توصيات إلي العاملين للإسلام

اشارة

اسم الكتاب: توصيات إلي العاملين للإسلام

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: توصيات إلي العاملين للإسلام

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم..

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض..

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع..

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق. كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بنشر مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد قام سماحته رحمة الله عليه بتهذيبها والإضافة عليها،وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل: ?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?(). الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في مواقفه وشؤونه.. كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة: ?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَابِ?().

إن مؤلفات الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها انعكاساً لشمولية الإسلام..فقد أفاض قلمه المبارك

الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تعد أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية، مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها ال (1300) كتاب وكراس.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية المستبصرة بمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة سهلة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية مدعومة بشواهد من واقع الحياة.

نرجو من المولي العلي القدير أن يتقبل منا ذلك، إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

الدعوة إلي الإسلام

قال الله تبارك وتعالي: ?ادْعُ إِلِيَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ?().

وقال سبحانه: ?وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ? ().

هناك حقيقة يعترف بها حتي بعض أعداء الإسلام وهم يستيقنونها في أنفسهم، وهي أن الإسلام لو طبق نظامه وقوانينه علي العالم لتحققت العدالة الاجتماعية كاملة، وتحقق الرفاه والسعادة البشرية بحيث لا يبقي مجال أبداً لأية قوة ظالمة أو حكومة غاشمة متسلطة علي رقاب الشعوب.

ومن هنا جاءت الدعوة الإلهية لجميع العباد بالدخول في الإسلام.

من أساليب الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله

إن الإسلام دعا الجميع إلي الانضمام تحت لوائه، وكانت الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وتجلي ذلك في أسلوب

دعوة النبي الأعظم صلي الله عليه و اله غير المسلمين إلي الإسلام، فقد كان من أساليبه التي اتبعها بأمر الله عزوجل باعتباره قائداً للمسلمين مع باقي الحكام والملوك أن دعاهم إلي الإسلام وترك دياناتهم التي تخالف العقل والفطرة، وضمن لهم السلم والسلامة وأنهم لو دخلوا الإسلام فإنه سيبقيهم في مناصبهم التي هم عليها. كما أظهر لهم أن لا حاجة لإرسالهم الأموال والموارد التي كانت تجمع في دولتهم بشرط أن تصرف علي الشعوب، إلا في حالة واحدة وهي تلك الأموال الفائضة عن حاجة ذلك الشعب.

فقد ذكر أن (كسري) كتب إلي (باذان) وكان والياً علي اليمن : بلغني أن في أرضك رجلا يتنبأ فاربطه وابعث به إلي، فبعث (باذان) قهرمانه وهو (بانوبه)، وكان كاتبا حاسبا، وبعث معه برجل من الفرس يقال له: (خرخسك) فكتب معهما إلي رسول الله صلي الله عليه و اله يأمره أن ينصرف معهما إلي كسري وقال لبانوبه: ويلك، انظر ما الرجل، وكلمه، وأتني بخبره.

فخرجا حتي قدما المدينة علي رسول الله صلي الله عليه و اله وكلمه بانوبه وقال: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسري، كتب إلي الملك باذان يأمره، أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتبت فيك إلي ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به، وإن أبيت فهو من قد علمت، فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك.

وكانا قد دخلا علي رسول الله صلي الله عليه و اله وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما،وقال: ?ويلكما من أمركما بهذا؟?.

قالا: أمرنا بهذا ربنا، يعنيان كسري.

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?لكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي?.

ثم قال لهما: ?ارجعا حتي تأتياني غدا?. وأتي رسول الله

صلي الله عليه و اله الخبر من السماء: أن الله عزوجل قد سلط علي كسري ابنه (شيرويه) فقتله في شهر كذا وكذا لكذا وكذا من الليل، فلما أتيا رسول الله صلي الله عليه و اله قال لهما: ?إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا من شهر كذا وكذا، بعد ما مضي من الليل كذا وكذا، سلط عليه شيرويه فقتله?.

فقالا: هل تدري ما تقول؟! إنا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا، فنكتب بها عنك ونخبر الملك؟

قال: ?نعم، أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسري، وينتهي إلي منتهي الخف والحافر، وقولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك علي قومك?().

وروي أن رسول الله صلي الله عليه و اله كتب إلي باذان كتاباً جاء فيه: ?إن الله وعدني أن يقتل كسري يوم كذا وكذا فانظر ذلك?، فلما أتي الكتاب باذان توقف وقال: إن كان نبياً فسيكون ما قال، فلما جاء إليه كتاب شيرويه أسلم، وأسلم معه الأبناء من فارس من كان منهم باليمن، وبعث إليه رسول الله صلي الله عليه و اله بنيابة اليمن بكمالها، فلم يعزله عنها حتي مات().

وهكذا كتب رسول الله صلي الله عليه و اله إلي العديد من ملوك العالم: أن أسلم تسلم.

وذلك عندما رجع صلي الله عليه و الهمن صلح الحديبية في ذي الحجة من السنة السادسة للهجرة، فأخذ يبعث إلي الملوك ورؤساء الدول والقبائل يدعوهم إلي الإسلام. وكل هذه الرسائل كانت تحكي عن الدعوة إلي الصلح والأمن والسلام.

وإليكم نماذج منها:

رسالة إلي هرقل

1: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي هرقل عظيم الروم:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، عبده ورسوله إلي

هرقل عظيم الروم: سلام علي من اتبع الهدي، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسين() ?قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولايتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون?().

والأريسين: جمع أريس، أي المزارع.

رسالة إلي كسري

2: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي كسري ملك إيران:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي كسري عظيم فارس: سلام علي من اتبع الهدي وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أدعوك بداعية الله عزوجل، فإني أنا رسول الله إلي الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول علي الكافرين، أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس)().

رسالة إلي النجاشي

3: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي ملك الحبشة:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي النجاشي الأضخم ملك الحبشة: بسلمٍ أنت، فإني أحمد إليك الله الذي

لا إله هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسي بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلي مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسي، حمله من روحه ونفخ كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلي الله وحده لا شريك له، والموالاة علي طاعته، وإن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر ونفراً من المسلمين، فإذا جاءك فأقرهم ودع التجبر، وإني أدعوك وجنودك إلي الله عزوجل، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي، والسلام عليكم وعلي من اتبع الهدي)().

رسالة إلي النجاشي الثاني

4: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي النجاشي الثاني:

(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من النبي صلي الله عليه و اله إلي النجاشي عظيم الحبشة: سلام علي من اتبع الهدي وآمن بالله ورسوله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني رسوله، فأسلم تسلم ?قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَيَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ?() فإن أبيت فعليك إثم النصاري)().

ولا يخفي أن لقب ملك الحبشة كان (الأضخم).

رسالة إلي المقوقس

5: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي المقوقس كبير القبط():

بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي المقوقس عظيم القبط: سلام علي من اتبع الهدي، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم القبط، و ?قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَيَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ?().

رسالة إلي ملك مصر

6: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي ملك مصر:

روي أن النبي صلي الله عليه و اله كتب رسالة ثانية إلي المقوقس ملك مصر، وفيما يلي نصها:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي صاحب مصر، أما بعد، فإن الله أرسلني رسولاً، وأنزل علي قرآناً، وألزمني بالاعذار والإنذار ومقاتلة الكفار، حتي يدينوا ديني، ويدخل الناس في ملتي، وقد دعوتك إلي الإقرار لوحدانيته، فإن فعلت سعدت، وإن أبيت شقيت، والسلام).

رسالة إلي صاحب دمشق

7: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي الحارث بن أبي شمر: سلام علي من اتبع الهدي، وآمن بالله وصدق، وإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقي لك ملكك)().

رسالة إلي ملك البحرين

8: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي المنذر بن ساوي ملك البحرين:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي المنذر بن ساوي: سلم أنت، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن من صلي صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله ممن أحب ذلك من المجوس فإنه آمن، ومن أبي فعليه الجزية)().

رسالة إلي ملك اليمامة

9: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي هوذة بن علي ملك اليمامة:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلي هوذة بن علي: سلام علي من اتبع الهدي، واعلم أن ديني سيظهر إلي منتهي الخف والحافر،فاسلم تسلم،وأجعل لك ما تحت يديك)().

رسالة إلي ملوك عمان

10: رسالة النبي صلي الله عليه و اله إلي جعفر وعبد النبي ملكي عمان:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلي جعفر وعبد النبي الجلندي: سلام علي من اتبع الهدي، أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلي الناس كافةً لأنذر من كان حياً ويحق القول علي الكافرين، وانكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام، فإنه زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي علي ملككما)().

وقد كان هذا الأسلوب الهادئ والهادف نابعاً من تلك الحكمة العالية التي كان النبي صلي الله عليه و اله يتحلي بها، حيث ساعد في الدعوة للإسلام كثيراً، وعلم الناس أن هذا الدين ليس من ورائه أطماع دنيوية رخيصة ولا منافع شخصية تعود بشكل أو آخر علي صاحب الدعوة الإسلامية الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله؛ ولهذا السبب حينما سمع الناس نداء الإسلام وعرفوا صدقه لبوا الدعوة واستقبلوها بكل شوق لاطمئنانهم علي أموالهم وأنفسهم وأعراضهم.

رسالة إلي يهود خيبر

11: ومن كتاب لرسول الله صلي الله عليه و اله إلي يهود خيبر:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صاحب موسي وأخيه المصدّق لما جاء به، ألا إن الله قال لكم: يا معشر أهل التوراة، وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم: ?مّحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّآءُ عَلَي الْكُفّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَيَ عَلَيَ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ مِنْهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً صلي الله عليه و اله (). وإني أنشدكم بالله، وأنشدكم بما أنزل

عليكم، وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المنّ والسلوي، وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتي أنجاكم من فرعون وعمله إلا أخبرتموني هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد؟ فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم ? قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ صلي الله عليه و اله () فأدعوكم إلي الله ونبيه)().

رسالة إلي أهل جرباء وأذرح

12: وكتب رسول الله صلي الله عليه و اله إلي أهل جرباء وأذرح:

(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي رسول الله، لأهل جرباء وأذرح، إنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد، وإن عليهم مائة دينار في كل رجب، ومائة أوقية طيبة، وإن الله

عليهم كفيل بالنصح والإحسان إلي المسلمين ومن لجأ إليهم من المسلمين) ().

