و صفائها.
قال الشهيد الثاني في منية المريد: أقسام العلوم الشرعية الأصلية أربعة: علم الكلام، و علم الكتاب العزيز، و علم الأحاديث النبوية، و علم الأحكام الشرعية المعبّر عنها: بالفقه (1). إليٰ أن قال:
و أمّا علم الحديث فهو أجلّ العلوم قدراً، و أعلاها رتبة، و أعظمها مثوبة بعد القرآن، و هو ما أُضيف إليٰ النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) أو إليٰ الأئمّة المعصومين (صلوات اللّٰه عليهم) قولًا، أو فعلًا، أو تقريراً، أو صفةً، حتي الحركات و السكنات، و اليقظة و النوم.
و هو ضربان: رواية، و دراية.
فالأول: العلم بما ذكر.
و الثاني: و هو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق، و هو علم يعرف به معاني ما ذكر، و متنه، و طرقه، و صحيحه و سقيمه، و ما يحتاج إليه من شروط الرواة، و أصناف المرويات، ليعرف المقبول منه و المردود، ليعمل به أو يجتنب، و هو أفضل العلمين، فإنّ الغرض الذاتي منهما هو العمل،8.
ص: 331
و الدراية هي السبب القريب له (1).
قال (رحمه اللّٰه): و ممّا جاء في فضل علم الحديث من الأخبار و الآثار قول النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله): «ليبلغ الشاهد الغائب، فإنّ الشاهد عسيٰ أن يبلغ من هو أوعيٰ له منه» (2).
و قوله (صلّي اللّٰه عليه و آله): «نضّر (3) اللّٰه امرأً سمع منّا حديثاً فحفظه، حتي يبلّغه غيره، فرب حامل فقه إليٰ من هو أفقه منه و رب حامل فقه و ليس بفقيه» (4).
و قوله (صلّي اللّٰه عليه و آله): «من أديٰ حديثاً يقام به سُنّة، أو يثلم به بدعة، فله الجنّة» (5).
و قوله (صلّي اللّٰه عليه و آله): «رحم اللّٰه خلفائي» قلنا: و من خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون بعدي، فيروون أحاديثي، و يعلّمونها الناس» (6).
و قوله (صلّي اللّٰه عليه و آله): «من حفظ عليٰ أُمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه اللّٰه يوم القيامة فقيهاً، و كنت له شافعاً و شهيداً» (7).
و قوله (صلّي اللّٰه عليه و آله): «من يعلم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه، أو يعلّمهما 1.
ص: 332
غيره فينتفع بهما كان خيراً من عبادة ستين سنة» (1).
و ساق جملة من الأخبار (2)، و قد مرّ أضعافها في كتاب القضاء (3).
و لو لم يرد في فضله و شرافته إلّا قول الحجّة (صلوات اللّٰه عليه): «و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إليٰ رواة حديثنا فإنّهم حجّتي» (4). إليٰ آخره، لكفاه شرافةً و فضلًا.
و أعجب ما ورد في المقام ما رواه الشيخ الجليل أبو جعفر الطبري في كتاب دلائل الإمامة مسنداً عن ابن مسعود قال: جاء رجل إليٰ فاطمة (سلام اللّٰه عليها) فقال: يا بنت رسول اللّٰه، هل ترك رسول اللّٰه (صلّي اللّٰه عليه و آله) عندك شيئاً تطرفينيه؟ فقالت: «يا جارية هات تلك الجريدة» فطلبتها فلم تجدها، فقالت: «و يحك اطلبيها فإنّها تعدل عندي حسناً و حسيناً!!» فطلبتها فإذا هي قد قمّمتها في قمامتها فإذا فيها: قال محمّد النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله): «ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، و من كان يؤمن باللّٰه و اليوم الآخر فلا يؤذي جاره» (5) الخبر.
و رواه في الكافي باختلاف يسير، و ليس فيه قولها: «فإنّها تعدل» (6). إلي آخره.
و قال ولده المحقق صاحب المعالم في إجازته الكبيرة: إنّ إعطاء 6.
