العراقيون ومواصلة اليقظة

اشارة

اسم الكتاب: العراقيون و مواصلة اليقظة

المؤلف: حسيني شيرازي، صادق

الموضوع: جغرافيا

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: سلسله

مكان الطبع: قم

تاريخ الطبع: 1426

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم علي أعدائهم الي قيام يوم الدين.

العراق؛ بلد الأنبياء والأئمّة الأطهار سلام الله عليهم، عاني ويعاني الكثير من الويلات والمآسي والحرمان، رغم ما يمتلك من طاقات وثروات. لقد ذاق العراق منتهي الخوف والرعب، وعاني من أقسي حالات الظلم والاضطهاد، حين تلاقفته أيادي الظلمة. ومرّت علي العراق الفرص دون استثمار في سبيل تخليصه من تلك المعاناة.

من جهة أخري كان لعلماء أهل البيت سلام الله عليهم الدور الأكبر في دفع عجلة الحياة في العراق، وحفظ ما تبقّي من قيم ومفاهيم سامية وطيّبة لدي العراقيين، لاسيّما المؤمنين المخلصين منهم.

وأسرة العلم والفقاهة والاجتهاد؛ أسرة الشيرازي بما أنجبت من علماء مجاهدين كانت في مقدمة من تحمّل المسؤولية، ووعي دوره في سبيل نشر الإسلام الذي هو خير نظام، والروح الذي ينبغي أن يسري في عروق العراقيين، لتنبض بالخير والسعادة والتطوّر.

«ويل العراق؛ فليله لا ينقضي … حتي تقوم حكومة الإسلام».

وهذه الأسرة، سواء كانت في العراق أو خارجه، لم تكن بمنأي عن واقع هذا البلد المضطهد وما يحتاجه من رؤي ووسائل للتغيير نحو الأفضل، والدفع بأبنائه إلي بناء كيانهم كما تتطلّبه الحياة الحرة والكريمة.

والمرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي حفظه الله، وهو سليل هذه الأسرة المجاهدة أسوة بمن مضي من أعلامها لا يضيّع فرصة في التوجّه نحو خلق حالة من الوعي بين صفوف شعبه، بل إنّه ليخلق الفرص الطيّبة خلقاً في سبيل إنقاذ العراق والعراقيين مما حلّ بهما من دمار وخسارة

طيلة عقود بل قرون من الزمن.

فأصبح دام ظلّه شأنه في ذلك شأن العديد من مراجع الشيعة محوراً هامّاً لتطلّعات وتحرّكات الشعب العراقي، حتي صار بيته محطّاً للوفود المتواترة من كلّ حدب وصوب من كلّ أرجاء العراق، حيث يقوم سماحته بتقديم التوجيهات القيّمة لها؛ لتكون بمثابة المنهاج العملي لتحقيق الأهداف والتطلّعات السامية، ولتكون أيضاً البلسم الشافي للجراحات العراقية التي تسبّبت في إيجادها قوي الشرّ والظلام الطامعة في أرض العراق وثرواته.

بين يديك عزيزي القارئ بعض التفاتات سماحته وتوجيهاته القيّمة التي أدلي بها لبعض الشخصيات الوافدة عليه من عموم المجتمع العراقي فرادي أو جماعات، حيث يبيّن لهم من خلالها، لزوم أن يعي العراقيون ضرورة التشخيص الدقيق لمشاكل العراق، كما لابدّ لهم من التكاتف لحلّ تلكم المشاكل والأزمات لاجتثاثها جذرياً، دون الاكتفاء بأنصاف الحلول التي من شأنها أن تزيد الطين بلّةً.

وهذا يبرهن علي بالغ جهده حفظه الله تعالي في أن يرتقي بوعي العراقيين ويقرّبهم من حقيقة أزماتهم ومحاولة إسعافهم بالعلاج الأمثل في حلّها، موضحاً لهم أنّه الغاية في البساطة، فيما إذا ما تمسّك الفرد والمجتمع بأصالته ودينه الحنيف وأخلاقه الطيّبة الفاضلة، وابتعد عن الأنانية والمصلحية، وإذ ذاك سيعرف العراقيون مكامن الخطر، فيميّزوا بين الصديق والعدوّ، ويعملوا علي توفير الوسائل الكفيلة لشقّ طريقهم نحو البناء والتطوّر، بعيداً عن الشعارات الفارغة والخطب الرنّانة واللهاث وراء السراب الكاذب.

وإزاء هذا الجهد الطيّب، وجدت (مؤسّسة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله الثقافية) نفسها ملزمة بما هو متاح لها من الإمكانات بأن تقوم بجمع ونشر ما توافر لديها من كلمات سماحته فيما يخصّ الشأن العراقي، وكلّها أملٌ في أن تلبّي رغبة المؤمنين في التعرّف علي فكر المرجعية، وعميق ارتباطها واهتمامها بهموم الأمّة الإسلامية والشعب العراقي

خاصّة، كما تطمح المؤسّسة إلي جمع كلّ ما يصدر عن سماحته من تصريحات وإنجازات علمية وعملية خاصّة بهذا الشأن الهامّ في الوقت الراهن، ليتمّ عرضها للمهتمّين والمتابعين، كما تحرص كلّ الحرص علي إتقان نشاطاتها علي صعيد نشرها الفكري والثقافي عبر الكتب والدوريات أو موقعها علي شبكة الإنترنت، والله وليّ التوفيق.

شكر الله علي زوال الطاغية

«الحمد لله قاصم الجبّارين مبير الظالمين، مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين».

أشكر الربّ المنّان علي نعمة زوال الطاغية الذي عمّ بظلمه الشعب العراقي وشمل الأمّة الإسلامية، بل الإنسانية جمعاء، وأدعوه متضرّعاً أن يكمل نعمته علينا بانتهاء كلّ ذيول المأساة الكبري التي دامت عقوداً طويلة، ويتمّها بشروق فجر الغد السعيد لهذا الشعب الأبيّ الصابر.

ويملأني التفاؤل بمستقبل مشرق للعراق، ويحدوني شوق كبير لزيارة العتبات المقدّسة ومجاورة أئمّة الهدي صلوات الله وسلامه عليهم في العراق.

لا ريب أنّ المشكلات التي أعقبت زوال الطاغية مثلها مثل الأوساخ والأتربة المتراكمة في بيت مهمل، إذ لابدّ من توقّع تصاعد الغبار لدي كنسها وإزالتها. فهذه المشاكل والأزمات كلّها متوقّعة لبلد كالعراق الذي عاش عقوداً مظلمة وصعبة قلّ نظيرها، في التاريخ، أو في تاريخ العراق علي الأقلّ، إن لم نقل عديمة النظير. فالأمر بحاجة إلي صبر وحنكة ووعي ومضي زمان من أجل البناء، لكي ينعم الجميع إن شاء الله تعالي بوافر النعم في جوار أهل البيت سلام الله عليهم وإنني متفائل لذلك للغاية. وما توفيقي إلا بالله العليّ العظيم.

