آيه التطهير في مصادر الفريقين

اشارة

نام كتاب: آية التطهير في مصادر الفريقين

نويسنده: العلامة السيد مرتضى العسكري

موضوع: اعتقادات و پاسخ به شبهات

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

نوبت چاپ: 1

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

المقدمة

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (الأحزاب/ 33)

ص:5

الوحدة حول مائدة الكتاب والسنّة

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصَّلاة على محمّد وآله الطاهرين، والسلام على أصحابه البررة الميامين.

وبعد: تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرّق أعداء الإسلام من الخارج كلمتنا من حيث لا نشعر، وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا، وسيطر الأعداء علينا، وقد قال سبحانه وتعالى: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (الأنفال/ 46).

وينبغي لنا اليوم وفي كلّ يوم أن نرجع إلى الكتاب والسنّة في ما اختلفنا فيه ونوحّد كلمتنا حولهما، كما قال تعالى:

«فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» (النساء/ 59).

وفي هذه السلسلة من البحوث نرجع إلى الكتاب والسنّة ونستنبط منها ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف، فتكون بإذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.

راجين من العلماء أن يشاركونا في هذا المجال، ويبعثوا إلينا بوجهات نظرهم على عنوان:

بيروت-ص. ب 124/ 24 العسكري

ص:6

ص:7

ص:8

ص:9

ص:10

ص:11

آية التطهير في مصادر مدرسة الخلفاء

عندما رأى الرسول الرحمة هابطة:

روى الحاكم في كتابه «المستدرك على الصحيحين في الحديث» عن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب أنّه قال: لما نظر رسول اللَّه (ص) إلى الرحمة هابطة قال: «أُدعوا لي، أُدعوا لي»، فقالتصفيّة: من يا رسول اللَّه؟ قال: «أهل بيتي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين»، فجي ء بهم فألقى عليهم النبي (ص) كساءه ثمّ رفع يديه ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء آلي فصلّ على محمّد وآل محمد» وأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (الأحزاب/ 33) «(1)».


1- وعبد اللَّه بن جعفر ذي الجناحين بن أبي طالب، وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد في الحبشة وأدرك النبي، توفى بعد الثمانين من الهجرة. ترجمته بأُسد الغابة 3: 33. والحاكم هو إمام المحدّثين أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه النيسابوري ت: 405. والحاكم أعلى رتبة للمحدّثين عند علماء السنة، فأوّل رتبة عندهم: المحدّث، ثمّ الحافظ، ثمّ الحجة، ثمّ الحاكم. راجع المختصر في علم رجال الأثر: 71

ص:12

قال الحاكم: هذا حديثصحيح الاسناد «(1)».

نوع الكساء:

أ- في حديث عائشة:

روى مسلم فيصحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه الكبرى وكلّ من الطبري وابن كثير والسيوطي في تفسير الآية بتفاسيرهم واللفظ للأوّل عن عائشة قالت:

خرج رسول اللَّه غداة وعليه مرط مُرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثمّ جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء علي فأدخله، ثمّ قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ


1- مستدرك الحاكم على الصحيحين 3: 147-/ 148.

ص:13

الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «(1)» «(2)».

ب- في حديث أم سلمة:

روى كلّ من الطبري والقرطبي في تفسير الآية بتفسيره عن أمّ سلمة قالت:

لمّا نزلت هذه الآية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» دعا رسول اللَّه علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّل عليهم كساءً خيبرياً ... «(3)» «(4)».


1- رواة حديث أمّ المؤمنين عائشة: رواه مسلم في صحيحه، باب فضائل أهل بيت النبي ص 7: 130؛ والحاكم في مستدركه على الصحيحين 3: 147؛ والبيهقي في السنن الكبرى، باب بيان أهل بيته والذين هم آله 2: 149؛ وفي تفسير الآية بتفسير الطبري، جامع البيان 22: 5؛ وتفسير ابن كثير 3: 485؛ وجامع الأصول 10: 101-/ 102؛ وتيسير الوصول 3: 297؛ وتفسير السيوطي، الدرّ المنثور 5: 198 و 199.
2- عائشة بنت أبي بكر، بنى بها الرسول بعد ثمانية عشر شهراً من هجرته إلى المدينة، وتوفيت في السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين من الهجرة، وصلّى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع. راجع أحاديث عائشة
3- رواه أبو سعيد عن أمّ سلمة، كما في تفسير الآية في تفسير الطبري 22: 6.
4- أمّ سلمة هند إبنة أبي أُمية القرشي المخزومي، تزوجها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعد وفاة زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد على أثر جراح أصيب به في أُحد، توفيت بعد شهادة الحسين عليه السلام سنة ستين. ترجمتها بأُسد الغابة وتقريب التهذيب

ص:14

وفي حديث آخر عنها قالت: وغطّى عليهم عباءة ... «(1)».

رواه السيوطي في تفسيره وأشار إليه ابن كثير كذلك.

كيفية جلوس أهل البيت تحت الكساء:

أ- في حديث عمر بن أبي سلمة:

روى كلّ من الطبري وابن كثير في تفسيريهما والترمذي فيصحيحه والطحاوي في مشكل الآثار، واللفظ للأوّل عن عمر بن أبي سلمة، قال:

نزلت هذه الآية على رسول اللَّه (ص) في بيت أمّ سلمة: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ ...» فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فأجلسهم بين يديه ودعا عليّاً فأجلسه خلفه فتجلّل هو وهم بالكساء ثمّ قال: «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(2)» «(3)».


1- رواه عنها شهر بن حوشب، كما في تفسير الطبري 22: 6؛ وأشار إليه ابن كثير في 3: 485.
2- عمر بن أبي سلمة القرشي المخزومي ربيب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، أمّه أمّ سلمة، ولد بأرض الحبشة، شهد صفين مع عليّ، واستعمله على البحرين وفارس، وتوفي بالمدينة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة. ترجمته بأُسد الغابة 4: 79
3- بصحيح الترمذي 12: 85 بتفسير الآية؛ وتفسير الطبري 22: 7؛ وابن كثير 3: 485؛ ومشكل الآثار 1: 335؛ وجامع الأصول 10: 101؛ وابن عساكر 5/ 1/ 16 ب

ص:15

وفي رواية ابن عساكر بعده: قالت أمّ سلمة: اجعلني معهم، قال رسول اللَّه (ص): «أنتِ بمكانك وأنتِ على خير».

