شخصية المؤمن

اشارة

اسم الكتاب: شخصية المؤمن

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1423 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

يَوْمَ تَرَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَي نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ

الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ

هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

صدق الله العلي العظيم

سورة الحديد: 12

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد خير الوري أجمعين وعلي آله الغر الميامين.

كل إنسان سوي يتطلع إلي حب الخير والكمال، ويهرب من النقص، ويحاول أن يلتصق دائماً بما هو خير له. فهو شيء مجبول عليه ومغروز في أعماقه بدون أن يتكشف ذلك. ومن الأمور الكمالية التي يحاول أن يضفيها علي شخصيته: السمعة الطيبة، والمكانة المرموقة بين الناس، التي تدفعه إلي نيل المكرمة وكسب الذكر الحميد من بين أفراد المجتمع.

ولكن، كيف يمكن أن يكون للإنسان وخاصة المسلم صاحب شخصية مذهبية علمية وعملية حتي يستطيع هداية الناس إلي الطريق الإسلامي ويكون داعية صامتاً وبدون نطق.

وفي هذا السياق كان هذا الكراس عزيزي القارئ بين يديك مما أصدره سماحة المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف) الذي كانت له وقفات متنوعة علي شتي المواضيع الإسلامية وملأ بها الفراغ الفكري للقارئ المسلم ولغيره.

فقد تناول السيد الإمام (قدس سره الشريف) في هذا العنوان شخصية المؤمن كقضية مهمة من حياة الإنسان المسلم، وكيف أن الشريعة نظرت إليها وحددتها بخطوات سلوكية معينة داعماً البحث بالآيات والمأثور من الروايات.

وقد قمنا بنشره إيماناً منا بأهمية هذا السفر القيّم وقد كان الكتاب عبارة عن محاضرة من المحاضرات الكثيرة التي ألقاها السيد الإمام(قدس سره الشريف) في أوقات وأماكن مختلفة، وذلك لكي يتيسر للقراء الكرام التزود

من فائدة المحتوي، راجين من الله عزوجل السداد والقبول، وأن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب 6080 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

النفس والإطراء

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «اللهم إنك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيراً مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون» ().

جاء هذا الكلام من أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السلام عندما مدحه قوم في وجهه الشريف عليه السلام.

فقال عليه السلام: «اللهم إنك أعلم بي من نفسي» فإن الله سبحانه وتعالي يعلم دقائق وخفايا صفات الإنسان وأعماله ما لا يعلمه الإنسان بنفسه «وأنا أعلم بنفسي منهم». أي من هؤلاء المدّاحين؛ لأن كل إنسان يعرف نفسه خيراً من معرفة غيره له «اللهم اجعلنا خيراً مما يظنون» أي مما يظن هؤلاء المادحون «واغفر لنا ما لا يعلمون» من الأخطاء، ومن المعلوم أن طلب الأئمة عليهم السلام للغفران، باعتبار بعض المباحات التي لا يرونها لائقة بمقامهم مع الله سبحانه وتعالي مضافاً إلي أنه تعليم للآخرين.

وهو توجيه للمؤمنين في الحذر من العجب بالنفس وتمكين الشيطان منهم بإعطائه هذه الفرصة وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «حب الإطراء والمدح من أوثق فرص الشيطان» ().

وقال عليه السلام: «إياك والإعجاب وحب الإطراء فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان» ().

قوة الشخصية

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «نزه عن كل دنية نفسك وابذل في المكارم جهدك تخلص من المآثم وتحرز المكارم» ().

وقال الإمام الحسين عليه السلام: «يا أيها الناس نافسوا في المكارم وسارعوا في المغانم..» ().

يتطلع كل إنسان سوي إلي التكامل في الأخلاق وتحصيل السمعة الطيبة ونيل المكانة المرموقة بين الناس، فهذه حاجة نفسية أصيلة في كل فرد، تدفعه دفعاً إلي نيل المكرمة والتمتع بالشهرة واكتساب الذكر الحميد في المجتمع، وهذا يتحصل عن طريق قيامه بالأعمال الحسنة والأفعال الطيبة، التي تعود

عليه بحسن العاقبة في رضا الله عنه، وتأييد أفراد المجتمع ومصادقتهم علي كل ما يصدر عنه من انجازات ناجحة وأعمال باهرة وفضائل محمودة، وكلما حظي المرء باحترام الناس انبسطت نفسه انبساطاً، وقويت روحه المعنوية، فدفعته من نجاح إلي نجاح آخر وأكبر.

وكلما استطاع الإنسان أن يألف الجماعة ويبادلها المودة ويشارك في سرّائها وضرّائها، كلما ظهرت تلك الشخصية القوية في حياته التي تولد عنده نوعاً من الاطمئنان النفسي والاستقرار الروحي.

السبيل إلي الشخصية القوية

من الأمور التي لها أهمية كبري في حياة الإنسان، هي أنه كيف يمكن للإنسان أن يكون صاحب شخصية علمية ومذهبية وعملية مرموقة بين الناس، لكي يستطيع هداية الناس إلي الطريق الإسلامي السوي؟

لعل من أولي متطلبات الشخصية الناجحة، الصدق في معاملة الناس ومطابقة الأقوال بالأفعال، ورعاية مصالحهم، والالتزام بالمبادئ السليمة، وعدم التفريط في ذلك كله، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الصدق صلاح كل شيء» ().

وقال عليه السلام: «عليك بالصدق فمن صدق في أقواله جل قدره» ().

فالشخصية الأصيلة والجذابة في المجتمع تبني حقاً علي حسن النية التي يبديها الفرد نحو الآخرين والاهتمام المخلص بمصلحتهم، وبذلك فالشخص الذي يمتلك المكانة الاجتماعية والعلمية يستطيع العمل كثيراً في داخل مجتمعه فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قول الله عزوجل: ?إِنَّمَا يَخْشَي اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ?() قال: «يعني بالعلماء من صدَّق فعله قوله، ومن لم يصدِّق فعله قوله ليس بعالم» ()، خلافاً للشخص الذي لا يمتلك تلك الشخصية. ويستطيع الإنسان أن يحصل علي هذه الشخصية عن طريق السعي الكبير والإبداع الدائم والعمل الدؤوب والإخلاص وفي ذلك، قال تعالي: ?وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَ مَا سَعَي?()..

فالسعي() هو المشي السريع دون العدو، وان الإنسان لا يحصل علي الخير إلا من أفعال وأعمال الخير

التي فعلها وهو حي في الحياة الدنيا، أما في مماته فانه لا يجني إلا التبعات المترتبة علي الأموال التي تركها، فإن كان الورثة أخياراً، فإن بذل هذه الأموال في طريق الخير يرجع ثوابها إليهم، وهو لا يحصل علي ذلك الثواب؛ لأنها ليست ملكه، فقد أصبحت ملك غيره، وإن كان الورثة أشراراً فإن تبعات الآثام ونتيجة صرفها في طريق الشر تعود عليه ويتأذي بسببها. وكذا من سنّ سنة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها إلي يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة()..

