فلسفة الحج في بلادي.. في بلادي

اشارة

اسم الكتاب: فلسفة الحج في بلادي.. في بلادي

المؤلف: حسيني شيرازي، محمد

تاريخ وفاة المؤلف: 1380 ش

اللغة: عربي

عدد المجلدات: 1

الناشر: موسسه المجتبي

مكان الطبع: بيروت لبنان

تاريخ الطبع: 1422 ق

الطبعة: اول

بسم الله الرحمن الرحيم

ذَلِكَ وَمَنْ

يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ

فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَي

الْقُلُوبِ

صدق الله العلي العظيم

سورة الحج: 32

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم..

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض..

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع..

والحاجة الماسة إلي نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته، وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلي إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلي الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلي آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

?لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?().

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلي وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلي العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

?فَبَشِّرْ عِبَادِ ? الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ?().

إن مؤلفات الإمام الراحل (قدس

سره) تتسم ب:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتي علوم الإسلام المختلفة، بدءاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلي اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخري.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤي والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع الراحل والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة، ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولي العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلي النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلي الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبي للتحقيق والنشر

بيروت لبنان ص ب 6080 / 13 شوران

البريد الإلكتروني: almoj(ع)aba@alshirazi.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة علي أعدائهم أجمعين إلي قيام يوم الدين.

فلسفة الحج

قال تعالي: ?وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَي كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ?

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ?().

الإنسان بفطرته مدنيّ الطبع، تميل نفسه إلي الاجتماعات والتآلف مع الآخرين، والركون إلي الجماعة والاختلاط بها، وهذا هو سبب تكون المدنية وإنشاء المدن والمجتمعات الكبيرة. وهذا الميل عبارة عن غريزة فطرية موجودة في الإنسان الساعي سعياً دائباً مستمراً لإشباع غرائزه. فميله نحو التوطّن ضمن مجموعة من الناس، والعيش معهم عبارة عن إشباع لغريزته هذه. وتكوين الأسرة أيضاً صورة أخري من صور إشباع الغريزة الاجتماعية، وغريزة الاجتماع تؤمن للإنسان حسن الألفة والاختلاط البشري ومنافع أخري سوف نتعرض لها.

ولهذا الأمر، نري أن الشريعة أكّدت علي الاجتماع، وخير نموذج لذلك هو شعائر الحج، وصلاة الجماعة، وروايات تبين استحباب السفر مع الآخرين، وغيرها من الموارد التي تحث علي الاجتماع أو الاشتراك مع الجماعة المؤمنة. وليس هذا مقتصراً علي الإنسان فحسب، بل يبدو واضحاً في السلوك الجمعي لدي الحيوانات أيضاً، إذ أن الهجرة الجماعيّة للطيور مثلاً، مسألة تمثل نموذجاً عالي الانسجام من نماذج الفعالية الجمعية. ونجد الأمر نفسه في تجمعات النمل والنحل وغيرها.

وكل ذلك برهان عقلي علي أهمية الحياة الاجتماعية وضرورتها.

إذن، مسألة الاجتماع من أساسيات بقاء ودوام المخلوقات وعلي رأسها الإنسان.

والحج يمثل أرقي وأشرف تجمع للإنسانية لما يتضمنه من فوائد ومنافع روحية، وهذا ما صرحت به الآية الكريمة ?ويذكروا اسم الله?() هذا الذكر ينمّي في الإنسان روح التعاون والمحبة.

فائدة الحج

قال تعالي: ?ليشْهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله? اللام هنا للتعليل، والمعني: يأتون لشهادة منافع لهم، أو: يأتون فيشهدوا منافع لهم، وقد أطلقت كلمة المنافع، ولم تتقيد بالدنيوية أو الأخروية.

والمنافع نوعان:

الأولي: منافع دنيوية، وهي التي تتقدم بها حياة الإنسان الاجتماعية، ويصفو بها العيش، وترفع بها الحوائج المتنوعة، وتكمل بها النواقص المختلفة، من أنواع

التجارة والسياسة والولاية والتدبير والتعاضدات الاجتماعية.

فإذا اجتمعت أقوام وشعوب المسلمين من مختلف بقاع الأرض وأصقاعها، علي ما بينهم من اختلاف في الأنساب والألوان والسنن والآداب، ثم تعارفوا بينهم علي كلمة واحدة هي كلمة الحق، وإله واحد هو الله سبحانه، ووجهتهم واحدة، وهي الكعبة المشرفة.

حينئذ يكون أداء شعائر الحج يؤدي إلي حالة اتحاد المشاعر والأحاسيس الدينية؛ وبذلك تتحد القلوب، وتتوافق الأقوال والأفعال، ويعيش الكل حالة الأمة الواحدة، ويحملون همّاً واحداً، بعد أن تخمد النعرات، وتذوب الاختلافات في بحر من الانسجام والاجتماع.

فنري أن الحج مثلاً، ينفع كثيراً من الناحية الاقتصادية والتبادل التجاري، بانتقال أنواع السلع، واكتساب تجارب الآخرين بعد الإطلاع عليها.

كما وينفع في إشباع غريزة حبّ الاستطلاع والسياحة والمشاهدة للبلاد الأخري. فضلاً عن المنافع الأخلاقية والفوائد الروحية الناشئة من الأجواء المعنوية التي يسببها الحج.

والثانية: منافع أخروية، وهي وجوه التقرب إلي الله تعالي بما يمثل عبودية الإنسان من قول وفعل، وعمل الحج بما له من مناسك تتضمن أنواع العبادات، من التوجه إلي الله عزّ وجل، وترك لذائذ الحياة، وشواغل العيش، والسعي إليه عزوجل، بتحمل المشاق والطواف حول بيته، والصلاة، والتضحية، والإنفاق، والصيام، وغير ذلك. والحج بما فيه من مناسك يمثل دورة كاملة في مسيرة التوحيد ونفي الشريك.

ومن المنافع الأخروية الثواب الإلهي العظيم، وقد وردت الأحاديث والمرويات عن ثواب الحج وعظيم الأجر للإنسان الحاج.

