هل تحب معرفة الله؟

اشارة

اسم الكتاب: هل تحب معرفة الله؟

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: خدا شناسي

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت

تاريخ الطبع: 1420 ق

الطبعة: دوم

بسم الله الرحمن الرحيم

قل هو الله أحد

الله الصمد

لم يلد ولم يولد

ولم يكن له كفواً أحد

صدق الله العلي العظيم

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

هل تحب معرفة الله؟

ومن لا يحب معرفة الله..؟

فما بال البعض يستكبر عن معرفة الخالق جلت قدرته، وتعاظمت آلاؤه، وتعددت نعماؤه..؟

نعم ?وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً?() لا سيما في الباطل، وذلك من أجل خلق المبررات لتصرفاته الشاذة، أو سلوكه اللامسؤول، أو حركته اللاواعية، أو كلامه غير المتزن…

فالإنسان فنان في مجال خلق الأعذار وابتكار أساليب اللف والدوران، ولو كان ذلك علي نفسه وروحه، فانه يحاول أن يجعل الرؤيا غائمة وضبابية أمام عينيه، رغم أنه يري الحق رؤيا العين المجردة والواضحة تمام الوضوح كالشمس في رابعة النهار…

والعنوان هو سؤال استحبابي إن صح التعبير والكتاب هو عبارة عن كتاب تعليمي وتوجيهي يهم الشباب وهو يتمحور حول ثلاث قضايا أساسية هي (الاله، الإنسان، الإنبياء) وجاء علي شكل محاورات بسيطة ولطيفة إلا أنها ذات مغزي عميق، ودلالة أكيدة علي المطلب الذي يحاول إثباته…

والحوارات متعددة، في الباب الواحد إلا أن كل حوار يوضح ويثبت جانباً واحداً من القضية المراد تبيانها أو إيضاحها، وهذه الحوارات متوجهة أولا إلي جيل الشباب ومن ثم إلي الأمة عامة فأنها عظيمة الفائدة للجميع…

وقد ألف وطبع هذا الكتاب قبل أربعين سنة تقريباً، أي انه كان في أوج الهجمة الاستعمارية والإلحادية علي الوطن الإسلامي الحنيف كله، وذلك من قبل الشيوعية والوجودية والديالكتيك وغيرها من النظريات الكافرة التي حاولت أن توجد لها مكاناً في العالم يومذاك.

وبالفعل فقد تأثر بها بعض الشباب والشابات، علي كافة

الصعد والمستويات، في معظم الأقطار والبلدان الإسلامية إلا ان التأثير كان يختلف من بلد إلي بلد ومن مكان إلي آخر، وذلك بفضل العقائد الدينية الحقة، والعلماء الأعلام الذي كان همهم الأول الدفاع عن الإسلام والمسلمين في وجه الكفار والاستعمار والملحدين.

وكان لسماحة المرجع الديني الأعلي الإمام الشيرازي (حفظه الله) الدور البارز والألمعي في كل ذلك، كتابة وخطابة وحواراً في كربلاء المقدسة وهو في ريعان الرجولة وقمة العطاء، وأوج الهمة التي يتمتع بها أدامها الله عليه فمنع الكثير من المظاهر والمفاسد من اختراق الصف الإسلامي لاسيما في محيطه ومدينته كربلاء المقدسة.

ونحن إذ نعيد طباعة ونشر هذا الكتاب الجميل آملين من الله أن يوفق الجميع للمعرفة والطاعة، بحق محمد وآله أصحاب الشفاعة عليهم السلام، والحمد لله رب العالمين.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص. ب 6080 شوران

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي خير خلقه محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم من الآن إلي قيام يوم الدين.

لم يخش المستعمر من مبدأ أو دين أو وطنية ما خشي من الإسلام، انه الحق!

والباطل لا يخشي إلا من الحق!.

أما الأديان والوطنيات، فلنرجي الكلام عنها في كتاب آخر().

أما المبادئ فهي وليدة الأفكار، وما دام الاستعمار هيأ الحشد الكبير من علماء الاقتصاد والاجتماع، ودكاترة السياسة والتنظيم، فلا خشية منها ولا خوف. بالإضافة إلي أن المبادئ المادية حيث تتبع المادة، فلااهتمام لها، وعلاجها المادة التي حصل المستعمر علي قسط سخي منها، فهي علاجها، ولا خوف منها.

أما الإسلام والإسلام وحده فهو الآخذ بزمام الدنيا والدين، والقابض علي أزمة الحكم، وهو المهاجم علي الظلم والاستعباد والاستعمار مهاجمة لا هوادة فيها ولا تريث.

انه الإسلام الذي أباد المستعمرين وأباد وأباد… وبقي غضاً جديداً طول

أربعة عشر قرناً.

إذاً فليخش منه المستعمرون ويترقبونه ترقب اللصوص صاحب البيت!

لكنه من الظلم وأي ظلم أعظم منه أن يأخذ أناس نفعيون بخناق الحق، كي لا يستظل به أناس، ولا يقيلون في وارف دوحته الخضراء، في سموم الحياة اللافحة ?وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون?()…

لذا: من الواجب:

1: أن نفتح للناس أبواب هذا القصر المشيد، لنخلصهم من صرائفهم العفنة، ونبين للآخذين بأزمة الحكم أن لا خلاص للعالم من الشرور إلا بتطبيق نظام الإسلام.

2: ونبين لزعماء الأديان أن لا منجي من الخرافة وارتباك الضمير إلا بالاعتقاد بمبادئ الإسلام، وإلا فالمشاكل النفسية حول المبدأ والمعاد، والرسول والمرسل إليه… لا تفتئ إلي يوم يبعثون.

وفي هذه الكراسة عرض مقتصد من الأمر الثاني مبيناً بأسهل الأساليب، لينتفع به المبتدؤون الذين هم غرس الأشجار الباسقة في المستقبل، ولو وفقنا الله تعالي كتبنا عرضا موجزاً في الأمر الأول، والله ولي ذلك، وهو المستعان.

كربلاء المقدسة

محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

الفصل الأول

الإله

يقول الماديون: لا إله، فمن الموجد؟

إنا نري الأبناء يولدهم الآباء، ونري النبات تنبته الشمس والماء والتربة.. ونري الحيوان يخلق من حيوانين.. أما قبل ذلك فلم نر شيئاً، فان العمر لم يطل من قبل..

إذاً كل قول يؤيد الإله، ويؤيد عدم الإله، يحتاج إلي منطق غير حسي.

المادي الذي يقول: لا إله، يحتاج إلي الدليل.

والمؤمن الذي يقول: الله، يحتاج إلي برهان.

لكن الأول لا دليل له، فان العين لم تر الإله، أما أنها رأت عدمه فلا.. وكذا الأذن.. واللمس.. وغيرها..

ومن الهراء: أن يقول أحد إن الصناعة الحديثة دلت علي عدم الإله..؟

هل القمر الاصطناعي يدل علي عدم الإله؟

هل الذرة تدل علي عدم الإله؟

هل الكهرباء والصاروخ والطائرة.. تدل علي عدم الإله؟

القمر الاصطناعي ليس إلا كالسكين الحجري الذي يقولون عنه: صنعه الإنسان البدائي،

لا يرتبط هذا ولا ذاك بالإله نفياً أو إثباتا.

ولنا أن نقول: نفرض أن الإله موجود، فما كان حال القمر الاصطناعي..؟

بل: القمر الاصطناعي الذي يصرف عليه ملايين، ويجهد في صنعه ألوف من العلماء، ثم لا ينفع إلا ضئيلا: أدل علي وجود الإله، إذ كيف هذا له صانع، وليس للقمر المنير صانع؟

إن من يطلب منا الإذعان بعدم الإله للكون، ثم هو لا يذعن بعدم الصانع للطائرة.. مثله كمن يطلب من شخص أن يقول بعدم بان لقصر مشيدة، ثم هو لا يقول بعدم صانع لآخر.

بيضة ودجاجة

اسأل من يقول بعدم الإله عن هذا المطلب البسيط.. وانظر ماذا يجيبك؟

البيضة من الدجاجة..

والدجاجة من البيضة..

والبيضة من الدجاجة..

والدجاجة من البيضة..

وهكذا دواليك..

فما هو الشيء الأول؟

هل هو البيضة..

أم الدجاجة؟

إذا قال: البيضة.

فاسأل عنه: من كونها؟

وإذا قال: الدجاجة.

فقل له: من صنعها؟.

يقول لك: ان الطبيعة هي التي صنعت الدجاجة الأولي.. أو البيضة الأولي.

قل له: فلماذا لا تصنع الطبيعة في هذا الوقت الدجاجة أو البيضة، دفعة؟

وقل له ثانياً : ما هي الطبيعة التي تزعم أنها صنعت الدجاجة أو البيضة الأولي؟

هل هي الماء؟

هل هي الهواء؟

هل هي الشمس؟

هل هي التراب؟

هل هي مجموع هذه الأمور؟

انه لابد وأن يقول لك: إن الطبيعة هي كل هذه الأمور..

قل له: هذه الأمور تعقل؟ أو تشعر؟ أو تدرك؟

يقول: لا.

قل له: إن في الدجاجة والبيضة آثار القدرة والعلم والإدراك ظاهرة.. فهل أشياء لا تدرك، تصنع شيئاً يحتاج إلي الإدراك؟

عجيب!

وعجيب جدا!

إن العلماء مع علمهم وقدرتهم وإدراكهم.. ووسائلهم العلمية الكثيرة.. لا يتمكنون من خلق الدجاجة، أو إبداع البيضة.

فكيف تتمكن الطبيعة البكماء العمياء الصماء الجاهلة.. صنع الدجاجة أو البيضة.

ملك ينكر الله

كان ملك ينكر وجود الله تعالي!

وله وزير يعترف بالله عزوجل.

فأمر الوزير ببناء قصر فخم في حديقة غناء، فيها مختلف الأشجار والأوراد.

وبعد ما أثث القصر بأحسن الأثاث..

