قصة البدء

اشارة

الإمام الشهيد

السيد حسن الشيرازي

«قدس سره»

الطبعة الأولي

1419ه 1999م

مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5951 / 13 شوران

قصة البدء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

الرحمن الرحيم

مالك يوم الدين

إياك نعبد و إياك نستعين

اهدنا الصراط المستقيم

صراط الذين أنعمت عليهم

غير المغضوب عليهم

ولا الضالين

صدق الله العلي العظيم

كلمة الناشر

قصة البدء.. هي قصة الخلق.. وقصة الخلق هي معرفة الخالق.. ووعي المخلوق الإنسان المكرَّم لغاية الخلق، ولماذا هو تكرَّم؟

فهذا بمجمله غيب معظّم.. وسرّ من أسرار الوجود المكرّم.. لم يعطَ أحد دقائقه إلا لمن هو أعظم..

وأعظم خلق الله طرّاً هو العابد الحقيقي للذي علّم الانسان ما لم يعلم.. بل أوحي وألهم.. الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وآله وسلم).. المقرّب إلي حيث سدرة المنتهي، فبلغ قاب قوسين أو أدني، فأوحي الجليل إليه ما أوحي، وما كذب فؤاد ذلك العبد حاشاه ما رأي، ورأي من آيات ربّه الكبري.. فسبحان الذي بعبده المعظَّم أسري..

وفقه بدء الكون هو فقه غايته.. وبما أن النهاية بين جنة وارفة أو نار لاهبة وكلاهما غيب بلا شك.. كذلك قصة بدء الخلق هو غيب من غيب الله إلا أنه تعالي أعطي إشارات في كتابه المجيد وألهم قلوب الأصفياء: محمد وآله الأولياء (عليهم السلام) من علوم بدء التكوين ما دوّخ العقول وحيّر الألباب.. فخرجت منهم رشحات قدسية، وإشعاعات نورانية، ونفحات روحانية، إلتقطها وأحس بها أصحاب الدرجات الرفيعة عقلاً وعلماً وروحانية..

وسماحة السيد الشهيد (قدس سره) كان من أولئك الذين قرأوا تلك الآيات والأحاديث.. فاستفاد منها بعض الدقائق، ولاحت له بعض الحقائق.. فراح يسلسل الأحداث شعراً عذباً، سهلاً ممتنعاً.. فهو عميق المعاني والدلالات عمق الحقيقة والزمن..

مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر

بيروت لبنان، ص. ب: 5951 / 13

المقدمة

شعر ذو أبعاد عن عظيم ذي أبعاد.. يشكل بعده الشعري أقصر أبعاده، علي الرغم من استطالته حتي علي الشمس.

أو ليس كل مميزات هذا الشعر: تسجيل الشعور الواقع، ممارسة الأدب المتقدم، وتحليل الإسلام السهل الممتنع بالشكل السهل الممتنع.

وربما يكون فحوي رسالة الشعر، في دعاء الشعراء المسلمين الي:

تفهم الاسلام علي حقيقته..

وعرضه علي حقيقته..

في

ثوب عصري جميل..

يضاهي جماله جمال الإسلام..

وتواكب عصرنته حيوية الإسلام السرمدية.

وأخيراً: معرفة هذا الشعر لا تكون الا عبر قراءته قراءة متأملة وخبيرة.

أما الشاعر: فلا يكشف عن كل أبعاده الا بعد انكشاف كل لحظات حياته المفعمة، وذلك: ما تكون في وسع مجلدات ضخمة عديدة فقط.

وأية محاولة أخري بهذا الصدد تذهب هدراً من دون نتيجة مرجوة..

ملحوظة

تقول القرائن: إنّ الإمام الشهيد كان قد عزم علي صنع ملحمة شعرية تستجلي تفاصيل مراحل إبداع الكون، والإنسان.. وما يتعلق بهما من ملابسات، وتطوّرات، وردود فعل..

وتقول الحقائق: إنّه لم يتمكن بسبب ثقل وتكاثر الأعباء الملقاة علي عاتقه من تنفيذ ما كان قد عزم علي إخراجه، ما عدا اليسير الذي يعاني الكثير من التشتّت وعدم الانسجام.