ثمار الخير والصلاح

إنّ الله سبحانه وتعالي تعهد في كتابه الشريف بتوفيق من سعي في طريق الخير والصلاح، حيث قال: ?وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ?()، أي: إن الذين جاهدوا الكفار ابتغاء مرضاتنا وطاعة لنا، وجاهدوا أنفسهم في هواها، خوفاً منا لنهدينهم السبل الموصلة إلي ثوابنا بالنصر والمعونة في دنياهم لهداية الناس، فإن في وسط هذا الزحام الخانق، والجو الكافر، من يجاهد في الله بالإيمان، والأعمال الصالحة، فإنه يهتدي إلي طريق الحق الموصل له إلي سعادة الدنيا والآخرة، فإن ?سُبُلَنَا? جمع سبيل وهو الطريق الذي قررنا لأجل الرشاد والصلاح والخير والسعادة، وهذا عام، فكل من جاهد في طريق فُتح أمامه باب الحق والصدق. فإن ?اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ? الذين يحسنون في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم، فإنه تعالي معهم بالنصرة والغلبة والسعادة في الدارين().

العمل لله وحده

والنقطة المهمة التي يجب أن يلتفت إليها الإنسان هي أنه إذا أراد أن يكوّن لنفسه شخصية قوية لابد أن يجعل أعماله لله عزوجل، فإن ما كان لله ينمو وما كان للشيطان يخبو، حيث قال الإمام الصادق عليه السلام لأصحابه يوماً: «اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلي الله» ()، لذا يجب أن يكون للمرء أهداف دينية نبيلة تقود خطاه في الحياة؛ إذ علي المرء العامل في سبيل الله أن يؤمن بأن الله معه طول الوقت وأنه يسدد خطاه ويعينه كلما ألمّت به وحشة وأصابته نكبة أو ضائقة.. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «وألجئ نفسك في أمورك كلها إلي إلهك فإنك تلجئها إلي كهف() حريزٍ() ومانع عزيز، وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان» ().

وكما قيل() مرة: مهما يكن شعورك بالوحدة فاعلم

أنك لست بمفردك أبداً؛ لأن الله معك، سر علي جانب الطريق وانك علي يقين من أنه يسير علي الجانب الآخر، رتب أمورك علي أساس أن ربك شريك لك في كل شيء تفعله.

وبذلك تزداد طمأنينة نفسك، وتشعر في قرارة نفسك أنك علي الصراط المستقيم، لا يأتيك الباطل من بين يديك أو من خلفك، وهذا من أعظم نعم الله علي الإنسان الذي يرضي عنه الله والناس، لا لأجل أهداف دنيوية تافهة مؤقتة من جاه ومال وتسلط علي رقاب الناس، وما مثل هذا الفرد إلا كيان مضر في المجتمع ومفسد في الأرض.

الخالق حكيم

فإن الله سبحانه وتعالي لم يخلق شيئاً مضراً إلا وبه منفعة في هذه الدنيا، بل كل المخلوقات لها فائدة ونفع، حتي النجاسات التي تخرج من بدن الإنسان نحن نستقذرها وننفر منها لكن لها فوائد كثيرة في الزراعة مثلاً؛ إذ أن المزارعين يستخدمونها كسماد لأراضيهم في زراعة بعض المحاصيل الحقلية. والقصد مما سبق: هو أن كل مفيد ومضر إذا وجهناه الوجهة الصحيحة يمكن الاستفادة منه، ومن الشواهد الجلية الوضوح حول هذا البحث ما ذكر عن الصين بأن (ماوتسه تونغ)() أذاع بياناً خاصاً طلب فيه من الشعب الصيني القضاء علي جميع العصافير، وذلك لأجل أن لا تصيب الغابات والأشجار بأضرار ولا تلتهم الحبوب وما أشبه، فقام الناس بحملة إبادة عليها، حيث قتلوا في تلك السنة ما يقارب العشرة ملايين من تلك الطيور الصغيرة، وإن الشعب الصيني كان يعتقد أنه بعمله هذا سوف يحصل علي أكبر كمية من المحاصيل والإنتاج الزراعي لتلك السنة، ولكن حدث العكس تماماً حيث أصبح انتاج المحاصيل أسوءَ حالاً من جميع السنين الماضية؛ وذلك لأنهم بعملهم هذا جعلوا مزارعهم طعمة للديدان والحشرات، حيث هجم علي

تلكم المحاصيل الزراعية ملايين الجراد والحشرات فأصابتها إصابة شديدة.

فتنبه الصينيّون إلي أن تلك العصافير التي قضوا عليها كانت الحصن المنيع للمزارع من الحشرات، وكان لها دور كبير في زيادة إنتاجهم؛ حيث كانت تقوم بعمل هام لم يستطع أحد القيام به وهو التهام تلك الديدان والآفات الحشرية التي تظهر بين سنة وأخري، وفي السنة التالية قاموا بالحفاظ عليها بل وتربية وتكثير تلك الطيور، ليعود إنتاجهم كما كان عليه في السنين الماضية. إذاً فالعصافير التي كانوا يظنون أنها عديمة الفائدة، بل تصوروا أنها حيوانات ضارة فقد ظهر لهم أنها كثيرة النفع للإنسان، ولها دور حيوي مهم في تكامل الحياة الإنسانية، وهكذا الأمر في العقارب والأفاعي والحشرات فان فائدتها أكثر بكثير من ضررها وأذاها، ويذكر بأن من فوائد العقارب والأفاعي أنها تمتص السموم الموجودة في الهواء().

إذن، فلابد للإنسان أن يكون موجوداً نافعاً في الحياة كسائر الكائنات والمخلوقات الأخري، فكيف لا يكون كذلك وقد سلّحه الله تعالي بكل اللوازم، حيث سخر له ما في السماوات والأرض ورزقه من الطيبات، وأعطاه العقل والفطرة السليمة وأرسل له رسلاً تتري وكتباً مبينة فيها شفاء لما في الصدور، فقال عزوجل: ?أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً?().

وقال سبحانه: ?الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ? وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ? وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ ? لِتَسْتَوُوا عَلَي ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ?().

قضاء حوائج الناس

أفضل مصداق للإنسان النافع في الحياة هو ذلك

الشخص الذي يقدم الخدمة والنفع للآخرين، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «.. أصلح الناس أصلحهم للناس، وخير الناس من انتفع به الناس» ()، وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه فمن قام لله فيها بما يجب فيها عرّضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء» ().

وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام دخل مكة وهو في بعض حوائجه، فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، ولا يكفه مكان، ارزق الأعرابي أربعة آلاف درهم، قال الراوي: فتقدم إليه أمير المؤمنين عليه السلام وقال: «ما تقول يا أعرابي؟» فقال الأعرابي: من أنت؟ فقال: «أنا علي بن أبي طالب» قال: أنت والله حاجتي، قال عليه السلام: «سل يا أعرابي» قال: أريد ألف درهم للصداق، وألف درهم أقضي بها ديني، وألف درهم أشتري بها دارا، وألف درهم أتعيش بها، قال له عليه السلام: «أنصفت يا أعرابي، إذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول صلي الله عليه و اله» فأقام الأعرابي أسبوعا بمكة وخرج في طلب أمير المؤمنين عليه السلام إلي المدينة، ونادي: من يدلني علي دار أمير المؤمنين عليه السلام؟ فلقيه الحسن عليه السلام فقال: «أنا أدلك علي دار أمير المؤمنين» فقال الأعرابي: من أبوك؟ قال: «أمير المؤمنين عليه السلام» قال: من أمك؟ قال: «فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين

عليها السلام» قال: من جدك؟ قال: «رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلي الله عليه و اله» قال: من جدتك؟ قال: «خديجة بنت خويلد» قال: من أخوك؟ قال: «حسين بن علي بن

أبي طالب عليه السلام» قال: لقد أخذت الدنيا بطرفيها امش إلي أمير المؤمنين عليه السلام وقل له: إن الأعرابي صاحب الضمان بمكة علي الباب، فدخل الحسين عليه السلام وقال: «يا أبة، أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب ضمان بمكة».

قال: فخرج إليه عليه السلام وطلب سلمان الفارسي (رضي الله عنه) وقال له: «يا سلمان، أعرض الحديقة التي غرسها لي رسول الله صلي الله عليه و اله علي التجار» فدخل سلمان إلي السوق وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم وأحضر المال وأحضر الأعرابي فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما لنفقته، فرفع الخبر إلي فقراء المدينة، فاجتمعوا إليه والدراهم مصبوبة بين يديه فجعل عليه السلام يقبض قبضة ويعطي رجلا رجلا حتي لم يبق له درهم واحد منها ودخل منزله، فقالت فاطمة عليها السلام: «يا ابن عم، بعت الحديقة التي غرسها رسول الله والدي؟» فقال: «نعم بخير منها عاجلا وآجلا» قالت له: «جزاك الله في ممشاك» ثم قالت: «أنا جائعة وابناي جائعان ولا شك أنك مثلنا» فخرج عليه السلام ليقترض شيئا ليصرفه علي عياله فجاء رسول الله صلي الله عليه و اله وقال: «يا فاطمة، أين ابن عمي؟» فقالت له: «خرج يا رسول الله» فقال صلي الله عليه و اله: «هاك هذه الدراهم فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما» وخرج رسول الله صلي الله عليه و اله فجاء علي عليه السلام وقال: «جاء ابن عمي فإني أجد رائحة طيبة؟» قالت: «نعم» وناولته الدراهم وكانت سبعة دراهم سود هجرية وذكرت له ما قال صلي الله عليه و اله فقال: «يا حسن، قم معي» فأتيا السوق وإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الله الوفي الملي؟

فقال: «يا بني نعطيه الدراهم؟» قال: «بلي والله يا أبة» فأعطاه عليه السلام الدراهم ومضي إلي باب رجل ليقترض منه شيئا، فلقيه أعرابي ومعه ناقة فقال: اشتر مني هذه الناقة، قال: «ليس معي ثمنها» قال: فإني أنظرك به قال: «أ بكم يا أعرابي؟» قال: بمائة درهم قال عليه السلام: «خذها يا حسن» ومضي، فلقيه أعرابي آخر فقال: يا علي أ تبيع الناقة؟ قال له عليه السلام: «وما تصنع بها؟» قال: أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك صلي الله عليه و اله قال عليه السلام: «إن قبلتها فهي لك بلا ثمن» قال: معي ثمنها فبكم اشتريتها؟ قال: «بمائة درهم» فقال الأعرابي: فلك سبعون ومائة درهم فقال عليه السلام: «خذها يا حسن وسلم الناقة إليه، والمائة للأعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نأخذ بها شيئا» فأخذ الحسن عليه السلام الدراهم وسلم الناقة، قال عليه السلام: «فمضيت أطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة؛ لأعطيه الثمن فرأيت رسول الله صلي الله عليه و اله في مكان لم أره فيه قبل ذلك علي قارعة الطريق، فلما نظر إلي رسول الله تبسم وقال: يا أبا الحسن، أ تطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه ثمنها؟ فقلت: إي والله فداك أبي وأمي، فقال: يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرائيل، والذي اشتراها منك ميكائيل، والناقة من نوق الجنة، والدراهم من عند رب العالمين الملي الوفي» ().

قال أحد العلماء الصالحين بعد أن قضي سنين طويلة في إقامة صلاة الجماعة في أحد المساجد: إني نادم ومقصّر، إذ كان يسأل نفسه: لماذا قبل هذه السنين الطوال لم أكن إماماً للجماعة ولم أسع للقيام بالأمور الاجتماعية؟ لإدراكه أن صلاة الجماعة لها ثواب عظيم، بالإضافة إلي أنها

طريق صالح يستطيع العالم من خلالها خدمة الآخرين سواء الذين يأتون إلي المسجد والذين لا يأتون.

عبرة من النحلة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن مثل المؤمن كمثل النحلة، إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك،.. وكذلك النحلة كل شأنها منافع» ().

وقال حكيم من اليونانيين لتلامذته: كونوا كالنحل في الخلايا، قالوا: وكيف النحل؟

قال: إنها لا تترك عندها بطالاً إلا أبعدته وأقصته عن الخلية؛ لأنه يضيق المكان ويفني العسل ويعلم النشيط الكسل().

كتب أحد العلماء حول مسألة صنع العسل من قبل النحل فقال: إن النحلة الواحدة تحتاج لكي تصنع كيلو غراماً واحداً من العسل إلي ثمانية عشر ألف جلسة علي الورود لكي تمتص من رحيقها بالإضافة إلي المسافة التي تقطعها النحلة في كل جلسة ما بين الخلية والأزهار، وهكذا الإنسان لا يمكن له أن يكون فرداً صالحاً وصاحب شخصية في المجتمع من دون أن يبذل جهوداً كافية في سبيل ذلك.

وقيل في هذا: إن وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة، حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في النهار وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره ونحوله وطاعته لأميره، وللنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تفتره عن عمله منها ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السعة ونار الهوي.

وفي مستدرك الدارمي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: «كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليس في الطير إلا وهو يستضعفها ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها» ().

إعانة الناس

لذا فإن السعي في قضاء حوائج الآخرين والحركة في وسط المجتمع توصل الإنسان إلي درجة عالية من السمو والكمال وهو الهدف المطلوب، وبنفس الوقت يدفع عجلة المجتمع إلي الأمام.

