شهر رجب

اشارة

اسم الكتاب: شهر رجب

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: شهر رجب

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1425 ق

الطبعة: اول

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي الهادي البشير، والسراج المنير، محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

أمّا بعد، فقد اختار الله تعالي بعض أشهر السنة علي بعض، وفضّلها علي سائر الشهور بفضائل عديدة، يعود نفعها أوّلاً وآخراً إلي الإنسان نفسه وقد دُعي إلي الاستفادة منها، وإلا فإن الله عزوجل هو الغني المطلق.

كما قال تعالي: ?وَرَبّكَ الْغَنِيّ ذُو الرّحْمَةِ?().

وقال عزوجل: ?يا أَيّهَا النّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَي اللّهِ وَاللّهُ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ?().

فمن خيرة أشهر السنة كما في الآيات والروايات هي (رجب وشعبان ورمضان) التي اختصّت بالبركات، وحبيت بالفضائل والمناقب المباركة، بحيث لا تضاهيها في الفضل بقية الأشهر.

وفي هذه الأشهر المباركة هناك العديد من الأعمال والأدعية المأثورة مضافاً إلي المناسبات المباركة التي دعانا رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام إلي تعظيمها والاستفادة منها بالشكل المطلوب ليعود نفعها علي البشرية جمعاء.

إنّ هذه الأشهر الثلاثة مليئة بالبركات والفضائل ولكن تحتاج إلي قلوب واعية، وهمم عالية، لكي تستفيد منها علي الوجه الصحيح، وتوصل أهلها إلي طريق السعادة الذي خطّه لنا القرآن الحكيم وبيّنه الرسول الكريم صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام.

وقد قام المرجع الديني الراحل الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي ? بتأليف كتيبات ثلاثة (شهر رجب) و(شهر شعبان) و(شهر رمضان) للإشارة إلي أهمّ الأعمال والمناسبات في هذه الأشهر الثلاثة فضلاً عن طرح بعض الوصايا المفيدة للأُمّة الإسلامية.

مركز الجواد للتحقيق والنشر

بيروت، لبنان

المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطاهرين.

(الأشهر الثلاثة: رجب وشعبان ورمضان) هي من أفضل أشهر السنة، وقد دعا رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام إلي الاهتمام بها وإحيائها بالعبادة والتقرّب

إلي الله عزّوجلّ، خاصّة شهر رمضان المبارك الذي اُنزل فيه القرآن وافترض فيه الصيام.

لذلك وجدت من المفيد أن اُشير إلي بعض الأمور المختصّة بهذه الأشهر في كراريس مستقلة، مضافاً إلي ذكر بعض المناسبات، أما تفصيل ذلك من الأدعية والزيارات فقد ذكرناها في كتاب (الدعاء والزيارة) () والله المستعان.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

1 شهر رجب

أقسام الناس

أقسام الناس

إنّ الناس علي ثلاثة أقسام:

1: أسير الشهوات المادية

قسم من الناس منشغل بحواسه المادية وشهواته الجسدية فقط، فهو يريد أن يأكل الطيّب، وينظر إلي المناظر الجميلة، ويسمع كلّ ما يحبّه، كالغناء والأصوات المطربة، ويشمّ الروائح الزاكية، ويلبس ما يشتهيه، ويذهب إلي حيث يشاء، ويعمل بسفليه ما يريد، ولا يعتني برأي الشرع والعقل أبداً، فالحرام والحلال في كلّ ذلك عنده سواء. ومثل هؤلاء الأشخاص عادة ما يذهب بهم الشيطان إلي حيث يشاء من ارتكاب المحرّمات العقلية والشرعية، وقد عبّر القرآن الكريم عنهم بالحيوانات بل هم أضل حيث قال تعالي: ?إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضل?().

ولا يخفي أنّ تعبير القرآن ب ?أضل? لأنّ الدابة تعمل ما تعمل بلا عقل، ولا حرج عليها، بينما هذا النوع من الناس يخالفون الموازين العقلية والشرعية ولهم عقول، وهذا هو الفارق بين من يتنكّب الطريق وله عينان تبصران، ومن يتنكّبه وهو أعمي، فالأول أسوأ من الثاني، وإن كانا في تنكب الطريق متساويين.

بالطبع في قائمة هؤلاء المنحرفين عادة ما يكون أولئك الحكّام والملوك والخلفاء الذين انغمروا بالباطل وغرقوا في المحرّمات دون أن يلاحظوا أوامر الله تعالي ووعيده للعصاة والمذنبين.

فقد نقل عن أحد هؤلاء الخلفاء الحكام() أنّه لشدة فرطه بالشهوات ترك شؤون الخلافة وبني لنفسه قصراً خارج بغداد بعد أن اصطحب معه جارية جميلة كان اسمها (دريرة) ليرتكب معها كلما يريد ليل نهار، حتّي أنشد الشاعر() فيه:

وتخلي في البحيرة

ترك الناس بحيرة

بل علي حر دريرة

قاعداً يضرب بالط

والبحيرة هي المكان الذي بني فيه قصره.

وقد اشتهر هذا الشعر بين الناس وصار شهرة علي الألسن حتّي تأذّي الخليفة منهم، وترك دريرة ورجع إلي بغداد بعد أن قضي منها وطره.

ونقل أنّ أحدهم كان يلوط بالغلمان وفي نفس الوقت يأمر غلاماً آخر

يلوط به كي يلتذّ من الجانبين!.

ولا يخفي أنّ هذه الحالات ليست قصصاً في التاريخ فحسب، بل أمثال هؤلاء غير بعيدين عنّا اليوم، فما أكثر مثيلاتها اليوم في العالم المادّي الغربي وما أشبه، ولذا كثرت الموبقات والمفاسد في كثير من المجتمعات().

ولذلك فإنّ الله تعالي أكّد علي أهمية العقل ودوره في الثواب والعقاب فقال عزّوجلّ في الحديث القدسي: ?بك اُثيب وبك اُعاقب?().

2: أسير الشهوات النفسية

والقسم الثاني من الناس: هم الذين قد لا يهتّمون بالحواس المادية والشهوات الجسدية من الأكل والشرب والجنس، وإنّما يسيرون وراء شهواتهم النفسية والخيال، من حبّ الرئاسة والكبرياء والسلطة وما أشبه، فهم لا يهتّمون بالمأكل والمشرب وما شابه، وإنّما يحرصون فقط أن يقال لهم: (الرئيس) أو (القائد) أو …

فيركضون وراء الكراسي ولا يهمهم بأي شكل حصلوا علي ذلك، بالظلم والجور وإراقة الدماء وهتك الأعراض وهدر الحقوق و …

سواء أكان هدفهم ملكاً أم إمارة أم خلافة أم رياسة أم غيرها من الألفاظ، إذ أنّ شغل هؤلاء الشاغل هي السيادة والحكم، والعلو والتسلّط.

وهذا القسم من الناس وإن كان أرفع من الأول باعتبار إلاّ أنّه ساقط في درك الجحيم، حيث يقول تعالي: ?تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ?().

وقال سبحانه عن فرعون الذي كان أحد مصاديق هؤلاء: ?إِنّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ?().

وقد اعترف أحد الحكام أنّ الحقّ مع أمير المؤمنين علي عليه السلام ولمّا سئل لماذا تحاربه؟ أخرج خاتمه من جيبه وقال: حتّي يمهر بهذا في أخير الصفحات.

بالطبع فإنّ هذا القسم ممّن يمشي علي رجليه هو دابة في حقيقته، وقد قال سبحانه: ?أَلَمْ نَجْعَل لّهُ عَيْنَيْنِ ? وَلِسَاناً

وَشَفَتَيْنِ ? وَهَدَيْنَاهُ النّجْدَينِ?().

كما أنّ من الناس من جمع بين الأمرين: الحواس والخيال وهو أسوئهما.

3: مطيع العقل والشرع

القسم الثالث هم من لا يهتّمون بالأمرين الأوّلين، بل اهتمامهم فقط بالعقل والشرع، والسير سويّاً علي الصراط المستقيم، ومثال هؤلاء هم الأنبياء والأئمّة والصالحين عليهم السلام وخير مصداق لذلك هو الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الذي ?قَدِ اكْتَفَي مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، ومِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ? إلي أن يقول عليه السلام: ?ولَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ واجْتِهَادٍ، وعِفَّةٍ وسَدَادٍ، فَوَ اللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، ولا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، ولا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً، ولا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً، ولا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ، ولَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَي وأَوْهَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ?().

وقد بلغ الإمام عليه السلام أعلي مراتب العلو النفسي حتي أنّ الرئاسة الدنيوية كانت لا تسوي عنده قدر نعل أو نصف درهم، إلاّ أن يقيم حقّاً أو يدفع باطلاً.

يقول عبد الله بن العباس: دخلت علي أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟

فقلت: لا قيمة لها.

فقال عليه السلام: ?والله لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن أُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً?().

ولذا قال رسول الله صلي الله عليه و اله في حقّه: ?علي مع الحقّ، والحقّ مع علي?().

وقال صلي الله عليه و اله: ?علي مع القرآن والقرآن مع علي?().

وقد بقي أمير المؤمنين عليه السلام علي تلك الحالة العظيمة حتّي قتله ابن ملجم فقال كلمته الخالدة: ?فزت وربّ الكعبة?().

وكما ورد فإنّ ابن ملجم لمّا سأله الإمام عليه السلام عن سبب قتله أجاب قائلاً: أفأنت تنقذ من في النار()؟

وهذه أصناف الناس، وعلي الإنسان أن يربي نفسه ليكون من الفائزين، من الذين حرروا أنفسهم من الشهوات

الجسدية والنفسية وفازوا بالملذات المعنوية من عبادة الله عزوجل ومناجاته والسير في نهج أوليائه الطاهرين من الأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين عليهم السلام، وشهر رجب من تلك الشهور التي يمكن للإنسان أن يبني نفسه فيها بناءً معنوياً ويلتحق بركب الصالحين والصادقين.

قال تعالي: ?يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصّادِقِينَ?().

علي كلّ فإنّ لشهر رجب المعظم منزلة عظيمة عند الله عزوجل، ومكانة كريمة في الشرع الإسلامي وفي مدرسة أهل البيت عليهم السلام دلّت عليها الروايات والأخبار الشريفة، فضلاً عن تلك المناسبات المباركة التي حدثت فيه، والأعمال المهمّة التي ندب إليها أبان هذا الشهر المبارك، ولذا وجدت من الجدير أن أُشير إلي بعض ما يتعلق بهذا الشهر المبارك والله المستعان.

حرمة شهر رجب

هناك الكثير من الروايات المؤكّدة علي حرمة شهر رجب (الأصب) والمصرّحة بأنّ قداسته ليست في الإسلام فقط، بل حتّي في عهد الجاهلية فعندما كان الناس غارقين في الانحراف والضلالة كانوا يقدسون هذا الشهر، لكونه من الأشهر الحرم.

فعن رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إنّ رجب شهر الله ويدعي الأصم وكان أهل الجاهلية إذا دخل رجب يعطّلون أسلحتهم يضعونها فكان الناس يأمنون وتأمن السبل ولا يخاف بعضهم من بعض حتّي ينقضي?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رجب من أشهر الحرم، وأيّامه مكتوبة علي أبواب السماء السادسة?().

الشهر الأصب

سُمّي شهر رجب بالأصب أيضاً لكون الرحمة تصب علي العباد فيه صبّاً، وهذه شرافة لشهر رجب وخصوصية لا تضاهيه فيها سائر شهور السنة ما عدا شهري شعبان ورمضان.

فعن عبد الله بن العبّاس قال: كان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا جاء شهر رجب جمع المسلمين حوله وقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثني عليه، وذكر من كان قبله من الأنبياء فصلّي عليهم ثمّ قال: ?أيّها المسلمون قد أظلّكم شهر عظيم مبارك وهو شهر الأصبّ، يصيب فيه الرحمة علي من عبده إلاّ عبداً مشركاً أو مظهر بدعة في الإسلام، ألا إنّ في شهر رجب ليلة من حرّم النوم علي نفسه قام فيها حرّم الله تعالي جسده علي النار وصافحه سبعون ألف ملك ويستغفرون له إلي يوم مثله فإن عاد عادت الملائكة? ثمّ قال:

?من صام يوماً واحداً من رجب أؤمن الفزع الأكبر واُجير من النار?().

الشهر الأصم

وفي بعض الأحاديث ورد التعبير عن شهر رجب بالأصم وأنه شهر الله عزوجل، قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ألا إن رجب شهر الله الأصم، وإنما سمي الأصم لانفراده من الأشهر الحرم، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي?().

شهر علي أمير المؤمنين عليه السلام

وفي بعض الروايات أن شهر رجب هو شهر أمير المؤمنين علي عليه السلام: عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يصوم رجبا ويقول: ?رجب شهري، وشعبان شهر رسول الله صلي الله عليه و اله، وشهر رمضان شهر الله عزوجل?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?شهر رمضان شهر الله، وشعبان شهر رسول الله صلي الله عليه و اله ورجب شهري?().

بناء النفس

إنّ شهر رجب وكذلك من بعده شهر شعبان ورمضان، هي خير مدرسة للإنسان كي يهذّب فيها روحه ويزكّي نفسه الأمّارة بالسوء، وذلك عبر الاتّصال بالله تعالي والتقرّب إليه أكثر من سائر شهور السنة.

ويستحب للإنسان أن يدعو في أول رجب بأن يبارك الله له ذلك، وكذلك شهر شعبان وأن يبلغه شهر رمضان. فعن النبي صلي الله عليه و اله أنه كان إذا رأي هلال رجب قال: ?اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا شهر رمضان?().

وحيث إنّ هذه الشهور الثلاثة مليئة بالعبادات والأدعية المأثورة والبرامج الروحية العظيمة الثواب، فيسهل علي الإنسان فيها كي يبني نفسه ويربّي ذاته كما يريد الله عزّوجلّ.

وفي واقع الأمر إنّ أعمال هذه الشهور الثلاثة تساهم بقوّة في بناء الذات وتربية النفس وترويضها علي طاعة الله وعبادته، ولذا فمن الضروري علي المسلمين أن يهتّموا بمثل هذه الأعمال ويواظبوا عليها ويحرصوا علي أدائها، حتّي يوفّقوا لبناء أنفسهم وصياغتها صياغة إسلامية كما أراد الله تعالي لها.

فمن أهم هذه الأعمال المستحبّة في هذا الشهر المبارك هي

الصيام.

صوم رجب المرجب

أكّد رسول الله صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام في أخبارهم علي صيام هذه الأشهر الثلاثة والتي منها شهر رجب، ودعوا المسلمين قاطبة إلي الالتزام بصيامه() وصيامها().

فمن الأخبار الواردة في استحباب صيام شهر رجب الأصبّ ما يلي:

لو صاموا هؤلاء

عن ثوبان قال: كنّا والنبي صلي الله عليه و اله في مقبرة فوقف، ثمّ مرّ ثمّ وقف ثمّ مرّ، فقلت: بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله ما وقوفك بين هؤلاء القبور؟

فبكي رسول الله صلي الله عليه و اله بكاءً شديداً وبكيت، فلمّا فرغ قال: ?يا ثوبان، هؤلاء معذّبون في قبورهم، سمعت أنينهم فرحمتهم ودعوت الله أن يخفّف عنهم ففعل، ولو صاموا هؤلاء أيّام رجب وقاموا فيها ما عذّبوا في قبورهم?.

فقلت: يا رسول الله، صيامه وقيامه أمان من عذاب القبر؟

قال: ?نعم يا ثوبان، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، ما من مسلم ولا مسلمة يصوم يوماً من رجب، وقام ليله يريد بذلك وجه الله تعالي، إلاّ كتب الله تعالي له عبادة ألف سنة، صيام نهارها وقيام ليلها، وكأنّما حجّ ألف حجّة واعتمر ألف عمرة من مال حلال، وكأنّما غزا ألف غزوة وأعتق ألف رقبة من ولد إسماعيل، وكأنّما تصدّق بألف دينار، وكأنّما اشتري أُساري أُمّتي فأعتقهم لوجه الله، وكأنّما أشبع ألف جائع، وآمنه الله تعالي من عذاب القبر وهول منكر ونكير?.

قيل: يا رسول الله، هذا الثواب كلّه لمن صام يوماً واحداً أو قام ليلة من شهر رجب؟

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?هذا لمن لا ينكر قدرة الله عزّوجلّ?.

ثمّ قيل: يا رسول الله، ثواب رجب أبلغ أم ثواب شهر رمضان؟

فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ليس علي ثواب رمضان قياس، ولكن شهر رجب شهر

عظيم?().

هل صمت في هذا الشهر؟

عن علي بن سالم عن أبيه قال: دخلت علي الصادق جعفر ابن محمّد عليهما السلام في رجب وقد بقيت منه أيّام، فلمّا نظر إليّ قال لي: ?يا سالم هل صمت في هذا الشهر شيئاً?؟

قلت: لا والله يا بن رسول الله.

فقال لي: ?لقد فاتك من الثواب ما لم يعلم مبلغه إلاّ الله عزّوجلّ، إنّ هذا شهر قد فضّله الله وعظّم حرمته، وأوجب للصائمين فيه كرامته?.

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فإن صمت ممّا بقي شيئاً، هل أنال فوزاً ببعض ثواب الصائمين فيه؟

فقال: ?يا سالم من صام يوماً من آخر هذا الشهر كان ذلك أماناً له من شدّة سكرات الموت، وأماناً له من هول المطلع وعذاب القبر، ومن صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز علي الصراط، ومن صام ثلاثة أيّام من آخر هذا الشهر أمن يوم الفزع الأكبر من أهواله وشدائده، وأُعطي براءة من النار?().

صوم المتقين

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رجب من أشهر الحرم، وأيّامه مكتوبة علي أبواب السماء السادسة، فإذا صام الرجل منه يوماً وجوّد صومه بتقوي الله نطق الباب ونطق اليوم فقالا: يا ربّ اغفر له، وإن لم يتم صومه بتقوي الله ولم يستغفر قالا: خدعت من نفسك?().

رضوان الله الأكبر

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ألا فمن صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر?().

من صام يوما من رجب

عن النبي صلي الله عليه و اله: ?من صام يوماً من رجب إيمانا واحتسابا جعل الله تبارك وتعالي بينه وبين النار سبعين خندقا، عرض كل خندق ما بين السماء إلي الأرض?().

وعن النخعي عن النوفلي قال: سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول: والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد عليه السلام زهدا وفضلا وعبادة وورعا، فكنت أقصده فيكرمني ويقبل عليّ، فقلت له يوما: يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا؟ فقال وكان والله إذا قال صدق : ?حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: من صام من رجب يوماً إيمانا واحتسابا غفر له?().

صوم اليوم 25

عن الإمام الرضا عليه السلام قال: ?من صام خمسا وعشرين من رجب، جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة سبعين سنة?().

صوم اليوم 26

عن الإمام الرضا عليه السلام قال: ?من صام يوم السادس والعشرين من رجب جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة ثمانين سنة?().

نهر في الجنة

عن أبي الحسن عليه السلام قال: ?رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلي من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر?().

أين الرجبيون؟

عن أبي رمحة الحضرمي قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي عليه السلام يقول: ?إذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش: أين الرجبيون؟ فيقوم أناس يضي ء وجوههم لأهل الجمع، علي رءوسهم تيجان الملك، مكللة بالدر والياقوت، مع كل واحد منهم ألف ملك عن يمينه، وألف ملك عن يساره، يقولون: هنيئا لك كرامة الله عزوجل يا عبد الله، فيأتي النداء من عند الله جل جلاله: عبادي وإمائي، وعزتي وجلالي لأكرمن مثواكم، ولأجزلن عطاياكم، ولأوتينكم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين، إنكم تطوعتم بالصوم لي في شهر عظمت حرمته وأوجبت حقه، ملائكتي أدخلوا عبادي وإمائي الجنة? ثم قال جعفر بن محمد عليه السلام: ?هذا لمن صام من رجب شيئا ولو يوما واحدا من أوله أو وسطه أو آخره?().

صوم اليوم الأوّل

ثم إنّ صيام شهر رجب الأصب كلّه مستحبّ إلاّ أنّ بعض أيّامه أكثر استحباباً، ومنها اليوم الأوّل:

من صام رغبة في الثواب

قال الإمام الرضا عليه السلام: ?من صام أوّل يوم من رجب رغبة في ثواب الله عزوجل وجبت له الجنّة?().

وجبت له الجنة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من صام أوّل يوم من رجب وجبت له الجنّة?().

وصية نوح عليه السلام

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إنّ نوحاً عليه السلام ركب السفينة أوّل يوم من رجب، فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة?().

