الزواج وتشكيل الأسرة في الإسلام

اشارة

اسم الكتاب: الزواج وتشكيل الأسرة في الإسلام

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي للتحقيق و النشر

مكان الطبع: بيرون- لبنان

تاريخ الطبع: 1426 ق

الطبعة: اول

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم..

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض..

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع..

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته رحمة الله عليه بتهذيبها والإضافة عليها، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل: ?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ? (). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ? ().

إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية

لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام..فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تعد أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية، مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية مدعومة بشواهد من واقع الحياة.

نرجو من المولي العلي القدير أن يتقبل منا ذلك، إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

قانون الزوجيّة في كلِّ مظاهر الحياة

قال الله تعالي: ?وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً?().

ذكر في تفسير هذه الآية: ?وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ? يعني من جنس أنفسكم ?أَزْوَاجاً? فليست النساء من جنس آخر، وهذان فضلان، الأول: جعل الأزواج، والثاني: كونهن من نفس الجنس؛ لأن الإنسان لجنسه آلف ولنوعه أميل، قال الشاعر: ?كل جنس لجنسه يألف?. ?وَجَعَلَ لَكُمْ? أيها البشر ?مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ? تأنسون بهم، ويكونون عونا لكم، وسبباً لامتدادكم في الحياة ?وَحَفَدَةً? جمع حفيد، وهم أبناء البنات وأبناء البنين، أو الخدم ومن يشبهه، أو الأعم منهما؛ لأن معني الحافد: المسرع إلي الخدمة، فإن كان المراد الأول كان عطفاً علي البنين، وإن كان غيره كان عطفا في

المعني، أي جعل لكم حفدة().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?لو رأيت فردا من مصراعين فيه كلوب أكنت تتوهم أنه جعل كذلك بلا معني؟ بل كنت تعلم ضرورة أنه مصنوع يلقي فردا آخر، فيبرزه ليكون في اجتماعهما ضرب من المصلحة، وهكذا تجد الذكر من الحيوان كأنه فرد من زوج مهيأ من فرد انثي، فيلتقيان لما فيه من دوام النسل وبقائه، فتبا وخيبة وتعسا لمنتحلي الفلسفة، كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة، حتي أنكروا التدبير والعمد فيها?().

وقد اهتم المختصون في كل العلوم في عالمنا اليوم أهمية فائقة لظاهرة الزوجية في المخلوقات، ففي علم الطب مثلاً يبحث الأطباء عن الزوجية في نواح متعددة، كالاختلافات، والاتفاقات، وتجانس الدم، أو عدم تجانسه، وغيرها.

وفي علم الاجتماع كذلك، فإن المختصين أيضاً حينما يبحثون عن الأسرة، فإنهم يتحدثون عن الزوجين باعتبار أن الأسرة النواة الأولي لتكوين المجتمع، فيبحثون عن مشاكل الأسرة، وأسباب تقدّمها، أو انهيارها، وتأثير كل من الرجل والمرأة علي الأسرة والمجتمع، وغير ذلك من الأمور.

وعلماء الحيوان أيضاً، يبحثون بصورة مفصّلة عن ذكر الحيوان وأنثاه، وأدوار كل منهما، وكيفية التزاوج بينهما، وأسلوب المعيشة، وطريقة الإنجاب، ونوع المأكولات، وغيرها مما يختص بعالم الحيوان.

وكذلك عندما نلقي نظرة إلي عالم النبات: نري ظاهرة الزوجية واضحة جداً بكل ألوانها، ففي النخيل نري هذه الظاهرة بوضوح، قال تعالي: ?وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ?() فإن عملية التلقيح تدلّ علي وجود أنثي النبات التي تنتظر اللقاح ليخرج الثمر.

بل حتي في علم الفيزياء، نري مسألة الموجب والسالب.

وفي علم الفلك كذلك، يتحدث الفلكيون ويطرحون هذا السؤال: هل أن النجوم مرتبطة بنظام الزوجية؟

أي: هل هناك تناسب بين كل اثنين منهما؟ فربما يقال: إن فيهما حالة الزوجية؟

كما أن ظاهرة الزوجية قد توجد في عوالم

أخري؟ لعل العلم لم يتوصل إليها بعد.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضها إلي بعض مفتقر؛ لأنه لا قوام للبعض إلا بما يتصل به، كما تري البناء محتاجا بعض أجزائه إلي بعض، وإلا لم يتسق ولم يستحكم، وكذلك سائر ما نري?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ? … مؤلف بين متعادياتها، مفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها علي مفرقها، وبتأليفها علي مؤلفها، وذلك قوله عزوجل: ? وَمِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ?()? ().

وقال عليه السلام: ?أحال الأشياء لأوقاتها، ولاءم بين مختلفاتها، وغرّز غرائزها، وألزمها أشباحها?().

وقال عليه السلام: ?ولم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره؛ للذي أراد من الدلالة علي نفسه وإثبات وجوده، فالله تبارك وتعالي فرد واحد لا ثاني معه يقيمه ولا يعضده ولا يكنه، والخلق يمسك بعضه بعضا بإذن الله ومشيته?().

الزوجية أمر ضروري

إذن يستظهر من هذا وغيره: أن ظاهرة الزوجية أمر ضروري في الحياة، بل إن استمرار الحياة قائم بقانون الزوجية. فمثلاً: نحن نري عدم اتفاق قطب السالب مع السالب، أو القطب الموجب مع الموجب، بل لابدّ من وجود سالب وموجب، لكي تصل الكهرباء مثلاً. وكذلك لا يمكن للأشجار أن تخرج ثمرها بدون لقاح الذكر، وكذلك لا تحصل عملية التوالد في الإنسان والحيوان وبعض المخلوقات الأخري بدون عملية التزاوج.

لذا فإن ظاهرة الزوجية سنّة كونية لابدّ منها، ولا يستطيع أحد أن يقف بوجه السنن الكونية؛ لأنها في النتيجة سوف تقهره وتهزمه، هذا قانون ثابت وراسخ لا يتغير.

وعند ما سار قوم لوط عليه السلام () عكس هذا القانون وخالفوا السنن الكونية خسروا الدينا والآخرة، قال تبارك وتعالي: ?وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ

الْعالَمِينَ ? أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ? قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَي الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ? وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْري قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ?().

فحينما اكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء حق عليهم العذاب؛ فإن سلوكهم المنحرف هذا، والسائر بخلاف القانون الطبيعي، اصطدم في النهاية بقانون السنن الكونية، والذي

لا يتغير.

فعن الامام الرضا عليه السلام قال: ?أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي، وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد، محصنا أو غير محصن. وإذا وجد رجلان عراة في ثوب واحد وهما متهمان، فعلي كل واحد منهما مائة جلدة، وكذلك امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في ثوب واحد. وفي اللواطة الكبري ضربة بالسيف أو هدمة أو طرح الجدار وهي الإيقاب، وفي الصغري مائة جلدة. وروي: أن اللواطة هي التفخذ، وأن علي فاعله القتل، والإيقاب الكفر بالله، وليس العمل علي هذا وإنما العمل علي الأولي في اللواط، واتق الزنا واللواط؛ وهو أشد من الزنا؛ والزنا أشد منه، وهما يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داء في الدنيا وفي الآخرة? ().

فكانت النتيجة التي حكاها القرآن الكريم هي المصير الطبيعي لهؤلاء: ?فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ?().

النفس الواحدة

قال الله تبارك وتعالي: ?يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها?(). وقد اعتقد البعض أن حواء عليها السلام خلقت من ضلع آدم عليه السلام، كما ترويه بعض الأخبار الضعيفة فاعتمدوها.

قال القمي في تفسيره: ?خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ? يعني آدم عليه

السلام ?وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها? يعني حواء برأها الله من أسفل أضلاعه..().

وروي في حديث أنه: ?فلما نام آدم عليه السلام خلق الله من ضلع جنبه الأيسر مما يلي الشراسيف، وهو ضلعٌ أعوج، فخلق منه حواء، وإنما سميت بذلك لأنها خلقت من حي، وذلك قوله تعالي: ?يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها? () وكانت حواء علي خلق آدم وعلي حسنه وجماله..?().

ولكن هذا الرأي خلاف ما ورد في سائر الروايات المعتبرة وخلاف ما ذهب إليه معظم العلماء، فالصحيح هو أن الله عزوجل خلق حواء عليها السلام من فاضل الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام.

إذن فقوله تعالي: ?يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ? أي بإطاعة أوامره ونواهيه ?الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ? هي نفس آدم أبي البشر عليه السلام ?وَخَلَقَ مِنْها? أي من تلك النفس، إما بالخلق من فضلة طينته، أو المراد من جنس تلك النفس ?زَوْجَها? وهي حواء عليها السلام، فإن هذا الإله الخالق القادر حقيق بالتقوي، ولا يخفي أن ذلك لا ينافي خلق زوجتين جديدتين لهابيل وقابيل حتي نشأ منهما أبناء عمّ كما عن الأئمة عليهم السلام إذ الكلام في ابتداء الخلقة().

وقال الشيخ الطوسي رحمة الله عليه في تفسيره:

قوله تعالي: ?وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها? يعني حواء، روي أنها خلقت من أضلاع آدم عليه السلام، ذهب إليه أكثر المفسرون، وقال

أبو جعفر عليه السلام: ? خلقها الله من فضل الطينة التي خلق منها آدم? ولفظ النفس مؤنث بالصيغة، ومعناه التذكير ههنا، ولو قيل نفس واحد لجاز().

ولو ثبت أنه تعالي خلقها من ضلع آدم عليه السلام فعلاً، فلا يرد أي إشكال عقلي علي ذلك، لكن الصحيح ما ورد في حديث الإمام الباقر عليه السلام.

ثم

خلق الله عزوجل منهما سائر الناس بقانون الزوجية: ?إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ?(). ولم يقل تعالي: خلقناكم من ذكر فقط، بل من ذكر وأنثي.

وقد أبدع الله عزوجل في خلق الإنسان الذي كانت بدايته بخلق آدم وحواء، حتي انتهت الصورة بهذا التجمع البشري الكبير، الذي سيبقي إلي ما شاء الله تعالي، وهذا من أبرز مصاديق قانون الزوجية.

نظرية أصل الإنسان

لقد حاول البعض أن يثير الشبهات علي أصل الإنسانية ومبدئها الأول، فقال: إن أصل الإنسان حيوان من فصيلة القرود، ثم بمرور الزمن تطور ومرّ بمراحل متعددة، إلي أن صار بهذه الهيئة التي هو عليها الآن! ().

وفي الواقع، إن هذا الكلام مجرد ترهات وافتراضات وتكهّنات لم يثبت بدليل.

بل الأدلة علي عكس ذلك، ومنها ما أثبتته الحفريات والآثار في أصالة النوع الإنساني، وعدم مروره بهذه المراحل التي يدعيها دارون وأتباعه أمثال فرويد؛ وذلك لأنهم عثروا علي هياكل عظمية للإنسان القديم تشبه في تركيبها وهيئتها تركيب وهيئة الإنسان الحالي.

هذا من جهة، ومن جهة أخري فإن القرآن الكريم يصرّح في أكثر من مورد أن الله عزوجل قد خلق الإنسان من تراب بدون مرور بأي مرحلة من مراحل الحيوانية، قال تعالي: ?إِنَّ مَثَلَ عِيسَي عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ?(). وبما أن عيسي عليه السلام خلق علي صورة الإنسان الكامل، فإن آدم عليه السلام أيضاً كان علي نفس هذه الصورة الإنسانية. وإلا لما صحّ التمثيل.

وهناك آيات كثيرة تشير إلي مسألة خلق الإنسان. منها قوله تعالي: ?لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ?().

وقوله تعالي: ?خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ?(). فإنه لم يقل: خلق الإنسان من سلالة القردة.

إذن الإنسان في بداية خلقه كان إنساناً متكاملاً، ولم يكن قرداً ثم مرّ بمراحل حتي وصل

إلي مرحلته النهائية الإنسانية والإسلام صريح في ذلك.

أمّا من يدعي أن أصل الإنسان قرد، فإنه يسند قوله الي بعض الاحتمالات فقط كأوجه الشبه بين الإنسان والقرد، وكذلك بما أن القرود من الحيوانات القديمة التي يتجاوز عمرها آلاف السنين فإنه يربط ذلك بمسألة خلق الإنسان. وكل ذلك خال من الدليل الصحيح، بل يرد عليه بأدلة ثابتة، كما أشرنا في الآيات القرآنية.

فالصحيح في خلق الإنسان: أن الله تعالي خلق الإنسان إنساناً علي هيئته الحالية، ولم يكن قبل ذلك علي شكل القرود أو سائر الحيوانات.

