انوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين

اشارة

پديدآور: بحراني، علي بن حسن1857؟-1922؟م.
عنوان و شرح مسئوليت: أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف و الأحساء و البحرين
تأليف علي بن حسن البلادي البحراني؛ أشرف علي طبعه و تصحيحه محمدعلي محمدرضا الطبسي
ناشر: موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
موضوع: شيعه
سرگذشتنامه و كتابشناسي
شناسه افزوده: طبسي، محمد علي محمدرضا

تفريظ: بقلم صاحب الفضيلة العلامة السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي رفع قدر العلماء العاملين وفضل مدادهم علي دماء الشهداء والمجاهدين والصلاة والسلام علي الصادع بالشرع المبين محمد وآله الطاهرين.. وبعد: فقد أوقفني العلامة الورع التقي الشيخ حسين أدام الله أيامه نجل المؤلف الوحيد العلم السديد البحاثة الخبير والمتتبع النحرير الشيخ علي البحراني [طاب ثراه] علي كتاب والده: [أنوار البدرين في أحوال علماء الأحساء والقطيف والبحرين] وطالعت شطرا وافيا منه فرأيته خير كتاب في خير موضوع قد أحيا آثار العلماء الأعيان والفضلاء الأركان يليق أن يكتب بالنور علي الأحداق لا بالحبر علي الأوراق، فلله دره وعليه تعالي أجره وقد نقل عنه كل من عاصره وجاء من بعده وصار مصدرا من مصادر كتب الرجال التي يعتمد عليها ويركن إليها والله الهادي إلي دار السلام. حرره في تاسع شهر الصيام سنة 1371 هج، في خزانة كتبه في الكاظميين [ع] الراجي عفو ربه الغني محمد مهدي ابن محمد الموسوي الأصفهاني الكاظمي عفي عنه [ صفحه 3]

تفريظ: بقلم صاحب السماحة الحجة آية الله الفقيه الحاج الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لولي الحمد، والصلاة والسلام علي من بعثه الله رحمة للعالمين ونذيرا للمذنبين محمد بن عبد الله [صلي الله عليه وآله الطاهرين] وعلي أفضل أوصيائه المقربين علي بن أبي طالب وعلي أحد عشر من ولده الأئمة الطاهرين. وبعد: فقد وقفت علي تأليف نافع وتصنيف شائع الذي أطلعني عليه صديقنا الجليل قدوة المحدثين وذخر المؤلفين ومن أعد ليله ونهاره لترويج الدين ونشر آثار سيد المرسلين الشيخ حسين نجل المرحوم العلامة حجة الإسلام الشيخ علي البحراني فسبرت نظرات فيه فرأيته محتويا علي تراجم عدة من الفطاحل والأعلام من علماء القطيف والأحساء والبحرين [قدس الله أسرارهم ونور مراقدهم] وحيا الله المؤلف لما أحيا ذكر هؤلاء الأكابر والنفوس المقدسة بتأليفه هذا الكتاب فقد أصبح هذا التأليف المنيف يعد من كتب التراجم الذي ينبغي أن يعتمد عليه ويستند إليه وإني أرجو الله أن يوفق خلفه شيخنا الجليل ويوفقنا لخدمة الدين إنه ولي التوفيق. الأحقر الفاني: محمد رضا الطبسي النجفي 1377 هج [ صفحه 4]

تقريظ: بقلم علي الشيخ منصور المرهون أنوار البدرين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله الميامين. أنوار البدرين الكتاب المنوه عنه في الكثير من المعاجم القيمة كأعيان الشيعة والذريعة والمنيعة وأمثالها الكتاب الذي يضم بين دفتيه رجالا طالما خدموا الدين وأهله ردحا من الزمن غير قصير حتي اختارهم الله إلي جواره ولولاه لما كنا نعرف عنهم شيئا ولذهب ذكرهم كحديث أمس الدابر إلا آثار ما لا يجدي اطلاعنا عليها مزيد علم غير أنا بفضل تلك الجهود الجبارة التي قام بها علينا المغفور له أصبحنا ذا ثروة هائلة طائلة تدلنا بأوضح براهينها علي ما كان عليه سلفنا الصالح من مزيد اعتناء بالدين واهتمام بأمور المسلمين وتفان لما فيه الصالح العام وإنقاذا لسائر البائسين من الضعفاء والمساكين من تلك الأيدي التي لا تري لها حقا الأمر الذي [ صفحه 5] ه - يدعو إلي الاهتمام العظيم بنشر الكتاب وطبعه ليسد محله الشاغر من مكتبة الدين الإسلامي فما ذكره ذاكر إلا سأل الله ذلك لأنه من المصادر التي يعول عليها ويستند إليها وكم قرأت عنه كثيرا من الكتب التاريخية والأدبية مما أطلعت عليه قبل أن أراه وكم كان بودي أن أكون أحد الناظرين إليه والمطلعين عليه حتي يسر الله تعالي ذلك بمناسبة تقديم كتاب العلامة الشيخ ناصر الجارودي المعروف ب [بشري المذنبين] حيث قد تفضل به العلامة الشيخ حسين نجل المؤلف فاقتطفت منه ترجمة الناصر المذكور فرأيت الكتاب ذا ثروة هائلة كما ذكرنا آنفا قد حفظ الكثير من علماء البحرين والقطيف والأحساء مما سجل علي ممر الدهور للمؤلف يدا علي هذه الأقطار الثلاثة وما اشتملت عليه من مئات الألوف من الناس وما كانت المجموعة الإنسانية من سائر الأقطار الإسلامية تعرف عن هذه الأقطار الثلاثة شيئا إلا من طريق [أنوار البدرين] أضف إلي ذلك أنه ينشر من آثار أعلامها الأعلام وهم كثيرون وكثيرون ما يروي الغليل ويشفي العليل يرد إلي النفس الاطمئنان ويثلج الصدر الله فان ما سجل فيه من تاريخ هذه البلدان العربية البحتة التي ملأت بالإيمان وأهله منذ كانت وحتي الآن ولم تزل وإن كان لا يعدوها المثل كما لا يعد وغيرها [ومن ذا الذي يا سعد لا يتغير] وبما إني أعرف من نفسي تمام الرغبة إلي نشر هذا السفر الخالد والأثر القيم لما فيه وفيه من المثل العليا والقيم الروحية مما ذكرت وما لم أذكر مما يعجز عن بيانه أمثالي أود لكل من رأي لمثل هذا المشروع الحي قيمته وأقام له وزنا أن يقدره حق قدره وأن لم يكن من أهل ذلك فليدع الحب في سنبلة فلكل أهل. وقد وفق الرحمن بعض الأخوان لتصحيحه ومقابلته علي النسخة الموجودة [ صفحه 6] - و - في مكتبة الإمام كاشف الغطاء الأمر الذي أوجب النشاط من جديد لإحياء هذا الأثر القيم والسفر الجليل بنشره وطبعه فله منا جزيل الشكر وعاطر الثناء والحمد لله رب العالمين. نزيل النجف الأشرف 14 - 11 - 1377 علي المرهون [ صفحه 7]

مقدمة الكتاب

اشاره

بقلم الشاب المثقف حفيد المؤلف [قده] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله علي نعمه والصلاة والسلام علي محمد وآله أبواب كرمه، من المعلوم أن البحرين من المدن التي كانت عامرة بالمعارف والعلوم بحيث إشتهرت في كل مكان ودوي اسمها في مختلف الأنحاء في سالف الأزمان خصوصا في زمن الدولتين البويهية والصفوية فقد ظهرت منها جهابذة وأوتاد وصارت مثوي للعلم يقصد لها من كل بلاد تقابل الحلة والسيفية وجبل عامل وجملة من البقاع بالمدارس معمورة حتي أن من جملة قرأها الصغار جزيرة تسمي بجزيرة [النبي صالح] وإلي الآن فيها مدرسة قد إحتوت علي قبور سبعين عالما شهداء كلهم قتلوا في يوم من الخوارج خذلهم الله وبقربها جزيرة أخري بينهما مقدار سبعين ذراعا علي طريق البحر وسمعت من بعض الثقات إنها محل العالم المهذب الأوحد المحقق الممجد الشيخ أحمد بن المتوج البحراني صاحب [ صفحه 8] - ح - التصانيف الفائقة التي منها رسالة [الناسخ والمنسوخ] و [رسالة العقود والإيقاعات] و (شرح المختصر النافع) وهذه إلي الآن باقية موجودة وقبر هذا الشيخ في جزيرة النبي صالح مزار يتبرك به كل أحد من أهل البحرين وبقرب هذه الجزيرة المذكورة (هلتا والغريفة) وهما من قري الماحوز والأولي منهما هي مسكن العالم الرباني والمحقق الصمداني شيخنا الشيخ ميثم بن علي بن ميثم البحراني المشهور في الإجازات من مشايخنا الكبار حتي أنه قيل أن المحقق الطوسي تلمذ عليه في الشرعيات وتلمذ هو علي الشيخ الطوسي (ره) في العقليات وهو شارح نهج البلاغة بالشروح الثلاثة الكبير والمتوسط والصغير أما الأكبر منها فهو المطبوع بمطبعة إيران والأوسط فهو موجود عند أهل القطيف في خزانة المرحوم الحاج أحمد بن مسعود الجشي رحمه الله [1] وهو صاحب شرح مائة كلمة ومن نظر إليها وإلي الشرح الكبير عرف مقدار الرجل المشار إليه، ومن آثار البحرين الخاصة لها أن فيها مدارس بحسب الأيام فمنها (مدرسة الاثنين) وهي في البلاد العامرة في ذلك الزمان تسمي (جد حفص) التي خرجت منها فحول من العلماء وصارت مثوي تقصد كالماء وخرج منها جماعات منهم العالم الأديب البحر المتدفق بأنواع العلوم العجيبة السيد ماجد الصادقي (رض) الذي هو أحد المعاصرين للشيخ البهائي المسامر للشاعر الأديب الشيخ جعفر أبي البحر الخطي صاحب الديوان الذي تهش الأسماع إلي استماعه وتلتذ الطباع إلي محاسن إبداعه. ولو لم تكن إلا مئات المؤلفات وعشرات المؤلفين لكفي علي ذلك دليلا [ صفحه 9] - ط - وأن هذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ الكريم، والذي بذل جدنا المرحوم في جمعه وتأليفه قصاري جهده وثمين أوقاته كنار علي علم يهديك إلي مواضع فضلها ومزيد شهرتها وطالما تشوق كثير من الراغبين في تتبع هذه الآثار والوقوف علي مدا ما قطعته هذه البلاد في سبيل نشر المعارف الإلهية ورفع علم العلم عاليا في بلاد الإسلام للوقوف عليه هذا ولم يحصل إقبال علي كتاب من مؤلفات هذا القرن بحيث يستكتب ويكون مصدرا لكتب التواريخ الحديثة من مؤلفات جهابذة العصر مثله فقد استكتبه العلامة الشيخ علي كاشف الغطاء [2] وربما أخذ عنه في كتابه الحصون المنيعة، وأخذ عنه الحجة الآغا بزرك الطهراني [3] في موسوعته [الذريعة] والأميني في [شهداء الفضيلة] [4] وفقيد الشيعة ومحسنها في [أعيان [ صفحه 10] - ي - الشيعة] [5] إلي غير ذلك وهو كثير [6] ولا أريد أن أنهي كلمتي قبل أن أتعرض لذكر شئ من أحوال المؤلف جدي المرحوم علي أن لا أتعرض لذكر شئ أستعرضه هو عند ذكره لأحواله في آخر الجزء الأول هذا الكتاب كمولده وكيفية مجيئه من البحرين إلي القطيف الخ وكذلك أسرته فقد تكلم هو عنها في غير موضع من الكتاب وهو الثقة الأمين فلنأخذ فيما لم يتعرض له فنقول أولا: مكانته الاجتماعية كان رحمه الله تعالي مطاعا في قومه مهابا عند كافة أهل بلاده محترما عزيزا [ صفحه 11] - ك - يرون فيه الحجة الورع والزعيم المصلح يأتمرون بأوامره وينكصون عن ارتكاب ما نهي عنه إذ عرفوه عالما رباني لا يغضب إلا لله ولا يأمر إلا بما أمر الله ولا ينهي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 11 - 19 إلا عما نهي الله عنه، يمتاز من بين أقرانه بسعة الحلم وقوة الذاكرة ورجاحة العقل وعظم المخافة لله تعالي والفرق منه والتقوي له، ولعل التقوي أبرز ظاهرة فيه فقد اشتهر حتي الآن بين أبناء وطنه لذلك ولعل تقاه بل هو نفسه أكبر دافع لكثير من أبناء البلاد ووجهائها وأصحاب الثروة ذوي الاحسان فيها في الوصاية عليه، والعهد بالولاية علي أولادهم وإنفاذ وصاياهم، ولأجل تقواه وورعه وزهده وأمانته وعفته وصيانته حبست الوقوفات عليه وعلي ذريته من كافة الطبقات. حياته الأدبية وإلي جنب ما ذكرنا فهو أديب وشاعر ولكن من الطراز القديم وعلي النحو المألوف بين أمثاله في ذلك الوقت، فمن نظر في خطبه ومقدماته لمؤلفاته وتعليقاته عليها وعلي سائر الكتب وجدها كما ذكرنا، وهذا الكتاب كثيرا ما فيه من إنشائه بل أكثره، وهو علي المنهاج الذي أسلفنا ولكن رغم ذلك فالقارئ يجد في قراءتها متعة ولباقة، والمستمع إلي خطبه العيدية يأخذه وقع لفظها ويسيطر عليه ما احتوت عليه من غرر الدر المنثور، وبما فيها من تشويق للإقبال علي الآخرة وتخويف من التعرض للدنيا، وأمر بأداء الواجبات ونهي عن ارتكاب المحرمات.. أما شعره فلم يكن فيه ثمة تجدد عن شعر أهل القرن الماضي ولكن يمتاز بتأثيره العظيم سيما في الرثائيات، وقد وقف حياته الأدبية علي خدمة أهل البيت عليهم السلام [ صفحه 12] - ل - ومدائحهم ومراثيهم، ولم يتعرض لسواهم إلا قليل وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم يضم بعض أشعاره فليراجع من شاء الوقوف عليه. مؤلفاته قد التزمنا بعدم التعرض لما ذكره في أحواله ومؤلفاته قد فضلها هنالك والذي نذكره هنا، هو مؤلف له ألفه بعد فراغه من تأليف هذا الكتاب، وهم النعم السابغة والنقم الدامغة، كتاب يثبت الإمامة وكونها منصبا إلهي واجب فيه النهض علي فرد معين، يقوم بأهميات الأمور، ثم يعود فيثبت إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأولاده المعصومين إثباتا جليا واضحا، لا يتطرق إليه الشك، ولا يؤثر فيه معلوم الهدم، ذكر ذلك في مقدمته ومطاويه ثم أفرد لكل معصوم بابا يذكر فيه اثني عشر حديثا يتفرع كل حديث إلي عدة أحاديث في شتي المواضيع كبير الفائدة عظيم النفع، توفي رضي الله عنه ولما يكمله، ونحن نبتهل إلي الله تعالي أن يهيئ ابنه العلامة والدي لإكماله وإخراجه فهو كنز ثمين لا يستفاد منه ما لم يكن سبيله الإنفاق وفاته حزمته يد المنون ليلة الحادية عشر من شهر جمادي الأولي سنة 1340 ه ج أربعين وثلاثمائة والف من الهجرة لمرض لازمه مدة، فكان صباح وفاته يوما مشهودا حيث زحفت فيه القطيف من أقصاها إلي أدناها نحو عاصمتها القلعة، وخصوصا أهل [ صفحه 13] م - قريته القديح فقد خرجوا إلي القلعة نساءا ورجالا كبارا وصغارا شيبا وشبانا حتي الأطفال يتقدمهم موكب العزاء واللطم وهم بين الآهات والحسرات كأنهم سكاري وما هم بسكاري ولكن المصاب شديد، والخطب فادح، ويحدثنا بعض من شاهد تشييعه بأنه حتي الآن لم يجر تشييع لأحد في تلك الأطراف كالتشييع الذي جري له هذا ولم يقتصر وقع المصاب علي القطيف فحسب بل سري ذلك إلي أغلب الأنحاء كالبحرين والأحساء قد لبستا أبراد الحزن ورفعتا أعلام الخطب وطفق شاعر الأحساء الفذ وبلبلها الغريد الشيخ عبد الكريم الممتن يؤبنه ويرثيه ويؤرخ وفاته بقوله بدر سماء الدين لما اختفي++ دجا بأفق الحق ديجور فانبجست عيني دما عندما++ أرخته (غاب لنا نور) وأبنه من أهل القطيف صاحب الفضيلة الشيخ فرج الله آل عمران الخطي بمقطوعة حسنة قال أيده الله لم أدر أي الراسخين به سري++ تعش أرضوي أم علي به سري عجبا له كيف استطاع لحمل من++ في صدره علم الوصي تصدرا أو كان عرش الله هذا النعش أم++ لأب الحسين علي أضحي منبرا قد أوحش الدنيا علي إذ مضي++ منها وللعلماء أشجي كدرا وبه تباشرت الجنان وأهلها++ لما بها ألقي علي عصي السري ولنا أبان مؤرخوه بأنه++ ما زال فيها باسمها مستبشرا 1340. وأقيمت له الفواتح الكثيرة، ولعله أبن بمراثي غير ما أسلفنا ذكرها ولكن عدم الاهتمام بتتبعها وجمعها سبب عدم العلم بها [ صفحه 14] - ن - رحمه الله تعالي رحمة واسعة وأطال في بقاء ابنه وخلفه، القائم، مقامه سماحة والدي العلامة الشيخ حسين وليكن آخر ما أردناه تقديمه من ذكر هذا الكتاب والله الهادي. حفيد المؤلف علي الشيخ حسين القديحي [ صفحه 15] أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين إن كتابنا هذا كتاب أدب وكمال وقصص وأمثال المؤلف " ره " تأليف العلامة الكبير الشيخ علي ابن المقدس الشيخ حسن آل المرحوم الشيخ سليمان البلادي البحراني رضي الله عنهم وأرضاهم آمين [حقوق الطبع محفوظة لورثة المؤلف] أشرف علي طبعه وتصحيحه محمد علي محمد رضا الطبسي مطبعة النعمان النجف 1377 ه ج [ صفحه 16]

كلمة المؤلف و فيها سبب تأليف الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بعث محمد المصطفي صلي الله عليه وآله رحمة للعالمين، وأرسله بشيرا ونذيرا إلي الخلق أجمعين، وجعله نبيا وآدم بين الماء والطين وفضله وشرفه علي كافة المخلوقين، وختم بشريعته جميع شرايع الأنبياء والمرسلين، ونسخ بها جميع شرائع الأنبياء المتقدمين، وجعل عترته وآله الطاهرين خلفاءه الراشدين المرضيين وأوصياءه علي اليقين شركاء الكتاب المبين، وسادات المسلمين، وأمناءه في أمور الدنيا والدين، حرس أهل الأرض عن العذاب المهين، سفينة النجاة للراكبين باب خطة للداخلين هدا المهتدين وحبل الله المتين، فصلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، كل آن وحين، ورضوان الله ورحمته علي علمائهم العاملين ورواة أخبارهم والمقتفين لآثارهم المستضيئين بأنوارهم والتابعين، ولعنة الله الدائمة علي أعدائهم الظالمين.. أما بعد فيقول العبد الجاني، والفقير لربه السبحاني علي ابن المرحوم الشيخ حسن ابن المقدس الشيخ علي ابن المرحوم الشيخ سليمان البلادي البحراني عفا الله عن جرائمهم أجمعين، وأعطاهم خير الدنيا والدين، بحق محمد المصطفي الأمين وآله الطاهرين الميامين، صلي الله عليه وآله الأكرمين قد سألني الولد الصالح، (2 - أنوار البدرين) [ صفحه 17] والميزان الراجح العالم العامل التقي الكامل النقي الواصل الرضي الفاضل المؤيد بالتأييدات الربانية، الموفق بالتوفيقات السبحانية، المتنسل من سلالة العلمان الأعيان، ذوي الإتقان والإيقان، المعتمد الصالح. الشيخ محمد صالح، خلف العالم الأسعد العلامة الأرشد الفهامة الأمجد شيخنا ووالدنا الروحاني الشيخ أحمد بن العالم العابد الزاهد الصالح الشيخ صالح الستري البحراني مد الله عمره السعيد مدا وجعل بينه وبين جميع الحوادث سدا، ووفقنا الله وإياه وأبناءنا والمؤمنين، إلي الدنيا والدين وجعلنا وإياهم وآباءنا والمؤمنين، من أهل دار دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيهم سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، أن أكتب له كتابا كاملا ودستورا حافلا لترجمة علماء البحرين وفقهائها وأدبائها وفضلائها مع ذكر مصنفاتها ورسائلها وما يدخل في هذا الشأن ويحوم حول هذا الميدان، مما بلغه علمي، وأحاط به اطلاعي وفهمي، وإن كان قليلا من كثير، ونقطة من غدير لتشتت أهلها في البلدان، بما لعبت بهم أيدي الزمان، وما نالوه من البلاء والهوان من أهل الجور والعدوان، والحوادث والوقايع التي أخلت منهم الأوطان وبددت شملهم في كل مكان. كأن لم يكن بين الجحون إلي الصفا++ أنيس ولم يسمر بمكة سامر حتي بلغ الحال إن كثيرا من الأولاد لم يعلموا بآثار آبائهم ولم يدروا بأنسابهم وأقربائهم وكانوا من مصاديق قوله صلي الله عليه وآله (أعظم الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأولياء ثم المؤمنون الأمثل فالأمثل) وقد كان أهل البحرين من قديم الزمان من الشيعة المخلصين، والموالين لمولانا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين وأبنائه الأئمة الطاهرين، عترة الرسول الأمين، صلي الله عليه وآله الميامين، وكانوا من الزهد والورع والتقوي والتمسك بالعروة الوثقي والسبب الأقوي بمكان مكين وثبات ويقين، كما ستطلع إن شاء الله تعالي في المقدمة علي بعض أحوالهم، وتفصيلهم [ صفحه 18] وإجمالهم، فاستخرت الله العليم بالخفيات الخبير بجميع المعلومات، وأجبته إلي ما طلب وأسعفته فيما سأل ورغب، سائلا منه سبحانه أن يمدني بالتوفيق والصواب، والهداية للحق في كل باب، إنه الكريم الوهاب وخير من سئل فأجاب: وسميته ب: أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين والله الكريم أسأل حسن المبدأ والختام وخير الدنيا والدين يوم القيام، وهو حسبنا وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير. ورتبته علي مقدمة شريفة وثلاثة أبواب وخاتمة نسأله حسن الابتداء والخاتمة، وهذا ترتيب المبدأ والخاتمة والأبواب ليكون كالفهرست للكتاب. المقدمة في ترجمة البحرين ومدنها الثلاث إجمالا وفيها مباحث شريفة وفوائد منيفة. والباب الأول في ترجمة علماء البحرين وهي جزيرة أوال. والباب الثاني في ترجمة علماء القطيف التي هي الخط. والباب الثالث في ترجمة علماء الأحساء وهي هجر. والخاتمة في ذكر أربعين حديثا نبوية من طرق أصحابنا الإمامية وذكر اتصالنا بالإجازة لأخبار أئمتنا العترة الطاهرة المهدية مشروحة مختصرة ومن الله الكريم الرحمن الرحيم نستمد المعونة والتوفيق ونستدفع التعسير والتعويق إنه ولي كل خير ودافع كل [ صفحه 19] سوء وضير، وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولي ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم العليم القدير الأحد الصمد الخبير.

المقدمة مترجم

في ترجمة البحرين واشتمالها علي المدن الثلاث وهي جزيرة أوال والقطيف والأحساء وفضلها علي كثير من بلاد الإسلام. قال السيد الفاضل المعاصر السيد محمد باقر الأصفهاني في كتابه روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات وهو كتاب جامع جليل في ترجمة العلامة الأمجد الشيخ أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 19 - 24 أحمد بن الشيخ محمد المقشاعي المقابي البحراني الذي نذكر إن شاء الله تعالي ترجمته فيما يأتي. ثم إن البحرين كما في تلخيص الآثار ناحية بين البصرة وعمان علي ساحل البحر بها مغاص الدر، ودرة أحسن الأنواع ينتهي إليها قفل الصدف في كل سنة من مجمع البحرين، يحمل الصدف بالدر إليها وليس لأحد من الملوك مثل هذه الغلة، من سكن البحرين عظم طحاله وانتفخ بطنه. قلت وأهل البحرين قديمة التشيع ومتصلبون في أمور الدين خرج منها من علمائنا الأبرار جم غفير، وفي الأمثال المشهورات، خرب الله البحرين وعمر أصفهان كي لا يخلو من أهل الأولي أحد ولا يقع من أهل الثانية الديار. والخط قرية باليمامة يقال لها خط هجر ينسب إليها الرماح الخطية. وهجر مدينة كبيرة هي قاعدة بلاد البحرين ذات النخل والرمان والأترج والقطن قال النبي صلي الله عليه وآله إذا بلغ الماء قدر قلتين لم بحمل خبثا أراد بهما قلال هجر يسعها [ صفحه 20] خمسمائة رطل وإليها ينسب رشيد الهجري صاحب أمير المؤمنين (ع) الذي هو في درجة ميثم التمار وهو من جملة حاملي أسرار أمير المؤمنين عليه السلام انتهي كلامه في الجنان مقامه وإنما نقلناه بطوله لاشتماله علي الفوائد الجزيلة والعوائد الجميلة وذكره المدن الثلاث كما عن تلخيص الآثار كل واحد باسم خاص جريا علي غلبة الاستعمال، وإلا فاسم البحرين واسم هجر بفتحتين ويطلق كل منهما علي الجميع كما هو المستفاد من تتبع كلام أهل اللغة وأهل التواريخ والسير ثم صار علما بالغلبة اسم البحرين علي جزيرة أوال وهجر علي بلاد الأحساء كابن عباس وابن الزبير ونحوهما وما نقله عن تلخيص الآثار من عظم الطحال وانتفاخ البطن فلعله كان في قديم الزمان كذلك وإلا فالآن ليس كذلك ووجودهما نادر جدا لبعض العوارض ولعله انتفي بسبب عوارض كما يحكي أنه كان في السابق في أهلها بعض الجذام بسبب الرطوبات وكثرة الأسماك فذهب عن أهلها بالكلية بسبب شرب التتن وكثرة شيوعه حتي حكي إن كثيرا من علمائها القدماء يذهب إلي حرمته وينهي عن استعماله فلما رأي منفعته للمرض المزبور سكت عن النهي وأجاز استعماله والله العالم [7] . (والخط) بضم المعجمة هي بلاد القطيف والظاهر من تتبع التواريخ القديمة جدا علم أن الأولتين أقدم منها والآثار والوجدان يساعدان فإن جزيرة أوال فيها من الآثار القديمة جدا كقلعة دقيانوس ملك أصحاب الكهف وهو قبل عيسي (ع) [ صفحه 21] وغير ذلك قديما وهجر فيها آثار من قبل عيسي (ع) أيضا وأما القطيف فقد ذكر ابن الأثير في الكامل إن سابور الملك مدن أربعين مدينة من جملتها القطيف من البحرين انتهي - وينسب إليها شاعر البحرين أبو البحر جعفر بن محمد الخطي، والشاعر الأديب الشيخ فرج الخطي وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالي علي ترجمتهما. وأما فضلها علي كثير من غيرها فقد حدثني أقدم مشائخي العلامة الثقة الثبت الحفظة الوالد الروحاني التقي الصالح الشيخ أحمد بن الشيخ صالح البحراني قدس الله نفسه ونور رمسه وأسنده أنه لما أمر الله رسوله محمدا المصطفي صلي الله عليه وآله بالهجرة من مكة بعد موت عمه وكافله سيد البطحاء بيضة البلد أبي طالب وتظاهر المشركين عليه نزل عليه الأمين جبرئيل (ع) من الرب الجليل وخيره في الهجرة إلي البحرين أو فلسطين أو المدينة فترك صلي الله عليه وآله البحرين من أجل البحر وترك فلسطين لبعدها واختار المدينة لقربها من مكة انتهي كلامه علا في الفردوس مقامه. قلت ثم بعد مدة مديدة وقفت علي خبر رواه العلامة الثاني الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني في المجلد الثاني من كتابه أزهار الرياض والظاهر أنه عن الإمام الصادع بالحق والناطق جعفر بن محمد الصادق (ع) بالتفصيل الذي ذكره قدس سره إلا أني لم أكن بصدد هذه الكتابة حتي أنقله بلفظه وهذه فضيلة عظيمة تدل علي شرف الأرض وقبول أهلها للألطاف بحيث تكون مثوي لسيد المرسلين ومهاجرة لخاتم النبيين واستراحته إليها عن أذيات المشركين. ومنها أنها أسلمت للنبي صلي الله عليه وآله طوعا بالمكاتبة كما ذكره جملة من أهل التواريخ والسير من الخاصة والعامة كما سيأتي حتي إن الفقهاء صرحوا في كتبهم الفقهية في أحكام الموات بأن البحرين حكمها حكم المدينة لأنهما أسلما طوعا لا عنوة بل ذكرها شيخنا الشهيد الأول في اللمعة مرتين مرة في إحياء الموات، ومرة في كتاب الخمس. [ صفحه 22] قال شيخنا الشهيد الثاني في شرحها ممزوجا بها وكل أرض أسلم عليها طوعا كالمدينة المشرفة والبحرين وأطراف اليمن فهي لهم علي الخصوص يتصرفون فيها كيف شاؤوا وليس عليهم فيها سوي الزكاة مع اجتماع الشرائط انتهي: وقال في الأنفال من الخمس في الكتاب المذكور ممزوجا بكلام الشارح المزبور ونقل الإمام (ع) الذي يريد به من قبيلة ومنه يسمي نفلا أرض انجلي عنها أهلها وتركوها أو أسلمت للمسلمين طوعا من غير قتال كبلاد البحرين انتهي المقصود من كلامهما زيد في الجنان عالي مقامهما وهو وإن كان الحكم الثاني مخالفا للأول إلا أن الظاهر وهو الذي عليه المعول إنما هو الأول. يدل علي الثاني ما رواه الشيخ في التهذيب في الموثق عن سماعة بن مهران قال سألته عن الأنفال إلي أن قال ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وربما يجمع بين الحكمين بما لا تنافي بينهما في البين ببعض الوجوه ولسنا بصدد تحقيقه وناهيك بها من فضيلة جليلة ومكرمة نبيلة وذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد الفريد في ذكر الوفود علي رسول الله صلي الله عليه وآله ووفد عليه وفد عبد القيس من أهل هجر فقال صلي الله عليه وآله لهم مرحبا بوفد قوم لا خزايا ولا نادمين وهجر هذه بلاد البحرين كما قدمنا الكلام عليها وهي التي عناها أبو اليقظان عمار بن ياسر الصحابي البدري (رض) بقوله في صفين يشير به إلي الفئة الباغية معاوية وأهل الشام (والله لو ضربونا حتي يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أننا علي الحق وأنهم علي الباطل) والمراد بسعفات هجر نخلها كنا عنه بأظهر الأفراد مجازا وذكر هجر مبالغة في الامعان في البعد فإن صفين من قري المغرب وهجر من قري المشرق وعمار هذا هو الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وآله عمار جلدة بين عيني وقال صلي الله عليه وآله في المستفيض بين الخاصة والعامة بروايات كثيرة منها ويح بن سمية تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار وقال له يا عمار ستقتلك الفئة الباغية ويكون آخر زادك من الدنيا ضياحا من [ صفحه 23] لبن والروايات في هذا المعني كثيرة جدا ورواها ابن النابغة عمر ابن العاص لأهل الشام قبل وقوع صفين فلما حضر الوقت صار بين ذي الكلاع الحميري وبين ابن العاص وعمار كلام كثير ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج في أخبار صفين وغيره وذكر أن ذا الكلاع قتل في اليوم الذي قتل فيه عمار بن ياسر (رض) ولو لم يقتل في ذلك لمال بأهل الشام إلي أمير المؤمنين (ع) لأنه رئيسهم والمطاع فيهم وهو الذي جد بهم لمعاوية وبئس الخاتمة والعقبي له ولهم. أقول وهذا يدلك يقينا أن قريشا المتقدمين منهم والمتأخرين اجتهدوا في إطفاء فضائل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وإخفاء مناقبه وستر ما قاله رسول الله صلي الله عليه وآله فيما استفاض من رواياتهم بل تواتر من طرقهم فيه من قوله صلي الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار في الروايات الصحيحة في يوم الغدير المتواترة من عدة طرق حتي أفردت فيه الكتب والرسائل بل وفي ذكر رواته في مجلدات كثيرة وفي طرق منها كما في الصواعق المحرقة لابن حجر من كنت وليه فعلي وليه، وقوله (صلي الله عليه وآله يا علي أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي " ع " إلا أنه لا نبي بعدي وقوله " ص " في واقعة خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتي يفتح الله عليه يعرض بقوله " ص " كرار غير فرار إلي من تقدم بالراية وفر يجبن أصحابه ويجبنونه فجئ بعلي إليه وبه رمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه. وحديث الطائر المستوي ذكره جملة من أساطين القوم ومحدثيهم وهو قوله صلي الله عليه وآله اللهم آتيني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر المشوي فأتاه علي (ع) فأكل معه وقوله " ص " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من [ صفحه 24] ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوي وقوله صلي الله عليه وآله إني مخلف فيكم الثقلين وفي بعضها إني تارك فيكم وفي بعضها إني مخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وكذلك قوله صلي الله عليه وآله فيه علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار لن يفترقا حتي يردا علي الحوض وقوله (ص) علي إمام البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله وقوله " ص " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها وقوله " ص " يا علي سلمك سلمي وحربك حربي إلي غير ذلك من الروايات الكثيرة والأخبار الصحيحة الشهيرة المذكورة في الأصحة والمسانيد من طرق متكثرة المتفق علي نقلها الخاصة والعامة والأولياء والأعداء الدالة علي تفضيل أمير المؤمنين " ع " علي جميع الأمة وفي بعضها نص علي خلافته وفضيلته وجلالته مما لا تقبل التأويل ولا تتطرق إليها الشبهات التي أظهرها الله لوليه لطفا به بعد طول ذلك الاخفاء وذلك الاستتار حسدا وبغضا من أعدائه وخوفا وتقية من أوليائه مع روايتهم لها وحفظهم إياها علي وجه الخوف والتقية حتي أظهرها الله تعالي كالسماء المرفوعة والأعلام الموضوعة والشمس الظاهرة والنجوم الزاهرة والأمثال السائرة فسارت بها الركبان وعطرت الآفاق في كل مكان وغنت بها الحدات ونقلتها السن المحدثين والرواة من الأولياء والعدات. هي الشمس كل العالمين يرونها++ عيانا ولكن ذكرها للتبرك وهذه الكتب المعتمدة مبذولة موجودة لأصحابنا وأهل السنة والجماعة مشهورة أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 24 - 29 غير محتاجة إلي التعيين تنادي برفيع أصواتها بخلافة علي أمير المؤمنين " ع " وأبنائه الطاهرين وتفضيلهم علي الخلق أجمعين وظهور نورهم وعلو مقامهم وفخرهم وسمو مرتبتهم وقدرهم وإن كانت الشمس تطمس أعين الخفاش والحق مضر بأسماع الأوباش وحيث سترها بغضا الأولون وكتمها حسدا الأقدمون وخوفا الموالون لم تتطرق أسماع كثير من العوام بشئ منها فآل الأمر إلي أنهم أضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل فبسماع [ صفحه 25] بعض أهل الشام هذا الخبر المروي في حق عمار بن ياسر وحق قاتليه صار عند بعضهم الاضطراب وبعض التوقف فكيف لو سمعوا بشئ مما ذكرناه ونقلوا لهم بعض ما رويناه مما هو مجمع علي صحته وصدوره وروايته وإن كان أكثرهم أتباع كل ناعق وجلهم مسوقا لسائق وقد أنصف ابن أبي الحديد في هذا المقام حيث أشار إلي ما ذكرناه من الكلام فإنه لما نقل حديث ذي الكلاع الحميري في صفين عن عمار بن ياسر (رض) أهو مع أصحاب علي (ع) فقال له عمرو بن العاص حدثنا أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وآله قال: يلتقي أهل الشام وأهل العراق وفي إحدي الكتيبتين الحق وإمام الهدي ومعه عمار بن ياسر (رض) فقال أبو نوح (ره): نعم أنه لقينا (قال ابن أبي الحديد) قلت وا عجباه من قوم يعتريهم الشك في أمرهم لمكان عمار ولا يعتريهم الشك لمكان علي (ع) ويستدلون علي أن الحق مع أهل العراق بكون عمار بين ظهورهم ولا يستدلون بمكان علي (ع) ويحذرون من قول النبي صلي الله عليه وآله تقتلك الفئة الباغية ويرتاعون لذلك ولا يرتاعون لقوله صلي الله عليه وآله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) ولا قوله صلي الله عليه وآله: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) وهذا يدلك علي أن عليا (ع) اجتهدت قريش كلها من مبدأ الأمر في إخماد ذكره وستر فضائله وتغطية خصائصه حتي محي فضله ومرتبته من صدور الناس إلا قليلا انتهي كلامه وهو صريح في أن أئمته وتابعيهم من قريش كلهم اجتهدوا في ستر فضائل أمير المؤمنين (ع) وإخفاء مناقبه ومن جملة تلك النصوص علي خلافته والأحاديث الدالة علي إمامته ليسقط قدره ويطفئوا نوره (ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) ولقد أظهر الله لهم من ذينك الإخفاءين ما قد ملأ الخافقين وعطر المشرقين والمغربين وفي الأمثال المشهورة (كناقل التمر إلي هجر) وعني بها البحرين وهو كناية [ صفحه 26] لمن يأتي بشئ إلي مكان والمنقول إليه أكثر وجودا ومحلا من المنقول منه، ثم استعمل في كل ما يلقي إلي من هو أعلم به منه كما في كتاب أمير المؤمنين إلي معاوية: (ولقد خبأ لنا منك الدهر عجبا، إذ طفقت تخبرنا بنعم الله علينا إلي قوله (ع) فكنت في ذلك كناقل التمر إلي هجر) وأصل المثل أن تاجرا سافر بتجارته إلي البصرة فلم يربح فيها فأحب أن يشتري تجارة منها ويسافر بها للربح فرأي التمر رخيصا فاشتري بتجارته تمرا وحمله إلي البحرين فرآه فيها أرخص مما اشتراه بكثير فاستأجر له حوانيت للتمر ينتظر غلاه وسعره في نزول حتي حدثت التمرة الجديدة وليس له قيمة فأتي إليه أصحاب الحوانيت وقالوا له: فرغ الحوانيت لنضع فيها التمرة الجديدة فاكتري حماميل لنقل التمر يلقونه في البحر إذ لا قيمة له أصلا فخسره ومصارفه فضربت العرب المثل به لمن يحمل شيئا إلي مكان ذلك الشئ إلي محله وقالوا (كناقل التمر إلي هجر) وبعضهم أزاد مثلا آخر (وحامل الحوت إلي قطر) لأن قطر كثيرة الحوت ولعله لقصة واقعة أو للسجع مع صدق المعني وقال السيد المحقق السري السيد نور الله الشوشتري صاحب المصنفات الرشيقة والتحقيقات الدقيقة منها (إحقاق الحق) و (مصائب النواصب) و (الصوارم المهرقة في نقض الصواعق المحرقة) وغير ذلك في كتابه (مجالس المؤمنين في ترجمة البحرين) قال صاحب (معجم البلدان) إن البحرين اسم لجميع البلدان التي علي ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان وقال بعضهم: أن قصبة هجر (إلي أن قال) والبلاد المشهورة بالبحرين القطيف وأده وهجر وينبوتة وزاره وجواتا وشابور ودارين وعانة وفي السنة الثامنة من الهجرة أرسل رسول الله صلي الله عليه وآله العلاء بن عبد الله الحضرمي إلي أهل تلك البلدان بالدخول في الإسلام أو قبول الجزية وكتب بذلك إلي المنذر بن ساوي وإلي [ صفحه 27] مرزبان هجر ولما وصل كتاب النبي صلي الله عليه وآله إلي هذين الاثنين اللذين هما رئيسا تلك الولاية دخلا في الإسلام وكذلك جميع العرب الذين معهما وبعض العجم وأهل القري والزراعة من المجوس واليهود والنصاري صالحوا علي نصف غلتهم من الزراعة والتمر وبقوا علي مذاهبهم والعلاء في ذلك العام أرسل إلي النبي صلي الله عليه وآله من مال تلك الولاية ثمانين ألف دينار وبعد ذلك عزل رسول الله صلي الله عليه وآله العلاء وولي أبان بن العاص وسعيد ابن أمية وبقيا إلي وقت وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله فلما ولي أبو بكر عزله وولي مكانه العلاء أيضا، ولما كان في زمان عمر عزله وولي أبا هريرة فلما ولي ذلك المكان حصلت منه خيانة عظيمة في الأموال التي قبضها، وروي محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: استعملني عمر بن الخطاب علي البحرين فاجتمعت لي اثنا عشر ألف دينار فلما قدمت إلي عمر قال: لي يا عدو الله وعدو المسلمين (أو قال وعدو كتابه) سرقت مال الله قال فقلت: لست بعدو الله والمسلمين ولا عدو كتابه ولكنني عدو من عاداهم، قال فمن أين اجتمعت لك هذه الأموال؟ فقلت: خيل لي تناتجت وسهام اجتمعت، قال فأخذ مني اثني عشر ألف دينار (إلي أن قال السيد السند المشار إليه في الكتاب المذكور) وتشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والأحساء من قديم الزمان إلي هذه الأيام ظاهر شايع ومنشأ ذلك شمول اللطف الإلهي لأهل تلك الديار وكان في مبدأ الإسلام مدة مديدة عامل تلك الديار أبان بن سعيد بن العاص وكان من محبي أهل البيت عليهم السلام وكان ممن تخلف عن بيعة أبي بكر مع بني هاشم وفي زمان ولاية أمير المؤمنين (ع) جعل حكومة تلك لديار علي ما في كتاب (تحفة الأحباب) مذكور لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وبعض الأوقات لعمرو بن أم سلمة زوجة النبي صلي الله عليه وآله وهو ربيب رسول الله صلي الله عليه وآله وكان ممتازا علي غيره في العلم والعبادة [ صفحه 28] والعقل وطيب الطينة وصفاء السريرة وفي ذلك المكان قرر أحقية أمير المؤمنين(ع) بالخلافة وبيعة الغدير ونفي الشك والشبهة في ذلك انتهي كلامه علا مقامه أقول وجميع ما ذكره قدس سره قد ذكره جملة أهل التواريخ والسير ورؤساء المحدثين وذكر جملة منه ابن أبي الحديد الحنفي المعتزلي في شرح النهج المرتضوي ولا بأس بنقل بعض كلامه وإن كان بعضه خارجا عن المقصود إلا أنه غير خال من الفائدة الراجحة لأن كتابنا هذا كتاب أدب وكمال وقصص واعتبار وأمثال والشئ بالشئ يذكر قال ابن أبي الحديد: جاءت عائشة إلي أم سلمة " رض " تخادعها علي الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلي الله عليه وآله وأنت كبيرة أمهات المؤمنين وكان رسول الله صلي الله عليه وآله يقسم لنا من بيتك وكان جبرئيل أكثر ما يكون في منزلك، فقالت أم سلمة " رض " لأمر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة إن عبد الله " تعني ابن أختها ابن الزبير " أخبرني إن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام وقد عزمت علي الخروج إلي البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر علي أيدينا وبنا، فقالت لها أم سلمة " رض " إنك كنت بالأمس تحرضين علي عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلا وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب " ع " عند رسول الله " ص " أفأذكرك؟ قالت نعم قالت أتذكرين يوم أقبل " ص " ونحن معه حتي هبطنا من قديد ذات الشمال فخلا بعلي " ع " يناجيه فأطال فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك وعصيتيني فهجمت عليهما فما لبثت أن رجعت باكية فقلت: ما شأنك؟ فقلت إني هجمت عليهما وهما يتناجيان، فقلت لعلي " ع " ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا بن أبي طالب ويومي فأقبل إلي رسول الله " ص " [ صفحه 29] وهو غضبان محمر الوجه فقال إرجعي وراءك فوالله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم إلا وهو خارج من الإيمان فرجعت نادمة ساخطة فقالت: عائشة: نعم أذكر ذلك، فقالت، لها. وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله " ص " وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع " ص " رأسه وقال ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأديب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط فرفعت يدي من الحيس وقلت: أعوذ بالله ورسوله من ذلك ثم ضرب علي ظهرك وقال إياك أن تكونيها، ثم قال " ص " يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها يا حميرا أما أني قد أنذرتك قالت عائشة: نعم أذكر هذا قالت " رض " وأذكرك أيضا إني كنت أنا وأنت مع رسول الله " ص " في سفر له وكان علي " ع " يتعاهد نعل رسول الله يخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ ليخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلي الحجاب فدخلا عليه يحادثانه فيما أرادا ثم قالا يا رسول الله صلي الله عليه وآله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا، فقال: أما إني قد أري مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران (ع) فسكتا، ثم خرجا فلما أتينا إلي رسول الله صلي الله عليه وآله قلت أنت له وكنت أجرأ عليه منا: من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال " ص ": خاصف النعل فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا، فقلت يا رسول الله " ص " ما أري إلا عليا، فقال " ص " هو ذاك فقالت عائشة: أذكر ذلك قالت فأي خروج تخرجين بعد هذا!؟ فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الناس وأرجو فيه الأجر إن شاء الله أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 29 - 36 تعالي فقلت: أنت ورأيك فانصرفت عائشة عنها وكتبت أم سلمة(رض) [ صفحه 30] بما قالت وقيل لها إلي علي عليه السلام، وقال ابن أبي الحديد: وروي هشام ابن محمد الكلبي في كتاب (الجمل) أن أم سلمة (رض) كتبت إلي علي " ع " من مكة: " أما بعد فإن طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة إلي البصرة ومعهم ابن الحران عبد الله بن عامر بن كريز ويذكرون أن عثمان قتل مظلوما وأنهم يطلبون بدمه والله كافيهم بحوله وقوته ولو لا ما نهانا الله عنه من الخروج وأمرنا به من لزوم البيوت لم أدع الخروج إليك للنصرة لك، لكني باعثة نحوك عدل نفسي عمرو بن أبي سلمة " رض " فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا " قال فلما قدم عمرو علي أمير المؤمنين " ع " أكرمه ولم يزل، مقيما معه حتي شهد مشاهده كلها، ثم وجهه أميرا علي البحرين وقال " ع " لابن عم له بلغني إن عمروا يقول الشعر فابعث إلي من شعره شيئا فبعث إليه أبياتا له أولها: جزتك أمير المؤمنين قرابة++ رفعت بها ذكري جزاء موفرا فعجب عليه السلام من شعره واستحسنه انتهي قلت وبعد ذلك كتب إليه يأتيه لما عزم علي الرجوع إلي صفين لجهاد القاسطين بكتاب حسن يتضمن إنه لم يعزله عن خيانة أوامر غير حسن وإنما هو كان عزمه علي قتال أهل الشام ولا ينبغي لمثله أن يغيب عن ذلك والكتاب مذكور في أصل نهج البلاغة ثم أرسل مكانه أميرا علي البحرين النعمان بن عجلان الأنصاري من سادات الأنصار وشاعرهم ولسانهم الذي خلف علي خولة زوجة حمزة أسد الله وأسد رسوله " ص " وهو أيضا صاحب الأبيات المشهورة وهي قوله يخاطب بها المهاجرين: [ صفحه 31] أقمتم أبا بكر لها غير عالم++ وأن عليا كان أخلق بالأمر علي بحمد الله يهدي من العمي++ ويفتح آذانا صم من من الوقر ولم يرض إلا بالرضاء وأنتم++ رضيتم بأدناكم إلي أرذل العمر فقرر علي أهل تلك الديار حقية الخلافة للأمير " ع " وخبر الغدير وغيره من فضائله وكراماته وأهل بيته، أصحاب آية التطهير ووجوب محبتهم ولزوم ولايتهم ومودتهم المنجية من نار السعير وقد صح عن رسول الله " ص " في المتفق عليه بين الفريقين إنه قال: أيها الناس إني مخلف فيكم الثقلين ما أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وقال " ص ": أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوي كل ذلك بأسانيد متعددة وألفاظ مختلفة ومعان متفقة وأخبار اثني عشر أمير أو خليفته المذكورة في " صحيح مسلم والبخاري " و " مسند ابن حنبل " منها لا يزال هذا الدين عزيزا ما وليهم اثني عشر خليفة أو أمير كلهم من قريش بألفاظ مختلفة ومعان متفقة وأسانيد صحيحة وفي بعضها كما في " الينابيع " كلهم من بني هاشم وأخبار يوم الغدير وغيرها من الجم الغفير الدالة علي خلافة الأمير المتقدم بعضها بل ذلك منها نقضة من غدير وقليل من كثير ولا ينبئك مثل خبير وكله مروي في صحاح القوم ومسانيدهم كالصحيحين " والمستدرك " وبقية الصحاح الست ومسند ابن حنبل وغيرها من كتب الفضائل وكلها دالة منطوقا ومفهوما علي أفضلية أهل البيت ووجوب مودتهم وولايتهم ومحبتهم وفي بعضها بل كلها بمعني من المعاني علي خلافتهم والغرض من ذلك أن المستمسك بالعترة الطاهرة والعاملين بأقوالهم والمقتدين بهم في أفعالهم هم الناجون في الآخرة [ صفحه 32] والعاملون بوصية الرسول الأمين في أهل بيته الطاهرين والراكبون سفينة النجاة والشاربون من عين الحياة والسالمون من جميع المهلكات. وعن رسول الله " ص " أنه قال لعلي " ع " يا علي تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين وفي معناه أحاديث كثيرة من طرق العامة فضلا عن الخاصة ودعوي بعض الأشاعرة والمعتزلة أنهم شيعة علي " ع " دعوي باطلة عاطلة فاه بها منهم اللسان وكذبها منهم القلب والجنان والعرف واللغة والوجدان فإنهم جعلوا عترة الرسول الأمين كآحاد المسلمين وسائر الصحابة والتابعين بل اعترضوا بالكلية عنهم وقلدوا أمور دينهم غيرهم مما لا يوازيهم في علم وعمل وكمال وورع وتقوي وجلال وحسب ونسب وإعراض عن الدنيا وإقبال علي الأخري فليس شيعة علي وآله الطاهرين عترة الرسول الأمين إلا الشيعة الإمامية العاملون بأخبار سيد البرية في عترته وأهل بيته والعترة والذرية من محبتهم وتعظيمهم ومودتهم وتكريمهم والعمل بأقوالهم والاقتداء بأفعالهم والاستضاءة بأنوارهم وزيارة قبورهم والحزن علي مصائبهم والفرح بنشر فضائلهم ومناقبهم.. ولعمري إنه ينبغي لجميع المسلمين المقرين بنبوة سيد المرسلين بعد وفاته أن يقتدوا بعترته الهادين المهديين ويقلدوهم أمور الدنيا والدين صلة وتقربا لخاتم النبيين ولجامعيتهم للكمالات الصورية والمعنوية والحسب والنسب مما هو عار عنه أكثر العالمين لو لم يرد من رسول الله " ص " نصوص في حقهم ولا حث في تعظيمهم واتباعهم وتكريمهم والاقتداء بهم، فكيف والنصوص منه والحث الأكيد والكتاب المجيد فيه الحث الأكيد علي وجوب مودتهم وعلو شأنهم ومودتهم كآية [ صفحه 33] مودة القربي [8] وآية التطهير [9] وآية الولاية للمؤمنين [10] والكون مع الصادقين [11] ولا ينال عهدي الظالمين [12] وآية المباهلة مع المشركين [13] . وغير ذلك مما هو كثير ظاهر مبين وكذلك النصوص منه والحث الأكيد الذي ليس عليه من مزيد من الحث علي قبول مودتهم والتمسك بحبل ولايتهم وكونهم سفينة النجاة وكونهم شركاء القرآن في وجوب الأخذ بأقوالهم والعمل بما صح [ صفحه 34] عنهم كوجوب العمل بأوامر القرآن ونواهيه فإنه لا معني للتمسك بهم وكونهم كالقرآن إلا هذا فهم تراجمة القرآن وأمناء الملك الديان وكونهم الحبل الممدود بين الله وبين خلقه بعد رسوله صلي الله عليه وآله وهم الوسائط بينهم وبينه فلا يقبل الله عمل عامل ولا ترفع إليه قربة متقرب إلا إذا عمل بكتابه واتبع عترة نبيه وآل نبيه صلي الله عليه وآله في أحكام دينه وأعماله ويقينه وكونهما خليفتين علي الأمة وكونهما متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر إلي يوم القيامة لقوله " ص ": (لن يفترقا حتي يردا علي الحوض) وهذا عين ما تقوله الإمامية دون غيرهم من سائر فرق المسلمين من أنه يجب أن تكون مدة التكليف إمام هاد من عترة رسول الله صلي الله عليه وآله هو اللطف يجب علي الأمة معرفته ويؤيده ما استفاض عنه (صلي الله عليه وآله) من طرق الخاصة والعامة من قوله (صلي الله عليه وآله): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) وكذلك كون علي منه بمنزلة هارون من موسي (ع) وهارون خليفة موسي قطعا بنص الكتاب العزيز ومشارك له في النبوة فأثبت له جميع المنازل التي لهارون من موسي واستثني النبوة منها خاصة إذ لا نبي ولا رسول مع محمد (صلي الله عليه وآله) ولا بعده وقوله (صلي الله عليه وآله): علي إمام البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، وأخبار الغدير وغيرها من الجم الغفير الواسع الكثير فبموجب ما ذكرناه إنه يجب علي جميع المسلمين وكافة العالمين الذين يخافون من عذاب يوم الدين ويتقربون للنبي الأمين أن يقلدوا عترته الطاهرين وآله الميامين في أمور دينهم ودنياهم ويقتدوا بهديهم وهداهم لاتفاق كافة المسلمين العالمين علي إثبات علمهم وعدالتهم وتقواهم وطهارتهم وزكاة نسبهم ونجابة أصلهم وأحسابهم ويجب عليهم النظر لأنفسهم وليقتدي بهم من جاء بعدهم بسببهم في من جمع هذه الأوصاف [ صفحه 35] من سادات الأشراف واختص بهذه الكمالات وجمع هذه الخصال والصفات وهم أئمتنا الطاهرون الميامين عترة الرسول الأمين وهم علي أمير المؤمنين (ع) وأبناؤه الأحد عشر الذين أولهم الحسن الزكي (ع) وآخرهم (القائم المهدي - ع) الذي ألفت الكتب والمصنفات في فضائلهم ومناقبهم ومزاياهم ومراتبهم وملأت الدواوين بمدائحهم وأجمع الكل علي علمهم وتقواهم وعدالتهم من الذين لم يقروا بأمانتهم فضلا عن أوليائهم وشيعتهم ك (الفضائل) لأحمد بن حنبل الشيباني و (مطالب السؤول) و (الدر النظيم) لمحمد بن طلحة الشامي الشافعي و (الفصول المهمة في فضائل الأئمة) لعلي بن محمد المكي المالكي و (فرائد السمطين) للحميري (وتذكرة الخواص) لعبد الرحيم بن الجوزي و (مودة ذوي القربي) للسيد علي الهمداني و (ينابيع المودة) للسيد سليمان القندوزي الحنفي وغير ذلك مما لا يحصي كثرة فضلا عما سواه، ولكن حب الدنيا وتبع الهوي وغلبة الشقاء ومتابعة من ضل وغوي توجب مخالفة رب الأرض والسماء والرسول المصطفي الذي لا ينطق عن الهوي والعترة الهادية من الردي الدالة علي طريق الرشاد والهدي نسأل الله الكريم أن يثبتنا علي محبتهم وولايتهم ويحشرنا في زمرتهم ويدخلنا الجنة معهم وببركاتهم إنه الرب الكريم الرحمن الرحيم فإن شيعتهم هم الفائزون وأتباعهم هم الناجون وهم في تقسيم الفرق فرقة ناجية هم المعنيون فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فهم كما قلت فيهم: إذا رمت يوم الحشر تنجو من النار++ وتأتي إلي الجبار عار من العار وتدخل جنات النعيم مخلدا++ بمقعد صدق في جوار لأبرار فوال علي المرتضي علم الهدي++ أخا المصطفي الهادي ووالد أطهار [ صفحه 36] وأبناءه الأطهار يا جاء عدهم++ وفاطمة الزهرا سليلة مختار هم العروة الوثقي هم النور والهدي++ هم السبب الأقوي وهم حجج الباري هم التين والزيتون والشمس والضحي++ وهم كلمات الله من غير إنكار وهم فلك نوح ثم هم باب حطة++ وهم عترة المختار أشرف أبرار وهم شركاء الذكر في نص أحمد++ وهم خلفاه في صحيحات أخبار إذا قال منهم قائل قال صادقا++ بحق عن المختار حقا عن الباري لهم آية التطهير أنزلها لهم++ فطهرهم من كل رجس وأقذار محبتهم دين وقولهم هدي++ ولايتهم فرض وحكمهم جاري وحربهم كفر وبغضهم ردي++ وظلمهم حوب يسوق إلي النار فلا عمل فرضا ونفلا بنافع++ بغير ولاء الآل فافهم وكن داري فيا رب ثبت في جناني ولاءهم++ وحبهم في القلب من غير إنكار أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 36 - 44 وآمن بهم خوفي لدي كل شدة++ وسلم بهم جسمي وروحي من النار وأدخلني الجنات فضلا ومنة++ فجودك مدرار عظيم بنا ساري وصل علي الهادي الشفيع محمد++ وعترته الأطهار أفضل أخيار وقد قلت أيضا فيهم صلوات الله علي جدهم وأبيهم وأمهم وعليهم: يا آل أحمد من طابوا ومن طهروا++ فلا يدانيهم رجس ولا قذر صفاكم الله من رجس وفاحشة++ فلا يلم بكم عيب ولا غير ولا يحبكم إلا الذي ربحوا++ ولا يقاليكم إلا الذي خسروا أنتم موازين قسطاس الأنام فلا++ ترجيح إلا لمن أنتم له الذخر فلا صلاة ولا صوم ولا عمل++ إلا بحسن ولاكم أيها الغرر [ صفحه 37] من بأهل المصطفي عن أمر خالقه++ بكم يقينا فما بكرو وما عمر وأنتم الآل والقربي وغيركم++ المسؤول عن ودكم نصت به السور وأنتم الآل آل الله من علقت++ بكم يداه فلا خوف ولا ضرر إني بحبكم دنيا وآخرة++ أرجو السلامة من نار لها شرر فحققوا يا غياث الخلق لي أملي++ فأنتم أمننا والفخر والذخر أنتم لنا السفرا لله خالقنا++ ولم يخب من إليه أنتم السفر صلي عليكم إله الخلق ما طلعت++ شمس وما تليت في فضلكم سور وقلت أيضا فيهم صلوات الله وسلامه علي رسولهم وعليهم: فلك النجاة وباب حطة حيدر++ وبنوه يأثم البتول الطاهره هم قد عناهم أحمد خير الوري++ في أهل بيتي مثل فلك ظاهره فاركب سفينة حبهم وولائهم++ تسلم بها من حر نار ساعره فهم السبيل إلي الإله وأحمد++ خير الخلائق في الأولي والآخره لا شك فيه ومن يماري ناصبا++ قد حاد عن سبل النجاة الطاهره يا رب ثبتني علي نهج الهدي++ بالمصطفي وبهم لفوز الآخره وتوفني متمسكا بولائهم++ ورضاك عني في أولاي وآخره فلأنت ربي خير رب راحم++ ولأنت ذو النعم العظام الفاخره وصلاة رب العرش تغشي المصطفي++ والآل عترته النجوم الزاهره وقد ذكرت ما ذكرته مما فيهم قلته وأنشأته تبركا بشريف ذكرهم وتقربا إلي الله تعالي ورسوله بإظهار بعض فضلهم وفخرهم وإلا ففضلهم وفضائلهم وكراماتهم وفواضلهم قد نوه الله بها في القرآن المجيد والذكر الحميد وضاعت بها البقاع وملأت [ صفحه 38] الأسماع والأصقاع وحدث بها الركبان في كل مكان وروتها الأولياء والعدوان كثيرة جدا لا يحيط بها اللسان ولا يحصرها إنسان وإن كان ما كان وقد أفردوا لها المصنفات الكثيرة والمؤلفات الشهيرة مقبولة في الطباع ولا تمجها الأسماع هي الشمس كل العالمين يرونها++ عيانا ولكن ذكرها للتبرك وقد ذكرت هذا المعني في قصيدتي الغديرية التي أنشأتها في يوم الغدير للتسليم علي الأمير بعد ذكر شئ كثير من فضائلهم وكراماتهم وفواضلهم معتذرا عن الإحاطة بأكثرها وإنما ذكرنا ما ذكرناه منها لثوابها وأجرها قلت: وفي فضلهم أني وذا الخلق كلهم++ لبكم إذا رمناء إلي ذاك من حصر إذا كان رب الخلق أثني عليهم++ ونزل فيهم أفضل الذكر في الذكر فما جهد مقوال يقول بجهده++ وما قدر مصقاع يفوه بالشعر وأني بشعري فهت بعض مديحهم++ وقصدي ثواب الله مع عظم الأجر وكنت كمن قد شال في بطن كفه++ له قطرة من وسط متسع البحر فكنت كمن قد نال في الكف نقطة++ من المطر الهامي إذا انهل بالفطر فهم عليهم السلام كلمات لله لا تنفد و خزائن جوده التي لا تحصي ولا تعد وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله علي ما رواه الفريقان لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والإنس والجن كتاب ما أحصوا فضائل (علي بن أبي طالب - ع) وهم عليهم السلام نور واحد وطينة واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض. والغرض الأصلي والمطلب الكلي من إيرادنا هذه النبذة اليسيرة في هذا الكتاب هو التبرك بشريف ذكرهم والتشرف بنشر بعض مزاياهم وفخرهم، وإن تابعيهم ومتعلقيهم كأهل هذه البلاد قد سلكوا طريق الرشاد وفازوا بالهداية [ صفحه 39] والسداد، ونالوا خير الدنيا والمعاد، وامتثلوا أوامر الرسول صلي الله عليه وآله حين تفرقت الآراء وتمسكوا بالعروة الوثقي في الأخذ بوصيته لعترته وذريته حين تبددت الأهواء فهم وأمثالهم الناجون والمؤمنون الفائزون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ثبتنا الله وإخواننا علي ولايتهم ومودتهم وحشرنا معهم في زمرتهم ورزقنا الجنة برحمته وفضله وشفاعتهم إنه علي كل شئ قدير وبالإجابة جدير. ومن فضائلها إنها أول جمعة أقيمت بعد المدينة المنورة فيها في زمن الرسول كما رواه شيخ الطائفة في التهذيب عن أن أول جمعة أقيمت بعد المدينة في جواثا [14] في بني عبد القيس قرية عظيمة هي قاعدة هجر وهي الأحساء وفي القاموس قرية في البحرين وكانت في الزمن القديم مدينة الأحساء ثم خربها الرمل وأخبرني بعض المترددين إليها من أهل هجر أنه وصل إليها ثلاث مرات خير وأنه قد ظهر مسجدها الأعظم بعد مفارقة الرمل عنه وبعض آثارها وفيه وفيها آثار قديمة عظيمة وهي الآن نائية عن العمران بمقدار ثلاثة أو أربعة فراسخ معروفة عند أهل ذلك المكان وهذه فضيلة عظيمة وكرامة لأهلها جسيمة لامتثال أهلها بأعظم فرض من فروض الدين وإقامته فيها قبل أكثر بلاد المسلمين. ومن فضائلها كثرة بناء المساجد وتعميرها فيها ونشر شعائر الإسلام والإيمان في جميع نواحيها وقد قال الله تعالي (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) وهو أمر معلوم بالوجدان لا ينكره من رآها بالعيان وله عينان، وقد روي في عدة أخبار عن النبي المختار صلي الله عليه وآله الأطهار [ صفحه 40] وقد ذكر جملة منها ثقة الإسلام الفاضل العلامة الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي (ره) في كتابه (نفس الرحمن في فضائل سلمان) عن كتب معتبرة عن رسول الله صلي الله عليه وآله إنه قال: لو كان العلم في الثريا لتناولته رجال من فارس، ولو فقد الإسلام من الدنيا لوجد في هجر (أو ما هو بهذا المعني) والأمران المذكوران محققان بالتتبع والوجدان وهما من إعلام نبوته صلي الله عليه وآله وذريته لإخباره بما سيكون فكان كما أخبر وقال بلا ريب ولا إشكال فإن أكثر علماء الإسلام والإيمان من قديم الزمان وجمهور أهل النقض والإبرام في أغلب الأزمان من بلاد العجم التي هي بلاد فارس كثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني (ره) صاحب (الكافي) الذي عده بعض مؤرخي العامة أنه المجدد لمذهب الإمامية في المائة الثالثة بعد أن عد مولانا الإمام الرضا (ع) هو المجدد لمذهب الإمامية في المائة الثانية وكأبي جعفر الصدوق القمي (ره) صاحب (من لا يحضره الفقيه) و (مدينة العلم) وما يقرب من ثلاثمائة مصنف وأبيه الثقة علي بن بابويه وعلي بن إبراهيم وأبيه إبراهيم بن هاشم ويونس وابن الوليد والصفار القميين وأضرابهم وشيخ الطائفة المحقة محمد بن الحسن الطوسي صاحب (تهذيب الأحكام) و (الإستبصار) و (التبيان) وغيرها من المصنفات الكثيرة في علوم كثيرة وسيد المحققين والحكماء نصير الملة والدين الخواجا صاحب (التجريد) و (قواعد العقائد) وغيرهما وأمين الدين الطبرسي أبي لي صاحب (مجمع البيان) وغيره وأبي طالب الطبرسي صاحب (الإحتجاج) وابن شهرآشوب المازندراني صاحب (المناقب) والطبرسي صاحب (مكارم الأخلاق) وغيره وقطب الدين صاحب (المحاكمات) و (شرح المطالع) و (الشمسية) [ صفحه 41] والمولي الإمام المجلسي غواص (بحار الأنوار) وأبيه العابد التقي وأبو عبد الله التستري والمولي محمد صالح المازندراني والمحقق الخوانساري والفاضل السبزواري صاحب (الذخيرة) والشيرواني والفاضل النراقي والمحقق شيخنا الأنصاري (رض) والشيخ أسد الله التستري والأردكاني والفاضل المقدس الشيخ زين العابدين والميرزا حبيب الله الرشتي والملا محمد الأيرواني والفاضل الملا محمد الشربياني والمقدس الشيخ محمد حسن المغمغاني وأضرابهم قدس الله أرواحهم ونور في الملأ الأعلي أشباحهم، ومن المعاصرين الموجودين حفظهم رب العالمين كالمحقق الأمين الحاج ميرزا حسين ابن الحاج خليل الطهراني والمغمغاني والمحقق الأوحد الشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ محمد تقي الشوشتري والشيخ محمد الأصفهاني دون فحول الفقهاء من السادات الأجلاء الذين توطنوا فيها وصاروا من أهلها فإنا لم نعد أحدا منهم بل جعلناهم كأصلهم الشريف هاشميين علويين فاطميين كآل طباطبا والقزوينيين قدس الله أرواحهم أجمعين وأضرابهم مما لا يحصون كثرة وكلهم مذكورون في كتب الرجال والإجازات والفهارس قد روجوا شريعة سيد المرسلين وآله الطاهرين وأحيوا معالم الدين وأوضحوا مسالك اليقين ومن العامة جملة كثيرة كالرازي والفيروز آبادي صاحب (القاموس) والقوشجي والأصفهاني وغيرهم. وأما الأمر الثاني فهو ترويج شعائر الإسلام والإيمان في هذه الديار والبلدان والتلزم بأحكامه والتصلب في حلاله وحرامه فهو وإن تسافل الزمان واستولت علي الناس وساوس الشيطان في أكثر الأصقاع والبلدان إلا أن هذه الديار لها امتياز محقق عن أكثر الأمصار لمواضبتهم علي أكثر الواجبات وكثير من [ صفحه 42] المندوبات وعدم تجاهرهم بالمحرمات التي هي شائعة في أكثر بلاد الإسلام رائجة عند أكثر الأنام وبالجملة فمن نظر بعين الإنصاف وترك العصبية وطريق الاعتساف علم ما قلناه وتيقن ما قررناه فدين الإسلام بها ولله الحمد موجود وشعائر الإيمان فيها غير مفقود ونسأل الله الكريم الرحمن الرحيم أن يوفقنا وإخواننا المؤمنين لتقواه، وأن يثيبنا علي دينه وهداه ويثبتنا إلي منتهي رضاه ويمنحنا سعادة دنياه وأخراه وأن يدفع عنا وعنهم كلما نحذره ونخشاه مما يكرهه الله فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله وهو بالإجابة جدير وعلي كل شئ قدير والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين المظلومين وسلم تسليما كثيرا مباركا. [ صفحه 43]

في ترجمة جزيرة أوال و علمائها...

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم (جزيرة أوال) هي البحرين بحيث صار علما بالغلبة عليها وإلا فهي أي البحرين تطلق علي الجميع أو عليها وعلي كلما هو علي ساحل ذلك البحر كما قدمنا الكلام عليه كما أن هجر تطلق علي الجميع ثم صار علما بالغلبة علي بلاد الأحساء والظاهر أن أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 44 - 50 هذه الغلبة قديمة الاستعمال شائعة ينصرف إليها ذلك الاطلاق فأما وجه التسمية والنسبة إلي أوال علي وزن جلال فقد حدثني أقدم مشائخي العلامة الثقة الحفظة الأوحد الصالح الرباني الشيخ أحمد ابن المقدس الشيخ صالح البحراني قدس الله نفسه ونور رمسه أن أوال هذا أخ لعاد بن شداد أو ابنه قد طلب أرضا طيبة الهواء جزيرة قابلة للسكني كأخيه أو أبيه عاد لما طلب أرضا طيبة الهواء ليبنيها كالجنة فبني إرم ذات العماد فوصفت له هذه الجزيرة أعني البحرين فرآها جزيرة عظيمة حسنة طيبة الهواء ذات مياه خالية من الهوام والسباع قابلة للتعمير والسكني واستنباط العيون وغرس النخيل والأشجار فسكنها ومدنها فنسبت إليه انتهي كلامه علا في الخلد مقامه. (قلت) وقد وقفت علي ما ذكره طاب ثراه بعد ذلك في بعض التواريخ المعتبرة [ صفحه 45] والكتب المشتهرة ولم يحضرني اسم ذلك الكتاب الآن ولم أكن بصدد كتابة هذه الرسالة ولا تحرير هذه المقالة حتي أثبته وأنقله وهذا هو وجه النسبة في أقوال كثير من علماء البحرين بالأوالي أي النسبة إلي جزيرة أوال وهذه الغلبة وهذا الاستعمال الذي ذكرناه من تسميتها بالبحرين وأنه يتبادر اللفظ إليها عند الاطلاق بحيث إذا ذكرت البحرين لا يطلق إلا عليها إطلاقا شائعا هو الذي أوجب للعالم العامل والمحقق الكامل الورع التقي الفقيه الشيخ حسين ابن الشيخ عبد الصمد الجباعي العاملي الحارثي والد شيخنا البهائي (قدس سرهما) التنقل إليها دون غيرها مما شاركها والسكني فيها إلي الممات لما رأي الرؤيا بمكة المشرفة وقد انتقل إليها وتوطن فيها ذكر شيخنا الفاضل المحقق المحدث الرباني الشيخ يوسف ابن العلامة الشيخ أحمد آل عصفور البحراني صاحب (الحدائق الناضرة) وغيره من المصنفات الفاخرة قال في (لؤلؤة البحرين) وفي كتاب (الكشكول) في ترجمته (ره) أخبرني والدي (قدس سره) أن الشيخ المزبور كان في مكة المشرفة قاصد الجوار فيها إلي أن يموت وإنه رأي في المنام أن القيامة قد قامت وجاء الأمر من الله تعالي بأن ترفع أرض البحرين وما فيها إلي الجنة فلما رأي هذه الرؤيا آثر الجوار فيها والموت في أرضها فرجع عن مكة وجاء إلي البحرين انتهي محل الحاجة من كلامه زيد في مقامه. (قلت) وقد وقفت علي هذه الرؤيا مسندة عن علماء ورعين ثقات إلي أن تنتهي إلي المرحوم الشيخ حسين صاحب الرؤيا وقد بقي هذا الشيخ (ره) في البحرين مشتغلا بالتدريس والتصنيف والعبادة والتآليف في قرية المصلي من توابع [ صفحه 46] بلادنا بلاد القديم إلي أن توفي بها لثمان خلون من ربيع الأول سنة 984 ه أربع وثمانين وتسعمائة من الهجرة عن ستة وستين وشهرين وسبعة أيام ودفن في مقبرة البلاد المعروفة بمقبرة الشيخ راشد شمالا من المسجد وقد زرت قبره مرارا ودعوت الله عنده وعلي قبره صخرة مكتوب عليها اسمه واسم أبيه وبلاده وتاريخ وفاته ضاعف الله حسناته، هذا وابنه الشيخ بهاء الملة والدين الشيخ محمد شيخ الإسلام بديار العجم بإلزام من الشاه عباس الصفوي (ره) وقد رثي أباه المذكور بقصيدة فريدة أشار فيها إلي كثير مما ذكرناه بإيرادها لأن كتابنا هذا كتاب أدب وكمال واعتبار وأمثال نذكر فيه الشئ أولا بالذات وثانيا بالعرض قال رحمه الله يرثي أباه المذكور تغمدهما الله وإيانا بالكرامة والحبور: قف بالطلول وسلها أين سلماها++ ورو من جرع الأجفان جرعاها وردد الطرف في أكناف ساحتها++ وأرج الروح من أرواح أرجاها فإن يفتك من الأطلال مخبرها++ فلا يفوتك مرآها ورياها ربوع فضل تباهي التبر تربتها++ ودار أنس تحاكي الدر حصباها عدا علي جيرة حلوا بساحتها++ صرف الزمان فأبلاهم وأبلاها بدور تم غمام الموت جللها++ شموس فضل سحاب الترب غشاها فالمجد يبكي عليها جازعا أسفا++ والدين يندبها والفضل ينعاها يا حبذا زمن في حبهم سلفت++ ما كان أقصرها عمرا وأحلاها أوقات أنس قضيناها فما ذكرت++ إلا وقطع قلب الصب ذكراها يا جيرة هجروا واستوطنوا هجرا++ واها لقلب المعني منكم واها رعيا لليلات وصل بالحمي سلفت++ سقيا لأيامنا بالخيف سقياها [ صفحه 47] لفقدكم شق جيب الدين فانصدعت++ أركانه وبكم ما كان أقواها وخر من شامخات العلم أرفعها++ وأنهد من باذخات الحلم أرساها يا ثاويا بالمصلي من قري هجر++ كسيت من حلل الرضوان أبهاها أقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت++ ثلاثة كن أمثالا وأشباها ثلاثة أنت أنداها وأغزرها++ جودا وأعذبها طعما وأصفاها حويت من درر العليا ما حويا++ لكن درك أعلاها وأغلاها يا أعظما وطأت هام السهي شرفا++ سقاك من ديم الوسمي أسماها ويا ضريحا سما فوق السماك علا++ عليك من صلوات الله أزكاها فيك انطوي من شموس الفضل أضوءها++ ومن معالم دين الله أسناها ومن شوامخ أطواد الفتوة أرساها++ وأرفعها قدرا وأبهاها فاسحب علي الفلك الأعلي ذيول علا++ فقد حويت من العلياء علياها عليك منا سلام الله ما صدحت++ علي غصون أراك الدوح ورقاها انتهي آخرها وقد أجاد فيها بما أفاد، وقد كان أبوه المذكور من العلماء الأمجاد وآباؤه علماء أوتاد ينتهي نسبهم إلي الحارث الأعور الذي هو من خلص أصحاب أميرالمؤمنين وسيد المسلمين المخاطب له بالأبيات المشهورة بقوله (ع): يا حار همدان من يمت يرني++ من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني شخصه وأعرفه++ بعينه واسمه وما فعلا وأنت يا حار إن تمت ترني++ فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد علي ظمأ++ تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين تعرض في++ المحشر ذريه لا تقربي الرجلا [ صفحه 48] ذريه لا تقربيه إن له++ حبلا بحبل الوصي متصلا [15] . وما ذكره عليه السلام من رؤيته لكل أحد عند المعاينة والاحتضار فتقر به أعين أوليائه وتشقي به نفوس أعدائه، فذاك مما تواترت به أخبارنا عن أئمتنا الصادقين عترة الرسول الأمين صلي الله عليه وآله الطاهرين وصار عند الطائفة المحقة من الإعتقادات الحقة ويحضر أيضا معه رسول الله صلي الله عليه وآله وقد وافقا عليه ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي إن صح أنه قوله (ع) لعصمته عنده وإن لم يشترط العصمة في الإمام بل للأخبار الثابتة عنده عن النبي صلي الله عليه وآله الدالة علي عصمته كقوله صلي الله عليه وآله (علي مع الحق والحق مع علي (ع) يدور معه كيفما دار لن يفترقا حتي يردا علي الحوض) وما بمعناه كما ذكره في شرحه علي النهج فهو عليه السلام مع الحق والحق معه يدور معه حيث ما دار وقد نص الكتاب المجيد إن أهل الكتاب يعاينون عيسي (ع) عند الموت فيؤمنون به قال تعالي (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) وأمير المؤمنين (ع) فيه شبه من عيسي (ع) ومن أكثر الأنبياء والمرسلين كما في روايات كثيرة عن سيدهم خاتم الأنبياء صلي الله عليه وآله الطاهرين في كتب الفريقين ينتهي نسبه إلي همدان بسكون الميم قبيلة من اليمن من أنصار أمير المؤمنين عليه السلام في قتاله الناكثين والقاسطين والمارقين ولا سيما في واقعة صفين فقد أبلوا فيها بلاء [ صفحه 49] حسنا وستأتي بقية الكلام في ترجمة الشيخ جعفر الخطي إن شاء الله. وهذه الجزيرة أعني البحرين أحسن المدن الثلاث جامعية للكمال لكثرة العلماء فيها والمتعلمين والأتقياء الورعين والشعراء والأدباء والمتأدبين وخلص الشيعة المتقدمين وكثرة المدارس والمساجد وفحول العلماء الأماجد وهي مع ذلك ذات نخيل وأشجار وعيون وأنهار وأرضها قابلة لكل الزراعات وبها مغاص الدر الجيد من جميع الجهات إلا أنه قد عصفت بها الآن عواصف الأيام ولعبت بأهلها حوادث الدهور والأعوام التي لا تنيم ولا تنام فشتتت شمل أهاليها وبددت نظم قاطنيها وفرقتهم في كل مكان وفرقتهم أيدي سبا من أهل الجور والعدوان كما قيل: كأن لم يكن بين الحجون إلي الصفا++ أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلي نحن كنا أهلها فأبادنا++ صروف الليالي والجدود العواثر فصارت أكثر رسومها عافية، وبيوتهم علي عروشها خاوية وخلت من السمير والمسامر وانعكست عكس النقيض فكانت كما قال الشاعر: تنكر منها عرفها فأهيلها++ غريب وفيها الأجنبي أهيل وأقفرت من أهلها الربوع والمساجد ودرست من أهلها المدارس والمعابد فتجد أكثر قراها رسوما داثرة والقليل بآثار تحكي نضارة أهلها خرابا غير عامرة وقد عمرت أهلها أكثر الأطراف والبلدان ونشروا فيها شعائر الإسلام والإيمان فأكثر العلماء الموجودين ومن سلف في البلدان القريبة كالقطيف وأبي شهر وأطراف فارس ولنجة ومسقط وميناء والمحمرة وأطرافها والبصرة وشيراز وكثير من أطراف العراق والعجم منهم حديثون ومنهم قديمون فكانت مصداق المثل [ صفحه 50] أو الدعاء أو الحديث المرسل الذي ذكره السيد المعاصر السيد محمد باقر في روضاته كما قدمناه وهو قولهم خرب الله البحرين وعمر أصفهان ولقد فسره وأنصف وإن كان منها والإنصاف من شعار أهل الإيمان بما حاصله أن خراب البحرين سبب لعمران أصفهان بأهل البحرين مما فيهم من الصلاح والإيمان والإيقان وبالعكس أصفهان والمراد بأصفهان جميع الإقليم لأنه مخصوص بالبلد المخصوص بهذا العنوان وسنذكر أن شاء الله تعالي كثيرا منهم ممن دخل تحت هذا الشأن، وحدثني بعض الصادقين من الأخوان عن جدي لأبي المرحوم الشيخ علي ابن المقدس الشيخ سليمان إن بيتنا في البلاد القديم اجتمع فيه في عصر من الأعصار خمسة وأربعون عالما مجتهدا ومشارفا للاجتهاد دون الطلبة من أولادهم وكانوا أصحاب نعم جسيمة. وذكر العالم الجليل الرباني الشيخ علي ابن العلامة المحدث الشيخ محمد شارح كتاب (الوسائل) المقابي البحراني الذي يأتي الكلام إن شاء الله تعالي علي ترجمتهما في بعض مصنفاته والظاهر أنه هو الترجيحة أي تراجيح الأدلة وهو كتاب حسن كبير وكان يبحث مع بعض معاصريه في مسألة وينسبه فيها إلي قلة الإنصاف قال رحمه الله تعالي نقلا لكلامه بالمعني قد كان العلماء السابقون من بلادنا البحرين في غاية من الإنصاف والتقوي والإعراض عن الدنيا وقد اتفق أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 50 - 56 أن فاتحة أقيمت لبعض أشخاص البحرين في مسجدها المسمي بالمشهد ذي المنارتين فاتفق فيها حضور ثلاثمائة أو يزيدون من العلماء الأفاضل في وقت من الأوقات فأتي رجل يسأل عن مسألة مهمة في دينه فقصد المشار إليه من بينهم فسأله عنها فأحاله علي الذي عن يمينه فسأله فأحاله علي الذي إلي جانبه وهكذا لم يزل يحيل [ صفحه 51] كل واحد علي الآخر حتي أتي علي آخر ذلك الصف ثم أحالوه علي الأول أي المسؤول أولا فأحاله علي الذي كان علي يساره فسأله فأحاله علي الذي بجانبه وهكذا حتي أتي علي آخرهم فأحالوه علي الأول فرجع إليه وأجابه عن مسألته انتهي فانظر رحمك الله تعالي إلي هؤلاء العلماء الأشراف، والمجمع الجامع لمحاسن التقوي والإنصاف الذي جمع هذا الجم الغفير والجمع الكثير في وقت اتفاقي فما ظنك بمن لم يجمعهم ذلك المجمع ولم يحضر ذلك الموضع من أهل القري البعيدة أو القريبة الذين لم يسمعوا ولم يحضروا فإنا لله وإنا إليه راجعون، فأين تلك العلماء ومصنفاتهم، وأين مدارسهم وتلامذتهم وأين كتبهم ومؤلفاتهم وأين تلك العلوم والأطلال والرسوم: ذهبوا كأن لم يخلقوا++ والكل في الآثار ذاهب شرك به كل البرايا++ أينما كانوا نواشب لم ينج ذو سرف وذو++ شرف وإن ملكا المقانب ما في الوجود فللفناء++ وكل آت فهو ذاهب فاعتد للتقوي له++ فالحزم في نظر العواقب ولمصنف الكتاب في التحسر علي ما جري عليها من الحوادث والأوصاب: كانت أوال مدينة++ للعلم والعمل الصحيح ومحط أرباب التقي++ والزهد والأدب الفصيح ومحل أرباب النهي++ والدين كل فتي رجيح من جهبذ ورع وذي++ فضل وعمال ربيح كم عابد متهجد++ في ليله حتي الصبوح [ صفحه 52] واليوم قد لعبت بها++ ريح الحوادث أي ريح فالجهل فاش والفساد++ بها وكل هوي طموح وتبددت عن أهلها++ من كل منتحل قبيح أملاكها غصب وأهلوها++ أفانين النزوح فعسي إله العرش يهدي++ أهلها لجب الوضيح ويمدنا بالخير والتقوي++ علي الوجه الرحيح وعلي النبي وآله++ صلوات خلاق صفوح فسبحان الملك الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الدائم الباقي الذي لا يتغير ولا يموت ذي العزة والكبرياء والملك والملكوت ونحن نسأل من فضله الجسيم وجوده العميم ومنه القديم أن يختم لنا بالخيرات وبالأعمال الصالحات، ويغفر لنا جميع ما عملناه من السيئات، ويمنحنا برحمته الواسعة عالي الدرجات في دار القرار والجنات ونتوسل إليه في جميع ذلك بمحمد المصطفي وآله الطاهرين الهداة عليه وآله الأكرمين أفضل السلام والصلاة. حدثني بعض الصالحين الثقات من أهل البحرين عن سلفهم الأقدمين إنه كان في الزمن القديم في البحرين أن الرجل من أهل السوق والتجار يكون عنده العبد المملوك فيراه ليلة من الليالي ربما غفل عن صلاة الليل لنوم أو غفلة فيصبح ويأمر الدلال أن يبيعه فيقول له جيرانه من أهل السوق لم تبيع مولاك ولم تر منه إلا الصلاح والطاعة فيقول لهم مولاه أنه البارحة لم يصل صلاة الليل وأخاف أن تكون له عادة فربما يقتدي به بعض العيال فلا يصلي صلاة الليل فإذا سمعوا ذلك منه صار عندهم عيبا فيأمرون بإخراجه من البحرين وبيعه في غيرها من البلدان انتهي [ صفحه 53] (قلت) رحم الله أهل ذلك الزمان وتغمدنا وإياهم بالرحمة والرضوان، وجمعنا وإياهم في غرفات الجنان، بحق محمد وآله الطاهرين الأعيان وصلي الله عليه وعليهم في كل آن، فمن هؤلاء وأضرابهم سميت البحرين ببلاد المؤمنين والإيمان، واشتهرت بذلك في كل مكان، وبحق صدق رؤيا العالم الجليل الأسعد الشيخ حسين بن عبد الصمد، والد شيخنا البهائي عليهما الرحمة والرضوان، وإلا ففي هذه الأوقات والأزمان، غلب علي من فيها الجهل والعصيان لفقد العلماء العاملين والصلحاء الورعين، وتوطن فيها الأجانب، ولعبت بأهلها أيدي النوائب، وتبدلت من أهلها الأحوال بغصب الأملاك ونهب الأموال وشردوا في كل مكان وعمروا أكثر البلدان فإنا لله وإنا إليه راجعون، وكان العبد الفقير إلي ربه العليم القدير صاحب هذا الكتاب ممن رمته مناجيق العباد وقذفته تلك البلاد فخرج من البحرين بعد وفاة والده المقدس في سفره لمكة المشرفة بعد قضاء الحج ومهاجرته لزيارة سيد المرسلين صلي الله عليه وآله الطيبين الطاهرين فمات في الطريق في المنزل المعروف برابغ مع جملة من صلحاء البحرين وعلمائها منهم العالم الصالح الشيخ صالح والد شيخنا العلامة أفاض الله عليهم شآبيب اللطف والكرامة بعد الواقعة العظيمة والمصيبة الجسيمة التي نهبت فيها الأموال، وقتل فيها حاكمها علي بن خليفة مع بعض الرجال، إلي بلاد القطيف مع الوالدة المرحومة تغمدها الله برحمته وأحلها دار كرامته وكان عمري إذ ذاك أحد عشر سنة أو اثني عشر سنة، وكان المرحوم المبرور حذين الولدان والحور شيخنا واستاذنا العلامة الثقة الصالح الرباني الشيخ أحمد ابن العالم العابد الصالح الشيخ صالح البحراني تغمده الله وإيانا بالكرامة والحبور وآمنه وإيانا يوم العرض والنشور من كل عذاب [ صفحه 54] ومحذور قد نزل فيها قبل الواقعة المذكورة بأيام يسيرة بعد رجوعه من زيارة العتبات الشريفة والمقامات المنيفة مع جميع الأولاد والعيال فلما وصل إلي بلاد القطيف وهو في السفينة لم يخطر في باله النزول في القطيف إذ سمع بحركة الواقعة هناك وكان محمد بن خليفة الذي جيش علي أخيه علي وقتله فيها محله فلما سمع المرحوم الشيخ المذكور بذلك توقف عن الرواح لما هنالك فاستخار الله علي النزول في القطيف إلي أن تنكشف حقيقة الحال لئلا يقع في الورطة والبلبال فخرجت الخيرة الإلهية أمرا بالنزول ونهيا عن القفول وكان معه أشخاص وصلحاء كثيرون من أهل البحرين فعالجوه علي الرواح فلم يرض بعد الخيرة من خالق الكونين فنزل في بلاد القطيف، وشرفها الله به غاية التشريف، وبعد نزوله بقليل وقع في البحرين ما وقع من الخطب الجليل وقد شرحنا جميع أحواله في مبدئه ومآله في رسالتنا المسماة (بالحق الواضح في أحوال العبد الصالح) فأتيت إليه مع الوالدة المرحومة صفر الكف من الطارف والتلاد بعيدا عن آثار الآباء فآواني ورباني وأكرمني وحباني وقربني وأدناني علي أولاده فضلا عن أقراني وكان (ره) أستاذي ووالدي الروحاني وكهفي وملاذي وشيخي وعمادي وجد أولادي جزاه الله عني أفضل جزاء المحسنين وأجزل الحبا وجعل الجنان له مستقرا ومنقلبا وجمعنا وإياه وآباءنا والمؤمنين في مستقر رحمته ودار كرامته بحق محمد وآله وعترته صلي الله عليه وآله الطاهرين كل آن وحين. (تنبيه) فيه تنويه.. إعلم وفقنا الله وإياك وجميع إخواننا المؤمنين لخير الدنيا والدين ومرضات رب العالمين أنا نذكر في هذا الباب ما وقفنا عليه من علمائنا الأنجاب من أهل البحرين مما ذكره الماضون وسلفنا الصالحون كشيخنا [ صفحه 55] المحقق العلامة الثاني أبي الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني في الفصل الذي عقده لهم، وفي كتابه (أزهار الرياض) وتلميذه المحدث الورع الصالح الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني في إجازته الكبري للعالم العامل الفاخر الشيخ ناصر الجارودي الخطي وشيخنا المحقق المحدث المنصف الشيخ يوسف بن عصفور البحراني (ره) في لؤلؤته وكشكوله وما ذكره هؤلاء الأعلام منهم فيض من غيض وقطرة من بحر لأن أكثرهم إنما تعرضوا لمشائخ الإجازات وغيرهم قليلا بالعرض وأهملوا الأكثر إما لعدم معرفتهم أو لعدم الوقوف علي تراجمهم أو لعدم اندراجهم في مشيختهم وإجازاتهم وكذلك مصنفاتهم ذكروا منها بعضا علي جهة التمثيل لا الحصر والتطويل وكذلك المتأخرون عن أعصارهم لم نقف علي من تصدي لذكرهم ولا من تشرف بنشر فخرهم ولنفرقهم في الأمصار وبعدهم عن الديار ونحن إن شاء الله تعالي نذكر ما أثبتناه وعرفناه منهم ومن مصنفاتهم وسمعناه وإن كان بالنسبة إلي الواقع قليلا من كثير بل نقطة من غدير فإنك بعد أن سمعت ما نقلناه عن جدنا المقدس المرحوم من إن بيتنا وحده اجتمع فيه أربعون عالما بين مجتهد ومشرف علي الاجتهاد في عصر واحد من الأعصار والحال أنا الآن لم نعرف منهم إلا القليل لاضمحلال الآثار والبعد عن الديار بما وقع فيها من الوقائع والأغيار وفي أكثر الأعصار وكذلك ما نقلناه عن الفاضل الأمجد الشيخ علي ابن الشيخ محمد المقابي من حضور ما يزيد علي ثلاثمائة عالم في وقت من الأوقات وساعة من الساعات ومكان من الأمكنة يتبين لك وجه ما قلناه وتنكشف لك حقيقة ما ذكرناه وقررناه والله الكريم نسأل أن يرحمنا وآباءنا وإياهم والمؤمنين برحمته ويجمعنا جميعا [ صفحه 56] في دار كرامته محمد المصطفي وعترته وآله وذريته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين آمين رب العالمين. وهذا أوان الشروع في المقصود متوكلين علي الملك المعبود، ذي الرحمة والعفو والجود فإن في ذكر أولئك العلماء الأعلام تنزل من الله الرحمة علي الأنام ويحصل الاعتبار التام لذوي الأبصار والبصائر والأفهام، وهو حسبنا وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب الكريم الرحيم، وأنت العليم الخبير، ولم نرتب أسمائهم علي حروف الهجاء لعدم تأتي حصوله بل ذكرنا الأسبق فالأسبق بالعرض لا بالذات وجعلنا ترتيبهم كالدر المنثور تغمدنا الله وإياهم وآباءنا بالكرامة والحبور وأثابنا جزيل الثواب وأعظم الأجور وجمعنا وإياهم في تلك المنازل العالية والقصور مع رضوان من الرب الغفور بحق محمد وآله الطاهرين أمناء الله في الدنيا وفي يوم النشور صلي الله عليه وآله صلاة لا تفنيها الأيام والدهور. ولنذكر أولا ما ذكره العالم الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (ره) في الفصل الذي عقده لهم إلا ما لم يذكره ثم نعقبه بكلام غيره مما ذكرناه ومما لم لم نذكره مما وجدناه وبالله المستعان وعليه التكلان.

نصر بن نصير البحراني

هو الفاضل الجليل نصر يروي عن أبيه المذكور عن جابر بن عبد الله أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 56 - 63 الأنصاري (رض) عن رسول الله صلي الله عليه وآله، ذكره الشيخ السعيد المفيد في (الأمالي) وروي عنه قال عن محمد بن الحسين البصير عن محمد بن [ صفحه 57] إسماعيل الحاسب عن سليمان بن أحمد الواسطي عن أحمد بن إدريس عن نصر ابن نصير البحراني (رض) عن أبيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رض) قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله: أيها الناس اتقوا الله واسمعوا، قالوا: لمن السمع والطاعة بعدك يا رسول الله؟ قال صلي الله عليه وآله: لأخي ووصي ابن عمي علي بن أبي طالب عليه السلام، قال جابر بن عبد الله: فعصوه وأبغضوه وخالفوا أمره وأسروه وحملوا عليه السيوف، انتهي، وذكره المحقق المجلسي في تاسع بحاره (قدس سره) ونور قبره.

محمد بن سهل

(ومنهم) محمد بن سهل البحراني (ره) أحد الرواة المعاصرين لبعض الأئمة الهداة عليهم السلام والظاهر أنه في عصر الإمام الكاظم (ع) فإنه يروي عن الإمام الصادق (ع) بواسطة وروي عنه الصدوق القمي في العلل هكذا: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رض) قال حدثنا محمد بن يحيي العطار قال حدثنا محمد بن أحمد بن يحيي الأشعري قال حدثني العباس بن معروف عن محمد بن سهل البحراني عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال: (ينادي مناد يوم القيامة أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلي علي بن الحسين (ع) يخطر بين الصفوف).

محمد بن محمد البحراني

(ومنهم) الشيخ الفاضل الأديب الصالح الفقيه قوام الدين محمد بن محمد [ صفحه 58] البحراني، ذكره شيخنا الحر العاملي في كتابه (أمل الآمل) الذي ننقل عنه في هذا الكتاب كغيره فقال: الشيخ الفقيه قوام الدين محمد بن محمد البحراني كان فاضلا أديبا صالحا يروي عن السيد فضل الله الراوندي، انتهي كلامه علا مقامه، وفي (لؤلؤة البحرين) لشيخنا العلامة الشيخ يوسف ابن العلامة الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور البحراني إنه يروي عنه الشيخ الفاضل الكامل الشيخ محمد بن صالح البستي انتهي.

