التواصي والمواساة طريقا الإصلاح

اشارة

اسم الكتاب: التواصي والمواساة طريقا الإصلاح

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

يمثل الإصلاح قوام الرسالات الإلهية، فهي إنما جاءت لإصلاح البشر وهديهم إلي الطريق القويم الذي يؤمّن للإنسان سبل العيش الآمن في الدارين. والأنبياء وأوصياؤهم (صلوات الله عليهم أجمعين) هم أفضل من قام بهذه المهمة، ولولاهم لما عرف البشر سبيل الخير من الشر. والأمم والأفراد بحاجة ماسة إلي الإصلاح وهديها وإرشادها إلي الطريق القويم، فلولا ذلك لما حصل هذا المقدار من التقدم والتطور الحاصل في الحياة.

والإسلام باعتباره خاتم الرسالات وشمولية نظامه لإدارة الحياة في مختلف جوانبها، فقد تضمن الصيغة المثلي للإصلاح وحدد معالمه، وذلك برفض الظلم ومحاربة الظالمين ونصرة المظلومين، وإقامة مجتمع العدل والتوحيد، ونشر الحريات والدعوة إلي التفاضل بالتقوي والعمل، إلي غير ذلك من الوسائل والسبل التي تضمن عملية الإصلاح بصورة سلمية بعيدة عن العنف والإكراه.

كما نلاحظ أن نبي الإسلام صلي الله عليه و اله قد ألقي بعملية الإصلاح علي عاتق كافة أفراد المجتمع الإسلامي كل حسب موقعه، فقد ورد عنه صلي الله عليه و اله قوله: ?كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. فالإمام راع وهو المسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل في مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته?(). فجميع أفراد المجتمع مسئولون عما تحت أيديهم، فإذا ما رأوا خللاً أو فساداً لزمهم السعي لإصلاحه ليكونوا قد أدوا الواجب الملقي علي عاتقهم.

ولقد كان المسلمون الأوائل كذلك لا ينفكون عن ممارسة الإصلاح أبداً وذلك عبر التواصي

بالحق والتواصي بالصبر، وهو مفهوم طرحه القرآن الكريم() ليعلم المسلمون ضرورة العمل الجاد والإصلاح في (إشارة إلي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعاء إلي التوحيد والعدل، وأداء الواجبات، والاجتناب عن المقبحات)(). علماً بأن التواصي بالحق والتواصي بالصبر هو أعم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لشموله علي جملة ما يعتقد به الفرد المسلم بالإضافة إلي مطلق الترغيب والحث علي العمل الصالح، وما دين الحق إلا إتباع الحق اعتقاداً وعملاً.

ثم إن من الأمور المهمة التي تميز بها الإسلام هو التأكيد علي الإصلاح حتي في الدعاء، والطلب من الله تعالي إصلاح الفاسد من كل شيء في المجتمع الإسلامي، وكلنا يعلم ما للدعاء من أثر في تهذيب النفوس وتربيتها تربية إيمانية صالحة، فقد ورد عن النبي صلي الله عليه و اله أنه قال: ?من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان بعد المكتوبة غفر الله له ذنوبه إلي يوم القيامة، وهو: اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَي أَهْلِ الْقُبُورِ السُّرُورَ، اللَّهُمَّ أَغْنِ كُلَّ فَقِيرٍ، اللَّهُمَّ أَشْبِعْ كُلَّ جَائِعٍ، اللَّهُمَّ اكْسُ كُلَّ عُرْيَانٍ، اللَّهُمَّ اقْضِ دَيْنَ كُلِّ مَدِينٍ، اللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ، اللَّهُمَّ رُدَّ كُلَّ غَرِيبٍ، اللَّهُمَّ فُكَّ كُلَّ أَسِيرٍ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ كُلَّ فَاسِدٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اشْفِ كُلَّ مَرِيضٍ، اللَّهُمَّ سُدَّ فَقْرَنَا بِغِنَاكَ، اللَّهُمَّ غَيِّرْ سُوءَ حَالِنَا بِحُسْنِ حَالِكَ، اللَّهُمَّ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا منَ الْفَقْرِ، إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?().

فقد تضمن هذا الدعاء الجليل الدعوة لإصلاح أمور مهمة في الحياة تنغص علي الإنسان حياته وتجعله في ضيق وشدة ما لم تحل، مثل: الفقر والدَين والجوع والأسر والغربة والمرض والفوضي، بالإضافة إلي الطلب من الله تعالي لإصلاح كل ما هو فاسد في المجتمع.

وهناك أدعية أخري بهذا المضمون حيث فيها مصاديق

للإصلاح مثل دعاء: (اللهم ارزقنا توفيق الطاعة) ()، وهو الدعاء المروي عن الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالي فرجه).

من هنا نلاحظ أن الإسلام قد فتح الباب أمام الشخص الذي يعجز عن إصلاح الخلل الموجود في مجتمعه بيده وبماله ولسانه، فلا يعجز عن الدعاء له بقلبه بمثل هذه الأدعية وغيرها وهي كثيرة عسي أن يستجيب الله له دعاءه ويصلح كل ما هو فاسد في المجتمع بأن يقيض للإصلاح من يقوم به. والدعاء أمر هام ينبغي الالتفات إليه وعدم التهاون به أو بخسه حقه.

ثم إن عملية الإصلاح كلما كانت بصورة جماعية كانت نتائجها أفضل وأسرع، وذلك عبر الأحزاب والمؤسسات واللجان المختلفة؛ لأن الفرد مهما أوتي من قوة ومهارة وكفاءة، فلن يكون عمله وأداؤه مثل عمل وأداء المجموعة حيث التشاور والتواصي والتعاون بنهج السبيل الأمثل، بالإضافة إلي أنه ربما غابت عن نظر الفرد أشياء سلبية لم يتمكن من رصدها لقدراته المحدودة، في الوقت الذي لا يمكن أن تغيب هذه الأشياء السلبية عن نظر المجموعة، وفيما ورد من أحاديث شريفة عن أهل البيت عليهم السلام الدعوة إلي تشكيل المجاميع والعمل الصالح بما ينفع الجماعة المؤمنة، قال الإمام الصادق عليه السلام: ?اتقوا الله وكونوا أخوة بررة?، وقال عليه السلام: ?تواصلوا وتباروا وتراحموا?، وقال عليه السلام: ?يحق علي المسلمين الاجتهاد في التواصل?().

هذا الأمر مما يدعو بجد للتفكير بمستقبل الأمة الإسلامية بعدما توالت عليها الضربات من قبل الأعداء علي أيدي العملاء، وإنقاذها مما تعانيه وتواجه من مخاطر تعمل علي تمزيقها وتفتيت قوتها، وهذا ما سيجده القارئ في هذا الكتاب (التواصي والمواساة طريق الإصلاح) لسماحة الإمام الراحل آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه، حيث أورد فيه عدة سبل للإصلاح

ودعمها بالشواهد الحية من واقع الأمة، بالإضافة إلي ذكر الآيات والروايات الشريفة في هذا المجال، مما يجعل الكتاب منهاج عمل للفرد والجماعة في مجال الإصلاح.

ومؤسسة المجتبي يسرها أن تقوم بطبع ونشر هذا الكتاب القيم، لتضعه بين يدي الأفراد والجماعات الذين يريدون خير هذه الأمة ومستقبلها، عسي الله أن يعيد لها سالف مجدها وعزها إن شاء الله.

نسأل من الله العلي القدير أن يمن علي الإمام الراحل رحمة الله عليه بالمغفرة والرضوان وعلو الدرجات، وأن ينفع بهذا الكتاب كما نفع بغيره إنه سميع مجيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

كربلاء المقدسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

التواصي وأهميته

قال تعالي: ?وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ?().

وقال سبحانه: ?ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ?().

وفي اللغة: تواصي القوم: أي أوصي بعضهم بعضاً().

وفي البحار(): في قوله تعالي: ?وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? أي: وصي بعضهم بعضاً بالصبر علي فرائض الله، والصبر عن معصية الله.

من أهم طرق الإصلاح هي رعاية قانون التواصي والمواساة، وقد استثني القرآن الحكيم في سورة العصر من الإنسان الخاسر: المؤمنين الذين يتواصون ويواسون.

والتواصي من باب التفاعل، أي: يوصي كل واحد منهم الآخر في طريق الإصلاح. وإذا كان أفراد المجتمع يراعون قانون التواصي فيما بينهم وفي جميع مجالات الحياة، لأصبح ذلك المجتمع مجتمعاً فاضلاً متقدماً، وهكذا كانت الأمة الإسلامية في عصر تقدمها.

وقد ورد في تفسير وتأويل سورة العصر المباركة التي تؤكد علي قانون التواصي عدة روايات:

عن المفضل قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله عزوجل: ?وَالْعَصْرِ عليهم السلام إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ?؟. قال عليه السلام: ?العصر: عصر

خروج القائم عليه السلام، ?إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ? يعني: أعداءنا، ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا? يعني: بآياتنا، ?وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? يعني: بمواساة الإخوان، ?وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ? يعني: بالإمامة، ?وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ?() يعني: في الفترة?().

وعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ?(). فقال: ?استثني أهل صفوته من خلقه حيث قال: ?إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ عليهم السلام إِلا الَّذِينَ آمَنُوا? بولاية علي أمير المؤمنين عليه السلام ?وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ? ذرياتهم ومن خلفوا بالولاية، وتواصوا بها وصبروا عليها?().

وفي البحار() قال: ? ?إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ عليهم السلام إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا? بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، ?وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? أي: أدوا الفرائض، ?وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ? أي: بالولاية، ?وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? أي: وصوا ذراريهم ومن خلفوا من بعدهم بها وبالصبر عليها?.

وعن ابن عباس:

?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? قيل: إنها نزلت في علي عليه السلام().

وعن علي بن عبد الله بن العباس، قال: ?وَتَوَاصَوْا

بِالصَّبْرِ?() علي بن أبي طالب عليه السلام().

وورد: ?وَالْعَصْرِ? ورب عصر القيامة ?إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ? أعداء آل محمد ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا? بولايتهم ?وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? بمواساة إخوانهم ?وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? في غيبة غائبهم().

وفي بعض الروايات:

?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا? يعني بآياتنا ?وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ? يعني بمواساة الإخوان ?وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ? يعني الإمامة ?وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ? يعني بالفترة().

وفي سورة البلد قال تعالي: ?ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ عليهم السلام أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ?().

وورد في تفسيره: ?وَتَوَاصَوْا? أي أوصي بعضهم بعضاً

?بِالصَّبْرِ? علي طاعة الله ?بِالْمَرْحَمَةِ? أي بالرحمة علي عبادة أو بموجبات رحمة الله ?أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ? أي اليمين أو اليمن().

وفي تفسير القمي: عن ابن عباس في قوله: ?وَتَوَاصَوْا

بِالصَّبْرِ? علي فرائض الله عزوجل ?وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ? فيما بينهم ولا يقبل هذا إلا من

مؤمن().

وعن ابن عباس قال: جمع الله هذه الخصال كلها في علي عليه السلام ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا? كان والله أول المؤمنين إيماناً ?وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? وكان أول من صلي وعبد الله من أهل الأرض مع رسول الله صلي الله عليه و اله ?وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ? يعني بالقرآن، وتعلم القرآن من رسول الله صلي الله عليه و اله وكان من أبناء سبع وعشرين سنة ?وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? يعني وأوصي محمد علياً بالصبر عن الدنيا وأوصاه بحفظ فاطمة وبجمع القرآن بعد موته() وبقضاء دَينه وبغسله بعد موته وأن يبني حول قبره حائطاً … وأوصاه بحفظ الحسن والحسين فذلك قوله ?وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ?().

التواصي عبر الأحزاب الحرة

ثم إن التواصي قد يكون فردياً، وقد يكون عبر المؤسسات الاجتماعية والسياسية، ومن أهم مصاديق ومقومات التواصي بالحق والصبر والفضيلة والخير في يومنا هذا، وجود الأحزاب الحرة، وأسلوب التعددية السياسية، ففي ظل ذلك يمكن التواصي بالحق، فالأحزاب المتنافسة تقوم بعملية التواصي فيما بينها وكذلك تقوم بتوصية المسئولين في الحكومة وتمنعهم من الظلم والاستبداد وسرقة ثروات الشعب.