حكومة الأكثرية

أودّ أن أذكّر إخواني العراقيين بأمرين جعلهما الله تعالي مفتاحاً للخيرات والبركات، وهما: «الإيمان» و «التقوي» حيث قال سبحانه وتعالي: «ولو أنّ أهل القري آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض».

فبهما يمكننا التعاون جميعاً والتكاتف من أجل صنع عراق مستقلّ تتوّج كلّ قطاعاته بالعزّ والفخار.

وبعد فلابدّ من بذل المساعي الحثيثة لإقامة حكومة «الأكثرية العادلة» وفق قانون مستمدّ من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة المرويّة عن النبيّ وأهل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، توخّياً في الابتعاد عن كلّ ما من شأنه أن يعيدنا الي التجربة التاريخية المُرّة التي أنتجت

المآسي الكبري طيلة عشرات السنين بعد أن تمخّضت عن «حكومة الأقلية» جرّاء «الابتعاد عن قانون السماء»؛ يقول الله تعالي: «ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً».

لقد ابتلي العراق بلد المقدّسات والأضرحة الطاهرة، ومنذ سنين مديدة، بالتعرّض لألوان العذاب والظلم، وقد عاش أهله أقسي ما يمكن أن يعيشه شعب في وطنه، رغم ما يمتاز به هذا البلد من إمكانات اقتصادية واجتماعية وثقافية هائلة؛ فقد حباه الله تعالي بثروة النفط والماء والأرض الطيّبة، فضلاً عن كونه مهوي قلوب المسلمين وليس الشيعة وحدهم، كما يزخر ومنذ القدم بينابيع العلم والمعرفة كالحوزات والمدارس الدينية والجامعات والمعاهد العلمية التي كانت تمثّل مصدر إلهام للمسلمين، كما أن تاريخه العتيد قد أكسب شعبه من الوعي والاستعداد الذهني ما له أن يقفز بالحاضر والمستقبل إلي أرقي الطموح.

غير أنّ ما عاناه العراق والعراقيون علي مرّ الأزمنة والمراحل المتعاقبة ما يمكن تسميته بمشكلة إدارة البلاد وطبيعة نظام الحكم فيه.

إنّ حكومة الأكثرية يؤكّدها القرآن الكريم من خلال قوله تعالي: «وأمرهم شوري بينهم» والشوري تعني بحث قضيه معيّنة من قبل مجموعة ثمّ الأخذ بما يقوله الأكثر بعد مداولة الآراء وتقديم الأدلّة من قبل أفراد تلك المجموعة. فإذا كان الله عزّوجلّ قد أمر بالتشاور في مورد قضية كقضية فطام الصغير بين الأب والأمّ، لتحاشي الاستبداد واحتمال حصول النفرة، فكيف بقضية حكومة بلد فيه الملايين من البشر يتلهّفون إلي العدل وسلطة الحقّ.

والقوانين العالمية أو مجالس الشعب في أغلب بلدان العالم تنصّ علي حكومة الأكثرية.

أمّا التجارب التاريخية، ولاسيّما تلك التي شهدها العراق وذاق منها مختلف أنواع المحن وذاق أبناؤه مرارتها وعذابها طيلة عقود، من الزمن، فتشير إلي مأساة تسلّط الأقلية علي الأكثرية.

صحيح أنّ العراقيين إخوة، لكنّ هذه الحقيقة لا

تستدعي ابتلاع حقّ الأكثرية، إذ لا معني لأن يأكل أحد الأخوين حقّ أخيه بحجّة الأخوّة.

وهذا الحقّ يبقي محفوظاً للأكثرية ولها المطالبة به دوماً، أما إذا عادت الأقلية إلي التفرّد بالسلطة، فإنّ العراق سيدخل في نفق مظلم آخر قد لا يخرج منه إلي عقود أخري من الزمن، بما يختزل ذلك من وقوع المظالم وتعرّض المواطنين لأنواع المآسي والويلات.

الاستلهام من حكومة الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه

إنّ الكتل والأحزاب والهيئات الشعبية الموجودة في مجتمعنا اليوم، يجب أن توظّف نفسها في عملية البناء والتطور والرقيّ للوصول بالأمّة المسلمة إلي التطبيق الأمثل لشريعة السماء، كما رأينا ذلك في ظلّ حكومة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما.

لقد كان الإمام عليّ سلام الله عليه يرأس أكبر وأقوي حكومة علي وجه الأرض، إذ كانت حكومته تضمّ قرابة خمسين دولة من الدول المعاصرة، كما كانت أقوي حكومة في العالم يومذاك. وكانت الدكتاتوريات والأنظمة المستبدّة هي التي تحكم بقية بقاع العالم، إلا أنّ التاريخ سجّل لنا حتي علي لسان أعداء الإمام سلام الله عليه ما لم يسجّله إلا لأخيه رسول الله صلي الله عليه وآله، منها ما روي أنّه سلام الله عليه كان أوّل من سمح بالتظاهر السلميّ ضدّه، وذلك حينما أصدر سلام الله عليه أمراً بإبطال العمل ببدعة حدثت في عصر الخليفة الثاني، ولم يلقَ ذاك الأمر ترحيباً من قبل مجاميع اعتادوا سنين علي ممارسة تلك البدعة، فخرجوا في مظاهرة ضدّه، وعندما نقل الإمام الحسن سلام الله عليه خبر التظاهرة لأمير المؤمنين سلام الله عليه أمر بتركهم وشأنهم، ولم يعاقب أحداً منهم، وتراجع عن إلزامهم بالأمر.

نعم، هكذا كانت الحريّة في ظلّ حكم الإمام سلام الله عليه، في الوقت الذي كان العالم كلّه يرزح تحت وطأة الظلم والاستبداد.

فما أحرانا أن نقتدي بسيرة إمامنا. ولا شكّ أنّنا إذا التزمنا بما جاء به رسول الله صلي الله عليه وآله ومشينا في طريق عليّ سلام الله عليه، لسوف ننعم بكلّ الخير.

لقد كانت الرقعة الواقعة تحت حكم أمير المؤمنين سلام الله عليه تضمّ حوالي خمسين دولة من الدول المعاصرة اليوم، ولكنّه ضرب للناس عامّة والفئات الحاكمة علي وجه الخصوص أروع الأمثلة في كيفية تطبيق العدالة والمساواة والحرية وتوفير الرخاء للرعية، فلقد روي أنّه سلام الله عليه مرّ ذات يوم في أحد أزقّة الكوفة مع بعض أصحابه فرأي شيخاً ضريراً جالساً علي قارعة الطريق قد مدّ يد الحاجة للآخرين، فاستاء صلوات الله وسلامه عليه وسأل من كان معه قائلاً: «ما هذا؟» فقيل له بأنه شيخ نصراني نبذه أهله بعد أن أعياهم أمر رعايته، فأنّب الإمام أصحابه مؤاخذاً إيّاهم علي استعمال الرجل شابّاً والتغافل عنه شيخاً بعدما بدت عليه أمارات العجز والشيخوخة.