رسالة إلي أهل نجران

13: وكتب رسول الله صلي الله عليه و اله لأهل نجران:

( … لنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، علي أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعيرهم وبعثهم وأمثلتهم، لا يغير ما كان عليه ولا يغير حق من حقوقهم وأمثلتهم، لا يفتن أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا واقه من واقهيته() علي ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم رهق ولا دم جاهلية، ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقاً فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين بنجران، ومن أكل منهم رباً من ذي قبل فذمتي منه برئية، ولا يؤخذ منهم رجل بظلم آخر، ولهم علي ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي صلي الله عليه و اله أبداً حتي يأمر الله ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مكلفين شيئاً

بظلم) ().

رسالة إلي اليهود عامة

14: وفي بعض المصادر أنه كتب رسول الله صلي الله عليه و اله في معاهدة له مع عامة اليهود، ليحافظ بذلك علي الأمن والأمان والسلم والسلام لعموم الشعب من مسلمين وغيرهم، وكانت لمثل هذه المعاهدات والرسائل الأثر البالغ في التعرف علي سماحة الإسلام وأخلاقياته، وكان ذلك سبباً في إسلام الكثير من اليهود:

(بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من محمد النبي صلي الله عليه و اله بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم، فلحق بهم وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش علي ربعتهم يتعاقلون بينهم() وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عوف علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو ساعدة علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة منهم تفدي

عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الحارث علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو جشم علي ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النجار علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عمرو بن عوف علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النبيت علي ربعتهم، يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس علي ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولي، كل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا()بينهم، أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل. وإن المؤمنين المتقين علي من بغي منهم أو ابتغي دسيعة() ظلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين. وإن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم. ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، ولا ينصر كافرا علي مؤمن. وإن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم. وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.

وإن من تبعنا من يهود، فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين، ولا متناصرين عليهم. وأن سلم المؤمنين واحدة، لايسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا علي سواء وعدل بينهم. وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا. وإن المؤمنين يبئ بعضهم علي بعض بما نال دماءهم في سبيل الله. وإن المؤمنين المتقين علي أحسن هدي وأقومه. وإنه لا يجير مشرك مالا لقريش، ولا نفسا، ولا يحول دونه علي مؤمن. وإنه من اعتبط() مؤمنا قتلا عن بينة، فإنه قود به، إلا أن يرضي ولي المقتول، وإن المؤمنين عليه كافة، ولا

يحل لهم إلا قيام عليه. وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر: أن ينصر محدثا، ولايؤويه، وإن من نصره أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل. وإنكم مهما اختلفتم في شيء، فإن مرده إلي الله عزوجل وإلي محمد صلي الله عليه و اله، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ() إلا نفسه وأهل بيته.

وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بن عوف. وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف. وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف. وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف. وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته. وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم. وإن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف. وإن البر دون الاثم. وإن موالي ثعلبة كأنفسهم. وإن بطانة() يهود كأنفسهم. وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلي الله عليه و اله. وإنه لاينحجز علي ثار جرح. وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته، إلا من ظلم. وإن الله علي أبر هذا().

وإن علي اليهود نفقتهم، وعلي المسلمين نفقتهم. وإن بينهم النصر علي من حارب أهل هذه الصحيفة. وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم. وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه. وإن النصر للمظلوم. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة. وإن الجار كالنفس، غير مضابي ولا آثم.

وإنه لا تجار حرمة إلا بأذن أهلها. وإن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلي الله عزوجل وإلي محمد صلي الله عليه و اله. وإن الله علي اتقي ما في هذا الصحيفة وأبره.

وإنه لا تجار قريش، ولا من نصرها. وإن بينهم النصر علي من دهم يثرب، وإذا دعوا إلي صلح يصالحونه ويلبسونه، فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلي مثل ذلك فإنه لهم علي المؤمنين، إلا من حارب في الدين، علي كل أناس حصتهم، من جانبهم الذي قبلهم.

وإن يهود الأوس، مواليهم وأنفسهم علي مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة. وإن البر دون الاثم، لا يكسب كاسب إلا علي نفسه، وإن الله علي أصدق ما في هذه الصحيفة وأبزه. وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم. وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم وأثم. وإن الله جار لمن بر واتقي، ومحمد رسول الله صلي الله عليه و اله) ().

وهذه المكاتيب تدل علي أسلوب التبليغ الإسلامي وأنه يلزم علي العاملين للإسلام الاتصاف بهذه الأخلاقيات والفضائل.

المستعمرون وتشويه سمعة الإسلام

لقد لاحظ المعاندون من غير المسلمين سرعة انتشار هذا الدين الحنيف؛ حيث هو الدين الموافق للفطرة السليمة والعقل النظيف، فبعدما تقدم الإسلام ذلك التقدم الهائل، خاصة في البلاد التي خضعت للإسلام بدون أي حرب أو تهديد، بل كان انتشار الإسلام فيها عبر دعوة العلماء والتجار()، فخاف الغربيون علي مصالحهم فعمدوا خاصة عندما دب الضعف في دولة الإسلام خلال القرون الثلاثة الأخيرة بتشويه صورة الإسلام أمام العالم، عبر أكاذيب وأباطيل يروجونها ضد الإسلام، وإظهاره للعالم علي خلاف حقيقته. وهم يهدفون من وراء ذلك عدة

أمور:

فمن جانب لينفروا العالم عن الإسلام بتضعيفه وتهميشه في أعين الناس، ومن جانب آخر لكي يبقوا هم أسياد العالم، ويستمروا في تسلطهم وظلمهم للشعوب، واستعمارهم للدول، ونهبهم لممتلكاتها وخيراتها.

هذا علي الرغم من أن بعض حكام الغرب، وبعض رجال الدين المسيحي البابوات () يدركون جيداً أن الإسلام هو الدين الحق، وهو الدين الذي سيعم العالم كله، فقد قال تبارك وتعالي: ?يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَي اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ? هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ? ()، إلا أنهم يحاولون أن يضعوا العراقيل في طريقه، ولكن الله يأبي إلا أن يتم نوره، والإسلام سينتشر سريعاً بإذن الله وسيكون الدين الأقوي والأكثر انتشارا حتي في الغرب، لما يحمله من أفكار تتلاءم مع فطرة الإنسان السليمة.

كما أن الإنسانية تري فيه كمالها المنشود وسعادتها المفقودة، ولا سيما الجانب الأخلاقي والروحي في الإسلام؛ فهو من أفضل طرق الهداية والتبليغ وكسب الناس إلي الإسلام.

الأخلاق الإسلامية سر التقدم

لذا يلزم أن يتحلي المسلمون وخاصة الدعاة منهم، بالأخلاق الإسلامية الرفيعة التي أمر بها الله تعالي في كتابه الكريم، حيث امتدح الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله فقال: ?وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ?() وجسّد ذلك الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله بأفعاله وأقواله وسيرته، وكذلك هي متجسدة في أفعال وأقوال الأئمة الطاهرين من أهل البيت (صلوات الله أجمعين).

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق?().

وكذلك ورد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: ?إنا لنحب من شيعتنا: من كان عاقلا فهما، فقيها حليما، مداريا صبورا، صدوقا وفيا ثم قال إن الله

تبارك وتعالي خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله علي ذلك، ومن لم يكن فيه فليتضرع إلي الله وليسأله إياه?.

فقيل لهعليه السلام: جعلت فداك، وما هي؟

قال: ?الورع والقنوع والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة والبر وصدق الحديث وأداء الأمانة?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إن من مكارم الأخلاق صدق الحديث وإعطاء السائل وصدق الناس وصلة الرحم وأداء الأمانة والتذمم للجار والتذمم للصاحب وإقراء الضيف?().

وقال أمير المؤمنينعليه السلام: ?ذللوا أخلاقكم بالمحاسن، وقودوها إلي المكارم، وعودوها الحلم، واصبروا علي الإيثار علي أنفسكم فيما تحمدون عنه قليلا من كثير، ولا تداقوا الناس وزناً بوزن، وعظموا أقداركم بالتغافل عن الدني من الأمور، وأمسكوا رمق الضعيف بالمعونة له بجاهكم، وإن عجزتم عما رجا عندكم فلا تكونوا بحاثين عما غاب عنكم؛ فيكثر عائبكم، وتحفظوا من الكذب فإنه من أدق الأخلاق قدرا، وهو نوع من الفحش وضرب من الدناءة، وتكرموا بالتعامي عن الاستقصاء?().

وقال النبي الأعظم صلي الله عليه و اله: ?ثلاث خصال من كن فيه فقد حاز خصال الخير: من إذا قدر لم يتناول ما ليس هو له، وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل?().

وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: ?أنصف الناس من نفسك، وواسهم من مالك، وارض لهم ما يرضونه، واذكر ثواب الله، وإياك والكسل والضجر فيا يقربك منه، وعليك بالصدق والورع وأداء الأمانة، وإذا وعدتم لا تخلفوه، وذلك لكم دون غيركم?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في ولده ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون

في الحر?.

قيل: وما هن يا ابن رسول الله؟

قال: ?صدق البأس، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف، وإطعام السائل والمكافأة علي الصنائع، والتذمم للجار والتذمم للصاحب، ورأسهن الحياء?().

وعن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: ?قال رسول الله صلي الله عليه و اله: عليكم بمكارم الأخلاق؛ فإن ربي عز وجل بعثني بها، وإن من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وأن يعود من لا يعوده?().

وقال أمير المؤمنينعليه السلام:

?طلبت القدر والمنزلة فما وجدت إلا بالعلم، تعلموا يعظم قدركم في الدارين، وطلبت الكرامة فما وجدت إلا بالتقوي، اتقوا لتكرموا، وطلبت الغني فما وجدت إلا بالقناعة، عليكم بالقناعة تستغنوا، وطلبت الراحة فما وجدت إلا بترك مخالطة الناس لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس تستريحوا في الدارين، وتأمنوا من العذاب، وطلبت السلامة فما وجدت إلا بطاعة الله، أطيعوا الله تسلموا، وطلبت الخضوع فما وجدت إلا بقبول الحق، اقبلوا الحق فإن قبول الحق يبعد من الكبر، وطلبت العيش فما وجدت إلا بترك الهوي، فاتركوا الهوي ليطيب عيشكم، وطلبت المدح فما وجدت إلا بالسخاء، كونوا أسخياء تمدحوا، وطلبت نعيم الدنيا والآخرة فما وجدت إلا بهذه الخصال التي

ذكرتها?().

وعن أمير المؤمنينعليه السلام أنه قال لولده:

?إن الله عزوجل جعل محاسن الأخلاق وصلة بينه وبين عباده، فنحب أحدكم أن يمسك بخلق متصل?().

