التقية في القرآن والسنة بين السائل والمجيب

اشارة

مولف:السيد سعيد اختر الرضوي
مجله حوزه

المقدمة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وخاتم النبيّين أحمد المجتبي أبي القاسم محمّد المصطفي وآله الطيّبين الطاهرين. أمّا بعد: فقد قال الله سبحانه تبارك وتعالي: (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [1] . تشير هذه الآية الكريمة إلي الواقعة المعروفة للصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر رضي الله تعالي عنهما، حينما صار مضطراً إلي التفوّه بكلمات باطلة كفريّة للتخلّص من أيدي مشركي قريش؛ فإنّهم قتلوا أباه وأُمّه وأخاه بأفظع قتلة وأبشع تعذيب، ثمّ طلبوا من عمّار(رضي الله عنه) أن يتبرّأ من الإسلام وإلاّ فيقتلونه ـ أيضاً ـ تحت التعذيب. فالآية صريحة في جواز إعلان الكفرلمن اضطرّ، بشرط أن يبقي قلبه مطمئناً بالإيمان حفاظاً علي حياته من أعداء الدين بإخفاء عقيدته الأصليّة باطناً، والتظاهر بالباطل، وهذا الإخفاء يسمّي بالتقيّة. وقد كان في هذا القرار الإلهي نجاةُ كثير من المؤمنين المخلصين من الموت المحتوم الذي كان ينتظرهم علي أيدي الكفرة الملحدين، ولهذا عارض المنافقون هذا القرار واعتبروه انهزاماً وفراراً وارتداداً من الحقّ؛ لأنّهم وجدوا المؤمنين يتخلّصون من أيديهم بالتقيّة، ثمّ بعد الخلاص يعودون إلي عملهم للإسلام. وكذلك صار هذا القرار قاعدةً إسلاميّةً عامّةً للمسلمين في كلّ الأجيال؛ حيث وضعت أمام كلّ مؤمن يجد ضغطاً أو ضرورةً تُلجؤه إلي إظهار غير ما في باطنه، يتخلّص بذلك من القتل أو التعذيب أو ما لايُطاق؛ فله ذلك مع الحفاظ علي الشرط الأساسيّ وهو أن يبقي قلبه مطمئنّاً بالإيمان. وهذا القرار العامّ ـ أيضاً ـ أثار المنافقين الذين سيطروا علي رقاب المسلمين وباسم الإسلام وراحوا يبغون لهم الغوائل ويكيدون لهم المكائد، في طول التاريخ الإسلاميّ وحتي اليوم، فراحوا يُثيرون الشُبُهات ضدّ التقية، وأنّها هي عين الكذب وهي النفاق، وهي وهي... وقد رأينا أن نقدّم ما أثير في وجه التقية بشكل أسئلة، والإجابة علي ذلك؛ لنزيح عنها تلك الإثارات، والله المستعان:

سؤال 01

ما هو معني التقيّة؟ الجواب: أمّا معناه اللغوي فهو الاتّقاء، الدفاع، الخوف، والتقوي؛ لأنّ التقوي تحفظ الإنسان من سخط الله تبارك وتعالي. وتَقي يتقِي تُقيً وتقاءً وتقيّةً بمعني اتَّقي، واتَّقي اتّقاءً صار تقيّاً.

سؤال 02

وماذا يُراد منه في الاصطلاح الإسلامي؟ الجواب: وأمّا معناه الاصطلاحي فهو دفع الضرر المحتمل علي النفس أو العرض أو المال بإخفاء عقيدته أو دينه، سواء كان ذلك الضرر عليه أو علي نفس مؤمن آخر، أو عرضه، أو ماله [2] .

سؤال 03

هل هذه النظريّة مختصّة بالشيعة والتشيّع؟ لأنّي أسمع بعض إخواننا من أهل السنّة يعترضون علي الشيعة، ويشنّعون عليهم بسبب اعتقادهم بجواز التقيّة! الجواب: كلاّ، فإنّ كلّ مجتمع، وجميع الأديان والطوائف يعملون بها، وكانوا يلجأون إلي ستار التقيّة من حين إلي آخر، وإن تدبّرتم القرآن، وكتبَ الأُمم السابقة لترون أمثلةً كثيرةً في التوراة والإنجيل للتقيّة، وكذلك في سيرة النبيّ الخاتم(صلي الله عليه وآله) وفي سيرة أصحابه الكرام، حتّي في حياة كثير من علماء أهل السنّة.

سؤال 04

فهل التقيّة عملٌ مباحٌ في الإسلام؟ الجواب: نعم، لقد أجازها الله سبحانه وتعالي في كتابه المحكم، والعقل يؤكّد علي معقوليّة هذه الإباحة، والعالم الجليل السنّي المحدّث الدهلوي الشاه عبدالعزيز يكتب في «التحفة الاثنا عشريّة» ما تعريبه: «فليُعلم أنّ التقيّة ثابتة في الشريعة بدليل هذه الآية الكريمة: (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) و (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ) [3] . وكذلك يقول علاّمة أهل السنّة وحيد الزمان خان الحيدر آبادي ما تعريبه: «التقيّة ثابتة في القرآن (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)والجهّال يحسبون أنّ التقيّة مختصّة بالشيعة مع أنّها جائزة في المذهب السنّي ـ أيضاً ـ في حين وآخر [4] .

