التبرك

اشارة

مولف:جعفر مرتضي العاملي

مجله حوزه

نبذة من حياة المؤلف

نحن أمام عبد صالح وعالم جليل وفقيه زاهد تقي وأستاذ أخلاق جدير، ترك بصماته علي طلابه ومؤلّفاته.. ومبلّغ صادق وداعية مخلص دؤوب في تربية نفسه وهداية الآخرين، ملئت حياته إيماناً وعلماً وعطاءً، فسيرته عطرة، ومناقبه رفيعة، ومواقفه جريئة، وآراؤه شجاعة بلا تعسّف ولا عناد بل بعلم وحجّة وسداد... وسيرته هذه ليست غريبة عن سيرة علمائنا وفقهائنا الصالحين، بل هي حلقة من حلقات هذه السلسلة المعطاء والباهرة بما تحلّوا به وبما اتّصفوا به من صفات عالية وبما حشدوه من جهود قيّمة دفاعاً عن الحقّ ودرءاً للباطل.. فما أن يروا شبهة إلاّ وتصدّوا لها غير تاركيها ولا متغافلين عنها وحتّي يغوصوا في استقصاء أدلّة ردّها وبراهين دحضها بحجّة وسلطان مبين.. وتاريخهم _ مواقف ومؤلّفات _ أمامنا حافل بطريقتهم المثلي هذه وفي كلّ النواحي العقائديّة والفقهيّة والتاريخيّة.. فقدموا لنا تراثاً جليلا وعلماً نافعاً وحججاً غنيّة، لا يمكننا الاستغناء عنها في نقاشنا وحوارنا مع الآخر فأحسنوا بذلك صنعاً. وكتاب (التبرّك) هذا واحد من تلك الأنشطة والجهود العلميّة القيّمة، يقف بقوّة ليدحض كلّ ما جاء حول هذه المسألة من شبهات وإشكالات، قد أُثير بعضها بدوافع صادقة، وبعضها الآخر أثير بدوافع ونوايا أقل ما يقال فيها أنّها غير منصفة إن لم نصفها بأنّها [ صفحه 2] خبيثة كان لليد المعادية الحاقدة دور خطير في إذكائها لتعميق الفجوة بين أبناء الدين الواحد والملّة الواحدة. وشيخنا في كتابه هذا كان حريصاً علي هداية الآخر وإنارة الطريق أمامه، بكلّ ما يستطيع من جهد وفكر، وصبر عجيب علي استقصاء الروايات والأدلّة من مصادر القوم ومنابعهم العلميّة وأقوال أئمّتهم وعلمائهم ورواتهم.. في الرابع من شهر محرّم الحرام سنة 1345 هجري قمري الموافق

لسنة 1305ه_.ش.، وفي قرية (پورسخلو) من قري آذربيجان الشرقيّة، البعيدة عن بلدة ميانة بأربعة فراسخ. ولد سماحة الشيخ علي الأحمدي الميانجي لأمٍّ علويّة، وأب مزارع، عرف بالعلم والعبادة والصلاح، وعدم الحرص علي الدنيا وملاذها، لم تشغل الزراعة أباه، مع أنّها كانت مهنته الرئيسيّة، عن دراسته لأحكام الدين ومبادئه ومفاهيمه، فجعلت منه مبلغاً ناجحاً ومرشداً نافعاً وخطيباً من خطباء المنبر الحسيني الذي كان عاشقاً له ومشغوفاً به. وكانت له خصلة أخري يتمتّع بها وهي حبّه للنّاس من حوله ودفع الضير عنهم وقضاء حوائجهم.. وكان لهذا كلّه أثره البالغ في تربية ولده عليٍّ ونشأته الدينيّة والعلميّة.. فراح الأب رحمه الله يدرّس ابنه مقدّمات علوم الحوزة وكتباً أخري تخدمه في توجّهه الحوزوي. وبعد أن أنهي سماحة شيخنا الأحمدي دراسته هذه صوّب نظره إلي بلدة ميانة حيث حوزتها العلميّة، ليبدأ مشواره العلمي بها عام 1358ه_. ق. فمكث فيها يدرس النحو والمنطق ومعالم الأصول وشرح اللمعة والقوانين، عند سماحة حجّة الإسلام الشيخ أبومحمّد حجّتي ; لينتقل بعدها إلي مدينة تبريز عاصمة آذربيجان الشرقيّة، مواصلا دراسته في حوزتها العلميّة، قبل أن يخطو خطوته الأخري ألا وهي هجرته إلي مدينة العلم والجهاد قم; ليكمل دراسته للسطوح العالية وهي مرحلة متقدّمة من مراحل الدراسات الحوزويّة بين أيدي أساتذة كبار منهم آية الله السيد حسين القاضي وآية الله العلاّمة الطباطبائي رحمهما الله. وبعد إكمال سماحته لمرحلة السطوح العالية توجّه لدروس البحث الخارج وهي مرحلة متقدّمة جدّاً في الحوزة العلميّة، فحضر دروس وأبحاث كلٍّ من: [ صفحه 3] سماحة آية الله العظمي السيد حسين البروجردي، سماحة آية الله العظمي المحقّق الداماد، سماحة آية الله العظمي السيد الگلپايگاني. فكان حقاً أذناً واعيةً وطالباً فذّاً ثمّ عالماً

جيّداً وأستاذاً نافعاً خاصّةً في دروس الأخلاق. فقد كان مؤثراً في طلابه ومستمعيه الذين حضروا دروسه بشغف وحبّ لما أحسّوا فيها من منافع وثمار.. وطالما كان _ رحمه الله _ يوصيهم بفعل الواجبات وعدم ترك المستحبّات والنوافل.. فكان بحقٍّ مثالا وأسوةً حسنةً في سلوكه وسيرته حيث اتّصف بالزهد والخلق العالي وعبادته وتهجده. ولسماحته نشاط كبير كان محبّاً له ودؤوباً عليه وهو التحقيق والتأليف ممّا جعله يترك مؤلّفات قيّمة عديدة وهي: 1 _ مكاتيب الرسول(صلي الله عليه وآله)، 4 مجلّدات. 2 _ مواقف الشيعة، 3 مجلّدات. 3 _ الملكيّة الفردية، مجلّدان. 4 _ السجود علي الأرض. 5 _ الأسير في الإسلام. 6 _ مكاتيب الأئمّة (عليهم السلام). 7 _ التبرّك. وهو الذي بين أيدي القرّآء الأعزّاء، بعد أن جدّد طبعته مركز أبحاث الحجّ بقم، التابع لممثّلية الوليّ الفقيه لشؤون الحجّ والزيارة، تلبيّةً لرغبة الشيخ نفسه، وكان يأمل رؤيته منقّحاً مصحّحاً إلاّ أنّ القدر لم يمهله حتّي يراه في حلّته الجديدة هذه، فقد وافاه الأجل المحتوم. فنسأله تعالي أن يمنّ عليه بالرحمة والرضوان وأن يسكنه الفسيح من جنّاته. من وصيّته رحمه الله تعالي: ترك سماحته وصيّةً قيّمةً تتضمن فوائد عديدة، نشير إلي بعض فقراتها: _... إنّي لست ذا مال حتّي أوصي به، إلاّ الدار التي أسكن فيها، ولزوجتي الحقّ في [ صفحه 4] الاستفادة منها ومن كلّ الآثاث الموجودة فيها، مادامت هي علي قيد الحياة. _ أوصي أولادي وجميع ورثتي وخصوصاً أهل العلم منهم، بالاستفادة من مكتبتي، ولا سمح الله إن لم يكن فيهم من يستفيد منها، فإنّي أهديها إلي أي مكتبة من مكتبات الحوزة العلميّة كمكتبة الفيضيّة أو مكتبة آية الله المرعشي النجفي، فلعلّها تكون لي

من الباقيات الصالحات. _ أُحبُّ أن يوجد في أهلي واحد أو أكثر من أهل العلم; ليشتغل في تحصيل العلوم الدينيّة، وطالما رجوتُ الله تعالي وتوسّلتُ إليه أن يُيسر ذلك في ذريّتي وأن لا يحرمهم منه إنّه قريب مجيب. _ ترسل جميع كتبي غير المطبوعة إلي المؤسسات لمراجعتها ونشرها، كما أرجو أن يجمع كلّ ما كتبته وهو حصيلة عمري ; ليكون في متناول أيدي القرّاء وطلبة العلوم الدينيّة. _ أوصي أهلي بأن يتجنّبوا المبالغة في إقامة جلسات الفواتح والإسراف فيها وتزيينها للمباهات، فهو أمر ينفع الأحياء ولا ينفع الأموات، وأن يتركوا التقاليد والأوهام. _ أرجو أن لا ينساني الجميع من الدعاء وأن يستغفروا لي ربّي... وأخيراً يقدم هذا المركز شكره وتقديره لكلّ من: 1 _ الشيخ محمّد علي المقدادي. 2 _ الأستاذ محسن الأسدي. علي جهودهما في مراجعة وتصحيح هذا الكتاب في طبعته الثالثة، ونسأله تعالي أن يوفّقهما لمزيد من الجهود العلميّة النافعة. معاونيّة شؤون التعليم والبحوث الإسلاميّة التاب_ع_ة لممثليّ_ة الولّي الفق_يه لشؤون الحجّ والزيارة [ صفحه 5]

تقديم: الوحدة الإسلامية: اسسها و منطلقاتها

الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي خير خلقه أجمعين، محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين، واللعنة علي أعدائهم أجمعين، من الأوّلين والآخرين، إلي قيام يوم الدين. بداية: قال الله سبحانه في كتابه المجيد: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [1] ، وقال تعالي: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [2] . ومن البديهي: إنّ الله سبحانه يريد للإسلام أن يحكم العالم، ويُهَيمِن علي كلّ سلوك ومواقف البشريّة جمعاء بهديهِ وتعاليمه المُعمّقة للإيمان، والمثمرة للعمل الصالح. ولا يختصّ ذلك بأمّة دون أمّة، ولا يقتصر علي جيل دون جيل، قال تعالي: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ

بَشِيراً وَنَذِيراً) [3] . فالإسلام يريد وحدة الأمّة، ووحدة الهدف، ووحدة المصير، وعلي أساس [ صفحه 6] ذلك تقوم وحدة الرسالة والدعوة. ولكن ما هو ذلك الرابط الذي يشدّ الأمّة بعضها ببعض، ثمّ يربطها بما سبق وبما يأتي... وعلي أيّ أساس يقوم ذلك الربط بنظر الإسلام؟ نعم، لابدّ من طرح هذا السؤال أوّلا، ثمّ الإجابة عنه بوعي وموضوعيّة وعمق، إذ إنّ الإجابة عنه هي التي تحدّد اتّجاه العمل، وبها تنضبط كلّ المواقف والحركات الهادفة، من خلال الإحساس بالمسؤولية الشرعيّة والإنسانيّة والوجدانيّة، حيث تتوجّه الطاقات كلّها نحو تركيز تلك الأسس، وتحقيق هاتيك المنطلقات، التي لابدّ وأن تقوم عليها عمليّة الربط الضرورية التي تحدّثنا عنها. وفي مجال المساهمة في التعرّف علي ما ذكر، فإنّنا نشير إلي ما يمكن أن نعتبره يمثل رأي الإسلام في هذا المجال، بقدر ما تسمح لنا به الفرصة في عجالة كهذه... فنقول: الأُخوّة المسؤولة: إنّنا إذا رجعنا إلي القرآن الكريم، ثمّ إلي سنّة الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله) فلسوف نجد أنّ الإسلام يعتبر الأمّة المؤمنة المسلمة بمثابة أسرة واحدة، لها قيّم ومربّ واحد، يشرف علي شؤونها، ويدبّر أمورها، وهو النبيّ الأعظم(صلي الله عليه وآله) ثمّ وصيّه _ عليه الصلاة والسلام _ وقد روي عنه(صلي الله عليه وآله) قوله: «أنا وأنتَ يا عليّ أبوا هذه الأمّة». وبهذا المعني أيضاً روايات كثيرة فلتراجع في مظانّها [4] . [ صفحه 7] أمّا ما يشدّ هذه الأسرة بعضها ببعض، فهو روح الأخوة النبيلة، التي ليس فقط يغمرها العطف والمحبّة والحنان، وإنّما هي اُخوّة مسؤولة، تتحمّل مسؤوليّاتها بوعي وحيويّة وعمق، تؤثّر آثارها الإيجابيّة علي الصعيد العملي، والواقع الخارجي، كما قال سبحانه: (إنّما المؤمنون إخوة)، ثمّ فرّع علي ذلك

