من مكارم الأخلاق

اشارة

اسم الكتاب: من مكارم الأخلاق

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

الموضوع: مكارم اخلاق

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1423 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ

صدق الله العلي العظيم

سورة القلم: 4.

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم …

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض …

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع …

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله درجاته) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقد راجعها رحمة الله عليه وأضاف عليها، فقمنا بطباعتها، مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?().

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وإنذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ

أُولُوا الأَلْبَابِ?().

إن مؤلفات سماحة آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله درجاته) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة، لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، أخذاً من موسوعة الفقه التي بلغت المائة والستين مجلداً، حيث تعد إلي اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية، ومروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي تتجاوز بمجموعها (1250) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة، حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية، ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك (الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية، وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع رحمة الله عليه التي راجعها وأضاف عليها، وإلا فمجموع محاضراته الإسلامية قد قارب التسعة آلاف محاضرة، ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولي العلي القدير أن يوفقنا لنشر ما بقي منها، وإخراجه إلي النور؛ لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة مختصرة، تنقل إلي الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5951/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

حسن الخلق

قال الله العظيم في كتابه

الكريم: ?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ().

وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: «جاء أعرابي أحد بني عامر فسأل عن النبي صلي الله عليه و اله فلم يجده، فقالوا: هو يفرج، فطلبه فلم يجده.

قالوا: هو بمني، قال: فطلبه فلم يجده.

فقالوا: هو بعرفة، فطلبه فلم يجده.

قالوا: هو بالمشعر، قال: فوجده في الموقف.

قال: حلوا لي النبي صلي الله عليه و اله.

فقال الناس: يا أعرابي، ما أنكرك (ما أنكرت) إذا وجدت النبي وسط القوم وجدته مفخما.

قال: بل حلوه لي حتي لا أسأل عنه أحدا.

قالوا: فإن نبي الله أطول من الربعة، وأقصر من الطويل الفاحش، كأن لونه فضة وذهب، أرجل الناس جمة، وأوسع الناس جبهة، بين عينيه غرة، أقني الأنف، واسع الجبين، كث اللحية، مفلج الأسنان، علي شفته السفلي خال، كأن رقبته إبريق فضة، بعيد ما بين مشاشة المنكبين، كأن بطنه وصدره سواء، سبط البنان، عظيم البراثن، إذا مشي مشي متكفيا، وإذا التفت التفت بأجمعه، كأن يده من لينها متن أرنب، إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتي ينفتل صاحبه، وإذا جلس لم يحلل حبوته حتي يقوم جليسه.

فجاء الأعرابي فلما نظر إلي النبي صلي الله عليه و اله عرفه، قام بمحجنه علي رأس ناقة رسول الله صلي الله عليه و اله عند ذنب ناقته، فأقبل الناس تقول: ما أجرأك يا أعرابي؟!

قال النبي صلي الله عليه و اله: دعوه فإنه أديب [إرب]()، ثم قال: ما حاجتك؟

قال: جاءتنا رسلك أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتحجوا البيت وتغتسلوا من الجنابة، وبعثني قومي إليك رائدا، أبغي أن أستحلفك وأخشي أن تغضب.

قال: لا أغضب،

إني أنا الذي سماني الله في التوراة والإنجيل: محمد رسول الله، المجتبي المصطفي ليس بفاحش ولا سخاب في الأسواق، ولا يتبع السيئة السيئة، ولكن يتبع السيئة الحسنة، فسلني عما شئت، وأنا الذي سماني الله في القرآن: ?وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ?() فسل عما شئت.

قال: إن الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟

قال: نعم هو أرسلني.

قال: بالله الذي قامت السماوات بأمره، هو الذي أنزل عليك الكتاب وأرسلك بالصلاة المفروضة والزكاة المعقولة؟

قال: نعم.

قال: وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة وبالحدود كلها؟

قال: نعم.

قال: فإنا آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام، صغيره وكبيره.

قال: فاستغفر له النبي صلي الله عليه و اله ودعا له» ().

من أخلاق الأنبياء عليهم السلام

إنَّ من أهم صفات الأنبياء عليهم السلام المميزة هي معاشرة الناس ومعايشتهم بالحسني وحسن الظن والأخلاق الرفيعة في سبيل هداية الناس. فقد قال النبي صلي الله عليه و اله: «إياكم والظن فإنه أكذب الحديث» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إن في المؤمن ثلاث خصال ليس منها خصلة إلا وله منها مخرج: الظن والطيرة والحسد، فمن سلم من الظن سلم من الغيبة، ومن سلم من الغيبة سلم من الزور، ومن سلم من الزور سلم من البهتان» ().

إنّ حسن الظن والمقابلة بالاحسان والخلق العالي من أهم الأمور التي توجب التفاف الناس حول صاحبها، فتعطيه جاذبية خاصة لكل القلوب والأرواح حتي للقلوب المعادية والأرواح الشريرة..

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «شر الناس الظانون، وشر الظانين المتجسسون، وشر المتجسسين القوالون، وشر القوالين الهتاكون» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء وسلامة صدره، وعلامته أن يري كلما نظر إليه بعين الطهارة والفضل، من

حيث ركب فيه وقذف في قلبه من الحياء والأمانة والصيانة والصدق. قال النبي صلي الله عليه و اله: أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب وإثاء الطبع» ().

وقال الإمام الحسن بن علي العسكري?: «أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله سره فيه فتناول حظك منه».

فقيل له عليه السلام: أيدك الله حتي بحجر؟!

قال: «أفلا نري الحجر الأسود» ().

إنَّ الأنبياء عليهم السلام لم يسيئوا الظن بأي أحد، بل كانوا يعاملون الجميع بالإحسان والنية الحسنة، بينما بعض الناس لا يحسنون الظن بالآخرين، بل يحملون الجميع علي محمل السوء ويشككون في دوافعهم وأغراضهم وأعمالهم، وإنّما يبرؤون أنفسهم فقط ولايثقون بأحد إلا بأنفسهم، ولا ينظرون إلي محاسن الناس وإيجابياتهم، وأحياناً لا يبصرون إلا السلبيات؛ ولهذا السبب نجد أن الناس ينفضون عنهم ولا يحترمونهم، ولا ينضوون تحت لوائهم؛ لأن الإنسان الذي ينظر إلي الجميع بعدسة سوداء واحدة ويغتاب الناس، ويتهمهم دائماً دون أي مبرر يعامله الناس بنفس معاملته لهم، فقد قيل:

فمن هاب الرجال تهيبوه

ومن وهن الرجال فلن يهابا()

والروايات تحذرنا من هذه الصفات السلبية في تقويم الآخرين ومعاشرتهم، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «طوبي لمن شغله عيبه عن عيوب الناس» ().

وورد عنه عليه السلام: «ضع أَمر أَخيك علي أَحسنه حتي يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءً وأنت تجد لها في الخير محملا» ().

لذا فإن من اللازم علي المصلحين والأخيار في المجتمع الاشتغال بتهذيب نفوسهم والستر علي عيوب الناس إلا في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فقد قال أبو عبد الله الصادق: «.. ومن ستر علي مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة».