والمُلفت أنه سلام الله عليه لم يسألهم عن هوية الرجل أبداً؛ بل قال: «ما هذا؟» أي أنه استنكر الحالة نفسها، وهذا يدلّ علي روعة ملامح النظام الإسلامي في ظلّ الرعاية الاجتماعية والاقتصادية لجميع المواطنين، بغضّ النظر عن هويّتهم الشخصية أو مشاربهم الاعتقادية. ثم أمر له سلام الله عليه بعطاء يكفل له عيشاً كريماً. مما يدلّ علي أنّ القضاء علي مثل هذه الظاهرة هو من سنخ مسؤولية الحاكم والحكومة.

ولكن بعد انجلاء ذلك العهد العلويّ العظيم، أخذ العراق يعاني سوء الإدارة وظلم الحاكمين وتناسي أوامر القرآن الكريم وسنّة الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله، وانزواء نهج أمير المؤمنين سلام الله عليه وحكمه الرائع في العالمين بعدما علّم المسلمين مبادئ الحكم العادل وبيّن لهم أدقّ التفاصيل التي تضمن للمحكومين حقوقهم.

وهكذا كانت سيرة الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم تجاه محبّيهم وأعدائهم، مما يدلّ علي وجود نظام إسلامي متكامل للحكم، بعيداً عن الشعارات الزائفة التي يرفعها هذا الحاكم أو ذاك؛ إذ الأئمّة من آل البيت سلام الله عليهم كانوا يفعلون ما يقولون، علي أفضل وأدقّ ما يكون الفعل الذي يستقونه مباشرة من تعاليم القرآن الكريم وسنّة جدّهم رسول الله صلي الله عليه وآله.

إنّ التاريخ قد أثبت أنّه ما لم يَسُدْ قانون السماء في المجتمع، وما لم تتفشّ العدالة المحمدية العلوية، فإنّ ظلم الطواغيت العتاة سيستمرّ. وأمام هذا التاريخ السياسي الذي بني لبناته الأولي أعداء الحقّ والفضيلة ممن تزيّي بزيّ الاسلام كالأمويين والعباسيين والعثمانيين ومن شاكلهم، يبقي الإنسان حائراً أمام ما جري، ولا يزال منهم من أنواع الظلم والاضطهاد.

فبينما تجد بصائر النور والعدل والمحبّة والرفاه تشعّ بها سيرة عليّ سلام الله عليه خلال مدّة حكمه التي لم تستمرّ أكثر من خمس سنوات؛ لتغمر الإنسان بكلّ ما هو خير ونافع للبشرية أجمع، تجد عند مناوئيه الجريمة تلو الجريمة، والمأساة تلو المأساة والظلمات فوق الظلمات من معاوية ويزيد والحجّاج والسفّاح وهارون والمتوكل وهولاكو والمسمّي (صلاح الدين الأيّوبي) وأرباب العنصرية والطائفية المذهبية التي أودت إلي الانتهاكات والنهب علي يد الاستعمار الحديث.

إقرأ عن صلاح الدين التكريتي (الأيّوبي) الذي يتبجّح بسيرته الظالمة الكثير ممن يحسبون أنفسهم علي الإسلام، فممّا كتبه محبّوه أنفسهم أنه أمر ذات مرّة بإحراق سكّان منطقة صلاح الدين ذاتها بالنفط والنار، والتي كان سكّانها آنذاك يربو علي خمسين ألف إنسان، كما قام بالفعلة نفسها في مناطق أخري، فضلاً عن قطع الأرزاق عن الناس عبر إحراق المزارع والمواشي مروراً بإحراقه كثيراً من الكتب الإسلامية في مصر وإشعال مواقد حمامات

القاهرة بأوراقها لعدة أيام.

ولا عجب أن يتبجّح عتاة العراق الماضون بهذا الطاغية ويتّخذونه قدوة لهم، بدلاً من التأسّي بسيرة رسول الله صلي الله عليه وآله.

نعم، كلّما ازداد الظلم من قبل الحاكم، تطلّع المحكومون إلي عدالة الإسلام الأصيل، أكثر. ولا يتيسّر رفع الظلم والحيف عن الناس مالم ينتشر الوعي وتتلاحم الأيدي وتتّحد القلوب وترتفع الأكفّ، بالدعاء إلي الله تعالي لنيل الخلاص.

واليوم؛ حيث ولّت صفحة سوداء من الطغيان والتجبّر الذي عاني منه أهل العراق، لابدّ لنا كشعب أصيل أن نعي الواقع ونتحسّس ثقل المسؤولية الملقاة علي عواتقنا، فيأخذ بعضنا بأيدي بعض، ونقوم بكلّ ما من شأنه تحسين الأوضاع السياسية والثقافية والاقتصادية، لتلافي ما تعرّضنا له من دمار شامل علي أيدي الظالمين ولنفوّت الفرصة علي أعدائنا الطامعين في ابتزاز لقمة عيشنا وتشتيت وحدة كلمتنا وتحريف صحيح عقائدنا … وكذلك لنلحق بركب الأمم التي سبقتنا نحو التقدّم بأشواط طويلة بعدما كانت وراءنا.

الدستور العراقي والإسلام

إنّ القوانين في العراق يجب أن تستضيء بنور الإسلام وأهل البيت سلام الله عليهم، لما لهما من بصمات فريدة في تاريخ الإنسانية، والباحث المنصف لا يجد بدّاً من الحكم بذلك.

كان الناس قبل الإسلام شعارهم الخوف ودثارهم السيف، يستولي القويّ علي الضعيف، وجاء رسول الله صلي الله عليه وآله برسالة ربّانية منحت الجميع فرصاً متساوية، فأصبح كلّ إنسان يقوم بما يريد ما لم يضرّ أحداً، وذلك بناءً علي القاعدة التي أرساها الدين الإسلامي والقائلة بأن: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فأصبحت هذه القاعدة القانونية خطاً أحمر وسبباً جديراً لانتفاء كثير من المساوئ والأمراض الفردية والاجتماعية، ومن ذلك انتفاء ظاهرة السرقة التي يحاسب عليها الدين ويعاقب فاعلها العقوبة القضائية المعروفة، إذ لم يسجّل التاريخ المتاح لدينا سوي ست

سرقات علي امتداد رقعة الدولة الإسلامية منذ عهد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله حتي عهد الإمام الجواد سلام الله عليه، أي حصول سرقة واحدة تستحقّ إجراء الحدّ الشرعي في كلّ ثلاثين سنة تقريباً، رغم فساد كثير من الحكّام وتطاولهم علي الحقوق العامّة.

فحينما حدثت سرقة في زمن إمامة الإمام محمد الجواد سلام الله عليه، وكان الحاكم إذ ذاك المعتصم العباسي اختلطت عليه وعلي قضاته كيفية إقامة الحدّ علي السارق، حتي قام الإمام الجواد سلام الله عليه بحلّ المسألة وفق الشريعة المحمدية الصحيحة.

إنّ دستور الإسلام الراقي يختلف عن كلّ الدساتير الوضعية التي سنّها أناس قاصرون أو مقصّرون، إذ الدستور الإسلامي كفيل ليس فقط بتقليل الجريمة والحدّ منها، بل بانتفائها والقضاء عليها نهائياً.