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله أنه قال: ?الأخلاق منائح من الله عزوجل فإذا أحب عبدا منحه خلقا حسنا، وإذا أبغض عبدا منحه خلقا سيئا?().

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ?لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشي نارا ولا ثوابا ولا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق؛ فإنها مما

تدل علي سبيل النجاح?.

فقال رجل: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله صلي الله عليه و اله؟

قال: ?نعم، وما هو خير منه، لما أتانا سبايا طي، فإذا فيها جارية إلي أن قال عليه السلام فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب؛ فإني ابنة سيد قومي، كان أبي يفك العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف ويشبع الجائع ويكسي المعدوم ويفرج عن المكروب، أنا ابنة حاتم طي، فقال صلي الله عليه و اله: خلوا عنها؛ فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق?().

نعم، بهذه الأخلاق والتعاليم يلزم أن يتحلي دعاة الإسلام والمبلغين له؛ ليكونوا دعاة حقيقيين إلي الإسلام، فيمتلكوا السلاح الرابح في المعركة.

واجبنا تجاه المحافظة علي الإسلام ونشره

إذاً، وبعد ما ذكرنا في هذه المقدمة، التي تطرقنا فيها إلي تقدم الإسلام من جهة، ومحاربة الغرب له من جهة أخري، نبين ما يلزم علي المسلمين ملاحظته:

مؤسسات الدعوة وكوادرها

أولاً: يلزم علي المسلمين العمل لإيجاد مؤسسات، تتضمن كادراً مثقفاً وواعياً يبحث فيها كيفية إحباط دسائس ومؤامرات أعداء الإسلام، الإعلامية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ووضع برامج وخطط لهذه المؤسسات الإسلامية تساهم في تطوير ورفع المستوي العلمي والفكري والأخلاقي لأفراد المجتمع الإسلامي.

العمل الثقافي

ثانياً: العمل علي نشر المفاهيم الصحيحة والعقائد الإسلامية وإيصالها إلي العالم، بواسطة القلم، والخطابة، والمحاضرات، وعقد الندوات، وإرسال المبلغين، وإنشاء المؤتمرات الثقافية لذلك الهدف.

السيد الرضي رحمة الله عليه وعمله الإسلامي

ومن أبرز الأمثلة علي هذه النقطة، هو نشاط السيد الرضي?() في بغداد، الذي أسس تجمعاً يجمع تحت لوائه غير المسلمين، ويُطلعهم علي محاسن الإسلام، وأهدافه السامية، وقوانينه السمحاء، وذلك من أجل جذبهم إلي الإسلام من جهة، ومن جهة أخري رفع كل الشبهات والتصورات الوهمية التي كانوا يحملونها عن الإسلام.

وكان ممن رباهم الشريف الرضي رحمة الله عليه هو (مهيار الديلمي)() الذي كان مجوسياً في بداية أمره وأسلم علي يد الشريف الرضي?، وبعد التوجيه المركّز، والإرشاد المتواصل له من قبل السيد الرضي رحمة الله عليه ومؤسسته، أصبح (حامل لواء التشيع) في عصره، وقد كان من الشعراء أيضاً وله ديوان يعتبره البعض من أفضل الدواوين في الشعر العربي والإسلامي().

فهذا مثال بسيط، وشاهدنا نحن علي أسلوب الدعوة وفائدة إنشاء المؤسسات الإسلامية، ونشر الأفكار والتعاليم الدينية من خلالها، فعلي العاملين للإسلام أن يهتموا بذلك.

ذكاء وحذر

ثالثاً: يلزم علي العاملين لنشر وتبليغ الدين أن يتصفوا بالذكاء في العمل، والحذر الدائم من مكائد أعداء الإسلام، كما قال الإمام عليعليه السلام في وصف المؤمن: ?المؤمن كيس فطن حذر?().

دور العلماء

رابعاً: كما عليهم المحافظة علي علمائهم وحمايتهم، والدفاع عنهم؛ ليتمكنوا من أداء دورهم في الحفاظ علي الأمة ومعتقداتها وثرواتها، لأن أعداء الإسلام يحاولون تشويه سمعة العلماء وإسقاطهم في أعين الناس، ويتحينون الفرص لتصفيتهم معنوياً وجسدياً؛ لأن الغربيين أدركوا أهم جهة في قوة المسلمين، حيث علموها في علمائهم ومراجع تقليدهم، فقد كان ذلك واضحاً في قصة التنباك() وغيرها().

فخططوا تخطيطاً دقيقاً وبدهاء وخبث، في العمل علي قطع صلة الأمة والمسلمين عن مراجعها وعلمائها، فدخلوا من باب الاغتيالات الفردية؛ وقد حاول طغاة العراق وبأمر من الاستعمار، بتصفية العلماء في قصص مشهورة، ومرة خططوا لاغتيال أبناء كبار مراجع الشيعة في العراق عبر خطة مدبرة، وبما أن بعض هؤلاء كان مقيماً في لندن فقد أجلوا اغتياله إلي وقت آخر، أي إلي حين أن يخرج من لندن، حيث لم يكن الاستعمار البريطاني يريد أن يثير الرأي العام ضده وتلطيخ سمعته السياسية بتهمة الاغتيالات والتصفية الجسدية هناك، وذلك باغتيال أحد علماء المسلمين في عقر داره، فيعود ضرر ذلك عليهم؛ إذ أنهم طالما تبجحوا وادعوا إطلاق الحريات والديمقراطية في العالم. فتربصوا به حتي سافر إلي السودان فاغتالوه علي أيدي عملائهم من حزب البعث هناك ().

ولو كان المسلمون علي وعي وحذر ويقظة وتنبه لمخططات الأعداء، لما وقعت هذه الأمور التي أضرت بالمسلمين كثيراً.

إذاً، المطلوب هو المحافظة علي العلماء والحوزات العلمية بوعي وحذر، لكي يقوم العلماء بواجبهم، فلا تعطي فرصة لأعداء الإسلام للعمل ضد الإسلام والمسلمين، وليتمكن العلماء من إفشال مخططاتهم التي تستهدف ضرب هذا

الدين المبين.

العلم دائما

خامساً: ومن الأمور التي يجب أن تكون في سعي العاملين، هو العمل الدؤوب في تحصيل العلم والزيادة منه، وخاصة ما يرتبط بالمعارف الإسلامية، وعدم ترك هذا التعلم والتعليم، وفي القرآن الكريم: ?وقل رب زدني علما صلي الله عليه و اله().

ذلك لأجل أن نكون دائماً علي أتم الاستعداد لنشر الإسلام ومعارفه، وتكون لنا ملكة الرد علي شبهات أعدائه المبطلين.

هكذا الحرص علي التعلم والتعليم

كان في مدينة (شيراز) أحد العلماء وقد اهتم بكتابة شرح قانون ابن سينا()، ففي أثناء شرحه واجهته مسألة عجز عن بيانها، فحاول التعرف علي شخص قادر علي حلها، فقالوا له: إن هناك عالماً في مدينة أصفهان له القدرة علي الإجابة الصائبة، وعندما وصله الشارح لم يحصل منه علي جواب، ثم قيل له: أن هناك عالماً آخر في مدينة قزوين، يستطيع أن يجيبك علي سؤالك هذا، فذهب إلي هناك، وعندما طرح السؤال أبدي القزويني عجزه أيضاً. بعد ذلك قالوا للشارح: أن عالماً كبيراً في بغداد يدعي نصير الدين الطوسي()، وهو عالم عصره ومتبحر في أغلب العلوم،

ولم يعجزه مثل هذا السؤال أبداً. فذهب الرجل الشارح إلي بغداد، متحملاً مصاعب الطريق ووعثاء() السفر. فبعدما وصل إلي بغداد أرشدوه إلي دار نصير الدين الطوسي، فقيل له: إنه يخرج في الصباح لإنجاز أعماله ثم يعود إلي منزله وقت صلاة الظهر ليصلي ويستريح شيئاً من الوقت. فقرر ذلك الرجل (الشارح) الوقوف علي قارعة الطريق الذي يمر منه العلامة نصير الدين الطوسي، لكي يري موكب الطوسي حينما يمر بالقرب منه، ولما أن وصل تقدم إليه الرجل وعرض عليه حاجته، فقال له الخواجة: ائتني في هذا الوقت (وهو وقت استراحته) حتي أجيبك علي جميع ما عندك من إشكالات. وفعلاً التقي ذلك الرجل بالخواجة وأجابه علي

كل ما طرحه من أسئلة.

من هذه القصة وغيرها نستدل علي مدي اهتمام العلماء الماضين وسعيهم وهمتهم علي تحصيل العلوم، بالرغم من كثرة المشاكل وشدة المعاناة، فكانوا يقطعون المفازات() البعيدة، والفجاج العميقة، من أجل الحصول علي إجابات للأسئلة، التي يشكل حلها عندهم، أو للمزيد من الإيضاحات، كما حصل لهذا السائل الذي قطع تلك المسافات البعيدة الصعبة حتي نال جواباً لتلك المسألة من الخواجة نصير الدين الطوسي رحمة الله عليه.

إذاً، يلزم علينا أن نوجد هذه الحالة في أنفسنا حالة الاهتمام بالعلم والعلماء والعمل الدؤوب، لأجل تحصيل المعارف الإسلامية الصحيحة، بحيث تصبح الصفة الغالبة علي أوقاتنا هي النشاط والفعالية، في مختلف أبعاد الحياة، لنصل إلي أهدافنا المتوخاة، إن شاء الله.

مكارم الأخلاق

سادساً: المواظبة علي اكتساب مكارم الأخلاق؛ فإن حسن الخلق ضروري ومهم في نجاح العمل، إذ ليس الهدف النهائي هو الاكتفاء بتحصيل العلم وتعبئة أنفسنا بالمفاهيم والأفكار فقط، وإنما الهدف من تحصيل العلوم الإلهية هو تجسيدها علي الواقع العملي، لأن ثمرة العلم لا تحصل بذلك فقط، بل لابد ولكي يثمر العلم أن يقترن العلم بالعمل الصالح والخلق الرفيع والإقتداء بخلق الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وأئمتنا الطاهرين عليهم السلام وقد سبق وذكرنا في بداية الكلام: أن الأخلاق من عوامل الجذب، ومن عوامل النجاح، أما العلم بدون الأخلاق وبدون العمل فهو مورد الحديث الشريف: ?أشد الناس عذاباً عالم لا ينتفع من علمه بشيء?().

