صلاة التراويح

اشارة

مولف:مجمع العالمي لاهل البيت

مقدمة

تعتبر الواجبات في الشريعة الإسلامية مما يلزم الإنسان المؤمن _ بالله ورسوله واليوم الآخر _ أن يأتي به باعتباره أمراً ضرورياً له في تحصيل الكمال اللائق به، بحيث يكون التفريط في أداء الواجبات، يعني تعريض كماله المرجوّ للخطر وعدم إمكان حصوله علي أدني مراتب الكمال المرجوّة له. وتعتبر المستحبات والمندوبات هي تلك الاُمور التي تزيد المؤمن الملتزم بالواجبات كمالاً وتقرباً الي الله سبحانه. والصلاة المفروضة (اليومية) لابد للإنسان أن يأتي بها علي كل حال، ولكن الالتزام بأدائها في أول وقتها يعتبر فضلاً وكمالاً وتعبيراً عن إهتمام المؤمن بهذا الفرض الإلهي الذي شرّفه الله به، وهكذا أداؤها جماعة يكون مندوباً آخر وهو تعبير عن تحقق مرتبة اُخري من الكمال حين يؤديها جماعة. وتتميز العبادات في الشريعة الإسلامية باُمور، منها: تنوّعها واستيعابها لمختلف الأزمنة والحالات التي يمرّ بها الإنسان طيلة حياته، ومنها شمولها واستيعابها لمختلف أوقات الإنسان في كل يوم من حين بلوغه وحتي آخر لحظات حياته، وهذا الاستمرار يكشف عن مدي اعتناء الإسلام بتربية الإنسان، تلك التربية التي لا تتحقق إلاّ بالتدرّج والمران والممارسة الجادّة والارتباط المستمر بالله سبحانه. كما تتميّز عبادات الإسلام بأنها توقيفية في نوعها وكيفيتها وتفاصيلها، وليس للإنسان حق في أن ينقص منها أو يزيد فيها شيئاً بحسب رأيه، وعلي هذا اجماع المسلمين قاطبة. من هنا نجد ضرورة البحث في ما يقوم به بعض المسلمين في شهر رمضان من اداء صلاة باسم صلاة التراويح; هل شرّعها الشارع الحكيم وبيّن حكمها وتفاصيلها؟ أم لم تشرع في الشريعة الإسلامية فتكون حينئذ بدعة والبدعة محرّمة، حيث لا أساس لها في الكتاب ولا السنّة النبوية الشريفة؟!

الكتاب والسنة ينفيان مشروعية صلاة التراويح

صلاة التراويح لدي علماء الجمهور سنة مستحبّة في ليالي شهر

رمضان، والمختار عند أحمد بن حنبل، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، انّها عشرون ركعة، وقال مالك: ستة وثلاثون «المغني لابن قدامة: 1 / 797 _ 799. وعندما نتلوا الكتاب العزيز لا نجد في آياته أثراً لصلاة التراويح، ولو كان هناك أثر قرآني فيها لتمسك به فقهاء المذاهب الأربعة، ولم نجد أحداً منهم استدل عليها بشيء من القرآن الكريم. وكذلك عندما نأتي لسيرة النبي (صلي الله عليه وآله) لا نجد فيها أثراً لصلاة التراويح، بل نجد فيها تأكيداً علي قيام الليل في شهر رمضان، ولكن بنحو الفرادي لا الجماعة. والأخبار تؤكد _ كما تأتي _ أن صلاة التراويح لم يأت بها رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ولا كانت علي عهده، بل لم تكن علي عهد أبي بكر، ولا شرّع الله الاجتماع لأداء نافلة من السنن المستحبة، غير صلاة الاستسقاء. وإنّما شرّعه في الصلوات الواجبة، كالفرائض الخمس اليومية، وصلاة الطواف والآيات والجنائز... وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقيم ليالي رمضان ويؤدي سننها في غير جماعة، وكان يحض علي قيامها، فكان الناس يقيمونها علي نحو ما رأوه (صلي الله عليه وآله) يقيمها. وهكذا كان الأمر علي عهد أبي بكر حتي مضي لسبيله سنة ثلاث عشرة للهجرة [1] ، وقام بالأمر بعده عمر بن الخطاب، فصام شهر رمضان من تلك السنة لا يغيّر من قيام الشهر شيئاً.

متي استحدثت صلاة التراويح

فلمّا كان شهر رمضان سنة أربع عشرة أتي المسجد _ أي عمر بن الخطاب _ ومعه بعض أصحابه، فرأي الناس يقيمون النوافل، وهم ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد وقارئ ومسبح، ومحرم بالتكبير، ومحلّ بالتسليم، في مظهر لم يرقه، عزم علي اصلاحه بحسب رأيه فسنّ لهم التراويح [2] أوائل

الليل من الشهر، وجمع الناس عليها حكماً مبرماً، وكتب بذلك الي البلدان ونصب للناس في المدينة إمامين يصليان بهم التراويح، إماماً للرجال وإماماً للنساء. وفي ذلك رويت روايات: وإليك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما [3] من أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: «من قام رمضان _ أي بأداء سننه _ إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه»، وأنّه (صلي الله عليه وآله) توفي والأمر كذلك _ أي وأمر القيام في شهر رمضان لم يتغير عمّا كان عليه قبل وفاته (صلي الله عليه وآله) _، ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر. وأخرج البخاري في كتاب التراويح أيضاً من الصحيح عن عبدالرحمن بن عبد القاريّ [4] ، قال: خرجت مع عمر ليلة رمضان الي المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، الي أن قال: فقال عمر: إني أري لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم علي اُبيّ بن كعب (قال): ثمّ خرجت معه ليلة اُخري والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعمت البدعة هذه... قال العلاّمة القسطلاني عند بلوغه الي قول عمر في هذا الحديث: نعمت البدعة هذه، ما هذا لفظه: سمّ_اها بدعة، لأنه (صلي الله عليه وآله) لم يُسَنّ لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصديق، ولا أول الليل، ولا هذا العدد [5] . وفي تحفة الباري وغيره من شروح البخاري مثله فراجع. وقال العلاّمة أبو الوليد محمد بن الشحنة بعد ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 23 من تاريخه _ روضة المناظر _: هو أوّل من نهي عن بيع اُمهات الأولاد، وجمع الناس علي أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأوّل من جمع