وقال عليه السلام: «..والله في عون المؤمن ما كان المؤمن

في عون أَخيه، فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير» ().

وهؤلاء هم الذين يكسبون المحبوبية بين المجتمع ويرتقون إلي المكانة اللائقة بهم بين الناس..

التنزه عن سوء الظن

أتي مجموعة من الصحابة إلي النبي الأعظم صلي الله عليه و اله ذات يوم يشكون أحد المسلمين لارتكابه عملاً سيئاً، فقال لهم النبي صلي الله عليه و اله: «كفي بالمرء عيباً أن يبصر من الناس إلي ما يعمي عنه من نفسه، أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه» ().

وقريب من هذا المعني، قول رسول الله صلي الله عليه و اله:

«لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» ().

إذن، فليكن فكر الإنسان ونظرته إلي الأمور وأعماله أيضاً وعلي جميع المستويات منزهة من سوء الظن وسيئاته.

وإذا وفق الإنسان لهذا فسيرضي الله عنه ويجعله موضع تقدير واحترام الناس كما قال عزوجل: ?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ?().

فإن الله سبحانه وتعالي في هذه الآية المباركة يثير في النبي صلي الله عليه و اله عاطفته الكامنة نحو المؤمنين حتي يعفو عن عملهم في معركة أحد؛ حيث تخلوا عن مواقعهم التي عينهم الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله فيها حتي سيطر المشركون علي المعركة وفعلوا تلك الأفاعيل بالنبي صلي الله عليه و اله وأصحابه من جرح وقتل وتمثيل، فيقول الله عزوجل: يا أيها النبي إن لينك ومداراتك الناس هي رحمة من رب العالمين وهبها لك لكي يلتف الناس حولك ويهتدوا بهديك ?وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ?() أي كنت جاف اللسان، قاسي القلب لتناثر الناس من حولك وابتعدوا عنك، وغلظة القلب هو الذي لا يلين ولا يحنو، وإنما جمعت الفظاظة مع الغلظة مع انهما متقاربتان؛ لأن

الفظاظة تكون في الكلام والغلظة في القلب والآية الكريمة نفت الجفاء عن لسان النبي الأعظم صلي الله عليه و اله والقسوة عن قلبه().

لا تكن متكبراً

كما يلزم علي الإنسان أن لا يكون متكبراً ومتفاخراً علي الآخرين؛ لأن ذلك من أسوأ الأخلاق التي تحطم الإنسان في الدنيا والآخرة، إذ أن التكبر علي الناس يصغر الإنسان في أنظار الآخرين ويبتعد بذلك عن رحمة الله عزوجل، فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أمقت الناس المتكبر» ().

قال الإمام الكاظم عليه السلام: «طوبي للمتواضعين في الدنيا، أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة وقال عليه السلام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار؛ لأن الله تعالي جعل التواضع آلة العقل، وجعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلي السقف برأسه شجه، ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه، فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، ومن تواضع لله رفعه إلي أن قال عليه السلام واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم، ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده» () الخبر.

ويعد التكبر من الرذائل الأخلاقية ذي الأضرار النفسية والاجتماعية الخطيرة؛ وقد وردت الآيات والروايات متشددة في ذمه، فقد قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «إياك والكبر؛ فإنه أعظم الذنوب وألأم العيوب، وهو حلية إبليس» ().

وقال عليه السلام: «عجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غداً جيفة» ().

وقال عليه السلام أيضاً: «فالله الله عباد الله، أن تتردوا رداء الكبر؛ فإن الكبر مصيدة إبليس العظمي التي يساور بها القلوب مساورة السموم القاتلة» ().

وقال شخص لرسول الله صلي الله عليه و اله: أنا فلان بن فلان إلي أن عدّ

تسعة، فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: «أما إنك عاشرهم في النار» ().

لأنه كان يتفاخر ويتكبر علي الناس بحسبه ونسبه.

ومن هذا يبدو أن التفاخر والتكبر علي الآخرين من الخصال المهلكة للإنسان التي رفضها الإسلام بشدة، فقال تبارك وتعالي: ?وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ?().

وقال عزوجل في آية أخري: ?وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً?().

أي: لا تمش في الناس مشي الاشر والبطر والخيلاء والتكبر.. فانت لن تخرق الأرض، وهذا مثل ضربه الله تعالي، قال: إنك أيها الإنسان لن تشق الأرض من تحت قدمك بكبرك، ولن تبلغ الجبال بتطاولك،.. فعلام التكبر والتعالي علي الناس؟

وإنما قال ذلك لأن من الناس من يمشي في الأرض بطراً يدق قدميه عليها؛ ليري بذلك قدرته وقوته، ويرفع رأسه وعنقه، فبين سبحانه أنّه ضعيف مهين لا يقدر أن يخرق الأرض بدق قدميه عليها حتي ينتهي إلي آخرها، وأن طوله لا يبلغ طول الجبال وإن كان طويلاً، يريد الله سبحانه أن يعلم عباده التواضع والمروءة والوقار في كل سلوكهم وأعمالهم لا في المشي فقط؛ وإنما ضرب مثلاً في المشي لأنه من المصاديق البارزة التي يستدل بها علي الإنسان المتكبر والمتواضع()..

وإذا ظهر الكبر في أي عمل من أعمال الإنسان يكون مهلكاً، ومن هنا جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في الغرر: «إياك والتجبر علي عباد الله فإن كل متجبر يقصمه الله» ().

وقال عليه السلام: «الكبر خليقة مردية من تكثر بها قل» ().

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: «ما دخل قلب أحد شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من

ذلك قل ذلك أو كثر» ().

التواضع كرامة

من هنا يلزم أن يكون الإنسان ذا أخلاق رفيعة وسلوك لين وقلب عطوف وجوارح متواضعة، وقد ورد في بعض الأدعية الواردة عن الأئمة عليهم السلام: «اللهم ارزقني فيه رحمة الأيتام واطعام الطعام وافشاء السلام» ().

لأنها جميعاً من صفات المتواضعين العطوفين الذين يحبون الخير للجميع..

إن من صفات المتواضعين السبق بالسلام، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «للسلام سبعون حسنة، تسعة وستون حسنة للمبتدئ وواحدة للرادّ» ().

وهذه من صفات النبي الأعظم صلي الله عليه و اله، فإنه كان يسبق الآخرين بالسلام، وكان يسلم حتي علي الأطفال، مما يدل علي شدة تواضعه، فقد قال صلي الله عليه و اله: «خمس لا أدعهن حتي الممات: الأكل علي الحضيض مع العبيد، وركوبي الحمار مؤكفاً، وحلبي العنز بيدي، ولبُسُ الصوف، والتسليم علي الصبيان؛ لتكون سنة من بعدي» ().

وروي عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله صلي الله عليه و اله مرّ علي صبيان فسلم عليهم وهو مغذّ().

