كيف نجمع شمل المسلمين؟

اشارة

اسم الكتاب: كيف نجمع شمل المسلمين؟

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1424 ق

الطبعة: دوم

بسم الله الرحمن الرحيم

وَاعْتَصِمُوا

بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا

وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ

إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ

فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً

وَكُنْتُمْ عَلي شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ

فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

صدق الله العلي العظيم

سورة آل عمران: الآية 103.

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الأمة الإسلامية بكاملها كانت من أكبر اهتماماته اليومية..

فلم يكتب كتاباً أو يلقي محاضرة أو يجلس علي كرسي الدرس ليدرس تلامذته أو يرشد أصدقاءه ومقلديه ويعلّمهم مما أنعم الله عليه من علوم الإسلام، إلا تطرق إلي ما تلاقيه الأمة الإسلامية من المصائب والمحن، والويلات والفتن.

ولم يكن الإمام الراحل آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلي الله مقامه) ليكتفي بذكر الداء فقط، بل كان يري أن الدواء موجود بين أيدينا، وهو الرجوع إلي كتاب الله العزيز في جميع أحكامه، واتباع سنة النبي المصطفي صلي الله عليه و اله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام في مختلف شؤون الحياة …

وهذا الكراس يعتبر أطروحة عملية لتلك الأفكار العالية والرؤي المتميزة التي كان يتمتع بها الإمام الراحل ?، حيث قدم فيه برنامجاً دقيقاً لجمع شمل المسلمين بمختلف طوائفهم في مجلس أعلي يضم قياداتهم المنتخبة من قبل الشعوب، وذلك لتصدي أمور الأمة الإسلامية أينما كانوا، كما يقدم للأمة بعض النصائح التوعوية لكي لا يقعوا في فخ الانقلابات العسكرية والحكام الدكتاتوريين.

يعتبر هذا الكتاب من مؤلفاته القيمة في مدينة قم المقدسة حيث تم الفراغ منه في 15/ ربيع الأول/ 1403 ه، وقد طبع عدة مرات، ورأينا إعادة طبعه تعميماً للفائدة، وخاصة في مثل هذه الظروف الحساسة التي تعيشها الشعوب الإسلامية

وهم بأشد الحاجة إلي الثقافة الدينية والوعي السياسي الصحيح البعيد كل البعد عن العنف والإرهاب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص.ب: 5955 / 13

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين.

الوحدة الإسلامية

الوحدة الإسلامية كشعار، أو كبديل لعواطف غير نابعة عن القلب، شيء سهل.

أما إلباسها لباس الواقع المباشر، فهو بحاجة إلي طرح متكامل، يلف الأمة والدولة من ناحية، ويجمع مختلف الاتجاهات التقليدية والمراجع والعلماء من ناحية ثانية.

ولعل هذا الطرح الذي نذكره هنا يفي بالأمرين.

إن في العالم الإسلامي (الأعم مما يسمي بالبلاد الإسلامية، أو الذي يسمي بالبلاد غير الإسلامية) ألف مليون مسلم()، وزهاء نصفهم شيعة ونصفهم سنة، وهؤلاء منتشرون في البلاد، وإن كان الأكثر في بعض البلاد شيعة، وفي بعض البلاد سنة، كما إنهما يتساويان في البعض الآخر.

فإذا أريد جمع هؤلاء في وحدة حكومية واحدة فاللازم رعاية أمور:

1: جمع كل مراجع تقليد الشيعة في مجلس أعلي يحكمون فيه بأكثرية الآراء.

2: جمع كل مراجع السنة والعلماء الذين يتبعونهم في أخذ الأحكام، في مجلس أعلي يحكمون فيه بأكثرية الآراء.

3: ثم جمع هذين المجلسين في مجلس واحد.

فإذا أريد صدور حكم بالنسبة إلي إحدي الطائفتين فقط، كان لعلمائهم إصداره بأكثرية الآراء.

وإذا أريد صدور الحكم بالنسبة إلي الجميع حيث إن الأمر يهم كل الألف مليون مسلم، من جهة سلم أو حرب أو ما أشبه كان الحكم يتبع أكثرية آراء المجلسين معاً، لكن بمعني أكثرية هذا المجلس وأكثرية ذاك المجلس، لا بمعني الأكثرية المطلقة.

مثلاً: لنفرض أن في كل مجلس تسعة من العلماء مما يشكل المجموع ثمانية عشر، فإذا أريد الحكم علي البلد الإسلامي العام ذي الألف مليون مسلم، كان اللازم (خمسة) من كل

مجلس، لا عشرة مطلقة وإن كانت تسعة منهم من مجلس وواحد من مجلس، وذلك لأن الأكثرية المطلقة ليست محلاً لقبول الطائفة التي لا تحكم أكثرية علمائها.

ثم إن لكل طائفة من الطائفتين، حرية المناقشات الأصولية والفروعية، وسائر حرياتها المشروعة، وإنما لا يحق لطائفة أن تعتدي علي الأخري اعتداءً جسمياً أو مالياً أو ما أشبه، فإن حرية الرأي والكلام والنشر وغيرها من مفاخر الإسلام الذي جاء لإنقاذ الإنسان من الكبت، من كل أنواع الكبت.

قال تعالي: ?وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ?().

4: ثم ينبع من المجلس الأعلي للمجلسين، و(شوري العلماء المراجع): أحزاب إسلامية حرة، كل حزب في نطاق طائفته، وتكون هذه الأحزاب مدارس سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تربوية، لأجل تربية الكوادر الصالحين لإدارة البلاد في المجالات التأطيرية: (التشريعية) والقضائية والتنفيذية.

وينصب الولاة من جنس الأكثرية في القطر، بدون أن يحد ذلك من حريات الأقلية، وكذلك حال القضاة ومن إليهما.

وتكون مهمة هذا المجموع (العلماء والأحزاب): إرجاع الأمة الواحدة الرشيدة إلي الحياة، وإرجاع حكم الله سبحانه، فإن الدولة والأمة لا تخلوان من أحوال:

ألف: أن تكون القوانين دنيوية بحتة، كبلاد الوثنيين والشيوعيين.

ب: أن تكون القوانين دينية بحتة بدون ملاحظة الدنيا، كبلاد المسيحيين في القرون الوسطي.

ج: أن تكون القوانين الدينية بيد العلماء، والقوانين الدنيوية بيد الحكام، بأن يكون (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)() علي اصطلاحهم، كما في البلاد الغربية الآن، فلا يكون للعلماء رأي في الأمور السياسية.