ب- في حديث واثلة بن الأسقع وأمّ سلمة

«(1)» «(2)» «(3)»:

أجلس عليّاً وفاطمة بين يديه والحسن والحسين كلّ واحد منهما على فخذه أو في حجره.

كما رواه عن واثلة الحاكم في مستدركه وقال:صحيح على شرط الشيخين، والهيثمي في مجمع الزوائد.


1- مستدرك الصحيحين 2: 416 و 3: 147 وقال صحيح على شرط الشيخين؛ ومجمع الزوائد 9: 167؛ ومشكل الآثار للطحاوي 1: 335؛ وابن عساكر 5: 1، 16 ب.
2- واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي، أسلم قبيل غزوة تبوك، قيل: خدم النبي ص ثلاث سنين، وتوفي بعد الثمانين من الهجرة بدمشق أو بالبيت المقدس، ترجمته بأُسد الغابة 5: 77
3- تفسير الطبري 22: 6؛ وابن كثير 3: 483؛ والسيوطي في الدرّ المنثور 5: 198؛ سنن البيهقي 2: 152؛ ومسند أحمد 4: 170

ص:16

وروى ذلك عن أمّ سلمة كلّ من الطبري وابن كثير والسيوطي في تفاسيرهم والبيهقي في سُننه الكبرى وأحمد في مسنده.

مكان اجتماع أهل البيت عليهم السلام:

أ- في حديث أبي سعيد الخدري:

في تفسير الآية بالدرّ المنثور للسيوطي عن أبي سعيد قال:

كان يوم أمّ سلمة أمّ المؤمنين فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» قال: فدعا رسول اللَّه (ص) بحسن وحسين وفاطمة وعليّ فضمّهم ونشر عليهم الثوب، والحجاب على أُمّ سلمة مضروب، ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهّرهم تطهيراً» قالت أمّ سلمة (رض): فأنا معهم يا نبيّ اللَّه؟ قال:

«أنتِ على مكانك وأنتِ على خير» «(1)» «(2)».


1- بتفسير الآية في الدرّ المنثور 5: 198.
2- يظهر من طرق أُخرى للحديث أنّ أبا سعيد قد روى هذا الحديث عن أمّ سلمة نفسها، وأبو سعيد سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الخدري، شهد الخندق وما بعدها، توفي بالمدينة بعد الستين أو بعد السبعين من الهجرة، ترجمته بأُسد الغابة 2: 289

ص:17

ب- في حديث أمّ سلمة:

بتفسير الآية عند ابن كثير والسيوطي وسنن البيهقي وتاريخ بغداد للخطيب ومشكل الآثار للطحاوي واللفظ للأوّل عن أمّ سلمة قالت:

في بيتي نزلت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» وفي البيت فاطمة وعليّ والحسن والحسين، فجلّلهم رسول اللَّه بكساء كان عليه ثمّ قال: «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(1)».

وفي رواية الحاكم بمستدرك الصحيحين- أيضاً- قالت (رض): في بيتي نزلت.

وفي باب فضل فاطمة منصحيح الترمذي «(2)»


1- بسنن البيهقي 2: 150؛ وبتفسير الآية عند ابن كثير 3: 483؛ والسيوطي 5: 198؛ وفي لفظ الحاكم بتفسير الآية 2: 416- أيضاً- عن أمّ سلمة: في بيتي نزلت؛ وتاريخ بغداد 9: 126؛ ومشكل الآثار 1: 334؛ وجامع الأصول 10: 100؛ وتفسير الثعالبي 3: 228؛ وتيسير الوصول 3: 297؛ وابن عساكر 5: 1، 13 أ-/ ب و 16 أ.
2- قال الترمذي: وفي الباب عن عمر بن أبي سلمة وأنس بن مالك وأبي الحمراء ومعقل بن يسار وعائشة.

ص:18

والرياض النضرة وتهذيب التهذيب قال رسول اللَّه (ص):

«اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(1)».

وفي مسند أحمد قالت أمّ سلمة: فأدخلت رأسي في البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول اللَّه؟ قال: «إنّك إلى خير، إنّك إلى خير».

وفي رواية أُخرى: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: «إنّك على خير» «(2)».

وفي رواية الحاكم بمستدركه: قالت أمّ سلمة: يا رسول اللَّه ما أنا من أهل البيت؟ قال: «إنّك إلى خير وهؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أهل بيتي أحقّ» «(3)».


1- بصحيح الترمذي، باب فضل فاطمة 13: 248 و 249؛ وتهذيب التهذيب 2: 297 بترجمة الحسن؛ والرياض النضرة 2: 248 ذكر اختصاصه بأنه وزوجته وابنيه أهل البيت؛ وابن عساكر 5: 1، 14 ب.
2- بسمند أحمد 6: 292 و 323.
3- بمستدرك الحاكم 2: 416 بتفسير الآية من سورة الأحزاب.

ص:19

من كان في البيت عند نزول الآية:

في تفسير السيوطي ومشكل الآثار واللفظ للأوّل:

قالت أمّ سلمة: نزلت هذه الآية في بيتي «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» وفي البيت سبعة: جبريل وميكال وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (رض) وأنا على باب البيت، قلت: يا رسول اللَّه! ألست من أهل البيت؟ قال: «إنّك إلى خير، إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبي» «(1)».

وفي رواية ابن عساكربعده: وما قال: «إنّك من أهل البيت».

كيف كان أهل البيت عند نزول الآية:

في تفسيرالطبري عن أبي سعيد الخدري عن أمّ سلمة:

إنّ هذه الآية نزلت في بيتها «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قالت: وأنا جالسة على باب البيت «(2)».


1- بتفسير الآية من الدرّ المنثور 5: 198؛ وراجع مشكل الآثار 1: 233؛ تيسير الوصول 3: 297؛ وجامع الأصول 10: 100؛ وابن عساكر 5: 1، 15 ب.
2- بتفسير الآية من جامع البيان للطبري 22: 7.