القرآن والمسوخ

نعم، إن الله تعالي مسخ بعض الناس الكفرة قردةً وخنازير وغيرها، فجعلهم علي هذه الهيئات بعد أن كانوا بصورة الإنسان، وذلك لعصيانهم وطغيانهم علي الله، فقال تبارك وتعالي: ?وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ? لما اصطادوا السموك فيه ?فَقُلْنا لهمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ?().

وفي قصتهم ورد عن الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام قال: ?كان هؤلاء قوما يسكنون علي شاطئ بحر، نهاهم الله وأنبياؤه عن اصطياد السمك في يوم السبت. فتوصلوا إلي حيلة ليحلوا بها لأنفسهم ما حرم الله، فخدوا أخاديد وعملوا طرقا تؤدي إلي حياض، يتهيأ للحيتان الدخول فيها من تلك الطرق، ولا يتهيأ لها الخروج إذا همت بالرجوع منها إلي اللجج. فجاءت الحيتان يوم السبت جارية علي أمان الله لها فدخلت الأخاديد وحصلت في الحياض والغدران. فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلي اللجج لتأمن صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، وأبقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها يوم الأحد بلا اصطياد لاسترسالها فيه، وعجزها عن الامتناع لمنع المكان لها. فكانوا يأخذونها يوم الأحد، ويقولون ما اصطدنا يوم السبت، إنما اصطدنا في الأحد، وكذب أعداء الله بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم

التي عملوها يوم السبت حتي كثر من ذلك مالهم وثراؤهم، وتنعموا بالنساء وغيرهن لاتساع أيديهم به. وكانوا في المدينة نيفا وثمانين ألفا، فعل هذا منهم سبعون ألفا، وأنكر عليهم الباقون، كما قص الله تعالي: ?وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ?() الآية. وذلك أن طائفة منهم وعظوهم وزجروهم، ومن عذاب الله خوفوهم، ومن انتقامه وشديد بأسه حذروهم، فأجابوهم عن وعظهم ?لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ? بذنوبهم هلاك الاصطلام ?أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً?. فأجابوا القائلين لهم هذا ? مَعْذِرَةً إِلي رَبِّكُمْ?() هذا القول منا لهم معذرة إلي ربكم؛ إذ كلفنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنحن ننهي عن المنكر ليعلم ربنا مخالفتنا لهم، وكراهتنا لفعلهم. قالوا: ?ولَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ? ونعظهم أيضاً لعلهم تنجع فيهم المواعظ، فيتقوا هذه الموبقة، ويحذروا عقوبتها. قال الله عزوجل: ?فَلَمَّا عَتَوْا? حادوا وأعرضوا وتكبروا عن قبولهم الزجر ?عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لهمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ?() مبعدين عن الخير، مقصين.

قال: فلما نظر العشرة الآلاف والنيف، أن السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم، ولا يحفلون بتخويفهم إياهم وتحذيرهم لهم، اعتزلوهم إلي قرية أخري قريبة من قريتهم، وقالوا: نكره أن ينزل بهم عذاب الله ونحن في خلالهم. فأمسوا ليلة، فمسخهم الله تعالي كلهم قردة خاسئين، وبقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد ولا يدخله أحد. وتسامع بذلك أهل القري فصدوهم، وتسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم فإذا هم كلهم رجالهم ونساؤهم قردة يموج بعضهم في بعض يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم وقراباتهم وخلطاءهم، يقول المطلع لبعضهم: أنت فلان؟ أنت فلانة؟ فتدمع عينه، ويومئ برأسه بلا، أو نعم.

فما زالوا كذلك ثلاثة أيام، ثم بعث الله عزوجل عليهم مطرا وريحا فجرفهم إلي البحر، وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام،

وإنما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباهها، لا هي بأعيانها ولا من نسلها?().

وهذا واضح في أنهم في الأصل كانوا إنسانا، ثم مسخ الله منهم علي شكل القردة أو غيرها من الحيوانات، لا أن أصل الإنسان كان قردا ().

نظريات وانحرافات

وكذلك طرح فرويد() في نظرياته آراءً شاذة وأفكاراً منحرفة، حيث ادعي أن أهم شيء في الحياة وفيه قوام الإنسانية هو الغريزة الجنسية، فيعزو كل حركة وفعل من الإنسان إلي غريزة الجنس، فيقول: إن الطفل عندما يلتقم الثدي يدفعه إلي ذلك غريزة الجنس، ويقول: إن الحب الناشئ بين جميع الأفراد أساسه الغريزة الجنسية، وغير ذلك من الادعاءات الفارغة.

بينما جاء ماركس بنظرية أخري، مفادها: أن أساس كل شيء هو الاقتصاد ووسائل الإنتاج. فكلما تطورت وسائل الإنتاج وتقدم الاقتصاد تقدمت البشرية، فيلغي أو ينسي كل القيم الروحية والمعنوية، ويربط تقدم البشرية بالمادة فقط().

ولكن الإسلام يطرح النظرية الكونية الشاملة لكل مناحي الحياة، والتي تصون كرامة الإنسان، وتحفظ عزته وشرفه، مضافا إلي تقدمه العلمي، فلا ينسي تأثير غريزة الجنس وأهميتها، بل يحدّد لها أطرها المشروعة، وكذلك لا ينسي أو يهمل تأثير وأهمية المال علي حياة الإنسان، بل يوازن بين هذا وذاك وغيرهما. فالجنس المطلق الذي تدعيه أوروبا، وبعض الدول الأخري، اليوم قد أهلك سابقاً قوم لوط، وغيرهم من الأقوام، الذين اعتمدوا الجنس في كل مظاهر الحياة، وسوف تجري السنن الإلهية لتهلك أتباعهم يوماً ما بالإصابة بمختلف الأمراض الفتاكة وغيرها.

وأما المادة والاتجاه المادي البعيد عن المناحي المعنوية والروحية للحياة الذي يدعيه ويتبناه (ماركس) وأتباعه فمرفوض في الإسلام؛ لأن ذلك يقلّل من قيمة الإنسان وكرامته، وهو أكرم المخلوقات، وكرامته مبنية علي حسن عقله وتقواه، لا علي ماله وما شابه ذلك. فالمال

وسيلة تخدم الإنسان، وليس غاية أو هدفاً من أجله خلق الإنسان.

لذا قال تبارك وتعالي: ?وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما شيء أكرم علي الله من ابن آدم?.

قيل: يارسول الله، ولا الملائكة؟

قال صلي الله عليه و اله: ?الملائكة مجبورون، بمنزلة الشمس والقمر?.

وفي حديث آخر قال صلي الله عليه و اله: ?ليس شيء خيراً من ألف مثله إلا الانسان?.

ومن كرامة الله تبارك وتعالي أن رزقه عظيم النعم وسخر له ما شاء، فقال عز من قائل: ?اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهارَ? وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ? وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ?().

الأسرة في الإسلام

قال تعالي: ?وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ? تناكحوا تناسلوا تكثروا؛ فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط?().

إن من المعلوم أن الإسلام أعطي لكل من الرجل والمرأة وزنه الاجتماعي الخاص به، والذي بموجبه يؤثر في المجتمع الإنساني ويتقدم نحو الكمال. ووضع ضوابط وحدوداً لكل منهما تحفظ لهما تلك المكانة الاجتماعية، فأمر المرأة بالحجاب والستر، والحفاظ علي نفسها، وعدم ابراز محاسنها إلا لزوجها لما فيه كرامتها وزيادة محبتها وعدم ابتذالها، والابتعاد عن مخالطة الرجال وغيرها من الأمور.

وأمر الرجال بغضّ البصر وعدم الاعتداء علي حقوق المرأة، وحرمة اغتصابها وخداعها وإهانتها وتحقيرها. فبموجب الضوابط الإسلامية تحتفظ المرأة بكيانها وكرامتها، وتفترق عن إناث الدواب. وكذلك الرجل، فبموجب

الضوابط الإسلامية هو يفترق عن الكواسر والوحوش.

ثم دعا الإسلام بشكل مكثف إلي الاقتران بين الرجل والمرأة عبر الزواج الشرعي السهل والبسيط في المتطلبات والتقاليد المتعارفة للزواج، ثم إنشاء الأسرة المتجانسة المتحابة المتراحمة، تسودها علاقات المودة والرحمة، تجسد علاقاتها معني الإنسانية الجميلة؛ لتسير قافلة البشر نحو إنشاء مجتمع إنساني صالح.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?دخل علينا رسول الله صلي الله عليه و اله وفاطمة جالسة عند القدر وأنا أنقي العدس، قال: يا أبا الحسن.

قلت: لبيك يا رسول الله.

قال: اسمع مني، وما أقول إلا من أمر ربي، ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلا كان له بكل شعرة علي بدنه عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه الله تعالي من الثواب مثل ما أعطاه الله الصابرين، وداود النبي ويعقوب وعيسي عليهم السلام، يا علي، من كان في خدمة العيال في البيت ولم يأنف كتب الله تعالي اسمه في ديوان الشهداء، وكتب الله له بكل يوم وليلة ثواب ألف شهيد، وكتب له بكل قدم ثواب حجة وعمرة، وأعطاه الله تعالي بكل عرق في جسده مدينة في الجنة. يا علي، ساعة في خدمة العيال خير من عبادة ألف سنة وألف حج وألف عمرة، وخير من عتق ألف رقبة وألف غزوة وألف عيادة مريض وألف جمعة وألف جنازة وألف جائع يشبعهم وألف عار يكسوهم وألف فرس يوجهها في سبيل الله، وخير له من ألف دينار يتصدق علي المساكين، وخير له من أن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ومن ألف أسير أسر فأعتقها، وخير له من ألف بدنة يعطي للمساكين، ولا يخرج من الدنيا حتي يري مكانه من الجنة. يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنة بغير

حساب. يا علي، خدمة العيال كفارة للكبائر ويطفئ غضب الرب ومهور حور العين ويزيد في الحسنات والدرجات. يا علي، لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة?().

حرية المرأة في الزواج

أكّد الإسلام علي حرية اختيار المرأة للزوج، وأعطاها الحق في أن تعطي رأيها به، وموافقتها عليه، فلا يحق لأحد أن يجبرها في الزواج وفي اختيار الزوج، بعد أن وضع علامات المرأة الصالحة، وعلامات الرجل الصالح، فأوجد نوعاً من المساواة بين الطرفين، وألزم حقوقا علي الجانبين، لكيلا يشعر أحدهما بالغبن أو الضعف أو الاستعباد.

وقال الضحاك بن مزاحم: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول، وذكر حديث تزويج فاطمة عليها السلام وأنه طلبها من رسول الله صلي الله عليه و اله. فقال: ?يا علي، إنه قد ذكرها قبلك رجال، فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن علي رسلك حتي أخرج إليك، فدخل عليها فأخبرها، وقال: إن علياً قد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين؟ فسكتت ولم تول وجهها، ولم ير فيه رسول الله صلي الله عليه و اله كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها

إقرارها?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يريد أن يزوج أخته؟

قال: ?يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت

لم يزوجها، فإن قالت: زوجني فلاناً، زوجها ممن ترضي، واليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها إلا برضاها? ().

وعنه عليه السلام أيضاً قال: ?تزوج المرأة من شاءت إذا كانت مالكةً لأمرها، فإن شاءت جعلت ولياً?().

وفي حديث آخر قال عليه السلام: ?تستأمر البكر وغيرها، ولا تنكح إلا بأمرها?().

وقال أبو الحسن عليه السلام في المرأة البكر: ?إذنها صماتها، والثيب أمرها إليها?().

المرأة في الإسلام والأمم السابقة

لقد أكرم الإسلام المرأة أيما اكرام، وتمثل ذلك عبر أوامر وتعليمات وتوجيهات تحدد وتبين مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي، وتبين أن كرامتها مضمونة في كل مراحل حياتها، وذلك عبر آيات شريفة وأحاديث كريمة مستفيضة، وسيرة عطرة من رسول الله صلي الله عليه و

اله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.

فقد أمر بإكرامها وهي وليدة، حيث حرم أشد التحريم (وأدها) كما كان متعارفا في الجاهلية، وذم عدم الفرح بولادتها، بل أوصي بأكرامها وهي طفلة، وأكرامها واحترام رأيها عند الزواج، وإكرامها واحترامها ومودتها وهي زوجة، وإكرامها أشد الإكرام وهي أم، بل إكرامها أشد الإكرام في جميع مراحل حياتها، رافضاً لكل الضيم والحيف وعدم الإحترام الذي كان في حقها في الجاهلية وفي الامم السابقة واللاحقة. وهذه باقة عطرة من الآيات الشريفة والأحاديث الكريمة التي توصي بالمرأة:

قال سبحانه: ?وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ?().