الناس علي إمام يصلي بهم التراويح... ولما ذكر السيوطي في كتابه _ تاريخ الخلفاء _ أوليات عمر نقلاً عن العسكري [6] ، قال: هو أوّل من سمّي أمير المؤمنين، وأوّل من سن قيام شهر رمضان _ بالتراويح _ وأول من حرّم المتعة، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز علي أربع تكبيرات... وقال محمد بن سعد _ حيث ترجم عمر في الجزء الثالث من الطبقات _: وهو أول من سنّ قيام شهر رمضان _ بالتراويح _ وجمع الناس علي ذلك، وكتب به الي البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربعة عشرة، وجعل الناس بالمدينة قارئين قارئاً يصلي التراويح بالرجال، وقارئاً يصلي بالنساء... وقال ابن عبدالبر في ترجمة عمر من الاستيعاب: وهو الذي نوّر شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه [7] . قال السيد عبدالحسين شرف الدين معلّقاً علي مبرّري صلاة التراويح: «وكأنّ هؤلاء عفا الله عنهم وعنا، رأوه قد استدرك (بتراويحه) علي الله ورسوله حكمة كانا عنها غافلين. بل هم بالغفلة _ عن حكمة الله في شرائعه ونظمه _ أحري، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها إنفراد مؤديها _ جوف الليل في بيته _ بربه عزّ وعلا يشكو إليه بثه وحزنه، ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتي يأتي علي آخرها ملحّاً عليه، متوسلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً، راهباً راغباً، منيباً تائباً، معترفاً لائذاً عائذاً، لا يجد ملجأً من الله تعالي إلاّ إليه، ولا منجي منه إلا به. لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقل منهم من يستقل، ويستكثر من يستكثر، فإنّها خير موضوع، كما جاء في الأثر عن

سيد البشر» [8] . أما ربطها بالجماعة فيحدُّ من هذا النفع، ويقلل من جدواه. أضف الي هذا أن إعفاء النافلة من الجماعة يمسك علي البيوت حظها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويُمسك عليها حظها من تربية الناشئة علي حبها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والاُمهات والأجداد والجدات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شداً يرسخها في عقولهم وقلوبهم، وقد سأل عبدالله بن مسعود رسول الله (صلي الله عليه وآله) أيما أفضل: الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ فقال (صلي الله عليه وآله): «ألا تري الي بيتي ما أقربه من المسجد فلاَن اُصلي في بيتي أحبّ إليّ من أن اُصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة»، رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكي الدين عبدالعظيم بن عبدالقوي المنذري [9] . وعن زيد بن ثابت أن النبي (صلي الله عليه وآله)، قال: «صلّوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة»، رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه. وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم» [10] . وعن جابر قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «إذا قضي أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، وأن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً»، رواه مسلم وغيره ورواه ابن خزيمة في صحيحه بالإسناد الي أبي سعيد، والسنن في هذا المعني لا يسعها هذ الإملاء [11] . لكن الخليفة رجل تنظيم وحزم، وقد راقه من صلاة الجماعة ما يتجلي فيها من الشعائر بأجلي المظاهر، الي

ما لا يحصي من فوائدها الاجتماعية، التي أشبع القول فيها علماؤنا الأعلام ممّن عالجوا هذه الاُمور بوعي المسلم الحكيم، وأنت تعلم أنّ الشرع الاسلامي لم يهمل هذه الناحية، بل اختصّ الواجبات من الصلوات بها، وترك النوافل للنواحي الاُخر من مصالح البشر (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [12] .

رأي الإمامية في صلاة التراويح

إن الشيعة الإمامية _ تبعاً للرسول (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) _ يقيمون نوافل شهر رمضان بلا جماعة، ويرون أنّ إقامتها جماعة هي بدعة غير مشروعة، حدثت بعد رسول الله، بمقياس ما أنزل الله به من سلطان. قال الشيخ الطوسي: نوافل شهر رمضان تصلّي انفراداً، والجماعة فيها بدعة. واستدلّ علي مذهب الإمامية بإجماعهم علي أنّ ذلك بدعة. وما رواه زيد بن ثابت [13] من أن النبي (صلي الله عليه وآله)،قال: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلاّ المكتوبة» [14] . وفي جواهر الكلام تأليف الشيخ محمد حسن النجفي: بإمكان ادعاء تواتر الأخبار ببدعة الجماعة في نوافل شهر رمضان [15] . ونقل السيد الحكيم في المستمسك حكاية المنتهي والذكري وكنز العرفان الاجماع عليه [16] .

صلاة التراويح في نصوص أهل البيت

أمّا أئمة أهل البيت فقد اتّفقت كلمتهم علي أن الجماعة في النوافل مطلقاً بدعة، من غير فرق بين صلاة التراويح وغيرها، وهناك صنفان من الروايات الواردة عنهم: الصنف الأول: ما يدلّ علي عدم تشريع الجماعة في مطلق النوافل. الصنف الثاني: ما يدل علي عدم تشريعها في صلاة التراويح. أما الصنف الأول فنذكر منه روايتين: 1 _ قال الامام الباقر (عليه السلام): «ولا يُصلّي التطوع في جماعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» [17] . 2 _ قال الإمام عليّ بن موسي الرضا (عليه السلام) في كتابه الي المأمون: «ولا يجوز أن يصلّي تطوّع في جماعة، لأن ذلك بدعة» [18] . وأما الصنف الثاني، فقد تحدّث عنه الإمام الصادق (عليه السلام) وقال: لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة أمر الحسن بن علي أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد

جماعة، فنادي في الناس الحسن بن علي بما أمره به أمير المؤمنين، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن (عليه السلام) صاحوا واعمراه، واعمراه، فلما رجع الحسن الي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال له: ما هذا الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين الناس يصيحون واعمراه واعمراه، فقال أمير المؤمنين قل لهم: صلّوا [19] . وربما يتعجب القارئ من قول الامام «قل لهم: صلوا» حيث تركهم يستمرّون في الإتيان بهذا الأمر المبتدع، ولكن إذا رجع الي سائر كلماته يتجلّي له سرّ تركهم علي ما كانوا عليه. قال الشيخ الطوسي: إن أمير المؤمنين لما أنكر، أنكر الاجتماع، ولم يُنكر نفس الصلاة، فلمّا رأي أن الأمر يفسد عليه ويفتتن الناس، أجاز أمرهم بالصلاة علي عادتهم [20] . ويدل عليه: ما رواه سليم بن قيس، قال: خطب أمير المؤمنين فحمد الله وأثني عليه ثم صلّي علي النبي، ثم قال: «ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلّتان: اتّباع الهوي، وطول الأمل» ثم ذكر أحداثاً ظهرت بعد رسول الله _ وقال: ولو حملت الناس علي تركها... لتفرق عنّي جندي حتي أبقي وحدي أو قليل من شيعتي... والله لقد أمرتُ الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادي بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي، يا أهل الاسلام غُيّرت سنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري... [21] . لقد تسنّم الإمام منصة الخلافة بطوع ورغبة من جماهير المسلمين، وواجه أحداثاً ظهرت بعد رسول الله، وأراد إرجاع المجتمع الإسلامي الي عهد رسول الله في مجالات مختلفة، ولكن حالت العوائق دون نيّته، فترك بعض الاُمور بحالها، حتي يشتغل بالأهم

فالأهم، فلأجله أمر ابنه الحسن أن يتركهم بحالهم حتي لا يختلّ نظام البلاد، ولا يثور الجيش ضدّه. روي أبو القاسم ابن قولويه (ت / 369) عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، أنّهما قالا: كان أمير المؤمنين بالكوفة إذ أتاه الناس فقالوا له اجعل لنا إماماً يؤمّنا في رمضان، فقال لهم: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلمّا أحسّوا، جعلوا يقولون أبكوا رمضان، وارمضاناه! فأتي الحارث الأعور في اُناس، فقال: يا أمير المؤمنين ضجّ الناس وكرهوا قولك، قال: فقال عند ذلك: «دعوهم وما يريدون، يُصلّ بهم من شاءوا» [22] . هذه الروايات تفصح لنا عن موقف أهل البيت (عليهم السلام) من صلاة التراويح.

سنة الرسول برواية أهل البيت

تختلف روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن بعض ما رواه أصحاب السنن، فرواياتهم (عليهم السلام) صريحة في أن النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) كان ينهي عن إقامة نوافل رمضان جماعة، وأنّه (صلي الله عليه وآله) لما خرج بعض الليالي الي المسجد ليقيمها منفرداً، ائتمّ به الناس فنهاهم عنه، ولمّا أحسّ اصرارهم علي الائتمام ترك الصلاة في المسجد واكتفي بإقامتها في البيت، وإليك بعض ما روي في ذلك: سأل زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل الباقر والصادق (عليهما السلام) عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل جماعة، فقالا: إنّ النبي (صلي الله عليه وآله) كان إذا صلّي العشاء الآخرة انصرف الي منزله، ثم يخرج من آخر الليل الي المسجد فيقوم فيصلّي، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلّي، كما كان يصلّي، فاصطفّ الناس خلفه، فهرب منهم الي بيته وتركهم، ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام في اليوم الرابع علي منبره فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: أيها الناس، إن الصلاة بالليل في شهر

رمضان من النافلة في جماعة بدعة، وصلاة الضحي بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل، ولا تصلّوا صلاة الضحي، فإن تلك معصية، ألا وإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها الي النار. ثم نزل وهو يقول: «قليل في سنّة خير من كثير في بدعة» [23] . روي عبيد بن زرارة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يزيد في صلاته في رمضان، إذا صلّي العتمة صلّي بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مراراً [24] . ولعلّه (صلي الله عليه وآله) قام بهذا العمل مرّتين، تارة في آخر الليل _ كما في الرواية الاُولي _ واُخري بعد صلاة العتمة، كما في الرواية الثانية.

موقف الصحيحين من صلاة التراويح

لكن المروي عن طريق أهل السنة يخالف ذلك، وإليك نص الشيخين البخاري ومسلم: روي الأوّل وقال: حدثني يحيي بن بكير حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب: أخبرني عروة أن عائشة _ رضي الله عنها _ أخبرته أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) خرج ليلة من جوف الليل فصلّي في المسجد، وصلي رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدّثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلّي فصلّوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله (صلي الله عليه وآله) فصلّي بصلاته، فلمّ_ا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتي خرج لصلاة الصبح، فلمّا قضي الفجر أقبل علي الناس فتشهد، ثم قال: «أما بعد فانّه لم يخفَ عليّ مكانكم، ولكني خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها. فتوفي رسول الله (صلي الله عليه وآله) والأمر علي ذلك» [25] . وروي أيضاً في باب التهجد: «إن

رسول الله صلي ذات ليلة في المسجد فصلي بصلاته ناس، ثم صلّي من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله، فلمّا أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أني خشيت أن تُفرَض عليكم وذلك في رمضان» [26] . روي مسلم قال: حدثنا يحيي بن يحيي، قال: قرأت علي مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) صلّي في المسجد ذات ليلة فصلّي بصلاته ناس، ثمّ صلي من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة [27] فلم يخرج إليهم رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، قال: وذلك في رمضان. وحدّثني حرملة بن يحيي: أخبرنا عبدالله بن وهب: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) خرج من جوف الليل فصلّي في المسجد، فصلّي رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله (صلي الله عليه وآله) في الليلة الثانية فصلّوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلّوا بصلاته، فلمّا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله (صلي الله عليه وآله) حتي خرج لصلاة الفجر فلمّا قضي الفجر أقبل علي الناس ثم تشهّد، فقال: «أما بعد فإنّه لم يخفَ عليَّ شأنكم الليلة، ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها» [28] . والاختلاف بين ما رواه أصحابنا

عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وما رواه الشيخان واضح، فعلي الأول، نهي النبي (صلي الله عليه وآله) عن إقامتها جماعة، وأسماها بدعة، وعلي الثاني، ترك النبي (صلي الله عليه وآله) الإقامة جماعة خشية أن تُفرض عليهم، مع كونها موافقة للدين والشريعة، إذاً فأي القولين أحقّ أن يتّبع؟

