نحو يقظة اسلامية

اشارة

اسم الكتاب: نحو يقظة اسلامية

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: دارالعلوم

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1407 ه 1987 م

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام

علي محمد وآله الطاهرين، والعاقبة للمتقين.

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

(نحو يقظة إسلامية) إنما كتب لأجل تحضير المسلمين للتقدم السريع لأمرين:

الأول: نجاة أنفسهم من حياة الذلة والمهانة والضياع.

الثاني: نجاة الشعوب المضطهدة المبتلاة بأيدي الجبابرة الطغاة.إنّ من المؤسف حقاً أن يري الإنسان ألف مليون مسلم في المؤخرة، حين يري مائة مليون إنلكيزي في المقدمة، او أن يري الإنسان ألف مليون مسلم لا يملكون حولاً ولا طولاً، في حين يري خمسين مليون فرنسي يملكون أمر غيرهم فضلاً عن أمرهم، أو أن يري ألف مليون مسلم بحاجة إلي استيراد الإبرة في حين يري مائة مليون ياباني يصدرون حتي أرقي أنواع الصناعة، وأن يري ألف مليون مسلم يبحثون عن أرض يقفون عليها في حين يري أمريكيين وقفوا علي أرض القمر، أو أن يري أكثر من مائتي مسلم في الاتحاد السوفياتي والصين لا يملكون حتي حق السفر وشبع البطن، في حين يري سويسرا وهولندا و..في ضمن الأمم الراقية والأفظع من ذلك حين يري الإنسان بضع ملايين من اليهود يصولون ويجولون في بلاد المسلمين، والعالم معهم بينما لا يعترف العالم حتي بحق المسلمين في بلادهم المسلوبة؟!

ماذا نعمل؟ وكيف ننقذ أنفسنا؟ وهل من سبيل للإصلاح؟ ومن المخلص؟ وأين المفّر؟ وما هو سبيل النجاة؟ أسئلة تدور علي كل شفة وتقفز علي كل لسان، وتخطر في كل خلد، وهناك ألف جواب وجواب، لكن النتيجة هي النتيجة السابقة، لقد ضللنا الطريق، والله وحده إذا عملنا بأوامره قادر علي إنقاذنا، إن نظّمنا أمورنا كما قال علي

عليه السلام(… ونظم أمركم)، ونصرنا الله كما قال سبحانه وتعالي: (إن تنصروا الله ينصركم).

إن ما تراه بين يديك مجموعة خطوط استخلصتها من الكتب والتواريخ والتجارب والمذكرات والتفكر، التي دامت طوال عشرين عاماً أو أكثر، أري فيها مرشداً متواضعاً، للخلاص إذا طبقت في الحياة العملية.

وأني أحسب أنه لو تم العمل بهذا الكتاب قفز المسلمون في مدة غير طويلة، إلي سيادة العالم، سيادة صلاح وإصلاح، وما ذلك علي الله بعزيز، وهو الموفق المستعان.

الكويت

30/34/ربيع الثاني 1392 هجرية.

1 منظمة التشغيل

في كل بلد يلزم أن توجد منظمة للتشغيل مهمتها معرفة الأفراد الذين يريدون العمل ويصلحون لمختلف الأعمال، والتعرف علي الأعمال الشاغرة التي تشكو الفراغ وتريد العاملين، فإذا أعلنت منظمة العمل المتكونة من خمسة أشخاص مثلاً عن ماهية عملها انهال عليها العاطلون، هذا مهندس يريد عملاً، وذاك محام يريد مكتباً، وذلك طبيب يطلب مطباً، وهكذا، كما انهالت عليها الطلبات من مهندس للتصميم ومحام للدفاع، ومحل فارغ لائق لأن يكون مطباً.

وبهذه الخطوة تكون منظمة التشغيل قد ملأت فراغاً هائلاً، وأسدت إلي العمل والعامل يداً بيضاء.

ولمنظمة التشغيل أن تتقاضي من الأطراف المعنية أجرة حسب المناسب.

2- منظمة الإسكان

في غالب البلاد يشكو الناس من أزمة السكن وفي نفس الوقت يشكو أصحاب الأملاك من فراغ مبانيهم من المستأجر، والربط بين الأمرين يحتاج إلي منظمة السكن، التي تعلن عن استعدادها لتعريف المحتاجين بالمساكن، وتعريف المساكن إلي المحتاجين، مع أخذ الأجرة المناسبة لهذين الأمرين.

3 منظمة المسكن

مهمة هذه المنظمة إيجاد المساكن المناسبة للناس، فتشتري أراضي ودوراً ودكاكين وما أشبه، لغرض بيعها أو إيجارها للطالبين وحيث أن المنظمة تتمكن من الحصول علي المساكن بأقل قيمة، فاللازم عليها مراعاة حال الطالبين في مستواهم المالي، فإذا حصلت علي الدار بألف، ينبغي لها أن لا تأخذ من المشتري الفقير أكثر من ألف وخمسين ديناراًمثلاً، كما أن هذه المنظمة عليها التقسيط للثمن مع مراعاة مستوي المشترين.

4 منظمة الدفاع

يلزم ان تشكل في كل بلد منظمة الدفاع عن حقوق المسلمين والمضطهدين، مهمتها الدفاع عن كل من لايقدر عن إحقاق حقه مسلماً كان أو غيره، والافضل لهذه المنظمة أن تجعل الدفاع مجاناً، إلا لمن كان بمقدوره دفع الاجرة، فتأخذ المنظمة ما يتناسب وعملها بالنسبة إلي الشخص المدافع عنه.

5- منظمة التبديل

مهمة هذه المنظمة تبديل الأماكن القذرة، إلي الأماكن النظيفة، كتبديل الخانات وبيوت الدعارة إلي محلات للأطعمة، وبيوت سكنية مثلاً كما ان مهمة هذه المنظمة في جناحها الآخر تبديل الأعمال الشائنة إلي الأعمال الشريفة، كأن تزوج المومسة بعد توبتها والإطمئنان علي سلامتها الجسدية، وتحويل باعة المسكر إلي باعة الحنطة مثلاً.

6 منطمة الأبنية الخيرية

مهمة هذه المنظمة تشييد المباني الخيرية، كالمساجد، والحسينيات، ودور النشر، ودور العجزة، والمكتبات وما أشبه، مع ملاحظة تناسب البناء مع الموقع، مثلاً تلاحظ المنظمة أن البلد الفلاني يحتاج إلي مائة مسجد، فتهتم لبناء مائة مسجد، كلاً في المنطقة المناسبة، فالمنطقة ذات الألف إنسان تبني لهم مسجداً، بينما المنطقة ذات العشرة آلاف إنسان تبني لهم عشرة مساجد مثلاً.

أما بالنسبة إلي الأبنية الخيرية التجارية فإنها تشيِّد البناء ثم تفوضه إلي الإنسان اللائق بإدارته فلو رأت المنظمة احتياج المنطقة إلي مكتبة تجارية، صنعت المكتبة ثم باعتها أو أجرتها، إلي الإنسان الكفوء لهذا العمل.

7 منظمة التوجيه

مهمة هذه المنظمة توجيه وسائل الثقافة العامة، من المدارس، والمسارح، والصحف، ودور السينما، والنوادي، والاذاعة، والتلفزيون، ودور النشر، ووكالات الأنباء، وغيرها، والتوجيه يكون بالسعي لتوظيف الأفرادالأكفاء في هذه الوسائل، واصدارالنشرات الموجهة اليهم، والاتصال بهم لأجل الاصلاح، وارشادهم إليمواقع النفع والضرر.

8 التحديث

هذا مما يلزم أن يتصف به الأفراد والمنظمات، فإن الازم علي المسلمين أن يتخذوا أحدث النظريات في مختلف الشؤون الصناعية، والزراعية، والتكنولوجية، والسياسية، والثقافية،

والاجتماعية، والعسكرية، والعلمية وغيرها..

كما يلزم أن يحصلوا علي أحدث الوسائل الموصلة إلي الأهداف، فالفرد يجب أن يسموا في أي شيء كان، مثلاً يلزم علي الطبيب أن يكون علي اتصال دائم بالعالم لاستكشاف النظريات الطبية، وهكذا مهندس الطيران وربان السفينة، وقائد الجيش، وكذلك يلزم تشكيل، منظمات لأجل ذلك، مثلاً تشكل المنظمة، لأجل الارتفاع بمستوي الزراعة إلي المستوي الذي وصل إليه الفكر العالمي حول الزراعة، وهكذا بالنسبةإلي الوسائل، كمايلزم أن تكون هناك منظمة، لأجل ذلك، كل ذلك مع ملاحظة تغيير النظرية إلي ما يلائم الاسلام ان كانت مخالفة للإسلام.

9- نحو القمة

يلزم علي كل فردأن يسلك سلوكاً يوصله إلي القمة في مهنته وعمله، فمثلاً الطالب، يلزم عليه الاهتمام لأن يتخرج بتفوق علي صفه، أو مدرسته، أو بلده، أو قطره، فإذا تخرج وعين معلماً فاللازم عليه أن يسعي لكي يصبح معاوناً، فمديراً فسكرتيراً للوزارة، فمعاوناً، فوزيراً، وهكذا في كل الشؤون.

10- الأنظمة التعاونية

يلزم علي المسلمين أن يهتموا بانشاء الجمعيات التعاونية في كل شأن من شؤون الحياة، فقد ورد في الحديث: (إن يد الله مع الجماعة) وقبل ذلك قال سبحانه: (وتعاونوا علي البر والتقوي) وشؤون الحياة القابلة للتعاون كثيرة جداً، تبدأ من التعاون في تنظيف البلد، وتنتهي إلي مايشاء الله تعالي، وبالجملة فاللازم أن ينقلب المجتمع الاسلامي إلي منظمات تعاونية، في كل شأن من شؤون الحياة، وما ذكرناه في هذا الكتاب، من مختلف المنظمات تدخل في التعاونيات-كما هو واضح.

11- منظمة تهجير المظطهدين

إن بلاد الاسلام اليوم ترزح تحت أكبرقدر من الإظطهادفي جميع جوانبها، وحيث أن هناك في البلادالمظطهدةأناساً لا ينفع بقائهم في تلك البلاد، إلا انصباب الاظطهاد عليهم، وأناس آخرون إذا خرجوا من تلك البلاد نفعوا المسلمين سواء في بلادهم، أو غير بلادهم بحيث أن بقائهم في بلادهم يوجب تجمدهم، فاللازم أن تشكل لأجل تهجير امثال هؤلاء منظمات، تجمع المال وتسهل التهجيربالوساطات واعطاء المهاجرين القروض وتسهيل عملهم وسكناهم وادخال اولادهم المدارس، وتشغيلهم وتزويج عزابهم، وما أشبه ذلك0

12- مراكز القوة

في العالم مراكز القوة، مالاً، وسياسة، وعلماً، وصناعة، ونحوها، فاللازم علي المسلمين التوصل إليها، فإن مراكز القوةهي التي تتمكن من انهاض المسلمين من الانحطاط، ومناصرتهم لايصالهم إلي المقدمة، مثلاً، أميركا، وبريطانيا، وألمانية، وفرنسا، واليابان، وما أشبه، مراكز القوة، فإذا كانت للمسلمين أعداد كبيرة- كخمسين مليون- في مختلف هذه البلاد، وكانوا في مراكز الاشعاع، يمكن اخراج المسلمين من تأخرهم، بل وجعل الاسلام عالمياً له الكلمة الأولي، وهذا الأمر لا يصعب صعوبة كبيرة كما يظن، فإن وجود المسلمين بكثرة في تلك البلاد، اذا أمكن اعدادهم، ثمهجرة الآخرين المستعدين لتحمل مثل هذه المسؤولية، يجعلهم صالحين لأن يكونوا نواةً لمثل ما ذكرناه.

13- العناية بالاقتصاد

في المثل: (الكرامة الاقتصادية، توجب الكرامة الاجتماعية) وحيث أن المسلمين اليوم لا اقتصاد لهم، بمعناه الحاضرفلا كرامة لهم فمن الضروري أن يطور المسلمون اقتصادهم، أخذاً من الفرد وانتهاءاً بالحكومة، فإن الموارد المالية التي للمسلمين كالنفط، وغيرها كافية، لان تجعلهم في الرعيل الأول من أصحاب الاقتصاد الرفيع، فعلي الفرد كما هو علي الحكومة أن يهتم بترفيع المستوي الاقتصادي، وذلك من الناحيتين الكمية والنوعية، فمثلاً الطالب والمعلم والموظف يلزم عليهم أن يكتسبوا في أوقات فراغهم، والمرأة يجب أن تكتسب في وقت فراغها، كسباً لاينافي شأنها الاسلامي، والحكومة يجب عليها أن تستفيد من التجارة، كما أنه يلزم ترفيع النوعية، بأن يختار الكاسب النوع الأفضل في اكتساب الربح، وأن تتطلب الحكومة الموارد الجديدة، فاذا كانت علي مشارف البحر، زرعت البحر لتكثير الأسماك، وإن كانت لها صحاري عملت الغابات الاصطناعية، الي غير ذلك0

14- سلاح الدولة

اللازم علي الحكومات الاسلامية أن تسلح نفسها بأفضل السلاح كماً ونوعاً، لأجل حفظ نفسها من أعداء الاسلام، كما أنه يلزم أن تصنع هي السلاح بنفسها، لا أن تبقي تستورد السلاح من الأجانب، حيث يوجب ذلك لها ضرراً مزدوجاً، وكذلك يلزم علي الأفراد الذين يعيشون الفوضي والاضطراب، أو يعيشون في بلاد محتلة، أو في بلاد الأعداء، أو تحت الاستعمار الفكري الذي يسلبهم كل مقومات الحياة أن يتسلحوابما يتناسب وحفظ أنفسهم، أو تهديد المستغلين، أو محاربتهم لدي الحاجة، مع مراعاة الشروط الشرعية طبعاًوالتي منها أذن الفقهاء المراجع0

15- التدريب علي السلاح

يلزم علي الحكومات الاسلامية تدريب الناس كلهم علي السلاح، من غير فرق بين كل الأفراد القادرين علي حمل السلاح، باستثناء من استثني في الجهاد الاسلامي، بل الواجب إن كان هناك خوف حقيقي حسب تشخيص شوري مراجع التقليد-ان تتدرب النساء علي السلاح حسب الحاجة الاسلامية، من أسلحة دفاعية، أو هجومية، فإن الدفاع قد يستلزم الهجوم وقاية، ولكلن من ا لمعلوم وجوب مراعاة الشرائط الاسلامية المذكورة في كتاب الجهاد، في تدريب المرأة، كما أن اللازم عدم ارتكاب محرم في تدريب المرأة، وهكذا يلزم علي كل مسلم تتوفر فيه الأهلية الشرعية أن يتدرب علي حمل السلاح، فإن الجهاد من فروع الاسلام الواجبة، وقد ذكرنا في جملة من كتبنا أن الطريقة الاسلامية في الجيش طريقة فريدة في نوعها ليست كالجندية الاجبارية السائدة في بلاد العالم الآن.

16- السياسة

يلزم علي الحكومة الاسلامية الاهتمام بشأن السياسة اهتماماً بالغاً بأن تعين لجاناً خاصة لأجل تفهم السياسة العالمية، والتيارات الجارية من مختلف الجوانب، والتيارات التي تأخذ في النمو أو في الذبول، ومحتملات المستقبل القريب والبعيد، والمعاكسات والمعالجات، والحلول، والمناقضات التي بين الدول والفئات، إلي غير ذلك من فنون السياسة، فإن لم يكن ذلك تكون أقوي الحكومات معرضة للانقلاب والاضمحلال، فكيف بمثل البلاد الاسلامية التي تأخرت إلي الذيل في هذا القرن كما إني أري وجوب تفهم جميع أفراد المسلمين السياسة بقدر يناسب شأنهم، فإن السياسة، ارتبطت بكل شؤون الإنسان، وعدم تفهمها بالإضافة إلي أنه جهل فاضح، يوجب تأخر الفرد في مختلف ميادين الحياة، خذ مثلا: التاجر، فإنه إذ لم يفهم مصير حرب ما، وإنها في سبيل الإنتهاء، ربما يستورد بضاعة تلائم الحرب، فإذا صار السلم، تضرر، وهكذا، يمكن تفهم السياسة للأفراد، بمطالعة الكتب القيمة والصحف

الراقية والإطلاع علي التحليلات الصادرة من الأدمغة الرفيعة التي يطمأن إلي سلامة تحليلاتها.

17 التكنولوجيا

اختلف عالم اليوم عن عالم الأمس، بتحكم التكنولوجيا في جميع شؤون الحياة فاللازم علي الأفراد والحكومة الإسلامية الاهتمام بهذه الجهة، اهتماماً بالغاً، وإلا تأخرت الدولة، والتأخر من مؤشرات الإستعمار والاضمحلال، ويلزم أن يكون ذلك تحت تخطيط دقيق، بإشراف منظمات حكومية وشعبية، تجعل من همها هذه الناحية الحيوية، إن المسافة أخذت تزدادعمقاً واتساعاً، بين الحكومات العصرية، وبين الحكومات الإسلامية المتأخرة، ولو لم تتدارك هذه الناحية، ينتهي الأمر إلي ما لا يرجي معه التدارك، وفي ذلك مزيد ضعف للإسلام والمسلمين والعياذ بالله.

ولا يغر المسلم ما ورد من أن: (الإسلام يعلو ولا يعلي عليه) فإن ذلك مشروط بقوله: (إن كنتم مؤمنين) تطبقون أحكام الإسلام التي منها(واعدوا لهم ما استطعتم من قوة)علمية وعملية وسياسية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية، وغيرها.

18 طلبة اليوم خبراء المستقبل

إن الذي يأخذ بزمام عالم اليوم، هي السياسة والإقتصاد، والتكنولوجيا، وجميع الجهات الأخر، تابعة لهذه الثلاثة والمسلمون حظهم من الثلاثة يكاد يكون معدوماً، ولذا فإن نصيحتي إلي طلابنا أن يدخلوا الكليات المعنية بهذه الشؤون الثلاثة، حتي يكون للمسلمين جيش من الساسة، والإقتصاديين، والخبراء في التكنولوجيا، وبذلك يمكن ان يستولي المسلمين علي أزمة بلادهم، وإذا أخذوا بأزمة بلادهم تمكنوا من الأخذ بأزمة العالم، صحيح أن المسلمين بحاجة إلي المهندس والطبيب والمحامي والمعلم وغير ذلك، إلا أن العجز الطارئ علي المسلمين إنما هو بسبب عجزهم في الميادين الثلاثة المذكورة.

19 التربية البيتية

علي الآباء أن يجعلوا بيوتهم مدرسة لتربية أولادهم علي تجاربهم اليومية، مهما كان شأن الأب، ومهما كان سن الولد، فإذا رجع الأب إلي منزله ظهراً أو ليلاً، جمع عائلته كلهم، ثم قصّ لهم ما عمل خارج البيت من تجارة أو زراعة، او عمل سياسي، أو لقاء مع الآخرين، أو غير ذلك، وكذلك يقص لهم ما رأي وما سمع من مختلف الأخبار فإنه إذا عمل الآباء ذلك نضج الأولاد نضجاً بالغاً، يؤهلهم لممارسة الحياة العملية فور تسلمهم أزِّمَّة الأمور.

وإذا نضج الجيل بتجارب الآباء ومعلوماتهم، قفزت الحياة إلي الأمام، فإنه لا يصرف عمره في التجارب، بل يبني طوابق جديدة فوق ما بناه الآباء، ولا يرتطم الخطأ والتصحيح، بل يأخذ الطريق السوي وبذلك يصل الجيل الثاني إلي الهدف، من أقرب الطرق.

20 إشراك النساء في العملية الاجتماعية

وقع في البلاد الإسلامية تناقض هائل، فتري الكثير من الناس صنفين، صنف تحفظ علي النساء إلي حد الخنق والشلل، وصنف أخرج النساء إلي ما لا يلائمهن دنيا وديناً، تقليداً للغرب، وحيث أن الخنق خلاف طبيعة الإنسان، ولما لم يكن هناك منهج إسلامي معبّد مطبّق لتسلكه النساء، أخذت كثرة من النساء منهج الغرب والشرق، وبذلك عمت المآسي النسوية بلاد الإسلام.

وعلي هذا فمن الضروري إشراك النساء في العلم والعمل وفقاً للمنهج الإسلامي، والوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، فالمرأة يجب أن تتعلم ولكن بدون استهتار، ويجب أن تعمل ولكن بدون تورط، ويجب أن تشارك الرجال في كل الميادين باستثناء ما حظره الإسلام تحظيراً لأجل كرامتها وحفظ المجتمع من الإنزلاق.

21 منظمات مكافحة الفساد

لقد عم البلاد الإسلامية الفساد من خمور وفجور وخلاعة واستهتار وربا وشذوذ جنسي وغيرها، والغرب والشرق يمدون كل ذلك، فلا بد ان، تكون في البلاد الإسلامية منظمات لمكافحة الفساد، فإن الأمر بالمعروف الفردي، والكفاح التلقائي، لا يقاوم التيار الهائل الجارف، الذي أرصد له الكفار كل الإمكانيات والمنظمة شأنها جمع المعلومات، وتربية المكافحين، وجمع التبرعات، لأجل الصرف، والتوصل إلي الطرق الكفيلة بالمنع، مثلاً: تشكل منظمة من خمسة أفرادلأجل مكافحة الخمور، هذه المنظمة تكلف بعض أفرادها بجمع المعلومات عن معامل الخمر وحوانيتها، والخمارين، وأضرارها و الطرق التي يتوصل بها أصحابها، لأجل منح الحكومة الإجازة لهم وأساليب الدعاية لها إلي غير ذلك.

كما تكلف بعض أفرادها الآخرين، بجمع التبرعات، لأجل نشر الكتب والنشرات ونشر المقالات في الصحف ووسائل الإعلام، وتكوين المؤتمرات المبيِّنة لأضرار الخمر، وكذلك لإعطاء المال اللازم لأصحاب النفوذللحيلولة دون زيادة المخامر، وإغلاق ما يمكن غلقه من حوانيتها ومعاملها، وهكذا بالنسبة إلي سائر شؤون الكفاح، في كل المفاسد.

22 منظمات التخطيط

إن الحياة في العالم الحاضر، لا يمكن أن تبقي فضلاً عن أن تتقدم، إلا بالتخطيط، لكافة أطراف الحياة، وحيث أن المسلمين قليلوا النصيب من هذه الجهة، فالمنظمات التخطيطية الشرقية والغربية، أخذت تلتهم كل إمكانياتهم وكل مواردهم المادية والأدبية.

إذاً من الضروري علي المسلمين، أن يكونوا لأنفسهم منظمات تخطيطية، لكل جانب من جوانب الحياة، مثلاً، الحكومة تكون مئات المنظمات، لأجل الإعلام، والمال، والجيش، والامن، والصحة، والإقتصاد، وغيرها، كذلك مختلف فئات الشعب، فالتجار يكونوا لأنفسهم منظمات تجارية، كمنظمة تجار الحبوب، ومنظمة تجار المواد الإنشائية، ومنظمة تجار المواصلات، وهكذا، وكذلك ينظم أصحاب الفنادق والمهندسون، والأطباء، والعمال، والفلاحون، والمعلمون والطلاب، وغيرهم منظمات، لأجل جلب النفع ودفع الضرر، ويكون شأن هذه المنظمات التخطيط الدقيق ثم التنفيذ

الحازم.

23 منظمات مكافحة المبادئ الباطلة

لقد امتلأت البلاد الإسلامية بلا مبادئ الباطلة سواء منها المبادئ الإلحادية، أو المنحرفة الدينية، أو المنحرفة الحزبية، ولا يكفي في كفاح هذه المبادئ وعظ الخطباء، وكتب المؤلفين، ومكافحة الحكومات المخالفة لها، بل اللازم أن تنظم منظمات شأنها تتبع المبدأ، وإيقافه عند حده أولاً بمختلف الوسائل.

فمثلاً: تشكل منظمة لمكافحة الشيوعية، وشأن هذه المنظمة، جمع المعلومات، وتحصيل المال وتنظيم الشباب المكافحين، وفضح الأساليب والوسائل المتلوية التي يتبعونها تحت قاعدة: (الغاية تبرر الوسيلة) و(اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتي يصدقك الناس» إلي غير ذلك، وهذه المنظمة(أولاً) تعقم الأجواء عن انتشار هذا المبدأ بمختلف الوسائل، ثم تأخذ في استرجاع من غره هذا المبدء من الشباب وإغلاق ما فتحه هذا المبدأمن المراكز وهكذا.

24 اتحاديات المنظمات

حيث أن (الاتحاد قوة) فاللازم علي المنظمات التي ذكرناها، أو سنذكرها، أن تتحد المتجانسات منها: تحت اتحاديات، للتعاون والتشاور وتوحيد صفوف العمل، فمثلاً تتجمع منظمات كفاح الفساد، تحت اتحادية، وتتجمع منظمات مكافحة المبادئ الباطلة تحت اتحادية، وتتجمع منظمات التجارتحت اتحادية وهكذا.

وإني أظن أنه لو تم تشكيل مائة ألف منظمة، تحوي تحت أجنحتها عشرين مليون إنسان، في اتحادية واحدة لقفز المسلمون في مدة غير طويلة إلي مقبض الزمام، وهذا ليس ببعيد كما قد يظنه من لا خبرة له بالاحوال العالمية الحاضرة فالمنظمات الصهيونية التي كونت لأنفسها قوة هائلة، تحتوي علي ثلاثة أرباع المليون، والمنظمات الشيوعية الصينية تحتوي علي ما يقارب عشرين مليوناً، فهل يبعد عن الإسلام الذي لا يقاس مبدؤه بمبادئها، إن يتمكن من جمع مليون إنسان تحت مختلف منظماته البناءة.

25 مراكز الاشعاع في كل بلد

يلزم الإهتمام من مختلف فئات المسلمين، لأن يكون في كل بلد إسلامي، أو غير إسلامي.

1 رجل دين

2 تتبعه منظمة تقوم ب.