قال تبارك وتعالي: ?وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثي ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ? يَتَواري مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ

بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلي هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما

يَحْكُمُونَ?().

وقال عزوجل: ?وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ? بِأَيِّ ذَنْبٍ

قُتِلَتْ? ().

قال أبو عبد الله عليه السلام: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: نعم الولد البنات؛ ملطفات مجهزات مونسات مباركات مفليات?().

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: إن الله تبارك وتعالي علي الإناث أرأف منه علي الذكور، وما من رجل يدخل فرحة علي امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرحه الله تعالي يوم القيامة?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?البنات حسنات والبنون نعمة، فإنما يثاب علي الحسنات ويسأل عن النعمة?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة?.

فقيل: يا رسول الله صلي الله عليه و اله، واثنتين؟

فقال: ?واثنتين?.

فقيل: ?يا رسول الله، وواحدة؟

فقال: ?وواحدة?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد

بن الحنفية: ?يا بني، إذا قويت فاقو علي طاعة الله، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله عزوجل، وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل؛ فإنه أدوم لجمالها وأرخي لبالها وأحسن لحالها؛ فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها علي كل حال، وأحسن الصحبة لها، ليصفو عيشك?(). وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من دخل السوق فاشتري تحفة فحملها إلي عياله كان كحامل صدقة إلي قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور؛ فإن من فرح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقر بعين ابن فكأنما بكي من خشية الله عزوجل، ومن بكي من خشية الله عزوجل أدخل جنات النعيم?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار?().

وعن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: ?إذا وعدتم الصغار ففوا لهم، فإنهم يرون أنكم أنتم الذين ترزقونهم، إن الله عزوجل ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء والصبيان?().

وعن علي بن الحسين عليه السلام قال: ?إن أحبكم إلي الله عزوجل أحسنكم عملا، وإن أعظمكم عند الله عملا أعظمكم فيما عنده رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقا وإن أرضاكم عند الله أسبغكم علي عياله، وإن أكرمكم علي الله أتقاكم?().

نعم، هكذا هي الاسرة والمرأة في الإسلام، وهكذا أوصانا رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم اجمعين).

المرأة في المجتمعات غير الإسلامية

أما حال المرأة في المجتمعات غير الإسلامية فقد كان بأسوأ حال، قبل الاسلام وبعده.

فقد كانت المرأة في الأزمنة السابقة، حالها حال الحيوان في التعامل معها، حيث كانت تباع بأي ثمن لمن يريد، وكانت تؤجر للخدمة والفراش والاستيلاد،

وللأعمال الأخري.

وبعبارة أخري: كانت المرأة عند بعض الأمم السابقة ليس لها أي استقلال حقيقي في الوجود، لا رأي لها، ولا كرامة ولا حرمة، فكانت تابعة رغماً عنها للرجل، يفعل بها ما يشاء، بل كانوا يقتلونها، ويأكلون من لحمها في أيام المجاعة.

وفي أيام الجاهلية قبل الإسلام: كانت العرب لا تري وزناً للمرأة، ولا سيّما إذا رزق أحدهم بنتاً، فإنه يسرع إلي وأدها تحت التراب، هروبا من العار الذي كانوا يرونه فيها.

وقد وصف أمير المؤمنين عليه السلام في إحدي خطبه حال العرب قبل الإسلام فقال: ?.. فَالأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ، والأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ، والْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ، فِي بَلاءِ أَزْلٍ، وأَطْبَاقِ جَهْلٍ، مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ، وأَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ، وَأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ، وغَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ? ().

كان قوم من العرب يئدون البنات، قيل: إنهم بنو تميم خاصة، وإنه استفاض منهم في جيرانهم، وقيل: بل كان ذلك في تميم وقيس وأسد وهذيل وبكر بن وائل، وقال قوم: بل وأدوا البنات أنفة، وزعموا أن تميما منعت النعمان الإتاوة سنة من السنين، فوجه إليهم أخاه الريان بن المنذر، وجل من معه من بكر بن وائل، فاستاق النعم وسبي الذراري، فوفدت بنو تميم إلي النعمان واستعطفوه، فرق عليهم وأعاد عليهم السبي، وقال: كل امرأة اختارت أباها ردت إليه، وإن اختارت صاحبها تركت عليه، فكلهن اخترن آباءهن إلا ابنة قيس بن عاصم فإنها اختارت من سباها وهو عمرو بن المشمرخ اليشكري، فنذر قيس بن عاصم المنقري التميمي ألا يولد له بنت إلا وأدها، والوأد أن يخنقها في التراب ويثقل وجهها به حتي تموت، ثم اقتدي به كثير من بني تميم، قال سبحانه: ?وإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ? بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ?() أي: علي طريق التبكيت والتوبيخ لمن فعل ذلك أو أجازه، روي الزبير في (الموفقيات)

أن أبا بكر قال في الجاهلية لقيس بن عاصم المنقري: ما حملك علي أن وأدت؟

قال: مخافة أن يخلف عليهن مثلك().

وقال ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا حان وقت ولادتها حفرت حفرة، وقعدت علي رأسها، فإن ولد بنتاً رمت بها في الحفرة، وإن ولدت غلاماً حبسته().

وكان الرجل من ربيعة أو مضر يشترط علي امرأته، أن تستحيي جارية وتئد أخري، فإذا كانت الجارية التي توأد، غدا الرجل أو راح من عند امرأته، وقال لها: أنت علي كظهر أمي إن رجعت إليك ولم تئديها، فتتخذ لها في الأرض خدا، وترسل إلي نسائها فيجتمعن عندها ثم يتداولنها حتي إذا أبصرته راجعاً دستها في حفرتها ثم سوت عليها التراب. وقيل: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته ويغذو كلبه فعاتبهم الله علي ذلك، وتوعدهم بقوله: ?وإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ? بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ?().

أما في الصين فقد كانت المرأة ممنوعة من الإرث. والمرأة في الهند إذا توفي زوجها لا يحق لها الزواج مرة أخري، فإما أن تحرق مع جسد زوجها، أو تعيش في ذل طيلة حياتها، وكانت هذه العادة جارية حتي جاء غاندي وحاربها بقوة().

وفي اليونان لم يختلف الأمر كثيراً، وكان لا يحق للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة، فإن تزوج امرأة أخري كانت الثانية غير رسمية، فله أن يفعل بها ما يشاء، إما يبيعها، أو يجعلها خادمة، أو ما شاكل ذلك.

ولكن لما جاء الإسلام، أعطي للمرأة كرامتها وحقّها الإنساني في الحياة، وألغي كل مظاهر الظلم التي من شأنها أن تلغي دور المرأة، وتسحق عفتها وشرفها، بل جعل كرامتها متساوية مع كرامة الرجل، ولا فرق إلا بالتقوي، كما قال تعالي: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ

عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ?(). فالميزان هو التقوي لا غير، بل إن الإسلام أعطي وزناً خاصاً للمرأة، باعتبارها تتحمل مسؤولية كبيرة في الحياة وهي مسؤولية الأمومة، فتكون الوعاء الحافظ للإنسان، وعليها يعتمد النوع البشري في بقائه؛ ولذلك كانت هناك مساواة في النظرة الإلهية لكل من الرجل والمرأة، وكان مقياس النظرة الإلهية هو العمل الصالح، قال تعالي: ?أَنِّي

لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَي بَعْضُكُمْ مِنْ

بَعْضٍ?().

وقال تعالي أيضاً: ?لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ?().

ومن جانب آخر، أكد الإسلام علي ضرورة الحياة الزوجية ومسألة الزواج، فكان الزواج هو الرابطة الشرعية المقدسة بين الرجل والمرأة، وهو سبب تكوّن الأسرة الصالحة، وهو من أهم أسباب حفظ احترام المرأة وكرامتها وعفتها، ولذلك نري الدعوات والتشجيع الملح في الإسلام علي الزواج، وهو العلة الأولي لاستمرار النوع البشري بشكل مشروع سليم().

ولعظمة الزواج وأثره الاجتماعي والروحي نري أن الإسلام قد شجع الناس علي ذلك؛ قال الله تبارك وتعالي: ?وَأَنْكِحُوا الأَيامي مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ?().

وقال عزوجل: ?وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ? ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما بني في الإسلام بناء أحب إلي الله عزوجل وأعز من التزويج?().

وقال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: ?النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?من أحب أن يلقي الله طاهرا مطهرا فليلقه

بزوجة?().

وللزواج فوائد عظيمة منها: ما مر ذكره، وهو استمرار النوع البشري، واكتساب ذرية صالحة، ومنها: الحفاظ علي عفة المرأة والرجل فإنه قال رسول الله صلي الله عليه و

اله: ?من تزوج فقد أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر أو الباقي?().

وقال الإمام الرضا عليه السلام: ?لو لم تكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنة متبعة، لكان فيما جعل الله فيها من بر القريب وتآلف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب وسارع إليه الموفق المصيب?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما من شاب تزوج في حداثة سنه إلا عج شيطانه: يا ويله، يا ويله! عصم مني ثلثي دينه، فليتق الله العبد في الثلث الباقي?().

وكذلك من فوائد الزواج: أنه أحد أبواب الرزق والعيش الرغيد، وثقل الميزان في الآخرة.

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?زوجوا أياماكم؛ فإن الله يحسن لهم في أخلاقهم، ويوسع لهم في أرزاقهم، ويزيدهم في مرواتهم?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء بالله

الظن?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?حق علي الله عون من نكح إلتماس العفاف عما حرم الله?.

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله عزوجل؛ إن الله عزوجل يقول: ?إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ?() ?().

وسأل رسول الله صلي الله عليه و اله رجلا من أصحابه فقال: ?يا فلان، هل تزوجت؟?.

قال: لا؛ وليس عندي ما أتزوج به.

قال: ?أليس معك: ?قل هو الله أحد?()؟?.

قال: بلي.

قال: ?ربع القرآن?، قال: ?أليس معك: ?قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ?()؟?.

قال: بلي.

قال: ?ربع القرآن?، قال: أليس معك ?إِذا زُلْزِلَتِ

الأَرْضُ?()؟?.

قال: بلي.

قال: ?ربع القرآن?.

ثم قال صلي الله عليه و اله: ?تزوج، تزوج، تزوج!?().

كيف نحافظ علي الأسرة؟

إن لكل عمل مقدمات يعتمد عليها، فإذا كانت المقدمات صحيحة وسليمة، كانت النتائج سليمة أيضاً ومثمرة، كالأساس الذي نضعه لقاعدة البناء، فكلما كان متيناً كان

البناء الفوقي ثابتاً ورصيناً. وكذلك الأسرة، فهي بمثابة البناء الفوقي، وإن لها مقدمات إذا صلحت صلحت بها الأسرة. ونحن كلما كان اختيارنا للمقدمات السليمة والمتينة والعقلائيةً كانت الأسرة صالحة ونظيفة ومؤمنة، وبعيدة عن أجواء الفساد والتخلف.

وأول هذه المقدمات التي تقع قبل الزواج هي: مسألة اختيار المرأة، بصفات ومميزات وضعها الإسلام لهذه الغاية. وكذلك المرأة لابد وأن تختار شريكها عبر مواصفات إسلامية ضمن الأطر الشرعية الصحيحة. وهذه الأمور هي من أهم المقدمات التي تكون قبل الزواج.

فأهم مواصفات المرأة هي: أن تكون عفيفة، مؤمنة، طيبة الأصل، ولوداً.

أما مواصفات الرجل، فأهمها: الإيمان والسيرة الحسنة، وأن يكون كفؤاً للمرأة، وقادراً علي إعالتها وحمايتها.

فإذا استطاع كل منهما أن يحرز الصفات الجيدة في الطرف الآخر، فهذا أول علامات النجاح في الحياة الزوجية، وبناء الأسرة الصالحة.

وهذه باقة عطرة من الأحاديث الشريفة التي تبين مواصفات المرأة والرجل الذي يلزم اختيارهما للزواج، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة؛ تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله?().

وجاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموماً، قالت: ما يهمك إن كنت تهتم لرزقك، فقد تكفل لك به غيرك، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إن لله عمالاً، وهذه من عماله، لها نصف أجر الشهيد?().

قال جابر الأنصاري: كنا جلوساً مع رسول الله صلي الله عليه و اله فذكرنا النساء وفضل بعضهن علي بعضٍ، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ألا أخبركم؟?.

فقلنا: بلي،

يا رسول الله فأخبرنا؟?.

فقال: إن من خير نسائكم: الولود الودود الستيرة، العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها، ولم تبذل له تبذل الرجل?.

ثم قال: ?ألا أخبركم بشر نسائكم؟?.

قالوا: بلي.