وهنا نذكر قصة علي سبيل المثال لها دلالة واضحة علي أهمية الأخلاق في العمل والجذب الاجتماعي، وعلي كون الأخلاق الحسنة من العوامل الأساسية المؤثر في هداية الناس:

الأخلاق عامل الجذب

ذكر أنه كان أحد المشايخ وكان من تلاميذ الميرزا المجدد السيد محمد حسن الشيرازي رحمة الله عليه صاحب ثورة (التنباك) معروفا بالتقوي والصلاح، وقد نقل حادثة تعرض لها فقال:

إنه كان ذات مرة وهو في طريقه من الكوفة إلي النجف الأشرف، وإذا بمجموعة من اللصوص يجتمعون عليه بقصد الاعتداء عليه وسرقته، فأمروه بالتجرّد من ثيابه وأن يسلمها لهم بما فيها، ففعل الشيخ ما طلبوا منه، فتجرّد من ملابسه باستثناء الإزار، ثم سلمها إليهم، ولكنه قال لهم: ملابسي بما فيها قد وهبتها لكم؛ حتّي لا تقعوا في معصية الله من أجل غصب ملابسي!

وإذا بهذا الكلام يفعل شبه المعجزة في اللصوص، فحصلت فيهم ردة فعل داخلي قادتهم إلي الانتباه والإرتداع، وإذا بهم لايأخذون الثياب، ويتوبون علي يديه قائلين: إنه ليس من الحقّ عصيان الله تعالي بالسرقة، بعد أن نري

منك مثل هذه الشفقة علينا، وبالفعل فقد تابوا وصار أمرهم إلي خير، وهكذا يفعل الرفق بالنفوس.

مقابلة الإساءة بالإحسان

مقابلة الإساءة بالإحسان

وحكي عن الميرزا الشيرازي رحمة الله عليه أيّام تواجده في سامراء بأنّ جماعة من أهالي سامراء غير الشيعة كانوا قد أغروا صغارهم وشبانهم لأذيّة الميرزا والشيعة، وتحمل الشيعة منهم الأذي بأمر الميرزا، وفي ذات يوم أراد أحد أولئك الشبان المؤذين للميرزا والشيعة أن يتزوّج، فقال في نفسه: سوف أذهب إلي الميرزا وأطلب منه مؤنة الزواج فإن أعطاني شيئاً فبها ونعمت وإلا آذيته.

وبالفعل جاء إلي الميرزا وعرض عليه أمر زواجه ثم طالبه بمساعدة مالية، وبشكل فظ وفج.

فقال له الميرزا: وكم مصرف زواجك؟

قال الشاب: خمسون ليرة الكلفة تلك الأيام .

فأعطاه الميرزا المبلغ من دون مماكسة؟!

فتعجبّ الشاب كثيراً وجاء إلي أبيه وحكي له القصّة، فتعجّب أبواه أيضاً وانبهرا من مقابلة الميرزا إساءتهم بالإحسان، وأخذ الشاب يحكي القصّة لكلّ من يراه، حتّي أنه حكي ذلك في ديوان أحد شيوخ العشائر في سامرّاء، فتعجّب الجميع، وقالوا بكلمة واحدة: لاينبغي ايذاء مثل هذا الرجل الكريم.

ثم قام جماعة من الشيوخ والوجهاء ومعهم القرآن الحكيم والسيف وأتوا إلي دار الميرزا، وكان مثل هذا العمل عادة منهم لإظهار التوبة عند الكبراء، فلمّا التقوا بالميرزا قالوا له وهم نادمون معتذرون: إنّ أولادنا آذوك ولم يحفظوا حرمتك، وقد جئناك معتذرين، فإن رأيت أن تغفر لنا وهذا القرآن نحلف به: أننا لا نعود إلي ما يسخطك عنّا أبداً، وإن رأيت أن تقتص منّا فهذا السيف خذه واقتص به منّا.

فأجابهم الميرزا بكل عطف وحنان قائلاً: لابأس عليكم، انّ هؤلاء الشباب أولادي، وهل يقتص الأب من أولاده؟! ثم إني مطمئنّ بحسن جواركم، وطيب تعاملكم، فلا حاجة لشيء من الأمرين، فشكروا الميرزا علي قبوله

عذرهم وقاموا وخرجوا من عنده وهم فرحون مستبشرون، وصار هذا الصنيع من الميرزا سبباً من أسباب الألفة بين السنّة والشيعة، والإجلال والإكبار من الأهالي للميرزا وأصحابه.

قصة أخري

وروي أنه كان أحد العلماء في مدينة بلوشستان ويدعي (عبد العزيز)، يتمتع بنفوذ ووجاهة دينية واجتماعية في تلك المدينة، وكان عالماً اجتماعياً وله تخصص فريد في العلاقات الاجتماعية وحسن المعاشرة مع الناس، فمثلاً: في إحدي المرات حينما كان يريد المجيء إلي إحدي المدن المجاورة لمدينته هاجمه مجموعة من الشباب وسببوا له عدة جراحات في جسده. ولكنه وبالرغم من أنه كان من حقه معاقبتهم علي إيذائه وردعهم بالعنف والشدة عن تكرار عملهم هذا فلم يقابلهم بالمثل، بل بعث لهؤلاء الشباب مقداراً من المال، وحذرهم من تكرار مثل ذلك العمل.

وبهذا الأسلوب استطاع أن يجذب حتي أعداءه ويعمل عملاً واسعاً لأجل الإسلام والمسلمين.

الإخلاص في العمل

سادساً: من أهم الصفات التي يلزم علي العاملين والمبلغين للإسلام أن يلتزموا به هو الإخلاص في أعمالهم، وجعلها لله تعالي؛ فاللازم أن يكون المسلمون مخلصين في كل أعمالهم وتحركاتهم، فيعملون لله ومن أجل الله وفي سبيل الله وبكل إخلاص، وإذا كان عنوان العمل هو بناء حكومة إسلامية، فيجب من باب أولي أن يكون ذلك بكامل الإخلاص لأن الهدف إقامة حكم الله وتثبيت معالم دينه. لا الحصول علي مكاسب دنيوية ولمجرد الجلوس علي كرسي الحكم وامتلاك السلطة وما أشبه، فإن العمل مهما كان كبيراً أو صغيراً يلزم أن تكون نية العامل خالصة لوجه الله وابتغاء مرضاته.

أعلي نماذج الإخلاص

وخير قدوة للإخلاص هم رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام وذويهم.

ورد عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ?لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا?() قال: ليس يعني أكثر عملا؛ ولكن أصوبكم عملا، وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة ثم قال الإبقاء علي العمل حتي يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إِلا الله عز وجل، والنية أفضل من العمل. ألا وإن النية هي العمل? ثم تلا قوله عز وجل: ?قُلْ كُلّ يَعْمَلُ عَلَيَ شَاكِلَتِهِ?()?يعني: علي نيته?().

وقد ورد في معركة الخندق: أنه لما رأي المسلمون الجيوش والأحزاب التي اجتمعت لقتال المسلمين، عظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتي ظن المؤمنون كل ظن وظهر النفاق من بعض المنافقين، فأقام رسول الله ? وأقام المشركون عليه بضعا وعشرين ليلة، لم يكن بينهم قتال إلا الرمي بالنبل إلا أن فوارس من قريش منهم: عمرو

بن عبد ود أخو بني عامر بن لؤي، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب، ونوفل بن عبد الله، قد تلبسوا للقتال وخرجوا علي خيولهم حتي مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيئوا للحرب يا بني كنانة، فستعلمون اليوم من الفرسان، ثم أقبلوا تعنق بهم خيولهم حتي وقفوا علي الخندق، فقالوا: والله، إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فضربوا خيولهم فاقتحموا، فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتي أخذ منهم الثغرة التي منها اقتحموا وأقبلت الفرسان نحوهم، وكان عمرو بن عبد ود فارس قريش … فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليري مشهده وكان يعد بألف فارس، وكان يسمي فارس يليل … وكان اسم الموضع الذي حفر فيه الخندق المداد، وكان أول من طفره عمرو وأصحابه، فقيل في ذلك:

جزع المداد وكان فارس يليل

عمرو بن عبد كان أول فارس

وذكر ابن إسحاق: أن عمرو بن عبد ود كان ينادي: من يبارز؟

فقام علي عليه السلام وهو مقنع في الحديد، فقال: ?أنا له يا نبي الله?.

فقال رسول الله? : ?إنه عمرو اجلس?.

ونادي عمرو: ألا رجل ويؤنبهم ويسبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أن من قُتل منكم دخلها.

فقام علي عليه السلام فقال: ?أنا له يا رسول الله?.

ثم نادي الثالثة فقال:

بجمعكم هل من مبارز

ولقد بححت من النداء

موقف البطل المناجز

ووقفت إذ جبن المشجع

في الفتي خير الغرائز

إن السماحة و الشجاعة

فقام علي عليه السلام فقال: ?يا رسول الله، أنا?

فقال: ?إنه عمرو؟?.

فقال عليه السلام: ?وإن كان عمرا?. فاستأذن رسول الله ? فأذن له … فألبسه رسول الله ? درعه (ذات الفضول) وأعطاه سيفه (ذا الفقار)

وعممه (السحاب) علي رأسه تسعة أكوار، ثم قال له: ?تقدم?. فقال لما ولي: ?اللهم، احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه?.. فمشي إليه وهو يقول:

مجيب صوتك غير عاجز

لا تعجلن فقد أتاك

والصدق منجي كل فائز

ذو نية وبصيرة

عليك نائحة الجنائز

إني لأرجو أن أقيم

ذكرها عند الهزاهز

من ضربة نجلاء يبقي

قال له عمرو: من أنت؟

قال: ?أنا علي?.

قال: ابن عبد مناف؟

فقال: ?أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف?.

فقال: غيرك يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك؛ فإني أكره أن أهريق دمك.

فقال: ?لكني والله ما أكره أن أهريق دمك?.

فغضب ونزل وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا فاستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي عليه السلام علي حبل العاتق فسقط … وتسيف عليعليه السلام رجليه بالسيف من أسفل فوقع علي قفاه، وثارت بينهما عجاجة فسمع علي عليه السلام يكبر فقال رسول الله ?: ?قتله والذي نفسي بيده?.

… ثم أقبل علي عليه السلام نحو رسول الله ? ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب: هلا استلبته درعه؛ فإنه ليس للعرب درع خيرا منها؟

فقال عليه السلام: ?ضربته فاتقاني بسوأته فاستحييت من ابن عمي أن أستلبه?.