3 تأسيس مسجد.

4 ومكتبة للمطالعة.

5 ومكتبة للنشر.

6 ومدرسة لتربية الطلاب وتعليمهم.

7 ومستوصف للمرضي.

8 ومجلة شهرية أو أسبوعية أو نصف شهرية.

9 ودار للحوائج والوساطة لقضاء حوائج المحتاجين وما أشبه، فتشكل لجان فرعية، لأجل تزويج العزاب وتشغيل العاطلين وتزويد الفقراء بالمأكل والملبس، وحفظ الشباب عن الفساد وما أشبه ذلك.

10 وهيئة تنظيم الشباب..بالإضافة إلي دار للمدير القائم بهذه الأمور …

ويلزم أن تكون المنظمة واعية بقدر حاجة البلد، فالبلد الكبير مثل لندن و واشنطن، يحتاج إلي عشرات أمثال هذه المؤسسات في مختلف نواحيها، لكن يلزم أن يكون الكل تحت إدارة المؤسسة الأم المركزية في ذلك البلد..

وما ذكرناه ليس بالشيء الصعب فإنه، إذا فرضنا أنَّا أردنا.فتح مثل هذه المؤسسة في ألف بلدة تكون في الدرجة الأولي من الأهمية، وفرضنا أن

كل مؤسسة احتاجت إلي ثلاثين ألف دينار، لأجل مجموع البنايات المتجمعة في بناية واحدة(بأن يكون قسم منها مسجداً وقسم مدرسة، وهكذا) وإذا فرضنا أن أمرار معاش المدير وبعض الحوائج الأولية للمؤسسات يحتاج إلي عشرة آلاف دينار(تجعل في التجارة والاسترجاع، ليستفاد من ربحها في الأمر المذكور» تكون كل التكاليف أربعين مليون دينار بل حتي لو بالغنا وقلنا أن كل مؤسسة بحاجة إلي مائة خمسين ألف دينار وأمرار المعاش وغيره بحاجة الي خمسين ألف دينار فإن المجموع سيكون مائتي مليون دينار فقط.

وهل هذا كثير لحكومة من الحكومات الإسلامية؟ بل إن ثريا واحداً من أثريائنا تكون ثروته عشرات الملايين (ومثل هذا الثري موجود في العديد من بلادنا الإسلامية) يتمكن من القيام بهذه الخدمة، وإذا قسنا الإسلام بالمسيحية مع وضوح الفرق الشاسع بينهما في المبادئ وعلمنا أن الرصيد الفاتيكاني فقط قدِّر بخمسة آلاف مليون(كما نشرته بعض المجلات) عرفنا مدي سهولة الأمر الذي ندعو إليه.

26 منظمة الدفاع عن المسلمين

المسلمون مضطهدون في كثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، كما أن الإسلام مشوه مجهول ومفتري عليه في كثير من البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، فمن اللازم تظافر الجهود لاجل تكوين منظمة في إحدي الدول العالمية الكبيرة، مهمة هذه المنظمة، مناصرة الإسلام والمسلمين، تكون بمثابة جامعة الدول العربية، وتبدأ عملها بتخصيص أفراد أكفاء، لكل القارات.

فمثلاً: لقارة آسية خمسة أفراد، ولقارة إفريقيا خمسة أفراد، ولقارة أمريكا خمسة أفراد، وهكذا، يكون شأن هؤلاء الإتصال بتلك القارات، ورفع الاضطهاد عن المسلمين فيها، كما يلزم أن يكون لها لجان، لأجل النشر، وجمع المال، وتنظيم المكافحين وما أشبه، وأن يكون لها سبل ووسائل للضغط علي المضطهِد، وعلي المفتري، وهكذا.

27طاقات الأطفال

الأطفال طاقات هائلة يمكن الإستفادة منها في البناء، فإذا كان لكل سرب من الأطفال موجِّه، أمكن الإستفادة منهم، في أمور الري، والزراعة، والتنظيف، والرعي، والكسب، وتربية الحيوان، وما أشبه ذلك، كما أن بالإمكان توجيه طاقة الطفل إلي الأعمال التكنولوجية، وكذلك تدريبهم علي الألعاب الموجبة لخبرويتهم في المستقبل علي الأمور الميكانيكية، إلي غير ذلك كل ذلك في إطارعدم ترتب محذور خارجي علي ذلك طبعاً.

28 منظمات الزواج

من اللازم جداً أن تشكل في كل منطقة منظمة عملها تسهيل زواج العزاب، بالمساعدة المالية والمساعدة الأدبية، فإن ذلك يوجب تقديم الحياة من ناحية، وسدّ أبواب الفساد من ناحية أخري، والتقليل من الامراض الناشئة من العزوبة، من ناحية ثالثة.

29 التجميل والتنظيف

من اللازم الاهتمام بتجميل المدن والبيوت وسائر المرافق، وتنظيفها، فإن النظافة والجمال، بالإضافة إلي أنهما يوجبان أناقة وروعة، يقللان من الأمراض النفسية الناشئة عن الكآبة، والأمراض الجسدية الناشئة عن القذارة، بل اللازم تشكيل لجان لذلك، والتجميل يكون بالزرع والحدائق، والأضواء والأعلام، وغيرها.

30 منظمات توجيه الطلاب

إن الطلاب هم عنصر الحياة الراقية، فكلما كانت دراستهم أرفع وأنسب لمزاجهم الشخصي، تكون الحياة أرقي، مثلاً: استمرار الدراسة إلي الجامعة، وكذلك توجيه اللائق منهم للهندسة المعمارية، أو الذرة أو ما أشبه، يوجب الإستفادة من هذه الطاقة أكثر فأكثر، وكذلك الإهتمام لإرسالهم إلي البلاد الراقية فإذا كانت هناك منظمات تدفع الشباب إلي هذه الأمور، وتساعدهم بتسهيل أمرهم، وبذل الأموال للفقير منهم حتي يواصل الدراسة، أو يسافر إلي الخارج، كانت الإستفادة من هذه الطاقة أحسن.

31 الدعاية العصرية

كانت الدعاية والدعوة الإسلامية في الزمن السابق منحصرتين في المنبر والكتب والتطور الحديث جعل من مختلف وسائل العالم آلة للدعاية والدعوة، كالمدارس، والنوادي، والمسارح، والسينمات، ووسائل الإعلام، والصحف، ووكالات الانباء، وما إلي ذلك، فاللازم الإهتمام للإستفادة من هذه الطاقة الهائلة في الدعاية للإسلام والدعوة إليه.

32 غسل الأدمغة

غسل الأدمغة فن حديث يستفاد منه كثيراً في تنظيف الادمغة المحشوة بما يضر الجهة التي تريد غسل الدماغ، فعلي المسلمين أن يسفيدوا من هذه الطاقة لغسل الأدمغة المحشوة بخرافات الغرب والشرق، والمنبهرة ببريقهما الزائف ولعملية غسل الدماغ، أساليب وكتب وأخصائيون: يلزم الإستفادة منها ومنهم، مع التطوير والتغيير بما يتناسب مع المبادئ الإسلامية.

33 تطويق الدعايات الزائفة

في المثل: (إن قيراطاً من الوقاية خير من قنطار من العلاج) وحيث أن الدعاية الزائفة لمختلف الإنحرافات العقائدية والخلقية والسلوكية، قد راجت في العالم رواجاً هائلاً، فاللازم اهتمام المسلمين بتطويقها، وذلك بمختلف وسائل التطويق مثل الاهتمام بمنع صدور المجلات والجرائد المنحرفة، حسب المقدور، وتحذير الناس من الإستماع للبرامج الإذاعية والتفزيونية الضارة، والإهتمام لغلق مكاتب الدعايات والسينمات، التي أنشأت بقصد الزيف والخداع، أو كانت مضرة بالعقيدة والأخلاق والسلوك، إلي غير ذلك، هذا بالإضافة إلي ترصد الفساد أين ما وجد للرد عليه بالكتب والمقالات والخطب.

34 الاتصال بالعالم

يلزم أن تكون هناك منظمة إسلامية، لأجل الإتصال بالعالم، لأمرين:

الأول: تعريفهم بالإسلام وردّ الإعتداءات عليه.

الثاني: تقويم الإنحرافات، فمثلاً: تتصل هذه المنظمة بمختلف الإذاعات، والوكالات للأنباء والصحف، والشخصيات المرموقة ترسل إليهم كتباً تعرِّف بالإسلام وجوانبه المختلفة، وتطلب إليهم نشرها، وكذلك تنظف المنظمة أذهانهم عما علق بها حول الإسلام، من الإنحرافات التي نشرتها الفئات المغرضة والجاهلة، وكذلك تتصل المنظمة بمختلف وسائل الإعلام إذا نشرت أشياء ضارة، أمثال منع تعدد الزوجات، تحديد النسل، إلي غيرها من المعلومات الخاطئة.

35 ألف مليون كتاب

أقل تقدير يجب أن يهتم به في عالم نشر الكتب، هو ألف مليون كتاب في مختلف الجوانب الإسلامية، وبمختلف المستويات واللغات، فإن الإسلام قد اختفي تحت ضباب كثيف من الجهل والغموض والإثارات ضده، ولا يمكن إخراجه منه إلا بتعميم العلم به، ومن طرق تعميم العلم به، الكتب المبينة لمختلف جوانبه فإن أعداء الإسلام والجاهلين به، نشروا أضعاف هذا العدد من الكتب لمحاربته والتنقيص منه، وإذا لوحظ بالإضافة إلي ذلك الكتب والمجلات المصادمة للإسلام من غير قصد كان العدد أضعاف ذلك.

36 رصد الحركات العالمية

من الضروري علي القيادات الإسلامية، سواء كانت قيادات زمنية، أو دينية، أن يرصدوا حركات العالم والقيادات التي تتحرك من هنا وهناك، والعواصف التي تهب، من كل ناحية، وذلك لئلا يؤخذ المسلمون علي حين غرّة، والرؤية للماضي والحال والمستقبل من الشروط الاساسية، للتمكن من التغلب علي الأفكار والحركات المضادة، ولا يكفي في إرصاد الحركات الاطلاع علي أخبار الراديوات والجرائد والمجلات، لأنها لا تنشر إلا ما قفز علي السطح وكثيراًما يكون ما في العمق أخطر بكثير بحيث إن لم تؤخذ العدة أمامه يجرف بجانب من جوانب الإسلام والمسلمين، بما لا يمكن تداركه، فاللازم التطلع علي مثل هذه الحركات بوسائلها المعروفة.

37 الإستفادة من القوي

من الضروري علي المسلمين أن يستفيدوا من القوي المختلفة، حتي القوي الكافرة في سبيل بناء الإسلام كما كان رسول الإسلام يستفيد منهم، في التحالفات، وكذلك كان يستفيد منهم في المؤلفة قلوبهم، ولنضرب لذلك مثلاً إن الإذاعات علي استعداد لأن تجيب علي الأسئلة الموجهة إليها، فإذا كانت هناك منظمة شأنها السؤال من الإذاعات أسئلة تكون أجوبتها في نفع الإسلام، كان ذلك استفادة بدون أتعاب، مثلاً: تسأل المنظمة عن نظام الإسلام في القرن الثاني، أو أسباب انهيار الدولتين الفارسية والرومية، أمام زحف الإسلام، وما أشبه ذلك.

وهكذا يكون الحال في القوي العسكرية العالمية، والقوي السياسية والقوي الإقتصادية، وغيرها، وأحياناً تكون فوائد منظمة صغيرة موجهة بهذا الشأن في مدة قصيرة، أكثر مما إذا صرف مليون دينار في نفس الشأن.

38 منظمات التبليغ الإسلامي

يلزم تشكيل منظمات التبليغ الإسلامي في كل العالم، وذلك بتشكيل منظمات ولو مكونة من فردين، في الإبتداء لأجل دعوة غير المسلمين إلي الإسلام، ولا يلزم أن يكون أفراد المنظمة من أهل العلم، بل يمكن أن يكونوا من الأفراد العاديين، ولكن يلزم عليهم أن يهتموا بجمع المال، وتهيئة أهل العلم، والكتب المناسبة، وتوزيعهم إلي مختلف البلاد.

قال الله تعالي: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا) واللازم علي المنظمات تحري الأماكن المناسبة للتبشير بحيث يدخل الناس بكمية أكبر في دين الله بجهد أقل، وليس معني ذلك ترك الاماكن الصعبة، بل معناه ترجيح الأهم علي المهم، كما يلزم عليهم ملاحظة النوعية أيضاً، بأن يدخلوا في دين الله من له أهمية، إذا دار الأمر بينه وبين غيره ممن لا أهمية له.

39 منظمات الصناديق المالية

يمكن جمع المال للمشاريع الإسلامية، بتشكيل منظمات في مختلف البلاد، شأن المنظمة، أن توزع الصناديق علي الناس، وتعرض عليهم وضع نقد في الصندوق كل يوم، فإذا فرضنا أن المنظمة الواحدة تمكنت من نشر ألف صندوق، يوضع في الصندوق في اليوم الواحد، خمسون فلساً، كان معني ذلك، ربح المشاريع في كل يوم ثمانية عشر ألف دينار، وهذا عمل بسيط، إذا نشطت المنظمة، وفوائده كبيرة، إذا لوحظت نتائج كل المنظمات.

40 أساليب جمع المال للمشاريع

لجمع المال أساليب كثيرة:

منها: جمع التبرعات باللقاءات الفردية.

ومنها: تحصيل الخمس والزكاة وردّ المظالم والكفارات.

ومنها: وقف الأوقاف للاستثمار.

ومنها: جعل المال للمشاريع في التجارات.

ومنها: طلب تبرع شيء علي الاصناف مثلاً كل بقال يعطي كل يوم عشرة فلوس، أو أكثر بالتساوي أو مع ملاحظة مختلف المستويات في الزيادة والنقيصة.

ومنها: جمع التبرعات في الاجتماعات المنعقدة لهذا الشأن.

ومنها: جمع التبرعات من الدكاكين والمتاجر وما أشبه.

ومنها: نشر الصناديق كما تقدم.

ومنها فرض الشيء علي كل صفقة معاملة،

مثلاً: يقرر تاجر السكرأن كل صفقة تجارة ربح فيها كذا يعطي للمشروع ديناراً.

ومنها: حث الناس علي النذور للمشاريع، فإذا طاب ولده، أو نجح، أو جاء مسافره، أو فاز في الإنتخابات أعطي شيئاً للمشروع، مع ملاحظة تناسب الغاية للمال الذي يدفعه.

ومنها حث التجار بتشريك أحد المعصومين(عليهم السلام) في تجاراتهم، بأن يجعلوا لأحد الأئمةمثلاً الربع من أرباحهم مثلاً.

ومنها: جمع الصدقات المستحبة.

ومنها: أخذ التبرعات من الناس لأجل مشاريع خاصة، كحث التجار علي الإسهام في قضايا الزواج، أو الختان، أو الطبع، أو إرسال المبلغ، أو اسعاف المريض، أو إرسال الطلاب إلي الخارج لاجل ترقية معلوماتهم أو نحو ذلك.

ومنها: حث الناس بجعل الأثلاث لأنفسهم ليستفاد من ذلك في المشاريع إلي غيرها من الصور الكثيرة.وليعلم أمران:

الأول: أنه إذا كان أمثال هذه الامور تحت عنوان

المنظمة كان أحسن، مثلاً تشكل منظمة لأجل جمع الأثلاث فيعرضون الفكرة علي مختلف الناس، فمن قبل سجِّل اسمه في دفترهم فإذا توفي أخذوا ثلثه، وهكذا.

الثاني: إن اللازم تلطيف أجواء جمع التبرعات مثلاً إذا أرادوا جمع المال بواسطة الصناديق، من الحسن أن يعطوا لكل صاحب صندوق، في كل شهر كتاباً مثلاً، وإذا أرادوا جمع التبرع بواسطة الاجتماعات يعطون كل متبرع (وردة) قد هيئوها قبل جمع التبرع إلي غيرها من أساليب التلطيف والتنشيط.

41 الإتصالات الفكرية

من الضروري علي المنظمات التي تريد إعادة الإسلام إلي الحياة، إيجاد الترابط بين المفكرين، ودور النشر، والسياسيين والقادة، وزعماء الدين، والشخصيات المرموقة، والمنظمات الإسلامية، وربط بعضها ببعض، والتنسيق بين أعمالها، والسعي ورفع الشكوك والغضاضات، ويلحق بذلك تكثير الأسفار، وعقد المؤتمرات، وتكثير اللقاءات الفردية والجماعية، والدورية وغيرها، وتقرير أوقات خاصة أو أعداد خاصة لللقاءات والدورات، مثلاً في كل شهر اتصال بالبلد الفلاني، ولقاء مع الجماعة الفلانية، وعقد مؤتمر مع الأعضاء للمشاورة إلي غيرها من الاساليب المعروفة والمتبعة ومن اللازم أن تكون المنظمات العاملة بهذا الشأن بل بكل شأن مما ذكرناه في هذا الكتاب سريعة الحركة، حتي تتمكن من الاستيعاب والايصال للفكرة أو العمل إلي أبعد المناطق، في أقل وقت، فإن سرعة الحركة مما تزيد حجم العمل إلي الأضعاف.

قال الله تعالي: (سارعوا إلي مغفرة من ربكم) وقال سبحانه: (استبقوا الخيرات).

42 طلاب العلوم الدينية

من اللازم اهتمام المنظمات الإسلامية بتكوين طلاب العلوم الدينية، وتشويقهم وتسهيل مهماتهم، وتشويق الناس إلي أن يدخلوا بعض أولادهم في هذا السلك فإن الطلاب هم الأخصائيون في الإسلام، والمحاربون بطبيعتهم للإلحاد والفساد والإستعمار، فاللازم تكوين حوزة علمية، كبيرة أو صغيرة، في كل بلد يمكن ذلك فيه مع ملاحظة التناسب مع احتياجات البلد وحواليه.

كما أن من اللازم، تنظيم أمور الطلاب المالية والدراسية وغيرها فإن النظام لم يدخل في شيء إلا حسنه وكثر إنتاجه، والفوضي لم تتطرق إلي شيء إلا بعثرته وأعقمته، وقد قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): (ونظم أمركم).

43 فهم العالم

من اللازم علي كل مسلم، أن يفهم العالم، فهماً دقيقاً، فإنه بدون الفهم، يكون التأخر، سواء في مستوي الفردأو في مستوي الجماعة، والفهم ميزان العمل، فكما أن التاجر إذا لم يفهم السوق، يخسر في تجارته والسياسي اذا لم يفهم السياسة يفشل، والطالب إذا لم يفهم الدرس يتأخر، كذلك المسلم إذا لم يفهم العالم حوله، يخلي مكانه لمن يفهم وفي الحديث(العالم بزمان لا تهجم عليه اللوابس) من الثقافة الكلاسيكية، والتجارب، والاتصال الدائم بالأنباء الحركات، والتفكر الدائم، والمناقشة المستمرة والاستنتاج الوليد من التشاور والتفكر والمناقشة …

وبعد ذلك كله يحتاج إلي الإبداع في كل الأمور والمراحل، دون الركون إلي التقليد الجاف للأساليب، وإذا مارس الإنسان تفهم العالم والتهيء إلي الإبداع، صارت له ذهنيةخلافة، توجب الرؤية وسبق الزمن، وهذا من أهم وسائل التقدم وأسباب الرقي.

44 محاربة السلبيات

السلبيات الفكرية والعملية، هي السبب الوحيد للجمود ثم التأخر والفناء، وينقسم ذلك، إلي سلبيات في الفكر، وسلبيات في العمل، أما السلبيات الفكرية، فمن أقوي أسبابها، الشعور بالمهانة والذلة والإنحطاط، وأنه لا يتمكن من التقدم والعمل، ولا يقدر علي النهوض والقيام، وإن العدو متفوق لا يمكن الوصول إلي مستواه، ولا يقدر علي منازلته، حتي إذا كان الأمر كذلك، فاللازم الإيحاء إلي النفس بالعكس، وقد قرر الشارع في كل يوم أن يوحي الإنسان المسلم إلي نفسه خمس مرات، أنه وسائر المسلمين بسلام، في سلام الصلاة(السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله و بركاته) سلام من الفقر والمرض والجهل والرذيلة والتأخر.وفي القرآن الحكيم(والله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

وقال سبحانه(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون).

وقال: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).

وقال: (ان ينصركم الله فلا غالب لكم).

وقال: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

وقال: (اذ

يوحي ربك الي الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا).

وقال: (ولما برزوا الجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين)

إلي غيرها وغيرها.

وقد قرر علم النفس أن كثيراً من الأمراض يمكن رفعها بواسطة الإيحاء، كما أن الإسلام حكم بعدم إعطاء (المخذل: وهو من يذكر قوة الكفار وضعف المسلمين في باب الجهاد» حصة من الغنيمة، وإن جاهد في صفوف المسلمين.

وأما السلبيات العملية، فهي أن لا يقدم الإنسان علي أي عمل إنشائي وبنّاء لأجل توهم الفشل، أو النقد، أو زعم أنه لا يقدر علي ذلك العمل، أو لا يتمكن من إتمامه وإنجازه، فمن الضروري محاربة الانسان لسلبيات نفسه، وسلبيات غيره، بمختلف اساليب الإيحاء والدعاية، وتذكَّر تذكير نقاط القوة، وأعمال الناجحين، والفوائد الدنيوية والأخروية المترتبة عليالنجاح، والاضرار المترتبة علي الجمود وعدم الإقدام.

45 منظمات الاصلاح

إن المادية الغربية أوجبت تعقيد الأمور وتكثير المشاكل، حتي أنك لا تجد إنساناً إلا نادراً ليست له مشكلة أو مشاكل، وهذه هي طبيعة المادة حيث تطغي عن قدرها المناسب للحياة، والسر إن المادة مطلوبة للجميع، وهي محدودة فتقع عليها المنازعات، هذا من ناحية، ومن نواحي أخري، فإن عدم السماح الناشئ عن الابتعاد عن الروحيات، وكبت الحريات اللازم للحياة المادية، واندلاع القوميات والعنصريات والعرقيات واللونيات و الاقليميات الي غيرها، توجب تعقد الحياة ولذا فما دام أن الإسلام لم يأخذ بزمام الحكم، احتاجت المشكلات، إلي حل لها خارج نطاق القانون والمادة والروتينيات والشكليات، وأفضل طريق لذلك، تكوين منظمات لهذه الشؤون في كل بلد ومكان، والأفضل أن تكون المنظمة ذات فروع ففرع لإصلاح أمور العوائل وحل مشاكلها وفرع لإصلاح أمور التجار وحل مشاكلهم، وهكذا وهلم جرا، بذلك تخفِّف المشاكل إلي النصف أو أكثر من النصف.

كما أنه

يكون من شؤون هذه المنظمات التوسط لدي الحكومات لتمشية مشاغل الناس، سواء مشاغلهم التي تتمكن الحكومة من حلها دون سواها، أو مشاغلهم التي أجبر الناس عليها لتعقيد الحكومات سبل الحياة فمثلاً من القسم الأول، إذا أراد الإنسان الإقتراض من مصرف الدولة لأجل البناء، أو أراد إدخال مريضه في المستشفي الحكومي، أو أراد تخفيف أجور الطائرة لأجل سفره، ومن القسم الثاني، ما إذا أراد السفر ومنعه روتين الجواز، أو أراد البناء ومنعه قانون البلديات، أو أراد الزواج ومنعته مراسيم الزواج الحكومية، فإن هذه القوانين كلها علي خلاف حريات الناس الممنوحة لهم شرعاً وطبيعة، ولو لم تكن قوانين المنع عن السفر وعن البناء وعن الزواج، لم تكن للناس هذه المشاكل حتي تحتاج إلي الحل.

46 خلفيات التقدم

إن كل ظاهرة من ظواهر الحياة الطبيعية أوالاجتماعية، لها خلفيات، غائبة عن الأبصار، ولولاها لم تصل الحياة إليالظهور، مثلاً النبات الذي نراه: له خلفية النمو في التربة والجذور، والرعي والسقي، والقصر الذي نراه له خلفية المواد الإنشائية، والأعمال المتظافرة، التي طورت المواد الأولية حتي تصلح للبناء وهكذا الجيش الفاتح للمدن له خلفية الجهود المبذولة لجمعه وإيجاد الحماس فيه وتنظيم معاشه، إلي غير ذلك، والعالم إنما تقدم من أطراف المسلمين، وبقي المسلمون في الوسط، في أبشع أنواع التأخر، لعدة أمور، من جملتها الخلفيات الهائلة، التي أعدت الأرضية الصالحة للتقدم السياسي والإقتصادي و الزراعي والصناعي ما إلي ذلك بالنسبة إلي الأمم المتقدمة(وأقصد بالتقدم، التقدم الصناعي وما أشبه، لا التقدم الحقيقي الشامل لكل جوانب الحياة، فإن ذلك إنما يكون في ظل الإسلام فقط وفقط).

وإذا أراد المسلمون التقدم، لا بد لهم من الإهتمام بالخلفيات، فمثلاً: إذا أراد المسلمون التقدم الإعلامي، لا بد لهم من إعداد جيش من

الكتاب والخطباء الجيدين المزودين(بالإضافة إلي العلوم العامة والفن الكتابي والخطابي) بعلم النفس الممكن للإنسان من إفراغ مطالبة في قوالب ملائمة لمختلف أذواق السامعين.

وهكذا إذا أرادوا التقدم الإقتصادي احتاجوا إلي جيش من علماء الإقتصاد وعلماء السياسة(حيث إن هذين العلمين لا يستغني أحدهما عن الآخر) بالاضافة إلي مقومات أخر، وهكذا وهلم جرا … حتي أن علماء الاجتماع ذكروا أنه إذا أرادت الحكومة توسعه المدينةمثلاًبمقدارربع حجمها، احتاجت إلي خلفية المؤهلات عند كل الوزارات لذلك، فإنها تحتاج إلي مقدار ربع حجم الدوائر المديرة للمدينة، فإن الربع الزائد، بحاجة إلي الشرطة والمحكمة والمدرسة والمستوصف والامن والكهرباء والماء والتلفون و.و.و..