د: أن تكون القوانين الدينية بيد العلماء، والقوانين الدنيوية بيد الحكام، ومنع العلماء من بيان الحكم الشرعي في المسائل السياسية، كما في بلاد الإسلام اليوم.

ه: أن تكون القوانين الدينية والدنيوية بيد العلماء الذين هم الحكام، ويساعدهم علي ذلك الأخصائيون من المثقفين.

والأول: إرهاب بحت وتأخر فضيع.

والثاني: خراب

للدنيا.

والثالث: يوجب انقلاب الدنيا عن الروح مما يسبب الاستعمار في الخارج، والاستعمار والفساد في الداخل.

والرابع: يوجب التناقض بين الجهتين وولاء للناس في مكانين متضادين، وتدافع بين الحكام والأمة.

فلم يبق إلا الخامس، الذي هو عمارة للجسد والروح، وتلاؤم بين الدين والدنيا، وهذا هو الذي فعله الرسول الأعظم صلي الله عليه و اله وخلفائه الأئمة الأبرار عليهم السلام وأمر به الكتاب والسنة.

إذن، يلزم تشكيل شوري الفقهاء المراجع واستشارة الأخصائيين مع وجود الأحزاب الحرة، وهذه من مقومات جمع شمل المسلمين.

فضح التعذيب والحرمان والتجزؤ

من مقومات جمع شمل المسلمين وتشكيل حكومة ألف مليون مسلم فضح الأمور التالية:

1: التعذيب في السجون.

2: الحرمان الذي تعاني منه الأمة، في مختلف الأصعدة.

3: تجزؤ بلاد الإسلام بسبب الحواجز النفسية والحواجز الجغرافية وغيرهما.

كل ذلك بسبب عشرات الملايين من الكتب، وبمختلف وسائل الإعلام الممكنة.

التعذيب جريمة شنعاء

أولا: إن التعذيب الموجود في السجون في كل سجون العالم الإسلامي، سواء في بلد يسمي بالإسلامي أو في غيره جريمة شنعاء يندي لها جبين الإنسانية، يلزم فضحها والقضاء عليها.

بالإضافة إلي أن التعذيب يسبب تثبيط عزائم الجماهير بالتحرك لما هو ضروري في سعادة الأمة من لزوم إسقاط الدكتاتور، فإن السجن قد لا تكون له من الأهمية في لاوعي الإنسان مثل ما للتعذيب من أهمية، فإن الإنسان كثيراً ما لا يهتم بالسجن بل ولا بالإعدام بمثل ما يهتم ويخاف من التعذيب النفسي والجسدي.

وقد استغلت الحكومات الاستعمارية، أمثال بريطانيا وأمريكا وفرنسا وروسيا والصين، وما ومن يدور في فلكهم من العملاء، هذا التخوف والرعب للإبقاء علي سلطانهم في بلاد الإسلام، فإذا تمكن المسلمون من فضحهم وفضح التعذيب، نجم عن ذلك تمهّد السبيل لإنقاذ المسلمين.

إن عبد الناصر() لما سقط، قام المسلمون في مصر بحملة متوسطة في فضحه بما كان يقترفه من التعذيب القاسي في سجونه، مما أثر في سقوط القومية في مصر، بل سقوط القومية العربية() في كافة البلاد، فصارت كالأموية التي أسقطها المسلمون منذ ثلاثة عشر قرناً فلم تقم لهم قائمة.

وهكذا يلزم إسقاط هذا السلاح الشائن من يد الدكتاتوريين في كل البلاد الإسلامية.

ومصر بعد وإن كانت تستعمل التعذيب، لكن بنسبة أقل بعد تلك الفضيحة التي مني بها عبد الناصر.

لا للحرمان

ثانياً: الحرمان، فالعالم الإسلامي كله، حتي البلاد التي يتفجر في أراضيها النفط كشلال السيول، تعاني من أشد أنواع الحرمان والتأخر في مختلف المجالات: في المجال الزراعي، والصناعي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، وما أشبه، وقد بلغ الأمر إلي أن أكثرية الشباب لا يجدون سبيلاً إلي الزواج لفقرهم، بينما يمشون علي أرض من الذهب، وتتدفق أموالهم إلي خزائن الغرب والشرق.

إن هذا الحرمان

بحاجة إلي الفضح، حتي يسبب ذلك تحرك الأمة لأجل الإنقاذ.

ومن الطبيعي أن حكام هذه البلاد يمارسون سياسة التجهيل للأمة، حتي ترضي بما تحصل عليه من كسرة خبز للعيش، فإذا وعت الأمة إمكانياتها الكبيرة جداً، لابد وأن تتحرك لأجل إنقاذ حقها، وهي خطوة في طريق جمع شمل المسلمين وتشكيل حكومة ألف مليون مسلم التي توفر للأمة الرفاه والتقدم والرخاء بإذن الله تعالي.

وهذا الفضح أيضاً بحاجة إلي عشرات الملايين من الكتب في مختلف المستويات واللغات.

سياسة التجزئة

ثالثاً: وأخيراً يأتي فضح الدور الذي قام به المستعمرون وعملاؤهم، في تجزئة البلاد الإسلامية جغرافياً، وفضح السدود والحواجز التي خلقوها بين أنفس المسلمين، حتي صار مسلم كل قطر ينظر إلي مسلم القطر الآخر بنظر أنه أجنبي، بما تبع هذين العملين (تجزئة البلاد والحواجز) من تضعيف المسلمين وتشتيتهم والسيطرة عليهم.

فاللازم فضح الاستعمار وقوانينه أولاً.

وفضح التجزئة والحواجز النفسية ثانياً.

فهل من الأخوة الإسلامية، أن يري المسلم العربي أخاه المسلم العجمي، والتركي أخاه الهندي، والإندونيسي أخاه الفليبيني، وهكذا، أجنبياً؟

أو هل من الأخوة الإسلامية أن يرفع الأخ في وجه أخيه الحواجز والموانع والقيود إذا أراد السفر إلي قطر إسلامي؟

وهكذا في سائر الشؤون المنافية لقانون الأمة الواحدة.

إسقاط الدكتاتور

من الضروري لجمع شمل المسلمين الاهتمام لفضح الدكتاتوريات الموجودة في العالم الإسلامي، فإن من سياسة الدكتاتور بث الفرقة بين الأمة، لكي لا تجتمع علي إسقاطه.