فعن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام: «أن رسول الله صلي الله عليه و اله لقيه أعرابي فقال له: يا رسول الله، إني خرجت أريد الحج ففاتني و أنا رجلٌ مميلٌ ()، فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج، قال: فالتفت إليه رسول الله صلي الله عليه

و اله فقال له: «انظر إلي أبي قبيس، فلو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله ما بلغت به ما يبلغ الحاج، ثم قال: إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا و لم يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعي بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمي الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعدد رسول الله صلي الله عليه و اله كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه، ثم قال: أني لك أن تبلغ ما يبلغ الحاج؟!» قال أبو عبد الله عليه السلام: «و لا تكتب عليه الذنوب أربعة أشهر، و تكتب له الحسنات إلا أن يأتي بكبيرة» ().

وعن الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) قال: «للحاج والمعتمر إحدي ثلاث خصال: إما أن يقال له: قد غفر لك ما مضي وما بقي، وإما أن يقال له: قد غفر لك ما مضي، فاستأنف العمل، وإما أن يقال له: قد حفظت في أهلك وولدك، وهي أخسهن» ().

وقيل للإمام أبي الحسن (ع): كيف صار الحاج لا يكتب عليه ذنب أربعة أشهر من يوم يحلق رأسه؟ فقال: «إن الله أباح للمشركين الحرم أربعة أشهر إذ يقول: ?فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ?() فأباح للمؤمنين إذا زاروه جلاء من الذنوب أربعة أشهر وكانوا أحق بذلك من المشركين» ().

كما ورد حثّ شديد في كثير من الأدعية

لأن يلحّ الإنسان علي ربّه في طلب التوفيق للحج(). كل ذلك لما للحج من أهمية عظمي في حياة الفرد الدنيوية والأخروية، ولما له من انعكاسات روحية علي المجتمع.

ملاحظة مهمّة

يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «ألا ترون أن الله سبحانه، اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه، إلي الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله للنّاس قياماً ()، ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقل نتائق() الدنيا مدراً()، وأضيق بطون الأودية قطراً، بين جبال خشنة، ورمال دمثةٍ()…» ().

نفهم من خلال هذه الكلمات الشريفة أن الله تعالي جعل الحج إلي بيته بمثابة امتحان واختبار للناس؛ لأن عادة الإنسان أنه يهوي الأماكن الجميلة، والأشياء البرّاقة، فجعل بيته في وسط الصحراء في منطقة وعرة، بعيدة عن ميل الإنسان، ليري من يؤمن ومن يكفر.

الكعبة وبقاء الدين

عن الإمام الصادق (ع) قال: «لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة» ().

هذه الرواية تؤكد حالة التلازم والربط الوثيق بين الدين وبين بيت الله الحرام. وكلما بقيت الكعبة كلما كان الدين باقياً، لأنها تجذب المسلمين حولها حتي يفيقوا من سباتهم، وينفضوا غبار الجبت والطاغوت عنهم بالتلبية «لبيك اللهم لبيك» حيث الولاء الحق؛ ولهذا نجد جميع الطواغيت وعلي مرّ العصور يحاولون طمس معالم بيت الله الحرام الكعبة والله يأبي ذلك.

فقد حاول أبرهة الحبشي ذلك، وقد حكي القرآن قصته في سورة الفيل فقال تعالي: ?أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ? أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ? وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ? تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ? فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ?(). ثم حاول يزيد بن معاوية بعدما قتل الإمام الحسين(ع) فسيَّر في جيش الحرّة الذي كان يقوده مسلم بن عقبة وعقبه بعد هلاكه الحصين بن نمير إلي مكة لقتال عبد الله بن الزبير،وأتوا مكة، فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، وذلك في صفر سنة أربع وستين،

واحترقت بشرار نيرانهم أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدي الله به إسماعيل (ع)، وكانا في السقف() فأدي ذلك إلي خراب أجزاء كثيرة من الكعبة المشرفة، فأهلك الله تعالي يزيد في نفس العام، وأراح الناس من شره().

ونفس الفعل قام به الحجّاج بن يوسف الثقفي بأمر من مولاه عبد الملك بن مروان().

كل هذه الحركات التي استهدفت الكعبة الشريفة كان، القصد من ورائها هو: ضرب الإسلام والقضاء علي مهد الإسلام ورمزه الخالد بحجّة القضاء علي الحركة التي قامت ضد السلطة الحاكمة.

إذن، المسألة الأساسية لا تتعلق بالقضاء علي الحركة المعارضة بقدر ما تتعلق بضرب الكعبة وهدمها ونسفها، وهذه هي المهمة الأولي والهدف الأساس، الذي يتربص له الاستعمار في كل فرصة يراها جيدة. إلاّ أنّ الله عزّ وجل يحبط كل هذه الإرادات الضعيفة التي تريد أن تقضي علي الدين الإسلامي، ومن هنا ندرك قول الإمام الصادق (ع): «لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة» ().

السفر إلي بيت الله الحرام

في ظهيرة أحد الأيام، وفي مدينة كربلاء المقدّسة… كنّا جالسين في بيتنا حول مائدة الطعام، وفي الأثناء دخل أخي() رحمة الله عليه وكان عائداً من الدرس والمباحثة. فجلس ثم بادر قائلاً لوالدي (قده)(): لقد نويت الذهاب إلي الحج هذا العام فأرجو أن تأذن لي؟ فأذن له والدي. وبالفعل فقد هيأ الحقائب ومستلزمات السفر، وسافر في عصر نفس اليوم..

والشاهد هنا، أن السفر في تلك الأيام لأداء فريضة الحج كان بهذه السهولة والبساطة، أما اليوم فقد أدخلوا تعقيدات وقيود لها أول وليس لها آخر، من قبيل العمر والجوازات والعدد المعين، وليس هذا فحسب بل تدخلوا حتي في عبادات الحج الأخري، والضغط علي الحجاج في أماكن العبادة، وأخذوا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بحياة الحاج اليومية،

فهنا لا بد أن تقيم أيها الحاج، وغداً تذهب إلي زيارة أبي ذر (رضوان الله عليه)، وفي الساعة الكذائية عليك أن تطوف. وهكذا فالحرية التي كان يتمتع بها الحاج سابقاً قد صودرت تحت حجج وأعذار وكلام مزيف ليس وراءه إلا ما يريب، فلا يمكن بعد ذلك تطبيق الآية الكريمة: ?لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ?() وقد روي الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) أنّه قال: «سافروا تصحّوا، وجاهدوا تغنموا، وحجّوا تستغنوا» ().