47 منظمات المصارف

من الضروري تكوين المصارف الإسلامية التي لا ربا فيها فإن الناس كلهم إلا من خرج بحاجة إلي القروض، أما لتسديد حاجاتهم الأولية، وأما لأجل الإنماء والتقدم، فإذا وكلنا الأمر إلي البنوك والمرابين، توقفت كثير من الحاجيات والإنماءات، إلي جانب أن البنوك والمرابين توجبان ازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء مما يوجب الثورات والفوضي، وأخيراً مجيء الفئات الديكتاتورية إلي الحكم، مما تضطهد الجميع: المقرض والمقترض(فإن الربا شرارة الحروب، والحروب مصانع الديكتاتوريات، والديكتاتوريات ارجاع بالإنسان إلي عهود الغاب) وما نري من التقدم الجزئي للدول الديكتاتورية في العالم الحاضر، فإن ذلك هو بدافع المنافسة مع الدول الديكتاتورية، بالإضافة إلي أنها متأخرة بالنسبة إلي الدول الحرة(ولو حرية نسبية) ولو كانت الدول الديكتاتورية، حرة لكان تقدمها أضعاف الحاضر، ولكان تقدم العالم أيضاً حتي بالنسبة إلي الدول الحرة أضعاف الأضعاف لدفع النافسة بين الدولتين الحرتين، إلي السباق في ميادين التقدم بكل القوي والطاقات..ثم إن المصارف غير الربوية التجارية، توجب تقدم الحياة في المجموع، ولا تكون أرباح البنوك التجارية غير الربوية، أقل من أرباح البنوك الربوية، كما فصلنا ذلك

في كتابنا (البنك الإسلامي).

48 تربية القيادات

المنظمات والمشاريع وغيرها، إنما تسير في ظل القيادات، وبدون القيادة، لا يتكون شيء، وإذا تكون فلا يصل إلي الهدف، فلا بد من توليد القيادات، والقيادة هي النخبةالصالحة، التي تتمكن أن تدير الحياة بوجه أفضل، وإذا رأينا نخبة غير صالحة تدير الحياة فاللازم أن ننتظر، (أولاً) بشاعة النتائج، و(ثانياً) مجيء اليوم الذي تنحي، فيه القيادة الفاسدة، لتأخذ مكانها القيادة الصالحة، وليس علي المجتمع أن ينتظر القيادة، بل عليه أن يؤلف الإجتماع الصالح، فإن الاجتماع هو المولد للقيادة، فإذا صمم عشرة مثلاًلإيجاد منظمة لمكافحة الربا، فليس عليهم إلا أن يجتمعوا بضع اجتماعات، فإن موهبة القيادة الكامنة في بعض أفرادهم، لا بد وأن تطفح علي السطح، وهناك تكون القيادة، تسير بالمنظمة إلي الهدف … وليس علي الإنسان الذي يريد الإصلاح أن ينتظر تسعة آخرين ليبدأ بالعمل، بل عليه أن يلتمس إنساناً آخر، ثم عليهما أن يلتمسا إنسانا ثالثاً، وهكذا، حتي يتم النصاب المطلوب، والمسلمون اليوم أحوج ما يكونوا لسد حاجاتهم المتزايدة إلي تشكيل اللجان والمنظمات، وتوليد القيادات.

49 منظمات نشر الكتب والنشرات

جوانب كثيرة من المجتمع الإسلامي وغيرالإسلامي، بحاجة إلي التفهيم والتعديل، ولذلك وسائل مختلفة من جملتها نشر الكتب والنشرات والمقالات والإلقاء في الإذاعات والتلفزيونات، وما أشبه ذلك.

وهذه الأمور تحتاج إلي المنظمات المختلفة، فمنظمة لأجل طبع الكتب ونشرها في الداخل، وأخري لأجل نشرها في الخارج وثالثة لإخراج الجرائد والمجلات، ورابعة لأجل نشر المقالات في الصحف، وإخراج النشرات الدورية، وخامسة لأجل إلقاء الخطب في الإذاعات والتفزيونات وهكذا، وكل قسم من أقسام هذه المنظمات ينقسم إلي شُعب مختلفة، كشُعب اللغات وشُعب المستويات، وما إلي ذلك مثلاً(منظمة الكتب) تحتاج إلي الشُعبةالعربية، والشُعبة الإنكليزية، والشُعبة الفارسية، والشُعبة التركية، والشُعبة الهندية، وكذلك تحتاج إلي شُعبة الكتب الفقهية، وشُعبة

الكتب التاريخية، وشُعبة الكتب التفسيرية، وهكذا تحتاج إلي شُعبة الكتب القديمة، وشُعبة الكتب الحديثة بمختلف أقسامها، وكذلك تحتاج إلي شُعبة الكتب المناسبة، لمستويات أهل العلم الديني، وشُعبة الكتب المناسبة للنساء، وشُعبةالكتب المناسبة للأطفال، وشُعبة الكتب المناسبة لطلاب المدارس بمختلف مستوياتهم … ولا يهولن القارئ ضخامة الأمر، فإن كل شُعبة تبدأ بإنسان واحد، ثم تتسع علي مرّ الزمن، كما أن أصل المنظمة يمكن أن تبتدئ بإنسان واحد، ثم تتسع إلي مختلف المنظمات، حسب الظروف والمؤهلات.

50 لكل شيء منظمة

إذا أردنا عصرنة المسلمين، والوصول بهم إلي ركب الحضارة الآلية، بل تقديمهم أمام العالم، حتي يسودوا ويقبضوا بالزمام لا بد وأن ندخل كل شأن من شؤون الحياة، تحت المنظمات، أخذاً من اكبر الأشياء وانتهاءاً إلي أصغر الأشياء، كل ذلك بشكل لا ينافي الحريات العامة والخاصة، فإن المنظمة توجب(أولاً) جمع القوي والطاقات و(ثانياً) توجيهها، و(ثالثاً) استمرارها، وكل ذلك من أسباب الدفع إلي الأمام، فإنك إذا جمعت عشرة، لهدف جمع المال لبناء مدرسة، ووجهتهم كيف يجمعون وممن يجمعون؟.

واستمروا في الجمع، لأتوا بالنتيجة في مدة قليلةجداً، حتي أنك تندهش من سرعة ذلك، وليس علي الإنسان المفكرأن ينتظر نضج المجتمع كله حتي يشرع في تكوين المنظمات، بل عليه أن يشرع من إنسان واحد، يلحقه بثان وثالث، ليجعلهم منظمة..مثلاً منظمة إعانة الفقراء تبتدئ من إنسان ثم يلحقه بثان وثالث ليجعلهم منظمة، وهكذا منظمة تنظيف المساجد، وهلم جرا.

وأني أن جماعة من المفكرين الذين يهتمون بهذا الشأن يتمكنون من إيجاد منظمات كثيرة في مدة غير طويلة، لكن بشرط أن يكونوا حازمين شورويين يأخذون برأي الأكثريةوأن يهيئوا الأجواء الملائمة، خصوصاً إذا جعلوا المنظمات متسلسلة، مثلاً: يكوِّنوا منظمة نشر الكتب والنشرات، ثم يقومون بإحداث الفروع التي ذكرنا بعضها في الفصل

السابق، وهكذا بشرط أن تكون المنظمات استشارية تسير بأكثرية الآراء وفق الموازين الإسلامية.

51 مؤهلات التقدم

علي كل فردأو جماعة، تريد تقديم الإسلام وتطبيقه، أن توفر في نفسه مؤهلات التقدم، وهي كثيرة جداً نذكر جملة منها وهي:

1 اللين المتزايد، فإن الانسان اللين يلتف حوله الناس، وينفذون مشاريعه، ويعادون أعدائه، مما يوجب تقدمه في الحياة.

2 الحزم، وهو معرفة مواضع الامور، ووضع كل شيء موضعه، من رضا أو غضب، أو إعطاء منع، أو فعل، أو ترك، أو هدم، أو بناء، أو غير ذلك.

3 تحمل المكاره والصعوبات فإن الإنسان الباني، يلاقي صعوبة حسد الاصدقاء، وتألب الأعداء، وعدم انصياع الأمور له، فإذا تحمَّل المكاره تمكن من التقدم وتقديم الحياة، وإلا وقع في حلقة مفرغة من المشاكل لا تزيده إلا جموداً وتأخراً، وفي الأثر(واعلموا أنكم لا تنالون ما تحبون إلا بتحملك ما تكرهون).

4 الرؤية الكاملة والإستراتيجية الواضحة والتكتيك المتكامل، وذلك بأن يعرف مبدأ الطريق، والهدف، ومقدار الحاجة في السلوك من القوي والطاقات، ومقدارما يتطلبه السلوك من التضحية، وقدر إمكاناته، وطاقة المعوقات والاعداء، وكيفية إمكان التغلب عليها، مثلاً من يريد تأسيس مدرسة أهلية، يجب أن يعلم قبل الشروع: كيف يشرع في التأسيس، بتحصيل الإجازة الحكومية، وإجازة المكان، وتهيئة المعلمين؟ وإن الهدف هو إخراج جيل مثقف متدين، وأن مقدار الحاجة المادية، هي عشرة آلاف دينار مثلاً، للسنة الواحدة، وأنه يحتاج إلي هيئة تؤازره في تحصيل الإجازة وجمع التبرعات وتأثيث المدرسة وما أشبه.

وإن ما يتطلبه من التضحية هو الوقت ومقدار مائة دينار من ماله لأجل الاجتماعات والولائم، وأنه يتمكن من هذين الأمرين.وإن الأعداء لا بد وأن يسعوا في عدم تحصيله الإجازة، والتغلب عليهم يكون بالوسائط القوية، وهكذا في كل صغيرة وكبيرة..وفي الغالب يفشل الناس في أمورهم

الشخصية أو الإجتماعية، لأجل عدم توفيرهم المؤهلات.

52 استشراف الخطأ والصواب

من أهم ما يلزم علي الذي يريد تقديم الإسلام أن يستشرف مواضع الخطأ والصواب، والنجاح والفشل في المؤسسات والحركات، بأن يطلع علي نقاط الضعف في الحركات الفاشلة، فيتجنبها، ونقاط القوة في الحركات الناجحة فيتخذها، فإنه كما تتشاكل قوانين الصوت والإنعكاس والأشعة وما أشبه، في عالم الطبيعيات، كذلك تتشاكل قوانين

الفشل والنجاح والتقدم والتأخر والظهور والسقوط في عالم الأعمال والحركات، مثلاً: إذا أراد إنسان أن يفتح دارللنشر الناجحة منها والفاشلة، ويري لماذا نجح ما نجح، وفشل ما فشل؟ مثلاً كان سبب النجاح الناجح، إن البلد الذي فتحت الدار فيه، كان أكثرية أهله قراءاً، والشخص الذي كان يدير الدار كان مخلصاً، ورأس ماله كان يتناسب وتطلع المؤسس لها وهكذا.

كما أن سبب فشل ما فشل، أن البلد لم يكن مناسباً، والمدير كان طامعاً، ورأس المال كان غير مناسب فإذا علم ذلك ووفر لمؤسسته أسباب النجاح، نجحت مؤسسته، وإلا فشلت، وأني أظن أن فشل بعض الاحزاب الإسلامية والمؤسسات الدينية في العصر الحاضرهو:

1 عدم المؤهلات، كما ذكرنا في الفصل السابق.

2 عدم الاستشراف لمواقع الخطأ والصواب.

53 الإستفادة من العطل

من المهم للذي يريد الخدمة الإسلامية الإستفادة من العطلات الرسمية، سواء كانت عطلة يوم كيوم الجمعة، ويوم العيد، أو عطلة أيام، كعطل المدارس، ففي الأول، يعقد الإجتماعات، وينجز الأعمال الخفيفة، وفي الثاني، يفتح الدورات الدينية، أو يكوِّن الهيئات لتعليم القرآن، وتقوية أفلام الطلاب، وتدريبهم علي الخطابة، وفتح دورات عملية لهم،

لتعليمهم مبادئ الصناعات، وما أشبه ذلك.

54 تشغيل المراكز الدينية والثقافية

إن البلاد الإسلامية تزخر بالمساجد والحسينيات والمكتبات والمدارس الدينية بمختلف أنواعها فاللازم استفادةالجهات العاملة من هذه المراكز، وتشغيلها بحيث تستفيذ كل طاقاتها، فمثلاً: المسجد صالح لصلاةالجماعة، ولتكوين مكتبة فيه للمطالعة، ولبيع الكتب الدينية علي أبوابه أوقات صلاة الجماعة، ولجمع التبرعات لاجل المشاريع، ولتكوين هيئة لأجل تدريس القرآن والاحكام، ولعقد مجالس الوعظ والإرشاد، ولتشويق الناس للذهاب للحجوالزيارة، ولعقد الإحتفالات بالمناسبات وهكذا، وكذلك الحسينيات بالإضافة إلي صلاحيتها: للتمثيليات الدينية، والأطعام بالمناسبات، وعقد الإجتماعات والندوات ولو للأمور الدنيوية، وتخصيص بعض غرفها الفارغة للطلاب، وللمؤلفين، إلي غيرها وغيرها.

55 الزراعة

من اللازم زرع جميع الأراضي البائرة بما يناسب حالة الأرض، حتي تصبح بلاد الإسلام كلها مزروعة، وليس القصد من هذا، أن تصبح البلاد زراعية، بل اللازم أن تصبح الأراضي البائرة منتفعاً بها، وإلا اللازم جعل البلاد صناعية، فإن الصناعة هي الآخذة بزمام عالم اليوم، وكذلك يلزم تحسين وسائل الزراعة، وتحسين سلالات الأطعمة والحبوب، وإذا كثرت الزراعة تحسن الهواء، وكثرت الدواجن والرخاء، وقلت الأمراض، وتوفرت الأرزاق، وانعدمت البطالة، إلي غيرها من الفوائد المعروفة، كما يلزم إدخال أحدث الوسائل في الزرع، والأخذ بآخر النظريات العلمية، لأجل الإستفادة من المحاصيل.

كما أنه يلحق بذلك لزوم حث الناس علي زراعة المزروعات الخفيفة في البيوت والمعامل وما أشبه، للإستفادات المنزلية منها، فربما استفاد الناس من هذه المزروعات أكثر من نصف حوائجهم إلي الخضر والفواكه وما أشبه.

56 تربية الأجيال علي السيادة

السيادة لها مقومات فكرية وعملية ونفسية وهي ملكة في الإنسان قبل أن تكون وجوداً في الخارج، فمن اللازم علي المسلمين أن يربوا أولادهم عليالسيادة، أي يوحوا إليهم ويشعروهم بأنهم سادة، وأن اللازم أن يوجدوا في أنفسهم ملكة السيادة، وأن يعملوا لتحقيق هذه المهمة في حياتهم العملية، ينقل(إن أحد الملوك، لم يكن لأبيه شأن، وذات مرة رأي الملك وهو طفل إنسان فقال: أظن أنه ويشير إلي الملك يسود قومه، فقالت أمه وقد كان الطفل في حضنها خسرت أمه أن لم يسد إلا قومه» وهكذا ربت الأم ولدها علي السيادة، فلما كبر الولد، اهتم للملك حتي وصل إليه.

والتربية علي السيادة تحتاج إليالإيمان، وإلي تهيئة المؤهلات الممكنة.مثلاً: إذا تخرج الطالب من الجامعة، حفزوه لأن يدرس في الخارج، وإذا أخذ الماجستير، حفزوه لأن يأخذ الدكتوراه، بعد ذلك يحرضونه لأخذ جائزة نوبل، تحريضاً مع دفعه إلي الأمام أيضاً بتهيئة وسائل

تقدمه وسيادته ومن الواضح إن السيادة تحتاج إلي التواضع والاستشارة والحزم والكرم والعفو ونحوها.

57 عدم الإنسحاب

اعتاد كثير من المسلمين علي الإنسحاب من ميادين الحياة، إما بحجة مخالفة الشرع كما يكثر ذلك في المتدينين وإما بحجة عدم التمكن من البقاء والإستمرارفي العمل، وإما بحجة عدم الإمكانات، أو ما أشبه ذلك، والغالب إن كل هذه المبررات، إنما هي واجهة تختفي ورائها السلبية المتأصلة في النفوس الضعيفة، فمن الضروري تبديل هذه الحالةعند المسلمين، حتي يكونوا مقدامين، غير هيابين، اما جهة الشرع، فإن الشريعة الإسلامية لم تحرم إلا عدة أمور قليلة، بالنسبة إلي المباحات والغالب أن الأهميةإذا دار الأمر بين الأهم المهم والعسر والحرج والضرر والاضطرار، توجب إباحة قسم من المحرمات مما تشخيصه مما يتوجب بيد مرجع التقليد، وأما جهة عدم الإمكان و الإمكانيات والقدرة، فالغالب إنه خلاف الواقع، والدليل علي ذلك المقارنة البسيطة بين الأمة المتقدمة والامة المتأخرة، والفرد المتقدم والفرد المتأخر، وقد كشف عن زيف ذلك القرآن الحكيم في قوله حكاية عنهم: (ان بيوتنا عورة، وما هي بعورة ان يريدون إلا فراراً).

واللازم أن يعرف المنسحبون أن الحياة لا تجمد، وأن الفراغ لا يبقي، وأنه إن انسحب المسلم، ملأ فراغه غير المسلم، وإن تجمَّد المتدين انطلق غيره، فيكون المسلم والعياذ بالله خسر الدنيا والآخرة.

58 منظمات الكتاب والسنة

ترهل كثير من المسلمين، ولذا جمد عندهم الكتاب والسنة، وأخذوا بجانب واحد منهما، وهو جانب بعض العبادات وبعض والمعاملات ونحوهما، أماا لإسلام ككل المستفاد من الكتاب والسنةفلا تري له أي أثر في حياة غالب المسلمين العملية، ولذا تري أن الإسلام المأخوذ بعضةلا يتمكن من حل المشاكل، وهل تطير الطائرة إذا نقص كثير من أجزائها؟ أو هل يكون الإنسان حيَّاً، إذا لم يكن له قلب ولا كبد ولا رئة؟

ونظرة واحدة إلي حال الأمة كمجموع، وحال غالب الأفراد، تكشف حقيقة ما

ذكرنا، فأين آيات الإنفاق؟ وأين آيات الجهاد؟ وأين آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وأين آية إن كان آبائكم وأبنائكم..؟ وأين آية التعاون علي البر والتقوي؟ وأين آية الإيثار؟ وأين آية واعتصموا بحبل الله جميعاً؟ وأين آية إن أكرمكم عند الله أتقاكم؟ وأين آية حتي يحكموك فيما شجر بينهم؟ وأين آية ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون؟ وأين آية وأنتم الأعلون؟ وأين آية وأعدوا لهم ما ااستطعتم من قوة؟ وأين آية ويضع عنهم إصرهم؟ وأين آية إنما المؤمنون أخوة؟ وأين آية لا تنازعوا؟ وأين؟ وأين؟ ثم أين تطبيق الفقه الإسلامي في مختلف أبوابه العبادية والمعاملية؟ وأين العمل بالواجبات؟ واجتناب المحرمات؟ وأين تطبيق القضاء والشهادات والحدود والقصاص والديات؟ وأين؟ وأين؟ فمن اللازم أن تشكل منظمات لإحياء الكتاب وحدوده، والسنة وشرائعها.

(أولاً) بنشرها بين المسلمين نشراً علمياً حتي يعرف المسلمون الكتاب والسنة.

و(ثانياً) بتطبيقهما بين المسلمين تدريجياً فتشكل منظمة مثلاً لتحريض الناس علي الإننفاق، وأخري لتهيئة وسائل الجهادحسب الإ‘مكان.

و(ثالثاً) لاجل محاربة القوميات والعنصريات واللونيات والإقليميات تطبيقاً لقوله سبحانه: (وان هذه امتكم أمة واحدة)

و(رابعاً) لتبديل القوانين الكافرة بالقوانين الإسلامية.

و(خامساً) لنشر القرآن وتفسيره، والسنة، نشراً يلائم الناس، مثلاً، نشر قصص القرآن الحكيم، مزوداً بالصور، والتفسير حسب ما يفهمه الجيل الحاضر ومداركه، وهكذا وهلم جرا.

59 منظمات الشباب

إن الغرب والشرق نشروا شباكهم وحبالهم، بكل مكر ودهاء، لصيد الشباب وإدخالهم في منظمات الإلحاد والفساد، وقد تمكنوا بالفعل من جرف غالبية الشباب فمن الضروري علي المسلمين انقاذ الشباب المنجرف، وحفظ الشباب غير المنجرف، ولا يكون ذلك إلا بمنظمات لها نفس المقومات والاساليب ولكن بصورها المشروعة مثلا: الشباب يحتاج الي التكتل، وقضاء حوائجه، ووجود أجنحة شابة له لتسعده في الحياة، ومحلات تقضي الوقت، وقد

هيء الغرب والشرق لهم الاحزاب المنحرفة، والسينمات الداعرة وأغاني الراديو، والحانات المنحرفة، والمباغي، والمقاهي، والنوادي المختلطة، و.و. فإذا كتلناهم نحن حسب أحدث نظريات التكتيل والتنظيم، وفتحنا لهم النوادي التي تجذبهم واستعجلنا بزواجهم، وأحيينا(السبق والرماية) الاسلامي، وفتحنا لهم السينمات الخالية من المحرمات بنفس التقدم والاغراء، وهيئنا لهم الرياضة الصحيحة. و. و. لتمكنا من غلق أبواب الالحاد والفساد، بل وبسرعة مذهلة لان الالحاد والفساد والتعبية للغير خلاف طبيعة البشر خصوصا المسلمون منهم.

وما اشتهر عند بعض الناس، الفساد من الصلاح، وان طبع البشر ميال اليه، خلاف الواقع، بل الصلاح اسهل وطبع البشر اليه أميل، وأني أظن ولي تجارب في الامر ان نصف الجهود التي تبذل للفساد، لو بذلت في الصلاح لتقدم الصلاح بصورة مذهلة، أما من بقي من الشباب في حال الفساد فلايهم أمره، لانه حيث لا يصل اليه المدد يتجمد.

والجيل الجديد كاف في حمل مشاعل الاسلام والصلاح، فإن الشباب كالنهر، اذا فسد منه قسم، كان الباقي صافيا، يستفاد منه في مختلف مرافق الحياة.

60 دفع تهمة الرجعية

قال أحد زعماء الالحاد: (أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتي يصدقك الناس) وقد طبق الكفار هذا علي السلام والمسلمين، فاتهموا الاسلام بالرجعية والتأخر الفكري والجمود، ووصفوا انظمة الالحاد والفساد بالتقدمية والطليعة والانطلاق، وأنطلت الخديعة علي بعض شباب المسلمين، فمن اللازم علي المسلمين الواعين ان لا يألوا جهدا في نسف هذه الاكذوبة، وكشف هذا الزيف، ووضع كل من الاسلام، والالحاد والفساد، في موضعه، ليظهر أمام الرأي العام كل علي حقيقته، وذلك يحتاج الي تجريد حملة دعائية في مختلف المستويات وعملية غسل الدماغ.

بالإضافة الي أن الامر بحاجة الي التطبيقات العملية، فإن الدعاية بدون العمل لا تنفع، والقول المجرد عن الفعل لا يجدي، بل اذا انشغلنا بالدعاية

المجردة والقول فقط، ربما ازداد الوضع خطورة، لانه يكون شاهدا علي خور الاسلام وفراغه عن الصحة والواقع.

61 الوعي للمسؤولية

من الضروري علي الفئات العاملة للاسلام، ان ينشروا(الوعي للمسؤلية) بين طبقات المسلمين، فإن الاسلام جعل كل فرد مسؤولا عن جميع المسلمين، بل عن البشر، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وعمم وجوب ارشاد الجاهل، وتنبيه الغافل وهداية الضال، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل فوق ذلك جعل الجنة، لمن يتطلب ويسير في طريق القيادة والامامة حيث قال سبحانه: (واجعلنا للمتقين اماما.. أولئك يجزون الغرفة) ومن المعلوم استلزام الامانة والقيادة لمنتهي درجات الوعي والعمل.

ولكن ومع الاسف بالعكس من كل ذلك، فإنه هم المسلمين غالبا، عدم الشعور بالمسؤولية اطلاقا، بل يري كل واحد وكل فئة منهم ان غيره من الافراد والفئات هم المسؤولون عن كل شيء من التأخر والانحطاط والفساد، فيضع التاجر لوم تأخر المسلمين علي العلماء والخطباء، ويضع العالم والخطيب لوم التأخر علي الاثرياء، ويضع الشعب اللوم علي الحكومة، وتضع الحكومة اللوم علي الشعب، وهكذا وهلم جرا.

فاللازم ان ينقلب الميزان، ويعرف كل ان المسؤول هو بالذات، فإذا عم هذا الوعي تقدم المسلمون الي الامام بخطوات سراع.

62 الفن الاسلامي

لم يتدخل الغرب والشرق في شيء الا أفسداه، ومن ذلك: الفن، فأدخلا فيه الخلاعة والرقص وما أشبه، وعمما بذلك الدعارة والتأخر، واللازم علي المسؤولين الاسلاميين، ان يدخلوا الفن في الحياة الاسلامية، دون أضراره الحاضرة(فإن الله جميل يحب الجمال).

وفي الآية الكريمة(خذوا زينتكم عند كل مسجد).

وفي آية أخري(ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون).

ولا أقصد بالفن الاسلامي، معناه الشائع الآن من ما كان متعارفا في العهد الاسلامي، من طراز الابنية، والظروف، والستائر، وما أشبه ذلك، بل المراد الفن الخالي عن الاضرار والانحرافات سواء كان قديما أو حديثا.

63 خصال الحركة الاسلامية

يلزم علي الفرد أو المنظمة التي تريد ان تعمل للاسلام، أي لون من العمل كان، تتصف بمجموعة خصال، هي في الحقيقة مفتاح النجاح والانجاح، وهي:

1 الاخلاص في العمل.

