رسالة في صلاة أبي بكر

اشارة

سرشناسه : حسيني ميلاني، علي، - 1326

عنوان و نام پديدآور : الرسائل العشر في الاحاديث الموضوعه في كتب السنه/ تاليف علي الحسيني الميلاني

مشخصات نشر : قم: علي الحسيني الميلاني، 1418ق. = 1376.

مشخصات ظاهري : 10 ج.دريك مجلد

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس

مندرجات : رساله في حديث "اصحابي كالنجوم" .-- رساله في حديث .-- الاقتداآ با لشيخين .-- رساله في حديث عليكم بسنتي و سنه الخلفاآ الراشدين .-- رساله في صلاه ابي بكر .-- رساله في المتقين .-- رساله في خطبه علي بنت ابي جهل .-- رساله في الاحاديث المقلوبه في مناقب الصحابه .-- رساله في خبر تزويج ام كلثوم مع عمر .-- رساله في الاحاديث .-- الوارده في الخلفاآ علي ترتيب الخلافه .-- رساله في حديث الوصيه بالثقلين الكتاب و السنه

موضوع : احاديث اهل سنت -- نقد و تفسير

رده بندي كنگره : BP127/ح 5ر508 1376

رده بندي ديويي : 297/211

شماره كتابشناسي ملي : م 77-2799

الرسالة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله علي أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين. وبعد... فهذه رسالة وجيزه تناولت فيها خبر: أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمر في أيّام مرض موته أبابكر بالصلاة بالمسلمين، وأنه خرج إلي المسجد وصلّي خلفه معهم... بالبحث والتحقيق، لانه بذلك لحقيق: لتعلّقه باحوال النبي صلي الله عليه وآله وسيرته المباركة... ولتمسك بالقائلين بخلافة أبي بكرمن بعده به... وللأحكام الشرعية والمسائل الاعتقادية المستفادة منه... ولأمورغيرذلك... لقد بحثت عن الخبرمن أهم نواحيه، وسبرت ما قيل فيه، وتوصّلتُ علي ضوء ذلك إلي واقع الحال... وحق المقال.... فإلي أهل التحقيق والفضل... هذا البحث غيرالمسبوق ولا المطروق من [ صفحه 6]

قبل، أرجو أن ينظروا فيه بعين الإنصاف... بعيداًعن التعصب والاعتساف... ما توفيقي الأ بالله. [ صفحه 7]

اسانيد الحديث و نصوصه

اشاره

لقد اتفق المحدّثون كلهم علي إخراج هذا الحديث، فلم يخلُ منه (صحيح) ولا (مسند) ولا (معجم).... لكنّا اقتصرنا هنا علي ما أخرجه أرباب (الصحاح الستة) وما أخرجه أحمد بن حنبل في (المسند)... لكون ما جاء في هذه الكتب هو الأتّم لفظاً والأقوي سنداً، فإذا عرف حاله عرف حال غيره، ولم تكن حاجة إلي التطويل بذكره...

الموطأ

جاء في (الموطّأ): «وحدّثني عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم خرج في مرضه فاتي فوجد أبا بكر وهوقائم يصلّي بالناس، فاستاخر أبو بكر فاشار إليه رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم أن كما أنت؟ فجلس رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم إلي جنب أبي بكر، فكان أبوبكر يصلّي بصلاة رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم وهوجالس، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر» [1] .

صحيح البخاري

وأخرجه البخاري في مواضع كثيرة من (صحيحه) منها ما يلي: 1 _ حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدّثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال الأسود: قال: كنا عند عائشة فذكرنا المواظبة علي الصلاة والتعظيم لها؛ فقالت: [ صفحه 8] «لمّا مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فاذن، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس؛ وأعاد فاعادوا له، فاعاد الثالثة، فقال: إنكن صواحب يوسف! مروا أبابكر فليصل بالناس. فخرج أبوبكر فصلي، فوجد النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفةً، فخرج يهادي بين رجلين، كأنّي أنظر رجليه تخطان من الوجع، فاراد أبوبكر أن يتاخر، فأومأ إليه النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم أن مكانك. ثم أتي به حتي جلس إلي جنبه. قيل للأعمش: وكان النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم يصلي وأبوبكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم. رواه أبو داود [2] عن شعبة عن الأعمش بعضه. وزاد أبو معاوية: جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبوبكر

يصلي قائماً» [3] . 2 _ حدثنا يحيي بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدّثني يونس، عن ابن شهاب، عن حمزة بن عبدالله أنه أخبره عن أبيه، قال: «لما اشتد برسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم وجعه قيل له في الصلاة! فقال: مروا أبابكر فليصل بالناس. قالت عائشة: إن أبابكر رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء. قال مروه فيصلي. فعاودته. قال: مروه فيصلي، إنكن صواحب يوسف» [4] . 3 _ حدثنا زكريا بن يحيي، قال: حدثنا ابن نمير، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: قالت: «أمر رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم [ صفحه 9] أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم. قال عروة: فوجد رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم في نفسه خفة، فخرج فإذا أبوبكر يؤمّ الناس، فلما رآه أبوبكر استأخر فأشار إليه أن كما أنت. فجلس رسول الله حذاء أبي بكر إلي جنبه، فكان أبوبكر يصلي بصلاة رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر» [5] . 4 _ حدثنا إسحاق بن نصر، قال: حدثنا حسين، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، قال: حدثني أبو بردة، عن أبي موسي، قال: «مرض النبي صلي الله عليه [واله] وسلم فاشتد مرضه فقال: مروا أبابكر فليصل بالناس. قالت عائشة: إنه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس!. قال: مروا أبابكر فليصل بالناس، فعادت. فقال: مري أبابكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف. فأتاه الرسول فصلي بالناس في حياة النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم» [6] . 5 _ حدثنا عبدالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: «إن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قال في مرضه: مروا أبابكر يصلي بالناس. قالت عائشة: قلت: إن أبابكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء! فمرعمرفليصل للناس. فقالت عائشة: فقلت: لحفصة قولي له: إن أبابكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمرعمرفليصل للناس. ففعلت حفصة. فقال رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم: صه، إنكن لأنتنّ صواحب يوسف، مروا أبابكر فليصل للناس. [ صفحه 10] فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيراً» [7] . 6 _ حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زائدة، عن موسي بن أبي عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، قال: «دخلت علي عائشة فقلت: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم؟ قالت: بلي، ثقل النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم فقال: أصلّي الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك. قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: ففعلنا فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه. ثم أفاق، فقال: أصلي الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه. ثم أفاق فقال: أصلي الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. فقال: ضعوا لي ماء في المخضب، فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فاغمي عليه. ثم أفاق فقال: أصلي الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم لصلاة العشاء الآخرة. فارسل النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم إلي أبي بكر بان يصلي بالناس، فاتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يامرك

أن تصلي بالناس. فقال أبوبكر_ وكان رجلاً رقيقاً_: يا عمر، صل بالناس. فقال له عمر: أنت أحق بذلك. فصلي أبوبكر تلك الأيام. ثم إن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم وجد من نفسه خفة، فخرج بين [ صفحه 11] رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبوبكر يصلي بالناس، فلما رآه أبوبكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم بأن لا يتأخر. قال: أجلساني إلي جنبه، فأجلساه إلي جنب أبي بكر. فجعل أبوبكريصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم، والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلي الله عليه [وآله] وسلم قاعد. قال عبيدالله: فدخلت علي عبدالله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ماحدثتني عائشة عن مرض النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم؟ قال: هات. فعرضت عليه حديثها، فما أنكر منه شيئاً، غيرأنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علي» [8] . 7 _ حدثنا مسدّد، قال: حدثنا عبدالله بن داود، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لما مرض النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة. فقال مروا أبابكر فليصل. قلت: إن أبابكر رجل أسيف، إن يقم مقامك يبكي فلا يقدر علي القراءة!. قال: مروا أبابكر فليصل. فقلت مثله فقال في الثالثة أو الرابعة: إنكن صواحب يوسف، مروا أبابكر فليصل؛ فصلي. وخرج النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم يهادي بين رجلين كاني أنظر إليه يخط برجليه الأرض، فلما رآه أبوبكر ذهب يتاخر، فاشار إليه أن صل، فتاخر أبو بكر وقعد النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم إلي جنبه وأبوبكر يسمع الناس [ صفحه 12] التكبير»

[9] . 8 _ حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لما ثقل رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبابكر أن يصلي بالناس. فقلت: يا رسول الله إن أبابكر رجل أسيف، وإنه متي ما يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. فقال: مروا أبابكر يصلي بالناس. فقلت لحفصة: قولي له إن أبابكر رجل أسيف، وإنه متي يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. قال: إنكن لأنّتنّ صواحب يوسف، مروا أبابكر أن يصلي بالناس. فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في نفسه خفة، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخّطان في الأرض حتي دخل المسجد. فلما سمع أبوبكر حسّه ذهب أبوبكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم، فجاء رسول الله حتي جلس عن يسارأبي بكر، فكان أبوبكر يصلي قائماً وكان رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم يصلي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر» [10] . 9 _ حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري _ وكان تبع النبي وخدمه وصحبه _«أن أبابكر كان يصلي لهم في وجع النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم الذي توفي فيه، حتي إذا كان يوم الاثنين وهم في صفوف الصلاة، فكشف النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم ستر الحجرة ينظرإلينا وهو قائم كان وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم يضحك، فهممنا [ صفحه 13] أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم. فنكص أبوبكرعلي عقبيه ليصل الصفّ، وظن أن النبي خارج إلي

الصلاة، فاشار الينا النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم أن أتّموا صلاتكم، وأرخي الستر، فتوفي من يومه» [11] . 10 _ حدّثنا أبو معمر، قال: حدّثنا عبدالوارث، قال: حدّثنا عبدالعزيز، عن أنس، قال: «لم يخرج النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم ثلاثاً، فأقيمت الصلاة فذهب أبوبكر يتقدم، فقال نبي الله بالحجاب فرفعه، فلما وضح وجه النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم ما نظرنا منظراً كان أعجب إلينا من وجه النبي حين وضح لنا، فأومأ النبي صلي الله عليه [واله] وسلم بيده إلي أبي بكرأن يتقدّم، وارخي النبي الحجاب فلم يقدرعليه حتي مات» [12] .

صحيح مسلم

وأخرجه مسلم بن الحجاج في (صحيحه) غير مرّة. من ذلك: 1_ حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس، قال: حدثنا زائدة، حدثنا موسي ابن أبي عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال: «دخلت علي عائشة فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم؟ قالت: بلي، ثقل النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم، فقال: أصلي الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال: ضعوا لي ماءً في المخضب...» إلي آخر ما تقدم عن البخاري [13] . 2 _ حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد _ واللفظ لابن رافع _ قال عبد: أخبرنا، وقال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر، قال الزهري: وأخبرني حمزة بن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن عائشة، قالت: «لما دخل رسول الله [ صفحه 14] صلي الله عليه [وآله] وسلم بيتي قال: مروا أبابكر فليصل بالناس. قالت: فقلت يا رسول الله، إن أبابكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه! فلو أمرت غيرأبي بكر. قالت: والله ما بي إلا كراهية أن

يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قالت: فراجعته مرتين أو ثلاثاً. فقال: ليصلّ بالناس أبوبكر فإنكن صواحب يوسف» [14] . 3 _ حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع. وحدثنا يحيي بن يحيي _ واللفظ له _ أخبرنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لما ثقل رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة....» إلي آخر ما تقدم عن البخاري [15] . 4 _ حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا ابن نمير عن هشام. وحدثنا ابن نمير_ وألفاظهم متقاربة _ قال: حدثنا أبي هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: «أمر رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم أبابكر أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلي بهم. قال عروة: فوجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفّةً، فخرج وإذا أبوبكر يؤمّ الناس، فلما رآه أبوبكر استأخر، فأشار إليه رسول الله أي كما أنت. فجلس رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم حذاء أبي بكر إلي جنبه فكان أبوبكر يصلي بصلاة رسول الله، والناس يصلون بصلاة أبي بكر» [16] . 5 _ حدثني عمرو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد، قال عبد: أخبرني وقال الآخران: حدثنا يعقوب _ وهو ابن إبراهيم بن سعد _، قال: حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك: «أن أبابكر كان يصلي [ صفحه 15] لهم في وجع رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم الذي توفي فيه...» [17] . 6 _ حدثنا محمد بن المثني وهارون بن عبدالله، قالا: حدثنا عبدالصمد، قال: سمعت

أبي يحدث، قال: حدّثنا عبدالعزيز، عن أنس، قال: «لم يخرج إلينا نبي الله ثلاثاً...» إلي آخر ما تقدم عن البخاري [18] . 7 _ رواه مسلم، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس... [19] . 8 _ وعن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس... [20] . 9 _ حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن أبي بردة، عن أبي موسي، قال: «مرض رسول الله...» إلي آخر ما تقدم عن البخاري [21] .

صحيح الترمذي

وأخرجه الترمذي في (صحيحه) حيث قال: «حدثنا إسحاق بن موسي الأنصاري، حدثنا معن، حدثنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم قال: مروا أبابكر فليصل بالناس. فقالت عائشة: يا رسول الله، إن أبابكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فامرعمرفليصل بالناس. قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له: إن أبابكرإذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فامرعمرفليصل بالناس. ففعلت حفصة. [ صفحه 16] فقال رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم: إنكن لأنتنّ صواحبات يوسف، مروا أبابكر فليصل بالناس. فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيراً. قال أبوعيسي: هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن: عبدالله بن مسعود وأبي موسي وابن عباس وسالم بن عبيد وعبدالله بن زمعة» [22] .

سنن أبي داود

وأخرجه أبو داود في (سننه) بقوله: «حدثنا عبدالله بن محمّد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني الزهري، حدثني عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالصمد بن الحرث بن هشام، عن أبيه عن عبدالله بن زمعة، قال: لما استعزّ برسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلي الصلاة فقال: مروا من يصلي بالناس. فخرج عبدالله بن زمعة فإذا عمر في الناس _ وكان أبوبكر غائباً _ فقلت: يا عمر، قم فصل بالناس. فتقدم فكبر. فلما سمع رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم صوته، وكان عمررجلاً مجهراً. فقال: أين أبوبكر؟ يأبي الله ذلك والمسلمون، يأبي الله ذلك والمسلمون. فبعث إلي أبي بكر، فجاء بعد أن صلي عمرتلك الصلاة فصلي بالناس. حدثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن أبي فديك، قال: حدثني موسي

بن يعقوب، عن عبدالله بن إسحاق، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة: أن عبدالله بن زمعة أخبره بهذا الخبرقال: لما سمع النبي صلي الله عليه [ صفحه 17] [وآله] وسلم صوت عمر_ قال ابن زمعة _ خرج النبي حتي أطلع رأسه من حجرته ثم قال: لا لا لا، ليصل للناس ابن أبي قحافة؛ يقول ذلك مغضبا» [23] .