فإذا طابقت القوانين العراقية الجديدة تعاليم القرآن الكريم وسنّة النبيّ الأكرم وتعاليم أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين، فلسوف يرفل العراق حتماً بأفضل النعم في المستقبل إن شاء الله تعالي، ويكون مناراً يتعلّم منه الغربيون وغيرهم سبل التحرّر.

ولكن هذا بحاجة ماسّة إلي تعبئة ومواصلة وهمّة قصوي من جميع العراقيين المخلصين وكذلك الي أمن العراق الذي يصنعه أبناؤه. وحيث نقول بأنّ العراق لا يصلحه إلا أبناؤه، كذلك لابدّ من إضافة التركيز علي ضرورة تعاون الجميع وتظافر جهودهم البنّاءة، كلّ في إطاره وبقدر طاقته الفكرية والعملية والمالية والاجتماعية والسياسية.

فلو عمل الجميع متظافرين في هذا المجال، لإحلال الأمن والاستقرار، لكان العراق نموذجاً طيّباً يحتذي به في جميع أرجاء المعمورة.

الإسلام يؤاخي بين كلّ العراقيين

إنّ المشكلة الكبري للعراق وللمسلمين عموماً هي مشكلة اليهود … وهذه مشكلة كبري حقّاً … ولكنها أيضاً مشكلة حلّها رسول الله صلي الله عليه وآله بنفسه وفي سنوات قليلة.

فمع أنّ القرآن الكريم قد صرّح بضراوة عداء اليهود للإسلام، من

خلال قوله تعالي: «لتجدنّ أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود …» وهو تصريح صارم وواقعي تماماً؛ نظراً لمواقف اليهود العدائية والنفاقية ضدّ الإسلام ودولته الوليدة آنذاك، ولكننا نلاحظ أنّ رسول الله صلي الله عليه وآله استطاع أن يخلّص المسلمين من مشكلتهم عبر عدّة حلول، كما كسب الكثير منهم الي صفّ الإسلام بفضل التشريعات الإلهية الحكيمة.

فممّا سنّه الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله من موادّ قانونية خاصّة مذكورة في كتب الفقه والتاريخ بهذا الشأن، ما وصفه الإمام جعفر بن محمد الصادق سلام الله عليه بقوله:

«ما كان سبب إسلام عامّة اليهود إلا بعد هذا القول من رسول الله صلي الله عليه وآله». يعني قوله صلي الله عليه وآله: «من مات وله مال فلوارثه، ومن مات وترك ضياعاً أو دَيناً فإليّ وعليّ».

فتحوَّل الرأي العامّ اليهوديّ إلي الإعجاب بقانون الإسلام من خلال هذه المفردة في دستوره، وقالوا: ما أحسن هذا الدين، فلنذهب ونعلن إسلامنا، لأنّا إذا جمعنا مالاً ومتنا فإنّ رئيس الدولة لن يأخذ منّا ضريبة الإرث، وإن كنّا فقراء لا نملك شيئاً، ومتنا، فإنّه سيكفل عوائلنا من بعدنا، ويقضي عنّا ديننا إن كنّا مدينين. وهكذا أسلم كثير منهم يتقدّمهم بعض علمائهم الذين توجّهوا إلي الإسلام زرافات ووحداناً، وحُلّت أكبر مشكلة كان يعاني منها المسلمون بحكمة التشريع الإسلامي الذي جاء به رسول الله صلي الله عليه وآله. وهذا هو قانون الإسلام والسماء، ولم يقتصر الأمر علي اليهود بل شمل كلّ الطوائف النصرانية والمجوسية وغيرهما من الطوائف التي كانت تسكن الجزيرة العربية. وهو موجود في كتب الفقه والسيرة والحديث.

فإذا سادت روح الشريعة السمحاء بين أوساط العراقيين يحدوهم التعاون والانسجام والوعي وهو المؤمّل فإن عراق المستقبل سيكون عراقاً ينعم في ظلّه

جميع العراقيين بالخير والأمان، وعلي مختلف أطيافه إن شاء الله تعالي.

دور العشائر والأخذ بزمام المبادرة

لابدّ من القول بأنّ زعماء العشائر العراقية الطيّبة يمثّل كلّ واحد منهم وارثاً لسلسلة من المشايخ والزعماء التاريخيّين.

فهؤلاء قد ورثوا عن أسلافهم القيم والمثل العليا يدعمها الإيمان بالله تعالي والاعتقاد الحقّ بأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم. كما أنهم ورثوا أو ينبغي أن يكونوا قد ورثوا الهمّة في احتواء الشباب والأخذ بأيديهم في السير علي طريق الحقّ وعدم الانجرار إلي طرق الباطل.

إنّ العراق كما هو معروف كان ولا يزال منطقة عشائرية، والعشائر العراقية لها تأريخ عريق، مليء بالمكرمات، منها علي سبيل المثال قيامها بثورة العشرين بقيادة علماء الدين ورفضها القاطع للاستعمار البريطاني الذي كان جاثماً علي صدر العراق في بدايات القرن العشرين، حيث استطاعوا ونفوس العراق إذ ذاك لا يزيد علي الخمسة ملايين مواطن أن يقفوا بوجه أعتي قوّة عسكرية في العالم، مستمدّين العون من الله تعالي وعناية أهل البيت سلام الله عليهم.

وقد آن الأوان لأن يورث العراقيون اليوم أبناءهم والأجيال القادمة كامل الاستعداد للتضحيات والبسالة التي ورثوها عن أجدادهم؛ الأمر الذي يعني ضرورة أن يقوم كلّ فرد عراقي بالعمل في مجاله علي تربية أبنائه علي الإيمان بالله تعالي والتمسّك بمبادئ العدل والحقّ وبضرورة الدفاع عنها والتضحية من أجلها.

وبما أنّ العراق يعيش أجواء الحريّة أو هو مقبل عليها لذا ينبغي الاستفادة من هذه الفرصة بما للكلمة من معنيً ورفد الطاقات البنّاءة من خلال تكريس الوعي والعمل علي المحافظة علي الأبناء وتوصيتهم في الاستعداد للإيثار والتضحية والتكاتف، وتقديم مصلحة الجمع علي مصلحة الذات، ووحدة الكلمة.

وكما أن الناس اليوم يقرأون تاريخ العراق من خلال تصرّفات ووقائع جيله الحاضر، كذلك سوف يُقرأ تاريخ الجيل الحاضر عبر تصرّفات

الجيل القادم. ولن يكون تأريخ الجيل الحاضر تاريخاً سامياً ما لم يبذل الآباء قصاري جهودهم في

تربية أبنائهم وحفظهم من الوقوع في الرذيلة والمشاكل الخطيرة لاسيّما وأنّ العراق يشهد

تكالباً شيطانياً من مختلف القوي والاتجاهات علي نهب خيراته، وتضييع هويته الثقافية والدينية، إذ تسعي شتّي الأطراف الطامعة في العراق إلي أخذ نصيبها من خلال طمس ثقافة العراقيين أو تزييف واقعهم السياسي أو تدمير إمكاناتهم الاقتصادية بعد نهبها.