مر هو والملك علي القصر، فقال الملك: لمن هذا القصر، ومن صنعه؟

قال الوزير: ليس القصر لأحد.. وان القصر صنع من قبل نفسه.

ضحك الملك من مقالته تعجباً!!

وقال: ظننت إن لك عقلاً حصيناً، وعلماً واسعاً، أما الآن فقد تبين أنك أقل الناس علماً وعقلاً!!

قال الوزير: ولم؟

قال الملك: لأنك تنكر وجود الباني للقصر!

قال الوزير: الطبيعة صنعت القصر.

قال الملك: وهل تعقل الطبيعة أو تشعر أو تدرك، حتي تصنع مثل هذا القصر؟

قال الوزير: فكيف تنكر وجود الخالق لهذا الكون الرحب؟

إن القصر الضئيل إذا لم

يمكن للطبيعة أن تصنعه، فكيف تتمكن الطبيعة من بناء العالم بأرضه وسمائه، ومائه وهوائه، وإنسانه وحيوانه، و… و…؟

فأفحم الملك، واعترف بالإله، واستحسن فعلة الوزير.

دارون وفكرته

يقول (دارون): إن الإنسان وسائر الحيوانات فصائل من سلالة واحدة.

إن هذا الفكر لا يصادم وجود الإله.

ولذا (دارون) بنفسه يعترف بالإله كما يزعم إلا أن هذا الكلام يصادم الأديان كلها، لأنها تقول: بوجود آدم عليه السلام.

ثم: اسأل من دارون.. ما دليلك علي كلامك؟

هل انك شهدت ابتداء الخلقة؟

يقول: كلا.

قل له: فيما برهانك علي زعمك؟

يقول: العلم.

قل له: وما هو العلم الذي قادك إلي هذه النظرية؟

يقول: مشابهة الإنسان للقرد.

قل له: الشباهة لا تدل علي شيء، وإلا فهذه الدار تشابه تلك الدار.. وهذا النجم يشابه ذلك النجم.. وهذا الإنسان يشابه ذاك الإنسان.. فهل تقول بأن أحدهما أصل الآخر؟

ثم: الإنسان يشابه القرد، فلم تقول: بأن القرد أصل الإنسان، ولا تقول: الإنسان أصل القرد؟

يقول: لأن الكون في الترقي.

قل له: ما دليلك؟ أليس يخرف الإنسان إذا كبر، أليس يهشم النبات وييبس، أليس يعدم الحيوان ويصبح ترابا؟

ثم: هذا الإنسان والقرد.. فما الدليل علي الدب والأسد؟ والذباب والبق؟ والكلب والخنزير؟ والطير والسمك؟

ثم: أليس تحول القرد إلي الإنسان يحتاج إلي علم وقدرة وصنعة؟

إن قال: لا.

قل له: هل يحتاج تحويل الصوف إلي الخيوط إلي علم وصنعة وقدرة، ولا يحتاج تحويل القرد إلي الإنسان إلي هذه الأمور؟!

وإن قال: نعم..

فقل له: من العالم الذي حول القرد إنسانا؟ أهي الطبيعة وهي جاهلة؟ أم هو الله؟ فما هذا اللف الدوران؟

إن نكران الإله وشرائعه، يتعب المرء تعباً كثيراً.. ثم لابد وأن يرجع إلي ما منه فر، ويكون حاله ك (مفسر الماء بعد الجهد بالماء)().

بين صديقين

جاء أحد التلاميذ واسمه (محمد) بصورة ديك ملون، قائلاً لصديقه: ألا تري هذه الصورة الجميلة؟

قال صديقه (هدي): نعم أراها، ومن أين لك هذه؟ أأنت صنعتها بنفسك، أم هي من صنع غيرك؟

قال محمد: إنها ليست من صنع نفسي.

فقال هدي:

فمن صنع من؟

قال محمد: لم يصنعها أحد وإنما هي صُنعت بنفسها، من عوامل الطبيعة؟

فضحك منه هدي، وقال: أتمازحني أم تقول هذا المقال بكل جد؟

قال محمد: لا أمازحك، وأقولها بكل جد..

قال هدي: كيف يمكن أن توجد الصورة بدون مصور؟

قال محمد: فأي أعظم: صورة الديك أم الديك نفسه؟

قال هدي: الديك نفسه أعظم، وهذا واضح جداً.

قال محمد: فمن صنع الديك.

قال هدي: الطبيعة صنعته!

قال محمد: فكيف تتمكن الطبيعة من صنع الأعظم، ولاتتمكن من صنع الأضأل؟

وهذا يشبه القول: بأن الحمال يتمكن من حمل ألف كيلو، ولايتمكن من حمل كيلو واحد.

فكر هدي ملياً، ثم قال: لكنا لم نر صانع الديك، ولهذا لانقول به.

قال محمد: وهل أنك رأيت صانع الصورة؟

قال هدي: لا..

قال محمد: إذاً فقل: إن الصورة لا صانع لها، لأنك لم تر صانعها.

وهنا انقطع (هدي) عن الاحتجاج، ثم أقبل علي محمد قائلاً: إني كنت إلي اليوم في جهل وضلال، أما اليوم فقد اعترفت بوجود الإله بفضلك، وصحيح ما تقول:

إذا لم يكن وجود صورة الديك بدون مصور، فكيف يمكن وجود نفس الديك بدون خالق.

عالم وملحد

قال الملحد: الحواس خمس:

1: الباصرة.

2: السامعة.

3: الذائقة.

4: اللامسة.

5: الشامة.

وكل شيء في العالم لابد وأن يدرك بإحدي هذه الحواس:

فالألوان، والأشكال، والحجوم.. تدرك بالباصرة.

والأصوات، والألحان، والكلام.. تدرك بالسامعة.

والطعوم، والمذوقات، والأطعمة.. تدرك بالذائقة.

والخشونة، واليبوسة، والرطوبة، والحرارة.. تدرك باللامسة.

والروائح، والمشمومات، والعطريات.. تدرك بالشامة.

فمن أين نثبت وجود الله؟

والحال إنا لم نره.. ولم نسمع صوته.. ولم نذق طعمه.. ولم نلمس جسمه.. ولم نشم ريحه..

فصنع العالم كرتين إحداهما من حديد، والأخري من خشب، وصبغهما ثم أتي بهما إلي الملحد، وقال:

أنا أخبرك بأن إحدي هاتين الكرتين حديد، والأخري خشب.. أنظر وعيّن!

نظر الملحد.. وعجز عن التعيين بالنظر.

قال العالم: فأصغ وعين.

أصغي الملحد.. وعجز عن التعيين بالسمع.

قال العالم: ذق

وعين.

ذاق الملحد.. وعجز عن التعيين باللسان.

قال العالم: اشمم وعين.

شمهما الملحد.. وعجز عن التعيين بالأنف.

قال العالم: ألمس وعين.

لمسهما الملحد.. وعجز عن التعيين باللمس.

ثم وضعهما العالم في يد الملحد، وحينذاك أدرك أن الأثقل الحديد، فقال: هذا هو الحديد. وهذا الأخف هو الخشب.

قال العالم: من أخبرك أن الأثقل الحديد، والأخف الخشب؟

قال الملحد: عقلي هو الذي أرشدني إلي ذلك.

قال العالم: فليست المعلومات منحصرة بالحواس الخمس، وإن للعقل حصة مهمة من العلوم. والله الذي نقول به، إنما هو معلوم للعقل، وان لم يكن مدركاً للحواس.

فانقطع الملحد، ولم يحر جواباً!!

طالب وزميله

قال الطالب: لا وجود لله إطلاقا..

الزميل: من أين تقول هذا؟ ومن علمك؟

الطالب: أما من علمني؟ فما أنت وهذا؟

وأنا لا أتحاشي من أن أقول: إن المدرسة هي التي أوحت إليّ بهذه الفكرة، وإني جداً شاكر لها، حيث أنقذتني من التقاليد، إلي سعة العلم..

وأما من أين اقول؟ فلأني لم أر الله، وكل غير مرئي لا وجود له.

الزميل: إني لا أريد أن أناقشك في دليلك الآن، لكن أقول:

هل أنت ذهبت إلي الكواكب؟

هل أنت ذهبت إلي القطب؟

هل أنت ذهبت إلي قعر البحار؟

الطالب: كلا!

الزميل: فإذا قال لك قائل: إن الله في الكواكب.. أو في قعر البحر.. أو في القطب.. فبماذا كنت تجيبه؟

الطالب، فكر ملياً!! ولم يحر جواباً.

فقال الزميل: إن من الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً لم يره أو لم يسمع به.. وانه لجهل مفضوح:

كان بعض الناس قبل اختراع السيارة والطائرة.. والراديو والتلفون.. والكهرباء والتلفزيون.. إذا سمعوا بها أقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً علي من يقول، واستهزاءً به، وكانوا يجعلون كلامه مثار ضحك وسخرية!! فهل كان لهم الحق في ذلك؟

إنهم كانوا يقولون: لم نر هذه الأشياء..

وأنت مثلهم تقول: لم أر الله.

الطالب: أشكرك جداً علي هذه اللفتة العلمية. وإني

جداً شاكر لك، حيث أخرجتني عن خرافة غرسها في ذهني معلم جاحد منذ دخلت المدرسة: وهي أن الله حيث لم نره يجب علينا إنكاره.. والآن فهمت الحقيقة..

مؤمن ومنكر

كان علي وجميل يتناظران في وجود الله: فكان علي يسرد الأدلة علي الإثبات.. وجميل يردها، أو لا يقبلها.

ولما طالت المجادلة بينهما، قال علي: إن في جارنا رجلاً من علماء الدين، اسمه أحمد، فهيا بنا نذهب إليه ونجعله الحكم فيما بيننا.

قبل جميل مقالة علي ولكن بإكراه، لأنه كان يزعم أن لا حجة لمن يقول بوجود الله إلا التقليد.

