المناظرات بين فقهاء السنة و فقهاء الشيعة

اشارة

مولف:مقاتل بن عطية
مجله حوزه

كلمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن المسلمون، في يوم من الأيام، أكثر حاجة إلي الوحدة منهم في هذه الأيام، فمنظرو الغرب الاستعماري في هذا الزمن، يرون في الإسلام عدوهم الأول، ويعدون الخطط التي سرعان ما ينفذها السياسيون والعسكريون للقضاء عليه، بغية السيطرة علي بلاد المسلمين وامتلاك ثرواتها، وهذا يعني أن وجود المسلمين الفاعل نفسه مهدد بالخطر، ما يقتضي المبادرة إلي امتلاك القوة القادرة علي مقاومة هذا الخطر، وأول شروط هذا الامتلاك هو الوحدة الإسلامية. والوحدة المطلوبة ينبغي أن تقوم علي أساس متين هو معرفة الآخر معرفة حقيقية شاملة وعميقة وحواره في الأمور الخلافية من دون تجاهل لأي أمر كان، أو لا يزال، موضع خلاف، ومن دون مداراة، ذلك أن النأي عن البحث الموضوعي الجدي في ما يختلف المسلمون فيه، والاكتفاء بالمجاملات يبقي النأي قائما بينهم، مغطي بركام من الكلام العام الجاهز للاستهلاك في الوقت المناسب. هذا الكلام يقصي أكثر مما يقرب، وما يقرب هو الحوار العقلي الرصين الذي يحدد الموضوعات المختلف بشأنها، ويبحثها.. وكثيرا ما أدار علماء المسلمين مثل هذا الحوار، ومن نماذج ذلك ما يذكره المؤرخون من أن الشيخ عز الدين حسين بن عبد الصمد (918 ه - 984 ه)، وهو من أئمة الفقه والحديث الشيعة، حل ضيفا علي عالم من علماء حلب، كان نظيرا له وصديقا، وقال له: " إنه يقبح ومثلك، بعد أن صرف كل منا عمره في تحصيل العلوم الإسلامية وتحقيق مقدماتها، [ صفحه 6] أن يقلد في مذهبه الذي يلقي الله به... وليس حجة منجية لأن كل أحد يقلد سلفه... ". فقال له صديقه: " هلم نبحث ". ليس حجة منجية لأن يقلد كل واحد منا سلفه، فهلم نبحث...، هذا هو المنهج القديم الذي يفضي إلي الوحدة الحقيقية وهي، كما رأينا، شرط وجودنا الفاعل علي هذا الزمن. ينطلق معد هذا الكتاب ومحققه من هذا الاعتقاد، فيجمع المناظرات التي جرت بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة، في ما مضي من زمن، ويحققها، ويقدم لها، ويعرف ما يرد فيها من أعلام، ويشرح ما يحتاج إلي شرح من أحداث وعبارات وألفاظ... وهدفه أن يكون الحوار العقلي رائدنا في معرفة بعضنا بعضا ومعرفة أهداف أمتنا والمضي إلي تحقيقها، والله الموفق في كل حال، وما نبتغي سوي مرضاته. مركز الغدير للدراسات الإسلامية [ صفحه 7]

مقدمة

إن المصارحة الفكرية والعقائدية من شأنها أن تؤدي إلي وضوح الرؤيا وتحقق القدر المطلوب من التفاهم بين المسلمين سنة وشيعة.. أما المداراة والغموض فمن شأنه أن يؤدي إلي زرع بذور الشك وزيادة التباعد وقد كشف لنا القرآن الكثير من العقائد الباطلة التي تبناها اليهود والنصاري وفي الوقت نفسه طلب من المسلمين التعايش معهم وأجاز مناكحتهم وأحل طعامهم.. وجاء سلوك الرسول (ص) ليؤكد هذه السياسة القرآنية. وجاءت مواقفه لتدعمها.. وما تفرق المسلمون إلا بانحرافهم عن النهج القرآني واتباعهم الروايات الباطلة وأقوال الرجال.. هذه الروايات والأقوال هي التي زرعت بذور الشقاق بين المسلمين.. ولا تزال هذه الروايات والأقوال تلعب هذا الدور حتي يومنا هذا.. وليس هناك من حل أمام المسلمين سوي العودة إلي القرآن وتحكيمه في هذه الروايات والأقوال.. وهذا الحل يتطلب شجاعة كبيرة من المسلمين وسوف ينتج عند تبديد حالة الشك والخوف التي تنتاب أهل السنة من الآخرين شيعة وغيرهم.. إن أهل السنة في حاجة إلي شجاعة الشيعة في عرض عقائدهم وأفكارهم ورفعهم لراية العقل في مواجهة النقل.. أهل السنة في حاجة إلي رفع هذه الراية في مواجهة قضية الإمامة والخلافة والصحابة التي هي جوهر الخلاف بينهم وبين الشيعة.. [ صفحه 8] ولا يجب علي مسلمي السنة أن يتخوفوا من إبراز عقائد الشيعة ورؤيتهم في الصحابة والقرآن وشتي القضايا الأخري. فإن هذا التخوف لا يعني إلا شيئا واحدا وهو أن عقيدتهم مهزوزة ضعيفة يخشي عليها من عقائد الآخرين.. وحالة سوء الفهم القائمة بين السنة والشيعة إنما يعود سببها إلي العزلة الفكرية الواقعة بين الطرفين. تلك العزلة التي أسهمت فيها السياسة بدور كبير. وهي التي تولدت في ظلها الشائعات وتكاثرت من حول الشيعة. مما أدي إلي توسيع رقعة العداء بين الطرفين.. إن التعايش القائم علي المعرفة والوعي من شأنه أن يؤدي إلي تقبل الآخر والتماس الأعذار له في فكره ومعتقده وتحقيق الوحدة الإسلامية المنشودة. بل هو الطريق الوحيد للوصول إليها.. من هنا فإن هذه المناظرات التي نضعها بين يدي القارئ اليوم تعد الخطوة الأولي علي هذا الطريق الطويل. طريق الوعي والمعرفة الذي فرض نفسه علي المسلمين اليوم في عصر الانكشاف الذي أصبح فيه العالم أشبه بكتاب مفتوح يقرؤه الجميع.. إن الرابح الحقيقي في مثل هذه المناظرات هو الإسلام لا السنة ولا الشيعة.. وقد يثير البعض الشكوك حول حقيقة هذه المناظرات. إلا أن ما يجب توكيده هنا هو أن الباحث عن الحق إنما هو رهن النص والحقيقة. فإن النص والحقيقة لا يمكن اختلاقهما.. وختاما لا نملك سوي القول إن الهدي هدي الله.. صالح الورداني القاهرة ص ب / 163 / 11794 رمسيس [ صفحه 9]

المناظرة 01

اشاره

في القرن الخامس الهجري تدوين مقاتل بن عطية وقعت أحداث هذه المناظرة في عصر الدولة السلجوقية. وقام بتدوينها مقاتل بن عطية في المدرسة النظامية ببغداد.. وظلت مخطوطة هذه المناظرة محجوبة عن الأبصار حتي تم العثور عليها في مكتبة (راجا محمود آباد) بخط مقاتل بن عطية وذلك في عام (1300 ه).. وتم طباعتها في بيروت تحت اسم (مؤتمر علماء بغداد) في عام 1402 ه.. ونود أن نشير هنا إلي أن هذه المناظرة قد استغرقت ثلاثة أيام حسبما ذكر وهو أمر غير واضح من خلال السرد. لذا فقد قسمناها إلي ثلاثة فصول هي بمثابة ثلاثة أيام من باب اليسر والترتيب للموضوعات محل المناظرة. ويلاحظ القارئ أنا قد أشرنا إلي الفقيه الشيعي بلفظ العلوي.. والفقيه السني بلفظ العباسي التزاما بما ورد في نص المناظرة.. شخصيات المناظرة ارتبطت هذه المناظرة بثلاثة شخصيات هي: - الداعي لها وهو الملك ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي.. - المنفذ لها وهو الوزير الفقيه نظام الملك.. - كاتبها وهو مقاتل بن عطية.. أما ملك شاه فهو أبو الفتح بن ألب أرسلان محمد بن داوود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق الملقب جلال الدولة.. كان من أحسن الملوك سيرة. حتي كان يلقب بالسلطان العادل وكان منصورا في الحروب ومغرما بالعمائر. فحفر كثيرا من الأنهار وعمر علي كثير من البلدان والأسوار. وكان لهجا بالصيد.. وكانت السبل في أيامه ساكنة والمخاوف آمنة. تسير [ صفحه 12] القوافل من وراء النهر إلي أقصي الشام وليس معها خفير. ويسافر الواحد والاثنان من غير خوف ولا رهب.. هكذا يروي ابن خلكان عن حال البلاد والعباد في ظل حكم ملك شاه الذي امتد ملكه إلي جميع بلاد ما وراء النهر والجزيرة والشام وخطب له علي جميع منابر الإسلام سوي بلاد المغرب.. ولم يكن للخليفة العباسي في ظل حكمه سوي الاسم فقد أصبحت بغداد واقعة في دائرة سلطانه وخاضعة لنفوذه.. [1] . وعن سبب وفاته يروي ابن خلكان أن السلطان ملك شاه دخل بغداد في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وخرج من فوره إلي ناحية دجيل لأجل الصيد. فاصطاد وحشا وأكل من لحمه. فابتدأت به العلة.. فعاد إلي بغداد مريضا. فلما دخلها توفي ثاني يوم دخوله.. وقيل إنه سم في خلال تخلل به.. [2] . ويشير ابن خلكان إلي أن الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله كان له دور في قتله بينما يؤكد مقاتل أن أهل السنة هم الذين تآمروا علي قتله هو ونظام الملك بسبب ميلهما إلي الشيعة.. [3] . والراجح أن أهل السنة لا يمكنهم الإقدام علي هذه الجريمة دون معونة من جهة ذات نفوذ وسلطان كالخليفة العباسي مثلا. أو أقارب ملك شاه الذين كانوا في صراع معه بعد أن استولي علي ممالكهم وضمها لدولته.. [4] . - نظام الملك: هو أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس الملقب نظام الملك قوام الدين الطوسي كان وزير ألب أرسلان وبقي في خدمته عشر سنين ولما توفي تنازع [ صفحه 13] أولاده الملك فوطد المملكة لولده ملك شاه وأصبح صاحب الأمر والنهي في دولته وأقام علي هذا عشرين سنة.. وكان محبا للعلم والعلماء وكثير الإنعام علي الصوفية، وهو أول من أنشأ المدارس واقتدي به الناس. وشرع في بناء المدرسة النظامية في بغداد عام (457 ه).. وكانت له مجالس رأي وفقه وأدب، وكان الفقهاء والأدباء والشعراء وأصحاب الرأي يزدحمون علي بابه.. يروي ابن خلكان أنه قتل علي يد صبي ديلمي تخفي في هيئة الصوفية عام (485 ه) في شهر رمضان.. ويروي أنه قتل علي يد منافسه تاج الملك ثارا لسيدهم.. [5] . وقد رثي الكثير من الشعراء نظام الملك كما رثاه مقاتل بن عطية بقصيدة وكان مقاتل قد تزوج ابنة نظام الملك.. [6] . - مقاتل بن عطية: هو أبو الهيجاء مقاتل بن عطية بن مقاتل البكري الحجازي الملقب شبل الدولة، كان من أولاد الأمراء العرب، وكان من جملة الأدباء الظرفاء وله نظم بديع اختص بالوزير نظام الملك وصاهره.. من شعره: إذا زان قوما بالمناقب واصف++ ذكرنا فضلا يزين المناقبا له الشيم الشم التي لو تجسمت++ لكانت لوجه الدهر عينا وحاجبا ثني نحو شمطاء الوزارة طرفه++ فصارت بأدني لحظة منه كاعبا تناول أولادها وما مد ساعدا++ وأحرز أخراها وما قام واثبا ومرض مقاتل في آخر عمره وتوفي حوالي عام (505 ه).. [7] . [ صفحه 14]

قصة المناظرة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من بعث رحمة للعالمين محمد النبي العربي وآله الطيبين الطاهرين وعلي أصحابه المطيعين. دخل علي الملك شاه أحد العلماء الكبار واسمه: (الحسين بن علي العلوي) وكان من كبار علماء الشيعة.. ولما خرج العالم من عند الملك استهزأ به بعض الحاضرين وغمزه. فقال الملك: لماذا استهزأت به؟ قال الرجل: ألا تعرف أيها الملك أنه من الكفار الذين غضب الله عليهم ولعنهم؟ فقال الملك متعجبا: ولماذا. أليس مسلما؟ فقال الرجل: كلا إنه شيعي! فقال الملك: وما معني الشيعي؟ أليس الشيعة هم فرقة من فرق المسلمين؟ قال الرجل: كلا إنهم لا يعترفون بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان. قال الملك: وهل هناك مسلم لا يعترف بإمامة هؤلاء الثلاثة؟ قال الرجل: نعم هؤلاء الشيعة. قال الملك: وإذا كانوا لا يعترفون بإمامة هؤلاء الصحابة فلماذا يسميهم الناس مسلمين؟ قال الرجل: ولذا قلت لك أنهم كفار.. فتفكر الملك مليا، ثم قال: لا بد من إحضار الوزير نظام الملك لنري جلية الحال. ولما جاء الوزير: نظام الملك وسأله الملك عن الشيعة: هل هم مسلمون؟ قال نظام الملك: اختلف أهل السنة فطائفة منهم يقولون أنهم مسلمون لأنهم - أي الشيعة - يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلون ويصومون، وطائفة منهم يقولون أنهم كفار. [ صفحه 15] قال الملك: وكم عددهم؟ فقال نظام الملك: لا أحصي عددهم كاملا ولكنهم يشكلون نصف المسلمين تقريبا. قال الملك: فهل نصف المسلمين كفار؟ قال الوزير: إن بعض العلماء يعتبرونهم كفارا وإني لا أكفرهم قال الملك: فهل لك أيها الوزير أن تحضر علماء الشيعة وعلماء السنة لنري جلية الحال؟ قال الوزير: هذا أمر صعب وأخاف علي الملك والمملكة؟ قال الملك: لماذا؟ قال الوزير: لأن قضية الشيعة والسنة ليست قضية بسيطة، بل هي قضية حق وباطل قد أريقت فيها الدماء، وأحرقت فيها المكتبات، وأسرت فيها نساء وألفت فيها كتب وموسوعات وقامت لأجلها حروب!! تعجب الملك الشاب من هذه القضية، وفكر مليا ثم قال: أيها الوزير إنك تعلم أن الله أنعم علينا بالملك العريض، والجيش الكثيف فلا بد أن نشكر الله علي هذه النعمة، ويكون شكرنا أن نتحري الحقيقة ونرشد الضال إلي الصراط المستقيم، ولا بد أن تكون إحدي هاتين الطائفتين علي حق والأخري علي باطل، فلا بد أن نعرف الحق فنتبعه ونعرف الباطل فنتركه، فإذا هيأت - أيها الوزير - مثل هذا المؤتمر وبحضور العلماء من الشيعة والسنة بحضور القواد والكتاب وسائر أركان الدولة فإذا رأينا أن الحق مع السنة أدخلنا الشيعة في السنة بالقوة. قال الوزير: وإذا لم يقبل الشيعة أن يدخلوا مذهب السنة فماذا تفعل؟ قال الملك الشاب: نقتلهم! فقال الوزير: وهل يمكن قتل نصف المسلمين؟ قال الملك: فما هو العلاج والحل؟ قال الوزير: أن تترك هذا الأمر [ صفحه 16] إنتهي الحوار بين الملك ووزيره الحكيم العالم، ولكن بات الملك تلك الليلة متفكرا قلقا ولم ينم إلي الصباح. وفي الصباح الباكر دعي نظام الملك.. وقال الملك: لقد تفكرت في الأمر ورأيت أن نستدعي علماء الطرفين، ونري نحن من خلال المحادثات والمناقشات التي تدور بينهما أن الحق مع أيهما، فإذا كان الحق مع مذهب السنة دعونا الشيعة بالحكمة والموعظة الحسنة ورغبناهم بالمال والجاه كما كان يفعل رسول الله (ص) مع المؤلفة قلوبهم، وبذلك نتمكن من خدمة الإسلام والمسلمين.. فقال الوزير: رأيك حسن ولكني أتخوف من هذا المؤتمر! قال الملك: ولماذا الخوف؟ فقال الوزير: لأني أخاف أن يتغلب الشيعة علي السنة وترجح احتجاجاتهم علينا وبذلك يقع الناس في الشك والشبهة! فقال الملك: وهل يمكن ذلك؟ قال الوزير: نعم لأن الشيعة لهم أدلة قاطعة وبراهين ساطعة من القرآن والأحاديث الشريفة علي صحة مذهبهم، وحقيقة عقيدتهم! فلم يقتنع الملك بهذا الجواب من وزيره (نظام الملك) وقال له: لا بد من إحضار علماء الطرفين لينكشف لنا الحق ونميزه عن الباطل، فاستمهل الوزير الملك شهرا لتنفيذ الأمر، ولكن الملك الشاب لم يقبل ذلك.. وأخيرا تقرر أن تكون المدة خمسة عشر يوما. وفي هذه الأيام جمع الوزير نظام الملك عشرة رجال من كبار علماء السنة الذين يعتمد عليهم في التاريخ والفقه والحديث والأصول والجدل، كما أحضر عشرة من كبار علماء الشيعة، وكان ذلك في شهر شعبان في المدرسة النظامية ببغداد، وتقرر أن ينعقد المؤتمر علي الشروط التالية: أولا: أن يستمر البحث من الصباح إلي المساء باستثناء وقت الصلاة والطعام والراحة. [ صفحه 17] ثانيا: أن تكون المحادثات مستندة إلي المصادر الموثوقة والكتب المعتبرة لا إلي المسموعات والشائعات. ثالثا: أن تكتب المحادثات التي تدور في هذا المؤتمر. نص المناظرة:

اليوم 01

وفي اليوم المعين جلس الملك ووزيره وقواد جيشه وجلس العلماء السنة عن يمينه كما جلس علماء الشيعة عن يساره، وافتتح الوزير نظام الملك المؤتمر باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة علي محمد وآله وصحبه.. ثم قال: لا بد أن يكون الجدال نزيها، وأن يكون طلب الحق هو رائد الجميع وأن لا يذكر أحد صحابة الرسول (ص) بسب أو سوء. قال كبير علماء السنة (وهو الملقب بالشيخ العباسي): إني لا أتمكن أن أحادث مذهبا يكفر كل الصحابة. قال كبير علماء الشيعة (وهو الملقب بالعلوي): ومن هم الذين يكفرون الصحابة؟ قال العباسي: أنتم الشيعة هم أولئك الذين يكفرون كل الصحابة. قال العلوي: هذا الكلام منك خلاف الواقع: أليس من الصحابة علي عليه السلام والعباس وسلمان وابن عباس والمقداد وأبو ذر وغيرهم، فهل نحن الشيعة نكفرهم؟ قال العباسي: إني قصدت بكل الصحابة أبا بكر وعمر وعثمان وأتباعهم. قال العلوي: نقضت نفسك بنفسك، ألم يقرر أهل المنطق أن (الموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية) فإنك تقول مرة: إن الشيعة يكفرون كل الصحابة، وتقول مرة: إن الشيعة يكفرون بعض الصحابة. وهنا أراد نظام الملك أن يتكلم لكن العالم الشيعي لم يمهله. [ صفحه 18] وقال: أيها الوزير العظيم لا يحق لأحد أن يتكلم إلا إذا عجزنا عن الجواب وإلا كان خلطا للبحث، وإخراجا للكلام عن مجراه، من دون نتيجة. ثم قال العالم الشيعي: تبين أيها العباسي إن قولك أن الشيعة يكفرون كل الصحابة كذب صريح. ولم يتمكن العباسي من الجواب واحمر وجهه خجلا.. ثم قال: دعنا عن هذا ولكن هل أنتم الشيعة تسبون أبا بكر وعمر وعثمان؟ قال العلوي: إن في الشيعة من يسبهم وفيهم من لا يسبهم. قال العباسي: وأنت أيها العلوي من أي طائفة منهم؟ قال العلوي: من الذين لا يسبون ولكن رأيي أن الذين يسبون لهم منطقهم، وأن سبهم لهؤلاء الثلاثة لا يوجب شيئا، لا كفرا ولا فسقا ولا هو من الذنوب الصغيرة. قال العباسي: أسمعت أيها الملك ماذا يقول هذا الرجل؟ قال العلوي: أيها العباسي إن توجيهك الخطاب إلي الملك مغالطة، فإن الملك أحضرنا لأجل التكلم حول الحجج والأدلة لا لأجل التحاكم إلي السلاح والقوة. قال الملك: صحيح ما يقوله العلوي، ما هو ردك أيها العباسي؟ قال العباسي: واضح أن من يسب الصحابة كافر. قال العلوي: واضح عندك لا عندي، ما هو الدليل علي كفر من يسب الصحابة عن اجتهاد ودليل، ألا تعترف أن من يسبه الرسول يستحق السب؟ قال العباسي: أعترف. قال العلوي: فالرسول سب أبا بكر وعمر. قال العباسي: وأين سبهم؟ هذا كذب علي رسول الله. قال العلوي: ذكر أهل التواريخ من السنة أن الرسول هيأ جيشا بقيادة (أسامة) وجعل في الجيش أبا بكر وعمر. [ صفحه 19] وقال: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة، ثم أن أبا بكر وعمر تخلفا عن جيش أسامة فشملهم لعن الرسول ومن يلعنه الرسول يحق للمسلم أن يلعنه. وهنا أطرق العباسي برأسه ولم يقل شيئا. فقال الملك (متوجها إلي الوزير): وهل صح ما ذكره العلوي؟ قال الوزير: ذكر أهل التواريخ ذلك [8] . قال العلوي: وإذا كان سب الصحابة حراما وكفرا، فلماذا لا تكفرون معاوية بن أبي سفيان ولا تحكمون بفسقه وفجوره لأنه كان يسب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلي أربعين سنة وقد سب الإمام إلي سبعين سنة!؟ قال الملك: اقطعوا هذا الكلام وتكلموا حول موضوع آخر. قال العباسي: من بدعكم أنتم الشيعة أنكم لا تعترفون بالقرآن! قال العلوي: بل من بدعكم أنتم السنة أنكم لا تعترفون بالقرآن والدليل علي ذلك أنكم تقولون: إن القرآن جمعه عثمان، فهل كان الرسول جاهلا بما عمله عثمان، حيث أنه لم يجمع القرآن حتي جاء عثمان وجمعه، ثم كيف أن القرآن لم يكن مجموعا في زمن النبي وكان يأمر قومه وأصحابه بختم القرآن فيقول: من ختم القرآن كان له (كذا) من الأجر والثواب، هل يمكن أن يأمر بختم القرآن ما لم يكن مجموعا، وهل كان المسلمون في ضلال حتي أنقذهم عثمان [9] ؟ قال الملك (موجها كلامه إلي الوزير) وهل يصدق العلوي أن أهل السنة يقولون بأن القرآن من جمع عثمان؟ [ صفحه 20] قال الوزير: هكذا يذكر المفسرون وأهل التواريخ [10] . قال العلوي: اعلم أيها الملك أن الشيعة يعتقدون أن القرآن جمع في زمن الرسول (ص) كما تراه الآن لم ينقص منه حرف ولم يزد فيه حرف أما السنة فيقولون إن القرآن زيد فيه ونقص منه، وأنه قدم وأخر وأن الرسول لم يجمعه وإنما جمعه عثمان لما تسلم الحكم وصار أميرا. قال العباسي: (وقد انتهز الفرصة): هل سمعت أيها الملك أن هذا الرجل لا يسمي عثمان خليفة وإنما يسميه أميرا. قال العلوي: نعم عثمان لم يكن خليفة. قال الملك: ولماذا؟ قال العلوي: لأن الشيعة يعتقدون بطلان خلافة أبي بكر وعمر وعثمان! قال الملك: (بتعجب واستفهام) ولماذا؟ قال العلوي: لأن عثمان جاء إلي الحكم بشوري ستة رجال عينهم عمر وكل أهل الشوري الستة لم ينتخبوا عثمان وإنما انتخبه ثلاثة أو اثنين منهم، فشرعية خلافة عثمان مستندة إلي عمر، وعمر جاء إلي الحكم بوصية أبي بكر مستندة إلي السلاح والقوة ولذا قال عمر في حقه: (كانت بيعة الناس لأبي بكر فلتة من فلتات الجاهلية وقي الله المسلمين شرها فمن عاد إليها فاقتلوه) [11] . [ صفحه 21] وأبو بكر نفسه كان يقول: (أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم) [12] ولذا فالشيعة يعتقدون بأن خلافة هؤلاء باطلة من أساسها. قال الملك: (موجها الكلام إلي الوزير): وهل صحيح ما يقوله العلوي من كلام أبي بكر وعمر؟ قال الوزير: نعم هكذا ذكر المؤرخون! قال الملك: فلماذا نحن نحترم هؤلاء الثلاثة؟ قال الوزير: اتباعا للسلف الصالح! قال العلوي للملك: أيها الملك قل للوزير: هل الحق أحق أن يتبع أن السلف؟ أليس تقليد السلف ضد الحق مشمول لقوله تعالي: قالوا - (إنا وجدنا آباءنا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون) -. قال الملك (موجها الخطاب إلي العلوي): إذا لم يكن هؤلاء الثلاثة خلفاء لرسول الله فمن هو خليفة رسول الله؟ قال العلوي: خليفة رسول الله هو الإمام علي بن أبي طالب. قال الملك: ولماذا هو خليفة؟ قال العلوي: لأن الرسول عينه خليفة من بعده، حيث أنه (ص) أشار إلي خلافته في مواطن كثيرة جدا ومن جملتها لما جمع الناس في منطقة بين مكة والمدينة يقال لها: (غدير خم) ورفع يد علي وقال للمسلمين: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، ثم نزل عن المنبر وقال للمسلمين وعددهم يزيد علي مائة وعشرين ألف إنسان: سلموا علي بإمرة المؤمنين، فجاء المسلمون واحدا بعد واحد وهم يقولون لعلي: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فجاء أبو بكر وعمر وسلما علي علي عليه السلام بإمرة المؤمنين وقال عمر: السلام عليك يا أمير المؤمنين (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة). [ صفحه 22] فإذن الخليفة الشرعي لرسول الله (ص) هو علي بن أبي طالب. قال الملك: (موجها الكلام إلي الوزير) هل صحيح ما يذكره العلوي؟ قال الوزير: نعم هكذا ذكر المؤرخون والمفسرون [13] . [ صفحه 23] قال الملك: دعوا هذا الكلام، وتكلموا حول موضوع آخر. قال العباسي: إن الشيعة يقولون بتحريف القرآن. قال العلوي: بل المشهور عندكم - أيها ألسنة - أنكم تقولون بتحريف القرآن! قال العباسي: هذا كذب صريح. قال العلوي: ألم ترووا في كتبكم أنه نزلت علي رسول الله آيات حول (الغرانيق) ثم نسخت تلك الآيات وحذفت من القرآن؟ قال الملك (للوزير): وهل صحيح ما يدعيه العلوي؟ قال الوزير: نعم هكذا ذكر المفسرون [14] . قال الملك: فكيف يعتمد علي قرآن محرف؟ قال العلوي: اعلم أيها الملك أنا لا نقول بهذا الشئ وإنما هذه مقالة أهل السنة، وعلي هذا فالقرآن عندنا معتمد عليه لكن القرآن - عند السنة - لا يمكن الاعتماد عليه! قال العباسي: وقد وردت بعض الأحاديث في كتبكم وعن علماءكم؟ قال العلوي: تلك الأحاديث أولا: قليلة، وثانيا: هي موضوعة ومزورة وضعها أعداء الشيعة لتشويه سمعة الشيعة، وثالثا: رواتها وأسنادها غير صحيحة، وما نقل عن بعض العلماء، فلا يعتمد علي كلامهم، وإنما علماؤنا العظام الذين نعتمد عليهم لا يقولون بالتحريف ولا يذكرون كما تذكرون أنتم حيث تقولون إن الله أنزل آيات في مدح الأصنام فقال - وحاشاه ذلك - تلك الغرانيق العلي منها الشفاعة ترتجي [15] . [ صفحه 24] قال الملك: دعوا هذا الكلام وتكلموا بغيره. قال العلوي: والسنة ينسبون إلي الله تعالي ما لا يليق بجلال شأنه. قال العباسي: مثل ماذا؟ قال العلوي: مثل أنهم يقولون: إن الله جسم، وأنه مثل الإنسان يضحك ويبكي وله يد ورجل وعين وعورة ويدخل رجله في النار يوم القيامة، وأنه ينزل من السماوات إلي سماء الدنيا [16] . [ صفحه 25] قال العباسي: وما المانع من ذلك، والقرآن يصرح به يقول تعالي: ((وجاء ربك)). ويقول: ((يوم يكشف عن ساق)). ويقول: ((يد الله فوق أيديهم)) والسنة وردت بأن الله يدخل رجله في النار! قال العلوي: أما ما ورد في السنة والحديث فهو باطل عندنا وكذب وافتراء، لأن أبا هريرة وأمثاله كذبوا علي رسول الله (ص) حتي أن عمر منع أبا هريرة عن نقل الحديث وزجره. قال الملك: - موجها الخطاب إلي الوزير -: هل صحيح أن عمر منع أبا هريرة عن نقل الحديث؟ قال الوزير: نعم منعه كما في التواريخ. قال الملك: فكيف نعتمد علي أحاديث أبي هريرة؟ قال الوزير: لأن العلماء اعتمدوا علي أحاديثه. قال الملك: إذن: يجب أن يكون العلماء أعلم من عمر لأن عمر منع أبا هريرة عن نقل الحديث لكذبه علي رسول الله، ولكن العلماء يأخذون بأحاديثه الكاذبة؟! قال العباسي: هب - أيها العلوي - إن الأحاديث الواردة في السنة حول الله غير صحيحة، ولكن ماذا تصنع بالآيات القرآنية؟ [ صفحه 26] قال العلوي: القرآن فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وفيه ظاهر وباطن فالمحكم الظاهر يعمل بظاهره، أما المتشابه فاللازم أن تنزله علي مقتضي البلاغة من إرادة المجاز والكناية والتقدير وإلا لا يصح المعني لا عقلا ولا شرعا فمثلا: إذا حملت قوله تعالي ((وجاء ربك)) علي ظاهره فقد عارضت العقل والشرع لأن العقل والشرع يحكمان بوجود الله في كل مكان وأنه لا يخلو منه مكان أبدا، وظاهر الآية تقول بجسمية الله، والجسم له حيز ومكان، ومعني هذا أن الله لو كان في السماء خلا منه الأرض ولو كان في الأرض خلا منه السماء، وهذا غير صحيح لا عقلا ولا شرعا. قال العباسي: إني لا أقبل هذا الكلام، وعلينا أن نأخذ بظواهر آيات القرآن. قال العلوي: فما تصنع بالآيات المتشابهات؟؟، ثم إنك لا يمكنك أن تأخذ بظاهر كل القرآن، وإلا لزم أن يكون صديقك الجالس إلي جنبك (وهو من علماء السنة وكان أعمي البصر) من أهل النار؟ قال العباسي: ولماذا؟ قال العلوي: لأن الله تعالي يقول: ((ومن كان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي وأضل سبيلا)) فحيث أن الشيخ أعمي الآن في الدنيا فهو في الآخرة أعمي وأضل سبيلا، فهل ترضي بهذا يا شيخ - يقصد الشيخ الأعمي -؟ قال الشيخ: كلا، كلا فإن المراد ب (الأعمي) في الآية: المنحرف عن طريق الحق. قال العلوي: إذن: ثبت أنه لا يتمكن الإنسان أن يعمل بكل ظواهر القرآن. وهنا اشتد الجدال حول ظواهر القرآن، وهذا والعلوي يفحم العباسي بالأدلة والبراهين. قال الملك: دعوا هذا الموضوع وانتقلوا إلي غيره. قال العلوي: ومن انحرافاتكم وأباطيلكم - أنتم السنة - حول الله سبحانه أنكم تقولون: إن الله يجبر العباد علي المعاصي والمحرمات ثم يعاقبهم عليها؟ [ صفحه 27] قال العباسي: إن الله يقول: ((ومن يضلل الله)). ويقول: ((طبع الله علي قلوبهم)). قال العلوي: أما كلامك أنه في القرآن، فجوابه: إن القرآن فيه مجازات وكنايات يجب المصير إليها، فالمراد (بالضلال) أن الله يترك الإنسان الشقي ويهمله حتي يضل، وذلك مثل قولنا: (الحكومة أفسدت الناس) فالمعني أنها تركتهم لشأنهم ولم تهتم بهم، هذا أولا وثانيا: ألم تسمع قول الله تعالي: ((إن الله لا يأمر بالفحشاء)). وقوله سبحانه: ((إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)). وقوله: ((وهديناه النجدين)). وثالثا: لا يجوز عقلا أن يأمر الله بالمعصية ثم يعاقب عليها، إن هذا بعيد من عوام الناس فكيف من الله العادل المتعال سبحانه وتعالي عما يقول المشركون والظالمون علوا كبيرا. قال الملك: لا، لا يمكن أن يجبر الله الإنسان علي المعصية ثم يعاقبه، إن هذا هو الظلم بعينه، والله منزه عن الظلم والفساد ((وأن الله ليس بظلام للعبيد))، ولكن لا أظن أن أهل السنة يلتزمون بمقالة العباسي؟ ثم يوجه الملك خطابه إلي الوزير قائلا: هل أهل السنة يلتزمون بذلك؟ قال الوزير: نعم المشهور بين أهل السنة ذلك [17] ! قال الملك: كيف يقولون بما يخالف العقل؟ قال الوزير: لهم في ذلك تأويلات واستدلالات. [ صفحه 28] قال الملك: ومهما يكن من تأويل واستدلال، فلن يعقل ولا أري إلا رأي السيد العلوي بأن الله لا يجبر أحدا علي الكفر والعصيان، ثم يعاقبه علي ذلك؟! قال العلوي: ثم إن السنة يقولون إن رسول الله (ص) كان شاكا في نبوته قال العباسي: هذا كذب صريح. قال العلوي: ألستم تروون في كتبكم أن رسول الله قال: (ما أبطأ علي جبرئيل مرة إلا وظننت أنه نزل علي ابن الخطاب) مع العلم أن هناك آيات كثيرة تدل علي أن الله أخذ الميثاق من النبي محمد (ص) علي نبوته؟ قال الملك - موجها الخطاب إلي الوزير -: هل صحيح ما يقوله العلوي من أن هذا الحديث موجود في كتب السنة؟ قال الوزير: نعم يوجد في بعض الكتب [18] . [ صفحه 29] قال الملك: هذا هو الكفر بعينه. قال العلوي: ثم إن السنة ينقلون في كتبهم أن رسول الله (ص) كان يحمل عائشة علي كتفيه لتتفرج علي المطبلين والمزمرين، فهل هذا يليق بمقام رسول الله ومكانته؟ قال العباسي: إنه لا يضر. قال العلوي: وهل أنت تفعل هذا، وأنت رجل عادي، هل تحمل زوجتك علي كتفك لتتفرج علي الطبالين؟؟ قال الملك: إن من له أدني حياء وغيرة لا يرضي بهذا فكيف برسول الله وهو مثال الحياء والغيرة والإيمان. فهل صحيح أن هذا موجود في كتب أهل السنة؟ قال الوزير: نعم موجود في بعض الكتب [19] ! [ صفحه 30] قال الملك: فكيف نؤمن بنبي يشك في نبوته؟ قال العباسي: لا بد من تأويل هذه الرواية؟ قال العلوي: وهل تصلح هذه الرواية؟، أعرفت أيها الملك أن أهل السنة يعتقدون بهذه الخرافات والأباطيل والخزعبلات؟ قال العباسي: وأي أباطيل وخرافات تقصد؟ قال العلوي: لقد بينت لك أنكم تقولون: 1 - إن الله كالإنسان له يد ورجل وحركة وسكون. 2 - إن القرآن محرف فيه زيادة ونقصان. 3 - إن الرسول يفعل ما لا يفعله حتي الناس العاديين من حمل عائشة علي كتفه. 4 - إن الرسول كان يشك في نبوته. 5 - إن الذين جاؤوا إلي الحكم قبل علي بن أبي طالب استندوا إلي السيف والقوة في إثبات أنفسهم، ولا شرعية لهم. [ صفحه 31] 6 - إن كتبهم تروي عن أبي هريرة وأمثاله من الأباطيل. قال الملك: دعوا هذا الموضوع وانتقلوا إلي موضوع آخر. قال العلوي: ثم إن السنة ينسبون إلي رسول الله (ص) ما لا يجوز حتي علي الإنسان العادي! قال العباسي: مثل ماذا؟ قال العلوي مثل أنهم يقولون: إن سورة ((عبس وتولي)) نزلت في شأن الرسول! قال العباسي: وما المانع من ذلك؟ قال العلوي: المانع قول الله تعالي: ((وإنك لعلي خلق عظيم)) وقوله: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين))، فهل يعقل أن الرسول الذي يصفه الله تعالي بالخلق العظيم ورحمة للعالمين أن يفعل بذلك الأعمي المؤمن هذا العمل الإنساني؟ قال الملك: غير معقول أن يصدر هذا العمل من رسول الإنسانية ونبي الرحمة، فإذن أيها العلوي: فيمن نزلت هذه السورة؟ قال العلوي: الأحاديث الصحيحة الواردة عن أهل بيت النبي الذين نزل القرآن في بيوتهم تقول إنها نزلت في عثمان بن عفان، وذلك لما دخل عليه ابن أم مكتوم فأعرض عنه عثمان وأدار ظهره إليه [20] . وهنا انبري السيد جمال الدين (وهو من علماء الشيعة وكان حاضرا في المجلس) وقال: قد وقعت لي قصة مع هذه السورة وذلك: أن أحد علماء النصاري قال لي: إن نبينا عيسي أفضل من نبيكم محمد (ص) قلت لماذا؟ قال: لأن نبيكم كان سيئ الأخلاق يعبس للعميان ويدير إليهم ظهره، بينما نبينا عيسي كان حسن الأخلاق يبرئ الأكمه والأبرص. [ صفحه 32] قلت: أيها المسيحي اعلم أننا نحن الشيعة نقول إن السورة نزلت في عثمان بن عفان لا في رسول الله (ص)، وأن نبينا محمد (ص) كان حسن الأخلاق، جميل الصفات، حميد الخصال. وقد قال فيه تعالي: ((وإنك لعلي خلق عظيم)). وقال: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)). قال المسيحي: لقد سمعت هذا الكلام الذي قلته لك من أحد خطباء المسجد في بغداد! قال العلوي: المشهور عندنا أن بعض رواة السوء وبائعي الضمائر نسبوا هذه القصة ليبرؤوا ساحة عثمان بن عفان فإنهم نسبوا الكذب إلي الله والرسول حتي ينزهوا خلفاءهم وحكامهم!

اليوم 02

قال العباسي: إن الشيعة تنكر إيمان الخلفاء الثلاثة، وهذا غير صحيح إذ لو كانوا غير مؤمنين فلماذا صاهرهم رسول الله (ص)؟ قال العلوي: الشيعة يعتقدون أنهم - أي الثلاثة - كانوا غير مؤمنين قلبا وباطنا وإن أظهروا الإسلام لسانا وظاهرا، والرسول الأعظم (ص) كان يقبل إسلام كل من تشهد بالشهادتين ولو كان منافقا واقعا وكان يعاملهم معاملة المسلمين، فمصاهرة النبي لهم ومصاهرتهم للنبي من هذا الباب! قال العباسي: وما هو الدليل علي عدم إيمان أبي بكر؟ قال العلوي: الأدلة القطعية علي ذلك كثيرة جدا، ومن جملتها: أنه خان الرسول في مواطن كثيرة جدا، منها: تخلفه عن جيش أسامة ومعصية أمر الرسول في ذلك، والقرآن الكريم نفي الإيمان عن كل من يخالف الرسول، يقول تعالي: ((فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)). فأبو بكر عصي أمر الرسول وخالفه فهو داخل في الآية التي تنفي إيمان مخالف الرسول. [ صفحه 33] وأضف إلي ذلك أن رسول الله (ص) لعن المتخلف عن جيش أسامة: فهل يلعن رسول الله المؤمن [21] ؟ قال الملك: إذن يصح كلام العلوي أنه لم يكن مؤمنا! قال الوزير: لأهل السنة في تخلفه تأويلات [22] . [ صفحه 34] قال الملك: وهل التأويل يدفع المحذور؟ ولو فتحنا هذا الباب لكان لكل مجرم أن يأتي لإجرامه بتأويلات.. فالسارق يقول: سرقت لأني فقير، وشارب الخمر يقول: شربت لأنني كثير الهموم، والزاني يقول كذا وهكذا.. يختل النظام ويتجرأ الناس علي العصيان، لا.. لا.. التأويلات لا تنفعنا. فاحمر وجه العباسي، وتحير، ماذا يقول، وأخيرا.. تلعثم وقال: وما هو الدليل علي عدم إيمان عمر؟ قال العلوي: الأدلة كثيرة جدا، منها: أنه صرح بنفسه بعدم إيمانه! قال العباسي: في أي موضع؟ قال العلوي: حيث قال: (ما شككت في نبوة محمد (ص) مثل شكي يوم الحديبية) وكلامه هذا يدل: علي أنه كان شاكا دائما في نبوة نبينا (ص)، وكان شكه يوم الحديبية أكثر وأعمق وأعظم من تلك الشكوك، فهل الشاك في نبوة محمد (ص) يعتبر مؤمنا؟ فسكت العباسي وأطرق برأسه خجلا. فقال الملك - موجها الخطاب إلي الوزير -: هل صحيح قول العلوي أن عمر قال هكذا؟ [ صفحه 35] قال الوزير: هكذا ذكر الرواة [23] ! قال الملك: عجيب: عجيب جدا.. أني كنت أعتبر عمر من السابقين إلي الإسلام، واعتبر إيمانه مثاليا، والآن ظهر لي أن في أصل إيمانه شك وشبهة! قال العباسي: مهلا أيها الملك، ابق علي عقيدتك، ولا يخدعك هذا العلوي الكذاب. فأعرض الملك بوجهه عن العباسي وقال مغضبا: إن الوزير نظام الملك يقول: إن العلوي صادق في كلامه، وأن أقول عمر وارد في الكتب وهذا الأبله - يعني العباسي - يقول إنه كاذب، أليس هذا العناد بعينه؟ وساد المجلس سكون رهيب، فقد غضب الملك وانزعج من كلام العباسي. وأطرق العباسي وسائر علماء السنة.. وصمت الوزير... وبقي العلوي رافعا رأسه ينظر في وجه الملك، ليري النتيجة؟ مرت لحظات صعبة علي العباسي، تمني فيها أن تنشق الأرض تحته فيغيب فيها، أو يأتيه ملك الموت فيقبض روحه فورا، من شدة الخجل وحرج الموقف، فلقد ظهر بطلان مذهبه، ولقد ظهرت خرافة عقيدته أمام الملك ووزيره وسائر العلماء والأركان.. ولكن: ماذا يصنع؟ لقد أحضره الملك للسؤال والجواب، ولتمييز الحق من الباطل، ولهذا استجمع قواه ورفع رأسه وقال: وكيف تقول أيها العلوي أن عثمان لم يكن مؤمنا في قلبه، وقد زوجه الرسول ببنتيه رقية وأم كلثوم؟ قال العلوي: الأدلة في عدم إيمانه كثيرة ويكفي في ذلك ما يلي: إن المسلمين - وفيهم الصحابة - اجتمعوا عليه فقتلوه، وأنتم تروون أن النبي قال: (لا تجتمع أمتي علي خطأ) فهل يجتمع المسلمون - وفيهم الصحابة - علي قتل مؤمن؟ [ صفحه 36] ولقد كانت عائشة تشبهه باليهود وتأمر بقتله وتقول: اقتلوا نعثلا فقد كفر، اقتلوا نعثلا قتله الله، بعدا لنعثل وسحقا [24] . وقد ضرب عثمان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل حتي أصيب بالفتق وصار طريح الفراش ومات [25] . سفر أبا ذر الغفاري، ذلك الصحابي الجليل الذي قال فيه الرسول: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر) [26] . ونفاه وأبعده من المدينة المنورة إلي الشام مرة أو مرتين ثم إلي الربذة - وهي أرض جرداء بين مكة والمدينة - حتي مات أبو ذر في الربذة جوعا وعطشا في الوقت الذي كان عثمان يتقلب في بيت المال المسلمين ويوزع الأموال علي أقاربه من الأمويين والمراونيين! قال الملك للوزير: وهل يصدق العلوي في كلامه هذا؟ قال الوزير: ذكر ذلك المؤرخون [27] ! [ صفحه 37] قال الملك: فكيف اتخذه المسلمون خليفة؟ قال الوزير: بالشوري. قال العلوي: مهلا أيها الوزير، لا تقل ما ليس بصحيح! قال الملك: ماذا تقول أيها العلوي؟ قال العلوي: إن الوزير أخطأ في كلامه، إن عثمان لم يأت إلي الحكم إلا بوصية من عمر وانتخاب ثلاثة فقط وهم: طلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، فهل هؤلاء الثلاثة يمثلون المسلمين جميعا [28] ؟ [ صفحه 38] ثم إن التواريخ تذكر أن هؤلاء المنتخبين عدلوا عن عثمان عندما رأوا طغيانه وهتكه لأصحاب رسول الله ومشورته في أمور المسلمين مع كعب الأحبار اليهودي وتوزيعه أموال المسلمين بين بني مروان، فبدأ هؤلاء الثلاثة بتحريض الناس علي قتل عثمان! قال الملك: موجها الخطاب إلي الوزير: هل صحيح كلام العلوي؟ قال الوزير: نعم، كذا يذكر المؤرخون [29] ! قال الملك: فكيف قلت إنه جاء إلي الخلافة بالشوري؟ قال الوزير: كنت أقصد شوري هؤلاء الثلاثة! قال الملك: وهل اختيار ثلاثة أشخاص يصحح الشوري؟ قال الوزير: إن هؤلاء الثلاثة شهد لهم رسول الله (ص) بالجنة؟! قال العلوي: مهلا أيها الوزير، لا تقل ما ليس بصحيح، إن حديث (العشرة المبشرة بالجنة) كذب وافتراء علي رسول الله (ص)! قال العباسي: وكيف تقول إنه كذب وقد رواه الرواة الموثقون؟ قال العلوي: هناك أدلة كثيرة علي كذب هذا الحديث وبطلانه، أذكر لك منها ثلاثة: [ صفحه 39] الأول: كيف يشهد رسول الله بالجنة لمن آذاه وهو طلحة؟ فقد ذكر بعض المفسرين والمؤرخين أن طلحة قال: " لئن مات محمد لننكحن أزواجه من بعده - أو - لأتزوجن عائشة " فتأذي رسول الله من كلام طلحة وأنزل الله قوله: ((وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما)) [30] . الثاني: إن طلحة والزبير قاتلا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وقد قال رسول الله (ص) في حق علي عليه السلام: " يا علي حربك حربي وسلمك سلمي " [31] . وقال: " من أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصي عليا فقد عصاني " [32] . وقال: " علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتي يردا علي الحوض " [33] . وقال: " علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق معه حيثما دار " [34] . فهل محارب رسول الله وعاصيه يكون في الجنة؟ وهل محارب الحق والقرآن يكون مؤمنا؟ الثالث: إن طلحة والزبير سعيا في قتل عثمان، فهل من الممكن أن يكون عثمان وطلحة والزبير كلهم في الجنة، وقد قاتل بعضهم بعضا، ويقول رسول الله (ص) - في حديث له -: القاتل والمقتول كلاهما في النار [35] ؟ [ صفحه 40] قال الملك متعجبا: هل كل ما يقوله العلوي صحيح؟ فسكت الوزير، ولم ينطقوا شيئا. وهنا مزق السيد العلوي ستار الصمت والسكوت فقال: أيها الملك: إن الوزير والعباسي وكل هؤلاء العلماء يعلمون صدق كلامي وصحة مقالتي، وحقيقة حديثي، ولو أنكروا ذلك، فإن في بغداد من العلماء من يشهد [ صفحه 41] علي صدق كلامي وصحته وحقيقته، وأن في خزانة هذه المدرسة كتب تشهد بصدق كلامي، ومصادر معتبرة تصرح بصحة مقالتي وحقيقته.. فإن اعترفوا بصدق كلامي فهو المطلوب وإلا فأنا مستعد الآن أن آتي إليك بالكتب والمصادر والشهود! قال الملك للوزير: هل كلام العلوي صحيح من أن الكتب والمصادر تصرح بصحة مقالته وصدق حديثه؟ قال الوزير: نعم. قال الملك: فلماذا سكت في أول الأمر؟ قال الوزير: لأني أكره أن أطعن في أصحاب رسول الله (ص)! قال العلوي: عجيب! أنت تكره ذلك والله ورسوله لم يكرها ذلك حيث أنه تعالي عرف بعض الصحابة بالمنافقين وأمر رسوله بجهادهم كما يجاهد الكفار، والرسول بنفسه لعن بعض أصحابه! قال الوزير: ألم تسمع أيها العلوي قول العلماء: إن كل أصحاب الرسول عدول؟ قال العلوي: سمعت ذلك، ولكني أعرف أنه كذب وافتراء، إذ كيف يمكن أن يكون كل أصحاب الرسول عدولا وقد لعن الله بعضهم، ولعن الرسول بعضهم، ولعن بعضهم بعضا، وقاتل بعضهم بعضا، وشتم بعضهم بعضا، وقتل بعضهم بعضا [36] ؟؟ [ صفحه 42] وهنا وجد العباسي الباب مسدودا أمامه، فجاء من باب آخر وقال: أيها الملك: قل لهذا العلوي إذا لم يكن الخلفاء مؤمنين فكيف اتخذهم المسلمون خلفاء، واقتدوا بهم؟ قال العلوي: أولا: لم يتخذهم كل المسلمين خلفاء وإنما أهل السنة فقط. ثانيا: إن هؤلاء الذين يعتقدون بخلافتهم ينقسمون إلي قسمين: جاهل ومعاند.. أما الجاهل فلا يعرف فضائحهم وحقائقهم، وإنما يتصورهم أناسا طيبين مؤمنين. وأما المعاند فلا ينفعه الدليل والبرهان ما دام قد أصر علي العناد واللجاج.. يقول تعالي: " ولو جئتهم بكل آية لا يؤمنون ". ويقول سبحانه: ((سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)). ثالثا: إن هؤلاء الذين اتخذوهم خلفاء أخطأوا في الاختيار، كما أخطأ المسيحيون حيث قالوا: (المسيح ابن الله)، فالانسان يجب عليه أن يطيع الله والرسول وأن يتبع الحق لا أن يتبع الناس علي الخطأ والباطل.. يقول تعالي: ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)). قال الملك: دعوا هذا الكلام، وتكلموا حول موضوع آخر. [ صفحه 43] قال العلوي: ومن اشتباهات أهل السنة وأخطائهم أنهم تركوا علي بن أبي طالب عليه السلام وتبعوا كلام الأولين. قال العباسي: ولماذا؟ قال العلوي: لأن علي بن أبي طالب عينه الرسول (ص) وأولئك الثلاثة لم يعينهم الرسول ثم أردف قائلا: أيها الملك: إنك لو عينت في مكانك ولخلافتك إنسانا فهل يجب أن يتبعك الوزراء وأعضاء الحكومة؟ أم يحق لهم أن يعزلوا خليفتك، ويعينوا إنسانا آخر مكانك؟ قال الملك: بل الواجب أن يتبعوا خليفتي الذي عينته أنا، وأن يقتدوا به ويطيعوا أمري فيه. قال العلوي: وهكذا فعل الشيعة، فقد اتبعوا خليفة رسول الله الذي عينه (ص) وهو علي بن أبي طالب وتركوا غيره. قال العباسي: لكن علي بن أبي طالب لم يكن أهلا للخلافة، حيث أنه كان صغير العمر بينما كان أبو بكر كبير العمر، وكان علي بن أبي طالب قد قتل صناديد العرب وأباد شجعانهم فلم تكن العرب ترضي به، ولم يكن أبو بكر كذلك! قال العلوي: أسمعت أيها الملك إن العباسي يقول: إن الناس أعلم من الله ورسوله في تعيين الأصلح، لأنه لا يأخذ بكلام الله ورسوله في تعيين علي بن أبي طالب، ويأخذ بكلام بعض الناس في أصلحية أبي بكر، كأن الله العليم الحكيم لا يعرف الأصلح والأفضل حتي يأتي بعض الناس الجهال فيختاروا الأصلح؟ ألم يقل الله تعالي: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا))؟ ألم يقل سبحانه: ((يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم))؟ قال العباسي: كلا إني لم أقل أن الناس أعلم من الله ورسوله. [ صفحه 44] قال العلوي: إذن لا معني لكلامك، فإن كان الله والرسول قد عينا إنسانا واحدا للخلافة والإمامة، فاللازم أن تقتدي به، سواء رضي به الناس أم لا! قال العباسي: لكن المؤهلات في علي بن أبي طالب كانت قليلة؟ قال العلوي: إن مؤهلات الخلافة والإمامة كانت متوفرة كاملا في علي بن أبي طالب، بينما لم تكن متوفرة في غيره! قال العباسي: وما هي تلك المؤهلات؟ قال العلوي: إن مؤهلاته عليه السلام كثيرة جدا، فأول المؤهلات تعيين الرسول له عليه السلام. وثانيها: إنه كان أعلم الصحابة علي الإطلاق، فهذا رسول الله يقول: " أقضاكم علي " ويقول عمر بن الخطاب: (أقضانا علي) [37] . ويقول رسول الله: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة والحكمة فليأت الباب " [38] . ومن الواضح أن العالم مقدم علي الجاهل يقول تعالي: ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)). وثالثها: أنه عليه السلام كان مستغينا عن غيره، غيره كان محتاجا إليه.. ألم يقل عمر في أكثر من سبعين موضعا: " لولا علي لهلك عمر "؟ [39] . " ولا أبقاني الله لمعضلة لست فيها أبا الحسن " [40] . [ صفحه 45] ورابعها: إن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن قد عصي الله ولم يكن قد عبد غير الله، ولم يكن قد سجد للأصنام طيلة حياته أبدا، وهؤلاء الخلفاء الثلاثة كانوا قد عصوا الله وعبدوا غيره وسجدوا للأصنام وقد قال الله تعالي: ((لا ينال عهدي الظالمين)) ومن الواضح أن العاصي ظالم، فلا يكون مؤهلا لنيل عهد الله أي: النبوة والخلافة. وخامسها: إن علي بن أبي طالب كان ذا فكر سليم وعقل كبير ورأي صائب منبعث من الإسلام، بينما كان غيره ذا رأي سقيم منبعث من الشيطان، فقد قال أبو بكر: إن لي شيطانا يعتريني، وخالف عمر رسول الله في مواضع عديدة، وكان عثمان ضعيف الرأي تؤثر فيه حاشيته السيئة أمثال: الوزغ بن الوزغ الذي لعنه رسول الله ولعن من في صلبه - إلا المؤمن وقليل ما هم: (مروان بن الحكم) وكعب الأحبار اليهودي وغيرهما! قال الملك (موجها الخطاب إلي الوزير): هل صحيح أن أبا بكر قال: (إن لي شيطانا يعتريني)؟ قال الوزير: هذا موجود في كتب الروايات [41] ! قال الملك: وهل صحيح أن عمر خالف رسول الله؟ قال الوزير: نستفسر من العلوي ماذا يقصد من هذا الكلام؟ قال العلوي: نعم ذكر علماء السنة في الكتب المعتبرة أن عمر رد علي رسول الله (ص) في موارد عديدة، وخالفه من مواطن كثيرة، منها: 1 - حين أراد النبي أن يصلي علي عبد الله بن أبي، فقد رد عمر علي رسول الله ردا قاسيا حتي تأذي منه رسول الله، والله يقول: ((والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)) [42] . [ صفحه 46] 2 - في متعة النساء، حيث لم يؤمن بها، ولما جاء إلي الحكم، قال: (متعتان كانتا علي عهد رسول الله وأنا أحرمها وأعاقب عليهما) بينما يقول الله تعالي في القرآن الكريم: ((فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن)) حيث ذكر المفسرون أنها نزلت في جواز المتعة، وقد كان عمل المسلمين علي هذه حتي أيام عمر، فلما حرمها عمر كثر الزنا والفجور بين المسلمين [43] . وبهذا العمل عطل عمر حكم الله وسنة رسول الله، وروج الزنا والفجور! وصار مشمولا للآية: ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.. الظالمون.. الفاسقون)). 3 - في صلح الحديبية كما مر.. إلي غيرها من الموارد التي كان عمر يخالف رسول الله ويؤذيه بقساوة كلامه! قال الملك: وفي الحقيقة أني أيضا لا أرضي بمتعة النساء! قال العلوي: هل أنت تعترف بأنه تشريع إسلامي أم لا؟ قال الملك: لا أعترف. قال العلوي: فما معني الآية: ((فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن))؟ وما معني قول عمر: (متعتان كانتا... الخ)؟ ألا يدل قول عمر علي أن متعة النساء كانت جائزة وجارية في عهد رسول الله، وفي أيام حكم أبي بكر، وفي جزء من حكم عمر ثم نهي عنها ومنعها؟ بالإضافة إلي سائر الأدلة وهي كثيرة، أيها الملك: إن عمر نفسه كان يتمتع بالنساء وأن عبد الله بن الزبير ولد من المتعة! قال الملك: ماذا تقول يا نظام الملك؟ قال الوزير: حجة العلوي سليمة وصحيحة، ولكن حيث أن عمر نهي، يلزم علينا اتباعه. [ صفحه 47] قال العلوي: هل الله والرسول أحق بالاتباع أم عمر؟ ألم تقرأ أيها الوزير قوله تعالي: ((ما آتاكم الرسول فخذوه)). وقوله: ((وأطيعوا الرسول)). وقوله: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة)). والحديث المشهور: (حلال محمد حلال إلي يوم القيامة وحرام محمد حرام إلي يوم القيامة). قال الملك: إني أؤمن بكل تشريعات الإسلام، لكن لا أفهم وجه العلة في تشريع المتعة، فهل يرغب أحدكم أن يعطي بنته أو أخته لرجل، كي يتمتع بها ساعة، أليس هذا قبيحا؟ قال العلوي: وما تقول في هذا أيها الملك: هل يرغب الإنسان أن يزوج بنته أو أخته عقدا دائما لرجل، وهو يعلم أنه يطلقها بعد ساعة من الاستمتاع بها؟ قال: الملك: لا أرغب ذلك. قال العلوي: مع أن أهل السنة يعترفون بأن هذا العقد الدائم صحيح، والطلاق بعده صحيح أيضا، فليس الفارق بين عقد المتعة والعقد الدائم إلا أن المتعة تنتهي بانتهاء مدتها والعقد الدائم ينقطع بإطلاق، وبعبارة أخري: عقد المتعة بمنزلة الإجارة، وعقد الدوام بمنزلة الملك، حيث أن الإجارة تنتهي بانتهاء المدة والملك ينتهي بالبيع - مثلا -! إذن: فتشريع المتعة سليم وصحيح لأنه قضاء حاجة من حاجات الجسد. كما أن تشريع الدوام الذي ينقطع بالطلاق سليم وصحيح لأنه قضاء حاجة من حاجات الجسد. ثم أسألك - أيها الملك - ما تقول في النساء الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن ولم يتقدم أحد لخطبتهن: أليس عقد المتعة هو العلاج الوحيد لصيانتهن من الفساد والفجور؟ أليس بالمتعة يحصلن علي مقدار من المال لمصارف أنفسهن وأطفالهن اليتامي؟ [ صفحه 48] وما تقول في الشباب والرجال الذين لا تسمح لهم ظروفهم بالزواج الدائم أليست المتعة هي الحل الوحيد لهم للخلاص من القوة الجنسية الطائشة؟! وللوقاية من الفسق والميوعة؟ أليست المتعة أفضل من الزنا الفاحش واللواط والعادة السرية؟ إنني أعتقد - أيها الملك - إن كل جريمة زنا أو لواط أو استمناء، تقع بين الناس، يعود سببها إلي عمر، ويشترك في إثمها عمر، لأنه الذي منعها، ونهي الناس عنها! وقد ورد في أخبار متعددة: أن الزنا كثر بين الناس منذ أن منع عمر المتعة! أما قولك - أيها الملك - أني لا أرغب: الخ، فالإسلام لم يجبر أحدا علي هذا، كما لم يجبرك علي أن تزوج بنتك لمن تعلم أنه يطلقها بعد ساعة من عقد النكاح، بالإضافة إلي أن عدم رغبتك ورغبة الناس في شئ لا يقوم دليلا علي حرمته، فحكم الله ثابت لا يتغير بالأهواء والآراء! قال الملك - موجها الخطاب للوزير -: حجة العلوي في جواز المتعة قوية! قال الوزير: لكن العلماء اتبعوا رأي عمر. قال العلوي: أولا: إن الذين اتبعوا رأي عمر هم علماء السنة فقط لا كل العلماء. ثانيا: حكم الله ورسوله أحق بالاتباع أم قول عمر؟ وثالثا: إن علماءكم ناقضوا بأنفسهم قول عمر وتشريعه. قال الوزير: كيف؟ قال العلوي: لأن عمر قال: (متعتان كانتا في عهد رسول الله أنا أحرمهما: متعة الحجج ومتعة النساء) فإن كان قول عمر صحيحا فلماذا لم يتبع علماؤكم رأيه في متعة الحج؟ حيث أن علماءكم خالفوا عمر وقالوا: بأن متعة الحج صحيحة، علي الرغم من تحريم عمر! وإن كان قول عمر باطلا فلماذا اتبع علماؤكم رأيه في حرمة متعة النساء، ووافقوه؟ [44] . [ صفحه 49]