ص:20

وفي تفسير الطبري- أيضاً- عن أمّ سلمة، قالت:

فاجتمعوا حول النبي (ص) على بساط، فجلّلهم النبيّ بكساء كان عليه ثمّ قال: «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط، قالت: فقلت: يا رسول اللَّه! وأنا؟

فواللَّه ما أنعم، وقال: «إنّك إلى خير» «(1)».

شرح ألفاظ الآية:

قال الراغب بمادّة «رود» من كتابه «مفردات القرآن»:

إذا قيل «أراد اللَّه» فمعناه حكم أنّه كذا أو ليس كذا، أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمةً.

وقال في مادة «الرجس»: الرجس الشي ء القذر.

وقال: الرجس يكون على أربعة أوجه: امّا من حيث الطبع، وامّا من جهة العقل، وامّا من جهة الشرع، وامّا من كلّ ذلك كالميتة والميسر والشرك- انتهى ملخّصاً.


1- المصدر نفسه.

ص:21

وفي تفسير الثعالبي الرّجس: اسم يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسات والنقائص فأذهب اللَّه ذلك عن أهل البيت «(1)».

وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: «انَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأزلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» (المائدة/ 90).

وفي قوله: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ» (الحج/ 30).

وقوله: «إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» (الأنعام/ 145).

وقوله: «كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ» (الأنعام/ 125).

وقوله: «فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ» للمنافقين في سورة (التوبة/ 95).

وقوله لقوم نوح: «قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ» (الأعراف/ 71).

وشأن (التطهير) في هذه الآية كشأنه في قوله تعالى:

«وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ


1- تفسير الثعالبي 3: 228.

ص:22

عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران/ 42).

و «الكساء» هنا في الحديث لباس كالعباءة يُلبس فوق الثياب.

تفسير الآية في المأثور:

في تفسير السيوطي عن ابن عباس، قال:

قال رسول اللَّه (ص): «إنّ اللَّه قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً» إلى قوله: «ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب» «(1)» «(2)».

وفي حديث الضّحاك بن مزاحم بتفسير السيوطي:

إنّ النبيّ كان يقول: «نحن أهل بيت طهّرهم اللَّه من شجرة النبوّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم» «(3)» «(4)».


1- تفسير الآية في الدرّ المنثور 5: 199.
2- عبد اللَّه ابن عمّ النبي عباس، ولد قبل الهجرة بثلاث، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، ترجمته بأُسد الغابة
3- تفسير الآية في الدر المنثور للسيوطي 5: 199.
4- أبو القاسم أو أبو محمد الضحاك بن مزاحم الهلالي، قال ابن حجر: صدوق كثير الارسال من الطبقة الخامسة مات بعد المائة، ترجمته بتقريب التهذيب 1: 273

ص:23

وفي تفسير الطبري وذخائر العقبى للمحبّ الطبري واللفظ للأوّل عن أبي سعيد الخدري قال:

قال رسول اللَّه (ص): «نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «(1)».

وفي مشكل الآثار «(2)» عن أمّ سلمة، قالت:

نزلت هذه الآية في رسول اللَّه (ص) وعليّ وحسن وحسين عليهما السلام: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...».

وسبق في الروايات الماضية شرح الآية وبيانها عن رسول اللَّه قولًا وعملًا.

وفيصحيح مسلم عن الصحابي زيد بن أرقم عندما سئل: من هم أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، وأيم اللَّه إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى


1- تفسير الطبري 22: 5؛ وذخائر العقبى للمحبّ الطبري: 24؛ وتفسير السيوطي 5: 198؛ وابن عساكر 5: 1، 16 أ؛ وأسباب النزول للنيسابوري.
2- مشكل الآثار 1: 332.

ص:24

أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرّموا الصدقة بعده «(1)» «(2)».

وفي مجمع الزوائد للهيثمي عن أبي سعيد الخدري:

أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً فعدّهم في يده فقال: خمسة: رسول اللَّه (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام «(3)».

وروى الطبري في تفسيره عن قتادة في قوله: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: هم أهل بيت طهّرهم اللَّه من السوء واختصّهم برحمته «(4)» «(5)».

وقال الطبري- أيضاً- في تفسير الآية:


1- صحيح مسلم، باب فضائل عليّ بن أبي طالب 7: 133.
2- زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي، استصغره الرسول في أُحد وشهد ما بعدها ومع علي صفين وتوفي بالكوفة بعد قتل الحسين عليه السلام. أُسد الغابة 2: 199
3- مجمع الزوائد للهيثمي 9: 165 و 167 باب فضائل أهل البيت؛ وابن عساكر 5: 1، 16 أ.
4- تفسير الآية عند الطبري 22: 5؛ والدر المنثور 5: 199.
5- قتادة: أربعة سدوسي ورهاوي وقيسي وأنصاري وكلّهم ثقة، تراجمهم في تقريب التهذيب 2: 123

ص:25

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» يقول: إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمّد ويطهّركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي اللَّه «(1)».

ما فعله الرسول صلى الله عليه و آله بعد نزول الآية:

في مجمع الزوائد عن أبي برزة قال:

صلّيت مع رسول اللَّه سبعة عشر شهراً، فاذا خرج من بيته أتى باب فاطمة عليها السلام فقال: «الصلاة عليكم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» «(2)» «(3)».

وفي تفسير السيوطي عن ابن عباس قال:

شهدت رسول اللَّه (ص) تسعة أشهر يأتي كلّ يوم


1- تفسير الآية عند الطبري 22: 5.
2- مجمع الزوائد 9: 169.
3- لعل سبعة عشر شهراً من غلط النساخ والصواب سبعة أشهر. وأبو برزة الأسلمي ترجموه في عداد الصحابة، مات سنة ستين أو أربع وستين بالكوفة. ترجمته في أُسد الغابة 5: 146

ص:26

باب عليّ بن أبي طالب (رض) عند وقت كلّ صلاة فيقول:

«السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» كلّ يوم خمس مرّات «(1)».

وفيصحيح الترمذي ومسند أحمد ومسند الطيالسي ومستدرك الصحيحين وأُسد الغابة وتفاسير الطبري وابن كثير والسيوطي واللفظ للأوّل عن أنس بن مالك:

انّ رسول اللَّه (ص) كان يمرّ بباب فاطمة عليها السلام ستّة أشهر كلّما خرج إلىصلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت! «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» «(2)» «(3)».