قوله: (فأصلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ) [5] . وفي موضع آخر نجده تعالي بعد أنّ قرّر القاعدة الأساسية: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض)، نجده قد فرّع علي ذلك قوله: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) [6] . وعن الصادق(عليه السلام): «إنّما المؤمنون إخوة، بنو أب وأمّ، وإذا ضرب علي رجل منهم عرق لسهر له الآخرون» [7] . وعنه(عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن ; عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشّه ولا يعده فيخلفه» [8] . وعنه(عليه السلام): «المؤمن أخو المؤمن، كالجسد الواحد، إذا اشتكي شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده» [9] . وعنه(صلي الله عليه وآله): «مَن أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم» [10] وبمعناه غيره، والروايات التي تدخل في هذا المجال كثيرة، لا مجال لتتبّعها وحصرها. [ صفحه 8] مرتكزات الأخوّة المسؤولة: وبعد كلّ ما تقدّم... وبعد أن تأكّد لدينا عالميّة الإسلام، وأ نّه يسعي لإيجاد وحدة حقيقيّة، تقوم علي أساس الأخوّة المسؤولة والواعية... فإنّنا إذا راجعنا التاريخ الإسلامي، فلسوف نجد أنّ النبي الأعظم(صلي الله عليه وآله) حينما آخي بين المسلمين في المدينة قد جعل تلك الأخوّة مرتكزة علي أمرين اثنين: الأوّل: الحقّ. الثاني: المواساة. فعن طريق الحقّ يحصل التّفاهم، ثمّ الرّضا، ثمّ الثّقة المتبادلة، ثمّ يكون هو الفيصل في كلّ مقام تختلف فيه الأهواء والمصالح... فالحقّ هو الأساس الذي تقوم عليه العلاقات، وتبني عليه المعاملات والمواقف، وليس هو المصالح الشخصيّة، ولا الأهواء والميول، ولا الانفعالات العاطفيّة، ولا هو المصالح القبليّية، أو الإقليميّة أو الفئويّة أو غيرها... وإذا جاء الحقّ عن طريق الإحساس بالمسؤولية الشرعيّة والإنسانيّة، وعن طريق الأخوّة والمحبّة والحنان، فإنّ ذلك أضمن لبقائه واستمراره ; فإنّ الإنسان بطبيعته يخضع للحقّ إذا

جاء عن هذا الطريق، بخلاف ما لو جاء عن طريق القهر والتحدّي والقوّة، والتلويح بالعصا، فإنّ علينا أن ننتظر غياب الحقّ بمجرّد غياب تلك العصا وهاتيك القوّة. وعن طريق المواساة، التي هي في الحقيقة درجة أعلي من العدل ; لأنّها تعني في أحيان كثيرة البذل والتضحية في سبيل الآخرين، والتخلّي عن كثير ممّا اكتسبه لشخصه عن طريق العدل، الذي يرجع في الحقيقة إلي الحقّ... نعم _ عن طريق المواساة _ تستطيع الأمّة المؤمنة مواجهة الظروف الطارئة، والتقليل من آثارها السلبيّة عليها. وكذلك مواجهة جميع أشكال الضغوط الّتي [ صفحه 9] يمكن أن يمارسها أعداؤها; أعداء الله والإنسانيّة للقضاء عليها، أو علي الطّاقة الإيمانيّة فيها مِن سياسيّة واقتصاديّة، وعسكريّة، وغيرها... بين الوحدة والاتّحاد: وإذا كانت الوحدة الحقيقيّة التي يريدها الإسلام، هي تلك التي تقوم علي أساس الأخوّة، التي ترتكز علي الحقّ والمواساة. وهما عنصران واقعيّان يضمنان بقاءها واستمرارها، رغم كلّ ما يمكن أن يعترض مسيرة التكامل الإنساني فيها من مشاكل ومن عقبات. وإذا كانت هذه الوحدة تحتاج إلي بذل الكثير من الجهد للوصول بالأمّة إلي درجة من النضج الفكريّ والإنسانيّ، ربّما لا يكون متوفّراً في أحيان كثيرة، حتّي إنّ عدم وجود هذه الوحدة يكون دليلا علي عدم النضج في الوعي وفي الالتزام لدي الأمّة المسلمة. إذا كان كذلك، فتمس الحاجة _ مرحلياً _ إلي تعامل وحدويّ من أجل دفع الأخطار التي يمكن أن تتعرّض لها الأمّة في مسيرتها سواءٌ كانت أخطاراً طبيعيّة، أو من قبل أعدائها أعداء الله والإنسانيّة. وذلك لأنّ خطراً كهذا لا يتخيّر طائفة دون طائفة، ولا يختصّ بفريق دون فريق. وهذا يعني أنّ مسؤولية التصدّي له لا تختصّ كذلك بفريق دون آخر، ولا

بطائفة دون أخري. فإنّ وحدة المصير تحتّم وحدة النضال والتصدّي، وإذا استندت وحدة النضال والتصدّي إلي وحدة المنطلقات والأهداف، فإنّها تكون أعظم فعّالية، وأبعد أثراً... وإلاّ فإنّها لا تعدو عن أن تكون عملا مرحليّاً، يسير معه جنباً إلي جنب العمل علي توحيد المنطلقات والأهداف علي الأسس الصحيحة والواقعيّة، التي [ صفحه 10] لابدّ وأن يتمّ التعرّف عليها من مصادرها الحقيقيّة، ثمّ العمل في سبيل تحقيقها والحصول عليها بوعي وجدّية ومثابرة. فهذا الاتّحاد أو فقل هذا التعامل الوحدويّ، مطلوب إسلاميّاً، ومحبوب بمختلف أبعاده ودرجاته وعلي جميع المستويات. ولكنّه ليس هو كلّ المطلوب، وإنّما هو بديل اضطراري موقّت، لابدّ من القبول والرضا به بانتظار تحقيق الوحدة الحقيقيّة علي اُسسها الإسلاميّة والإنسانيّة الواقعيّة. نعم، لابدّ من القبول بهذا البدل الاضطراري، الذي هو مطلوب ومحبوب إسلاميّاً أيضاً، إذ لا يمكن ترك الخطر يجتاح الأمّة الإسلامية ويلتهم كلّ مقدّراتها، ويستأصل شأفة الإسلام والمسلمين، بانتظار تحقيق الوحدة الحقيقيّة، بل لابدّ من التحرّك في المجالين معاً; لأنّ أحدهما ضرورة مرحليّة فعليّة، فرضتها الأخطار الجسام التي يتعرّض لها الإسلام والمسلمون، بالفعل، والآخر ضرورة إنسانيّة مصيريّة، ربّما تحتاج إلي كثير من الوقت والجهد، والبحث والتمحيص للحقائق العلميّة، ثمّ إلي تربية نفسيّة لخلق درجة من الاستعداد النفسي والسموّ الإنساني لتحقيقها. الحقّ والنّاس: وبديهي أنّ الحقّ واحد، وواحد فقط لا يمكن أن يتغيّر، أو يتبدّل إلاّ إذا تغيّرت الظروف والأحوال، التي لابدّ وأن تبرّر وجود حقّ آخر ينسجم مع واقع المتغيّرات والظروف الموضوعيّة الطارئة. أمّا الباطل، فليس إلاّ تعبيراً آخر عن العدم والفساد، والنقص في تجلّي الحقّ وحضوره، ولا أثر له إلاّ ذلك في الواقع علي المدي القريب والبعيد علي حدٍّ سواء. وإذا كان كذلك، فإنّه

لابدّ من السعي لإحقاق الحقّ ; لأنّه خير وسعادة [ صفحه 11] وحياة، وإبطال الباطل ; لأنّه شرّ وفساد وممات. ولا يختصّ إدراك هذه الحقيقة بأحد دون أحد، ولا بفريق دون آخر. وإن كان النّاس، ربّما يختلفون في تعيين ما هو حقّ وما هو باطل، وذلك تبعاً لاختلافهم في النظرة إلي الكون وإلي الحياة، الذي ينشأ عنه اختلاف في المقاييس والمعايير التي لابدّ من الاستفادة منها في مجال التعرّف علي كلّ منهما، وليتّخذ بالتالي موقف الرفض أو القبول علي هذا الأساس... بل إنّنا يجب أن لا نستغرب كثيراً إذا رأينا; أنّه حتّي أولئك الذين يملكون نظرة واحدة، للكون وللحياة، ويتّفقون في تفسيرهم لأحواله، ولظواهره _ حتّي هؤلاء _ نجدهم يختلفون في كثير من آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم; وذلك تبعاً لاختلاف درجة انكشاف واقع الظروف والأحوال المحيطة بهم لديهم... الأمر الذي يُؤثر _ بشكل أو آخر _ في ذلك الفكر، أو في ذلك المفهوم، وكذلك تبعاً للتفاوت الحاصل فيما بينهم في قوّة الإدراك، وفي التصرّف في المدركات التي يمكنهم الحصول عليها، وتمحيصها. هذا كلّه... عدا أنّ اُسلوب العرض ربّما يكون غير قادر علي توفير الحدّ الأدني من الإقناع; لأنّ منطلقات الإقناع فيه لم تكن تعتمد علي قواسم مشتركة، كان لابدّ من تمحيصها، وحسم الأمر فيها مسبقاً... إلي غير ذلك من أسباب يمكن أن تؤثّر في ذلك بصورة أو بأخري. بل; وليس غريباً أيضاً: أن نجد البعض ينكشف له خطؤه في رأيه، أو في موقفه _ ثمّ يصرّ عليه، ولا يتراجع عنه. ولا يخضع للحقّ الأبلج. وقد نتلمس له بعض العذر في ذلك، إذا وجدناه يخضع في ذلك لتأثيرات عاطفيّة، أو واقع اجتماعيّ خاصّ، أو حتّي بسبب النقص

في اُسلوب إظهار الحقّ له، وعرضه عليه. أمّا أن نجد البعض يقيم الدنيا ويقعدها، ويرمي هؤلاء وأولئك ممّن لا يتّفقون معه في الرأي بشتّي أنواع التّهم والافتراءات، وحتّي بالزندقة والالحاد والشرك; [ صفحه 12] فذلك أمر غير طبيعي، وغير مقبول علي الإطلاق. وأعظم من ذلك، أن نجده يفعل ذلك، وهو يعلم أ نّه هو المخطئ، وهم، هم المحقّون ; فذلك هو الأمر الغريب والعجيب حقّاً. نقول: هذا، علي سبيل ضرب القاعدة، وإعطاء الضابطة فقط. وليس إلاّ... ولا نريد التعريض بأحد، ولا المسّ بعواطف أيّ كان. الاستعمار... الحكم: هذا، ومن المضحك المبكي أن نجد المستعمر الكافر ينصب نفسه حكماً في المسائل الإسلامية ; الاعتقاديّة منها والفقهيّة، فيؤيّد وجهة نظر فريق (وهو الذي يتعامل معه) ضدّ الفريق الآخر، حرصاً منه علي زرع الفتنة في الأمّة الإسلامية، ومن أجل الحفاظ علي تلك القواعد والمنطلقات الفكريّة، التي سرّبها الأعداء بصورة أو بأخري إلي أذهان بعض المسلمين; لأنّها تخدم مصالحهم، وتمكّن لهم من الحفاظ علي الامتيازات التي جعلوها لأنفسهم، وتساعدهم علي تنفيذ خططهم الرامية إلي الاستمرار في تأزيم العلاقات فيما بين المسلمين أنفسهم، حتّي لا يمكنهم التفكير بأي مظهر من مظاهر الوحدة، بل الاتّحاد أيضاً. بل هم يعملون علي تجنيد الفريق الذي يتعامل معهم لمحاربة أي شكل من أشكال الوحدة أو الاتّحاد في جميع أنحاء العالم، والعمل علي أن لا يمرّ ذلك بخيال أيّ إنسان علي الإطلاق. لو يعلم أولئك المخدوعون: هذا، وإنّ ممّا يؤلم حقّاً أن نجد بعض الذين يحكمون المسلمين باسم الإسلام يوادّون من حادّ الله، ويسيرون في ركاب المستعمر الكافر وهم في نفس الوقت ينصبون العداء لإخوانهم المسلمين، ويحاربونهم بكلّ ما أوتوا من قوّة وحول، [ صفحه

