لنكن من المجتهدين

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين. واللعن الدائم علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين?

مقدمة

كما ان الامة بحاجة الي عدد كبير من الخطبائ والمؤلفين والمؤسسين والناهضين، فهي بحاجة الي مجموعة كبيرة من المجتهدين.

ولا نعني بكلامنا هذا التفكيك بين الاجتهاد والتأليف ولا بين الاجتهاد والخطابة أو النهوض أو التأسيس؛ فقد يكون المجتهد مؤلفاً-كما كان العلامة الحليّ الذي ألّف ألف كتاب- كما يمكن للمجتهد أن يكون خطيباً، وقد نقل السيد الوالد رحمة الله عليه أن مجموعة من خطباء إيران قديماً كانوا مجتهدين، ويمكن أن يكون ناهضاً كصاحب الكفاية أو المجدد الشيرازي، إنما نعني أن هنالك فراغاً كبيراً في هذا الجانب ينبغي ملؤه كما ينبغي ملء الفراغات الموجودة في المجالات الأخري العلمية منها والعملية.

إذن يدور هذا الحديث حول موضوع الاجتهاد وضرورة ملء الفراغ الذي تعاني منه الأمة في هذا المجال، ونتناول هذا الموضوع ضمن البحوث التالية:

البحث الأول: ماهي حاجة الأمة إلي المجتهدين؟

البحث الثاني: لماذا لا نكتفي باجتهادات المجتهدين الماضين؟

البحث الثالث: هل عملية الاجتهاد منحصرة في إطار الأحكام الفقهية فقط؟

البحث الرابع: هل الاجتهاد محصور في قطر أو قومية أو حدود جغرافية معيّنة؟

البحث الأول الحاجة إلي الاجتهاد

كما أن المجتمع بحاجة أهل الي الخبرة والاختصاص في جميع العلوم والفنون، فكذلك الحال في مجال علم الفقه الذي يُعني بمعرفة الأحكام الشرعية، وكما أن الثقافة العامة لا تكفي عادةً في المجالات الأخري بل لا بد من التخصص والخبرة، فكذلك لا يحقّ لمن لم يبلغوا درجة الاجتهاد (أي التخصص في الفقه) أن يبتّوا في المسائل الشرعية بتصوراتهم الظنية، مهما بلغت ثقافتهم الدينية العامة، تماماً كما لا يحقّ لغير المتخصص في مجال الطب معالجة مريض أُصيب بالجلطة القلبية مثلاً، مهما بلغت ثقافته الطبية ومهما قرأ من كتب في علم الطب مالم يبلغ درجته الخبروية التامة. وقد جرت سيرة العقلاء في كل المجالات

أن لا يستمعوا إلاّ لآراء المتخصصين فيها.

إذن، فالحاجة إلي المجتهدين في الفقه تمثّل صغري من صغريات كبري كلية وهي الحاجة إلي أهل الخبرة في كل علم.

أما أن ينبري شخص ويقول: هذا هو فهمي من الآية أو الرواية أو هكذا أتصوّر روح الإسلام فهذا يشبه من يقول هذا فهمي من النصوص الطبية أو هكذا أتصور روح الطب، فكما أن الثاني ليس له الحق أن يعمل وفق فهمه مالم يكن متخصصاً في الطب، فكذلك لا يحقّ لمن ليس متخصصاً في الفقه أن يجعل فهمه الخاص مقياساً لاستنباط الاحكام الشرعية.

ولتقريب الحاجة الي التخصص نضرب مثلاً ذكره صاحب المناهج رحمة الله عليه-بشيء من التصرف-: إذا ورد حديث يقول: «إذا أفطرت يوماً من شهر رمضان متعمداً فأعتق رقبة أو أطعم ستين مسكيناً أو صُم شهرين متتابعين»، فإن فهم هذا الحديث يتوقف علي بحوث كثيرة هنا، ومنها:

• هل الخبر الواحد بنحو عام حجة أو لا؟

• هل هذا الخبر الواحد بنحو الخصوص حجة أو لا؟

• هل الرواة الذين وقعوا في طريق الخبر ثقات أو لا؟

• هل الرواية موثّقة أو حسنة أو … ؟

• وهل الخبر الموثق – أو الحسن- حجّة؟

• إذا كان هذا الخبر ضعيفاً ولكنه عمل به المشهور، فهل الشهرة جابرة لضعف السند أو لا؟