أما في ظل النظام الاستبدادي فلا يمكن التواصي بالخير والفضيلة كما هو واضح.

قال أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: ?أوصيكم عباد الله بتقوي الله، فإنها خير ما تواصي العباد به وخير عواقب الأمور عند الله?().

تصوير الوقائع التاريخية

تشير بعض الآيات الشريفة في القرآن الحكيم إلي الوقائع التاريخية المصيرية في صدر الإسلام، مصورة بالكلمات البليغة عن تلك الأحداث التي جرت أثناء بداية الانتشار الإسلامي برسالته السماوية عبر الجهود المتواصلة التي قام بها الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله.

ومن تلك الآيات الشريفة قوله سبحانه وتعالي: ?وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَي أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَي عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ?().

والآية في سورة آل عمران، حيث إنها تحمل في طياتها الكثير من الأحداث والوقائع التي جرت بين المسلمين والكافرين، وبين المسلمين أنفسهم. ومن الطبيعي أن هذه الآية وما بعدها تحمل مواضيع شتي ترتبط بالمجتمع الإسلامي المعاصر، ولا يمكن استغراقها خلال هذا البحث المختصر، إلا أن من أهم النقاط الأساسية التي يمكن الاستفادة منها من خلال هذه الآيات، هو موضوع التواصي والمواساة، وبمعني أدق أسلوب الطاعة لرسول الله صلي الله عليه و اله وضرورة الالتزام بما أمر به، وميزان الأخوة الإسلامية والتعاون، والذي يؤدي بالنتيجة إلي النصر والقوة في المجتمع الإسلامي داخلياً

وخارجياً، والتحرر من كل القيود الخارجية التي تحيكها القوي المضادة.

معني الآية الشريفة

يشير القرآن الحكيم ضمن الآيات التي سبقت هذه الآية المباركة إلي تأنيب المؤمنين علي موقفهم يوم أحد()، حيث إن جماعة منهم قبل الغزوة كانوا يتطلعون إلي الجهاد ويتمنون الاستشهاد، ولما حضر وقت الجهاد والحرب فروا منهزمين، وفوق ذلك أن إيمان بعضهم كان بدرجة من الوهن حتي أنهم لما سمعوا بموت الرسول صلي الله عليه و اله كادوا أن يرتدوا ?وَلَقَدْ كُنْتُمْ? أيها المؤمنون ?تَمَنّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ? ولقاء الموت كناية عن لقاء مقدماته والوقوع في الأهوال المنتهية إليه ?فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ? في الغزوة؛ إذ رأيتم غلبة الكفار وقتل جماعة من المؤمنين ?وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ?() أي: تشاهدون المعركة، وهذا تأكيد لمعني ?رأيتموه? حتي لا يتوهم أحد أن الرؤية كانت بالقلب، فإن (رأي) قد يستعمل بمعني (علم). ?وَمَا مُحَمَّدٌ? صلي الله عليه و اله ?إِلاَّ رَسُولٌ? أي: ليس هو إلهاً لا يموت؛ إنما هو بشر اختاره الله للرسالة، فيجري عليه ما يجري علي البشر من الموت والقتل، وليس بدعاً من الرسل، بل ?قَدْ خَلَتْ? أي: مضت وتقدمت ?مِنْ قَبْلِهِ

الرُّسُلُ? الذين جرت عليهم سنة الله من الموت ومفارقة الحياة

?أَفَإِنْ مَاتَ? موتاً اعتيادياً ?أَوْ قُتِلَ? واستشهد ?انْقَلَبْتُمْ عَلَي أَعْقَابِكُمْ? استفهام إنكاري توبيخي، أي: لم يكن حالكم هكذا، حتي ترتدوا بموت النبي صلي الله عليه و اله، وكني عن الارتداد بالمشي القهقري (الانقلاب علي الأعقاب) الذي هو رجوع نحو الوراء ?وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلي عَقِبَيْهِ? أي: من يرتد عن دينه ?فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً? إذ الله سبحانه غني مطلق لا يحتاج إلي إيمان أحد حتي يضره ارتداده ?وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ?() الذين يشكرون نعمة الإيمان ويثبتون عليه، فإن الارتداد من أعظم

أقسام الكفر، كما قال: ?بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ?()،().

إذاً، تعني الآية وباختصار: أن أمر الله تعالي لابد أن يتم، وأن الرسالة السماوية التي حملها الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله باقية، حتي لو مات الرسول أو قتل، فليس الموت بمستحيل عليه ولا القتل؛ لأنه من البشر، أما الإيمان أو الإسلام فهو مرتبط بالرسالة الإلهية، وليس فقط بوجود الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله، فلا يجوز لكم الارتداد إلي الكفر بعد موته صلي الله عليه و اله وأما لو انقلبتم من الإسلام إلي الكفر فعلاً، فلن تضروا الله شيئاً، بل إنكم ترتكبون المعصية والمضرة التي تعود عليكم بالتأخر في الدنيا واستحقاقكم العقاب الدائم، أما مَن التزم بإيمانه وبقي علي دينه ولم يرتد، فسيجزيه الله علي شكره للنعمة؛ لأن شكر النعمة هو طاعة الله تعالي، فيكون المراد بالشاكرين هم المطيعين لأمر الله تعالي.

هذا هو المعني العام للآية، ولابد أن نتعرف علي المناسبة التي نزلت فيها الآية الكريمة.

سبب النزول

ذكر المفسرون في مناسبة نزول هذه الآية الشريفة أنها كانت في معركة أُحد والتي قاد فيها رسول الله صلي الله عليه و اله الجيش الإسلامي بنفسه، وبعد أن كان الجيش الإسلامي منتصراً في أحد، أخل الرماة بأوامر رسول الله صلي الله عليه و اله، وقد وضعهم الرسول صلي الله عليه و اله علي سفح الجبل لحماية ظهر جيش المسلمين خشية من أن يلتف جيش المشركين من وراء جبل أحد، وكان الرماة خمسين رجلاً وقائدهم عبد الله بن جبير من بني عمرو بن عوف(). وكان رسول الله صلي الله عليه و اله قد قال لهم: ?أقيموا بأصل الجبل، وانضحوا عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، وإن كانت

لنا أو علينا لا تبرحوا مكانكم؛ فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم?()، وحينما هزمت قريش وفر جيش المشركين أمام جيش المسلمين في بداية المعركة، تبعهم القسم الأكبر من الرماة طمعاً في الغنائم، وبقي قسم آخر متحيراً. أما عبد الله بن جبير ومعه القليل من الرماة فقد ظلوا ملازمين لمكانهم، فألتف خالد بن الوليد الذي كان علي ميمنة قريش علي الجبل، بعد أن شاهد نزول أغلب الرماة، فمال أولاً علي هؤلاء الرماة وقتلهم فاستشهد عبد الله بن جبير ومن معه أثناء عبور جيش خالد، وهجم خالد بجيشه علي المسلمين من الخلف، فتفاجأ المسلمون بجيش خالد الذين كان أغلبهم من الفرسان مما سبب الاضطراب الشديد في صفوف المسلمين، وشاع بين المسلمين أن رسول الله صلي الله عليه و اله قد قتل، وكان هذا الخبر كذباً محضاً أشاعه الكفار والمنافقون لإلقاء الهزيمة في نفوس المسلمين، وبعد انتشار الخبر انقسم المسلمون إلي قسمين:

القسم الأول: وهم الذين بقوا صامدين ولم يتزحزح إيمانهم، واستمروا في قتال المشركين ودافعوا عن النبي صلي الله عليه و اله ببسالة فائقة وقد جرح رسول الله صلي الله عليه و اله في هذه المعركة بجراحات كبيرة.

القسم الثاني: وهم علي العكس من القسم الأول، حيث كانوا ضعيفي الإيمان، بل إن بعضهم أراد أن يتصالح مع كفار قريش للحصول علي الأمان؛ إذ لما فشا في الناس أن رسول الله صلي الله عليه و اله قد قُتل، قال البعض: ليت لنا رسولاً إلي عبد الله بن أُبي() فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان، وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم، وقال أناس من أهل النفاق: فالحقوا بدينكم الأول.

وقال أنس بن النضر: يا قوم، إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد

لم يقتل، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلي الله عليه و اله فقاتلوا علي ما قاتل عليه رسول الله صلي الله عليه و اله، وموتوا علي ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء يعني: المنافقين وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني: المنافقين ثم شد بسيفه فقاتل حتي قُتل().

فنزلت هذه الآية تحكي لنا حال ضعفاء الإيمان والمتزلزلين من ناحية، وتثبت حال من قوي إيمانه وبقي صابراً ومجاهداً من ناحية أخري، من أجل حماية الرسول صلي الله عليه و اله وحماية الدين الإسلامي().

ومما يستفاد من قصة أحد وهذه الآيات: ضرورة التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

الانقلاب بعد الرسول صلي الله عليه و اله

وقد حدث انقلاب بعد رسول الله صلي الله عليه و اله وارتد الكثير من الناس، وضعف حالة التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إني علي الحوض أنظر من يرد عليَّ منكم، وليقطعن برجال دوني، فأقول: يا رب، أصحابي أصحابي؟. فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، إنهم ما زالوا يرجعون علي أعقابهم القهقري?().

وقال عبد الله بن عباس: قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إنكم محشورون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ ?كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ?() ألا وإن أول من يُكسي إبراهيم عليه السلام، ألا وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي؟! قال فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم مذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسي عليه السلام: ?وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ? إلي قوله ?الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?()?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?حتي إذا قبض الله رسوله صلي الله عليه و اله رجع قوم علي الأعقاب، وغالتهم السبل واتكلوا

علي الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير موضعه، معادن كل خطيئةٍ، وأبواب كل ضارب في غمرة، قد ماروا في الحيرة، وذهلوا في السكرة، علي سنة من آل فرعون، من منقطع إلي الدنيا راكن، أو مفارق للدين مباين?().

وكتب أمير المؤمنين عليه السلام لمعاوية: ?وأرديت جيلاً من الناس كثيراً، خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجازوا عن وجهتهم، ونكصوا علي أعقابهم، وتولوا علي أدبارهم، وعولوا علي أحسابهم، إلا من فاء من أهل البصائر؛ فإنهم فارقوك بعد معرفتك، وهربوا إلي الله من موازرتك؛ إذ حملتهم علي الصعب، وعدلت بهم عن القصد، فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك؛ فإن الدنيا منقطعة عنك، والآخرة قريبة منك، والسلام?().

أقسام الانقلاب

إن الانقلاب علي قسمين:

الأول: التغير من الحالة السيئة إلي الحالة الجيدة، وهذا يعني: الانتقال إلي الهداية والتحسن، كما لو أسلم شخص كان كافراً، فإنه انقلب وانتقل من الضلال إلي الهداية وتحسن حاله.

الثاني: التغير من الحالة الجيدة إلي الحالة السيئة نعوذ بالله وهذا يعني: الارتداد والارتجاع والنكوص، مثل ما حصل في معركة أُحد عندما سمع بعض المسلمين الخبر الكاذب بأن رسول الله صلي الله عليه و اله قد قُتل، وقد ذكر الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله في رواية: أن بعض الأفراد ?رجعوا إلي أدبارهم?.

قال الطبرسي رحمة الله عليه في مجمع البيان: (فسمي الارتداد: انقلاباً علي العقب، وهو الرجوع القهقري؛ لأن الردة خروج إلي أقبح الأديان، كما أن الانقلاب خروج إلي أقبح ما يكون من المشي)().

وعلي هذا يكون الانقلاب في الحالة الأولي التحول من الجاهلية إلي الإسلام، ومن الكفر إلي الإيمان، ومن الضلالة إلي

الهدي، أما الانقلاب في الحالة الثانية فهو الغواية والضلال والرجوع إلي الكفر والجاهلية، نتيجة الضعف في الإيمان، وحب الدنيا، وحب الشهوات.