1- بتفسير الآية في الدرّ المنثور 5: 199.
2- مستدرك الصحيحين 3: 158 وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه؛ وأُسد الغابة 5: 521؛ ومسند أحمد 3: 258؛ وتفسير الآية بتفسير الطبري 22: 5؛ وابن كثير 3: 483؛ والدرّ المنثور للسيوطي 5: 199؛ وفي مسند الطيالسي 8: 274 شهرا؛ وصحيح الترمذي 12: 85 بتفسير الآية في سورة الأحزاب؛ وراجع كنز العمال 7: 103 ط الاولى؛ جامع الأصول 10: 101 ح 6691؛ وتيسير الوصول 3: 297.
3- أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي، روى هو أنّه خدم النبي عشر سنوات، توفي بالبصرة بعد التسعين، ترجمته بأُسد الغابة 1: 127

ص:27

وفي الاستيعاب وأُسد الغابة ومجمع الزوائد ومشكل الآثار وتفاسير الطبري وابن كثير والسيوطي واللفظ للأخير عن أبي الحمراء قال: «(1)» حفظت من رسول اللَّه ثمانية أشهر بالمدينة ليس من مرّة يخرج إلىصلاة الغداة الّا أتى باب عليّ (رض) فوضع يده على جنبتي الباب ثمّ قال: «الصلاة الصلاة، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».

وفي لفظ رواية ستة أشهر، وفي أُخرى سبعة أشهر، وفي ثالثة ثمانية أشهر، وفي رابعة تسعة أشهر «(2)».

وفي مجمع الزوائد وتفسير السيوطي عن أبي سعيد الخدري مع اختلاف في لفظه وفيه: جاء النبي أربعينصباحاً إلى باب دار فاطمة عليها السلام يقول:


1- أبو الحمراء: مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قيل اسمه هلال بن الحارث، ويقال هلال ابن ظفر. أُسد الغابة 5: 174؛ وتهذيب التهذيب 12: 78.
2- روايات أبي الحمراء في الاستيعاب 2: 598؛ وترجمته من الاستيعاب 5: 637؛ وتفسير الطبري وابن كثير والسيوطي بتفسير الآية؛ وترجمة أبي الحمراء بأُسد الغابة 5: 174؛ ومجمع الزوائد 9: 121 و 168؛ ومشكل الآثار 1: 338.

ص:28

«السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللَّه وبركاته الصلاة يرحمكم اللَّه، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أنا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم» «(1)».

من احتجّ بالآية الكريمة في إثبات فضائل أهل البيت:

أ- الحسن بن عليّ عليه السلام:

روى الحاكم في باب فضائل الحسن بن علي من مستدرك الصحيحين والهيثمي في باب فضائل أهل البيت:

أنّ الحسن بن عليّ خطب الناس حين قتل عليّ وقال في خطبته:

«أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصيّ وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى اللَّه باذنه وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل الينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذي أذهب اللَّه


1- مجمع الزوائد 9: 169؛ وتفسير السيوطي 5: 199.

ص:29

عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» الخطبة «(1)».

وفي مجمع الزوائد وتفسير ابن كثير واللفظ للأول:

انّ الحسن بن عليّ حين قتل عليّ استخلف، فبينا هو يُصلّي بالناس إذْ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرّض منها أشهراً، ثمّ قام فخطب على المنبر فقال: «يا أهل العراق اتّقوا اللَّه فينا، فإنّا أُمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» فما زال يومئذٍ يتكلّم حتى ما ترى في المسجد الّا باكياً.

قال: رواه الطبراني ورجاله ثقات «(2)».

ب- أمّ سلمة:

في مشكل الآثار للطحاوي عن عمرة الهمدانية قالت:

أتيت أمّ سلمة فسلّمت عليها، فقالت: من أنتِ؟

فقلت: عمرة الهمدانية.


1- مستدرك الحاكم، باب من فضائل الحسن بن علي 3: 172.
2- مجمع الزوائد، باب فضائل أهل البيت 9: 172؛ وتفسير الآية عند ابن كثير 3: 486.

ص:30

فقالت عمرة: يا أمّ المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحبّ ومبغض- تريد عليّ بن أبي طالب-.

قالت أمّ سلمة: أتحبّينه أم تبغضينه؟

قالت: ما أحبه ولا أبغضه ... «(1)» فأنزل اللَّه هذه الآية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وما في البيت الّا جبرئيل ورسول اللَّه (ص) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

فقلت: يا رسول اللَّه أنا من أهل البيت؟

فقال: إنّ لك عند اللَّه خيراً، فوددت أنّه قال: نعم، فكان أحبّ إليّ ممّا تطلع الشمس وتغرب «(2)».

ج- سعد بن أبي وقاص:

في خصائص النسائي، عن عامر «(3)» بن سعد بن أبي


1- بياض في الأصل.
2- مشكل الآثار 1: 336.
3- عامر بن سعد بن أبي وقاص، أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح. قال ابن حجر: ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة. تقريب التهذيب 1: 387.

ص:31

وقاص قال:

أمر معاوية سعداً فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟

فقال: ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول اللَّه (ص) فلن أسبّه، لئن يكون لي واحدة أحبّ إليّ من حمر النعم:

سمعت رسول اللَّه (ص) يقول له وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: «يا رسول اللَّه أتخلّفني مع النساء والصبيان؟».

فقال رسول اللَّه: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الّا أنّه لا نبوّة بعدي».

وسمعته يقول يوم خيبر: «لأعطينّ الراية غداً رجلًا يحبّ اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه ورسوله»، فتطاولنا إليها فقال:

«ادعوا لي عليّاً» فأُتيَ به أرمد، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه.

ولمّا نزلت: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» دعا رسول اللَّه (ص) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» «(1)».


1- خصائص النسائي: 4.

ص:32

وفي تفسير الآية عند ابن جرير وابن كثير ومستدرك الحاكم ومشكل الآثار للطحاوي واللفظ للأوّل:

قال سعد: قال رسول اللَّه (ص) حين نزل عليه الوحي، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال: «هؤلاء أهلي وأهل بيتي» «(1)».

د- ابن عبّاس:

1- في تاريخي الطبري وابن الأثير واللفظ للأول:

لمّا قال عمر في كلامه لابن عباس:

هيهات ابت واللَّه قلوبكم يا بني هاشم الّا حسداً ما يحول وضغناً وعشّاً ما يزول.