فإذا أردنا أن يكون الحج في يومنا هذا كما كان في زمن رسول الله (ص)، أو علي الأقل كما كان عليه في زمن آبائنا وأجدادنا، فيجب أن نعمل علي نشر الأفكار المتحضرة بين المسلمين، وأن نوقظ بعض المسلمين من سباتهم، وذلك بتوعيتهم وتحريرهم من الأصر والأغلال التي وضعتها أنظمة الحكم الجائرة علي أعناقهم، ومن ثم نوضح لهم ونبيّن خطأ التصورات والمفاهيم التي تروج لها السلطات الجائرة، لتطبع الإسلام بصفات بعيدة عن روحه وأصالته، واصمةً إياه بطابع الحزبية الضيّق وطابع القومية البغيض..

فالعمل أولاً علي تحرير إرادة المسلمين فرداً فرداً، لكي يكون اختيارهم سليماً، ولأجل أن يميزوا بين الحكومات الباطلة والحقة، فإن الاختيار من لوازم الإرادة، وكلما قويت الإرادة كان الاختيار صحيحاً وبالعكس.

فالحج أقوي مظهر إسلامي، ومن خلاله يوصل المسلمين أفكارهم وآراءهم حول الكون والحياة، وكل ما يتعلق بعقيدتهم إلي كل بقاع العالم. والحج من أعظم الوسائل التي يستطيع خلالها المسلمون إظهار القوة والعزة والمنعة؛ لأنّ إظهار القوة أمام العدو واجب شرعي، ليري أعداء الإسلام قوة الإسلام وتماسك الأمة الإسلامية فيرتدعوا عن غيّهم وتآمرهم علينا، والعودة إلي الإسلام والإيمان الحقيقي هو الطريق الوحيد الذي يوصل المسلمين إلي منابع القوة والهيبة، ويجعلهم أمة عزيزة كريمة تستطيع مواجهة الأعداء وإفشال

مؤامراتهم وكيدهم، فالحج عبادة تعبّئ المسلم وترفده وتزيده قوة فلا يخشي أية قوة مهما تجبرت وطغت، وكيف يخشي المسلم تلك القوي وهو مؤمن بأنها أمام قوة الله تعالي ليست شيئاً مذكوراً.

صلاة الجماعة بإمامة الميرزا مهدي الشيرازي رحمة الله عليه

والأمر الآخر: والذي يقوّي المسلمين هو اتصالهم بعضهم ببعض في الحج ومن كافة الدول والأقطار، فيؤدي ذلك إلي رفع مستوي الوعي السياسي عند المسلمين.

إن الحج قبل (36 عام)، والذي شاهدته أنا بعيني، كان عبارة عن محور لاتحاد عميق بين المسلمين، بمختلف الجنسيات واللغات، وكانوا متآلفين منسجمين متحدين مع بعضهم، وكان هذا عاملاً مهماً في اطّلاع البعض علي أحوال البعض الآخر. وهناك مظاهر أخري تكشف عن روح التلاحم، ومن المصاديق الواقعية التي تثبت وجود مثل هذه الروح التواقة للتوادّ والانسجام أنه حينما أقام والدي (رحمه الله) صلاة الجماعة في (باغ مرجان) في المدينة المنوّرة انضمّ إليه جمع غفير من السنّة والشيعة والأبيض والأسود من كل طوائف المسلمين علي اختلاف ألوانهم وبلدانهم، وهم يقفون خلفه لأداء صلاة الجماعة، إلا أنّ الأيادي المعادية للإسلام والتي تهددها وحدة المسلمين، وقفت أمام هذا الاتحاد العظيم، وعملت علي تقليصه ثم تفتيته، وفرض برامج خاصة علي الحجاج يجب أن يلتزموا بها.

وهناك روايات تؤكد أن الهدف من الحج هو ذكر الله أولاً، ثم التأسي برسول الله (ص)، فحينما يشاهد الناس آثاره صلي الله عليه و اله ومشاهده الكريمة، فإنهم يستذكرون ويعيشون أيام الله، وبزوغ أنوار الرسالة الخاتمة، ويتذكرون أتعاب وتضحيات وجهود الرسول العظيم (ص) من أجل تثبيت أسسها وأركانها. أما التبادل الثقافي والتعرف علي مشاكل المسلمين وإيجاد الحلول المناسبة لها، فهي من ضروريات الاهتمام بأمور المسلمين. فعن الإمام الصادق (ع) أنه قال:

«..فجعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب، ليتعارفوا وليتربح كل قوم من

التجارات من بلد إلي بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله (ص) وتعرف أخباره، ويذكر ولا ينسي، ولو كان كل قوم إنما يتّكلون علي بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد، وسقط الجلب والأرباح وعميت الأخبار، ولم يقفوا علي ذلك، فذلك علّة الحج» ().

ولعل أهم شيء هو قوله عليه السلام: «وعميت الأخبار» فإنّ الحج نافذة واسعة تعطي فرصة عظيمة للمسلمين في تبادل الأخبار، لأن عادة السلطات الجائرة تمنع الأخبار المهمة التي تخصّ المسلمين عن شعبها المسلم فتحاول التكتم عليها فالحج يفتح هذه الفرصة، ولذلك يقول الإمام (سلام الله عليه) لولا الحج ل(عميت الأخبار)، أي لأصبح هناك مانع من انتشار الأخبار إلي المسلمين الباقين.

فهذه الأمور المستفادة من الحج إضافة إلي العبادة والغفران.

التأسي بالحسين عليه السلام

جاء عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: «لما أمر الله تبارك وتعالي إبراهيم (ع) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش، الذي أنزله عليه، تمنّي إبراهيم (ع) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل (ع) بيده، وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلي قلبه ما يرجع إلي قلب الوالد، الذي يذبح أعزّ ولده بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب، فأوحي الله عزّ وجل إليه: يا إبراهيم، من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقاً هو أحب إلي من حبيبك محمد (ص). فأوحي الله عزّ وجل إليه: يا إبراهيم، أفهو أحب إليك أو نفسك؟ قال: بل هو أحب إلي من نفسي، قال: فولده أحب إليك أو ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبح ولده ظلماً علي أعدائه أوجع لقلبك، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟

قال: يا رب بل ذبحه علي أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال: يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من

أمة محمد (ص) ستقتل الحسين (ع) ابنه من بعده ظلماً وعدواناً، كما يذبح الكبش، فيستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم (ع) لذلك وتوجع قلبه، وأقبل يبكي. فأوحي الله عزّ وجل إليه: يا إبراهيم، قد قبلت جزعك علي ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك، بجزعك علي الحسين عليه السلاموقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب، فذلك قول الله عزّ وجل: ?وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ? () ولا حول ولا قوة إلا بالله» ().