صيام أكثر من يوم

بالإضافة إلي الأخبار الكثيرة الواردة في استحباب أصل صيام شهر رجب، فإن هناك روايات اُخري تحثّ علي صيام أكثر من يوم في هذا الشهر، مشيرة إلي عظيم الثواب لكلّ من يوفّق إلي ذلك.

فعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ?من صام من رجب يوماً أغلق باباً من أبواب النيران?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب ثلاثة أيّام جعل الله بينه وبين النار خندقاً أو حجاباً طوله مسيرة سبعين عاماً?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب سبعة أيّام فإنّ لجهنّم سبعة أبواب، يغلق الله عليه بصوم كلّ يوم باباً من أبوابها، ومن صام من رجب ثمانية أيّام فإنّ للجنّة ثمانية أبواب، يفتح الله له بصوم كلّ يوم باباً من أبوابها، وقال له: ادخل من أي أبواب الجنان شئت?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب أربعة عشر يوماً أعطاه الله من الثواب ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر، من قصور الجنان التي بنيت بالدرّ والياقوت?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب ستّة عشر يوماً كان في أوائل من يركب علي دواب من نور تطير بهم في عرصة الجنان إلي دار الرحمن?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب ثمانية عشر يوماً زاحم إبراهيم عليه السلام في قبّته في قبّة الخلد علي سرر الدرّ والياقوت، ومن صام من رجب تسعة عشر يوماً بني الله له قصراً من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم عليهما السلام في جنّة عدن، فيسلّم عليهما

ويسلّمان عليه تكرمة له وإيجاباً لحقّه?.

ثمّ قال: ?ومن صام من رجب ثلاثين يوماً نادي مناد من السماء: يا عبد الله أمّا ما مضي فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي، وأعطاه الله عزوجل في الجنان كلّها في كلّ جنّة أربعين ألف مدينة من ذهب، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كلّ قصر أربعون ألف ألف بيت، في كلّ بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، علي كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكلّ طعام وشراب من ذلك لون علي حدة، وفي كلّ بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كلّ سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع، علي كلّ سرير جارية من الحور، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور، تحمل كلّ ذؤابة منها ألف ألف وصيفة تغلفها بالمسك والعنبر إلي أن يوافيها صائم رجب? الحديث().

إنه من ملوك الجنة

عن الإمام الرضا عليه السلام قال: ?من صام أوّل يوم من رجب رغبة في ثواب الله عزّوجلّ وجبت له الجنّة، ومن صام يوماً في وسطه شفع في مثل ربيعة ومضر، ومن صام يوماً في آخره جعله الله عزّوجلّ من ملوك الجنّة وشفّعه في أبيه وأُمّه وابنه وابنته وأخيه وأُخته وعمّه وعمّته وخاله وخالته ومعارفه وجيرانه وإن كان فيهم مستوجب للنار?().

استأنف العمل

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رجب شهر عظيم يضاعف فيه الحسنات، فمن صام يوما من رجب فكأنما صام سنة، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب من جهنم، ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب من الجنة، ومن صام منه عشرة أيام لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، ومن صام منه خمسة عشر يوما نادي مناد من السماء: قد غفر لك ما مضي فاستأنف العمل، ومن زاد زاده الله?().

عبادة تسعمائة عام

عن رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله تعالي له عبادة تسعمائة عام?().

من صام أكثر الشهر

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من صام يوما من رجب وقام ليلة من لياليه، بعثه الله آمنا يوم القيامة، ومر علي الصراط وهو يهلل ويكبر. ومن صام أكثر من ذلك وقام أمر الله تبارك وتعالي المنادي يوم القيامة فينادي: ألا إن فلان بن فلان سعد سعادة لا يشقي بعها. ومن صام أكثر الشهر أعطاه الله تبارك وتعالي في الجنان مدنا وقصورا لا يقدر وصفه الواصفون?().

اشفع لمن شئت

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال:

?من صام من رجب يوما واحدا من أوله أو وسطه أو آخره، أوجب الله له الجنة، وجعله معنا في درجتنا يوم القيامة.

ومن صام يومين من رجب قيل له: استأنف فقد غفر لك ما مضي.

ومن صام ثلاثة أيام من رجب قيل له: غفر لك ما مضي وما بقي فاشفع لمن شئت من مذنبي إخوانك وأهل معرفتك.

ومن صام سبعة أيام من رجب أغلقت عنه أبواب النيران السبعة.

ومن صام ثمانية أيام من رجب فتحت له أبواب الجنة الثمانية فيدخلها من أيها شاء?().

غرفات الجنان

قال أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام: ?من صام سبعة أيام من رجب أجازه الله علي الصراط وأجاره من النار وأوجب له غرفات الجنان?().

من زاد زاده الله

عن أبي الحسن عليه السلام قال: ?إن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب، فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم وقال: من صام ذلك تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام سبعة أيام أغلقت عنه أبواب النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له الجنان الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما أعطي مسألته، ومن زاد زاده الله?().

رضي الله عنه وأرضاه

قال علي بن موسي الرضا عليه السلام: ?من صام أول يوم من رجب رضي الله عنه يوم يلقاه، ومن صام يومين من رجب رضي الله عنه وأرضاه يوم يلقاه، ومن صام ثلاثة أيام من رجب رضي الله عنه وأرضاه وأرضي عنه خصماءه يوم يلقاه، ومن صام سبعة أيام من رجب فتحت أبواب السماوات السبع لروحه إذا مات حتي يصل إلي الملكوت الأعلي، ومن صام ثمانية أيام من رجب فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام من رجب خمسة عشر يوما قضي الله له كل حاجة إلا أن يسأله في مأثم أو قطيعة رحم، ومن صام شهر رجب كله خرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه وأعتق من النار وأدخل الجنة مع المصطفين الأخيار?().

غفران الذنوب

عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ?من صام يوما من رجب في أوله أو في وسطه أو في آخره، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن صام ثلاثة أيام من رجب في أوله وثلاثة أيام في وسطه وثلاثة أيام في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر?().

ثواب صيام الشهر كله

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ألا إن رجب شهر الله الأصم، وهو شهر عظيم، وإنما سمي الأصم لأنه لا يقارنه شهر من الشهور عند الله عزوجل حرمة وفضلا، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الإسلام لم يزدد إلا تعظيما وفضلا.

ألا وإن رجب شهر الله، وشعبان شهري، وشهر رمضان شهر أمتي.

ألا ومن صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب الله عزوجل، وأغلق عنه بابا من أبواب النار، ولو أعطي ملاء الأرض ذهبا ما كان بأفضل من صومه ولا يستكمل أجره بشيء من الدنيا دون الحسنات إذا أخلصه لله عزوجل، وله إذا أمسي دعوات مستجابات إن دعا شيئا في عاجل الدنيا أعطاه الله وإلا ادخر له من الخير أفضل ما دعا به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه.

ومن صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماوات والأرض ما له عند الله من الثواب والكرامة، وكتب له من الأجر مثل أجور عشرة من الصادقين في عمرهم بالغة أعمارهم ما بلغت، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه، ويحشرهم في زمرتهم حتي يدخل الجنة ويكون من رفقائهم.

ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقا أو حجابا طوله مسيرة سبعين عاما ويقول الله عزوجل له عند إفطاره:

لقد وجب حقك عليّ ووجبت لك محبتي وولايتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها، من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال وأجير من عذاب القبر وكتب له أجور أولي الألباب والتوابين الأوابين وأعطي كتابه يمينه في أوائل العابدين.

ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقا علي الله عزوجل أن يرضيه يوم القيامة، وبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر وكتب له عدد رمل عالج حسنات وأدخل الجنة بغير حساب ويقال له: تمن علي ربك ما شئت.

ومن صام من رجب ستة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ أشد بياضا من نور الشمس وأعطي سوي ذلك نورا يستضيء به أهل يوم الجمع القيامة وبعث من الآمنين حتي يمر علي الصراط بغير حساب ويعافي عقوق الوالدين وقطيعة الرحم.

ومن صام من رجب سبعة أيام فإن لجهنم سبعة أبواب يغلق الله لصوم كل يوم بابا من أبوابها، وحرم الله جسده علي النار.

ومن صام من رجب ثمانية أيام فإن للجنة ثمانية أبواب يفتح له بصوم كل يوم بابا من أبوابها ويقال له: ادخل من أي أبواب الجنان شئت.

ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي: لا إله إلا الله، ولا يصرف وجهه دون الجنة، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ لأهل الجمع حتي يقولوا: هذا نبي مصطفي، وإن أدني ما يعطي أن يدخل الجنة بغير حساب.

ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله عزوجل له جناحين أخضرين منضومين بالدر والياقوت يطير بهما علي الصراط كالبرق الخاطف إلي الجنان، وأبدل الله سيئاته حسنات، وكتب من المقربين القوامين لله بالقسط وكأنه عبد الله عز

وجل ألف عام قائما صابرا محتسبا.

ومن صام أحد عشر يوما من رجب لم يواف يوم القيامة عند ربه أفضل ثوابا منه إلا من صام مثله أو زاد عليه.

ومن صام من رجب اثني عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوين من سندس وإستبرق يجير بهما لو دليت حلة منهما إلي الأرض لأضاء ما بين شرقها وغربها وصارت الدنيا أطيب من ريح المسك.

ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظل العرش قوائمها من در، أوسع من الدنيا سبعين مرة، عليها صحاف الدر والياقوت، في كل صفحة سبعون ألف لون من الطعام، لا يشبه اللون اللون ولا الريح الريح، فيأكل منها والناس في شدة شديدة وكرب عظيمة.

ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه الله من الثواب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر، من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت.

ومن صام خمسة عشر يوما وقف يوم القيامة موقف الآمنين فلا يمر به ملك ولا رسول ولا نبي إلا قال: طوبي لك أنت آمن مشرف مقرب مغبوط محبور ساكن الجنان.

ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب علي دواب من نور يطير بهم في عرصة الجنان إلي دار الرحمن.

ومن صام سبعة عشر يوما وضع له يوم القيامة علي الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتي يمر علي الصراط بنور تلك المصابيح إلي الجنان يشيعه الملائكة بالترحيب والتسليم.

ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما زاحم إبراهيم في قبة جنة الخلد علي سرر الدر والياقوت.

ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بني الله له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم

في جنة عدن فيسلم عليهما ويسلمان عليه تكرمة وإيمانا بحقه وكتب له بكل يوم يصوم منه كصيام ألف عام.

ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنما عبد الله عز وجل عشرين ألف عام.

ومن صام من رجب إحدي وعشرين يوما شفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر كلهم من أهل الخطايا والذنوب.

ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادي مناد من السماء: أبشر يا ولي الله من الله بالكرامة العظيمة ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء: طوبي لك يا عبد الله نصبت قليلا ونعمت طويلا طوبي لك إذا كشف الغطاء عنك وأفضيت إلي جسيم ثواب ربك الكريم وجاورت الخليل في دار السلام.

ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما إذا نزل به ملك الموت يري له في صوره شاب عليه حلة من ديباج أخضر علي فرس من أفراس الجنان وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر وبيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان فسقاه إياه عند خروج نفسه فهون عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان ويبعث من قبره ريان حتي يرد حوض النبي صلي الله عليه و اله.

ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنه إذا أخرج من قبره يلقاه سبعون ألف ملك بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت ومعهم طرائف الحلي والحلل فيقولون: يا ولي الله التجأت إلي ربك فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وذلك الفوز العظيم.

ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بني

الله له في ظل العرش مائة قصر من در وياقوت علي رأس كل قصر خيمة حرير من حرير الجنان يسكنها ناعما والناس في الحساب.

ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما وسع الله عليه القبر مسيرة أربعمائة ألف عام وملأ جميع ذلك مسكا وعنبرا.

ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عز وجل بينه وبين النار سبع خنادق كل خندق ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام.

ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله له ولو كان عشارا ولو كانت امرأة فاجرة فجرت سبعين مرة بعد ما أرادت به وجه الله تعالي والخلاص من جهنم يغفر الله لها.

ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادي مناد من السماء: يا عبد الله أما ما مضي فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي وأعطاه الله في الجنان كلها في كل جنة أربعين مدينة وفي كل أربعون ألف ألف قصر كل قصر أربعون ألف ألف بيت في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب علي كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب لكل طعام وشراب من ذلك لون علي حدة في كل بيت أربعون ألف سرير من ذهب طول كل سرير ألف ذراع في ألفي ذراع علي كل سرير جارية من الحور عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور يحمل كل ذؤابة منها ألف ألف ألف وصيفة يغلقها بالمسك والعنبر إلي أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام شهر رجب كله?.

قيل: يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلة كانت به أو امرأة غير طاهرة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟

قال: ?يتصدق في كل يوم برغيف

علي المساكين والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذا الصدقة فينال ما وصفت وأكثر إنه لو اجتمع جميع الخلائق علي أن يقدروا قدر ثوابه من أهل السماوات والأرضين ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات?.

قيل: يا رسول الله صلي الله عليه و اله فمن لم يقدر علي هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟

قال: ?فيسبح الله عزوجل كل يوم من رجب إلي تمام ثلاثين يوما بهذا التسبيح مائة مرة: (سبحان الإله الجليل، سبحان من لاينبغي التسبيح إلا له، سبحان الأعز الأكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل)?().

من عجز عن صوم الشهر كله

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي? ثم قال: ?من صامه كله استوجب علي الله ثلاثة أشياء: مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمة فيما بقي من عمره، وأمانا من العطش يوم الفزع الأكبر? فقام شيخ ضعيف وقال: يا رسول الله صلي الله عليه و اله: إني عاجز عن صيامه كله، فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?صم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها، وأوسط يوم منه وآخر يوم منه فإنك تعطي ثواب من صامه كله?().

الغسل في رجب

من العبادات المستحبة في شهر رجب الغسل علي تفصيل مذكور في كتب الفقه والحديث والأدعية.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وفي وسطه وفي آخره، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه?().

الدعاء والتوسّل والاستغفار

كما ورد التأكيد في شهر رجب علي كثرة الاستغفار والدعاء والتوسّل، إذ أنّ الإجابة فيه سريعة وتلبية الدعوة خلاله لا تؤخّر.

قال أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام: ?رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات?().

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رجب شهر الاستغفار لأُمّتي، أكثروا فيه الاستغفار فإنّه غفور رحيم، وشعبان شهري، استكثروا في رجب من قول: (أستغفر الله) واسألوا الله الإقالة والتوبة فيما مضي والعصمة فيما بقي من آجالكم، وأكثروا في شعبان الصلاة علي نبيّكم وأهله، ورمضان شهر الله تبارك وتعالي استكثروا فيه من التهليل والتكبير والتحميد والتمجيد والتسبيح وهو ربيع الفقراء، وإنّما جعل الله الأضحي لتشبع المساكين من اللحم فأظهروا من فضل ما أنعم الله به عليكم علي عيالاتكم وجيرانكم وأحسنوا جوار نعم الله عليكم وواصلوا إخوانكم وأطعموا الفقراء والمساكين من إخوانكم فإنّه من فطّر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئاً، وسمّي شهر رمضان شهر العتق لأنّ لله في كلّ يوم وليلة ستمائة عتيق وفي آخره مثل ما أعتق فيما مضي، وسمّي شهر شعبان شهر الشفاعة لأنّ رسولكم يشفع لكلّ من يصلّي عليه فيه، وسمّي شهر رجب شهر الله الأصب لأنّ الرحمة علي أُمّتي تصبّ صبّاً فيه ويقال الأصم لأنّه نهي فيه عن قتال المشركين وهو من الشهور الحرم?().

وعن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?إنّ الله تبارك وتعالي نصب في السماء السابعة

ملكاً يقال له: الداعي فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلي الصباح: طوبي للذاكرين، طوبي للطائعين، ويقول الله تعالي: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إليّ?().

الإكثار من الصلاة

وقد ندب أيضاً خلال شهر رجب المبارك إلي الإكثار من الصلاة التي هي قربان كلّ تقي بل وكما في الخبر الشريف إنّ لكلّ ليلة منه صلاة، أمّا الثواب المعدّ للمصلّين فكثير جداً وقد أشار إليه رسول الله صلي الله عليه و اله في نفس الخبر وهو مذكور في (وسائل الشيعة) بتفاصيله()، وهذه بعض ما ورد في الصلوات المندوبة في شهر رجب:

الصلاة في رجب

عن سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و اله في وقت لم أكن أدخل عليه، فقال: ?يا سلمان ألا أحدثك بحديث من غرائب حديثي?.

قلت: بلي بأبي أنت وأمي يا رسول الله.

قال: ?نعم يا سلمان ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي في هذا الشهر ثلاثين ركعة وكان شهر رجب، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و?قل يا أيها الكافرون? مرة وثلاث مرات ?قل هو الله أحد? إلا وضع الله تعالي عنه كل ذنب عمله من صغير وكبير، وأعطاه الله من الأجر كمن صام ذلك الشهر كله من ذكر وأنثي، وكتب من المصلين إلي السنة القابلة، وكتب الله له إلي السنة القابلة لكل يوم ثواب حجة وعمرة، ورفع له في ذلك الشهر عمل شهيد من شهداء بدر، وكتب الله له في ذلك الشهر لكل يوم يصومه عبادة سنة، ورفع له ألف ألف درجة، فإن صام الشهر كله فقد نجا من النار ووجبت له الجنة. يا سلمان أخبرني بذلك جبرئيل وقال: يا محمد هذه علامة ما بينك وبين المنافقين فإن المنافقين لا يقدرون علي أن يفعلوا هذا أبدا?.

قال سلمان: فقلت يا حبيبي يا رسول الله فكيف أصلي؟

قال: ?صل من أول الشهر عشر ركعات تقرأ فيها ما قلت لك فإذا

سلمت فارفع يديك إلي السماء وقل: لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير كله وهو علي كل شي ء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم تمسح وجهك. وتصلي في وسط الشهر مثل ذلك وتقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ثلاث مرات وإذا سلمت فارفع يديك إلي السماء وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو علي كل شي ء قدير إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. ثم تمسح بهما وجهك، ثم تصلي من آخر الشهر عشر ركعات تقرأ في كل ركعة مثل ذلك فإذا سلمت فارفع يديك إلي السماء وقل:

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو علي كل شي ء قدير وصلي الله علي محمد النبي الأمي ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم تمسح بهما وجهك وسل حاجتك. فإنك يستجاب لك الدعاء ويجعل الله تعالي بينك وبين النار سبع خنادق كل خندق كما بين السماء والأرض وكتب الله لك بكل ركعة ألف ركعة وكتب الله لك براءة من النار وجوازا علي الصراط?.

فلما فرغ النبي صلي الله عليه و اله من بيان ذلك خر سلمان ساجدا لله تعالي شكرا لما سمع من النبي صلي الله عليه و اله وصام ذلك اليوم().

مائة قصر في الجنة

عن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?من قرأ في ليلة من شهر رجب ?قل هو

الله أحد? مائة مرة في ركعتين فكأنما صام مائة سنة في سبيل الله، وأعطاه الله مائة قصر في الجنة كل قصر في جوار النبي صلي الله عليه و اله ?().

ستون حجة وعمرة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من صلي في رجب ستين ركعة، في كل ليلة منه ركعتين، يقرأ في كل ركعة منها فاتحة الكتاب مرة، و?قل يا أيها الكافرون? ثلاث مرات، و?قل هو الله أحد? مرة، فإذا سلم منهما رفع يديه وقال: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو علي كل شي ء قدير، وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، النبي الأمي وآله) ويمسح بيديه وجهه،فإن الله سبحانه يستجيب الدعاء، ويعطي ثواب ستين حجة وستين عمرة?().

كيوم ولدته أمه

عن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?من صلي ركعتين في أول ليلة من رجب بعد العشاء، يقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب و?ألم نشرح? مرة و?قل هو الله أحد? ثلاث مرات، وفي الركعة الثانية فاتحة الكتاب و?ألم نشرح? و?قل هو الله أحد? والمعوذتين، ثم يتشهد ويسلم، ثم يهلل الله ثلاثين مرة ويصلي علي النبي صلي الله عليه و اله ثلاثين مرة فإنه يغفر له ما سلف من ذنوبه ويخرجه من الخطايا كيوم ولدته أمه?().

عبادة ستين سنة

عن سلمان عن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?من صلي ليلة من ليالي رجب عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و?قل يا أيها الكافرون? مرة و?قل هو الله أحد? ثلاث مرات، غفر الله له كل ذنب عمل وسلف له من ذنوبه، وكتب الله له بكل ركعة عبادة ستين سنة، وأعطاه الله بكل سورة قصرا من لؤلؤة في الجنة?().