ومن الأمور المهمة في ثبات الإنسان علي طريق الصلاح والإصلاح وعدم انقلابه القهقري: هو التواصي بالحق والتواصي بالصبر، فإنه ضمان لعدم خسران الإنسان كما ورد ذلك في سورة العصر، حيث قال تعالي:

? بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ ? وَالْعَصْرِ ? إِنّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ? إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ?().

هذا بالنسبة إلي الأمر الأول وهو التواصي وتأثيره في الإصلاح.

المواساة

الأمر الثاني مما يحتاجه المجتمع الإسلامي في تقدمه وتطوره وصلاحه وإصلاحه، في كل الميادين والأزمان مضافاً إلي التواصي بالحق والتواصي بالصبر هو موضوع المواساة ونكران الذات، في سبيل إقامة دين الله علي الأرض وخدمة الناس، وخير شاهد علي ذلك موضوع الآية الشريفة المتقدمة؛ إذ نستفيد منها من خلال هذه الرواية التي نقلتها كتب الشيعة والعامة، أهمية المواساة.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ?لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله، حتي لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبو دجانة سماك بن خرشة()، فقال له النبي صلي الله عليه و اله: يا أبا دجانة، أما تري قومك؟.

قال: بلي.

قال صلي الله عليه و اله: الحق بقومك.

قال: ما علي هذا بايعت الله ورسوله.

قال صلي الله عليه و اله: أنت في حل.

قال: والله لا تتحدث قريش بأني خذلتك وفررت، حتي أذوق ما تذوق، فجزاه النبي صلي الله عليه و اله خيراً.

وكان علي عليه السلام كلما حملت طائفة علي رسول الله صلي الله عليه و اله استقبلهم وردهم، فأكثر فيهم القتل والجراحات، حتي انكسر سيفه، فجاء إلي النبي فقال:

يا رسول الله، إن الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي. فأعطاه (عليه الصلاة والسلام) ذا الفقار. فما زال يدفع به عن رسول الله صلي الله عليه و اله حتي أثر وانكسر فنزل عليه جبرئيل وقال: يا محمد، إن هذه لهي المواساة من علي لك. فقال النبي صلي الله عليه و اله: إنه مني وأنا منه.

فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منكما()، وسمعوا دوياً من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتي إلا علي?().

ولهذا يلزم التركيز علي المواساة بين أفراد المجتمع الإسلامي الواحد، للوصول إلي المرتبة السامية، والتي يطمح إليها الإنسان دائماً، لبلوغ الكمال وطاعة الله تعالي، بمثل ما صنعه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وأبو دجانة (رضوان الله عليه) في يوم أُحد، ببذل أنفسهما للدفاع عن الرسالة السماوية والرسول الأعظم صلي الله عليه و اله، ومواساتهما مع الرسول صلي الله عليه و اله.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ?ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد صلي الله عليه و اله أني لم أرد علي الله ولا علي رسوله ساعة قط، ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر فيها الأقدام، نجدة أكرمني الله بها?().

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: ?المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه، ويحق علي المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون علي التعاطف والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم علي بعض حتي تكونوا كما أمركم الله عزوجل رحماء بينكم، متراحمين، مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم، علي ما مضي عليه معشر الأنصار علي عهد رسول الله صلي الله عليه و اله?().

المواساة سبيل الإصلاح

إن طريق الإصلاح ليس مفروشاً بالورود، بل هو طريق شائك، بحاجة إلي التضحية والفداء، ومن هنا تتبين أهمية المواساة بين

المؤمنين في سبيل الإصلاح، فإذا أرادت الأمة الإسلامية أن تتخلص من واقعها الحالي حيث المآسي والحرمان والتأخر والضياع، فعليها أن تتحلي بخصلة المواساة، كما تحلي بها المسلمون الأوائل في صدر الإسلام.

أما إذا أخذ كل يفكر في نفسه ومصلحته فقط، أو يجر النار إلي قرصه فحسب، فإننا لا نزداد إلا سوءً والعياذ بالله.

ورد في تفسير قوله تعالي: ?وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ

بِبَعْضٍ?():

أي اختبرنا الأغنياء بالغني لننظر كيف مواساتهم للفقراء، وكيف يخرجون ما فرض الله عليهم في أموالهم، واختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم علي الفقر وعما في أيدي الأغنياء().

وقد جعل أمير المؤمنين عليه السلام المواساة من علائم شيعته، حيث قال عليه السلام: ?اختبروا شيعتي بخصلتين، فإن كانتا فيهم فهم شيعتي: محافظتهم علي أوقات الصلوات، ومواساتهم مع إخوانهم المؤمنين بالمال، وإن لم تكونا فيهم فأعزب ثم أعزب ثم أعزب?().

وكذلك قال الإمام الصادق عليه السلام: ?امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عند عدونا، وإلي أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها?().

وعن أحمد بن النضر، عن أبي إسماعيل، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك، إن الشيعة عندنا كثير. فقال: ?فهل يعطف الغني علي الفقير، وهل يتجاوز المحسن عن المسيء ويتواسون؟?. فقلت: لا. فقال: ?ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل هذا?().

وعن جراح المدائني، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ?ألا أحدثك بمكارم الأخلاق؟?. قلت: بلي. قال: ?الصفح عن الناس، ومؤاساة الرجل أخاه في ماله، وذكر الله كثيراً?().

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ?ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عزوجل، منها رجل مؤمن دعا لأخ مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه واضطرار أخيه إليه … ?().

وعن أبي عبد

الله عليه السلام قال: ?لم يَدَعْ رجل معونة أخيه المسلم حتي يسعي فيها ويواسيه، إلا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يؤجر?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?إن من حق المؤمن علي المؤمن: المودة له في صدره، والمواساة له في ماله?().

وقال عليه السلام: ?ويحق علي المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاقد علي التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم علي بعض?().

وفي الحديث في بيان علة وجوب الزكاة، يقول الإمام

الرضا عليه السلام:

?والحث لهم علي المواساة وتقوية الفقراء، والمعونة لهم علي أمر الدين?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من واسي الفقير من ماله، وأنصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقاً?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ?رحم الله امرأً واسي أخاه

بنفسه?().

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل: ?يا كميل، البركة في مال من آتي الزكاة، وواسي المؤمنين، ووصل الأقربين?().

وقال علي عليه السلام: ?قليل من الأغنياء من يواسي ويسعف?().

وقال عليه السلام: ?لا تعدن صديقاً من لا يواسي بماله?().

وعن محمد بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن عمل السلطان والدخول معهم، وما عليهم فيما هم فيه؟. قال: ?لا بأس به إذا واسي إخوانه، وأنصف المظلوم، وأغاث الملهوف من أهل ولايته?().

وعن الحسن البزاز، قال: قال لي: أبو عبد الله عليه السلام: ?ألا أخبرك بأشد ما فرض الله علي خلقه ثلاث؟?. قلت: بلي. قال:

?إنصاف الناس من نفسك، ومواساتك أخاك، وذكر الله في كل موطن?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?المؤمن أخو المؤمن، يحق عليه نصيحته، ومواساته، ومنع عدوه منه?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?والذي بعثني بالحق نبياً، إن عبداً من عباد الله ليقف يوم القيامة موقفاً يخرج عليه من لهب النار أعظم من جميع جبال الدنيا، حتي

ما يكون بينه وبينها حائل، بينا هو كذلك قد تحير إذ تطاير من الهواء رغيف أو حبة قد واسي بها أخاً مؤمناً علي إضافته، فتنزل حواليه فتصير كأعظم الجبال مستديراً حواليه، تصد عنه ذلك اللهب، فلا يصيبه من حرها ولا دخانها شي ء، إلي أن يدخل الجنة?. قيل: يا رسول الله، وعلي هذا تنفع مواساته لأخيه المؤمن؟. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إي والذي بعثني بالحق نبياً، إنه لينفع بعض المواسين بأعظم من هذا?().

هذا ومن أسماء شهر رمضان المبارك: ?وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ?().

وفي الدعاء: ?اللهم صل علي محمد وآل محمد، واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواسات من قترت من رزقك بما وسعت عليَّ من فضلك، ونشرت عليَّ من عدلك، وأحييتني تحت ظلك?().

إلي غيرها من الروايات الشريفة التي تؤكد علي مبدأ المواساة بين المؤمنين.

المواسي ابن المواسي

كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أشرف مصداق في المواساة وقد باهي به الله عزوجل في ليلة المبيت()، قال ابن عباس: (لما انطلق النبي إلي الغار أقام علياً عليه السلام في مكانه وألبسه برده، فجاءت قريش تريد أن تقتل رسول الله صلي الله عليه و اله، فجعلوا يرمون علياً وهم يرون أنه النبي، فجعل يتضور فلما نظروا إذا هو علي عليه السلام)().

وكذلك مواساة علي عليه السلام يوم أحد حيث نداء جبرئيل عليه السلام من السماء.

قال الإمام الصادق عليه السلام: ?انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله صلي الله عليه و اله فغضب غضباً شديداً قال وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل اللؤلؤ من العرق قال فنظر فإذا علي عليه السلام إلي جنبه، فقال له: الحق ببني أبيك مع من انهزم عن رسول الله. فقال: يا رسول

الله، لي بك أسوة. قال: فاكفني هؤلاء. فحمل فضرب أول من لقي منهم، فقال جبرئيل عليه السلام: إن هذه لهي المواساة يا محمد. فقال: إنه مني وأنا منه. فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منكما يا محمد?. فقال أبو عبد الله عليه السلام: ?فنظر رسول الله صلي الله عليه و اله إلي جبرئيل عليه السلام علي كرسي من ذهب بين السماء والأرض وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتي إلا علي?().

نعم، كذلك كان شبل علي عليه السلام أبو الفضل العباس قمر بني هاشم (صلوات الله عليهما)، حيث جاء في زيارته عليه السلام: ?أشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولأخيك، فنعم الأخ المواسي … ?().

وفي زيارة أخري له عليه السلام جاء فيها: ?السلام علي أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه..?().

وقد وصل مولانا العباس عليه السلام إلي هذه المرتبة السامية من العظمة والمقام الرفيع، بفضل مواساته لأخيه الإمام الحسين عليه السلام، وأهل بيته من النساء والأطفال.

حقيقاً بالبكاء عليه حزناً أبو الفضل الذي واسي أخاه

وجاهد كل كفار ظلوم وقابل من ضلالهم هداه

فداه بنفسه لله حتي تفرق من شجاعته عداه

وجاد له علي ظمأ بماء وكان رضا أخيه مبتغاه ()

كيف كانت مواساة العباس عليه السلام

لو تطرقنا إلي شجاعة أبي الفضل العباس عليه السلام فإنه يطول الحديث وهي مما لا يختلف عليها اثنان، كيف لا وهو حامي الخيام، وحامل لواء جيش الإمام الحسين عليه السلام وهو ساقي العطاشي، وهو قمر بني هاشم لشدة حسنه وجماله.

ففي (أسرار الشهادة) للعلامة الدربندي رحمة الله عليه () عند ذكر شهادة العباس عليه السلام قال:

أتي زهير إلي عبد الله بن جعفر بن عقيل قبل أن

يُقتل، فقال: يا أخي ناولني الراية. فقال له عبد الله: أَ وَ فيَّ قصور عن حملها؟! قال: لا، ولكن لي بها حاجة. قال: فدفعها إليه وأخذها زهير، وأتي فجاء إلي العباس بن علي، وقال: يا بن أمير المؤمنين، أريد أن أحدثك بحديث وعيته. فقال: حدث فقد حلا وقت الحديث. فقال: اعلم يا أبا الفضل، أن أباك أمير المؤمنين لما أراد أن يتزوج أم البنين() بعث إلي أخيه عقيل، وكان عارفاً بأنساب العرب فقال عليه السلام: ?يا أخي، أريد منك أن تخطب لي امرأة من ذوي البيوت والحسب والنسب والشجاعة؛ لكي أصيب منها ولداً شجاعاً وعضداً ينصر ولدي هذا وأشار إلي الحسين عليه السلام ليواسيه في طف كربلاء?، وقد أدخرك أبوك لمثل هذا اليوم، فلا تقصر عن حلائل أخيك وعن إخوانك(). قال: فارتعد العباس وتمطي في ركابه حتي قطعه، وقال: يا زهير، تشجعني في مثل هذا اليوم؟! والله لأرينك شيئاً ما رأيته قط، قال: فهمز جواده نحو القوم حتي توسط الميدان().