إذاً فالمسؤولية الملقاة علي عاتق الآباء في هذه الفترة من تاريخه أثقل من أيّ وقت آخر تجاه جيل الشباب والأحداث اليافعين الذين يمثّلون الجزء الأهمّ من الثروة الحقيقية المعرَّضة للانتهاب من

قبل الأعداء بمختلف أقسامهم، لذا من الضروري أن يعي الآباء مسؤولياتهم المهمّة والخطيرة في هذا المضمار.

يُنقل أنّ أحد الملوك مات وخلّف ابناً شابّاً له، فكان هذا الشابّ يتكاسل عن النهوض باكراً لتفقّد شؤون الرعية والجلوس في الديوان لاستقبال الناس. وكان لوالده الملك الراحل وزير ناصح، قد أخذ يكثر من النصح له وحثّه علي الجدّ والالتزام، مواظباً في العمل علي إيقاظه في صباح كلّ يوم. فانزعج الملك الشابّ من هذا الإصرار من قبل الوزير، فاستدعي جماعة من شرطته ليعترضوا الوزير في طريقه لئلاّ يأتي لإيقاظه، والحيلولة دون دخوله إلي القصر مبكّراً.

وفي صباح اليوم التالي اعترضه رجال الملك وأشبعوه ضرباً ومزّقوا عليه ثيابه، مما اضطرّه للعودة إلي بيته ليصلح شأنه ويستبدل ثيابه، واستغرق منه وقتاً ليس بالقصير، ثم توجّه إلي قصر الملك ودخله متأخّراً، فرآه جالساً علي عرشه ومن حوله الناس والشخصيات!! فتصنّع الملك معاتبته وسؤاله عن سبب تأخّره وهو الذي لم يعهد منه ذلك، فقصّ عليه الوزير حكايته. فقال له الملك: هذه عاقبة خروجك مبكّراً.

فقال له الوزير الذي لا يبطن له سوي

النصح والإخلاص: أصلح الله الملك، إنّ العصابة التي اعترضتني كانت قد سبقتني في الخروج إلي الطريق، ولو كنت قد خرجت قبلها ما كنت لأصاب بهذا البلاء.

والعبرة من هذه الحكاية وأمثالها؛ هي أهمّية المبادرة والإسراع في المحافظة علي جيل الشباب والأبناء لئلاّ تتلاقفهم أيادي العصابات المتحفّزة لسرقة عقولهم بعد غسل أدمغتهم وصياغتها وفق مصالحها الشيطانية والمعادية لمصلحة البلاد والمجتمع.

إنّ المسؤولية تكاد تكون في أعظمها منصبّة علي عاتق الآباء العراقيين في حفظ أبنائهم وتوعيتهم، لإنقاذهم من المخاطر الداهمة، من كلّ حدب وصوب، خصوصاً في ظلّ السهام القاتلة التي ترميها الفضائيات في كلّ لحظة نحو أدمغة الشباب وغرائزهم وفي ظلّ انخفاض معدّلات الزواج.

فاللازم علي الجميع خاصّة ذوي المناصب الاجتماعية والروحية أن يبذلوا قصاري جهودهم لملء الفراغ الموجود وبالطرق الصحيحة والمجدية، ليجد الشابّ العراقيّ الطموح بديلاً أفضل عن كلّ المساوئ والتفاهات، وليكون فكره عامل بناء لمستقبل العراق، بدلاً من أن يتحوّل إلي وسيلة هدم وتخريب.

الصلح خير من الخلاف والشقاق

ثمّة مطلب مهمّ آخر، وهو: إنّ حصول الاختلاف أمرٌ طبيعيٌ بين البشر، فقد يحدث الاختلاف حتي بين الأخوين التوأمين، حيث يختلف تفكير هذا عن ذاك، وأمّا في المسائل الاجتماعية، فالخلافات قد تشتدّ وهي تسبّب ضرر الجميع. قال الله تبارك وتعالي: «ولا تنازعوا فتفشلوا».

فاللازم بالإيمان والوعي لمصلحة البلاد والعباد بذل الجهود لتحويل الخلاف والاختلاف إلي الوئام والائتلاف. فالرغبة في طيّ المراحل الصعبة وتجاوزها لا تتحمّل الانغماس في الخلافات، فانغماس أهل الدار الواحدة في الخلافات يسهّل سرقتها وخروج السارق بالمسروقات آمناً مطمئنّاً دون قوّة رادعة أو رقيب، بل إنّ تفاقم الخلافات يدفع بسرّاق الأرض لأن يتكالبوا علي مهاجمة أصحاب الدار.

إنّ زعماء العشائر الغياري وذوي النفوذ الاجتماعي والروحي في العراق جميعهم مكلّفون أكثر من أيّ وقت مضي

لأن يؤدّوا مهمّتهم التعبويّة التي تقتضي عدم الانحياز إلي طرف دون آخر، والسعي لتهدئة وحلّ الأمور من أجل التفرّغ كلياً إلي عملية التطوّر والبناء. وقد جاء في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله: «الصلح سيّد الأحكام». ومن قبله قال سبحانه وتعالي: «والصلح خير»؛ فهو خير من الانجرار وراء الخلافات، فتحكيم الحلول الوسطي في مرحلة الاختلاف والتغيرات الاجتماعية الكبري، أفضل خيار وأتقن حكمة.

مسؤولية الإعمار والبناء

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالمسؤولية تشريع وحكم وإحساس، كما يفهم من هذا الحديث الشريف.

فأمّا كون المسؤولية تشريعاً وحكماً، فلأن الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله هو الذي صرّح بها مبيّناً ركائزها وعلي من تدور. وأمّا كونها إحساساً، فهذا ما يرتبط بنا. فبأيّ قدر يحسّ كل واحد منا بهذا التشريع وهذا الحكم؟

إنّ هذه المسؤولية ملقاة علي عواتق عموم الناس، ولكنّها اليوم مسؤولية استثنائية وخاصّة.

لقد ابتلي العراق اليوم رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً بما يمكن تسميته بالأزمة المزدوجة.

فهو منذ أكثر من خمسين عاماً ينتقل، أو ينقل، من أزمة إلي أخري، ومن أمر شديد إلي أشدّ، ومن صعب إلي أصعب. أمّا في الوقت الحاضر، وبعد أن تغيّرت الظروف أخذ العراق يمرّ بأوضاع معقّدة جدّاً؛ ولا يعلم مداها إلا الله تبارك وتعالي.

لقد مضي أربعون عاماً ونيّف، ولا تزال الأزمة مستمرّة، فبالنسبة إلي السابق، تحدّثت الكتب والتقارير التي نشرت عنها، والأشخاص الذين تحرّروا من المعتقلات عن عظيم المصائب والرزايا التي تعرّضوا لها في الأقبية والطوامير المهولة.