وروي: أنه صلي الله عليه و اله كان يأكل كل الأصناف من الطعام، وكان يأكل ما أحلّ الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا، ومع من يدعوه من المسلمين علي الأرض، وعلي ما أكلوا عليه وما أكلوا، إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه().

وقال صلي الله عليه و اله: «إن أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون وهم المستكبرون» ().

المصافحة عند أهل البيت عليهم السلام

وقال الإمام الصادق عليه السلام في أخلاقيات الرسول صلي الله عليه و اله: «ما صافح رسول الله صلي الله عليه و اله رجلاً قط فنزع يده حتي يكون هو الذي ينزع يده منه» ().

وروي في ثواب المصافحة عن أبي جعفر عليه

السلام قال: «إن المؤمنين إذا التقيا وتصافحا أدخل الله يده بين أيديهما فصافح أشهدهما حباً لصاحبه» (). وهذا كناية عن كثرة ثواب الله ورحمته.

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه وليصافحه؛ فإن الله عزوجل أكرم بذلك الملائكة، فاصنعوا صنع الملائكة» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح وإذا تفارقتم فتفرقوا بالاستغفار» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «لقي النبي صلي الله عليه و اله حذيفة فمد النبي صلي الله عليه و اله يده، فكف حذيفة يده! فقال النبي صلي الله عليه و اله: يا حذيفة، بسطت يدي إليك فكففت يدك عني؟!

فقال حذيفة: يا رسول الله، بيدك الرغبة، ولكني كنت جنباً فلم أحب أن تمس يدي يدك وأنا جنب.

فقال النبي صلي الله عليه و اله: أما تعلم أن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر» ().

وقال أبو عبيدة: كنت زميل أبي جعفر عليه السلام وكنت أبدأ بالركوب ثم يركب هو، فإذا استوينا سلم وساءل مساءلة رجل لا عهد له بصاحبه وصافح.

قال: وكان إذا نزل نزل قبلي، فإذا استويت أنا وهو علي الأرض سلم وساءل مساءلة من لا عهد له بصاحبه.

فقلت: يا ابن رسول الله، إنك لتفعل شيئاً ما يفعله أحد من قبلنا، وإن فعل مرة فكثير؟!

فقال عليه السلام: «أما علمت ما في المصافحة، إن المؤمنين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه فلا تزال الذنوب تتحات عنهما كما يتحات الورق عن الشجر، والله ينظر إليها حتي يفترقا» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام أيضاً قال: «إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل الله عزوجل يده بين أيديهما، وأقبل بوجهه علي أشدهما حباً لصاحبه، فإذا أقبل الله

عزوجل بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذنوب كما يتحات الورق من الشجر» ().

وعن أبي عبيدة الحذاء قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام في شق محمل من المدينة إلي مكة فنزل في بعض الطريق، إلي أن قال عاد وقال عليه السلام: «هات يدك يا أبا عبيدة».

فناولته يدي، فغمزها حتي وجدت الأذي في أصابعي، ثم قال: «يا أبا عبيدة، ما من مسلم لقي أخاه المسلم فصافحه وشبك أصابعه في أصابعه إلا تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق من الشجر في اليوم الشاتي» ().

وفي رواية أخري عن أبي حمزة قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام فحططنا الرحل ثم مشي قليلاً، ثم جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزةً شديدةً، فقلت: جعلت فداك، أو ما كنت معك في المحمل؟!

فقال: «أما علمت أن المؤمن إذا جال جولةً، ثم أخذ بيد أخيه نظر الله إليهما بوجهه، فلم يزل مقبلاً عليهما بوجهه، ويقول للذنوب: تحات عنهما، فتتحات يا أبا حمزة كما يتحات الورق عن الشجر، فيفترقان وما عليهما من ذنب» ().

وسئل أبو عبد الله الصادق عليه السلام عن حد المصافحة؟

فقال: «دور نخلة» ().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «ينبغي للمؤمنين إذا تواري أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا» ().

وكان المسلمون يحافظون علي هذه الآداب والأخلاق حتي في حالة الحرب، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان المسلمون إذا غزوا مع رسول الله صلي الله عليه و اله ومروا بمكان كثير الشجر ثم خرجوا إلي الفضاء نظر بعضهم إلي بعض فتصافحوا» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة» ().

بل كانوا ينهون عن كل ما يعارض الأخلاق الكريمة، فقد روي عن إسحاق بن عمار قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه

السلام فنظر إلي بوجه قاطب، فقلت: ما الذي غيرك لي؟

قال: «الذي غيرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بواباً يرد عنك فقراء الشيعة».

فقلت: جعلت فداك، إني خفت الشهرة.

فقال: «أفلا خفت البلية، أو ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عزوجل الرحمة عليهما، فكانت تسعة وتسعون لأشدهما حباً لصاحبه، فإذا تواقفا غمرتهما الرحمة، وإذا قعدا يتحدثان قالت الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا فلعل لهما سراً، وقد ستر الله عليهما».

فقلت: أليس الله عز وجل يقول: ?مَا يلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ?().

فقال: «يا إسحاق، إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويري» ().

هذا مضافاً إلي أن رسول الله صلي الله عليه و اله كان يقدم كلتا يديه للمصافحة، بينما نجد أن المتكبرين يتثاقلون حتي من مد يد واحدة للمصافحة.

نعم، إن النبي صلي الله عليه و اله وأهل بيته عليهم السلام كانوا رحمة متجسدة للعالمين في أقوالهم وأفعالهم وأخلاقهم (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين). تطبيقاً لما قاله صلي الله عليه و اله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ().

فهذه السيرة العظيمة التي أدت إلي أن يؤمن به وسيؤمن به ويلتزم بدينه ويلتف حوله الملايين بل المليارات من البشر مع مرور حوالي أكثر من (15) قرناً علي بعثته المباركة، بل ويجعله موضع إعجاب واحترام وتقدير حتي من غير المسلمين.

أخلاق رسول الله صلي الله عليه و اله

سأل رجل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ان يصف له أخلاق رسول الله صلي الله عليه و اله.

فقال له الإمام عليه السلام: «إن أحصيت لي نعم الدنيا سأعدد لك الأخلاق الحسنة لرسول الله صلي الله عليه و اله!».

فقال الرجل: كيف يمكن احصاء نعم الله في الدنيا وقد قال سبحانه وتعالي: ?وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ

تُحْصُوهَا?()؟.

فقال له الإمام عليه السلام: «أنت لا تستطيع احصاء نعم الله في الدنيا مع أنها قليلة عند الله، وقد قال سبحانه وتعالي: ?قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ?() فكيف تريد أن أحصي لك أخلاق رسول الله صلي الله عليه و اله الحسنة وقد قال عزوجل: ?إِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ?().؟!

وقد ورد في تفسير: ?إِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ? أن النبي صلي الله عليه و اله كلما آذاه الكفار من قومه قال: «اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون» ().

نعم، إنَّ رسول الله صلي الله عليه و اله كان مثالاً للأخلاق الحسنة وقد اجتمعت عنده كل خصال الخير والرحمة الإنسانية..