الشيخ ابن الشريف أكمل

(ومنهم) العالم الفقيه الشريف المعروف بابن الشريف أكمل البحراني ذكره الفاضل المحقق الشيخ أسد الله الشوشتري في مقدمات (مقابيس الأنوار ونفائس الأسرار) وذكر إنه يروي عن السيد المرتضي علم الهدي بواسطة الشيخ الجليل النبيل المعظم المعتمد أبي الحسن محمد بن محمد البصروي فعلي هذا أسبق من نذكره من علماء البحرين، ولعل محمد بن محمد البصروي هو الذي قدمناه قبله والنسبة إلي البصروي لقب أو نسبة للسكني فافهم. ونسبة الشرافة إليه يدل علي إنه من الذرية العلوية كما هو المصطلح عليه بينهم والله العالم.

ناصر الدين الشيخ راشد

(ومنهم) الإمام اللغوي الفقيه المتكلم الأديب العالم ناصر الدين راشد ابن إبراهيم بن إسحاق البحراني بينه وبين الشيخ أبي جعفر الطوسي (قدس الله روحه) كما ذكره شيخنا الشهيد الأول في الأربعين حديثا في الحديث الثالث ثلاث [ صفحه 59] وسائط وهم السيد أبو الرضي فضل الله الراوندي الحسيني عن أبي الصمصام ذي الفقار الحسيني عن الشيخ الإمام أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن والده وأثني عليه كثيرا كما ذكرناه وبين شيخنا الشهيد وبينه أربع وسائط وهم السيد شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي المعالي عن الشيخ الصدوق كمال الدين أبي الحسين علي بن الحسين بن حماد الليثي عن الشيخ الفقيه الصالح شمس الدين أبي جعفر محمد بن محمد بن صالح الواسطي عن والده وجمال الدين أحمد بن صالح ولم قف علي تاريخ ولادته ولا شئ من مصنفاته قاله شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (قدس سره) وهو أول من ذكره من علمائهم في فضله وما لم يذكره أيضا كثير ولا ينبئك مثل خبير، وقال تلميذه الصالح الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني في إجازته الكبري للعالم الفاخر التقي الشيخ ناصر بن محمد الجارودي الخطي التي ننقل عنها كثيرا في هذا الكتاب، وعن محمد بن أحمد عن أبيه عن الشيخ راشد البحراني وكان هذا الشيخ فقيها أديبا متكلما لغويا دينا قرأ علي العراق وأقام بها مدة وقبره في جزيرة النبي صالح من أوال حرست من الوبال في الدار الجنوبية المقابلة للشمال من حضرة النبي صالح انتهي كلامه، ومثله ما ذكره صاحب اللؤلؤة فيها وفي إجازته للسيد العلامة الطباطبائي بحر العلوم إلا أنه زاد فيها ومعه في الدار العلامة ابن متوج البحراني (ره). (قلت) وقد ذكر هذا الشيخ جملة من علماء الرجال في الإجازات وبلغوا في الثناء عليه علما وعملا وجزيرة النبي صالح التي ذكرها الشيخ عبد الله وصاحب اللؤلؤة هي قرية من قري البحرين في وسط البحر ذات عيون وأنهار [ صفحه 60] ونخيل وأشجار وفي طرفها الغربي مقام عظيم ينسب للنبي صالح (ع) وفيها جملة من قبور العلماء ولم نعرف وجه النسبة وتعرف هذه الجزيرة أيضا في بعض الكتب (بجزيرة أكل) بضم الأولين ورأيت في هذه الجزيرة مدرسة كبيرة خرابا تسمي مدرسة الشيخ داوود وسيأتي الكلام علي ترجمته وينقل أهل هذه الجزيرة إنه قتل في بعض الوقائع في تلك المدرسة أربعون أو سبعون عالما ومشتغلا كلهم شهداء ولهذا يسمونها الآن بكربلاء رحم الله من قتل فيها من العلماء الصالحين.

الشيخ أحمد بن سعادة

(ومنهم) العالم العامل الشيخ المحقق المتكلم النحرير كمال الدين الشيخ أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني (ره) له رسالة في العلم التي شرحها سلطان المحققين نصير الملة والدين الطوسي (ره) وهي رسالة جيدة تشعر بفضل غزير وقد أثني عليه الخواجة (قدس سره) في ديباجة شرحه ثناء عظيما وهو أستاذ الشيخ الحكيم الفيلسوف الشيخ جمال الدين علي بن سليمان البحراني (ره) وقد صرح بذلك الشيخ المحقق ابن أبي جمهور الأحسائي في (غوالي اللئالي) و (درر العمادية) وبين الشيخ المذكور والشيخ أبي جعفر الطوسي (رض) وقد سمعت جماعة من المعمرين يقولون إن قبره في قرب الشيخ جمال الدين علي بن سليمان قاله شيخنا الشيخ سليمان البحراني (قلت) وقد ذكر هذا الشيخ أكثر من تأخر عنه كالمحدث الشيخ عبد الله السماهيجي والشيخ يوسف في اللؤلؤة وغيرها وصاحب (روضات الجنات) [ صفحه 61] وغيرهم وأثنوا عليه بأحسن الثناء وقبره في قرية سترة من البحرين وأما شرح رسالة العلم التي ذكرها شيخنا الشيخ سليمان وغيره ونسبوه للمحقق الخواجة نصير الدين فهو عندنا ساقط من أول خطبته قليل إلا أن أسلوب الخطبة والديباجة معين أن الشرح المزبور للشيخ الجليل الرباني الشيخ ميثم البحراني (ره) التمس منه الخواجة نصير الدين أن يشرحه لا أنه للخواجة ويحتمل أن يكون هذا شرحا ثانيا للشيخ كمال الدين الشيخ ميثم إلا أني لم أقف لأحد النسبة إليه وإنما ينسبونه في جملة من الكتب والإجازات للخواجة نصير الملة والدين فاعلم والله العالم.

الشيخ علي بن سليمان

(ومنهم) العالم الجليل الرباني الشيخ علي بن سليمان البحراني (ره) قال شيخنا الشيخ الماحوزي البحراني ومنهم الشيخ الفيلسوف الحكيم الشيخ جمال الدين علي بن سليمان البحراني أثني عليه آية الله العلامة في رسالته التي أفردها مع إجازته لأولاد زهرة وذكر أنه عارف بقواعد الحكماء وأنه يروي عنه بواسطة ولده الشيخ حسين، وأثني عليه الشيخ كمال الدين الشيخ ميثم بن المعلي في بعض مصنفاته والشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الأحسائي ورأيت في مصنفاته رسالة (الإشارات) في الإلهيات علي طريقة الحكماء المتألهين انتهي كلامه رفع مقامه، وقال تلميذه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح في الإجازة المتقدم ذكرها وعن العلامة (يعني به العلامة الحلي) عن الشيخ العالم الرباني الشيخ ميثم بن علي البحراني عن شيخه الشيخ علي بن سليمان البحراني وكان هذا الشيخ عالما جليلا متكلما حكيما وهو أستاذ الشيخ ميثم المذكور وقبره في ستره من البحرين حميت عن حوادث [ صفحه 62] الملوين، وله تصانيف في الحكمة منها كتاب (الإشارات) ومنها (رسالة الطير) شرح أبيات الشيخ علي بن سينا في وصف الروح وهي (هبطت إليك من المحل الأرفع) المذكور في مولد رسول الله صلي الله عليه وآله انتهي كلامه (قدس سره) (قلت) وهذا الشيخ قد ذكره كل من تأخر عنه كصاحب اللؤلؤة والحرفي الأمل والمحقق الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني والفاضل المعاصر السيد محمد باقر والمحقق المعاصر ثقة الإسلام النوري في آخر (مستدرك الوسائل) وبالغوا في الثناء عليه وكفي بمدح تلميذه الشيخ ميثم والعلامة الحلي عن كل أحد وشرح قصيدة الروح عندنا منها نسخة دقيق المشرب جزل العبارة.

ابنه الشيخ حسين

(ومنهم) ابنه العلامة الأمين الشيخ حسين من مشائخ العلامة الحلي بالإجازة وكفاه فضلا وفخرا كما ذكره العلامة في إجارته لأولاد زهرة الحلبيين وهي عندنا وعليها خط ابنه فخر المحققين، وكان هذا الشيخ معاصرا لهذه الطبقة كالشيخ ميثم والعلامة والخواجة وذكره أكثر من تأخر عنه في مشائخ الإجازة ولم أسمع له بشئ من المصنفات ولا بتاريخ وموضع للوفاة ضاعف الله له الحسنات وحشره مع أئمته الهداة.

تلميذه الرباني الشيخ ميثم البحراني

(ومنهم) تلميذ، العالم الرباني والعارف الصمداني كمال الدين الشيخ ميثم ابن علي بن ميثم البحراني وهو المشهور في لسان الأصحاب بالعالم الرباني والمشار [ صفحه 63] إليه في تحقيق الحقائق وتشييد المباني أثني عليه سلطان المحققين الخواجة نصير الملة والدين ثناء عظيما وعبر عنه المحقق الشريف في شرح المفتاح في أوائل علم البيان ببعض مشائخنا تنويها بشأنه وتعريضا وأثني عليه صدر المحققين مير صدر الدين الشيرازي في حواشي التجريد في مباحث الجواهر وأعجب بما أورده في المعراج السماوي وله مصنفات كثيرة مليحة منها (شرح نهج البلاغة) [16] لا سيما الشرح الكبير فإنه حقيق بأن يكتب بالنور علي بطون الأحداق لا بالحبر علي بطون الأوراق رأيته وانتفعت منه وعندي منه المجلد الأول ورأيت شرحه أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 63 - 71 الصغير في خزانة شيخنا الفقيه الشيخ سليمان بن علي بن سليمان (قدس الله سره) سنة 1095 من الهجرة، ومنها (الاستغاثة في بدع الثلاثة) وهي عندي بنسخة عتيقة جدا وكان بعض مشائخنا المعاصرين قدس الله روحه يتوقف في نسبتها إليه ويقول إنها غير جارية علي مذاقه وهي بكلام غيره أشبه، ومنها (القواعد) في علم الكلام رأيته في السنة المذكورة عند بعض إخواني ولم أتفرغ لتتبعه ومطالعته ومنها (شرح إشارات) أستاذه الشيخ جمال الدين علي بن سليمان البحراني وقد أجاد فيه وطبق المفصل وهو عندي قال بعض مشائخنا المعاصرين: لو لم يكن له إلا هذا الكتاب لكفاه دليلا علي كمال تبحره ومنها (شرح المائة الكلمة المرتضوية) [ صفحه 64] وهو شرح نفيس لم يعمل في فنه مثله، ومنها كتاب (المعراج السماوي) وكتاب (البحر الخضم) وغيرها ورأيت في بعض رسائل بعض أصحابنا المعاصرين إنه تلمذ علي سلطان الحكماء في الحكمة وتلمذ سلطان المحققين عليه في العلوم الشرعية ولم أستثبته وروي عنه العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر كما صرح به الفاضل ابن أبي جمهور في كتابيه وقد استوفينا أحواله في رسالة مفردة عملناها في سنة 1101 ه بالتماس بعض الأخوان وقبره متردد بين بقعتين كلتاهما مشهورة بأنها مشهده إحداهما في جبانة الدونج والأخري في هلتا من الماحوز وأنا أزوره فيهما احتياطا وإن كان الغالب علي الظن أنه في هلتا لوفور القرائن علي ذلك لظهور آثار الدعوات وتواتر المنامات. ومن غريب ما اتفق من المنامات في ذلك إن بعض المؤمنين من أهل الماحوز ممن لا سواد له وهو متمسك بظاهر الخبر رأي أن الشيخ كمال الدين مضجع فوق ساجة قبره الذي هو في هلتا مسجي بثوب وقد كشف الثوب عن وجهه قال فسلمت عليه وشكوت له ما نلقي من الأعراب فأجابني بقوله تعالي (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) ثم سألته عن قوله تعالي (انطلقوا إلي ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلي ظل ذي ثلاث شعب..) فقال رحمه الله تعالي إن النواصب ومن يشاكلهم في عقائدهم الفاسدة ينطلقون إلي الرسول صلي الله عليه وآله وقد كظهم العطش والحر فيطلبون منه السقاية والاستظلال فيقول لهم (انطلقوا إلي ما كنتم به تكذبون) يعني عليا (ع) فينطلقون إلي علي (ع) فيقول لهم (انطلقوا إلي ظل ذي ثلاث شعب) يعني الخلفاء الثلاثة وكان ذلك في سنة 1152 ه [ صفحه 65] ثم إن الرجل سألني عن هذه الآية ولم يكن يحضرني ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام فيها فأخبرته بتفسير العامة فقال إن لها تفسير غير هذا ففتشت تفسير الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم فوجدت التفسير الذي حكاه عن منامه مرويا فيه عنهم عليهم السلام وهو من غرائب المنامات ورأيت في رسالة للشيخ الجليل الكفعمي (رسالة وفيات العلماء) أنه مات في دار السلام ببغداد والله أعلم بحقيقة الحال انتهي كلام العلامة الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (رض). (قلت) وقد ذكر أيضا هذا الشيخ الجليل الرباني كل من تأخر عنه ممن تصدي لكتب الرجال والإجازات كالعلامة والشهيد الثاني والشيخ حسن والمولي المجلسي (ره) وابن أبي جمهور وغيرهم ونقلوا تحقيقاته وفتاويه وبالغوا في الثناء عليه وذكره الشيخ الزاهد فخر الدين بن طريح النجفي (ره) في (مجمع البحرين) وأثني عليه ثناء جميلا وذكر أنه ورد إلي الحلة السيفية وكانت له مع علمائها قصة عجيبة واستجاز منه كثير من علمائها كالعلامة والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب (فرحة الغري) وغيرهما والقصة التي ذكرها وأشار إليها هذا الشيخ قد ذكرها العالم الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني في رسالته التي عملها في أحواله وسماها (بالسلامة البهية في الترجمة الميثمية) مبسوطة مشروحة يطول الكلام بذكرها فلهذا طويناها علي غيرها، وذكره أيضا السيد المحقق الشريف نور الله الشوشتري صاحب (إحقاق الحق) وغيره في كتابه (مجالس المؤمنين) وذكر القصة أيضا. وأما كتبه فهو كما ذكرها مشبوعة بالتحقيق والتدقيق وحسن التحبير والتعبير [ صفحه 66] عندنا الشرح الكبير كله وشرح المائة الكلمة وقواعد العقائد وشرح (رسالة العلم) التي هي للعالم الأوحد الشيخ أحمد بن سعادة البحراني وله كتب كثيرة غير ما ذكره (منها) رسالة عجيبة في شرح حديث المنزلة وأنه وحده كاف في خلافة أمير المؤمنين لم نحتج إلي غيره وهو قوله صلي الله عليه وآله في الصحيح المتفق عليه: (ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي) وما هو بمعناه فأثبت النبي صلي الله عليه وآله له جميع المنازل التي لهارون من موسي (ع) ولم يستثن منها إلا النبوة ومن جملة منازل هارون الخلافة يقينا بنص القرآن في قوله تعالي (اخلفني في قومي) وله كتاب (...) [17] ذكره الشيخ سبط الشهيد الثاني في كتابه (الدر المنثور) ونقل عنه وأما كتاب (الاستغاثة في بدع الثلاثة) فهو لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي، كان أولا علي مذهب أهل الحق ثم غلا في آخر عمره وله كتب في حالتيه وهذا الكتاب في حال استقامته فليس للشيخ المزبور (أعني به العلامة الشيخ ميثم) وأن نسبه له كثير من الأصحاب كشيخنا المذكور والعلامة المجلسي (ره) في البحار وغيرهما. وأما قبره الشريف فالظاهر بل الأظهر لوفور القرائن الكثيرة كما ذكره شيخنا أنه في هلتانا من الماحوز في حجرة قدام المسجد مع قبور بعض العلماء مبني مشهور وقد دفن عند رأسه شيخنا العلامة الرباني ووالدنا الروحاني العبد الصالح والميزان الراجح التقي النقي الأسعد الأرشد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح الستري البحراني تغمدهم الله برحمته وأحلنا وإياهم دار كرامته لوصية منه بذلك لرؤيا رآها شيخنا قبل وفاته ضاعف الله حسناته فأحيا بدفنه معه ذكره بين [ صفحه 67] الأنام وصار قبرهما الآن مزارا مشهورا بين الخاص والعام وقد قلت في هذا المعني بعد وفاته لتاريخ يكتب علي حجرة قبره قدس الله سره وهي هذه: له الله يوما به قد دهينا++ لمن كان للدين حصنا حصينا وأضحي الهدي والتقي والندي++ أيمي حياري تبين الحنينا وأم المعالي غدت ثاكلا++ تقيم العزاء وتبدي الأنينا تقول التصبر مني مضي++ خلعت السرور لبست الشجونا وأرخت: (ميثم أس العلوم++ دعا أحمدا صالح المؤمنينا ولنا فيه أيضا غير ذلك++ وأما ما ذكره عنه من تفسير الآية في الرؤيا وأنه رآها مسندة عن أهل البيت عليهم السلام في تفسير الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي (رض) فقد كتب بعض فضلائنا في الحاشية عليه وجدنا هذه الرواية منقولة من تفسير محمد بن العباس بن ماهيار [18] مسندة عن الصادق (ع) ولم نظفر لها في تفسير القمي ولا رأينا من نقلها عنه غير شيخنا المذكور وهو أعلم بما قال وأخبر انتهي كلام ذلك الفاضل. (قلت) ويمكن الجواب عن ذلك بأن لعلي بن إبراهيم تفسيرين صغير وكبير أو تفسير كبير والموجود الآن المتداول مختصر منه اختصره بعض الأصحاب فلعل شيخنا وقف علي الأصل أو التفسير الكبير لا هذا ونقل منه وكفي به ثقة وناقلا وهذا هو الأظهر والله العالم. (تنبيه) كل ميثم بكسر الميثم كميثم التمار وغيره إلا ميثم البحراني (ره) [ صفحه 68] وجده ميثم بن المعلا فإن ميمه مفتوحة الدراية ومن شعره قدس الله روحه قوله: طلبت فنون العلم أبغي بها العلا++ فقصر بي عما سموت به القل تبيين لي أن العلوم بأسرها++ فروع وأن المال فيها هو الأصل [19] . [ صفحه 69] ومن شعره أيضا كما نقل. وقيل لبعض الحكماء: قد قال قوم بغير علم++ ما المرء إلا بأصغريه فقلت قول امرئ حكيم++ ما المرء إلا بدرهميه من لم يكن درهم لديه++ لم تلتفت عرسه إليه وضل في بيته وحيدا++ يبول سنوره عليه [ صفحه 70]

الشيخ فضل البحراني

(ومنهم) العالم الفاضل الشيخ فضل بن جعفر بن فضل بن أبي قابد البحراني من تلامذة الإمام المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي صاحب (الشرائع) و (المعتبر) و (النافع) وغيرها قرأ عليه نهاية الشيخ ذكره شيخنا الشيخ يوسف في (الكشكول) عن شيخنا العلامة الشيخ سليمان البحراني ولم أسمع له بمصنف ولا تاريخ ولا غير ذلك.

الشيخ أحمد بن المتوج

" ومنهم " العلامة الجليل جمال الدين الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الله بن محمد بن علي بن حسن بن متوج البحراني وهو شيخ الإمامية في وقته كما ذكره ابن أبي جمهور الأحسائي في " غوالي اللئالي " وذكر في موضع آخر أن فتاويه مشتهرة في المشارق والمغارب وهو من أعاظم تلامذة الشيخ العلامة فخر الدين [ صفحه 71] أبي طالب محمد بن العلامة الحلي " ره " تلمذ عليه في الحلة السيفية المزيدية وعلي غيره من علماء الحلة واستجاز منهم ورجع إلي البحرين وقد بلغ الغاية في العلوم الشرعية وغيرها وله التصانيف المليحة منها كتاب " منهاج الهداية في شرح آيات الأحكام الخمسماية " مختصر جيد يدل علي فضل عظيم، قرأته في حداثة سني علي بعض مشائخي سنة 1091 هجرية ومن جملة إفاداته فيه أن الطلاق البذلي أعم من الخلع والمبارات يصح حيث يصح أحدهما ولا يصح حيث لا يصح أحدهما كما تتعارفه متفقهة زماننا وقد بسطنا الكلام في ذلك في رسالة مفردة وله رسالة وجيزة فيما يعم به البلوي ذكر فيها في بحث القبلة أن قبلة البحرين أن تجعل الجدي محاذيا لطرف الأذن اليمني وليس قبلتها كقبلة البصرة كما ظنه بعض متفقهية زماننا ومن غريب ما اتفق في ذلك أنه ورد في سنة 1108 ه علي البحرين حاكم اسمه " محمد سلطان بن فريدون خان " وأشكل عليه معرفة القبلة جدا وادعي أن أكثرمحاريب المساجد منصوبة علي غير القبلة وكان عنده الآلة المعروفة بقبلة نماز [20] . في معرفة القبلة فسأل جماعة من علماء البحرين المتفقهة فذكروا له أن قبلتها كقبلة العراق وذكروا له علامة البصرة وما حاذاها فلم تقع في خاطره بموقع وذكر أن قبلة نماز لا تساعد علي ذلك وكانت بيني وبينه كدورة فاستمالني فلما زرته سألني عن قبلة البحرين فذكرت أنها بحيث يحاذي الجدي طرف الأذن اليمني أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 71 - 79 كما ذكر الشيخ جمال الدين في رسالته وكل المتفقهة المذكورون حاضرين فتبينت لهم أن الشيخ جمال الدين وغيره قد بينوا ذلك فوقع ذلك فوقع ذلك من السلطان موقع القبول وساعدت عليه الآلة المذكورة. [ صفحه 72] ومن جملة مؤلفاته مختصر التذكرة وهو جيد مفيد مليح كثير الفوائد ظفرت منه بنسخة عتيقة مقررة عليه " قدس سره " قرأها عليه تلميذه الفقيه أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس بن فهد الأحسائي وعليها الإجازة بخطه " قدس سره " تاريخها سنة اثنتين وثمانمائة ومنها كتاب " مجمع الغرائب " وهو كما سمي يحتوي علي فروع غريبة ومسائل نادرة رأيته في كتب بعض إخواني بنسخة سقيمة سنة 1120 + ه وقبره " قدس سره " في الجزيرة " جزيرة أكل " في المشهد المعروف بمشهد النبي صالح وسمعت جماعة من مشائخنا عطر الله مراقدهم يحكون أنه كان كثيرا ما يقع بينه وبين شيخنا الشهيد الأول " ره " مناظرات وفي الأغلب يكون الغالب الشيخ جمال الدين أحمد بن المتوج فلما عاد الشيخ جمال الدين إلي البحرين واشتغل بالأمور الحسبية وفصل القضايا الشرعية وغيرها من الوظائف الفقهية اشتغل ذهنه " قدس سره " ثم حج الشيخ جمال الدين واتفق اجتماعه بشيخنا الشهيد " رض " في مكة المشرفة فتناظرا فغلب شيخنا الشهيد وأفحمه فتعجب الشيخ جمال الدين فقال له الشيخ الشهيد " ره " قد سهرنا وأضعتم، ولشيخنا الشيخ جمال الدين تلامذة فضلاء منهم ابنه.

الشيخ ناصر بن المتوج

الشهاب الثاقب والسهم الصائب والبحر الزاخر الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد ابن المتوج كان نادرة عصره في الذكاء واشتعال الذهن ونسيج وحده في الصلاح ولم نظفر له بشئ من المصنفات وقبره بجنب قبر أبيه وقد زرتهما مرارا جمة ومشهدهما من المشاهد المتبرك بهما، انتهي كلام شيخنا الرباني الشيخ سليمان [ صفحه 73] الماحوزي البحراني (ره). " قلت " وقد ذكر هذا الشيخ الجليل كل من تأخر عنه كالمحدثين البحرانيين والحرفي الأمل وخريت هذه الصناعة الملا عبد الله أفندي في " رياض العلماء " والسيد المعاصر في روضاته والفاضل المعاصر في آخر " المستدرك " وأثنوا عليه بكل جميل وذكره تلميذه الفاضل السبعي الأحسائي شارح قواعد العلامة بما لا مزيد عليه وذكر أن له شرحا علي مشكلات القواعد وله أيضا من المصنفات تفسير الكتاب المجيد وله رسالة (الناسخ والمنسوخ) وله أشعار كثيرة منها نظم مقتل الحسين (ع) رأيناه ومراثي كثيرة وله مدح حسن في أمير المؤمنين عليه السلام وذكر المماثلة بينه وبين رسول الله صلي الله عليه وآله في صفات الكمال. ومن تلامذته الشيخان الجليلان السميان الشيخ أحمد بن فهد الحلي والشيخ أحمد بن فهد المضري الأحسائي ولكل منهما شرح علي الإرشاد فهو من غرائب الاتفاقات.

الشيخ عبدالله بن المتوج

(ومنهم) والده العلامة الفاضل الأواه الشيخ عبد الله بن المتوج البحراني وكان عالما ورعا فاضلا واشتهر ابنه بابن المتوج دونه ذكره الفاضل الملا عبد الله أفندي الأصفهاني في (رياض العلماء) ولم نسمع له بشئ من المصنفات ولا بتاريخ وموضع للوفاة. [ صفحه 74]

الشيخ أحمد بن مخدم

(ومنهم) العالم الفاضل فخر الدين الشيخ أحمد بن مخدم البحراني وكان هذا الشيخ زاهدا عابدا عدلا ورعا قاله شيخنا المحدث الشيخ عبد الله بن صالح البحراني وكان من تلامذة الشيخ جمال الدين بن المتوج وذكره ابن أبي جمهور الأحسائي في (غوالي اللئالي) وفي إجازته للسيد محسن الرضوي وأثني عليه ثناء حسنا.

الشيخ حرز الدين البحراني

(ومنهم) الشيخ حرز الدين البحراني الفقيه العلامة الحبر الأديب الفهامة تلميذ الشيخ فخر الدين بن المخدم ذكره المحدث الصالح المذكور والشيخ ابن أبي جمهور كما ذكرنا ولم يذكرا له ولا لشيخه شيئا من المصنفات.

الشيخ مفلح بن حسن الصيمري

(ومنهم) الشيخ الفقيه العلامة الحبر الأديب الفهامة الشيخ مفلح بن حسن الصيمري البحراني قال شيخنا الشيخ سليمان (ره) ومنهم أي من علماء البحرين الشيخ الفقيه العلامة الشيخ مفلح بن حسن الصيمري [21] وأصله من صيمر [ صفحه 75] وانتقل إلي البحرين وسكن قرية سلماباد وله التصانيف الفائقة المليحة منها شرح الشرائع وقد أجاد فيه وطبق وقد فرق فيه بين الرطلين في الزكوتين وفاقا للشيخ العابد جمال الناسكين أحمد بن فهد الحلي (ره) في المهذب والعلامة في التحرير وله شرح الموجز موجز الشيخ جمال الدين بن فهد أظهر فيه اليد البيضاء وقد طالعته واستفدت منه كثيرا في سنة 1093 ه وما بعدها ومنها كتاب (جواهر الكلمات في العقود والإيقاعات) مليح كثير المباحث غزير العلم ومنها رسالة (إلزام النواصب بخلافة علي بن أبي طالب) وله رسالة رأيتها في خزانة كتب شيخنا العلامة (قدس سره) في تكفير ابن قرقور رجل من أعيان البحرين وارتداده بسبب تلاعبه بالشرع المقدس، وله قصائد مليحة أورد بعضها الشيخ الصالح الشيخ فخر الدين الطريحي في مجالسه انتهي كلامه علا في الجنان مقامه. " قلت " وهذا الشيخ " قدس سره " من رؤساء الطائفة المحقة وفتاويه كثيرة منقولة مشهورة في كتب الأصحاب كالجواهر والمقابيس ومفتاح الكرامة وغيرها ورأيت شرحه علي الشرائع سماه (غاية المرام شرح شرائع الإسلام) مجلدان عندنا من الكتب الموقوفة وعندنا أيضا (جواهر الكلمات) وله شعر كثير في المراثي للحسين (ع) والمثالب لأعداء آل محمد صلي الله عليه وآله ووقفت له علي أبيات لما خرج من البحرين من بعض الظلمة يتأسف عليها وعلي بعض إخوانه فيها ثم بعد ذلك أرجعه الله إليها قال. [ صفحه 76] ألا من مبلغ الأخوان أني++ رضيت بسنة الفجار فينا فافعل مثل فعلان وأني++ كجندب للولاية قد نفينا وما أسفي علي البحرين لكن++ لإخوان بها لي مؤمنينا دخلنا كارهين لها فلما++ ألفناها خرجنا كارهينا [22] . وقبره في قرية سلماباد من البحرين وقبر ابنه الصالح الشيخ حسين بجنبه.

الشيخ حسين ابن الشيخ مفلح

(ومنهم) ولده وتلميذه الشيخ الفقيه الزاهد العابد الورع الشيخ حسين أورع أهل زمانه وأعبدهم وأفضلهم كان مستجاب الدعوة كثير العبادات والصدقات، قل أن يمضي له عام في غير حج أو زيارة لم يعثر له عثرة وكان للناس فيه اعتقاد عظيم وراج الشرع الشريف في زمانه غاية الرواج وكان أذكي أهل زمانه واجتمع في بعض أسفاره بالشيخ العلامة مروج مذهب الإمامية في المائة التاسعة الشيخ علي بن عبد العال الكركي واستجاز منه وأجازه وله مصنفات له كتاب (الناسك الكبير) كتاب كثير الفوائد وكتاب (المناسك الصغير) ورأيت خطه في بعض نسخ (الشرائع) وقبره وقبر أبيه (رض) في قرية سلماباد وزرتهما مرة انتهي كلام الشيخ سليمان البحراني (ره). (قلت) قد ذكره السيد العلامة بحر العلوم الطباطبائي (ره) في (الفوائد) [ صفحه 77] وذكر أن له كتاب (محاسن الكلمات في معرفة النيات) ذكر فيه كثيرا من فتاوي والده في كتابيه (شرح الموجز) و (شرح الشرائع) ووجدت له أجوبة لبعض المسائل وبعض الفتاوي وذكره أيضا السيد المعاصر في الروضات توفي (قدس سره) سنة 933 ه مفتتح شهر محرم الحرام [23] .

الشيخ عبدالله ابن الشيخ حسين الصيمري

(ومنهم) ابنه الفاضل العالم الشيخ عبد الله ابن الشيخ المذكور وجدت بخطه في آخر المجلد الأول من تحرير العلامة في النسخة التي عندنا إجازة لبعض تلامذته بهذه الصورة " أنهاه أيده الله تعالي قراءة وبحثا وشرحا في مجالس متعددة وأوقات متبددة أخراها في يوم العشرين من ربيع الأول سنة خمس وخمسين وتسعمائة والمشار إليه الشيخ حسين بن صالح ابن... بن صالح دام ظله وأجزت له روايته عني عن والدي المرحوم الشيخ حسين عن والده المرحوم الشيخ مفلح ابن حسن متصل بالمجتهدين متصل بالأئمة المعصومين عن الرسول الأمين عن جبرائيل (ع) عن الله رب العالمين حرره الفقير إلي ربه عبد الله بن حسين بن مفلح عفي الله عنهم أجمعين " نقلته من خطه وكان فيه بعض الحروف المقشعة لطول مدة الكتابة رحمنا الله وإياهم وإخواننا المؤمنين في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين. [ صفحه 78]

الشيخ يحيي بن عشيرة

(ومنهم) الفاضل الكامل الشيخ يحيي بن حسين بن عشيرة البحراني أحد تلامذة الشيخ الصالح الشيخ حسين بن الشيخ مفلح المذكور ويروي عنه ولعله صاحب كتاب (الشهاب في الحكم والآداب) الذي ذكره فيه ألف حديث عن سيد المرسلين صلي الله عليه وآله الطاهرين من طرق الخاصة وبعضها من طرق العامة المطبوع الآن الذي ذكره السيد المعاصر في (روضاته) وذكر أنه للشيخ يحيي البحراني وليس له ذكر في التراجم والله تعالي العالم، وليس هو كتاب الشهاب المذكور فيه أيضا ألف حديث للقاضي القضاعي السني فإنه ليس جاريا علي أسلوبهم والله العالم.

الشيخ حسين بن أبي سردال

(ومنهم) العالم العامل الفقيه الرباني الشيخ حسين بن علي بن الحسين بن أبي سردال البحراني ذكره شيخنا الحر في الأمل وأثني عليه بالعلم والفضل وذكر أنه من تلامذة المحقق الشيخ علي بن عبد العال الكركي له مصنفات منها (الأعلام الجلية شرح الألفية الشهدائي) وكتاب (الكواكب الدرية في شرح الرسالة النجمية) للشيخ علي بن عبد العال قال الشيخ الجليل الحر: رأيت هذين الكتابين في خزانة الكتب الموقوفة في مشهد الإمام الرضا (ع) بخط مؤلفها انتهي كلام السيد ابن أبي شبانة البحراني في كتابه تتمة الأمل. [ صفحه 79]

الشيخ علي العسكري البحراني

(ومنهم) العالم العامل الفقيه الرباني الشيخ علي ابن الشيخ حسين الشاطري الشهدائي العسكري، قال شيخنا الشيخ سليمان البحراني كان أوحد عصره غير مدافع وله كتب منها كتاب (شرح الألفية) مفيد كثير المباحث وهو عندي وله حواشي مفيدة ورأيت خطه في كتبه وفي الكتب الموقوفة علي أهل الماحوز من كتبه كثير مثل كتاب (المنهاج) وكتاب (أحكام القرآن) للقطب الراوندي انتهي كلامه علا مقامه. (قلت) والعسكر قرية من قري البحرين في طرفها الجنوبي وهي الآن أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 79 - 86 خراب غير مسكونة وقرية المعامير حدثت بعد خرابها وأهلها أهلها كذا قيل وينسب إليها هذا الشيخ وابنه حرز [24] .

الشيخ حرز العسكري

(ومنهم) ولده الفاضل الشيخ حرز ابن الشيخ علي ابن الشيخ المذكور أبوه آنفا له مصنفات منها (مقتل أمير المؤمنين) عليه الصلاة والسلام. [ صفحه 80]

الشيخ داود بن أبي شافيز

(ومنهم) الشيخ المحقق العلامة الأديب الحكيم الشيخ داود بن محمد بن عبد الله بن أبي شافيز (بالشين المعجمة بعدها ألف ثم الفاء والزاء أخيرا) واحد عصره في الفنون كلها وله في علوم الأدب اليد الطولي وشعره في غاية الجزالة وقصائد شعره مشهورة وكان جدليا حاذقا في علم المناظرة وآداب البحث ما ناظر أحدا إلا وأفحمه وله مع السيد العلامة النحرير ذي الكرامات السيد حسين ابن السيد حسن الغريفي (ره) مجالس ومناظرات وسمعت شيخي الفقيه العلامة الشيخ سليمان يقول كان السيد أفضل وأشد إحاطة بالعلوم وادق نظرا وكان الشيخ داود (ره) أشد بديهة وادق في صناعة علم الجدل فكان في الظاهر يكون الشيخ غالبا وفي الحقيقة الحق مع السيد وكان الشيخ داود (ره) يأتي ليلا إلي بيت السيد العلامة الغريفي ويعتذر منه ويذكر أن الحق معه وله (ره) رسائل منها رسالة وجيزة في علم المنطق اختار فيها مذهب الفارابي في تحقيق عقد الوضع في المحصورات واختار فيها أيضا أن الممكنة تنتج في صغري الشكل الأول وله فيها مذاهب نادرة انتهي كلام شيخنا العلامة الماحوزي البحراني. (قلت) وهذا الشيخ من العلماء الكبار وهو الذي تصدي لمباحثة العلامة الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والد شيخنا البهائي لما قدم البحرين وزاروه ثم زارهم وجري البحث بينهما فلما انفض المجلس ورجع الشيخ حسين إلي بيته كتب هذين البيتين: أناس في أول قد تصدوا++ لمحو العلم واشتغلوا بلم لم [ صفحه 81] إذا جادلتهم لم تلق فيهم++ سوي حرفين لم لم لا نسلم وله شرح علي الفصول النصيرية في التوحيد جيد حسن وقد رأيته وكان سيدنا المعاصر السيد الفاخر السيد أحمد بن السيد عبد الصمد البحراني (ره) يعجب منه ومن متانته وتحقيقاته وذكره الجليل السيد علي خان في (السلافة) وبالغ في إطرائه وذكر جملة من آدابه وأشعاره وهو من أهل جد حفص البحرين ومدرسته هو المسجد المسمي بمدرسة الشيخ داود الشائع علي السنة عوام عصرنا هذا بمدرسة العريبي وقبره (ره) في حجرة في جنب المسجد داخلة فيه من الشمال إلا أنها الآن خارجة عن المسجد المذكور وهناك قبور جماعة من العلماء إلا أني لم أقف علي أسمائهم وقد وقعت علي هذا المسجد سنة من السنين حادثة من النصاري لا يسعها هذا المكان في سنة 1335 ه.

السيد حسين الغريفي

(ومنهم) السيد العلامة النحرير ذو الكرامات السيد حسين ابن السيد السعيد السيد حسن الغريفي البحراني أفضل أهل زمانه وأعبدهم وأزهدهم كان متقل لا في الدنيا وله كرامات وله كتب نفيسة منها كتاب (الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين) لم ينسج علي منواله أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين فهو أبو غدير تلك الطريقة وابن جلائها وله فيها اليد البيضاء ومن تأملها بعين الإنصاف أذعن بغزارة مادته وعظم فضله ولم يكملها بل بلغ فيها إلي كتاب الحج وهو عندي وفيه من الفوائد ما لا يوجد في غيره ومن مؤلفاته أيضا شرح الرسالة الشمسية وشرح المائة العامل ورسالة مليحة في علم العروض والقافية وله [ صفحه 82] علي الذكري حواش مفيدة وكان شاعرا مصقعا ومن جملة ما ينسب إليه ما وجدته بخط شيخنا (قده) وهو أيضا مذكور في سلافة العصر للسيد الأديب النجيب السيد علي ابن الميرزا السيد أحمد وهو قوله رحمة الله عليه: قل للذي غبت فغاب الذي++ قلت وقلت السن مني ضروس لا تمتحنها تمتحن أنها++ دلية دليت مني غروس بل وقناتي صعدة صعبة++ تخبراني الهزبري الشموس وقد زرت [25] قبره وتبركت به ودعوت الله عنده انتهي كلام شيخنا العلامة الماحوزي البحراني (قدس سره النوراني). (قلت) وقد ذكره هذا الجليل الفاضل النبيل السيد علي صاحب السلافة وأثني عليه ثناء عظيما ومدحه مدحا جميلا جسيما وينبغي ذكره قبل الشيخ داود لأشياء كثيرة لكنه جري هكذا غفلة، والغريفة بالضم تصغير غرفة قرية من قري بلادنا البحرين هي مسكن هذا الجليل في الطرف الجنوبي من قرية الشاخورة وقد خربت، وقد رثاه بعد وفاته الأديب الماهر أبو البحر الشيخ جعفر بن محمد الخطي (ره) بهذه القصيدة الفريدة وهي قوله: جد الردي سبب الإسلام فانجذما++ وهد شامخ طود الدين فانهدما وسام طرف العلا غضا فأغمضه++ وفل عزب جسام المجد فانثلما الله أكبر ما أدهاك مرزية++ فصمت ظهر التقي والدين فانفصما أحدثت في الدين كلما لو أتيح له++ عيسي بن مريم يأسوه لما التحما أي امرئ بك أفجعت الأنام به++ فاستشعروا بعده التزفار والألما [ صفحه 83] كل يزير ثناياه أنامله++ حزنا عليه ويدميها له ندما وينثرون وسلك الحزن ينظمهم++ علي الخدود عقيق الدمع منسجما لهفي وما لهفي مجد علي علي++ مجد تفرق أشتاتا فما التأما لهفي علي كوكب حل الثري وعلي++ بدر تبوأ بعد الأبرج الرجما إيه خليلي قوما واسعدا دنفا++ أصاب أحشاه دامي الحزن حين رمي نبكي خضم علوم جف زاخره++ وغاض طاميه لما فاض والتطما نبكي فتي لم يحل الضيم ساحته++ ولا أباح له غير الحمام حمي ذو منظر يبصر الأعمي برؤيته++ هدي وذو منطق يستنطق البكما لو علم الوحش ما يلقيه من حكم++ لراحت الوحش من تعليمه علما أو أسمع الأسد شيئا من مواعظه++ لراحت الأسد خوفا تكرم الغلما لو أنصف الدهر أفنانا وخلده++ وكان ذلك من أفعاله كرما ما راح حتي حشي أسماعنا دررا++ من لفظه وسقي أذهاننا حكما كالغيث لم ينأ عن أرض ألم بها++ حتي يغادر فيها النبت قد نجما كأنه وضريح ضم جثته++ ذو النون يونس لما أن له التقما يا قبره لاعداك الدر منسجم++ من المدامع هام يخجل الديما [26] . [ صفحه 84] صبرا بنيه فإن الصبر أجمل++ بالحر الكريم إذا ما حادت دهما هي النوائب ما تنفك دامية++ الأنياب منا وما منها امرؤ سلما فكم تخطف ريب الدهر من أمم++ فأصبحوا تحت أطباق الثري رمما لو أكرم الله من هذا الردي أحدا++ لأكرم المصطفي من ذاك واحترما صلي عليه إله العرش ما وخدت++ خوص الركاب تؤم البيت والحرما انتهي ولقد أجاد وهي أول شعر قاله في المراثي كما في ديوانه وناهيك بها بلاغة وعظما وفخامة تغمده الله برحمته ورضوانه، ولما سمع بوفاته العالم الفاضل الشيخ داود بن أبي شافيز أنشد ارتجالا يقول: هلك الصقر يا حمام فغني++ طربا منك فوق عالي الغصون انتهي قدس الله أرواحهم أجمعين وحشرنا وإياهم في زمرة محمد وآله الطاهرين.

السيد عبدالله القاروني

(ومنهم) السيد العلامة الأواه السيد عبد الله القاروني نزيل كرانا وهو أوحد زمانه له كتب منها (شرح المغني) وقفت علي مجلد منه كبير ولم يبلغ الأوسط باب الألف وهو كثير الأبحاث دقيق الأنظار جزل العبارة والمجلد المذكور كان في خزانة كتب شيخنا واستعرته من أولاده ومنها شرح كتاب (العزة) عجيب في فنه سمعت صاحبنا السيد اللغوي الأديب السيد علي (ابن خالنا) السيد العلامة السيد حسين الكتكاني (قدس سره) يصفه وقال إنه لم يعمل مثله في فنه وللسيد العلامة الفقيه السيد ماجد ابن السيد هاشم العلوي العريضي البحراني (قدس سره) في مرثيته قصيدة أبدع فيها مطلعها: [ صفحه 85] رثت لفقدك لذة الفضل++ وفشت خلافك آفة الجهل وتنكبت سبل الهدي عصب++ قد كنت هاديها إلي السبل ويعجبني قوله أيضا رحمه الله فيها هذين البيتين العجيبين: لولا علا علقت يداك به++ لم تغن عنك نجابة الأصل كالسيف لا تغنيه نسبته++ يوما إلي يمن عن الصقل وهي موجودة في ديوان السيد المذكور، وكان عندي بخط السيد اللغوي الأديب السيد علي ابن خالنا السيد العلامة السيد حسين الكتكاني انتهي كلام شيخنا العلامة الماحوزي (قدس الله سره). (وكرانا) بالكاف المفتوحة أولا ثم الراء المشددة بعدها الألف ثم النون ثم الألف أخيرا قرية من قري البحرين شمالا عن قرية أبي أصيبع.

السيد ماجد الصادقي

(منهم) السيد العلامة الفهامة محرز قصب السبق في جميع الفضائل والفائز بالرقيب والمعلي من قداح الكمالات الكسبية والوهبية من بين فحول الأواخر والأوائل السيد أبو علي السيد ماجد ابن السيد العالم السيد هاشم ابن العريض الصادقي البحراني (ره) كان أوحد زمانه في العلوم أحفظ أهل عصره، نادرة في الذكاء والفطنة وهو أول من نشر علم الحديث في دار العلم شيراز المحروسة وله مع علمائها مجالس عديدة ومقامات مشهورة أخبرني شيخنا الفقيه ببعضها وأقبل أهلها عليه إقبالا شديدا وتلمذ عليه العلماء الأعيان مثل مولانا العلامة محمد محسن الكاشاني صاحب (الوافي) والشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل والكمال [ صفحه 86] الشيخ محمد بن حسن بن رجب البحراني والشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمد ابن علي البحراني والشيخ زين الدين الشيخ علي بن سليمان البحراني والشيخ العلامة الأديب الخطيب الشيخ أحمد بن عبد السلام البحراني والسيد العلامة السيد عبد الرضا البحراني والشيخ الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني وغيرهم وخطب علي منبر شيراز خطبتي الجمعة بديهة لما نسي تلميذه السيد الفاضل السيد عبد الرضا الخطبتين اللتين أنشأهما والقصة مذكورة في كتاب (سلافة العصر في محاسن الدهر) للسيد الأديب النجيب الفاضل السيد علي ابن الميرزا أحمد وختمها بأبيات في غاية من البلاغة والجزالة وكان شيخنا العلامة معجبا كثيرا بقصيدته الرائية في مرثية الحسين (ع) سيد الشهداء التي مطلعها: بكي وليس علي صبر بمعذور++ من قد أطل عليه يوم عاشور وله معان كثيرة في نظمه ومن بديع ذلك قوله رحمة الله عليه لشيب رأسي بكت عيني ولا عجب++ تبكي العيون لوقع الثلج في القلل واجتمع في سنة بالعلامة الشيخ البهائي (قده) في دار السلطنة أصفهان أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 86 - 93 المحروسة فأعجب به شيخنا البهائي (ره) حكي بعض مشائخنا أنه سأل السيد عن مسألة بمحضر الشيخ فأوجز السيد الجواب تأدبا مع الشيخ فأنشد الشيخ (قدس سره): حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي++ فأنت بمرأي من سعاد ومسمع فأطال السيد الكلام فاستحسنه الشيخ، وحدثني شيخنا العلامة أنه لما اجتمع السيد بالشيخ كان في يد الشيخ سبحة من التربة الحسينية علي مشرفها سلام الله فتلا الشيخ علي السبحة فقطر منها ماء علي طريقة ما تستعمله أهل الشعابذة [ صفحه 87] والعلوم الغريبة فسأل السيد أيجوز التوضؤ به فقال السيد لا يجوز، وعلله بأنه ماء خيالي لا حقيقي وليس من المياه المتأصلة المنزلة من السماء أو النابعة من الأرض فاستحسنه الشيخ واستجاز منه الشيخ فكتب له إجازة طويلة تشتمل علي تأدب عظيم في حقه وثناء جميل وتقريظ عظيم وقد وجدت الإجازة في خزانة بعض كتب الأعيان سنة 1103 ولولا ضيق المقام لنقلتها. وللسيد (قدس سره) (الرسالة اليوسيفية) جيدة جدا وعليها له حواشي مفيدة ورأيتها بخط تلميذه الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني (ره) وقد قرأها عليه (قدس سره) في دار العلم شيراز وعليها الانهاء والإجازة بخطه روح الله روحه وله رسالة في مقدمة الواجب مليحة كثيرة الفوائد ورأيتها مرة واحدة في يد بعض الفضلاء في مجلس شيخنا سنة 1109 ولم يعطها صاحبها للاستنساخ ثم إنه مات فطلبتها من ورثته ففتشوا عنها ولم يروها وله حواشي مليحة متفرقة علي المعالم وحواشي متفرقة علي خلاصة الرجال ورأيتها بخطه عند بعض لأصحاب وله حواشي علي الشرائع وعلي اثني عشرية شيخنا البهائي (ره) وحواشي علي كتابي الحديث وفي نسخة التهذيب التي عندي جملة منها وله فتاوي متفرقة جمعها بعض تلامذته وهي عندي وله رسالة سماها (سلاسل الحديد في تقييد أهل التقليد) ومنه أخذ العلامة السيد هاشم البحراني هذا الاسم فانتخب من شرح عز الدين ابن أبي الحديد كتابا مليحا سماها (سلاسل الحديد في التقييد لأهل التقليد من كلام ابن أبي الحديد) ورأيت له (وقف نامة) تتضمن وقف الخان الأفخم إمام قلي خان للمدرسة التي في دار العلم شيراز المعروفة بمدرسة الخان وموقوفاتها في غاية البلاغة ونهاية البراعة رأيتها في يد السيد الأديب [ صفحه 88] النجيب صاحبنا السيد عبد الرؤف ابن السيد حسين الجد حفصي البحراني. وبالجملة فمحاسنه كثيرة وعلومه غزيرة روح الله روحه وتابع فتوحه توفي (قدس سره) بالليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان بدار العلم شيراز سنة 1028 ه انتهي كلام شيخنا العلامة الشيخ سليمان البحراني. (قلت): وهذا السيد الجليل من نوادر الزمان علما وأدبا وعملا وكمالا ويكفيه أنه تلمذ مثل الكاشاني وأضرابه من فحول العلماء عليه وذكره السيد الأديب النجيب السيد علي في السلافة وبالغ في الثناء والتقريظ عليه وذكره كل من تأخر عنه من علماء الرجال والإجازات وكتابه (اليوسيفية) التي ذكرها شيخنا مع حواشيه الكثيرة موجودة عندنا في أولها أصول الدين إجمالا مفيدا ثم الطهارة والصلاة وله الشعر البليغ الذي لم يوجد لأحد من الهاشميين بعد السيد الرضي أحسن منه وشعره في البداهة في غاية القوة والجزالة ولا سيما الأبيات التي ارتجلها بعد خطبتي الجمعة التي أشار إليها شيخنا وذكرها السيد النجيب في السلافة ولا بأس بذكرها مع بعض من كل من شعره المشتمل علي التفكر والآداب والاتعاظ لأولي الألباب فمنها الأبيات التي ختم بها الخطبتين قوله (ره): ناشدتك الله إلا ما نظرت إلي++ صنيع ما ابتدأ الباري وما ابتدعا تجد صفيح سماء من زمردة++ خضرا وفيها فريد الدر قد رصعا تري الدراري يدانين الجنوح فما++ يجدن غب السري عيا ولا ضلعا والأرض طاشت ولم تسكن فوقرها++ بالراسيات التي من فوقها وضعا فقر ساحتها من بعد ما امتنعا++ وانحط شامخها من بعد ما ارتفعا وأرسل الغاديات المعصرات لها++ فقهقهت ملء فيها واكتست خلعا [ صفحه 89] هذا ونفسك لوام الخبير لها++ لارتد عنها كليل الطرف وارتدعا وليس في العالم العلوي من أثر++ يحير اللب إلا فيك قد جمعا انتهي قال السيد الصدر في السلافة وهذه الأبيات لو كانت عن رؤية لأفحمت مصاقع الرجال فكيف وهي عن بداهة وارتجال ومن شعره في الموعظة: طلعت عليك المنذرات البيض++ وابيض منها الفاحم الممحوض صرحن عندك بالنذارة عندما++ لم يقفها الإعاء والتعريض ست مضين وأربعون نصحن لي++ والمثلهن علي التقي تحضيض وافي المشيب مطالبا بحقوقه++ وعلي من قبل الشباب فروض أيقوم أقوام بمسنون الصبا++ متوافرا ويفوتني المفروض!؟ لأحق هذا قد نهضت به ولا++ أنا بالذي يبغي المشيب نهوض إن الشباب هو المطار إلي الصبا++ فإذا رماه الشيب فهو مهيض بادرته خلس الصبا إذ لاح لي++ بمفارق الفودين منه وميض فمشي وحاز السبق إذ أنا قارح++ جذع بمستن العذار ركوض واسود في نظر الكواعب منظري++ إذ سودته الغائبات البيض والليل محبوب لكل ضجيعة++ تهوي عناقك والصباح بغيض عريت رواحل صبوتي من بعد ما++ أعيي المناخ نهن؟ والتقويض قد كنت في طلب العنان فساسني++ وال يذلل مصعبي ويروض عبث الربيع بلمتي وعاث في++ تلك المحاسن كلهن مقيض ومن شعره رحمه الله يحن إلي إلفه ووطنه حنين النجيب إلي عطنه يقول: يا ساكني جد حفص لا تخطفكم++ ريب المنون ولا نالتكم المحن [ صفحه 90] ولا عدت زهرات الخصب واديكم++ ولا أغب ثراه العارض الهتن ما الدار عندي وإن ألفيتها سكنا++ يرضاه قلبي لولا الألف والسكن ما لي بكل بلاد جئتها سكن++ ولي بكل بلاد جئتها وطن الدهر شاطر ما بيني وبينكم++ ظلما فكان لكم روح ولي بدن ما لي وما لك يا ورقاء لا انعطفت++ بك الغصون ولا استعلي بك الفنن مثير شجوك أطراب صدحت بها++ ومصدر النوح مني الهم والحزن وجيرتي لا أراهم تحت مقدرتي++ يوما وإلفك تحت الكشح محتضن هذا وكم لك من أشياء فزت بها++ عني وإن لزنا في عوله قرن وقال (ره) وقد سمع مليحا يقرأ علي القبور ويتلو القرآن بنغم الزبور: وقال لأي الذكر قد وقفت بنا++ تلاوته بين الضلالة والرشد بلفظ يسوق الزاهدين إلي الخنا++ ومعني يشوق الفاسقين إلي الزهد (قلت) ولقد أجاد، وله (قدس سره) شعر كثير في غاية البلاغة ومجاراة بديهية مع أبي البحر الخطي (ره) نذكر بعضها إن شاء الله تعالي في ترجمته وقد أصيب في صغره من بعض الحاسدين بعين فذهبت من عينيه عين فرأي والده جده رسول الله صلي الله عليه وآله فقال له إن أصيب بصره فلقد أعطاه الله بصيرته ولقد صدق صلي الله عليه وآله وهو الصادق الأمين، وقبره (رض) بشيراز في جوار السيد (أحمد ابن الإمام موسي الكاظم - ع) المعروف (بشاه چراغ) كما في اللؤلؤة نور الله ضريحه وقدس الله في الفردوس روحه. [ صفحه 91]

السيد عبدالرؤف ابن السيد ماجد الصادقي

(ومنهم) ابنه السيد عبد الرؤف قال السيد في روضاته بعد ترجمة السيد ماجد المذكور وكلام في البين: وينسب بعض الفضلاء الأواخر هذه الأبيات إلي السيد عبد الرؤف ابن السيد ماجد بن هاشم الصادقي وهي هذه المناجاة: يا حليما ذا أناة++ واقتدار ليس يعجل عبدك المذنب مما++ قد جناه يتنصل كاد أن يقنط لولا++ سعة الرحمة يأمل باء بالخسران عبد++ أمهل المولي فأهمل إن في ذاك لسرا++ من يخاف الفوت يعجل ملت التوبة من سوف++ ومن ليت ومن عل تهت في بيداء++ تقصيري فهل يرشد من ضل أدخلتني النفس لكن++ منهج المخرج أشكل كلما أقبل عام++ أتمني عام أول فإذا أقبل عام++ كان مما فأت أخمل ليتني أجهل علمي++ أو بما أعلم أعمل فعلي عفوك لا++ الأعمال يا رب المعول فعسي جرح ذنوبي++ يمسح العفو فيدمل لو برضوي بعض ما بي++ لتداعي وتزلزل [ صفحه 92] غير أني بالنبي++ المصطفي أشرف مرسل وعلي وبنيه++ يا إلهي أتوسل فبهم يا واسع الرحمة++ ثبت لي ما زل واسع الغفران يا من++ يغفر الذنب وإن جل لست أقفو أثر قوم++ غيرهم في العقد والحل عجل الفوز بهم لي++ وعلي أرواحهم صل تمت المناجاة وانتهي كلامه. (قلت): ولم أر لهذا السيد ترجمة ولا ذكرا غير ما ذكرناه ولعله كان طفلا بعد موت والده العلامة ونشأ في شيراز ولم يذكر السيد له غير هذه المناجاة وكفي لها أدبا وتقوي وورعا.

السيد ماجد ابن السيد محمد البحراني

(ومنهم) السيد السند السيد ماجد ابن السيد محمد البحراني (ره) قال الشيخ في الأمل كان السيد ماجد ابن السيد محمد البحراني عالما فاضلا جليل القدر وكان قاضيا بشيراز ثم بأصفهان وكان شاعرا أديبا منشئا له (شرح نهج البلاغة) لم يتم من المعاصرين كتبت له مرة أبياتا من جملتها: قصدت فتي فريدا في المعالي++ حماء ظل للآمال قصدا ولم أطلب لنفسي بل لشخص++ عزيز في الكمال أراه فردا دعوتك لاكتساب الأجر أرجو++ إجابة (ماجد) كم حاز مجدا ومثلك من تناط به الأماني++ ويرضي بالندي والجود وفدا [ صفحه 93] يهزك هزة الهندي شعر++ يذكر جودك المأمول وعدا أما تبغي بذي الأيام شكري++ أما ترضي بهذا (الحر) عبدا انتهي كلامه علا في الجنان مقامه. (أقول) وقد ذكره السيد الجليل صاحب تتمة الأمل وهو من أهل بيته المعروفين بآل أبي شبانة بل يمكن أن يكون من ذريته تغمده الله برحمته.

السيد أحمد ابن السيد عبدالصمد

(ومنهم) السيد الأمجد الأسعد العلامة السيد أحمد ابن السيد عبد الصمد البحراني عالم فاضل أديب شاعر كامل قرأ عند شيخنا البهائي وذكره صاحب السلافة فقال فيه: هو للعلم علم وللفضل ركن مستلم مديد في الأدب باعه جليد كريم شيمة وطباعه خلد في صفحات الدهر محاسن آثاره وقلد جيد الزمان قلائد نظامه ونثاره فهو إذا قال صال وغنت لشبا لسانه النصال ولم أسمع من شعره إلا هذين البيتين العجيبين: لا أبلغتني إلي العلياء عارفتي++ ولا دعتني العلا يوما لها ولدا إن لم أمر علي الأعداء مشربهم++ مرارة ليس يحلوا بعدها أبدا وكفي بهما شاهدا علي قوته في الفصاحة والأدب والملاحة انتهي كلامه علا مقامه (قلت): وقد رثاه أبو البحر الشيخ جعفر الخطي بقصيدة بديعة مذكورة أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 93 - 100 في ديوانه (ره) وكان قد توفي ووالده حي يعزيه فيها ويسليه ويعبر عنه ولم أسمع له بشئ من المؤلفات. [ صفحه 94]

السيد علي ابن السيد ماجد

(ومنهم) السيد التقي السيد علي ابن السيد الزاهد السيد ماجد ابن السيد أحمد ابن السيد إبراهيم الحسيني البحراني بحر لا يقاس دره وحبر لله دره وقد كان في أبان شبابه لم تكن له معرفة بالشعر وآدابه وغلطه وصوابه إلا أنه كان محبا لإنشاده مواضبا عليه كسائر أوراده سائحا في بيداء الأشعار آناء الليل وأطراف النهار حتي حصلت له ملكة قوية يقتدر بها علي نظم القريض فسار في بحره الطويل العريض فهو الآن شاعر أوانه ونابغة زمانه ورئيس أقرانه إن نظم أجاد وإن نثر أفاد صحبني صغيرا وأحسن إلي الصحبة كبيرا فجزاه الله عني خير الجزاء قاله صاحب تتمة الأمل السيد محمد البحراني وذكر له أشعارا كثيرة ولم يذكر تاريخا لوفاته ولا شيئا من مصنفاته.

السيد علوي ابن السيد إسماعيل البحراني

(ومنهم) السيد علوي ابن السيد إسماعيل البحراني فاضل أديب صالح تقي ذكره صاحب السلافة فقال فيه: فاضل في النسب والأدب معرق وكامل تهدل فرع مجده وأعرق وهو اليوم شاعر هجر ومنطيقها الذي واصله المنطق الفصل وما هجر يفسح للبيان مجالا ويوضح منه غررا وأحجالا ويطلق في آفاقه بدورا وشموسا ويروض من صعابه جموحا وشموسا ويشتار من جناه عسلا ويهز من قناه أسلا ومعظم شعره فائق مستجاد فمنه قوله وقد أجاد: [ صفحه 95] بنفسي أفدي وقل الفدا++ غزالا بوادي النقا أغيدا مليحا إذا نض من وجهه++ نقاب الحيا قلت بدر بدا غزالا ولكن إذا ما نصبت++ شراكا لأصطاده استأسدا سقيم اللواحظ مكحولة++ ولم يعرف الكحل والأثمدا إلي آخرها وذكر له أشعارا كثيرة ولم يذكر السيدان صاحب السلافة والتتمة للأمل له ولا لغيره مصنفا كما هو الأكثر مع أكثر العلماء وإنما الأهم عندهما ذكر أدب الرجل وأشعاره المستجادة وأقواله الحسنة ولو كان هذان السيدان يذكران مع تلك المصنفات والرسائل والمؤلفات حفظا لها عن العدم وإزالة لها عن شبهة عدم القدرة لكان أولي ولكل وجهة هو موليها شكر الله مساعيهم الجليلة ومنحنا وإياهم من خيراته الجزيلة.

السيد محمد ابن السيد عبدالحسين آل شبانة

(ومنهم) العالم الفاضل الحسيب النسيب الكامل الأديب الأريب السيد محمد ابن السيد الحسين ابن السيد إبراهيم بن أبي شبانة البحراني الحسيني قال فيه في السلافة علم العلم ومناره، ومقتبس الفضل ومستباره، فرع دوحة الشرف الناظر، المقر بسموه كل مناضل ومناظر، أضاءت أنوار مجده ومآثره كالبدر من حيث التفت++ رأيته يهدي إلي عينيك نورا ثاقبا أما العلم فهو بحره الذي طما وزخر وأما الأدب فهو صدره الذي سما به وفخر، أن نثر فالثرة منه في خجل، أو نظم فالثريا من استلابه عقدها في وجل طالما استنزل الدراري بقلمه واستخرج الدر من البحار بكلمه فأطلعها في سماء بيانه ونظمها في سلك عقيانه وناهيك بمن تهابه النجوم في سمائها، [ صفحه 96] وتخشاه اللئالي في دائمها وقد كان دخل الديار الهندية فاجتمع بالوالد ومدحه بمدائح نقضت غزل الحارث بن خالد فعرف له حقه وقابله بالإكرام بما استوجبه واستحقه، وذكرنا عند مولانا السلطان بما قدمه لديه وملأ من المواهب. الجليلة يديه ولما قضي آماله من مطالبها ارتحل إلي الديار الأعجمية وقطن بها فلقي بها تحية وسلام وتنقل في المراتب حتي ولي شيخ الإسلام وهو الآن قاطن بإصبهان رافع من قدر الأدب ما هان انتهي كلامه علا مقامه. (وقلت) وذكر له جملة من الأشعار مما مدح به والده وجاراه به في هذا المضمار، ومن شعره وقد كتبه لابنه الآتي ذكر بعده: بليت بدهر بلا فضل غادر++ وأنت علي خلاته غير عاذر قطعت حبال الوصل خوف خصاصة++ ولم تك في الضراء عندي بصابر وبعدك عني إن سلكت طريقة++ تؤدي إلي رشد فليس بضائر فإن شئت أن أرضي عليك فلا تكن++ إلي غير منهاج الصلاح بساير عسي الدهر يوما أن يلم شتاته++ ويقطع أسباب النوي والتهاجر وذلك موكول لرحمة راحم++ ومنة منان وقدرة قادر ولله تدبير وللدهر رجعة++ وللعسر تيسير بحكم المقادر وما غلقت أبواب أمر علي امرئ++ فصابر إلا فتحت في الأواخر تحية مشتاق وتسليم واله++ إلي غائب بين الجوانح حاضر وقال أيضا رحمة الله عليه مضمنا: ولما أن تراءت من بعيد++ خيامكم أمين المستهام تأجج وجده ونمي جواه++ وذاب القلب من فرط الغرام [ صفحه 97] وأعظم ما يكون الشوق يوما++ إذا دنت الخيام من الخيام (قلت): وهذا السيد من أجداد السيد الفاضل الفاخر ذي النسب الطاهر سيدنا المعاصر السيد ناصر ابن المرحوم السيد أحمد ابن المقدس السيد عبد الصمد آل أبي شبانة البحراني المشرف لمدينه البصرة بنزوله فيها ونسبه الشريف ينتهي إلي الإمام العالم موسي بن جعفر الكاظم (ع) وهو من أهل مني قرية من قري البحرين ثم سكنوا القرية المعروفة بالزنج وهي من قري البحرين وفيها بيوتهم وأملاكهم كما حدثني بذلك دام ظله العالي وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالي علي ترجمته

السيد عبدالله ابن السيد محمد آل شبانة

(ومنهم) ابنه الأديب الحسيب النسيب السيد عبد الله ابن العالم الأسعد السيد محمد آل أبي شبانة البحراني قال في السلافة بعد ذكر أبيه أنه أديب قام مقام أبيه وسد ولا عجب للشبل أن يخلف الأسد فهو نفحة ذلك الطيب وأريجه ونهر ذلك البحر وخليجه المنشد لسان محتده (وهل ينبت الخطي إلا وشيجه) أثمرت أغصان أقلامه اليانعة بثمرات البيان وضم هوامل الكلام لقمة النهج وغني وراءها الحاديان فنثره الورود في رياض النفوس لا الفروس ونظمه العقود لكن في ترائب الطروس لا العروس وهو أحد من خدم الوالد ومدحه وأوري زند فكره لشكره وقدحه (إلي آخر ما قال) وذكر له بعض الأشعار.

السيد علي ابن السيد إبراهيم آل شبانة

(ومنهم) العالم الفاضل السيد علي ابن السيد إبراهيم ابن السيد علي ابن السيد إبراهيم آل أبي شبانة الموسوي الحسيني البحراني وهو والد صاحب تتمة الأمل [ صفحه 98] والسيد محمد الآتي ذكره شاعر في زمانه ورئيس هذه الصناعة في وقته وأوانه نظمه أرق من نسيم الصبا وأعذب من أيام عصر الصبا كان ذا نفس كريمة وسجية في أبناء زمانه عديمة أخذ عن الفضلاء ولازم الأدباء حتي صارت له قوة في العلوم وملكة قوية يقتدر بها علي المنثور والمنظوم ولم يزل سائحا في بيداء الأدب أوقاتا وأعواما وشهورا وأياما حتي صار لأهل هذه الصناعة سيدا وإماما أصبحت منه أيامه أحلاما وقد كان أعذب مورد وأحلي ماء ولكن حوادث الأهوال الواقعة علي أوال قد فرقت ما نظم وأذهبت منه الجزء الأعظم وأني وقت اشتغاله بالعلوم والآداب لم أخرج من الأصلاب فلما من الله علي بالإبراز من العدم إلي الوجود بعد أن لم أكن شيئا معدود، وألهمني شيئا من معرفة هذه الصناعة وإن لم تكن لي بضاعة تتبعت أشعاره واستقفيت آثاره فلم أعثر بعد تتبع كثير إلا علي شئ يسير فمنه قوله: - ضاق النطاق وأحكمت حلقاتها++ فالنفس لا تختار طول حياتها بلغ الربا سيل الهموم ولا أري++ من يزجر الأيام عن نكباتها فلذلك خاطبت الزمان وأهله++ بشكاية الشعراء في أبياتها قد قلت للزمن المضر بأهله++ ومقلب الدولات عن حالاتها إن كان عندك يا زمان بقية++ مما تهين به الكرام فهاتها وله أيضا من قصيدة مطلعها: (كفي من المدمع الوكاف عاد كفا) ولم أسمع من مطلعها إلا هذا المصرع إلا أنه قال (ره) فيها: يا بارقا فوق بأن المنحني سحرا++ كفي من النوح ما أتلفتني أسفا وله منها: [ صفحه 99] إن تقعد العيس بي من دون حيهم++ أو يعتريهن من طول المسير حفا فلا رعين الكلي غضا ولا وردت++ من الموارد إلا موردا خسفا بلي إذا قعدت بي في منازلهم++ وقمت أسحب أذيال الهنا شغفا فلا ذوي لهم فرع ولا برحت++ تسقي السماء طرفا إن أمحلت طرفا وقوله أيضا رحمة الله عليه وهو يومئذ بمدينة شيراز المحروسة: يا بارقا في أفقه متعرضا++ إن جزت يوما بالمنامات (ومنها): وإلي أوال تروع قلبي كلما++ سرت الصبا من تلكم الساحات وإلي نواحي أرضها وربوعها++ ولما لها قد مر من أوقات وعراصها الفح التي قد طرزت++ أطرافها ببواسق النخلات وعلي عشيات حسوت مكررا++ فيها كؤوس الوصل في الخلوات من كل شهدي المذاق تديره++ من ريقها وردية الوجنات حوراء فاترة اللحاظ كأنما++ رضوان أبرزها من الجنات عذراء ناحلة الوشاح بطيئة++ الحركات آرامية اللفتات إن حدثتك أرتك عند حديثها++ دررا ولكن غير منتظمات فإذا هي ابتسمت أرتك بثغرها++ في السلك در الحب ملتثمات هي روضة العشاق إلا أنها++ تصمي القلوب بأسهم اللحظات (ومنها): ولدي إن حياة من لا يرتوي++ من مشرع العشاق بئس حياة ولينقلوا أهل الغرام مذاهبي++ ولترو أهل العشق معتقداتي [ صفحه 100] وعلي الهوي ومتابعيه تحيتي++ وجزيل تسليمي معا وصلاتي انتهي كلام ابنه فيه ولم يذكر له شيئا من المصنفات ولا تاريخا للوفاة ووجدنا له منسكا مجلدا كبيرا مبسوطا بالاستدلال وذكر الأقوال مع مزار حسن للنبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام، وذكر السيد المعاصر سيدنا السيد ناصر وهو من أحفاده أن له شرح كبيرا جيدا علي (لمعة الشهيد) في مجلدات وقف هو علي بعض مجلداته ولم نقف له علي غيرها إلا جمع ديوان شيخه العالم الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني بأمره وله علي حروف الهجاء كما ذكره ابنه في ترجمة شيخه المذكور تغمدنا الله وإياهم بالكرامة والحبور.

السيد محمد صاحب تتمة الأمل

(ومنهم) ابنه العالم الأمجد الأديب السيد محمد ابن السيد علي آل أبي شبانة البحراني المتقدم ذكره كان من العلماء الأعلام والأدباء العظام قرأ علي فضلاء زمانه من أهل البحرين كعمنا العلامة الشيخ يوسف البلادي الآتي ذكره والفاضل الشيخ حسين الماحوزي وغيرهما ولم أقف له علي مصنف إلا تتمة الأمل الذي ننقل منه هنا وهو مجلد حسن كتبه تتمة لكتاب الأمل للشيخ الفاضل المحدث الحر العاملي (قدس سرهما) وله كتاب آخر سماه... بمنزله الكشكول كتاب أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 100 - 108 أدب وله فيه أشعار كثيرة ولم أقف له علي ترجمة حتي منه في كتابه التتمة لم يذكر لنفسه ترجمة سوي ما ذكرناه وينسب الأشعار التي فيه لصاحب الكتاب فمن شعره قوله رحمه الله تعالي: أبا حسن لولا اختياري ولاية++ علقت؟ من تكوين آدم [ صفحه 101] لما كان ينجيني انتسابي لأحمد++ ولا بك كلا أو ثلاث الفواطم [27] . ومن شعره أيضا قوله تغمده الله برحمته ورضوانه: بني لنا أحمد بيتا دعائمه++ سمت علي هامة المريخ مع زحل وكان قدما لنا من هاشم نسب++ يعلو علاه علي ذ والحمل فلا أبالي وإن أضحت معاقدة++ دنيا تحاربني بالبيض والأسل كفي بأني من أولاد حيدرة++ وفاطم وأبيها سيد الرسل ومن شعره في الحماسة والافتخار بآبائه الأطهار: أقلي عن ملامك والعتاب++ ولا تعزي بتمويه الخطاب لقد سافرت عن وطني وقومي++ إلي أن مل أصحابي ذهابي وطفت علي البلاد فما ترائي++ إلي سوي ذئاب في ثياب لقد ضاقت علي الأرض حتي++ رضيت من الغنيمة بالإياب وأيام العذيب تبدلت لي++ بأيام أشر من العذاب فلي حظ كخافقة الغراب++ ولي عرض كأيام الشباب أنا الرجل الذي لم اثن عزمي++ عن المعروف في النوب الصعاب سل الدار التي شط التنائي++ بها هل ناب ساكنها منابي [ صفحه 102]

السيد عبدالرؤف الموسوي

(ومنهم) السيد النجيب الأديب الحسيب الأريب السيد عبد الرؤف بن الحسين بن عبد الرؤف بن أحمد بن حسين بن محمد بن حسن بن يحيي بن علي ابن إسماعيل بن علي بن إسماعيل أخ السيدين الشريفين الرضي والمرتضي علم الهدي ابن الحسين بن موسي بن إبراهيم المجاب ابن الإمام موسي الكاظم عليه السلام، البحراني أحد الأكابر والأعيان المشار إليهم بالبنان في البيان بدر كمال وشمس ظهيرة وسيد قوم وكبير عشيرة جمع بين علو الهمة وعلو الأدب وشفع سمو الأصل بسمو الحسب فهو غرة جبهة الدهر وتوريد وجنة العصر ووشي ديباجة الشرف والفضل وطراز حلتي الجلال والنبل وله شعر يحبب العقول بسحره ونثر يزري بنظم الدر ونثره جمع فيه بين الجزالة والرقة وأعطي كل ذي حق حقه كان مولده سنة 1013 ه وتوفي سنة 1060 الله أعلم وله رحمه الله من العمر سبعه وأربعون سنة تغمده الله برحمته ورضوانه وله شعر كثير ومنه: وأغيد أبدي عن لئالي ثغوره++ ففاضت دموعي حسرة وهو باسم إذا ما انتضي إلحاظه من جفونه++ أقيمت لأرباب الغرام مآتم تثني فمال الغصن من طرب به++ ألم تره ناحت عليه الحمائم انتهي كلام السيد في تتمة الأمل. (قلت) وهذا السيد من أجلاء السادة ورؤسائهم في زمانه في البحرين من أهل جد حفص القرية المشهورة ودفن في مقبرة الشيخ راشد من بلاد القديم [ صفحه 103] والظاهر أنه خال السيد العلامة السيد ماجد الصادقي (ره) الجد حفصي وزوج ابنته وكان أعني صاحب الترجمة شيخ الإسلام أي قاضي القضاة في بلادنا البحرين، وقال جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي (ره) وقال أي الشيخ جعفر يرثي الشريف قاضي القضاة أبا جعفر عبد الرؤف بن الحسين العلوي الموسوي سنة 1016 ه. كف الحمام وترت أي جواد++ ورجعت ظافرة بأي مراد وطردت ليث الغاب عن أشباله++ ورجعت سالمة من الآساد أخمدت ضوء الكوكب الوقاد من++ آفاقه وأملت طود النادي وكففت من غلواء مهر طالما++ بد الجياد بكل يوم طراد للسبع بعد العشر من صغر مني++ منك الوري بمفتت الأكباد رزء تقاصر كل رزء دونه++ فخلا كصاحبه عن الأنداد رزء أتاح لكل قلب حرقة++ تفتر عن جمر الغضا الوقاد (ومنها): هيهات إن ولد الزمان له أخا++ أني وقد عقمت عن الميلاد إن الثلاث البيض حالت بعده++ سودا فما يعرفن غير دآد وآخرها قوله تغمده الله بعفوه ورضوانه: فلئن مضي عبد الرؤف لشأنه++ والموت للأحياء بالمرصاد فلقد أقام لنا إماما هاديا++ يقفوه في الإصدار والإيراد يزهو به دست القضاء كأنه++ بدر تعري عنه جنح الهادي لا زال دست الحكم يبصر منه عن++ عين الزمان وواحد الآحاد [ صفحه 104] أنشدت هذه القصيدة بسابع موت هذا الشريف في جمع كثير وجم غفير ولا غرو فلقد كان له من العظمة والجلالة ما ليس إلا لنبي في أمته وملك في رعيته. وأنشد في ذلك المقام للشريف الإمام العلامة أبي علي السيد ماجد بن هاشم العلوي مرثيته الهمزية المهموزة العزيزة الوجود التي أولها: حلت عليك معاقد الإنداء++ ونحت ثراك قوافل الأنواء وسرت علي أكناف قبرك نسمة++ بلت حواشيها يد الإنداء ما بالي استسقيت أنداء الحيا++ وأرحت أجفاني من الإسقاء ما ذاك إلا أن بيض مدامعي++ غاضت مبدلة بحمر دماء هتفت أياديك الجسام بأعيني++ فسمحن بالبيضاء والحمراء أني يجازي شكر نعمتك التي++ جللتنيها قطرة من ماء يا درة سمحت بها الدنيا علي++ يأس من الاحسان والإعطاء واسترجعتها بعد ما سمحت بها++ وكذاك كانت شيمة البخلاء (ومنها): فلئن قصرت من الإقامة عندنا++ حتي كأنك لمحة الايماء فلقد أقمت بنا غريبا في العلا++ وكذا تكون إقامة الغرباء انتهي ما في ديوان أبي البحر الشيخ جعفر الخطي. (قلت) وهذه القصيدة المهموزة من جيد الشعر وأبلغه وأحلاه وأعذبه وللسيد العلامة المذكور هذان البيتان أيضا ليكتبا علي قبر المرثي السيد عبد الرؤف المزبور ولقد أجاد: هذا مقر العلم والفضل++ ومخيم التوحيد والعدل [ صفحه 105] شبران جزئيان ما خلقا++ إلا لحفظ العالم الكلي قال جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي والتمسوا منه أي الشيخ جعفر الخطي شيئا يكتب علي قبر الشريف أبي جعفر عبد الرؤف المرثي سابقا فقال: لعمرك ما واروه في الأرض أنه++ تقاعس عن نيل العلاء إلي الأفق ولكنه الطود الذي لو أزيل عن++ مراسيه مادت هذه الأرض بالخلق قال الشيخ جعفر (ره) فسبقني الشريف العلامة بعمل بيتين أي المتقدمين وكتبا علي حجر قبره بمقبرة الشيخ راشد بجبانة أبي عنبرة من أوال البحرين وهما البيتان المتقدمان قال فقلت البيتين، واتفق وفاة السيد الشريف أبي جعفر السيد عبد الجبار بن الحسين الحسيني أخ السيد المذكور بشيراز فدفن بمدفن السيد أحمد ابن الإمام موسي بن جعفر الكاظم (ع) فكتبا علي قبره هناك قال جامع الديوان ثم قربت العهود والتأييدات المقررة من قبل هرموز بتقليد القضاء ابنه أبا عبد الله السيد جعفر وولاية الأوقاف وفوض إليه الأمور الحسبية وأفرغت عليه الخلع من الديوان وذلك بالمشهد المعروف بذي المنارتين من أوال البحرين وذلك في ثالث عشر شهر صفر سنة السادسة بعد الألف انتهي. (قلت) وهذا الشريف الجليل الذي كان شيخ الإسلام بعد أبيه هو ممدوح الشيخ جعفر الخطي ومخدومه والذي يصحبه معه في أسفاره إلي شيراز رحمهم الله جميعا.

السيد محمد القاروني

(ومنهم) السيد الشريف الفاضل أبو الحسين السيد محمد ابن السيد سليمان [ صفحه 106] القاروني التوبلي البحراني ولم أقف علي شئ من أحواله إلا مرثية الشريف العلامة الماجد السيد ماجد بن السيد هاشم الصادقي البحراني (ره) له أو الشاعر الماهر أبو البحر الشيخ جعفر الخطي (قدس سرهما) وهي تدل علي فضل عظيم للممدوح والمرثي قالها فيه سنة ثمان والف وتولي إنشادها غيره بمسجد ماتنا من كتكان من أوال البحرين حرسها الله من الحدثان وهي هذه القصيدة الفريدة: عاث الحمام فما أبقي وما تركا++ ولم يدع سوقة منا ولا ملكا فما سألت امرءا يوما بصاحبه++ والعهد لم ينأ إلا قال قد هلكا تراه أقسم لا يبقي علي بشر++ ولا يغادر إنسانا ولا ملكا ما بث في ساكن الغبراء أسهمه++ إلا ويصمي بها من يسكن الفلكا فما يشد علي شخص فيعصمه++ أن يمتطي العيس أو يستبطن الفلكا يا للرزية لم يسمع بها أحد++ إلا وأجهش من حزن لها وبكي ما للجليد بها لو ساورته يد++ لو خامرت جلد أيوب الصبور شكي شلت يدا الدهر لم يعلم بأي فتي++ أودي وأي همام سيد فتكا بواحد مر فردا في مكارمه++ ما افتر عن مثله دهرا ولا ضحكا وكارع في حياض المكرمات فما++ زاحمه واغل فيها ولا شركا متي يفاخره حي مت منتسبا++ لمحتد تتواري عن سناه ذكا من دوحة طاب مجناها وحلق++ أعلاها كما قر مسري عرقها وزكا تكاد تخرق سمك الأرض راسخة++ عروقها ويناجي فرعها الحبكا شهادة الله في التنزيل كافية++ في فضلهم عن رواه جابر وحكي يربع علي ضلعه الساعي ليدركه++ فليس يدركه إن خب أو بركا [ صفحه 107] عف السريرة صفاح الجريرة مقدام++ العشيرة جواد بما ملكا ما مد يوما إلي لدنيا وزينتها++ طرفا ولا كان في اللذات منهمكا ما ضم يوما علي الدينار راحته++ بخلا ولا شد من حرص عليه وكا أثري فما كان فيما أحرزت يده++ لفرط ما جاد إلا واحد الشركا الشهد ما مجه زجرا وموعظة++ لسانه الطلق لا ما أودع العككا والعضب ما استل من رأي إذا التحمت++ عري الخطوب وأمر الأمة البتكا يا من مضي وبقينا بعده هملا++ لو أنصف الدهر أفنانا وخلدكا لو سامنا فيك محتوم القضا بدلا++ فداك كل امرئ منا وخلدكا أبعد به من غريم إن خضعت له++ ذلا قسا وإن استمحلته محكا ما لامرئ يتقاضاه الديون يد++ بدفعه الواه الدين أم معكا فلست أعلم ما مت الحمام به++ حتي لوي بك عنا واستبد بكا إن يغتصبك الردي منا فقد غصبت++ بالأمس أمك صافي إرثها فدكا فاذهب فما زال هامي الغيث يصحبه++ من فيض دمعي علي مثواك منسفكا هذا آخرها وكلما أردت اختصارها لم تطب نفسي إلا إتمامها لبلاغتها وطلاوتها.

السيد ناصر القاروني

(ومنهم) السيد الفاضل النبيل الفاخر السيد ناصر ابن السيد سليمان القاروني البحراني والظاهر أنه أخ السيد محمد المذكور قبله قال في حقه السيد النجيب الأديب في السلافة هو من قوم لم ينجح المجد عن خطتهم إلي التخطي فيهم يقول أبو البحر الخطي (ره) [ صفحه 108] آل قارون لا كبا بكم الدهر++ ولا زلتم رؤوس الرؤوس والسيد ناصر هو فرقد سمائهم وواحد عظمائهم ورأس رؤوسهم وناشر بزهم وصفوة مجدهم وربوة نجدهم وباسق غروسهم الخطيب الشاعر الرحيب المشاعر نثر فأكثر ونظم فأعظم وصاب فأصاب وجاد فأجاد وقضي فشرع ونضي فأشرع ففرع وفنن وبرع وتفنن فنظمه وشح الزمان ونثره نجح الأمان، يفضل زهر المروج بل يفضح زهر البروج، ويفوق سجع الحمام بل يخجل سفح الغمام وقد أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 108 - 116 أثبت من كلامه وزهرات أقلامه ما تنافح به القماري وتصادح به القماري، أخبرني شيخنا العلامة جعفر بن كمال الدين البحراني قال كنت ذات يوم جالسا في مسجد السدرة أحد مساجد القرية المعمورة جد حفص إحدي قري البحرين وهو مدرسة العلم ومجمع أولي الفضل والحلم وكان عميد البلاد وكبيرها، وقاضيها الدائم بتدبيرها وكان السيد حسين ابن السيد عبد الرؤف جالسا في ذلك المجلس وإلي جنبه السيد ناصر وأحد المدرسين يقرأ كتاب القواعد فجاء ابن أخ للسيد حسين نافحا بكمه وزحزح السيد ناصر عن مكانه وجلس إلي جنب عمه فغضب السيد ناصر وعتب وتناول القلم مسرعا وكتب: (لا تعجبن من تقدم ذي البنان الخاضب علي ذي البيان الخاطب وذي الطرف المفتون علي ذي الظرف والفنون وذي الجسم الفاضل علي ذي الجسم الفاصل وذي الطول علي ذي الطول فإن الزمان قد طبع علي هذه الشيم مذ كان في المشيم وكتب ناصر بن سليمان البحراني) ورمي بالبطاقة وقام وأقام من البلاء ما أقام. الخ [ صفحه 109]

السيد عبدالصمد البحراني

(ومنهم) السيد النجيب العالم الفاخر السيد عبد الصمد ابن السيد عبد القادر البحراني ذكره في الأمل وأثني عليه بالعلم والفضل والعمل وأنه كان من المعاصرين له رحمه الله تعالي.

السيد عبدالجبار البحراني

(ومنهم) السيد النجيب الحسيب العالم السيد عبد الجبار ابن السيد حسين الحسيني البحراني ذكره أيضا في الأمل وأثني عليه بالعلم والأدب والشعر والإنشاء وذكر أيضا هذين السيدين الجليلين والسيد في تتمة الأمل ولم يذكر لهما شيئا من المصنفات ولا تاريخا للوفاة كما هو الغالب عنده عدم ذكرهما ولا سيما الأول والظاهر أن الأول من جد حفص أو البلاد والثاني من توبلي ووقفت للسيد الأخير وهو السيد عبد الجبار علي كتاب (مقتل الأمير المؤمنين عليه السلام) ذكر في أوائله خطبة البيان المنسوبة لمولانا أمير المؤمنين (ع) ونقل فيها الحكاية المشهورة من مجيئ عبد الملك بن مروان الأموي للبحرين لما التجأ إليها أكابر الشيعة كصعصعة بن صوحان وأخيه زيد بن صوحان العبديين وإبراهيم بن مالك الأشتر (رض) وغيرهما أو أنهما من عمال الحسن السبط الزكي عليه السلام وطلبه لهم وتسييره الجنود المجندة علي أهل البحرين وهو في القطيف وتقع الدائرة علي جنوده وجيوشه مرارا متعددة حتي عبر إليهم بنفسه واحتال عليهم وأغري [ صفحه 110] أشرارهم وخدعهم فثاروا علي خيارهم وقتلوهم وقتلوا المشار إليهم آنفا ثم ندمت الأشرار علي ما صنعوا بالأخيار فارتدوا عليه ثم عاهدهم علي شروط وترك البحرين في أيديهم في حكاية طويلة مبسوطة وللمشار إليهم من رؤساء الشيعة قبور ومقامات معروفة تزورها الناس وذكر هذه الحكاية شيخنا الشيخ يوسف (رض) (صاحب الحدائق) في (الكشكول) والظاهر أنه أخذها من هذا الكتاب علي جهة الحكاية والكتاب المذكور عندنا وجمد عليها شيخنا ولم يتكلم عليها بشئ (أقول) والظاهر أن هذه الحكاية لا أصل لها والله العالم لأن زيد بن صوحان (رض) قتل يوم الجمل في واقعة البصرة باتفاق المؤرخين وأهل السير قتله عمرو بن يثري الأزدي أشجع أهل البصرة ووقف عليه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: رحمك الله يا زيد، فلقد كنت خفيف المؤنة كثير المعونة قال فرفع زيد رأسه وفي آخر رمق، فقال: وأنت رحمك الله يا أمير المؤمنين وجزاك الله خيرا، والله يا أمير المؤمنين ما علمك إلا بالله عليما وفي أم الكتاب عليا حكيما وأن الله في صدرك لعظيم والله ما قاتلت معك علي جهالة ولكني سمعت أم سلمة زوجة رسول الله صلي الله عليه وآله تقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) فكرهت أن أخذلك فيخذلني الله تعالي رواه الإمام السعيد الشيخ المفيد في الإقتصاد وابن أبي الحديد المعتزلي في شرع النهج العلوي وغيرهما (وأما) أخوه صعصعة بن صوحان (رض) فالظاهر من بعض الكتب المعتبرة إنه قتله معاوية ولم يبق إلي زمان الحسين (ع) فضلا عن زمان عبد الملك أو أبيه مروان (وأما) إبراهيم بن الأشتر (رض) فقد قتله عبد الملك بن [ صفحه 111] مروان مع مصعب بن الزبير في العراق وقبره معروف مشهور قريب من سر من رأي قريب من قبر مصعب بن الزبير. وفي القطيف والبحرين عيون كثيرة عظيمة مدفونة وينسبون دفنها إلي مروان أو ابنه عبد الملك كما في هذه الحكاية والظاهر والله العالم أن ذلك هو مروان بن محمد الحمار هو آخر ملوك بني أمية من بني مروان أو غيره من ملوك الأمويين لعدم انقياد أهل البحرين لهم كما ينبغي وقتالهم لهم في بعض الأحيان لخلوص تشيعهم وعدم رضاهم لأمارتهم فأرسل لهم ذلك الظالم الجيوش والجنود فصار ما هو مذكورا ولانحياز كثير من العلويين في زمن الأمويين والعباسيين إلي بلاد البحرين لبعدها عن ديار الظالمين وموالاتهم لمولانا أمير المؤمنين وآله المعصومين سلام الله عليهم أجمعين وربما طلبهم أو بعضهم بعض الظالمين الغاصبين لحقوقهم والمعتدين ولهذا فيها من السادة الأنجبين العلويين الموسويين ممن هو صحيح النسب جمع كثير وجم غفير أكثر من بلدان المؤمنين بل في الزمن المتقدم أغلبهم رؤساؤهم وعلماؤها وعظماؤها وإن تسافل الزمان الآن وغلب الزمان علي هذه البلاد أهل الجور والعدوان والبغض والشنئان فهم ولله الحمد فيها كثيرون وإلي أرضها مباركون ولأهلها مشرفون ولقد ذكرنا في هذا الكتاب كثيرا منهم من العلماء والعظماء الأطياب الأنجاب ومن جملة العيون العظام التي ينسبون دفنها لمروان أو آل مروان عين السجور في قرية الدراز من البحرين كما ذكرها الشيخ يوسف في كشكوله وهي في قريتهم وعين أم الفرسان في قرية تاروت من القطيف وهذه العين تنبت أرضها الرماح الخطية ولقد حدث كثير من القدماء أنهم أدركوا بنيان بعض حصون تاروت التي يصيدون فيها السمك [ صفحه 112] مبنية من الرماح وغير ذلك من العيون المنسوبة لدفن ذلك المأبون والله عز وجل هو العالم بحقائق ما كان أو يكون.

الشيخ جعفر بن محمد البحراني

(ومنهم) العالم العلم الأفخر الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر البحراني ذكره في الأمل بعنوان الشيخ الجليل الأديب الفاضل المعاصر روي عن شيخنا البهائي وله ديوان شعر كبير وذكره أيضا في الروضات.

الشيخ عبد علي البحراني

(ومنهم) الشيخ المحقق الأديب الجليل الشيخ عبد علي بن ناصر بن رحمة البحراني ساكن البصرة ذكره السيد في السلافة وأثني عليه ثناء بليغا جدا له كتاب (المقول في شرح شواهد المطول) وكتاب (الحواشي علي مغني اللبيب) وكتاب (قطر الغمام) وذكره أيضا في (روضات الجنات) تغمده الله برضوانه.

الشيخ جعفر بن صالح

(ومنهم) الشيخ الصالح الشيخ جعفر بن صالح ذكره في الأمل وأثني عليه بالعلم والصلاح والفضل وهو من المعاصرين له وذكره السيد أيضا في التتمة (قدس سره).

الشيخ أحمد البحراني

(ومنهم) العالم العامل التقي الرباني الشيخ أحمد بن سالم بن عيسي البحراني [ صفحه 113] وهو من قدماء علمائها وأتقيائها في الزمن القديم الذي لما كانت البحرين في يد الإفرنج قبل افتتاحها من الدولة الصفوية له رسالة الاستخارة المعروفة (بفال الطير) المشتمل علي الدوائر الثلاث بالكيفية المنقولة عن مولانا جعفر بن محمد الصادق (ع) في كثير من كتب أصحابنا كالكشكول لشيخنا الشيخ يوسف وغيره والظاهر أنه صاحب الكرامة المشهورة في قضية الرمانة.

الشيخ محمد العسكري

(ومنهم) العالم الفاضل خلاصة الأفاضل الكرام وصدر جريدة العلماء الأعلام وبيت قصيدة الأجلاء الفخام شمس فلك الإفادة والإفاضة والإجلال وبدر سماء الفضيلة والتقوي والكمال الشيخ أبي الحسن محمد نجل الشيخ الأجل الورع العالم الأمجد غرة سماء أصحاب الفضل والأرجاني الشيخ يوسف البحراني العسكري أدام الله فضلهما وكثر في العلماء مثلهما انتهي كلام شيخنا بهاء الملة والدين قدس الله تربته وعلا في الجنان رتبته ولم أقف علي ترجمة لهذين الشيخين في الإجازات ولا كتب الرجال سوي ما ذكرناه من إجازة شيخنا البهائي (قدس سره) للأول بما ذكرناه والنسبة إلي العسكري نسبة إلي العسكر قرية من قري البحرين من طرفها الجنوبي وكم وكم من علماء فضلاء أتقياء نبلاء في بلادنا البحرين لم تذكر أسماؤهم في البين ولاندراس الآثار وتشتت أهلها في الأمصار بما أصابها من الأغيار تغمدنا الله وآباءنا ومشايخنا وإياهم في دار القرار جوار النبي وآله [ صفحه 114] الأطهار صلوات الله عليه وعليهم آناء الليل وأطراف النهار [28] .

الشيخ يوسف البحراني

(ومنهم) الشيخ يوسف البحراني العسكري تغمده الله برحمته. [ صفحه 115]

السيد حسين الكتكاني التوبلي البحراني

(ومنهم) السيد العلامة السيد حسين ابن السيد محمد الكتكاني التوبلي البحراني (ره) خال أعلي للعلامة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني ويعبر عنه دائما بالعلامة ويعبر عنه شيخنا الشيخ يوسف في اللؤلؤة بالعلامة المشهور وتارة بالعلامة ولم أقف له علي ترجمة ولا شئ من المصنفات.

السيد علي الكتكاني التوبلي

(ومنهم) ولده الفاضل الأديب اللغوي المتكلم السيد علي الذي يعبر عنه شيخنا العلامة الماحوزي البحراني بما ذكرناه من الأوصاف وقال في أزهار الرياض ولم أر أحفظ من هذا السيد في اللغة والسير والمحاضرات والتواريخ وكان والده فقيها جليلا وهو خال أعلي لجامع الكتاب وشعره منحط الرتبة بالنسبة إلي نثره، انتهي كلامه علا مقامه وينسب إليه الشيخ يوسف في الكشكول شرح الكتاب الذي كتبه الفاضل المحقق الشيخ أحمد بن عطية الأصبعي البحراني للشيخ الفاضل الشيخ صلاح الدين ابن العلامة الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني وسيأتي إن شاء الله تعالي ذكره في ترجمته تغمدنا الله وإياهم برحمته وحشرنا وآباءنا وأبناءنا وجميع المؤمنين والمؤمنات في دار كرامته بحق محمد وآله وعترته صلي الله عليه وآله وذريته. [ صفحه 116] أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 116 - 123

السيد علي البلادي

(ومنهم) السيد النجيب العالم الأديب الأريب السيد علي ابن السيد حسين البلادي البحراني عالم أديب شاعر وفي أزهار الرياض لشيخنا العلامة الماحوزي البحراني في الاقتباس ومن خطه نقلت: عاطيت حبي كأس الراح مترعة++ ثم ارتشفت زلالا من لمي فيه فقلت: للعاذلات انظرن طلعته++ فذلكن الذي لمتني فيه وله رحمه الله: يا ويح قلبي رداء الوصل يجمعنا++ ومقلتي لم تزل في دأب حسرتها لكن لي أسوة بالعين إذ قرنت++ بأختها ثم لا تحظي برؤيتها انتهي وتنسب إليه هذه الأبيات في ضبط كني الأئمة الهداة عليهم السلام والصلاة إذا لم تقيد أبا جعفر++ فلا شك في أنه الباقر وإن أنت بالثاني قيدته++ فذلك نجل الرضا الفاخر كذاك أبو حسن مطلقا++ هو الكاظم الغيظ والصابر وإن في أحاديثهم قيدوا++ بثان فذاك الرضا الطاهر وإن أطلقوا صادقا في الحديث++ فيعرفه القرم والماهر ولم أقف له علي شئ من المصنفات ولا تاريخ للوفاة تغمده الله برحمته [ صفحه 117]

الشيخ محمد الأصبعي

(ومنهم) العالم العلامة المتكلم الفقيه الشيخ محمد بن علي البحراني والد الفقيه العلامة الشيخ أحمد الأصبعي وهو شيخ مشائخنا (قدس الله سرهم جميعا) وله مصنفات مليحة منها (شرح الباب الحادي عشر) جيد لم يعمل مثله وكان في خزانة كتب شيخنا (قدس سره) وله حواش مليحة علي كتاب الغنية في مهمات الدين واستدراكات جيدة انتهي كلام شيخنا العلامة المحقق الشيخ سليمان البحراني (ره) في فصله. (قلت): وقد ذكر هذا الشيخ المحدثان الفاضلان الشيخ عبد الله والشيخ يوسف ومدحاه وهو من مشائخ الإجازة.