قال حذيفة: فقال النبي ?: ?أبشر يا علي، فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمد لرجح عملك بعملهم؛ وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهن بقتل عمرو، ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا و قد دخله عز بقتل عمرو?. وروي: أنه ضَرب علي عليه السلام ضربة ما كان في الإسلام أعز منها، يعني ضربة عمرو بن

عبد ود، وضُرب علي عليه السلام ضربة ما كان في الإسلام أشأم منها يعني ضربة ابن ملجم عليه لعائن الله.()

وروي أنه عليه السلام لما أدرك عمرو بن عبد ود لم يضربه فوقعوا في علي ? فرد عنه حذيفة فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?مه يا حذيفة فإن عليا سيذكر سبب وقفته? ثم إنه ضربه فلما جاء سأله النبي عن ذلك فقال: ?قد كان شتم أمي، وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي، فتركته حتي سكن ما بي ثم قتلته في الله?().

كتمان المعروف

وهكذا يكون أتباع أهل البيت عليهم السلام فإنهم يعملون بكل إخلاص ولوجه الله تعالي.

أذكر عندما كنا في كربلاء المقدسة، في يوم من الأيام الحارة جداً وبعد الانتهاء من صلاة الجماعة لفريضة الظهر والعصر، توجهت إلي البيت، وفي أثناء الطريق شعرت بوجود شخص يسير خلفي ويتبعني، فقلت في نفسي: لعله لا يقصدني أو لم يقصد متابعتي، لذا واصلت مسيري حتي وصلت إلي الدار، وفتحت الباب، فاقترب ذلك الشخص مني وبدأ بالسلام، فقدّم لي ظرفاً فيه مقدار من المال كحقوق شرعية عنده، وحينذاك عرفت الرجل وكان وجيها مخلصا يدعي الحاج علي الوكيل رحمة الله عليه، ففهمت أنه طول الطريق كان يريد أن يسلمني ذلك المبلغ ولكن بعيداً عن أعين الناس، إذ كان يريد أن يكون عمله خالصاً لوجه الله وحده، خاليا من الرياء، فلهذا ما نقلت هذا الأمر إلا بعد وفاته.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إن لكل حق حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتي لا يحب أن يحمد علي شيء من عمل الله?().

الصبر دائماً

سابعاً: وهذه آخر نقطة مهمة أردنا بيانها، هي الصبر وطول النفس؛ إذ يلزم أن يتحلي العاملون للإسلام بأكثر قدر ممكن من الصبر وطول النفس، وعدم العجلة في الحصول علي النتائج.

فإن للصبر في العمل الإسلامي دوراً كبيراً، ولسعة الصدر دوراً أكبر، فقد عمل الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله والأئمة الهداة (صلوات الله عليهم أجمعين)، وصبروا علي المعاناة، في سبيل نتائج تتحقق في المستقبل البعيد، ولعلها في اليوم الموعود.

ولقد كان طول النفس دوماً أسلوب العقلاء والزعماء الناجحين، بعد أن خبروا تكاليف الحياة، وعلموا أن المرامي البعيدة لا تتأتي إلا بالصبر والاحتمال وطول الأناة.

وهكذا يعمل أغلب أعداء الإسلام حيث يضعون خططاً

بعيدة المدي ويصبرون علي ذلك، كما حدث ذلك فعلاً في مجلس العموم البريطاني حين صوّب علي قانون يقضي باتباع السياسات والخطط التي تعطي نتائج مؤثرة ومغرية، ولو بعد حين!

لذا يلزم علي العاملين للإسلام التحلي بالصبر وعدم توقع ظهور النتيجة المطلوبة علي الفور وبلا طي للزمن، أو بلا تهيئة للمقدمات اللازمة، وينبغي علينا أن نكون علي حذر لئلا نصبح مصداقاً لهذه الآية الكريمة: ?كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ? وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ? ().

وبطبيعة الحال فإن الإنسان يحب تحصيل النتائج بأسرع ما يمكن، غير أن ذلك يتنافي أحياناً مع الظروف الموضوعية والمتطلبات الواقعية للعمل.

نعم، هذه بعض التوصيات المختصرة لمن يعمل في سبيل خدمة الإسلام، ولمن يحب هذا الدين العظيم، ويحرص علي نشره في ربوع العالم، حتي تنقذ الشعوب المستضعفة من براثن الظلم والاضطهاد، ولن يتحقق هذا الأمر إلا بتأييد من الله عزوجل والصبر والمصابرة والمرابطة والعمل المتواصل لإعلاء كلمة ?لا إله إلا الله، محمد رسول الله? في آفاق الأرض().

مضافاً إلي ضرورة التحلي بالعلم والفضائل، فإن قيمة كل امرئ هي ما يحمله من علم، ومن صفات الخير والأخلاق الحسنة، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?طلب العلم فريضة علي كل مسلم

ومسلمة? (). حيث أراد الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله أن يكون كل إنسان مسلم متسلحاً بالعلم لكي يحافظ علي عقيدته من جهة، ويعمل علي إيصال صوت الإسلام أينما حل من جهة أخري، هذا بالإضافة إلي سائر الشروط الضرورية في سبيل نجاح الدعوة، ونشر الإسلام والمحافظة عليه.

?اللهم اجعلنا ممن تنتصر به لدينك وتعز به نصر وليك، ولا تستبدل بنا غيرنا بحق محمد وآل محمد? ().

من هدي القرآن الكريم

أسلوب الدعوة:

قال تعالي: ?ادْعُ إِلي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي

هِيَ أَحْسَنُ? ().

وقال سبحانه: ?فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً? ().

وقال عزوجل: ?فَقُولا له قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ

يَخْشي? ().

وقال جل وعلا: ?لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ? ().

الإخلاص في العمل:

قال عز وجل: ?قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً? ().

وقال تعالي: ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ? ().

وقال سبحانه: ?مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ? ().

وقال جل وعلا: ?قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ? ().

ضرورة نشر الإسلام:

قال عز وجل: ?وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً

وَنَذِيراً? ().

وقال سبحانه: ?رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي النُّورِ? ().

وقال تعالي: ?قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ? يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَي

النُّورِ? ().

من هدي السنة المطهرة

نشر العلوم الإسلامية

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أربعة تلزم كل ذي حجي وعقل من أمتي?.

قيل: يا رسول الله، ما هن؟

قال: ?استماع العلم وحفظه ونشره والعمل به?().

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه السلام: ?من المفروض علي كل عالم أن يصون بالورع جانبه، ويبذل علمه لطالبه?().

وقال الإمام الصادقعليه السلام: ?لكل شيء زكاة وزكاة العلم أن يعلمه أهله?().

وقال الإمام أبو جعفرعليه السلام: ?زكاة العلم أن تعلّمه عباد

الله?().

الأخلاق الفاضلة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً?().

وقال الإمام الرضاعليه السلام: ?صل رحمك ولو بشربة من ماء، وأفضل ما وصل به الرحم كف الأذي عنها?().

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه السلام: ?التُقي رئيس الأخلاق?().

وقال الإمام الكاظمعليه السلام: ?إذا وعدتم الصغار فأوفوا لهم?().

الإخلاص عبادة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله لمعاذ بن جبل: ?أخلص العلم يجزيك منه القليل?().

وقال الإمام الصادقعليه السلام: ?ولا بد للعبد من خالص النية في كل حركة وسكون؛ لأنه إذا لم يكن هذا المعني يكون غافلاً ?().

وقال الإمام الجوادعليه السلام: ?أفضل العبادة الإخلاص?().

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه السلام: ?الزم الإخلاص في السر والعلانية?().

وقال: ?الإخلاص غاية?().

وقال عليه السلام: ?الإخلاص ملاك العبادة?().

أسلوب الدعوة إلي الله عزوجل

وقال الإمام الصادقعليه السلام: ?كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير فإن ذلك داعية?().

وقال الإمام عليعليه السلام: ?لن يجدي القول حتي يتصل

بالفعل?().

وقال الإمام موسي بن جعفر?: ?أبلغ خيراً وقل خيراً?().

وقال الإمام الحجة عليه السلام: ?اتقوا الله وقولوا قولاً معروفاً?().

ففف

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة النحل: 125.

() سورة آل عمران: 85.

() بحار الأنوار: ج20 ص389 ب21.

() انظر مكاتيب الرسول صلي الله عليه و اله: ج2 ص332 الفصل العاشر.

() بحار الأنوار: ج20 ص386 باب20 ح8.

() سورة آل عمران: 64.

() بحار الأنوار: ج20 ص389 باب20 ح8.

() راجع بحار الأنوار: ج20 ص392 باب20 ح8.

() سورة آل عمران: 64.

() راجع بحار الأنوار: ج21 ص23 باب22 ح17، وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() راجع بحار الأنوار: ج20 ص382 باب21 ح8 وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() سورة آل عمران: 64.

() راجع بحار الأنوار: ج21 ص58 باب24 ح11، وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() راجع بحار الأنوار: ج21 ص 49باب32 ح3، وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() راجع بحار الأنوار: ج20 ص394 باب20 ح8، وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() راجع بحار الأنوار: ج18 ص138 باب11 ح39، وقد أشار العلامة المجلسي رحمة الله عليه إلي أصل الرسالة من دون ذكر نصها.

() سورة الفتح: 29.

() سورة البقرة: 256.

() مكاتيب الرسول صلي الله عليه و اله: ج2 ص487.

() مكاتيب الرسول صلي الله عليه و اله: ج3 ص113.

()

الواقه: قيم البيعة، والوقاهية: الوظيفة.

() مكاتيب الرسول صلي الله عليه و اله: ج3 ص165.

() الربعة: الحال التي جاء الاسلام وهم عليها.

() المفرح: المثقل بالدين والكثير العيال.

() الدسيعة: العظيمة.

() اعتبطه: قتله بلا جناية منه توجب قتله.

() يوتغ: يهلك.

() بطانة الرجل: خاصته وأهل بيته.

()أي علي الرضا به.

() انظر (مكاتيب الرسول صلي الله عليه و اله): ج1 ص241.

() جاء في بعض الاحصائيات القديمة أن المسلمين في زامبيا تبلغ نسبتهم من مجموع السكان 2.4%. وفي أنغولا نسبتهم من مجموع السكان 15%. وفي ناميبيا نسبتهم من مجموع السكان 0.4%. وفي ليسوتو نسبتهم من مجموع السكان 5%. وفي جنوب إفريقيا نسبتهم من مجموع السكان 0.2%. وفي جزر ريونيون نسبتهم من مجموع السكان 20%. وفي غانا نسبتهم من مجموع السكان 30%. وفي غينيا نسبتهم من مجموع السكان 35%. وفي كينيا نسبتهم من مجموع السكان 35%. وفي موزمبيق نسبتهم من مجموع السكان 25%. وفي أوغندا نسبتهم من مجموع السكان 40%. وتبلغ نسبة المسلمين في السنغال 95% من السكان، وفي مالي تبلغ نسبة المسلمين 95%، وفي ليبيريا 45% نسبة المسلمين في ليبيريا.