الآن؛ وقد تبدّلت الأوضاع، يا تري كيف سنتعامل معها؟ لا مهرب من الإعمار والبناء لعراقنا لئلاّ نسقط في دهاليز تجربة العقود الماضية.

الإعمار الثقافي والاستلهام من أهل البيت سلام الله عليهم

إنّ مآسي العراق، قد مرّ نظيرها في تاريخ الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم، الأمر الذي يحرّضنا علي استلهام الدروس المضيئة منهم، في كيفية مواجهة وتحدّي الأزمات والعمل علي إنجاز التغيير المطلوب، فنتعلّم منهم ماذا علينا أن نفعل، وما هو طريق الخلاص.

إن قصّة النزاع الذي دار بين بني أُميّة باعتبارهم الفئة الحاكمة، وبين بني العباس باعتبارهم ينادون بالخلاص من الظلم والجور تحت شعار الدعوة إلي الرضي من آل محمد سلام الله عليهم قد جرت في

عهد الإمامين الباقر والصادق سلام الله عليهما، إذ كانت سائر البلاد الإسلامية خاضعة للسيطرة الأموية علي مدي حوالي ثمانين عاماً، فعلوا خلالها كلّ ما حلا لهم. وعندما جاء بنو العباس تحت ذريعة إنقاذ الناس من طغيان بني أمية، سرعان ما تكشّف للناس أمرهم في ميدان العمل والتطبيق منذ البداية.

في خضمّ تلك التحوّلات والأوضاع كان أمام الإمامين الباقر والصادق سلام الله عليهما ثلاثة خيارات:

1. أن يدعوا المسلمين عموماً، والشيعة خاصّة للوقوف إلي جانب بني أمية، وفي ذلك استمرار لعمليات القتل والإرهاب.

2. أن يدعواهم لتأييد بني العباس، وهما يعلمان أنّ الأوضاع ستتفاقم وتزداد سوءاً تحت مظلّة أدعياء الإنقاذ الجدد.

3. أن يشقّا طريقاً ثالثاً لا يقتصر التفكير فيه علي تلك الفترة الزمينة المحدودة.

ولكن المتتبّع للتأريخ الإسلامي يعلم أن هناك شيئاً واضحاً في أدقّ دقائق تاريخ الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم، وهو ما يمكن تسميته ببعد النظر وعميق الحكمة والفكر.

فهم سلام الله عليهم لم يقصروا فكرهم علي تلك الفترة الزمنية المحدودة، وإنما أخذوا بالحسبان ما بعد ذلك اليوم العصيب، بل وما بعده بمئة أو ألف عام، في كيفية قيادتهم للنخبة المؤمنة من الشيعة، وطريقة أمرهم ونهيهم وتوجيههم لهم.

فقد أنجز هذان الإمامان العظيمان في تلك الفترة التاريخية الخطيرة ما أصبح سبباً في أنّنا نستطيع اليوم أن نعرّف العالم بأسره بالإسلام الصحيح.. إسلام رسول الله صلي الله عليه وآله وأمير المؤمنين سلام الله عليه، إذ قاما سلام الله عليهما بمعالجة التصدّعات التي عمّت الكيان الإسلامي المترامي الأطراف قطعةً قطعةً بل لبنةً لبنةً. فاستغرق الأمر سنين مديدة.

ورغم المشاكل الكثيرة التي واجهها الإمام الصادق سلام الله عليه في بدايات الحكم العباسي، إلا أنّه تمكّن من أن يربّي أربعة آلاف تلميذ، مما يعني

أنّه سلام الله عليه تمكّن من توعية وتفهيم أربعة آلاف عالم وطالب علم أحكام الإسلام الصحيح؛ أصولاً وفروعاً، واجبات ومحرمات، مستحبّات ومكروهات، عقائد ومبادئ وجعل علم الدين والدنيا بين أيديهم، كما بيّن لهم وكرّس فيهم أخلاق الإسلام وآدابه، وكذلك الأحكام السياسية للإسلام وأحكام الاقتصاد والمجتمع، وغير ذلك.

إنّ المتتبّع يلحظ بسهولة أنّ أكثر من خمسين بالمئة من مجمل روايات وأحاديث الأئمّة الأثني عشر المعصومين سلام الله عليهم التي بين أيدينا اليوم تعود لهذين الإمامين الباقر والصادق سلام الله عليهما والباقي يعود لسائر الأئمة سلام الله عليهم.

نعم، هكذا اغتنم الإمامان الباقر والصادق سلام الله عليهما فرصة النزاع الأمويّ العباسيّ علي الوجه الذي استطاعا به حقن دماء الشيعة من جهة، وتبيين الإسلام الصحيح والأصيل الذي هو في متناول أيدينا اليوم من جهة أخري.

إنّ الإمام الباقر والإمام الصادق سلام الله عليهما قد أحدثا في تلك الفترة الزمنية تيّاراً عظيماً؛ امتدّ أثره إلي يومنا هذا. ولو أنّ المؤرّخين دقّقوا قليلاً لوجدوا أن أكثر المسيحيين واليهود والمجوس والملحدين الذين أسلموا في عهد الأئمّة المعصومين هم ممّن عاصر هذين الإمامين العظيمين أو من تلاهم من الأئمّة.

فهكذا ينبغي أن نكون مع قلّة الناصر وكثرة الغادر وإحاطة الفتن، نقتدي بإمامينا الباقر والصادق سلام الله عليهما لننقذ العراق وأهله مما نخاف منه عليه.

كربلاء قلعة حصينة في مواجهة المدّ الشيوعي

اجتاحت الشيوعية العراق في أواسط القرن الماضي، وغزت صحفها ومجلاّتها ووسائلها الإعلامية معظم ربوع العراق وتأثّر بها الكثير من أنصاف المثقّفين بل حتي بعض رموز السلطة الحاكمة آنذاك، وكان الشيوعيون يوزّعون الكتب بأعداد هائلة جدّاً بالمجّان، ووقع ذات مرّة في يدي أحدها وطالعتُ بعض صفحاته التي تتجاوز الثلاثمئة صفحة، وكان يحمل عنوان «أين الله؟!» للكاتب الشيوعي «مكسيم غورغي» الذي افتتحه بعبارة: أنا

ابن الخطيئة. وكانت هذه العبارة التافهة كفيلة بإفهام القارئ ما يحتويه ذاك الكتاب. وهكذا امتلأ العراق بكتب الشيوعية الصغيرة والكبيرة، مما أحدث مدّاً إلحادياً رهيباً زرع اليأس في القلوب.

وكان الماركسيّون يواجهون من يخالفهم بكلّ عنف ووحشية، حتي أنهم بمرأيً من الناس كانوا ينهالون عليه ضرباً متواصلاً حتي يسقطوه جثّة هامدة علي الطريق، وهناك قصص كثيرة في هذا المجال قد عاصرتها بنفسي.