مناقشة الصحيحين

إن في حديث الشيخين مشاكل عديدة جديرة بالوقوف عليها: المشكلة الاُولي: ما معني قوله: «خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها»؟ فهل مفاده: أن ملاك التشريع هو إقبال الناس وإدبارهم، فإن كان هناك اهتمام ظاهر من قبل الناس، يفرض عليهم وإلاّ فلا يفرض؟ مع أن الملاك في الفرض هو وجود مصالح واقعية في الحكم، سواء أكان هناك اهتمام ظاهر أم لا، فإن تشريعه سبحانه ليس تابعاً لرغبة الناس أو إعراضهم، وإنّ_ما يتّبع مجموعة من المصالح والمفاسد والتي هو أعلم بها سواء أكان هناك من الناس إقبال أم إدبار. المشكلة الثانية: لو افترضنا أن الصحابة أظهروا اهتمامهم بصلاة التراويح باقامتها جماعة، أفيكون ذلك ملاكاً للفرض؟ فإن مسجد النبي (صلي الله عليه وآله) يومذاك كان مكاناً محدوداً لا يسع إلا ستة آلاف نفر أو أقل، فقد جاء في الفقه علي المذاهب الخمسة: «كان مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) 35 متراً في 30 متراً ثم زاده الرسول (صلي الله عليه وآله) وجعله 57 متراً في 50 متراً» [29] . أفيمكن جعل اهتمامهم كاشفاً عن اهتمام جميع الناس في جميع العصور الي يوم القيامة؟ المشكلة الثالثة: هي وجود الاختلاف في عدد الليالي التي أقام النبي فيها نوافل رمضان جماعة. فعلي ما نقله البخاري في كتاب الصوم أن النبيّ الأكرم (صلي الله عليه وآله) صلّي التراويح مع الناس أربعة ليال،

وعلي ما نقله في باب التحريض علي قيام الليل، أنّه صلاها ليلتين، ووافقه مسلم علي النقل الثاني، ويظهر مما ذكره غيرهما _ كما مرّ في صدر المقال _ أنّه (صلي الله عليه وآله) أقامها في ليال متفرقة (ليلة الثالث، والخامس، والسابع والعشرين). وهذا يعرب عن عدم الاهتمام بنقل فعل الرسول علي ما هو عليه، فمن أين نطمئن علي سائر ما جاء فيه من أنّ النبي استحسن عملهم؟ المشكلة الرابعة: أن الثابت من فعل النبي، أنّه صلاها ليلتين، أو أربع في آخر الليل، وهي لا تزيد عن ثماني ركعات. والتأسّي بالنبي يقتضي الاقتداء به فيما ثبت. لا فيما لم يثبت، بل ثبت عدمه بما صرّح به القسطلاني ووصف مازاد عليه بالبدعة وذلك: 1 _ إنّ النبي لم يسنّ لهم الاجتماع لها. 2 _ ولا كانت في زمن الصديق. 3 _ ولا أول الليل. 4 _ ولا كلّ ليلة. 5 _ ولا هذا العدد [30] . ثم التجأ في إثبات مشروعيّتها الي اجتهاد الخليفة. وقال العيني: إن رسول الله لم يسنّها لهم، ولا كانت في زمن أبي بكر. ثم اعتمد _ العيني _ في شرعيّته الي اجتهاد عمر واستنباطه من إقرار الشارع الناس يصلّون خلفه ليلتين [31] . المشكلة الخامسة: أنه إذا أخذنا برواية أحد الثقلين، (أعني أهل البيت (عليهم السلام)) تُصبح إقامة النوافل جماعة بدعة علي الاطلاق، وإن أخذنا برواية الشيخين، فالمقدار الثابت ما جاء في كلام القسطلاني، والزائد عنه يصحّ بدعة إضافية، والمقصود منها ما يكون العمل بذاته مشروعاً، والكيفية التي يقام بها، غير مشروعة. ولم يبق ما يحتج به علي المشروعية إلا جمع الخليفة الناس علي إمام واحد وهو ما سنشرحه في البحث الآتي:

جمع الناس علي إمام واحد في عصر عمر

روي البخاري: توفي رسول الله (صلي الله عليه وآله) والناس علي ذلك (يعني عدم إقامة التراويح بالجماعة) ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر [32] . وروي أيضاً عن عبدالرحمن بن عبدالقاري أنّه، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان الي المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرّقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط [33] . فقال عمر: إني أري لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم علي اُبيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة اُخري والناس يُصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوّله. ولكن الظاهر من شرّاح الصحيح أن الإتيان جماعة لم يكن مشروعاً، وإليك بيانه في ضمن أمرين: 1 _ قوله: «فتوفي رسول الله (صلي الله عليه وآله) والناس علي ذلك، ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر» فقد فسّره الشراح بقولهم: أي علي ترك الجماعة في التراويح، ولم يكن رسول الله (صلي الله عليه وآله) جمع الناس علي القيام [34] . وقال بدر الدين العيني: والناس علي ذلك (أي علي ترك الجماعة) ثم قال: فإن قلت روي ابن وهب عن أبي هريرة خرج رسول الله (صلي الله عليه وآله) واذا الناس في رمضان يصلّون في ناحية المسجد، فقال: «ما هذا؟» فقيل: ناس يصلّي بهم اُبي بن كعب، فقال: «أصابوا، ونعم ما صنعوا»، ذكره ابن عبدالبر. ثم أجاب بقوله: قلت: فيه مسلم بن خالد وهو ضعيف، والمحفوظ أن عمر (رضي الله عنه) هو الذي جمع الناس علي اُبي بن كعب [35] . وقال

القسطلاني: «والأمر علي ذلك (أي علي ترك الجماعة في التراويح) ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر، الي آخر ما ذكره» [36] . 2 _ قوله: نعم البدعة; أن الظاهر من قوله: «نعم البدعة هذه» أنّها من سُنن نفس الخليفة، ولا صلة لها بالشرع، وقد صرّح بذلك لفيف من العلماء. قال القسطلاني: سماها (عمر) بدعة لأنه (صلي الله عليه وآله) لم يُسَنّ لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصديق، ولا أوّل الليل، ولا كلّ ليلة ولا هذا العدد _ الي أن قال: _ وقيام رمضان ليس بدعة، لأنه (صلي الله عليه وآله) قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وإذا أجمع الصحابة مع عمر علي ذلك زال عنه اسم البدعة». وقال العيني: «وإنما دعاها بدعة، لأن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لم يسنّها لهم، ولا كانت في زمن أبي بكر ولا رغب رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيها» [37] . والاتفاق حاصل بين علماء الجمهور علي أن عمر أول من سنّ الجماعة، فبالاضافة الي ما تقدم في هذا المعني، نذكر من أقوالهم: 1 _ قال ابن سعد في ترجمة عمر: «هو أول من سنّ قيام شهر رمضان بالتراويح، وجمع الناس علي ذلك، وكتب به الي البلدان وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة» [38] . 2 _ وقال ابن عبدالبر في ترجمة عمر: «وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه» [39] . قال الوليد بن الشحنة عند ذكر وفاة عمر في حوادث سنة (23ه_): «وهو أول من نهي عن بيع اُمهات الأولاد... وأول من جمع الناس علي إمام يصلّي بهم التروايح» [40] . فإذا كان المفروض أن رسول