ومن هنا

نجد أن رسول الله والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) كانوا جميعاً يسعون في قضاء حوائج الناس بكل ما أوتوا من قدرة وإمكان، حيث كان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، قد جعل في وسط الكوفة بيتا سمّاه (بيت القفص) حتي إذا كان لإنسان حاجة واستحيا من علي عليه السلام وان يواجهه بها، والكل يعلم أن علياً عليه السلام كان قريباً إلي قلوب كل الناس، ولم يكن ديكتاتوراً مستبداً يجتنب الناس ويتجنبونه، وكما يقول أحد تلامذة الإمام عليه السلام: كان فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب..() يدور في أسواق المسلمين ويقضي أوقاته في المسجد بينهم، ويقضي حاجاتهم ويخطب ويصلي بهم، ومع ذلك كان قد صنع بيتاً يسمي بيت القفص، حتي إذا عجز إنسان ما عن الوصول إلي الإمام عليه السلام، أو يستحي من مواجهته، كان يكتب حاجته في ورقة ويقذف بتلك الورقة في بيت القفص، ثم كان الإمام عليه السلام، يأتي إلي ذلك البيت ويفتح بابه المقفل ويأخذ الأوراق ويطلع علي الحاجات ويقضيها للناس.

أهل البيت عليهم السلام نموذج وشاهد

فقد جاء في الروايات أن الإمام الباقر عليه السلام قال: «رجع علي عليه السلام إلي داره في وقت القيظ فإذا امرأة قائمة تقول: إن زوجي ظلمني وأخافني وتعدي علي وحلف ليضربني، فقال عليه السلام: يا أمة الله اصبري حتي يبرد النهار ثم أذهب معك إن شاء الله، فقالت: يشتد غضبه وحرده علي، فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول: لا والله أو يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع، أين منزلك؟

فمضي عليه السلام إلي بابه فقال: السلام عليكم، فخرج شاب فقال علي: يا

عبد الله، اتق الله، فإنك قد أخفتها وأخرجتها، فقال الفتي: وما أنت وذاك، والله لأحرقنها لكلامك، فقال أمير المؤمنين: آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر تستقبلني بالمنكر وتنكر المعروف، قال: فأقبل الناس من الطرق ويقولون: سلام عليكم يا أمير المؤمنين، فسقط الرجل في يديه فقال: يا أمير المؤمنين، أقلني عثرتي، فو الله لأكونن لها أرضا تطؤني، فأغمد علي سيفه وقال: يا أمة الله، ادخلي منزلك ولا تلجئي زوجك إلي مثل هذا» ().

وقال عليه السلام: «لما أخذت في غسل أبي علي بن الحسين عليه السلام أحضرت معي من رآه من أهل بيته» فنظروا إلي مواضع السجود منه في ركبتيه وظاهر قدميه وبطن كفيه وجبهته قد غلظت من أثر السجود حتي صارت كمبارك البعير، وكان (صلوات الله عليه) يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة، ثم نظروا إلي حبل عاتقه وعليه أثرٌ قد اخشوشن، فقالوا لأبي جعفر عليه السلام: أما هذه فقد علمنا أنها من أثر السجود، فما هذا الذي علي عاتقه؟ قال عليه السلام: والله، ما علم به أحدٌ غيري وما علمته من حيث علم أني علمته، ولو لا أنه قد مات ما ذكرته، كان إذا مضي من الليل صدره قام وقد هدأ كل من في منزله، فأسبغ الوضوء وصلي ركعتين خفيفتين، ثم نظر إلي كل ما فضل في البيت عن قوت أهله فجعله في جراب ثم رمي به إلي عاتقه وخرج محتسباً، يتسلل لا يعلم به أحدٌ، فيأتي دوراً فيها أهل مسكنة وفقر فيفرق ذلك عليهم وهم لا يعرفونه إلا أنهم قد عرفوا ذلك عنه، فكانوا ينتظرونه فإذا أقبل قالوا: هذا صاحب الجراب وفتحوا أبوابهم له، ففرق عليهم ما في الجراب وانصرف به فارغاً، يبتغي بذلك

فضل صدقة السر، وفضل صدقة الليل، وفضل إعطاء الصدقة، بيده ثم يرجع فيقوم في محرابه فيصلي باقي ليله، فهذا الذي ترون علي عاتقه أثر ذلك الجراب».

وقد جاء في بعض صفات الإمام الكاظم عليه السلام انه كان أعبد أهل زمانه، وأفقههم وأسخاهم كفاً، وأكرمهم نفساً()، فقد روي: أنه كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتي تطلع الشمس، ويخرّ لله ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتمجيد حتي يقرب زوال الشمس().

وكان عليه السلام أوصل الناس لأهله ورحمه.. وكان يتفقد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الزنبيل، فيه العين والورق والتمور، فيوصل إليهم ذلك.. ولا يعلمون من أي وجه هو().

وجاء عن معلي بن خنيسٍ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما حق المسلم علي المسلم؟ قال: «له سبع حقوقٍ واجباتٍ ما منهن حق إلا وهو عليه واجبٌ، إن ضيع منها شيئاً خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيبٍ» قلت له: جعلت فداك و ما هي؟ قال: «يا معلي، إني عليك شفيقٌ أخاف أن تضيع ولا تحفظ، وتعلم ولا تعمل» قال: قلت له: لا قوة إلا بالله، قال: «أيسر حق منها: أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك،

والحق الثاني: أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره.

والحق الثالث: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك.

والحق الرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته.

والحق الخامس: أن لا تشبع ويجوع ولا تروي ويظمأ ولا تلبس ويعري.

والحق السادس: أن يكون لك خادمٌ وليس لأخيك خادمٌ فواجبٌ أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه.

والحق السابع: أن تبر قسمه وتجيب دعوته وتعود مريضه وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره

إلي قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك» ().

نعم، هكذا كان المعصومون (عليهم الصلاة والسلام) وهكذا كانت توجيهاتهم عليهم السلام للمؤمنين في الحث علي السعي لقضاء حوائج الناس، إلي جانب تعليمهم وتربيتهم علي الأخلاق والفضيلة..

الشيخ الحائري() وإغاثة محتاج

كان للمرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري ? مؤسس الحوزة العلمية بقم المقدسة خادم يدعي (الشيخ علي) قال: في إحدي ليالي الشتاء كنت نائماً في ساحة منزل الشيخ، فسمعت صوتاً بالباب، فنهضت وفتحت الباب فوجدت امرأة فقيرة تقول: إن زوجي مريض وليس عندنا دواء ولا غذاء وحتي الفحم للتدفئة لا يوجد عندنا، فأجبتها بالقول: أيتها السيدة لا نستطيع في هذا الوقت من الليل أن نعمل شيئاً، وأنا أعلم بأن الشيخ ليس بحوزته شيء حتي يقوم بمساعدتك.

