كيف تدير الأمور

اشارة

اسم الكتاب: كيف تدير الأمور

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

مقدمة المؤلف

هذا الكتاب (كيف تدير الأمور؟) انبعاث طبيعي عن الوضع الإجتماعي الذي نعاشره، نحن المسلمين، في هذا النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري فقد فكرت طويلا، في العلاج، واستشرت كثيرا من الأصدقاء، وأخيرا وصلت إلي بعض الأسباب، أو بالأحري: أنني ظننت أنها بعض أسباب التأخر و الإنحطاط

وهذا الكتاب يعالج جانبا واحدا من تلك الجوانب، التي قادت الاستشارة والتفكير إليها ولست أعلم كم لهذا الكتاب من الاعتبار في نظر الواقع ومتن الحقيقة

وإنما كان ير في هذا الكتاب أن أبين ما وصل إليه فكري عند التحري عن الحقيقة في سبب التأخر و الإنحطاط

والكتاب كما يشير إليه اسمه، محاولة متواضعة في أبسط ظاهرها،لبيان كيفية إدارة الأمور، لمن أنيطت به الأمور، أو كان في صراط أن تناط به فإذا كانت عقيدتنا حقه مائة في مائة.. والأفراد مسلمون.. والمنابع الاقتصادية تتفجر في أراضينا.. ومنطقتنا وسط نوعا ما مما يسبب إحتياج أهل العالم إليها.. ونظامنا أحسن نظام تلي علي البشر، أو يتلي من بعد تلاوة سماوية في صورة دين أو تلاوة أرضية في صورة قانون- فما هو سبب التأخر و الإنحطاط يا تري

إن من أسباب التأخر (عدم الإدارة) فإننا عاجزون عن إدارة الأمور علي وجه الصواب، كالذي يعجز عن البناء، فإنه لا يتمكن أن يبني القصر، وإن توفرت لديه مواد الإنشاء في أحسن صورها، وكل رجائي أن يتقبله الله بقبول حسن، وأن ينفعني وسائر إخواني به، ويجعله فاتحة سلسلة، توقظ أصحاب الآلام لهذا التأخر المشين- لكل السلسلة وهو المستعان

محمد المهدي الحسيني

دور الإدارة في الحياة

يقال: إن الإمام المجدد الحاج السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي

قدس سره قال ذات مرة: الرئاسة- ويقصد منها المرجعية الدينية تحتاج إلي مائة جزء: جزء علم وجزء عدالة … وثمانية وتسعون

جزء الإدارة،راجع: هدية الرازي

وهذا الكلام صحيح جدا، فإنا نري توفر العلم والعدالة، في كثير من الأشخاص، ثم لا نراهم مراجع لإدارة أمور المسلمين، فماذا الذي كان ناقصا فيهم، حتي تأخروا،إن النقص كان في ناحية الإدارة

أما قوله: ثمانية وتسعون جزء، فهذا من قبل ا لتأكيد علي هذه النقطة المهمة

والاحتياج إلي (الإدارة) ليس خاصا بمرجع التقليد بل هو عام لكل من يناط به أمر، أو يكون في الطريق إلي الإناطة

فالملك، ورئيس الجمهورية، والوزير، ومدير المدرسة، ورئيس الصحة، وأمام الجماعة، ومدير المجلة والواعظ.. إلي: ساعي البريد، والطباخ. كلهم يحتاجون إلي (الإدارة) فان حسنت إدارتهم، تمكنوا أن يقوموا بالمهمة بخير وسلام وتقدم،وإلا فالوقوف، ثم الإنحطاط، إلي حيث الجمود الأبدي

كما أن الإنسان الحسن الإدارة، يتقدم مرحلة فمرحلة، حتي ينتهي إلي غاية ما فوقها مرحلة، إن سار في مثل هذا الخط، كمن يبتدئ طالب علم متواضع ثم ينتهي إلي مرجع عام للمسلمين، أو إلي آخر مراحل خط سيره، كالتلميذ المتواضع في الصف الأول ينتهي إلي وزير المعارف. هذا بالنسبة إلي الخط التصاعدي، أما بالنسبة إلي من تربع في قمة (صدفة) وهو سيء الإدارة فالأمر لا يخلو من أثنين

ا- أن لا تصحبه القوة، وجزاء هذا أن ينفض الناس من حوله صراعا فتتلاشي إدارته

ب- أن تصحبه القوة، وهذا يزاح عن منصبه بقوة مقابلة، تحصلها الفئة التي تؤثر فيهم سوء إدارته ولذا قيل: يتمكن الإنسان أن يصنع بالحراب كل شيء، ولكن لا يتمكن أن يجلس عليه

ولما ذكرناه أمثلة شاهدة علي صدق المقال أضربنا عنها صفحا

الإدارة:

ا- تأتي بالقدرة،

ب- تحفظها،

ج- تنميها،

د- تأتي بأفضل النتائج

ه- في أقصر وقت،

و- بأقل قدر من المصاعب

الإدارة، غريزة أم اكتساب

الصفات النفسية، كأعضاء البدن، في حالة (خامات) قابلة للنمو، فكما أن اليد في الطفل تنمو

رويدا رويدا، حتي تنتهي إلي قدرها المعين، في الطول والعرض، والكيفية والمزايا.. كذلك علم الطفل، قابل لأن ينمو،. حتي يصبح علما من كبار أعلام المعرفة وهكذا بالنسبة إلي سائر الصفات والغرائز

والصفة مثل،العضو، في:

ا- أن نموها يحتاج إلي الغذاء، فكما أن اليد لا تنمو، إذا انقطع

عنها الغذاء، كذلك العلم لا ينمو إذا لم نتعلم

ب- إن لكل منهما قدرا خاصا من النمو، وغاية إذا وصل إليها توقف، فكما أن اليد لا تصير بالغذاء أذرعا، كذلك العلم، لا يمكن أن ينتهي إلي علوم كثيرة مهما جد المتعلم وتعب وطال عمره

بينما أن (الصفة) تخالف (العضو) في: إن من الممكن بقاء الصفة في حالة بدائية- فمن لم يتعلم يبقي جاهلا- بخلاف العضو فانه إذا انقطع عنه معين الغذاء ضمر، ومات وأحسن (الإدارة) من،الصفات

فهي بالنسبة إلي حدودها- في الجملة غريزة فمثلها في مختلف الأفراد مثل الفرق في الذكاء بين الإنسان الفطن والبليد

بينما أن الإدارة بالنسبة إلي البدائية و النمو الممكن اكتساب

لكن اكتساب (حسن الإدارة) يحتاج إلي طول جهاد، وكثرة تعلم، وزيادة ممارسة، وإلا بقيت في أواسط المراحل الممكنة

كالعلم- عينا- قابل للامتداد، ان اتصل معينه، وقابل للوقوف، في مراحل توسطية بين المبدأ والمنتهي، بقدر ما زود من الوقود

وها نذكر نقاط مهمة علي من يريد،حسن الإدارة، أن يراعيها بكل شدة وعناية، وبقدر مراعاة هذه النقاط، تتحسن الإدارة، كما أن بقدر إهمالها، تسوء الإدارة فعلي الإنسان إذا أراد،حسن الإدارة، أن يواظب مدة مديدة، بكل إلتفات ودقة، هذه النقاط، حتي تصبح الإدارة الحسنة، بمراعاة هذه النقاط، في كل مناسبة ملكة له، يصدر الإنسان منها بكل عفوية، كسائر الملكات، مثلا: الحفظ، إبتداء أمر صعب، لكن الحافظ إذا واظب علي قراءته، وحفظه، مدة مديدة، يصبح المحفوظات ملكة

له، يصدر منها عفويا، ولو انشغل في أثناء القراءة بشيء آخر، وذهل عن الإلتفات إلي ما يقرأ

وإذا وصل الإنسان إلي هذه المرتبة، لم يكن ضبط النفس وحسن الإدارة يكلفه رهقا، بل يأتي منه، في كل مناسبة عفوا، حتي يصبح خلاف ذلك أمرا شاقا صعبا عنده

الصبر

اعتياد الصبر علي المكاره، فإن الإدارة تستلزم المكاره، سواء من الرؤساء، أو الزملاء، أو المرؤوسين، أو نفس الأعمال، فبدون الصبر لا يتمكن الإنسان من إنجاز إدارته علي وجه حسن

فغالبا الرؤساء يتوقعون من الإنسان أشياء، ليس بإمكانه الإتيان بها، فإذا صبر علي توقعاتهم، ولم يظهر التبرم والضجر، يتلاشي طلبات الرؤساء ويبقي هو ممدوحا لحسن إدارته كما أن الغالب كون الزملاء في صدر الحسد وحساب الزلة وتكبير العثرة، فإن صبر الإنسان عليهم تلاشت أتعابهم في تحطيمه، وبقي هو مرفوع الرأس لحسن إدارته، والمرؤوسون، كثيرا ما لا يطيعون الإنسان فيما يأمر وينهي، مما يسبب تأثر أعصابه، وانحراف بعض الأعمال فإن صبر عليهم، خرج من المعركة ظافرا، وإلا سقطت إدارته، ووصم بضعف الإدارة

أما طبيعة العمل، فمن الأعمال اللازمة في مهمة الإنسان، قد لا

يتأتي بيسر وسهولة فإن صبر الإنسان حتي أنجز تلك الأعمال وصل إلي القمة، وإلا فشل، ودل ذلك علي ضعف إدارته. وإذا نظر الإنسان إلي المديرين الناجحين، رآهم يتحلون بهذه الصفة (الصبر) في حسن إدارتهم