فاللازم فضح الدكتاتور حتي لا يكون هناك مستبد يحكم حسب هواه، سواء حكم باسم القانون، أو باسم الدين، أو باسم الطبقة العاملة، أو باسم الطبقة المتعالية.

وتكون عملية الفضح بسبب ألوف العناوين من الكتب ونشرها في ملايين النسخ بمختلف المستويات وشتي اللغات.

ومهما تذرع الدكتاتور بالذرائع، يجب أن لا تقبل منه، فإن من الواضح أن العقول خير من العقل الواحد أو عقول أقل، ومن الواضح أيضاً أن الحق للناس، فبأي مبرر يسلبهم الدكتاتور حقهم.

ثم إن الدكتاتور لا يتنازل عن كرسيه، وإنما اللازم إنزاله، فإن الحق لا يُعطي وإنما يُؤخذ.

وقد اعتاد الدكتاتوريون كالحكومات العسكرية الانقلابية أن يقولوا: إننا قد صنعنا الثورة والانقلاب فلنا الحق، دون من سوانا.

والجواب: هل صنعتم الثورة والانقلاب لأجل أنفسكم أو لأجل الناس؟

فإن كان الأول فلا حق لكم في التكلم باسم الناس.

وإن كان الثاني فلماذا لا تشركون الناس في الحكم،

بانتخابات حرة …

ومثل هؤلاء: الحكومات الوراثية، حيث لا شرعية لها.

من صفات الدكتاتور

ومن طبيعة الدكتاتور أن يجمع حول نفسه (أمّعات) باسم أنهم الناس، بينما عقلاء القوم والسياسيون والمحنكون والعلماء يعيشون في حالة العزلة، أو في السجون، أو المنفي، أو صار نصيبهم القبر.

إن الأمّعات (مادحي الدكتاتوريين) ليسوا إلا كالخشب المسندة، لا قيمة لهم، وإنما كل ما يملكون هو السلاح والدعاية والمال، كما رأينا ذلك في عهد:

(ناصر)()..

و(قاسم) ()..

و(الشاه) ()..

ومن إليهم، فبمجرد سقوطهم ظهر هراء أقوالهم، وأنهم لايملكون حب الشعب ولو بمقدار قيراط لهم، وظهرت فضائحهم.

من علائم الدكتاتور

وقد ذكرنا في بعض الكتب أن من أهم علائم الدكتاتور:

1: عدم الأحزاب الحرة، فإذا كان البلد إسلامياً يلزم أن تكون فيه أحزاب إسلامية حرة، وإذا كان غير إسلامي فحرية أحزابهم، إما إذا لم تكن هناك أحزاب حرة فإنه علامة الدكتاتورية.

2: وعدم تبدل السلطة كل فترة وفترة، والتبدل يكون من الرئيس الأعلي إلي سائر السلطات.

وربما يقال: هل في الإسلام مثل هذين التبدلين؟

الجواب: نعم، فإن الحكومة الإسلامية قوامها:

ألف: شوري المراجع الذين يرجع الناس إليهم في مسألة التقليد والحكم الشرعي.

ب: الأحزاب الحرة الإسلامية.

وكلاهما يتعاونان في إدارة البلاد والعباد، حسب القوانين الإسلامية.

أما شوري المراجع فلأنهم نواب الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين نصبوهم حكاماً وخلفاء علي الأمة، بقوله صلي الله عليه و اله: «اللهم ارحم خلفائي» () وقوله صلي الله عليه و اله: «فإني قد جعلته عليكم حاكماً» ().

ولا وجه لأن يكون بعض الفقهاء المراجع في الحكم دون بعض؛ لأنه عزل لخليفة الرسول صلي الله عليه و اله والحاكم المنصوب من قبل الإمام صلي الله عليه و اله.

ولا حق لأن يقول أحدهم: إن المرجع الفلاني ليس بالمستوي المطلوب من الثقافة أو ما أشبه من الاتهامات، إذ ما دام قبلته جملة من الأمة ملإ إرادتها، فاللازم أن يكون شريكاً في

الحكم، وإلا فلو انفتح باب الإقصاء بهذه الذرائع لأمكن لجماعة كل مرجع أن تتهم الآخرين.

كما لا حق لحزب واحد (وإن كان إسلامياً) إقصاء الآخرين أو اتهامهم بالعمالة أو ما أشبه ذلك، وإلا كان للأحزاب الأخري أن يتهموا ذلك الحزب الواحد الذي أخذ بزمام البلاد، بنفس الاتهام.

فإن الاجتهادات الفقهية، والاجتهادات السياسية مختلفة، فلا أولوية لإحداها علي غيرها، وحيث إن الأمة تختار الفقهاء المجتهدين والأحزاب الإسلامية، فاللازم أن يكون الكل في مسرح السياسة والحكم، بأكثرية الآراء.

وحيث إن هذا هو الإطار الإسلامي الصحيح المستفاد من الكتاب والسنة والعقل كما فصلناه في بعض الكتب الفقهية() فالجواب عن سؤال هل في الإسلام تبدل (شوري المرجعية) و(السلطة)؟ هو: نعم إن فيه تبدلهما، أما تبدل السلطة فلا إشكال فيه، وأما تبدل شوري المرجعية، فإنه عادة لا يقع تلقائياً، وإن جاز شرعاً بشروطه.

والسبب في عدم تبدل شوري المرجعية عادة، إن الأمة بعد التحقيق والتدقيق، تعين وتختار مراجع تقليدها، ويكونون هم أعلي سلطة في البلاد، يديرون دفة الحكم بأكثرية الآراء ومساعدة الأخصائيين، والأمة لا تقوم بتبديل الفقهاء المراجع عادة وذلك بملإ إرادتها؛ لأنهم مراجع تقليدها، كما نشاهد الآن أن الأمة تقلد المرجع طيلة حياة المرجع، بدون أن يكون للمرجع قهر وغلبة أو سلاح أو دعاية، من أسباب الدكتاتورية.

نعم، إذا سقط مرجع التقليد عن المؤهلات، كما لو غلب النسيان عليه أو ما أشبه، لا يكون من الحكام حينذاك().