فرجعت المرأة خائبة، فصاح بي الشيخ بعد أن سمع كلامنا، وقال لي: يا شيخ علي إذا كان يوم القيامة وسأل الله مني ومنك، في هذه الساعة من الليل جاءت أمتي إلي باب داركم ولم تلبوا حاجتها؟ ماذا يكون جوابنا؟

فقلت: أيها الشيخ! ما الشيء الذي نستطيع أن نفعله الآن لهذه المرأة؟

فقال: أنت تعرف منزل هذه المرأة؟

فقلت: أعرفه ولكن يصعب الذهاب إليه الآن حيث إن الشوارع مكسوة بالطين والثلج.

فقال: قم نذهب.

فلما وصلنا رأينا زوجها المريض، وشاهدنا المنزل، ورأينا صحة أقوال المرأة.

فأمرني الشيخ بأن أذهب إلي الدكتور صدر الحكماء وأنقل له عن لسان الشيخ أن يأتي لفحص الرجل المريض، فذهبت إلي الطبيب المعالج وجئت به فكتب له العلاج وأعطاني الورقة وذهب، فطلب مني الشيخ أن أذهب إلي الصيدلية لأشتري الدواء بحساب الشيخ، فذهبت وجئت بالأدوية، ثم طلب الشيخ مني أن أذهب إلي منزل فلان لأشتري كيساً من الفحم علي نفقة

الشيخ، فجئت بالفحم مع مقدار من الأكل.

والخلاصة، أن عائلة الفقير في تلك الليلة قد دخلها السرور من كل جانب، فمريضهم تحسنت حالته بعد تناول الدواء وأكلوا الطعام، وتدفئوا.

ثم قال لي الشيخ: ما كمية اللحم التي تأتي بها إلي منزلنا؟

قلت: سبعمائة غرام، فقال: أعطِ نصفه إلي هذه العائلة كل يوم، والنصف الباقي يكفينا، ثم طلب مني أن نذهب لننام.

نموذج آخر

كان في سوق العطارين في مدينة النجف الأشرف شخص يعرف باسم الحاج محمد رضا الشوشتري وكان شخصية معروفة جداً بين الناس، ومن أسباب تكون شخصيته الكبيرة هذه أنه كان يسعي دائماً في قضاء حوائج الناس، ولما انتشر صيته وأصبح معروفاً بين الناس، واستفاد من شخصيته أيضاً في التوصل إلي الأغنياء والتجار لأجل قضاء حوائج الناس.

نقل أحد الأشخاص: بأن امرأة مرضعة جف اللبن لديها، وقد راجعت الأطباء، فقالوا لها: يجب عليك أن تأتي بثعلب صغير ليمص الحليب من ثدييك لكي يرجع الحليب إلي صدرك ثانية، احتارت المرأة من أين تأتي بهذا الثعلب الرضيع، فجأة تذكرت الحاج محمد رضا الشوشتري ? فذهبت إليه مسرعة، وأخبرته بالأمر، فقبل الحاج طلبها ولكن طلب منها أن تمهله يومين ليهيئ لها ذلك، في اليوم التالي توجه الحاج الشوشتري إلي سوق تأتي إليه النساء القرويات من المزارع والبساتين لبيع ما عندهن من الحليب والصوف والدهن وما أشبه، فأعطي لإحداهن عشر روبيات وقال لها: أريد منك أن تصيدي لي جرو الثعلب وتجلبيه لي، وفي اليوم الثاني جاءت المرأة بالجرو، فذهب به إلي المرأة التي طلبته منه، فأخذت المرأة الثعلب وبتجويز الأطباء قربته من صدرها فامتص الحليب من صدرها فجري الحليب فيه.

فبهذه الأعمال الصالحة التي كانت تصدر من هذا الرجل الصالح جعلت إقبال الناس عليه أكثر

فأكثر.

لذا فنحن أيضاً لابد أن نمتلك هذه الحالة في أنفسنا، بل لابد أن نتنافس في الأمور الخيرية؛ لكي نتمكن من خدمة الإسلام والمسلمين، وأن تكون أعمالنا خالصة لله عزوجل وأن لا نتعذر بأننا لا نمتلك الأهلية في القيام بالأعمال الصالحة.

يقول الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام في وصف الإنسان المؤمن قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لم يعبد الله عز وجل بشي ء أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلا حتي يجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره ويستقل كثير الخير من نفسه، ولا يسأم من طلب العلم طول عمره، ولا يتبرم بطلاب الحوائج قبله، الذل أحب إليه من العز والفقر أحب إليه من الغني، نصيبه من الدنيا القوت، والعاشرة وما العاشرة لا يري أحدا إلا قال هو خير مني وأتقي، إنما الناس رجلان فرجل هو خير منه وأتقي وآخر هو شر منه وأدني، فإذا رأي من هو خير منه وأتقي تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شر منه وأدني قال عسي خير هذا باطن وشره ظاهر، وعسي أن يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه» () أي: إن الإنسان المؤمن هو الذي يمتلك الصفة الخيرة، وفي نفس الوقت لا يصل منه أذي لأحد من الناس، وأي عمل أفضل من تقديم الخير والمعونة للآخرين وقضاء حوائجهم!!

حكومة الأدارسة في المغرب

هناك ما يقارب المائة من الحكومات الشيعية التي قامت في التاريخ ووصلت إلي الحكم وأخذت زمام الأمور بيدها، ولكن لم يكتب كتاب جامع ومفصل يشتمل علي ذكر الجزئيات والتفاصيل في هذا المجال؛ لذا فمن اللازم علينا السعي في تأليف مثل هذا الكتاب

وتزويد المكتبات الإسلامية به.

إحدي هذه الحكومات هي حكومة الادارسة() نسبة إلي إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام الذين كانوا أبناء عم للإمام جعفر الصادق عليه السلام، وكان الأئمة عليهم السلام يؤيدون مثل هؤلاء الأشخاص، وهناك ما يقارب أربعين إلي خمسين رواية في كتب التاريخ تبين أن الأئمة عليهم السلام كانوا يؤيدون هذه الحركات والنهضات الإسلامية، ومن جملة تلك الروايات الرواية الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام: «… ولوددت أن الخارجي من آل محمد يخرج وعلي نفقة عياله» () أي: أحب أن أري ذرية رسول الله صلي الله عليه و اله يخرجون علي خلفاء الجور وأنا الذي أتكفل بنفقة عيالهم.

وقال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام حينما أروه رأس الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ: «?إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ?() مضي والله مسلما صالحا صواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله» ()، وقد يكون هذا أحد الأسباب في توجيه التهم إلي أئمة أهل البيت عليهم السلام بجمع الأسلحة والأموال لإستخدامها في الثورة علي الأنظمة الحاكمة من قبل أعدائهم وحكام الجور معاصريهم، فبعد وقعة فخ() هرب إدريس من يد هارون العباسي() وقصد المغرب واستطاع هناك تأسيس حكومة الادارسة.