سؤال 05

هبْ أنّك أخفيتَ عقيدتَك وأظهرتَ ما هو مخالفٌ للعقيدة الإسلامية، ألاتخرج من الإسلام أوتوماتيكياً بمجرّد هذا الإعلان؟. الجواب: الإيمان والكفر من الأُمور التي تتعلّق بالقلب في الحقيقة، وليس لها علاقة لازمة بالتفوّه باللسان، ولذا نري أنّ الله سبحانه وتعالي وبّخ أُولئك الأعراب الذين أسلموا وادّعوا ـ مباشرةً ـ أنّهم مؤمنون. فقال سبحانه وتعالي: (قَالَتْ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الاِْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [5] . والحقيقة أنّ الإظهار باللسان ـ وحده ـ لاأهميّة له في ثبوت الإيمان أو الكفر، بل ربما يُقبل الاعتقاد القلبي بدون الإقرار اللسانيّ، ولكن مجرّد القول باللسان بدون الاعتقاد القلبي غير مقبول. ولقد ذمّ الله عزّوجلّ ذلك الإقرار اللساني المجرّد أشدَّ الذمّ حينما قال: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) [6] . و نحن نعلم أنّ حياة المسلم ثمينةٌ جدّاً، ولها أهميّة كبري في شريعة الإسلام، ويمكن أن ندرك الأهميّة التي تحوزها نفسٌ واحدةٌ في الإسلام، إذا قرأنا هذه الآية: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [7] . وكذلك يجب علي المسلم أن لايُلقي نفسه أو نفس مسلم آخر إلي التهلُكة: (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَي التَّهْلُكَةِ) [8] . وبناءً علي هذا الأصل نري أنّ الإسلام حرّم الانتحار حرمةً باتّةً، وجعله من أكبر الكبائر مثل قتل الآخرين. وكذلك نري أنّ الفقه الشيعي لايجوّز الجهاد الابتدائي بغير إذن النبي(صلي الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام)أو نائبه الخاصّ، إلاّ أن يكون الجهاد دفاعاً عن المسلمين. وبناءً علي نفس هذا الأصل رخّص الإسلام للمسلم بالتفوّه بالكلمات الكفريّة لصيانة نفسه لأنّها نفسٌ مؤمنة.

سؤال 06

هبْ أنّك حفظتَ وصُنتَ نفساً مؤمنةً، ولكنّك في نفس الوقت ارتكبتَ معصيةً تُعدّ من أكبر الكبائر، أعني الكذب، فمن وجهة نظر وجدانيّة لقد دنّستَ نفسَك بفساد المعصية الكبيرة علي كلّ حال!. فهلاّ تكلّمتَ بالصدق، وتجنّبتَ عن الكذب! بدون المبالاة بماذا يفعل الكافرون بك بعد ذلك؟!. الجواب: إذا تعارض السيّئتان، ولم يمكن التهرّب من كلتيهما، وتري نفسك ملزماً بأن تختار واحدةً منهما، فالعقل يحكم أن تختار أقلّ القبيحين ضرراً، وتتحمّل أدني الضررين لتجتنب الضرر الأكثر. وهو ما جعل أصلاً في الشريعة الإسلامية، والمراد أنّه إذا رأيتَ نفسك في حال لابدّ أن تتلقي الضرر علي بعض ممتلكاتك، فهذا الأصل يقضي أن تتلقّي الضرر الأقلّ قيمةً، وبذلك تدفع عن نفسك الضرر الأكثر ولاتخسر الأغلي ثمناً، ولذا قال الإمام فخرالدين الرازي في تفسير ما جري بين النبيّ موسي والخضر(عليهما السلام)في سورة الكهف: عند تعارض الضررين يجب تحمّل الأدني لدفع الأعلي، فهذا هو الأصل المعتبر في المسائل الثلاثة [9] . وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ في الشرع الإسلامي تؤكّد اعتبار هذا الأصل: فالصلاة عمود الدين، ولا يضاهيها أيّ عمل في الأهميّة والأولويّة، فلو كنت مشتغلاً بالصلاة، ووجدتَ أنّ طفلا صغيراً علي شرف أن يقع في البئر، وليس هناك أحد سواك لإنقاذ الطفل من الهلكة، فالشرعُ ههنا يطلبُ منك أن تقطعَ صلاتك، وتجتهدَ لإنقاذ الطفل من الوقوع في البئر، وإن لم تفعل هذا فصلاتُك لاتقبل، وأنتَ تكون مسؤولا عن حياة الطفل. فالآن نفرضُ أنّ الكفّار مجتمعون لقتل مسلم بري، لا لأنّه ارتكب جريمة، بل بسبب أنّه مسلمٌ، فيختفي المسلم، وأنت عارف بمحلّ اختفائه، والكفّار يسألونك: هل تعلم أين ذهب الرجل؟ فأنت تري نفسك بين محذورين: إمّا أن تقول: «لاأعلم» وبمجرد هذا القول تكون قد اقترفت سيّئةً وهي الكذب. أو تقول: «نعم، هو في المحلّ الفلاني» وبذلك تتعاون معهم في قتل المسلم البري! فالعقل يقضي ـ والشرع يوافقه ـ بأنّ قبح الكذب في هذه الحالة أهون بكثير من إثم الصدق الذي ينجرّ إلي قتل بريء. والفرق الإسلاميّة مجتمعون علي أنّ التقيّة في مثل هذه الصورة واجبةٌ قطعاً. انظروا ماذا يقول الإمام النووي في شرحه علي صحيح مسلم: «وقد اتّفق الفقهاء علي أنّه لو جاء ظالمٌ يطلب إنساناً مختفياً ليقتله أو يطلب وديعةً لإنسان ليأخذها غصباً،وسأل عن ذلك؛ وجب علي مَن علمَ ذلك إخفاؤهوإنكار العلم به. وهذا كذبٌ جائزٌ؛ بل واجبٌ؛ لكونه في دفع الظالم». والإمام مسلم عقدَ في صحيحه باباً مستقلا في هذا الموضوع بعنوان: «باب تحريم الكذب وبيان الكذب المحلّل» [10] . والإمام البخاري ـ أيضاً ـ عقد «كتاب الإكراه» في صحيحه كما سيأتي. والآن نفرض أنّ الكفّار أخذوا مسلماً بسبب إسلامه ـ وذلك المسلم هو أنت بنفسك ـ وهم يُعطونك الخيار بين أمرين: إمّا أن تخلعَ قلادة الإسلام من رقبتك أو تُقتل، فإن كان نور الإيمان مضيئاً في قلبك فمجرّد التلفّظ بكلمات عديدة ضدّ الإسلام لايضرّ بذلك النور، ولا يخرجه من قلبك، بل تكون تلك الكلمات كغطاء أسود علي ذلك النور الذي يتشعشع في قلبك، ولايكون لها أية قدرة لإطفاء ذلك النور، ولكنّك إن لم تُخْفِ ذلك النور تحتَ الستار فحياتُك في خطر، ومع قتلك يطفأ نور الإيمان ـ أيضاً ـ ولا يبقي لك أي محلّ أو مجال لخدمة الإسلام والدين في الأيّام الآتية. فبالتكلّم بكلمات سطحيّة والتظاهر بها ضدّ الإسلام، تحافظ أنت علي حياتك، وكذلك علي إيمانك. وأمّا في الصورة الأُخري فحياتك تضيع، ولايبقي لك أي مجال لخدمة الإسلام والحقّ في المستقبل. ولذلك أمرك الله سبحانه وتعالي أن تحافظ علي نفسك العزيزة، بالتفوّه ببعض الكلمات الباطلة حسبما يريد الكفّار منك.