13] متذرّعين بحجج واهية وأقاويل خاوية أبرزها: أنّ إخوانهم المسلمين لا يقبلون بوجهة نظرهم في بعض المسائل الفرعيّة، أو في بعض التفصيلات العلميّة في بعض المسائل الاعتقاديّة غير مكلّفين أنفسهم عناء البحث في الحجج التي يستندون إليها، ولا ملتمسين لهم أيّ عذر في ذلك علي الإطلاق. مع أ نّهم يملكون من الحجج القويّة علي ما يذهبون إليه الشيء الكثير. ومع أنّ مسألة الموادّة للمستعمر الكافر تفوق في خطرها علي الإسلام وعلي المسلمين كلّ خلاف مذهبي، حتّي في كثير من الاعتقاديّات فضلا عن خلاف في مسألة فرعيّة، لا خطر لها إطلاقاً بالقياس إلي ذلك الخطر الداهم. حيث إنّها لا تعدو عن أن تكون خلافاً بين المجتهدين في فهم الإسلام، وهم لا يتحرّون إلاّ الحقّ والواقع، ورضا الله سبحانه، ما وجدوا إلي ذلك سبيلا; فإن أخطأوا فلهم أجر، وإن أصابوا فلهم أجران. فلماذا لا يكون التعامل بهذه الروحيّة، وعلي أساس من أخلاقيّات الإسلام السامية بعيداً عن نزوات الأهواء، وفي منأي من تأثيرات العواطف غير المتّزنة ولا المسؤولة، والتي يكون المستفيد الوحيد منها هو العدو المشترك، المتمثّل بقوي الكفر والاستكبار العالمي؟ مبادرات لابدّ من استمرارها: ولقد بذل المخلصون من العلماء والمفكّرين علي مرّ العصور، محاولات كثيرة للتقريب بين المسلمين، وتفاهمهم، وتقريب وجهات النظر فيما بينهم. ونستطيع أن نذكر كمثال علي ذلك في خصوص الآونة الأخيرة مبادرة المرحوم آية الله العظمي السيّد حسين البروجردي _ قدّس الله نفسه الزكيّة _ إلي تأسيس دارالتقريب، ثمّ كذلك فتوي الشيخ شلتوت بصحّة التعبّد بالمذهب الجعفري. ولابدّ من التخصيص [ صفحه 14] بالذكر هنا جهود آية الله العلاّمة الكبير السيّد عبدالحسين شرف الدين الذي ألّف كتابه الهامّ «المراجعات»، وكذلك كتابه القيّم: «الفصول المهمّة

في تأليف الأمّة»، وقد ذكر فيه الكثير الكثير ممّا يساعد علي التقريب والتفاهم بين المسلمين، فضلا عن نبذة هامّة جدّاً من أقوال أشهر أئمّة المذاهب الاعتقادية والفقهية، وجلّة العلماء فيما يتعلّق بالشيعة. أما.. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فقد كانت الوحدة الإسلامية هي الشغل الشاغل لكلّ المسؤولين فيها. ولعلّ أعظم النّاس إصراراً علي هذا الأمر وتأكيداً عليه هو إمام الأمّة، وقائد المستضعفين، آية الله العظمي السيّد الخميني العظيم رضوان الله عليه. وقد بذلت العديد من المحاولات في هذا السبيل. وأعطت نتائج إيجابيّة وطيّبة، رغم المحاولات المستميتة من قبل أعداء الإسلام وأذنابهم في سبيل ضرب كلّ تحرّك في هذا الاتّجاه. وعلي الصعيد الفكري، فإنّ المحاولات كانت كثيرة أيضاً ومتنوّعة، ومنها إقامة العديد من المؤتمرات، وكتابة البحوث الكثيرة وغير ذلك، ولا بأس بالتنويه هنا بعمل جيّد وهامّ بادر إليه بعض الإخوة، حيث قام بجمع الروايات المشتركة لدي أهل السنّة والشيعة علي حدّ سواء، ونظّمها وبوّبها وذكر مصادرها، وينشر ذلك علي شكل مقالات في مجلّة «التوحيد» التي تصدر عن مؤسسة الإعلام الإسلامي في إيران. وهذه المبادرة تظهر بما لا يدع مجالا للشكّ: أنّ أكثر من تسعين بالمئة من الروايات التي عند السنّة والشيعة تشترك فيما بينها، إمّا لفظاً، ومعني، أو معنًي علي الأقلّ. وما أروعها _ لو أنّ العلماء بادروا إلي تشكيل لجان مشتركة لدراسة الموضوعات المتّفق عليها أوّلا، وتمييزها، ثمّ دراسة المسائل الخلافيّة، بروح علميّة نبيلة، تهدف إلي رضا الله سبحانه، وخدمة الإنسان والإنسانيّة! فعسي، ولعلّ، وما ذلك علي الله بعزيز. [ صفحه 15] ولعلّ أهمّ ما يحتاج إليه أمر كهذا، هو الثقة المتبادلة، والروح العلميّة والرياضيّة المرنة، والإحساس بالمسؤولية الشرعيّة والوجدانيّة، والعواطف الإنسانيّة النبيلة. هذا

الكتاب والوحدة الإسلامية: وبعد كلّ ما تقدّم، فإنّ بيان الحقائق وتمحيصها، وتهيئة المبرّرات الموضوعيّة لخلق القناعات الكافية، وتوحيد النظرة والفكر والاعتقاد يعتبر من أعظم المساهمات في تحقيق الوحدة ; لأنّ ذلك من شأنه أن يساهم في إرساء قواعد الحقّ، الذي هو أحد أهمّ عنصرين تقوم عليهما الأخوّة، التي أرادها الله منطلقاً للوحدة الحقيقيّة، وضماناً لاستمراريتها. وهذا الكتاب «التبرّك، تبرّك الصحابة والتابعين، بآثار الأنبياء والصالحين» فريد في بابه، فذّ في موضوعه، ويستطيع أن يساهم بشكل قويّ في قضيّة الوحدة الإسلامية ; لأنّه يتكفّل ببيان الحقّ في مسألة طالما دار الجدل حولها. وهو يعتمد البحث العلمي الموضوعي والنزيه أساساً ومنطلقاً في تقييمه للنصوص التي تدخل في إطار البحث الذي هو بصدده. حيث أخذ علي عاتقه معالجة موضوع التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين بموضوعيّة وتجرّد وهدوء بعيداً عن أيّ تأثّر أو انفعال. وإنّ حجم ما يقدّمه هذا الكتاب من موادّ ومصادر لهذا البحث _ وهو ضخم وهائل جدّاً _ وإن كان ليس هو كلّ ما يمكن تقديمه في هذا المجال، ليعبّر عن مدي ما تحمّله المؤلّف من مشاقّ، وما عاناه من جهد، وما تحلّي به من صبر وأناة في هذا السبيل. فجزاهُ الله أحسن جزاء العالمين العاملين. ونفع الله المسلمين بما كتبه ويكتبه من بحوث وما يقدّمه من خدمات جُلّي للحقّ والخير، وللعلم والفضيلة. وإنّ هذا الكتاب إن دلّ علي شيء فإنّما يدلّ علي إصرار هذه الثلّة من العلماء [ صفحه 16] المخلصين علي تحقيق الوحدة الإسلاميّة الحقيقيّة، وإقامتها علي أسسها الموضوعيّة الصحيحة والقويّة. كما أنّ هذه الكمّية الهائلة من الشواهد والدلائل التي حشدها المؤلّف في هذا الكتاب ; لتدلّ دلالةً واضحةً علي أنّ مسألة التبرّك بآثار الأنبياء والأولياء

والصالحين، تكاد تكون من ضروريّات الإسلام الأوّلية، التي لا مجال لأيّ شك أو شبهة فيها. ولأجل ذلك نجد أنّ معظم المسلمين، يمارس هذا الأمر، ويتبرّك بآثار الأنبياء والصالحين، غير أنّ جماعة صغيرة شذّوا عن هذا الأمر ومنعوا من ذلك. وذلك بفعل الشعارات البرّاقة التي أطلقها بعض علمائهم [11] ومنعتهم من التركيز في البحث، ومن الدقّة في مواقفهم وفي ردود فعلهم تجاه الآخرين. ونحن لا نريد أن نتّهم أحداً ولا أن نسيئ الظنّ بأحد في كونه يريد التقليل من أهمّية وقدسيّة شخصيّة الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله) كما كانت سياسة الأمويّين من قبل، فإن جلّ هؤلاء، إن لم يكن الكلّ ينساق وراء تلك الشعارات بدافع إيمانيّ صادق، ومن منطلق الغيرة علي الدين وأحكامه. وقد أظهر عمر بن الخطاب للملإ أنّ هذا بالذات كان هو المنطلق له حينما قطع الشجرة التي بايع المسلمون النبيّ عندها وكانوا يتبرّكون بها، فلقد قال: إنّه خشي أن تصير تلك الشجرة معبوداً يعبد من دون الله سبحانه. وواضح أنّ ذلك لا يدلّ علي أ نّه يذهب إلي حرمة التبرّك، ولاسيّما أ نّه هو نفسه يتبرّك بتقبيل الحجر الأسود، ويتبرّك بإحضار الإمام الحسن وعبدالله بن عبّاس في الشوري [12] ، ويتبّرك أيضاً بتقبيل رجل النبيّ وتقبيل رجل أبي عبيدة، وغير ذلك كثير عنه، مذكور في ثنايا هذا الكتاب عن جملة كبيرة من المصادر. [ صفحه 17] وحتّي لو فرض أ نّه يدّعي ذلك _ يعني حرمة التبرّك _ فإنّ رأيه هذا لا يمكن أن يقدّم علي سنّة النبي(صلي الله عليه وآله) والتي فعلها وجري عليها العشرات بل المئات من الصحابة والتابعين. تمنّيات مخلصة: وبعد، فإنّنا نأمل من هؤلاء ومن كلّ من يختلفون مع