الله (صلي الله عليه وآله) لم يسنّ الجماعة فيها، وإنما سنّها عمر، فهل هذا سند مشروعيتها أم بدعيتها؟ مع أنّه ليس لإنسان حتي الرسول حق ذاتي في التسنين والتشريع، وإنما هو (صلي الله عليه وآله) مبلّغ عن الله سبحانه في التشريع ومجاز عنه في التسنين، فهل يجوز لغير الرسول ما لا يجوز له (صلي الله عليه وآله)؟! إن الوحي يحمل التشريع الي النبي الأكرم وهو (صلي الله عليه وآله) الموحي إليه، وبموته انقطع الوحي، وسدّ باب التشريع والتسنين، فليس للاُمة إلا الاجتهاد في ضوء الكتاب والسنّة، لا التشريع ولا التسنين، ومن رأي أن لغير الله سبحانه حق التسنين فمعني ذلك عدم انقطاع الوحي. قال ابن الأثير في نهايته: ومن هذا النوع قول عمر: «نعمت البدعة هذه (التراويح) لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها، إلاّ أن النبي (صلي الله عليه وآله) لم يسنّها لهم، وإنما صلاها ليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر جمع الناس عليها، وندبهم إليها، فبهذا سمّاها بدعة، وهي في الحقيقة سنّة، لقوله (صلي الله عليه وآله): «عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»، وقوله: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» [41] .

التشريع مختص بالله سبحانه

إنّ هؤلاء الأكابر مع اعترافهم بأن النبي لم يسنّ الاجتماع، أسندوا إقامتها جماعة الي عمل الخليفة، ومعني ذلك أن له حق التسنين والتشريع، وهذا يضاد اجماع الاُمة، إذ لا حقَّ لأي إنسان أن يتدخل في أمر الشريعة بعد إكمالها، لقوله تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) [42] وكلامه يخالف الكتاب والسنّة، فإن التشريع حق لله

سبحانه لم يفوضه لأحد، والنبي الأكرم مبلغ عنه. أضف الي ذلك لو أن الخليفة قد تلقي ضوءاً أخضر في مجال التشريع والتسنين، فلم لا يكون لسائر الصحابة ذلك، مع كون بعضهم أقرأ منه، كأُبي بن كعب، وأفرض، كزيد بن ثابت، وأعلم وأقضي منه، كعلي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فلو كان للجميع ذلك لانتشر الفساد وعمّت الفوضي أمر الدين، وكان اُلعوبة بأيدي غير المعصومين. وأمّا التمسك بالحديثين، فلو صح سندهما فإنّهما لا يهدفان الي أن لهما حق التشريع، بل يفيدان لزوم الاقتداء بهما، لأنهما يعتمدان علي سنّة النبي الأكرم، لا أنّ لهما حق التسنين. نعم، يظهر ممّا رواه السيوطي عن عمر بن عبدالعزيز أنّه كان يعتقد أن للخلفاء حق التسنين، قال: قال حاجب بن خليفة شهدت عمر بن عبدالعزيز يخطب وهو خليفة، فقال في خطبته: ألا إن ما سنّ رسول الله وصاحباه فهو دين نأخذ به، وننتهي إليه، وما سنّ سواهما فإنا نرجئه [43] وهو كما تري. وعلي كل تقدير، فإنّ الله سبحانه لم يفوّض أمر دينه في التشريع والتقنين الي طريق غير الوحي، وفي ذلك يقول الشوكاني: «والحق أن قول الصحابي ليس بحجّة، فإن الله سبحانه وتعالي لم يبعث الي هذه إلا نبيّنا محمداً (صلي الله عليه وآله) وليس لنا إلا رسول واحد، والصحابة ومن بعدهم مكلفون علي السواء باتباع شرعه والكتاب والسُنّة، فمَن قال إنّه تقوم الحجة في دين الله بغيرهما، فقد قال في دين الله بما لا يثبت، وأثبت شرعاً لم يأمر به الله [44] . نعم، نقل القسطلاني عن ابن التين وغيره: أن عمر استنبط ذلك من تقرير النبي (صلي الله عليه وآله) من صلّي معه في تلك الليالي وإن كان

كره لهم خشية أن يفرض عليهم، فلمّا غاب النبي (صلي الله عليه وآله) حصل الأمن من ذلك، ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة، ولأن الاجتماع علي واحد أنشط لكثير من المصلين [45] . ويلاحظ عليه أولاً: إنّ ما ذكره في آخر كلامه ليسوّغ جمع الناس علي إمام واحد، مكان الأئمة المتعدّدة، بينما النقاش في أصل إقامتها جماعة، واحداً كان الإمام أو كثيراً. وثانياً: إن معني كلامه أن هناك أحكاماً لم تسنّ ما دام النبي حيّاً لمانع خاص، كخشية الفرض، ولكن في وسع آحاد الاُمة تشريعها بعد موته (صلي الله عليه وآله) ومفاده فتح باب التشريع بملاكات خاصة في وجه الاُمة الي يوم القيامة، وهذه رزيّة ليست بعدها رزية، وتلاعب بالدين وفتح الطريق لاستئصاله.