سؤال 07

قلْ ما شئت، ولكنّ الحقيقة الثابتة لاتتغيّر: أنّ التقيّة هي النفاق. ليس إلا ّ. الجواب: حاشا وكلاّ، شتّان ما بينهما؛ لأنّ بين التقيّة والنفاق فرقاً بعيداً بُعد المشرقين؛ بل الحقيقة أنّ التقيّة هي نقيض النفاق. إنّك إذا نظرت إلي الإيمان والكفر، منضمّاً إلي اعلانهما، فتري أنّ هناك أربع صور: الأُولي: الاعتقاد الصحيح بالإسلام في القلب، وإعلانه صراحةً باللسان، وهذا هو الإيمان المبين. الثانية: العقيدة المضادّة للإسلام في القلب، وإعلان تلك العقيدة غير الإسلامية باللسان، وهذا هو الكفر الصريح. ولا ريب أنّ الإيمان الصريح هو نقيض الكفر الصريح، وهذان أمران متناقضان ولايجتمعان في محلّ أبداً. الثالثة: الاعتقاد المخالف للإسلام في القلب، وإعلان الإسلام باللسان، وهذا هو النفاق. الرابعة: العقيدة الصحيحة الإسلاميّة في القلب، وإعلان الاعتقاد غير الإسلامي باللسان، وهذا هو التقيّة. ولا شكّ أنّ التقيّة نقيض النفاق. فالنفاق والتقيّة أمران متناقضان، ولايجتمعان في محلّ أبداً. ولقد رأيت بعد كتابة هذا البحث أنّ الإمام فخر الدين الرازي ـ أيضاً ـ أوضح هذه المضادّة بين التقيّة والنفاق في تفسيره: «هذه إشارة إلي أنّ المعتمد هو ما في القلب، فالمنافق الذي يُظهر الإيمان ويُضمر الكفر هو كافرٌ، والمؤمن المُكرَه الذي يُظهر الكُفر ويُضمر الإيمان هو مؤمن، والله أعلم بما في صدور العالمين» [11] .

سؤال 08

إنّك قلتَ: إنّ الصحابة كانوا يعملون بالتقيّة؛ فهل يمكن أن تعطيني مثالا واحداً؟ الجواب: لقد أشرنا إلي قضيّة الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما في بداية البحث، والقصّة كما ذكرت في التفاسير هي: أخرج عبدالرزاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والحاكم وصحّحه، والبيهقي في الدلائل، عن طريق أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار، عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يتركوه حتّي سبّ النبي(صلي الله عليه وآله)وذكر آلهتهم بخير، ثمّ تركوه؛ فلمّا أتي رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: ما وراءك شيءٌ؟ قال: شرٌّ، ما تُرِكتُ حتّي نلتُ منك، وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف تجدُ قلبك؟ قال: مطمئنٌ بالإيمان. قال: إن عادوا فعُدْ، فنزلت: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ) [12] . وفي «مجمع البيان» عن ابن عبّاس، وقتادة: أنّ الآية نزلت في جماعة أُكرهوا، وهم: عمّار، وياسر أبوه، وأُمّه سميّة، وصهيب، وبلال، وخباب، عُذّبوا وقتل أبو عمّار وأُمّه، وأعطاهم عمّار بلسانه ما أرادوا منه، ثمّ أخبر سبحانه رسول الله (صلي الله عليه وآله)فقال قوم: كفرَ عمّار! فقال (صلي الله عليه وآله): كلاّ، إنّ عمّاراً مُلِيءَ إيماناً من قرنه إلي قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه. وجاء عمّارٌ إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو يبكي، فقال (صلي الله عليه وآله): ما وراءك؟ فقال: شرٌّ، يارسول الله، ما تُرِكتُ حتّي نلتُ منك وذكرتُ آلهتهم بخير. فجعل رسول الله (صلي الله عليه وآله) يمسح دموع عينيه، ويقول: إن عادوا فعدٌ لهم بما قلت. فنزلت الآية [13] .