اليوم 03

قال العباسي: إن هؤلاء الشيعة يزعمون أنه لا فضل لعمر، وكفاه فضلا أنه فتح تلك الفتوحات الإسلامية. قال العلوي: عندنا لذلك أجوبة: أولا: إن الحكام والملوك يفتحون البلاد لأجل توسعة أراضيهم وسلطانهم، فهل هذه فضيلة؟ ثانيا: لو سلمنا أن فتوحاته فضيلة، لكن هل الفتوحات تبرر غصبه لخلافة الرسول؟ والحال أن الرسول لم يجعل الخلافة له وإنما جعلها لعلي بن أبي طالب عليه السلام فإذا أنت - أيها الملك - عينت خليفة لمقامك، ثم جاء إنسان وغصب الخلافة من خليفتك وجلس مجلسه، ثم فتح الفتوحات وعمل الصالحات، فهل ترضي أنت بفتوحاته أم تغضب عليه، لأنه خلع من عينته، وعزل خليفتك وجلس مجلسك بغير إذنك؟ قال الملك: بل أغضب عليه وفتوحاته لا تغسل جريمته! قال العلوي: وكذلك عمر، غصب مقام الخلافة، وجلس مجلس الرسول بغير إذن من الرسول! ثالثا: إن فتوحات عمر كانت خاطئة وكان لها نتائج سلبية معكوسة، لأن رسول الإسلام (ص) لم يهاجم أحدا، بل كانت حروبه دفاعية ولذلك رغب الناس في الإسلام ودخلوا في دين الله أفواجا لأنهم عرفوا أن الإسلام دين سلم وسلام.. [ صفحه 50] أما عمر فإنه هاجم البلاد وأدخلهم في الإسلام بالسيف والقهر، ولذلك كره الناس الإسلام واتهموه بأنه دين السيف والقوة، لا دين المنطق واللين وصار سببا لكثرة أعداء الإسلام، فإذن: فتوحات عمر شوهت سمعة الإسلام وأعطت نتائج سلبة معكوسة [45] . ولو لم يغصب أبو بكر وعمر وعثمان الخلافة من صاحبها الشرعي: الإمام علي عليه السلام، وكان الإمام يتسلم مهام الخلافة بعد الرسول مباشرة لكان يسير [ صفحه 51] بسيرة الرسول ويقتفي أثره، ويطبق منهاجه، وكان ذلك موجبا لدخول الناس في دين الإسلام أفواجا، ولكانت رقعة الإسلام تتسع حتي تشمل وجه الكرة الأرضية! ولكن: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال الملك - موجها الكلام إلي العباسي -: ما جوابك علي كلام العلوي؟ قال العباسي: إني لم أسمع بمثل هذا الكلام من ذي قبل! قال العلوي: الآن وحيث سمعت هذا الكلام، وتجلي لك الحق فاترك خلفاءك، واتبع خليفة رسول الله الشرعي (علي ابن أبي طالب عليه السلام). ثم أردف قائلا: عجيب أمركم معاشر السنة تنسون وتتركون الأصل وتأخذون بالفرع. قال العباسي: وكيف ذلك؟ قال العلوي: لأنكم تذكرون فتوحات عمر، وتنسون فتوحات علي بن أبي طالب! قال العباسي: وما هي فتوحات علي بن أبي طالب؟ قال العلوي: أغلب فتوحات الرسول حصلت وتحققت علي يد الإمام علي بن أبي طالب مثل بدر وفتح خيبر وحنين وأحد والخندق وغيرها.. ولولا هذه الفتوحات التي هي أساس الإسلام لم يكن عمر، ولم يكن هنالك إسلام ولا إيمان. والدليل علي ذلك أن النبي (ص) قال - لما برز علي لقتل عمرو بن عبد ود في يوم الأحزاب (الخندق): (برز الإيمان كله إلي الشرك كله، إلهي إن شئت أن لا تعبد فلا تعبد) أي: إن قتل علي تجرأ المشركون علي قتلي وقتل المسلمين جميعا، فلا يبقي بعده إسلام ولا إيمان. وقال (ص): ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين [46] . [ صفحه 52] قال العباسي: لو فرضنا أن قولكم في أن عمر كان مخطئا وغاصبا وأنه غير وبدل صحيح ولكن لماذا تكرهون أبا بكر؟ قال العلوي: نكرهه لعدة أمور، أذكر لك منها أمرين: الأول: ما فعله بفاطمة الزهراء بنت رسول الله، وسيدة نساء العالمين - عليها الصلاة والسلام -. الثاني: رفعه الحد عن المجرم الزاني: خالد بن الوليد. قال الملك - متعجبا -: وهل خالد بن الوليد مجرم؟ قال العلوي: نعم قال الملك: وما هي جريمته؟ قال العلوي: جريمته أنه: أرسله أبو بكر إلي الصحابي الجليل: (مالك بن نويرة) - الذي بشره رسول الله أنه من أهل الجنة - وأمره أي: أمر أبو بكر خالدا - أن يقتل مالك وقومه، وكان مالك خارج المدينة المنورة فلما رأي خالدا مقبلا إليه في سرية من الجيش أمر مالك قومه بحمل السلاح، فحملوا السلاح فلما وصل خالد إليهم احتال وكذب عليهم وحلف لهم بالله أنه لا يقصد بهم سوءا. وقال: إننا لم نأت لمحاربتكم بل نحن ضيوف عليكم الليلة، فاطمأن مالك - لما حلف خالد بالله - ووضع هو وقومه السلاح وصار وقت الصلاة فوقف مالك وقومه للصلاة فهجم عليهم خالد وجماعته وكتفوا مالكا وقومه ثم قتلهم خالد عن آخرهم، ثم طمع خالد في زوجة مالك (لما رآها جميلة) وزني بها في نفس الليلة التي قتل زوجها، ووضع رأس مالك وقومه أثافي [47] للقدر وطبخ طعام الزنا وأكل هو وجماعته! ولما رجع خالد إلي المدينة أراد عمر أن يقتص منه لقتله المسلمين ويجري عليه الحد لزناه بزوجة مالك ولكن أبا بكر (المؤمن!) منعه عن ذلك منعا شديدا، وبعمله هذا أهدر دماء المسلمين وأسقط حدا من حدود الله! [ صفحه 53] قال الملك (متوجها إلي الوزير): هل صحيح ما ذكره العلوي في حق خالد وأبي بكر؟ قال الوزير: نعم هكذا ذكر المؤرخون [48] ! قال الملك: فلماذا يسمي بعض الناس خالدا ب (سيف الله المسلول)؟ قال العلوي: إنه سيف الشيطان المشلول ولكن حيث أنه كان عدوا لعلي بن أبي طالب وكان مع عمر في حرق باب دار فاطمة الزهراء سماه بعض السنة بسيف الله [49] ! [ صفحه 54] قال الملك: وهل أهل السنة أعداء علي بن أبي طالب؟ قال العلوي: إذا لم يكونوا أعداءه فلماذا مدحوا من غصب حقه والتفوا حول أعدائه وأنكروا فضائله ومناقبه حتي بلغ بهم الحقد والعداء إلي أن يقولوا: (إن أبا طالب مات كافرا) والحال إن أبا طالب كان مؤمنا وهو الذي نصر الإسلام في أشد ظروفه ودافع عن النبي في رسالته! قال الملك: وهل أن أبا طالب أسلم؟ قال العلوي: لم يكن أبو طالب كافرا حتي يسلم، بل كان مؤمنا يخفي إيمانه، فلما بعث رسول الله (ص) أظهر أبو طالب الإسلام علي يده فهو ثالث المسلمين: أولهم علي بن أبي طالب. والثاني: السيدة خديجة الكبري زوجة النبي (ص): والثالث: هو أبو طالب عليه السلام. قال الملك للوزير: هل صحيح كلام العلوي في حق أبي طالب؟ قال الوزير: نعم ذكر ذلك بعض المؤرخين [50] . قال الملك: فلماذا اشتهر بين أهل السنة أن أبا طالب مات كافرا؟ قال العلوي: لأن أبا طالب أبو الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام فحقد أهل السنة علي علي ابن أبي طالب أوجب أن يقولوا: إن أباه مات كافرا، كما أن حقد السنة علي (علي) أوجب أن يقتلوا ولديه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة [51] . [ صفحه 55] قال الملك للعباسي: فما جوابك عن قصة خالد بن الوليد؟ قال العباسي: إن أبا بكر رأي المصلحة في ذلك! قال العلوي - متعجبا -: سبحان الله! وأي مصلحة تقتضي أن يقتل خالد الأبرياء ويزني بنسائهم ثم يبقي بلا حد ولا عقاب، بل يفوض إليه قيادة الجيش، ويقول فيه أبو بكر إنه سيف الله، فهل سيف الله يقتل الكفار أو المؤمنين؟ وهل سيف الله يحفظ أعراض المسلمين أو يزني بنساء المسلمين؟؟ قال العباسي: هب - أيها العلوي - أن أبا بكر أخطأ، لكن عمر تدارك الأمر! قال العلوي: تدارك الأمر هو أن يجلد خالد للزنا، ويقتله لقتله الأبرياء المؤمنين، ولم يفعل ذلك عمر، فعمر أخطأ كما أخطأ أبو بكر من قبله. قال الملك: إنك أيها العلوي قلت في أول الكلام إن أبا بكر أساء إلي فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) فما هي إساءته إلي فاطمة؟ قال العلوي: إن أبا بكر بعدما أخذ البيعة لنفسه من الناس بالإرهاب والسيف والتهديد والقوة أرسل عمرا وقنفذا وخالد بن الوليد وأبا عبيدة الجراح وجماعة أخري - من المنافقين - إلي دار علي وفاطمة عليهما السلام وجمع عمر الحطب علي باب بيت فاطمة (ذلك الباب الذي طالما وقف عليه الرسول وقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وما كان يدخله إلا بعد الاستئذان وأحرق الباب بالنار، ولما جاءت فاطمة خلف الباب لترد عمر وحزبه عصر عمر فاطمة بين الحائط والباب عصرة شديدة قاسية حتي أسقطت جنينها ونبت مسمار الباب في صدرها وصاحت فاطمة، فانهالت السياط علي حبيبة رسول الله وبضعته حتي أدموا جسمها! وبقيت آثار هذه العصرة القاسية والصدمة المريرة تنخر في جسم فاطمة، فأصبحت مريضة عليلة حزينة حتي فارقت الحياة بعد أبيها بأيام - ففاطمة شهيدة بيت النبوة، وهي قتلت بسبب عمر بن الخطاب! [ صفحه 56] قال الملك للوزير: هل ما يذكره العلوي صحيح؟ قال الوزير: نعم إني رأيت في التواريخ ما يذكره العلوي [52] ! قال العلوي: وهذا هو السبب لكراهة الشيعة أبا بكر وعمر! ثم أضاف قائلا: ويدلك علي وقوع هذه الجريمة من أبي بكر وعمر أن المؤرخين ذكروا أن فاطمة ماتت وهي غاضبة علي أبي بكر وعمر وقد ذكر الرسول (ص) في عدة أحاديث له: (إن الله يرضي لرضا فاطمة ويغضب لغضبها) وأنت أيها الملك تعرف ما هو مصير من غضب الله عليه!؟ قال الملك (موجها الخطاب للوزير): هل صحيح هذا الحديث؟ وهل صحيح أن فاطمة مات وهي واجدة - أي غاضبة - علي أبي بكر وعمر؟ قال الوزير: نعم ذكر ذلك أهل الحديث والتاريخ [53] ! [ صفحه 57] قال العلوي: ويدلك أيها الملك علي صدق مقالتي: أن فاطمة أوصت إلي علي بن أبي طالب عليه السلام أن لا يشهد أبا بكر وعمر وسائر الذين ظلموها جنازتها، فلا يصلوا عليها، ولا يحضروا تشييعها، وأن يخفي علي قبرها حتي لا يحضروا علي قبرها، ونفذ علي عليه السلام وصاياها! قال الملك: هذا أمر غريب، فهل صدر هذا الشئ من فاطمة وعلي؟ قال الوزير: هكذا ذكر المؤرخون [54] ! قال العلوي: وقد آذي أبو بكر وعمر فاطمة أذية أخري! قال العباسي: وما هي تلك الأذية؟ قال العلوي: هي أنهما غصبا ملكها (فدك). قال العباسي: وما هو الدليل علي أنهما غصبا (فدك)؟ قال العلوي: التواريخ ذكرت أن رسول الله (ص) أعطي فدكا لفاطمة فكانت فدك في يدها - في أيام رسول الله - فلما قبض النبي (ص) أرسل أبو بكر وعمر من أخرج عمال فاطمة من (فدك) بالجبر والسيف، واحتجت فاطمة علي أبي بكر وعمر لكنهما لم يسمعا كلامها، بل نهراها ومنعاها، ولذلك لم تكلمهما حتي ماتت غاضبة عليهما [55] !. [ صفحه 58] قال العباسي: لكن عمر بن عبد العزيز رد فدك علي أولاد فاطمة - في أيام خلافته -؟ قال العلوي: وما الفائدة؟ فهل لو أن إنسانا غصب منك دارك وشردك ثم جاء إنسان آخر بعد أن مت أنت، ورد دارك علي أولادك كان ذلك يمسح ذنب الغاصب الأول؟ قال الملك: يظهر من كلامكما - أيها العباسي والعلوي - أن الكل متفقون علي غصب أبي بكر وعمر فدكا؟ قال العباسي: نعم ذكر ذلك التاريخ [56] . قال الملك: ولماذا فعلا ذلك؟ قال العلوي: لأنهما أرادا غصب الخلافة، وعلما بأن فدك لو بقيت بيد فاطمة لبذلت ووزعت واردها الكثير (مائة وعشرون ألف دينار ذهب - علي قول بعض التواريخ -) في الناس، وبذلك يلتف الناس حول علي عليه السلام، وهذا ما كان يكرهه أبو بكر وعمر! قال الملك: إذا صحت هذه الأقوال فعجيب أمر هؤلاء! وإذا بطلت خلافة هؤلاء الثلاثة، فمن يا تري يكون خليفة الرسول (ص)؟ قال العلوي: لقد عين الرسول بنفسه - وبأمر من الله تعالي - خلفاءه من بعده، في الحديث الوارد في كتب الحديث حيث قال: (الخلفاء بعدي اثنا عشر بعدد نقباء بني إسرائيل وكلهم من قريش) [57] . قال الملك للوزير: هل صحيح أن الرسول قال ذلك؟ [ صفحه 59] قال الوزير: نعم. قال الملك: فمن هم أولئك الاثنا عشر؟ قال العباسي: أربعة منهم معروفون وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. قال الملك: فمن البقية؟ قال العباسي: خلاف في البقية بين العلماء [58] . قال الملك: عدهم. فسكت العباسي. قال العلوي: أيها الملك: الآن أذكرهم بأسمائهم حسب ما جاء في كتب علماء السنة وهم: علي، الحسن، الحسين، علي، محمد، جعفر، موسي، علي، محمد، علي، الحسن، المهدي عليهم الصلاة والسلام [59] . [ صفحه 60] قال العباسي: اسمع أيها الملك: إن الشيعة يقولون بأن (المهدي) حي في دار الدنيا منذ سنة (255) وهل هذا معقول؟ ويقولون: إنه سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا بعد أن تملأ جورا. قال الملك (موجها الخطاب إلي العلوي): هل صحيح أنكم تعتقدون بذلك؟ قال العلوي: نعم صحيح ذلك، لأن الرسول قال بذلك، والرواة من الشيعة والسنة. قال الملك: وكيف يمكن أن يبقي إنسان هذه المدة الطويلة؟ قال العلوي: الله يقول في القرآن حول نوح النبي: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) فهل يعجز الله أن يبقي إنسانا هذه المدة؟ أليس الله بيده الموت والحياة وهو علي كل شئ قدير؟ ثم إن الرسول قال ذلك وهو صادق مصدق. قال الملك (موجها الخطاب إلي الوزير): هل صحيح أن الرسول أخبر بالمهدي، علي ما يقوله العلوي؟ قال الوزير: نعم.. [60] . قال الملك للعباسي: فلماذا أنت تنكر الحقائق الواردة عندنا نحن السنة؟ قال العباسي: خوفا علي عقيدة العوام أن تتزلزل، وتميل قلوبهم نحو الشيعة! [ صفحه 61] قال العلوي: إذن أنت أيها العباسي مصداق لقوله تعالي: ((إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)) فشملتك اللعنة من الله تعالي.. ثم قال العلوي: أيها الملك اسأل هذا العباسي هل يجب علي العالم المحافظة علي كتاب الله وأقوال رسول الله. أم يجب عليه المحافظة علي عقيدة العوام المنحرفة عن كتاب الله وأقوال رسول الله. أم يجب عليه المحافظة علي عقيدة العوام المنحرفة عن الكتاب والسنة؟ قال العباسي: إني أحافظ علي عقيدة العوام حتي لا تميل قلوبهم إلي الشيعة لأن الشيعة أهل البدعة! قال العلوي: إن الكتب المعتبرة تحدثنا أن أمامكم (عمر) هو أول من أدخل البدعة في الإسلام، وصرح هو بنفسه حين قال: (نعمت البدعة في هذه) وذلك في صلاة التراويح لما أمر الناس أن يصلوا النافلة جماعة مع العلم أن الله والرسول حرما النافلة جماعة، فكانت بدعة عمر مخالفة صريحة لله والرسول! ثم: ألم يبدع عمر في الأذان بإسقاط (حي علي خير العمل). وزيادة (الصلاة خير من النوم)؟ ألم يبدع بإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم خلافا لله والرسول؟ ألم يبدع في إلغاء متعة الحج، خلافا لله والرسول؟ ألم يبدع في إلغاء إجراء الحد علي المجرم الزاني: خالد بن الوليد، خلافا لأمر الله والرسول في وجوب إجراء الحد علي الزاني والقاتل؟ إلي غيرها من بدعكم أنتم أيها السنة التابعين لعمر. فهل أنتم أهل بدعة أم نحن الشيعة؟ قال الملك للوزير: هل صحيح ما ذكره العلوي من بدع عمر في الدين؟ قال الوزير: نعم ذكر ذلك جماعة من العلماء في كتبهم! [61] . [ صفحه 62] قال الملك: إذن كيف نتبع نحن إنسانا أبدع في الدين؟ قال العلوي: ولهذا يحرم اتباع هكذا إنسان، لأن رسول الله (ص). قال: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فالذين يتبعون عمر في بدعه - وهم عالمون بالأمر - فهم من أهل النار قطعا! قال العباسي: لكن أئمة المذاهب أقروا فعل عمر؟ قال العلوي: وهذه بدعة أخري أيها الملك! قال الملك: وكيف ذلك! قال العلوي: لأن أصحاب هذه المذاهب وهم: وأبو حنيفة ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، لم يكونوا في عصر النبي (ص)، بل جاؤوا بعده بمائتي سنة - تقريبا - فهل المسلمون الذين كانوا بين عصر الرسول وبين عصر هؤلاء كانوا علي باطل وضلال؟ وما هو المبرر في حصر المذاهب في هؤلاء الأربعة وعدم اتباع سائر الفقهاء؟ وهل أوصي الرسول بذلك؟ قال الملك: ما تقول يا عباسي؟ قال العباسي: كان هؤلاء أعلم من غيرهم! قال الملك: فهل أن علم العلماء جف دون هؤلاء! قال العباسي: ولكن الشيعة أيضا يتبعون مذهب (جعفر الصادق)؟ [ صفحه 63] قال العلوي: إنما نحن نتبع مذهب جعفر لأن مذهبه مذهب رسول الله لأنه من أهل البيت الذين قال الله عنهم: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)) وإلا فنحن نتبع كل الأئمة الاثني عشر لكن حيث أن الإمام الصادق عليه السلام تمكن أن ينشر العلم والتفسير والأحاديث الشريفة أكثر من غيره (بسبب وجود بعض الحرية في عصره) حتي كان يحضر مجلسه أربعة آلاف تلميذ، وحتي استطاع الإمام الصادق أن يجدد معالم الإسلام بعدما حاول الأمويون والعباسيون القضاء عليها، ولهذا سمي الشيعة ب (الجعفرية) نسبة إلي مجدد المذهب وهو الإمام جعفر الصادق عليه السلام [62] . قال الملك: ما جوابك يا عباسي؟ قال العباسي: تقليد أئمة المذاهب الأربعة عادة اتخذناها نحن السنة! قال العلوي: بل أجبركم علي ذلك بعض الأمراء، وأنتم اتبعتم أولئك متابعة عمياء لا حجة لكم فيها ولا برهان! فسكت العباسي. قال العلوي: أيها الملك: إني أشهد أن العباسي من أهل النار، إذا مات علي هذه الحالة. قال الملك: ومن أين علمت أنه من أهل النار؟ قال العلوي: لأنه ورد عن رسول الله (ص) قوله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) فاسأل أيها الملك: من هو إمام زمان العباسي؟ قال العباسي: لم يرد هذا الحديث عن رسول الله. [ صفحه 64] قال الملك للوزير: هل ورد هذا الحديث عن رسول الله؟ قال الوزير: نعم ورد [63] ! قال الملك: مغضبا: كنت أظن أنك أيها العباسي ثقة، والآن تبين لي كذبك! قال العباسي: إني أعرف إمام زماني! قال العلوي: فمن هو؟ قال العباسي: الملك! قال العلوي: اعلم أيها الملك أنه يكذب، ولا يقول ذلك إلا تملقا لك! قال الملك: نعم إني أعلم أنه يكذب، وإني أعرف نفسي بأني لا أصلح أن أكون إمام زمان الناس، لأني لا أعلم شيئا، وأقضي غالب أوقاتي بالصيد والشؤون الإدارية! ثم قال الملك: أيها العلوي فمن هو إمام الزمان في رأيك؟ قال العلوي: إمام الزمان في نظري وعقيدتي هو (الإمام المهدي) عليه السلام كما تقدم الحديث حوله عن رسول الله (ص) فمن عرفه مات ميتة المسلمين. وهو من أهل الجنة، ومن لم يعرفه مات ميتة جاهلية وهو في النار مع أهل الجاهلية! وهنا تهلل وجه الملك شاه وظهرت آثار الفرح والسرور في وجهه والتفت إلي الحاضرين قائلا: اعلموا أيتها الجماعة أني قد اطمأننت ووثقت من هذه المحاورة (وقد كانت دامت ثلاثة أيام) وعرفت وتيقنت أن الحق مع الشيعة في كل ما يقولون ويعتقدون، وأن أهل السنة باطل مذهبهم، منحرفة عقيدتهم، وأني أكون ممن إذا رأي الحق أذعن له واعترف به، ولا أكون من أهل الباطل في الدنيا وأهل النار في الآخرة ولذلك فإنني أعلن تشيعي أمامكم، ومن أحب أن يكون معي فليتشيع علي بركة الله ورضوانه ويخرج نفسه من ظلمات الباطل إلي نور الحق! [ صفحه 65] فقال الوزير نظام الملك: وأنا كنت أعلم ذلك، وأن التشيع حق، وأن المذهب الصحيح فقط هو مذهب الشيعة منذ أيام دراستي ولذا أعلن أنا أيضا تشيعي. وهكذا دخل أغلب العلماء والوزراء والقواد الحاضرين في المجلس (وكان عددهم يقارب السبعين) في مذهب الشيعة. وانتشر خبر تشيع الملك ونظام الملك والوزراء والقواد والكتاب في كافة البلاد، فدخل في التشيع عدد كبير من الناس، وأمر نظام الملك - وهو والد زوجتي - أن يدرس الأساتذة مذهب الشيعة في المدارس النظامية في بغداد! لكن بقي بعض علماء السنة الذين أصروا علي الباطل علي مذهبهم السابق مصداقا لقوله تعالي: ((فهي كالحجارة أو أشد قسوة)) وأخذوا يحيكون المؤامرات ضد الملك ونظام الملك وحملوه تبعة هذا الأمر إذ كان هو العقل المدبر للبلاد، حتي امتدت إليه يد أثيمة - بإيعاز من هؤلاء المعاندين السنة - فاغتالوه في 12 رمضان سنة (485 ه)، وبعد ذلك اغتالوا الملك شاه سلجوقي. فإنا لله وإنا إليه راجعون فلقد قتلا في سبيل الله ومن أجل الحق والإيمان، فهنيئا لهم ولكل من يقتل في سبيل الله ومن أجل الحق والإيمان. وقد نظمت قصيدة رثاء للشيخ العظيم نظام الملك ومنها هذه الأبيات: كان الوزير نظام الملك لؤلؤة++ نفيسة صاغها الرحمن من شرف عزت فلم تعرف الأيام قيمتها++ فردها غيرة منه إلي الصدف اختار مذهب حق في محاورة++ تبدي الحقيقة في برهان منكشف دين التشيع حق لا مراء له++ وما سواه سراب خادع السجف لكن حقدا دفينا حركوه له++ فبات بدر الدجي في ظل منخسف عليه ألف سلام الله تالية++ تتري علي روحه في الخلد والغرف [ صفحه 66] هذا وقد كنت أنا حاضر المجلس والمحاورة، وقد سجلت كل ما دار في المجلس، ولكني حذفت الزوائد، واختصرت المجلس في هذه الرسالة. والحمد لله وحده والصلاة علي محمد وآله الأطياب وأصحابه الأنجاب. كتبته في بغداد في المدرسة النظامية. مقاتل بن عطية [ صفحه 69]