قال: ?إن من شر نسائكم: الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورع من قبيحٍ، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، التي لا تسمع قوله ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنعت منه تمنع الصعبة عند ركوبها، ولا تقبل له عذراً ولا تغفر له ذنباً?.

ثم قال: ?أفلا أخبركم بخير رجالكم؟?.

فقلنا: بلي.

قال: ?إن من خير رجالكم: التقي النقي، السمح الكفين، السليم الطرفين، البر بوالديه، ولا يلجئ عياله إلي غيره?.

ثم قال: ?أفلا أخبركم بشر رجالكم؟?.

فقلنا: بلي.

قال: إن من شر رجالكم: البهات الفاحش، الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله وعبده، البخيل الملجئ عياله إلي غيره، العاق بوالديه?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: تزوجوا الأبكار؛ فإنهن أطيب شي ء أفواهاً، وأدر شي ءٍ أخلافاً، وأحسن شي ء أخلاقاً، وأفتح شي ء أرحاماً، أما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيامة، حتي بالسقط، يظل محبنطئاً علي باب الجنة، فيقول الله عزوجل له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتي يدخل أبواي قبلي، فيقول الله تعالي لملك من الملائكة: ائتني بأبويه، فيأمر بهما إلي الجنة، فيقول: هذا بفضل رحمتي لك?().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: ?أتي رجل رسول الله صلي الله عليه و اله يستأمره في النكاح، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: نعم، انكح، وعليك بذوات الدين تربت يداك، وقال: إنما مثل

المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم، الذي لا يكاد يقدر عليه، قال: وما الغراب الأعصم؟ قال: الأبيض إحدي رجليه?().

وعن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن صاحبتي هلكت رحمها الله، وكانت لي موافقة، وقد هممت أن أتزوج؟

قال: فقال لي: انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه علي دينك وسرك، فإن كنت فاعلاً فبكراً تنسب إلي الخير، وإلي حسن الخلق.

واعلم أنهن كما قال:

ألا أن النساء خلقن شتي فمنهن الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلي لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحتهن يسعد ومن يعثر فليس له انتقام

وهن ثلاث: فامرأة بكر ولود، تعين زوجها علي دهره لدنياه وآخرته، ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين علي خير، وامرأة صخابة ولاجة همازة تستقل الكثير ولا تقبل اليسير?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?قال أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم وتزويج الحمقاء؛ فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع?().

ومما أوصي لقمان ابنه فقال: يا بني، النساء أربع: ثنتان صالحتان، وثنتان ملعونتان، فأما إحدي الصالحتين، فهي: الشريفة في قومها الذليلة في نفسها، التي إن أعطيت شكرت وإن ابتليت صبرت، القليل في يديها كثير، والثانية: الولود الودود تعود بخير علي زوجها، هي كالأم الرحيم تعطف علي كبيرهم وترحم صغيرهم، وتحب ولد زوجها وإن كانوا من غيرها، جامعة الشمل، مرضية البعل، مصلحة في النفس والأهل والمال والولد، فهي كالذهب الأحمر، طوبي لمن رزقها. إن شهد زوجها أعانته، وإن غاب عنها حفظته. وأما إحدي الملعونتين فهي: العظيمة في نفسها الذليلة في قومها، التي إن أعطيت سخطت، وإن منعت عتبت وغضبت، فزوجها منها في بلاء، وجيرانها منها في عناء، فهي كالأسد، إن جاورته أكلك، وإن هربت منه قتلك، والملعونة

الثانية فهي: قلي عن زوجها، وملها جيرانها، إنما هي سريعة السخطة، سريعة الدمعة، إن شهد زوجها لم تنفعه وإن غاب عنها فضحته، فهي بمنزلة الأرض النشاشة، إن أسقيت إفاضته الماء وغرقت، وإن تركتها عطشت، وإن رزقت منها ولدا لم تنتفع به. يا بني، لاتتزوج بأمة فيباع ولدك بين يديك وهو فعلك بنفسك، يا بني، لو كانت النساء تذاق كما تذاق الخمر ما تزوج رجل امرأة سوء أبدا?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?دخل رسول الله صلي الله عليه و اله منزله، فإذا عائشة مقبلة علي فاطمة تصايحها وهي تقول: والله، يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لأمك علينا فضلا، وأي فضل كان لها علينا؟ ما هي إلا كبعضنا. فسمع مقالتها لفاطمة، فلما رأت فاطمة رسول الله صلي الله عليه و اله بكت فقال: ما يبكيك يا بنت محمد؟ قالت: ذكرت أمي فتنقصتها فبكيت، فغضب رسول الله صلي الله عليه و اله ثم قال: مه يا حميراء فإن الله تبارك وتعالي، بارك في الودود الولود، وإن خديجة (رحمها الله) ولدت مني طاهراً وهو عبد الله وهو المطهر، وولدت مني القاسم وفاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب، وأنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئا?().

أما مواصفات الرجل فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير?().

وعن الإمام الرضا عليه السلام: ?إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوجه، ولا يمنعك فقره وفاقته، قال الله تعالي: ?وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ?() وقوله: ?إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهٌِ?()?().

وجاء رجل إلي الإمام الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج

ابنته؟

فقال: ?زوجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها?().

مرحلة ما بعد الزواج

أما بعد الزواج ومرحلة إنجاب الأولاد، فالمسؤولية علي الزوجين أكبر، حيث يلزم علي الأبوين أن يقوما بخطوات لتربية الأطفال تربية سليمة من جهة، وخطوات فيما بينهما من جهة أخري.

أما فيما بينهما من أمور، فمثل طاعة المرأة للزوج، وأخذ إذنه في الخروج من البيت، وأمور أخري، كاحترامه وخدمته ما أمكن، والعناية به، والمحافظة علي أمواله وأطفاله وممتلكاته، وتمكينه منها.

أما الأمور التي يلزم أن يقوم بها الزوج تجاه زوجته، فهي: المحافظة عليها، وحمايتها، وتلبية احتياجاتها واحترامها، والتفاهم معها وتهيئة الملبس والمسكن لها.

وتبقي الخطوات التي يلزم أن يقومان بها معاً، وهي تربية الأولاد علي النهج الإسلامي القويم، وتدبير المنزل، وخلق الأجواء الإيمانية فيه، وإبراز الحب والود والحنان للأطفال، وأن تسود المنزل ظاهرة الأبوة السمحة والأمومة العاطفية، وتغذية الأولاد بالأفكار والمفاهيم الإسلامية الرفيعة؛ لكي تكون بمثابة الأساس والمنطلق القويم لهم في الغد، والابتعاد عن الأجواء الفاسدة والعلاقات المضطربة بين الأبوين وإبعاد الأطفال عنها. وإبداء الاحترام للجيران وتعليم الأطفال ذلك، وغير ذلك من البرامج الإسلامية التي وضعها الإسلام للمحافظة علي الأسرة بصورة عامة، والحياة الزوجية بصورة خاصة، وقد ورد بيانه مفصلا في الأحاديث الشريفة.

الإيمان وتأثيره علي الأسرة

قال الإمام الصادق عليه السلام: ? لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتي تكون فيه خصال ثلاث: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر علي الرزايا?().

عندما يملأ الإيمان بالله تعالي كل جوارح الإنسان وجوانحه، وعندما يستضيء بنور المعرفة والتوكل علي الله؛ عندها يري الإنسان الأشياء علي حقائقها. ولكن عندما يبتعد الإنسان عن الله تعالي، ويخبو الإيمان في قلبه؛ عندها يري الأوهام حقائق، وتبرز عنده الأزمات النفسية، وتضعف همته، ويخشي من أي شيء، ويتصور أن للأشياء استقلالاً ذاتياً في الوجود، حيث تنعدم عنده فكرة: (أن لا مؤثر

في الوجود إلا الله تعالي)، ويتصور أن المخلوقات المختلفة تؤثر بدون إذن الله وإرادته وعلمه بها.

ومن هنا تبرز في حياة الإنسان أزمات نفسية وأفكار منحرفة، ناتجة من ضعف الإيمان، فتؤثر علي العلاقات الاجتماعية وتهدم حياة الأسرة، أو علي الأقل تعدم الثقة بين الزوجين؛ لأن الإنسان في هذه الحالة لا يؤمن بوجود رقيب يراقب كل حركاته وسكناته، فيتصرف طبق رغباته وأهوائه، ما يؤدي إلي أن تنعدم القيم الإنسانية، ويصبح تفكيره وتصرفه مادياً بحتاً. أما إذا بنيت العلاقة الزوجية علي أساس الإيمان والتقوي والود والمحبة والاحترام المتبادل، فإن ذلك يكون دافعاً قوياً للاستقرار، وتكوين عائلة متكاملة مستقرة مؤهلة لأن يكون لها مستقبل مشرق.

الزواج المبارك

عندما نقرأ حياة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام؛ وعلي الأخص بعد الزواج المبارك (صلوات الله عليهما) نجدهما في قمة الفضيلة والنجاح، فكان زواجهما زواجاً ناجحاً، ومثالاً حياً يقتدي به علي مر السنين.

ولو تساءلنا كيف كان زواجهما ? وسيرتهما مثالية بهذا الشكل، رغم الصعوبات المادية والظروف الصعبة المحيطة بهما؟ ولو دققنا في الجواب، لوجدنا أن السبب الحقيقي لذلك هو: أنهما ? وضعا رضا الله عزوجل في كل تحرك لهما، حيث إن الإيمان والعلاقة الخاصة لهما بالله تعالي، فرضت عليهما القناعة، والزهد، والبساطة، والابتعاد عن كل مظهر زائف وغير لائق، في مسألة الزواج، فلم يكن همهما المال أو الملبس، أو إقامة وليمة الزواج بشكل مترف ومبهرج وبتكلف. فلم تفكر الصديقة الزهراء عليها السلام فيما يمتلك الإمام علي عليه السلام من أموال ونقود؟

وقد روي: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد: ?ألا أحدثك عني وعن فاطمة الزهراء، إنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتي أثر في صدرها، وطحنت بالرحي حتي

مجلت يداها، وكسحت البيت حتي اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتي دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضر شديدٌ، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل.

فأتت النبي صلي الله عليه و اله فوجدت عنده حداثاً فاستحيت فانصرفت.

فعلم صلي الله عليه و اله أنها قد جاءت لحاجة، فغدا علينا ونحن في لحافنا، فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا.

ثم قال: السلام عليكم، فسكتنا.

ثم قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف، وقد كان يفعل ذلك فيسلم ثلاثاً فإن أذن له وإلا انصرف.

فقلنا: وعليك السلام يا رسول الله، ادخل.

فدخل صلي الله عليه و اله وجلس عند رؤوسنا، ثم قال: يا فاطمة، ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟

فخشيت إن لم نجبه أن يقوم، فأخرجت رأسي، فقلت: أنا والله أخبرك يا رسول الله، إنها استقت بالقربة حتي أثر في صدرها، وجرت بالرحي حتي مجلت يداها، وكسحت البيت حتي اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتي دكنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل.

قال: أفلا أعلمكما ما هو خيرٌ لكما من الخادم، إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعاً وثلاثين تكبيرةً، وسبحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدةً.

فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت: رضيت عن الله وعن رسوله، رضيت عن الله وعن رسوله?().

ولكن وللأسف دأبت بعض العوائل في يومنا هذا علي خلاف ما ذكرناه من القناعة والمحبة، فظهرت في الأسرة مشاكل وأزمات وبرزت هذه المشاكل علي سطح الحياة، لتعبر بصورة أو بأخري عن رداءة العلاقات الروحية فيما بين الزوجين، وضعف الإيمان، أو انعدام الإيمان، ثم عدم التوكل علي الله تعالي، وعدم جعل رضا الله تعالي

هو المنطلق والأساس في حياتهما، بل أقحموا بعض الأمور التافهة في حياتهما، وجعلوها هي الأساس والمنطلق، ولو علي حساب الدين والعقيدة. ومن جملة هذه المقاييس. أو بالأحري الموانع والعراقيل للسعادة الزوجية، عدة أمور:

أولاً: الطبقية، أي المستوي والمكانة الاجتماعية، فإن بعض العوائل جعلت الطبقية المادية مقياساً للزواج، فهم يسألون مثلاً: هل الزواج من فلان أو فلانة يتلائم مع طبقتنا أم لا؟ وفي نظرهم: أن الملاءمة تعتمد علي أساس المادة، أو صلة القرابة، بينما جاء في الحديث الشريف: ?كلكم لآدم، وآدم من تراب?().

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إن الله عزوجل لم يترك شيئاً مما يحتاج إليه إلا علمه نبيه صلي الله عليه و اله فكان من تعليمه إياه أنه صعد المنبر ذات يومٍ فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: أيها الناس، إن جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الأبكار بمنزلة الثمر علي الشجر، إذا أدرك ثمره فلم يجتني أفسدته الشمس ونثرته الرياح، وكذلك الأبكار إذا أدركن ما يدرك النساء فليس لهن دواءٌ إلا البعولة، وإلا لم يؤمن عليهن الفساد لأنهن بشرٌ.