2 التوكل علي الله في كل صغيرة وكبيرة.

3 الشجاعة في الاقدام.

4 ان لا تأخذها العزة بالاثم، فحين ما رأت عدم الصلاح، اعترفت بالخطا وانسحبت الي أمر آخر صالح.

5 حفظ الاصدقاء، حتي في أشد ساعات الحرج.

6 التحفظ علي توازن الاعصاب.

7 تحري الحقيقة.

8 تفهم الاهم والمهم من الاعمال وترجيح الاول علي الثاني.

9 المرونة.

10 الصدق مع النفس ومع الغير.

11 الصبر فإن الصبر مفتاح الفرج.

12 أنتهاز الفرصة فإنها تمرمر السحاب.

64 النظر من الزوايا الايجابية

لكل مقصد يريده الانسان زوايا إيجابية وزوايا سلبية، ومن دأب العاملين أن ينظروا إلي الامور من زواياها الايجابية، كما أن من شأن السلبيين أن ينظروا إليها من زواياها السلبية، مثلاً إذا أراد الإنسان الزواج من كريمة زيد، فللزواج زوايا إيجابية، هي الإنجاب، وتكوين العائلة، وتوفير المسكن، وقضايا الجنس، كما ان له زوايا سلبية، هي احتمال الفقر، وعدم الالفة، وإن هذه الفتاة غير دارسة، أو أن عائلتها لا تلائم عائلة الفتي، أو ما أشبه ذلك فالإيجابي يلاحظ الزواج من الزاوية الأولي فيتزوج، والسلبي ينظر من الزاوية الثانية فيترك.

وكذلك الأمر في فتح مدرسة أو تأسيس منظمة، او بناء مسجد، أو تكوين هيئة، أو غير ذلك، إنه ليس المقصود من هذا الفصل عدم التفكر، والتعادل والتراجيح، والأخذ بالأحسن، وإنما المقصود أن لا يكون الإنسان سلبياً، كما هي عادة غالب المسلمين في الحاضر.

ويجب أن يعلم الإنسان، أن ليس كل أعماله موفقة، فالعامل يعمل ولو لنجاح عشرة في المائة، بينما السلبي لا يعمل إلا إذا علم بالنجاح مائة في المائة، ولذا يربح العامل غالباً أكثر من خمسين

في المائة، بينما السلبي لا يربح حتي الواحد في المائة، إذ الربح إنما يأتي من العمل لا من السلب والترك.

65 الإنسجام العام

الإنسجام مع الناس فاتحة التمكن من العمل، فاللازم علي الأجهزة الإسلامية أن تنسجم مع الناس إنسجاماًتاماً، ولا يمكن ذلك، إلا بتبرير أعمالهم، مهما وجدت إلي ذلك سبيلاً(احمل فعل أخيك علي الصحة) والاغضاء عن زلاتهم مهما أمكن.

قال الشاعر:

ولسَتَ بمسِتبِقٍ أخاً لا تلمه

علي شعتٍ أيّ الرِّجالِ المهذَّبُ

والرضوخ للأمر الواقع، هو ما في الناس من عيوب وانحرافات مهما كانت كبيرة.

قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر: (الناس إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق) وفي الحديث: (بذل السلام للعالم).

ثم ما فائدة التأفف؟ وما الذي يحصله الإنسان من محاربة الناس وذكر معايبهم والإبتعاد عنهم؟ حتي أن اعدي أعدائك إن سألت عنه بلطف تجعله أقل ضرراً؟ والمنافق الذي ينافق عليك إن سالمته، تجعله أقل خطراً، حيث يبقي علي نفاقه ويجاملك ظاهراً، بينما إن عاديته يظهر لك العداء، ويلتحق علناً بصف الاعداء.

66 مراكز البحوث الإسلامية

من الضروري علي الواعين من المسلمين تشكيل مراكز للبحوث الإسلامية، شأن هذه المراكز تعريف الناس بالإسلام، وردّ الشبهات حوله، وذلك بواسطة مختلف الوسائل من مراسلات، ونشرات، وكتب، ومقالات، وخطابات إذاعية، وغيرها.

67 الأدمغة المفكرة

من اللازم علي الأجهزة العاملة في سبيل الإسلام، جمع الأدمغة المفكرة والبناءة، فإن المفكرين والبناة هم الذين يتقدمون بالشعوب والبلاد إلي الأمام، فإن المفكرالواحد إذا كان يبني ألفاً، كان من قدرة مفكرين اثنين بناء خمسة ألاف، أو ما أشبه، ومرادنا بالمفكرين: الذين يساهمون في التخطيط ومرادنا بالبنائين: الذين يبنون الحياة، كالطبيب والمهندس وعالم الفلك وغيرهم، وليس من السهل جمع المفكرين، ولا حفظ البناة، ولذا يحتاج ذلك إلي عدة مؤهلات من الحرية والمال والإحترام والمجال المناسب للعمل والوعي، فإنه مهما وجد المفكر والباني، مكاناً أصلح، انحدر إليه كما ينحدر الماء إلي المنخفضات، فاللازم إيجاد الوعي للمسلم المفكر الباني، إن ما يفقده هو وأمته من الذهاب إلي أمريكا وإنكلترا وفرنسا وألمانيا، وما أشبه، أكثر بكثير مما يجده هو من الذهاب إلي تلك المناطق …

وإلي جانب جمع العقول المفكرة والبناة، يلزم تكوين العقول المفكرة والبناة، وذلك بالوعي وإيجاد الأرضية المناسبة والتحريض الدائم ثم المشي معهم خطوة خطوة، والدعاية لهم، ودعمهم بمختلف أنحاء الدعم، وحتي إذا هاجرت الأدمغة والبناة، يلزم توجيههم إلي خدمة الإسلام من المهجر، لا أن يذوبوا في خضم العالم غير الإسلامي، كقطرة تذوب في خضم البحر الكبير.

68 حسن الأخلاق

يعتاد الناس إطلاق كلمة(حَسَن الأخلاق) علي كل من كان لسانه الين، وتعاونه مع الناس أكثر، لكن المراد من حسن الأخلاق معناه العلمي الفلسفي وهو الاتصاف بالفضائل النفسية، المذكورة في علم الأخلاق، من السخاء، والشجاعة، والجرأة، والغيرة، والإندفاع، والنشاط، والرجاء، وغيرها..

إن من الضروري علي الأجهزة الإسلامية أن يتصفوا بحسن الأخلاق بهذا المعني، فإن كل نقص في جهة من هذه الجهات يلازم التأخر، وأحياناً الجمود العام.

قال تعالي: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًَ غليظ القلب لا نفضوا من

حولك).

وقال سبحانه: (انك لعلي خلق عظيم).

وقال الإمام السجاد(عليه السلام) في دعاء مكارم الأخلاق: (سددني لأن أعارض من غشني بالنصح، وأجزي من هجرني أجزي من هجرني بالبر، وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافئ من قطعني بالصلة، وأخالف من اغتابني إلي حسن الذكر، وأن أشكر الحسنة، وأغضي عن السيئة).

إلي غيرها وغيرها، مما ذكر في كتاب جامع السعادات وغيره.

69 اليقظة الكاملة

إن العمال في الحقول الإسلامية، لا بد له من ما ل، ومن قوة، ومن رجال، ومن دفاع، ومن مداراة، ومن، ومن، وذلك لا يتأتي إلا باليقظة الدائمة، والحذر المستمر، فإنه ربما فاتت فرصة لا يحصل عليها إلي آخر عمره، كما أنه ربما غفل ساعة، فسقط إلي قيام الساعة، وربما صار مقدار مليمتر من الشريط سبب فضيحة علي حجم (ووترغيت) واليقظة الكاملة تحتاج إلي الأجهزة العاملة، وإلي الإستطلاع الدائم، وإلي المشاورة المستمرة، وإلي التعديل والتبديل، وإلي وضع الحلول المسبقة لمختلف الإحتمالات الناجحة في المستقبل، وقديماً قالوا في قصة سقوط بني أمية (ذهبت الدولة ببولة).

وقال الشاعر الفارسي:

أُغفلت زماناً فَطَالَ دربي مائَةُ سَنةُ

إن قطرة من الدواء خطأ قد تسبب العمي خمسين سنة.()

70 العمل الدائم

من اللازم علي من يريدالعمل للإسلام أن يهيء نفسه للعمل الدائم، الذي لا يعرف الكلل والوقوف، وفي القرآن الحكيم(انك كادح الي ربك كدحاً فملاقية).

فالكدح مستمر إلي أن يفارق الإنسان الحياة، ويخطأ من يفكر أن الأمر ينتهي إلي قيام حكم الإسلام، فإن لو فرضنا أنه قامت حكومة إسلامية موحدة تضم تحت أجنحتها ألف مليون مسلم، فإنه يبقي التقدم محتاجاً إلي العمل الدائم، وتبقي المنافسة مع الحكومات التي تسرع إلي التقدم بخطي سريعة ووسيعة، ثم إنه يلزم أن يخطط الإنسان للعمل الدائم المتناسب، مثله مثل من يريد السير ألف فرسخ، فإنه يحتاج إلي التخطيط للوقود والسير، والرفيق، ومواجهة المحتملات، إلي غير ذلك.

إن العالم اليوم يسير بسرعة عجيبة في العمل ومن يكن أكثر عملاً يكون أكثر تقدماً بالإضافة إلي لزوم سائر المؤهلات وأحياناً نري أن جماعة عملت خمسين سنة حتي وصلت وأحياناً لا تصل بعد، حيث أن الطريق أمامها طويل طويل، إذاً فمن أراد تقديم الإسلام، يلزم عليه أن

يتهيئ للعمل الطويل والشاق، وإذا فشل مرة أو ألف مرة، فعليه أن يقول، ان هذا هو الفشل الأول، في الطريق أو الفشل الألف، وعليّ أن أعمل وأعمل حتي أصل، لا يقول أني فشلت، فاللازم أن أترك.

وعمل الأنبياء بمجموعهم، وبأفرادهم خير أسوة ومرشد، فكان النبي الواحد يعمل سنين، حتي أحياناً يصل مجموع عمله ما يقارب الألف سنة كما في قصة نوح ومع ذلك لا ييأس، كما أنه كثيراً ما كان من نصيب النبي السابق عدم الإستجابة له، ومع ذلك يأتي النبي اللاحق ليكمل المسيرة، ولقد وصل الأنبياء بالفعل إلي الهدف، فإن ما انتشر اليوم في الأرض من العقيدة والشريعة والخير، إنما هو من صنع الانبياء، هذا بالإضافة إلي ما أحرزوه من الذكر الجميل والقدوة الصالحة.

71 ثالوث التأخر ومناهضته

(الغرور) و(العنف) و(عدم منطق اليوم) هذه الثلاثة من أبرز ما سبب سقوط بعض الحركات الاسلامية، وقد قرر الإسلام خلاف الثلاثة.

قال سبحانه: (ولا يغرنكم بالله الغرور)

وقال سبحانه: (ادخلوا في السلم كافة).

وقال سبحانه: (ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه).

إن الغرور بقوة الإسلام الذاتية، أو سوابقه المشرقة، أو نهج تطبيقه وسيطرته في العالم القديم، وكذلك العنف في تطبيقه والعنف النفسي في لزوم ابادة كل ما يخالفه، واتهام كل من لا يري رأيه ولو كانت تلك المخالفة عن بساطة وجهالة وعدم مواكبة منطق اليوم وإنما منطق العالم القديم، كل هذه الثلاثة سبب سقوط بعض الحركات الإسلامية، وأخذ الناس نظرة سيئة عن الإسلام.

إن الغرور بان البلاد لنا.وإن الكفر زاهق لا محالة، وإن الإنحرافات تيارات وعواصف تهب وتخمد.وإن قوة الإسلام كافية في إزالة كل الملابسات، خلاف منطق الإسلام والقرآن وسيرة الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم)، قال تعالي: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وكان الرسول (صلي

الله عليه وآله وسلم) لا يهدأ ليل نهار، يخطط، ويتشاورويعمل، نعم صحيح أن البلاد لنا وغيره لكن ذلك لا يبرر عدم العمل، فإن عدم العمل غرور وموجب للتأخر..

والعنف ثاني أسباب التأخر فإن بعض المسلمين حيث يعرفون أن الحق معهم، وأن من يحاددهم معاند مغتصب، تأخذه الغضبة علي غير المسلم إذا تجاوز الحق، وعلي المسلم المنحرف لانه منحرف، وغضبته المنتهية إلي سوء تصرفه أكبر أداة لهدم بنائه، وخير مساعدة لمن يحاربه وينحرف عن الطريق المستقيم.

واليوم له منطق جديد في مختلف شؤون الحياة وإذا لم يعرف المسلم هذا المنطق، واستعمل المنطق القديم، كان لا بد وأن ينساب الناس إلي من يعرف المنطق الحديث، مثلاً إن الناس سابقاً كانوا يتحرون الحق والحقيقة، وكان ذلك هو المحور لتمايل الناس ولذا كان المسلم يتكلم مع الناس بهذا المنطق فإذا غلب عليهم كان بيده مفتاح النجاح، أما اليوم فالمنطق الذي يميل إليه الناس هو(التقدم والإقتصاد وتأمين السلام والرفاه» وما عليك بعد أن تغلبب عليهم في أن مبدأك يوفر تلك، أن يكون معك الحق أم لا؟

والجبهات المعادية للإسلام مبدؤهم هذا المبدأ، بينما يكذبون، والمسلم كثيراً ما لا يعرف هذا المنطق حتي بمقدار أن يلوح به، أو يبين الخطوط العملية له، ولذا ينفض الناس من حوله.

72 النمو المتناسب

يجب أن يكون العامل للإسلام مراقبا؟ شديد الرقابة للنمو المتناسب للاجهزة الإسلامية، فإن المبدأ، حاله حال الإنسان الحي، في أن نموه إذا لم يكن متناسباً أوجب الفساد والخبال، فكما أن اليد والأنف، وشعر الرأس والأهداب، يختلفان في النمو، حتي أنه لو نمي الأنف كنمو اليد، اوالعكس أوجب الشويه والفساد، كذلك إذا نمت جهة إسلامية، دون جهة أخري، مثلاً إذا بني القائد مائة مسجد ولكن لم يهيء لإمامة الجماعة

إلا خمسين، كان ذلك تعطيلاً للمساجد الخمسين الباقية، وهكذا لو بني مائة مسجد، وهيأ مائتي إمام، فإنه تعطيل للأئمة …

إن الاجتماع له تناسب خاص، في مختلف جهات الحياة، فكلما لم يوفِّر ذلك التناسب كان نقصاً مشيناً، وكذلك إذا لم يوفر القائد الإسلامي، أو الجهة الإسلامية بعض الجهات، مثلاً إذا أردنا دفع الشباب إلي الإسلام، احتاج ذلك إلي (منظمات) و(خطابات) و(كتب) و(مجلات) و(نوادي) و(لجان تزويج العزاب) و(لجان تشغيل العاطلين منهم) و(لجان قضاء مأربهم مثل أن يشق لهم الطريق إلي المدرسة، وإلي الوظيفة، وإلي النجاح» وما أشبه ذلك.

فكل مرفق بقي فارغاً، اتجه الشاب إلي مرفق فاسد يملأ فراغه من تلك الجهة، وهكذا كل شأن من شؤون الإسلام.

73 فن السيادة

فن السايادة فن خاص يحتاج إلي معرفة وحكمة وتجربة ومرونة، وأنه كيف يأخذ؟ وكيف يعطي؟ وكيف يدير؟ وكيف يعاقب؟ وكيف يثيب؟ وكيف يتغافل؟ ومن يصادق؟ ومن يتارك؟ إلي غيرها، والمسلمون اليوم بعيدون عن هذا الفن، ولذا تراهم محكومين لسيادات غربية وشرقية، فعلي القادة الإسلاميين، والمؤسسات الإسلامية، والانظمةالإسلامية، أن توفر لأنفسها هذا الفن عملياً، حتي تتأهل لقياد الحياة والتقدم بالامة إلي الامام.

إن الشعب الذي يعرف فن السيادة، حاله حال الفرد الذي يعرف فن السيادة، فكلما الفرد العارف يسود الناس، كذلك الشعب العارف يسود الشعوب، ولمعرفة هذا الفن يحتاج الإنسان، إلي طول مطالعة التاريخ لرؤية مواضع العبرة فيها، كما يحتاج إلي مراقبة أحوال الامم التي تسود، والتي لا تسود، ليعرف الفرق بينهما، فيأخذ بمقومات الأولي، ويترك أسباب ضعة الثانية، فقد قيل للقمان(عليه السلام): (ممن تعلمت الادب؟ قال: ممن لا أدب له، حيث تركت كل ما عمله من الامور القبيحة).

وفي المثل: (تعرف الأشياء بأضدادها..وتعرف الأشياء بأمثالها).

وكما يلزم علي من يريد السيادة، معرفة فن

السيادة، كذلك يلزم علي من يريده السيادة، أن يدفع (ضريبة السيادة) وضريبة السيادة تبدأ بالهمز واللمز والسباب من الناس للسيد وتنتهي إلي السيف وتحمل مسؤولية بذل المال والدم، قال الشاعر:

لا يسلم الشرف الرفيع من الاذي

حتي يراق علي جوانبه الدم

وعن الإمام الحسين عليه السلام أنه أنشد:

وإن كانت الأبدان للموت أنشأت

فقتل امرء بالسيف في الله أفضل

ويجب أن يعلم الإنسان، أو الأمة التي لا تريد إعطاء ضريبة السيادة، أنها تخسر السيادة، وتخسر الضريبة في وقت واحد، فإن الشعب الذي لا يريد إعطاء ضريبة السيادة، لا بد وأن يتسلط عليه من يجند شبابه في ساحات سيادة المتسلط لا سيادة الشعب، ويستنفذ أمواله في سبيل إعلاء تاج المتسلط لا تاج الشعب.

74 مزاولة التفكير

لقد أصبحت جملة من بلاد الإسلام، تحت وطأة الضغط، وكابوس الإستعمار الواضح أو الخفي، فمن الضروري علي مفكري تلك البلاد، أن يخرجوا منها إلي بلاد الحرية، ليتمكنوا من مزاولة التفكير، لأجل انقاذ الإسلام وإنقاذ البلاد، فإن البلاد الخانقة لا تخنق العمل فقط، بل تخنق التفكير أيضاًإذاً التفكير إنما هو تدريجي، حسب مراتب العمل، فمن لا يعمل لا يتمكن أن يرقي بفكره إلي المدارج العالمية، وليعلم المفكرون أن بقائهم في بلاد الخنق، لا يزيد الطغاة إلا طغياناً، والشعب إلا مهانة، فكما في السجن لا يمكن العمل علي تحطيم السجَّان، كذلك في بلاد الخنق، هذا بالإضافة إلي أن الله سبحانه أعدَّ لأمثال هؤلاء مهانة في الدنيا وعذاباً في الآخرة.

قال تعالي: (الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فاولئك مأويهم جهنم وسائت مصيراً).

والاستثناء خاص بالمستضعف الذي لا يجد حيلة ولا يهتدي سبيلاً..وإذا كان بقاء المفكر في بلد الخنق

لأجل العيش فليعلم أن العيش في بلادا لحرية أسهل وأفضل من العيش في بلد الخنق، وليس المقصود أن يهاجر فقط، بل اللازم عليه أن يستثمر حرية البلاد المتحررة في نصرة الإسلام والمسلمين …

ثم أن أفضل علامة للبلاد الكاتبة للحرية من البلاد المتحررة هي نقد السلطة من القاعدة إلي القمة فهي بلاد الحرية، وإلا فهي بلاد الكبت والخنق.

75 القيادة المستهوية

يلزم علي القادة الإسلاميين والمؤسسات الإسلامية، أن تستهوي الناس أدبياً ومادياً، وذلك يتوقف علي عدة عوامل، التي من جملتها النظام، والجماهيرية، والنتائج الحسنة، والدعاية الصادقة، وقضاء الحاجات، والمبادرة، والشجاعة، واستباق الزمن، والتجدد، ومواكبة الحضارة، وغيرها، فالناس إذا رأوا نظاماً دقيقاً، والتفاف الناس حول شيء أو شخص، وروعة، وإن نتائج الشخص أو المؤسسة رفيعة، وإن له مبادرات، وغير ذلك، التفوا حوله، وبقدر التفاف الناس يتمكن الإنسان أن يخدم الإسلام.

أما إذا كانت القيادة مهلهلة، منكمشة علي نفسها، تسير في ذيل القافلة، أو لا تسير أصلاً، وليست عندها جراة الاقدام، وهلم جرا، تردت القيادة من سيء إلي أسوأ، حتي تنفذ كل مقومات بقائها، لتخلفها قيادة لها المؤهلات المذكورة.

76 بديل صالح مواكب

إن الإسلام لم يحرّم شيئاً إلا لضرر فيه، ثم لم يكتف بذلك، حتي وضع له بديلاً يسد الحاجة كاملاً وهو خال عن الأضرار التي من أجلها حرّم الإسلام ما حرم، فالسلبية جزء، والإيجابية جزء آخر، وبعض القيادات الإسلامية، اكتفت بالسلبية، من دون أن تفتح إلي جانبها الإيجابية، ولذا اتهم الإسلام بالجمود، واتهم حملته بالرجعيين، فمن الضروري علي القادة الإسلاميين أن يحلوا المشكلة، بجعل بديل صالح مواكب للزمن بل سابق عليه، تجاه كل محرم إسلامي.

مثلاً: إذا بينوا حرمة السينمات الداعرة، والمباغي، والأحواض والمدارس المختلطة، والبنوك الربوية، فتحوا سينمات نظيفة تستهوي الناس لما فيها من الادب والفنون والعلوم والألعاب والمناظر المباحة، وسهلوا أمر زواج العزاب بما يتمكن كل شاب وشابة من الزواج المبكر، وبنوا الأحواض المغرية بدون اختلاط، وأسسوا المدارس، لكل جنس علي حدة، وفتحوا البنوك التي تقضي كل الحاجات المصرفية، بدون الربا، وهكذا وهلم جرا في مختلف شؤون الحياة.

كما أن من الضروري علي التيارات الإسلامية أن لا يسمحوا المتدينين من المؤسسات

والوظائف، فإن ذلك يوجب أن يملأ شاغرها المستعمرون أو عملائهم، وفي ذلك هدم للإسلام كله، بل اللازم إيجاد الطريقة الإسلامية الملائمة لتكثير المتدينين في مختلف مرافق الحياة، فإنه بذلك يضعف العنصر الفاسد، ويشتد ساعد الإسلام …

إنني لا أنكر جدوي المقاطعة في بعض الصور، لكن ذلك يجب أن يكون عن تخطيط وإيجابية إلي جانب المقاطعة، كي تثمر النتائج الطيبة، أما المقاطعة المجردة فإن ضرها أقرب من نفعها، كما حدث ذلك في بعض البلاد الإسلامية.

77 الاعتداد بالنفس

يجب عليالمفكرين الإسلاميين، أن يجعلوا لأنفسهم مكانة بارزة في المجتمع، وكذلك لذويهم، وذلك لأن صاحب المكانة يتمكن من خدمة الإسلام، بما لا يتمكن منها غير ذو المكانة، فالكاسب الذي هو بصدد خدمة الإسلام، يلزم عليه أن يوصل نفسه إلي أرقي درجات التجارة، والطالب للعولم الإسلامية يجب عليه أن يوصل نفسه إلي مكانة المرجعية، والموظف البسيط يلزم عليه أن يوصل نفسه إلي المديرية وهكذا، وكل إنسان إسلامي أرقي يلزم عليه أن يفتح الطريق أما سائر الإسلاميين، للتقدم وفتح الطريق يكون بالتحريض والعمل معاً، وقد ذكر القرآن الحكيم من شرائط دخول الجنة أن يسير المسلم في هذا الخط، قال تعالي في سورة الفرقان: (وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هوناً).إلي أن قال(والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياّتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين(إماماً) أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً).

فغرفة الجنة إنما هي لمن جمع صفات مذكورة في هذه الآيات التي منها تكون أن يكون الإنسان في سبيل أن يكون إماماً للمتقين، كل بحسب عمله، فالتاجر إمام المتقين والتجار، والموظف إمام المتقين من الموظفين، والطالب إمام المتقين من الطلاب، وهكذا هذا حسب ظاهر الآية وإن كان لها تأويل مذكور في التفاسير.

78 تجنب التوافه

من أهم ما يلزم علي الجهات الإسلامية تجنب التوافه من الأمور، فإن التوافه توجب عرقلة السير، وبقدرها تُبعد الجبهة العاملة من التقدم، إن الإشتغال بنقد الناقدين، ممن لا وزن لهم ولا قيمة، والتفكر في مأكل أو مشرب، أو جلب فرد، أو إيقافه عند حده، أو ما أشبه ذلك من أكبر المعوقات، ولذا يلزم علي العاملين، أن لا يصرفوا طاقاتهم في أمثال هذه الأمور، وكلما استعصت أمام العامل جهة أو فرد، فليس عليه بعد اليأس

عن تسهيلهما إلا أن يشتغل بإصلاح جانب آخر من الحياة، ومن الإشتغال بالتوافه، أن يفكر العامل في إصلاح القرية، دون ان يفكر في إصلاح المدينة، وأن يعمل للغزو الإصلاحي للبلاد المتأخرة، دون أن يفكر في غزو البلاد المتحضرة ذات المال والقوة والحرية، وأن يهتم لهداية إنسان عادي لا تثمر هدايته إلا هداية فرد واحد، دون ان يهتم لهداية إنسان كبير إذا اهتدي هدي بسببه جماعات كثيرة، وهلم جرا، وليس المقصود ترك القرية والبلد المتأخر والإنسان العادي، بل المقصود أنه إذا دار الامر بين الإثنين يقدم أكثرهما خدمة للإسلام ونفعاً للمسلمين.