الشيخ محمد البحراني

(ومنهم) الشيخ الفقيه المحدث ذو المرتبة الرفيعة في الفضل والكمال الشيخ محمد بن الحسن بن رجب البحراني المقابي أصلا الرويسي مسكنا وكان أفقه أهل زمانه وكان شيخنا يذكر أنه لم يوجد في زمانه مثله ولا بعده ولا قبله في هذه البلاد في الفقه والفروع وذكر أن السيد العلامة السيد ماجد البحراني (رض) كان يعظمه ويعرف فضله ويثني عليه وله مع العلامة السيد ماجد قصة غريبة حكاها لنا ولده الفقيه الشيخ حسين وحكاها شيخنا وكان متقللا زاهدا متألها شديدا في جنب الله عز وجل من الله به علي هذه البلاد وأزال بدعها وحسم [ صفحه 118] مواد الظلم عنها وتولي القضاء وأحسن السيرة ومالت إليه القلوب وأقبلت عليه العوام والخواص وأطبق علي تقديمه علماء هذه البلاد مات في دار العلم شيراز: وذكره شيخنا العالم الرباني الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني في رسالته التي عملها في وجوب الجمعة وجوبا عينيا وذكر أنه يذهب إلي ذلك وبالغ في الثناء عليه في الفضل والكمال وذكر شيخنا أنه اجتمع بالشيخ الفاضل الشيخ علي بن نصر الله الليثي الجزائري في محروسة شيراز فسأله عن مسائل وقال يحكي عن الشيخ علي بن نصر الله وجدته كالبحر الزخار وقال لو عرفته قبل ما قرأت علي غيره ما قرأت علي غيره وكان الشيخ علي بن نصر الله فاضلا متجرا، له رسالة [29] في الفرايض والمواريث عجيبة وعليه قرأ شيخنا العلامة الزبدة وقرأ عليه الشيخ العلامة جعفر بن كمال الدين واستقضي في البحرين وقتا ثم عزل وهو من تلامذة شيخنا البهائي وأخبرني شيخنا العلامة الشيخ سليمان (قدس سره) أنه قرأ زبدة الأصول لشيخنا البهائي عليه وكان شريكه في قراءتها شيخنا العلامة المحقق الشيخ محمد بن ماجد الماحوزي البحراني وكان كثيرا ما يقع بيني وبين الشيخ محمد المذكور نزاع والشيخ (ره) ساكت يسمع وقد يتفق أنه يأمرنا بالرجوع إلي شرح الشيخ جواد وكان لا يذكره إلا محتقرا لمنافسة جرت بينهما ورأيت رسالته في الفرائض في سنة 1098 ه في دار العلم شيراز وله حواشي متفرقة علي (شرح اللمعة) وله علي بحث القسم في النكاح حاشية مليحة واستدراك وقد أجبنا عنها في حاشية كتبناها علي ذلك الموضع بتوفيق الله عند [ صفحه 119] قراءة بعض الأخوان في حدود سنة 1089 انتهي كلام شيخنا الرباني الشيخ سليمان البحراني. (قلت) والأصبعي نسبة إلي أبي أصيبع قرية من قري البحرين وكذلك الرويس بالتشديد تصغير رأس قرية من قري البحرين والظاهر أنها الآن خراب وقال الشيخ يوسف البحراني (ره) في اللؤلؤة في ترجمته وكان هذا الشيخ فاضلا فقيها إماما في الجمعة والجماعة وهو أول من صلي الجمعة في البحرين بعد افتتاحها في الدولة الصفوية انتهي كلامه علا قدره ومقامه وذكره أيضا المحدث الصالح والسيد في روضاته وصاحب تتمة الأمل وأحسن ذكره.

الشيخ علي البحراني

(ومنهم) شيخنا المحدث العالم الرباني زين الدين الشيخ علي بن سليمان البحراني (ره) انتهت إليه رئاسة الإمامية في البحرين وما والاها كان كثير العلم مجدا ورعا زاهدا عابدا لا تأخذه في الله لومة لائم حمدت في جنب الله آثاره وتلمذ علي شيخنا البهائي (ره) واستجاز منه ورأيت الإجازة بخط شيخنا البهائي وقد أثني عليه فيها أحسن الثناء وذكر أنه بلغ أعلي مراتب الاستنباط وكان في أول حاله تلميذ السيد العلامة السيد ماجد والشيخ محمد بن حسن بن رجب ولما سافر واجتمع بشيخنا البهائي في محروسة أصفهان واستجاز منه وقابل كتابي (الأخبار) علي نسخته ولا سيما كتاب (التهذيب) رجع إلي البحرين واجتمع علماء البحرين لاستماع الحديث منه ومعارضته كتب الحديث بنسخته وكان ممن حضر معهم الشيخ محمد بن حسن أيضا وكان الشيخ كثير الأسفار [ صفحه 120] والإفادة بدار العلم شيراز وله أيضا تصانيف مليحة منها رسالة في الصلاة ورسالة الجمعة ورسالة المناسك ورسالة في جواز التقليد وحواشي النافع وغير ذلك وأكثر تصانيفه موجودة عندي وتوفي (قدس سره) سنة 164. [30] انتهي كلام شيخنا الماحوزي (قلت) وهذا الشيخ قد ذكره كل من تأخر عنه كالمحدث الصالح والمحدث المنصف الشيخ يوسف في اللؤلؤة والكشكول والشيخ علي العاملي سبط الشهيد الثاني في كتابه الدر المنثور وهو من معاصريه وبينهما مباحثات وهو من قرية القدم بفتح القاف والدال قرية من قري البحرين وقبره فيها ويكني بأم الحديث لأنه هو الذي روجه وشهره في بلادنا البحرين قدس الله روحه ونور ضريحه.

الشيخ أحمد بن محمد الأصبعي

(ومنهم) شيخنا المحقق المدقق الفقيه الأصولي الشيخ أحمد ابن الشيخ المقدس الشيخ محمد بن علي الأصبعي كان أوحد أهل زمانه علما وعملا وحيد عصره في الكمالات الكسبية والموهبية وأكثر مشائخنا تلامذته وكانوا يصفون فضله وعلمه وذكاءه حتي أن شيخنا المحقق المتصلف الشيخ محمد بن ماجد (قدس سره) مع شدة تصلفه كان يتعجب من فضله واشتغال ذهنه وكان يذكر غزارة علمه فهو من تلامذته وكان له (قدس سره) مذاهب نادرة (منها) القول بعدم نجاسة [ صفحه 121] الماء القليل بالملاقات وفاقا للحسن بن أبي عقيل وهذا القول هو الذي يقوي عندي في نفسي وقد كتبت في نصرته رسالة سميتها (تفصيل الدليل في نصرة الحسن بن أبي عقيل - ره) (ومنها) أيضا وجوب الاجتهاد علي الأعيان وفاقا لأهل حلب وعلي عدم جواز العمل بخبر الآحاد وفاقا للمرتضي وذكر شيخنا العلامة إنه شرح النافع شرحا أجاد فيه إلا أنه لم يتمه وحكي لي جماعة أنه كان قليل البضاعة في العلوم العربية والعقلية وحكي لي أنه لم يقرأ في النحو إلا شرح الملحة وعلي كل فلا كلام في غزارة علمه واجتهاده باتفاق علماء بلاده وتولي القضاء في البحرين مدة طويلة حتي وقع بين العلماء اختلاف عظيم في بعض الوقائع وحدث فيه تنافر بين الشيخ أحمد وبين العالم الرباني الشيخ علي بن سليمان وأدي ذلك إلي عزله (قدس سره) وكان ذا صلاح عظيم ومن كراماته المشهورة أنه لم يحلف أحد عنده كاذبا إلا وأصيب علي الفور بعمي أو مرض أو نحوهما حكي ذلك والدي (قدس سره) وغيره وحكي شيخنا عنه أنه كان (ره) لا يتراخي الإحلاف بل يبادر إليه وقد تحاماه الناس لذلك انتهي كلام شيخنا العلامة الثاني الشيخ سليمان البحراني (قدس سره) وقال شيخنا الشيخ يوسف في اللؤلؤة في ترجمة والده الشيخ محمد بن علي الأصبعي المذكور ص 117 ولهذا الشيخ ولد فاضل محقق يسمي الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد وكان معاصرا للشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني تولي قضاء البحرين بأمر الشيخ علي المذكور ثم عزله عن القضاء لقضية جرت بينهما في مسألة وقعت في البلد يومئذ في امرأة طلقت وتزوجت بعد انقضاء العدة وكان زوجها غائبا فلما قدم ادعي أنه رجع إليها في العدة وأقام بينة شرعية إلا لم يعلمها بالرجوع ولم يبلغها ذلك حتي خرجت من العدة [ صفحه 122] وتزوجت فاختلفا في ذلك فحكم الشيخ علي بأنها للزوج الثاني وحكم الشيخ أحمد بأنها للزوج الأول وكتبا بذلك إلي علماء شيراز وأصبهان فوافقوا الشيخ أحمد وخطأوا الشيخ عليا ولا ريب أن المشهور في كلام الأصحاب هو ما أفتي به الشيخ أحمد المذكور ونحن قد حققنا الكلام في هذه المسألة في الدرة الثامنة والعشرين من كتابنا (الدرر النجفية)، انتهي موضع الحاجة من كلامه.

الشيخ أحمد البحراني

(ومنهم) العالم الأمجد الرباني الشيخ أحمد بن عبد السلام البحراني وكان نادرة عصره في ذكاءه وكثر فنونه أوحد أهل زمانه في الانشاء والخطابة وقد جمعت خطبه فكانت مليحة وله ديوان صغير رأيته في خزانة كتب ولده الصالح الفاضل صاحبنا الشيخ حسن وشعره ليس في مرتبة إنشائه وكان بينه وبين شيخنا العالم الرباني الشيخ علي بن سليمان البحراني صداقة واتحاد مفرط وفي آخر الأمر تنافرا لسبب يطول شرحه وأدي ذلك إلي سفر الشيخ أحمد (قدس سره) إلي شيراز وبها توفي وقد زرت قبره هناك بجوار مشهد (ولاء حسين) وله مؤلفات منها رسالة مليحة في الاستخارة ورسالة في أصول الدين صغيرة سماها (المبارات) ورسالة في علم الفلاحة وغيرها انتهي كلام شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (قدس سره). (قلت) قد وقفت لهذا الشيخ علي جواب بعض المسائل في غاية البلاغة والتحقيق ولأبي البحر الشيخ جعفر الخطي مدح حسن لهذا الشيخ (قدس سره) ونور قبره. [ صفحه 123] أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 123 - 129

السيد عبدالرضا البحراني

(ومنهم) السيد الفاضل السيد عبد الرضا البحراني تلميذ العلامة السيد ماجد أخبرني والدي (قدس سره) أنه تلمذ عليه ووصف حدة ذهنه وتبحره في العلوم العقلية والعربية وكانت فيه حدة وكان شاعرا جيدا أنشدني والدي (ره) مقاطيع كثيرة من شعره كتبتها في بعض مجموعاتي انتهي كلام شيخنا الماحوزي (ره)

صلاح الدين البحراني

(ومنهم) الشيخ المحقق الشيخ صلاح الدين ابن شيخنا الشيخ الأفقه الشيخ علي بن سليمان البحراني (ره) كان من آيات الله في الذكاء وحدة الذهن والصلاح والورع رأيت حوله حواشي متفرقة علي كتابي الحديث مليحة وله خط في غاية الجودة وكان منشأ شاعرا وتوفي شابا في دار العلم شيراز وكان شيخنا العلامة الشيخ محمد بن ماجد (عطر الله مرقده) كثيرا ما يثني عليه ويبالغ في إطرائه وتعريضه وكان بينهما مودة أكيدة وصحبة شديدة، انتهي كلام شيخنا العلامة البحراني، وقال تلميذه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في إجازته الكبري: وأما الشيخ صلاح الدين فهو رجل فاضل في علم الحديث والأدب تولي الأمور الحسبية بعد أبيه وجلس مجلسه في القضاء والجمعة والجماعة وله بعض الحواشي علي التهذيب إلا أنه لم يعش بعد أبيه إلا قليلا وليس لي طريق إليه. [ صفحه 124] وله أخوان فاضلان أحدهما (الشيخ حاتم) القدمي البحراني وهو فقيه والثاني (الشيخ جعفر) رأيته في أواخر عمره وكان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إماما في الجمعة والجماعة مدرسا في مدرسة القدم وله ابن فاضل فقيه أفضل منه وافقه اسمه (الشيخ علي) سلمه الله تعالي زاهد عابد، عزيز النفس، غير راغب في الدنيا وجمع الأموال، عدل ثقة، حضرت درسه مرارا وقد تولي الأمور الحسبية في هذه الديار وكان شديد الانكار لا تأخذه في الله لومة لائم غير مداهن للأمراء والكبراء ومن أجل ذلك وقع عليه خفة من قبل السلطان ثم هاجر بعدها إلي ديار العجم وهو الآن بدار العلم شيراز إمام في الجمعة والجماعة متع الله المسلمين بطول بقائه ولي به اختصاص زائد واعتقاد عظيم كما هو أيضا له في اختصاص زائد واتحاد، وله رسالة في (مناسك الحج) وله رسالة في (أحكام الصلاة) إلا أني لم أقف عليها لكن أخبرني بها ابنه الأوحد الشيخ محمد وذكر أنه لم يكملها بعد وكتب في الحاشية علي هذا الموضع بخطه الشريف في إجازته المذكورة التي عندنا وقد كتب لي إجازة في رواية الحديث عن أبيه عن أبيه عن الشيخ البهائي وأجازني رواية الرسالتين المذكورتين منه في عدد سنة 1129 في دار العلم شيراز وقد رأيت الرسالة المذكورة بلغت إلي حد الصلاة وذكر أنه تجاوزها إلي الزكاة والصوم، انتهي كلام شيخنا الصالح في المتن والحاشية وقال شيخنا المحدث المنصف الشيخ يوسف في لؤلؤته بعد ذكر آباء هذا الشيخ كما ذكرناهم وللشيخ جعفر هذا ابن فقيه أفضل من أبيه يسمي الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كان زاهدا ورعا شديد التصلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم غير مداهن للأمراء والكبراء وقد تولي [ صفحه 125] الأمور الحسبية في بلاد البحرين مدة إلا أنه لما هو عليه مما ذكرناه حسده بعض أمرائها فكاتبوا عليه السلطان سليمان ورموه بما هو برئ منه فأرسل له من أخرجه مقيدا إلي أن وصل إلي كازران فحصل من بلغ حقيقة الأمر إلي السلطان وأخبروه بحقيقة هذا الشيخ المزبور فأرسل عاجلا أن يخلي عنه ويطلق فجلس في كازران وتوطن بها مدة مديدة وربما رجع إلي بلاد البحرين بعض الأوقات بعد مضي مدة مديدة من تلك الواقعة المتقدمة ثم يرجع إلي العجم وليس لنا طريق إليه ولا إلي الشيخ صلاح الدين عطر الله مرقدهما وتوفي الشيخ علي هذا في كازران في السنة الحادية والثلاثين بعد المائة والألف وهي السنة التي توفي فيها الوالد كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله انتهي كلامه علا في الجنان مقامه. (قلت) نفيه (قدس سره) الطريق إلي الشيخ علي المزبور ناش من عدم اطلاعه علي ما كتبه الشيخ المحدث الصالح في الحاشية من أنه كتب إليه إجازة عن أبيه عن أبيه عن الشيخ البهائي وذلك لأن شيخنا صاحب اللؤلؤة له الطريق إلي الصالح كما ذكره هو بنفسه فيها والمحدث الصالح له الطريق إلي الشيخ علي بالإجازة فثبتت له الطريقية لصاحب اللؤلؤة بواسطته ولكن النسخة أعني الإجازة الكبري التي لشيخنا المحدث الصالح التي عند شيخنا (صاحب الحدائق) واللؤلؤة خالية من الحاشية المذكورة سابقا والطريقة إنما تضمنتها الحاشية المذكورة وهذا من ثمرات الحاشية فلعل فيها شيئا لم يكن في المتن أصلا كما هنا فاعلم.

الشيخ محمد المقابي البحراني

(ومنهم) العالم الفاضل المحقق الكامل رفيع الشأن الشيخ محمد بن سليمان [ صفحه 126] المقابي (نسبة إلي مقابا بالميم والقاف المفتوحتين والباء الممدودة أخيرا قرية من قري البحرين) البحراني قال شيخنا الفاضل الشيخ يوسف في اللؤلؤة بعد ذكر بعض أسلافه وهو الشيخ صالح بن عصفور الذي يأتي الكلام إن شاء الله تعالي علي ترجمته وأما الشيخ محمد بن سليمان المذكور آنفا فإنه بعد ما ذكرنا قد ارتقي في العلوم إلي أن صار مرجع البلاد والعباد بعد موت الشيخ صلاح الدين ابن الشيخ علي بن سليمان المتقدم ذكره وفوضت إليه الأمور الحسبية والقضا بتأييد السلطان وأكابر البلاد وكان الشيخ المذكور له ثلاثة أولاد فضلاء أحدهم (الشيخ عبد النبي) وكان أفضلهم كان فقيها مجتهدا ورعا صالحا إماما في الجمعة والجماعة في قرية مقابا بعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن يوسف المتقدمين وليس له ثان في الاطلاع علي فروع الفقه والإحاطة بها (وثانيهم) الشيخ سليمان وهو فاضل أيضا توفي في البحر في طريق مكة (وثالثهم) الشيخ زين الدين، أما الشيخ عبد النبي فإني رأيته صغير السن مرة واحدة وقد كان أتي إلي زيارة أبي وجدي في بعض الأعياد وله ولد فاضل صالح ليس له في تقواه وورعه ثان. (الشيخ علي) وهو والد الشيخ الفاضل الأمجد الشيخ محمد المعاصر سلمه الله تعالي، وأما الشيخ سليمان فلم أره وأما الشيخ زين الدين والظاهر أنه أصغرهم فإنه بقي جملة من السنين وكان من المعاصرين إلي أن استولت الخوارج علي البحرين وأرجعها منهم سلطانها وقبره مع قبر أبيه وأخيه في قبة في مقبرة مقابا انتهي كلامه علا مقامه. (قلت): ولم يذكر هذا الشيخ لهؤلاء المشائخ الأجلاء شيئا من المصنفات أما لعدمها وهو بعيد أو لعدم اطلاعه ووقوفه علي شئ منها. وأما الشيخ الأمجد الشيخ محمد المعاصر له الذي ذكره فسيأتي إن شاء الله تعالي [ صفحه 127] الكلام علي ترجمته وترجمة ابنه المحقق الشيخ علي وذكر مصنفات هما (ره) فترقبه.

الشيخ صالح الكرزكاني

(ومنهم) العالم العامل الفقيه الكامل الصالح الشيخ صالح بن عبد الكريم الكرزكاني (نسبة إلي كرزكان بالكاف أولا ثم الراء المهملة ثم الزاء المنقوطة ثم الكاف المشددة بعدها الألف والنون أخيرا قرية من قري البحرين) البحراني المتوطن في بلاد شيراز قال الفاضل الشيخ يوسف (ره) في اللؤلؤة وقبره معروف هناك بجوار السيد علاء الدين حسين وكان هذا الشيخ فاضلا ورعا فقيها شديدا في ذات الله انتهت إليه رئاسة البلد المذكورة أي شيراز وقام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحسن قيام وانقادت له حكامها فضلا عن رعيتها لورعه وتقواه ونشر العلم والتدريس فيها ولا يكاد يوجد كتاب في جميع الفنون في شيراز إلا وعليه تبليغه والمقابلة عليه تولي القضاء بأمر السلطان الشاه سليمان ولما أتته خلعة القضاء من السلطان المزبور ورقم القضاء امتنع من لبس الخلعة المذكورة وبعد الالتماس والتخويف من سطوة السلطان وغضبه لبسها كما يلبس العباءة وستأتي بقية فيه مع الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني وله من المصنفات رسالة في تفسير أسماء الله تعالي الحسني ورسالة الخمرية ورسالة في الجبائر وهذا الشيخ يروي عن السيد نور الدين علي بن أبي الحسن العاملي انتهي كلامه زيد مقامه. (قلت): ويروي عنه جماعة كثيرة منهم الفقيه الشيخ سليمان بن أبي ظبية الشاخوري البحراني وسيأتي إن شاء الله تعالي الكلام علي ترجمته ومن شعره ما أجاب به ابن الراوندي: [ صفحه 128] كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه++ وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذي ترك الأوهام حائرة++ وصير العالم النحرير زنديقا فأجابه (قدس سره) يقول: إن الكريم الذي يعطي علي قدر++ يراه ذو اللب إحسانا وتوفيقا فذو الجهالة مرزوق ليكمله++ وذو النباهة من ذا صار ممحوقا قدس سره وعطر قبره وحشره الله مع محمد وآله الطاهرين.

الشيخ جعفر البحراني

(ومنهم) الشيخ الإمام العلامة الرباني الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني قدس الله روحه كان من العلماء الأعلام والفقهاء الأجلاء الكرام قال في اللؤلؤة وعن الشيخ سليمان بن علي بن أبي ظبية عن الشيخين الجليلين الشيخ جعفر بن كمال الدين والشيخ صالح بن عبد الكريم الكرزكاني عن السيد نور الدين المتقدم ذكره إلي آخر ما تقدم وأخبرني والدي (قدس سره) أن هذين الشيخين خرجا من البحرين لضيق المعيشة إلي شيراز وبقيا فيها برهة من الزمان وكانت مملوءة بالفضلاء والأعيان ثم أنهما اتفقا علي أن يمضي أحدهما إلي الهند ويقيم الآخر في العجم فأيهما أثري أولا أعان الآخر فسافر الشيخ جعفر (ره) إلي الهند واستوطن حيدر آباد وبقي الشيخ صالح في شيراز من التوفيقات الربانية والأقضية السبحانية أن كلا منهما صار علما للعباد ومرجعا في تلك البلاد وانقادت لهما أزمة الأمور وحازا سعادة الدنيا والدين في الورود والصدور ولم أقف للشيخ جعفر علي شئ من المصنفات وقد توفي (قدس سره) في حيدر آباد في السنة الثامنة والثمانين [ صفحه 129] بعد الألف من الهجرة وكان منهلا عذبا للوراد لا يرجع القاصد إليه إلا بالمطلوب والمراد وللشيخ عيسي بن صالح عم جدي الشيخ إبراهيم قصيدة في مدحه لما ورد عليه فأكرمه وهي في كتابنا الكشكول أولها. أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 129 - 135 الهند بعد صلاة الليل في القدم++ يا ضيعة العمر بل يا زلة القدم ومنها: أعطي الإله يمينا في خلائقه++ لا قال لما ولا يلوي علي قدم أمسي يمير عشار المزن واكفة++ ليضحك البحر والأشجار في الإحم فكنت لأفواهها الأصداف مذ عملت++ لو بله فقدت للؤلؤ الرخم مست يدا حاتم يمناه فانفجرت++ في صلب آدم بين الماء والأدم انتهي المقصود من نقل كلامه زاد الله في علو مقامه. (قلت): وهذا الشيخ أعني صاحب الترجمة الشيخ جعفر (ره) من كبار العلماء العاملين وأساطين الملة والدين ومن جملة مشائخ السيد المحقق الأواه السيد نعمة الله الجزائري في شيراز وقد ذكره في (الأنوار النعمانية) وكشكوله (وزهر الربيع) ومن مشائخ السيد النجيب الحسيب الأديب السيد علي الصدر شارح الصحيفة وصاحب السلافة وقد ذكره في الأخير ومدحه وأثني عليه ثناء عظيما وتقريظا جسيما ويعبر عنه بشيخنا العلامة وذكره المعاصر في روضاته والفاضل المعاصر الأخير ثقة الإسلام المحدث المتتبع الماهر الميرزا حسين النوري الطبرسي (ره) صاحب المصنفات الجليلة (كنفس الرحمن في فضائل سلمان) و (فصل الخطاب) و (جنة المأوي) و (مستدرك الوسائل) و (مستنبط الدلائل) وغيرها من المصنفات الفاخرة وكان هذا الشيخ آية من آيات الله في الاطلاع والتتبع والتحقيق وكثرة الإحاطة [ صفحه 130] كالمولي المجلسي والورع والتقوي، طبرسي الأصل، نجفي التحصيل، عسكري المسكن وفي آخر عمره بعد وفاة العالم الرباني الميرزا حسن الشيرازي رجع إلي النجف الأشرف وبها توفي (قدس الله روحيهما وتابع فتوحيهما) في المجلد الثالث من (المستدرك) قال (قدس الله سره) بعد نقله كلام صاحب اللؤلؤة المتقدم ذكره ولكن في مجموعة شريفة كالتأريخ لبعض المعاصرين له والظاهر أنها للفاضل الماهر المولي محمد مؤمن الجزائري صاحب كتاب (طيف الخيال) و (خزانة الخيال) وغيرهما قال ما لفظه: تلم ثلمة في الدين بموت الشيخ الجليل والمولي النبيل الذي زاد به الدين رفعة فشاد دروس العلم بعد دروسها وأحيا موات العلم منه بهمة يلوح علي الإسلام نور شموسها في تأله وتنسك وتعلق بالتقدس والتمسك وعفة وزهادة وصلاح وطد به مهاده وعمل زاد به علمه ووقار حلا به حلمه وسخا يخجل به البحار وخلق يزهو علي نسائم الأسحار باهت به أعيان الأكابر وفاهت به السن المفاخر العالم العامل الرباني الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني وكان ذلك في أواخر السنة الحادية والتسعين بعد الألف انتقل في عنفوان شبابه قبل بلوغ نصابه إلي بلاد فارس الطيبة المفارع والمغارس لا زال أهلها في محارس وتوطن منها بشيراز صينت عن الاعواز واشتغل علي علمائها بالتحصيل وتهذيب النفس بالمعارف والتكميل حتي فاق أترابه وأقرانه فرقي فوق العليا ذراها وبرع في الأصول والفروع فتمسك من المحامد أوثق عراها ثم انتقل منها إلي حيدر آباد (إلي أن قال بعد كلام طويل في وصفه الجميل): وله رحمه الله تعالي تصانيف شتي وتعليقات لا تحصي في علمي التفسير والحديث وعلوم العربية وغيرها إلي أن عد منها اللباب الذي أرسله إلي تلميذه العالم الجليل السيد علي خان [ صفحه 131] وجرت بينهما أبيات فيه فتبين لك إنما في اللؤلؤة من عدم المصنفات له ناش من عدم وقوفه علي شئ منها والله أعلم، انتهي كلامه علا في الجنان مقامه.

الشيخ حسن الكرزكاني البحراني

(ومنهم) العالم الأجل الشيخ حسن بن عبد الكريم الكرزكاني البحراني وهو أخو الشيخ صالح المذكور آنفا قال شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي ومنهم الشيخ الأجل الشيخ حسن بن عبد الكريم الكرزكاني وكان فاضلا محققا أثني عليه أخوه الصالح السعيد الشيخ صالح بن عبد الكريم وتوفي في ديار العجم أظنه في دار السلطنة أصفهان، انتهي كلامه علا في الجنان مقامه.

الشيخ أحمد بن صالح الدرازي

(ومنهم) العالم الزاهد العابد العبد الصالح الشيخ أحمد بن صالح الدرازي البحراني وكان هذا الشيخ (قدس سره) كما ذكره شيخنا في اللؤلؤة علي غاية من الزهد والورع والتقوي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤثر بماله الأضياف وكان بيته لا ينفك دائما عن جمع من العرفاء والواردين سيما من أهل بلاده البحرين وكان هو القائم مقام العالم الأفخر الشيخ جعفر المتقدم ذكره في تلك البلاد إلي أن فتح تلك البلاد الشاه أو تكريت فأمر بإخراج الأصناف منها كل بمقدمه فكان الشيخ المذكور مقدم من فيها من صنف العلماء فأمر له بألف روبية ورجع الشيخ أحمد منها إلي بلاد العجم بعد أن حج بيت الله الحرام واستوطن في بلدة جهره من توابع العجم إماما في الجمعة والجماعة وكانت تلحقه [ صفحه 132] الغشية والصعقة في مقام شدائد الآخرة له من المصنفات كتاب (الطب الأحمدي) كله في الطب بطريق الرواية ورسالة الاستخارة توفي في شهر صفر من سنة 1134 ه وكان مولده سنة 1085 ه رحمنا الله وآباءنا وإياهم والمؤمنين ومنحنا وإياهم خير الدنيا والدين بحق محمد وآله الطاهرين صلي الله عليهم أجمعين.

الشيخ محمد بن ماجد البحراني

(ومنهم) العالم العلامة الماجد الفهامة الشيخ محمد بن ماجد البحراني الماحوزي ثم البلادي قال شيخنا الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في إجازته المتقدم ذكرها مرارا في روايته عن بعض مشائخه وما أرويه عن أخي بالمؤاخاة الشيخ محمد بن يوسف عن شيخه الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود الماحوزي (نسبة إلي الماحوز قرية من قري أوال مشتملة علي ثلاث قري الغريفة وهرتي والدونج وكان هذا الشيخ من الدونج بضم المهملة وسكون الواو وفتح النون والجيم أخيرا). (قلت): وهذه أي الدونج هي المعروفة بالماحوز وأكثر العلماء الكبار كالشيخ ميثم وأبيه الشيخ علي وجده الشيخ ميثم بن المعلي وهذا الشيخ وشيخنا العلامة الشيخ سليمان والشيخ حسين الماحوزي وغيرهم كلهم منها وما سواها من القريتين يعرف كل منهما باسمه وضبطها المحدث الصالح هنا هرتي (بالراء المهملة) وشيخه الشيخ سليمان (باللام) والمشهور في لسان أهل تلك الديار هرتي (بالراء) كما ضبطها المحدث المذكور قال ذلك المحدث الصالح (ره): إلا أنه سكن في البلاد القديم وصار رئيسا في البلاد وتولي الأمور الحسبية وكان إماما [ صفحه 133] في الجماعة وتارة في الجمعة لأنه كان يعتقد وجوبها عينا إلا أنه ما كان يصليها في أكثر الأوقات لعذر عنده وكان فقيها مجتهدا دقيق النظر ثقة جليلا من أعيان علماء هذه البلاد له الرسالة المسماة (بالروضة الصفوية) وله رسالة في الصلاة وله شكل في مسائل المنطق رأيته في أواخر عمره وصليت خلفه مرتين مقتديا به في الظهرين في قريته الماحوز مع أستاذنا العلامة الشيخ سليمان وكان صهره علي ابنته ووقع بينهما بحث في ذلك اليوم في مسألة فقهية وهي أن وضع الجبهة جزء من السجود أو أنه غير جزء فلو تليت آية العزيمة علي ساجد فهل يكفيه الاستمرار علي السجود أو يرفع ثم يضع فادعي الشيخ المذكور أنه غير جزء وأن الاستمرار كاف وادعي عليه الاجماع وخالفه الأستاذ وقال يجب عليه الرفع ثم الوضع حتي وقعت بينهما مشاجرة عظيمة فانتهي أمرهما (إلي أن قال شيخنا) لكم دينكم ولي دين يريد أن هذا اعتقادك لأنك مجتهد لا يجوز لك تقليدي وهذا اعتقادي لأني مجتهد أيضا لا يجوز لي تقليدك فقال الشيخ بكلام فيه وحاشة ونفرة هذا كلام جهل لأنه التفت إلي أصل ورود الآية الشريفة فإنها خطاب النبي صلي الله عليه وآله للمشركين فقال شيخنا إنما هو بالحجج لا بالتشنيع ولم يمكنه أن يرد عليه أكثر من ذلك لأن الشيخ كان المشار إليه وشيخنا بعد لم يشتهر قلت ولأن الشيخ أستاذه وصهره علي ابنته فلا يبتغي له الزيادة وافترقا وانفض المجلس وكان كل منهما مملوء غيظا علي الآخر فما بقي إلا مدة قليلة تقرب من أربعين أو خمسين يوما وصنف شيخنا رسالة في الرد عليه وعرض للشيخ مرض عظيم فعاده شيخنا في مرضه وتوفي في ذلك المرض وسنه يقرب من سبعين سنة في حدود السنة الخامسة والمائة والألف وهو عام جلوس الملك الأعظم سلطان [ صفحه 134] حسين ابن الشاه سلطان سليمان وقبره في مقبرة المشهد وهو المسجد الجامع ذو المنارتين وهو بالجانب الشرقي من المسجد المذكور فانتهت رئاسة البلد بعده للسيد هاشم العلامة انتهي كلامه زيد مقامه. (قلت): والرسالة التي في الصلاة المذكورة صنفها في شيراز للسيد الصفي البهي ميرزا محمد مهدي النسابة وسماها (الروضة الصفوية في فقه الصلاة اليومية) والميرزا محمد مهدي المذكور كان شيخ الإسلام في شيراز بعد الشيخ صالح بن عبد الكريم البحراني ورثاه شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي علي ما بينهما من الوحشة كما ذكرنا سابقا بقصيدة جيدة أطري عليه فيها ومدحه كما ذكره تلميذه المحدث الصالح ولصاحب الترجمة أعني به شيخنا الماجد مع حاكم البحرين الشيخ محمد بن ماجد البلادي البحراني قصة حسنة عجيبة تدل علي فضيلتهما وفضيلة تابعيهما لا بأس بإيرادها في هذا المقام: حدثني أقدم مشائخي الثقة العلامة التقي الصالح شيخنا الأرشد الشيخ أحمد ابن العالم الصالح الشيخ صالح البحراني (ره) عن شيخه التقي المقدس السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد إسحاق البلادي البحراني (قدس الله سرهما وبرضوانه سرهما) إن العامل الماجد الشيخ محمد بن ماجد هو شيخ الإسلام في البحرين وولي الحسبة الشرعية وكان الحاكم فيها من جهة العجم هو المرحوم الشيخ محمد آل ماجد البلادي البحراني وكانت عند الحاكم الشيخ محمد عمارة بجانب البحرين وكان الشيخ محمد بن ماجد يدرس في مسجد من مساجد البلاد ويجتمع عنده جمع كثير من فضلاء البحرين وكان المسجد المذكور الذي يدرس فيه الشيخ المزبور علي طريق العمارة التي يعمرها ذلك الحاكم وفي كل يوم يركب ذلك [ صفحه 135] الحاكم عصرا للنظر إلي عمارته فيمر بالمسجد الذي يدرس فيه الشيخ ويجلس معهم ويستمع البحث ثم يركب علي فرسه ويمضي إلي عمارته فكان يوما من الأيام تأخر من وقته الذي يركب فيه وظن أن الدرس قد انقضي بسبب تأخيره فمر أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 135 - 141 عليهم ولم يمض إليهم فرآه الشيخ والجماعة مارا وفي آخر النهار رجع من العمارة ومر علي المسجد وإذا هم حضور فيه لم يتفرقوا عنه فنزل ودخل وسلم علي الشيخ فزبره الشيخ وغضب عليه وتفل في وجهه وسبه وقال له قد شغلتك الدنيا وحبها عن استماع أحكام الله وأخبار آل رسول الله صلي الله عليه وآله والشيخ الحاكم يتضرع بين يديه ويعتذر إليه بظن فوات الوقت عليه والشيخ يزيده سبا ويوليه غضبا وكان الشيخ (قدس سره) فيه حدة مزاج وصلافة ولما تفل في وجهه مسح الحاكم التفلة بيديه وقال الحمد لله الذي جعل ريق العلماء شفاء من كل داء وتفرق المجلس بعد ذلك والشيخ علي غضبه عليه فلما افترقا وذهب عنه الغيظ فكر في نفسه ورأي أنه قد أخطأ معه وهو حاكم البلد ورئيسها علي الاطلاق ولا سيما أنه اعتذر إليه بعذر وكان ذلك الحاكم هو الذي يجري الإنفاق علي الشيخ وتلامذته من ماله فخاف الشيخ أن يعاقبه ذلك الحاكم بسوء ومكروه لسوء صنيعه معه فلما مضي شطر من الليل وإذا بباب بيت الشيخ يطرق فخاف من ذلك وارتقب ما ظنه مما هنالك وأرسل من يكشف الخبر وإذا هو رسول ذلك الحاكم ومعه خلعة وكسوة له ولأهل بيته ولتلامذته دنانير ودراهم زيادة عن وظائفهم المقررة المعتادة ويقول له إن الشيخ يعتذر ويقول هذه كفارة وصدقة عما عملناه هذا اليوم من التقصير فطابت نفس ذلك الماجد بعد الخوف والكدر وآمنت من ذلك الحذر (نقلت كلامه بالمعني). [ صفحه 136] (قلت) لله دره من حاكم ورحمه الله مع ذلك العالم كيف قاده الإخلاص والإيمان إلي هذا الاذعان وفعل ذلك الجميل والإحسان وله معه أيضا حكاية أخري حدثني بها جماعة من الإخوان، منهم الثقة الصالح المتقدم ذكره أن ذلك الحاكم وهو الشيخ محمد آل ماجد اشتري من بعض المخالفين (والظاهر أنه من أهل قطر) لؤلؤا كثيرا فمطلهم بالثمن كله أو بعضه فلما يئسوا منه بعد الطلب مضوا إلي ذلك العالم الماجد وأخبروه بذلك فكتب إليه رقعة مكتوب فيها هذين البيتين العجيبين: ليس التقي بمسابيح تخرطها++ ولا مصابيح تتلوها وتقراها بل التقي أن تزين الناس معملة++ وتنصف الناس أعلاها وأدناها وأرسلها إليه فدعاهم وأعطاهم حقهم بالتمام غفر الله لنا ولهم وختم لنا ولهم بأحسن ختام وأحلنا وإياهم بفضله دار السلام والمقام بحق محمد وآله الأعلام صلي الله وسلم عليهم ما أضاء نهار وما أدلهم ظلام.

السيد هاشم البحراني

(ومنهم) السيد الجليل ذي الشرف الأصيل العديم المثيل السيد هاشم ابن السيد سليمان ابن السيد إسماعيل ابن السيد عبد الجواد البحراني التوبلي الكتكاني نسبة إلي كتكان (قرية من التوبلي من البحرين) المعروف بالعلامة ضاعف الله إكرامه كان فاضلا محدثا متتبعا للأخبار بما لم يسبقه إليه سابق سوي مولانا المجلسي وقد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلاعه إلا أني لم أقف له علي كتاب فتاوي في الأحكام الشرعية ولو في مسألة جزئية وإنما كتبه مجرد جمع وتأليف [ صفحه 137] ولم يتكلم فيما وقفت عليه علي ترجيح في الأقوال أو بحث أو اختيار مذهب وقول في ذلك المجال ولم أدر أن ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر والاستدلال أم تورعا عن ذلك كما نقل عن السيد رضي الدين بن طاووس (قدس سرهما) كما نذكره إن شاء الله تعالي في ترجمته وانتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمد بن ماجد المتقدم ذكره إلي السيد المذكور فقام بالقضاء في البلاد وتولي الأمور الحسبية أحسن قيام وقمع أيدي الظلمة والحكام ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالغ في ذلك وأكثر ولم تأخذه في الله لومة لائم في الدين وكان من الأتقياء المتورعين شديد علي الملوك والسلاطين توفي (قدس سره) في قرية نعيم في بيت الشيخ عبد الله ابن الشيخ حسين بن كفار لأنه كان متزوجا بمخلفة الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله المذكور ونقل نعشه إلي قرية توبلي ودفن بها في مقبرة ماثني من مساجد القرية المذكورة وقبره مزار معروف وانتهت رئاسة البلد بعده إلي الشيخ سليمان بن عبد الله المذكور وكانت وفاته (ره) للسنة السابعة بعد المائة والألف، وذكر بعض مشائخنا المعاصرين أن وفاته بعد الشيخ محمد بن ماجد المتقدم بأربع سنين فعلي هذا تكون وفاته سنة التاسعة بعد المائة والألف. ومن مصنفاته كتاب (البرهان في تفسير القرآن) ستة مجلدات قد جمع فيه جملة الأخبار الواردة في التفسير من الكتب القديمة الغريبة وغيرها وكتاب (الهادي وضياء النادي) في تفسير القرآن أيضا مجلدان وكتاب (معالم الزلفي في النشأة الأخري) وكتاب (مدينة المعجزات في النص علي الأئمة الهداة) مجلدان وكتاب (الدر النضيد في فضائل الحسين الشهيد - ع) مجلد وكتاب في [ صفحه 138] تفضيل الأئمة " ع " علي الأنبياء عدا نبينا صلي الله عليه وآله وكتاب (وفاة النبي - ص) وكتاب (وفاة الزهراء) وكتاب (سلاسل الحديد) المنتخب من شرح النهج لابن أبي الحديد في فضل أمير المؤمنين (ع) والأئمة عليهم السلام وكتاب (الإحتجاج) وكتاب (نهاية الآمال فيما تتم به الأعمال) وكتاب (ترتيب التهذيب) مجلدان قد رتب الأخبار فيه كلا في الباب المناسب له وكان بعض معاصريه من علماء البحرين يسميه تخريب التهذيب حسدا له هو كما شأن المعاصرين غالبا وكتاب (تنبيهات الأديب في رجال التهذيب) وقد نبه فيه علي أغلاط عديدة لا تكاد تحصي مما وقع للشيخ في أسانيد أخبار الكتاب المذكور وقد نبهنا في كتابنا (الحدائق الناضرة) علي جملة مما وقع له أيضا من السهو والتحريف في متون الأخبار وقلما يسلم خبر من أخبار الكتاب المذكور من سهو أو تحريف في سنده أو متنه وكتاب (الرجال والعلماء الذين رجعوا إلي الحق) وكتاب (حلية الأبرار) وكتاب (حلية النظر في فضل الأئمة الاثني عشر عليهم السلام) وكتاب (البهجة المرضية في إثبات الخلافة والوصية) وكتاب (مناقب الشيعة) وكتاب (اليتيمة) وكتاب (نسب عمر) وكتاب (تعريف من لا يحضره الفقيه) وكتاب (مولد القائم عليه السلام) وكتاب (نزهة الأبرار ومنازل الأفكار في خلق الجنة والنار) وكتاب (الحجة فيما نزل في الحجة) وكتاب (تبصرة الولي في من رأي المهدي) وكتاب (عمدة النظر في الأئمة الاثني عشر) وكتاب (معجزات النبي - ص) وهذا السيد كان يروي عن جملة من المشائخ منهم السيد عبد العظيم ابن السيد عباس الاستربادي إنتهي كلام صاحب اللؤلؤة (قدس سره). [ صفحه 139] (أقول) الأظهر من ترك السيد المذكور كتابة كتب الفتوي تورعا كما نقل عن السيد ابن طاووس أو ترك ذلك بالمرة حتي صار له ملكة وإن كان هو في أعلي رتبة الاجتهاد ككثير من علمائنا الأمجاد منهم أستاذ صاحب اللؤلؤة العلامة الشيخ حسين الماحوزي فإنه لا خلاف بين أهل عصره عربا وعجما وعراقا في اجتهاده بل أنه أوحدي الزمان كما ذكره الفاضل التقي المتتبع الميرزا حسين النوري الطبرسي في المجلد الأخير من (المستدرك) في ترجمته وكان أكثر أهل عصره استجازوا منه عربا وعجما وكثير من بلدان المؤمنين مقلدوه ولا سيما طرفنا مع وجود الجم الغفير من العلماء الأعلام أولي النقض والإبرام ولأن البحرين في الزمن القديم ليس كحالها الآن السقيم بلدة العلوم فإنه في ذلك الزمان لا يقدمون مع كثرة العلماء الأعيان والسلطان علي مذهبهم إلا من اجتمعت فيه شرائط الافتاء ولا سيما باتفاق العلماء وقد ترك شيخنا في تعداد كتبه كتاب (غاية المرام في معرفة الإمام) مجلد كبير ضخم من أحسن كتبه وكانت أكثر الأحاديث المذكورة في كتبه من كتب العامة إلزاما لهم وكثير من كتب هذا السيد يسر الله من طبعها وروجها. ورأيت في بعض فوائد شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي قال: دخلت علي شيخنا العلامة السيد هاشم التوبلي زائرا مع والدي (قدس سره) فلما قمنا معه لنودعه وصافحته لزم يدي وعصرها وقال لي لا تفتر عن الاشتغال فإن هذه البلاد عن قريب ستحتاج إليك انتهي. (قلت) وصدق رحمه الله فإنه بعد برهة قليلة توفي ذلك السيد وانتقلت الرياسة الدينية إليه أفاض الله شآبيب رحمته ورضوانه عليه. [ صفحه 140] ولهذا السيد ولد فاضل محقق اسمه السيد عيسي له شرح علي زبده شيخنا البهائي إلا أن النسخة التي عندنا غير تامه ولم أقف له علي ترجمة ولا رواية.

الشيخ أحمد المقابي البحراني

(ومنهم) العالم الفاضل المحقق الكامل المدقق العلامة صاحب كتاب (رياض الدلائل وحياض المسائل) التقي الأرشد الشيخ أحمد ابن العالم الأمجد الشيخ محمد بن يوسف الخطي البحراني المقابي منشأ وتحصيلا وكان هذا الشيخ علامة فهامة زاهدا عابدا ورعا تقيا كريما وتصانيفه التي وقفت عليها تشهد بعلو كعبه في المعقول والمنقول والفروع والأصول ودقة النظر وحدة الخاطر مع مزيد الفصاحة والبلاغة في التحرير والتعبير وعندي أنه أفضل علماءنا البحرين ممن عاصره وتأخره عنه بل وغيرهم وقد ذكر بعض تلامذته أنه في سفره إلي أصبهان كان المولي الفاضل الخراساني صاحب (الكفاية) و (الذخيرة) وغيرهما يخلو معه في الأسبوع للمذاكرة معه والاستفادة منه وقد أجازه شيخنا المجلسي فقال في إجازته له أنه من غرائب الزمان وغلط الدهر الخوان بل من فضل الله علي ونعمته البالغة لدي اتفاق صحبة المولي الفاضل الورع الكامل التقي الزكي البارع الجامع لفنون الفضائل والكمالات الحائز قصب السبق في مضامير السعادات ذي الأخلاق الرضية والأعراق الطيبة البهية علم التحقيق وطود التدقيق العلم النحرير الفائق في التحرير والتقرير كشاف دقائق المعاني الشيخ أحمد البحراني أدام الله أيامه وقرن بالسعود شهوره وأعوامه فوجدته بحرا زاخرا في العلم لا يساجل وألفيته حبرا ماهرا في الفضل لا يناضل (إلي آخر الإجازة) وشعره ونثره (قدس الله سره) [ صفحه 141] في غاية الجودة والجزالة. ومن مصنفاته كتاب (رياض الدلائل وحياض المسائل) لم نجد منه إلا قطعة من الطهارة ورسالة في وجوب الجمعة عينا ردا علي رسالة الشيخ سليمان أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 141 - 149 الشاخوري كما تقدمت الإشارة إليه وأنا أقول كما سيأتي إن شاء الله تعالي الكلام عليه ورسالة في استقلال الأب بولاية البكر الرشيد البالغ ورسالة في المنطق سماها (المشكاة المضية) ورسالة سماها (الرموز الخفية في المسائل المنطقية) ورسالة صغيرة في مسألة البداء توفي (قده) بالطاعون مع أخويه الشيخ يوسف والشيخ حسين في العراق ودفنوا في جوار الكاظمين عليهما السلام في السنة الثانية بعد المائة والألف وأبوه حي في قرية مقابا مسكنه وهو (قدس الله سره) يروي عن جملة من المشائخ منهم شيخنا المجلسي (قده) كما تقدمت الإشارة إليه في الإجازة المزبورة قاله شيخنا المنصف في اللؤلؤة (قدس الله سره ونور قبره).

الشيخ محمد الخطي المقابي البحراني

(ومنهم) والده الفقيه المحقق الشيخ محمد بن يوسف المذكور الخطي البحراني عن الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني المتقدم ذكره وكان الشيخ محمد بن يوسف المذكور ماهرا في العلوم العقلية والرياضة والهيئة والهندسة والحساب والعربية وعليه قرأ والدي أكثر علوم العربية والرياضية وقرأ عليه خلاصة الحساب وأكثر شرح المطالع وتمم الباقي من المطالع بعد موت الشيخ المزبور علي أستاذه الشيخ سليمان بن عبد الله الآتي ذكره، ثم التزمه في بقية عمره في بقية العلوم من الحكمة والفقه والحديث والرجال ولم ينقل للشيخ محمد شئ من المصنفات انتهي [ صفحه 142] كلام صاحب اللؤلؤة، (وقال) المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح في إجازته الكبري أعني الشيخ أحمد ووالده الشيخ محمد المذكورين قال: ومنهم الشيخ الأوحد الأمجد العلامة الفهامة الشيخ أحمد بن الشيخ العلامة الشيخ محمد بن يوسف بن صالح المقابي البحراني وكان أصله من الخط عن أبيه المذكور وكان الشيخ أحمد أعجوبة في السخا وحسن المنطق واللهجة والخشوع والرقة والصلابة في الدين والشجاعة علي المعتدين وقد جمع بين درجتي العلم والعمل الذين بهما غاية الأمل وله مصنفات كثيرة منها رسالة في وجوب الجمعة عينا نقضا لرسالة الشيخ سليمان المذكور وقد أصاب فيما نقض وأجاب ومن اطلع عليها عرف حقيقة القشر من اللباب ورسالة في استقلال الأب بولاية البكر البالغ الرشيد وله كتاب (الخمائل في الفقه) خرج منه بعض كتاب الطهارة وهو كتاب استدلال نفيس وجامع أنيس وله رسالة في المنطق ورسالة في مسألة البداء توفي رحمه الله في بغداد في جوار الكاظمين في عام الطاعون سنة 1102 ه وقبره معروف هناك وقد مات معه أخواه الشيخ يوسف والشيخ حسين وجملة من رفقائه وأبوه حي وما بقي بعده غير سنة وانتقل إلي رحمة الله في قرية مقابا من البحرين وقبره في مقبرة مقابا معروف وبالجملة فضل هذا الشيخ مما لا ينكره إلا مكابر وكان عدلا ثقة ورعا محدثا عظيما وأما أبوه فكان تفننه في العلوم الأدبية أكثر وليس له مصنف يذكر إلا أنه كان يذكر ماهرا في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهيئة والهندسة والعربية انتهي كلامه علا مقامه. (قلت) والظاهر أن المراد بالخمائل هو كتاب (رياض الدلائل) لعدم ذكر هذين الشيخين التعدد في البين إلا باختلاف الاسمين إلا أن السيد في تتمة [ صفحه 143] الأمل ذكر الرياض ثم قال وله كتاب (الخمائل في الفقه) أيضا لم يتم رأيت منه في الطهارة تدل علي فضل عظيم انتهي، وكثيرا ما يعبر عنه العلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور بفاضل (الخمائل) والشيخ يوسف في (طهارة الحدائق) بفاضل (رياض الدلائل) وقد أخذ هذا الاسم كله أعني (رياض الدلائل وحياض المسائل) لسيد المحقق مير سيد علي الطباطبائي في شرحه علي النافع فيظن من لا اطلاع له ولا تتبع أن الشيخ يوسف في الحدائق ينقل عن السيد علي المذكور وهو غلط ناش في القصور فإن السيد علي المزبور من بعض تلامذة الشيخ يوسف الذين حضروا عنده في كربلاء واستجازوا منه وكان يحضر عنده ليلا سرا لا جهرا خوفا من خاله الآغا المجدد الشيخ محمد باقر البهبهاني [31] لما هو معلوم من [ صفحه 144] اختلاف المشرب وقد كتب السيد المذكور جميع كتاب الحدائق بيده في مجلدات كثيرة ذكر ذلك كله السيد المعاصر في روضاته وغيره وقد وقفت علي رسالة جيدة لهذا الشيخ أيضا رد فيها علي الأشاعرة في الحسن والقبح مليحة جدا علي [ صفحه 145] اختصارها وقد ذكر هذا الشيخ وأباه أكثر من تأخر عنهما كصاحب الروضات والمستدرك والتتمة وأثنوا عليهما بما لا مزيد عليه تغمدنا الله وآباءنا وإياهم برحمته وأحلنا جميعا دار كرامته بحق محمد النبي المصطفي وعترته صلي الله عليه وآله وذريته والحمد لله رب العالمين.

الشيخ يوسف البلادي البحراني

" ومنهم " العالم العامل الفاضل الرباني الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن البلادي البحراني الظاهر أنه من أجدادنا الكرام وسلفنا العظام ذكره شيخنا [ صفحه 146] الحر في الأمل وأثني عليه بالأدب والفضل وله ولد فاضل اسمه الشيخ حسن ولابنه الشيخ حسن ولد فاضل علامة كامل إمام فهامة اسمه " الشيخ علي " من أكابر العلماء معاصر للعلامة الشيخ سليمان الماحوزي منازع له في الفضيلة والعلم وكلهم من مشائخ الإجازة وقد ذكرهم جميعا الشيخ يوسف في اللؤلؤة قال (قدس الله روحه): ومنهم الشيخ علي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ يوسف البلادي البحراني عن الشيخ محمد بن ماجد المتقدم ذكره وكان الشيخ علي المذكور فاضلا سيما في العربية والمعقولات مدرسا إماما في الجمعة والجماعة معاصرا للشيخ سليمان المذكور معارضا له في دعوي الفضل كما هو الغالب بين المتعاصرين في أكثر الأعصار إلا أن الشهرة بين العرب والعجم إنما هي للشيخ سليمان وكان الشيخ حسن والد الشيخ علي فاضلا أيضا وكذا جده الشيخ يوسف وقد ذكره في كتاب (أمل الآمل) فقال الشيخ يوسف بن حسن البلادي البحراني فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين انتهي، وأخبرني والدي (قدس سره) أنه لما توفي الشيخ يوسف المذكور ودفن في مقبرة المشهد اتفق أن إحدي منارتي المشهد انهدم رأسها فسقط علي قبر الشيخ يوسف المذكور وكان الشيخ عيسي عم جدي الشيخ إبراهيم (وقد تقدم ذكره) متوجها إلي قرية البلاد إلي تعزية ابنه الشيخ حسن بموت أبيه الشيخ يوسف فمر بامرأة عجوز جالسة عند رأس المنارة تتعجب من سقوطها وانهدامها فلما وصل إلي بيت الشيخ حسن في محل التعزية أخبرهم بذلك وأنشد في ذلك فقال رحمه الله: مررت علي امرأة قاعدة++ تحولق في صورة العابدة وتسترجع الله في ذا المنار++ فما بالها في الثري راقدة [ صفحه 147] فقلت لها يا ابنة الأكرمين++ رأيت أمورا بلا فائدة رأت تحتها يوسفي الكمال++ فخرت لهيبته ساجدة فقال الشيخ حسن ما جزاء هذه الأبيات إلا أن يملأ فمك لؤلؤ انتهي. (قلت) لو قال هذا الشاعر الماهر (رأيت أمورا لها فائدة) والفائدة هو جوابه عن سقوطها علي قبره لكان أولي وأبلغ. ولم نسمع لهؤلاء الفضلاء الأجلاء بشئ من المصنفات سوي جدنا الكبير الشيخ يوسف فإن له كتابا كبيرا في تعزية سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) مرتبا كترتيب (المنتخب) للشيخ العابد الزاهد الشيخ فخر الدين الطريحي (ره) وكان من المعاصرين له مجلدان يقرأ في بعض المجالس الحسينية رأيت منه مجلدا في البحرين في أوائل أمري وعندنا كتاب المطول بخطه له عليه بعض الحواشي جمعنا الله وإياهم وآبائنا وأبنائنا والمؤمنين في مستقر رحمته ودار كرامته أنه أرحم الراحمين.

الشيخ محمود المعني

(ومنهم) الشيخ الفقيه الورع الشيخ محمود بن عبد السلام المعني البحراني (نسبة إلي معن بفتح الميم وسكون العين ثم النون أخيرا قرية من قري البحرين) قال الشيخ الفاضل في اللؤلؤة وكان هذا الشيخ صالحا قد عمر إلي ما يقرب من مائة سنة وكان إماما في قريته وقد استجاز من هذا الشيخ جملة من المشائخ منهم الشيخ عبد الله المذكور (يعني به الشيخ عبد الله البلادي أحد مشائخه) والوالد الشيخ عبد الله بن صالح وغيرهم (قدس الله أرواحهم وطيب مراحهم). [ صفحه 148] (قلت) وهذا الشيخ يروي عن جملة من المشائخ العظام كالسيد هاشم التوبلي والشيخ الحر العاملي وغيرهما ولم نسمع له بشئ من المصنفات.

الشيخ سليمان الأصبعي

(ومنهم) العلامة الفقيه الكامل رفيع الشأن الشيخ سليمان بن علي بن سليمان ابن أبي ظبية (بالظاء المشالة ثم الباء الساكنة الموحدة ثم الياء المثناة المفتوحة ثم الهاء) الأصبعي أصلا الشاخوري مسكنا البحراني وكان هذا الشيخ مجتهدا صرفا توفي في سنة 1101 ه. وقد رثاه السيد الأجل السيد عبد الرؤف الجد حفصي (ره) بقصيدة وكان خصيصا به منها ما يتضمن تاريخ وفاته قوله: صاح الغراب بغاق في رجب علي++ موت الفقيه فأي دمع يذخر وله من المصنفات رسالة في تحريم صلاة الجمعة في زمن الغيبة وقد نقضها المحقق المدقق الأوحد الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن يوسف الآتي ذكره (قلت) قد مضي ذكره وقد أجاد بنقضه فيما أفاد ووافق السداد وأصاب فيما نقض وأجاب ومن وقف عليهما عرف حقيقة القشر من اللباب وله رسالة في تحليل التتن والقهوة ردا علي بعض علماء العجم القائلين بتحريمها ورسالة في علم الكلام في أصول الدين ورسالة في تحريم السمك جملة والرسالة الأولي ونقضها كانتا عندي وهذا الشيخ أيضا يروي عن شيخه العلامة الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني انتهي كلام صاحب اللؤلؤة. (قلت) قد ذكر هذا الشيخ كل من تأخر عنه ولا سيما تلميذه العلامة المحقق الشيخ سليمان الماحوزي وهو الذي يعبر عنه بشيخنا العلامة وبشيخنا مجردا وذكره المحدث الصالح والسيدان في التتمة والروضات وغيرهم وهو الذي [ صفحه 149] يقول فيه تلميذه الشيخ سليمان المذكور لما لاموه علي كثرة ملازمته إياه عنفوني لما لزمت سليمان++ وجانبت جملة العلماء فتمثلت في الجواب ببيت++ قاله مغلق من الشعراء ينزل الطير حيث يلتقط الحب++ ويأتي منازل الكرماء وأقول أني لم أفهم فتوي هذا الشيخ (قده) في الرسالة التي يذكرها عنه الأصحاب في تحريم السمك جملة ولم أقف علي هذه الرسالة حتي أعرف مراده منها أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 149 - 155 ولم أر من ذكر معناه فيها وتنبه لذلك فإن أراد أن جنس السمك الذي يصطاد من البحر من حيث هو سمك حرام فهو خلاف الضرورة من المذهب بل ومن الدين والكتاب والسنة وإجماع المسلمين قال الله تعالي (وهو الذي جعل البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية) في مقام الامتنان وحاشا هذا الشيخ عن ذلك الشأن وأن أراد أن نوعا من أنواع السمك المختلف فيه كالذي لا فلس له والميت في شبكة المسلم مثلا فهو من المسائل الخلافية النظرية يتبع فيها الدليل وكل مجتهد ونظره وما يؤديه إليه دليله ويتضح فيه سبيله ولا بأس به وهذا من المواضع المشكلة وظاهر قولهم تحريم السمك جملة هو الأول وهو مشكل جدا ثم أني بعد أن كتبت هذا وقفت علي كتاب (تتمة الأمل) للسيد الأمجد السيد أحمد البحراني (ره) وقد ذكر في ترجمة هذا الشيخ الرسالة المذكورة فقال وله رسالة في تحريم السمك الذي لا فلس له ولم ينقل كما نقله الفاضل المحدث الشيخ يوسف في اللؤلؤة ولا المحدث الصالح في إجازته فزال بذلك الإشكال والداء العضال والحمد لله وله المنة علي كل حال. ولهذا الشيخ ولد فاضل أديب كامل اسمه (الشيخ أحمد) وهو صاحب [ صفحه 150] المسائل التي أجاب عنها المحدث الفاضل الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني الآتي ذكره له كتاب حسن جليل قليل المثيل في فضائل النبي صلي الله عليه وآله والأئمة الاثني عشر سماه (عقد اللئال في فضائل النبي والآل) [32] مجلدان لم يكن يشبهه في ترتيبه وتبويبه إلا كتاب (كشف الغمة) وفيه أخبار عجيبة حسنة وأشعار له كثيرة مستحسنة رأيته ولم أقف له علي غيره، ولهذا الشيخ (أعني به الشيخ أحمد المذكور) ولد فاضل محقق كامل اسمه (الشيخ محمد - ره) له كتاب في الأصول الخمسة سماه (ينبوع الإخلاص) جيد مبسوط إلا أن النسخة التي رأيناها غير تامة وله شعر حسن في المناجاة ذكره الشيخ يوسف في كشكوله ولم أقف له ولا لأبيه علي ترجمة غير ما ذكرناه والله العالم.

الشيخ سليمان الماحوزي

(ومنهم) علامة العلماء الأعلام وحجة الإسلام وشيخ المشائخ الكرام أولي النقض والإبرام المحقق المدقق العلامة الثاني أبو الحسن شمس الدين الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله بن علي بن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمار البحراني الستري الماحوزي، أصله من ستره من قرية الخارجية، ومولده الماحوز، ثم إنه سكن البلاد القديم وبها توفي وكان الأكثر إذا انتهت الرياسة لأحد من العلماء من غير أهل البلاد القديم ينقله أهل البلاد إليها لأنها في ذلك الزمان هي عمدة البحرين ومسكن الملوك والتجار والعلماء وذوي الأقدار وهي بلادنا ومسكن [ صفحه 151] آبائنا وموضع أملاكنا إلا أنها الآن كما قاله الأديب المهذب الشيخ علي بن مقرب الأحسائي (ره) طم البلاء علي البلاد فكلها++ بحر من الشر المبرح مفعم ما أن مررت بوهدة أو تلعة++ إلا وفيها للحوادث صيلم فكأنه عناها وإن كان مراده العموم لكل بلاد في زمانه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحديث ذو شجون وإنا لله وإنا اليه راجعون. (نرجع إلي صاحب الترجمة): وقال شيخنا الفاضل في اللؤلؤة. وهذا الشيخ قد انتهت إليه رئاسة بلاد البحرين في وقته، وقال تلميذه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني الآتي ذكره إن شاء الله تعالي في وصفه: كان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والدقة وسرعة الانتقال في الجواب والمناظرة وطلاقة اللسان لم أر مثله قط وكان ثقة في النقل ضابطا إماما في عصره وحيدا في دهره أذعنت له جميع العلماء وأقرت بفضله جميع الحكماء وكان جامعا لجميع العلوم علامة في جميع الفنون حسن التقرير عجيب التحرير خطيبا مفوها وكان أيضا في غاية الإنصاف وكان أعظم علومه الحديث والرجال والتواريخ منه أخذت الحديث وتلمذت عليه ورباني وقربني وأدناني واختصني من بين أقراني جزاه الله عني خير الجزاء بمحمد وآله الأزكياء، وتوفي وعمره يقرب من خمسين سنة في سابع عشر شهر رجب للسنة الحادية والعشرين بعد المائة والألف ه ودفن في مقبرة الشيخ ميثم بن المعلي جد العلامة الشيخ ميثم المشهور بقرية الدونج (بالنون والجيم من قري الماحوز بالحاء والزاء) نقل من بيت سكناه من من بلاد القديم لها لكونه منها انتهي، ووجدت بخطه (قدس سره) نقلا عن [ صفحه 152] والده قال كان مولدي ليلة النصف من شهر رمضان من السنة الخامسة والسبعين بعد الألف بطالع عطارد وحفظت الكتاب الكريم ولي سبع سنين تقريبا وأشهر وشرعت في كسب العلوم ولي عشر سنين ولم أزل مشتغلا إلي هذا العام وهو العام التاسع والتسعون والألف انتهي. (أقول) بالنظر إلي تاريخ وفاته المتقدم ذكره (قدس سره) يكون عمره أربعا وأربعين سنة وعشرة أشهر فقول تلميذه المحدث الصالح المتقدم ذكره أنه يقرب من خمسين سنة سهو ناش من عدم الاطلاع علي تاريخ مولده. وكان شيخنا شاعرا مجدا وله شعر كثير متفرق في ظهور كتبه وفي المجاميع وكتاب " أزهار الرياض " ومراثي علي الحسين " ع " جيدة ولقد هممت في صغر سني بجمع أشعاره علي حروف المعجم في ديوان مستقل وكتبت كثيرا منها إلا أنه حالت الأقضية والأقدار بخراب بلادنا البحرين بمجئ الخوارج إليها وترددهم مرارا عليها حتي افتتحوا وجري ما جري من الفساد وتفرق العباد في كل بلاد (انتهي كلامه علا مقامه). (قلت) قد جمع أشعاره كلها في ديوان مستقل تلميذه السيد علي آل أبي شبانة بإشارته إليه كما ذكره ابنه لسيد أحمد في تتمة الأمل فقول شيخنا متفرق الخ ناش من عدم اطلاعه عليه وقد ذكر هذا الشيخ المحقق صاحب الترجمة كل من تأخر عنه كصاحب التتمة وصاحب منتهي المقال والروضات والمستدرك والآغا المجدد في التعليقة وبالغ في وصفه مع إذعانه لغيره فقال في وصفه العالم العامل والفاضل الكامل المحقق المدقق الفقيه النبيه نادرة العصر والزمان الشيخ سليمان انتهي، ويكفيه عن مدح كل مادح وله " قدس الله روحه ونور ضريحه " مع [ صفحه 153] قصر عمره مصنفات شتي ورسائل وفوائد لا تكاد تحصي منها كتاب " الأربعين " في الإمامة من أحاديث العامة جيد حسن مشروح من أحسن مصنفاته عندنا منه نسخة جيدة ونقل شيخنا المحدث الصالح في إجازته أنه أهدي، للشاه السلطان حسين الصفوي حيث أنه صنفه باسمه فأعطاه ألفي درهم يعني عشرين تومانا وما أنصفه انتهي، " ومنها " كتاب " أزهار الرياض " وهو كاسمه ثلاثة مجلدات يجري مجري الكشكول فيه من الرسائل والفوائد ومن أشعاره شئ كثير عندنا منه مجلد واحد بنسخة حسنة وكتاب (الفوائد النجفية) وأكثره رسائل له سابقة في علوم وفوائد متقدمة وكتاب (العشرة الكاملة) يتضمن عشر مسائل من أصول الفقه قال في اللؤلؤة وفيه دلالة علي تصلبه في القول بالاجتهاد إلا أن المفهوم من جملة من فوائده المتأخرة عن هذا الكتاب رجوعه إلي ما يقرب من طريقة الأخباريين وكتاب " الشافي في الحكمة النظرية " ورسالة في (الصلاة العملية) ورسالة في(مناسك الحج)مختصرة كتبها بالتماس السيد الأجل الأمجد السيد محمد ابن السيد عبد الرؤف الجد حفصي البحراني ورسالة (نفحة العبير في طهارة البير) ورسالة أيضا ثانية في مناسك الحج مختصرة ورسالة ثالثة في المسائل الخلافية في الحج ورسالة (إقامة الدليل في نصرة الحسن بن أبي عقيل في عدم نجاسة الماء القليل) ورسالة في وجوب صلاة الجمعة عينا نقضا لرسالة بعض الفضلاء في تحريمها ورسالة (بلغة المحدثين) في الرجال علي حذو الوجيزة للمجلسي وهذه الرسالة قد شرحها شيخنا العلامة والدنا الروحاني الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح البحراني وسماه (زاد المجتهدين) إلا أنه لم يمض فيها كثيرا بل بلغ إلي أواخر الألف مجلد حسن ذكر في أول [ صفحه 154] الكتاب فوائد وقواعد لعلم الرجال مفيدة عجيبة ولو أكمله علي هذا المنوال لكمل علم الرجال بلا إشكال وكتاب (المعراج) و (شرح الفهرست) للشيخ الطوسي عجيب إلا أنه لم يتم وقد خرج منه باب الألف والباء والتاء وهو شرح نفيس والرسالة (الحمدية) وقد شرحها تلميذه المحقق والد صاحب الحدائق كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالي ورسالة في (تحريم الارتماس دون نقضه للصوم) ورسالة في (نجاسة أبوال الدواب الثلاث) [33] ورسالة في وجوب الطهارات لغيرها خصوصا الجنابة ورسالة في أفضلية التسبيح علي الحمد في أخيرتي الرباعية وثالثة المغرب ورسالة في كيفية التسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب وهذه الرسالة لم يذكرها تلميذه المحدث الصالح ولا صاحب اللؤلؤة وكأنه ينقل عنه في إجازته غالبا وهي مع أختها عندنا ورسالة في شرح خطبة الاستسقاء ورسالة تعريب رسالة فارسية في الإمامة ردا علي العامة عندنا ورسالة في تحقيق كون الوضع جزء من السجود في معارضة شيخه وصهره الشيخ محمد بن ماجد كما تقدم الكلام عليه ورسالة في (نية المؤمن خير من عمله) ورسالة في (سبب تساهل الأصحاب في أدلة السنن) ورسالة (صوب الندا في تحقيق البدا) ورسالة ثانية أيضا في (البدا) ورسالة في (استقلال الأب بالولاية علي البكر البالغ الرشيد في التزويج) ورسالة في (جواز التقليد ورسالة (النكت البديعة) ورسالة في فرق الشيعة ورسالة في إعراب (تبارك الله أحسن الخالفين) ورسالة في (أسرار الصلاة) ورسالة في (الاستخارة) ورسالة في (القرعة) ورسالة في (الصوم) وكتاب (شرح الباب الحادي عشر) غير تام ورسالة في (وجوب غسل الجمعة) ورسالة في [ صفحه 155] (خواص يوم الجمعة) ورسالة (كشف القناع عن حقيقة الاجماع) وله رسالة جيدة في كلمة التوحيد لا إله إلا الله لفظا ومعني عجيبة ورسالة (الذخيرة) ورسالة في (وجوب القنوت) ورسالة في (البئر والبالوعة) ورسالة في (النحو) ورسالة في " مقدمة الواجب " ورسالة سماها " فحائل الإعجاز في التعمية والألغاز " ورسالة " ناظمة الشتات فيما يستحب تأخيره عن أوائل الأوقات " حسنة جيدة ورسالة في " آداب البحث " ورسالة في " علم المناظرة " ورسالة سماها " إيقاظ أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 155 - 161 الغافلين " في الموعظة ورسالة في " حكم الحدث في أثناء الغسل " ورسالة في رد الشمس لمولانا أمير المؤمنين " ع " سماها " الشمسية " ورسالة سماها " السر المكتوم في حكم تعلم علم النجوم " ورسالة في " حرمة تسمية صاحب الزمان باسمه " ورسالة " فصل الخطاب في كفر أهل الكتاب والنصاب " وكتاب " هداية القاصدين إلي أصول الدين " ورسالة " ضوء النهار " وكتاب " شرح مفتاح الفلاح " للبهائي غير تام وكتاب " شرح اثني عشرية البهائي " غير تام ورسالة " السلافة البهية في الترجمة الميثمية " في أحوال الشيخ ميثم البحراني ورسالة في " الأحبار والتكفين " ورسالة في " طلاق الغائب " إلي غير ذلك من الرسائل والفوائد وأجوبة المسائل كأجوبة مسائل الشيخ الفاخر الشيخ ناصر الجارودي وغيرها وله حواش كثيرة علي كتب الرجال والحديث والفقه كالمدارك وغيره وبالجملة فهذا الشيخ من نوادر الزمان وأغلوطة الدهر الخوان وفوائده وآثاره وكثرة تلامذته واشتهاره مع قصر عمره يدل علي فضل عظيم وفخر جسيم وقد اجتمع مع المولي المجلسي وأعجب به وأجازه وأرخ وفاته بعض فضلاء عصره بقوله " كورت شمس الدين " ومن جملة أشعاره المذكورة في أزهار الرياض قوله [ صفحه 156] " قدس سره ونور قبره ": نفسي بآل رسول الله هائمة++ وليس إذ همت فيهم ذاك من سرف كم هام قوم بهم قبلي جهابذة++ قضية الدين لا ميلا إلي الصلف لا غرو هم أنجم العليا بلا جدل++ وهم عرانين بيت المجد والشرف شم المعاطس من أولاد حيدرة++ من البتول تجافوا وصمة الكلف سباق غايات أرباب السباق وهم++ جواهر القدس ترزي لؤلؤ الصدف بهم غرامي وفيهم فكرتي ولهم++ عزيمتي وعليهم في الهوي لهفي فلست عن مدحهم دهري بمشتغل++ ولست عن حبهم عمري بمنصرف وفيهم لي آمال أؤملها++ في الحشر إذ تنشر الأعمال في الصحف وله أيضا في ذكر النواصب " قدس سره ونور قبره ": خلع النواصب ربقة الإيمان++ فصلاتهم وزناهم سيان قد جاء ذا في واضح الآثار عن++ آل النبي الصفوة الأعيان وقال جامع الكتاب وفقه الله للصواب مجاريا له: الناصبي خلا من الإيمان++ فصلاته وزناته سيان قد صح هذا في صريح النقل عن++ آل الرسول خليفة الرحمن وكذاك صح بأنهم شر من++ الذمي يهودي ومن نصراني وله " قدس الله سره وعطر قبره " في الحماسة: قل للثريا هل رأت لي خلة++ لما ارتقيت لها وبت ضجيعها إن أمحلت أرض أقول لأهلها++ أني لأرضكم أكون ربيعها وله أيضا مضمنا: [ صفحه 157] قد كنت في شرخ الشباب بنعمة++ ونعمة طابت بها الأكوان الروض أنف بالمكارم والعلا++ والحوض من نعمائها ملآن ذهبت ولم أعرف لها أقدارها++ والماء يعرف قدره الظمآن وله قدس الله سره: أني وإن لم يطب بين الوري عملي++ فلست انفك ما أن عشت عن أملي وكيف أقنط من عفو الإله ولي++ وسيلة عنده حب الإمام علي قال (ره) (قلت) هذين البيتين حاذيا حذو الصاحب بن عباد وذلك كما ذكره في (أزهار الرياض) أنه ورد علي الصاحب أعرابي فوقف علي رأسه وأنشد: منائح الله عندي جاوزت أملي++ فليس يبلغها شكري ولا عملي لكن أفضلها عندي وأكملها++ محبتي لأمير المؤمنين علي فهش الصاحب (رض) لذلك ثم أنشد يقول: يا ذا المعارج إن قصرت في عملي++ وغرني من زماني كثرة الأمل وسيلتي أحمد وابناه وابنته++ إليك ثم أمير المؤمنين علي ثم جاراه صاحب الترجمة بالبيتين المتقدمين، وقال جامع الكتاب وفقه الله للصواب ومنحه جزيل الثواب مجاريا لهم وقد ينظم مع اللؤلؤ السبج: يا رب قد أوبقتني كثرة الزلل++ وليس لي عوض من صالح العمل لكن لي حسن ظن فيك يا أملي++ وأنني لموال للإمام علي وله رحمه الله أشعار كثيرة وقفنا عليها وله إجازات لعلماء عصره عربا وعجما تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته وحشرنا وإياه وآباءنا والمؤمنين في مستقر [ صفحه 158] رحمته مع محمد المصطفي وعترته وآله وذريته صلي الله عليه وآله الطاهرين كل آن وحين.

الشيخ عبدالله الماحوزي

(ومنهم) والده العالم الفاضل الأواه الشيخ عبد الله قرأ عند السيد عبد الرضا تلميذ العلامة السيد ماجد البحراني (ره) العلوم العقلية كما نقله عنه ابنه المذكور ولهذا الشيخ (ره) ولد فاضل اسمه (الشيخ حسن) قرأ علي أخيه العلامة الشيخ سليمان المزبور كما ذكره المحدث الشيخ عبد الله بن صالح في آخر كتابه (منية الممارسين في أجوبة مسائل الشيخ ياسين) في الإجازة له ولم أسمع لهما بشئ من الصنفات ضاعف الله لنا ولهم الحسنات.

الشيخ علي الجد حفصي

(ومنهم) العالم العامل الأصولي الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله الجد الحاجي البحراني (قرية من قري البحرين والمركب فيها بهذا الاسم: جد حفص، وجد الحاج، وجد علي) وهذا الشيخ أعجوبة في الحفظ فاضل فقيه محدث وهو مشغول بالقراءة علي القبور كتلميذه الشيخ علي وهو الشيخ الفاضل الكامل المحقق التقي الشيخ علي ابن الشيخ عبد الصمد ابن الشيخ محمد بن يوسف بن علي الأصبعي مولدا ومنشأ المقشاعي أصلا البحراني المتقدم ذكر آبائه توفي (ره) في شهر جمادي الأولي في السنة السابعة والعشرين بعد المائة والألف هجرية وعمره فوق الخمسين السنة، قال المحدث الصالح في إجازته: وكان هذا الشيخ فاضلا كاملا قرأ في [ صفحه 159] أكثر العلوم الأدبية والعربية والعقلية والفقه والحديث دقيق النظر منشئ شاعر وإنشاؤه متكلف غير منطبع قرأ الجزء الأول من (الإستبصار) علي شيخنا وحضر درسه جم غفير من الطلبة والفضلاء إلا أنه كان رحمه الله تعالي مشغولا بالقراءة علي القبور والعبادة ولو اشتغل بالعلم لبلغ الرتبة العليا له مصنفات منها (ترتيب الفهرست) للشيخ الطوسي (رض) وشرح رسالة شيخه الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله الجد الحاجي انتهي كلامه، وقد ذكرهما أيضا في اللؤلؤة وأثني عليهما ولا سيما الأخير منهما غفر الله لنا ولهما ولآبائنا وإخواننا المؤمنين بحق محمد وآله الطاهرين.

الشيخ سليمان الدرازي

(ومنهم) العالم الفاضل المحدث الصالح الشيخ سليمان ابن الحاج صالح الدرازي البحراني من أعمام جد صاحب (الحدائق) قال فيه الشيخ المذكور في اللؤلؤة بعد كلام في البين: أما الشيخ سليمان المذكور فكان عم جدي الشيخ إبراهيم ابن الحاج أحمد بن صالح وكان فاضلا فقيها محدثا، حكي لي والدي طيب الله مرقده، أن الشيخ سليمان كان في حجر أخيه الحاج أحمد وهو كبير أولاد الحاج صالح المذكور ومرجع القرية المذكورة وكان الحاج صالح (ره) له سفن في الغوص فجعل أخاه الشيخ سليمان في أول شبابه ممن يعمل له في تلك السفن ثم أنه أصابه مرض بسبب فلحبه له وشفقته عليه رفعه عن هذا العمل وتركه في البيت وأمره بملازمة الدرس وطلب له الشيخ محمد ابن سليمان (يعني به الشيخ محمد بن سليمان المقابي الذي مر ذكره وذكر أولاده في ص 125) يأتيه ويدرسه وجعل له [ صفحه 160] وظيفة يجريها عليه لذلك وكان الشيخ محمد بن سليمان المذكور في أول أمره فقيرا سئ الحال وهذا كان في أول أمر كل من الشيخين المذكورين حتي وفق الله سبحانه لبلوغ كل منهما الرتبة العليا والفوز بسعادة الدنيا والأخري وتلمذا معا علي الشيخ علي بن سليمان المتقدم ذكره (يعني به العلامة القدمي) وكان الشيخ سليمان مع اشتغاله بالتدريس وملازمة العلم مشغولا بأمر التجارة وكان جوادا كريما إماما في الجماعة في القرية المذكورة في مسجد القدم المعروف في تلك القرية وحكي لي والدي أنه إذا كان وقت الغوص وأتت سفن أهل القرية من الغوص مضي الشيخ واشتري جميع ما أتي من اللؤلؤ والأقمشة وكان تجار بلاد البحرين الذين يشترون اللؤلؤ يقصدون بيت الشيخ المزبور حيث أن أهل القرية لا يبيعون علي أحد غيره فكان الشيخ يبيع ذلك عليهم بالمرابحة والقسمة بينهم بحيث لا يرجع أحد منهم خائبا، ومن عجائب الزمان ما حكاه لي والدي (قدس سره) أيضا إنه إذا كان رجل من قرية بني جمرة وهي قريب قرية الدراز قد باع علي الشيخ المزبور لؤلؤ كبيرة مجهولة بقيمة قليلة واتفق أن الشيخ أعطاها من يصلحها وصارت جيدة فباعها بما يقرب من خمسين تومانا، فلما جاء البائع من الغوص قال له الشيخ: إن اللؤلؤة التي اشتريناها منك قد بيعت بهذا الثمن والقيمة الزائدة وأنا إنما أخذتها منك بشئ قليل فأنا آخذ رأس مالي من هذا الثمن والباقي لك فامتنع الرجل وقال: إني بعتك والمال مالك ولو ظهرت فاسدة فنقصها عليك وعلي هذا فالزائد لك، فامتنع الشيخ من القبول حتي حصل من صالح بينهما بأن أعطي الرجل بعضا وأعطي الشيخ البعض الآخر، توفي الشيخ المذكور في كربلاء المعلي في السنة الخامسة والثمانين بعد الألف ورثاه أخوه الشيخ عيسي (ره) بقصيدة أولها: [ صفحه 161] بشراك يا با صالح بشراكا++ لما تضمن كربلا مثواكا ومنها قوله: يبكيك مسجدك الشريف وقد غدا++ ما بينهم متسربلا بفراكا وقد ذكره في (أمل الآمل) فقال: الشيخ سليمان بن عصفور البحراني الدرازي فاضل فقيه محدث ورع عابد من المعاصرين، أنتهي كلامهما أعلي الله مقامهما وإنما أخرناه عن طبقته لندرجه مع طائفته ولم يذكر شيخنا المذكور له شيئا من المصنفات وليذكر الآن إن شاء الله تعالي المشاهير من تلامذة العلامة الثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني قدس الله أرواحهم ونور أشباحهم فأولهم:

الشيخ أحمد آل عصفور الدرازي

(ومنهم) المحقق الأمجد العالم الأوحد الشيخ أحمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الحاج أحمد بن صالح بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شنبة الدرازي البحراني، قال ابنه الفاضل المنصف في اللؤلؤة في ترجمته كذا وجدته بخطه رحمه الله في آخر كتاب (قطر الندي) المكتوب بخطه وقت اشتغاله بالنحو في أول عمره وقد طلب له أبوه رجلا فاضلا يسمي الشيخ أحمد بن إبراهيم المقابي يجئ له في البيت كل يوم لتدريسه وعين له وظيفة هذا في أول اشتغاله بالمطلب ثم لما صارت له قوه في علم النحو والصرف انتقل إلي الشيخ محمد بن يوسف المتقدم ذكره ثم إلي شيخه الشيخ سليمان المتقدم ذكره وكان (قدس سره) مجتهدا أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 161 - 167 فاضلا جليلا وفقيها نبيلا لا يجاريه مجاري ولا يباريه في ذلك مباري وكان لا يمل من البحث ولا يغتاظ ولا يظهر منه الغضب كما هو عادة جملة من العلماء [ صفحه 162] الذين ليس لهم ملكة البحث ولقد كان يدرس في خطبة الكافي ومكان في الحلقة جملة من الفضلاء منهم الشيخ علي ابن الشيخ عبد الصمد الأصبعي (الآتي ذكره). (قلت): قد مضي ذكره مع شيخه الشيخ علي وهما اللذان يدرسان علي القبور فراجع) وكان فاضلا دقيق النظر فوقع البحث في قوله (ره) احتجب بغير حجاب محجوب واستمر البحث من أول الصبح إلي وقت الظهر وهما ينتقلان في البحث من علم إلي علم ومن مسألة إلي مسألة أخري وانفض المجلس بدخول وقت الظهر وانصرفوا، ثم بعد صلاة العصر جلسوا للدرس فعاد الشيخ علي البحث واستمر الكلام إلي المغرب، قرأت عليه (قطر الندي) وكتاب شرح ابن الناظم أكثره وكتاب (المطول إلي علم البديع) واتفق بعد ذلك مجئ الخوارج لأخذ بلاد البحرين ووقع فيها الهرج والمرج والخراب والعطال باشتغالهم للاستعداد لحرب الأعداء وسيأتي كل ذلك في آخر الإجازة إن شاء الله تعالي وكانت له ملكة في التدريس لم يسبق إليها سابق غيره ممن رأيت وحضرت درسه من علماء عصرنا كان (قدس سره) لسعة باعه في العلوم يستفيد منه الدارس في علم جملة من مسائل العلوم المتأخرة مما يفرغه في وقت البحث ويبسطه من الكلام في المقام فتصير عند الدارس قواعد من تلك العلوم قبل الخوض فيها. قال المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح (الآتي ذكره) في وصفه (قدس الله سرهما) أخي بالمؤاخاة وصديقي بالمصافات الشيخ العلامة الفهامة الأسعد الأمجد شيخنا الأوحد الشيخ أحمد ابن المقدس الحليم الكريم الشيخ إبراهيم ابن أحمد بن صالح بن عصفور الدرازي البحراني متع الله المسلمين بوجوده [ صفحه 163] وشمل المتعلمين إفادات جوده وهذا الشيخ ماهر في أكثر العلوم لا سيما العقلية والرياضية وهو فقيه مجتهد محدث وله شأن كبير في بلادنا واعتبار عظيم إمام في الجمعة والجماعة ولي به اختصاص زائد دون سائر الأخوان والأقران وقد قرأت عليه شيئا من النحو في كتاب الرضي وفي صغري وأوائل الخلاصة في طريق السفر وله لسان طلق وسرعة في الجواب حسن الانشاء والعبارة وهو أفضل أهل بلدنا الآن في العلوم العقلية والرياضية انتهي. له من التصانيف جملة من الرسائل الرشيقة والتحقيقات الدقيقة وكانت تصانيفه مهذبة محررة وعباراته مع دقتها ظاهرة منها رسالة في بيان القول بحياة الأموات بعد الموت ورسالة في الجوهر والعرض ورسالة في الجزء الذي لا يتجزأ وقد اختار فيها مذهب الحكماء ورسالة في الأذان ورسالة الاستثنائية في الاقرار ورسالة شرح الحمدية لشيخه الشيخ سليمان بن عبد الله (المتقدم ذكره) وقد مدحه في صدرها مدحا عظيما وأثني عليه غاية الثناء أخبر (قدس سره) أنه لما عرضها عليه وكان فيها جملة من الاعتراضات علي المصنف وأعجب بها قال بعد ملاحظة الاعتراضات مداعبا له: إن حصل من يتصدي للجواب عنها أعناه، فقال له الوالدان عدتم عدناه ورسالة في بيان ثبوت الولاية علي البكر البالغ الرشيد ورسالة في مسألة هدم الطلقتين بتخلل المحلل وعدمه اختار فيها عدم الهدم خلاف المشهور ورد في هاتين الرسالتين علي بعض المعاصرين وأراد به المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح ورسالة في القرعة حسنة ورسالة في التقية غريبة عجيبة إلا أن هاتين الرسالتين ذهبتا فيما وقع علي كتبنا من قضية البحرين مع جملة من الكتب وقد كان (قدس سره) يتلهف عليهما غاية التلهف ويتأسف علي عدم حفظهما [ صفحه 164] غاية التأسف ورسالة في شرح عبارة اللمعة في بحث الزوال ورسالة في مسألة موت الزوج أو الزوجة قبل الدخول هل يوجب المهر كملا أم لا؟ ورسالة في الدعوي علي الميت هل يثبت بشاهد ويمين أم لا؟ اختار فيها الأول ورد فيها علي بعض المعاصرين وهو الشيخ عبد الله بن علي البلادي كما تقدمت الإشارة إليه، قلت وسيأتي لكلام إن شاء الله تعالي عليه ورسالة في الصلح ورسالة في تحقيق مسألة النجاسة ورسالة في العدول من سورة إلي سورة أخري ورسالة أجوبة ثلاث مسائل للشيخ ناصر الجارودي الخطي حسنة جيدة تشتمل علي تحقيق في طلاق الفدية وأنه هل يفيد فائدة الخلع أم لا والرسالة العطارية وهي أجوبة جملة من المسائل للشيخ علي بن لطف الله الجد حفصي تتعلق بالعطارة و تنتظم بالتجارة ورسالة أجوبة مسائل السيد يحيي بن السيد حسين الأحسائي ورسالة في مسألة المتنجس بعد زوال عين النجاسة هل ينجس أم لا وهي مسألة المحدث الكاشاني التي تفرد بها وقد رد فيها عليه ورسالة أجوبة مسائل الشيخ عبد الإمام الأحسائي ورسالة في دخول الرقبة في الرأس في الغسل وقد كان الشيخ عبد الله بن صالح قد كتب رسالة في عدم دخولها وقد أشرنا إلي ذلك في كتابنا (الحدائق الناضرة) وتوفي (قدس سره) في بلد القطيف بعد أخذ الخوارج البحرين وخرج جملة من أعيانها إلي القطيف وذلك بضحوة اليوم العشرين من شهر صفر في السنة الحادية والثلاثين بعد المائة والألف هجرية ودفن في مقبرتها المعروفة بالحباكة وعمره يومئذ يقرب من سبعة وأربعين سنة تغمده الله تعالي بغفرانه وعامله بعفوه ورضوانه وأفاض عليه رواشح فضله وإحسانه وأسكنه بحبوحة جنانه، انتهي كلامه علا مقامه. [ صفحه 165] (قلت): وكثير من الرسائل التي ذكرها لأبيه (قدس سرهما) عندنا وهي كما ذكر متبوعة بالتحقيق والتدقيق وحسن التحرير والتعبير جزاه الله بكل خير.

الشيخ أحمد بن جمال من أجداد المصنف

(ومنهم) العالم العامل العلامة الفقيه الكامل المحقق الأمجد المعروف بالفاضل الشيخ أحمد ابن الشيخ عبد الله بن جمال البلادي البحراني ومن أجدادنا أيضا يروي عن العلامة الشيخ سليمان الماحوزي ومن مشاهير تلامذته قال المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح في إجازته المشهورة في تعداد معاصريه وتلامذة شيخه المذكور: وأخي الفاضل الكامل الفقيه النبيه الثقة العدل الأمجد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ عبد الله بن الشيخ حسن بن جمال البلادي وهذا الشيخ فاضل فقيه نحوي صرفي كاتب شاعر حسن الانشاء والشعر في غاية ذلة النفس والمسكنة والإنصاف ليس في بلادنا مثله في التواضع والإنصاف وذلة النفس والورع. له مصنفات منها شرح رسالة الشيخ (قدس الله روحه ونور ضريحه) في الصلاة نفيسة حسنة التحرير إلا أنها لم تكمل ورسالة في إثبات الدعوي علي الميت بشاهد ويمين وقد صنفها قبل أن يصنف الشيخ أحمد رسالته (أدام الله نفعه وإفادته وأقام مجده وسعادته) انتهي كلامه علا مقامه. وقال شيخنا الشيخ يوسف (ره) في لؤلؤته وهو من جملة مشائخه والشيخ الأمجد الأواه الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الله ابن حسن البلادي وكان علي [ صفحه 166] ما هو عليه من الفضل في غاية الإنصاف وحسن الأوصاف والذلة والورع والتقوي والمسكنة لم أر مثله قط في ذلك كانت وفاته (قدس سره) في يوم الاثنين رابع عشر شهر رمضان من السنة السابعة والثلاثين بعد المائة والألف وقد حضرت درسه وقابلت في (شرح اللمعة) عنده انتهي كلامه. وقال السيد أحمد في تتمة الأمل فيه: الفقيه الزاهد والعالم العابد قاضي القضاة وخليفة الأئمة الهداة العالم العامل المعروف في وقته بالفاضل، ثم قال بعد أوصاف جميلة له: رسائل منها رسالة فيما يحرم نكاحهن تدل علي فضل وافر وعلم زاخر رأيتها في يد ولده العالم خلف العلماء الصالحين وخليفة العلماء المتألهين (انتهي كلامه علا مقامه). ولهذا الشيخ ولد فاضل محقق كامل يسمي (الشيخ محمد) كأبيه في المعقول وهو الذي ذكره السيد في كلامه المتقدم ذكره، له رسالة جليلة في الهيئة سماها.... [34] وقد شرحها الشيخ عبد علي الخطيب التوبلي البحراني شرحا حسنا وسيأتي إن شاء لله تعالي ولم أقف علي شئ من أحواله غير ما ذكره السيد المتقدم ذكره والشيخ عبد علي الخطيب في صدر شرحه. وما أدري أن هذا الشيخ أعني به الفاضل الأمجد جدنا الشيخ أحمد هو الشيخ أحمد بن حاجي الأحسائي الشاعر المشهور وهو أيضا من العلماء الأعلام وهو أيضا جدنا أم لا؟ والظاهر بحسب بعض القراين إنه غيره أو هو ابن عمه ولم يبق لنا من آثار آبائنا ما نستكشف به أحوالنا مع كثرتها لكثرة ما وقع علي البحرين من الحوادث والوقائع في البين ولا سيما علي بلادنا (البلاد) لأنها المنظور إليها [ صفحه 167] في أعين الحكام والرصاد وقد وقعت علي كتب آبائنا بعد وفاة جدي الشيخ علي قضية فتركها الوالد بالكلية تورعا بحصول شبهة في البين وكان (قدس الله روحه وطيب ريحه ونور ضريحه) علي غاية من الورع والتقوي والتمسك بالعروة الوثقي، حدثني بذلك شيخنا الثقة العلامة الأمجد الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح تغمده الله برحمته وحشرنا الله وإياه وآباءنا ودار كرامته وذهبت كلها مع كثرتها وحسنها فلم نحظ بشئ منها لنعرف منها بعض الآثار ولم أدرك أحدا من أهل التصنيف منا حتي أسأله عن تلك الديار علي أني لم أنشأ في بلادي وأنظر آثار آبائي وأجدادي ولقد من الله الكريم علي عبده الأثيم بالنعم الوافرة التي من جملتها أن أعطاني كتبا فاخرة كثيرة وافرة ونسأله تعالي وهو الرحمن الرحيم أن يعطيني كما أعطاني خير الدنيا خير الآخرة إنه الرب الكريم الغني العظيم وهذا الشيخ أعني جدنا الشيخ أحمد بن حاجي لم أقف علي أحواله سوي اشتهار أشعاره وكثرتها حتي سمعت أن له من المراثي والقصائد الحسينية ما يقرب من ألف قصيدة دون غيرها من التواريخ والمدائح وكانت له ملكة في التواريخ لم تكن عند أحد غيره كان يتكلم بالتاريخ الذي يريده بداهة وارتجالا بلا تأمل وتدبر وسمعت من بعض أعمامي أن ديوانه الحسيني مجلدان وقف علي أهل قريتنا من البلاد وتلف في الوقعة الأخيرة التي قتل فيها حاكمها علي بن خليفة. وله حكايات حسنة بل كرامات مستحسنة نقلها لي بعض الأرحام، ثم إن ابنه الشيخ سليمان وهو جد والدي أيضا لم أقف علي شئ من أحواله بتفصيله أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 167 - 173 وإجماله سوي كتابته اسم بالشيخ سليمان. وأما جدي الشيخ علي فكان فاضلا وحيدا في المعرفة بأصول الدين وعليه [ صفحه 168] قرأ والدي في النحو والعربية وكان علي ما هو عليه من الفضل تاجرا بزازا في السوق للكسب علي العيال الذي هو من أفضل الجهاد والأعمال ولليأس عما في أيدي الناس وكذلك الوالد المقدس المرحوم المؤتمن الشيخ حسن وكان من أتقي أهل زمانه وأورع أهل دهره وأوانه ولم أدرك أيامهم وقد توفي (قدس الله روحه ونور ضريحه) بعد الحج مهاجرا لزيارة رسول الله وآله حجج الله (صلي الله عليه وآله) ودفن في (رابغ) وقبله بأيام قليلة توفي العابد الزاهد الصالح الشيخ صالح من جملة من صلحاء البحرين وكانوا حجاجا من الطاعون في ذلك العام سنة 1281 ه غفر الله لنا ولهم جميع الذنوب والآثام وجمعنا وإياهم في دار السلام والجنة والفقير يومئذ ابن ثمانية أعوام نسأله تعالي حسن الختام إنه الكريم الرحيم ذو الفضل والإنعام.