قال: فقام إليه رجلٌ، فقال: يا رسول الله فمن نزوج؟

فقال: الأكفاء.

فقال: يا رسول الله، ومن الأكفاء؟

فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعضٍ، المؤمنون بعضهم أكفاء بعضٍ?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده

يسار?().

وعن الحسين بن بشارٍ قال: كتبت إلي أبي جعفرٍ عليه السلام في رجلٍ خطب إلي؟

فكتب: ?من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائناً من كان فزوجوه، وإلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير?().

وذكر في قصة: أن رجلاً وامرأة أرادا الزواج، وهما من عشيرتين مختلفتين، وكان التصور عند أهل كل منهما أن عشيرته أرفع من مستوي العشيرة الأخري، وقد كان أشد الممانعين والمعارضين

الذي وقف أمام هذا الزواج إمرأة كبيرة في السن من إحدي العشيرتين، وبعد فترة توفيت هذه المرأة، فرآها أحد الأشخاص في عالم الرؤيا بعد سنوات، فقالت له: لقد كنت في كل هذه السنين تحت العذاب الأليم، فسألها: وما هو ذنبك الذي اقترفتيه؟

فأجابت: لأنني منعت تزويج فلان من فلانة، وما رفع عني العذاب حتي تزوجت.

نعم، إنها حقائق تنعكس في العالم الآخر، فيجب أن لا تغيب عنا مثل هذه العبر.

ثانياً: الدخل الشهري، أوالرصيد المالي، وإنه كم يملك في المصارف أوالبنوك، فقد أصبحت معرفة هذا الأمر من أهم المقدمات في الزواج، وعليه تكون الموافقة أو عدمها؛ بحيث نسوا أو تناسوا المقاييس الحقيقية: من إيمان وكفاءة، وأقحموا المال فجعلوه المقياس الأهم، الذي تبني علي أساسه الرابطة الزوجية، وكذلك يقيّم علي أساسه كل من الرجل والمرأة. ولكن علينا أن ننظر في تعاليم أهل البيت عليهم السلام في الزواج ونري ماذا يقولون.

ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك، فإن تزوجها لدينها رزقه الله عزوجل جمالها ومالها?().

ثالثاً: الجاه أو المنصب، ولقد أصبح كل من الزوج والزوجة عندما يقدمان علي الزواج، يسألان عن المنصب الذي يشغله الآخر، بحيث شاعت بعض العبارات الشعبية حول ذلك. مثلاً: في العراق شاعت عند بعض العوائل عبارة: (لو ملازم لو مو لازم)()، أي: إن الذي يقدم علي الزواج يجب أن يكون برتبة ضابط في الجيش أو الشرطة فما فوق، أو لاحاجة لنا بهذا الزواج وهذا الخاطب.

فغيروا بذلك المقاييس الحقيقية للزواج، وهي التقوي والإيمان والأخلاق الطيبة … فاستبدلوها بالمال والمنصب والدخل الشهري، وما إلي ذلك، مما يلائم أهواءهم ومصالحهم المادية، حتي وإن كان ذلك الرجل عاملا للظالمين!

قال أبو

حمزة الثمالي: كنت عند أبي جعفر عليه السلام إذ استأذن عليه رجل فأذن له، فدخل عليه فسلم فرحب به أبو جعفر عليه السلام وأدناه وساءله، فقال الرجل: جعلت فداك، إني خطبت إلي مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة، فردني ورغب عني وازدرأني؛ لدمامتي وحاجتي وغربتي، وقد دخلني من ذلك غضاضة هجمة غض لها قلبي، تمنيت عندها الموت؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: ?اذهب فأنت رسولي إليه، وقل له: يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: زوج منجح بن رباح مولاي ابنتك فلانة، ولا ترده?.

قال أبو حمزة: فوثب الرجل فرحاً مسرعاً برسالة أبي جعفر عليه السلام، فلما أن تواري الرجل قال أبو جعفر عليه السلام: ?إن رجلا كان من أهل اليمامة يقال له: جويبر، أتي رسول الله صلي الله عليه و اله منتجعاً للإسلام، فأسلم وحسن إسلامه، وكان رجلا قصيرا دميما محتاجا عاريا، وكان من قباح السودان، فضمه رسول الله صلي الله عليه و اله لحال غربته وعراه، وكان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأول، وكساه شملتين، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل، فمكث بذلك ما شاء الله حتي كثر الغرباء ممن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة، وضاق بهم المسجد، فأوحي الله عزوجل إلي نبيه صلي الله عليه و اله أن طهر مسجدك، وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل، ومر بسد أبواب من كان له في مسجدك باب إلا باب علي عليه السلام ومسكن فاطمة عليها السلام، ولا يمرن فيه جنب، ولا يرقد فيه غريب.

قال: فأمر رسول الله صلي الله عليه و اله بسد أبوابهم إلا باب علي عليه السلام وأقر مسكن فاطمة

عليها السلام علي حاله.

قال: ثم إن رسول الله صلي الله عليه و اله أمر أن يتخذ للمسلمين سقيفة فعملت لهم وهي الصفة، ثم أمر الغرباء والمساكين أن يظلوا فيها نهارهم وليلهم، فنزلوها واجتمعوا فيها، فكان رسول الله صلي الله عليه و اله يتعاهدهم بالبر والتمر والشعير والزبيب إذا كان عنده، وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقون عليهم لرقة رسول الله صلي الله عليه و اله، ويصرفون صدقاتهم إليهم. فإن رسول الله صلي الله عليه و اله نظر إلي جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقة عليه، فقال له: يا جويبر، لو تزوجت امرأةً فعففت بها فرجك، وأعانتك علي دنياك وآخرتك؟

فقال له جويبر: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، من يرغب في! فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال؛ فأية امرأة ترغب في؟

فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: يا جويبر، إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً، وأعز بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلا، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم، وإن آدم خلقه الله من طين، وإن أحب الناس إلي الله عزوجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقي لله منك وأطوع، ثم قال له: انطلق يا جويبر إلي زياد بن لبيد، فإنه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم، فقل له: إني رسول رسول الله إليك، وهو يقول: لك زوج جويبراً ابنتك الذلفاء.

قال: فانطلق جويبر برسالة رسول الله صلي الله عليه و اله إلي

زياد بن لبيد وهو في منزله، وجماعة من قومه عنده، فاستأذن فأعلم فأذن له، فدخل وسلم عليه ثم قال: يا زياد بن لبيد، إني رسول رسول الله إليك في حاجة لي، فأبوح بها أم أسرها إليك؟

فقال له زياد: بل بح بها؛ فإن ذلك شرف لي وفخر.

فقال له جويبر: إن رسول الله صلي الله عليه و اله يقول لك: ?زوج جويبراً ابنتك الذلفاء?.

فقال له زياد: أرسول الله صلي الله عليه و اله أرسلك إلي بهذا؟!

فقال له: نعم؛ ما كنت لأكذب علي رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقال له زياد: إنا لا نزوج فتياتنا إلا أكفاءنا من الأنصار، فانصرف يا جويبر حتي ألقي رسول الله صلي الله عليه و اله فأخبره بعذري.

فانصرف جويبر وهو يقول: والله، ما بهذا نزل القرآن، ولا بهذا ظهرت نبوة محمد صلي الله عليه و اله.

فسمعت مقالته الذلفاء بنت زياد، وهي في خدرها، فأرسلت إلي أبيها: أدخل إلي، فدخل إليها فقالت له: ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبراً؟

فقال لها: ذكر لي أن رسول الله صلي الله عليه و اله أرسله وقال: يقول لك رسول الله صلي الله عليه و اله: ?زوج جويبراً ابنتك الذلفاء?.

فقالت له: والله، ما كان جويبر ليكذب علي رسول الله صلي الله عليه و اله بحضرته، فابعث الآن رسولا يرد عليك جويبراً، فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً، فقال له زياد: يا جويبر، مرحباً بك، اطمئن حتي أعود إليك، ثم انطلق زياد إلي رسول الله صلي الله عليه و اله، فقال له: بأبي أنت وأمي، إن جويبراً أتاني برسالتك. وقال: إن رسول الله صلي الله عليه و اله يقول لك: زوج جويبراً ابنتك الذلفاء، فلم ألن له

بالقول، ورأيت لقاءك ونحن لا نتزوج إلا أكفاءنا من الأنصار؟

فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: يا زياد، جويبر مؤمن، والمؤمن كفو للمؤمنة، والمسلم كفو للمسلمة، فزوجه يا زياد ولا ترغب عنه.

قال: فرجع زياد إلي منزله ودخل علي ابنته، فقال لها ما سمعه من رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقالت له: إنك إن عصيت رسول الله صلي الله عليه و اله كفرت، فزوج جويبراً.

فخرج زياد فأخذ بيد جويبر، ثم أخرجه إلي قومه، فزوجه علي سنة الله وسنة رسوله صلي الله عليه و اله وضمن صداقه.

قال: ئفجهزها زياد وهيئوها، ثم أرسلوا إلي جويبر، فقالوا له: ألك منزل فنسوقها إليك؟

فقال: والله، ما لي من منزل!

قال: فهيئوها وهيئوا لها منزلا، وهيئوا فيه فراشاً ومتاعاً، وكسوا جويبراً ثوبين، وأدخلت الذلفاء في بيتها، وأدخل جويبر عليها معتماً، فلما رآها نظر إلي بيت ومتاع وريح طيبة، قام إلي زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتي طلع الفجر، فلما سمع النداء خرج وخرجت زوجته إلي الصلاة، فتوضأت وصلت الصبح، فسئلت: هل مسك؟

فقالت: ما زال تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتي سمع النداء فخرج.

فلما كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك، وأخفوا ذلك من زياد.

فلما كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فأخبر بذلك أبوها، فانطلق إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أمرتني بتزويج جويبر، ولا والله ما كان من مناكحنا، ولكن طاعتك أوجبت علي تزويجه؟

فقال له النبي صلي الله عليه و اله: فما الذي أنكرتم منه؟

قال: إنا هيأنا له بيتاً ومتاعاً، وأدخلت ابنتي البيت، وأدخل معها معتماً فما كلمها ولا نظر إليها ولا دنا منها، بل قام إلي زاوية البيت

فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتي سمع النداء فخرج، ثم فعل مثل ذلك في الليلة الثانية، ومثل ذلك في الثالثة، ولم يدن منها ولم يكلمها إلي أن جئتك، وما نراه يريد النساء، فانظر في أمرنا؟

فانصرف زياد وبعث رسول الله صلي الله عليه و اله إلي جويبر، فقال له: أما تقرب النساء؟

فقال له جويبر: أوما أنا بفحل! بلي يا رسول الله، إني لشبق نهم إلي النساء.

فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: قد خبرت بخلاف ما وصفت به نفسك، قد ذكر لي أنهم هيئوا لك بيتاً وفراشاً ومتاعاً، وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة وأتيت معتماً، فلم تنظر إليها، ولم تكلمها، ولم تدن منها، فما دهاك إذن؟

فقال له جويبر: يا رسول الله، دخلت بيتاً واسعاً ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاةً حسناء عطرةً، وذكرت حالي التي كنت عليها، وغربتي وحاجتي ووضيعتي وكسوتي مع الغرباء والمساكين، فأحببت إذ أولاني الله ذلك، أن أشكره علي ما أعطاني وأتقرب إليه بحقيقة الشكر، فنهضت إلي جانب البيت فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله، حتي سمعت النداء فخرجت، فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم، ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها، ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيراً، ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة، إن شاء الله.

فأرسل رسول الله صلي الله عليه و اله إلي زياد، فأتاه فأعلمه ما قال جويبر، فطابت أنفسهم.

قال: ووفي لها جويبر بما قال.

ثم إن رسول الله صلي الله عليه و اله خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد (رحمه الله تعالي) فما كان في الأنصار أيم أنفق منها بعد جويبر?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إن رسول الله صلي الله عليه و اله

زوج المقداد بن أسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، ثم قال: إنما زوجها المقداد لتتضع المناكح، وليتأسوا برسول الله صلي الله عليه و اله ولتعلموا: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ?() وكان الزبير أخا عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمهما?().

وذكر أنه كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وإن علي بن الحسين عليه السلام أعتق جاريةً ثم تزوجها، فكتب العين إلي عبد الملك، فكتب عبد الملك إلي علي بن الحسين عليه السلام: أما بعد، فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت ولا علي ولدك أبقيت، والسلام!.

