المرأة في المنظار لإسلامي

اشارة

اسم الكتاب: المرأة في المنظار الإسلامي

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: المرأة في المنظار الإسلامي

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: دار المجتبي

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1426 ق

الطبعة: اول

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ

إِنّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ?

فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ ?

إِنّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ?

صدق الله العلي العظيم

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

خلق الله تعالي المرأة في أحسن تقويم، ثم كرّمها أيما تكريم، كما جعلها مساوية للرجل في الإنسانية والتكاليف الشرعية، إلا ما وافق طبيعة خلقتها، وهناك الكثير من الآيات القرآنية الكريمة الدالة علي ذلك، منها قوله تعالي: ?إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً

عَظِيماً?()، فالمرأة: مسلمة ومؤمنة، وقانتة وصادقة، وصابرة وخاشعة، ومتصدقة وصائمة، وشريفة وذاكرة، كما هو الرجل: مسلم ومؤمن وقانت وصادق وصابر وخاشع ومتصدق وصائم وشريف وذاكر، سواء بسواء لا فرق بينهما، ومن كان كذلك فقد أعد الله له مغفرة وأجراً عظيماً، وهذه الحالات الآنفة الذكر بعضها أحكام تشريعية كالصلاة والصوم والعفة، وبعضها صفات وخصال حميدة كالصدق والصبر والخشوع، وبعضها أعمال خيرية كالتصدق وذكر الله، فالرجل والمرأة متساويان في هذه الحالات كل حسب خصوصيته بما يوافق طبيعة خلقته.

ومن الآيات الدالة علي أصل المساواة بين المرأة والرجل قوله تعالي: ?مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزي إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ?()، وقوله تعالي: ?مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ?()، وقوله تعالي: ?مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَي الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ?().

ف (من) هنا: (اسم بمعني الذي، وتكون للشرط، وهو اسم

مُغْنٍ عن الكلام الكثير المتناهي في البِعاد والطُّول)()، يعني إذا جاء الإنسان بالحسنة سواء كان رجلاً أم امرأة، فله عشر أمثالها وله خير منها. وإذا جاء الإنسان بالسيئة سواء كان رجلاً أم امرأة، فلا يجزي إلا بمثلها، وهذا من عظيم كرم الله وفضله علي الناس جميعاً.

ومن الآيات الدالة علي أصل مساواة المرأة بالرجل، قوله تعالي: ?وَأَنْ لَيْسَ لِلإِْنْسانِ إِلاَّ ما سَعي عليهم السلام وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُري عليهم السلام ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الأَْوْفي?()، والإنسان هنا مطلق الإنسان يشمل الرجل والمرأة، مما يدل علي أن نظرة الشريعة الإسلامية المقدسة إلي المرأة والرجل هي نظرة واحدة، فلا اثنينية ولا فوقية ولا دونية في النظرة مطلقاً، بل الجميع عباد الله لا فضل لأحدهما علي الآخر إلا بالتقوي والعمل الصالح، يقول أبو الطيب المتنبي:

وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال

ولقد كرّم الله المرأة تكريماً خاصاً ما بعده تكريم، حازت به المرأة شرف الدنيا والآخرة، وذلك بأن جعل زوجات النبي صلي الله عليه و اله أمهات المؤمنين، قال تعالي: ?النَّبِيُّ أَوْلي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ?()، وهذا ما لم يحصل في أي تشريع سماوي أم أرضي إلا في الإسلام الحنيف.

وأما ما ورد في السنة الشريفة الواردة عن رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام حول تكريم المرأة واحترامها ففيها الكثير الكثير وما يحير الألباب، مما يجعل الإنسان مبهوراً مدهوشاً أمام هذا التكريم والتجبيل. ففي العام الذي رحلت فيه أم المؤمنين خديجة عليها السلام عن الدنيا أطلق رسول الله صلي الله عليه و اله علي ذلك العام اسم (عام الحزن)()؛ وذلك عرفاناً منه بجهادها وجهودها وبذلها أموالها في سبيل الله.

كما كان رسول الله صلي

الله عليه و اله يتفدي بنفسه الشريفة فاطمة الزهراء عليها السلام ويقول: فداها أبوها ثلاث مرات في قصة معروفة()، وكان صلي الله عليه و اله يقبّل يدها إذا زارها في بيتها، ويقوم لها ويجلسها في مكانه إجلالاً لها إذا ما زارته في بيته()؛ ولم يكن ذلك لكونها ابنته فحسب، بل لأنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

إن المرأة في الإسلام كانت وما زالت المستشارة والطبيبة، والريحانة الحبيبة، بالإضافة إلي كونها الأم الحنون والأخت المصون والزوجة الشريفة والبنت العفيفة، فلم تكن في يوم من الأيام سلعة رخيصة، يسخرها الرجل لقضاء حاجته وإشباع شهوته، ثم يرمي بها بعيداً بعد ما يفرغ من ذلك، كما عليه الحال في كثير من دول الغرب، بل هي عزيزة مصونة في دارها، سيدة في بيتها، ترعي الصغير وتحنو علي الكبير، تحسدها علي ذلك المرأة الغربية التي أصبحت مبتزة من الجميع، فلا ينظرون لها إلا كونها وسيلة وسلعة لقضاء شهواتهم ورغباتهم.

تقول إحدي الصحفيات الأمريكيات:

(إن المجتمع العربي مجتمع كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول. وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي، فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقييد المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا. ولذلك فإن القيود التي يفرضها المجتمع العربي علي الفتاة الصغيرة وأقصد ما تحت سن العشرين هذه القيود صالحة ونافعة، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلي عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحة وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا. امنعوا الاختلاط قبل سن العشرين، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع

الأمريكي مجتمعاً معقداً، مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وإن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين، يملأون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية. إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات جيمس دين وعصابات للمخدرات، والرقيق. إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي هدد الأسر، وزلزل القيم والأخلاق، فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث تخالط الشبان، وترقص تشا تشا وتشرب الخمر والسجاير، وتتعاطي المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية. والعجيب في أوروبا وأمريكا أن الفتاة الصغيرة تحت سن العشرين تلعب، تلهو، تعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، بل وتتحدي والديها ومدرسيها والمشرفين عليها، تتحداهم باسم الحرية والاختلاط، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق، تتزوج في دقائق، وتطلق بعد ساعات!! ولا يكلفها هذا أكثر من إمضاء وعشرين قرشاً وعريس ليلة، أو لبضع ليال، وبعدها الطلاق. وربما الزواج فالطلاق مرة أخري)().

إن ما ورد من أحكام تشريعية تخص المرأة وأخري تخص الرجل، كالإرث والشهادة وإباحة تعدد الزوجات بالنسبة إلي الرجل وحرمة تعدد الأزواج بالنسبة إلي المرأة قد يراها الجاهل بحكمة التشريع بأنها تحط أو تقلل من شأن المرأة لكنها لحكمة علمية دقيقة وربما لا يعلم بعض تفاصيلها إلا الله تعالي، خالق النفس والعارف بمكنوناتها، وبما يصلحها ويفسدها، وإلا فقد عرفنا بأن نظرة الشريعة المقدسة إلي المرأة والرجل نظرة واحدة لا اثنينية فيها. ولكن هناك أموراً نجهلها نحن ولايمكننا إدراكها وهي تتدخل في حكمة التشريع، ولو كُشفت لنا لزال كل هذا الغموض والالتباس، ولرأينا أن من الحكمة والصواب تشريع مثل هذه الأحكام. إن الله لا يعمل بمزاجنا ولا يشرع أحكامه حسب أهوائنا وما يجول في خواطرنا، بل كل ما يريده تعالي منا هو الطاعة والتقوي

والإيمان بما جاء من عنده والأخذ به جميعاً، وعدم الأخذ ببعض الكتاب وترك البعض الآخر، فهذا هو الكفر بعينه، قال تعالي: ?أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلي أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ?()، وقال تعالي: ?الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ عليهم السلام فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عليهم السلام عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ?().

وفي هذا الكتاب (المرأة في المنظار الإسلامي) يري القارئ من عدالة الإسلام ورأفته ورحمته بالمرأة، ما أعلي شأنها ورفع مكانتها، وما وصلت إليه بعض النساء من مكانة مرموقة فاقت كثيراً من الرجال بفضل إيمانهن، وكذلك دحض لبعض مزاعم المتشدقين المطالبين بإهانة المرأة وحطها تحت عنوان تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها، وغير

ذلك.

وقد قامت (مؤسسة المجتبي) بطبع ونشر هذا السفر من الإمام الشيرازي الراحل رحمة الله عليه مساهمة منها في مجال توعية المرأة المسلمة وزيادة وعيها وتنوير أفكارها، درءً لما يحيط بها من أفكار ودعوات هدامة تريد طمس شخصيتها ومسخ هويتها.

نسأل الله أن ينفع المؤمنين والمؤمنات بهذا الكتاب كما نفع بغيره، وأن يمن علي الإمام الراحل بالمغفرة والرضوان وعلو الدرجات، إنه سميع مجيب.

والحمد لله رب العالمين.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

كمال الخلقة

قال الله تبارك وتعالي: وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ

مَّوْزُونٍ ().

الآية الكريمة تدل علي أن الله عزوجل خلق الأشياء في أحسن صورة وأكملها ?فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ?()، وخاصة بالنسبة إلي الإنسان حيث يقول: ?وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي

آدَمَ?()، وهذه الآيات تشمل المرأة كما تشمل الرجل، من هنا يتضح أن المرأة في المنظار الإسلامي

مخلوقة بأحسن الصور وأكملها ولا نقص فيها.

فإن قوله تعالي: وَأَنْبَتْنا فِيها أي: في الأرض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ أي: في دقة وإحكام وتقدير، فالنبات ليس اعتباطاً في مقدار حجمه وشكله ولونه وسائر مزاياه، بل كل ذلك بالوزن والتقدير، وليس المراد بالوزن معناه الخارجي بل تشبيه بالموزون الذي ليس فيه زيادة ونقصان، يقال: فلان شخص موزون، أي دقيق الصفات متساوي الجهات، لا زيادة في حركاته وسكناته ولا نقصان(). والإنبات في هذه الآية الكريمة يشمل الإنسان أيضاً؛ لأن النبات هو الخارج بالنمو حالاً بعد حال، كما هو واضح في الآية الأخري التي تقول: وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَباتاً ().

إن جميع المخلوقات قد دبرت علي أكمل وجه وفي غاية الدقة والكمال(). فإنه تبارك وتعالي يقول: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ()، أي أنه تعالي خلق كل شيء مقدراً بمقدار توجبه الحكمة، ولم يخلقه جزافاً ولا ناقصاً، سواء في المخلوقات الصغيرة كالنملة مثلاً أو في المخلوقات الكبيرة من الحيوانات كالفيل مثلاً، فكل ما يحتاج إليه المخلوق فقد حباه الله تعالي به ووهبه له؛ لأن الله تعالي ليس بخيلاً؛ بل هو فياض مطلق قد أعطي كل شيء قدره وبحسب قابليته: فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (). وهناك أيضاً أدلة علمية أخري تدل علي أن مخلوقات الله تعالي قد خلقت بميزان دقيق().

لا تفاوت في خلق الله

إذاً، الباري تعالي خلق المخلوقات جميعاً علي أتم وجه وعلي ما تقتضيه الحكمة، وكذلك هو خَلَق الرجل والمرأة علي أحسن تقويم، فإن المرأة من ناحية الخلقة لا يشوبها أي نقص كما قد يتوهمه البعض وفي كل شؤونها خلقت كاملة.

وفي الآية الشريفة: مَّا تَري فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَري مِنْ فُطُورٍ ? ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ

إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ ().

ومعناه: ما تَري أيها الرائي فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ واختلاف، من جهة أن الجميع مخلوقة بدقة وإتقان وكمال لائق به فَارْجِعِ الْبَصَرَ أي: ردّه إلي الكون، بعد أن كان سابقاً إليه، وكأنه كان ناظراً بلا التفات إلي هذه الجهة، فقيل له: رد بصرك بقصد التفحص والبحث هَلْ تَري مِنْ فُطُورٍ؟ أي: شقوق وفتوق كالبناء الذي ينفطر لخلل فيه، فهل في الكون خلل يدل علي الوهن والضعف، أم أن كل شيء وضع في محله اللائق به حسب الحكمة والصلاح؟ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ أي: كرة بعد كرة، والمراد مكرراً إذ لعل البصر اشتبه في المرة الأولي، فلم يرَ فتقاً

فإن الإنسان إذا كرر النظر إلي شيء أدرك خلله فانظر إلي الكون مرة أخري فاحصاً عن الخلل، لكنه لا تجده بل يَنْقَلِبْ أي يرجع إِلَيْكَ أيها الإنسان الْبَصَرُ الذي سرحته في الكون

خاسِئاً قد خسئ وطرد وعجز عما طلبه من الفتق وَهُوَ حَسِيرٌ قد حسر، أي: كلَّ وعَيَّ ولم يجد خللاً ووهناً، وما يوجد من الأمراض وما أشبه، إنما هو للامتحان والعبرة، لا لنقص في الخلق().

ولا يخفي أنه ليس المقصود من هذه الآية الشريفة الرجال فقط، بل هي شاملة لكل خلق الله تبارك وتعالي ومنهم الرجال والنساء. أما الفروق الموجودة فيما بين الرجل والمرأة إنما هي فروق بسيطة وجسدية ونفسية، كلٌ خلق بمقتضي حكمته جل وعلا، ولما أعد له، ولولا وجود الاختلاف والفرق في الخلقة بينهما لكان نقصاً في الصنع والتدبير الإلهي، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

إذاً الاختلافات التكوينية بين الرجل والمرأة لا تُعد كمالاً في الرجل ونقصاً في المرأة؛ بل لكل كماله وبحسبه، فإن المرأة قد خلقت كاملة من جهة كونها

إنساناً، ومن حيث مكانتها في المجتمع البشري، فلها كل الحق في أن تتمتع بكامل حقوقها كإنسان، لكن المرأة خلقت بكيفية خاصة بها كما خلق الرجل بكيفية خاصة به، فالمرأة مثلت جانب اللين والنعومة، والرجل يمثل جانب الصلابة والشدة والخشونة، ولو كان كلاهما غليظين أو ناعمين لكان نقصاً في الخلقة، وهذا الاختلاف ناتج من تقدير العليم الخبير ليكمل بعضهما البعض ويسد كل منهما حاجة الآخر، ويكوّنا معاً الأسرة والمجتمع الكاملين؛ لأن الحياة الإنسانية تحتاج لكلا الجنسين، فالاختلاف وظيفي وليس اختلافاً في إنسانية أحدهما عن الآخر.

الثواب والعقاب للمرأة والرجل

قال تعالي: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِّنْكُمْ مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثي بَعْضُكُمْ مِّنْ بَعْضٍ ()، وهذا تصريح من الآية الكريمة بأن الله ينظر إلي الرجل والمرأة من حيث قانون الثواب والعقاب نظرة واحدة ولا يضيع أجر أحد.