سنن النسائي

وأخرجه النسائي في (سننه): 1 _ أخبرنا العباس بن عبدالعظيم العنبري، قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا زائدة، عن موسي بن أبي عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال: «دخلت علي عائشة فقلت: ألا تحدثيني...» إلي آخره كما تقدّم [24] . 2 _ حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لما ثقل رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم جاء بلال يؤذنه بالصلاة. فقال: مرو أبابكر فليصل بالناس..» إلي آخره كما تقدّم [25] . 3 _ أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا حميد، عن أنس، قال: «آخر صلاة صلاّها رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم مع القوم، صلّي في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر» [26] . 4 _ أخبرنا محمد بن المثني، قال: حدثنا بكر بن عيسي صاحب البصري، قال: سمعت شعبة يذكر عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة: «أن أبابكر صلي للناس ورسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم في الصف، [27] . [ صفحه 18] 5 _ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري، عن حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن زرّ، عن عبدالله، قال: «لما قبض رسول

الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قالت الأنصار: منا أميرومنكم أمير؟ فأتاهم عمر فقال: ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبابكر أن يصلي بالناس؟ فايّكم تطيب نفسه أن يتقدم أبابكر؟! قالوا: نعوذ بالله أن نتقدّم أبابكراً [28] . 6 _ أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثني أبو داود، قال: أنبأنا شعبة، عن موسي بن أبي عائشة، قال: «سمعت عبيدالله بن عبدالله يحدث عن عائشة: أن رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم أمر أبابكر أن يصلي بالناس. قالت: وكان النبي بين يدي أبي بكر، فصلي قاعداً، وأبوبكر يصلي بالناس، والناس خلف أبي بكر [29] .

سنن ابن ماجة

وأخرجه ابن ماجة في (سننه): 1 _ حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية ووكيع، عن الأعمش. وحدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «لما مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه _ وقال أبومعاوية: لما ثقل _ جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبابكر فليصل بالناس... قالت: فارسلنا إلي أبي بكر فصلّ بالناس. فوجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفةً، فخرج إلي الصلاة... فكان أبوبكر يأتمّ بالنبي، والناس يأتمون بابي بكر» [30] . 2 _ حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا عبدالله بن نمير، عن هشام بن عروة، عن [ صفحه 19] أبيه، عن عائشة، قالت: «أمر رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم أبابكر أن يصلي بالناس في مرضه...» [31] . 3 _ حدثنا نصر بن علي الجهضمي، أنبأنا عبدالله بن داود من كتابه في بيته، قال: سلمة بن نبيط، أنا عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط بن

شريط، عن سالم بن عبيد، قال: «أغمي علي رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم في مرضه، فلما أفاق قال: أحضرت الصلاة؟ قالوا: نعم. قال: مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبابكر فليصل بالناس. ثم أغمي عليه فأفاق فقال... ثم أغمي عليه فأفاق فقال... فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، فإذا قام ذلك المقام يبكي لا يستطيع، فلو أمرت غيره! ثم أغمي عليه فأفاق فقال: مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبابكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف _ أو صواحبات يوسف _. قال: فأمر بلال فأذن، وأمر أبوبكر فصلي بالناس. ثم إن رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلّم وجد خفة فقال: أنظروا لي من أتكئ عليه. فجاءت بريرة ورجل آخر فاتّكأ عليهما، فلما رآه أبوبكر ذهب لينكص، فأومأ إليه أن اثبت مكانك. ثم جاء رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم حتي جلس إلي جنب أبي بكرحتي قضي أبوبكر صلاته، ثم إن رسول الله قبض. قال أبو عبدالله: هذا حديث غريب لم يحدّث غير نصر بن علي» [32] . 4 _ حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، قال: «لّما مرض رسول الله صلي الله عليه [ صفحه 20] [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: أدعوا لي علياً. قالت عائشة: يا رسول الله، ندعو لك أبابكر؟ قال: ادعوه. قالت حفصة: يا رسول الله، ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه. قالت أم الفضل: يا رسول الله، ندعو لك العباس؟ قل: نعم. فلما اجتمعوا رفع رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم رأسه فنظر فسكت. فقال عمر: قوموا عن رسول الله. ثم جاء بلال يؤذنه

بالصلاة، فقال: مروا أبابكر فليصل بالناس. فقالت عائشة: يا رسول الله، إن أبابكر رجل رقيق حصر، ومتي لا يراك يبكي والناس يبكون، فلو أمرت عمر يصلي بالناس؟ فخرج أبوبكر فصلي بالناس، فوجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفة، فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، فلما رآه الناس سبحوا بابي بكر، فذهب ليستأخر فأومأ إليه النبي أي مكانك. فجاء رسول الله فجلس عن يمينه وقام أبوبكر، وكان أبوبكر يأتمّ بالنبي والناس يأتمّون بأبي بكر. قال ابن عباس: وأخذ رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من القراءة من حيث كان بلغ أبوبكر. قال وكيع: وكذا السنة. قال: فمات رسول الله في مرضه ذلك» [33] .

مسند أحمد

وأخرج أحمد بن حنبل في (مسنده) أكثر من غيره بكثير، فلنذكر طائفة من رواياته: [ صفحه 21] 1 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا يحيي بن زكريا بن أبي زائدة، حدّثني أبي، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، قال: «لما مرض صلي الله عليه [واله] وسلّم أمر أبابكر أن يصلي بالناس، ثم وجد خفّةً، فخرج، فلما أحسّ به أبوبكر أراد أن ينكص، فأومأ إليه النبي فجلس إلي جنب أبي بكر عن يساره، واستفتح من الآية التي انتهي إليها أبوبكر» [34] . 2 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، قال: «لمّا مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: ادعوا لي علياً. قالت عائشة: ندعو لك أبابكر؟ قال: ادعوه. قالت حفصة: يا رسول الله، ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه. قالت أُمّ

الفضل: يا رسول الله، ندعو لك العباس؟ قال: ادعوه. فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم يرعلياً فسكت. فقال عمر: قوموا عن رسول الله. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة.... [35] . 3 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا عبدالله بن الوليد، ثنا سفيان، عن حميد عن أنس بن مالك، قال: «كان اخر صلاة صلاها رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم عليه برد متوشّحاً به وهوقاعد» [36] . 4 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا يزيد، أنا سفيان _ يعني ابن حسين _، عن الزهري، عن أنس، قال: «لما مرض رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال بعد مرتين: يا بلال، قد بلغت، فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع. فرجع إليه بلال فقال: يا رسول الله، بابي أنت وأمي، من يصلي بالناس؟ [ صفحه 22] قال: مرّ أبابكر فليصل بالناس. فلما أن تقدم أبوبكر رفع عن رسول الله الستور قال: فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء عليه خميصة، فذهب أبوبكر يتأخّر وظن أنه يريد الخروج إلي الصلاة، فاشار رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم إلي أبي بكر أن يقوم فيصلي، فصلي أبوبكر بالناس، فما رأيناه بعداً [37] . 5 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عبدالملك ابن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسي، عن أبي موسي، قال: «مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم....» [38] . 6 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا عبدالأعلي، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن عائشة فقالت: «لما مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرض في بيتي فأذن له،

فخرج رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم معتمداً علي العباس وعلي رجل آخر ورجلاه تخطان في الأرض. وقال عبيدالله: فقال ابن عباس: أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً. قال الزهري: فقال النبي _ وهو في بيت ميمونة _ لعبدالله بن زمعة: مر الناس فليصلوا. فلقي عمر بن الخطاب فقال: يا عمر صل بالناس، فصلي بهم، فسمع رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم صوته فعرفه وكان جهيرالصوت...» [39] . 7 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة، قالت: «لما مرض رسول الله... فجاء النبي حتي جلس [ صفحه 23] إلي جنب أبي بكر، وكان أبوبكر يأتمّ بالنبي، والناس يأتمون بابي بكر» [40] . 8 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: «... فجاء النبي حتي جلس عن يسارأبي بكر، وكان رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يصلي بالناس قاعداً وأبوبكر قائماً، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر» [41] . 9 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا بكربن عيسي، قال: سمعت شعبة بن الحجاج يحدث عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل عن مسروق، عن عائشة «أن أبابكر صلي بالناس ورسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم في الصف» [42] . 10 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا شبابة بن سوار، أبا شعبة، عن نعيم بن ابي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة، قالت: «صلي رسول الله صلي الله عليه [واله] وسلم خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه» [43] . 11_ عبدالله،

حدثني أبي، ثنا شبابة، ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: «قال رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم في مرضه الذي مات فيه: مروا أبابكر يصلي بالناس... وصلي النبي خلفه قاعداً» [44] . 12 _ عبدالله، حدثني أبي، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، ثنا زائدة، ثنا عبدالملك بن عمير، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: «مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم فقال: مروا أبابكر يصلي بالناس، فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبي رجل رقيق! فقال: مروا أبابكر يصلي بالناس فإنكن صواحبات يوسف. [ صفحه 24] فأمّ أبو بكر الناس ورسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم حي» [45] . [ صفحه 25]

نظرات في اسانيد الحديث

اشاره

لقد نقلنا الحديث بأتمّ ألفاظه وأصح طرقه عن الصحاح ومسند أحمد، وكما ذكرنا من قبل فإن معرفة حاله بالنظرإلي هذه الأسانيد والمتون تغنينا عن النظر فيما رووه في خارج الصحاح عن غير من ذكرناه من الصحابة، ولربّما أشرنا إلي بعض ذلك في خلال البحث... لقد كانت الأحاديث المذكورة عن: 1 _ عائشة بنت أبي بكر. 2 _ عبدالله بن مسعود. 3 _ عبدالله بن عباس. 4 _ عبدالله بن عمر. 5 _ عبدالله بن زمعة. 6 _ أبي موسي الأشعري. 7 _ بريدة الأسلمي. 8 _ أنس بن مالك. 9 _ سالم بن عبيد. فنحن ذكرنا الحديث عن تسعة من الصحابة وإن لم يذكر الترمذي إلا ستّة، حيث قال بعد إخراجه عن عائشة: «وفي الباب عن: عبدالله بن مسعود، وأبي موسي، وابن عباس، وسالم بن عبيد، وعبدالله بن زمعة» [46] . لكن العمدة حديث عائشة... بل إن بعض ما جاء عن غيرها من

الصحابة مرسل، وإنها هي الواسطة... كما سنري... [ صفحه 26] فلنبدأ أوّلاً بالنظر في أسانيد الحديث عن غيرها ممن ذكرناه:

حديث أبي موسي الأشعري

أمّا الحديث المذكور عن أبي موسي الأشعري _ والذي اتفق عليه البخاري ومسلم، وأخرجه أحمد _ ففيه: 1 _ إنه مرسل، نص عليه ابن حجر وقال: «يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة» [47] . 2 _ إن الراوي عنه «أبو بردة» وهو ولده كما نصّ عليه ابن حجر [48] وهذا الرجل فاسق أثيم، له ضلع في قتل حجر بن عدي، حيث شهد عليه _ في جماعة شهادة زور أدت إلي شهادته [49] ... وروي أيضاً أنه قال لأبي الغادية _ قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالي عنه _: «أ أنت قتلت عمار بن ياسر؟ قال: نعم. قال: فناولني يدك. فقبلها وقال: لا تمسك النار أبداً!» [50] . 3 _ والراوي عنه: «عبد الملك بن عمير»: وهو«مدلّس» و«مضطرب الحديث جداً» و«ضعيف جداً» و«كثير الغلط»: قال أحمد: «مضطرب الحديث جداً مع قلة روايته، ما أري له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثيرمنها» [51] . وقال إسحاق بن منصور: «ضعفه أحمد جداً» [52] . وعن أحمد: «ضعيف يغلط» [53] . [ صفحه 27] وقال ابن معين: «مخلط» [54] . وقال أبو حاتم: «ليس بحافظ، تغير حفظه» [55] وعنه: «لم يوصف بالحفظ» [56] . وقال ابن خراش: «كان شعبة لا يرضاه» [57] . وقال الذهبي: «أمّا ابن الجوزي فذكره فحكي الجرح وما ذكر التوثيق» [58] . وقال السمعاني: «كان مدلساً» [59] . وكذا قال ابن حجر [60] . وعبدالملك _ هذا _ هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي، وهو رسول الإمام الحسين

عليه السلام إلي أهل الكوفة، فانه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبدالملك بن عميرفذبحه، فلما عيب ذلك عليه قال: «إنما أردت أن أريحه!» [61] . 4 _ ثم الكلام في أبي موسي الأشعري نفسه، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فقد كان يوم الجمل يقعد باهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه السلام، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه السلام عن الخلافة. وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه. ثم إن أحمد روي هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة، عن [ صفحه 28] عبدالملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسي، عن أبيه... كذلك [62] .

حديث عبدالله بن عمر

وأما الحديث المذكور عن عبدالله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك، كما رواه مسلم، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن حمزة بن عبدالله بن عمر، عن عائشة... لكن البخاري رواه بسنده عن الزهري، عن حمزة، عن أبيه، قال: «لما اشتد برسول الله وجعه...». وعلي كل حال فإن مدار الطريقين علي: محمد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيي بن معين [63] وعبدالحق الدهلوي، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير الؤمنين عليه السلام، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين: قال ابن أبي الحديد: «وكان الزهري من المنحرفين عنه، وروي جرير بن عبدالحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة ابن الزبيرجالسان يذكران علياً فنالا منه. فبلغ ذلك علي بن الحسين فجاء حتي وقف عليهما فقال: أما أنت يا عروة، فإن أبي حاكم أباك إلي الله

فحكم لأبي علي أبيك، وأما أنت يا زهري، فلو كنت بمكة لأريتُك كير أبيك» [64] . قال: «وروي عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيي بن عروة، قال: كان أبي إذا ذكر علياً نال منه» [65] . ويؤكد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنين عليه السلام _ كمنقبة سبقه [ صفحه 29] إلي الإسلام _ قال ابن عبدالبرّ: «وذكر معمر في معه عن الزهري قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبدالرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري» [66] . وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد: «وأرسل عنه الزهري وقتادة. قال ابن معين: كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟!» [67] . وقال العلامة الشيخ عبدالحق الدهلوي بترجمة الزهري من «رجال المشكاة»: «إنه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلة الديانة، وكان أقرانه من العلماء والزهاد ياخذون عليه وينكرون ذلك منه، وكان يقول: أنا شريك في خيرهم دون شرهم! فيقولون: ألا تري ما هم فيه وتسكت؟!». وقال ابن حجر بترجمة الأعمش: «حكي الحاكم عن ابن معين أنه قال: أجود الأسانيد: الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله. فقال له إنسان: الأعمش مثل الزهري؟! فقال: تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري؟! الزهري يري العرض والإجازة ويعمل لبني أمية؟ والأعمش فقير، صبور، مجانب للسلطان، ورع، عالم بالقرآن، [68] . ولأجل كونه من عمال بني أمية ومشيدي سلطانهم كتب إليه الإمام السجاد عليه السلام كتاباً يعظه فيه، جاء فيه: «إن ما كتمت، وأخف ما احتملت، أن آنست وحشة الظالم، وسهلت له الطريق الغيّ... جعلوك قطباً أداروا بك رحي مظالمهم، وجسراً يعبرون عليك إلي بلاياهم، وسلماً إلي ضلالتهم، داعيا إلي غيهم، سالكاً سبيلهم، احذر، فقد نبئت، وبادر

فقد أجلت...» [69] . [ صفحه 30] ثم الكلام في عبدالله بن عمر نفسه: فإنه ممن امتنع عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان، وقعد عن نصرته، وترك الخروج معه في حروبه، ولكنه لما ولي الحجّاج بن يوسف الحجازمن قبل عبدالملك جاءه ليلاً ليبايعه فقال له: ما أعجلك؟! فقال: سمعت رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يقول: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية!! فقال له: إنّ يدي مشغولة عنك _ وكان يكتب _ فدونك رجلي، فمسح علي رجله وخرج!!