ولا شك من أن الامتحانات الصعبة التي جرت علي إبراهيم(ع) كانت بأمر الله تعالي له بذبح ابنه إسماعيل الذي أعانه فيما بعد في بناء الكعبة المشرفة. والله تعالي كان دائماً يذكّر الأنبياء بمأساة الحسين (ع) ليكون شخصه وعمله دافعاً قوياً لحركتهم، وسبباً لبلوغهم أعلي مراتب الثواب، كما مرّ مع شيخ الأنبياء إبراهيم، وابنه عليهما السلام، فلقد حصل إبراهيم علي أعلي درجات الثواب من خلال بكائه وحزنه علي أبي عبد الله (ع).

إذن تبقي مأساة الحسين فريدةً من نوعها ولا يصل أحد إلي درجة الصبر والاحتساب التي وصل إليها الحسين (ع)، لذلك أعلم الله ذلك المعني إلي إبراهيم عليه السلام، لكي لا يتصور إبراهيم الخليل أن عمله هذا هو أعظم مصاباً وأثقل امتحاناً، بل أن مصاب أبي عبد الله عليه السلام أعظم منه، لذلك فدي الله إسماعيل بكبش عظيم من جنّته. وأن الإمام الحسين (ع) أشرف بكثير من الكعبة، ولولا حركته وثورته العظيمة علي الباطل لما بقيت الكعبة، ولما بقي الحج بصورته الصحيحة إلي يومنا هذا.

زيارة الحسين عليه السلام

ونجد في الروايات أن زيارة الحسين (ع) تعدل كذا حجّة وكذا عمرة.

قال الإمام الرضا عليه السلام: «من زار الحسين فقد حجّ و اعتمر» فقيل: تطرح عنه حجّة الإسلام؟ قال: «لا هي حجّة

الضّعيف حتّي يقوي ويحجّ إلي بيت اللّه الحرام إلي أن قال وإنّ الحسين لأكرم علي اللّه من البيت؛ فإنّه في وقت كلّ صلاةٍ لينزل عليه سبعون ألف ملكٍ شعثٍ غبر لا تقع عليهم النّوبة إلي يوم القيامة، وإنّ البيت يطوف به سبعون ألف ملك كلّ يوم» ().

وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «من زار الحسين عليه السلام يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب اللّه له ألف حجّة مقبولة وألف عمرة مبرورة» ().

وعن أبي سعيد المدائني قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه السلام؟ قال: «نعم يا أبا سعيد، فائت قبر الحسين بن رسول الله صلي الله عليه و اله أطيب الأطيبين وأطهر الطاهرين وأبر الأبرار، فإذا زرته كتب الله لك به خمسا وعشرين حجة» ().

وعن شهاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألني فقال: «يا شهاب، كم حججت من حجة؟» فقلت: تسع عشرة حجة فقال لي: «تممها عشرين حجة تحسب لك بزيارة الحسين عليه السلام» ().

وعن صالح النيلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «من أتي قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه كان كمن حج مائة حجة مع رسول الله صلي الله عليه و اله» ().

وقال عليه السلام: «من زار الحسين عليه السلام كتب الله له ثمانين حجة مبرورة» ().

وعن موسي بن القاسم الحضرمي قال: قدم أبو عبد الله عليه السلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال: «يا موسي اذهب إلي الطريق الأعظم فقف علي الطريق فانظر، فإنه سيأتيك رجل من ناحية القادسية فإذا دنا منك فقل له: هاهنا رجل من ولد رسول الله صلي الله عليه و اله يدعوك فسيجي ء معك» قال:

فذهبت حتي قمت علي الطريق والحر شديد فلم أزل قائما حتي كدت أعصي وأنصرف وأدعه، إذ نظرت إلي شيء يقبل شبه رجل علي بعير، فلم أزل أنظر إليه حتي دنا مني فقلت: يا هذا، هاهنا رجل من ولد رسول الله صلي الله عليه و اله يدعوك وقد وصفك لي، قال: اذهب بنا إليه قال: فجئت به حتي أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة فدعا به، فدخل الأعرابي إليه ودنوت أنا فصرت إلي باب الخيمة أسمع الكلام ولا أراهم.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: «من أين قدمت؟» قال: من أقصي اليمن قال: «أنت من موضع كذاو كذا؟» قال: نعم، أنا من موضع كذا وكذا قال: «فبما جئت هاهنا؟» قال: جئت زائرا للحسين عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام: «فجئت من غير حاجة ليس إلا للزيارة؟» قال: جئت من غير حاجة إلا أن أصلي عنده وأزوره فأسلم عليه وأرجع إلي أهلي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: «وما ترون في زيارته؟» قال: نري في زيارته البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا وأموالنا ومعايشنا وقضاء حوائجنا قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: «أ فلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن؟» قال: زدني يا ابن رسول الله قال: «إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول الله» فتعجب من ذلك قال: إي والله وحجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول الله صلي الله عليه و اله» فتعجب، فلم يزل أبو عبد الله ع يزيد حتي قال: «ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله صلي الله عليه و اله» ().

وعن يزيد بن عبد الملك قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فمر قوم

علي حمير فقال لي: «أين يريدون هؤلاء؟» قلت: قبور الشهداء قال: «فما يمنعهم من زيارة الغريب الشهيد؟» فقال له: رجل من أهل العراق زيارته واجبة؟ فقال: «زيارته خير من حجة وعمرة وعمرة وحجة حتي عد عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات متقبلات» قال: فو الله ما قمت حتي أتاه رجل فقال: إني قد حججت تسع عشرة حجة فادع الله أن يرزقني تمام العشرين قال: «فهل زرت الحسين عليه السلام» قال: لا قال: «لزيارته خير من عشرين حجة» ().

الاستعمار وشعائرنا الدينية

تبين ممّا تقدم أنّ من الأهداف الأساسية للحج اتحاد وتعارف واختلاط المسلمين، وهذا الأمر يؤدي إلي قوة المسلمين، وانتشار أخبارهم في كل بقعة معمورة يسكنونها مما يجعل التلاحم سريعاً والتوادد كبيراً فيما بينهم.

ومن هنا تحرك الاستعمار أمام هذه التظاهرة العبادية، فوقف رئيس الوزراء البريطاني أمام مجلس العموم وقال لهم: إذا أردتم أن يكون لكم في البلاد الإسلامية موطئ قدم، فيجب أن تعملوا علي رفع القرآن منهم، وإيقافهم عن الحج().