إن الإسلام ينظر إلي النوع الإنساني.. إلي المرأة والرجل علي حد سواء، دون فرق في الإنسانية، وهما وليدا عمل تناسلي مشترك، والفرق في الخلق لأن كلاً منهما يتطلب مزايا خلقية خاصة تختلف عن الآخر في فسلجته، كما خلق النبات والحيوان والإنسان ليكمل بعضهم البعض الآخر، فالنبات خلق بشكل يختلف عن الحيوان، وكل واحد يكمل الآخر؛ فلابد من الاختلاف لضرورته.

لذا فالمرأة في حد ذاتها ومن حيث الخلقة كاملة لا يشوبها أي نقص، وأسلوب المرأة وطريقتها طريقة كاملة، وقد خلق الله تعالي المرأة منذ أول خلقتها، وهي ملازمة للرجل وفي جانبه.

رجال عظماء ونساء معظمات

عند قراءة سيرة العظماء وتاريخهم، نري كم هو جميل أن يكون إلي جانب الرجال البارزين العظماء أصحاب الإنجازات الكبيرة والمؤثرة في تأريخ البشرية، نجد إلي جانبهم نساء بارزات عظيمات كانت لهن أدوار ومهام مصيرية في سيرة هؤلاء الرجال، بل وكان لهن التأثير المصيري في التأريخ الإنساني، ولعل بعض الرجال لم يكن ليصل إلي ما وصل إليه لولا مساندة هذه المرأة، أو تلك التي وقفت إلي جانبه.

فمثلاً، كانت أمنا حواء في جوار آدم عليهما السلام.

وكذلك كانت هاجر في جوار إبراهيم خليل الرحمن عليهما السلام.

وأخت موسي عليها السلام كانت إلي جواره عليه السلام.

ومريم عليها السلام إلي جانب عيسي عليه السلام.

والسيدة خديجة عليها السلام إلي جانب الرسول صلي الله عليه و اله.

والصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام بجانب مولانا أمير

المؤمنين عليه السلام.

والسيدة زينب عليها السلام بجانب الإمام الحسين عليه السلام، وهكذا.

كل واحدة من

هؤلاء النسوة الكريمات كانت لهن أدوار ومهام مصيرية في حياة الرجال العظماء ممن عاصروهن.

السيدة خديجة الكبري عليها السلام

إن من أوائل النساء اللواتي تحملن المسؤوليات الجمة، والصعاب التي تنوء بحملها الجبال الرواسي، هي أم المؤمنين والمؤمنات السيدة العظيمة خديجة الكبري عليها السلام، فقد كانت لها مواقف مشهودة إلي جوار نبينا الأكرم صلي الله عليه و اله.

ولهذه المرأة منزلة خاصة عند الله وعند رسوله صلي الله عليه و اله، إلي درجة أن الله تعالي كان يبعث لها سلاماً خاصاً، وقد ورد في بيان مكانتها ومنزلتها روايات عديدة، بشأن مساندتها ودعمها لرسول الله صلي الله عليه و اله، وفي سبيل الدين الحق وذلك بأموالها الكثيرة التي أنفقتها في سبيل الله، حتي قال رسول الله صلي الله عليه و اله في رواية: ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين سيف علي ومال خديجة ().

وعنها قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: حدث أبو سعيد الخدري: إن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: إن جبرئيل عليه السلام قال لي ليلة أسري بي حين رجعت، فقلت: يا جبرئيل، هل لك من حاجة؟. قال: حاجتي أن تقرأ علي خديجة من الله ومني السلام، وحدثنا عند ذلك أنها قالت حين لقاها نبي الله صلي الله عليه و اله فقال لها الذي قال جبرئيل، فقالت: إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعلي جبرئيل

السلام ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام

قال: ذكر النبي صلي الله عليه و اله خديجة يوماً وهو عند نسائه فبكي، فقالت عائشة: ما يبكيك علي عجوز حمراء من عجائز بني أسد؟. فقال: صدقتني إذ كذبتم، وآمنت بي إذ كفرتم، وولدت لي إذ عقمتم. قالت عائشة: فما زلت أتقرب إلي رسول الله صلي الله عليه و اله بذكرها ().

وقال العلامة المجلسي رحمة الله عليه في بحار الأنوار: نقلت من كتاب (معالم العترة النبوية).. عن محمد بن إسحاق قال: كانت خديجة بنت خويلد عليها السلام امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، وكانت قريش قوماً تجاراً، فلما بلغها عن رسول الله صلي الله عليه و اله من صدق حديثه، وعظيم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجراً إلي الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله منها رسول الله صلي الله عليه و اله..

وكانت خديجة عليها السلام امرأة حازمة لبيبة، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها قد كان حريصاً علي ذلك علي الزواج منها لو يقدر عليه.

وفي الحديث: كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء من الله، ووازرته علي أمره، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلي الله عليه و اله، وكان لا يسمع شيئاً يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك، إلا فرج الله ذلك عن رسول الله صلي الله عليه و اله بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتهون عليه أمر الناس حتي ماتت رحمها الله ().

وعن ابن إسحاق قال:.. وكانت خديجة وزيرة صدق علي الإسلام، وكان رسول الله صلي

الله عليه و اله يسكن إليها().

نعم، كانت السيدة خديجة عليها السلام عزيزة عند النبي صلي الله عليه و اله، وتتمتع بمكانة خاصة في قلبه، فكان يحبها حباً جماً، ويعتز بها ويقدر مواقفها الشريفة، والشواهد علي ذلك عديدة. ويكفي دليلاً علي عظمتها ومكانتها، أنها كانت تخفف عن النبي صلي الله عليه و اله وتسلي خاطره من كل ما كان يلاقيه من إيذاء وهوان من قبل مشركي قريش، ولم تسبب له أي أذي أو مشكلة أبداً.

ولم تطلب خديجة عليها السلام من النبي صلي الله عليه و اله شيئاً أبداً إلا حاجة واحدة فقط، وهذه كانت عبر ابنتها الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث إنها سمعت من النبي صلي الله عليه و اله عن أهوال القبر وما يلاقي الميت فيه، علي الرغم من إيمانها العظيم وسابقتها ودرجتها عند الله، إلا أنها كانت تخاف القبر فطلبت من النبي صلي الله عليه و اله أن يكفنها بعباءته الشريفة التي كان يصلي فيها، لكي تشملها الرحمة الإلهية، ببركة رسول الله صلي الله عليه و اله ويرتفع عنها العذاب().

الزهراء عليها السلام أعظم أسوة للنساء

أما الصديقة الكبري فاطمة الزهراء عليها السلام فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي صاحبة المواقف العظيمة مع أبيها وبعلها وبنيها (صلوات الله عليهم أجمعين) في أداء رسالة السماء والدفاع عن الحق وفضح الظالمين.

إن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قدوة لنساء العالمين إلي يوم يبعثون؛ وذلك في مختلف مجالات الحياة، فهي أسوة في الأسرة وتربية الأولاد واتخاذ المواقف الحرجة تجاه الظالمين إذ أنها لما رأت أن القوم راحوا يبتعدون عما أمر به الرسول صلي الله عليه و اله في أمر الخلافة، انبرت لهم واتخذت موقفها السياسي الحكيم، فخطبت خطبتها المفصلة المشهورة، وأخذت

تدافع عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وعن الإسلام والقرآن في قصص عديدة ومواقف مشهودة ().

وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة جداً، عن رسول الله صلي الله عليه و اله وعن الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين).

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: إنما سميت فاطمة عليها السلام محدثة؛ لأن الملائكة كانت تهبط من السماء، فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة، الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين. يا فاطمة، اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها. فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة علي نساء العالمين مريم بنت عمران، فقالوا: إن مريم كانت سيدة نساء عالمها، وإن الله عز وجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الأولين والآخرين ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: إن الله تعالي إذا بعث الخلائق من الأولين والآخرين نادي منادي ربنا من تحت عرشه: يا معشر الخلائق، غضّوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين علي الصراط. فيغض الخلائق كلهم أبصارهم، فتجوز فاطمة علي الصراط، لا يبقي أحد في القيامة إلا غض بصره عنها، إلا محمد وعلي والحسن والحسين والطاهرون من أولادهم؛ فإنهم محارمها، فإذا دخلت الجنة بقي مرطها ممدوداً علي الصراط، طرف منه بيدها وهي في الجنة، وطرف في عرصات القيامة. فينادي منادي ربنا: يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين. فلا يبقي محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها، حتي يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام وألف فئام.

قالوا: وكم فئام واحد يا رسول الله؟

قال: ألف ألف ينجون بها من النار ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها

أغضبني ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: رائحة الأنبياء رائحة السفرجل، ورائحة الحور العين رائحة الآس، ورائحة الملائكة رائحة الورد، ورائحة ابنتي فاطمة الزهراء رائحة السفرجل والآس والورد ().

وعن عائشة قالت: (ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله صلي الله عليه و اله، وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقام إليها، فأخذ بيدها وقبّل يدها وأجلسها في مجلسه، وكان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا دخل عليها رحبت به وقامت إليه، وأخذت بيده فقبّلتها)().

وقال النبي صلي الله عليه و اله:.. ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلي رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: … وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني وهي نور عيني وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية متي قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله ظهر نورها لملائكة السماء، كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزوجل لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلي أمتي فاطمة سيدة إمائي، قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها علي عبادتي أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار ().

بطلة كربلاء

أما السيدة الحوراء زينب عليها السلام بنت أمير المؤمنين عليه السلام عقيلة بني هاشم، فهي صاحبة الشرف الرفيع، والمجد الأصيل، فهي بنت علي وفاطمة عليهما السلام وجدها رسول الله صلي الله عليه و اله الذي قال: إن الله جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة، وجعل ذريتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب، إن كل بني بنت ينسبون إلي أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم

().

وهي شقيقة سيدي شباب أهل الجنة الإمامين الهمامين الحسن والحسين عليهما السلام ريحانتي رسول الله صلي الله عليه و اله.

لها من الشرف الرفيع، والعلم والغزير، والفضل والتقوي، والكمال والزهد، والورع وكثرة العبادة ومعرفة الله، ما لم يعرف لأحد من النساء إلا لأمها الصديقة الكبري عليها السلام. وقد كان بارزاً وواضحاً لكل الناس حب الخمسة الأطهار من أهل العباء عليهم السلام لها، ورعايتهم إياها أشد الرعاية والعطف والاهتمام.

تكني: أم كلثوم، وأم الحسن، وتلقب: الصديقة الصغري، والعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيين، والموثقة، والعارفة، والعالمة غير المعلمة، والكاملة، وعابدة آل علي، وغير ذلك من الصفات العالية والنعوت الراقية.

ومما يذكر في أحوالها، أنه حدث يحيي المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين عليه السلام في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب عليها السلام ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله صلي الله عليه و اله تخرج ليلاً والحسن عليه السلام عن يمينها والحسين عليه السلام عن شمالها وأمير المؤمنين عليه السلام أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين عليه السلام فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن عليه السلام مرة عن ذلك؟ فقال عليه السلام: أخشي أن ينظر أحد إلي شخص أختك زينب.

ولعظم منزلتها ذكر: أن الإمام الحسين عليه السلام كان إذا زارته السيدة زينب عليها السلام يقوم إجلالاً لها، وكان يجلسها في مكانه (صلوات الله عليهما).

ومما ورد عن معرفتها وعلمها، قول الإمام زين العابدين عليه السلام: أنتِ بحمد الله عالمة غير معلَّمة، وفهِمة غير مفهَّمة ().

وكانت زينب عليها السلام تجلس في بيتها أيام إقامة أبيها عليه السلام في الكوفة، وكانت تفسر القرآن

للنساء، وتعلّمهم الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية.

وذكر في أحوالها أنها عليها السلام ما تركت تهجدها لله تعالي طول دهرها، فلم تترك صلاة الليل أبداً، حتي ليلة الحادي عشر من المحرم. حيث روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس.

وعنه عليه السلام أيضا قال: إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلي الشام ما تركت نوافلها الليلية.

وأن الإمام الحسين عليه السلام لما ودّع أخته السيدة زينب عليها السلام وداعه الأخير قال لها: يا أختاه، لا تنسيني في نافلة الليل، وهذا الخبر نقله العلامة الفاضل الدربندي ? عن بعض المقاتل المعتبرة.

وكانت لزينب عليها السلام نيابة خاصة عن الإمام الحسين عليه السلام، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام، حتي برئ زين العابدين عليه السلام من مرضه.

ومن الشرف العظيم لزينب عليها السلام: أن الإمام الحسين عليه السلام ائتمنها علي أسرار الإمامة، فقد ورد عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلت علي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليه السلام، أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام في سنة اثنتين وستين ومائتين، فكلمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم، ثم قالت: والحجة بن الحسن بن علي عليه السلام، فسمته.

فقلت لها: جعلني الله فداك، معاينة أو خبراً؟.

فقالت: خبراً عن أبي محمد، كتب به إلي أمه.

فقلت لها: فأين الولد؟.

فقالت: مستور.

فقلت: إلي من تفزع الشيعة؟

فقالت: إلي الجدة أم أبي محمد عليه السلام.

فقلت لها: اقتدي بمن في وصيته إلي امرأة؟.

فقالت: اقتداء بالحسين بن علي عليه السلام، والحسين بن علي أوصي إلي أخته زينب بنت علي عليها السلام في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه السلام من علم

ينسب إلي زينب عليها السلام ستراً علي علي بن الحسين عليه السلام ثم قالت إنكم قوم أصحاب أخبار، أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة ().

وقال الطبرسي: إن زينب عليها السلام روت أخباراً كثيرة عن أمها الزهراء عليها السلام. وروي: أنها عليها السلام كانت تروي عن أمها وأبيها وأخويها عليهم السلام، وعن أم سلمة وأم هانيء وغيرهما من النساء. وممن روي عنها ابن عباس، وعلي بن الحسين، وعبد الله بن جعفر، وفاطمة بنت الحسين الصغري، وغيرهم. وقال أبو الفرج: زينب العقيلة هي التي روي ابن عباس عنها كلام فاطمة (صلي الله عليها) في فدك فقال: حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي عليه السلام.

وروي: أنها في طفولتها كانت جالسة في حِجر أبيها وهو عليه السلام يلاطفها بالكلام فقال لها: يا بنية قولي: واحد.

فقالت: واحد.

فقال لها: قولي: اثنين.

فسكتت.

فقال لها: تكلمي يا قرة عيني.

فقالت عليها السلام: يا أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد.

فضمها (صلوات الله عليه) إلي صدره وقبّلها بين عينيها.