حديث عبدالله بن زمعة

وأما حديث عبدالله بن زمعة... فقد رواه أبو داود عنه بطريقين، والمدار في كليهما علي «الزهري» وقد عرفته.

حديث عبدالله بن عباس

وأما حديث عبدالله بن عبّاس... الذي رواه ابن ماجة وأحمد، الأول رواه عن: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عبّاس، والثاني رواه عن يحيي ابن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الأرقم، عنه.... فمداره علي: أبي إسحاق، عن الأرقم وقد قال البخاري: «لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً من الأرقم بن شرحبيل» [70] . وأبو إسحاق السبيعي: «قال بعض أهل العلم: كان قد اختلط، وإنما [ صفحه 31] تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه» [71] . وكان مدلساً» [72] . وكان يروي عن عمر بن سعد قاتل الحسين عليه السلام [73] . وكان يروي عن شمر بن ذي الجوشن الملعون [74] . وفي سند أحمد مضافاً إلي ذلك: 1_ سماع «زكريا» من «أبي إسحاق» بعد اختلاطه كما ستعرف. 2 _ «زكريا بن أبي زائدة» قال أبو حاتم: «ليّن الحديث، كان يدلّس» ورماه بالتدليس أيضاً أبو زرعة وأبوداود وابن حجر... وعن أحمد: «إذا اختلف زكريا وإسرائيل فان زكريا أحبّ إليّ في أبي إسحاق، ثم قال: ما أقربهما، وحديثهما عن أبي إسحاق ليّن سمعا منه بآخره» [75] . أقول: فالعجب من أحمد يقول هذا وهومع ذلك يروي الحديث عن زكريا عن أبي إسحاق في «المسند» كما عرفت وفي «الفضائل» [76] . نعم، رواه لا عن هذا الطريق لكنه عن ابن عباس عن العباس، فقال مرة: «حدثنا يحيي بن آدم» وأخري «حدثنا أبو سعيد مولي بني هاشم» عن قيس ابن الربيع، عن عبدالله بن أبي السفر، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس،

عن العباس بن عبدالمطلب: «إن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قال في مرضه: «مروا أبابكر يصلي بالناس، فخرج أبوبكر فكبر ووجد النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم راحته فخرج يهادي بين رجلين، فلمّا رآه أبوبكر تاخر، فاشار إليه النبي مكانك، ثم جلس رسول الله إلي جنب أبي بكر فاقترأ من المكان الذي [ صفحه 32] بلغ أبوبكرمن السورة» [77] . لكن مداره علي «قيس بن الربيع، الذي أورده البخاري في الضعفاء [78] . وكذا النسائي [79] وابن حبّان في المجروحين [80] وضعفه غير واحد، بل عن أحمد أنه تركه الناس، بل عن يحيي بن معين تكذيبه [81] .

حديث عبدالله بن مسعود

وأما الحديث المذكور عن ابن مسعود فاخرجه النسائي، ورواه الهيثمي أيضاً وقال: «رواه أحمد وأبو يعلي». وفي سنده عند الجميع «عاصم بن أبي النجود» قال الهيثمي: «وفيه ضعف» [82] . قلت: وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن سعد: «كان كثير الخطأ في حديثه» وعن يعقوب بن سفيان: «في حديثه اضطراب» وعن أبي حاتم: «ليس محله أن يقال هوثقة ولم يكن بالحافظ» وقد تكلّم فيه ابن علية فقال: «كل من اسمه عاصم سيئ الحفظ» وعن ابن خراش: «في حديثه نكرة» وعن العقيلي: «لم يكن فيه إلا سوء الحفظ» والدار قطني: «في حفظه شيء» والبزار: «لم يكن بالحافظ، وحماد بن سلمة: «خلط في آخر عمره» وقال العجلي: «كان عثمانيا» [83] . [ صفحه 32]

حديث بريدة الأسلمي

وأمّا حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه، فمع غضّ النظر عما قيل في رواية ابن بريدة _ سواء كان «عبدالله» أو «سليمان» _ عن أبيه [84] فيه: «عبدالملك بن عمير» وقد عرفته.

حديث سالم بن عبيد

وأما حديث سالم بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة: 1 _ فقد قال فيه ابن ماجة: «هذا حديث غريب». 2 _ وفي سنده نظر... فإن «نعيم بن أبي هند» تركه مالك ولم يسمع منه؟ لأنه «كان يتناول علياً رضي الله عنه [85] . و«سلمة بن نبيط» لم يرو عنه البخاري ومسلم، قال البخاري: «اختلط بآخره» [86] . 3 _ ثمّ إن «سالم بن عبيد» لم يرو عنه في الصحاح، وما روي له من أصحاب السنن غيرحديثين، وفي إسناد حديثه اختلاف! قال ابن حجر: «سالم بن عبيد الأشجعي، من أهل الصفة، ثم نزل الكوفة وروي له من أصحاب السنن حديثين بإسناده صحيح في العطاس. وله رواية عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم وكلام أبي بكر في ذلك. أخرجه يونس بن بكير في زياداته. [ صفحه 34] روي عنه هلال بن يساف ونبيط بن شريط وخالد بن عرفطة» [87] . وقال أيضاً: «الأربعة _ سالم بن عبيد الأشجعي له صحبة، وكان من أهل الصُفّة، يعد في الكوفيين. روي عن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم في تشميت العاطس، وعن عمر بن الخطاب. روي عنه. خالد بن عرفجة _ ويقال ابن عرفطة _ وهلال بن يساف ونبيط بن شريط. وفي إسناد حديثه اختلاف» [88] . أقول: يظهر من عبارة ابن حجر في كتابيه، ومن مراجعة الرواية عند الهيثمي [89] أن حديث سالم

بن عبيد حول صلاة أبي بكر هو الحديث الذي عن عمر«فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم... لكن ابن ماجة ذكر بعضه _ كما نص عليه الهيثمي _، وظاهر عبارة ابن حجر في «الإصابة» عدم صحة إسناده، ولعله المقصود من قوله في «تهذيب التهذيب»: «وفي إسناد حديثه اختلاف» إذ القدر المتيقن منه ما يرويه نبيط بن شريط عنه، وهذا الحديث من ذاك!

حديث أنس بن مالك

أما حديث أنس بن مالك، فمنه ما عن الزهري عنه، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد. والزهري من قد عرفته. مضافاً إلي أن الراوي عنه عند البخاري هو شعيب، وهو: شعيب بن حمزة، وهو كاتب الزهري وراويته [90] . ويروي عن شعيب: أبو اليمان، وهو: الحكم بن نافع. [ صفحه 35] وقد تكلم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب، حتي قيل: لم يسمع منه ولاكلمة [91] . والراوي عن «الزهري» عند أحمد: سفيان بن حسين، وقد اتفقوا علي عدم الاعتماد علي رواياته عن الزهري، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن: ابن معين وأحمد والنسائي وابن عدي وابن حبّان... وعن يعقوب بن شيبة: «في حديثه ضعف» وعن عثمان بن أبي شيبة: «كان مضطرباً في الحديث قليلاً» وعن ابن خراش: «كان لين الحديث» وعن أبي حاتم: «لايحتج به» وعن ابن سعد: «يخطئ في حديثه كثيراً» [92] . هذا، وقد روي الهيثمي هذا الحديث فقال: «رواه أحمد وفيه: سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري، وهذا من حديثه عنه» [93] . ومنه ما عن حميد عن أنس، وقد أخرجه النسائي وأحمد، وحميد هو: حميد ابن أبي حميد الطويل، وقد نصوا علي أنه كان «مدلساً» وعلي «أن أحاديثه عن أنس مدلسة» [94]

وهذا الحديث من تلك الأحاديث. مضافاً إلي أن الراوي عنه _ عند أحمد _ هو سفيان بن حسين، وقد عرفته. هذا، وسواء صحت الطرق عن أنس أو لم تصح فالكلام في أنس نفسه: فاول ما فيه كذبه، وذلك في قضية حديث الطائر المشوي، حيث كان رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قد دعا الله سبحانه أن ياتي بعلي عليه السلام، وكان يترقب حضوره، فكان كلما يجيء علي عليه السلام ليدخل علي النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم قال أنس: «إن رسول الله علي حاجة» حتي غضب رسول الله وقال له: «يا أنس، ما حملك علي رده؟!» [95] . [ صفحه 36] ثم كتمه الشهادة بالحق، وذلك في قضية مناشدة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به، فشهد قوم وأبي آخرون _ ومنهم أنس _ فدعي عليهم فأصابتهم دعوته... [96] . ومن المعلوم أن الكاذب لا يقبل خبره، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك.

حديث عائشة

وأما حديث عائشة... فقد ذكرنا أنه هو العمدة في هذه المسألة: لكونها صاحبة القصة. ولإن حديث غيرها إما ينتهي إليها، وأما هو حكاية عما قالته وفعلته. ولأن روايتها أكثر طرقاً من رواية غيرها، وأصح إسناداً من سائر الأسانيد، وأتم لفظاً وتفضلاً للقصة... وقد أوردنا الأهم من تلك الطرق ن والأتم من تلك الألفاظ... فأما البحث حول ألفاظ ومتون الحديث _ عنها _ فسيأتي في الفصل اللاحق مع النظر في ألفاظ حديث غيرها. واما البحث حول سند حديثها، فيكون تارة بالكلام علي رجال الأسانيد، وأخري بالكلام علي عائشة نفسها. أما رجال الأسانيد... فإن طرق الأحاديث المذكورة عنها تنتهي إلي: 1_ الأسود بن يزيد

النعيم. 2 _ عروة بن الزبيربن العوام. 3 _ عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود. 4 _ مسروق بن الأجدع. [ صفحه 37] ولا شيء من هذه الطرق بخال عن الطعن والقدح المسقط عن الاعتبار والاحتجاج:

الحديث عن الأسود عن عائشة

فان «الأسود» من المنحرفين عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام [97] . والراوي عنه في جميع الأسانيد المذكورة هوإبراهيم بن يزيد النخعي، وهو من أعلام المدلّسين... قال أبوعبدالله الحاكم _ في الجنس الرابع من المدلسين: قوم دلسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيروا أساميهم وكناهم كي لا يعرفوا _ قال: «أخبرني عبدالله بن محمد بن حمويه الدقيقي، قال: حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، قال: حدثني خلف بن سالم، قال: سمعت عدة من مشايخ أصحابنا تذاكروا كثرة التدليس والمدلسين، فاخذنا في تمييز أخبارهم، فاشتبه علينا تدليس الحسن بن أبي الحسن، أبراهيم بن يزيد النخعي، لأن الحسن كثيراً ما يدخل بينه وبين الصحابة أقواما مجهولين، وربما دلس عن مثل عتي بن ضمرة وحنيف بن المنتجب ودغفل بن حنظلة وأمثالهم؛ وأبراهيم أيضاً يدخل بينه وبين أصحاب عبدالله مثل هني بن نويرة وسهم بن منجاب وخزامة الطائي وربّما دلس عنهم» [98] . والراوي عن إبراهيم هو: «سليمان بن مهران الأعمش». و«الأعمش» معروف بالتدليس [99] ، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة، قال السيوطي _ في بيان تدليس التسوية _: «قال الخطيب: وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي: فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقاً وشرها. قال العراقي: وهوقادح فيمن تعقد فعله. وقال شيخ الإسلام: لا شك أنّه جرح، [ صفحه 38] وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار... [100] . قال الخطيب: «التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم،

وقد عظّم بعضهم الشان في ذمه، وتبجّج بعضهم بالبراءة منه» [101] . ثم روي عن شعبة بن الحجاج قوله: «التدليس أخو الكذب». وعنه: «التدليس في الحديث أشد من الزنا». وعنه: «لإن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس». وعن أبي أسامة: (خرّب الله بيوت المدلسين، ما هم عندي إلا كذابون». وعن ابن المبارك: «لأن نخرّ من السماء أحب إلي من أن ندلس حديثا!». وعن وكيع: «نحن لا نستحل التدليس في الثياب فكيف في الحديث!». فإذن: يسقط هذا الحديث، بهذا السند، الذي اتفقوا في الرواية به، فلا حاجة إلي النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة. لكن مع ذلك نلاحظ أن الراوي عن الأعمش عند البخاري وأحمد _ في إحدي طرقهما _ وعند مسلم والنسائي هو «أبو معاوية، وهذا الرجل أيضاً من المدلسين: قال السيوطي: «فائدة: أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما: وهم: إبراهيم بن طهمان، أيوب بن عائذ الطائي، ذرّ بن عبدالله المرهبي، شبابة بن سوار، عبدالحميد بن عبدالرحمن... محمد بن حازم أبومعاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري... هؤلاء رموا بالأرجاء، وهوتاخيرالقول في الحكم علي مرتكب الكبائر بالنار...» [102] . [ صفحه 39] وذكر ابن حجر عن غير واحد أنه كان مرجئاً خبيثاً، وأنه كان يدعو إليه [103] . والراوي عن «الأعمش» عند ابن ماجة وأحمد في طريقه الأخري هو: وكيع ابن الجراح، وفيه: أنه كان يشرب المسكروكان ملازماً له [104] . ثم إن الراوي عن أبي معاوية في إحدي طرق البخاري هو: حفص بن غياث، وهو أيضاً من المدلسين [105] . مضافاً إلي أنه كان قاضي الكوفة من قبل هارون، وقد ذكروا عن أحمد

أنه: «كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث فلما ولّي القضاء هجره» [106] .