أما المسلمون في جزر المحيط الأطلسي ففي جزر الرأس الأخضر نسبتهم من مجموع السكان 11%. وفي جزر برنسيب وساتوس نسبتهم من مجموع السكان 21%. وفي جزر انوبون نسبتهم من مجموع السكان 25%. أما في إندونيسيا فتبلغ نسبة المسلمين 90% أي حوالي 170 مليون مسلم.

ولا يخفي أنه لم يذكر في التأريخ أن الاسلام دخل هذه البلاد بالفتوحات، بل انتشر عن طريق التجار والعلماء والمبلغين والمهاجرين والمهجرين من المسلمين الذين كانوا قد التجأوا إلي هذه البلاد هربا من بطش طغاة بني أمية وبني العباس ومن أشبه.

ووصل الإسلام إلي الفيليبين ضمن سلسلة الدعوة الإسلامية التي قام

بها دعاة من أحفاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام منذ عام (270ه)، واستمرت هجرة الدعاة عاماً بعد عام، وفي عام (310 ه) هاجر بعض أحفاد الإمام الصادق عليه السلام إلي العراق للدعوة الإسلامية، بينهم محمد بن يحيي، وأحمد بن عبد الله ومحمد بن جعفر. واستشهد هؤلاء الثلاثة عام 313 ه، وبعد أربع سنوات أي في عام 317 ه، هاجر أحمد بن عيسي المقلب بالمهاجر هو وجمع من أسرته للدعوة الإسلامية، فتوجه إلي اليمن، ومنها هاجر أحفاده إلي جنوب شرق آسيا عبر القارة الهندية، وواصلوا الدعوة هناك، فأقبلت تلك الشعوب علي الإسلام، وتوطدت أركانه هناك، فتأسست سلطنات ودول إسلامية. وقد استطاع هؤلاء الدعاة المخلّصون للإسلام أن يجعلوا من هذه الشعوب الكبيرة بحضارتها شعوباً مسلمة، تنبذ أديانها السابقة، وتقبل علي الدين الجديد عن طيب خاطر وبعقيدة راسخة. وقد ساد الإسلام في جميع أطرافها إلي أن جاء الاستعمار الأسباني في سنة (1521م) بقيادة ماجلاّن لغزو الفيليبين امتداداً للحروب الصليبية، ودارت معارك دامية بينهم وبين المسلمين في الجزر المختلفة، وقد تصدي لهم المسلمون، ودارت بينهم معارك عنيفة وعديدة، أسفرت عن مقتل ماجلاّن قائد الحملة الأسبانية وإبادة جيشه الاّ عدداً قليلاً تمكنوا من الفرار بإحدي سفنهم. ثم توالت الحملات الأسبانية بعد ماجلاّن، حيث حققت الحملات أهدافها بعد أن تغلبت علي الدولة الإسلامية في بينشاياس (جزر في وسط الفيليبين)، ومملكة إسلامية في جزيرة لوزون (شمال الفيليبين)، ولم يبق من هذه الجزر إلاّ جزيرة ميندانا وجزر صولو وتاوي تاوي وباسيلان (جنوب الفيليبين) نتيجة للمقاومات العنيفة من قبل المسلمين بقوة إيمانهم. ثم جاء الاستعمار الأميركي بعد أن تغلب علي الاستعمار الأسباني عام (1899م)، ورأي أن طريقة الأسبان للسيطرة علي هذا البلد غير مجدية

في زمنهم، لذا سلكوا طريقة أُخري للسيطرة علي المسلمين وهي طريقة خفية، إلاّ أنها تهدف كالأولي من حيث السيطرة علي المسلمين، والقضاء عليهم وإطفاء نور الإسلام في تلك البلاد، وذلك عبر الاستيطان أو الهجرة وإفشاء الثقافة المسيحية عبر قنوات التعليم.

() تنقسم البابوية المسيحية إلي ثلاثة أقسام: البابوية الكاثوليكية، والبابوية الأرثوذكسية، والبروتستانتية، ولكل منهم مقر، فمقر البابوية الكاثوليكية هو روما، ومقر البابوية الأرثوذكسية هي القسطنطينية، أما البروتستانتية فهي التي تبنت حركة الإصلاح الديني في أوروبا، وهي كلمة لاتينية تعني الاحتجاج والاعتراض، وهي ثورة واحتجاج علي الكنيسة الكاثوليكية وتسلطها الديني، والبابا مصطلح يراد به الحبر الأعظم والرئيس الأعلي للكنيسة الكاثوليكية أسقف روما، وهو ممثل المسيح في العالم عند الكاثوليك، وبالتالي يعتبره الكاثوليك معصوماً منزهاً عن الخطأ، والبابوية وظيفة شرف وولاية، وهذا ما لا يقره البروتستانت ولا الأرثوذكس، فمنهم من يرفض كل سلطة لروما، ومنهم من لا يعترف لهم إلا برئاسة شرفية. ويعتبر البابا من الناحية السياسية بمثابة رئيس لدولة الفاتيكان الصغيرة الحجم (وهي جزء من مدينة روما) الكبيرة الأهمية المعنوية. وكان أسقف روما الأعظم (البابا) ينتخب من قبل أكليروس روما، والشعب وأساقفة البلاد، إلا أن بسبب الخلافات التي كانت تؤدي إلي مواجهة بين النبلاء وعامة الشعب ألغي هذا اللون من الانتخاب، وفي عام

(1179م) سن البابا (الاسكندر الثالث) قانوناً يعطي الحق لكافة الكرادلة في الاشتراك في انتخاب البابا، كما حدد فوز البابا بنيله ثلثي الأصوات.

() سورة التوبة: 32 33.

() سورة القلم: 4.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12701.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12702.

() الجعفريات: ص151 باب التقوي وحسن الخلق.

() تحف العقول: ص224 باب ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص189 ب6

ح12710.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص189 ب6 ح12711.

() الكافي: ج2 ص55 باب المكارم ح1.

() وسائل الشيعة: ج12 ص173 ب113 ح15998.

() جامع الأخبار: ص123 ف81 في طلب الحاجات.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص192 ب6 ح12719.

() الاختصاص: ص225 حديث في زيارة المؤمن لله.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص193 ب6 ح12721.

() هو الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسي بن محمد بن موسي بن إبراهيم ابن الإمام موسي الكاظم عليه السلام. أمه السيدة فاطمة بنت الحسين بن أبي محمد الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام. كان والده عظيم المنزلة في الدولتين العباسية والبويهية، لقبه أبو نصر بهاء الدين بالطاهر الأوحد، وولي نقابة الطالبيين خمس مرات، ومات وهو النقيب، وله في خدمة الملة والمذهب خطوات بعيدة، والشريف الرضي هو مفخرة من مفاخر مدرسة العترة الطاهرة عليهم السلام، وإمام من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطل من أبطال الدين والعلم والمذهب. أساتذته ومشايخه: أبو سعيد النحوي المعروف بالسيرافي تلمذ عليه في النحو وهو طفل لم يبلغ عمره عشر سنين، وأبو علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي وله منه إجازة، وأبو محمد الشيخ الأقدم هارون بن موسي التلعكبري،وابن نباتة صاحب الخطب، والشيخ الأكبر الشيخ المفيد رحمة الله عليه، قرأ عليه هو وأخوه علم الهدي المرتضي، قال صاحب (الدرجات الرفيعة): كان المفيد رأي في منامه أن فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلي الله عليه و اله دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها: الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين فسلمتهما إليه وقالت له: علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك، فلما تعالي النهار في صبيحة تلك الليلة التي

رأي فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها، وبين يديها ابناها: علي المرتضي ومحمد الرضي صغيرين، فقام إليها وسلم عليها فقالت له: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه. فبكي الشيخ وقص عليها المنام وتولي تعليمهما. أما تلامذته والرواة عنه فهم جمع من أعيان الطائفة وأعلام العامة منهم: شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي، الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الحلواني كما في الإجازات، القاضي أبو المعالي بن قدامة، أبو زيد الحسيني الجرجاني، أبو بكر أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي، محمد بن أبي نصر العكبري المعدل، و …

من أهم تآليفه وكتبه (نهج البلاغة) حيث كان يهتم بحفظه حملة العلم والحديث في العصور المتقادمة حتي اليوم، ويتبركون بذلك كحفظ القرآن الشريف، وعد من حفظته في قرب عهد المؤلف القاضي جمال الدين محمد بن الحسين بن محمد القاساني، فإنه كان يكتب (نهج البلاغة) من حفظه كما ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسته. ومن حفاظه في القرون المتقادمة الخطيب الفارقي، وغيرهم كثير، وقد توالت عليه الشروح منذ عهد قريب من عصر المترجم له بما يربو علي السبعين شرحا، فممن شرحه: السيد علي بن الناصر المعاصر للشريف الرضي شرحه وأسما شرحه ب(أعلام نهج البلاغة) وهو أول الشروح وأقدمها، وأبو حامد عز الدين عبد الحميد الشهير بابن أبي الحديد المعتزلي المدايني، والعلامة الحلي جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر، وغيرهم كثير من العلماء الأعلام، انظر فهرست أبي العباس النجاشي، وفهرست الشيخ منتجب الدين. ومن تأليفاته: خصائص الأئمة عليهم السلام، تلخيص البيان عن مجاز القرآن، حقايق التأويل في متشابه التنزيل وهو تفسيره ذكره

في كتابه (المجازات النبوية) يعبر عنه تارة بحقايق التأويل، ومعاني القرآن، وتعليق خلاف الفقهاء. وتعليقة علي إيضاح أبي علي الفارسي، والحسن من شعر الحسين، وأخبار قضاة بغداد، وسيرة والده ألفه سنة (379ه) وذلك قبل وفاة والده بإحدي وعشرين سنة، وكثير غيرها.