ألف حسنة لكل يوم

عن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?من صلي يوم الجمعة في شهر رجب ما بين الظهر والعصر أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي سبع مرات و?قل هو الله أحد? خمس مرات ثم قال: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو وأسأله التوبة) عشر مرات كتب الله له من يوم يصليها إلي يوم يموت كل يوم ألف حسنة، وأعطاه الله تعالي بكل آية قرأها مدينة في الجنة من ياقوتة حمراء، وبكل حرف قصراً في الجنة من درة بيضاء، وزوجه الله تعالي من الحور العين، ورضي عنه رضاً لا سخط بعده، وكتب من العابدين، وختم الله تعالي له بالسعادة والمغفرة، وكتب الله له بكل ركعة صلاها خمسين ألف صلاة، وتوجه بألف تاج، ويسكن الجنة مع الصديقين، ولا يخرج من الدنيا حتي يري مقعده من الجنة?().

ما لا يصفه الواصفون

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من صلي في اليوم الثالث من رجب أربع ركعات، يقرأ بعد الفاتحة: ?وَإِلََهُكُمْ إِلََهٌ وَاحِدٌ لاّ إِلََهَ إِلاّ هُوَ الرّحْمََنُ الرّحِيمُ? إلي قوله ?أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب?() أعطاه الله من الأجر ما لا يصفه الواصفون?().

خرج من ذنوبه كلها

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ومن صلي في النصف من رجب يوم خمسة عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، و?قل هو الله أحد? مرة، و?قل أعوذ برب الفلق? مرة، و?قل أعوذ برب الناس? مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحشر من قبره مع الشهداء، ويدخل الجنة مع النبيين، ولا يعذب في القبر، ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته، وقام من قبره ووجهه يتلألأ?().

ثواب شهداء بدر

عن سلمان قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي في هذا الشهر ثلاثين ركعة، وهو شهر رجب، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و?قل هو الله أحد? ثلاث مرات و?قل يا أيها الكافرون? ثلاث مرات، إلا محا الله عنه كل ذنب عمله في صغره وكبره، وأعطاه الله من الأجر كمن صام ذلك الشهر كله، وكتب عند الله من المصلين إلي السنة المقبلة، ورفع له كل يوم ثواب شهيد من شهداء بدر، وكتب الله له بصوم كل يوم يصومه منه عبادة سنة، ورفع له ألف درجة، فإن صام الشهر كله أنجاه الله من النار، وأوجب له الجنة? إلي أن قال: قلت: متي أصليها؟ قال: ?تصلي في أوله عشر ركعات? إلي أن قال: ?وصل في وسط الشهر عشر ركعات، وصل في آخر الشهر عشر ركعات، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و?قل هو الله أحد? ثلاث مرات و?قل يا أيها الكافرون? ثلاث مرات?().

إحياء الليل

من أفضل الأعمال في شهر رجب: إحياء الليل بالعبادة.

عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ?ومن أحيا ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين?().

وعن الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله أنه قال: ?من صام ثلاثة أيام من رجب وقام لياليها في أوسطه ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، لا يخرج من الدنيا إلا علي التوبة النصوح، ويغفر له بكل يوم صامه سبعون كبيرة، ويقضي له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر، وسبعون حاجة إذا دخل قبره، وسبعون حاجة إذا خرج من قبره، وسبعون حاجة إذا نصب الميزان، وسبعون حاجة عند الصراط، وكأنما عتق بكل يوم

يصومه سبعين من ولد إسماعيل، وكأنما ختم القرآن سبعين ألف مرة، وكأنما رابط في سبيل الله سبعين سنة، وكأنما بني سبعين قنطرة في سبيل الله، وشفع في سبعين من أهل بيته ممن وجبت له النار، وبني له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف قصر، وفي كل قصر ألف حوراء، ولكل حوراء سبعون ألف خادم?().

التصدق

ومن أفضل الأعمال في شهر رجب: التصدق في سبيل الله.

عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ?ومن تصدق بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله، أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر?().

وفي الوسائل باب تحت عنوان (باب استحباب الصدقة والتسبيح كل يوم من رجب … )().

وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه و اله في حديث طويل: أن رجلا قال له: يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلة كانت به، أو امرأة غير طاهرة، يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال: ?يتصدق في كل يوم برغيف علي المساكين، والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم، ينال ما وصفت وأكثر، إنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والأرض علي أن يقدروا قدر ثوابه ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات?().

ليلة الرغائب

ومن الليالي العظيمة في شهر رجب المبارك: هي ليلة الرغائب، وقد سمّتها الملائكة كما في الخبر بهذا الاسم، وأوصي رسول الله صلي الله عليه و اله بها، ودعا إلي صوم اليوم الذي قبلها، وهي أوّل ليلة جمعة من شهر رجب.

فعن النبي صلي الله عليه و اله قال: ?لا تغفلوا عن أوّل جمعة من رجب، فإنّها ليلة تسمّيها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنّه إذا مضي ثلث الليل اجتمعت ملائكة السماوات والأرض في الكعبة وحولها، فيقول الله تعالي: يا ملائكتي سلوني ما شئتم، فيقولون: ربّنا حاجتنا أن تغفر لصوّام رجب، فيقول الله تعالي: قد فعلت ذلك?، ثمّ قال صلي الله عليه و اله: ?ما من أحد يصوم أوّل خميس من رجب ثمّ

يصلّي بين العشاءين ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كلّ ركعتين بتسليمة، يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والقدر ثلاثاً والتوحيد اثنتي عشرة، فإذا سلّم قال: (اللهمّ صلّ علي محمّد وآله) سبعين مرّة، ثمّ يسجد ويقول في سجوده: (سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح) سبعين مرّة، ثمّ يرفع رأسه ويقول: (ربّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم إنّك أنت العلي الأعظم) سبعين مرّة، ثمّ يسجد أُخري ويقول فيها ما قاله في الأُولي، ثمّ يسأل الله تعالي في سجوده حاجته، تقضي إن شاء الله تعالي? ثمّ قال صلي الله عليه و اله: ?والذي نفسي بيده لا يصل عبد أو أمة هذه الصلاة إلاّ غفر الله تعالي له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل وزنة الجبال وعدد ورق الأشجار، وشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممّن قد استوجب النار?().

أيام البيض ولياليها

إنّ هذه الليالي الثلاث وهي: ليلة 13 و14 و15 من شهر رجب وأيامها من أشرف الليالي والأيام في هذا الشهر، ولها أعمال خاصّة مذكورة في كتب الأدعية، وقد سميت ب (الأيام البيض) لما روي في كتاب (علل الشرائع) للشيخ الصدوق ?:

عن زر بن حبيش قال: سألت ابن مسعود عن الأيّام البيض وما سببها وكيف سميت؟

قال: سمعت النبي صلي الله عليه و اله يقول: ?إنّ آدم لمّا عصي ربّه تعالي ناداه منادٍ من لدن العرش: يا آدم اخرج من جواري فإنّه لا يجاوزني أحد عصاني.

فبكي وبكت الملائكة.

فبعث الله عزّوجلّ إليه جبرئيل فأهبطه إلي الأرض مسوداً، فلمّا رأته الملائكة ضجّت وبكت وانتحبت وقالت: يا ربّ خلقاً خلقته ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك بذنب واحد حوّلت بياضه سواداً.

فنادي منادٍ من السماء: أن صم لربّك اليوم

فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر، فذهب ثلث السواد، ثم نودي يوم الرابع عشر: أن صم لربك اليوم، فصام فذهب ثلثا السواد، ثمّ نودي يوم الخامس عشر بالصيام فصام، فأصبح وقد ذهب السواد كلّه، فسمّيت أيّام البيض للذي ردّ الله عزّوجلّ فيه علي آدم من بياضه، ثمّ نادي منادٍ من السماء: يا آدم هذه الثلاثة أيّام جعلتها لك ولولدك من صامها في كلّ شهر فكأنّما صام الدهر?().

الليالي البيض

عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ?أعطيت هذه الأمة ثلاثة أشهر لم يعطها أحد من الأمم: رجب وشعبان وشهر رمضان، وثلاث ليال لم يعط أحد مثلها: ليلة ثلاث عشرة وليلة أربع عشرة وليلة خمس عشرة من كل شهر، وأعطيت هذه الأمة ثلاث سور لم يعطها أحد من الأمم: يس وتبارك الملك و?قل هو الله أحد? فمن جمع بين هذه الثلاث فقد جمع أفضل ما أعطيت هذه الأمة? فقيل: كيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال: ?يصلي كل ليلة من ليالي البيض من هذه الثلاثة أشهر في الليلة الثالثة عشرة ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الرابعة عشرة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الخامسة عشرة ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة ويغفر له كل ذنب سوي الشرك?().

الأيام البيض

عن الصادق عليه السلام قال: ?من صام أيام البيض من رجب، كتب الله له بكل يوم صيام سنة وقيامها، ووقف يوم القيامة موقف الآمنين?().

عمل أم داود

أمّا أعمال هذه الليالي المباركة من شهر رجب فهي كثيرة منها: أعمال أُمّ داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وكانت قد أرضعت الصادق عليه السلام بلبن ابنها داود، وكان من قصّتها أنّ المنصور العبّاسي (عليه اللعنة) أخذ ولدها داود فسيّره إلي العراق فحبسه أشدّ الحبس

تقول أم داود وهي فاطمة بنت عبد الله بن إبراهيم بن الحسين : لما قتل أبو الدوانيق عبد الله بن الحسن بن الحسين بعد قتل ابنيه محمد وإبراهيم، حمل ابني داود بن الحسين من المدينة مكبلا بالحديد مع بني عمه الحسنيين إلي العراق، فغاب عني حينا وكان هناك مسجونا، فانقطع خبره وأعمي أثره، وكنت أدعو الله وأتضرع إليه وأسأله خلاصه، وأستعين بإخواني من الزهاد والعباد وأهل الجد والاجتهاد وأسألهم أن يدعوا الله لي أن يجمع بيني وبين ولدي قبل موتي، فكانوا يفعلون ولا يقصرون في ذلك، وكان يصل إليّ أنه قد قتل، ويقول قوم: لا قد بني عليه أسطوانة مع بني عمه، فتعظم مصيبتي ويشتد حزني، ولا أري لدعائي إجابة ولا لمسألتي نجحا، فضاق بذلك ذرعي وكبر سني، ورق

عظمي وصرت إلي حد اليأس من ولدي، لضعفي وانقضاء عمري.

قالت: ثم إني دخلت علي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وكان عليلا، فلما سألته عن حاله ودعوت له وهممت الانصراف قال لي: ?يا أم داود ما الذي بلغك عن داود?؟

وكنت قد أرضعت جعفر بن محمد عليه السلام بلبنه فلما ذكره لي بكيت وقلت: جعلت فداك أين داود، داود محتبس في العراق

وقد انقطع عني خبره ويئست من الاجتماع معه وإني لشديدة الشوق إليه والتلهف عليه، وأنا أسألك الدعاء له فإنه أخوك من

الرضاعة.

قالت: فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: ?يا أم داود فأين أنت عن دعاء الاستفتاح والإجابة والنجاح، وهو الدعاء الذي يفتح الله عزوجل له أبواب السماء وتتلقي الملائكة وتبشر بالإجابة، وهو الدعاء المستجاب الذي لا يحجب عن الله عزوجل، ولا لصاحبه عند الله تبارك وتعالي ثواب دون الجنة?.

قالت: قلت: وكيف لي يا ابن الأطهار الصادقين؟

فقال لي: ?يا أُمّ داود، قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب، وهو شهر مسموع فيه الدعاء، شهر الله الأصمّ، فصومي الثلاثة الأيّام البيض، وهو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، واغتسلي في اليوم الخامس عشر وقت الزوال، وصلّي الزوال ثمان ركعات، وتحسّني قنوتهنّ وركوعهنّ وسجودهنّ، ثمّ صلّي الظهر وركعتين بعد الظهر وتقولين بعد الركعتين: (يا قاضي حوائج الطالبين) مائة مرّة، ثمّ تصلّين بعد ذلك ثمان ركعات تقرئين في كلّ ركعة يعني من نوافل العصر بعد الفاتحة ثلاث مرّات ?قل هو الله أحد? وسورة الكوثر مرّة.

ثمّ صلّي العصر، ولتكن صلاتك في ثوب نظيف واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يكلّمك، وإذا فرغت من العصر فالبسي أطهر ثيابك واجلسي في بيت نظيف علي حصير نظيف، ثمّ استقبلي القبلة واقرئي الحمد مائة مرّة و?قل هو الله أحد? مائة مرّة وآية الكرسي عشر مرّات، ثمّ اقرئي سورة الأنعام وبني إسرائيل والكهف ولقمان ويس والصافات وحم السجدة وحمعسق وحم الدخان والفتح والواقعة وسورة الملك ون القلم و?إذا السماء انشقّت? وما بعدها إلي آخر القرآن.

وإن لم تحسني ذلك ولم تحسّني قراءته من المصحف كرّرت ?قل هو الله أحد? ألف مرّة، ثمّ علّمها الدعاء المعروف

بدعاء أُمّ داود وقد ذكرناه في كتاب (الدعاء والزيارة)().

ثم قال عليه السلام: ?فإذا فرغت من الدعاء فاسجدي علي الأرض وعفري خديك علي الأرض وقولي: (لك سجدت وبك آمنت، فارحم ذلي وفاقتي وكبوتي لوجهي) واجهدي أن تسبح عيناك ولو مقدار رأس الذباب دموعا، فإنه آية إجابة هذا الدعاء حرقة القلب وانسكاب العبرة، فاحفظي ما علمتك، ثم احذري أن يخرج عن يديك إلي يد غيرك ممن يدعو به لغير حق، فإنه دعاء شريف وفيه اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وأعطي، ولو أن السماوات والأرض كانتا رتقا، والبحار بأجمعها من دونها وكان ذلك كله بينك وبين حاجتك يسهل الله عزوجل الوصول إلي ما تريدين، وأعطاك طلبتك وقضي لك حاجتك وبلغك آمالك، ولكل من دعا بهذا الدعاء الإجابة من الله تعالي، ذكرا كان أو أنثي، ولو أن الجن والإنس أعداء لولدك لكفاك الله مؤونتهم وأخرس عنك ألسنتهم وذلل لك رقابهم إن شاء الله?.

قالت أم داود: فكتب لي هذا الدعاء وانصرفت منزلي ودخل شهر رجب، فتوخيت الأيام وصمتها ودعوت كما أمرني، وصليت المغرب والعشاء الآخرة وأفطرت، ثم صليت من الليل ما سنح لي مرتب في ليلي، ورأيت في نومي كما صليت عليه من الملائكة والأنبياء والشهداء والأبدال والعباد، ورأيت النبي صلي الله عليه و اله فإذا هو يقول لي: ?يا بنية يا أم داود أبشري فكل من ترين أعوانك وإخوانك وشفعائك، وكل من ترين يستغفرون لك ويبشرونك بنجح حاجتك، فأبشري بمغفرة الله ورضوانه، فجزيت خيرا عن نفسك، وأبشري بحفظ الله لولدك ورده عليك إن شاء الله?.

قالت أم داود: فانتبهت عن نومي فو الله ما مكثت بعد ذلك إلا مقدار مسافة الطريق من العراق للراكب المجد المسرع حتي

قدم علي داود، فقال: يا أماه إني لمحتبس بالعراق في أضيق المحابس وعلي ثقل الحديد وأنا في حال اليأس من الخلاص إذ نمت في ليلة النصف من رجب فرأيت الدنيا قد خفضت لي حتي رأيتك في حصير في صلاتك وحولك رجال رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض، عليهم ثياب خضر يسبحون من حولك، وقال قائل جميل الوجه، حلية النبي صلي الله عليه و اله، نظيف الثوب، طيب الريح، حسن الكلام فقال: يا ابن العجوز الصالحة أبشر فقد أجاب الله عزوجل دعاء أمك، فانتبهت فإذا أنا برسول أبي الدوانيق فأدخلت عليه من الليل، فأمر بفك حديدي والإحسان إلي وأمر لي بعشرة آلاف درهم وأن أحمل علي نجيب وأستسعي بأشد السير فأسرعت حتي دخلت إلي المدينة.

قالت: أم داود مضيت به إلي أبي عبد الله عليه السلام فسلم عليه وحدثه بحديثه.

فقال له الصادق عليه السلام: ?إن أبا الدوانيق رأي في النوم علياً عليه السلام يقول له: أطلق ولدي وإلا لألقينك في النار، ورأي كأن تحت قدميه النيران فاستيقظ وقد سقط في يده فأطلقك?().

زيارة الإمام الحسين عليه السلام

وفي شهر رجب المبارك ندب إلي زيارة الأماكن المقدّسة ومن أفضلها زيارة الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء، حيث ورد التأكيد الكثير عليها.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ?من زار قبر الحسين عليه السلام أول يوم من رجب غفر الله له البتة?().

وعن البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام في أي شهر نزور الحسين عليه السلام؟ قال: فقال: ?في النصف من رجب والنصف من شعبان?().

زيارة الإمام الرضا عليه السلام

من أفضل الأعمال في شهر رجب: زيارة الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام بخراسان.

وفي الوسائل: باب في استحباب اختيار زيارة الرضا عليه السلام وخصوصا في رجب علي الحج والعمرة المندوبين().

وعن محمد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل حج حجة الإسلام متمتعا بالعمرة إلي الحج، فأعانه الله تبارك وتعالي علي عمرته وحجه، ثم أتي المدينة فسلم علي رسول الله صلي الله عليه و اله، ثم أتاك عارفا بحقك يعلم أنك حجته علي خلقه وبابه الذي يؤتي منه، فسلم عليك، ثم أتي أبا عبد الله عليه السلام فسلم عليه، ثم أتي بغداد فسلم علي أبي الحسن موسي عليه السلام، ثم انصرف إلي بلاده، فلما كان وقت الحج رزقه الله تعالي ما يحج به، فأيهما أفضل لهذا الذي حج حجة الإسلام، يرجع فيحج أيضا أو يخرج إلي خراسان إلي أبيك علي بن موسي الرضا عليه السلام فيسلم عليه؟ قال: ?بل يأتي خراسان فيسلم علي أبي الحسن عليه السلام أفضل، وليكن ذلك في رجب، ولكن لا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم فإن علينا وعليكم من السلطان شنعة?()

زيارة أمير المؤمنين عليه السلام

من أفضل الأعمال في شهر رجب: زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النجف الأشرف، وذلك ليلة المبعث الشريف ليلة 27 من رجب.

وقد أشاد ابن بطوطة() وغيره إلي عظمة الكرامات التي تقع في حرم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام خلال هذه الليلة العظيمة().

يقول المحدث القمي: واعلم أن أبا عبد الله محمد بن بطوطة الذي هو من علماء أهل السنة وقد عاش قبل ستة قرون قد أتي بذكر المرقد الطاهر لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام في رحلته المعروفة باسمه (رحلة ابن بطوطة) عند ما ذكر

دخوله مدينة النجف الأشرف في عودته من مكة المعظمة فقال: وأهل هذه المدينة كلهم رافضية وهذه الروضة ظهرت لها كرامات، منها أن في ليلة السابع والعشرين من رجب وتسمي عندهم ليلة المحيا يؤتي إلي تلك الروضة بكل مُقعد من العراقَين وخراسان وبلاد فارس والروم فيجتمع منهم الثلاثون والأربعون ونحو ذلك، فإذا كان بعد العشاء الآخرة جعلوا فوق الضريح المقدس والناس ينتظرون قيامهم وهم ما بين مصلّ وذاكر وتال ومشاهد الروضة، فإذا مضي من الليل نصفه أو ثلثاه أو نحو ذلك قام الجميع أصحّاء من غير سوء وهو يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، وهذا أمر مستفيض عندهم سمعته من الثقات ولم أحضر تلك الليلة، لكنّي رأيت بمدرسة الضيّاف ثلاثة من الرّجال، أحدهم من أرض الرّوم، والثّاني من اصفهان، والثّالث من خراسان، وهم مقعدون فاستخبرتهم عن شأنهم فأخبروني إنّهم لم يدركوا الليلة المحيي، وانّهم منتظرون أوانها من عام آخر، وهذه اللّيلة يجتمع لها

النّاس من البلاد خلق كثير، ويقيمون سوقاً عظيمة مدّة عشرة أيّام().

العمرة الرجبية

من أفضل الأعمال في شهر رجب: هي العمرة الرجبية.

وفي الوسائل: باب تأكد استحباب العمرة في رجب().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?المعتمر يعتمر في أي شهور السنة شاء، وأفضل العمرة عمرة رجب?().

وعنه عليه السلام قال: ?فأفضل العمرة عمرة رجب?().

وعنه عليه السلام أنه سئل: أي العمرة أفضل عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: ?لا، بل عمرة في شهر رجب أفضل?().