فبدأوا بوضع العراقيل أمام هذه المسيرة الإلهية العظيمة وأمام هذه الشعائر الجليلة، لأنهم أدركوا المغزي البعيد من الحج، فبدأت القلوب ترتجف من هذا الزحف الإسلامي العظيم، متوقعين بين لحظة وأخري أن هذه الجموع تزحف نحوهم، لتقضي علي كل هياكل الظالمين. وعادة الاستعمار جارية علي أن لا يتحرك هو بنفسه، بل يحرّك أذنابه، ومن يدور في فلكه، ومن نصّبه لأجل هذه الأهداف. فبدأوا بوضع مختلف العراقيل أمام فريضة الحج منها:

تقليص عدد الحجاج وفرض رقم خاص، بحجة أن الأماكن العبادية مثل عرفات لا تستوعب أكثر من هذا العدد. بينما تواترت الروايات الشريفة علي أن عرفات لها نقطة مركزية خاصة ولكن إذا ضاق المكان بالناس فلا يكلفون فوق طاقتهم ووسعهم، فإن الله تعالي

أعطي رخصة عامة ووسّع منطقة الوقوف فيها. إضافة إلي باقي التسهيلات الإلهية العظيمة، مثل: من لم يجد الهدي فبدله صيام عشرة أيام ومن لم يستطع رمي الجمرات نهاراً فليرمها ليلاً، وغيرها الكثير من التسهيلات فضلاً عن تسهيل مسألة الحج بصورة كلية من ناحية الرزق والتوفيق. وكل هذه التسهيلات والرخص الإلهية من قبل المولي جل وعلا؛ نظراً لأهمية الحج وفائدته الحضارية، في انتشار القيم وبناء هيكل إسلامي موحد وحصين، إضافة إلي فوائده الروحية الكثيرة().

والاستعمار يدرك هذا المعني فعمل علي خلق وصياغة معوّقات أمام مسيرة الإسلام الظافرة، فخلقوا مذاهب وتيارات جديدة باسم الإسلام، ولكنها تعارض كل المسلمين في كل شي فكراً وعقيدة وسلوكاً مثل الوهابية ليكونوا حجر عثرة أمام الإسلام والمسلمين، إذ قاموا بهدم قبور أئمة البقيع (صلوات الله عليهم)، وقبور الصحابة والأعلام أمثال قبر عبد المطلب وأبي طالب وخديجة وآمنة بنت وهب وغيرهم (رضوان الله عليهم أجمعين)() بغية خلق جوّ من التوتر والتشنّج بين المسلمين، وزيادة مظاهر التشاحن والطعن فيما بينهم. إضافة إلي الأفكار المغلّفة بأغلفة إسلامية وباطنها ليس من الإسلام في شيء. والهدف في صناعة هذه التيارات والاتجاهات المنحرفة هو القضاء علي كل مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية، حتي وإن كان شكلياً فضلاً عن محاربة الحج الذي يعدّونه من أقوي مظاهر الاتحاد والتلاحم بين المسلمين.

ما هو المطلوب؟

إن الطريق الذي نستطيع به إزالة العراقيل التي وضعها الاستعمار الكافر لطمس وتشويه شعائرنا، هو القلم والبيان والخطاب حتي يصل صوتنا إلي كل بقاع المسلمين، جادين مخلصين في القضاء علي حالات الجهل، وحالة عدم الوعي عند المسلمين، والتي يستغلها الاستعمار وأعداء الإسلام لتمرير مخططاته الخبيثة. وأن نهتم اهتماماً كبيراً بالمستوي الثقافي وزيادة الوعي. وأن يكون شعورنا بالمسؤولية شعوراً يتوازن مع

خطورة الأحداث التي تجري في الحج وعلي ساحتنا الإسلامية، إذ أن الاهتمام بأمور المسلمين وقضاياهم يعدّ ضرورة شرعية وواجباً إسلامياً تقع علي عاتق جميع المسلمين، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» ().

وقال عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و اله: «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم» ().

والمهم أن لا يستصغر المسلم نفسه، بل عليه أن يخرج من الحالة الانهزامية الداخلية، ويصبح ثورة علي الواقع الخاوي. وأن يقف بوجه تحركات الاستعمار وأذنابه، لا سيّما في المناطق الإسلامية؛ لأن الاستعمار مهما عمل من عمل فهو علي المستوي القريب والبعيد لا يخدم المسلمين ولا الإسلام، وإن كان في ظاهره يحمل طابعاً إسلامياً، ذلك لعدم وجود أي نقطة اشتراك والتقاء بين الإسلام والاستعمار، فالأول يدعو إلي الله عزّ وجل وتعبيد الناس له لأنه خالقهم وله حق الطاعة وتحريرهم من أي سيطرة استعبادية لغيره، بينما الاستعمار يدعو إلي القضاء علي فكرة الدين والخالق والعبادة، ويسعي نحو استعباد الناس له، وامتصاص خيرات بلادهم.

«إلهي أغنني بتدبيرك لي عن تدبيري، وباختيارك عن اختياري وأوقفني علي مراكز اضطراري، إلهي أخرجني من ذلّ نفسي، وطهّرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي، بك أنتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني وإيّاك أسأل لا تخيّبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني» () بحق محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

من هدي القرآن الحكيم

الشريعة تدعو إلي الله

1: الوحدة والاجتماع

قال تعالي: ?إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ?().

وقال سبحانه: ? وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ?().

وقال عزوجل: ? وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ

قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَي شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ?().

وقال جل وعلا: ?وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ?().

2: الحج

قال تعالي: ?وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَي كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق?().

وقال سبحانه: ?إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًي لِلْعَالَمِينَ ? فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ?().

3: إيقاظ الفكر

قال تعالي: ?أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَ بِالْحَقِّ?().

وقال سبحانه: ?وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ?().

وقال جل وعلا: ?وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ?().

من هدي السنة المطهرة

فريضة الحج

علة فريضة الحج

قال أمير المؤمنين عليه السلام: «وفرض عليكم حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، ويألهون إليه ولوه الحمام، وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته، واختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عنده موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالي للإسلام علما، وللعائذين حرما، فرض حقه وأوجب حجه، وكتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: ? وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ? ()» ().