انشأ دار العلم التي يقول عنها ابن خلكان: أنه اتخذ لتلامذته عمارة سماها (دار العلم) وأرصد لها مخزنا فيه جميع حاجياتهم من ماله، وأنه عندما أهدي لهم الوزير المهلبي هدية علي كره وإباء من الشريف لم يمد أحد منهم يدا إلي شيء منها، وكيف يرمقها أحدهم ببصره، وهو مكفي المئونة غني النفس صادق النية في طلب العلم، إن (دار العلم) ليست مدرسة فقط، بل ومكتبة أيضا، وهي ثالثة المكتبتين الشهيرتين ببغداد: (بيت الحكمة)، والمكتبة التي انشأها وزير شرف الدولة البويهي أبو نصر سابور بن أزدشير سنة (381ه)، وقد حدث عنها ياقوت واطراها، وكان الخازن لمكتبة (دار العلم) أبو احمد عبد السلام بن الحسين البصري صاحب الصيت الذائع في علم تقويم البلدان. وكان لعبد السلام هذا مجمع علمي خاص ببغداد، وينعقد له يوم الجمعة كل أسبوع. وكان هناك مجامع عامة أحدها مجمع زعيمه الشريف الرضي يحضره الأدباء علي اختلافهم، وآخر لأخيه (الشريف المرتضي) وهو من المجامع العقائدية والكلامية العامة، وثالث للوزير أبي نصر، وآخر للشيخ المفيد يحضره الفقهاء، وكانت المحاضرات العامة تلقي علي الناس في هذه المجامع.

لقبه بهاء الدولة بالشريف الأجل، وبذي المنقبتين، وبالرضي ذي الحسبين، وأمر أن تكون مخاطباته ومكاتباته بعنوان (الشريف الأجل) وهو أول من خوطب بذلك من الحضرة الملوكية. تولي الشريف نقابة الطالبيين، وإمارة الحاج والنظر في المظالم وهو ابن(21 عاما) علي عهد الطائع، وصدرت الأوامر بذلك من بهاء الدولة وهو بالبصرة، ثم

عهد إليه بولاية أمور الطالبيين في جميع البلاد فدعي(نقيب النقباء) وأتيحت للشريف الخلافة علي الحرمين علي عهد القادر، تولي الشريف الرضي هذه الإمارة منذ صباه في أكثر أيام حياته ووزيرا لأبيه ونائبا عنه، ومستقلا بها من سنة (380 ه)، وله فيها مواقف عظيمة سجلها التاريخ وأبقي له ذكري خالدة.

توفي في بغداد سنة (406ه) وعند وفاته حضر إلي داره الوزير أبو غالب فخر الملك وسائر الوزراء والأعيان والأشراف والقضاة حفاة ومشاة، وصلي عليه فخر الملك ودفن في داره الكائنة في محلة الكرخ بخط مسجد الأنباريين، ولم يشهد جنازته أخوه الشريف المرتضي ولم يصل عليه، ومضي من جزعه عليه إلي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام لأنه لم يستطع أن ينظر إلي تابوته، ومضي فخر الملك بنفسه آخر النهار إلي أخيه المرتضي بالمشهد الكاظمي فألزمه بالعود إلي داره. وذكر كثير من المؤلفين نقل جثمانه إلي كربلاء المشرفة بعد دفنه في داره بالكرخ فدفن عند أبيه أبي أحمد الحسين بن موسي، ويظهر أن قبره كان في القرون الوسطي مشهورا معروفا في الحائر المقدس، قال صاحب (عمدة الطالب): وقبره في كربلاء ظاهر معروف. وقال في ترجمة أخيه المرتضي: دفن عند أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة مشهورة.

() هو أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي البغدادي نزيل درب رياح بالكرخ، هو من أرفع رايات الأدب العربي المنشورة بين المشرق والمغرب، يشهد بذلك ديوانه الضخم الفخم في أجزائه الأربعة الطافح بأفانين الشعر وفنونه وضروب التصوير وأنواعه، فهو يكاد في قريضه يلمسك حقيقة راهنة مما ينضده، ويذر المعني المنظوم كأنه تجاه حاستك الباصرة.

ولعمر الحق إن من الغرائب أن فارسيا في العنصر يحاول قرض الشعر العربي فيفوق أقرانه ولا يتأتي لهم قرانه، ويقتدي به عند

الورد والصدر، ولا بدع أن يكون من تخرج علي أئمة العربية من بيت النبوة وعاصرهم وآثر ولائهم واقتص أثرهم كالعلمين الشريفين: المرتضي والرضي وشيخهما المفيد ونظرائهم، وما يضره أمسه إن كان مجوسيا فارسيا فيه، وها هو في يومه مسلم في دينه، علوي في مذهبه، عربي في أدبه، وها هو يحدث شعره عن ملكاته الفاضلة، ويتضمن ديوانه آثار نفسياته الكريمة، ولو كان يؤاخذ بشيء من ماضيه لكان من الواجب مؤاخذة الصحابة الأولين كلهم علي ماضيهم التعيس، غير أن الإسلام يجب ما قبله، فتراه يتبهج بسؤدد عائلته المالكة التي هي أشرف عائلات فارس، ويفتخر بشرف إسلامه وحسن أدبه بقوله:

أنا من يرضيك عند النسب

لا تخالي نسبا يخفضني

ومشوا فوق الرؤوس الحقب

قومي استولوا علي الدهر فتي

وبنوا أبياتهم بالشهب

عمموا بالشمس هاماتهم

أين في الناس أب مثل أبي

وأبي كسري علي إيوانه

شرف الاسلام لي والأدب

سورة الملك القدامي وعلي

وقبست الدين من خير نبي

قد قبست المجد من خير أب

سودد الفرس ودين العرب

وضممت الفخر من أطرافه

أسلم المترجم علي يد الشريف الرضي سنة (394 ه) وتخرج عليه في الأدب والشعر، وتوفي ليلة الأحد لخمس خلون من جمادي الثانية سنة (428ه). ومن نماذج شعر مهيار يمدح أهل البيت? قوله:

أذمم يومي وأرجو غدي

وكم أتعلل عيش السقيم

وأصبح عن نيلها مقعدي

لئن نام دهري دون المني

فلي أسوة ببني أحمد

ولم أك أحمد أفعاله

إذا ولد الخير لم يولد

بخير الوري وبني خيرهم

وميت توسد في ملحد

وأكرم حي علي الأرض قام

وطال عليا علي الفرقد

وبيت تقاصر عنه البيوت

ويصبح للواحي دار الندي

تحوم الملائك من حوله

من استوجب اللوم أو فند

ألا سل قريشا ولم منهم

لم تشكروا نعمة المرشد

وقل ما لكم بعد طول الضلال

بكم جائرين عن المقصد

أتاكم علي فترة فاستقام

ومن سن ما سنه يحمد

وولي حميدا إلي ربه

لحيدر بالخبر المسند

وقد جعل الأمر من بعده

لو

اتبع الحق لم يجحد

وسماه مولي بإقرار من

ومن يك خير الوري يحسد

فملتم بها حسد الفضل عنه

ألا إنما الحق للمفرد

وقلتم بذاك قضي الاجتماع

تلاعب تيم بها أو عدي

يعز علي هاشم والنبي

إذا آية الإرث لم تفسد

وإرث علي لأولاده

ومن ثائر قام لم يسعد

فمن قاعد منهم خائف

منهم علي سيد سيد

تسلط بغيا أكف النفاق

ولا عنفوا في بني المسجد

وما صرفوا عن مقام الصلاة

فأنقص مفاخرهم أو زد

أبوهم وأمهم من علمت

عليلا له الموت بالمرصد

أري الدين من بعد يوم الحسين

إذا أنت قست بمستبعد

وما الشرك لله من قبله

أعادوا الضلال علي من بدي

وما آل حرب جنوا إنما

بأي نكال غدا يرتدي

سيعلم من فاطم خصمه

فباء بقتلك ماذا يدي

ومن ساء أحمد يا سبطه

لو أن مولي بعبد فدي

فداؤك نفسي ومن لي بذاك

يقوت الردي وأكون الردي

وليت دمي ما سقي الأرض منك

أمامك يا صاحب المشهد

وليت سبقت فكنت الشهيد

عداك قلب مغيظ بهم مكمد

عسي الدهر يشفي غدا من

عسي يغلب النقص بالسودد

عسي سطوة الحق تعلو المحال

أري كبدي بعد لم تبرد

وقد فعل الله لكنني

يلبي لها كل مستنجد

بسمعي لقائمكم دعوة

إذا القول بالقلب لم يعقد

أنا العبد والاكم عقده

وإن كان في فارس مولدي

وفيكم ودادي وديني معا

ولولاكم لم أكن أهتدي

خصمت ضلالي بكم فاهتديت

يد الشرك كالصارم المغمد

وجردتموني وقد كنت في

ينقل فيكم إلي منشد

ولا زال شعري من نائح

إذا فاتني نصركم باليد

وما فاتني نصركم باللسان

انظر ترجمته والقصيدة والقصائد الأخري في الغدير: ج4 ص238.

() انظر كتاب (مهيار الديلمي) نشر سلسلة أعلام الفكر العربي، وفيه أيضاً شعره، وأنه كان الشاعر الأوحد في العصر البويهي بعد السيد الرضي.

() الدعوات: ص39 ب1 ف2 ح94.

() ثورة التنباك: هي ثورة عارمة ضد الاستعمار الإنجليزي في ايران، قادها الإمام السيد محمد حسن المجدد الشيرازي الكبير رحمة الله عليه، حيث كان قد أصدر فتواه الشهيرة ضد احتكار الانجليز لبيع وشراء التنباك في ايران

ونصها: ?استعمال التنباك والتتن حرام بأي نحو كان، ومن استعمله كان كمن حارب الإمام المنتظر عليه السلام ?، مما سبب الغاء الاتفاقية وخروج الإنجليز من إيران.

والمجدد الشيرازي هو آية الله العظمي السيد محمد حسن الشيرازي، عميد أُسرة الشيرازي، ولد في (15 جمادي الأولي 1230ه)، هاجر إلي النجف الأشرف سنة (1259ه) ثم إلي سامراء (1291ه). تتلمذ عند العلماء الأعلام كالسيد حسن المدرس والمحقّق الكلباسي وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري. كان عالماً وإماماً، وفقيهاً ماهراً مدققاً، ورئيساً دينياً، ورعاً تقياً، راجح العقل، ثاقب الفكرة، بعيد النظر، مصيب الرأي، حسن التدبير، واسع الصدر، طليق الوجه، صاحب فراسة، قوي الحفظ علي جانب عظيم من كرم الأخلاق. بلغ من الرئاسة وجلالة الشأن مبلغاً لم يكن لأحد من الأمراء والملوك في أيامه، وكان كثير الرفق بالطلاب والحنو عليهم وحسن العشرة معهم. وكان في عصره من أكابر العلماء والمجتهدين كالشيخ محمد طه نجف والسيد كاظم اليزدي وغيرهم. وقد اتفق العلماء علي تقديمه رحمة الله عليه بعد وفاته الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه كزعيم للطائفة. خرج إلي سامراء سنة (1291ه) وبخروجه إليها صارت إليها الرحلة، وتردد إليها الناس وأصحاب الحاجات من أقطار الدنيا، وأقيم فيها الدروس العلمية وقصدها طلاب العلوم الدينية، وشيدت فيها المدارس والدور. توفي رحمة الله عليه في سامراء سنة (1321ه) وحمل إلي النجف الأشرف، ودفن في الصحن العلوي الشريف، وأقيمت له مجالس الفاتحة في جميع مدن العراق وإيران وغيرها من بلاد الشيعة. انظر أعيان الشيعة: ج5 ص304.