الحديث عن عروة بن الزبير

فإن عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر، فالحديث مرسل، ولابدّ أنه يرويه عن عائشة. وكان عروة من المشهورين بالبغض والعداء لأميرالمؤمنين عليه السلام _ كما عرفت من خبره مع الزهري، والخبرعن ابنه _ وحتي حضر يوم الجمل علي صغر سنه [107] ، وقد كان هو والزهري يضعان الحديث في تنقيص الإمام والزهراء الطاهرة عليهما السلام، فقد روي الهيثمي عنه حديثا _ وصححه _ في فضل زينب بنت رسول الله جاء فيه أنه كان يقول: «هي خيربناتي» قال: «فبلغ ذلك علي بن حسين، فانطلق إليه فقال: ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه تنقص حق فاطمة؟! فقال: لا أحدث به أبداً» [108] . [ صفحه 40] والراوي عنه ولده «هشام» في رواية البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة ... وهوأيضاً من المدلسين، فقد قالوا: «كان ينسب إلي أبيه ما كان يسمعه من غيره، وقد ذكروا أن مالكاً كان لا يرضاه، قال ابن خراش: بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدّثني أبي، قال: سمعت عائشة. وقدم الثانية فكان يقول: أخبرني أبي، عن عائشة. وقدم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة» [109] وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

الحديث عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة

فإن الراوي عن «عبيدالله» عند البخاري ومسلم والنسائي هو«موسي بن أبي عائشة «وقد قال ابن أبي حاتم سمعت أبي [110] يقول: «تريبني رواية موسي بن أبي عائشة حديث عبيدالله بن عبدالله في مرض النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم» [111] . وعند أبي داود وأحمد هو: الزهري _ لكن عند الأول يرويه عن عبيدالله، عن عبدالله بن زمعة _ والزهري من قد عرفته سابقاً. هذا مضافاً إلي ما في عبيدالله بن عبدالله

نفسه... فقد روي ابن سعد، عن مالك بن أنس، قال: «جاء علي بن حسين بن علي بن أبي طالب إلي عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود يسأله عن بعض الشيء! وأصحابه عنده وهو يصلي، فجلس حتي فرغ من صلاته ثم أقبل عليه عبيدالله. فقال أصحابه: أمتع الله بك، جاءك هذا الرجل وهو ابن ابنة رسول الله [ صفحه 41] صلي الله عليه [وآله] وسلم وفي موضعه، ايسالك عن بعض الشيء!! فلوأقبلت عليه فقضيت حاجته ثم أقبلت علي ما أنت فيه! فقال عبيدالله لهم: أيهات! لابد لمن طلب هذا الشان من أن يتعني!!» [112] .

الحديث عن مسروق بن الأجدع عن عائشة

ففيه: 1 _ «أبو وائل» وهو«شقيق بن سلمة» يرويه عن «مسروق» وقد قال عاصم ابن بهدلة: «قيل لأبي وائل: أيهما أحبّ اليك: علي أو عثمان؟ قال: كان عليّ أحب إلي ثم صار عثمان!! [113] . 2 _ «نعيم بن أبي هند، يرويه عن«أبي وائل» عند النسائي وأحمد بن حنبل. و«نعيم» قد عرفته سابقاً. ثم إن في إحدي طريقي أحمد عن «نعيم» المذكور: «شبابة بن سوار» وقد ذكروا بترجمته أنه كان يري الإرجاء ويدعو إليه، فتركه أحمد وكان يحمل عليه، وقال: أبو حاتم: لا يحتج بحديثه [114] وقد أورده السيوطي في الفائدة المذكورة، وحكي ابن حجر في ترجمته ما يدلّ علي بغضه لأهل بيت النبي صلي الله عليه واله وسلم [115] . هذا، ويبقي الكلام في عائشة نفسها... فقد وجدناها تريد كل شأن وفضيلة لنفسها وأبيها ومن تحب من قرابتها وذويها... فكانت إذا رأت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يلاقي المحبة من إحدي زوجاته ويمكث عندها تارث عليها... كما فعلت مع زينب بنت [ صفحه 42] جحش، إذ تواطأت

مع حفصة أن أيّتهما دخل عليها النبي صلي الله عليه وآله وسلّم فلتقل: «إني لأجد منك ريح مغافيرحتي يمتنع عن أن يمكث عند زينب ويشرب عندها عسلاً» [116] . واذا رأته يذكر خديجة عليها السلام بخير ويثني عليها قالت: «ما أكثر ما تذكرحمراء الشدق؟! قد أبدلك الله عزوجل بها خيراً منها» [117] . واذا رأته مقدماً علي الزواج من امرأة حالت دون ذلك بالكذب والخيانة، فقد حدّثت أنه صلي الله عليه وآله وسلم أرسلها لتطلّع علي امرأة من كلب قد خطبها فقال لعائشة: «كيف رأيت؟ قالت: ما رأيت طائلا! فقال: لقد رأيت خالاً بخدّها اقشعركل شعر منك علي حدة فقالت: ما دونك من سر» [118] . ولقد ارتكبت ذلك حتي بتوهّم زواجه صلي الله عليه وآله وسلم... فقد ذكرت: أن عثمان جاء النبي في نحر الظهيرة. قالت: «فظننت أنه جاءه في أمر النساء، فحملتني الغيرة علي أن أصغيت إليه» [119] . أما بالنسبة إلي من تكرهه... فكانت حرباً شعواء... من ذلك مواقفها من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام... فقد «جاء رجل فوقع في علي وفي عمار رضي الله تعالي عنهما عند عائشة. فقالت: أما علي فلست قائلة لك فيه شيئا. وأمّا عمار فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يقول: لا يخيربين أمرين إلآ اختار أرشدهما» [120] . بل كانت تضع الحديث تاييداً ودعماً لجانب المناوئين له عليه السلام... فقد قال النعمان بن بشير: «كتب معي معاوية إلي عائشة قال: فقدمت علي عائشة [ صفحه 43] فدفعت إليها كتاب معاوية. فقالت: يا بني ألا أحدّثك بشيء سمعته من رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم؟ قلت: بلي. قالت: فإني كنت وحفصة يوما من

ذاك عند رسول الله. فقال: لوكان عندنا رجل يحدثنا. فقلت: يا رسول الله، ألا أبعث لك إلي أبي بكر؟ فسكت. ثم قال: لوكان عندنا رجل يحدّث. فقالت حفصة: ألا أرسل لك إلي عمر؟ فسكت. ثم قال: لا. ثم دعا رجلاً فساره بشيء، فما كان إلا أقبل عثمان، فاقبل بوجهه وحديثه فسمعته يقول له: يا عثمان، إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصاً، فإن أرادوك علي خلعه فلا تخلعه، ثلاث مرار. فقلت: يا أم المؤمنين، فاين كنت عن هذا الحديث؟! فقالت: يا بني، والله لقد أنسيته حتي ما ظننت أني سمعته» [121] . قال النعمان بن بشير: «فاخبرته معاوية بن أبي سفيان. فلم يرض بالذي أخرته، حتي كتب إلي أم المؤمنين أن اكتبي إلي به. فكتبت إليه به كتاباً» [122] . فانظر كيف أيدت «في تلك الأيام _ معاوية علي مطالبته الكاذبة بدم عثمان! وكيف اعتذرت عن تحريضها الناس علي قتل عثمان! ولا تغفل عن كتمها اسم الرجل الذي دعاه النبي صلي الله عليه وآله وسلم _ بعد أن أبي عن الإرسال خلف أبي بكر وعمر_ وهو ليس إلا أميرالمؤمنين عليه السلام... ولكنها لا تطيب نفساً بعلي كما قال ابن عباس، وسياتي. فاذا كان هذا حالها وحال رواياتها في الأيام العادية... فإن من الطبيعي أن تصل هذه الحالة فيها إلي أعلي درجاتها في الأيام والساعات الأخيرة من حياة [ صفحه 44] رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وأن تكون أخبارها عن أحواله في تلك الظروف أكثر حساسية... فتراها تقول: «لما ثقل رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم قال رسول الله لعبد الرحمن ابن أبي بكر: إيتني بكتف ولوح حتي أكتب لأبي بكركتاباً لا

يختلف عليه. فلمّا ذهب عبدالرحمن ليقوم قال: أبي الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبابكر» [123] . وتقول: «لما ثقل رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة. فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس». وتقول: «قبض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم ورأسه بين سحري ونحري» [124] . تقول هذا وأمثاله... لكن عندما يامر صلي الله عليه [وآله] وسلم بان يدعي له علي لا يمتثل أمره، بل يقترح عليه أن يدعي أبوبكر وعمر! يقول ابن عباس: «لما مرض رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة، فقال: ادعوالي علياً. قالت عائشة: ندعو لك أبابكر؟ قال: ادعوه قالت حفصة: يا رسول الله، ندعو لك عمر؟ قال ادعوه. قالت أم الفضل: يا رسول الله، ندعو لك العباس؟ قال: ادعوه. فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم يرعليا فسكت. فقال عمر: قوموا عن رسول الله....» [125] . وعندما يخرج إلي الصلاة _ وهو يتهادي بين رجلين _ تقول عائشة: «خرج [ صفحه 45] يتهادي بين رجلين أحدهما العبّاس» فلا تذكر الآخر. فيقول ابن عباس: «هو عليّ ولكن عائشة لا تقدر علي أن تذكره بخير» [126] . فإذا عرفناها تبغض علياً إلي حد لا تقدر أن تذكره بخير، ولا تطيب نفسها به... وتحاول إبعاده عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم... وتدعي لأبيها ولنفسها ما لا أصل له... بل لقد حدثت أمّ سلمة بالأمر الواقع فقالت: «والذي أحلف به، إن كان علي لأقرب الناس عهداً برسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم. قالت: عدنا رسول الله غداة بعد غداة فكان يقول: جاء عليّ؟!! _ مراراً _ قالت: أظنه كان

بعثه في حاجة قالت: فجاء بعد، فظننت أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب، فكنت أدناهم إلي الباب، فأكبّ عليه علي فجعل يساره ويناجيه، ثم قبض رسول الله.... [127] . إذا عرفنا هذا كله _ وهو قليل من كثير_ استيقنّا أن خبرها في أن صلاة أبيها كان بامرمن النبي صلي الله عليه وآله، وأنه صلي الله عليه وآله وسلم خرج فصلي خلفه _ كما في بعض الأخبار عنها _... من هذا القبيل... ومما يؤكد ذلك اختلاف النقل عنها في القضية وهي واحدة... كما سنري عن قريب... [ صفحه 46]

تأملات في متن الحديث و مدلوله

اشاره

قد عرفت أن الحديث بجميع طرقه وأسانيده المذكورة ساقط عن الإعتبار... فإن قلت: إنه مما اتفق عليه أرباب الصحاح والمسانيد والمعاجم وغيرهم، ورووه عن جمع من الصحابة، فكيف تقول بسقوطه بجميع طرقه؟ قلت: أولاً: لقد رأيت في «النظر في الأسانيد والطرق» أن رجال أسانيده مجروحون بأنواع الجرح ولم نكن نعتمد في «النظر» إلا علي أشهر كتب القوم في الجرح والتعديل، وعلي كلمات أكابر علمائهم في هذا الباب. وثانياً: إن الذي عليه المحققون من علماء الحديث والرجال والكلام أن الكتب الستة فيها الصحيح والضعيف والموضوع، وإن الصحابة فيهم العدل والمنافق والفاسق... وهذا ما حققناه في بعض بحوثنا [128] . نعم، المشهور عندهم القول باصالة العدالة في الصحابة، والقول بصحة ما أخرج في كتابي البخاري ومسلم... أما بالنسبة إلي حديث «صلاة أبي بكر» فلم أجد أحدا يطعن فيه، لكن لا لكونه في الصحاح، بل الأصل في قبوله وتصحيحه كونه من أدلة خلافة أبي بكر عندهم، ولذا تراهم يستدلون به في الكتب الكلامية وغيرها:

من كلمات المستدلين بالحديث علي الإمامة

قال القاضي عضد الدين الايجي _ في الأدلة الدالّة علي إمامة أبي بكر: [ صفحه 47] «الثامن: إنه صلي الله عليه [وآله] وسلم استخلف أبابكر في الصلاة وما عزله فيبقي إماماً فيها، فكذا في غيرها، إذ لا قائل بالفصل، ولذلك قال علي رضي الله عنه: قدّمك رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم في أمر ديننا، أفلا نقدمك في أمر دنيانا؟! [129] . وقال الفخر الرازي _ في حجج خلافة أبي بكر: «الحجة التاسعة: إنه عليه السلام استخلفه علي الصلاة أيام مرض موته وما عزله عن ذلك، فوجب أن يبقي بعد موته خليفة له في الصلاة، وإذا ثبت خلافته في الصلاة ثبت خلافته

في سائر الأمور، ضرورة أنه لا قائل بالفرق» [130] . وقال الأصفهاني: «الثالث: النبي استخلف أبابكر في الصلاة أيام مرضه، فثبت استخلافه في الصلاة بالنقل الصحيح، وما عزل النبي أبابكر عن خلافته في الصلاة، فبقي كون أبي بكر خليفة في الصلاة بعد وفاته، وإذا ثبت خلافة أبي بكر بعد وفاته في الصلاة ثبت خلافة أبي بكر بعد وفاته في غير الصلاة لعدم القائل بالفصل» [131] . وقال النيسابوري صاحب التفسير، بتفسيرآية الغار: «استدل أهل السنة بالاية علي أفضلية أبي بكر وغاية اتحاده ونهاية صحبته وموافقة باطنة وظاهره، وإلا لم يعتمد عليه الرسول في مثل تلك الحاجة. وإنه كان ثاني رسول الله في الغار. وفي العلم لقوله صلي الله عليه [وآله] وسلم ما صبّ في صدري شيء إلا وصببته في صدر أبي بكر [132] وفي الدعوة إلي الله، إنه عرض [ صفحه 48] الإيمان أولاً علي أبي بكر فامن، ثم عرض أبوبكر الإيمان علي طلحة والزبير وعثمان ابن عفان وجماعة أخري من أجلة الصحابة، وكان لا يفارق رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم في الغزوات وفي أداء الجماعات وفي المجالس والمحافل. وقد أقامه في مرضه مقامه في الإمامة...» [133] . وقال الكرماني بشرح الحديث: «فيه فضيلة لأبي بكر، وترجيحه علي جميع الصحابة، وتنبيه علي أنه أحقّ بخلافة رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من غيره» [134] . وقال العيني: «ذكر ما يستفاد منه، وهوعلي وجوه: الأول: فيه دلالة علي فضل أبي بكر. الثاني: فيه أن أبابكر صلي بالناس في حياة النبي، وكانت في هذه الإمامة التي هي الصغري دلالة علي الإمامة الكبري. الثالث: فيه أن الأحق بالإمامة هو الأعلم» [135] . وقال النووي: «فيه

فوائد: منها: فضيلة أبي بكر وترجيحه علي جميع الصحابة وتفضيله وتنبيه علي أنه أحق بخلافة رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من غيره، وأن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلّي بهم، وإنّه لا يستخلف إلا أفضلهم. ومنها: فضيلة [136] عمر بعد أبي بكرلأن أبابكرلم يعدل إلي غيره» [137] . [ صفحه 49] وقال المناوي بشرحه: «تنبيه: قال أصحابنا في الأصول: يجوز أن يجمع عن قياس، كإمامة أبي بكر هنا، فان الصحب أجمعوا علي خلافته _ وهي الإمامة العظمي _ ومستندهم القياس علي الإمامة الصغري، وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفي» [138] . وفي «فواتح الرحموت _ شرح مسلم الثبوت» في مبحث الإجماع: «مسألة: جاز كون المستند قياساً. خلافاً للظاهرية وابن جرير الطبري، فبعضهم منع الجواز عقلاً، وبعضهم منع الوقوع وإن جاز عقلاً. والآحاد أي أخبار الآحاد قيل كالقياس اختلافاً. لنا: لا مانع... وقد وقع قياس الإمامة الكبري وهي الخلافة العامة علي إمامة الصلاة... والحق أن أمره إياه بإمامة الصلاة كان إشارة إلي تقدّمه في الإمامة الكبري علي مايقتضيه ما في صحيح مسلم...» [139] . لكنك قد عرفت أن الحديث ليس له سند معتبرفي الصحاح فضلاً عن غيرها، ومجرد كونه فيها _ وحتي في كتابي البخاري ومسلم _ لا يغني عن النظر في سنده... وعلي هذا فلا أصل لجميع ما ذكروا، ولا أساس لجميع ما بنوا... في العقائد وفي الفقه وفي علم الأصول...