ولتعرف آثار رسول الله صلي الله عليه و اله وتعرف أخباره

سئل الإمام الصادق عليه السلام: عن العلة التي من أجلها كلف الله العباد الحج والطواف بالبيت؟ فقال: «إن الله خلق الخلق إلي أن قال وأمرهم بما يكون من

أمر الطاعة في الدين ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ليتعارفوا، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلي بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله صلي الله عليه و اله وتعرف أخباره، ويذكر

ولا ينسي، ولو كان كل قوم إنما يتكلون علي بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد، وسقطت الجلب والأرباح وعميت الأخبار، ولم تقفوا علي ذلك، فذلك علة الحج» ().

الوفادة إلي الله

وقال الإمام الرضا عليه السلام: «إنما أمروا بالحج لعلة الوفادة إلي الله عزوجل وطلب الزيادة، والخروج من كل ما اقترف العبد، تائبا مما مضي، مستأنفا لما يستقبل، مع ما فيه من إخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل والولد وحظر النفس عن اللذات، شاخصا في الحر والبرد، ثابتا علي ذلك، دائما مع الخضوع والاستكانة والتذلل، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع، لجميع من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر، ممن يحج وممن لم يحج، من بين تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين ومكار وفقير وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع، الممكن لهم الاجتماع فيه، مع ما فيه من التفقه، ونقل أخبار الأئمة عليه السلام إلي كل صقع وناحية، كما قال الله عز وجل: ?فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?() و: ? لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ?()» ().

نداء إبراهيم عليه السلام

وقال أبو جعفر عليه السلام: «إن الله لما أمر إبراهيم ينادي في الناس الحج قام علي المقام فارتفع به حتي صار بإزاء أبي قبيس، فنادي في الناس بالحج، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلي أن تقوم الساعة» ().

هذا بيت استعبد الله به خلقه

وعن الفضل بن يونس قال: أتي ابن أبي العوجاء الصادق عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه ثم قال له: يا أبا عبد الله، إن المجالس أمانات ولا بد لكل من كان به سعال أن يسعل، فتأذن لي في الكلام؟

فقال الصادق عليه السلام: «تكلم بما شئت».

فقال ابن أبي العوجاء: إلي كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسه ونظامه؟

فقال الصادق عليه السلام: «إن من أضله الله وأعمي قلبه استوخم الحق فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم علي تعظيمه وزيارته، وقد جعله محل الأنبياء، وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق تؤدي إلي غفرانه، منصوب علي استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، وأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهي عنه وزجر الله المنشئ للأرواح والصور» ().

لا تتركوا الحج

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع): «لا تتركوا حج بيت ربكم، لا يخل منكم ما بقيتم، فإنكم إن تركتموه لم تنظروا، وإن أدني ما يرجع به من أتاه أن يغفر له ما سلف» ().

وقال (ع): «ولا تتركوا حجّ بيت ربّكم فتهلكوا وقال عليه السلام من ترك الحج لحاجة من حوائج الدنيا لم تقض حتي ينظر إلي المحلقين» ().

ثواب الحاج

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه إلا كتب الله له مثل ذلك، وإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، وإذا سعي بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، وإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، وإذا رمي الجمار خرج من ذنوبه، فعد رسول الله صلي الله عليه و اله كذا وكذا موطنا كلها تخرجه من ذنوبه، ثم قال: فأني لك أن تبلغ ما بلغ الحاج» ().

تتسع أرزاقكم

وقال الإمام السجاد (ع): «حجوا واعتمروا، تصح أجسامكم وتتسع أرزاقكم، وينصلح إيمانكم، وتكفّوا مؤنة عيالكم» ().

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «قال علي بن الحسين عليه السلام: حجوا واعتمروا تصح أبدانكم وتتسع أرزاقكم وتكفون مئونات عيالكم، وقال: الحاج مغفور له، وموجوب له الجنة، ومستأنف له العمل، ومحفوظ في أهله وماله» ().

من أمّ هذا البيت

قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: «من أمّ هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرأ من الكبر، رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، ثم قرأ: ?فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَي? ()» ().

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «الحاج يصدرون علي ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، وصنف يحفظه في أهله وماله، فذاك أدني ما يرجع به الحاج» ().

إذا أردت الحج

قال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك للّه تعالي من كلّ شاغل وحجاب، وفوّض أمورك إلي خالقها، وتوكّل عليه في جميع حركاتك وسكناتك، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره، ودع الدّنيا والرّاحة والخلق، واخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد علي زادك وراحلتك وأصحابك وقوّتك وشبابك ومالك؛ مخافة أن يصير ذلك عدواً ووبال، فإنّ من ادّعي رضي اللّه واعتمد علي ما سواه صيّره عليه وبالا وعدواً؛ ليعلم أنّه ليس له قوّة ولا حيلة، ولا لأحد إلا بعصمة اللّه وتوفيقه. فاستعدّ استعداد من لا يرجو الرّجوع، وأحسن الصّحبة، وراع أوقات فرائض اللّه وسنن نبيّه صلي الله عليه و اله، وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصّبر والشّكر والشّفقة والسّخاوة وإيثار الزّاد علي دوام الأوقات.ثمّ اغسل بماء التّوبة الخالصة ذنوبك، والبس كسوة الصّدق والصّفا والخضوع والخشوع. وأحرم من كلّ شيء يمنعك عن ذكر اللّه ويحجبك عن طاعته. ولبّ بمعني إجابة صادقة صافية خالصة زاكية للّه سبحانه في دعوتك، متمسّكاً بالعروة الوثقي. وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت. وهرول هرباً من هواك، وتبرّأ من حولك وقوّتك، واخرج من غفلتك وزلاتك بخروجك إلي مني.