وذهبا معا إلي دار العالم للقضاء بينهما، وبعد أن استقر بهما المجلس..

قال العالم: خيراً؟

جميل: إني وصديقي علي، نتباحث حول وجود الله، ولم يتمكن علي من الاثبات، أو بالأحري: أنا لم أقتنع بأدلته، فهل الحق معي أم معه؟ وأقول قبل كل شيء : إني لا أقتنع بالقول المجرد، وإنما أريد الإثبات، مع العلم أني خريج مدرسة فلسفية عالية، لا أقبل شيئاً إلا بعد المناقشة والجدال، وأن يكون محسوساً ملموساً.

أحمد: فهل لك في دليل بسيط.. وبسيط جداً، تقتنع به، بدون لف ودوران.

جميل: ما هو؟ هات به، وإني أنتظر مثل هذا الدليل منذ زمان!!

أحمد: إني أخيرك بين قبول أحد هذه الشقوق الأربعة، فاختر إحداها:

إنك موجود بلا شك، فهل:

1: أنت صنعت نفسك؟

2: أم صنعك شيء جاهل عاجز؟

3: أم صنعك شيء عالم قادر؟

4: أم لم يصنعك شيء؟

فكر جميل ساعة بماذا يجيب:

هل يقول: أنا صنعت نفسي بنفسي، وهذا باطل مفضوح!

أم يقول: صنعني شيء جاهل؟ وهذا أيضاً مخالف للحقيقة، فإن التدابير المتخذة في خلق الإنسان فوق العقول، فكيف يركب هذه الأجهزة بهذه الكيفية المحيرة.. شيء جاهل؟!

أم يقول: لم يصنعني شيء؟ وهو بيّن البطلان، فإن كل شيء لابد له من

صانع.

أم يعترف بالشق الثالث: وما هو الشق الثالث؟ انه مصنوع لشيء عالم وقادر.. وحينئذ ينهار كل ما بناه من الأدلة المزعومة لعدم وجود الله تعالي.

وبعد فكر طويل.. رفع رأسه، وقال: لا بد لي من الاعتراف، بأني مصنوع لعالم قدير.

أحمد: ومن هو ذلك العالم القدير؟.

جميل: لا أدري..

أحمد: ولكن ذلك واضح معلوم.

لأن من صنعك ليس من البشر، فإن البشر لا يقدرون علي خلق مثلك..

ولا من الجمادات، فان الجماد لا عقل له..

إذاً: هو الله تعالي.

علي: هل قنعت يا جميل بهذا الدليل؟

جميل: إنه دليل قوي جداً.. لا أظن أحداً يتمكن من المناقشة فيها، وإني شاكر لك وللعالم أحمد..

معلم وتلميذ

ذهب جماعة من الطلاب إلي مدرسة إلحادية.. وفي اليوم الأول من الدوام، حضروا الصف، وكان في الصف منضدة عليها تصوير أحد زعماء الملحدين.

فجاء المعلم، وقال للطلاب: هل لكم عين؟ وأين هي؟

وهل لكم أذن؟ وأين هي؟

وهل لكم أيدٍ وأرجل؟ وأين هي؟

قال الطلاب: نعم.. لنا أعين وأذن وأيد وأرجل.. وهي هذه، وأشاروا إلي هذه الأعضاء.

قال المعلم: وهل ترون هذا الأعضاء وتحسون بها؟

قال الطلاب: نعم.. نراها ونلمسها.

قال المعلم: وهل ترون هذا التصوير علي المنضدة.

قالوا: نعم.. نراها.

قال المعلم: وهل ترون المنضدة وسائر ما في الغرفة؟

قالوا: نعم.. نراها.

وهنا انبري المعلم قائلاً: وهل ترون الله؟ وهل تحسون به؟

قالوا: لا… لا نري الله ولا نلمسه.

قال المعلم: فهو إذاً خرافة تقليدية..

إن كل شيء في الكون نحس به ونراه، أما ما لا نراه ولا نحس به، فهو خطأ، يلزم علينا أن لا نعترف به.. وإلا كنا معتقدين بالخرافة..

وهنا قام أحد التلاميذ، وقال: اسمح أيها الأستاذ بكلمة؟

المعلم: تفضل.

التلميذ: أيها الزملاء أجيبوا علي أسئلتي.

الزملاء: سل.

التلميذ: أيها الزملاء..

هل ترون المعلم؟

هل ترون الصورة الموضوعة علي المنضدة؟

هل ترون المنضدة؟

هل ترون الرحلات؟

الزملاء: نعم.. نري كل ذلك..

التلميذ:

أيها الزملاء..

هل ترون عين المعلم؟

هل ترون أذن المعلم؟

هل ترون وجهه؟

هل ترون يده ورجله؟

الزملاء: نعم نري كل ذلك..

التلميذ: أيها الزملاء.. هل ترون عقل المعلم؟

الزملاء: كلا! لا نري عقله..

التلميذ: فالمعلم إذاً لا عقل له، فهو مجنون.. حسب مقالته، لأنه قال: كلما لا يراه الإنسان، فهو خرافة، يجب علي الإنسان أن لا يعترف به.. وإنا لا نري عقل المعلم.. فهو إذاً لا عقل له، ومن لا عقل له يكون مجنوناً.

وهنا ألقم المعلم حجراً، واصفر وجهه خجلاً، ولم ينبس ببنت شفة، وضحك الطلاب.

بين طبيعي ومسلم

الطبيعي: ما تقول في وجود الله؟

المسلم: إني أعترف به كل الاعتراف، وأري أن الذين لايعترفون به بين جاهل لم يدرك حقيقة الأمر.. ومعاند يعرف وينكر..

الطبيعي: عجيب قولك! بل بالعكس… إني أري المعترفين: بين جاهل يقول بالموهوم.. ومحترف يتخذ من الاعتقاد بالله مكسباً.

المسلم: إن الادعاء بسيط جداً (وكل يدعي وصلاً بليلي).. لكن إقامة الحجة علي الدعوي أصعب الأشياء.. فهل لك دليل علي عدم وجود الله؟

الطبيعي: نعم.. عندي ألف دليل.. ودليل..

المسلم: قل لي بعضها من فضلك!

الطبيعي: أذكر ثلاثة من الأدلة:

1: لو كان الله موجوداً لرأيناه.. لكنا لم نره..

2: لو كان الله موجوداً لكان مجري الكون بالعدل، لكن العدل علي الكون مفقود، لما نري من ظلم الجبارين، وبؤس الضعفاء.

3: لو كان الله موجوداً، لما كان كثير من الأشياء بدون حكمة وفائدة، كالمياه التي تنصب في البحار.. والأعشاب التي تنبت في الصحراء ثم تيبس وتهشم..

المسلم: أقسم عليك بمقدساتك، اذكر لي ثلاثة أخري من أدلتك!!

الطبيعي: في هذا القدر كفاية.

المسلم: نعم، كل أدلتك هذه، وهكذا تبخرت ألف دليل ودليل.. إلي أدلة ثلاثة!!

الطبيعي: ولنفرض أن الأدلة منحصرة في هذه الثلاثة، ألا تكفي لبطلان زعمك القائل بوجود الله؟

المسلم: إن أدلتك تافهة.. إلي أبعد الحدود!!

والآن

أجيبك عنها، بأبسط الأجوبة:

1: هل رأيت صانع هذه الساعة التي في معصمك؟

الطبيعي: لا.

المسلم: فهل تنكر صانعها؟

الطبيعي: كلا.

المسلم: إذاً اعترفت بأن الشيء يمكن أن يكون، بدون أن نراه..

الطبيعي: أنا أعترف بصانع الساعة، لأن الساعة أثر، والأثر يحتاج إلي المؤثر..

المسلم: وإنا نعترف بوجود الله، لأن الكون أثر، والأثر يحتاج إلي المؤثر.. فهل فهمت أن حجتك الأولي تافهة.. وتافهة جداً!!

2: المسلم: ومن أين عرفت أن أمور الكون ليس بالعدل؟

إن الظلم والعدوان إنما هو من انحراف الناس، لا من خلق الله تعالي.. ولو عمل أحد عمالك ظلماً، فهل معني هذا انك ظالم؟

ثم: أي ربط بين عدم العدل، وبين إنكار وجود الله؟ فلنفرض أن رئيس الحكومة لم يعدل، فهل معني ذلك انه غير موجود؟ فهذا الدليل بمثابة قول القائل: إن فلانا جاهل، فهو ليس بإنسان!!!

3: المسلم: هل تعرف فوائد أجهزة ساعتك التي في يدك بالضبط؟

الطبيعي: لا.

المسلم: أنت الذي لا تعرف فوائد أجهزة ساعة يدوية، فكيف عرفت أنه ليس في بعض الأمور الكونية من فائدة؟

فالأحري بك أن تقول: إني لا أعلم فائدة هذه المياه.. وفائدة هذه الأعشاب.. لا أن تقول: إنها لا فائدة فيها.

الطبيعي: تفكر ملياً ولم يحر جواباً..

المسلم: من فضلك أذكر لي سائر أدلتك؟

الطبيعي: لا دليل لي سوي هذه.

المسلم: فكيف قلت: إنها ألف دليل ودليل..؟!

هل تعقل الصدفة

الكافر: ألا تعترف بالصدفة في الأمور؟

المؤمن: وما تعني بالصدفة؟

الكافر: الصدفة معناها: أن يأتي بعض الأشياء علي خلاف العادة، كأن يمنع المطر في فصل الشتاء.. أو يحمي الهواء في وقت البرد..

المؤمن: أعترف بذلك.. ولكن ماذا تقصد من وراء هذا السؤال؟

الكافر: إذا أمكن أن يكون بعض الأشياء بالصدفة كما تعترف فما المانع من أن يكون وجود العالم بالصدفة؟

المؤمن: هذا كلام سخيف جداً، بعيد عن المنطق من ناحيتين:

1:

معني الصدفة..

2: ارتباط الصدفة بوجود العالم..

الكافر: أوضح.