لا دلالة للاستخلاف في إمامة الصلاة علي الخلافة

وعلي فرض صحّة حديث أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلّم أبابكر بالصلاة في مقامه... فانه لا دلالة لذلك علي الإمامة الكبري والخلافة العظمي،... لأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج عن المدينة ترك

فيها من يصلي بالناس... بل إنه استخلف _ فيما يروون _ ابن أمّ مكتوم للإمامة وهو [ صفحه 50] أعمي، وقد عقد أبو داود في (سننه) باباً بهذا العنوان فروي فيه هذا الخبر... وهذه عبارته: «باب إمامة الأعمي حدثناً محمد بن عبدالرحمن العنبري أبو عبدالله، ثنا ابن مهدي، ثنا عمران القطّان، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤمّ الناس وهو أعمي [140] ... فهل يقول أحد بإمامة... ابن أم مكتوم لأنه استخلفه في الصلاة؟! ولقد اعترف بما ذكرنا ابن تيمية _ الملقب ب_ «شيخ الإسلام» _ حيث قال: «الاستخلاف في الحياة نوع نيابة لابد لكل ولي أمر، وليس كل من يصلح للاستخلاف في الحياة علي بعض الأمة يصلح أن يستخلف بعد الموت، فإن النبي استخلف غير واحد، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته، كما استعمل ابن أم مكتوم الأعمي في حياته وهو لا يصلح للخلافة بعد موته، وكذلك بشيربن عبدالمنذر وغيره» [141] . بل لقد رووا أنه صلي الله عليه وآله وسلم صلي خلف عبدالرحمن بن عوف وهو_ لو صح _ لم يدل علي استحقاقه الخلافة من بعده، ولذا لم يدعها أحد له... لكنه حديث باطل لمخالفته للضرورة القاضية بان النبي لا يصلي خلف أحد من أمته... فلا حاجة إلي النظرفي سنده. وعلي الجملة، فإنه لا دلالة لحديث أمر أبي بكر بالصلاة، ولا لحديث صلاته صلي الله عليه وآله وسلم خلفه حتي لوتم الحديثان سنداً... وأما سائر الدلالات الاعتقادية والفقهية والأصولية... التي يذكرونها مستفيدين إياها من حديث الأمر بالصلاة في الشروح والتعاليق... فكلها متوقفة علي ثبوت أصل القضية وتمامية الأسانيد الحاكية لها... وقد عرفت أن

لا شيء من تلك الأسانيد بصحيح، فأمره صلي الله عليه وآله وسلم في مرضه أبابكر بالصلاة في موضعه غير ثابت... [ صفحه 51]

وجوه كذب أصل القضية

اشاره

بل الثابت عدمه... وذلك لوجوه عديدة يستخرجها الناظر المحقق في القضية وملابساتها من خلال كتب الحديث والتاريخ والسيرة... وهي وجوه قوية معتمدة، تفيد _ بمجموعها _ أن القضية مختلفة من أصلها، وأن الذي أمر أبابكر بالصلاة في مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم في أيام مرضه ليس النبي بل غيره... فلنذكر تلك الوجوه باختصار:

كون أبي بكر في جيش أسامة

لقد أجمعت المصادر علي قضية سرية أسامة بن زيد، وأجمعت علي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلّم أمرمشايخ القوم: أبابكر وعمرو... بالخروج معه... وهذا أمرثابت محقق... وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري) وأكده بشرح «باب بعث النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه «فقال: «كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم بيومين... فبدأ برسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم وجعه في اليوم الثالث، فعقد لأسامة لواء بيده، فأخذه أسامة فدفعه إلي بريدة وعسكر بالجرب، وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار منهم أبوبكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم، فتكلم في ذلك قوم... ثم اشتد برسول الله وجعه فقال: أنفذوا بعث أسامة. وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر...» [142] . [ صفحه 52] فالنبي صلي الله عليه واله وسلم أمر بخروج أبي بكر مع أسامة، وقال في آخر لحظة من حياته: «أنفذوا بعث أسامة» بل في بعض المصادر «لعن الله من تخلّف عن بعث أسامة» [143] . هذا أولاً: وثانياً: لقد جاء في صريح بعض الروايات كون أبي بكر غائباً عن المدينة. ففي (سنن أبي داود)

عن ابن زمعة: «وكان أبو بكر غائباً، فقلت: يا عمر، قم فصل بالناس». وثالثاً: في كثير من ألفاظ الحديث «فارسلنا إلي أبي بكر» ونحو ذلك، مما هو ظاهر في كونه غائباً. وعلي كل حال فالنبي الذي بعث أسامة، وأكد علي بعثه، بل لعن من تخلّف عنه... لا يعود فيامر بعض من معه بالصلاة بالناس، وقد عرفت أنه صلي الله عليه وآله وسلم كان إذا غاب أو لم يمكنه الحضور للصلاة استخلف واحداً من المسلمين وإن كان ابن أم مكتوم الأعمي.

التزامه بالحضور للصلاة بنفسه ما أمكنه

وكما ذكرنا فالنبي صلي الله عليه وآله وسلم ما كان يستخلف للصلاة الآ في حال خروجه عن المدينة، أو في حال لم يمكنه الخروج معها إلي الصلاة... وإلا فقد كان صلي الله عليه وآله وسلّم ملتزماً بالحضور بنفسه... ويدل عليه ما جاء في بعض الأحاديث أنه لمّا ثقل قال: «أصلّي الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك. قال: ضعوا لي ماء... «فوضعوا له ماء فاغتسل، فذهب لينوء [ صفحه 53] فأغمي عليه [144] وهكذا إلي ثلاث مرات... وفي هذه الحالة صلي أبوبكربالناس، فهل كانت بامر منه؟! بل في بعض الأحاديث أنه كان إذا لم يخرج لعارض حضره المسلمون إلي البيت فصلوا خلفه: فقد أخرج مسلم عن عائشة، قالت: «اشتكي رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه، فصلي رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم جالساً فصلوا بصلاته قياماً» [145] . وعن جابر: «اشتكي رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم فصلّينا وراءه وهوقاعد وأبوبكر يسمع الناس تكبيره» [146] . وأخرج أحمد عن عائشة: «أن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم صلي في مرضه وهوجالس وخلفه قوم...» [147] . ويشهد

لما ذكرنا _ من ملازمته للحضور إلي المسجد والصلاة بالمسلمين بنفسه _ ما جاء في كثير من أحاديث القصّة من أن بلالاً دعاه إلي الصلاة، أو آذنه بالصلاة، فهو كان يجيء متي حان وقت الصلاة إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلّم ويعلمه بالصلاة، فكان يخرج بابي هو وأمي بنفسه _ وفي أي حال من الأحوال كان _ الي الصلاة ويصلي بالناس.

استدعاؤه عليا

فابو بكر وغيره كانوا بالجرف... الموضع الذي عسكر فيه أسامة خارج [ صفحه 54] المدينة... وهو صلي الله عليه وآله وسلم كان يصلي بالمسلمين... وعلي عنده... إذ لم يذكرأحد أنه صلي الله عليه وآله وسلم أمره بالخروج مع أسامة... حتي اشتد به الوجع... ولم يمكنه الخروج... فقال بلال: «يارسول الله، بابي وأمي من يصلي بالناس؟» [148] ... هنالك دعا علياً عليه السلام... قائلاً: «أدعو لي علياً» قالت عائشة: «ندعو لك أبابكر؟» وقالت حفصة: «ندعوا لك عمر؟»... فما دعي علي ولكن القوم حضروا أو أحضروا!! «فاجتمعوا عنده جميعاً. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: انصرفوا. فان تك لي حاجة أبعث إليكم، فانصرفوا» [149] . إنه كان يريد علياً عليه السلام ولا يريد أحداً من القوم، وكيف يريدهم وقد أمرهم بالخروج مع أسامة، ولم يعدل عن أمره؟!

امره بان يصلي بالمسلمين أحدهم

فإذ لم يحضر عليّ، ولم يتمكن من الحضور للصلاة بنفسه، والمفروض خروج المشايخ وغيرهم إلي جيش أسامة، أمر بان يصلي بالناس أحدهم... وذاك ما أخرجه أبو داود عن ابن زمعة فقال: «لما استعزّ برسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم وأنا عنده في نفرمن المسلمين دعاه بلال إلي الصلاة. فقال: مروا من يصلي بالناس». وفي حديث أخرجه ابن سعد عنه قال: «عدت رسول الله في مرضه الذي توفي فيه، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لي رسول الله: مر الناس فليصلوا. قال عبدالله: فخرجت فلقيت ناساً لا أكلمهم، فلما لقيت عمر بن الخطّاب [ صفحه 55] لم أبغ من وراءه، وكان أبوبكر غائباً، فقلت له: صل بالناس يا عمر. فقام عمر في المقام... فقال عمر: ما كنت أظن حين أمرتني إلآ أن رسول الله أمرك بذلك، ولو لا

ذلك ما صلّيت بالناس. «فقال عبدالله: لمّا لم أر أبابكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة» [150] . وفي خبرعن سالم بن عبيد الأشجعي قال: «إن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلّم لمّا اشتدّ مرضه أغمي عليه، فكان كلما أفاق قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا بلالاً فليصل بالناس» [151] . وقد كان من قبل قد استخلف ابن أم مكتوم _ وهو مؤذنه _ في الصلاة بالناس كما عرفت.

قوله: إنكن لصويحبات يوسف

وجاء في الأحاديث أنه صلي الله عليه وآله وسلم قال لعائشة وحفصة: «إنكن لصويحبات يوسف!» وهو يدل علي أنه قد وقع من المرأتين _ مع الإلحاح الشديد والحرص الأكيد _ ما لا يرضاه النبي صلي الله عليه وآله وسلم... فما كان ذلك؟ ومتي كان؟ ان النبي صلي الله عليه وآله وسلم لما عجزعن الحضور للصلاة بنفسه، وطلب علياً فلم يدع له _ بل وجد الإلحاح والإصرارمن المرأتين علي استدعاء أبي بكر وعمر_ ثمّ أمر من يصلي بالناس _ والمفروض كون المشايخ في جيش أسامة _ أغمي عليه _ كما في الحديث _ وما أفاق إلأ والناس في المسجد وأبوبكر يصلي بهم [ صفحه 56] ... فعلم أن المرأتين قامتا بماكانتا ملحّتين عليه... فقال: «إنكن لصويحبات يوسف» ثم بادرإلي الخروج معجّلاً معتمداً علي رجلين، ورجلاه تخطّان في الأرض... كما سياتي. فمن تشبيه حالهنّ بحال صويحبات يوسف يعلم ما كان في ضميرهن، ويستفاد عدم رضاه صلي الله عليه وآله وسلّم بفعلهن مضافاً إلي خروجه... فلو كان هو الذي أمر أبابكر بالصلاة لما رجع باللوم عليهنّ، ولا بادر إلي الخروج وهوعلي تلك الحال... ولكن شرّاح الحديث _ الذين لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة _ اضطربوا في شرح الكلمة ومناسبتها للمقام:

قال ابن حجر: «إن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المامومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة علي ذلك هو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صرحت هي فيما بعد بذلك. بهذا التقرير يندفع إشكال من قال: إن صواحب يوسف لم يقع منهن إظهار يخالف ما في الباطن» [152] . قلت: لكنه كلام بارد، وتأويل فاسد. أمّا أوّلاً: ففيه اعتراف بأنّ قول عائشة: «إن أبابكر رجل أسيف فمرعمر أن يصلي بالناس» مخالفة للنبي صلي الله عليه واله وسلم، وردّ عليه منها، بحيث لم يتحمله النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقال هذا الكلام. وأما ثانياً: فلأنه لا يتناسب مع فصاحة النبي صلي الله عليه وآله وسلّم وحكمته، إذ لم يكن صلي الله عليه وآله وسلم يشبه الشيء بخلافه ويمثله بضدّه، وإنما كان يضع المثل في موضعه... ولا ريب أن صويحبات يوسف إنما عصين الله بان أرادت كل واحدة منهن من يوسف ما أرادته الأخري وفتنت به كما فتنت به صاحبتها، فلو كانت عاثشة قد دفعت النبي عن أبيها ولم ترد شرف ذلك المقام [ صفحه 57] الجليل له، ولم تفتتن بمحبّة الرئاسة وعلوّ المقام، لكان النبي في تشبيهها بصويحبات يوسف قد وضع المثل في غير موضعه، وهوأجل من ذلك، فانه نقص... وحينئذ يثبت أن ما قاله النبي صلي الله عليه وآله وسلّم إنما كان لمخالفة المرأة وتقديمها بالأمر_ بغير إذن منه صلي الله عليه وآله وسلم _ لأبيها، لأنها مفتونة بمحبة الاستطاعة والرغبة في تحصيل الفضيلة واختصاصها وأهلها بالمناقب كما قدّمناه في بيان طرف من أحوالها. وأما ثالثاً: فقد جاء في بعض الأخبارأنه لمّا قالت عائشة: «إنه رجل رقيق فمر عمر»

لم يجبها بتلك الكلمة بل قال: «مروا عمر» [153] ومنه يظهرأن السبب في قوله ذلك لم يكن قولها: «إنه رجل أسيف». وقال النووي بشرح الكلمة: «أي: في التظاهرعلي ما تردن وكثرة إلحاحكنّ في طلب ما تردنه وتملن إليه، وفي مراجعة عائشة: جواز مراجعة ولي الأمر علي سبيل العرض والمشاورة والإشارة بما يظهر أنه مصلحة وتكون المراجعة بعبارة لطيفة، ومثل هذه المراجعة مراجعة عمر في قوله: لا تبشرهم فيتكّلوا. وأشباهه كثيرة مشهورة» [154] . قلت: وهذا أسخف من سابقه، وجوابه يظهرمما ذكرنا حوله، ومن الغريب استشهاده لعمل عائشة بعمل عمر ومعارضته لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في مواقف كثيرة!! ومما يؤكد ما ذكرناه من عدم تمامية ما تكلفوا به في بيان وجه المناسبة، أن بعضهم _ كابن العربي المالكي _ التجأ إلي تحريف الحديث حتي تتم المناسبة، فإنه علي أساس تحريفه تتم بكل وضوح، لكن الكلام في التحريف الذي ارتكبه... وسنذكر نص عبارته فانتظر. [ صفحه 58]

تقديم أبي بكر عمر

ثم إنه قد جاء في بعض تلك الأحاديث المذكورة تقديم أبي بكرلعمر_ بل ذكر ابن حجر أن إلحاح عائشة كان بطلب من أبيها أبي بكر [155] _... وقد وقع القول من أبي بكر_ قوله لعمر: صل بالناس _ موقع الإشكال كذلك، لأنه لوكان الآمر بصلاة أبي بكر هو النبي صلي الله عليه وآله وسلم فكيف يقول أبوبكر لعمر: صل بالناس؟! فذكروا فيه وجوها: أحدها: ما تأوّله بعضهم علي أنه قاله تواضعاً. والثاني: ما اختاره النووي _ بعد الرد علي الأوّل _ وهو أنه قاله للعذر المذكور، أي كونه رقيق القلب كثير البكاء، فخشي أن لا يسمع الناس! والثالث: ما احتمله ابن حجر، وهو: أن يكون فهم

من الإمامة الصغري الإمامة العظمي، وعلم ما في تحملها من الخطر، وعلم قوة عمر علي ذلك فاختاره [156] . وهذه الوجوه ذكرها الكرماني قائلاً: «فإن قلت: كيف جاز للصدّيق مخالفة أمر الرسول ونصب الغير للإمامة؟! قلت: كانه فهم أن الأمر ليس للإيجاب. أو أنه قال للعذر المذكور، وهوأنه رجل رقيق كثير البكاء لا يملك عينه. وقد تأوّله بعضهم بانه قال تواضعاً» [157] . قلت: أما الوجه الأوّل فتأويل _ وهكذا أولوا قوله عند ما استخلفه الناس وبايعوه: «ولّيتكم ولست بخيركم» [158] _ لكنه _ كما تري _ تاويل لا يلتزم به ذو [ صفحه 59] مسكة، ولذا قال النووي: «وليس كذلك». وأما الوجه الثاني فقد عرفت ما فيه من كلام النبي. وأما الوجه الثالث فاظرف الوجوه، فإنه احتمال أن يكون فهم أبوبكر!! الإمامة العظمي!! وعلم ما في تحمّلها من الخطر؟! علم قوة عمر علي ذلك فاختاره!! ولم يعلم النبي بقوّة عمرعلي ذلك فلم يختره!! وإذا كان علم من عمر ذلك فعمر أفضل منه وأحق بالإمامة العظمي!! لكن الوجه الوجيه أنه كان يعلم بان الأمر لم يكن من النبي صلي الله عليه وآله وسلّم، وعمر كان يعلم _ أيضاً _ بذلك، ولذا قال له في الجواب: «أنت أحق بذلك» وقوله لعمر: «صل بالناس» يشبه قوله للناس في السقيفة: «بايعوا أي الرجلين شئتم» يعني: عمر وأبا عبيدة...