فكتب إليه علي بن الحسين عليه السلام: ?أما بعد، فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنه كان في نساء قريش من أتمجد به في الصهر وأستنجبه في الولد، وأنه ليس فوق رسول الله صلي الله عليه و اله مرتقاً في مجد ولا مستزاد في كرم، وإنما كانت ملك يميني خرجت متي أراد الله عزوجل مني، بأمر ألتمس به ثوابه، ثم ارتجعتها علي سنة، ومن كان زكياً في دين الله فليس يخل به شي ء من أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة وتمم به النقيصة وأذهب اللؤم، فلا لؤم علي امرئ مسلم، إنما اللؤم لؤم الجاهلية، والسلام?.

فلما قرأ الكتاب رمي به إلي ابنه سليمان فقرأه، فقال: يا أمير المؤمنين، لشد ما فخر عليك علي بن الحسين عليه السلام! فقال: يا بني لا تقل ذلك؛ فإنه ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر وتغرف من بحر، إن علي بن الحسين عليه السلام يا بني يرتفع من حيث يتضع

الناس?().

وفي رواية أخري عن

الامام الصادق عليه السلام لما رد الامام السجاد عليه السلام علي كتاب عبد الملك بن مروان قال لمن عنده: خبروني عن رجل إذا أتي ما يضع الناس لم يزده إلا شرفاً؟ قالوا: ذاك أمير المؤمنين، قال: لا والله ما هو ذاك؛ قالوا: ما نعرف إلا أمير المؤمنين! قال: فلا والله، ما هو بأمير المؤمنين، ولكنه علي بن الحسين عليه السلام.()

العودة إلي مقاييس القرآن

قال تبارك تعالي: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ?().

تقدم الكلام عن بعض الموانع التي وضعها بعض الناس والتي أثرت هي وغيرها بصورة مباشرة أو غير مباشرة علي الزواج في المجتمع، فصار الرجل متأخراً في الزواج، أو عازباً عنه، ويوماً بعد يوم يتقدم به العمر دون أن يخرج من هذا المأزق الوضعي، وكذلك الحال بالنسبة للنساء، فكثرت النساء غير المتزوجات، بسبب هذه المقاييس الظالمة، التي ما أنزل الله بها من سلطان.

فأدت هذه الكثرة من الرجال والنساء غير المتزوجين، إلي ظهور ألوان مختلفة من الفساد والانحراف الأخلاقي، والتمرد علي الدين وأحكامه، فظهرت مظاهر الزنا واللواط والمساحقة والعلاقات المشبوهة، التي تضر بسمعة الطرفين. وأخذت بعض الدول تعاني من كثرة هذه الأخطار والمآسي، من جراء الانحلال الأخلاقي، وانعدام القيم، فكثرت وارتفعت نسبة الإجهاض والاغتصاب والاعتداء علي الأعراض. لا سيما وأن الكنيسة تقوم ببث فكرة العزوبة بين الناس، كما هي في الرهبان والراهبات، والتي يختفي خلفها أشد أنواع الفساد، ولعل ذلك أعظم وأفظع من الفساد الظاهري، بينما القرآن الكريم يعري اتجاههم هذا بقوله: ?وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها ?().

قيل: الرهبانية التي أبتدعوها رفض النساء واتخاذ الصوامع.

وقال قوم: الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري والجبال.

وقيل: الرهبانية الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة. ()

أما رهبانية الإسلام

فهي كما الوارد عن رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته الاطهار عليهم السلام من أحاديث وتوجيهات، حيث روي: إنه توفي ابن لعثمان بن مظعون واشتد حزنه عليه حتي اتخذ في داره مسجداً يتعبد فيه، فبلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: ?يا عثمان بن مظعون، إن الله لم يكتب علينا الرهبانية، إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله، يا عثمان، إن للجنة ثمانية أبواب وللنار سبعة أبواب، فما يسرك ألا تأتي باباً منها إلا وجدت ابنك إلي جنبك، آخذ بحجزتك يشفع بك إلي ربك؟?.

قال: بلي.

قال المسلمون: ولنا في فرطنا ما لعثمان؟

قال: ?نعم لمن صبر منكم و احتسب?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ليس في أمتي رهبانية ولا سياحة، ولا زم، يعني: السكوت?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إن الله أعطي محمداً صلي الله عليه و اله شرائع نوح إلي أن قال والفطرة الحنيفية السمحة، لا رهبانية ولا

سياحة?().

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه نهي عن الترهب، وقال: ?لا رهبانية في الإسلام، تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم?().

وعن النبي صلي الله عليه و اله أيضاًَ أنه قال: ?المتزوج النائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب?().

وعن عكاف بن وداعة الهلالي قال: أتيت إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال لي: ?يا عكاف، أ لك زوجة؟?.

قلت: لا.

قال: ?ألك جارية؟?.

قلت: لا.

قال: ?وأنت صحيح موسر؟!?.

قلت: نعم، والحمد لله.

قال: ?فإنك إذاً من إخوان الشياطين، إما أن تكون من رهبان النصاري، وإما أن تصنع كما يصنع المسلمون، وإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم إلي أن قال ويحك يا عكاف، تزوج تزوج؛

فإنك من الخاطئين?. قلت: يا رسول الله، زوجني قبل أن أقوم. فقال صلي الله عليه و اله: ?زوجتك كريمة بنت كلثوم الحميري?().

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ?أربعة يلعنهم الله من فوق عرشه ويؤمنون الملائكة: رجل يتحفظ نفسه ولا يتزوج ولا جارية له كيلا يكون له ولد..? ().

وقال صلي الله عليه و اله: ?شراركم عزابكم، و العزاب إخوان

الشياطين?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?خيار أمتي المتأهلون وشرار أمتي العزاب?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?خير أمتي أولها المتزوجون وآخرها العزاب?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?لعن الله وأمنت الملائكة علي رجل تأنث وامرأة تذكرت، ورجل متحصر ولا حصور بعد يحيي?().

إذاً، الواجب علي المسلمين الرجوع إلي تعاليم القرآن وجعلها مقياساً حقيقياً ومنطلقاً أساسياً في الحياة، وكذلك الرجوع إلي السنة المطهرة، والأدب الإسلامي الرفيع، والأخلاق والتقاليد الإسلامية، فيلزم علينا أن نجعل كل ذلك هو الأساس في تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين، وعندها سوف نحصل علي مجتمع متكامل وأسرة فاضلة تسودها المحبة والإخلاص بإذن الله تعالي، أما اذا تشبثنا بالعادات الوضعية الدخيلة، وتمسكنا بظاهرة التقليد التي راجت كثيراً في بلداننا الإسلامية، تحاول أن تقلد نظام الأسرة في المجتمعات الغربية، فإن نتيجة ذلك هو: التفكك الأسري، والانحلال الأخلاقي().

فالحصانة والاستقرار الأسري الحقيقي يبتني علي العودة إلي مقاييس القرآن والتمسك بها.

اللهم صل علي محمد وآل محمد ?اللهم تفضل علي مشايخنا بالوقار والسكينة، وعلي الشباب بالانابة والتوبة، وعلي النساء بالحياء والعفة، وعلي الأغنياء بالتواضع والسعة، وعلي الفقراء بالصبر والقناعة?()

بحق محمد وآله الطاهرين.

من هدي القرآن الحكيم

الحث علي الزواج

قال الله تعالي: ?وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

?().

وقال سبحانه: ?وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لهمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ ?().

وقال عزوجل: ?فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَي وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فإن خِفْتُمْ أَلاَ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً?().

اختيار الزوجة الصالحة

قال جل وعلا: ?وَأَنْكِحُوا الأَيامي مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ?().

وقال تعالي: ?عَسَي رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً?().

وقال سبحانه: ?وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ?().

التعامل الأخلاقي عامل انسجام

قال عزوجل: ?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لهمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ?().

وقال جل وعلا: ?وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً?().

آثار الإيمان

قال سبحانه: ?الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ? الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَي لهمْ وَحُسْنُ مَآبٍ?().

وقال عزوجل: ?إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لهمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً

عَظِيماً?().

وقال الله تعالي: ?وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ? وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ?().

وقال سبحانه: ?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ

بَعْضٍ?().

وقال عزوجل: ?وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً?().

وقال جل وعلا: ?وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لهمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ?().

من هدي السنة المطهرة

الحث علي الزواج

قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

?أشيدوا النكاح وأعلنوه بينكم?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?تزوجوا فإن رسول الله صلي الله عليه و اله كثيراً ما كان يقول: من كان يحب أن يتبع سنتي فليتزوج، فإن من سنتي التزويج، واطلبوا الولد فإني أكاثر بكم الأمم غدا، وتوقوا علي أولادكم لبن البغي من النساء والمجنونة؛ فإن اللبن يعدي?().

وقال الإمام الرضا عليه السلام: ?إن امرأة سألت أبا جعفر عليه السلام فقالت: أصلحك الله، إني متبتلة، فقال لها: وما التبتل عندك؟! قالت: لا أريد التزويج أبداً. قال: ولم؟! قالت: ألتمس في ذلك الفضل، فقال: انصرفي، فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة عليها السلام أحق به منك? ().

الزوجة الصالحة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?إن من القسم المصلح للمرء المسلم أن تكون له امرأة إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإن أمرها أطاعته?().

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: ?.. انكح، وعليك بذات الدين تربت

يداك?().

حسن الخلق عامل انسجام الأسرة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?حسن الخلق يثبت المودة?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?حسن الخلق يورث المحبة ويؤكد المودة?().

وقال أبي عبد الله عليه السلام: ?أيما أهل بيت أعطوا حظهم من الرفق فقد وسع الله عليهم في الرزق، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال..?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?ثلاث يوجبن المحبة: حسن الخلق، وحسن الرفق، والتواضع?().

آثار الإيمان

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ? تخللوا فإنه من النظافة والنظافة من الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?بالإيمان يرتقي إلي ذروة السعادة ونهاية الحبور?().

وقال الإمام الباقر عليه السلام: ?للمؤمن علي الله عزوجل عشرون خصلة، يفي له بها علي الله تبارك وتعالي: أن لا يفتنه ولا يضله، وله علي الله أن لا يعريه ولا يجوعه، وله علي الله أن لا يشمت به عدوه، وله علي الله أن لا يخذله ويعزله، وله علي الله أن لا يهتك ستره.. وله علي الله أن يحشره يوم القيامة ونوره يسعي يبن

يديه..?().

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة النحل: 72.

() تقريب القرآن إلي الأذهان: ج14 ص122 سورة النحل.

() توحيد المفضل: ص68.

() سورة الحجر: 22.

() بحار الانوار: ج9 ص262 ب1 ما احتج به صلي الله عليه و اله علي المشركين والزنادقة وسائر أهل الملل الباطلة.

() سورة الذاريات: 49.

() الكافي: ج1 ص139 باب جوامع التوحيد ح4.

() نهج البلاغة، الخطب: 1 من خطبة له عليه السلام يذكر فيها ابتداء خلق العالم والملائكة..

() بحار الأنوار: ج10 ص316 ب19 مناظرات الإمام الرضا عليه السلام واحتجاجه علي أرباب الملل المختلفة.

() لوط النبي عليه السلام وهو أول من آمن بإبراهيم عليه السلام، قيل: هو ابن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، وقيل: ابن خالته، وكانت سارة امرأة إبراهيم أخت لوط. وتبع إبراهيم في رحلاته، فكان معه بمصر، واغدق عليه ملك مصر، كما اغدق علي إبراهيم، كثر ماله ومواشيه. انظر مجمع البحرين: ج4 ص272 مادة ?لوط?.

() سورة العنكبوت: 28 31.

() فقه الرضا عليه السلام: ص277 ب44.

() سورة هود: 82.

() سورة النساء: 1.

() تفسير القمي: ج1 ص130

سورة النساء.

() سورة النساء: 1.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص324 ب17 ح16840.

() انظر تفسير (تقريب القرآن إلي الأذهان): ج4 ص95 سورة النساء.

() التبيان في تفسير القرآن: ج3 ص99 سورة النساء.

() سورة الحجرات: 13.