ولا تتمنّ ما

لا يحلّ لك ولا تستحقّه. واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدك عند اللّه بوحدانيّته وتقرّب إليه واتّقه بمزدلفة. واصعد بروحك إلي الملأ الأعلي بصعودك إلي الجبل. واذبح حنجرة الهوي والطّمع عنك عند الذّبيحة. وارم الشّهوات والخساسة والدّناءة والذّميمة عند رمي الجمار. واحلق العيوب الظّاهرة والباطنة بحلق شعرك. وادخل في أمان اللّه وكنفه وستره وكلاءته من متابعة مرادك بدخول الحرم ودخول البيت، متحقّقاً لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه. واستلم الحجر رضًي بقسمته وخضوعاً لعزّته. ودع ما سواه بطواف الوداع. وأصف روحك وسرّك للقائه يوم تلقاه بوقوفك علي الصّفا. وكن بمرأًي من اللّه نقيّاً عند المروة. واستقم علي شرط حجّتك هذه ووفاء عهدك الّذي عوهدت به مع ربّك، وأوجبت له إلي يوم القيامة. واعلم أنّ اللّه لم يفرض الحجّ ولم يخصّه من جميع الطّاعات بالإضافة إلي نفسه، بقوله تعالي: ?وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ?() ولا شرع نبيّه صلي الله عليه و اله سنّةً في خلال المناسك علي ترتيب ما شرعه إلا للاستعداد والإشارة إلي الموت والقبر والبعث والقيامة، وفضل بيان السّبق من دخول الجنّة أهلها. ودخول النّار أهلها بمشاهدة مناسك الحجّ من أوّلها إلي آخرها لأولي الألباب وأولي النّهي» ().

الحج علي الجميع

عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الحج علي الغني والفقير؟ فقال: «الحج علي الناس جميعا، كبارهم وصغارهم فمن كان له عذر عذره الله» ().

ترك الحج بغير عذر

وسئل جعفر بن محمد عليه السلام: عن الرجل يسوف الحج، لا تمنعه إلا تجارة تشغله أو دين له؟ قال: «لا عذر له ليس ينبغي له أن يسوف الحج، وإن مات فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام» ().

وعنه عليه السلام أنه قال: «من مات ولم يحج حجة الإسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا» ().

من أراد الحج

عن عبد الله بن الفضل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن علي دينا كثيرا ولي عيال ولا أقدر علي الحج، فعلمني دعاء أدعو به.

فقال: «قل في دبر كل صلاة مكتوبة: اللهم صل علي محمد وآل محمد، واقض عني دين الدنيا ودين الآخرة» فقلت له: أما دين الدنيا فقد عرفته، فما دين الآخرة؟ فقال: «دين الآخرة الحج» ().

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من قال ألف مرة: لا حول

ولا قوة إلا بالله، رزقه الله تعالي الحج، فإن كان قد قرب أجله أخّره الله في أجله حتي يرزقه الحج» ().

الشريعة تدعو إلي الوحدة والاجتماع

قال الإمام أمير المؤمنين (ع): «وألزموا السواد الأعظم فإن يد الله مع الجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب» ().

وقال (ع): « … إن الشيطان يسني لكم طرقه، ويريد أن يحل دينكم عقدة عقدة، ويعطيكم بالجماعة الفرقة، وبالفرقة الفتنة، فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته، واقبلوا النصيحة ممن أهداها إليكم وأعقلوها() علي أنفسكم» ().

إيقاظ الفكر والتنبه من الغفلة

قال رسول الله (ص): «وأغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلي حال» ().

وقال الإمام أمير المؤمنين (ع): «فأفق أيها السامع من سكرتك، واستيقظ من غفلتك، واختصر من عجلتك، وأنعم الفكر فيما جاءك علي لسان النبي الأمي صلي الله عليه و اله» ().

خشية الله

وقال عليه السلام: «إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشية الله فاستنكفوا من المنطق، وإنهم لفصحاء ألباء نبلاء، يستبقون إليه بالأعمال الزاكية، لايستكثرون له الكثير ولا يرضون له القليل، يرون أنفسهم أنهم شرار وإنهم لأكياس الأبرار» ().

الخير كله

وقال الإمام الصادق (ع) عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر والسكوت والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبي لمن كان نظره عبراً، وسكوته فكراً وكلامه ذكراً وبكي علي خطيئته وأمن الناس شره» ().

اتقوا الله

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام في رسالة إلي أصحابه : «فاتقوا الله وكفوا ألسنتكم إلا من خير إلي أن قال وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم، ويأجركم عليه، وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء علي الله، والتضرع إليه، والرغبة فيما عنده من الخير، الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهي الله عنه من أقاويل الباطل، التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها ولم يتب إلي الله ولم ينزع عنها» ().

الخصال الحسنة

قال أبو جعفر عليه السلام: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: لم يعبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلا حتي تجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه» () الخبر.

رجوع إلي القائمة

پي نوشتها

() سورة التوبة: 122.

() سورة الزمر: 17-18.

() سورة الحج: 27- 28.

() سورة الحج: 28.

() مميل: أي صاحب ثروة ومال كثير، انظر مجمع البحرين: ج5 ص476 مادة «مول».

() تهذيب الأحكام: ج5 ص 20 ب3 ح2.

() وسائل الشيعة: ج11 ص106 ب38 ح14367.

() سورة التوبة: 2.

() المحاسن: ج2 ص335 كتاب العلل ح107.

() راجع الأدعية اليومية لكل ليلة في شهر رمضان المبارك.

() اشارة إلي قوله تعالي: ?جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ? سورة المائدة: 97.

() النتائق: جمع نتيقة، وهي البقاع المرتفعة، ومكة مرتفعة بالنسبة لما انحط عنها من البلدان.

() المدر: قطع الطين اليابس، وأقل الأرض مدراً لا ينبت إلا قليلاً.

() دمثة: لينة يصعب السير فيها والاستنبات منها.

() نهج البلاغة، الخطبة: 192،» القاصعة «.

() علل الشرائع: ج2 ص396 ب132 ح1.

() سورة الفيل: 1-5.

() انظر تأريخ الخلفاء للسيوطي: ج1 ص212 فصل يزيد بن معاوية.

()انظر بحار الانوار: ج68 ص123 ب63 بيان.

() أنظر بحار الأنوار: ج68 ص123 باب63.

() علل الشرائع: ج2 ص396 ب132 ح1.

() هو آية الله السيد حسن بن السيد مهدي الشيرازي، ينحدر من أسرة مشهورة بالعلم والفضيلة والتقوي ومكافحة الاستعمار. وُلد في مدينة النجف عام (1354ه/1935م). درس السطوح العليا علي يد العلماء الكبار أمثال والده آية الله العظمي السيد مهدي الشيرازي وآية الله العظمي السيد محمد هادي الميلاني وآية الله العظمي الشيخ محمد رضا الأصفهاني. اشتهر في الأوساط العلمية

بالعلم والفقاهة والذوق الأدبي والعمل الدؤوب. تعرّض للاعتقال والتعذيب من قبل نظام العفالقة الحاكم فترك العراق مهاجراً إلي لبنان وسوريا عام 1390ه.