السيدة زينب عليها السلام والطف

لقد شاركت العقيلة الحوراء السيدة زينب عليها السلام أخاها الإمام الحسين عليه السلام في كل ما جري عليه في كربلاء يوم عاشوراء، فكانت حقاً خير شريك ومعين في تلك الأهوال والشدائد.

وكان جلدها وصبرها في تلك الظروف الأمثولة الكبري للتضحية في سبيل الله، فهي عليها السلام لما وقفت علي جسد أخيها الحسين عليه السلام بعد أن استشهد واحتز اللعناء رأسه الشريف، رفعت الجسد الطاهر لأبي الأحرار، وهي ترنو ببصرها إلي السماء وتقول: اللهم تقبل منها هذا القربان.

ولما وصلت عليها السلام مع السبايا من آل بيت النبي صلي الله عليه و اله إلي الكوفة ألقت

خطبتها علي أهل الكوفة، تلك الخطبة البليغة التي مازالت تتردد علي طول الزمان، فقد قال بشير بن خزيم الأسدي: ونظرت إلي زينب بنت علي عليه السلام يومئذ ولم أر والله، خفرة قط أنطق منها، كأنما تفرع عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد أومأت إلي الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثم قالت:

الحمد لله، والصلاة علي أبي محمد وآله الطيبين الأخيار، أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ()، ألا وهل فيكم إلا الصلف والنطف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعي علي دمنة، أو كفضة علي ملحودة، ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون.

أتبكون وتنتحبون؟! إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنآنها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأني ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجتكم، ومدرة سنتكم، ألا ساء ما تزرون وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.

ويلكم يا أهل الكوفة، أي كبد لرسول الله صلي الله عليه و اله فريتم، وأي كريمة له أبرزتم، وأي دم له سفكتم، وأي حرمة له انتهكتم، لقد جئتم بهم صلعاء عنقاء، سواء() فقماء()، كطلاع الأرض، وملاء السماء، أفعجبتم أن قطرت السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزي وأنتم لاتنصرون. فلا يستخفنكم المهل؛ فإنه لا تحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثأر، وإن ربكم لبالمرصاد.

قال: فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حياري يبكون، وقد وضعوا

أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخاً واقفاً إلي جنبي يبكي حتي أخضلت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي، كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل، لا يخزي ولا يبزي().

وروي: أنه لما جلس ابن زياد في القصر للناس، وأذن إذناً عاماً، وجيء برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه، وأدخل نساء الحسين عليه السلام وصبيانه إليه، فجلست زينب بنت علي عليها السلام متنكرة، فسأل عنها، فقيل: هذه زينب بنت علي، فأقبل عليها فقال: الحمد لله الذي فضحكم، وأكذب أحدوثتكم!.

فقالت: إنما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا.

فقال ابن زياد: كيف رأيتِ صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟.

فقالت: ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلي مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذٍ، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة.

قال: فغضب وكأنه هم بها.

فقال له عمرو بن حريث: إنها امرأة، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.

فقال لها ابن زياد: لقد شفي الله قلبي من طاغيتك الحسين!، والعصاة المردة من أهل بيتك!.

فقالت: لعمري، لقد قتلت كهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاك فقد اشتفيت.

فقال ابن زياد: هذه سجاعة، ولعمري لقد كان أبوك سجاعاً شاعراً.

فقالت: يا ابن زياد، ما للمرأة والسجاعة.

ثم التفت ابن زياد إلي علي بن الحسين عليه السلام، فقال: من هذا؟.

فقيل: علي بن الحسين.

فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟!

فقال علي عليه السلام: قد كان لي أخ يسمي علي بن الحسين قتله الناس.

فقال: بل الله قتله.

فقال علي: اللهُ يَتَوَفَّي الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ().

فقال ابن زياد: ولك جرأة علي جوابي! اذهبوا به فاضربوا عنقه.

فسمعت عمته زينب عليها السلام فقالت: يا ابن زياد،

إنك لم تبق منا أحداً، فإن عزمت علي قتله فاقتلني معه.

فتعلقت به زينب عليها السلام عمته، وقالت: يا ابن زياد، حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت: والله، لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه.

فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة، ثم قال: عجباً للرحم! والله إني لأظنها ودّت أني قتلتها معه، دعوه فإني أراه لما به.

فقال علي عليه السلام لعمته: اسكتي يا عمة حتي أكلمه، ثم أقبل عليه السلام فقال: أبالقتل تهددني يا ابن زياد؟! أما علمت أن القتل لنا عادة، وكرامتنا الشهادة.

ثم أمر ابن زياد بعلي بن الحسين عليه السلام وأهله فحملوا إلي دار إلي جنب المسجد الأعظم، فقالت زينب بنت علي عليها السلام:

لايدخلن علينا عربية إلا أم ولد أو مملوكة؛ فإنهن سبين وقد سبينا ().

أما خطبتها التي ألقتها في بلاط يزيد اللعين، فكانت حينما رأت يزيد اللعين يضرب بقضيبه ثنايا أبي عبد الله الحسين عليه السلام فقامت عليها السلام وقالت:

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي رسوله وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول: ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَي أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون ()، أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأساري، أن بنا علي الله هواناً وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا؟!

مهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالي: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُّهِينٌ ().

أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله صلي الله عليه و اله سبايا، قد هتكت

ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلي بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن وليّ، ولا من حماتهن حمي، وكيف يرتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء الشهداء، وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت، من نظر إلينا بالشنف والشنآن، والإحن والأضغان، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم:

و أهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا: يا يزيد لا تشل

منتحياً علي ثنايا أبي عبد الله عليه السلام، سيد شباب أهل الجنة، تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلي الله عليه و اله، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، وتهتف بأشياخك، زعمت أنك تناديهم، فلتردن وشيكاً موردهم، ولتودن أنك شللت وبكمت، ولم يكن قلت ما قلت، وفعلت ما فعلت. اللهم خذ بحقنا، وانتقم من ظالمنا، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا، فو الله ما فريت إلا جلدك، ولا جززت إلا لحمك، ولتردن علي رسول الله صلي الله عليه و اله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم، ويأخذ بحقهم، وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ () حسبك بالله حاكماً، وبمحمد خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سوي لك، ومكنك من رقاب المسلمين، ?بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً?()، وأيكم ?شَر مَّكاناً وأَضْعَفُ جُنْداً?().

ولئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكبر توبيخك، لكن العيون عبري، والصدور حري، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها

العواسل، وتعفوها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنماً، لتجدنا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدمت وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ

لِلْعَبِيدِ ()، فإلي الله المشتكي وعليه المعوّل، فكِد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد: أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَي الظَّالِمِينَ ().

فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ

الْوَكِيلُ () ().

نعم، قاربت السيدة زينب عليها السلام أمها الصديقة الزهراء عليها السلام في الكرامات، والصبر في النائبات، بحيث خرقت العادات ولحقت بالمعجزات().

وهذه نماذج من كرامة المرأة وعلو شأنها في الإسلام.

زوجات وأمهات الأئمة عليهم السلام

كذلك وقفت النساء الكريمات الطاهرات من الأمهات والزوجات مع الأئمة الأطهار عليهم السلام مواقف مشرفة وجليلة، وأنيطت بهن مهام رسالية وتبليغية كبيرة. ومنهن:

السيدة حميدة المصفاة

السيدة حميدة () أم الإمام الكاظم عليه السلام التي وقفت إلي جانب الإمام الصادق عليه السلام، وقد قال عليه السلام فيها: حميدة مصفاةٌ من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتي أديت إليَّ كرامةً من الله لي والحجة من بعدي ().

ومما يدل علي فضلها وعلمها: أن جماعة في الحج سألوا الإمام الصادق عليه السلام فقالوا: إن معنا صبياً مولوداً فكيف نصنع به؟. فقال: مر أمه تلقي حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها. فأتتها فسألتها كيف تصنع، فقالت: إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه، وجردوه وغسلوه، كما يجرد المحرم، وقِفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر، فارموا عنه واحلقوا عنه رأسه، ومري الجارية أن تطوف به بين الصفا والمروة ().

وقصة زواج السيدة حميدة بالإمام الصادق عليه السلام تتضمن كرامات عديدة، فقد روي: أن ابن عكاشة بن محصن الأسدي دخل علي أبي جعفر عليه السلام، وكان أبو عبد الله عليه السلام قائماً عنده، فقدم إليه عنباً، فقال: حبة حبة، يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لا يشبع، وكله حبتين حبتين، فإنه يستحب.

فقال لأبي جعفر عليه السلام: لأي شيء لا تزوج أبا عبد الله عليه السلام! فقد أدرك التزويج؟. قال: وبين يديه صرة مختومة. فقال: سيجيء نخاس من أهل بربر، فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرة جارية. قال: فأتي لذلك ما أتي.

فدخلنا يوماً علي أبي جعفر عليه السلام، فقال: ألا أخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية.

قال: فأتينا النخاس، فقال: قد بعت

ما كان عندي، إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخري.

قلنا: فأخرجهما حتي ننظر إليهما، فأخرجهما.

فقلنا: بكم تبيع هذه الجارية المتماثلة؟

قال: بسبعين ديناراً.

قلنا: أحسن.

قال: لا أنقص من سبعين ديناراً.

قلنا: نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها، وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية، قال: فكوا وزنوا.

فقال: النخاس: لا تفكوا فإنها إن نقصت حبة من سبعين ديناراً لم أُبايعكم.

فقال الشيخ: ادنوا. فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير، فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص. فأخذنا الجارية فأدخلناها علي أبي جعفر عليه السلام وجعفر عليه السلام قائم عنده، فأخبرنا أبا جعفر عليه السلام بما كان. فحمد الله وأثني عليه، ثم قال لها: ما أسمكِ؟.

قالت: حميدة.

فقال: حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة، أخبريني عنكِ، أ بكر أنتِ أم ثيب؟.

قالت: بكر.

قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شيء إلا أفسدوه؟.

فقالت: قد كان يجيئني، فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة، فيسلط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتي يقوم عني، ففعل بي مراراً، وفعل الشيخ به مراراً.

فقال عليه السلام: يا جعفر، خذها إليك. فولدت خير أهل الأرض موسي بن جعفر عليه السلام().

وفي ولادة الإمام الكاظم عليه السلام المباركة جاء عن أبي بصير أنه قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في السنة التي وُلد فيها ابنه موسي عليه السلام، فلما نزلنا الأبواء، وضع لنا أبو عبد الله عليه السلام الغداء ولأصحابه، وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدي إذ أتاه رسول حميدة: أن الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبد الله عليه السلام فرحاً مسروراً، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنه. فقلنا: أضحك الله سنك، وأقر عينك ما

صنعت حميدة؟.

فقال: وهب الله لي غلاماً، وهو خير مَن برأ الله، ولقد خبرتني بأمر كنت أعلم به منها!.

قلت: جعلت فداك، وما خبرتك عنه حميدة؟

قال: ذكرت أنه لما وقع من بطنها، وقع واضعاً يديه علي الأرض، رافعاً رأسه إلي السماء، فأخبرتها أن تلك أمارة رسول الله صلي الله عليه و اله، وأمارة الإمام عليه السلام من بعده ().

ولما وُلد موسي بن جعفر عليه السلام، دخل أبو عبد الله عليه السلام علي حميدة البربرية أم موسي عليه السلام، فقال لها: يا حميدة، بخ بخ حل الملك في بيتك» ().

وقد وُلدت للإمام الصادق عليه السلام غير الإمام موسي بن جعفر عليه السلام: إسحاق ومحمد وفاطمة().

وكانت السيدة حميدة ذات مكانة عالية عند أهل البيت عليهم السلام، وقد اهتمت بأمر تزويج ولدها الإمام موسي الكاظم عليه السلام، وهي التي اشترت السيدة نجمة (تكتم) والدة الإمام الرضا عليه السلام لولدها، وزوّجته منها بأمر الإمام الصادق عليه السلام، بل بأمر رسول الله صلي الله عليه و اله أيضاً.

فعن علي بن ميثم، عن أبيه، قال: لما اشترت حميدة أم موسي بن جعفر عليه السلام أم الرضا عليه السلام نجمة، ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول الله صلي الله عليه و اله يقول لها: يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسي، فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض. فوهبتها له، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة، وكانت لها أسماء منها: نجمة وأروي وسكن وسمان وتكتم وهو آخر أساميها().

وكذلك كانت أم الإمام الرضا عليه السلام أيضاً من النساء الكريمات اللواتي خلد التاريخ ذكرهن().

وكذلك السيدة حكيمة عليها السلام التي وقفت إلي جانب الإمام الحسن العسكري عليه السلام().

أم الإمام المنتظر عليه السلام

أما السيدة نرجس عليها السلام() فقد كانت

جليلة القدر،عظيمة المنزلة، لما ستتحمل من مسؤولية عظيمة، ألا وهي أنها ستكون أم خاتم الأوصياء المهدي المنتظر صاحب العصر والزمان الحجة ابن الحسن عليه السلام.

نعم، هي متميزة بمكانة عالية عند الله عزوجل، فهي صديقة طاهرة، تقية نقية، رضية مرضية، وقد وردت لها زيارة خاصة بها يستدل بها علي علو شأنها حيث ورد فيها:

السلام علي رسول الله صلي الله عليه و اله الصادق الأمين. السلام علي مولانا أمير المؤمنين. السلام علي الأئمة الطاهرين الحجج الميامين. السلام علي والدة الإمام، والمودعة أسرار الملك العلام، الحاملة لأشرف الأنام. السلام عليكَ أيتها الصديقة المرضية. السلام عليكِ يا شبيهة أم موسي، وابنة حواري عيسي. السلام عليكِ أيتها التقية النقية. السلام عليكِ أيتها الرضية المرضية. السلام عليكِ أيتها المنعوتة في الإنجيل، المخطوبة من روح الله الأمين، ومن رغب في وصلتها محمد سيد المرسلين، والمستودعة أسرار رب العالمين. السلام عليكِ وعلي آبائكِ الحواريين. السلام عليكِ وعلي بعلكِ وولدكِ. السلام عليكِ وعلي روحكِ وبدنكِ الطاهر. أشهد أنكِ أحسنتِ الكفالة، وأديتِ الأمانة، واجتهدتِ في مرضاة الله، وصبرتِ في ذات الله، وحفظتِ سر الله، وحملتِ ولي الله، وبالغتِ في حفظ حجة الله، ورغبتِ في وصلة أبناء رسول الله، عارفة بحقهم، مؤمنة بصدقهم، معترفة بمنزلتهم، مستبصرة بأمرهم، مشفقة عليهم، مؤثرة هواهم. وأشهد أنكِ مضيتِ علي بصيرة من أمركِ، مقتدية بالصالحين، راضية مرضية، تقية نقية زكية، فرضي الله عنكِ وأرضاكِ، وجعل الجنة منزلكِ ومأواكِ، فلقد أولاكِ من الخيراتِ ما أولاكِ، وأعطاكِ من الشرف ما به أغناكِ، فهناكِ الله بما منحكِ من الكرامة وأمراكِ ().