سؤال 09

فهل هناك آيةٌ أُخري تُبيحُ التقيّة، أو تُشيرُ إليها؟ الجواب: نعم! فاقرأ هاتين الآيتين: (لاَ يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللهِ فِي شَيْء إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُم اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَي اللهِ الْمَصِيرُ - قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَاللهُ عَلَي كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ) [14] . والعلّة التي أُبيحت التقيّة بسببها مذكورةٌ في الآية نفسها: (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ) ألا تري أنّ الله عزّوجلّ ينبّه المسلمين ـ ههنا ـ أنّ الإيمان أمرٌ قلبيٌّ نورانيٌّ، وإذا كان الإيمان الموجود في أعماق القلب غيرَ متزلزل؛ فمجرّد التفوّه ببعض الكلمات غير المرضيّة، لايضرّه قطعاً، والله سبحانه راض عنكم؛ لأنّه يعلم حقيقة الأمر في باطن سريرتكم، ولا فرق عنده بين أن تُبدوا إيمانكم أو تُخفوه؛ لأنّه يعلمُ أسراركم المخفيّة، وحينما تُخفون إيمانكم من الكفّار، فالله تعالي يراهُ في نفس الوقت ويرضي به. ونري في هذه الآية لفظ «تقاة» والتقيّة والتقاة كلاهما مترادفان، كما قلنا في جواب السؤال الأوّل. والإمام السيوطي يقول في تفسير هذه الآية: وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، من طريق العوفي، عن ابن عباس، في قوله: (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)فالتقيّة باللسان: من حمل علي أمر يتكلّم به وهو معصية لله، فيتكلّم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإنّ ذلك لايضرّه، إنّما التقيّة باللسان... وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن، قال: التقيّة جائزةٌ إلي يوم القيامة.. وأخرج عن أبي رجاء أنّه كان يقرأ: إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة. وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة أنّه كان يقرأها: «إلاّ أن تتّقوا منهم تقيّة» بالياء [15] . والإمام فخر الدين الرازي كتب في تفسيره بعض الأحكام المتعلّقة بالتقيّة، ذيل هذه الآية، ونحن ننقل بعضها ههنا: الحكم الثالث للتقيّة: أنّها إنّما تجوز في ما يتعلّق بإظهار المُوالاة والمُعاداة، وقد تجوز ـ أيضاً ـ في ما يتعلّق بإظهار الدين. فأمّا ما يرجع إلي الغير، كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات وإطلاع الكفّار علي عورات المسلمين، فذلك غير جائز، ألبتّةَ. الحكم الرابع: ظاهر الآية يدلّ علي أنّ التقيّةَ إنّما تحلّ مع الكفّار الغالبين إلاّ أنّ مذهب الشافعي (رضي الله عنه): أنّ الحالة بين المسلمين، إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين، حلّت التقيّة محاماةً علي النفس. الحكم الخامس: التقيّةُ جائزةٌ لصون النفس، وهل هي جائزةٌ لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز،لقوله (صلي الله عليه وآله): «حرمة مال المسلم كحرمة دمه»، ولقوله (صلي الله عليه وآله): «من قتل دون ماله فهو شهيد» ولأنّ الحاجة إلي المال شديدة. والماء إذا بيع بالغبن سقط فرضُ الوضوء، وجاز الاقتصار علي التيمّم، دفعاً لذلك القدر من نقصان المال، فكيف لايجوز ههنا؟ والله أعلم. الحكم السادس: قال مجاهد: هذا الحكم كان ثابتاً في أوّل الإسلام، لأجل ضعف المؤمنين، فأمّا بعد قوّة دولة الإسلام فلا. وروي عوف، عن الحسن، أنّه قال: التقيّة جائزةٌ للمؤمنين إلي يوم القيامة. وهذا القول أولي؛ لأنّ دفع الضرر عن النفس واجبٌ بقدر الإمكان» [16] . وكذلك الإمام البخاري كتب كتاباً في صحيحه بعنوان «كتاب الإكراه» حول موضوع الإكراه والإجبار، ويقول في ضمنه: «قول الله تعالي: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ)... وقال: (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)وهي تقيّة... وقال الحسن: التقيّة إلي يوم القيامة... وقال النبي (صلي الله عليه وآله): الأعمال بالنيّة» [17] . والعالم الشيعيّ السيّد الشريف الرضيّ، جامع كتاب «نهج البلاغة» يكتب في ضمن تفسيره لهاتين الآيتين من سورة آل عمران: (28 ـ 29): ثمّ استثني تعالي حال التقيّة فقال: (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)وقريء: «تقيّةً» وكلاهما يرجعان إلي معني واحد، فكأنّه سبحانه أباح في هذا الحال عند الخوف منهم إظهار موالاتهم وممايلتهم، قولا باللسان لاعقداً بالجنان [18] . ومضافاً علي ذلك فهناك أربع آيات في القرآن الحكيم تبيح تناول الغذاء المحرّم عند الاضطرار، أي حينما يشرف المرءُ علي الهلاك، لعدم وجود الغذاء الحلال: قال تعالي:(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُم الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [19] . وكذلك يوجد هذا الحكم في سورة المائدة (آية 3) وسورة الأنعام (آية 145) وسورة إبراهيم (آية 115). وكما قلنا آنفاً: فإنّ حياة الإنسان المسلم ثمينةٌ جدّاً في نظر الإسلام، ولذا أباح الله سبحانه وتعالي المأكولات المحرّمة، كالميتة أو لحم الخنزير، إذا توقّفت الحياة عليه، ولنفس هذه العلّة أذن الله سبحانه وتعالي لعبده التفوّه بالكلمات الباطلة إذا توقّف النجاةُ من الكفّار علي ذلك. ونظراً إلي هذا قال النبي (صلي الله عليه وآله): لا دينَ لمن لا تقيّة له [20] . وكذلك روي عن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) أنّه قال: التقيّة ديني ودين آبائي ولاإيمان لمن لا تقيّة له [21] .

