أجوبة المسائل العقائدية

اشارة

اسم الكتاب: أجوبة المسائل العقائدية

المؤلف: حسيني شيرازي، صادق

الموضوع: عقائد

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: ياس الزهراء

مكان الطبع: قم

تاريخ الطبع: 1429 ه. ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ

وَصلّي اللهُ علي محمدٍ وَآلهِ الطيّبينَ الطاهرينَ

وَاللعنُ الدائمُ علي أعدائهمْ أجمعينَ إلي قيام يوم الدينْ

كلمة المؤسسة

تتعرض أمتنا الإسلامية اليوم لغزو ثقافي هو الأشدّ من نوعه علي مرّ التاريخ، والمستهدف فيه بالدرجة الأولي العقيدة الإسلامية الأصيلة، ويتّضح ذلك من حجم الشبهات وكيفية التساؤلات المثارة في وجه الشباب، حول الإسلام وحول المذهب الحق: مذهب أهل البيت الذين وصفهم الله تعالي بالعصمة، ومدحهم في كتابه في قوله سبحانه: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا? الأمر الذي يحمّل المؤمنين العاملين مسؤولية مضاعفة للوقوف في وجه هذه المحاولات اليائسة والتصدّي لها، ولا يتحقق ذلك من دون اكتساب المعرفة الصحيحة، ولا تتسنّي المعرفة الصحيحة إلا بالرجوع إلي علماء الدين الواعين الذين يمثلون الامتداد الشرعي لأئمة الهدي وأعلام الدين.

انطلاقاً من هذه المسؤولية الكبري ومساهمة في بناء الشباب المسلم وتحصينه عقائدياً ضد ما يثار من شبهات حول عقيدته الحقة، قمنا في مؤسسة الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله الثقافية بتنسيق ونشر المجموعة الأولي من الأسئلة العقائدية التي أجاب عنها مكتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه تحت عنوان «أجوبة المسائل العقائدية»، سائلين العليّ القدير أن يتقبّله منا وأن يوفّقنا لتقديم المزيد وإصدار مجموعات أخري وأن ينتفع به الشباب المؤمن، إنه سميع مجيب.

المقدمة

خلق الله تعالي الكون وسخره للإنسان، وخلق الإنسان ليرحمه في الدنيا بالسعادة والهناء، وفي الآخرة بالنعيم والجنة، ومن أهم العوامل الموجبة للرحمة: معرفة الإنسان خالقه ومعرفة وظائفه تجاه خالقه.

وحيث إن معرفته تعالي ومعرفة أحكامه، لا تتيسّر للإنسان إلا بوجود الأنبياء وأوصيائهم، أرسل الله سبحانه الأنبياء وعيّن لهم الأوصياء استمراراً للرسالات ومواصلة لإكمال معرفة الإنسان بالله وبالوظائف التي لله عليه.

ثم إن الله سبحانه قرن معرفتهم بمعرفته، وولايتهم بولايته، إذ بمعرفتهم تتم معرفة الله وبولايتهم تَثْبتُ

ولاية الله، ولما كان نبينا صلي الله عليه و اله سيد الأنبياء ووصيه أمير المؤمنين علي عليه السلام سيد الأوصياء، يجمعان كمالات سائر الأنبياء والأوصياء ويحوزان درجاتهم ومقاماتهم مع مالهما من الفضل عليهم، وكان كل منهما بنصّ القرآن الحكيم نفس الآخر، صح أن ينسب إلي كلّ واحد منهما من الفضل والكرامة ما ينسب إلي جميع الأنبياء والأوصياء، ولم يقتصر ذلك عليهما بل شمل الأئمة المعصومين من نسلهما، فقد ذكر القرآن الحكيم وهتف في هذا المجال وقال بان ذلك جارٍ أيضاً في ذريتهما المعصومين: ?ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ?، وقد أوجب الله تعالي علينا مودتهم وطاعتهم في قوله سبحانه: ?قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي? وفرض علينا ولايتهم ومتابعتهم بقوله عز وجل: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?.

السيد مهند صالح الحسيني الحديدي

الحوزة العلميّة / قم المقدسة

المدخل

قبل البدء باستعراض الأسئلة وأجوبتها في هذا الكتاب رأينا من الأفضل أن نتعرّض لتوضيح بعض ما جاء في هذا الكتاب من المباحث العقائدية المرتبطة بموضوعات الأسئلة الموجودة بين أيدينا مِن أبواب التوحيد والعدل والنبوة والنبي، وكذلك أبواب الإمامة والإمام والمعاد، وذكر شيء من الأدلة والنصوص الدالة تصريحاً أو تلويحاً عليها، آخذين بنظر الاعتبار الاختصار المطلوب بعدم ذكرنا لجميع الجوانب في المباحث المطروحة ومن الله التوفيق والسداد.

المبحث الأوّل التوحيد

التوحيد: كلمة لها معني إن أخطأ المرء في تشخيصه خرج من ربقة الإيمان إلي الكفر، لذا فهي من أدق الكلمات التي لابد من التعامل معها، وعندما مراجعة تاريخ التعامل مع هذه الكلمة المقدسة نجد أن المسلمين كانوا يلجؤون إلي مصدرين في بيانها وتعريفها هما في حقيقتهما واحد؛ القرآن وأهل البيت المعصومين.

يقول الله تعالي في كتابه الكريم في معني التوحيد: ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ? و?وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ? و?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ?، فالتوحيد في الآية الأولي والثانية لا يعني أنه واحد في باب الأعداد أو يريد به النوع من الجنس وإنما الواحد الذي ليسَ لهُ في الأشياء شبه وهو ما أشارت إليه الآية الثالثة.

وأما ما ورد في أحاديث الأئمة المعصومين فكثير نختار منه ما في نهج البلاغة في الخطبة مائة وستة وثمانون في التوحيد، قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:

«ما وحده من كيفه، ولا حقيقته أحاب من مثله. ولا إياه عني من شبهه ولا حمدهُ من أشار إليه وتوهمه … ».

ومنه ما روي بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام عن التوحيد، فأجاب: « … أما التوحيد فأن لا تجوّز علي ربّكَ ما جاز عليك … ».

وهناك من الآيات والروايات الكثيرة التي عرّفت التوحيد وبيّنه لم تأت هنا مناسبةً للمقام الذي يقتضي الاختصار.

وكل

ما ورد اليوم من كلام العلماء في التوحيد من أنه ليسَ بجسم ولا عرض ولا جوهر وغير مركب وليس بين ذاته وصفاته اثنينية ولا شريك له ولا ند ولا يشبهه أحد ولا شيء إنما هو مستقي من تلك الآيات والروايات الشريفة وخلاصة القول:

التوحيد يعني أن الله واحدً أحد ليس كمثله شيء ولا يتوهمه المتوهمون لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ليسَ له شريك في الملك ولا كيف ولا حد، فالتوحيد جامع لكل هذه الجوانب، ومن عرفها وصدق بها بأكمل التصديق فقد وحد الله تعالي يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكما التصديق به توحيده.

المبحث الثاني العدل

العدل: يعني إن الله لا يظلم أحداً، ولا يكلف أحداً ما لا يطيق، لا يجور في قضائه، ولا يحيف في حكمه، ولا يخلّ بواجب، ولا يفعل قبيحاً، يثيب المطيعين ولا ينقصهم شيئاً، ويعاقب العاصين بلا زيادة شيء، وله أن يعفو عن كثير.

ويدل عليه العقل لأن الظلم قبيح عقلاً، والله منزّه عن فعل القبيح، وهو محالٌ علي الله عز وجل، فثبت له العدل.

ويعرف العدل بتعاريف عديدة منها:

«وضع الشيء في موضعه» و «إعطاء كل ذي حق حقه» و «العدل يعني الإنصاف» وغيرها من التعاريف التي استندت إلي القرآن الكريم والروايات الشريفة.

المبحث الثالث النبوّة

المبحث الثالث النبوّة

النبوة هي: سفارة بين الله وبين خلقه لهداية أمر معاشهم ومعادهم ويكون فيها بحثان:

البحث الأول: النبوّة العامّة، وهو بحث عن أصل النبوة، ويعمّ كل الأنبياء من النبي آدم عليه السلام حتي النبي الخاتم صلي الله عليه و اله مِن دون تخصيص بنبيٍّ معين، ويدور البحث فيه عن أمور أربعة:

1. البحث عن حسن البعثة ولزومها.

2. الطرق التي يعرف بها النبي الصادق من المدعي الكاذب.

3. الوسيلة التي يتلقّي بها النبي تعاليمه من السماء.

4. صفات النبي وخصائصه التي تميّزه عن غير النبي.

ونحن نكتفي هنا ببيان الأمر الأول وهو: جهة حسن البعثة ولزومها، فإنه لا شك في أنّ الإنسان مدني الطبع، ولا يستطيع أن يعيش منفرداً، بل يحتاج إلي حياة اجتماعية، ومن المعلوم: أن المجتمع لا ينتظم إلا بوجود قانون كامل وشامل يلمّ بكل جوانب الإنسان و يهتم بنظم حياته الفردية والاجتماعية، والقانون الكامل والشامل لا يكون إلا من خبير محيط بالإنسان وبمتطلباته الجسمية والروحية، ونزعاته الفردية والاجتماعية، وذلك لا يكون إلا الله تعالي خالق الإنسان، كما قال سبحانه: ?أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ?، فإذا كان استقرار الحياة الاجتماعية وانتظامها متوقفاً علي التقنين الإلهي، وبعد تقنينه وصوله إلي الإنسان، فلابد من إيصاله إليهم عبر واحد منهم وهُوَ النبي فيكون المؤدي عن الله سبحانه، والمبلّغ إليهم قانونه توضيحاً وتطبيقاً.

وعليه: فيكون بعث الأنبياء واجب علي الله سبحانه عقلاً حفظاً للنظام ومصداقاً للّطف. ?لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ?.

البحث الثاني: النبوة الخاصة، وهو بحث في خصوص نبوة النبي الخاتم وأشرف وُلد آدم نبينا محمد صلي الله عليه و اله وطرق إثباتها وسمات رسالته التي جاء بها وكل ما يتعلق بشأنه وخصوصياتِهِ المرتبطة بالرسالة السماوية التي يبلغها.

النبي

النبي: هو الإنسان الذي يخبر عن الله تعالي بلا واسطة أحد من البشر، فيكون النبي هو الذي يُوحي الله تعالي إليه ويرسله إلي عباده ليعلّمهم ما يحتاجون إليه في طاعته ويحترزون به عن معصيته.

وهذه الغاية بإجمالها جامعة لجميع الغايات المقصودة لبعث الأنبياء والرسل وتعيين الأوصياء والأئمة المعصومين، كما قال تعالي: ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ?.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام في بيان أهداف بعثة النبي محمد صلي الله عليه و اله: «وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوا، فيعرفوه بربوبيّته

بعدما أنكروا، ويوحدوه بألوهيّته بعدما عندوا».

وعنه عليه السلام في هذا المعني أيضاً: «فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسيّ نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول».

وعن الإمام الصادق عليه السلام في جواب من سأله عن الأنبياء والرسل وكيف يثبت ذلك، قال: «إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعاليا عنّا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه، فيباشرهم ويباشروه، ويحاجّهم ويحاجّوه، ثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبّرون عنه الي خلقه وعباده، ويدلّونهم علي مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه عز وجل، وهم الأنبياء وصفوته من خلقه … ».

وعن الإمام الرضا عليه السلام في هذا المجال أيضاً: «لم يكن بدّ من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه، ويقفهم علي ما يكون به إحراز منافعهم ودفع مضارّهم إذ لم يكن في خلقهم ما يعرفون به ما يحتاجون اليه».

المبحث الرابع الإمامة

الإمامة: هي رئاسة عامّة دينية مشتملة علي ترغيب عموم الناس في حفظ مصالحهم الدينية والدنيويّة، وزجرهم عمّا يضرّهم بحسبها.

نعم، أن الإمامة هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا، يجعلها الله تعالي لمن اختاره من خلقه، وهي كالنبوة في كل شيء إلا الوحي، فإن الإمام لا يوحي إليه لان الوحي خاص بالنبوة دون الإمامة.

لقد اختلف علماء الدين فيما بينهم في أمر الإمامة فمنهم مَن أعتبرها مِن فروع الدين وهم أبناء العامة.

حيث قال قائلهم: «وقصاري أمر الإمامة أنها قضيّة مصلحية اجماعيّة ولا تلحق بالعقائد».

ومنهم من اعتبرها مِن اُصول الدين وهم الشيعة الإمامية فهي عندهم أساس المعتقد الإسلامي الصحيح، وإنها امتداد للرسالة، واستمرار لخلافة الله في الأرض، ولذلك عرّفوها: بأنها إمرة الهيّة واستمرار لوظائف النبوّة كلّها، سوي تحمّل الوحي الإلهي.

ومقتضي

هذا التعريف: أن يكون الإمام متصفاً بصفات النبي صلي الله عليه و اله إلا ما أختص به النبي لنفسِهِ وخصه الله به جل وعلا. وينحصر ثبوت الأمامة عندهم بتنصيب من الله تعالي وتعريف من النبي صلي الله عليه و اله وتنصيص من الإمام السابق علي اللاحق وأدلة ذلك عندهم متوفرة وكثيرةٌ مِن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والعقل وهي تدلّ علي أنه هو الحق كما قال تعالي: ?إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا?.

جهات الإمامة: الإمامة لها جهتان

الجهة الأولي: الجهة التشريعية، فإن تشريع الإمامة وانتخاب الإمام، كتشريع النبوة واختيار النبي خاص بالله تعالي، وقد اختار الله تعالي لخاتم أنبيائه وسيد رسله وأشرف بريّته اثني عشر إماماً من خاصّة أهل بيته وصفوة ذريّته وخيرة عترته. أولهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ ولديه الحسن والحسين عليهما السلام ثم تأتي الإمامة في ولد الحسين الشهيد وهم ولده علي زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسي الكاظم ثم ابنه علي الرضا ثم ابنه محمد التقي ثم ابنه علي الهادي ثم ابنه الحسن العسكري عليهم السلام ثم ابنه وهو آخرهم الإمام المهدي عليه السلام الذي وعد الله أن يملأ الأرض به قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

الجهة الثانية: الجهة التنفيذية والتطبيقية، فإن تنفيذ وتطبيق ما شرّعه الله من الإمامة وقبول الإمام الذي انتخبه الله تعالي، كتنفيذ وتطبيق بقية تشريعات الله سبحانه، واجب علي الناس جميعاً، ولا يجوز لهم التخلف عنه والاختلاف فيه، فإن كانوا يريدون لأنفسهم السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة: فعليهم أن لا يتخلّفوا عن قبول إمامة من نصبه الله إماماً عليهم، وأن يذعنوا بطاعة من فرض الله عليهم طاعته، وأن يرضوا بولاية من جعله الله أولي

بهم من أنفسهم، كما قال تعالي: ?النَّبِيُّ أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ? وقد اعطي النبي صلي الله عليه و اله هذا الوسام بأمر من الله تعالي إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام في يوم الغدير وذلك بقوله وهو يخطب في الناس: «ألست أولي بكم من أنفسكم؟ قالوا: اللهم بلي، فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو آخذ بيد علي عليه السلام ثم دعا له وقال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله».

وقال الله سبحانه: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَي اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ? وقد قضي الله بالإمامة لعلي عليه السلام والأئمة الأحد عشر من بنيه.

الإمام

الإمام هو الحجة من الله تعالي علي الناس، ومن وجب عليهم بأمر الله تعالي معرفته وطاعته، وحرّم جهله وعصيانه، وكانت ميتة الجاهل به ميتة جاهليّة.

قال الله تعالي: ?أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ?. وأولوا الأمر كما في التفسير عن النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته هم: علي والأئمة الأحد عشر من بنيه.

وفي الحديث الشريف عن النبي صلي الله عليه و اله: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».

ولئلا يتخطّي المسلم أمر الله تعالي، وقول الرسول صلي الله عليه و اله وحتي لا يصدق عليه بكونه متمرّداً عن طاعة الله، وطاعة رسوله، ولا يموت ميتة جاهلية، لابدّ من أن يسلّم لعلي عليه السلام والأئمة الأحد عشر من بنيه بالخلافة والإمامة بعد النبي صلي الله عليه و اله، وذلك لقول الرسول الكريم مراراً وبتواتر عند الفريقين: خاصة وعامة: «إني مخلّف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي

أبداً، وقد نبأني العليم الخبير: بأنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض» وفي رواية اخري: «فانظروا كيف تخلّفوني فيهما» وفي رواية ثالثة: «لا تقدموهما فتهلكوا، ولا تعلّموهما فإنهما أعلم منكم».

ولقوله صلي الله عليه و اله: «إن أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجي، ومن تخلّف عنها هلك».

وجعل النبي صلي الله عليه و اله العترة عِدلاً للقرآن، والقرآن عِدلاً للعترة، دليل علي عصمة الأئمة الإثني عشر من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و اله عصمة موازية لكتاب الله الحكيم.

وهنا لا بأس بأن نذكر ما ورد عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام حين ذكر أمر الإمامة والإمام واختلاف الناس فيهما، فقال فيما قال: «الإمام: البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدّجي وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار.

الإمام: الماء العذب علي الضماء، والدال علي الهدي، والمنجي من الردي.

الإمام: النار علي اليفاع، الحارّ لمن اصطلي به، والدليل في المهالك، من فارقه فهالك.

الإمام: السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة.

الإمام: الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرّة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد.

الإمام: أمين الله في خلقه، وحجته علي عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلي الله، والذاب عن حرم الله.

الإمام: المطهَّر من الذنوب، والمبرَّأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوّار الكافرين.

الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل، ولا له مثل، ولا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضَّل الوهاب … ».

المبحث الخامس المعاد

وهو في اللغة بمعني المصير والمرجع، وفي الاصطلاح بمعني إعادة الأجسام بعد موتها

وتفرّقها للحساب والجزاء في يوم القيامة، فإن الله تعالي يحيي الناس جميعاً من الأولين والآخرين يوم القيامة ويحشرهم من قبورهم إلي عرصات المحشر وعلي صعيد واحد ويحاسبهم علي ما عملوه في الدنيا من خير وشر، فيثيب الأخيار بالجنة، ويعاقب الأشرار بالنار والعياذ بالله قال العلامة الحلّي: «ويجب الإقرار بكل ما جاء به النبي صلي الله عليه و اله فمن ذلك الصراط، والميزان، وإنطاق الجوارح، وتطاير الكتب … ومن ذلك الثواب والعقاب وتفاصيلهما المنقولة من جهة الشرع صلوات الله علي الصادع به».

الأدلة علي ثبوت المعاد

ويدل علي ضرورة المعاد الدليل العقلي والنقلي معاً:

أ. الدليل العقلي:

لو لم يكن المعاد ثابتاً لكان التكليف بالواجبات وترك المحرمات عبثاً، والله تعالي منزّه عن العبث، ثم أنه مضافاً إلي كونه عبثاً مستلزم للظلم أيضاً، إذ الإيقاع في مشقة التكليف بلا أجر وثواب بالنسبة إلي المطيع، وبلا مؤاخذة وعقاب بالنسبة إلي العاصي المعتدي علي حقوق الآخرين ظلم صريح، والظلم قبيح، والله تعالي لا يفعل القبيح، ومنزّه عن الظلم.

ب. الدليل النقلي:

اتفق المسلمون كافة علي وجوب المعاد البدني، كما واجتمعت الأديان السماوية علي ضرورة وجود حياة أخري يثاب فيها المحسنون ويعاقب عبرها المسيئون، وللإسلام في إثباته يوم المعاد والتأكيد عليه باع واسع ويد طولي، كتاباً وسنّة، أما الكتاب فآيات كثيرة منها:

1. قوله تعالي: ?وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَي رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ?.

2. وقوله سبحانه: ?ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ? ثُُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ? ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ?.

وأما الروايات فكثيرة أيضاً، منها:

1. قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «والذي بعثني بالحق نبياً لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثنّ كما تستيقظون، وما بعد الموت دار، إلا الجنة والنار».

2. قول أمير المؤمنين عليه السلام:

«حتي إذا تصرّمت الأمور، وتقضّت الدهور، وأزف النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك، سراعاً إلي أمره، مهطعين إلي معاده».

3. قول الإمام الصادق عليه السلام: «فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن لكم في القيامة خمسين موقفاً كل موقف مثل ألف سنة مما تعدّون».

الأسئلة والأجوبة

التوحيد

س: ما هو تعريف التوحيد؟

ج: التوحيد عند الشيعة هو ما جاء في سورة التوحيد، إذ جاء في الحديث الشريف: إن سورة التوحيد هي هوية الرب?، وأيضاً علي ما جاء في نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام وخاصّة الخطبة الأولي.

س: هل الإرادة صفة من صفات الذات أم صفة من صفات الفعل؟

ج: الإرادة مِن الصفات الذاتية لا مِن الصفات الفعلية، إذ أن الإرادة مِن الصفات الثبوتية المشيرةِ إلي وجود كمال وواقعية في الذات الإلهية والتي لا يصح لصاحبها الإتصاف بأضدادها ولا خلّوه منها لذا فهي مِن الصفات الجمالية؛ لأن وجود الإرادة في الذات جمالٌ لها في أنها ذاتٌ مريدة.

س: ما معني كلمة سبحانه؟ ومعني: جل جلاله؟

ج: معني: «الله سبحانه وتعالي» أي: إن الله متنزه عن كل ما لا يليق به ومتعال عن النقص والظلم، لأن التسبيح معناه في اللغة التنزيه.

ومعني «الله جلّ جلاله» هو: الإجلال يعني الإعظام، أي عظمة الله تعالي، وكل عظمة مهما كان حجمها وضخامتها فهي أعظم منها لأن الله عظيم القدر، تفوق عظمته كل العظماء، فهو الكمال المطلق، وغيره ناقص بالنسبة إليه سبحانه.

س: هل يجوز إطلاق العلة علي الله تعالي، أي: علي ذاته؟

ج: أسماء الله تعالي توقيفية، وليس فيها هذا الاسم. ولكن يحكم العقل بهذه الصفة، وذلك:

إن العقل يحكم بأن كل حادِث يحتاج إلي موجد، وأنه لابد من أن تنتهي سلسلة الإحتياج إلي موجد لا يحتاج

إلي موجد في وجودِه فيحكم بأنه علة العلل، إذ لابد أن يكون أزلياً، وإلا لكان محتاجاً إلي موجد آخر بحكم المقدمة الأولي (كل حادث يحتاج إلي موجد).

س: هل يجوز دعاء غير الله؟

ج: لا يجوز دعاء غير الله تعالي ويجوز التوسّل إليه بالمقربين لديه، قال الله سبحانه: ?وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَي فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ?، لكن الله تعالي جعل أهل البيت الوسائل إليه وندب إليها حيث قال عز من قائل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ?، ولذا قال أهل البيت: نحن أسماء الله الحسني. ونحن الوسيلة إلي الله. وقال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالي: «وابتغوا إليه الوسيلة: أنا وسيلتُهُ».

س: إن لله سبحانه وتعالي الأسماء الحسني كلها ولكن بعض الناس يستعملون هذه الصفات والأسماء كالجبار والقهار والمهيمن … الخ ويصبغونها بمفاهيم استبدادية لتخويف الناس والعوام وفرض السيطرة عليهم في أفكارهم وحركاتهم نرجوا بيان المفاهيم الصحيحة لهذه الأسماء والصفات الحسني؟

ج: إن المفهوم الصحيح لهذه الأسماء هي أن يكون استخدامها استخداماً حقيقيا، وهذا لا يتأتي لابن آدم حتي لوخلطها بمفاهيم دكتاتورية ليضيف عليها بعداً تخويفياً يحقق من خلاله السيطرة؛ وذلك لأن هذا الإستخدام لا يغيّر من الواقع شيئاً مادام الله سبحانه هو الجبار فوق كل جبار وهو القهّار فوق كل قاهر والمهيمن علي كل مهيمن، وإطلاق هذه علي الله سبحانه وتعالي إطلاقٌ حقيقيٌ لا مجازيٌ كما هو المذكور في فرض السؤال.

س: لماذا نري أن أسماء الله تعالي وصفاته مذكّرة؟ ولماذا نقول مثلاً: هو الله، ولا نقول: هي الله؟ وبالجملة لماذا الضمائر كلها مذكرة وليست مؤنثة؟

ج: اسم الله تعالي ووصفه مذكر باعتبار لفظهما، فلذا

يرجع إليهما ضمير المذكر، أضف إلي ذلك: إن ضمائر التانيث وعلاماته خاصة بالأنثي الحقيقي أو المجازي أما ضمائر المذكر وعلاماته فإنها ليست خاصة بالمذكر، بل أعم من المذكر ومما ليس بذكر ولا أنثي لا حقيقة ولا مجازاً.

س: ما هو أول شيء خلقه الله تعالي، هل هو القلم كما تقول العامة؟

ج: تعدّدت الأقوال في أول مخلوق خلقه الله تعالي، وذلك لاختلاف الروايات الواردة في هذا المجال، وهي:

1. نور النبي صلي الله عليه و اله: فعنه صلي الله عليه و اله: «أول ما خلق الله نوري، ففتق منه نور علي عليه السلام، ثم خلق العرش واللوح، والشمس وضوء النهار، ونور الأبصار والعقل والمعرفة».

2. روح النبي صلي الله عليه و اله: فعنه صلي الله عليه و اله: «أول ما خلق الله روحي».

3. العرش: فعن ابن عباس: «أول ما خلق الله العرش فاستوي عليه».

4. القلم: فعن الإمام الصادق عليه السلام: «أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما كان وما هو كائن إلي يوم القيامة».

5. الماء: فعن جابر الجعفي، قال: جاء رجل من علماء أهل الشام إلي أبي جعفر عليه السلام، فقال: جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحداً يفسرها لي، وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس، فقال كل صنف غير ما قال الآخر، فقال أبو جعفر عليه السلام: وما ذلك؟ فقال: أسألك، ما أول ما خلق الله عزّ وجل من خلقه؟ فإن بعض من سألته قال: القدرة، وقال بعضهم: العلم، وقال بعضهم: الروح، فقال أبو جعفر عليه السلام: ما قالوا شيء، أُخبرك أن الله علا ذكره كان ولا شيء غيره، وكان عزيزاً ولا عز، لأنه كان قبل عزه وذلك قوله: ?سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ?،

وكان خالقاً ولا مخلوق، فأوّل شيء خلقه من خلقه الشيء الذي جميع الأشياء منه، وهو الماء.

6. الهواء: في تفسير قوله تعالي: ?وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَي الْمَاء?، وذلك في مبدأ الخلق إن الرب تبارك وتعالي خلق الهواء، ثم خلق القلم، فأمره أن يجري، فقال: يا رب بم أجري؟ فقال: بما هو كائن، ثم خلق الظلمة من الهواء، وخلق النور من الهواء، وخلق الماء من الهواء، وخلق العرش من الهواء، وخلق العقيم من الهواء، وهو الريح الشديد، وخلق النار من الهواء، وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء.

7. العقل: فعن رسول الله صلي الله عليه و اله: «أول ما خلق الله العقل».

ووجه التوفيق بين هذه الأخبار، هو: أن بعضها محمول علي الأولية الإضافية، وبعضها علي الحقيقة.

فأولية نور النبي صلي الله عليه و اله حقيقية، وغيره إضافية نسبية.