تخرصات للفرار من وصمة البدعة

ومن هذا كله يتضح أن صفة البدعة مستحكمة في صلاة التراويح، ومنطبقة عليها، خاصة مع قول عمر بن الخطاب: «إني أري لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد لكان أمثل... نعمت البدعة هذه» [46] . ولو لم تكن هذه بدعة بالرغم من قوله: إني أري، وقوله بكل بصراحة: نعمت البدعة، فما هي البدعة إذاً؟! وإذا لم يكن الذي أحدث التراويح لأول مرة طبقاً لقول ابن عبدالبر في الاستيعاب، والسيوطي في تاريخ الخلفاء، ومحمد بن الشحنة في روضة المناظر _ كما مر آنفاً _ مبتدعاً، فمن هو المبتدع إذاً؟ ومن هنا ظهرت محاولات لتخريج التراويح من دائرة البدعة وإدخالها في دائرة السنّة، واعطاء تفاسير لكلمة عمر «نعمت البدعة هذه» بحيث تخالف ظاهرها،، وها نحن نذكر هذه المحاولات وهي: 1 _ محاولة ابن أبي الحديد المعتزلي، حيث ذكر أن لفظ البدعة يطلق علي مفهومين، أحدهما: ما خالف الكتاب والسنّة; مثل

صوم يوم النحر وأيام التشريق، فإنّه وإن كان صوماً إلاّ أنّه منهي عنه. والثاني: ما لم يرد فيه نص، بل سكت عنه ففعله المسلمون بعد وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله). فإن اُريد بكون صلاة التراويح بدعة بالمفهوم الأول فلا نسلّم أنها بدعة بهذا التفسير. وقول عمر: إنّها لبدعة خبر مروي مشهور، ولكن أراد به البدعة بالتفسير الثاني [47] . وليته أورد كلامه هذا إيراداً، ولم يظهره اعتقاداً، فإنّ المعني الأول ليس من البدعة، فإن مخالفة الكتاب والسُنّة لا تسمي بدعة وإنما تسمي اجتهاداً في مقابل النص، فيبقي معني البدعة منحصراً بالمعني الثاني الذي أورده، والذي قال: إن كلمة عمر تنطبق عليه، لأن البدعة ما أحدث علي غير مثال سابق، والتراويح منها. وليست البدعة ما أحدث علي نحو مخالف لمثال سابق حتي يقال بأن البدعة هي مخالفة الكتاب والسنّة. ثم قال في الصفحة التالية: «أليس يجوز للإنسان أن يخترع من النوافل صلوات مخصوصة بكيفيات مخصوصة واعداد ركعات مخصوصة ولا يكون ذلك مكروهاً ولا حراماً؟ فإنّه داخل تحت عموم ما ورد في فضل صلاة النافلة،... والتراويح جائزة ومسنونة لأنها داخلة تحت عموم ما ورد في فضل صلاة الجماعة». ولا أدري علي أي مذهب فقهي يتم كلامه هذا؟! فالمعروف لدي المسلمين أن العبادات الواجبة أو المستحبة توقيفية، وأن مفهوم العبادة متوقف علي وجود أمر شرعي، فإذا ثبت الأمر الشرعي علي نحو الوجوب أو الاستحباب كان المأمور به عبادة، وإلاّ فلا، والأمر الشرعي يتدخل في أصل العبادة، وفي شكلها وهيئتها. بمعني أنّها توقيفية في الأصل والشكل والهيئة، فكما لا يحق للإنسان تشريع أصل عبادة معينة كذلك لا يحق له تشريع هيئتها وشكلها، ولعل ابن أبي الحديد يري

أن الأمر بالنافلة وما ورد في فضل الجماعة يكفيان لإثبات شرعية صلاة ذات أشكال مخترعة من قبل العبد، وليس الأمر كذلك، فإنّ أخبار فضل النافلة وأخبار فضل الجماعة، تشير الي عبادات بهيئات مخصوصة صدرت عن صاحب الشرع (صلي الله عليه وآله)، وتطلب من المؤمنين إتيانها بالهيئة التي سنّها الرسول (صلي الله عليه وآله). يقول الدكتور (يوسف القرضاوي) بشأن التوقيف في العبادات: «قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء اُصول الشريعة نعلم أنّ العبادات التي أوجبها الله، أو أحبّها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالي، وذلك لأنّ الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لابدّ أن تكون مأموراً بها، فما لم يثبت أنّه مأمور به كيف يحكم عليه بأنّه محظور؟ ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلاّ دخلنا في معني قوله تعالي: (أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) [48] [49] . وقال (أبو يوسف ومحمّد): «لا يزيد بالليل علي ركعتين بتسليمة واحدة» [50] . وقال في (المهذّب): «والسنّة أن يسلّم من كل ركعتين، لما روي عن ابن عمر (رضي الله عنه) أن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: «صلاة الليل مثني مثني، فإذا رأيت أن الصبح تداركك فأوتر بواحدة»، وإن جمع ركعات بتسليمة جاز، لما روت عائشة أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) «كان يصلي ثلاث

عشرة ركعة، ويوتر من ذلك بخمس، يجلس في الآخرة ويسلّم، وأنه أوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهنّ بسلام»، وإن تطوّع بركعة جاز لما روي أن عمر (رضي الله عنه) «مرّ بالمسجد فصلي ركعة فتبعه رجل، فقال يا أمير المؤمنين إنما صليت ركعة، فقال: إنما هي تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص». وعقّب علي ذلك (النووي) بالقول: «.. في مذاهب العلماء في ذلك قد ذكرنا أنّه يجوز عندنا أن يجمع ركعات كثيرة من النوافل المطلقة بتسليمة، وأن الأفضل في صلاة الليل والنهار أن يسلّم من كل ركعتين، وبهذا قال مالك وأحمد وداود وابن المنذر، وحكي عن الحسن البصري وسعيد بن جبير، وقال أبو حنيفة: التسليم من ركعتين أو أربع في صلاة النهار، سواء في الفضيلة، ولا يزيد علي ذلك، وصلاة الليل ركعتان وأربع وست وثمان بتسليمة، ولا يزيد علي ثمان،وكان ابن عمر يصلي بالنهار أربعاً، واختاره اسحق» [51] . فكيف يمكن أن يُدّعي بعد كل هذه الأقوال والآراء أن أحداً لم يقل بكراهة أو حرمة صلاة ثلاثين ركعة بتسليمة واحدة، كما قال ذلك المعتزلي بشكل قاطع، وأرسله إرسال المسلمات؟ وقال الشيخ يوسف البحراني في الحدائق الناضرة: «لا ريب في أنّ الصلاة خير موضوع، إلاّ أنه متي اعتقد المكلف في ذلك أمراً زائداً علي ما دلّت عليه هذه الأدلة، من عدد مخصوص، وزمان مخصوص، أو كيفية خاصة، ونحو ذلك، مما لم يقم عليه دليل في الشريعة، فإنّه يكون محرّماً وتكون عبادته بدعة، والبدعية ليست من حيث الصلاة، وإنما هي من حيث هذا التوظيف الذي اعتقده في هذا الوقت، والعدد والكيفية من غير أن يرد عليه دليل» [52] . 2 _ محاولة القاضي عبدالجبار المعتزلي في كتابه