غيرهم في الرأي: أن يعطوا الفرصة للآخرين; ليقولوا كلمتهم، وأن يسمحوا لأنفسهم بالنظر في تلك الكلمة، وتعقّلها، ومحاكمتها علي أسس علميّة صحيحة، فإن وجدوا فيها ما يجدي وما يقنع أفسحوا لها المجال، وإلاّ فما عليهم إلاّ أن يردّوها بالأسلوب العلمي الهادئ والنزيه. ونأمل كذلك أن لا يتبعوا أُسلوب فرض الرأي بالقوّة والقهر، فإن من أبسط نتائج ذلك هو أن يؤدّي إلي التشبّث الأعمي فيما يراد الردع عنه، ولا يبقي مجال للمناقشة والحوار، فضلا عن أنّ ذلك يوجب ردود فعل عنيفة وغير مسؤولة وعن تشنّجات عاطفيّة لا مبرّر لإثارتها. مع أنّ اللازم، علي أولئك الذين ينصبون أنفسهم حكّاماً علي آراء الآخرين ومعتقداتهم هو أن يفسحوا المجال لمحاكمة آرائهم ومعتقداتهم أنفسهم، وتقييمها علي أسس علميّة موضوعيّة وسليمة. ويتأكّد ذلك إذا كانت تلك الآراء والأفكار والمعتقدات موضوعة في قفص الاتّهام منذ نشأتها، ويُشكّ كثيراً في صحّتها وسلامتها. وأمّا أن يتبعوا أسلوب العربدة والتهويش، ثمّ الترديد للشعارات نفسها، مع عدم أخذ الردود العلميّة القويّة الكثيرة بنظر الاعتبار، فذلك يكون أوّل دليل علي عجزهم وإفلاسهم علي الصعيد العلمي، وعدم قدرتهم علي مواجهة المنطق [ صفحه 18] بالمنطق، والحجّة بالحجّة والبرهان بالبرهان. فإنّه إذا كانت تلك الردود العلميّة صحيحة، فلماذا العود لتكرار كلام ثبت عدم صحّته منذ مئات السنين؟! وإن كانت باطلة، فلماذا لا يبيّن بطلانها للملإ بالأسلوب العلمي المقنع والهادئ والرصين، لا بأساليب الشتم والسباب، والاتّهام الباطل والزائف؟! وإنّنا لعلي يقين من أ نّه إذا استطاع الأسلوب العلمي أن يفرض نفسه ويهيمن علي جميع المواقف، وما ينشأ عنها من ردود فعل. فلسوف يكون من أبسط نتائجه هو أن لا يسمع من هؤلاء نفس الكلام ونفس الشعارات التي لا يزالون يردّدونها

منذ مئات السنين، والتي أقام العلماء البراهين العلميّة الكثيرة علي زيفها وعدم صحّتها، وعدم انسجامها مع الإسلام والقرآن، وعلي منافرتها لأحكام العقل والوجدان. وفّقنا الله سبحانه للسير علي هدي الإسلام والقرآن، وأعاننا علي أنفسنا، وهدانا إلي صراطه القويم، إنّه وليّ قدير، وبالإجابة حريّ وجدير. 23 / جمادي الأولي / 1404ه_. ق. جعفر مرتضي العاملي _ نزيل قم المقدّسة [ صفحه 19]

مقدمة الطبعة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيّين وآله الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً; ولا سيّما وليّ الله الأعظم وبقيّة الله في الأرض صاحب الزمان، عجّل الله تعالي فرجه وسهّل مخرجه وجعلنا من شيعته وأعوانه. واللّعن علي أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين إلي قيام يوم الدين. وبعد: فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب «التبرّك» تبرّك الصحابة والتابعين بآثار النبي(صلي الله عليه وآله)والصالحين، نقدّمها إلي القرّاء الكرام بعد أن نفدت نسخ الطبعة الأولي أو كادت. وإنّنا إذ نسأل الله تعالي أن ينفع به المسلمين ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، نتمنّي من القرّاء الكرام والعلماء الأعلام والمحقّقين الباحثين أن يتحفونا بملاحظاتهم وآرائهم حول هذا الكتاب نصيحةً للمؤمن وحرصاً علي إحياء الحقّ. كما أنّنا نودّ أن نشير هنا إلي أنّنا وإن كنّا قد ذكرنا في هذا الكتاب مقداراً هائلا [ صفحه 20] من النصوص الدالّة علي هذا الموضوع، إلاّ أنّنا نلاحظ أنّ ما لم نذكره من النصوص والمصادر التي تدلّ علي ذلك، أو ترتبط به وتشير إليه... هو أيضاً مقدار كثير وهائل جدّاً... حتّي لقد استقرّ في أنفسنا أنّ الإحاطة بكلّ ما يرتبط بذلك، لأمر تضيق عنه القدرة، بل وتعجز عنه العصبة أولو القوّة من المحقّقين والباحثين.

بل ويمكن القول بملاحظة ذلك: إنّ التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين ليعتبر من الأمور التي ربّي الإسلام به أمّته وبني الإسلام عليه بنيانه، حتّي أصبحت جزءاً من واقعهم وأصلا من اُصول حياتهم، وأصبح لديهم في عداد الضروريّات التي لا مجال للشكّ ولا يمكن الترديد فيها. ولأجل ذلك... فإنّنا إذ نطلب من أولئك الذين يمانعون في ممارسة هذا الأمر ويعتبرونه شركاً وكفراً أن يكفّوا عن إهانة المسلمين، وعن محاولاتهم وإجبارهم علي أمر يرونه خلاف الشرع والدين، وأن يخضعوا لما ثبت في السنّة من عمل النبيّ(صلي الله عليه وآله) والصحابة ( وإن أسلموا فقد اهتدوا). إنّنا إذ نطلب منهم ذلك، فإنّنا نطالبهم بأن يعيدوا النظر في هذا الأمر، ويقوموا بدارسته من جديد بعقليّة منفتحة وبوجدان حيّ، بعيداً عن مزالق الهوي ودواهي التعصّب البغيض المقيت، وبعيداً أيضاً عن الجوّ الانفعالي الذي تساهم في إيجاده بعض الشعارات البرّاقة التي لم تمحص ولم تدرس، أو لم يمكنهم فهمها فهماً علميّاً صحيحاً. ويكفي أن نذكّر هؤلاء هنا أنّنا لم نستطع أن نجد التفسير الصحيح والواضح لظاهر مقاومتهم الشديدة لهذا الأمر، وحرصهم الظاهر علي منع المسلمين من التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين، وهو الأمر الذي يدعمه هذا القدر الهائل من النصوص التي يتعذّر جمعها والإحاطة بها علي الثلّة من العلماء والباحثين في زمان طويل. [ صفحه 21] مع أنّنا نجدهم في نفس الوقت يتشبّثون بالطحلب [13] لعقائدهم الخطيرة الّتي تخالف العقل والقرآن والإسلام، كعقيدة التجسّم لله سبحانه، وعقيدة الموالاة للحاكم الجابر، بل والولاية للمستعمر الكافر أيضاً، وغير ذلك. ومن الطريف في الأمر هنا، أنّنا نجدهم يعتبرون التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين أمراً منافراً للتوحيد ومبايناً له، وأ نّه كفر وشرك وعبادة لغير الله، مع أنّهم

نسوا أو تناسوا أو لم يفهموا معني التوحيد علي حقيقته; فإنّ المراد منه هو أن يكون كلّ شيء لله ومن أجله وفي سبيله. فإذا كان التبرّك برسول الله(صلي الله عليه وآله) ووليّه لأجله وعلي طريق الوصول إليه، فإنّه ليس فقط لاينافي التوحيد، وإنّما يؤكّده ويزيده عمقاً وأصالةً وكمالا. وقد سمعنا من بعض الفضلاء في بحثه مع بعض هؤلاء قد استدلّ علي جواز التبرّك وردّ قول الخصم بأنّ قبر النبيّ(صلي الله عليه وآله) لا يضرّ ولا ينفع، استدلّ عليه بقوله تعالي بالنسبة لقميص يوسف: (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَي وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) [14] ، وقال له: قميص يوسف يضرّ وينفع وقبر النبي(صلي الله عليه وآله) لا يضرّ ولا ينفع؟!! فلم يحر جواباً. وعلي كلّ حال، فإنّنا نعود ونكرّر القول والدعوة لهؤلاء: أن يراجعوا أنفسهم وكتبهم، وأن يكفّوا عن مضايقتهم للمسلمين وإهانتهم لهم ومخالفتهم لله ولرسوله وللصحابة الكرام وجميع علماء الإسلام إلاّ شرذمة قليلة، وأن ينتهوا عن متابعتهم لمروان ومن يحذو حذوه من الأمويّين; فإنّ في ذلك الخير لهم والسلامة في الدنيا وفي الآخرة; وذلك لأنّ خلاف النصوص القطعيّة وإجماع الصحابة وعلماء الإسلام لا يخفي غيّه، ولأنّ حرمة المؤمن عند الله عظيمة بل ولا أعظم منها. [ صفحه 22] هذا كلّه، عدا أنّ ذلك سوف يساهم _ ولا شكّ _ في وحدة المسلمين وتآلّفهم أو تقريب قلوبهم وجعلهم يداً واحدة علي من سواهم من أعدائهم الذين يتربّصون بهم الدوائر ويبغون لهم العوائل كما قال الله تعالي: (...لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ...) [15] . وفّقنا الله للسير علي هدي القرآن والإسلام، والله وليّنا وهو الهادي إلي سواء

السبيل. 13 محرّم الحرام 1405 علي الأحمدي الميانجي [ صفحه 23]

مقدمة الطبعة الأولي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله علي ما أنعم، وله الشكر علي ما ألهم، والصلاة والسلام علي خير خلقه وأشرف بريّته سيّد المرسلين وخاتم النبيّين محمّد وآله الطيّبين الطاهرين واللّعن علي أعدائهم أجمعين إلي يوم الدين. وبعد: فقد ابتلي المسلمون، منذ فقدوا نبيّهم محمّداً(صلي الله عليه وآله)، بافتراق وخلاف، وتحزّب وتشتّت، خلافاً لما أكّده الكتاب والسنّة من الاعتصام بحبل الدين، وحفظ وحدة الإسلام وكيان المسلمين. إذ به عزّهم وشوكتهم وقوّتهم وصولتهم. فاختلفوا وكان ذلك سبب ذلّهم وذهاب عزّهم وانهدام مجدهم. فصاروا عبيداً لأعدائهم، وخربوا بأيديهم وبأيدي أعدائهم دورهم وديارهم. ومن المؤسف أ نّه كلمّا مرّ عليهم الزمان وقرعتهم سياط العذاب والحدثان وأحاط بهم البلاء وشملهم الذّل والعناء، وفقدوا كلّ نعمة من عزّ ومنعة وهيبة وقدرة، يزداد ابتعادهم عن بعضهم البعض بدل التعاون والتعاطف، ويتفاقم تشتّتهم بدل الوحدة والتعاضد، ويقع بأسهم بينهم رغم اجتهاد المصلحين ونصيحة أولي الألباب المنذرين، وهذا والله البوار والسقوط، وهذا هو ضرب الذلّ عليهم من الله المنتقم جزاءً لأعمالهم القبيحة وعصيانهم وطغيانهم. [ صفحه 24] ومن المؤسف بل وممّا يزيد ألماً وأسفاً أيضاً أنّهم يجعلون الخلاف في المسائل الفرعيّة في مستوي الخلاف في المسائل الأصوليّة، فيكفّرون من أجلها بعضهم بعضاً وتلعن أمّة أختها، ويتبرّأ جيل من جيل، والأمر كذلك يجري ما جري الليل والنهار ما دام الحكم للأهواء والاتّباع للعصبيّة العمياء من دون أيّ خضوع للحقّ وتسليم النفس، والأمر لله سبحانه. وممّا يوجب الهمّ والأسي أنّ الخلاف قد يقع في أمور لا أصل لها بل كلّها بهتان وفرية واختلاق وكذب، فيبهت بعضهم بعضاً، ويفتري بعض علي بعض، فمن أجل هذه