وفي بحار الأنوار: أن عصر تاسوعاء جاء شمر حتي وقف علي أصحاب الحسين عليه السلام، وقال: أين بنو أختنا وقصد العباس وإخوته فخرج إليه العباس وإخوته، فقالوا: ما تريد؟. فقال: أنتم يا بني أختي آمنون. فقال له العباس وإخوته: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له().

وهنا ننقل صوراً جليلة من المواساة العظيمة لقمر بني هاشم عليه السلام، فعندما خاض بفرسه نهر الفرات، بعدما أزاح جيش ابن سعد عن المشرعة الذي كان قد وضع أربعة آلاف مقاتل ليمنع سيد الشهداء عليه السلام من الماء، فملأ القربة بالماء ثم مد كفيه ملأهما بالماء، وقربهما من فمه وذلك لشدة عطشه، ولكنه تذكر عطش أخيه الحسين

عليه السلام، وعطش النساء والأطفال، فرمي الماء من يده، وهو يقول:

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أن تكوني

هذا حسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين

تالله ما هذا فعال ديني

ولا فعال صادق اليقين

فلم يشرب من ذلك الماء قطرة واحدة مواساة لأخيه، ومواساة للنساء والأطفال، واستمر في جهاده ومقارعة الأعداء، ليوصل الماء إلي العيال، ولكنه عليه السلام أحيط به من كل جانب، حتي قطعوا يمينه ويساره، وضربه لعين بعمود علي رأسه، وانهالت عليه السهام من كل جانب فمزقت جسده الشريف وأصاب سهم عينه، فسقط صريعاً علي الأرض، منادياً: ?أخي أبا عبد الله أدركني?. فأسرع الإمام الحسين عليه السلام إليه، ورمي بنفسه الشريفة عليه، وحاول أن يحمله إلي الخيام ليقضي إلي جنب إخوته وبني عمومته، ولكنه التمس من الإمام أن يتركه حيث هو! ولما سأله الإمام عن السبب؟ قال: ?إني مستح من ابنتك سكينة فقد وعدتها بالماء ولم آتها به?().

وقال الإمام الحسين عليه السلام لما رآه صريعاً علي شط الفرات:

?الآن انكسر ظهري وشمت بي عدوي?.

وفيه عليه السلام يقول الشاعر:

أحق الناس أن يبكي عليه

فتي أبكي الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علي

أبو الفضل المضرج بالدماء

ومن واساه لا يثنيه شيء

وجاء له علي عطش بماء

وفيه عليه السلام يقول شاعر آخر:

بذلت يا عباس نفساً نفيسة

بنصر حسين عز بالنصر من قبل

أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه

فحسن فعال المرء فرع من الأصل

فأنت أخو السبطين في يوم مفخر

وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل()

وانتقل العباس عليه السلام إلي جوار ربه شهيداً خالداً، ينير الدرب للأجيال من الأمة الإسلامية، في الدفاع عن الحق والمبادئ السامية، ويدعم بدمه الطاهر درب المواساة، ليرقي بالمجتمع الإسلامي إلي الخلود والعظمة.

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لسدير: ?والذي بعث محمداً بالنبوة، وعجل

روحه إلي الجنة، ما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويري السرور، أو تبين له الندامة والحسرة، إلا أن يعاين ما قال الله عزوجل في كتابه: ?عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ?() وأتاه ملك الموت يقبض روحه، فينادي روحه فتخرج من جسده، فأما المؤمن فما يحس بخروجها، وذلك قول الله تبارك وتعالي: ?يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ عليهم السلام ارْجِعِي إِلَي رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً عليهم السلام فَادْخُلِي فِي عِبَادِي عليهم السلام وَادْخُلِي جَنَّتِي?() ثم قال ذلك لمن كان ورعاً مواسياً لإخوانه وصولاً لهم، وإن كان غير ورع ولا وصولاً لإخوانه، قيل له: ما منعك من الورع والمواساة لإخوانك؟. أنت ممن انتحل المحبة بلسانه، ولم يصدق ذلك بفعل، وإذا لقي رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين عليه السلام لقيهما مُعرضين مُقطبين في وجهه، غير شافعين

له?().

أنصار الحسين عليه السلام

من شواهد المواساة العظيمة في التأريخ: موقف الأصحاب الأماجد المستشهدين بين يدي سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام في واقعة الطف في كربلاء، فقد تسابق هؤلاء الأبطال ببذل أنفسهم في سبيل الحفاظ علي الدين الإسلامي، والدفاع عن أهل البيت عليه السلام بكل ما يملكون، فكانوا خير مواسين لإمامهم، ليكونوا درساً آخرَ في طريق بناء المجتمع الإسلامي الكبير.

ليلة العاشر:

فعندما جمع الإمام الحسين عليه السلام أصحابه في ليلة العاشر من المحرم، قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: ?فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم، وأنا إذ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه: أثني علي الله أحسن الثناء وأحمده علي السراء والضراء، اللهم إني أحمدك علي أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين. أما بعد، فإني لا أعلم أصحاباً أوفي ولا

خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ وأوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيراً، ألا وإني لأظن يوماً لنا من هؤلاء، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم حرج مني ولا ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً.

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر: لِمَ نفعل ذلك، لنبقي بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً، بدأهم بهذا القول العباس بن علي عليه السلام وأتبعته الجماعة عليه، فتكلموا بمثله ونحوه.

فقال الحسين عليه السلام: يا بني عقيل، حسبكم من القتل بمسلم بن عقيل، فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم.

فقالوا: سبحان الله، ما يقول الناس؟. نقول: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا؟! لا والله، ما نفعل ذلك، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا، ونقاتل معك حتي نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.

وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك، وبما نعتذر إلي الله في أداء حقك؟! لا والله، حتي أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، والله لا نخليك، حتي يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه و اله فيك، أما والله، لو علمت أني أُقتل ثم أُحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذري يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي ألقي حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً.

وقام زهير بن القين فقال: والله، لوددت أني قُتلت ثم نُشرت ثم قُتلت حتي أقتل هكذا

ألف مرة، وإن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.

وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد، فجزاهم الحسين عليه السلام خيراً وانصرف إلي مضربه?().

وقيل لمحمد بن بشر الحضرمي في تلك الحال: قد أسّر ابنك بثغر الري؟.

فقال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما أحب أن يؤسر وأنا أبقي بعده.

فسمع الحسين عليه السلام قوله فقال: ?رحمك الله، أنت في حلّ من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك?.

فقال: أكلتني السباع حياً إن فارقتك.

قال: ?فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه?.

فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.

وبات الحسين وأصحابه تلك الليلة ولهم دوي كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً().

يوم عاشوراء:

ولقد وقف أصحاب الإمام الحسين عليه السلام مع إمامهم حتي آخر لحظة، وهم يعلمون بأنهم لا محالة صرعي في صحراء كربلاء، فجعلوا يسارعون إلي القتل بين يدي الإمام الحسين عليه السلام وكانوا كما قيل فيهم:

قوم إذا نودوا لدفع ملمة

والخيل بين مدعس ومكردس

لبسوا القلوب علي الدروع وأقبلوا

يتهافتون علي ذهاب الأنفس

نصروا الحسين فيا لها من فتية

عافوا الحياة وألبسوا من سندس()

وكان بعضهم من صحابة الرسول صلي الله عليه و اله كحبيب بن مظاهر الأسدي() والبعض الآخر من فقهاء الأمة، ويعدون من سادة قرّاء القرآن في الأمصار كبرير بن خضير الهمداني()، وكان فيهم حتي المسيحي الذي أسلم علي يد الإمام عليه السلام عندما قابل الإمام عليه السلام في الطريق إلي كربلاء()، وكذلك فيهم عدة رجال من الموالي()، وأطفال ونساء.

مع الغلام التركي:

ومن بين الأبطال المواسين لإمامهم ذلك الغلام التركي، الذي كان مملوكاً للإمام عليه السلام، وتعلم عنده اللغة العربية وقراءة القرآن،

وقف هذا البطل في ساحة المعركة في يوم عاشوراء يواسي إمامه ويدافع عنه، بعد أن استشهد أكثر الأصحاب، وبقي الإمام عليه السلام مع ثلة قليلة من أهل بيته عليهم السلام، فلم يترك هذا العبد مولاه في هذه الساعة متحيراً بل ألقي بنفسه إلي المعركة، وكان يرتجز ويقول:

البحر من طعني وضربي يصطلي

والجو من سهمي ونبلي يمتلي

إذا حسامي في يميني ينجلي

ينشق قلب الحاسد المبجل

وكان يحمل يميناً وشمالاً، حتي وقع علي الأرض قتيلاً، ورزق بمواساته لإمامه الشهادة()، كما نالها الإمام وأهل البيت عليهم السلام، والصحابة من أنصار الحسين رضوان الله عليهم أجمعين.

عمرو بن قرطة الأنصاري:

خرج عمرو بن قرطة الأنصاري فاستأذن الحسين عليه السلام فأذن له، فقاتل قتال المشتاقين إلي الجزاء، وبالغ في خدمة سلطان السماء، حتي قتل جمعاً كثيراً من حزب ابن زياد، وجمع بين سداد وجهاد، وكان لا يأتي إلي الحسين عليه السلام سهم إلا اتقاه بيده،

ولا سيف إلا تلقاه بمهجته، فلم يكن يصل إلي الحسين عليه السلام سوء حتي أثخن بالجراح، فالتفت إلي الحسين عليه السلام وقال: يا ابن رسول الله أوفيت؟. فقال: ?نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ رسول الله عني السلام، وأعلمه أني في الأثر?، فقاتل حتي قتل رضوان الله عليه.

جون مولي أبي ذر رحمة الله عليه:

ثم برز جون مولي أبي ذر وكان عبداً أسودَ، فقال له الحسين عليه السلام: ?أنت في إذن مني، فإنما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل

بطريقنا?.

فقال: يا ابن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم!، والله إن ريحي لمنتن، وإن حسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفس عليَّ بالجنة فتطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتي يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم، ثم قاتل رضوان

الله عليه حتي قُتل.

الصيداوي:

قال الراوي: ثم برز عمرو بن خالد الصيداوي، فقال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله، جعلت فداك قد هممت أن ألحق بأصحابك، وكرهت أن أتخلف فأراك وحيداً بين أهلك قتيلاً.

فقال له الحسين عليه السلام: ?تقدم فإنا لاحقون بك عن ساعة?.

فتقدم فقاتل حتي قُتل رضوان الله عليه.

حنظلة الشامي:

قال الراوي: وجاء حنظلة بن أسعد الشامي، فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره، وأخذ ينادي: يا قوم، إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلماً للعباد، ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد، يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم. يا قوم، لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افتري.

ثم التفت إلي الحسين عليه السلام، فقال له: أفلا نروح إلي ربنا ونلحق بإخواننا؟.

فقال: ?بلي، رح إلي ما هو خير لك من الدنيا وما فيها وإلي ملك لا يبلي?.

فتقدم فقاتل قتال الأبطال وصبر علي احتمال الأهوال حتي قُتل رضوان الله عليه.