اغتيل برصاصات عملاء نظام البعث العراقي في لبنان عام 1400ه، خلّف آثاراً مطبوعة ومخطوطة منها: موسوعة الكلمة في 25 مجلداً تتضمن كلمة الله، وكلمة الإسلام، وكلمة الرسول الأعظم، وكلمة الإمام المهدي، وكتاب خواطري عن القرآن في ثلاثة مجلدات، والاقتصاد الإسلامي ودواوين شعرية، والعمل الأدبي، والأدب الموجه، والشعائر الحسينية، وغيرها. للتفصيل راجع كتاب (حضارة في رجل) للسيد عبد الله الهاشمي، وكتاب (أسرة المجدد الشيرازي) لنور الدين الشاهرودي.

() هو آية الله العظمي السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قده) ولد في كربلاء المقدسة (1304ه) عالماً تقياً، ورعاً عابداً، زاهداً كثير الحفظ جيد الخط، وكان صاحب كرامات، وهو من خيرة تلاميذ الشيخ محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق)، توفي في (28 شعبان عام 1380ه) ودفن في الحرم الحسيني الشريف.

() سورة الحج: 28.

() من لا يحضره الفقيه: ج2 ص265 باب ما جاء في السفر إلي الحج

وغيره ح2387.

() علل الشرائع: ج2 ص405 ب142 ح6.

() سورة الصافات: 107.

() عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1 ص209 ب17 ح1.

() وسائل الشيعة: ج14 ص453 ب45 ح19586.

() وسائل الشيعة: ج14 ص463 ب49 ح19606.

() وسائل الشيعة: ج14 ص448 ب45 ح19571.

() كامل الزيارات: ص162 ب66 ح3.

() كامل الزيارات: ص162 ب66 ح5.

() كامل الزيارات: ص162 ب66 ح6.

() كامل الزيارات: ص162 ب66 ح7.

() كامل الزيارات: ص162 ب66 ح8.

() القائل هو رئيس الوزراء البريطاني وليم غلادستون (1809-1898م) زعيم حزب الأحرار الإنكليزي، رئيس الوزراء مرات عدة، المنجد في الإعلام حرف (غ). وراجع في هذا الشأن مؤلفات الإمام الراحل: عبادات الإسلام، طريق النجاة، الصياغة الجديدة، ليحج خمسون مليوناً كل عام،

لكي يستوعب الحج عشرة ملايين، البقيع الغرقد.

() راجع كتاب ليحج خمسون مليوناً كل عام، ولكي يستوعب الحج عشرة ملايين، وراجع الفقه كتاب الحج للإمام الراحل (قده).

() وقد قاموا بهذا العمل الشنيع في 8 شوال من سنة (1344ه الموافق 1935م)، وذلك بأمر قاضي القضاة النجدي والملك سعود، وقد هدموا القبور في مرة سابقة وذلك سنة (1220ه الموافق سنة 1805م). راجع كتاب البقيع: ص82 للمهندس يوسف الهاجري عن كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد: ج1 ص137، وتاريخ العرب: ص839 ط7. وأخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي: ص104، وهم بذلك مقتدين بالطغاة الأوائل، حيث هدم هارون العباسي قبر الإمام الحسين عليه السلام وهدمه المتوكل أيضاً وحرث ما حوله وسقاه بالماء حتي حار الماء حول القبر الشريف، ومن قبلهم المنصور الدوانيقي الذي كان أول من هدم قبر الإمام الحسين عليه السلام، راجع بحار الأنوار: ج86 ص89 تنقيح وتوضيح، وراجع كتاب البقيع الغرقد للإمام المؤلف (قده).

() الكافي: ج2 ص164 باب الاهتمام بأمور المسلمين ح4.

() الكافي: ج2 ص164 باب الاهتمام بأمور المسلمين ح5.

() مفاتيح الجنان: من دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة، عن الإقبال: ص349 من أدعية يوم عرفة.

() سورة الأنبياء: 92.

() سورة المؤمنون: 52.

() سورة آل عمران: 103.

() سورة آل عمران: 105.

() سورة الحج: 27.

() سورة آل عمران: 96 97.

() سورة الروم: 8.

() سورة النحل: 44.

() سورة الروم: 21.

() سورة آل عمران: 97.

() نهج البلاغة، الخطبة: 1 في خطبة له يذكر فيها بدء الخلق …

() وسائل الشيعة: ج11 ص14 ب1 ح14124.

() سورة التوبة: 122.

() سورة الحج: 28.

() وسائل الشيعة: ج11 ص12 ب1 ح14121.

() وسائل الشيعة: ج11 ص15 ب1 ح14125.

() بحار الأنوار: ج96 ص28 ب4 ح1.

() أمالي الشيخ الطوسي:

ص522 المجلس 18 ح1157.

() وسائل الشيعة: ج11 ص23 ب4 ح14146.

() بحار الأنوار: ج96 ص25 ب2 ح108.

() ثواب الأعمال: ص47 ثواب الحج والعمرة.

() الكافي: ج4 ص252 باب فضل الحج و العمرة و ثوابهما ح1.

() سورة البقرة: 203.

() الكافي: ج4 ص252 باب فضل الحج و العمرة و ثوابهما ح2.

() بحار الأنوار: ج96 ص26 ب2 ح111.

() سورة آل عمران: 97.

() مستدرك الوسائل: ج10 ص172 ب17 ح11771.

() وسائل الشيعة: ج11 ص17 ب2 ح14130.

() بحار الأنوار: ج96 ص22 ب2 ح85.

() بحار الأنوار: ج96 ص22 ب2 ح86.

() بحار الأنوار: ج96 ص27 ب3 ح1.

() بحار الأنوار: ج96 ص27 ب3 ح3.

() نهج البلاغة، الخطبة 127.

() يُسني: يُسهل، فاصدفوا: فاعرضوا، نزغاته: وساوسه، اعقلوها: احبسوها علي أنفسكم لا تتركوها فتضيع منكم.

() نهج البلاغة، الخطبة: 121 قالها عليه السلام بعد ليلة الهرير.

() معاني الأخبار: ص195 باب معني الغايات ح1.

() نهج البلاغة، الخطبة: 153 وفيها يعظ الناس.

() وسائل الشيعة: ج12 ص199 ب120 ح16078.

() مستدرك الوسائل: ج9 ص31 ب103 ح10122.

() وسائل الشيعة: ج12 ص 197 ب120 ح16073.

() مستدرك الوسائل: ج1 ص132 ب 20 ح184.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.