السكوت في مواقف معينة

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (السكوت) فإن النتائج تترتب علي الأعمال لا علي الأقوال، والقول في غير موضعه- كثيرا ما يسبب الفشل

والسكوت إنما يكون عن أمور

أولا- عن الانتقاد، فلا يفتح الإنسان فاه، بانتقاد إنسان مربوط بالعمل أو غير مربوط به، فإن انتقاد الإنسان المربوط بالعمل وإن كان حقا- يثيره، مما يسبب التقليل من نشاطه، أو قيامه ضد المنتقد، وانتقاد غير المربوط بالعمل يسبب إثارته بما لا داعي له فيؤثر كلام ذلك المنتقد في أعصاب هذا المنتقد وينتقص منه وكلا الأمرين موجب لضعف الإدارة، أما الاجتماع

ثانيا- عن الانتقاد الموجه إليه، فإنه مهما بلغ الانتقاد، لا يؤثر

في الإنسان، إذا سكت بخلاف ما إذا أجابه

المنتقد بالرد، فإنه يصرف النشاط بلا فائدة، والناس دائما مع الساكت، فإذا تكلم كانوا له أو عليه

ثالثا- عن الهدر في الكلام، مما يبتلي به كثير من أصحاب الأعمال وقد كان أحد أحزاب (إندونيسيا) الكبار، شعارهم: قلة الكلام وكثرة العمل، وما أجمله من شعار؟ وفي المثل،العمل بكل صمت وهدوء علامة النجاح، أما من يتكلم لإنجاز مهمة بقدر الضرورة فإن الكلام في مثل هذا الموقع ضروري وليس المقصود من السكوت، الذي نجعله من شرائط حسن الإدارة، المنع عن مثل هذا الكلام المضطر إليه

المعرفة الشمولية

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة،معرفة مداخل الأمور ومخارجها فقد جعل الله سبحانه لكل شيء سببا، وجعل لكل مشكلة حلا وجعل من كل عويصة مخرجا، والرجل في إدراته، كثيرا ما يريد غاية، أو يريد الخروج عن مشكلة، فإن توصل إلي سبب تلك الغاية أنجزها بسلام، وكذلك ان توصل إلي وجه الحل لتلك المشكلة خرج منها مرفوع الرأس أما إذا لم يعرف المداخل والمخارج، فلا يصل إلي الغاية، ولا يعرف حل المشكلة، وبذلك يفشل، وإليك مثلا لذلك، إذا كنت تريد السفر. فأن عرفت كيف ينبغي أن تستأجر السيارة؟ وممن؟ وصلت إلي المقصد، وإلا بقيت في مكانك.. وإذا عطبت السيارة في أثناء الطريق. فأن عرفت كيف تصلحها؟ وصلت إلي المقصد، وإلا بقيت في الصحراء. ثم أن معرفة مداخل الأمور ومخارجها ليس بالأمر اليسير، وإنما هذه (النقطة) من نقاط حسن الإدارة تحتاج إلي مزيد من العلم والتجربة والوعي والاستشارة

وكثيرا ما يكون هناك أسباب، أو حلول، فاللازم علي الإنسان أن يري أفضلها، وإلا لم يتسم بحسن الإدارة، مثلا إذا كانت الطرق إلي بلدة متعددة كان أقربها وأيسرها هو الأفضل، وإذا كانت المشكلة لها طرق في الحل كان أجملها

وأسهلها هو الأفضل

حسن التجربة

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة،الاستمرار في مطالعة أحوال العظماء المديرين فإن حياتهم تنير للإنسان كيفية الإدارة، فكما أن التجارب للإنسان نفسه، تنير طريقه في المستقبل، كذلك التجارب التي جربها غيره، فإن الأمور نظائر وأشباه. والحلول، السابقة هي الحلول اللاحقة

فإذا درس الإنسان أحوال العظماء، عرف منهم كيفية الإدارة، والحلول الصحيحة المريحة، أما إذا لم يطالع واعتمد علي نفسه، كان كمن يريد بناء الدار بدون التعلم من أستاذ، فهل من الممكن أن يبني دار جميلة، اعتمادا علي ذوقه؟ ومن الملحق بهذا الفصل، مطالعة الكتب النافعة، فإن الإدارة مثلها مثل نهر جار انما يتكون من قطرات، وهذه القطرات إنما تتجمع من ألف حكمة وحكمة ومائة تجربة وتجربة. واللازم الاستمرار في المطالعة، لأجل أن الانقطاع عنها، كانقطاع الشجرة اليانعة من الماء، فكما لا يكفي لا بقاء الشجرة حية، مدة من السقي، فإنه إذا أنقطع عنها الماء تجف كذلك المعرفة تحتاج إلي استمرار معين للتعلم، فإنه بالانقطاع يكون الجفاف، وهناك سوء الإدارة فالفشل

ترجيح الأهم علي المهم

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (ترجيح الأهم علي المهم)فإنه في كثير من الأحيان تتعارض المصالح، فأيتها تقدم؟ أو تتعارض المفاسد فأيتها لا بد منها اضطرارا

فعلي الإنسان، أن يقدم الأكثر صلاحا، أو الأقل فسادا، وإلا

فاته الأصلح، أو وقع في الأفسد، وكلاهما يوجب ضعف الإدارة

مثلا هناك عامل نشيط يفيد المعمل نشاطه، لكنه غير نزيه

فعلي المدير، أن يري أيهما أرجح: هل بقاء العامل في المعمل لنشاطه؟ أو إقالته لعدم نزاهته؟ معتمدا في ذلك المقارنة والفكر والعقل فقد يكون عدم نزاهته يوجب وصمة المعمل أو عدوي إلي سائر العمال، أو نقصا كبيرا في الربح- لأنه خائن- وهنا يقدم المدير فصله علي بقائه، وقد يكون عدم نزاهته لا يضر إلا

نفسه، وهنا يرجح بقاءه. وأمثال هذه الأمور تترائي للمدير، في كل خطوة، فإن لم يعمل بالحزم، في اختيار الأصلح ضعفت إدارته، بل ربما آل إلي الانهيار

العفو

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (العفو) فإن الإنسان مهما

بلغت رتبته- باستثناء المعصوم- يكون معرضا للأخطاء. وربما أخطاء فادحة

فإن أراد المدير- أخذ الناس بأخطائهم، لم تستقم له الإدارة،يقول الشاعر

ولست بمستبق أخا لا تلمه

علي شعث أي الرجال المهذب

وربما يبدو هذا الشرط- لمن لم يبتل بالإدارة- تافها، لكن المبتلي بالإدارة يعرف ما لهذا الشرط من قيمة

وليس اعتباطا أمر الله سبحانه ورسوله بأخذ العفو، حيث يقول

عن شأنه: - خذ العفو.. وأمر بالعرف.. واعرض عن الجاهلين

وليس المراد العفو مطلقا، حتي ما يوجب فساد المرؤوس، أو

شلل العمال، بل المراد العفو مهما أمكن، فإن كثيرا من المديرين يتصفون بطيش يفسد عليهم إدارتهم وكثيرا ما يسبب العفو نجاحا وتقدما لا يمكن أن يوجد في الأخذ والعقوبة واستمع إلي كلام الإمام المرتضي (عليه السلام): عاتب أخاك بالإحسان إليه

التركيز علي المهم من الأمور الإدارية

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (تنفيذ المدير رأيه في كبار الأمور وإيكال صغارها إلي مرؤوسيه): فإن في كل إدارة أمور مهمة كبار، وأمور غير مهمة صغار، مثلا: بالنسبة إلي مرجع التقليد، من كبار الأمور: تعيين الوكيل في قطر من الأقطار، ومن صغار الأمور إعطاء فقير مستعطي دينار أو دينارين،فمن حسن الإدارة، أن يتكل المرجع إلي نظر نفسه في تعيين الوكيل وإيكال الكمية المعطاة إلي ذلك الفقير المستعطي إلي نظر وكيله- الواثق منه طبعا

وذلك، لأن المدير لو استبد بكل الأمور، كان جرحا لأنظار مرؤوسيه، مما يسبب برودهم، وكسلهم، فيتفرد المدير بالإدارة، ولو أوكل كبار الأمور إليهم، كان ضياعا وخبالا، فمن حسن الإدارة توزيع الأمور بهذا النحو

والمطالع في سيرة رسول الإسلام،صلي الله عليه وآله وسلم يشاهد هذا الأمر بكل وضوح، فإنه كان ينفذ رأيه الحكيم في الأمور الكبار أما الأمور الصغار التي يصح كل وجه منها،

فكان يكلها إلي أنظار أصحابه، و لذا لم يقبل شفاعة أبي سفيان في قصة تجديد المعاهدة، بينما قبل الشفاعة في أبي سفيان من عمه العباس، في قصة فتح مكة إلي غيرها من القصص والأمثال الكثيرة

(10)

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (تنظيم الأمور وتوزيعها) فقد قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): الله الله في نظم أمركم فإن المرؤوسين إذا عرفوا تكليفهم، فإن قاموا به جوزوا بالجزاء والثناء، وإن لم يقوموا به، جوزوا، بعد أن عرفوا كونهم مسيئين

أما بدون التنظيم، والتوزيع، فالأمور تبقي مجمدة، والغايات تبقي بعيدة وذلك من أفظع أنواع الفشل في الإدارة