المناظرة 02

وهذا الحديث مما تواتر روايته عند علماء الفريقين، حيث رواه عن النبي (ص) نحو مائة رجل، ورواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقا، وأبو سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقا، والحافظ أبو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقا، والحافظ أبو العلاء العطار الهمداني بمائتين وخمسين طريقا. [64] . [ صفحه 80] " أنا مدينة العلم وعلي بابها " [65] . " اللهم آتني بأحب خلقك إليك " [66] . و " أنت مني بمنزلة هارون من موسي " [67] ، وأشباه ذلك مما يطول تعداده فلم لا [ صفحه 81] يجوز الاجتهاد في سب بعض الصحابة؟! فإنا لا نسب إلا من علمنا أنه أظهر العداوة لأهل البيت، ونحب المخلصين منهم، الحافظين وصية الله ورسوله فيهم، كسلمان، والمقداد وعمار، وأبي ذر، ونتقرب إلي الله بحبهم، ونسكت عن المجهول حالهم، هذا اعتقادنا فيهم. وهذا معاوية قد سب عليا وأهل بيته عليهم السلام، واستمر ذلك في زمن بني أمية ثمانين سنة، ولم ينقص ذلك من قدره عندكم. وكذلك الشيعة اجتهدوا في جواز سب أعداء أهل البيت منهم، ولو كانوا مخطئين فيهم غير مأثومين. ومدح الله تعالي لهم في القرآن نقول به، لأنهم ممدوحون بقول مطلق، لأن فيهم أتقياء أبرارا، وليس كلهم كذلك جزما، وحديث الحوض يوضح ذلك [68] . وأيضا فيهم منافقون بنص القرآن، فلا يمنع مدح الله لهم فسق بعضهم أو كفره، واجتهادنا في جواز سب ذلك البعض. فقال: كالمتعجب -: أو يجوز الاجتهاد بغير دليل؟! فقلت: أدلتهم في ذلك كثيرة واضحة. فقال كالمستبعد: بين لي منها واحدا. فقلت: سأذكر لك ما لا يمكنك إنكاره، وذلك أنه قد ثبت عندكم وعندنا أن النبي (ص) لما جعل أسامة بن زيد أميرا وجهزه إلي الشام، أمر الصحابة عموما باتباعه، وخصص أبا بكر وعمر وأمرهما باتباعه وقال: " جهزوا جيش أسامة، لعن الله [ صفحه 82] من تأخر عن جيش أسامة " [69] وقد تخلف الرجلان بإجماع المسلمين، فكانا ملعونين بنص الرسول ونص الله، لأنه لم ينطق عن الهوي. فقال: إنما تخلفا باجتهاد، وشفقة علي الرسول والمسلمين، وقالا: " كيف نمضي ونترك نبينا مريضا، نسأل عنه الركبان؟! " ورأيا صلاح المسلمين في تخلفهما. فقلت: هذا خطأ محض، فإن الاجتهاد إنما يجوز في مسألة 7 نص فيها، ولا يجوز مقابل النص بإجماع علماء الإسلام، وقد قال الله تعالي: ((وما ينطق عن الهوي - إن هو إلا وحي يوحي)) [النجم: 3 و 4] فاجتهادهما هذا رد علي الله وعلي رسوله، وذلك كفر. وهل يتصور مسلم أنهما أعلم بصلاح المسلمين من الله ورسوله؟! ما هذا (إلا) العمي عن الحق والتلبس بالشبهات. فقال: أمهلني حتي أنظر. فقلت: قد أمهلتك إلي يوم القيامة. ثم ذكرت له - بعد ذلك - حديث الحوض، وهو ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي، في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة، من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك قال: إن النبي (ص) قال: ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني، حتي إذا رأيتهم ورفعوا إلي رؤوسهم اختلجوا، فأقولن: أي رب أصحابي! فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك [70] . ورواه أيضا في الجمع بين الصحيحين من مسند ابن عباس بلفظ آخر، والمعني متفق، وفي آخره زيادة: " إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم منذ فارقتهم " [71] . [ صفحه 83] ورواه أيضا في الجمع بين الصحيحين من مسند سهل بن سعد، في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه، وفي آخره زيادة: " فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي " [72] . ورواه أيضا في الحديث السابع والستين بعد المائتين من مسند أبي هريرة، من عدة طرق، وفي آخره زيادة " فلا يخلص منهم إلا همل النعم " [73] . وقد روي مثل ذلك من مسند عائشة بعدة طرق [74] . [ صفحه 84] ومن مسند أسماء بنت أبي بكر بعدة طرق [75] . ومن مسند أم سلمة بعدة طرق [76] . ومن مسند سعيد بن المسيب بعدة طرق [77] . وهذا ذم لهم علي لسان الرسول (ص) الثابت في صحاحكم، قد بلغ حد التواتر، وهو عين ما ندعيه من ميل كثير منهم إلي الملك والرئاسة والحياة الدنيا، وبسبب ذلك أظهروا العداوة لأهل البيت عليهم السلام وجدوا في أذاهم. وقد سمعنا بسير الملوك الذين قتلوا أبناءهم، والأبناء الذين قتلوا آباءهم حرصا علي الملك، وأظهر من ذلك في القرآن، فقد أخبر بوقوع أكبر الكبائر منهم، وهي الفرار من الزحف، قال الله تعالي: ((ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)) [78] . وقد كانوا أكثر من عشرة آلاف فلم يختلف معه إلا علي عليه السلام والعباس وجماعة أخري، والباقون سلموا نبيهم إلي القتل ولم يخشوا العار ولا النار، ولم يستحيوا من الله ولا من رسوله، ومما يشاهدانهما عيانا. وقال الله تعالي: ((وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما)) كانوا يتركون الصلاة خلفه للتفرج علي القافلة، فيكف يستبعد ميلهم إلي الدنيا بعده، [ صفحه 85] واتباعهم هوي أنفسهم في طلب الملك، وقد أخبر النبي (ص) بذلك في الأخبار المتقدمة. وذكرت له قول أبي بكر: " إن لي شيطانا يعتريني " [79] ، وعزله عن براءة، فلم يؤمن عليها، وهي سورة واحدة [80] ، وهزيمته وهزيمة عمر في خبير وعدة مواطن [81] . [ صفحه 86] ومنعه فاطمة إرثها بحديث تفرد بروايته، مخالف للقرآن يجب رده، وقالت له عليها السلام: " أترث أباك ولا أرث أبي؟! أفي كتاب الله ذلك؟! ". ويلزم أن يكون النبي (ص) قد قصر في أنه لم ينذر إلا أبا بكر، ولم ينذر أهل البيت عليهم السلام، وقد قال الله تعالي: ((وأنذر عشيرتك الأقربين)) [82] . ومنها فدك التي أنحلها إياها أبوها [83] ، وشهد لها علي والحسنان عليهم السلام، وأم أيمن، ورد شهادتهم - وهم مطهرون - تعصبا وعنادا، أو جهلا بالأحكام، فماتت مغضبة عليهما، وأوصت ألا يصليا عليها، وأن تدفن ليلا [84] ، وقد قال أبوها (ص): " فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني " ومن آذي رسول الله فقد آذي الله. [ صفحه 87] وقد قال الله تعالي: ((إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)) [الأحزاب: 57]. وذكرت له منع عمر من الكتاب الذي لا يضل بعده، وشتمه للنبي بقوله: " دعوه فإن نبيكم يهجر " [85] وهذا رد علي رسول الله وعلي الله، وهو كفر. ومنع من المغالاة في المهور فنبهته امرأة، فقال: " كل الناس أفقه من عمر حتي المخدرات (في الحجال) " [86] . وقال: " متعتان كانتا علي عهد رسول الله وأنا أنهي عنهما، وأعاقب عليهما " [87] . وهذا يقدح في إيمانه. وأبدع في (قيام) نوافل رمضان جماعة، وأعترف بأنهما بدعة، مع أن كل بدعة ضلالة [88] . [ صفحه 88] وذكرت له أن عثمان ولي أمور المسلمين للفساق، لمحض القرابة، بعد أن نهاه الصحابة، ولم يلاحظ الله في ذلك حتي أظهروا المناكير من القتل وشرب الخمر [89] ، وضرب عبد الله بن مسعود حتي كسر بعض أضلاعه، وضرب عمار بن ياسر حتي حدث به فتق [90] ، ونفي أبا ذر مع عظم شأنه، وتقدمه في الإسلام، ولا ذنب له سوي إنكاره علي بعض منكراته [91] . [ صفحه 89] وآوي طريد رسول الله (ص) إلي المدينة بعد أن طرده رسول الله منها، وسئل قبل ذلك أبا بكر وعمر في رده فلم يقبلا [92] ، فعند ذلك ثار عليه الناس فقتلوه، وكان الصحابة والتابعون بين قاتل [93] .وراض، ولم يحم عنه منهم أحد وترك ثلاثة أيام بغير دفن [94] . وقد شهد عمار بن ياسر، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن اليمان، وجماعة آخرون بكفره وقالوا: ((من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) [المائدة: 44] وكانوا يقولون علانية: " قتلناه (بحمد الله) كافرا " [95] . ثم بينت له أن عمر قد فتح البلاد بسيوف الصحابة وإمداد أهل البيت عليهم السلام كما نقل، ومع ذلك لا يدل علي مدعاكم فيه، لأن ذلك للزيادة في ملكه، ونحن نجد الملوك يسفكون الدماء لفتح البلاد والزيادة في الملك، وإن استوجب [ صفحه 90] العقاب في الآخرة، وما فعله عمر لزيادة ملكه وإظهار صيته، وليس عليه في الآخرة منه لوم فأي دليل علي صلاح باطنه؟! وذكرت له أمثال ذلك مما يطول شرحه، واتفق أهل النقل من الشيعة والسنة والمعتزلة علي نقله وصحته، فلم يمكنهم إنكاره، ولهذا تأولوه بتكلفات تصغر عن النقل، ويحكم بفسادها كل ذي عقل. وكان يجيبني في المجلس عن بعضها بما ذكروه من التكلفات، فأرده بأيسر وجه، وقلت له: إن اتباع الحق يحتاج إلي إنصاف، وترك الهوي، والتقليد المألوف، وإلا فمعاجز نبينا (ص) والدالة علي صدقه، كالقرآن وانشقاق القمر لا تبقي لأحد شكا، والكفار لما سلكوا التعصب والعناد والتقليد المألوف لهم، نشزت أنفسهم عن قبول ذلك، وقابلوه بالشبهات، فبقوا علي كفرهم. فاعترف بذلك. ودخلت إلي عنده يوما، فرأيت بين يديه كتبا منها " صحيح البخاري " فتذكرت الأحاديث التي فيه " أن الأئمة اثنا عشر أميرا، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: (إنه قال:) كلهم من قريش " [96] . وثانيهما: إلي ابن عيينة قال: قال رسول الله (ص): لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا. ثم تكلم بكلمة خفيت علي، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله؟ فقال: قال: كلهم من قريش [97] . وروي بطريق آخر إلي ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان [98] . [ صفحه 91] وذكرت له أن مسلما روي في صحيحه هذا الحديث بلفظه، وروي مسلم أيضا في صحيحه الحديث الأول بطرق متعددة، وكان صحيح مسلم عنده فأتي به، فأريته ذلك فيه. وفي بعض طرقه: لا يزال هذا الدين عزيزا [99] . فقلت له: هذا عين ما تقوله الشيعة وشاهد بصحة معتقدهم، فلا يتم إلا علي مذهبهم، فيكونون هم " الفرقة الناجية " لأنهم هم المتمسكون بالخليفتين اللذين لن يفترقا حتي يردا الحوض، القائلون بالاثني عشر خليفة، الموادون أهل البيت نبيهم عليهم السلام، الذين جعل الله ودهم أجر الرسالة بقوله تعالي: ((قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي)) [الشوري: 23] فإن غير الشيعة لم يميزوهم، بل قدموا غيرهم عليهم، فلا يضرهم تلبيس المتلبسين بالشبهات، ولا معاداة المعاندين. ثم باحثته في مسائل كلامية، كالرؤية، والقضاء، والقدر، وفي مسائل فرعية كالمسح والمتعة، وذلك بعد أن كان قد أذعن واستقر الإيمان في قلبه، وسب أعداء أهل البيت عموما، لما تبين له أحوالهم، وما وقع منهم، واتضحت له حقيقة الحال، وصار من خواص الشيعة. ولله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين إلي يوم الدين. [ صفحه 95]