قال له ابن عبّاس:

مهلًا يا أمير المؤمنين! لا تصف قلوب قوم أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً بالحسد والغش، فانّ قلب رسول اللَّه من قلوب بني هاشم «(2)».


1- تفسير الطبرى 22. 7 وابن كثير 3. 485 واللفظ للاول و مستدرك الحكام 3 147 و مشكل الاثار 1. 336
2- تاريخ الطبري 5: 31.

ص:33

2- في مسند امام الحنابلة أحمد، وخصائص النسائي، والرياض النضرة للمحبّ الطبري ومجمع الزوائد للهيثمي «(1)» واللفظ للأوّل:

عن عمرو بن ميمون «(2)».

قال: إنّي لجالس إلى ابن عبّاس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس، إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن يخلونا هؤلاء، قال: بل أقوم معكم، قال: وهو يومئذٍصحيح قبل أن يعمى قال:

فابتدأوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا، قال: فجاء ينفض ثوبه، ويقول: أف وتف وقعوا في رجل له عشر- إلى قوله- وأخذ رسول اللَّه ثوبه فوضعه على عليّ وفاطمة وحسن وحسين وقال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ


1- الحديث بطوله في مسند أحمد 1: 331 ط الاولى؛ والثانية 5: 3062 وقد ذكر فيه ابن عباس عشر فضائل لعليّ بن أبي طالب وأورده النسائي في خصائصه: 11؛ والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2: 269؛ ومجمع الزوائد للهيثمي 9: 119.
2- عمرو بن ميمون الاودي: تابعي، ثقة، أخرج له أصحاب الصحاح، مات سنة أربع وسبعين بالكوفة. تقريب التهذيب 2: 80.

ص:34

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

ه- واثلة بن الأسقع:

روى الطبري في تفسير الآية وابن حنبل في مسنده والحاكم في مستدركه وقال:صحيح على شرط الشيخين والبيهقي في سننه والطّحاوي في مشكل الآثار والهيثمي في مجمع الزوائد واللفظ للأوّل:

عن أبي عمّار «(1)» قال: إنّي لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليّاً فشتموه، فلمّا قاموا قال: اجلس حتّى أخبرك عن هذا الذي شتموا، إنّي عند رسول اللَّه (ص) إذ جاءه عليّ وفاطمة وحسن وحسين، فألقى عليهم كساء له ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(2)».

ورواه ابن عساكر في تاريخه بتفصيل أوفى.


1- أبو عمار، شداد بن عبد اللَّه القرشي الدمشقي: ثقة، من الطبقة الرابعة، أخرج حديثه أصحاب الصحاح، ترجمته بتقريب التهذيب 1: 347.
2- مشكل الآثار للطحاوي 1: 346؛ تفسير الآية عند الطبري 22: 6؛ ومسند أحمد 4: 107؛ وقد هذب لفظه وحذف منه فشتموه و وهذا الذي شتموه؛ ومجمع الزوائد 9: 167؛ ومستدرك الحاكم 2: 416 و 3: 147؛ وسنن البيهقي 2: 152؛ وتفسير ابن كثير 3: 484؛ وابن عساكر 5: 1، 16 أ.

ص:35

في أُسد الغابة عن شدّاد بن عبد اللَّه قال: سمعت واثلة ابن الأسقع وقد جي ء برأس الحسين فلعنه رجل من أهل الشام ولعن أباه، فقام واثلة وقال: واللَّه لا أزال أحبّ عليّاً والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام بعد أن سمعت رسول اللَّه يقول فيهم ... «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» الحديث «(1)».

وعن أمّ سلمة أيضاً:

في مسند أحمد وتفسير الطبري ومشكل الآثار واللفظ للأول:

عن شهر بن حوشب «(2)» قال: سمعت أمّ سلمة زوج النبي (ص) حين جاء نعي الحسين بن عليّ فلعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه قتلهم اللَّه، غرّوه وذلّوه لعنهم اللَّه، فانّي رأيت رسول اللَّه (ص)- إلى قولها- فاجتبذ كساء خيبرياً فلفّه النبيّ (ص) عليهم جميعاً وقال:


1- أُسد الغابة 2: 20 بترجمة الحسن.
2- أوردنا موجز الحديث والحديث بطوله في مسند أمّ سلمة من مسند أحمد. وشهر بن حوشب الأشعري الشامي: صدوق، من الطبقة الثالثة، أخرج حديثه أصحاب الصحاح، مات سنة 112 ه. ترجمته بتقريب التهذيب 1: 355.

ص:36

«اللّهمّ أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(1)».

و- عليّ بن الحسين السجّاد:

روى كلّ من الطبري وابن كثير والسيوطي في تفسير الآية:

أنّ عليّ بن الحسين قال لرجل من أهل الشام: «أما قرأت في «الأحزاب»: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».

قال: ولأنتم هم؟!

قال: «نعم» «(2)».

وتمام الخبر كما في مقتل الخوارزمي:

أنّه لما حمل السجاد مع سائر سبايا أهل البيت إلى الشام بعد مقتل سبط رسول اللَّه الحسين، وأوقفوا على مدرج جامع دمشق في محلّ عرض السبايا، دنا منه شيخ


1- أوردناه بايجاز والحديث بطوله في مسند أحمد 6: 298 بمسند أمّ سلمة؛ وتفسير الطبري 22: 6؛ ومشكل الآثار 1: 335؛ وابن عساكر 5: 1، 14 أ.
2- تفسير الطبري 22: 7؛ وابن كثير 3: 486؛ والدر المنثور 5: 199.

ص:37

وقال: الحمد للَّه الذي قتلكم وأهلككم وأراح العباد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين منكم.

فقال له عليّ بن الحسين: «يا شيخ هل قرأت القرآن».

قال: نعم.

قال: «أقرأت هذه الآية: «قُلْ لَاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»» (الشورى/ 23).

قال الشيخ: قرأتها.

قال: وقرأت قوله تعالى: «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ» (الاسراء/ 26) وقوله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَإِنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى»» (الانفال/ 41).

قال الشيخ: نعم.

فقال: «نحن واللَّه القربى في هذه الآيات، وهل قرأت قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».

قال: نعم.