المغني، حيث كتب يقول عن التراويح: «إذا كان فيه الدعاء الي الصلاة، والتشدّد في حفظ القرآن، فما الذي يمنع أن يعمل به علي وجه أنّه مسنون» [53] . وكلامه هذا يرجع في النتيجة الي كلام ابن أبي الحديد المعتزلي، وحينئذ فالجواب هو الجواب، فإن الصلاة عبادة والعبادة تحتاج الي قصد القربة، وقصد القربة لا يتم إلاّ بعد إثبات وجود أمر مولوي من الشارع، وصلاة التراويح علي الهيئة والكيفية التي تقام بها لم يرد بها أمر شرعي، وحينئذ فإتيانها بعنوان أنّها عبادة تشريع محرّم وبدعة منكرة في الدين. 3 _ محاولة ابن تيمية التي اعتبر فيها اطلاق عمر بن الخطاب عنوان البدعة علي التراويح، تسمية لغوية لا تسمية شرعية، وأن المسلمين قد صلّوا التراويح في زمن الرسول وأن النبي (صلي الله عليه وآله) قد خرج معهم في ليلة أو ليلتين، ثم امتنع عن ذلك لعلة ذكرها، وهي: «أنّه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلاّ كراهة أن يفرض عليكم، فصلّوا في بيوتكم...»، فعلم بذلك _ والكلام لابن تيمية _ أنّ المقتضي للخروج قائم، وأنّه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم «فلما كان في عهد عمر جمعهم علي قارئ واحد وأسرج المسجد فصارت هذه الهيئة _ وهي اجتماعهم في المسجد علي إمام واحد مع الإسراج _ عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعة لأنه في اللغة يسمي بذلك، وإن لم يكن بدعة شرعية» [54] . ولا يهمنا أن تكون تسمية عمر شرعية أم لغوية، إنما الذي يهمّنا هو اعترافه بأنه قد أضاف الي الشريعة أمراً لم يعرفه المسلمون من قبل، والأمر الذي أضافه حسب عبارة ابن تيمية نفسه هو اجتماعهم في المسجد علي إمام واحد مع الإسراج، والإسراج

لا يهمنا لأنه ليس دخيلاً في العبادة، وإنما الذي يهمنا هو اجتماعهم في الصلاة خلف الإمام، ولعل ابن تيمية ذكر الإسراج لإيهام القارئ بأن ما قام به الخليفة عمل لا يدخل في صميم العبادة، وأن الاجتماع في المسجد علي إمام واحد شأنه شأن الإسراج، فكما لايعد الإسراج بدعة لأنه لا يدخل في صميم العبادة، كذلك لايعد الاجتماع للصلاة وأداءها جماعة بدعة. فتكون نتيجة كلامه: أن عمر لم يبتدع في الشريعة، وإنما ابتدع في اُمور من خارجها كالإسراج، وهذا تمويه وخداع. فقد اتضح من جواب المحاولة السابقة، أن أداء الصلاة جماعة أمر من صميم العبادة، ولا يمكن للعبد أن يتدخل فيه، ولابد له من أن يتبع أمر الشارع فيه، بخلاف الإسراج الذي هو خارج عن مفهوم العبادة، ولا يسمي إحداثه بدعة. أما ادعاءه أن النبي (صلي الله عليه وآله)، قد خرج الي التراويح ليلة أو ليلتين، ثم انقطع عنها، فقد اتضح مما سبق عدم صحته، وهو يناقض قول عمر: «نعمت البدعة هذه» فإن كلامه هذا يدل علي عدم وجود التراويح من قبل، والإتيان بعمل بعد فترة من الانقطاع عنه لا يسمي بدعة. 4 _ محاولة تقسيم البدع، بحسب الأحكام الخمسة. وهي من أسوأ المحاولات وأبعدها عن الواقع وروح الشريعة الإسلامية، وهي تعكس شدة الهاجس الذي يعيشه أصحاب هذه المحاولة تجاه قضية صلاة التراويح واعتراف عمر بن الخطاب الصريح بأنها بدعة. فقد قالوا: إن البدعة تنقسم الي: بدعة محرمة، ومكروهة، ومباحة، والواجبة، والمستحبة [55] . والجواب الواضح المختصر علي هذه المحاولة: إن للبدعة معني واحداً واضحاً هو: ادخال ما ليس من الدين في الدين، وقد اتفق المسلمون عليه سنّة وشيعة، وهذا المعني لا يقبل التقسيم بحسب الأحكام

الخمسة. ولا بحسب الحسن والقُبح، نعم لو كان للبدعة معان متعددة لأمكننا تصور التقسيم فيها، بل لها معني واحد هو المعني المذموم المذكور في الكتاب والسُنّة، والذي حذّر النبي (صلي الله عليه وآله) منه وتوعد عليه بأشد العذاب، وليت القائلين بالتقسيم الخماسي أو الثنائي يستشهدون علي كلامهم بآية أو حديث نبوي يشهد لصحة قولهم. ولا يستطيعون ذلك، لا لأن الكتاب والسُنّة خاليان من الشاهد علي هذا التقسيم فقط، وإنّما لأن التقسيم المذكور مستحيل عقلاً، فكما لا يمكن تقسيم الظلم الي حسن وقبيح، كذلك لا يمكن تقسيم البدعة الي بدعة حسنة واُخري قبيحة، إذ أن البدعة عبارة عن الافتراء علي الشريعة، ونسبة ما ليس منها بأنه منها، وهذا المعني ملازم للقبح والذم، ولا يقبل الانفكاك عنهما بحال من الأحوال. بينما يفترض التقسيم المذكور إمكانية الانفكاك بين البدعة وبين القبح، وإمكانية وجود بدعة حسنة، وهذا ناشئ من أن نظرية التقسيم تعمل بالمعني اللغوي للبدعة، وهو ما اخترع علي غير مثال سابق، فإن هذا المخترَع يمكن أن يكون حسناً، ويمكن أن يكون قبيحاً، وهذا لا نقاش فيه، ونحن لسنا بصدد المعني اللغوي، وإنّما الكلام كل الكلام في المعني الشرعي، فإنهم يقعون في مغالطة كبيرة حينما يتحدثون عن البدعة بالمعني الشرعي، ثم يدّعون قابليتها للتقسيم ويقسمونها فعلاً، ولكن طبقاً للمعني اللغوي.