المناظرة 03

مناظرة الشيخ المفيد [100] حول زواج المتعة قال الشيخ المفيد رحمه الله تعالي: حضرت دار بعض قواد الدولة وكان بالحضرة شيخ من الإسماعيلية [101] يعرف بابن لؤلؤ، فسألني: ما الدليل علي إباحة المتعة؟ فقلت له الدليل علي ذلك قوله الله جل جلاله ((وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما)) فأحل جل أسمه نكاح المتعة بصريح لفظها وبذكر أوصافه من الأجر عليها والتراضي بعد الفرض له من الازدياد في الأجل وزيادة في الأجر فيها. فقال: ما أنكرت أن تكون هذه الآية منسوخة بقوله تعالي: ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون)) فحظر الله تعالي النكاح إلا لزوجة أو ملك يمين، وإذا لم تكن المتعة زوجة ولا ملك يمين فقد أسقط قول من أحلها. فقلت له: قد أخطأت في هذه المعارضة من وجهين: الأول: إنك ادعيت أن المستمتع بها ليست بزوجة ومخالفك يدفعك عن ذلك ويثبتها زوجة في الحقيقة. الثاني: إن سورة المؤمنون مكية وسورة النساء مدنية والمكي متقدم للمدني فكيف يكون ناسخا له وهو متأخر عنه، وهذه غفلة شديدة. [ صفحه 96] فقال: لو كانت المتمتع بها زوجة لكانت ترث ويقع بها الطلاق وفي إجماع الشيعة علي أنها غير وارثة ولا مطلقة دليل علي فساد هذا القول. فقلت له: وهذا أيضا غلط منك في الديانة، وذلك أن الزوجة لم يجب لها الميراث ويقع بها الطلاق من حيث كانت زوجة فقط، وإنما حصل لها ذلك بصفة تزيد علي الزوجية والدليل علي ذلك أن الأمة إذا كانت زوجة لم ترث والذمية لا ترث والأمة المبيعة تبين بغير طلاق، والملاعنة تبين أيضا بغير طلاق، وكذلك المختلعة والمرتد عنها زوجها والمرضعة قبل الفطام بما يوجب التحريم من لبن الأم، والزوجة تبين بغير طلاق، وكل ما عددناه زوجات في الحقيقة. فقال صاحب الدار وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعرف الظواهر، أنا أسألك في هذا الباب عن مسألة خبرني هل تزوج رسول الله (ص) متعة، أو تزوج أمير المؤمنين عليه السلام متعة؟ فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته. فقال: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله (ص) وأمير المؤمنين عليه السلام. فقلت له: أيها القائل ليس كل ما لم يفعله رسول الله (ص) كان محرما، وذلك أن رسول الله (ص) والأئمة عليهم السلام كافة لم يتزوجوا بالإماء ولا نكحوا الكتابيات ولا خالعوا ولا تزوجوا ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلي الأمصار ولا جلسوا باعة للتجار وليس ذلك كله محرما، ولا منه شئ محظور إلا ما خصت به الشيعة دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات [102] . فقال: فدع هذا وأخبرني عن رجل ورد منكم يريد الحج فدخل إلي مدينة السلام، فاستمتع فيها بامرأة ثم انقضي أجلها فتركها وخرج إلي الحج وكانت حاملا منه ولم يعلم بحالها فحج ومضي إلي بلده، وعاد بعد عشرين سنة وقد ولدت بنتا [ صفحه 97] وشبت ثم عاد إلي مدينة السلام فوجد فيها تلك الابنة فاستمتع بها وهو لا يعلم، أليس يكون قد نكح ابنته وهذا فظيع جدا؟ فقلت له: إن أوجب هذا الذي ذكرته تحريم المتعة وتقبيحها، فلقد أوجب تحريم نكاح الميراث وكل نكاح وتقبيحه، وذلك أنه قد يتفق في مثل ما وصفت وجعلته طريقا إلي حظر المتعة، وذلك أنه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل مدينة دار السلام ويحتاج إلي النكاح فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلتمس له امرأة ينكحها فتدله علي امرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلي إمام المحلة وصاحب مسجدها فيحضر رجلين ممن يصل معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يري المتعة، ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلي وقت رحيل الحج إلي مكة، فيستدعي الشيخ الذي عقد عليه النكاح فيطلقها بحضرته ويعطيهم عدتها وما يجب عليه من نفقتها ثم يخرج فيحج وينصرف من مكة علي طريق البصرة ويرجع إلي بلده، وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم، فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلي مدينة السلام للحج فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها أو لسبب ما فيسأل عن غيرها فتأتيه قرابة لها أو نظيرة لها في الدلالة فتذكر له جارية هي ابنة المتوفاة بعينها فيرغب فيها، ويعقد عليها كما عقد علي أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطأ ابنته فيجب علي القائل أن يحرم لهذا الذي ذكرناه كل نكاح. فقال السائل أولا: عندنا أنه يجب علي هذا الرجل أن يوصي إلي جيرانه باعتبار حالها وهذا يسقط هذه الشناعة. فقلت له: إن كان هذا عندكم واجبا فعندنا أوجب منه وأشد لزوما أن يوصي المستمتع ثقة من إخوانه في البلد باعتبار حال المستمتع بها فإن لم يجد أخا يوصي قوما من أهل البلد، ويذكر أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة وهذا شرط عندنا، فقد سقط أيضا ما توهمته. ثم أقبلت علي صاحب المجلس وقلت له: إن أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب، وذلك أنهم مطبقون علي تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم علي أن رسول الله (ص) [ صفحه 98] قد كان أذن فيها وأنها عملت علي عهده ومع ظاهر كتاب الله عز وجل في تحليلها وإجماع آل محمد عليهم السلام علي إباحتها والاتفاق علي أن عمر هو الذي حرمها في أيامه مع إقراره بأنها كانت حلالا علي عهد الرسول (ص) فلو كنا علي ضلالة فيها لكنا في ذلك علي شبهة تمنع ما يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا.. وقال الشيخ المفيد: فقد كنت استدللت بالآية التي قدمت تلاوتها علي تحليل المتعة في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه فاعترض أبو القاسم الدراكي: فقال: ما أنكرت أن يكون المراد بقوله تعالي: ((فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)). إنما أراد به نكاح الدوام وأشار بالاستمتاع إلي الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي تذهب إليه. فقلت له: إن الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ فإنه إذا علق بذكر النكاح وأطلق بغير تقييد لم يرد به إلا نكاح المتعة خاصة لكونها علما؟؟؟ عليها في الشريعة وتعارف أهلها، ألا تري أنه لو قال قائل نكحت أمس امرأة متعة، أو هذه المرأة نكاحي لها، أو عقدي عليها متعة، أو أن فلانا يستحل نكاح المتعة لما فهم من قوله إلا النكاح الذي يذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطء الإماء والحرائر علي الدوام كما أن الوطء في اللغة هو وطء القدم وممارسة باطنه للشئ علي سبيل الاعتماد. ولو قال قائل وطأت جاريتي، ومن وطأ امرأة غيره فهو زان وفلان يطأ امرأته وهي حائض، لم يعقل من ذلك مطلقا علي أصل الشريعة إلا النكاح دون وطء القدم وكذلك الغائط هو الشئ المحوط، وقيل هو الشئ المنهبط. ولو قال قائل هل يجوز أن آتي الغائط ثم لا أتوضأ وأصلي، أو قال فلان أتي الغائط ولم يستبرئ لم يفهم من قوله إلا الحديث الذي يجب منه الوضوء وأشباه ذلك مما قد قرر في الشريعة، وإذا كان الأمر علي ما وصفناه فقد ثبت أن إطلاق لفظ نكاح المتعة لا يقع إلا علي النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه. فقال القاضي أبو محمد بن معروف معترضا: هذا الاستدلال يوجب عليك أن لا يكون الله تعالي أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة، لأنها لا تتضمن سواه وفي الإجماع علي انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل علي بطلان ما اعتمدته. [ صفحه 99] فقلت له: ليس يدخل هذا الكلام علي أصل الاستدلال ولا يتضمن معتمدي ما ألزمنيه القاضي فيه وذلك أن قوله سبحانه: ((وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين)) يتضمن تحليل المناكح المخالفة للسفاح في الجملة ويدخل فيه نكاح الدوام من الحرائر والإماء، ثم يختص نكاح المتعة بقوله تعالي: ((فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)) ويجري ذلك مجري قول القائل (وقد حرم الله عليك نساء بأعيانهن، وأحل لكم من عداهن فإن استمعت منهن فالحكم فيه كذا وكذا، وإن نكحت الدوام فالحكم فيه كيت وكيت) فيذكر فيه المحللات في الجملة، وتبين له حكم نكاح بعضهن كما ذكرهن له، ثم بين له أحكام نكاحهن كلهن. فما أعلمه زاد عليها شيئا.. ثم قال الشيخ المفيد قد كنت حضرت مجلس الشريف أبي الحسن أحمد بن القاسم المحمدي وحضره أبو القاسم الدراكي، فسأله بعض الشيعة عن الدلالة علي تحريم نكاح المتعة عنده فاستدل بقول الله تعالي: ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون)) والمتعة باتفاق الشيعة ليست بزوجة ولا بملك يمين فبطل أن تكون حلالا.. فرد السائل: ما أنكرت أن تكون زوجة، وما حكيته عن الشيعة في ذلك لا أصل له. فقال الداركي: لو كانت زوجة لكانت وارثة لأن الاتفاق حاصل علي أن كل زوجة فهي وارثة وموروثة إلا ما أخرجه الدليل في الأمة والذمية والقاتلة. فرد عليه السائل: ما أنكرت أن تكون المتعة أيضا زوجة تجري مجري الذمية والرق والقاتلة في خروجها عن استحقاق الميراث، وضايقه في هذه المطالبة. فلما طال الكلام بينهما في هذه النكتة تردد وقال الداركي: الدليل علي أنها ليست بزوجة أن القاصد إلي الاستمتاع بها إذا قال لها تمتعيني نفسك فأنعمت له حصلت متعة ليس بينها وبينه ميراث ولا يلحقها الطلاق.. وإذا قال لها زوجيني نفسك فأنعمت حصلت زوجية يقع بها الطلاق ويثبت بينها وبينه الميراث، فلو كانت المتعة زوجة ما اختلف حكمها باختلاف الألفاظ ولا وقع [ صفحه 100] الفرق بين أحكامها بتغاير الكلام لوجب أن يقع الاستمتاع في العقد بلفظ التزويج ويقع التزويج بلفظ الاستمتاع، وهذا باطل بإجماع الشيعة وما هم عليه في الاتفاق فلم يدر السائل ما له لعدم فقهه وضعف بصيرته بأهل المذهب. فرد عليه الشيخ المفيد قائلا للداركي: لم زعمت أن الأحكام قد تتغير باختلاف ما ذكرت في الكلام وما أنكرت أن يكون العقد عليها بلفظ الزوجية وأن يكون لفظ الزوجية يقوم مقام لفظ الاستمتاع فهل تجد لما أدعيت في هذين الأمرين برهانا وعليه دليلا أو فيه بيان، وبعد فكيف استجزت أن تدعي إجماع الشيعة علي ما ذكرت ولم يسمع ذلك أحد منهم ولا قرأت لهم في كتاب ونحن معك في المجلس نفتي بأنه لا فرق بين اللفظين في باب العقد للنكاح سواء كان نكاح الدوام أو نكاح الاستمتاع وإنما الفصل بين النكاحين في اللفظ من جهة الكلام ذكر الأجل في نكاح الاستمتاع وترك ذكره في الميراث، فلقد قال: تمتعيني نفسك ولم يذكر الأجل لوقع نكاح الميراث ولا ينحل إلا بالطلاق، ولو قال تزوجيني نفسك إلي أجل كذا فأنعمت به لوقع نكاح الاستمتاع، وهذا ما ليس فيه بين الشيعة خلاف فلم يرد شيئا تجب حكايته وظهر عليه بحمد الله. [ صفحه 101]

ملحق

هذا الكلام الأولي أن يوجهه ابن تيمية إلي نفسه فهو الذي يرفع شعار التكذيب في مواجهة النصوص التي يحتج بها ابن المطهر عليه بينما يبيح لنفسه الاحتجاج بنصوص لا أساس لها من الصحة. ولا يصح الاتهام بالكذب في هذا الموضع ما دام للرواية مصدر معروف عند أهل السنة (أسني المطالب) إنما يصح التكذيب إذا كان ابن المطهر قد أتي بالرواية من عنده. وطعن ابن تيمية واستدلالاته لا تنفي وجود الرواية. وإذا كان ابن تيمية وغيره من فقهاء السنة يطعنون في مثل هذه الروايات بدعوي صغر سن الراوي وهو هنا ابن عباس وعدم بلوغه في فترة نزول هذه الآيات فيجب عليهم أن يطبقوا هذه القاعدة علي عائشة التي روت الكثير عن الفترة المكية فترد نزول الوحي علي النبي (ص) وغيرها من الفترات.@. ابن مطهر: روي أحمد ابن حنبل عن ابن عباس قال ليس في القرآن ((يا أيها الذين آمنوا)) إلا وعلي رأسها وأميرها. ابن تيمية: الجواب المطالبة بصحة النقل، فإنك زعمت أن أحمد بن حنبل رواه وإنما ذا من زيادات القطيعي، رواه عن إبراهيم بن شريك عن زكريا بن يحيي الكسائي حدثنا عيسي عن علي بن بذيمة عن عكرمة عن ابن عباس، فهذا كذب علي ابن عباس فإن زكريا ليس بثقة والمتوافر عن ابن عباس تفضيله الشيخين علي علي، وله معاتبات ومخالفات لعلي ثم هذا الكلام ما فيه مدح لعلي، فقد قال الله تعالي: ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون)) [الصف: 2]. فإن كان علي رأس هذه الآية فقد عاتبه الله تعالي، وهو مخالف لما في حديثك من أن الله تعالي ما ذكره إلا بخير [103] .. [ صفحه 157] ابن مطهر: قال تعالي: ((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك)) [المائدة / 67] اتفقوا علي نزولها في علي. روي أبو نعيم بإسناده إلي عطية أنها نزلت في علي وفي تفسير الثعلبي، ((بلغ ما أنزل إليك)) في فضل علي. فلما نزلت أخذ بيد علي فقال (من كنت مولاه فعلي مولاه). والنبي مولي أبي بكر وعمر والصحابة بالإجماع. فيكون علي مولاهم، فيكون هو الإمام. ابن تيمية: هذا أعظم كذبا وفرية من الأول. وقولك (اتفقوا علي نزولها في علي) كذب، بل ولا قاله عالم، وفي كتاب أبي نعيم والثعلبي والنقاش من الكذب ما لا يعد. ثم نقول لكم: ما يرويه مثل النقاش والثعلبي وأبي نعيم ونحوهم أتقبلونه مطلقا لكم وعليكم، أم تردونه مطلقا، أو تأخذون بما وافق أهواءكم وتردون ما خالف؟ [ صفحه 158] فإن قبلوه مطلقا ففي ذلك من فضائل الشيخين جملة من الصحيح والضعيف، وإن ردوه مطلقا بطل اعتماده بما ينقل عنهم، وإن قبلوا ما يوافق مذهبهم أمكن المخالف رد ما قبلوه والاحتجاج بما ردوه. والناس قد كذبوا في المناقب والمثالب أكثر من كل شئ [104] . ابن مطهر: قال تعالي: ((إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) وقد أجمعوا أنها نزلت في علي. ابن تيمية: إن قولك (أجمعوا أنها نزلت في علي) من أعظم الدعاوي الكاذبة، بل أجمعوا علي أنها لم تنزل في علي بخصوصه. ثم نعفيك من ادعائك الإجماع ونطالبك بسند واحد صحيح. ولو كان المراد بالآية أن يؤتي الزكاة في حالة الركوع لوجب أن يكون ذلك شرطا في الموالاة ولا يتولي المسلم إلا عليا فقط، فلا يتولي الحسن ولا الحسين ثم قوله: ((الذين يقيمون)) صيغة جمع فلا تصدق علي واحد فرد. وأيضا فلا يثني علي المرء إلا بمحمود، وفعل ذلك في الصلاة ليس بمستحب، ولو كان مستحبا لفعله الرسول (ص) ولحض عليه وكرر علي فعله. [ صفحه 159] وإن في الصلاة لشغلا فكيف يقال لا ولي لكم إلا الذين يتصدقون في حال الركوع؟ ثم قوله ((ويؤتون الزكاة)) يدل علي وجود زكاة، وعلي ما وجبت عليه زكاة قط في زمن النبي (ص) فإنه كان فقيرا. وزكاة الفضة إنما تجب علي من ملك النصاب حولا وعلي لم يكن من هؤلاء. ثم إعطاء الخاتم في الزكاة لا يجزي عند الأكثر - ثم الآية بمنزلة قوله تعالي: ((وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)) [البقرة: 43] وكقوله تعالي: ((اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين)) [آل عمران: 43] [105] . ابن مطهر: الفقهاء كلهم يرجعون إليه [106] . ابن تيمية: هذا كذب، فليس في الأئمة الأربعة ولا غيرهم من يرجع إليه في الفقه. أما مالك فعلمه عن أهل المدينة، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول علي بل مادتهم من عمر وزيد وابن عمر وغيرهم. وأما الشافعي فإنه تفقه أولا علي المكيين أصحاب ابن جريح، وابن جريح أخذ عن أصحاب ابن عباس. ثم قدم الشافعي المدينة وأخذ عن مالك. ثم كتب أهل العراق واختار لنفسه. وأما أبو حنيفة فشيخه الذي اختص به حماد بن أبي سليمان صاحب إبراهيم النخعي وإبراهيم صاحب علقمة، وعلقمة صاحب ابن مسعود. وأخذ أبو حنيفة عن عطاء بمكة وعن غيره. وأما أحمد بن حنبل فكان علي مذهب أئمة الحديث [107] . [ صفحه 160] ابن مطهر: إن المالكية أخذوا علمهم عن علي وأولاده. ابن تيمية: كذب، هذا الموطأ ليس فيه عن علي وأولاده إلا اليسير، وكذلك الكتب والسنن والمسانيد جمهور ما فيها عن غير أهل البيت [108] . ابن مطهر: إن أبا حنيفة قرأ علي الصادق.. ابن تيمية: كذب، فإنه من أقرانه، مات جعفر قبله بسنتين، ولكن ولد أبو حنيفة مع جعفر بن محمد في عام. ولا نعرف أنه أخذ عن جعفر ولا عن أبيه مسألة واحدة. بل أخذ عمن أسن منهما كعطاء بن أبي رباح وشيخه الأصلي حماد بن أبي سليمان، وجعفر بن محمد كان بالمدينة [109] . ابن مطهر: لقد عاتب الله تعالي أصحاب محمد (ص) في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير، وهذا يدل أنه أفضل فيكون هو الإمام. ابن تيمية: كذب ظاهر، فما عاتب أبا بكر في القرآن قط. وعن النبي (ص) أنه قال في خطبته (أيها الناس، اعرفوا لأبي بكر حقه، فإنه لم يسؤني يوما قط) وهذا بخلاف خطبة بنت أبي جهل، فقد خطب النبي (ص) الخطبة المعروفة وما حصل هذا في حق أبي بكر قط [110] . [ صفحه 161] ابن مطهر: كيف استجاز طلحة والزبير وغيرهما مطاوعتها علي ذلك، وبأي وجه يلقون رسول الله (ص)، مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره أو أخرجها من منزلها أو سافر بها كان أشد الناس عداوة له [111] . ابن تيمية: هذا من تناقض الرافضة وجهلهم، فإنهم يعظمون عائشة في هذا المقام طعنا في طلحة والزبير ولا يعلمون أن هذا إن كان متوجها فالطعن في علي بذلك أوجه، فإن طلحة والزبير كانا معظمين عائشة موافقين لها مؤتمرين بأمرها، وهما وهي من أبعد الناس عن الفواحش والمعاونة عليها، فإن جاز للرافض أن يقدح فيهما بقوله (بأي وجه يلقون رسول الله (ص) مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره حتي أخرجها من منزلها وسافر بها إلخ...) كان للناصبي أن يقول: بأي وجه يلقي رسول الله (ص) من قاتل امرأته وسلط عليها أعوانه حتي عقروا بعيرها وسقطت من هودجها وأعداؤها حولها يطوفون بها كالمسبية التي أحاط بها من يقصد سباءها. [ صفحه 162] ومعلوم أن هذا في مظنة الإهانة لأهل الرجل، وذلك أعظم من إخراجها من منزلها وهي بمنزلة الملكة المبجلة المعظمة التي لا يأتي إليها أحد إلا بإذنها. ولم يكن طلحة والزبير ولا غيرهما من الأجانب يحملونها، بل كان في المعسكر من محارمها مثل عبد الله بن الزبير ابن أختها، وخلوته بها ومسه لها جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وكذلك سفر المرأة مع ذي محرمها جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وهي لم تسافر إلا مع ذي محرمها وأما العسكر الذين قاتلوها فلولا أنه كان في العسكر محمد بن أبي بكر مد يده إليها، لمد يده إليها الأجانب. ولهذا دعت عائشة علي من مد يده إليها وقالت: يد من هذه أحرقها الله بالنار؟ فقال: أي أخت، في الدنيا قبل الآخرة. فقالت: في الدنيا قبل الآخرة. فأحرق بالنار في مصر [112] . [ صفحه 163] ابن مطهر: إن النبي (ص) لعن معاوية الطليق ابن الطليق وقال (إذا رأيتموه علي منبري فاقتلوه) وسموه (كاتب الوحي) ولم يكتب له كلمة من الوحي، بل كان يكتب له رسائل. ابن تيمية: هذا الحديث ليس في شئ من كتب الإسلام، وهو عند الحفاظ كذب، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات. ثم قد صعد المنبر من هو شر من معاوية وما أمر بقتله [113] . وأما قولك (الطليق بن الطليق) فما هذا بصفة ذم، فإن الطلقاء غالبهم حسن إسلامهم كالحارث بن هشام، وابن أخيه عكرمة وسهل بن عمرو، وصفوان بن أمية ويزيد بن أبي سفيان وحكيم بن حزام وأمثالهم، وكانوا من خيار المسلمين، ومعاوية [ صفحه 164] ممن حسن إسلامه، وولاه عمر بعد أخيه يزيد، ولم يكن عمر ممن يحابي، ولا تأخذه في الله لومة لائم [114] . ابن مطهر: وسم معاوية الحسن. ابن تيمية: لم يثبت. يقال إن امرأته سمته وكان مطلاقا فلعلها سمته لغرض، والله أعلم بحقيقة الحال، وقد قيل إن أباها الأشعث بن قيس أمرها بذلك، فإنه كان يتهم الانحراف في الباطن عن علي وابنه الحسن. وإذا قيل إن معاوية أمر أباها كان ظنا محضا والنبي (ص) قال: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) وبالجملة فمثل هذا لا يحكم به في الشرع باتفاق المسلمين، فلا يترتب عليه أمر ظاهر، لا قدح ولا ذم. ثم إن الأشعث بن قيس مات سنة أربعين، ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي في العام الذي كان يسمي عام الجماعة وهو عام واحد وأربعين، وكان الأشعث حما الحسين بن علي فلو كان شاهدا لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين فكيف يكون هو الذي أمر ابنته؟ [115] .