تواضع سيد الشهداء عليه السلام

وكما كان رسول الله صلي الله عليه و اله قمة وقدوة في كل الفضائل والكمالات كذلك كان أهل البيت عليهم السلام الأفضل في كل الكمالات والفضائل فقد كانوا جميعاً أفضل قدوة وأسوة في التواضع والخلق العظيم.

فقد روي عن مسعدة قال: مر الحسين بن علي ? بمساكين قد بسطوا كساءً لهم، فألقوا عليه كسراً، فقالوا: هلم يا ابن رسول الله صلي الله عليه و اله (فثني ونزل) ثم تلا: ?إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ?() ثم قال: «قد أجبتكم فأجيبوني».

قالوا: نعم يا ابن رسول الله، وقاموا معه عليه السلام حتي أتوا منزله.

فقال للجارية: «أخرجي ما كنت تدخرين» ().

تواضع سلمان الفارسي

لما جُعل سلمان الفارسي واليا علي المدائن، ركب حماره وعزم علي السفر إليها لوحده. ولما وصل الخبر لأهل المدائن، هرعوا لاستقباله خارج المدينة، وبعد أن طوي المسافة وهو شيخ كبير وكان يمتطي حمارا له، أصبح وجها لوجه مع مستقبليه من أهل المدائن.

فسألوه: أيها الشيخ! أين وجدت أميرنا؟

قال: من هو أميركم؟

قالوا: سلمان الفارسي من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله.

قال: أنا سلمان ولست بأمير.

فارتجل الناس إكراما وإجلالاً له، وقدموا له من الخيول الأصيلة لركوبه.

فقال: ركوب هذا الحمار افضل عندي ومناسب لشأني.

ولما وصل المدينة أرادوا أن يأخذوه إلي دار الإمارة.

فقال لهم: أنا لست بأمير حتي اذهب لدار الإمارة، فاستأجر دكانا في السوق، يدير أمور الدين والدنيا منه، وكان ما يملكه من الأثاث: وسادة، وإناء ماء، وعصا().

التواضع الاجتماعي

ينبغي لجميع أفراد المجتمع أن يتصفوا بالتواضع أخذاً من الكاسب والفلاح والمهندس والدكتور والساسة والعلماء وجميع طبقات المجتمع. فاذا ارتسمت هذه الصفة بين أصناف المجتمع سيسمي ذلك المجتمع بالمجتمع الصالح.

ذات يوم وقف رجل علي باب دار النبي صلي الله عليه و اله ودق الباب، فسأل النبي صلي الله عليه و اله: «من الطارق؟».

فأجاب الرجل بتكبر: أنا!

ثم خرج النبي صلي الله عليه و اله قائلاً: من الذي يقول (أنا) بينما يقول الله سبحانه وتعالي (أنا الجبار، انا القهار، أنا الخالق)، ثم قال صلي الله عليه و اله: ان لكل إنسان سلسلتين في رأسه يقبض عليهما ملكان، إحدي السلسلتين ترتبط بالعرش والأخري في أسفل الأرض، فإذا تواضع الإنسان يأمر الله سبحانه وتعالي أحد ملكيه أن يرفع المتواضع بين الناس ليصل العرش وإذا تكبر يأمر سبحانه وتعالي الملك الآخر أن يخفض به حتي يصل تحت الأرض().

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد

الله عليه السلام قال: سمعته يقول: «إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن تكبر وضعاه» ().

والإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «التواضع يرفع، التكبر يضع» ().

وقال عليه السلام: «أعظم الناس رفعة من وضع نفسه» ().

التواضع في التعليم

من الآداب والأخلاق التي يؤكد عليها الدين الإسلامي الحنيف تواضع التلميذ المتعلم لأستاذه والأستاذ بالنسبة إلي تلميذه، فعن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم» ().

وسبب ذلك واضح؛ إذ إن التلميذ يقتدي باستاذه ويتلقي صفاته عادة، فإذا كان الأستاذ متواضعاً وحسن الخلق فإن التلميذ يحذو حذوه في تواضعه وستنعكس فيه خصاله وطبائعه..

روي عن أبي عبد الله عليه السلام أيضاً قال: «قال عيسي ابن مريم عليه السلام للحواريين: لي إليكم حاجة، اقضوها لي.

فقالوا: قضيت حاجتك يا روح الله. فقام فغسل أقدامهم.

فقالوا: كنا أحق بهذا منك؟

فقال: إن أحق الناس بالخدمة العالم؛ إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثم قال عيسي عليه السلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل» ().

نماذج من المتواضعين

تواضع الإمام الرضا عليه السلام

روي عن البزنطي في حديث فقال: ثم قلت له: يا ابن رسول الله، أشتهي أن تدعوني إلي دارك في أوقات تعلم أنه لا مفسدة لنا من الدخول عليكم من أيدي الأعداء.

قال: ثم إنّه بعث إلي مركوباً في آخر يوم، فخرجت وصليت معه العشاءين، وقعد يملي علي العلوم ابتداء، وأسأله فيجيبني، إلي أن مضي كثير من الليل، ثم قال للغلام: «هات الثياب التي أنام فيها لينام أحمد البزنطي فيها».

قال: فخطر ببالي ليس في الدنيا من هو أحسن حالا مني، بعث الإمام عليه السلام مركوبه إلي، وجاء وقعد إليّ، ثم أمر لي بهذا الإكرام، وكان عليه السلام قد اتكأ علي يديه لينهض فجلس وقال: «يا أحمد، لاتفخر علي أصحابك

بذلك، فإن صعصعة بن صوحان مرض فعاده أمير المؤمنين عليه السلام وأكرمه ووضع يده علي جبهته، وجعل يلاطفه، فلما أراد النهوض قال: يا صعصعة، لا تفخر علي إخوانك بما فعلت؛ فإني إنما فعلت جميع ذلك لأنّه كان تكليفا لي» ().

أي لا تقل لهم: إنّ الإمام عليه السلام هو بنفسه هيأ لي وسائل المنام؛ فإني قمت بهذا العمل لأخدم أخاً في الدين، وفي الوقت نفسه يحذره (صلوات الله وسلامه عليه) من التكبر والتفاخر علي إخوانه.

الطبيب المتواضع

كان في النجف الأشرف طبيبان: أحدهما اسمه الميرزا محمد حسن شفائي، والآخر الحاج ميرزا علي، وكانا متدينين ومتواضعين جداً، وقنوعين أيضاً، لحد أنه لو كان المريض المراجع لهما لا يملك المال كانا لا يطالبانه به، ولو كان مريضهما مبتلي بمرض شديد كانا يصليان ركعتين لله سبحانه، ويسألان الله سبحانه وتعالي أن يشفيه من مرضه، ثم يشرعان في التطبيب..

وإذا لم يشخّصا المرض كانا يخبران المريض بذلك؛ ولهذا كانا محبوبين جداً عند عامة الناس.