المؤمن: ليس معني الصدفة التي ذكرتها أن يقع الشيء بدون علة، بل معناها: أن يقع الشيء بعلة غير مألوفة، مثلاً: المألوف حر الهواء في الصيف، فإذا هبت زوبعة جليدية من ناحية القطب صارت سبباً لبرودة الهواء.. فهذا أمر حادث غير مألوف لعلة.. وهكذا في سائر الصدف.. فهل لك أن تأتي بأمر وقع صدفة بدون علة؟

الكافر: فكر ساعة.. ولم يجب! ثم قال: عرفت المناقشة من هذه الناحية.. فما هي المناقشة من الناحية الثانية؟

المؤمن: إن الصدفة لو حدثت بدون علة فرضاً فإنما هي أحيانية، أما منظماً في كل آن وأقل من آن.. فلا يعقل أن يقال بالصدفة.

الكافر: وكيف؟

المؤمن: إن للعالم نظاماً دقيقاً، يسير عليه، ففي كل يوم تشرق الشمس وتغرب.. ويكبر النبات.. ويثمر الشجر.. وينمو الحيوان.. ويتولد الإنسان.. وهكذا.. فهل هذا بالصدفة؟

أيحق للإنسان أن يقول: حرارة النار بالصدفة؟ أو يقول: ضرب الاثنين في اثنين يساوي الأربعة بالصدفة؟

الكافر: كلا.

المؤمن: وهكذا بالنسبة إلي خلق العالم، وتبدل ملايين ملايين من المخلوقات في كل آن..

بين جواد وسعاد

سعاد: وما سبب اعترافك بالله يا جواد.

جواد: وما سبب إنكارك لله يا سعاد؟

سعاد: لأني لم أره.

جواد: وهل رأيت الروح؟

وهل رأيت العقل؟

وهل رأيت الكهرباء؟

وهل رأيت الجاذبية؟

وهل رأيت الفكر؟

سعاد: لا.. وما رأيتها.

جواد: فكيف تعترف بها، مع أنك ما رأيتها.

سعاد: لأني أعرفها بآثارها:

فالروح سبب للحس والحركة، ولذا لا يقدر الميت علي ذلك..

والعقل سبب لانتظام الحركات، ولذا يختل توازن المجنون الفاقد للعقل..

والكهرباء سبب للإضاءة والحركة، ولذا إذا أطفئ لم يفعل آثاره..

والجاذبية سبب لجذب الشيء، كالمغناطيس، ولذا لا يجذب غيره.

والفكر سبب للنتائج، ولذا لا تحصل بدون الفكر.

جواد: قد حكمت علي نفسك!

سعاد: وكيف؟

جواد: لأنك قلت: إنه يمكن أن يكون شيء غير مرئي، ومع ذلك معترف به

لأجل آثاره.

والله سبحانه وإن لم نره، لكننا عرفناه بآثاره، من سماء مبنية.. وأرض ممهدة.. وإنسان.. وحيوان.. ونبات.. وبحار.. وطيور.. وأسماك و …

مثقف ومتدين

المتدين: سمعت أنك تقول بالطبيعة.

المثقف: نعم.. أقول.. ثم ماذا؟

المتدين: ما هي الطبيعة؟

المثقف: الطبيعة، هي الأرض.. والكواكب.. والهواء.. والضوء.. وما إليها..

المتدين: لي سؤالان:

1: هل هذه الأمور عالمة قادرة حكيمة أم لا؟

2: من خلق هذه الأمور؟

المثقف: أما هذه الأمور فليست عالمة قادرة حكيمة.. ولاخالق لها.

المتدين: فكيف يخلق ما لا علم له أشياء محكمة متقنة؟

أيصح أن يقال: إن رجلاً جاهلاً صنع سيارة؟

فكما لا يتمكن الجاهل من صنع السيارة، كذلك لا يتمكن جمادات جاهلة من خلق الإنسان.. والحيوان.. والنبات.. وما إليها…

ثم: هل تصدق أنت، تكون طائرة بدون صانع؟

إنه لا يمكن ولا يعقل، ويخالف البديهي..

فكيف تقول: بأن هذه الأمور صارت من أنفسها، بلا مكون وصانع..

المثقف: أفكر في الجواب، وأمهلني يوماً!

المتدين: أمهلتك سنة، عوض يوم، ولكن.. لا تتعب نفسك، فلن تجد الجواب.. إنك إن تمكنت من إقناع نفسك بأن قطاراً.. أو داراً.. أو فأساً.. صنع بدون صانع، فسوف تقنع نفسك بأن الطبيعة هي الخالقة..

فكر..

ثم فكر..

بين زميلين

(سامي) أي فرق بيني وبينك يا (علي) في القول بالمبدأ؟

علي: الفرق بين السماء والأرض..

سامي: وكيف ذاك؟

علي: لأنك تقول بالطبيعة..

وأنا أقول بالله تعالي..

سامي: ما الفرق بين القول بالطبيعة.. وبين القول بالله؟

علي: لو قال لك رجل إن هذه الدار بناها رجل جاهل.. وقلت أنت بناها رجل مهندس قدير.. فبماذا كنت تجيبه؟

سامي: أقول له: إن الجاهل لا يتمكن من بناء دار.

علي: هذا هو الفارق بين كلامك وكلامي..

فانك تقول: بأن خالق الأشياء الطبيعة.. والطبيعة جاهلة عاجزة.

وأنا أقول: بأن الخالق هو الله.. والله عالم قادر.

فهل الحق معي أم معك؟

سامي: نعم.. إنه لا يمكن أن تكون الموجودات من صنع جاهل عاجز.. فلابد وأن يكون الصانع لها عالماً قادراً.

ولكن.. من أين لك أن تثبت أن الصانع هو الله؟

علي: أقول أنا بأن الصانع هو

الله تعالي.. لأنه ليس شيء يصلح للخلق سواه..

فهل لك في أن تثبت شيئاً آخر هو الخالق؟

سامي: لا.. ومنطقك معقول، وأنا أعتقد به.

حكيم وسائل()

السائل: من خلق الأرض والسماء.. والجبال والكواكب.. والأنهار والشمس والقمر؟

الحكيم: الله.

السائل: من خلق الإنسان والأطيار.. والأسماك والسباع.. والحشرات والجراثيم؟

الحكيم: الله..

السائل: من خلق الفواكه والأشجار.. والنبات والأثمار.. والنخيل والأعشاب؟

الحكيم: الله.

السائل: من خلق الفضاء والهواء.. والماء والضياء.. والحر والبرد؟

الحكيم: الله.

السائل: هل الله خالق كل شيء في الكون؟

الحكيم: نعم.. انه خلق كل شيء.. وصنع كل مصنوع.. وأبدع كل مخلوق..

السائل: فمن خلق الله؟

الحكيم: الله ليس مخلوقاً لأحد، وإنما هو كائن بذاته..

السائل: ما الفرق بين الله وبين غيره.. حتي قلت: إن الله ليس مخلوقاً، وسائر الأشياء مخلوقة؟

الحكيم: الفرق: إن الأشياء لم تكن في وقت ثم كانت.. والله كان من الأزل..

السائل: أوضح ذلك بمثال!

الحكيم: نور الأشياء ودفؤها من الشمس أما نور الشمس فمن نفسها، حياة الأشياء بالماء أما حياة الماء فبنفسه.. وهكذا وجود الأشياء من الله، أما وجود الله فمن ذاته.

السائل: أوضح.

الحكيم: الأشياء علي قسمين:

1: ما يكتسب الشيء من غيره.

2: ما هو غني بذاته..

مثلاً: حلاوة الأشياء بالسكر، أما حلاوة السكر فمن نفسه..

ملوحة الأطعمة بالملح، أما ملوحة الملح فمن نفسه.

ضياء الأشياء في النهار من الشمس، أما ضياء الشمس فمن نفسها..

حرارة الأشياء من النار، أما حرارة النار فمن نفسها.. وهكذا…

إذاً: وجود الأشياء من الله.. أما وجود الله فمن نفسه.. فكما أن الأطعمة تحتاج في ملوحتها إلي الملح، أما الملح فلا يحتاج في ملوحته إلي شيء آخر..

كذلك: الأشياء تحتاج في وجودها إلي الله تعالي، أما الله فلايحتاج إلي شيء آخر..

إذاً: ظهر انه ليس خالق لله تعالي. فهل فهمت ذلك؟

السائل: نعم فهمت.. وأشكر لطفك.!

عالم وجاهل

عالم وجاهل

الجاهل: اذكر لي بعض آيات الله تعالي، الدالة علي وجوده.. وعلمه.. وقدرته.. وحكمته.. وإرادته.. ولطفه.. وإحسانه..

العالم: ?إن في خلق السماوات والأرض..

واختلاف الليل والنهار..

والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس..

وما أنزل

الله من السماء من ماء

فأحيا به الأرض بعد موتها..

وبث فيها من كل دابة..

وتصريف الرياح..

والسحاب المسخر بين السماء والأرض.. لآيات لقوم يعقلون?().

وقال تعالي: ?الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها..

ثم استوي علي العرش..

وسخر الشمس والقمر..

كل يجري لأجل مسمي..

يدبر الأمر..

يفصل الآيات.. لعلكم بلقاء ربكم توقنون?().

وقال عزوجل: ?وهو الذي مد الأرض..

وجعل فيها رواسي..

وأنهاراً..

ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين..

يغشي الليل النهار..

إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون?().

وقال سبحانه: ?وفي الأرض قطع متجاورات..

وجنات من أعناب

وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان.

يسقي بماء واحد

ونفضل بعضها علي بعض في الأكل..

إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون?().