كيفية الجمع

وربما يقال: كيف يمكن جمع مراجع التقليد في مجلس واحد، وهم منتشرون في مختلف البلاد؟

والجواب: يمكن ذلك عبر الممثلين، فالممثلون في مجلس واحد، وهم يوصلون آراء كل واحد واحد منهم إلي المجلس، ويرفعون التقارير إليهم، فإذا حصلت الأكثرية كان ذلك الرأي مورد التنفيذ بسبب السلطات التأطيرية: (التشريعية)

والقضائية، والتنفيذية.

لا دكتاتورية في الإسلام

وعلي أي حال فلا دكتاتورية في الإسلام لا من حيث المرجعية، ولا من حيث الحزبية، بل الإسلام دين الحريات والعدالة الاجتماعية، ولذا فإذا رأينا حكومة تحكم باسم الإسلام وفيها شيء من الدكتاتورية، فاللازم أن نعلم أن الإسلام لا يقر ولا يعترف بمثل هذه الحكومة.

لا يقال: الحاكم الإسلامي الدكتاتور يدعي ويقول: أنا استشاري، ولست بدكتاتور.

لأنه يقال: إذا صدق أنه ليس بدكتاتور، فليفسح المجال للبحث الحرّ مع المعارضة في مختلف وسائل الإعلام، فهل هو أفضل من رسول الله صلي الله عليه و اله وأمير المؤمنين علي صلي الله عليه و اله، حيث كان المسلمون وغير المسلمين يفتحون معهما المناقشات الحرة بمسمع من الناس وبمنظر منهم؟

كما يدل علي ذلك كتاب (احتجاج البحار) ()، و(احتجاج الطبرسي)() وغيرهما.

أما أن يبتعد الحاكم عن الناس، ويقتنع بحضور البعض منهم عنده للتهنئة والتصفيق والتأييد بالشعارات، بدون مناقشة واحتجاج، ثم يحرك عماله وجلاوزته لتنفيذ أوامره بالقهر والاستبداد، ويفتح باب السجون علي الأبرياء، وينصب المشانق، ويرسل الجلاوزة لمصادرة الأموال، ثم تكييل وسائل إعلامه وعملائه التهم لكل من يريد قولاً معارضاً فإن ذلك من لوازم الدكتاتورية.

وعلي الأمة أن تعي حتي لا تُستغل باسم الديمقراطية، أو الانقلاب والثورة علي الفساد، أو الاستشارية، أو الإسلام، أو ما أشبه ذلك.

إزالة الدكتاتور

وإذا تسلط الدكتاتور علي الأمة بألف أسم وأسم، وتحت ألف ستار وستار، فاللازم علي المصلحين جمع الشمل والتمسك والعمل لإزالة كابوس الاستبداد بالقوة الشعبية، فإن هناك قوتين:

1: قوة السلاح حيث تقع بيد الحكومة.

2: وقوة الشعب التي تتمكن أن تقاوم قوة السلاح.

فإذا تمكن المصلحون أن يتمسكوا بهذه القوة بتعقل وروية أزالوا تلك القوة الاستبدادية، فإن قوة الشعب هي القوة الفائقة التي تتمكن أن تسحب قوة السلاح عن الباطل إلي الحق.

والطريق

الطبيعي لسحب القوة عن يد الحكومة الدكتاتورية، توعية الشعب بملايين الكتب، ثم تكتيل الشعب تحت ألوية النهضة والثورة، والتحرك لأجل إزعاج الدكتاتور بالإضرابات والمظاهرات السلمية، وكلما توسعت هذه القوة، تقلصت قوة السلاح، إلي أن تسقط قوة السلاح عن يد الدكتاتور.

ومن المهم جداً تحييد السلاح ومن بيده ذلك أولاً، حتي لايدخل الميدان لصالح الدكتاتور، وغالباً يمكن تحييد السلاح بعدم أخذ الشعب السلاح في إضراباته ومظاهراته، بل يلزم أن تكون حركته سلمية، تتجنب العنف والشدة، كما ذكرناه في بعض المباحث().

الانقلابات العسكرية مرفوضة

أما الانقلابات العسكرية فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً؛ فإن الانقلاب ولو تذرع له بألف ذريعة ليس إلا سبباً لتدهور أحوال الشعب إلي الأسوء، وليس ذنب الشعب في حوادث الانقلابات العسكرية بأقل من الانقلابيين، حيث إن جماعة من العسكر لا يتمكنون من الاستيلاء علي الشعب إذا لم يصفق لهم الشعب.

فإذا استولي جماعة من العسكريين علي الحكم كان اللازم أن يرفضهم الشعب، ويعاملهم معاملة اللصوص ويقدمهم للمحاكمة العادلة.

وكلما رأينا من الانقلابات في أفريقيا وآسيا وغيرهما، وجدنا أنها لم تزد الأمة إلا سوءً، وصار حال الناس أسوء مما كان قبل الانقلاب.

والمنطق ضد تصفيق الشعب لهم، إن الإنسان إذا أراد أن يستخدم خادماً لداره، لابد وأن يحقق عن أحواله؟ فكيف يصفق الإنسان لمن لا يعرفهم وهم يريدون السيطرة علي نفسه وماله وعرضه؟.

وقد رأينا أن الانقلابات العسكرية التي قامت باسم إنقاذ فلسطين كانقلابات العراق ومصر وغيرهما لم تسبب لفلسطين وللأمة إلا ضياعاً أكثر، وللشعب إلا تردياً أسوء، والغالب أن الانقلاب العسكري يسبب انقلابات أخري، فهو يولد الانقلابات المتتالية مما تدمر الشعب تدميراً كاملاً.

وغالب ما رأينا من انقلاب، كان غربياً أو شرقياً، فكانت أمريكا أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا، تصافق جماعة

من الأحزاب التي هي من صنائعها، أو من العسكريين الذين هم من عملائها للانقلاب، وذلك لأجل المزيد من امتصاص دماء الشعب، ونهب ثرواتهم، وتخريب بلادهم، وقتل وسجن وتعذيب وإذلال كبرائهم وشبابهم، وبالنتيجة تحكيم قبضة الاستعمار علي البلاد أكثر فأكثر.

ولذا فمن الضروري تأليف مئات الكتب ونشرها بالملايين، لفضح الانقلابات العسكرية، والحيلولة دون حدوث انقلاب عسكري في بلاد الإسلام بل في كل بلد في المستقبل.

ثم إن كان الانقلاب العسكري حسناً فلماذا لا تدع الدول الغربية أن يحدث الانقلاب في بلادها؟

وإذا كان سيئاً فلماذا تسارع إلي الاعتراف بالحكومة الانقلابية في بلادنا، بحجة أنه حدث داخلي؟.