تواضع السيد عبد الحسين شرف الدين رحمة الله عليه

نقل عن أحد أصدقائنا، أنه زار المرحوم المقدس السيد عبد الحسين شرف الدين رحمة الله عليه صاحب كتاب (المراجعات) في لبنان، وقد لمس منه رحمة الله عليهخلقاً رفيعاً وتواضعاً عجيباً، وقد كان السيد آنذاك طاعناً في السن ويشكو من آلام جسدية، ومع ذلك كان يقوم بخدمة الضيوف بنفسه، فقال صديقنا : إنه بات في إحدي الليالي في بيت المرحوم رحمة الله عليه وعند الصباح حينما قرب موعد صلاة الفجر أيقظنا السيد لإقامة صلاة الصبح، ولما جلسنا رأينا السجادة مفروشة علي الأرض، وإناء الماء مهيأ للوضوء منه.

فقلت في نفسي: لعل خادم السيد هيأ لنا الماء وفرش السجادة، ولكني بعد ذلك عرفت أن السيد هو الذي قام بهذا العمل، وذلك علي الرغم من مرضه وكبر سنّه.

وهذه الصفة الحسنة التواضع التي تجدها متجسدة أكثر الأحيان في العلماء والعظماء وانهم قد اكتسبوها عن أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث كان خلقهم التواضع دائماً ().

الناس يطلبون الإسلام

إذا تمكن المسلمون من نشر الإسلام الواقعي في جميع أنحاء العالم ذلك الإسلام الذي أتي به الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله ونشر تعاليمه للناس وظهرت حقائقه وبينما أئمة أهل البيت عليهم السلام، لأسلم أغلب الناس؛ لأن مفاهيم الإسلام من أعظم المفاهيم الانسانية التي تنسجم مع الفطرة البشرية وتلائم الميول الإنسانية، ولكن وللأسف نشر بعض المسلمين صورة سيئة للإسلام، تظهره دين شدة وعنف، وقتال واعتداء، وتزوير وكذب، وهذا ما سبب عند بعض الناس تقبلاً ضعيفاً للإسلام، بل محاولة المواجهة والمحاربة، ولكن مع كل ذلك فإن حقيقة القرآن والإسلام والرسول صلي الله عليه و اله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام هو الذي حفظ الإسلام وسبب انتشاره يوماً بعد يوم علي رغم محاولات الأعداء.

نقل عن أحد

الخطباء المرموقين أنه صعد المنبر الحسيني في أمريكا وقد حضر مجلسه آلاف المستمعين، وكانوا جميعهم مشدودين إلي ما يبيّنه من قضايا عن الإسلام، وقد اعجبوا بما ينقله لهم خلال الخطاب، حتي إنهم طلبوا منه أن يبث خطاباته عبر الاذاعة والتلفزيون في أميركا؛ لتحصل الفائدة لأكبر عدد ممكن من الناس، لما للإذاعة والتلفزيون من ميزة في النشر والتبليغ. نعم طلبوا ذلك لما وجدوا في هذه المحاضرات والمجالس من مفاهيم رفيعة وسامية يميل إليها كل إنسان سوي طيب الفطرة، فضلاً عن المسلم.

نعم، إن العالم متعطش لمعارف الإسلام وأحكامه ومناهجه، ولكن مع الأسف نحن لم نهتم كثيراً لإيصال صورته الناصعة الحقيقية التي نشرها الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله وتابعه عليها الأئمة من أهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) إلي العالم وتنويرهم بمعارفه من أجل أن نعرِّف الإسلام الحقيقي للناس.

علي أننا قبل هذا وذاك يجب علينا أن نتحلي بالإخلاص في أهدافنا وأعمالنا أولاً، كي يطمئن الناس إلينا ولكي يوفقنا الله عزوجل ويسدد خطانا، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «جماع الدين في إخلاص العمل، وتقصير الأمل، وبذل الاحسان، والكف عن القبيح» ().

فلو لم يكن الإخلاص لم يثمر العمل، لأن الإنسان المخلص هو الذي يستهوي الآخرين ويتمكن من التأثير فيهم وهو الذي ينصره الباري تعالي.. فإنه وكما قال عليه السلام: «عند تحقق الاخلاص تستنير البصائر» ().

إخلاص الإمام الحسين عليه السلام

من الذين ثاروا في وجه الطاغية يزيد نفران، أحدهما عبد الله بن الزبير()، والآخر الإمام الحسين عليه السلام، وكلاهما قتلا علي يد جلاوزة بني أمية، ولكنا نجد فرقاً شاسعاً بين قيام عبد الله بن الزبير، وبين نهضة الإمام الحسين عليه السلام حيث إن ثورة ابن الزبير كانت من أجل الرئاسة والحكم ولم

تتسم بالإخلاص إلي الله والإسلام والمسلمين لذا نجد أنّها لم تخلد وقد ضاعت بين طيات التأريخ.

ولكن ثورة الإمام الحسين عليه السلام لإتصافها بالإخلاص بقيت متأججة وستبقي هكذا طوال السنين، تتناقلها القلوب والألسن ويجدد ذكراها الناس في كل عام بلا أن يملوا أو يفتروا عن ذلك أبداً؛ لأنها كانت لله وفي سبيل الله، والشيء الذي يبذل في سبيل الله يحييه الله تبارك وتعالي وينميه، فان ما كان لله ينمو وما كان للدنيا يخبو..

قال الإمام الحسين عليه السلام: «لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلي الله عليه و اله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولي بالحق، ومن رد عليَّ هذا أصبر حتي يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ?وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ?» ().

هذا وفي الآية الشريفة: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً?() والمضارع تدل علي الثبات والدوام، و?سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً? أي سيحيطهم بالمودة والحب، ففي الدنيا يحبهم الناس، وفي الآخرة يحاطون بود الله سبحانه لهم، وود الملائكة إياهم، وود الشفعاء والأنبياء والأئمة لهم، وهل يستوحش ومن يحاط بمثل هذا الود؟

وما ورد في أن المراد من ?الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? هو الإمام المرتضي() فهو من باب بيان المصداق البارز، وإلا فالرسول، والأئمة والصديقة الطاهرة (صلوات الله عليهم أجمعين) والمؤمنون كلهم داخلون في هذا العموم().

إخلاص المسلمين الأوائل

إن من أهم العوامل التي سببت انتشار الإسلام بسرعة في صدر الرسالة هو ما كان يتمتع به المسلمون الأوائل من إخلاص وحب لدينهم وعقيدتهم؛ لأنهم وبما كانوا يتمتعون به من إخلاص، وتوجه إلي الله

والدين، كانوا يؤثرون في قلوب الناس مباشرة ويدخلون في نفوسهم الإيمان.

حيث ينقل أنهم في الوقت الذي كانوا يتعاملون في الأسواق ويبيعون ويشترون فما أن يؤذن المؤذن للصلاة تراهم يتركون التعامل ويتراكضون نحو المسجد ليحضروا صلاة الجماعة، حباً لله ولرسوله صلي الله عليه و اله.