الكذبة وتلك الفرية، يلعنون ويكفّرون دون أن يحملوا فعل أخيهم علي الصحة أو يتثبّتوا ويتفحّصوا حتّي يتبيّنوا وينجلي لهم الحقّ ويتّضح لهم الواقع. وذلك هو ما نقرؤه في الكتب المؤلّفة والمقالات والمنشورات والمجلاّت الدينيّة من الفرق المختلفة، فنجد فيها كلّ فرية وبهتان والعزو الباطل والاختلاق المحض يرمي بها بعضهم بعضاً إطفاءً لنار هواه وتشفّياً لغيظه وحنقه وبغضه، وذلك بدلا عن الالتزام بقوله تعالي: ( أَشِدَّاءُ عَلَي الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [16] . ومن غريب ما شاهدناه في الحرمين الشريفين _ مكّة المكرّمة والمدينة الطيّبة _ أنّ كلّ فرقة تنظر إلي الأخري بعين تحقير وتذليل وشزر وتضليل ولا سيّما إلي الشيعة الإماميّة الاثني عشرية أتباع أهل البيت (عليهم السلام) فإنّهم لا يسلمون من الأذي والتحقير والشتم والبهت والتكفير. ومن المسائل الفرعيّة التي كانت مثاراً للحوار والجدل والخصام مسألة التبرّك بآثار الرسول الأقدس(صلي الله عليه وآله) مثل منبره وقبره ومشاهده، وكذا التبرّك بمشاهد الصلحاء، والصلاة والدعاء فيها، وتقبيل القبور والأعتاب، ولمس الضرائح والأبواب، حيث إنّ فرقة قليلة شذّت عن المسلمين، وشرذمة ضلّت عن نهج [ صفحه 25] الدين، فأضلّت الكثيرين من المسلمين، وتبعهم جمع من الكتّاب والمؤلّفين، فكفّروا المسلمين، وضلّلوهم، وقذفوهم بالشنايع، ورموهم بالقبائح، وبهّتوهم إلي ما لا حدّ له. وخصّوا من بين المسلمين الشيعة الإماميّة، فقذفوهم بكلّ بهتان، وافتروا عليهم قبائح وخرافات لا أصل لها، حتّي صار الآن شعاراً سياسيّاً لهم، بعيداً عن أيّ رأي دينيّ أو مذهبيّ، مع أنّ علماء الإسلام المحقّقين كتبوا في ذلك كتباً كثيرة وأوضحوا جوازه وبرهنوا عليه بالكتاب والسنّة المتواترة، وأتعبوا أنفسهم في بيان الحقّ وإيضاح المطلب، إن كان هناك آذان تسمع، أو قلوب تعقل وتخضع. وقد رأيت كتاباً ألّفه بعض علماء

الحرم الشريف (مكّة المشرّفة زادها الله شرفاً) وأسماه «تبرّك الصحابة بآثار الرسول»(صلي الله عليه وآله) فنهج فيه نهجاً بديعاً حيث أورد فيه عمل الصحابة _ رضي الله عنهم _ وعمل الرسول(صلي الله عليه وآله) أو تقريره لهم، وأوضح كون التبرّك أمراً مسلّماً عندهم لا شكّ فيه ولا ريب، فجري ذكر الكتاب مع بعض الأصدقاء المحقّقين والفضلاء المدقّقين حفظه الله تعالي للإسلام والمسلمين، فرغّبني وشوّقني وحثّني علي تأليف كتاب يشتمل علي تبرّك الصحابة والتابعين _ رضي الله عنهم _ بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)، في حياته، وبعد موته، والاستشفاء والاستشفاع به وبآثاره(صلي الله عليه وآله)، بل بآله وذويه، وسائر الصلحاء والعلماء من المسلمين، وجامع لأوامر النبيّ(صلي الله عليه وآله) وتقريراته وحثّه وترغيبه في ذلك. وغرضه هو جمع أخبار وأحاديث تزيد علي ما جمعه هذا المؤلّف مع تحقيق وتتبّع أدقّ وأكثر. فامتثلت أمره وأجبت سؤله، فسبرت كتب الحديث والتاريخ والتراجم، فاجتمع عندي بحمد الله سبحانه وتعالي من الأحاديث والأخبار والمصادر والآثار الشيء الكثير، فجاءت بهذه الصورة وأهديها إلي القرّاء الكرام وطلاّب الحقيقة [ صفحه 26] أداءً لواجب الخدمة والنصيحة للإسلام والمسلمين، وإرشاداً إلي الحقّ المبين، وهدايةً إلي الصراط المستقيم. وأرجو من الله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، ونافعاً حافظاً لوحدة المسلمين ولو في فرع من فروع الدين، وهو من نعم الله سبحانه عليّ، وكم من نعماء له عليّ لا أحصيها، وآلاء لا أقدر علي شكرها! وقد اتّضح لي بعد جمع هذه الأحاديث كون جواز التبرّك بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)عند الصحابة _ رضي الله عنهم _ من أوضح الواضحات، وأبده البديهيّات، وأنّ كثيراً منه قد وقع بأمر النبيّ(صلي الله عليه وآله)، وتضافر ذلك وتواتره يمنع من

ردّ وإنكار، ولا مساغ لأيّ مسلم إلاّ قبوله والتعبّد به. وأسأل الله سبحانه أن ينفع به إخواني المسلمين، ويفتح قلوبهم لعرفان الحقّ وقبول الصدق، ويجمع به كلمتهم ويشدّ به عضدهم. ويتبع الكتاب ما جمعناه من الأحاديث في التوسّل والاستشفاع والاستشفاء بالنبيّ(صلي الله عليه وآله)، وكذا تقبيل الضرائح والأعتاب، وإن كنّا تعرّضنا لأبحاث التوسّل والاستشفاع والاستشفاء في هذه الوجيزة بمقدار يكفي للمتدبّر المنصف إن شاء الله تعالي. وفي الختام أهدي شكري المتواصل، وثنائي العاطر إلي صديقي العالم الفاضل العلاّمة المتتبّع الحجّة السيّد جعفر مرتضي العاملي اللبناني علي ما عاناه في سبيل تأليف هذا الكتاب من ترغيب وتشويق وتصحيح وتنظيم وتهيئة مصادر ومطالب. فجزاه الله سبحانه عن الإسلام وأهله خير الجزاء ومتّع الله المسلمين ببقائه إن شاء الله تعالي. مساء 14 شعبان المعظّم 1398ه_. علي الأحمدي [ صفحه 27] تبرّك الصحابة والتابعين بآثار النبيّ صلّي الله عليه وآله والصالحين، هل هو شرك في الدين أو دليل إيمان ويقين؟... [ صفحه 31]

تبرك الصحابة بآثار الرسول

تبركهم في تحنيك الأطفال

التأمّل التامّ في عمل الصحابة _ رضي الله عنهم _ يمثّل لنا عقيدتهم في النبي(صلي الله عليه وآله)وفي آثاره، كما أنّ كتب التاريخ والسيرة والحديث تمثّل لنا كيف كانوا يعاشرون الرسول(صلي الله عليه وآله) ويقدّسونه ويتبركون به في كلّ شؤونه، إذ من المسلّم المقطوع به من أفعال الصحابة الكاشفة عن عقيدتهم في الرسول ; أنّ كلّ مولود يولد لهم _ منذ قدومه(صلي الله عليه وآله) المدينة الطيّبة _ كانوا يأتون به إليه فيحنّكه ويمسح رأسه ويتفل في فيه ويبرّك عليه، يرون أ نّه بذلك قد أصبح مباركاً، وكانوايتباهون بذلك ويفتخرون به. هذا ابن حجر في الإصابة 1: 5، يحكم بأنّ كلّ مولود ولد في حياته(صلي

الله عليه وآله)رآه; وذلك لتوفر دواعي إحضار الأنصار أولادهم عند النبيّ(صلي الله عليه وآله) للتحنيك والتبرّك، ونقل ذلك جمّ غفير من أعلام السنّة والحديث والتاريخ، بل قيل: إ نّه لما افتتح مكّة جعل أهل مكّة يأتون إليه (يأتونه _ الاستيعاب والإصابة) بصبيانهم يمسح علي رؤوسهم ويدعو لهم بالبركة [17] . [ صفحه 32] وقال العلاّمة المحقّق محمّد طاهر بن عبدالقادر: «ولا شكّ أنّ آثار رسول الله(صلي الله عليه وآله) صفوة خلق الله وأفضل النبيّين، أثبت وجوداً وأشهر ذكراً وأظهر بركةً فهي أولي بذلك _ يعني التبرك _ وأحري، وقد شهدها الجمّ الغفير من أصحابه وأجمعوا علي التبرّك بها، والاهتمام بجمعها، وهم الهداة المهديون والقدوة الصالحون، فتبرّكوا بشعراته وبفضل وضوئه وبعرقه وبثيابه وآنيته وبمسّ جسده الشريف، وبغير ذلك ممّا عرف من آثاره الشريفة التي صحّت به الأخبار عن الأخيار. فلا جرم كان التبرّك بها سنّة الصحابة _ رضي الله عنهم _ واقتفي آثارهم في ذلك من نهج نهجهم من التابعين والصالحين. وقد وقع التبرك ببعض آثاره(صلي الله عليه وآله) في عهده وأقرّه ولم ينكر عليه، فدلّ ذلك دلالة قاطعة علي مشروعيته، ولو لم يكن مشروعاً لنهي عنه وحذّر منه. وكما تدلّ الأخبار الصحيحة وإجماع الصحابة علي مشروعيته تدلّ علي قوّة إيمان الصحابة وشدّة محبّتهم وموالاتهم ومتابعتهم للرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله) علي حدّ قول الشاعر: أمرّ علي الدّيار ديار ليلي++ أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا وما حبّ الديار شغفن قلبي++ ولكن حبّ من سكن الديارا [18] . ولنعم ما قال هذا العالم المحقّق. ولكن التبرّك وقع بجميع آثاره _ كما يأتي _ لا بعضها، وأقرّهم(صلي الله عليه وآله) علي ذلك بل أمرهم ورغّبهم به وحثّهم عليه،

واستمرّ عمل الصحابة عليه علي وفق ما يعتقدون ويرون. وما ورد في تحنيك أولادهم _ كما أشار إليه ابن حجر _ أكبر شاهد علي عمل [ صفحه 33] الصحابة وعمله(صلي الله عليه وآله) وإقراره إيّاهم عليه. فهاك نصوص العلماء وألفاظ الأحاديث: 1 _ قال ابن حجر في ترجمة عتيك بن بلال الأنصاري: «فله علي أقل الأحوال رؤية لتوفّر دواعي الأنصار علي إحضار أولادهم حين يولدون إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله)فيحنّكهم ويدعو لهم» [19] . 2 _ وقال: فيمن ذكر في الصحابة من الأطفال الذين ولدوا في عهد النبي(صلي الله عليه وآله)لبعض الصحابة من النساء والرجال ممّن مات(صلي الله عليه وآله) وهو في دون سنّ التمييز، إذ ذكر أولئك في الصحابة إنّما هو علي سبيل الإلحاق لغلبة الظنّ علي أ نّه(صلي الله عليه وآله) رآهم لتوفّر دواعي أصحابه علي إحضارهم أولادهم عنده عند ولادتهم; ليحنّكهم ويسمّيهم ويبرّك عليهم، والأخبار بذلك كثيرة شهيرة [20] . 3 _ عن عائشة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كان يؤتي بالصبيان فيبرّك عليهم [21] . 4 _ وعن عبدالرحمن بن عوف قال: ما كان يولد لأحد مولود إلاّ أتي به النبيّ(صلي الله عليه وآله) فدعا له. الحديث [22] . 5 _ وعن محمّد بن عبدالرحمن مولي أبي طلحة عن ظئر محمّد بن طلحة قال: لما ولد محمّد بن طلحة أتيت به النبي(صلي الله عليه وآله) ليحنّكه ويدعو له، وكذلك كان يفعل بالصبيان [23] . 6 _ عن عائشة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) أتي بصبي ليحنّكه فأجلسه في حجره فبال [ صفحه 34] عليه. الحديث [24] . 7 _ وعنها قالت: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يؤتي بالصبيان فيحنّكهم ويبرّك