قال: «نحن أهل البيت الذي خُصّصنا بآية التطهير».

قال الشيخ: باللَّه عليك أنتم هم؟!

ص:38

قال: «وحقّ جدّنا رسول اللَّه إنّا لنحن هم؟! من غير شكٍّ».

فبقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلّم به، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال:

اللّهمّ إنّي أتوب اليك من بغض هؤلاء، وإنّي أبرأ اليك من عدوّ محمد وآل محمّد من الجنّ والإنس «(1)».

***

نكتفي بهذا المقدار ما أردنا ايراده من روايات حديث الكساء «(2)»، ففيه كفاية لمن أراد أن يتمسّك بالقرآن ويأخذ تفسيره عن رسول اللَّهصلى الله عليه و آله.

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» (سورة ق/ 37).


1- مقتل الخوارزمي 2: 61 ط النجف.
2- وقد تركنا ذكر أحاديث أُخرى في الباب، مثل ما ورد بترجمة عطية من اسد الغابة 3: 413؛ والاصابة 3: 489؛ وتاريخ بغداد 10: 278؛ ورواية حكيم بن سعيد في تفسير الطبري 22: 5؛ وروايات أُخرى في مسند أحمد 6: 304؛ وأُسد الغابة 2: 12 و 4: 29؛ ومجمع الزوائد 9: 206 و 207؛ وذخائر العقبى للمحبّ الطبري: 21؛ والاستيعاب 2: 460؛ وابن عساكر 5/ 1/ 13-/ 16.

ص:39

آية التطهير في مصادر مدرسة أهل البيت عليهم السلام

شأن نزول آية التطهير وحديث الكساء:

1- رواية أمّ المؤمنين أمّ سلمة

«(1)»:

أ- عن شهر بن حوشب قال:

أتيت أمّ سلمة زوجة النبيصلى الله عليه و آله لأسلّم عليها، فقلت:

أما رأيتِ هذه الآية يا أمّ المؤمنين: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟

قالت: أنا ورسول اللَّه على منامة لنا تحت كساء خيبري، فجاءت فاطمة عليها السلام ومعها الحسن والحسين عليهما السلام،


1- تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي: 121؛ وتفسير مجمع البيان 8: 356؛ والبحار 35: 213.

ص:40

فقال: «أين ابن عمك؟» قالت: «في البيت»، قال: «فاذهبي فادعيه»، فقالت: «فدعوته، فأخذ الكساء من تحتنا فعطفه، فأخذ جميعه بيده فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، وأنا جالسة خلف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقلت: يا رسول اللَّه بأبي أنت وأمّي فأنا؟ قال: «إنّك على خير»، ونزلت هذه الآية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...» في النبيصلى الله عليه و آله وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

سند آخر للرواية:

نزلت هذه الآية في النبي وعليّ وفاطمة والحسن والحسين بسند آخر عن أمّ سلمة «(1)»، قالت: في بيتي نزلت هذه الآية «إِنَّمَا ...»، وذلك أنّ رسول اللَّه جلّلهم «(2)» في مسجده «(3)» بكساء ثمّ رفع يده فنصبها على الكساء وهو يقول: «اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس كما


1- تفسير فرات الكوفي: 126؛ والبحار 35: 215.
2- جللهم بالثوب: غطّاهم به.
3- لعلّ الراوي أراد أن الرسول صلى الله عليه و آله كان في مصلاه بدار أمّ سلمة.

ص:41

أذهبت عن آل اسماعيل واسحاق ويعقوب، وطهّرهم من الرجس كما طهّرت آل لوط وآل عمران وآل هارون»، قلت: يا رسول اللَّه لا أدخل معكم؟ قال: «إنّك على خير وإنّك من أزواج النبي»، قالت بنته: سمّيهم يا أمة، قالت:

فاطمة وعليّ والحسن والحسين عليهم السلام.

ب- عن أبي عبد اللَّه الجدلي «(1)»

، قال:

دخلت على عائشة فقلت: أين نزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ...»؟

قالت: نزلت في بيت أمّ سلمة، قالت أمّ سلمة: لو سألت عائشة لحدّثتك انّ هذه الآية نزلت في بيتي، قالت:

بينما رسول اللَّهصلى الله عليه و آله إذ قال: «لو كان أحد يذهب فيدعو لنا عليّاً وفاطمة وابنيها»، قال: فقلت: ما أحد غيري، قالت:

قد قنعت «(2)» فجئت بهم جميعاً، فجلس عليّ بين يديه، وجلس الحسن والحسين عن يمينه وشماله، وأجلس


1- تفسير فرات: 124؛ والبحار 35: 215.
2- قد قنعت: أي لبست القناع، وهو ما تغطي به المرأة نفسها.

ص:42

فاطمة خلفه، ثمّ تجلّل بثوب خيبري ثمّ قال: «نحن جميعاً اليك- فأشار رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ثلاث مرّات: اليك لا إلى النار- ذاتي وعترتي أهل بيتي من لحمي ودمي»، قالت أمّ سلمة:

يا رسول اللَّه أدخلني معهم، قال: يا أمّ سلمة إنّك منصالحات أزواجي، فنزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

ج- عن عبد اللَّه بن معين مولى أمّ سلمة «(1)»

أنها قالت:

نزلت هذه الآية في بيتها: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، أمرني رسول اللَّهصلى الله عليه و آله أن أرسل إلى عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فلمّا أتوه اعتنق عليّاً بيمينه والحسن بشماله والحسين على بطنه وفاطمة عند رجليه ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» قالها ثلاث مرّات، قلت: فأنا يا رسول اللَّه؟ فقال: إنّك على خير إن شاء اللَّه.


1- أمالي الشيخ 1: 270؛ والبحار 35: 209.

ص:43

د- بإسناد أخي دعبل «(1)»

، عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ ابن الحسين عليهم السلام، عن أمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي، وكان رسول اللَّهصلى الله عليه و آله عندي، فدعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وجاء جبرئيل فمدّ عليهم كساءً فدكياً، ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، قال جبرئيل: وأنا منكم يا محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه و آله: «وأنت منّا يا جبرئيل»، قالت أمّ سلمة: فقلت: يا رسول اللَّه وأنا من أهل بيتك؟ وجئت لأدخل معهم، فقال: «كوني مكانك يا أمّ سلمة إنّك على خير، أنت من أزواج نبيّ اللَّه»، فقال جبرئيل: اقرأ يا محمد:

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» في النبيّ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.