فصل مناسبات شهر رجب

فصل مناسبات شهر رجب

إنّ في شهر رجب الأصب مناسبات عظيمة ينبغي للمسلمين أن يعيروها الاهتمام المناسب والحفاوة اللائقة، منها ولادات المعصومين عليهم السلام ووفياتهم، وكذلك المبعث النبوي الشريف وغيره، فإن تعظيمها تعظيم لشعائر الله، قال تعالي: ?ذَلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللّهِ فَإِنّهَا مِن تَقْوَي الْقُلُوبِ?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيي أمرنا?().

ولادة الإمام الباقر عليه السلام

في اليوم الأول من شهر رجب سنة 57 هجرية، كانت ولادة الإمام الباقر عليه السلام علي رواية الشيخ الكليني والطوسي والطبرسي (قدس سرهم).

اسمه الشريف: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

كنيته: أبو جعفر.

لقبه: باقر العلم، والشاكر لله، والهادي، والأمين، والشبيه؛ لأنه كان يشبه رسول الله صلي الله عليه و اله.

صفاته: كان عليه السلام ربع القامة، دقيق البشرة، جعد الشعر، أسمر له خال علي خده، وخال أحمر في جسده، ضامر الكشح، حسن الصوت، مطرق الرأس.

أمه: فاطمة (أم عبد الله) بنت الإمام الحسن عليه السلام، وقيل: أمه أم عبدة بنت الحسن بن علي عليه السلام.

مولده: في المدينة المنورة (علي ساكنها آلاف التحية والسلام) يوم الثلاثاء، وقيل: يوم الجمعة، غرة رجب، وقيل: الثالث من صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة.

وفاته: قبض بالمدينة المنورة مسموماً شهيدا، في السابع من ذي الحجة، وقيل: في شهر ربيع الآخر، سنة أربع عشرة ومائة، وله من العمر يومئذ سبع وخمسون سنة، مثل عمر أبيه وجده.

إقامته: أقام مع جده الإمام الحسين عليه السلام ثلاث سنين أو أربع سنين وحضر واقعة الطف، ومع أبيه السجاد عليه السلام أربعا وثلاثين سنة وعشرة أشهر أو تسعاً وثلاثين سنة، وبعد أبيه تسع عشرة سنة، وقيل: ثماني عشرة سنة وذلك في أيام إمامته.

كان في سني إمامته ملك الوليد بن يزيد، وسليمان،

وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام أخوه، والوليد بن يزيد، وإبراهيم أخوه، وفي أول ملك إبراهيم توفي مسموماً، قال أبو جعفر بن بابويه: سمه إبراهيم بن الوليد بن يزيد.

مرقده الشريف: بالبقيع الغرقد.

أولاده سبعة: جعفر الإمام عليه السلام وكان يكني به، وعبد الله الأفطح من أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله وإبراهيم من أم حكيم بنت أسد الثقفية، وعلي وأم سلمة وزينب من أم ولد، ويقال: زينب لأم ولد أخري، ويقال: له ابنة واحدة وهي أم سلمة، درجوا كلهم إلا أولاد الصادق عليه السلام. وبابه جابر بن يزيد الجعفي.

ولما حضرت زين العابدين عليه السلام الوفاة قال: ?يا محمد، احمل هذا الصندوق?. فلما توفي جاء إخوته يدعون فيه، فقال الباقر عليه السلام: ?والله ما لكم فيه شي ء، ولو كان لكم شي ء لما دفعه إليَّ?. وكان في الصندوق سلاح رسول الله صلي الله عليه و اله وبعض أسرار الإمامة وودائع النبوة().

ولادة الإمام الهادي عليه السلام

في اليوم الثاني من شهر رجب سنة 212 هجرية، ولد الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام، قال بذلك الشيخ الكفعمي رحمة الله عليه.

نعم، هناك قول بأنّ ولادته عليه السلام كانت في النصف من شهر ذي الحجّة، وقيل: في السابع والعشرين منه، إلاّ أنّ الدعاء المأثور الوارد في شهر رجب وهو: ?اللهمّ إنّي أسألك بالمولودين في رجب?() يدلّ أنّ ولادته عليه السلام كانت في شهر رجب.

وقد ولد عليه السلام بالقرب من المدينة المنوّرة في منطقة اسمها (صُريا) وكان عليه السلام يكنّي بأبي الحسن، وحيث إنّ الإمامين الكاظم والرضا عليهما السلام يكنّيان بمثل هذه الكنية كنّي الإمام الهادي عليه السلام بأبي الحسن الثالث أو أبي الحسن الهادي أو أبي الحسن

العسكري، وحيث إنّه عليه السلام كان يعيش هو وابنه الإمام الحسن عليه السلام في سامراء في محلّة (عسكر) فقد لقّبا بالعسكريين نسبة إلي ذلك المكان.

أسمه الشريف: الإمام علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

كنيته: أبو الحسن.

لقبه: النجيب، المرتضي، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل، العسكري.

يقال له: أبو الحسن الثالث، والفقيه العسكري.

صفاته: كان عليه السلام أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء، وهو من بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة.

أمه أم ولد يقال لها: سمانة المغربية.

إقامته: أقام مع أبيه ست سنين وخمسة أشهر، وبعده مدة إمامته ثلاثاً وثلاثين سنة، ويقال: وتسعة أشهر.

مدة مقامه بسر من رأي عشرون سنة، وتوفي فيها مسموما شهيداً وقبره في داره حيث مزاره الآن.

كان في سني إمامته بقية ملك المعتصم، ثم الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز، وفي آخر ملك المعتمد استشهد مسموماً. قال ابن بابويه: وسمه المعتمد.

أولاده: الحسن الإمام، والحسين، ومحمد، وجعفر، وابنته علية. بوابه: محمد بن عثمان العمري.

شهادة الإمام الهادي عليه السلام

في اليوم الثالث من شهر رجب سنة 254هجرية، استشهد الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام وعمره الشريف 42 سنة، كانت مدّة إمامته 33 سنة، مكث عليه السلام في سامراء عشرين سنة إلي أن سمّه المعتمد العبّاسي أخو المعتزّ، ودفن في البيت الذي كان ساكناً فيه، حيث مزاره الشريف الآن في مدينة سامراء المقدسة.

روي: أن المتوكل العباسي أمر عسكره وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأي أن يملأ

كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ويجعلوا بعضه علي بعض في وسط برية واسعة هناك.

ففعلوا، فلما صار مثل جبل عظيم صعد فوقه واستدعي أبا الحسن عليه السلام واستصعده وقال: استحضرتك لنظارة خيولي، وكان أمرهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة، وقد عرضوا بأحسن زينة وأتم عدة وأعظم هيبة، وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه، وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج عليه.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: «وهل تريد أن أعرض عليك عسكري؟»

قال: نعم.

فدعا الله سبحانه، فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلي المغرب ملائكة مدججون.

فغشي علي المتوكل.

فلما أفاق قال أبو الحسن عليه السلام: «نحن لا ننافسكم في الدنيا، نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شيء مما تظن» ().

استشهاد ابن السكيت رحمة الله عليه

في اليوم الخامس من شهر رجب عام 244ه قتل ابن السكيت يعقوب بن إسحاق الأحوازي، بأمر من المتوكل العباسي.

كان أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي() الأهوازي الإمامي المعروف ب (ابن السكيت)، بكسر السين المهملة وتشديد الكاف والياء المنقطة تحتها نقطتين علي وزن فعّيل()، من شيعة أبي جعفر الثاني عليه السلام وأبي الحسن عليه السلام، وله عن أبي جعفر عليه السلام رواية ومسائل. كان ثقة جليلاً صدوقاً مصدقاً لا يطعن عليه، ومن عظماء الشيعة الإمامية، عالماً بالعربية واللغة أديباً بارعاً. حمل لواء العربية والأدب والشعر. ذكره كثير من المؤرخين واثنوا عليه ثناءً بليغاً. له تصانيف كثيرة جيدة مفيدة منها: (تهذيب الألفاظ، إصلاح المنطق، معاني الشعر، القلب والإبدال، الزبرج، الأمثال، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث، الأجناس، الفرق، السرج واللجام، الوحوش، الإبل، النوادر، سرقات الشعراء، الحشرات، الأصوات، الأضداد، الشجر والنبات). قال بعض العلماء: ما عبر علي جسر بغداد كتاب

في اللغة مثل إصلاح المنطق. وقد عني به جماعة، فاختصره الوزير ابن المغربي، وهذبه الخطيب التبريزي، وهو كتاب مفيد. وقال تغلب: أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت. وقال أبو العباس المبرد: ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب ابن السكيت في المنطق.

ألزم المتوكل العباسي ابن السكيت تأديب ولده المعز. وفي أحد الأيام دخل المعز والمؤيد علي المتوكل، وكان ابن السكيت جالساً. فقال المتوكل: يا يعقوب، أيما أحب إليك، ابناي هذان أم الحسن والحسين؟

فغض ابن السكيت من ابنيه، وذكر الحسن والحسين عليهما السلام بما هما أهله. فأمر المتوكل الأتراك بقتله، فأخذه الأتراك فداسوا بطنه ثم حمل إلي داره، فمات بعد غد ذلك اليوم وكان في سنة 244 ه، وقيل: لما قال له المتوكل: تلك المقالة أجابه ابن السكيت: والله إن قنبراً خادم علي بن أبي طالب عليه السلام خير منك ومن ابنيك. فقال المتوكل: سلوا لسانه من قفاه. ففعلوا ذلك به فمات ? وله من العمر ثمانية وخمسون سنة. وأما وجه تسميته ب(ابن السكيت)؛ لأنه كان كثير السكوت، طويل الصمت.

شهادة الإمام موسي بن جعفر عليه السلام

في اليوم السادس من شهر رجب سنة 183هجرية، شهادة الإمام موسي بن جعفر عليه السلام علي رواية الشيخ الكليني والشيخ المفيد.

أما المشهور ففي اليوم الخامس والعشرين من شهر رجب علي ما سيأتي.

عن عبد الله الفروي عن أبيه قال: دخلت علي الفضل بن الربيع وهو جالس علي سطح فقال لي: أدن، فدنوت حتي حاذيته، ثم قال لي: أشرف إلي البيت في الدار، فأشرفت.

فقال: ما تري في البيت؟

قلت: ثوباً مطروحاً.

فقال: انظر حسناً.

فتأملت ونظرت فتيقنت، فقلت: رجل ساجد.

فقال لي: تعرفه؟

قلت: لا.

قال: هذا مولاك.

قلت: ومن مولاي؟

فقال: تتجاهل عليّ.

فقلت: ما أتجاهل ولكني لا أعرف

لي مولي.

فقال: هذا أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام إني أتفقده الليل والنهار، فلم أجده في وقت من الأوقات إلا علي الحال التي أخبرك بها ().

ولادة صاحب الوسائل رحمة الله عليه

في اليوم الثامن من شهر رجب عام 1033ه ولد المحدث الجليل الشيخ محمد بن حسن المعروف بالحر العاملي، صاحب موسوعة (وسائل الشيعة).

ينتهي نسب الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي المشغري إلي شهيد الطف الحر بن يزيد الرياحي، وهو عالم فقيه ومحدث ثقة ومحقق ورع. ولد في قرية مشغري من قري جبل عامل، ليلة الجمعة ثامن شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وألف، وبها نشأ نشأته الأولي، وفيها قضي أيام صباه وشبابه.

أسرته الكريمة من الأسر العلمية العريقة ذات السوابق الكثيرة، وموزعة في جبل عامل وإيران وغيرها من البلاد ومشهورة ب (آل الحر).

أساتذته وشيوخه: درس الشيخ الحر العاملي ? عند أساطين العلم، وكبار المدرسين في عصره، وروي عن شيوخ الرواية والحديث في وقته. منهم:

1: والده الشيخ حسن بن علي بن محمد الحر العاملي، قرأ عليه جملة من كتب العربية. 2: عمه الشيخ محمد بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي المشغري الجبعي، قرأ عليه جملة من كتب العربية والفقه وغيرهما. 3: الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني، قرأ عليه جملة من كتب العربية والرياضي والحديث والفقه وغيرها. 4: الشيخ حسين بن الحسن بن يونس الظهيري العاملي العيناثي، قرأ عنده جملة من كتب العربية والفقه وغيرهما من الفنون. 5: عم والده وجده لامه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر العاملي المشغري، قرأ عليه وكان عمره نحو عشر سنين. 6: خال والده الشيخ علي بن محمود العاملي المشغري، قرأ عنده

عدة كتب في العربية والفقه وغيرهما، وأجازه إجازة عامة، وغيرهم.

تلاميذه والراوون عنه: كان الشيخ صاحب الوسائل من المدرسين البارزين في مشهد الإمام الرضا عليه السلام حيث استقر به المنزل في تلك البقعة المباركة، فكان يشغل أوقاته كلها بمجالس التدريس وفي زوايا المكتبات للتأليف. وكانت له حلقة عظيمة للتدريس ويحضره العديد من العلماء.

ما قيل فيه:

قال السيد علي صدر الدين المدني: علمُ علم لا تباريه الأعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام، أرجت أنفاس فوائده أرجاء الاقطار، وأحيت كل أرض نزلت بها فكأنها لبقاع الأرض أمطار.

وقال المحدث الشيخ عباس القمي: محمد بن الحسن بن علي المشغري، شيخ المحدثين وأفضل المتبحرين، العالم الفقيه النبيه، المحدث المتبحر الورع الثقة الجليل، أبو المكارم والفضائل صاحب المصنفات المفيدة، منها الوسائل الذي من علي المسلمين بتأليف هذا الجامع الذي هو كالبحر، وغير ذلك.

مؤلفاته القيمة: كان الشيخ الحر العاملي ? في طليعة علمائنا الذين حازوا المرتبة الأولي من العلم والفضل. كما كان له حظ وافر في تأليف الكتب القيمة، حيث أصبحت مرجعاً هاماً من المراجع التي يستند إليها في أخذ الأحكام الفقهية وغيرها. فقد ألف ما يزيد علي الخمسين مؤلفاً في شتي الأبواب، منها:

1: تفصيل وسائل الشيعة إلي تحصيل الشريعة، المشهور ب (وسائل الشيعة) و(الوسائل)، وهو كتاب جليل. 2: من لا يحضره الإمام، وهو فهرس تفصيلي لكتاب وسائل الشيعة. 3: تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة. 4: تعاليق علي وسائل الشيعة، وهو كتاب يشتمل علي بيان اللغات وتوضيح العبارات أو دفع الإشكال عن متن الحديث أو سنده أو غير ذلك. 5: إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات. 6: الفصول المهمة في أصول الأئمة عليهم السلام، وغيرها.

مكانته الاجتماعية والعلمية: كان الشيخ ? يتمتع بشهرة كبيرة

في الأوساط العلمية والاجتماعية، وكان له مكانة مرموقة أينما حل ونزل، وكان موضع احترام كافة الطبقات في البيئات المختلفة، وكان الناس ينظرون إليه بعين الإكبار والإجلال، وكان ذا شخصية لامعة عند المؤالف والمخالف، لم يذكره أحد من المترجمين له إلا وذكره بعبارات تدل علي عظمته وسمو مكانته. فقد أعطي منصب التدريس في الحضرة الشريفة في القبة الكبيرة الشرقية، مكان السيد حسين بن محمد بن أبي الحسن الموسوي العاملي، وهو مكان كان يختص بأكبر المدرسين في مشهد الإمام الرضا عليه السلام، والمقدم علي علماء خراسان. كما كان مجلس درسه غاصاً بالعلماء والفضلاء يؤمه الطلاب من سائر الأقطار.

وفاته: توفي ? في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1104ه في مشهد الإمام الرضا عليه السلام بخراسان، وصلي عليه أخوه العلامة الشيخ أحمد صاحب الدر المسلوك تحت القبة الشريفة جنب المنبر، واقتدي به الألوف من الناس، ودفن في أيوان حجرة من حجرات الصحن الشريف ملاصقة بمدرسة المرحوم الميرزا جعفر، وهو اليوم مشهور يزار، وعليه ضريح صغير من الصفر يقصده المؤمنون بقراءة القرآن والفاتحة والتبرك به.

ولادة الإمام الجواد عليه السلام

في اليوم العاشر من شهر رجب سنة 195ه ولد الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام الذي قال في حقّه الإمام الرضا عليه السلام: ?لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظم بركة علي شيعتنا منه?().

وقد كانت أُمّ الإمام الجواد عليه السلام أُمّ ولد من أهل النوبة من أهل بيت مارية القبطية زوجة الرسول صلي الله عليه و اله وأُمّ إبراهيم، وكانت من أفضل نساء زمانها أشار رسول الله صلي الله عليه و اله إلي فضلها فقال: ?بأبي أبن خيرة الإماء النوبية الطيّبة?().

أمّا كيفية ولادته عليه السلام فقد أشارت إليها السيّدة حكيمة بنت

الإمام الكاظم عليه السلام فقالت: لمّا حضرت ولادة الخيزران أُمّ أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام فقال لي: ?يا حكيمة أحضري ولادتها وأدخلي وإيّاها والقابلة بيتاً?، ووضع لنا مصباحاً وأغلق الباب علينا، فلمّا أخذها الطلق طفي المصباح وبين يديها طست فاغتممت بطفي المصباح، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبو جعفر عليه السلام في الطست وإذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتّي أضاء البيت فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري ونزعت عنه ذلك الغشاء، فجاء الرضا عليه السلام ففتح الباب وقد فرغنا من أمره، فأخذه فوضعه في المهد وقال لي: ?يا حكيمة الزمي مهده?، قالت: فلما كان في اليوم الثالث رفع بصره إلي السماء ثم قال: ?أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله?، فقمت ذعرة فزعة فأتيت أبا الحسن فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبي عجباً، فقال: ?وما ذاك؟? فأخبرته الخبر فقال: ?يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر?().

وفاة العباس عم النبي صلي الله عليه و اله

في اليوم الثاني عشر من شهر رجب عام 32 ه كان وفاة العباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه و اله.

نسبه: هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.

كان وسيماً جميلاً ذا أخلاق طيبة، وكان مؤمناً حسن الإيمان، وقد أخفي إسلامه بأمر من رسول الله صلي الله عليه و اله إلي يوم بدر، وقيل يوم خيبر، وقيل يوم فتح مكة. وكان سيداً من سادات أصحاب رسول الله صلي الله عليه و

اله ومن أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام وشيعته.

كنيته: أبو الفضل.

أمه: نتيلة بنت جناب بن كليب.

ولد قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من رسول الله صلي الله عليه و اله. وكان يلي أمر بني هاشم في الجاهلية. وقد سلمه النبي صلي الله عليه و اله السقاية بعدما كانت بيد أبي طالب عليه السلام في الجاهلية.

أولاده: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقثم، ومعبد، وعون، والحرث، وكثير، وتمام، وأم حبيبة، وأمهم جميعاً أم الفضل، وهي لبابة الكبري بنت الحارث بن خزن. وكان له من الولد من غير أم الفضل: كثير، وتمام، وصفية، وأميمة، وأمهم أم ولد. والحارث وأمه حجيلة بنت جندب بن الربيع.

اختلف أهل التواريخ في مبدأ إسلامه، فقال بعضهم: كان إسلامه قديماً وكان يكتم إيمانه وإسلامه بأمر من الرسول صلي الله عليه و اله وقد خرج مع المشركين يوم بدر مكرهاً. فقال رسول صلي الله عليه و اله: ?من لقي العباس فلا يقتله فانه خرج مستكرهاً?. فأظهر الإسلام يوم بدر، وقيل: إنه أظهر الإسلام يوم فتح خيبر. وقد ذكرنا في بعض كتبنا إن ذوي النبي صلي الله عليه و اله وآباءه وأجداده ومرضعته ومن أشبه إلا ما خرج بالدليل كانوا مؤمنين بالله ولم يكونوا من المشركين.

نعم، بقي العباس في مكة غير مظهر لإسلامه بأمر من رسول الله صلي الله عليه و اله فكان يكتب بأخبار المشركين إلي النبي صلي الله عليه و اله. وكان المسلمون بمكة يتقون به، وكان يحب القدوم علي رسول الله صلي الله عليه و اله، فكتب إليه رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إن مقامك بمكة خير لك?. ولما بشر أبو رافع رسول الله صلي الله عليه

و اله بإسلام العباس بن عبد المطلب اعتقه. ولا خلاف أنه كان في الأسري يوم بدر، أسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري. وكان أبو اليسر رجلاً صغير الجثة وكان العباس رجلاً عظيماً، فقال النبي صلي الله عليه و اله لأبي اليسر: ?كيف أسرته؟?. قال: أعانني رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده. فقال: ?لقد أعانك عليه ملك كريم?.