سعيد بن عبد الله الحنفي:

قال: وحضرت صلاة الظهر، فأمر الحسين عليه السلام زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه، ثم صلي بهم صلاة الخوف، فوصل إلي الحسين عليه السلام سهم، فتقدم سعيد بن عبد الله الحنفي ووقف يقيه بنفسه ما زال ولا تخطي حتي سقط إلي الأرض، وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك، ثم قضي نحبه رضوان الله عليه. فوجد به ثلاثة عشر سهماً سوي ما به من

ضرب السيوف وطعن الرماح.

مواساة النساء:

وكذلك كان موقف نساء أصحاب الحسين عليه السلام مواسياً لنساء الحسين وأهل بيته عليه السلام فقد روي أن الإمام الحسين عليه السلام خطب ليلة عاشوراء وقال: ?ألا ومن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلي بني أسد?. فقام علي بن مظاهر وقال: ولماذا يا سيدي؟. فقال عليه السلام: ?إن نسائي تُسبي بعد قتلي، وأخاف علي نسائكم من السبي?. فمضي علي بن مظاهر إلي خيمته، فقامت زوجته إجلالاً له فاستقبلته وتبسمت في وجهه، فقال لها: دعيني والتبسم. فقالت: يا ابن مظاهر، إني سمعت غريب فاطمة عليها السلام خطب فيكم، وسمعت في آخرها همهمة ودمدمة، فما علمت ما يقول؟.

قال: يا هذه، إن الحسين عليه السلام قال لنا: ?ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلي بني عمها؛ لأني غداً أُقتل ونسائي تُسبي?. فقالت: وما أنت صانع؟. قال: قومي حتي ألحقكِ ببني عمكِ بني أسد. فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة، وقالت: والله ما أنصفتني يا ابن مظاهر، أيسرك أن تُسبي بنات رسول الله صلي الله عليه و اله وأنا آمنة من السبي؟! أيسرك أن تُسلب زينب إزارها من رأسها وأنا استتر بإزاري؟! أيسرك أن تذهب من بنات الزهراء أقراطها وأنا أتزين بقرطي؟! أيسرك أن يبيض وجهك عند رسول الله ويسود وجهي عند فاطمة الزهراء؟! والله، أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء!.

فرجع علي بن مظاهر إلي الحسين عليه السلام وهو يبكي، فقال له الحسين عليه السلام: ?ما يبكيك؟?. فقال: سيدي أبت الأسدية إلا مواساتكم، فبكي الحسين عليه السلام، وقال: ?جزيتم منا خيراً?().

فما بالموت عار:

في الشعر المنسوب إلي الإمام الحسين عليه السلام قال:

سأمضي فما بالموت عار علي الفتي

إذا ما نوي حقاً وجاهد مسلما

وواسي الرجال

الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً وخالف مجرما

أقدم نفسي لا أريد بقاءها

لنلقي خميساً في الهياج عرمرما

فإن مت لم أندم وإن عشت لم ألم

كفي بك ذلاً أن تموت وترغما()

المواساة في المال

ومن أقسام المواساة، المواساة في المال:

قال عبد الأعلي بن أعين: كتب بعض أصحابنا يسألون أبا عبد الله عليه السلام عن أشياء، وأمروني أن أسأله عن حق المسلم علي أخيه، فسألته فلم يجبني، فلما جئت لأودعه فقلت: سألتك فلم تجبني؟!

فقال عليه السلام: ?إني أخاف أن تكفروا؛ إن من أشد ما افترض الله علي خلقه ثلاثاً: إنصاف المرء من نفسه حتي لا يرضي لأخيه من نفسه إلا بما يرضي لنفسه منه، ومواساة الأخ في المال، وذكر الله علي كل حال، ليس سبحان الله والحمد لله، ولكن عندما حرم الله عليه فيدعه?().

وعن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنه قال له: أخبرني عن حق المؤمن علي المؤمن؟.

فقال: ?يا أبان، دعه لا ترده?.

قلت: بلي جعلت فداك.

فلم أزل أردد عليه، فقال: ?يا أبان، تقاسمه شطر مالك?. ثم نظر إليَّ فرأي ما دخلني، فقال: ?يا أبان، أما تعلم أن الله قد ذكر المؤثرين علي أنفسهم؟?().

قلت: بلي جعلت فداك. فقال: ?إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد! إنما أنت وهو سواء، إنما تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الآخر?().

الاكتفاء الذاتي والمواساة

من الأمور المهمة في إصلاح المجتمع الإسلامي: مسألة السعي إلي ترسيخ حالة الاكتفاء الذاتي بين الأمة، عبر الاعتماد علي الموارد الطبيعية المتوفرة في بلاد الإسلام، للتحرر من القيود الغربية الاستعمارية، وذلك يتأتي من خلال مقدمات عديدة منها المواساة المالية بين أفراد المجتمع، فإن المواساة تكون في كل النواحي الاقتصادية، من تبادل السلع، وبذل الأموال لاستغلالها من قبل المصنعين المسلمين في توفير المواد الأولية للإنتاج، وما شاكل ذلك من الأمور التي تمنع النفوذ الأجنبي في بلادنا.

وقد سُئل الإمام الرضا عليه السلام: ما حق المؤمن علي المؤمن؟. فقال: ?إن من حق

المؤمن علي المؤمن: المودة له في صدره، والمواساة له في ماله، والنصرة له علي من ظلمه، وإن كان فيء للمسلمين وكان غائباً أخذ له بنصيبه، وإذا مات فالزيارة إلي قبره، ولا يظلمه، ولا يغشه، ولا يخونه، ولا يخذله، ولا يغتابه، ولا يكذبه، ولا يقول له: أفٍ، فإذا قال له: أفٍ فليس بينهما ولاية، وإذا قال له: أنت عدوي، فقد كفرَّ أحدهما صاحبه، وإذا اتهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء إلي قال عليه السلام وإن

أبا جعفر الباقر عليه السلام أقبل إلي الكعبة وقال: الحمد لله الذي كرّمكِ وشرّفكِ وعظمكِ وجعلكِ مثابة للناس وأمناً، والله لحرمة المؤمن أعظم حرمة منكِ. ولقد دخل عليه رجل من أهل الجبل، فسلّم عليه، فقال له عند الوداع: أوصني؟.

فقال له: أوصيك بتقوي الله، وبر أخيك المؤمن، فأحبب له ما تحب لنفسك، وإن سألك فأعطه، وإن كف عنك فأعرض عليه، لا تمله فإنه لا يملك، وكن له عضداً، فإن وجد عليك فلا تفارقه حتي تسل سخيمته، فإن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فاكنفه وأعضده وزره وأكرمه وألطُف به، فإنه منك وأنت منه، ونظرك لأخيك المؤمن وإدخال السرور عليه أفضل من الصيام وأعظم أجراً?().

فإن المال يكون أداة في أيدي الناس، لتأمين الأرزاق وسد مختلف حاجات الإنسان، ورشده واستقلاله وبروز مواهبه، ويكون ذلك حقاً لجميع الناس مع مراعاة قانون الملكية الفردية التي أقرها الإسلام، وبدون أن يكون حكراً علي طبقة معينة. فالغني عليه أن يواسي الفقير، ليكون مؤمناً حقاً، ومؤدياً للواجبات التي ألقيت علي عاتقه من قبل الله تعالي وذلك بأداء الحقوق الواجبة والمستحبة في أمواله.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من واسي الفقير، وأنصف الناس من نفسه،

فذلك المؤمن حقاً?().

وعن أبي جعفر عليه السلام قال للوصافي: ?أرأيت من قبلكم، إذا كان الرجل ليس عليه رداء، وعند بعض إخوانه رداء، يطرحه عليه؟?.

قال: قلت: لا.

قال: ?فإذا كان ليس عنده إزار، يوصل إليه بعض إخوانه بفضل إزاره؛ حتي يجد له إزاراً؟?.

قال: قلت: لا.

قال: فضرب بيده علي فخذه، ثم قال: ?ما هؤلاء بأخوة?().

ابدأ بنفسك

ومن كل ما تقدم يمكن القول: إنه يلزم علي كل المسلمين أن يطبقوا (قانون التواصي بالحق وبالصبر)، و(مبدأ المواساة) فيما بينهم، إضافة إلي وحدتهم، فإنها من عوامل الاكتفاء الذاتي للمسلمين من الناحية الاقتصادية، فضلاً عن النواحي الأخري التي أرسي مبادءها رسول الله صلي الله عليه و اله، والأئمة الأطهار عليهم السلام، بتحملهم الآلام والأحزان، وتقديمهم قوافل الشهداء، من أجل تثبيت وتدعيم الدين الإسلامي، ورعاية حقوق المؤمنين، فيجب علي كل فرد في المجتمع الإسلامي، أن يبدأ العمل بنفسه، لكي يضمن حدوث التغيير نحو الأفضل في هذا المجتمع، بشكل كامل وشامل لكل البرامج والمواضيع.

فمن كلام لأمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ?فلو مثلتهم لعقلك.. وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم، علي كل صغيرة وكبيرة اُمِروا بها فقصروا عنها، أو نُهُوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجاً، وتجاوبوا نحيباً، يعجون إلي ربهم من مقام ندمٍ واعترافٍ إلي أن قال عليه السلام في آخر كلامه فحاسب نفسك لنفسك، فإن غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك?().

وقال الإمام عليه السلام أيضاً في كلام له جاء في نهج البلاغة:

?وإنما هي نفسي أروضها بالتقوي؛ لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت علي جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطريق إلي مصفي هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز. ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني

جشعي إلي تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً، وحولي بطون غرثي وأكباد حري، أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داءً أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحن إلي القد

أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش?().

ومن الأمور المهمة في هذه المواساة الاقتصادية: الابتعاد عن اللهاث وراء اقتناء الألبسة والأغذية والمواد التجملية الغربية والشرقية، والعمل بجد والسعي للاكتفاء الذاتي، لنصبح أحراراً في دنيانا.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام في الشعر المنسوب إليه:

كُدّ كَدّ العبدِ إن أحببت أن تُصبح حراً

واقطع الآمال مِن مال بني آدم طراً

لا تقل ذا مكسبٌ يُزري فقصد الناس أزري

أنت ما استغنيت عن غيرك أعلي الناس قدرا ً()

نموذج للاكتفاء الذاتي

لقد ورد أن رسول الله صلي الله عليه و اله عندما هاجر إلي المدينة المنورة ورأي أن اليهود قد نشبت مخالبهم في أهل المدينة وذلك بسيطرتهم علي اقتصاد الناس؛ لأن اليهود كانوا محيطين بالمدينة، وكانت البضائع بأيدي تجارهم وكذلك السلاح، وإن كان السلاح ذلك اليوم لا يتعدي السيف والسهم والرمح وما أشبه.

ورأي الرسول صلي الله عليه و اله أن اليهود أفسدوا أهل المدينة أيضاً، بالخمر والبغاء والشذوذ الجنسي ونحو ذلك.

لذا عمل علي أن ينقذ أهل المدينة من التبعية الاقتصادية والثقافية لليهود، إذ عندما أسر جماعة من المشركين في معركة بدر جعل فداءهم أن يعلّم كل أسير يعرف القراءة والكتابة عشرة من المسلمين بدلاً عن المال.

فقد جاء في التأريخ: أنه كان فداء أسري بدر أربعة آلاف إلي مادون ذلك، أو أن يعلّم غلمان الأنصار الكتابة.

وروي أيضاً: أسر رسول الله صلي الله عليه و اله يوم بدر

سبعين أسيراً، وكان يفادي بهم علي قدر أموالهم، وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلّمهم، فإذا حذقوا فهو فداؤه.

وروي: كان فداء أهل بدر أربعين أوقية، أربعين أوقية، فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين الكتابة، فكان زيد بن ثابت ممن علم().

وهكذا إلي أن استقل المسلمون بعد تعلّمهم القراءة والكتابة بتعليم أنفسهم().

نعم كان المعلم الأول للأمة رسول الله صلي الله عليه و اله بنفسه حيث قال تعالي: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ?().

ثم قال الرسول صلي الله عليه و اله لأهل المدينة: ?اتجروا بأنفسكم?.

قالوا: ليست لنا دكاكين أو محلات للبيع أو رأس مال يعتد به؟!