ويقول المنسّق: بالرغم من القلّة.. ومن التشتّت.. فإنّ المجموعة الشعرية الحاضرة، تمثل آيةً في الإبداع الشعريّ.. ووثيقةً ولو غير متكاملة ومتشتّتة عن الإبداع الإلهي..

والمجموعة هي القضيّة المطروحة..

والقارئ هو الحكم الحق..

والشعراء الإٍسلاميون هم الذين سوف يكملون المشوار..

بإذن الله تعالي.

المنسِّق

قصّة البدء

كان نوراً.. في قبضة الله يجري

نقطةً.. أرصدت بها الأشياءُ

فإذا النقطة = البداية طالت

ألِفاً.. ثمّ: كان منها الباءُ

واْحتوت جاذبيّة النقطة ال

حرف، فأجرته في مداها الولاءُ

فإذا الحرف صار دائرة ال

إيجابِ.. والسلب نقطة صمّاءُ

وبفعل الأرقام.. والأحرفِ.. والنقطةِ..

والدائراتِ.. كان الضياءُ

واْستمرّ الضياء يجري خيوطاً

وتلاقت خيوطها البيضاءُ

وتوالت تفاعلات خيوط ال

ضوءِ.. حتّي اْستبان منها الهباءُ

والهباءات واصلت رحلةً

عبر اْنفعالاتها.. فكان الماءُ

يومها: كان عرش ربّك ماءً

وبفعل الضياء كان الهواءُ

واْستبدّ الهواء بالماء موجاً

إن ترامي يفرّ منه الفضاءُ

وإذا دمدمت جبابرة الأمواج

فالكون في السفوح غثاءُ

وترامت من أملاحها وهيْ آلاف

المجرّات زبدة دكناءُ

واتّقتها عبر المدارات ذرّاتٌ

إليها تناهت الأضواءُ

واْحتوتها محاور الجاذبيّات

فدارت، فكان منها السماءُ

وتوالت علي السماء من الذرّات

أضعافٌ بها تمّ للسماء غطاءُ

وبفعل التحرّك الدائم اْنشقّت

وطارت ألواحها الفيحاءُ

وتلاقت ألواحها في مدارٍ

فوقها.. فهيْ والسماء سواءُ

هكذا.. هكذا.. إلي أن تناهت

قصّة البدء.. واْستقام البناءُ

كينونة الإنسان الأوّل

إحملي فكرة السنا.. يا سماءُ!

كرة الأرض بعدُ ثلجٌ.. وماءُ..

آدمٌ بعدُ ما اْحتواه البلاءُ

فهوَ كالنور صفحةٌ.. بيضاءُ..

لم تنازعه بعدُ إغراء حوّا

ءَ.. ولم ترتطم به الأخطاءُ

صفوة الله، فيه: كلّ سجايا

ملكوت السماءِ.. والأسماءُ..

كعبة الله، فالسجود له تج

ربةٌ.. ميّزت بها الفرقاءُ

نفخ الله روحه في كيانٍ

أبجديّاته: ترابٌ.. وماءُ..

نفخ الله نفخةً سمّيتْ: رو

حاً، بها: الروحُ.. والهدي.. والرجاءُ..

فغدا محور اْلتقاءٍ، تنادي

في مداه الغبراءُ.. والخضراءُ..

وهْو في سكرة التململِ.. ما اْن

قادتْ ولا اْستحكمتْ به الأعضاءُ

إنّه قبل كلّ شيءٍ.. وفيما

بعد.. إمّا هديً.. وإمّا غثاءُ..

فجميع المخطّطات تعاني

نقطةَ البدء، حيث يسري البداءُ

وجميع التطوّرات اْحتما

لاتٌ، وكلّ التوقّعات هواءُ

شجر الخلد لم يسوِّل لِأِبلي

س، ولا سمّمت به الرقطاءُ

وبنو الجانِّ اْستفاقوا علي الا

آثام، فاْجتاحهم جميعاً وباءُ

وأُبيدوا كأنّهم لم يكونوا

فهمُ اْليوم فكرةٌ.. سوداءُ..