2- رواية الحسين بن عليّ عليه السلام:

عن زيد «(2)» بن علي عن أبيه عن جدّه عليهم السلام قال:


1- أمالي الشيخ: 235؛ والبحار 35: 208.
2- كنز جامع الفوائد: 203 و 204؛ والبحار 25: 213.

ص:44

«كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في بيت أمّ سلمة، فأتي بحريرة، فدعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فأكلوا منها، ثمّ جلّل عليهم كساء خيبرياً، ثمّ قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، فقالت أمّ سلمة:

وأنا معهم يا رسول اللَّه، قال: «أنت إلى خير» «(1)».

3- رواية أبي سعيد الخدري:

أ- عن أبي سعيد الخدري «(2)»

، عن النبيّصلى الله عليه و آله في قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، أُنزلت في محمد وأهل بيته حين جمع رسول اللَّهصلى الله عليه و آله عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، ثمّ أدار عليهم الكساء، ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، وكانت أمّ سلمة قائمة بالباب، فقالت: يا رسول اللَّه وأنا منهم؟ فقال: وأنتِ على


1- لم يرد في غير هذه الرواية ذكر خبر الحريرة.
2- فضائل ابن شاذان: 99؛ والبحار 35: 212-/ 213.

ص:45

خير.

ب- عن عطية:

سألت أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال:

نزلت في رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام «(1)».

4- عن أبي جعفر عليه السلام

«(2)»:

في قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» قال: «نزلت هذه الآية في رسول اللَّهصلى الله عليه و آله وعليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وذلك في بيت أمّ سلمة زوجة النبيصلى الله عليه و آله، دعا رسول اللَّهصلى الله عليه و آله عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ثمّ ألبسهم كساءً له خيبرياً، ودخل معهم فيه ثمّ قال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فنزلت هذه الآية، فقالت أمّ


1- البحار 35: 208.
2- البحار 35: 206.

ص:46

سلمة: وأنا معهم يا رسول اللَّه؟ قال: أبشري يا أمّ سلمة فإنّك إلى خير».

ما فعله الرسول بعد نزول الآية:

1- عن أبي سعيد الخدري

«(1)»:

قال: كان النبي صلى الله عليه و آله يأتي باب علي أربعينصباحاً حيث بنى بفاطمة فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم».

2- عن أبي الحمراء

«(2)»:

قال: خدمت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله تسعة أشهر أو عشرة أشهر، فأمّا التسعة فلست أشكّ فيها، ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله يخرج من طلوع الفجر فيأتي باب فاطمة وعليّ والحسن


1- تفسير فرات: 122؛ والبحار 35: 208.
2- تفسير فرات: 123 و 124؛ والبحار 35: 214.

ص:47

والحسين عليهم السلام فيأخذ بعضادتي الباب فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، الصلاة يرحمكم اللَّه»، قال:

فيقولون: «وعليكم السلام ورحمة اللَّه وبركاته يا رسول اللَّه»، فيقول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

وورد عن أبي الحمراء «(1)» بألفاظ أُخرى، وفي بعضها: أخذ بعضادتي الباب.

3- عن أمير المؤمنين عليه السلام:

عن الحارث، عن عليّ عليه السلام «(2)» قال: «كان رسول اللَّهصلى الله عليه و آله يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم اللَّه الصلاة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».


1- أمالي الشيخ 1: 257؛ والبحار 35: 209؛ وكشف الحق للعلامة الحلي 1: 88؛ والعمدة لابن بطريق: 16-/ 23.
2- مجالس المفيد: 188؛ وأمالي الشيخ: 55؛ والبحار 35: 208.

ص:48

4- عن أبي جعفر عليه السلام

«(1)»:

عن أبيه عليه السلام- أي السجّاد عليه السلام- في قوله عزّ وجلّ:

«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» (طه/ 132)، قال: «نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يأتي باب فاطمة كل سحرة فيقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللَّه وبركاته، الصلاة يرحمكم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»».

لفظ آخر للخبر

في تفسير الآية «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» قال فرات القمي «(2)»:

فانّ اللَّه أمره أن يخصّ أهله دون الناس، ليعلم الناس أنّ لأهل محمّدصلى الله عليه و آله عند اللَّه منزلة خاصّة ليست للناس، إذ أمرهم مع الناس عامة ثمّ أمرهم خاصّة، فلمّا أنزل اللَّه تعالى هذه الآية كان رسول اللَّهصلى الله عليه و آله يجي ء كلّ يوم عندصلاة


1- كنز الفوائد: 161 و 162 و 178؛ والبحار 25: 220.
2- في تفسيره: 530 و 531.

ص:49

الفجر حتى يأتي باب عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته»، فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: «وعليك السلام يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته»، ثمّ يأخذ بعُضادتي الباب ويقول:

«الصلاة الصلاة يرحمكم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا، وقال أبو الحمراء خادم النبيصلى الله عليه و آله: أنا شهدته يفعل ذلك «(1)».

5- عن الإمام الصادق عليه السلام:

عن الصادق جعفر بن محمد «(2)»، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: «كان النبي صلى الله عليه و آله يقف عند طلوع كل فجر على باب علي وفاطمة عليهم السلام فيقول: الحمد للَّه المحسن المجمل المنعم المفضل، الذي بنعمته تتمّ الصالحات، سمع سامع بحمد اللَّه ونعمته وحسن بلائه عندنا، نعوذ باللَّه من النار، نعوذ باللَّه من


1- البحار 35: 207.
2- البحار 37: 36.

ص:50

صباح النار، نعوذ باللَّه من مساء النار، الصلاة يا أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «(1)».

وروى- أيضاً- أبو سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يأتي باب فاطمة وعلي تسعة أشهر وقت كلّصلاة فيقول: «الصلاة يرحمكم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».

قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: «أمره اللَّه تعالى أن يخصّ أهله دون الناس ليعلم الناس أنّ لأهله عند اللَّه منزلة ليست للناس، فأمرهم مع الناس عامة وأمرهم خاصّة» «(2)».