وفي إحدي حروب المسلمين حينما انتصروا علي أعدائهم عادوا بالأسري والغنائم إلي ديارهم بواسطة السفن فاستفسر أحد الأسري من أحد المسلمين قائلاً: ما هو الإسلام وماذا يقول؟

فأجابه المسلم: إنّ الإسلام يقول: إنَّ هناك خالقاً للكون هو الله سبحانه وتعالي، الذي ?لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ? وهو يعلم كل شيء ثم تلا عليه هذه الآية: ?هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ?() وفسرها له.. فسكت الأسير.

وفي الليل شاهدوا الأسير راقداً ولم ينم فدنا منه أحد المسلمين وسأله: لمَ لا تنام؟

فقال الأسير: كيف أنام والله يقظ ويراني وينظر إلي أعمالي.

واستمر هذا الأسير ثلاثة أيام علي تلك الحالة ولم ينم لحظة واحدة حتي مات من شدة خوفه من الله عزوجل بعد أن تلقي درس الإيمان والإخلاص، وقد أصبح بعمله هذا من مصاديق الآية الشريفة: ? إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَي رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ?().

وأخيراً نؤكد علي ضرورة التحلي بمكارم الأخلاق والتأسي برسول الله صلي الله عليه و اله وأهل بيته الطاهرين في ذلك، وإذا جعلنا أعمالنا متصفة بالإخلاص وأصبحنا نخاف الله عزوجل، وعرفنا أنه تعالي ينظر إلي جميع ما يصدر عنا من عمل وقول وحتي نية، آنذاك سنتمكن من أن نعرض الإسلام للعالم بصورته الحقيقية اللامعة، ونتمكن من إخراج الملايين من الناس إلي عالم النور والهدي..

اللهم صل علي محمد

وآله، وبلغ بإيماني أكمل الإيمان، واجعل يقيني أفضل اليقين، وانته بنيتي إلي أحسن النيات، وبعملي إلي أحسن الأعمال. اللهم وفر بلطفك نيتي، وصحح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسد مني. اللهم صل علي محمد وآله، … وأعزني ولا تبتليني بالكبر، وعبّدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجر للناس علي يدي الخير ولا تمحقه بالمن، وهب لي معالي الأخلاق، واعصمني من الفخر. اللهم صل علي محمد وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزا ظاهرا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها().

من هدي القرآن الحكيم

حسن الخلق

قال تعالي: ?وَإِنَّكَ لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ?().

وقال سبحانه: ?خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ?().

وقال عزوجل: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ?().

وقال جل وعلا: ?فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ?().

ثمرة مكارم الأخلاق

قال تعالي: ?وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بما تعملون بصير?().

وقال سبحانه: ?وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَ ابْتِغَاء وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ?().

وقال عزوجل: ?وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون?().

وقال عزوجل: ?يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً?().

وقال جل وعلا: ?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ?().

صفات الأخيار

قال سبحانه وتعالي: ?الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا يَنْقُضُونَ الْمِيثاق ? والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ ? وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ

أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَي الدَّارِ ? جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ? سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي الدَّارِ?().

وقال تعالي: ?الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ولله عاقبة الأمور?().

وقال سبحانه: ?وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً ? وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً?().

وقال جل وعلا: ? يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ? وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً?().

مساوئ الأخلاق

قال تعالي: ?وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ?().

من هدي السنة المطهرة

من هدي السنة المطهرة

ماذا يعني حسن الخلق؟

قال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «ألا أنبئكم بخياركم»؟

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «إن أحبكم إليّ وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً أحسنكم خلقاً، وأشدكم تواضعاً، وان أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون وهم المستكبرون» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أطهر الناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً» ().

وسئل الإمام الصادق عليه السلام: ما حد حسن الخلق؟ قال عليه السلام: «تلين جانبك وتطيب كلامك وتلقي أخاك ببشر حسن» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوي الله وحسن الخلق» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «ما يقدم المؤمن علي الله عزوجل بعمل بعد الفرائض أحب إلي الله تعالي من أن يسع الناس بخلقه» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق» ().

ثمرة الأخلاق الحسنة

عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلي الله

عليه و اله أنه قال له: «يا علي، أوصيك بوصيةٍ فاحفظها فلا تزال بخير ما حفظت وصيتي» إلي أن قال: «ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقاً؟

قال: بلي يا رسول الله.

قال: أحسنكم خلقاً وأعظمكم حلماً وأبرَّكم بقرابته وأشدكم من نفسه انصافاً» ().

وقال صلي الله عليه و اله أيضاً: «الأخلاق منائح من الله عزوجل، فإذا أحبّ عبداً منحه خلقاً حسناً، وإذا أبغض عبداً منحه خلقاً سيئاً» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «روّضوا أنفسكم علي الأخلاق الحسنة، فإن العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم» ().

وقال عليه السلام: «لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشي ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فانها مما تدل علي سبيل النجاح» فقال رجل: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله صلي الله عليه و اله؟ قال: «نعم وما هو خير منه، لما أتانا سبايا طيٍّ فإذا فيها جارية إلي أن قال عليه السلام: فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب؛ فإني ابنة سيد قومي، كان أبي يفك العاني ويحمي الذمار ويقري الضيف ويشبع الجائع ويكسي المعدوم ويفرّج عن المكروب، أنا ابنة حاتم طي.

فقال صلي الله عليه و اله: خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.

فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟

فقال صلي الله عليه و اله: يا أبا بردة، لا يدخل الجنة أحداً إلا بحسن الخلق» ().

وقال عليه السلام: «اصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد، واستشعروا الحمد يؤنس بكم العقلاء، ودعوا الفضول يجانبكم السفهاء، وأكرموا الجليس تعمر ناديكم، وحاموا عن الخليط يرغب في جواركم، وأنصفوا الناس من أنفسكم يوثق بكم، وعليكم بمكارم الأخلاق

فإنها رفعة، وإياكم والأخلاق الدنية فانها تضع الشريف وتهدم المجد» ().

وقال عليه السلام: «حسن الخلق خير قرين، وعنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه» ().

وقال عليه السلام: «حسن الأخلاق يدر الأرزاق ويؤنس الرفاق» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» ().

وقال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «حسن الخلق يثبت المودة» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من حسن خلقه كثر محبوه وآنست النفوس به» ().

وقال لقمان عليه السلام لابنه: «يا بني إياك والضجر وسوء الخلق» إلي أن قال: «وحسّن مع جميع الناس خلقك، يا بني إن عدمك ما تصل به قرابتك، وتتفضل به علي اخوانك فلا يعدمنك حسن الخلق وبسط البشر؛ فإنه من أحسن خلقه أحبّه الأخيار وجانبه الفجار» () الخبر.

نحو مكارم الأخلاق

قال الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله: «عليكم بمكارم الأخلاق؛ فإن الله عزوجل بعثني بها، وإنَّ من مكارم الأخلاق: أن يعفو الرجل عمَّن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وأن يعود من لا يعوده» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «جعل الله سبحانه مكارم الأخلاق صلة بينه وبين عباده، فحسب أحدكم أن يتمسك بخلق متصل بالله» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «يا كميل، مر أهلك أن يروحوا في كسب المكارم، ويدلجوا في حاجة من هو نائم؛ فوالذي وسع سمعه الأصوات، ما من عبد أودع قلباً سروراً إلا وخلق الله من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة جري إليها كالماء في انحداره حتي يطردها عنه، كما تطرد غريبة الإبل عن حياضها» ().