لوَّثوا اْلأرض بالذنوب، فضجّتْ،

واْشتكتْ منهمو، وطاف النداءُ:

إنّني أُمُّكم، فلا تهنوني

بالمعاصي، يا أيّها الأبناءُ!

قدِّسوني، فمن رحابي نهضتم

وإلي صدري الرحيم اْنتهاءُ

يلقط الجائعون أفلاذ قلبي

وبفيض العيون يروي الظماءُ

لا تتيهوا، فمن دمي كلّ شيءٍ

منه كنتم.. وكانت الأشياءُ..

أنا جسر السماءِ،

في معملي تب

ني قصورٌ.. وتقتني حوراءُ..

إنّني مسجدٌ.. أطوف علي ال

أجواءِ، حتي تحجّني الأجواءُ

ورآهُ إبليسُ، فاْرتاع منهُ

هيكلاً.. وهو طينةٌ جوفاءُ

ورماها برجله، فأطنّت،

فانزوي أن تصيبه ضرّاءُ

وجري في عروقه، فإِذا أج

هزةٌ.. مجهريّةٌ.. صمّاءُ..

وإذا مرّ عنده ترجمت غير

ته منه نظرةٌ.. حمراءُ..

قائلاً للملاك: إنّ لهذا الط

ين شأناً، وشأنه اْستيلاءُ

إنّ هذا الخلق المعقَّد يبدو

سيّداً، منه للجليل اْنتماءُ

ورآهُ الأملاك، فاكتتموا السرَّ

وهم في التحفّظات سواءُ

كظموا قشعريرة الخوف من أن

يتعالي، فهزّهم كبرياءُ

وتوالت تساؤلاتٌ.. غضابٌ..

واْحتوتهم مشاعرٌ دكناءُ:

أوَ هل تنقل السيادة لل

إنسِ؟ وماذا لو يُبعث الأنبياءُ؟

نتولاّهمو.. ومن قبل كنّا؟

ويولّوننا.. ومن بعد جاؤوا؟

سبقونا.. بأنّهم حصفاءُ؟

ولحقنا.. لأنّنا حنفاءُ؟

فإِذن: غيرة الضرائر ليست

بدعةً.. بل روايةٌ حسناءُ

ثمّ: ماذا تعني الخلافة إلاّ

سلفاً يستطيله خلفاءُ؟

أوَ تزكو هويّة الخلف الطا

لعِ؟ أم مثل ندِّه رعناءُ؟

ثمّ: سيّانِ أو نقيضانِ؟؟ هل في

كلّ هذي التطورّات رجاءُ؟

أوَ يقضي علي الخلائق حتّي

تتأتّي خلائقٌ نظراءُ؟

فلماذا هذي الإبادة والإ

يجاد، والكلّ عنده قرناءُ؟

ويصكّ الأسماع: إنِّي أنا

الله، وفي الأرض يلتقي فرقاءُ

أُسجدوا أجمعين للطين، فالطين

إذا شعّ فيه منّي ضياءُ

سوف يغدو مشكاة نوري، ومهما

كان أصل المشكاة فهْو وعاءُ

وَهي إيماءة السماءِ إلي ال

أرض، وبالأرض تعرف الإيماءُ

فمن الأرض يصدر الصوت بكراً

والسماوات كلّها أصداءُ

وخطوط الإنسان اْجتهادا

تٌ، وخطّ الملائكِ الإقتداءُ

فاْشرأبَّ الأملاك: سبحانك اللّهمّ!

هذا الخلق الجديد غثاءُ

ينشر الويل مثل زوبعة النا

رِ، ويطغي علي الربيع وباءُ

وإذا ما اْتّخذته للتسابيح

فإِنّا عبادك الخلصاء

واتي الوحي للملائك تحجيماً

فمنحي التطاول الاحتواء

قال: أدري ما تكتمون وما تبد

ونَ.. فالسرُّ في رحابي دعاءُ

أتخافون أن يولّوا عليكم؟

لا تخافوا.. فإنّهم أولياءُ

يجتليهم: محمّدٌ.. وعليٌّ..