الشيخ عبدالله البلادي البحراني

(ومنهم) العالم الجليل والكامل النبيل الأمجد الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي بن أحمد البلادي البحراني وهو أيضا من مشائخ (صاحب الحدائق) قال المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح وأخي الشيخ الأفضل الأعدل الأكمل الشيخ عبد الله بن علي بن أحمد البلادي البحراني وهذا الشيخ فاضل كامل خصوصا في علم الكلام: ثقة عدل متورع عاقل رزين صالح أمين له رسالة في علم الكلام ورسالة كتبها للشيخ الأوحد الأمجد الشيخ الأجل الأوحد الشيخ محمد شيخ الإسلام في علم الكلام أيضا انتهي كلامه. وقال في اللؤلؤة ومن طرقي ما أخبرني به سماعا وإجازة الشيخ الأجل البهي الشيخ عبد الله بن علي بن أحمد [ صفحه 169] البلادي وكان فاضلا سيما في الحكمة والمعقولات إلا أنه كان قليل الرغبة في التدريس والمطالعة في وقتنا الذي رأيناه وله رسالة في علم الكلام ورسالة أخري في علم الكلام كتبها الشيخ أحمد ابن شيخ الإسلام ورسالة في نفي الجزء الذي لا يتجزء ورسالة في تقسيم الكلمة إلي اسم وفعل وحرف وشرح رسالة شيخه الشيخ سليمان في المنطق إلا أنه لم يتمها ورسالة في وجوب جهاد العدو في زمن الغيبة ورسالة في عدم ثبوت الدعوي علي الميت بشاهد ويمين، وللوالد (قدس سره) رسالة في الرد عليه في ذلك قد اختار ثبوت الدعوي المذكورة بالشاهد واليمين كالدعوي علي الحي. توفي (قدس سره) في شيراز في عام جلوس السلطان نادر شاه ودعواه السلطنة وقد أرخ ذلك (الخير فيما وقع) وقلبه بعضهم إلي (لا خير فيما وقع) وهو العام الثامن والأربعون بعد المائة والألف في بلاد شيراز ودفن في قبة السيد أحمد ابن مولانا الإمام (الكاظم عليه السلام) المشهور بشاه چراغ وأنا كنت يومئذ في شيراز إمام جمعتها وجماعتها في جامعها المشهور إلا أنه لما ورد الشيخ المزبور في إصلاح مقدمات البحرين لما استولت عليها الأعراب وأوقعوا فيها الخراب قدمته في الصلاة حيث أنه شيخي وأستاذي فلم يبق إلا مدة يسيرة حتي توفي فيها وكأنما ساقه حديث التربة المشهورة. وهذا الشيخ يروي عن جملة من المشائخ منهم شيخه الذي اشتهر تلمذه عليه الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني المتقدم ذكره انتهي كلامه. (قلت) وهذا الشيخ مشهور في ألسنة أهل البلاد بالشيخ عبد الله أبو الجلابيب ولم أدر ما وجه هذه الكنية، ورأيت له رسالة حسنة زائدة علي [ صفحه 170] ما عدده تلميذه المذكور جملة من أجوبة المسائل الحسنة واردة عليه من القطيف المحروسة والسائل هو السيد محمد الصنديد القطيفي وهي عندنا منقولة من خطه (قدس سره) ورأيت له أيضا جواب مسألة في الرضاع للسيد محمد المذكور مستقلة إن شاء الله تعالي ننقل الجميع في ترجمة السيد محمد الصنديد المذكور لما فيها من الفوائد الجليلة، وبالجملة هو من العلماء الكبار والفضلاء الأتقياء الأخيار وقد ذكرناه وجدنا الشيخ أحمد المتقدم ذكره أكثر من تأخر عنهما بأحسن الذكر.

ولده الشيخ محمد

(ومنهم) ولده العالم الأسعد الكامل الأمجد الشيخ محمد، قال السيد في تتمة الأمل بعد ذكر ترجمة والده الشيخ عبد الله وكان ولده الفاضل الأوحد الشيخ محمد متوقد الذهن سريع الفهم عارفا بالعلوم العقلية والنقلية إلا أن الزمان لم يزل له معاندا وله منابذا (انتهي كلامه قدس سره) ولم يذكر له شيئا من المصنفات كما هو الأغلب عنده.

الشيخ عبدالله السماهيجي

(ومنهم) العالم العامل المحدث الصالح التقي الفاضل الشيخ عبد الله ابن الحاج الصالح السماهيجي البحراني، قال في (لؤلؤة البحرين): الشيخ المحدث الصالح الشيخ عبد الله ابن الحاج صالح بن جمعة بن علي بن أحمد بن ناصر بن محمد بن عبد الله السماهيجي (بالياء المثناة من تحت ثم الجيم أخيرا وهي قرية من جزيرة صغيرة بجنب جزيرة أوال من المشرق وفيها قرية صغيرة تسمي عراد) ثم انتقل [ صفحه 171] منها مع أبيه وسكن قرية أبي إصبع (بالباء الموحدة بين الصاد والعين) وقد كان (قدس الله سره) أخباريا صرفا كثير التشنيع علي المجتهدين وعكسه الوالد (قدس سره) قد كان مجتهدا صرفا كثير التشنيع علي الأخباريين وقد عرض في الرسالتين اللتين رد فيهما علي الشيخ عبد الله المذكور والحق كما ذكرناه في كتابنا (الدرر النجفية) ومقدمات الحدائق هو سد هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب لما فيه من المعائب الكثيرة التي لا تخفي علي أولي الألباب، وكان الشيخ المذكور صالحا عابدا ورعا شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جوادا كريما سخيا كثير الملازمة للتدريس والمطالعة والتصنيف لا تخلو أيامه من أحدها، له جملة من المصنفات ذكرها في إجازته للشيخ الفاخر الشيخ ناصر الجارودي الخطي (ره) وكان تاريخ فراغه من هذه الإجازة في بلدة بهبهان عصر يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر صفر سنة الثامنة والعشرين بعد المائة والألف ه منها كتاب (جواهر البحرين في أحكام الثقلين) رتب فيه الأخبار وبوبها علي نهج آخر غير صاحب الوافي والوسائل مقتصرا علي كتب المحمدية الثلاثة وهي الكتب الأربعة خرج منه المجلد الأول في كتاب الطهارة وبعض من المجلد الثاني في كتاب الصلاة، وكتاب (المسائل المحمدية فيما لا بد منه من المسائل الدينية)، وكتاب (صحيفة العلوم والتحفة المرتضوية)، ورسالة (التحرير في مسائل الديباج والحرير)، ورسالة صنفها للسيد علوي ابن السيد عبد الله المتقدم ذكره، (أقول سيأتي إن شاء الله تعالي ذكرهما بعد) سماها (عيون المسائل الخلافية فيما لا بد منه في الطهارة والصلاة الأبدية) ورسالة (العلوية) كتبها في جواب ثلاث مسائل كلامية، كتبها جوابا للشيخ علي ابن الشيخ سليمان [ صفحه 172] ابن علي الشاخوري والرسالة الموسومة (بمسائل الجداول وجداول المسائل) ورسالة كتبها لوالده في نسب كنكر ورسالة في أحقية الزوج بتغسيل زوجته والصلاة عليها من الأب والأخ وغيرهما رد فيها علي صاحب المدارك، ورسالة في إثبات التوحيد في ثالثة الوتر ورسالة في مسائل المضمرات في علم النحو تسعين مسألة ورسالة في تغسيل النبي صلي الله عليه وآله بسبع قرب من بئر غرس والرسالة البهبهانية في أحكام الأموات اثنتان وعشرون مسألة، ورسالة أخري منتخبة منها بالفارسية ورسالة في جواب مسئلتين أحدهما جواز التنقل بين الفجر وطلوع الشمس والثانية أفضلية الصلاة ولو قضاء علي التعقيب، ورسالة في إثبات اللذة القبلية عقلا ومنها شرعا، ورسالة في مسألة من مسائل الحيض والرسالة الموسومة (بحقيقة التعبد في وجوب التشهد) ورسالة في ضمان ما أكلته البهائم ليلا لا نهارا والرسالة الموسومة (بالكافية) في النحو إلا أنها لم تكمل ورسالة في إجبار الزوج علي الإنفاق علي زوجته وكسوتها والمنظومة الموسومة (بتحفة الرجال وزبدة المقال في علم الرجال) ورسالة (البلغة الصافية والتحفة الوافية)، وكتاب (ارتياد ذهن النبيه في شرح من لا يحضره الفقيه) إلا أنهما لم يكملا والرسالة السليمانية ورسالة في مسألة لا ضرر ولا إضرار، ورسالة الإنتصار للأصحاب علي صاحب المدارك في كون المئزر من الكفن ومخالفتهم في كونه غير واجب، ورسالة في شرح حديث مشكل في أصول الكافي في الأسماء، ومنظومة الرسالة الاثني عشرية في الصلاة للشيخ البهائي (ره)، ورسالة في أن المتصرف في الملك بالتصرف الشرعي لا ينزع من يده إلا بالبينة بكونه غاصبا أو تشهد بأن الملك للمدعي إلي الآن، ورسالة كتبها في خراسان رد فيها علي الملا سلمان ابن الملا [ صفحه 173] خليل القزويني في تحقيق النفر والرهط الذين تجب عليهم صلاة الجمعة، ورسالة في تحقيق مقدم الرأس الذي يجب مسحه لم تكمل، ورسالة في ما يجوز وما لا يجوز بيعه من الأوقاف، وكتاب (مصائب الشهداء ومناقب السعداء) وهو خمسة مجلدات، ورسالة في جواز أكل الحلال المختلط بالحرام إذا كان غير محصور، والرسالة النوحية كتبها في جواب للشيخ نوح بن هاشل تتعلق بأصول الفقه، وكتاب (رياض الجنان المشحون باللؤلؤ والمرجان) وهو بمنزلة الكشكول وكتاب الخطب التي أنشأها للجمع والأعياد وهذا ما كتب (قدس سره) وقد نسي و (منية الممارسين في أجوبة الشيخ ياسين) وهو أحسن ما صنفه وقد كان والدي (قدس سره) يعترض عليه في مواضع عديدة من هذا الكتاب وقد استكتبه لقصد تصنيف كتاب في رد ما اختار رده في بلدة القطيف، ثم عاجلته المنية وحالت بينه وبين تلك الأمنية وكان يعترض عليه بأنه لشدة الاستعجال في التصنيف وحب كثرة المصنفات كانت مصنفاته خالية من التحقيق غير مهذبة ولا منقحة وهو كذلك كما تقدمت إليه الإشارة في ترجمة الشيخ محمد الحر العاملي (ره) توفي (قدس سره) في بلدة بهبهان حيث إنه استوطنها لما أخذت الخوارج بلدة البحرين وكان قد خرج من البحرين في الوقعة الثانية من وقائع قوم الخوارج إليها وكانوا قد أتوا أول مرة في غراب واحد وانضمت أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 173 - 179 إليهم الأعراب من أعداء الدين فرد الله كيدهم في نحورهم ولم يتمكنوا من أخذها ثم بعد سنة قدموا في سبع برش وانضمت إليهم الأعراب وقد أرسل السلطان شاه حسين خان من أهل الدشت مع جملة من العسكر قبل وصولهم فانحدروا أيضا عليها في جم غفير وكان أهل البحرين قد استعدوا بالأسلحة وساعدهم [ صفحه 174] العسكر المذكور فوقع الحرب وهم في السفن فقتل منهم جماعة فردوا بالخيبة، وبعد رجوعهم سافر الشيخ عبد الله المذكور إلي أصفهان للسعي في مقدمة البلد المذكورة عند الشاه وقد كان شيخ الإسلام بأصفهان، أنه لما كان لأمور الشاه المزبور مدبرة رجع بالخيبة مما أمله وتوطن في بلدة بهبهان لظنه رجوع الخوارج إليها واتفق رجوع الخوارج إليها مرة ثالثة اتفق رأيهم علي حصار البلد والمنع من الدخول والخروج إليها وانضمت لإعانتهم أيضا أعداء الدين من الأعراب فالشيخ لما سمع ذلك توطن في بلدة بهبهان وأخذوها بعد الحصار مدة مديدة وكانت وفاته (قدس سره) ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر جمادي الثانية سنة الخامسة والثلاثين والمائة والألف تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته، انتهي كلامه علا مقامه. (قلت): وهذا الشيخ من أكابر العلماء العاملين والفقهاء الورعين ذكره كل من تأخر عنه كصاحب (منتهي المقال) و (الروضات) و (المستدرك) وغيرهم وله كتب كثيرة لم يذكرها هو في إجازته ولا صاحب اللؤلؤة في لؤلؤته ولعلها متأخرة عن الإجازة منها كتاب (ذخيرة العباد لترجمة زاد المعاد) عربي قدم فيه وأخر وأزاد واختصر وفيه إيرادات علي المصنف وهو من أحسن كتب الأدعية ومنها رسالة (التهاني والتعازي في مواليد النبي الأئمة عليهم السلام ووفاياتهم) يذكر فيها الأقوال ويختار ما يختار حسنة ورسالة (إسالة الدمعة لعين المانع من صلاة الجمعة) رد فيها علي الفاضل الهندي في (كشف اللثام) ونقض عبارته في بحث صلاة الجمعة نقضا محكما حيث أن الفاضل المذكور ذهب إلي تحريمها في زمن الغيبة والمحدث المذكور يري وجوبها عينا وكان من المعاصرين [ صفحه 175] له ومنها رسالة مبسوطة سماها (القامعة للبدعة في ترك صلاة الجمعة) ورسالة أخري في الجمعة مختصرة جواب مسألة عنها ورسالة في ثلاث مسائل عملها في مشهد الكاظمين وله أجوبة مسائل كثيرة متعددة مبسوطة وكل ذلك عندنا ولله الحمد وله رسالة في نفي الاجتهاد وعدم وجوده في زمان الأئمة الأمجاد وله رسالة في صلاة الليل سماها (ناشئة الليل) ذكرها بعض الأصحاب ونقل منها وله الإجازة الكبيرة للشيخ ناصر الجارودي القطيفي (ره) وبعد وفاته ضاعف الله حسنا قام مقامه في بلدة بهبهان العالم العامل التقي:

السيد عبدالله البلادي البحراني

وهو ابن السيد علوي البلادي البحراني وكان يلقب بعتيق الحسين (ع) وكان فاضلا ورعا تقيا زاهدا عابدا ليس له في وقته ثان في التقوي والورع قطن بلاد بهبهان بعد أخذ الخوارج للبحرين وكان الشيخ عبد الله المذكور قاطنا فيها قبله فبقي في خدمة الشيخ ملازما لسماع الدرس منه والاستفادة ثم بعد وفاة الشيخ صار إمام البلد في الجمعة والجماعة حتي توفي بها (قدس الله سره) والسادة الذين في بهبهان أكثرهم من ذريته وكانوا أهل علم وكذلك في (أبي شهر) وبعضهم في النجف الأشرف وكانوا علماء صالحين ولم أسمع له بشئ من المصنفات سوي بعض الحواشي رأيتها منسوبة إليه من قديم الزمان وله الإجازة من جماعة من مشائخ البحرين وغيرهم منهم المحدث الصالح المذكور ومنهم الشيخ أحمد آل عصفور والد (صاحب الحدائق) وللشيخ يوسف (صاحب الحدائق) الإجازة منه بالرواية عن والده المزبور لكونه لم يجزه والده المذكور لصغره وليس [ صفحه 176] له طريق إليه إلا من جهة هذا السيد المحبور وكان والده السيد علوي أيضا من العلماء الأتقياء وله ذرية علماء فضلاء كملاء في بهبهان (السيد إسماعيل المجتهد البهبهاني) وفي أبي شهر منهم (السيد العالم علم الهدي) المعاصر وفي النجف الأشرف جماعة من المشتغلين الأخيار معاصرون ووجدت لهؤلاء السادة الأجلاء نسبا شريفا يتصل بالسيد إبراهيم المجاب ابن الإمام موسي بن جعفر الكاظم (ع) وكثير من علماء فضلاء بحرانيون تغمدهم الله وإياهم وآباءنا والمؤمنين بالكرامة والحبور وأسكننا وإياهم من جنانه الباقية تلك القصور بحق محمد وآله الطاهرين أمناء الملك الغفور.

الشيخ حسين الماحوزي

(ومنهم) العالم العامل المحقق الأمين الأفخر الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي البحراني كان (رحمه الله) من العلماء العاملين والفضلاء المحققين والأتقياء وهو أكبر مشائخ (صاحب الحدائق) قال المحدث الصالح في تعداد مشاهير تلامذة شيخه الشيخ سليمان الماحوزي: وأخي الشيخ الأجل الأكمل الأمجد الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي وهذا الشيخ فاضل كامل له يد مليحة في سائر العلوم إمام في الجماعة مدرس، انتهي كلامه علا مقامه، وقال تلميذه الشيخ يوسف في اللؤلؤة: فمن طرقي إلي المشائخ الأعلام ومصنفاتهم المشار إليها في المقام ما أخبرني به قراءة وسماعا وإجازة شيخنا الفاضل واستاذنا الكامل جامع المعقول والمنقول ومستنبط الفروع من الأصول الجامع بين درجتي العلم والعمل والفائز بأكمل رتبة لا يعتريها الخلل الشيخ الأجل الأوحد [ صفحه 177] الأفخر الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي، ثم ذكر نسبته إلي الماحوز وقراها وقد قدمنا ذلك، ثم قال: وقد عاش شيخنا المذكور وبلغ من العمر إلي ما يقرب من تسعين سنة ومع ذلك لم يتغير ذهنه ولا شئ من حواسه سوي ما لحقه من الضعف الناشئ من كبر السن ومن العجب أنه (قدس سره) مع غاية فضله لم تكن له ملكة التصنيف ولم يبرز له شئ في قالب التأليف وكان تلمذي علي الشيخ المذكور المزبور في بلاد القطيف بعد وفاة الوالد (قدس سره) في البلد المذكور وبعد استيلاء الخوارج علي بلادنا البحرين كما سيجئ تفصيله في آخر الإجازة انتهي كلامه علا مقامه. (أقول): قد نقل بعض الأساطين من أهل العرفان بعض أجوبة مسائل للشيخ حسين المذكور وفيها أبحاث جليلة ولعل تلميذه الشيخ يوسف لم يطلع علي ذلك وقد ترك نسبة كثير من المصنفات لكثير من العلماء مع وجودها لهم لعدم وقوفه علي ذلك وعدم الوجدان لا يدل علي عدم الوجود. وقد ذكر هذا الشيخ كل من تأخر في كتب الرجال والإجازات وشهرته (قده) أعظم وأشهر ممن ذكرناهم من العلماء الأعلام مع عدم مصنف له بين الأنام وذلك أنه سكن العراق بعض الأعوام في كربلاء المعلي واستجاز منه جملة من العلماء الكرام من عرب وعجم، وقال تلميذه الأمجد السيد أحمد البحراني في تتمة الأمل: ومنهم الشيخ الفقيه العالم الرباني الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي البحراني شيخ الشيعة وإمام الشريعة أصبحت به الأعصار باسمة الثغور والأمصار ضاحكة الثغور كانت أيامه أغلوطة الزمان ونزهة الأوان لم يعثر له علي عثرة حتي وارت جسده الحفرة مضي طاهر الأثواب نقي الأعراض [ صفحه 178] لم يدنس عرضه لؤم من نساء ولا قوم إلا أنه لم يوجد له مصنف ولم يوقف له علي مؤلف وذلك لكثرة اشتغاله بالتدريس والنظر في ليله ونهاره وعشياته وأسحاره وكان مرضيا عند الناس منزها عن الأدناس كثير الاحتياط عديم الاختباط قرأت عليه في علم الفقه وقابلت عنده فيه وفي علم الحديث فوجدته بحرا لا ينزف ومعلما لا يوصف، قد تشرفت بمجالسته برهة من الزمان، وتنعم ناظري بمطالعته طائفة من الأوان توفي (قدس سره) سنة إحدي وثمانين ومائة والف ه. في بلدة القطيف وقد زرته وتبركت بزيارته ودعوت الله عند حفرته وقد رثاه كثير من شعراء زمانه ورثيته بقصيدة أولها: قف بالديار بعبرة وشجاء++ وتحسر وتزفر وبكاء انتهي كلامه علا مقامه (قلت) ورأيت له جملة من الإجازات والانهاءات لجملة من تلامذته وذكره ثقة الإسلام (النوري الطبرسي) في آخر (المستدرك) وبالغ في الثناء عليه (إلي أن قال نقلا عن تتمة الأمل): الثاني لبعض تلامذة بحر العلوم لا الذي ننقل منه للسيد أحمد البحراني وبالجملة كان رحمه الله تعالي في عصره مسلم الكل لا يخالف فيه أحد من أهل العقد والحل حتي أن السيد الأجل والسند الأبجل السيد صدر الدين المجاور في النجف الأشرف مع ما كان فيه من الفضل الرائق والتحقيق الفائق أمسك عن الافتاء حين تشرف الشيخ بزيارة أئمة العراق (عليهم السلام) ووكلها إليه علي ما أخبرني به الفاضل الحاج محمد حسين بنلفروش قال: ومما نقل عنه أنه (ره) كان يري من الواجب علي العلماء والعدول تقسيم الوجوه التي يجعلها الظلمة علي الناس ويصادرونهم بها بينهم مع مراعاة ضعيفهم وقويهم ويسرهم وفقرهم لئلا يحترق الضعيف ويتضرر، قيل [ صفحه 179] وكان يباشر ذلك بنفسه، انتهي كلامه علا مقامه. (أقول) ولهذا الشيخ ولدان عالمان فاضلان الأول (الشيخ محمد) وهو الكبير له كتاب في المزار كبير ثلاثة مجلدات أو.... والتواضع سماه.. [35] وقفت علي مجلد كبير منه مشتمل علي زيارات الأمير وابنه السبط الشهيد سلام الله عليهما، فيه إحاطة وتتبع تام. والثاني (الشيخ عبد علي) ولا أدري هل لهما أو أحدهما الرواية عن والدهما أم لا لعدم وقوفي علي تفصيل أحوالهما (قدس سرهما)

الشيخ يوسف البلادي البحراني

(ومنهم) العالم العامل الفاضل التقي الشيخ يوسف ابن الحاج علي بن فرج المنوي البحراني (أصله من مني بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء أخيرا قرية من قري البحرين) ثم البلادي مسكنا قال المحدث الصالح في إجازته: وأخي الشيخ يوسف ابن الحاج علي بن فرج المنوي أصلا البلادي مسكنا وهذا الشيخ فاضل فقيه له مصنفات منها شرح رسالة شيخا (قدس سره) في الصلاة وشرح الإرشاد للعلامة الحلي (ره) وهو أيضا حسن الأخلاق والسجايا والإنصاف والتواضع انتهي كلامه زيد إكرامه. (أقول): وقد وقفت لهذا الشيخ علي رسالة حسنة تتضمن القول ببقاء العصمة بين الزوج والزوجة لو مات أحدهما ثم أحيي لمعجزة من نبي أو إمام أو ولي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 179 - 186 كما صدر ذلك كثيرا من أئمتنا الطاهرين آل طه ويسن صلوات الله عليه وآله أجمعين بإذن الله رب العالمين مذكورة في كتب الفضائل والمعجزات والبراهين وهي عندنا وفيها كثير من ذلك مذيل بالإيضاح والتبيين فرغ من تحريرها يوم [ صفحه 180] الثامن عشر من شهر صفر سنة 1100 ه ج. في بلدة القطيف ولعله بعد الواقعة الكبري التي تفرقت منها العباد في أطراف البلاد ولا سيما بلاد القطيف لقربها من البحرين ولم أعلم بتاريخ وفاته ولا محل قبره ضاعف الله حسناته.

الشيخ محمد الضبيري

(ومنهم) العالم الزاهد العابد التقي الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كنبار الضبيري النعيمي أصلا البلادي مسكنا ومولدا ومنشئا قال المحدث الصالح في إجازته: وأخي المواخي بالدين يوم الغدير في المسجد الحرام (شرفه الله تعالي) الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كنبار الضبيري النعيمي أصلا البلادي مسكنا ومولد أو منشئا وقت قراءته علي الشيخ في نكاح التهذيب، وهذا الشيخ فقيه فاضل وعالم عامل إمام للجماعة معتبر صالح ساع في حوائج إخوانه شديد الانكار علي الفاسقين وقد خدم كثيرا في العلوم وقرأ أكثر الفنون وتلمذ علي الشيخ الفقيه الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود حتي مات، ثم لازم شيخنا حتي مات، وله ديوان شعر في مراثي الحسين (ع) وله مقتل الحسين (ع) وشعره نفيس وهو مشغول بالدرس لا يكل منه كثير العبادة ملازم الدعاء لا يمل منه ولا يفارق (مصباح المتهجد) أبدا أدام الله سلامته وأقام كرامته انتهي كلامه. (قلت): تغمده الله برحمته وحشره مع أئمته وقال (ره) في (اللؤلؤة) في وصفه: وكان هذا الشيخ فقيها عابدا صالحا ملازما لمصباح الشيخ والعمل بما فيه وله ديوان حسن في مراثي أهل البيت (عليهم السلام) وله مقتل الحسين (ع) وشعره نفيس بليغ توفي في بلدة القطيف وأنه بعد أن كان فيها مضي إلي البحرين [ صفحه 181] وهي في أيدي الخوارج لضيق المعيشة في القطيف فاتفق وقوع فتنة بين الخوارج وعسكر العجم وجرح هذا الشيخ جروحا فاحشة ورحل إلي القطيف وبقي أياما قليلة وتوفي إلي رحمة الله ودفن في مقبرة الحباكة وذلك في شهر ذي القعدة الحرام سنة 1130 ه انتهي كلامه علا مقامه.

الشيخ محمد الحجري البحراني

(ومنهم) العالم الفاضل التقي الشيخ محمد بن أحمد بن ناصر الحجري البحراني (نسبة إلي الحجر علي وزن صفر قرية من قري البحرين) قال في (اللؤلؤة): وكان هذا الشيخ فقيها أصوليا بحتا دقيق النظر ظريفا لطيفا منصفا ذكر الوالد (قدس سره) أنه طلب منه درسا مدة كون شيخه الشيخ سليمان في العجم فلم يجبه تواضعا منه وكانت سنيه تقرب من ثمانين سنة وكان يأتم بالشيخ الحجري وهو أفضل منه هضما لنفسه وتواضعا وتورعا من تقلد الإمامة انتهي كلامه. وقال المحدث الصالح وكان هذا الشيخ فقيها أصوليا بحثا دقيق النظر مجتهدا صرفا إلا أنه كان قليل الحافظة كتلميذه الشيخ علي المذكور (يعني به الشيخ علي ابن الشيخ عبد الصمد المتقدم ذكره) إلا أنه منصفا متواضعا لم أر في العلماء مثله في الإنصاف وذلة النفس وقد رأيته فأعجبتني سجاياه وطلبت منه درسا فلم يجب تواضعا ومات وعمره (ره) يقرب من ثمانين سنة بالبحر بعد مجيئه من العجم ورمي فيه رحمة الله عليه، انتهي ولم يذكر له مصنفا. وأما الشيخ حسين الحجري المذكور في كلام صاحب اللؤلؤة عن أبيه بأن هذا الشيخ الجليل يقتدي به في [ صفحه 182] الصلاة فلم أقف له علي ذكر ولا ترجمة ويكفيه صلاة مثل هذا الشيخ الفقيه مقتديا به معتمدا عليه فاعلم.

الشيخ أحمد الأصبعي

(ومنهم) الشيخ الفاضل الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن عطية الأصبعي البحراني لم أقف له علي ترجمة في كلام أحد من أصحابنا ولعله لعدم اتصال أحد منهم برواية عنه لا يذكرون غالبا لا مشائخ الإجازة للرواية وأهملوا أكثر العلماء الذين ليس لهم اتصال بالسند وربما ذكروا الشاذ والنادر من غيرهم بالعرض ولم أقف علي من ذكره سوي شيخنا الشيخ يوسف في كتابه الكشكول في المكاتبة التي صدرت منه لتلميذه العالم الرباني الشيخ صلاح ابن العلامة الشيخ علي بن سليمان القدمي المتقدم ذكره ص 123 وكفاه هذا الكتاب فضلا وعلما وأدبا ونبلا الذي تصدر لشرحه في كتاب مستقل بعض العلماء السادة من توبلي السيد علي ابن السيد حسين الأديب اللغوي وقد مر ذكره ص 115 وقد كانت هذه المكاتبة في أعلي طبقات البلاغة نثرا وشعرا ويكفيه أيضا تلمذ مثل الشيخ صلاح الدين المزبور عليه ووصف الشيخ يوسف له بالشيخ الفاضل الأمجد ولا بأس بنقل ذلك الكتاب لما فيه من البلاغة والأدب لأن كتابنا هذا كتاب اعتبار وكمال وأدب. قال الشيخ يوسف المذكور في الكتاب المزبور: هذا كتاب أرسله الشيخ الفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ محمد بن عطية البحراني الأصبعي لجناب الشيخ الكامل العلامة الشيخ صلاح الدين ابن العلامة الشيخ علي بن سليمان البحراني القدمي وكان الشيخ صلاح الدين المذكور في صغره يقرأ علي [ صفحه 183] الشيخ أحمد المزبور فعذله قوم معاندون للشيخ أحمد عن درسه عليه وقراءته لديه وقالوا كيف يجوز أن يتقدم المفضول علي الفاضل؟ أم كيف يجوز أن يسود الناقص علي الكامل؟ فتأخر الشيخ كمال الدين عن ملازمته وترك مباحثته وممارسته فكتب له الشيخ أحمد عاتبا عليه وناصحا إليه فلما وصل الكتاب للشيخ صلاح الدين رجع إلي ما كان عليه من الدرس علي الشيخ أحمد المذكور والمباحثة وترك قول العاذلين والمناقشة وقد شرحه السيد الشريف السيد علي ابن السيد الشريف الفردوسي السيد حسين العلامة المشهور الكتكاني التوبلي البحراني وهذه صورة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمدا لله وإن كلب الزمان وخانت الأخوان واختلفت الأهواء وتشتت الآراء، والصلاة والسلام علي رسوله محمد صلي الله عليه وآله الذي صدع بالرسالة وبالغ في الدلالة وجاهد في سبيل الله حق جهاده وأدب نفسه في إرشاد عباده لم يبال بشقاق مشقاق ولا عذل عاذل ولم تأخذه في الله لومة لائم ولا عذل عاذل وآله الذين سقوا كؤوس الخذلان وتجرعوا ذعاف الهوان واحتملوا في الله عظيم الأذي وأغضوا علي أليم القذي وشروا نفوسهم في طاعة الجبار واشتروا بدار الغيار دار القرار فقد اصطفيتك من الأخوان وجعلتك إنسان عين الزمان وبعجت لك طي وقلت قطني من الأصحاب قطني وغذيتك من لبان العلم والحكمة ما يبرئ الأبرص والأكمه وصيرت ودك الصق من الجود بحاتم [ صفحه 184] والشرف بهاشم وانقضت ظهري في تأديبك وتهذيبك وبذلت جهدي في تأريبك وتشذيبك حتي ضارعت قسا وسحبان بعد أن كنت وباقلا رضيعي لبان واحتملت فيك كيد فلان وهو داهية وظهيره الذي هو أدهي وأمر وصبرت متهما علي ضرب أخماس لأسداس وعذت من شرهما برب الناس وقد كانا أظهرا لي المودة ولم أدر أن الذئب يسمي أبا جعدة حتي لقيت منهما من الأهوال ما وددت تعويض يسيره بالسمام ورميت من الأوجال بما يزيد عشيرة بين أبناء سمام غير أن الله أنجاني بلطفه من مكائدهما وأنقذني من حبائلهما ومصائبهما وكأن الغادر لم يعي ما قال ربه (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه) مع ما لقيته منك من إذلال الصبوة وجفوة النخوة وما زلت مع ذلك أرأف بك من والدك وأنصر لك من ساعدك فكان جزائي منك أن تركتني ترك ظبية ظله وحملتني علي شاة اله خير حلابك تنطحين. أبعد الوهي ترتعين وأنت مبصرة أما والذي له الحمد والشكر مالي ذنب إلا ذنب صخر ولعمري لم نجد الأخيار يجزون جزاء سنمار وهبك أبدلتني بنظرة ذي حنق أسرق العلم أم فسق؟ أم ظهر منه بعد الوقار الطيش والنزق حتي استوجب أن تشفع هجري بهجره وتطرح مع إطراحي عظيم فخره؟ ألا من يشتري سهرا بنوم++ ويتبع دهره دوما بيوم ما هذا إلا اشتراء الحمقاء وبيع الخرقاء أفلا علي دواء اجتمع جميع الحكماء علي أنه أبلغ الأدوية في الشفاء استراح من لا عقل له فاتبع العالمين ودع الجهلة. ألا قم واسع للعليا لعلك++ لعلك أن تجوز المجد علك فليس بنافع بأبيك فخر++ كذا التحقيق إن لازمت جهلك [ صفحه 185] أتلبث في الجفون وأنت عضب++ إذا ما سل يوم الروع أهلك وتقنع بالخمول وأنت من من++ تري من ذا الوري بالعلم أملك لقد أمتك أبكار المعالي++ وقد طلبت غواني الفضل وصلك وجئنك قد سفرن لك ابتهاجا++ وما أسفرن للخطاب قبلك فهل لك من معانقة الغواني++ علي سرر العلا والعز هل لك وهل لك في بكارات إذا ما++ فضضت ختامها علت محلك وهل لك أن تذل إليك قوم++ تراهم حاولوا ذا اليوم ذلك وفي قول الأفاضل بعد درس++ أدام الله للعلياء ظلك وخلدك المليك مدا الليالي++ وأعزز في أديم الأرض ويلك وها أنا قد أدبتك بأسواطي وكررت في الطواف بكعبة نصحك أسابيع أشواطي دونك كأس النصح فاشرب بها++ ووجه النفس إلي ربها فإن أبت إلا خلاف الهدي++ فاكفف هداك الله من غربها وذكرنها عرصات البلا++ وموقفا تسأل عن ذنبها وحر نار نورها ظلمة++ أعوذ بالرحمن من لهبها فكن لوصيتي من الحافظين لا من الخافضين ولا تكن ممن يجعل العظاة عضين وإياك أن تكون مضروب المثل إن الموصيين بنو سهوان فتتعرض عند ذلك للهوان أعوذ بالله أن تكون كذلك وأمثاله إصلاح بالك واستقامة أحوالك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). هذا آخر الكتاب الجامع لأنواع البلاغة وفصل الخطاب مما اشتمل عليه من الأشعار الرائقة والأمثال الفائقة والاستعارات الحسنة والكنايات المستحسنة [ صفحه 186] فبحق إذا شرح في كتاب كما لا يخفي علي أولي الأفهام والألباب.

الشيخ داود الجزيري

(ومنهم) العالم الصالح الفاضل الخير الشيخ داود بن حسن الجزيري البحراني وكان هذا الشيخ صالحا دينا صحيح الإعتقاد مخلصا في محبة أهل البيت (ع) وقد رتب كتاب (النجاشي) وكتاب (معاني الأخبار) وله رسالة في مسائل أصول الدين ورسالة في تحريم التتن إلا أنها غير محكمة الأدلة وأكثر استدلالاته بمنامات الأخيار وبالجملة فالرجل خير صالح إلا أنه ليس له قوة في الاستدلال والتصرف في ترجيح الأقوال وقد كتب كتبا كثيرة بيده الشريفة ووقفها مع أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 186 - 192 كتب كثيرة بخطه وخط غيره تقرب من أربعمائة كتاب في المدرسة التي بناها في بيته بالجزيرة وله ثلاثة أولاد أخيار فضلاء (الشيخ علي) وهو أكبرهم (والشيخ حسن) و (الشيخ صلاح) وللشيخ علي (ره) ولد يسمي (الشيخ داود) أفضل من أبيه وعميه وهو ثقة عدل صالح وقبر الشيخ داود بالدار الشمالية عن النبي صالح (ع) بالجزيرة وكذا قبر ابنه الشيخ علي رحمهم الله تعالي أجمعين انتهي كلام شيخنا الصالح عبد الله بن صالح (قدس سره). (قلت): وقد وقفت علي مجلد في الطهارة والصلاة ولم يحضرني اسمه الآن للشيخ داود البحراني والظاهر أنه هو هذا الجزيري والمدرسة التي ذكرها له هي الآن خراب ويسميها أهل تلك الجزيرة كربلاء لأنه قتل فيها في بعض الوقائع التي صدرت علي البحرين أربعون أو سبعون عالما ومتعلما فسميت لذلك كربلاء مع أن تلك الجزيرة المذكورة في غاية من الصدود والإخفاء عن المستطرقين من [ صفحه 187] الأعراب والأجانب لأنها جزيرة لا يتوصل إليها بالسفن فإذا انضمت إليها تعذر الوصول إليها ولكن الأقضية والأقدار تأتي خلاف العادات ولهذا كثيرا ما يلتجئ إليها كثير من أهل البحرين عند وقوع حادثة في البين وقد رأيتها مرارا وهي جنة من جنن الدنيا جنات تجري من تحتها الأنهار لولا ما فيها من الظلم والغضب والأكدار.

الشيخ علي البحراني

(ومنهم) الأديب الكامل اللبيب الشيخ علي بن لطف الله بن يحيي بن راشد البحراني، قال السيد في تتمة الأمل هو في أدبه وكماله، وتفرده بهذا الفن واستقلاله، واحد زمانه ونادرة أوانه، لم يسبق إلي ما سبق إليه، ولم يشتمل علي ما اشتمل عليه من فطنته وذكائه وفراسته ودهائه وملحه ونوادره وشوارده وبوادره ونكته ولطائفه وظرائفه فإنه أصبح في هذا الفن إماما وسيدا مطاعا وهماما وله اليد الطولي والقدح المعلي في الشعر والإنشاء والتصرف فيهما كيف (إلي أن قال): وما زالت تبتهج به الليالي والأيام وتتحلي به الشهور والأعوام إلي أن هتف به داعي الحمام وانتقل إلي دار السلام لسبع عشر ليلة خلت من شهر صفر يوم الاثنين عند طلوع الشمس سنة 1142 وكان مولده سنة 1099 ه ومن شعره (ره) قوله: صبوت وقد زال الصبا بجنونه++ ولم تبق إلا ما له من ديوانه فما ذنب جسمي إن أجاب ندا الصبا++ إذا كان قلبي موثقا من رهونه؟ وهي طويلة جدا، وله يذكر سفرا طال عليه في البحر ويتشوق إلي أوطانه [ صفحه 188] وإخوانه قال: يا نسيم الريح إن جئت المقاما++ فأبلغن عني أحباي السلاما بلغيهم قبل ما أن تحملي++ من هداها الروض شيحا وخزامي سفر قد صار من أهواله++ فيه كل المستحبات حراما طال حتي ملت الروح به++ الجسم والقلب به حل المقاما ولقد صليت نحو الشرق والغرب++ في السير ولن أخشي الآثاما ولعمري جاز من تطويله++ لو به صمنا وصلينا تماما فكأني صار قصد السد لي++ مثل ذي القرنين في السير مراما عزبة قد عرف القلب بها++ ربه من بعد ما عنه تعامي وهي طويلة (قلت): ولم أقف له علي ترجمة إلا من السيد والظاهر أنه هو صاحب المسائل التي أجاب عنها الفاضل الأمجد الشيخ أحمد بن عصفور والد الشيخ يوسف في العطارة والتجارة كما قدمناه في ترجمته والظاهر أنه من أهل جد حفص من البحرين والله العالم.

الشيخ لطف الله البحراني

(ومنهم) الأديب الكامل الفاضل الشيخ لطف الله بن عطاء بن علي بن لطف الله البحراني، الراقي في درجات الأدب إلي أعلي محل الرتب والصاعد في دوحة الكمال إلي أعلي محل لم تنله سائر الرجال، أصبحت به الفصاحة ناشرة الأعلام منشورة الأعلام، شعره ألذ من رجع القيان، وأعذب من رشف الدنان إن نثر نظم شوارد الآداب، وإن نظم نثر اللئالي وسحر العقول والألباب قاله [ صفحه 189] السيد في تتمة الأمل. (قلت): وله شعر في مراثي الحسين (ع) يقرأ في المجالس الحسينية والظاهر أنه من قرية جد حفص ومن شعره قوله رحمه الله تعالي: وصلنا السري بالسير نقطعها قفرا++ مهامه لا تهدي إليها القطا أثرا يضل بها الخريت إن حل أرضها++ وترصدها الجربا فتقذفها سعرا علي يعملات كالقسي تفاوضت++ أحاديث من تهوي فطاب لها المسري تسابق أيديها علي السير أرجل++ قد حن من الصلد الصفاة لها حجرا وما أن زجرناها ولكنها متي++ تلهف ملهوف توهمه زجرا وما اتخذت منا دليلا وإنما++ تخب وتستقري إذا انتشقت عطرا إلي أن أجازت ساحة الحي وانتهت++ إلي دار من تهوي وقد أقفرت دهرا فلما عرفن الدار حنت وأرزمت++ فلم تنبعث في السير أرجلها شبرا فملنا عن الأكوار للأرض سجدا++ فسابقت الأجفان أفواهنا فخرا وعدنا فسلمنا سلاما فسلمت++ ثلاثا فسلمنا عليها بها عشرا وهي طويلة جيدة بليغة وله شعر كثير وقفت عليه ولم يذكر السيد له تاريخ وفاته ضاعف الله لنا وله وللمؤمنين الحسنات.

الشيخ محمد ابن الشيخ علي البحراني

(ومنهم) العلامة الأمجد الفقيه الأرشد التقي الشيخ محمد ابن العالم الورع التقي الشيخ علي ابن العالم الشيخ عبد النبي ابن العلامة الشيخ محمد بن سليمان المقابي البحراني وقد تقدم الكلام في ترجمة آبائه وأعمامه ولم أقف له علي ترجمة [ صفحه 190] سوي ما ذكره شيخنا الشيخ يوسف في (اللؤلؤة) وفي إجازته لابنه الشيخ علي الآتي ذكره لأنه من المعاصرين له وكان هذا الشيخ عالما عاملا فاضلا كاملا وإماما في الجمعة والجماعة، انتهت إليه رئاسة البلاد في الحسبة الشرعية حضر بحثه جماعة من فحول العلماء كابنه المحقق التقي الشيخ علي والفاضل الأمجد الشيخ عبد علي ابن الشيخ أحمد آل عصفور أخ الشيخ يوسف وغيرهما له من المصنفات (شرح الوسائل) للشيخ الحر العاملي وقفت منه علي مجلد كبير ضخم جدا ومجلد ثان أصغر منه وكانا في خزانة شيخنا العلامة الثقة الصالح ورأيت منه في النجف الأشرف مجلدا كبيرا أيضا ولا أدري هل أكمله أم لا؟ والذي رأيناه غير تام وهو شرح حسن مبسوط وله كتاب (نخبة الأصول في أصول الفقه) كبير حسن علي نهجه تمهيد القواعد لشيخنا الشهيد الثاني (عطر الله مرقدهما) والظاهر أن له مصنفات غيرهما، وله تفسير للقرآن المجيد في ثلاث مجلدات سماه: (صفوة الصافي والبرهان ونخبة البيضاء ومجمع البيان) وهو عندي بتمام مجلداته الثلاثة، فرغ من المجلد الأول سنة 1165 ه ج . وعليه تملك السيد حسين ابن السيد علي الموسوي (قده). وهو يروي عن جماعة من العلماء الأعلام كشيخنا الشيخ الماحوزي والشيخ حسين بن علي بن فلاح البحراني وغيرهما، كما سيأتي الكلام في ترجمة ابنه الشيخ علي وهذا الشيخ أعني به الشيخ حسين بن فلاح البحراني لم أقف له علي ترجمة من أحد إلا من هذا الشيخ في إجازته لابنه الشيخ علي ويكفي في فضله أنه من مشائخ هذا الشيخ الجليل وأنه من مشائخ الإجازة فإن كثيرا من علماء الرجال والدراية لا يحتاجون إلي توثيق علماء الإجازة لعدالتهم ووثاقتهم لأنهم [ صفحه 191] لا يجيزون ولا يستجيزون إلا من ثقة وإن ناقش فيه بعضهم أو توقف والله العالم. وحيث ذكرنا الشيخ محمد فلا بأس بذكر ابنه وهو العالم العامل الفقيه الكامل المحقق التقي (الشيخ علي) كان رحمه الله عالما فاضلا محققا مدققا وقفت علي إجازة أبيه وإجازة الشيخ يوسف له وقد أثنيا عليه ثناء جميلا وهما عندنا، قال أبوه الشيخ محمد المذكور في إجازته له: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله علي ما أنعم وصلي الله علي محمد وآله وسلم وبعد فإن من جملة ما من الله به من السوانح القدسية وأفاض علينا من النفحات الرحمانية أن وفق الولد الأغر عليا لقراءة تهذيب الأحكام في معرفة الحلال والحرام فقرأه من أوله إلي آخره قراءة تنقيح وتحقيق وتقرير وتدقيق فأفاد كما أنه استفاد واستخرج الفرع من الأصل وأجاد وكان ذلك في مدة مديدة وأوقات عديدة آخرها قبيل ظهر ثاني عشري شهر الحج الحرام سنة 1160 ستين ومائة وألف هجرية فاستجازني فأجزت له أن يرويه عني بل أجزت له رواية باقي الكتب الأربعة التي عليها المدار في هذه الأعصار وهي (الكافي) و (الفقيه) و (التهذيب) و (الإستبصار) وكذا رواية ما صح لي روايته ووضح لدي درايته من جميع الفنون العقلية والنقلية والتواريخ والآداب فليرو ذلك قاصدا سبيل الاحتياط لمن أحب عني عن مشائخي عطر الله مراقدهم ونور ضرايحهم وهم كثيرون (منهم) جدي زين الملة والدين (قدس سره) عن والده الشيخ محمد بن سليمان (ومنهم) الشيخ حسين بن علي بن فلاح عن والدي الشيخ علي من والده الشيخ محمد بن سليمان عن شيخنا بهاء الملة والدين (طاب ثراه) (ومنهم) شيخي الشيخ حسين بن جعفر مد في بقائه، وشيخي [ صفحه 192] الشيخ عبد الله بن علي، وشيخي الشيخ عبد الله بن صالح عن شيخهم الشيخ سليمان ابن عبد الله عن مولانا محمد باقر المجلسي، إلي (آخر الإجازة). قال شيخنا الشيخ يوسف البحراني (ره) في إجازته له بعد الخطبة: أما بعد فإن من سوانح الأقدار الإلهية ورواشح الألطاف السبحانية أن وفق الله للاجتماع في أشرف البقاع والأرض المقدسة بالإجماع بالشيخ الأجل الأكمل الفاضل نتيجة الأفاضل الأماثل الجامع بين رتبتي العلم والعمل والعري عن وصمتي الخطل والخلل الشيخ التقي الزكي البهي الشيخ علي ابن الشيخ الفاضل الأوحد الشيخ محمد ابن الورع الألمعي الشيخ علي ابن الشيخ العلامة الشيخ عبد النبي ابن الشيخ الفاضل وحيد الزمان الشيخ محمد بن سليمان المقابي البحراني (ره) وفقه الله للعروج إلي أعلي معارج الكمال والفوز بأعلي مراتب الاستنباط والاستدلال (إلي آخرها وهي طويلة) وإنما ذكرنا نقلنا ما نقلناه منها إظهارا لأقدار هؤلاء الأعلام وإحياء لذكرهم وإن كانوا تحت الرغام بل في الحقيقة هم الأحياء وأهل الجهل هم الموتي كما قال أمير المؤمنين (ع) فخذ بعلم ولا تبغي به بدلا++ فالناس موتي وأهل العلم أحياء ولعدم تعرض أحد فيما وقفت عليه لذكرهم بالتفصيل من الأنام لتقاصر همم الخلق عن هذا المرام. له من المصنفات كتاب (التراجيح) وهو المعروف بالترجيحية أي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 192 - 199 ترجيح الأخبار والأدلة مجلد حسن وله (رسالة الروح) وذكر الأقوال فيها مشبوعة بالتحقيق والتدقيق عندنا منها نسخة بخط العالم الأوحد الشيخ أحمد بن [ صفحه 193] زين الدين الأحسائي (ره) وله رسالة في الجهر والإخفات في الأخيرتين وثالثة المغرب ووجوب الاخفات بالتسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب وجواز الجهر به مفصلا بالأدلة، هذا الذي وقفت عليه من مصنفاته والظاهر أن له ولأبيه مصنفات غير ما ذكرناه لهما إلا أن حوادث الزمان والتفرق في البلدان وعدم وجود من يسأل من المطلعين في هذا الشأن أوجبت عدم الوقوف علي أحوالهم وغيرهم من العلماء الأعيان وفي طرفنا كتاب (المعراج للنبي صلي الله عليه وآله) كبير مبسوط مجلد في ديباجته (أما بعد فيقول الفقير لله الخ محمد بن أحمد المقابي البحراني) وكذلك كتاب (وفاة مريم ابنة عمران - ع) وكذلك كتاب (وفاة النبي يحيي بن زكريا - ع) مشهورة أنها للشيخ محمد المقابي والظاهر أنه ولد الشيخ علي المزبور أو أحد أسباطه فلا تغفل ولهذا الشيخ ذرية صلحاء في فارس متسمون بالعلم إلي زماننا ولم أعلم بتاريخ وفاته ووفاة والده (قدس الله عز وجل روحيهما ونور ضريحهما وحشرهما مع أئمتهما المعصومين).

الشيخ يوسف بن عصفور

(ومنهم) العالم العامل الجليل الفاضل الكامل النبيل عديم النظير والمثيل العلامة المنصف الرباني الشيخ يوسف ابن العالم الأرشد الشيخ أحمد ابن الشيخ إبراهيم آل عصفور الدرازي البحراني (رض) (صاحب الحدائق الناضرة) وغيره من المصنفات الفاخرة، شيخ مشائخ العراق والبحرين العري من كل وصمة وشين، قال السيد المعاصر في (روضاته) في ترجمته: العالم الرباني والعالم الإنساني شيخنا الأفقه الأوجه الأحوط الأضبط (يوسف بن أحمد بن إبراهيم [ صفحه 194] ابن أحمد بن صالح بن عصفور الدرازي البحراني) صاحب (الحدائق الناضرة) و (الدرر النجفية) و (لؤلؤة البحرين) وغير ذلك من التصانيف الفاخرة الباهرة التي تلتذ بها النفوس وتقر بملاحظتها العين لم يعهد مثله من بين علماء هذه الفرقة الناجية في التخلق بأكثر المكارم الزاهية من سلامة الجنبة واستقامة الدربة وجودة السليقة ومتانة الطريقة ورعاية الإخلاص في العلم والعمل والتحلي بصفات طبقاتنا الأول والتخلي عن رذائل طباع الخلف الطالبين للمناصب والدول والعجب من سمينا العلامة المروج كيف أنكر علي سيرة هذا الرجل الجليل في زمن حياته وشدة الملامة والتبجيل علي من حضر مجلس إفاداته بحيث قد نقل أن ابن أخته الفاضل صاحب (رياض الدلائل) كان من خوفه يدخل علي ذلك الجناب سرا ويقرأ عليه ما كان يقرأ ليلا ومتخافتا لا جهرا وإن كان سمينا سيدنا الآخر سيدنا الفقيه المعاصر عامله الله بفضل ما لديه وملأ بالمواهب من سوابغ فضله يديه شافهني بمثل هذه المخادشة عليه والمناقشة في إتقان ما سبق من الكتاب الكبير المنتسب إليه وذلك مما رأيناه ظاهرا من جهة بينونة طريقته لطريقة المجتهدين وعدم موافقته معهم في تربيع الأدلة كما هو الحق المبين ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك، لأملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين، هذا ومن جملة من تعرض لذكر أحوال هذا الرجل علي سبيل التفصيل هو الشيخ الفاضل الجليل أبو علي الرجالي الحائري المتسم بمحمد بن إسماعيل فإنه قال في كتابه الموسوم) (بمنتهي المقال في أحوال الرجال) بعد الترجمة له بمثل ذكر في هذا المجال من قرية لدرار إحدي قري البحرين: عالم فاضل متتبع ماهر محدث ورع عابد صدوق دين من أجلة مشائخنا المعاصرين [ صفحه 195] وأفاضل علمائنا المتبحرين كان أبوه الشيخ أحمد من أجلة تلامذة شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي وكان عالما فاضلا محققا مدققا مجتهدا صرفا كثير التشنيع علي الأخباريين كما صرح به ولده شيخنا المذكور في إجازته الكبيرة المشهورة وكان هو (قدس سره) أولا إخباريا صرفا، ثم رجع إلي الطريقة الوسطي وكان يقول أنها طريقة العلامة المجلسي (ره) غواص (بحار الأنوار)، مولده كما ذكره في إجازته الكبيرة المذكورة في السنة السابعة بعد المائة والألف في قرية الماحوز إحدي قري البحرين واشتغل وهو صبي علي والده (طاب ثراه) ثم علي العالم العلامة الشيخ حسين الماحوزي وكان عالما عاملا فاضلا كاملا مجتهدا صرفا حكي الأستاذ العلامة دام مجده إنه كان كثير الطعن علي الإخباريين ويقول الإخباريون هم الذين يقولون ما لا يفعلون ويقلدون من حيث لا يشعرون وعلي الشيخ أحمد بن عبد الله البلادي وغيرهما من علماء البحرين وبقي مدة مشتغلا بالتحصيل ثم سافر إلي حج بيت الله الحرام وزيارة رسول الله صلي الله عليه وآله الكرام ثم رجع إلي القطيف وبقي بها مدة مشتغلا بالتحصيل بعد خراب البحرين واستيلاء الأعراب وغيرهم من الفجرة النصاب عليها، ثم فر إلي ديار العجم وقطن برهة من الزمان في كرمان ثم في شيراز وتوابعها من الإصطهبانات مشتغلا بالتدريس والتأليف ثم سافر إلي العتبات العليات وجاور في كربلاء شرفها الله تعالي واشتغل بإبراز المصنفات مواظبا علي العبادات ملازما علي الطاعات، إلي أن أدركه الأجل المحتوم ونزل به القضاء الملزوم فجاور في تلك الحضرة المجاورة الحقيقية. له (قدس سره) من المصنفات كتاب (الحدائق الناضرة في أحكام العترة [ صفحه 196] الطاهرة) وهو كتاب جليل لم يعمل مثله جدا، ذكر فيه جميع الأقوال والأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام إلا أنه (طاب ثراه) لميله إلي الإخبارية كان قليل التعلق بالاستدلال بالأدلة الأصولية التي هي أمهات الأدلة الفقهية وعمدة الأدلة الشرعية خرج منه جميع العبادات إلا كتاب الجهاد وأكثر المعاملات إلي أواخر كتاب الطلاق وأعرض عن ذكر كتاب الجهاد لعدم النفع المتعلق به الآن وإيثارا لصرف الوقت فيما هو أهم تبعا لبعض الأعيان وكتاب (سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد والرد عليه في شرح نهج البلاغة) ذكر في أوله مقدمة شافية في الإمامة تصلح أن تكون كتابا مستقلا، ثم ذكر جملة من كلامه في الشرح المذكور مما يتضمن بتعلق بالإمامة والخلافة وأحوال الصحابة والرد عليه خرج منه المجلد الأول وقليل من المجلد الثاني وكتاب (الشهاب الثاقب في بيان معني الناصب وما يترتب عليه من المطالب) وكتاب (الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية) وهو كتاب جيد جدا مشتمل علي علوم ومسائل وفوائد ورسائل جامع لتحقيقات شريفة وتدقيقات لطيفة وكتاب (النفحات الملكوتية في الرد علي الصوفية) ذكر فيه جملة من ترهاتهم وشطرا من خرافاتهم وعد منهم المولي محسن الكاشاني ونقل عنه مقالات قبيحة وعقائد غير مليحة وردها [36] وكتاب (تدارك المدارك فيما هو غافل عنه وقارك) وهو حاشية علي الكتاب المذكور خرج منه المجلد المشتمل علي كتاب الطهارة [37] ثم عد بعد ذلك عدة كتب [ صفحه 197] ورسائل وهي كتاب (أعلام القاصدين إلي مناهج أصول الدين)، وكتاب (معراج النبيه في شرح من لا يحضره الفقيه) وكتاب (الخطب للجمعة والأعياد) [ صفحه 198] وكتاب (جليس الحاضر وأنيس المسافر) يجري مجري الكشكول و (أجوبة المسائل البحرانية) ورسالة في (مناسك الحج) ورسالة (الترجيح لأفضلية التسبيح في الأخيرتين) ورسالة في تحقيق معني الإسلام والإيمان ورسالة في انفعال الماء القليل بالنجاسة ردا علي المولي محسن الكاشاني (ره) ورسالة في (إتمام الصلاة في الحرم الأربعة) ورسالة في الرد علي السيد الداماد في القول بعموم المنزلة في الرضاع ورسالة في المنع عن الجمع بين الفاطميتين وهي التي كتب في ردها أستاذنا البهبهاني (ره) رسائل متعددة وكذا ولد الأستاذ وبعض آخر من المشائخ الأزكياء ورسالة الصلاة متنا وشرحا ورسالة منتخبة منها ورسالة في الميراث وأجوبة المسائل الشيرازية وأجوبة المسائل البهبهانية وأجوبة المسائل الكازرونية وإجازة كبيرة موسومة ب (لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتي العين) كتبها لأبني أخويه الشيخ خلف والشيخ حسين وهي مشتملة علي ذكر أكثر علمائنا وأحوالهم ومؤلفاتهم ومدة أعمارهم ووفياتهم من زمانه إلي زمان الصدوق والكليني (رضوان الله عليهم)، ثم قال: إلي غير ذلك من فوائد ورسائل وأجوبة مسائل، توفي (قدس سره) في شهر ربيع الأول من السنة السادسة والثمانين بعد المائة والألف وتولي غسله المقدس التقي الشيخ محمد علي الشهير بابن سلطان وكان ممن تلمذ عليه وتلميذه الآخر المغفور المرحوم الحاج معصوم وصلي عليه الأستاذ العلامة واجتمع خلف جنازته خلق كثير وجم غفير مع خلو البلاد من أهاليها وتشتت شمل ساكنيها لحادثة نزلت بهم في ذلك العام من حوادث الأيام التي لا تنيم ولا تنام، انتهي. ومراده (ره) بالحادثة المذكورة هي قضية الطاعون الشديدة الواقعة في عين [ صفحه 199] تلك السنة بأرض العراق ومن المسموع أن قرار تلك الأرض المقدسة غالبا الابتلاء بهذه البلية الجارية علي رأس كل قرن من القرون بمعني أن الفاصلة فيها في الغالب ثلاثون سنة كاملة بين كل طاعون وطاعون نعوذ بالله، من غضب الله علي الذين يسمعون ولا يعون ويدعون العبودية ولا يدعون. ثم إن من جملة من تعرض لترجمة هذا الشيخ المنتقل بالجمال المعنوي والصوري هو تلميذ تلميذه المتعصب المحدث المتنصب النيسابوري فإنه قال في كتاب رجاله الكبير عند بلوغ كلامه إلي تسمية هذا البارع النحرير كان فقيها محدثا له كتب كثيرة أشهرها كتاب (الحدائق الناضرة) في الفقه وكتاب (الدرر النجفية) في النوادر يروي عن جماعة كما ذكر في رسالته (لؤلؤة البحرين) منهم المولي محمد رفيع الجيلاني يعني به المتوطن في نشأتيه بالمشهد المقدس الرضوي والآخذ سنده عن كلما لديه عن العلامة المجلسي القدوسي ويروي عنه جماعة منهم سيدنا المبرور الميرزا محمد مهدي الشهرستاني وشيخنا المحدث الورع الشيخ علي بن موسي البحراني ولد سنة 1107 ه وتوفي مجاورا لمشهد الحسين (ع) أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 199 - 205 سنة 1187 ه ودفن قريبا من الشهداء رضوان الله عليهم روينا عن عدة عنه (أقول): أرخ وفاته بعض الأدباء وكان مصراع تاريخه (قرحت قلب الدين بعدك يوسف) (أقول) صاحب هذا النظم هو السيد السند السيد محمد المنسوب إلي السيد رزين زينه الله بلباس التقوي ومطلعه: يا قبر يوسف كيف أوعيت الهدي++ وكنفت في جنبيك من لا يكنف؟! قامت عليه نوائح من كتبه++ تشكو الظليمة بعده وتأسفوا كحدائق العلم التي من زهرها++ كانت أنامل ذي البصائر تقطف [ صفحه 200] في تسعة أبيات آخرها هذان البيتان: مذ غبت عن عين الزمان فكلنا++ يعقوب حزن غاب عنه يوسف فقضيت واحد ذا الزمان فأرخوا++ قرحت قلب الدين بعدك يوسف انتهي كلامه علا مقامه. (قلت): هذا الشيخ العلام من أكابر علماء الإيمان والإسلام ومن أعاظم أرباب النقض والإبرام وقد ذكره كل من تأخر عنه وأثنوا عليه الثناء الجميل علما وعملا وتقوي ونبلا ولقد حدثني من أثق به والظاهر أنه من علماء النجف الأشرف سلام الله علي مشرفه وآله عمن حدثه أن السيد السند والركن المعتمد العلامة الطباطبائي السيد مهدي بحر العلوم (تغمده الله برحمته) أمر بعد صلاة العصر من يوم الجمعة بوضع فاتحة ولم يكن يتجاسر علي السؤال إليه والكلام معه أحد لهيبته هيبة التقوي إلا السيد الفاضل السيد جواد العاملي تلميذه صاحب (مفتاح الكرامة) فسأله عن هذه الفاتحة فقال السيد (رحمه الله تعالي) لشيخنا الشيخ يوسف البحراني ولم يكن سمعوا بمرضه فقال له هل أتاك خبر بوفاته؟ فقال لا ولكني نمت نومة القيلولة فرأيت في المنام كأني في جنان الدنيا وادي السلام وإذا بأرواح المؤمنين ولا سيما علماء العاملين كالشيخ الكليني والصدوق والمفيد والمرتضي علم الهدي وغيرهم من علمائنا الأتقياء كلهم (رض) جلوس حلقا يتحدثون كما وردت به الأخبار وكأن شيخنا الشيخ يوسف قد أقبل عليهم فلما رأوه فرحوا به واستبشروا بقدومه وأقبلوا كلهم إقبالا شديدا فسألهم عن سبب زيادة إقبالهم عليه دون غيره فقالوا لي أنه قادم علينا الآن جديد ولا شك مع هذه الرؤيا في وفاته فلما وصل الخبر وإذا هو كما أخبر. [ صفحه 201] وحدثني أيضا بعض العلماء أن بعض تلامذته رآه بعد وفاته بقليل وهو في مقبرة الأنصار أنصار الحسين (سلام الله عليه وعليهم آناء الليل وأطراف النهار) فقال له شيخنا: وصلت إلي هذا المكان العظيم الشأن؟ فقال: نعم ولو أكملت الحدائق لكنت أقرب إلي الحسين (ع) من أنصاره (رض) انتهي. وبالجملة فهذا الشيخ من أعاظم العلماء الأعلام وأكابر أساطين علماء الإسلام ومن وقف علي كتبه وفوائده كالحدائق والدرر النجفية والرضاعية والشهاب الثاقب وسلاسل الحديد ولؤلؤة البحرين وغير ذلك عرف حقيقة الحال والرجال تعرف بالحق لا الحق بالرجال ولا سيما كتاب (الحدائق الناضرة) فإنه كما قلت فيه مادحا له لتعظيم شعائر الله وترويج آثار أولياء الله قلت هذه الأبيات: هذا كتاب الفقه للذاكرين++ هذا رياض العلم للمجتنين (حدائق ناضرة) للوري++ قد أثمرت فقه الرسول الأمين وفقه أهل البيت ساداتنا++ العترة الطاهرة الطيبين أشجارها مثمرة دائما++ أنهارها تجري بماء معين تجري ولكن من عيون لها++ صافية لذا إلي الشاربين قطوفها دانية المجتني++ دائمة الأكل إلي الآكلين أنوار تحقيقاتها للوري++ ظاهرة نورا إلي المؤمنين تسر من شايع أهل العبا++ تسر أهل الحق والناظرين غارسها رب التقي يوسف++ أطعم من أثمارها كل حين وعمنا الرحمن من فضله++ بالعلم والتقوي وحسن اليقين والفوز بالرضوان في جنة++ فإن ربي أرحم الراحمين [ صفحه 202] ثم صلاة الله تتري علي++ محمد مع آله الطاهرين وله أيضا (ره) شعر بليغ حسن ذكر بعضه في الكشكول ويروي عن جملة من أكابر العلماء الأعيان من أهل البحرين والعراق وإيران كابني أخويه العلامة المشهور الشيخ حسين والفاضل الشيخ خلف والمحقق الشيخ علي المقابي والفقيه الشيخ علي بن موسي البحرانيين والسيد السند السيد مهدي بحر العلوم " ره " ذي الكرامات والسيد الفاضل السيد علي المير " صاحب الرياض " والسيد السند السيد مهدي الشهرستاني المجاور بكربلاء حيا وميتا والعلامة الشيخ محمد مهدي الفتوني النجفي والشيخ الفاضل النقي الشيخ محمد علي الشهير بابن سلطان والمرحوم المقدس الحاج شيخ معصوم والمحقق الشيخ محمد مهدي النراقي من ذرية أبي ذر الغفاري " رض " والفاضل الشيخ سليمان بن معتوق العاملي والشيخ أبو علي الرجالي صاحب " منتهي المقال " وغيرهم من فحول العلماء وأساطين الحكماء فتعجب السيد الماهر السيد محمد باقر صاحب " الروضات " من عدم ارتضاء سميه المجدد الآقا باقر البهبهاني لطريقة هذا العالم الرباني والكامل الصمداني في محله ولا سيما المنقول علي ألسن الثقات لما سمع بوفاته والمباينة في المشرب لا توجب هذا المذهب وكلية هذا المطلب ولولا الحكم والقطع بعدالته واجتهاده ووثاقته لكان للقادح في ذلك الصنع مجال وللقائل في سوء هذه المعاملة عدم حسن وكمال والله العالم بحقائق الأحوال وإليه المرجع والمآل ونحن نسأل الله الكريم أن يعاملنا وإياهم والمؤمنين بعفوه العميم وجوده الجسيم وكرمه العظيم إنه أهل العفو والمغفرة وأهل التقوي والرحمة. [ صفحه 203]

الشيخ عبد علي آل عصفور

(ومنهم) أخوه الفاضل المحدث الفقيه الأمجد الشيخ عبد علي ابن الشيخ الفقيه الشيخ أحمد آل عصفور الدرازي البحراني وكان هذا الشيخ عالما عاملا محدثا كاملا وقد ذكره السيد في (الروضات) مجملا والمحدث النيسابوري والسيد الأمجد السيد أحمد البحراني في (تتمة الأمل) وبالغ في إطرائه ومدحه بالفضل والعلم والعمل وهو والد الشيخ خلف المجاز من عمه صاحب (لؤلؤة البحرين) مع ابن أخيه الآخر الشيخ حسين وذكره ابن أخيه الشيخ حسين المذكور في إجازته للفاضل الشيخ مرزوق الشويكي الخطي وهو من مشائخه ومجيزيه. له كتاب معالم الدين ويسمي (إحياء علوم الدين) مجلد كبير في الطهارة والظاهر أنه لم يبرز منه سواه ولم أسمع له بغيره وهو كتاب حسن رأيته وكان (رحمه الله) من متصلفي المحدثين ومنه حدث القول بوجوب الجهر بالتسبيح في الأخيرتين علي الإمام لحديث ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لهم أن يسمعوه كلما يقولون وتبعه بعض من هو علي مذاقه كابن أخيه الشيخ حسين وغيره وقبله لا أثر لهذا القول ولا غيره من محدث أو مجتهد فهو محجوج بإجماع المسلمين والفرقة الناجية المحقين وقد أفردت في المسألة لرده رسائل من أفاضل متأخري المتأخرين من المحدثين كالمحقق علي الشيخ المقابي والعالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني البحراني (ره) والشيخ أحمد بن محسن الأحسائي والشيخ الفاضل الشيخ محمد بن عبد الجبار وغيرهم والجميع عندنا وأما أخوه [ صفحه 204] الشيخ يوسف (صاحب الحدائق - ره) فهو قائل بالتخيير يعني أن الإمام مخير في الجهر والإخفات غير محتم عليه الجهر كما هو قول بعض أصحاب تلك الرسائل التي ذكرناها وذلك القول قد انقرض الآن والمسألة محققة في محلها بتفصيلها ومجملها وهو يروي عن جماعة من مشاهير العلماء منهم الفاضل الأمين الشيخ حسين الماحوزي وقد أجازه وأخويه الشيخ يوسف والشيخ محمد في إجازة واحدة توفي (قدس سره) في كربلاء المشرفة ودفن في الصحن الشريف الحسيني سلام الله علي من شرفه في شهر رجب سنة 1122 ه. ولهذا الشيخ ولدان فاضلان عالمان عاملان أحدهما (الشيخ أحمد) والثاني هو الفاضل (الشيخ خلف) وقد ذكرهما صاحب تتمة الأمل فقال في الشيخ أحمد بعد ذكر أبيه وله ولد فاضل أوحد اسمه الشيخ أحمد قد حاز من العلم أكثره ومن الحلم أوفره ومن الأدب أفخره، انتهي، ولم يبق بعد أبيه إلا قليلا والثاني العالم الفاضل ذو الشرف الشيخ خلف وهو المعني بخلف في (لؤلؤة البحرين) وقد أجازه وابن أخيه الآخر الشيخ حسين أولا بإجازة صغيرة ثم شفعها لهما بهذه الإجازة الكبيرة وهو من العلماء الأعلام أولي النقض والإبرام رأيت له حواشي كثيرة علي المجلد الرابع من البحار بقلمه الحسن تفسيرا وردا وإيرادا وقد نشأ في البحرين واشتغل فيها حتي صار من العلم مملوء اليدين ثم سكن القطيف مدة وجرت له مع بعض رؤسائها قضية أوجبت خروجه منها وسكن المحمرة وأطراف عربستان إلي أن انتقل إلي الجنان وله ذرية فيها علماء صلحاء إلي الآن وينقل مستفيضا أنه كان يحفظ كتاب " الوسائل " للشيخ الحر العاملي " ره " بأسانيده علي ظاهر قلبه وذلك من عجائب الأمور وينقل عنه القول بانحصار الأدلة [ صفحه 205] في السنة فقط لأن الكتاب الكريم لا يجوز تفسيره إلا بما ورد التفسير به عن أهل العصمة " سلام الله عليهم أجمعين " فانحصر الدليل في السنة لا غير والجواب عن ذلك مذكور في محله من كتب الأصول ولم أسمع له بمصنف ولا بتاريخ لوفاته وفي تلك الأطراف من ذرية هذا الشيخ وغيره من آل عصفور علماء فضلاء لهم مصنفات لم أعرفهم علي التحقيق وكذلك في شيراز جماعة من العلماء منهم وينقل فيهم أيضا من ذرية الشيخ يوسف " صاحب الحدائق " فيها فضلاء لم أعلم بهم علي التفصيل لعدم وصولي هناك ووجود من يكشف عن أخبارهم من الثقات والله العالم.

الشيخ محمد آل عصفور

(ومنهم) العالم العامل الأمجد أخوه الفاضل الشيخ محمد ابن العالم الأرشد الشيخ أحمد المتقدم ذكره وهو ولد العلامة الشيخ حسين المشهور وكل هذا الشيخ عالما عاملا فاضلا كاملا محدثا ورعا ذكره أخوه الشيخ يوسف في لؤلؤته وذكر تاريخ ولادته فقال مولد أخي الشيخ محمد مد في بقائه سنة 1112 له كتب ومصنفات منها كتاب (مرآة الأخبار في أحكام الأسفار) ويعرف بالسفرية كتاب حسن فيه مطالب كثيرة وفوائد غير يسيرة وله رسالة في الصلاة وله رسالة في أصول الدين وله كتاب كبير في (وفاة أمير المؤمنين) وله تتميم كتاب الأسفار للعالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني (ره) وهو من معاصريه وله أجوبة مسائل مبسوطة عندنا بخطه هذا الذي رأيته من مصنفاته ولا يبعد أن له غيرها وله أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 205 - 211 مراثي علي الحسين (ع) ويروي عن الشيخ حسين الماحوزي ويروي عنه ولداه [ صفحه 206] الشيخ حسين والشيخ أحمد الآتي ذكرهما إن شاء الله تعالي وللشيخ يوسف أخوان فضلاء غير هذين الفاضلين المذكورين لا أعرفهم علي اليقين إلا أنه قد ذكر العالم الأمجد الشيخ علي ابن الشيخ محمد المقابي البحراني المتقدم ذكره في رسالة الجهر والإخفات المبسوطة وأن السبب في جهر الشيخ عبد علي بالتسبيح والقول بوجوبه هو أن أخاه الفاضل الشيخ علي سأله عن مسألة فقال له أخوه الشيخ عبد علي: هذه المسألة لا نص فيها ولا أفتي بما يحكم به الأصحاب من غير نص، فقال له أخوه المذكور: أراك تعمل بما لا فيه نص فقال: كلا، فقال له أنك تخفت بالتسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب ولا نص، فقال له: بلي النص موجود فأنكر وجود نص، ففتشا كتاب الوافي لجامعيته الكتب الأربعة فلم يقفا فيه علي نص ولم تكن الوسائل حينئذ موجودة عندهم فلما صلي الشيخ (أي الشيخ عبد علي) المغرب جهر بالتسبيح في الثالثة فأعاد الصلاة كل من صلي خلفه ولم يزل يجهر بالتسبيح كما كان إماما من تفسيق لن يخافت بل يصلي الجمعة مع أستاذه الشيخ محمد المقابي وغيرها مدة ثلاث سنوات ثم حدث جور عظيم في البحرين فخرج هذا الشيخ مع من خرج إلي القطيف وكان فيها العلامة الشيخ حسين الماحوزي أستاذه فأبطل الشيخ حسين صلاته وصلاة من يصلي من الإخباريين خلفه وأبطل الشيخ عبد علي صلاة من يخافت بالتسبيح وفسقه ولما رجع إلي البحرين أخيرا ترك صلاة الجمعة لكون إمامها يخفت في الأخيرتين بالتسبيح هذا ملخص ما ذكره الفاضل في السبب والشيخ علي صاحب الرسالة ذهب إلي ما عليه المشهور وهو المذهب المنصور بعد أن كان يجهر مدة فلما تبين له خلافه ترك الجهر بالتسبيح وأخفت به علي المذهب الحق الصحيح، سامحنا الله وإياهم بعفوه [ صفحه 207] وغفرانه وعاملنا وإياهم بكرمه وفضله وإحسانه آمين بمحمد وآله الطاهرين صلي الله عليه وآله الأكرمين.

الشيخ حسين آل عصفور

(ومنهم) العلامة الفاضل الفهامة الكامل خاتمة الحفاظ والمحدثين وبقية العلماء الراسخين الإخباريين الفقيه النبيه الشيخ حسين ابن العالم الأمجد الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد آل عصفور الدرازي البحراني وهو المعني في (لؤلؤة البحرين) بحسين كان رحمه الله تعالي من العلماء الربانيين والفضلاء المتتبعين والحفاظ الماهرين من أجلة متأخري المتأخرين وأساطين المذهب والدين بل عده بعض العلماء الكبار من المجددين للمذهب علي رأس ألف ومائتين كان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازما للتدريس والتصنيف والمطالعة والتأليف مواظبا علي تعزية الحسين عليه السلام في بيته في كل وقت منيف لا تخلو أوقاته من بعض ما ذكرناه وحدثني العالم الفاخر المرحوم الشيخ ناصر بن نصر الله القطيفي (رحمه الله تعالي) وكان علي غير مذاقه عمن يثق به، أن هذا الشيخ أتي لبلاد القطيف مسافرا لحج بيت الله الحرام وزيارة النبي وآله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام واجتمع بالسيد الأمجد السيد محمد الصنديد القطيفي (ره) وكان هذا عنده من الكتب النفيسة الكثيرة ما لا توجد عند غيره فرأي عنده كتابا هو يتطلبه من كتب الأخبار فالتمس منه أن يصحبه إياه في سفره لينقله عنده وكان السيد ضنينا بذلك لعدم وجود نسخته فلم يعطه إياه فبقي الكتاب المذكور عند الشيخ المذكور أياما يسيرة مدة جلوسهم في القطيف ثم أعطاه الكتاب وسافر فلما قضي مناسكه [ صفحه 208] وزيارته رجع علي البر مارا ببلاد القطيف فلما اجتمع بالسيد أمره أن يأتيه بذلك الكتاب فأتي به إليه فاستخرج نسخة جديدة كراريس مكتوبة عديدة ليقابله عليه فقال له: هل وجدت نسخة ونقلته؟ فقال لا ولكنني تتبعته وحفظته وكتبته علي حفظي بأبوابه وترتيبه وأسانيده فتعجب السيد والحاضرون عجبا عظيما وقابله به طبقا لم يختلف عنه إلا يسيرا لا يذكر انتهي، وهذا من عجائب الأمور وشذ أن تحتمله القلوب البشرية والصدور وينقل عنه في الحفظ الأمور الغريبة ويكفيه إملاؤه " النفحة القدسية في الصلاة اليومية " المشهورة اليوم علي تلميذه وكاتبه الشاعر الأديب الشيخ محمد الشويكي الخطي في ثلاثة أيام ويذكر فيها الأقوال والأدلة إجمالا حتي نظمها الشعراء في مدائحهم لهم ولها فقال الشيخ محمد المذكور: حبذا نفحة قدس لا تضاهي++ في صلاة أرضت الرب الإله بنت يومين ويوم برزت++ في صدور الطرس تهدي من تلاها تطرب الرائي والراوي ولا++ عجب ممن رآها ورواها إلي آخر الأبيات وهي كثيرة وبالجملة فهو من أكابر علماء عصره وأساطين فضلاء دهره علما وعملا وتقوي ونبلا وبحثه مملوء من العلماء الكبار من البحرين والقطيف والأحساء وأطراف تلك الديار وفتاواه وأقواله منقولة كثيرة مشتهرة من تلامذته وغيرهم في حياته وبعد وفاته ضاعف الله حسناته وله مصنفاته كثيرة وكتب كبيرة وصغيرة ذكر هو (ره) جملة منها في إجازته للفاضل الشيخ مرزوق الشويكي وكثير تلامذته في كتبهم وإجازاتهم كالفاضل المحقق الشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائي منها كتاب (الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع) [ صفحه 209] للكاشاني أربعة عشر مجلدا عندنا منه مجلدان في الصلاة والنذور والمندوبات وكتاب (الرواشح السبحانية في شرح الكفاية الخراسانية) خمسة مجلدات بلغ فيه إلي مكان المصلي وكتاب (السوانح النظرية شرح البداية الحرية) مجلدان وله كتاب (الأنوار الوضية في شرح الأحكام الرضوية) وهو كتاب (شرايع الدين) الذي كتبه الإمام الرضا (ع) للمأمون عندنا منه نسخة مقروة عليه وعلي ظهرها الإجازة لقارئها وهو الشيخ مرزوق الشويكي بخطه (قدس سره) مجلد واحد وله كتاب (السداد) مجلدان في الفقه بلغ فيه إلي المعاملات وله (النفحة القدسية في الصلاة اليومية) أملاها في ثلاثة أيام كما تقدم الكلام وله (الفرحة الأنسية شرح النفحة القدسية) مجلدان وله كتاب (الحقائق الفاخرة في تتميم الحدائق الناضرة) لعمه الشيخ يوسف مجلدان وله كتاب (الحدق النواظر في تتمة كتاب النوادر) للملا محسن الكاشاني مجلدان وله كتاب (مفاتيح الغيب والتبيان في تفسير القرآن) لم أعلم بمقداره وله كتاب (رسالة حاسمة القال والقيل في تحديد المثيل) وله رسالة (إسكات أهل الاخفات وإخفات أهل الإسكات) وله كتاب (كشف اللثام في شرح أعلام الأنام بعلم الكلام) في التوحيد والمتن لجده لأمه العلامة الثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني وله كتاب (البراهين النظرية في أجوبة المسائل البصرية) وله كتاب (المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية) وله كتاب (أجوبة المسائل الشيرازية) وله كتاب (أجوبة المسائل القطيفية) في مرات متعددة وله (رسالة الجنة الوافية في أحكام التقية) وله رسالة " الأشراف في المنع عن بيع الأوقاف " وله رسالة " باهرة العقول في نسب الرسول - ص - إلي آدم - ع " وله " رسالة في الحبوة " وله كتاب [ صفحه 210] في تعزية الحسين (ع) اشتمل علي ثلاثين مجلسا للشهر كله وله كتاب " مريق الدموع في ليالي الأسبوع " في التعزية أيضا وله كتاب " الفوادح الحسينية والقوادح البينية " جزءان لتعازي عشر المحرم وهو كتاب جليل كترتيب المنتخب وله كتاب في وفاة رسول الله " ص " اسمه " مهيج الكمد في وفاة النبي محمد ص " وله كتاب اسمه " سحائب المصائب في وفاة الإمام علي بن أبي طالب ع " وله كتاب " الدرة الغراء في وفاة فاطمة الزهراء " وله كتاب في " وفاة الإمام الحسن - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام زين العابدين - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام محمد الباقر - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام الصادق - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام الكاظم - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام الرضا - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام الجواد - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام الهادي - ع " وله كتاب في " وفاة الإمام العسكري - ع " وهذه الكتب لكل كتاب منها اسم مستقل أكثرها عندنا وله كتاب " رسائل أهل الرسالة ودلائل أهل الدلالة " مشتمل علي الصلاة والصوم والزكاة والخمس وبقية العبادات وله منسك كبير وله أيضا منسك متوسط وله أيضا منسك صغير له رسالة في شرح فقرة من دعاء كميل وهي وما كانت لأحد فيها مقرا ولا مقاما وتوجيه إعرابها وله رسالة في العوامل السماعية والقياسية وله رسالة (النفحات الدهلكية) وله منظومة في الفقه لم تكمل وله منظومة في الأصول الخمسة سماها (شارحة الصدور) وقد شرحها ابنه الشيخ حسن شرحا حسنا وله منظومة في النحو لظننت وأخواتها وله ديوان شعر ينيف علي سبعة آلاف بيت في الرثاء علي الحسين (ع) وله كتاب (محاسن الإعتقاد) جعله كالمقدمة لكتابه (السداد) وله كتاب (القول [ صفحه 211] الشارح) وله (الحجة لثمرات المهجة) وكلاهما في المعارف الخمس. وهو يروي عن أبيه الشيخ محمد وعن عميه الشيخ يوسف والشيخ عبد علي ويروي عنه جماعة كثيرة يطول ذكرهم (منهم) الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (ره) والشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائي وابنه الشيخ حسن والشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن يحيي الجد حفصي والشيخ محمد بن خلف الستري البحراني (ره) والشيخ محمد علي القطري البلادي البحراني والشيخ عبد علي ابن قضيب القطيفي والشيخ مرزوق الشويكي الخطي وغيرهم وقد كانت البحرين في عصره وقبله عامرة بالعلماء الأعلام الأنجاب والمشتغلين والطلاب مع ما هي فيه في الغالب من الحوادث الكثيرة والخراب. توفي (قدس الله روحه ونور ضريحه وطيب ضريحه) ليلة الأحد ليلة الحادية والعشرين من شهر شوال سنة 1216 ه ست عشر ومائتين وألف من الهجرة وكانت وفاته في بعض الوقائع في تلك السنة وسمعت أنه ضربه ملعون من أعداء الدين بحربة في ظهر قدمه فمات شهيدا منها وأرخ عام وفاته (طود الشريعة قد وهي وتهدما) وتاريخ آخر (قد كانت الجنة مثواه) [38] وقبره (ره) في قرية سكناه الشاخورة مزار مشهور وقد رثاه الشاعر الماهر الحاج محمد هاشم أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 211 - 218 ابن حردان الكعبي المشهور بقصيدتين عظيمتين بليغتين مكتوبتين في شعره في آخر كتاب كشكول الشيخ يوسف (ره) المطبوع من أحبهما رجع إليهما كما وصفنا وله أولاد فضلاء علماء نبلاء سنذكرهم إن شاء الله تعالي بعد ذكر عمهم الشيخ أحمد. [ صفحه 212]

الشيخ أحمد آل عصفور

(ومنهم) أخوه الفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد آل عصفور البحراني (ره) وأخوه الآخر الشيخ علي ابنا الشيخ محمد أخو العلامة الشيخ حسين المتقدم ذكره فهما عالمان فاضلان، أما الشيخ أحمد فيروي عن أبيه الشيخ محمد وأخيه الشيخ حسين ويروي عن المحقق الأوحد الشيخ أحمد ابن زين الدين الأحسائي وله مصنفات منها رسالة في الصلاة اليومية (سماعا) ورسالة في الطهارة إلا أني لم أحفظ شيئا منهما ولم أقف عليه والشيخ علي المذكور لم أقف علي شئ من أحواله ولا أدري هل بقيا بعد أخيهما الشيخ حسين أم توفيا قبله ووجود الشيخ حسين وشهرته أخفتهما وعلمهما وللشيخ علي المذكور ولد فاضل كامل تقي أسعد اسمه الشيخ محمد إمام في الجمعة والجماعة والقضاء في الشاخورة وله بيت في المنامة يأوي إليه. سمعت من شيخنا العلامة الثقة الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح البحراني يصف علمه وتقواه كثيرا وله كتاب في الأصول الخمسة جيد جدا وله رسالة في وجوب الجمعة عينا وله مسائل أجاب عنها الفاضل الشيخ أحمد بن طوق القطيفي ولما توفي قام مقامه في الجمعة والجماعة والقضاء ابن عمه الشيخ أحمد المذكور الشيخ محمد وكان عالما متكلما ماهرا خطيبا مفوها وسمعت أيضا من شيخنا العلامة الثقة المقدس الشيخ الصالح يصف علمه جدا وقد أدركه والظاهر أنه قرأ عنده قليلا في بعض العلوم وله مصنفات منها رسالة في استقلال الأب علي ابنته البكر البالغ الرشيد وله غير ذلك. [ صفحه 213] وأما ذكر أولاد المقدس المبرور الشيخ حسين المذكور فالظاهر أنهم سبعة ولم أقف إلا علي ذكر ستة منهم. أكبرهم (الشيخ محمد) وهو عالم فاضل توفي بعد أبيه بقليل في سنة موته وأرخ تاريخ وفاته رحمه الله (مضي في جوار ربه). والثاني (الشيخ عبد علي) وهو أيضا فاضل مات في حياة أبيه وخلف ولدا صالحا عالما فاضلا اسمه (الشيخ خلف) من العلماء في أبي شهر في الجمعة والجماعة بعد وفاة عمه الشيخ حسن الآتي ذكره له مصنفات كثيرة منها أجوبة جملة من المسائل وله رسالة في أصول الفقه سماها (مزيلة الشبهات) وسمعت أن له شرحا علي كتاب الشداد لجده الشيخ حسين المذكور وقفت له علي رسالة جيدة في رؤيا رآها وهي طويلة مقدار ثلاثة كراريس من حجم الربع مضمونها أنه (ره) في يوم عاشوراء وهو العاشر من المحرم بعد قراءته مقتل الحسين (ع) وقد أصابه تعب عظيم من البكاء والنياح نام في مكانه في المأتم فرأي سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين (ع) فسأله عن مسائل عديدة والحسين (ع) يجيبه عن كل مسألة ومن جملة ما سأله أن السيد ابن طاووس (ره) ذكر في (اللهوف) أن الذي قطع رأسك الشريف هو اللعين سنان والأشهر هو شمر اللعين فأيهما قطع رأسك فأجابه بجواب حسن مفصل إلا أني لبعدي عن رؤيتها لم أحفظ كيفيته والظاهر أن كلا منهما له دخل في قطع رأسه الشريف، توفي هذا الشيخ في أبي شهر وخلف ولدا فاضلا محدثا اسمه الشيخ عبد علي وهو من المعاصرين اجتمعت به مرة واحدة في بيته في أبي شهر في مرضه الرعشة وعمره يقرب من ثمانين سنة والفقير متوجه للعراق في بعض سفراتي لزيارة الأئمة الطاهرين وللاشتغال في [ صفحه 214] النجف الأشرف وهو في بلاد أبي شهر إمام في الجمعة والجماعة والقضاء وسمعت أن له مصنفات كثيرة أخبرني بها ابن أخته وخليفته الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم آل عصفور إلا أني لم أحفظها ووقفت له علي كتاب سماه (لئالي والأفكار) لا لئالئ البحار في الأصولين أصول الدين وأصول الفقه مطبوع عندنا وله رسالة في أجوبة مسائل لوالد شيخنا العلامة الصالح الشيخ صالح وهي مسائل جيدة أكثرها في الاجتهاد والتقليد وفروعهما توفي (قدس سره) في أبي شهر ولم أحفظ تاريخ وفاته ودفن مع أبيه وعمه الشيخ حسن في بيتهم في أبي شهر وقبرهم مزار مشهور. وأما ابن أخته الأسعد (الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم) فهو قام مقام خاله الشيخ عبد علي في الجمعة والجماعة والقضاء إلا أنه ليس في رتبة آبائه في العلم والفضل توفي سنة 1325 ه. ودفن مع سلفه (قدس سره ونور قبره). وأما أبوه (الشيخ إبراهيم " ره ") فهو من الأتقياء الأخيار سكن البصرة في آخره عمره مدة مديدة واجتمعت معه أكثر من اجتماعي بابنه وهو أي الشيخ محمد أعلم من أبيه وهو من ذرية الشيخ حسين المذكور سابقا ولم أعرف آباءه علي اليقين. والثالث من أولاد الشيخ حسين المذكور سابقا وهو أشهرهم (الشيخ حسن) وهو العالم الفاضل المؤتمن الشيخ حسن وكان تنقل إلي أبي شهر بعد وفاة أبيه الشيخ حسين وصار له في أبي شهر اعتبار عظيم إمام في الجمعة والجماعة والقضاء وبها توفي وقبره (ره) مزار مشهور في بيته ودفن معه بعده أولاد أخيه كما ذكرنا وله مصنفات منها رسالة عملية في الطهارة والصلاة مبسوطة مجلد أيضا له [ صفحه 215] شرح منظومة والده في الأصول الخمسة المسماة (بشارحة الصدور ودافعة المحذور) وله منظومة في الكلام وقد شرحها وهو شرح حسن جيد رأيته في النجف [39] . والرابع منهم العالم الفاضل الأواه (الشيخ عبد الله رحمه الله) وبقي بعد وفاة أبيه في البحرين وصار إماما في الجمعة والجماعة والمرافعات ولم أسمع له بمصنف ولهذا الشيخ المبرور ولد عالم فاضل اسمه (الشيخ سلمان) تولي الحسبة الشرعية في البحرين بعد تنقل الشيخ خلف إلي أبي شهر وكذا الجمعة والجماعة ومحل إقامته الجمعة في مشهد الخميس وهو أحد أساتيذ السيد علي ابن السيد محمد آل إسحاق وكان معاصرا للشيخ محمد بن خلف الستري خرج من البحرين وسكن أطراف فارس وفي شيراز سمعت أن له بعضا من المصنفات كتاب في تعزية الحسين بليغ حسن. والخامس منهم العالم الأسعد الأمجد (الشيخ أحمد) ولم أعرف مبلغ علمه ومات وخلف ولدا فاضلا اسمه (الشيخ محمد). السادس (الشيخ علي) مات أيضا في حياة أبيه والذي عاصرناه من أفاضلهم الفاضل الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ سلمان آل عصفور وهو من ذرية الشيخ حسين [40] " ره " اشتغل أولا في البحرين ثم في القطيف عند الشيخ ضيف الله [ صفحه 216] ابن سيف ثم في أبي شهر وشيراز وأقام بها مدة وحصل تحصيلا حسنا ورجع إلي البحرين وصار إماما في الجمعة والجماعة والقضاء وله حافظة جيدة وتوفي (رحمه الله تعالي) ودفن في مقبرة الشاخورة في قريتهم المذكورة رحمنا الله وآباءنا وأبناءنا وإياهم وإخواننا المؤمنين جميعا برحمته الواسعة في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

الشيخ أحمد ابن الشيخ خلف

(ومنهم) العالم العامل الفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن الشيخ خلف آل عصفور الزبور ذكره بعض السادة الأكابر الأجلاء وهو أيضا من العلماء الكبار أولي الكمال والعلوم والاقتدار ولم أقف له علي مصنف ولا تأريخ للوفاة ضاعف الله لنا ولهم الحسنات. وأما ذرية الشيخ خلف أحد المجازين في اللؤلؤة (المتقدم ذكره) فقد كانوا بعيدين في كعب والمحمرة وليس لنا معهم اتصال ومعرفة وصار فيهم علماء فضلاء سماعا لا أعرف تفصيلهم (رضي الله عنهم جميعا). وللشيخ يوسف (ره) صاحب الحدائق إلي الآن ذرية متسمة بالعلم في أبي شهر وشيراز لم أعرفهم علي اليقين [41] وفقنا الله وإياهم وجميع المؤمنين إلي خير الدنيا والدين ورحمنا برحمته الواسعة إنه أرحم الراحمين. [ صفحه 217]

الشيخ حسن الدمستاني

ومنهم العالم الرباني والفاضل الصمداني الكامل العلامة المحقق الفهامة التقي النقي الأديب المصقع الشيخ حسن ابن المرحوم الشيخ محمد بن خلف بن ضيف الدمستاني البحراني (نسبه إلي دمستان بالدال المهملة المكسورة أولا ثم الميم المفتوحة ثم السين الساكنة ثم التاء بعدها الألف والنون أخيرا قرية من قري البحرين) [42] وكان هذا الشيخ (قدس الله روحه وطيب ريحه ونور ضريحه) من العلماء الأعيان ذوي الإتقان والإيمان وخاص أهل الولاء والإيمان زاهدا عابدا تقيا ورعا شاعرا بليغا إن نظم أتي بالعجب العجاب وإن نثر أتي بما يسحر عقول أولي الألباب قلما يوجد مثله في هذه الأعصار في العلم والتقوي والبلاغة والإخلاص في محبة الآل الأطهار سلام الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار ومن وقف علي مصنفاته وأشعاره وظاهر كلامه وأسراره وفهم مراده عرف حقيقة مقداره وعلو مجده وفخاره له مصنفات كثيرة لم أقف منها إلا علي كتاب (الانتخاب الجيد لتنبيهات السيد) في علم الرجال قد لخص فيه كتاب التنبيهات الذي هو للعلامة السيد هاشم التوبلي البحراني (ره) علي [ صفحه 218] تهذيب الأحكام كما تقدم الكلام عليه فيه فوائد جليلة وتنبيهات جميلة في علم الرجال لم توجد في غيره وله رسالة في الجهر والإخفات ولا سيما في الأخيرتين مفيدة جيدة وله رسالة في الأصول في غاية البلاغة والأحكام وله منظومة جليلة في الأصول الخمسة في غاية البلاغة والبراعة وله كتاب أوراد الأبرار في مأتم الكرار وهو المشهور في طرفنا بالأسفار يقرأ في الثلاث الليال من تسعة عشر إلي ليلة إحدي وعشرين غير تام بعد كل سفر منه قصيدة عجيبة من شعره (رحمه الله) وأكثر أشعاره له (رحمه الله) وهو كتاب جيد عديم النظير بل هو كتاب استدلال وقد أكمله الفاضل الشيخ محمد آل عصفور والد الشيخ حسين المشهور وله مراثي جليلة مشهورة تقرأ في المجالس الحسينية ومن أشهرها القصيدة المشهورة المربعة المشتملة علي نظم المقتل التي أولها. أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور++ وأنا المحرم عن لذاته كل الدهور إلي آخرها وكذلك القصيدة اللامية [43] التي مطلعها: من يلهه المرديان عن المال والأمل++ لم يدر ما المنجيان العلم والعمل إلي آخرها في غاية البلاغة ونهاية المواعظ البالغة مع حسن التلخيص، أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 218 - 225 وغير ذلك من أشعاره الفائقة وأقواله الرائعة التي اشتمل عليها كتابه الأسفار [ صفحه 219] وغيره ولقد كان مع ما هو فيه من الفضل والعلم والعمل يعمل بيده ويشتغل لمعيشته وعياله، حدثني شيخنا العلامة الثقة المقدس الصالح الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح (قدس الله سره) أنه وردت في زمانه مسائل من علماء أصفهان إلي البحرين ليجيب عنها علماؤها ووصلت إلي حاكم البحرين من جهة العجم فأرسل رجالا من عنده إلي علمائها ليجيبوا عنها ومن جملتهم الفاضل المذكور صاحب الترجمة (قدس الله روحه) فلما وصل رجال الحاكم إلي قريته دمستان وهي قرية صغيرة وأهلها فقراء وأكثر أرضها تسقي بالدلاء سألوا من رأوه عن الشيخ المزبور فأتي بهم إلي رجل عليه خلقان من الثياب يستقي دالية بالدلاء وفيها بعض الزرع والنخيل وعنده صبية تروس عليه وقال لهم هذا الشيخ الذي تسألون عنه فلما أخبرهم بذلك ظنوا أنه يهزأ بهم لما رأوا ما هو فيه فضربوه وآذوه فسمع الشيخ بما هنالك ورأي هيئة الحكام فأتي إليهم وسألهم عن ذلك فأخبروه بمقصدهم وأن هذا يهزأ بنا بإرشادنا إليك فقال لهم صدق إنه لم يهزأ بكم فما الذي تريدون؟ فقالوا: نريد الشيخ المجتهد الشيخ حسن الذي في هذه القرية فقال: وماذا تريدون منه؟ فقالوا له: أرسلنا إليه الحاكم بمسائل واردة عليه من أصفهان ليجيب عليها فقال لهم أنا طلبتكم فأتوني إياها فتبين لهم أن هذا هو الشيخ والذي أخبرهم صادق فسلموا عليه وقبلوا يديه وجلسوا معه في تلك الدالية وأعطوه المسائل فرآها وأمر تلك الصبية أن تأتي إليه بدواة وقلم وكتب الجواب بحضرتهم من غير مراجعة وأعطاهم إياه فتعجبوا من ذلك عجبا شديدا لما يعهدونه من زيادة التشخص وظهور الأبهة عند علمائهم وهذا بهذه الحالة (انتهي ما نقلته بالمعني). [ صفحه 220] وبالجملة هذا الشيخ من أعاظم العلماء الأتقياء وخلص الأولياء توفي (قدس الله سره) في بلدة القطيف يوم الأربعاء يوم الثالث والعشرين من شهر ربيع سنة 1281 هج إحدي وثمانين ومائتين بعد الألف من الهجرة صلي الله علي مهاجرها وآله ودفن في المقبرة المعروفة الحباكة والظاهر أن سبب مجيئه إليها من إحدي الحوادث والوقائع الواقعة علي البحرين التي لا تخلو منها في أغلب السنين وهو يروي عن الفاضل المتكلم الأمجد الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي بن أحمد البلادي [44] أحد مشائخ (صاحب الحدائق) كما تقدم الكلام عليه مفصلا ويروي عنه ولده العالم الفاضل الكامل الأمجد (الشيخ أحمد) قراءة وإجازة كما ذكره الفاضل الشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائي وعن (صاحب الحدائق) كما ذكره في (روضات الجنات) وهذا الشيخ لم أقف له علي ترجمة لأحواله بتفصيله وإجماله إلا أن إجازة هذين الشيخين الجليلين بل أحدهما وإجازته أيضا لمثل العالم الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين والشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائيين كافية في فضله وعلمه ونبله ولم أسمع له بشئ من المصنفات لا بتاريخ للوفاة غفر الله لنا ولهم ولآبائنا وللمؤمنين وجمعنا وإياهم في الجنات وعالي الدرجات بحق محمد وآله الهداة عليه وآله أفضل السلام والصلاة. [ صفحه 221]

الشيخ ياسين البلادي

(ومنهم) العالم الفاضل العامل المحقق الكامل الأمين الشيخ ياسين ابن الشيخ صلاح الدين البلادي البحراني كان رحمه الله تعالي من العلماء الأعلام والفقهاء الكرام إماما في الجمعة والجماعة وانتهت رياسة القضاء والحسبة الشرعية في بلاد البحرين إليه حتي عصفت عليها رياح المصائب والحدثان وفرقت شمل قاطنيها في كل مكان كما لم يزل ذلك بها في أكثر الأحيان وكان (قدس سره) ممن خرج منها إلي شيراز خاليا من الطارف والتلاد يقاسي ما لقيه من ألم الجراحات والضر الشديد قال رحمه الله في كتابه (الروضة العلية في شرح الألفية) الذي صنفه لابنه الشيخ علي في شيراز بعد الواقعة المذكورة قال بعد الخطبة المشتملة علي الحمد والثناء والصلاة علي سيد الأنبياء وآله الأئمة الأمناء: أما بعد فالعبد المسكين ياسين بن صلاح الدين عفي عنهما آمين يقول: إن ربي وله المنة علي حيث نجاني من غمرات وأهوال ومصائب وزلزال لأني ممن كنت في قلب هذه الهلكة والحين وتلك الطامة الواقعة علي أهل البحرين التي لم يقع مثلها في الأزمان كلا ولا، ولم تكن غير كربلاء فيا لها من مصيبة قد شربتها، ومن رزية قد تجرعتها، ثم إن لم أتحسر علي ما فات علي من المال ولا ما تلف علي من الحال بل أتذكر ضرب الرماح المريقة لدمي وملاطمة السيوف المبرية لأعضائي وأعظمي فلم أزل أسلي النفس عن ذكرها وأشغلها بالتسلي عن غيرها، وكيف تسلو وقد ترمتني بعدها أيدي الغربات، وتعاورتني أيدي الكربات، حتي ألقتني نون الآونة والأقدار، وقذقتني تحت يقطين الدار، [ صفحه 222] دار العلم والكمال شيراز، صانها الله من الزلزال، خاليا من الطارق والتلاد، ليس معي أصل أطالعه، ولا كتاب أراجعه، فخشيت أن يفوت مني ما كان معلوما، ويعسر علي ما كان لدي مفهوما، (إلي أن قال) وكان لدي الولد الأعز علي، علي علم النحو ولهان، لم يزل يلح علي علي كتاب يقرأه وشرح يديره ويراه لا جرم جزمت أن أعلق له شرحا علي ألفية ابن مالك أهذب فيها المطالب وأوضح منها المسالك (إلي آخر كلامه زيد في علو مقامه). ولم تزل أهل هذه البلاد في أكثر الأوقات والآيان تقاسي من أهل الظلم والعناد وأهل الزيغ والفساد ضروب النكال والنكاد حتي تفرقوا أيدي سبأ في سائر الأقطار وعمروا بالإيمان وشعائر الإسلام سائر الأمصار فكأنهم قد خصوا بالبلاء لما كانوا من خلص أهل الولاء فلهم أسوة بساداتهم الأطهار النبلاء ومن شعر صاحب الترجمة في تذكره لتلك الديار وبعده عن وطنه والجوار قال رحمة الله عليه: ليس البعاد عن الأهلين والدار++ وإن لقيت بها هما بأضرار بل عن منادمة الأحباب ويحك ما++ تري ضياعي عن الأهلين والجار هذي (أوال) فلا آوي بها وطن++ ولا حوت لأديب لا ولا دار أري معالمها تبكي عوالمها++ قد بدلت بعد سكن الدار بالدار إن الأمير بها من كان مفخرة++ إني التمست من العشار أعشاري وأمس كنت بدار الحكم يلحظني++ حامي الذمار عزيز الجند والجار إلي آخره، له مصنفات منها كتاب (معين النبيه علي رجال من لا يحضره الفقيه) مجلد حسن وكثير من المتأخرين عنه ينقلون منه وله كتاب (الروضة [ صفحه 223] العلية في شرح الألفية) وهو من أحسن الشروح عليها مجلد كبير بقدر شرح ابن الناظم وكثيرا ما يعترض عليه فيه، وله كتاب (الفوائد العربية) متن جيد مليح أكبر من الكافية، وله حواشي كثيرة علي الفوائد المذكورة بمنزلة الشرح، وسمعت أن له شرحا علي شرح ابن الناظم أكثر فيه من الرد والاعتراض عليه سماه (السيف الصارم في أرد علي ابن الناظم) ونقل أن بعض تلامذته كتب كتابا في الإنتصار لابن الناظم سماه (السيف السنين في الرد علي مولانا الشيخ ياسين) فلما وقف الشيخ عليه قال له: لم لا قلت في رقبة ياسين وهو (قدس سره) صاحب الرسالة المتضمنة لما يزيد علي تسعين مسألة من مشكلات المسائل في علوم شتي وأرسلها إلي العالم العامل المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني وأجاب عنها جوابا شافيا كافيا في مجلد كبير وفي آخره أجاز له لطلبها منه وسماه (منية الممارسين في جواب مسائل مولانا الشيخ ياسين) وهو عندنا وهو أحسن مصنفاته ولم أدر بتاريخ وفاته ولا محل قبره، وهل هو بقي في شيراز أم رجع إلي البحرين لعدم وقوفي علي ترجمة له تغمده الله برحمته وسمعت من بعض الفضلاء الثقات أن لهذا الشيخ ولدا صالحا فاضلا عالما صالحا اسمه كاسم جده (صلاح الدين) له بعض المصنفات لم أقف علي شئ منها والله العالم.