• هل يجب البحث عن المخصّص والمقيّد والمعارض بشكل عام أو لا؟

• لو قلنا بوجوب البحث عن المخصص والمقيّد والمعارض، فهل يوجد في خصوص المقام مخصّص أو مقيّد أو معارض أو لا؟

• إلي أيّ مقدار يجب الفحص عن المقيّد والمخصّص والمعارض؟ هل يكفي الظن أو يجب بلوغ مرحلة الاطمئنان؟ أو لا بد من تحصيل العلم؟

• هل صيغة الأمر هنا (اعتق) تدلّ علي الوجوب أو لا؟

• ما المقصود

بالمسكين؟ هل هو الفقير أو من هو أسوأ حالاً منه؟

• هل المقصود بالشهرين أن تكون من الأشهر القمرية أو تشمل الشمسية أيضاً أو أنها أعمّ من كل ذلك؟

• وما حكم الشهور التلفيقية؟

• ما المراد بالتتابع؟ هل هو التتابع الدقّي أو العرفي؟

• ما المقصود بالإطعام في «أطعم»؟ هل يكفي الطعام غير المطبوخ أو لابد أن يكون مطبوخاً، وهل يكفي أو لا بد من المتوسط؟

• هل يكفي إطعام الأطفال أو لا؟

• هل يجزي إطعام ستين مسكيناً علي انفراد، أو لا بد من إطعامهم سوية؟

• هل الجاهل المقصّر مشمول لقوله (متعمداً) أو لا؟

• هل يطلق علي التقصير في المقدمات التقصير العمدي (اذ ما بالاختيار لا ينافي الاختيار) أو لا؟

• هل المقصود بشهر رمضان – في الرواية - المعلوم بالعلم الوجداني أو يشمل التعبدي أيضاً؟ فمثلاً: لو شككنا في يوم هل هو آخر شهر رمضان أو أول شهر شوال فهل يشمل من أفطر في هذا اليوم متعمداً هذا الحكم لاستصحاب بقاء شهر رمضان أو لا؟

• هل الأمر يفيد الفور أو لا؟

• هل لا بد من مباشرة التنفيذ بعد انقضاء شهر رمضان أو يمكن التأجيل حتي بعد مرور سنة؟ وإلي أي حدّ يمكن التأجيل؟

• هل يجوز الإطعام في بلد آخر أو لا بد من الاقتصار علي بلد المكفّر؟

• هل يجوز الإطعام في بلد آخر إذا كانت القيمة فيه أقل من قيمة بلد المكفّر؟

• هل يجب أن يكون الإطعام من ماله أو يكفي أن يقول لشخص أطعم عني من مالِك؟

• لو تبرّع متبرّع بدون علم المكلف، فهل يجزي عنه أو لا؟

• إذا وكّل غيره فهل ينوي الموكّل أم الوكيل أم كلاهما؟ …

إلي آخر هذه الفروع التي تبدأ وربما لا تنتهي، وربما

احتاج تحليل هذه الرواية ومبانيها المختلفة (الأصولية والفقهية والرجالية) إلي عام كامل من البحث، مما يدلّ علي أنه لا تكفي الثقافة العامة بل لا بد من التخصص.

[يقول أحد أطباء الأسنان: قبل أن أدخل كلية طب الأسنان كنت أتصور أنني اخترت أقلّ فروع الطب توسّعاً إذ كنت أتصور أنني سأتعامل مع عظم صغير الحجم لا تعدو قضية التعامل معه القلع أو التنظيف ونحوهما، ولكن اكتشفت بعد أن دخلت الكلية أن الأسنان فيها من المشاكل والمسائل والقضايا بمقدار بلد تعداده ستون مليون نسمة!]

البحث الثاني هل تكفي اجتهادات المجتهدين السابقين؟

بعد أن سلّمنا بضرورة الاجتهاد في الفقه وعدم إجزاء الثقافة العامة، يثار هذا السؤال، وهو: ألا تكفي اجتهادات مجتهدينا الماضين، لاسيما وأنهم رضوان الله عليهم قد بذلوا جهوداً كبيرة وسهروا الليالي وألّفوا المصنّفات الضخمة في الفروع الفقهية؛ فما هي الحاجة إلي مجتهدين جدد؟

نجيب علي هذا السؤال بثلاثة أجوبة، الأول منها نقضيّ والآخران حليّان.