ص: 333
الحديث حقّه من الرواية و الدراية أمر مهم لمن أراد التفقّه في الدين، إذ مدار أكثر الأحكام الشرعية عليه، و قد كان للسلف الصالح (رضوان اللّٰه عليهم) مزيد اعتناء بشأنه، و شدّة اهتمام بروايته و عرفانه، فقام بوظيفته منهم في كلّ عصر من تلك الأعصار أقوام بذلوا في رعايته جهدهم، و أكثروا في ملاحظته كدّهم و وكدهم، فللّٰه درهم إذ عرفوا من قدره ما عرفوا، و صرفوا إليه من وجوه الهمم ما صرفوا، ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا حقّه، و جهلوا قدره، فاقتصروا من روايته عليٰ أدني مراتبها، و ألقوا حبل درايته عليٰ غاربها.
ثم أتاح اللّٰه سبحانه بمقتضيٰ حكمته من عرف قدره، و بذل في خدمته وسعه، فعمّر منه الدارسة، و جدّد معالمه الطامسة، و أيقظ من مراقد الغفلة رجالًا فهمّهم إسراره، و أراهم بعين البصيرة أنواره، فرغبوا في سلوك سبيله، و جهدوا عليٰ إحرازه و تحصيله، لكنّهم حيث انقطعت عنهم بتلك الفترة طريق الرواية من غير جهة الإجازة قلّت حظوظهم من الدراية، و لاحتياجه و الحال هذه إليٰ طول الممارسة، و إكثار المطالعة و المراجعة، و المتحملون لهذه الكلفة أقلّ قليل، و الأكثرون إنّما يمرّون عليٰ معاهدة عابري سبيل (1)، انتهيٰ.
قلت: أمّا اهتمام السلف في هذا الفن الشريف، فهو أمر معلوم لمن راجع التراجم و الإجازات، حتي قال فخر المحققين في آخر الإيضاح في مسألة عدم تحمّل العاقلة من الجراحات إلّا الموضحة و ما فوقها ما لفظه:3.
ص: 334
و لما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن الباقر (عليه السّلام) قال: «قضيٰ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن لا تحمل علي العاقلة إلّا الموضحة فصاعداً» (1).
و هذه الرواية هي التي أشار إليها المصنّف (2) بقوله: فيها ضعف، فإنّ في طريقها: ابن فضّال، فإن كان الحسن فقد قيل: إنّه فطحي المذهب (3).
و أمّا في المختلف فجعله في الموثّق (4)، ثم لمّا قرأت عليه التهذيب في المرّة الثانية في طريق الحجاز في سنة ثلاث و عشرين و سبعمائة سألته عن هذه الرواية لمّا بلغت إليها، و قلت له: إنّك حكمت عليها في المختلف: أنّها من الموثّق، و في القواعد (5) قلت: إنّ فيها ضعف؟ فقال لي: بل هي ضعيفة (6)، انتهيٰ.
و عليٰ ذلك جرت سيرتهم، و مضيٰ ديدنهم قديماً و حديثاً، فإنّهم علي اختلاف مشاربهم و طريقتهم في كثير من الأُمور أُصولًا و فروعاً اتّفقوا عليٰ الاهتمام في البحث عن الأحاديث تدريساً و تعلّماً، و قراءةً و سماعاً، خصوصاً ما تضمّنته الكتب الأربعة الشريفة، و كانوا يقرءون أحدها علي المشايخ، أو يملي عليهم، و يتكلّمون في سندها، و يبحثون في متنها، و يستخرجون منها كنوز المعاني، سواء تعلّق بالأُصول أو الفروع أو 7.
ص: 335
غيرهما، و لذا تري من نسخ الكتب الأربعة ما لا يحصيٰ ممّا قرئ عليٰ المشايخ العظام، و كتب الشيخ في آخرها ما معناه: قرأ عليّ فلان هذا الكتاب قراءة بحث و تدقيق. إليٰ آخره.
و قد عثرنا عليٰ نسخة من جامع الكافي قرئ عليٰ الشهيد الثاني من أوله إليٰ آخره، موشح آخرَ كلّ كتاب منه بخطه الشريف، و لو لا خوف الإطناب لذكرت جملة من ذلك.
و بلغ من عنايتهم بهذا الفن أنّهم كانوا يقرءون نهج البلاغة من أوله إلي آخره، و كذا الصحيفة الكاملة عليٰ المشايخ عليٰ الدقة و التحقيق في ألفاظها و إعرابها، و اختلاف نسخها، و رواتها و معانيها، كما لا يخفيٰ عليٰ من له أدني خبرة بأحوالهم و مآثرهم.