الشيخ محمد مهدي المقشاعي

(ومنهم) العالم الفاضل الأسعد الشيخ محمد مهدي ابن الشيخ أحمد المقشاعي المقابي البحراني، له منسك كبير مجلد وجدناه بخطه فرغ من تصنيفه [ صفحه 224] سنة 1210 ه ولم أقف علي شئ من أحواله ولا شئ من مصنفاته غير ما ذكرناه ولا تاريخ لوفاته ضاعف الله له حسناته وحشره في زمرة أئمته وهداته.

الشيخ علي البلادي

(ومنهم) العالم الأديب الكامل الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محمد البلادي البحراني (ره) كان رحمه الله تعالي فاضلا أديبا كاملا، له كتاب (وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام) مجلد حسن الترتيب والتأليف وله فيها بعض الأشعار وينقل فيها كثيرا من أسفار الدمستاني، ولم أقف علي شئ من أحواله ولا تأريخ وفاته ضاعف الله حسناته.

الشيخ محمد علي القط

(ومنهم) العالم العامل الفقيه الكامل التقي الشيخ محمد علي ابن غانم القطري البلادي البحراني كان رحمه الله عالما عاملا فاضلا محدثا كاملا من تلامذة المرحوم الشيخ حسين ابن عصفور (ره) المتقدم ذكره، وقرأ المفعول علي بعض الأساطين من أهل العرفان وله الإجازة منه ومن العلامة الشيخ حسين وله كتاب (الكواكب الدرية في مذهب الاثني عشرية) سمعت من شيخنا العلامة الصالح الرباني الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح البحراني إنه بقدر كتاب (البحار) للمجلسي (ره) رأيت منه مجلدين مجلد في الزكاة والصوم يذكر فيه الروايات وأقوال الأصحاب ويكثر فيه النقل عن شيخه الشيخ حسين (المتقدم ذكره) ويعبر عنه بشيخنا ومجلد في أحوال البرزخ والمعاد مصنف حسن جيد مليح [ صفحه 225] والظاهر أنه أكمله وعدم خروجه من البحرين واشتهاره وتقاصر الهمم والحوادث التي جرت علي بلادنا البحرين أوجبت عدم اشتهاره بل إعدامه وأشباهه من كتب أكثر أهل البحرين وله شرح علي (الدرة الغروية) منظومة السيد السند بحر العلوم الطباطبائي مجلد أو مجلدان والظاهر أنه تام أيضا ولم أقف عليه ولكن رأيت شرح بيت من أبياتها علي الحاشية في بعض النسخ وكان [قدس الله روحه] علي ما هو عليه من العلم والفضل والاشتغال بتصنيف الكتب الكبار جوهريا للؤلؤ ومرجعا لأهله بحيث إذا اشتبهت لؤلؤة علي أهل هذا الفن يرجعون أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 225 - 232 إليه في تمييزها فيخبرهم عن حقيقتها وذلك لأنه وأهل بيته تجار فيه وهو من بيتهم اشتغل في العلوم فحصل ما هو خير من لؤلؤه المنثور والمنظوم ولم أقف علي شئ من أحواله غير ما ذكرناه ولا تاريخ لوفاته وموضع قبره أزاد الله في مقامه وقدره. ولهذا الشيخ ولد فاضل عالم كامل اسمه " الشيخ غانم " إلا أني لم أسمع بشئ من أحواله وتفصيله وإجماله سوي المسائل التي أرسلها للعلامة الأمجد رفيع المقدار الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبد الجبار الآتي ذكره إن شاء الله تعالي في أحوال رجعة قائم آل محمد " ص " عجل الله فرجه وفرجهم وفرجنا بهم وهي مسائل عظيمه جيدة مفيدة تبني عن فضل عظيم للسائل وأجابه عنها بأحسن جواب وجعل الجواب عنها بمنزلة الشرح لها وهي عندنا ولله الحمد. [ صفحه 226]

الشيخ علي الجد حفصي

" ومنهم " العالم العامل الفقيه المحدث الكامل الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ يحيي الجد حفصي البحراني من تلامذة المرحوم المبرور الشيخ حسين آل عصفور، له مصنفات كثيرة منها كتاب مختصر شرح شيخه علي المفاتيح المسمي (بمصابيح الأنوار اللوامع) وله كتاب " حياة القلوب " في الفقه مجلدان كامل الفقه عندنا وله أيضا كتاب " حياة القلوب " كبير مبسوط في مجلدات لم أقف عليه ولا أدري هل هو كامل الفقه أم لا وله رسالة في طهارة الماء القليل بملاقات النجاسة كما ذهب إليه ابن أبي عقيل وجنح إليه جماعة من متأخري المتأخرين كشيخنا البهائي والكاشاني والشيخ سليمان الماحوزي البحراني والفاضل الشيخ حسن الدمستاني البحراني وغيرهم، وله رسالة في حكم الدفين المستعمل في بلاد القطيف والبحرين وكيفيته، أن مالك البستان مثلا يبيع أو يوقف أو يتصدق أو غير ذلك من أنواع النواقل الشرعية من نماء ذلك البستان من عينه وغلاته شيئا معلوم الكمية والكيفية مستمرا علي الدوام والاستمرار كعشرين منا مثلا من أمنان تلك البلاد المتعارفة بينهم صافية من الخراجات الديوانية والاصطلاحات العرفية بحيث لو نقص ذلك البستان أو ذهب أكثره فهو باق علي حاله لا يصيبه شئ من النقص ولو لم يبلغ إلا ذلك القدر الذي باعه أو وقفه مثلا دون صاحب الأصول وهذه المسألة في غاية الإشكال والداء العضال مع كثرة الابتلاء بها في تلك المحال والأوفق بالقواعد الشرعية والأصول المعتبرة المرعية [ صفحه 227] هو البطلان لأن هذه النواقل الشرعية من البيع وشبهه نواقل للأعيان والأصول وهذا لا عين له وله أصل فهو مجهول فالبيع والوقف وشبهها غير متحقق في حقه نعم ربما تتجه الصحة علي أشكل فيما لو أوصي لأحد بإعطاء شئ معين من ثمرة ذلك البستان أو باع الأصل وشرط شيئا من ثمرته سنين معلومة وبالجملة فهذا المتداول في طرفنا وأكثره من الزمن القديم المستعمل غير موافق للقواعد الشرعية والأدلة المرعية ومطالعتي لهذه الرسالة من قديم الزمان ولا أحفظ ما ذهب إليه هذا الفاضل فيها صحة أو فسادا ولا دليله علي ما ذهب إليه والله العالم، وهذا الشيخ قد انتقل من البحرين وسكن بلاد " مينا " من بلاد العجم وصارت له رئاسة ومرتبة عظيمة ولعل تنقله من بعض الحوادث الحادثة علي البحرين والظاهر أن له مصنفات غير ما ذكرناه لم أقف عليها لأني لم أقف علي ترجمته، تغمده الله برحمته وأحلنا وإياه وآباءنا والمؤمنين في دار كرامته بجوده ومنه.

الشيخ ناصر المنامي

" ومنهم " الشيخ الفاضل الفاخر الشيخ ناصر بن عبد الحسن المنامي [45] . [ صفحه 228] البحراني " ره " كان من العلماء الفضلاء من تلامذة الفاضل العلامة الشيخ حسين الماحوزي البحراني المتقدم ذكره وقد رأيت الانهاء له بخط الشيخ حسين المذكور علي آخر شرح التجريد للأصفهاني وله عليه بعض الحواشي بخطه وكان خطه في غاية الجودة والملاحة ولم أسمع له بمصنف ولا تاريخ لشئ من أحواله ووفاته ضاعف الله حسناته.

الشيخ عبدالله البلادي

" ومنهم " العالم العامل المحقق الكامل الأواه الشيخ عبد الله ابن العالم المرحوم الشيخ يوسف البلادي البحراني وهو من جملة آبائنا وأرحامنا والظاهر أنه من أعمام جدي (قدس الله أرواحهم وطيب أشباحهم) وكان عالما فاضلا مجتهدا معاصرا للعلامة الشيخ حسين بن عصفور، رئيسا لأهل الأصول في البلاد القديم وكان أكثر أهل البلاد من القديم من أهل الأصول في مقابلة الشيخ حسين لرئاسته علي المحدثين، وله أخ فاضل يسمي " الشيخ عبد الحسين " عندنا من آثاره المجلد الأول من (الوافي) وقف علي ذريته وهو عندنا وله مسائل عظيمة مشتملة علي فروع ونكت في الكفر وأقسامه، أرسلها لبعض العلماء الأساطين وأجاب عنها، تدل علي فضل عظيم للسائل، وكان أبوهما الفاضل (الشيخ يوسف) من العلماء الفضلاء إلا أني لم أقف علي شئ من المصنفات لأحد منهم لاندراس آثارهم وانقطاع أخبارهم ولا علي تاريخ لوفاياتهم ضاعف الله حسناتهم وعفي عن سيئاتهم آمين، ولعل لهم كتبا ومصنفات وعدم الوجدان لا يدل علي عدم [ صفحه 229] الوجود والله بحقائق الأمور وهو العليم الخبير.

الشيخ محمد بن خلف الستري

(ومنهم) العالم العامل التقي الورع الكامل الشيخ محمد بن خلف الستري البلادي البحراني كان (ره) من أهل سترة (قرية من البحرين) ثم انتقل إلي البلاد القديم وبها توفي كان (قدس الله سره ونور قبره) من العلماء المتقين والفضلاء المتورعين والفقهاء الزاهدين محتاطا في دينه ثابتا في يقينه كان من تلامذة المرحوم جدنا الشيخ عبد الله (المتقدم ذكره) ومن تلامذة الشيخ حسين آل عصفور، له حاشية حسنة علي زبدة الأصول لشيخنا البهائي ونقل فيها حواشي المصنف، وله رسالة في أحكام الشك والسهو ينقل فيها كثيرا عن شيخه الشيخ حسين ويعبر عنه بشيخنا لم أقف له علي غيرهما وكان يحتاط كثيرا ويتحرج عن الفتوي، والتمس منه جماعة كثيرة رسالة عملية وألحوا عليه فلم يعمل سوي هذه الرسالة الشكية السهوية المتقدم ذكرها ومع ذلك شرط عليهم في أولها شروطا كل ذلك تحرجا وتورعا من الفتوي وقبره (قدس سره) في مقبرة البلاد ولم أعلم بسنة وفاته ضاعف الله حسناته ومن تلامذته العالم التقي السيد علي ابن السيد إسحاق البلادي الستري البحراني وسيأتي إن شاء الله الكلام علي ترجمته. [ صفحه 230]

الشيخ عبدالرضا بن المكتل

(ومنهم) الأديب الأريب المحدث الشيخ عبد الرضا بن محمد بن المكتل البحراني " المكتل بضم الميم وفتح الكاف وتشديد التاء " وكان يعبر عن نفسه بالأوالي " أي نسبة إلي جزيرة أوال " كما قدمنا ذكره، له كتاب (وفاة الإمام الرضا عليه السلام سماه (بالتهاب نيران الأحزان في وفاة غريب خرسان) مبسوط وله كتاب (وفاة الإمام الزكي الحسن السبط عليه السلام) وأورد فيهما أحاديث غريبة وأخبارا نادرة وأقاصيص عجيبة لم نقف علي كثير منها في الكتب المعتبرة والسير المشتهرة والتواريخ المنتشرة وحسن الظن في مثل هذا المقام ولا سيما بمثل الأحاديث التي ذكرها في وفاة الإمام الرضا (ع) التي لم يذكرها رئيس المحدثين الصدوق القمي في (عيون الأخبار) وغيره من الأصول المعتبرة من كتب الأخبار بعيد جدا من جهة العادة والاعتبار بل بعضها مخالفة لتلك الروايات المشتهرة غاية الاشتهار، لأن قدمائنا (رضوان الله عليهم وجمعنا وإياهم في دار القرار) ولا سيما المحمدين الثلاثة بذلوا الجهد في جمع الأخبار وتنقيتها عن الأغيار وهذا وغيره ممن تأخر عنهم إنما يقفون آثارهم وينقلون من أخبارهم ويستبقون في مضمارهم ويلتقطون من دور أفكارهم، نعم ربما يختلفون معهم في فهم المعني ودلالة الألفاظ وما أشبه ذلك ومن وقف علي كتابيه المذكورين من ذوي الاطلاع التام ولا سيما كتاب وفاة الإمام الرضا (ع) المشتهر في هذه الأزمان والأعوام علم حقيقة ما قلناه وحقيقة ما ذكرناه، علي أن كثيرا من [ صفحه 231] أخبارهما مراسيل فهي في غاية الضعف والتجهيل والله العالم بالدقيق والجليل وأمناؤه أهل الوحي والتنزيل ولم أقف له علي ترجمة شئ من أحواله بل ولا عصره بل ولا محل قبره تجاوز الله عن سيئاته وضاعف حسناته.

الشيخ عبدالله الشهيد البحراني

(ومنهم) العالم الأواه الشهيد الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد بن غدير البحراني (تغمده الله برحمته وأحل بقاتله وبال نقمته) هكذا ذكره المحقق الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي (ره) في جواب المسائل التوبلية وله (مسائل وجوابها) وهي مسائل جيدة تبني عن فضل وعلم ذكرها في المجلد الثاني من جوامع الكلم ولم أقف علي شئ من أحواله ولا علي سبب شهادته تغمده الله برحمته.

الشيخ أحمد آل ماجد البلادي

(ومنهم) العالم الشيخ الأرشد الماجد الشيخ أحمد ابن المقدس الممجد الشيخ محمد آل ماجد البلادي البحراني، له رسالة في تحقيق الكاف من قوله تعالي: " ليس كمثله شئ " هل هي صلة أي زائدة أم أصلية جيدة تبني عن فضل ذكرها الشيخ أحمد بن زين الدين في المجلد الأول من جوامع الكلم، وقد شرحها ولم أقف له علي ترجمة ولا علي شئ من مصنفاته علي تقديرها سوي ما ذكرناه غفر الله لنا وله ولآبائنا وأبنائنا وللمؤمنين وأعطانا وإياهم خير الدنيا [ صفحه 232] والدين إنه أرحم الراحمين.

السيد عبدالصمد الزنجي

(ومنهم) العالم الأسعد السيد السند السيد عبد الصمد ابن السيد العلي السيد علي ابن السيد أحمد الزنجي البحراني (نسبة إلي أرض الزنج قرية من قري البحرين) وهو جد السيد الفاضل العالم المعاصر سيدنا السيد ناصر ساكن البصرة أيده الله تعالي وقد ذكرنا ترجمته وترجمة آبائه في ص 97 من هذا الكتاب وأن لقبهم آل أبي شبانة وأصله من قرية مني ثم سكنوا أرض الزنج ولهم فيها أملاك وبيوت، ذكره الشيخ أحمد بن زين الدين وذكر أن له بحثا طويلا مع الشيخ أحمد آل ماجد المتقدم ذكره وعمل الرسالة المتقدم ذكرها بأمر السيد المذكور ولم أقف علي ترجمة ولا مصنف إلا أن كلام الشيخ أحمد بن زين الدين يدل علي أنه من أهل التحقيق وأهل هذا البيت معروفون بالعلم والتدقيق من أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 232 - 238 قديم الزمان كما أخبرني به سبطه سيدنا السيد المعاصر الفاخر السيد ناصر وكما قدمناه من تراجمهم وأحوالهم كما لا يخفي والله عز وجل أعلم وأدري.

السيد هاشم الصياح الستري

(ومنهم) السيد النجيب الأديب السيد هاشم المعروف بالصياح (ره) الستري البحراني كان (رحمه الله تعالي) أديبا شاعرا له يد طولي في علم التجويد ولهذا يلقب بالقارئ سمعت من شيخنا الثقة العلامة المرحوم الصالح الشيخ أحمد [ صفحه 233] ابن المقدس الشيخ صالح (قدس سره) أن له كتابا في القراءة سماه (هداية القارئ إلي كلام البارئ) وله القصيدة الغراء التي أولها: قم جدد الحزن في العشرين من صفر++ ففيه ردت رؤوس الآل للحفر وهي مشهورة وعندنا كتاب مقنعة الشيخ المفيد (رحمه الله) نسخة قديمة جدا عليها تملكه وأنهي نسبه فيها إلي الإمام العالم موسي بن جعفر الكاظم (ع) ولم أقف له علي ترجمة تغمده الله بالرضوان والرحمة.

الشيخ عبدالله الستري

" ومنهم " العالم العامل الفقيه المحدث الكامل العري عن البأس الشيخ عبد الله ابن المرحوم الشيخ عباس الستري البحراني كان رحمه الله تعالي من بقايا علماء البحرين الأتقياء الورعين المصطفين الزاهدين العابدين كثير النوافل والصيام والزيارة للأئمة الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام وكان مشتغلا بالتدريس في قريته الخارجية من جزيرة ستره يحضر عنده جملة من الطلبة والعلماء كثير المواظبة علي البحث والتصنيف متواضع النفس، حدثني شيخنا الثقة العلامة الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح وكان أبوه الصالح من جملة تلامذته وهو أيضا أدركه وقرأ عنده قليلا في علم التوحيد: إنه يجلس في مجلس التدريس وقبل اشتغاله بالدرس كان هو والحاضرون من العلماء المشتغلين يشتغلون في فتل الحبال وتمييلها لأجل صنعة الفرش المسماة ب " المداد " وكانت معايشهم منها وله ولأولاده من بعده دكاكين لصنعتها بالأجرة فإذا أكمل الطلبة والعلماء الذين يدرسون عنده [ صفحه 234] أخذ مما صنعوه من الميال والحبال واشتغل بالدرس وكان يقرر في " تهذيب الأحكام " و " شرح اللمعة " و " الشرائع " مثلا ورسالته العملية " والقطر " و " ابن الناظم " بل وحتي " الأجرومية " علي قدر قوابل أولئك الحاضرين ولا تأنف نفسه عن صغير أو كبير كما يستعمله الأكثر وحدثني أيضا شيخنا العلامة وابنه المقدس الشيخ محمد علي بوأهما الله في دار الكرامة أنه أصابه مرض في أواخر عمره في عينيه فعميتا معا وبقي علي حالته من التدريس والتصنيف والجمعة والجماعة وصنف كتاب " معتمد السائل في الفقه كله " إملاء بقدر كتاب تبصرة العلامة أو أكبر قليلا، وسافر إلي حج بيت الله الحرام وزيارة النبي وآله الكرام " عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام " ويسير الله له ببركة النبي " ص " طبيبا حاذقا من العجم في الطريق بين مكة والمدينة فعالج عينيه فبرأت واحدة منهما ولو صبر علي شرط ذلك الطبيب لبرئت عيناه وذلك ما أراده الله، وبقيت عينه سالمة صحيحة إلي أن توفي " قدس الله روحه " وله مصنفات كثيرة منها شرح " مختصر النافع "، مجلدان وله تفسير القرآن مختصر. وله كتاب " الخلافيات " وهو المسائل الخلافية بين الأصحاب كامل الفقه مجلد له رسالة " منية الراغبين " في الطهارة والصلاة وله رسالة أصغر منها سماها " الجوهرة العزيزة " وله شرح علي شرح السيوطي للألفية في النحو وله رسالة في حكم الجهر والإخفات بالتسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب وحكم البسملة كذلك وله كتاب " معتمد السائل كامل الفقه " فيه ألفا مسألة وله أجوبة مسائل كثيرة متفرقة رأيت منها مجلدا كاملا ومن جملتها أجوبة مسائل لوالدي المرحوم " قدس الله سرهما " ونور قبرهما، وله رسالة في الرد علي بعض العلماء [ صفحه 235] من معاصرين في الإعتقادات مختصرة غير وافية بالمراد وله مراثي علي سيد الشهداء وإمام السعداء أبي عبد الله الحسين وتوفي " قدس سره " وعمره يقرب من ثمانين سنة ودفن في جانب مسجده من الجنوب في قرية الخارجية وقد زرت قبره ودفن أولاده بعده معه وقرأ عند جماعة منهم الشيخ حصين بن عصفور وبعده علي ابنه العالم المؤتمن الشيخ حسن وله الإجازة عنه ويروي عنه بعض فضلاء وعلماء العراق. وله تلامذة صلحاء منهم العالم الزاهد العابد الصالح الشيخ صالح بن طعان الستري البحراني والد شيخنا العلامة الأرشد الثقة الأمجد التقي الأسعد الشيخ أحمد وكان الشيخ صالح المذكور من العلماء الأتقياء الورعين العابدين الزاهدين سمعت إنه لم يلبس لباسا فيه شئ من الإبريسم قط، انتقل من جزيرة سترة إلي قرية المنامة مع ابنه شيخنا العلامة وانتقل إلي رحمة الله في سفره إلي مكة المشرفة بالطاعون ومعه والدي المقدس المرحوم وتوفي بعده بأيام يسيرة مهاجرا لزيارة رسول الله " ص " في المنزل المسمي برابغ سنة 1281 ه ج. وتوفي معهما جماعة من صلحاء البحرين تلك السنة، تغمدهم الله جميعا وإيانا والمؤمنين والمؤمنات برحمته وجمعنا وإياهم في دار كرامته مع محمد المصطفي وآله وعترته صلي الله عليه وآله وذريته. وللشيخ صالح " ره " كتاب حسن سماه " لؤلؤة الأفكار المستخرجة من بحار الأنوار " بمنزلة كتاب مسكن الفؤاد لشيخنا الشهيد الثاني (قده) أكبر منه وقد صنفه تعزية وتسلية لبعض أقاربه. ومن تلامذة الشيخ المذكور العالم الأسعد الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد والفاضل الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي الستريين وكانا من أقاربه [ صفحه 236] ومنهم أيضا الفاضل الورع العلي المقدس الشيخ محمد علي المعاصر كان من العلماء الأخيار توفي (قدس سره) وعمره يقرب من تسعين سنة ودفن عند قبر أبيه وابنه العالم الأواه الشيخ عبد الله وقد توفي قبله بسنتين تقريبا، غفر الله لنا ولآبائنا ولهم ولجميع المؤمنين والمؤمنات وأعطانا وإياهم خير الدنيا والآخرة بحق محمد وآله الهداة.

الشيخ علي الستري البحراني

(ومنهم) العالم العامل والمجتهد الكامل المحقق المجاهد لأعداء الدين والمرابط في سبيل الله في الثغر الذي يلي إبليس القوي اللعين العالم الرباني الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي الستري البحراني، انتقل من البحرين وسكن (مسقط) ثم سكن لنجة في أواخر عمره وبها توفي، كان رحمه الله تعالي من العلماء الأعلام والفقهاء الكرام والنقاد الكرام العظام ومن رؤساء أهل النقض والإبرام والاجتهاد التام، ومن نظر إلي مصنفاته وتحقيقاته عرف صدق ما قلناه وحقيقة ما ذكرناه، انتقل من البحرين وسكن مطرح في زمان والده وهدي الله به أهل تلك الديار ولا سيما الطائفة المعروفة بالحيدر آبادية فكانوا ببركاته ذوي معرفة ودين وثبات ويقين بعد أن كانوا أصحاب جهل وتهاون بالدين وأقام بها مدة مديدة في غاية الإعزاز والإكرام مشتغلا بالتصنيف والعبادة والمطالعة والتأليف متصديا لأجوبة المسائل وإيضاح الدلائل، ثم بعد ذلك حدثت قضية أوجبت خروجه منها وسكن بلدة لنجة من توابع إيران إلي أن أدركه الأجل [ صفحه 237] المحتوم والقضاء المبروم فتوفي بها في شهر جمادي سنة 1319 هج. وكان (قده) من المعاصرين ولم أجتمع به، له من المصنفات الرشيقة والتحقيقات الأنيقة كتاب (لسان الصدق) في الرد علي النصاري علي كتاب لبعض أحبارهم ولقد أجاد بما أجاب وطابق الواقع والصواب وقد ذكر في آخره خاتمة جيدة في الإمامة وختمه بقصيدة فريدة متضمنة لما قرره في الكتاب وكتاب (منار الهدي في إثبات النص علي الأئمة الأمناء) تعرض فيه لنقض كلام ابن أبي الحديد المعتزلي وأصحابه ولرد كلام القوشجي في شرح التجريد وأضرابه من معتزلة وأشاعرة وهو كتاب جليل، ومصنف عديم المثيل، محكم الدليل، هاد إلي سواء السبيل، يستحق أن يكتب بالتبر علي الأحداق، لا بالمداد علي الأوراق، كما لا يخفي علي أولي الفضل والحذاق، وقد قلت فيه مادحا وله مقرظا نصرة للحق وأهله وتقربا لله ورسوله وآل رسوله وإن لم أجتمع بصاحبه: هذا منار الهدي حقا وذا علمه++ هذا لسان الهدي حقا وذا قلمه فالزم محجته واسلك طريقته++ تلق النجاة يقينا حين تلتزمه فالحق نور عليه للهدي علم++ من أمه مستنيرا قاده علمه ولنا عليه أيضا تقريظ آخر في أبيات جيدة تقارب عشرين بيتا ذكرناها في كتابنا المسمي (بجنات تجري من تحتها الأنهار) في المناظيم العلمية والمدائح والمراثي وسائر الأشعار نسأل الله تعالي إكماله، وله كتاب (قامعة أهل الباطل) في الرد علي بعض الحنفيين المحرمين لتعزية الحسين " ع " ابن سيد المرسلين صلي الله عليه وآله الطاهرين، وقد أجاد فيما أفاد وطابق الحق والسداد وقمع [ صفحه 238] به أهل النصب والعناد والنفاق واللداد فجزاه الله خير الجزاء في الحشر والمعاد وله رسالة عملية حسنة في الطهارة والصلاة وله كتاب (الأجوبة العلية للمسائل المسقطية) وقد جمعها تلميذه وابن أخته الشاب الأسعد الشيخ أحمد ابن الحاج محمد بن سرحان البحراني ورتبها علي ترتيب الفقه وهو كتاب نفيس وجامع أنيس، وله رسالة في بعض مسائل التوحيد رد فيها علي بعض السادة من العلماء المعاصرين، وله رسالة في التقية وأحكامها، وله رسالة في المتعة وفضلها، وله رسالة في الفرق بين الإسلام والإيمان وتحقيقهما، وله رسالة في نفي الاختيار في الإمامة عقلا ونقلا حسنة جيدة محكمة الأدلة وله رسالة في وجوب الاخفات بالبسملة في الأخيرتين وثالثة المغرب لمن قرأ الفاتحة خلافا للمشهور ووفاقا لابن إدريس الحلي (ره) وهذه الرسالة قد نقضها شيخنا العلامة الفهامة الأسعد الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح نقضا جيدا محكما وهو عندنا، وله أجوبة مسائل كثيرة وجوابه في غاية البسط والإيضاح والاستدلال كما هو الغالب في أجوبة أمثاله من علماء بلادنا الأبدال، شكر الله سعيهم الجميل وأثابهم بالأجر الجزيل، والظاهر أن له عندنا من المصنفات غير ما ذكرناه لكن عددنا ما رأيناه وأكثرها ولله الحمد عندنا وأكثر كتبه مطبوعة الآن، وسمعت مستفيضا أن له (قدس سره) حافظة أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 238 - 245 عظيمة في التواريخ والحديث والسير والأدب وأشعار العرب وله أشعار رائقة جيدة بليغة قرأ عند والده الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي (المتقدم ذكره) والظاهر أنه لم يقرأ علي غيره وقراءته بالنسبة إلي علمه وتحصيله قليل يسير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل الكبير، وسمعت شيخنا العلامة الصالح يذكر أن قراءته علي أبيه قليلة جدا ولكنه ذو حافظة وذكاء مفرط وفرغ نفسه للمطالعة [ صفحه 239] والتصنيف وبعض التدريس والتأليف وسمعت من بعض المطلعين إنه مات شهيدا مسموما ولعنة الله علي الظالمين ورحمنا الله وآبائنا وإياه وإخواننا المؤمنين في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

السيد ناصر ابن السيد أحمد

(ومنهم) العالم الفاخر العلم الظاهر والنور الزاهر المحقق المعاصر الركن المعتمد السيد ناصر ابن المرحوم السيد أحمد ابن السيد عبد الصمد البحراني، يتصل نسبه الشريف إلي من قدمنا ذكرهم وذكرنا شرفهم وفخرهم من العلماء الأعلام والسادة الكرام وهم آل أبي شبانة، وحدثني أيده الله تعالي وحرسه أن مسكن آبائه الأقدمين قرية (مني) من البحرين، ثم انتقلوا منها إلي قرية أرض (الزنج) من البحرين وبيتهم الرفيع وأملاكهم فيها إلي الآن، وحدثني أيضا سلمه الله تعالي أن آباءه وأجداده ينتهون إلي الإمام موسي بن جعفر عليه وعلي آبائه وأبنائه المعصومين صلوات رب العالمين كلهم علماء فضلاء أدباء كملاء انتقل من البحرين مع أبيه إلي مسقط ثم إلي العجم ثم إلي زيارة العتبات الشريفة والمشاهد المنيفة وحضر بحث شيخنا العلامة المحقق الشيخ مرتضي الأنصاري فأعجب به وطلب من أبيه إبقاءه في النجف الأشرف للاشتغال ولو مقدار سنتين فأبي وذكر إنه غير محتاج لذلك وبالغ الشيخ معه فيما هنالك وتكفل له بمصارفه فلم يرض أبوه بذلك وكان أبوه يعتقد فيه أنه أعلم العلماء وأفضل الفقهاء وانحدر علي طريق البصرة فيسر الله لأهلها التشرف عندهم بمقامه وأن يكونوا من [ صفحه 240] أصحابه وخدامه فشرف بمقامه قدرها وعلي فخرها وكان السيد المذكور آية من آيات الله في الذكاء وقوة الذاكرة والملح والنوادر والطرائف والظرائف مع الجلالة والعظمة والوقار والهيبة وكان والي البصرة ورؤساؤها وسائر الحكام من الخاص والعام يعظمونه غاية التعظيم والإكرام ويزورونه في بيته الرفيع المقام وهو أيضا يزورهم لحسن المعاشرة والالتئام لا يمله جليسه ونسأل الله تعالي أن يديم له البقاء السعيد ويمتنع المؤمنين بيمنه المبارك الرشيد فإنه تنقطع بموته هذه السلسلة الطيبة لعدم وجود خلف له من ذريته وطائفة، والظاهر أنه ميؤوس من الولد والله ولي التدبير وهو علي كل شئ قدير وسمعت أن له الإجازة من العالم الفاضل الأفخر الشيخ مهدي ابن العالم الشيخ علي ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر النجفي صاحب (كشف الغطاء) ولا أدري هل له إجازة من غيره أم لا. له من المصنفات كتاب في التوحيد مجلد وسط علي قواعد الحكماء والمتكلمين، حسن جيد استعرته منه وطالعته في بعض أسفاري للعتبات الشريفة وكتبت عليه بعضا من المدح والتقريظ وقد نسيت الآن اسمه وله رسالة في مقدمة الواجب. وله منظومة في الإمامة ولا سيما في أحوال يوم الغدير قرأ علي سلمه الله تعالي جملة منها وله قصائد جيدة في رثاء جده الحسين (ع) بليغة ومرثية علي والده مليحة بليغة قرأ علي كثيرا منها ولا أدري له من المصنفات غير ما ذكرناه أم لا نسأل الله الكريم الحميد أن يمد له ولنا ولإخواننا المؤمنين ولا سيما العلماء في العمر السعيد ويمتعنا بالعيش الرغيد ويوفقنا إلي ما يحب ويريد ويختم للجميع منا بخير بقي وسعادة وشرف مزيد. [ صفحه 241]

السيد شبر الستري

(ومنهم) العالم المحدث الأجل السيد شبر ابن السيد علي ابن السيد مشعل الستري البحراني الغريفي كان رحمه الله تعالي من العلماء المحدثين والفقهاء المتبحرين والظاهر أن أكثر تحصيله عند علماء الجزائر المعروفين بالأخباريين وله منهم الإجازة وأول تحصيله في البحرين عند العالم الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عباس الستري البحراني وكان مسكنه البصرة تارة والمحمرة أخري. وله تصانيف منها رسالة سماها (معراج التحقيق إلي منهاج التصديق) مبسوطة في أصول الفقه، ورسالة سماها (مهذب الأفهام في مدارك الأحكام) مختصرة من تلك الرسالة وله رسالة في أجوبة تسع في التوحيد وأصول الفقه من مشكلات المسائل في غاية البسط والتحقيق والمسائل المذكورة لشيخنا العلامة الأمجد الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح في مبادئ أمره، وله أجوبة مسائل وحواشي علي بعض الرسائل وله رسالة في النقض علي جواب السيد التقي السيد علي ابن السيد إسحاق البلادي البحراني لمسائل للسيد شبر المذكور (ره) في غاية الجودة والأحكام والجميع عندنا والظاهر أن له غير ما ذكرنا من المصنفات لم أقف عليها وكان شاعرا مفوها. وله أربع مسائل في أصول الفقه تشبه الألغاز أرسلها للعالم الزاهد الصالح الشيخ صالح والد شيخنا الأمجد العلامة الشيخ أحمد فأجابه فيها عنه ابنه شيخنا [ صفحه 242] المذكور جوابا شافيا كافيا مبسوطا في مجلد حسن سماها (الدرر الفكرية في أجوبة المسائل الشبرية) عندنا وكان السيد شبر المذكور في آخر عمره أخذته الغيرة الإيمانية علي ما جري علي أهل البحرين من الحكام المتغلبين عليها من الظلم والعدوان وغصبهم الأموال وتشتتهم في كل مكان وأداه نظره واجتهاده وإن لم يوافقه عليه أكثر علماء زمانه إلي جمع العساكر من أهل البحرين والقطيف الساكنين هناك لأخذ بلاد البحرين من أيدي أولئك المتغلبين الظالمين فاقتضي نظره الشريف أن يستند أولا إلي سلطان العجم وهو " ناصر الدين شاه القاجاري - ره " ليكون له ظهرا ولكون البحرين ملكا للعجم وتغلب عليها أولئك فلما سمع بذلك المتغلبون عليها هنالك أرسلوا إلي حاكم شيراز بالهدايا الكثيرة والبراطيل الوفيرة لكسر سورة ذلك السيد وسافر ذلك السيد إلي شيراز فلم يجتمع به ذلك الحاكم ولم ينظر إلي ما جاء إليه ذلك العالم فبقي في شيراز مقدار أربعة أشهر متكدر الخاطر عادم المعين والناصر إلي أن توفي (قده) بغصته قبل بلوغ أمنيته " وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ " والدنيا عدوة الأحرار معاندة للأبرار تغمده الله برحمته وحشره مع آبائه وأئمته.

عدنان ابن السيد شبر

" ومنهم " ابنه السيد الفاضل رفيع القدر والشأن السيد عدنان خلفه أبوه صغيرا واشتغل بالعلوم في النجف الأشرف وكان ذكيا فطنا زكيا عالما عاملا قرأ في الأوليات عند جماعة من الفضلاء منهم ابن عمه الفاضل الكامل الفطن التقي [ صفحه 243] السيد علي البحراني (ره) من سكنة النجف الأشرف هو وأبوه قديما صحبته وحضرت معه بحث العالم الفقيه الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي أصلا النجفي مدفنا وتحصيلا (قدس سر ونور ضريحه) وهذا السيد النجيب (أعني به السيد علي البحراني) من العلماء النبلاء دقيق النظر له يد طولي في العقليات والهيئة من أهل الغريفة قرية من البحرين، له منظومة في الهيئة شرحها تلميذه وابن عمه السيد عدنان المذكور شرحا حسنا والظاهر أن له منظومة أخري والظاهر أنه شرحها أيضا ابن عمه المذكور، وله منظومة في المواريث كما سمعته منه وقرأ علي بعضها وله أيضا مصنفات ومناظم ذكرها لي ونسيت أسماءها الآن، (توفي قدس سره) ولم يحضرني تأريخ وفاته تجاوز الله عن سيئاته وضاعف حسناته وللسيد عدنان المذكور مصنفات لم يحضرني الآن معرفتها منها رسالة في الطهارة والصلاة سماها (قبسة العجلان)، ورسالة أكبر منها وله أجوبة بعض المسائل وله شعر حسن وكان شاعرا مطبوعا وهو الآن قاطن في بلدة المحمرة مشتغل بالتصنيف والتدريس أطال الله عمره وسمعت إنه مجاز من فخر الشيعة وركن الشريعة الميرزا محمد حسن الشيرازي ومن الفقيه ذي الشرف شيخنا الشيخ محمد طه نجف تغمدهما الله برحمته وأسكنهما فسيح جنته.

محمد بن السيد شرف

(ومنهم) السيد السند والركن المعتمد ذو الفضل والشرف السيد محمد ابن السيد شرف الجد حفصي الموسوي البحراني المتوطن أولا مسقط ثم لنجة وبها توفي [ صفحه 244] (قدس الله سره وروحه وتابع فتوحه) في سنة 1319 هج، وكان هذا السيد النجيب الجليل عالما عاملا فاضلا كاملا كريما مهيبا وقورا ذا رياضة ربانية اشتغل أولا عند خاله ومربيه الفاضل الشيخ سليمان ابن العلامة الأمجد الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي البحراني برهة من الزمان ثم سافر إلي النجف الأشرف لتحصيل العلوم وحضر عند جماعة من فضلائها كالسيد المحقق حجة الإسلام الميرزا حسن الشيرازي وشيخنا العلامة الشيخ محمد حسين الكاظمي (قدس الله سرهما) ونور قبريهما) وغيرهما من فضلائها، ثم زار الإمام الرضا " ع " ورجع وسكن بلدة لنجة وقطن وبها همي غيث جوده وهتن وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وكان مرجعا لأهل تلك الأطراف ملجأ وموئلا لمن من الفقر والجور يخاف وبيته كعبة للاجئ والأضياف ذابا عن المؤمنين قامعا لأيدي المعتدين مؤيدا من رب العالمين مقيما لشعائر الدين وسمعت مستفيضا أنه يكون في بيته من أطراف البحرين والعجم والعراق المائة والمائتان والثلاث في كثير من الأيام ويتلقاهم بغاية الاكرام وحسن الترتيب والانتظام وكان معظما عند الملوك والحكام، مهابا عند الخاص والعام وربما تنزل النازلة بأحد أمراء العجم التي في تلك الأطراف فيلتجئ إليه فيصلح أمره ويشد علي ما أصابه أزره، وبالجملة فهذا السيد الجليل قليل المثيل ومن هذه الجهة لم يتمكن من التصنيف والتدريس والتأليف وكل ميسر لما خلق له ولم أقف علي مصنف له إلا جواب بعض المسائل وردت عليه من البحرين من السيد الفاخر السيد باقر ابن المرحوم السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني (الآتي ذكره إن شاء الله) فكتب جوابها جوابا شافيا وافيا وهو عندنا بخطه (قدس سره) وحدثني شيخنا الثقة الصالح العلامة أفاض الله عليه شآبيب [ صفحه 245] الكرامة أنه لما اجتمع به السيد المذكور في النجف الأشرف وكان شيخنا زائرا أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 245 - 252 والسيد مجاورا التمس السيد منه أن يخمس له أبيات (المعلم الثاني أبي نصر الفارابي) فخمسها له تخميسا جيدا فأعجب به السيد المذكور تغمدهما الله تعالي بالكرامة والحبور والأبيات التي للفارابي الحكيم هي هذه: كمل حقيقتك التي لم تكمل++ والجسم دعه في الحضيض الأسفل أتكمل الفاني وتترك باقيا++ .... الخ وقد ضاع تخميس شيخنا منه بعد ما ضاع وحصل المطلوب منه والانتفاع وتوفي (قدس سره) ولم يخلف ولدا ذكرا إلا أنه خلف ذكرا جميلا وأجرا جزيلا.

السيد عبدالقاهر التوبلي

" ومنهم " السيد الفاخر الفاضل الماهر السيد عبد القاهر التوبلي البحراني كان رحمه الله تعالي من أفاضل تلامذة العالم المشهور الشيخ حسين آل عصفور مشهورا بالعلم والفضل إلا أني لم أقف علي شئ من أحواله ولا شئ من مصنفاته والحوادث التي وقعت علي بلاد البحرين، أذهبت أكثر آثارها في البين وحدثني شيخنا الثقة العلامة (أعلي الله مقامه) أن المرحوم الشيخ حسين آل عصفور رأي ليلة من الليال في الطيف إنه أتي إلي محراب مسجده الذي في قريته الشاخورة الذي يصلي فيه الجمعة والجماعة المعروف بمسجد حبيب وبال فيه سبع بولات (أي سبع مرات من البول) فانتبه متكدرا من هذه الرؤيا حتي أنه لم [ صفحه 246] يخرج للبحث والتدريس فلما اجتمعت العلماء والطلبة من أطراف البحرين وغيرها وقد كان العلم رائجا في زمانه كما قدمنا سألوا عما بالشيخ فأخبروا أنه غير طيب النفس ولم يعلموا بالسبب فدخل عليه هذا السيد (صاحب الترجمة) وكان أجرا تلامذته عليه بعد طلب الاستئذان إليه فرآه حزينا كئيبا فسأله عن سبب ذلك فأخبره بما هنالك، فقال له السيد المذكور إن رؤياك هذه حسنة مبشرة ينبغي لك أن تحمد الله عليها وتلبس ثياب المسرة والبشري إليها فقال له: وما ذاك؟ فقال له السيد إن رؤياك تدل علي أن الله تعالي يرزقك سبعة أولاد ذكورا علماء فضلاء وكلهم يخلفونك ويصلون في هذا المسجد أئمة للإنس وكان الشيخ قبل ذلك ليس له ولد ذكر أصلا فلما سمع الشيخ من السيد بتفسيرها وتعبيرها انجلي عنه ما يجده من الهم والثبور وتبدل ذلك عليه بالبشري والسرور وخرج للتدريس علي عادته حامدا مستبشرا فما كان إلا وقت يسير حتي من الله عليه بما ذكره السيد المذكور فرزقه الله سبعة أولاد علماء فضلاء مجتهدين وكلهم صلوا الجماعة والجمعة في ذلك المسجد المزبور والعلم كله في العالم كله إلا ما استأثر الله به دون خلقه واختص به رسله وأنبيائه وأمنائه (صلي الله عليهم أجمعين). ومثل هذه القضية والشئ بالشئ يذكر ما حدثني به شيخنا العلامة بوأه الله في دار المقامة قال (قدس سره) لما كنا في النجف الأشرف آخر زياراته وكان في أيام مرض العالم العامل الفاضل الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي ذكر لي العالم الفاضل رفيع الشأن الشيخ محمد بن عيثان الأحسائي وكان مجاورا في النجف الأشرف للاشتغال يوما من تلك الأيام أني رأيت البارحة في الطيف كأن العالم الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي أتي إلي براني الشيخ الفاضل ذي الشرف [ صفحه 247] الشيخ محمد طه نجف وهو المكان الذي يدرس فيه وبال فيه ولم أعلم حقيقة هذه الرؤيا ومعناها فقلت له إن هذه الرؤيا والله العالم تدل علي أن الشيخ محمد حسين المذكور يموت وتنتقل رئاسة العلماء إلي الشيخ محمد طه نجف المزبور فما بقي بعد هذه الرؤيا إلا قليلا يوما أو يومين فانتقل إلي رحمة الله ورضوانه وفسيح جنانه وكان الشيخ محمد حسين رئيس العلماء من العرب بل والعجم الذين في النجف وانتقلت الرئاسة للشيخ محمد طه كما عبرنا، انتهي كلامه نقلناه بمعناه (قدس الله جميعا أرواحهم ونور في الملأ الأعلي أشباحهم).

حسين ابن السيد عبدالقاهر

(ومنهم) ابنه الفاضل المحقق السيد حسين ابن السيد عبد القاهر المذكور خرج من البحرين وسكن البصرة تارة والمحمرة أخري وأكثر سكناه في البصرة وبها توفي، قرأ عليه ابن عم والدي الفاضل الأواه الشيخ عبد الله ابن الحاج محمد ابن الشيخ سليمان في البصرة كتاب (قواعد العقائد) للعالم الرباني الشيخ ميثم البحراني من أوله إلي آخره وهو كتاب عجيب محكم الأدلة مكتوب علي آخره الانهاء بخط ابن عمنا ووصفه بأوصاف جليلة ونعوت جميلة وقرأ عليه العالم الفاخر الشيخ ناصر بن نصر الله القطيفي في العلوم العقلية و كان الشيخ ناصر المذكور يبالغ في علمه وفضله وتقواه ونبله وذكر له كرامة حسنة قد شاهدها هو وجميع الحاضرين وهي أنه لما توفي " قدس سره " وخرجت الشيعة من أهل البصرة مشيعين لجنازته قاصدين بها النجف الأشرف بتشييع عظيم والناس في بكاء وعويل [ صفحه 248] جسيم ومروا بجنازته علي العشار المعلوم من البصرة وكانت هناك سفينة فيها جماعة من المخالفين من أهل الكويت وفيهم رجل هو توخذ تلك السفينة فلما رأي كثرة الناس واجتماعهم وصراخهم فأظهر كلاما فيه الشماتة والسرور فما أكمل كلامه حتي وقعت علي رأسه قفية " وهي خشبة في السفينة لرفع الحبال من آلاتها " فأهلكته بلا إمهال وعجل الله له في الدنيا قبل الآخرة النكال والناس يرونه بذلك الحال وله في الآخرة أشد العذاب والوبال، ومن أهل هذا البيت بارك الله عليهم:

عبدالقاهر التوبلي البحراني

(ومنهم) السيد التقي الفاخر المعاصر السيد عبد القاهر بن السيد كاظم التوبلي البحراني المقابي كان (قدس سره) من العلماء الأخيار والنجباء الأبرار خرج من البحرين وسكن بلاد القطيف، ثم مسقط ثم لنجة وبها توفي " قدس الله سره ونور قبره " رأيت له رسالة في شرح أسماء الله الحسني وخواصها ومنافعها حسنة، ولا أدري هل له غيره أم لا؟ من المعاصرين ولم أره وسمعت له بعض المراثي علي الحسين بن علي عليه السلام جيدة بليغة ولم يحضرني تأريخ وفاته ضاعف الله حسناته. [ صفحه 249]

الشيخ عبد علي التوبلي

" ومنهم " العالم العامل المحقق الكامل الأديب الأريب الشيخ عبد علي ابن محمد الخطيب التوبلي البحراني كان رحمه الله من فحول العلماء ومن أعاظم الأتقياء الأخيار ولا سيما في العقليات والهندسيات وله المسائل العويصة الدقيقة وقد تضمنته الرسالة الرشيقة المشتملة علي علم التوحيد والكيمياء والسلوك وأرسلها إلي العالم الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي وأجاب عنها جوابا شافيا يليق بها تنبي عن فضل عظيم وعلم جسيم للسائل المذكور وسعة دائرية في العلوم وطول باعه في الرسوم في المجلد الأول من جوامع الكلم وله من المصنفات شرح رسالة العالم الفاضل الشيخ محمد ابن العلامة الشيخ أحمد البلادي البحراني في علم الهيئة مجلد حسن مبسوط يدل علي سعة باحثه في العلوم ولا أدري هل له من المصنفات غيره أم لا؟ لأني لم أقف له علي ترجمة كأكثر من ذكرناهم ولا تأريخ للوفاة ضاعف الله له الحسنات.

الشيخ عبدالله البصري

" ومنهم " من أدبائها وعارفيها وشعرائها ومادحيها الشاعر الأديب الماهر الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد البصري البحراني البلادي، رأيت له ديوان شعر مدائح ومراثي وتواريخ لوفيات بعض علماء البحرين والقطيف ومن [ صفحه 250] شعره ما أجاب به أبا العلاء المعري الذي ينسب إلي الالحاد والزندقة وهو قوله: ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة++ وحق لسكان البسيطة أن يبكوا يحطمنا ريب الزمان كأننا++ زجاج ولكن لا يعاد له سبك فقال رحمة الله عليه مجيبا لأبي العلاء المعري: تقول بأن الضحك منا سفاهة++ وتندب سكان البسيطة أن يبكوا وتزعم أن الدهر فينا محطم++ كحطم زجاج لا يعاد له سبك فلو لم يكن عود لنا بعد موتنا++ لما قبح الاضلال واستحسن النسك ولو لا ترجينا الثواب وخشية العقاب++ بحشر حق أن يحسن الضحك وما الموت إلا راحة واستراحة++ عن البؤس يا من قاده الشك والشرك فبشراك يا أعمي البصيرة دائما++ عقاب طويل ليس يرجي له فك

الشيخ عبدالله الذهبة الخطي

" ومنهم " الأديب الأريب الأواه الشاعر المصقع المطبوع الماهر التقي الحاج [ صفحه 251] عبد الله ابن المرحوم الحاج أحمد الذهبة البحراني كان رحمة الله تعالي عليه من أهل قرية جد حفص، سكن مسقط ثم لنجة من توابع إيران وبها انتقل إلي الرحمة والرضوان كان شاعرا ماهرا مجيدا من شعراء أهل البيت(ع)وراثيهم ومادحيهم تقيا نقيا لم يوجد مثله في الشعر والمعاني الجيدة وكان بمنزلة المرحوم السيد حيدر الحلي (ره) في العراق بل في بعض الأشعار له التقدم عليه اجتمعت معه في بيتنا في القطيف وقد كان جاء زائرا للمرحوم العلامة الصالح شيخنا الأسعد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح، له ديوان شعر رأينا منه مجلدين ضخمين وكان من الأتقياء الأخيار العارفين الأبرار، أسكننا الله وإياه وآبائنا وإخواننا في دار القرار في زمرة محمد وآله الأطهار صلي الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار. ومن جملة قصائده القصيدة الغراء التي أولها: أبي الدهر أن يصفر لحر مشاربه. ويقول في آخرها في شأن بنات الرسالة: ولهفي ولا يشفي الذي في ضمائري++ بلهفي ولا يخبو من الوجد لاهبه لربات خدر لم تر الشمس وجهها++ لها دان أعجام الوري وأعاربه لدي كل وغد ما دري المجد ما اسمه++ يجاذبها فضل الردي وتجاذبه

السيد علي البلادي البحراني

" ومنهم " العالم العامل التقي النقي السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد إسحاق البلادي البحراني كان رحمه الله تعالي من العلماء العاملين والأتقياء الورعين قرأ [ صفحه 252] عند المرحوم الشيخ محمد بن خلف الستري البحراني المتقدم ذكره وعليه قرأ شيخنا العلامة الصالح في أكثر العلوم رأيته وأنا ابن ثمان أو تسع سنوات، له جواب بعض المسائل أرسلها إليه العالم السيد شبر ابن السيد مشعل البحراني المتقدم ذكره في ص 241 وأجاب عنها وأرسلها إليه ونقضها السيد شبر وأرسلها إليه والجميع عندنا ورثاه شيخنا العلامة الصالح بمرثية وموضع التأريخ منها قوله (غاب بدر للهدي) ودفن في مقبرة الشيخ راشد من بلاد القديم من البحرين. ولنختم هذا الباب بترجمة خاتمة العلماء الأطياب وصفوة الفقهاء الأنجاب أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 252 - 258 شيخنا العلامة الأمجد التقي النقي الأرشد الأورع الأحوط الأضبط سلمان دهره وأبو ذر عصره العالم العامل الفاضل الكامل العبد الصالح الرباني:

الشيخ أحمد آل طعان

" ومنهم " العالم الأعظم الرباني الشيخ أحمد ابن العالم العامل الزاهد العابد المرحوم الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري البحراني (قدس الله تربته وعلي في الجنان رتبته) كان رحمه الله تعالي خلاصة علمائها الأخيار وبقية فقهائها الأبرار جامعا لأنواع الكمالات ومحاسن الصفات والحالات في مكان مكين من الورع والتقوي والتمسك بالعروة الوثقي والسبب الأقوي في غاية من التواضع والإنصاف في نهاية حسن الأخلاق والعفاف والكرم الذي لم يزل بيته العالي مناخا للوافدين والأضياف محبوبا عند العوام والخواص من ذوي الوفاق والخلاف، لم أر في العلماء ممن رأيناهم علي كثرتهم في الجامعية للكمالات مثله [ صفحه 253] (أعلي الله في دار الكرامة محله). وكان رحمه الله تعالي من أهل سترة جزيرة من البحرين ثم انتقل مع والده إلي قرية المنامة وقرأ عند السيد التقي النقي السيد علي ابن السيد إسحاق (المتقدم ذكره) أكثر العلوم من نحو وصرف ومعاني وبيان وتجويد ومنطق وغير ذلك حتي أذعن هو وغيره له بالفضيلة وبقي مقدار سنتين وأكثر لا يحضر عند أحد لعدم قابلية من في البحرين حينئذ لحضوره عنده مشتغلا بالتصنيف والمطالعة والتأليف وأجوبة بعض المسائل التي ترد عليه وقد قرر شرح الباب الحادي عشر للفاضل الشيخ مقداد السيوري الحلي علي العالم الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عباس المذكور إذا جاء لقرية المنامة في أثناء قراءته علي السيد علي المذكور إلي أن من الله عليه بالتشرف لزيارة العتبات الطاهرة وتفضل عليه بالوصول إلي النجف الأشرف لمجاورة فحضر عند جماعة من فحول علمائها وأساطين فقهائها كشيخنا المحقق المدقق الشيخ مرتضي الأنصاري (ره) والفقيه التقي الشيخ راضي النجفي والفقيه الزاهد الأمين الشيخ محمد حسين " ره " والزاهد العابد التقي النقي سلمان الزمان الشيخ ملا علي ابن الميرزا خليل الطهراني النجفي وتوفي الشيخ مرتضي (ره) وهو حاضر فرثاه بقصيدتين فريدتين يأتي الكلام عليهما وعلي غيرهما إن شاء الله تعالي، ثم توجه بعد وفاة والده والوالد المرحومين ومن هو السبب في إقامته هناك إلي البحرين ملآنا من العلوم والمعارف يهتف به في محافل أولي الكمال الهواتف وكان له كثير من الرسائل وأجوبة المسائل قبل رواحه النجف الأشرف قد فرط بها آذان أهل الفضل وشنف، وأقام في البحرين مدة ثلاث سنوات ملازما علي التدريس والتصنيف والعبادات مواظبا علي أنواع الطاعات، ثم سافر [ صفحه 254] لزيارة الأئمة الهداة والمقامات العاليات ثم رجع وسكن في القطيف وشرفت به غاية التشريف لسبب ذكرناه سابقا ملازما للمطالعة التصنيف والتدريس والتأليف مواظبا علي طاعة ذي الجلال ملازما لمحاسن الخصال مرجعا لأهلها حالا لمشكلها ثم سافر للزيارة وإلي الإمام الرضا (ع) زاره، ثم رجع إلي القطيف وفي أواخر عمره الشريف صار يتردد إلي البحرين مع بعض الأهل لإرشاد أهلها وإنقاذهم من هلكة الجهل والحين بعد مراسلات من أهلها كثيرة وترددات والتماسات وفيرة حتي هتف به داعي الحمام فأجاب أمر الملك العلام وعرج بروحه المقدسة إلي دار السلام وجوار أوليائه الكرام في ليلة الأربعاء عيد الفطر (أو ثانيه) علي الاختلاف في رؤية الهلال من السنة 1315 ه ج . الخامسة عشرة والثلاثمائة والألف من هجرة سيد الأنام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام. وقبره المقدس في الحجرة التي فيها قبر العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني المتصلة بالمسجد بقرية هلتا من الماحوز من البحرين بوصية منه بذلك، لأنه قد رآه في المنام قبل وفاته بأيام كأنه يعاتبه علي تركه الزيارة له والحال أنه من قريب قد زاره فأولها شيخنا بأنه قد طلب جواره، وقد حصل له من التشييع والإكرام ما لم يتفق لأحد من العلماء العظام والملوك والحكام وبعض الكرامات عند دفنه وبعده من قبره في بعض الليالي والأيام وعطلت لفقده الأسواق سبعة أيام وأقيمت له من المآتم العظام في البحرين والقطيف ولنجة والنجف الأشرف وغيرها في سائر بلاد الإسلام ما يزيد علي مائة وخمسين مأتما بالمراثي الكثيرة الجسام وسائر النظام ولم تر مثل ذلك اتفق لأحد من مشاهير العلماء [ صفحه 255] الأعلام والسلاطين والحكام (قدس الله نفسه وطهر رمسه) وقد ذكرنا أكثر أحواله بتفصيله وإجماله في رسالتنا المسماة بالحق الواضح في أحوال العبد الصالح. (وله قده) من المصنفات الرشيقة والتحقيقات الدقيقة جملة وافرة منها كتاب (زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين) والأصل للعالم الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني في علم الرجال ذكر في أوله فوائد وقواعد عجيبة في علم الرجال لم يشرح إلا قليلا مجلد حسن، ورسالة " قرة العين في حكم الجهر بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين " مبسوطة عجيبة، وله (ره) رسالة ثانية مختصرة، وله رسالة ثالثة نقضا لرسالة المعاصر الشيخ علي الستري البحراني كما قدمنا، وله شرح اللمعة، وله كتاب (سلم الوصول إلي علم الأصول) أصول الفقه لم يخرج منه إلا القليل، وله كتاب (إزالة السجف عن موانع الصرف) في النحو مجلد حسن، وله [إقامة البرهان علي حلية الأربيان] رد فيها علي بعض الشارحين علي اللمعة حيث استشكل في حليته وزعم أنه الربيان المنهي عنه في بعض الأخبار وله رسالة في حكم الخارج عن بلد الإقامة سماها " منهاج السلامة " وله مع علماء البصرة قصة عجيبة يطول ذكرها لإنكارهم فتواه في المسألة فصنف هذه الرسالة وأرسلها إليهم فسلموا وأذعنوا، وله رسالة في الحبوة وما يحبي به الولد الأكبر رجح فيها إدخال الكتب العلمية فيها كما هو قول بعض القدماء ونطقت به بعض الأخبار، وله رسالة في حكم الجمع بين الشريفتين رجح فيها قول صاحب الحدائق بتحريم الجمع، وله رسالة في تحقيق العقل وأقسامه جيدة مليحة وله رسالة في صوم يوم عاشوراء أي العاشر من المحرم وتحقيق خبر ابن وهب رجح فيه كراهة لصوم [ صفحه 256] في ذلك اليوم وأنه إمساك إلي بعد العصر لا صوم، وله كتاب (ملاذ العباد في أحكام التقليد والاجتهاد) مبسوط جيد بذكر الأدلة والأقوال رجح فيه جواز تقليد الأموات من جهة الدليل واحتاط فيه بالمنع لقاعدة الاشتغال وله كتاب [الدرر الفكرية في أجوبة المسائل البشرية] جواب أربع مسائل للسيد شبر مجلد حسن كما تقدم في أصول الفقه وله رسالة جيدة في شرح فقرة من دعاء كميل (ره) وهي (فهبني الخ) وإعرابها وقد سأله عنها العالم الشيخ حسن ابن الشيخ علي بن عصفور البحراني فكتب جوابها معني وإعرابا مبسوطا وأرسلها إليه فكتب عليها السائل بعض الإيرادات والاعتراضات فأجاب عنها برسالة أيضا جيدة وله أجوبة مسائل كثيرة في دفعات متعددة للسيد باقر ابن أستاذه السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني (المتقدم ذكره) وله أجوبة مسائل للشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد البحراني متعددة وله أجوبة مسائل للفاضل الشيخ ضيف الله بن سيف وغيره كثيرة مما يبلغ مجلدين وله كتاب (الصحيفة الصادقية) سماها [التحفة الأحمدية للحضرة الجعفرية] مجلد كبير جدا رتبه كترتيب الفقه من الطهارة بدأ أولا بأدعيتها وتوابعها ثم الصلاة ثم الصيام وهكذا مما هو مختص ببحر الحقائق أبي عبد الله الصادق (ع) أو ما رواه عن آبائه (ع) والأحراز والعوذ والاستفتاءات كلها فيها بأتم تتبع وأحسن ترتيب بقدر العلويين البحرانية والطوسية فجزاه الله خير الجزاء وله حواش عليها وله حواش علي كتاب الميرزا الكبير في الرجال والنجاشي، وله منظومة كبيرة في الفقه تبلغ الفين وخمسمائة بيت.، نظم نخبته الكاشاني وله المنظومة الجليلة المسماة [بالعمدة نظم الزبدة] للشيخ البهائي في الأصول عجيبة جيدة وله منظومة في الكشكول والسهو [ صفحه 257] مائة وخمسة وعشرون بيتا حسنة جيدة وله منظومة عجيبة في التوحيد غير تامة أيضا وله كتاب (قبسة العجلان في وفاة غريب خراسان) صنفها في جدة عند رجوعه من حج بيت الله الحرام وزيارة النبي وآله الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام وقد حصل لهم عطال كثير في جدة فلما كان قبل وفاة الإمام الرضا (ع) بيوم التمس منه أصحابه ورفقاؤه تصنيف وفاة لقراءتها يوم وفاته عليه السلام ولم تكن عنده كتب في هذا الفن فصنف هذا الكتاب العجيب في يومه وليلته وذكر الروايات المتضمنة لمناقبه ووفاته وأحواله بالمعني ومزجها بما يناسبها من الأشعار الجيدة له ارتجالا حتي أكملها وقرأها يوم وفاته عليه السلام وكادت تلحق بالمعاجز والكرامات فلما وصل إلي البلاد كتب الروايات بلفظها وهي الآن تقرأ في أطرافنا كالقطيف والبحرين والبصرة ولنجة أحسن ما صنف في هذا الباب فجزاه الله خير جزاء وثواب. وله ديوان شعر في مدح النبي والأئمة عليهم السلام ومراثيهم (ع) وغير ذلك جمعه بعض الأخوان وطبعه بعد وفاته وسماه ب (الديوان الأحمدي) ولم يستوف جميع أشعاره الرائقة لعدم إحاطته بكلها ونحن إن شاء الله تعالي نذكر في ترجمته أكثر ما أهمله إلا ما شذ منها وضاع حفظا لها عن الضياع وقصدا للانتفاع فمنه قوله قدس سره في مدح أمير المؤمنين علي عليه السلام: قالوا: إمدحن أمير النحل قلت لهم ++ مدحي له موجب نقصا لمعناه لأن مدحي له فرع بمعرفتي++ بذاته وهي سر صانه الله فإن أصفه بأوصاف الأناس أكن++ مقصرا إذ جميع الخلق أشباه وإن أزد فوق هذا الوصف خفت بأن++ أتيه مثل غلاة فيه قد تاهوا فدع مديحي ومدح الناس كلهم++ والزم مديحا له الرحمن أولاه [ صفحه 258] فكل من رام مدحا فيه منحصر++ لسانه عن يسير من مزاياه ومنه قوله (قده) في الحث علي الإنفاق: يا فاعل الخير والإحسان مجتهدا++ أنفق ولا تخش من ذي العرش إقتارا فالله يجزيك أضعافا مضاعفة++ والرزق يأتيك أمثالا وأبكارا أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 258 - 265 ومنه قوله أعلي الله مقامه وأزاد إكرامه في رثاء العلامة المحقق الشيخ مرتضي الأنصاري " ره " " من ذرية جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي - رض " صاحب المصنفات العجيبة " كالمكاسب " و " الرسائل " وغيرهما وقد كان من مشائخه كما تقدم وحاضرا في وفاته ضاعف الله حسناته وصفاته سنة 1281 ه فرثاه بهاتين القصيدتين البديعتين الفريدتين وقد أعجب بهما فحول الشعراء ومصاقع البلغاء وحدثني " قدس سره " أن السيد السند حجة الإسلام السيد أسد الله الأصفهاني " ره " كان مغرما بهما غاية ونهاية وكان رحمه الله تعالي يستدعي الشيخ علي الحمامكي قارئ النجف الأشرف وهو الذي تولي إنشادهما في الفاتحة لإنشادهما عليه ولا سيما النونية مرارا عديدة مقدار شهرين أو ثلاثة وهما هاتان أولهما الضادية وهي هذه لله سهم سددته يد القضا++ فأصاب كل الخلق حتي من مضي بل قد طوي منشور دين المصطفي++ لما طوي نشر الإمام المرتضي الكوكب الدري الذي أنواره++ عمت جميع الكون لما أومضا أوما رأيت النجم يبني أنه++ قد شاء مركزه الرفيع فقوضا عقدت عليه المكرمات نطاقها++ فالآن حق لعقدها أن ينقضا سند عماد قامت الدنيا به++ فاليوم حق لها انقلاب وانقضا طود عظيم لا يقوم ببعض ما++ قد حاز يذبل بل يضيق به الفضا [ صفحه 259] لولا محبة نفسه لصعودها++ للخلد لم يقدر علي أن ينهضا فاعجب لمن كان المحكم في القضا++ والحكم لم لا رد أحكام القضا أتراه قد كره الدنية فارتضي++ التخليد في دار المعزة والرضا؟ أو أن طبع العالم السفلي لم++ يك قابلا لكماله فتنهضا؟ أو أن خالقه أحب لقاءه++ فأجابه وإلي رضاه تعرضا؟ فليبكه الذكر الحكيم لأنه++ قد أحكم الأحكام منه وفرضا وليبكه الدين الشريف لأنه++ علي قواعده وحل المغمضا وليبكه كل الأنام لأنهم++ فقدوا أبا في برهم متمحضا وإليك عز المصطفي والمرتضي++ بالمرتضي للمصطفي والمرتضي يا شمس فانكسفي ويا بدر انخسف++ فتمام نوركما تصرم وانقضي وعليك يا دنيا العفا فتعطلي++ فتمام زينتك النفيسة قد قضي يا كافل الأيتام أيتمت الهدي++ والدين والدنيا وأعواد القضا أحييتنا واليوم أنت أمتنا++ هل كنت ربا أم وليا مرتضي لله نعشك حيث يهوي دونه++ نعش السما والعرش عانقه رضا تالله إن المرتضي قد شب في++ قلب الوري لما مضي نار الغضا أني يبوخ ضرامها إلا إذا++ قد قام (قائمنا) الحسام المنتضي فانهض إمام العصر قد عظم البلا++ وعظيم بعدك قلبنا قد أمرضا وتلافنا قبل التلاف وثر علي++ أهل الخلاف بمثل ما منهم مضي ذبحوا الحسين علي ظما رفعوا الكريم++ علي قنا والصدر منه رضضا ذبحوا الرضيع وللحرائر قد سبوا++ سبوكم فعلوا الذي لا يرتضي [ صفحه 260] قادوا الإمام أبا الأئمة صاغرا++ وجنين فاطم أمكم قد أجهضا يا سيدي ضاق الخناق متي أري++ لجياد خيلك في دماهم مركضا؟ صلي الإله عليكم ما ذكركم++ قد طبق الأكوان أو أرضا أضا وسقي ضريح المرتضي صوب الرضا++ ما نور مفخره علي الدنيا أضا هذا تمام الأولي، والثانية هي هذه: الله أكبر حل عقد الدين++ رمي الهدي فهو علي العرنين والعلم أصبح لابسا ثوب الأسي++ يحكي الحيا بالمدمع المهتون والحق حق عليه إظهار الأسي++ بسقوط عقد جمانه المكنون ونضوب ماء حياته شمس التقي++ علم الهدي مبديه بعد كمون ظل الإله علي الأنام ومن به++ يسقي الأنام يتيمة التكوين محيي دروس العلم بعد دروسها++ وكذا الأنام بعلمه الميمون سباق حلبات الفضائل كلها++ حلال كل عويصة بفنون المرتضي للمصطفي والمرتضي++ فليبكياه بمدمع مسخون لا غرو إن بكياه فهو إليهما++ خلف وبالتخليف خير قمين حمال أعباء الخلافة قائم++ بالعدل في المفروض والمسنون وليبكه شرق البلاد وغربها++ وليستجدا هيئة المحزون فلقد نعي جبريل في أفق السما++ قد خر نجم الأوليا والدين اليوم نأتي الأرض ننقصها وقد++ باء الأنام بصفقة المغبون الله أكبر ما أتاح يد القضا++ من فادح قدح الهدي بشجون لولا بقية آل بيت محمد++ (القائم) الموعود بالتمكين [ صفحه 261] ساخت بنا الأرض البسيطة بعده++ إذ كان حصنا من أشد حصون يا من قضي الإسلام لما أن قضي++ لا كان يومك في قضايا كوني ترك الأنام تموج تطلب موردا++ إذ غاب عنها مثل.. النون قد حز ناصية العلوم مع العلا++ بل حز من ذا الدين كل وتين يا بدر تم قد أضاء إلي الوري++ فاغتاله صرف الردي بمنون يا بحر علم فاض رشح عبابه++ فسقي القلوب عن الصدي بمعين إن يمس شخصك في اللحود مغيبا++ فالعلم فينا منك غير دفين ناداك ربك فاستجبت نداءه++ فغدوت تبسم في حجور العين ولقد تسابقت السماء وأرضها++ في ضم شخصك مجمع التبيين فقسمت بينهما فروحك في السما++ والجسم للأرضين للتحصين فاذهب جميل الذكر منشور اللوي++ وإليك في الجنات خير قرين وعليك تتري رحمة الباري متي++ ما رنحت ريح الصبا بغصون هذا آخرها(قلت)غير خفي علي أهل الكمال والأدب ما فيهما من البراعة والبلاغة والطلاوة والحلاوة مع صدق المعني لأن الشعر أكذبه أعذبه وانظر إلي البيتين الذين في أولهما(ولقد تسابقت السماء وأرضها)الخ تجدهما أحلي وأعذب ويستحق أن يكتبا بماء الذهب، بل ربما كتبهما بذلك بعض أهل الكمال والأدب. وقال " قدس سره " لما دفن الشيخ المرحوم المذكور في باب القبلة من الصحن الشريف العلوي المحبور في الحجرة التي فيها العالمان العاملان ذوو الفضل والشرف الشيخ حسين نجف، والعالم العامل الأفخر الشيخ محسن خنفر تغمدهم الله وإيانا برحمته وجمعنا وإياهم والمؤمنين في دار كرامته مع محمد (صلي الله عليه وآله) وعترته بحقه وآله وعترته وذريته صلي الله [ صفحه 262] عليه وآله وعترته: في باب قبلتنا مقام المرتضي++ من كان بابا للإمام المرتضي فكفاه فخرا أنه بحياته++ ومماته باب له حاز الرضا وقد كتب هذان البيتان في الكاشي في باب القبلة المذكور مما يلي الحجرة المذكورة وله (قدس سره) القصيدة العجيبة الفريدة التي جاري بها الملك أبا فراس بن حمدان ملك الجزيرة الموصل في ذم بني العباس وهي القصيدة المشهورة التي مطلعها: الدين مخترم والحق مهتضم++ وفئ آل رسول الله مقتسم وقد اقترحها عليه الأديب الحاكم الأريب الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ مهدي ابن نصر الله آل أبي المسعود القطيفي لما كان في البحرين وهو أيضا شاعر زمانه وقد جاراه فيها فعمل شيخنا هذه القصيدة الفريدة التي مطلعها: الحق نور عليه للهدي علم++ من أمه مستنيرا قاده العلم وهي طويلة تقرب من مائة وخمسين بيتا في غاية البلاغة والمعاني الجيدة منها قوله (قدس سره ونور قبره): يا حبذا عترة بدء الوجود بهم++ وهكذا بهم ينهي ويختتم من مثلهم؟ ورسول الله فاتحهم++ وسبطه العقد والمهدي ختمهم! فمن تولي سواهم أنهم ندموا++ إذ في الممات علي ما قدموا قدموا ومنها قوله (قده): وهل أمية لا أمت بمغفرة++ ولا نحت سوحها من رحمة ديم تنوش هدب ذيول للهدي سدلت++ من الإله لها الأملاك تحترم ومنها قوله (تغمده الله برحمته) في التخلص إلي ذم بني العباس: [ صفحه 263] ولا كمثل بني العباس لا رقبوا++ إلا ولا ذمة بل رحمهم جذموا جنوا بمثل الذي تجني أمية بل++ علي طنابيرهم زادت لهم نغم وهي طويلة جيدة جليلة ذكر بعض أبياتها في أول وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) ومن شعره قوله (رحمة الله عليه وعلي آبائه وأبنائه الطيبين) في جواب بعض النواصب تعالوا إلينا معشر الرفض إن تكن++ لكم همة الإنصاف دينوا بديننا مدحنا عليا فوق ما تمدحونه++ وسبيتم أصحاب أحمد دوننا جوابه له (قدس الله نفسه وطهر رمسه): تعالوا إلينا معشر النصب نبتهل++ وهذا كتاب الله يحكم بيننا مدحنا عليا بالذي الله خصه++ ونلعن من باللعن قد خص ربنا كمن فر عن زحف وآذي نبينا++ بهجر ومن آوي طريد نبينا وشاهدنا القرآن في آي لا تجد++ فهذا كتاب الله يخبر معلنا ومنها قوله (رحمه الله تعالي) في تاريخ بناء مسجده الذي بجنب بيته في قرية (القديح): علي التقي أسس هذا البنا++ وصار للناس به مأنس عمر بالذكر وفي طاعة++ تطيب من رؤيته الأنفس نادي به تاريخ إكماله++ " يا مسجدا بالذكر قد أسسوا " وله " أعلي الله مقامه " لغز نحوي فقهي: يا فضلاء الأدب++ من عجم أو عرب ما قولكم في أجنبي++ مورث من أجنبي حال وجود أقرب++ ذي نسب لم يحجب [ صفحه 264] جوابه له " قدس الله روحه ونور ضريحه ": يا سائلا لم يجب++ عن لغز مستغرب ذاك مريض طلقا++ زوجته علي تقي أو ضررا ومطلقا++ علي خلاف حققا فمات في هذا المرض++ لا مرض به عرض بعد تمام العدة++ ولم تزوج بعده وهي تمام الحول++ فاقنع بهذا القول وله أيضا " أعلي الله مقامه وقدس نفسه وطيب رمسه " لغز فقهي: أيا علماء العصر هل من مخبر++ عن امرأة حلت لصاحبها عقدا فإن طلقت قبل الدخول ففرضها++ ثلاثة أقراء تعد لها عدا وإن طلقت بعد الدخول ففرضها++ بقرء من الأقراء تأتي به فردا وله أيضا " قدس سره ونور قبره " لغز نحوي: يا من ببحر النحو يجني الدرر++ما مبتدأ ليس له من خبر وليس وصفا لفظ نفي يلي++ ولا بالاستفهام شاع الخبر جوابه لمصنف هذا الكتاب وفقه الله لكل خير وصواب: يا أبحر العلم ومأوي الدرر++ وجامع المعقول ثم الأثر ذا مبتدي صدر بالنفي في++ المعني فألجأه لحذف الخبر إذ كان فيه فاعل قد غني++ عنه كما جاء ببعض الصور تقول غير ضارب عبيدهم++ عبدكم وغير مرضي عمر وله أيضا القصيدة التي في مدح " صاحب الزمان عجل الله فرجه " وقد تلقت [ صفحه 265] في زمانه وهي عجيبة جدا وقد جاري بها شيخنا البهائي والشيخ جعفر الخطي (ره) مطلعها: سقي عارض الأنوا بوطفاء مدرار++ معاهد يهدي من شذا طيبها الساري ولا برحت أيدي اللواقح غضة++ توشي برودا من رباها بأزهار لا أحفظ من أولها إلا هذين البيتين ومنها قوله (ره) في (صاحب الزمان - ع): فقم بلغ السيل الزبا وعلا الربا++ وهاد وقاد الأرنب الأسد الضاري ففوت بها أثر البهائي وجعفر++ وكل بمقدار اقتدار له جاري وله (قدس سره) غير ذلك مما تلف في حياته. أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 265 - 273 وقد رثته شعراء زمانه وعلماء عصره الذين في بلاده وأهل أوانه بمراثي كثيرة نذكر إن شاء الله تعالي قليلا من ذلك الكثير يستدل به علي قدرة الجليل الخطير فقد قال أمير المؤمنين (ع) في عهده الكبير لمالك بن الحارث الأشتر النخعي: إنما يستدل علي الصالحين بما يجري الله لهم علي ألسنة عباده المؤمنين، قال العالم الفاضل الأواه الحجة الشيخ حسن علي ابن الشيخ عبد الله بن بدر القطيفي أيده الله في رثاه رحمه الله: طرقتك يا أم العلوم++ فقماء تذهب بالحلوم وارتك في الظهر الكواكب++ فاقعدي جزعا وقومي وأتتك تنسف راسيات العلم++ بالريح العقيم وتلف ألوية الشريعة++ رأي عينك كالرقيم خلعت علي وجه الزمان++ براقع الجهل الفحيم فتغيبت شمس الهداية++ في دجا الليل البهيم [ صفحه 266] قطعت يد الدهر القطيعة++ ساعد الشرف القديم يا أيها الدهر المشوم++ قتلت من دهر مشوم هل تدري ماذا لا دريت++ فعلت بالشرع القويم طاحت شظايا قلبه++ ما بين أنياب الهموم بمصيبة أحللتها++ بفناء أندية العلوم هتف النعي بمن وطا++ بنعاله هام النجوم فرمي المكارم من قسي++ النعي مبهمة الوجوم سحبت أراقم نعيه++ قصدا لأفئدة الشهوم فغدوا ولا أيوب إلا++ وهو يعقوب الغموم تذري الحشاشة أدمعا++ حمرا أحر من الحميم نسفت رواسي عزة++ بزعازع الخطب الجسيم خطب له ذهب الأسي++ بحلوم أرباب الحلوم يام زهرا بحنادس الأسحار++ بالذكر الحكيم متمل ملا يبدي الخشوع++ تململ الرجل السليم أفديك كم سدلت يد++ الإشكال جنح دجا بهيم فطويته ببيان شمس++ بيانك الشافي العظيم وقطعت بالبرهان حجة++ كل أفاك أثيم حتي إذا شاء الإله++ لقاك في دار النعيم عرجت بك الروح الكريمة++ نحو بارئها الكريم وأقام جسمك في البسيطة++ أن تميد من الرجوم [ صفحه 267] أفديك أحمد من جرت++ بثناه ألسنة الخصوم وأحق من لهجت له++ الأشراف بالذكر الحكيم لم يبر ذاتك ربها++ إلا لإحياء العلوم فأتيت تصدع بالبيان++ كما أمرت بلا بجوم آه ولما أن عزمت++ علي الرحيل إلي النعيم وأردت إهداء الأنام++ إلي الصراط المستقيم أوصيت باب علومك++ الهادي إلي النهج القويم مصباح ليل المشكلات++ إذا أدلهم علي عليم سمي عليا مذ علا++ شرفا علي هام النجوم ولئن جللت فجل في++ الإسلام فقدك من عظيم فلقد تجلت شمس علمك++ في ابنك البر الكريم ولئن رمي ركن الشريعة++ رزء فقدك بالهجوم فبها محمد صالح++ لبناء هاتيك الثلوم فليثلجن فؤادها++ منه بأنفاس النسيم ولتمسحن بكفه++ سيال مدمعها السجوم أعلي أرباب العلا++ ومحمدا في كل خيم سعدت بطول بقاكما++ الدنيا وأندية العلوم وممن رثاه فأغرب وشنف الأسماع فأعجب إنسان عين الكمال والأدب الفاضل الحجة الزكي المؤتمن الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشي قال دام عزه: [ صفحه 268] رمي غايل البين نفس الهدي++ فهد قواها وأركانها رمي أحمدا فأصاب الوري++ جميعا وأوحش أزمانها فيا ناعيا أحمدا هل تري++ لظي الخطب يا عم إمكانها أيخفي غروب شموس الهدي++ علي ناظر حل أكوانها فدع نعيه فنفوس الوري++ تكاد تفارق جثمانها فلله خطب دهي العالمين++ فأصبح ذو اللب حيرانها فويحك يا دهر من ذا رميت++ أصبت من الخلق إنسانها فذي المكرمات تصوب الحشا++ دموعا لمن شاد بنيانها وتلك المعالي عراها الأسي++ لمن عقدت فيه تيجانها وتلك المفاخر قد ألحدت++ بقبر تضمن عنوانها ليهنك يا قبر من ذا حويت++ حويت العلم وعرفانها حويت الهدي والتقي والندا++ بمن فات في السبق أقرانها حويت خليفة آل الرسول++ فطلت بعلياه كيوانها فتلك المساجد قد أوحشت++ لفقد الذي في الدجا زانها وتلك الشريعة تبكي علي++ فقيد يبين برهانها تكفل إيضاحها ميتا++ تكفله حي تبيانها فأودعها الكتب حفظا لها++ وأوصي الذي حاز عرفانها عليا يقوم بأمر الإله++ يبين للخلق عنوانها وخلف فينا حميد الخصال++ ومن بالتقي فاق أقرانها محمد صالح نجم الفخار++ وعين المعالي وإنسانها [ صفحه 269] هو الفرع من أحمد الصالحين++ فلا غرو أن طال كيوانها هو الغصن من دوحة المكرمات++ فيا سلم الله أغصانها وخلد فينا الوصي الأمين++ ومن للعلي شاد أركانها أعترة أحمد من فيهم++ الخلائق تألف سلوانها لكم أحسن الله فيه العزا++ وجاور في الخلد رحمانها

الشيخ محمد صالح آل طعان

(ومنهم) ولده العالم العامل الفاضل الكامل الورع التقي الصالح ابن الصالح الشيخ محمد صالح ابن المقدس العلامة الأرشد الشيخ أحمد ابن العالم الزاهد الشيخ صالح أصلح الله أحوالنا وأحواله وبلغناه وإياه آمالنا وختم بالصالحات والخيرات أعمالنا وأعماله وجعل إلي كل خير مآلنا ومآله هو كأبيه في التقوي والكرم ومحامد الخصال والشيم وخلفه في محاسن الآداب والورع والهمم حتي صار كنار علي علم ولقد صدق المثل من أشبه أباه فما ظلم حرس الله عمره السعيد ومتعه بالعيش الرغيد ووفقنا الله وإياه وأبناءنا والمؤمنين لما يحب ويريد أنه الكريم الرحيم المجيد الحميد، له من المصنفات شرح منظومة والده في الشكوك والسهو وله كتاب في الفقه أكثر العبادات، وله كتاب في أدعية مناسك الحج، وله منظومة في الأصول الخمسة مبسوطة جيدة تامة وله كتاب سماه (ذرايع الآمال فيما يخص السنة من الأعمال علي نسق الأقبال) وله بعض الأشعار في المراثي [46] . [ صفحه 270]

الشيخ علي ابن حسن البحراني (مصنف هذا الكتاب)

(وأما أحوال) العبد الفقير المذنب الجاني مصنف هذا الكتاب علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني عامله الله بعفوه وغفرانه وفضله وإحسانه وختم له بمغفرته ورضوانه وأحلهم دار كرامته وجنانه بحقه العظيم وبرسوله النبي الكريم وآله أولي التطهير والتعظيم عليه وعلي آله الطاهرين أفضل الصلاة والتسليم، فقد ذكرناها فيما تقدم من انتقال الوالد المرحوم مهاجرا بعد الحج لزيارة الرسول صلي الله عليه وآله بالمنزل المعروف برابغ تغمده برحمته وبلغه دار كرامته في سنة 1281 ه ولي من العمر حينذاك ثمان سنوات وقد حفظت الكتاب المجيد وكان مولدي كما أخبرني به بعض أرحامي المطلعين الثقات سنة 1274 ه فكنت مع الوالدة المرحومة حتي وقعت الواقعة العظيمة علي بلادنا البحرين سنة 1284 ه التي قتل فيها حاكمها (علي بن خليفة) وغيره فتفرقت أهلها في الأقطار وتشتتوا في الديار فكنت ممن رمته مناجيق الأقضية والأقدار وقذفته نون الآونة والأخطار في بلاد القطيف مع الوالدة المقدسة وقد كان الأمجد الأرشد المرحوم العلامة أعلي الله مقامه في [ صفحه 271] دار المقامة (ذكرناه في ترجمته) قد سكنها مع الأهل والأولاد وشرف تلك البلاد فصرت في حجره وتربيته فقربني وآواني وعلمني وحباني وقدمني علي أولاده فضلا عن أقراني وكان شيخي وأستاذي وجد أولادي فجزاه الله عني وعن المؤمنين خير الجزاء وحباه أفضل الحباء، وبعد سنتين انتقلت الوالدة المرحومة إلي رضوان الله ورحمته وفسيح جنته فصرت يتيما من الأبوين، وكان لي (رحمه الله تعالي) بمنزلتهما وأعظم وقرأت عنده (قدس الله تربته وعلي في عليين رتبته) في النحو والصرف والمعاني والبيان والتوحيد والفقه، ثم سافرت إلي النجف الأشرف مهاجرا لتحصيل العلوم وحضرت متطفلا عند جملة من فضلائها وثلة من علمائها كالعلامة الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي أصلا والنجفي مدفنا وأهلا والفاضل ذي المجد والشرف الشيخ محمد طه نجف وسيدنا المقدس التقي الزاهد النقي السيد مرتضي ابن السيد مهدي الكشميري النجفي والعالم التقي الشيخ محمود ذهب النجفي المقدس والشيخ حسن ابن الشيخ مطر الجزائري وغيرهم من العلماء الأتقياء (قدس الله أرواحهم وطيب مراحهم ونور أشباحهم) وفي تاريخ هذا الكتاب لم يبق أحد منهم سوي ذكرهم الجميل المستطاب فهم أحياء وإن ضمهم التراب (الناس موتي وأهل العلم أحياء): فسبحان الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ذي الملك والملكوت والعزة والكبرياء والجبروت الذي يميت ملله ولا يموت، ولم أطلب إجازة من أحد منهم حياء وبعدا عن الاتهام بالأغراض الدنيوية الباطلة الدنية سوي أن سيدنا الجليل التقي الزاهد الأورع النقي السيد مرتضي الكشميري ابتدأني بالإجازة وأجاز لي رواية الكتب الأربعة وكتب جميع الأصحاب بل كتب جميع علماء [ صفحه 272] الإسلام من الخاص والعام في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المكرم في الروضة الحيدرية مقابلا لوجه أمير المؤمنين وسيد المسلمين عليه آلاف الصلاة والسلام وكان السيد المذكور مجازا من أكثر علماء العراق عربا وعجما وكان (قدس الله سره ونور قبره) من العلماء الأوحدين والأتقياء الزاهدين والفضلاء المحققين والكملاء المدققين. ولي من الكتابات التي لا ينبغي إن تذكر لولا ألتزمه في تراجم الأكثر منظومة في الأصول الخمسة كبيرة تقرب من أربعمائة بيت سميناها (جواهر المنظوم في معرفة المهيمن القيوم) ومنظومة ثانية سميناها (زواهر الزواجر في معرفة الكبائر) ذكرنا فيها سبعين كبيرة تقرب من أربعمائة بيت جيدة جامعة جدا ومنظومة في مواليد النبي والأئمة والزهراء ووفياتهم عليهم السلام سميناها (جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب) ومنظومة سميناها (جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان) تقرب من أربعمائة بيت جيدة جامعة جدا وأيضا لنا حواش كثيرة علي شرح ابن أبي الحديد للنهج المرتضوي وردا عليه ولنا كتاب (رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين) اشتمل عنوانا علي اثنين وخمسين حديثا مشروحة مبسوطة في الأصول والفروع والمواعظ والمناقب جيد جيدا ولنا (الجوهرة العزيزة في جواب المسألة الوجيزة) في التوحيد ولنا رسالة سميناها (الحق الواضح في أحوال العبد الصالح) وهو شيخنا العلامة الأسعد المرحوم ولنا بعض الحواشي المتفرقة علي بعض الكتب الفقهية ولنا هذا الكتاب الذي نسأل الله تعالي إكماله بالحق والصواب ولنا كتاب سميناه (بجنات تجري [ صفحه 273] من تحتها الأنهار) في المناظيم والمدائح والمراثي وسائر الأشعار [47] ونحن نسأل الله الكريم ونتوسل إليه بحقه العظيم وبأكرم الخلق عليه أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 273 - 280 (محمد وآله الطاهرين) صلواته وسلامه عليه وعليهم أجمعين أن يوفقنا لصرف هذا المهلة اليسيرة في طاعته ورضاه وعبادته وتقواه وأن يثبتا بالقول الثابت في دنياه وأخراه ويمنحنا دار كرامته والفوز بجنته مع آبائنا وجميع إخواننا المؤمنين ولا سيما مشائخنا الأكرمين إنه أرحم الراحمين رؤوف بعباده المؤمنين، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله الطاهرين ولعنة الله علي أعدائهم الظالمين في كل آن وحين. [ صفحه 275]

في ذكر القطيف و تراجم علمائها

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم (القطيف هي الخط) القطيف صانها الله من جميع النكبات والمخاويف والحوادث والأراجيف ووفقنا وأهلها إلي القيام بوظائف الشرع الشريف والعبودية للإله الملك اللطيف هي بلاد (الخط) في ألسنة المتقدمين والمتأخرين وإليها تنسب الرماح الخطية وهي أوسط المدن الثلاث وأقلها حجما وكثير من قراها القديمة قد خربت بالرمل وهي أخلصها من شوائب الكدورات والطوائف المتخالفات المتباينات وأهلها كلهم يحمد الله متمسكون بالعروة الوثقي وولاية الأئمة الهداة آل الرسول وعترته الأمناء الولاة والراكبون سفينة النجاة والداخلون باب حطة الذي من دخله كان آمنا وغفر الله له الزلات والخطيئات والناشرون لأعلام الإيمان وشعائر الإسلام أولي الايقان وأكثر أهلها الآن علماء ومتعلمون وأدباء ومتأدبون وأرضها من أطيب الأرضين جنات تجري من تحتها الأنهار بماء معين وإن عرض عليها ما عرض علي غيرها من حوادث البلاء الجور والقلاء إلا أنها بالنسبة لهذه الثلاث كقطرة من غدير وقليل من كثير نسأل الله تعالي أن يوفقنا وأهلها وجميع إخواننا المؤمنين إلي مرضاته والمواظبة علي طاعاته ويحرسنا وإياهم من جور الظالمين وكيد الحاسدين ولها علينا حق التربية والجوار ولها حق وذمار وحرمة لا تضيعها الأحرار ذووا المروات والأخطار. [ صفحه 276] (والقطيف) المذكورة هي التي ظهر فيها القرامطة وأتوا إليها بالحجر الأسود والميزاب وبنوا فيها بيتا للحج قاتلهم الله ولنذكر حديثهم ومبدأ أمرهم في هذا الباب ونكمله إن شاء الله تعالي في (الباب الثالث) في ترجمة هجر وهي الأحساء فإنها كانت مقر سلطنتهم ومحل غاراتهم ونذكر هناك القصة الكشمردية لما فيها من الفوائد العلية والكرامات الحيدرية والاستغاثة بهم إلي رب البرية فنقول وبالله الثقة والمأمول: القرامطة قبيلة من الكوفة وهم بنو أبي الحسن بن بهرام الحياني، نسب إلي مذهبه وهو شخص من أهل الكوفة يقال له: (حمدان قرمط) نسب إليه أهل مذهبه فقيل: (القرامطة) والواحد (قرمطي) كما يقال: شافعي منسوب إلي الشافعي (محمد بن إدريس) وحنفي منسوب إلي (أبي حنيفة النعمان بن ثابت) أو إلي القبيلة، فالقرمطي من انتسب إلي هذا بالنسب لا بالمذهب، وجاء منهم جماعة إلي القطيف يضمنون مكوسها وأعشارها وترعرعوا ونمت أموالهم وكثرت أتباعهم، وكان ملك القطيف من بني عبد القيس وتحت ملكها قرية كبيرة تسمي (الزارة) وكانت الممالك في تلك الأوقات والتي بعدها غير مضبوطة وليست كلها تحت ملك الدولة بل من تغلب علي بلد تملكها وطرد الذي قبله أو قتله، وربما يخطب لخليفة ذلك الوقت (عباسيا كان أو علويا) وهكذا هو الذي يتصرف فيها كيف يشاء ويدفع عنها من قصدها وإن استفحل أمره فعل ما أراد من إظهار الغارات وتملك الولايات علي من أراد حتي علي مملكة الخليفة كالقرامطة وغيرهم من المتقدمين وكالوهابيين وغيرهم من المتأخرين، وهكذا فلما استفحل أمر القرامطة الذين في القطيف وتبعهم كثير من الأعراب ومن يريد الانتهاب غاروا علي الزارة التي فيها ملك البلاد وحصروها وغادوها الحرب صباحا ومساء [ صفحه 277] وقد ضعف حاكم البلد عن قتالهم خارج البلد فحصروها أربعة أشهر حتي افتتحوها عنوة فأشعلوا فيها النار جميعا فخربت البلد وهجمت بيوتها وتملكوا البلاد، وكان حاكمها من قبل من بني عبد القيس من تميم وهم أهل البحرين (أعني الأحساء والقطيف وأوال) فعمدت القرامطة إلي فريق من بني عبد القيس فحرقوهم بالنار وصارت الزارة خرابا يبابا ثم حدثت بعد خرابها القرية المعروفة بالعوامية أول من سكنها وعمرها أبو البهلول العوام بن محمد بن يوسف بن الزجاج أحد بني عبد القيس وهو الذي أخذ جزيرة أوال من القرامطة واستولي عليها بعد ضعفهم وإدبار دولتهم فنسبت إليه وبقيت الزارة خرابا، ثم صارت نخيلا وأشجارا وأنهارا تبعا للعوامية فلما ملكت القرامطة بلاد القطيف صارت لهم قوة عظيمة واستفحل أمرهم وتملكوا بعدها الأحساء وأخذوها قهرا من بني عبد القيس وجمعوا منهم رجالا كثيرة من ساداتهم وأحرقوها بالنار في مكان منها يسمي الرمادة، فلما قوي أمرهم وعظم خطبهم أخذوا (جزيرة أوال) أيضا فصارت البحرين كلها ملكا لهم، ثم أخذوا عمان وما والاها من القري واستفحل أمرهم جدا ولا سيما في زمن (أبي طاهر القرمطي) الذي يعرف (بقصير الركاب) وبقيت غاراته وخيوله تبلغ الشام ومكة والعراق والبصرة وواسط، وقد نهب البصرة والكوفة ونهب جانب بغداد وانقطع الجسر وإلا لكان دخل الجانب الشرقي وعسكره يومئذ ألف رجل بين فارس وراجل وإلا فكثير من غزواته أربعمائة أو أقل أو أكثر وغار علي الحاج مرارا كثيرة، ومن بعضها إنه التقي مع السيدين الجليلين النبيلين النجيبين الفاضلين السيد المرتضي علم الهدي وأخيه السيد الرضي (رضي الله عنهما) وكانت لهما الرياسة علي الحاج فأعز ماله من [ صفحه 278] مالهما سبعة آلاف دينار ولم يأخذا من الحاج شيئا ومن أعظمها الغارة الكبري علي الحاج في مكة المشرفة وقد أرسل الخليفة (الناصر العباسي) عسكرا عظيما لحراسة الحاج ومكة عن (أبي طاهر القرمطي) وكانوا عشرين أميرا وكل أمير علي ألف فارس وكان أمير الأمراء جميعا الملك أبو الهيجاء (ابن حمدان) ملك الموصل ومعه ألف فارس من بني تغلب وألف فارس من بني شيبان فكان الجميع من العساكر اثنين وعشرين ألف فارس فرهقهم (أبو طاهر القرمطي قاتله الله وأخزاه) يوم التروية ومعه ألف فارس فحين التقاهم جعل أبو الهيجاء لجيشه ميمنة وميسرة وجلس هو مع الفين من تغلب وشيبان قلبا وكذلك الخبيث أبو طاهر سليمان ابن حسن القرمطي جعل له ميمنة وميسرة وقلبا فقامت الحرب علي ساق وحمل بعضهم فانهزمت ميمنة أبي الهيجاء، وهزم أبو الهيجاء عسكر القرمطي فحين نظر أبو الهيجاء ومن معه في القلب الهزيمة من ميمنتهم تداركهم فتلاحق الفريقان فاقتتلوا قتالا شديدا وغلب القرمطي جيش أبي الهيجاء وأسره وأشراف قومه من تغلب وشيبان وأسر أيضا عبد الله بن حمدان التغلبي ووزير الخلافة فأقاموا عنده أسراء في هجر " وهي الأحساء من البحرين " وسيأتي الكلام علي بقية الكلام في المأسورين عنده في ترجمة الأحساء إن شاء الله تعالي فقتل العسكر المذكور والحاج ونهب الأموال وقتل الحاج وأهل مكة قتلا ذريعا وأظهر الكفر والإلحاد في أشعاره. ونقل أنه لم يستبق إلا أهل الصناعات وساقهم إلي الأحساء وحمل من الأموال الجليلة اثنين وثمانين ألف جمل وحمل الحجر الأسود والميزاب معه وأتي بهما إلي بلاد القطيف وبني فيها بيتا سماه " الكعبة " ووضعه فيه وقال إصرف الحج إليه [ صفحه 279] وقهر أهل مملكته علي الحج والطواف لديه وموضعا سماه " المشعر " " وعرفات " " ومني " وآثارها إلي الآن خراب يباب ولله الحمد، فصار كلما جعل الحجر الأسود في أركانه أصبح في ناحية غير متعلق بالبناء وكان ذلك في سنة 312 اثنتي عشرة وثلاثمائة من الهجرة النبوية علي مهاجرها وآله آلاف الصلاة والتحية وكان ردهما في سنة 335 خمسة وثلاثين وثلاثمائة بعد موت الخبيث أبي طاهر القرمطي فمدة إقامتها بالقطيف من البحرين ثلاث وعشرون سنة. وفي بعض التواريخ إنه بذل في رده بعض الملوك أربعين ألف دينار فلم يقبل فلما أرجعوه اختيارا سألوا عن ذلك فقالوا أخذناه بقدر وأرجعناه بقدر، ونقل أن أبا طاهر كان يخطب للعبديين الفاطميين ويدعي المحبة والولاء لآل رسول الله المصطفي وكذب وأخزي بل أقواله القبيحة وأفعاله الشنيعة تدل علي كفره بل وزندقته (لعنه الله وقومه الراضين بأفعاله وأقواله) فلما بلغ الخليفة الفاطمي بمصر ما فعل بالحاج من القتل والنهب وقلع الحجر والميزاب عظم ذلك عليه، فكتب إليه يقبح أفعاله ويكفره ويتبرأ منه فترك أبو طاهر الخطبة ولم يخطب لأحد (هكذا وقفت عليه في بعض التواريخ القديمة). وحكي أنه لما أتي بالحجر الأسود والميزاب حمله جملة من الجمال وكل جمل حمله قتله حتي نقل أنه مات سبعون جملا وفي بعضها ثلاثون أو أربعون ولما أرجعوه وضعوه علي جمل هزيل فكان يسرع في السير إسراعا عنيفا وازداد شحما ولحما وقوة، ولم يعتبر أولئك الطغام، فلعنة الله علي من انتهك حرمة الإسلام وسعي في عباد الله وأرضه بالفساد والحرام، وقتل النفوس المحترمة بغير رضي من الله ورسوله عليه وآله الطاهرين وسيأتي الكلام إن شاء الله علي بقية من [ صفحه 280] أفعالهم إلي انقراض دولتهم وانعدام ذكرهم ومملكتهم، وسبحان الملك الحق الحي القيوم المبين الذي لا تغيره الأيام والدهور والسنين والذي لا يبقي إلا وجهه ولا يدوم إلا ملكه له الحكم وإليه المرجع وهو أرحم الراحمين. وأما الكلام في ذكر علمائها وأدبائها وفقهائها فأعلم أنه لم يصل إلينا منهم إلا الشاذ اليسير وخفي علينا الجم الكثير لاندراس الآثار وتقاعد الهمم عن تجشم هذه الأمور والأخطار وعدم إدراكنا ذوي الاطلاع منهم والاختبار وإلا فالمنقول مستفيضا إنها في أكثر الأوقات مملوءة من العلماء الأتقياء الثقات والشعراء المفلقين والأدباء الكاملين فلنذكر إن شاء الله تعالي ما وقفنا عليه وانتهي اطلاعنا إليه.