خروجه معتمدا علي رجلين

اشاره

إنه وإن لم يتعرّض في بعض ألفاظ الحديث لخروج النبي إلي الصلاة أصلاً وفي بعضها إشارة إليه ولكن بلا ذكر لكيفية الخروج... إلأ أن في اللفظ المفصل _ وهوخبرعبيدالله عن عائشة، حيث طلب منها أن تحدثه عن مرض رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم _ جاء: «ثم إن

النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم وجد من نفسه خفة، فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس». وفي حديث آخر عنها: «وخرج النبي يهادي بين رجلين، كاني أنظر إليه يخط برجليه الأرض». وفي ثالث: «فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في نفسه خفة، فقام يهادي بين رجلين، ورجلاه تخطّان في الأرض حتي دخل المسجد». وفي رابع: «فوجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم من نفسه خفة، فخرج وإذا أبوبكر يؤمّ الناس». وفي خامس: «فخرج أبوبكر فصلي بالناس، فوجد رسول الله من نفسه [ صفحه 60] خفة، فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطّان في الأرض». أقول: هنا نقاط نلفت إليها الأنظار علي ضوء هذه الأخبار:

متي خرج أبوبكر إلي الصلاة

إنه خرج إليها والنبي في حال غشوة، لأنه لما وجد في نفسه خفة خرج معتمداً علي رجلين...

متي خرج رسول الله

إنه خرج عند دخول أبي بكر في الصلاة، فهل كانت الخفة التي وجدها في نفسه في تلك اللحظات صدفةً، بان رأي نفسه متمكناً من الخروج فخرج علي عادته أو أنه خرج عندما علم بصلاة أبي بكر إما بإخبار مخبر، أو بسماع صوت أبي بكر؟ إنه لا فرق بين الوجهين من حيث النتيجة، فانه لو كان قد أمر أبابكر بالصلاة في مقامه لما بادر إلي الخروج وهو علي الحال التي وصفتها الأخبار!

كيف خرج رسول الله

لم يكن النبي صلي الله عليه وآله وسلم بقادر علي المشي بنفسه، ولا كان يكفيه الرجل الواحد بل خرج معتمداً علي رجلين، بل إنهما أيضاً لم يكفياه، فرجلاه كانتا تخطّان في الأرض، وإن خروجاً _ كهذا _ ليس إلآ لأمر يهم الإسلام والمسلمين، وإلاّ فقد كان معذوراً عن الخروج للصلاة جماعة، كما هو واضح... فان كان خروج أبي بكر إلي الصلاة بامر منه فقد جاء ليعزله، كما كان في قضية إبلاغ سورة التوبة حيث أمر أبابكر بذلك ثمّ أمربعزله وذاك من القضايا الثابتة المتفق عليها، لكنه لم يكن بامر منه للوجوه التي ذكرناها... [ صفحه 61]

علي من كان معتمدا

واختلفت الألفاظ التي ذكرناها فيمن كان معتمدا عليه _ مع الاتفاق علي كونهما اثنين _ فمنها: «رجلين أحدهما العباس» ومنها: «رجلين» ومنها: «فقال: انظروا لي من أتكي عليه، فجاءت بريرة، ورجل آخر فاتكا عليهما». وهناك روايات فيها أسماء أشخاص آخرين... ومن هنا اضطربت كلمات الشرّاح... فقال النووي بشرح «فخرج بين رجلين أحدهما العباس»: وفسّر ابن عباس الآخر بعلي بن أبي طالب. وفي الطريق الآخر: فخرج ويد له علي رجل آخر، وجاء في غيرمسلم: بين رجلين أحدهما أسامة بن زيد. وطريق الجمع بين هذا كله: إنهم كانوا يتناوبون الأخذ بيده الكريمة تارة هذا وتارة ذاك وذاك، ويتنافسون في ذلك. وأكرموا العبّاس باختصاصه بيد واستمرارها له، لما له من السن والعمومة وغيرها، ولهذا ذكرته عائشة مسمي وأبهمت الرجل الآخر، إذ لم يكن أحد الثلاثة الباقين ملازماً في جميع الطريق ولا معظمه، بخلاف العباس، والله أعلم» [159] . وفي خبر آخر عند ابن خزيمة عن سالم بن عبيد: «فجاءوا ببريرة ورجل آخر فاعتمد عليهما ثم خرج إلي الصلاة» [160] . تري

أن «الرجل الآخر» في جميع هذه الطرق غيرمذكور، فاضطر النووي إلي ذكر توجيه لذلك، بعد أن ذكر طريق الجمع بين ذلك كله، لئلا يسقط شيء منها عن الاعتبار!! بعد أن كانت القضية واحدة... وروي أبوحاتم أنه خرج بين جاريتين، فجمع بين الخبرين بانه «خرج بين [ صفحه 62] الجاريتين إلي الباب، ومن الباب أخذه العباس وعلي، حتي دخلا به المسجد» [161] . لكن خبر خروجه بين جاريتين وهم صدر من الذهبي أيضاً [162] . وذكر العيني الجمع الذي اختاره النووي قائلاً: «وزعم بعض الناس» ثمّ أشكل عليه بقوله: «فإن قلت: ليس بين المسجد وبيته مسافة تقتضي التناوب...» فأجاب بقوله: «قلت: يحتمل أن يكون ذلك لزيادة في إكرامه أو لالتماس البركة من يده» [163] . وأنت تستشمّ من عبارته «وزعم بعض الناس» ثم من الإشكال والجواب عدم ارتضائه لما قاله النووي، وكذلك ابن حجر رد _ كما ستعلم _ علي ما ذكره النووي فيما جاء في رواية معمر: «ولكن عائشة لا تطيب نفساً له بخير» ورواية الزهري: «ولكنها لا تقدر علي أن تذكره بخير». والتحقيق: إن القضية واحدة، و«الرجل الآخر» هو علي عليه السلام «ولكن عائشة...» أما ما ذكره النووي فقد عرفت ما فيه، وقد أورد العيني ما في رواية معمر والزهري ثم قال: «وقال بعضهم: وفي هذا رد علي من زعم أنها أبهمت الثاني لكونه لم يتعين في جميع المسافة ولا معظمها» قال العيني: «أشار بهذا إلي الرد علي النووي ولكنه ما صرح باسمه لاعتنائه به ومحاماته له» [164] . قلت: والعيني أيضاً لم يذكر اسم القائل وهو ابن حجر، ولا نصّ عبارته لشدتها، ولنذكرها كاملة، فإنه كما لم يصرح باسم النووي كذلك لم يصرّح

باسم الكرماني الذي اكتفي هنا بان قال: «لم يكن تحقيراً أوعداوة، حاشاها من ذلك» [165] وهي هذه بعد روايتي معمر والزهري: [ صفحه 63] «وفي هذا رد علي من تنطّع فقال: لا يجوزأن يظن ذلك بعائشة، ورد من زعم أنها أبهمت الثاني لكونه لم يتعين في جميع المسافة... وفي جميع ذلك الرجل الآخر هو العباس، واختص بذلك إكراماً له. وهذا توهّم ممن قاله، والواقع خلافه، لأن ابن عباس في جميع الروايات الصحيحة جازم بان المبهم عليّ فهو المعتمد» [166] . إلأ أن من القوم من حملته العصبية لعائشة علي أن ينكر ما جاء في رواية معمر والزهري، وقد أجاب عن ذلك ابن حجرحاملاً الإنكار علي الصحة فقال: «ولم يقف الكرماني علي هذه الزيادة فعبرعنها بعبارة شنيعة» [167] .

حديث صلاته خلف أبي بكر

وحديث أنه صلي الله عليه وآله وسلّم أئتمّ في تلك الصلاة بأبي بكر_ بالإضافة الي أنه في نفسه كذب كما سياتي _ دليل آخر علي أن أصل القضية _ أعني أمره أبا بكر بالصلاة _ كذب... وبيان ذلك في الوجوه الآتية.

وجوب تقديم الأقرأ

هذا، وينافي حديث الأمر بالصلاة منه صلي الله عليه وآله وسلم ما ثبت عنه من وجوب تقديم الأقرأ في الإمامة إذا استووا في القراءة، وفي الصحاح أحاديث متعددة دالة علي ذلك، وقد عقد البخاري «باب إذا استووا في القراءة فليؤمّهم أكبرهم» [168] . وذلك، لأن أبابكر لم يكن الأقرأ بالإجماع... وهذا أيضاً من المواضع [ صفحه 64] المشكلة التي اضطربت فيها كلماتهم: قال العيني: «اختلف العلماء فيمن هو أولي بالإمامة فقالت طائفة: الأفقه، وقال اخرون: الأقرأ! فاجاب عن الإشكال بعدم التعارض: «لأنه لا يكاد يوجد إذ ذاك قارئ إلا وهو فقيه لا قال: «وأجاب بعضهم بأن تقديم الأقرأ كان في صدرالإسلام» [169] . وقال ابن حجر بشرح عنوان البخاري المذكور: «هذه الترجمة منتزعة من حديث أخرجه مسلم من رواية أبي مسعود الأنصاري وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أن شعبة كان يتوقف في صحّة هذا الحديث. ولكن هو في الجملة يصلح للاحتجاج به عند البخاري. قيل: المراد به الأفقه. وقيل: هوعلي ظاهره. وبحسب ذلك اختلف الفقهاء، قال النووي قال أصحابنا: الأفقه مقدم علي الأقرأ، ولهذا قدم النبي أبابكر في الصلاة علي الباقين، مع أنه صلي الله عليه [وآله] وسلم نصّ علي أن غيره أقرأ منه _ كانه عني حديث: أقرؤكم أبي _ قال: وأجابوا عن الحديث بان الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه». قال ابن حجر: «قلت: وهذا الجواب يلزم منه أن

من نص النبي علي أنه أقرأ من أبي بكر كان أفقه من أبي بكر، فيفسد الاحتجاج بان تقديم أبي بكركان لأنه الأفقه». قال: «ثم قال النووي بعد ذلك: إن قوله في حديث أبي مسعود: فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فاقدمهم في الهجرة. يدل علي تقديم الأقرأ مطلقاً. إنتهي». قال ابن حجر: «وهو واضح للمغايرة» [170] . [ صفحه 65] أقول: فانظر إلي اضطراباتهم وتمحّلاتهم في الباب، وما ذلك كله إلا دليلاً علي عجزهم عن حل الإشكال، وإلاّ فايّ وجه لحمل حديث تقديم الأقرأ علي «صدر الإسلام» فقط؟ أو حمله علي أن المراد هو «الأفقه»؟! وهل كان أبوبكر الأفقه حقاً؟! وأما الوجه الآخر الذي نسبه النووي إلي أصحابه فقد رد عليه ابن حجر... وتراهم بالتالي يعترفون بوجوب تقديم الأقرأ أو يسكتون!! إن المتفق عليه في كتابي البخاري ومسلم أن النبي صلي الله عليه وآله وسلّم كان هو الإمام في تلك الصلاة. وكذا جاء في حديث غيرهما... فهذه طائفة من الأخبارصريحة في ذلك... وطائفة أخري فيها بعض الإجمال... كالحديث عند النسائي: «وكان النبي بين يدي أبي بكر، فصلي قاعداً، وأبوبكر يصلي بالناس، والناس خلف أبي بكر». والآخرعند ابن ماجة: «ثم جاء رسول الله حتي جلس إلي جنب أبي بكر حتي قضي أبوبكرصلاته». وطائفة ثالثة ظاهرة أو صريحة في صلاته خلف أبي بكر، كالحديث عند النسائي وأحمد: «إن أبابكر صلي للناس ورسول الله في الصف» والحديث عند أحمد: «صلي رسول الله خلف أبي بكر قاعداً» وعنده أيضاً: «وصلي النبي خلفه قاعداً». ومن هنا كان هذا الموضع من المواضع المشكلة عند الشراح، حيث اضطربت كلماتهم واختلفت أقوالهم فيه... قال ابن حجر: «وهو

اختلاف شديد» [171] . فابن الجوزي وجماعة اسقطوا ما أفاد صلاة رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم خلف أبي بكر عن الإعتبار، بالنظر إلي ضعف سنده، وإعراض البخاري [ صفحه 66] ومسلم عن إخراجه [172] قال ابن عبدالبرّ: «الآثار الصحاح علي أن النبي هو الإمام» [173] وقال النووي: «كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام والنبي مقتد به، لكن الصواب أن النبي كان هو الإمام وقد ذكره مسلم» [174] . لكن فيه: أنه إن كان دليل الرد ضعف السند، فقد عرفت أن جميع ما دل علي أمره أبابكر بالصلاة ضعيف، لان كان دليل الرد إعراض الشيخين فقد ثبت لدي المحققين أن إعراضهما عن حديث لا يوهنه، كما أن إخراجهما لحديث لا يوجب قبوله. نعم، خصوم ابن الجوزي وجماعته ملتزمون بذلك. وعبد المغيث بن زهير وجماعة قالوا: كان أبو بكر هو الإمام أخذا بالأحاديث الصريحة في ذلك، قال الضياء المقدسي وابن ناصر: «صح وثبت أنه صلي خلفه مقتدياً به في مرضه الذي توفي فيه ثلاث مرات، ولا ينكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية» [175] . لكن فيه: أنها أحاديث ضعيفة جدّاً، ومن عمدتها ما رواه شبابة بن سوار المدلس المجروح عند المحققين... علي أن قولهما: «ثلاث مرات، معارض بقول بعضهم «كان مرتين» وبه جزم ابن حبان [176] وأما رمي المنكرين بالجهل فتعصب... والعيني وجماعة علي الجمع بتعدد الواقعة، قال العيني: «روي حديث عائشة بطرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وفيه اضطراب غير قادح. وقال البيهقي: لا تعارض في أحاديثها، فان الصلاة التي كان فيها النبي [ صفحه 67] إماماً هي صلاة الظهر يوم السبت أو يوم الأحد، والتي كان فيها مأموماً