وقال عليه السلام: «أحسن الأخلاق ما حملك علي المكارم» ().

مساوئ سوء الخلق

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد

الخل العسل» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «أبي الله لصاحب الخلق السيئ بالتوبة».

فقيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟

قال: «لأنه إذا تاب عن ذنب وقع في ذنب أعظم من الذنب الذي تاب منه» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس» ().

وقال عليه السلام: «سوء الخلق يوحش النفس ويرفع الأنس» ().

وقال عليه السلام: «سوء الخلق يوحش القريب وينفر البعيد» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «قال لقمان لابنه: يا بني إياك والضجر وسوء الخلق وقلة الصبر؛ فلا يستقيم علي هذه الخصال صاحب، والزم نفسك التؤدة في أمورك، وصبّر علي مؤونات الإخوان نفسك، وحسّن مع جميع الناس خلقك» ().

وسئل النبي الأعظم صلي الله عليه و اله عن الشؤم؟ فقال صلي الله عليه و اله: «سوء الخلق» ().

وسئل أمير المؤمنين عليه السلام عن أدون الناس غماً؟ قال عليه السلام: «أسوؤهم خلقاً» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «الخلق السيئ أحد العذابين» ().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: «خصلتان لا تجتمعان في مسلم: البخل وسوء الخلق» ().

وقيل لرسول الله صلي الله عليه و اله: إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل، وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال صلي الله عليه و اله: «لا خير فيها، هي من أهل النار» ().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «من ساء خلقه عذّب نفسه» ().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «من ساء خلقه ملَّه أهله» ().

وقال عليه السلام: «من ساء خلقه أعوزه الصديق والرفيق» ().

وعنه عليه السلام أيضاً: «السيئ الخلق كثير الطيش منغص العيش» ().

وقال الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله: «ألا أخبركم بأبعدكم مني شبهاً»؟

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: «الفاحش المتفحش، البذيء البخيل، المختال الحقود، الحسود القاسي القلب،

البعيد من كل خير يرجي، غير المأمون من كل شر يتقي» ().

وقال صلي الله عليه و اله: «وسوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه، والزمام بيد الشيطان يجره إلي الشر، والشر يجره إلي النار» ().

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة آل عمران: 159.

() مكارم الأخلاق: ص8 المقدمة.

() الإرب الحاجة المهمة، يقال: ما إربك إلي هذا الأمر، أي: ما حاجتك إليه، انظر كتاب العين: ج8 ص289 مادة «أرب».

() سورة آل عمران: 159.

() تفسير العياشي: ج1 ص203 من سورة آل عمران ح164.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص147 ب141 ح13.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص147 ب141 ح14.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص147 ب141 ح15.

() مصباح الشريعة: ص174 ب82.

() غوالي اللآلي: ج1 ص26 الفصل3 ح7.

() ديوان الإمام علي عليه السلام: ص71.

() نهج البلاغة، الخطبة 176.

() الكافي: ج2 ص362 باب التهمة وسوء الظن ح3.

() الكافي: ج2 ص200 باب تفريج كربة المؤمن ح5.

() الكافي: ج2 ص459 باب من يعيب الناس ح1.

() مكارم الأخلاق: ص17 في تواضعه وحياته صلي الله عليه و اله.

() سورة آل عمران: 159.

() سورة آل عمران: 159.

() انظر تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج4 ص58 من سورة آل عمران.

() بحار الأنوار: ج70 ص231 ب130 ح23.

() مستدرك الوسائل: ج11ص299 ب28 ضمن ح13.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص309 ق3 ب3 الفصل 6 ح7124.

() نهج البلاغة، قصار الحكم: 126.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص310 ق3 ب3 الفصل 6 ح7132.

() الكافي: ج2 ص329 باب الفخر والكبر ح5.

() سورة لقمان: 18.

() سورة الاسراء: 37.

() انظر تقريب القرآن إلي الأذهان: ج5 ص45 من سورة الإسراء.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص310 ق3 ب3 الفصل 6 ح7155.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص310 ق3 ب3

الفصل 6 ح7153.

() كشف الغمة: ج2 ص132.

() البلد الأمين: ص219 ذكر عمل السنة في شهر رمضان.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص357 ب31 ح9656.

() وسائل الشيعة: ج12 ص62 ب35 ح15651.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص364 ب34 ح9685.

() وسائل الشيعة: ج24 ص264 ب12 ح30502.

() قرب الإسناد: ج1 ص22.

() الكافي: ج2 ص182 باب المصافحة ح15.

() الكافي: ج2 ص179 باب المصافحة ح2.

() وسائل الشيعة: ج12 ص220 ب126 ح16134.

() إرشاد القلوب: ج1 ص146 ب46.

() بحار الأنوار: ج73 ص32 ب100 ح29.

() الكافي: ج2 ص179 باب المصافحة ح1.

() وسائل الشيعة: ج12 ص219 ب126 ح16133.

() الكافي: ج2 ص180 باب المصافحة ح5.

() وسائل الشيعة: ج12 ص224 ب127 ح16148.

() بحار الأنوار: ج73 ص27 ب100 ح18.

() بحار الأنوار: ج73 ص27 ب100 ح19.

() الكافي: ج2 ص181 باب المصافحة ح12.

() تحف العقول: ص360 وروي عن الإمام الصادق عليه السلام.

() سورة ق: 18.

() بحار الأنوار: ج73 ص29 ب100 ح24.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12701.

() سورة إبراهيم: 34، وسورة النحل: 18.

() سورة النساء: 77.

() سورة القلم: 4.

() نهج الحق: ص308 المبحث الخامس المطلب الرابع، دعاء النبي صلي الله عليه و اله علي معاوية.

() سورة النحل: 23.

() بحار الأنوار: ج44 ص189 ب26 ح1، وفي ج43 ص251 ب16 ح28 وردت قصة مشابهة عن الإمام الحسن عليه السلام.

() انظر كتاب (فاعتبروا يا أولي الألباب) للإمام الراحل (قده).

() أنظر الكامل في ضعفاء الرجال: ج3 ص339 وفيه: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «ما من بني آدم إلا وفي رأسه سلسلتين إحداهما في السابعة والأخري في الأرض السابعة، فإذا تواضع العبد رفعه الله بالسلسلة التي في السماء، وإذا أراد أن يرفع نفسه وضعه الله». وأنظر بحار الأنوار: ج92 ص454 خاتمة الصحيفة الأولي والثانية والثالثة.

()

الكافي: ج2 ص122 باب التواضع ح2.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص249 ق3 ب2 الفصل 2 ح5158.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص249 ق3 ب2 الفصل 2 ح5161.

() وسائل الشيعة: ج15 ص276 ب30 ح20503.