قال المجلسي «(3)»: ورواه ابن عقدة باسناده من طرق


1- في مادة سمع من نهاية اللغة لابن الأثير 2: 181-/ 182 في الحديث« سمع سامع بحمد اللَّه وحسن بلائه علينا» أي ليسمع السامع وليشهد الشاهد حمدنا للَّه تعالى على ما أحسن الينا وأولانا من نعمه، وحسن البلاء النعمة والاختبار بالخير ليتبيّن الشكر وبالشرّ ليظهر الصبر.
2- البحار 25: 212؛ ومجمع البيان للطبرسي 7: 37.
3- البحار 25: 212.

ص:51

كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام وغيرهم، مثل أبي برزة وأبي رافع.

وورد بلفظ آخر عن الإمام الصادق عليه السلام «(1)»:

وكذلك ورد نظير ما سبق في تفسير الرازي وغيره بتفسير الآية الكريمة «وَأْمُرْ أَهْلَكَ ...».

من احتجّ بالآية في فضائلهم:

1- أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام

«(2)»

عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: «إنّ اللَّه عزّ وجلّ فضّلنا أهل البيت، وكيف لا يكون كذلك واللَّه عزّ وجلّ يقول في كتابه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟ فقد طهّرنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فنحن على منهاج الحق».


1- تفسير فرات: 126.
2- كنز الفوائد: 236؛ والبحار 25: 213-/ 214.

ص:52

2- الحسن بن عليّ عليهما السلام:

احتجّ بها الإمام الحسن في اليومين الآتيين:

أ- يوم بويع بعد شهادة أبيه الإمام علي عليه السلام حيث قال في خطبته:

«أيّها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن البشير النذير الداعي إلى اللَّه بإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل ويصعد، وأنا من أهل البيت الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» «(1)».

ب- عندصلحه مع معاوية حين خطب بعد معاوية وقال في خطبته:

«وأقول معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا، إنّا أهل بيتٍ أكرمنا اللَّه بالاسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً، والرجس


1- البحار 25: 214 و 43: 361 و 362؛ وكنز الفوائد: 236 و 238.

ص:53

هو الشك، فلا نشكّ في اللَّه الحق ودينه أبداً، وطهّرنا من كلّ أفن وغيّة مخلصين إلى آدم نعمة منه- إلى قوله:- وقد قال اللَّه تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»، فلمّا نزلت آية التطهير جعلنا رسول اللَّهصلى الله عليه و آله أنا وأخي وأُمّي وأبي فجلّلنا ونفسه في كساء لأُمّ سلمة خيبريّ، وذلك في حجرتها ويومها فقال: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فقالت أمّ سلمة (رض): أدخل معهم يا رسول اللَّه؟ قال لها رسول اللَّهصلى الله عليه و آله: يرحمك اللَّه أنت على خير وإلى خير وما أرضاني عنك ولكنّها خاصّة لي ولهم.

ثمّ مكث رسول اللَّهصلى الله عليه و آله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه اللَّه إليه، يأتينا في كلّ يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم اللَّه، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»» «(1)».


1- البحار 10: 141-/ 142؛ وأمالي ابن الشيخ 10: 14.

ص:54

3- أمُّ سلمة:

في تفسير فرات والخصال وأمالي الصدوق والبحار واللفظ للأوّل: عن عمرة الهمدانية إبنة أفعى، قالت أمّ سلمة: أنت عمرة؟ قالت: نعم، قالت عمرة: ألا تخبريني عن هذا الرجل الذي أُصيب بين ظهرانيكم فمحبّ ومبغض؟ قالت أمّ سلمة: فتحبّينه؟ قالت: لا أحبّه ولا أبغضه- تريد عليّاً- قالت أمّ سلمة: أنزل اللَّه تعالى «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وما في البيت إلّاجبرائيل وميكائيل ومحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وأنا، فقلت: يا رسول اللَّه أنا من أهل البيت؟ فقال: «منصالح نسائي»، يا عمرة فلو كان قال: نعم كان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليه الشمس «(1)».

4- عليّ بن الحسين السجّاد عليه السلام:

في أمالي الصدوق والاحتجاج للطبرسي واللهوف


1- في تفسير فرات: 126 روايتان هذه احداهما؛ والخصال، باب السبعة ح 113؛ وكنز الفوائد: 237؛ والبحار 25: 214 و 35: 209 عن أمالي الصدوق، و 219 منه.

ص:55

والبحار واللفظ للأوّل:

لمّا أدخل سبايا أهل البيت إلى الشام فأُقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا وفيهم عليّ بن الحسين عليه السلام وهو يومئذٍ فتى شاب، فأتاهم شيخ من أهل الشام فقال لهم: الحمد للَّه الذي قتلكم وأهلككم، وقطع قرن الفتنة فلم يألوا عن شتمهم، فلمّا انقضى كلامه، قال له عليّ بن الحسين: «أما قرأت كتاب اللَّه عزّ وجلّ؟» قال: نعم، قال:

«أما قرأت هذه الآية: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»» (الشورى/ 23) قال: بلى، قال: «فنحن أُولئك»، ثمّ قال: «أما قرأت «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ»» (الاسراء/ 26) قال:

بلى، قال: «فنحن هم، فهل قرأت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟» قال:

بلى، قال: «فنحن هم»، فرفع الشامي يده إلى السماء ثمّ قال:

اللّهمّ إنّي أتوب اليك- ثلاث مرّات- اللّهمّ إنّي أبرأ اليك من عدوّ آل محمد ومن قتلة أهل بيت محمد، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم «(1)».


1- أمالي الصدوق، المجلس 31 ح 3؛ والاحتجاج للطبرسي: 157؛ واللهوف؛ والبحار 45: 156 و 166.

ص:56

5- زيد بن عليّ بن الحسين عليه السلام:

قال أبو الجارود: وقال زيد بن عليّ بن الحسين: إنّ جُهّالًا من الناس يزعمون إنّما أراد اللَّه بهذه الآية أزواج النبيصلى الله عليه و آله، وقد كذبوا وأثموا، وأيم اللَّه لو عنى بها أزواج النبيصلى الله عليه و آله لقال: ليذهب عنكنّ الرجس ويطهّركنّ تطهيراً، ولكان الكلام مؤنثاً كما قال: «وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ» «وَلَا تبرجن» و «وَلَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ».

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.