سؤال 10

سلّمنا أنّ التقيّة جائزةٌ، وأنّ القرآن والحديث يطلقان العنان للمسلم للاستفادة من التقيّة في بعض الحالات؛ ولكنّي لاأظنّ أنّ الله سبحانه وتعالي يكون راضياً بها ـ ولو أنّه أباحه ـ لأنّ الكذب قبيحٌ؟. الجواب: لقد رأيت ـ آنفاً ـ أنّ التقيّة جائزةٌ، بل واجبةٌ في بعض الحالات، وهل نستطيع أن نقول: إنّ الله سبحانه وتعالي أوجب شيئاً علي عباده، ولكنّه لايرضي بذلك الواجب. وكذلك رأينا أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) جعل التقيّة مساوياً للدين، وأنّ الإمام محمّد الباقر(عليه السلام) يؤكّد نفس الأمر بصراحة كاملة. علي أية حال! إن تدبّرت في القرآن لسوف تري أنّ كتاب الله يعرض التقيّة بين أعيننا في أحسن صورة، وأجمل شكل، فإنّه سبحانه وتعالي يقول: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) [22] . وهذا يدلّ علي أنّ ذلك الكتمان ـ كتمان الإيمان ـ كان مرضيّاً لله سبحانه وتعالي، لأنّه كان أنفع للدين وأحمي لموسي (عليه السلام). ونري كذلك في هذه الأُمّة أنّ سيّدنا أبا طالب (عليه السلام) كان يكتمُ إيمانه، لأنّه كان أنفع للإسلام وأحمي للنبيّ (صلي الله عليه وآله). وأنّ أبا طالب (عليه السلام) استطاع أن يحامي عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)ويحفظه من شرّ الأعداء، لأنّه لم يعلن إسلامه. وكذلك ذلك المؤمن من آل فرعون نجح في صيانة حياة موسي (عليه السلام) لأنّه لم يعلن إسلامه. علي أية حال! نري أنّ الله عزّوجلّ كان راضياً به وبإيمانه المختفي تحت ستار التقيّة، حتّي أنّه تعالي أدخله في زمرة الصدّيقين، كما قال النبيّ (صلي الله عليه وآله): الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار مؤمن آل ياسين الذي قال: ياقوم اتّبعوا المرسلين، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربّي الله. وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم» أخرجه البخاري عن ابن عباس، وأحمد عن أبي ليلي [23] . والمسألة لاتنتهي بمؤمن آل فرعون، فإنّ البيضاوي يخبرنا أنّ النبيّ موسي(عليه السلام)بنفسه كان يعيش مع فرعون بالتقيّة، فإنّه يصرّح بذلك ذيل آية: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ - وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِن الْكَافِرِينَ) [24] ـ [25] . وكذلك نري عمّار بن ياسر رضي الله عنهما كيف اضطرّ إلي التقيّة. وإذا نظرنا في تاريخ الإسلام الي حوادث السنوات الأُولي، فإنا نري النبيّ(صلي الله عليه وآله)قد أخفي دعوته وكتم رسالته إلاّ عن خواصّه مدّة ثلاث سنوات، حتّي نزلت الآية: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ) [26] . وكلّ ذلك كان في أيّام مكّة قبل الهجرة، أمّا بعد الهجرة فالقرآن يشهدُ بأنّ هناك رجالا مؤمنينَ ونساء مؤمنات في مكّة المكرّمة كانوا يخفون إسلامهم إلي أقصي حدّ؛ حتّي أنّ المسلمين ـ أيضاً ـ لم يكونوا عالمين بإسلامهم، فحينما عاهد رسول الله (صلي الله عليه وآله)المشركين في عام 6 من الهجرة في الحديبية، وكانت شروط الصلح لصالح المشركين، ومجحفة بالمسلمين في ما يري من ظاهر الحال، الأمر الذي أسخط بعض المسلمين، وأظهروا عدم الرضا، ومنهم عمر بن الخطاب الذي كان متغيّظاً إلي أقصي حدّ، حتّي أنّه واجه النبي (صلي الله عليه وآله) واعترض عليه بلهجة قاسية، وكان يقول في أواخر حياته: «ما شككتُ مذ أسلمتُ إلاّ يومئذ» [27] ، فأنزل الله عزّوجلّ هذه الآية في جواب هذه الطائفة من المسلمين، وبيّن لهم بعض مصالح صلح الحديبية وقال فيها: (وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْم لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) [28] . فهذه الآية تقول بصراحة قاطعة: هنالك في مكّة رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمناتٌ، مّمن لايعرفهم مسلمو المدينة، ولايعلمون بإيمانهم. وتدبّر: كيف يسمّي الله عزّوجلّ هؤلاء المسلمين، الذين كانوا في مكّة تحت ستار التقيّة: «رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات». والخلاصة:إنّ هذه الآيات والروايات والحوادث تدلّ بوضوح علي أنّ المسلم إذا كان في معرض الخطر، بسبب عقيدته الصحيحة، فله أن يتكلّم ببعض الكلمات الباطلة لاتّقاء شرّ أعداء الدين، والاحتفاظ بحياته، لأنّ حفظ حياة المسلم له أهميّة بالغة، وذلك الكذب لايُعدّ إثماً أو ذنباً أو قبيحاً. والسيّد الشريف الرضيّ يقول: «وقد علمنا أنّ التقيّة لاتدخل إلاّ في الظاهر، دون ما في الضمير الباطن. لأنّ من خوّف غيره ليفعل أمراً من الأُمور إذا كان من أفعال القلوب لايتمكّن من معرفة حقيقة ما في قلبه، وإنّما يستدلّ بإظهار لسانه علي إبطال جنانه. فالذي يحسنُ عند التقيّة: إظهارُ مُوالاة الكفّار قولا بالخلاف، والمقاربة وحسن المعاشرة والمخالطة. ويكونُ القلبُ علي ما كان من قبل من إضمار عداوتهم واعتقاد البراءة منهم. وينوي الإنسان بما يظهره من ذلك معاريضَ الكلام، واحتمالات الخطاب» [29] . التورية