أليس ذلك لأجل أنهم هم الذين يأتون بالانقلاب، لتحكيم قبضتهم، ثم يسارعون في الاعتراف به، ثم يحفظون القافزين إلي الحكم بالإعلام والسلاح والتخطيط وغيرها؟

إنه من غير شك أن كثيراً من الحكومات التي قام الانقلاب ضدها، كانت حكومات سيئة، لكن من غير الشك أيضاً، أن حكومة الانقلاب هي أسوء من تلك الحكومات …

وعلاج سوء الحكومة ليس بالانقلاب، بل يلزم أن يعي الشعب حتي يرفض الحكومة السيئة ويأتي بالحكومة الصحيحة، لا أن يقوم جماعة بالانقلاب وذلك بتخطيط من المستعمر، ليهلكوا الضرع والزرع، والذين يستجيرون من سوء الحكومة إلي الانقلاب العسكري، مثلهم كما قال الشاعر:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

من أسباب الانقلاب العسكري

أما أسباب الانقلابات العسكرية، فهي:

1: الفراغ السياسي في البلاد وجهل الأمة بواقعها، حيث إن الجاهل دائماً يكون ألعوبة بيد الدجالين وطلاب الشهوات.

2: السخط العام علي الحكومة، حيث أنه يهيئ لجماعة ولو صغيرة أن تتمكن وتصفيق الناس لهم من القفز علي الحكم.

3: الهزيمة الحربية للحكومة، سواء كانت هزيمة في حرب أهلية كما حدث لقاسم، حيث انهزم أمام الأكراد بعد أن وقعت حرب أهلية في شمال العراق، أو

هزيمة في حرب غير أهلية، كالهزيمة في البلاد العربية أمام الكيان الصهيوني().

4: الحروب الأهلية وانقسام البلاد وضعف الحكومة عن إنهاء الحرب وإن لم تنهزم الحكومة، فإن الناس في أمثال هذه الحالة ينتظرون المنقذ، فإذا قفز جماعة علي الحكم، باركوهم عن لا وعي زاعمين أنهم المنقذون.

5: ارتطام البلاد في مشاكل سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، بسبب سوء تصرف الحكومة.

6: المحافظة علي النظام السابق، حيث إن أعضاء الحكومة حينما يعرفون اهتزاز كراسيهم، وأن التذمر بلغ مداه، يقومون بانقلاب عسكري صوري من الموالين لهم لإنقاذ عروشهم، ولو بقدر، كما حدث في السودان والباكستان.

7: ضعف الاستعمار السابق، وقوة الاستعمار الجديد، حيث إن القوي يطيح بعملاء الضعيف، كما أطاحت بريطانيا ب (داود خان)() الأمريكي في أفغانستان..

لتأتي مكانه ب (طرقي) ().

ثم أطاحت روسيا بترقي لتأتي مكانه ب (ببرك) ().

بالنتيجة لا فرق بين أن يكون ضعف الاستعمار السابق ناجماً عن ضعف في حكومته، أو ضعف في إدارته لتلك البلاد المستعمرة، فإن بريطانيا ربّت (طرقي) في الهند منذ عشرين سنة، وكونت له كياناً ليوم انقلابه علي (داود) الأمريكي.

8: ضرب الأمة الإسلامية في بلاد الإسلام، حيث إن المستعمر يري أنه لو ترك الأمر وشأنه، قويت القوة الإسلامية المترعرعة، وضربت مصالحه، فيأتي بجملة عملاء إلي الحكم في انقلاب عسكري، لينوب عنه في ضرب الحركة الإسلامية، كما حدث في العراق حيث قويت الحركة الإسلامية، فجاء البريطانيون بعبد الكريم قاسم، ثم بحزب البعث لما يئسوا من قدرة قاسم علي ضرب الحركة الإسلامية، وهؤلاء العملاء لم يألوا في ضرب وتبديد الحركة الإسلامية.

9: إرادة الاستعمار ضرب القوي الوطنية في بلاد غير إسلامية كما حدث في بعض بلاد أفريقيا.

10: حب السلطة والغلبة، كما يحدث نتيجة للصراعات العسكرية، فإن العسكر إذا

تولي الحكم لا يقدر علي حفظه، ولذا ينقلب عليه آخرون حباً للاستئثار بالسلطة …

ولا يخفي أن كل ذلك نابع عن جهل الشعب وعدم وعيهم، ولذا لا يحدث انقلاب في بريطانيا أو فرنسا، أو حتي في إسرائيل الغاصبة، حيث إن شعوب تلك البلاد لهم من وعي الحياة قدر لا يسمح للانقلاب.

ثورات شعبية خاطئة

ثم إن هناك ثورات شعبية تفعل نفس فعل العسكريين من التدمير والتخريب، وتستغل تلك الثورة من قبل البعض، ويسيطر عليها الدكتاتوريون مثل:

هتلر()..

وموسليني()..

ولينين()..

وماو()..

وهوشي()..

وكاسترو()..

وأمثالهم، مما لم يكن عملهم إلا القتل والتدمير والتخريب وإدخال البلاد في حمامات من الدم، وتعميم الإرهاب في البلاد مما هو معروف.

وإنما تحدث مثل هذه الثورات إذا هاج الشعب من الفساد والخراب، ولم يكن لهم وعي كاف في كيفية الحكم. فيشترك الشعب جميعاً في الهدم، بدون خريطة مسبقة ومؤهلات لكيفية البناء، فيستغل جماعة من طلاب السلطة، جهل الشعب للاستيلاء عليه بالإرهاب سجناً وتعذيباً وإعداماً ومصادرة أموال وخنقاً

وكبتاً.

وعلامة هذا النوع من الحكومات (وحدة الحزب) مما يتبع وحدة الخط السياسي في البلاد، إعلاماً وشخصيات في كل السلطات، فإذا لم يكن في البلاد أحزاب سياسية متعددة (واللازم في بلاد الإسلام أن تكون هناك أحزاب سياسية إسلامية تحت إشراف شوري العلماء المراجع) فهو دليل علي أن الثورة الشعبية الواسعة تحولت إلي قفز جماعة مستبدة إلي الحكم، وإقصاء الآخرين بمختلف المعاذير والتهم، وتكون عندئذ مأساة البلاد.