الجواب الأول: لقد بذل الأطباء القدامي جهوداً كبيرة وألّفوا الكتب الطبية ككتاب القانون لابن سينا مثلاً؛ فما هي الحاجة إلي الأطباء الجدد؟

فهذا إشكال مشترك بين جميع العلوم ولا يخصّ علم الفقه وحده؛ فما يقال في الجواب هناك يقال في الجواب هنا.

الجواب الثاني: إن العلوم في حالة تطور وهي لا تقف عند حدّ معيّن، صحيح أن المباني الأصلية للعلوم ثابتة إلاّ أن هناك أموراً جديدة تكتشف، ففي الفقه تُكتشف روايات جديدة؛ ويشير الشيخ الأنصاري رحمه الله في كتاب «الفرائد» إلي أن أول من تمسك بروايات «الاستصحاب» فيما نعلم والد الشيخ البهائي رحمه الله، فيما حكي عنه في «العقد الطهماسبي» وهذا يعني أن هذه الروايات التي تحظي بكل هذه الأهمية لم تكتشف أو لم يستدلّ بها خلال حقبة طويلة من الزمن تقدمت علي عهد

والد الشيخ البهائي (رحمه الله)

يقول الشيخ الأنصاري (رحمه الله): «نعم ربما يظهر من بعض عبارات ابن إدريس الحلي أنه اعتمد علي هذه الروايات في بحث استصحاب نجاسة الماء المتغيّر إذا زال تغيّره من قبل نفسه».

وهناك مجالات أخري يمكن أن تكتشف؛ فمثلاً عُرف عن السيد البروجردي رحمه الله أنه اكتشف بتتبعه طرقاً جديدة في علم الرجال.

إذن لما كان العلم لا يقف عند حدّ معيّن فإن الفقهاء قد يكتشفون أموراً جديدة وإن كانت المباني العامة محفوظة وثابتة، ولهذا قيل: كم ترك الأول للآخر؟

الجواب الثالث: إن الحياة نفسها في تجدد وتطوّر، وهذا معناه أن الحياة تطرح صغريات جديدة لا بد من وجود المجتهد الذي يمكنه تطبيق الكبريات الفقهية عليها.

فمن الصغريات المستحدثة التي لم تكن موجودة في السابق، نظام المصارف والبنوك المالية بهذه الصيغة المعقدة، ومنها عقود التأمين، ومنها قضية الاستنساخ البشري، وقضايا اخري كثيرة ولكل واحد من هذه المسائل فروع لابد من فقيه يجيب عليها، فمثلاً: هل المستنسخ ابن أو لا؟ وهل يرث أو لا؟ الي غير ذلك من الفروع.

وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: «علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع» - أي أن الأئمة عليهم السلام بيّنوا الكليات، وعلي الفقهاء تطبيقها علي الصغريات.

وفي قضية «ركب الجارية» شاهد علي تطبيق أصحاب الأئمة عليهم السلام الكبريات علي صغرياتها المتجددة.

البحث الثالث الاجتهاد الديني ليس منحصراً في الفقه

بعد أن سلمّنا بضرورة الاجتهاد في العلوم الدينية، يتبادر سؤال آخر وهو: هل عملية الاجتهاد منحصرة في إطار الأحكام الفقهية، أي مسائل الطهارة والصلاة والصيام ونحوها؟

والجواب: كلا بل يمكن للإنسان أن يكون مجتهداً في مجالات اخري مثل القضايا العقائدية، (في فروعها طبعاً وليس أصولها، لأن أصول العقائد ثابتة قامت عليها البراهين العقلية والنقلية المتواترة) فمثلاً يبحث هل الذي يعذَّب في

القبر روح الميت أو بدنه أو كلاهما؟

ومن المجالات التي يمكن للإنسان أن يجتهد فيها تفسير القرآن الكريم؛ وقد نقل السيد الوالد (رحمه الله) عن السيد الحكيم (رحمة الله عليه) أنه كان عندهم أستاذ في التفسير تناول احدي الآيات المباركات بالشرح في أحد الأيام، ولكنه جاء في اليوم الثاني وقال: كان ماذكرناه أحد الاحتمالات في تفسير الآية ثم طرح احتمالاً ثانياً وشرحه، وعندما جاء في اليوم الثالث قال: وهناك احتمال ثالث وتناوله، وهكذا حتي استمر لمدة شهر كامل طرح خلاله حوالي ثلاثين احتمالاً في تفسير الآية الكريمة.