ومن الشواهد الدالة علي عظم مكانتها، أنها ممن تُرجي شفاعتها، لما وصلت إليه من المراتب العالية، ففي الدعاء بعد زيارتها نقرأ:

اللهم إياك اعتمدت، ولرضاك

طلبت، وبأوليائك إليك توسلت، وعلي غفرانك وحلمك اتكلت، وبك اعتصمت، وبقبر أم وليك لذت، فصل علي محمد وآل محمد، وانفعني بزيارتها، وثبتني علي محبتها، ولا تحرمني شفاعتها، وشفاعة ولدها، وارزقني مرافقتها، واحشرني معها ومع ولدها، كما وفقتني لزيارة ولدها وزيارتها. اللهم إني أتوجه إليك بالأئمة الطاهرين، وأتوسل إليك بالحجج الميامين، من آل طه ويس، أن تصلي علي محمد وآل محمد الطيبين، وأن تجعلني من المطمئنين الفائزين، الفرحين المستبشرين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، واجعلني ممن قبلت سعيه، ويسرت أمره، وكشفت ضره، وآمنت خوفه. اللهم بحق محمد وآل محمد، صل علي محمد وآل محمد، ولا تجعله آخر العهد من زيارتي إياها، وارزقني العود إليها، أبداً ما أبقيتني، وإذا توفيتني فاحشرني في زمرتها، وأدخلني في شفاعة ولدها وشفاعتها، واغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب النار، والسلام عليكم يا ساداتي ورحمة الله وبركاته ().

ببركتها زال البلاء

إن أهل البيت عليهم السلام أبواب الله، والحجج علي العالمين بعد الأنبياء عليهم السلام، ولهم من الكرامات والمعاجز ما يعجز عن عدها وحصرها العادون. وإن السيدة نرجس عليها السلام هي أيضاً باب من أبواب الله تعالي، يقصده المحتاجون والمنكوبون، فلا يعودون إلا بحوائج مقضية، وهموم مكشوفة بإذن الله تعالي.

ومن الشواهد الكثيرة علي ذلك، ما نقل في أحوال العلامة الميرزا محمد تقي الشيرازي رحمة الله عليه() أنه قد أصاب مدينة سامراء مرض الطاعون، وأخذ من أهلها مأخذاً عظيماً، بحيث إن أهالي الموتي عجزوا عن دفن موتاهم، فأصبحوا يأتون بهم ويتركونهم في الشوارع آنذاك. وفي شدة المحنة جاء الميرزا محمد تقي الشيرازي رحمة الله عليه إلي منزل السيد محمد الفشاركي رحمة الله عليه() الذي كان

في منزله مع كوكبة من العلماء، فدار البحث حول الوباء الذي يهدد حياة الجميع، وبينما هم علي ذلك وإذا بالميرزا الشيرازي يلتفت إليهم قائلاً: إذا أصدرت حكماً فهل هو نافذ أم لا؟

فرد الجميع: نعم إنه نافذ ويجب إجراؤه.

فقال الميرزا: إني أصدرت حكماً علي جميع الشيعة القاطنين في سامراء أن يقرؤوا زيارة عاشوراء من اليوم إلي عشرة أيام، ويهدوا ثوابها إلي روح السيدة نرجس (سلام الله عليها) والدة الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)، ليبتعد عنهم البلاء.

فأبلغ الحاضرون حكمه ذاك لجميع الشيعة، فشرع الموالون بقراءة الزيارة، وإذا بالطاعون يرتفع عنهم منذ قراءتهم للزيارة، بينما بقي غيرهم يموتون كالعادة حتي انجلي الأمر عن الجميع.

وقد سأل بعض أتباع المذاهب الأخري أبناء الشيعة في سامراء عن سبب ارتفاع الطاعون عنهم فأخبروهم بالحال، فشرعوا أيضا بقراءة الزيارة وإهدائها إلي السيدة نرجس عليها السلام، فدفع البلاء عن الجميع.

نعم، فكما أن هناك من الرجال الأفذاذ العظماء يذكرهم التأريخ بكل إجلال وتبجيل، كذلك هناك الكثير من النساء اللواتي يقترن ذكرهن بالفضائل والكرامات والمعاني الإنسانية الرفيعة.

إذ لا يخفي، أن النساء علي طول التاريخ يشكلن نصف خلق الله تعالي من الآدميين()، وهذا النصف يتوقف عليه تكامل الحياة الإنسانية واستمراريتها.

اختلاف الوظائف

يستفاد من النصوص الشرعية أحكام تستثني المرأة عن تولي بعض الوظائف والمهام؛ فلا يناط بها أمر القضاء()، ولا تتولي القتال في باب الجهاد، نعم قد تشارك في ميادين الحرب لا لأجل القتال بل لمداواة الجرحي وتقديم بعض المساعدات، وهذه الأحكام ليست نقصا لها بل رعاية لمشاعرها، لأن تكوين المرأة النفسي والعاطفي لا يسمح بذلك.

حيث قد تتعارض عاطفتها مع عقلها، وربما تكون الغلبة والنصر للعاطفة … وهذه القضايا تقتضي في أغلب الموارد الجدية، والوقوف الحاسم الحازم؛

لذلك فهي لا تنسجم مع كيان المرأة العاطفي.

ولو حمَّلنا النساء هذه القضايا، نكون كمن وضع حمل الحديد الذي يزن عدة أطنان، الخاص بالشاحنات والسيارات الضخمة علي السيارة الصغيرة التي لا تتحمل إلا أربعة أو خمسة أشخاص فقط، فالسيارة الصغيرة كاملة ومتكاملة من كل جهاتها الخاصة بها، ولكنها لا تنسجم مع حمل الحديد ولا يسعها ذلك، وهذه لا تعتبر نقصاً في السيارة الصغيرة، وكذلك بالنسبة للمرأة، وقد أثبتت التجربة بأن المرأة بفطرتها وخلقتها لا تنسجم مع هذه المناصب، وأحدهما غريب علي الآخر.

إن ذلك لا يعني انتقاصاً من مكانة المرأة، بل لتخصصها وإعدادها لشؤون أخري تقتضي مواصفاتها الجسمية والنفسية، كالتربية والتعليم، وتنشئة الجيل الصالح الذي يقود المجتمع في المستقبل. كما قال الشاعر:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

الأم روض إن تعهده الحيا

بالري أورق أيما أيراق

الأم أستاذ الأساتذة الألي

شغلت مآثرهم مدي الآفاق ()

أو ذلك الشاعر الذي يقول:

هي الأخلاق تنبت كالنبات

إذا سقيت بماء المكرمات

تقوم إذا تعهدها المربي

علي ساق الفضيلة مثمرات

وتسمو للمكارم باتساق

كما اتسقت أنابيب القناة

وتنعش من صميم المجد روحاً بأزهار لها متضوعات

ولم أر للخلائق من محل

يهذبها كحضن الأمهات

فحضن الأم مدرسة تسامت

بتربية البنين أو البنات

وأخلاق الوليد تقاس حسناً

بأخلاق النساء الوالدات

وليس ربيب عالية المزايا

كمثل ربيب سافلة الصفات

وليس النبت ينبت في جنان

كمثل النبت ينبت في الفلاة()

المساواة بين الرجل والمرأة

لقد قام أدعياء التقدم والتطور في الشرق والغرب بظلم المرأة حيث جروها إلي الابتذال والفساد وكلّفوها فوق طاقاتها، وذلك برفعهم شعار: (المطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات وفي جميع مجالات الحياة)، ويقصدون من المساواة التشابه والتماثل في كل شيء؛ وهذا يستلزم أن يكونا متماثلين في التكوين الجسدي والنفسي أيضاً، مع أن الواقع لا يساعد علي ذلك.

نعم، إن الأصل في الإسلام هو المساواة بين

الرجل والمرأة في كل الأمور إلا ما خرج بالدليل وهو قليل جداً، ولذا فإن الإسلام قد أعطي المرأة كامل حقوقها، وضمن لها كرامتها وشرفها، وأبعدها عما يضرّ بها.

هذا والواقع الخارجي يدل علي عدم تمكن المرأة من التصدي لكثير من تلك المناصب والمشاغل الصعبة، فلو أننا سألنا الغربيين أو الشرقيين كم هناك في بريطانيا مثلا من النساء من حازت علي منصب القضاء؟. وكم هناك في أمريكا من النساء من نالت منصب الوزارة أو رئاسة الحكومة؟. لكان جوابهم أنه قليل جداً ().

إذاً، هم أنفسهم عندما يطالبون بالمساواة لا يلتزمون بالمساواة في كل الأمور، مضافاً إلي أن المرأة ليست لها قدرة علي التساوي مع الرجل في كل شيء، لأنها تتمتع بخصائص تكوينية تختلف عما عند الرجل؛ ولذلك فإن من الحكمة أن نعمل علي صرف طاقات المرأة في المجالات التي تنسجم مع خصائصها الأنثوية، وتوجيه طاقات الرجل في المجالات الأخري التي تناسب إمكاناته الرجولية أيضاً. والحكمة ليست إلا وضع الشيء المناسب في مكانه المناسب كما أوضحه الإسلام، وإلا لكان فوضي واختلالاً في النظام وأمور الحياة كما فعل الغرب بدعوته إلي المساواة.

تعدد الزوجات

أما ما يقال من أنه: لماذا يجوز تعدد الزوجات للرجل، ولا يجوز تعدد الأزواج للمرأة؟.

فقد قال تبارك وتعالي: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْني وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ().

وعن محمد بن سنان، قال: إن الرضا عليه السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله علة تزويج الرجل أربع نسوة، فقال عليه السلام: وتحرم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد؛ لأن الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوباً إليه، والمرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو؛ إذ

هم المشتركون في نكاحها، وفي ذلك فساد الأنساب والمواريث والمعارف ()، وهذا من الحكمة في ذلك.

ثم إن الرجال هم أكثر عرضة للموت والمخاطر من النساء كما في الحروب، مضافاً إلي مخاطر الأعمال الشاقة والسفر الخطر في التجارة والتكسب وما أشبه، فتبقي الكثيرات بلا أزواج، فإن الإسلام قد حل هذه المسألة حيث أجاز للرجال الزواج بأكثر من واحدة، بشرط العدالة.

ولا يخفي أن من أسباب تشويه سمعة هذا القانون عند البعض

طبعاً إنما هو نابع من سوء سلوك بعض الرجال، وعدم عدالتهم فيما بين زوجاتهم، ولو كان الرجال الذين لهم عدة زوجات يراعون العدالة بين زوجاتهم، لما اصطبغ هذا القانون بصبغة سيئة عند البعض، فإنه باستطاعة الزوجتين أن تعيشا معاً وبلا مشاكل، وهذا مما لا يرفضه العقل ولا الفطرة.

ونحن نسأل: أيهما أفضل أن تعيش المرأة إلي آخر عمرها بدون زوج، أم أن تعيش في كنف رجل متزوج يراعي العدالة بينها بين الأخري؟.

حسن معاشرة النبي صلي الله عليه و اله مع زوجاته

رغم أن رسول الله صلي الله عليه و اله قد توفي عن تسع نساء، وأنه صلي الله عليه و اله كان قد تزوج من خمسة عشر امرأة، إلا أنه لم يروَ أي خبر عن سوء خلق أو عدم عدالة فيما بينهن، بل العكس من ذلك، فقد كان صلي الله عليه و اله يتحمل سوء معاملة بعضهن وإيذائهن له، حتي هدّدهن الباري تعالي في القرآن.

فقد ذكر أبو عبد الله عليه السلام: أن زينب قالت لرسول الله صلي الله عليه و اله: لا تعدل وأنت رسول الله! وقالت حفصة: إن طلقنا وجدنا أكفاءنا في قومنا. فاحتبس الوحي عن رسول الله صلي الله عليه و اله عشرين يوماً قال فأنف الله عزوجل لرسوله فأنزل: يا أَيَّهَا النَّبِي قُلْ لأَزْواجِكَ

إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدَّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ? وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً () قال: فاخترن الله ورسوله صلي الله عليه و اله، ولو اخترن أنفسهن لَبِنَّ، وإن اخترن الله ورسوله فليس بشيء ().

ومما يروي عن عدالة النبي صلي الله عليه و اله بين زوجاته وأخلاقه الكريمة، أنه صلي الله عليه و اله كان يجمع نساءه في كل ليلة ليسلّم عليهن ويسلّمن عليه، ويطلع علي أحوالهن، ثم يطلب منهن أن تذهب كل واحدة إلي حجرتها. فقد روي أن رسول الله صلي الله عليه و اله كان يقسم بين أزواجه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: إن النبي صلي الله عليه و اله كان يقسم بين نسائه في مرضه فيطاف به بينهن ().

وكان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج أسمها أخرجها ().

وروي: أن علياً عليه السلام كان له امرأتان فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضأ في بيت الأخري().

ولو تصرف كل من تزوج بعدة نساء مع نسائه كما فعل رسول الله صلي الله عليه و اله، وسعي لتوفير العدالة فيما بينهن، لزال ذلك الانطباع السيئ عن ذهن المجتمع حول تعدد الزوجات.

إذاً، فإن قانون تعدد الزوجات إنما هو حل معقول لمشكلة كثير من النساء في المجتمع، مع العلم أن موضوع تعدد الزوجات لم يبتدئه الإسلام ابتداءً وإنما كان موجوداً فأقره الإسلام، ولكن الإسلام حدده ووضع له قيوداً وشروطاً خاصة.

وبنفس المنطق الغربي الذي يتشدق به دعاة المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق يمكن أن نسألهم:

أليس حق الزواج من أهم حقوق الإنسان في المجتمع؟ وإن العمل بقانون الزوجة الواحدة يحرم شريحة كبيرة من النساء المؤهلات للزواج من هذا الحق، باعتبار زيادة عدد الإناث علي الذكور؟!

وهذه الزيادة جلية وواضحة في الاحصاءات المأخوذة في غالبية بلدان العالم، ويكفي أن نعلم أن ألمانيا وعلي أثر الحروب التي نشبت بينها وبين الدول() حرمت أعداداً كبيرة من النساء من الزواج، مما حدا بهن لمطالبة الحكومة بإلغاء قانون الزوجة الواحدة، وطلبت الحكومة الألمانية علي ما ذكر من الجامع الأزهر تزويدها بالتوجيهات التي تخص موضوع تعدد الزوجات، ولكن الأمر لم يتم لاعتراض الكنيسة آنذاك، إذ فضلت شيوع الفاحشة علي تبني الحكم الإسلامي القائل بتعدد الزوجات().