وإلا فإن صدق الحاكم في مثل هذه الحكومات، فلماذا لا يسمح للبحث الحرّ مع من يدعيه خصوماً للبلاد؟ والحال أن الحاكم القافز علي الحكم (باسم الشعب) هو العدو للبلاد.

فعلي الأمة أن تعي حتي لا يقع انقلاب عسكري، ولا ثورة شعبية تنتهي إلي سرقة جماعة لتلك الثورة، وإلا كان المصير الدمار والهلاك.

والله المستعان.

قم المقدسة

محمد بن

المهدي الحسيني الشيرازي

15/ ربيع الأول/ 1403 ه

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() بلغت نفوس المسلمين حسب آخر الإحصاءات ملياري مسلم.

() سورة الأعراف: 157.

() قول مشهور منسوب للسيد المسيح عليه السلام في قصة سؤال الفرنسيين له عن جواز إعطاء الجزية لقيصر، بمكيدة منهم، وقد تمسك دعاة العلمانية وفصل الدين عن السياسة وقيادة الأمة بهذا القول، الذي لم يكن معناه والمراد منه ما فسروه، بل كان في حقيقته تهرباً من مكائد أعداء المسيح عليه السلام، انظر العهد القديم والجديد: الإصحاح 22 تحت الرقم 15.

() هو جمال الدين عبد الناصر حسين (1918 1970م) عسكري وسياسي مصري، رئيس جمهورية مصر العربية منذ عام (1956م)، ولد في سنة (1918م) أكمل دراسته الابتدائية عام (1931م) وبعد حصوله علي شهادة الثانوية القسم الأدبي عام (1936م) التحق بمدرسة الحقوق وانتقل منها إلي الكلية الحربية التي تخرج منها عام (1938م) برتبة ملازم ثان، وتدرج بالرتب إلي أن بلغ رتبة مقدم وعين مدرسا بكلية الأركان الحربية عام (1951م) وفي أثناء ذلك كان يقوم بتنظيم الجهاز السري لمنظمة الضباط الأحرار، ووضع التدابير لانقلاب عام (1952م) علي حكم الملك فاروق، استلم وزارة الداخلية ثم رئاسة الوزراء، ثم رئيساً لمصر في (1956م)، من أشهر دعاة القومية العربية في العصر الحديث، أعلن قيام الجمهورية العربية المتحدة عام (1958م) مع سوريا، ثم قام اتحاد فدرالي بين الجمهورية المتحدة واليمن، ثم الانفصال عام (1962م)، وفي عام (1963م) وقع ميثاق الوحدة بين العراق وسورية ومصر. هاجم التيار الإسلامي في مصر بضراوة، وفي سنة (1967م) تم العدوان الإسرائيلي ما عرف وقتها بنكسة حزيران، فتنحي عبد الناصر عن الحكم بسبب الهزيمة، عدل عن قراره وبقي في منصبة. سنة 1968: إعادة بناء وهيكلة القوات المسلحة. سنة 1970:

انعقاد مؤتمر القمة العربية بالقاهرة لوقف نزيف الدماء بين الفلسطينيين والأردنيين وكان مع ختام هذا المؤتمر وعقب توديع جمال عبد الناصر لأمير الكويت صباح السالم سقط جمال عبد الناصر من شدة الإعياء وتوفي في 28 سبتمبر 1970م.

() القومية: في الاصطلاح السياسي يقصد بها جملة العوامل المعنوية التي تربط جماعة إنسانية وتضمها في إطار وحدة تعرف بالوحدة القومية، وتعرف هذه الجماعة باسم: الأمة، فمن ثم كانت العلاقة بين القومية والأمة، وبين الأمة والدولة، التي هي تنظيم سياسي يمثل شعباً ذا وحدة قومية يعيش في إقليم معين.

وقد اجتاحت العالم منذ أوائل القرن التاسع عشر لاسيما في أوروبا وتحت تأثير الثورة الفرنسية والثورة الصناعية، حركات قومية كانت تهدف إلي استثارة الروح الوطنية عند عدد من الشعوب، التي كانت إما طامحة في الاستقلال، مثل دول البلقان، أو طامحة في الوحدة السياسية مثل ألمانيا وإيطاليا، باعتبار أن هذا الهدف السياسي لا يتحقق إلا بعد تثبيت أسس الوحدة القومية؛ لهذا كان من وسائلها نشر اللغة القومية وتراثها الفكري، فنشأ حينذاك ما عرف باسم حرب الثقافات وإحياء التقاليد الموروثة والفنون الشعبية، والإشادة بأحداث التاريخ حلوها ومرها، ورفع الشعارات والتغني بالأمجاد الوطنية، وقد مر العالم العربي بهذه المراحل في طريق الدعوة إلي الوحدة القومية بعد أن تحقق لأكثر هذه الدول استقلالها السياسي. انظر القاموس السياسي: ص942 «القومية».

أما القومية العربية فهي حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعو إلي إقامة دولة موحدة للعرب، علي أساس رابطة الدم والقربي واللغة والتاريخ، في مقابل رابطة الدين التي تجمع بين المسلمين كافة، وقد تولدت هذه الحركة من خلال دعاة الفكر القومي الذين ظهروا في أوروبا، ولا يخفي أن أكثر رعاة القومية هم من المستشرقين وتلاميذهم، أمثال ميشيل عفلق وأضرابه.

وكانت بدايات الفكر القومي الوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تمثلت ببعض الحركات السرية أنشأت من أجلها الجمعيات والخلايا في استانبول عاصمة الخلافة العثمانية، ثم أصبحت حركات علنية عبر جمعيات أدبية اتخذت دمشق وبيروت مقراً لها، ثم ظهرت في المؤتمر العربي الأول الذي عُقد في باريس سنة (1912م) كحركة سياسية واضحة الأهداف والمعالم.

وكانت دعوة القومية العربية محصورة في بداياتها في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وعدد محدود من المسلمين الذين تأثروا بها، وأصبحت تياراً شعبياً عاماً حين تبني الدعوة إليها ميشيل عفلق وجمال عبد الناصر وغيرهم، حيث سخروا لها أجهزة الإعلام الواسعة، وإمكانيات الدولة.

كما يعد (ساطع الحصري المتوفي 1968م) داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي تقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية النصراني (ميشيل عفلق) أحد مؤسسي (حزب البعث).