عليهم. الحديث [25] . 8 _ وعنها: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يؤتي بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنّكهم [26] . 9 _ وعنها قالت: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة _ زاد يوسف _ ويحنّكهم ولم يذكر بالبركة [27] . 10 _ كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يدعو يوم عاشوراء بالرضعاء فيتفل في أفواههم ويقول للأمّهات: لا ترضعهنّ إلي الليل [28] . 11 _ كان(صلي الله عليه وآله) يتفل في أفواه الصبيان المراضع فيجزيهم ريقه إلي الليل [29] . 12 _ عن عائشة قالت: كان النبي(صلي الله عليه وآله) يؤتي بالصبيان فيدعو لهم [30] . 13 _ وعن هشام بن عروة: أتي النبي(صلي الله عليه وآله) بصبيّ يحنكه _ وفي قصّته _ أ نّه بال علي ثوبه [31] . 14 _ في رواية أم قيس «أنّها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأجلسه في حجره: فبال علي ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله [32] . [ صفحه 35] قال ابن حجر في شرحه: وفي هذا الحديث من الفوائد: الندب إلي حسن المعاشرة والتواضع والرفق بالصغار، وتحنيك المولود، والتبرك بأهل الفضل وحمل الأطفال إليهم حال الولادة وبعدها. وروي في هذا الباب مثلها عن عائشة أمّ المؤمنين. هذه النصوص المتضافرة تدلّ علي سيرة الصحابة المستمرّة منذ نزول النبيّ(صلي الله عليه وآله)بالمدينة المشرفة في تحنيك أولادهم بإتيانهم بالمولود إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله)ليحنكه ويبرّك عليه ويدعو له. والظاهر أنّ ذلك كان في الأنصار أكثر، واعتقادهم به أعمق وأعرق كما صرّح به ابن حجر، وإن أطلق الكلام في رواية عائشة وعبدالرحمن بن عوف وغيرهما، وإنّ

ذلك كان في المدينة غالباً واقتفي أثرهم أهل مكّة بعد الفتح، فكانوا يأتون بأطفالهم إليه(صلي الله عليه وآله) فيمسح رؤوسهم ويبرّك عليهم. ويستفاد منها أيضاً: أ نّه(صلي الله عليه وآله) كان يتفل في أفواه الصبيان الرّضع في يوم عاشوراء أو مطلقاً وذلك أيضاً نحو آخر من التبرّك. هذا عمل الصحابة. وأمّا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فكان يقرهم عليه ولا ينكر عليهم ذلك ويعمل به، فلو كان التبرّك شركاً لما جرت عليه سيرة الصحابة الذين هم دعاة الدين ورعاته، ولما أقرّهم عليه الرسول العظيم(صلي الله عليه وآله) وبعد هذا فلا يبقي ريب لأيّ متدبّر منصف في ذلك، بل يدرك المتأمّل أنّ ذلك كان من شؤون الإيمان وعلائمه ومظاهر اليقين ومناهجه. فلنذكر هنا أسماء جمع من الذين حنّكهم النبيّ(صلي الله عليه وآله) في ضمن النصوص الّتي ذكرها علماء الرجال والتاريخ والسيرة والحديث، تتميماً للفائدة وتحصيلا لليقين الكامل. [ صفحه 36]

من حنكهم النبي أو تفل في أفواههم أو مسح رؤوسهم

1 _ منهم عبدالله بن الزبير وهو كما يقولون أوّل مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة، فجاءت به أمّه أسماء بنت أبي بكر إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) أو جاءت به عائشة أمّ المؤمنين فوضعته في حجره، ثمّ دعا بتمرة فمضغها فتفل في فيه فكان أوّل ما دخل في جوفه ريق رسول الله(صلي الله عليه وآله) قالت: ثمّ حنكه بتمرة ثمّ دعا له وبرّك عليه [33] . 2 _ ومنهم عبدالله بن أبي طلحة الأنصاري، فإنّه لمّا ولد حنكه رسول الله(صلي الله عليه وآله)بالتمر، روي عن أنس بن مالك قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري حين ولد ورسول الله(صلي الله عليه وآله) في عباءة يهنأ بعيراً له فقال: «هل معكم تمر؟»

فقلت: نعم فناولته تمرات فألقاهنّ في فيه فلاكهنّ، ثمّ فغر فاهَ الصبيّ فمجّه في فيه فجعل الصبيّ يتلمّظه فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): «حبّ الأنصار التمر» وسمّ_اه عبدالله [34] . 3 _ ومنهم إبراهيم بن أبي موسي الأشعري، لما ولد أتا به أبوه إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فسمّ_اه إبراهيم وحنّكه بتمرة، وكان أكبر ولده [35] . 4 _ ومنهم المنذر بن أبي أسيد الساعدي _ أسيد بالتصغير اسمه مالك بن ربيعة _ فعن سهل بن سعد قال: أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين [ صفحه 37] ولد، فوضعه النبيّ(صلي الله عليه وآله) علي فخذه وأبوأسيد جالس، فلهي النبيّ(صلي الله عليه وآله) بشيء بين يديه، فأمر أبوأسيد بابنه فاحتمل من علي فخذ الرسول(صلي الله عليه وآله) فأقلبوه فاستفاق رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: أين الصبيّ؟ فقال أبوأسيد: أقلبناه يا رسول الله، فقال: ما اسمه؟ قال: فلان يا رسول الله، قال: لا ولكن اسمه المنذر فسمّ_اه يومئذ المنذر [36] . 5 _ ومنهم عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب، وُلد والنبيّ(صلي الله عليه وآله) وأهل بيته بالشعب من مكّة، فأتي به النبيّ(صلي الله عليه وآله) فحنّكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين [37] . وفي الإصابة 2: 330 _ 331، عن ابن عمر أ نّه كان يقرّب ابن عبّاس ويقول: إنّي رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) دعاك فمسح رأسك وتفل في فيك. الحديث (نقله عن البغوي) وعن ابن عبّاس: دعا لي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فمسح علي ناصيتي وقال: اللّهمّ علّمه الحكمة. الحديث. وعن عكرمة قال: _ في حديث _ فدعاه (يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله)

دعا ابن عبّاس) فأجلسه في حجره ومسح رأسه ودعا له بالعلم. ويحتمل أن يكون كلّ ذلك وقع في مقامات مختلفة، وليست قصّة واحدة حتّي يتراءي فيه الخلاف والتنافي [38] . 6 _ ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: فعن الزمخشري أنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) تولّي تسميته بعليّ، وتغذيته أيّاماً من ريقه المبارك بمصّه لسانه. فعن فاطمة بنت أسد أم عليّ رضي الله عنهما أنّها قالت: لما ولدته سمّ_اه [ صفحه 38] عليّاً وبصق في فيه، ثمّ إ نّه ألقمه لسانه فما زال يمصّه حتّي نام، فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمّداً(صلي الله عليه وآله) فألقمه لسانه فنام. الحديث [39] . 7 _ ومنهم عبدالله بن طلحة ذكره في الصارم المنكي: 139 ولكن الظاهر اتّحاده مع عبدالله بن أبي طلحة لكن سقط منه كلمة: «أبي». 8 _ ومنهم محمّد بن طلحة بن عبيدالله، أخرج ابن شاهين في كتاب الصحابة في ترجمة محمّد بن طلحة عن ظئر محمّد قال: لما ولد محمّد بن طلحة أتيت به النبيّ(صلي الله عليه وآله)ليحنكه ويدعو له، وكذلك كان يفعل بالصبيان [40] . 9 _ ومنهم أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري أبي أمامة، ولد قبل وفاة النبيّ(صلي الله عليه وآله) بعامين وأتي به النبيّ(صلي الله عليه وآله) فحنّكه وسمّ_اه باسم جدّه لأمّه [41] . وعن أبي داود كما في أسد الغابة أ نّه صحب النبيّ(صلي الله عليه وآله) وبايعه وحنكه وبارك عليه وبيعته له وهو طفل، كما نقل في ترجمة بعض الصحابة أيضاً تكريم وتبرّك آخر. 10 _ ومنهم عبدالله بن عامر بن كريز القرشي ابن خال عثمان،

ولد علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأتي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو صغير، وجعل يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبدالله يتسوّغ ريق رسول الله(صلي الله عليه وآله) [42] . 11 _ ومنهم حشرج غير منسوب، أخذه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ووضعه في حجره [ صفحه 39] ومسح رأسه ودعا له [43] . 12 _ ومنهم سنان بن سلمة الهذلي، حنّكه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وتفل في فيه ودعا له وسمّ_اه [44] . 13 _ ومنهم سعد بن أبي الغادية المزني، فقد النبي(صلي الله عليه وآله) أباالغادية في الصلاة فأقبل فقال: ما خلفك؟ فقال: وُلد لي مولود، قال: هل سمّيته؟ قال: لا، قال: فجئني به، فمسح رأسه بيده وسمّ_اه سعداً [45] . 14 _ ومنهم عبدالله بن ثعلبة بن صيعر _ ويقال له ابن أبي صيعر _ العذري، قيل: إنّه وُلد بعد الهجرة بأربع سنين، وقيل: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) توفّي وهو ابن أربع سنين، وقيل: وُلد سنة سبع، وإنّه اُتي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) فمسح علي وجهه ورأسه زمن الفتح [46] . 15 _ ومنهم عبدالله بن الحارث بن عمرو العدوي، ولد علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وآله)وحنّكه [47] . 16 _ ومنهم عبدالله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، وُلد قبل وفاة النبيّ(صلي الله عليه وآله)بسنتين، وأتي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) فحنّكه ودعا له [48] . 17 _ ومنهم عبدالرحمن بن زيد بن الخطّاب العدوي وهو ابن أخي عمر بن [ صفحه 40] الخطاب، أتي به أبولبابة إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله)، فقال له: ما هذا منك يا أبا لبابة؟ قال: ابن بنتي

يا رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قال: ما رأيتُ مولوداً أصغر منه، فحنّكه رسول الله(صلي الله عليه وآله)ومسح رأسه ودعا له بالبركة... فلمّا توفّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان عمره ستّ سنين [49] . 18 _ ومنهم محمّد بن ثابت بن قيس، وُلد علي عهد الرسول(صلي الله عليه وآله) فأتي به إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فسمّ_اه محمّداً وحنّكه بتمرة، وقتل يوم الحرّة [50] . 19 _ ومنهم محمّد بن أنس بن فضالة الظفري الأنصاري، قال: قَدم النبيّ(صلي الله عليه وآله)المدينة وأنا ابن اسبوعين فأتي أبي(بي) إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح علي رأسي... قال يونس: فلقد عمّر أبي حتّي شاب شعره كلّه، وما شاب موضع يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [51] . 20 _ ومنهم محمّد بن نبيط بن جابر، ذكره ابن شاهين في الصحابة عن أبي داود عن ابن القدّاح وقال: حنّكه النبيّ(صلي الله عليه وآله) وسمّ_اه محمّداً [52] . 21 _ ومنهم يحيي بن خلاد الزرقي، روَي عن عليّ بن يحيي بن خلاد عن أبيه عن جدّه أ نّه كان اُتِيَ به النبيّ(صلي الله عليه وآله) يوم وُلد فحنكه بتمرة [53] . 22 _ ومنهم النعمان بن بشير، أمّه عمرة بنت رواحة أخت عبدالله بن رواحة، لما ولدت النعمان بن بشير حملته إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فدعا بتمرة فمضغها ثمّ ألقاها في فيه فحنّكه بها. الحديث [54] . 23 _ ومنهم الإمام السبط الأكبر الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام) روي عن [ صفحه 41] سوادة، قالت: كنت فيمن شهد فاطمة حين ضربها المخاض... قالت: فوضعت ابناً فسررته ووضعته في خرقة صفراء، فقال: إيتيني به فلففته في

خرقة بيضاء، فتفل في فيه وسقاه من ريقه... [55] . 24 _ ومنهم الإمام السّبط الأصغر الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهما السلام) حنّكه رسول الله(صلي الله عليه وآله) بريقه، وأذّن في أذنه، وتفل في فمه [56] .