فمن جعل السماء نجوما وشمساً وقمراً؟

ومن جعل الليل مظلماً والنهار مضيئاً؟

ومن جعل الجبال الرواسي لئلا تميد الأرض؟

ومن جعل الأرض لينة تصلح للسكني والزراعة؟

ومن جعل الهواء للتنفس، ولولاه لهلك كل ذي روح؟

ومن جعل الأنهار عذبة جارية، ليستفيد منها الإنسان والحيوان والنبات؟

ومن أنبت النبات.. وخلق الأشجار الخضرة.. وأوجد الثمار الشهية؟

ومن خلق الحيوان بأصناف مختلفة.. وأشكال متباينة.. وكيفيات متنوعة؟

ومن أعطي للطير الجناح.. وللمسك زعانف.. وللحيوان مختلف صنوف حاجاتها؟

ومن خلق الإنسان.. وزوده بكل آلة عجيبة.. فمن عين تنظر.. وأذن تسمع.. ولسان يتكلم ويتذوق.. وأنف يشم.. وحس يلمس به.. وفكر.. وعقل.. وأعصاب وآلات؟

ومن؟ ومن؟

إنه الله..

والله وحده..

?أمن خلق السموات والأرض

وأنزل لكم من السماء ماءاً

فأنبتنا به حدائق ذات بهجة

ما كان لكم ان تنبتوا شجرها

أإله مع الله بل هم قوم يعدلون

أمن جعل الأرض قرارا

وجعل خلالها أنهارا

وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا

أإله مع الله

بل أكثرهم لا يعلمون

أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء

ويجعلكم خلفاء الأرض

أإله مع الله

قليلا ما تذكرون

أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر

ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته

أإله مع الله تعالي الله عما يشركون

أمن يبدء الخلق ثم يعيده

ومن يرزقكم من السماء والأرض

أإله مع الله

قل هاتوا برهانكم

إن كنتم صادقين?().

موحد وملحد

ذهبا إلي برية.. وإذا بهم ينظرون من بعيد إلي بناء.. فلما اقتربا رأيا قصراً فخماً تحيط به حديقة من أجمل الحدائق.

دخلاها فرأوا أنواع الأشجار والأوراد.. وأقفاص الطيور بأنواعها، وصهاريج مرمرية.. وفوارات ملونة..

ثم دخلا القصر، وفيه غرف مبنية من فوقها غرف، مفروشة بأجود الفراش: غرفة للأكل.. وغرفة للاستقبال.. وغرفة للمنام.. وغرفة للأثاث.. ومكتبة منظمة.. وكهرباء ومراوح.. وغسالة وسيارة.. وكل شيء!

قال الموحد: يا أمهر بانيها وأعلم مهندسها ومنظمها وزارعها؟

قال الملحد: كلا! أنا لا أعتقد بوجود بان ومنظم ومهندس لهذه البناية والحديقة!

الموحد (متعجباً): ولماذا؟

الملحد: لأني لم أر الباني والمعمار.. والمنظم والمرتب..

الموحد: فكيف صار هذا القصر؟!

الملحد: دعني أنظر.. ثم أخذ نظارته، وجال ببصره في الأفق.. ثم قال: عرفت.. عرفت..

الموحد: وماذا عرفت؟

الملحد: هل تري هذا الجبل المبتعد عن القصر بفرسخين؟

وهل تري ذلك البحر الممتد البعيد؟

وهل تري تلك الغابة الواقعة غربي البحر؟

الموحد: أري.. ولكن.. ماذا؟

الملحد: العصر عصر العلم والفن.. وعصر النور.. عصر الذرة والكهرباء.. يلزم علينا أن نأخذ بالعلم والثقافة.. وندع الخرافة.. وندع القول بما لم نر..

الموحد: ثم ماذا؟

الملحد: دعني أقول لك سبب تكون هذا القصر عن علم وتحقيق: إن القصر بانيه الطبيعة: نقلت الرياح صخوراً من تلك الجبال، ورصفتها بمرور السنين حتي تكون هذا القصر..

ثم نقلت الرياح الأشجار والأوراد من تلك الغابة ونبتتها، حتي صارت هذه الحديقة..

ثم جاء سيل من ذلك البحر حتي جرت هذه الأنهار..

ثم مر راع قبل آلاف السنين، فنقلت الرياح بعض صوف أغنامه إلي هنا، وتكونت الفرش بمر الأعوام..

وهبت الرياح علي مزرعة قطن، فنقلت القطن منها الأوراق، ثم تجمعت بعضها إلي بعض حتي صارت هذه المكتبة التي تراها..

وهكذا قل في سائر الأشياء.

أما الأطيار فإنها بسيطة جداً.. إذ عفنت بعض مياه هذه الصهاريج، بتفاعل الماء

والرياح، فتكونت الديدان، ثم تفتقت الديدان بقاً كثيراً.. ثم كبرت قسم منها فصارت هذه الطيور.. ولايغرنك اختلافها.. فإنها بفعل البيئة، وما كان منها تحت الأشجار المثمرة صارت بلون تلك الأشجار.. وما كان منها تحت الأوراد صارت مثل تلك الأوراد.

وهكذا.. وهكذا..

وهذا مذهب العلم!

مذهب الثقافة!

مذهب اساتذة أوربا!

مذهب (دارون)

مذهب (فرويد)

مذهب (ماركس).

الموحد: كفاني.. كفاني.. ولكن أسألك سؤالاً واحداً؟

الملحد: سل ما شئت.

الموحد: إنك قلت في أول كلامك إنك لا تؤمن بما لم تره، هل صحيح هذا؟

الملحد: نعم..

الموحد: فهل رأيت الرياح؟

وهل رأيت نقل الصخور من الجبال؟

وهل رأيت السيل؟

وهل رأيت مرور الراعي؟

وهل رأيت تعفن الماء وتكون الديدان؟

وهل رأيت؟

وهل رأيت؟

الملحد: لا.. لم أر شيئاً منها.

الموحد: فكيف قلت بما لم تر؟

لم يحر الملحد جواباً.. ونكس رأسه يفكر.. ثم رفع رأسه وقال:

أظنك علي صواب وأنا علي خطأ، وقد أخطأت قبل هذا في تفكيري حول خلق العالم بما يزخر من المخلوقات.. والآن أعترف أن جميعها مخلوقة لله تعالي كما تقوله أنت ويقول الموحدون.

من خالقه؟ ()

السؤال الأول

س1: أليس لكل موجود موجد؟ فمن أوجد الله يا تري؟

ج: هذا خطأ، فمن أين لك أن كل موجود لابد له من موجد؟

س: فلماذا تقولون:

ان السماء والأرض.. والجبال والأنهار.. والبحار والنبات.. والإنسان والحيوان.. لها موجد؟

ج: لأن هذه مصنوعات، وكل مصنوع لابد وان يكون له صانع.

س: ما الفرق بين المصنوع، وبين الموجود، حتي قلتم: إن كل موجود لا يلزم أن يكون له موجد.. أما المصنوع فلابد وأن يكون له صانع؟

ج: الفرق: إن المصنوع معناه: الشي ء الذي صنع.. وكل شيء صنع لابد له من علة.. أما الموجود فهو علي قسمين:

1: قسم مصنوع، ولابد له من صانع..

2: قسم غير مصنوع (وهو الله) ولا صانع له، بل هو صانع الأشياء.

السؤال الثاني

س2: ماذا أول الأشياء؟

ج: الله، أول الأشياء.

س: فمن خلق الله؟

ج: لا خالق لله.

س: وكيف يمكن أن يكون شيء بلا خالق؟

ج: نرجع عليكم السؤال، ونقول: ماذا أول الأشياء، في رأيكم أنتم أيها الطبيعيون؟

ومهما قلتم: إنه أول الأشياء، سواء الأثير أو المادة أو غيرها.. نقول لكم: من خلق ذاك الشيء الأول؟

تقولون في الجواب: الشيء الأول (المادة.. الأثير) هو كائن بلا خالق..

ونكر عليكم فنقول: الشيء الأول، في اعتقادنا (وهو الله) كائن بلا خالق..

س: إذاً: نحن وأنتم سواء في الاعتراف بوجود شيء أول الأشياء بلا خالق.. لكنا نقول: الشيء الأول (المادة) وأنتم تقولون: الشيء الأول (الله).. فما الذي يدل علي صحة كلامكم، دون كلامنا؟

ج: الفرق بين كلامنا وكلامكم.. كالفرق بين من يقول: إن باني هذه العمارة الفخمة رجل جاهل عاجز، وبين من يقول: إن بانيها رجل قادر عالم..

س: وكيف ذلك؟

ج: إن المادة جاهلة عاجزة، فلا يمكن صدور هذه الأشياء المتقنة منها.. بخلاف الله، فانه عالم قادر، فيصح استناد الكون إليه..

السؤال الثالث

س3: كيف يمكن أن يكون شيء بلا أول، كما تدعون أنتم بالنسبة إلي (الله)؟

ج: أولاً: هذا الإيراد يرد عليكم أيضاً، كما تدعون أنتم بالنسبة إلي (الأثير أو المادة)..

ثانياً: ولماذا يستحيل وجود شيء بلا أول؟ انه لم يدل دليل منطقي علي استحالة شيء بلا أول.. وإنما دل الدليل علي استحالة مصنوع بلا أول..

السؤال الرابع

س4: وجود الله من أين؟

ج: وجود الله من ذاته.

س: ما معني أن وجوده من ذاته؟

ج: معناه: انه لم يكتسب من شيء آخر، بل هو بذاته موجود..

س: وهل هناك مثال لذلك؟

ج: نعم.. أمثلة، لا مثال واحد..

س: بينوا.

ج: النور.. الحرارة.. النظام.

س: وكيف؟

ج: ضياء كل شيء بالنور، أما ضياء النور فمن نفسه، بمعني أنه لا يضيئه غيره..

حرارة كل شيء بالنار، أما حرارة النار فمن نفسها، بمعني أنها لا تكسب الحرارة من غيرها..

نظام الأمور بالعقل، بمعني أن العقل هو الذي ينظم حركات الإنسان وسكناته، أما نظام العقل فمن نفسه، بمعني أنه لا يكتسب النظام من شيء آخر..