79 صورة الحكم

ليس المهم في الاسلام أن يسمي الحاكم الأعلي باسم خاص، إنما المهم، أن يكون جامعاً للشروط المعتبرة في المرجع، أو أن يكون وكيلاً عنه، كما أنه ليس المهم أن يبقي سنة أو مائة سنة في الحكم، إنما المهم أن يبقي في الحكم ما دام له المؤهلات الشرعية المذكورة، وما دام الشعب يرتضيه فإذا سقط عن المؤهلات لم يبق حتي ساعة واحدة، وليس المهم كيفية وصوله إلي الحكم، انما المهم أن لاتكون الكيفية مخالفة للشريعة الاسلامية التي تشترط رضي الله وانتخاب الأكثرية، وليس المهم أن يكون لبلاد الاسلام حاكم واحدأو حكام متعددون، وانما المهم شرعية الذي يحكم واحداً كان أومتعدداً، وليس المهم كيفية الصلة بين الحاكم والشعب، انما الهم أن لا يخرج الحاكم عن حدود ما أمر الله بالنسبة الي شعبه، كما يلزم كذلك أن لا يخرج الشعب عن حدود ما أمر الله بالنسبة الي حكامه. وبعد ذلك كله يأتي دور كيف أنه يمكن تطبيق الاسلام؟ والجواب: أن كل مبدأكان بيده القوة كان هو المبدأ الزاحف إلي الأمام، ففي يوم كان السيف بيد المسيحيين فأخذوا البلاد،

وفي يوم صارت القوة بيد المسلمين ففتحوا البلاد، وفي يوم صار السيف إلي المباديء الا لحادية فاقتحموا البلاد، وفي يوم صار السيف بيد الفئة الاستعمارية-التي سمت نفسها بالعلمانية ? فاستعمروا البلاد، وهكذا، وفي أي يوم صارت القوة بيد المسلمين رجعوا إلي البلاد، ذلك لا لأن الحق ينبع من فوهة البندقية، بل لأن الحق لايفرض نفسه علي الباطل إلا إذا كانت معه حماية البندقية وكل كلام ما عدا هذين الكلامين تسكع.قد ذكرنا أسلوب(الشوري) في الحكم والانتخابات الحرة وكيفية تطبيق الاسلام في جملة من الكتب.

80- العامل الكامل

هناك مسلمون سلموا أنفسهم للتيار الهائل من الفساد والالحاد، فانصرفوا عن العمل للاسلام، وهنالك مسلمون عاملون لم يلقوا السلاح بل إنما بقوافي عمل قليل وهم علي درجات مختلفة، فمنهم انصاف عامل، ومنهم ارباع عامل إلي أن يصل إلي جزء من مائة جزء من العامل، وهكذا تصاعداًوتنازلاً، والواجب علي هؤلاء حيث فيهم جذوة الحركة وإن قلبهم بعد عامر بشيء من الاسلام التطبيقي أن يربوا أنفسهم لاقتحام المراتب العليا، حتي يوصلوا أنفسهم إلي مرتبة(عامل كامل) وحين يتوفر في المسلمين عدد كاف من هكذا عاملين، كان قيام الاسلام منتظرا.

اما هي ميزة(العامل الكامل) فهو الذي يطبق كل آيات القرآن الحكيم التي منها: (جاهدوا بأموالكم وأنفسكم).

ومنها: (قل إن كان آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها، احب إليكم من الله ورسوله، وجهاد في سبيله فتربصوا، حتي يأتي الله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين).

81 كسر طوق الجمود

إن الأمة تنام كما ينام الأفراد، ونوم الأمة جمودها أولاً، ثم سيطرة سائر المبادئ عليها ثانياً، فإذا كان مبدأ الأمة حياً، دب فيها الروح ثانياً، لتنهض، وإلا يقضي عليها بالموت.

والمسلمون ناموا ثم جمدوا، وحيث إن الإسلام مبدء حيّ فلا بد له من يقظة جديدة، وهذه تحتاج إلي طائفة من المفكرين والعاملين، يحيون الإسلام من جديد، وذلك بكسر طوق الجمود، ولا يكون ذلك إلا بالتكتل، والعمل الجاد، والتضحية، وكلما مال جانب إلي البرودة والجمود وجب أن يحرك إلي الحرارة والحركة، حتي اليقظة العارمة بإذن الله تعالي، وهي مقدمة الحياة، وهناك الرخاء والسعادة والسيادة والسلام.

82 التغلغل في الأوساط

هل بإمكان العاملين للإسلام أن يبنوا بأنفسهم خارج نطاق الجماهير صرحاً، ثم يتغلب صرحهم علي سائر الصروح؟

هذا ما لا يؤيده الواقع العملي، إذاً فالطريق إن يتغلغلوا في مختلف الأوساط الإجتماعية، حتي يستدرجوها إلي الإسلام العملي، وهذا سهل و عملي في نفس الوقت، وإن كان يحتاج إلي الحزم الكثير، واليقظة المستمرة، والخدمة الدائبة، وانتزاع الثقة الكاملة.

فإذا كانت هناك منظمة، أو كتلة، أو مؤسسة، أو جهة، أو ما أشبه، تغلغل العاملون فيهم، وفيها بقصد الإصلاح والتوجيه، وانضمت تلك إلي الصرح الذي بناه العاملون وحينئذٍ، تأتي النتائج الطيبة.

83 خيوط المعارضة

إن أكبر أداة لهدم الحركات هو المعارضة، وذلك قبل أن يكمل الشيء، وإذا كمل كانت المعارضةأقوي أسباب الجمود.وإبادة المعارضة ليست ممكنة إطلاقاًَحتي إذا فرض إبادة طبقة، لا بد وإن تنبت المعارضة من جديد، إلا أن نبيدهم مرة بعد مرة وعلي طريقة (ماو) في الثورة الثقافية، وتصفيات (ستالين) الجماعية، وذلك لا يفيد إطلاقاً لانه يوجب انهيار أسس العمل حكماً كان أو غير حكم، وتأتي بالنتائج العكسية وإنك لا تقدر أن تتم البناء، إذا كنت تبني وغيرك يهدم، وإذا أتممت البناء لا يضمن له البقاء، إذا شرع غيرك في هدمه، إذاً فالطريق الوحيدسواء كنت داخل الحكم أو خارجه الإتصال بمختلف رؤساء المعارضة، علي مائدة المفاوضات والمساومات وتطويق المعارضة حتي لا تكبر.

وإذا كان لا بد من أن تكبر، يكون كبره بقدر، وليس معني هذا أن يساوم الإنسان علي الوقوف او الجمود أو النمو البطئ أو الانحراف عن المسيرة، بل معناه العمل من جانب، ومدّ اليد الأخري للمصافحة من جانب آخر وهذا الحكم منطبق علي المعارضة سواء كانت في صفوف الأصدقاء أو كانت في ثياب الأعداء (والمؤلفة قلوبهم» أصدق شاهد علي ذلك.

84 كم تقدمنا

لا بد للعامل أن يتأمل كل سنة، أوأقل، كم تقدم؟ وليكن السؤال من قبيل سؤال الخصم لخصمه في محضر المحاكمة، لا سؤال الصديق للصديق في ساعة الانس..

فإذا كان الجواب إيجابياً، يتساءل مرة ثانية: كم تقدم الخصم؟ فإذا كانت النسبة أقلية الأول عن الثاني، فاللازم أن يجدد طرق عمله، فإن عمله لا ينفع، ما دام أن أعدء الإسلام أسرع منه سيراً، وأكثر تقدماً، وإن كانت النسبة أقلية الثاني عن الأول، يأتي دور سؤال ثالث: وهو نسبة التقدم إلي بُعد الهدف؟

فإن كانت النسبة ما يرجي معها الوصول، ولو بعد

حين، كان عمله صواباً، فليلتزم به، وإن كانت النسبة بعكس ذلك، لزم أن يجدد السير في طريق آخر أو يسرع السير في نفس الطريق، حتي يرجو الوصول ولو بعدحين.

مثلاً: إذا كان مقصد العامل التثقيف الجماهيري، وفتح لهذا الشأن مدرسة، فاللازم أن يلاحظ أن التبشير فتح مدرستين، أو مدرسة أو نصف مدرسة، وإذا كان التبشير فتح نصف مدرسة، فاللازم أن يلاحظ هل أن أسلوبه في فتح المدارس يأتي إلي التثقيف الجماهيري، ولو بعد خمسين سنة، أم لا؟ فإن كان الجواب بالسلب لزم أن يسرع في فتح المدارس، أو يختار طريقاً آخر موصلاً إلي الهدف.

85 عالم الشريعة في قلب المجتمع

لقد أصبح عالم الشريعة في أغلب البلدان الإسلامية غريباً عن المجتمع بكل ما في الكلمة من معني، فهو غريب في طريق تفكيره ونظرته، غريب في طريقة حياته، غريب في معاشه، غريب في أسلوب قيادته للاجتماع، غريب في سائر شؤونه الخاصة والعامة.

ومن المعلوم أن الغربة علي هذا النحو، أوجبت انفصال عالم الشريعة عن الناس انفصالاً كاملاً، حتي أن الناس إذا حضروا صلاة جماعته، أو مجلس وعظه، أو دعوة لعقد نكاحهم أو صلاة جنازتهم لم يكن ذلك في نظرهم، إلا ربط عنصر غريب بحياتهم، إيماناًمنهم بالآخرة، أو استسلاماً للعادة والتقاليد ومن المعلوم أن العالم الذي هذه صفته لا يتمكن أن يعمل في تقديم الامة، إن النبي(صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار(عليهم السلام) كانوا أفراداً من المجتمع في كل أمورهم، ولذا تمكنوا من قيادتهم.

قال تعالي: (ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون).وهذه الغربة أوجبها أمران:

(الأول) تزمت علماء الشريعة في بعض جوانب الحياة.

و(الثاني) انحراف الاجتماع عن الحياة الإسلامية..

فإذا أراد العالم قيادة الحياة، لأجل تطبيق الإسلام المسعد للناس في دنياهم وآخرتهم، لا بد له

أن يرجع إلي المجتمع، وهذا الأمر بيده وحده إذالناس في شغل عنه بقيادات لا أسلامية فيعد من نفسه شط بسببه عن الاجتماع، ويأخذ في تقويم المجتمع إلي حظيرة الإسلام، حتي ترجع الأمور إلي نصابها.

86 الكتب الإسلامية

للمسلمين تراث ضخم جداً من الكتب المراجع، ولكن هذه الكتب حيث أن قسماً منها لم يطبع، والقسم المطبوع مرَّ عليه الزمن وتطور أسلوب الناس في القراءة والمطالعة أصبحت من الكتب المتاحف، لا ينتفع منها بشيء إلا القدر القليل، أو الأقل من القليل، حيث أنها كنوز من المعرفة والعلم سواء في التفسير، أو التاريخ، أو الحديث، أو سائر الشؤون الإسلامية، فاللازم لإحياء هذا التراث الإنساني المفيد الضخم أمور:

الأول: تشكيل لجان لاجل طبع المخطوط من الكتب الإسلامية، فلجنة لجمع المال ولجنة لتحصيل الكتب وجمعها من مختلف مكتبات العالم، ولجنة للطبع والتوزيع، وهكذا.

الثاني: تشكيل لجان، لأجل تبويب الكتب وفهرستها وتنسيقها علي الأسلوب الحديث، حتي تسهل مراجعتها لاهل هذا العصر الذين لا يعرفون إلا أسلوبهم الخاص، وهم بعداء عن أسلوب العصر السابق.

الثالث: تشكيل لجان لاجل صب تلك الكتب في قوالب جديدة مع الحفاظ علي أصل الكتاب، مثل أن يجعل لها فصول، ويلحق بها ما يعين في فهمها من مبتدأ أو خبر او تعليق أو ما أشبه.

الرابع: تشكيل لجان لأجل عصرنة تلك الكتب أي إيجاد الهياكل الجديدة لمطالبها، حتي يفهمها أهل العصر.

الخامس: تشكيل لجان لأجل ترجمة الكتب الإسلامية ما صلح منها للترجمة، وما لم يصلح ترجم المصبوب منها في القوالب الجديدة، لنشر معلومات الإسلام في العالم.

فمثلاً: مهمة اللجنة الأولي: طبع كتب العلامة الجلسي المخطوطة.

ومهمةالثانية: تبويب البحار إضافة علي أبوابه القديمة، أبواباً حديثة، مثلاً لها أبواب السياسة في كتاب القضاء، وأبواب الاقتصاد في كتاب التجارة، وأبواب الثقافة

في كتب الاصول، وهكذا، وعلي هذا النحو أو تجعل لها فهارس حتي إذاأراد الشخص أن يطلع علي الاقتصاد الإسلامي أ و أسلوب الجيش في الإسلام رجع فوراً إلي الفهرست، وكذلك الإبتداء بالجملة من وسط الخط، وجعل عوامل التنقيط، وتصوير ما يحتاج إلي الصورة من البلاد وما أشبه.

ومهمة الثالثة: أن تزيد في البحار ما يعين علي فهمه، من المبتدأ والخبر والجمل الموضحة التي تكون بمثابة الإيضاح للكتاب وكذلك تطبق بعض معلوماته الطيبة والفلكية والجغرافية علي العلم الحديث.

ومهمة اللجنة الرابعة: أن تصب الروايات الواردة في البحار في البحار في قوالب اليوم، أي تكوين كتب جديدة، فمثلاً ينتزع من البحار ألف كتاب في مختلف الشؤون …

وهنا سؤال يفرض نفسه، وهو أنه ما فائدة هذا الجهد المضني؟ أليس في منهج العالم الحاضر في مختلف شؤون الحياة كفاية لتسيير البشر إلي السعادة والرفاه؟

والجواب: (أولاً) إن الإسلام يسعد الإنسان في الآخرة، وذلك ما يفقده منهج العالم الحاضر.

و(ثانياً) إن منهج العالم الحاضر بدون الإسلام منهج ناقص أوجب مآسي للبشرية لا تحصي، ولو أخذ الأسلوب الإسلامي ومنهجه بيد العالم الحاضر في إنجازاته العلمية، لسعد البشر في هذه الحياة.

87 حول القيادة

القائد مهما كان صغيراً، فهو عنصر مهم في تسيير المسلمين إلي الأمام، ولنفرض(المؤلف الناجح) و(العالم البارع) و(التاجر الخبير) و(المهندس المفكر» هم القادة الكبار، أليس كل هؤلاء ممن يسهمون في تقديم الحياة الإسلامية إلي الأمام، فاللازم أن يهتم الناس بشؤونهم، ويلتفوا حولهم، ويشجعونهم بمختلف أنواع التشجيع، وفائدة ذلك أن القادة ينشطون أكثر فأكثر مما يعود بالفائدة الكبيرة إلي المسلمين، بالإضافة إلي الناس إن الناس يقتدون بهم، ويسبب ذلك كثرة القادة، فإن الأجيال الجديدة جبلوا علي الإقتداء بمن اشتهر والتف حوله الناس، فكلما كان الاشتهار أكثر، والتفاف

الناس أكبر، كان الاقتداء أكثر، وذلك إسهام كبير في صنع القادة.

88 التضحية بكل شيء

التضحية معناها أن يستعد الإنسان لأن يعمل للوصول إلي الهدف، سواء كان بذلاً للمال أو تفكيراً في الامر، أو تركاً للمنصب أو عملاًجسدياً، أو بذلاً للنفس، أو غير ذلك وكثيراً ما تكون التضحية بغير بذل النفس، والمسلمون اليوم يحتاجون إلي التضحية بكل شيء.

ثم التضحية تحتاج إلي التخطيط الواسع ذي الجوانب المتعددة، الجانب المالي، والجانب السياسي، والجانب الإعلامي، والجانب الدبلوماسي..

إن كثيراًمن المسلمين اليوم مستعدون لأن يضحوا بأنفسهم، ولكن لا قيمة لذلك، ما دام لا تتوفر سائر الجوانب، وانقاذ الإسلام والمسلمين من الإستعمار العسكري والفكري والإقتصادي إنماا يمكن إذا وجد هناك مفكرون مخططون منفذون لمختلف جوانب التقدم التضحوي.

89 رؤية المستقبل

من أهم ما يلزم علي القادة الإسلاميين أن تكون لهم(رؤية كاملة للمستقبل) فإن المستقبل له موازين خاصة، إذا عرفها الإنسان عرف المستقبل، وإذا لم يعرفها المستقبل، فإذا عرف الإنسان المستقبل تمكن أن يضع الخطوط العريضة له، لكي يأمن من النكسة والتجمد والسقوط، وإلا فربما كانت القوة الإسلامية قوة ضخمة، ولكن يكون المستقبل لغيرها، حيث رأي الغير المستقبل، واعتز القائد العامل للإسلام بضخامة الهيكل.

ورؤية المستقبل ليست اجتهاداً مجرداً كما يزعم، بل جمع الخطوط والتيارات والحركات التي تلتقي في المستقبل إلي نقطة التوجيه والإتصالات.

ويلزم أن يعرف العامل للإسلام أن المجتمعات سواء منها المتقدمة أو المتأخرة تحمل بين طياتها بذور الإنقلاب، فالمجتمعات المتقدمة حيث تغتر بتقدمها تترهل، والمترهل يزداد تأخراً، والعكس في المجتمعات المتأخرة فانها حيث يؤلمها التأخر تأخذ في جمع قواها وتنظيم شتات أمرها، وفجأة تقفز إلي الوجود، فعلي العامل للإسلام أن يفحص هاتين النواتين في مجتمعه المتأخر، والمجتمعات المتقدمة ليجعلها مادة رؤية المستقبل، فإذا رأي العامل الإسلامي ذلك، ووضع الأسس للإستفادة من بذور القوة في مجتمعه.

ومن نقاط الضعف في الأمم

المتقدمة، لا بد وأن لا يفاجئ بالتطورات المحتملة، بل يقضي علي التطور العاكس، ويقوي التطور الملائم، وفي ذلك أكبر قدر من خدمة الإسلام وتقدم المسلمين للامام.

90 دور المال في تلطيف الأجواء

إن الأجواء الداكنة يلزم علي العاملين للإسلام تلطيفها، لئلا تقف عقبة في طريق الإسلام، وتلطيف الأجواء غالباً ما يكون بالوساطات، والدبلوماسيات، والمساومات، وللمال الشأن الكبير في التلطيف والتليين، فإن غالب الناس يلطفون عند بريق المال، وحتي لا يلطف فإن تطويقه بأصدقائه الذين حثهم المال، أمر ممكن بل وسهل، المال يعطي في صورة هدايا، وضيافات، وأداء ديون، وأخيراً المال بنفسه، لذا فعلي العاملين في الحقول الإسلامية أن يجعلوا من المال سلاحاً لهم، وقد قرر الإسلام سهماً للمؤلفة قلوبهم، وهو وإن كان لفظاً خاصاً، لكنه يشير إلي معني عام.

وإذا كان المبطلون يتخذون المال سلاحاً لإبطال الحق وإحقاق الباطل، فلماذا لا يتخذه المحقوق سلاحاً لإحقاق الحق وإبطال الباطل، فاللازم أن يخصص العاملون للإسلام مقداراً معيناً لأجل هذا الأمر علي طول الخط، ليذللوا به الصعاب، ويجمعوا به الأصحاب.

91 توظيف الطاقات

للقائد، أو المنظمة، العاملين للإسلام، طاقات هائلة، من الوقت والفكر والقلم واللسان والوجاهة، والمال، وغيرها، فاللازم توظيف جميع طاقاتهم في سبيل خدمة القضية الإسلامية الكبري، حتي لا يهدر منها ولو قيراط، وتوظيف الطاقات يحتاج إلي خبرة ومهارة وتخطيط، فليس كل أحد قادر علي توظيف طاقاته، ويلزم علي الإنسان أن يتخذ درساً من العاملين، فربما رأي الإنسان من كان دونه في الموهبة والمكانة الإجتماعية والذكاء والثقافة، ألَّف عشرات الكتب، ونشر مئات المقالات، وأسس عدة مؤسسات، وخدم الإسلام بما لا يخدمه به هذا الإنسان، والفارق هو أن ذاك وظف طاقاته كلها، وهذا أخلد إلي الغرور أو الكسل أو السلبيات.

ثم من اللازم ركوب أخشن المراكب وعمل أصعب الامور، فإن الأعمال السهلة لا تأتي إلا بالنتائج الهشة، ولعله إلي ذلك يشير الحديث: (أفضل الأعمال احمزها) فإن معناه أن يؤسس الإنسان الجامعة، دون الإبتدائية إذا دار

الامر بينهما، ولو كان تأسيس الجامعة، أصعب بكثيروقد جُبل الإنسان علي الفرار من الصعاب إلي الأمور السهلة حبَّاً للراحة وخلوداً إلي الدعة، وهذا مما ينافي تقدم الإسلام، في العالم الحاضر المزدحم بمختلف المبادئ والافكار والأنظمة المستندة إلي قوي هائلة من العلم والنشاط والحركة.

92 تقريب الاجهزة الإسلامية

من الضروري علي العاملين في الحقول الإسلامية أن يهتموا لتقريب مختلف الأجهزة الإسلامية، سواء كانت أجهزة واقعية او أجهزة أممية، فيقربوا الشعوب بعضها من بعض، وكذلك تقريب العلماء، والساسة، والمؤلفين، والمنظمات، والمؤسسات، والخطباء، والقادة، والإقتصاديين، والموظفين، والمثقفين

إلي غير ذلك، فإن كان في التقريب أفضل الثمار التي أولها: عدم هدم بعض لبعض مما يستفيد منه الكفار، ثم توحيد الجهود الموجب لكثرة النتيجة، والتقرب إلي الهدف، في المثل: (اجمع تَسُد، وفرق يَسُدِالاعداء) وكما يلزم تقريب الاجهزة الإسلامية، يلزم تفريق الأجهزة الكافرة والمفسدة، لئلا تلتقي عند خط محاربة الإسلام والمسلمين.

ولا يلزم أن يكون الإنسان ذا مكانة رفيعة ليقوم بالدورين، دور تقريب الاجهزة الإسلامية، فإنه حتي الموظف البسيط يتمكن من القيام بهما بنسبة قدراته وإمكاناته، فيقرب بين المدير الإسلامي والموظف الإسلامي، ويفرق بين الموظفين غير الإسلاميين الذين يشجعون الحاداً أو فساداً، وهكذا وهلم جرا.

93 القوانين المخالفة للإسلام

امتلأت البلاد الإسلامية بالقوانين المخالفة للإسلام، من جراء جهل المسلمين لا بالدين فقط بل حتي بالدنيا فإن القوانين المخالفة للإسلام هي مصدر كل بلاء ونكبة وتأخر، وحتي البلاد التي تسمي متقدمة، إذا كانت تأخذ بقوانين الإسلام، كان تقدمها أضعاف التقدم الحالي، ويجب علي العاملين في الحقول الإسلامية أن يجعلوا من أهم أعمالهم كنس هذه القوانين، وتبديلهاإلي قوانين إسلامية، فإن ثلاثة أرباع المشاكل إنما هي ولائد القانون، مثلاًإن مشاكل عدم الحرية في التجارة والسفر والبناء والإقامة وما أشبه كلها تتبع القوانين الوضعية التي تحد من إطلاق(الناس مسلطون علي أموالهم وأنفسهم). والربع الآخر من المشاكل إنما هي وليدة عدم العمل بأنظمة الإسلام في سائر شؤون الحياة حتي تنعدم المشاكل أو يبقي منها شيء يسير جداً إذا عمل بالإسلام في حقلي القانون والاعمال الفردية والإجتماعية.

وقد ذكرنا في بعض

كتبنا لزوم أن تكون المجالس التشريعية مقيدة بقوانين الإسلام، وأن تبدل مناهج كلية الحقوق إلي مناهج إسلامية بحتة، وهذان الامران بحاجة إلي جهود كبيرة، وإلي جمهرة من العلماء يصبون القوانين الإسلامية في قوالب ملائمة للعصر.

94 الشعارات الإسلامية

لقد أقبلت العامة من الناس عليالمعلبات في كل شيء، في المأكل والمشرب، في الملبس والمسكن، في..وحتي في الفكر..إنهم لا يجهدون حتي للبناء بل يأتون بالمكائن لتبني لهم، بل يأتون بالدور الجاهزة، ليشد بعضها مع بعض فيسكنونها، وقد استغل أهل الإلحاد والفساد هذه الرغبة، فأخذوا يصدرون ويستوردون الافكار الجاهزة المعلبة، فعلي العاملين الإسلام، أن يجهزوا الافكار الصحيحة في صورة معلبات، لينشروها بين الناس، في صورة جمل رائعة براقة، وشعارات مستهوية، مثلاً(الإسلام والتقدم) (لا سلامة إلا في الإسلام) (القانون الوضعي يولد المشاكل) (الرفاه تحت ظل القرآن) (الماركسية هدم للحياة» (الوجودية مجموعة ظل القرآن) (القوميات الضيقة) (الإقليميات اللا إنسانية)(القرآن منبع السعادة)(المرأة الغربية حانوت)(السفور انحطاط) وهكذا وهلم جرا.وكذا الحال في غير الشعارات أيضاً.

95 الطريق إلي المتنفذين

المتنفذون مالياً وإدارياً وعلمياً ومن أشبههم هم قمة الإجتماعات ومصدر الهام العامة، لذا يجب عليالعاملين في الحقول الإسلامية، أن يجدوا الطريق إلي هؤلاء، ليستميلوهم إ‘لي الإسلام التطبيقي وحينذاك ينقاد العامة تلقائياً للإسلام، كما أن من الضروري الإهتمام بتربية أولاد المتنفذين (تربية إسلامية صالحة) حتي إذا وصل إليهم الدور يكونون أجهزة إسلاميةويُصلحون، وربما يكون التعب لهداية متنفذ أو ولده، يثمر أكثر من ثمار ألف مثل ذلك التعب لإنسان عادي.