س: لماذا خلق الله الخلق؟

ج: لم يخلق الله تعالي الخلق عبثاً وباطلاً، وإنما خلقهم لعلّةٍ وحكمةٍ، وهو غير محتاج إليهم ولا مضطرّ إلي خلقهم، أشارت إلي هذا المعني بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، كقوله تعالي: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ?، وقوله تعالي: ?وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ?، وقوله تعالي: ?أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ?، وقوله تعالي: ?وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَي الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ?، وقوله تعالي: ?الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ?، وكالحديث عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: «سألت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقلت له:

لم خلق الله الخلق؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالي لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سديً، بل خلقهم لإظهار قدرته، وليكلّفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعةً، ولا ليدفع بهم مضرّةً بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلي نعيم الأبد»، كذلك عن عبد الله بن سلام مولي رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «في صحف موسي بن عمران عليه السلام: يا عبادي إنّي لم أخلق الخلق لأستكثر بهم من قلّة، ولا لآنس بهم من وحشةٍ، ولا لأستعين بهم علي شيء عجزت عنه، ولا لجرّ منفعة ولا لدفع مضرّة، ولو أنّ جميع خلقي من أهل السماوات والأرض اجتمعوا علي طاعتي وعبادتي لا يفترون عن ذلك ليلاً ولا نهاراً مازاد ذلك في ملكي شيء، سبحاني وتعاليت عن ذلك»، وكذلك روي هشام بن الحكم أن زنديقاً سأل الإمام أبي عبد الله عليه السلام: «لأيّ علة خُلق الخلق، وهو غير محتاج إليهم ولا مضطرّ إلي خلقهم، ولا يليق به العبث بنا؟

قال: خلقهم لإظهار حكمته، وإنفاذ علمه، وإمضاء تدبيره، قال: وكيف لا يقتصر علي هذه الدار فيجعلها دار ثوابه ومحبس عقابه؟ قال: إنّ هذه دار بلاء، ومتجر الثواب، (وفي نسخة: ومنجز الثواب) ومكتسب الرحمة، مُلئت آفات وطبّقت شهوات ليختبر فيها عباده بالطاعة؛ فلا يكون دار عمل دار جزاء».

س: هل أن الله تعالي يعلم من سيدخل النار، وإذا كان يعلم فلماذا خلقه؟ هل ينسجم هذا مع الرحمة الإلهية؟

ج: نعم إن الله سبحانه يعلم بمن يدخل النار من عبادِه وبمن يدخل الجنة بلا شك في ذلك، إلا أن هذا العلم لا يكون سبباً موجباً لحتمية دخول الإنسان للجنة أو للنار؛ لأن دخول الجنة والنار إنما يكون بحسب عمل الإنسان،

فإن كانت صالحة دخل الجنة بها وإن كانت طالحة دخل النار بها، وقد قال الله تعالي في كتابه الكريم: ?فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ? وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ?، هذه هي الحقيقة، وإلا لو التزمنا بما في فرض السؤال للزم منه الجبر علي الإنسان الذي يستتبع الظلم عليه في حال إدخاله النار مع عمله الصالح، وحاشا الله أن يكون ظالماً.

س: ما معني أن الله سبحانه و تعالي ليس بمركب من الأجزاء العقلية والمقدارية؟

ج: إنّ من مراتب التوحيد الذاتي لله عزّ وجل هو التوحيد الأحدي، أي الاعتقاد بأنّه تبارك وتعالي بسيط منزّه عن أيّ تركيب خارجي أو عقلي، إذ أن أيّ نوع من التركيب لو فرض فإنّه يتنافي مع وحدانيّته، وتوضيح ذلك يحتاج إلي مجال أوسع، ولكن يمكن هنا الإشارة إلي نكتة هي: إنّ كلّ مركب يحتاج دائماً في وجوده إلي أجزائه التي تركب منها، وعليه فالمحتاج إلي غيره معلول له، فيكون بذلك ممكن الوجود لتوقفه علي اكتمال أجزاء علته، بخلاف الذات البسيطة فهي غير مركب وغير محتاجة، لذا فهي غير متوقفة في وجودها علي شيء وبهذا كانت واجبة في وجودها غير ممكنة.

وبعد هذا البيان يصبح الجواب علي فرض السؤال واضحاً وهو: إن المركب الخارجي أو المقداري هو المجموعة ذات الأجزاء الخارجيّة المحسوسة مثل تركيب كلّ مادة من عناصر معدنيّة أو مواد كيمياويّة. والمركب العقلي فهو اشتمال الشيء علي أجزاء ذهنيّة لا وجود خارجي لها، كالإنسان الذي يقال عنه حيوان ناطق هو شيء واحد في الخارج، ولكنّة ينحلّ في الذهن عند تعريفه جزئين الأول: وهو جنس «الحيوان» والثاني فصل وهو «الناطق»، والقول أن الله

غير مركب خارجاً يعني في الواقع ومقداراً يعني في الذهن وهو إشارة إلي أن الذات الإلهية بسيطة غير مركبة وهو معني التوحيد الواجب علي الإنسان الإعتقاد به وإلا يلزم الكفر والعياذ بالله من خلافه.

س: لله سبحانه وتعالي أسماء وصفات، فكيف نفرق بين الاسم والصفة؟ وما هي الأسماء وما هي الصفات؟

ج: إن الإسم يعني الذات ومأخوذٌ بوصف من أوصافها فلفظ العالم اسم من أسماء الله تعالي مأخوذٌ بوصف العلم وهكذا قادر، باسط … الخ من الأسماء.

أما الصفة فهي عن معني مستفاد لذات الموصوف من حيث هو معني منتزع بقطع النظر عن اتصاف الذات بها.

س: كيف يمكن أن نفسر الغضب والرضا لله تعالي، كقولنا إن الله يغضب لغضب الرسول صلي الله عليه و اله ويرضا لرضاه؟

ج: يدل هذا علي أن ملاك الرضا والغضب الإلهي هو رضا وغضب عبدهِ المؤمن وتكون المعادلة كالتالي:

إذا غضب الله أو رضي، غضب أو رضي رسول الله صلي الله عليه و اله، والعكس صحيح، وتوضيح ذلك نأخذه من جواب سؤال مشابه سُئل به الإمام الصادق عليه السلام عن حديث إن الله تعالي يغضب لغضب فاطمة عليها السلام ويرضي لرضاها والسؤال كالتالي:

جاء سندل إلي الإمام الصادق عليه السلام وسأله عن الحديث الشريف، فقال: يا سندل ألستم رويتم فيما تروون إن الله تعالي يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضي لرضاه، قال: بلي، قال: فما تنكر أن تكون فاطمة عليها السلام مؤمنة يغضب لغضبها ويرضي لرضاها. فقال سندل: الله أعلم حيث يجعل رسالته.

فالملاك في كلمة (العبد المؤمن)؛ لأنه يلغي كل خصوصياته ودوافعه في الغضب والرضا ويُحل محلها الدوافع الإلهية، فإذا قال قال الله سبحانه وإذا رضا أو غضب رضي الله وغضب جلّ وعلا، ولاحظ هذا بالنسبة للعبد

المؤمن الذي تقرب لله بالعبادة وصار كذلك، فما بالك بنور الله في الأرض رسول الله صلي الله عليه و اله.

النبوة

س: هناك آية صريحة في القرآن حول مطالبة نبي الله موسي عليه السلام رؤية الله فهل كان اعتقاد موسي بالتجسيم؟ وكيف تجلي الله عز وجل للجبل؟

ج: إن نبي الله موسي عليه السلام لا يعتقد بالتجسيم ويعتقد بعدم رؤية الله سبحانه وتعالي في الدنيا والآخرة وسؤاله عليه السلام عن رؤية الله عزّ وجلّ لم يكن بدافع من نفس موسي عليه السلام، بل بضغط من قومه. فعن كتاب التوحيد، للصدوق 121 برقم 24، باب ما جاء في الرؤية قال عليّ بن محمّد بن الجهم: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسي عليهما السلام، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلي، فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له: فما معني قول الله عزّ وجلّ: «وَلَمَّا جَاء مُوسَي لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي» كيف يجوز أن يكون كليم الله موسي بن عمران عليه السلام لا يعلم أنّ الله تعالي ذكره لا تجوز عليه الرؤية حتي يسأله هذا السؤال؟

فقال الرضا عليه السلام: «إنّ كليم الله موسي بن عمران عليه السلام علم أنّ الله تعالي أعز أن يُري بالأبصار، ولكنّه لما كلّمه الله عزّ وجلّ وقرّبه نجيّا رجع إلي قومه فأخبرهم أنّ الله عزّ وجلّ كلّمه وقرّبه وناجاه فقالوا: لن نؤمن لك حتي نسمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألف ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ثمّ اختار منهم سبعمائة ثمّ اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّه

فخرج بهم إلي طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسي عليه السلام إلي الطور وسأل الله تبارك وتعالي أن يكلّمه ويسمعهم كلامه فكلّمه الله تعالي ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام لأنّ الله عزّ وجلّ أحدَثه في الشجرة ثمّ جعله منبعثاً منها حتي سمعوه من جميع الوجوه فقالوا: لن نؤمن لك بأنّ هذا الذي سمعناه كلامَ الله حتي نري الله جهرةً فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عزّ وجلّ عليهم صاعقةً فأخذتهم بظلمهم فماتوا فقال موسي: يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعتُ إليهم وقالوا: إنّك ذهبت بهم فقتلتهم لأنّك لم تكن صادقاً فيما ادّعيت من مناجاة الله إيّاك فأحياهم الله وبعثهم معه فقالوا: إنّك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حقّ معرفته فقال موسي عليه السلام: يا قوم إنّ الله لا يُري بالأبصار ولا كيفية له وإنّما يعرف بآياته ويعلم باعلامه، فقالو: لن نؤمن لك حتي تسأله فقال موسي عليه السلام: ياربّ إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحي الله جلّ جلاله إليه: يا موسي إسألني ما سألوك فلن أُؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسي عليه السلام: (ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلي الجبل فإن استقرَّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّي ربّه للجبل (بآية من آياته) جعله دكّاً وخرَّ موسي صعقاً فلمّا أفاق قال سبحانك تُبت إليك يقول: رجعت إلي معرفتي بك عن جهل قومي وأنا أوّل المؤمنين) منهم بأنّك لا تُري».

فقال المأمون: لله درّك يا أبا الحسن.

س: هناك في التاريخ ما يشير إلي أن النبي الكريم صلي الله عليه

و اله قد تزوج من تسع نساء وهذا ما يجعل أعداءه يستغلون ذلك للسخرية، والسؤال هو كيف حدد الله للمسلم أربع زوجات وللرسول أكثر من ذلك، ألا يجب أن يكون الرسول الأعظم هو القدوة في كل شيء؟

ج: إنّ الأمور التي فرضت في الشريعة علي كل مسلم يجب علي المسلم اتباعها من باب الامتثال للواجب وأداءه لا التأسي بالنبي صلي الله عليه و اله، فالصلاة مثلاً يجب علي المسلم أي يصليها امتثالاً لأمر الله تعالي الذي بلّغه والنبي صلي الله عليه و اله لا لأجل التأسي برسول الله في أنه يصلي ونحن نصلي أيضاً، فالأحكام الشرعية قسمين:

الأوّل: عام يشمل الجميع كالصلاة والصيام والخمس وأمثالها.

والثاني: خاص يشمل جماعة خاصة دون غيرها كالأمة الإسلامية مثلاً، وما نحن فيه من موضوع وهو تريد تسع نساء للنبي صلي الله عليه و اله. من هذا القبيل، فالزواج عام لكل المسلمين بما فيهم النبي صلي الله عليه و اله، إلا أنه أختص جميع المسلمين بأربعة زوجات غير الإماء وأختص النبي بتسعة زوجات، وعليه فإن بحث الأسوة اجنبيٌ عن المقام هنا، كما أنه ليس هذا الحكم الوحيد الذي اختص به النبي دون الأمة الإسلامية، بل هناك أحكام أخري اختص بها أيضاً كالسواك مثلاً فإنه واجب عليه بصورة خاصة، ونافلة الليل، فإنها واجبة عليه أيضاً، وهكذا الضحك بملء الفم وبصوت عال، فإنه حرام عليه، وغير ذلك من المختصات النبوية؛ وعلة ذلك راجعة لمصالح مذكورة في مضانّها فيراجع هناك.

س: الكل يعلم بأن الرزية حدثت يوم الخميس والنبي صلي الله عليه و اله توفي أو استشهد يوم الإثنين فلماذا لم يكتب النبي صلي الله عليه و اله وصيته في هذه المدة؟

ج: إنّما عدل رسول الله صلي

الله عليه و اله عن الكتابة، لإنّ عمر بن الخطاب قال: «دعوا الرجل فإنّه ليهجر أو ليهذي أو قد غلب عليه الوجع وعندكم القران حسبنا كتاب الله» واتفاق كلمة أكثر الحاضرين علي ما قاله عمر، هذه الكلمة التي جعلت النبي صلي الله عليه و اله يعدل عن كتابة الكتاب، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابته سوي الفتنة والاختلاف من بعده في أنّه هل هجر فيما كتبه والعياذ بالله أو لم يهجر، كما اختلفوا في ذلك وأكثروا اللغو واللغط نصب عينيه، فلم يتسنّ له يومئذ أكثر من قوله لهم: قوموا عنّي.

ولو أصرّ فكتب الكتاب للجّوا في قولهم ّ هجر، ولأوغل أشياعهم في إثبات هجره والعياذ بالله فسطروا به أساطيرهم، وملأوا طواميرهم ردّا علي ذلك الكتاب وعلي من يحتجّ به.

س: هل صحيح أن الصحابة خرجوا مع الرسول صلي الله عليه و اله للمباهلة، وهل أن آية المباهلة نزلت بهم؟

ج: إن الآية المباركة نزلت في شأن رسول الله صلي الله عليه و اله ومن خرج معه، وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين فقط دون غيرهم، وهو ما تسالم عليه علماؤنا في كتبهم كما ورد ذلك في كتب السنة، منها:

1. صحيح مسلم: 7/120.

2. مسند أحمد: 1/185.

3. صحيح الترمذي: 5/596.

4. خصائص أمير المؤمنين: 48.

5. المستدرك علي الصحيحين: 3/150.

6. فتح الباري في شرح صحيح البخاري: 7/60.

7. المرقاة في شرح المشكاة: 5/589.

8. أحكام القرآن للجصاص: 2/16.

9. تفسير الطبري: 3/212.

10. تفسير ابن كثير: 1/319.

11. الدر المنثور: 2/38.

12. الكامل في التاريخ: 2/293.

13. أسد الغابة: 4/26.

وغيرها من كتب التفسير والحديث والتاريخ.

س: ما هي مصادر العامة حول مقولة عمر: إنّ الرجل ليهجر؟

ج: منع عمر من أن يكتب النبي صلي الله عليه و اله عند مماته كتاباً وقال:

«إن الرجل ليهجر» أو: «إن النبي غلبه الوجع»، وهكذا بالفاظ أخري مختلفة في: صحيح البخاري 1/32، كتاب العلم/ باب كتابة العلم و4/7، كتاب المرضي/ باب قول المريض قوموا عني و4/271 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب كراهية الخلاف و2/178 كتاب الجهاد والسير / باب هل يستشفع إلي أهل الذمة و4/62 باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، صحيح مسلم 3/1259 كتاب الوصية / باب ترك الوصية و3/1257 كتاب الوصية / باب ترك الوصية، مسند أحمد 1/24 و222 و3/346.

س: هل يجوز السجود لغير الله سبحانه وتعالي، وما معني سجود يعقوب وزوجته وأولاده الأحد عشر للنبي يوسف عليه السلام؟

ج: أولاً: السجود بعنوان العبادة لا يجوز لغير الله تبارك وتعالي، ولكن يصح في حالات لا يصدق عليه فيها سجود العبادة المعهودة، بل السجود طاعةٌ لأمر الله تعالي تعظيمٌ للمسجود له كما في قوله تعالي: ?وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَي وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ?، فهو امتثالٌ لأمر الله تعالي وتعظيمٌ لآدم عليه السلام، وأما السجود المذكور في فرض السؤال فهو من قبيل التعظيم ليوسف عليه السلام، لذا لا يصح إطلاق سجود العبادة عليه: لأن الله تعالي: يعلم أن من ضمن الساجدين يعقوب النبي المعصوم عليه السلام، فهل يعقل أنه يسجد لغير الله تعالي؟

ثانياً: في المقام دليلٌ خاص دلّ علي أن السجود لم يكن ليوسف، بل كان لله تبارك وتعالي ويوسف كان محل التوجه في السجود كما نسجد نحو الكعبة لله تعالي، وفي ذلك تعظيم ضمني لمن يسجد نحوه، فقد سئل يحيي ابن أكثم، موسي بن محمد بن علي بن موسي، مسائل فعرضها علي أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام، فكان إحداها أن قال: أخبرني

أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟

فأجاب أبو الحسن عليه السلام أما سجود يعقوب وولده فإنه كان ذلك طاعةً منهم لله وتحيةً ليوسف كما أن السجود من الملائكة لآدم عليه السلام كان منهم طاعةً لله وتحيةً لآدم، فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكراً لله تعالي لاجتماع شملهم، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت، ربّ أتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً والحقني في الصالحين.

س: لماذا سمي أولو العزم بهذا الاسم؟

ج: إن أولي العزم ذكرتهم الروايات الشريفة النبوية أو الواردة بنقل المعصومين عن اجدادهم الطاهرين إلي النبي صلي الله عليه و اله هم سادة الأنبياء الذين دارت عليهم الرحي وهم اصحاب الشرائع، ومن تلك الروايات الرواية التالية:

مُحَمدِ بْن يَعقوب، عَنْ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَي، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ?فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ?؟ فَقَالَ: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسَي، وَ عِيسَي، وَ مُحَمَّدٌ صلي الله عليه و اله، قُلْتُ: كَيْفَ صَارُوا أُولِي الْعَزْمِ؟ قَالَ: لأَنَّ نُوحاً بُعِثَ بِكِتَابٍ وَ شَرِيعَةٍ، وَ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ نُوحٍ أَخَذَ بِكِتَابِ نُوحٍ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ حَتَّي جَاءَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِالصُّحُفِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ كِتَابِ نُوحٍ لَا كُفْراً بِهِ فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَخَذَ بِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِالصُّحُفِ، حَتَّي جَاءَ مُوسَي بِالتَّوْرَاةِ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ بِعَزِيمَةِ، تَرْكِ الصُّحُفِ وَ كُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ مُوسَي عليه السلام أَخَذَ بِالتَّوْرَاةِ وَ شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ حَتَّي جَاءَ الْمَسِيحُ عليه

السلام بِالْإِنْجِيلِ وَ بِعَزِيمَةِ تَرْكِ شَرِيعَةِ مُوسَي وَ مِنْهَاجِهِ فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ الْمَسِيحِ أَخَذَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ حَتَّي جَاءَ مُحَمَّدٌ صلي الله عليه و اله بِالْقُرْآنِ وَ بِشَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ فَحَلَالُهُ حَلَالٌ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ حَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهَؤُلاءِ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ.

الإمامة

س: ما هي حدود علم الإمام المعصوم عليه السلام؟

ج: إن حدود العلم تعني المقدار الذي يحمله الإمام من العلم، ومعرفة هذا المقدار مرهون بمعرفة أمرين نذكرهما بعد ذكر مقدمةٍ مهمه هي:

مِن أين يستقي الإمام علمه؟

الجواب: رويَ عن علي ابن إبراهيم عن أبيه عمن حدثَهُ عن المفضل ابن عمر أنهُ قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: رويناه عن أبي عبدالله عليه السلام أنهُ قال: إن علمنا غابرٌ ومزبورٌ ونكتُ في القلوب ونقرٌ في الاسماع، فقالَ عليه السلام أما الغابر فما تقدم مِن علمنا، وأما المزبور فما يأتينا، وأما النكت في القلوب فإلهام، وأما النقر في الأسماع فأمر الملك.

كذلك، عن محمد ابن يحيي عن أحمد ابن أبي زاهر عن علي ابن موسي عن صفوان بن يحيي عن الحارث ابن المغيرة عن أبي عبدالله عليه السلام [قال] قلت: أخبرني عن علم عالِِمكم؟ قال: وراثةٌ مِن رسول الله صلي الله عليه و اله وَمِن عليٍّ عليه السلام قال: قلتُ إنا نتحدث أنّهُ يُقذفُ في قلوبكم وينكتُ في آذانكم؟ قال: أو ذلك.

والمحصل إذن مِن هاتين الروايتين التي أوردهما الكليني? هو أن علم الأئمة مِن رسول الله صلي الله عليه و اله بالأصالة ومن علي أمير المؤمنين عليه السلام بالتبع، فقد جاءَ في كتاب سليم ابن قيس الهلالي: «قال أبان: قال سليم: سمعت ابن عباس يقول: سمعت من علي عليه السلام حديثا لم أدر

ما وجهه و لم أنكره. سمعته يقول: «إن رسول الله صلي الله عليه و اله أسرّ إلي في مرضه، فعلمني مفتاح ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب» وإني لجالس بذي قار في فسطاط علي عليه السلام وقد بعث الحسن عليه السلام و عمارا إلي أهل الكوفة يستنفران الناس، إذ أقبل علي علي عليه السلام فقال: يا ابن عباس، يقدم عليك الحسن و معه أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين. فقلت في نفسي: إنّ كان كما قال فهو من تلك الألف باب. فلما أظلنا الحسن عليه السلام بذلك الجند استقبلتهم، فقلت لكاتب الجيش الذي معه أسماؤهم: كم رجل معكم؟ فقال: أحد عشر ألف رجل غير رجل أو رجلين».

فعلمهم جميعاً من رسول الله صلي الله عليه و اله وعلم رسول الله مِن علم الله تبارك وتعالي الذي لا تنفد خزائن علمه وهُوَ المصدر الأول والأساس الأوحد لعلومهم جميعاً عليهم السلام، هذا مِن جهة.

ومن جهة أخري ما ذكرته الرواية الشريفة مِن أن علمهم غابر وهُوَ المتقدم وما يأتي (المزبور) وبالإلهام (النكتُ في القلوب) وتحديث (النقر في السمع) فكل هذهِ الطرق التي يأتي بواسطتها العلم للأئمة مبدأها واحد وهُوَ الله جلّ وعلا، بعبارة أخري علمهم مِن علم الله سبحانه.

وبناءً علي هذا فإن علم الأئمة غير محدود لأن علم الله تعالي غير محدود.

وهناك آية في القرآن الكريم تدل علي أن علم النبي صلي الله عليه و اله الذي هو علم الأئمة منه غير محدود، وهي قولَهُ تعالي: «وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا»، فالنبي صلي الله عليه و اله في زيادة علمية غير محدودة لإطلاقه لفظ زدني علما وعدم وجود المقيّد أو المخصص له، كما أن هناك

روايات عنهم عليهم السلام تقول بالنص: «لو لا الاستزادة لنفدنا» وأمثالها، فهم دائماً في زيادةٍ واستزادة في علمهم ولا يوجد ما يشير إلي محدودية هذه الاستزادة أو التوقف في علمهم. والنتيجة المترتبة علي ذلك أن علمهم غير محدود.

س: ما معني الولاية التكوينية والولاية التشريعية ومدي اتّصالها بالأئمة؟

ج: الولاية التكوينية: هي التصرف في الكون والكونيات بإذن الله تعالي، مثل تصرف النبي صلي الله عليه و اله في شق القمر وتصرّف الإمام علي عليه السلام في الشمس إذ ردّها من مغربها، ومثل تصرف النبي موسي عليه السلام في العصا وجعلها ثعباناً، ومثل تصرّف النبي عيسي عليه السلام في الطين وجعله طائراً يطير، ومثل تصرّف النبي داود بجعل الجبال تسبّح بتسبيحه، ومثل تصرف النبي سليمان بتسخير الهواء وطيرانه علي بساطه في الجو، وردّه للشمس، وإتيان وزيره آصف بن برخيا كرسي بلقيس وعرشها من سبأ في أقل من لمحة بصر وغير ذلك مما أخبر به القرآن الحكيم: هذا كله وأكثر منه قد خصّ الله تعالي به النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته الطاهرين.

وأما الولاية التشريعية: فهي الولاية في التصرف في الشرع والشرعيات، بمعني: أن الله تعالي جعل النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته المعصومين علماء في دينه ومفسّرين لكتابه، وعلّمهم معالم الدين وحدوده، وألهمهم أحكام الشرع وقوانينه، وفوّض إليهم التصرف فيه ببيان مسائله وأحكامه، حتي أن عمر بن الخطاب لما سأل علياً عليه السلام عن سرعة جوابه علي مسائل الحلال والحرام، أشار الإمام عليه السلام إليه بإصبعيه وقال له: كم هذا؟ قال: اثنان، فقال عليه السلام، كيف أجبت قاطعاً بذلك؟ فقال: لأني أراهما اثنين، فقال عليه السلام كل الأحكام نراها كما تري أنت الإصبعين.

وعليه: فالنبي

صلي الله عليه و اله والأئمة من أهل بيته قد خصّهم الله تعالي بالولايتين: التكوينية والتشريعيّة.

س: في حادثة مسجد الفضيخ أن الشمس ردت لأمير المؤمنين عليه السلام، وذلك لأن النبي صلي الله عليه و اله كان نائماً في حجره فلم يوقضه حتي غابت الشمس، فهل أن النبي صلي الله عليه و اله لم يؤد صلاة العصر أيضاً، وإذا كان صلي الله عليه و اله قد صلي العصر فلماذ لم يصل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العصر، وهل فعل النبي صلي الله عليه و اله ما يخالف العصمة بمنعه علياً من الصلاة إذا نام في حجره؟

ج: حديث رد الشمس بلفظه المنقول في كتاب الغدير والذي قال بصحته كثير من أعلام العامة مثل السيوطي والطحاوي والطبراني وغيرهم، هو الكفيل بالجواب علي هذه الأسئلة، واليك نصه:

«عن أسماء بنت عميس: إن رسول الله صلي الله عليه و اله صلّي الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثم أرسل علياً عليه السلام في حاجة، فجاء وقد صلّي رسول الله العصر، فوضع صلي الله عليه و اله رأسه في حجر علي عليه السلام ولم يحرّكه حتي غربت الشمس، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: اللهم إن عبدك علياً احتبس نفسه علي نبيّه فردّ عليه شرقها، قالت أسماء: فطلعت الشمس حتي رفعت علي الجبال، فقام علي عليه السلام فتوضأ وصلّي العصر، ثم غابت الشمس».

هذا وقد كان النبي وعلي عليهما السلام يعلمان سلفاً أن الشمس سوف تعود ومع هذا العلم فلا إشكال، وأما علمهما بذلك، فقد تواترت الروايات في أنهما يعلمان بفضل الله تعالي عليهما وتعليمه لهما ما كان وما هو كائن إلي يوم القيامة.

س: ما الحكمة في كون النبي صلي الله عليه

و اله بلّغ الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم ولم يبلّغها عندما كان مع المسلمين في عرفة حالة الموقف؟

ج: لعل الحكمة من ذلك هي أن لا تضيع الولاية في ثنايا مناسك الحج، حيث إن الذي يطغي علي ذهن الحاج أيام الحج هو مناسك الحج والاشتغال بها دون غيرها.

ولأن يكون العهد بالولاية والبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام بامرة المؤمنين أقرب من حيث زمان ارتحال الرسول صلي الله عليه و اله الكائن في شهر صفر من نفس السنة. ولأهمية الولاية في حد ذاتها، فكأن الأحكام و السنن كلها في كفّه وولاية الإمام علي عليه السلام وما بلّغه رسول الله صلي الله عليه و اله في غدير خم و أخذ البيعة و الإقرار من المسلمين عليه في كفّة، فالإفراد يفيد الإختصاص، وشكل الإختصاص ونوعه وطريقة التعبير عنه يأتي بحسب الأهمية.

س: سمعت مقولة من أحدهم نقول بأن الله تعالي كلّم النبي صلي الله عليه و اله عندما عرج به إلي السماء بصوت الإمام علي عليه السلام، وذلك لقرب النبي صلي الله عليه و اله منه وحبّه له فما مدي صحة هذه المقولة؟

ج: إن مثل هذه المسائل تبحث في اتجاهين:

الأول: الوجود والعدم، أي وجود هذه الواقعة في التاريخ وعدمها.

الثاني: الإمكان وعدمه، أي التكلم بصوت علي بن أبي طالب عليه السلام آنذاك وعدمه.