ثم إن مسألة تعدد الزوجات ليست واجبة، وإنما أباحها الإسلام مقابل شروط وحسابات هي فوق اعتبارات الغريزة؛ لحماية المجتمع الإنساني من الفقر وسد النقص، ولذلك لم نجد حالة من الهرج والمرج جراء إباحة تعدد الزوجات، بل العكس فما نراه اليوم من تفكك الأسر، وفساد العلاقات الإنسانية، وشيوع الأمراض الجنسية، ما هو إلا بسبب الإباحية، والتخبط في العلاقة بين الرجل والمرأة.

المرأة ظُلمت مرتين

لقد ظلم الغربيون المرأة في شخصيتها الاجتماعية والعائلية، من خلال أساليب وممارسات مغلوطة؛ إذ أنهم في الواقع أرادوا استخدامها كوسيلة للكسب المادي الرخيص، عندما جعلوها سلعة سهلة رخيصة في متناول الجميع، وأداة إمتاع لإرضاء وإشباع الغرائز والشهوات المنحرفة والمحرمة، ودفعوها إلي الوقوع في المحذورات، فأبعدوها عن دورها التربوي الإنساني العظيم والمحتشم، فكانوا بذلك قد انتهكوا إنسانيتها وحقوقها الاجتماعية وعفتها، ولكنهم غلّفوا جميع هذه الانتهاكات لمكانة وشخصية المرأة المسكينة بطابع المطالبة بحرية المرأة والمساواة مع الرجل.

ومن جانب آخر نجد بعض المسلمين يضع المرأة في زاوية ضيقة، ويمنعها من حقوقها المادية والإنسانية، ومن أداء دورها

في الأسرة وفي المجتمع بشكل مشروع، وهي جاهلية جديدة، ومورثات وتقاليد اجتماعية ليست من الدين في شيء. وكانت النتيجة أن ظُلمت المرأة تارة بيد الغربيين والشرقيين من غير المسلمين، وأخري بيد بعض المسلمين.

وبإلقاء نظرة سريعة علي معاملة النبي صلي الله عليه و اله والأئمة الهداة عليهم السلام للمرأة، يتضح لنا كيف أنه صلي الله عليه و اله حفظ للمرأة كافة حقوقها، وأشركها في الميادين الاجتماعية والحيوية، وذلك مع مراعاة العفة وخصوصيات المرأة التكوينية.

فقد روي كما سبق عن عائشة: (أن فاطمة عليها السلام كانت إذا دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و اله قام لها من مجلسه وقبّل رأسها وأجلسها مجلسه، وإذا جاء إليها لقيته وقبَّل كل واحد منهما صاحبه وجلسا معاً).

وروي: (كان النبي صلي الله عليه و اله إذا أراد سفراً كان آخر الناس عهداً بفاطمة، وإذا قدم كان أول الناس عهداً بفاطمة عليها السلام).

ولو لم يكن لها عليها السلام عند الله تعالي فضل عظيم لم يكن رسول الله صلي الله عليه و اله يفعل معها ذلك.

وعن عبد الله بن الحسن قال: دخل رسول الله صلي الله عليه و اله علي فاطمة فقدمت إليه كسرة يابسة من خبز شعير فأفطر عليها، ثم قال: يا بنية، هذا أول خبز أكل أبوكِ منذ ثلاثة أيام. فجعلت فاطمة تبكي ورسول الله صلي الله عليه و اله يمسح وجهها بيده().

وحتي مشاركة المرأة للرجل في الأمور السياسية في عصر النبي صلي الله عليه و اله كانت واضحة من خلال بيعة النساء للنبي صلي الله عليه و اله يوم فتح مكة، فعند ما فرغ صلي الله عليه و اله من بيعة الرجال جاءت النساء إليه يبايعنه، فنزلت الآية الكريمة: يا

أَيُّهَا النَّبِي إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلي أَنْ لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ().

فإنها نزلت يوم فتح مكة، وذلك أن رسول الله صلي الله عليه و اله قعد في المسجد يبايع الرجال إلي صلاة الظهر والعصر، ثم قعد لبيعة النساء وأخذ قدحاً من ماء، فأدخل يده فيه، ثم قال للنساء:

من أرادت أن تبايع فلتدخل يدها في القدح؛ فإني لا أصافح النساء.

ثم قرأ صلي الله عليه و اله عليهن ما أنزل الله من شروط البيعة عليهن، فقال: عَلي أَنْ لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ () ().

ولعل الوجه في بيعة النساء مع أنهن لسن من أهل النصرة بالمحاربة، هو أخذ العهد عليهن بما يصلح من شأنهن في الدين والأنفس والأزواج.

بطولة المرأة

كان للنساء المسلمات أدوار عديدة ومهمة في التأريخ الإسلامي، كما في صدر الإسلام وخاصة في الحالات الضرورية، وقد استفاد النبي صلي الله عليه و اله من طاقات المرأة حتي في الحروب لكن بشكل يتناسب مع شأن المرأة كمداواة الجرحي، وربما كانت تري المرأة ضرورة الخوض في المعركة، وذلك في الحالات الاضطرارية جداً للدفاع عن حريم الإسلام وشخص رسول الله صلي الله عليه و اله.

ففي غزوة أحد قامت أم عمارة (نسيبة بنت كعب) بالدفاع عن النبي صلي الله عليه و اله في أحرج المواقف التي مرت خلال هذه الحرب، وكانت تصول وتجول بين يدي الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله حتي قال عنها صلي

الله عليه و اله: ما التفت يميناً وشمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني (). وحينما جرح ابنها عمارة في ذراعه ضمدتها ودفعته للقتال مرة أخري، وهي تقول له: قم يا بني، فضارب القوم وجاهد في سبيل الله، فيلتفت إليها الرسول صلي الله عليه و اله قائلاً: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ ().

روي أنه: في معركة أحد لم يبق مع رسول الله صلي الله عليه و اله إلا أبو دجانة سماك بن خرشة، وأمير المؤمنين عليه السلام، وكلما حملت طائفة علي رسول الله صلي الله عليه و اله استقبلهم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فيدفعهم عن رسول الله صلي الله عليه و اله ويقتلهم حتي انقطع سيفه، وبقيت مع رسول الله صلي الله عليه و اله نسيبة بنت كعب المازنية، وكانت تخرج مع رسول الله صلي الله عليه و اله في غزواته تداوي الجرحي، وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه، فقالت: يا بني، إلي أين تفر عن الله وعن رسوله؟. فردته فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سيف ابنها، فحملت علي الرجل فضربته علي فخذه فقتلته، فقال رسول الله ?: بارك الله عليك يا نسيبة ().

وكانت تقي رسول الله صلي الله عليه و اله بصدرها وثدييها حتي أصابتها جراحات كثيرة ().

ونظر رسول الله صلي الله عليه و اله إلي رجل من المهاجرين قد ألقي ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة، فناداه: يا صاحب الترس، ألق ترسك ومر إلي النار. فرمي بترسه، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: يا نسيبة، خذي الترس. فأخذت الترس وكانت تقاتل المشركين، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان

وفلان وفلان ().

وفي شرح النهج: وكانت أم سعد بنت سعد بن الربيع تحدث، فتقول: دخلت عليها فقلت لها: يا خالة حدثيني خبرك؟ فقالت: خرجت أول النهار إلي اُحد، وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلي رسول الله صلي الله عليه و اله وهو في الصحابة والدولة والريح للمسلمين. فلما انهزم المسلمون انحزت إلي رسول الله صلي الله عليه و اله، فجعلت أباشر القتال، وأذب عن رسول الله صلي الله عليه و اله بالسيف، وأرمي بالقوس حتي خلصت إليَّ الجراح، فرأيت علي عاتقها جرحاً أجوف له غور. فقلت: يا أم عمارة، من أصابك بهذا؟. قالت: أقبل ابن قميئة وقد ولي الناس عن رسول الله صلي الله عليه و اله يصيح: دلوني علي محمد، لا نجوت إن نجا. فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه، فكنت فيهم فضربني هذه الضربة. ولقد ضربته علي ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان. فقالت لها: يدك ما أصابها؟. قالت: أصيبت يوم اليمامة، لما جعلت الأعراب تنهزم بالناس، نادت الأنصار: أخلصونا فأخلصت الأنصار، فكنت معهم حتي انتهينا إلي حديقة الموت، فاقتتلنا عليها ساعة حتي قتل أبو دجانة علي باب الحديقة، ودخلتها وأنا أريد عدو الله مسيلمة، فيعرض لي رجل فضرب يدي فقطعها، فو الله، ما كانت ناهية ولا عرجت عليها حتي وقفت علي الخبيث مقتولاً، وابني عبد الله بن يزيد المازني يمسح سيفه بثيابه. فقلت: أقتلته؟. قال: نعم. فسجدت شكرا لله عزوجل وانصرفت.

وقال الواقدي: وكان ضمرة بن سعيد يحدث عن جدته، وكانت قد شهدت أحداً تسقي الماء، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و اله يقول يومئذ: لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام

فلان وفلان. وكان يراها يومئذٍ تقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزة ثوبها علي وسطها حتي جرحت ثلاثة عشر جرحاً.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ليت الراوي لم يكنِ هذه الكناية وكان يذكرهما باسمهما، حتي لا تترامي الظنون إلي أمور مشتبهة، ومن أمانة المحدث أن يذكر الحديث علي وجهه، ولا يكتم منه شيئاً، فما باله كتم اسم هذين الرجلين.

أما العلامة المجلسي رحمة الله عليه فقد علق علي كلام ابن أبي الحديد فقال:

أقول: إن الراوي لعله كان معذوراً في التكنية باسم الرجلين تقية، وكيف كان يمكنه التصريح باسم صنمي قريش وشيخي المخالفين، الذين كانوا يقدمونهما علي أمير المؤمنين عليه السلام، مع أن كنايته أبلغ من الصريح؛ إذ الظاهر أن الناس كانوا لا يبالون بذكر أحد من الصحابة بما كان واقعاً إلا بذكرهما وذكر ثالثهما. وأما سائر بني أمية وأجداد سائر خلفاء الجور فلم يكونوا حاضرين في هذا المشهد في عسكر المسلمين، حتي يكني بذكرهم تقية من أولادهم وأتباعهم، وقد تقدم في رواية علي بن إبراهيم ذكر الثالث أيضا معهما، وذكره كان أولي لأن فراره كان أعرض، وسيأتي القول في ذلك. انتهي كلام المجلسي رحمة الله عليه().

إلي أن قال الواقدي: فلما حضرت نسيبة الوفاة كنت فيمن غسلها، فعددت جراحها جرحاً جرحاً فوجدتها ثلاثة عشر، وكانت تقول: إني لأنظر إلي ابن قميئة وهو يضربها علي عاتقها، وكان أعظم جراحها لقد داوته سنة، ثم نادي منادي النبي صلي الله عليه و اله بعد انقضاء أحد إلي حمراء الأسد، فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم، ولقد مكثنا ليلتنا نكمد الجراح حتي أصبحنا، فلما رجع رسول الله صلي الله عليه و اله من حمراء الأسد لم يصل إلي بيته، حتي

أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يسأل عنها، فرجع إليه فأخبره بسلامتها فسر بذلك.

قال الواقدي: وحدثني عبد الجبار بن عمارة بن غزية، قال: قالت أم عمارة: لقد رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلي الله عليه و اله، فما بقي إلا نفير ما يتمون عشرة، وأنا وأبنائي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون عنه منهزمين، فرآني ولا ترس معي ورأي رجلاً مولياً معه ترس، فقال: يا صاحب الترس، ألق ترسك إلي من يقاتل. فألقي ترسه فأخذته، فجعلت أترس به علي النبي صلي الله عليه و اله، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، ولو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم، فيقبل رجل علي فرس فضربني وترست له، فلم يصنع سيفه شيئاً وولي، وأضرب عرقوب فرسه فوقع علي ظهره، فجعل النبي صلي الله عليه و اله يصيح: يا ابن عمارة، أمك أمك. قالت: فعاونني عليه حتي أوردته شعوب.

قال الواقدي: وحدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيي، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد المازني، قال: جرحت جرحاً في عضدي اليسري، ضربني رجل كأنه الرقل، ولم يعرج عليَّ ومضي عني، وجعل الدم لا يرقأ، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله:

اعصب جرحك. فتقبل أمي إليَّ ومعها عصائب في حقويها قد أعدتها للجراح، فربطت جرحي والنبي صلي الله عليه و اله واقف ينظر، ثم قالت: انهض يا بني فضارب القوم، فجعل رسول الله صلي الله عليه و اله يقول: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟. قالت: وأقبل الرجل الذي ضربني، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: هذا ضارب ابنكِ. فاعترضت أمي له فضربت ساقه فبرك، فرأيت النبي صلي الله عليه و اله تبسم حتي

بدت نواجذه، ثم قال: استقدتِ يا أم عمارة. ثم أقبلنا نعلوه بالسلاح حتي أتينا علي نفسه، فقال النبي صلي الله عليه و اله: الحمد لله الذي ظفركِ، وأقر عينكِ من عدوكِ، وأراكِ ثأركِ بعينكِ.

وفي رواية أخري قال: والنبي صلي الله عليه و اله ينظر إليَّ ويتبسم، فنظر إلي جرح بأمي علي عاتقها، فقال: أمك أمك، اعصب جرحها، بارك الله عليكم من أهل بيت، لمقام أمك خير من مقام فلان وفلان، ومقام ربيبك يعني زوج أمه خير من مقام فلان، رحمكم الله من أهل بيت. فقالت أمي: ادع لنا الله يا رسول الله أن نرافقك في الجنة؟. فقال: اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة. قالت: فما أبالي ما أصابني من الدنيا().

وقال الواقدي: وخرجت فاطمة عليها السلام في نساء وقد رأت الذي بوجه أبيها صلي الله عليه و اله فاعتنقته، وجعلت تمسح الدم عن وجهه، ورسول الله صلي الله عليه و اله يقول: اشتد غضب الله علي قوم دموا وجه رسوله ().

وروي محمد بن إسحاق: أن علياً عليه السلام قال لفاطمة بيتي شعر، وهما:

أفاطم هاكِ السيف غير ذميم

فلست برعديد ولا بلئيم

لعمري لقد جاهدت في نصر أحمد

وطاعة رب بالعباد رحيم

وقال الواقدي: فلما أحضر علي عليه السلام الماء أراد رسول الله صلي الله عليه و اله أن يشرب منه فلم يستطع وقد كان عطشاً، ووجد ريحاً من الماء كرهها، فقال: هذا ماء آجن. فتمضمض منه للدم الذي كان بفيه ثم مجه. وغسلت فاطمة به الدم عن أبيها صلي الله عليه و اله.

فخرج محمد بن مسلمة يطب مع النساء، وكن أربع عشرة امرأة قد جئن من المدينة يتلقين الناس، منهن فاطمة عليها السلام يحملن الطعام والشراب علي ظهورهن، ويسقين الجرحي ويداوينهم.