والحسينانِ.. والسني الزهراءُ..

يجتليهم: محمّدٌ.. وعليٌّ..

والحسينانِ.. والسني الزهراءُ..

منهم اْستأذن الوجود وهم نو

رٌ فكان المرئيُّ.. والمارواءُ..

وتعلّمتم التسابيح منهم

وبهم عنكم اْنجلي الظلماءُ

وجري النور صدمةً.. فإِذا ال

طين خلايا.. وأعظمٌ.. ودماءُ

وإذا آدمٌ يفيقُ.. فيهتزُّ

عطاساً.. ويستقيم البناءُ..

وإذا بالعطاس يفتح مجري

الدم في جسمهِ.. ويأتي الثناءُ..

إحمد الله قال فاْفتتح ال

دنيا، فباْلحمد يحسن الإِبتداءُ

وتهاوي الأملاك لله شكراً

أن أتتهم قيادةٌ..

غرّاءُ..

غير إبليس، كان من معدن ال

أرضِ.. وسارت علي هواه القضاءُ..

وهْو منذ القديم يعلم: أنّ ال

أرض تحدو السماءَ.. وهْي هباءُ..

ويري: أنّه هو القائِد ال

أعلي.. وعنه ستصدر الآراءُ..

وإذا الأرض رشّحت قائِداً أح

نَت له الظهر للسجود السماءُ

فأبي الاعتراف بالندِّ.. بحثاً

عن مطبٍّ له به إقصاءُ

في مهبِّ التدافع الإجتماعيِّ..

وفي عقدة الكمالِ.. اْنتهاءُ

وهْو لمّا رآهُ في مركزٍ طال

التحدِّي له، وطال العناءُ

فضَّل الانتحارَ.. فليكن ال

إعصارُ.. وليسحق الجميع الفناءُ..

قال: إنّي نارٌ.. وهذا ترابٌ..

واْنهيار المعادلات جفاءُ

وتناسي: أنّ التراب لباسٌ

وهْو من نور ربّه لألاءُ

غضبة الله

إخسأ.. فقد ضيّعتَ في الأهواء قربي

فسللتُ منك أصابعي، فنسيتَ دربي

وسقطتَ في كرة التراب ترابةً

تدعو السماء إلي السقوط علي المطبّ

أنا قد أمرتك، عارفاً مالي.. وما بي..

سيّان ما تبدي هديً.. وهويً تخبّي..

أنا قد أمرتك عارفاً، فاْسمع لأمري

ودع التكبّر.. فالتّواضع نهج سربي

وأري اْنقلابات الوساوس في الغوي

وتجمَّع الأحلام في ملأ المصبِّ

وأراك عاصفةً.. تهبّ علي المدي

وتريد إغوائي بتسويلات حبِّي

عصيان آدم

تلك أولي تجارب الخلق تروي

عظةً.. لا لأنّها نكراءُ

فلنا كلّ ساعةٍ ألف ذنبٍ

في لظاه الجحيم ثلجٌ.. وماءُ..

أغنية الشيطان

أنا ما تعوّدت السجود لغير ربّي

وعرفتُ آدمَ.. حفنةً من كلّ ذنبِ

ورأيت تكريسي لأيٍّ كان.. ذُ

لاً، بعد تكريس الملائكِ في مهبِّي

فرفضتهُ، وحسبتُ تاريخي.. وكلَّ

معادلاتي.. سوف تشفع في المطبِّ

وعرضتُ لله السجودَ طوالَ عمر النا

سِ، حتي لو تطاول ألف حقبِ

فإذا بطاووس الملائكِ صار طا

غوتاً.. يعقِّد بالجريمة كلَّ رحبِ

وإذا مربِّي عالم الملكوت شي

طاناً.. مهمّته معارضة المربِّي

وإذا الحقيقة تنسف اللعب الذكيّ

ة، والصدي في كلِّ حنجرةٍ وقلبِ:

أُخرج رجيماً من رحاب القدسِ..