فأما الإتجاه الأول، فالواقعة موجودةٌ في كتب التاريخ بتفصيل وإجمال بعد ثبوت أصلها في القرآن الكريم في قوله تعالي: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَي الْمَسْجِدِ الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?، والروايات التي ذكرتها الكتب الحديثية بيّنت الآيات التي شاهدها النبي في تلك الليلة ومنها أن الله جل

جلاله كلمه بصوت علي بن أبي طالب عليه السلام مراعاةً لحال النبي صلي الله عليه و اله الذي أخذته الهيبة الإلهية في مكان لم يكن فيه أحدٌ غيره حتي جبريل عليه السلام الذي اعتذر من دخوله إليه مع رسول الله صلي الله عليه و اله، ولا يلزم من ذلك محذوراً عقائدياً أو شرعياً؛ لأن المسألة كلها جرت في عالم غير عالمنا لا نعرف عنه إلا ما نقل لنا علي لسان النبي صلي الله عليه و اله، كما أنه لا يوجد دليل واحد، بل مؤيد يدل أو يعضد أن ما نلتزم به في عالمنا هذا من مباني علمية واستلزامات تجري في ذلك العالم، والمسألة الخطيرة هي أننا لا يمكن أن ننكر جزئيةً من جزئيات هذه الواقعة، وتكذب بها ونكون قد كذبنا القرآن الكريم في اثباته أصل المسألة والرسول الأكرم الذي ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي، في إخباره وذلك بتسرية الشك إلي كل جزء فيها حتي تصل النوبة للأصل ونفي المسألة من الأساس. والجدير ذكره أن هذه المسألة متصلة ببعضها البعض كاتصال خرز المسبحة، كما أن إنكار … ذلك يعود أشده سلبياً علي المنكر ولا يغيّر من الحقيقة شيئاً، ولكن التصديق به أشارهُ تتعدي ذات الفرد المصدق وهي:

بيان منزلة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عند الله تعالي إذ استخدم صوته لتهدئه قلب أحبّ الخلق إليه محمد صلي الله عليه و اله. وبيان منزلة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عند النبي صلي الله عليه و اله بحيث لما سمع صوته سكن قلبه.

وقد دلت الأحاديث الكثيرة علي مقام الإمام عليه السلام وقربه عند الله تعالي وغصت بها مصادر الفريقين كما دل القرآن الكريم عل منزلته

عند النبي صلي الله عليه و اله في قوله تعالي: ?فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَي الْكَاذِبِينَ?، ولا أحد ينكر أن الأبناء هم الحسن والحسين عليهما السلام، والنساء فاطمة عليها السلام والنفس علي بن أبي طالب عليه السلام، يعني قد كلم الله تعالي النبي صلي الله عليه و اله بنفسه لا بغيرها وهو أمر مقبول عقلاً وصحيح منطقاً.

وأما الإتجاه الآخر وهو إمكان الوقوع وعدمه، فالأخبار التي ذكرت تكلُّم الله تعالي بصوت علي بن أبي طالب عليه السلام دلت علي الوقوع الذي يدل علي الإمكان هذا من جهة، ومن جهة أخري فإنه حتي لو لم يدل دليل علي الإمكان فالكلام في هذا الموضوع لا يجري في مثل هذه الحالة؛ لأن الله قادر علي كل شيء ومريد، وهو الذي يختار الطريقة التي يكلم بها نبيه والصوت الذي يشاء، خصوصاً وإنه عدد طرق الخطاب مع أنبيائه كما جاء في قوله تعالي: ?وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ?، وليس هذا من موارد الإشكال إلا لمن صعبت عليه هذه الفضيلة لعلي بن أبي طالب عليه السلام.

س: الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هو بعد النبي صلي الله عليه و اله أشجع رجل علي وجه الأرض بلا شك وصاحب غيرة لا مثيل لها، فكيف يسكت عن:

1. هتك دار الزهراء عليها السلام وضربها بالباب وإسقاط المحسن عليه السلام؟

2. سلبها حقها في أرض فدك؟

فما هي حكمته عليه السلام في السكوت، ولو كان الرسول صلي الله عليه و اله

موجوداً في ذلك الوقت هل سكت أيضا ولماذا؟ مع أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وحاشي أبا الحسنين وقائد الغر الميامين من ذلك.

ج: أولا: إن الحكمة من سكوت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام هي تقديم الأهم علي المهم، والأهم هنا هو حفظ الإسلام والقرآن ووحدة المسلمين، كل هذه الأمور كادت تذهب لوكان الإمام قد خرج بالسيف لإعادة الحق، وهناك جملة من الظروف الموضوعية والإشارات التاريخية تجعل الحكمة في تأخير المطالبة بالحق والسكوت عليه.

جاء في كتاب الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي أن رسول الله صلي الله عليه و اله لما أوصي علياً عليه السلام بما احتاج إليه في وقت وفاته عرّفه جميع ما يجري عليه من بعده من أمته واحداً بعد واحدٍ من المستولين. فقال عليه السلام: فما تأمرني أن أصنع؟ قال تصبر وتحتسب إلي أن ترجع الناس إليك طوعا، فحينئذ قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولا تنابذن أحدا أبدا من الثلاثة فتلقي بيدك إلي التهلكة ويرتد الناس في النفاق إلي الشقاق، فكان عليه السلام حافظا لوصية رسول الله صلي الله عليه و اله إبقاءً في ذلك علي المسلمين المستضعفين وحفظاً للدين لئلا ترجع الناس إلي الجاهلية الجهلاء وتثور القبائل تريد الفتنة في طلب ثارات الجاهلية وذحولها، …

وذكر مثل ذلك الشهيد نور الله التستري في كتابه الصوارم المهرقة في الصفحة مائتين وخمسة وثمانين.

أما الظروف الموضوعية فقد كانت الدولة الإسلامية تعاني من خطر اليهود المجاورين والمنافقين والمتربصين من الحاقدين والمبغضين خصوصاً لعلي عليه السلام الذي ضرب خراطيم الكثير حتي قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلي الله عليه و اله، والعدو الأهم كان من خارج جسد الأمة الإسلامية، وهو الدولة الرومية التي استضعفت الدولة الإسلامية قبيل وبعد

رحيل النبي صلي الله عليه و اله، وهجمت علي بعض المدن الحدودية الإسلامية وفعلت ما فعلت فيها.

وأما من العدو فكان داخل الدولة الإسلامية يتالف من المنافقين والمتربعين دوائر السوء والسيود و … الخ، وقد عالج النبي صلي الله عليه و اله الموقف بتشكيل جيش أسامة الذي لم يكن جيشاً استعراضياً بل هجومياً للدفاع عن الدولة الإسلامية من جهة وإخراج المنافقين والمتربعين، وغيرهم من أعداء الله ورسوله من المدينة لضمان عدم الانقلاب بعد رحيله صلي الله عليه و اله، لذلك لعن النبي المتخلف عن جيش أسامة لعدم خلوة، أحد الأمرين.

ثانياً: نعم لوكان رسول الله صلي الله عليه و اله لفعل نفس ما فعله علي عليه السلام، وذلك لوجود نفس الظروف الموضوعية ووجود نفس الهدف وهو الحفاظ علي الإسلام والقرآن والدين.

ثالثاً: بعد تسليمنا لعصمة، علي عليه السلام، فكلما صدر منه، قولاً كان او فعلاً، فهو صحيح وان لم نفهم ولم نصل إلي مغزي ذلك العمل أو القول.

رابعاً: إن معني الساكت عن الحق شيطان أخرس هو: ذاك الذي يعرف الحق ويشخصه ويسكت عنه مراعاةً لمصالحه الشخصية أو أشخاص آخرين، أما بالنسبة لما نحن فيه فالسكوت لم يكن لأمر دنيوي ولا مصلحة شخصية مهما كانت، بل كانت لأجل مصلحة إلهية مرتبطة بحفظ الدين والقرآن والمسلمين، كما أن السكوت الذي انتهجه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان بوصيةٍ أتي بها جبرئيل عليه السلام بلغها النبي صلي الله عليه و اله عن أمر الله عزّ وجل، فالحق حق الله تبارك وتعالي والأمر بالسكوت عليه منه سبحانه، فالحديث الشريف «الساكت عن الحق شيطان أخرس» إذن لا يشمل ما نحن فيه من موضوع.

س: ما الصحيح فيما يقع من الإمام المعصوم أن نقول معجزة

أم كرامة؟

ج: المعجزة هي الأمر الخارق للعادة الذي يجري علي يد الأنبياء إثباتاً لصدق إدعائهم النبوة، وهي لا تختص بالأنبياء، بل تعطي للأولياء أيضاً لذات الفرض أي إثبات صدق المدعي، وكذلك مناً من الله بإظهار مقام ومنزلة الولي عنده تعالي، ولكن لا يصطلح عليها كلها في علم الكلام بالمعجزة، بل تعرف كذلك معجزة إذا صدرت من الأنبياء، وكرامة إذا صدرت من الأولياء مع اشتراكها في الطبيعة، وهي خرق النواميس الطبيعية التي جرت العادة عليها.

س: ما معني قول المعصوم أو بما مضمونه : نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم؟

ج: من يطالع تاريخ الأئمة المعصومين يلمس الخصائص والصفات والقدرات الغير طبيعية لديهم بحيث لا يدانيهم فيها أحدٌ من بني البشر من غير المعصومين، فيعجب بها ويشغف ويتعلق فيمدحهم ويرفع من شأنهم لدرجة إيصالهم إلي مستوي الإلوهية والربوبية، وهو في حقيقته إفراط في القول فيهم أو ما يسمي بالغلو، وليس هذا الإتجاه الأوحد تجاههم، بل هناك الإتجاه المضاد الذي ينزل إلي ما هو أقل من ذلك، لذا الأئمة بهذا الحديث يريدون أن يوجهوا الناس المنبهرين بهم بتعيين سقف أعلي للقول فيهم وهو: دون رتبة الإلوهية أو الربوبية، ولكن من جهة أخري حددوا سقف التنزيل لهم عن ذاك المقام السامي إلي مقام سامي رفيع بالنسبة للبشر لا الباري تبارك وتعالي؛ وذلك لأن واقعهم يثبت أنهم أفضل البشر من بعد النبي صلي الله عليه و اله.

فالحديث إذاً يحدد المساحة الحرة التي يتحرك فيها القائل فيهم والمنبهر في حبهم لما يراه منهم من رحمة وخُلق رفيع وعلم و … الخ.

س: هل الأئمة موكلون بالخلق من إحياء وإماتة ورزق وغيره وما هو الدليل؟

ج: إنّ الجواب علي هذا السؤال وأمثاله، لا يمكن

أن يكون مختصراً؛ للزومه الشبهة المحذورة، لذا يحتاج إلي شيء من التفصيل فنجيب:

إذا كان المقصود من الإحياء والإماتة والرزق وغيره بالإستقلال وبمعزل عن الله تعالي، أي بقدرةٍ ذاتية فهذا باطل ولا يقول به أحد ولا يرضي به حتي الأئمة المعصومين.

وأما إذا كان المراد الإحياء والإماتة والرزق وغيره بإذن الله تعالي وتخويل منه فلا إشكال ولاضير في ذلك لأن العباد كلهم لديهم هكذا نوع من الإذن كلٌ حسب نسبته فالطبيب عندما ينجي المريض من الموت فهو لا ينجيه إلا بإذن الله تعالي وعندما يخطأ ويميته لا يكون إلا بإذنه تعالي، وهكذا من يساعد فقيراً فيغنيه وغير ذلك، فكل العباد يعملون أعمالهم ويفعلون أفعالهم في طول الإرادة الإلهية لا في عرضها، وخير شاهد علي حصول الخلق والإحياء والإماتة وإبراء الأكمه والأبرص وشفاء المرضي والإخبار بالغيب قوله تعالي: ?وَرَسُولاً إِلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِيءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَي بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ?، ولا يوجد تصريح بالقيام بهذه الأعمال المذكورة في فرض السؤال وإمكانية صدورها من عباد الله سبحانه أوضح من هذه الآية، وإذا أمكن جريانها في واحد أمكن جريانها في غيره ولأكثر من مرة، لكن كل ذلك بشرط واحد هو: ما ذكرته الآية المباركة في جملة (بإذن الله)، فمع عدم وجود هذا الإذن يتعذر علي الإنسان أيا كان صدور هكذا أفعال منه، وبقرينة صدور الأفعال منهم يجزم بحصول الإذن الإلهي.

فأصل إمكان الصدور لهكذا أعمال مقطوع به لتوفر شرطه، ولكن هذا الإذن لا يتأتي لأي فرد من أفراد

البشر. إذا كانت الأفعال بالضخامة التي ذكرتها الآية الكريمة أو ما صدر من الأئمة المعصومين، وقد جاء في الزيارة الجامعة في هذا الشأن: «القوامون بأمره العاملون بإرادته» لا بإرادتهم؛ وذلك لأجل أنهم «بذلتم أنفسكم في مرضاته الله وصبرتم علي ما أصابكم في جنبه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر … وسننتم سنته وصرتم في ذلك منه إلي الرضا وسلمتم له القضاء … ».

فالإمام إذا أراد أن يحيي ويميت ويبرئ ويخلق ويفعل الخوارق للعادة بحسب ما يقتضي مقامه ووظيفته الشرعية إنما يكون بفضل جاهه ومنزلته ومكانته ومقامه عند الله تعالي فيعطي الإذن ويملك القدرة، فيكون إذا تكلم أفرغ عن كلام الله تعالي من دون نقص أو إضافة وإذا فعل فعل ما يريد الله تعالي بما يقتضي المباشرة من جسمٍ مجسم ذو أبعاد، فيرفع يده بالدعاء مثلاً للإحياء أو الزرق أو غيره. فيجاب ويتحقق المطلوب.

س: تنقل بعض الروايات المسندة في علامات الظهور للإمام المهدي عليه السلام: بأن من هذه العلامات الحتمية هو ظهور السفياني قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام؟ فهل يوجد ظاهر وباطن فلسفي لشخصية السفياني باعتبار أن كلام المعصوم يؤول ويفسّر بمحكم ومتشابه وظاهر وباطن؟

ج: إن الظاهر في لفظ الكلام يشير إلي مصداقٍ أوحد أو أعلي، وما ذكرته الروايات من اسم لابد له من مصداق خارجي أعلي أو أوحد أو غير ذلك، وربما يستفاد من بعض القرائن أن السفياني بالتأويل والباطن هو امتداد لبني امية الظالمين ومن نسلهم وعلي نهجهم.

س: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام بما مضمونه : نحن صنائع الله والخلق بعد صنائع لنا. فما معني هذ الحديث؟

ج: الصنيع له معنيان: الأول المخلوق، الثاني بمعني نتاج التربية والعناية الفائقة الخاصة،

لذا يقولون فلان صنيع فلان، والمراد في الحديث الشريف هو المعني الثاني، إذ مع القول بالمعني الأول يصبح الحديث تحصيل حاصل؛ لأن الجميع يعلم أننا مخلوقون لله تعالي، فيتعين المعني الثاني.

فكل من ربيته وعلمته وأحسنت إليه وعنيت به وبمصالحه أصبح لك صنيع، وصنيعة الملك من صنعه وفق منهجه وأفكاره، لذلك يكون مقرباً لديه ومجللاً عنده ومرفوع القدر.

من هذا يتحصل إن القول (نحن صنائع الله) يعني أن الله تولي تربية أهل البيت وتعليمهم والإحسان إليهم والعناية بهم فكانوا صنائع له سبحانه في الدنيا يفرغون عن قوله وأمره وأخلاقه وحكمته، ولا يفرق في هذا كيفية التولية بالتربية والتعليم، بل المهم النتيجة. وأما معني القول (والخلق بعد صنائع لنا) فيعني بناءاً علي ما تقدم أن الأئمة المعصومون هم الذين تولوا تربية الخلق والإحسان إليهم والعناية بمصالحهم من بعد النبي صلي الله عليه و اله، فهم الواسطة بين الخلق وبين بارئهم جلّ وعلا، فكان الخلق بهذا المعني صنيعاً لهم، وليس هذا المعني الوحيد في هذه الفقرة، بل هنا معنيً آخر لا يختلف كثيراً عن سابقه، وهو: إن الخلق كله طفيليٌ لوجودهم، فصنائع لنا: أي مخلوقون لأجلنا.

س: لماذا نحن عندما نذكر اسم صاحب العصر والزمان عليه السلام نضع أكفنا علي رؤوسنا ثم ننحني إلي الاسفل؟ هل هذه تحية للامام؟

ج: إنّ تعظيم الإمام الحجّة عليه السلام واجب علي كل شيعي ملتزم بعقيدته، ومن مصاديق الاحترام له: القيام عند ذكر اسمه الشريف، مضافاً إلي ورود روايات وأحاديث تنص بأنّ الأئمة قد حثّوا علي هذا الأمر، بل وقد طبّقوه علي أنفسهم أحياناً بالقيام واُخري بالقيام ووضع اليد علي الرأس تواضعاً؛ والظاهر أنّها كلّها في سبيل إعطاء الموضوع اهتماماً بالغاً في نفوس الشيعة.

س: ما

المقصود بالمشاهدة التي وردت في وصية الإمام الحجة عليه السلام لسفيره الرابع التي جاء في وصيته فمن ادعي المشاهدة قبل ظهور السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر؟

ج: المقصود: المشاهدة الخاصة، كما كان ذلك بالنسبة الي السفراء الأربعة? لا مطلق المشاهدة.

س: اتفقت الشيعة علي أن الأرض لا تخلو من حجة ومن المعلوم أن الإمام غائب عن الأنظار، وعدم ظهوره لا يدل علي عدم وجوده، هل يعتبر حجة علينا في الوقت الحالي مع عدم ظهوره؟

ج: إن معني الحجة هو ما يصح الإحتجاج به، وهو في فرض السؤال الإمام المعصوم وفي زماننا الحالي الإمام الحجة المنتظر عليه السلام.

وأما الحجية فهي اعتبار الشارع، من قبيل اعتبار الشارع المقدس قول وفعل واوامر ونواهي الإمام المعصوم، لذا كان يجب الإلتزام بها والعمل وفقها.

وعلي المعنيين الأول والثاني فإن الإمام المعصوم سوآء غاب أو حضر فهو حجةٌ لوجوده الشريف، وكذلك وصول أقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه إلينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

س: ورد في الروايات أن أحدهم لم يكن يؤمن بإمامة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، ولكنه عاد وتشيع بعد حوار جري بينه وبين الإمام. فقال: الآن أصبحت مسلماً.. فقال له الإمام: كنت مسلماً فأصبحت مؤمناً … فهل أهل السنة كفار أم مسلمون؟

ج: يعرف المسلم بأنه كل من نطق الشهادتين وهي الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد والإيمان بنبوة النبي محمد صلي الله عليه و اله، والمسلم إذا آمن بهذين الأصلين يسمي مسلماً ولا يطلق عليه مؤمناً؛ لإن الإسلام هنا يعادل الإيمان العام لا الإيمان الخاص، وقد بين القرآن الكريم هذه المسألة في قوله تعالي: ?قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم

مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?، أي أنهم لم يستكملوا شروط الإيمان حتي يقولوا ذلك، بل كانوا مستكملين لشروط الإسلام وهو الإيمان بالشهادتين كما أسلفنا آنفاً، ومتي ما استكملوا الشروط اصبحوا مؤمنين، ومن الشروط الإيمان بولاية الأئمة الإثني عشر كما هو واضح من الحديث إذ بين الإمام عليه السلام للسائل أنه كان مسلماً وبالإيمان بالولاية أصبح مؤمناً. وينبغي في هذا المورد أن نبين أمر واحد هو: أن من لم يؤمن بإمامتهم يبقي مسلماً ما لم يكن ناصبياً لهم فيخرج من رتبة الإسلام بنصبه لمخالفته نصوص القرآن الكريم.

س: ما هو التفاوت بين ولاية الأئمة المعصومين وولاية الفقيه الجامع للشرائط؟

ج: هناك تفاوت كبير بين الولايتين: فولاية الأئمة المعصومين مباشرة من الله تعالي، ولكن ولاية الفقهاء بواسطة الإمام المهدي عليه السلام. ثم إن ولاية الأئمة ولاية تكوينية وتشريعية، ولكن ولاية الفقهاء تشريعية فقط، وولاية الأئمة مقرونة بالعصمة وغير قابلة للسهو والخطأ والنسيان، ولكن ولاية الفقهاء ليست كذلك. وولاية المعصومين عامة، في حين أن ولاية الفقهاء خاصة لا تسري إلي الأموال و الأنفس والأعراض، وغير ذلك.

س: ما معني التوسل بالأئمة؟ ألا يستطيع الفرد طلب حاجاته من الله مباشرة أو يقترب منه؟

ج: معني التوسل بالأئمة الأطهار هو:

أنك تطلب منهم بإلحاحٍ أن يكونوا واسطة بينك وبين الله تعالي لتقضي حوائجك، وفلسفة ذلك أن العبد يخرق وجهه أمام خالقه من الذنوب والمعاصي فتنهار العلاقة الحميمة بينه وبين الله فلا يصبح عبداً مطيعاً له جلّ وعلا، الأمر الذي يلزم في أقل التقادير عدم تلبية احتياجاته ومتطلباته، فعندئذ يصبح محتاجاً إلي من يكون مقبولاً عند الله تعالي ليقضي الله الحاجة إكراماً له.

والقبول هنا له وجهين أحدهما في طول الآخر.

فالأوّل: قبول الله جلّ وعلا

للواسطة، وهو مضمون في توسيط أهل البيت، فقد جاء في قصة المباهلة مع نصاري نجران قول الأسقف: «إني لأري وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله..»، لذلك دلنا الباري سبحانه علي أنه لا يقبل من العصاة إلا بتقديمهم الوسيلة في قوله تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ?، ولا يقبل من الوسيلة إلا المؤمنون الصالحون وعلي رأسهم أهل بيت العصمة والطهارة.

الثاني: أن يكون المتوسل مقبولاً عند من توسل به ليكون واسطة بينه وبين ربه سبحانه وتعالي وهم أهل البيت، الذين لا يقبلون من لا يقبله الله تبارك وتعالي، وقد ورد في الحديث عنهم: «رضا الله رضانا أهل البيت».

وأما استطاعة طلب الفرد حاجاته من الله مباشرةً فممكن غير ممتنع، ولكن لا تُضمن الإجابة لاحتمال صدور الذنوب الصغيرة التي تحجب استجابة الدعاء كما ورد في دعاء أمير المؤمنين عليه السلام الذي علّمه لكميل بن زياد:

«اللهم اغفر لي الذنوب التي تغيّر النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء».

كما أنه حتي لو وقعت الإجابة فوجود الآية الشريفة: ?وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ? فيه دلالة علي محبوبية استخدام الوسيلة لدي الله سبحانه، وقد صدر ذلك من النبي صلي الله عليه و اله، فقد جاء في الحديث المنقول «عن ابن حسنويه عن ابن مسعود عبد الله أن علي بن أبي طالب كان يصلي ويقول في سجوده وركوعه: اللهم بحق محمد عبدك اغفر للخاطئين من شيعتي، يقول الراوي خرجت حتي أخبر رسول الله صلي الله عليه و اله فرأيته وهو يصلي ويقول: اللهم بحق علي بن أبي طالب عبدك اغفر للخاطئين من أمتي».

وأما مسألة الإقتراب

منه جلّ وعلا فهو ممكن أيضاً، ولكن يجب أن نعرف كيف يكون الإقتراب؟ والجواب بالطاعة لله تعالي التي منها التقرب إليه بآل بيت نبيه وبمحبّتهم المفروضة في كتابه وطاعتهم.

س: هل إنّ أفضلية المعصومين علي الخلق أجمعين ليس بالأمر المهمّ وإنّه نوع من الترف الفكري؟

ج: إن أفضلية المعصوم مِن الاُمور المهمة جداً وليست مِن الترف الفكري؛ وذلك للأثر المترتب عليها في مسائلٍ كثيرةٍ أهمها مسألة تقدمهم علي غيرهم مِن بني آدم في التصدي لأمر الاُمة وأحقيتهم به بناءاً علي تلك الأفضلية، ولا يُعبأ في هذا الأمر بمن تُقُدِمَ عليه من يكون وما يكون؛ إذ أن ملاك الأفضلية لا ذات الشخصية، ففطرة الإنسان وطبيعته تميل نحو الأفضل والأكمل والأجمل و … الخ وتُقَدِمَه في جميع الأُمور الصغيرة والخطيرة كإمامة الصلاة وإمامة الأُمة، والأئمة يتقدمون علي غيرهم بالاحقية بالإمامة بهذا الأمر في أنهم الأفضل مِن غيرهم في علم الله تعالي والواقع الخارجي المُعاش والمشهود لهم به عند الأمة، وليسَ هذا الدليل الوحيد علي احقيتهم بالأمر بل هناك أدلةُ اُخري محكمة وأهمية التحدث بهذا الأمر تكمن في أن الأفضلية دليل مِن أدلة احقيتهم بأمر إمامة الأُمة الإسلامية مِن غيرهم بعدَ رسول الله صلي الله عليه و اله الأمر الذي يستتبع انكاره مفسدةً عظيمة لدخول المُنكِر في دائرة المعصية الإلهية مِن أوسع أبوابها، وقد دلت علي ذلك رواياتٌ كثيرةٌ منها قولَ النبي صلي الله عليه و اله:

مَن سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليتول علياً مِن بعدي وليوال وليه ولِيقتدي بأهل بيتي من بعدي فإنهم عترتي خلقوا مِن طينتي ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم مِن أُمتي القاطعين فيهم صلتي لا انا لهم الله شفاعتي.

س:

هل يختلف عنصر وهيئة بدن المعصوم عن أبدان سائر الخلق وكيف ذلك؟

ج: نعم هناك اختلاف في عنصر بدن المعصوم عن أبدان سائر الخلائق كاختلاف عناصر أبدان سائر الخلائق مِن دونهم بعضها عن البعض الآخر؛ وذلك لاختلاف المكونات للتركيبة التي تكونت منها عناصر هذا البدن أو ذاك؛ إذ أن عناصر البدن تتكون مِن الطعام الذي يأكله الإنسان والذي يؤثر نوعه علي شكل البدن كأكل السفرجل أو التمر الذي يُحسن الخلقه وأمثال ذلك، وكذا حليته وحرمته في كينونة هذا البدن طاهراً أو لا تبعاً لطهارة ونجاسة عنصره الأول، وقد نُقِلَ في قصه ولادة السيدة الزهراء عليها السلام أن جبرئيل أمر النبي صلي الله عليه و اله عن أمر الله تعالي باعتزال السيدة خديجة عليها السلام أربعين يوماً بلياليها وصيام تلك المدة، ثم في ليلة الأربعين جاء جبرئيل للنبي صلي الله عليه و اله بتفاحة من الجنة وأمره بتناولها ثم أمره بمقاربتها فتكونت نطفة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من تفاحة الجنة، وكانت عناصرها الأولية مِن هذهِ التفاحة، التي انتقلت بعد ذلك إلي ذريتها المعصومين، وقد يقدح في الذهن السؤال التالي: إنهم امتازوا بميزة وهي كون عناصرهم مِن الجنة وهُوَ ما جعل العجز بادياً في بقية بني آدم من المنافسة في هذا المجال، فكيف يفهم ذلك؟

ولا يبعد الإختيار الذي أجراه الله سبحانه لنبي آدم في عالم الذر: ?وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَي أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَي شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ? تفاوت الناس آنذاك في الإجابة فكان أسرعهم إليها أقربهم إليه وهم محمد وآل محمد عليهم السلام مِن الحجج المعصومين، وأن اُسس هذا التمايز الذي جعلت

وبنيت الأَقدار الإلهية عليه فكان لهم ذلك. ويُترك لباقي الناس أن يختاروا الحلال مِنَ الطعام الدنيوي الذي يدخل الإنسان في نفس الخط ويدفعُهُ بنفس الإتجاه، وزاد الإهتمام الإلهي بهم للدور الذي يطَّلعون بِهِ في خلافته وقيادة الأُمة.