قال

الواقدي: قال كعب بن مالك: رأيت عائشة وأم سليم علي ظهورهما القرب تحملانها يوم أحد، وكانت حمنة بنت جحش تسقي العطشي وتداوي الجرحي، فلم يجد محمد بن مسلمة عندهن ماء، ورسول الله صلي الله عليه و اله قد اشتد عطشه … فذهب محمد بن مسلمة إلي قناة ومعه سقاؤه حتي استقي من حسي قناة عند قصور التميميين اليوم، فجاء بماء عذب فشرب منه رسول الله صلي الله عليه و اله ودعا له بخير، وجعل الدم لا ينقطع من وجهه صلي الله عليه و اله وهو يقول: لن ينالوا منا مثلها حتي نستلم الركن. فلما رأت فاطمة عليها السلام الدم لايرقأ وهي تغسل جراحه، وعلي عليه السلام يصب الماء عليها بالمجن، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتي صار رماداً، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم، ويقال: إنها داوته بصوفة محرقة. وكان رسول الله صلي الله عليه و اله بعد يداوي الجراح الذي في وجهه بعظم بال حتي ذهب أثره، ولقد مكث يجد وهن ضربة ابن قميئة علي عاتقه شهراً أو أكثر من شهر، ويداوي الأثر الذي في وجهه بعظم().

قال الواقدي: وخرجت السمداء بنت قيس إحدي نساء بني دينار، وقد أصيب ابناها مع النبي صلي الله عليه و اله بأحد: النعمان بن عبد عمر، وسليم بن الحارث، فلما نعيا لها قالت: فما فعل رسول الله صلي الله عليه و اله؟.

قالوا: بخير، هو بحمد الله صالح علي ما تحبين.

فقالت: أرونيه أنظر إليه.

فأشاروا لها إليه.

فقالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل.

وخرجت تسوق بابنيها بعيراً تردهما إلي المدينة، فلقيتها عائشة.

فقالت: ما وراءكِ؟. فأخبرتها.

قالت: فمن هؤلاء معكِ؟.

قالت: ابناي، حل حل() تحملهما إلي القبر().

الإمامة في الصلاة

ومما يدل علي مكانة المرأة في الإسلام، أن رسول

الله صلي الله عليه و اله جعلها إماماً لجماعة النساء في الصلاة، وكانت أول امرأة انتخبت لهذا المنصب المهم هي أم ورقة().

الحضور في ميادين العلم

وهناك الكثير من الشواهد التي تبين اهتمام الرسول صلي الله عليه و اله والأئمة الأطهار عليهم السلام بمكانة المرأة والتعامل معها كعنصر فعال في المجتمع، ومن ذلك وجوب طلب العلم عليها، حيث قال رسول الله صلي الله عليه و اله: طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة، فاطلبوه في مظانه، واقتبسوه من أهله؛ فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة به تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلي الله تعالي ().

اتقوا الله في النساء

وفي حديث الحولاء أنها قالت: يا رسول الله، صلي الله عليك، هذا كله للرجل؟!

قال: نعم.

قالت: فما للنساء علي الرجال؟

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: أخبرني أخي جبرئيل ولم يزل يوصيني بالنساء حتي ظننت أن لا يحل لزوجها أن يقول لها: أف.

يا محمد، اتقوا الله عزوجل في النساء؛ فإنهن عوان بين أيديكم، أخذتموهن علي أمانات الله عزوجل ما استحللتم من فروجهن بكلمة الله وكتابه، من فريضة وسنة وشريعة محمد بن عبد الله، فإن لهن عليكم حقاً واجباً لما استحللتم من أجسامهن، وبما واصلتم من أبدانهن، ويحملن أولادكم في أحشائهن حتي أخذهن الطلق من ذلك. فأشفقوا عليهن، وطيبوا قلوبهن حتي يقفن معكم، ولا تكرهوا النساء، ولا تسخطوا بهن، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا برضاهن وإذنهن ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أحسن الناس إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله، وأنا ألطفكم بأهلي ().

وقال صلي الله عليه و اله: فأي رجل لطم امرأته لطمة، أمر الله عزوجل مالكاً خازن النيران فيلطمه علي حر وجهه سبعين لطمة في نار جهنم، وأي رجل منكم وضع يده علي شعر امرأة مسلمة سمر كفه بمسامير من نار ().

العلوية المزمنة

وهناك قصص عديدة تدل علي مكانة المرأة المسلمة عند الله عزوجل، نشير إلي بعضها:

يذكر أنه: كانت في شارع دار الرقيق ببغداد جارية علوية، أقامت مزمنة نحو خمس عشرة سنة، وكان رجل يتفقدها ويبرها، وكانت مسجّاة لا تنقلب من جنب إلي جنب حتي تُقلب، ولا تقعد حتي تُقعد، وكان لها من يخدمها في ذلك، وكانت فقيرة لا قوت لها هي وخادمتها إلا مما تبرها الناس. فلما مات الرجل اختل أمرها، فبلغ جارية الوزير المهلبي خبرها فكانت تقوم بأمرها، وأجرت عليها جراية

في كل شهر، وكسوة في كل سنة.

قال: فباتت ليلة من الليالي علي حالها تلك، ثم أصبحت من غد وقد بُرئت ومشت، وقامت وقعدت. فقالت: إني ضجرت من نفسي ضجراً شديداً، فدعوت الله عز وجل طويلاً بالفرج مما أنا فيه أو بالموت، وبكيت بكاء متصلاً، وبت وأنا قلقلة متألمة ضجرة، وكان سبب ذلك: أن الخادمة تضجرت وخاطبتني بما ضاق منه صدري، فلما استثقلت في نومي دخل عليَّ رجل فارتعدت منه، وقلت: يا هذا، كيف تستحل أن تراني؟.

فقال: أنا أبوك. فظننته أمير المؤمنين عليه السلام.

فقلت: يا أمير المؤمنين، ما تري ما أنا فيه؟.

فقال: أنا أبوك محمد رسول الله.

فبكيت، وقلت: يا رسول الله، ادع لي بالعافية. قالت: فحرك صلي الله عليه و اله شفتيه بشيء لم أفهمه، ثم قال صلي الله عليه و اله: هاتي يديكِ. فأعطيته يدي، فأخذها وجذبني بهما فقمت.

فقال صلي الله عليه و اله لي: امشي علي اسم الله تعالي.

فقلت: كيف أمشي؟.

فقال صلي الله عليه و اله: يديكِ، فأخذهما وما زال يمشي وهما في يديه ساعة. ثم أجلسني حتي فعل بي ذلك ثلاث مرات، ثم قال صلي الله عليه و اله: قد وهب الله عزوجل لك العافية فاحمديه واتقيه، وتركني ومضي.

فانتبهت وأنا لا أشك أنه واقف لسرعة المنام، فصحت فظنت الجارية أني أريد قضاء الحاجة فتثاقلت.

فقلت: ويحكِ أسرجي السراج، فإني رأيت النبي صلي الله عليه و اله. فانتبهت المرأة فوجدتني مسجاة فشرحت لها المنام.

فقالت: أرجو أن يكون الله عزوجل قد وهب لك العافية، هاتي يديكِ فأعطيتها يدي فأجلستني ثم قالت لي قومي. فقمت معها ومشيت متوكئة عليها، ثم جلست وفعلت ذلك ثلاث مرات، الأخيرة منهن مشيت وحدي، فصاحت الخادمة سروراً بالحال وإعظاماً لها، فقدّر الجيران

أني قد متّ، فجاءوني فقمت ومشيت معهم.

قالوا: وما زالت قوتها تزيد وكانت من أصلح النساء وأورعهن في أهل زمانها، وقد زوجت من رجل علوي موسر، وصلحت حالها ولا تعرف إلا بالعلوية المزمنة.

في مواجهة الطغاة

استأذنت سودة بنت عمارة بن الأسك الهمدانية علي معاوية ابن أبي سفيان فأذن لها، فلما دخلت عليه.

قال: هيه يا بنت الأسك، أ لستِ القائلة يوم صفين:

شمر كفعل أبيك يا ابن عمارة

يوم الطعان وملتقي الأقران

وانصر علياً والحسين ورهطه

واقصد لهند وابنها بهوان

إن الإمام أخو النبي محمد

علم الهدي ومنارة الإيمان

فقه الحتوف وسر أمام لواءه

قدماً بأبيض صارم وسنان

قالت: أي والله، ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالكذب.

قال لها: فما حملكِ علي ذلك؟.

قالت: حب علي عليه السلام وإتباع الحق.

ثم قالت: إنك أصبحتَ للناس سيداً، ولأمرهم متقلداً، والله سائلك من أمرنا، وما افترض عليك من حقنا، ولا يزال يقدم علينا من ينوه بعزك، ويبطش بسلطانك، فيحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس البقر، ويسومنا الخسيسة، ويسلبنا الجليلة، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك، فقتل رجالي، وأخذ مالي، يقول لي: فوهي بما استعصم الله منه والجأ إليه فيه، ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فأما عزلته عنا فشكرناك، وأما لا فعرفناك.

فقال معاوية: أ تهدديني بقومك، لقد هممت أن أحملكِ علي قتب أشرس، فأردكِ إليه ينفذ فيكِ حكمه.

فأطرقت تبكي ثم تقول:

صلي الإله علي جسم تضمنه

قبر فأصبح فيه العدل مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً

فصار بالحق والإيمان مقرونا

قال لها: ومن ذلك؟.

قالت: علي بن أبي طالب عليه السلام.

قال: وما صنع بكِ حتي صار عندكِ كذلك؟.

قالت: قدمتُ عليه في رجل ولاه صدقتنا قدم علينا من قبله، فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين، فأتيت علياً عليه السلام لأشكو إليه ما صنع

بنا، فوجدته قائماً يصلي، فلما نظر إليَّ انفتل من صلاته، ثم قال لي برأفة وتعطف: أ لكِ حاجة؟.

فأخبرته الخبر، فبكي ثم قال: اللهم إنك أنت الشاهد عليَّ وعليهم، أني لم آمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك. ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب، فكتب فيها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ، وَلا تَعْثَوْا فِي الأَْرْضِ مُفْسِدِينَ، بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ، إذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتي يقدم عليك من يقبضه منك، والسلام.

فأخذته منه، والله ما ختمه بطين، ولا خزمه بخزام، فقرأته.

فقال لها معاوية: لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة علي السلطان، فبطيأ ما تفطمون ثم قال اكتبوا لها برد مالها، والعدل عليها.

قالت: أ لي خاص أم لقومي عام؟.

قال: ما أنت وقومكِ؟.

قالت: هي والله إذن الفحشاء واللوم، إن لم يكن عدلاً شاملاً وإلا فأنا كسائر قومي.

قال: اكتبوا لها ولقومها ().

معاوية وسجن النساء

لما قُتل علي بن أبي طالب عليه السلام، بعث معاوية في طلب شيعته، فكان في من طلب عمر بن الحمق الخزاعي، فراغ منه فأرسل إلي امرأته آمنة بنت الشريد، فحبسها في سجن دمشق سنتين، ثم أن عبد الرحمن بن الحكم ظفر بعمر بن الحمق في بعض الجزيرة فقتله، وبعث برأسه إلي معاوية، وهو أول رأس حمل في الإسلام، فلما أتي معاوية الرسول بالرأس بعث به إلي آمنة في السجن، وقال للحرسي: احفظ ما تكلم به حتي تؤديه إليَّ، واطرح الرأس في حجرها.

ففعل هذا، فارتاعت له ساعة، ثم وضعت يدها علي رأسها، وقالت: وا حزنا لصغره في دار هوان، وضيق من ضيمه سلطان، نفيتموه

عني طويلاً وأهديتموه إليَّ قتيلاً، فأهلاً وسهلاً بمن كنت له غير قالية، وأنا له اليوم غير ناسية. ارجع به أيها الرسول إلي معاوية فقل له ولا تطوه دونه : أيتم الله ولدك، وأوحش منك أهلك، ولا غفر لك ذنبك.

فرجع الرسول إلي معاوية فاخبره بما قالت، فأرسل إليها فأتته وعنده نفر فيهم أياس بن حسل، أخو مالك بن حسل، وكان في شدقيه نتوء عن فيه، لعظم كان في لسانه، وثقل إذا تكلم.

فقال لها معاوية: أأنتِ يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني؟!

قالت: نعم، غير نازعة، ولا معتذرة منه، ولا منكرة له، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء إن نفع الاجتهاد، وأن الحق لمن وراء العباد، وما بلغت شيئاً من جزائك، وأن الله بالنقمة من ورائك. فأعرض عنها معاوية.

فقال أياس: أقتل هذه يا أمير، فو الله ما كان زوجها أحق بالقتل منها.

فالتفتت إليه، فلما رأته ناتئ الشدقين، ثقيل اللسان، قالت: تباً لك، ويلك بين لحيتيك كجثمان الضفدع، ثم أنت تدعوه إلي قتلي كما قتل زوجي بالأمس، ?إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَْرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ?().

فضحك معاوية، ثم قال: لله دركِ أُخرجي، ثم لا أسمع بكِ شيء من الشام.

قالت: وأبي لأخرجن، ثم لا تسمع لي في شيء من الشام، فما الشام لي بحبيب، ولا أُعرج فيها علي حميم، وما هي لي بوطن، ولا أحن فيها إلي سكن، ولقد عظم فيها ديتي، وما قرت فيها عيني، وما أنا فيها إليك بعائدة، ولا حيث كنت بحامدة.

فأشار إليها ببنانه أُخرجي، فخرجت وهي تقول: وا عجبي لمعاوية، يكف عني لسانه، ويشير إليَّ الخروج ببنانه، أما والله ليعارضنه عمرو بكلام مؤيد سديد، أوجع من نوافذ الحديد، أو ما

أنا بابنة الشريد.

ماذا تقول لربك يا معاوية؟

يذكر أن امرأة دخلت علي معاوية كأنها قلعة ومعها جاريتان لها، ثم قالت: الحمد لله يا معاوية الذي خلق اللسان، فجعل فيه البيان، ودل به علي النعم، وأُجري به القلم، فيما أُبرم وحتم، ودرأ وبرأ، وحكم وقضا، صرف الكلام باللغات المختلفة علي المعاني المتفرقة، ألفها بالتقديم والتأخير، والأشباه والمناكر، والموافقة والتزايد، فأدته الآذان إلي القلوب، وأدته القلوب إلي الألسن، بالبيان استدل به علي العلم، وعُبد به الرب، وأُبرم به الأمر، وعُرفت به الأقدار، وتمت به النعم، فكان من قضاء الله وقدره أن قربت زياداً، وجعلت له بين آل سفيان نسباً، ثم وليته أحكام العباد، يسفك الدماء بغير حلها ولا حقها، ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها، خؤون غشوم، كافر ظلوم، يتخير من المعاصي أعظمها، لا يري لله وقاراً، ولا يظن أن له معاداً، وغدا يعرض عمله في صحيفتك، وتوقف علي ما اجترم بين يدي ربك، ولك برسول الله صلي الله عليه و اله أسوة، وبينك وبينه صهر، فلا الماضين من أئمة الهدي اتبعت، ولا طريقتهم سلكت، جعلت عبد ثقيف علي رقاب أمة محمد صلي الله عليه و اله يدبر أمورهم، ويسفك دماءهم، فماذا تقول لربك يا معاوية، وقد مضي من أجلك أكثره، وذهب خيره، وبقي وزره.