هي صلاة الصبح من يوم الاثنين وهي آخر صلاه صلاّها حتي خرج من الدنيا. وقال نعيم بن أبي هند: الأخبار التي وردت في هذه القصة كلها صحيحة وليس فيها تعارض، فإن النبي صلي في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد، في إحداهما كان إماماً وفي الأخري كان ماموماً» [177] . قلت: أولاً: إن كلام البيهقي في الجمع أيضاً مضطرب، فهو لا يدري الصلاة التي كان فيها إماماً أهي صلاة الظهر يوم السبت أويوم الأحد!؟ وكأن المهم عنده أن يجعل الصلاة الأخيرة _ يوم الاثنين _ صلاته مأموماً كي تثبت الإمامة العظمي لأبي بكر بالإمامة الصغري!! وثانياً: إن نعيم بن أبي هند _ الذي حكم بصحة كل الأخبار، وجمع كالبيهقي بالتعدّد لكن من غير تعيين، لجهله بواقع الأمر! _ رجل مقدوح مجروح لا يعتمد علي كلامه كما تقدم في محله. وثالثاً: إنه اعترف بوجود الاضطراب في حديث عائشة، وكذا اعترف بذلك ابن حجر، ثم ذكر الاختلاف، وظاهره ترك المطلب علي حاله من دون اختيار، ثم أضاف أنه «اختلف النقل عن الصحابة غيرعائشة، فحديث ابن عباس فيه: أن أبابكر كان ماموماً وحديث أنس فيه: أن أبابكر كان إماماً. أخرجه الترمذي وغيره» [178] . [ صفحه 68] والتحقيق: إن القصّة واحدة لا متعددة، فالنبي صلي الله عليه وآله وسلّم خرج في تلك الواقعة إلي المسجد ونحي أبابكر عن المحراب، وصلي بالناس بنفسه وكان هو الإمام وصار أبوبكر ماموماً.... هذا هو التحقيق بالنظر إلي الوجوه المذكورة، وفي متون الأخبار، وفي تناقضات القوم، وفي ملابسات القصّة... ثم وجدنا إمام الشافعية يصرّح بهذا الذي انتهينا إليه... قال ابن حجر: «صرح الشافعي بانه صلي الله عليه [وآله] وسلم لم يصل بالناس

في مرض موته في المسجد إلا مرّة واحدة، وهي هذه التي صلي فيها قاعدا، وكان أبوبكر فيها أوّلاً إماماً ثمّ صار ماموماً يسمع الناس التكبير» [179] . ثم إن هذا الذي صرح به الشافعي من أن أبابكر «صار ماموماً يسمع الناس التكبير» مما شق علي كثيرمن القوم التصريح به، فجعلوا يتبعون أهواءهم في رواية الخبر وحكاية الحال، فانظر إلي الفرق بين عبارة الشافعي وما جاء مشابها لها في بعض الأخبار، وعبارة من قال: «فكان أبوبكر يصلّي بصلاة رسول الله وهو جالس، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر». ومن قال: «فكان أبوبكر يصلي قائماً، وكان رسول الله يصلي قاعداً، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر». ومن قال: «فصلي قاعداً وأبوبكر يصلي بالناس، والناس خلف أبي بكر». [ صفحه 69] ومن قال: «فكان أبوبكر ياتمّ بالنبي والناس يأتمون بأبي بكر». ومن قال: «جاء رسول الله حتي جلس إلي جنب أبي بكر حتي قضي أبوبكر صلاته». إنهم يقولون هكذا كي يوهموا ثبوت نوع إمامة لأبي بكر!! وتكون حينئذ كلماتهم مضطربة مشوشة بطبيعة الحال!! وبالفعل فقد وقع التوهم... واختلف الشرّاح في القضية وتوهم بعضهم فروعاً فقهية، كقولهم بصحة الصلاة بإمامين!!: فقد عقد البخاري: «باب الرجل ياتمّ بالإمام وياتمّ الناس بالمأموم» وذكر فيه الحديث عن عائشة الذي فيه: «وكان رسول الله يصلي قاعدا، ويقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر» [180] . وقال العيني بعد الحديث: «قيل للأعمش: وكان النبي يصلي وأبوبكر يصلي بصلاته والناس يصلّون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم!». قال: «استدلّ به الشعبي علي جواز ائتمام بعض المامومين ببعضٍ وهومختار الطبري أيضاً، وأشار إليه البخاري _ كما يأتي إن شاء

الله تعالي _. ورد بان أبابكر كان مبلغاً، وعلي هذا فمعني الاقتداء اقتداؤه بصوته، والدليل عليه أنه صلي الله عليه [وآله] وسلم كان جالساً وأبوبكر كان قائماً، فكانت بعض أفعاله تخفي علي بعض المأمومين، فلأجل ذلك كان أبوبكركالإمام في حقهم» [181] . أقول: ولذا شرح السيوطي الحديث في الموطّأ بقوله: [ صفحه 70] «أي يتعرفون به ما كان النبي يفعله لضعف صوته عن أن يسمع الناس تكبير الانتقال، فكان أبوبكر يسمعهم ذلك» [182] . ويشهد بذلك الحديث المتقدم عن جابر: «اشتكي رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبوبكر يسمع الناس تكبيره». بل لقد عقد البخاري نفسه: «باب من أسمع الناس تكبير الإمام» وأخرج الحديث تحته!! [183] .

لا يجوز لأحد التقدم علي النبي

هذا كلّه بغضّ النظر عن أنه لا يجوز لأحد أن يتقدم علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وأمّا بالنظر إلي هذه القاعدة المسلمة كتاباً وسنة فجميع أحاديث المسألة باطلة، ولقد نصّ علي تلك القاعدة كبار الفقهاء، منهم: إمام المالكية وأتباعه، وعن القاضي عياض انه مشهور عن مالك وجماعة أصحابه، قال: وهو أولي الأقاويل [184] وقال الحلبي بعد حديث تراجع أبي بكر عن مقامه: «وهذا استدل به القاضي عياض علي أنه لا يجوزلأحد أن يؤمّه صلي الله عليه [وآله] وسلم، لأنه لا يصح التقدم بين يديه، في الصلاة ولا في غيرها، لا لعذرٍ ولا لغيره، ولقد نهي الله المؤمنين عن ذلك، ولا يكون أحد شافعاً له، وقد قال: أئمتكم شفعاؤكم. وحينئذ يحتاج للجواب عن صلاته خلف عبدالرحمن بن عوف ركعة، وسياتي الجواب عن ذلك» [185] . قلت: يشير بقوله: «وقد نهي الله المؤمنين عن ذلك» إلي قوله عزوجل: [ صفحه 71] (يا

أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) [186] وقد تبع في ذلك إمامه مالك بن أنس كما في فتح الباري [187] لكن من الغريب جداً قول ابن العربي المالكي: «قوله تعالي (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) أصل في ترك التعرض لأقوال النبي، وإيجاب أتباعه والاقتداء به، ولذلك قال النبي في مرضه: مروا أبابكر فليصل بالناس. فقالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبابكر رجل أسيف، وإنه متي يقم مقامك لا يسمع الناس من البكاء، فمر علياً [188] فليصل بالناس، فقال النبي: إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبابكر فليصل بالناس. يعني بقوله: صواحب يوسف الفتنة بالرد عن الجائز إلي غير الجائز» [189] . أقول: إن الرجل يعلم جيداً بأن النبي صلّي الله عليه وآله وسلم لم يتمثل بقوله: «إنكن صواحب يوسف» إلا لوجود فتنة من المرأتين، فحرف الحديث من «فمر عمر» إلي «فمر علياً» ليتم تشبيه النبي المرأتين بصويحبات يوسف، لأن المرأتين أرادتا الرد عن الجائز «وهو صلاة أبي بكر!» إلي غير الجائز «وهو صلاة علي!». إذن، جميع أحاديث المسألة باطلة. [ صفحه 72] أما التي دلّت علي صلاة النبي خلف أبي بكر فواضح جداً. وأما التي دلت علي أنه كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم هو الإمام فلاشتمالها علي استمرار أبي بكر في الصلاة، وقد صح عنه أنه في صلاته بالمسلمين عندما ذهب رسول الله إلي بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم... لما حضر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهو في الصلاة «استأخر» ثم قال: «ما كان لابن أبي قحافة أن يصلّي بين يدي رسول الله»... وهذا نصّ الحديث عن سهل بن سعد الساعدي: «إن رسول الله صلي الله عليه

[وآله] وسلم ذهب إلي بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلي أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم. فصلي أبوبكر. فجاء رسول الله والناس في الصلاة، فتخلّص حتي وقف في الصف، فصلي الناس، وكان أبوبكر لا يلتفت في صلاته. فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأي رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم، فاشارإليه رسول الله أن امكث مكانك. فرفع أبوبكر يديه فحمد الله علي ما أمره به رسول الله من ذلك، ثم استاخر أبوبكر حتي استوي في الصف، وتقدم رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلّم فصلي. فلما انصرف قال: يا أبابكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبوبكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله...». وقد التفت ابن حجر إلي هذا التعارض فقال بشرح الحديث: «فصلي أبوبكر. أي: دخل في الصلاة، ولفظ عبدالعزيز المذكور: وتقدّم أبوبكر فكبر. وفي رواية المسعودي عن أبي حازم: فاستفتح أبو بكرالصلاة وهي عند الطبراني. وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين، حيث امتنع أبوبكر هنا أن يستمر إماماً وحيث استمرّ في مرض موته صلي الله عليه [وآله] وسلم حين صلي خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرّح به موسي بن عقبة في المغازي فكأنه لمّا أن مضي [ صفحه 73] معظم الصلاة حسن الاستمرار، ولما أن لم يمض منها إلآ اليسيرلم يستمر» [190] . وهذا عجيب من ابن حجر!! فقد جاء في الأحاديث المتقدّمة: «فصلي» كما في هذا الحديث الذي فسره ب_ «أي: دخل في الصلاة»: فانظر منها الحديث الأوّل والحديث السابع من الأحاديث المنقولة عن صحيح البخاري. بل جاء في بعضها: «فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله في

نفسه خفّة» فانظر الحديث الثامن من أحاديث البخاري. لكن بعض الكذّابين روي في هذا الحديث أيضاً: «فصلي رسول الله خلف أبي بكر» قال الهيثمي: «رواه الطبراني وفي إسناده عبدالله بن جعفر بن نجيح وهو؛ ضعيف جداً» [191] . فظهر أن لا فرق... ولا يجوز لأبي بكر ولا لغيره من أفراد الأمة التقدّم علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا في الصلاة ولا في غيرها...

خطبته صلي الله عليه و سلم بعد الصلاة

ثم إنه صلي الله عليه وآله وسلم قام معتمداً علي علي والفضل حتي جلس علي المنبر وعليه عصابة فحمدالله وأثني عليه وأوصاهم بالكتاب وعترته أهل بيته ونهاهم عن التنافس والتباغض وودعهم [192] . [ صفحه 74]

رأي أميرالمؤمنين في القضية

وبعد أن لاحظنا متون الأخبار ومداليلها، ووجدنا التعارض والتكاذب فيما بينها، بحيث لا طريق صحيح للجمع بينها بعد كون القضية واحدة... واستخلصنا أن صلاة أبي بكر في مرض النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم تكن بأمر منه قطعاً... فلنرجع إلي مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام لنري رأيه في أصل القضية فيكون شاهداً علي ما استنتجناه، ولنري أيضاً أن صلاة أبي بكر بأمر من كانت؟؟ لقد حكي ابن أبي الحديد المعتزلي عن شيخه أبي يعقوب بن إسماعيل اللمعاني حول ما كان بين أمير المؤمنين وعائشة، جاء فيه: «فلما ثقل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في مرضه، أنفذ جيش أسامة وجعل فيه أبابكر وغيره من أعلام المهاجرين والأنصار، فكان علي عليه السلام حينئذ بوصوله إلي الأمر_ إن حدث برسول الله حدث _ أوثق، وتغلب علي ظنه أن المدينة _ لو مات _ لخلت من منازع ينازعه الأمر بالكلية، فياخذه صفواً عفواً، وتتم له البيعة فلا يتهيّا فسخها لورام ضدّ منازعته عليها. فكان من عود أبي بكر من جيش أسامة بإرسالها إليه وإعلامه بان رسول الله يموت ما كان، ومن حديث الصلاة بالناس ما عرف. فنسب عليّ عليه السلام إلي عائشة أنها أمرت بلالاً _ مولي أبيها _ أن يامره فليصل بالناس، لأن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كما روي قال: «ليصلّ بهم أحدهم» ولم يعين، وكانت صلاة الصبح، فخرج رسول الله وهو في آخر رمق يتهادي

بين علي والفضل بن العباس، حتي قام في المحراب _ كما ورد في الخبر_ ثم دخل، فمات ارتفاع الضحي، فجعل يوم صلاته حجة في صرف الأمر إليه، وقال: أيكم يطيب نفساً أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله في الصلاة؟! ولم يحملوا خروج رسول الله إلي الصلاة لصرفه عنها، بل لمحافظته علي الصلاة مهما أمكن. [ صفحه 75] فبويع علي هذه النكتة التي اتهمها عليّ عليه السلام علي انها ابتدأت منها. وكان عليّ يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيراً ويقول: انه لم يقل صلي الله عليه وآله وسلّم إنكن لصويحبات يوسف الأ إنكاراً لهذه الحال وغضباً منهاً، لأنها وحفصة تبادرتا إلي تعيين أبويهما، وإنه استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب، فلم يجد ذلك ولا أثر، مع قوّة الداعي الذي كان يدعوإلي أبي بكر ويمهد له قاعدة الأمر وتقرر حاله في نفوس الناس ومن اتبعه علي ذلك من أعيان المهاجرين والأنصار... فقلت له رحمه الله: أفتقول أنت: ان عائشة عيّنت أباها للصلاة ورسول الله لم يعيّنه؟! فقال: أمّا أنا فلا أقول ذلك، ولكن علياً كان يقوله، وتكليفي غير تكليفه، كان حاضراً ولم أكن حاضراً....» [193] .