قال لهم: اجعلوا بسطاً في الشوارع والأزقة، وأعرضوا حاجياتكم عليها.

وهكذا تخلص أهل المدينة من الاستغلال التجاري لليهود.

وبعد ذلك أمرهم الرسول صلي الله عليه و اله أن يذهبوا ويتعلموا صنع السلاح، وذهب بعضهم إلي اليمن وتعلم صنع السلاح، فانقطعت سيطرة اليهود من ناحية السلاح أيضاً.

وكذلك حرّم رسول الله صلي الله عليه و اله بأمر من الله سبحانه وتعالي، الزنا واللواط، والخمر، والقمار، والتي كانت من الأسباب المفسدة التي كان يروجها اليهود بين أهل المدينة قبل الإسلام؛ لأن الفساد يحطم الأمم.

فبهذا العمل حقق الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله للمسلمين الاستقلال الاقتصادي والثقافي والعسكري، وأبعدهم عن الشهوات المحرمة وإتباع النفس الأمارة بالسوء، فحصل للمسلمين الاكتفاء الذاتي، وبعدها أصبحت المدينة المنورة كقاعدة أساسية لانطلاق الدولة الإسلامية الكبري.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?أمنن علي من شئت تكن أميره، واحتج إلي من شئت تكن أسيره،

واستغن عمن شئت تكن نظيره?().

ثورة الهند

ويمكن لنا أن نذكر مثالاً للتواصي والمواساة والاكتفاء الذاتي من خلال قصة تحرير الهند بقيادة غاندي() وذلك في التأريخ الحديث، فخلال ثورة المائة مليون هندي، بقيادة حزب المؤتمر() طلب غاندي من الشعب مقاطعة البضائع الأجنبية كافة وعلي الأخص الإنجليزية منها، وذلك لأجل الوصول إلي تحرير الهند من الاحتلال الإنجليزي، وأمرهم بالامتناع من استيراد الأقمشة وكافة المواد الأخري من خارج الهند، وحتي المواد الأولية التي تدخل في الصناعات الهندية؛ وذلك لغرض تحرير الهند الكامل من التبعية لاقتصاد المستعمر الإنجليزي.

فبذلك ألزم علي كل فرد من أفراد الشعب الهندي أن لا يرتدي الملابس المستوردة، وشجع علي العمل في المعامل الهندية، ومنع العمل في المعامل غير الهندية. ولم يكتف بذلك؛ فبعد أمره هذا قام بتطبيق هذه الأوامر والنصائح أولاً علي نفسه وعلي أهل بيته، لكي يري شعبه مصداقيته أولاً فيقتدوا به، فقام بخلع ملابسه وأحرقها بالنار، أمام جموع الناس المحتشدة، للدلالة علي رفض الأحرار لقيود وأغلال الاستعمار الإنجليزي، وبهذه الطريقة المصداقية والتطبيقية تمكن غاندي أن يحرر الهند بعد جهد وعناء طويل.

الطالب للرزق

قال الإمام الباقر عليه السلام: ?من طلب الرزق في الدنيا استعفافاً عن الناس، وتوسيعاً علي أهله، وتعطفاً علي جاره، لقي الله عزوجل يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر?().

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?المواساة أفضل الأعمال?().

فإن المسلم لا تنحصر مسؤولياته في أدائه الصلاة والصوم والزكاة والحج فقط.. بل من واجباته أيضاً: نصرة المظلوم ومساعدة المحتاج واجتناب الكبائر والصغائر، وجميعها من الواجبات الملقاة علي عاتق كل مسلم ومسلمة من الأمة، فبتوجهنا إلي أداء الأعمال الصالحة وخدمة المجتمع، نصل إلي أعلي مراتب الإيمان والتي بها يفتح الله علي الناس من الخيرات كما جاء في قوله تعالي: ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ

الْقُري آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ?().

فالأساس في نزول النعم ورفع النقم عن الأمة هو الإيمان والتقوي، ومن شُعب الإيمان كما جاء في بحثنا المتقدم : المواساة ونكران الذات، والعمل علي الاكتفاء الذاتي لبلاد المسلمين، فبإحياء روح الأخوة الإسلامية، ووقوف الأغنياء بجانب الفقراء، واستغلال الموارد في داخل الأمة الإسلامية، ورعاية قانون المواساة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، يمكن إحداث نهضة في البلاد والتحرر من قيود الاستعمار، تلك القيود التي جاءت بسبب الحاجة إلي بعض البضائع والمواد الأولية، في حين أننا نملك أكبر ثروة في العالم منحها الله تعالي لأمتنا، ألا وهي الثروة النفطية، والتي مهدنا الطريق للأجنبي ليستولي عليها، ولكي تكون عاملاً مساعداً له في نهضته هو وتأخرنا نحن().

وليكن العمل بهذه الأمور كما أشرنا، هو أن نبدأ بأنفسنا علي التطبيق العملي الصحيح، فنتعامل حسب موازين الإسلام في الأخوة والتعاون والمواساة، مضافا إلي رعاية التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ثم بمجموع ذلك يكون إصلاح المجتمع الكبير إن شاء الله تعالي.

?الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بِقُوَّتِهِ، وَمَيَّزَ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدّاً مَحْدُوداً،وَأَمَداً مَمْدُوداً، يُولِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَيُولِجُ صَاحِبَهُ فِيهِ، بِتَقْدِيرٍ مِنْهُ لِلْعِبَادِ فِيمَا يَغْذُوهُمْ بِهِ، وَيُنْشِئُهُمْ عَلَيْهِ، فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ التَّعَبِ وَنَهَضَاتِ النَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِبَاساً لِيَلْبَسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ جَمَاماً وَقُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً، وَخَلَقَ لَهُمُ النَّهَارَ مُبْصِراً لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلِيَتَسَبَّبُوا إِلَي رِزْقِهِ، وَيَسْرَحُوا فِي أَرْضِهِ، طَلَباً لِمَا فِيهِ نَيْلُ الْعَاجِلِ مِنْ دُنْيَاهُمْ، وَدَرَكُ الآجِلِ فِي أُخْرَاهُمْ، بِكُلِّ ذَلِكَ يُصْلِحُ شَأْنَهُمْ، وَيَبْلُو أَخْبَارَهُمْ، وَيَنْظُرُ كَيْفَ هُمْ فِي أَوْقَاتِ طَاعَتِهِ، وَمَنَازِلِ فُرُوضِهِ، وَمَوَاقِعِ أَحْكَامِهِ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ

أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَي?().

من هدي القرآن الكريم

الإسلام يحث علي المواساة:

قال تعالي: ?لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّي تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون?().

وقال سبحانه: ?وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ

الْمُفْلِحُونَ?().

وقال جل وعلا: ?وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ?().

الإنفاق المالي:

قال عزوجل: ?وَأَنْفِقُوا مِنْ مَّا رَزَقْناكُمْ مِّنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ?().

وقال تعالي: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِّنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ?().

وقال سبحانه: ?وَآتُوهُمْ مِّنْ مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ?().

وقال جل وعلا: ?آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ?().

ابدأ بتغيير نفسك:

قال تبارك تعالي: ?إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ?().

وقال سبحانه: ?ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلَي قَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ?().

وقال عزوجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ?().

وقال جل وعلا: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ?().

الاكتفاء الذاتي:

قال تعالي: ?وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ?().

وقال سبحانه: ?وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ?().

وقال عزوجل: ?مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ?().

وقال جل وعلا: ?إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً?().

من هدي السنة المطهرة

المواساة:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله لأمير المؤمنين عليه السلام: ?يا علي، سيد الأعمال ثلاث خصال: إنصافك من نفسك، ومواساتك الأخ في الله، وذكر الله تبارك وتعالي علي كل حال?().

وعن خلاد السندي رفعه قال: أبطأ علي رسول الله صلي الله عليه و اله رجل، فقال: ?ما أبطأ بك؟?.

فقال: العري يا رسول الله.

فقال: ?أما كان لك جار له ثوبان يعيرك أحدهما؟?.

فقال: بلي يا رسول الله، فقال: ?ما هذا لك بأخ?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?من كان له قميصان

فليلبس أحدهما، وليلبس الآخر أخاه?().

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: ?خصلتان من كانتا فيه وإلا فأعزب ثم أعزب ثم أعزب?. قيل: وما هما؟. قال: ?الصلاة في مواقيتها والمحافظة عليها والمواساة?().

المواساة المالية:

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?مواساة الأخ في الله عزوجل تزيد في الرزق?().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: ?امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها من عدونا، وعند أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها?().

وسُئل أبو عبد الله عليه السلام: ما أدني حق المؤمن علي أخيه؟. قال: ?أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه?().

وسأله رجل: في كم تجب الزكاة من المال؟. فقال عليه السلام له:

?الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟?. قال: أريدهما جميعاً؟.

فقال: ?أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة وعشرون، وأما الباطنة فلا تستأثر علي أخيك بما هو أحوج إليك منك?().

ابدأ بتغيير نفسك:

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ?إن سمت همتك لإصلاح الناس فابدأ بنفسك?(). وقال عليه السلام: ?تولوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها?(). وقال عليه السلام: ?كلما ازداد علم الرجل زادت عنايته بنفسه، وبذل في رياضتها وصلاحها جهده?().

وقال عليه السلام: ?من لم يصلح نفسه لم يصلح غيره?().

الاكتفاء الذاتي:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?إياكم والسرف في المال والنفقة، وعليكم بالاقتصاد فما افتقر قوم قط اقتصدوا?().

وسُئل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله الله تعالي: ?وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ?()؟. قال عليه السلام: ?الكفاف?().

وعن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ?أ تري الله أعطي من أعطي من كرامته عليه، ومنع من منع من هوانٍ به عليه، كلا ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوز لهم أن

يأكلوا قصداً، ويشربوا قصداً، ويلبسوا قصداً، وينكحوا قصداً، ويركبوا قصداً، ويعودوا بما سوي ذلك علي فقراء المؤمنين ويرموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالاً، ويشرب حلالاً، ويركب حلالاً، وينكح حلالاً، ومن عدا ذلك كان عليه حراماً ثم قال: ?وَلاَ تُسْرِفُوَاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين?() أتري الله ائتمن رجلاً علي مالٍ يقول له: أن يشتري فرساً بعشرة آلاف درهمٍ وتجزيه فرسٌ بعشرين درهماً، ويشتري جاريةً بألفٍ وتجزيه جاريةٌ بعشرين ديناراً ثم قال: ?لاَ تُسْرِفُوَاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? ?().

وقال الإمام الحسن العسكري عليه السلام: ?وعليك بالاقتصار وإياك والإسراف فإنه من فعل الشيطنة?().

نشر العلوم الإسلامية:

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?رحمة الله علي خلفائي?.

قالوا: وما خلفاؤك؟. قال: ?الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله، ومن يحضره الموت وهو يطلب العلم ليحي به الإسلام فبينه وبين الأنبياء درجة?().

وقال الإمام الحسن بن علي عليه السلام: ?علّم الناس وتعلم علم غيرك؛ فتكون قد أتقنت علمك وعلمت ما لم تعلم?().

وقال الإمام الصادق عليه السلام: ?قام عيسي بن مريم عليه السلام خطيباً في بني إسرائيل، فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم?().

وقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?تناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله سائلكم يوم القيامة?().

پي نوشتها

() غوالي اللآلي: ج1 ص129 ف8 ح3.

() وذلك في سورة النصر: الآية 3.

() تفسير مجمع البيان للعلامة الشيخ الطبرسي: ج10 ص436 سورة العصر.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص447-448 ب14 ح8623.

() راجع (البلد الأمين) للشيخ الكفعمي: ص349-350.

() راجع الكافي: ج2 ص175 باب التراحم والتعاطف.

() سورة العصر: 3.

() سورة البلد: 17

() لسان العرب: ج15 ص394 مادة وصي.

() بحار

الأنوار: ج7 ص171 ب8.

() سورة العصر: 1-3.

() كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص656 ب58 ح1.