فلما أمسي القوم والأسري محبوسون في الوثاق وفيهم العباس بات رسول الله صلي الله عليه و اله تلك الليلة ساهراً. فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا رسول الله؟ قال: ?سمعت أنين العباس?. فقام رجل من القوم فأرخي من وثاقه شيئاً. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما بالي لا اسمع أنين العباس؟?. فقال رجل من القوم: أرخيت من وثاقه شيئاً. قال: ?افعل ذلك بالأسري كلهم?.

ولما قدم بالأسري إلي المدينة، قال رسول الله صلي الله عليه و اله للعباس: ?افد نفسك يا عباس، وابني أخويك عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب، وخليفتك عتبة بن جحد، فإنك ذو مال?. قال: إني كنت مسلماً، ولكن القوم استكرهوني. قال: ?الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما ذكرت حقاً فالله يجزيك، فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا?. ولما فدي العباس نفسه رجع إلي مكة ولم يزل فيها، فلما كان الفتح استقبل النبي صلي الله عليه و اله بالأبواء، وهو موضع بين مكة والمدينة، وكان معه يوم فتح مكة. وقيل أظهر إسلامه يومئذ، وشهد مع رسول الله صلي الله عليه و اله حنيناً والطائف وتبوك. وكان يوم حنين آخذاً بركاب رسول الله صلي الله عليه و اله وهو علي بغلته البيضاء الدلدل، وقد انطلق الناس إلا نفراً

من أهل بيته. فقال رسول الله حين رأي من الناس ما رأي وأنهم لا يلوون علي شيء : ?يا عباس، اصرخ يا معشر الأنصار، أصحاب العمرة يعني الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية أن لا يفروا عنه?. قال العباس: فناديت، فاقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلي أولادها.

وروي: أن النبي صلي الله عليه و اله كان جالساً في مسجده وحوله جماعة من الصحابة، إذ دخل عليه عمه العباس، وكان رجلاً صبيحاً حسناً حلو الشمائل. فلما رآه النبي صلي الله عليه و اله قام إليه، واستقبله وقبل بين عينيه، ورحب به وأجلسه إلي جانبه، وجعل يفديه بابيه وأمه. فانشده العباس قصيدة يمدحه صلي الله عليه و اله فيها.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?لما حضرت رسول الله صلي الله عليه و اله الوفاة. دعا العباس بن عبد المطلب، وأمير المؤمنين عليه السلام، فقال للعباس: يا عم محمد، تأخذ تراث محمد، وتقضي دينه وتنجز عداته. فرد عليه فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إني شيخ كثير العيال، قليل المال، من يطيقك وأنت تباري الريح. قال: فأطرق صلي الله عليه و اله هنيئة ثم قال: يا عباس، أ تأخذ تراث محمد، وتنجز عداته وتقضي دينه. فقال: بأبي أنت وأمي، شيخ كثير العيال، قليل المال، وأنت تباري الريح … ?(). وكان ممن تولي غسل النبي صلي الله عليه و اله مع علي بن أبي طالب عليه السلام وابنيه الفضل وقثم وأسامة بن زيد وشقران مولي رسول الله صلي الله عليه و اله. كما كان من الذين حضروا دفن فاطمة عليها السلام.

توفي العباس يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب سنة اثنتين وثلاثين في عهد عثمان بن

عفان، وهو ابن ثمان وثمانين سنة ودفن بالبقيع في مقبرة بني هاشم، وقبره معروف مع أئمة البقيع الحسن المجتبي وعلي السجاد ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام. ولما مات بعثت بنو هاشم مؤذناً يؤذن أهل العوالي: رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب. قال: فحشد الناس ونزلوا من العوالي.

وقد كان رسول الله صلي الله عليه و اله أوصي بعمه العباس فقال: ?احفظوني في عمي العباس فإنه بقية آبائي?().

الكوفة عاصمة الخلافة

وفي اليوم الثاني عشر من شهر رجب عام 36 ه دخل الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام الكوفة وجعلها عاصمة للخلافة().

وقد وردت روايات عديدة في فضل الكوفة ومسجدها وأهلها: عن موسي بن بكر، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إن الله تبارك وتعالي اختار من البلدان أربعة، فقال عز وجل: ?والتِّينِ والزَّيْتُونِ ? وطُورِ سِينِينَ ? وهذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ?() فالتين المدينة، والزيتون بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة?().

وعن الحسن بن علي عليه السلام قال: ?لموضع الرجل في الكوفة، أحب إليَّ من دار بالمدينة?().

وعن سعد بن الأصبغ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?من كان له دار في الكوفة، فليتمسك بها?().

وعن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?إن قائمنا إذا قام يبني له في ظهر الكوفة مسجد له ألف باب، وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء، حتي يخرج الرجل يوم الجمعة علي بغلة سفواء، يريد الجمعة فلا يدركها?().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: ?يدخل المهدي ? الكوفة … قال الناس: يا ابن رسول الله، الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله، والمسجد لا يسعنا، فيقول: أنا مرتاد لكم، فيخرج إلي الغري

فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس عليه أصيص، ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلي الغريين حتي ينبذ في النجف، ويعمل علي فوهته قناطر وأرحاء في السبيل?().

وفي نهج البلاغة: ?كأني بك يا كوفة، تمدين مد الأديم العكاظي()، تعركين بالنوازل، وتركبين الزلازل، وإني لأعلم أنه ما أراد بكِ جبار سوءً إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل?().

وروي أبو عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ?مسجد كوفان فيه فار التنور، ونجرت السفينة، وهو سرة بابل، ومجمع الأنبياء?().

وعن أبي أسامة، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ?مسجد كوفان روضة من رياض الجنة، صلي فيه ألف نبي وسبعون نبياً، وميمنته رحمة، وميسرته مكرمة، فيه عصا موسي، وشجرة يقطين، وخاتم سليمان، ومنه فارَ التنور، ونجرت السفينة، وهي صرة بابل، ومجمع الأنبياء?().

وعن سعد بن طريف، عن ابن نباتة، قال: بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة، إذ قال: ?يا أهل الكوفة، لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحداً، ففضل مصلاكم، وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلي إبراهيم الخليل، ومصلي أخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي. وإن مسجدكم هذا أحد الأربعة المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم، يشفع لأهله ولمن صلي فيه، فلا ترد شفاعته. ولا تذهب الأيام حتي ينصب فيه الحجر الأسود، وليأتين عليه زمان يكون مصلي المهدي من ولدي، ومصلي كل مؤمن، ولا يبقي علي الأرض مؤمن إلا كان به، أو حن قلبه إليه، فلا تهجرن وتقربوا إلي الله عزوجل بالصلاة فيه، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه

من البركة، لأتوه من أقطار الأرض، ولو حبوا علي الثلج?().

وعن هارون بن خارجة قال: قال لي الصادق عليه السلام: ?كم بين منزلك وبين مسجد الكوفة؟? فأخبرته.

فقال: ?ما بقي ملك مقرب،ولا نبي مرسل، ولا عبد صالح دخل الكوفة إلا وقد صلي فيه. وإن رسول الله صلي الله عليه و اله مر به ليلة أسري به، فاستأذن له الملك فصلي فيه ركعتين. والصلاة الفريضة فيه ألف صلاة، والنافلة فيه خمسمائة صلاة، والجلوس فيه من غير تلاوة وقرآن عبادة، فأته ولو زحفاً?().

ولادة أمير المؤمنين عليه السلام

في اليوم الثالث عشر من شهر رجب الأصب وبعد ثلاثين سنة من عام الفيل ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة الشريفة، وهذه من خصوصياته عليه السلام التي لم يشاركه فيها أحد قبله ولا بعده.

ففي الخبر عن يزيد بن قعنب قال: (كنت جالساً مع العبّاس بن عبد المطّلب وفريق من عبد العزّي بإزاء البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليها السلام وكانت حاملة به تسعة أشهر، وقد أخذها الطلق فقالت: ربّي إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكُتب، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل، وإنّه بني البيت العتيق، فبحقّ الذي بني هذا البيت وبحقّ المولود الذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي.

قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت قد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا، والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمر من الله تعالي.

ثمّ خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين عليه السلام ثمّ قالت: إنّي فُضّلت علي من تقدّمني من النساء، لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرّاً في موضع لا يحبّ أن يعبد الله

إلاّ اضطراراً، وإنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّي أكلت منها رطباً جنياً، وإنّي دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنّة وأرزاقها فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سمّيه علياً فهو علي)().

وعن محمد بن عبد الله بن مسكان، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ?إن فاطمة بنت أسد جاءت إلي أبي طالب لتبشره بمولد النبي صلي الله عليه و اله. فقال أبو طالب: اصبري سبتاً آتيك أبشرك بمثله إلا النبوة وقال : السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام ثلاثون سنة?().

وعن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ?لما ولد رسول الله صلي الله عليه و اله فتح لآمنة بياض فارس، وقصور الشام. فجاءت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام إلي أبي طالب ضاحكة مستبشرة، فأعلمته ما قالته آمنة. فقال لها أبو طالب: وتتعجبين من هذا، إنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره?().

وذكر ابن عياش: (إن اليوم الثالث عشر من رجب كان مولد أمير المؤمنين في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشرة سنة. وروي عن عتاب بن أسيد أنه قال: ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة في بيت الله الحرام، يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، وللنبي صلي الله عليه و اله ثمان وعشرون سنة، قبل النبوة باثنتي عشرة سنة)().

وفي المناقب لابن شهرآشوب: شيخ السنة القاضي أبو عمرو عثمان بن أحمد في خبر طويل: (إن فاطمة بنت أسد رأت النبي صلي الله عليه و اله يأكل تمراً، له رائحة تزداد علي كل الأطايب من المسك والعنبر من نخلة

لا شماريخ لها. فقالت: ناولني أنل منها. قال صلي الله عليه و اله: ?لا تصلح إلا أن تشهدي معي أن لا إله إلا الله، وأني محمد رسول الله?، فشهدت الشهادتين، فناولها فأكلت، فازدادت رغبتها وطلبت أخري لأبي طالب، فعاهدها أن لا تعطيه إلا بعد الشهادتين. فلما جن عليها الليل اشتم أبو طالب نسيماً ما اشتم مثله قط، فأظهرت ما معها فالتمسه منها، فأبت عليه إلا أن يشهد الشهادتين، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين، غير أنه سألها أن تكتم عليه لئلا تعيره قريش، فعاهدته علي ذلك فأعطته ما معها. وآوي إلي زوجته فعلقت بعلي عليه السلام في تلك الليلة. ولما حملت بعلي عليه السلام ازداد حسنها فكان يتكلم في بطنها، فكانت في الكعبة، فتكلم علي عليه السلام مع جعفر فغشي عليه، فألقيت الأصنام خرت علي وجوهها، فمسحت علي بطنها وقالت: يا قرة العين سجدتك الأصنام داخلاً، فكيف شأنك خارجاً)().

وعن الصادق عليه السلام: ?أنه انفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه، ثم عادت الفتحة والتصقت، وبقيت فيه ثلاثة أيام، فأكلت من ثمار الجنة. فلما خرجت قال علي عليه السلام: السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته، ثم تنحنح وقال: ?بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ?() الآيات. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: قد أفلحوا بك، أنت والله أميرهم، تميرهم من علمك فيمتارون، وأنت والله دليلهم، وبك والله يهتدون. ووضع رسول الله صلي الله عليه و اله لسانه في فيه، فانفجرت اثنتا عشرة عيناً، قال: فسمي ذلك اليوم يوم التروية. فلما كان من غده، وبصر علي برسول الله سلم عليه، وضحك في وجهه، وجعل يشير إليه، فأخذه رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقالت فاطمة: عرفه، فسمي ذلك اليوم عرفة. فلما كان اليوم الثالث، وكان يوم العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً، وقال: هلموا إلي وليمة ابني علي، ونحر ثلاثمائة من الإبل، وألف رأس من البقر والغنم، واتخذوا وليمة. وقال: هلموا وطوفوا بالبيت سبعاً، وادخلوا وسلموا علي علي ولدي. ففعل الناس ذلك وجرت به السنة. وضعته أمه بين يدي النبي صلي الله عليه و اله ففتح فاه بلسانه وحنكه، وأذن في أذنه اليمني، وأقام في اليسري، فعرف الشهادتين وولد علي الفطرة?().

استشهاد الإمام الصادق عليه السلام

في اليوم الخامس عشر من شهر رجب عام 148 ه استشهد الإمام الصادق عليه السلام علي قول، ولكن المشهور أنه في الخامس والعشرين من شوال، وكان للإمام حينذاك خمس وستون سنة، ودفن في البقيع الغرقد بالمدينة المنورة مع أبيه وجده وعمه عليهم السلام.

وكان سبب وفاته عليه السلام العنب المسموم الذي أطعمه المنصور الدوانيقي.

قال الإمام موسي الكاظم عليه السلام: «إني كفنت أبي في ثوبين شطويين() كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه، وعمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام، وفي برد اشتريته بأربعين ديناراً» ().

وعن أبي بصير أنه قال: دخلت علي أم حميدة أعزّيها بأبي عبد الله الصادق عليه السلام فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثم قال: «اجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة»، قالت: فلم نترك أحداً إلا جمعناه، قالت: فنظر إليهم ثم قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة» ().

الخروج من شعب أبي طالب عليه السلام

في اليوم الخامس عشر من شهر رجب كان خروج النبي صلي الله عليه و اله من شعب أبي طالب عليه السلام.

اجتمعت قريش في دار الندوة، وكتبوا صحيفة بينهم: أن لا يؤاكلوا بني هاشم، ولا يكلموهم، ولا يبايعوهم، ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم، ولا يحضروا معهم، حتي يدفعوا إليهم محمداً فيقتلوه، وأنهم يد واحدة علي محمد يقتلونه غيلة أو صراحاً.

فلما بلغ ذلك أبا طالب، جمع بني هاشم ودخلوا الشعب، وكانوا أربعين رجلاً، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة والحرم، والركن والمقام، إن شاكت محمداً شوكة، لأثبن عليكم يا بني هاشم، وحصن الشعب. وكان يحرسه بالليل والنهار، فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه ورسول الله صلي الله عليه و اله مضطجع،

ثم يقيمه ويضجعه في موضع آخر، فلا يزال الليل كله هكذا، ويوكل ولده وولد أخيه به يحرسونه بالنهار. فأصابهم الجهد، وكان من دخل مكة من العرب لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئاً، ومن باع منهم شيئاً انتهبوا ماله. وكان أبو جهل، والعاص بن وائل السهمي، والنضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، يخرجون إلي الطرقات التي تدخل مكة، فمن رأوه معه ميرة نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئاً ويحذرون إن باع شيئاً منهم أن ينهبوا ماله. وكانت خديجة ? لها مال كثير فأنفقته علي رسول الله صلي الله عليه و اله في الشعب. ولم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطلب بن عبد مناف، وقال: هذا ظلم. وختموا الصحيفة بأربعين خاتماً، ختمها كل رجل من رؤساء قريش بخاتمه، وعلقوها في الكعبة، وتابعهم علي ذلك أبو لهب. وكان رسول الله صلي الله عليه و اله يخرج في كل موسم، فيدور علي قبائل العرب، فيقول لهم: ?تمنعون لي جانبي حتي أتلو عليكم كتاب ربكم، وثوابكم الجنة علي الله?، وأبو لهب في أثره فيقول: لا تقبلوا منه، فإنه ابن أخي وهو كذاب ساحر. فلم يزل هذا حالهم. وبقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون إلا من موسم إلي موسم، ولا يشترون ولا يبايعون إلا في الموسم.

وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنة، موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة. فكان إذا اجتمعت المواسم، تخرج بنو هاشم من الشعب فيشترون ويبيعون، ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلي الموسم الثاني. وأصابهم الجهد وجاعوا، وبعثت قريش إلي أبي طالب: ادفع إلينا محمداً حتي نقتله، ونملكك علينا.

فقال أبو

طالب ? قصيدته اللامية يقول فيها:

ولما رأيت القوم لا ود فيهم

وقد قطعوا كل العري والوسائل

أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب

لدينا ولا يعني بقول الأباطل

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه

ثمال اليتامي عصمة للأرامل

يطوف به الهلاك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله يبزي محمد

ولما نطاعن دونه ونقاتل

ونسلمه حتي نصرع دونه

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

لعمري لقد كلفت وجداً بأحمد

وأحببته حب الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه وحميته

ودارأت عنه بالذري والكواهل

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها

وشيئا لمن عادي وزين المحافل

حليماً رشيداً حازما غير طائش

يوالي إله الحق ليس بماحل

فأيده رب العباد بنصره

وأظهر دينا حقه غير باطل

فلما سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه. وكان أبو العاص بن الربيع وهو ختن رسول الله، يأتي بالعير بالليل عليها البر والتمر إلي باب الشعب، ثم يصيح بها فتدخل الشعب، فيأكله بنو هاشم. وقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?لقد صاهرنا أبو العاص، فأحمدنا صهره، لقد كان يعمد إلي العير ونحن في الحصار، فيرسلها في الشعب ليلاً?. ولما أتي علي رسول الله صلي الله عليه و اله في الشعب أربع، سنين بعث الله علي صحيفتهم القاطعة دابة الأرض، فلحست جميع ما فيها من قطيعة وظلم، وتركت (باسمك اللهم). ونزل جبرئيل علي رسول الله صلي الله عليه و اله فأخبره بذلك، فأخبر رسول الله صلي الله عليه و اله أبا طالب. فقام أبو طالب ولبس ثيابه، ثم مشي حتي دخل المسجد علي قريش وهم مجتمعون فيه، فلما أبصروه قالوا: قد ضجر أبو طالب، وجاء الآن ليسلم ابن أخيه، فدنا منهم وسلم عليهم. فقاموا إليه وعظموه وقالوا: قد علمنا يا أبا طالب، إنك أردت مواصلتنا والرجوع إلي جماعتنا، وأن تسلم ابن أخيك إلينا. قال: والله ما

جئت لهذا، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني، إن الله تعالي أخبره أنه بعث علي صحيفتكم القاطعة دابة الأرض، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم، وظلم وجور، وترك اسم الله. فابعثوا إلي صحيفتكم، فإن كان حقاً فاتقوا الله، وارجعوا عما أنتم عليه من الظلم والجور وقطيعة الرحم، وإن كان باطلاً دفعته إليكم، فإن شئتم قتلتموه، وإن شئتم استحييتموه. فبعثوا إلي الصحيفة وأنزلوها من الكعبة، وعليها أربعون خاتماً، فلما أتوا بها نظر كل رجل منهم إلي خاتمه، ثم فكوها فإذا ليس فيها حرف واحد، إلا باسمك اللهم. فقال لهم أبو طالب: يا قوم، اتقوا الله وكفوا عما أنتم عليه. فتفرق القوم ولم يتكلم أحد().

تحويل القبلة

قال الشيخ المفيد: في النصف من رجب سنة اثنتين من الهجرة حولت القبلة من البيت المقدس إلي الكعبة وكان الناس في صلاة العصر فتحولوا فيها إلي البيت الحرام()، وقيل في صلاة الظهر.

فقد صلي رسول الله صلي الله عليه و اله إلي البيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة سنة بمكة، وتسعة عشر شهراً بالمدينة. ثم عيرته اليهود فقالوا له: إنك تابع لقبلتنا، فاغتم صلي الله عليه و اله لذلك غماً شديداً. فلما كان في بعض الليل خرج رسول الله صلي الله عليه و اله يقلب وجهه في آفاق السماء، فلما أصبح صلي الغداة، فلما صلي من الظهر ركعتين، جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له: ?قَدْ نَري تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ?() الآية. ثم أخذ بيد النبي صلي الله عليه و اله فحول وجهه إلي الكعبة، وحول من خلفه وجوههم، حتي قام الرجال مقام النساء، والنساء مقام الرجال. فكان أول صلاته إلي بيت المقدس وآخرها إلي

الكعبة، وبلغ الخبر مسجداً بالمدينة وقد صلي أهله من العصر ركعتين، فحولوا نحو الكعبة. فكانت أول صلاتهم إلي بيت المقدس وآخرها إلي الكعبة، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين. فقال المسلمون: صلاتنا إلي بيت المقدس تضيع يا رسول الله؟ فنزل الله عز وجل: ?وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ?()، يعني: صلاتكم إلي بيت المقدس.