وأما كيفية انعقاد النطفة وكيفية الولادة فكل الخلائق سواءٌ في ذلك بغض النظر عن الخصوصيات المرافقه لنمو جنينهم وولادتهم. وهناك كيفية اُخري في تكون أبدانهم وردت في الروايات الشريفة تتناسب وذلك العالم نتركها لحينها لعدم ورود السؤال عنها في متن السؤال.

س: كان الأئمّة المعصومون كلّهم يعلمون علم البلايا والمنايا حيث علّم أمير المؤمنين بعض أصحابه كسلمان الفارسي ورشيد الهجري بعضاً منه، ومعه فما أفضلية مبيت أمير المؤمنين علي فراش النبي وغير ذلك من مواطن تعرّضه لحتفه عليه السلام؟

ج: إن علم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالبلايا والمنايا هُوَ علم بالكليات لا بالجزئيات التفصيلية المرتبطة بكل حادثة وواقعة إذ أنهُ لو أراد ذلك لعلمها متي ما شاء من الله تبارك وتعالي. وفي علمه عليه السلام صورتان:

1. إن علمه الباطني فقط بالكليات فالكليات تقول إن المبيت في فراش يتعهده القتلة للقتل يقتل مَن ينام فيه وهو ما كان مطابقاً للعلم الظاهري ففي هكذا علم القتل حاصلٌ لا محاله والإقدام والمبيت علي هذهِ الصورة فضيلتُهُ عظيمة لحصول القتل في الإقدام والذي يتطلب شجاعة فائقة تميّز صاحبها عن غيرِهِ.

2. إن علمه الباطني بالكليات والجزئيات المتعلقة بذات واقعة المبيت في فراش النبي صلي الله عليه و اله والتي يعلمها الإمام عليه السلام عندما يريد ومنها أنهُ لا يقتل أيضاً لا تلغي أفضلية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لسببين:

الأول: وجود النية الحقيقية لدي الإمام عليه السلام المحققة بفعل المبيت والتي لم تجسد عملاً إلا منه

عليه السلام مما أعطته الأفضلية علي غيره بهذه المسألة (صدق النية) والنبي صلي الله عليه و اله يقول: «نية المرء خيرٌ مِن عمله».

الثاني: أنهُ علي الرغم مِن علم الإمام عليه السلام بالكليات والجزئيات وأنهُ سوف لا يقتل فلا يمكن الجزم أيضاً بهذاِ العلم؛ وذلك لوجود آية في كتاب الله تعالي وهي قوله: ?يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ? وقد استشهد بها عليه السلام في إحدي خطبه قائلاً: « … ولو لا آيةٌ في كتاب الله عزّوجل لأخبرتكم بما كان وبما هوَ كائن الي يوم القيامة»، وهي هذه الآية: ?يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ?، وعليه فمع احتمال تبدل الأمر بموجب هذه الآية تثبت الفضيلة أيضاً للإمام أمير المؤمنين عليه السلام لوجود احتمالية تحقق القتل.

س: هل الأئمة المعصومون من نسل الإمام علي كانوا يعلمون الغيب ويعرفون كل العلوم وبمعني أدق هل كانوا يعلمون كل شيء من دون استثناء؟

ج: إنّ الجواب علي هذا السؤال يقتضي معرفة اُمور عديدة لفهمه هي:

1. معرفة معني الغيب.

2. معرفة مصدر الغيب.

3. معرفة هل هناك إمكانية للإطلاع علي الغيب.

4. معرفة مهمة الإمام المعصوم عليه السلام في الحياة الدنيا.

5. معرفة هل أن الأئمة المعصومون يعلمون الغيب

أم لا؟

6. أو يعلمون كل شيء من دون استثناء.

أولاً: الغيب: كل ما استتر عن العين، واستعمل في كل غائبٍ عن الحاسة وعما يغيب عن علم الإنسان كما في قولِهِ تعالي: ?تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ?.

ثانياً: إن مصدر الغيب الحقيقي دائماً وأبداً هُوَ الله تبارك وتعالي، وإلا يبقي الإنسان جاهلاً ما لم يأذن الله جل وعلا بمعرفة ما غابَ عنا والطرق لذلك

مختلفة، وقد قال في كتابه الكريم: ?مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَي مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّيَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَي الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ?، وهناك آيات صرحت وحصرت معرفة الغيب به جل ثناؤه فقط كما في قوله تعالي: ?قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ? وقوله: ?وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ» كذلك: ?وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ? وغيرها مِن الآيات الحاصرة لمصدر الغيب في الله تبارك وتعالي.

ثالثاً: بمراجعة الآيات القرآنية والإكتفاء بظاهرها الجلي في التفسير نجد هناك إمكانية لدي الإنسان في معرفة الغيب لامتلاكه الوسائل وتوفر الكيفية، ومن هذهِ الآيات قوله تعالي: ?عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَي غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاّ مَنِ ارْتَضَي مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا?، ففي هذهِ الآية ذُكر الإستثناء واضحاً في أن من توفر فيه شرطين:

الأول: أنه مرضيٌ عند الله.

والثاني: إنه مرسل، يطلعه الله علي الغيب.

رابعاً: إن مهمة الإمام المعصوم في الدنيا هي الهداية نحو الله تبارك وتعالي والتي تختلف عن هداية الأنبياء في أنها لا تقتصر علي تبليغ الأحكام فقط، بل والأخذ بأيديهم في جادة التطبيق، لذا نري القرآن الكريم يفصل بينَ الهدايتين مِن خلال التركيز علي الوظيفة، وذلك في قوله تعالي: ?كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ

بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَي اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَي صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ?، وقوله: ?رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَي اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا?، وقوله: ?وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ? وآيات اُخري، ولم يفرق القرآن بين وظيفة النبي ووظيفة الإمام إلا في موضع واحد وذلك في قوله تعالي: ?وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ?، حيث جاء في الحديث التفسيري في كتاب الكافي عن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجل: ?وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ? فقال: كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم. وكذلك الحديث الشريف عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزّ وجل: ?إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ? فقال رسول الله صلي الله عليه و اله المنذر ولكل زمانٍ منا هاد يهديهم إلي ما جاء به نبي الله صلي الله عليه و اله ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحدٌ بعد واحد.

وعليه يتبين أو وظيفة الإمام المعصوم هي الهداية خاصة لا الإنذار والتبشير الذي هو وظيفة الأنبياء، والهداية لا تكون إلا علي ضوء العلم والمعلومات العلمية، لذا فإن من الواجب بالوجوب العقلي قبل دلالة النقل عليه أن يطلع الإمام المعصوم علي المعلومات المكنونة والمخزونة قبل غيرها، وهو ما نعنيه بالإطلاع علي الغيب؛ لأجل التمكن من أداء الوظيفة.

خامساً: فقد دلت الوقائع المختلفة للأئمة علي علمهم المختلف عن علم الآخرين

من العلماء وغيرهم إذ أخبروا من الغيب من أنباء مامضي وما يكون وكائن مستقبلاً من قبيل إخبار الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بما يجري علي ولده الحسين عليه السلام في كربلاء وأمثال ذلك.

سادساً: أما يعلمون كل شيء من دون استثناء، فيعلمون كل شيء مما أذن الله لهم معرفته من دون استثناء فعلاً وقوةً ويكفي في ذلك أنهم جعلوا عدلاً للقرآن الكريم الذي فيه كل شيء وعلم ما كان وما يكون إلي يوم القيامة، وحديث الثقلين خير دليل في المسألة.

س: لماذا معظم أمهات الائمة من أصول غير عربية؟

ج: أولاً: إنّ الإمام المعصوم يجب أن يكون طاهر المولد من الأبوين وقد ورد في إحدي زيارات الحسين عليه السلام: « … أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها … »، وعليه فإن المهم طهارة الوعاء الذي يحمل الإمام لا الجنسية لهذا الوعاء.

ثانياً: جاء في الحديث الشريف إن الله أخفي ثلاثاً في ثلاث وواحدة من هذه الثلاث أولياءه في خلقه، ولم يقل في الأمة العربية أو غير ذلك من الألفاظ التي لها صبغة قومية وعصبيةً نهي الإسلام عنها بمختلف الألفاظ والأساليب والسلوكيات، والنص القرآني في هذا الإطار جلي وواضح ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?، فما دام الإنسان ولياً تقياً يقدم ويحظي بهذا الشرف العظيم كأمهات الأئمة، وما تحقق الواقع المسؤول عنه في فرض السؤال إلا تحقيقاً لهذه النظرة القرآنية الإلهية التي يجب أن يؤمن ويلتزم ويعمل بها الجميع دون استثناء.

س: ما هو حديث المنزلة؟

ج: حديث المنزلة حديث معروف بين الخاصة والعامة وهو

قول رسول الله صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام في مناسبات شتي منها حين استخلفه علي المدينة، «انت مني بمنزلة هارون من موسي، الا انه لا نبي بعدي».

س: هل أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام أفضل أم زيارة الإمام الرضا عليه السلام؟

ج: الروايات الكثيرة تدل علي الأوّل (زيارة الإمام الحسين عليه السلام)، وما دل علي الثاني (زيارة الإمام الرضا عليه السلام) فمحمول علي الزمان الخاص من بعد وفاة الإمام عليه السلام لاجل ازالة تشكيكات الفرقة الواقفية التي لم تقل بإمامة الرضا عليه السلام.

س: ما صحة وسند زيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي عليه السلام؟

ج: الزيارة الجامعة معتبرة سنداً ومتناً، وهي من حيث المعني والمغزي في كمال الصحة، ومن حيث البلاغة والفصاحة في القمة.

س: ما هو المقصود بالجارية وهل والدة الإمام المهدي عليه السلام كانت جارية؟

ج: المقصود بالجارية هي الأمة، علماً بأن الإسلام أراد تعميم السلم والسلام وإجتثاث جذور الفتن والحروب، فشرّع قانوناً يقضي بأسترقاق المحاربين إذا وقعوا في الأسر، حتي لا يتجرّأ أحد علي شن الحرب ضد الإسلام والمسلمين، فإن طبيعة النفوس الرضوخ للقتل وعدم الوقوع في الأسر والإسترقاق، فملوك فارس حاربوا المسلمين فغُلبوا وأُسرت نساؤهم وبناتهم، فتزوّج واحدة منهن الإمام الحسين عليه السلام وولدت له الإمام السجاد عليه السلام وماتت في نفاسها حسب التاريخ الصحيح وملوك الروم حاربوا المسلمين فغُلبوا وأُسرت نساؤهم وبناتهم، فتزوج واحدة منهن الإمام العسكري عليه السلام فولدت له الإمام المهدي عليه السلام.

س: هل هناك روايات عند أهل السنة تقول بأن الإمام المهدي مولود؟

ج: قد اعترف علماء كثيرون من أهل السنة بولادة الإمام المهدي عليه السلام فراجع كتاب (دفاع عن الكافي)1/568 للسيد ثامر العميدي، فقد ذكر فيه مائة

وثمانية وعشرين شخصاً عالماً من أهل السنة من الذين اعترفوا بولادة الإمام المهدي عليه السلام مع ترتيبهم بحسب القرون، ونحن نقتصر علي ذكر بعضهم:

1. سهل بن عبد الله البخاري (ت/ 341 ه) سر السلسلة العلوية: 39.

2. الخوارزمي (ت/ 387 ه) مفاتيح العلوم: 32 طبعة لندن/ 1895م.

3. محمد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت/ 658 ه) كفاية الطالب/ الصفحة الاخيرة.

4. ابن خلكان (ت/ 681ه) وفيات الأعيان 4: 176/ 562.

5. الجويني الحمويني الشافعي (ت/732 ه) فرائد السمطين 2: 337.

6. محب الدين أبو الوليد محمّد بن شحنة الحلبي الحنفي (ت/ 815 ه) روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر 1: 294، مطبوع في حاشية مروج الذهب بمصر سنة/ 1303 ه.

7. ابن الصباغ المالكي (ت/ 855 ه) الفصول المهمّة/ الفصل الثاني عشر: 287.

8. أحمد الهيثمي الشافعي (ت/ 974 ه) الصواعق المحرقة ط. الاولي ص207، ط. الثانية ص124، ط. الثالثة ص313.

س: هل من الصحيح أن والدة إمامنا السجاد عليه السلام كان قد زوجها الإمام الباقر عليه السلام لغير أبيه بعد وفاته عليه السلام؟

ج: إن والدة الإمام السجاد عليه السلام، قد ماتت عند النفاس، ولكن كانت هناك امرأة تقوم مقام الأم بحضانته، فزوج الإمام الباقر عليه السلام تلك المرأة لرجل من المسلمين وكان يسمّيها بالأم إكراماً لها وتقديراً لحضانتها .

س: ما هو الدليل القطعي علي أنّ المعصومين يرون ويسمعون الكلام ويردّون السلام؟

ج: يقول الله تعالي بالنسبة الي الشهداء: «وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء».

والأئمة قتلوا في سبيل الله تعالي جميعاً إما سماً وإما بالسيف كما ورد في الحديث الشريف: «ما منا إلا مسمومٌ أو مقتول»، ويُسمي القرآن الكريم المقتول في سبيل الله شهيداً، والشهيد حي يرزق، والحي يسمع الكلام

ويرد السلام. هذا مضافاً الي روايات كثيرة متواترة في هذا المجال تقول بعدم الفرق بين حياتهم وموتهم، وبأن الله سخّر لهم من يبلغهم السلام كما في رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من سلّم عليّ في شيء من الارض أُبلغته، ومن سلّم علي عند القبر سمعته». والآلية والميكانيكية الجارية للنبي كمعصوم تكون لغيره مِنَ المعصومين أيضاً وبنفس الملاك.

س: هل أن علم الأئمة حضوري أم حصولي؟

ج: إذا نظرنا إلي صفات ووظائف الإمام المعصوم عليه السلام نجد أن علمه يجب أن يكون حضورياً لا حصولياً، فوظيفة المعصوم هداية الخلق تبليغاً وتطبيقاً وإرشاداً وهُوَ في هذا يحتاج إلي علم لا يقبل الخطأ ولا التخلف لحصول الأثر المطلوب من كونه قائداً لعملية الهداية للخلق، وأما إذا نظرنا إلي الخصائص التي يتمتع بها الإمام الهادي نحو الله تبارك وتعالي فإن مِن أهمها هي أن يكون معصوماً عن الخطأ والسهو والغفلة والإشتباه وهُوَ أمرٌ لا يتم إلا إذا كان المعصوم عالماً فنسبة الخطأ والسهو والغفلة والإشتباه تقل مَعَ ارتفاع نسبة العلم والتناسب بينهما عكسيٌ، أي كلما كان العلم مرتفعاً كان الخطأ وأمثاله منخفضاً حتي يصل إلي درجة الإنعدام ويذهب إلي اللاعودة لثبوت ذلك العلم وزيادتِهِ دائماً، هكذا نوع مِن العلم يقي مِن السقوط في الهفوات ولا يكون إلا في العلم الحضوري الذي يكشف عن حقيقة ذات المعلوم في جميع الجوانب مِن دون واسطةٍ بخلاف العلم الحصولي الذي لا يكون الإنكشاف فيه إلا في جانب من الجوانب وبواسطة إحدي الوسائط كالعقل مثلاً. فالوقاية العلمية التي تمنح العصمة للإنسان يكون الإنكشاف العلمي فيها تاماً لا ناقصاً وهو ما لا يكون إلا في العلم الحضوري

الذي يدركه الإنسان بجميع قواه لا بقوة واحدة كما هُوَ الحال في العلم الحصولي، وعليه فإن علمهم كأئمةٍ معصومين علمٌ حضوريٌ لا حصولي.

س: هل سائر الخلق مخلوقين من طينة واحدة، حتي المعصومين الأربعة عشر ام الأربعة عشر من طينة خاصة ليس لغيرهم فيها نصيب؟

ج: كلا بإستثناء المعصومين الأربعة عشر فإنهم مِن طينة واحدة مخزونة مكنونة مِن تحت العرش (خاصة) ليسَ لغيرهم فيها نصيب كما جاءَ في الحديث الشريف عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن عن محمد بن عيسي بن عبيد عن محمد بن شعيب عن عمران بن اسحاق الزعفراني عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: «إن الله خلقنا مِن نور عظمته ثم صور خلقنا مِن طينة مخزونة مكنونةٍ مِن تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منهُ نصيباً، وخلق ارواح شيعتنا مِن طينتنا وأبدانهم مِن طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ أسفل مِن ذلك الطينة ولم يجعل الله لأحدٍ في مثل الذي خلقهم منهُ نصيباً إلا للأنبياء ولذلك صرنا نحن وهم الناس، وصارَ سائر الناس همج، للنارِ وإلي النار».

س: هل الائمة يعلمون الغيب ويعلمون متي يموتون وما موقفكم ممن يقول بذلك؟

ج: ذُكِرَ في كتاب العين للفراهيدي وبقية كتب اللغة الأُخري أن الغيب هُوَ ما غابَ عنك أو كل ما غابَ عنك وقد ذكر في القرآن الكريم في مواضع عديدة مقسمة علي ثلاث مواضع.

الأول: منها للآيات التي نفي فيها الباري تبارك وتعالي علم غيرِه بالغيب تصريحاً وتلويحاً.

والثاني: بيّن جلَّ وعلا أن لهذا المنع استثناءات وهم الرسل أو الذين اجتباهم الله تبارك وتعالي والثالث بيّن الطريقة التي يكون بها الرسول

مطلعاً علي الغيب وهي الوحي وهو جليَّ لمن يراجع القرآن الكريم في الآيات من سورة: آل عمران: 179، الانعام: 50و59، الاعراف: 188، يونس: 20 وكذلك هود والنمل والطور والنجم وغيرها مِن الآيات التي ذكرت الغيب في القرآن الكريم.

إذن فالغيب ممنوع علي البشر إلا من إذن له الله سبحانه وهَمَ الرسل ومنهم محمد صلي الله عليه و اله وذلك بواسطة الوحي وهنا تصبح المسأله نسبية فالذي كشف للنبي صلي الله عليه و اله مِن علم فيما بينه وبين الله تبارك وتعالي فهُوَ ليس بغيب بالنسبة للنبي صلي الله عليه و اله، ولكن بالنسبة للناس عموماً فهُوَ لا زالَ غيباً حتي يكشفهُ النبي صلي الله عليه و اله وهذا جار في الأئمة الذين أخذوا علمهم مِن النبي الذي علمَهُ الله سبحانه وهُوَ جليٌ في قول عليٍّ عليه السلام: «علمني رسول الله ألفَ بابٍ مِن العلم يفتح لي مِن كل باب ألفَ باب» وواضح هنا إنه علم جم ليسَ في متناول أيدي الناس وهُوَ غيبٌ عليهم أما بالنسبة لبقية الأئمة الطاهرين الذين علمهم إياه أمير المؤمنين عليه السلام فهُوَ علمٌ مكشوف. فإذا كانت آلية الإطلاع علي العلم تتم بإذن إلهي والإخبار يتم عن طريق الوحي يقتضي ذلك أن يكون الإمام عالماً أيضاً بعلم رسول الله صلي الله عليه و اله مِن الله بكل ما علمه ومنه علمُهُ بوقت وفاته، ولا إشكال في ذلك لعدم استقلالية علمهم عن الإذن الإلهي وتعلق إرادتِهِ بأنهم يعلمون ذلك ولامرد لإرادةِ الله، وقد صرحوا في أكثر مِن رواية بأنهم يعلمون ذلك.

س: هل يجوز وضع وسيط كالائمة بين الله وبين الداعي في الدعاء؟

ج: نعم؛ وذلك لقوله تعالي?وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ? والوسيلة هي الواسطة بينَ الله

وبين خلقه، حيث ذكر مفسرو الخاصة والعامة أن الوسيلة هم محمد وآل محمد عليهم السلام. وقد ذكر القرآن الكريم صراحة فعل النبي صلي الله عليه و اله بالإستغفار للذين ظلموا أنفسهم فجاؤوه واستغفر لهم عند الله فلو كانت الواسطة غير جائزة لما جعل نفسه واسطة بين الله وبينهم.

س: هل الائمة أفضل من الأنبياء؟

ج: قبل الإجابة عن هذا السؤال لابُدّ مِن معرفة أن التفضيل بين ابناء البشر وبين الأنبياء أنفسهم مِن القوانين الإلهية التي لا تقبل التخلف وتأبي الإشمئزازَ والإستهجان، وقد وردت آيات في الكتاب الكريم تبين ذلك منها قوله تعالي: ?انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَي بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً?، وقال تعالي: ?تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَي بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ?، فهذه الآيات تبين الحقيقة الآنفة الذكر، ولم يتوقف الأمر علي هذا فحسب بل ذكر القرآن الكريم أيضاً تفضيل الرسل وآبائهم وذرياتهم واخوانهم علي غيرهم مِن أبناء جلدتهم كما في قولِهِ تعالي: ?وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَي الْعَالَمِينَ ? وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَي صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ?، والذي يجب الإنتباه إليه في هذه الآيات جميعها أن الباري تبارك وتعالي ذكر لهذا التفضيل اسباب وخصائص يكون علي أساسها الأفضل فيها أيهم أقرب إلي الله تعالي كما في قوله تعالي: ? … وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً?، وقوله: ? … مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ? وكذلك: ?وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ

إِلَي صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ? فبموجب هذا الإجتباء والخصوصيات والهداية إلي صراطه المستقيم فضل الأنبياء علي أبناء جلدتهم وبها فضل المتعلقين بهم مِن أبناء وإخوان وآباء وذراري وبموجب هذا القانون فضل النبي صلي الله عليه و اله علي بقية الأنبياء وذريته المعصومين علي بقية الذراري واُمتهُ علي بقية الأمم.

ومن هذا المنطلق القرآني نقول بضرس قاطع جواباً للسؤال نعم أن أئمة أهل البيت بعد النبي الأكرم صلي الله عليه و اله أفضل من بقية الأنبياء، وقد ورد في الروايات عن النبي صلي الله عليه و اله ما يدل علي ذلك منقولةً في مصادر الفريقين.

س: لقد انتشرت مسألة «خلق الله الكون» من أجل الأئمة، هل يوجد تصريح للعلماء المتقدمين أو روايات بخصوص هذه المسألة؟

ج: في أصول الكافي الذي هو أحد الكتب الأربعة في كتاب «الحجة» روايات كثيرة تدل علي ذلك مضافاً الي حديث الكساء الذي رواه جابر عن سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام والذي نزل جبرائيل في تلك المناسبة بآية التطهير ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً ?دعماً لحديث الكساء الصريح في ذلك.

وما يدل عليه القرآن الكريم أيضاً في كثير من الآيات مثل قوله تعالي: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ? فهل دل علي عبادة الله المطلوبة لله تعالي غير النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته.

س: متي بدأت علاقة الملائكة مع أهل البيت عليه السلام؟

ج: بدأت منذ أن خلق الله تعالي الملائكة: لأن الملائكة كما في الأحاديث الشريفة خلقوا بعد تلك الأنوار. وتعلموا منهم التهليل والتسبيح وحمد الله وتكبيره.

س: ما هو راي سماحتكم بالفكرة القائلة بان المعصوم متكامل جسمانياً ولا تحصل له الوفاة وفق الأسباب الطبيعية التي تسري علي بقية البشر كالمرض والهرم

… ولا يموت «المعصوم إلا بحادث عارض كالقتل أو السم»؟

ج: الطب القديم والجديد اثبتَ نظريةً تقول: إنَ الإنسان لو أكل وشربَ واستراح وفق النظام الصحيح لهذه الاُمور يستريح بدنه وتنمو خلاياه بشكلٍ نموذجي، بحيث يبتعد عنهُ المرض والأفات التي تفتك بهذا الجسد، فالإستخدام الصحيح يوجب طول العمر ودوام الحياة لسلامةِ لوازمها، والأئمة المعصومون باعتبارهم أعلم البشر مِن بعد النبي صلي الله عليه و اله يعملون بهذه القواعد الطبية الآنفة الذكر، لذا لا يعرض لهم المرض الناشيء عن سوء التغذية أو التخمة أو ما شاكل ذلك مِن الأمور التي تستملك الخلايا وتعجل بهرمها وبعد ذلك موتها وإنما يعرض لَهُمْ المرض بفعل فاعل إذ يسلطُهُ الله سبحانه عليهم للإبتلاء والإختبار والإمتحان لرفع درجاتهم أو بفعل الإنسان الذي يدس لَهُمُ السم مثلاً ليموتوا، وكل ذلك لا يكون إلا بأذن الله تعالي ودنو أجل الإمام عليه السلام، فالكلام صحيح والفكرةُ كذلك وفقاً للقوانين الطبيعية ولا إشكال فيها.

س: هل يُغشي علي الإمام المعصوم؟

ج: الغشيان هُوَ تغطية الشيء بشيء، والغشاء الغطاء الذي يحجب ذلك الشيء كقول الباري عزّ وجلَّ في كتابهِ الكريم: ?وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا? أي الشمس فاستخدم الغشاء هنا بمعني الحجاب الحائل، ومن هذا استخدم المعني للذي يفقد وعيه ويدخل في حالة الإغماء فقيل لَه غُشيَ عليه؛ لأن حاله الإغماء غطت الإنسان بحالته الطبيعية وحجبتها عن الواقع فتخلق بذلك واقعاً جديداً هُوَ: إن الإنسان المغشي عليه إنسانٌ فاقدٌ للحواس ومِنَ الناحية الطبية مغميً عليه فإذا كانَ المراد مِن الغشية في فرض السؤال أعلاه هذا المعني بعينهِ وذاته فهُوَ لا يعرض علي المعصوم عليه السلام أبداً، وذلك لفساد لوازمه التي يمكن تلخيصها فيما يلي:

إن المعصوم عليه السلام كالنبي صلي الله عليه

و اله والأئمة يديرون شؤون الخلق بإذن الله تعالي فإذا كانت الغشية بمعني الإغماء تعرض لهم يلزم مِن ذلك إنقطاعهم عن إدارة شؤون الخلق مدة الغشية المتفاوتة في أوقاتها الأمر الذي يلزم منه الفوضي ويلزم منه احتياج الخلق إلي إمام ثانٍ لسد الفراغ في فترة الغشية وهذا يؤدي إلي نقصٍ في المعصوم وهُوَ خِلاف عصمته ويؤدي إلي تعدد الأئمة في الإدارةِ في الزمان والمكان الواحد وهُوَ باطلٌ عقلاً كما أن الشارع لم يجري التدبير بهذهِ الكيفية.

أما إذا كان المراد بالغشية معناها الذي ذكرته الروايات الشريفة في الإمام أو النبي عليهم السلام فذاك ليس بإغماء، بل هُوَ انقطاعٌ إلي الله تعالي بتجرد لا فقد للحواس (الإغماء) أو (الغشية) الذي مِن اسبابه الإجهاد البدني أو عدم وصول الدم للدماغ أو ما شاكل مِن الاسباب الطبية فالحواس في هذا الإنقطاع في أتم حالاتها وامثلها.

فاطمة الزهراء سلام الله عليها

س: هل أنّ السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام امرأة عادية وليس لها فضائل؟

ج: كيف تكون السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام امرأة عادية وقد جعلها الله تعالي المحور في تعريف الخمسة أصحاب الكساء الذين نزلت في حقهم وبمناسبة اجتماعهم تحت الكساء آية التطهير: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?. حيث إن جبرائيل قبل أن ينزل بالآية الكريمة علي النبي صلي الله عليه و اله سأل الله قائلاً: ومن تحت الكساء يا رب؟

فقال الله جلّ جلاله: «هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها».

وعليه: فلو لم يكن للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فضل سوي هذا المورد لكفاها بذلك فضلاً، فكيف بها وهذه واحدة من فضائلها الكثيرة عليها السلام؟

س: ما حكم من يشكّك في مصائب الزهراء عليها السلام وما جري عليها؟

ج: ليس هناك شك في مصائب

الزهراء عليها السلام وما جري عليها من ظلمٍ بعد ارتحال أبيها ويكفي في ذلك قول أبي بكر عند موته: «وددت أني لم أكشف عن بيت فاطمة» المذكور في كتب العامة أنفسهم، وكذلك نقلهم أي العامة : أنهم لما هجموا بالنار علي بيت فاطمة عليها السلام قيل لعمر إن فيها فاطمة، فأجاب قائلاً: وإن، ولذلك نري القرآن الحكيم يلعن الذين آذوا الله تعالي في نبيه، ويلعن الذين آذوا النبي في ابنته فاطمة عليها السلام وأهل بيته بقوله: ?إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا? كيف لا، وقد قال الرسول الكريم في حق ابنته: «يا فاطمة إن الله يرضي لرضاك ويغضب لغضبك».