ثم إن بعض المتنفذين خصوصاً إذا كانت لهم سلطة رفيعة لا يمكن توجيههم إلا بالإحتواء، والوصول إليهم بطرق من الخدمة كأن يصبح الإنسان المركز، طبيباً لهم أو زارعاً في حديقتهم، أو نديماً مشاوراً، أو ما أشبه ذلك، وقد اتخذ اهل الصلاح هذه الطريقة في كثير من المناسبات، فوصلوا إلي ما تصبوا إليه نفوسهم من الإصلاح، كما أنه ربما يكون الطريق إلي المتنفذ بواسطة أقربائه أو ذويه أو أصحابه، أو بواسطة الازمات التي يمر بها، واللازم علي الجهات العاملة إغتنام

أمثال هذه الفرص، ولربما ساعدوا عشرة في أزماتهم، فنفعهم أحد أولئك لانه هو الوحيد الظافر الخارج من أزمته بسلام، ومن الطرق إلي المتنفذين إحاطتهم بحيث لم يجدوا ملجأ من الإنصياع إلي الخدمات الإسلامية.

مثلاً: إذا كان كاتب الثري وزميله وشريكه ومهندسه وولده كلهم في اتجاه واحد لا بد وأن ينصاع إلي ذلك الإتجاه، وإن كان كارهاً له في نفسه.

96 استبدال الصالح مكان الفاسد

إن للإجتماع حاجات أساسية وحاجات كمالية وطرق يسير فيها إذاكانت ضارة ويعلم ضررها، لكنها حيث صارت عادة وتقليداً سار فيها، وليس ينفع الوعظ والإنذار والتحذير غالباً، وإنما المهم أن يفتح العامل الإسلامي طرقاً صالحة إلي جنب الطرق الفاسدة ويدعو الناس للسير فيها، فإذا فتح العامل بنكاً إسلامياً، او مدرسة مستقيمة، أو مستشفي ليس فيه الممرضات للرجال، والدكاترة للنساء، أو ما أشبه ذلك انقسم الناس حتي غير المسلم منهم، بل غير المتدين إلي قسمين، قسم لهذا وقسم لذاك، وهذا ربح فعلي بالإضافة إلي أنه إثبات لعدم انهزام الإسلام.

وإذا رأي الناس أكثرية فائدة هذه المؤسسات، عن تلك المؤسسات كما هو ذلك بالفعل إذ المؤسسات الإسلامية خالية من أضرار المؤسسات غير الإسلامية اقبلوا علي هذه المؤسسات بما يُلجئ الذين يريدون فتح المؤسسات في المستقبل أن يتبعوا الخطة الإسلامية.

97 المفكرون والأمّعات

المفكرون دائماً لا يلتقي بعضهم مع بعض في صغريات الأمور وجزئياتها، والإنسان بطبعه يحب تنفيذ آرائه الشخصية، وهذا ما يوجب ابتعاد المفكرين بعضهم عن بعض، وحشد كل مفكر حوله هالة من(الامعات» وذلك ينتج الديكتاتورية الموجبة لتأخرالحياة، حيث لا تلاقح فكري حتي يوجب النتائج الطبية، فعلي المفكر الإسلامي، الذي يحب تقديم الإسلام، الإهتمام البالغ بهذه الجهة، فلا يجمع حوله الأمعات، وبجانب المفكرين، فإن ذلك بالاضافة إلي إيجاده المحاورالمتخاصمة الموجبة لتأخير العملية الإسلامية بقدر ما يقدمها جملة من المفكرين المتعاونين.

فاللازم علي المفكرالقائد، أن يحيط نفسه بجملة من المفكرين ويصبر علي معاكستهم الفكرية، وعلي إهانة أفكاره الموجهة منهم، فإن ذلك أحمد عاقبة من الامعات الذين يؤمرون فيطيعون، لانعدام الرصيد الفكري عندهم، وانعدام جرأتهم في اظهارآرائهم المخالفة لرأي القائد.

98 خطة مئوية

من الضروري علي القادة الإسلاميين، أن يوسعوا فكرهم وتخطيطهم إلي أبعد مدي ممكن، ولو إلي مائة عام.

(فأولاً) يلزم عليهم أن لا يتركوا العمل إذا لم يروا الثمر العاجل، بل إن كان احتمال اقتطاف الثمر بعد مائة عام عملوا، لذلك اليوم، فإن عدم العمل يوجب عدم الثمر أصلاً، وأيهما خير الثمر بعد مائة عام أوعدم الثمرإطلاقاً؟

(وثانياً) يلزم عليهم أن يخططوا لمائة عام مثلاً فيقولوا مؤسستنا تفتح ألف مدرسة في ألف بلد غربي، إلي مئة عام، فإن التخطيط الواسع المدي الزماني يوجب استنفاد الطاقات علي مدي الزمن مما يوجب الآثار المطلوبة، بخلاف التخطيطات الموقتة بأزمنة قصيرة، وهكذا التخطيط بطاقتهما وإمكانياتهما، وذلك يوجب توسعة رقعة الإسلام، وسهولة تطبيقه أكثر فأكثر.

99 الترغيب بالجنة والترهيب بالنار

الناس لا يعملون إلا ترغيباً وترهيباً، ولذا قال الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) في أول يوم دعي الناس إليالإسلام(تكونون ملوكاً في دنياكم وتذهبون إلي الجنة في آخرتكم) والجنة والنار بعد التبشير بالدنيا المرهفة من أقوي وسائل الحركة، فاللازم علي القادة الإسلاميين أن يركزوا علي هذه الجهة، حتي يكون العاملون (هم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون وهم والنار كمن رآها فيها معذبون).

والتذكير بالجنة والنار، يكون بالتحريض لقراءة القرآن وتفهمه، كما يكون بالكتب المعنية بهذا لاشأن النشرات والمجالس وغيرها.

100 توازن القوي

إنه لا بد لكل حركة من الإنشقاق، فعلي القائد الإسلامي ان يهتم لامرين:

(أولاً) عدم ظهور الإنشقاق مهما كلف الأمر بعد أن يجعل الإنشقاق في غاية الضيق.

(وثانياً) عليه أن يحفظ التوازن في الجماعات المنشقة، فلا يرجح جماعة علي جماعة، فإن ذلك يوجب الإنشقاق علي الحركة، وذلك أكثر ضررا من الانشقاق في داخل الحركة وملاحظة توازن القوي، مع إيجاد التنافس السليم في الجبهتين، مما يوجب التقدم أكثر فأكثر، لأن كل فريق يريد السمعة ويريد السبقة، ويريد استحصال أكبر قدر من رضي القائد، وذلك من أقوي أسباب الحركة السريعة.

قال تعالي: (وفي ذلك فليتنافس المتافسون).

101 الدين والسياسة

الدين بمعناه الإسلامي، مجموع عقائد وأعمال وأنظمة تسعد الانسان في الدنيا والآخرة، وبهذا المعني تكون السياسة فرعاً من فروع الدين، أما الدين بمعناه الحاضر فهو مقابل السياسة، وقد أصبح للمسلمين قيادتان، قيادة دينية تتمثل في المراجع ومن إليهم، وقيادة سياسية تتمثل في الحكومات، ومنذ أن انفصل الدين عن السياسة، قامت الحرب بينهما وذلك من أقوي أسباب تأخر المسلمين، وإذا أردنا للمسلمين التقدم، يلزم أن نسعي جاهدين لإتحاد القيادتين، في قيادة موحدة، كما نادي بذلك الكتاب والسنة، وبذلك يجلب الساسةاحترام الناس العميق لهم، وينجح الدينيون في أداء رسالتهم كاملة.

102 الجماعات الخفية الضاغطة

في كل مجتمع جماعات خفية تضغط علي الدين يريدو ن عمل شيء من الإصلاح، حتي يوقفهم عن مقصدهم، وذلك لأن الإصلاح غالباً ما يؤثر أثراً سلبياً عل طريقتهم في الحياة، والضغط غالباً ما يكون بالوسائط والوجاهات، والمقاطعة لمن يريد الإصلاح، وتفريق أنصاره، والتشكيك في مشروعاته، والتخويف من الاعمال الإصلاحية، وما إلي ذلك، وهؤلاء غالباً ما يؤثرون علي المصلح بواسطة أصدقائه وأقربائه وحاشيته، سواء بالترغيب أو الترهيب.

ولذا فمن اللازم عليالذين يريدون الإصلاح، وضع حساب هؤلاء في قائمة تفكيرهم، والتفكير في طرق مقاومتهم مقاومة لا يكون ضرها أقرب من نفعها، ومن المعلوم أن الوقاية خير من العلاج.

ومن طرق المقاومة أن يهيء الإنسان حوله جماعة يعرف الناس أنهم شركاء في الإصلاح، ويكونون في الحقيقة هكذا مفكرين يتبنون الحقيقة والإصلاح، حتي يخف الضغط بتوزيعه علي كل الجماعة، ومن جانب آخر، تكون للمصلح جبهة مدافعة، يوجدون التيار المعاكس للضغط، كما أن من طرق المقومة إيجاد الخلل في صفوف الضاغطين بمختلف الوسائل الممكنة من استقطاب بعضهم فكرياً أو نحوه، وهكذا من طرق المقاومة، تهيئة الرأي العام ضد الضاغطين، إلي غيرها من طرق المقاومة.

103 سياسة الإنفتاح

من أهم ما يلزم عليالمصلح إتخاذ سياسة الإنفتاح علي مختلف الجهات وما أشبه، بقصد تقويم المنحرف وتقوية المستقيم كما فعله رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) في الإطار الإسلامي، بأن يفتح باب الصداقة والمودة معهم، فإن ذلك يوجب تخفيف العداء، وتبعاً لتخفيف العداء يتسع أفق العمل أكثر فأكثر، كما أن سياسة الإنفتاح توجب الإستفادة من مختلف القوي والتيارات الجارية في المجتمع، إذ لكل جماعة حسنات وطاقات يتمكن المصلح، من استخدامها في سبيل البناء مما يغلق هذا الباب، إذا اتخذ المصلح سياسة الإنغلاق، واللازم علي المصلح أن يهتم هو

بفتح هذا الباب، إذ في كثير من الأحيان لا تستعد سائر الفئات للانفتاح علي المصلح.

قال سبحانه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقتسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين).

104 استدراج الأوضاع والأشخاص

المجتمع لا ينقلب قفزة واحدة إلي الصلاح، ولا في قفزة واحدة إلي الفساد، ولذا يلزم علي المصلح أن يعرف كيف يستدرج الأوضاع والأشخاص إلي ما يراه من الصلاح، وذلك يحتاج إلي أمور:

الأول: ضرب النقاط الأضعف فالأضعف من الفساد.

الثاني: بناء منارات الإشعاعات البشرية والتأسيسية، لتكون شموعاً في دروب الهداية والصلاح.

الثالث: تحميل الناس الأصلح فالأصلح، والاسهل، فإن الحال في الإصلاح، مثل الحال في تدريب الجيش، وفي سائر شؤون الحياة.

105 تاريخ العالم الإسلامي المعاصر

العالم الإسلامي بحاجة ماسة إلي تدوين تاريخ مزود بكل مقوماته، من مراكز تجمع المسلمين، والبلاد الإسلامية، والمساجد، والمدارس، والمكتبات، وروضات الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) والأئمة وذويهم، والعلماء، والصلحاء، ومحلات العبادة، والاوقاف، والمجلات، والجرائد، والشخصيات والأعيان، والمنظمات، والجمعيات، والأحزاب والخرائط، واقتصادياتهم، وثرواتهم، ومقادير حريات المتحررين، واضطهاد المضطهدين، والحركات والتيارات، والصور، والإتحاديات، والإتصالات والإنفصالات بين الفئات الإسلامية المختلفة، سواء علي مستوي الحكومات أو مستوي المنظمات أو ما أشبه، إلي غير ذلك، كل ذلك مع بيان الأخطاء المحدقة بالمحلات الخطرة، وكيفية إنقاذها وما يلزم عمله لإنقاذ المسلمين ككل.أو إنقاذ كل قطعة من بلادهم..فإن جمع مثل هذا التاريخ، وإن كان عملاً شاقاً في نفسه، لكنه لا يشق علي جمعية قوية، من أعداد مثل ذلك، وفي هذا الجمع أكبر الفوائد، حيث يظهر المسلمون في أعين أنفسهم، وفي أعين الأغيار كقوة كبيرة ضاربة، ومن المعلوم أن رد الثقة المسلمين يقوي من معنوياتهم، كما أن إظهارهم في أعين الأغيار قوة كبيرة يخفف من غلوا الإعتداء عليهم، ويوجب احترامهم، ومثل هذا العمل يؤدي إلي بدء نهضة إسلامية شاملة، وقبل توفر مثل ذلك ينبغي علي المؤلفين واصحاب الصحف أن يبدأوا بتدوين قطعات من هذا التاريخ العام كل بحسب إمكانياته، حتي يكون ذلك نواة للتاريخ العام.

106 استدرار عطف العالم

من الضروري علي المنظمات والفئات الإسلامية، أن ييستدروا عطف العالم علي المسلمين، وذلك بنشر ما لقيه المسلمون في هذا القرن من الاضطهاد علي يد المستعمرين سواء اضطهاداتهم المباشرة الواضحة، كاحتلال بلادهم، أواضطهاداتهم غير المباشرة، كضرب المسلمين بأيدي عملاء الكفار، الذين كانوا في لباس الإسلام، ولكنهم كانوا منافقين يظهرون الإسلام ويبطنون نصرة الكافرين، أو اضطهاداتهم الخفية باسم الثقافة والصلاح وما أشبه، فإن نشر الاضطهادات، يوجب:

أولاً: إيقاظ المسلمين وبعث

روح العزة والإستعلاء في نفوسهم، فيعملون للخلاص والنجاة.

وثانياً: يوقف الكفار المضطهدين عند حدودهم، فإن مثل المضطهد، بالكسرمثل السارق، إن وجد يقظة أهل البيت، وقف عند حده.

وثالثاً: يستقطب مثل هذا النشر عطف العالم نحو المسلمين، تلك خطوة كبيرة في سبيل النهضة.

107 التخطيط لكسب الرأي العام

من أهم ما يجب علي الفئات والنظمات الإسلامية عمله، كسب الرأي العام لقضايا الإسلام وذلك بوسائل الكتب، والنشرات، والصحف، ووكالات الأنباء، والراديو، والتلفزيون، والمسرح، وما إلي ذلك، فإن الرأي العام من أهم مقومات النهوض، وكسب الرأي العام ليس الشيء الهين، فإنه يحتاج إلي تربية جيل من أصحاب الفكر والقلم واللسان، يدخلون في مختلف وسائل الإعلام، ويكونون بمستوي المسؤولية، ويمكن التخطيط لهذا الشيء في مدة عشر سنوات، ومن لا يتمكن من الإنضمام إلي فئة تتبني هذا المشروع، فعليه أن يهيء نفسه وأصدقائه بالمقدار الممكن، فإن ما لا يدرك كله، لا يترك كله.

108 تطويق فئات التخريب

هناك في مختلف البلدان الإسلامية، وبعض البلدان غير الإسلامية، فئات نذرت نفسها للتخريب والهدم، أمثال البهائية والصهيونية والصليبية والشيوعية وما أشبه، وهذه بحكم طبعها التخريبي، وعمالتها للقوي الكبري، تستمر في الهدم وتطويق الحركات الإسلامية لخنقها وبعثرتها، فاللازم عليالمسلمين أن يعاملوهم بالمثل، الهدم والتطويق لهم، وذلك بأن يدخلوا في داخلها للتفريق بينها وبث بذور الشقاق بين أعضائها، والإطلاع علي نقاط القوة والضعف فيها، ثم تطويقها وتعميق الهوة بينها وبين مراكز إمدادها، وخلق أعداء لها، حتي تتجمد عن الفعالية، وأخيراً تتبعثر وتتلاشي، مثلاً: يغري أناساً من اليهود، ليدخلوا في المنظمات الصهيونية بقصد التخريب، والإطلاع علي مراكزهم ونوعية نشاطهم، فإذا اطلعوا أن في حكومة صهيونية لها منظمة سعوا للوقيعة بين تلك الحكومة وبين المنظمة، أو إذا عرفوا أن التاجر الفلاني يمدهم بالمال أو الصحفي الفلاني يمدهم بالمعلومات، عملوا لأجل الفرقة بين الثري والصحفي وبين المنظمة الصهيونية، وكذلك يعملون لأجل تطويقهم وإيقاف نشاطهم التوسعي بتحذير شباب اليهود من الدخول في مثل هذه المنظمات، وتخويف الحكومات الموالية لهم من مغبّة إيوائهم وإمدادهم، إلي غيرها من الأساليب المعروفة لهدمهم وتطويقهم.

قال

تعالي: (فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم).

109 أهمية المال

قد ورد: (لولا مال خديجة وسيف علي(عليه السلام) لما استقام الإسلام) هذا بالنسبة إلي المال قبل أربعة عشر قرناً، فكيف المال في هذا العصر، الذي أصبحت الكلمة العليا للمال؟ وحيث ان الحركات الإسلامية تفقدالمال، لذا ليس لها قيمة كبيرة في دنيا اليوم، ولذا فالواجب عليالذين يريدون تقدم الإسلام إليالأمام أن يفكروا في المرحلة الأولي من تفكيرهم في كيفية جمع المال ورصده وتوظيفه وتنميه، بالطرق المشروعة، لأجل تغذية الحركة واستمرارها، فإنه بدون أكبر قد ممكن من المال، يتناسب حجمه مع حجم المهمة التي يقصدونها، تكون حركتهم فاشلة.

والذي ظهر لي حسب تتبّعي لجملة من الحركات الإسلامية، أنها فقيرة من هذه الناحية فقراً مدقعاً، لا أنها فقيرة بالمال فحسب بل حتي بالتفكير في جمعه، فهم يرون المال وسيلة ضعيفة، ويظنون أن المهم هو الإعتماد علي جمع الأنصار وتوسعة الحركات، مع أن للمال دوراً فعَّالاً في الوصول إلي المقصد.

110 التهيؤ الكامل للسلطة

إن العالم الإسلامي اليوم يعيش أشد أحوال القلق والاضطراب والفوضي، مما ينذر بسقوط كل جزء منه، في أيادي جديدة تركها الإستعمارالجديد، ولذا يجب عليالحركات السياسية، الاسلامية أن تكون أشد في حالات اليقظة والحذر، والتهيؤ الكامل لعدم سقوطها في استعمار اسوء من الإستعمار السابق، وأن تكون علياستعداد كامل للأخذ بنواصي الحركات، عند السقوط والإنقلاب، وليس معني الاستعداد التمني والرغبة النفسية فحسب، بل ذلك غرور وخديعة، بل الاستعداد العملي، وتهيئة الاجهزة اللازمة التي هي بالمستوي اللائق.

ومن غريب الأمر، أن حتي معظم الحركات السياسية الإسلامية منذ قرن كامل، لم تتمكن من الأخذ بالزمام، مع أن الإنقلابات تعد بالعشرات ومع أنك تجد في كل قطر حركة أو حركات سياسية إسلامية، أو باسم الإسلام، إن ذلك دليل علي عدم الوعي السياسي عند المسلمين، إذ لو

كان هناك وعي سياسي لكانت حركة سياسية بالمستوي المطلوب، ولكان تهيؤ سياسي ينتهي إليالنتيجة المطلوبة.

111 فضائح المفاسد

للمفاسد العقيدية والخلقية والتشريعية والتنفيذية والعملية، فضائح وآثار سيئة إذا نشرت تلك الفضائح عليالمجتمع تجنبوا المفاسد، ولذا فمن الضروري عليالجبهات الإسلامية، بمختلف أنواعها، تخصيص جهد خاص لهذه الغاية، ولكن اللازم أن لا يكون ذلك في صورة الإثارة الموجبة لوقوف أولئك المفسدين صفاً أمام جهات الصلاح مما يسبب عرقلة سير المصلح..

ثم إنه لا يكفي نشر الفضيحة فقط، إذا لم يقترن ذلك بالجهات الإيجابية البناءة في الإسلام، فإنك إذا قلت لمن شرب ماء البحر، لا تشربه إنه ضار، لم يسمع كلامك حيث يري نفسه مضطراً إليالشرب، وإنما ينفع كلامك إذا أريته العين العذبة السهلة المنال، فإنه إذ ذاك يترك ماء البحر، ويشرب ماء الفرات.

112 المبادرة

من السمات البارزة للعاملين أنهم لا ينتظرون الآخرين في العمل، بل إنهم يعملون في أجواء الجمود والترهل، ولذا قال عيسي(عليه السلام): (من أنصاري إليالله؟) ولم ينتظر تحرك المؤمنين به كلاً.

وفي القرآن الحكيمم: (حسبك الله من اتبعك من المؤمنين).

فإذا رأي المصلح الإسلامي، أو الجهةالإسلامية، جمودا لناس وخوفهم، وترهلهم، ويأسهم، يجب عليه أن يتحرك هو، وإلا لزم أن يقف إلي الأبد.

وظاهرةالجمود لا تخص غير العاملين، بل العاملون كثيراً ما يقفون عن العمل بحجج وأعذار واهية أوهاها» لماذا أعمل؟ وما هي الفائدة؟ ولماذا زميلي في العمل لا يعمل؟ وأنا لا أقدر، والمجتمع غير قابل، ولماذا حتي يقطف ثمره الآخرون؟) وما أشبه ذلك، ولذا يحتاج الامر أحياناًبل في أكثر الأحيان إلي تجديد في صفوف العاملين، حينما يترهل العاملون القدامي، وهذا ما يشير إليه الثوريون بقولهم(وجوب الثورة في الثورة).

113 سعة الصدر

من أهم ما يلزم أن يتصف به القادة الإسلاميون سعة الصدر، فإن القادة يريدون توجيه الناس إلي الإسلام عبر أنفسهم، لأنهم هم الحاملون للإسلام، والناس يجلبهم القائد أكثر مما يجلبهم المبدأ، ويرون المبدأ عبر القائد، فإذا اتسعت صدور القادة لمختلف المشاكل الواردة، راي الناس الإسلام السمح الذي يمكن الإستظلال بظله، وإن كان العكس ينفر الناس من الإسلام وبذلك تسقط حركةالقادة، وينفض الناس من حول الإسلام، بما يتحمل وزره القائد الضيق الصدر، ولا يراد بسعةالصدر، العطاء فقط، كما ربما يفسر بذلك، بل تحمل المشاكل بصدر رحب، والعمل في كل مقام حسب ما تتطلب القيادة، من عفو وإغماض وإصلاح وبذل وتأليف بين الناس وحب وحلم ومرونة وما أشبه ذلك.

ويجب علي القائد أن يسكب هذه الصفات في المنظمات التابعة سكباً عملياً أكثر من الواعظ والإرشاد فإن للعمل معني ليس في التذكير فقط، ولذا ورد

في الحديث: (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم).

114 رعاية الشباب المثقف

يلزم أن تشكل في البلاد الإسلامية منظمات لرعاية الشباب يريدون الذهاب إليالغرب والشرق للدراسة، فشأن هذه المنظمات تزريق الشباب بالعقيدة الصحيحة والاخلاق الرفيعة، والإلتزام بالشريعة الإسلامية، مع ما يستلزم ذلك من الأدلة، وما المقاومات للأفكار الغربية، وتهيئة نفوسهم لردّ الإعتداء عليالإسلام، سواء عن طريق الاشكالات التي تورد في بلاد الكفار علي الاسلام أو علي المسلمين وبلادهم، مثلاً: الشباب الذي يذهب إلي أمريكا أو إنكلترا لا بد وأن تواجهه هذه الأسئلة: بأي دليل محمد(صلي الله عليه وآله وسلم) رسول؟ الإسلام انتشر بالسيف؟ الإسلام يهين كرامة المرأة حيث يجوِّز الزواج بأربع؟ لماذا يحرم الخمر والخنزير؟ إذا كان الإسلام صحيحاً فلماذا تأخر المسلمون؟ الإسلام لا يصلح لعصر الفضاء والذرة؟ إلي غيرها …

والشاب الذي يذهب إلي بلاد الشرق يواجه أسئلة من هذا القبيل: ما هو الدليل علي وجود الله؟ القرآن مجموعة خرافات؟ محمد(صلي الله عليه وآله وسلم) استغل بساطة العرب فخدعهم بأنه رسول؟ الأديان سلاح البرجوازيين؟ الدين أفيون الشعوب؟ إلي غيرها..

فالمنظمات يلزم عليها أن تزرق الشباب بتوضيح هذه الجوانب من الإسلام، بل وتفهمهم المآخذ علي الافكار الغربية والشرقية، حتي يكون للشباب السلاح الهجومي بالإضافة إلي السلاح الدفاعي..

هذا ومن ناحية أخري يجب أن تكون في بلاد الغرب والشرق منظمات لحفظ الشباب هناك عن الإنهيار والسقوط في مهاوي الرذيلة والفساد والإنحراف في العقيدة والسلوك …

ومن ناحية ثالثة، يلزم أن يبقي الإتصال بين الشاب وبين بلادهم، عبر الرسائل ومجيئهم إلي بلادهم أيام العطل حتي لا تستهويهم مناخات تلك البلدان وحتي لا يقطعوا الصلة ببلاد الإسلام ويكون ذلك سبب نشرهم الفساد ومفاهيم الاستعمار في بلاد الإسلام إن رجعوا، وسبب هجرة الأدمغة العلمية والمفكرين من بلاد الإسلام

التي هي بأمس الحاجة إليهم إلي بلاد الكفار، فتكون قد ساهمت البعثات العلمية في تحطيم بلاد الاسلام وتقوية بلاد الكفر …

115 أصحاب القوة والمال

يلزم علي المنظمات الإسلامية مصادقة أصحاب المال والقوة، فإن أصحاب المال والقوة يوجهان حسب الملابسات الخارجية، فإن تمكن أصحاب الفكرة الإسلامية من مصادقتهم وتوجيههم، توجهوا حسب الوجهة المستقيمة وكانوا عوناً للإسلام وللحركات الإسلامية، وإلا وجههم أصحاب الباطل والإنحراف، ويكون الضرر بذلك مزدوجاً حيث يستغل المال والقوة حينذاك ضد الإسلام وضد الحركات الإسلامية.