پاورقي

[1] وفيات الأعيان ج 5 / ترجمة رقم 740.
[2] المرجع السابق.
[3] أنظر خاتمة المناظرة.
[4] أنظر وفيات الأعيان.
[5] أنظر وفيات الأعيان ج 5 / ترجمة رقم 179.
[6] المرجع السابق. وانظر نص القصيدة في خاتمة المناظرة.
[7] أنظر وفيات الأعيان ج 5 / ترجمة 734.
[8] في طبقات ابن سعد القسم الثاني ج 2 ص 41 وتاريخ ابن عساكر ج 2 ص 391 وكنز العمال ج 5 ص 312، والكامل لابن الأثير ج 2 ص 129.
[9] ذكر المؤرخون أن عثمان جمع المصاحف ثم أحرقها - هتكا بها - ذكر ذلك البخاري في صحيحه في باب فضائل القرآن والبيهقي في سننه ج 2 ص 41 وكنز العمال ج 1 ص 182 والطحاوي في مشكل الآثار ج 3 ص 4، وليت شعري هل حارق القرآن يستحق الخلافة؟ وأية جريمة أكبر من هذه؟. [
[10] عقيدة الفقهاء والسلف من أهل السنة أن الرسول (ص) مات وترك القرآن متفرقا في صدور الصحابة. وأن أول محاولات الجمع كانت علي يد أبي بكر بتوجيه من عمر. ثم جاء عثمان وأحرق المصاحف التي كانت في حوزة الصحابة وجمع الناس بالقوة علي مصحفه. وقد حاربه ابن مسعود ورفض الاعتراف بمصحفه وحرض الصحابة علي التمسك بمصاحفهم التي نقلوها عن رسول الله. وكان ذلك من أسباب الفتنة والثورة علي عثمان. انظر كتب تاريخ القرآن. وكتب التاريخ. وأنظر البخاري كتاب فضل القرآن وشرحه فتح الباري ج 13.. وانظر لنا كتاب الخدعة.
[11] الصواعق المحرقة لابن حجر ص 8 والملل والنحل للشهرستاني وانظر الإستيعاب في معرفة الأصحاب لابن الأثير وانظر لنا كتاب السيف والسياسة.
[12] أنظر القوشجي في شرح التجريد.
[13] أنظر مسند: أحمد بن حنبل في ج 4 ص 281 والرازي في تفسيره في ذيل قوله تعالي: ((يا أيها الرسول بلغ...)) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 8 ص 290، وابن حجر في كتابه الصواعق المحرقة ص 107. وانظر مستدرك الحاكم ج 3 / كتاب معرفة الصحابة باب فضائل علي وانظر الأزهار المتناثرة علي الأخبار المتواترة للسيوطي. والحديث أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم، والطبراني عن ابن عمر، والبزار عن أبي هريرة، وابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز، وأبو نعيم عن جندع الأنصاري.. أما بخصوص وصية الرسول (ص) للإمام علي فهناك الكثير من الروايات التي تؤكد ذلك وهي متداولة في كتب القوم إلا أنهم تارة يقومون بتضعيفها وتارة أخري يقومون بتأويلها وصرفها عن ظاهرها ومرادها. وعلي رأس هذه الروايات قول الرسول (ص):.. أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدي والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.. ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي: أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. (مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي) وهذه رواية صريحة في الوصية بآل البيت الذي حددهم الرسول (ص) في علي وفاطمة والحسن والحسين كما ورد في روايات كثيرة: وإذا ما علمنا أن زمان هذه الوصية هو حجة الوداع وفي مكان يدعي غدير خم وهو نفس الزمان والمكان الذي قال فيه الرسول (ص) لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه. كما جاء في بعض الروايات الكاملة التي تجمع بين النصين في مستدرك الحاكم، يتبين لنا بوضوح مدلول الوصية وأنها خاصة بالإمام علي.. إلا أن القوم لم يستسلموا علي ما يبدو فاخترعوا رواية تضرب هذه الوصية علي لسان الرسول (ص) تقول: تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا بعدي كتاب الله وسنتي. وهذه الرواية وردت في موطأ مالك ومستدرك الحاكم. لكن القوم شهروها وسلطوا عليها الأضواء حتي تلقفها المسلمون في كل مكان وأهملوا رواية مسلم وحتي الحاكم الأخري الخاصة بالإمام علي. والمتأمل في الروايات الواردة في الإمام علي في كتب السنن - وهي كثيرة جدا وأقل ما تشير إليه تميز الإمام عن بقية الصحابة وتفوقه عليهم - يدرك علي الفور أنه كانت هناك وصية صريحة لكن السياسة عتمت عليها.. انظر لنا تفاصيل هذه المسألة في كتابنا السيف والسياسة. وكتابنا دفاع عن الرسول وانظر نماذج من هذه الروايات في الآتي من هذه المناظرة.
[14] قال السيوطي: أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر من طريق بسند صحيح عن سعيد بن الجبير قال: قرأ النبي (ص) بمكة (والنجم) فلما بلغ (أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري) ألقي الشيطان علي لسانه: تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهم لترتجي. فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم. فسجدوا وسجد فنزلت الآية. وقصة الغرانيق مشهورة عند المفسرين والمؤرخين. وقد استعرضها بالشرح والبيان ابن حجر العسقلاني. وقصة الغرانيق في فتح الباري شرح البخاري ج 8 / 354 - 355.
[15] توجد الكثير من الروايات لدي السنة والشيعة تشكك في القرآن وتتحدث عن زيادته ونقصانه وتثير الشبهات من حوله غير أن الشيعة يتبرأون من هذه الروايات ولا يعتمدونها سيرا مع قاعدة إخضاع الأحاديث للقرآن والعقل التي يعملون بها. أما روايات أهل السنة فقد وردت في كتب الصحاح عندهم خاصة في البخاري ومسلم حيث لا سبيل إلي إنكارها.. وعلي رأس هذه الروايات: يروي عن عمر قوله: كان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها.. فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله.. والرجم في كتاب الله حق علي من زني إذا أحصن.. (البخاري، كتاب الحدود. باب رجم الحبلي). أما الآية المزعومة فهذا نصها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة.. انظر سنن ابن ماجة وموطأ مالك. ويروي كنا نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم.. ويروي عن عائشة قولها: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات) فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن (انظر مسلم كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات). ويروي أن أبا موسي الأشعري قال: إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في طول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.. (مسلم، كتاب الزكاة). وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة) (المرجع السابق، باب لو أن لابن آدم واديين). ويروي عن عائشة: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي (ص) مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن.. (انظر الاتقان في علوم القرآن للسيوطي، باب الناسخ والمنسوخ). ويروي عن ابن عمر قوله: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب منه قرآن كثير. ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر (المرجع السابق). ومثل هذه الروايات كثير في كتب السنن والفقه عند أهل السنة. وهي علي ما يبدو من ظاهرها توجب الكفر علي من يعتقدها ويتداولها. وتلك الروايات ثابتة صحيحة في نظرهم لورودها في البخاري ومسلم.
[16] يتبني أهل السنة الكثير من الأحاديث التي تفيد التجسيم وهي جميعها صحيحة عندهم والاعتقاد بها واجب ورفضها يوجب الحكم بفساد العقيدة. بل إن الواجب أخذها علي الحقيقة لا علي المجاز. يقول ابن قدامة في لمعة الاعتقاد: وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفي (ص) من صفات الرحمن وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل. ويعلن ابن حنبل صراحة تكفير الرافضين لهذه الروايات أو المؤولين لها في رسالته: الرد علي الجهمية والزنادقة. (انظر تفاصيل هذه المسألة في كتب العقائد السنية وعلي رأسها كتاب شرح العقيدة الطحاوية. وفتاوي ابن تيمية وعقيدته الواسطية ونونية ابن القيم الجوزية. ومن أحاديث التجسيم التي يتبناها أهل السنة: إن الله ينزل إلي السماء الدنيا.. (البخاري كتاب التهجد، ومسلم كتاب صلاة المسافرين). يضحك الله.. البخاري كتاب الجهاد، ومسلم كتاب الإمارة). إن الله خلق آدم علي صورته.. (مسلم كتاب التفسير). يضع الله رجله في النار.. (مسلم كتاب الجنة، والبخاري كتاب التفسير). إن الله يغار.. (البخاري كتاب النكاح، ومسلم كتاب التوبة). انظر البخاري كتاب التوحيد. وكتب العقائد.
[17] اعتبرت الشيعة العدل أحد أصول الدين، بينما يعتقد أهل السنة أن الله سبحانه من حقه أن يدخل المطيع النار ويدخل العاصي الجنة، وأن أفعال العباد مخلوقة وينبني علي هذا أن الله سبحانه يخلق الشر والمعصية وبالتالي يصبح الإنسان مجبرا عليها. (انظر تفاصيل هذه المسألة في شرح العقيدة الطحاوية وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي والشرح والإبانة لابن بطة. وعقيدة أهل السنة للأشعري. وانظر لنا كتاب أهل السنة شعب الله المختار.
[18] هذه الرواية ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة للإمام علي. وقد وردت في كتب أهل السنة روايات كثيرة تتعلق بعمر حول هذه المسألة. إن الله جعل الحق علي لسان عمر وقلبه (مستدرك الحاكم كتاب معرفة الصحابة). لو كان نبي بعدي لكان عمر (البخاري ومسلم كتاب فضائل الصحابة). ويقول عمر: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم. وفي حجاب. وفي أساري بدر. فقلت يا رسول الله: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلي فنزلت (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي) وقلت يا رسول الله: لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب. واجتمع نساء النبي في الغيرة عليه فقلت عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن. فنزلت هذه الآية... (البخاري كتاب الصلاة، ومسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل عمر). ويروي ابن عمر: لما توفي عبد الله بن أبي سلول جاء ابنه عبد الله إلي الرسول (ص) فسأله أن يعطيه قميصه ليكفن فيه أباه، فأعطاه. ثم سأله أن يصلي عليه فقام الرسول ليصلي عليه. فقام عمر فأخذ بثوب الرسول وقال: أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه. فقام الرسول: إنما خيرني الله.. فقال عمر: إنه منافق. فصلي عليه الرسول وأنزل الله (ولا تصلي علي أحد منهم مات أبدا ولا تقم علي قبره) (البخاري كتاب التفسير ومسلم كتاب فضائل الصحابة). ويجمع فقهاء السنة عن أن هذه الآيات إنما نزلت علي رأي عمر.. يقول ابن حجر: والمعني وافقت ربي فأنزل القرآن علي وفق ما رأيت.. (انظر فتح الباري ج 8. وهامش مسلم طبعة استانبول باب من فضائل عمر، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ترجمة عمر، والصواعق المحرقة في الرد علي أهل البدع والزندقة لابن حجر الهيثمي). ومثل هذه الروايات إنما ترفع عمر فوق مقام الرسول (ص) وتجعله أعلم بالوحي منه ومشاركا له فيه. ومن اعتقد ذلك فقد كفر بما أنزل علي محمد. انظر لنا كتاب دفاع عن الرسول، وكتاب أهل السنة شعب الله المختار.
[19] روي البخاري مثل هذه الرواية في كتاب فضائل الصحابة، باب مقدم النبي وأصحابه المدينة. وفي كتاب العيدين وفي كتاب الصلاة وكتاب النكاح.. وانظر باب قصة الحبشة بالبخاري أيضا.. وابن ماجة باب إعلان النكاح والغناء والدف. وانظر كتب السنن الأخري. وهنالك الكثير من الأحاديث التي تحط من قدر الرسول (ص) وتهدم مكانته ولا تليق بمقامه الشريف في كتب أهل السنة يتداولونها ويعتقدون صحتها. يروي عن عائشة قولها: تزوجني رسول الله (ص) وأنا ابنة ست سنين وأعرس بي وأنا ابنة تسع سنين.. (طبقات ابن سعد ج 8 والبخاري كتاب النكاح ومسلم). ويروي عن عائشة أيضا قولها: أتتني أم رومان - والدتها - وأنا علي أرجوحة ومعي صواحبي فصرخت بي فأتيتها وما أدري ما تريدني فأخذت بيدي فأسلمتني إلي نسوة من الأنصار أصلحنني فلم يرعني إلا رسول الله ضحي فأسلمتني إليه (مسلم والبخاري كتاب النكاح) ويروي عنها أنها كانت تلعب بالعرائس عند رسول الله. وكانت تلهو مع صواحبها من الأطفال في بيت الرسول. وكان الرسول يجمع الأطفال لها لتلهو معهم (مسلم باب فضل عائشة) ويروي أن الرسول (ص) رأي امرأة فوقعت في نفسه فدخل علي زينب بنت جحش فواقعها نهارا ثم خرج إلي أصحابه فقال: إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه (مسلم كتاب النكاح). ويروي: كان النبي (ص) يدور علي نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدي عشر فسأل أنس الراوي - خادم الرسول - أو كان يطيقه؟ فقال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين.. (البخاري كتاب الغسل). ويروي: أن الرسول (ص) قسم سبي خيبر وأعطي دحية صفية بنت حيي، ثم رجع عن قراره بعد أن زينها له القوم فأخذها من دحية وأعطاه غيرها. ثم جهزت له أثناء العودة إلي المدينة فدخل بها في الطريق (مسلم كتاب النكاح والبخاري كتاب الصلاة). ويروي أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون مرضاة رسول الله (مسلم / باب فضل عائشة) ومثل هذه الروايات كثير في كتب السنن والتاريخ وهي علي ما يبدو من ظاهرها تسئ إلي الرسول أكثر من تلك الرواية التي احتج بها العلوي علي العباسي في شأن عائشة. فهي تصور الرسول بمظهر الرجل الشهواني العاشق للنساء في السلم والحرب وسيرته علي ألسن الناس في المدينة. كما أن عشقه لعائشة الطفلة أصبح حديث الناس حتي أنهم كانوا يعلمون بيوم عائشة ويتقدمون بهداياهم إليه حين مبيته عندها أي أن الحصول علي مرضاة الرسول (ص) لا يتحقق إلا بواسطة عائشة وهذا يعني أن رضا الرسول يرتبط بعائشة لا بالشرع. وليس بعد هذا ضلال. (انظر تفاصيل هذه المسألة وعلاقة الرسول بالنساء في كتابنا الخدعة، ودفاع عن الرسول).
[20] أنظر تفسير هذه السورة في كتب التفسير الخاصة بالشيعة مثل كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن، وكتاب الميزان في تفسير القرآن.
[21] ورد هذا النص في الملل والنحل للشهرستاني ج 1 / 23. والشواهد كثيرة علي أن الصحابة عصوا أمر الرسول (ص) بالخروج مع جيش أسامة بل طعنوا في إمارته للجيش حتي توفي الرسول والجيش لم يتحرك من المدينة. وكان الرسول قد وضع في هذا الجيش كبار الصحابة وعلي رأسهم أبو بكر وعمر عدا الإمام علي وبعض الصحابة استبقاهم إلي جواره مما يشير إلي أن الأمر كانت له دلالات وأهداف أخري غير الهدف العسكري الذي هو موضع شك إذا ما تبين لنا أن الذي يقوده أسامة صاحب السبعة عشر ربيعا والذي لم يسبق لا قيادة جيش من قبل والمختلف علي قيادته المطعون فيه والعقل لا يقبل أن يوجه الرسول (ص) مثل هذا الجيش وهو بهذه الحالة إلي الروم. (انظر تفاصيل قصة جيش أسامة في طبقات ابن سعد ج 2 / 191. والبخاري كتاب المغازي باب مرض النبي ووفاته وباب بعث أسامة. وانظر سيرة ابن هشام وكتب التاريخ. وانظر لنا كتاب السيف والسياسة.
[22] يقول ابن حجر العسقلاني: كان تجهيز أسامة قبل موت الرسول (ص) بيومين فندب الناس لغزو الروم.. وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة. ثم اشتد علي الرسول وجعه فقال: أنفذوا بعث أسامة فتكلم في ذلك قوم.. وأنكر ابن تيمية وجود أبي بكر وعمر في بعث أسامة. ورد عليه ابن حجر وأورد عدة روايات تبطل قوله (انظر فتح الباري ج 8 / 152 شرح كتاب المغازي) وقد برر الفقهاء موقف الصحابة من بعث أسامة كما برروا من قبله موقفهم من وصية الرسول حين طلب القلم والقرطاس ليكتب كتابا يعصم الأمة من الضلال بعده.. يروي عن ابن عباس قال: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ اشتد الوجع برسول الله (ص) فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه، أهجر استفهموه. وفي رواية أخري اختلفوا وتنازعوا وقالوا حسبنا كتاب الله والنبي قد غلبه الوجع.. قال ابن عباس معلقا علي هذا الحدث: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب هذا الكتاب.. (انظر البخاري كتاب العلم وكتاب المرض، ومسلم كتاب الوصية ومسند أحمد ج 1 / 355).. وأجمع الفقهاء أن عمر بن الخطاب هو الذي تزعم جبهة الرفض لوصية الرسول. كما صرح البخاري في رواية أنه - أي عمر - هو الذي قال: ما شأنه أهجر. ومعني أهجر: أي أفحش وهذي. وهذا كما هو ظاهر يعد سبا للرسول (ص) وطعنا فيه.. وقد برر الفقهاء موقف عمر وجبهته من وصية الرسول ودافعوا عنه وعلي رأس هؤلاء الفقهاء ابن حجر العسقلاني والقاضي عياض والقرطبي والخطابي وابن الجوزي وابن تيمية (انظر فتح الباري ج 1 كتاب العلم باب كتابة العلم وج 8 كتاب المغازي) وانظر لنا السيف والسياسة.. والسؤال هنا ما هي مصلحة عمر وجبهته في منع وصية الرسول؟ وهل هو أعلم من الرسول بكتاب الله وصالح الدعوة؟ وهل يجوز التطاول علي النبي إلي هذا الحد وهو في فراش المرض؟ وما حكم ذلك شرعا؟ ويظهر لنا دفاع الفقهاء وتبريراتهم وتأويلاتهم لمواقف الصحابة المنحرفة عن الصراط خاصة موقف أبي بكر وعمر من نفي ابن تيمية وجود أبي بكر وعمر في جيش أسامة فهو يريد أن يخرجهما من دائرة العصيان والحرج الذي وقع فيه الرافضون لأمر الرسول بالخروج المستحقون لعنته (ص).
[23] روي ابن هشام في سيرته باب بيعة الرضوان عن عمر قوله: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ - أي يوم الحديبية - مخافة كلامي الذي تكلمت به.
[24] ذكر هذا النص علي لسان عائشة وغيرها في النهاية لابن الأثير وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وابن أعثم في كتاب الفتوح، والنعثل: الذكر من الضباع. والشيخ الأحمق ويهودي صاحب لحية طويلة من سكان المدينة كان يشبه عثمان.
[25] وردت حادثة الاعتداء علي ابن مسعود في عدة مراجع تاريخية. انظر الطبري ج 5 وتاريخ ابن عساكر ج 7. كما اعتدي عثمان علي عمار بن ياسر أيضا. وقد برر الفقهاء فعل عثمان هذا ودافعوا عنه. انظر البداية والنهاية لابن كثير ج 7 ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية ج 3 العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي.. أما سبب الاعتداء عليهما فلكونه من أنصار الإمام علي من المناوئين لعثمان وبني أمية. وقد صرحت كتب السنن والتاريخ بمخالفة ابن مسعود لعثمان في قضية جمع القرآن وحرق المصاحف التي في حوزة الصحابة، ورفضه الاعتراف بمصحفه وتحريضه الصحابة والمسلمين ضد عثمان ومصحفه / انظر تفاصيل الصدام بين عثمان وابن مسعود حول القرآن في البخاري، كتاب فضائل القرآن وشرحه في فتح الباري ج 9. وانظر لنا كتاب الخدعة والسيف والسياسة ودفاع عن الرسول.
[26] مسند أحمد، كتاب الفضائل. ومستدرك الحاكم كتاب معرفة الصحابة. وحادثة نفي أبي ذر إلي الربذة مشهورة في كتب التاريخ. وكان أبو ذر من أنصار الإمام علي وخصوم عثمان ومعاوية وقد تصدي لانحرافات عثمان فنفاه إلي الشام، فتصدي لانحرافات معاوية هناك فأعاده إلي المدينة لينفيه عثمان إلي الربذة.
[27] ذكر المؤرخون أن عثمان أعطي عبد الله بن خالد أسيد 400000 درهم، والحكم بن العاص - طريد رسول الله - 100 ألف درهم، وأعطي أرض فدك لمروان بن الحكم - الوزغ بن الوزغ - وقد كانت أرض فدك لفاطمة الزهراء فغصبها أبو بكر وعمر منها ثم سلمها عثمان لمروان وأعطي عبد الله بن أبي السرح 100 ألف درهم كل ذلك من بيت مال المسلمين المساكين، انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج 1 حتي تجد التفصيل وانظر الطبري وكتب التاريخ. وقد تركزت أسباب الثورة علي عثمان فيما يلي: 1 - حرقه للمصاحف.. 2 - سيطرة عائلته علي الحكم.. 3 - توليته الأحداث من بني أمية وتركه كبار الصحابة... 4 - إيواؤه للحكم بن العاص الذي لعنه الرسول وأهدر دمه.. 5 - إيواؤه لعبد الله بن أبي سرح الذي ارتد عن الإسلام في زمن الرسول وأهدر الرسول دمه.. 6 - سلوك وممارسات معاوية في الشام.. 7 - إضطهاده للصحابة مثل ابن مسعود وعمار وأبو ذر.. 8 - تصرفه في أموال المسلمين لحساب أقاربه.. روي عن عثمان قوله: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتي يدخلوا الجنة عن آخرهم (مسند أحمد والبداية والنهاية لابن كثير ج 7 / 178، وقد دافع ابن كثير في تاريخه عن عثمان دفاعا مريرا وأورد الكثير من التأويلات والتبريرات لأفعاله ومواقفه تلك التبريرات والتأويلات التي تصطدم بالنصوص والوقائع الثابتة فضلا عن كونها تصطدم بالعقل. (انظر ج 7). كما دافع عنه ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم كذلك ابن حجر الهيثمي في كتابه الصواعق المحرقة. انظر تفاصيل فتنة عثمان في الطبري والكامل لابن الأثير ومروج الذهب للمسعودي، وانظر لنا السيف والسياسة.
[28] وضع عمر وهو علي فراش الموت الشوري في ستة أشخاص ينتخب منهم واحد للخلافة بعده وهم: علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ثم عثمان بن عفان. وكان سعد ابن عم عبد الرحمن. وعبد الرحمن صهر عثمان. وحدث أن مال الزبير لعلي ومال سعد لعثمان ومال طلحة لعبد الرحمن. ثم انسحب عبد الرحمن وأعطي صوته لعثمان ومعه طلحة لتصبح النتيجة ثلاثة مع عثمان وواحد مع علي.. وفي رواية أخري انتهت النتيجة بالتعادل اثنين مع علي واثنين مع عثمان. وقال عمر كونوا مع عبد الرحمن أي كونوا في صف عبد الرحمن فهو الحكم.. وعرض عبد الرحمن علي الإمام علي أن يبايع علي كتاب الله وسنة رسوله وسنة أبي بكر وعمر. فقال: أبايع علي كتاب الله وسنة رسوله. فأمسك بيد عثمان فبايعه علي كتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين. فأعلنه خليفة للمسلمين. ثم إن عثمان بعد ذلك خرج علي كتاب الله وسنة رسوله ونهج الشيخين.. (انظر تفاصيل تنصيب عثمان في كتب التاريخ، وانظر فتح الباري ج 7 والبداية والنهاية ج 7).
[29] أنظر التاريخ الطبري والبداية والنهاية ومروج الذهب.
[30] سورة الأحزاب آية رقم 53. انظر تفسير ابن كثير والطبري والخازن.
[31] بايع كل من طلحة والزبير الإمام علي بعد مقتل عثمان ثم نقضا بيعته وحارباه في وقعة الجمل وقتلا فيها. (انظر أحداث وقعة الجمل في كتب التاريخ) وحرضا عائشة علي الخروج وروي أن الرسول (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم. وفي رواية أخري: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. (انظر الترمذي كتاب المناقب ومسند أحمد ج 2 / 442. والطبراني.
[32] أنظر كنز العمال حديث رقم 1213.
[33] أنظر مستدرك الحاكم ج 3 كتاب معرفة الصحابة، باب فضائل علي، وانظر الطبراني.
[34] مستدرك الحاكم، والترمذي ج 2، وانظر مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 / 135.
[35] روي عن الرسول (ص) قوله: إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه حريصا علي قتل صاحبه.. (البخاري كتاب الإيمان، ومسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة). وقد انقلب طلحة والزبير علي عثمان لكثرة انحرافاته وشاركا في الثورة عليه. (انظر الطبري ومروج الذهب). أما رواية العشرة المبشرون بالجنة فهي للوضع أقرب لما يلي: أولا: تخبط الرواة في تحديد العشرة فتارة يحددونهم فيما يلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح.. وتارة يحددونهم فيما يلي: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعلي في الجنة وعثمان في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن في الجنة وسعيد في الجنة وأبو عبيدة في الجنة.. وتارة يحددونهم فيما يلي: النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وطلحة في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وسعيد بن مالك في الجنة وعبد الرحمن في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر، فقالوا من هو؟ قال: - أي الراوي سعيد بن زيد - أنا.. (انظر الترمذي وأبو داود ومسند أحمد وابن ماجة). فالرواية الأولي فيها سعد بن أبي وقاص. والرواية الثانية ليس فيها سعد وفيها تسعة لا عشرة.. والرواية الثالثة ليس فيها علي، وفيها النبي وهذا لا يصح فالنبي هو المبشر. وهذا وحده كاف لإثبات بطلان الرواية ونقضها من أساسها، ثم إذا سلمنا بذلك يصبح عدد المذكورين في الرواية سبعة بعد استثناء النبي. ثانيا: إن الراوي وهو سعيد بن زيد هو العاشر أو بمعني أصح وضع نفسه في العشرة.. ثالثا: أن هذا يعني أن بقية الصحابة الذين لم تذكر أسماؤهم في النار.. رابعا: أن هناك من بين الصحابة من هو أعلي مكانة وأشد بلاء في الإسلام من سعيد وسعد وعبد الرحمن وطلحة وغيرهم وعلي رأس هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري والمقداد وسلمان وحذيفة وبلال. خامسا: إن المفروض أن يكون العشرة أشهر من نار علي علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة وأن تكون هذه الرواية في مسلم أو البخاري.