الشيخ حسين بن راشد

(فمنهم) العالم العامل والعارف الكامل رضي الدين الشيخ حسين بن راشد القطيفي، ذكره المحدثان الفاضلان الشيخ عبد الله بن صالح والشيخ يوسف ابن عصفور في (لؤلؤة البحرين) وقبلهما الفاضل الماهر الشيخ ابن أبي جمهور أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 280 - 286 الأحسائي (ره) في (غوالي اللئالي) وإجازته للعالم السيد محسن الرضوي وغيرهم من علماء الرجال والإجازات كابن أبي جمهور في إجازته للسيد محسن الرضوي في ذكر تلميذه العلامة الشيخ يوسف ابن أبي (الآتي ذكره) وهو يروي عن عدة من المشائخ أشهرهم الشيخ الأعلم الأعظم الأكرم رضي الملة والدين الحسين ابن راشد القطيفي، انتهي ولم يذكر له شيئا من المصنفات ولا تاريخا للوفاة لأن نظره في ذكر مشائخ الإجازات دون الكتب والمصنفات. [ صفحه 281]

الشيخ يوسف ابن أبي

(ومنهم) العالم العامل المحقق العارف الكامل الشيخ ظهير الملة والحق والدين الشيخ يوسف بن أبي (بضم الألف وسكون الياء أخيرا) القطيفي، وهذا الشيخ من أساطين العلماء وأكابر العظماء، يروي عن السيد الأعرجي عن مشائخ الشهيد الأول، قال الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي في إجازته المذكورة سابقا: وهذا السيد (أي الفاضل الأعرجي المتقدم ذكره) يروي أيضا عن الشيخ الأعظم العلامة البحر الخضم صاحب المعارف والعلوم الفائضة عنه عند كل طالب وهاتف شمس المشارق والمغارب وظهير الملة والحق والدين يوسف بن أبي القطيفي (انتهي كلامه علا مقامه). (قلت): وهذا الشيخ من قرية (رشا) لا من (القديح) إحدي قري القطيف سكني صاحب هذا الكتاب وقبره (قدس سره) في مقبرة رشا لا تابع القديح، معروف عند أهل تلك القرية زرته مرارا ودعوت الله عنده ودفنا بعض أرحامنا بجنبه، له كتاب وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله المشهور الذي يقرأ في أطرافنا عجيب الترتيب وهو أحسن ما صنف في هذا الباب، وله رسالة في العقود والنيات رأيتها قديما جيدة، ولم أقف له علي غيرهما ولم أقف علي تاريخ لوفاته، إلا أن الظاهر أنه من أهل المائة السابعة ضاعف الله حسناته ورأيت كتاب وفاة أمير المؤمنين عليه السلام منسوبا للشيخ محمد أو للشيخ علي بن أبي القطيفي من قديم الزمان إلا أنه بحسب تتبعي لكلماته متأخر عن طبقته بكثير ولعله من ذريته وعقبه النازلين والله العالم العاصم. [ صفحه 282]

الشيخ إبراهيم بن سليمان

(ومنهم) العالم العامل المشهور الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي الغروي صاحب المصنفات الكثيرة منها كتاب (الفرقة الناجية) الغروي الحلي المعاصر للمحقق الشيخ علي الكركي المعارض له في كثير من المباحث وقد انتقل من القطيف وقطن في النجف الأشرف وكان أكبر علمائها ثم انتقل منها إلي الحلة فلهذا نسب إلي كل منهما قال شيخنا (ره) في (اللؤلؤة): هو فاضل ورع قد روي عنه جملة من الأفاضل قال بعض الفضلاء: وقد رأيت بخط بعض العلماء أنه حكي عن بعض أهل البحرين في حق الشيخ إبراهيم هذا (قده): أن هذا الشيخ قد دخل عليه الإمام الحجة عليه السلام في صورة رجل يعرفه الشيخ فسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم فقال الشيخ قوله تعالي: (إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقي في النار خير أم من يأت آمنا يوم القيمة؟ اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير) فقال صدقت يا شيخ، ثم خرج فسأل أهل البيت: هل خرج فلان؟ فقالوا ما رأينا أحدا داخلا ولا خارجا، انتهي، قال الشيخ يوسف المذكور (ره) والعجب أنه مع كونه يروي عن الشيخ علي الكركي المزبور كان له معه مناقضات ومعارضات، بل رأيت في كلامه في بعض كتبه ما يدل علي القدح في فضل الشيخ علي المذكور ونسبه إلي الجهل، كما هو شأن جملة من المعاصرين، حتي إنه ألف في جملة من المسائل رسائل في مقابلة رسائل الشيخ علي المذكور ردا عليه ونقضا لما ذكر، منها مسألة [ صفحه 283] حل الخراج كان هو المشهور وأن الشيخ علي صنف رسالة في حله سماها " قاطعة اللجاج في حل الخراج " فصنف الشيخ إبراهيم رسالة في مقابلته سماها " السراج الوهاج لدفع لجاج قاطعة اللجاج " واقتفي أثره المحقق المقدس الأردبيلي في شرح الإرشاد وقد حققنا المسألة في كتاب المتاجر من " الحدائق الناضرة " وفق الله تعالي لإتمامها، وصنف " ره " رسالة في حرمة الجمعة زمان الغيبة مطلقا ردا علي الشيخ علي " ره " في رسالته التي في وجوبها بشرط الفقيه الجامع للشرائط وصنف رسالة في القول بالمنزلة في الرضاع ردا علي الشيخ علي في رسالته التي ألفها في بطلان القول بالتنزيل وفي الجميع ما أصاب ولا وافق الصواب وقد حققنا جميع ذلك بما لا مزيد عليه في كتاب (الحدائق الناضرة)، وفي رسالة (كشف القناع عن صريح الدليل في الرد علي من قال في الرضاع بالتنزيل) ونقل عن الأفاضل قال وقد سمعنا من المشائخ أنه كان " ره " بمشهد الحسين " ع " أو المشهد الغروي (علي مشرفيهما أفضل الصلاة والسلام) وقد اتفق ورود الشيخ علي هناك واجتمعا خلف القبر المبارك في الرواق وكان (الشاه طهماسب) قد أرسل في تلك الأوقات للشيخ إبراهيم المذكور جائزة وردها الشيخ واعتذر من ذلك بأنه لا حاجة له في أخذها فقال له الشيخ علي ورد عليه إنك أخطأت في ذلك وارتكبت محظورا أو مكروها واستدل علي ذلك القول بأن مولانا الحسن " ع " قد قبل جوائز معاوية ومتابعته " ع " والتأسي به إما واجبا أو مندوبا وتركها إما حرام أو مكروه كما تحقق في الأصول وهذا السلطان لم يكن أنقص درجة من معاوية وأنت لم تكن أعلي مرتبة من الحسن عليه السلام فأجابه الشيخ إبراهيم بجواب اقناعي. [ صفحه 284] أقول قد وقعت في رسالة من رسائله سماها (الرسالة الحائرية في تحقيق المسألة السفرية) وقد ذكر في صدر الرسالة المذكورة ما اتفق له مع الشيخ علي في سفره معه للمشهد المقدس الرضوي إجمالا من المسائل التي نسبه فيها إلي الخطأ، منها أن العشرة القاطعة لكثرة السفر يشترط فيها التتالي أم لا؟ فنسب إلي نفسه الأول وإلي الشيخ علي الثاني، وفي هذه المسألة صنف الرسالة المشار إليها ومنها أنه نقل عنه أن من لم يجد ساترا إلا جلد الكلب وعليه في نزعه تقية يسقط عنه أداء فريضة الصلاة، قال فبالغته في ذلك فأبي إلا الاصرار علي منافاته مع أن الذي وصل إلينا معرفته أن الصلاة لا تسقط بفقد الساتر ولا بفقد صفة الواجب في حال الاختيار بإجماع العلماء وهو مصرح به في كتبهم كلام الأصحاب، قال فأعرضت عنه وحملته علي الغفلة وعدم المطالعة، وقال مسألة أخري مجملها أنه حكم باستحباب الوضوء والمجدد علي من إغتسل غسل الجنابة قال وبالغته في ذلك قلت له: إن المجدد لا يستحب إلا مع سبق وضوء قبله قال: في غسل الجنابة وضوء ضمنا قلت: إذا أردت كفايته عن الوضوء فلا وضوء ضمنا وإن أردت غير ذلك فبينه فأبي إلا ما ذكره فأعرضت عنه ثم ذكر إنه دخل يوما إلي ضريح الإمام الرضا عليه السلام قال فوجدته هناك فجلست معه فاتفق حضور بقية العلماء المتبحرين وزبدة الفضلاء الراسخين جمال الملة والدين فابتدأ بحضوره معترضا علي لم لا تقبل جائزة الحكام فقلت لأن التعرض لها مكروه واستشهدت بقول الشهيد في دروسه ترك أخذ ذلك من الظالم أفضل ولا يعارض ذلك أخذ الحسنين (عليهما السلام) جوائز معاوية لأن ذلك من حقوقهم " ع " بالأصالة فمنع أولا ذلك في الدروس ثم التزم بالمرجوحية وعاهد الله تعالي هناك أن يقصر [ صفحه 285] كلامه علي قصد الاستفادة بالسؤال أو الإفادة بالجواب ولولا كراهة الإطالة لفصلت أكثر ما وقع بيني وبينه ثم فارقته قاصدا المشهد الغروي علي أحسن فلما وصلت تواترت الأخبار عنه من الثقاة وغيرهم بما لا يليق ذكره فقابلته بالضد فلم أزل ساكتا إلي أن انتهي الأمر بدعواه العلم ونفيه عن غيره فبذلت له وسعي في رضاه بالاجتماع للبحث والمذاكرة بجميع أنواع الملاطفة فأبي، إلي آخر كلامه في الرسالة المذكورة وهو مما يفضي منه العجب العجيب كما لا يخفي علي الموفق الأديب ثم ذكر في آخر الرسالة المذكورة ما صورته وإذا فرغت من هذه فأنا مشتغل بنقض رسالة الخراجية وكشف لبس ما رتبه فيها من المباحث الإقناعية قال بعض الفضلاء من تلامذة الآخوند المجلسي (ره): وقد سمعت من الأستاذ الاستناد (رحمه الله تعالي) أنه لم يكن له كثير فضل فإنه ليس له رتبة المعارضة مع الشيخ علي الكركي وسمعت منه مشاكلة ما يدل في فضله بل في تدينه حيث إنه نقل لي أنه رأي مجموعة بخط الشيخ إبراهيم هذا وقد ذكر فيها إيرادات علي الشيخ علي ويقول أين فضله من فضل الشيخ علي وتبحره انتهي، ومن وقف علي ما نقلناه من الرسالة المذكورة المتقدمة وقد حذفنا مما هو من هذا القبيل وأشنع عرف صحة ما ذكره شيخنا المذكور ولكن هذه طريقه قد جري عليها جملة من العلماء من تخطئه بعضهم بعضا وربما أنجز إلي التجهيل والطعن في العدالة كما وقفت عليه في رسالة للشيخ علي أبن الشيخ محمد ابن الشيخ حسن (صاحب حاشية اللمعة) في الرد علي المولي محمد باقر الخراساني ره " " صاحب الكفاية " والطعن فيها بما يستقبح نقله وما وقع لشيخنا المفيد " ره " والسيد المرتضي بناء علي الخلاف في المصنف لهذه الرسالة في الرد علي الصدوق " ره " في مسألة جواز [ صفحه 286] السهو علي المعصوم من الطعن الموجب للتجهيل وما وقع للمحقق والعلامة في الرد علي ابن إدريس (ره) والتعريض به ونسبته إلي الجهل ونحو ذلك سامحنا الله تعالي وإياهم بعفوه وغفرانه، انتهي ما أردنا نقله من كلامه (ره) (أقول): ما ذكر (قدس سره) في حق هذا الرجل وقبله شيخنا المجلسي وفي حق غيره من علمائنا الأعلام الأتقياء الكرام ففيه مواقع للنظر لا يخفي علي أولي الإنصاف والنظر فإن نسبة كثير منهم أو بعضهم إلي الافتراء والكذب (والعياذ بالله منهما) قبيح منزه عنه أقلهم درجة وأنزل رتبة يقينا فإن كان الناقل والمنقول عنه مجتهدا جامعا للشرائط فذاك ما أداه اجتهاد كل منهما إليه مع صدوره عن المنقول منه وليس افتراء ولا بأس به علي المنقول منه إذا كان باجتهاده وما أداه إليه رأيه وإن كان الناقل غير مجتهد أو جاهلا فلا عبرة بنقله ونسبة القدح في ديانة الرجل بمجرد إيراده علي معاصره والرد عليه في غير محله إذ نزهناه عن أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 286 - 293 الافتراء ونسبناه إلي اجتهاده، كما وقع لشيخنا المجلسي (ره) في حق هذا الرجل ونحوه غيره نعم تخطئة اجتهاده حسب مع عذره وعدم القدح في عدالته لا بأس به، اللهم إلا أن يكون المنسوب إلي المنقول عنه من المسائل الضرورية التي لا مسرح للنظر والاجتهاد فيها فهي في محله وبالجملة فطعن بعضهم علي بعض إن كان باجتهاد في المسائل النظرية فذاك ما أدي إليه اجتهاده فهو تخطئة له في اجتهاده في تلك المسألة مع معذورية المطعون عليه من غير أن ينجر إلي القدح في العدالة والتدين والافتراء وإن كان بغير اجتهاد صحيح فهو قدح في جهله وهو في محله كما لا يخفي والله العالم العاصم. وللشيخ إبراهيم (ره) المذكور ما قدمنا سابقا وهو كتاب (الفرقة [ صفحه 287] الناجية) جيد حسن كما قيل ولم أره والرسالة الحائرية التي ذكرناها في اللؤلؤة (والسراج الوهاج في رد قاطعة اللجاج) والرسالة التي في تحريم الجمعة زمان الغيبة والرسالة... في القول بالتنزيل قال في اللؤلؤة: ومنها رسالة في شرح عدد محرمات الذبيحة لطيفة مختصرة، وله رسالة الصومية، نسبها إليه الفاضل الأردبيلي (ره) في بحث صوم الإرشاد، ونقل منها بعض الفتاوي وله شرح علي ألفية الشهيد " ره " علي ما صرح به الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد العاملي " ره " في حواشيه علي الألفية المذكورة وله تعليقات أيضا علي الشرائع وله حاشية علي الإرشاد نسبها إليه القاضي نور الله في (مجالس المؤمنين) وله كتاب (الفرقة الناجية) والظاهر أنه في تحقيق الفرقة الناجية وأنها الإمامية وهذا كان عندي ثم ذهب فيما وقع علي كتبي في بعض الوقائع، وله كتاب (نفحات الفوائد ومفردات الزوائد) وهذا الكتاب في صورة الأسئلة والأجوبة إنه سأل سائل بكذا فالجواب كذا وهذا الكتاب قد استكتبه الوالد في القطيف وكان في كتبه ولا أدري إلي من صار من الوراثة؟ وله كتاب شرح أسماء الله الحسني طويل الذيل في الفوائد وقد فرغ منه سنة أربع وثلاثين وتسعمائة [48] وله رسالة في الشكيات وله إجازة لتلميذه معز الدين محمد بن تقي الدين الحسيني الأصفهاني ويظهر من تلك الإجازة أن الشيخ علي بن هلال الجزائري كان عم هذا الشيخ وكان تاريخ الإجازة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وله إجازة للمولي محمد أمين الاستربادي قال فيها إن عدة من الفضلاء أجازه ولكن أوثقهم الشيخ إبراهيم [ صفحه 288] ابن حسن الشهير بابن الوراق عن الشيخ علي بن هلال الجزائري المذكور وكان تاريخ الإجازة سنة عشرين وتسعمائة في أيام مجاورته للروضة الغروية، ومن تلامذته السيد شريف الدين الحسيني المرعشي التستري والد القاضي نور الله التستري (صاحب مجالس المؤمنين) علي ما صرح به القاضي في حواشي المجالس ومنهم السيد الأمين نعمة الله الحلي والمفهوم من رسالته التي قدمنا ذكرها والنقل منها أن مبدأ مقدمه إلي العراق في أواخر جمادي الثانية سنة ثلاث عشرة وتسعمائة من هجرة سيد المرسلين صلي الله عليه وآله الطاهرين، هكذا صورة الكتاب انتهي كلامه علا مقامه. قلت: ووقفت لهذا الشيخ أيضا زيادة علي ما ذكره شيخنا المذكور علي حاشية له علي مختصر النافع في النجف الأشرف في يد سيدنا الأجل السيد مرتضي الكشميري (قدس سره) مجلد لطيف، وعلي رسالة لطيفة في طلب الرزق في القطيف استعرتها من بعض الأخوان ولم أقف علي تاريخ لوفاته ضاعف الله حسناته.

الشيخ جعفر بن محمد الخطي

(ومنهم) العالم الكامل الشاعر الأديب المصقع الماهر الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الإمام، أحد بني عبد القيس من تميم الخطي كان مسكنه قرية التوبي (إحدي قرية القطيف المحروسة) وله عقب فيها إلي الآن وكان كثير السفر إلي البحرين بل قطن فيها كثيرا وكان مصاحبا فيها العلامة المحقق الأديب الماجد السيد ماجد ابن السيد هاشم الصادقي الجد حفصي (ره) والسيد عبد الرؤف قاضي القضاة وأبناءه بعده وله فيهم المدائح [ صفحه 289] والمراثي كما ذكرناه في ترجمة السيد عبد الرؤف البحراني [49] ويصحبهم في أسفارهم إلي شيراز وأصفهان وله ديوان شعر وقفنا علي كثير منه والموجود منه الآن نسخة مقطوعة الطرفين كان (رحمه الله تعالي) من الأدباء الكاملين والشعراء المفلقين وله يد في العلوم أيضا إلا أن الشعر غلب عليه وله الإجازة من شيخنا البهائي (ره) لما اجتمع معه في أصفهان سنة ستة عشر وألف ه ج . وطلب منه مجاراته بقصيدته المسماة (بروح الأمان في مدح الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه) وهي التي أولها: سري البرق من نجد فهيج تذكاري++ عهود بحزوي والعذيب ذي قار وقد ذكره السيد النجيب العالم الأديب في (سلافة العصر) فقال فيه: ناهج طرف البلاغة والفصاحة، الزاخر الباحة، الرفيع الساحة، البديع الأثر والعيان، الحكيم الشعر الساحر البيان، تقف بالبراعة قداحه، واردا علي المسامع كؤوسه وأقداحه، فأتي بكل مبتدع مطرب، ومخترع في حسنه معرب، ومع قرب عهده فقد بلغ من الشهرة المدا وسار به من لا يسير مشمرا وغني به من لا يغني مغردا وقد وقفت علي فرائده التي لمت فرأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وكان قد دخل الديار الأعجمية، فقطن منها بفارس ولم يزل وهو لرياض الأدب جان وغارس حتي اختطفته أيدي المنون فعرس بفناء الفنا وخلد دائرة الفنون وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف هج. انتهي. قلت ولما دخل أصفهان اجتمع بالشيخ البهائي (ره) وعرض عليه أدبه فاخترع عليه معارضة قصيدته الرائية التي أولها: (سري البرق من نجد فهيج تذكاري.....) [ صفحه 290] فعارضه بقصيدته التي أولها: هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري++ فسقيا فخير الدمع ما كان للدار ولا تستضع دمعا تريق مصونه++ لعزته ما بين نؤي وأحجار فأنت امرؤ قد كنت بالأمس جارها++ وللجار حق قد علمت علي الجار ويعجبني منها قوله تغمده الله برحمته: نواصع بيض لو أفضن علي الدجا++ سناهن لاستغني عن الأنجم الساري معاطير لم تغمس يد في لطيمة++ لهن ولا استعبقن جونة عطار وهي طويلة جيدة مشهورة مدح فيها أولا شيخنا البهائي (ره) وقبيلته من همدان (رض) ثم تخلص إلي مدح إمام العصر والزمان عليه وآبائه الصلاة والسلام، وقد جاراها شيخنا العلامة (أعلي الله مقامهما ومقامه) بقصيدته الرائية أيضا التي ذكرنا أولها في ترجمته (قده) وقال قدس سره في آخرها: قفوت بها أثر البهائي وجعفر++ وكل بمقدار اقتدار له جاري وهي لا تقصر عنهما ونقل أنه لما اقترح الشيخ البهائي (ره) عليه معارضته قال له قد أجلتك شهرا فقال له الشيخ جعفر (ره): يوما بل في مجلسي هذا، واعتزل ناحية في المجلس وأنشأها ارتجالا فلما أتمها وأنشدها راويته وجامع ديوانه الغنوي وقعت عند الشيخ البهائي (ره) بموقع من القبول والإقبال كتب إليه الشيخ البهائي: أيها الأخ الأعز الفاضل الألمعي بدر سماء الأعصار وغرة شمس بلغاء الأمصار أيم الله إني كلما سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء ورويت بريد فكري من حياض خريدتك العذراء زاد بها ولوعي وهيامي واشتد بها ولهي [ صفحه 291] وأوامي فكأنما عناها من قال: قصيدتك الغراء يا فرد دهره++ تنوب عن الماء الزلال لمن يظمأ فنزوي متي تروي بدائع لفظها++ ونظما إذا لم نرو يوما لها نظما ولعمري لا أراك إلا آخذا فيها بأزمة أوابد اللسن، تقودها حيث أردت وتوردها أني شئت وارتدأت، حتي كأن الألفاظ تتحاسد علي التسابق إلي لسانك، والمعاني تتغابر علي الإنثيال إلي جنانك والسلام، وكتب المحب الأخلاصي (بهاء الدين محمد العاملي) ومن شعره (ره) في رثاء سيد الشهداء وإمام السعداء أبي عبد الله الحسين (ع) القصيدة الدالية الغريزة الوجود التي أولها: معاهدهم بالأبرقين هوامد++ رزقن عهاد المزن تلك المعاهد وهي مشهورة وقل في المراثي مثلها، ومن شعره القصيدة المعروفة بالسبيطية وقد توجه من مري (قرية من توبلي من البحرين) مع ولده حسان إلي قرية أبي بهان (قرية من البلاد القديم) في خورهما في أول الخور فوثبت عليه سمكة من ذلك البحر تسمي السبيطية فنطحت جبهته فسالت الدماء منه وقد كان هذا النوع من السمك كثيرا منه في هذا البحر فأنشد هذه القصيدة العجيبة الفريدة علي جهة الحماسة والهجاء فعدمت من ذلك البحر وأولها هو هذا: برغم العوالي والمهندة البتر++ دماء أراقتها سبيطية البحر ألا قد جني بحر البلاد وتوبلي++ علي بما ضاقت به ساحة الصدر فويل بني شن بن أفصي وما الذي++ رمتهم به أيدي الحوادث من وتر دم لم يرق من عهد نوح ولا جري++ علي مد ناب للعدو ولا ظفر [ صفحه 292] تحامته أطراف الفنا وتعرضت++ له الحوت يا بؤس الحوادث والدهر وهي طويلة بليغة جدا مشهورة وهي ما قبلها في كشكول الشيخ يوسف بن عصفور (قده) وفي غيره وقال (رحمة الله عليه) في آخرها: لعمر أبي الخطي إن بات تارة++ لدي غير كفؤ وهو نادرة العصر فثأر علي بات عند ابن ملجم++ وأعقبه ثار الحسين لدي شمر ولما عرضت هذه القصيدة الفريدة علي العلامة الشاعر المصقع السيد ماجد البحراني الحسيني الصادقي كتب عليها مقرظا: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها، وسر حت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها فوجدتها قرة في عين الابداع ومسرة في قلب الاختراع والحق أحق بالاتباع والحمد لله علي تجديد معالم الأدب بعد اندراسها وتقويم راية البلاغة بعد انتكاسها ورد غرائب ألفاظها إلي مسقط رأسها، وإزالة وحشتها إلي إيناسها (وكتب ماجد بن هاشم البحراني): ومن شعره (رحمه الله) ما جاراه به العلامة الماجد السيد ماجد الجد حفصي البحراني قال أبو البحر الشيخ جعفر: سمرت ليلة عند الشريف العلامة فيما كنت أسمر معه فبينما نحن كذلك إذ طلع الفجر فقلت بديهة: خذه إليك كصفحة المرآة++ بدرا يكشف حالك الظلمات فأجاز السيد المذكور قائلا: وكأنه وجه المليحة حسرت++ عنه ذوائب فرعها الفحمات وكأنه والشهب محدقة به++ ملك أطاف به الجنود ثبات فقال أبو البحر (رحمة الله عليه): [ صفحه 293] أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 293 - 299 وكأنه الدينار يثبت حوله++ بيض الدراهم غير مجتمعات وكأنه والنقص يأخذ بعضه++ بيض اللجين مثلم الجنبات وكأنه والمحو في أرجائه++ وجه الفتاة مجدر الصفحات انتهي، وقال أبو البحر أيضا وسمرت أيضا عند الشريف العلامة ليلة والسماء دكناء الجلباب كاسية السحاب فأخذنا في باب الآداب فقلت: توشحت السماء ببرد غيم++ فأجمل بالموشح والوشاح فأجازه الشريف العلامة قائلا رحمه الله تعالي: فقم وانهض إلي عصر التصابي++ فليس عليك فيها من جناح فقال أبو البحر قدس سره: أمط قدم التواني وأجل منها++ بآفاق الشموس كؤوس راح فقال الشريف العلامة قدس سره: كميت إن تشب بغير ماء++ يسكن ما اعتراها من جماح فقال أبو البحر رحمه الله تعالي: تولد فوقها حبب إذا ما++ تغشاها فتي الماء القراح فقال الشريف العلامة قدس سره: وتنزل من فم الميزاب نبضا++ كما نبض الدماء من الجراح فقال أبو البحر طاب ثراه: بكف مخضب الكفين رخص++ فسادي في محبته صلاحي انتهي كلامهما علا مقامهما، ومن شعره في الحماسة وقد أجاد رحمة الله عليه لما رأيت وشاة الحي ترصدنا++ بأعين لا عداها غائل الرمد [ صفحه 294] جعلت لا من قلا مني أزوركم++ آنا وأهجركم بعضا من الأبد وله أيضا رحمه الله في الغزل القصيدة الفريدة وهي قوله (قده): جد بالبكا إن الخليط مقوض++ فمصرح بشكاتهم ومعرض ومنها قوله: من ناشد لي بالعقيق حشاشة++ طاحت وراء الركب ساعة قوضوا لم تلو راجعة ولم تلحق بهم++ حتي وهت مما... وتقبض ردوه أحيي برده أو فالحقوا++ كلي به فالحي لا يتبعض ومنها: قبضوا بأيديهم علي أكبادهم++ والشوق ينزع من يد ما تقبض وهي طويلة في غاية البلاغة، ومن شعره (ره) في المناجاة قوله (قده) مولاي لو قرع امرؤ باب امرئ++ بيد الرجاء وآب بالخسران لرحمته وذممت ذاك لبخله++ والبخل قلت سجية الإنسان فعلي م أرجع خائبا من بعد ما++ تعبت يدي دقا وكل لساني؟ وهي مذكورة في ديوانه (ره) وسمعت إن لهذه الأبيات قصة عجيبة وهي أنه أصابه دين في بلاده القطيف بحيث أوجب له الخروج منها وكان في مسورة القطيف عازما علي الخروج والسفر فدخل المسجد المعروف بالمسهلة من مساجدها الواقع شرقا من باب الشمال وأنشد هذه الأبيات من قلب محترق فلما أكملها نزلت علي رأسه من السماء صرة دنانير في خرقة سوداء بقدر دينه بلا زيادة ولا نقصان ولكنه تشأم من سواد الخرقة ففرقها علي الفقراء والمساكين وديوانه موجود ناقص الطرفين قدس الله روحه ونور ضريحه. [ صفحه 295]

الشيخ فرج المادح الخطي

(ومنهم) الأديب الأريب الشاعر الصالح الشيخ فرج المادح الخطي كان رحمه الله تعالي من شعراء أهل البيت عليهم السلام ومادحيهم وهاجي أعدائهم ومبغضيهم وقد وقفت له علي شعر كثير من هذا القبيل في المدح لهم (ع) والهجاء لأعاديهم، فمنه قوله في (الصواعق المحرقة) لابن حجر: يا سالكا في الجحيم علك أن++ تسأل فيها المزنم ابن.. هل أحرقت غيره صواعقه++ أو ألقمت مثله اللعين حجر ومنه قوله (ره) في جواب بعض النواصب في الرد علي الشيعة الإمامية في انتظارهم صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه وقد قابله بمثل كلامه الفاسد وجوابه البارد.

الشيخ محمد بن سليمان

(ومنهم) العالم المحدث الأسعد الشيخ محمد بن سليمان بن زوير الخطي (ره) ذكره المحقق الأوحد الشيخ محمد بن عبد الجبار القطيفي البحراني (ره) في المجلد الثاني من (الباقة الحسينية) ونقل خبرا طويلا في وصف الإمام (ع) عن المعلي بن خنيس (رض) عن الإمام الصادق (ع) من المجلد الثالث من كتاب (سرور الموالي) وذكر أن الكتاب للشيخ محمد بن سليمان بن زوير الخطي (ره) ولم نقف علي الكتاب ولا علي ترجمة لمؤلفه سوي ما ذكرناه مما ذكره هذا الفاضل (ره) والظاهر أنه من كتب الفضائل كالبحار والعوالم والله العالم. [ صفحه 296]

الشيخ حسن بن محمد الخطي

(ومنهم) العالم الظريف النحوي الأديب الحفظة الفقيه الشيخ حسن بن محمد بن يحيي الخطي وكان أنحا من عاصرته وأحفظهم للعلوم العربية وغيرها حتي أنه كان يحفظ أكثر شرح الجامي للكافية وألفية جمال الدين بن مالك ومنظومة الشيخ تقي الدين علي بن داود الحلي في الفقه وغيره إلا أنه كان كثير الهزل والمجون ومن ثم كان ساقط الجاه عادم الصيت ومن لسانه ما سمعته منه في أيام اشتغالي عليه في التبجح والإعجاب بإتقان النحو والعربية قال إن النحو قد خالط لحمي ودمي حتي أن بولي نحو وله من هذا القبيل أشياء كثيرة توفي (رحمه الله تعالي) قاله شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي البحراني في (أزهار الرياض).

الشيخ محمد أبو عزيز

(ومنهم) العالم الفاضل المحدث الأديب الشاعر الكامل الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله أبو عزيز الخطي (قده) كان رحمه الله تعالي من العلماء الفضلاء والشعراء النبلاء المخلصين في الولاء له شعر كثير مذكور في كتبه من الوفايات والمواليد، وله كتاب الذخيرة في المحشر في مولد الحجة المنتظر حسن جيد يصلح أن يكون كتاب استدلال وله أيضا كتب كثيرة منها كتاب مولد الأمير ومولد الصديقة الزهراء ومولد الحسن ومولد الحسين عليهم السلام وسمعت أن له مواليد الأئمة عليهم السلام جميعا كل مولد كتاب مستقل وكذلك وفايات الأئمة الثمانية عليهم السلام من الإمام زين العابدين (ع) إلي الإمام الحسن العسكري [ صفحه 297] لكل إمام كتاب مستقل وأكثرها موجود في بلاد القطيف تقرأ أيام التعازي والتهاني ولم أقف له علي ترجمة لأعرف حقيقة أحواله (ره) إلا أنه من المعاصرين لشيخنا العلامة الشيخ حسين الماحوزي (قده) ولعله من تلامذته تغمده الله تعالي برحمته.

الشيخ ناصر الجارودي

(ومنهم) العالم الفاضل المحقق المحدث الكامل الفاخر الشيخ ناصر بن محمد الجارودي القطيفي (نسبة إلي الجارودية قرية من قري القطيف المحروسة) كان (رحمه الله تعالي) من العلماء الأعلام الأتقياء الكرام وكان اشتغاله في مبدأ أمره عند بعض فضلائها خفية عن والده وكان والده من الفقراء الفلاحين وعليه في كل يوم وظيفة من الحشيش وسائر الخدم وهو يقرأ ويقوم بذلك حتي علم أبوه بما هنالك، ونقل أنه لم يرض بذلك لاحتياجه لخدمته حتي تكفل له بعض أهل الخير بمؤنته فتركه واشتغاله، ثم هاجر إلي البحرين وحضر عند جملة من فضلائها في عصر العلامة الثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (قده) وقد حضر عنده وأجازه وقد رأيت إجازة الشيخ المذكور له علي ظهر رسالته العملية مختصرة ثم بعد وفاة العالم المذكور، اختص بتلميذه العالم المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني ولازمه مدة مديدة حتي بلغ مبلغا عظيما في العلوم وقرأ عنده كتبا كثيرة في مدرستي بوري والقدم (من قري البحرين) وأجازه إجازة عامة مبسوطة جدا تقرب من (لؤلؤة البحرين) للشيخ يوسف بالغ فيها من المدح له والثناء عليه، وأجازه أيضا العالم الفاضل العابد الزاهد الشيخ محمد بن كنبار [ صفحه 298] البحراني (ره) المتقدم ذكره (ص 180)، وقد رأيت الإجازة بخطه (قده) عندنا، له كتاب جليل دقيق المعني مجلد حسن في مكارم الأخلاق والسلوك نفيس جدا، وله ترتيب مسائل الثقة علي بن جعفر الصادق (ع) عن أخيه موسي الكاظم (ع) وتنبيهات له عليها جيدة، رأيتها بخط العالم العابد الشيخ مبارك آل حميدان الجارودي القطيفي (قده). وله تغمده الله برحمته قصة مع حاكم البلاد من أهل القطيف وهي أنه كانت مقبرة بجنب بستان لذلك الحاكم فأراد عمارتها وغرسها وإدخالها في بستانه فوعظه ذلك الشيخ فلم يتعظ ومنعه فلم يمتنع وكانت القطيف والأحساء حينئذ لبعض الحكام من أهل البادية مقدار يومين أو ثلاثة فمشي الشيخ ناصر المذكور إليه حتي اجتمع به وأخبره بما جاء إليه فلما حضر وقت الغداء قام من عنده إلي رحله فدعاه إلي الغداء فامتنع امتناعا شديدا واعتذر إليه ببعض الأعذار وكانت له دوخلة (وهي إناء من خوص) فيها تمر فأكل منه فأضمر له ذلك الحاكم سوءا ثم اختبره ببعض العطايا والإقطاعات فلم يقبل قليلا ولا كثيرا فوجده صادقا زاهدا فأجابه إلي ما طلب وكتب إلي عامله ينهاه عن التعرض لتلك الأرض ويأمره بالإحسان للشيخ المزبور فبقيت تلك المقبرة خرابا، ونقل أنه لما توفي الشيخ المذكور تغمده الله بالكرامة والحبور، قام ذلك الحاكم لتلك الأرض وعمرها وغرسها في يومها وهي الآن خراب لا يقبر فيها أحد وكانت عاقبة ذلك الحاكم أن قتل أشر قتلة وغصبت جميع أملاكه فهي إلي الآن مغصوبة سنية، فما أغر ابن آدم وأشقاه وما أحرصه علي دنياه وما أطول أمله وأقساه وما أطوعه إلي هواه وأبعده عن طاعة ربه ومولاه، ونسأل الله تعالي أن يتجاوز [ صفحه 299] عن إسرافه وخطاياه وأن يكون قتله تمحيصا لذنوبه وشقاه لموالاته لعترة رسول الله صلي الله عليه وآله فلك النجاة عترة سيد المرسلين وآله الطاهرين صلي الله عليه وآله الميامين (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) وهذا الشيخ يروي عنه جماعة:

الشيخ حسين بن عبدالعباس

(ومنهم) الشيخ الفاضل الزاهد الشيخ حسين بن عبد العباس القطيفي وله إجازة منه عندنا، قال الشيخ ناصر المذكور بعد الخطبة: أما بعد استخرت الله تعالي وأجزت للشيخ الكامل الفاضل المحقق المدقق الفطن النبيه الزكي الفقيه الشيخ حسين بن عبد العباس وفقه الله تعالي لارتقاء معارج الكمال بحق محمد والآل (إلي آخر الإجازة) ولم أقف لهذا الشيخ بل وأستاذه إلا علي إجازاتهما دون ترجمتهما ولا علي مصنف للأخير ولا شعر ولا مؤلف ولا تاريخ لوفاته تجاوز الله عن سيئاتنا وسيئاته وضاعف حسناتنا وحسناته.

الشيخ عبدالله آل عمران

(ومنهم) العالم العامل الأواه الشيخ عبد الله بن فرج بن عبد الله بن عمران القطيفي كان من العلماء الأعلام له كتاب (تحفة الأبرار في معرفة الأقضية والأقدار) والظاهر أني رأيت له رسالة مبسوطة في الحسن والقبح العقليين ردا علي الأشاعرة أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 299 - 317 غير قاطع بها ويمكن أن تكون له مصنفات كثيرة أو يسيرة غير ما ذكرناه كغيره ممن ذكرناهم ولم نجد لهم مصنفا أو بعضا وعدم الوجدان لا يدل علي عدم الوجود كما لا يخفي، ولم أقف علي من ذكر له ولغيره ولا سيما علماء القطيف تراجم ولعله [ صفحه 300] والله العالم لعدم خروجهم منها واشتهارهم في غيرها مع فتور الهمم وتقاصر العزائم عن هذا الأهم وقد رأينا علماء كثيرين لم يخرجوا من القطيف والبحرين أفضل ممن خرج واشتهر والله أعلم وأخبر.

الشيخ محمد بن عمران

(ومنهم) ابنه العالم الكامل الأسعد الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله كان (رحمه الله تعالي) من العلماء الأعيان ذوي الإتقان. له كتاب في العبادات مشتمل علي الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والخمس والاعتكاف وعلي ظهر ذلك الكتاب كلام بخطه نقله بعض الفضلاء في حق الملا محسن الكاشاني أكثر فيه من الرد عليه والقدح فيه قال: اعلم أن محسن الكاشي لا يجوز الاعتماد علي الأخبار التي ينقلها ولا يلتفت إليها ولا يجوز العمل بها ما لم يثبت وجودها في الكتب التي ينقلها منها وذلك لعدم وثاقة الرجل لفساد عقيدته لإنكاره المعراج الجسماني والملائكة [50] الخ. [ صفحه 301]

الشيخ علي بن فرج

(ومنهم) أخوه الفاضل الكامل الشيخ علي بن فرج بن عبد الله بن عمران القطيفي (ره) [ صفحه 302] كان عالما فاضلا من تلامذة العالم الشيخ حسين الماحوزي، وله الإجازة منه [ صفحه 303] وبحسب الظاهر والله العالم أن أخاه الشيخ عبد الله (المتقدم ذكره) كذلك فإن [ صفحه 304] أكثر معاصريه بل كلهم من أهل القطيف صاروا تحت مشيخته، ولم أقف له [ صفحه 305] علي مصنف سوي بعض الحواشي علي المذكورة ولا تاريخ للوفاة ضاعف الله لهم الحسنات.

الشيخ محمد آل عمران

(ومنهم) ابنه الفاضل الأسعد الشيخ محمد، قرأ علي أبيه (المتقدم ذكره) كتاب (المدارك) المجلدين وهي النسخة التي عندنا وعليهما الانهاء بخط والده في [ صفحه 306] سنة 1144 ه. وله حواشي كثيرة علي المدارك أكثر من حواشي أبيه وبعض [ صفحه 307] الفوائد الفقهية والاختيارات العلمية ولعل له ولأبيه ولغيرهما ممن ذكرنا كما [ صفحه 308] قدمنا مصنفات، تجاوز الله عنا وعنهم جميع ما أسلفناه من السيئات ومنحنا [ صفحه 309] وآباءنا وإياهم الدرجات العاليات بحق محمد وآله الهداة عليهم أفضل السلام والصلوات وأكرم التحيات. [ صفحه 310]

الشيخ حسين بن محمد

(ومنهم) العامل الكامل الشيخ حسين بن محمد بن يحيي بن عمران القطيفي كان من الفضلاء وله حواشي كثيرة علي جملة من الكتب ولم أقف له علي مصنف [ صفحه 311] وكان من شعراء أهل البيت (عليهم السلام) وجدت بخطه له قصائد في رثاء [ صفحه 312] الحسين (عليه السلام) وكان خطه في غاية الجودة والملاحة ولا أدري عمن يروي من المشائخ والله العالم. [ صفحه 313]

الشيخ محمد مسعود

(ومنهم) العالم العامل الأنور الألمعي الفهامة الأورعي الشاب الرضي الشيخ محمد مسعود ابن الشيخ سعود القطيفي، ذكره العالم الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي كما رسمنا له المسائل الدقيقة العويصة في التوحيد وغيره وجوابها للشيخ أحمد المذكور ولم أقف علي شئ من أحواله ولا علي شئ من مصنفاته وتاريخ وفاته عفا الله عن سيئاتنا وسيئاته سوي المسائل المذكورة وفيها دلالة علي فضل عظيم وعلم جسيم والله العالم الخبير.

الشيخ مبارك الجارودي

(ومنهم) العالم العامل الفقيه المحدث الكامل رفيع الشأن الشيخ مبارك ابن الشيخ علي آل حميدان الأحسائي القطيفي الجارودي مولدا ومنزلا كان (رحمه الله تعالي) من العلماء الفضلاء الأتقياء النبلاء محدثا مجتهدا ورعا، ينقل عنه تلميذه العلامة الأوحد الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد آل عبد الجبار (الآتي إن شاء الله ذكره) بعض فتاويه كتحريم الجمع بين الشريفتين كما هو قول صاحب (الحدائق) وغيره وغير ذلك، له رسالة عملية في الصلاة مختصرة ولم أسمع له بغيرها توفي (قدس سره) سنة 1224 ه وأرخ وفاته بهذا المصراع (في نعيم خلد الله مبارك) وقبره في مقبرة الحباكة معروف ولهذا الشيخ أولاد ثلاثة علماء فضلاء أتقياء نبلاء أصحاب كرامات، كملاء يستسقي بوجوههم الغمام وتنزل الرحمة بهم علي الأنام أكبرهم [ صفحه 314] العالم العامل الأواه صاحب الكرامات الشيخ عبد الله، وله يد طولي في علوم كثيرة وكرامات شهيرة خرج من القطيف وأبوه حي وساح في البلاد لطلب العلوم الغريبة واستوطن بعد ذلك المحمرة تارة والبصرة أخري وشيراز أحيانا وبها توفي (قدس سره) ونقل أنه أصبح ذات يوم حزينا كئيبا وصلي بالناس في المسجد وأمر بوضع فاتحة وقراءة القرآن المجيد وأخبرهم بوفاة والده " قده " تلك الليلة ودفن في يومها وحيث أنه يشاهدون منه الكرامات الكثيرة لم يستنكروا ذلك وضبطوا ذلك اليوم فبعد مدة وصلت جماعة من القطيف فسألوهم عن الشيخ المذكور " قده " فأخبروهم بوفاته ودفنه في ذلك اليوم المزبور وله الرواية عن بعض علماء العراق ولا أدري هل له رواية عن أبيه أم لا؟ ويروي عنه بعض علماء العراق كما رأيته في إجازة للمجاز منه. وأوسطهم العالم العامل التقي النقي الكامل الزاهد العابد الأشرف الأرشد الشيخ محمد كان " رحمه الله تعالي " سلمان دهره في التخلي عن الدنيا والإقبال علي الأخري مضرب المثل في الورع والتقوي صاحب كرامات مشهورة عند المخالف فضلا عن الموالف وكان سكناه وسكني أبيه وأخيه الشيخ علي " الآتي ذكره " قرية صفوي " إحدي قري القطيف " وتارة بمسورة القطيف وكان يباشر غسل ثيابه بنفسه ويدفع في كل شهر أجرة لأهله لمباشرة خدمة بيته وبالجملة فهو ممن أجمع معاصروه علي زهده وفضله وتقواه وورعه ونبله وأنه الأوحدي في الزهد والتقوي ورأيت بخط والده الشيخ مبارك الانهاء علي آخر المجلد الأول من شرح اللمعة لابنه الشيخ محمد هذا والظاهر أنه في المجلد الثاني كذلك. وأصغرهم العالم العامل التقي النقي الشيخ علي، كان (رحمه الله تعالي) [ صفحه 315] صاحب كرامات وأسرار كأخويه وسجيته هداية الجهال والإصلاح بين المؤمنين وكان من العلماء الأبدال ورأيت إجازته من العالم الفاضل الشيخ عبد المحسن اللويمي الأحسائي (الآتي ذكره إن شاء الله) في بابه وقد مر عليه مع جماعة من فضلاء القطيف كالعلامة الشيخ سليمان آل عبد الجبار الكبير وغيره زائرين الإمام الرضا عليه علي وآبائه وأبنائه المعصومين صلوات رب العالمين فاستجازوه فأجازهم وشرك أيضا معهم إجازة مبسوطة بالطرق المتعددة المضبوطة وقد كان للشيخ عبد المحسن المذكور إجازات متعددة من أكثر معاصريه عربا وعجما هجرا وعراقا فأطري فيها علي الشيخ علي المذكور بما لا مزيد عليه ومن جملة ما ذكره في حقه: (عمدة علماء هذا الزمان الشيخ علي ابن العالم الفاضل المحدث الشيخ مبارك آل حميدان الخ) وكان من ورعه وتقواه كأخيه الشيخ محمد إنهما يأمران الناس بتقليد من يرتضيانه من المجتهدين ولا يفتيان عن أنفسهما تورعا من خطر الفتوي لما روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله أنه قال لأبي ذر: فر من الفتيا فرارك من الأسد، وفي بعضها لا تجعل رقبتك جسرا يعبر عليه الناس وغير ذلك كما صنعه جملة من العلماء الأعلام كرضي الدين بن طاووس وغيره، وهذا كله إنما يسوغ مع وجود المجتهد الجامع لشرائط الفتوي وكان ميسورا ممكنا بواسطة أو وسائط مع عدالة الجميع إما إذا تعسر أو تعسر الوصول إليه فيجب علي من له أهلية ذلك المقام ولا يجوز ترك الأنام كالأنعام ولا سيما علي القول بحرمة تقليد الأموات بل يجب النفر علي كافة العباد حتي يحصل من يقوم بذلك المرام ولتحقيق المسألة محل آخر أليق بها من هذا المقام وبالجملة فهؤلاء الفضلاء من نوادر الزمان [ صفحه 316] وأغاليط الدهر الخوان وتوفي الشيخ علي وأخوه الشيخ محمد (ره) في سنة واحدة وبينهما مدة يسيرة ودفنا في مقبرة الحباكة عند أبيهما وقد زرتهم مرارا عديدة ودعوت الله عندهم، وقد حدثني جماعة كثيرة ممن يوثق بنقلهم من أهل القديح وغيرهم بل يذكرون تواتره في ذلك الزمان وهو أنه بعد دفنهم في المقبرة المذكورة كانوا يشاهدون ليلة الجمعة وليلة الاثنين لا غير نورا عظيما كالعمود تنشق السماء فينزل ذلك النور كالعمود علي قبورهم ثم ينتشر فيملأ المقبرة المذكورة وما حولها من الفضاء والنخيل التي حولها فيكون كوقت الضحي بحيث أن القارئ في كتاب تينك الليلتين لا يحتاج إلي مصباح فيبقي علي هذا الحال إلي الفجر فيجتمع ثم يرتفع كما نزل إلي السماء وصار ذلك عادة في تينك الليلتين كل أسبوع بحيث يرتقبه الساكنون في النخيل أيام القيظ ويراه الذي يأتي لسقاية النخيل ليلا في الشتاء وبقي علي هذه الحال سنين كثيرة ثم انقطع وليس ذلك علي أولياء الله منه تعالي بكثير رحمنا الله وإياهم برحمته الواسعة في الدنيا والآخرة إنه علي كل شئ قدير [51] .

الشيخ محمد بن عبدالجبار

(ومنهم) العالم الفاضل الزاهد العابد رفيع المقدار الشيخ محمد بن عبد الجبار الكبير، وآل عبد الجبار بيت في القطيف عظيم خرج منهم علماء فضلاء كثيرون [ صفحه 317] أصحاب مصنفات وفتاوي وأصلهم من البحرين من قرية سار وسكنوا بلاد القطيف قديما وهذا الشيخ معروف بالزهد والعلم إلا أنا لم نقف له علي ترجمة كغيره من علماء هذه البلاد فلذا عميت علينا أخبارهم وانقطعت أكثر آثارهم وينقل تلميذه وابن أخته العلامة الأوحد الشيخ محمد ابن الشيخ عبد علي بن عبد الجبار (الآتي ذكره) كثيرا من الفتاوي كحجية الاجماع المنقول وغيره ولم أسمع له بشئ من المصنفات ولا تاريخ للوفاة.

الشيخ محمد بن الشيخ عبدعلي

(ومنهم) العلامة المحقق النحرير الفهامة المدقق الأمجد الشيخ محمد ابن الشيخ عبد علي ابن الشيخ محمد بن عبد الجبار القطيفي البحراني وكان هذا الشيخ (قدس سره) من أساطين علماء الإمامية وأكابر فقهاء الشيعة الحقية أيدهم رب البرية في الإحاطة بالعلوم والمعارف والجامعية لأنواع المكارم واللطائف له ملكة قدسية ومعرفة علية وقد ارتضاه علماء النجف الأشرف للمحاكمة بينهم أخي القارئ الكريم: في الحقيقة عندما كنت أراجع مسودات الكتاب التي كتبها المؤلف (ره) لتصحيح بعض الأخطاء إذ تراءت لي هذه السطور البشعة، فاغتممت كثيرا، وتعجبت كثيرا! اغتممت لما رأيت من الطعن والتفسيق لهذا المولي الجليل من الذي لا يميز يمينه عن شماله. وتعجبت من المؤلف (ره) كيف أورد هذه السطور في كتابه؟!. ومن كان يزيل همي وغمي إلا أن أدحض الباطل وأحق الحق [52] ولو كره الشيخ فشمرت الساعد لأجل أن أرد كيد الطاعن إلي نحره، وقد استعنت سماحة آية الله الوالد (دام ظله) ورفعت إلي مقامه السامي مسودات الكتاب وطلبت منه أن يرد علي هذا الشيخ، فأجابني سماحته إلي ذلك وإليك ما قاله: ولعمري لا يكاد ينقضي تعجبي، كيف أعتمد الشيخ الجليل (المؤلف - ره) علي مجرد نقل ما كتبه بعض الفضلاء علي ظهر كتابه من التجاسر بساحة المحدث والمحقق الكاشاني (ره)؟ وقد ذكر ما لا يليق أن يصدر من صغار الطلبة أو يسطر ويدرج في كتابه ما هو افتراء علي هذا الرجل العظيم، وهو منه براء، كما لا يخفي علي من اطلع علي كتبه أخص منها بالذكر كتاب (الإنصاف) حيث أنه (قده) كتبه في أواخر حياته الغالية [53] قال في أوله بعد البسملة: (الحمد لله الذي أنقذنا بالتمسك بحبل الثقلين من الوقوع في مهاوي الضلالة، والصلاة والسلام علي نبينا محمد وآله، خير نبي وخير آل، وبعد: فهذه رسالة في بيان طريق العلم بأسرار الدين المختص بالخواص والأشراف... الخ) فمن تأمل في قوله: (أنقذنا بالتمسك بحبل الثقلين) تأمل رجل منصف يحكم بأن الرجل (كما يأتي) لا يعتقد بغيرهما ولا يعتمد إلا عليهما ولا يعتني بما قيل أو يقال من المسالك المختلفة، وقوله هذا جعل كل ما صدر عن جميع المسالك بأي اسم كانت تحت قدميه ولهذا يشير بقوله ما هذه ترجمة عن الفارسية: (.. فاشتغلت برهة من الزمان بمطالعة مجادلات المتكلمين خائضا فيها، ومدة من الزمان في مكالمات المتفلسفين بتعلم وتفهم ومدة أخري كنت أزوال أقاويل المتصوفة ودعاويهم وأكتب الكتب والرسائل من غير تصديق بكلها ولا عزيمة علي جلها، بل أحطت بما لديهم خبرا وكتبت في ذلك علي التمرين زبرا، فلم أجد في شئ من إشاراتهم شفاء علتي ولا في أوراق عباراتهم بلال غلتي، حتي خفت علي نفسي، إذ رأيتها فيهم كأنها من ذويهم، فتمثلت بقول من يقول: (خدعوني نهبوني أخذوني وغلبوني وعدوني كذبوني) فإلي من أتظلم ففررت إلي الله من ذلك وعذت بالله من أن يوقعني هناك واستعذت بقول أمير المؤمنين " ع " في بعض أدعيته: (أعذني اللهم من أن استعمل الرأي فيما لا يدرك قوة ولا يتقلقل فيه الفكر، أنبت إلي الله وفوضت أمري إليه) فهداني الله ببركة متابعة الشرع المبين إلي التعمق في أسرار القرآن وأحاديث آل سيد المرسلين، وفهمني الله منها بمقدار حوصلتي ودرجتي من الإيمان، فحصل لي بعض الاطمئنان وسلب الله مني وساوس الشيطان، ولله الحمد علي ما هداني وله الشكر علي ما أولاني فأخذت أنشد: ملك الشرق تشرق++ وإلي الروح تعلق غسق النفس تفرق++ رفض الكفر تهدم ثم إني جربت الأمور واختبرت الظلمة والنور، حتي استبان لي أن طائفة من أصحاب الفضول، المنتحلين متابعة الرسول غمضوا العينين ورفضوا الثقلين وأحدثوا في العقائد بدعا وتحربوا فيها شيعا، لا في اثنين منهم اتفاق ولا في ما بينهم توالف ديني ولا تحالف إخواني إلا النفاق، وذلك لأنهم كانوا يطوفون حول الطوائف الأربع من غير بصيرة ولا متابعة بصيرة وكانوا بالأحري أن يتلي عليهم: (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا كتاب منير) (إلي أن قال - ره): وما ذلك كله إلا لرفضهم التمسك بحبل الثقلين وتركهم وصية سيد الثقلين، تري أحدهم مولعا بالنظر إلي كتب الفلاسفة وليس له طول عمرهم سواه ولا يكون في غيره هواه من أن يحكم علما شرعيا أصليا أو فرعيا وربما لم يسمع قط بما جاء به نبيه في دينه سوي ما سمعه في صغره من أمه وأبيه، لم يتعلم من الشريعة أدبا ولا سنة ولم يتقلد من صاحبها في علم منه، عجبت من قوم أرسل الله إليهم أفضل أنبيائه لهدايتهم وأعطاه الكتاب والخلفاء ذوي البصائر وأولي النهي واحدا بعد واحد إلي يوم القيامة وقال صلي الله عليه وآله: (إني تارك فيكم الثقلين أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ولا يأخذون بهما ويذهبون يمينا وشمالا ويستمدون بغيرهما أو يستبدون بعقولهم الناقصة (إلي قوله - ره): وزعموا أن بعض العلوم الدينية لا يوجد في القرآن ولا في الحديث، بل ينظروا كتب الفلاسفة والمتصوفة غافلين عن أن النقص والقصور فيهم لا في القرآن والحديث بدلالة قوله تعالي: (ونزلنا عليك الكتاب فيه تبيان كل شئ وهدي ورحمة للمسلمين) (إلي أن يقول (ره) بعد كلام طويل) فاشهدوا أيها الأخوان، شهادة أسألكم بها عند الحاجة، إني ما اهتديت إلا بنور الثقلين وما اقتديت إلا بالأئمة المصطفين وبرئت إلي الله مما سوي هدي الله فإن هدي الله هو الهدي، اعلموا أني لست بمتكلم ولا بمتفلسف ولا متصوف ولا متكلف، بل أنا أقلد القرآن وحديث النبي وتابع لأهل بيته " ع " كما أني أبرء إلي الله مما سوي القرآن وأحاديث النبي، فكل من لم يعتقد بهما فلا عصمة بيني وبينه وأنا أجنبي عنه، إلي أن يقول (ره) في آخر هذه الرسالة: كلما دام العقل أن يبصر أشياء انقلب إليه خاسئا وهو حسير وكلما بزغ نور الفكر ليضئ اضمحل متلاشيا ثم أفل وهو خبير، فلما رأيت الأمر كذلك ناديت من وراء حجاب العبودية: (سبحانك إني كنت من الظالمين، غفرانك إني لا أحب الآفلين، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين). هذا قوله (ره) في كتابه (الإنصاف) وهاك كتاب (منهاج النجاة) له (ره) وقد أفرد لكل أصل من الأصول الخمسة فصلا مستقلا أنظر ما قاله فيه ص 1 بعد الخطبة: اعلم أن خير هاد إلي الله عز وجل نبينا محمد المصطفي صلي الله عليه وآله ثم من بعده متروكاه وخليفتاه الثقلان، كتاب الله وعترته أهل بيته فإنهما لن يفترقا حتي يردا عليه حوضه، فمن تمسك بهما لن يضل ولم يزل ومن طلب من غيرهما يزل، ومن جعلهما أمامه قاداه إلي الجنة ومن جعلهما خلفه ساقاه إلي النار، وأن المستفاد منهما إن النجاة في العقبي موقوفة علي الإيمان والتقوي وكل من الخصلتين مرتبطة بالأخري معتضدة بها والإيمان أشرفها وأعظمها وأقدمها رتبة ولكن لا عاقبة إلا للتقوي ولا هدي إلا للمتقين، والإيمان عبارة عن الإعتقاد بالأركان الخمسة التي هي: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد، والتقوي عبارة عن: امتثال أوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه. الخ. وانظر ص 3 من كتابه المذكور: حيث قال " هداية " إن جميع ما جاء به نبينا (محمد - ص هو الحق المبين الذي لا مرية فيه ومن أنكر شئ منه بعد إقراره بأنه ما جاء به فقد كفر. وقد ذكر (قدس الله روحه) حكاية المعراج كما ذكره الله عز وجل بقوله: (سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي..) فهل من المعقول أن كلامه هذا إنكار للمعراج؟ حتي يرميه الرجل بأنه ينكر المعراج، ثم من بعد هذا عقد فصلا للنبوة فقال: (هداية) في النبوة: لما ثبت أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق ولم يجيز أن يشاهده خلقه ولا إذ يلامسوه ثبت أن له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلي خلقه وعباده وهم وسائط بينه وبينهم أسماع من جانب وألسنته إلي آخر يأخذون من الله ويعطون الخلق يتعلمون من لدنه ويعلمون الناس ويدلونهم من عنده إلي مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه هم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها. الخ وفي ص 7 قال: (باب الإمامة) إن ما ذكرناه في بيان الاضطرار إلي النبي صلي الله عليه وآله فهو بعينه جار في الاضطرار إلي أوصيائهم وخلفائهم الأئمة من بعدهم إلي ظهور نبي آخر، لأن الاحتياج إليهم غير مختص بوقت دون وقت آخر. (إلي أن يقول في ص 8): وأما غيبة بعض الأئمة في بعض الأحيان وعدم تمكنه من إجراء الأحكام فإنما ذلك من جهة الرعية دون الإمام فليس ذلك نقصا علي لطف الله سبحانه فإنما علي الله إيجاد الإمام للرعية ليجمع به شملهم. (إلي أن قال - ره): (هداية) ويجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه وأقربهم إلي الله عز وجل وأن يجمع فيه خصال الخير المتفرقة في غيره مثل العلم بكتاب الله وسنة رسوله والفقه في دين الله والجهاد في سبيل الله والرغبة فيما عند الله والزهد فيما بيد خلق الله (إلي قوله) كلما اشترط في النبي من الصفات فهو شرط في الإمام ما خلا النبوة كما قال الصادق " ع " كلما كان لرسول الله فلنا مثله إلا النبوة والأزواج، الخ وقال: (هداية): قد تواتر لنا عن نبينا صلي الله عليه وآله: أن حجج الله تعالي علي خلقه بعده صلي الله عليه وآله الأئمة الاثني عشر، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم الحسن الزكي، ثم الحسين الشهيد ثم علي بن الحسين زين العابدين ثم محمد بن علي الباقر ثم جعفر بن محمد الصادق ثم موسي بن جعفر الكاظم ثم علي بن موسي الرضا ثم محمد بن علي الجواد ثم علي بن محمد الهادي ثم الحسن بن علي الزكي ثم ابنه (القائم - ع ج ) سمي النبي وكنيته صاحب زماننا وخليفة الله في أرضه في أواننا (إلي قوله): بعدي اثني عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم (القائم) الذي يفتح الله علي يديه مشارق الأرض ومغاربها، وقد استفاض أمثال ذلك من الروايات في كتب العامة أيضا (إلي قوله في ص 10 من كتابه " منهاج النجاة " في حق الإمام المنتظر " ع "): وإن حجة الله في أرضه وخليفته علي عباده في زماننا هو القائم المنظر - محمد بن الحسن العسكري - ع) وإنه هو الذي أخبر به النبي عن الله عز وجل باسم ونعته ونسبه وكذا ساير أهل البيت " ع " وإنه هو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وإنه هو الذي يظهر الله به دينه (ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون) وإنه هو الذي يفتح الله علي يديه مشارق الأرض ومغاربها حتي لا يبقي في الأرض مكان إلا نودي فيه بالأذان ويكون الدين كله لله فإنه هو المهدي الذي أخبر النبي أنه إذا خرج نزل عيسي ابن مريم يصلي خلفه.. الخ، وقال في منتصف الصفحة العاشرة: تنبيه حب أولياء الله واجب وكذا بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهم سيما من الذين ظلموا آل محمد حقهم وغصبوا ميراثهم وغيروا سنة نبيهم، ومن الذين نكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين " ع " وقتلوا الشيعة، ومن الذين نفي الأغيار وشردهم وآوي الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء. (حتي قال - ره) في (باب المعاد) (هداية): الموت حق وكل نفس ذائقة الموت إلا أن الإنسان خلق للأبد والبقاء لا للعدم والفناء فلا يعدم بالموت بل يفرق بين روحه وجسده وينتقل من دار إلي دار (كذا في الحديث النبوي) وقال الله عز وجل: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء) ونادي النبي الأشقياء المقتولين يوم بدر: يا فلان قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ ثم قال: والذي نفسي بيده أنه لأسمع لهذا الكلام منكم إلا أنهم لا يقدرون علي الجواب، (ثم يقول: هداية) المسألة في القبر حق، قال الصادق " ع " من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج والمسألة في القبر والشفاعة ولا يسأل إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا والباقون يلهون عنهم وما يعبأ بهم فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره وبجنة النعيم في الآخرة ويسأل وهو مضغوط وما أقل من يفلت من ضغطة القبر وأكثر ما يكون عذاب القبر من سوء الخلق والنميمة والاستخفاف بالبول وهو للمؤمنين كفارة لما بقي عليهم من الذنوب (إلي أن يقول): (هداية): البعث بعد الموت حق لاقتضاء عدل الله وحكمته، إيصال جزاء التكاليف إلي العبيد والوفاء بالوعد والوعيد ومؤاخذة الظالم للمظلوم، إلي غير ذلك، قال الله سبحانه (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) (إلي أن يقول): وقال النبي صلي الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إن الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون وما بعد الموت دار إلا جنة أو نار.. الخ ثم قال في ص 11: (هداية) الصراط حق وهو جسر ممدود علي متن جهنم ينتهي إلي الجنة وعليه ممر جميع الخلائق، قال الله عز وجل: (وإن منكم إلا واردها، كان علي ربك حتما مقضيا) وعن الإمام الصادق " ع ": الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف فمنهم من يمر مثل البرق ومنهم من يمر مثل عدو الفرس ومنهم من يمر حبوا ومنهم من يمر مشيا ومنهم من يمر متعلقا قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا، وقال " ع " أيضا: الصراط هو الطريق إلي معرفة الله وهما صراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فالصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدي بهداه مر علي الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه علي الصراط في الآخرة فتردي في نار جهنم، يعني أن الإمام هو الطريق إلي معرفة الله تعالي والهادي إلي سبيله قولا وفعلا، فمن عرفه في الدنيا واقتدي بهداه واستن بسنته مر علي الصراط المستقيم الذي مر هو عليه في الدنيا أي طريقته التي هو عليها في الأعمال والأخلاق، كما قال الله عز وجل حكاية عن نبينا صلي الله عليه وآله: (وإن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه) فهو الناجي الذي يمر علي الصراط الآخرة ومن لم يعرفه ولم يهتد إلي طريقته ولم يعمل بها فهو الهالك الذي تزل قدمه عند صراط الآخرة الخ. ثم قال في الصحيفة نفسها: (هداية) الميزان حق والحساب حق، قال الله عز وجل: (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) وقال تعالي: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبين) وقال الصادق " ع ": الموازين القسط هم الأنبياء والأوصياء " ع ". ثم قال في ص 12: (هداية) الحساب حق هو جمع تفاريق المقادير والأعداد وتعريف مبلغها وفي قدرة الله تعالي أن يكشف في لحظة واحدة للخلائق حاصل حسناتهم وسيئاتهم وهو أسرع الحاسبين، ويأبي الله إلا أن يعرفهم حقيقة ذلك ليبين فضله عند العفو وعدله عند العقاب، فيخاطب عباده جميعا من الأولين والآخرين بمحل حساب أعمالهم مخاطبة واحدة يسمع منها كل واحد قضيته دون غيره ويظن أنه المخاطب دون غيره لا يشغله عز وجل مخاطبة عن مخاطبة ويفرغ من حسابهم جميعا مقدار ساعة من ساعات الدنيا ويخرج لكل إنسان كتابا يلقاه منشورا، ينطق عليه بجميع أعماله، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها فيجعله الله محاسب نفسه والحاكم عليها بأن يقال (إقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا) ويختم الله تبارك وتعالي علي أفواههم وتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون، وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا؟ قالوا أنطقنا الذي أنطق كل شئ، فتتطاير الكتب وتشخص الأبصار إليها أيقع في اليمين أو في الشمال (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم إقرؤا كتابيه، وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه). الخ ثم يقول في الصحيفة نفسها (هداية) كلما ورد في الشرع من أهوال يوم القيامة وطوله وحره وعرق الناس فيه وازدحامهم واختصامهم وبراءة بعضهم من بعض وفرار المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه والسياق وإحضار الشهداء والمسائلة، وغير ذلك، كما أخبر الله عز وجل عنه في القرآن وأئمة الهدي " ع " في الأخبار المروية عنهم حق وصدق لا ريب فيه، قال الصادق " ع ": (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفا، كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة). ثم قال في ص 13 (هداية) الجنة حق والنار حق وهما مخلوقتان، اليوم لا تخرج نفس من الدنيا حتي تري مكانها من إحديهما، كذا عن أئمة الهدي " ع " الجنة دار البقاء ودار السلامة لا موت فيها ولا هرم ولا مرض ولا سقم ولا آفة ولا زمانة ولا غم ولا هم ولا حاجة ولا فقر، وهي دار الغناء والسعادة ودار المقامة والكرامة لا يمس أهلها فيه نصب ولا يمسهم فيها لغوب لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون (إلي أن يقول) والنار دار الهوان ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا وأن استطعموا أطعموا من الزقوم وإن استغيثوا أغيثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ينادون من مكان بعيد ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، فيمسك الجواب عنهم أحيانا، ثم قيل لهم إخسؤا فيها ولا تكلمون، ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك، قال إنكم ماكثون، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم. هذا ما وسع لي في هذه العجالة أن أنقل من كلامه " ره " وقلما يتفق أن يحرر ويهذب العقائد الجعفرية بمثل هذه العبارات الموجزة المشتملة علي ما هو اللازم اعتقادها لكل مسلم، وقد أوردها (ره) في أتقن بيان وأنفس برهان، كل ذلك بالأدلة العقلية والنقلية وقسيميهما من السنة والإجماع. ولا يخفي أنه (ره) قد كتب كتابه هذا (منهاج النجاة) وكذلك كتابه (الإنصاف) قبيل وفاته بسبع أو ثمان سنوات. فبالله عليك أيها القارئ الكريم كيف يجوز أن يرمي هذا المولي الكبير والموفق النبيل (ره) إلي فساد العقيدة وأني علي يقين بأن هذا الشيخ (..) هو في حد من قلة الباع وعدم الاطلاع علي كتابيه ما لا يوصف، حتي أنه لم ير ما رواه من حديث الثقلين المتواتر لدي الفريقين، ومن المعلوم أنه ليس من تعاليم القرآن والأخلاق النبوية رمي أحد إلي فساد العقيدة ولو كان مظهرا لأول مرتبة من المراتب الإسلامية (ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا) وجاء في الأخبار: (من أهان عالما فقد أهانني). والآن قد تبين لك الرشد من الغي وعلمت أن المولي الكاشاني (ره) هو من اللازمين للأصول الإمامية السالكين للفرقة الناجية الجعفرية، ولم يبق لأحد مجال للشك والارتياب من كون الرجل من أجلاء الشيعة وكبارهم وثقاتهم وختاما نسأل الله العزيز أن يلهمنا الصواب إنه هو الوهاب، هذا ما أملاه علي سماحة آية الله الوالد (دام ظله). وختاما أسأل الله أن يوفقني لخدمة الدين بمحمد وآله الطاهرين (المصحح) أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 317 - 324 وبين السيد كاظم الرشتي في أيام المنازعة معه وارتضاه السيد المذكور أيضا إلا أنه لم تتم الشروط بينهم وبينه وناهيك بذلك فضلا وكان (رحمه الله تعالي) كثير الأسفار لزيارة العتبات الشريفة ويقلده كثير من سكنة العراق وأهل القطيف والأحساء في حياته وكان يسكن في القطيف تارة وفي الأحساء أخري وله في كل منهما بيت وأولاد وأملاك. وله (ره) مصنفات كثيرة مبسوطة ومختصرة أيضا له شرح علي (أصول الكافي) أربعة عشر مجلدا أو اثني عشر والموجود الآن منها عشرة مجلدات [ صفحه 318] والباقي في المسودة لم يخرج له فيه من التحقيقات الأنيقة شئ كثير وقد رأيت منه جملة وهو أكبر شروح الكافي علي الاطلاق وفيه أشياء كثيرة ليست فيها وله كتاب (البارقة الحسينية) مجلدان ضخمان في رد شبه وتشبيهات وإشكالات في التوحيد ومقامات آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين وصنفه في الحائر الحسيني علي مشرفه آلاف السلام ولهذا نسبه، وله كتاب الرد علي النصاري مجلدان ويعرف بالكبير، له كتاب الرد علي النصاري الصغير مجلد وقد كان بعض علماء النصاري أرسل في ذلك الوقت كتابا في الرد علي الإسلام والقرآن المجيد فكتب هذا الشيخ في نقضه ورده هذين الكتابين وكتب ابنا عمه الشيخ علي الشيخ سليمان (الآتي ذكرهما إن شاء الله) كل واحد كتابا ردا عليه وقد رأيت الأخيرين دون الأولين له، كتاب (الشهب الثواقب لرجم شياطين النواصب) في إثبات خلافة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وأبنائه الأئمة الأحد عشر الأطايب (ع) بعد رسول الله صلي الله عليه وآله بلا فصل بالأدلة العقلية والنقلية والاعتبارية وقد كتب إليه عالم من علماء تبريز يسأله عن ذلك فكتب له بذلك وهو عندنا ولله الحمد، وله كتاب مستقل في حديث الثقلين مجلد ضخم ذكره في (الشهب الثواقب) ولم أقف عليه، وله كتاب (سلم الوصول إلي الأصول) أصول الفقه ثلاثة مجلدات أو أربعة تام رأيت منه مجلدا حسنا في حجية الاجماع وأقسامه مبسوط جدا أكبر كتب الأصول، وله كتاب " شرح خلاصة الحساب " مجلد، وله كتاب " تشريح الأفلاك " مجلد مبسوط رأيته، وله كتاب شرح إيساغوجي في المنطق، وله رسالة عملية في الطهارة والصلاة مبسوطة مجلد صنفها في أقل من سبعة أيام وقد اختصرها تلميذه العالم الأسعد الشيخ أحمد بن [ صفحه 319] طوق القطيفي " الآتي ذكره " وله رسالة في وجوب الاخفات بالتسبيح في الأخيرتين كما هو المشهور، وله أيضا الحاقة في رد رسالة بعض علماء آل عصفور في وجوب الجهر علي الإمام والجميع عندنا، وله رسالة مختصرة في جواز الجمع بين الشريفتين بل استحبابه، وله أجوبة كثيرة لمسائل متعددة وكان عندنا بعض منها بخط والدي (قدس الله روحه)، ثم تلفت في حداثة سني والظاهر أن له مصنفات غير ما ذكرناه لكن هذا الذي رأيناه وكان خطه (قدس سره) في غاية الرداءة وله كتاب يملي عليهم ويعرفون خطه واصطلاحه فيبيضونه وبقي كثير منه بلا تبييض إلي الآن لهذه العلة توفي (قدس سره) بعد رجوعه من زيارة العتبات العاليات في البلدة المعروفة بسوق الشيوخ وكان فيها جماعة من مقلديه وأوصاهم أن يدفنوه فيها ولا ينقلوه كما قيل بعد وفاته ولم تطب نفوسهم بدفنه هناك ونقلوه إلي المشهد الغروي علي مشرفه آلاف التحية والثناء من رب الأرض والسماء ولم أحفظ تاريخ وفاته ضاعف الله حسناته.

الشيخ علي آل عبدالجبار

(ومنهم) العالم العامل الأمجد الشيخ علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين آل عبد الجبار كان رحمه الله تعالي عالما فاضلا حكيما فيلسوفيا شاعرا أديبا حفظه الله محققا متتبعا له ديوان شعر كثير في مراثي الحسين (ع) ومدائح آل محمد صلي الله عليه وآله وكان جيد الشعر وله مناظيم كثيرة في الأصول الخمسة له منظومة كبيرة في التوحيد رد فيها علي بعض معاصريه وله منظومة ثانية في التوحيد والأصول الخمسة متوسطة أيضا وله ثالثة مختصرة أيضا وله أيضا رابعة مختصرة وله منظومة في تعداد [ صفحه 320] سور القرآن المجيد وبعض أحكام القراءة والتجويد وله رسالة في الأصول الخمسة مبسوطة جيدة أيضا وله ثانية متوسطة أيضا وله ثالثة مختصرة وله رابعة مختصرة وله رسالة دقيقة في تحقيق ليس كمثله شئ وله رسالة في عدم وجوب كون أجداد المعصوم لأمه مسلمين وله منسك مختصر وله كتاب الرد علي النصاري سماه (ثمرات لب الألباب في الرد علي أهل الكتاب) وله كتاب مختصر معاني الأخبار للصدوق (ره) وله فيه تنبيهات جيدة وأكثر هذه المناظيم والرسائل وكتب الرد علي النصاري عندنا وكثير منها بخطه (رحمه الله تعالي) وله حواشي كثيرة علي كثير من كتب الأصحاب الفقهية وغيرها بل قلما رأيت كتابا من كتبه أو رسالة للأصحاب مما دخل في ملكه إلا وله عليه حواشي وتحقيقات وردا واختيارات ومن شعره (قدس سره) في الموعظة: ولكم يصدع الخطيب بوعظ++ يصدع الصخر لو يصيخ استماعا وينادي إلي داع إلي الله++ أجيبوا ولا يري اتباعا فلهذين جهرة هلك الناس++ وكانوا سوائما ورعاعا يحسبون السليم والحي لبا++ وسليما والمقتدي اتباعا وله أيضا (قدس سره) في الوعظ: أمس طيف واليوم خلسة برق++ وغد غائب فمالي منها فاختلس خلسة من الآن واعمل++ عملا صالحا لترحل عنها وله أيضا (قدس سره) في القناعة: لقد طالبتني النفس من سوء حرصها++ برزق غد والموت منها بمرصد فقلت لها هاتي كفيلا بأنني++ إذا ما ملكت الرزق أبقي إلي غد؟ [ صفحه 321] وله في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السلام) هذه الأبيات: قلت والشاعرون قولا عليا++ بمدح الباب والحجاب عليا وسلكنا المديح كالخلق حتي++ قال من قال جئت شيئا فريا قلت إني مدحت مدحي بمدحي++ نفس خير الوري الصراط السويا وذكرنا في ذكرنا بعض حرف++ جاء في الذكر بكرة وعشيا وذكرنا قصورنا فاقتصرنا++ من قصور الجنان قصرا عليا وسألنا الأشياء ماذا أجابت++ فأجابت جهرا وسرا خفيا بثناها لم يثنها وثناها++ لوجود الأشياء شيئا هنيا وله (ره) في تشطير بيتي أبي نؤاس في مدح آل رسول الله صلي الله عليه وآله: كرام إذا الدنيا دجت أشرقت بهم++ وإن أجدبت يوما بهم نزل القطر أقاموا بظهر الأرض فاخضر عودها++ وحلوا ببطن الأرض فاستوحش الظهر فقال (قدس الله نفسه الطاهرة) مشطرا: كرام إذا الدنيا دجت أشرقت بهم++ فهم نورها لا الفجر والشمس والبدر وإن خافت الأكوان هم أمن خوفها++ وإن أجدبت يوما بهم نزل القطر أقاموا بظهر الأرض فاخضر عودها++ فأقطارها من نور أنوارهم خضر فآنس ظهر الأرض وصف ظهورهم++ وحلوا ببطن الأرض فاستوحش الظهر وله أيضا (ره) في تشطير بيتي أبي نؤاس في مدح أمير المؤمنين عليه السلام إلي م ألام وحتي متي++ أعنف في حب هذا الفتي؟ فهل زوجت فاطم غيره؟++ وفي غيره هل أتي (هل أتي)؟ فقال (نور الله قبره ورفع قدره) مشطرا: [ صفحه 322] إلي م ألام وحتي متي++ ينازعني ناصبي عتا ومهما نطقت بوحي أتي++ أعنف في حب هذا الفتي فهل زوجت فاطم غيره++ ونص الغدير لمن أثبتا وفي الذكر أنفسنا من عني++ وفي غيره هل أتي (هل أتي) وله (قدس) أيضا في تشطير أبياته الأربعة التي مدح بها الإمام الرضا (ع) فقال له يا أبا نؤاس لقد جئتنا بأبيات ما سبقك بها أحد من الناس وهي الأبيات المشهورة: مطهرون نقيات ثيابهم++ تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه++ فما له في قديم الدهر مفتخر فقال (رحمه الله عليه) مشطرا لها: مطهرون نقيات ثيابهم++ دل الكتاب علي التطهير والأثر صلي العلي عليهم أولا فلهم++ تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه++ ففرضه طاعة القالين إن أمروا إذا المفاخر أوصاف لهم جمعت++ فما له من قديم الدهر مفتخر والله لما برا خلقا فأتقنه++ كنتم صفايا البرايا أيها الخير وأول الخلق في طاعاته فلذا++ صفاكم واصطفاكم أيها الغرر فأنتم الملأ الأعلي وعندكم++ علم المشاءات والمقضي والقدر وما أراد وعلم الأذن يتبعه++ علم الكتاب وما جاءت به السور وله (قدس سره): لو كان يحسن صو العلم من كتبت++ يداه حرف الهجا أو أحرف الجمل كتبت علما ولكن ليس ذاك كذا++ العلم نور علي حل قلب علي [ صفحه 323] وله (قدس سره): لله قوم إذا ما يكتبوا نشروا++ ما كان في العالم المعقول محسوسا فبينما هو مخفي وذو حجب++ وقد تجسد منظورا وملموسا وله (ره) شعر كثير توفي (رحمه الله تعالي) وقد ناف علي الثمانين سنة 1287 ه وقد رثاه شيخنا العلامة الأمجد الفهامة الصالح بهذه الأبيات وليست في الديوان: يا لخطب قد دهانا بالمصاب++ صابه في حبة القلب أصاب فقد نور العلم نبراس الهدي++ جامع العليا العلي المستطاب فعليه حق أن يبكي دما++ عوض الدمع إذا عز انسكاب إذ هو اللطف لنا في سوحنا++ فبه قد كفيت سوء انقلاب لو خلا من خلف من بعده++ خلف الخلق ركودا في التراب فبك السلوة ضيف الله يا++ خلف الماضين يا عالي الجناب وابنه الجامع حمدا وعلا++ فرعه الزاكي كفي سوء الحساب يا ذوي الإيمان صبرا أجملوا++ عظم الله لكم فيه الثواب وسقي صوب الرضا قبرا به++ بحر علم قد حوي فصل الخطاب (غاب بدر المجد) ذا تاريخه++ يا ليوم فيه بدر المجد غاب (1287 ه)

الشيخ سليمان آل عبدالجبار

(ومنهم) أخوه العلامة الفهامة الفاضل المحقق الكامل خاتمة الحفاظ الأفاضل الأمجد الشيخ سليمان ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين آل عبد الجبار البحراني [ صفحه 324] القطيفي كان (رحمه الله تعالي) من العلماء الأبرار الكبار والفقهاء الأخيار وكان علي غاية من الإنصاف ومحاسن الأوصاف وكثير من أهل البحرين ولا سيما العلماء والمتعلمين وأهل عمان ومسقط وتلك الأطراف مقلدوه وكانت ترد عليه المسائل الكثيرة من أهل الأطراف كثيرا وأجوبته في غاية من البسط والتحقيق وقد تلمذ علي جماعة من فضلاء القطيف كالشيخ مبارك آل حميدان والمحقق الشيخ محمد ابن عبد الجبار وينقل بعض فتاويه في بعض مصنفاته وانتقل من القطيف وسكن بلاد مسقط فشرفها الله به غاية التشريف وسما قدرها وعلا فخرها وكانت حينئذ أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 324 - 330 عامرة بأهل البحرين تجارا وساكنين وصنف فيها وألف وقرط الأسماع بدرر حكمه وشنف وقصدته الفضلاء والأماثل لتحقيق الحقائق وتنقيح الدلائل. له مصنفات كثيرة، له كتاب (النجوم الزاهرة في أحكام العترة الطاهرة) مجلد فتوي ويشير إلي الدليل وله شرح المفاتيح في الطهارة والصلاة عندنا بخطه وله شرح علي اللمعة سماه (الأنوار المشرقية في شرح اللمعة الدمشقية) غير تام وله شرح علي باب الحادي عشر في المعارف الخمسة مبسوط حسن مجلد سماه (إرشاد البشر في شرح الباب الحادي عشر) وله شرح علي الفصول النصيرية مبسوط جيد وله شرح علي شمسية المنطق مجلد وله شرح علي تهذيب المنطق للتفتازاني وله شرح علي كتاب إيساغوجي وله منظومة مبسوطة جيدة في المنطق وله رسالة في الجزء الذي لا يتجزأ وله رسالة في أن الواحد لا يصدر منه إلا واحد وله رسالة في انعتاق أم الولد بعد موت سيدها من حصة ولدها هو المشهور انعتاقا قهريا خلافا للشيخ حسين آل عصفور (ره) فإنه اختار في شرح المفاتيح أن ولدها بعد بلوغه يعتقها لا أنها بمجرد موت أبيه تنعتق عليه وله رسالة [ صفحه 325] في أجوبة مسائل الشيخ غانم القطري البحراني في مسائل الرجعة جيدة وله رسالة في أجوبة مسائل العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ عباس البحراني دفعتين أو ثلاثا وله رسالة في أجوبة مسائل العلامة الأمجد الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد ابن عصفور (ره) جيدة جدا وله رسالة في جواب رده علي جواب المسائل المذكورة وله أجوبة كثيرة لكثير من علماء زمانه في علوم كثيرة وله منسك كبير مبسوط جيد جدا وله منسك صغير وله منسك في نيات مناسك الحج وله رسالة حسنة في الأصول الخمسة وله حاشية علي المدارك وله منظومة في أجوبة مسائل في أصول الفقه وعلاج اختلاف الأخبار وله كتاب الرد علي النصاري مجلد كما تقدم الكلام عليه وله رسالة في الطهارة والصلاة والظاهر أن له مصنفات كثيرة غير ما ذكرناه، لكن هذا الذي رأيناه وأكثره عندنا وبخطه قدس الله روحه وسئل عن بلاد المسقط وتظاهر من فيها من الأباضية باللواط والزنا مع أنهما (والعياذ بالله) يوجبان لنزول الطاعون ولم يأت بلاد مسقط في ذلك الوقت سنين كثيرة فأجاب (قدس سره) بأن المقتضي لمجيئه موجود وهو وجودها ولكن المانع منه موجود أيضا وهو عدل الحاكم وكان في ذلك الوقت الحاكم سيد سعيد الأباضي وكان في غاية عظيمة من العدل ومحبة الشيعة ولا سيما البحارنة والرحمة والرأفة بالرعية وإنصافهم. توفي (قدس سره) سنة 1266 ه وللعالم العابد الزاهد الشيخ صالح البحراني والد شيخنا العلامة الأسعد الشيخ أحمد مرثية عليه أولها: تزعزع الدين لرزء شديد++ من أجله خر عماد عميد [ صفحه 326]

الشيخ سليمان بن سليمان

(وله قدس سره) ولد فاضل عامل كامل اسمه كأبيه الشيخ سليمان، سكن بعد أبيه بمدة مديدة ميناب (من توابع العجم) وقفت له علي رسالة في الأصول الخمسة مبسوطة حسنة، أيضا له منسك صغير، أيضا له جواب مسائل للشيخ صالح والد شيخنا العلامة، أيضا له شرح أبيات عمه الشيخ علي من منظومته في التوحيد في الرد علي الشيخية وكان والد الشيخ علي والشيخ سليمان الشيخ أحمد وجدهما الشيخ حسين من العلماء الفضلاء إلا أني لم أقف علي حقيقة أحوالهما رحمنا الله وإياهم وآباءنا والمؤمنين في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين.