إذا تدبرت في هذه الأمثلة البسيطة، نقول في مقام التشبيه (وإن كان مع الفارق): إن وجود كل شيء بالله.. أما وجود الله فمن ذاته..

س: ماذا صار حاصل هذه البنود الأربعة؟

ج: حاصلها:

1: إن الطبيعي والمؤمن كلاهما يقول بأول للأشياء، لا أول قبله..

2: لكن الشيء الأول الذي يقوله الطبيعي لا يمكن أن يكون أولاً.. أما الشيء الأول الذي يقوله المؤمن يمكن أن يكون أولاً..

3: ومن الممكن أن يكون شيء وجوده من ذاته.. وشيء وجوده من غيره..

4: كما أن النور ضياءه من ذاته.. وسائر الأشياء كالغرفة ومحتوياتها ضياؤها من النور..

السؤال الخامس

س: ما هو اللسان العلمي الفلسفي في هذا المقام؟

ج: أما بالنسبة إلي عدم موجد للخالق، فهكذا يقولون: الشيء إما واجب.. وإما ممكن، والواجب وجوده من نفسه لأنه لم يتطرق إليه العدم حتي يحتاج إلي موجد.. والممكن وجوده من غيره، لأنه كان معدوماً ثم وجد، والواجب هو الله، والممكن سائر الأشياء..

وأما بالنسبة إلي عدم صلاحية سائر الأشياء (غير الله) لأن يكون أولا، فهكذا يقولون:

1: كل شيء في العالم متغير.

2: وكل متغير حادث.

3: والحادث لا يكون أولا.

أما الأول:

فلما نشاهد من تغير أحوال الأشياء، وعروض الطوارئ عليها.

وأما الثاني: فلأن ما يتغير لابد وأن يكون له مغير، فالمغير سابق علي المتغير.. فهو حادث.

وأما الثالث: فلأن الحادث جديد، والجديد لا يكون قديماً.

إذاً فغير الله حادث، والله وحده هو الأول: السابق علي جميع الأشياء().

آينشتاين يعترف

تحاكم جماعة من الماديين إلي (آينشتاين) ليروا رأيه بالنسبة إلي الله تعالي؟

فأجاز لهم أن يمكثوا عنده (15) دقيقة، معتذراً بكثرة أشغاله فلا يتمكن أن يسمح لهم بأكثر من هذا الوقت.

فعرضوا عليه سؤالهم، قائلين: ما رأيك في الله؟

فأجاب قائلاً: «ولو وفقت أن أكتشف آلة، تمكنني من التكلم مع الميكروبات، فتكلمت مع ميكروب صغير، واقف علي رأس شعرة من شعرات رأس إنسان، وسألته: أين تجد نفسك؟ لقال لي: أني أري نفسي علي شجرة رأس شاهقة! أصلها ثابت وفرعها في السماء.

عند ذلك أقول له: ان هذه الشعرة التي أنت علي رأسها، إنما هي شعرة من شعرات رأس إنسان.. وإن الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان..

ماذا تنظرون؟

هل لهذا الميكروب المتناهي في الصغر: أن يتصور جسامة الإنسان وكبره؟

كلا!

إني بالنسبة إلي الله تعالي، لأقل وأحط من ذلك الميكروب، بمقدار لا يتناهي فأني لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكل شيء، بقوي لا تتنامي، وعظمة لا تحد؟».

فقام المتشاجرون من عند (آينشتاين)، وأذعنوا للقائلين بوجود الله عزوجل.

ملحد يذعن بالله!

يقول الدكتور: ا. ج. كرويتين:

كنت ملحداً عندما كنت أدرس الطب في جامعة لندن، وعندما كنت أقف أمام جسمٍ إنساني، في غرفة التشريح، أحس بأنني أمام جهاز شديد التعقيد!

وفي الوقت نفسه: كنت أفكر في الروح الخالدة في الله؟ وكانت ابتسامة الاستخفاف والسخرية ترتسم علي وجهي..!

وكنت أري في ذلك كله أسطورة قديمة بالية.. وكان يشاركني في هذا الشعور أكثر طلاب الجامعة..

بقيت هكذا.. إلي أن أصبحت طبيبا، وسافرت إلي منطقة المناجم بجنوب (ويلز) وصرت أجدني أنفذ في مملكة الروح الإنسانية: لقد شاهدت معجزة ميلاد الإنسان.. وجلست إلي الموتي، واستمعت في الظلام إلي رفرفة أجنحة الموت.

فتخلي عني غروري!

فصرت أؤمن بالله!

ورأيت العمال كلهم يؤمنون بالله، ولا يمضي أسبوع واحد دون أن

يقع هناك، ما يؤيد إيمانهم بالله، وتوكلهم عليه!

لن أنسي ذلك اليوم ما حييت!

فقد حدث انفجار مروع أدي إلي سقوط المنجم علي (14) عاملا وبقي هؤلاء العمال مدفونين تحت التراب خمسة أيام كاملة.!

وظلت القرية تصلي لله لأجلهم..

وأخيراً:

استطاع رجال الاسعاف، أن يشقوا طريقهم إلي المنكوبين واستمعوا إلي دعاء خافت، ينبعث من الأنقاض:

إنه صوت العمال!

يترنمون بأنشودة:

(يا أرحم الراحمين).

أخرجوا أحياءً من تحت الأنقاض.. وهم منهوكو القوي.. والتفت حولهم ألوف من العمال، وراحوا يرددون:

(يا أرحم الراحمين في كل حين!).

وعندما وقفت إلي جوار هؤلاء المنكوبين، اجتاحني هذه الموجة من الدعاء والصلوات..

إنها دليل علي أن إيمان الإنسان قد تجاوز كل كلام وتعبير.

ولكن كيف وجدت المياه؟!

يقول (كروتين): ومنذ بضع سنوات عندما كنت في لندن، نظمت نادياً للشباب.. ودعوت إليه أحد المشتغلين بعلم الحياة، ليلقي محاضرة للأعضاء.

وقد اختار هذا الباحث الممتاز موضوع محاضرته: (عن بداية عالمنا)..

وتحدث بأسلوب العالم الملحد، وجعل يصف عصور (الايون) السابقة علي التاريخ.. وكيف تحولت الأرض علي مر هذه العصور من الغازية، إلي السيولة، إلي الصلابة؟

وكيف أن الأرض كانت مطمورة في مياه المحيطات؟

وكيف أن الأمواج تعلو وتهبط علي القشرة الأرضية؟

وكيف أن القشرة الأرضية قد تكونت نتيجة تفاعلات طبيعية كيمائية؟

وكيف أن هذا التفاعل مع الزبد قد أدي إلي تكوين سطح الأرض التي نعيش عليها؟

ومن هذه الأرض ظهرت الحياة الأولي، علي هيئة (پروتوپلازم).

وعندما فرغ المتحدث من محاضرته، صفق له الحاضرون تصفيقاً مهذبا..

ولكن تلميذ وقف، في صورة عصبية! وسأله:

لا تؤاخذني يا سيدي! لقد حدثتنا عن الأمواج الهائلة التي كانت تضرب الشاطئ.

ولكن.. كيف وجدت هذه المياه كلها أول الأمر؟

وساد صمت كله حرج!

واحمر وجه الأستاذ المحاضر!

وقبل أن يجيب بكلمة واحدة، أغرق الموجودون في الضحك.

لقد انهار منطقه الحديدي، بسؤال من تلميذ صغير().

من صفات الله

سؤال: ما هي صفات الله تعالي؟

جواب: لله صفات كثيرة، نذكر بعضها:

1 عالم: يعلم جميع الأشياء، حتي حبات الرمل، وقطرات البحار، وحفيف الأشجار، ونوايا الناس.. فكل خاطر يخطر في ذهن الإنسان يعلمه الله تعالي..

ويسمع كل صوت، ولو كان همساً في الآذان، أو نجوي يخفي علي غير المتناجين.

ويبصر كل شيء، حتي أنه يبصر الحيوانات الصغار في أعماق البحار، ويبصر كل إنسان ولو كان في خلوات الغرف.

2 قادر: يقدر علي كل شيء: علي الخلق، والرزق، والأحياء، والإماتة، والإعطاء، والمنع، والإغناء، والإفقار.. وغيرها..

3 حكيم: يفعل الأشياء بالحكمة، فخلق الكواكب في مسابحها، والأطيار في أوكارها، والحيوانات في محالها.. وجعل الأنهار في أخاديد الأرض، والبحار في أطرافها، وأنبت

الأعشاب والأشجار في الحدائق والبساتين والصحاري.. وغيرها.. كلها علي نحو الحكمة والصلاح.

4 عادل: فهو عادل فيما يفعل، لا يظلم ولا يجور، ولايحيف ولا يعسف.

بعث الأنبياء عليهم السلام بالعدل، وشرع الأحكام بالعدل، وزرع المعادن والثروات في أكناف الأرض بالعدل.

وبالجملة: فعل كل شيء.. وأمر ونهي.. بالعدل.

5 مريد: انه يريد فيفعل.. أو لا يريد فلا يفعل ?إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون?().

6 قديم: كان قبل الأشياء.. ثم خلق الأشياء.. ثم يفني الأشياء.. ويبقي هو كما كان، فهو أول.. وهو آخر..

7 رحيم: يرحم العباد، ويعطف عليهم، ويلطف بهم، ويقضي حوائجهم، ويتكرم عليهم بالثروة والأنعام والإفضال.. وسائر الخيرات.

8 مالك: يملك كل شيء، وكل العالم ملكه، وكل فعل منه، فهو خالق الأشياء، ورازق أصحاب الأرواح: من نبات.. وحيوان.. وإنسان..

9 واحد: فليس له شريك، وحده صنع الأشياء.. وحده يفعل الأفعال.. وحده يستحق العبادة والطاعة..

10 مجيب: يجيب عباده إذا دعوه وطلبوا منه الخير، فيعطي كل ذي حاجة حاجته، ويقضي لكل سائل مسألته ?وقال ربكم ادعوني.. أستجب لكم?()..