س: ما هي الخصوصيات التكوينية والاُمور الغيبية التي تدخّلت في تكوّن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟

ج: الخصوصيات التي لها دخل في تكوّن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كثيرة يلخّصها قول النبي صلي الله عليه و اله فيها: أنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وأنها حوراء إنسية، وأنه صلي الله عليه و اله كلما اشتاق الي الجنة شمّ فاطمة عليها السلام، وأن الله يرضي لرضاها ويغضب لغضبها، وإلي غير ذلك مما يدل علي أنها عليها السلام كبقية المعصومين لها خصوصياتها الروحية والجسدية المناسبة للعصمة.

س: هل للترابط بين الروح والجسد مدخليّة في خلق السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وما مدي هذه المدخلية؟

ج: إنّ لكل إنسان كما هُوَ المعلوم بُعدين، الأول الروح والثاني الجسد، والترابط بين الروح والجسد وثيق جداً وتأثير الروح عليه واضح، بل ظاهر مِن خلال جميع الأفعال التي يقوم بها خلال دورة حياته.

والسيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام لا تخرج عن هذهِ الحقيقة إذا ما نظرنا إليها مِن

جهة بشريةٍ بحتة، فهي أيضاً ذو بعدين (الروح والجسد) والترابط بينهما قائم، إلا أن الفرق بينها عليها السلام وبين أبناء جلدتها هو أن الله سبحانه خلق روحها مِن نور وبدنها مِن طينة مخزونة مكنونه تحت العرش.

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إن الله خلقنا مِن نور عظمته ثم صوّر خلقنا من طينة مخزونة مكنونة مِن تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحنُ خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحدٍ في مثل الذي خلقنا منه نصيباً … »، واذا قال قائل: إن هذا خاص بالأئمة المعصومين فلماذا تقحمون الزهراء عليها السلام معهم؟ نقول أدخلها الرسول صلي الله عليه و اله معهم في حديثه لسلمان? قائلاً: « … يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعت وخلق مِن نوري علياً فدعاه فأطاع وخلقَ مِن نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعت وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه … ».

س: أين قبر السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟

ج: قبر السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بحسب وصيتها كان ولا يزال مخفياً، وهو مثار للسؤال، فإن كل محب للنبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته عندما يبحث عن قبرها عليها السلام لا يجده، فيسأل: لماذا وهي البنت الوحيدة لرسول الله صلي الله عليه و اله؟ فيجاب: أنها أوصت بذلك، فيقول: لماذا وهم الذين أوصوا بزيارة مراقدهم وأنه لا فرق بين حياتهم وموتهم لأنهم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فيجاب:

تظلّماً منها بالنسبة الي الذين آذوها وأغضبوها ومارعوا حق رسول الله صلي الله عليه و اله فيها، فإخفاء القبر يكون في الحقيقة استنكاراً مستمراً من قبل السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام علي ظالميها، وإبداء مظلوميّة دائمة الي يوم القيامة مقابل

اُولئك الظالمين الذين تسبّبوا بشهادتها عليها السلام في عنفوان شبابها، وهي النسلة المباركة، والسلالة الطاهرة، والوحيدة التي تركها رسول الله صلي الله عليه و اله من بعده بين ظهراني أُمته.

س: هل الإعتقاد بما جري علي السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هو من صميم العقيدة وأن الذي لا يؤمن به خارج عنها أم لا؟

ج: نعم هُوَ مِن صميم العقيدة، إذ أن المعرفة التاريخية تطلع الإنسان علي الحقائق فتعرّفه بالعدو والصديق، والمعرفة بما جري علي السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام تعرّف الإنسان الباحث علي حقيقة من آذاها. ومدخلية ذلك في العقيدة هُوَ أن الله تبارك وتعالي يقول في كتابه الكريم: ?إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينً?، ويقول سبحانه: ?وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا?.

ففي مورد الآية الأولي: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «فاطمة بضعةُ مني مَن آذاها فقد آذاني ومن غاضها فقد غاضني ومن سرها فقد سرني» وقال: «فاطمة بضعةٌ مني وهي روحي التي بين جنبي يسؤوني ما ساءها ويسرني ما سرها»، فالنبي صلي الله عليه و اله يقول مَن آذاها فقد آذاني والقرآن يقول: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا» فالنتيجة: مَن آذاها لعنه الله تبارك وتعالي أي أصبح مِن الأَعداء لله ولرسولهِ ولأوليائه فاستحق اللعن، ومعرفة مَن آذي فاطمة عليها السلام يحتاج إلي معرفة ما جري عليها.

وفي مورد الآية الثانية: لا شك ان السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام مؤمنة ومعصومة بنصّ آية التطهير والمعصوم لا يصدر منه خلاف قط، فكيف بصدور ما يستحق عليه الاذي؟ فثبت انها عليها

السلام قد اوذيت بغير ما اكتسبت، وثبت حينئذ أنّ من أوقع عليها الجور والأذي فقد احتمل بهتاناً وإثماً عظيما وانه عدو الله جلّ وعلا وعدوّ رسوله صلي الله عليه و اله وإن تظاهر بالاسلام، ومن ثبتت عداوته لله وللرسول وجبت البراءة منه، اذ كما تجب الولاية لله وللرسول ولاهل البيت تجب البراءة من أعدائهم، فالنتيجة: ان معرفة ما جري علي السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام مِن صميم العقيدة لمدخليته في التولي والتبري.

س: ما هو مصحف فاطمة عليها السلام وهل له وجود حالياً؟

ج: مصحف السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هو ما كتبه الإمام امير المؤمنين عليه السلام باملاء من فاطمة الزهراء عليها السلام الامور التي حدّثها بها جبرائيل بعد ارتحال ابيها صلي الله عليه و اله، فقد كان جبرائيل يأتي باذن الله تعالي لتسليتها ويحدّثها بما كان وما يكون وهي عليها السلام تمليه علي أمير المؤمنين عليه السلام فيكتبه، فعرف بمصحف فاطمة عليها السلام وهو اليوم موجود كما في الحديث الشريف عند الإمام المهدي عليه السلام.

س: هل إنّ نور السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قد خلق قبل الأرض والسماء؟

ج: نعم، إن نور السيدة فاطمة الزهراء وكذلك أنوار أبيها وبعلها والأئمة المعصومين من بنيها كان قد خلقها الله قبل خلق العالم وقبل خلق آدم بآلاف السنين، بل في بعض الروايات بملايين السنين كما في البحار، وجاء في الرواية عن الامام الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالي خلق أربعةَ عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي ارواحنا، فقيل له: يابن رسول الله ومَن الأربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة مِن ولد الحسين، أخرهم القائم الذي يقوم بعدَ غيبته فيقتل الدجال

ويطهّر الأرض من كل جورٍ وظلم.

وفي الحديث الشريف أيضاً: ان الملائكة اشتكت الي الله من الظلام، فخلق الله نور فاطمة الزهراء عليها السلام فانكشف الظلام بنورها عليها السلام، فعرفت الملائكة فاطمة الزهراء، ولذلك جاء في حديث الكساء لما سأل الملائكة ربهم: من تحت الكساء؟ فقال: هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، فجعلها المحور في التعريف لأنهم كانوا يعرفون السيدة فاطمة عليها السلام بسبب نورها الذي كشف الله به عنهم الظلمة والظلام.

س: بلغنا أنه يصل إلي درجة الإستحباب لعن غاصبي حق علي وفاطمة والأئمة من ذريتهما، وأنه مما يفرح أهل البيت، وكذلك لعن جميع من نصب لهم العداء، ماحكم ذلك، وما حكم السبّ «أي سب المعنيين في صدر السؤال»؟

ج: ورد اللعن في القرآن الكريم لمن يؤذي الله ورسوله في الدنيا والآخرة، ومعني اللعن هوَ الطرد مِن رحمة الله تعالي، وإيذاء النبي صلي الله عليه و اله لا يقتصر علي إيذائه في بدنِهِ أو ذاته المقدسة، بل في كل ما من شأنهِ أن يؤذيهِ لإطلاق لفظ «يُؤْذُونَ» من دون تخصيص في كيفية الإيذاء وحدوده ووسائله كما في الآية الشريفة: ?إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا?، وعليه فإن من اشكال إيذاء النبي صلي الله عليه و اله إيذاء فاطمة والإمام علي وذريتهما الطاهرة المعصومة وقد دلت الروايات ذات الأسانيد المعتبرة علي ذلك ومنها قولَهُ صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «مَن آذي شعرةً منك فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذي الله تعالي» وروي أحمد بن يونس الضبي قال حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا محمد بن عمر المازني عن منصور بن مهاجر عن اسماعيل ابن أبي زياد عن برد

ابن أبي بشار عن مكحول عن بشر ابن عطيه قال: «لعن رسول الله صلي الله عليه و اله ثلاثة فقال: ألا لعنةُ اللّه والملائكة اجمعين علي من انتقص مِن حقي شيئاً، وعلي مَن آذي عترتي وأهل بيتي، وعلي من استخف بولايتي وولاية علي مِن ولايتي».

وأما السب فهُوَ غير اللعن، فالسب هُوَ الشتم والشتم هُوَ قبيح الكلام وليسَ فيه قذفٌ، جاءَ: الشتم: السب بأن تصف الشيء بما هُوَ إزراء ونقص، هذا من حيث المعني، وأما من حيث الحكم فقد قال الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام: «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين».

فالكراهة حكم السب وليست الحرمة، وقد يُقال في تعليل سبب الكراهة هُوَ التنزه عن ذلك؛ إذ أنهُ ليسَ مِن أخلاق اللهِ تعالي والحديث يقول تخلقوا بأخلاق الله، لا لجهة عدم استحقاق المسبوب للسب بإعتداءه علي أعظم الحرمات علي وجه الكرة الأرضية، ومَن يفعل ذلك فقد أهانَ نفسهُ بنفسِهِ.

س: أحد رجال الدين يقول: بأنه لا يستطيع تأكيد ولا إنكار رواية إسقاط الجنين أو كسر الضلع لفاطمة الزهراء عليها السلام، ولكنه يقول برواية محاصرة دار الإمام علي عليه السلام مع السعي لحرقه … هل يؤدي هذا الرأي إلي خلل في العقيدة الإسلامية الشيعية؟

ج: لا مجال للتشكيك في مظلومية السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والمصائب التي جرت عليها بعد قولها عليها السلام مخاطبة أباها:

«صُبّت عليَّ مصائب لو أنّها صُبّت علي الأيام صرنَ لياليا»

وبعد قول أبي بكر عند موته: «وددت أني لم أكشف بيت فاطمة عليها السلام» وغير ذلك الكثير مما ورد في الأحاديث الشريفة، وكتب السير والتاريخ. ويجب علي الإنسان أن يدقق في تمحيصه للروايات التاريخية لما لَهُ مِن مدخلية في عقيدة التولي والتبري لأعداء الله، فإذا لم يدقق قد

يصبح موالياً لمن حقهُ التبري منه، ومتبرئاً ممن حقه التولي. والخلل ينشأ مِن قبول هكذا آراء متردده وأثره يقع لا محاله وفَسادهُ يسري الي عقيدة الفرد فضلاً عن غيره.

س: يقال: من هذا الحديث الشريف: «يرضي الله لرضا فاطمة ويغضب لغضبها» تستنبط مكانة عالية للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في عصمتها؟

ج: نعم، يستفاد عصمتها من ذلك ومن آية التطهير وغيرهما، وكذلك يستفاد من هذا الحديث عظمتها عند الله ومقامها الرفيع لديه، وكذا يستفاد ذلك من أحاديث اُخري كثيرة أيضاً، كما في مخاطبة الله تعالي نبيّه الكريم في الحديث القدسي: «لولاك لما خلقت الأفلاك، ولو لا علي لما خلقتك، ولو لا فاطمة لما خلقتكما» وكما في حديث الكساء: «هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها» حيث جعلها محور التعريف في جواب الملائكة، وكما في حديث: «وعلي معرفتها دارت القرون الاُولي».

س: ما معني السر المستودع فيها أي في فاطمة الزهراء عليها السلام ؟

ج: جاء في لسان العرب لابن منظور ج4، ص356، في معني السر أنهُ: سرر: السر: مِنَ الأسرار التي تكتم. والسر: ما أخفيت، ويقول ابن فارس: « … فالسر: خلاف الإعلان».

ومِن خِلال كلمات أهل اللغة المذكورة آنفاً وغيرها يتبين أن السر لا يسمي سراً إلا إذا كانَ مخفياً، وإذا كانَ مخفياً لا يمكن معرفته أبداً، وفي حال كون السر مستودع فهُوَ مؤتمن عليه، والشخص الذي يحمله ومَن أوئتمن عليه لا يمكن أن يخون خصوصاً إذا كان شخصاً معصوماً أو حجة كالأئمة المعصومين وفاطمة الزهراء عليها السلام التي هي مورد نظرنا في الجواب.

ولم يُروَ عنهم أنهم كشفوا ذلك علي الرغم مِن إجابتهم علي هكذا أسئلة طُرحت عليهم كبيان الإمام الصادق عليه السلام المنقولة في بصائر الدرجات التي يقول فيها عليه

السلام: «إن أمرنا سرٌ مستتر وسر لا يفيده إلا سر وسرٌ علي سر وسر مقنع بسِر».

فالمحصل والمفاد مِن هذا البيان هُوَ أن أمرهم (سر). وعليه فمعني السر المستودع في فاطمة الزهراء عليها السلام غير معلوم وما ذكر مِن معاني ما هُوَ إلا مجرد احتمالات لا ترتقي إلي مستوي القطع اليقيني، لذا لا يمكن الإعتماد عليها، ولكن هناك طريقةٌ تحتاج إلي جهد جهيد يمكن مِن خلالِهِا أن يوصل إلي معرفة معني ذلك بإذن الله تعالي وهُوَ طاعة الله تعالي والطلب منهُ سبحانه معرفة ذلك مِن خِلال الإتصال والإرتباط الوثيق بأهل بيته لا سيما الصديقة الطاهرة صاحبة السر المستودع عليها السلام.

أسئلة حول العصمة

س: ما هي العصمة؟

ج: العصمة في اللغة هي المنع والوقاية.

العصمة اصطلاحاً: هي اللطف الإلهي الممنوح للمعصوم تأييداً وتسديداً له بحيث يمتنع مع وجوده صدور الخطأ والسهو والنسيان والإشتباه والذنوب والمعاصي مع وجود إمكانية صدورها منه.

س: ما هي العصمة المطلقة والمكتسبة؟

ج: العصمة المطلقة هي: العصمة عن المعاصي والذنوب والخطأ والسهو والإشتباه والنسيان، وهي عصمة الأنبياء ومن يلحق بهم كالأئمة من ذرية علي وفاطمة بالإضافة إليهما، وتكون لهؤلاء قبل وبعد التكليف بالمهمة الإلهية لهم جميعاً ما خلا الصديقة فاطمة عليها السلام.

أما العصمة المكتسبة: فهي العصمة التي يكتسبها من خلال تكرار عدم ارتكاب الذنوب والمعاصي خلال فترة حياته مما يقوي عنده جانب الإمتناع عن الإرتكاب، لذا فهي متفاوتة ونسبية بين الناس ما خلا الأئمة وتسمي بالعصمة الصغري في مقابل الكبري، أي العصمة المطلقة.

س: هل عصمة الأنبياء والمعصومين ذاتية أو عرضية؟

ج: عصمتهم تكوينية جعلها الله ذاتية لهم مع بقاء الإختيار.

س: هل المكلف تصبح له عصمة عندما يتجنب الذنب، إن صح أن نصفها بالتوبة؟

ج: تصبح له عصمة مع الإجتناب بالمعني اللغوي

الاكتسابي وليس الاصطلاحي، والعصمة غير التوبة، إذ أن التوبة تعني عدم الإرتكاب للذنوب واجتنابها.

أسئلة حول الملائكة

س: هل الملائكة لهم الارادة أو أن إرادتهم مسلوبة من قبل الله تعالي؟

ج: لهم الإرادة، ولكن حيث أنهم كما في الروايات عقل محض لا تتعلق إرادتهم الا بما يرضي الله تبارك وتعالي.

س: هل للملائكة ارتقاء في درجات الكمال مع أنّ المسلّم أنه لا كمال مطلق إلا لله؟

ج: نعم، لهم ارتقاء درجات ولذلك ورد في بعض الادعية، الصلاة واهداء السلام اليهم أو هو مما يزيد في درجاتهم.

س: هل الملائكة يقدرون علي التعلم أي يمكنهم أن يتعلّموا ما كانوا يجهلونه كالعلم بالاسماء التي علمها النبي آدم لهم؟ وبعبارة أخري: هل يمكنهم التفرغ لتحصيل العلم في غير ما علمهم الله؟

ج: أصل وجود القدرة لديهم علي التعلم موجودة، ولكن يقدرون علي التعلم في حدود ما اراده الله لهم وذلك في قوله تعالي: ?وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَي الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ?، وبهذا يكونون غيرمحتاجين لان يتفرّغوا لتحصيل العلم.

س: هل الملائكة لا يقدرون علي المعصية أوأنهم لا يريدون أن يفعلوا المعصية؟ فإن قلنا بالأول انتفي المدح والثناء عليهم كأمين وكريم، لأنهم علي سبيل المثال جبرائيل إذا كان مقهوراً علي أمره فلا يمكنه الخيانة، وإذا كان لا يمكنه ذلك فوصفه بالأمين دون استحقاق عبث وظلم في حق غيره من الملائكة، وإن قلنا بالثاني ما الدليل علي المدعي؟

ج: أنهم يقدرون علي المعصية في حدود ما هم فيه، مثل معصية فطرس الملك، ولكنهم لأجل كونهم خلقوا من العقل وحده فهم لا يختارون المعصية، ففي الروايات: «العقل: ما عبد به الرحمان،

واكتسب به الجنان».

القضاء والقدر

س: ما الفرق بين القضاء والقدر؟

ج: القدر: هو عبارة عن تقدير وجود الشيء وتعيين حدوده وخصوصياته كالطول والعرض والارتفاع والشكل وما شاكل من هذه الأمور، كالخياط يقدر الثوب قبل ان يخيطه.

والقضاء: عبارة عن ضرورة وحتمية وجود الشيء، في ظرفه الخاص عند تحقق جميع الأسباب والشرائط التي يتوقف عليها.

فالتقدير هندسة الشيء، والقضاء هو البت بلزوم تحقق تلك الهندسة.

ولا يلزم من القضاء والقدر كون الإنسان مجبراً في فعله، لوجود الاختيار في الإنسان.

ورد في أصول الكافي قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام جالساً بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ اقبل شيخ فجثا بين يديه ثم قال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلي أهل الشام أبِقضاء من الله وقدر؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولاهبطتم بطن وادٍ إلا بقضاء من الله وقدر، فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين! فقال: مه يا شيخ فوالله لقد عظم الله الأجر في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين. فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين، وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟

فقال عليه السلام له: وتظن أنه كان قضاءً حتماً وقدراً لازماً؟ أنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله، وسقط معني الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولي بالإحسان من المحسن، ولكان المحسن أولي بالعقوبة من المذنب! تلك مقالة إخوان عبدة الاوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها. إن الله تبارك وتعالي كلف تخيراً ونهي تحذيراً وأعطي

علي القليل ولم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يملك مفوضاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثاً، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار».

س: هل القضاء سابق علي القدر ام العكس؟

ج: التقدير أولاً ثم القضاء. وذلك لأن القضاء هو الكلي الواقع في العالم العقلي المسمي بعالم الملكوت وعالم الغيب وعالم الأمر واللوح المحفوظ، والقدر هو تفصيل ذلك القضاء الواقع في الوجود الخارجي والعالم الحسي المسمي بعالم الملك وعالم الشهادة وعالم التقدير. ومن هذا قول النبي صلي الله عليه و اله فرغ الله من أربع، من الخلق والخُلُق والرزق والأجل، فلمّا سمع اليهود هذا قالوا: فإن الله تعالي الان معطل، لأنه قد فرغ من الأمور كلها. فقال صلي الله عليه و اله: كلا، ليس الأمر كذلك، فإنه يوصل القضاء إلي القدر. ومعناه أن الأمر التفصيلي الجزئي يجب مطابقته للأمر الكلي ووقوعه علي ترتيبه، ويسمي الأول عالم القضاء والثاني عالم القدر.

التقية

س: ما هي تقية الائمة؟

ج: في فرض السؤال تخصيص التقية بتقية الأئمة لا موجب له؛ لأنهم يعملون بأحكام القرآن الحكيم ويبينونها للمسلمين باعتبارهم الأقدر بلا منازع علي معرفة حقيقة المراد الإلهي، وقد قال تعالي: ?هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ?، فهم الراسخون في العلم رسوخاً اثبته واقعهم التأريخي، لذا هم في الواقع المصدر الوحيد للعلم الواقع المطابق لما في اللوح المحفوظ، بل هو عين اللوح المحفوظ ويكفي

حديث الثقلين المروي في مصادر الفريقين دلالةً علي ذلك، ومن جملة آيات القرآن الكريم قوله تعالي: ?لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَي اللّهِ الْمَصِيرُ?، والإستثناء الوارد في الآية واضح في جواز التقية عند الخوف علي النفس، أو المال أو بعض ضروب الإستصلاح، هذا ما بينوه للناس وآخذوا منهم، إلا أن الذي ميز حياتهم عن حياة غيرهم أنهم كانوا دائماً مستهدفين من قبل الطواغيت فعاشوا في تقية أكثر من غيرهم. كما هو حال الإمام المهدي عليه السلام، إذ يعيش الآن في تقية وانّ غيبته عن الأنظار إنما كانت عن ذلك كما كانت تقية الإمام امير المؤمنين عليه السلام التي ذكرت سببها الروايات وهو: خشية ارتداد الناس واعلانهم الكفر والرجوع الي الشرك، فيما لو حسم التنازع علي الخلافة بالسيف والقوة، وقد قال الإمام امير المؤمنين عليه السلام في مناسبة مشيراً إلي هذا المعني: «أما حقي فقد تركته مخافة ان يرتد الناس».

س: ما الفرق بين الكذب والتقية؟

ج: الفرق هو كما قال الله تعالي: ?إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً? وفي التفسير: الا ان تخافوا من الكفار، فلا بأس بأن تظهروا لهم إنكم توالوهم، وهذا هو معني التقية.

المعاد

س: هل أن المعاد للمادة أم للصورة؟

ج: المعاد في القيامة للمادة والصورة الحقيقية للإنسان المتكيفة حسب أعماله وصفاته الخيّرة أو الشرّيرة.

س: ما هو الدليل علي المعاد الجسماني؟

ج: أولاً: الدليل العقلي علي المعاد الجسماني وهو:

عدم استحالته علي الله تعالي وإلي ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالي: ?اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ?.

ثانياً: الدليل النقلي وهو:

ثبت بالنقل المتواتر عن الأنبياء العلم بوقوعه

وقد أخبر به الصادق الأمين صلي الله عليه و اله، لذا يجب القطع بهِ؛ لأن الصادق إذا أخبر عن وقوع أمر ممكن الوقوع يجب القطع به، هذا بالإضافة إلي الادلة الكثير مِن الآيات القرآنية علي ذلك؛ ومنها: قوله تعالي: ?أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ?، ?يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ?، ?الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ?.

متفرقة

س: كيف يتحقق العدل الإلهي بخلق أناس ذو عاهة؟

ج: لقد أكد القرآن الكريم في أكثر من آية علي أن المصائب والإبتلاءات التي تصيب الإنسان منشأها ذات الإنسان، إذ يقول عزّ وجل: ?وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ?، وغيرها من الآيات التي تبين بهذه الصيغة أن اختيار الإنسان وإرادته لها مدخلية في هذا الفساد الحاصل في النفس والبدن. علي الرغم من أن كل ذلك مقدرٌ عند الله جلَّ وعلا: ?مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيرٌ?، فالتقدير من الله علي نحو الابتلاء وحتمية وقوع آثار الأعمال، ولكن لا يكون ذلك إلا إذا أقدم الإنسان، والمسألة تصبح واضحة أكثر إذا فسرناها بحسب قانون العلية، أي لكل مسبب سبب أو لكل معلول علة وما نحن فيه من هذا القبيل، كيف؟

المولود حتي يولد لابد له من وجود سبب لوجوده وهو الأبوين وحتي يكون سالماً معافا لابد له من تقديم مقدمات يمكن أن نسميها في هذه الحالة مقدمات السلامة، وهي موجودةٌ في أحاديث النبي صلي الله

عليه و اله الذي ?وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَي ? إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَي?، لذا تجد اليوم علم الطب يصرح في نتائج ابحاثه وتقاريره، أن الاعتلالات المزمنة والمؤقتة في الإنسان ما هي إلا نتيجة لاخطاء الإنسان ذاته لا غير وإن كان الله قدر ذلك عليهم، فلولا فعلهم لما تحقق المقدر لهم، وإلا فإن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم: ?لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ?، وبهذا يتبين أن الله لا يخلق أناس ذو عاهة بل يخلقهم في أحسن تقويم، إنما الإنسان هو الذي له دورٌ في ذلك.

س: هل الدين الاسلامي الذي نعرفه الآن هو ذاته الدين الذي جاء به النبي صلي الله عليه و اله؟ وما الفرقة والمذهب الأقرب للدين؟ وهل هذا الزمان هو زمان التقية أم لا؟ وهل ما في الكتب الأربعة صحيحة؟ وهل من الممكن أن تسند جميع الفتاوي إلي الروايات؟

ج: نعم، إن الدين الاسلامي الذي يعرّفه لنا القرآن الكريم، ويفسّره لنا أهل بيت الرسول المعصومون، هو الدين الذي جاء به النبي صلي الله عليه و اله من عند الله العظيم، بلا زيادة ولا نقيصة.

وأما المذهب الحق والفرقة الاقرب للدين، فهو مذهب اهل البيت والفرقة المعتنقة لمذهبهم.

وأما هذا الزمان فليس هو زمان تقية، بل هو زمان نشر العلم، وعصر الارتباطات والمعلومات، وزمن بيان العقائد وتلاقح الافكار والثقافات.

وإنما نقول ذلك، لقول الله تعالي: ?إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ … ? اي: إنّ الله تعالي خلق الإنسان ليكون سعيداً في الدنيا ومن أهل الجنة في الآخرة، ومن المعلوم أن قابلية الاستظلال برحمة الله ذات شروط، ومنها إنسانية الإنسان، وهذه الإنسانية غير ميسّرة إلا بتعاليم الوحي، وقد أنزل الله القرآن المجيد علي نبيه بواسطة هذا

الوحي المقدس، ثم إن النبي جعل أهل بيته «بأمر من الله» صنواً للقرآن ومفسرين لآياته ومبينين لأحكامه، وقد أدوا هذه المهمة بكل جدارة وإخلاص وبينوا جميع الأحكام.

وعليه: فالاسلام هو الدين الذي جاء به النبي صلي الله عليه و اله، ومذهب أهل بيت النبي صلي الله عليه و اله هو المذهب الحق، ومعتنقوه هم الاقرب للدين. وأما الكتب الحديثية الأربعة فهي نموذج من تعاليمهم والأحاديث الواردة فيها اغلبها صحيحة. وحينما حلّت حقبة الغيبة للإمام المهدي عليه السلام، ولم يعد بإمكان المسلمين الاستفادة المباشرة من الإمام عليه السلام، فقد أوكل عليه السلام أمر نيابته العامة للمجتهدين الجامعي الشرائط وقال: «هم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم».