واْستقطب رؤي الإِغراءِ.. واْستنفر لحربي

فخرجتُ مطروداً.. تدمدم فوقيَ الدّ

نيا.. وأعلنت السماء سقوط قطبي

فعرفتُ أنّ الله لا يغوي.. وما

يمليه ربّي غير ما يمليه حُبِّي

فأنا.. أنا.. إبليس من ذنبٍ.. فمن

أنتم، وأنتم حفنة من كلِّ ذنبِ؟!

اعتذار آدم

أنا.. ما صبوتُ، ولا تصوّرت التصبّي

فعلي عبير المكرمات فرشت دربي

وزحمت أجواء التحدّي في الصرا

ع علي الصلاحيّاتِ.. في وهج التنبّي..

من حين عارضت الملائكةُ الخلا

فةَ، واْحتوي الشيطانَ سلبيّاتُ قربي

وقد اْصطفاني اللهُ منطلق القيا

دة، عبر كلّ رسالةٍ.. وبكلّ حقبِ..

واْختارني عبر التحدِّي قبلة ال

ملأِ المقدَّس، واْمتلأت بروح ربِّي

نخبي ينابيع الرسالةِ.. والولا

يةِ.. فالشموس تشعّ من قطرات نخبي

والعصمة الكبري تسدِّد أبجدي

ات المسرة، في مداراتي.. وقطبي..

وعلمت: أنّ الله يعصمني، ولا

يغتال بالإِهمال في الصبوات حبِّي

وظننت: أنّ الله لا يُعصي، ولا

يرضي بتصنيف اْسمه قسماً لكذبِ

وعرفت في الرقطاء: حيواناً.. بري

ئاً.. لا مصالح عنده تدعو لريبِ

وحسبت: أنّ الخلد مقصودٌ.. وأنّ

الموت مرصودٌ.. وخلت الخلد حسبي

ورأيت: أنّ الموت سلبٌ.. سرمدٌ..

فإِذا اْنتصرت فإِنَّني غالبت سلبي

والله كرَّهَ لي.. ولم يطلق مفا

هيم المناهي مثل: تحريم.. وذنبِ..

ورأيت: حوّاءَ اْستطالت، ثمّ: عا

دت، دون تصفيةٍ.. وتنحيةٍ.. وكربِ..

وخشيت: تجربة الفناءِ.. وخلت: تج

ربة البقاءِ بجرعة التفّاح إربي

فأكلته.. متأكِّداً: أنِّي مدي الآ

باد أُخلد في الجنانِ.. بدون ريبِ

ولو اْكتشفت بأنَّني وجميع أبنا

ئِي نساق لكلّ محرقةٍ.. وحربِ..

وتهيج ويلات الحياة بنا.. وتغ

شي النار مليارات أجناسٍ بصلبي

أضربتُ عن كلّ الحبوب، وإن يكن

فيها الخلودُ.. وإن

تكن حبّات قلبي..

فأنا بذنبٍ لم أجرّبه اْرتطم

ت بوصمةٍ عصفت بخلفيّات شعبي

فسقطت في مستنقع الدنيا، أقبِّل

خنجر العتبي، وأقبل أيّ نحبِ

فإلي مَ تنقلبون يا أبنائيَ ال

متورِّطين! بكلّ تجربةٍ..ودربِ..؟!

هابيل وقابيل

وقف النيل في شموخ السماءِ

والحضارات تلتظي خفراتِ

واْنتهت لعبة اْختلاط المزايا

واْنتهت مسرحيّة الشبهاتِ

واْنتهي الفرز في السجايا.. وفي ال

أفرادِ.. فالكلّ في محكِّ القضاةِ

صارت الأرض كلّها شرحاتِ

وجميع البلاد مختبراتِ

والتجاريب تقذف الكلّ في ال

فرن لتفجير طاقة الذرّاتِ

فإِذا الخير يستجير بذاتٍ

وإذا الشرّ يستجير بذاتِ

وتحدّي هابيل بالحسناتِ

وتحدّي قابيل بالسيئاتِ

وقضت حكمة السماء بتقديم ال

ضحايا.. كأفضل القرباتِ

وقبول السماء قبّة نارٍ

تحرق الموبقات في الصدقاتِ

وإذا رُدّت الضحيّة تبقي

طعمةً للترابِ.. والحشراتِ..