الشيخ أحمد آل عمران

(ومنهم) العالم المشهور الشيخ أحمد بن محسن بن منصور من آل عمران القطيفي كان رحمه الله تعالي من العلماء الأفاضل ومن مشائخ الشيخ أحمد بن طوق وغيره وسمعت أن له كتابا مبسوطا في الفقه اسمه (الحاوي) وأخبرني قديما بعض المشائخ المطلعين إنه عنده لكني لم أقف عليه والله أعلم.

الشيخ أحمد بن صالح

(ومنهم) العالم العامل الفاضل الأوحد الصالح الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح بن طوق القطيفي كان (رحمه الله) من أفاضل عصره علما وعملا وله مصنفات كثيرة تقرب من أربعين مصنفا أو كثر كما ذكره ابنه الفاضل الأواه [ صفحه 327] الشيخ ضيف الله في شرح رسالة لأبيه المذكور في المعارف الخمس، والذي وقفنا عليه منها رسالة مبسوطة سماها (جامعة الشتات في أحكام الأموات وفي الفرائض والمواريث)، رأيتها بخطه وله رسالة مبسوطة في الأصول الخمسة وقد شرحها ابنه المذكور وله رسالة في الأصول الخمسة مختصرة عندنا وله منسك مختصر وله كتاب (نزهة الألباب ونزل الأحباب) يشتمل علي رسائل وفوائد وأجوبة مسائل وله كتاب آخر مثله مجلد وله مجلد كبير وله كتاب (نعمة المنان في إثبات صاحب الزمان عجل الله فرجه) مجلد وله مختصر رسالة شيخه الشيخ محمد بن عبد الجبار وله رسالة في ترك الصلاة علي محمد وآله في الركوع والسجود علي قصد الجزئية لا مطلق الذكر وقد نقضها بعض معاصريه وسنذكره إن شاء الله تعالي وله رسالة عجيبة جيدة تدل علي فضل عظيم في شرح الحديث عن الأمير (سلام الله عليه) وهو: (من عرف نفسه فقد عرف ربه) استخرج منه الأصول الخمسة بأبسط بيان وأوضح برهان، عندنا بخطه، هذا الذي وقفت عليه من كتبه (قده) ووقفت له علي أجوبه مسائل للشيخ محمد الفرساني البحراني الساكن في قرية صفوي وعلي أجوبة كثيرة وله المسائل العويصة الكثيرة التي أرسلها إلي العالم الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المذكورة في (جوامع الكلم). ولوالده العالم الصالح الشيخ صالح بن طوق مسائل له وكان أبوه أيضا من العلماء المؤمنين الصالحين تغمدهما الله تعالي برحمته وحشرهما مع محمد وآله الطاهرين.

الشيخ ضيف الله بن أحمد

وابنه الشيخ ضيف الله من العلماء الأخيار ولم أقف له علي مصنف سوي [ صفحه 328] شرح رسالة والده رحمه الله تعالي في الأصول الخمسة وهو شرح مبسوط ممزوج وفيه ذكر ما نقلناه عنه سابقا، ورأيت له جمع فتاوي السيد كاظم الرشتي في الطهارة والصلاة من أجوبة مسائل بأمره، توفي في كربلاء المعلي أو أطراف العراق

الشيخ علي بن حبيب التاروتي

(ومنهم) العالم الأديب الشاعر الأريب الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي وكان من شعرائها المجيدين وفصحائها المادحين الراثين وهو أيضا من العلماء الفاضلين إلا أني لم أطلع علي حقيقة أحواله ولم أسمع بتفصيله وإجماله سوي ما ذكرناه ووقفنا عليه من أشعاره في المدح لآل المصطفي والمراثي علي الحسين الشهيد (ع) خامس أهل الكساء وأنصاره فمن مدحه قوله وقد ذكره شيخنا الشيخ يوسف في كشكوله فقال: سمعا مهفهة الهفوف من هجر++ أنغمة الصوت ذا أم رنة الوتر؟ وذا الذي عطر الآفاق فائحة++ ترديد نفسك ذا أم نفحة العطر؟ وصفحة الوجه تبدو منك مسفرة++ أم قرص شمس الضحي أم غرة القمر؟ وذا الذي فوق متن الظهر منسدل++ ستر الدجا مرتخ أم دجنة الشعر؟ وهذه الوجنة الحمراء خدك أم++ نار بثلج فلا بدعا من القدر؟ وذا هو الخال فوق الخد كون أم++ قيراط مسك مليح الكون والقدر؟ وذي ثغورك في فيك العقيقي أم++ عقد من البرد المنظوم والدرر؟ وذا الذي فوق ملعوس الشفاة جري++ رحيق ريقك أم صهباء معتصر؟ وذا هو الجيد مصقول الجوانب أم++ سبيكة الفضة المنزوعة الكدر؟ [ صفحه 329] وذاك نهداك في بلور صدرك أم++ رمانتان هما من أحسن الثمر؟ وذا الحرير علي البطن الخميص علي++ الخصر النحيل كخصر النحل مختصر وذا الذي خلف قد ضاق الإزار به++ مرتج كفلك أم حتف من المدر؟ وذا الرطب الذي ماس النسيم به++ أملود غصنك أم ذا بانة الشجر؟ وهي طويلة الغزل إلي أن قال (رحمه الله تعالي): مني بوصل ولو بالطيف زائرة++ فليرض بالطل من لم يحظ بالمطر وذا الصقيل رقيق الحد انفك أم++ سيف كسيف علي سيد البشر؟ مروي البواتر من دم العساكر حزا++ ز الحناجر مولي الفتح والظفر قرم الحروب وكشاف الكروب وعلا++ م الغيوب جمال الآي والسور وهو العبوس إذا اصطاد النفوس و++ حصاد الرؤس مزيل البوس والحذر وهو الرؤف ووهاب الألوف ورغا م++ الأنوف لأهل الكفر والغير بحر الفضائل ينبوع الفواضل حلال++ المشاكل أوج المجد من مضر وهو العطوف علي الملهوف والملك++ المعروف بالفضل والمعروف والغير ليث الجهاد ومصدام الجياد ومقدام++ الجلاد ومهدي القوم للحفر مبدي السرائر في ررس المنابر++ مصباح المشاعر فخر الحجر والحجر ومظهر الدين كهف المسلمين أمير++ المؤمنين وجالي ظلمة الحفر وهو المبين محك العالمين ملاذ++ الهالكين مجبر الخلق من سقر ووارث الأنبياء والمرسلين إمام++ المتقين وأعلي خيرة الخير سل المحاريب عنه والحروب هو++ الضحاك في الحرب والبكاء في السحر معطي الأسير وصوام الهجير علي++ قرص الشعير ووجه السادة الغرر [ صفحه 330] طهر بشوش عبوس لين خشن++ محيي مميت ولي النفع والضرر إن جال أسقطت الهامات راحته++ أو جاد يسقط منها الجود كالمطر مردي القرون وساقيها المنون وفتاح++ الحصون نصير أي متصر! فتلك سلع فسلها عن شجاعته++ واستخبرن خيبرا تخبرك بالخبر وسل تبوك ومردي العنكبوت وداعي++ ذا الخمار بدم النحر مؤتزر وكم بصفين من صف فني ولكم++ أباد قرنا لدي الأحزاب مع زجر كم عنه من نفر خوف الردي نفروا++ وكم أسود تولت عنه كالحمر وعمرو عمرو بن ود قصه وسقي++ مرد الردي مرة بالصارم الذكر المرتضي الفارس الكرار والأسد++ المغوار سيد أهل البدو والحضر وعيبة العلم بيت الحلم سيد أهل++ الحكم قالع ساس الظلم والبطر صنو الرسول وفاديه بمهجته++ فوق الفراش وما فيه من الحذر الفلك والباب داحي الباب حمال++ القعاب وغاب الحرب أي جري خليفة المصطفي الراقي لمنكبه++ فانظر لمركبه يا صاحب الفكر قاضي القضايا وذو علم البلايا وطلاع++ الثنايا وراقي ذروة الخطر وافي النذور الفتي الليث الهصور++ وممدوح الزبور ومولي الصور والزبر ولي رب السما داعيه آيته الكبري++ وحجته العظمي علي البشر بواب رحمته، سياف نقمته، خزا++ ن حكمته، أغلوطة القدر يا رافعا راية الإسلام ناصبها++ وجازما حركات الكفر بالشرر لولاك لم تخلق الأفلاك حتي++ ولا الأملاك مع سائر الأرواح والصور أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 330 - 337 أبلغ حبيب حبيب الله وارثه++ بأن نجل حبيب من عداك بري [ صفحه 331] جد بالقبول عليه بالوصول إلي++ المسؤول مع غاية المأمول والوطر إذا قلا وهجا ضد إلي ملك++ متن عليه فبالإكرام منه حري واشفع لمن دلني طفلا عليك معا++ من فيك شاركني يا خير مدخري وانجز الوعد يا بن العسكري فقد++ طال انتظاري فقم يا خير منتظر صلي الإله عليكم ما علي شجر++ طير علا أو تغني سادة الشجر وله غير ذلك من المراثي الحسينية (تغمده الله برحمته).

الشيخ مرزوق الشويكي

(ومنهم) العالم العامل الأواه الشيخ مرزوق ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله الشويكي الخطي الأصيبعي البحراني (قده) (والشويكي نسبة إلي الشويكة بالضم تصغير شوكة قرية من قري القطيف) مسكن الشيخ وآبائه وإلا فهم من أهل البحرين كما ذكره العلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور في إجازته الكبيرة له، وشرح الشيخ حسين المفاتيح الشرح الكبير بالتماسه وكتابته بخطه وعندنا منه مجلدان بخطه، ووجدت له إجازة صغيرة من الشيخ حسين المذكور بخط المجيز علي ظهر كتاب (الأنوار الوضية في شرح الأحكام الرضوية) ولم أقف له علي مصنف ولا تاريخ لوفاته ضاعف الله له حسناته. وكان أبوه الشيخ محمد من العلماء وشعراء أهل البيت (عليهم السلام) وله فيهم المراثي الكثيرة وكان من تلامذة العلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور كأبنه المذكور ومن كتابه. وكان جده الشيخ عبد الله من العلماء الفضلاء ومن شعراء أهل البيت (عليهم السلام) [ صفحه 332] ووقفت له علي مصنف جيد حسن في الفضائل للنبي صلي الله عليه وآله وللأئمة الطاهرين صلي الله عليه وآله المعصومين مجلد وله بعض الأشعار والشيخ مرزوق المذكور يروي عن العلامة الشيخ حسين آل عصفور كما ذكرناه في إجازتيه وهما عندنا.

الشيخ عبدالله الحريفي

(ومنهم) العالم العامل الفاضل البهي التقي الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي البحاري الحريفي الخطي (البحاري والحريف بالتصغير في الثاني قريتان من قري القطيف المحروسة) كان من أهل الحريف أولا فلما أخربها الأعراب انتقلوا إلي البحاري وسكنوا فيها وبقيت الأولي خرابا إلي الآن يسكنها بعض أهل قريتنا في أيام القيظ خاصة وكان هذا الشيخ عالما فاضلا أديبا شاعرا، له حواشي كثيرة علي المدرك وله رسالة جيدة في الحكمة النظرية من الأصول وله كتاب شرح الدرة في المنطق الجميع عندنا بخطه وله رسالة نقض لرسالة الشيخ أحمد بن طوق (ره) (المتقدم ذكره) في وجوب ترك الصلاة علي محمد وآله في الركوع والسجود علي جهة الجزئية وله بعض الرسائل لا يحضرني الآن ذكر أسمائها وكان أبوه الشيخ علي من العلماء وله أخ اسمه الشيخ محمد من العلماء أيضا إلا أني لم أقف لهما علي مصنف والشيخ عبد الله صاحب الترجمة أعلمهم وأفضلهم ويعرفون ببيت العوي.

السيد محمد أبوالفلفل

(ومنهم) العالم السيد الحسيب الشاعر الأديب الأسعد السيد محمد ابن السيد [ صفحه 333] مال الله أبو الفلفل القطيفي من التوبي (قرية من قراها) كان رحمه الله تعالي من الشعراء المجيدين المكثرين في مراثي الحسين (ع) وأصحاب الحسين سلام الله عليهم أجمعين وله يد قوية في العلم إلا أن الشعر غلبه انتقل من القطيف للعراق وجاور جده الحسين سيد الشهداء وإمام السعداء (ع) حتي مات فيها كان رحمه الله تعالي كثير الرقة وإراقة الدموع علي مصاب جده الحسين الشهيد المفجوع الذي يحق لكل مؤمن أن يسكب عليه عوض الدموع دما، ولا يتهني بلذيذ الطعام وبارد الماء ويجعل العمر كله عليه مأتما فلقد بكته الأفلاك والأملاك والأرض والسماء والجن والإنس والصامتات والجامدات والثابتات وما نما. ونقل الشيخ علي الحمامكي قارئ النجف الأشرف وكان من الأخيار قال حدثني العلامة الأفخر الشيخ جعفر الشوشتري وكان الشيخ جعفر المذكور من أفاضل العصر ونواميس الدهر وكان زائرا للإمام الرضا عليه السلام وفيها توفي قال الشيخ جعفر: حدثني السيد محمد أبو الفلفل القطيفي قال: رأيت في الطيف ليلة من الليالي كأني جئت إلي غدير ماء يجري وعلي حافته امرأة جالسة عليها آثار الهيبة والعظمة وهي تئن وتبكي وبيدها قميص أحمر تغسله في ذلك الغدير وهي تردد هذا البيت بأنين وبكاء وزفير: وكيف يطوف القلب مني ببهجة++ ومهجة قلبي بالطفوف غريب؟ قال السيد محمد فدنوت منها وسلمت عليها وقلت لها من أنت وما هذا القميص فقالت أما تعرفني أنا جدتك (فاطمة الزهراء - ع) وهذا القميص قميص ولدي الحسين (ع) لا أفارقه أبدا، أو ما هو بمعناه فانتبه السيد المذكور وعمل قصيدة جيدة علي الحسين (ع) وضمنها هذا البيت عن لسان فاطمة الزهراء صلوات الله [ صفحه 334] وسلامه عليها وعلي أبيها وبعلها وبينها وأول القصيدة المذكورة هو هذا. (أراك متي هبت صبا وجنوب) وكان أبوه السيد مال الله من أهل العلم ومن شعر السيد محمد الكثير قوله (رحمه الله تعالي): يا زائرين إلي المختار من مضر++ رحتم جسوما ورحنا نحن أرواحا إنا أقمنا علي عذر ومن قصر++ ومن أقام علي عذر كمن راحا وله رحمه الله القصيدة الرائية في رثاء جده الحسين (ع) منها في شأن الأنصار (ع) عشقوا القنا للدفع لا عشقوا القنا++ للنفع لكن أمضي المقدور ما شاقهم للخلد إلا دعوة الرحمن++ لا ولدانها والحسور فتمثلت لهم القصور وما بهم++ لولا تمثلت القصور قصور

الشيخ يحيي بن عمران

(ومنهم) العالم الفاضل الأسعد الشيخ يحيي ابن الشيخ محمد الخطي القطيفي والظاهر أنه من آل عمران ولم أتحققه وكان من الفضلاء النبلاء إلا أني لم أقف علي شئ من أحواله ولا شئ من مصنفاته سوي أني رأيت له إجازة في آخر الروضة شرح اللمعة لتلميذه العالم.

الشيخ محمد بن سيف

(ومنهم) المقدس الفاضل العامل الأمجد الشيخ محمد ابن الحاج أحمد بن سيف النعيمي القطيفي وهذا الشيخ أيضا من مشاهير علماء القطيف وأرباب الفتاوي ولم أقف علي شئ من أحواله سوي الإجازة من شيخه (المتقدم ذكره). [ صفحه 335] ولهذا الشيخ أعني الشيخ محمد بن سيف ثلاثة أولاد علماء فضلاء أكبرهم الشيخ حسين وقد بلغ مرتبة عظيمة في العلم إلا أنه تطل أيامه. وأوسطهم العالم الفاضل العامل التقي النقي الشيخ علي وهو أفضلهم وأعلمهم له كتاب حسن في التوحيد مبسوط رأيته قديما بخطه، وله كتاب وفاة أمير المؤمنين (ع) وهو أحسن ما صنف في هذا الباب مطبوع، وله وفاة الإمام الحسن (ع) أيضا وله رسالة جيدة في الأصول الخمسة سماها (غنية المكلفين) رأيتها والظاهر أن له بعض المصنفات لا يحضرني الآن أسماؤها. وله ولد فاضل عالم اسمه الشيخ ناصر أدركته في حداثة سني رأيته مرة واحدة وكان ضريرا ومسكنه قرية تاروت وعقبه فيها إلي الآن علماء فضلاء. وأصغرهم الشيخ سليمان وله ولد فاضل عالم ناضل أواه اسمه الشيخ ضيف الله من المعاصرين أفضل من أبيه كان رحمه الله تعالي من العلماء الأتقياء الأخيار الأصفياء ورع متعفف، له بعض الأجوبة علي بعض المسائل وله من المسائل سئل عنها شيخنا العلامة الصالح وأجابه عنها بين دفعات توفي (قدس سره) في ربيع الأول سنة 1296 وصلينا عليه مع شيخنا العلامة، بوأهما وإيانا وآباءنا وآباءهم والمؤمنين دار الكرامة والمقامة بحق محمد المصطفي وآله أهل العصمة والكرامة صلي الله عليهم أجمعين كل آن وحين.

الشيخ سليمان بن فضائل

(ومنهم) العالم الفاضل الشيخ سليمان بن فضائل الشويكي القطيفي كان من مشائخ الفاضل الشيخ مبارك بن حميدان الجارودي. [ صفحه 336]

الشيخ مبارك بن خضر

(ومنهم) العالم الأسعد الشيخ مبارك بن خضر الخطي ولم أقف علي شئ من أحواله مع الذي قبله سوي ما ذكرناه قدس روحه ونور ضريحه.

الشيخ عبد علي بن قضيب

(ومنهم) العالم العامل الفاضل الأديب الشيخ عبد علي بن محمد بن قضيب الخطي من آل المقلد وأصلهم القديم ملوك الجزيرة والموصل أي جزيرة العرب ثم سكنوا القطيف قديما وكانوا فيها أصحاب رئاسة وأموال مخالطون للحكام في الأعمال وهذا الشيخ هو جوهرة هذا البيت كان رحمه الله تعالي من تلامذة العلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور وله منه الإجازة وله أيضا إجازة من السيد السند والركن المعتمد صاحب الكرامات والفضائل السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (قدس سره) بالغ في الثناء فيها عليه وذكره في (روضات الجنات) وذكر أنه بعد مجيئه من العراق ورد أصفهان وسكنها واستجاز منه جماعة منهم الفاضل الحاج إبراهيم الكرباسي صاحب (الإشارات) ولم أقف علي شئ من مصنفاته سوي جواب مسألة له عندنا بخطه في صلاة الجماعة واشتراط عدالة الإمام وتفسير العدالة جوابا مبسوطا شافيا ولا أدري توفي في أصفهان أم غيرها.

السيد محمد الصنديد

(ومنهم) السيد النجيب العالم الأديب السعيد السيد محمد ابن السيد إبراهيم ابن السيد يحيي ابن السيد شرف الصنديد الخطي كان (رحمه الله تعالي) من [ صفحه 337] أهل الثروة والرغبة العظيمة في اقتناء الكتب النفيسة وقلما يوجد كتاب في طرفنا إلا وعليه تملكه وقد كان بيت الصنديد جماعة كثيرة من السادة الموسويين أصحاب إباء وغيرة في الدين، وجري لهم مع عسكر السلطان الذين في القطيف وكانوا يعرفون بالمغاربة والظاهر إنهم من أهل مصر وكانت القطيف والأحساء من قديم الزمان ملكا لملك الروم وإنما يتغلب عليها بعض الأعراب والوهابية أو غيرهما غفلة أو إرضاء من المأمورية ولبعد الشقة في ذلك الزمان ولعدم ضبط الممالك كالآن قضية عظيمة فقتل أولئك السادة المذكورون أكثر العسكر الذين هم الحاضرون وبعد مدة تتبعوا هذا العسكر فقتلوا منهم جماعة في الطرق والأسواق وهم غازون فلما سمع بذلك حاكم صنعاء اليمن وكان زيديا قام في طلب ثأرهم لاعتقاده إمامتهم لأن الإمام عندهم كل فاطمي قام بالسيف فهو إمام وكاتب السلطان بما جري وأنه ثائر بثأرهم فأرسل إليه ديات عدد من قتل منهم فأرسل جماعة من جهته بالديات لورثتهم فلما وصلوا القطيف اختفي بقية من سلم منهم أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 337 - 343 خوفا من العاقبة بعد ولم يقبض أحد منهم شيئا من الديات خوفا وتقية فأخذ تلك الديات جماعة من السادة من غير ذلك البيت بأنهم منهم وربما أخذ بعضها غير سادة وتسموا بالسيادة وهكذا ذكر جماعة من العلماء الثقات عن الماضين الثبات وهذا السيد من أفاضلهم عالم عامل له مسائل جيدة اثني عشر مسألة أرسلها إلي العالم الفاضل الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي بن أحمد البلادي البحراني من مشائخ (صاحب الحدائق) فأجابه عنها وله أيضا مسألة مستقلة في الرضاع سأله وأجابه الجميع عندنا ولا بأس بإيرادها وجوابها لما فيها من كثرة الفوائد والعوائد ومذاكرة العلماء الأماجد لأن كتابنا هذا جامع نفيس ومستطرف أنيس، قال السيد محمد المذكور: [ صفحه 338] الحمد لله الذي زين السماء الدنيا بمصابيح الدين وثبت قواعد الأحكام بأطواد شرائع الإسلام للمسلمين والصلاة والسلام علي نبيه محمد وآله النبي المبعوث رحمة للعالمين وعلي آله وخلفائه العالمين صلاة تتعاقب بتعاقب السنين وتدوم بدوام الدنيا والدين. أما بعد فقد عرض للداعي آناء الليل وأطراف النهار والمقر بالعبودية بصريح الاقرار بعض المسائل العلمية والجزئيات الفقهية فأحب تحقيق الحكم الشرعي فيها علي التفصيل وبسط الجواب مع تحقيق جزئياتها بإيراد الدليل حسبما ظهر لشيخنا الأعظم ودستورنا الأقوم الأستاذ الحقيقي والمعلم النبضي التحقيقي من غير اكتفاء بنقل أقاويل الأصحاب والخلاف لأن ذلك لا يجزي عند ذوي الإنصاف بل المسؤول عن الجواب المأمول بيان ما هو لشيخنا المختار ليستفيد السائل ويهتدي المحتار وهي مسائل. (الأولي): رجل عين وصيا لوصاياه ولم يعلمه حتي مات فهل يجب علي الوصي القيام بها أم له الاختيار في القبول والرد ولو علم الوصي بذلك قبل موت الموصي ورد الوصية ولم يقبلها ثم عاد الموصي بعد ذلك لتعيينه لذلك مرة أخري ولم يعلمه به حتي مات فهل حكمه هذا كالأول أم البطلان لرده السابق ولو غير الوصية بزيادة أو نقصان أو غير ذلك وعينه لما غيره ولم يعلمه أيضا حتي مات فهل هو كالأول أو كالثاني؟ (الثانية) لو عين موص وصاياه في عقار معين أو غيره وزادت الوصايا علي الثلث وأجاز الوارث الوصية ثم بعد الإجازة ادعي أنه جاهل بما أجاز فيه جهالة روية أو القيمة هل تقبل منه هذه الدعوي بعد الإجازة ويتعقبها من بعد [ صفحه 339] ثبوت دعواه اشتراط المعلومية أم لا؟ وعلي تقدير سماعها هل تورث هذه الدعوي فتقبل من ورثة المدعي بعد موته إذا لم يقم بها مورثهم أو قام ولم يتم حكم الحاكم فيها أم لا؟ (الثالثة) لو أن رجلا صار ضيفا لرجلين مجتمعين في خوان واحد في شهر رمضان إلي وقت وجوب زكاة الفطرة هل زكاته بينهما أم علي أحدهما وجوبا كفائيا أم لا ولو تناوباه يوما ويوما من أول الشهر أو من وقت الضيافة إلي آخره فهل هو كذلك أم علي ذي النوبة المقارنة لوقت الوجوب مع صدق الضيافة له عليهما في المدة كلها ولو تناوباه أحدهما فطورا والآخر سحورا فكذلك أيضا أم علي ذي الفطور أو السحور مع صدق الضيافة له عليهما ولو أفطر عند شخص وتسحر من مال نفسه أو العكس فهل فطرته بينه وبين مضيفه أم علي مضيفه مطلقا أو إن كان مضطرا خاصة أو مسحرا خاصة أو علي نفسه مطلقا؟ (الرابعة) هل يصح الاقتداء بإمام يقضي صلاة عن الغير مع عدم وجوبها علي القاضي بل والمقضي عنه أم لا لأن الاقتداء في غير الفريضة مخصوص بمواضع ليس هذا منها. (الخامسة) هل يجوز أن يعطي الهاشمي الزكاة إذا منع الخمس أو قصر عن كفايته أم لا وعلي تقدير الجواز هل يعطي ما اتفق ولو أغناه أم قوت يومه خاصة. (السادسة) ما حد الجمع بين الصلاتين الذي يسقط معه الأذان للثانية. (السابعة) ما أفضل التعقيب والنافلة مطلقا أو الراتبة خاصة. (الثامنة) لو اشتري رجل من آخر دارا فأحدث المشتري فيها إحداثا [ صفحه 340] لا يمكن الانتفاع به إلا فيه ولا قيمة له يعتد بها إذا أزيل ثم احتال البائع علي المشتري في الفسخ وعدا بإرجاعه عليه ففسخ ولم يف له بوعده هل يكون الفسخ صحيحا والبيع باطلا أم لا، وعلي الأول هل للمشتري قيمة ما أحدثه علي البائع أم يجب عليه إزالته عنه أم له الانتفاع به في ملك الغير لكون تصرفه شرعيا أم لا (التاسعة) متي يحاسب الغريق لأن المفهوم من الرويات كونه في القبر ولا قبر وكذلك الذي في بطون الوحوش والهوام. (العاشرة) هل تحريم العصير الثابت بالروايات شامل للتمري أم لا وما المراد بالنضوج المسؤول عنه في روايات عمار بن موسي الذي فسره الإمام (ع) بماء التمر هل هو شامل للدبس أم خاص بالتمر المنبوذ في الماء فإنا لم نجده في كتب اللغة التي تحت أيدينا ومع ذلك فهي تدل علي تحريمه من غير اعتبار مس النار أو الغليان ولا يمكن القول به للعلم بحليته من كون ذلك بضرورة المذهب ولو قيل بأن اعتبار ذلك مفهوم من قول الإمام عليه السلام في الجواب خذ ماء التمر واغله حتي يذهب ثلثاه قلنا إن ذلك كيفية التحليل لا التحريم كما لا يخفي. (الحادية عشرة) هل الشاك بين الأربع والخمس قبل الركوع يهدم ركعته وينتقل شكه بين الثلاث والأربع أم يبني علي الأربع ويتم صلاته ويسجد للسهو كما اختاره شيخنا أحمد بن إسماعيل الجزائري دام ظله لإطلاق النص وأصالة عدم الزيادة. (الثانية عشرة) هل يحرم تسمية المهدي (ع) باسمه وكنيته ولقبه في زمن غيبته أم لا ولنختم الكلام بالسؤال عن هذا الإمام عليه السلام لأنه لعدد الأئمة الختام كما أن هذه المسألة لعدد المسائل هي التمام والمسؤول من توجيهات ذلك النور [ صفحه 341] الأقدس والكمال الأنفس تعجيل الجواب في هذه الأبواب علي وجه التحقيق والتدقيق الرشيق فإن فيض ذلك الوهاب لا مزيد عليه وللسائل كفاية لديه وليكن علي وجه الافتاء والاستدلال علي وجه التفصيل لا الاجمال والدعاء منكم مسؤول ولكم مبذول لا زالت المدارس مجددة بتجديد بقائه والنفائس مستفادة من إفاداته وعطائه آمين آمين قدم هذا الداعي لكم علي وجه التبجيل والتعظيم محمد بن شرف بن إبراهيم الحسيني الموسوي حامدا مصليا مسلما مستغفرا. (جواب المسائل) بسم الله الرحمن الرحيم ومنه سبحانه استمداد الصواب أن نقول علي وجه الاختصار أما عن المسألة. (الأولي) فهو أن الرجل له الرد في حياة الموصي مع بلوغه الرد لما في المعتبرة إذا أوصي الرجل إلي أخيه وهو غائب فليس له أن يرد وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبي أن يقبلها طلب غيره أما بعد الموت فلا خلافا للعلامة في المختلف والتحرير فإنه قال له الرد ما لم يقبل نعم لو حصل للوصي من القيام بها مشقة لا تتحمل فغير بعيد جوازه. (وأما الثانية) فالمشهور عدم سماع الدعوي لأصالة عدم الجهل بالزيادة وعدم زيادة المال علي ما أظن وفي القول بالسماع قوة وإليه ميل الشهيد في الدروس واحتمله العلامة في القواعد ولو كان الايصاء بجزء مشاع فلا كلام في سماع الدعوي مع اليمين وكيف كان لا تكون الدعوي موروثة. (وأما عن الثالثة) فهو أن الزكاة الفطرة علي الرجلين المجتمعين في خوان واحد معا إذا أكل من مالهما علي الأقرب كما في العبد المنفق عليه من مال الشريكين خلافا لبعض الأصحاب وباقي فروع المسألة معلوم من تفسير الأصحاب الضيافة [ صفحه 342] وفيه أقوال سبعة. (وأما عن الرابعة) فهو أنه لا دليل علي ما هو المشهور من عدم جواز الجماعة في شئ من النوافل عدا العيد والاستسقاء والمستند ضعيف والإجماع غير معلوم وعن أبي الصلاح جواز الجماعة في الغدير وعن جماعة إعادة الصلاة خلف المعيد بل نقل المحقق قولا بالجواز في النافلة مطلقا وصحاح الأخبار معه غير بعيد استثناء ما أصلها الفرض مطلقا إذ المفهوم المتبادر من النافلة المستحبة أصالة وقد صلي جماعة مع القاضي تبرعا بمحضر مشائخنا المعاصرين من غير نكير قدس الله أرواحهم جميعا. (وأما عن الخامسة) فهو أنه يجوز للهاشمي تناول الزكاة في الجملة أما من مثله أو من المندوبة فظاهرها الاجماع وأما من الواجبة من غير قبيلة فأكثر الأصحاب أطلقوا تحريمها وهو يشمل غير المفروضة إلا أن الأخبار تدل علي التخصيص بالمفروضة وعليه جماعة من محققي الأصحاب واستثني من المنع ما إذا قصر الخمس عن كفايته فيجوز له تناولها إجماعا كما حكاه جماعة والأكثر أنه لا يتقدر بقدر والأقرب أنه لا يتجاوز قدر الضرورة كما عن طائفة من الأصحاب فيقتصر علي قوت يوم وليلة إلا مع عدم اندفاع الضرورة بذلك. (وأما عن السادسة) فالحق أن يأتي بالفريضة الثانية قبل انقضاء فضيلة الأولي قبل أن يأتي بنافلتها فلو أتي بالثانية بعد انقضاء فضيلة الأولي مع الإتيان بها في أول وقتها وبعد نافلتها كان مفرقا. (وأما عن السابعة) فهو أن النص الصحيح دال علي أفضيلة التعقيب بعد الفريضة علي الصلاة تنفلا لكن في الراتبة قد يقال أنها جبر للفريضة ومن مكملاتها [ صفحه 343] ولا شئ بعد المعرفة أفضل منها ويدل عليه استحباب المبادرة قبل التعقيب سوي تسبيح الزهراء عليها السلام وعسي أن تبسط الكلام في تحقيق المقام حيث أنه في هذا الآن لم يمكن البرهان. (وأما عن الثامنة) وهو أن الفسخ صحيح ولا يقدح أنه مغرور إذا صدر منه بالقصد والاختيار وللمالك الإزالة ومع البقاء يكون المحدث شريكا بالنسبة. (وأما عن التاسعة) فإن الحساب والعذاب في البرزخ أعني ما بين الموت والقيامة سواء كان الميت في بر أو بحر علي وجه الأرض أو في قبره وهو المراد من قولهم عذاب القبر حق، لا القبر العرفي بل مكان الجسم كيف كان وفي القرآن العزيز حكاية عن آل فرعون (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب) ومن آل فرعون الغرقي قال شيخنا البهائي قدس الله سره وقد يستبعد تعلق الروح بمن أكلته السباع وأحرق وتفرقت أجزاؤه يمينا وشمالا ولا استبعاد فيه، وفيه نظر إلي قدرة الله تعالي علي حفظ أجزائه الأصلية عن التفرق أو جمعها بعده وتعلق الروح بها تعلقا ما وقد روي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 343 - 350 عن أئمتنا عليهم السلام ما يدل علي أن الأجزاء الأصلية محفوظة إلي يوم القيامة روي الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني في باب النوادر من كتاب الجنائز من الكافي عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه سئل عن الميت يبلي جسده قال نعم حتي لا يبقي لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فإنها لا تبلي بلي تبقي في القبر مستديرة حتي يخلق الله منها كما خلق منها أول مرة وفي حديث آخر كل شئ يبلي من ابن آدم إلا عجب الذنب. (وأما عن العاشرة) فهو أن الأقرب عدم الشمول للتمري ما لم يسكر خلا أو لا [ صفحه 344] والمتبادر من العصير في رواية عبد الله بن سنان المعتبرة العصير العنبي كما هو المتعارف والمراد بالنضوج المروي في التهذيب هو النبيذ المسكر ولهذا وصف بالمعتق وسئل عن كيفية تحليله فقال (ع) خذ ماء التمر وأغله حتي يذيب ثلثا ماء التمر وهو الذي أمر (ع) بإهراقه في البالوعة حين شمه فقال ما هذا؟ فقال النضوع كما رواه في الكافي وأما النبيذ الذي لم يبلغ الاسكار فالأقرب حليته بل ربما يدعي عدم ظهور الخلاف فيها وفي كتاب الشرائع في مورد وأما التمر إذا غلا ولم يبلغ الاسكار ففي تحريمه تردد والأشبه بقاء التحليل حتي يبلغ الاسكار وهو يشعر بالخلاف كما ذكره شيخنا أبو الحسن الشيخ سليمان البحراني وفي المفاتيح نقل الخلاف في وجوب الحد فيه وفي الزبيبي ثم قال والأصح عدم التحريم فيهما فضلا عن الحد وتحريم المسكر من نبيذ التمر مما لا كلام فيه والرويات مصرحة به وبأنه من أقسام الخمر وفي القاموس في مادة النضح وكصبور الوجور في أي موضع من الفم كان وفيها نضح عطشه سكنه أو روي أو شرب دون الري فيكون أخذه من ذلك. (وأما عن الحادية عشرة) فهو أنا لا نعلم خلافا بين المتأخرين في أن الشاك بين الأربع والخمس قبل الركوع يهدم الركعة ويرسل نفسه ويحتاط بركعتين جالسا ويكون شكا بين الثلاث والأربع وتدل عليه الروايات الدالة علي البناء علي الأكثر إذا اعتدل الوهم فهدم الركعة بناء علي أنها تكون خامسة والنص الذي يزعم المحقق الزكي الشيخ أحمد الجزائري دام ظله يدل بإطلاقه علي البناء علي الأربع ويتم صلاته لا نعرفه فإن ما ورد من الأخبار في صورة الشك بين الأربع والخمس وأنه موجب للمرغتين كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله [ صفحه 345] قال إذا أنت لم تدر أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدها وصحيحة عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا وغيرهما من الروايات لا يشمل تلك الصورة كما لا يخفي إذ الركعة إنما تتحقق بالركوع وقبل الركوع لا يصدق أنها قد صليت ولا يراد بالنص ما يدل علي البناء علي الأقل كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وعلي عن أبي إبراهيم (ع) في السهو في الصلاة قال يبني علي اليقين ويأخذ بالحزم وموثقة إسحاق بن عمار قال قال لي أبو الحسن (ع) فابن علي اليقين قال قلت هذا أصل؟ قال نعم لأنه مع ما يعارضه من الأخبار لا يعمل به في جميع الأحوال وما زعمه ذلك الشيخ هو الظاهر في بادئ الأمر وفي التنقيح بعد أن نقل رواية ابن سنان المتقدمة قال ليس في هذا كما تري تفصيل وعمل بمضمونها المرتضي والشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل وابن البراج وابن إدريس لكن المتأخرين فصلوا تفصيلا وذكر التفصيل إلي آخر ما ذكره وعند التأمل يكون الشك قبل الركوع شكا بين الثلاث والأربع كما ذكرناه وحققه المتأخرون. (وأما عن الثانية عشرة) فهو أن الأقرب القول بكراهة التسمية إلا مع الخوف والتقية فيحرم جمعا بين الأخبار وما ورد في بعض الدعوات من تسميته صلوات الله عليه وهنا نختم الكلام ونعتذر من عدم البسط في هذا المقام من تشويش البال وشغل الحال ومثلكم من يعذر والباقي لسلامتكم انتهي. ولهذا الشيخ المذكور مكاتبة للسيد المزبور صورتها: أبهي سلام شدت بنغمات السرور أطياره وبدت علي صفحات الدهور أنواره وأصلح دعاء تعاضدت [ صفحه 346] شرائط إجابته وترادفت وسائط إصابته وسمعت مصاعد قبوله ونمت فوائد فروعه وأصوله وأنفس ثناء ثنيت بالوفاء مسانده ووسائده وبنيت علي الولاء قواعده ومقاعده للغصن المتفرع من الزيتونة العلوية والنهر المنبجس من العين الصافية النبوية البهي الرضي المهذب الوفي الشريف النجيب الأمجد سيدنا السيد محمد أدام الله تعالي توفيقه وسهل إلي كل خير طريقه وبعد فقد ورد الكتاب الشريف فأسر الخاطر وأقر الناظر حيث أشعر بحسن سلامتكم وحسن صفاتكم وما ذكرتموه من السؤل صار معلوما وأما الجواب فهو أن المعروف في كلام بعض الأصحاب أنه ينبغي تقيد جواز نظر الرجل مطلقته الرجعية بشهوة أو بغيرها بقصد الرجوع به أو بعدم قصد غيره وأنه بدون ذلك يفعل حراما ووجهه انفساخ النكاح بالطلاق وإن كان التزلزل لا يستقر إلا بانقضاء العدة ومن هنا قيل بوجوب مهر المثل لو وطأ ولم يراجع حتي انقضت العدة لكن التحقيق أن الأمر في رفع النكاح كذلك أو توقفه علي خروج العدة مشتبه مما ذكر ومن عدم وجوب الحد عليه مع الوطئ بدون الشرط وجواز تغسيل كل من الزوجين الآخر ولعل الأول أقرب وإن كانت بحكم الزوجية في بعض الوجوه ولا إشكال في التحريم مع عدم قصد الرجوع أما مع عدم قصده فغير بعيد بظاهر رفع الطلاق حكم الزوجية وإن توجه الاكتفاء به في الصحة بقصد الفعل مع عدم قصد المنافي فيكون ذلك رجوعا والله أعلم بحقيقة أحكامه، انتهي نقل ما أردنا منه تغمدنا الله وإياه برحمته ورضوانه وجمعنا وإياهم وآباءنا وأبناءنا ومشائخنا والمؤمنين في فسيح جنانه بحق محمد وآله أهل الهدي وأركانه. [ صفحه 347]

السيد محمد ابن السيد معصوم

(ومنهم) السيد الأمجد العالم الأريب الأرشد الفاضل السيد محمد ابن السيد معصوم القطيفي قال الفاضل المعاصر التقي الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي (رحمه الله تعالي) في كتاب (دار السلام) بعد ذكر رؤيا في حق هذا السيد المرحوم قلت هذا السيد كان جليل القدر عظيم الشأن وكان شيخنا الأستاذ العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني أعلي الله مقامه كثيرا ما يذكره بخير ويثني عليه ثناء بليغا قال كان تقيا صالحا وشاعرا مجيدا وأديبا وقارئا غريقا في بحار محبة أهل البيت عليهم السلام وأكثر ذكره وفكره فيهم عليهم السلام حتي أنه نلقاه في الصحن الشريف ونسأله عن مسألة أدبية فيجيبنا ويستشهد في خلال كلامه ببيت أنشده هو أو غيره في المراثي فينقلب حاله فيشرع في ذكر مصائبهم علي أحسن ما ينبغي ويتحول المجلس إلي مجلس آخر فيه رضا الله تعالي ثم ذكر له قضية حسنة مضمونها أنه تشرف في ليلة الجمعة في مسجد الكوفة برؤية صاحب العصر وناموس الدهر مع شخصين فاضلين، انتهي موضع الحاجة من كلامه زاد الله في علو مقامه (قلت) ولم أقف علي شئ من أشعاره إلا ما ذكره هذا الفاضل في هذا الكتاب من قصيدته ليوم التاسع من ربيع الأول (هن ربيع الأول) وهو من تلامذة العالم الفقيه الماهر الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر قدس سرهما وقد وقفت له علي رسالة جيدة في ترجمة العلامة السري السيد عبد الله شبر الكاظمي في آخرها قصيدة له مرثية عليه وذكر في كتاب (نفس الرحمن في فضائل سلمان) لهذا السيد [ صفحه 348] كتاب في التوحيد سماه (نوافح المسك) ونقل منه في كتابه المذكور تغمده الله بالكرامة والحبور آمين.

الشيخ ناصر أبو ذيب الخطي

(ومنهم) العالم الفاضل الفاخر الشيخ ناصر بن محمد آل أبو ذيب القطيفي كان من علمائها العظام وفقهائها الكرام ولي الحسبة في بلاد القطيف في زمانه والظاهر أنه من تلامذة العلامة الثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني وقفت له علي بعض الأشعار ولم أسمع له بمصنف ولم أقف له علي ترجمة ولا علي خبر للوفاة ضاعف الله له الحسنات.

الشيخ عبدالحسين أبو ذيب

(ومن أهل هذا البيت قدس سرهم) أعني بيت أبي ذيب الشاعر الأديب الخير الشيخ عبد الحسين أبو ذيب من شعرائها المشهورين وأدبائها المذكورين ومن شعراء أهل البيت الطاهرين صلي الله علي محمد وآله أجمعين له قصائد في الرثاء مشهورة ومن جيدها قوله القصيدة التي أولها: عبرات تحثها زفرات++ هن عنهن ألسن ناطقات

الشيخ يوسف أبو ذيب

(ومنهم) الشاعر المصقع الأديب ابن عمه الشيخ يوسف أبو ذيب كان رحمه الله تعالي أشعر من ابن عمه وأفحل وله مراثي كثيرة ومن جيدها القصيدة التي أولها: [ صفحه 349] نعم آل نعم بالغميم أقاموا++ ولكن عقا ربع لهم ومقام وهي بليغة جيدا ومن نوادر المراثي ولنا قصيدة في مجاراتها أولها: علي ساكني أرض الطفوف سلام++ سلام مشوق شب فيه ضرام وهي جيدة نسئل الله تعالي قبولها وغيرها.

محمد بن سلطان

ومن شعرائها الكبار الشاعر اللبيب وليس له سواد ولا يقرأ القرآن عامي صرف وهو من العجيب محمد بن سلطان القطيفي له القصيدة الرائية العجيبة مدح الأمير في أولها مدحا حسنا بليغا ثم تخلص للرثاء علي الحسين (ع) أولها: (سري البارق المفتض ختم المحاجر) وقصيدة رائية أيضا في رثاء الحسين (ع) وهي (آليت أخلع للزمان عذاري) وله قصيدة أخري في رثاء الحسين وهي: (مرابعنا نعم تلك المرابع) وله قصيدة ميمية في مدح رحمة بن جابر وله أشعار أخر.

الشيخ حسن التاروتي

(ومنهم) الشاعر الماهر البليغ المصقع الشيخ حسن بن محمد بن مرهون التاروتي القطيفي (من أهل جزيرة تاروت علي وزن هاروت) هو من شعراء أهل البيت (ع) ومادحيهم له الشعر البليغ الجيد ولا سيما هذه القصيدة التي أولها: لمن القباب الطالعات علي قبا++ كالشهب إلا أنها فوق الربا والأخري التي أولها: اللراعبية بالأجرع++ صبابة وجد ولم تهجع [ صفحه 350] فإنه (ره) أبدع وأغرب فيهما بل قلما يوجد في المراثي مثلهما وله (ره) (لا تذقها علي الشحوب لبابا)

الشيخ محسن الملهوف التاروتي

(ومنهم) الشاعر الأديب الماهر الشيخ محسن المعروف بالملهوف التاروتي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 350 - 357 القطيفي له القصيدة الدالية التي أولها: دعها تجدد عهدها بالوادي++ وتمزق البيداء بالتأساد ولم أسمع له غيرها وهي جيدة ولم أعلم بتاريخ وفاتهما ضاعف الله حسناتنا وحسناتهما.

الشيخ ناصر بن نصر الله

(ومنهم) العالم الأسعد الأديب الفاخر الشيخ ناصر بن أحمد بن نصر الله أبو السعود القطيفي كان رحمة الله عليه من العلماء الفضلاء الأدباء له شعر كثير في مراثي الحسين عليه السلام وله منظومة في الأصول الخمسة وهو من المعاصرين قرأ رحمه الله تعالي علي كثيرا من شعره. وأرخ وفاته بعض الأدباء بقوله: (تبكي المدارس فقد ناصرها)

الشيخ عبدالله ابن الشيخ ناصر

وله (قده) ولد صالح فاضل عالم من الأخيار اسمه الشيخ عبد الله سلمه الله تعالي وأبقاه من المعاصرين له شعر كثير في الرثاء علي سيد الشهداء وله منظومة في الأصول الخمسة وله منظومة في أحوال صاحب الزمان عليه وعلي آبائه أفضل [ صفحه 351] الصلاة والسلام وله قصيدتان في رثاء شيخنا العلامة الصالح الرباني وكان ممن قرأ عليه وحضر لديه رحمة الله عليه.

الشيخ أحمد ابن الشيخ مهدي

ومن أدبائها الفخام وبلغائها العظام ورؤسائها الحكام وشعرائها الأعلام الأديب الأريب الأسعد الشيخ أحمد بن الشيخ مهدي بن أحمد بن نصر الله أبو السعود الخطي له من الأدب والشعر الحظ الوافر والكمال والغيرة والحمية علي علي الأصاغر والأكابر والعفو عمن أساء إليه وهو عليه قادر ذو الهمم العالية والسجايا العجيبة السامية عاصرناه مدة من الزمان فوجدناه من نوادر الأوان بل لم نر مثله في الرؤساء والأعيان إن جلس مع العلماء فهو كأحدهم في اللهجة واللسان أو مع الشعراء المجيدين والأدباء الكاملين فهو المقدم عليهم في ذلك الشأن أو مع الرؤساء والحكام فهو المشار إليه من بينهم بالبنان قد سلم الله بسببه كثيرا من المؤمنين من القتل وإلي الآن لم نقف لأحد من الشعراء المجيدين والأدباء الكاملين مع كثرة تتبعنا واطلاعنا بمثل ما وقفنا له من كثرة الأدب والشعر البليغ المتين ولا سيما في المدائح والمراثي لمحمد وآله الطاهرين مع ما فيه من أمور الحكام وكثرة العداوة والخصام بين أهل بلاده وزمانه في أكثر الشهور والأعوام وما أصابه من البلايا العظام والفوادح الجسام ولقد أصابته نكبات عظام بعد وفاة والده من حكام الوهابية أوجبت نهب أمواله وأملاكه وإجلاءه عن البلاد بالكلية فانجلي إلي البحرين علي طريق قطر ثم إلي أبي شهر وكاتب الدولة العثمانية وأطمعها في البلاد وبسببه أخذت البلاد من أيدي أولئك الظلمة الوهابية ثم رجع من أبي شهر [ صفحه 352] إلي البحرين وسبب الله له بالرجوع إلي بلاده بالعز والهيبة وسخر له الحكام والرعية وباشر أمواله وأملاكه بنفسه وبقي عزيزا جليلا رئيسا مهابا نبيلا متمكنا من جانب الحكام ملقي له فيها الزمام ملجأ لمن يلتجي إليه في أكبر المهام مفرجا كربة من يقصده من أهل الإيمان والإسلام حتي دعاه داعي الحمام وانتقل إلي دار السلام وجوار الملك العلام. له مدائح كثيرة في أمير المؤمنين عليه السلام وأبنائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين التي من جملتها العلويات السبع اللواتي جاري بها ابن أبي الحديد المعتزلي المدائني بأبلغ نظام وأكمل معني وانتظام علي وزنها وقافيتها أطول منها وأكثر معان له فيها اليد البيضاء العجيبة إلا أنه ابتدأ أولا بواقعة بدر ثم أحد ثم الأحزاب علي الترتيب المطلوب ولا بأس بإيراد بعض من كل واحدة منها تبركا بمدح الأمير وأبنائه الطاهرين المعصومين عليهم السلام ليستدل بالقليل علي الكثير ولا ينبئك مثل خبير ولئلا يكون كلامنا دعوي مجردة عن الدليل والله الهادي إلي سواء السبيل قال رحمه الله تعالي في أول السبع العلويات: سري ورواق الليل بالدجن مضروب++ وقيد الحواشي بالأشعة مقطوب وميض كتلويح الرداء ودونه++ وهاد تجافي بالسري وأهاضيب فما راعني عذب المراشف شادن++ ولا شاقني وافي الروادف مخضوب سري البارق الملتاح من جانب الحمي++ لنا وجناح الليل أسود غريب بدا من كثيب عالج فاستفزني++ بنجد وقلبي بالصبابة ملهوف وذكرني من كنت أهوي وبيننا++ علي النأي إدلاج يطول وتأديب ومنها: [ صفحه 353] رويدا طلاب المجد بالجد إنما++ هو المجد بالمسعات لا السعي مسكوب تهون المعالي عند قوم وأنها++ علي الدهر شئ بالمنية مطلوب سأتخذ الظلماء درعا حصينة++ وإن قل عندي الرجال الأصاحيب أما كان بدر شاهدا لذوي العلا++ بأن رواق العز في الموت مضروب غداة تولي بالمعالي مهذب++ وعادت بإنكاث المخازي القراصيب وأشرق في العلياء بدر سمائها++ فللقوام خسران عليه وتتبيب وجاءت قريش تمضغ الغضن والعنا++ صدور عليها للضغائن تكتيب علي كل نهد المركلين مطهم++ كأن عليه من ذري الشم مخشوب وجرداء ما امتطت عليها جزارة++ ولكنها تحت العجاجة سرحوب ومنها: فلما اشمخرت واشمأزت قناتها++ إلي حيث لا تسمو الرعان الأخاشيب سماها علي والرماح شوارع++ وفحل المنايا بالشراسة مركوب جلا نقعها واليوم باليوم مسدف++ وكأس الردي بين الفوارس معبوب فأضحت وفيها للغواني نوادب++ وللوحش ولغ والقشاعم تخليب وقد علت البيض القواضب ريها++ شفاء وأشرعن الرماح السلاهيب فكم ضيغم أعفي وليس به كري++ ولكنه من خمرة الموت مصحوب وكم ملك يأبي المذلة أصبحت++ تقبل مثواه العتاق اليعابيب وممتقص قد كان يسمو إلي العلا++ فأضحي وفيه للردي الحم تقطيب وكم خر فيها مستطيل ودونه++ طعين بأطراف الأسنة مخضوب وكم هان مشبوح الذراعين أغلب++ فأمسي علي المثوي لقي وهو مغلوب [ صفحه 354] ودان بدين الحق فيه شمردل++ غدا وهو للدين الحنيفي مشعوب وكم آسر أضحي وللأسر موثق++ عليه وللأغلال غل وتكليب وأصيد ما راضت نوازق بأسه++ جري وهو للجرد الشوازب مجنوب وشقشقة قرت لمقرم مصعب++ وعضب تولي وهو بالعضب معضوب وناعم جسم عافر الوجه شاحب++ عوائده العقبان والنسر والذيب هو الخطب ما كانوا يظنون مثله++ ولكنه من حارب الله محروب تغشاه طلاع الثنايا مشيع++ إذا أرهق الأقوام للبؤس أثعوب ظهور علي السر المصون ومهطع++ له الملأ الأعلي متي فاه تثويب وناصر دين الله وابن نصيره++ إذا عز إقدام وأعوز مندوب عماد إلي الدين الحنيفي قائم++ وهاد إلي الأمر الإلهي منسوب ومظهر أسرار النبوة والذي++ بسطوته استعلي الهدي وثوي الحوب وذو الجهد يوم الشعب لما تشعشعت++ كؤوس الردي في قومه والأكاويب وجاشت قريش والتوت وتمردت++ ورانت عليها للضلال الغياهيب هو السر سر السر سر مقنع++ بسر وسر مستسر وملحوب علالم تنول بالمساعي لعلة++ ولكنه شئ من الله موهوب وفضل به تم الوجود ومفضل++ به قام للأمر الإلهي ترتيب إلي آخرها وهي طويلة جدا جليلة. وأول الثانية قوله: ألا ما لعيني والخيال الموازر++ ودون التداني طول رجع المعاذر أفي كل يوم لي علي الدهر عثرة++ تكر بأعقاب الجدود العواثر ولا يسمح الدهر الغشوم بصاحب++ ولا ترجع الأيام مني بعاذر [ صفحه 355] ولا أقتضي منه ديوني ويقتضي++ سوالف من أستارها بالغوابر فلا بل كفي بالسماح ولا ورت++ زنادي ولا أم الضيوف مناوري إذا لم أزرها كالسعالي مغارة++ عتاقا كأطراف الرماح الخواطر فقد طالما جمجمت دون مطالبي++ وجعجعت أخفاف المطي الذواعر وخليت ما بين المعازيل والعلي++ وأسهلت ما بيني وبين ابن داغر وهومت تهويم الغبي كأنني++ إلي المجد لم أصدع صفاة العشائر ولا ذاق بأسي الزائرون ولا نما++ عديدي علي هام العلا والمفاخر ولا اقتنصت هدي الليالي حبائلي++ غلابا ولا دارت بهن دوائري ولا جلجلت بالدار عين صواعقي++ ولا نصبت فوق الأعادي منابري ولا اغتبطت بي في الوري أم قسطل++ ولا انجفلت من سطوتي أم عامر ولا أبرقت يوم النزال صوارمي++ ولا هتفت يوم الهياج زماحري لعمري لقد خان الأجيدع ربه++ وران علي المعروف أم المناكر وهي طويلة جدا ومنها: حنانيك ليس المجد إلا من السري++ ولا العز إلا تحت وطئ الحوافر ولا مدح إلا للوصي فإنه++ معاذ لمن أوداه سوء الكبائر لئن تاه مدح فيه أو ضل شاعر++ فقد دله من كل فضل بباهر ولكن لفظ المدح فيه علي فمي++ من الفكر منثال بغر الجواهر علي أمين الله جل جلاله++ علي كل غيب من خفي وظاهر زعيم علي الأمر الربوبي محكم++ جميع القضايا من جميع المقادر شهدت لقد آوي الخلافة سيفه++ إلي جانب من عقوق الدين عامر [ صفحه 356] كغدوة أحد والقنا يحطم القنا++ وفي الهام أمثال الرعود الزواخر غداة اكفهر القوم والله شاهد++ لإدبارهم والدين دامي الأظافر تجلت قريش بالردي مكفهرة++ حفيفا علي حزن الملأ والأواعر وجاءت علي خيلائها تكشف الضحي++ طلابا لأضغان التراث الغوابر وقد ضاق بالأرض الفضا من مزاحف++ لأرعن موار الجناحين زاخر ظلام ولا غير المواضي نهاره++ ولا شهب غير العاسلات الشواجز تؤم الكمات المعلمين كواعب++ من البيض أمثال البدور الزواهر تميل علي الأرداف تيها كأنها++ غصون تلوي فوق كثبان حاجر جنين المنايا في خدود أسيلة++ وأقمار تم تحت ليل الغدائر تثني بقعقاع الرماح نزيقة++ وتشدو إذا صلت ضيافي المغافر ومهما تجافي الموت نا وحياضه++ عقدن دبابات الصبا بالخناصر قلم يتبين راقع حومة الوغي++ صليل المواضي من حنين المزامر خفقن بترجيع الأغاني مكبة++ علي هام وراد الوغا في المصادر وقد جمعوا زلزاءهم وتدامروا++ مقارعة بين القنا المتشاجر فمالوا عليهم ميلة جاهلية++ وقد وقفت أرواحهم في الحناجر وضاقت فجاج الأرض طرا عليهم++ بما رحبت والحتف سامي المظاهر سماها أبو سفيان والكفر حاشد++ علي الهدي أذيال المنايا الحواضر يغالب أمرا دونه الله غالب++ ويسمو لأخري رامها غير قادر وجاء بها تمشي الوحا مشمئزة++ علي رسلها فيهم بسود الغرائر فكم للمنايا فيهم من يلامق++ وكم للمواضي فوقهم من معاجر [ صفحه 357] وكم ساق فيها مصعب الحرب مصعبا++ ودهدي علي أعقابه بالدوائر فلما رأوا أن لا مناص من الردي++ تولوا كأسراب القطا المتزاور وقد جعلوا حب القلوب نثارها++ وآجالهم في بعض تلك النثائر أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 357 - 365 وضل رسول الله لولا ابن عمه++ قليل المحامي بينهم والموازر وقاه المنايا الحاضرات بنفسه++ وقد نفشت في جمعهم بالقواقر وعب عباب الموت لا يرهب الردي++ ولا يدري من دونه بالستائر نعات له في الروع كل شمردل++ ويعنو له في الروع كل مشاجر لأن زعموا علياه فالله دونها++ وهز العوالي غير هز المخاصر فما الدين لولا ما بناه بقائم++ وما الكفر لولا ما رماه بصاغر وما الخلق لولا ما أقات بممكن++ وما الرزق لولا ما أقات بهامر وما العلم لولا ما أماط بلا حب++ وما النور لولا ما جلاه بزاهر ومنها بعد تعداد فضائل كثيرة بليغة: مآثر يشرقن الشموس بنورها++ ويصدعن ألباب العقول الجماهر تحيرت الأوهام فيه فما اهتدت++ لرب قدير أم بخيبة قادر تبوأ أشناخ العلي يستجمها++ إلي ركن فوق العلي غير مائر وحاز مناط الدهر كرها وطاعة++ فأولاه من كلتا يديه بغامر وآوي وحامي دون ما الله نادب++ إليه علي رغم الحسود المجاهر إلي آخرها وهي طويلة جيدة جليلة فيها بعض مثالب أعداء آل الرسول (ص) وتخلص إلي رثاء سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام كما رثاه ابن أبي الحديد في رائيته قال: [ صفحه 358] إلي أن تنوها دعوة جاهلية++ تربي الأماني في حجور الأعاصر وما طال حتي أظهروا مستكنة++ من الغدر تزجيها أكف المقادر وجاؤا بها طخياء قذفا علي الهدي++ تجر علي الإسلام أم الجرائر مكللة سمر القنا قعضبية++ مدفعة بيض الرقاق البواتر تنوها إلي حرب الحسين مغارة++ كما مد مقتل الغمام المباكر فراح بها وترا وقد طل دونه++ لأبنا أبيه كل بر معاقر فلله ظام حيل بالماء دونه++ وسيق له بالزاخرات الشوادر قضي ظامئا ما بل بالماء ريقه++ ولا عل إلا بالرماح القواطر فقل للمعالي أسلسي وتنكبي++ هل انكفأت إلا بصفقة خاسر وللعربيات الجياد تنبدي++ ظلال العوالي واقتحام المغاور فما للمعالي في علاهن باذخ++ ولا للعوادي قائد للمضامر وللسمر والملس المنون وللضبا++ بعادا فما عند الوغا من مواطر وللدين فليجرر بذل قناته++ فإن زعيم الدين دامي المناظر وللتسعة الأفلاك هدا تدكدكي++ إذا كان مجراهن بين الحفائر وللشم هلا ساخ بالأرض مورها++ وحلت علي أذقانها والمناسر لقد قذف الدين الحنيفي قاذف++ من الخطب لم يخطر ببال وخاطر فهذي أنوف المجد جذعا وهذه++ أكف المعالي داميات الخناصر فهل لك علم منهم يوم جدلوا++ كمثل الأضاحي اتبعت بالعقائر تنوء العوالي منهم بأهلة++ من الهام والأجساد رهن المعافر وتجري عليهم كل جرداء لم تبل++ بأن وطأت في جربها جسم طاهر [ صفحه 359] ومنها بعد أبيات: إليك أمير المؤمنين مدائحي++ وفيك وإن لج اللواحي بضائري وأنت معاذي في المعاد وإنما++ إليك مصير الأمر يوم المصائر هل المدح إلا في معاليك رائق++ وهل راق بالأشعار مثل المآثر الخ وهي طويلة مليحة كما تراها وقال (ره) في أول الثالثة: في كل يوم للحشاشة مصدع++ أرق يلم وظاعن لا يرجع وخليقة هتفت عليك ببوسها++ قلب يسيم وناظر لا يهجع أما الأحبة فالدجنة دونهم++ عب الخضارم واليباب اليرمع جربت من نار الهوي لا تنطفي++ نار الهوي وتكل عما تقطع وغدوت ألتجع الدنو كأنني++ دان من الصفواء لا تتصدع ومنها: سبع وعشرون اهتبلن لي العدي++ فغدت بكاسات العنا تتجرع أرعي من العهد القديم بروضة++ أنف وأدعو معرضا ما يسمع وأضن من عصر الصبا بشبيبة++ ذهبت وفات بها الزمان المهيع لم يترك الزمن اللجوج بمهجتي++ شيبا يتيمه الغزال الأمروع ومنها: ما لي أذل ولا ذراعي رخوة++ كلا ولا عضبي كهام يوزع فلأقذفن بكل حزق واسع++ عيسا تجد ألده وتزعزع ولأخضمن إليه كل شقيقة++ خضم المصاعب نبت واد يمرع ولأحملن علي الدجنة فتية++ يجبي لهم من كل فضل مرتع [ صفحه 360] شعثا يلوثون الأكف قوابضا++ أكباد وجد في الصبابة تمزع ضربوا علي هذا الدجا بسرداق++ من نعدهم ورواق عنف يشرع وتملكوا شرق العلاء وغربها++ وتسلفوا دين العلا وتدفعوا فهم نجاد المجد أين تنجدوا++ وهم طلاع المجد أين تطلعوا قذفوا بأيدي القارعات تغطرفا++ والشوق بين ضلوعهم يتلذع وتقنعوا سرح العلا فتفرعوا++ منها العماد وفي البلاد تفرعوا الممرعون الجود وهو مغيض++ والسامكون المجد وهو موزع أرمي لهم غسق الظلام وأرتقي++ منهم لمصدع قلة لا تصدع وإلي أمير المؤمنين تحملي++ وإلي علاه معاذنا والمفزع ملك تصور كيف شاء إلي الوري++ يعطي به هذا وهذا يمنع وتحلقت عذباته بمعاقد++ يهوي لأخمصها المحل الأرفع ومنها: كم تستمد السحب منه سماحة++ فتلث منها ديمة ما تقشع ولكم يمر به الغمام فينثني++ وطفا يسح ركامه يتدفع ومنها: ملك أقام الملك بعد تأود++ والدين من جنباته يتصدع من بعد أن نيطت علي الملكوت++ بأسائه عصم هناك وأربع وسما فقصر عن مداه أولوا العلا++ حتي ثووا وهم حفاة ضلع لم يدع يوما بالقضاء ولو نأي++ إلا وأقبل نحوه يتسرع بل لو دعا رمم البلا لأجبنه++ ولقد دعا فأجبن لا نتمنع [ صفحه 361] سل عنه يوم الخندقين ومصرع++ العمرين ذا عان وذاك مصرع بل سل غداة أطل منهم مرحب++ فنجا بمهجته الجبان الأكوع من بعد ما غص الفضا بجيشه++ والكل منهم بالفرار مولع جيش تقدمه النسور عرمرم++ مد الخضم بعارض ما يقلع فغدا اللذان تقدماه وقد سمت++ للموت خطة مورد لا تدفع لم يلبثا إلا ومد عليهما++ للخزي مرط لا يزاح ومدرع حتي تصوب للملاحم قسطل++ عادت به شمس الظهيرة تسفع ودعا النبي لأنفذن برايتي++ عبل الذراع مقذعا لا يجزع رجلا يحب الله وهو يحبه++ لا ينثني حتي يفل المجمع حتي إذا سفر الصباح وكلهم++ دنف الفؤاد لمثلها يتوقع أدناه ثم حباه تلك فضيلة++ ما نال موسي مثل تلك ويوشع فغدا يلف مؤخرا بمقدم++ والنصر تحت لوائه يترعرع أهوي لمرحب ضربة فقضي بها++ ومضي لشامخة الحصون يزعزع حتي إذا جذب الرياح وراءها++ فكأنه كرة دحاها مستع ولكم تنوء بأربعين وأربع++ وزرا عليهم وهي لا تتضعضع هذي المناقب لا مناقب أسرة++ حشدوا علي ليل الضلال فقعقعوا فليتركوا أعلي الطريق لضيغم++ سام له منه السبيل المهيع وليرفضوا عي الكلام وينصتوا++ لهدير شقشقة الفنيق لكي يعوا سلبوا الخلافة من مناط حقوقها++ والله يشهد والبرية أجمع وتقمصوها بعد نص محمد++ نصا له في كل آي مصدع [ صفحه 362] جاءوا بها موصولة بشنارها++ يغشاهم منها الجليل المفضع تاهتهم الآراء فليتبؤوا++ منها مقاعد في لظي تتقعقع زعموا محاولة العلو وأينهم++ بل أين شامخة الذري والبلقع يا من تخب إليه كل فضيلة++ خب الظماء لوردها تتدفع بل رادع القدر الحري بأن يري++ منه الزمان علي المذلة يهطع إني مدحتك غير ذي من منة++ مني عليك ولا لشئ أطمع لكن وجدتك للمحامد والثنا++ أهلا ففاه به اللسان الأقطع والمدح ليس ببالغ لكنها++ نفث الصدور وغلة لا تنقع ماذا يقول المادحون بمدح من++ آي الكتاب بمدحه تتشعشع خذني إليك فمهجتي ذهبت عنا++ في حب ذاتك والفؤاد مبضع وإليك مني ما حييت مدائحا++ يعنو لهن الهزبري المصقع تشدو بفضلك يا علي وفي العدي++ قذفا بكل بلية لا تورع لو رامهن اليشكري وطرفة++ أودي نظامهما الفصيح المصطع وعليك مني ما حييت من الثنا++ أبدا سلام متيم لا ينزع ولك السلام من السلام مني اغتدي++ بالدوح قمري الأراك يسجع وقال رحمه الله تعالي في أول الرابعة: لمن المطي يشفها الادراك++ مثل الرعان علي القنا تعاك يوضحن غامضة السبيل كأنما++ أهوي إليه من الغمام دراك ومنها: يحملن كل عقيلة لو أسفرت++ للشمس غال ضياءها استحلاك [ صفحه 363] يصفحن عن غر الصفاح أسيلة++ أبدا بلحظ الناظرين تشاك إلي أن قال (ره): وعلي أمير المؤمنين تلهفي++ وله الثنا ونسيبه المضباك الفارس العربي والمتألق++ القرشي والمتحنن الهتاك ومسابق الآجال طعنا في العدي++ متداركا والآسر الفكاك خلق أرق من النسيم وسطوة++ تعنو لها الأقدار وهي ركاك ومناط بأس لو ألم شداه++ بالأفلاك لم تتحرك الأفلاك وعلا يطول علي العلا ومكارم++ خضعت لأخمص طولها الأملاك ويد تمد الغيث من جدوائها++ حتي يجلجل من نداه وشاك ومنها أيضا بعد أبيات عظيمة: أسد يعير الموت غرة وجهه++واليوم ليل والمجال ضناك ما سالم الدنيا وقد أدلي لها++ كف المهالك والشكيم يلاك كلا ولا ترك الضلال وإنما++ أنحي إليه من يديه هلاك فأقام أعلام الهدي متأودا++ منها العماد رسيمهن سواك فله من الشرف الأثيل أرائك++ ومن المعالي تمرق ودراك وله علي الأعداء حتف واصب++ وله بإرماق العفاف مساك ثم الصلاة عليه ما هتفت به++ دعوات داع واستقام سماك وقال طاب ثراه في أول الخامسة: دع الحب واسلم أن تباع وتشتري++ ولا يتصباك الغريم وإن عري فإن الهوي صعب يدق جلالة++ فيمنع نجدي الحما أن يغورا [ صفحه 364] أرقت ونام الليل صحبي ولم أكن++ أرقت لبرق باليمامة قد سري ولكن أمرا بين جنبي ولو ثوي++ بدهم المنايا أوشكت أن تقطرا ومنها: وما نحن بالقوم الذين إذا دعوا++ رموا عامرا دون الردي أو معمرا ولكننا نغشي المنايا طوالعا++ إلي المجد نمشي فرحة أو تبخترا ونلقي إلي من دوننا كل حادث++ فنمري له النعماء وردا ومصدرا وإن آض في الشحنا القطين فإننا++ صفحنا إليه عن جزا السوء مقدرا أخذنا العلي قسرا علي طالبي العلا++ فلم نتبين صاغرا أو مصغرا ولم تغتنم إلا مليكا محجبا++ ولم نستلب إلا عديدا مجمهرا ومنها: فلا جد جد المجد إن لم أثر بها++ عتافا يقعقعن الوشيج المسعرا فإن يسمعوها غدوة أو عشية++ يسروا مذاعا أو يذيعوا مكفرا هو الخطب حتي يشرق اليوم شمسه++ كشافا وحتي يذهب الغل والمرا فلا صلح حتي يستزل يلملم++ وحتي يعود القارضان لمن يري سأقذفها كالشم تحمل مثلها++ من الصيد لا تأتل في الأين موغرا وأعرض عن ذكر الديار وأهلها++ وإن ظل وجدا في الحشاشة مضمرا فأما بلوغ الملك قسرا أو الردي++ وإلا فقد أدركت في المجد مؤزرا إلي أن قال (ره) بعد أبيات: فلا شوق إلا للمعالي متي هفا++ ولا مدح إلا للوصي متي جري فتي أنزل الدنيا حمي من ذمامه++ فقرت وقد كادت تلاحي بها الذري ومنها بعد أبيات: [ صفحه 365] أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 365 - 373 وهب لإملاء الطغام مشمرا++ عليهم فأودي الأبلج المتنورا وزعزع أطراف الرماح لغارة++ علي الكفر أمسي عندها الهدي نيرا وجلي فما جلي لديه شمردل++ من الصيد يصطاد الهزبر الغضنفرا وألوي إلي الأقران ليثا مشيعا++ يعيد الضحي ليلا من النقع مدجرا وألقي إلي الحرب العوان بكلكل++ من البأس يفتل العجاج المكدرا فزلزل من أركانها كل ثابت++ وأثبت من أركانها ما تمورا فأمست حزازات الأعادي شواجرا++ وبالرغم من أضغانها ما تشجرا علي غير ما يهوي الضلال لأسرة++ تبوأت الشحناء بغيا ومغدرا هو السر سر السر سر مقنع++ بسر وسر مستسر لمن يري حنانيك كم ألبست ذا الدين يلمقا++ من العز مزرور الحواشي ومعجرا وأنزلته من سورة الملك منزلا++ تقاصر عنه ملك كسري وقيصرا وقد حام من حول الحما كل أشوس++ طلعت عليه أشوس البأس أصغرا وتلك العلا ألوت عليك عقودها++ ولم ترض من تلك المعاقد خنصرا وزرت المنايا يوم دارت بقطبها++ كشافا وقد اتأمن ملقي ومدبرا وجلجلت بالعقد الصفون لمورد++ من الموت لم تدرك لها عنه مصدرا وصلت علي الهام المواضي كأنما++ وقعن علي الهام الرعود فأمطرا ورحت علي ضغن الترات وإن غلت++ صدور من الشحنا إلي الحفظ مصحرا عداك من العليا الملام فإنما++ ثوت منك مثوي مشرق الصبح مسفرا فما غشت عيش المطمئن وإنما++ جلبت علي الأحزاب يوما حبوكرا بحيث استعاذ الناس بالناس وانتدي++ نبي الهدي داع عن الله مخبرا فلم يسمعوا من دعوة غير رجعها++ وقد لج فيهم برثن الموت موزرا [ صفحه 366] أماطوا عن السر الخفاء وكلهم++ قليل الوفا ما شد أزرا ولا قرا فلم يغن عنهم ما بنوه وخندقوا++ وما أحصدوه من موثقة العري هفوا خافقي الألباب والكفر حاشد++ وقد أط فيهم زاحر الرعب مذعرا طفقت علي عمرو بن ود بمؤبد++ فصادفها عمرو بن ود معفرا فأين علي الأقوام مثلك أصيد++ إذا قال يوما من فتي الحرب شمرا وأين يري الراؤن أني تحملوا++ أشم المعالي الغر غيرك مهجرا وأين يروم الدين غيرك والهدي++ رقيبا علي هذا الوري ومسيطرا وأين علي العلياء مثلك شامخ++ يؤلق من أنوارها كل أزهرا وأين علي الإسلام مثلك ناصر++ يسهل من اوعاره ما توعرا وأين علي العلم الربوبي خازن++ سواك إذا ما أثقل العبء أنهرا وأين علي حكم القضا متبطن++ سواك يعير الغامض السر مظهرا وأين علي الهيجاء مثلك فارس++ إذا ما خبت نار العجاجة أسعرا إلي آخرها وهي طويلة وقال (ره) في أول السادسة: هلا وقفت علي الكنس++ بين النواصب عن عبس لبست بها أيدي الغمام++ بكل منهمر فغس.. وأعادها عند العفاء++ فغالها منه العنس كان الجميع فأبكروا++ منهن في غسق الغلس إلا أثافيا بها++ ستعاد نؤما قد طمس ومنها بعد أبيات كثيرة: للخل ما راق النسيب++وللهوي ما قد هجس [ صفحه 367] وإلي الوصي من الثنا++ ما طاب منه وما نفس غيث المحول وغوث من++ أودي به سوء البلس طلاع كل ثنية++ ما لاب لوب أو مغس وأخو النبي المصطفي++ والأصيد الملك الندس عف الإزار مبرأ++ من كل رجس أو دنس ومنها: وأقام من دين النبي++ عماده لمن انتكس ضرب كأفواه الهياج++ ودونه الطعن البلس ومعاقد من همة++ هتكت بها عصم الطغس ومحل قدس لو تبوأ++ قدسه الملك ارتكس سبحان خلاق الوري++ منشية سبوح قدس كلا وليس لمثله++ عجب وإن حس الهجس من مثل حيدرة الوصي++ فثم أمر ملتبس ومنها بعد أبيات: عقاد ألوية العلا++ والشامخ البر الشرس كيف استلان لمعشر++ قذفوا علي الهدي الخمس من بعد ما غطي علي++ شمس الضحي منه الغلس والبيض ترعد في الفوارس++ والأسنة ترتجس كغداة بدر والنظير++ وخيبر وبني عبس والخندقين واحد والأحزاب++ والفتح الخمس [ صفحه 368] لكنهن حوادث++ حكمية لم تلتبس ياسر أحمد والذي++ بزغت له شمس القدس والمستسر بعلم غيب++ للقضاء وما وهس إني عقلتك مدنفا++ لا كالعميد المبتئس في حب ذاتك مولعا++ ثلج الحشاشة لم ألس خذني إليك فقد أباد++ حشاي شوقك وانتهس ثم الصلاة عليك ما++ عج المثوب أو هبس ولك السلام متي أضاء++ سناء بدرك في غلس وقال (ره) في أول السابعة وهي آخرها: هي سلوة أودي بها المتعلل++ درك لعمري في الهوي لا يوغل ذهبت بكل صبابة لو أنها++ أشفي عليها العارض المتهلل الآن إذ هتف المشيب بمفرقي++ وأبيض من رأسي الظلام المسدل صبغ يجعجع من طماحي لم يحل++ ومن الشبيبة صبغ ليل ينصل أطفوا وأرسب في الغرام ومنجدي++ رشأ من الآرام حر أكحل وجه كأن الشمس تكسف دونه++ يغشاه فرع دجنة متعثكل ومنها بعد أبيات كثير: أنضيت عيشي في الهوان فكيف لي++ منه بحزن مغارة لا تسهل سبع وعشرون اهتبلن لي العدي++ فغدت علي شحنائها تتغلغل فلأهتكن فروج كل كريهة++ طخياء تلعب بالكمات وتهزل حتي يناط من العجاجة بالضحي++ ليل بأقران العجاجة أميل [ صفحه 369] تالله لا أدع الجماح إلي العلا++ حتي يقصر بالبحار الجدول ما لي وما للحادثات ينشنني++ ولدي من بأسي وعزمي موئل عزم كمنقض الصفاة ودونه++ بأس كحد المشرقي ومنصل فلأدخلن علي النساء خدورها++ واليوم ليل بالعجاجة أليل ومنها بعد أبيات قوله (ره) لا تجزعن من الخطوب طوارقا++ فلربما اجترم الأخير الأول واشدد رجاءك بالوصي فإنه++ حرم يذم من الزمان ومعقل كم حد من غلوائه ما يرتقي++ وأباد من خيلائه ما يرفل وأتاه مر النفس من أساسه++ فثوي به وهو الجراز المفصل ضرب كما اختلب الغضنفر كاويا++ سغبا وطعن كالعيون مجلجل وفوارس من طول ما التثموا الوغي++ شعث الصفاح إلي المنية ترقل طلعوا علي الشرف الأثيل بعارض++ مد الدجنة بالنجيع يجلجل أولاهم فرع العلي فتبؤوا++ شرفا له انحط السماك الأعزل ورمي بهم في قعر كل ملمة++ ما ثوب الداعي وثار القسطل ألوي لحرب الناكثين بجمعهم++ فثوت بهم أم الخطوب المعضل ثم استطال إلي ابن هند بعدما++ جمح العتو به وأحفي العذل فاجتافه بالقارعات ولفه++ بيد الردي واحتز منه المفصل رفع المصاحف خيفة العود الذي++ أنحي إلي أشياخه فتبزلوا وسما لأهل النهروان فرعبلوا++ عصف الردي ما لا تهب الشمأل من بعد ما اتخذ الرماح عرينه++ والدين في ثوب المذلة يرقل [ صفحه 370] حامي فما شمخت عليه قبيلة++ إلا غشاها منه خطب مهول تعنو الملائك والملوك متي سما++ ملك معم في المعالي مخول الناسك الفتاك يوم خميسه++ والمستطيل الراهب المتبتل وله الصفا والمروتان ومن سعي++ والضرتان وملو جود المعدل [54] وله المقام المجتبي وله المحل++ المنتهي وله العماد الأطول وإليه ميراث السماوات العلي++ والأرض نصا والطراز الأول وله الولاية في الوجود جميعها++ وله المدا والمبتدي والمأول شرف سما الأفق المبين ودونه++ مجد يقصر بالضراح مؤثل ويد لو اندفعت مزاخر جودها++ لطما علي الوجود المنهل ومناط بأس لو تقلده امرؤ++ لسما علي الأفلاك منه مرعبل ونجاد عزم لو تنجده الثري++ لهوت له شم الأهاضب من علو ومفيض جاش كالزمان ودونه++ خلق يرق له الزلال السلسل إلي أن قال (ره) بعد أبيات كثيرة تركناها يا قاسم النيران حيث تنهدت++ والخلد في عذباتها تتهلل يا صاحب الأعراف في يوم الجزا++ حتي يماز من الهداة الضلل يا سر أحمد خيرة الله التي++ اختيرت [55] فخر لها الصفيح الأعزل يا سيف كل ضريبة يا ليث كل++ كتيبة والمستغاث المفضل يا غيث كل محلة يا شمس كل++ دجنة والشامخ المتطول والآسر الفكاك والمتألق السفا++ ك والمتعزز المتفضل [ صفحه 371] والركن ركن العرش لا متأودا++ سامي المعاقد والحجاب المسدل والأمر أمر الله أمر واصب++ والحكم حكم الله حكم فيصل ونجاة يونس يوم راح مغاضبا++ حتي استقل به الخضم المسجل وعذاب مؤتفكات لوط والذي++ تم الوجود به وقام الأميل عجت بك الأصوات وانتشرت بك++ الأموات واقترب العذاب الموغل عطفا أمير المؤمنين فقد شفي++ مني الغليل مكفر ومضلل يرضيك أنك في نعيمك خالد++ وعلي محبيك العنا يتسلسل فلعلما تبع المضاضة منهم++ حط لخطأ شارفوه فأوغلوا ومنها في شأن صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه وأرانا فلجه آمين وإلي م نرسف في الهوان ولم يقم++ لله سيف بالهداية مفصل ملك تخر له الرعان مهابة++ ضرعا وترجف من شذاه الأجبل وله القضا والنشأتان معا معا++ هذا يؤم لظي وذا متهلل في موكب نقص السيوف مهابة++ منه ويرتعص الوشيح الذبل من كل أبلج لو تميز بأسه++ لهوي لخيفته أبان ومأثل ضربوا رواق المجد فوق خميسه++ والنصر تحت لوائهم يتهلل فيه من الأملاك كل غضنفر++ لا يكفهر به العجاج المسبل وعلي إن يطأ الحجاز وأهلها++ يوم أغر من الدماء محجل أسعي له في كل أبيض واضح++ ينشي مناط المجد وهو مجلجل ومنها بعد أبيات: عطفا أمير المؤمنين فما لنا++ عن جود كفك أين كنا معدل [ صفحه 372] لولاك ما سمحت بمدح همتي++ قدري أجل من القريض وأفضل هذا وفي بعض الذي امتلأت به++ عني البلاد لقائل متعلل خذها إليك أبا الأئمة بالثنا++ سبعا علي السبع الطوال لها العلو لم تعتلق بالمقرفات وإنما++ طلعت كما طلع الكتاب المنزل ومنها أيضا في آخرها: من مبلغ الشعراء أن قريضهم++ طلعت عليه من الرجال حبوكل قول كمطرد الكعوب يهزه++ طعن كأشداق اللواغب أنجل تركوا مناط الفضل لا عن طاعة++ قسرا ويترك للأخير الأول فإليك يا بن الطالعين علي العلا++ شرف بها مات العلي يتزلزل لا يسبكر بي الغرام وإن هفا++ قلبي لغيرك أو الج العذل خذني إليك فأنت أو في ذمة++ من أن يضام لجار مجدك معقل ومنها: هتفت لأحمد في هواك هواتف++ بالشوق في أحشائه تتنضل ومنها: قعدت به الأغلال عن نيل المني++ فهو العليل وداؤه المتعضل يرجو غياثك وهو أحري ظنه++ أن لا يحيط به العذاب المنزل ثم الصلاة عليك ما هطل الحيا++ أوزار قدسك للملائك جحفل هذا آخرها وقد حذفنا كثيرا منها ولا سيما الأخيرة فإنها مائة وعشرون بيتا والعجب أنه أنشأها وهو مجلو عن البلاد خاليا من الطارف والتلاد وهو حينئذ ابن سبعة وعشرون سنة، ولعل الأبيات التي تركناها منها أبلغ بحسب الصناعة [ صفحه 373] العربية إلا أنا تركناها لبعض الأعذار الشرعية والعرفية وتقربنا بما كتبناه إلي أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 373 - 380 رب البرية إذ كان في مدح عترة المصطفي وأهل العصمة والتطهير والكسا وأيضا له مجارات المعلقات السبع وله ما يقرب من مائة قصيدة في رثاء الحسين (ع) في غاية البلاغة والملاحة وله مدائح ومناقضات لبعض المذاهب والرد عليهم ومناجاة كثيرة وقد كانت قريحته مع قوة البلاغة وفخامة اللفظ والفصاحة سيالة ربما يجلس في المجلس وينظم القصيدة والأكثر بحسب ما يريد والناس علي ما هم من الهدر والكلام، ونقل أنه في بعض السنين في عشر المحرم الحرام في كل ليلة بعد صلاة العشاء ينشئ قصيدة علي الحسين (ع) ويعطيها من يقرأها في ليلتها والحال أنه الحاكم في البلاد وعليه إصدارها والإيراد. وبالجملة فالذي وقفنا عليه من شعره غير الذي تلف وضاع مجلدان كبيران من الحجم الكامل أكثره في المدائح والمراثي والمناجاة وفيه أيضا مدح للملوك والسلاطين والأمراء الكبار كالسلطان (عبد الحميد خان العثماني) وغيره علي البعد لإظهار الصيت والإعزاز لا للجوائز والإعطاء وبالجملة فهو من نوادر الزمان وعجائب الدهر الخوان، توفي رحمة الله عليه في شهر ربيع سنة 1306 ه وصلينا عليه مع شيخنا الوالد الروحاني العلامة أزاد الله إكرامه وأكرامه وتغمدنا وإياهم وآباءنا والمؤمنين باللطف والكرامة.

الشيخ عبدالعزيز الجشي

(ومنهم) الأديب الكامل الشاعر الشيخ عبد العزيز ابن الحاج مهدي ابن حسن بن يوسف بن محمد الجشي (قده) البحراني القطيفي، كان له رحمه الله [ صفحه 374] تعالي من الأدب الحظ الوافر ومن الشعر والمعرفة النصيب الكامل له قصائد جيدة منها في رثاء الحسين (ع) تقرأ في المجالس الحسينية ومنها في مدح كتاب الرد علي النصاري للشيخ سليمان آل عبد الجبار (المتقدم ذكره) ومتضمنة للأدلة التي ذكرها في الرد علي النصاري جيدة حسنة وقد اشتغل في العلوم إلا أن الشعر والتجارة غلبا عليه فكان بهما موسوما ولم أعلم بتاريخ وفاته ضاعف الله حسناته.

الشيخ محمد علي بن مسعود الجشي

(ومنهم) ابن عمه الفاضل التقي الشيخ محمد علي ابن الحاج مسعود ابن الحاج سليمان الجشي البحراني الخطي (ره) كان رحمه الله تعالي عالما عاملا أديبا كاملا إلا أنه لم ينفك عن التجارة لكونه من بيت ثروة وتجارة، له شرح علي الصحيفة السجادية مجلد غير تام وله شرح علي منظومة العالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني البحراني في الأصول الخمسة رأيته في يد ابنه الخير الصالح الفطن الأسعد الحاج أحمد كراريس مجلد بخط أبيه الشارح مبسوط غير تام.

الشيخ محمد بن إسماعيل

(ومن علمائهم) العالم الفاضل الأسعد الشيخ محمد ابن الشيخ إسماعيل البحراني الجد حفصي القطيفي من بيت الحكيم من أهل جد حفص ثم سكنوا القطيف ونقل أنه من فضلاء البلاد وأدبائها علما وورعا لكنني لم أسمع له بمصنف ولا تاريخ لوفاته توفي رحمه الله تعالي زائرا للإمام الرضا (ع) وانتقل إلي دار السلام وأبوه أيضا كان من العارفين الأبرار الأخيار. [ صفحه 375]

السيد حسين الكويكبي

(ومنهم) السيد العالم السيد حسين الكويكبي من قرية تسمي الكويكب لم أسمع له بمصنف ولا بتاريخ لوفاته ضاعف الله حسناته. وقد سمعنا بعلماء كثيرين وأدباء بالغين إلا أني لم أعلم بحقائق أحوالهم ولم أقف علي شئ من مؤلفاتهم وآدابهم وكمالهم حتي أنقل أسماءهم وأترجم أعيانهم رحمنا الله وآباءنا وإياهم وجميع المؤمنين برحمته الواسعة في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين. (تتميم نفعه عميم) لا بأس أن نذكر من عاصرناه من أهل البلاد ونكتسب إن شاء الله تعالي جزيل الثواب في المعاد وجميل الذكر لنا ولهم الباقي المخلد مدة الآباد ونسألهم ونلتمس منهم ومن يأتي بعدهم الدعاء لنا بالرحمة والمغفرة من رب العباد إنه الكريم الرحمن الرحيم الجواد اللطيف بخلقه وإليه المرجع وإليه الإصدار والإيراد، أما العلماء والمتعلمين من أهل هذه البلاد فممتازون عن غيرهم بالآباء والتقوي والورع إلا من شذ منهم وندر علي خلاف ما ذكرنا واشتهر نسأل الله أن يديم لنا ولهم التوفيق إلي طاعاته وخيراته ويزيل عنا وعنهم التعسير والتعويق عمل يقربنا إليه من زلفاته وعناياته إنه بالإجابة جدير وعلي كل شئ قدير وهم الآن كثيرون كثر الله أمثالهم وأصلح بالنار وبالهم ولنذكر منهم البالغين والواصلين:

الشيخ عبدالله بن معتوق

(فمنهم رضي الله عنهم) العالم الفاضل التقي الصدوق الأواه الشيخ عبد الله [ صفحه 376] ابن المرحوم الخير معتوق التاروتي كان سلمه الله تعالي من العلماء الأتقياء الورعين الأزكياء زاهدا عابدا تقيا ذكيا قرأ رحمه الله تعالي في القطيف عند الفقير لله صاحب الكتاب كثيرا في النحو والصرف وبعضا عند شيخنا العلامة، ثم سافر إلي النجف الأشرف للاشتغال في العلوم وبقي فيها مدة من الزمان وفي كربلاء بعض الأحيان ثم استقل في كربلاء المعلي وهو من العلوم ملآن إلي هذه الآن له بعض التصانيف سماعا من الغير لا أحفظ أسماءها ومن جملتها رسالة في الشك اسمها (سفينة المساكين) وإلا فهو حرسه الله تعالي كثير المكاتبة والمراسلة لنا كل آن وقد أجازه كثير من علماء النجف الأشرف وغيرها من العرب والعجم أدام الله توفيقه وسلامته وأفاض عليه إمداده ورعايته.

السيدان السيد حسين والسيد ماجد

(ومنهم رض) السيد الجليلان النبيلان السيد حسين والسيد ماجد ابنا المرحوم السيد هاشم المعروف بالعوامي من أهل مسورة القطيف كان السيد حسين المذكور أكبر سنا من أخيه قرأ في القطيف وفي النجف الأشرف علي الفقير لله مصنف هذا الكتاب فلما توجهت إلي القطيف راجعا قرأ عند جملة من الفضلاء في النجف من أهلها ومن أهل بلاده والسيد ماجد المذكور قرأ أيضا في النجف الأشرف وحضر عند جملة من فضلائهما فهما من العلماء الفضلاء الأتقياء أدام الله تعالي سلامتهما وأزاد سعادتهما.

السيد علي بن السيد حسين

(ومنهم رضي الله عنهم) السيد النجيب الفاضل الأديب البهي السعيد [ صفحه 377] السيد علي ابن السيد حسين ابن السيد يوسف العوامي من سكنة المحمرة، اشتغل في النجف الأشرف سنين كثيرة عند الفقير صاحب الكتاب وغيره وحضر مجالس العلماء ومحافل الفضلاء وهو إلي الآن في النجف الأشرف مشتغل بالعلوم ولا أدري هل له بعض التصانيف أم لا؟ وفقه الله إلي ما يحب ويرضي وختم لنا وله ولإخواننا المؤمنين بخير عقبي ورضي آمين.

الشيخ علي أبو عبدالكريم الخنيزي

(ومنهم رضي الله عنهم) العالم الفاضل العامل التقي الشيخ علي ابن المرحوم الحاج حسن علي ابن الحاج حسن المعروف بالخنيزي القطيفي البحراني كان اشتغاله كله سلمه الله تعالي في النجف الأشرف قرأ وحضر عند جملة من فضلائها وثلة من علمائها حتي تضلع من العلوم وصار له الحظ الوافر من المنطوق والمفهوم وأجازه جملة من علمائها عربا وعجما ورجع إلي بلاده ملآنا من العلم من طريقه لاتلاده [56] له رسالة مختصرة في بعض أحكام الطهارة والصلاة وله منسك متوسط له شرح علي تبصرة العلامة (ره) لم يكتب من أوله إلا أقل من كراس أدام الله سلامته وأزاد كرامته.

الشيخ علي أبوالحسن الخنيزي

(ومنهم رض) عمه الفاضل التقي العالم الذكي الشيخ علي ابن الحاج حسن [ صفحه 378] الخنيزي اشتغل أولا في القطيف ثم سافر مع والده المرحوم إلي النجف الأشرف واشتغل وحضر وحصل وأكثر وإلي حال التاريخ هو في النجف الأشرف عند فضلائها وعلمائها يشتغل ويحضر ولا أدري له شئ من المصنفات أم لا [57] وفقنا الله وإياه وإخواننا بتوفيقاته وأفاض علي الجميع سوابغ خيراته. وأما الولد الصالح التقي العالم التقي الشيخ محمد صالح والمكرم الشيخ عبد الله ابن الشيخ ناصر فقد ذكرناهما عقيب ترجمتي والديهما فيما تقدم.

الشيخ محمد بن نمر

(ومنهم رض) العالم الفاضل الذكي الشيخ محمد ابن المرحوم الحاج ناصر ابن نمر من أهل قرية العوامية كان من العلماء الأذكياء، قرأ مدة من الزمان في القطيف والنجف عند الفقير لله مؤلف هذا الكتاب ثم رجعت من النجف لبلاد القطيف فقرأ عند جملة من العلماء في جملة من العلوم وحصل منها ما يسره الله له وأعطاه من المنطوق والمفهوم [58] [ صفحه 379] وله أخ صالح اسمه الشيخ حسن قرأ أيضا في النجف الأشرف مدة من الزمان ورجع إلي الأوطان وفقنا الله وإياهما وإخواننا إلي مراضيه وجعل مستقبل العمر منا جميعا خيرا من ماضيه آمين رب العالمين.