إني امرأة من بني ذكوان، وثب زياد المدعي إلي أبي سفيان، علي ضيعتي ورثتها عن أبي وأمي، فغصبنيها وحال بيني وبينها، وقتل من نازعه فيها من رجالي، فأتيتك مستصرخة، فإن أنصفت وعدلت، وإلا وكلتك وزياد إلي الله عز وجل، فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده، والمنصف لي منكما حكم عدل.

فبهت معاوية ينظر إليها متعجباً من كلامها، ثم قال: ما لزياد لعن الله زياداً، فإنه لا يزال يبعث

علي مثالبه من ينشرها، وعلي مساويه من يثيرها. ثم أمر كاتبه بالكتاب إلي زياد يأمره بالخروج إليها من حقها.

الإسلام رفع شأن المرأة

والخلاصة: إن الإسلام بكتابه الكريم وسنة نبيه صلي الله عليه و الهوسيرة أهل بيته الطاهرين عليهم السلام أجلَّ شأن المرأة وبين مسؤولياتها، وضمن لها مكانتها العالية ودورها السامي في المجتمع التي حباها الله تعالي بها، وأراد لها العزة والرفعة، وعمل علي استنقاذها من الظلم والحيف الذي وقع عليها سابقاً وسيقع لاحقاً. ومنع استغلالها كوسيلة لإشباع الشهوات والرغبات، وسعي في وضعها في مكانتها اللائقة الكريمة التي أكرمها الله بها، من حيث إنها تتساوي في الإنسانية مع الرجل، كما قال الله تعالي: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِّنْ ذَكَرٍ وَأُنْثي وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ().

وفي الدعاء:

اللهم ارزقنا توفيق الطاعة، وبُعد المعصية، وصدق النية، وعرفان الحرمة، وأكرمنا بالهدي والاستقامة، وسدد ألسنتنا بالصواب والحكمة، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة … واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة، واسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة، وتفضل علي علمائنا بالزهد والنصيحة، وعلي المتعلمين بالجهد والرغبة، وعلي المستمعين بالاتباع والموعظة، وعلي مرضي المسلمين بالشفاء والراحة، وعلي موتاهم بالرأفة والرحمة، وعلي مشايخنا بالوقار والسكينة، وعلي الشباب بالإنابة والتوبة، وعلي النساء بالحياء والعفة، وعلي الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلي الفقراء بالصبر والقناعة.. ().

من هدي القرآن الحكيم

نساء صالحات:

قال سبحانه: إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ().

وقال عز وجل: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظالِمِينَ ().

وقال تعالي: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ().

وقال سبحانه: وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها

لِلنَّبِي ().

نساء غير صالحات:

قال عز وجل: ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ

عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ ().

وقال جل وعلا: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ? فِي جِيدِها حَبْلٌ مِّنْ مَّسَدٍ ().

المرأة والزواج:

قال الله تعالي: وَأَنْكِحُوا الأَيامي مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ().

وقال سبحانه: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَّوَدةً وَرَحْمَةً ().

وقال عزوجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِّنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيةً ().

وقال جل وعلا: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ().

وقال الله تعالي: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَي النِّسَاءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ().

تعدد الزوجات والعدالة:

قال سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامي فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ مَثْني وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ().

الحجاب واجب للمرأة المسلمة:

وقال عزوجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْني أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا

يُؤْذَيْنَ ().

من هدي السنة المطهرة

في فضل المرأة:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا بني، ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها؛ فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: خير نسائكم الولود الودود، الستيرة العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها … التي تسمع قوله وتطيع أمره ().

وقال صلي الله عليه و اله: لا تحملوا النساء أثقالكم واستغنوا عنهن ما استطعتم.. ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: جهاد المرأة حسن التبعل ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً ().

نساء صالحات:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة

بنت محمد ().

وقال صلي الله عليه و اله: إن الله تعالي اختار من النساء أربع: مريم وآسية وخديجة وفاطمة ().

المرأة والزواج:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: تزوجوا فإن رسول الله صلي الله عليه و اله كثيراً ما كان يقول: من كان يحب أن يتبع سنتي فليتزوج فإن من سنتي التزويج ().

وقال الإمام الرضا عليه السلام: ولو لم تكن المناكحة والمصاهرة آية منزلة ولا سنة متبعة، لكان ما جعل الله فيه من بر القريب، وتآلف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارع إليه الموفق

المصيب ().

المرأة في الإسلام:

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: خير نسائكم الخمس. قيل: يا أمير المؤمنين وما الخمس؟. قال: الهينة اللينة المواتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتي يرضي، والتي إذا غاب زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمال الله.. ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: كنت قاعداً في البقيع مع رسول الله صلي الله عليه و اله في يوم دجن ومطر، إذ مرت امرأة علي حمار فوقع يد الحمار في وهدة فسقطت المرأة، فأعرض النبي صلي الله عليه و اله بوجهه، قالوا: يا رسول الله، إنها متسرولة؟. قال: اللهم اغفر للمتسرولات ثلاثاً يا أيها الناس، اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساؤكم إذا خرجن ().

وقال عليه السلام: صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها ().

پي نوشتها

() سورة الأحزاب: 35.

() سورة الأنعام: 160.

() سورة النمل: 89.

() سورة القصص: 84.

() لسان العرب: ج13 ص420 مادة منن.

() سورة النجم: 39-41.

()

سورة الأحزاب: 6.

() راجع المناقب لابن شهر آشوب: ج1 ص174 فصل في أحواله وتواريخه عليها السلام.

() راجع بحار الأنوار: ج43 ص20 ب3 ح7.

() راجع بشارة المصطفي: ص253.

() نقلاً عن (فقه السنة): ج2 ص 218-219.

() سورة البقرة: 85.

() سورة الحجر: 91- 93.

() سورة الحجر: 19.

() سورة المؤمنون: 14.

() سورة الإسراء: 70.

() تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج14 ص26 سورة الحجر.

() سورة نوح: 17.

() راجع مجمع البيان في تفسير القرآن: ج9 ص324، وج10 ص69 سورة الملك. والتبيان في تفسير القرآن: ج10 ص59 سورة الملك.

() سورة القمر: 49.

() سورة المؤمنون: 14.

() راجع مجمع البيان في تفسير القرآن: ج10 ص69 سورة الملك. والتبيان في تفسير القرآن: ج10 ص59 سورة الملك.

() سورة الملك: 3 4.

() تفسير تقريب القرآن: ج29 ص15 سورة الملك.

() سورة آل عمران: 195.

() شجرة طوبي: ج2 ص233 المجلس7.

() بحار الأنوار: ج8 ص178 ب23 ح133.

() تفسير العياشي: ج2 ص279 سورة الإسراء ح12.

() بحار الأنوار: ج16 ص7 ب5 ضمن ح12.

() كشف الغمة: ج1 ص508 فصل في مناقب خديجة بنت خويلد أم فاطمة عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج16 ص10 ب5 ضمن ح12

() بحار الأنوار: ج16 ص10 ب5 ضمن ح12

() انظر شجرة طوبي: ج2 ص235 المجلس 7.

() راجع تفصيل ذلك في كتاب (من فقه الزهراء عليها السلام) للإمام الراحل وهذا الكتاب بأجزائه السبعة يعد من الأبواب المبتكرة في الفقه الإسلامي، حيث تطرق (أعلي الله مقامه) إلي الاستفادة الفقهية من روايات فاطمة الزهراء عليها السلام. وتتضمن المطالب التالية نذكرها بإيجاز:

1 (الجزء الأول: 320 صفحة). من عناوين الكتاب: مقدمة عن عظمة الزهراء عليها السلام، الولاية التكوينية والتشريعية لها عليها السلام، من الأدلة علي ولاية المعصومين عليهم السلام، سلطة الهدم والبناء، لا فرق بين

حياتهم ومماتهم، بين العلم الغيبي والسلوك العملي، دروس من سيرتها، أحكام مستفادة من حديث الكساء من الاقتضائيات واللا اقتضائيات، سند الحديث، استحباب الرواية، فضائل المعصومين عليهم السلام، الشفاعة، التعرف علي حياة المعصومين عليهم السلام، الاعتقاد بالولاية، الدعاء للغير، معني أهل البيت عليهم السلام، فاطمة عليها السلام حجة الله، آية التطهير، الاستغفار، مدح النفس، التمسك بمذهب أهل البيت عليهم السلام، و..

2 (الجزء الثاني: 480 صفحة) من عناوين الكتاب: خطبة الصديقة الطاهرة في المسجد،أسناد الخطبة، الدفاع عن الولاية، حرمة الغصب ومصادرة الأموال، الاهتمام بقضية فدك، مطالبة المرأة بحقها، التصدي للطغاة، الحجاب والساتر، القضاء في المسجد، الاستفادة من مراكز الإعلام، سماع صوت المرأة، البكاء علي الميت، البكاء لفقد المعصوم عليه السلام، الافتتاح بذكر الله، الصلاة علي الرسول وآله الأطهار عليهم السلام، توجه المظلوم إلي الله، وجوب أصل الشكر وبعض مصاديقه، الاعتقاد بنبوة الرسول عليها السلام، فضائل الرسول عليها السلام، التفرق عن الحق، علي عليه السلام هو الصراط المستقيم، تحمل الأذي في سبيل الله، مسؤوليات العباد، الأجيال القادمة، عدم تحريف القرآن، حجية ظواهر الكتاب، مسؤوليات القائد، التدبر في القرآن الحكيم، البر بالوالدين، صلة الأرحام، السعي لطول العمر، التكثير في النسل، حق القصاص، فلسفة العقوبات الإسلامية، و..

3 (الجزء الثالث: 438 صفحة) ويتضمن العناوين التالية: من أحكام النداء، التعريف بالنفس، التأكيد والتكرار، عصمة الزهراء عليها السلام، من مواصفات القائد، الحرص علي الرعية، بيان فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، الفخر بالانتساب إلي الرسول عليها السلام، التشبه بالكفار، منهج التصدي للأعداء، القضاء علي الأصنام، كلمة الإخلاص، حرمة إذلال المؤمن نفسه، العزة في كل الشؤون، حرمة الاستسلام للاستعمار، منهج الجاهليين، حرمة الاختطاف والعنف، إنقاذ المسلمين، حرمة إشعال الحروب، أصالة السلم، الشهادة الثالثة في الأذان،

علم التاريخ، التجسس، من حقوق المعارضة، أقسام النفاق، هل الأصحاب كالنجوم، مصادرة الحقوق، التفاعل مع مصاب الزهراء عليها السلام، مصادر في قصة حرق الباب، الكفر موضوعاً وحكماً، جمع القرآن، عدم تحريف القرآن،تقوية شوكة الظالمين، إحياء ظلامة الزهراء عليها السلام، المظلوم والرأي العام، تطويق الباطل، من أساليب الدعوة، و …

4 (الجزء الرابع: 486 صفحة) من عناوين الكتاب: كلمة الناشر بمناسبة الذكري السنوية لرحيل الإمام الشيرازي رحمة الله عليه، لماذا الاستنصار، نصرة المظلوم، مواجهة الحاكم، الأصل هو المساواة، بين الحاكم والرعية، شهادة المعصوم عليه السلام، مما يجب إعلام الناس به، فلسفة الإرث، أحكام أهل ملتين، لا اجتهاد مقابل النص، معاني الأعلمية، تهديد الظالم، تجسم الأعمال، بين الحق وتوحيد الكلمة، بين الدنيا والآخرة، فاطمة عليها السلام في يوم القيامة، حدود النظر، التعددية زمن الرسول عليها السلام، نصرة الإسلام، التواني في ظلامتها عليها السلام، يحفظ المرء في ولده، حق الأجيال القادمة، عدالة الصحابة، آثار وفاة الرسول عليها السلام، الأمم ومسيرة الانحطاط، محاسبة المسؤولين، تأهيل الأمة، إجابة المظلوم و …

أما الجزء: الخامس والسادس والسابع فلا زالت مخطوطة.

() علل الشرائع: ج1 ص182 ب146 ح1.

() بحار الأنوار: ج8 ص68 ب22 ح12.

() الطرائف: ج1 ص262 فيما جري علي فاطمة عليها السلام من الأذي والظلم ح363.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص434 ب77 ح1093.

() بشارة المصطفي: ص253.

() بحار الأنوار: ج4 ص4 ب1 ضمن ح4.

() أمالي الشيخ الصدوق: ص113 المجلس24 ح2.

() المناقب: ج2 ص387 باب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام فصل في المفردات.

() الاحتجاج: ج2 ص305 خطبة زينب عليها السلام بحضرة أهل الكوفة.

() بحار الأنوار: ج51 ص363 ب16 ح11.

() سورة النحل: 92.

() وفي الاحتجاج للطبرسي: سوداء.

() وفي بعض االنسخ: خرقاء شوهاء.

() بحار الأنوار: ج45 ص109 ب39.

() سورة

الزمر: 42.

() بحار الأنوار: ج45 ص117 ب39.

() سورة الروم: 10.

() سورة آل عمران: 178.

() سورة آل عمران: 169.

() سورة الكهف: 50.

() سورة مريم: 75.

() سورة فصلت: 46.

() سورة هود: 18.

() سورة آل عمران: 173.

() بحار الأنوار: ج45 ص133 ب39.

() للمزيد راجع كتاب (زينب الكبري عليها السلام) للشيخ جعفر النقدي.

() هي السيدة حميدة المغربية (البربرية) بنت صاعد البربري. وكانت من أشراف العجم. وقيل: أندلسية. لقبها: لؤلؤة. وقد دعاها الإمام الباقر عليه السلام بالمحمودة، ولقبها الإمام الصادق عليه السلام بالمصفاة من الأدناس. كانت من المتقيات الثقاة، وكانت الملائكة تحرسها كما في الحديث الشريف وكان الإمام الصادق عليه السلام يرسلها مع اُم فروة لقضاء حقوق أهل المدينة.

() الكافي: ج1 ص477 باب مولد أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام ح2.

() الكافي: ج4 ص300 باب حج المجاورين وقطان مكة ح5.

() الكافي: ج1 ص476 باب مولد أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام ح1.

() بحار الأنوار: ج25 ص42 ب2 ح17.

() الصراط المستقيم: ج2 ص274 ب11 ف19.

() بحار الأنوار: ج48 ص7 ب1 ضمن ح10.

() عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص16 ب2 ح3.

() هي السيدة الجليلة نجمة والدة الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام. من أسمائها: تكتم، والطاهرة، وأروي، وسكن النوبية، وسمان. وقيل: خيزران المرسية، وقيل: صقر، وقيل: شقراء النوبية. كنيتها: أم البنين. كانت من أشراف العجم، جارية مولدة، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها (حميدة المصفاة) حتي أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها. فقالت لابنها موسي عليه السلام: يا بني، إن تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشك أن الله تعالي سيظهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك،

فاستوص خيراً بها، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة. وروي أن حميدة اُم موسي بن جعفر عليه السلام لما اشترت نجمة رأت في المنام رسول الله عليها السلام يقول لها: يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسي عليه السلام فإنه سيلد له منها خير أهل الأرض، فوهبتها له. راجع بحار الأنوار: ج49 ص3 ب1ح3. وعيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص14 ح1-2. وإعلام الوري: ص314 ب7 ف1.

() وهي النجيبة الكريمة العالمة والفاضلة التقية حكيمة بنت أبي جعفر الجواد بن الإمام الرضا بن الإمام موسي بن جعفر عليه السلام، كانت مخصوصة بالأئمة عليهم السلام ومودعة أسرارهم، وكانت أم الإمام الحجة عليه السلام عندها، وكانت حاضرة عند ولادتها، وكانت تراه حيناً بعد حين في حياة الإمام العسكري عليه السلام وكانت من السفراء والأبواب بعد وفاة الإمام العسكري عليه السلام.

وكان الناس يأتون إليها ليسألوها عن معالم دينهم ومن الحجة بعد أبي الحسن العسكري عليه السلام فكانت تجيبهم بأمره ويوم مولده. قال محمد بن عبد الله الطهوي: قصدت حكيمة بنت محمد بعد مضي أبي محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها؟ فقالت لي: اجلس فجلست ثم قالت: يا محمد، إن الله تبارك وتعالي لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين ? تفضيلاً للحسن والحسين وتنزيها لهما … ولابد للأمة من حيرة واقعة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقون، كيلا يكون للخلق علي الله حجة، وإن الحيرة لابد واقعة بعد مضي أبي محمد عليه السلام. بحار الأنوار: ج99 ص79 ب6. كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص426 ب42 ح2، وص 507 ب45 ضمن

ح36.

() هي السيدة نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، واُمها من ولد الحواريين تنسب إلي شمعون وصي المسيح (علي نبينا وآله وعليه السلام). من أسمائها أيضاً: مليكة وصقيل وسوسن وريحانة ومريم. وقيل: حكيمة، وقيل: خمط. ولكن أشهر أسمائها: نرجس. وكنيتها: اُم محمد. روضة الواعظين: ج1 ص253 مجلس في ذكر ما روي عن نرجس أم القائم عليه السلام.

وفي قصة زواجها من الإمام عليه السلام معاجز كبيرة تبين عظم منزلتها وكرامتها، راجع كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص417 ب41 ح1.

() بحار الأنوار: ج99 ص70-71 ب6.

() الدعاء والزيارة للإمام الراحل رحمة الله عليه: ص942 943.

() هو الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي بن أبي الحسن الميرزا محمد علي الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية، ولد بشيراز عام (1256ه) ونشأ في كربلاء المقدسة، فقرأ فيه الأوليات ومقدمات العلوم، وحضر علي أفاضلها حتي برع وكمل، فهاجر إلي سامراء في أوائل المهاجرين، فحضر علي المجدد الشيرازي رحمة الله عليه حتي صار من أجلاء تلاميذه وأركان بحثه، وبعد أن توفي أستاذه الجليل تعين للخلافة بالاستحقاق والأولوية والانتخاب، فقام بالوظائف من الإفتاء والتدريس وتربية العلماء. ولم تشغله مرجعيته العظمي وأشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم، وحسبك من أعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية، وإصداره تلك الفتوي الخطيرة التي أقامت العراق وأقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس. فهو رحمة الله عليه فدي استقلال العراق بنفسه وأولاده، وكان أفتي من قبل بحرمة انتخاب غير المسلم. وكان العراقيون طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه، وكانت اجتماعاتهم تعقد في بيته في كربلاء المقدسة. توفي رحمة الله عليه في الثالث عشر من ذي الحجة عام (1338ه) ودفن في الصحن

الحسيني الشريف ومقبرته فيه مشهورة.

() كان فقيها أصولياً، أعجوبة في الإحاطة بالفروع الفقهية، وهو من أجلاء تلامذة الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري، والميرزا محمد حسن الشيرازي، والميرزا حبيب الله الرشتي، (والفشاركي) نسبة إلي فشارك قرية من قري أصفهان خرج منها عدة من الأعلام.

وكانت له اليد الطولي في الخطابة والوعظ، له تآليفات حسنة في الفقه والأصول، وهو شقيق المولي محمد باقر الفشاركي، صاحب كتاب (عنوان الكلام)، يروي عن أخيه وشيخه المازندراني، وكان من مدرسي أصفهان والمقلَدين فيها.

توفي يوم الثلاثاء 8 ذي القعدة سنة (1353ه) للهجرة بأصفهان، ودفن فيها ولوفاته عطلت الأسواق وأقيمت له المآتم في أكثر بلاد إيران.

() المراد من النصف: العرفي لا الهندسي والعددي.

() انظر جواهر الكلام: ج40 ص14 باب اعتبار الذكورة في القاضي.

() من قصيدة للشاعر أحمد شوقي.

() من قصيدة للشاعر معروف الرصافي.

() خاصة لو لاحظنا النسبة العددية للنساء أمام الرجال، وتشدقهم الدائم بادعاء المساواة بين الرجل والمرأة.

() سورة النساء: 3.

() وسائل الشيعة: ج20 ص517 ب1 ح26238.

() سورة الأحزاب: 28 29.

() الكافي: ج6 ص138 باب كيف كان أصل الخيار ح2.

() غوالي اللآلي: ج2 ص134 المسلك الرابع ح364.

() وسائل الشيعة: ج21 ص343 ب5 ح27250.

() شرائع الإسلام: ج2 ص558 كتاب النكاح، باب التنازع.

() وسائل الشيعة: ج21 ص343 ب5 ح27251.

() شهد القرن العشرين حروب فتاكة شرسة وشديدة مرات عدة، أهمها حربين عالميتين: الحرب العالمية الأولي، وهي الحرب التي عصفت بالعالم بدءً من عام

(1914م) حتي عام 1918م) الذي نتج عن المنافسة بين الدول الاستعمارية الكبري، وقد أدت الحرب إلي تغييرات جذرية في العالم وإلي توازن غير مستقر، ومن أهم أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولي: المنافسة الاستعمارية بين الدول الأوربية لا سيما في طموحها لكسب المزيد من المستعمرات. وعدم

توازن القوي في أوروبا. وسباق التسلح بين الدول الأوروبية الذي تنامي بفعل الحروب الصغري التي نشبت في القارة الأوروبية قبيل الحرب العالمية الأولي كحرب البلقان والاحتكاكات في المستعمرات. كما أن نمو الروح القومية في أوروبا ساهم في تأجيج الصراعات العرقية.

وقد أدت الحرب العالمية الأولي إلي اختفاء أربع إمبراطوريات كبري هي الألمانية والنمساوية والروسية والعثمانية، وظهرت دول جديدة وكيانات مستحدثة مكانها مثل فنلندا واستونيا لاتفيا ولتوانيا وبولونيا، وسلخت عن الإمبراطورية العثمانية مناطق واسعة كأرمينيا والبلاد العربية وأزمير، كما أدت الحرب إلي انتصار الثورة البلشفية، وظهور أول دولة اشتراكية في العالم، وخرجت بريطانيا وفرنسا بمكاسب كبيرة وتعززت سيطرتها الاستعمارية علي مناطق واسعة من العالم. وقد تم تعبئة حوالي (65 مليون) جندي في مختلف الجيوش المشاركة في الحرب، وبلغ عدد القتلي العسكريين الذي سقطوا في الحرب أكثر من (8 ملايين) جندي، وسقط ما يزيد علي

(10 ملايين) مدني هذا غير الجرحي والمعوقين والمفقودين، كما قدرت الكلفة الاقتصادية مئات الملايين من الدولارات.

أما الحرب العالمية الثانية، فهي النزاع المسلح الذي عصف بالعالم بدءاً من عام

(1939م 1945م) حيث انقسمت معظم دول العالم إلي معسكرين، حمل الأول اسم دول الحلفاء، وفي حين حمل الثاني اسم دول المحور، وقد نشبت الحرب لعدة أسباب أبرزها: صعود الفاشية في ألمانيا وإيطاليا غيرها من الدول، وبقايا جذور الحرب العالمية الأولي التي انتهت بشروط استسلام متشددة علي القوي المهزومة وفي طليعتها ألمانيا.

بدأت الحرب حين بدأت ألمانيا بغزو بولونيا، فقامت كل من فرنسا وبريطانيا بإعلان الحرب علي ألمانيا. شهدت الحرب تحولاً هاماً فقد هاجمت ألمانيا الاتحاد السوفيتي مدعومة بقوات إيطالية وهنغارية وسلوفاكية وفنلندية، وفي نفس العام أيضاً شهد العالم تحولاً هاماً آخر وهو دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلي

جانب الحلفاء، وبعدها أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إعلان الحرب علي اليابان. استمرت الحرب الضارية حتي عام (1945م) حيث جاء الانهيار الألماني بعد التقاء القوات الغربية والسوفيتية فسقطت برلين بعد موت هتلر علي يد الاتحاد السوفيتي، وتم توقيع استسلام ألمانيا غير المشروط في (8/5/1945م).

وقد شهدت الحرب العالمية الثانية اتساعا هائلاً لأن أكثرية دول العالم قد أنجرت إليها، وشملت العمليات العسكرية أوروبا وأفريقيا وآسيا حتي حوض المحيط الهادي، وقدر عدد الدول التي شاركت في الحرب العالمية الثانية (72 دولة) وقد عبئوا أكثر من

(110 مليون) جندي، وكان عدد القتلي في الحرب أكثر من (50 مليون) جندي وعدد المشوهين أكثر من (28 مليون) جندي، أما النفقات العسكرية المباشرة في الحرب فكانت أكثر من (935 مليار) دولار وهناك أكثر من (15 مليون) جندي قد ماتوا في المعسكرات الألمانية الفاشية.

ونشبت أيضاً حروب أخري كبيرة أهمها: الحرب بين اليابان والصين وكوريا، والحرب الأميركية الفيتنامية، وحرب العرب واليهود الصهاينة منذ عام (1936م) وإلي اليوم حيث حالة اللاسلم واللاحرب، وحروب لبنان، والحربين المدمرتين التي خاضها نظام صدام المجرم علي ايران والكويت التي كانت الخسارة بسببهما ما يزيد علي ثلاثة ملايين إنسان، هذا غير جيش الأرامل واليتامي والمعوقين الذين خلفتها هذه الحروب، وأخيرا الحرب التي شنتها اميركا فأزالت نظام صدام، وما زال العراق ينزف ويئن للخسائر البشرية والمادية الهائلة التي أصيب بها، غير عشرات المليارات من الديون التي تثقل كاهل الخزينة والبنية التحتية المدمرة بشكل تام.

() ولعلهم فضلوا اتخاذ الخليلات والعشيقات علي تعدد الزوجات، فبهذا هم ينصفون المرأة كما يدعون!!

() بحار الأنوار: ج43 ص40 ب3 ضمن ح41.

() سورة الممتحنة: 12.

() سورة الممتحنة: 12.

() تفسير القمي: ج2 ص364 سورة الممتحنة.

() شرح نهج البلاغة: ج14 ص268 قصة

غزوة أحد.

() شرح نهج البلاغة: ج14 ص267 قصة غزوة أحد.

() بحار الأنوار: ج20 ص53 ب12.

() بحار الأنوار: ج20 ص54 ب12.

() تفسير القمي: ج1 ص117 سورة آل عمران، شجاعة امرأة في أحد.

() بحار الأنوار: ج20 ص133- 134 ب12.

() شرح نهج البلاغة: ج14 ص265 قصة غزوة أحد.

() شرح نهج البلاغة: ج15 ص35 القول فما جري للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل.

() شرح نهج البلاغة: ج15 ص35 القول فما جري للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل.

() كلمة زجر للبعير كي يتحرك.

() شرح نهج البلاغة: ج15 ص35 القول فما جري للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل.

() انظر تذكرة الفقهاء: ج4 ص236 شرائط الجماعة مسألة 538. ووسائل الشيعة ج8 ص336 ب20. أم ورقة: هي بنت عبد الله بن الحارث بن عمير بن نوفل الأنصارية: ويقال لها بنت نوفل، فنسبت إلي جدها الأعلي، وهي التي استأذنت النبي عليها السلام في الخروج إلي بدر وقالت: لعل الله يرزقني الشهادة، فقال له النبي عليها السلام: اقعدي في بيتك، فإن الله سيهدي اليك الشهادة في بيتك وكان رسول الله عليها السلام يزورها ويسميها الشهيدة، وقد أمرها أن تؤم أهل دارها وأن تتخذ في دارها مؤذناً.

() عدة الداعي: ص72 ب2 ق 6.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص252 ب68 ح16627

() وسائل الشيعة: ج12 ص153 ب104 ح15928.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص250 ب66 ح16619.

() بلاغات النساء: ص30-32 كلام سودة بنت عمارة.

() سورة القصص: 19.

() سورة الحجرات: 13.

() مصباح الكفعمي: ص280 ف29.

() سورة آل عمران: 35.

() سورة التحريم: 11.

() سورة هود: 71.

() سورة الأحزاب: 50.

() سورة التحريم: 10.

() سورة المسد: 4- 5.

() سورة النور: 32.

() سورة الروم: 21.

() سورة الرعد: 38.

() سورة النساء: 4.

() سورة النساء: 34.

() سورة النساء: 3.

() سورة الأحزاب: 59.

()

نهج البلاغة: الكتاب 31 من وصية له عليه السلام يوصي بها الإمام الحسن عليه السلام.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص389 باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن ح4367.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص408. ق6 ب1 ف4 ح9382.

() نهج البلاغة: قصار الحكم 136.

() الكافي: ج5 ص324 باب خير النساء ح4.

() تفسير مجمع البيان: ج10 ص65 سورة التحريم.

() بحار الأنوار: ج43 ص19 ب3 ح3.

() النوادر للراوندي: ص35.

() بحار الأنوار: ج100 ص220 ب1 ح24.

() بحار الأنوار: ج10 ص92 ب7.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص212 ب33 ح16521.

() الكافي: ج5 ص325 باب خير النساء ح5.

() مستدرك الوسائل: ج3 ص244 ب7 ح3490.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص405 ق6 ب1 ف1 ح9286.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.