نتيجة البحث

لقد استعرضنا أهمّ أحاديث القضيّة، وأصحها، ونظرنا أولاً في أسانيدها، فلم نجد حديثاً منها يمكن قبوله والركون إليه في مثل هذه القضية، فرواة الأحاديث بين «ضعيف» و«مدلّس» و«ناصبي» و«عثماني» و«خارجي»... وكونها في الصحاح لا يجدي، وتلقي الكل إياها بالقبول لا ينفع... ثم نظرنا في متونها ومداليلها بغضّ النظر عن أسانيدها، فوجدناها متناقضة متضاربة يكذب بعضها بعضاً... بحيث لا يمكن الجمع بينها بوجه... بعد أن كانت القضية واحدة، كما نص عليه الشافعي ومن قال بقوله من أعلام الفقه والحديث... ثم رأينا أن

الأدلة والشواهد الخارجية القويمة تؤكّد علي استحالة أن يكون [ صفحه 76] النبي صلي الله عليه وآله وسلم هو الذي أمر أبابكر بالصلاة في مقامه. وخلاصة الأمر الواقع: أن النبي لمّا مرض كان أبوبكر غائباً بأمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم حيث كان مع أسامة بن زيد في جيشه، وكان النبي يصلّي بالمسلمين بنفسه، حتي إذا كانت الصلاة الأخيرة حيث غلبه الضعف واشتد به المرض طلب علياً فلم يدع له، فأمر بان يصلي بالناس أحدهم، فلما التفت بأن المصلي بهم أبوبكر خرج معتمداً علي أمير المؤمنين ورجل آخر_ وهو في آخر رمق من حياته _ لأن يصرفه عن المحراب ويصلي بالمسلمين بنفسه _ لا أن يقتدي بأبي بكر! _ ويعلن بان صلاته لم تكن بامر منه، بل من غيره!!. ثم رأينا أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يري أن الأمر كان من عائشة و«علي مع الحق والحق مع علي» [194] . وصلي الله علي رسوله الأمين، وعلي علي أمير المؤمنين والأئمة المعصومين، والحمد لله رب العالمين.

پاورقي

[1] الموطّأ _ بشرح السيوطي _ 1: 156، وفي طبعة محمد فؤاد عبدالباقي 1: 136.

[2] هو أبو داود الطيالسي.

[3] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر _ 2: 120 باب حدّ المريض أن يشهد الجماعة.

[4] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر _ 2: 130 باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

[5] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر_ 2: 132 باب من قام إلي جنب الإمام لعلّةً.

[6] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر_ 2: 130.

[7] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر_ 2: 130.

[8] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر_ 2: 137 باب إنّما جعل الإمام ليؤتم به.

[9] صحيح البخاري _

بشرح ابن حجر_ 2: 162 باب من أسمع تكبير الإمام. [

[10] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر_ 2: 162 باب الرجل يأتّم بالإمام ويأتمّ الناس بالمأموم.

[11] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر _ 2: 135 باب أن أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.

[12] صحيح البخاري _ بشرح ابن حجر _ 2: 130.

[13] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 54.

[14] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 59.

[15] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 51.

[16] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 61.

[17] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 62.

[18] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 63.

[19] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 63.

[20] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 63.

[21] صحيح مسلم _ بشرح النووي، هامش إرشاد الساري _ 3: 63.

[22] صحيح الترمذي 5: 573، باب مناقب أبي بكر.

[23] سنن أبي داود 2: 266 باب في استخلاف أبي بكر.

[24] سنن النسائي 2: 10 كتاب الإمامة من كتاب الصلاة.

[25] سنن النسائي 2: 99 كتاب الإمامة من كتاب الصلاة.

[26] سنن النسائي 2: 77 صلاة الإمام خلف رجل من رعيته.

[27] سنن النسائي 2: 77 صلاة الإمام خلف رجل من رعيته.

[28] سنن النسائي 2: 74 كتاب الإمامة من كتاب الصلاة.

[29] سنن النسائي 2: 84 كتاب الإمامة من كتاب الصلاة.

[30] سنن ابن ماجة 1: 389 باب ما جاء في صلاة رسول الله في مرضه.

[31] سنن ابن ماجة 1: 389 باب ما جاء في صلاة رسول الله في مرضه.

[32] سنن ابن ماجة

1: 389 باب ما جاء في صلاة رسول الله في مرضه.

[33] سنن ابن ماجة 1: 389 باب ما جاء في صلاة رسول الله في مرضه.

[34] مسند أحمد 1: 231.

[35] مسند أحمد 1: 356.

[36] مسند أحمد 3: 216.

[37] مسند أحمد 3: 202.

[38] مسند أحمد 4: 412.

[39] مسند أحمد 6: 34.

[40] مسند أحمد 6: 210.

[41] مسند أحمد 6: 224.

[42] مسند أحمد 6: 159.

[43] مسند أحمد 6: 159.

[44] مسند أحمد 6: 159.

[45] مسند أحمد5: 361.

[46] صحيح الترمذي 5: 573.

[47] فتح الباري 2: 130.

[48] فتح الباري 2: 130.

[49] تاريخ الطبري 4: 199 _ 205.

[50] شرح نهج البلاغة 4: 99.

[51] تهذيب التهذيب 6: 411 وغيره.

[52] تهذيب التهذيب 6: 412، ميزان الاعتدال 2: 660.

[53] ميزان الاعتدال 6: 660.

[54] ميزان الاعتدال 6: 660، المغني 2: 407، تهذيب التهذيب 6: 412.

[55] ميزان الاعتدال 2: 660.

[56] تهذيب التهذيب 6: 412.

[57] ميزان الاعتدال 2: 660.

[58] ميزان الاعتدال 2: 660.

[59] الأنساب 10: 50 في «القبطي».

[60] تقريب التهذيب 1: 521.

[61] تلخيص الشافي 3: 35، روضة الواعظين: 177، مقتل الحسين _ للمقرّم _: 185.

[62] فضائل الصحابة 1: 106.

[63] هو من شيوخ البخاري ومسلم، ومن أئمة الجرح والتعديل، اتفقوا علي أنه اعلم أئمة الحديث بصحيحه وسقيمه. توفي سنة 302 ه_. ترجم له في: تذكرة الحفاظ 2: 429 وغيرها.

[64] شرح نهج البلاغة 6: 102.

[65] شرح نهج البلاغة 4: 102.

[66] الاستيعاب، ترجمة زيد بن حارثة.

[67] الكاشف 2: 311.

[68] تهذيب التهذيب 4: 195.

[69] ذكر الكتاب في: تحف العقول عن آل الرسول: 198، للشيخ ابن شعبة الحرّاني، من أعلام الإمامية في القرن الرابع، وفي إحياء علوم الدين 2: 143 بعنوان: ولمّا خاط الزهري السلطان كتب أخ له في الدين اليه»!، وفي بعض المصادر

نسبته إلي أبي خازم.

[70] ذكره في الزوائد بهامش سنن ابن ماجة 1: 391.

[71] ميزان الاعتدال 3: 270.

[72] تهذيب التهذيب 8: 56.

[73] الكاشف، ميزان الاعتدال، تهذيب التهذيب 7: 396.

[74] ميزان الاعتدال 2: 72.

[75] تهذيب التهذيب 3: 285، الجرح والتعديل 1: 2: 593.

[76] فضائل الصحابة 1: 106.

[77] فضائل الصحابة 1: 108، 109.

[78] الضعفاء _ للبخاري _: 273.

[79] الضعفاء _ للنسائي: 401.

[80] كتاب المجروحين 2: 216.

[81] تهذيب التهذيب 8: 350، ميزان الاعتدال 3: 393، لسان الميزان 4: 477.

[82] مجمع الزوائد 5: 183.

[83] تهذيب التهذيب 5: 35.

[84] تهذيب التهذيب 5: 138.

[85] تهذيب التهذيب 10: 418.

[86] تهذيب التهذيب 4: 140.

[87] الإصابة 2: 5.

[88] تهذيب التهذيب 3: 381.

[89] مجمع الزوائد 5: 182.

[90] تهذيب التهذيب 4: 307.

[91] تهذيب التهذيب 2: 380.

[92] تهذيب التهذيب 4: 96.

[93] مجمع الزوائد 5: 181.

[94] تهذيب التهذيب 3: 34.

[95] أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم، راجع منها المستدرك 3: 130.

[96] لاحظ: الغدير 1: 192.

[97] شرح النهج لابن أبي الحديد 4: 97.

[98] معرفة علوم الحديث: 108.

[99] تقريب التهذيب 1: 231. [

[100] تدريب الراوي 1: 226.

[101] الكفاية في علم الرواية 1: 188.

[102] تدريب الراوي 1: 278، وفي طبعة 1: 328.

[103] تهذيب التهذيب 9: 121.

[104] تذكرة الحفاظ 1: 308، ميزان الاعتدال 11: 336.

[105] تهذيب التهذيب 2: 358.

[106] تهذيب التهذيب 11: 111.

[107] تهذيب التهذيب 7: 166.

[108] مجمع الزوائد 9: 213.

[109] تهذبب التهذيب 11: 44.

[110] هو: محمد بن إدريس الرازي، أحد كبار الأئمة الحفاظ المعتمدين في الجرح والتعديل. توفي سنة 207 ه_ تقريباً. توجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2: 567، تاريخ بغداد 3: 73 وغيرهما من المصادر الرجالية.

[111] تهذيب التهذيب 10: 314.

[112] طبقات ابن سعد 5: 215.

[113] تهذيب التهذيب 4: 317.

[114] تهذبب

التهذيب 4: 264، تاريخ بغداد 9: 295.

[115] تهذيب التهذيب 4: 265.

[116] هذه من القضايا المشهور فراجع كتب الحديث والتفسير بتفسير سورة التحريم.

[117] مسند أحمد 6: 117.

[118] طبقات ابن سعد 8: 115، كنز العمال 6: 264.

[119] مسند أحمد 6: 114.

[120] مسند أحمد 6: 113.

[121] مسند أحمد 6: 149.

[122] مسند أحمد 6: 87.

[123] مسند أحمد 6: 47.

[124] مسند أحمد 6: 121.

[125] مسند أحمد 1: 356.

[126] عمدة القاري 5: 191.

[127] مسند أحمد 6: 300، المستدرك علي الصحيحين 3: 138، ابن عساكر 6: 13، الخصائص: 130 وغيرها.

[128] راجع الفصل الأخير من كتابنا «التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف».

[129] هذا كلام موضوع علي أمير المؤمنين عليه السلام قطعاً، والذي جاء به... مرسلاً كما في الاستيعاب 3: 971 هو الحسن البصري المعروف بالإرسال والتدليس والانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام!!.

[130] الأربعين: 284.

[131] شرح طوالع الأنوار، في علم الكلام: مخطوط.

[132] انظر: الرسالة السابعة، الصفحة 69.

[133] تفسير النيسابوري، سورة التوبة.

[134] الكواكب الدراري _ شرح البخاري 5: 52.

[135] عمدة القاري _ شرح البخاري 5: 187 _ 188.

[136] وذلك لأن أبابكر قال لعمر: صلّ للناس... وكان أقوال أبي بكر وأفعاله حجّة؟! علي أنهم وقعوا في إشكال في هذه الناحية، كما ستعرف!.

[137] المنهاج، لشرح صحيح مسلم، هامش إرشاد الساري 3: 56.

[138] فيض القدير_ شرح الجامع الصغير5: 521.

[139] فواتح الرّحموت _ شرح مسلم الثبوت، في علم الأصول 2: 239 هامش المستصفي للغزالي.

[140] سنن أبي داود 1: 98.

[141] منهاج السنة 4: 91.

[142] فتح الباري 8: 124.

[143] شرح المواقف 8: 376 الملل والنحل 1: 29 لأبي الفتح الشهرستاني، المتوفي سنة 458 ه_ «توجد ترجمته والثناء عليه في: وفيات الأعيان 1: 610، تذكرة الحفاظ 4: 104 طبقات الشافعية للسبكي

4: 87، شذرات الذهب 4: 149، مرآة الجنان 3: 289 وغيرها.

[144] في أن النبي صلي الله عليه وآله وسلّم يغمي عليه _ بما للكلمة من المعني الحقيقي _ أو لا، كلاماً بين العلماء لانتعرض له لكونه بحثاً عقائدياً ليس هذا محلّه.

[145] صحيح مسلم بشرح النووي، هامش إرشاد الساري 3: 51.

[146] صحيح مسلم بشرح النووي، هامش إرشاد الساري 3: 51.

[147] مسند أحمد 6: 57.

[148] مسند أحمد 3: 202.

[149] تاريخ الطبري 2: 439.

[150] الطبقات الكبري 2: 220.

[151] بغية الطلب في تاريخ حلب، مخطوط. الورقة 194، لكمال الدين ابن العديم الحنفي، المتوفي سنة 660 ه_ ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه. وقال ابن شاكر الكتبي: «كان محدّثاً فاضلاً حافظاً مورخاً صادقاً فقيهاً مفتياً منشئاً بليغاً كاتباً محموداً» فوات الوفيات 2: 220.

[152] فتح الباري 2: 120.

[153] تاريخ الطبري 2: 439.

[154] المنهاج بشرح صحيح مسلم، هامش القسطلاني 3: 60.

[155] فتح الباري 1: 123.

[156] فتح الباري 1: 123.

[157] الكواكب الدراري _ شرح البخاري 5: 70.

[158] طبقات ابن سعد 3: 182.

[159] المنهاج شرح مسلم هامش ارشاد الساري 3: 57.

[160] عمدة القاري 5: 187.

[161] عمدة القاري 5: 187.

[162] عمدة القاري 5: 190.

[163] عمدة القاري 5: 187.

[164] عمدة القاري 5: 191.

[165] الكواكب الدراري 5: 52.

[166] فتح الباري 2: 123.

[167] فتح الباري 2: 123.

[168] صحيح البخاري بشرح العيني 5: 212.

[169] عمدة القاري 5: 203.

[170] فتح الباري 2: 135.

[171] فتح الباري 2: 120.

[172] لابن الجوزي رسالة في هذا الباب أسماها «آفة أصحاب الحديث» نشرناها لأول مرّة بمقدّمة وتعاليق هامّة سنة 1398ه_.

[173] عمدة القاري 5: 191.

[174] المنهاج، شرح صحيح مسلم 3: 52.

[175] عمدة القاري 5: 191، لعبد المغيث رسالة في هذا الباب «ردّ

عليها ابن الجوزي برسالته المذكورة.

[176] عمدة القاري 5: 191.

[177] عمدة القاري 5: 191.

[178] فتح الباري 2: 120.

[179] فتح الباري 2: 138.

[180] صحيح البخاري _ بشرح العيني _ 5: 250.

[181] عمدة القاري 5: 190.

[182] تنوير الحوالك _ شرح موطأ مالك 1: 156.

[183] فتح الباري 2: 162.

[184] نيل الأوطار 3: 195.

[185] السيرة الحلبية 3: 365.

[186] سورة الحجرات 49: 1.

[187] فتح الباري 3: 139.

[188] وسلّم حين سمع قول عائشة: مروا عمر فليصل بالناس _: انكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبابكر فليصل بالناس».

[189] أحكام القرآن 4: 145.

[190] فتح الباري 2: 133.

[191] مجمع الزوائد 5: 181.

[192] جواهر العقدين: 168. مخطوط.

[193] شرح نهج البلاغة 9: 196_ 198.

[194] كما في الأحاديث الكثيرة المتّفق عليها بين المسلمين، أنظر من مصادر أهل السنة المعتبرة: صحيح الترمذي 3: 166، المستدرك 3: 124، جامع الأصول 9: 20، مجمع الزوائد 7: 233 وغيرها.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.