نظرة في الأحاديث

يستفاد من الروايات المتقدّمة مضافاً إلي أنّ التبرّك كان سيرة مستمرّة منذ البعثة في مكّة ثمّ في المدينة ; أنّ الصحابة كانوا يفتخرون بذلك، وينقلونه مباهين به، كما أنّ العلماء قد أدرجوه في كتبهم علي أ نّه من مناقب هؤلاء وفضائلهم، وإيذاناً بأنّ أبويه كانا بهذه المكانة من الإيمان واليقين، وأنّ النبيّ كان بهم رؤوفاً عطوفاً، فكان يبرّك عليهم ويحنّكهم، وأنّ هؤلاء تشرّفوا بذلك وتبرّكوا به وصاروا مبارَكين. ويستفاد أيضاً: أنّ التبرّك كان تارةً يتحقّق بتحنيكه فقط، بجعله(صلي الله عليه وآله) التمر في فم الصبي، أو به وبلوك النبيّ(صلي الله عليه وآله) له في فمه المبارك، وخلطه مع ريقه المبارك، ثمّ حنّكه، [ صفحه 42] أو بتحنيكه بريقه المبارك من دون تمر، أو بمسحه(صلي الله عليه وآله) رأس الصبي ووجهه وناصيته أو ببصاقه(صلي الله عليه وآله) في فمه، أو بمصّ الصبيّ لسانه المبارك بتلقيمه(صلي الله عليه وآله) لسانه له، أو بتفله في فيه أو بدعائه(صلي الله عليه وآله) له وتسميته، أو بالتأذين في أذنه، وكلّ ذلك تبريك وتشريف. وإذا كنّا نري أنّ بعض من برّك عليهم الرسول(صلي الله عليه وآله) لا أثر لهذا التبريك فيه، بل نعرف منه ما يخالفه جدّاً فلا مناص إلاّ أن يقال: إنّ القصّة ليست بصحيحة، أو أنّ التبريك قد أثّر بمقدار ما في الطفل من الاستعداد، كالمطر في الأرض القابلة والسبخة، أو أ نّه لو لم يكن هذا التبريك لكان هذا

الشخص أشقي وأسوأ حالا من الحال التي صار إليها بعد التبريك، أو أنّ التبرّك من أبوي الطفل لم يكن حقيقيّاً، بل كان تظاهراً ورياءً فقط أو.... وعلي كلّ حال، فقد كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) مباركاً أينما كان وكيف كان، جعله الحقّ سبحانه آية ورحمة للعالمين بكلّ وجوده في حياته وبعد موته.

التبرك بمسه و مسحه

اسماء الذين مسح رسول الله رؤوسهم و برك عليهم

ولعمري فإنّ فيما ذكرنا كفاية لمن تأمّل وأنصف وتدبّر ولم يتعسف، ولكن إن شئت الوقوف علي أزيد من ذلك، فعليك بالتدبّر فيما يُتلي عليك من الذين مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رؤوسهم بعد دوران التحنيك أو حينه ممّا حفظه الأعلام الحفّاظ من موارد تبرّك الصحابة _ رضي الله عنهم _ بمسحه ومسّه(صلي الله عليه وآله) رؤوسهم ووجوههم، ونقلوه علي سبيل المباهاة والافتخار، وقد صرّحوا بالتبريك والتبرّك تارة وأوعزوا إليه تارةً أخري. وإليك بعض تلك النصوص: [ صفحه 43] 1 _ منهم أمّ جميل بنت أوس المرئية _ بضمّ الميم وكسر الهمزة _ قالت: أتيتُ النبيّ(صلي الله عليه وآله) مع أبي وعليَّ ذوائب وقزعة، فقال النبيّ(صلي الله عليه وآله): أحلق عنها زي الجاهليّة وأتني بها، فذهب بي أبي، فحلقه عنّي وردّني، فدعا لي، وبارك عليّ، ومسح علي رأسي بيده [57] . 2 _ ومنهم بشر بن معاوية بن ثور من بني البكاء، وفدوا علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)وسيّدهم معاوية بن ثور... فلمّا حضر شخوصهم ودَّعوا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال له معاوية: إنّي أتبرّك بمسّك وقد كبرت وابنيِ بشْر يربي فامسح وجهه، قال: فمسحه وأعطاه أعنزاً عفراً ودعا له بالبركة [58] . 3 _ ومنهم زياد بن عبدالله: وَفَد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فدخل علي ميمونة زوج النبيّ(صلي

الله عليه وآله) فدخل رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله هذا ابن اختي، ثمّ خرج حتّي أتي المسجد ومعه زياد فصلّي الظهر، ثمّ أدني زياداً فدعا له ووضع يده علي رأسه ثمّ حدرها علي طرف أنفه فكانت بنو هلال تقول: ما زلنا نتعرّف البركة في وجه زياد، وقال الشاعر لعليّ بن زياد: يا ابن الذي مسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) برأسه++ ودعا له بالخير عند المسجد أعني زياداً لا أريد سواءَه++ من غائر أو متهم أو منجد ما زال ذاك النور في عرنينه++ حتّي تبؤ بيته في المنجد [59] . [ صفحه 44] 4 _ ومنهم خزيمة بن سواد، مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجه خزيمة بن سواد فصارت له غرّة بيضاء [60] . 5 _ ومنهم السائب بن يزيد: ذهبت به خالته إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله إنّ ابن أختي وَجِعٌ فمسح رأسه ودعا له بالبركة، وتوضّأ فشرب من وضوئه [61] . 6 _ ومنهم حسان بن شدّاد التميميّ الطهوي _ بضمّ أوّله وفتح ثانيه _ وفدت أمّه به إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله(صلي الله عليه وآله)، إنّي وفدت إليك بابني هذا ; لتدعو له أن يجعل الله فيه البركة، قال: فتوضأ وفضل من وضوئه فمسح وجهه، وقال: اللّهمّ بارك لها فيه [62] . طلبت أمّ حسان منه(صلي الله عليه وآله) الدعاء بالبركة، ولكنّه(صلي الله عليه وآله) علي ما نقله في الإصابة برّكه بفضل وضوئه قبل أن يدعو له. وفي أسد الغابة ذكر المسح من دون ذكر الوضوء. 7 _ ومنهم السائب بن الأقرع الثقفي، دخلت أمّه تبيع العطر من النبيّ(صلي الله

عليه وآله)، فقال: يا مليكة ألكِ حاجة؟ قالت: نعم، قال: فكلّميني فيها أقضِها لكِ، فقالت: لا والله إلاّ أن تدعو لابني، وهو معها وهو غلام، فأتاه فمسح برأسه ودعا له [63] . 8 _ ومنهم يعلي بن مرّة ومن معه قال: كان النبيّ(صلي الله عليه وآله) يمسح وجوهنا في الصلاة ويبارك علينا، قال: فجاء ذات يوم فمسح وجوه الذين عن يميني وعن يساري [ صفحه 45] وتركني [64] . يفيد الحديث أنّ هذا كان عملا مستمرّاً له(صلي الله عليه وآله) حينما يخرج إلي الصلاة. 9 _ ومنهم جابر بن سمرة ومن معه من الصبيان _ أو الغلمان _ قال جابر: صلّيت مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) صلاة الاُولي، ثمّ خرج إلي أهله وخرجت معه، فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدّي أحدهم واحداً واحداً قال: وأمّا أنا فمسح خدّي، قال: فوجدت ليده برداً وريحاً كأنّما خرج من جونة عطّار [65] . هذا الحديث أيضاً يفيد كسابقه أنّ الولدان كانوا يصطفّون علي يمين الطريق ويساره وهو(صلي الله عليه وآله) يمسح خدودهم يبرك عليهم وهم يتبرّكون بذلك، وكأنّه كان عملا مستمراً منهم ومنه(صلي الله عليه وآله). 10 _ ومنهم أبو جحيفة السوائي والنّاس الذين كانوا معه، قال: وقام النّاس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم، قال: فأخذت بيده فوضعتها علي وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب من رائحة المسك [66] . هذا الحديث يفيد تبرّك الصحابة بأجمعهم في أنفسهم أيضاً لا الولدان فقط ولا الصحابة في أولادهم. 11 _ ومنهم جابر بن يزيد بن الأسود السوائي عن أبيه: أ نّه صلّي مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) الصبح _ إلي أن قال _ ثار النّاس يأخذون بيده

يمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت بيده فمسحت بها وجهي، فوجدتها أبرد من الثلج وأطيب ريحاً من المسك [67] . [ صفحه 46] 12 _ ومنهم حليس _ بالتصغير _ ابن زيد الضبّي: وفد إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) بعد وفاة أخيه الحارث، فمسح وجهه ودعا له بالبركة [68] . 13 _ ومنهم رديح وسمرة ورخ وزبيبا [69] ، قالت عائشة: إنّي أريد أن أعتق من ولد إسماعيل قصداً [70] فقال النبيّ(صلي الله عليه وآله) لعائشة: انتظري حتّي يجيء سبي العنبر غداً، فجاء فقال لها: خذي أربعة _ قال عطاء _ فأخذت جدي رديحاً وابن عمّي سمرة وابن عمّي رخا وخالي زبيبا، فمسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) علي رؤوسهم وبرّك عليهم [71] . 14 _ ومنهم سالم بن حرملة وفد إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فيمن وفد إليه، وهو حدث له ذؤابة وقد كاد أن يبلغ، فتطهّر من فضل وضوء رسول الله فشمت [72] عليه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ودعا له [73] . 15 _ ومنهم سلمة بن عرادة: نازع عيينية بن حصن فضل وضوء رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): دع الغلام يتوضّأ، فتوضّأ ثمّ شرب البقية، فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجهه بيده [74] . هذاالحديث يفيد تبرّك الصحابة بماءوضوئه يتوضّأون به وبمسحه(صلي الله عليه وآله)وجوههم. 16 _ ومنهم سالم العدوي، وفد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) وهو غلام حدث عليه ذؤابة فشمت عليه ودعا له، وتطهّر سالم بفضل وضوء رسول الله(صلي الله عليه وآله) [75] . [ صفحه 47] 17 _ ومنهم سمعان بن خالد الكلابي من بني قريظة، دعا له النبيّ(صلي الله عليه وآله) بالبركة

ومسح ناصيته... في حديث طويل [76] . 18 _ ومنهم سهل بن صخر الليثي، قال: دخلت مع أبي علي النبيّ(صلي الله عليه وآله)، فقال: ما اسمك يا غلام؟ قلت: سهل، قال: اُدن، فمسح علي رأسي [77] . 19 _ ومنهم عبدالله بن جعفر وأخوه: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسهما ودعا لهما [78] . 20 _ ومنهم منقذ بن حبان، وفد فيمن وفد من عبدالقيس إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فمسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) وجهه [79] . 21 _ ومنهم عامر بن لقيط العامري: لما وفد إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله)، قال له: «أنت الوافد الميمون، بارك الله فيك» فصافحه ومسح ناصيته [80] . 22 _ ومنهم سعد بن تميم السكوني، قد أدرك النبيّ(صلي الله عليه وآله) ويقال: إ نّه مسح رأسه ودعا له [81] . 23 _ ومنهم عبادة بن سعد بن عثمان الأنصاري، لحق برسول الله(صلي الله عليه وآله) بأمر أبيه فمسح رأسه ودعا له [82] . 24 _ ومنهم سعد بن حبتة...، نظر النبيّ(صلي الله عليه وآله) إليه يوم الخندق يقاتل قتالا شديداً وهو حديث السنّ، فدعاه فقال له: من أنت يا فتي؟ قال: سعد بن حبتة، [ صفحه 48] فقال النبيّ(صلي الله عليه وآله): أسعد الله جدّك، اقترب منّي، فاقترب منه فمسح علي رأسه [83] . 25 _ ومنهم عائذ بن سعيد...، قال: وفدنا علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فتقدّم عائذ فقال: يا رسول الله، امسح وجهي وادعُ لي بالبركة، قال: ففعل فكان وجهه يزهو [84] . 26 _ ومنهم عبدالله بن مسعود الصحابي المعروف: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسه في قصّة طويلة ذكرها أبوعمر [85] .