() كما هو مذهب (داروين) وهو: تشارلز روبرت، ولد عام (1809م)، عالم طبيعي إنجليزي، صاحب النظرية الداروينية في أصل الأنواع وتطورها، وهو يقول بأن الكائنات الحية تنزع إلي انتاج مواليد تختلف اختلافا طفيفا عن آبائها، وبأن عملية الاصطفاء الطبيعي تفضي إلي بقاء الأصلح، أو الأكثر تكيفا مع البيئة، وبأن ذلك كله يؤدي في نهاية المطاف، إلي ظهور أنواع جديدة لم تكن معروفة من قبل، وقد بسط داروين مذهبه هذا في كتابه (في أصل الأنواع). الذي أثار عند نشره عام (1859م) عاصفة في الدوائر العلمية والفلسفية والدينية جميعاً، فهلل له جمع وسفهه آخرون، وقد وجهت له حملات نقدية كثيرة حتي الآن. ويعتبر المؤسس الأول لنظرية التطور التاريخي للعالم العضوي، وفي سنة (1868م) شرح داروين أصل الحيوانات المستأنسة والنباتات. وفي كتابه (سلالة الإنسان بالنسبة للجنس) عام (1871م) قدم داروين عرضاً عملياً لانحدار الإنسان من أسلاف حيوانية. وكانت النظرة الشاملة لأعمال داروين مادية، فقد كان مفكراً جدلياً تلقائياً وكان ملحداً لا يؤمن بما وراء المادة. سفه آراءه العلماء وأثبتوا بطلان نظريته ونقدوها بشكل علمي، فمما قالوا: إن النواميس التي أستند إليها داروين في نظرية التطور باطلة؛ لأنها لم تستند إلي دليل علمي أو برهان عقلي. وقالوا: وماذا نعلل جثث الفراعنة، وقد مر عليها آلاف السنين دون أي اختلاف يميزها عن الإنسان الحديث؟!

وقد ثبت لدي الدراسة أن كثيراً من نباتات مصر وحيواناتها لم تتغير عن وضعها خلال قرون كثيرة متطاولة، ويتضح ذلك من الأنسال الداجنة المنحوتة في بعض

الآثار المصرية القديمة أو التي حفظت بالتحنيط، وكيف أنها تشابه كل التشابه الصور الباقية اليوم، ويقول البعض رداً علي النظرية التطورية: ويكفي لإبطال النظريات الداروينية أن يتأمل الإنسان (الحشرة) فإنها ظهرت في أقدم عصور الحياة الأرضية وثبتت أنواعها في جميع الأحوال. فهي تناقض ما ذهبوا إليه من التحولات المستمرة والبطيئة، فإنها تنقلب داخل الشرنقة من حالة الدودية الي حالة حشرة طائرة، ولا تأثير عليها في الخارج، فالحشرة اذن شهادة حسية لبطلان مذهب داروين، كما أثبت عجزه في تفسير غرائزها العجيبة المحيرة للعقول.

هذه الأدلة وغيرها ساهمت في دحض نظرية التطور التي لم تقم علي البراهين العلمية الصحيحة، بل قامت علي شكوك واستقراآت ناقصة أدت علي نقد النظرية بالطرق العلمية والوجدانية. ويذهب بعض الباحثين أن فرويد متفق مع دارون حول نظريته؛ لأسباب وخلفيات فلسفية ايديولوجية التي تسمي (بالثورة الجنسية) أو الإباحية الجنسية التي انتشرت في العالم الغربي وفي العالم الشيوعي. إذ مادام الإنسان هو سليل الحيوانات حسب رأي داروين وأتباعه فإن الخلق والضمير والمثل الأخلاقية والعفة ليست إلا خرافة وخداعاً للنفس، وما علي الإنسان إلا اتباع غرائزه تماماً كما يفعل أجداده من الحيوانات. انظر: الموسوعة السياسية: ج2 ص642 حرف الدال، والداروينية عرض وتحليل: ص186. وتهافت نظرية دارون: ص9.

() سورة آل عمران: 59.

() سورة التين: 4.

() سورة الرحمن: 14.

() سورة البقرة: 65.

() سورة الأعراف: 163.

() سورة الأعراف: 164.

() سورة الأعراف: 166.

() تفسير الامام العسكري عليه السلام: ص268 بيان سورة الأعراف.

() للتفصيل راجع كتاب (الإنسان والقرد)، وكتاب (بين الإسلام ودارون) للامام الراحل (أعلي الله مقامه) الذي ما انفك يدحض بمؤلفاته القيمة هذه الآراء الفاسدة، ويؤكد بطلانها. وقد ناقش (أعلي الله مقامه) هذه النظرية من الناحية العلمية وشخص انحرافها وضلال

القائلين بها، وبين فيها ثغرات كبيرة، يجدها القارئ في كتابه الموسوم (بين الإسلام ودارون) حيث طرحها بطريقة حوارية علي شكل سؤال وجواب؛ ليتسني للقارئ تسجيل العثرات والهفوات التي وقع فيها دارون من خلال نصوص الأجوبة المفترضة والمستقاة من نص النظرية. وللإمام الراحل ? مقدمة لطيفة لهذا الكتاب بين فيها بعض العلل والأسباب التي جعلت مثل هكذا نظريات تتسرب إلي البلاد الإسلامية فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ قرون، والكفر يجمع قواه، ويهيئ عَدده وعُدده، ويصنع السلاح والعتاد، ليغزو بلاد الإسلام، وينشر سيطرته علي المسلمين. وهذا بطبيعة الحال لم يكن بالنسبة إلي الإسلام بما هو هو.. كما لم يكن جديداً بالنسبة إلي الإسلام، بما هو دين ودولة؛ إذ الإسلام بما هو هو أعلن منذ يومه الأول حربه الشعواء علي الأنظمة الفاسدة، وعلي المستغلين والمستعمرين، وعلي المحترفين بالأديان المزيفة، والمتربّعين علي آرائك السلطة باسم الله والمعاد. وبما هو دين ودولة، حاربته الأديان، وحاربته الدول، لما لمست فيه من قوة وثّابة آذنت بانهيارهما. فمنذ اليوم الأول، كان اليهود والمشركون ومن إليهم يشنّون الحروب الحارة والباردة علي الإسلام ونبيّه وقرآنه، كما كانت الدول المحيطة بالجزيرة تتابع حروبها علي الدولة الإسلامية.

لكن الإسلام صمد أمام كل هذه الاعتداءات بصبر ومثابرة حتي قبض علي زمام الدنيا سياسياً واقتصادياً، وثقافياً وخلقياً؛ عقيدةً وسلوكاً. ورهبت الدول والأمم جانبه، حتي أن الحكام لم يكونوا يفكرون في منازلة المسلمين ومحاربتهم. ومع ذلك كله، تربّصت بالإسلام الدوائر حتي إذا تشتّتت دول المسلمين، واتّخذ كل من رؤسائهم منطقةً يحكم فيها، إذا بالكفر يبرز من خلف الستار ليحارب الإسلام في (الأندلس) باسم النصاري، وفي الشرق الأوسط باسم الصليب، وفي إيران والعراق باسم التتر، وهكذا.

لكن قوة الإسلام في نفوس المسلمين تمكنت من

جمع قلوبهم، وإعادة الإسلام إلي الحياة، ليحكم البلاد في شؤونها العامة والخاصة. وهذا ما دفع الصليبيين الجدد إلي التفكير ملياً، ماذا يصنعون؟

وأخيراً: عزموا علي انتزاع الإسلام من أدمغة المسلمين، حتي نجحوا في غزو البلاد فكرياً، وأمنوا من قيام الإسلام من جديد، ليطرد الكافرين والمستغلين.

وقد نجحت هذه الخطة أكبر نجاح، بينما غفل كثير من المسلمين عن هذه الخطة المدبرة بليل، ولقد صاح العلماء والمصلحون، وشجبوا انحراف المسلمين العقيدي، ولكن لا حياة لمن تُنادي! وإذا بالمسلم يتلفّت حوله، فلا يري من الإسلام إلا اسمه، وهو آخذ إلي الاضمحلال! أما البلاد فهي تُسحق تحت أقدام الاستعمار، ويتلو صائحهم:

خلا لكِ الجو فبيضي واصفري

وهذا هو ما حداني إلي أن أُلقي نظرة بسيطة إلي المبادئ المستوردة تمهيداً للسيطرة الصليبية ووضعها علي طاولة البحث والتشريح، ليعرف الشباب مدي مطابقتها للمنطق والحقيقة. ونبدأ بالنظرية (الدارونية) في صورة حوار بين مسلم ودارون؛ والله الموفق. كربلاء المقدسة محمد بن المهدي.

() سيغموند فرويد، طبيب أعصاب نمساوي، ولد في مورافيا، دخل كلية الطب في فيينا في أعقاب مطالعته أعمال داروين ودراسة لغته، وتخرج طبيباً عام (1881م). استعاض فرويد عن التقويم المغناطيسي بتقنية الاسترخاء لعلاج مرضاه، وسماه (التداعيات الحرة)، وأدعي أن الانفعالات ذات الصلاة بالمواقف المنسية هي في معظمها ذات طابع جنسي، وأن اللاوعي والغريزة الجنسية له الأثر الكبير في تكوين شخصية الإنسان، وأن الكبت هو الذي يولد خالة المرض والجريمة، ويري فرويد أن تصرفات البشر واتجاهاتهم وعواطفهم ثمرة الغريزة الجنسية، فالغريزة برأيه هي التي تحرك الإنسان من ولادته إلي مماته، ويري أن أساس تكون الحضارات ووجودها هو الجنس فالحضارة عنده من مواليد الجنس. وأن الأديان رد فعل لحدث من الأجرام. أشهر اثاره (دراسات في الهستيريا) و(تأويل الاحلام).

ويعد

الامام الراحل (أعلي الله درجاته) من أولئك القلائل الذين وقفوا كالطود الشامخ كأجداده للدفاع عن حريم العقيدة الإسلامية والتصدي لكل فكر ورأي شاذ ودخيل يخالف الشريعة والفطرة الإنسانية، فشخص جيداً عظم الداء وحذر منه، وأعطي بعناية الدواء الناجع وألح عليه. فكتب (مباحثات مع الشيوعين) و(ماركس ينهزم) لصد تيارات المد الأحمر. وكتب (هؤلاء اليهود) و(هل سيبقي الصلح مع إسرائيل) و(احذروا اليهود) لتعريف المجتمع الإسلامي أساليب اليهود وخططهم في السيطرة والدعاية. وكتب (البابية والبهائية) لفضح أساليب الاستعمار وأفكاره التي جاء بها. وكتب (وقفة مع الوجوديين) لضرب آراء سارتر وتلامذته. وكتب (الإنسان والقرد) لتفنيد فرضيات داروين. وكتب (نقد نظريات فرويد) حيث يرد فيه علي بعض آراء فرويد ونظرياته، فكشف بطلانها وشخص عيوبها وأخطاءها بأسلوبه المعهود وطريقته المتميزة التي تتسم بالوضوح والبساطة كما تتسم بالقوة والحسم. وضمنه بعض الردود علي المهم مما جاء في نظريات فرويد، ولم يتطرق الي الجوانب والقضايا الأخري، والمتعلقة بسلوك فرويد وعلاقاته الشخصية والاجتماعية؛ لانه ? اراد ان يواجه الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي، وعدم الخوض في القضايا الجانبية، ولو أراد الخوض بها لربما قال البعض أن هذه أمور شخصية وقضايا خاصة، مع أنها تركت تاثيراً كبيراً علي كل ما جاء به فرويد من نظريات، حيث كشفت الدراسات بأن فرويد كان يعاني من عقد نفسية عديدة، أثرت وبقوة عل كل ما طرحه في مجال الإباحة الجنسية، أهمها علاقاته الشاذة مع بعض رفاقه وارتباطاته المحرمة مع محارمه و..

() كارل ماركس، فيلسوف اشتراكي ألماني ثوري، ولد في مدينة ترير بمنطقة الراين. كان أبوه محامياً، يهودياً، ثم اعتنق المسيحية، ألتحق ماركس بجامعتي بون وبرلين حيث درس القانون، وكان شاعراً وأنضم إلي نادي الشعراء، أحس ماركس بنفسه ميلاً إلي الفلسفة

فأقبل علي دراستها، وكتب رسالة في فلسفة القانون. عرف بميله إلي فلسفة هيغل فأصبح من المناصرين له. عمل ماركس في الصحافة، وكان يطالب بحرية الصحافة، ثم اشتري مع أصدقاء له جريدة كولون وحولها الي جريدة اشتراكية ثورية. في بروكسل أتم نظريته في المادية التاريخية، بعدها انضم إلي الجمعية السرية الثورية الألمانية التي تسمي العصبة الشيوعية وكان شعارها (يا عمال العالم اتحدوا) وهو الذي ساعد في إنشاء الاتحاد العمالي العالمي الذي عرف فيما بعد بأسم الأممية الاشتراكية، مات ماركس عام (1883م) في لندن. والماركسية هي النظرية الاشتراكية العالمية المنسوبة إلي ماركس والتي تعتمد علي معنيين:

الأول: الطبقات وصراع الطبقات، حيث يعتبر أن سبب الصراع في التاريخ هو الطبقية، وأن هذا الصراع يؤدي بالضرورة إلي الدكتاتورية.