مصادقة أصحاب المال والقوة بحاجة إلي تخطيط سليم، وتفهم للنفسيات، ومعرفة لمداخل الامور ومخارجها، وإذا تمكنت المنظمات الإسلامية من إدخال بعض أولئك في منظماتهم، ليكونوا هم الوسيلة إلي المصادقة كان أفضل.

116 كثرة التحرك

إن القوة والحرارة تتواجدان في كل مكان توجد فيه كثرة الحركة، فالإنسان القاعد لا يمكن أن ينتفع ولا أن ينفع، ولذا يلزم علي القادة الإسلاميين والمنظمات الإسلامية أن يضعوا لانفسهم برامج كثرة التحرك والأسفار، فإن قصد ذلك يفيد التعرف والتعريف وتوسعة الحركة، والإستفادة من طاقات البلاد المختلفة، وليكن ذلك ضمن خطة مدروسة بدقة، حتي يأتي من الحركة أكبر قدر ممكن من الاستفادة في صالح الإسلام والمسلمين، فمثلاً: قد تدرس المنظمة مختلف الاوضاع في أمريكا، وتزود الوفد المزمع إرساله إليها، ببرامج محددة، حول لقاءاته، وجمعه للمال، ونشره للكتب والمنشورات، والقائه الخطب، وما أشبه ذلك، ومثل هذا الوفد يستفيد من السفر فائدة كاملة، وذلك بخلاف ما إذا سافر الوفد وهو لا يعلم ماذا يصنع؟ وبمن يلتحق؟ وماذا يقول؟ وأين ينزل؟ ومن يصادق؟ وهكذا.

117 ربط الجهات العاملة

في العالم الإسلامي وغير الإسلامي اليوم جهات عاملة كثيرة، باسم منظمات أو أحزاب أو أفراد عاملة أو باسم الحوازات العلمية أو ما أشبه ذلك، وانقطاع هذه الجهات بعضها عن بعض من اكبر أسباب تأخر العالم الاسلامي، بل تأخرها هي بنفسها فمن الضروري علي الواعين، سواء في داخل هذه الجهات أو خارجها، أن يهتموا لربط هذه الجهات بعضها ببعض، في وحدات متناسبة متناسقة، بغية حصول التعاون لتقدم الإسلام، وتوحيد الصفوف لأجل الحيلولة دون تقدم المبادئ والافكار الوافدة، والفساد والإلحاد، والصيغة المشتركة يجب أن تطرح أولاً، ثم يدعي إليها الفرقاء المعنيون، وهكذا وبعد مدة يلمس العاملون، توحيداً في كثير من الجهات، مما يعود علي الإسلام والمسلمين بأكبر قدر من الفائدة، ثم يجب أن تعلم الجهات العاملة أن الصبر علي التناقضات التي بينها أسهل من الصبر علي تناقض الأعداء معها، فإن الجهات العاملة إنما تناقض بعضها البعض

في الفروع والجزئيات، أما المناقضة مع الاعداء ففي الأصول والجذور.

118 الإتقان في الأعمال

يجب عليالعاملين للإسلام أن يتقنوا أعمالهم بأكبر قدر من الإتقان، فإن العمل المتقن يعطي أفضل النتائج، بينما العمل غير المتقن لا يثمر إلا النزر اليسير وربما أنتج النتيجة العكسية، فإن الكهرباء الذي لم يوصل كما ينبغي ربما سبب إحراق الدار ومن فيها.

والإتقان بحاجة إلي عدة أمور أهمها الإنضباط والنظام والمحاسبة والرقابة، فيجب أن تكون هذه الأمور سارية في كل جزئي من جزيئات الأعمال الإسلامية، مثلاً: إذا أراد العامل أن ينشر مجلة أسبوعية، يلزم أن تكون المجلة ذات أبواب محددة منضبطة في تتبعها لمفاهيم خاصة تسمو بالأمة إلي المدارج العالمية، وأن تكون منظمة في الظهور والتوزيع والنشر في أيام خاصة وفي أماكن معلومة، وأن يكون لها حساب في الكتاب والكلمات والأبواب والإتجاهات والتوجيهات، وأن تكون وراء كل ذلك محاسبة دقيقة، فإنه لولا هذه الأمور ربما تكون المجلة تضر الاسلام أكثر، وأقل الضرر أن يري الناس الإسلام من خلالها فيظنون أن الإسلام لا يصلح للحياة، لأنه لا يلائم الحياة إلا ما فيه إتقان وقد قال الرسول (صليالله عليه وآله وسلم): (رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه).

119 الدعاية للعاملين

يلزم علي العاملين للإسلام، أن يجهزوا أجهزة خاصة للدعاية المستمرة الصادقة للعاملين الذين يستحقون التقدير والإكبار بواسطة الإذاعات والتلفزة والصحف وما أشبه، وذلك يعود بالفائدة المزدوجة، فإنه ينفع اولاً بروز العاملين في المجتمع فيتخذهم الناس أسوة وقدوة، لان من عادة الإقتداء بكل بارز، فإذا لم يكن في الجهات العاملة أناس بارزون

تبع الناس غير الإسلاميين.

وثانياً لا تزول الجهات الإسلامية العاملة عن القمم، فيكون الإسلام من هذه الناحية أخفض من الجهات غير الإسلامية ذات القمم الشامخة.

وقد ورد: (إن الإسلام يعلو ولا يعلي عليه)

وهكذا تجب الدعاية للجهات الإسلامية، والآثار الإسلامية، والمقدسات الإسلامية وما أشبه

ذلك، وقد علَّم الإسلام المسلمين الدعاية المستمرة، فإن الآذان دعاية للأصول الإسلامية، يكرر كل يوم ثلاث مرات، في طول البلاد وعرضها.

120 القيم الأخلاقية

إن المجتمع لا بد له من قيم يقدسها، و يبني حياته عليها، والقيم تنتشر في المجتمع بفضل العاملين الذين يعملون لإشاعة تلك القيم، فمن اللازم علي الجهات العاملةأن يهتموا لأن ينشروا القم الأخلاقية، فلا يبقي المجتمع فارغاً، فتغزوه القيم الزائفة، مثلاً: قد ينتشر في المجتمع أفضلية الزواج المتأخرو قد يقدس المجتمع الرياضة ويجعل أصحابها في القمة، وقد يقدس المجتمع الصناعة والتقدم التكنولوجي ولا يعير لمن يلعب الرياضة اهتماما فوق ما يستحقه، وهكذا بالنسبة إلي سائر القيم. فعلي العاملين.

أولاً: أن يملؤا الفراغات، فإذا رأوا المجتمع فارغاًعن الذين يبنون المسجد والحانة يلزم الاستعجال في املائه بقيمة بناء المسجد والازدراء بمن يبني الحانة.

وثانياً: أن يبدلوا القيم الزائفة بالقيم الصحيحة، فإذا رأوا المجتمع يستهجن الزواج المبكر، وقدس الزواج المتأخر، أفرغوهم من القيمة الفاسدة ليملؤها بالقيمة الصحيحة. وللاملاء والافراغ وسائلهما الخاصة من بث الوعي، والتشجيع، وبناء مراكز الستقطاب وما أشبه.

121- هل الفساد قوة لا تقاوم؟

هناك أسطورة، نشرها أهل الفساد، بكل ماأوتوا من خيل ورجل، هي:

1-الفساد قوة هائلة.

2-وإن الفساد لايحطم.

3-إن الناس بطبعهم ميالون إلي الفساد.

وهذه الأسطورة العائية أخذت مأخذها من النفوس، بلا وعي ودراسة، وساعد الضحايا والمجرمون- كلاهما- في بث هذه الأسطورة. فعلي الجبهات العاملة في سبيل الاسلام أن ينفوا هذه الأسطورة بكل الوسائل والامكانات، وأن يغرسوا مكانها حقيقة:

1-إن الصلاح قوة هائلة،

2-وإن الصلاح لايحطم،

إن الفساد شيء متطفل في الحياة، وقليل بالنسبة ألي الصلاح الذي هو الكثير، والأصيل، فإن العالم والمال، والنظام، والنشاط، والأمانة، والالفة، والقوة، والاستقامة، والأمن، والصحة، وغيرها … صلاح، فهل هذه هي الغالبة والتي لاتحطم والناس بطبعهم ميالون إليها، أم الجهل، والفقر، والفوضي، والكسل، والخيانة، والفرقة، والضعف، ولانحراف، والخوف، والمرض، وغيرها..؟ وفي كل مكان تجد فيه فاسداً واحداً تجد ألف صالح، وفي أي

مكان يوجد فيه فساد واحد يوجد ألف صلاح، أليس كذلك؟

قال تعالي: (وأملي لهم أن كيدي متين) هذا في الصلاح، وقال في مقابله: (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)

بل إن القليل من الصلاح يغلب الكثير من الفساد قال سبحانه: (كم من فئة قليلةغلبت فئة كثيرة)

ولنأخذ الشاب مثلاً، فهل يجب أن يظهر أمام الناس، بمظهر الجاهل الزاني المريض المفلس الكاذب الخائن؟ أم بمظهر المثقف العفيف الصحيح الثري الصادق الأمين؟.

نعم، لا اشكال أن في المجتمعات شيء من الفساد والإنحراف، لكنه يلزم أن يعالج حتي يرتفع، فإنه مثل الحالة الشاذة والاستثنائية، وإذا عممنا في المجتمعات هذه الحقائق، نكون قد قصمنا خلفية قوية من خلفيات الفساد، فعلي الجبهات الاسلاميةالعاملة الاهتمام بهذا الشأن.

122- الاعتماد علي المعلومات

من الأمور المهمة في الحركات الاسلامية الاعتماد علي المعلومات فمثلاً: اذا أرادت لجنة تأسيس مدرسة، فإنها تحتاج إلي المال وإلي القوة المساندة، فاذا كان معلوماً لديهاان أهل الخيرفي البذل للمشاريع زيد وعمرو، لم تحتج إلي طرق مختلف الأبواب، وكذلك إذا علمت لجنة هداية الشباب أن المكان الفلاني محل تجمع الشباب، فإنها تتصل بهم وتهديهم إلي غير ذلك.

ومن اللازم تصنيف المعلومات، وذكر جميع خصوصياتها، حتي يكون العامل الاسلامي علي بصيرة تامة من أمره، فإن ذلك يجنبه الأخطاء، ويجعل حركته ناجحة من بدئها بدون مشاكل ومضاعفات.

123- لكي لا تتكرر المأساة

ذكرت التواريخ أن الذي أودي بمسلم بن عقيل وهاني بن عروة-نصير الإمام الحسين(عليه السلام) -هو(معقل) عبد لابن زياد، فإنه أظهر الولاء لمسلم(عليه السلام)، بينما في الواقع كان جاسوساً عليهما، واليوم كل الحركات اصلاحية، كانت أو جذرية لها معقل ومعقل..ولاأقصد(معقل) حكومي فقط، بل أحياناً(معقل) من جهة مناوئة للحركة، فاللازم علي المصلحين والجبهات الاسلامية ملاحظة هذه الناحية إلي أبعد حدّ وقد قالوا: (استر ذهبك وذهابك ومذهبك) فاللازم علي الحركات أن تجعل شعبة خاصة منها للأرصاد، وحفظ الحركة عن الإنهيارعلي يد الحكومات طاغية أوحساد ناقمين.

124-العمل المنتج

هذا سؤال يتردد علي كل الشفاه أمام كل حركة؟ فالمخططون للأعمال الاسلامية يجب ان لا يغفلوا هذه الناحية المهمة فإن الناس لايؤمنون بالأقوال إلا إذا كانت معها الأعمال المنتجة، حتي نفس العمل لا يحفز الناس علي الالتفاف حوله، اذا لم تظهر له نتائج ايجابية، والحاجة ألي هذه الناحية في أول الحركة اكثر، حيث تريد الحركة الظهور في وسط ازدراء وسوء ظن ومخالفات..وكثيراً ما تكون الحركة بطيئة النتائج، بطبيعتها، فالجهة الاسلامية تحتاج إلي أن تضم إلي الحركة حركة غطائية تتمكن بسببها من ابقاء الناس في حرارة والتفاف حتي تظهر النتائج البعيدة، مثلاً: إنك اذا أردت أن تنظم شباباً يكونون درعاًواقيا للبلاد أمام التيارات الوافدة فإن ذلك ربما لايثمرإلا بعد خمس سنوات، ومن المعلوم أن الشباب بأنفسهم لا عمق في تفكيرهم حتي ينقادوا بإسم نتائج مجهولة بعيدة وإنما الأباء الذين لا يحسنون الظن بمثل هذه الحركات، بل يرون أنها ضرب من الخيال، ولذا يقاومون التفاف أبنائهم حول هذه الحركة، وهناك تحتاج الجبهة العاملة الي أن تظهر للناس بعض النتائج الوقتية، مثلاً: أن تنشر بقلم الشباب نشرة أسبوعية، أو تطبع كتباً لصد الالحاد والفساد، أو تقيم

ندوات دورية، أو احتفالات، حتي تتمكن أن تقول للناس: هذه النتائج، وبذلك تضمن للحركة الدفء والالتفاف والاستمرار، لكن يجب في هذه الحالة، أن لا تذوب الحركة الواقعية في الشكليات والاعلاميات والمظاهر فتقع الخسارة المزدوجة، فإن اللازم أن تكون الحركة كالانسان له قلب وكبد وعين واذن و..

125- (التلاحم»

التلاحم الفكري والعملي بين أفراد الجبهات العاملة من أهم الأمور الموجبة لتقدم الحركة إلي الأمام، فإن الحركة حالها حال الصخرة الكبيرة الثقيلة، إن تظافرت الأيدي عليها أمكن رفعها، وإلا بقيت علي حالها.

والتلاحم يكون بأن يجتمع الكل حول الفكرة، وأن يعمل الكل بنسق واحد لتقديم الحركة، ولا يمكن التلاحم إلا بالإجتماعات المتكررة المستمرة، وسيادة روح الصفاء والأخوة والإندفاع عليالكل، واللازم أن تكون الإجتماعات منهجية، بمعني أن يبدأ الإجتماع المتأخر، من حيث انتهي الإجتماع المتقدم، لا اجتماعات فوضوية، ويتكلم فيها عن كل شيء، ويفكر في كل شيء، من غير مراعاة الأول والاخر، والمرتبط وغير المرتبط، ثم يقوم الكل ولا يعلم أحدهم ماذا يعمل هو وماذا يعمل صديقه؟

ومن الأمور المهمة التلاحم، أن توزع الأعمال ويقوم كل واحد بقسط عمله، وإلا فالعامل منهم يبرد، ويفكر في نفسه لماذا أعمل أنا وحدي؟

كما أن من الأمور المهمة في التلاحم أن تعالج الأخطاء بروح الإخاء، لا أن تبقي الاخطاء لاحتشام بعضهم عن بعض، فإن ذلك يوجب ابتعاد البعض عن الآخر، وتنفك الجبهة أخيراً.

126 احتياج الناس إلي الحكومة

أنجح الحركات هي التي يحس الناس أنهم محتاجون إليها، والناس لا يحسون بالحاجة إلي الحركة، إلا إذا وفرت لهم حوائجهم، مثلاً: العالم الذي يقول للناس المسائل، أو يصلي بهم جماعة فقط، لا يتمكن من التفاعل في الناس وتوجيههم إلي حيث المنهج الإسلامي المستقيم، فإذا أراد العالم النجاح يجب عليه أن يبني للناس المدارس والمساجد، ويؤلف لهم الكتب، ويصعد المنبر، ويتوسط في حلّ مشاكل الناس إذا لم يكن محذور ويرشد التجار إلي موضع الربح والخسارة والحكومة إلي موضع الواجب والحرام، ويصلح بين المتنازعين، وهكذا.

وعلي هذا، فالحركات الإسلامية إذا أرادت النجاح والجماهيرية والقواعد الشعبية يجب عليها أن توفر للناس حاجاتهم، مثلاً:

إذا كانت هناك حركة مقصدها تأسيس المدارس في البلاد الإسلامية، وجب عليها أن يكون فيها دكاترة ومدرسون وموظفون ومهندسون وما أشبه، حتي يحس الناس بالإحتياج إليهم، هذا بالإضافة إلي النشاطات المتنوعة التي يلزم عليهم أن يقوموا بها، فإن الناس إذا احتاجوا إليهم أطاعوهم في كل جهة وبذلك تنجح الحركة نجاحاً باهراً.

127 قوة البلد

لكل بلد قوة خفية هي المسيرة لها، وربما سمي ذلك في علم الإجتماع، بروح الإجتماع، وهي التي تشكل الإرتباطات وتجلب المنافع، وتدفع المضار عن البلد، وتكون ملجأ الحوادث، وهذه القوة هي التي تسيّر البلاد، والواجب عليالحركات الإسلامية أن تجعل نفسها قوة البلد، لتتمكن من تسيير الناس إلي مناهج الإسلام، وهذا يحتاج إلي تربية جيل من الناشئة لمختلف المسؤوليات الإجتماعية.

تختلف القوة في بلد عن البلد الآخر، كما تختلف القوة من زمان إلي زمان، مثلا: في بعض البلاد يشكل قوة البلد العلماء والخطباء والمؤلفون، بينما في بلد آخر يشكلها رؤساء العشائر والجماعات التي لها الكلمة في الفصل والوصل، وفي بلد ثالث يشكلها أصحاب الجرائد والمجلات والنواب ومن إليهم، وهكذا.

128 الظهور التدريجي

من الضروري علي الحركات الإسلامية أن تجعل منهاجها الظهور التدريجي إلي السطح، لئلا يفاجأ الناس بها فيبتعدون عنها، ثم يجب أن يوقَّت الظهور الكامل بوقت ملائم، أما عند الأزمات حيث يرونها المنجاة المفاجئة، والمفاجئات السارة أكثر أثراً وإيجابية في الناس من الحركات المتوقعة، أو عند إيجاد الحركة لمناسبة تلائم الظهور، وذلك لئلا يصطدم الناس، بما يعود إلي الحركة بالإنطباع السيء.

129 العلاج الجذري

إن الظواهر التي يراها الإنسان، سواء كانت ظواهر حسنة أو سيئة، لا بد وأن تكون لها جذور وأصول، هي التي تنتج الحركة، وتثمر الظواهر، مثلاً: إذا رأي الإنسان مبغي في بلاد الإسلام، يلزم عليه أن لا يظن أن هذا المبغي قام هو وحده، بل اللازم أن يعلم أن هناك أنصاراً أقوياء لهذا الشيء، فاللازم علي الحركات الإسلامية أن تقدر الأمور حق قدرها في العلاج، وذلك بدخول الأمور من طرقها ومن الأسباب المهمة لعدم نجاح كثير من الحركات الإسلامية في صد الإلحاد والفساد، إنهم يريدون العلاج السطحي، فإذا رأوا حساسية علي بشرة الجسم أرادوا علاجها بالدهون واللصقات من دون ملاحظة جذور المرض في باطن الجسم.

130 مواكبةالتطور العالمي

للعالم مستوي خاص من الإرتفاع في النظام والفكر والصناعة والإقتصاد وغيرها، كما أن لكل بلد مستوي مرتفع في نفسه قد يصل إليالمستوي العالمي وقد لا يصل، فاللازم عليالحركات أن ترتفع إلي مستوي العالم إن أرادت البقاء، فإن حال التيارات حال الماء كلما وجد موضعاً منخفضاً ملأه، فإذا كانت الحركة دون مستوي العالم، ملأت التيارات العالمية الأرفع مستوي مكان تلك الحركات، ولنمثل لذلك، إن الطبيب إنما يملأ فراغ المرضي، فإذا لم يكن الطبيب بمستويالطب العالمي المتقدم، ذهب المرضي إلي الأطباء الاكثر خبرة وحنكة، وكذلك المهندس المعماري يملا فراغ البناء والعمران، فإذا وجد هناك مهندس أفضل منه ترك الناس هذا المهندس وذهبوا إلي المهندس الأفضل.

والشباب لا بد وان تجذبهم التيارات، فإذا كان تيار المتدينين أضعف، جذبهم التيار الاقوي.

ومثال آخر: كانت القوة في بعض البلاد متمثلة بالعشائر، وقد اعتمد عليهم المتدينون في تنفيذ الأهداف الإسلامية، ثم تحولت القوة منهم إلي الأحزاب، لكن المتدينين لم يحولوا قوتهم إليهم، ولذا نسف بالمتدينين التيار الذي تمكن ان

يسيطر علي قوة الأحزاب …

إن الإنسان يزن نفسه كل مدة مرة، وهكذا يلزم أن يزن فكره ومنهاج عمله، خصوصاً إذا كانت حركة إسلامية مسؤولة عن الإسلام والمسلمين.

131 منظمات للثقافة القائدة

الكتَّاب والمؤلفون والمحررون للصحف والشعراء وخطباء المنابر وخطباء الإذاعة والتلفزيون، ومن أشبههم، هؤلاء هم حَمَلَة الثقافة القائدة، فمن الواجب علي الحركات الدينية ان يهتموا بهم، وذلك بتشكيل لجان ومنظمات لهم، حتي لا تنحرف هذه القوة عن الاهداف الإسلامية، أو لا تبقي حيادية تتفرج في ميادين الصراع بين الإسلام، وبين الفساد والإلحاد الغازيين لبلاد الإسلام، والواقع أن هذه الثقافة هي مبدأ الجمود أو الحركة، لأن الناس يسيرهم إلي الخير أو الشر وعيهم والوعي إنما يكون بيد هؤلاء.

132 المفكرون والقوة

حيث أن المفكر له تخطيط ووجهة نظر خاصة يريد أن تسير الحياة وفقها، وحيث أن هكذا أناس لا بد من مصادمات ونزاعات مع مختلف المجتمعات، فلا بد وأن يفكر المفكر في مسند يستند إليه في بث أفكاره وتخطيطاته، وإلا كان نصيبه الإضطهاد علي طول الخط.

والعلماء ومن إليهم من المفكرين، حيث أنهم من المخططين والمبشرين بأساليب خاصة في الحياة، فلا بد لهم من قوة واستناد، وإلا كان نصيبهم السجون والمعتقلات والمنافي ومختلف ألوان الإضطهاد والقوة تنبع غالباً من أحد هذه المصادر:

1 العشائر فيما إذا كانت لها الكلمة وبيدها السلاح.

2 العصابات فيما إذا كانت لها جبال أو منظمات.

3 الاحزاب التي لها تكتيكات وعندها الحول والطول.

4 الحكومات التي بيدها السلطة والقوة.

وربما تكون تلك الثلاثة الأولي إلي جانب الحكومة، وربما تكون علي خلاف مع الحكومة، فاللازم علي العلماء أن يفكروا قبل العمل في استناد يستندون إليه من هذه القوي الاربع مع ملاحظة الموازين الشرعية كل بحسب منطقته الخاصة، فقد تكون منطقة عشائرية أو (عصاباتية) أو(أحزابية) او حكومية، وإلا فبدون القوة، العمل يساوي المعتقلات والإضطهادات، وحينئذ يلزم أن يوازن بين العمل والإضطهاد، وترك العمل والسلامة، ليري ايهما أنفع للإسلام وأجدي للمسلمين، كي يتبعه.

133 الأماكن المناسبة للمبلغين

من اللازم علي القيادات الدينية أن تجعل المبلغين في الاماكن المناسبة، بأن توزعهم في الأحسن من الاماكن، فإن الغالب في هذا النصف الاخير من القرن الحاضر، أن يكون المبلغ هو الذي يستمد من القيادة، لا القيادة هي التي تعين المبلغ، ولذا تري كثيراً من الأماكن فارغة من المبلّغ بينما يجتمع جملة من المبلغين في مكان واحد.

إن لنا قوة هائلة من المبلغين لكنها بحاجة إلي التوعية الحيوية أولاً، ثم التوزيع المناسب ثانياً، فإذا تحققت هاتان الجهتان، لعاد التبليغ

إليالأمةالإسلامية بأكبر قدر من الثمر، مما يمكن أن يقال عنه الآن، إنه لا يعطي حتي جزءاً من مائة جزء من الثمر الممكن.

وإذا أردت شيئاً من التفصيل فإن لنا أربع مراكز علمية بجوار الأئمة الطاهرين(عليهم السلام) تحتوي علي أكثر من اثني عشر ألف رجل علم ديني، فإذا فرضت أن الحاجة الدائمة في تلك الأماكن تحققت بألفين منهم، كمدرسين ومنظفين وما أشبه، يبقي عشرة آلاف كل واحد منهم صالح لهداية مدينة، إذا ربي تربية كاملة دينية ودنيوية، وجهز بما يحتاج إليه العصر من الأسلوب، وثم زرع في المدينة المعنية زرعاً حسناً، وكم النتائج تكون حينئذ؟

هذا مع الغض عن المدن الأخري التي تحتوي علي كميات من أهل العلم، بين عشرة وبين الألف.

وعدم وجود النظام الكامل إلي هذا اليوم، لا يلازم وعدم التمكن من جعل النظام للقادة المراجع بالشوري. وعلي ذوي الهمم من أهل الإصلاح.

134 المذكرات

من الضروري علي القادة الإسلاميين، والجبهات الإسلامية أن يدونوا مذكرات حياتهم، وحركاتهم، مهما ظنوا بأنفسهم قصوراً وتقصيراً، فإن المذكرات ترشد الأجيال الصاعدة إلي الدرب، وتجنبهم الاخطاء والأخطار، والأجيال الإسلامية بأشد الحاجة إلي ذلك.

فمثلاً: إذا أرادت فئة أن تعمل، فرأت صعوبات وصدوداً من الناس، كان ذلك من أسباب برودها وربما جمودها عن العمل.

أما إذا قرأت في المذكرات أن الذين تقدموا، راوا أكثر مما رأت صعوبة وصدمة، ومع ذلك تقدموا في الحياة، وأنجزوا المنجزات، كان ذلك دفعاً للفئة إلي الأمام، وقتلاً لروح اليأس في نفوسهم، هذا بالغض عن ان السوابق المشرقة مفخرة، تتفاخر بها الأمم، وتوجب الحث والحض علي الوعي والتقدم.