وقد ذكر بعض المفسّرين ان الاحتمالات في تفسير قوله تعالي ?واتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان … ? تبلغ مليوناً ومئتين وستين ألف احتمال تقريباً!

حتي الروايات التي تتناول القضايا الطبية تحتاج إلي اجتهاد، فهناك رواية تقول: «افتتح بالملح في طعامك واختم بالملح» و يمكن تصوّر فروع كثيرة في المقام، منها:

• هل الطعام يشمل الفاكهة أو لا؟

• وهل يشمل الماء، باعتبار ان الله تعالي يقول: ?إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني … ? أو انه منصرف عنه؟

• وهل يشمل الحليب والعسل ونحوهما أو لا؟

• وماذا بالنسبة للطفل الرضيع؟ هل تبدأ امّه ارضاعه بالملح أو ان الحديث الشريف منصرف عن ذلك؟

إلي غير ذلك من الفروع، ولقد ذكر السيد الوالد (رحمه الله) هذه الفروع في كتاب الأطعمة والأشربة فمن أحبّ التفصيل فليراجع.

البحث الرابع الاجتهاد لا يعرف الحدود

إن من نقاط قوة الشيعة أن الاجتهاد عندهم لا يعرف الحدود الجغرافية والإقليمية والعنصرية واللونية وما أشبه، ولذلك نسمع بمراجع أو فقهاء عرب كالشهيد الاول وإيرانيين كالشيخ الأنصاري، وهنود كالفاضل الهندي صاحب كتاب كشف اللثام، وأفغانيين كصاحب الكفاية، وكذلك كان عندنا فقهاء

من البحرين والحجاز، وقد نقل أنه كان في البحرين القديمة بين (300) الي (600) مجتهد، كما سميت القطيف - بالنجف الصغري لكثرة العلماء والمجتهدين فيها.

إذن الملاك في الاجتهاد والمرجعية الكفاءة- بالنحو المبيّن في الكتب الفقهية- لا الامور الاعتبارية المصطنعة، وهذه مفخرة من مفاخر الإسلام ومذهب أهل البيت عليهم السلام لم تتوصل اليها الدنيا حتي الآن.

وأخيراً:

ينبغي للاخوة الكرام جميعاً سواء من كان منهم يريد أن يصبح خطيباً أو كاتباً أو مدرّساً أو مؤسساً أو ناهضاً أو … ومن أية قومية كانوا أن يحاولوا بلوغ مرتبة الاجتهاد -إلا إذا كان هناك محذور خارجي- لأن المجتهد هو الذي يمكنه أن يحلّ المعضلات الفقهية أو الفكرية أو العقائدية أو الطبية المرتبطة بالشرع كل حسب اختصاصه.

وقد نقل أنه كان في مدينة طهران ستون مجتهداً في وقت كان عدد نفوسها لا يتجاوز 600 ألف شخص، أما يوم بلغ نفوس طهران أكثر من 6 ملايين نسمة فإن عدد المجتهدين فيها لم يتجاوز ستة أشخاص!

إن الحاجة الي المجتهدين كبيرة ولا مانع أن يكون الفرد خطيباً أو مؤلفاً أو مفسراً أو … ويكون مجتهداً مع ذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالي أن يوفقنا لذلك

وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين

الحاشية

?. ألقيت هذه المحاضرة علي جمع من طلبة العلوم الدينية بمدينة قم المقدسة في الثالث من ذي الحجة عام 1423ه.

- المراد من هذه العبارة وأمثالها: التصورات الظنية- علي التفصيل المذكور في مباحث «الحجج» من علم الاصول-.

- وهي إحدي القواعد أو الأصول العملية المهمة التي قد تترتب عليها الاف الفروع الفقهية.

- فرائد الاصول.

- وسائل الشيعة: 27/ 62 باب 6 الرقم 33202.

5- البقرة 102.

- الكافي: 6/ 325 باب فضل الملح.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.