والثاني: رأس المال، فإن بقاء رأس المال في الطبقة البرجوازية يؤدي إلي تكدس الأرباح عند بعض القوي وحرمان أصحاب الأيدي العاملة منها، وخير وسيلة لتحقيق الفائدة العامة، هي نقل ملكية وسائل الإنتاج الجماعية من ملكية الأفراد إلي ملكية الدولة، انظر موسوعة السياسة: ج5 ص635 حرف الميم. وراجع كتاب نقد المادية الديالكتيكية للامام الراحل (أعلي الله مقامه)، وماركس ينهزم، وغيرها من مؤلفاته القيمة التي تصدي فيها للنظريات والآراء الباطلة.

() سورة الإسراء: 70.

() سورة إبراهيم: 32 34.

() سورة الروم: 21.

() جامع الأخبار: ص101 الفصل 58.

() جامع الأخبار: ص102 الفصل59.

() وسائل الشيعة: ج20 ص275 ب5 ح25617.

() الكافي: ج5 ص393 باب استئمار البكر ح3.

() الكافي: ج5 ص392 باب التزويج بغير ولي ح3.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص380 ب32 ح11.

() الكافي: ج5 ص394 باب استئمار البكر ح8.

() سورة الروم: 21.

() سورة النحل: 58 59.

() سورة التكوير: 8 9.

() الكافي: ج6 ص5 باب فضل البنات ح5.

() الكافي: ج6 ص6 باب

فضل البنات ح7.

() الكافي: ج6 ص6 باب فضل البنات ح8.

() الكافي: ج6 ص6 باب فضل البنات ح10.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص556 باب النوادر ح4911.

() وسائل الشيعة: ج21 ص514 ب3 ح27728.

() غوالي اللآلي: ج3 ص295 باب النكاح ح65.

() الكافي: ج6 ص50 باب بر الأولاد ح8.

() الكافي: ج8 ص68 حديث علي بن الحسين ? ح24.

() نهج البلاغة، الخطب: 192 من خطبة له عليه السلام تسمي القاصعة..

() سورة التكوير: 8 9.

() شرح نهج البلاغة: ج13 ص174، فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلي وأد البنات.

() بحار الأنوار: ج7 ص93 ب5 في صفة المحشر.

() سورة التكوير: 8 9.

() موهانداس كرامشاند، زعيم وفيلسوف هندي قاوم احتلال الانجليز لبلاده، ولد في الهند عام (1869م) اشتهر بلقب (المهاتما) أي: ذو النفس الزكية، دعا إلي تحرير الهند من سيطرة الإنجليز بالطرق السلمية واللاعنف بعيداً عن العنف، درس القانون بجامعة لندن وعاد إلي الهند ثم انتقل إلي جنوب افريقيا سنة (1893م) حيث اشتغل بالمحاماة، ولم يلبث أن انصرف إلي قضية مواطنيه ضد قوانين التفرقة العنصرية، بدأ نشاطه السياسي عام (1911م) بالمظاهرات التي نظمها ضد القوانين التعسفية التي شُرعت ضد الآسيويين، ونجح في إلغائها.

تضمنت معالم سيرة غاندي منذ عودته إلي الهند عام (1915م) فقد نادي بوحدة الجنس البشري تحت نواميس الله داعياً الي المحبة والعدالة والإخاء بين جميع أفراد الأمة الهندية، واعتمد كثيراً علي توحيد الكلمة بإقامة الأواصر الطيبة بين الهندوس من جهة والمسلمين والمسيحيين من جهة أخري، انتهج سياسة (التسامح الطائفي) حيث نجح في ضم ملايين المسلمين إلي حزب المؤتمر الهندي، وذلك خلال عقده المؤتمرات الجماهيرية العديدة، ولكن هذه السياسة أثارت بعض غلاة الهندوك ودفعت أحد هؤلاء لاغتياله في عام (1948م).

ومن

ابرز معالم سيرته تزعمه حركة استقلال الهند من الاحتلال الانجليزي فقام بتنظيم حركة عدم التعاون عام (1919م) ثم حركة الإضرابات التي شملت كل الهند، وتلا ذلك تنظيم العصيان المدني ومقاطعة البضائع الأجنبية، قبض عليه مرات عدة والقي في السجن، وفي عام (1930م) نظم المسيرة الكبري وعارض قانون احتكار الملح فسجن علي اثرها، وفي عام (1942م) قاد حملة العصيان المدني الثانية التي أدت به إلي السجن أيضاً. استحدث غاندي في نضاله ضد الاستعمار عدة أساليب أبرزها المقاومة السلبية بدون عنف، ثم سياسة عدم التعاون بالامتناع عن العمل، ثم (العصيان المدني) التي شملت الامتناع عن دفع الضرائب، ثم مقاطعة البضائع الأجنبية بإحراقها علناً، ركز في تلبية الحاجات المعيشية عبر الاكتفاء الذاتي والعودة إلي الإنتاج الوطني، ويعتبر غاندي من أبرز دعاة السلام في القرن العشرين. انظر القاموس السياسي، لأحمد عطية: ص834 حرف الغين، والمنجد في الأعلام: ص387 حرف الغين، وكتاب (تجاربي مع الحقيقة) للغاندي.

() سورة الحجرات: 13.

() سورة آل عمران: 195.

() سورة النساء: 32.

() لعلنا لا نبالغ إذا قلنا: إن أكثر من شجع علي الزواج ممن عاصرناه من العلماء في زماننا هذا هو الامام الراحل (أعلي الله مقامه)؛ إذ لا تجد شاباً من الشباب العزاب فاز بحظ ونصيب لقاء الامام الراحل إلا وشجعه وحثه بشدة علي الزواج، وعدم التأخر في تنفيذ هذا الأمر، فكان هو (أعلي الله درجاته) من أهم الأسباب في تزويجه، مشوقاً لهم عبر الترغيب علي الاستجابة في طاعة أوامر النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام مرة، ومحذراً من الوقوع في الحرام والانحراف عن الصواب والإصابة بالأمراض أخري، وقد كان (أعلي الله مقامه) السبب المباشر والرئيسي في تأسيس الكثير من مؤسسات وهيئات الزواج

الخيري التي تحث الشباب وتساعدهم علي الزواج، من خلال تقديم مبالغ نقدية أو أثاث منزلي أو إقامة حفلات الزواج الجماعي، أو ما إلي ذلك …

() سورة النور: 32.

() سورة الروم: 21

() مستدرك الوسائل: ج14 ص152 ب1 ح16345.

() جامع الأخبار: ص101 ف58 في التزويج.

() وسائل الشيعة: ج2 ص18 ب1 ح24912.

() الكافي: ج5 ص329 باب كراهة العزبة ح2.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص212 ب33 ح16521.

() بحار الأنوار: ج100 ص221 ب1ح34.

() بحار الأنوار: ج100 ص222 ب1ح38.

() الكافي: ح5 ص330 باب أن التزويج يزيد في الرزق ح1.

() سورة النور: 32.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص385 باب فيمن ترك التزويج مخافة الفقر ح4353.

() سورة التوحيد: 1.

() سورة الكافرون: 1.

() سورة الزلزلة: 1.

() مستدرك الوسائل: ج4 ص367 ب44 ح4955.

() الكافي: ج5 ص327 باب من وفق له الزوجة الصالحة ح1.

() غوالي اللآلي: ج3 ص291 باب النكاح ح52.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص400 ب34 ح6.

() الكافي: ج5 ص334 باب فضل الأبكار ح1.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص401 ب34 ح9.

() الكافي: ج5 ص323 باب أصناف النساء ح3.

() تهذيب الأحكام: ج7 ص406 ب34 ح31.

() بحار الأنوار: ج13 ص429 ب18 ح23.

() الخصال: ج2 ص405 ح116.

() بحار الأنوار: ج100 ص372 ب21 ح3.

() سورة النساء: 130.

() سورة النور: 32.

() فقه الرضا عليه السلام: ص237 ب32 في النكاح والمتعة والرضاع.

() مكارم الأخلاق: ص204 ف3.

() المحاسن: ج1 ص5 ح11.

() من لايحضره الفقيه: ج1 ص320 باب وصف الصلاة ح947.

() جامع الأخبار: ص183 الفصل141 في النوادر.

() الكافي: ج5 ص337 باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن ح2.

() الكافي: ج5 ص347 باب الكفو ح1.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص393 باب الأكفاء ح4381.

() من لا يحضره الفقيه: ج3 ص392 باب تزويج المرآة لمالها وجمالها

أو لدينها ح4380.

() أي أن يكون الزوج ضابطاً في الجيش، و(الملازم) رتبة عسكرية في الجيش العراقي، وقد اشتهر هذا المثل إبان الحرب العراقية الإيرانية.

() الكافي: ج5 ص339 باب أن المؤمن كفو المؤمنة ح1.

() سورة الحجرات: 13.

() الكافي: ج5 ص344 باب أن المؤمن كفو المؤمنة ح2.

() الكافي: ج5 ص346 باب أن المؤمن كفو المؤمنة ح4.

() الكافي: ج5 ص345 باب أن المؤمن كفو المؤمنة ح6.

() سورة الحجرات: 13.

() سورة الحديد: 27.

() التبيان في تفسير القرآن: ج9 ص537 سورة الحديد.

() مستدرك الوسائل: ج2 ص401 ب60 ح2303.

() وسائل الشيعة: ج10 ص524 ب5 ح14026.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص114 ب1 ح9195.

() دعائم الإسلام: ج2 ص193 ف1 ح701.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص155 ب2 ح16357.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص155 ب2 ح16359

() مستدرك الوسائل: ج14 ص156 ب2 ح16360.

() جامع الأخبار: ص102 ف58 في التزويج.

() جامع الأخبار: ص102 ف58 في التزويج.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص156 ب2 ح16362.

() مستدرك الوسائل: ج14 ص156 ب2 ح16363.

() ذكرت دراسة سعودية نشرت قبل سنتين وأثارت الانزعاج في أوساط المجتمع السعودي بإشارتها إلي أن عدد الفتيات السعوديات غير المتزوجات سيرتفع من 5ر1 مليون عانس إلي أربعة ملايين خلال السنوات المقبلة، وأشارت الدراسة إلي حدوث نحو (18ألف) حالة طلاق مقابل (60 ألف) عقد زواج في سنة واحدة، فنبه إلي ضرورة تمتين العلاقات الاجتماعية والروحية لدي الأجيال وتكثيف التربية علي القيم الدينية الصحيحة الخاصة بالأسرة في المناهج التعليمية، وتيسير سبل الزواج أمام الشباب والشابات. ومن جهة أخري دعا مجلس الشوري السعودي أكثر من خمسين امرأة مثقفة يمثلن كافة المناطق السعودية للإدلاء بآرائهن حول مشكلة العنوسة وإقناع الأسر السعودية بتخفيف أعباء الزواج والقبول بمهر متواضع، للتغلب علي مشكلة تأخر الزواج في المجتمع السعودي الذي

تمثل نسبة الإناث فيه (9ر49 في المائة) وفقا لبعض الإحصاءات. وبالرغم من التشجيع علي ظاهرة الزواج الجماعي الذي تنظمه المناطق والجمعيات الخيرية، إلا أنه يبقي لدي البعض مجرد حل مؤقت، إذ لابد من إيجاد حلول جذرية تستند علي تغيير العادات والتقاليد المتعلقة بالزواج وتحسين أوضاع الشباب.

() مصباح الكفعمي: ص281 الفصل 29 دعاء مروي عن الإمام المهدي?.

() سورة الروم: 21.

() سورة الرعد: 38.

() سورة النساء: 3.

() سورة النور: 32.

() سورة التحريم: 5.

() سورة النساء: 25.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة البقرة: 83.

() سورة الرعد: 28-29.

() سورة الأحزاب: 35.

() سورة الطور: 21-22.

() سورة التوبة: 71.

() سورة النساء: 152.

() سورة المائدة: 9.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص519 المجلس 18 ح1138.

() الخصال: ج2 ص614 أبواب الثمانين، باب علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، ضمن ح10.

() بحار الأنوار: ج100 ص219 ب1 ح13.

() الكافي: ج5 ص324 باب خير النساء ح4.

() وسائل الشيعة: ج20 ص40 ب9 ح24976.

() الكافي: ج5 ص332 باب فضل من تزوج ذات دين ح1.

() بحار الأنوار: ج74 ص150 ب7 ح71.

() غرر الحكم ودرر الحكم: ص255 ق3 ب2 ف2 ح5373.

() الكافي: ج2 ص119 باب الرفق ح9.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص255 ق3 ب2 ف2 ح5372.

() طب النبي صلي الله عليه و اله: ص21.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص89 ق1 ب2 ف6 ح1496.

() الخصال: ج2 ص516 أبواب العشرين ح2.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.