والتنظيم والتوزيع للأعمال، وإن كان يلاقي المنظم لها صعوبة وصدا في ابتداء الأمر، لكن النتائج الطيبة التي يجنيها الإنسان من هذا الأمر فوق ما يتصور، أرأيت البناء: كيف يوزع الأعمال علي عماله؟ وأرأيت مدير المدرسة كيف يوزع حصص الدرس علي المعلمين؟ وأرأيت صاحب المطعم كيف ينظم عماله ويوزع عليهم القيام بالمهام؟ إن هذا عام لكل إدارة ولكل مدير، وأنجح المديرين من يفعل ذلك بكل دقة و إتقان

وبعد التوزيع والتنظيم.. يحتاج المدير إلي مراقبة مستمرة للعمال، ليقوم كل بقسطه من العمل، وإلا فإصدار الأوامر، وتخطيط الخرائط، لا تغني فتيلا

التفكر الدائم

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (التفكر الدائم) في مختلف الأداء وتحليل التجارب، والتعمق في الأمور، واستخراج النتائج فقد قال الإمام المرتضي عليه السلام: - الفكر مرآة صافية فربما يكون الإنسان متحيرا في أمر لا يهتدي سبيلا إلي وجه الصواب فيه، فإذا تفكر، وأجال الرأي، وجد السبيل السوي، والصراط المستقيم

والإنسان بالتفكر الدائم ينمي في نفسه ملكة الفكر، وبذلك يكون ذا آراء صائبة ومن المعلوم أن المدير كثيرا ما تستشكل عليه الأمور، وتتضارب لديه وجه العمل فإذا

كان ممن اعتاد التفكر الدائم حل أكثر المشكلات، وبذلك يتسم بحسن الإدارة، ويخفف علي نفسه مشاق كثيرة، ومشاكل جمة

التخطيط الإداري

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (التخطيط) فإنه كما يحتاج المعمار إلي تخطيط البناء قبل الشروع في العمل، وكما يحتاج صاحب المعمل إلي تخطيط المعمل قبل نصب المكائن وتركيب الأجهزة والآلات، كذلك يحتاج من أنيط به أمر، لإدارته إلي تخطيط عمله قبل الشروع فيه، فإن فعل ذلك وفر علي نفسه أتعابا كثيرة وجاء المعمل منظما جميلا

وإلا تعب كثيرا، وجاءت النتيجة مشوهة أو غير جميلة- علي الأقل

ومن المعلوم أن تخطيط كل شيء بحسبه، فتخطيط إدارة الحكم له شكل وتخطيط إدارة المدرسة له شكل، وتخطيط إدارة الأمور الدينية له شكل وتخطيط الحرب له شكل وهكذا

حسن الأخلاق

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (حسن الأخلاق) فإن الأخلاق الحسنة بلسم علي كل شيء والمدير يحتاج إلي هذا البلسم أكثر من غيره لأنه يريد تقديم الاجتماع، وذلك لا يكون إلا بالأخلاق فإن الانسان مركب من لحم ودم، وقلب وروح، وكلها تحتاج إلي الأخلاق، من رفق وعطف وتبسم وسلام وغيرها

وما أجمل ما مثل لذلك، حيث قالوا: كان إخوان لهما أهل وكان أحدهما يبيع خل العنب، وكان الآخر يبيع دبس العنب، لكن بائع الخل كان في رفاه وسعة، وبالعكس من بائع الدبس حيث كان في ضنك، وذات مرة أرادت زوجة بائع الدبس، تعرف السبب في ذلك؟ فجاءت حتي وقفت علي دكان زوجها، فرأت أنه يسيء معاملة الزبائن مما يسبب انقطاعهم عنه، بينما رأت أن بائع الخل يحسن المعاملة بكل طلاقة وجه، وتسهيل في البيع، مما يحبب الزبائن و يكثرهم

وظهرا حيث رجع زوجها إلي الدار، قالت: إنك تبيع الدبس الحلو، حامضا وأن أخاك يبيع الخل الحامض حلوا

فكثيرا ما تقع إدارة تقدمية بيد سيء الأخلاق فيجمدها، بينما تقع إدارة جامدة بيد حسن الأخلاق فيوسعها ويقدمها

التمتع بروح الانطلاق

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة، التطلع علي أحوال الأشخاص بروح منطلقة متطلعة، بدون ترتيب الأثر علي ما يبدو له من

العورات، (إلا من جهة الإدارة) فإن الإدارة تحتاج إلي الرجال مهما كانت نوعها، والرجال إن لم يعرفهم المدير بمختلف مستوياتهم لا يتمكن من تسيير دفة الإدارة بجودة وحسن

مثلا، صاحب المصرف، لا بد أن يعرف الذي يفي دينه ممن

يأكل أموال الناس، ومن عنده المال القابل للحجز ممن ليس عنده.. والمرجع الديني يجب أن يعرف التقي العالم الذي يصلح للوكالة والإمامة من غيره.. والمدير للمدرسة يجب أن يعرف المعلمين حتي يتمكن أن يستخدم الصالح، ويترك

الطالح، إلي غيرهم

هذا بالنسبة إلي الشق الأول، من هذا الفصل: التطلع علي أحوال الأشخاص بروح منطلقة متطلعة، ومرادنا من (الانطلاق والتطلع) عدم الجمود في الإطلاع، وعدم السرف والتفريط في المعرفة بالتعمق غير اللازم، أو الانغلاق فيما يحتاج إلي توسع المعرفة

وأما الشق الثاني من هذا الفصل: بدون ترتيب الأثر علي ما يبدو له من العورات إلا من جهة الإدارة

فإن في الناس عورات، إذا فحص الإنسان عن أحوالهم اطلع عليها

وبعض الأشخاص يشهرون السنتهم، في التنقيص أو ما أشبه علي،من اطلعوا عليه، وهذا خلاف (حسن الإدارة) بل اللازم أن يتخذ الانسان اطلاعه وسيلة لتجنيب إدارته عن العطب لا لشهر لسانه علي الناس والجمع بين هذين الشقين (التطلع، وعدم ترتيب الأثر..) من أهم النقاط في حسن الإدارة وقد أمر الإمام (عليه السلام) ولده إسماعيل اجتناب مشاركة من تلوكه الألسنة قائلة أنه يشرب الخمر- بالنسبة إلي معاملته الشخصية- فيما ورد في الحديث (كذب سمعك وبصرك عن أخيك) فإن شهد سبعون قسامة أنه قال شيئا، و قال: لم اقله، فصدقه وكذبهم، والقصة مذكورة في، رسائل شيخنا المرتضي رحمه الله وغيره. فحديث إسماعيل يشير إلي الشق الأول، وحديث (كذب..) يشير إلي الشق الثاني

عدم إظهار الضعف أو القوة

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (عدم إظهار الضعف، ولا القوة) وهذا باب طويل نكتفي منه بمثالين: مثلا، رئيس الحكومة بالنسبة إلي قواه العسكرية

إن أظهر الضعف كان خليقا بانقضاض الأصدقاء، وتجري الأعداء، وإن أظهر القوة، كان خليقا بإثارة الأصدقاء حسدا، و تحفيز الأعداء إلي الاستعداد أكثر فأكثر

ثم إن وقعت محاربة،فمظهر القوة.. إن انتصر لم يكن لانتصاره حلاوة، لأنه كان منتظرا منه، وإن فشل، كان مثار سباب وتحقير: يقولون له لم أظهرت كذبا، وخدعت الناس؟ ومظهر الضعف، إن انتصر كان

في الأنظار كالكاذب، وإن فشل أخذ بأنه لم حارب مع علمه بضعفه؟ ولم لم يهيء ما يكفي لصد عدوه

ومثلا: مدير المدرسة، إن أظهر الضعف في إدارته، سحب الآباء أبناءهم عن المدرسة مما يورث الفشل، وإن أظهر القوة كان مثارا للتوقع المتزايد، حتي أنه كيفما ربي التلاميذ، كان دون مقدار توقع الناس

فالإنسان يجب عليه أن يحكم أموره إلي أبعد حد، ولكن ليسكت

عن ذلك، ولذا ورد في المثل، إذا قدرت أن تكون أحكم الناس، فكن ولكن لا تقل للناس ذلك، ومن هذا الباب (الفرح والحزن) و الغني والفقر و العلم والجهل وما أشبه ذلك

فإذا أظهرت نقاط قوتك أكثرت المتوقعين منك- ولا داعي لذلك- وإذا أظهرت نقاط ضعفك، أكثرت المزدرين عليك- ولماذا تزيد الازدراء علي نفسك؟- إنك إن أظهرت الفرح أثرت أعدائك، وحسدك أصدقاؤك، وإن أظهرت الحزن أحزنت أصدقاءك، وفرحت أعدائك. وهكذا بالنسبة إلي سائر نقاط الضعف والقوة

وما أشد ضبط النفس بين هاتين النقطتين،فإن الناس- غالبا تبطرهم القوة، فيظهرونها، أو يضعفهم الإنحطاط والضعف، فيبدونه وهذا بالنسبة إلي الإنسان العادي مضر، فكيف بالمدير

التعامل مع قرار الفصل

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة،أن يكون الفصل بسلام، ورد في الحديث أن أعجز الناس من عجز عن كسب الأصدقاء، وأعجز منه من إذا كسب الصديق لم يتمكن من حفظه، وهذا صحيح