ومن أهم مقومات القومية العربية هي: اللغة العربية، والدم، والتاريخ المشترك، والأرض، والآلام والآمال المشتركة، أما الدين فإنه مستبعد من مقومات القومية العربية، وربما يحارب بشراسة؛ لأنه بزعمهم يُفرّق العرب ولا يوحدهم، وفي هذا يقول شاعرهم:

هبوني عيداً يجعل العرب أمة

وسيروا بجثماني علي دين بَرهم

سلامٌ علي كفر يوحد بيننا

وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

ومن المعروف عن القوميين وأهدافهم ودعواتهم أن غرض الكثيرين منهم الدعوة إلي فصل الدين عن الدولة، وإقصاء أحكام الإسلام عن المجتمع، والاستعاضة عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين غربية وشرقية، ولا يخفي أن الاستعمار يساعد علي وجود هذه الدعوات وذلك لإبعاد المسلمين والعرب منهم خاصة عن دينهم، وتشجيعاً لهم علي الاشتغال بقوميتهم، والدعوة إليها.

للتفصيل راجع (موسوعة الفقه: ج105 كتاب السياسة) و(القوميات في خمسين سنة) و(تلك الأيام) للإمام الشيرازي الراحل (قدس سره).

() مرت ترجمته.

() عبد الكريم

قاسم محمد بكر الزبيدي ولد في بغداد عام 1914م. التحق بالكلية العسكرية في 1932م وتدرَّج في الرتب العسكرية، انتمي لتنظيم الضباط الأحرار عام 1956م. قام بانقلاب عسكري عام 1377ه (الرابع عشر من تموز عام 1958م) وأطاح بالحكم الملكي، بعد أن قتل أغلب أفراد العائلة الملكية بما فيهم الملك فيصل الثاني، وأعلن الحكم الجمهوري وشكل مجلس السيادة وترأس مجلس الوزراء إضافة إلي وزارة الدفاع بالوكالة لثلاث دورات، ألغي المظاهر الديمقراطية كالبرلمان والتعددية الحزبية ما عدا الحزب الشيوعي الذي أضحي الحزب المحبب للسلطة، وألغي الحكم المدني وأضحت البلاد خالية من الدستور، تعرض خلال حكمه إلي عدة محاولات انقلابية، تعرض لانقلاب عسكري دبره عبد السلام عارف مع مجموعة من الضبّاط البعثيين أمثال أحمد حسن البكر وصالح مهدي عمّاش وغيرهم وذلك عام 1963م، أعدم رميا بالرصاص مع بعض رفاقه في دار الإذاعة.

() محمد رضا بهلوي (1919-1980م) شاه إيران (1941م) خلفاً لأبيه (رضا خان) ومستمراً في نهجه الظالم، ثار عليه الشعب، ترك البلاد (1979م) توفي في مصر.

() من لا يحضره الفقيه: ج4 ص420 باب النوادر ح5919.

() تهذيب الأحكام: ج6 ص218 ب87 ح6.

() انظر موسوعة الفقه كتاب الدولة: ج101 و102.

() انظر موسوعة الفقه كتاب الاجتهاد والتقليد: ج1.

() انظر بحار الأنوار: ج9 وج10 وفيهما أبواب عديدة، منها باب1 احتجاج الله تعالي علي أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم، وأبواب احتجاجات الرسول صلي الله عليه و اله وتتضمن ثلاثة أبواب، وأبواب احتجاجات أمير المؤمنين عليه السلام وتتضمن ستة وعشرين باباً.

() (الاحتجاج علي أهل اللجاج) لمؤلفه أحمد بن علي بن أبي طالب أبي منصور الطبرسي، فقيه إمامي من علماء القرن السادس الهجري ومن مشايخ ابن شهر آشوب، توفي سنة 588 للهجرة. وقد قال الشيخ

آغا بزرك الطهراني عن كتاب الاحتجاج:

فيه احتجاجات النبي صلي الله عليه و اله والأئمة عليهم السلام وبعض الصحابة وبعض العلماء وبعض الذرية الطاهرة، وأكثر أحاديثه مرسل إلا ما رواه عن تفسير العسكري عليه السلام كما صرح به في أوله بعد الخطبة التي أولها: الحمد لله المتعالي عن صفات المخلوقين المنزه عن نعوت الناعتين إلي قوله ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بأسناده؛ إما لوجود الإجماع عليه أو موافقته لما دلت العقول عليه أو لاشتهاره في السير والكتب من المخالف والمؤالف، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام فإنه ليس في الاشتهار علي حد ما سواه. إلي آخر كلامه الصريح في أن كل ما أرسله فيه هو من المستفيض المشهور المجمع عليه بين المخالف والمؤالف، فهو من الكتب المعتبرة التي اعتمد عليها العلماء الأعلام كالعلامة المجلسي ? والمحدث الحر ? وأضرابهما، وقد طبع بإيران مكرراً في سنة (1268ه) وفي سنة (1300ه) وفي النجف سنة (1354ه)، وكتبت له فهرسا علي ظهر نسختي لتسهيل التناول منه.

انظر الذريعة إلي تصانيف الشيعة: ج1 ص281 الرقم 1472 الاحتجاج.

() راجع كتاب (اللاعنف في الإسلام) و(السبيل إلي إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير) و(الصياغة الجديدة).

() وذلك إبان ما عرف بنكسة حزيران عام 1967م حين احتلت دويلة اسرائيل الغاصبة أراضي أربع دول عربية هي لبنان وسوريا والأردن ومصر وقد نتج عن هذه الهزيمة تغييرات كبيرة في المنطقة. كما حدث في العراق ومجيء البعثيين عام 1968م.

() داود خان: محمد داود (1909 1978م) عسكري ورجل دولة أفغاني، استولي علي السلطة إثر انقلاب عسكري قام به في عام (1973م) فأسقط الملكية وأعلن الحكم الجمهوري، ثم سقط وقتل في انقلاب (1978م).

ينتمي إلي الأسرة

الملكية التي كانت حاكمة آنذاك. تقلد مناصب مختلفة في القيادة العسكرية وعدة مناصب دبلوماسية، فقد عين سفيراً لبلاده في باريس لعدة سنوات، وفي عام (1950م) استدعي وعين وزيراً للدفاع، ثم رئيساً للوزراء، في عام (1973م) قاد انقلاباً علي الملكية علي ابن عمه الملك محمد ظاهر شاه وتولي رئاسة الحكومة، ارتبط بعلاقات وثيقة مع الغرب ووطد اتصالاته مع شاه إيران.