و أمّا قول صاحب المعالم: ثم خلف من بعدهم (1). إليٰ آخره، فلعمري إنّه لو كان في عصرنا لأقام عليٰ الحديث المآتم، و بكيٰ عليه بكاء الثكلي، فإنّ أهله ألقوا حبل أدنيٰ مراتب الرواية أيضاً عليٰ غاربها؛ لاستغنائهم عن هذا الفن بالمرّة، و اكتفائهم من السنّة بما يتعلّق بحاجتهم في الفروع، ممّا يوجد في الكتب الفقهية، المأخوذ من المأخذ بواسطة أو وسائط، مع ما يتطرق في هذه الأحاديث المأخوذة من النسخ الغير الصحيحة غالباً، في هذه التنقلات و التطوّرات من التحريف، و التصحيف، و الزيادة، و النقصان، ممّا يختلف به المعنيٰ اختلافاً فاحشاً ما لا يحصيٰ.4.
ص: 336
بل ربّما ينقلونه بالمعني ممّا هو مركوز في أذهانهم من ألفاظه، و لذا كثرت الزّلات في هذا المقام، و قد عثرنا عليٰ كثير منها من الأعاظم فضلًا عن غيرهم يوجب نقلها الدخول في حدود تشييع الفاحشة.
قال خرّيت صناعة الفقه، صاحب كشف اللثام في آخر كشفه: و وصيّتي إليٰ علماء الدين و إخواني المجتهدين. إليٰ أن قال: و لا ينسبوا إليٰ أحد منهم قولًا إلّا بعد وجدانه في كتابه، أو سماع منه شفاهاً في خطابه.
و لا يتّكلوا عليٰ نقل النقلة، و لا كلّ تعويل عليه، و إن كانوا كملة؛ فالسهو و الغفلة و الخطأ لوازم عادية للناس، و اختلاف النسخ واضح ليس به التباس.
و لا يعتمدوا في الأخبار إلّا أخذها من الأُصول.
و لا يعوّلوا ما استطاعوا عليٰ ما عنها من النقول، حتي إذا وجدوا في التهذيب عن محمّد بن يعقوب مثلًا خبراً، فلا يقتصروا عليه، بل ليجيلوا له في الكافي نظراً، فربّما طغيٰ فيه القلم أو زلّ، فعن خلاف في المتن أو السند جلّ أو قلّ.
و لقد رأيت جماعة من الأصحاب أخلدوا إليٰ أخبار وجدوها فيه و في غيره كما وجدوها، و أسندوا إليه آراءهم من غير أن ينتقدوها؛ و يظهر عند الرجوع إليٰ الكافي أو غيره أنّ الأقلام أسقطت منها ألفاظاً، أو صحّفتها، و أزالت كلمة أو كلماً عن مواضعها و حرّفتها، و ما هو إلّا تقصيرٌ بالغ، و زيغ عن الحقّ غير سائغ.
و لا يستندوا في تصحيح الطرق، و التضعيف و الترجيح لبعضها علي
ص: 337
بعض، و التطفيف إليٰ بعض ما يوجد في بعض كتب الفروع، من غير سبر السند برجاله، و البحث عن كلّ رجل و حقيقة حاله، فإنّه إهمال، و عن الحقّ إغفال، و ربّما انكشف عن الكذب حال، و انكسف البال، و انقطع المقال (1). انتهيٰ كلامه الشريف.
قلت: و لو راجعوا الأُصول أحياناً فإنّما يتفحّصون لِما راموا إثباته أو نفيه من الفروع من غير تدبّر و بحث عن سائر ما تضمّنه الخبر من الفوائد، و هذا ليس بحثاً في فن الحديث، بل يشترط في الغائص في بحاره أن لا يكون له مقصد يتجسّس بتحصيل ما يثبته أو ينفيه، و إنّما يدخل فيه فارغاً ذهنه عن كلّ مقصود، طالباً لما تضمّنه الخبر من الفوائد الشريفة، و النكات اللطيفة، و الأسرار الخفيّة، بقدر استعداده و وسعه، بعد البحث عن سنده، و حال رواته بقدر اطّلاعه و خبرته، ثم يضع كلّ فائدة في محلّها، أُصولًا أو فروعاً أو أخلاقاً.