سؤال 11

ما هو المراد من الفقرة الأخيرة، من كلام الشريف الرضي المذكور أعلاه؟ الجواب: هو يشير ـ ههنا ـ إلي أحسن الطرق للتقيّة، وهذا الأُسلوب يقال له: «التورية» أي التغطية، وحقيقتها أنّ بعض الكلام يحتمل لفظه الدلالة علي معنيين، يكون أحد المعنيين حقّاً، والآخر باطلا. فالمؤمن المتّقي ـ أي الذي يستعمل التقيّة بإطلاق ذلك الكلام ـ يقصد المعني الصحيح، ولكنّ العدو يظنّ أنّه يريد المعني الباطل الذي يكون مطابقاً لمراده. وبهذا ينجو المؤمن من العدوّ الكافر الظالم، من دون أن يتكلّم بكلام باطل. وتري ـ في كلام المؤمن من آل فرعون المتقدّم ذكره ـ مثالا رائعاً للتورية، كما بيّنه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)في ضمن حديث قال: «ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون ـ الذين وشوابه إلي فرعون ـ مثل هذه التورية: كان حزقيل يدعوهم إلي توحيد الله ونبوّة موسي... وإلي البراءة من فرعون، فوشي به واشون إلي فرعون، وقالوا: إنّ حزقيل يدعو إلي مخالفتك ويعين أعداءك علي مضادّتك، فقال لهم فرعون: ابن عمّي وخليفتي في ملكي ووليّ عهدي!! إن كان قد فعل ما قلتم؛ فقد استحقّ العذاب علي كفره نعمتي، وإن كنتم عليه كاذبين فقد استحققتم أشدّ العذاب؛ لإيثاركم الدخول في مسائته، فجاء بحزقيل وجاء بهم، فكاشفوه وقالوا: أنت تجحد ربوبيّة فرعون الملك، وتكفر نعماءه! فقال حزقيل: أيّها الملك! هل جرّبت عليّ كذباً قطّ؟ قال: لا. قال: فسلهم من ربّهم. قالوا: فرعون. قال: ومن خالقكم؟ قالوا: فرعون هذا. قال: ومن رازقكم، الكافل لمعايشكم والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا. قال حزقيل: أيّها الملك! فأُشهدك وكلّ من حضرك: أنّ ربّهم ربّي، وخالقهم هو خالقي، ورازقهم هو رازقي، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لا ربّ لي ولا خالق غير ربّهم وخالقهم ورازقهم، وأُشهدك ومن حضرك: أنّ كلّ ربّ وخالق سوي ربّهم وخالقهم ورازقهم فأنا برئٌ منه ومن ربوبيّته وكافرٌ بإلاهيّته. يقول حزقيل هذا وهو يعني: أنّ ربّهم هو الله ربّي، ولم يقل: إنّ فرعون الذي قالوا هو ربّي، وخفي هذا المعني علي فرعون ومن حضره، وتوهّموا أنّه يقول: فرعون ربّي وخالقي ورازقي. فقال لهم: يارجال السوء، وياطلاّب الفساد في ملكي، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمّي، وهو عضدي، أنتم المستحقّون لعذابي لإرادتكم فساد أمري (إلي آخر الحديث) [30] . وهناك مثالٌ آخر لتورية المسيح(عليه السلام) كما نقله متّي في إنجيله: «فذهب الفريسيّون، وتآمروا كيف يوقعونه بكلمة يقولها؟ فأرسلوا إليه بعض تلاميذهم مع محاربي هيرودس، يقولون له: «يامعلّم، نعلم أنّك صادق وتعلِّم الناس طريق الله في الحقّ، ولا تبالي بأحد لأنّك لاتراعي مقامات الناس، فقل لنا إذن ما رأيك؟ أيحلّ أن تدفع الجزية لقيصر أم لا؟ فأدرك يسوع مكرهم، وقال: «أيّها المراؤون، لماذا تجرّبونني؟ أروني عملة الجزية!. فقدّمواله ديناراً، فسألهم: لمن هذه الصورة، وهذا النقش؟ أجابوه: لقيصر! فقال لهم:إذن، اعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله. فتركوه ومضوا مدهوشين ممّا سمعوا» [31] . وكذلك نري تورية ـ أو تقيّةـ القدّيس بولس، حينما أُوقف أمام المجلس اليهودي للاستجواب: «وإذا كان بولس يعلم أنّ بعض أعضاء المجلس من مذهب الصدوقيِّين، وبعضهم من مذهب الفريسيِّين، نادي في المجلس: أيّها الإخوة، أنا فريسيّ ابن فريسيّ، وإنّي أُحاكم الآن! لأنّي أعتقد أنّ للموتي رجاء بالقيامة! وهنا دبّ الخلاف بين الفريسيِّين والصدوقيِّين من أعضاء المجلس، فانقسم الحاضرون؛ لأنّ الصديقيِّين ينكرون القيامة والملائكة والأرواح، أمّا الفريسيِّون فهم مقرّون بها كلّها، وعلا الصياح، فوقف بعض علماء الشريعة الموالين للفريسيّين يحتجّون بحماسة، فقالوا: «لا نجد علي هذا الرجل ذنباً، فلربما كلمه روح أو ملاك!» [32] . ويكفي ـ ههنا ـ إيراد حكاية واحدة لإيضاح المراد: كان هناك خطيب مصقع علي المنبر، والمجلس غاصٌّ بالمسلمين من بين سنيّهم وشيعيّهم. فأراد بعض الحاضرين إلقاء الفتنة وقال له: «تفضّلوا: من كان خير الناس بعد رسول الله؟ أبو بكر أم عليّ؟ فأجابه في الفور: «مَن كان بِنْتُهُ في بَيْتِهِ» وهذه الجملة يمكن تفسيرها بوجهين: (1) من بنته في بيت النبي (أي أبو بكر). (2) من بنت النبيّ في بيته (أي عليّ(عليه السلام)).