[36] روي البخاري عدة روايات تؤكد ردة الصحابة من بعد رسول الله (ص) منها: أنا فرطكم علي الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتي إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك. وفي رواية أخري: ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي (انظر كتاب الفتن وكتاب الرقاق). ويروي: أنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم (مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها). ويروي عن الرسول (ص) قوله في حجة الوداع: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وفي رواية لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (انظر البخاري كتاب الفتن). وقوله: في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتي يلج الجمل سم الخياط (مسلم كتاب المنافقين). ويروي عن حذيفة بن اليمان قوله: إن المنافقين اليوم شر منهم علي عهد النبي (ص) كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون، إنما كان النفاق علي عهد رسول الله فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان (انظر البخاري كتاب الفتن). ومثل هذه الروايات وغيرها إنما تنقص فكرة العدالة التي هي من اختراع السياسة لإضفاء المشروعية علي بني أمية ومن سار في ركابهم من ركش القوم الذين أدخلهم الفقهاء في دائرة الصحبة وأضفوا عليهم العدالة كي يرووا باسم الرسول ويضفوا المشروعية علي معاوية ونهجه.
[37] البخاري في تفسير قوله تعالي: ((ما ننسخ من آية..)) وطبقات ابن سعد ج 2 ص 339 / 340. والاستيعاب ج 1 ص 461 وحلية الأولياء ج 1 ص 65 وغيره من عشرات المصادر.
[38] مستدرك الحاكم ج 3 ص 126 وتاريخ بغداد ج 4 ص 248 وأسد الغابة ج 4 ص 22 وكنز العمال ج 6 ص 152 وتهذيب التهذيب لابن حجر ص 320 ج 6 وغيره.
[39] الحاكم في المستدرك، كتاب الصلاة ج 1 ص 358، والاستيعاب ج 3 ص 39 ومناقب الخوارزمي ص 48 وتذكرة السبط ص 87 وتفسير النيسابوري سورة الأحقاف والدر المنثور ج 3 / 133.
[40] تذكرة السبط ص 87 ومناقب الخوارزمي ص 60 وفيض القدير ج 4 ص 357. وفي طبقات ابن سعد ج 2 عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن.
[41] طبقات ابن سعد ج 3 القسم 1 ص 129، وتاريخ ابن جرير ج 2 ص 440 والإمامة والسياسة لابن قتيبة.
[42] سورة التوبة آية 61، وقد أشرنا إلي ذلك سابقا.
[43] عن الإمام علي (ع) أنه قال: لولا أن عمر نهي الناس عن المتعة ما زني إلا شقي، انظر كتاب الفقه أبواب النكاح، وانظر لنا زواج المتعة حلال.
[44] قول عمر رواه أحمد في مسنده ج 1، وانظر تفسير الرازي ج 1 وفتح الباري ج 9 كتاب النكاح وكتب الفقه أبواب النكاح. وقد خالف عبد الله بن عمر فقيه الصحابة أباه في تحريم متعة الحج. يروي الترمذي أن ابن عمر سئل عن متعة الحج، فقال: هي حلال. فقيل له: إن أباك قد نهي عنها، فقال: إن كان أبي قد نهي عنها وقد سنها ووضعها رسول الله (ص) أنترك السنة ونتبع قول أبي.. وفي رواية أحمد: أنترك السنة ونتبع قول أبي.. وقد سار الفقهاء علي نهج تحريم المتعتين علي الرغم من هذه الروايات، انظر كتب الفقه وانظر لنا كتاب زواج المتعة حلال.. وانظر المناظرة الثالثة.
[45] فرض الجهاد في الإسلام من أجل الدفاع عن الدعوة وليس من أجل الهجوم علي الآخرين وإخضاعهم للمسلمين. وحركة الفتوحات لم تكن سوي صراع بين حكومتين: حكومة مسلمة.. وحكومة كافرة.. ولم يكن لشعوب هذه الدول صلة أو مصلحة في هذه الحروب. ولما كانت خلافة عمر باطلة كانت فتوحاته باطلة. فما بني علي باطل فهو باطل. وفيما يتعلق بنصوص الجهاد الواردة في القرآن فهي نصوص خاصة بالرسول (ص) وبالإمام المنصوص عليه بعده. فالرسول أو الإمام هما الجهة الوحيدة التي يحق لها رفع راية الجهاد في مواجهة الآخرين. وهي حين ترفعه فإنها ترفعه بمشروعية.. وتطبقه بمشروعية. فلا تقتل ولا تسبي إلا بحق.. أما الخلفاء بداية من أبي بكر ومن بعده فإنهم أساؤوا التطبيق لهذه النصوص واستثمروها لصالح حكمهم ونفوذهم.. والمتأمل في حركة الغزو والفتوحات يتبين له من خلال نتائجها أنها كانت لا تخرج عن كونها صورة من صور الحروب السياسية. فقد كثرت الجواري والرقيق في واقع المسلمين نتيجة لهذه الحروب في قصور الخلفاء والكبراء وسائر المسلمين. وكان من المفروض أن تنتهي هذه الظاهرة من واقع المسلمين. فالإسلام جاء ليقضي علي الرق وهو ما كان واضحا من سلوك الرسول (ص) ومواقفه. وهذا الأمر إن دل علي شئ فإنما يدل علي التطبيق الخاطئ للنصوص وإهمال النصوص التي جاءت للقضاء علي هذه الظاهرة. هذا مع الإشارة إلي المفاسد والانحرافات الجنسية التي سادت واقع المسلمين بسبب هذه الظاهرة. وكان من نتائج هذه الفتوحات أيضا أن فتحت الدنيا علي المسلمين فنسوا دورهم ورسالتهم كدعاة مبشرين بالحق والعدل والسلام وتحولوا إلي حملة سيوف يبشرون بالقتل والقهر والدماء.. ومن الملاحظ أن الإمام علي لم يشارك في أي من هذه الحروب التي وقعت بعد وفاة الرسول بعد أن حروبه بعد الرسول كانت مع أهل القبلة فقاتل عائشة وطلحة والزبير ثم معاوية والخوارج وكانت النصوص الصريحة في صفه. (انظر لنا السيف والسياسة وانظر أحاديث الخوارج في مسلم كتاب الزكاة).
[46] الفخر الرازي في نهاية العقول ص 104. مستدرك الحاكم ج 3 ص 32، تاريخ بغداد ج 3 ص 19. وقال يحيي ابن آدم: ما شبهت قتل علي عمرو إلا بقول الله عز وجل: ((فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت)) انظر المستدرك والذهبي في تلخيص المستدرك ج 3 ص 32، وأرجح المطالب ص 481.
[47] الأثافي هو الحجر الذي يوضع عليه القدر.
[48] أنظر: أبو الفداء في تاريخه ج 1 ص 158 والطبري في تاريخه ج 3 ص 241 وابن الأثير في تاريخه ج 3 ص 9: 14 وابن عساكر في تاريخه ج 5 ص 105 وابن كثير في تاريخه ج 6 ص 321 وغيرهم.
[49] وقعت قصة إحراق بيت فاطمة أثناء أحداث السقيفة (انظر تاريخ الطبري). وأسلم خالد بن الوليد في سنة ثمان للهجرة ولم يشارك في غزوات فاعلة مع الرسول (ص) فمن هذه الفترة وحتي وفاة الرسول لم تكن هناك سوي غزوة مؤتة وبعض السرايا. وقد شارك خالد في مؤتة وأسهم في سحب الجيش بعد مقتل القواد الثلاثة الذين عينهم الرسول وهم جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة ولم يكن من بينهم خالد. وكان الرسول قد بعث خالد إلي بني جزيمة من كنانة داعيا ولم يبعثه مقاتلا فوطئ بني جزيمة وأصاب منهم وقتل منهم من قتل بعد أن استأمنهم مخالفا بذلك أمر الرسول، ولما انتهي الخبر إلي الرسول (ص) رفع يديه إلي السماء وقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ثلاث مرات. ثم أرسل بعده علي بن أبي طالب لإصلاح ما أفسد خالد. (انظر سيرة ابن هشام ج 4 / ذكر فتح مكة). وارتبط خالد فيما بعد بما سمي بحروب الردة حيث أسهم بسيفه في تصفية المخالفين لحكم أبي بكر وحين قتل مالك بن نويرة ودخل بامرأته قبل أن تعد طالب عمر بإقامة الحد عليه فمنعه أبو بكر قائلا: ما كان لي أن أغمد سيفا سله الله. من هنا يمكن القول إن فكرة سيف الله المسلول ارتبطت بأبي بكر ولم ترتبط بالرسول. وكان عمر علي خلاف مع خالد ولم يكن راض عنه حتي أنه بمجرد أن تولي الخلافة عزله عن قيادة الجيوش. ولو كان سيف الله حقا ما عزله عمر إذ بهذا الفعل يحرم المسلمين من النصر ويضعف الإسلام. وكان خالد من حزب أبي بكر وعمر وأبي عبيدة الذين قادوا حركة السقيفة بعد وفاة الرسول وأعلنوا رفضهم للإمام علي وآل البيت. وما يمكن قوله في هذا المضمار إن القبيلة هي التي كانت تهيمن علي موقف الصحابة تجاه الإمام علي وآل البيت. وأن الإسلام لا يحول الناس إلي ملائكة. والحق أن سيف الله المسلول هو الإمام علي لا خالد بن الوليد. وقد قال فيه الرسول (ص): لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتي إلا علي.. (أنظر سيرة ابن هشام باب غزوة أحد، والبداية والنهاية ج 7 / 335، والرياض النضرة للطبري ج 2 / 190، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 209).
[50] الحاكم في المستدرك ج 2 ص 623 وشرح ابن أبي الحديد ج 3 ص 313، وتاريخ ابن كثير ج 3 ص 87، وشرح البخاري للقسطلاني ج 2 ص 227، والسيرة الحلبية ج 1 ص 125 وغيرها من عشرات الكتب.
[51] قتل الحسن مسموما بتدبير معاوية علي يد زوجته. بينما قتل الحسين في مذبحة كربلاء علي يد قوات عمر بن سعد بن أبي وقاص بتحريض من يزيد بن معاوية.. ولا شك أن مذبحة كربلاء خير شاهد علي مدي الانحراف الذي كانت تعيشه الأمة بعيدا عن الإسلام ونهج النبي (ص).. بل إن العدوان علي الحسين وأبناء الرسول في كربلاء يعد عدوانا علي النبي والإسلام وهذا الحدث المفجع يعد إدانة للصحابة والتابعين والفقهاء الذين وقفوا من هذا الحدث موقف المتفرج.
[52] أنظر تاريخ الطبري. وانظر تفاصيل الصدامات التي وقعت في سقيفة بني ساعدة في نهاية الأرب في فنون الأدب، والبداية والنهاية وفتح الباري ج 7 كتاب الفضائل باب فضل أبي بكر وقول عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه قتله الله ورد عليه قيس ابن سعد عليه: إياك يقتل. ورواية عائشة عن عمر: لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك (فتح الباري). وقال عمر حين رأي قوات قبيلة أسلم تدخل المدينة لنصرة أبو بكر: الآن أيقنت بالنصر. (انظر الطبري).
[53] صحيح البخاري كتاب الخمس الحديث رقم 2 وفيه في باب غزوة خيبر وكتاب الفرائض، وصحيح الترمذي ج 1 باب ما جاء من تركه رسول الله والإمامة والسياسة ومستدرك الصحيحين ج 3 ص 153 وميزان الاعتدال ج 2 ص 72 وكنز العمال ج 6 ص 219 وغيرهم. ويروي البخاري عن الرسول (ص) قوله: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. (باب مناقب فاطمة). ويروي أن عليا دفن فاطمة ليلا وصلي عليها (طبقات ابن سعد ج 8). ويروي أن فاطمة أرسلت إلي أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خميس خيبر. فأبي أبو بكر أن يدفع إليها شيئا فوجدت - غضبت - فاطمة علي أبي بكر في ذلك فهجرته. فلم تكلمه حتي توفيت، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبو بكر وصلي عليها علي. (مسلم كتاب الجهاد والسير). ومن المعروف تاريخيا أن موقف أبي بكر من فاطمة كان يشاركه فيه عمر الذي لم يكن أبو بكر يقطع أمرا دونه.. ويروي أن فاطمة قالت لهما: والله لا أكلمكما أبدا، فماتت ولا تكلمهما (الترمذي كتاب السير).
[54] أنظر كتب التاريخ، والبداية والنهاية لابن كثير ج وقد دافع عن أبي بكر وعمر وبرر موقفهما من فاطمة. ويروي أن الذين حضروا جنازة فاطمة ونزلوا حفرتها علي والعباس والفضل بن العباس (ابن سعد ج 8).
[55] فدك أرض بين المدينة وخيبر وكانت ملكا للرسول (ص) فوهبها لفاطمة. وصادرها أبو بكر بعد توليه الحكم من فاطمة، واحتجا عليها - أي أبي بكر وعمر - برواية لم تروي إلا طريقهما تقول علي لسان الرسول (ص): إنا لا نورث، ما تركناه صدقة. وهي رواية مشهورة في كتب السنن واعتمد عليها الفقهاء في تبرير موقف أبي بكر وإضفاء المشروعية عليه. ولا يعقل أن تكون فاطمة أو الإمام علي قد غفلا عن هذا الحكم ولم يسمعا هذا الكلام من الرسول إن كان قاله.. لا يعقل أن تطالب السيدة فاطمة ما لا تستحق شرعا. ولا يعقل أن الرسول مات ولم يخبرها بهذا الحكم. وهذا وسواه من الدلائل تشير إلي اختلاق مثل هذه الرواية التي لم نسمع بها علي لسان أحد من الصحابة سوي أبي بكر وعمر.
[56] الهيثمي في مجمعه ج 9 ص 39 والإمامة والسياسة وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد وغيرهم ويظهر هذا الموقف بوضوح من الروايات السابق ذكرها.
[57] روي علي لسان الرسول (ص) قوله: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا. وفي رواية أخري: اثنا عشر خليفة وفي رواية ثالثة: لا يزال الإسلام عزيزا إلي اثني عشر خليفة.. (انظر مسلم، كتاب الإمارة).
[58] عجز فقهاء أهل السنة عن تحديد الأئمة الاثنا عشر الذين أشارت إليهم هذه الروايات وإن كان أكثرهم قد أجمعوا علي الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي إلا أنهم اختلفوا في الثمانية الباقين. يقول صدر الدين الحنفي: الاثنا عشر هم الخلفاء الأربعة ومعاوية وابنه يزيد وعبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة وبينهم عمر بن عبد العزيز ثم أخذ الأمر بالانحلال (شرح العقيدة الطحاوية). ويقول السيوطي: الاثني عشر هم: الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز وهؤلاء ثمانية. ويحتمل أن يضم إليهم المهتدي العباسي لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية. وكذلك الظاهر لما أوتيه من العدل، وبقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنه من آل البيت (تاريخ الخلفاء المقدمة). وقال ابن الجوزي: قد أطلت البحث في معني الحديث وتطلبت مظانه وسألت عنه فلم أقع علي المقصود منه.. (كشف المشكل). ونفس هذا الكلام قاله القاضي عياض وابن حجر العسقلاني وغيرهما (فتح الباري ج 13 / 181 / 18) ويظهر لنا أن هذا التفسير لحديث الاثني عشر إنما هو تفسير سياسي أخضع النص للحاكم وحصره في دائرتهم. ولا يعقل أن يبشر الرسول (ص) بمعاوية ويزيد وحكام بني أمية وبني العباس الذين أفسدوا في الأرض وشوهوا الإسلام واستباحوا الدماء والأموال ويربط بهم عزة الإسلام.. (انظر لنا السيف والسياسة، ودفاع عن الرسول، وموسوعة آل البيت).
[59] ورد عشرون نصا عن النبي (ص) في التنصيص علي أسماء الأئمة الاثني عشر، عن طريق السنة وكتبهم، فمنها: فرائد السمطين ج 4، تذكرة ابن الجوزي ص 378، ينابيع المودة ص 442، الأربعين للحافظ أبو محمد بن أبي الفوارس، مقتل الحسين لأبي المؤيد، منهاج الفاضلين ص 239، درر السمطين، وغيرهم. انظر تاريخ أئمة آل البيت الاثني عشر في مروج الذهب للمسعودي وتاريخ اليعقوبي والبداية والنهاية وطبقات ابن سعد ووفيات الأعيان لابن خلكان، وهذه الكتب قد مرت علي سيرة هؤلاء الأئمة مرور الكرام وموهت علي حركتهم ودورهم. انظر لنا موسوعة آل البيت.
[60] أنظر الملاحم والفتن الباب 19، عقد الدرر الحديث 26، ينابيع المودة ص 491، تذكرة الخواص الباب 6، حلية الأولياء، أرجح المطالب ص 378، ذخائر العقبي وغيرها.
[61] صحيح البخاري باب صلاة التراويح، والصواعق، وقال القسطلاني في كتاب إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ج 5 ص 4 عند بلوغه إلي قول عمر (نعمت البدعة هذه): سماها بدعة لأن رسول الله لم يسن لهم ولا كانت زمن أبي بكر ولا أول الليل ولا هذا العدد. أقول: نعم إن خليفة المسلمين يبدع في الدين.. وذكر القوشجي وهو من أكابر علماء السنة أن عمر قال: ثلاث كن علي عهد رسول الله وأنا أنهي عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن: متعة النساء ومتعة الحج وحي علي خير العمل، وقال الإمام مالك في (الموطأ): أنه بلغه أن المؤذن جاء إلي عمر بن الخطاب يؤذنه بصلاة الصبح فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح! أقول: ليت شعري هل يجوز لعمر بن الخطاب أن يزيد وينقص في الآذن - الذي هو أمر من أمور الدين - بهوي نفسه ورغبة فكره؟؟.
[62] تتلمذ كل من أبي حنيفة ومالك علي يد الإمام جعفر الصادق. وروي عنه مالك في موطأه، وأخذ العلم عنه الكثير من أهل السنة ورووا عنه في كتبهم الكثير من الروايات. وقد عاصر الصادق الخليفة أبو جعفر المنصور ومات مسموما بتوجيه منه عام 148 ه. وكان الإمام الصادق هو أول من أعلن فقه آل البيت وعلومهم ونشرها علانية ومن هنا ربطه البعض بالشيعة وسموها باسمه. (انظر الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر وتاريخ بغداد للخطيب، والإمام جعفر الصادق لعبد الحليم الجندي والشيخ محمد أبو زهرة).
[63] أنظر الحافظ النيسابوري في صحيحه ج 8 ص 107، ينابيع المودة ص 117، نفحات اللاهوت.. وانظر تخريجات أخري له في مناقشة ابن تيمية لابن المطهر الملحقة بالكتاب.
[64] رواه الترمذي في سننه 5 / 633 ح 3713 وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجة في سننه 1 / 45 ح 121، الحاكم في المستدرك 3 / 109 و 134 و 371 و 533 بعدة طرق، البغوي في مصابيح السنة 4 / 172 ح 4767، أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 84 و 119 و 152 و 331 و ج 4 / 368 و 370 و 372 و 381 و ج 5 / 347 و 358 و 361 و 366 و 419، والدولابي في الذرية الطاهرة: 168 ح 228، الشجري في أماليه 1 / 145 و 146 بعدة طرق، القاضي عياض في الشفاء 1 / 468، علاء الدين ابن بليان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9 / 42 ح 6891، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5 / 474 و ج 7 / 377 و ج 8 / 290 و ج 12 / 344 و ج 14 / 236 بعدة طرق، ابن عساكر في ترجمة الإمام أمير المؤمنين (ع) من تاريخ دمشق 1 / 395 - 417، ح 457 - 491 وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 17 و 104 - 108 و 120 و 164 بأكثر من ثمانية وعشرين طريقا.
[65] روي هذا الحديث بطرق وأسانيد كثيرة إلي علي والحسن والحسين (ع) وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعمر بن العاص. وصححه يحيي بن معين وابن جرير والحاكم النيسابوري والكنجي وسبط ابن الجوزي وصلاح الدين العلاني وابن حجر والسيوطي وغيرهم. كما أفرده بالتأليف العلامة المحدث أحمد الحسين المغربي في كتابين سماهما " فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي " مطبوع، والثاني: " سبل السعادة وأبوابها بصحة حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها " وتكلم في أسانيده وطرقه وأسهب في تصحيحه وأحسن. وممن رواه: ابن جرير الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار: 105 ح 173 وقال: هذا خبر صحيح، الحاكم النيشابوري في المستدرك 3 / 126 و 127 بعدة طرق، ابن المغازلي في المناقب: 80 - 85 ح 120 - 126 كفاية الطالب: 220 - 223 وقال: هذا حديث حسن عال، الجويني في فرائد السمطين 1 / 98 ح 67، الديلمي في الفردوس 1 / 44 ح 106، الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 334 ح 459، السيوطي في الجامع الصغير 1 / 415 ح 2705، وغيرهم. وراجع المجلد الخاص بهذا الحديث من موسوعة " عبقات الأنوار ".
[66] وهو الحديث المعروف ب " حديث الطير " أفرده كبار الحفاظ بالتأليف، منهم: الحاكم النيشابوري (321 - 405 ه) في كتاب سماه " قصة الطير " أخرجه عن ستة وثمانين رجلا كلهم رووه عن أنس، كما أفرده بالتأليف ابن جرير الطبري (المتوفي سنة 310 ه) أخرجه بمائة وعشرين إسنادا، والحافظ أبو نعيم الأصفهاني (336 - 430 ه)، وأبو طاهر محمد بن علي بن حمدان الخراساني (القرن الخامس)، والحافظ أبو عبد الله الذهبي (المتوفي سنة 748 ه) رواه عن بضع وعشرين صحابيا، وسرد أسماء بضع وتسعين تابعيا رووه عن أنس. ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام أمير المؤمنين (ع) من تاريخ دمشق 2 / 105 - 134 ح 612 - 645 بأكثر من أربعين طريقا. ورواه المغازلي في المناقب: 156 - 175 ح 189 - 312 من أربع وعشرين طريقا. انظر: أهل البيت (ع) في المكتبة العربية: رقم 149 - 153 و 411.
[67] وهو الحديث المعروف ب " حديث المنزلة "، وللحاكم النيشابوري كتابا في طرق حديث المنزلة كما ألف القاضي التنوخي كتاب " ذكر الروايات عن النبي (ص) أنه قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب: أنت مني بمنزلة هارون من موسي... " وبيان طرقها واختلاف وجوهها، رواه عن أربعة وعشرين صحابيا. ورواه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي، باب مناقب علي من صحيحه 5 / 89 ح 30 - 32 بعدة طرق، الترمذي في سننه 5 / 640 و 641 ح 3730 و 3731، ابن ماجة في سننه 1 / 42 ح 115 وص 45 ح 121، أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 170 و 177 و 179 و 182 و 184 و 185 و ج 3 / 32 بعدة طرق، علاء الدين ابن بلبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9 / 40 و 41 ح 6887 و 6888 الحميدي في مسنده 1 / 38 ح 71، ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث 2 / 389 ح 2680. وراجع الطرائف: 51 وأهل البيت (ع) في المكتبة العربية رقم 301 و 307.
[68] سبق الإشارة إلي أحاديث الحوض في المناظرة الأولي.
[69] رواه الشهرستاني في الملل والنحل: 1 / 14، وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة 6 / 52 بإسناده عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز إلي عبد الله بن عبد الرحمن في حديث أن رسول الله (ص) قال: أنفذوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه. وكرر ذلك. وذكره في وصول الأخبار: 68.
[70] سبق الإشارة إليه.
[71] بالإضافة إلي المصدرين السابقين رواه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " 6 / 108 ح 147، ورواه في ص 176 ح 261 باب " كما بدأناه أول خلق نعيده " ورواه في ج 7 / 196 ح 113 كتاب الرقاق، باب كيف الحشر، وفي ج 4 / 277 ح 151 كتاب الأنبياء، باب " واتخذ الله إبراهيم خليلا " بإسناده من عدة طرق عن ابن عباس. ورواه مسلم في صحيحه 4 / 2194 ح 58 في كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب فناء الدنيا، عن ابن عباس بعدة طرق. ورواه الترمذي في سننه 4 / 615 ح 2423 كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في شأن الحشر. ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 447 كتاب التفسير، سورة الزخرف بإسناده عن ابن عباس. ورواه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده في أحاديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.
[72] عنه وصول الأخبار: 65، والطرائف: 376 وفي آخره: " لمن بدل بعدي وغير ". ورواه البخاري في صحيحه 9 / 83 في كتاب الفتن، الحديث الثاني والثالث بإسناده عن سهل بن سعد وأبي سعيد الخدري وأبي وائل. ورواه مسلم في صحيحه 4 / 1793 ح 26 كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا، من عدة طرق عن أبي حازم، عن سهل، وفي ذيله عن أبي سعيد بطريقين.
[73] عنه وصول الأخبار: 66 والطرائف: 377. ورواه مسلم في صحيحه 1 / 217 ح 37 كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء بإسناده إلي أبي هريرة. ورواه البخاري في صحيحه 8 / 214 ح 157 وص 216 ح 163 - 166 وص 218 ح 171 في كتاب الرقاق، باب في الحرص، بعدة طرق عن سعيد بن المسيب وأبي هريرة وحذيفة وعبد الله وأنس وأبي سعيد الخدري وأسماء بنت أبي بكر. قال ابن الأثير في النهاية: 5 / 274: " في حديث الحوض: فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم، الهمل: ضوال الإبل، واحدها (هامل) أي أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة ". ومثله في لسان العرب: 11 / 710.
[74] رواه مسلم في صحيحه 4 / 1794 ح 28 كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا وصفاته، بإسناده إلي عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة.
[75] المصدر السابق 4 / 1794 ح 2293 بإسناده إلي أسماء بنت أبي بكر.
[76] المصدر السابق 4 / 1795 ح 29 بإسناده إلي عبد الله بن رافع عن أم سلمة.
[77] رواه البخاري في صحيحه 8 / 217 ح 165 كتاب الرقاق باب في الحوض، وأحمد في مسنده: 1 / 384 وص 402 وص 406 وص 407 وص 453 وص 455، وابن ماجة في سننه: 2 / 1016 ح 3057 أبواب المناسك، باب الخطبة يوم النحر، جميعا بإسنادهم إلي عبد الله بن مسعود من عدة طرق. ورواه أحمد في مسنده: 5 / 48 وص 50 بإسناده إلي أبي بكر وائل عن حذيفة بن اليمان. ورواه في ص 393 عن أبي وائل عن ابن مسعود، وحصين عن أبي وائل عن حذيفة.
[78] التوبة: 25، وتتمتها: ((ثم أنزل الله سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين)) قال الضحاك بن مزاحم: علي (المؤمنين) الذين ثبتوا مع رسول الله (ص): علي والعباس في نفر من بني هاشم. مجمع البيان 5 / 28 وراجع وصول الأخبار: 64.