135 منظمة الإقراض

من اللازم علي الجبهات العاملة مهما كان لونها إن تشكل منظمة الإقراض، شأنها جمع المال، بالتبرع أو الإقتراض، واقراضه لمن يريد الإقتراض، فإن القرض من الأمور الضرورية في كل مجتمع، وهذه المنظمة تخفف من ويلات الربا، وتقضي حوائج الناس، وفيه فوائد:

الأولي: تقليل القروض الربوية.

والثانية: التفاف الناس حول الجهة العاملة.

والثالثة: قضائها لحاجات المنظمة ومن اليهم.

والرابعة: دفع الناس إلي الاسلام، حيث أن الناس يندفعون تلقائياً إلي من يفيدهم، وبمقدار اندفاعهم إلي الاسلام من خلال هذه المؤسسة، يبتعدون عن المناهج المستوردة، التي منها المناهج الربوية، ويكون ذلك لبتة في صرح الاسلام المزمع بنائه من جديد بإذن الله.

136- الإستفادة من المناسبات

إن المناسبات التي تمر بالاجتماع، كالاحتفالات، والمآتم، واجتماعات الجماعات، خصوصاً أيام الجمع، ومواعيد الاجتماع لسفر، أورجوع، أوعرس، أوختان، أوموت، أوولادة، أوماأشبه، وأيام الحج، وزيارات المعصومين(عليهم السلام)، وأعيادهم واستشهادهم وما أشبه من الاجتماعات المختلفة، يجب استثمارها، ثقافياً ومالياً-علي أقل تقدير-فاللازم أن توزع في الاجتماع الكتب والنشرات المفيدة، وأن يبلغ المجتمعون تبليغات قصيرة وممتعة، مما لا توجب السأم، بالاضافة إلي جمع التبرعات، أو تسجيل الأسامي للاشتراكات في مختلف المشاريع، وكذلك الدعوة الي الجهات الاسلامية، كالحج والزيارة وبناء المساجد والمدارس والمكتبات.

ثم ان اللازم أن تجعل هذه الأمور التثقيف، وجمع المال، والدعوة الي الخير من برامج الاجتماعات، حتي يكون الاجتماع الفارغ من ذلك، بنظر الناس فارغاً من بعض مقوماته، فإن الأمورالتي تكون من ضمن الحالات الاجتماعية تحظي بالتقدم، والتأييد، أما إذا صار الأمر ثقيلاً علي المجتمع فإن المجتمع يلفظه بسرعة، ولذا يجب علي العاملين أن يجعلوا الأمور الاسلامية ضمن كيان المجتمع.

137- الوعظ في كل مجال

الموعظة لها تأثير بليغ في مختلف الناس والذي بقي من الإسلام(بعد الصدمات الهائلة الإستعمارية) إنما هو بفضل بضعةأمور، يأتي في مقدمتها مجالس الوعظ والإرشاد، ولذا فعلي العاملين للإسلام، أن يحرصوا علي توسيع نطاق الوعظ والمنبر، بكل ما أوتو من إمكانات.

وللتوسيع اشكال مختلفة.

فمن أشكاله حث الأصناف بأن يكون لكل صنف عشرة أيام أو شهراً أو شهرين، مجلس الوعظ والإرشاد في محرم وصفر وشهر رمضان، أو بمناسبة وفيات المعصومين(عليهم السلام)، فلصنف الخبازين مجلس، ولصنف العطارين مجلس، ولصنف الصاغة مجلس وهكذا.

ومن أشكاله حث القوميات والإقليميات بإقامة المجالس، فللهنود مجلس، وللعرب مجلس، وللفرس مجلس، وهكذا حثّ كل منطقة لإقامة مجلس.

ومن أشكاله حض المحلات، وحض ذوي الأعمار، كمجلس الشباب، ومجلس الأطفال، ومجلس النساء.

ومن اشكاله حث من يتزوج، ومن يشتري داراًجديدة أو ينتقل إلي

دار جديدة، أو يريد السفر، أو يرجع من السفر، أو يولد له مولود، أو ما أشبه.

ومن اشكاله حث الناس بأن ينذروا اقامة المجالس عند حلول مشكلة عليهم، او قضاء حاجة، أو ما أشبه.

ومن أشكاله جعل المجالس الدورية في البيوت، أو المساجد والحسينيات، مثل أن يكون مجلس يدور في البيوت كل ليلة، او مجلس أسبوعي أو شهري، في البيوت أو الحسينيات أو ما أشبه ذلك.

138 التوجيه في كل شيء

من اللازم عليالعاملين في حقول الإسلام، استغلال كل شيء في التوجيه الاسلامي، مثل تسمية المدن والشوارع والأزقة والمحلات والمدارس والمساجد والمكتبات والجمعيات والأجناس بالأسماء اللائقة الدينية، أو المرتبطة بالتقدم مثل(شارع الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم) و(حديقة الإمام علي عليه السلام) و(فلكة الزهراء عليها السلام) و(مدينة الإمام الحسن عليه السلام) و(دارالامام الحسين عليه السلام) و(مسجد السيدالمرتضي» و(مدرسة السيد الرضي(ره) و(مكتبة العلامة الحلي(ره) و(كتيبة مالك الأشتر(رض) و(حافلة عمار بن ياسر(رض) وشركة مواصلات الهدي) و(معمل نسيج الإخلاص) و(جمعية القرآن الحكيم) إلي غيرها وغيرها …

كما أن من اللازم تسمية الأولاد بمثل هذا الأسماء، وكذلك تسمية الكتب، والمجلات، والجرائد، وحلقات الاذاعة، وحتيالملاعب الرياضية، والسفن الحربية، والطائرات، وسائر أقسام الأسلحة، والمواصلات.

وهكذا يلزم أن تكون ماركات الأجناس والدعايات الموافقة للأجناس، مثلاً يكتب عليالورقةالملفوفة حول الشيء كلمة(لا تكسل» أو (فاز العاملون) أو(كن حازماً) او ما أشبه ذلك، وكذلك الأوراق النقدية وسائر العملات، وعلي صناديق الشاي، وكيس السكروالأرز، وظروف الشاي، وقناني المرطبات.

وهكذا تملأ الشوارع، والأعمدة والمحلات باللافتات المناسبة مثل(رأس الحكمة مخافة الله) و(قولوا للناس حسناً») (ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) وكذلك علي أبواب البيوت وما أشبه يكتب (بسم الله …) و(وأن يكاد …)أو(فالله خير حافظ …)وعليالسيارات(إن الذي فرض عليك القرآن …).وهكذا في الدوائر بالكلمات والآيات المناسبة، ففي دوائر الامن

والشرطة(إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا)وفي المحاكم(إن الله يأمر بالعدل والإحسان)وفي وزارة المال(ومن يغلل يات بما غل).

وبالجملة يلزم استغلال كل شيء وكل فراغ للتوجيه، بحيث يكون(كل شيء من أجل الإسلام).

ويلحق بهذا الفصل، جعل التعارفات كلها إسلامية مثل (السلام) عند الورود، و(في أمان الله) عند الذهاب، و(الله أكبر» عند التعجب و(إنا لله …) عندالمصيبة، و(صبحكم الله …) عند اللقاء، و(ما شاء الله.) عند رؤية شيء بديع، و(إنشاء الله» عند الوعد، وهكذا وهلم جرا.

كما يلحق بهذا الفصل وجوب جعل الأشهر هلالية، والسنوات هجرية والساعات غروبية، إلي غير ذلك.

139 منظمات التفكير

من اللازم أن يكون القائدالإسلامي، أوالجهة الإسلامية، منظمة للتفكير، لا عمل لها إلا ذلك، فمنظمة التفكير شأنها شأن المخ في الإنسان، شأنها جمع المعلومات، والتفكير في الأسباب والنتائج والتماس طرق جديدة للحركة والتقدم، ولصد الأعداء وكبح جماع المنافسين، وللاوجه المحتلة في نتائج كل حركة، وتعيين الافضل منها، ومن الممكن أن تشكل المنظمة من اثنين من الخبراء، في تلك الجهة التي يريدها القائد أو الحركة، ثم ينظم إليها آخرون حسب الحاجة.

فمثلاً تفكر المنظمة، بالنسبة إليالأمور السياسية، لماذا لم تصل الحركة الفلانية إلي الحكم؟ ولماذا وصل الآخرون؟ وما هي علاقة الغرب ببلاد الإسلام؟ وكيف يمكن إزالتها؟ وهل إن الشرق يتمكن من غزو الشرق الأوسط؟ ولماذا تمارس الدولة الفلانية الديكتاتورية، بينما لا تمارسها دولة ثانية، مع ان كليتها تحت الإستعمار الفكري أو ما أشبه؟

وبالنسبة إلي الأمور الإقتصادية، تفكر المنظمة، كم هي ثروة البلد الفلاني؟ وكيف تصرف؟ ولماذا؟ وكيف يمكن الإستفادة من ثروات البلد الفلاني في تقوية الحركة الإسلامية؟ وما هي السبل التي يتمكن الإنسان بسببها من الوصول إلي إقناع التجار لمشروع كذا، أو صرفهم عن إيداع أموالهم في البنوك الأجنبية.

وبالنسبة إلي الشباب، تفكر

المنظمة، لماذا ينقاد الشباب إلي الشباك الشرقي، ويتهافتون علي اعتناق مبادئ الإلحاد؟ وكيف علاج ذلك؟ وهل الأحسن أن يوجه الشباب إلي دخول كلية الهندسة و الطب، أو كلية السياسة والعلوم الإقتصادية؟ وما هو سبب عدم رغبتهم في الزواج؟ وكيف يمكن صرفهم عن إقبالهم المتزايد علي اللهو في أيام العطل، بدلاً من صرف أعمارهم في ما ينفع امتهم؟

وبالنسبة إلي الدين تفكر المنظمة. ما هي سبل جلب الناس إلي الدين؟ وما هي أسباب فرار بعض الشباب عن المساجد ونفرتهم من الطقوس الإسلامية؟ وما هي الوسائل الكفيلة بتنشيط دراسة العلوم الدينية؟ وهكذا في مختلف الأمور التي تهم الحركة الإسلامية، أو القائد الإسلامي، فإن ألف سؤال وسؤال مطروح في الساحة، وكلها تحتاج إلي دراسة وتفكير، ثم الأخذ بالنتائج المدروسة لأجل تقوية الاجهزة الإسلامية، ودفعها إلي الأمام.

140 الإهتمام الشخصي والعام

لقد دلت التجارب أن من لا هموم له لا سيادة له، وكما أن السيادة الشخصية تتوقف علي الهموم الشخصية، كذلك السيادة الإجتماعية تتوقف علي الهموم الإجتماعية، بمعني أن يكون المجتمع في هم، كل حسب مرتبته واختصاصه وفي طريق نموه الشخصي ونموه الإجتماعي، فعلي المنظمات الإسلامية، والقيادات الدينية، الالفات إليالهموم، ليصبح كل مسلم، وعنوان أمره(من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم).

الألفات إلي الهموم، إنما يكون ببث الوعي، وذلك بالفاتهم إلي نقاط التأخر، وتقدم الأعداء، ونفخ روح الإستعلاء والسيادة فيهم، حتي يشعر كل فرد بتأخره الفردي، والإجتماعي، وبوجوب أن يعمل ليتقدم.

فإذا وجدت في المسلمين هذه الهموم، أخذوا في التقدم، وفي المثل(الحاجة أم الإختراع).

ولعل قوله سبحانه: (إن مع العسر يسرا)ينطبق علي هذا، فالمعني أن الإنسان إذا وقع في العسر لا بد وأن يهتم، ويتحمل الهم، وعند ذلك يكون العمل المثمر الموجب لليسر.

141 خلق المناسبات

إن الحركة الإسلامية إذا أرادت النجاح، فالواجب عليها، إيجاد الدفء والقوة والإستقطاب للقوي دائماً، فإنه بدو ن التدفئة والتقوية وبدون الإستقطاب المستمر، تبرد الحركة حتي تموت، ولا تكون هذه الأمور، إلا بالإجتماعات الدورية المركزة، ثم جمع الناس في مناسبات دافعة، وحيث أن المواليد والوفيات، لا تكفي في إملاء الفراغ فاللازم علي القادة وعلي الحركات الإسلامية خلق المناسبات، مثل الإحتفال بانتصار المسلمين في معركة كذا، أو بمناسبة مرور ألف عام علي مولدالعالم الفلاني، أو بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً من نزول القرآن، أو بمناسبة مأساة انسلاخ البلد الفلاني عن جسم البلاد الإسلامية، وهكذا وهلم جرا، ويلحق بذلك الإحتفال بافتتاح مسجد او مدرسة، أو لأجل توزيع الجوائز للناجحين، أو لأجل إقامة المعارض والتمثيليات، إلي غيرها.

142 تناقضات في الحركة

الحركات الناجحة في العالم هي التي تشتمل عليمختلف الألوان، سرعةً في وقت وبطأ في وقت، ظهوراً في جهة وخفاءً في جهة، شدةً من ناحية، وليناً من ناحية، اظهار قوة في حين، واظهار ضعف في حين آخر، وهكذا وهلما جرا، لكن يشترط أن يوضع كل شيء موضعه، فإن هذه الأمور مثل أجزاء البناء، تحتاج إلي مهندس ماهر ليركبها حتي تكون قصراً جميلاً، اسمع إلي هذه الآيات والحكم:

(سارعوا إلي مغفرة من ربكم)

(يا أيها الذين آمنو اصبروا وصابروا ورابطوا)

(يا ايها المدثر قم فانذر)

(فاصدع بما تؤمر)

(إلا أن تتقوا منهم تقاة)

(أشداء علي الكفار رحماء بينهم)

(ادخلوا في السلم كافة)

(ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون)

(لو أن لي بكم قوة)

(لا بد لكل إنسان من فقيه يرشده وسفيه يعضده).

143 الوحدة والإتحاد

من الضروري عليالجبهات العاملة، الإهتمام الكافي للوحدة بين البلاد الإسلامية، حتي تكون حكومة واحدة فإن الوحدة قوة، وإذا لم يكن ذلك، فلا أقل من تشكيل جبهات بينها، في أحلاف ومواثيق، فإنه أقرب إليالقوة من الفرقة والتشتت، وذلك بنشر الوعي الدائم بين الشعوب الإسلامية، حتي يتكون من ذلك رأي عام، والرأي العام من أقوي أسباب الضغط.

كما أن من اللازم الحدّ من أسباب الفرقة كالقوميات والإقليميات والعنصريات، والإهتمام لتشابك المسلمين بالمصاهرة ونحوها.

وكما يجب ذلك بين الشعوب، كذلك يجب بين الجهات العاملة، فإذا كانت هناك منظمتان إسلاميتان، اهتم العاملون لتوحيدهما، وكذلك بالنسبة إليالجبهات العاملة الأخر، وإذا تعسر التوحيد، اهتموا لاتحادهما في صيغ ملائمة.

144 منظمات المقاطعة والمواصلة

يلزم أن تشكل في كل بلد، منظمات لمقاطعة البلاد الكافرة مهما أمكن، إلي جنب مواصلةالبلاد الإسلامية في مختلف الشؤون العلمية والتجارية والصناعية والسياحية وغيرها.

فمثلاً: تشكل منظمة، لتحريض الناس عليعدم السياحة في البلاد الأجنبية وإنما في البلاد الإسلامية، وعدم شراء سيارات من الأجانب، بل من المسلمين، وعدم إرسال البعثات العلمية إلي بلادالكفر، بل إلي بلاد الإسلام وعدم التعامل مع اليهود القاطنين في بلاد الإسلام بل مع المسلمين، وهكذا.

لكن يجب أن يلاحظ في ذلك أمر آخر، وهو أنه إذا توقف النجاح أوالتفوق علي البعثة إلي بلاد الخارج، أو استيراد بضاعة الخارج، أو استقدام الطبيب والمهندس منه، لوحظ الاهم.

كما أنه إذا توقف الأمر بين بلدين أحدهما أكثر إيغالاً في الكفر والفساد، والإستعمار والإلحاد من البلد الي آخر، قدم أهون الشرين.

وهذه المنظمات مهما بدت صغيرة ومحدودة فإنها باجتماعها واستمرارها تشكل خدمة كبري لبلاد الإسلام، كما أنها تكون القشة التي تقصم ظهر البعير.

145 منظمات التطهير

من أوجب الواجبات علي الجبهات العاملة والقيادات الإسلامية، أن تهتم لتطهير بلاد الإسلام من لوث القوانين المخالفة للإسلام فإن القوانين المخالفة للإسلام هادمة للإنسان وللبلاد، علي حد سواء، ولذا هدمت حتي بلاد الكفر فلو كانت البلاد الكافرة تأخذ بقوانين الإسلام، لوصلت إلي مجرة أخري عوض أن تصل في داخل مجرتنا إلي أقرب كوكب إلينا: ولما وجدت في بلادها الثورات والحروب والفقر والمرض، وما أشبه.

وعلي أي حال فاللازم أن تعمل المنظمات المكافحة:

1 لتبديل القوانين السارية في البلاد، المخالفة للإسلام إلي قوانين الإسلام، وذلك بمختلف الوسائل ابتداءاًمن إيجاد الوعي، وانتهاءاً إلي الضغط إن أمكن.

2 للحيلولة دون تشريع قوانين جديدة مخالفة للإسلام سواء كان المشرع مجلس الأمة، أو مجلس الشيوخ، أو مجلس الوزراء، أو مجلس السيادة، أو غيرها، وفي الحقيقة

إن القوانين المخالفة للإسلام هي التي أودت ببلاد الإسلام وأذلت المسلمين وذهبت بريحهم، وهي أم المفاسد، التي لا يرجي صلاح بلاد الإسلام، ولا صلاح المسلمين، إلا باستئصال هذا السرطان القاتل، من جسم الأمة.

146 منظمات لمكافحة الأمية ونصف الأمية

من المؤسف أن نري أن أكثر المسلمين أميين، بينما يفرض الإسلام طلب العلم علي كل مسلم ومسلمة، ويبتدئ القرآن الحكيم في النزول علي المشهور بالقراءة والكتابة(اقرء باسم ربك..علم القلم)وهل يرجي ممن لا يقرأ ولا يكتب الوعي الكامل والإدراك السليم والتخطيط الدقيق، وأخيراً التقدم بالبلاد إلي الأمام؟

لذا من الضروري أن تشكل في كل بلد منظمات لمكافحة الامية، سواء بين الصغار أو الكبار، الرجال أو النساء، ومثل هذه المنظمات تطوق الأمية من جميع أطرفها فتحرض الحكومات لفتح المدارس وكذلك تحرض التجار والأثرياء. وتكون الحلقات في المساجد والحسينيات، وتطبع الكتب المناسبة لهذا الشأن، وتنشر الوعي، إلي غيرها..

هذه بالنسبة إلي مكافحة الأمية، أما نصف الأمية، فهم المثقفون الذين تركوا التقدم في ميادين العلم، ولو كان وزيراً للتربية والتعليم، او وزيراً للصحة، أو أفضل مهندس في البلد أو من أشبه، فإن الإسلام قرر العلم من المهد إلي اللحد وخاطب الله الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم): (وقل رب زدني علماً).إن العالم اليوم في سباق علمي هائل، فإذا بقي المسلمون في مرحلة نصف الامية لا يرجي التحاقهم بالعالم فكيف بسبقهم عليه، ولذا فمن الضروري اهتمام منظمات مكافحة الامية بهذا الشأن، مثل اهتمامهم بشأن الأميين.

147 توفيق المنهجين

للإسلام منهج خاص في الحياة، وللغرب منهج خاص آخر، وهذان المنهجان يتصادمان، في جملة من المرافق، فاللازم علي الهيئات والمنظمات الإسلامية، أن تهتم للتلائم بينهما مثلاً صلاة الجماعة مستحبة في أول الوقت، والدوائر والمدارس كثيراً ما تضطر إلي البقاء حتي ساعة بعد الظهر، وحيث لا يمكن في الحال الحاضر، تقليص الدوام إلي الظهر، فاللازم إقامة مصلي في الدوائر والمدارس للصلاة هناك أول الوقت.

وكذلك المستشفيات لا يلحق أهلها بصلاة الجماعة لبعدها غالباً عن المدينة.

فاللازم بناء مسجد في كل مستشفي

لإدراك هذه الفضيلة.

وكذلك بالنسبة إلي الزواج فإن الشاب ما لم يتم الدراسة لا يتزوج لعدم وجود مورد مالي له ولها.

فاللازم تسهيل أمرالزواج له بالسلفة من جمعيات خاصة لهذا الشأن، أو حث الحكومات علي ذلك حتي لا تكون الدراسة عقبة في سبيل الزواج المبكر، ولا يكون الزواج عقبة في طريق الدراسة.

وكذلك بالنسبة إلي صلة الرحم فإن الأرحام تبعثروا في البلاد مما انقطعت الصلة بينهم فاللازم أن يجعل مثلاً أسبوع الرحم، في كل سنة، ففي هذا الأسبوع يتعارف بعضهم مع بعض بالهدايا والتلفون والرسالة، وما أشبه.

وهكذا بالنسبة إلي ورود النساء في الإجتماع وروداً ينافي الشريعة والإحتشام، فاللازم تنظيم برامج تلائم بين الشريعة والفضيلة وبين دخول النساء في المجتمع ومزاولتهن مرافق الحياة، إلي غير ذلك من كثير من الامور المتطورة، وحيث لم يكن هناك جهات تلائم بين الجهتين، صار سبباً لانهزام الشريعة عن الميادين.

148 عدم التغرير بالقوي

الحروب الباردة الدائرة الآن بين المسلمين وبين الكفار، حالها حال الحروب الحارة، في كل الجهات، من الغلبة والإنهزام، والتكتيك، وموازنة القوي، وغيرها، فاللازم علي القادة الإسلاميين والجبهات الإسلامية تطبيق موازين الحرب عليها، حتي يكون الغلب، ولا يكون انهزام ونكسة ونكبة.

ومن ذلك وجوب عدم التغرير بالقوي.

فكما أنه إذا كانت الأعداء ألوفاً، والأنصار عشرات ليس من الحكمة والعقل أن يقابل الجيش القليل الجيش الكثير، كذلك ليس من الحكمة مقابلة أنصار الإسلام، وهم قلة أعداء الإسلام وهم كثرة بل فوق الكثرة.

بل اللازم تطبيق أحكام حرب العصابات علي القلة المسلمة لكن حرب عصابات باردة، من الإعتصام أولاً بالأقوياء، كاعتصام العصابات بالجبال، ثم التستر والتخفي مهما أمكن، كما تستتر العصابات، ثم الضرب الخاطف، والإنسحاب السريع، حتي لا يغرر بالقوي الإسلامية، وتنطفي جذوة الإسلام، ببعثرة رجاله وتشتت قواه.

149 الخمائر الإسلامية

المواضع الإسلامية المنكوبة، سواء بالحرب، أو بالسجن الجماهيري، أو بالتفسير الجماهيري، أو ما أشبه ذلك من الكوارث التي كثرت الآن بين المسلمين خير مكان لنشوء الحركات الإسلامية فإن الحركات تنبع دائماً في الكوارث والأزمات: ولو استغلت الكوارث خير استغلال، لكانت من أفضل الأراضي، لازدهار الحركات الإسلامية، التي تنتهي إلي قيام الإسلام من جديد.

فلذا يجب علي المفكرين والقادة والجبهات الإسلامية، أن تضع الخطوط والتصميمات والمناهج لمثل هذه الأماكن بكل دقة وإتقان، فإن ذلك من أسرع الأمور لإنجاز أعمال إسلامية هامة. وهذه القاعدة تنطبق في الإنسان أيضاً، فإن الفرد المسجون أو المشرد أو المنكوب يسرع في قبول الإنخراط في الحركات، فاللازم توجيهه للإنضمام إلي الحركات الإسلاميةالصحيحة، فإنه بالقطرات تشكل البحار، وبالذرات تتكون القفار.

150 بحر من العمل

هناك مسلمون كثيرون تنهار قواهم إذا رأوا ضحالة الأعمال الإسلامية، وأمامهم البحار الهائجة من الكفر، وقد ذكرنا في هذا الكتاب مناهج متنوعة للعمل الإسلامي بعضها أصعب من بعض، وبعضها يأتي بشيء يسير من العمل، بينما بعضها الآخر لا يأتي إلا بشيء كثير من العمل، فاللازم علي المفكر المنفرد، أو الجبهة القليلة القوي ان يعمل من هذه المناهج بما يستطيع ويتوكل عليالله في العمل، مهما رأي العمل قليلاً، والقوي الكافرة أمامه، كثيرة فإنه لا يسقط الميسور بالمعسور، ما لا يدرك كله لا يترك كله، وقد قال الرسول(صليالله عليه وآله وسلم) (إذا أمرتم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».

فلا يهولن الإنسان العامل، ما يراه أمامه من بحر من العمل، فإذا راي أنه لا يقدر علي نزفه ييئس ويستسلم، بل يأخذ بجانب من العمل، ثم يوسعه ويعمقه، حتي يأتي بالثمار الطيبة، ثم إن المفكر الواحد، والجبهة الضعيفة، ليس هو وحده في الميدان.فكما أن هناك بحراً من الإلحاد والكفر

والفساد، فإن أمام ذلك البحر، بحر من الاعمال الإسلامية المنتشرة في طول بلاد الإسلام وعرضها، بل وفي كثير من بلاد الكفر، بالإضافة إلي أن المسلم العامل له أكبر القوي الكونية، وهي قوة الله سبحانه، وقد وعد تعالي بنصرة العاملين، قال: (أن ينصركم الله فلا غالب لكم)وقال: (أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

وهذا آخر ما أردنا إيراده في آخر الرسالة، ونسأله سبحانه أن يوفقنا لنصرته، ويجعل ذلك سبباً لأن نغلب سائر القوي، فلا يكون علينا غالب من فساد او إلحاد أو انحراف، إنه سبحانه لا يخلف الميعاد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام علي المرسلين، والحمدلله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

26/جمادي الأول/1393هجرية

الحاشية

يك زمان غافل شدم صد سال راهم دورشد

قطره درمان خطا بنجاه سالُ كور شد

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.