فإذا كان يوم عيدٍ، وأضحوا

ينقون النعاج للتضحياتِ

فلهابيل أفضل النعجاتِ

ولقابيل أسوء السنبلاتِ

وهوي النجم فوق قربان ها

بيلَ.. وأبقي قابيلَ في حسراتِ

وبوقت الزواج، جائت إلي ها

بيلَ حوريّةٌ من الجَنّاتِ

وبحكم الجناس، جائت إلي قا

بيلَ جنّيّةٌ من الجِنّاتِ

فالكفاءات تستدرّ العطايا

لقياس الهبات بالمعطياتِ

وسليل التراب في الخلق يبقي

حاكياً أصله.. بلا قفزاتِ

فسليل السماء يبقي سماءً

في جميع الصلاتِ.. والصلواتِ..

وسليل التراب يبقي تراباً

في جميع الشؤونِ.. والحالاتِ..

فاْستشاط التراب غيظاً: لماذا

يقتضي العدل أن أُساوي بذاتي؟

ولماذا أنا.. أنا.. في السِماتِ؟

ولماذا أخي.. أخي.. في السِماتِ؟

ولماذا السماء تبقي سماءً؟

ولماذا النجوم فوق الحصاةِ؟

رغباتي معادلات تسود ال

كونَ.. فالكون جاء من رغباتي

إنّني أرفض السماوات فوقي

فالسماوات حافلات رفاتي

وإذا لم تكن إرادتيَ العليا

فخير من الحياة مماتي

فحياتي إرادتي.. وإذا ما

رفضتها رأيت رفض حياتي

وغداً عندما يموت أبونا

تتولّي عليَّ ستُّ الجهاتِ

فسأروي خناجري بدمائي

وأهدّ الجبال من صرخاتي

وحياة لا تستقطب الكونَ فال

أحري بها أن تذوب في الزفراتِ

فالخبيثاتُ للخبيثينَ.. عدلٌ

وكذا: الطيّبون للطيّباتِ

وأخي! يا أعزَّ منّي علي نفسي!

وخيرَ الإِخوانِ.. والأخواتِ..!

رغم أنّي أراك لحن بطولاتي..

ونهر الفولاذ في عضلاتي..

سأواريك في التّرابِ.. لذنبٍ

معه لا أطيق ستر شكاتي

وهْو: أنّي أراك فوق مداراتي..

حويت الحياة بالمعجزاتِ..

ونقلت الجنان ممّا وراء العرش

للأرضِ، في رؤي الملكاتِ..

وفتحت السماء حتّي فتنت ال

حور تهفو إليك كالصلواتِ..

ودعوت الشهاب يرفع قربا

نك،

فاْنقضّ نحوه كالبزاةِ..

وأنا.. ليس لي مجاراة سلطا

نك إلاّ في عالم الأمنياتِ

وإذا كان قتلك اليوم مكرو

هاً.. ففيه مدي الحياة نجاتي

إنّني إن أزحتك اليوم عن

دربي أشقّ الطريق للنيّراتِ

قال هابيل: يا شقيقي! أراك ال

يوم تجتاز أسوء العقباتِ

فصعاب الحياة تدقع للأعلي

وتردي مصاعب الشهواتِ

وإذا اْنهارت الفضائل، تبقي

صفحات التاريخ مستنقعاتِ

أحرف النور تنزوي، فتغنّي

أحرف النار رعشة الكلماتِ

وجهاد النفوس بالعقل أقسي

من جهاد الأعداء بالقاصفاتِ

فالملذّاتُ.. مرسلات المآسي

والمواويلُ.. فرقعات هناتِ

وشروق الصباحِ.. ضحكة ليلٍ

شدّ قوّاته علي الجبهاتِ

ضربات المخاض للأمّ قالت:

ضحكة الطفل عفطة المأساتِ

دمعة الفجر وهْو يجتاح ليلاً

نقطة البدء في مصير الغزاتِ

واْنهيارات جبهة الشيخ.. أص

داء الشباب الملغوم بالنزوَاتِ

واْنفجارات مقلة الشمس تروي

فرقعات الحروق في الصبواتِ

طالما آدمٌ بكي، فسيبكي

كلّ أبنائه الهنا.. والهناتِ..