وقد عمل المجتهدون الجامعون للشرائط بوظائفهم بعد الرجوع إلي القرآن المجيد والكتب الأربعة وغيرها، فاستنبطوا بمشقة كبري الأحكام الشرعية ورتبوها وقدموها لمقلديهم.

أما قولنا: بمشقة كبري، فذلك لأن عملية الاستنباط عملية صعبة للغاية، تحتاج إلي مقدمات علمية عديدة، من جملتها المعرفة التامة بالقرآن والروايات وغير ذلك، ثم إن أسلوب التقية الذي اتخذه الأئمة في حياتهم قهراً وما تبع ذلك من صعوبات في نقل الأحكام إلي الأجيال اللاحقة، كل ذلك ادي إلي حدوث الاضطراب وبعض أنواع التضارب في روايات الأحكام التي لولا العناية الإلهية ما استطاع أي مجتهد أن يستنبط الأحكام استنباطاً صحيحاً، وهذا ما يشير ويدلل علي أن غير المجتهد الجامع للشرائط لا يستطيع الاستفادة المباشرة من الروايات.

ونستنتج من كل ذلك ما يلي:

ان غير المجتهد يجب أن يكون مقلداً، وهذا نوع من التسامح والتيسير الشرعي تجاه الناس، وإلا فإن أعمالهم تكون باطلة.

إن المجتهدين، أصوليين كانوا أو إخباريين، إنما يصلون إلي نتيجة واحدة، وهي بيان الأحكام الإلهية من القرآن المجيد وروايات أهل البيت.

نعم! يقال

للأصولي أصولياً تبعاً لقول الأئمة: «علينا الأصول وعليكم الفروع» أي: تفريع المسائل من الأصول الثابتة. كما يقال للإخباري أخبارياً تبعاً لمهمة الاستنباط من الأخبار والروايات الواردة عن أهل البيت، ويلزم أن يستدل الإنسان في أصول الدين بالدليل. ويقلد في الفروع والقضايا غير الضرورية المجتهد الجامع للشرائط، ويتّبع القرآن وآل البيت في أخلاقه وآدابه.

س: المسائل العقائدية قضية عقلية كيف ذلك، وهل يشمل جميع العقائد أم أُصولها وأُسّها فقط دون تفصيلاتها؟

ج: مسائل العقائد، وكذلك كل الاحكام الفرعية في الاسلام هي قضايا عقلية قبل ان تكون شرعية، وذلك لأن الإسلام دين العقل والمنطق، ودين الفطرة السليمة، وقد بني مسائله كلها في العقيدة وغيرها كلية أو جزئية علي اساس متين من العقل والمنطق.

نعم، هناك بعض منها قد وصلتنا حكمته، أو اكتشف العلم حكمته، ولكن هناك الكثير منها مما لم يصلنا ولم يتوصل العلم الي كشف حكمته، وذلك لقصر باعٍ في العلم وفي الإطلاع ليس إلا، ولذلك علينا القبول لها والتسليم بها.

س: الحادث ما كان مسبوقا بالعدم … هل هذا صحيح؟

ج: نعم. كل حادث مسبوق بعدم لا أول له، لأنه لو انقطع عند الأول لكان مسبوقاً بوجود، فلا يكون حادثاً مرة بل مرارا، فمجموع العدمات إذاً أزلية مقارنةً وجود الواجب لذاته، فإن لم يوجد من الحوادث شيء مقارناً وجود الواجب، كانت منقطعة عند الأول، وإن وجد لزم كون المقارن موجوداً بإعتبار مقارنة الواجب، معدوماً بإعتبار حدوثه.

س: هل المعراج روحاني ام جسماني؟

ج: جسماني وروحاني جميعاً بدليل الآية الكريمة الاولي من سورة الاسراء: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَي الْمَسْجِدِ الأَقْصَي … ?. ومعراجه إلي السماء السابعة، ومنها إلي سدرة المنتهي، ومنها إلي حجب النور، وبمناجاته الله عزّ وجلّ

إيّاه، وأنّه عُرج به وبجسمه وروحه علي الصحّة والحقيقة لا علي الرؤيا في المنام، وأن ذلك لم يكن لأن الله عزّ وجلّ في مكان هناك لأنه متعال عن المكان، لكنّه عُرج به صلي الله عليه و اله تشريفاً له وتعظيماً لمنزلته، وليريه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الأرض، ويشاهد ما فيها من عظمة الله عزّوجلّ.

س: هل المعذبون في النار يتنعمون في التعذيب؟

ج: التنعّم في التعذيب غير صحيح، بل هو خلاف صريح القرآن الكريم ونصوص الروايات الشريفة. قال سبحانه: ?كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ?.

س: ما الشروط الواجبة لكي يكون الإنسان من أهل البيت مع التفصيل؟

ج: الشرط للشيعي هو: مودتهم كما قال تعالي: ?ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ? وقبول ولايتهم المشار إليها في قوله تعالي: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?، التي أجمع المفسرون في تفسيرها علي أن الذين آمنوا وأنفقوا في الصلاة هو علي بن أبي طالب عليه السلام، والاعتقاد بأن الأئمة الاثني عشر من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و اله هم وحدهم الخلفاء بعد جدّهم النبي صلي الله عليه و اله بأمر من الله تعالي، ثم اعتناق مذهبهم والعمل عليه في الأصول والفروع. وأما «أهل البيت» أنفسهم فهم أربعة عشر شخصاً بالتعيين وبالنصوص الشرعية، وهم: النبي وابنته الزهراء والائمة الاثنا عشر عليهم السلام. وأما الحديث الشريف: «سلمان منّا أهل البيت». وفي الخبر المروي: «شيعتنا منّا» فمعناه أنّهم علي طريقنا ورأينا.

س: هل صحيح أن كل الصحابة ارتدوا عن دينهم

إلا ثلاث المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي؟

ج: أولاً: إن القرآن الكريم ثبّت حقيقةً سوفَ تجري مِن بعد رحيل النبي صلي الله عليه و اله وهي أن الأمة سوف ترتد مِن بعد رحيله، وذلك في قوله تعالي: ?وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَي أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَيَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ? والخطاب في الآية الشريفة للأُمة الإسلامية لا غير وهُوَ أمرٌ لا شك فيه. والأُمة متكونةٌ مِن الصحابةِ وغيرهم، وحيث إن الآية لم تخصص المنقلبين فإذاً تشمل الصحابة، والروايات الواردة بإجمالها تقول ارتد الناس بعد النبي صلي الله عليه و اله ولم تخصص الصحابة مِن دونهم، بل الواقع التاريخي هُوَ الذي يخصص ذلك.

ثانياً: حتي نعرف أن الصحابة انقلبوا أم لا لابُدَ أن نعرف الإنقلاب فيما يكون وذلك بالرجوع للآية الشريفة فنجد أن الانقلاب هُوَ الإرتداد في الدين بالرجوعِ مِن الحق إلي الباطل، في أي قضيةٍ ومسألةٍ بلغها النبيُ صلي الله عليه و اله مهما كانت جزئيتها وتأثيرها، فما الدين إلا مجموع الجزئيات المبلغة للأُمة واللازمةِ الإتباع، والتي ما إذا خرج الإنسان عن واحدةٍ منها بعد أن أقرها وآمن بها يعد مرتداً، وهُوَ الأمر الذي لم يحصل في زمن النبي صلي الله عليه و اله لوجودِه المقدس، بل حصل بعد وفاته.

ثالثاً: هناك الكثير مِن القضايا التي كانت علي عهد النبي صلي الله عليه و اله وغيرت ومنها وأبرزها نكثهم البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام في غدير خم والتي كانت بأمر مِن الله تبارك وتعالي بلغها النبي صلي الله عليه و اله في اُمته، وقد روي الحاكم الحسكاني الحنفي في هذهِ الآية:

أخبرنا الحاكم الوالد، عن أبي حفص بن شاهين قال:

حدثنا أحمد بن عبدالله النيري البزاز قال: حدثنا علي بن سعيد الرقي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب، عن مطر الدراق، عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانيه عشر من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهراً، وهُوَ يوم غدير خم لما أخذَ رسول الله صلي الله عليه و اله بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنتُ مولاه فعلي مولاه. فقال لهُ عمر بن الخطاب بخٍ بخٍ لك يابن أبي طالب.

ونقل أيضاً:

لما أخذ رسول الله صلي الله عليه و اله بيد علي بن أبي طالب فقال ألست مولي المؤمنين، قالوا نعم يا رسول الله، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: مَن كنت مولاه فعلي مولاه. فقال له عمر بن الخطاب: بخ بخ يابن أبي طالب اصبحت مولاي ومولي كل مسلم، فأنزل الله تبارك وتعالي: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ?.

وهناك الكثير مِن الأحاديث المشابهة في مصادر المسلمين، فتلاحظ أن هذهِ الجزئية المهمة وهي ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عدل عنها الناس ومنهم الكثير من الصحابة إلا مَن سَمَّتهم الروايات وذكرهم فرض السؤال لم يلتزموا بما جاء بهِ النبي صلي الله عليه و اله وأختاروا ما أرادوا هم فقدموا أبي بكر وعمر وغيرهم وهُوَ الإرتداد مما كان عليه في زمن النبي صلي الله عليه و اله إلي ما ارادوا هم وقس علي هذا أموراً كثيرةً قد حدثت رأساً أو نتيجةً وهُوَ ما ذكره الواقع التاريخي الذي لابد لنا في تحققهِ سابقاً.

س: هل يوجد في الصحابة والصحابيات كفار وما موقفكم في من يقول بكفرهم؟

ج: إن مقتضي إطلاق

لفظ صحابي أو صحابية كما في فرض السؤال هُوَ الإسلام المتيقن ظاهرياً بالنطق بالشهادتين أما باطنياً فلا يمكن تحصيلُهُ مِن الظاهر لاختلاف حالات القلوب في اسلامها إلا مَن دلَّ عليه الدليل مِن القرآن الكريم أو النبي صلي الله عليه و اله بأنه قلباً وقالباً مسلماً، وهُوَ أمر يحتاج إلي اثبات القضية الخارجية له وهي (صدور الدليل علي تحقق الإسلام باطناً في حق الأُمة أو الفرد الكذائي صحابياً كان أو غيره).

فالظاهر يقول إن جميع المسلمين مسلمون بمجرد نطقهم بالشهادتين ومن ثبت نطقه بها حكم بإسلامه، ولكن هذا الظاهر لا يلزم منه اسلام الباطن وإيمانه كما ذكر القرآن الكريم عدم التلازم هذا في قوله تعالي: ?مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ?، وهي القضية المعروفة في ذكر الصحابي الجليل عمار ابن ياسر لآلهة قريش بخير فصار ظاهره كافراً وباطنه مؤمناً ولكن لم يطلع المؤمنون علي إيمانه الداخلي إلا بعدَ شهادة النبي صلي الله عليه و اله له بذلك.

وهنا نخرج بنتيجة مهمه وهي أن إمكان وقوع الكفر مِن أي مسلمٍ ظاهراً وباطناً ممكن جداً ولا فرق في ذلك أن يكون صحابياً أو صحابية أو مسلماً عادياً، خصوصاً إذا علمنا أن اسباب الخروج عن الإسلام إلي الكفر متوفرة، مِن قبيل:

1. عدم الإيمان بالله.

2. عدم الإيمان بملائكته، أي إنكار حقيقتهم.

3. عدم الإيمان بكتب الله تعالي المنزلة علي الأنبياء.

4. عدم الإيمان بالرسل ومنهم نبي الإسلام.

5. عدم الإيمان باليوم الآخر.

6. نصب العداء لأهل البيت والنبي صلي الله عليه و اله الذين فرض الله طاعتهم ومودتهم في كتابه الحكيم.

وغير هذهِ مِن العوامل والأسباب التي تؤدي إلي

خروج المسلم عن اسلامه ظاهراً وباطناً.

فالقول بإمكانية كفر الصحابة أو الصحابيات فضلاً عن المسلمين وارد وممكن والقول بكفر الصحابي الفلاني أو الصحابية الفلانية يحتاج إلي دليلٍ خاصٍ أو عام يدخل المصداق المشار إليه بالكفر تحتهُ.

س: هل عائشة خانت الرسول بالفحشاء والعياذ بالله؟

ج: قال الله في القرآن الحكيم: ?ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا? وفسّره المفسرون الخيانة في الدين، وليس بالفحشاء والعياذ بالله.

س: ما مدي صحة خبر زواج أم كلثوم بنت الإمام علي عليه السلام من عمر الذي يحتج به الوهابيون علي عدالة عمر؟ ولو كان الزواج قد تم تحت التهديد فما كان نوع التهديد من قبل عمر للامام عليه السلام؟

ج: أولاً: التزويج لا يدل علي العدالة؛ لأن العدالة هي العمل بالواجبات وترك المحرمات بحيث لو استفسر عن حاله من جيرانه أو ممن يعاشرونه أو أهل محلته لأخبروا بصلاحه.

ثانياً: إن خبر زواج عمر من أم كلثوم زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام علي الرغم مِن ذكره في الكتب الخاصة والعامة إلا أنهُ لا يمكن الإعتماد عليه وهُوَ للبطلان أقرب منه إلي الصحة وذلك للإضطراب العجيب والقوي فيه بحيث لا تكاد تتفق روايتان علي جزئية مِن جزئياته التي يمكن فهرستها كالتالي:

أولاً: أن زينب زوجة عمر بن الخطاب ليست بنت أمير المؤمنين عليه السلام، بل هي زينب بنت مضعون ومصدر هذا الكلام المسعودي في مروج الذهب الذي لم يذكر أم كلثوم اصلاً كأمٍ لزيد بل زينب بنت مضعون.

ثانياً: الإضطراب في وجودِ زيد بن عمر وعدم وجودِهِ فالبعض قال أن عمراً اولدها زيداً والآخر قال قتل قبل دخولِهِ بها.

ثالثاً: الإضطراب فيمن تولي العقد عليها وهل هُوَ امير المؤمنين عليه

السلام أو العباس أم لم يقع الا بعد التهديد لبني هاشم وغير ذلك.

رابعاً: الإضطراب في مقدار المهر هل هُوَ اربعين ألف درهم أم أربعة آلاف أم خمسمائه أم أقل.

خامساً: ثبت تاريخياً إن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام حضرت كربلاء مَعَ أخيها الحسين عليه السلام وذكر المؤرخون لها مواقف وخطب في الكوفه، ولم يسجل لنا التاريخ اعتراضاً من المسلمين بأن مَعَ السبي زوجة عمر ابن الخطاب.

سادساً: ذكرته النقولات التاريخية أن عمر بن الخطاب لما خطب أُم كلثوم مِن أمير المؤمنين عليه السلام رده الإمام ذاكراً ومبيناً علةً لذلك، ولكن النقولات اختلفت في أن العلة أنها صبية وأن الإمام حبس بناته علي أولاد جعفر.

والحقيقة إن هذهِ المسألة التاريخية التي يمكن للإنسان ملاحظتها في كتب كثيرة كطبقات بن سعد وأسد الغابة والاستيعاب والإصابة وتاريخ الطبري والكامل في التاريخ وتهذيب تاريخ دمشق وجمهرة انساب العرب وكشف الغمة ج1، وغيرها مِن الكتب، مسألةٌ مختلف عليها في جميع جوانبها الركنية والجزئية وهكذا مسألة لايمكن الأخذ بها لفقدانها الحجية وإن ذُكرت في المصادر المعتبره وكذلك للتضارب فيها الذي لم يدع لنا حتي الأخذ بالقدر المتيقن.

وبناءاً علي هذا ترجع إلي الأصل لعدم ثبوت أدله اثباتها والأصل هُوَ عدم الزواج.

س: ما مدي صحة حادثة تغوير الآبار التي أشار فيها صحابي يدعي بالحباب بن المنذر علي النبي صلي الله عليه و اله في غزوة بدر؟

ج: الرواية:

أولاً: مرسلة فهي غير معتبرة.

ثانياً: إنه مجرد اقتراح اقترحه الحباب، ولم يوافقه النبي صلي الله عليه و اله عليه.

ثالثاً: لا وجودَ لها في تاريخ رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين والأئمة الأطهار الذين كانوا رحمة للعالمين.

رابعاً: إنها مخالفة للثوابت التي ظهرت مكرراً من النبي صلي

الله عليه و اله والائمة من بذل الماء لأعدائهم، وعدم المنع عنه، وترك المقابلة بالمثل معهم.

س: هل كان الرسول محمد صلي الله عليه و اله يعرف القراءة والكتابة من قبل أن يبعث نبيا؟

ج: كان صلي الله عليه و اله يعرف الكتابة والقراءة ولكن لم يزاولهما لا قبل بعثته ولا بعدها.

س: ما هو تفسير حديث الرسول صلي الله عليه و اله الذي يقول فيه للامام علي عليه السلام: يا علي لا يغسلني غيرك ولا يري عورتي غيرك ومن يري عورتي يصاب بالعمي، فهل المقصود في الحديث بالعورة هنا العورة التي لا يحل لغير الزوج والزوجة رؤيتها، واذا كانت كذلك فبأيّ وجه شرعي يجوز للامام علي عليه السلام رؤيتها منه صلي الله عليه و اله؟

ج: كلا ليس المقصود في الحديث بالعورة التي لا يحل لغير الزوج رؤيتها إذ هي من الثوابت الشرعية التي لا تتغير إلي يوم القيامة، وليس فيها استثناء بأي وجه من الوجوه حتي لأمير المؤمنين عليه السلام ومما لم يقم عليه دليل وإنما معني العورة المستخدم في هذا الحديث فدائرته أوسع من المعني المفترض في السؤال، وبمراجعة الكتب اللغوية ككتاب العين للفراهيدي ج2، مجمع البحرين ج2 للطريحي، تاج العروس ج2 للزبيدي ومعجم مقاييس اللغة ج4 لإبن للفارسي وغيرها، تجدهم يذكرون أن العورة هي:

الشيء الذي لا ينبغي مراجعته لخلوه، أوكل أمر يستحي منه، أو كل ما يستحي منه إذا ظهر، أو كل شيء ستره الإنسان أنفة أوحياءً مثل الرجل وهذا المفهوم الواسع للمعني يدخل تحته مصاديق عديدة منها سوأة الإنسان قبلاً ودبراً، وقد حددوا حدودها في الرجل ما بين السرة والركبة، وهي المنطقة المحرمة النظر إليها لغير المستثنيات المحدودة كالزوجة مثلاً.

وعليه يصبح إخراج جزء من

الجسم مما لم يعتد علي إخراجه أمام الآخرين عورة كالبطن مثلاً أو صدر الإنسان أو حتي عنقه، ولا يوجد أحيا من رسول الله صلي الله عليه و اله، لذا فمعني الحديث الشريف يتناول هذا المعني الواسع لا الخاص المصداقي في فرض السؤال.

س: هل حرم رسول الله صلي الله عليه و اله وحرم أمير المؤمنين عليه السلام وبقية الأئمة عليهم السلام لها نفس حكم حرم الله في مكة: من لزوم رعاية صفة الأمن وعدم التسبب في سلب هذه الخاصية فيما لو كان لجوء المؤمنين إليها قد يعرضها ظناً أو جزما لذلك؟

ج: نعم للمشاهد المقدسة حرمة بيت الله الحرام وحرم رسوله، ويجب أن لا تنتهك هذه الحرمات.

س: هل يجوز اقتناء صور التشبيهات، مثل صور الأئمة وتعليقها في البيت، علما أن هناك من التشبيهات رسمها متكامل؟

ج: ليست هذه الصور حقيقية، وإنما هي خيالية، ولذلك من الأفضل إقتناء لوائح فيها أحاديثهم الشريفة وكلماتهم القيمة الثمينة.

س: ما هي الأسرار التي يجب علينا حفظها عن أعداء آل محمد صلي الله عليه و اله؟

ج: في التاريخ أن الصحابي الكبير: بن أبي عمير، اُلقي القبض عليه من قبل العباسيين وسجن سنوات عديدة، وضرب الف خشبة، كل ذلك لأجل أن يفشي لهم بعض الأسرار من مثل بيان أسماء أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وشيعته، لكنه استقام ولم يبح لهم حتي بسرّ واحد من الأسرار، وتحمّل كل ذلك الأذي في سبيل أن يكتم أسرارهم عن أعدائهم الألدّاء.

وهكذا كل ما من شأنه أن يكون سراً كالأحاديث الخاصة والتوصيات والتحركات.

س: نحن الشيعة عندما نذهب إلي مراقد أهل البيت دائما نقبّل الأضرحة، ولكن بعض السنة يقولون لنا بأننا عبدة القبور، فبماذا نجيبهم؟

ج: أولاً: التقبيل هو نوعٌ من الإحترام

والإكرام وإظهار الحب للمقابل، لذا نحن نقبل أولادنا ونقبل قراءننا ونقبل أضرحة أئمتنا.

ثانياً: العبادة فعل من الأفعال يفترق عن بقية أفعال الإنسان بأن فيه قصد القربة لله تعالي، وتقبيل الأضرحة عندنا فعل خالي من هذا القصد، بل فيه قصد الإجلال والإكرام والإحترام وإظهار المحبّة للنبي صلي الله عليه و اله عن طريق أهل بيته الطاهرين، وهو ليس بالعبادة بالمعني الإصطلاحي الملاحظ في فرض السؤال المذكور.

س: هل صحيح ان الذنوب تمنع صاحبها من تأدية الصلاة في وقتها؟

ج: الذنوب في الجملة تصير سبباً لسلب الإنسان توفيق فعل الخيرات والاعمال الصالحة، وذلك علي نحو المقتضي لا علي نحو العلة التامة. وقد ذكر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في دعاء كميل جملة تشير إلي ذلك بقوله: « … وقعدت بي أغلالي … » فسمي المعاصي والذنوب بالإغلال، والغل وظيفته التقييد وهنا المراد منه تقييد الأعمال ومنها الصلاة وغيرها.

س: ما حقيقة الحديث الذي جاء في صحيح البخاري عند أهل السنة في كتاب الجهاد والسير والذي يستشهد به أهل السنة كأمثال ابن حجر وغيره علي أنه منقبة لمعاوية وولده يزيد والذي متنه قال عمير: حدثتنا اُمّ حرام أنها سَمِعت النبي صلي الله عليه و اله يقول: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا. قالت أم حرام قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال أنت فيهم. ثم قال النبي صلي الله عليه و اله: أوّل جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا، ويقول عنه ابن حجر معلقا: «يغزون مدينة قيصر» يعني: القسطنطينيّة قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لانه أول من غزا البحر ومنقبة لولده يزيد لانه اول من غزا مدينة

قيصر؟

ج: أولاً: إنّ هذا الحديث عندنا موضوع علي لسان النبي صلي الله عليه و اله لوضوح بطلانه في استلزامه اللوازم الفاسد، إذ أن الشريعة الإسلامية لم تضمن لأحد الجنة (أوجبوا) وكذلك المغفرة (مغفور لهم) لمجرد الغزو في سبيل الله ما لم تثبت منهم الإستقامة حتي خروجهم من الدنيا بحسن العاقبة وقد خاطب الباري تعالي نبيّه الكريم بقوله: ?فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ?، والآية لم تحدد الإستقامة بفعل أو زمن، ولا ندري ما خصوصية معاوية ويزيد دون باقي المسلمين خصوصاً الذين كانوا معه، كذلك هناك حديث نقله الصحابة عن النبي صلي الله عليه و اله يقول لعمار بن ياسر: «يا عمار تقتلك الفئة الباغية»، ولثبوت الحديث لم يستطع محبي معاوية إنكاره، بل وجّهوه بقولهم إن الفئة الباغية هي التي أخرجت عمار للقتال وصارت سبباً لقتله، وغيرها من اللوازم الفاسدة التي توجب مخالفة القرآن والسنة الشريفة إضافة إلي الواقع التاريخي.

ثانياً: إنّ هذا الحديث بهذا السند لم ينقله أحد من الصحاح الستة إلا صحيح البخاري وهو ما ذكره بن كثير في البداية والنهاية بقوله: «تفرد به البخاري دون أصحاب الكتب الستة وقد رواه البيهقي عن الحاكم … »، فلو كان الحديث صحيحاً لماذا يتفرد بنقله البخاري دون بقية الكتب المعتبرة وأصحها واوثقها عند القوم بعد القرآن الكريم (الصحاح الستة)، فهل يعقل أن حديثاً بهذه الأهمية يفوت هؤلاء؟ الجواب واضح، وإنما الحق أنهم لم يعتبروه صحيحاً، لذا لم يوردوه في صحاحهم.

هذا بالإضافة إلي أن معظم كتب السنة لم تنقل هذا الحديث بهذه الصيغة من الكلام مع اختلافها في السند اختلافاً كلياً بالرغم من اشتراكها في مقدمته من قول أم حرام إلي مقولة

العبارات المستشهد بها في فرض السؤال.

لذا فإن هذا الحديث لا يمكن قبوله عند أهل الحديث لوجود ما يرجح بطلانه من تفرد النقل مقارنة بالصحاح لا بغيرها وكذلك الاضطراب الواضح في صورته المختلفة بين التقولات فيسقط عن الإعتبار.

ثالثاً: بعد استقراء مصادر الحديث بهذه الصيغة نجده نقل

في قرابة العشرة كتب أو أكثر من الكتب المعتبرة عند أبناء العامة إلا أن في متنه إضافات وحذف، فأما الكتب التي نقلت فنذكر منها:

1. صحيح البخاري: ج3.

2. تاريخ مدينة دمشق: ج32.

3. سنن البيهقي.

4. كنز العمّال للمتقي الهندي.

5. الجهاد لعبد الله بن المبارك.

6. المعجم الكبير للطبراني.

7. مسند الشاميين للطبراني.

8. الآحاد والمثاني للضحاك.

9. فيض القدير في شرح الجامع الصغير.

وأما الإضافات والحذف في العبارات فهي:

أ. كلمة (هذا) فقد اُضيفت وحذفت من جملة (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا).

ب. كلمة (رأيت) اُضيفت وحذفت من جملة (أول جيش … ) فقد اُضيفت إلي المقدم.

ج. في نفس صيغة النص تارة استخدم كلمة يغزون وأخري يركبون وشتان بين الكلمتين إذ لا تقارب في الحروف بينهما حتي تقول نقطة إضافة أو ما شاكل ذلك مما يذكر في التصحيف.

د. كذلك قول أم حرام في صيغة (أنا منهم) وفي هذا النص (أنا فيهم) بإضافة حرف وتغيير آخر.

ه. كذلك في بداية الحديث تارة نقل انها سمعت النبي وأخري تقول أتا رسول الله.

هذا كله مع العلم بان جميع الصيغ تشترك باربعة رواةٍ في النقل لم يتغيروا في جميع الصيغ هم (عمير بن الأسود، خالد بن معدان، ثور بن يزيد يحيي بن حمزة).

فهذه التغييرات تعني عدم دقة النقل الناشيء عن عدم ضبط الرواة لنقل النص وهو شرطٌ يجب أن يتوفر فيهم مما يؤدي إلي اسقاط النص من الإعتبار لإحتمال عدم الضبط في

غير ما ورد من العبارات داخل نفس النص.

رابعاً: بعد البحث والتحقيق وجدنا أن هناك حديثاً منقولاً عن أم حرام أيضاً بنفس الهيكلية مع بعض التغييرات نقله البخاري أيضاً في نفس الجزء(3)، طباعة ونشر دار الفكر بيروت، في ذات الموضوع تحت عنوان باب درجات المجاهدين في سبيل الله، مما يدلل علي أن هذا الحديث موضوع علي لسان النبي صلي الله عليه و اله، إذ لا يعقل أن يقول النبي حديثين بهذا التفاوت في نفس الوقت. والمناسبة خصوصاً وإن رواة الحديث لم يدعوا ذلك بتوحيدهم النقل اساساً عن أم حرام تارةً عن عمير بن الأسود عن أم حرام وأخري عن انس بن مالك عن أم حرام.