خلاصة الكلام

إن صلاة التراويح لا أساس لها في الكتاب والسُنّة، وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) قد أكّدوا أنها من البدع التي لم يشرّعها الشارع الحكيم كما أنّها لم تكن في عصر النبي (صلي الله عليه وآله) وأبي بكر وفترة من عصر عمر بن الخطاب. بل إنها بدعة ظهرت بأمر من الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وإن كل المحاولات

الرامية لتبرئتها من صفة البدعة محاولات فاشلة.

پاورقي

[1] وكان ذلك ليلة الأربعاء لثمان بقين من جمادي الآخرة وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام.

[2] التراويح هي النافلة جماعة في ليالي شهر رمضان، وإنّما سميت تراويح للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات.

[3] فراجع من صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح: ص 233 من جزئه الأوّل. وراجع من صحيح مسلم باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح من كتاب صلاة المسافر وقصرها ص 283 والتي بعدها من جزئه الأول.

[4] عبدالقاريّ بتنوين عبد وتشديد ياء القاريّ نسبة الي قارة وهو ابن ديش بن ملحم بن غالب المدني. كان هذا عامل عمر علي بيت المال وهو حليف بني زهرة. روي عن عمر وأبي طلحة، وأبي أيوب، وأبي هريرة. وروي عنه ابنه محمد، والزهري، ويحيي ابن جعدة بن هبيرة. مات سنة ثمانين. وله ثمان وسبعون سنة. انظر الاستيعاب: 2 / 381 _ 382 دار الكتب العلمية.

[5] ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري: القسطلاني: 4 / 656 كتاب التراويح، باب فضل من قام رمضان.

[6] العسكري هو الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيي يكني أبا هلال اللغوي. له كتاب الأوائل فرغ من تأليفه يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة 395. كشف الظنون: 1 / 199.

[7] الاستيعاب: 3 / 236.

[8] النصّ والاجتهاد للسيد شرف الدين: 214، المورد 26 صلاة التراويح.

[9] الترغيب والترهيب: 1 / 279. [

[10] الترغيب والترهيب: 1 / 280.

[11] مسند الشاميين: 2/115، ح 1021، منتخب مسند عبد بن حميد: 300، ح 969.

[12] الأحزاب: 36.

[13] سنن أبي داود 2: 69.

[14] الخلاف 1: 529، كتاب الصلاة، المسألة 268.

[15] جواهر الكلام: 13/144.

[16] مستمسك العروة الوثقي: 7/170.

[17] الخصال 2: 152.

[18] عيون

أخبار الرضا: 266.

[19] التهذيب 2: ح 227.

[20] المصدر السابق.

[21] الكافي 8: 58.

[22] السرائر 3: 638.

[23] من لا يحضره الفقيه، كتاب الصوم: 87.

[24] الكافي 4: 154.

[25] أي علي ترك الجماعة في صلاة التراويح. لاحظ البخاري، الصحيح، باب فضل من قام رمضان: 61 رقم 2012.

[26] الصحيح 2: 63 باب التهجد بالليل، وبين الروايتين اختلاف فيما خرج (صلي الله عليه وآله) فيها من الليالي، فعلي الاُولي خرج ثلاث ليال، وعلي الثانية خرج ليلتين.

[27] الصحيح 6: 41 وغيره، والظاهر وحدة الرواية الثانية للبخاري مع هذه الرواية لاتّحاد الراوي والمروي عنه والمضمون.

[28] صحيح مسلم 6: 41.

[29] الفقه علي المذاهب الخمسة: 285.

[30] ارشاد الساري: 4/656، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان.

[31] عمدة القارئ: 6/ 126،كتاب التراويح، ذيل الحديث 116.

[32] الصحيح، باب فضل من قام رمضان: الحديث 2010.

[33] الرهط: بين الثلاثة الي العشرة.

[34] فتح الباري، لابن حجر العسقلاني 4: 203.

[35] عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري 6: 125، وجاء نفس السؤال والجواب في فتح الباري.

[36] ارشاد الساري: 4/ 656، كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان.

[37] عمدة القارئ 6: 126 وقد سقط لفظة لا من قوله و «رغب» كما ان كلمة بقوله _ بعده هذه الجملة _ في النسخة مصحف «قوله»، فلاحظ.

[38] الطبقات الكبري 3: 281.

[39] الاستيعاب 3: 1145.

[40] روضة المناظر كما في النص والاجتهاد: 150.

[41] النهاية 1: 106، 107، باب الباء مع الدال.

[42] سورة المائدة: 3.

[43] تاريخ الخلفاء: 241.

[44] ارشاد العقول: 361 ط دار الكتب العلمية.

[45] فتح الباري 4: 204.

[46] صحيح البخاري: 2/252، الموطأ: 73، كنز العمال: 8/408 ح 23466.

[47] شرح النهج: 12 / 284.

[48] الشوري: 21.

[49] الحلال والحرام في الاسلام: 36.

[50] اللباب في شرح الكتاب لعبد الغني

الحنفي: 1/91 _ 92 وانظر: (الفقه الاسلامي وأدلته) للدكتور وهبة الزحيلي: 2/50.

[51] المجمع من شرح المهذّب: 4/49 _ 51.

[52] الحدائق الناضرة: 6/80.

[53] نقله عنه الشريف المرتضي في الشافي في الإمامة: 4/217.

[54] اقتضاء الصراط المستقيم: 276 _ 277.

[55] فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 13/253، 96 كتاب الاعتصام باب الكتاب والسنّة، باب الاقتداء بسنن النبي (صلي الله عليه وآله)، ذيل الحديث 7277، جامع الاُصول في أحاديث الرسول (صلي الله عليه وآله) ابن الأثير: 1/280، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة، الباب الأوّل في الاستمساك بهما، ذيل الحديث 67.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.