مائة في المائة، فعلي الإنسان أن يكسب الأصدقاء بكل ما أوتي من حول وطول، وأن يحافظ بكل قوة علي أصدقائه، فإن الأصدقاء بمنزلة أجنحة الإنسان، يطير بهم إلي شأن عال، وفي المثل،إن ألف صديق قليل، وإن عدوا واحدا كثيرا

لكن طبيعة الإدارة والعمل، توجب انفصال بعض الأصدقاء،لجرم اقترفوه مما يجعل الصالح فصلهم بيد المدير، أو لانفصالهم بأنفسهم لما يظنون من نقص وخلل في المدير أو في

العمل ذاته وهذا شيء لا يمكن الوقوف والحيلولة دون وقوعه

وإنما اللازم بعد محاولات عدم الانفصال، في كلتا الصورتين إتباع أمرين

الأول: كون الفصل والانفصال، بعد إلقاء الحجج والمعاذير،حتي يكون المنفصل، بذاته، وفي قرارة نفسه يعرف أنه السبب، لا المدير- ولو أن الاعتراف بالخطأ من الناس قليل جدا

الثاني: الانفصال بسلام، فإن غالب الناس إذا انفصلوا عن شخص أو مؤسسة أو إدارة، يحدث الانفصال فيهم رد الفعل- ولو كانوا هم الطالبين للانفصال- وكثيرا ما ينضم إليهم بعض الأعداء، وهناك التهاجم والتنقيص ولذا يجب علي المدير الحازم أن يمر بمثل هذه الأمور بسلام، فلا يرد الاعتداء، وإن بلغ أوجه، فإنه ان رد أنقسم الناس قسمين، قسم له وقسم عليه، وإن لم يرد كان الناس إلي جانبه، فإن من فوائد الحلم أن الناس أنصار الحلم علي الجاهل، بالإضافة إلي أن السكوت عن هجوم ذلك المنفصل، يحدث في نفسه رد فعل كثيرا ما يوجب تجمده أو قلبه إلي صديق حميم

قال الله تعالي، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، ولا يلقاها إلا الذين صبروا، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم

ثم علي المدير أن لا يظهر للناس عيب الإنسان المنفصل، بل يبرر موقفه، بما لا يوصمه بوصمة أمام الناس، وهذا يحتاج إلي قدر كبير من اللباقة

احترام النفس

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (احترام النفس) والمراد به في مقابل الابتذال، فإن الإنسان حيث وضع نفسه، إن الإدارة تحتاج إلي مقدار من الضبط الذي يلازم الهيبة والشخصية، لا التكبر والترفع، ومن المعلوم أن الهيبة والشخصية لا تحصلان إلا باحترام الانسان نفسه. فلو صار الشخص مبتذلا سقطت هيبته، وبذلك تضعف شخصيته، وهو ما يوجب عدم تمكنه من ضبط الأمور كما

ينبغي، فإن مرؤوسيه لا يقدرون كلامه حينئذ، وهناك الفشل ولذا ورد في الأحاديث إن من فضائل المؤمن تواضع من غير ابتذال

ومعرفة الفرق بين (احترام النفس) وبين (التكبر) كما ان معرفة

الفرق بين (التواضع) وبين (الابتذال) تحتاج إلي دقة، وجودة نظر في أحوال الناس

كيفية التعامل مع الأفكار غير الناضجة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة،عدم الإنحطاط إلي مستوي المنحطين،فإن في المجتمع أناسا لم يبلغوا النضج، أما لقلة أعمارهم، أو لعدم اطلاعهم علي الأوضاع، أو لأن لهم أغراض تحول دون النضج، وقسم من هؤلاء الأشخاص يعاشرون الناس بروح لاهبة حارة

وغالبا ما يبتلي المدير، بأمثال هؤلاء، وهم لحرارة روحهم،ولعدم نضجهم، يناقشون المدير، بروح نية

فمن اللازم ترفع المدير عن مثل هؤلاء ومناقشاتهم، لأنه يوجد في النزول إلي مستواهم- بالإضافة إلي ضرر الابتذال- أحد ضررين: ا- ضرر أعدائهم إن لم يستمع إلي كلامهم ولم يقبل مناقشاتهم

ب- ضرر الانحراف عن المنهاج الصحيح إلي حيث فشل الإدارة، إن جاملهم وأخذ بآرائهم، لأنها غير ناضجة نية، انبعثت من روح جاهلة أو مترجرجة

الحيوية

ومن الأمور المهمة في حسن الإدارة (أن يكون حافلا) فإن الإنسان قد يقتصر علي مهمته الإدارية التي أوكلت إليه، وهذا إنسان جامد، وإن أتي بالغاية المردة منه بخير وجه

وقد يتطرق إلي هنا وهناك- لا في الإبداع في مهمته فقط- بل في تشعيب الإدارة إلي أقسام، واستخراج إدارات جديدة، بروح مستعلية وثابة مبتكرة مثلا: إذا أنيط إلي شخص إدارة مدرسة، فإنه قد يقتصر عليها، وهذا جمود وإن أحسن الإدارة في الإشراف علي المعلمين

والسير بالطلاب إلي الأمام، في جانبي العلم والأخلاق.

وقد يوسع في المدرسة، ويتطرق إلي خارج نطاق المدرسة كتأسيس الكشافة، وفتح المكتبة للمدرسة، وإخراج نشرة مدرسية وصنع التمثيلية بمناسبات.. وما أشبه ذلك. ومثل هذا الإنسان هو الذي يساهم في تقديم الحياة، ويرفع من المستوي الذي وصل إليه الإنسان قبله

لكن مثل هذا التوسع، في مختلف أقسام الإدارة، يحتاج إلي تفكير ومطالعة ومفاوضة مع الأذكياء، واعتبار بالأحداث

إصلاح الخطأ

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (إصلاح الخطأ) فور العلم به، فإن الإنسان مهما بلغ من قوة الإدراك، وصحة العمل لا بد أن يخطئ- فيما عدا أهل العصمة عليهم السلام

وهناك بعض الناس يرون أن الإعتراف بالخطأ واصلاحه، انتكاس ووهن وذهاب شخصية، ولذا يصرون علي الخطأ

لكن العقلاء يعلمون أن الإصرار علي الخطأ خطأ آخر، فإذا أخطأ السائق الطريق، ثم علم ذلك كان اللازم الرجوع والإعتراف بالخطأ، أما الاستمرار في السير في ذلك الطريق، فإن معناه الهلاك والعطب

فعلي المدير الناجح أن يرجع عن عمل أو خطة سار فيها، إذا

عرف الخطأ، فور علمه بخطأه وإلا كان نصيبه الفشل والانهيار الإدارة

وقد اشتهر أن الإعتراف بالخطأ فضيلة. وليس المراد الإعتراف اللفظي، بل ربما كان الصلاح عدم الإعتراف لفظا، وإنما المراد الإعتراف العملي بتغيير المسلك إلي حيث الصواب

و الاستقامة

تنظيم الوقت

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (تنظيم الأوقات) فلا يهدر من أوقاته دقيقة واحدة فإن بقدر الهدر (ولو دقيقة) تتسم الإدارة بالنقص، ويوصم المدير بالكسل، مما تضعف إدارته. فإن أوقات الشخص محدودة والأعمال التي يمكن أن ينجزها- لحسن إدارته- غير محدودة، ولذا التكافؤ غير موجود، وإن انتهز جميع الأوقات فكيف ما إذا أغفل وقتا

فمن اللازم معرفة عمل كل وقت، مثلا: إذا كان الفقيه يريد تأليف الكتاب، ونصب وكلاء، وفتح مؤسسات، وما أشبه ذلك، كان اللازم أن يخصص أيام التحصيل للتأليف، وفراغات التحصيل كالساعات بعد الصلوات و ما أشبه، لنصب الوكلاء وكتابة وكالاتهم، حينما يدب في نفسه الملل فلا يتمكن في مثل هذه الأوقات من التأليف، ويخصص أيام العطلات لفتح المؤسسات حتي لا يزاحم ذلك تحصيله، وتأليفه، ولو عكس بأن ألف في العطلة، وفتح المؤسسة لا التحصيل، كان ضياعا لكلا الأمرين، فإن قرب وقت التأليف لوقت التدريس، يوجب سهولة التأليف. وهكذا

نظام الحوافز

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، تشويق الموظفين ومدحهم

بقدر الاستحقاق، فقد ورد في الحديث: أن النبي،صلي الله عليه وآله وسلم، كان يكني أصحابه احتراما لهم

وذلك أن المدح بقدر الاستحقاق والتشويق، يوجبان انبساط نفس العامل، مما يؤدي بدوره إلي جودة الإنتاج، وكثرة العمل المخلص

وهذه حقيقة يعرفها الناضجون من المديرين، أما الإعتماد علي

القوة والمال والنظام، فإن ذلك من ضعف الإدارة، إذ هذه الثلاثة لا توجب انشراح النفس المؤدي إلي الجودة والابتكار والتفاني

لكن من الضروري أن يكون المدير عارفا بقدر التشويق والمدح

حتي لا يوجب الازدياد فيها تجاوز الحق، ولا يسبب كبرياء الموظف، مما يقعده عن العمل، فإن الإفراط في الشيء كالتفريط فيه مؤدي لا محالة إلي العطب والانتكاس

السرعة والاتقان

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (السرعة بإتقان) فإنه وإن كان الناس قسمين،