وكانت الكعبة أحب القبلتين إلي النبي صلي الله عليه و اله، فأمره الله تعالي أن يصلي إلي الكعبة. قال محمد بن حبيب الهاشمي: حولت في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان، زار رسول الله صلي الله عليه و اله أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فتغدي هو وأصحابه. وجاءت الظهر فصلي بأصحابه في مسجد القبلتين، ركعتين من الظهر إلي الشام، ثم أمر أن يستقبل الكعبة وهو راكع في الركعة الثانية، فاستدار إلي الكعبة فدارت الصفوف خلفه، ثم أتم الصلاة فسمي مسجد القبلتين().

وفاة السيدة زينب عليها السلام

في اليوم الخامس عشر من شهر رجب عام 62 هجرية وقيل عام 65 توفيت السيدة زينب الكبري عليها السلام في الشام.

هي زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه و اله.

ولدت السيدة زينب عليها السلام في المدينة المنورة في الخامس من جمادي الأولي عام 5 من الهجرة النبوية المباركة، زوجها: ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار، ورزقت منه أربعة ذكور (علي، محمد، عباس، عون) وبنت واحدة هي (أم كلثوم)، استشهد اثنان من أبنائها يوم عاشوراء بكربلاء في نصرة أخيها الإمام الحسين عليه السلام هما: (محمد وعون).

كانت زينب عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة كما في الحديث الشريف() وكانت شريكة للإمام الحسين عليه السلام في مسيرته إلي كربلاء

وفي نهضته المباركة ضد الظلم و الطغيان، وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام كانت زعيمة قافلة الأسري إلي الكوفة، فالشام، ثم الرجوع إلي كربلاء في يوم الأربعين، ومنها إلي المدينة المنورة.

كما أبعدت عن وطن جدها المدينة إلي الشام لتكون قريبة من مركز سلطة الأمويين وتحت سيطرتهم ورقابتهم، وقد توفيت هناك مسمومة شهيدة بسم دسه إليها الأمويون، ودفنت في ضواحي دمشق حيث مزارها الآن.

هلاك معاوية

في اليوم الخامس عشر من شهر رجب عام 60 ه هلك معاوية بن أبي سفيان، وأمه هند آكلة الأكباد.

في الحديث عن عبد الله بن عمر، قال: خرج رسول الله صلي الله عليه و اله من فج، فنطر إلي أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه، أحدهما قائد والآخر سائق، فلما نظر إليهم رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ?اللهم العن القائد والسائق والراكب?().

وروي عنه صلي الله عليه و اله أنه قال: ?إذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه?().

وقد وصفه رسول الله صلي الله عليه و اله بالفئة الباغية حيث قال لعمار بن ياسر: ?يا عمار، تقتلك الفئة الباغية?().

ومن كلام لمولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام: ?والله ما معاوية بأدهي مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهي الناس، ولكن كل غدرة فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة? ().

وكتب الإمام الحسين بن علي عليه السلام إلي معاوية جواباً علي رسالته: ?أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور.. كذب الغاوون المارقون.. حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم، ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكدة،

جرأة علي الله واستخفافاً بعهده؟

أولست بقاتل عمرو بن الحمق، الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة، فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال؟

أولست المدعي زياداً في الإسلام، فزعمت أنه ابن أبي سفيان، وقد قضي رسول الله صلي الله عليه و اله أن الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم سلطته علي أهل الاسلام، يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم علي جذوع النخل؟ سبحان الله لكأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أولست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد أنه علي دين علي كرم الله وجهه؟ ودين علي هو دين ابن عمه صلي الله عليه و اله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا، منة عليكم…

وإني لا أعلم للأمة فتنة أعظم من إمارتك عليها، وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك فان أفعل فانه قربة إلي ربي، وان لم أفعل فاستغفر الله لديني وأسأله التوفيق لما يحب ويرضي… فكدني يا معاوية ما بدا لك، فلعمري لقديماً يُكاد الصالحون، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ولا تمحق إلا عملك… واعلم أن لله كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، واعلم أن الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظنة، وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبياً يشرب الشراب، ويعلب بالكلاب، ما أراك إلا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية…?().

وفي سنة ست وخمسين دعا معاوية الناس إلي البيعة ليزيد أن يكون ولي عهده من بعده، قال أبو الفرج: أراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص، فدس إليهما سما،

فماتا منه().

وفاة إبراهيم ابن رسول الله صلي الله عليه و اله

في اليوم الثامن عشر من شهر رجب عام 10 ه توفي إبراهيم ابن رسول الله صلي الله عليه و اله وهو ولده من مارية القبطية، علماً إنّ النبي صلي الله عليه و اله رزق بثلاثة أولاد ذكور، وأربع إناث كلّهم من السيّدة خديجة ما عدا إبراهيم فإنّ أُمّه مارية القبطية.

تزوج رسول الله صلي الله عليه و اله مارية القبطية، بعدما أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية. وكان حاطب بن أبي بلتعة حامل كتاب رسول الله صلي الله عليه و اله إلي المقوقس قد عرض عليها الإسلام ورغبها فيه فأسلمت، فلما حملت ووضعت إبراهيم، وقبلتها سلمي مولاة رسول الله صلي الله عليه و اله، فجاء أبو رافع زوج سلمي فبشر رسول الله صلي الله عليه و اله بإبراهيم فوهب له عبداً.

ولد إبراهيم بعالية في قبيلة مازن في مشربة أم إبراهيم وذلك في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وبعد ولادته عق عنه رسول الله صلي الله عليه و اله في اليوم السابع، وحلق رأسه فتصدق بزنة شعره فضة علي المساكين، وأمر بشعره فدفن في الأرض.

وروي: أن النبي صلي الله عليه و اله كان جالساً يوماً في بيته، وقد وضع الحسين عليه السلام علي فخذه الأيمن، وابنه إبراهيم علي فخذه الأيسر، وهو يرتشف هذا تارة وهذا أخري. فهبط جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد، العلي الأعلي يقرئك السلام، ويقول لك: لم يكن ليجمع لك بينهما، فاختر من شئت منهما. فقال صلي الله عليه و اله: ?إذا مات الحسين بكيت أنا عليه، وبكي عليه علي وفاطمة، وإذا مات إبراهيم بكيت أنا عليه، يا جبرئيل قد اخترت الحسين? فقبض إبراهيم بعد ثلاثة أيام. وكان الحسين عليه السلام إذ

أقبل يقول له النبي صلي الله عليه و اله: ?مرحبا بمن فديته بابني إبراهيم?().

توفي إبراهيم بالمدينة وله من العمر سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، فأتم الله عز وجل رضاعه في الجنة، وقبره بالبقيع.

وقيل: إنّ عمره عندما توفّي كان سنة وستّة أشهر وعدّة أيّام، وقد حدثت يوم وفاته أُمور غريبة مذكورة في كتب التاريخ().

ولما مات إبراهيم بكي النبي صلي الله عليه و اله حتي جرت دموعه علي لحيته، فقيل: يا رسول الله، تنهي عن البكاء وأنت تبكي؟ فقال: ?ليس هذا بكاء، إنما هذا رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم?، وفي رواية أخري قيل: أ تبكي يا رسول الله؟ فقال: ?ريحانة وهبها الله، وكنت أشمه?(). وفي الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: ?لمّا مات إبراهيم بكي النبي صلي الله عليه و اله حتي هملت عين رسول الله صلي الله عليه و اله بالدموع ثمّ قال النبي صلي الله عليه و اله: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الربّ وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون?().

وعن علي عليه السلام قال: ?مات إبراهيم بن رسول الله صلي الله عليه و اله أمرني فغسلته، وكفنه رسول الله صلي الله عليه و اله وحنطه، وقال لي: احمله يا علي. فحملته حتي جئت به إلي البقيع، فصلي عليه ثم أتي القبر. فقال لي: انزل يا علي فنزلت، ودلاه عليَّ رسول الله صلي الله عليه و اله فلما رآه منصباً بكي عليه السلام، فبكي المسلمون لبكائه، إلي أن قال صلي الله عليه و اله: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك لمصابون، وإنا عليك لمحزونون، ثم سوي قبره ووضع يده عند رأسه، وغمزها حتي بلغت الكوع، وقال: بسم الله

ختمتك من الشيطان أن يدخلك. ثم رأي النبي صلي الله عليه و اله في قبره خللاً فسواه بيده، ثم قال: إذا عمل أحدكم عملاً فليتقن?.

وأما مارية أم إبراهيم فقد توفيت بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و اله بخمس سنين سنة ست عشرة من الهجرة.

فتح خيبر

في اليوم الرابع والعشرين من شهر رجب عام 7 ه فتح الله خيبر علي يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقتل مرحب اليهودي في غزوة خيبر.

ولما دنا رسول الله صلي الله عليه و اله من خيبر، قال للناس: ?قفوا?، فوقفوا فرفع يديه إلي السماء، وقال: ?اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك خير هذه القرية، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها?.

حاصر رسول الله صلي الله عليه و اله خيبر بضعاً وعشرين ليلة، وكانت الراية لأمير المؤمنين عليه السلام، فعرض له رمد أعجزه عن الحرب. وكان المسلمون يناوشون اليهود بين أيدي حصونهم وجنباتها. فلما كان ذات يوم فتحوا الباب، وكانوا خندقوا علي أنفسهم، وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب، فدعا رسول الله صلي الله عليه و اله أبا بكر فقال له: ?خذ هذه الراية?، فأخذها في جمع من المهاجرين، فاجتهد ولم يغن شيئاً، وعاد يؤنب القوم الذين اتبعوه ويؤنبونه. فلما كان من الغد تعرض لها عمر، فسار بها غير بعيد ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.

فقال النبي صلي الله عليه و اله: ?ليست هذه الراية لمن حملها، جيئوني بعلي بن أبي طالب?. فقيل إنه: أرمد، فقال: ?أرونيه، تروني رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يأخذها بحقها، ليس بفرار?. فجاءوا بعلي يقودونه إليه، فقال: ?ما تشتكي

يا علي؟?. قال: ?رمداً ما أبصر معه، وصدعاً برأسي?. فقال له: ?اجلس وضع رأسك علي فخذي?، ففعل علي ذلك. فدعا له النبي صلي الله عليه و اله وتفل في يده، فمسحها علي عينيه ورأسه، فانفتحت عيناه وسكن الصداع، وقال في دعائه له: ?اللهم قه الحر والبرد? وأعطاه الراية وكانت بيضاء، وقال: ?امض بها وجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي أنهم يجدون في كتابهم، أن الذي يدمر عليهم اسمه إليا، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي بن أبي طالب، فإنهم يخذلون إن شاء الله تعالي?. قال علي عليه السلام: ?فمضيت بها حتي أتيت الحصن، فخرج مرحب وعليه درع ومغفر، وحجر قد نقبه مثل البيضة علي رأسه، وهو يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

فقلت:

?أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات شديد قسورة

أكيلكم بالسيف كيل السندرة

فاختلفنا ضربتين، فبدرته فقددت الحجر والمغفر ورأسه، حتي وقع السيف في أضراسه، وخر صريعاً?.

وورد: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما قال: ?أنا علي بن أبي طالب?، قال حبر منهم: غلبتم وما أنزل علي موسي. فخامرهم رعب شديد، ورجع من كان مع مرحب، وأغلقوا باب الحصن. فصار إليه أمير المؤمنين عليه السلام فقلع الباب. وأكثر الناس لم يعبروا الخندق، فأخذ الباب وجعله جسراً علي الخندق، حتي عبروا وظفروا بالحصن، وأخذوا الغنائم. ولما انصرفوا دحا به بيمناه أذرعاً. وكان يغلقه عشرون رجلاً.

وعن أبي رافع مولي رسول الله صلي الله عليه و اله قال: خرجنا مع علي عليه السلام حين بعثه رسول الله صلي الله عليه و اله برايته، فلما دنا من الحصن، خرج إليه أهله، فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي عليه السلام باباً

كان عند الحصن فرمي به عن نفسه. فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتي فتح الله علي يديه. ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أثاثاً منهم نجهد علي أن نقلب الباب فلم نقلبه.

وروي عن علي عليه السلام قال: ?لما عالجت باب خيبر، جعلته مجناً لي وقاتلت القوم. فلما أخزاهم الله، وضعت الباب علي حصنهم طريقاً، ثم رميت به في خندقهم?. فقال له رجل منهم: لقد حملت منه ثقلاً؟ فقال: ?ما كان إلا مثل جنتي التي في يدي في غير ذلك اليوم?. وقيل: إن المسلمين راموا حمل ذلك الباب، فلم يقله إلا سبعون رجلاً.

استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام

في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183ه استشهد الإمام موسي بن جعفر عليه السلام ببغداد في سجن هارون العباسي، وكان عمره الشريف خمساً وخمسين سنة، وفي بعض الأخبار أربعاً وخمسين سنة().

قام هارون العباسي بالقبض علي موسي بن جعفر عليه السلام سنة تسع وسبعين ومائة، فتوفي في حبسه ببغداد مسموماً شهيداً لخمس ليال بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة.

روي أنه لما حج هارون العباسي وأراد القبض علي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام بدأ بقبر النبي صلي الله عليه و اله فقال: يا رسول الله، إني أعتذر إليك من شي ء أريد أن أفعله، أريد أن احبس موسي بن جعفر، فإنه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها. ثم أمر به فأخذ من المسجد، فأدخل إليه فقيده. وأخرج من داره بغلان، عليهما قبتان مغطاتان، هو في إحداهما ووجه مع كل واحدة منهما خيلاً، فأخذ بواحدة علي طريق البصرة، والأخري علي طريق الكوفة، ليعمي علي الناس أمره. وكان في التي مضت إلي البصرة، وأمر الرسول أن يسلمه إلي عيسي

بن جعفر بن المنصور. وكان علي البصرة حينئذ.

فمضي به فحبسه عنده سنة. ثم كتب إلي هارون: أن خذه مني وسلمه إلي من شئت وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فما أقدر علي ذلك، حتي أني لأتسمع عليه إذا دعا لعله يدعو عليَّ أو عليك، فما أسمعه يدعو إلا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.

فوجه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد. فبقي عنده مدة طويلة، وأراده هارون علي شي ء من أمره أي بأن يدس إليه السم فأبي. فكتب بتسليمه إلي الفضل بن يحيي فتسلمه منه، وأراد ذلك منه فلم يفعل، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة، وهو حينئذ بالرقة. فأنفذ مسرور الخادم إلي بغداد علي البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلي موسي بن جعفر فيعرف خبره، فإن كان الأمر علي ما بلغه، أوصل كتاباً منه إلي العباس بن محمد وأمره بامتثاله، وأوصل منه كتاباً آخر إلي السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس.

قدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيي، لا يدري أحد ما يريد. ثم دخل علي موسي بن جعفر عليه السلام، فوجده علي ما بلغ هارون. فمضي من فوره إلي العباس بن محمد والسندي، فأوصل الكتابين إليهما. فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض إلي الفضل بن يحيي، فركب معه وخرج مشدوهاً دهشاً حتي دخل علي العباس. فدعا بسياط وعقابين فوجه ذلك إلي السندي، وأمر بالفضل فجرد ثم ضربه مائة سوط، وخرج متغير اللون خلاف ما دخل فأذهبت نخوته، فجعل يسلم علي الناس يميناً وشمالاً.

كتب مسرور بالخبر إلي هارون، فأمر بتسليم موسي إلي السندي بن شاهك، وجلس مجلساً حافلاً، وقال: أيها الناس، إن الفضل بن يحيي قد عصاني، وخالف طاعتي، ورأيت

أن ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية، حتي ارتج البيت والدار بلعنه. وبلغ يحيي بن خالد فركب إلي هارون ودخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه، حتي جاءه من خلفه وهو لا يشعر، ثم قال: التفت إليَّ يا أمير، فأصغي إليه فزعاً. فقال له: إن الفضل حدث وأنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه وسر، وأقبل علي الناس. فقال: إن الفضل كان عصاني في شي ء فلعنته، وقد تاب وأناب إلي طاعتي فتولوه. فقالوا له: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت وقد توليناه. ثم خرج يحيي بن خالد بنفسه علي البريد حتي أتي بغداد، فماج الناس وأرجفوا بكل شي ء. فأظهر أنه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمال، وشاغل ببعض ذلك، ودعا السندي فأمره فيه بأمره فامتثله.

وكان قد أمره بأن يضيق علي الإمام موسي بن جعفر عليه السلام وأن يدس إليه السم، ثم يأتي بعلماء بغداد ليشهدوا بأن الإمام توفي بموت طبيعي.

ثم أخرج جنازة الإمام عليه السلام فوضع علي الجسر ببغداد، ونودي: هذا موسي بن جعفر قد مات فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه، وهو عليه السلام ميت. ثم حمل ودفن في مقابر قريش حيث مزاره الشريف الآن بالكاظمية.

وفاة أبي طالب عليه السلام

في اليوم السادس والعشرين من شهر رجب وفاة مؤمن قريش أبي طالب عم النبي صلي الله عليه و اله ووالد أمير المؤمنين عليه السلام وذلك في عام 3 قبل الهجرة.

وقد ذكرنا بعض التفاصيل عن حياته الشريفة في كتاب (المساجد والمزارات)().

اسمه الشريف: أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وقيل اسمه: عمران.

عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ?كان والله أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب، مؤمناً مسلماً يكتم إيمانه،

مخافة علي بني هاشم أن تنابذها قريش?().

وعن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ?والله ما عبد أبي، ولا جدي عبد المطلب، ولا هاشم، ولا عبد مناف صنماً قط?. قيل: فما كانوا يعبدون؟ قال: ?كانوا يصلون إلي البيت، علي دين إبراهيم عليه السلام متمسكين به?().

وقد صرح أبو طالب عليه السلام كراراً بإيمانه واعتقاده برب العالمين وبنبوة محمد صلي الله عليه و اله، حيث قال:

حتي أوسد في التراب دفينا

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

وأبشر بذاك وقر منه عيونا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة

ولقد دعوت وكنت ثم أمينا

ودعوتني وعلمت أنك ناصحي

من خير أديان البرية دينا

ولقد علمت بأن دين محمد

وقد أوصي قريشاً بإتباعه، وقال: (والله لكأني به وقد غلب، ودانت له العرب والعجم، فلا يسبقنكم إليه سائر العرب، فيكونوا أسعد به منكم)، وتكررت هذه الوصية منه مراراً، تارة يوصي بها بني هاشم، وتارة يوصي بها كافة قريش. فقال لهم مرة: (لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره فأطيعوه ترشدوا)().

ولما مات أبو طالب تجرأت قريش علي أذية رسول الله، فقال صلي الله عليه و اله: ?يا عم، ما أسرع ما وجدت بعدك? (). وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: ?ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتي مات أبو طالب?().

مات أبو طالب وخديجة عليهما السلام في عام واحد فكان رسول الله صلي الله عليه و اله يسمي ذلك العام عام الحزن. دفن أبو طالب في جنة المعلي بمكة المكرمة.

قال علي بن الحسين عليه السلام: ?كان أبو طالب يضرب عن رسول الله صلي الله عليه و اله بسيفه ويقيه بنفسه، فلما حضرته الوفاة وقد قويت دعوة رسول الله صلي الله عليه و اله وعلت كلمته إلا

أن قريشا علي عداوتها وحسدها فاجتمعوا إلي أبي طالب ورسول الله صلي الله عليه و اله عنده، فقالوا: نسألك من ابن أخيك النصف.

قال: وما النصف منه؟

قالوا: ليكف عنا ونكف عنه، فلا يكلمنا ولا نكلمه، ولايقاتلنا ولا نقاتله، لأن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب وزرعت الشحناء وأنبتت البغضاء.

فقال: يا ابن أخي بنو عمك وعشيرتك يسألونك النصف وأن تكف عنهم ويكفوا عنك.

فقال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي وقبلوا نصيحتي، وإن الله عزوجل أمرني أن أدعو إلي دينه الحنيفية ملة إبراهيم فمن أجابني فله عند الله الرضوان والخلود في الجنان، ومن عصاني قاتلته حتي يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

فقالوا: يا أبا طالب سله أرسله الله إلينا خاصة أم إلي الناس كافة؟

فقال أبو طالب: يا ابن أخ إلي الناس كافة أرسلت أم إلي قومك خاصة؟

قال: لا بل إلي الناس أرسلت كافة، إلي الأبيض والأسود والأحمر والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لأدعون إلي هذا الأمر الأبيض والأسود ومن علي رؤوس الجبال ومن في لجج البحار، ولأدعون السنة فارس والروم.

فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع إلي ابن أخيك وما يقول، والله لو سمعت فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا.

فأنزل الله تعالي ?وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدي مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبي إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ?() إلي آخر الآية.

وأنزلت في قولهم لقلعت الكعبة حجرا حجرا: ?أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ?() إلي آخرها.