بإزاء هذه المعضلة، اقترح السيد الوالد رحمه الله وهو مرجعٌ في زمانه وكان أخي الأكبر قدّس سره حاضراً علي أهل العلم أن يقوم كلّ واحد منهم بأداء واجبه ومسؤوليته الثقافية والدينية عبر المساجد والحسينيات وإقامة حلقات الدروس لجيل الشباب خصوصاً، ويبيّن لهم أصول الدين وفروعه، ويردّ علي شبهات الشيوعيين وما كانوا يبثّونه من سموم من خلال الإذاعة والتلفزيون والمجلاّت والخطب، وفي المدارس والجامعات، مما حدا بالشباب لأن يختلفوا إلي أهل العلم في حلقاتهم الدرسية تلك بعد أن تجسّد اقتراح السيد الوالد رحمه الله علي أرض الواقع ويطرحوا أسئلتهم، ويتلقّوا الإجابات، فإذا عجز متصدٍّ ما عن الردّ الشافي، قصد من هو أعلم منه، وهكذا. حتي أنّ بعض مدرّسي المستويات العليا، كانوا قد شكّلوا حلقات ودروس توجيهية لتلاميذ المدارس الابتدائية. كما ساهم كلّ من أخي الأكبر السيّد محمد الشيرازي والسيّد حسن الشيرازي قدس سرهما بشكل فعّال في مواجهة المدّ الشيوعي آنذاك من خلال حلقات الدرس أو الصحافة و …

وأنا أيضاً وكنت يومذاك أحد طلبة المقدّمات وقد أقمت خمسة مجالس في خمس مناطق في مدينة كربلاء المقدّسة.

إنّ هذه الحركة والانطلاقة التثقيفية فضلاً عن المجالس والمنابر الأخري لعبت دوراً فعّالاً أدّي إلي تجفيف جذور الشيوعية في مدينة كربلاء وحفظ أهلها وشبابها وإلي حدّ كبير جداً عن أن يتلوّثوا بسموم

هذا الفكر الإلحادي الخطير، حتي أن كثيراً من الشباب الذين انجذبوا الي حلقات تلك الدروس التوعوية، قد أصبحوا بعدئذ من جملة طلبة العلم، ومدرّسي العلوم الدينية وأئمّة المساجد والمجتهدين.

عراق اليوم يبحث عمّن يتحمّل المسؤولية

إنّ عراق اليوم والمستقبل يحتاج إلي أبنائه في تحمّل المسؤولية بكلّ أمانة وثقة. وإحداث هذا الأمر يمكن عبر تزريق الثقافة الإسلامية والإنسانيّة الأصيلة في دمائهم.

فالعراقيون بحاجة ماسّة إلي تنفيذ برامج تثقيفية وتوجيهية كفيلة بانتشالهم من الواقع المرّ الذي ذاقوه، خصوصاً وأنّ شباب العراق لديهم اليوم المزيد من التعطّش للدين، وهم ينتظرون من يقوم بتعليمهم وتربيتهم.

فما نسبته أربعون بالمئة أي أكثر من عشرة ملايين إنسان من سكان العراق الذين يبلغ عددهم حوالي خمساً وعشرين مليون نسمة هم من الفتية والشباب الذين جاءوا إلي الدنيا وعاشوا بعيدين عن الثقافة القرآنية الأصيلة، ولا يعلمون عنها شيئاً، وهم بذلك يريدون أن يتعلّموا ويفهموا حقيقة دينهم ويطّلعوا علي معالم تاريخهم بعد الكبت والاضطهاد السلطوي عبر عقود من الزمن.

ولأجل أن يتيسّر هذا ينبغي لنا رفدهم بكلّ ما يحتاجون من الكتب والمجلاّت والأشرطة الدينية وسائر مصادر العلم والمعرفة، وتهيئة ما يحتاجونه من المربّين والمبلّغين، والمدارس والحوزات العلمية.

ومما يبعث علي الأسف والأسي أنّ (الآخر اللاّديني) قد سبقنا في التفكير والتخطيط لهذا الأمر، حتي قيل إنّ الغربيين اليوم يخطّطون لبناء خمس وعشرين ألف مدرسة في أنحاء العراق كافّة، بمعني أن الخطّة الغربية بهذا الصدد ستستوعب حوالي خمسة ملايين طالب جلّهم من الشباب الشيعة بطبيعة الحال وبالطبع، فإنّ الغربيين لديهم من الإمكانات الماديّة ما يمكّنهم من تنفيذ هذه الخطّة الرهيبة!! فهل العراق عراقهم؟ أليس العراق عراق الإسلام وأهل البيت سلام الله عليهم وعراق الشيعة والمسلمين؟ ومن هو الأولي بإعماره؟

لا يتصوّر أحد أنّ العراقيّين عاجزون عن فعل

شيء حيال مستقبل بلادهم، فرغم أنّ أولئك الغربيين وأتباعهم لديهم إمكانات وأموال هائلة، إلا أنّ لدي العراقيين ما يفتقده أعداؤهم، وهو الاعتقاد الحقّ بأهل البيت سلام الله عليهم.

علينا أن نفعل ما نترجم به مسؤوليتنا تجاه العراق ونرسم طريقنا، بغضّ النظر عن هذا المتآمر أو ذاك، ولا نكفّ أيدينا من البناء والاعمار رغم علمنا بأنّ الغربيين بصدد تنفيذ مشروعهم التخريبي؛ عبر تجنيدهم مختلف أصناف الخبراء الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين والنفسيين وغيرهم للعمل في العراق، وإن كانوا يمنحونهم كما قيل المخصّصات والرواتب منذ الآن، بمعني أنهم قد استخدموهم رسمياً، ليكونوا علي كامل الاستعداد والتأهّب ليتمكّنوا من إرسالهم حينما يحين وقت الحاجة إليهم. فهل سيقوم هؤلاء ببناء المساجد والحوزات العلمية لشبابنا في العراق؟! لعلّنا نعلم مسبقاً طبيعة المشاريع المزمع إقامتها في العراق من قِبل الغربيين، الأمر الذي يحتمّ علينا كعراقيين أن لا نغفل كما غفلنا في السابق، ولا نكون طمعاً للسارقين.

ما كان لله ينمو

من كان مع الله كان الله معه، ومن كان الله تعالي معه، وكانت له جديّةٌ وإصرار علي العمل فلاشكّ أنه سينجح في عمله وينال الموفّقية، إذ إنّ ما كان لله ينمو. لا أقصد أن الطريق سهل معبَّد، وأنه لا وجود للمشاكل والعقبات والمتاعب، فبلدٌ كالعراق قد عاني عقوداً طويلة من العزل والبطش والإرهاب وما إلي ذلك، في ظلّ أعتي ديكتاتورية في العالم، وعاش الناس فيه دهراً في ظلام حالك، لا شكّ يكون مطوّقاً بأنواع الاحتياجات والنواقص.

فعراق اليوم بحاجة الي تظافر الجهود ومضاعفة العمل علي كلّ الأصعدة بدءاً من الكتب والمجلاّت الدينية، مروراً بإنشاء المدارس والحوزات العلمية، وإرسال الخطباء والمربّين والتوسعة في المستشفيات والمراكز الصحيّة والاجتماعية وغير ذلك. وهذا الأمر يُلزمنا بل يدفعنا إلي الإمساك بزمام المبادرة، والعمل بالمستوي

الرفيع من المسؤولية إزاء أسرنا وأصدقائنا وكلّ من يصادفنا، لضمان مستقبل العراق وشعبه.