قسم يسرع في العمل طبيعيا، وقسم يبطئ حسب تركيبه الجسدي والنفسي، لكن من الممكن اعتياد السرعة، في حدود معقولة، فإن السرعة ملكة قابلة للنمو وعادة (الاختزال) في الكتابة والتكلم قسم من السرعة الحديثة، وما أجملها؟ وإنما يحتاج حسن الإدارة إلي السرعة، لأن الوقت القصير- مهما طال عمر الإنسان- والأعمال كثيرة فمن أنجز أكثر عملا، كان أحسن إدارة

ولعل بعض الآيات الكريمات تشمل مثل هذا الأمر، كقوله

سبحانه سارعوا إلي مغفرة من ربكم، وقوله سبحانه واستبقوا الخيرات

التوسط وقابلية التحليل

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (التوسط في الفكر) فإن من الناس من يسيطر عليه روح التردد في الأمور فكل شيء لديه محتمل، وكل حركة عنده لها وجه صواب ووجه خطأ، ومثل هذا خليق بأن يجمد في مكانه. ولا يصلح للإدارة، إطلاقا ومن الناس من هو عكس الأول فيجزم بالأشياء اعتباطا بكل سرعة، بدون تمام الموازين والأدلة، وهذا أيضا خليق بالفشل وضعف الإدارة، لكثرة أخطاء مثل هذا الإنسان

ومن الطريف، أن بعض الناس- في الحرب العالمية الثانية- كانوا يشكون في وجود الحرب ويظنونها دعابة أثارتها الدول الكبري لأغراض.. بينما بعض آخر كان يظن أن الحياة تمحي من الدنيا بسبب هذه الحرب، لسرعة جزمه بالدعايات الفارغة، وإن لم يقم عليها اي دليل

وغير الناضج من الناس، غالبا، بين هاتين الحالتين، حالة التردد أو حالة سرعة الحكم الاعتباطي

فالتوسط في الفكر من أهم مقومات الإدارة الناجحة

عدم التبجح بالعمل

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (عدم التبجح) إطلاقا، فإنه

مما يفسد قلوب الناس عن الإنسان، أو يوجب انفضاضهم من حوله، مما يؤدي بدوره الي فشل الإدارة فاللازم التبجح والافتخار بما عمل. ومن الغريب أن الناس- بفطرتهم- يحبون العامل الساكت، ويكرهون العامل المتبجح، وإنه إذا سكت الإنسان عن عمله، مدحه الناس، وان مدح عمله، ذمه الناس ومن طريف ما يحكي أن عاملا، كان ساكتا عن عمله، فكان الناس يمدحونه وأخذ في بعد ذلك يمدح عمله، فسكت عنه الناس، فتعجب عن سكوتهم بعد أن كان العمل هو العمل بلا تفاوت- وسئل من بعض عن سبب ذلك؟ فقال: إن الناس كانوا يمدحونك حين كنت ساكتا، أما إذا مدحت نفسك، فعملك لا يستحق مدحين، ولذا سكتوا عنك

والتبجح ليس باللسان الصريح فقط، بل بالكتابة، والإشارة، والتلميح، وفعل ما يدل علي المدح-

كما إذا تثائب وتمطي واتكي وغير سحنة وجهه بعد عمل قام به، متبجحا لفعله ذلك

فعلي المدير أن يجتنب ا لتبجح إن أراد حسن الإدارة، وعدم فشلها، وإلا كان نصيبها الفشل بل من أقسام التبجح الندم، في معرض المدح فربما تري إنسانا يقول: إني لا علم لي.. وهو يريد الكناية بذلك عن علمه أو يقول: إني لم أخدم أحدا وهو يريد بذلك إثبات خدماته، وهكذا

النظرة الثاقبة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (النظر إلي العواقب) فإن الأمور مرتبطة بعضها ببعض وكثيرا ما تكون أمور كثيرة تنتج عاقبة جيدة أو

رديئة فإذا نظر الانسان إلي الشيء مجردا عن ظروفه وملابساته ظن عاقبة- رديئة، حينا، فلا يقدم أو حسنة حينا، فيقدم- وذلك مما يسبب فشل الإدارة بينما يلزم أن ينظر الإنسان إلي الشيء من جميع جوانبه ومحتملاته، وهنا يكون رجاء الأمن عن العطب والعاقبة الحسنة

وقد ورد في وصف الإمام المرتضي (عليه السلام)، أنه كان بعيد المدي

مثلا قد يكون التاجر، يري السوق رائجا، فيشتري السلعة بثمن ربما يقترضه، بزعم أنه بعد أيام يربح الربح الكثير، ثم يخسر مما يرتطم في مضاعفاته، وذلك لأنه إنما أخذ بالنظر، ربح السلعة في هذا اليوم، ولم يأخذ بالاعتبار احتمال وقوع رخص، بعد أيام لانتهاء كارثة حاقت بالبلاد، أو ورود بضائع مماثلة، أو قلة رغبة الناس في هذه البضاعة بعد زمان لانتهاء الفصل المرغوب فيه هذه السلعة، أو ما أشبه ذلك

وربما يكون مصادقة إنسان، أو معاداة إنسان رأس سلسلة من الإنجازات أو المصاعب باعتبار أن له جذورا وأجنحة، فالناظر السطحي لا يهتم به، لأنه لا يعرف العواقب المرتبطة بهذا الإنسان من جهة جذوره وأجنحته فيسرع في عدائه أو يبطئ في جلب رضائه ووده

إلي أشباه ذلك، مما هو

كثير جدا، فالمدير الناجح، هو الذي يلاحظ هذه الأمور من جميع الجوانب

كون المدير أذنا

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، أن يكون المدير (أذنا) يسمع ما يسمع بدون مناقشة، فيما لا يهمه، مما لا يضطر إلي المناقشة فيه، فإن كثيرا من الناس يحبون الثرثرة، أو إبداء الآراء، أو نقد الأمور بينما لا يهم الإداري كلام واحد من ألف كلام منها

فإذا أراد النقاش والنقد، أضاع وقته عبثا، وأثار الناس علي نفسه، لأنه إن أبدي الرضا أثار المناوئين لهذا الكلام، وإن أبدي السخط أثار المتكلم ولذا مدح الله رسوله بقوله، قل أذن خير لكم، وقد كانت من عادة المرحوم، زعيم الثورة العراقية، الإمام الشيرازي، السكوت حين كان يكلم في مقترحات. وكلما طلب القائل منه الجواب؟ لم يتكلم مفضلا تأثر المتكلم عن سكوته، علي تأثره عن رده ونقده

المراقبة الإدارية

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة،المراقبة الشديدة علي الحاشية والحد من نشاطهم، فإن المدير هو محل ثقة الناس غالبا، ولو النضج الكافي في الإدارة

أما الحواشي، فإنه لو أغفل شأنهم، سببوا ضعف الإدارة، وفشلها أخيرا لأمرين

ا- سيطرتهم علي المدير، فيحيطون به، ويكونون هم منفذ الأحكام منه وإليه، وبذلك يسببون غلق منافذ الفكر علي المدير

ويستبدون بالمال والجاه والإدارة، بما له أكبر الضرر علي سمعة المدير وعلي حسن الإدارة

ب- إنهم يستبدون بالأمور، بلا نضج، حسب أهوائهم، وذلك مما يسبب شكوي الناس، وانفضاضهم عن الإدارة والمدير،ولذا من الضروري علي المدير أن يحد من نشاطهم، بكل قوة

وهذا وإن سبب انفصال بعضهم، مما قد يخشي المدير منه لكن في ذلك نزاهة السمعة، وجلب الثقة الزائدة من الناس. والتفاف قسم من المخلصين حول المدير يديرون معه الأمور بكل إخلاص و نزاهة

وقد ذكرنا في فصل سابق أن الانفصال يلزم أن يتم في جو من الهدوء والسلام من جانب المدير، وأن ألح المنفصل في الضوضاء

والمحاربة

طيب المعاشرة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، طيب المعاشرة فإن الانسان المتفوق محسود من أصدقائه ومن أعدائه، والأصدقاء وإن أخفوا حسدهم لكنهم لا يملكون ثائرة أنفسهم، ولا بد في يوم أن تنفجر الثائرة، ولو من بعضهم، أما الأعداء فالكلام فيهم واضح لا يحتاج إلي الشرح

وطيب المعاشرة، مما يخفف من سودة الحسد، وبحد من نشاطه، وبذلك يسلم المدير عن العداوات أو يقبل منها حسب المستطاع، فبالإضافة إلي تمكنه من حسن الإدارة يتمكن من تقديم الإدارة إلي الأمام فإن الإنسان لا يتمكن من تحسين وضعه ولا تقديم عمله في جو مشحون بالتذبذب والمناوئة. ويلزم أن يكون المدير حذرا من صديقه أكثر من حذره من عدوه، فإن العدو لعداوته يؤمن من استرسال الشخص عنده حول نقاط ضعفه، ولا يمكن أن يحطمه من دخيلة أمره، أما الصديق فإن الإنسان يسترسل عنده في الحديث بما يبدي عورته، ويكشف ضعفه، فإذا انقلب عدوا كان قادرا علي الهدم، ولذا قال الشاعر

احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة

قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) ما نزل جبرئيل مرة إلا وأوصاني بمداراة الناس

ويقول الشاعر السعدي في بيت فارسي له تعريبه

راحة الكونين في تفسير هاتين الكلمتين، إعمال المروة مع الأصدقاء، وأعمال المداراة مع الأعداء