فلما سمعوا ذلك من النبي صلي الله عليه و اله خرجوا من عند أبي طالب فقالوا: لا نري محمدا يزداد إلا كبرا وتكبرا وما هو إلا ساحر أو مجنون وتوعدوه وتحالفوا وتقاعدوا لئن مات أبو

طالب ليجمعن قبائل قريش كلها علي قتله ما أمسكت أيديها السياط.

وبلغ أبا طالب ذلك فجمع بينه وبين بني أبيه وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله صلي الله عليه و اله وقال: ابن أخي محمد نبي كما يقول بذلك أخبرنا آباؤنا وعلماؤنا أن ابن أخي محمدا صلي الله عليه و اله نبي صادق وأمين ناطق وأن شأنه أعظم شأن ومكانه أعلي مكان من ربه وإن يومي قد حضر وأنتم الخلفاء النجب فأجيبوا دعوته واجتمعوا علي نصرته وارموا عدوه من وراء حوزته فإنه الشرف الباقي لكم علي الدهر، وأنشأ يقول:

أوصي بنصر الأمين الخير مشهده

بعدي عليا و علي الخير عباسا

وحمزة الأسد المخشي صولته

وجعفرا أن يذوقوا قبله البأسا

وهاشما كلها أوصي بنصرته

أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا

كونوا فدي لكم أمي وما ولدت

من دون أحمد عند الروع أتراسا

بكل أبيض مصقول عوارضه

تخاله في سواد الليل مقباسا

فلما سمع النبي صلي الله عليه و اله من عمه فقال: يا عم كلمة واحدة تجب بها لك شفاعتي يوم القيامة، فقال: يا ابن أخي صدقت أنت نبي حق وربك إله حق، قال له: يا عم إن الله عزوجل وعدني أن قريشا ستؤمن غدا بما تنكره اليوم وإن الله تعالي سيفتح علي الأرض ويظهر دينه علي جميع الأديان وإنك راحل إلي دار المقامة فقل معي كلمة تستوجب من الله رضوانه ورحمته.

فقال: إن أبا طالب حرك بها شفتيه و أشار بإصبعه فسر النبي صلي الله عليه و اله بذلك واستغفر له?().

وفي رواية: ?لما تقارب من أبي طالب الموت، نظر إليه العباس فرآه يحرك شفتيه، فأصغي إليه بأذنه فسمع منه الشهادة. فقال للنبي صلي الله عليه و اله: يا ابن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها?

().

وكان في ذلك إظهار لإيمانه لمن لم يكن يعلم بذلك، وإلا فقد كان أبو طالب مؤمنا لم يعبد الصنم قط، كما ورد في الحديث الشريف.

يوم المبعث الشريف

في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب الأصب عام 13 قبل الهجرة بعث النبي محمد صلي الله عليه و اله بالرسالة وكان عمره الشريف أربعين سنة.

وروي: ?أن جبرئيل عليه السلام أخرج لرسول الله صلي الله عليه و اله قطعة ديباج فيها خط فقال: اقرأ، فقال صلي الله عليه و اله: كيف أقرأ ولست بقارئ. إلي ثلاث مرات.

فقال: في المرة الرابعة ?اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ? إلي قوله ?ما لَمْ يَعْلَمْ?()?().

وفي الخبر: ?ثمّ أنزل الله تعالي جبرئيل وميكائيل عليهما السلام، ومع كلّ واحد منهما سبعون ألف ملك، وأتي بالكرسي ووضع تاجاً علي رأس محمّد صلي الله عليه و اله، وأعطي لواء الحمد بيده، فقال: أصعد عليه وأحمد الله، فلمّا نزل عن الكرسي توجّه إلي خديجة، فكان كلّ شيء يسجد له ويقول بلسان فصيح: (السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا رسول الله)، فلمّا دخل الدار، صارت الدار منوّرة فقالت خديجة: وما هذا النور؟ قال: هذا نور النبوّة، قولي: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فقالت: طال ما عرفت ذلك، ثمّ أسلمت، فقال: يا خديجة إنّي لأجد برداً، فدثّرت عليه فنام فنودي: ?يا أيّها المدثّر ? قم فأنذر ? وربّك فكبّر?().

فقام وجعل إصبعه في أُذنه وقال: الله أكبر، الله أكبر، فكان كلّ موجود يسمعه يوافقه?().

وعن الإمام الرضا عن أبيه عليهما السلام قال: ?إن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعث النبي صلي الله عليه و اله فمنعت من أوان رسالته بالرجوم وانفضاض النجوم وبطلان الكهنة والسحرة? الخبر().

ويستحب صوم يوم المبعث، قال رسول الله

صلي الله عليه و اله: ?من صام يوم سبع وعشرين من رجب كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم هبط جبرئيل علي محمد صلي الله عليه و اله بالرسالة أول يوم هباط إليه?().

وقال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: ?لا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب فإنه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوة علي محمد صلي الله عليه و اله وثوابه مثل ستين شهرا لكم?().

وقال عليه السلام: ?بعث الله عزوجل محمدا صلي الله عليه و اله رحمة للعالمين في سبع وعشرين من رجب فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا?().

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ?بعث الله محمدا لثلاث ليال بقين من رجب فصوم ذلك اليوم كصوم سبعين عاما ?().

وعن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: ?من صام سبعة وعشرين من رجب كتب له أجر صيام سبعين سنة?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?يوم سبعة وعشرين من رجب نبئ فيه رسول الله صلي الله عليه و اله من صلي فيه أي وقت شاء اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم الكتاب وسورة يس، فإذا فرغ جلس مكانه ثم قرأ أم القرآن أربع مرات، فإذا فرغ وهو في مكانه قال: (لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) أربع مرات ثم يقول (الله ربي لا أشرك به شيئا) أربع مرات ثم تدعو فإنك لا تدعو بشيء إلا استجيب لك في كل حاجة إلا أن تدعو في جائحة قوم أو قطيعة رحم?().

وعن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنه قال: ?إن في رجب لليلة خير مما طلعت

عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين من رجب فيها نبئ رسول الله صلي الله عليه و اله في صبيحتها وإن للعامل فيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة? قيل له: وما العمل فيها أصلحك الله؟ قال: ?إذا صليت العشاء الآخرة وأخذت مضجعك ثم استيقظت أي ساعة شئت من الليل قبل الزوال صليت اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل إلي الحمد فإذا سلمت في كل شفع وجلست بعد التسليم وقرأت (الحمد) سبعا و(المعوذتين) سبعا و?قل هو الله أحد? سبعا و?قل يا أيها الكافرون? سبعا و?إنا أنزلناه? و(آية الكرسي) سبعا سبعا?().

خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة

في اليوم الثامن والعشرين من شهر رجب عام 60 ه خرج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة متجهاً نحو مكة المكرمة.

لما هلك معاوية وتولي الأمر بعده يزيد، بعث عامله علي مدينة رسول الله صلي الله عليه و اله وهو عمه عتبة بن أبي سفيان. فقدم المدينة وعليها مروان بن الحكم وكان عامل معاوية، فأقامه عتبة من مكانه وجلس فيه لينفذ فيه أمر يزيد، ثم بعث عتبة إلي الحسين بن علي عليه السلام فقال: إن يزيد أمرك أن تبايع له. فقال الحسين عليه السلام: ?يا عتبة، قد علمت أنا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحق، الذين أودعه الله عز وجل قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله عز وجل، ولقد سمعت جدي رسول الله يقول: إن الخلافة محرمة علي ولد أبي سفيان، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله هذا?. فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب وكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم إلي عبد الله يزيد، من عتبة بن أبي سفيان. أما بعد، فإن الحسين بن علي ليس يري

لك خلافة ولا بيعة، فرأيك في أمره والسلام). فلما ورد الكتاب علي يزيد كتب الجواب إلي عتبة: (أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فعجل عليَّ بجوابه، وبين لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي)!.

بلغ ذلك الحسين عليه السلام فهم بالخروج من أرض الحجاز إلي أرض العراق، فلما أقبل الليل راح إلي مسجد النبي صلي الله عليه و اله ليودع القبر، فلما وصل إلي القبر، سطع له نور من القبر فعاد إلي موضعه. فلما كانت الليلة الثانية راح ليودع القبر، فقام يصلي فأطال فنعس وهو ساجد. فجاءه النبي صلي الله عليه و اله وهو في منامه فأخذ الحسين عليه السلام وضمه إلي صدره، وجعل يقبل بين عينيه ويقول: ?بأبي أنت، كأني أراك مرملاً بدمك، بين عصابة من هذه الأمة يرجون شفاعتي، ما لهم عند الله من خلاق. يا بني، إنك قادم علي أبيك وأمك وأخيك وهم مشتاقون إليك، وإن لك في الجنة درجات لا تنالها إلا بالشهادة?. فانتبه الحسين عليه السلام من نومه باكياً، فأتي أهل بيته فأخبرهم بالرؤيا، وودعهم وحمل أخواته علي المحامل، وابنته وابن أخيه القاسم بن الحسن بن علي عليه السلام ثم سار في عدد من أهل بيته وأصحابه نحو مكة المكرمة، ولما عرف بأن يزيد أمر جماعة بأن يقتلوا الحسين عليه السلام حتي إذا كان متعلقاً بأستار الكعبة خرج من مكة نحو العراق رعاية لحرمة البيت.

غزوة تبوك

في اليوم التاسع والعشرين من شهر رجب عام 9 من الهجرة كانت غزوة تبوك.

وقعت هذه الغزوة بعد فتح مكة وبعد غزوة حنين والطائف، وبعد رجوع النبي صلي الله عليه و اله منها إلي المدينة، ومقامه ما

بين ذي الحجة إلي رجب، ثم تهيأ في رجب للخروج إلي تبوك.

كان رسول الله صلي الله عليه و اله قل ما يريد غزوة يغزوها إلا وري بغيرها حتي كانت غزوة تبوك، فخرج صلي الله عليه و اله يوم الخميس، وكانت آخر غزوة غزاها، وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس، فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها صلاة المسافر، فغزاها رسول الله صلي الله عليه و اله في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً، ولما علم الله تعالي تثاقل الناس أنزل قوله تعالي: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَي الأَْرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآْخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الآْخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ?()، وقد سميت هذه الغزوة بغزوة العسرة، لما لحق المسلمون فيها من العسرة، حتي هم قوم بالرجوع ثم تداركهم لطف الله سبحانه، فكان العشرة من المسلمين يخرجون علي بعير يعتقبونه بينهم، يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك، وكان زادهم الشعير المسوس، والتمر المدود، والإهالة السنخة، وكان النفر منهم يخرجون ما معهم من التمرات بينهم، فإذا بلغ الجوع من أحدهم، أخذ التمر فلاكها حتي يجد طعمها، ثم يعطيها صاحبه فيمصها، ثم يشرب عليها جرعة من ماء، كذلك حتي يأتي علي آخرهم، فلا يبقي من التمرة إلا النواة().

وقد خلّف رسول الله صلي الله عليه و اله علياً عليه السلام في هذه الغزوة في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به إلا أنه كره صحبته، فبلغ ذلك علياً عليه السلام فذكره للنبي صلي الله عليه و اله. فقال: ?أيا بن أبي طالب، أما ترضي أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسي?.

وفي رواية أخري قال: ?يا رسول

الله، خرجت وخلفتني؟?. فقال صلي الله عليه و اله: ?أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي?().

قالوا: وكان أبو خيثمة عبد الله بن خيثمة تخلف إلي أن مضي من مسير رسول الله صلي الله عليه و اله عشرة أيام ثم دخل يوما علي امرأتين له في يوم حار في عريشين لهما قد رشتاهما وبردتا الماء وهيأتا له الطعام، فقام علي العريشين وقال: سبحان الله رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضح والريح والحر والقر يحمل سلاحه علي عاتقه وأبو خيثمة في ظلال باردة وطعام مهيأ وامرأتين حسناوين ما هذا بالنصف، ثم قال: والله لا أكلم واحدة منكما كلمة ولا أدخل عريشا حتي ألحق بالنبي صلي الله عليه و اله، فأناخ ناضحه واشتد عليه وتزود وارتحل وامرأتاه تكلمانه ولا يكلمهما، ثم سار حتي إذا دنا من تبوك قال الناس: هذا راكب علي الطريق، فقال النبي صلي الله عليه و اله: كن أبا خيثمة أولي لك، فلما دنا قال الناس: هذا أبو خيثمة يا رسول الله، فأناخ راحلته وسلم علي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال: أولي لك، فحدثه الحديث، فقال له خيرا ودعا له().

ولقد خرج في غزوة تبوك ناس كثير من المنافقين، لم يخرجوا في غزوة قط أكثر منهم في غزوة تبوك، وتكلموا بالنفاق منهم وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف، ومنهم من أشجع حليف لبني سلمة يقال له: مخشن بن حمير يشيرون إلي رسول الله صلي الله عليه و اله وهو منطلق إلي تبوك، فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً! والله لكأنا بكم

غداً مقرنين في الحبال إرجافاً وترهيباً للمؤمنين.

قال مخشن بن حمير: والله لوددت أني أقاضي علي أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة، وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه. وقال رسول الله صلي الله عليه و اله لعمار بن ياسر: ?أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلي، قلتم: كذا وكذا?. فانطلق إليهم عمار، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلي الله عليه و اله يعتذرون إليه.

فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صلي الله عليه و اله واقف علي ناقته، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله عز وجل: ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ?()، وقال مخشن بن حمير: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي.

ولما انتهي رسول الله صلي الله عليه و اله إلي تبوك، أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلي الله عليه و اله وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، فكتب رسول الله صلي الله عليه و اله لهم كتاباً فهو عندهم. وكتب صلي الله عليه و اله ليحنة بن رؤبة: ?بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أمنة من الله ومحمد النبي ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسيارتهم في البر والبحر، لهم ذمة الله وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقاً يريدونه من بر أو بحر?.

ولما رجعوا من الغزوة ودنوا من المدينة، قال رسول الله

صلي الله عليه و اله: ?إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم?، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: ?نعم، حسبهم العذر?.

وفاة أم المؤمنين خديجة عليها السلام

في اليوم الأخير من شهر رجب عام 3 قبل الهجرة توفيت أم المؤمنين السيدة خديجة عليها السلام علي قول. وقيل: توفيت في شهر رمضان المبارك في اليوم الأول منه، وقيل في اليوم العاشر منه.

وقد ذكرنا بعض التفصيل عن السيدة خديجة عليها السلام في كتاب (أمهات المعصومين عليهم السلام)().

وهذه إشارة لمناسبة المقام:

كانت السيدة خديجة بنت خويلد امرأة مؤمنة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه، وكانت قريش قوماً تجاراً. فلما بلغها عن رسول الله صلي الله عليه و اله من صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه، بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجراً إلي الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة.

فقبله منها رسول الله صلي الله عليه و اله وخرج في مالها ذلك، ومعه غلامها ميسرة حتي قدم الشام. ثم باع رسول الله صلي الله عليه و اله سلعته التي خرج فيها، واشتري ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلي مكة ومعه ميسرة، فلما قدم مكة علي خديجة بمالها، باعت ما جاء به فأضعف أو قريباً.

فبعثت إلي رسول الله صلي الله عليه و اله فقالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وسطتك فيهم، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها. وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها قد كان حريصاً علي ذلك

لم يقدروا عليه.

فلما قالت لرسول الله صلي الله عليه و اله ما قالت ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه منهم حمزة بن عبد المطلب، حتي دخل علي خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلي الله عليه و اله علي اثنتي عشرة أوقية ذهباً، وهي يومئذ ابنة ثماني وعشرين سنة، وهو ابن خمس وعشرين سنة. وقيل: إنها كانت ذات أربعين سنة، فجعلها الله شابة كرامة لنبيه صلي الله عليه و اله كما جعل زليخا شابة ليوسف عليه السلام.

وفي إقبال الأعمال عن الشيخ المفيد رحمة الله عليه قال في حدائق الرياض عند ذكر ربيع الأول:

اليوم العاشر منه تزوج النبي صلي الله عليه و اله خديجة بنت خويلد أم المؤمنين عليها السلام ولها أربعون سنة وله صلي الله عليه و اله خمس وعشرون سنة ويستحب صيامه شكرا لله تعالي علي توفيقه بين رسوله والصالحة الرضية التقية().

كانت السيدة خديجة عليها السلام أول مؤمنة بالله ورسول الله صلي الله عليه و اله من بين النساء، وقد صدقت بما جاء الرسول صلي الله عليه و اله من الله وواسته بأموالها كلها، ووازرته علي أمره، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلي الله عليه و اله وكان لا يسمع شيئاً يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله ذلك عن رسول الله صلي الله عليه و اله بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتهون عليه أمر الناس حتي ماتت رحمها الله.

وقد وردت في فضائلها روايات عديدة منها:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلي الله عليه و اله، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون?().

وروي

عنه صلي الله عليه و اله قوله: ?سادات نساء العالمين أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران?().

وروي: أن جبرئيل عليه السلام أتي النبي صلي الله عليه و اله فسأل عن خديجة فلم يجدها، فقال: ?إذا جاءت فأخبرها أن ربها يقرئها السلام?().

وروي: أن جبرئيل عليه السلام أتي النبي صلي الله عليه و اله فقال: ?هذه خديجة قد أتتك معها إناء مغطي فيه أدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب?().

وقال الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء وهو يناشد القوم: ?أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاماً?. قالوا: اللهم نعم ().

وكانت قد ولدت لرسول الله صلي الله عليه و اله بنين وبنات، فكل أولاده صلي الله عليه و اله منها، ماعدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، فالذكور من ولده هم: القاسم: وبه كان يُكنّي، وهو أكبر ولده صلي الله عليه و اله، ويدعي بالطاهر. وعبد الله: ويدعي بالطيّب.

وأما بناته منها فأربع: زينب ورُقَية وأم كلثوم، وذهب بعض إلي أن بعضهنّ كنّ متبنيات للنبي صلي الله عليه و اله، وفاطمة عليها السلام وهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

ثم إن خديجة وأبا طالب عليهما السلام ماتا في عام واحد، فسمي رسول الله صلي الله عليه و اله ذلك العام عام الحزن، وذلك لشدة مصابه بهما ووجده عليهما. وكان بين موت أبي طالب وموت خديجة ثلاثة أيام. فتتابعت علي رسول الله صلي الله عليه و اله المصائب. وقبرها معروف بمكة المكرمة في مقبرة الحجون (جنة المعلي) ويقع في

سفح الجبل.

عن عائشة قالت: كان رسول الله صلي الله عليه و اله إذا ذكر خديجة، لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها. فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن.

قالت: فرأيت رسول الله صلي الله عليه و اله غضب غضباً شديداً، فسقطت في يدي. فقلت: اللهم إنك إن أذهبت بغضب رسولك صلي الله عليه و اله لم أعد لذكرها بسوء ما بقيت.

قالت: فلما رأي رسول الله صلي الله عليه و اله ما لقيت. قال: ?كيف قلت، والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد حيث

حرمتموه?().

???

وهذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتاب والله المستعان.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام علي المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة الأنعام: 133.

() سورة فاطر: 15.

() يقع الكتاب في 1072 صفحة قياس 24 × 17، وهو من تأليفات سماحته في كربلاء المقدسة، انتهي من تدوينه ليلة 6 رمضان المبارك 1375ه، وقد تناول فيه الأدعية والصلوات والزيارات المختلفة، كما ذكر بالتفصيل أعمال السنة وملحقاتها، ومنها: أعمال شهر رجب وأدعيته. طبع الكتاب عدة مرات في لبنان والكويت وإيران. كما طبع باللغة الفارسية في إيران، وباللغة الأردية في باكستان بترجمة آية الله الشيخ اختر عباس النجفي إلي الأردية.

() سورة الفرقان: 44.

() هو المعتضد العباسي.

() هو ابن بسام أبو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادي، توفي سنة 302ه.

() وإليكم بعض الإحصاءات:

دعارة الأطفال:

70 ألف طفل يعمل في الدعارة في الفليبين.

800 ألف طفل يعمل في الدعارة في تايلاند.

دعارة النساء:

5ر1 من مجموع النساء في إندونيسيا وماليزيا

والفليبين وتايلاند منغمسات في أعمال الدعارة.

300 ألف في تايلاند.

230 ألف في إندونيسيا.

142 ألف في ماليزيا.

500 ألف في الفليبين.

000 50 عاهرة في موسكو يعرضن خدماتهن في الشوارع. و4000 بيت دعارة في موسكو.

العوائد السنوية لتجارة الجنس المالية في بعض الدول:

6ر3 مليار دولار في إندونيسيا.

20 مليار دولار في تايلاند.

4 مليارات دولار في إسرائيل.