الشيخ حسن علي ابن الشيخ عبدالله

(ومنهم رض) الفاضل العالم العامل الكامل البهي الشيخ حسن علي ابن المرحوم المقدس الشيخ عبد الله بن بدر القطيفي وكان عالما ذكيا فطنا قرأ في النجف الأشرف سنين كثيرة عند جملة من فضلائها وحضر عند جمع من علمائها له رسالة في وجوب تقليد الأعلم وله رسالة نقضا لجواب مسائل بعض المعاصرين وسمعت أنه يكتب الآن شرحا علي منظومة شيخنا الوالد الروحاني العلامة الصالح المسماة بالعمدة نظم الزبدة في أصول الفقه والظاهر أن له غير ذلك لكن لا أعرفه وهو الآن في النجف الأشرف يحضر في محافل الفضلاء وبجوار الأمير سلام الله عليه يتشرف أدام الله لنا وله ولأولادنا والمؤمنين التوفيق وسهل لنا ولهم إلي خير الطريق إنه أرحم الراحمين.

الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشي

(ومنهم أحسن الله مثواهم) الشاب الأسعد النبيه الفاضل البهي الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشي البحراني القطيفي كان سلمه الله تعالي نبيها ذكيا فطنا ورعا أدبيا فاضلا أريبا له شعر كثير في رثاء الحسين عليه السلام وفي بعض الآداب والمناظيم وله قصيدة غراء في رثاء شيخنا العلامة أزاد الله إكرامه وأكرامه وأسبغ عليه إنعامه. [ صفحه 380] (ومنهم طاب مثواهم جميعا) الآن موجودون غير ما ذكرناهم من حاضري البلاد أئمة للجماعة ومنهم في النجف الأشرف يشتغلون وللعلوم الشرعية يحصلون منهم أولادنا وبعض أرحامنا مما يقرب من عشرين أو يزيدون أدام الله لنا ولهم من خيره المزيد وأمد لنا ولهم في العمر السعيد ومتعنا وإياهم بالعيش الرغيد أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 380 - 387 ووفقنا جميعا لما يحب ويرضي ويريد إنه الكريم الحميد الفعال لما يشاء ويريد وهو حسبنا عليه توكلنا وإليه أنيب وإليه المصير (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) اللطيف الخبير. وقد فرغ منه مصنفه الفقير لرحمة ربه السبحاني علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني عفا الله عنه وعنهم وعن إخوانه المؤمنين وأعطاه وإياهم خير الدنيا والدين بحق وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في حدود سنة 1325 ه الخامسة والعشرين والثلثمائة وألف من هجرة سيد المرسلين صلي الله عليه وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين. [ صفحه 382]

في ذكر الهجر و هي الأحساء و تراجم علمائها و أدبائها

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم (الهجر وهي الأحساء) نذكر هنا ما وقفنا عليه من أحوال علمائها وفضلائها وأدبائها وإن كان قليلا من كثير بل نقطة من غدير وذلك لعدم التصدي لهذا الشأن والترجمة لهذا العنوان ولم نجتمع بأحد من علمائها المطلعين والفضلاء المتتبعين حتي نستفيد من ذلك شيئا علي اليقين، وهي (أي بلاد الأحساء) مدينة كبيرة عظيمة من أكبر مدن الإسلام القديمة وهي هجر (بفتح الهاء والجيم علي وزن صفر) تغلبيا كما عرفت فيما تقدم ذكره وينسب إليه رشيد الهجري (رض) الذي هو من خواص أصحاب أمير المؤمنين (ع) وسيد المسلمين ومن حملة أسراره كما سمعت من كلام صاحب (الروضات) وغيره والله أعلم بالصواب. وهذه المدينة تقارب جزيرة أوال أو تزيد ذات الأترج والنخيل والأرز والقطن وتمرها أجود تمر يوجد وإن شاركتها الأولتان في أكثر الأوصاف المذكورة وزادتا عليها حسنا واستقرارا بمجاورة البحر وهذه بلاد برية يتكلف أهلها في أسفارهم ونقل غلاتهم وبلوغ أوكارهم بسبب البر ومهامه الوعر وغارات الأعراب والنهب والاستلاب فكثيرا ما يقع في طريقها نهب الأموال وقتل [ صفحه 383] الرجال ولا سيما في هذا الزمان، فقد لعبت بأهلها أيدي الحدثان من النهب والجور والعدوان. وبندرها المجاور للبحر العجير (بالتصغير علي وزن عمير) مسير يومين عنها أو أكثر وفيها آثار قديمة وينقل مستفيضا أن في بعض قراها ولعلها القارة آثارا من زمن المسيح عيسي بن مريم (ع) ومن أقدم قراها جواثا وهي قاعدة بلاد الأحساء في الزمن القديم، خربها الرمل وفي الحديث: أول جمعة أقيمت بعد المدينة في جواثا في بني عبد القيس " كما تقدم ". وفيها الجبل المشهور المعروف بجبل القارة من عجائب الدنيا فيه مغارات كثيرة عظيمة تسع بعض المغارات خلائق كثيرة جسيمة ليس فيه شئ من هوام الأرض وحشراتها أصلا حتي النمل ومن خواصه البرودة العظيمة في الصيف حتي أن النائم فيه يحتاج إلي غطاء وبالعكس في شدة البرد من الشتاء وبالجملة فهذه المدينة من أكبر وأحسن مدن الإسلام ولذا تسمي كوفة العرب ذات الهواء الطيب والماء العذب إلا أنه كما ذكرناه الآن قد استولي علي أهلها الجور والعدوان من الحكام والبدوان وخرب بسبب ذلك كما ينقل مستفيضا أكثر العمارات من مزرعة وبستان وخراب طريقها بسبب الأعراب أضعف أهلها بالسلب والانتهاب نسأل الله تعالي دفع البليات والآفات عنا وعن جميع إخواننا المؤمنين والمؤمنات وإصلاح كل فاسد من الأمور وإن ينشر علينا وعليهم فضله ورحمته الواسعة في الدنيا ويوم النشور إنه ذو الفضل العظيم والرحمة الواسعة والمن القديم. ولنذكر الآن بقية أخبار المأسورين عند القرامطة في هجر كأبي الهيجاء [ صفحه 384] ووزير الخلافة.. كما مضي الكلام علي أوله في ترجمة بلاد القطيف وما فعل الخبيث بالحجر الأسود ونقله إياه إليها وما صدر من الأراجيف فنقول وبالله الثقة والمأمول: لما أسر أبو الهيجاء بن حمدان وكان من رؤساء الشيعة المخلصين ومن ذكرناهم من وزير الخلافة والتغلبي فأما وزير الخلافة والتغلبي فبقيا في الحبس في هجر مدة مديدة حتي بذل في فكهما مال كثير ووصل إليه فخلي سبيلهما وأما أبو الهيجا فولع به وأحبه لفضله وأدبه وكماله فكان لا يفارقه في وقت العشاء والغداء والمسامرة ومن جملة المأسورين عنده المحبوسين أبو العباس بن كشمرد من الرؤساء وله إذ كان في حبسه قصة عجيبة فيها كرامات علوية وفضائل حيدرية لا بأس بإيرادها لما فيها من النفع العظيم والخير الجسيم. ذكر السيد الجليل النبيل ذو الكرامات رضي الدين السيد علي بن طاووس الحلي قدس الله نفسه وطهر رمسه في كتاب (مصباح الزائر) والشيخ التقي الشيخ إبراهيم الكفعمي العاملي " قدس سره " في كتاب " الجنة الواقية " المعروف بالمصباح بتغاير يسير في الألفاظ وطريق آخر غير طريق السيد ابن طاووس ونحن نذكر كلام الأول أولا ثم نشير إلي كلام الثاني أخيرا. قال السيد المذكور في الكتاب المزبور عن محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال سمعت أبا العباس بن كشمرد في داره ببغداد وسأله شيخنا أبو علي أن يذكر لنا حاله إذ كان عند الهجري بالأحساء فحدثنا أبو العباس أنه كان ممن أسر بالهيبة مع أبي الهيجاء بن حمدان، قال وكان أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي مكرما لأبي الهيجاء برأيه وكان يستدعيه إلي طعامه فيأكل معه ويستدعيه بالليل [ صفحه 385] أيضا للحديث معه فلما كان ذات ليلة سألت أبا الهيجاء أن يجري ذكري عند سليمان بن الحسن ويسأله في إطلاقي فأجابني إلي ذلك ومضي إلي أبي طاهر في تلك الليلة علي رسمه وعاد من عنده ولم يأتني وكان من عادته أن يغشاني ورفيقي في كل ليلة عند عودته من عند سليمان فتسكن نفوسنا ويعرفنا بأخبار الدنيا فلما لم يعاودنا في تلك الليلة مع سؤالي إياه الخطاب في أمري استوحشت لذلك فصرت إليه في منزله المرسوم له وكان أبو الهيجاء مبرزا في دينه مخلصا في ولاية ساداته عليهم السلام متوفرا علي إخوانه فلما وقع طرفه علي بكي بكاءا شديدا وقال: والله يا أبا العباس لقد تمنيت أني مرضت سنة ولم أجر ذكرك قلت ولم؟ قال: لأني لما ذكرتك له اشتد غضبه وغيظه وحلف بالذي يحلف بمثله ليأمرن بضرب رقبتك غدا عند طلوع الشمس ولقد اجتهدت والله في إزالة ما عنده بكل حيلة وأوردت عليه كل لطيفة وهو مصر علي قوله وأعاد يمينه بما خبرتك به قال: ثم جعل أبو الهيجاء يطيب نفسي وقال: يا أخي لو لا أنني ظننت أن لك وصية أو حالا تحتاج إلي ذكرها لطويت عنك ما أطلعتك عليه من ذلك وسترتك ما أخبرتك به عنه ومع هذا فثق بالله تعالي وارجع فيما يهمك من هذه الحالة الغليظة إليه تعالي فإنه جل ذكره يجير ولا يجار عليه وتوجه إلي الله تعالي بالعدة والذخيرة للشدائد والأمور العظيمة بحق محمد وعلي وآلهما الأئمة الهادين المهديين صلوات الله عليهم أجمعين قال: أبو العباس فانصرفت إلي موضعي الذي أنزلت فيه في حالة عظيمة من اليأس من الحياة واستشعار الهلكة فاغتسلت ولبست ثيابا جعلتها كفني وأقبلت علي القبلة فجعلت أصلي وأناجي ربي وأعترف له بذنوبي وأتوب منها ذنبا ذنبا وتوجهت إلي الله تعالي بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين [ صفحه 386] وعلي ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة لله عز وجل في أرضه المأمول لإحياء دينه صلوات الله عليهم أجمعين قال: ولم أزل في المحراب قائما أتضرع إلي أمير المؤمنين عليه السلام وأستغيث به وأقول يا أمير المؤمنين أتوجه بك إلي الله ربك وربي فيما دهمني وأظلني ولم أزل أقول هذا وشبهه من الكلام إلي أن انتصف الليل وجاء وقت الصلاة والدعاء وأنا استغيث إلي الله تعالي وأتوسل إليه بأمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ نعست عيني فرقدت فرأيت أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي يا بن كشمرد قلت لبيك يا أمير المؤمنين فقال لي: مالي أراك علي هذه الحالة فقلت يا مولاي أما يحق لمن يقتل صباح هذه الليلة غريبا عن أهله وولده بغير وصية يسندها إلي أحد متكفل بها أن يشتد قلقه وجزعه فقال: عليه السلام تحول كفاية الله ودفاعه بينك وبين الذي توعدك فيما أرصدك به من سطواته أكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) من العبد الذليل فلان بن فلان إلي المولي الجليل الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وسلام علي آل ياسين محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وعلي والحسن وحجتك يا رب علي خلقك اللهم أني المسلم وأني أشهد أنك الله إلهي وإله الأولين والآخرين لا إله غيرك وأتوجه بك بحق هذه الأسماء التي إذا دعيت بها أجبت وإذا سئلت بها أعطيت لما صليت عليهم وهونت علي خروجي وكنت لي قبل ذلك عياذا ومجيرا ممن أراد أن يفرط علي أو أن يطغي) واقرأ سورة يس وادع الله بعدها بما أحببت يسمع الله منك ويجيب ويكشف همك ثم قال لي مولاي (ع): أجعل الرقعة في كتلة من طين وارم بها في البحر فقلت يا مولاي البحر بعيد وأنا محبوس ممنوع عن التصرف فيما التمس فقال عليه السلام: ارم بها [ صفحه 387] في البئر وفيما دنا منك من منابع الماء قال ابن كشمرد فانتبهت من وقتي وقمت ففعلت ما أمرني به أمير المؤمنين عليه السلام وأنا مع ذلك قلق غير ساكن النفس لعظيم الجرم والمحنة وضعف اليقين من الآدمين فلما أصبحنا وطلعت الشمس أستدعيت فلم أشك أن ذلك لما وعدت به من القتل فلما دخلت علي أبي طاهر وهو جالس في صدر مجلس كبير علي كرسي وعن يمينه رجلان علي كرسيين وعلي يساره أبو الهيجاء علي كرسي وإذا كرسي آخر إلي جانب أبي الهيجاء ليس عليه أحد فلما بصر بي أبو طاهر استدناني حتي وصلت إلي الكرسي فأمرني بالجلوس عليه فقلت في نفسي ليس عقيب هذا الأخير إن شاء الله تعالي ثم أقبل علي فقال: كنا قد عزمنا في أمرك ما قد بلغك ثم رأينا بعد ذلك أن نفرج عنك وأن نخيرك أحد أمرين أما تجلس فنحسن إليك وأما أن تنصرف إلي عيالك فنحسن إجازتك فقلت له: في المقام عند السيد النفع والشرف والانصراف إلي عيالي ووالدتي عجوز كبيرة السن فيه الأجر والثواب فقال لي: إفعل ما شئت فالأمر مردود إليك فخرجت منصرفا من بين يديه فناداني فرددت إليه، فقال لي: ما تكون من أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 387 - 393 علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقلت: لست نسيبا له ولكني وليه فقال لي: تمسك بولايته فهو قد أمرنا بإطلاقك والإفراج عنك فلم تمكننا المخالفة لأمره ثم أمسك فجهزت وأصحبني من أوصلني مكرما إلي مأمني فلك الحمد يا ربي انتهي كلام السيد المقدس ابن طاووس رحمه الله تعالي. أقول وذكر هذه القصة أيضا جماعة من أصحابنا (منهم) الكفعمي (ره) وسيأتي كلامه بعد أن شاء الله تعالي (ومنهم) أي من جماعة أصحابنا قدس الله أرواحهم جميعا. [ صفحه 388] الشيخ سليمان الصهرشتي أيضا ينص علي القصة ذكر الشيخ الثقة الجليل الشيخ سليمان بن الشيخ حسن الصهرشتي قدس سره في كتابه (قبس المصباح) كما في البحار بزيادات حسنة أكثر مما ذكره هذا السيد الجليل قال: العلامة الصهرشتي (ره) (وكان من أفاضل تلامذة شيخ الطائفة المحقة أبي جعفر الطوسي - ره): حدثنا الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين الصقال ببغداد في مسجد الحذائين بالكرخ في رجب سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة قال: حدثنا الشيخ أبو المفضل محمد بن عبد الله بن البهلوان بن همام بن المطلب الشيباني يوم السبت التاسع من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وثلاثمائة بالشرقية قال: سمعت أبا العباس أحمد بن كشمرد في داره ببغداد (إلي آخر ما ذكره السيد المذكور قدس سره كما نقلناه)، قال: الشيخ الصهرشتي قدس سره بعده: قال الشيخ أبو المفضل (ره): فذكرت هذا الحديث في مجلس أبي وائل داود بن حمدان بنصيبين سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة هجو حضر هذا المجلس يومئذ رجل من أهل نصيبين يقال له أبو عثمان سعيد بن البندقي الشاعر وكان من شهود البلد فقال أبو عثمان: عندي قول ما تقدم من قول أبي العباس بن كشمرد وقد أسر أبو العباس بن كشمر ذو الخال وفلفل الخادم وغيرهم من وجوه الأولياء مع أبي الهيجاء وأسرت فيمن أسر معهم من الحاج فطال بالأحساء محبوسا وكنت أقول الشعر فامتدحت السيد أبا طاهر بقصيدة أوصلها إليه أبو الهيجاء فأذن لي السيد بالدخول والخروج [ صفحه 389] من الحبس فكنت أدخل علي ابن العباس بن كشمرد فكان يأنس بي ويحدثني فأرسل إلي ذات يوم في السحر قبل طلوع الشمس وقال لي: خذ هذه الرقعة وهي في كتلة من الطين وامض بها إلي موضع وصفه لي وكان فيه ماء جار قال: واقرأ سورة ياسين واطرح الرقعة في الماء فأخذتها وصرت إلي الماء وأحببت أن أقف فقلعت الطين عنها ونشرتها وقرأت ما فيها قال: أبو عثمان وأخذت عودا وبللته في الماء وكتبت ما في الرقعة علي كفي وكتبت اسمي واسم أبي وأمي وأعدت الرقعة في الطين وقرأت سورة ياسين عني وغسلت كفي في الماء ثم قرأت سورة ياسين عن أبي العباس بن كشمرد (ره) وطرحت الرقعة في الماء وعدت إلي مجلسي ذلك بعقب طلوع الشمس فلم تمض إلا ساعة زمانية وإذا برسول السيد يأمر بإحضاري فحضرت فلما بصر بي قال لي أنه قد ألقي في قلبي رحمة لك وقد عرفت علي إطلاقك فكيف تحب أن تسير إلي أهلك في البر أو البحر فقلت في البحر وخشيت إن سرت في البر أن يبدو له فيلحقوني ويردوني فقلت في البحر فأمر أن يدفعوا لي كفافي من زاد وتمر وخرجت في البحر فصرت إلي البصرة فلما كان بعد ثلاثة أيام من وصولي البصرة جلست عند أصحاب الكتاب فإذا أنا بأبي العباس بن كشمرد ركب في موكب عظيم والأمراء من خلفه وقد خرج أمير البصرة لاستقباله والجند بين يديه ومن خلفه العساكر محدقة به وهو وأمير البصرة يتسايران فلما رأيته قمت إليه فلما بصر بي وقف علي رأسي وقال لي يا فتي كيف عملت حتي تخلصت فحدثته ما صنعته من كتبي ما كان في الرقعة بالماء علي كفي وغسلي يدي بالماء ما كنت كتبت عليها قبل أن رميت رقعة فقال لي: أنا وأنت من طلقاء أمير المؤمنين فقلت نعم فمضي حتي نزل في دار أعدت له وحمل إليه أمير البصرة [ صفحه 390] الهدايا واللباس والآلة والدواب والفرش وغير ذلك فلما استقر في موضعه أرسل لي فدخلت عليه وأقمت عنده أياما وأحسن إلي وحملني مكرما إلي بلادي فعجب أبو وائل من ذلك وقال: يا أبا المفضل أنت صادق في حديثك ولقد اتفق لك ما أكده قال الشيخ الجليل الصهرشتي: فهذه الرقعة معروفة بين أصحابنا يعملون بها ويعولون عليها في الأمور العظيمة والشدائد والروايات فيها مختلفة لكني أوردت ما هو سماعي ببغداد. وقد ذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتاب (المصباح) ومختصر المصباح أيضا أنها تكتب وتطوي ثم تكتب رقعة أخري إلي صاحب الزمان عجل الله فرجه وتجعل الرقعة الكشمردية في طي رقعة الإمام عليه السلام وتجعل في الطين وترمي في البحر أو البئر يكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم إلي الله سبحانه وتقدست أسماؤه رب الأرباب وقاصم الجبابرة العظام عالم الغيب وكاشف الضر الذي سبق في علمه ما كان وما يكون من عبده الذليل المسكين الذي تقطعت به الأسباب وطال عليه العذاب وهجره الأهل وباينه الصديق الحميم فبقي مرتهنا بذنبه قد وبقه جرمه وطلب النجاة فلم يجد ملجأ ولا ملتجأ غير القادر علي حل العقد ومؤبد الأبد ففزعي إليه واعتمادي عليه ولا ملجأ ولا ملتجأ إلا إليه اللهم إني أسألك بعلمك الماضي وبنورك العظيم وبوجهك الكريم وبحجتك البالغة أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تأخذ بيدي وتجعلني ممن تقبل دعوته وتقيل عثرته وتكشف كربته وتزيل ترحته وتجعل له من أمره فرجا ومخرجا وترد عني بأس هذا الظالم الغشوم وبأس الناس يا رب الملائك والناس حسبي أنت وكفي من أنت حسبه يا كاشف الكروب والأمور العظام فإنه لا حول ولا قوة إلا بك " [ صفحه 391] ثم تكتب رقعة أخري إلي صاحب الزمان بسم الله الرحمن الرحيم توسلت بحجة الله الخلف الصالح محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النبأ العظيم والصراط المستقيم والحبل المتين عصمة الملتجأ وقسيم الجنة والنار أتوسل إليك بآبائك الطاهرين الخيرين المنتجبين وأمهاتك الطاهرات الباقيات الصالحات الذين ذكرهم الله تعالي في كتابه فقال عز من قائل: (والباقيات الصالحات) وبجدك رسول الله وخليله وحبيبه وخيرته من خلقه أن تكون وسيلتي إلي الله تعالي في كشف ضري وحل عقدي وفرج حزني وكشف بليتي وتنفيس كربتي وبكهيعص وبياسين والقرآن الحكيم وبالكلمة الطيبة وبما حوي القرآن من مستقر الرحمة وبجبروت العظمة وباللوح المحفوظ وبحقيقة الإيمان وقوام البرهان وبنور النور وبمعدن النور والحجاب المستور والبيت المعمور والسبع المثاني والقرآن العظيم وفرائض الأحكام والتكلم بالعبراني والمترجم باليوناني والمناجي بالسرياني وما دار في الخطرات وما لم تحط به الظنون من علمك المخزون وبسرك المصون والتوراة والإنجيل والزبور يا ذا الجلال والإكرام صل علي محمد وآل محمد وخذ بيدي وفرج عني بأنوارك وأقسامك وكلماتك البالغة إنك جواد كريم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلواته وسلامه علي صفوته من بريته محمد وذريته، وتطيب الرقعتين وتجعل رقعة الباري عز وجل في رقعة الإمام عليه السلام وتطرحهما في نهر جاري أو بئر ماء بعد أن تجعلهما في طين [ صفحه 392] حر وتصلي ركعتين وتتوجه إلي الله تعالي بمحمد وآله الطاهرين عليهم السلام وتطرحهما ليلة الجمعة واستشعر فيهما الإجابة لا علي سبيل التجربة ولا يكون إلا عند الشدائد وللأمور الصعبة ولا تكتبها لغير أهلها فإنها لا تنفعه وهي أمانة في عنقك وسوف تسأل عنها وإذا رميتهما فادع بهذا الدعاء اللهم إني أسألك بالقدرة التي لحظت بها البحر العجاج فأزيد وهاج وماج وكان كالليل الداج طوعا لأمرك وخوفا من سطوتك فانفتق أجاجه وأتلق منهاجه وسجت جزائره وقدست جواهره تناديك حياته باختلاف لغاتها إلهنا وسيدنا ما الذي نزل بنا وما الذي حل ببحرنا فقلت لها اسكني سأسكنك وليا وأجاور بك عبدا زكيا فسكن وسبح ووعد بضمائر المنح فلما نزل به ابن متي بما ألم الظنون فلما في فيها سبح في أمعائها فبكت الجبال عليه تلهفا وأشفقت عليه الأرض تأسفا فيونس عليه السلام في حوته كموسي في تابوته لأمرك طائعا ولوجهك ساجدا خاضعا فلما أحببت أن تقيه ألقيته في شاطئ البحر شلوا لا تنظر عيناه ولا تبطش يداه ولا تركض رجلاه وأنبت منة عليه شجرة من يقطين وأجريت له فراتا من معين فلما استغفر وتاب خرقت له إلي الجنة بابا إنك أنت الوهاب وتذكر الأئمة عليهم السلام واحدا انتهي كلام الشيخ الصهرشتي قدس الله روحه. (أقول): وهو يدل علي طريق آخر لهذه القصة بهذه الكيفية إذ لم يذكرها السيد والشيخ الكفعمي قدس سرهما ثم إسناد ذلك منه عن مصباح الشيخ ومختصره والمصباح الموجود المتداول ليس فيه شئ من ذلك ولعل هذا الشيخ عنده نسخة الأصل لكونه في عصر الشيخ ومن تلامذته وفيها ما ليس في غيرها أو كتبها الشيخ حاشية علي كتابه فظن أنها من الأصل ولم تكتب في النسخ وربما [ صفحه 393] تزيد نسخة الأصل علي غيرها وكيف كان فيكفي في هذه الاستغاثة الشريفة ما نقله السيد الجليل ونقله هو أيضا إلي آخر كلام أبي عثمان (ره) من دون هذه الزيادات. وقال الشيخ الكفعمي في المصباح ومن رقاع الاستغاثات في الأمور المخوفات القصة الكشمردية تكتب الحمد وآية العرش ثم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم من العبد الذليل وساق الكلام إلي قوله أو يطغي ثم قال ثم تدعو بما تختار وتكتب هذه القصة في قرطاس ثم تضع في بندقة طين طاهر نظيف ثم تقرأ عليها سورة ياسين ثم ترمي بها في بئر عميقة أو عين ماء عميقة تنج إن شاء الله تعالي انتهي كلامه علا مقامه وظاهره الوقوف علي هذه القضية بطريق آخر غير ما تقدم والكل حسن وكل ناقل منهما ثقة أمين. (أقول): ولم تزل القرامطة في دولتهم ومنكراتهم حتي أباد الله دولتهم وأخمد صولتهم بظهور الأمير عبد الله بن علي البيوني الأحسائي آل إبراهيم من ربيعة جد الأمير علي بن مقرب الشاعر الأديب فبقي يراوحهم ويغاديهم بالحرب مدة سبع سنوات وهو في أربعمائة رجل وربما تزيد قليلا حتي ذهبت أيامهم وعفت أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 393 - 401 رسومهم وأعوامهم ومن جملة ما اتفق في إدبار أمرهم وقطع شرهم أن أبا البهلول العوام بن محمد بن الزجاج الذي أحدث قرية العوامية من بني عبد القيس تغلب علي جزيرة أوال وانتزعها من أيديهم وطرد عاملهم عنها فلما سمعوا الخبر حشدوا الجنود الكثيرة من الأعراب وغيرهم وأتوا بهم إلي القطيف وكانت لهم فجهزوا ثلاثمائة سفينة مملوءة عساكر وعليهم أمير من جهتهم فلما توسطوا البحر بين البحرين والقطيف في الموضع المعروف إلي الآن بكسكوس عصفت بهم ريح عظيمة فاغرقتهم جميعا إلي أن صار ما ذكرناه من قطع أدبارهم وقلع آثارهم وقد أشار إلي ذلك الأديب [ صفحه 394] الشاعر المهذب علي بن مقرب في بعض قصائده بقوله: سل القرامط من شظي جماجمهم++ طرا وغادرهم بعد العلا خدما وما بنوا مسجدا لله نعلمه++ بل كلما وجدوه قائما هدما وحرقوا عبد قيس في منازلها++ وغادروا الغر من ساداتها حمما فسبحان الملك الحق المبين الذي لا يزول ملكه ولا يبقي إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. وهذا أوان ذكر علمائها وما وقفنا عليه من أدبائها وما شذ عنا أكثر لعدم المتصدي لهذا الشأن وعدم اجتماعنا بالمطلعين منهم لهذا العنوان فهو قليل من كثير ونقطة من غدير:

الشيخ علي بن مقرب

فمن أدبائها (ره) البلغاء وأمرائها النبلاء الأمير الأديب الأريب المهذب الشيخ علي بن مقرب الأحسائي ينتهي نسبه إلي عبد الله بن علي بن إبراهيم البيوني الذي أزال دولة القرامطة من ربيعة كما تقدم وكان هذا الشيخ أديبا فاضلا ذكيا أبيا شاعرا مصقعا من شعراء أهل البيت (عليهم السلام) ومادحيهم المتجاهرين ذا النفس الأبية والأخلاق المرضية والشيم الرضية وقد كشف جامع ديوانه وشارحه كثيرا من أحواله بتفصيله وإجماله وهو مطبوع الآن وإن كان الظاهر أنه من المخالفين له في المذهب ولهذا حذف من أشعاره المراثي والمدائح [ صفحه 395] وجرد منها ما هو الأولي والأحري بالذكر والصالح وتحتمل التقية في حقه وقد وقفت له علي مراثي كثيرة علي الحسين (ع) سبط المصطفي منها المربعة في نظم مقتل الحسين (ع) ومنها قصائد من جملتها المشهورة التي أولها: من أي خطب فادح نتألم++ ولأي مرزئة ننوح ونلطم إلي أن يقول في آخرها: قمنا بسنتكم وحطنا دينكم++ بالسيف لا نالوا ولا نتبرم وعلي المنابر صرحت خطباؤنا++ جهرا بكم وأنوف قوم ترغم لا تسلموني يوم لا متأخر++ لي عن جزا عملي ولا متقدم [59] وفي نظمه الحماسة والأمثال الجيدة مع البلاغة المستحسنة وقد أصابته من بني عمه نكبات أوجبت له تجشم الغربات وفي ديباجة شرح ديوانه شرح لما لقيه في زمانه من أراده فهو مبذول. [ صفحه 396]

الشيخ أحمد السبعي

ومنهم رحمهم الله تعالي العالم الكامل النحرير فخر الدين الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الله بن رفاعة السبعي الأحسائي الفاضل الفقيه صاحب شرح قواعد العلامة من العلماء الفضلاء يروي عن شيخنا الشهيد الأول بواسطتين قال في (اللؤلؤة) كان (قدس سره) من أجل تلامذة الشيخ جمال الدين الشيخ أحمد ابن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني وكان تاريخ فراغة من الشرح المذكور سنة ست وثلاثين وثمانمائة وما ذكرناه من تاريخ فراغه من الشرح المذكور من النسخة التي بخطه قد وصلت إلي آخر كتاب الوصية انتهي. (قلت) وقد صرح في ديباجة الشرح المذكور كما عن جماعة بشرح شيخه العلامة ابن المتوج المزبور وهو كتاب الوسيلة علي القواعد وأثني علي شيخه بغاية الثناء ونهاية الاطراء.

الشيخ أحمد بن فهد

(ومنهم قدس سرهم) العالم العامل المحقق الكامل الأسعد الشيخ أحمد ابن فهد بن إدريس الأحسائي، قال الشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الأحسائي الآتي [ صفحه 397] ذكره في (غوالي اللئالي) عن الشيخ النحرير شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس الأحسائي عن شيخه العلامة خاتمة المجتهدين المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر الدين أحمد بن المتوج البحراني انتهي. وقال شيخنا في (اللؤلؤة): (أقول) ومن غريب الاتفاق ما ذكره بعض أصحابنا بعد ذكر هذا الرجل أعني أحمد بن فهد قال واعلم أن ابن فهد هذا وابن فهد الأسدي المشهور متعاصران ولكل منهما شرح علي إرشاد العلامة وقد يتحد بعض مشايخهم أيضا ومن هذه الوجوه كثيرا ما يشتبه الأمر فيهما ولا سيما في شرحيهما علي الإرشاد قال وقد وقع بيدي جلد من شرح الإرشاد للشيخ أحمد الأحسائي المذكور من كتاب النكاح وفي آخره مكتوب نقلا من خط الشارح المذكور ما صورته: (وحيث وفق الله سبحانه لتكميل ما أوردناه وتيسر لنا الذي قصدناه من إيضاح الخطاب وأعطانا من فضل رحمته كمال الأمنية وسهل لنا ما ألفناه في الملة الحنفية فلنحبس خطوب الأقلام ونقبض عنان الكلام حامدين لربنا علي سوابغ النعم مصلين علي سيد العرب والعجم وعلي أهل بيته دعايم الإسلام ما كثر الضياء علي الظلام وصدعت في أفنانها ورق الحمام ونبتهل إلي من لا تأخذه سنة ولا نوم أن يؤتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة تم الكتاب الموسوم بخلاصة التنقيح في مذهب الحق الصريح في أواخر شهر رمضان في اليوم الثالث والعشرين منه من أحد شهور سنة ست وثمانمائة هجرية علي يد مؤلفه العبد الغريق في بحور المعاصي الخائف يوم يؤخذ بالنواصي أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس الأحسائي حامدا لله تعالي ومصليا علي رسوله وآله رب أختم بالخير وأعن) انتهي. [ صفحه 398] (قلت) قد ذكر بعض الأصحاب أيضا أن لهذا الشيخ (ره) كتابا في الدعاء سماه (عدة الداعي) كشريكه وسميه الشيخ أحمد بن فهد الحلي (ره) وقد علمت أيضا أنهما اشتركا في التلمذ علي العلامة الأمجد الشيخ أحمد بن متوج البحراني وشرحي الإرشاد مع اتحاد الاسمين والأبوين فهو من غرايب الاتفاقات والقبر الذي في كربلاء قريبا من الخيم الحسينية المشتهر أنه قبر ابن فهد قبر هذا الشيخ الأحسائي كما ذكره بعض الأصحاب وقيل قبر الشيخ الحلي سميه والله العالم تغمدهما الله برحمته وأفاض علينا وعلي آبائنا وعليهم وإخواننا سوابغ رضاه ومغفرته.

الشيخ محمد بن أبي جمهور

(ومنهم قدس سرهم) الشيخ الفاضل المحقق الكامل المشهور الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي بن أبي جمهور الأحسائي وهو من العلماء المشهورين والفقهاء المتبحرين المذكورين قال في (اللؤلؤة) كان فاضلا مجتهدا متكلما له كتاب (غوالي اللئالي) جمع فيه جملة من الأحاديث إلا أنه خلط فيه الغث والثمين وأكثر فيه من أحاديث العامة ولهذا إن بعض مشائخنا لم يعول عليه وله كتاب شرح زاد المسافرين وكتاب المجلي علي مذاق الصوفية وله شرح الباب الحادي عشر كان عندي فذهب فيما ذهب من كتبي وله رسالة في العمل بأخبارنا ورسالة في مناظرة الملا الهروي ومن مشائخه الشيخ علي بن ملاك الجزايري ذكره في (مجالس المؤمنين) أنه صحبه إلي كرك نوح (ع) من جبل عامل وقرأ عليه [ صفحه 399] واستفاد منه في تلك الصحبة وذكر في الكتاب المذكور قدوم الشيخ بيت السيد محسن وتصنيف كتاب شرح زاد المسافرين لأجله كان في سنة ثمان وسبعين وثمانمائة بالتماس السيد منه وسماه (كشف البراهين في شرح زاد المسافرين) انتهي. (قلت): وقد ذكر هذا الشيخ أكثر من تأخر عنه ووصف علمه وعمله ولا سيما الفاضل المعاصر ثقة الإسلام النوري الطبرسي في كتاب (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل) ووثقه وأثني عليه ثناء جميلا وصحح كتبه ونقل أكثرها في كتابه المذكور لأن صاحب الوسائل لم يعول علي الغوالي المذكور وله أيضا كتاب زيادة علي ما ذكره في اللؤلؤة منها (الغوالي العمادية) بقدر الغوالي وهل هو بالمعجمة أو المهملة الأشهر الأول والمعاصر النوري الطبرسي ضبطه بالثاني والمعني صحيح علي الحرفين وله كتاب شرح ألفية الشهيد الأول مجلد رأيناه وله الإجازة للسيد محسن الرضوي عندنا وعندنا مناظرته مع الهروي حسنة جيدة والظاهر أن له غير ذلك أيضا فهو من العلماء الفضلاء الأتقياء النبلاء وكان والده الشيخ علي وجده الشيخ إبراهيم من العلماء الفضلاء وهو أيضا يروي عن أبيه المذكور قال في كتاب (غوالي اللئالي) في ذكر طرقه إلي مشائخه الطريق الأول عن شيخي وأستاذي ووالدي الحقيقي النسبي المعنوي وهو الشيخ الزاهد العابد العامل الكامل زين الملة والدين أبي الحسن ابن الشيخ الولي الفاضل التقي من بين أنسابه وأقاربه حسام الدين إبراهيم ابن المرحوم حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور (ره) الأحسائي تغمدهم الله برحمته وغفرانه واسكنهم بحبوحة جنانه انتهي. وذكرهما أيضا إجازته للسيد محسن بهذه الألفاظ ولم يذكر لأحد منهم ولا غيرهما مصنفا ولا كتابا لأنه بصدد طرقه إلي مشائخه خاصة. [ صفحه 400]

الشيخ إبراهيم بن نزار

(ومنهم قدس سرهم) شيخ جده الشيخ إبراهيم وهو الشيخ النحرير قاضي قضاة الإسلام ناصر الدين الشهير بابن نزار الأحسائي وذكره أيضا في (غوالي اللئالي) وإجازته للسيد محسن الرضوي بهذه الألفاظ.

الشيخ جمال الدين المطوع

(ومنهم قدس سرهم) الشيخ التقي الزاهد جمال الدين حسن الشهير بالمطوع الجرواني الأحسائي وقد ذكره أيضا في الغوالي والإجازة المذكورة بهذه الألفاظ رحمنا الله وآباءنا ومشائخنا وإياهم والمؤمنين برحمته الواسعة إنه أرحم الراحمين

الشيخ هاشم بن الحسين ابن السيد عبدالرؤف

(ومنهم رحمهم الله تعالي) العالم الفاضل الشيخ العارف بالأصوليين السيد هاشم بن الحسين ابن السيد عبد الرؤف الأحسائي من مشائخ السيد الجليل [ صفحه 401] السيد نعمة الله الجزائري صاحب (الأنوار النعمانية) و (شرح التهذيب) و (زهر الربيع) وغيرها يروي عن جملة من المشائخ العظام كالسيد نور الدين العاملي أخ صاحب المدارك والشيخ جواد الكاظمي شارح (آيات الأحكام) وشرحي (الزبدة) و (خلاصة الحساب) وغيرها، وعن الشيخ الفاضل الشيخ محمد الحرفوشي العاملي شارح الزبدة عن علي بن عثمان بن معمر الدنيا الهمداني الذي كان من أصحاب أمير المؤمنين وسيد المسلمين عليه السلام وللشيخ محمد الحرفوشي مع أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 401 - 407 ملاقاته لعلي بن عثمان وإجازته قصة حسنة قال السيد السند السيد نعمة الله الجزائري (رض) (ولا بأس لو نقلنا كلامه بطوله لزيادة فوائده ومحصوله) قال: ومن المعمرين علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد المغربي أبو الدنيا قال الصدوق (طاب ثراه): حدثنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر الشجري قال حدثنا أبو بكر محمد بن الفتح الزكي وأبو الحسن علي بن الحسن ابن حمكا الملاشكي (ختن أبي بكر) قالا لقينا بمكة رجلا من أهل المغرب فدخلنا عليه مع جماعة من أهل الحديث ممن كان حضر الموسم في تلك السنة وهي سنة تسع وثلاثمائة فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية كأنه شن بال وحوله جماعة من أولاد أولاد أولاده ومشائخ من أهل بلده ذكروا أنه من أقصي بلاد المغرب تعرف باهره العليا وشهدوا هؤلاء المشائخ إنا سمعنا من آبائنا حكوا عن آبائهم وأجدادهم إنا عهدنا هذا الشيخ المعروف بأبي الدنيا معمرا واسمه علي بن عثمان وذكر أنه همداني وأن أصله من صنعاء اليمن فقلنا له أنت رأيت علي بن أبي طالب فمال بيده ففتح عينيه وقد كان وقع حاجباه علي عينيه ففتحهما فقال: رأيته بعيني هاتين وكنت خادما له وكنت معه في واقعة صفين وهذه [ صفحه 402] الشجة من دابة علي (ع) وأرانا أثرها علي حاجبه الأيمن وشهدوا الجماعة الذين كانوا حوله من المشائخ ومن حفدته وأسباطه له بطول العمر وأنهم منذ ولدوا عهدوه علي هذه الحالة وكذا سمعنا من آبائنا وأجدادنا ثم إنا فاتحناه وسائلناه عن قصته وحاله وسبب طول عمره فوجدناه ثابت العقل يفهم ما يقال له ويجيب عنه بلب وعقل وذكر أنه كان له والد قد نظر في كتب الأوايل وقرأها وقد كان وجد فيها ذكر نهر الحيوان وأنها تجري في الظلمات وأن من شرب منها طال عمره فحمله الحرص علي دخول الظلمات فتحمل وتزود حسبما قدر أنه يكتفي في مسيره وأخرجني معه وأخرج معنا خادمين بازلين وعدة أجمال لبون عليها روايانا وزادا وأنا يومئذ ابن ثلاثة عشر سنة فسار بنا إلي أن وافينا طرف الظلمات ثم دخلنا الظلمات فسرنا فيها نحو ستة أيام بلياليها وكنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار يكون أضوء قليلا وأقل ظلمة من الليل فنزلنا بين جبال وأودية وذكوات وقد كان والدي وجد في الكتب التي قرأها أن مجري نهر الحيوان في ذلك الموضع فأقمنا في تلك البقعة أياما حتي فني الماء الذي كان معنا وأسقينا جمالنا ولولا أن جمالنا كانت لبونا لهلكنا وتلفنا عطشا وقد كان والدي يطوف في تلك البقعة في طلب النهر ويأمرنا بأن نوقد نارا ليهتدي إليها إذا أراد الرجوع إلينا فمكثنا في تلك البقعة نحو من خمسة أيام ووالدي يطلب النهر فلا يجده وبعد الأياس عزم علي الانصراف حذرا من التلف لفناء الزاد والماء، والخدم الذين كانوا معنا ضجروا وخشوا علي أنفسهم فألحوا علي والدي بالخروج من الظلمات فقمت يوما من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل قدر رمية سهم فعثرت بنهر ماء أبيض اللون عذبا لذيذا لا بالصغير من الأنهار ولا بالكبير يجري جريا لينا فدنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أو [ صفحه 403] ثلاثا فوجدته عذبا باردا لذيذا فبادرت مسرعا إلي الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء فحملوا ما كان معنا من القرب والأداوات لنملأها ولم أعلم أن والدي في طلب ذلك النهر وكان سروري بوجود الماء لما كنا عدمنا الماء وفني ما كان معنا وكان والدي في ذلك الوقت مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية علي أن نجد النهر ولم نهتدي إليه حتي أن الخدم كذبوني وقالوا لي لم نصدق فلما انصرفنا إلي الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي يا بني الذي أخرجني إلي ذلك المكان وتحمل الخطر كان لذلك النهر ولم أذق منه ولم أرزق منه ورزقته أنت وسوف يطول عمرك حتي تمل الحياة ورحلنا منصرفين وعدنا إلي أوطاننا وبلدنا وكان قد عاش والدي بعد ذلك سنيات ثم توفي (ره) فلما قرب سني من ثلاثين سنة وكان اتصل بنا خبر وفاة النبي - صلي الله عليه وآله - ووفاة الخليفتين من بعده خرجت حاجا فلحقت آخر أيام عثمان، فمال قلبي من بين جماعة أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وآله - إلي علي بن أبي طالب (ع) فأقمت معه أخدمه وشهدت معه وقائعه وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته فما زلت مقيما معه إلي أن مضي لسبيله فالح علي أولاده وحرمه أن أقيم عندهم فلم أقم وانصرفت إلي بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي وإلي هذه الغاية ما خرجت في سفر إلا أن الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلي حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت وكنت أتمني وأشتهي أن أحج حجة أخري فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي وذكر أنه سقطت أسنانه مرتين أو ثلاثة فسألناه أن يحدثنا بما سمعه من أمير المؤمنين عليه السلام فذكر أنه لم يكن له حرص ولا همة في العلم في وقت صحبته لعلي بن أبي طالب (ع) [ صفحه 404] والصحابة أيضا كانوا متوفرين فمن فرط ميلي إلي علي بن أبي طالب (ع) ومحبتي له لم اشتغل بشئ سوي خدمته وصحبته والذي كنت أتذكره فما كنت قد سمعته منه فقد سمعه مني عالم من الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز قد انقرضوا وتفانوا وهؤلاء أهل بلدي وحفدتي قد دونوه فاخرجوا إلينا النسخة وأخذ يملي علينا من حفظه. حدثنا أبو الحسن علي بن عثمان أبي الدنيا قال حدثني علي بن أبي طالب قال قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) من قرأ (قل هو الله أحد) مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثا فكأنما قرأ القرآن كله وهذا الرجل ساكن في المغرب في طنجة. وحدث أبو الدنيا قال حضرت مع علي (ع) الجمل وصفين وكنت بين الصفين يومئذ واقفا عن يمينه إذ سقط سوطه (ع) من يده فأكببت عليه لآخذه وأدفعه إليه وكان لجم دابته حديدا مدمجا فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدري فدعاني أمير المؤمنين (ع) إليه فتفل فيها وأخذ بيده حفنة من تراب فتركه عليها فوالله ما وجدت لها ألما ولا وجعا أبدا قال ثم أقمت معه حتي قتل صلوات الله وسلامه عليه ثم صحبت بعده ابنه أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام حين ضرب علي فخذه بساباط المدائن ثم بقيت معه في المدينة المنورة أخدمه حتي مات الإمام الحسن عليه السلام مسموما ثم خرجت مع الحسين بن علي عليه السلام بعد وفاة أخيه حتي حضرت معه كربلاء فقتل عليه السلام فخرجت هاربا ببدني وأنا مقيم في المغرب أنتظر خروج القائم المهدي عجل الله فرجه وسهل مخرجه وخروج عيسي بن مريم عليه السلام. قال أبو محمد العلوي رضي الله عنه ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ [ صفحه 405] علي بن عثمان وهو يحدث فنظرت إلي لحيته وعنفقته فقال ما ترون هذا يصيبني إذا أنا جعت فإذا شبعت رجعت إلي سوادها فدعا بالطعام فأكل أكل شاب فاسودت عنفقته شيئا فشيئا حتي رجعت إلي سوادها. قال مؤلف الكتاب (رض) حدثني أوثق مشائخي السيد هاشم الأحسائي (رض) في شيراز في مدرسة الأمير محمد عن شيخه العادل الثقة الورع الشيخ محمد الحرفوشي أعلي الله مقامه في دار المقامة أنه دخل يوما مسجدا من مساجد الشام وكان مسجدا عتيقا مهجورا فرأي رجلا حسن الهيئة في ذلك المسجد فأخذ الشيخ في المطالعة في كتب الحديث ثم إن ذلك الرجل سأل الشيخ عن أحواله وعن من نقل الحديث عنهم فأخبره الشيخ عن مشائخه قال إن الشيخ سأله عن أحواله وعن مشائخه قال ذلك الرجل: أنا معمر أبو الدنيا وأخذت العلم عن علي بن أبي طالب عليه السلام وعن الأئمة الطاهرين عليهم السلام وأخذت فنون العلوم عن أربابها وسمعت الكتب من مصنفيها فاستجازه الشيخ في كتب الأحاديث الأصول وغيرها وفي كتب العربية والأصول فأجازه وقرأ عليه الشيخ بعض الأخبار في ذلك المسجد توثيقا للإجازة فمن ثم كان شيخنا الثقة قدس سره يقول له يا بني إن سندي إلي المحمدين الثلاثة وغيرهم من أهل الكتب قصير فإني أروي عن الفاضل الحرفوشي عن معمر أبي الدنيا عن الإمام أمير المؤمنين علي (ع) وكذا إلي الصادق وإلي كاظم (ع) إلي آخر الأئمة (ع) وكذا روايتي لكتب الأصول مثل الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه وأجزتك أن تروي عني بهذه الإجازة فنحن نروي الكتب الأربعة عن مصنفيها بهذا الطريق. [ صفحه 406]

الشيخ أحمد بن زين الدين

ومنهم قدس سرهم العالم العلامة الفاضل الفهامة الوحيد في علم التوحيد وأصول الدين الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المطيرفي [60] وهو صاحب جوامع الكلم مجلدان كبيران مشتملان علي جملة من الرسائل وكثير من التحقيقات الرشيقة وأجوبة المسائل وله شرح الزيارة الجامعة الكبري وله شرح العرشية والمشاعر للملا صدر الدين الشيرازي (ره) تعرض فيما عليه وعلي تلميذه الملا محسن الكاشاني (ره) وله جملة من المصنفات الأنيقة والتحقيقات الرشيقة وحاله أشهر من أن يذكر وأظهر من أن يشهر وقد ذكر أحواله بالبسط والبيان السيد المعاصر السيد محمد باقر الأصفهاني في كتابه (روضات الجنات) من أراده يقف عليه وغيره في غيره توفي (قده) مهاجرا لزيارة رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأئمة البقيع عليهم السلام سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف من الهجرة وله الإجازة من جملة من المشائخ العظام وأساطين الإسلام منهم السيد السند بحر العلوم ومجدد آثار الإيمان والرسوم السيد محمد مهدي الطباطبائي والسيد الأجل السري السيد مير علي الطباطبائي صاحب (الرياض) والشيخ الأفخر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وابنه الأجل الأنور الشيخ موسي والعلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور وأخيه الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد آل عصفور والسيد الأجل الأمجد [ صفحه 407] السيد محمد الشهرستاني والفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن العالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني وغيرهم قدس الله أرواحهم ونور أشباحهم وقد وقفت علي أكثر إجازاتهم له وفيها تفخيم له عظيم ومدح جسيم [61] ويروي عنه جماعة من فحول العلماء منهم المحقق الفاخر الشيخ محمد حسن (صاحب الجواهر) والسيد كاظم أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 407 - 415 الرشتي والمحقق الحاج إبراهيم الكرباسي صاحب الإشارات وغيرهم [62] قدس الله أرواحهم.

ابنه الشيخ علي نقي

(ومنهم قدس سرهم) ابنه الشيخ الفاضل العلي الشيخ علي نقي ابن الشيخ أحمد بن زيد الدين الأحسائي (المتقدم ذكره) كان فاضلا محققا مدققا إلا أنه لم تطل أيامه بعد أبيه له كتب منها شرح رسالة الإمام الهادي (ع). [ صفحه 408] أيضا له تحقيقات في دفع اعتراضات وإيرادات علي والده وله كتاب المحجة في الإمامة مجلد كبير، هذا الذي رأيته والظاهر أن له غيره والله أعلم ولا أدري بتاريخ وفاته ولا بموضع قبره (قدس سره) وأما الكلام فيه وفي أبيه والسيد كاظم والجماعة المعروفين بالشيخية وهم المنسوبون للشيخ أحمد بن زين الدين واعتقادهم صحة وفسادا فلست أحكم في شئ من ذلك إلا صحة الانتماء لمذهب الأئمة الأمناء (عليهم السلام) والإقرار بمحبتهم ومودتهم والتمسك بولايتهم والالتزام بأحكامهم وحلالهم وحرامهم وهو أصل أصيل متين: وأما ما ينافي ذلك فالفقير عاجز عن فهم كلامهم علي اليقين بحيث أفهم منه ما يهدم ذلك الأصل المتين وأدين بذلك رب العالمين فحيث كنت عاجزا عن فهم ذلك ولم يتضح لي غير ما هنالك فالأصل باق علي حاله من الموالاة لأولياء الله والمعادات لأعداء الله حيث عجزت ولم أصل إلي ما ينافيه ولم يهدم ظاهره وخافيه وأما التقليد في المقام [63] مع [ صفحه 409] ثبوت الأصل وعدم ثبوت القاطع له وظهور المرام كما يصنعه كثير من العوام فهو غير تام نعم من ظهر له الفساد بتتبع واجتهاد من الأدلة التي نصبها لعبادة رب العباد من غير عصبيته أو تقدم شبهة وعناد فيترتب عليه الآثار من الفساد وهذا كلام من لزم جادة الإنصاف وتجنب العصبية والاعتساف والمؤمن يجب عليه الاشتغال بعيوب نفسه فيصلحها وبذنوبه فيتوب ويتنصل منها (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وقد تكلمنا عند الكلام علي الملا محسن الكاشاني في باب علماء القطيف بكلام له دخل بهذا المقام فيه شفاء من الأسقام وبالجملة فاليقين لا ينقض بالشك وإنما ينقض بيقين مثله كما هو القاعدة المسلمة بالأدلة الصحيحة المحكمة والله ولي التوفيق وإليه تصير الأمور نسأله تعالي حسن الختام والفوز بدار السلام والحلول في دار المقام بحق محمد وآله الطاهرين الكرام عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.

الشيخ عبدالمحسن اللويمي

(ومنهم قدس سرهم) الفاضل المحقق الكامل الشيخ عبد المحسن بن [ صفحه 410] محمد بن مبارك اللويمي الأحسائي [64] من العلماء الأعلام ذوي النقض والإبرام له جملة من المصنفات ذكرها في إجازته لولده وللشيخ سليمان آل عبد الجبار والشيخ علي ابن الشيخ مبارك آل حميدان الخطي الجارودي وسيأتي تفصيلها وله الرواية عن جملة المشايخ الكرام أركان الإسلام منهم العلامة الفهامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور والفاضل الشيخ أحمد ابن العلامة الشيخ حسن الدمستاني البحراني وعن جملة من مشايخ العراق والعجم منهم بعض من قدمناه ذكره ومنهم العلامة الولي بحر العلوم الطباطبائي القدوسي (قده) ومنهم السيد الفاضل السيد مهدي الشهرستاني الحائري وغيرهم ذكر في إجازته المذكورة جملة من مشائخه الذين أجازوه عربا وعجما وهم كثيرون ذكرنا بعضهم فيما تقدم وله مصنفات ذكرها في إجازته وسنذكرها علي ترتيبه قال رحمه الله تعالي: ومما صنفت شرح العوامل الجرجانية وشرح الرسالة الآجرومية وكفاية الطلاب المودعة بدائع علم الإعراب نظما وشرحا ورسالة وفي التجويد والتحفة في تعزية أهل العصمة والرسائل الثلاث في الصلاة الصغيرة والوسطي والكبيرة ووفاة النبي يحيي (ع) ووفاة الكاظم (ع) ووفاة الحسن بن علي (ع) وجامع الأصول عن أهل الوصول والنهج القويم والصراط المستقيم أسأل الله تعالي التوفيق لإتمامه فقد برز منه في الأصولين مجلد ومجلد في الصلاة ورسالتان في معرفة أحوال الرجال الذين لم يعرف لهم حال [ صفحه 411] (انتهي كلامه علا مقامه). (قلت): وله الإجازة الكبيرة التي ذكرناها وختمها بأربعين حديثا بدأ فيها بالأصول الخمسة أولا ثم الطهارة ثم الصلاة ثم الزكاة وهكذا علي ترتيب الفقهاء وشرحها شرحا جيدا منقحا ولم أقف له علي غيرها والتحفة المذكورة وهي التحفة الحسينية المشهورة موجودة وهو في طرفنا كتاب حسن جيد. وأما ابنه المذكور في إجازته فلم أطلع علي شئ من أحواله بل حتي أبوه المذكور إلا ما استفدته من إجازته المذكورة وهو قد سكن في قرية (دسترجن) من بلاد إيران ومر به المشائخ المذكورون زوارا لضامن الجنان عليه وآبائه الطاهرين وأبنائه المعصومين صلوات الملك الرحمن وهو قاطن فيها فاستجازوه وأجازهم وقد شرك ابنه المذكور معهم وهم ثلاثة أو أربعة كلهم من علماء أهل القطيف شكر الله مساعيهم الجميلة وأفاض علينا وعليهم رحماته الجزيلة وخيراته الكثيرة الجليلة بحق محمد المصطفي الأمين وآله الطاهرين الميامين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

الشيخ أحمد الأحسائي

(ومنهم قدس سرهم) العالم الفاضل الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محسن الأحسائي قال في وصفه سبطه الشيخ موسي: العالم العابد جامع شتات المفاخر والمحامد من ضم إلي الإحاطة بالعلوم الشرعية زهدا وافيا وورعا شافيا ذو الأخلاق الكريمة والسجايا القويمة الإمام المقدس العلامة الشيخ أحمد ابن الشيخ محسن [ صفحه 412] الأحسائي انتهي. وقفت له علي رسالة حسنة في الجهر والإخفات بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب ورسالة في حجية ظواهر الكتاب الكريم وحواشي علي تهذيب الأحكام وبعض الفوائد والنوادر ومن جملة تلك الفوائد بخط سبطه الشيخ موسي فائدة تحريم الدم مما علم بالضرورة من الدين ولكن حيث قد شربه الحجام متبركا بدم النبي (صلي الله عليه وآله) ولم يكن عالما بالتحريم علي هذا الوجه لم يخطئه النبي (صلي الله عليه وآله) بل جعل ذلك سببا لنجاته من النار ففيه دلالة علي ما أشرنا إليه في بعض كتبنا أن الجاهل معذور وإنما تكون المعصية معصية إذا قصد المخالفة ثم قال: تلك الدماء أراقتها أمية بعد++ العلم فاستوجبوا التخليد في النار سيعرضون بيوم لا حلاق لهم++ فيه وحاكمه الهادي علي الباري انتهي كلامه (ره) ومن فوائده قال: فائدة في (ثواب الأعمال) عن مولانا الباقر (ع) قال: إن عابدا عبد الله تعالي ثمانين سنة ثم أشرف علي امرأة فوقعت في نفسه فراودها عن نفسها فتابعته فلما قضي منها حاسبته طرقه ملك الموت فاعتقل لسانه فمر سائل فأشار إليه أن يأخذ رغيفا كان في كسائه فأحبط الله عمل ثمانين سنة بتلك الزنية وغفر له بذلك الرغيف فانظر يا أخي شدة عقاب الزنا وعظم ثواب الصدقة ثم قال (ره) شعرا: فإياك إياك الزناء فإنه++ سواد لوجه العبد دنيا وآخره ومقت من الباري فيا بعد ماقت++ من الله لا يلقي من الأرض ناصره وكن باذلا ما استطعت في الله موقنا++ بحسن الجزا فاجهد ولا تخش فاقرة فكم من فتي قد جاءه الموت عاجلا++ وأعطي فأحياه الإله وآثره [ صفحه 413] توفي (قدس سره) سنة 1247 هج. سبع وأربعين ومأتين وألف هجرية خرجوا من الأحساء وسكنوا الدورق وفيها ذريته وأبوه الشيخ محمد وجده الشيخ محسن وجد أبيه الشيخ علي، بنقل سبطه الشيخ موسي كلهم علماء فضلاء وكذلك الفاضل الشيخ حسن وابنه الشيخ موسي من علماء ووقفت علي بعض الكتابة العلمية للشيخ حسن تدل علي فضله وعلمه وأما الشيخ موسي فلم أقف له علي شئ سوي بعض الافتخار بالأشعار البليغة في الافتخار قال: فلست تري منا سوي كل سيد++ بصير بطرق المجد جم المحامد يصد عن الدنيا إذا عن سؤدد++ ولو برزت في زي عذراء ناهد وكل أبي لو تجرد عزمه++ لزالت بأدناه رواسي القواعد له في بيوت المجد صرح مشيد++ يحج إليه وافد بعد وافد يقول له المجد الأثيل لأنت في++ فنون المعالي واحد أي واحد لوجهك في الاحسان بسط وبهجة++ أنالهماه تقو أكرم والد وهي كثيرة وله في المناجاة والتوسل بالنبي (صلي الله عليه وآله) وآله (ع) الهداة عليهم من الله أفضل التسليم والصلوات قوله: إذا لاقيت ربي يوم حشري++ وناقشني بما قد كنت جاني ولم يك من فعالي لي شفيعا++ وصار علي ما اكتسب اليدان أخذت بحجزة الهادي شفيعا++ وحجزة آله وهم أماني وقلت لسيدي الجبار: ها قد++ علقت بهؤلاء كما تراني فما لي غير فضلك من شفيع++ وكنت لهؤلاء ثاني العنان محبا تابعا عبدا بريئا++ بذا انطبق اللسان علي الجنان [ صفحه 414] فإن تصفح لأجلهم فأهل++ وإن عذبت أني أي جاني

الشيخ محمد حسين آل أبو خمسين

(ومنهم) العالم العامل العابد الكامل الأمين الشيخ محمد حسين ابن الشيخ آل أبو خمسين الأحسائي كان من العلماء الأبرار والفضلاء الأخيار من المعاصرين ولم أره، له شرح علي إرشاد العلامة مبسوط وله شرح علي تبصرة العلامة ولا أدري هل أتمها أم لا؟ لم أرهما بل سماعا من مطلعين وله الرسالة العلمية الكبري سماها منار العارفين: وله الرسالة الصغري سماها (مصباح العابدين) بلغ من العمر ما يقرب من تسعين سنة وتوفي (قدس سره) سنة 1316 هج ستة عشر وثلاثمائة وألف هج.

السيد هاشم الأحسائي

(ومنهم) السيد السند والركن المعتمد ذي الماثر والمكارم السيد هاشم ابن السيد أحمد الأحسائي من المعاصرين ولم أجتمع به كان (رحمه الله تعالي) من العلماء الربانيين والفضلاء المبرزين والكرماء الأجودين له السجايا الحميدة والمزايا الحسنة السديدة والكمالات العديدة فهو ورقة من تلك الشجرة الطيبة الأحمدية ونبقة من الدوحة الزكية العلوية والزيتونة الفاطمية، قد جمع بين العلم [ صفحه 415] والعمل والكرم والتقوي الذين ليس فيه خلل رأيت له في النجف الأشرف عند بعض تلامذته كتابا جليلا في أصول الفقه وفروعه من الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج والجهاد حسن جيد جزل العبارة جيد الإشارة مجلد ضخم وله رسالة عملية كبري في الطهارة والصلاة وله رسالة صغري كذلك وله بعض الأجوبة في التوحيد والظاهر أن له غير ذلك ولم أقف عليه توفي (قدس سره) أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - ص 415 - 420 سنة 1339 هج. تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف هج. وله ولد فاضل عالم كامل فاخر اسمه السيد ناصر ذو ذهن وقاد وفضل في ازدياد في النجف الأشرف يشتغل بتحصيل العلوم وإحياء الرسوم رأيته في سفر زيارتي وتشرفي بسادتي أدام الله بقاه ووفقنا وإياه والمؤمنين لرضاه وتقواه آمين.

الشيخ محمد آل عيثان الأحسائي

(ومنهم) العالم العامل الفاضل الأواه الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله آل عيثان الأحسائي كان (سلمه الله تعالي) عالما فاضلا مجتهدا كاملا اشتغل مدة مديدة تقرب من ثلاثين سنة أو تزيد في النجف الأشرف وأجازه جملة من علمائها وبعض من أهل كربلاء ثم رجع إلي الأحساء بعد وفاة والده من المعاصرين له من المصنفات رسالة في معاني الحروف وله شرح رضاعية السيد مهدي القزويني وله الرسالة العملية في الطهارة والصلاة وله أجوبة مسائل ولا أدري هل له غير هذا أم لا وكان أيده الله تعالي من بيت علم وكثير من آبائه علماء فضلاء. [ صفحه 416] يقول الأحقر حسين ابن المؤلف قدس سره: (توفي قدس سره) ونور قبره سنة 1331 هج. وقد أرخ عام وفاته أخوه الكامل المؤتمن الشيخ حسن بقوله: علامة العلماء ألبس رزؤه++ كل الأنام من الأسي جلبابا لهفي علي قمر تكور نوره++ في الأرض واتخذ التراب حجابا وغدت تنوح لفقده أم العلا++ مذ أرخوه (فيالبدر غابا)

الشيخ عبدالله بن رمضان

(ومنهم) الفاضل الأديب الماهر الشيخ عبد الله بن رمضان الأحسائي كان رحمه الله تعالي من العلماء العابدين والأدباء الكاملين له القصيدة الكبيرة النونية المسماة بخير الوصية المشتملة علي ذكر أكثر الواجبات والمندوبات والمحرمات عملها وصية لابنه الشيخ علي وإخوانه وقد أجاد في أولها: هي الدار دار العنا والمحن++ ودار الفناء ودار الفتن وهي طويلة جيدة.

ابنه الشيخ علي الأحسائي

ومن أدبائها وعلمائها ابنه الشيخ علي من العلماء العاملين والعباد [ صفحه 417] المعروفين وله يد قوية في الشعر قتل شهيدا في الأحساء في ملك الوهابية ظلما وعدوانا كما قتلت ساداته خير الخلق فضلا وشأنا.

الملا علي بن رمضان الأحسائي

(ومن أهل هذا البيت) الأديب الشاعر الملا علي بن رمضان القاري المعاصر له شعر كثير في المدائح والمراثي وسمعت بعضه ونقل أن له روضة علي الحسين (عليه السلام) يعني قصائد في الرثاء علي جميع حروف الهجاء وله في رثاء النبي صلي الله عليه وآله ورثاء الزهرا والأئمة جميعا مراثي كثيرة مكررة توفي رحمه الله تعالي سنة 1323 هج ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف [65] هجرية. [ صفحه 418]

الشيخ عبدالله الأحسائي

(ومن أدبائها الكاملين وقرائها الخيرين) الشيخ عبد الله بن علي الأحسائي (رحمه الله تعالي) كان من الأخيار الأتقياء الأبرار ومن شعراء أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) له ديوان شعر في مجلدين أو أكثر وله القصيدة الهائية الكبيرة التي جاري بها المرحوم الأديب الشيخ كاظم الأزري في قصيدته المشهورة بالألفية وهي: لمن الشمس في قباب قباها++ شف جسم الدجا بروج ضياها تبلغ ثلاثة آلاف أو تزيد ذكر فيها جملة من الفضائل وجملة من المغازي جيدة وأكثر أشعاره في مراثي الحسين (ع) وأنصاره عليهم السلام من المعاصرين توفي (ره) في سيهات قرية من قري القطيف وصلي عليه شيخنا العلامة أفاض الله علينا وعليهما شآبيب اللطف والكرامة.

الشيخ محمد الأحسائي

(ومنهم) الفاضل الأسعد الشيخ محمد ابن الشيخ حسين بن خليفة الأحسائي (ره) من فضلائها الأخيار اشتغل مدة مديدة في النجف الأشرف ورجع إلي الأحساء ولها شرف: سمعت أن عنده إجازات من بعض علماء النجف [ صفحه 419] ولم أسمع له بشئ من المصنفات وفقنا الله وإياه وإخواننا المؤمنين لخير الدنيا والدين.

الشيخ موسي أبو خمسين

(ومن علمائها المعاصرين) الشاب الأسعد العالم الكامل المؤيد الشيخ موسي ابن الحاج عبد الله أبو خمسين.

الشيخ طاهر أبو خمسين

وابن عمه العالم الفاخر الشيخ طاهر ابن الشيخ محمد أبو خمسين (المتقدم ذكره).

الشيخ عبدالحميد أحسائي

المهذب الأديب السعيد الشيخ عبد الحميد وكان ذا ذهن وقاد وفضل في ازدياد إلا أن الدهر ذو غير أصابه في عقله وكدر.

الشيخ عمران

(ومنهم) ذو الإيمان الشيخ عمران وغيرهم لم أعرف أكثرهم كثر الله أمثالهم وأصلح بالنا وبالهم وأحسن أحوالنا وأحوالهم إنه كريم رحيم تواب حليم والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي خير خلقه محمد وآله الطاهرين كل آن وحين. انتهي الكتاب بعون الملك الوهاب [ صفحه 420]

كلمة الختام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية سيدنا وإمامنا علي أمير المؤمنين وبأولاده المعصومين - عليهم سلام رب العالمين. وله الشكر علي توفيقه إياي لإنجاز تصحيح هذا السفر الجليل: (أنوار البدرين) هذا الكتاب الذي ضم بين دفتيه جملة وافرة من تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين. - تغمدهم الله برحمته واسكنهم فسيح جنته. وقبل أن أختم الكتاب هذا بكلمتي القصيرة - هذه - أود أن أعرب عن شعوري تجاه العلامة الشيخ حسين القديحي - نجل المؤلف (ره) وأشكره علي قيامه بهذا العمل الصالح - طبع هذا الكتاب وإحياء ذكر العلماء السالفين (رحمهم الله) به - أسأله تعالي أن يجزيه عن عمله هذا خير جزاء المحسنين. كما أسأله تعالي أن يوفقني وإياه لخدمة الدين الإسلامي والأمة المحمدية وأن يشملني وإياه سعة رحمته ويجعلنا عنوان قوله تعالي: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين ". المصحح أقل الطلبة محمد علي محمد رضا الطبسي النجف الأشرف في يوم الخميس 28 / 4 / 1380

پاورقي

[1] هذه الخزانة تضم كتبا خطية في مختلف المواضيع وهي من حسنات موجدها ولكنها قد ذهبت كأن لم تكن لعدم مداراتها وكم لأهلها من خزائن عبثت بها أيدي الاهمال.
[2] هو البحاثة الكبير المتوفي سنة 1350 ووالد الحجتين الإمامين المرحوم الشيخ أحمد صاحب سفينة النجاة المتوفي سنة 1347 والمولي المؤيد آية الله الشيخ محمد الحسين مرجع الشيعة الحالي وصاحب التصانيف الفائقة والمؤلفات المتعددة المطبوعة والخطية متع الله المؤمنين بطول بقائه آمين المولود سنة 1294.
[3] هو الحجة الكبير والبحاثة المتتبع الشيخ محمد محسن آغا بزرك الطهراني النجفي صاحب التصانيف المتعددة والمؤلفات الواسعة موسوعته الذريعة إلي تصانيف الشيعة تعد أكبر خدمة قام بها تجاه أبناء ملته فجزاه الله خير الجزاء وأفضل الجزاء ولد سنة 1293.
[4] هو العلامة المحقق الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي مؤلف كتاب الغدير الذي خدم به مذهبه أكبر خدمة وهذا الشيخ في الحقيقة نادرة من نوادر هذا الزمن لما يخرج من تحت قلمه الشريف في عالم التصنيف والتأليف أطال الله بقاه ووفقه لمثل هذه الخدمات الجليلة ولد سنة 1322.
[5] هو المولي الحجة المؤرخ الكبير ذو الباع الطويل السيد محسن الأمين الحسيني العاملي المشهور بالتقوي والورع والزهد والعبادة والتصانيف الفائقة والمؤلفات الرائقة التي منها مجالس السنية في خمسة أجزاء ومعادن الجواهر جزئين ولواعج الأشجان جزء واحد وأجلها وأرقاها كتاب أعيان الشيعة فهو موسوعة أدبية تاريخية خدم به العلم والعلماء بل وأبناء المذهب الجعفري توفي (قده) 3 - 7 - 1371 هج قبل إكمال مؤلفه الجليل أعيان الشيعة وقد بلغ السابع والثلاثون من الأجزاء تغمده الله برحمته.
[6] وممن أخذ عنه في مؤلفاته صاحب الفضيلة الشيخ فرج بن حسن آل عمران الخطي المتولد 21 ج 1 سنة 1321 هج.
[7] قال ابن الأثير في الكامل إن رسول الله صلي الله عليه وآله أرسل ابن الحضرمي إلي المنذر بن ساوي يدعوه ومن معه بالبحرين إلي الإسلام وكانت ولاية البحرين للفرس فأسلم المنذر ومن معه وأسلم جميع العرب الذي بالبحرين، وأما أهل البلاد من اليهود والنصاري والمجوس فإنهم صالحوا العلاء والمنذر علي الجزية عن كل حالم دينارولم يكن بالبحرين قتال.
[8] هي قوله تعالي في سورة الشوري آية 23: (.. قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور).
[9] هي قوله جل شأنه في سوره الأحزاب آية 34: (.. إنما يريد الله ليذهب الرجس عنكم أهل البيت ويطهركم تطهير). [
[10] هي قوله عز وجل في سورة المائدة آية 55: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
[11] هي قوله جلت عظمته في سوره آل عمران آية 119: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
[12] هي قوله عز من قائل في سورة البقرة آية 124: (وإذا ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال: إني جاعلك للناس إماما، قال: ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين).
[13] هي قوله تعالي وتقدس في سورة آل عمران آية 16: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين).(المصحح).
[14] جواثا بفتح الجيم والواو ثم ألف ثم ثاء مثلثة علي وزن صحاري.
[15] المشهور في كتب الأدب والمعاجم أن هذه الأبيات من نظم شاعر آل البيت السيد إسماعيل بن محمد المعروف بالسيد الحميري، وكان قد نظمها علي لسان أمير المؤمنين (ع) مضمنا فيها الرواية المشهورة.(المصحح).
[16] شرح (ره) كتاب (نهج البلاغة) شروحا ثلاثة وهي: (الصغير) و (المتوسط) و (الكبير) وهو شرح لا يمكن توصيفه ولا تعريفه، حيث لم ير في الإمامية مثله (قدس الله رمسه). (المصحح).
[17] بياض في الأصل. " المصحح ".
[18] في الأصل مارماهتا وفي نسخة المؤلف مارماهيار. " المصحح ".
[19] أجاب (ره) بهذه القطعة الفضلاء من أهل الحلة، لأنه كان قد كتب إليه بعضهم كتابا يحتوي علي قدحه وملامته لانزوائه عن الناس وتركه إياهم فقال في كتابه: (العجب منك مع شدة مهارتك في جميع العلوم والمعارف وحذاقتك في تحقيق الحقائق وإبداع اللطائف قاطن في ظلول الاعتزال ومخيم في زاوية الخمول الموجب لخمود نار الكمال...) فكتب في جوابهم هذا البيت: طلبت فنون العلم أبغي بها العلي++ فقصر بي عما سموت به القل تبين لي أن المحاسن كلها++ فروع وأن المال فيها هو الأصل فلما وصل إليهم الكتاب، كتبوا إليه: (إنك أخطأت في ذلك خطأ ظاهرا وحكمك بأصالة الماء عجب)، فكتب في جوابهم هذه الأسطر وهي لبعض الشعراء: قد قال قوم بغير علم++ ما المرء إلا بأكبريه فقلت قول امرء حكيم++ ما المرء إلا بدرهميه من لم يكن درهم لديه++ لم تلتفت عرسه إليه ثم إنه (ره) لما رأي أن المراسلات لا تنفع عزم العراق لزيارة الأئمة (ع) وفي أحد الأيام لبس أخشن ثيابه وأرثها ودخل بعض المدارس المشحونة بالعلماء فسلم عليهم فرد عليه بعض ولم يجبه آخرون، فجلس في صف النعال ولم يلتفت إليه أحد، فدار بين العلماء البحث عن مسألة عويصة ومشكلة كانت من مزال الأقدام فأجاب عنها بتسعة أجوبة دقيقة جميلة. فتوجه إليه بعضهم مستهزء وقال له: (يا خليلك أخالك طالب علم...) ثم بعد ذلك أحضروا الطعام ولم يطعموه بل أفردوا له بشئ قليل من الطعام في صحن واجتمعوا هم علي المائدة، فلما انقضي المجلس قام وعاد في اليوم التالي إليهم وقد لبس ملابس فاخرة بهية لها أكمام واسعة وعلي رأسه عمامة كبيرة فلما قرب منهم سلم عليهم، فقاموا تعظيما له واستقبلوه تكريما به واجتهدوا في توقيره وأجلسوه في صدر المجلس المشحون بالعلماء والأفاضل والمحققين ولما شرعوا في البحث تكلم معهم بكلمات عليلة لا وجه لها فقابلوا كلماته العليلة بالتحسين وأذعنوا له علي وجه التعظيم، ثم حضرت المائدة فبادروا إليه بأنواع الطعام باحترام وأدب، فألقي الشيخ (قدس الله روحه) كمه في ذلك الطعام وقال: (كل يا كمي، كل يا كمي)، تعجب واستغرب الحاضرون من فعله هذا ثم استفسروه عن معني ذلك الخطاب، فقال (ره): (إنكم أتيتموني بهذه الأطعمة النفيسة لأجل أكمامي الواسعة لا لنفسي القدسية اللامعة وإلا فأنا صاحبكم بالأمس لم أر منكم تكريما ولا تعظيما مع أني جئتكم بهيئة الفقراء وسجية العلماء واليوم جئتكم بلباس الجبارين وتكلمت بكلام الجاهلين فقد رجحتم الجهالة علي العلم والغني علي الفقر وأنا صاحب الأبيات التي في أصالة المال وفرعية الكمال التي أرسلتها وعرضتها عليكم فقابلتموها بالتخطئة وزعمتم انعكاس القضية). فاعترفت الجماعة بالخطأ في تخطأتها إليه واعتذرت بما صدر عنها من التقصير في شأنه. انتهي ما نقلته عن كتاب (ذرايع البيان - ق 1 ج 2 ص 112) لمؤلفه آية الله الوالد دام ظله. (المصحح).
[20] الصحيح " قبله نما ". (المصحح).
[21] أخبرني جملة من الثقات أنه (ره) في قرية سلماباد في محلة منها يقال لها صيمر فلعل هذا الشيخ (قده) منها إلا أن علماءنا المتصدين لذكر العلماء يذكرون أنه في صيمر البصرة ثم انتقل للبحرين فلعله أخفي عليه اسم تلك المحلة ونظروا إلي أن اللفظ ينصرف عند إطلاقه إلي أظهر الأفراد فحكموا بذلك سلك الله بالجميع أحسن المسالك. " المصنف ".
[22] أقول والحق أقول إن قوله (رض): دخلنا كارهين لها فلما++ ألفناها خرجنا كارهينا هو مما يؤيد قول شيخنا الشيخ سليمان أنه من صيمر البصرة. (المصنف).
[23] تشرفت بزيارة قبر هذين العالمين العلمين وأهديت لكل واحد منهما ثواب ركعتين ودعوت الله عندهما بأن يمنحني خير الدارين.(ابن المصنف حسين).
[24] والعسكر هذه تعرف بعسكر الشهداء ولم أقف علي وجه نسبتها وقد سكن الآن في بعض نواحيها أناس من السنة يسمون آل أبي رميح.(حرره عبد الله بن أحمد العرب).
[25] قبره في أبو صيبع إحدي قري البحرين ووفاته 1001 هجرية.
[26] وهذا السيد الجليل ينتهي إليه في النسب الغريفي الأورع النجيب السيد محسن ابن السيد عبد الله ابن السيد أحمد نزيل قرية نعيم والعالم الفاضل الحبر السيد عدنان ابن العالم السيد شبر آل السيد مشعل نزيل المحمرة والسيد مهدي ابن السيد علي نزيل النجف الأشرف علي مشرفه السلام.(عبد الله بن أحمد العرب سنة 1335).
[27] أشار بها إلي فاطمة المخزومية أم عبد الله وأبي طالب عليهما السلام وفاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وآله سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها وعلي أبيها وبعلها وأبنائها الطاهرين.(المؤلف).
[28] يقول الأحقر حسين ابن المؤلف (قدس سره ونور قبره) وجدت علي حجر موضوع علي قبر من مقابر المسجد المسمي بأبي عنبرة الكائن في أرض بلاد القديم ما لفظه، هذا ضريح المبرور المقدس الشيخ سالم ابن الأقدس الشيخ عبد الوهاب توفي خامس عشر جمادي الأولي سنة 1103 طبت يا قبر حيث واريت شيخا++ سالما كاملا عليما خبيرا قدس الله روحه وحباه++ كرما منه جنة وحريرا مستدرك الشيخ حسين بن عبد النبي يقول الأحقر حسين ابن المؤلف (عطر الله مرقده) من علماء البحرين العالم الفاضل الكامل الشيخ حسين ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد النبي البحراني البارباري رأيت له رسالة حسنة مشتملة علي كتاب (الطهارة، والزكاة، والخمس والصوم) وفي آخرها ذكري صور الخمسة إلا أن النسخة التي رأيتها عتيقة غير سالمة من الغلط وعليها آثار تصحيح بقلم جدي العلامة الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح وعلي ظهرها مكتوب ما ذكرناه من وصف المصنف واسمه وقدنسختها بنفسي لنفسي وصححتها بحسب الممكن والله الموفق.
[29] قوله له رسالة الخ الضمير عائد علي صاحب الترجمة وكذلك الكلام الذي بعده لا علي الشيخ الجزائري (ره) فتدبر ذلك منه. (المؤلف).
[30] يقول الأحقر حسين ابن المؤلف أرخ بعض الأدباء سنة وفاة هذا الشيخ المقدس (قدس سره) بقوله: (بألف واقع ستون أربع) وقبره الشريف في دار واقعة شمالا من مدرسته المباركة الكائنة مع المسجد الشريف الكائن في أرض القدم قد زرته مرارا ودعوت الله عنده سرا وجهارا روح الله روحه.
[31] هو الإمام المجدد فخر الشيعة ومدار الشريعة الآقا محمد باقر بن محمد أكمل الشهير (بالوحيد البهبهاني)، (قدس الله سره)، تولد (ره) في السنة السادسة عشر والمأة بعد الألف، (وقيل في 1117) بعد وفاة سميه العلامة المجلسي (ره) ب (5 أو 6 سنين)، وتوفي في السنة الثامنة والمأتين بعد الألف في أرض الحائر الحسيني (كربلاء) ودفن في الرواق الشرقي مما يلي قبور الشهداء (رضوان الله عليهم). قال فيه الشيخ عبد النبي القزويني في (تتميم أمل الآمل): فقيه العصر، فريد الدهر، وحيد لزمان، صدر فضلاء الزمان، صاحب الفكر العميق والذهن الدقيق، صرف عمره في اقتناء العلوم واكتساب المعارف الدقائق، وتكميل النفس بالعلم بالحقائق فحباه الله باستعداده علوما لم يسبقه فيها أحد من المتقدمين ولا يلحقه أحد من المتأخرين إلا بالأخذ منه... الخ وقال المحدث النوري (ره) فيه: (قلت): وما ذكره الشيخ من العجز شرح فضله، هو الكلام الفصل، اللائق بحاله، والميرزا محمد الأخباري مع ما هو عليه من العداوة والبغضاء لجنابه ذكره في رجاله بكلام تكاد ترجف منه السماوات وتهتز منه الأرض، عده في الفائدة الحادية عشر من الباب الرابع عشر من كتابه المعروف ب (دوائر العلوم من الذين رأوا الحجة - ع). ويقول العلامة المامقاني في ج 2 من (تنقيح المقال) فيه: محمد باقر بن محمد أكمل الشهير ب (الآغا الوحيد البهبهاني) مجدد ملة سيد البشر في الرأس المأة الثانية عشر ولد (قده) في 18 أو 17 بعد المئة والألف بإصبهان وقطن مدة بهبهان فلما استكمل علي يد والده انتقل إلي العراق فورد النجف الأشرف وحضر مجلس بحث مدرس ذلك الوقت فلم يجده كاملا فانتقل إلي كربلاء المشرفة وهي يومئذ مجمع الأخباريين ورئيسهم يومئذ الشيخ يوسف صاحب (الحدائق) فحضر بحثه أياما، ثم وقف يوما في الصحن الشريف ونادي بأعلا صوته: أبا حجة الله عليكم، فاجتمعوا عليه وقالوا له ما تريد؟ فقال: أريد أن الشيخ يوسف يمكنني من منبره ويأمر تلاميذه أن يحضروا تحت منبري، فأخبروا الشيخ يوسف بذلك، وحيث أنه يومئذ كان عادلا عن مذهب الأخبارية خائفا عن إظهار ذلك لجهالهم طالبت نفسه بالإجابة لعل الوحيد يثبت لهم بطلان مسلكهم، فباحث الوحيد ثلاثة أيام، فعدل ثلث التلامذة إلي مذهب الأصولية وسر صاحب الحدائق بذلك، هذا ما سمعته عن ثقات مشائخي أعلي الله مقامهم، ومن غريب ما نقلوه ومما يكشف عن قوة ديانة صاحب الحدائق أن: مسجد الوحيد " ره " كان محاذيا لمسجد صاحب الحدائق وكان الوحيد يفتي ببطلان الصلاة خلف صاحب الحدائق وكان صاحب الحدائق يفتي بصحة الصلاة خلف الوحيد وكان الناس يخبرون صاحب الحدائق بما يقوله الوحيد، فكان يجيب بأن تكليفه الشرعي ذاك وتكليفي الشرعي هذا، فكل منا يعمل بما كلفه الله تعالي، وكان صاحب الحدائق يتحمل ذلك لأجل رواج مذهب الأصولية، ثم أن المولي الوحيد قد أذعن الكل به وتربت علي يده تلامذة كل واحد منهم نادرة عصره ك: " بحر العلوم والشيخ الأكبر الشيخ جعفر وصاحب الرياض والفاضل القمي والسيد محسن الكاظمي والشيخ محمد يونس والشيخ حسين نجف " وغيرهم رحمهم الله. انتهي ما نقلته بتصرف عن كتابنا " ذرايع البيان ق 1 ج 2 ص 153 ". " المصحح ".
[32] يقول الأحقر حسين ابن المؤلف: هذا الكتاب المذكور أعني (عقد اللئال) موجود عندي من فضل الملك المتعال.
[33] الخيل والبغال والحمير.
[34] بياض في الأصل. (المصحح).
[35] لم يذكر المؤلف (ره) اسم الكتاب. (المصحح).
[36] يقول ابن المصنف (حسين): لقد رأيت هذا الكتاب في بلدة الكاظمين بخطه وهو إلي آخر الحج وهو كتاب حسن معتبر.
[37] يحتمل أن شيخنا المحدث البحراني (المترجم - ره) لم ير ما كتبه المولي الكاشاني (ره) في رد هذه الفرقة الضالة المضلة أنظر كتابه (الطرائف) ص 78 حيث يقول في ردهم: (تبديع): ومنهم قوم تسموا بأهل لذكر والتصوف، يدعون البراءة من التصنع والتكلف، يلبسون خرقا ويجلسون حلقا، يخترعون الأذكار، ويتغنون بالأشعار، يعلنون بالتهليل، وليس لهم إلي العلم والمعرفة سبيل، ابتدعوا شهيقا ونهيقا، واخترعوا رقصا وتصفيقا، قد خاضوا الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، رفعوا أصواتهم بالنداء، وصاحوا الصيحة الشنعاء، أمن الضرب تتألمون؟ أم من الرب تتظلمون؟ أم مع أكفائكم تتكلمون؟ إن الله لا يسمع بالصماخ، فأقصروا من الصراخ، أتنادون باعدا؟ أم توقظون راقدا؟ تعالي الله لا تأخذه السنة، ولا تغلطه الألسنة، سبح تسبيح الحيتان في النهر، واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر، إنه ليس منكم ببعيد، (بل هو أقرب إليكم من حبل الوريد...). إلي غيرها من الكلمات التي قالها (ره) في ردهم وردعهم، فبالله عليك أيها القارئ الكريم كيف يمكن نسبة هذا المولي الجليل إلي مثل هذه الفرقة التائهة في ظلمات الكفر والإلحاد. وقد نقل (سماحة آية الله الوالد - دام ظله) في القسم الأول والثاني من المجلد الثاني من كتابه (ذرايع البيان) كلمات وأقوال منه (ره) التي ذكرها في كتبه. (المصحح).
[38] رأيت بخط الكمل تاريخا لوفاة هذا الشيخ الأجل قده وهو (قمر الشريعة أفل) (حسين ابن المؤلف).
[39] وله مسألة في عدم تقليد الأموات ابتداء إلا ضرورة. (حرره عبد الله بن أحمد).
[40] الشيخ أحمد بن سلمان ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ أحمد أخ الشيخ حسين المذكور فهو ليس من ذريته (ره) وإنما هو من ذرية أخيه الشيخ المذكور والد الشيخ محمد العالم المصقع وكان هذا المشار إليه مبرزا في جميع العلوم (حرره عبد الله بن أحمد).
[41] منهم الشيخ التقي الشيخ محمد علي ابن الشيخ محمد تقي تولي القضاء والجمعة بعد وفاة الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم المذكور في أبي شهر وهو الآن موجود. (حرره عبد الله بن أحمد سنة 1335 ه ج).
[42] قرية الدمستان بلدة استيطانه فغلبت نسبته عليها وإلا فبلدته عالي حويص وهي الآن خراب إلا أن آثار مبانيها ومساجدها ظاهرة وقبر أبيه الشيخ محمد معروف بها إلي الآن في جانب المسجد المحاذي للعين المسماة بعين حويص ينزل عليها أهل قرية بوري في أيام الصيف لأجل نخيلهم. (حرره عبد الله بن أحمد).
[43] وله ديوان شعر كبير رأيته في قرية كرزكان عند بعض بني عمه مع ديوان ابنه الشيخ أحمد في جلد واحد إلا أن ديوان الأب يزيد علي ديوان ابنه بكثير وقد وقفت علي تخميس للقصيدة اللامية لابنه الشيخ أحمد في ديوانه المذكور والله أعلم بحقائق الأمور. (حرره فقير الله عبد الله بن أحمد سنة 1335 ه).
[44] وعن الشيخ محمد الفاراني (نسبة لقرية من قري البحرين من الجانب الغربي وآثار مدرسته باقية إلي الآن) ولم أقف له علي ترجمة. (حرره عبد الله بن أحمد).
[45] نسبته إلي المنامة هي قرية من بلاد البحرين وهي حادثة فيها لقربها من البحر والبندر ومطرح المراكب والسفن وموضع البيع والشراء الآن وحدوثها في حدود تسعمائة من الهجرة كما ذكره جامع ديوان أبي البحر الخطي (قده)(المؤلف).
[46] توفي قدس سره ليلة الرابعة علي اختلاف في الهلال من شهر شعبان المعظم سنة 1333 ه في كربلاء المشرفة ودفن في حجرة من حجرات الصحن الشريف وله أيضا من المصنفات غير ما ذكره الوالد الماجد أيده الله منها كتاب " المفزع في أعمال الجمع " ورسالة حسنة جيدة في الخمس وكتاب مطول في الأخبار والبسط من الوسائل كثيرا خرج منه مجلدان في الطهارة وكتاب في الأدعية والفوائد حسن وكتاب في أعمال مكة والمدينة حسن وغير ذلك قدس الله سره ونور قبره.(حسين ابن المؤلف).
[47] توفي الوالد المقدس التقي العلامة الفهامة المؤتمن النقي (قدس سره ونور قبره) صبيحة اليوم الحادي عشر من شهر جمادي الأولي سنة 1340 الأربعين والثلاثمائة والألف من الهجرة وقد أرخ وفاته جناب العامل الأديب الشيخ عبد الكريم الممتن الأحسائي دام توفيقه بقوله: بدر سماء الدين لما اختفي++ دجا بأفق الحق ديجور فانبجست عيني دما عندما++ أرخته (غاب لنا نور) 1340 ه (حسين ابن المؤلف).
[48] في الأصل ثمانمائة والذي يظهر من كلامه فيما بعد خطأ هذا التاريخ والصحيح تسعمائة. (المصحح).
[49] راجع ص 91 من هذا الكتاب. (المصحح).
[50] إلي هنا نكتفي من ذكر أقوال هذا الشيخ (المترجم له)، حيث أنه جاء فيها بما لا يرضي الله ولا رسوله، جاء فيها من الطعن بقدسية المولي الكاشاني، وقد نسبه إلي الكفر و.. وأقول مقالتي هذه: ليعلم الجميع أن الذي طعن هذا المولي هو أولي وألزم به.
[51] (ومنهم قده) العالم الكامل الشيخ عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن علي ابن عبد الجبار الخطي البحراني (ره) تلميذ الفاضل الشيخ خلف ابن الحاج عسكر الحائري قدس الله أرواحهم جميعا. (حسين ابن المؤلف).
[52] سبق في ص 169 من هذا الكتاب كلام من شيخنا (صاحب الحدائق) في حق المولي الكاشاني وقد دفعته.
[53] طبع هذا الكتاب في ضمن عدة من رسائله المطبوعة.
[54] كذا في الأصل.
[55] كذا في نسخة الأصل.
[56] توفي ليلة الثلاثاء الثانية من شهر صفر سنة 1362 ه اثنين وستين وثلاثمائة وألف ه.
[57] له كتاب شرح علي الشرائع سماه (دلائل الأحكام) وله منسك متوسط وله رد علي كتاب العالم السني الذي صنفه ردا علي الإمامية سماه (الرد علي الصراع) وله رسالة في ورسالة الشكوك في الصلاة سماها (طريق النجاة) ورسالة (قبسة العجلان) وله غير ذلك توفي قده 21 ذي القعدة سنة 1264 ه.
[58] وكان تقيا مجتهدا متصرفا ومع هذا فهو حكيم ماهر وطبيب حاذق درس علم الحكمة علي يد خليل الميرزا صادق فكان له يد طولي في الطب توفي قدس يوم الاثنين تاسع شوال سنة 1348 ه. تغمده الله برحمته.
[59] ومن جملة قصائده (ره) في رثاء الحسين (ع) قصيدة عينية أولها: يا باكيا لدمنة ومربع++ إبك علي آل النبي اللوذعي ويقول في آخرها: يا آل طه أنتم وسيلتي++ عند إلهي وإليكم مفزعي وإن منعتم من تولي غيركم++ أن يرد الحوض غدا لم امنع إليكم نفثة مصدور أتت++ من مفحم للشعراء مصقع مقربي عربي طبعه++ ونجره وليس بالمبتدع ينمي من البيت العيوني إلي++ أجل بيت في العلا وأرفع عليكم صلي إلهي وسقي++ أجداثكم بكل غيث ممرع.
[60] المطيرفي قرية من قري الأحساء في جهة الشمال منها كثيرة المياه.
[61] وله يد قوية في الشعر رأيت له جملة من القصائد الرثائية في غاية الجودة بخط ابنه محمد تقي وهو غير الشيخ علي نقي المذكور بعده، وخطه في غاية الحسن ولا أعرف علمه حتي أصفه (حسين ابن المؤلف).
[62] توفي (ره) في سنة 1342 هج. وقد ضمن تاريخ وفاته في بيت شعر حسن قال ناظمه طاب ثراه. فزت بالفردوس فوزا++ يا بن زين الدين أحمد (حسين ابن المؤلف).
[63] أقول: للعلامة الأوحد الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ره) كلام متين في حق الشيخ أحمد بن زين الدين لا بأس بنقله (قال ره): كان الشيخ أحمد (ره) في أوائل القرن الثالث عشر وحضر علي السيد بحر العلوم وكاشف الغطاء وله منهما إجازة تدل علي علو مقامه عندهم وعند سائر علماء ذلك العصر ثم لما انتشرت كتبه ومؤلفاته بعد وفاته اختلف الناس فيه بين غال وقال بين من يقول بركنيته وبين من يقول بكفره والمتوسط خير الأمور والحق أنه رجل من أكابر علماء الإمامية وعرفائهم وكان علي غاية من الورع والزهد والاجتهاد في العبادة كما سمعناه ممن نثق به ممن عاصره ورآه نعم له كلمات في مؤلفاته بجملة متشابهة لا يجوز من أجلها التهجيم والجرأة علي تكفيره بها ولكن تلميذاه الكرماني والرشتي خرجا عن الجادة القويمة وزاغا زيغا عظيما ولكن لا أدري هل بلغ ذلك إلي حد الكفر والخروج عن الدين أم لا، أدخلا علي الشيعة الإمامية أشد فتنة وأعظم بلية ومنهما نشأت بلية البابية. (حسين ابن المؤلف).
[64] هذا الشيخ المتقن الشيخ عبد المحسن (قدس سره) من القرية المعروفة بالبطالية وتعرف أيضا بالبلاد وقد كانت أكبر مدن الأحساء وأصلنا القديم منها ومسجد الشيخ المذكور إلي الآن معروف كائن في فريق من فرقانها. (حسين ابن المؤلف).
[65] أقول له كشكول حسن ظريف فيه من كل شئ لطيف مجلدان كبيران رأيت المجلد الثاني عند الكامل الذكي الأسعد السيد عبد علي ابن المرحوم السيد أحمد التويثري الأحسائي واستعرته منه ونقلت منه لطائف وأشعار في كشكولي المختصر المسمي: (فرحة القلوب) وهذا السيد أعني السيد عبد علي المذكور من السادة الأجلاء الموسويين نسبهم الشريف ينتهي للسيد إبراهيم المجاب المدفون بكربلاء ولهم نبوغ في مهر قرية من قري فارس وفي القديح قرية من القطيف وهم المعروفون بالخضاروه وفي العراق وهم المعروفون ببيت أبي طبيخ وعميدهم الآن السيد الجليل المؤتمن السيد حسن والسيد المذكور السيد عبد علي من طلبة العلم وهو ذكي زكي تقي كامل ذو ذهن وقاد إلا أن ابتلاءات الزمان أقعدته عن الترقي حفظه الله وأبقاه. حسين ابن المؤلف.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.