السيطرة علي الأمور

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة،سد الخلل الصغار قبل أن تكبر، فان الأمر المفسد يبدو صغيرا ثم يكبر. بما لا يمكن أن يسد. وفي المثل العدواة والنار، والمرض، صغارها كبار، وذلك

لانتهاء الأمر فيها إلي عداوة لا تدع ولا تذر، وإلي حريق يحرق كل شيء و إلي الموت

فالمدير يجب أن يكون حذرا لا يترك صغار المفاسد، بل يسدها،فور حدوثها ولو تما هل واستهان أدي في الغالب إلي ما يفسد الإدارة

يقول الشاعر السعدي في بيت له، تعريبه: هل سمعت ما قاله، زال، مع، رستم الكردي، العدو لا يمكن أن يحقر ويظن أنه لا حول له، فأنا قد رأينا كثيرا، المياه القليلة المنبعثة من عيون صغيرة، لما سالت وتقدمت أذهب بالبعير وحمله،وهذا الكلام وإن كان بالنسبة إلي (العداوة) لكنه جبار بالنسبة،إلي كل مفسدة تتطرق علي الانسان العادي، فكيف بالمدير المسؤول من تحريك جهاز وتقديم الحياة إلي الأمام

الشخصية المتوازنة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة،اجتناب ما يسبب نفرة الناس فانه وإن كانت النفرة لأسباب تافهة، تكون مضرة بالإدارة والمدير،ومما يسبب النفرة أبواب كثيرة، نذكر منها جملة، ونكل الباقي إلي لباقة المدير،مثل خلف الوعد. وإظهار الاستبداد والتواضع الملحق

بالمهانة.. وهجر الناس والتجنب عنهم.. وعدم حضور الاجتماعات المنعقدة بالمناسبات. والاعتزاز بالنفس وبالعمل مظهرا ذلك بقول أو عمل.. والإتيان بما لا يليق عند الناس: كالأكل في الطريق، والضحك العال، والبصاق أمامهم، والمزاح المثير، وما أشبه ووضع النفس فوق مستواها كاصطحاب من فوقه والجلوس فوق مجلسه وترفيع بعض علي بعض في المعاشرة والمصادقة وما أشبه مما يسبب جلب عداوة من نقصهم حقهم.. وتنقيص الناس حقهم والمجادلة.. والتكلم بما لا يصدقه الناس، وإن كان حقا من القصص والتواريخ وما أشبه.. والكذب.. والإتيان بالأمور المنكرة شرعا أو عقلا أو عرفا

إلي غيرها من الأمور الكثيرة المنفردة.. ومن المعلوم لزوم مراعاة الشريعة المطهرة. في الفعل والترك إذ ليس مرادنا ترك واجب يستهجنه بعض الناس أو فعل محرم يعتادون الإتيان به- والعياذ بالله

جلب ثقة الناس

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (جلب ثقة الناس) وهذا غير الفصل السابق، فإن من الناس المديرين، من لا يأتي بالمنفر، لكنه لا يجلب ثقة الناس أيضا وجلب ثقة الناس ضروري للمدير، فإن كل الناس العاملين إنما يتمكنون من الاستمرار في عملهم بسبب ثقة الناس بهم.. مثلا إمام الجماعة إذا زالت ثقة الناس عنه لم يحضر أحد جماعته والحكومة إنما تعيش بثقة الناس فإذا زالت ثقتهم نحوها عن الحكم والتاجر إنما يتمكن من الأخذ والعطاء لثقة الناس به وإلا انفضوا من عنده وتركوا معاملته، وهكذا فإذا جلب المدير ثقة الناس بحسن معاشرته واستقامة أعماله، أبقي علي نفسه وعلي إدارته وتمكن أن يشق طريقه

إلي الأمام، وإلا عرض إدارته للخطر، وسمعته للانهيار، وأخيرا الفشل

قوة القرار الإداري

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، الأخذ بأطراف الإدارة بقوة،فإن الإدارة مهما كانت يجب أن تكون يقظة حذرة، وإلا آل الفساد إلي أطراف الإدارة وأخيرا يصل إلي نفسها مما يسبب انهيارها، فالملك يجب أن يعلم أحوال الرعية، وأمور البلاد بكل دقة، ثم يصلح- باستمرار- كل ما فسد ويقدم ما يستحق التقديم

ومرجع التقليد يلزم أن يكون بإطلاع دائم عن أحوال وكلائه وأحوال الناس، وشؤون البلاد العمرانية والدينية وما إليها

وقائد الجيش يلزم أن يكون حذرا متطلعا علي أحوال جنده، وأحوال أعدائه بكل دقة وإتقان، وهكذا غيرهم من سائر المديرين

الاستشارة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة الاستشارة بصورة مستمرة،لكل صغيرة وكبيرة فإن الإنسان مهما أوتي من علم وتجربة، فإن الاستشارة تبدي له وجوها أخري، وإن كانت الاستشارة ممن هو دونه علما وتجربة ومنزلة

بالإضافة إلي: أن فوق كل ذي علم عليم.. وفي القرآن الحكيم: وشاورهم في الأمر، والمستشير لا يخلو من فائدتين: فائدة تقوية رأيه إذا لم يجد رأي آخر أحسن من رأيه وفائدة ظهور رأي أقوي من رأيه، إن وجد رأيا أحسن من رأيه وكذلك لا يخلو المستشير إحدي فائدتين إن أخطأ لم يتحمل خطأه وحده وخفف من حدة نقد الناس له، وان أحسن لم يجد مناوئا فإن الآتي بالعمل مهما كان علي صواب وجد مناوئا لرأيه- ولو لمجرد الأنانية من المناوئين،فإن استشارة القلب المناوئ معاضدا. لكن يلزم أن تكون الاستشارة ممن لا يناوئ المستشير، إن لم يأخذ برأيه لعدم صحته، وإلا كان ضرر الاستشارة بقدر نفعها أو أكثر

كما يندب أن تكون الاستشارة من شاب وشيخ، فإن الأول أحد ذهنا والثاني أعرف بالأمور وأنضج في التجارب، فإذا التقا النضج والحدة، كانت النتيجة في قمة الحسن

تجنب الاستفزاز

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، أن يفعل ما يريد بدون استفزاز فإن الغالب أن المديرين لهم شركاء ولو كانوا في مستوي أحط، وتكون الكلمة للمدير أخيرا

فإن ظهر وجه الرأي للمدير، كان لا بد وأن يكون هناك مخالف أو أكثر فقد يأتي المدير بما يظهر له بعنف واستفزاز، وهذا خطأ موجب للعداوة وفشل الإدارة، وقد يأتي بما يظهر له بكل لطف ولين، وهذا من أسباب نجاح الإدارة وولاء الملتفين حولها

مثلا: للمرجع حاشية- مهما أوتوا من الصلاح والتقوي- لهم

آراء حولت تعيين الوكلاء وإجراء المشاهرات وما أشبه، وكثيرا ما يكون رأي المرجع مخالفا في

تعيين وكيل أو عزله أو ما أشبه ذلك، فاللازم أن ينفذ رأي نفسه، بدون استفزاز، وإلا انقضت الحاشية- الصالحة، فرضا، عن حوله، وتلقي مضاعفات ذلك

يقول أحد الرؤساء بصدد هذا، كثيرا ما كنت أنوي نصب شخص معين ولكن لأخذ رأي الأعضاء كنت أستشيرهم في الشخص الذي ينبغي أن ينصب؟ بدون أن أذكر اسم الذي قصدته، فإذا صوتوا لمن قصدته فنعم المطلوب، وإلا كنت أضع من يعينوه في بساط البحث- بحثهم أنفسهم، دون اشتراك مني في المناقشة- وطبيعي أن تقع حوله المناقشة حتي يرضون به وأخيرا كان من قصدته هو الذي يعينوه بالإجماع أو كان من اقصده أحد شخصين يرشح للأمر من قبلهم فكنت أنا في آخر الحلبة، ارتضي بمن قصدته، بعد أن كان التعيين منهم، فكنت في وقت واحد أفوز بما أردت، وأجلب رضاء الأصدقاء بل مدحهم إياي بأني أخذت بآرائهم، ومن هذا الباب أيضا عدم مجابهة الناس بما يجرح كرامتهم، سواء حول ما يريد أو حول ما يريدون

الابتعاد عن الأنانية

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، عدم الأنانية، فإن الأنانية ضد الإدارة بكل لوازم المضادة

فإن الأناني إنما مقصده نفسه، لا الهدف الذي وضعت لأجله الإدارة، فالأناني يسير إلي اتجاه نفسه، والإدارة تسير إلي اتجاه الهدف، ولذا سرعان ما يظهر الفشل في الإدارة و الانهيار أخيرا

ومن المعاكسات الأليفة في الأناني، إن الناس يزدرون الأناني بجميع أنحاء الازدراء بينما هو يريد أن يقدره الناس بجميع أنحاء التقدير

والأنانية، خليقة بإسقاط الفرد العادي، فكيف بالمدير؟وإذا رأيت أنانيا في قمة إدارة، فليس لك أن تقول كيف جمعت الإدارة والأنانية؟

وإنما عليك أن تقارن بينه، وبين رجل غير أناني- لو كان في مكانه- لتعرف الفرق الشاسع بين ذلك سمعة وإدارة وتقدما، وبين هذا المتربع فعلا