() سورة العصر: 3.

() تفسير القمي: ج2 ص441 سورة العصر.

() بحار الأنوار: ج24 ص215 ب57 ح4.

() كشف الغمة: ج1 ص314 في بيان ما نزل من القرآن في شأنه عليه السلام.

() سورة البلد: 17، سورة العصر: 3.

() المناقب لابن شهر آشوب: ج2 ص120 فصل في المسابقة باليقين والصبر.

() إقبال الأعمال: ص457 ب5 فصل في بعض تفصيل ما جرت عليه حال يوم الغدير.

() كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص656 ب58 ح1.

() سورة البلد: 17- 18.

() بحار الأنوار: ج66 ص364 ب38.

() تفسير القمي: ج2 ص423 سورة البلد.

() أي بجمع تفسير القرآن وتأويله وأسباب نزوله وعلومه، وإلا فالقرآن جُمع في حياة رسول الله صلي الله عليه و اله وبأمر وإشراف مباشر منه صلي الله عليه و اله وبهذا الشكل الموجود بأيدينا اليوم. للتفصيل راجع كتاب متي جمع القرآن؟. للإمام الشيرازي الراحل رحمة الله عليه.

() شواهد التنزيل: ج2 ص483 ومن سورة والعصر ح1158.

() نهج البلاغة، الخطب: 173 ومن خطبة له عليه السلام في رسول الله صلي الله عليه و اله ومن هو جدير بأن يكون للخلافة.

() سورة آل عمران: 144.

() غزوة أحد، معركة وقعت بين المسلمين والكفار علي جبل قريب من المدينة، في شوال من السنة الثالثة للهجرة، وكان أمير المؤمنين عليه السلام آنذاك يبلغ من العمر تسعاً وعشرين سنة. وسبب المعركة أن قريشاً لما كسروا يوم بدر، وقُتل بعضهم وأسر بعضهم، حزنوا حزناً شديداً لقتل رؤسائهم، فتجمعوا وبذلوا الأموال واستمالوا جمعاً من الأحابيش وغيرهم؛ ليقصدوا النبي صلي الله عليه و اله بالمدينة لاستئصال المؤمنين، وتولي ذلك أبوسفيان بن حرب، فحشد وقصد المدينة، فخرج النبي صلي

الله عليه و اله بالمسلمين، فكانت غزوة أحد، وكانت راية رسول الله صلي الله عليه و اله بيد أمير المؤمنين عليه السلام كما كانت يوم بدر، وكان الفتح له أيضاً في هذه الغزوة، وخص بحسن البلاء فيها والصبر وثبوت القدم عند ما زلت الأقدام، وكان له من العناء ما لم يكن لسواه من أهل الإسلام، وقتل الله بسيفه رؤوس أهل الشرك والضلال، وفرج الله به الكرب عن نبيه صلي الله عليه و اله وخطب بفضله جبرئيل عليه السلام في ملائكة الأرض والسماء، وأبان نبي الهدي صلي الله عليه و اله من اختصاصه به ما كان مستوراً. وكانت غزوة أحد قد وقعت علي رأس سنة من بدر، وكان أصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله يومئذ ألف علي قول: وقيل: سبعمائة بعد ما انعزل عنهم عبد الله بن أبي (رأس المنافقين)، وكان المشركون أكثر من ألفين، فخرج رسول الله صلي الله عليه و اله بعد أن استشار أصحابه، وكان رأيه صلي الله عليه و اله أن يقاتل الرجال علي أفواه السكك ويرمي الضعفاء من فوق البيوت، فأبوا إلا الخروج إليهم فلما صار علي الطريق قالوا: نرجع. فقال رسول الله صلي الله عليه و اله: ?ما كان لنبي إذا قصد قوماً أن يرجع عنهم?. انظر المناقب: ج1 ص191 فصل في غزواته صلي الله عليه و اله. كشف الغمة: ج1 ص187.

() سورة آل عمران: 143.

() سورة آل عمران: 144.

() سورة الحجرات: 17.

() تفسير تقريب القرآن إلي الأذهان: ج4 ص45 سورة آل عمران.

() عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس الأنصاري، شهد العقبة وبدراً، جعله رسول الله صلي الله عليه و اله أمير الرماة

يوم أحد، استشهد في معركة أحد ولم يكن له عقب. انظر أسد الغابة: ج3 ص130 حرف العين.

() عين العبرة، للسيد أحمد آل طاووس: ص57.

() رأس المنافقين في المدينة وكان صديقاً لرأس المشركين أبي سفيان.

() بحار الأنوار: ج20 ص27 ب12 غزوة أحد.

() قال زيد بن وهب: قلت لابن مسعود: انهزم الناس عن رسول الله صلي الله عليه و اله حتي لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب وأبو دجانة وسهل بن حنيف؟!

فقال: انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده، وثاب إلي رسول الله صلي الله عليه و اله نفر، وكان أولهم عاصم بن ثابت وأبا دجانة وسهل بن حنيف ولحقهم طلحة بن عبيد الله، فقلت له: وأين كان أبو بكر وعمر؟. قال: كانا ممن تنحي. قلت: وأين كان عثمان؟. قال: جاء بعد ثالثة من الواقعة، فقال له رسول الله صلي الله عليه و اله: ?لقد ذهبت فيها عريضة؟?. قال: فقلت له: وأين كنت أنت؟. قال: كنت ممن تنحي. قلت له: فمن حدثك بهذا؟. قال: عاصم وسهل بن حنيف. قال: قلت له: إن ثبوت علي عليه السلام في ذلك المقام لعجب؟! فقال: إن تعجبت من ذلك، فقد تعجبت منه الملائكة، أما علمت أن جبرئيل عليه السلام قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلي السماء: ?لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتي إلا علي?. قلت له: فمن أين علم ذلك من جبرئيل؟. فقال: سمع الناس صائحاً يصيح في السماء بذلك، فسألوا النبي صلي الله عليه و اله عنه؟. فقال: ?ذلك

جبرئيل?. انظر بحار الأنوار: ج20 ص84 ب12 ضمن ح17.

() بحار الأنوار: ج28 ص22 ب1 ح30.

() سورة الأنبياء: 104.

() سورة المائدة: 117- 118.

() كشف الغمة: ج1 ص110 ذكر

الإمام علي عليه السلام.

() نهج البلاغة، الخطب: 150 ومن خطبة له عليه السلام يومي فيها إلي الملاحم ويصف فئة من أهل الضلال.

() نهج البلاغة، الرسائل: 32 ومن كتاب له عليه السلام إلي معاوية.

() تفسير مجمع البيان: ج2 ص406 سورة آل عمران.

() سورة العصر: 1-3.

() سماك بن خرشة الخزرجي البياضي الأنصاري، المعروف بأبي دجانة: صحابي، كان شجاعاً بطلاً، له آثار جميلة في الإسلام. شهد بدراً وثبت يوم أحد وأصيب بجراحات كثيرة، واستشهد باليمامة، كانت له مشية عجيبة في الخيلاء يضرب بها المثل. نظر إليه النبي صلي الله عليه و اله في معركة وهو يتبختر بين الصفين، فقال: ?هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا المكان?. وكان يقال له: ذو المشهرة، وهي درع يلبسها في الحرب. وذو السيفين لقتاله يوم أحد بسيفه وسيف رسول الله صلي الله عليه و اله، وقيل في نسبه: سماك بن أوس بن خرشة، توفي في 11 للهجرة.

() قال الشيخ الصدوق ?: قول جبرئيل عليه السلام: ?وأنا منكما? تمنٍ منه لأن يكون منهما، فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك، ولم يتمن أن ينحط عن درجته إلي أن يكون ممن دونه. وإنما قال: وأنا منكما ليصير ممن هو أفضل منه، فيزداد محلاً إلي محله، وفضلاً إلي فضله. وقد ذكر هذا الحديث أو مثله في كثير من مصادر العامة، منها: مجمع الزوائد: ج6 ص125، وص122 باب الغزوات، غزوة أحد. والمعجم الكبير للطبراني: ج1 ص318 ح941. وشرح نهج البلاغة: ج14 ص251. ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي: ص121 مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام. وذخائر العقبي: ص68، والرياض النضرة: ج2 ص131. وكنز العمال: ج13 ص143 فضائل علي عليه السلام ح36449. وغيرها كثير.

() علل الشرائع: ج1 ص7

ب7 ح3.

() نهج البلاغة، الخطب: 197 ومن كلام له عليه السلام ينبه فيه علي فضيلته لقبول قوله وأمره ونهيه.

() الكافي: ج2 ص174 باب حق المؤمن علي أخيه وأداء حقه ح15.

() سورة الأنعام: 53.

() تفسير القمي: ج1 ص202 سورة الأنعام.

() جامع الأخبار: ص35 ف17.

() وسائل الشيعة: ج4 ص112 ب1 ح4650.

() الكافي: ج2 ص173 باب حق المؤمن علي أخيه وأداء حقه ح11.

() معاني الأخبار: ص191 باب معني مكارم الأخلاق ح2.

() وسائل الشيعة: ج7 ص108-109 ب41 ح8872.

() بحار الأنوار: ج72 ص181 ب59 ح22.

() الكافي: ج2 ص171 باب حق المؤمن علي أخيه وأداء حقه ح7.

() وسائل الشيعة: ج12 ص203 ب122 ح16092.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص8 باب علة وجوب الزكاة ح1580.

() بحار الأنوار: ج72 ص40 ب35 ح39.

() الكافي: ج5 ص40 باب ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه السلام به عند القتال ح4.

() تحف العقول: ص172 وصيته عليه السلام لكميل بن زياد.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص37 ق5 ب3 ف6 ح8375.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص418 ق6 ب2 ف3 لا تعدن صديقاً ح9563.

() مستدرك الوسائل: ج13 ص131 ب39 ح14991.

() الكافي: ج2 ص145 باب الإنصاف والعدل ح8.

() المؤمن: ص42 ب4 ح96.

() تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص525 ثواب إعطاء الزكاة.

() الكافي: ج4 ص66 باب فضل شهر رمضان ح4.

() البلد الأمين: ص186-187 شهر شعبان.

() لما آخي الله سبحانه وتعالي بين الملائكة، آخي بين جبرئيل وميكائيل، فقال سبحانه وتعالي: إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر أخاه بالحياة دون نفسه. فاختار كل منهما الحياة، فقال عزوجل: أفلا تكونان مثل علي بن أبي طالب حيث آخيت بينه وبين حبيبي محمد، وقد آثرته بالحياة علي نفسه في هذه الليلة،

وقد بات علي فراشه يفديه بنفسه، اهبطا فاحفظاه من عدوه. فهبطا إلي الأرض، فجلس جبرئيل عليه السلام عند رأسه وميكائيل عليه السلام عند رجليه، وهما يقولان: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، من مثلك وقد باهي الله تعالي بك ملائكة السماوات وفاخر بك.

راجع الفضائل لابن شاذان القمي: ص94 خبر عن ابن مسعود.

() إعلام الوري: ص190 ف2.

() الكافي: ج8 ص110 حديث أبي بصير مع المرأة ح90.

() كتاب المزار: ص124 ب55 زيارة العباس بن علي عليه السلام.

() بحار الأنوار: ج45 ص66 ب37.

() مثير الأحزان: ص71 مقتل العباس بن علي عليه السلام.

() هو الملا آقا بن عابد بن رمضان علي بن زاهد الشرواني الحائري المتوفي سنة 1286ه، شيخ فقيه متكلم محقق مدقق، عارف بالفقه والأصول، ولد ونشأ بدربند في طهران، قرأ الفقه علي الشيخ علي بن جعفر كاشف الغطاء، والأصول علي شريف العلماء، وكان له في حب أهل البيت عليهم السلام سيما سيد الشهداء عليه السلام مقام رفيع، وكان يتغير أحواله من اللطم والبكاء وغير ذلك من شدة مصيبته علي الحسين المظلوم عليه السلام خاصة في أيام عاشوراء، توفي في طهران ونقل إلي كربلاء المقدسة فدفن في الصحن الصغير، من أهم آثاره كتاب: إكسير العبادات في أسرار الشهادات، والخزائن، والسعادة الناصرية. انظر الكني والألقاب: ج2 ص228 ? الدربندي?.