لذا فمن الضروري أن يفكّر كلّ منّا في ما يستطيع أن يفعله بشأن مستقبل العراق. ولهذا الغرض يحدونا الأمل في إنشاء مجالس تعبويّة بغية دراسة الأوضاع، لتتولّد منها لجان ذات مهامّ وتخصّصات مختلفة، بحيث تغطّي احتياجات الشعب العراقي بكلّ شرائحه ولجميع مدنه. فلا يتكاسل طرف ما في عمله تحت مبرّر وجود جهات أخري قد تقوم أو قامت بتأسيس مراكز ولجان مشابهة، أو كون الآخرين قد يقومون بهذا العمل أو ذاك، لأنّه مهما خطّطنا وهيّأنا لمستقبل العراق، فهو لاشكّ أقلّ من الحاجة.

(قل كلٌّ يعمل علي شاكلته)

اُؤكّد علي الإخوة المؤمنين أن يبادروا إلي إنشاء لجان تتألّف ولو من شخصين أو أكثر، لتأخذ علي عاتقها مهمّة التخطيط وتهيئة الأموال اللازمة والعمل بسرعة. فالمهمّ للغاية أن لا تترك الساحة للجهات المنحرفة لأن تقوم بإعمار البلاد وفق ما تمليه عليها مصالحها البعيدة عن حاجة العراق الحقيقية، لأننا نحن الذين يجب أن نقوم بعملية الإعمار وإن لم نتصدّ لأداء ذلك، ستتكرّر علينا المصائب لثلاثين أو أربعين سنة أخري دون ريب.

إذاً؛ علي الجيل الحاضر أن لا يتأخّر في تقديم أيّة خدمة أو عمل يمكن أن يساهم به خدمة للأجيال القادمة، لئلاّ تعود ذات المشاكل وسوء الظروف عليه. ولا يغيب عن أذهاننا أنّ المؤمنين سيتقاطرون علي العراق للزيارة من شتي بقاع العالم، وسيكونون علي استعداد لتوظيف كثير من أنشطتهم في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والصحيّة في العراق.

ومن الجدير التنبّه إلي قضية مهمّة للغاية، وهي أنّ هناك الآلاف من شباب العراق في الوقت الحاضر يعانون العجز أو الصعوبة في تشكيل الأسر، لذا يلزم التفكير في حمل همّهم في هذا المجال، من خلال تأسيس لجان تسهيل

ودعم الزواج، دون التقاعس وانتظار الغربيين ليأتوا بالملاهي فيقيموا مراكز الانحلال والفساد. إذاً فنحن ملزمون بالإمساك بطرف الحبل والبدء بالعمل علي أسرع وجه. فلا ندع الآخرين من غربيين ووهّابيين يستلمون زمام المبادرة بهذا الشأن، لاسيّما وأنّ بعض التقارير تذكر أنّ الوهابيين بصدد إعداد الخطط والبرامج لمستقبل العراق، في محاولة مشتركة مع الغربيين لغزو العقل العراقي من نافذة الحرمان والفقر الذي أسّست له الديكتاتورية العفلقية، فعلينا أن لا نسمح من خلال نشاطاتنا وأداء مسؤولياتنا الجسام لهؤلاء بأن يصنعوا بالعراق خلافاً لما يريد الله تعالي والإسلام وأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم. وهذا يتطلّب منّا التحرّك والعمل الفوريّ والواعي، لأن البيوت بيوتنا، والأرض أرضنا، والأهل أهلنا.

والحمد لله ربّ العالمين.

پي نوشتها

() من أشعار الشهيد السيد حسن الشيرازي قدس سره.

() مقطع من دعاء الافتتاح المرويّ عن الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالي فرجه الشريف، انظر إقبال الأعمال لابن طاوس: 140.

() سورة الأعراف، الآية: 96.

() سورة طه، الآية: 124.

() سورة الشوري، الآية: 38.

() « … فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما» سورة البقرة، الآية: 233.

() التي تعني سلطة رأي الغالبية من الناس مع حفظ حقوق الأقلية وعدم اضطهادهم.

() عندما حلّ شهر رمضان المبارك في السنة الأولي من حكومة الإمام أمير المؤمنين نهي صلوات الله وسلامه عليه أن تصلّي النافلة في ليالي شهر رمضان المبارك جماعةً وأوصي بأن تصلَّي فرادي، كما سنّها رسول الله صلي الله عليه وآله، محتجّاً عليهم بقوله سلام الله عليه: إنه ما زال هناك من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله من يشهدون أنّه صلي الله عليه وآله جاء إلي المسجد الليلة الأولي من الشهر الكريم يريد أداء النافلة فاصطفَّ المسلمون للصلاة

خلفه فنهاهم وقال: هذه الصلاة لا تؤدَّي جماعة ثم ذهب إلي بيته للصلاة.

إلا أنّ أولئك الذين اعتادوا علي أدائها كذلك طيلة سنين لم يطيقوا منعها، فخرجوا في مظاهرات تطالب بإلغاء المنع، وكان شعارهم «واسنّة عمراه».

فماذا كان ردّ فعل الإمام سلام الله عليه؟

إنّه لم يقمع المظاهرة ولا استعمل العنف والقوّة ضدّهم، بل علي العكس من ذلك استجاب لمطالبهم ورفع قرار المنع الذي أصدره بحقّهم وسمح لهم بممارسة ما يريدون، إذ قال الإمام لابنه الحسن سلام الله عليه: قل لهم صلّوا.

روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنه قال: لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أمر الحسن بن علي سلام الله عليه أن ينادي في الناس: لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة. فنادي في الناس الحسن بن علي سلام الله عليه بما أمره أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن علي عليهما السلام، صاحوا: وا عمراه وا عمراه! فلمّا رجع الحسن إلي أمير المؤمنين عليه السلام، قال: ما هذا الصوت؟ … فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قل لهم صلّوا. تهذيب الأحكام: 3 / 70 ح 30.

() تهذيب الأحكام: 6/ 292، رقم 811.

() دراسات في الحديث والمحدثين: 25 26.

() بحار الأنوار: 50/ 5 ح7.

() سورة المائدة، الآية: 82.

() تفسير نور الثقلين: 4/ 237، رقم16 تفسير قوله تعالي: «النبيّ أولي بالمؤمنين من أنفسهم …» الآية: 6 من سورة الأحزاب.

() سورة الأنفال، الآية: 46.

() بحار الأنوار: 170، رقم8.

() سورة النساء، الآية: 128.

() مستدرك سفينة البحار: 4/ 169.

() راجع تاريخ الطبري، ج6.

() قال الإمام الصادق سلام الله عليه: «عليك بالأحداث، فإنّهم أسرع إلي كلّ خير». الكافي: 8/ 93، ح66.

() سورة الإسراء، الآية: 84.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.