الفصل الثاني

الإنسان

هناك أناس يقولون: الإنسان خيال.. لا وجود له في الخارج إطلاقاً.!

ويسمي أولئك: ب (السوفسطائيين).

وهناك أناس يقولون: الإنسان من سلالة القرود ويسمي أولئك: ب(الداروينيين).

أما أولئك الأولون، فلا يحق لهم أن يتكلموا معنا.. لأنهم خيال، ولا واقع لهم ولا لكلماتهم، علي زعمهم.!

وأما سلالة القرود: فنسألهم: ما دليلكم علي أن الإنسان من سلالة القرد؟

يقولون: دليلنا العلم.

نقول: ما هو العلم. هل إنكم شهدتم بدء الإنسان؟

هل إنكم كنتم قروداً فانقلبتم أناساً؟

هل أخبركم مخبر صادق رأي هذا التطور؟

يجيبون: بالنفي علي جميع هذه الأسئلة.

فما هو العلم الدال علي هذا التحول؟

يقولون: المشابهة بين القرد والإنسان.. وسنة التطور..

نقول: مشابهة شيء لشيء لا تلازم تطوره عنه.. فنجم يشبه نجماً آخر هل يكون

مأخوذا عنه؟ وإنسان يشبه إنساناً هل أخذ منه؟

ثم: من أخبركم بأن الإنسان أصله القرد؟

ولماذا لا تقولون: بأن القرد أصله الإنسان؟

أما سنة التطور.. فهل تتمكنون من إثبات كل شيء يتطور إلي أرقي منه؟

إن هذه الأسئلة.. وكثيراً من أمثالها.. ترد علي هذا الزعم، ولذا رفضته مدارس أوربا التي كانت مولدة لهذه النظرية.

أما الإنسان في نظر الأديان السماوية ومنها الإسلام :

فهو مخلوق لله تعالي.. خلق قبل آلاف السنين: أول رجل وامرأة علي وجه الأرض آدم وحواء عليهما السلام.. ثم توالدا.. وخلق الله لولديهما امرأتين خلقاً جديداً كما خلق آدم وحواء فتوالدوا.. وصار أولادهم أبناء عمومة.. ثم تناكحوا وتناسلوا..

وإنا وان لم نشاهد هذا البدء.. لكن أنبياء صادقين، عرفنا صدقهم من الأدلة العلمية والبراهين الواضحة.. أخبروا بذلك.

كما إنا لم نر المدن الغابرة.. والملوك السالفة.. والأمم البائدة.. ولكن أهل التواريخ ممن علمنا صدقهم ووثقنا بهم.. اخبروا، فصدقناهم.

هذا الإنسان، وهذا بدؤه.

مسيّر أم مخيّر؟

هادي: هل الإنسان مسير أم مخير؟

جواد: ما تقصد من هذا السؤال؟

هادي: إن الأعمال التي تصدر من الإنسان هل هي من قبيل حرق النار؟ فلا إرادة واختيار للإنسان فيها.. أم من قبيل أعمال الله، التي هي بالإرادة والاختيار؟

جواد: الأعمال التي تصدر من الأشياء علي ثلاثة أنواع:

1 الاختيارية الصرفة.. كأفعال الله تعالي.

2 الاضطرارية المحضة.. كحرق النار.. وإضاءة الشمس.. وتبريد الماء..

3 الخليطة من القسمين.. كشرب الإنسان للماء.

هادي: وكيف ذلك؟

جواد: إن الإنسان مركب من آلات وأجهزة لا اختيار له فيها.. كاليد والرجل.. والعين والأذن.. والقلب والكبد.. وغيرها..

وله إرادة واختيار، فيريد الذهاب إلي دار شخص فيذهب.. أو يريد شرب الماء فيشرب.. وهكذا..

فالعمل الصادر من الإنسان، وليد هذين الأمرين: الأجهزة غير الاختيارية والعمل الاختياري.

فلا جبر.. كالنار. ولا تفويض.. كأعمال الله، بل أمر بين الأمرين..

شاك وموقن

الشاك: العمل الذي يصدر من الإنسان هل هو بتقدير الله أم لا؟

الموقن: نعم.. بتقديره تعالي.

الشاك: فإذا عمل الإنسان عملاً سيئاً، لم يكن الذنب له، إذ كان عمله بتقدير من خالقه؟

الموقن: وكيف تفسر القدر؟

الشاك: أفسره بأنه من فعل الله تعالي، لا فعل الإنسان.

الموقن: إن هذا التفسير خطأ.

الشاك: ولماذا؟

الموقن: لأن الأفعال أفعال الإنسان.. فالإنسان يشرب.. والإنسان يكسب.. والإنسان يسافر.. وأي ارتباط لهذه الأفعال بالله تعالي؟

الشاك: فما معني القدر؟

الموقن: للقدر ثلاثة معان:

1: العلم، فان الله يعلم ما يفعله الناس: إنه يعلم إن فلانا يعمل العمل الحسن أو القبيح.

2: الأمر والنهي، فإن الله أمر بالحسن، ونهي عن القبيح، وأباح ما لا حسن فيه ولا قبح.

3: الهندسة، كالمهندس الذي يخطط للبناء.. أما البناء فليس من فعل المهندس، وإنما هو من فعل البنائين، والعمال.

وبعد ذلك كله جعل الإرادة والاختيار بيد الإنسان ليعمل عن إرادة..

فمن أحسن فله الذكر الجميل، والعاقبة الحسنة.

ومن أساء فله الذكر

السيئ، والعاقبة الخاسرة.

ظالم ومظلوم

محسن: هل يعرف الله ظلم الظالمين؟

صادق: نعم.. يعرف.

محسن: وهل يتمكن من ردعهم عن الظلم؟

صادق: نعم.. يتمكن..

محسن: وهل يكره ظلمهم؟

صادق: نعم.. يكره..

محسن: فلم لا يمنعهم عن الظلم.

صادق: إن الله خلق الإنسان، وجعل فيه الإرادة والاختيار، وأمره بالطاعة والخير، ونهاه عن المعصية والشر، ولكن مكنه من عمل كلا القسمين.. فإذا أحسن جزاه بالإحسان حسناً إن في الدنيا أو في الآخرة وإذا أساء جزاه بالإساءة سيئاً.. ولذا لا يحول بين أحد وبين ما يفعل.. حتي يتميز الخيّر عن المسيء، فيستحق الأول الثواب، والثاني العقاب.

ولو كان الإنسان مكرهاً في أعماله، لم يكن فرق بينه وبين الجماد.. وبذلك يذهب جمال الإنسان، ولطف صنعته.

محسن: فما مصير المظلوم الذي يقع عليه الظلم؟

صادق: إن المظلوم يعوض بما وقع عليه بالثواب، والجزاء الحسن.

محسن: وأين يقع هذا الجزاء.

صادق: في الدنيا.. والآخرة..

محسن: فما المصائب التي تصيب الإنسان..

صادق: إما لطهارة الإنسان عن الذنوب.. أو عقوبة لما اقترف.. أو ذخر له في الآخرة.

الفصل الثالث

الأنبياء عليهم السلام

محمد: الإنسان خلق لغاية مقصودة منه.. يدل علي ذلك صنعه المتقن، وأجهزته المحيرة، وحواسه الظاهرة والباطنة..

كما أن من يصنع مصنوعاً لابد وأن تكون له غاية من هذا الصنع، فمن صنع ساعة أو سيارة أو طائرة أو ما أشبه.. لابد وأن يريد بها شيئاً..

ولا يمكن أن يكون خلق الإنسان عبثاً: إذ العبث يخالف الحكمة، وقد عرفت: إن الله تعالي حكيم..

باقر: فما هي الغاية من خلق الإنسان اذاً؟

محمد: لابد وأن تكون غاية شريفة، إذ رفعة الغاية تتبع رفعة المصنوع، والإنسان من أفضل الممكنات، فلابد وأن تكون غاية خلقته من أشرف الغايات.

باقر: ومن يبين هذه الغاية من الخلق؟

محمد: لابد وأن يهدي الله الإنسان إلي الغاية المتوخاة منه.. وإلا كان نقضاً للغرض، وذلك قبيح، لا يفعله الحكيم.

وقد نصب الله

الأنبياء عليهم السلام لبيان الغاية.. وهداية الناس إلي ما يراد منهم..

إذاً: فالأنبياء عليهم السلام هم أفراد من البشر، بعثهم الله تعالي لهداية الناس إلي الحق وإنقاذهم من براثن الضلال.

هذا علي الأغلب.. وهناك بعض الأنبياء عليهم السلام كانوا أنبياء لأنفسهم، لم يؤمروا بالتبليغ، فكانوا كالزهاد الذين لا يقتحمون المجتمعات، وإنما يهذبون أنفسهم فحسب..

باقر: كيف كانت دعوة الأنبياء؟

محمد: بعض الأنبياء عليهم السلام كانت دعوتهم عامة، تعم جميع أهل الأرض، وهم خمسة:

1: إبراهيم عليه السلام.

2: نوح عليه السلام.

3: موسي عليه السلام.

4: عيسي عليه السلام.

5: محمد صلي الله عليه و اله.

وبعض الأنبياء عليهم السلام كانت دعوتهم خاصة لبلد.. أو قبيلة.. أو قطر.. أو ما إلي ذلك.. مثلا: كان يونس النبي عليه السلام دعوته خاصة لمائة ألف أو يزيدون..

وبعض الأنبياء كانوا ينجحون في الدعوة.. في حياتهم، كنبي الإسلام صلي الله عليه و اله.. أو بعدها كالمسيح عليه السلام..

وبعضهم كانوا يدعون إلي الله.. ولكن قومهم ما كانوا يلبون الطلب.. وهكذا..

باقر: كم هي الأديان العالمية؟

محمد: الأديان العالمية اليوم ثلاثة:

دين موسي عليه السلام.

ودين عيسي عليه السلام.

ودين محمد صلي الله عليه و اله الذي يعتنقه المسلمون.