و لنِعْمَ ما قال بعض العلماء: إنّ مسألة الاستصحاب مسألة شريفة، لها فوائد كثيرة، قد توجّه أنظار العلماء إليها، و عكفت همهم عليها، فكُتب فيها رسائل عديدة فيها فوائد جمّة، إذا حقّقت النظر وجدت كلّها شرح حديث واحد، تراكم عليه الأفكار، و ترادف إليها الأنظار، فاستخرجوا منه هذه الفوائد الكثيرة، و القواعد المتينة، و كم لهذا الحديث من نظائر لا تحصي، لو فعلوا بها ما فعلوا به لوجدوا منها ما حصلوا منه.
و قال العلّامة الطباطبائي (طاب ثراه) في الدرّة، في بحث ما يجوز 5.
ص: 338
من المقارنات:
و مشيٰ خير الخلق بابن طاب (1) يفتح منه أكثر الأبواب (2)
و أشار بذلك إليٰ ما روي عن النبي (صلّي اللّٰه عليه و آله) أنه رأي نخامة في المسجد، فمشيٰ إليها بعرجون من عراجين ابن طاب، فحكّها ثم رجع القهقري (3).
فكتب السيد الأجل، و العالم الأكمل، السيد مهدي القزويني (طاب ثراه) رسالة (4) في شرح هذا الحديث، و استنبط منه بفكره الثاقب ثمانين فائدة، أربعون منها في الأُصول، و أربعون منها في الفروع.
و قال العلّامة في الخلاصة، في سياق ذكر مؤلفاته:
و كتاب استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار، ذكرنا فيه كلّ حديث وصل إلينا، و بحثنا في كل حديث منه عليٰ صحّة السند، أو إبطاله، و كون متنه محكماً أو متشابهاً، و ما اشتمل عليه المتن من المباحث الأُصولية و الأدبية، و ما يستنبط من المتن من الأحكام الشرعية و غيرها، و هو كتاب لم يعمل مثله.
كتاب مصابيح الأنوار، ذكرنا فيه كل أحاديث علمائنا، و جعلنا كلّ حديث يتعلّق بفنّ في بابه، و رتّبنا كلّ فنّ عليٰ أبواب، ابتدأنا فيها بما روي ٰ.
ص: 339
عن النبيّ (صلّي اللّٰه عليه و آله) ثم من بعده بما روي عن علي (عليه السّلام) و هكذا إليٰ آخر الأئمة (عليهم السّلام).
و كتاب الدرّ و المرجان في الأحاديث الصحاح و الحسان (1). انتهيٰ.
و قد قطع بهذه المؤلّفات عذر من يتوهم أنّ الاشتغال بالفقه و الأُصول مانع عن التوغّل في فنّ الحديث، فإنّه تاج الفقهاء، و رأس الأُصوليين، و كلّ من جاء بعده منهم فإنّما أناخ رحله بفناء كتبه، و نال الدرجات العالية ببركات زبره، هذا حاله فكيف بمن اقتصر بفنّ الحديث، و اشتغل بإصلاح سنده، و استخراج فوائد متنه، و هم جمّ غفير، تعرّضوا لشرح كتب الحديث، خصوصاً الكتب الأربعة، فكتبوا لها شروحاً و حواشي ما لا يحصيٰ، كلّها مهجورة متروكة مستورة، لا طالب لها و لا راغب فيها، فأصبحت الديار عنها خاوية، و محافل العلم و مجالس العلماء عن ذكرها و البحث فيها خالية.
و أصبحنا في عصر لا يوجد فيه مجلس عالم يذاكر فيه من هذا العلم ساعة، و لا من يُقرأ عليه من الكتب الأربعة باب أو صفحة، و لا من يقرأها عليهم، بل و لا من التفسير و الرجال شي ء، كأنها صارت من العلوم الغريبة، و فضول الفنون الغير النافعة.
ألهت بني تغلب عن كلّ مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم (2) (3)).
ص: 340
و إنّي و إن لم أُدرك من أتعلّم منه من هذا الفنّ الشريف باباً، و لم أجد في طول عمري من أقرأ عليه ممّا صُنّف فيه كتاباً، لكن اللّٰه تعاليٰ بمنّه وجوده حبّب إليّ في عنفوان الشباب النظر إليٰ كتب الأحاديث، فصرفت فضول أوقاتي فيه، فإنّي لم أترك الحضور عند المشايخ العظام، و الفقهاء الكرام (رضوان اللّٰه عليهم) مذ صرت قابلًا للحضور عندهم، و التلقّي عنهم، و الاستفادة منهم، و لكنّي في خلال ذلك كنت أتجسّس في خلال تلك الديار، حتي صرت بحمد اللّٰه تعاليٰ من أهل الدار.