14 % من إجمالي الناتج المحلي لدول جنوب شرق آسيا يأتي من ممارسة الدعارة.

1% نصيب الدعارة في اليابان من إجمالي الناتج المحلي.

تقارير حكومية لبعض البلدان:

جاء في تقرير للشرطة اليابانية: أن الجرائم الجنسية المرتكبة بمساعدة مواقع التواعد عبر الإنترنت قد تزايدت، وأن ضحايا الكثير منها كانوا من الأطفال.

أعلن رئيس مركز شرطة النجدة 110 طهران: بأنه تم إلقاء القبض علي شبكة كبيرة لاستيراد وتوزيع الأفلام الخلاعية والمستهجنة في طهران وتدمير ما بحوزتهم من أشرطة فيديو وأقراص مدمجة والبالغ عددها 17600.

تم في مصر إلقاء القبض علي 55 شاباً من أبناء رجال الأعمال الأثرياء الجدد في مصر بتهمة تشكيل شبكة باسم وكالة جنود الرب تهدف إلي إشاعة الفساد والانحلال في أوساط الشباب وطلاب الجامعات والمدارس، وتحرض علي ازدراء الأديان، والانغماس في الممارسات الشاذة وعبادة الشيطان، وكشفت التحقيقات أن هذه الشبكة تابعة لمنظمة أوروبية.

أعلن رئيس منظمة الشفافية الدولية ومقرها في برلين: أن الفساد يتفاقم في البلدان النامية والصناعية علي حد سواء. وفي ذاك إشارة اعتراف بما يعانيه الغرب، من ظاهرة الفساد المتفشية في بلدانه تحت واجهة (الحريات الشخصية مصونة في الغرب!).

نسبة الجرائم في بعض العواصم الغربية:

3ر8 عملية قتل لكل 100 شخص في برلين.

24 اعتداءً جنسياً لكل 100 ألف شخص في لندن.

5ر1159 عملية نشل لكل 100 ألف شخص في باريس.

7ر1353 عملة سرقة وسطو في لندن.

800 عصابة مسلحة في لوس أنجلس، و90 ألف

شخص أعضاء في هذه العصابات، ولها فروع في 113 مدينة أمريكية.

61،7% نسبة العنف في التلفزيون الفرنسي عام 1997م.

جرائم القتل في أمريكا:

903 آلاف طفل ضحايا المعاملة الخشنة عام 1988م.

317 38 قتيل خلال عام واحد أي قتيل واحد لكل ربع ساعة.

70% من جرائم القتل تتم بالأسلحة النارية.

40% من جرائم القتل بسبب المخدرات.

1468 قتيل تحت سن الثامنة عشرة يقتل بالرصاص شهرياً.

جرائم القتل في روسيا:

327 جريمة مأجورة ارتكبت خلال عام 2001م، وقد طاولت كل شرائح المجتمع من رجال أعمال إلي نواب ورؤساء بلديات ومسئولي جمارك أو مسئولين في شرطة الضرائب.

تقول الشرطة: إن 111 مجموعة إجرامية تعمل في روسيا. وأدين 150 شخصاً في هذه الجرائم خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص369 باب النوادر ح5762.

() سورة القصص: 83.

() سورة القصص: 4.

() سورة البلد: 8 10.

() نهج البلاغة: الرسائل 45 ومن كتاب له عليه السلام إلي عثمان بن حنيف الأنصاري، وكان عامله علي البصرة.

() نهج البلاغة: الخطب 33 ومن خطبة له عليه السلام عند خروجه لقتال أهل البصرة.

() راجع كل من: تاريخ بغداد للبغدادي: ج14 ص322 ح7643. تاريخ دمشق في ترجمة الإمام علي عليه السلام لابن عساكر: ج42 ص449. الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ج1 ص98، فرائد السمطين للحمويني: ج1 ص177.

() راجع كل من: مستدرك الحاكم للذهبي: ج3 ص134 ح4628. مناقب الخوارزمي: ص177 ح214. كفاية الطالب للكنجي: ص399، مجمع الزوائد: ج9 ص134 باب الحق مع علي عليه السلام، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص122، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص173، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار: ص157، نور الأبصار للشبلنجي: ص73، ينابيع المودّة للقندوزي: ج1 ص124 ح56، فرائد السمطين: ج1 ص177 ح140، أسني المطالب: ص136.

() بحار الأنوار: ج42 ص239 ب127.

() بحار الأنوار:

ج42 ص287 ب127.

() سورة التوبة: 119.

() فضائل شهر رجب: ص495 باب تسمية شهر رجب شهر الله تعالي ح3.

() فضائل شهر رجب: ص497 باب كون أيامه مكتوبة علي باب السماء ح5.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص531 ب21 ح8827.

() فضائل شهر رجب: ص496 باب لم سمي شهر رجب بالأصم ح4.

() وسائل الشيعة: ج10 ص480 ب26 ح13894.

() المقنعة: ص373-374 ب36.

() إقبال الأعمال: 628 ب8 فصل فيما نذكره من عمل أول ليلة من رجب.

() أي صيام رجب.

() أي صيام الأشهر الثلاثة.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص531 – 232 ب21 ح8828.

() وسائل الشيعة: ج10 ص475 ب26 ح13886.

() فضائل شهر رجب: ص496-497 باب كون أيامه مكتوبة علي باب السماء ح5.

() ثواب الأعمال: ص54 ثواب صوم رجب.

() الأمالي للصدوق: ص9-10 المجلس الثالث ح1.

() بحار الأنوار: ج47 ص20 ب4 ح16.

() وسائل الشيعة: ج10 ص482 ب26 ح13901.

() إقبال الأعمال: ص670 ب8 فصل فيما نذكره من فضل صوم السادس والعشرين من رجب.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص92 باب ثواب صوم رجب ح1821.

() فضائل الأشهر الثلاثة: ص31 ح13.

() بحار الأنوار: ج94 ص32 ب55 ح5.

() الإقبال: ص634 ب8 فصل فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص91 باب ثواب صوم رجب ح1820.

() بحار الأنوار: ج8 ص170-171 ب23 ح113.

() وسائل الشيعة: ج10 ص474 ب26 ح13885.

() فضائل شهر رجب: ص498 باب فضل صوم أيام رجب ح9.

() المقنعة: ص375 ب37.

() فضائل شهر رجب: ص500-501 باب فضل القيام والتهجد في ليالي رجب ح12.

() وسائل الشيعة: ج10 ص473-474 ب26 ح13883.

() بحار الأنوار: ج94 ص34 ب55 ح10.

() فضائل الأشهر الثلاث: ص21-22 كتاب فضائل شهر رجب ح8.

() وسائل الشيعة: ج10 ص479-480 ب26 ح13891.

() روضة الواعظين: ج2 ص400-401 مجلس

في فضل رجب.

() فضائل الأشهر الثلاثة: ص24-31 كتاب فضائل شهر رجب ح12.

() وسائل الشيعة: ج8 ص98-99 ب6 ح10172.

() وسائل الشيعة: ج3 ص334 ب22 ح3803.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص92 ب2 ح1822.

() النوادر للأشعري: ص17-18 ب1 ح2.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص535 ب22 ح8833.

() وسائل الشيعة: ج8 ص91-94 ب5 ح10157.

() فضائل شهر رجب: ص501-503 باب فضل الصلاة في رجب علي عدد أيامه ح13.

() وسائل الشيعة: ج8 ص95 ب5 ح10162.

() إقبال الأعمال: ص630 ب8 فصل فيما نذكره من صلاة ركعتين بكل ليلة من رجب.

() بحار الأنوار: ج95 ص380 ب22.

() وسائل الشيعة: ج8 ص95 ب5 ح10161.

() إقبال الأعمال: ص637-638 ب8 فصل فيما نذكره أيضاً من عمل أول يوم من رجب من صلوات.

() سورة البقرة: 163-165.

() وسائل الشيعة: ج8 ص97 ب5 ح10167.

() إقبال الأعمال: ص658 ب8 ذكر صلاة أخري في يوم النصف من رجب وجدتها في عمل رجب.

() وسائل الشيعة: ج8 ص97-98 ب5 ح10171.

() الأمالي للصدوق: ص542 المجلس81 ح1.

() إقبال الأعمال: ص656 فصل فيما نذكره من أيام البيض من رجب ولياليها.

() فضائل الأشهر الثلاثة: ص37-38 حديث أم داود وعملها ح15.

() وسائل الشيعة: ج10 ص483 ب27.

() ثواب الأعمال: ص58 ثواب صوم رجب.

() البلد الأمين: ص169-170 وأما صلوات رجب.

() علل الشرائع: ج2 ص379-380 ب111 باب العلّة التي من أجلها سمّي يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر أيّام البيض ح1.

() وسائل الشيعة: ج8 ص24-25 ب3 ح10029.

() إقبال الأعمال: ص656 ب8 فصل فيما نذكره من أيام البيض من رجب ولياليها.

() الدعاء والزيارة: ص307 ف2 ب1 عمل أم داود في شهر رجب، ط1 عام 1414ه.

() إقبال الأعمال: ص659، وبحار الأنوار: ج95 ص398 ب26، وفضائل الأشهر الثلاثة: ص32 حديث أم داود وعملها

ح14.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص48 ب16 ح22.

() وسائل الشيعة: ج14 ص466 ب50 ح19613.

() راجع وسائل الشيعة: ج14 ص565 ب87.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص359 ب67 ح12182.

() ابن بطوطة: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي المعروف ب (ابن بطوطة). رحالة ومؤرخ. ولد سنة 703 ه 1377م في طنجة بالمغرب ونشأ بها. خرج منها سنة 725 ه فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين وجاوة وبلاد التتر وأواسط إفريقية. اتصل بكثير من الملوك والأمراء، فمدحهم بشعره واستعان بهباتهم علي أسفاره. عاد إلي المغرب، فانقطع إلي السلطان أبي عنان من ملوك بني مرين فأقام في بلاده. أملي أخبار رحلته علي محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 ه وسماها: (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار). طبعت وترجمت إلي اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية ونشرت بها، كما ترجمت فصول منها إلي اللغة الألمانية ونشرت بها أيضاً. كان يحسن اللغة التركية والفارسية. استغرقت رحلته 27 سنة ما بين 1325 - 1352ه. توفي في مراكش سنة 779 ه 1377م. لقبته جمعية كمبردج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالين المسلمين. وفي نابلس بفلسطين أسرة الآن تدعي: بيت بطبوط، وتعرف ب (بيت المغربي) و(بيت كمال) تقول: إنها من نسل ابن بطوطة.

() راجع الأنوار البهية للمحدث الشيخ عباس القمي: ص80-81.

() مفاتيح الجنان: الثاني من أعمال ليلة المبعث.

() وسائل الشيعة: ج14 ص300 ب3.

() الكافي: ج4 ص536 باب الشهور التي تستحب فيها العمرة ح6.

() علل الشرائع: ج2 ص408 ب144 ح1.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص453-454 باب العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما ح2949.

() سورة الحج: 32.

() وسائل الشيعة: ج12

ص20 ب10 ح15532.

() راجع الكافي: ج1 ص305 باب الإشارة والنص علي أبي جعفر عليه السلام ح1.

() مصباح الشريعة: ص530 ف43.

() الخرائج والجرائح: ج1 ص414-415 ب11 في معجزات الإمام علي بن محمد النقي عليه السلام.

() دورق، بفتح الدال وسكون الواو وفتح الراء: بلدة صغيرة بين تستر وأهواز في محافظة خوزستان بإيران تعرف اليوم ب(شادكان).

() وقيل علي وزن فعليل كشدّيد.

() أمالي الشيخ الصدوق: ص146-147 المجلس29 ح18.

() الكافي: ج6 ص360-361 باب الموز ح3.

() الكافي: ج1 ص323 باب الإشارة والنصّ علي أبي جعفر الثاني عليه السلام ح14.

() مناقب آل أبي طالب: ج4 ص394 فصل في آياته عليه السلام.

() راجع علل الشرائع: ج1 ص166-167 ب131ح1.

() بحار الأنوار: ج22 ص286 ب5 ح53.

() وقعة صفين: ص3 قدوم علي عليه السلام إلي الكوفة.

() سورة التين: 1-3.

() بحار الأنوار: ج57 ص204-205 ب36 ح2.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص264 ب32 ح11977.

() بحار الأنوار: ج97 ص385 ب6 ح2.

() بحار الأنوار: ج97 ص385 ب6 ح3.

() الغيبة للطوسي: ص468-469 فصل في ذكر ظرف من صفاته.

() العكاظ بالضم: اسم موضع بناحية مكة. والأديم العكاظي: دباغ شديد المد، استعارة لما ينال الكوفة من العنف والخبط، وشدة الظلم.

() نهج البلاغة: الخطبة رقم 47 ومن كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة.

() تفسير العياشي: ج2 ص147 من سورة هود ح23.

() بحار الأنوار: ج97 ص389 ب6 ح13.

() الأمالي للصدوق: ص227-228 المجلس 40 ح8.

() بحار الأنوار: ج97 ص391 ب6 ح16.

() علل الشرائع: ج1 ص135 – 136 ب116 ح3.

() الكافي: ج1 ص452 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام ح1.

() مناقب آل أبي طالب: ج1 ص32 فصل في مولده عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج35 ص6-7 ب1 ح7.

() مناقب آل أبي طالب: ج2 ص172 فصل في آثار حمله

وكيفية ولادته.

() سورة المؤمنون: 1.

() بحار الأنوار: ج35 ص18 ب1 ضمن ح14.

() الشطوية: ضرب من ثياب الكتان، يعمل بأرض يقال لها: شطا. (كتاب العين: ج6 ص275 مادة شطو).

() الكافي: ج3 ص149 باب ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره ح8.

() الأمالي للشيخ الصدوق: ص484 المجلس 73 ح10.

() بحار الأنوار: ج19 ص1-4 ب5 ح1.

() مسار الشيعة: ص58 شهر رجب.

() سورة البقرة: 144.

() سورة البقرة: 143.

() بحار الأنوار: ج19 ص193 ب8.

() الاحتجاج: ج2 ص305 خطبة زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام.

() كتاب صفين: ص220 ما ورد من الأحاديث في شأن معاوية.

() انظر كتاب صفين: ص216 ما ورد من الأحاديث في شأن معاوية. وتاريخ الخطيب: ج12 ص178، وشرح ابن أبي الحديد: ج15 ص176 كتاب المعتضد بالله. وتهذيب التهذيب: ج2 ص369 ترجمة الترمذي رقم747.

() كنز العمال: ج9 ص169 ح25555 كتاب الصحية من الأفعال.

() نهج البلاغة: الخطبة رقم 200 ومن كلام له عليه السلام في معاوية.

() راجع الاحتجاج: ج2 ص297 احتجاجه علي معاوية توبيخاً له علي قتل من قتله من شيعة أمير المؤمنين وترحمه عليهم.

() مقاتل الطالبيين: ص31 ترجمة الحسن بن علي عليه السلام.

() غوالي اللآلي: ج4 ص92 ح127.

() ففي الخبر عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: لمّا قبض إبراهيم بن رسول الله صلي الله عليه و اله جرت فيه ثلاث سنن، أمّا واحدة فإنّه لمّا مات انكسفت الشمس، فقال الناس: انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلي الله عليه و اله، فصعد رسول الله صلي الله عليه و اله المنبر فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال: أيّها الناس، إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره، مطيعان له، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإن

انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا..? الخ. الكافي: ج3 ص208 باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم ح7.

مثل هذا الخبر ربما يتصوّر أنّه يعارض الأخبار الكثيرة المصرّحة أنّ الشمس انكسفت ظهر عاشوراء لمصرع سيّد الشهداء عليه السلام إلاّ أنّ هذا التصوّر غير وارد وقد دفعه العلماء الأعلام ومنهم سماحة آية الله المجاهد السيّد حسن الشيرازي رحمة الله عليه في كتابه (الشعائر الحسينية) الفصل الأخير، فليراجع.

() وسائل الشيعة: ج3 ص281-282 ب87 ح3656.

() الكافي: ج3 ص262 – 263 باب النوادر ح45.

() راجع الكافي: ج1 ص486 باب مولد أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام ح9.

() كتاب (من المساجد والمزارات في الحرمين الشريفين): من تأليفات سماحة الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) في قم المقدسة، وقد تناول فيه المواضيع التالية:

مكة المكرمة، المسجد الحرام، الكعبة المشرفة، الحجر الأسود، باب الكعبة، المستجار، الحطيم، حجر إسماعيل، مقام إبراهيم عليه السلام، بئر زمزم، الصفا والمروة، عرفات، المشعر الحرام، مني، غار حراء، مساجد مكة المكرمة، قبر أبي طالب عليه السلام، قبر السيدة خديجة عليها السلام، مسجد غدير خم.

المدينة المنورة، المسجد النبوي الشريف، هدم آثار الرسول صلي الله عليه و اله وأهل البيت عليهم السلام، البقيع الغرقد، أئمة البقيع عليهم السلام، فاطمة بنت أسد عليها السلام، المدفونون في البقيع، أحد، مساجد المدينة المنورة، بيوت الأئمة الطاهرين عليهم السلام، بيت الأحزان، الخندق، خيبر، و …

تقوم مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر في الوقت الحاضر بإعداده للطبع، وسيتم نشره في القريب العاجل إن شاء الله تعالي.

() وسائل الشيعة: ج16 ص231 ب29 ح21439.

() كمال الدين: ج1 ص174-175 ب12 ح32.

() أسني المطالب في نجاة أبي طالب: ص12.

() أسني المطالب في نجاة أبي طالب: ص20.

() أسني المطالب في نجاة أبي طالب: ص20.

() سورة القصص:

57.

() سورة الفيل: 1.

() روضة الواعظين: ج1 ص54-55 باب الكلام في مبعث نبينا محمد صلي الله عليه و اله.

() أسني المطالب في نجاة أبي طالب: ص35.

() سورة العلق: 1-5.

() راجع مناقب آل أبي طالب: ج1 ص46 فصل في مبعث النبي صلي الله عليه و اله.

() سورة المدثر: 1 – 3.

() بحار الأنوار: ج18 ص196-197 ب1 ضمن ح3.

() قرب الإسناد: ص133 ما جاء في الشهادات.

() فضائل شهر رجب: ص500 باب فضل صوم يوم المبعث ح11.

() وسائل الشيعة: ج10 ص447 ب15 ح13808.

() الكافي: ج4 ص149 باب صيام الترغيب ح2.

() بحار الأنوار: ج94 ص36 ب55 ح15.

() فضائل الأشهر الثلاثة: ص39 حديث أم داود وعملها ح17.

() إقبال الأعمال: ص676 فصل فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب.

() وسائل الشيعة: ج8 ص111-112 ب9 ح10195.

() سورة التوبة: 38.

() بحار الأنوار: ج21 ص203 ب29 غزوة تبوك.

() راجع الاحتجاج: ج1 ص50. بشارة المصطفي: ص204. بحار الأنوار: ج21 ص223 ب29.

() بحار الأنوار: ج21 ص203 ب29 غزوة تبوك.

() من سورة التوبة: 65.

() من تأليفات سماحة الإمام الشيرازي (أعلي الله مقامه) في قم المقدسة. يقع الكتاب في 335 صفحة قياس 24 × 17، طبع في بيروت، دار العلوم، عام 1424ه 2003م. من عناوين الكتاب: السيدة آمنة والدة الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله، السيدة خديجة والدة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، السيدة فاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين عليه السلام، الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام والدة الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام، السيّدة شاه زنان بنت كسري والدة الإمام زين العابدين عليه السلام، السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبي عليه السلام والدة الإمام الباقر عليه السلام، السيّدة فاطمة أمّ فروة

بنت القاسم والدة الإمام الصادق عليه السلام، السيّدة حميدة المغربية والدة الإمام موسي الكاظم عليه السلام، السيدة تكتم الطاهرة والدة الإمام الرضا عليه السلام، السيّدة سبيكة والدة الإمام محمّد بن علي الجواد عليه السلام، السيّدة سمانة المغربية والدة الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام، السيّدة حديث والدة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، السيّدة نرجس والدة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

() إقبال الأعمال: ص598-599 ب4 فصل فيما نذكره من صوم يوم العاشر من شهر ربيع الأول.

() قصص الأنبياء للجزائري: ص259 ب12 ف5.

() شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج10 ص266.

() كشف الغمة: ج1 ص508 فصل في مناقب خديجة بنت خويلد أم فاطمة عليها السلام.

() بحار الأنوار: ج16 ص8 ب5 ضمن ح12.

() اللهوف علي قتلي الطفوف: ص86 المسلك في وصف حال القتال.

() كشف الغمة: ج1 ص512 فصل في مناقب خديجة بنت خويلد أم فاطمة عليها السلام.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.