أنا.. لا أختشي الشهادة، لكن

أختشي أن تكون رأس الجناةِ

وإذا شئت مقتلاً.. هاك نحري

أو قناةً.. فخذ إليك قناتي

وإذا شئت أن تبوء بإِثمي

فستجني مجامع اللعناتِ

فمن الأخريات قافلة الأجيال

محسوبة علي الأولياتِ

ومن الأوليات من سنّ شيئاً

فله مثله إلي الأخرياتِ

وإذا ما مددت كفّك بالموت

فإنّي أمدّها بهباتِ

واْنتشت ضربةٌ علي رأس ها

بيلَ.. مضت في بنيهما مثلاتِ

وجرت سنّة التطوّر فيها

فهيْ كلّ الحروبِ.. والغاراتِ..

فدمٌ كان نقطة البدء في التا

ريخ، يبقي لآخر الصفحاتِ

واْستمرّت كأنّها سنّة الكون

فأحصت بنيه بالضرباتِ

وسرت موجة من العنف في ال

دنيا.. تلفّ الجميع بالكرباتِ

وانطوت سنّة الوفاة بحتف ال

أنفِ.. فالقتل سنّة للوفاةِ

واْستبيح الدم البريء، فأضحت

أحرف الثأر شحنة الحركاتِ

وأبت حكمة التراب اْمتصاص ال

دم.. حتّي توجِّه الثوراتِ

وأعيد الحوار بالدم، فالخير

نزيف في قبضة الأزماتِ

وسيبقي الصراع مغزي حياةٍ

وسيبقي السلام فحوي سماتِ

وستبقي الحروب رمز حياة ال

ناسِ.. والسلم سنّة الأمواتِ..

إنّها نزعة التراب، فمشتقّاته

لا تخون في النزعاتِ

وإذا كنت خير ما اْشتقّ منه

ستساويه في جميع الصفاتِ

فبنوا آدمَ اْمتدادٌ.. دقيقٌ..

لبني الجانِّ العناةِ.. الطغاتِ..

فوحول تقولبت قنواتٍ

ستصبّ الوحول في القنواتِ

ومشت رعدة الجريمة في قا

بيل.. تجتاح ردّة العاطفاتِ

واْعتراه الذهول: كيف يواري

قصةً تستعاد كاللحظاتِ؟!

فاْنتصاب الجلاّد وقفة ذعرٍ

وسقوط الشهيد برد سباةِ

وسيروي

الحيوان حشرجة ال

إنسان، حتّي الغربان في حشرجاتِ

وتولّي الغراب دفن أخيهِ

وهْو يرنو إليهما.. في ثباتِ

أيكون الإنسان تلميذ حيوانٍ

ويرجو سيادة الكائناتِ؟!

ومشي آدمٌ علي إثر هابيل

يجوب الفلاة إثر الفلاةِ

وتولّت جهنّم الشمس قابيلَ

إلي أن يساق للدركاتِ

واْحتوت رحمة السماوات ها

بيلَ.. إلي أن يُزَفَّ للدرجاتِ

واْستمرّا.. فكلّ فرد علي الأرض

يحاكي من شاءَ.. في الأزماتِ

يبس الصبح في يد المعصراتِ

يا رفات الصلاة في السبحاتِ!

يبس الصبح، فالسحاب يرشّ ال

دمَ.. والفجر مصدر الظلماتِ..

وجري الشوك في شرايين نيسان

وتاه العبير في الويلاتِ..

فتحت صفحة الطغاة، فغطّت

ملصقات الدماء وجه الحياتِ

وأعاد الخليفة السلف العائد

فالطين عاد في مرّاتِ

[رجوع للقائمة]

پي نوشت

- إشارة إلي ما روي في ذلك عن أهل البيت (عليهم السلام) في علل الشرائع، وتفسير العياشي وغيرهما، فراجع.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.