و حيث انجرّ الكلام إليٰ هذا المقام، فلا بأس بشرح حالي عليٰ الإجمال، تأسّياً بالعالم الجليل في الوسائل، إلّا أنّه لحسن ظنّه بنفسه أدرج نفسه في باب الميم، في الفائدة الأخيرة، في ذكر الثقات و الممدوحين (1).
فنقول: ولدت في ثامن عشر شهر شوّال من سنة أربع و خمسين بعد المائتين و الألف، في قرية بالو من قريٰ نور، إحديٰ كِوَر طبرستان، و توفّي والدي العلّامة (أعليٰ اللّٰه تعاليٰ مقامه) و قد شرحت بعض أحواله و مقاماته و مؤلّفاته في كتابنا الموسوم بدار السلام- (2) و أنا ابن ثمان سنين، فبقيت سنين لا أحد يربّيني، إليٰ أن بلغت أوان الحلم، فأنعم اللّٰه تعاليٰ عليّ بملازمة العالم الجليل، الفقيه النبيه، الزاهد الورع النبيل، المولي محمّد علي المحلّاتي (قدس اللّٰه تعاليٰ روحه الزكية) (3) و كان عالماً، زاهداً،ي.
ص: 341
عابداً، متبحّراً في الأُصول، بارعاً في الفقه، مجانباً لأهل الدنيا و لذائذها، مشغولًا بنفسه و إصلاح رمسه، و كان أعلم أهل زمانه ممّن أدركتهم في تدريس الروضة، و الرياض، و القوانين، و أترابها، لم يدخل نفسه في مناصب الحكومة و الفتويٰ و أخذ الحقوق و غيرها، و كان أكثر تلمّذه عند العالم الرفيع السيّد محمّد شفيع الجابلقي، و علّامة عصره الحاج المولي أسد اللّٰه البروجردي (رحمهما اللّٰه).
ثم هاجر إليٰ طهران، و عكف عليٰ العالم الفقيه النبيه الحاج شيخ عبد الرحيم البروجردي (طاب ثراه) والد أُمّ أولادي، و كان من الفقهاء المتبحّرين و العلماء البارعين، فتلقّي عنه ما حواه، إليٰ أن صارت الجنّة مثواه في مشهد الرضا (عليه السّلام) في شهر شعبان في سنة 1306.
و هاجرت معه (رحمه اللّٰه) إليٰ العراق في سنة 1273، و رجع (رحمه اللّٰه) بعد قضاء الوطر من الزيارة، و بقيت في المشهد الغروي قريباً من أربع سنين، ثم سافرت إليٰ العجم لتشتّت الأُمور.
ثم رجعت ثانياً إليٰ العراق في سنة 1278، و لازمت العالم النحرير الفقيه الجامع، أفضل أهل عصره، الشيخ عبد الحسين الطهراني (طاب ثراه) و هو أول من أجازني، و قد مرّ ذكره في الفائدة الثالثة (1)، و بقيت معه برهة في مشهد الحسين (عليه السّلام) ثم سنتين في بلد الكاظم (عليه السّلام).
و في آخرهما رزقني اللّٰه زيارة بيته و هي سنة 1280.
ثم رجعت إليٰ المشهد الغروي، و حضرت مجلس بحث الشيخ 4.
ص: 342
الأعظم الأكمل الأعلم الشيخ مرتضي (أعليٰ اللّٰه تعاليٰ مقامه) أشهراً قلائل إليٰ أن توفي (رحمه اللّٰه).
ثم سافرت إليٰ العجم سنة 1284 و زرت ثامن الأئمة (عليهم السّلام).
و رجعت إليٰ العراق سنة 1286، و فيها توفّي شيخنا العلّامة الطهراني.
و رزقت ثانياً زيارة بيت اللّٰه الحرام.
و رجعت إليٰ المشهد الغروي، و بقيت سنين.