خامساً: يقول البخاري في نفس الجزء المذكور في رابعاً ما نصه: «فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية» ولاحظ في تعليقه عبارة (أول ما ركب المسلمون البحر) والحال إذا راجعت بقية النقولات تجد أن المؤرخين يذكرون أن أول من ركب البحر هو مسعود بن عون ابن المنذر أرسله أبو عبيدة بعد فتح حلب الذي ذكره الزركلي في كتابه وكذلك قال في صفحة 339 (مسيرة بن مسروق تولي سنة 20 هجرية قيادة جيش عذرة نحو أربعة آلاف زحف بهم من الشام إلي أرض الروم فظفر وغنم، وهو أول جيش دخل بلاد الروم)، ولاحظ في هذا النص ذكر السنة التي غزي فيها المسلمون الروم وهي سنة 20 هجرية بينما يذكر ابن كثير في كتابه أن معاوية غزي في زمن عثمان بن عفان سنة 27 هجرية.

وعلي هذا لا يمكن الإعتماد علي هذا النقل في أن معاوية أول من غزي.

سادساً: لقد علّق صاحب كتاب فيض القدير في شرح جامع

الصغير ما نصه: « … (مغفور لهم) لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم، إذ الغفران مشروطٌ بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص … » وقد ذكر الدليل إقدامه علي قتل الحسين عليه السلام.

وخلاصة ما ذكرنا إن أساس الحديث فيه اشكال التلاعب وعدم الضبط والمعارضة وكثير من الهنات والأنات التي لم نذكرها كلها تدلل علي بطلانه ووضعه، وإذا كان الأصل هذا فما بالك بالتفريع الذي ذكره بن حجر العسقلاني علي هذا الحديث.

س: ما رأيكم في من ينشر تعاليم أهل البيت والعمل بإرشاداتهم دون المعرفة بهم؟

ج: ينبغي لكل مسلمٍ موالٍ لأهل البيت أن يزداد معرفة بأهل البيت إلي جانب إيمانه بهم ونشره لفضائلهم وتعاليمهم، إذ أنهُ قد جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنه قالَ لكميل ابن زياد « … يا كميل ما من عملٍ إلا وأنت محتاجٌ إلي معرفة..» علي قدر المعرفة يكون الثواب الإلهي والأجر الرباني في الدنيا والآخرة.

س: ما رأيكم في التزيين الموجود في مقامات الأئمّة؟

ج: تزيين مقامات الأئمة هُوَ من شؤونات تلك المقامات ويدخل في الإعتناء بها وتعميرها وقد قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: « … يا علي مَن عَمّرَ قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان ابن داود علي بناء بيت المقدس» ولا شك أن قبور الأئمة وبيت المقدس كلها مِن شعائر الله تبارك وتعالي، لذا يعد هذا الفعل من تعظيم شعائر الله تعالي، واكراماً لرسول الله صلي الله عليه و اله في اهل بيته، ومودة لقربي الرسول الذين أمر الله بمحبتهم وطاعتهم فقال عز من قائل: ?قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي?.

س:

هل إنّ حبّ الأنبياء والأئمة المعصومين وبغض أعدائهم يفيد الإنسان إذا لم ينجرّ لعبادة أو عمل؟

ج: نعم يفيد الإنسان الذي لم ينجر إلي عبادةٍ أو عمل؛ وذلك لأنّ حب الأولياء وبغض أعدائهم سوف يجر هذا الإنسان إلي العمل بما كان يعمل محبوبه، فإذا كان محبوبه يعبد ويعمل فهُوَ أيضاً يفعل ذلك وقد روي أن النبيَّ صلي الله عليه و اله خرج مسافراً في يومٍ مِن الأيام وفي الطريق ناداه اعرابي قائلاً: يا محمد، المرء يحب القوم ولا يعمل بعملهم فقالَ لَهُ النبي صلي الله عليه و اله: «المرء مَعَ مَن أحب … ».

وهذه الجملةُ مِنَ النبي صلي الله عليه و اله صريحةُ في أن هذا الإعرابي الذي كان يحب النبي صلي الله عليه و اله لم يكن مسلماً، وفي تتمة النقل التاريخي لهذه الرواية إن الإعرابي لما سمع ذلك مِن النبي صلي الله عليه و اله قال: اعرض علي الاسلام فعرض عليه الإسلام وقبل ذلك، كل ذلك بفضل المحبة، لذا عدَّ بعض العلماء فرعين من فروع الدين العشرة وهما من توابع اُصول الدين، ويعرفان: بالتولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله، وكما يجب علي المسلم الإعتقاد بهما يجب عليه ايضاً العمل طبقهما، إذ الإعتقاد يصحّحه العمل ويقويه، وإلا فقد يؤدي الي زواله وافتقاده.

س: هل تسمية ابناءنا بعبد النبي و عبد الحسن و عبد الحسين، بمعني الرقيّة أو بمعني الطاعة لهم، أم ماذا؟ عبوديّة الأئمة طاعة أم عبودية رق؟

ج: العبودية لا تصح مِن الإنسان إلا لمولاه الحقيقي وهُوَ الله تبارك وتعالي، وأما عبادة الإنسان لنظيرِهِ في الخلق فلا تصح إلا في سياقٍ خاص وإطارٍ محدود، وهُوَ أن يكون ذلك المطاع مِن النظائر الخلقية امتداداً للمولي الحقيقي

الذي يحتاج إلي تثبيت امتداديته إلي دليل يقوم عليه كما هُوَ الحال في الأئمة المعصومين الواجبة طاعتهم بالأمر الإلهي والدليل والبرهان النبوي القاطع، فتسميه مواليدنا بعبد النبي أو عبد الحسين … الخ، وإن كانَ الظاهر بمعني الطاعة، ولكن هذهِ الطاعة لا تجوز معها المخالفة بأي حالٍ مِنَ الأحوال وهُوَ معني الرقيّة، ولو رفعنا صفة الإمتداد للهِ تعالي كأولياء بأمرِه لزالت الرقية عنهم، هذا علي نحو المعني الحقيقي (في الذهن) أما علي المعني الخارجي الواقعي فالمسألة نسبية ومتفاوتةٌ بين الناس إذ أن السائد العام فيها الطاعة.

س: ما الدليل علي الرجعة وما الحكمة في رجعة المعصومين كالحسين بن علي عليه السلام ليقتل مرة اخري؟

ج: الدليل علي الرجعة من القرآن الكريم قوله تعالي: ?وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ?، والمراد من الحشر هو الجمع بعد الموت لأن المحشورين فوج من كل أمة ولا اجتماع لجميع الأمم في زمان واحد وهم أحياء و(من) في الآية الشريفة للتبعيض و(ممن يكذب) للتبيين أو للتبعيض.

فظاهر الآية الشريفة إن هذا الحشر في غير يوم القيامة لأنه حشَرُ للبعض من كل أمة لا لجميعهم بخلاف الحشر يوم القيامة الذي قال عنه تعالي: ?وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا?.

ويؤيد هذا القول رواية أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام التي نقلها القمي في تفسيره.

ونقل? رواية أخري عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالي: ?قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَي خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ?، قال ذلك في الرجعة أي إحد الإحيائين في الدنيا.

كذلك من الأدلة علي الرجعة قوله تعالي: ?وَحَرَامٌ عَلَي قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ?، والرجوع معناه العود إلي الوراء لا

الإنتقال إلي مرحلة لاحقة حتي نفسره بالقيامة، فإذا لم يكن المقصود الرجوع إلي القيامة فلابد أن يكون للدنيا، والآية تنفي الرجوع مما يدلل علي إمكانية الرجوع إلي الدنيا بعد الإهلاك وهو مفهوم الرجعة وليست هذه الآية الوحيدة في القرآن الكريم بل راجع قوله تعالي: ?أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَي قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّيَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَي طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَي حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَي العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?، وقوله تعالي: ?أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَي النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ?، وكذلك قوله تعالي: ?وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَي لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّي نَرَي اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ? ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ?.

وأما وجه الحكمة من ذلك فإنه لا يرجع إلا ثله من الأولياء ومحبي أهل البيت وزمرة من المعاندين وأعداء أهل البيت (لعنهم الله) قبل حصولهم علي الجزاء الأخروي لخصوصيات يمتازون بها وذلك في أيام سيادة حكومة العدل الإلهي وسيشاهدون بأم أعينهم آثار ونتائج عقيدتهم وأعمالهم، وقد وعدهم الله في كتابه الكريم بهذا النصر وذلك اليوم الموعود بقوله: ?وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ?، وقد ذكرت السنة النبوية الصحيحة روايات وأحاديث عديدة علي الرجعة، كما أن في فرض السؤال خطأ واشتباه في قول السائل

(كالحسين بن علي عليه السلام ليقتل مرةً أخري) وهو خلاف ما في الرجعة إذ لا يقتل الحسين عليه السلام ولا غيره من المؤمنين بل آنذاك يموتون ويقتل الكافرون.

س: لماذا لم يخرج محمد بن الحنفية مع الإمام الحسين عليه السلام إلي كربلاء؟

ج: إن محمد بن الحنفية كان كما في التاريخ قد اُبتلي بمرض في يده مما كان لا يستطيع معه حمل السلاح، ولذلك تخلّف عن أخيه.

س: هل كان نذر عبد المطلب بذبح أحد ابنائه قرباناً للكعبة عملاً صحيحاً يمدح عليه؟ وهل ذبح الأبناء مشروع في دين ابراهيم الخليل أو أي من الأديان السماوية؟

ج: ذبح الأبناء كان من تراث الجاهلية، ولم يكن في شيء من الأديان السماوية، وإنما صنع ذلك عبد المطلب لكي يتمكن من القضاء علي عرفٍ جاهلي ساد بين الناس آنذاك، فحاول أن يسير بسيرتهم ظاهراً ثم يبدله بدفع مائة من الأبل بدل الذبح.

س: ذو القرنين الوارد ذكره في القرآن الكريم، هل هو نبي أم رجل صالح؟

ج: في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «صاحب موسي وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيّين».

وفي تفسير «تقريب القرآن الي الأذهان» للإمام الشيرازي الراحل? أنه قد ورد في الأحاديث بأنه لم يكن نبياً ولا ملكاً وإنما كان عبداً أحبّ الله فأحبّه الله وجاء الي قومه يدعوهم فضربوه علي قرنه فذهب عنهم، ثم أتي إليهم مرة أخري فلم يستجيبوا له، بل ضربوه علي قرنه الآخر، ومن هنا سمّي ذو القرنين فذهب عنهم، ثم جاء في الثالثة وملك البلاد.

س: جاء في دعاء كميل «لجعلت النار كلها برداً وسلاما وما كان لأحد فيها مقراً ولا مقاماً» هل كان تامة أم ناقصة؟ أليس الصحيح أن يقال «وما كانت النار لأحد مقراً

ولا مقاماً» أو «وما كان لأحد فيها مقرٌ ولا مقام» بالرفع؟

ج: كان في فقرة الدعاء ناقصة، وليست تامة، وهو أفضل تعبير من حيث البلاغة والفصاحة ولا يرد عليه الإشكال المذكور وذلك لأن اسم كانت «ضمير» يعود الي النار، ومقراً ومقاماً خبران لكانت و «لأحد فيها» ظرفان متعلقان ب «كانت» والمعني «وما كانت النار مقرا ولا مقاما، لاحد فيها»، فقدم المتأخر «الظرف» للسجع البلاغي.

س: هل من الضروري دائما أن تكون المعرفة الأوليه البديهية مضمونة الصدق ويقينية،أو يمكن أن تكون درجة التصديق في المعارف الأولية مضنونة أو محتملة؟

ج: نعم، يلزم أن تكون المعرفة الأولية البديهية مضمونه الصدق ويقينية.

س: لماذا لا يتشيّع السنة أو الوهابيون ولايتبعون نهج العترة الطاهرة، مع أن الأحاديث في هذا الخصوص موجودة في كتبهم السنية، ولقوله تعالي: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?؟ وورد إن كبار المفسرين السنة مثل الزمخشري والرازي والالوسي والنيسابوري وينابيع المودة وغيرهم صدّقوا الآية الكريمة وقالوا أنها نزلت في حصر الولاية علي الله ورسوله وعلي بن أبي طالب عليه السلام فما سبب جحدهم بولاية علي عليه السلام؟

ج: إن إعلان التشيع يقتضي الإيمان بأن علي بن أبي طالب عليه السلام هو الخليفة الحق من بعد رسول الله صلي الله عليه و اله لا سواه وهذا يصعب علي الكثير من أبناء العامة قبوله خصوصاً الوهابيون الذين يقولون بنظرية تقديم الفاضل علي المفضول ويعتبرون الخلفاء الثلاثة أفضل من علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن شب علي خصلة شاب عليها. كما أن هناك اسباباً أخري تمنع من ذلك:

1. عدم الإطلاع علي الحقائق، وهو احتمال وارد لكنه بعيد مع مستوي التقدم التقني الذي وصلت إليه البشرية اليوم.

2.

التقليد الأعمي الذين ذكره القرآن الكريم في الآية المباركة: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ

مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً

وَلاَ يَهْتَدُونَ?.

3. إضلال العلماء لهم، وقد أشار الباري تبارك وتعالي إلي ذلك في قوله تعالي: ?وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا?.

4. جحوداً وتكبراً كما قال الباري تبارك وتعالي في قوله: ?وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ?.

وقد تكون هناك اسباباً أخري ناشئة من حالات خاصة ونفسية.

س: ما هو الهدف من خلقة الإنسان في هذه الدنيا، وما هو الهدف من تفضل الله عز وجل بالنعم علينا ثم فرض الصلاة والصيام وغيرهما علينا لنشكره بها ونلتزم بعض الأعمال، ثم لا نعلم أننا من أهل الجنة أو النار؟

ج: إن الهدف من خلق الإنسان في هذه الدنيا بيّنته الآية المباركة: ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ?، والعبادة هنا جاءت بمعني المعرفة والمعرفة الإلهية لا تتحصّل فقط من الجانب النظري، بل الجانب العملي أيضاً والجانب العملي يأتي ليثبت هذه النظريات المعرفية بالله تبارك وتعالي ويفّعلها من خلال سنة الإبتلاء، ومن الإبتلاء إغداق النعم علي الإنسان كما قال تعالي: ?وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَي الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ?، فالإنسان بالمعرفة التي يثبتها الإبتلاء يصل إلي كماله الذي به يعبد الله تبارك وتعالي وما الصلاة والصيام إلا أمور تصب في هذا الإتجاه لذلك انعمها الله علينا. ثم إن القرآن الكريم بين نتائج الأمور والتي تنتهي إما إلي الجنة أو النار فإذا كان الإنسان متبعاً طائعاً لله تبارك

وتعالي فهو قطعاً من أهل الجنة وإن كان بخلاف ذلك فهو من أهل النار، ولكن لم يجزم بأي منها لكل فرد علي نحو الخصوص حتي لا يصيب الفرد الإتكال والخمول مما يضر الهدف الأساسي من خلقه.

س: هل بدأ المسلمون في الصدر الأول الحروب ضد المشركين؟ وإذا كان كذلك، فمن هو الجانب الذي بدأ الحرب في واقعة بدر؟ وما هو السبب؟ أليس منع الماء علي الآخرين عملاً سيئاً، فلماذا منع المسلمون الكفار عن الماء في معركة بدر؟

ج: كلا، لم يبدأ المسلمون في الصدر الأوّل الحرب أبداً، بل لم يكن لهم حق الرد بالقوة العسكرية علي الأذي الذي تلقوه من قبل المشركين إلي أن تمادي المشركون ونهبوا أموال المسلمين في مكة وقتلوا احبتهم واخرجوهم من ديارهم بغير حق، عند ذاك أذن لهم بالقتال بنزول قوله تعالي في المدينة: ?أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ?، وعلي أثر ذلك حاولوا تهديد قريش عن طريق تعريض قوافلهم للخطر واسترجاع أموالهم التي سلبت منهم في مكة والتي تحولت إلي أموال المكيين الموضوعة في قافلة أبي سفيان وغيرها من القوافل لذا وعلي هذا الأساس يصبح الأمر واضحاً وجلياً، بأن مبدأ الحرب في الإسلام هو الدفاع وليس الهجوم، إذ خرجوا لقتال المشركين دفاعاً عن أنفسهم وأموالهم، والحرب الدفاعية نوعين كما هو معروف.

الأوّل: خوض الحرب عند التعرض للهجوم وهو ما حصل في الصدر الأوّل للإسلام.

الثاني: الحرب الإستباقية لإجهاض خطط الأعداء كما في الغزوات التي قادها النبي صلي الله عليه و اله في حياته.

وأما بخصوص منع المشركين من شرب الماء، فالحقيقة أن هذا الأمر لم يحدث أبداً؛ لأن النبي صلي الله عليه و اله أمر بجعل احواض تُملأ بالماء من آبار

بدر التي يصعب استخراج الماء منها في الظرف الطبيعي فما بالك بظرف المعركة، فيشرب منه الجميع حتي المشركون.

س: علي ماذا يجب السجود ولماذا يوجب الشيعة السجود علي التربة الحسينية؟

ج: إنّ الشيعة لا يوجبون السجود علي التربة فحسب، بل يوجبون السجود علي الأرض التي منها التربة أو ما أنبتته الأرض إلاّ ما أكل أو لبس، فلا يجوز السجود عليه، ويستدلّون علي ذلك ب:

قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «جعلت لي الارض مسجداً وطهور».

روي هذا الحديث عند أهل السنة في:

1. صحيح البخاري 1/ 149 ح2، 1/ 190 ح98.

2. صحيح مسلم 2/ 63.

3. سنن الترمذي 2/ 131 ح 317.

4. سنن النسائي 2/ 56.

5. سنن أبي داود 1/ 129 ح489.

6. مسند احمد 2/ 240، 250.

وعند الشيعة في:

1. الكافي/ الكليني ج2 كتاب الايمان باب الشرايع ح1 ص17.

2. من لا يحضره الفقيه/ الصدوق 1/ 231.

وغيرهما من كتب الحديث.

ومن المعلوم أن لهذا الحديث ألفاظاً مختلفة، ولكنّ المعني والمضمون واحد.

كما لا يخفي أن المقصود من كلمة «مسجد» يعني مكان السجود، والسجود هو وضع الجبهة علي الأرض تعظيماً لله تعالي.

ومن كلمة «الأرض» يعني التراب والرمل والحجر و…

ومما لا شك فيه أن التربة جزء من أجزاء الأرض فيصح السجود عليها.

روي عبد الرزاق عن خالد الجهني قال: رأي النبي صهيباً يسجد كأنّه يتقي التراب فقال له النبي صلي الله عليه و اله: «ترب وجهك يا صهيب».

وصيغة الأمر ترّب هنا تدل علي استحباب السجود علي التربة دون غيرها من أجزاء الارض.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله لمعاذ: «عفّر وجهك في التراب».

س: هل صحيح ما يقولة العامة من أن أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من الإمام علي عليه السلام، لأن أبا بكر قد تصدق

بكل ماله، ويروون أن الرسول صلي الله عليه و اله قال: «ما نفعني مال مثل مال أبي بكر»، وأن عمر أنفق نصف ماله وعثمان أنفذ جيش العسرة؟

ج: أوّلاً: هناك قاعدة لمعرفة صحيح الروايات وسقيمها جاءت في أحاديث الأئمة الأطهار وهي: عرض الحديث علي القرآن الكريم لمعرفة سقيمه من صحيحه، وبعرض الأحاديث في فرض السؤال علي القرآن الكريم نجدُ أن ما أخذ مقسما لقسمة صحيحة في تمييز الناس ومعرفة الأفضل علي أساس ذلك لم يأخذه القرآن الكريم الذي عدَ الأفضل والأعلي من كان الأتقي كما جاءَ في قوله تعالي: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?، والمال لا يمكن أن يكون مقسماً حقيقياً؛ لأن إنفاقه في سبيل الله تعالي علي فرض ثبوته يعد صفة من صفات المتقين وميزةً لهم، ومن كان أكثر تقوي كان في إنفاق ماله في سبيل الله تعالي أكثر ونيته أصفي وأدق، وقد شهد القرآن الكريم لعلي بن أبي طالب عليه السلام:

فالتقوي مرجعها إلي استقامة النفس الإنسانية مِن الإنحرافات السلوكية وشدة التزامها بالأوامر الإلهية وهذا لا يكون إلا لمن طهرت نفسه من الذنوب والخطايا مطلقاً، وعلي عليه السلام مبرءُ من ذلك بدلالة الآية: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?، التي ذكر أرباب التفسير والعلماء كما ورد في حديث الكساء اليماني المعروف أن علي بن أبي طالب عليه السلام من مصاديق هذه الآية المباركة، والتناسب بين طهارة النفس والتقوي تناسباً طردياً، ولا طهارة أعلي مما ذكرها القرآن لعلي ابن أبي طالب عليه السلام وبذلك كان الأفضل.

كذلك لا أحد يشك أن نبي الإسلام صلي الله عليه و

اله هو أفضل وأعلي من كل بني آدم بما فيهم المنفقون في فرض السؤال، وعلي عليه السلام أفضل كتفضيل النبي صلي الله عليه و اله علي الصحابة في فرض السؤال عليهم لأنه نفسُ النبي محمد صلي الله عليه و اله بدلالة الآية المباركة: ?فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَي الْكَاذِبِينَ?، وقد دلت الروايات والنقول التاريخية علي أن الذين أحضرهم النبي صلي الله عليه و اله للمباهلة كانوا علياً وفاطمة والحسن والحسين، وقد جاء في رواية أن المأمون سأل الإمام الرضا عليه السلام عن المعني بأنفسنا فأجابه عليه السلام:

بعدم صحة دعوي الإنسان نفسه إلي شيء إذ لا بد من وجود طرفين الأوّل يكون داعياً والثاني مدعواً، والنبي كما هو الواضح في الآية هو الداعي والمدعو أشخاصاً آخرين وهم في النساء فاطمة وفي الأبناء الحسن والحسين وفي الأنفس علي بن أبي طالب عليه السلام.

ثانياً: لو سلمنا بما ادعت الروايات في فرض السؤال أن أبا بكر أنفق جميع ماله وعمر نصفه وعثمان أنفذ جيش العسرة من ماله فصار الأوّل أفضل من الثاني، وكلاهما أفضل من الثالث والجميع أفضل من علي بن أبي طالب عليه السلام علي اعتبار أنه كان فقيراً لا يملك ما ينفقه، فنسأل هنا أيهما أكثر جوداً وكرماً بذل المال أم بذل النفس في سبيل الله تعالي؟

الجواب واضح وهو الجود بالنفس أقصي غاية الجود، إذ لم يعرف عن الثلاثة أنهم كانوا شجعان لدرجة أنهم يبذلون أنفسهم فداءً لرسول الله فضلاً عن سبيل الله وكلاهما واحد بخلاف علي بن أبي طالب عليه السلام الذي شهد له القرآن بذلك في

قوله تعالي: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ?.

فالخلاصة: إنّ من جاد بنفسه كان أفضل ممن جاد بماله عند الله ورسوله والعقلاء.

ثالثاً: إذا كان مقياس الترتيب في التفاضل هو كثرة الإنفاق كما في فرض السؤال فإن هناك من هو أفضل من أولهم وهي السيدة خديجة أم المؤمنين التي كانت تملك ما لم يملكه الثلاثة في فرض السؤال، وقد كان معروفاً أنها تملك أموالاً طائلة تبلغ (40) طشت من الذهب فضلاً عن التجارة المترامية والتي كان النبي صلي الله عليه و اله عاملاً من العاملين عليها.

رابعاً:

1. إن الإنفاق بحد ذاته ليس فيه فضل وإنما يدل علي أن هذا الإنسان كريم، والكرم صفة يتساوي فيها الجميع في أي مجتمع كان بالقوة، نعم في حال أردنا أن نفاضل في ذات الصفة يفضل من كان أكثر كرماً ولا يتعداه إلي غيرها من الصفات، وهذا بكون التفضيل جزئي لا كلي، بينما التفضيل الوارد في السؤال كلي إنطلاقاً من صفة الكرم الجزئية ولا يوجد تلازم عقلي بين وجود صفة الكرم ووجود بقية الصفات الأخري والدليل علي ذلك الواقع الخارجي، فكم من كريم لم يكن مؤمناً مثلاً، هذا أولاً.

2. إن الإسلام لا ينظر إلي الإنفاق مجرداً عن النية، فإنما تتفاضل الأعمال بالنوايا وما كان خالصاً منها كان أعلاها وأنبلها وبها يعلوا الفرد علي أقرانه، يقول الباري تبارك وتعالي في كتابه المجيد: ?أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ?، فسقاية الحاج أمر عظيم لكن الإيمان بالله أعظم ولا قياس بينهما، وبالنظر إلي ما جاء في فرض السؤال من زاوية هذا المنطق القرآني

نجد أن كفة علي بن أبي طالب عليه السلام هي الراجحة لشهادة القرآن الكريم له بخلوص النية في إنفاقه كما جاء في قوله تعالي: ?وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ? إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا?، وقد أجمع مفسرو الفريقين علي أنها نازلة في علي وفاطمة والحسن والحسين من الآية الأولي إلي الآية الحادية عشر، وكذلك جاء في خلوص نيته في الأنفاق قوله تعالي: ?الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ?، وأيضاً قوله تعالي: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?.

كل هذه الآيات وغيرها مما عزفنا عن ذكرها تجنباً للإطالة المفرطة دلت علي خلوص نيته التي جللّها الباري بنزول القرآن فيها، ولكن هذا لم يحصل مع إنفاق الثلاثة، وكما يقول العلماء إذ لو كان لبان، فبناءً علي ما تقدم يكون علي عليه السلام هو الأفضل والعكس غير صحيح.

خامساً: قد يقول قائل ليس من الضروري أنه قد نزل قرآن في أبي بكر مثلاً أو غيره من الثلاثة في فرض السؤال بل يكفي الأحاديث التي وردت في حقهم عنه صلي الله عليه و اله؛ وذلك لقوله تعالي: ?وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَي ? إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَي?.

نقول نعم، صحيح أن النبي لا يقول بما لا يرضي الله تبارك وتعالي، ولكن هذه الروايات مطعون فيها سنداً ودلالةً، وهي من الموضوعات.

ينقل أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري البصري البغدادي: إن الأحاديث الواردة عن النبي صلي الله عليه و اله في فضائل أبي بكر الصديق من الموضوعات لم يصح منه حديث أو ليس فيه حديث صحيح.

والذي يؤيد

عدم وجود الحكاية التي فرضتها الرواية في فرض السؤال أنه لم يرد حديثٌ واحد أو رواية عن كيفية انفاق أبي بكر لماله في سبيل الله، كذلك لو كان ذلك واقعاً لكان أول المعترضين عليه أبوه أبي قحافة الذي كان أجيراً لعبد الله بن جدعان للنداء علي الطعام، كذلك لم تفتخر عائشة ولو في موضع واحد بسابقة أبيها في الإنفاق.

سادساً: إن هذا الحديث معارضٌ بحديث آخر في حق سيدتنا خديجة عليها السلام: «ما نفعني مالٌ قط مثل ما نفعني مال خديجة» وهو حديث صحيح عن رسول الله صلي الله عليه و اله وعلي فرض صحة سند حديث مال أبي بكر الصادر عن الرسول صلي الله عليه و اله أيضاً يتساقط الحديثان من الإعتبار، ولكن لم يطعن أحد بحديث النبي صلي الله عليه و اله بحق أم المؤمنين خديجة عليها السلام بخلاف حديث أبي بكر الذي عدّوه كما مر ذكره من الموضوعات، فيقدم حديث مال خديجة ويسقط حديث مال أبي بكر من الإعتبار.

فالنتيجة: إن ما أدعي لأبي بكر لم يثبت، الأمر الذي يترتب عليه عدم ترتب الأفضلية علي أمير المؤمنين علي بن

أبي طالب عليه السلام.