() أم البنين فاطمة بنت أبي المجل حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد، ولدت لأمير المؤمنين عليه السلام العباس وعثمان وجعفر وعبد الله، جميعهم استشهدوا بين يدي أبي عبد الله الحسين عليه السلام يوم عاشوراء.

() في الأنوار العلوية للشيخ جعفر النقدي ?: ص443 الناقل عن الأسرار، ذكر: أخواتك، بدل: إخوانك، ولعله هو الأنسب.

() إكسير العبادات في أسرار الشهادات: ج2

ص497 المجلس العاشر في شهادة أبي الفضل العباس عليه السلام.

() راجع بحار الأنوار: ج44 ص391 ب37.

() انظر معالي السبطين: ج1 ص448 باب شهادة العباس عليه السلام.

() شرح الأخبار: ج3 ص193 العباس وأخوته.

() سورة ق: 17.

() سورة الفجر: 27 - 30.

() المحاسن: ص177 ب39 ح161.

() بحار الأنوار: ج44 ص392 ب37.

() بحار الأنوار: ج44 ص392 ب37.

() كلمات الإمام الحسين عليه السلام للشيخ الشريفي: ص484 عن ناسخ التواريخ: ج2 ص377. ومعالي السبطين: ج2 ص19.

() حبيب بن مظاهر الأسدي بن رئاب بن الأشتر بن جخوان بن فقعس الأسدي، أبو القاسم، كان صحابياً رأي النبي صلي الله عليه و اله، ذكره ابن الكلبي، قال أهل السير: إن حبيباً نزل الكوفة وصحب علياً عليه السلام في حروبه كلها، وكان من خاصته وحملة علومه، استشهد يوم الطف.

() كان برير شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن، من شيوخ القراء ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين، وكان يقال له: سيد القراء.

() جاء في أمالي الشيخ الصدوق: وهب بن وهب وكان نصرانياً أسلم علي يد الحسين عليه السلام هو وأمه فاتبعوه إلي كربلاء فركب فرساً وتناول بيده عمود الفسطاط، فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية، ثم استؤسر فأتي به عمر بن سعد (عليه اللعنة) فأمر بضرب عنقه ورمي به إلي عسكر الحسين عليه السلام. وأخذت أمه سيفه وبرزت فقال لها الحسين عليه السلام: ?يا أم وهب، اجلسي؛ فقد وضع الله الجهاد عن النساء، إنك وابنك مع جدي محمد صلي الله عليه و اله في الجنة?. أمالي الشيخ الصدوق: ص161 المجلس30 ضمن

ح1.

() أمثال سليمان بن رزين، أو بن أبي رزين، مولي الحسين عليه السلام، وقارب بن عبد الله مولي

الحسين عليه السلام وسعد بن الحرث الخزاعي مولي علي بن أبي طالب عليه السلام وشوذب مولي شاكر بن عبد الله الهمداني الشاكري، وغيرهم. انظر مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف: ص243.

() وهو أسلم بن عمرو. انظر وسيلة الدارين، للزنجاني: ص428.

() كلمات الإمام الحسين عليه السلام: ص411 باب ليلة عاشوراء، عن معالي السبطين: ج1 ص340 المجلس الثالث في وقائع ليلة عاشوراء.

() بحار الأنوار: ج44 ص192 ب26.

() الكافي: ج2 ص170 باب حق المؤمن علي أخيه وأداء حقه ح3.

() إشارة إلي قوله تعالي: ?وَالّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَيَ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ

الْمُفْلِحُونَ? سورة الحشر: 9.

() وسائل الشيعة: ج9 ص427 ب27 ح12403.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص45- 46 ب105 ح10160.

() الخصال: ص47 باب من كان فيه خصلتان فهو المؤمن حقاً ح48.

() وسائل الشيعة: ج12 ص26 ب14 ح15551.

() نهج البلاغة، الخطب: 222 ومن كلام له عليه السلام قاله عند تلاوته قوله تعالي:

?يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالآصَالِ عليهم السلام رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّه? سورة النور: 36- 37.

() نهج البلاغة، الرسائل: 45 ومن كتاب له عليه السلام إلي عثمان بن حنيف وكان عامله علي البصرة.

() الديوان المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ص210 في الإرشاد إلي الكسب الحلال.

() الطبقات الكبري لابن سعد: ج2 ص24 غزوة بدر.

() للتفصيل راجع تفسير القمي: ج1 ص255 سورة الأنفال، غزوة بدر.

() سورة الجمعة: 2.

() بحار الأنوار: ج71 ص411 ب30 ح21.

() هو موهانداس كرامشاند، زعيم وفيلسوف هندي قاوم احتلال الإنجليز لبلاده، ولد في الهند عام 1869م، اشتهر بلقب المهاتما أي:

ذو النفس الزكية، دعا إلي تحرير الهند من سيطرة الإنجليز بالطرق السلمية واللاعنف، درس القانون بجامعة لندن وعاد إلي الهند، ثم انتقل إلي جنوب افريقيا سنة 1893م حيث اشتغل بالمحاماة، ولم يلبث أن انصرف إلي قضية مواطنيه ضد قوانين التفرقة العنصرية، فبدأ نشاطه السياسي عام 1911م بالمظاهرات التي نظمها ضد القوانين التعسفية التي شُرعت ضد الآسيويين ونجح في إلغائها، وفي عام 1914م سافر إلي لندن لتنظيم وحدة إسعاف هندية تشارك في الحرب العالمية الأولي.

تضمنت معالم سيرة غاندي منذ عودته إلي الهند عام 1915م، فقد نادي بوحدة الجنس البشري تحت نواميس الله داعياً إلي المحبة والعدالة والإخاء بين جميع أفراد الأمة الهندية، واعتمد كثيراً علي توحيد الكلمة بإقامة الأواصر الطيبة بين الهندوس من جهة والمسلمين والمسيحيين من جهة أخري، انتهج سياسة التسامح الطائفي فنجح في ضم ملايين المسلمين إلي حزب المؤتمر الهندي، وذلك خلال عقده المؤتمرات الجماهيرية العديدة، ولكن هذه السياسة أثارت بعض غلاة الهندوس ودفعت أحد هؤلاء لاغتياله في عام 1948م.

ومن أبرز معالم سيرته تزعمه حركة استقلال الهند من الاحتلال الإنجليزي، فقام بتنظيم حركة عدم التعاون عام 1919م، ثم حركة الاضرابات التي شملت كل الهند، وتلا ذلك تنظيم العصيان المدني ومقاطعة البضائع الأجنبية، قبض عليه مرات عدة والقي في السجن، وفي عام 1930م نظم المسيرة الكبري وعارض قانون احتكار الملح فسجن علي إثرها، وفي عام 1942م قاد حملة العصيان المدني الثانية التي أدت به إلي السجن أيضاً. استحدث غاندي في نضاله ضد الاستعمار عدة أساليب أبرزها المقاومة السلبية بدون عنف، ثم سياسة عدم التعاون بالامتناع عن العمل، ثم العصيان المدني التي شملت الامتناع عن دفع الضرائب، ثم مقاطعة البضائع الأجنبية بإحراقها علناً، ركز في تلبية

الحاجات المعيشية عبر الاكتفاء الذاتي والعودة إلي الإنتاج الوطني، ويعتبر غاندي من أبرز دعاة السلام في القرن العشرين.

() أقدم وأكبر الأحزاب الهندية، تأسس عام 1885م، كان الحزب في بداياته يمثل طبقة الشباب الهندي المتعلم من ذوي الميول الغربية، وأغلب أعضائه من المعلمين والمحامين وكان قاصراً علي الهنود الهندوس، فلم ينضم إلي عضويته أفراد من الطوائف الأخري، وفي بدايات تأسيسه كان غالباً ما يؤكد علي ولائه إلي بريطانيا الدولة المستعمرة للهند، ولهذا كان موضع تقدير وتشجيع من نائب ملك بريطانيا اللورد دوفرين. تحول الحزب إلي مؤثر كبير في السياسة الهندية خاصة بعد عام 1916م متأثراً بتعاليم المهاتما غاندي، الذي كان من كبار القياديين في الحزب، فأصبح برنامجه الرئيسي هو المطالبة باستقلال الهند عن بريطانيا، فانتهج سياسة عدم التعاون مع البريطانيين، فبدأت مرحلة مفاوضات طويلة أثمرت استقلال الهند من الاستعمار البريطاني. اجتمع أول برلمان هندي عام 1947م مثل فيه حزب المؤتمر الغالبية العظمي من أعضائه، بعد اغتيال غاندي تزعم الحزب جواهر لال نهرو فتوجهت سياسة الحزب إلي الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والزراعي، لازال هذا الحزب يمثل الأغلبية في الشارع الهندي.

() الكافي: ج5 ص78 باب الحث علي الطلب والتعرض للرزق ح5.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص446 ق6 ب4 ف5 ح10223.

() سورة الأعراف: 96.

() إذ تشير الدراسات والإحصاءات إلي أن الأمة الإسلامية تمتلك ثروات استراتيجية كبيرة وأهم هذه الثروات: النفط والغاز والأرض والزراعة وثروات معدنية مثل الحديد والنحاس والفوسفات وغيرها، حيث يختزن ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط في الأراضي الإسلامية، و5ر22% من الاحتياط العالمي للغاز، ويشكل النفط 65% من احتياجات أوروبا و80% من احتياجات اليابان و15% من احتياجات الولايات المتحدة. بالإضافة إلي تمتع العالم الإسلامي بموقع استراتيجي هام بالنسبة للتجارة

العالمية وبمزايا مهمة يصعب علي القوي المعادية فرض سيطرتها عليه بالكامل مما يجعل لديه عمقاً استراتيجياً مهماً في أية استراتيجية إسلامية ودولية.

() الصحيفة السجادية: الدعاء رقم 6 وكان من دعائه عليه السلام عند الصباح والمساء.

() سورة آل عمران: 92.

() سورة الحشر: 9.

() سورة البقرة: 237.

() سورة المنافقون: 10.

() سورة البقرة: 254.

() سورة النور: 33.

() سورة الحديد: 7.

() سورة الرعد: 11.

() سورة الأنفال: 53.

() سورة المائدة: 105.

() سورة الحشر: 18.

() سورة الأنبياء: 80.

() سورة الأعراف: 31.

() سورة المائدة: 66.

() سورة الإسراء: 27.

() مستدرك الوسائل: ج5 ص285 ب1 ح5865.

() وسائل الشيعة: ج12 ص27 ب14 ح15553.

() مكارم الأخلاق: ص471 ف5 في وصية رسول الله صلي الله عليه و اله لأبي ذر ?.

() الخصال: ج1 ص47 باب الاثنين ح50.

() بحار الأنوار: ج71 ص395 ب28 ح22.

() أعلام الدين: ص130 باب صفة المؤمن.

() مستدرك الوسائل: ج7 ص212 ب26 ح8066.

() الكافي: ج3 ص500 باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ح13.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4765.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4767.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4768.

() غرر الحكم ودرر الكلم: ص237 ق3 ب2 ف1 ح4772.

() تفسير مجمع البيان: ج8 ص394 سورة الأحزاب.

() سورة البقرة: 219.

() تفسير العياشي: ج1 ص106 ح316 سورة البقرة.

() سورة الأعراف: 31.

() وسائل الشيعة: ج11 ص499 ب23 ح15370.

() كشف الغمة: ج2 ص424 باب ذكر طرف من أخبار أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام.

() مستدرك الوسائل: ج17 ص300 ب8 ح21403.

() كشف الغمة: ج1 ص571 باب ذكر الإمام الثاني أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام.

() الكافي: ج1 ص42 باب بذل العلم ح4.

() أمالي الشيخ الطوسي: ص126

المجلس5 ح198.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.