إليٰ أن ساعدني التقدير إليٰ المهاجرة إليٰ الناحية المقدسة سرّ من رأي، لمّا هاجر إليها السيّد السند حجّة الإسلام و نادرة الأيّام، و أُستاذ أئمّة البشر، و مجدّد المذهب في القرن الثالث عشر، المنتهي إليه رئاسة الشيعة في عصره، و المطاع الذي انقاد له الجبابرة لنهيه و أمره، الذي يعجز عن وصف أدنيٰ معاليه اللسان، و يغني اشتهار مساعيه عن إطالة البيان، الآميرزا محمّد حسن الشيرازي رفع اللّٰه شريف رتبته، و قدّس زكي تربته، و بقيت فيها سنين.
و رزقني اللّٰه تعاليٰ فيها الحجّ ثالثاً.
و لمّا رجعت منها سافرت إليٰ العجم ثالثاً سنة 1297، و زرت مشهد الرضا (عليه السّلام) ثانياً.
و رجعت مسافراً إليٰ زيارة بيت اللّٰه الحرام سنة 1299.
و رجعت و بقيت في سامرّة إليٰ سنة 1314.
ثم رجعت مهاجراً إليٰ المشهد الغروي عازماً عليٰ التوطن فيه إن شاء اللّٰه تعاليٰ، و قد ناهزت من العمر فوق الستّين، و مضيٰ كثير من عمري في الأسفار، و الانقطاع عن العلماء الأخيار، و مع ذلك رزقني اللّٰه تعاليٰ في
ص: 343
خلال ذلك جمع شتات الأخبار، و نظم متفرّقات الآثار، فبرز منّي بحمد اللّٰه تعاليٰ:
كتاب نفس الرحمن في فضائل سيدنا سلمان (عليه السّلام) و هو أول مؤلّفاتي بعد الشجرة المؤنقة العجيبة في سلسلة إجازات العلماء، المسمّاة بمواقع النجوم و مرسلة الدرّ المنظوم.
كتاب دار السلام، فيما يتعلّق بالرؤيا و المنام، في مجلّدين.
كتاب فصل الخطاب (1)، في مسألة تحريف الكتاب.
كتاب معالم العبر، في استدراك البحار السابع عشر.
جنّة المأويٰ في من فاز بلقاء الحجّة (عليه السّلام) في الغيبة الكبري، من الذين لم يجمعوا في البحار.
رسالة الفيض القدسي، في أحوال العلّامة المجلسي (رحمه اللّٰه).
الصحيفة الثانية العلوية.
الصحيفة الرابعة السجّادية.
النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب (صلوات اللّٰه عليه) بالفارسية.
الكلمة الطيّبة، بالفارسية.ر.
ص: 344
رسالة ميزان السماء في تعيين مولد خاتم الأنبياء، بالفارسية.
ظلمات الهاوية.
رسالة في ردّ بعض الشبهات عليٰ كتابنا فصل الخطاب.
البدر المشعشع في ذريّة موسي المبرقع.
كتاب مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، في مجلّدات تقرب من تمام الوسائل.
كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار (عجل اللّٰه تعاليٰ فرجه و صلّي عليه) جواب قصيدة بعثها بعض علماء أهل السنّة إليٰ علماء الإمامية، فيها بعض الشبهات في أصل ولادة المهدي (صلوات اللّٰه عليه).
سلامة المرصاد، رسالة فارسية في ذكر زيارة العاشوراء غير معروفة، و أعمال مقامات مسجد الكوفة غير ما هو الشائع الدائر بين الناس، الموجود في المزارات المعروفة.
رسالة مختصرة بالفارسية في مواليد الأئمّة (عليهم السّلام) عليٰ ما هو الأصحّ عندنا.
مستدرك مزار البحار، لم يتمّ.
حواشي عليٰ رجال أبي علي، لم يتمّ.
ترجمة المجلّد الثاني من دار السلام، لم يتمّ.
إليٰ غير ذلك من الحواشي و الرسائل.
و وافق الفراغ من هذا المجلّد أيضاً يوم العاشر من ربيع الآخر، يوم ولادة سيّدنا الإمام الزكي أبي محمّد الحسن بن علي الهادي (صلوات اللّٰه عليهما) في السنة المباركة التي أخبر أهل الحساب بتوافق الأضحيٰ
ص: 345
و الجمعة و النيروز فيها، سنة التاسعة عشر بعد الألف و ثلاثمائة بيد العبد المذنب المسي ء حسين بن محمّد تقي النوري الطبرسي حامداً مصلّياً مستغفراً.
ص: 346