سؤال 12

متي لا تجوز التقيّة؟ الآن علمنا أنّ التقيّةَ جائزةٌ في حالات مخصوصة، بل هي مستحسنةٌ، بل واجبةٌ، فالرجاء أن تبيّنوا لنا: لماذا لم يعمل الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء بالتقيّة؟. لماذا ضحّي بكلّ ما عنده لأجل إقامة الحقّ والصدق، ولم يلتجئ إلي التقيّة؟. الجواب: لقد بيّنا في البداية أنّ التقيّة مبنيّة علي أساس «اختيار أقلّ الضررين» فالتكلّم بكلمة باطلة ليس بأكبر من إلقاء نفس محترمة في التهلكة، ولذا يكون الكذب الظاهريّ راجحاً علي الاقتحام علي الموت. فالآن نفرض أنّ احتفاظ حياتك بالتقيّة يتوقّف علي إلقاء مؤمن آخر في التهلكة، فماذا تفعل أنت؟ العقل يحكم بأن تضحّي بنفسك، ولاتعرّض مسلماً آخر للموت؛ لأنّ المفروض أنّ مؤمناً سيقتل لامحالة في الحالين: إمّا أنت، أو ذلك المؤمن، فالأفضل أن تتقدّم أنتَ، ولا تلتجئ إلي التقيّة، لئلاّ تكون سبباً لهلاك مؤمن آخر. ثمّ نفرض أنّ رجلاً لو تمسّك بالتقيّة، فهذا العمل يكون سبباً لوقوع خلق كثير في الضلالة والردي، فبناءً علي الأصل المتقدّم التقيّة تكون حراماً لهذا المؤمن؛ لأنّ احتفاظ بنفس واحدة وحتي نفوس عديدة ليس له أيّ وزن في مقابل فتح باب الضلالة للخلائق. والآن ننظر إلي واقعة كربلاء ومعطياتها: فسيرة يزيد المليئة بالفسق والفجور والمجون والخلاعة، معروفة، ولا حاجة لنا إلي ذكر تفاصيلها ههنا. وهكذا رجل يطلب البيعة من الإمام الحسين (عليه السلام)!!. والحسين من هو؟ هو ابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله) رمز القيم الإسلامية، وشارة الاستقامة الدينية. كتب يزيد إلي عامله بالمدينة أن يطالب الحسين بالبيعة له، فإن أبي فليرسل رأسه إلي يزيد بدمشق. فالإمام (عليه السلام) كان يعلم ـ علم اليقين ـ ماذا تكون نتيجة رفضه لتلك البيعة، وفي نفس الوقت كان متيقّناً ـ حقّ اليقين ـ أنّه لو بايع يزيد الفجور، والخمور، والكفر، والطغيان، فالمسلمون في أنحاء العالم سيثقون بأنّ يزيد هو خليفة الرسول حقّاً، وسيؤدّي هذا إلي التوقيع علي جميع تصرّفات يزيد والتصديق بها وصيرورتها من شريعة الإسلام. وبعبارة أُخري: لو قبل الإمام الحسين (عليه السلام) بيزيد كخليفة قانونيّ لرسول الله(صلي الله عليه وآله)لفسد الإسلام، ومسخت صورته بالكلّية. ولذا رفض الإمام البيعة، ولم يكترث بنتائج هذا الإنكار، ولم يلتفت إلي التقيّة أصلا. ويظهر من هذا أنّه إن كان هناك رجلٌ في أعلي المراتب الروحانيّة وأسمي المدارج الإيمانية، وهو يعلم أنّه لو تمسّك بالتقيّة فكثيرون يضلّون بسببه! فالأصل الإسلامي يقتضي تحريم التقيّة علي هذا الرجل، فيجب عليه أن يعلن بالصراحة عمّا هو الحقّ الصريح، والصدق الواقع، ويضحّي بنفسه في سبيل الله تعالي لإعلاء كلمة الحقّ، فإنّ الاحتفاظ بنفس أو نفوس ليس بأهمّ من إنقاذ نفس أو نفوس من الضلالة والردي، فيجب إبقاؤها علي صراط الله العزيز الحميد. وأخيراً، فنؤكّد مرّة أُخري أنّ التقيّة ليست بشيء مخصوص بالشيعة، بل كلّ فرق الإسلام تعترف به وبجوازه، بل وجوبه، كما يظهر من الروايات المتقدّمة عن صحيحي البخاري ومسلم، وكتب التفاسير لأهل السنّة. وتقدّم أنّ الإمام الشافعي(رحمه الله) أجاز التقيّة لامن الكافرين فقط؛ بل من المسلمين ـ أيضاً ـ. وعلماء أهل السنّة ـ بدون استثناء ـ يعتقدون أنّ التقيّة جائزةٌ إلي يوم القيامة. ومن أراد التفصيل فلينظر في «فلك النجاة» لمولانا علي محمّد، ومولانا أمير الدين(قدس سرهم) فإنّه سيري عشرات من الادلّة [33] . ويقول العالم المعروف نجم الدين الطوفي الحنبلي: «واعلم أنّ النزاع الطويل بينهم في التقيّة، استدلالا وجواباً، ذاهب هدراً، أمّا التقيّة: فلا مبالاة بإثباتها وجوازها، وإنّما يكره عامّة الناس لفظها لكونها من مستندات الشيعة، وإلاّ فالعالم مجبول علي استعمالها، وبعضهم يسمّيها «مداراةً» وبعضهم «مصانعةً» وبعضهم «عقلا معيشياً» ودلّ عليها دليل الشرع» [34] .