() كقيادة الإمام الشيرازي رحمة الله عليه لثورة العشرين وهي ثورة عارمة ضد الاحتلال الإنجليزي في العراق عام (1338ه 1920م)، حيث أصدر الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي رحمة الله عليه قائد الثورة، والذي كان المرجع

الأعلي للطائفة في زمانه، فتواه الشهيرة ضد التواجد الانكليزي في العراق، مما اشعل العراق تحت أقدام المحتلين فاضطروا للخروج بعد الخيبة والانكسار، وكان نص الفتوي: (مطالبة الحقوق واجبة علي العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم والأمن، ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانجليز عن قبول مطالبهم). للتفصيل في ثورة العشرين ودور العلماء فيها راجع كتاب (الحقائق الناصعة) لمزهر آل فرعون.

() هو الشهيد العلامة السيد مهدي الحكيم رحمة الله عليه، الابن الثالث للمرجع الديني الأعلي الإمام السيد محسن الحكيم رحمة الله عليه. ولد في مدينة النجف الأشرف سنة (1935م) وتلقي علومه فيها، انتقل إلي بغداد أواخر عام (1963م) ليمثل والده في العاصمة كما كان من المؤسسين لجماعة علماء بغداد والكاظمية، وهناك قام بدور مهم في التحرك الإسلامي الذي شهده العراق عام (1963م)، وقد اتهم من قبل النظام الحاكم في بغداد بالعمالة الأجنبية والتآمر علي النظام كما هي عادة أنظمة الحكم الفاسدة، فهاجر عام (1969م) خفية إلي السعودية ثم إلي الأردن، وبعدها إلي الباكستان ثم إلي الإمارات العربية المتحدة وتولي الإشراف علي العديد من ا لمشاريع الإسلامية أهمها تأسيس مجلس الأوقاف الجعفري. واخيراً استقر في لندن فأسس حركة الأفواج الإسلامية العراقية، ورابطة أهل البيت عليهم السلام الإسلامية العالمية، ومركز أهل البيت عليهم السلام، ولجنة رعاية المهجرين العراقيين في إيران، وقد تعرض لأربع محاولات اغتيال، بعد أن حكم عليه بالإعدام غيابياً، فتم اغتياله علي يد أزلام نظام العفالقة البعثيين في السودان في محل إقامته في فندق (الهيلتون) القائم في الخرطوم، حيث كان يحضر مؤتمراً دينياً هناك في مساء يوم(17/1/1988م).

() سورة طه: 114.

() الشيخ الرئيس ابن سينا (370 428ه) هو الحسين بن عبد الله بن سينا،

أبو علي، الفيلسوف الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات. ذهب إلي المكتب وعمره خمس سنين، واستغني عن الأصول العربية والقواعد الأدبية وله من العمر عشر سنين، فتلمذ عند محمود مساح في علوم الحساب والهندسة والجبر والمقابلة بإشارة والده، قرأ المنطق من أقسام مسائل الحكمة والاقليدس والمجسطي علي الحكيم عبد الله بابلي في بخارا، وبعد ذلك اشتغل في الحكمة الطبيعية والإلهية، ففتحت له أبواب العلوم. ثم اشتغل بتحصيل علم الطب، فترقي في زمان قليل، فصار وحيدا في ذلك الفن، ومع ذلك كان يدرس مسائل الفقه والأصول. فلما بلغ سن الثامنة عشر فرغ من جميع العلوم المنطقية والرياضية والطبيعية، فمال إلي علم ما بعد الطبيعة، فاشتغل بمطالعة ما كتب في ذلك العلم.

صنف نحو مائة كتاب، بين مطول ومختصر، ونظم الشعر الفلسفي الجيد، ودرس اللغة مدة طويلة حتي باري كبار المنشئين. أشهر كتبه (القانون) في الطب، يسميه علماء الفرنج (Canonmedicina) بقي معولا عليه في علم الطب ستة قرون، ترجمه الفرنج إلي لغاتهم وكانوا يتعلمونه في مدارسهم، وطبعوه بالعربية في روما وهم يسمون ابن سينا: (Avicenne) وله عندهم مكانة رفيعة. ومن تصانيفه (المعاد) رسالة في الحكمة، و(الشفاء) في الحكمة، و(السياسة)، و(أسرار الحكمة المشرقية)، وأرجوزة في (المنطق)، ورسالة (حي بن يقظان)، و(أسباب حدوث الحروف)، و(الإشارات) و(الطير)، و(أسرار الصلاة). قيل: كان الطب معدوما فأوجده بقراط، وكان ميتا فأحياه جالينوس، وكان متفرقا فجمعه الرازي، وكان ناقصا فأكمله ابن سينا. انظر: طرائف المقال: ج2 ص488 ب10 ترجمة ابن سينا، والأعلام: ج2 ص241 الرئيس ابن سينا.

() الخواجة نصير الملة والدين الطوسي، هو المحقق المتكلم الحكيم المتبحر الجليل، محمد بن محمد بن الحسن الطوسي(قده) صاحب كتاب تجريد العقائد، وكتاب التذكرة النصيرية، وكتاب تحرير

أقليدس، وتحرير المجسطي، وشرح الإشارات، والفصول النصيرية، والفرائض النصيرية، والأخلاق الناصرية، وكثير غيرها.

ومن جملة أمره المشهور المنقول حكاية استيزاره للسلطان هولاكو بن جنكيزخان، وكان ذلك لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور، والحفاظ علي أرواح العلماء والكتب المخطوطة النفيسة.

بفضل علمه الجم أصبح ذا حرمة وافرة ومنزلة كبيرة عند هولاكو خان سلطان التتار، فعمل الرصد الكبير في مراغة واتخذ قبة وخزانة عظيمة ملأها بالكتب النفيسة، حتي قيل: إنه تجمع فيها مايزيد علي أربعمائة ألف مجلد، ولما أمر هلاكو خان المحقق بالرصد، واختار مراغة من اعمال تبريز لبناء الرصد، فرصد فيه واستنبط عدة من الآلات الرصدية. وكان من أعوانه علي الرصد من العلماء وتلاميذه جماعة أرسل إليهم هلاكو وأمر بإحضارهم. منهم: العلامة قطب الدين محمود الشيرازي صاحب شرف الأشراف والكليات، وهو فاضل حسن الخلق والسيرة مبرز في جميع أنواع الحكمة، محقق مدقق مفيد ومستفيد في صحبة المحقق الطوسي، ومنهم مؤيد الدين العروضي الدمشقي، وكان متبحرا في الهندسة وآلات الرصد، ومنهم فخر الدين كان طبيبا فاضلا حاذقا. ومنهم نجم الدين القزويني، وكان فاضلا في الحكمة والكلام. ومنهم محي الدين الأخلاطي، وكان فاضلا مهندسا في العلوم الرياضية، ومنهم محي الدين المغربي، وكان مهندسا فاضلا في العلوم الرياضية وأعمال الرصد. ومنهم نجم الدين الكاتب البغدادي، وكان فاضلا في أجزاء الرياضية والهندسة وعلم الرصد وكاتبا مصورا، ومات المحقق الخواجة، وبان النقص في كتاب الزيج، ولنقصهم عن ذلك لم يتموه، فلذلك بقي الخلل فيه فصار متروكا. ولد ? بمشهد طوس في سنة (597ه)، وتوفي في سنة (672ه) ودفن في مقابر قريش في الكاظمية. انظر روضات الجنات: ج6 ص300 باب ما أوله الميم، والكني والألقاب: ج3 ص208، وأمل

الآمل: ج2 ص299 باب الميم ح904.

() وعثاء السفر: مشقته وشدته. لسان العرب مادة (وعث).

() تسمي الصحراء بالمفازة لأن من خرج منها وقطعها فاز، انظر لسان العرب مادة (فوز).

() عدة الداعي: ص76 ب2 ق6.

() سورة الملك: 2.

() سورة الإسراء: 84.

() الكافي: ج2 ص16 باب الإخلاص ح4.

() بحار الانوار: ج20 ص202 ب17 غزوة الأحزاب وبني قريضة.

() المناقب: ج2 ص115 فصل في حلمه وشفقته عليه السلام.

() عدة الداعي: ص217 ب4 ق3 الخاتمة.

() سورة القيامة: 20-21.

() للمزيد والتفصيل راجع الكتب التالية: (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام)، و(طريق النجاة)، و(ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين)، و(السبيل لإنهاض المسلمين)، و(الدولة الإسلامية)، وكثير غيرها مما أجاد به يراع الإمام الراحل رحمة الله عليه.

() عدة الداعي: ص72 ب2 ق6.

() مصباح الكفعمي: ص550 ف44 فيما يعمل في شعبان.

() سورة النحل: 125.

() سورة الإسراء: 28.

() سورة طه: 44.

() سورة البقرة: 256.

() سورة الجن: 20.

() سورة الفاتحة: 5.

() سورة البقرة: 265.

() سورة الأنعام: 162.

() سورة سبأ: 28.

() سورة الطلاق: 11.

() سورة المائدة: 15-16.

() تحف العقول: ص57 ما روي عنه صلي الله عليه و اله في قصار هذه المعاني.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص44 ق1 ب1 ف2 ح137.

() بحار الأنوار: ج2 ص25 ب8 ح81.

() الكافي: ج1 ص41 باب بذل العلم ح3.

() تحف العقول: ص45 ما روي عن النبي صلي الله عليه و اله في قصار هذه المعاني.

() قرب الإسناد: ص156 ما روي عن الرضا عليه السلام.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 410.

() عدة الداعي: ص84 ب2 ف6.

() المحجة البيضاء: ج8 ص126 ب2.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص99 ب8 ح86.

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص329 باب التواضع وفضل خدمة الضيف ح186.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص197 ق2 ب2 ف7

ح3901.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص197 ق2 ب2 ف7 ح3898.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص197 ق2 ب2 ف7 ح3896.

() وسائل الشيعة: ج1 ص76 ب16 ح171.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص153 ق1 ب6 ف4 ح2841.

() تحف العقول: ص413 ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() بحار الأنوار: ج75 ص381 ب31 ح1.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.