اشتره بولائه للسياسة الغربية، وفي عام (1978م) قامت مجموعة من الضباط الصغار الشيوعيين بانقلاب علي حكم داود وقد تميز بدمويته، واعتبر الانقلاب حينها حركة موالية للاتحاد السوفيتي لإقامة حكم شيوعي في أفغانستان، وعين (نور محمد طرقي) من قبل الانقلابيين رئيساً للبلاد وكان زعيماً لحزب خلق (الشعب) الأفغاني اليساري الماركسي.

() نور محمد طرقي (19171979م) سياسي ورجل دولة وشاعر أفغاني، من أبرز زعماء الحزب الشيوعي الأفغاني، عمل محرراً في إحدي الصحف اليسارية ثم نائباً لرئيس وكالة الأنباء الأفغانية، وفي عام (1953م) عمل ملحقاً في السفارة الأفغانية في واشنطن، وفي عام (1964م) أسس حزب الشعب (خلق) الأفغاني، وفي عام (1972م) انشقت مجموعة داخل الحزب أطلقت علي نفسها اسم (البرشم) أي الراية تزعمها بابراك كارمل، وفي عام (1977م) أعيد توحيد الحزب مما سهل أمام الشيوعيين الاستيلاء علي السلطة إثر انقلاب عام (1978م)، وبعد أشهر من الانقلاب أصبح طرقي رئيساً للجمهورية، قتل عام (1979م) علي يد (حفيظ الله أمين) الذي كان عينه طرقي نفسه وأعطاه صلاحيات واسعة. وبعد هذا الانقلاب تدخل الجيش السوفيتي في أفغانستان وفرض نظاماً موالياً للسوفيت وضع علي رأسه بابراك كارمل عام (1979م).

() بابراك كارمال رئيس دولة أفغانستان عام (1979م) ينحدر من أسرة ارستقراطية، درس الحقوق والتحق بوزارة التخطيط. اعتنق الماركسية ودعا لإقامة حكم اشتراكي في بلاده، انتخب عضواً

في البرلمان عام (1965م)، كان من مؤسسي حزب (برشم) وهو حزب شيوعي أفغاني. في عام (1977م) اندمج مع حزب خلق (الشعب)، ونقلا نشاطهما إلي السرية في العمل. بعد انقلاب (1978م) عين كرمل نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائباً لرئيس الحكومة من قبل (طرقي). وبعد خلافات مع طرقي أبعد عن أفغانستان. عاد رئيساً للبلاد بفضل التدخل العسكري السوفيتي عام (1979م) وتخلي عن السلطة عام (1986م).

() أدولف هتلر (1889-1945م) سياسي ألماني ولد في النمسا، دخل الحزب العمالي الألماني (1919م) وأصبح زعيمه وسماه الحزب الوطني الاشتراكي أي النازي (1921م) حاول القيام بعصيان مسلح في ميونخ عام (1923م) ففشل وسجن، وفي السجن وضع كتابه (كفاحي) عرض فيه مذهبه العنصري العرقي الذي أصبح شعار النازية، أصبح مستشاراً عام (1933م) ثم رئيس الدولة المطلق (1934م)، أقام نظاماً ديكتاتورياً بوليسياً احتل فيه البوليس السري مركز القيادة الإرهابية، أدت به سياسته التوسعية إلي احتلال رينانيا (1936م) والنمسا وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا، أشعل الحرب العالمية الثانية عام (1939م) فهزم من قبل قوات الحلفاء وانتحر في برلين عام (1945م).

() بنيتو موسليني (1883-1945م) من رجالات الدولة في إيطاليا، أسس الحزب الفاشي واستولي علي الحكم عام (1922م)، تحالف مع هتلر ودخلا الحرب معاً، أقصي من الحكم عام (1943م) فأعاده الألمان عام (1944) فقتله الشعب.

() فلاديمير إليتش لينين (18701924م): قائد الثورة السوفيتية النظري والعملي، مؤسس الاتحاد السوفيتي، أضاف إلي النظرية الماركسية دراسات عديدة حتي أصبحت النظرية الماركسية من بعده تسمي: النظرية الماركسية اللينينية. مؤسس الحزب الشيوعي في روسيا السوفياتية، أعاد تنظيم الحزب البلشفي بمساعدة ستالين عام (1917م)، له مؤلفات.

() ماوتسه تونغ (1893 1976م) رجل دولة صيني، من مؤسسي الحزب الشيوعي في الصين، أعلن الجمهورية الصينية الشعبية (1949م)، ثم رئيس الحزب

الشيوعي، خالف السوفيت، له عدة مؤلفات منها كتاب الأحمر الصغير.

() هوشي منه (18951969م) سياسي ثوري ورجل دولة فيتنامي، مؤسس ورئيس حزب العمال الفيتنامي ورئيس جمهورية فيتنام الديمقراطي، اسمه الأصلي نغوين ثات ثان، ساهم في بناء الحزب الشيوعي الفرنسي وحضر مؤتمره الأول عام (1922م)، سافر إلي موسكو والتحق بالجامعة الشيوعية، أسس الحزب الشيوعي للهند الصينية عام (1930م)، فشلت محاولته للثورة علي الفرنسيين عام (1940م)، قاتل ضد الاحتلال الياباني لبلاده، أعلن جمهورية فيتنام الديمقراطية عام (1946م)، اعترف به الاتحاد السوفيتي والصين عام (1950م)، قاد بلاده في الحرب ضد الولايات المتحدة. رئيس فيتنام الشمالية عام (1954م).

() فيدل كاسترو، سياسي كوبي، ولد في (1917م) درس القانون ومارس المحاماة حتي عام (1952م)، بدأ حركة مسلحة ضد حاكم كوبا باتيستا عام (1953م)، ألقي القبض عليه وحكم بالسجن 15عاماً، أفرج عنه بعفو عام سنة (1956م). عاد إلي نشاطه المسلح فعاد إلي العاصمة عام (1959م) وأصبح رئيساً للوزراء. حاولت الولايات المتحدة الإطاحة به عبر وسائل عدة فشلت جميعها بفضل تحالفه مع الاتحاد السوفيتي. ترأس الحركة المتحدة للثورة الاشتراكية عام (19631965م) وتزعم الحزب الشيوعي الكوبي بعد اتحاده مع حركة كاسترو عام (1965م) وأصبح رئيساً للدولة وقائداً عاماً للقوات المسلحة عام (1976م).

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.