[79] رواه جمع كثير من علماء الفريقين منهم: ابن جرير الطبري في تاريخه 3 / 211 بإسناده إلي عاصم بن عدي، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 / 16. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 5 / 183 عدة روايات في ذلك وفيه: قال ابن عباس: وفي رواية الكلبي: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط.
[80] قصة عزله عن تبليغ سورة براءة مصادرها كثيرة وعد " 73 " حافظا وإماما وفقيها ومؤرخا من كبار أئمة الحديث عند أهل العامة، رووها وصححوها منهم إسماعيل السدي وابن هشام وابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل والدارمي وابن ماجة والترمذي والنسائي والطبري وأبو عوانة وابن حاتم الرازي والطبراني والدارقطني والحاكم وابن مردويه والبيهقي وابن المغازلي وابن عساكر وغيرهم.
[81] وفي هذا الباب روايات كثيرة، نذكر منها ما وراه الحاكم في المستدرك علي الصحيحين 3 / 37 بإسناده إلي ابن أبي ليلي في حديث قال: إن رسول الله (ص) بعث أبا بكر إلي خيبر فسار بالناس وانهزم. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. وروي نحوه بإسناده إلي جابر: إن النبي (ص) دفع الراية يوم خيبر إلي عمر، فانطلق، فرجع يجبن أصحابه ويجبنونه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد علي شرط مسلم. وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير 9 / 50 في ذيل تفسير قوله تعالي: ((إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا)) آل عمران: 155 قال: ومن الأنصار يقال لهما: سعد وعقبة، انهزموا حتي بلغوا موضعا بعيدا، ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام، فقال لهم النبي (ص): " لقد ذهبتم فيها عريضة ". وأخرج ابن حجر العسقلاني في الإصابة 2 / 190 في ترجمة رافع بن المعلي الأنصاري، عن ابن مندة من طريق ابن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالي: ((إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان)) الآية، نزلت في عثمان ورافع بن المعلي وخارجة بن زيد. وأخرج في ج 3 / 101 في ترجمة سعيد بن عثمان الأنصاري، عن إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق الزبير في الآية المذكورة قال: منهم عثمان بن عفان وسعيد بن عثمان وعلقمة بن عثمان الأنصاريان، بلغوا جبلا بناحية المدينة ببطن الأعور، فأقاموا هناك ثلاثا. وروي مثله الطبري في تفسيره جامع البيان 4 / 96 بطريقين. وأخرج السيوطي في الدر المنثور 2 / 355 و 356 عدة روايات في ذلك. وأرخ فرار عثمان يوم أحد جل المؤرخين وعلماء السير، انظر: تاريخ الطبري 3 / 21، الكامل لابن الأثير 2 / 158. ويفيد المقام هنا ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 362 بإسناده إلي أبي هريرة، قال: قال رسول الله (ص): خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله عز وجل، وقتل النفس بغير حق، ونهب مؤمن، والفرار من الزحف.. وأخرجه مع أحاديث كثيرة في هذا المعني الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 1 / 102 - 105 باب في الكبائر.
[82] سورة الشعراء: 214. راجع وصول الأخبار: 70.
[83] روي السيوطي في الدر المنثور 5 / 273 في تفسير قوله تعالي: ((وآت ذا القربي حقه)) الإسراء: هذه الآية دعا رسول الله (ص) فاطمة (ع) فأعطاها فدكا. وأخرج نحوه عن ابن مردويه عن ابن عباس. وللحديث مصادر أخري كثيرة. ومما يفيد ذكره هنا هو ما أخرجه في مجمع الزوائد 9 / 39 من طريق الطبراني في الأوسط عن عمر، قال: لما قبض رسول الله (ص) جئت أنا وأبو بكر إلي علي (ع) فقلنا: ما تقول فيما ترك رسول الله؟ قال: نحن أحق الناس برسول الله. قال: فقلت: والذي بخيبر؟! قال: والذي بخيبر. قلت: والذي بفدك؟! قال: والذي بفدك. فقلت: أما والله حتي تحزوا رقابنا بالمناشير فلا.
[84] وقد اعترفا أنهما أغضباها (ع)، وروي البخاري في صحيحه 5 / 388 ح 25 كتاب المغازي، باب في غزوة خيبر، بإسناده إلي عائشة. وفي ج 8 / 366 ح 3 كتاب الفرائض، باب قول النبي (لا نورث) وغيرها. وروي ذلك أيضا ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 / 14 تحت عنوان " كيف كانت بيعة علي (ع) وفيه أنها (ع) قالت لهما: " إني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه ". وفيه أيضا: " والله، لأدعون عليك في كل صلاة أصليها ".
[85] رواه البخاري في صحيحه 1 / 156 ح 55 كتاب العلم، باب كتابة العلم، وفي ج 7 / 219 ح 30 كتاب المرض، باب قول المريض " قوموا عني ". وفي ج 9 / 200 ح 134 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب كراهية الخلاف، وفي ج 6 / 29 ح 422 و 423 كتاب المغازي، باب مرض النبي (ص)، ورواه مسلم في صحيحه 3 / 1257 ح 20 كتاب الوصية، باب ترك الوصية بإسنادهما من عدة طرق إلي ابن عباس. وللحديث مصادر أخري كثيرة نعرض عن ذكرها خوف الإطالة.
[86] وصول الأخبار: 73 ورواية الرازي في أربعينه: " حتي المخدرات في البيوت ". وقد استقصي مصادر وأسانيد وطرق هذه الحادثة العلامة الأميني - قدس سره - في الغدير 6 / 95 - 99. قال ابن الأثير في النهاية 1 / 346: الحجلة - بالتحريك -: بيت كالقبة يستر بالثياب، وتكون له أزرار كبار وتجمع علي حجال.
[87] وصول الأخبار: 74، والقصة مشهورة، وروايتها متواترة عند الفريقين، أخرجها البخاري وغيره. راجع الغدير 6 / 198 - 240. روي البخاري في صحيحه 6 / 59 ح 43 كتاب التفسير، سورة البقرة، باب " فمن تمتع بالعمرة إلي الحج " بإسناده إلي عمران بن حصين قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله (ص)، ولم ينزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنها حتي مات، قال رجل برأيه ما شاء. ورواه أيضا في ج 2 / 282 ح 164 كتاب الحج، باب التمتع.
[88] وهي التي يسميها أهل العامة ب " صلاة التراويح ". روي البيهقي في سننه 2 / 493 بعدة طرق، ومالك بن أنس في الموطأ 1 / 114 ح 3 عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في الرهط، فقال عمر: إني أري لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم علي أبي بن كعب: ثم خرجت معه ليلة أخري والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: " نعم البدعة هذه ". وذكر ذلك في وصول الأخبار: 75. قال العسكري في الأوائل: 105: أول من سن قيام شهر رمضان عمر.. وقال " بدعة وأي بدعة ". وفي ص 112: وأول من حرم المتعة عمر. وراجع تاريخ الخلفاء للسيوطي: 108 فصل في أوليات عمر.
[89] قال الطبري في تاريخه، حوادث سنة 33 - 35، وأبو الفتح الشهرستاني في الملل والنحل 1 / 18 - 21، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 / 32، وابن أبي الحديد في شرح النهج 2 / 129 وأبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف: 163 - 168، وقد جمعت كلامهم بعضه إلي بعض: إن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الناس عليه، من تأمير بني أمية ولا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين وإخراج مال الفيئ إليهم، كالوليد بن عقبة بن أبي معيط وتوقفه عن عزله من ظهور فساده في الولاية ومجاهرته بالفسق وتعطيله إقامة الحد عليه لما شرب الخمر وصلاته وهو سكران، وإعطائه مروان بن الحكم خمس غنائم إفريقية، وقد بلغت خمسمائة ألف دينار، وفيها حق الله ورسوله وذي القربي واليتامي والمساكين، وتطاوله في البنيان، حتي عدوا سبع دور في المدينة، دارا لزوجته نائلة ودارا لعائشة، وغيرها من أهل وبناته، وعزله عبد الله بن الأرقم عن بيت المال لما أنكر عليه إطلاق الأموال لبني أمية بغير حق، ونفيه أبا ذر ونيله من عرضه وتسميته بالكذاب، وحرمانه عائشة وحفصة ما كان أبو بكر وعمر يعطيانهما، وحماية الكلأ وتحريمه علي المسلمين واختصاصه به، فلما أنكر عليه عبد الله بن حذيفة بن اليمان ذلك ضربه حتي مات من ضربه، وكان هو أول من ضرب ظهور الناس بالسياط.
[90] ذكرت حادثة ضرب ابن مسعود وكسر - أضلاعه وموته من جراء ذلك في أغلب كتب التاريخ، راجع تاريخ المدينة المنورة 3 / 1049 - 1052 وتاريخ اليعقوبي 2 / 170 وفيه: دخل ابن مسعود المسجد وعثمان يخطب فقال عثمان: إنه قد قدمت عليكم دابة سوء. فكلمه ابن مسعود بكلام غليظ، فأمر به عثمان فجر برجله حتي كسر له ضلعان، وراجع مصادر التعليقة السابقة.
[91] أجمع المؤرخون علي ذلك، روي عمر بن شبه (173 - 262 ه) في تاريخ المدينة المنورة 3 / 1099 - 1102 عدة روايات في ذلك، وفيها أن عمارا دخل علي عثمان فوعظه، فأمر به فضرب حتي فتق فكان لا يستمسك بوله، وأغمي عليه، فحمل إلي بيت أم المؤمنين أم سلمة وهو لا يعقل، فصلي الناس الجمعة والعصر ولم يفق عمار ولم يصل.
[92] نفي أبي ذر مجمع عليه عند المؤرخين والمحدثين، كالبلاذري والطبري والواقدي والمسعودي وأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، راجع مصادر التعليقة السابقة والغدير 8 / 292 - 323.
[93] وهو الحكم بن أبي العاص الأموي عم عثمان، وابن عم أبي سفيان، وقد رويت أحاديث كثيرة في لعنه وذريته، منها ما روي عن ابن الزبير أنه قال: ورب هذه الكعبة، إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون علي لسان محمد (ص)، كان يتسمع سر رسول الله، وأراد أن يفقأ عينه بمدري في يده، وكان يحكي مشية رسول الله (ص) وحركاته، فنفاه وطرده، فأعاده عثمان وأكرمه وأعطاه مائة ألف إفريقية، راجع أسد الغابة 2 / 33، الملل والنحل 1 / 19، شرح النهج 1 / 198، مجمع الزوائد 5 / 240 - 244، فتح الباري 13 / 9، سير أعلام النبلاء 2 / 107 والغدير 8 / 241 - 267.
[94] روي الطبري في تاريخه 5 / 143 بإسناده إلي أبي بشير العابدي، قال: نبذ عثمان ثلاثة أيام لا يدفن... ثم دفن في حش كوكب، كانت اليهود تدفن فيه موتاهم... ورجم الناس سريره وهموا بطرحه... وفي رواية الواقدي أنهم أرادوا دفنه في دير سلع مقبرة اليهود... وفي رواية غيره: أرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنائز فأبت الأنصار، وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع علي باب فنزا عليه وكسر ضلعا من أضلاعه وقال: سجنت ضابئا حتي مات في السجن... انظر أيضا شرح النهج 2 / 158. وأخرج السيد ابن طاووس في كتابه سعد السعود: 170 عن ابن عبد البر في الإستيعاب 3 / 80 بإسناده إلي عبد الملك بن الماجشون عن مالك، قال: لما قتل عثمان ألقي علي المزبلة ثلاثة أيام، وذكر في روايته عن هشام بن عروة أنهم منعوا من الصلاة عليه.
[95] أنظر: الغارات 1 / 284، الشافعي 4 / 113، تفسير العياشي 1 / 323 ح 121.
[96] رواه البخاري في صحيحه 9 / 147 ح 79 كتاب الأحكام، باب الاستخلاف بإسناده عن عبد الملك، عن جابر بن سمرة.
[97] رواه مسلم في صحيحه 3 / 1452 ح 6 كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، بإسناده عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمر، عن جابر بن سمرة. وذكر الحديثين في وصول الأخيار: 49.
[98] رواه في 3 / 1452 ح 4 كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش، وفيه: " ما بقي من الناس اثنان ".
[99] رواه مسلم في صحيحه 3 / 1452 و 1453 ح 5 - 9 في الكتاب والباب المذكورين آنفا.
[100] هو محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بابن المفيد فقيه محقق له الكثير من المصنفات. توفي في بغداد عام 314 ه.
[101] الإسماعيلية فرقة من فرق الشيعة تؤمن بحصر الإمامة في إسماعيل بن جعفر الصادق وأولاده ولا تعترف بموسي الكاظم ابن جعفر الصادق الإمام السابع عند الشيعة الإمامية التي ينطق بلسانها الشيخ المفيد وفقهاء الشيعة المرتبطين بهذه المناظرات.
[102] لا تقول الشيعة بجواز نكاح الكتابية.. انظر كتب الفقه الشيعية مثل كتاب الجامع للشرائع، وشرح اللمعة الدمشقية، وتبصرة المتعلمين في أحكام الدين.
[103] الحديث في مسند أحمد وإن كان ابن تيمية قد طعن في سنده إلا أنه قد روي في مصادر أخري كثيرة من مصادر أهل السنة مثل كنز العمال ج 6 / 153 عن ابن عباس. والطبراني وابن أبي حاتم. ونقله ابن حجر الهيثمي في صواعقه وابن عساكر. وما ذكر ابن تيمية من أن المتواتر عن ابن عباس تفضيله الشيخين علي علي أي أبي بكر وعمر وله معاتبات ومخالفات لعلي فهو من روايات أهل السنة التي هي من اختراع السياسة لضرب آل البيت. وقد جاءت مثل هذه الروايات علي لسان الإمام علي نفسه. فمن ثم لا يصح أن تكون موضع احتجاج هنا. والشيعة يعتبرون ابن عباس من تلامذة الإمام علي وشيعته ولا يقرون مخالفته ومعاتبته له. أما استدلال ابن تيمية بقوله تعالي: ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون)) علي معاتبة الإمام علي فهو استدلال واه. إذ أن المقصود كثرة ما نزل في الإمام من الآيات التي تستفتح بقوله تعالي: ((يا أيها الذين آمنوا..)) والتي هي في دلالاتها وأهدافها خير ومصلحة. ولو كان ابن تيمية متجرد حسن النية والقصد أمام خصمه ما قال هذا الكلام السطحي الذي لا يعكس لنا شخصيته العدائية ليس للشيعة فقط بل للإمام علي وأئمة آل البيت وما يدل علي ذلك محاولته إثبات أن عليا ذكر بالسوء في القرآن في معرض رده حول هذه المسألة حيث قال وقد أنزل الله في علي: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون)) لما صلي فقرأ وخلط. وقال النبي: ((وكان الإنسان أكثر شئ جدلا)) لما قال له ولفاطمة: ألا تصليان فقالا: إنما أنفسنا بيد الله.. ولما أراد علي أن يتزوج بنت أبي جهل علي فاطمة وتأذي الرسول من ذلك قوله تعالي: ((وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله)).. ومثل هذه الروايات التي نقلها ابن تيمية عن سبب نزول هذه الآيات إنما هي في البخاري وكتب السنن وهي كما هو واضح الهدف منها التشكيك في الإمام علي والحط من قدره وهو هدف ابن تيمية الذي يحاول إثبات أن أبا بكر لم يعاتبه الله في شئ ولا أساء إلي الرسول في شئ وإنما الذي فعل ذلك هو علي.. (انظر منهاج السنة ج 4 / 64: 65).
[104] الرد علي ابن تيمية هنا يقوم علي جانبين: الأول: إن الكثير من المفسرين والفقهاء نقلوا أن هذه الآية نزلت في الإمام علي منهم السيوطي في الدر المنثور، والواحدي في أسباب النزول وابن مردويه وابن عساكر وابن أبي حاتم وذلك غير ما ذكر ابن المطهر. الثاني: أن الاحتجاج ابن تيمية بما يرويه النقاشي والثعلبي وأبي نعيم احتجاج واه. إذ أن ابن المطهر يحتج علي أهل السنة بكتبهم ولا يلزم ذلك قبول ما فيها أو الاحتجاج بها عليه. وسبحان الله هل يريد ابن تيمية أن يحتج عليهم بالكافي الذي لا يعترفون به مثلا.. إن ابن المطهر والشيعة عموما لا يقبلون مصادر السنة بل يردونها ولو قبلوها ما كان هناك خلاف لكن هذا لا ينفي اتخاذها وسيلة احتجاج علي أصحابها الذين لا يعترفون بمصادر الشيعة. وهذا يعد من أقوي صور الاحتجاج. أن يبرهن علي الحق بمصدر الخصم وأسانيده.. أما قول ابن تيمية أن الناس قد كذبوا في المناقب والمثالب أكثر من أي شئ. فهو حجة عليه إذ مثلما يرد مناقب علي وآل البيت ويشكك فيها عليه أن يلتزم بذلك في مواجهة مناقب خصومهم. لكن ما الحيلة مع كان هواه مع معاوية وبني أمية، ونهجه التغطية علي مثالب من أوجدوهم ومهدوا لهم.
[105] شهد بنزول هذه الآية في علي، النسائي عن ابن سلام، والواحدي في أسباب النزول وأحمد في مسنده، وكنز العمال حديث رقم 5991. وشواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1، وابن عساكر، والمناقب للخوارزمي والسيوطي في الدر المنثور ج 2 / وفتح القدير للشوكاني ج 2 وابن الجوزي في زاد المسير ج 2 / 383، والهيثمي في مجمع الزوائد ج 7. كما جاء هذا النص في كثير من كتب التفسير مثل القرطبي والتفسير المنير والكشاف والطبري والنفسي وابن كثير وغير هذه المصادر كثير.. وقد طعن ابن كثير في سند هذه الروايات كعادة فقهاء الشام من الحنابلة خاصة الذين يتعبدون بنهج بني أمية. أما ما ذكره ابن تيمية من تأويلات بخصوص هذا النص فهي مردودة عليه ولا تعنينا في شئ ما دام قد ثبت كذبه بعدم وجود الإجماع.
[106] أي للإمام الصادق. والكلام مبتور كما هو واضح.
[107] أشرنا في المناظرة الأولي إلي وجود صلات بين أبي حنيفة ومالك وابن...... حنبل والإمام الصادق. أما الشافعي فلم يعاصره.
[108] روي مالك في موطأه لجعفر الصادق تسعة أحاديث كما روت له كتب السنن الأخري باسم جعفر بن محمد عدا البخاري. إلا أن هذه الروايات تعد قليلة جدا بالقياس إلي ما رواه الإمام الصادق ونقل عنه. وهذا أمر كان متعمدا من قبل الرواة وجامعي الأحاديث وله دوافعه السياسية.
[109] كان أبو حنيفة من تلاميذ الصادق ثم تمرد عليه. وله جملة مشهورة تقول: لولا السنتان لهلك النعمان.
[110] هناك الكثير من النصوص القرآنية التي تذم قطاعات من الصحابة. انظر سورة التوبة أصحاب المسجد الضرار والثلاثة الذين خلفوا، وضعاف النفوس والمتمردين علي الرسول (ص). وانظر سورة المنافقون، وقصة أصحاب الإفك وكلام ابن تيمية هنا كأنه يريد أن يستثني أبا بكر من هذا الذم وحده. مع أن ابن المطهر تكلم عن الصحابة بصيغة الجمع دون ذكر لأبي بكر. لكن ابن تيمية اعتبر احتجاج ابن المطهر بأفضلية علي وعدم ذمه في القرآن يعني الاعتراف به كإمام وهذا يقود بالتالي إلي نقص إمامة أبي بكر وعدم الاعتراف بها. واستدلال ابن تيمية برواية: أيها الناس اعرفوا لأبي بكر حقه، لرفع أبي بكر. ورواية تقدم الإمام علي لخطبة ابنة أبي جهل للحط من قدر علي.. هذا الاستدلال مردود عليه لأن الروايتين من روايات الخصم لا يعترف بهما الشيعة وهي في منظورهم من اختراعات الرواة. وكان من الأجدر علي ابن تيمية أن يستشهد بنصوص قرآنية نزلت في أبي بكر تؤكد مكانته ونص الغار الذي يربطونه به في القرآن سوف يأتي بيانه.. أما من جهة أن الرسول (ص) لم يذم أبو بكر ولما يأت من جانبه ما يسئ إلي الرسول والرسالة فغير صحيح. وها هي الروايات تشهد بذلك (انظر المناظرة الأولي، وانظر لنا كتاب الخدعة والسيف والسياسة).
[111] نص كلام ابن المطهر في منهاج السنة هو: وأذاعت سر رسول الله (ص) وخالفت أمر الله في قوله تعالي: ((وقرن في بيوتكن)) وخرجت في ملأ من الناس لتقاتل عليا علي غير ذنب، وكيف استجاز طلحة والزبير... الخ. ثم قال بعد ذلك: وكيف أطاعها علي ذلك عشرة آلاف من المسلمين وساعدوها علي حرب أمير المؤمنين ولم ينصر أحد منهم بنت رسول الله لما طلبت حقها من أبي بكر ولا شخص واحد كلمه بكملة واحدة.. مثل هذا الرد من قبل ابن تيمية يشوبه التناقض والسذاجة في آن واحد إذ أن أهل السنة يجمعون علي صحة إمامة علي وكونه رابع الخلفاء الراشدين المهديين وهذا الإقرار من قبلهم يدين عائشة ويضعها في موضع المذنبة. فعلي هو الإمام وعائشة هي الخارجة عليه. فالقدح فيها وفي من عاونها علي هذا الخروج وارد. فكيف لابن تيمية أن يقول إن الطعن في عائشة وطلحة والزبير يعد من نفس الوجهة طعنا في علي؟.
[112] أي سذاجة هذه، بل أي سطحية واستخفاف بعقول المسلمين؟ إن ابن تيمية لم يقع في هذه المتاهة إلا بسبب كونه من أعداء المنطق والعقل ولو كان يتسلح بشئ منهما ما كان يقع في هذا التناقض.. وإن أي قارئ لوقعة الجمع يتبين له ببساطة أن وجود عائشة كان هو المحرك الفعلي للمعركة ولولا أن طلحة والزبير أقنعاها بالخروج معهما ما كانا يستطيعان جمع أحد من المسلمين لمحاربة الإمام علي. وما كان يمكن حسم هذه الحرب إلا بعقر الجمل الذي يحمل عائشة ويلتف من حوله أعوانها وهو سبب صمودهم.. ولم يثبت من خلال الروايات المتداولة أن الإمام عليا عامل عائشة معاملة السبي أو ألحق بها أي إهانة بعد هزيمتها بل ردها إلي المدينة في حراسة خاصة لتقبع في بيتها كما أمرها الله. فيكف لابن تيمية أن ينسج من خياله أن ما حدث لعائشة بعد هزيمتها هو إهانة أعظم من إخراجها من بيتها؟.. فإذا كانت لم تقع لها إهانة فإن خروجها من بيتها هو الجرم العظيم حسب منطق ابن تيمية الذي أراد أن يعظم إهانتها المتوهمة علي خروجها وتبرجها.. يروي البخاري عن عمار بن ياسر أنه قال أثناء وقعة الجمل: إني لا أعلم أنها زوجته - أي عائشة - في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها.. (باب فضل عائشة). وقال ابن حجر: قوله لتتبعوه أو إياها، قيل الضمير لعلي، والذي يظهر أنه لله. والمراد باتباع الله اتباع حكمه الشرعي في طاعة الإمام وعدم الخروج عليه. ولعله أشار إلي قوله تعالي ((وقرن في بيوتكن)) فإنه أمر حقيقي خوطب به أزواج النبي (ص). ولهذا كانت أم سلمة تقول: لا يحركني ظهر بعير حتي ألقي النبي.. (فتح الباري ج 7 / 108) وكلام ابن حجر هذا فيه الكفاية للرد علي أمثال ابن تيمية أما بخصوص رواية دعاء عائشة علي من مد يده إليها فهي من أكاذيب ابن تيمية، الذي يرفع شعار الكذب في مواجهة خصومه ويبيحه لنفسه. ومن المعروف أن محمد بن أبي بكر هو ربيب الإمام علي بعد زواجه بأمه أسماء بنت عميس وقد قتل في مصر علي يد قوات عمرو بن العاص بعد أن دخلها أثناء حرب صفين ويقال إنهم أسروه وأحرقوه. وكان الإمام قد ولاه علي مصر. ويريد ابن تيمية بنسبة هذه النبوءة لعائشة أن يضفي المشروعية عليها وعلي معاوية وابن العاص ويؤكد صحة موقفهم. وإذا ما تبين لنا أن محمد بن أبي بكر هو شقيق عائشة فهذا يدفع هذه الرواية المزعومة ويكذبها، فهي وإن صحت فإنها تنطبق علي غير المحارم.
[113] جاء هذا الحديث في تاريخ الإسلام للذهبي وحكم عليه بالوضع. والذهبي كما هو معروف من فقهاء الشام الذين يدينون بنهج بني أمية، فضلا عن كونه من تلاميذ ابن تيمية والمضحك أن الذهبي بعد أين شكك في الرواية جاء برواية أخري تنقضها تقول: إذا رأيتم معاوية يخطب علي منبري فاقبلوه، فإنه أمين مأمون. وأسنده إلي الخطيب والحاكم. وفيما يتعلق بكون معاوية من كتاب الوحي فهو أمر غير ثابت عند أهل السنة والثابت عندهم أنه كان يكتب للرسول (ص) بعض الرسائل. يروي مسلم عن ابن عباس أنه كان يلعب مع الصبيان، فجاء له الرسول وقال: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: لا أشبع الله له بطنا. (باب من سبه النبي أو دعا عليه). وقد دافع فقهاء أهل السنة خاصة فقهاء الشام منهم عن معاوية وبرروا هذه الرواية وأولوها لصالحه. حتي أن بعضهم قال: إن هذا دعاء لمعاوية بالصحة والعافية (انظر تطهير الجنان واللسان عن الخطورة والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان لابن حجر الهيثمي، وانظر شرح النووي عن مسلم).
[114] اعترف ابن تيمية من خلال كلامه أن معاوية طليق ابن طليق وهذا وحده كاف للحط من قدره والتشكيك في عمر الذي دعمه وولاه علي الشام وتغاضي عن انحرافاته.. وكيف لعمر أن يقدم معاوية علي كثير من الصحابة الأكفاء في المدينة ويوليه علي الشام وهي موطن فتنة وتحتاج إلي شخصية تتميز بالتقوي والورع والأمانة لا شخصية ظاهرها يدل علي الخيانة والمكر وقلة الدين. وعن دور عمر تجاه معاوية وأنه من صناعته (انظر ترجمة معاوية في الإصابة، وانظر لنا السيف والسياسة).
[115] كل الدلائل تشير إلي أن معاوية هو الذي كان يقف وراء قتال الإمام الحسن فهو صاحب المصلحة الوحيد في قتله بعد أن وقع معه الاتفاقية التي تنص علي أن يتنازل له الحسن عن الحكم له وحده فقط علي أن يعود إليه بعد وفاته. (انظر الإستيعاب في معرفة الأصحاب). ولو كان معاوية بريئا من قتل الحسن ما كان قد أعلن يزيد ولده خليفة بعده وطلب من القوم المبايعة علي ذلك وأعلنها ملكية في الإسلام، ولكان قد وثق الأمر مع الإمام الحسين مثلا وجعله خليفته بدلا من ولده الفاسق الذي أنكرته الأمة.. أما اتهام ابن تيمية للإمام الحسن بأنه كان مطلاقا فهو اتهام يقوم علي أساس الروايات التي يتداولها أهل السنة عنه، وهي روايات تهدف إلي الحط من قدره وتشويه صورته في أعين المسلمين.. من هنا فنحن نرفض مثل هذه الروايات رفضا قاطعا مثلما نرفض تلك الروايات التي تحط من قدر الإمام علي وتشوه صورته التي تكتظ بها كتب السنن والتي أشرنا إلي بعضها من قبل.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.