فمثلا:

لو كان المتربع يدير مدرسة فيها مائة طالب بسمعة متوسطة، كان غير الأناني يديرها بحيث يجتمع فيها ألف طالب، بسمعة راقية، وهكذا

الحزم

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، الحزم، بكل أبعاده، والحزم لفظ يشتمل علي معرفة الأشياء، ومراقبة الأمور، والنضر في العواقب وسرعة الإدراك والانتقال من المقدمات إلي النتائج، وانتهاز الفرص،أرأيت كيف يعيش من يسكن في وسط أعداء يترقب هجومهم كل ساعة، إنه يعير ذهنه وسمعه ويصره وأعصابه، للالتقاط والتعرف، ويهيئ جميع ما لديه من مال وسلاح ورجال، ورقابة للتحصن والصد، إلي غير ذلك

إن كل ذلك من لوازم الحزم … حتي إنه لو أغفل ولو موضوعا صغيرا، يناط بالقوة الدفاعية، عد غير حازم

وعلي هذا المثال قس، الحزم، في كل إدارة، سواء إدارة المدرسة، أو إدارة الأمور الدينية، أو إدارة المتجر، أو إدارة البلاد

أهمية الدعاية

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، قوة الدعاية، فإن المدير الذي له هدف في إدارته، لا بد له أن يلفت الأنظار إلي نقاط الجودة ومواضع الفائدة، في الإدارة والهدف.. وبذلك يتمكن من تسيير دفة الإدارة، في وسط الثقة العامة، ويتمكن من الوصول إلي الهدف علي أحسن وجه

خذ مثلا: إنك تريد ترويج، جمعية للقرآن الكريم، بفرض تعميم القرآن، قراءة وعملا بين المسلمين، فإنه بدون الدعاية الواسعة المستمرة لا تتمكن أن تؤدي هذه الخدمة

وانظر إلي الإسلام كيف قرر الدعاية لأركانه، فالأذان دعاية للصلاة وأعلام باؤليات الإسلام، ثم الصيام، والحج، وما إلي ذلك، من سائر وسائل الأعلام والبث، نحو الهدف الذي جاء من أجله الإسلام لكن لا بد للمدير من أن يفرق بين الدعاية والتشويه، كما لا بد له من أن يجعل الدعاية بصورة معقولة، لا توجب الاستفزاز، ولا تحتوي علي تنقيص الآخرين ولا تشتمل علي إشارات الأنانية

دور الإيمان

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، مراعاة جانب الله سبحانه،في كل لحظة وخطوة، ومعني مراعاة هذا الجانب: الإخلاص الشديد في العمل، ورعاية رضي الله في كل صغيرة وكبيرة، ورجائه سبحانه في الوصول إلي الهدف المنشود. والتوكل عليه طول الوقت، إلي غير ذلك،فإنه أولا يوجب حسن الإدارة، إذ الأمور كلها بيد الله تعالي،فإذا رأي سبحانه انقطاع العبد إليه أمده بروح منه، وبارك في عمله، مما يجعله في الواقع وفي أعين الناس أحسن مدير لأحسن إدارة، وفي الحديث: صانع وجها واحدا يكفك الوجوه، و ما كان لله لقد ينمو. وثانيا: يكون لعمله الثواب والأجر، مما لا يدركه بدون مراعاة مرضاته سبحانه

وثالثا: الدنيا دار فناء، فمهما عمرها الإنسان ولا بد أن يأتي يوم يفني الذي عمرو ما عمره، أما إذا كان الشيء متصلا برضاه سبحانه،

فإنه يبقي ويكون جزائه الجنة التي لا تزول ولا تحول، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهل العاقل يصرف نظره عن شيء باق بهذه المنزلة، لشيء فإن مشوب بالآلام والكدورات

وهذا الفصل أهم الفصول في هذا الكتاب، فاللازم علي المدير

أن يراعيه بكل دقة وحيطة، وأن يصبح ملكة له حتي يتأني منه عفويا. وإلا كان من مصاديق قوله سبحانه: ألم تر إلي الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ وقوله سبحانه: قل ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهلهم

نزاهة الجهاز الإداري

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، نزاهة الحاشية، بأن يهتم المرء بذلك غاية الاهتمام، فإن انحرافهم يسبب ضعف الإدارة، ثم الفشل والانهيار بالإضافة إلي أن عدم نزاههم يسري إلي الإنسان عملا وتلوثا، أما عملا فلأنهم يؤثرون في فكر المدير تدريجيا مهما كان صامدا- مما يسبب انحراف أعماله. وخروجها عن جادة الصواب، وأما تلوثا فإن الناس يرون المدير بعين ما يرون به الحاشية، فإنه ولو كان في غاية النزاهة لكنه يفقد سمعته شيئا بعد شيء، حتي لا تبقي منها باقية. والمنطق مع الناس في ذلك فإنه يدور الأمر بين أن لا يعلم فساد حاشيته- فلا يصلح للإدارة- وكيف يصلح للإدارة من ليس يستطلع علي أحوال أقرب الخواص إليه. وبين أن يعلم ولا يصلح فإن لم يتمكن الإصلاح، فأحري به أن لا يصلح إلا بعد وإن تمكن من الإصلاح، فهو شريك لهم في الجريمة علي حد قول الشاعر

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة

وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

نعم كثيرا ما يضطر الإنسان إلي بعض الحواشي غير النزيهة فاللازم أن يظهر ذلك للناس وأن الاضطرار ساقه إلي مثل تلك الحاشية، تصريحا إن لم يخف من التصريح، وتلويحا إن خاف من

التصريح، وهذا هو سر ما نري من كون حواشي بعض الأنبياء. والأئمة من هذا القبيل، كما أنا نري بجنب ذلك تصريحاتهم حول تلك الحاشية

فقد لعن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) بعض حاشيته،كما وأظهر التبري من أعمال آخرين، وإلي غيرها مما هو مسطور في التأريخ والتفصيل موكول إلي ذكاء المدير

المرونة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، عدم توقع العمل من الموظفين مائة في مائة، فإن البشر بطبيعتهم مختلفون، فبعضهم مطيع، وبعضهم كاهل بعضهم حار وبعضهم بارد، وهكذا

فإن أراد المدير من جميعهم العمل الجدي السليم مائة في مائة،أتعب نفسه ولم يحصل ما رام بالإضافة إلي أنه يكون بذلك أعداءا لنفسه، مما يسبب الفشل في الإدارة أخير

إن علي المدير أن يقرر الضعف والاختلاف البشري حق قدره،ويقول لنفسه: - إن لم يأتمر الموظف في هذه المرة، فسوف يأتمر في مرة أخري وإن لم ينجز العمل كما أردت فسوف ينجز أعمالا أخري.. فالأجدر أن أبقي عليهم جميعا رجاء الصلاح والإصلاح

وهذا لا يعني أن لا يسد الخلل الموجود في الموظفين، بل يعني أخذ الاختلاف الطبيعي بين النفوس بعين الاعتبار

ومن الأفضل أن يستصلح المدير خلل الموظف، بالكتابة وما أشبه، حتي يبقي علي صفاء قلبه وخالص وده، والنظر في تاريخ رسول الإسلام (صلي الله عليه وآله وسلم) يرشد إلي المثل الأعلي في هذا النوع من الإصلاح

التروي في إطلاق الأحكام

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، أن يكون المدير متوسطا في النظرة إلي الناس، فلا يحسن الظن إلي كل أحد، ولا يسيء الظن إلي كل أحد،. بل يكون متوسطا في حسن الظن.. فإذا رأي إنسانا، لم يحسن به الظن عاجلا، ولا يسيء به الظن بدون اختبار

فإن حسن الظن ضعف ووهن وموجب لتسرب الأشرار إلي الإدارة، وسوء الظن شدة لا داعي لها، ويوجب انفضاض الأخيار عن الإدارة، وكلاهما موجب للفشل والانهيار

وإنما ينشأ الانحراف في أية من الصفتين، من الجهل، وفي المثل، الجاهل أما مفرط أو مفرّط

الصمود النفسي

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة الصمود أمام الكوارث، فإن الإدارة بطبيعتها معرضة للهزات، وكلما كانت الإدارة أوسع، كانت الهزات أكثر وأعنف فمن المديرين، من لا يعد العدة للكوارث، فإذا أصيب بشيء منها، انسحب عن الميدان وهذا فشل وخور، بل اللازم علي المدير الحازم

أولا: أن يعد العدة- سلفا- للكوارث المحتملة- حتي إذا نزلت الكارثة، كان مهيئا للتخفيف من حدتها، ثم محو آثارها بكل سرعة

وثانيا: أن يعد القوة النفسية امام الكوارث حين نزولها، حتي لا يتضعضع ولا ينهزم نفسيا، أمام الكارثة، فإن الصمود النفسي مما يخفف وقع الكارثة

يقول علماء النفس: إن الصدمة التي يتلقاها الإنسان أمام الكوارث أشد إيلاما من الصدمة ذاتها

والإنسان إذا استعد لتلقي الصدمات المحتملة، ثم وردت الصدمة عليه خفف الاستعداد من الجزء الأكبر منها، والجزء الباقي يتلاشي بمضي الزمان، وإلا انهار نفسيا وإداريا بما لا يرجي القيام منه

نظام الترقية والترفيع

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة (ترفيع مستوي الموظفين ليصلحوا للإدارة) فإن الحياة تحتاج إلي مديرين كثيرين في مختلف شعبها، والمدير هو الذي يتمكن من تكوين المديرين