سؤال 13

لقد رأينا الآيات القرآنيّة وتفاسيرها، والأحاديث النبويّة ومفادها، والوقائع التاريخيّة ودلالاتها، والسيرة النبويّة وعمل الأصحاب، وتورية الأنبياء السابقين، والمؤمنين الصالحين. ولا ريب في صحّة أُصول التقيّة من وجهة نظر الإسلام، ومبادئ الشرع. ولكنّ السؤال يتّجه الآن إلي خصوص عمل الوهابيّة: لماذا يتّهم الوهابيّون الشيعة؛ ولا يلتفتون إلي ما تقول الشيعة؟! وهذا كله إنّما ينشأ من التقيّة؟! الجواب: أنت تعلم أنّ كتبنا القديمة والجديدة ملأت أقطار الأرض وبلغات مختلفة من العربية والفارسية والأردوية إلي الگجراتية والبنغالية والهندية، ومن الانگليزية والتركية إلي السواحلية والأندونوسية، وتلك الكتب تنشر وتباع علناً في إيران والعراق وسوريا ولبنان ودول الخليج والباكستان والهند وأندونيزيا إلي تانزانيا وكينيا وبريطانيا وكانادا والولايات المتحدة الامريكية وغيرها. وهناك كتب وكتيبات في كلّ فنّ وموضوع إسلاميّ من الإلهيات والفقه وأُصول الفقه إلي علم الكلام والمناظرة والتاريخ، ومن علم الإجتماع وعلم الإقتصاد إلي الأخلاق والفلسفة، وهذه الكتب بعضها لتعليم الأطفال وأُخري للشباب والمثقفين، والمعلومات فيها واضحة وصريحة، وعمليّة، مستدلٌ عليها بالبرهان من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل والمنطق. والوهابيّة لم يعرفوا كثيراً مما تحتويه كتبنا وهم يتمسكون بتكرار ما قاله السابقون بالرغم من وضوح فسادها وبالرغم من إجابة الشيعة عنها في كتبهم، فتكرارها جريمة لا تغتفر. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وسلامٌ علي المرسلين.

پاورقي

[1] سورة النحل آية 106.
[2] الشاه عبدالعزيز المحدّث الدهلوي: تحفه اثنا عشريه ـ مطبع نَوَل كيشور لكهنؤ ـ (بدون تاريخ) الباب الحادي عشر ص 368.
[3] نفس المصدر.
[4] وحيد الزمان خان ـ أنوار اللغة ـ طبع بنگلور الجزء 26 ص84.
[5] سورة الحجرات آية 14.
[6] سورة المنافقون آية 1.
[7] سورة المائدة آية 32.
[8] سورة البقرة آية 195.
[9] الإمام الرازي ـ تفسير مفاتيح الغيب ـ الطبعة القديمة ـ ج5 ـ ص750 ـ 746. [
[10] الإمام النووي ـ شرح صحيح مسلم ـ ص106، 110، 266، 325، وانظر ـ أيضاً ـ: العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري مصر ج5 ص581، ج6 ص352 الإمام الرازي، تفسير مفاتيح الغيب ج6 ص164، وحيد الزمان خان نزل الأبرار من فقه النبي المختار ج3 ص123.
[11] الإمام فخر الدين الرازي في تفسير مفاتيح الغيب.
[12] الإمام السيوطي: الدر المنثور ـ مصر ـ ج4 ص132 ـ وانظروا ـ أيضاً ـ: العلاّمة جار الله الزمخشري: تفسير الكشّاف ـ بيروت ـ ج2 ص430، الإمام الرازي: تفسير مفاتيح الغيب.
[13] أبو علي الطبرسي: تفسير مجمع البيان.
[14] سورة آل عمران آية 28 ـ 29.
[15] الإمام السيوطي الدرّ المنثور ج2 ص12 ـ 16.
[16] الإمام الرازي: تفسير مفاتيح الغيب بيروت الطبعة الثالثة ج7 ص13.
[17] الإمام البخاري: صحيح البخاري مصر ج9 ص24 ـ 25.
[18] الشريف الرضي تفسير حقائق التأويل ج5 ص74.
[19] سورة البقرة آية 173.
[20] الملاّ علي المتّقي كنز العمّال بيروت الطبعة الخامسة (1985 ـ 1405) ج3 ص96 حديث5665.
[21] الكليني الكافي طهران 1388هـ ج2 ص174.
[22] سورة المؤمن آية 28.
[23] عبيدالله الأمرتسري، أرجح المطالب، الطبعة الثانية ص23.
[24] سورة الشعراء آية 18 ـ 19.
[25] البيضاوي مصر ج1 ص112 و396.
[26] سورة الشعراء آية 214.
[27] الإمام السيوطي، الدرّ المنثور ج6 ص77.
[28] سورة الفتح آية 25.
[29] الشريف الرضي، تفسير حقائق التأويل ج5 ص77.
[30] أبو منصور الطبرسي، الاحتجاج دار النعمان النجف 1966 ـ 1386 ج2 ص131 ـ 132.
[31] الإنجيل كما دوّنه متّي 22: 15 ـ 22.
[32] أعمال الرسل 23: 6 ـ 9 وبولس إن كان مراده من قوله «أعتقد أنّ للموتي رجاء بالقيامة أنّه يعتقد بقيام المسيح ثلاثة أيّام بعد «موته علي الصليب» فهذا هو التورية ـ وإلاّ فهو التقيّة ـ.
[33] من ص89 ـ 116.
[34] نجم الدين الطوفي، شرح الأربعين النووي (نقلا عن فلك النجاة الطبعة الثانية لاهور ج2 ص107).

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.