ولكن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يقبل الله سواه، حيث قال عزوجل:

?ومن يبتغ غير الإسلام ديناً، فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين?().

دعوة الأنبياء عليهم السلام

حسين: ما هي دعوة الأنبياء؟

محمود: الأنبياء يدعون إلي أمرين:

1: تنظيف العقيدة عن الأوهام والأباطيل والخرافة، ثم الاعتقاد بالحق والواقع.

2: تنظيف العمل عن الجور والرذيلة.. وما إليهما.. والتعويض عنهما بالأعمال الصالحة، والإرشاد نحو الحق والصراط المستقيم..

حسين: ما معني تنظيف العقيدة عن الأوهام؟

محمود: إنا إذا نظرنا إلي العقائد التي تسود العالم، نراها من هذا القبيل:

? عبادة الأصنام والأوثان، الناشئة عن الاعتقاد بألوهيتها.

? عبادة الشمس والقمر والكواكب..

?

عبادة النار..

? عبادة أفراد من البشر.. كفرعون ونمرود..

? عبادة بعض الحيوانات..

? الاعتقاد بالنفع والضرر من أشياء موهومة..

? الاعتقاد بعدم الإله.. والخالق..

? الاعتقاد بإلهين: إله للخير.. وإله للشر..

الاعتقاد بأن المسيح عليه السلام هو الله، أو ابن الله.. أو كون العزير ابن الله..

? الاعتقاد بكون الإله جسماً، أو متزوجاً للجنة، أو له بنات..

? وغيرها.. وغيرها.. وكلها خرافة وأوهام.

فالأنبياء عليهم السلام كانوا يرشدون إلي الحق والواقع.

حسين: ما معني تنظيف العمل عن الجور؟

محمود: إن بعض الأعمال التي تصدر عن الناس، فيها جور بالنسبة إلي المجتمع، أو إلي النفس، أو ما أشبه.. فمثلاً:

القتل.. والزنا.. والربا.. والرشوة.. وأكل مال الناس بالباطل.. والسرقة.. والاحتكار.. ونحوها.. جور بالنسبة إلي المجتمع..

وأكل لحم الخنزير.. وشرب الخمر.. والقمار.. والانتحار.. ونحوها.. جور بالنسبة إلي النفس..

وعدم العبادة لله تعالي.. وسوء الخلق.. وعدم الاستقامة في البيع والشراء والنكاح والطلاق والإرث والقضاء.. وغيرها.. كلها أعمال جائرة..

والأنبياء عليهم السلام يدعون الناس إلي الحق في جميع ذلك.. حتي تستقيم أخلاق الناس.. وأعمالهم.. وعباداتهم.. وعقائدهم.

وبالجملة: يدعون الأنبياء عليهم السلام الناس إلي ما فيه نظام صحيح للدنيا، وسعادة للآخرة..

ولذا إذا راجعنا التاريخ نري: إن كل عصر ساد فيه تعاليم الأنبياء عليهم السلام عاش الناس، في خير ورفاه، وأمن وسلام، وغني وصحة وعلم.. وكل خير.. وكل خير..!

وبالعكس كل عصر ساد فيه قوانين الأرض، أو خرافة العقيدة.. فانه أتعس عصور التاريخ، وأكثرها ظلماً وجوراً، واستعباداً واستغلالا.

حسين: وهل سادت تعاليم الأنبياء في عصر من العصور؟

محمود: نعم.. في كثير من العصور، كما يتبين ذلك لمن راجع التاريخ..

من أين نعلم؟

رشاد: من أين نعلم صدق مدعي النبوة؟

كاظم: نعلم صدقه من تصديق الله تعالي له، كما نعلم صدق مدعي كونه متصرفاً عن قبل الوزير من إمضاء الوزير لقوله..

رشاد: كيف نعرف تصديق الله

تعالي للنبي؟

كاظم: من إمضاء الله لنبوته.. كما نعرف صدق مقالة المتصرف من إمضاء الوزير.

رشاد: وما هو إمضاء الله تعالي؟

كاظم: إمضاؤه أجراء المعجزة علي يديه..

رشاد: وما هي المعجزة؟

كاظم: المعجزة أمر لا يقدر البشر علي الإتيان بمثله..

رشاد: مثّل للمعجزة!

كاظم: المعجزة: كإحياء الموتي، وإبراء الأعمي.. وإطاعة الجماد.

رشاد: وهل يمكن هذه الأمور؟

كاظم: نعم.. يمكن، فما المانع منها؟

رشاد: وكيف يتمكن شخص من هذه التصرفات؟

كاظم: هل تعتقد أن الله قادر علي هذه الأمور؟

رشاد: نعم.. أعتقد..

كاظم: فإذا كان الله قادر عليها، وأراد إرسال نبي، أجراها علي يديه، ليعلم الناس صدق دعواه: انه رسول من الله تعالي.

رشاد: هذا كلام معقول، ولكن هل أتي الأنبياء بالمعجزات؟

كاظم: نعم أتوا بها.

رشاد: اذكر لي بعضها!

كاظم: من معجزات الأنبياء:

1: اليد البيضاء.. العصا.. فلق البحر.. لموسي عليه السلام.

رشاد: فسرها لي.

كاظم: كان موسي عليه السلام يدخل يده في جيبه، فإذا أخرجها كانت تشع نوراً كالشمس..

وكانت له عصا إذا ألقاها، انقلبت ثعباناً عظيماً، تأكل ما تجد، ثم إذا أخذها تنقلب عصا كما كانت وانعدمت تلك الأشياء التي ابتلعتها..

وأراد هو وبنو إسرائيل أن يعبروا البحر الأحمر فانحسر الماء عن البحر كسكك حتي عبر علي أرض البحر موسي عليه السلام وبنو إسرائيل، وهم ليسوا أقل من نصف مليون.. إلي غير ذلك.

2: إحياء الموتي.. إبراء الأكمه والأبرص.. خلق الحيوان بإعطائه الروح.. لعيسي عليه السلام..

رشاد: وهل كان عيسي عليه السلام يقدر علي هذه الأمور؟

كاظم: نعم كان يقدر عليها..

رشاد: أين الدليل علي ذلك؟ ونحن لم نشاهدها.

كاظم: أين الدليل علي الأمم الغابرة.. كالبابليين.. والكلدانيين.. والآريين.. وغيرهم.. وغيرهم؟

رشاد: التواريخ الصحيحة..

كاظم: وهذا أيضاً بالتواريخ الصحيحة، فإنها ذكرت هذه المعجزات، ولذا نصدق بها وان لم نشاهدها..

3: الأخبار بالأمور المستقبلية.. وجري الماء من الأصابع.. وإشباع الجمع الكثير من طعام قليل.. وشق

القمر.. والقرآن.. وغيرها.. لنبي الإسلام محمد صلي الله عليه و اله.

رشاد: أوضح!

كاظم: إن النبي محمد صلي الله عليه و اله أخبر بأمور مستقبلية: ككون شانئه ابتر..

وأن الروم سيغلبون..

وأن اليهود لا تقوم له دولة إلا بحبل من الناس..

وأن أبا لهب لا يؤمن..

وغيرها.. وقد وقعت كما أخبر..

وجري من أصابعه الماء حتي ارتوي خلق كثير في قصة مفصلة .

وأشبع جمعاً كثيراً من طعام قليل في قصص مفصلة .

وشق القمر، حتي رئي نصفين في السماء()..

وأتي بالقرآن الكريم الذي لم يتمكن أحد من الإتيان بمثله، كل ذلك وعشرات المئات من أمثالها دليل علي نبوته صلي الله عليه و اله.

رشاد: كيف يمكن هذه المعجزات التي ذكرتموها؟

كاظم: بسيطة جداً لله تعالي.. فما المانع من أن يخلق الله تعالي نوراً في يد موسي عليه السلام؟ أو يخلق حية عظيمة من عصاه؟ أو يزحزح الماء عن مقره؟

وما المانع من أن ينفخ الروح في ميت لعيسي عليه السلام؟ أو يبرئ الأكمة والأبرص؟ أو يعطي الروح لحيوان يصنعه نبيه؟

وما المانع: من أن يخبر الله النبي محمد صلي الله عليه و اله بأمور مستقبلية؟ وأن يخلق الماء علي أصابعه؟ وان يخلق الطعام علي طعامه؟ وان ينصف القمر ثم يرجعه كما كان؟ وأن يوحي إليه بكلام فوق قدرة سائر الناس؟ ()

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة الكهف: 54.

() لأن الرقابة لم تسمح بالبحث عنه.

() سورة الشعراء: 227.

() راجع: بين الإسلام ودارون.. للمؤلف.

() روعي في هذا الحوار ذهن المبتدئ فسيق الدليل بأسلوب بدائي.

() سورة البقرة: 164.

() سورة الرعد: 2.

() سورة الرعد: 3.

() سورة الرعد: 4.

() سورة النمل: 60 64.

() قد تحرينا في هذا الفصل جهدنا لإفراغ المطلب في أبسط القوالب الممكنة، تقريباً إلي الأذهان المبتدئة.

() هذا مبحث عميق جداً، لا

يدرك كنهه إلا من درس الفلسفة العالية، كالعلوم الدقيقة الفيزيائية ونحوها حيث لا يدركها إلا من تخرج عن المعاهد الراقية.. ولم يكن من القصد التطرق إلي هذا الموضوع. إلا أن سؤال جماعة من الشباب أوجب إيراده.

() لقد نقلنا القصص الثلاث عن كتاب (التكامل في الإسلام) ج2.. للأستاذ أحمد أمين.

() سورة يس: 82.

() سورة غافر: 60.

() سورة آل عمران: 85.

() راجع (مدينة المعاجز) للسيد هاشم البحراني رحمة الله عليه.

() وهذا آخر ما وجدناه من الكتاب وربما كانت له تتمة حول الامامة أو المعاد ضاعت بسبب الضغوطات المتوالية من قبل حكام الجور علي الإمام المؤلف (الناشر).

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.