وتكوين المديرين، بالإضافة إلي أنه خدمة لهم وللحياة، وما أجمل مثل هذه الخدمة، أنه علامة لقوة الإدارة، وحسن نفس المدير، مما يوجب حسن السمعة، وجميل الذكر

وترفيع مستوي الموظفين يحتاج إلي قوة تربوية في النفس، مع تحصيل المؤهلات الدخيلة في هذه الناحية، ولذا يحتاج المدير بالإضافة الي تربيته لهم بالذات، إلي جميع الأمور التي لها مدخليه في ترفيعهم من معلومات، وكتب، وخرائط، وأدلة، ووسائل إيضاحية، والقاء توجيهات وغيرها، مما هو موكول بلباقة المدير وذكائه كل إدارة حسب شأنها ومؤهلاتها المناسبة

الترفيه

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، الترفيه عن النفس، فإن للإدارة ضغطا، شديدا وخصوصا إذا كانت الإدارة كبيرة، وبالأخص اذا كانت شائكة

والنفس لها مقدار خاص من النشاط إذا لم يجدد بالترفيه، تناقص النشاط، مما يضر الإدارة، كما أن المصباح إذا لم يجدد فيه الزيت، تناقص نوره بما يضر شدة اتقاده وكثرة ضيائه

ولذا كان من الضروري أن يرفه المدير عن نفسه إن أراد استمرار نشاطه، وفي الأحاديث،لذة في غير محرم، وإن الإمام عليه السلام، كان يخرج إلي خارج المدينة للنزهة

أما أنحاء الترفيه، فالزوجة والأولاد، والزيارات والسفر، والسباحة، والتمشي ومطالعة القضايا المرفهة كالحروب والبطولات والفكاهات المفيدة، وما إلي ذلك

محاربة الكسل

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، سوط التقدم، فإن المدير يحتاج إلي السوط الذي يحدوه نحو الهدف كلما أخذه كسل أو انحراف، ولا أفضل في ذلك من ذكر الجنة بنعيمها، والنار بعذابها- بشرط مطالعة تفاصيلها المذكورة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة

والتوجه إلي الله سبحانه، وعظيم قدرته، وسعة الكون وجماله، ومطالعة مزاياه، مرفه وحادي في وقت واحد. كما أن تذكر الهدف والخوف من السقوط من السياط الموجبة لطرد الكسل

حسن التقدير

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة العناية بصغار الأمور علي نحو العناية بكبارها، فإن لكل شيء من الأمور- صغارها وكبارها- مدخلا في الحياة ومن الصغار تتكون الكبار

فالخلية الصغيرة أصل الإنسان، والذرة المجهرية أصل الكون،فمن لا يهتم بالصغار، أدي إلي عدم ضبط الكبار من الأمور، فإن الكبار تتكون من الصغار

فاللازم علي المدير أن يعطي الصغير العناية بقدره، مثلما يعطي

الكبار العناية بقدرها، وغالبا ما يغض الإنسان عن النظر إلي الصغير استهانة به، وإذا به يفتح بابا كبيرا من الخلل لا يمكن سده

وليس الكلام حول الخلل الآن فإنه من الضروري لحسن الإدارة العناية بكل أمر، واللازم أن تصبح هذه الحالة ملكة للإنسان حتي تحسن إدارته، ويتمكن من تقديم الحياة

التطوير النوعي

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، تحويل الخامات إلي أجناس،سواء كانت خامات بشرية، أو خامات جنسية، أو خامات عملية. فيعمل لنضج الناس كي يصبحوا قابلين للعمل- إداريا كان أو غير إداري- ويعمل لتحويل الأجناس إلي أجناس نافعة- فيما كانت إدارته من هذا القبيل-كتحويل الحديد إلي القاطرة والطائرة وهكذا، ويعمل لتحويل المعلومات البدائية إلي معلومات مركزة نافعة، فإن العلم والمعرفة، ينمو شيئا فشيئا والمنمي لهما هو المدير القوي

ولا أقصد بالمدير هنا مدير دائرة، بل مدير جهاز علمي أو عملي أو إداري، علي حد سواء. ومن أقسام تحويل الخامات إلي أجناس، ضم خامة بخامة، حتي يصبح جنسيا ذا نفع في الحياة، كالبنّاء الذي يضع اللبنة علي اللبنة، حتي تصبح دارا عامرة.. والكتبي الذي يضع كتابا بجنب الكتاب، حتي تصبح مكتبة قيمة.. والمؤلف يضع موضوعا بجنب موضوع حتي تصبح كتابا ثمينا، و هكذا

والمدير مهما كانت- إدارته- له هذه الصلاحية في ما يختص به من الإدارة، فإن فعل كانت مساهمة في تقديم الحياة، بالإضافة إلي

حسن السمعة، والذكر الجميل

اللباقة في التعامل مع المواقف الحرجة

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، التهرب من المشاكل بلباقة فان هناك مشاكل يقع فيها المدير، بحيث يكون كل جانب منها مشكلة ومثل هذه المشاكل يجب التهرب منها وإلا وقعت الإدارة في المشكلة، وظهر ضعف المدير مثلا، ربما يطرد المدير أحد موظفيه- لمصلحة- فإذا سئل عنه؟ لم يكن له أن يجيب بالنقص الذي كان فيه، لأنه يثير عليه ذلك الموظف المطرود ويوجب خلق مشاكل لا داعي لها.. ولم يكن له أن يجيب بأنه. لم يكن فيه نقص، وإلا فتح علي نفسه ألف باب من المسألة

فليس لمثل هذا الموقف إلا أن يهرب المدير من الجواب، أما السكوت، أو بتغيير مجري الكلام، أو الذهاب عن محل السؤال بحجة عمل أو ما أشبه

وقد كان رسول الإسلام (صلي الله عليه وآله وسلم) لا يجيب

عن بعض الأسئلة، وقد نزل قوله سبحانه: يا أيها الذين أمنوا، لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم

وليس ما ذكرناه خاصا بالكلام، بل كثيرا ما يحتاج التهرب- إلي علاج عملي ومن طريف ما ينقل بهذا الصدد، أن أحد العلماء دعي إلي الصلاة علي جنازة ملك، وحيث رأي العالم موقفه حرجا، لأنه لا يريد الصلاة عليه- لاشتهاره بمخالفة الإسلام، ولا يريد مصادمة أولاد الملك بعدم الإجابة لأن ذلك يعكر صفو علاقاته التي كان يريدها لخدمة الدين.. دعا بدابة فركبها ثم ألقي بنفسه من عليها حتي جرحت يده ورجله- بما ظن الناس أنه وقوع لا اختياري- حتي نقلوه إلي داره

مجروحا مرضوضا، فتحمل هذه الآلام، وقاية لإدارته، وتحفظا علي الموازين الشرعية

ضبط النفس

ومن الأمور المهمة لحسن الإدارة، ضبط النفس عن الانخداع، و الانخداع علي أقسام

الأول: الانخداع بالجانب المبهرج من الحياة فإن النفس ميالة إلي الراحة وحسن السمعة، وما أشبه،

والحياة تأبي إلا العمل الجدي المستمر الصامت بكل هدوء، و كثيرا ما يري انخداع المدير بالجانب المبهرج، فيميل إلي الراحة أو يغتر بحسن السمعة فيكسل في العمل وضبط الإدارة، ويترك العمل الجاد المستمر، وبذلك تضعف إدارته، وينقلب وبالا علي الحياة، بعد أن كان مخفزا للحياة ودافعا لها الي الأمام

والمديرون الذين يبتلون بهذا الانخداع، يوجب ذلك انحطاط مستوي الإدارة وبانحطاط الإدارات تنحط الأمة، ورويدا رويدا يشملها الخمول والتأخر فتتقدم عليهم سائر الأمم.. وهذه هي نواة كل تقدم وتأخر، فالتقدم أوله الحزم وعدم الانخداع، والتأخر أوله الكسل والغرور بالجانب المبهرج

الثاني: الانخداع بالمدح: فكثيرا ما يميل الإنسان إلي الكسل، اذا وجد مادحين له، أو إلي الانحراف إذا وجد من يمدح طريقته

الثالث: الانخداع بالذم: ففي كثير من الأحيان يترك الإنسان الطريقة المثلي خوفا من الذم، وتهربا من الازدراء

الرابع: الانخداع بالتحريض: فكثير من الناس يلقون أنفسهم في المهالك بتحريض محرض وتشجيع مشجع وإغراء مغر، وهم يعلمون ضرر ذلك لكن التحريض يثير أعصابهم، ويوقظ نخوتهم

وكل هذه الأقسام من الانخداع مما تضر بالإدارة وتوجب الإنحطاط وذهاب السمعة وأخيرا الفشل والانهيار.. وقد كان هذا منطق القائل، النار ولا العار، واليه أشير في قوله سبحانه: أخذته العزة بالإثم

فمن الضروري علي المدير أن يهتم بضبط نفسه، حتي لا ينخدع بهذه الانخداعات.. ولا يكون ذلك- كما لا يقدر الإنسان علي اتباع الفصول السابقة في هذا الكتاب- إلا بالاستعانة بالله سبحانه، وطول ذكره ليل نهار، والتوكل عليه، وهو سبحانه يكفي من توكل عليه ويأخذ بيد من استعان به وهو خير موفق ومعين

رجوع إلي القائمة

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.