سابعاً: وأما بخصوص انفاق عمر لنصف ماله فهو أضعف من سابقه لعدم امتلاكه للمالية الضخمة التي تمكنه من قسمتها نصفين، نصف يعطيه للنبي وآخر يبقي عنده، فقد كان عمل عمر بن الخطاب في الجاهلية إما راعياً أو نخاساً للحمير أو حمالاً للحطب مع أبيه، ثم لو كان عمر بهذا الكرم فلماذا يعطي نصف ماله في سبيل الله أهو نقص في الكرم وبخل علي الإسلام أم أنه كان من تدبير في معاشه؟ فإن التزمنا بالأول يكون هذا الحديث قدحاً بعمر وليس فضيلة حتي يرجح

علي أمير المؤمنين عليه السلام. وإن التزمنا بالثاني يكون ذلك قدح في أبي بكر إذ لم يدبر معاشه ولم يدر كيف يصرف أمواله، بحيث أعطي الجميع وأصبح فقيراً ومن لم يقتر في المعاش فقد كفر، وقد روي البخاري أن رسول الله صلي الله عليه و اله رد لأبي بكر ثمن راحلة قدمها له، لذا إذا أردنا الإلتزام بهذا الحديث وصحته علينا أن نقدح بالشيخين، ومن هذه وتلك نخرج بنتيجة أن لا أفضلية لعمر ولا أبي بكر علي علي عليه السلام.

ثامناً: أما بالنسبة لمسألة انفاق عثمان علي جيش العسرة فقد اعتمدوا علي روايات موضوعها واحد وإسنادها ومضامينها مختلفة وأخذوها سبباً لنزول قوله تعالي: ?الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًي لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ?، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها: وذلك:

أولاً: إن هذه الروايات فيها اشكال من حيث السند، فهي مراسيل، والرواية المرسلة لا يمكن اعتمادها لضعفها.

ثانياً: إن هذه الروايات فيها تضارب في مضامينها، وهذا التضارب يوجب الوهن فيها، وأما موارد التضارب فيها فهي:

1. مقدار ما تبرع به عثمان.

2. كيفية التبرع.

3. الإستحقاق المترتب علي الإنفاق هل هو غفران الذنب أم له الجنة؟

4. في الارومة التي بذلها هل ابتاعها وبذلها أم حفرها وبذلها؟

5. هل جهز الجيش كله أو بعضه؟

6. في الدعاء لعثمان هل قال النبي صلي الله عليه و اله ماضر عثمان ما فعل بعد اليوم أم قال رسول الله صلي الله عليه و اله اللهم اني رضيت عن عثمان … الخ فارض عنه أم بقي رافعاً يديه بالدعاء الليل كله حتي نزلت الآية في الصباح؟

ثالثاً: فيها مخالفة صريحة للقرآن الكريم، إذ تقول الرواية (ماضر

عثمان ما فعل) والقرآن الكريم يقول: ?فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ?، وبناءً علي ما تقدم فإن هذه الروايات ساقطة من الاعتبار ولا يمكن التسليم بصحة ما جاء فيها وبهذا يبطل التفضيل من أساسه علي فرض صحته.

رابعاً: لو سلمنا بصحة الروايات، فقد ذكر أنها نزلت في عثمان مورد واحد وهو الفخر الرازي، وذكروا أن سبب نزولها مشترك كما قال الواحدي أنها نزلت في عبد الرحمن بن عوف، كما أن كل المسلمين الميسورين انفقوا في هذا الجيش حتي النساء أتين بحليهن، هذا الإشتراك في النزول يوجب الإشتراك في الفضل أيضاً، فلماذا خصص عثمان بهذه المسألة ولم يأخذوا الآخرين ممن انفقوا علي جيش العسرة، فهو ترجيح بلا مرجح ولا يمكن القبول به أو يكون الجميع في الفضل سواء وكذا في الترجيح.

خامساً: إن سبب نزول هذا منفي عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف، بل ثابت في البقية الذين انفقوا في جيش العسرة كما جاء في رواية مجمع البيان في تفسير القرآن برواية أبي حمزة الثمالي أنها نزلت في سبعة نفر ولم يذكروا عثمان في ذلك. علماً إن هذا السبب لم يُطعَن فيه وهو خارج عن البحث السابق في الروايات التي ذكرت عثمان بن عفان.

هذا بالإضافة إلي أن الحاكم الحسكاني الحنفي ذكر وبضرس قاطع أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام.

وعليه فلا فضل لعثمان بن عفان من الأساس حتي يرجح به علي غيره.

سادساً: وعلي فرض القول بتعدد اسباب النزول في هذه الآية فما من الفضل به لأحدهم يثبت للآخر، فما الوجه في تخصيص عثمان في التفضيل؟ وما هو إلا من باب الترجيح بلا مرجح وخلاصة ما سبق لا فضل لعثمان علي علي بن أبي طالب عليه السلام.

س:

لماذا كان الخليفتان اقرب إلي رسول الله صلي الله عليه و اله وكانوا معاونيه في الدعوة الاسلامية الم يكن رسول يعلم أنهما سينكثان العهد. وذلك عن طريق الوحي؟

ج: للإجابة علي هذا السؤال يجب أن نعرف ماذا يقصد بالقرب في فرض السؤال. هل المقصود بالقرب القرب المكاني؟

فليس في هذا فضيلة أو خصوصية لاحتمال وجود من هو أقرب منهم لرسول الله صلي الله عليه و اله. أم المراد قرب القرابة؟ وهو كما نعلم غير صحيح. أو المراد بالقرب قرب المنزلة من رسول الله صلي الله عليه و اله؟

فهذا كما تعلم أيضاً غير ثابت، وذلك لأن النبي صلي الله عليه و اله لم يخصهما في شيء كما خص غيرهم، وأهم ما نلاحظه أن النبي صلي الله عليه و اله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهم كما آخي بينه وبين علي بن أبي طالب عليه السلام، بل لم تذكر جميع كتب السير أنه صلي الله عليه و اله خصهما في المشورة دون أصحابه أو أودعهما سره دون غيرهما من المسلمين أو ولاّهما علي شيء قد اختصا به، بل العكس من ذلك فان الحقيقة هي خلاف ما تذكره واول شاهد علي ذلك. أن النبي صلي الله عليه و اله سد الأبواب المشرعة علي المسجد ومنها باب أبي بكر وعمر ولم يميزهما عن غيرهما وأبقي باب علي بن أبي طالب عليه السلام مفتوحة.

فقد روي الهيثمي أن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «أمّا بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلاّ باب علي عليه السلام فقال فيه قائلكم وإني والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكني أمرت بشيء تبعته».

وروي الهيثمي وهو من علماء أهل السنة قال: عن علي بن أبي

طالب عليه السلام قال: «أخذ رسول الله صلي الله عليه و اله بيدي فقال ان موسي سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون وإني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك وبذريتك ثم أرسل إلي أبي بكر أن سد بابك فاسترجع ثم قال سمعاً وطاعة فسد بابه ثم أرسل إلي عمر ثم أرسل إلي العباس بمثل ذلك ثم قال رسول الله صلي الله عليه و اله ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ولكن الله فتح باب علي وسد أبوابكم».

وأنه صلي الله عليه و اله أمّر أسامة بن زيد علي الشيخين وعلي جمعٍ من الصحابة وكان فتيً صغيراً ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش. عن عبد الله بن عبد الرحمن أن رسول الله صلي الله عليه و اله في مرض موته أمّر أسامة بن زيد بن حارثة علي جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأمره أن يغير علي مؤته حيث قتل أبوه زيد …

ثالثاً: لو كان الشيخان قريبين من رسول الله صلي الله عليه و اله لبلّغ أحدهما عنه في حين أنه قال: «علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلاّ علي».

س: هل أن حديث العشرة المبشرة بالجنة صحيح؟

ج: الجواب علي هذا السؤال يقع في وجهين:

الأوّل: إن العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لأي بشر مادامت المعاصي تصح منه وتجوز عليه باعتباره غير معصوماً، بل حتي المعصومون لم يصرحوا بذلك علي الرغم من القطع بدخولهم الجنة والأمان من النار وهو ما صرحوا به في أكثر من مناسبة، فلوكان العبد تصح منه صدور المعصية ويبشر بالجنة فذلك يغريه بفعل القبيح لأمنه العقوبة في

الآخرة، ولا خلاف في أن التسعة من العشرة المذكورين في الحديث لم يكونوا معصومين وصدرت منهم المخالفات الشرعية في أكثر من موضع بحسب ما جاء في كتب المسلمين، وعليه فإن هذا الحديث غير صحيح لاستلزاماته الفاسدة.

الثاني: وانّ ممّا يبيّن بطلان الخبر أنّ أبا بكر لم يحتج به لنفسه، ولا احتجّ به عثمان في مواطن دفع فيها الي الاحتجاج به ان كان حقاً لمّا حوصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله، وما منعه من التعلّق به لدفعهم عن نفسه؟ بل تشبّث بأشياء تجري مجري الفضائل والمناقب، وذكر القطع بالجنة أولي منها وأحري فلو كان الأمر علي ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّ صلي الله عليه و اله، أو روايته في وقت عثمان لاحتجّ به علي حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجِنان.

س: الم يستطع الرسول صلي الله عليه و اله ان يصلح الصحابه او يحذرنا منهم. ولماذا هذا الاتهام لهم؟

ج: إذا كان المقصود بالإستطاعة أصل الإمكان، فالقابلية والإمكانية موجودةٌ ولا شك في ذلك.

أو كان المقصود لم يمارس عملية الإصلاح معهم، فهذا باطل؛ لأن وظيفة النبي أساساً الإصلاح لقوله تعالي: ?كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ?، ولكن الذي يجب أخذه بنظر الإعتبار هو أن عملية الإصلاح في الإسلام لا تكون إجبارية: ?لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ?، فالنبي صلي الله عليه و اله أدّي ما عليه، ويبقي الأمر مرهوناً بالنفوس التي تلقت التعليم تقبل أو لا تقبل تصلح أو لا تصلح.

وأما لماذا لم يحذرنا منهم، فهذا ليس من منهج الإسلام أن يحذر من

اشخاص معينين بالإسم وبالذات إلا القلائل الذين فعلوا أفعالاً أخرجتهم من رحمة الله تعالي كطريد رسول الله صلي الله عليه و اله مروان بن الحكم الذي لعنه النبي لاقترافه النظر المحرم إلي داخل بيته والبيوت عورة كما قال صلي الله عليه و اله، وحتي القرآن الكريم لم يحذر من أشخاص بعينهم إلا من انطبقت عليه القاعدة، بل حذر من الكافرين، المنافقين، المشركين إجمالاً، وهذا الأسلوب مهم جداً من الناحية التربوية، إذ يترك مجالاً واسعاً لتوبة الإنسان من أعماله الطالحة والأوب إلي الله تعالي.

وفيما يخص اتهامهم، فهنا لابد لنا أن نميّز بين الإتهام وبين الحقيقة التاريخية الثابتة.

فالناس اليوم لا تعلم عنهم شيئاً في زمانهم لولا أن التاريخ نقل عنهم ما كان منهم في زمانهم، ونحن اليوم في هذا الزمان لدينا قواعد بلغنا إياها النبي صلي الله عليه و اله ثابتةً في كتاب الله تعالي طُبقت في زمانهم نحكم علي أساسها بأن صاحب الموقف الفلاني في التاريخ الثابت لا المزيف مخالف أو موالف وعلي ضوءه يكون التقييم والإحترام والتقديس.

وللأسف الشديد جاء في كتب القوم المعتبرة والصحيحة ما يدينهم بناءاً علي القانون الإسلامي في الحكم علي وقائع التاريخ. وبناءاً عليه يتبين أن ما ذكر عن المذكورين في فرض السؤال كان حقائق وليست مجرداتهم غير ثابتة.

پي نوشتها

() سورة الاحزاب: الآية 33.

() سورة آل عمران: الآية 34.

() سورة الشوري: الآية 23.

() سورة المائدة: الآية 55.

() سورة الاخلاص: الآية 1.

() سورة البقرة: الآية 163.

() سورة الشوري: الآية 11.

() نهج البلاغة، ج2، ص119.

() التوحيد، الشيخ الصدوق، باب التوحيد والعدل، ص96.

() سورة الملك: الآية 14.

() سورة الحديد: الآية 25.

() سورة النحل: الآية 36.

() نهج البلاغة: الخطبة 143.

() نهج البلاغة: الخطبة الاولي.

() الكافي: ج1،

ص168؛ علل الشرائع: ج1، ص120؛ بحار الأنوار، ج11، ص30.

() بحار الأنوار: ج11، ص40.

() المحقق الطوسي، أنظر قواعد العقائد.

() مقدمة ابن خلدون: ص465، ط. دارالقلم بيروت.

() سورة البقرة: الآية 124.

() سورة الأحزاب: الآية 6.

() أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج5، ص169، ح4980.

() سورة الأحزاب: الآية 36.

() سورة النساء: الآية 59.

() مناقب آل أبي طالب للثعلبي وابن شاهين: ج2 ص219، غاية المرام: ج3 ص104، علي في القرآن: ج1 ص172.

() الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقه: ص263.

() وسائل الشيعة: ج27، ص33، الباب الخامس.

() المستدرك علي الصحيحين: ج3، ص109.

() كنز العمال: ج1، ص186 و188.

() تاريخ بغداد: ج12، ص91.

() وأجواز: جمع الجوز وهو من كل شيء وسطه.

() اليفاع: ما ارتفع من الأرض شبّه الإمام بالنار في الظهور والدلالة علي المقصود.

() النآد: كسحاب بمعني: إن الإمام هو الملجأ للعباد إذا مادهمهم أمر خطير.

() اصول الكافي: ج1، ص200، كتاب الحجة، ط4. دار الكتب الاسلامية.

() الباب الحادي عشر: الأصل الخامس، المعاد.

() سورة يس: الآية 51.

() سورة المؤمنون: الآيات 14 16.

() إعتقادات الشيخ الصدوق: ص64.

() نهج البلاغة: الخطبة رقم83.

() أمالي الشيخ المفيد: المجلس33، حديث1.

() سورة الاعراف: الآية 180.

() سورة المائدة: الآية 35.

() مكيال المكارم، ميرزا محمد تقي الاصفهاني: ج1، ص325 326.

() تفسير البرهان، ج3، ص387.

() بحار الأنوار: ج54، ص170، ح117.

() شرح أصول الكافي للمازندراني: ج12، ص11.

() بحار الأنوار: ج54، ص314.

() تفسير القمّي: ج2، ص198.

() سورة الصافّات: الآية 180.

() أصول كافي: ج1، ص21، ح14.

() سورة هود: الآية 7.

() قال القمي في تفسيره: ج1، ص322.

() بحار الأنوار: ج55، ص212.

() سورة الذاريات: الآية 56.

() سورة الحجر: الآية 85.

() سورة المؤمنين: الآية 115.

() سورة هود: الآية 7.

() سورة الملك: الآية 2.

() سورة المائدة: الآيتان 85 و86.

() مناقب آل

أبي طالب: ج3، ص107.

() سورة الأعراف: الآية 143.

() صحيح البخاري: كتاب العلم، ج1، ص37 39؛ شرح نهج البلاغة: ج6، ص51، تحقيق محمد ابو الفضل؛ صحيح مسلم: كتاب الوصية، ج2، ص16.

() سورة البقرة: الآية 34.

() تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان، محمد الحسيني الشيرازي: ج13، ص54، ط1، بيروت، وسائل الشيعة: ج4، ص986 الحر العاملي، بحارالأنوار: ج12، ص251؛ تفسير العياشي: ج2، ص197.

() الفصول المهمة، ج1، الحر العاملي، ص427.

() الكافي: ج1، كتاب الحجة: ص264، ح3، باب جهات علوم الأئمة?.

() الكافي، ج1، كتاب الحجة: ص264، ح2، باب جهات علوم الأئمة?. (يعني قد يكون ذا وقد يكون ذاك).

() كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري، ص330.

() سورة طه: الآية 114.

() مشارق انوار اليقين: فصل قدرة آل محمد?، ص225، الحافظ رجب البرسي.

() الغدير، العلامة الأميني: ج3 ص140.

() سورة الإسراء: الآية 1.

() سورة آل عمران: الآية 61.

() سورة الشوري: الآية 51.

() الاستغاثة، ابوالقاسم الكوفي، ج1، ص81.

() الكافي: ج1، ص282، كتاب الحجة.

() فقه السنه: ج2 الشيخ السيد سابق ص611، وضوء النبي?: ج1 السيد علي الشهرستاني ص203.

() سورة آل عمران: الآية 49.

() الفقيه: ج2، ص370، ح1625؛ عيون اخبار الرضا عليه السلام

: ج2، ص272؛ التهذيب: ج6، ص95، ح177.

() مستدرك سفينة البحار: ج8، ص628؛ الذريعة: ج23، آقا بزرگ الطهراني، ص247.

() سورة الحجرات: الآية 14.

() تفسير مجمع البيان: ج2، ص452.

() سورة المائدة: الآية 35.

() المجالس الفاخرة: ص210؛ مأساة الزهراء: ج1، ص76؛ لقد شيعني الحسين: ص300، المغربي.

() مفاتيح الجنان: ص66؛ مصباح المتجهد: ص744.

() سورة المائدة: الآية35.

() الشيعة في أحاديث الفريقين للسيد مرتضي الأبطحي: ص227، ح316، (مختصر).

() المراجعات: ص248.

() سورة الاعراف: الآية 172.

() المحاسن: ج1، ص260؛ تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة: ص140؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج6، ص379؛

صحيح ابن حبان: ج10، ص83.

() البحار: ج1، ص118، باب 8، ح1 ط بيروت.

() سورة هود: الآية 49.

() سورة آل عمران: الآية 179.

() سورة النمل: الآية 65.

() سورة الأنعام: الآية 59.

() سورة يونس: الآية 20.

() سورة الجن: الآيتان 26و27.

() سورة البقرة: الآية 213.

() سورة النساء: الآية 165.

() سورة الأنعام: الآية 48.

() سورة الرعد: الآية 7.

() الكافي: ج1، ص191.

() تهذيب الاحكام: ج6، ص114 الشيخ الطوسي؛ المزار: ص422 محمدبن المشهدي.

() سورة الحجرات: الآية 13.

() النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد، ص38؛ كنز الفوائد، ابوالفتح الكراجكي، ص275؛ العمدة ابن بطريق، ص214؛ اضواء علي الصحيحين محمد صادق النجمي، ص344؛ كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الانصاري: ص204.

() سورة البقرة: الآية 154.

() بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج27، ص217؛ الأنوار البهية، الشيخ عباس القمي: ص322.

() الوسائل: ح5 الباب الرابع من ابواب المزار.

() الكافي: ج1؛ كتاب الحجة: ص389، ح2، ط. طهران.

() سورة المائدة: الآية 35.

() سورة الإسراء: الآية 21.

() سورة البقرة: الآية 253.

() سورة الانعام: الآيتان 86 و 87.

() سورة الإسراء: الآية 21.

() سورة البقرة: الآية 253.

() سورة الأنعام: الآية 87.

() سورة الأحزاب: الآية 33.

() سورة الذاريات: الآية 56.

() سورة الشمس: الآية 4.

() سورة الاحزاب: الآية 33.

() نور الأبصار للشبلنجي: ص112، الجامع الصحيح (سنن الترمذي): ج5، ص352، ح3206؛ بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج69، ص146، وج108، ص354؛ الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج1 ص48، معجم الفاظ الفقه الجعفري لدكتور أحمد فتح الله: ص75، كتاب سليم ابن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري: ص16.

() تاريخ الطبري: ج4، ص52، الطبعة الأولي؛ الإمامة والسياسة للدينوري: ج1، ص34.

() الأحزاب: الآية 57.

() عوالي اللئالي لإبن ابي جمهور الأحسائي: ج4، ص93؛ المعجم الكبير للطبراني، ج22، ص401؛ سيدات نساء أهل الجنة، عبدالعزيز الشناوي،

ص156.

() مناقب آل أبي طالب لإبن شهر آشوب: ج3، ص134، والهجوم علي بيت فاطمة? لعبد الزهراء مهدي؛ وقرة العينين من أحاديث الفريقين لمحمد حياة الأنصاري.

() الكافي: ج1، ص389، باب خلق ابدان الأئمة وأرواحهم، حديث2.

() بحار الأنوار: ج15، ص9، ب1.

() سورة الاحزاب: الآية 57.

() سورة الاحزاب: الآية 58.

() بحار الأنوار: ج27، ص62، باب وجوب موالاة أوليائهم.

() سورة الاحزاب: الآية 33.

(1) دلائل الامامه، محمد بن جرير الطبري: ص107.

() بحار الأنوار: ج25، ص1 36، باب بدأ أرواحهم وأنوارهم وطينتهم?.

() سورة الاحزاب: الآية 57.

() رسائل الكركي: ج2، ص226.

() كنزل العمال: ج16، ص99، ح44057؛ ينابيع المودة، ص397.

() لسان العرب: ج12، ص218؛ في مجمع البحرين، الشيخ الطريحي: ج2، ص481.

() نهج البلاغة: ج2، ص185 خطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

() كشف الإرتياب، السيد محسن الأمين، ص346.

() الإيضاح، الفضل بن شاذان الأزدي، ص518.

() حديث مجمع البحرين للمرندي: 14.

() الامالي الشيخ الطوسي: ص668، بحار الأنوار، ج43، ص105.

() معجم مقاييس اللغة: ج3، ص67، مادّة سر.

() ميزان الحكمة: ج1، ص222 ح311 313.

() مصباح المتهجد: الطوسي، ص741.

() سورة البقرة: الآية 32.

() شرح اصول الكافي: ج1، ص78 155؛ بحار الأنوار: ج74، ص59.

() أصول الكافي: ج1، ص155.

() عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور الإحسائي: ج4، ص111؛ كنز العمال: ج1، ص117 المتقي الهندي.

() سورة آل عمران: الآية 7.

() سورة آل عمران: الآية 28.

() دلائل الإمامة محمد بن جرير الطبري، ص137؛ بحارالأنوار، ج43 ص171.

() سورة آل عمران: الآية 28.

() سورة الروم: الآية 11.

() سورة الأنبياء: الآية 24.

() سورة الروم: الآية 19.

() سورة يس: الآية 80.

() سورة الشوري: الآية 30.

() سورة الحديد: الآية 22.

() سورة النجم: الآيتان 3 و4.

() سورة التين: الآية 4.

() سورة هود: الآية 19.

() وسائل الشيعة: ج27، ص140، الحر العاملي؛

بحار الأنوار: ج2، ص90.

() ميزان الحكمة: ج1، ص549؛ وسائل الشيعة: ج27، ص62 وج18، ص41 الحر العاملي.

() الرسائل التسع، المحقق الحلي: ص290.

() سورة الاسراء: الآية 1.

() بحار الأنوار: ج1، ص394.

() سورة النساء: الآية 56.

() سورة الشوري: الآية 23.

() سورة المائدة: الآية 55.

() سبل السلام: ج1، ص77 ابن حجر العسقلاني؛ عيون أخبار الرضا: ج1، ص70 الشيخ الصدوق؛ شرح أصول الكافي: ج7، ص7 المازنداني.

() الكافي: ج1، ص483 الكليني؛ بحار الأنوار: ج25، ص21 المجلسي.

() سورة آل عمران: الآية 144.

() شواهد التنزيل: ج1، ص200، ح210، نشر مجمع إحياء الثقافة الإسلامية.

() شواهد التنزيل: ص201، نقل في الهامش الرواية عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة بزيادةٍ في متنها.

() سورة النحل: الآية 106.

() سورة التحريم: الآية 10.

() المسائل الإسلامية: أحكام التقليد، المسألة الثانية.

() مفاتيح الجنان: ص66؛ مصباح المتهجد: ص744.

() سورة هود: الآية 112.

() بحار الأنوار: ج33، ص7؛ الغدير: ج9، ص21 111 365؛ مسند احمد: ج3، ص91؛ صحيح البخاري: ج3، ص207؛ فتح الباري: ج1، ص451، إبن حجر؛ السنن الكبري: ج5، ص155، النسائي.

() البداية والنهاية: ج6، ص249، ط1، بيروت، سنة 1408 هجرية، دار إحياء التراث العربي.

() الأعلام: ج7، ص219، الطبعة الخامسة في بيروت.

() البداية والنهاية: ج6، ص249، ط1، بيروت، سنة 1408 هجرية، دار إحياء التراث العربي.

() ص109، طبعة بيروت الأولي، سنة 1415 هجرية.

() وسائل الشيعة: ج10، ص298، باب استحباب عماره مشهد أميرالمؤمنين عليه السلام ومشاهد الائمة? وتعاهدها وكثرة زيارتها.

() سورة الشوري: الآية 23.

() مصباح الشريعة: المنسوب للامام الصادق عليه السلام، ص194؛ العمدة: ابن البطريق، ص278؛ مسند احمد: ج3، ص222 احمد بن حنبل.

() سورة النمل: الآية 83.

() سورة الكهف: الآية 47.

() سورة غافر: الآية 11.

() سورة الأنبياء: الآية 95.

() سورة البقرة: الآية 259.

() سورة البقرة:

الآية 243.

() سورة البقرة: الآيتان 55 و56.

() سورة القصص: الآية 5.

() أصول الكافي: ج1، ص269، ح5.

() مصباح المتهجد: ص744؛ مفاتيح الجنان: ص66.

() سورة المائدة: الآية 55.

() سورة البقرة: الآية 170.

() سورة الأحزاب: الآية 67.

() سورة النمل: الآية 14.

() سورة الذاريات: الآية 56.

() سورة هود: الآية 7.

() سورة الحج: الآية 39.

() كنز العمال: ج4، ص100، الرقم2129.

() إرشاد الساري: ج1، ص405.

() سورة الحجرات: الآية 13.

() سورة الاحزاب: الآية 33.

() سورة آل عمران: الآية 61.

() سورة البقرة: الآية 207.

() راجع كتاب علي في القرآن، آية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي?: ص61، ط7، اصفهان؛ وتفسير القرطبي: ج3، ص347؛ وأسد الغابة في معرفة الصحابة: ج4، ص25؛ وأسباب النزول بهامش تفسير الجلالين: ج1، ص42؛ وغير ذلك من الكتب التي ذكرت الآية وشأن نزولها ومصداقها الأعلي.

() سورة التوبة: الآية 19.

() سورة الإنسان: الآيتان 8 و9.

() سورة البقرة: الآية 274.

() سورة المائدة: الآية 55.

() برواية الكلبي ومقاتل في تفسير درة الناصحين: ج1، ص22؛ والبيضاوي في تفسير أنوار التنزيل: ص162 مخطوط؛ وكذلك الخازن وابن كثير الدمشقي الشافعي وغيرهم من المفسرين.

() سورة النجم: الآيتان 3 و4.

() السقيفة وفدك: طبعة بيروت الثانية، 1412ه؛ ذهب الفيروز آبادي في خاتمة كتابه سفر السعادة؛ والعجلوني في كشف الخفا؛ والسيوطي في اللئالي المصنوعة.

() مثالب الكلبي؛ الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني: ج8، ص4 وص342؛ مسامرة الأوائل: ص88.

() المحاسن والمساوئ للبيهقي: ص275؛ تاريخ المدينة: ج2، ص656.

() نهاية الطلب للحنبلي.

() العقد الفريد: ج1، ص56؛ كتاب السلطان.

() صحيح البخاري: ح6، ص47، ح1419 وح3692؛ وتاريخ الطبري: ج2، ص245؛ وابن سعد في الطبقات: ج1، ص213.

() سورة البقرة: الآية 262.

() سورة الزلزلة: الآية 7.

() اسباب النزول للواحدي: ج1، ص89.

() مجمع البيان في تفسير القرآن: ج5، ص91.

() المستدرك:

ج1، ص104.

() مجمع الزوائد للهيثمي: ج9، ص114.

() مجمع الزوائد للهيثمي: ج9، ص144.

() راجع الملل والنحل للشهرستاني؛ والسيرة النبوية لدحلان؛ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: ج2، ص20.

() راجع سنن بن ماجه: ج1، ص44؛ وسنن الترمذي: ج5، ص363.

() الإفصاح: ص73؛ تلخيص الشافي: ج3، ص241.

() سورة البقرة: الآية 151.

() سورة البقرة: الآية 256.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.