() وسائل الشيعة: ج15 ص277 ب30 ح20504.

() بحار الأنوار: ج49 ص48 ب3 ح48.

() السيد عبد الحسين شرف الدين هو الإمام السيد عبد الحسين بن شرف الدين الموسوي العاملي (1290-1377ه /1873-1957م) عالم، فقيه، مجتهد. ولد بالمشهد الكاظمي مستهل جمادي الآخرة، وأخذ الدرس علي عديد من علماء العراق، ثم قدم لبنان، ورحل إلي الحجاز ومصر ودمشق وإيران، وعاد إلي لبنان، فكان من مراجع الطائفة الشيعية الكبار، أسس الكلية الجعفرية بصور، وتوفي ببيروت في (8 جمادي الآخرة)، ونقل جثمانه الطاهر إلي العراق، فدفن بالنجف الأشرف.

من آثاره: (المراجعات) وهي أسئلة وجهها سليم البشري إلي المترجم فأجاب عليها، و(أبو هريرة)، و(الشيعة والمنار)، و(إلي المجمع العلمي العربي بدمشق)، و(الفصول المهمة في تأليف الأمة) و(النص والاجتهاد) وغيرها.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص85 ق1 ب2 الفصل 5 ح1396.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص198 ق2 ب2 الفصل 7 ح3914.

() عبد الله بن الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر، غلب علي مكة وسمي نفسه أمير المؤمنين، وكان أول أمره أنه دعي إلي نفسه في أيام يزيد بن معاوية، فأرسل إليه الحصين بن نمير، وبعد هلاك يزيد قويت شوكته في الناس، وبعد يزيد حكم مروان بن الحكم علي بلاد الشام ثم استخلف بعده ابنه عبد الملك الذي كانت نهاية عبد الله بن الزبير في حكمه، وكان عبد الله بن الزبير من المبغضين لآل البيت عليهم السلام فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام فيه: «ما زال الزبير منا أهل البيت حتي نشأ ابنه عبد

الله فأفسده». بحار الأنوار: ج34 ص289 ب34.

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «مازال الزبير منا أهل البيت حتي أدرك فرخه فنهاه عن رأيه». الخصال: ج1 ص157 باب الثلاثة ح199.

وعبد الله هو الذي حمل الزبير علي حرب الإمام علي عليه السلام في معركة الجمل، وهو الذي زين لعائشة مسيرها إلي البصرة، وكان سباباً فاحشاً يبغض بني هاشم ويلعن ويسب أمير المؤمنين عليه السلام، وقد بلغ منه أنه ترك الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه و اله في خطبته فقيل له: لم تركت الصلاة علي النبي صلي الله عليه و اله؟

فقال: إن له أهل سوء! يشرئبون لذكره، ويرفعون رؤوسهم إذا سمعوا به.

وبعدما قتل مصعب بن الزبير علي يد عبد الملك بن مروان ندب الناس لقتال عبد الله بن الزبير، فوجه إليه الحجاج بن يوسف الثقفي فتقاتلوا قتالاً شديداً، ووجه الحجاج المجانيق يضرب بها بيت الله الذي تحصن فيه ابن الزبير، فلم يزل يرميه بالمنجنيق حتي هدم البيت، فظفر بابن الزبير فقتله وصلبه بالتنعيم سنة (73ه). انظر تاريخ اليعقوبي: ج2 ص267 أيام مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير.

() بحار الأنوار: ج44 ص329 ب37.

() سورة مريم: 96.

() فقد جاء في تفسير فرات الكوفي: ص250 من سورة مريم ح252 و250 عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلي الله عليه و اله لعلي عليه السلام: «يا أبا الحسن، قل: اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك وداً، واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة» فنزلت هذه الآية: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً? قال: لا تلقي رجلاً إلا وفي قلبه حب لعلي بن أبي طالب».

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه

و اله لعلي بن أبي طالب: يا علي، قل: اللهم اجعل لي عندك عهداً وفي صدور المؤمنين وداً، قال: فأنزل الله عزوجل ذكره: ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً?».

() انظر تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج16 ص79 سورة مريم.

() سورة الحشر: 23.

() سورة الأنفال: 2.

() الصحيفة السجادية، من دعائه عليه السلام في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.

() سورة القلم: 4.

() سورة الأعراف: 199.

() سورة الحجرات: 10.

() سورة الحجر: 85.

() سورة البقرة: 110.

() سورة البقرة: 272.

() سورة الأنفال: 60.

() سورة آل عمران: 30.

() سورة فصلت: 30.

() سورة الرعد: 20-24.

() سورة الحج: 41.

() سورة الفرقان: 63 -64.

() سورة الدهر: 7-8.

() سورة الرعد: 25.

() بحار الأنوار: ج68 ص396 ب92 ح76.

() وسائل الشيعة: ج15 ص378 ب58 ح20797.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص254 ق3 ب2 الفصل 2 ح5347..

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص412 باب النوادر ح5897.

() الكافي: ج2 ص100 باب حسن الخلق ح6.

() الكافي: ج1 ص100 باب حسن الخلق ح4.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص254 ق3 ب2 الفصل 2 ح5358.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص370 باب النوادر.

() مستدرك وسائل الشيعة: ج11 ص193 ب6 ح12720.

() الخصال: ج2 ص621 أبواب الثمانين، علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب..

() مستدرك الوسائل: ج11 ص193 ب6 ح12721.

() تحف العقول: ص215 باب ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() تحف العقول: ص200 باب ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، ما روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص255 ق3 ب2 الفصل 2 ح5382.

() الكافي: ج2 ص100 باب حسن الخلق ح8.

() تحف العقول: ص45

ما روي عن النبي صلي الله عليه و اله في قصار المعاني.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص255 ق3 ب2 الفصل 2 ح5375.

() مستدرك الوسائل: ج8 ص449 ب87 ح9966.

() مستدرك الوسائل: ج11 ص191 ب11 ح12715.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص122.

() وسائل الشيعة: ج16 ص354 ب24 ح21747.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص254 ق3 ب2 الفصل 2 ح5350.

() وسائل الشيعة: ج12 ص152 ب104 ح15921.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص75 ب69 ح13550.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب2 الفصل 3 ح5702.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب2 الفصل 3 ح5703.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب2 الفصل 3 ح5709.

() قصص الأنبياء للراوندي: ص19 ب10 فصل 5 ح244.

() إرشاد القلوب: ج1 ص134 ب42.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص76 ب69 ح13556.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب2 الفصل 3 ح5701.

() الخصال: ج1 ص75 باب الاثنين ح117.

() تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج1 باب العتاب ص90.

() الكافي: ج2 ص321 باب سوء الخلق ح4.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب3 الفصل 3 ح5715.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص265 ق3 ب3 الفصل 3 ح5717.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص264 ق3 ب3 الفصل 3 ح5708.

() وسائل الشيعة: ج15 ص341 ب49 ح20691.

() مستدرك الوسائل: ج12 ص76 ب69 ح13555.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.