وقد ذكر جمع من المؤرخين بأن إدريس قدم إلي عشيرة من البرابرة في المغرب()، وعندما وصل إليها خطب بالناس خطبة قصيرة دعاهم فيها إلي انتخابه حاكماً للبلاد، فنشر إدريس بيانه الأول ومما جاء فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين الذي جعل النصر لمن أطاعه، وعاقبة السوء لمن عانده، ولا إله إلا الله المتفرد بالوحدانية.. وصلي الله علي محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه

وآله الطيبين، أما بعد:

فإني أدعوكم إلي كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وآله، والي العدل في الرعية والقسم بالسوية ورفع المظالم والأخذ بيد المظلوم وإحياء السنة وإماتة البدع وإنفاذ حكم الكتاب علي القريب والبعيد.. اعلموا يا معاشر البربر إني أتيتكم وأنا المظلوم الملهوف الطريد الشريد الخائف الموتور الذي كثر واتره وقل ناصره وقتل أخوته وأبوه وجده وأهلوه، فأجيبوا داعي الله عز وجل إذا يقول: ?ومنْ لا يُجبْ داعي الله فليْس بمُعْجزٍ في الأرْض وليْس لهُ منْ دُونه أولياءُ أُولئك في ضلالٍ مُبينٍ?().

أعاذنا الله وإياكم من الضلال وهدانا إلي سبيل الرشاد، وأنا إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عم رسول الله صلي الله عليه و اله..، هذه دعوتي العادلة غير الجائرة فمن أجابني فله مالي وعليه ما علي، ومن أبي فحظه أخطأ وسيري ذلك عالم الغيب والشهادة، إني لم أسفك دما ولا استحللت محرما ولا مالا واستشهدك يا أكبر الشاهدين واستشهد جبريل وميكائيل إني أول من أجاب وأناب، فلبيك اللهم لبيك مزجي الجبال سرابا بعد أن كانت صما صلابا، وأسألك النصر لولد نبيك إنك عل كل شيء قادر وصلي الله علي محمد وآله وسلم..» ().

الأرض لله ولمن عمرها

وكان من أهم الأعمال و القوانين التي وضعها موضع التطبيق والعمل هو قانون: (الأرض لله ولمن عمرها) فقد قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «أيما رجل أتي خربة بائرةً فاستخرجها وكري أنهارها وعمرها فإن عليه فيها الصدقة، وإنْ كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثم جاء بعد يطلبها فإن الأرض لله ولمن عمرها» ().

وعن أبي جعفرٍ عليه السلام قال: «وجدنا في كتاب علي عليه السلام: ?إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ

يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?() أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلي الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها، فأخذها رجلٌ من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلي الإمام من أهل بيتي وله ما أكل حتي يظهر القائم عليه السلام من أهل بيتي بالسيف، فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كما حواها رسول الله صلي الله عليه و اله و منعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم علي ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم». وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من غرس شجرا أو حفر واديا بدءا لم يسبقه إليه أحدٌ و أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله صلي الله عليه و اله» ()، ولكون الحكام السابقين كانوا يمنعون الناس من العمل وفق هذا القانون الإلهي؛ لهذا وافقوا عليه وانتخبوه حاكماً علي البلاد وبقي علي منصبه هذا حتي آخر عمره وأسس فيها مدن كبيرة منها مدينة باسم فاس.

فخلاصة القصة: أن إدريس استطاع أن يكون حاكماً علي بلاد المغرب حتي مقتله شهيداً() ولكن موته لم يقض علي مشروع الدولة الإدريسية الذي عمل وبذل جهده له، إذ أن أتباعه صمموا علي الاحتفاظ باستقلالهم، فاستطاع أن يدخل في قلوب الناس، وذلك عن طريق إخلاصه وسعيه في تقديم الخير والعمل الصالح للآخرين. والإنسان الذي يريد أن تكون له شخصية مرموقة لابد أن ينمي في نفسه حالة التقوي والزهد كثيراً.

الزهد والتقوي

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام:

«من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء وقيل صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجيب له إذا نزل به البلاء وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه» () فهذا يعني: أن المؤمن متي ما دعا الله عزوجل قالت الملائكة: إن هذا الصوت ليس بغريب: لهذا فهم يقولون كلمة آمين بعد دعائه، وليس معني التقوي والزهد هو الانزواء عن المجتمع بل إن حقيقة التقوي والزهد هو الارتباط الدائم والصادق مع الله سبحانه وتعالي؛ لذا يقول الشاعر في وصف مولي المتقين الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

هو البكاء في المحراب ليلاً

هو الضحّاك إذا اشتد الضراب()

لذا يعتبر الزهد والتقوي من الصفات التي يتحلي بها المؤمنون الأتقياء، فإن هؤلاء هم الذين تنمو عندهم تلك الشخصية التي لا حدود لها.

وكما جاء عن الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «يا أبا ذر، إذا أراد اللهُ عزوجل بعبد خيراً فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه، يا أبا ذر، ما زهد عبدٌ في الدنيا إلا أثبت اللهُ الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانهُ وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها، وأخْرجهُ منْها سالماً إلي دار السلام، يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منهُ فإنه يلقي [إليك] الحكمة» () فإن هذا العبد الذي يتلقي الحكمة هو الذي يمكن الاعتماد عليه بالنهوض بالحركة الإسلامية.

وفقنا الله عزوجل جميعاً لما يحب ويرضي وجعلنا من الدعاة إلي سبيله وخدمة دينه.

?رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?().

?رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ

لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَي الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ?().

?رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ?().

من هدي القرآن الحكيم

المؤمن القوي

قال تعالي: ?الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ?().

وقال عزوجل: ?يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ?().

وقال سبحانه: ?لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً?().

وقال جل وعلا: ?فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَي لا انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ?().

إخلاص المؤمن

قال تعالي: ?أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَي اللهِ زُلْفَي?().

وقال سبحانه: ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ?().

وقال عزوجل: ?قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ? إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ?().

وقال سبحانه: ?وَمَا أُمِرُوا إِلاَ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ?().

من خصال المؤمن

قال جلا وعلا: ?خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ?().

وقال سبحانه: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ?().

وقال تعالي: ? قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ? الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ? وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ?().

وقال جل وعلا: ?وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ?().

وقال سبحانه: ?وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ?().

وقال عزوجل: ?وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً?().

وقال سبحانه: ?والَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذيً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ?().

من هدي السنة المطهرة

كيفية خلق المؤمن وخصاله

قال أبو عبد الله عليه السلام: «إن في الجنة لشجرة تسمي المزن فإذا أراد الله أن يخلق مؤمناً أقطر منها قطرة، فلا تصيب بقلة ولا ثمرة أكل منها مؤمن أو كافر إلا أخرج الله عزوجل من صلبه

مؤمناً» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقوراً عند الهزاهز، صبوراً عند البلاء، شكوراً عند الرخاء، قانعاً بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره، والعقل أمير جنوده، والرفق أخوه والبرّ والده» ().

وقال الإمام الباقر عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و اله: «لم يعبد الله عزوجل بشي ء أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلا حتي يجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره ويستقل كثير الخير من نفسه، ولا يسأم من طلب العلم طول عمره، ولا يتبرم بطلاب الحوائج قبله، الذل أحب إليه من العز والفقر أحب إليه من الغني، نصيبه من الدنيا القوت، والعاشرة وما العاشرة لا يري أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقي، إنما الناس رجلان: فرجل هو خير منه وأتقي، وآخر هو شر منه وأدني، فإذا رأي من هو خير منه وأتقي تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شر منه وأدني، قال: عسي خير هذا باطن وشره ظاهر وعسي أن يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه» ().

قضاء حاجة المؤمن

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من قضي لأخيه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله دهراً» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «ومن قضي لأخيه المؤمن حاجة قضي الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك، أولها الجنة ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصاباً» ().

وقال الإمام الكاظم عليه السلام: «إن خواتيم أعمالكم قضاء حوائج إخوانكم

والإحسان إليهم ما قدرتم، وإلا لم يقبل منكم عمل حنوا علي إخوانكم وارحموهم تلحقوا بنا» ().

وقال أبو جعفر عليه السلام: «إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه فيدخله الله تبارك وتعالي بهمّه الجنة» ().

مراتب الإخلاص

قال رسول الله صلي الله عليه و اله مخبراً عن جبرئيل عن الله عزوجل: «الإخلاص سر من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «من أخلص لله أربعين يوماً فجر الله ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «سادة أهل الجنة المخلصون» ().

وقالت سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام: «من أصعد إلي الله خالص عبادته أهبط الله عزوجل إليه أفضل مصلحته» ().

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «طوبي لمن أخلص لله عمله وعلمه، وحبه وبغضه، وأخذه وتركه، وكلامه وصمته، وفعله وقوله …» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز و جل: ?لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا?() قال: «ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا، وإنما الإصابة خشية الله تعالي، والنية الصادقة الحسنة ثم قال الإبقاء علي العمل حتي يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل، والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هي العمل ثم تلا قوله عزوجل ?قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلي شاكِلَتِهِ?() يعني علي نيته» ().

أمير المؤمنين عليه السلام يصف المؤمن

ومن كلام لأمير المؤمنين عليه السلام في المؤمن وصفاته وعلائمه:

1: المؤمن كيس عاقل().

2: المؤمن هين، لين، سهل، مؤتمن().

3: المؤمن قليل الزلل، كثير العمل().

4: المؤمن صدوق اللسان بذول الإحسان().

5: المؤمن من كان حبه لله وبغضه لله، وأخذه لله وتركه لله().

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() نهج البلاغة، قصار الحكم: الرقم 100 وقد مدحه قوم في وجهه عليه السلام.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص466 ب5 الفصل 14 ح10727.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص466 ب5 الفصل 14 ح10725.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص240 ب2 الفصل 2 ح4862.

() كشف الغمة: ج2 ص29 ذكر الإمام الثالث عليه السلام،

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص219 ب1 الفصل 3 ح4340.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص219 ب1 الفصل 3 ح4344.

() سورة فاطر: 28.

() الكافي: ج1 ص36 باب صفة العلماء ح2.

() سورة النجم: 39.

() السعي: عدو ليس بشديد، يقولون: السعي العمل، أي: الكسب، أنظر كتاب العين: ج2 ص202 مادة (سعي).

() فقد قال الصادق الأمين عليه السلام: «من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة». أنظر الفصول المختارة: ص136.

() سورة العنكبوت: 69.

() أنظر تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج21 ص25 تفسير سورة العنكبوت.

() بحار الأنوار: ج69 ص281 ب116 ح2.

() الكهف: الملجأ.

() الحريز: الحافظ.

() نهج البلاغة، الرسائل: 31 من وصية له عليه السلام للحسن بن علي عليه السلام كتبها إليه (بحاضرين) عند انصرافه من صفين.

() القائل هو الدكتور فرانك لوباخ.

() ماوتسه تونغ (1893 1976م) رجل دولة صيني، من مؤسسي الحزب الشيوعي في الصين، أعلن الجمهورية الصينية الشعبية (1949م)، ثم رئيس الحزب الشيوعي، خالف السوفيات، له عدة مؤلفات منها الكتاب

الأحمر الصغير.

() إن الأبحاث الحديثة أثبتت أن لسم الأفاعي فوائد جمة لعلاج العديد من الأمراض المستعصية إضافة لاستعمالها كمضاد حيوي ضد لدغات الأفاعي نفسها.

() سورة لقمان: 20.

() سورة الزخرف: 10-13.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص394 ومن ألفاظ رسول الله عليه السلام الموجزة ح5840.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 372 قال عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري.

() إرشاد القلوب: ج2 ص221 في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

() إرشاد القلوب: ج2 ص221 في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.

() سفينة البحار: ج2 ص580 مادة (نحل).

() بحار الأنوار: ج61 ص238 ب10.

() أنظر أمالي الشيخ الصدوق: ص624 المجلس 91 ح2 والقائل هو ضرار بن ضمرة النهشلي، وراجع بحار الأنوار: ج41 ض102 ب107 جوامع مكارم أخلاقه وآدابه وسننه وعدله وحسن سياسته (صلوات الله عليه).

() المناقب: ج2 ص106 في المسابقة في التواضع.

() أنظر وسائل الشيعة: ج7 ص10 ب2 ح8573.

() الإرشاد: ج2 ص231 باب ذكر طرف من فضائله ومناقبه وخلاله.

() أنظر إعلام الوري: ص306 ب6 الفصل الرابع في ذكر طرف من مناقبه.

() الكافي: ج2 ص169 باب حق المؤمن علي أخيه وأداء حقه ح2.

() هو الشيخ عبد الكريم بن المولي محمد جعفر المهرجردي اليزدي الحائري القمي، فقيه جليل وعالم كبير وزعيم ديني شريف، ولد سنة (1276ه). جاور مدينة سامراء بعد إكماله السطوح فحضر فيها علي أبرز علمائها، مثل السيد المجدد الشيرازي والسيد محمد الفشاركي الأصفهاني والميرزا محمد تقي الشيرازي وغيرهم. وسافر ? إلي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة مستمراً علي الدرس والتدريس والإفادة. وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي يبجله ويشير إليه ويعترف بفضله ومكانته، حتي أنه أرجع احتياطاته إليه، فلفت ذلك إليه الأنظار وأحله مكانة سامية في النفوس، وفي رجب سنة (1340ه) هبط مدينة

قم المشرفة بدعوة من رجال العلم فيها فأسس الحوزة العلمية فيها، بعدما أظهر عزمه الشديد علي جعلها مركزاً علمياً له شأنه في خدمة الإسلام وإشادة دعائمه.

توفي ? في شهر ذي القعدة سنة (1355ه) وجري له تشييع عظيم ودفن في رواق حرم المعصومة فاطمة ?.

انظر طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر: ج3 ص1158 الرقم 1692.

() الخصال: ج2 ص433 باب العشرة ح17.

() دولة الأدارسة العلوية في بلاد المغرب (172 – 375 ه/ 788 – 991م)، مؤسسها إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. نجا إدريس بن عبد الله، في موقعة فخ الدامية، التي ترتبت علي الانتفاضة الشيعية ضد حكم الخليفة العباسي موسي الهادي والتي شهدتها مكة بقيادة العلوي الثائر الحسين بن علي ابن الحسن المثلث ابن الحسن المثني ابن الحسن بن علي بن أبي طالب ?، سنة (169ه) والتي استشهد فيها ما يقارب من مائة شهيد من أهل بيته.

لجأ إدريس باتجاه المغرب وبلاد إفريقية، فخرج مع مولي له يدعي راشد وانضما إلي قافلة حجاج مصر ومنها توجه إلي المغرب.

أعلن إدريس دعوته إلي المغاربة، وأغلبهم قبائل بربرية شديدة البأس، فأقام دولة شيعية كبيرة في تلك البلاد.

راجع مقاتل الطالبيين: ص324 إدريس بن عبد الله، وموسوعة المعارف الإسلامية للعلامة حسن الأمين ج1.

() وسائل الشيعة: ج15 ص54 ب13 ح19975.

() سورة البقرة: 156.

() بحار الأنوار: ج48 ص162 ب7.

() فخ: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، والفخ: الذي يصاد به الطير معرب وليس بعربي واسمه بالعربية طرق: وهو واد بمكة، ويوم فخ كان أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن ابي طالب خرج يدعو إلي نفسه في ذي القعدة سنة (169ه) فبايعه جماعة من العلويين بالخلافة

بالمدينة وخرج إلي مكة، فلما كان بفخ لقيته جيوش بني العباس فقتل وأهل بيته فبقي قتلاهم ثلاثة أيام حتي أكلتهم السباع. انظر معجم البلدان: ج4 ص237 مادة «فخ». وقال الإمام الجواد عليه السلام: «لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ» انظر بحار الأنوار: ج48 ص165 ب7.

() وقيل: في زمن موسي الهادي ابن المهدي ابن المنصور العباسي، انظر: سير أعلام النبلاء: ج7 ص443 وتاريخ الطبري: ج6 ص416 خلافة الهادي.

() هي قبيلة (أوربة) وكبيرها عبد الحميد بن إسحاق الأوربي.

() سورة الأحقاف: 32.

() انظر مقاتل الطالبيين: ص324 إدريس بن عبد الله، وموسوعة المعارف الإسلامية للعلامة حسن الأمين ج1.

() الكافي: ج5 ص279 باب في احياء أرض الموات ح2.

() سورة الأعراف: 128.

() الكافي: ج5 ص279 باب في إحياء أرض الموات ح5 و6.

() يروي أبو الفرج الأصفهاني روايتين حول اغتيال إدريس: الرواية الأولي تذهب إلي أن الخليفة العباسي هارون استشار وزيره يحيي بن خالد البرمكي في أمر إدريس، فتعهد هذا بأن يكفيه الأمر، ونجح يحيي البرمكي في إغراء أحد زعماء الفرق الشيعية (الزيدية البترية)، وهو سليمان بن جرير الجزري بأن يغتال إدريس بن عبد الله بالسم، فخرج سليمان إلي بلاد المغرب ونجح في التظاهر بأنه خارج علي العباسيين، وكسب ثقة إدريس حتي اطمئن الأخير إليه، ولما حانت الفرصة لسليمان في تنفيذ جريمته، أعطي لإدريس قارورة زعم أن بها عطرا من العراق، فشم إدريس القارورة، وكان بها سمٌ شديد فمات.

أما الرواية الثانية للأصفهاني، فتذهب إلي أن الرشيد وجه إليه الشماخ مولي المهدي وكان طبيبا فتظاهر لإدريس بأنه من الشيعة، ثم نجح في قتله بالسم، فمات في سنة (177ه/793م)، وتولي راشد مولي إدريس الذي رافقه في رحلته منذ بادئ الأمر أمر

القوم والدولة مؤقتا، وكان إدريس قد خلف امرأة له حاملا، وما لبثت أن وضعت غلاما سموه إدريس أيضا، وبايعه البربر بالإمامة حين نشأ وكبر، فولي أمرهم أحسن ولاية، وبذلك استمرت أول تجربة علوية ناجحة في الوصول إلي الحكم دون أن يتمكن خلفاء ذلك العصر من القضاء عليها، إذ بلغ عمرها 203 سنوات، راجع مقاتل الطالبيين: ص324 إدريس بن عبد الله، وموسوعة المعارف الإسلامية للعلامة حسن الأمين: ج1.

() وسائل الشيعة: ج7 ص40 ب9 ح8661.

() البيت جزء من قصيدة للناشئ الصغير يمدح فيها أهل البيت ?. أنظر الغدير للعلامة الأميني ?: ج4 ص27 القرن الرابع الناشئ الصغير.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص42 ب62 ح13464.

() سورة التحريم: 8.

() سورة البقرة: 286.

() سورة الحشر: 10.

() سورة البقرة: 3.

() سورة آل عمران: 114.

() سورة النساء: 162.

() سورة البقرة: 256.

() سورة الزمر: 3.

() سورة الفاتحة: 5.

() سورة ص: 82-83.

() سورة البينة: 5.

() سورة الأعراف: 199.

() سورة الحجرات: 10.

() سورة المؤمنون: 1 - 3.

() سورة المؤمنون: 8.

() سورة القصص: 55.

() سورة الفرقان: 72.

() سورة البقرة: 262

() الكافي: ج2 ص14 باب إذا أراد الله عزوجل أن يخلق المؤمن ح1.

() وسائل الشيعة: ج15 ص185 ب4 ح20235.

() الخصال: ج2 ص433 باب العشرة ح17.

() مستدرك الوسائل: ج5 ص242 ب39 ح5780.

() وسائل الشيعة: ج16 ص357 ب25 ح21753.

() بحار الأنوار: ج72 ص379 ب82 ح43.

() الكافي: ج2 ص196 باب قضاء حاجة المؤمن ح1.

() بحار الأنوار: ج67 ص249 ب54 ح24.

() بحار الأنوار: ج67 ص249 ب54 ح25.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص197 ب2 فصل7 ح3904.

() بحار الأنوار: ج67 ص249 ب54 ح25.

() بحار الأنوار: ج74 ص291 ب14 ح1.

() سورة الملك: 2.

() سورة الإسراء: 84.

() بحار الأنوار: ج67 ص250 ب54 ح25.

() غرر الحكم ودرر

الكلم: ص89 ب2 فصل 7 ح1512.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ب2 فصل 7 ح1518.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ب2 فصل 7 ح1519.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ب2 فصل 7 ح1521.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ب2 فصل 7 ح1524.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.