27 _ ومنهم عبدالله بن عبدهلال الأنصاري، قال: ما أنسي حين ذهب بي أبي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، ادعُ له وبارك عليه، قال: فما أنسي برد يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي يافوخي [86] . 28 _ ومنهم عبدالله بن عتبة بن مسعود، قال: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) وضع يده علي رأسي وأجلسني في حجره ومسح علي وجهي ودعا لي بالبركة [87] . 29 _ ومنهم عبدالله بن هشام القرشي التيمي، ولد سنة أربع وذهبت به أمّه زينب بنت حميد إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقالت: يا رسول الله، بايعه، فقال: هو صغير فمسح رأسه ودعا له [88] . 30 _ ومنهم عبدالرحمن بن أبي قراد _ بضمّ القاف وتخفيف الرّاء _ الأنصاري... قال: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) توضّأ يوماً فجعل النّاس يتمسحون [ صفحه 49] بعرقوبه [89] ، فقال: ما يحملكم علي ذلك؟ قالوا: حبّ الله ورسوله، فقال: من سرّه أن يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه. الحديث [90] . 31 _ ومنهم عبدالرحمن بن أبي مالك الهمداني _ اسم أبي مالك هاني _ قدم علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فدعاه إلي الإسلام فأسلم ومسح علي رأسه ودعا له بالبركة [91] . 32 _ ومنهم عتبان _ بكسر العين _ ابن عبيد العبدي من عبدالقيس، أتي إلي النبي(صلي الله عليه وآله) وعنده يهودي يخاطبه قال: فدرت خلف ظهره فنظرت إلي الخاتم، فوضع يده فوق جبهتي ومسح رأسي [92] . 33 _ ومنهم أبوبكر بن أبي قحافة: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) صدره [93] . 34 _ ومنهم عمرو بن حريث القرشي

المخزومي رأي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسمع منه ومسح رأسه ودعا له بالبركة [94] . 35 _ ومنهم عمرو بن أخطب بن رفاعة الأنصاري، غزا مع رسول الله(صلي الله عليه وآله)ثلاث عشرة غزوة، ومسح رأسه وقال: اللّهمّ جمّله [95] . وزاد في المسند 5: 77 _ 341 قال: فلقد بلغ بضعاً ومئة سنة، وما في رأسه ولحيته بياض إلاّ نبذ يسير، ولقد كان منبسط الوجه ولم ينقبض وجهه حتّي مات. 36 _ ومنهم عمرو بن ثعلبة الجهني: أ نّه حين أسلم مسح رسول الله وجهه [ صفحه 50] ودعا له بالبركة [96] . 37 _ ومنهم رافع بن عمرو المزني كان يفتخر بمسه أخمص رسول الله(صلي الله عليه وآله)حيث قال: إنّي لفي حجّة الوداع خماسي أو سداسي، فأخذ بيدي أبي حتّي انتهينا إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) بمني يوم النحر، فرأيته يخطب علي بغلة شهباء فقلت لأبي: من هذا؟ قال: هذا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فدنوت منه حتّي أخذت بساقه ثمّ مسحتها حتّي أدخلت كفّي بين أخمص قدمه والنعل [97] . 38 _ ومنهم عياذ _ بفتح أوّله وتشديد ثانيهوآخره معجمة _ ابن عمرو الأزدي أو السلمي كان يخدم النبيّ(صلي الله عليه وآله)... فجلس بين يديه فوضع رسول الله(صلي الله عليه وآله)يده علي رأسه فأمرّها علي وجهه وصدره _ وفي رواية _ فوضع يده علي جبهتي ومسح بيده حتّي بلغ حجزة الأزار [98] . 39 _ ومنهم عبدالرحمن بن عبد و عبدالله بن عبد، أتيا إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فبرّك عليهما ومسح رؤوسهما، فكانا إذا حلقا رؤوسهما نبت موضع يد رسول الله(صلي الله عليه وآله)قبل الباقي [99] . 40 _ ومنهم عطاء

بن يعقوب مولي ابن سباع: كان النبيّ(صلي الله عليه وآله) مسح رأسه [100] . 41 _ ومنهم فرقد العجلي، ويقال التميمي العنبري: ذهبت به أمّه إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله)قال: فمسح يده عليّ وبارك عليّ [101] . 42 _ ومنهم قتادة بن ملحان القيسي: مسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) وجهه ثمّ كبر فبليَ منه كلّ [ صفحه 51] شيء غير وجهه [102] . 43 _ ومنهم قيس بن زيد بن جبار الجذامي، قال: أجلسني النبي(صلي الله عليه وآله) بين يديه ومسح علي رأسي ودعا لي وقال: بارك الله فيك يا قيس [103] . 44 _ ومنهم قيس بن عاصم النميري: وفد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) ومسح وجهه [104] . 45 _ قرط _ قريط _ بن أبي رمثة، قال: وفد أبو رمثة (بكسر أوّله وسكون الميم ثمّ مثلثة) حيان ومعه ابنه قرط _ قريط _ فلمّا دخلوا علي النبي(صلي الله عليه وآله)، قال: لأبي رمثة ابنك هذا؟... ودعا بقرط فأجلسه في حجره ودعا له بالبركة ومسح علي رأسه وعممه بعمامة سوداء [105] . 46 _ ومنهم محمّد بن حاطب نقل عن أمّه أم جميل، قالت: خرجت بك من أرض الحبشة، حتّي إذا كنت من المدينة علي ليلة أو ليلتين طبخت لك طعاماً فتناولت القدر فانكفأت علي ذراعك، فقدمت المدينة وأتيت بك النبيّ(صلي الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله(صلي الله عليه وآله) هذا محمّد بن حاطب وهو أوّل من سمّي بك، فمسح علي رأسك ودعا بالبركة ثمّ تفل في فيك وجعل يتفل علي يديك ويقول: «أذهب البأس ربّ الناس». فما قمت بك من عنده حتّي برئت ي_دك [106] . 47 _ ومنهم مالك بن

عمير السلمي، قال: قلت: يا رسول الله، فامسح عنّي الخطيئة، قال: فمسح يده علي رأسي، ثمّ أمرّها علي كبدي، ثم علي بطني، حتّي إنّي [ صفحه 52] لأحتشم من مبلغ يد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قال: فلقد كبر مالك حتّي شاب رأسه ولحيته، ثم لم يشبّ موضع يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [107] . 48 _ ومنهم أبوسفيان مدلوك الفزاري مولاهم، قال: ذهب بي مولاي (مولاتي ذر) إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فأسلمت، فدعا لي بالبركة ومسح رأسي بيده، فكان مقدّم رأس أبي سفيان أسود ما مسّه النبيّ(صلي الله عليه وآله) وسائره أبيض [108] . 49 _ ومنهم مرداس بن مالك الغنوي: قدم وافداً علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي وجهه ودعا له بخير [109] . 50 _ ومنهم نعيم بن قعنب، وفد إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بصدقته وصدقة أهل بيته، فأعجب ذلك رسول الله(صلي الله عليه وآله) ومسح وجهه [110] . 51 _ ومنهم هاني بن مالك الهمداني: وفد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) من اليمن فدعاه إلي الإسلام فأسلم، فمسح رأسه ودعا له بالبركة [111] . 52 _ ومنهم هلب بن يزيد بن عدي بن قناقة (كما في الاستيعاب أو قتادة كما في الإصابة أو قنافة كما في أسد الغابة) يقال: إنّ اسمه يزيد، وفد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) وهو أقرع فمسح علي رأسه فنبت شعره [112] . 53 _ ومنهم مسرع بن ياسر، قال: إنّ أباه ياسراً حدّثه أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعثه [ صفحه 53] في سرية، فجاءت به أمّه إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأمرّ

يده عليه وقال: اللّهمّ أكثر رجالهم [113] الحديث. 54 _ ومنهم يزيد بن عباية الباهلي، قال: أتيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) بصدقتي فصدقني ومسح رأسي [114] . 55 _ ومنهم يسار بن أزيهر الجهني، نقل عن بنته عمرة عن أبيها قال: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي رأسي وكساني بردين وأعطاني سيفاً. قالت: فما شاب رأس أبي حتّي لقي الله عزّوجلّ [115] . 56 _ ومنهم واثلة بن الأسقع، حيث يتبرّك يزيد بن الأسود بيده لموضع كفّه من يد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قال حبان بن النضر، قال لي واثلة بن الأسقع: قدمني إلي يزيد بن الأسود، فدخل عليه وهو مقبل فنادوه أن هذا واثلة أخوك فمدّ يده فجعل يمسّ بها فجعلت كفّه في كفّي، فجعل يمرّها علي صدره مرّة وعلي وجهه لموضع كفّ واثلة من يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [116] . 57 _ ومنهم أبو أسماء الشامي، قال: وفدت علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فبايعته وصافحني، فآليت علي نفسي أن لا أصافح أحداً بعده فكان لا يصافح أحداً [117] . 58 _ ومنهم أبو بهيسة _ بالتصغير _ الفزاري، استأذن النبيّ(صلي الله عليه وآله) فأدخل يده في قميصه فمسّ الخاتم [118] . [ صفحه 54] 59 _ ومنهم أبو زيد بن أخطب الأنصاري الخزرجي: قال: مسح النبيّ(صلي الله عليه وآله)يده علي وجهي ودعا لي (وفي رواية) قال لي النبيّ(صلي الله عليه وآله): أدن منّي امسح ظهري، فمسحت ظهره فوضعت أصابعي علي الخاتم [119] . 60 _ ومنهم أبو سنان العبدي: كان في الوفد فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجهه بيده فعمّر حتّي بلغ تسعين سنة وهو مؤذّن

مسجد بني صباح، وكان وجهه يتلألأ لمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكان شريفاً وجيهاً [120] . 61 _ ومنهم أبو غزوان. قال عبدالله بن عمرو بن العاص: إ نّه أخذ رسول الله(صلي الله عليه وآله) رجلا فقال: ما اسمك؟ قال: أبو غزوان، فقال له النبيّ(صلي الله عليه وآله): هل لك أن تسلم؟ قال: نعم، فأسلم فمسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) صدره [121] . 62 _ ومنهم أبو هاني، مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأس أبي هاني ودعا له بالبركة [122] . 63 _ ومنهم جمرة بنت عبدالله التميمية اليربوعية: قالت: ذهب بي أبي إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فقال: اُدع الله لبنتي هذه بالبركة، قالت: فأجلسني في حجره، ثمّ وضع يده علي رأسي، فدعا لي بالبركة [123] . 64 _ ومنهم عميرة بنت سهل بن رافع الأنصارية، قالت: خرج بها أبوها إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، إنّ لي إليك حاجة، فقال: وما هي؟ قال: ابنتي هذه تدعو الله لي ولها وتمسح رأسها فإنّه ليس لي ولد غيرها، قالت عميرة: فوضع [ صفحه 55] رسول الله(صلي الله عليه وآله) كفّه عليّ، قالت: فأقسم بالله لكان برد كفّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)علي كبدي بعد [124] . 65 _ ومنهم أم أزهر العائشية: حدّثت أنّ أباها ذهب بها إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح يده عليها وبرك عليها فكانت امرأة صالحة [125] . 66 _ ومنهم قيس بن مالك بن سعد الأرحبي، وفد إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فقال النبيّ(صلي الله عليه وآله): نعم وافد القوم قيس، وقال: وفيت وفي الله بك ومسح بناصيته [126] . 67 _ ومنهم وائل

بن حجر الحضرمي، وفد علي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح وجهه ودعا له ورفّله علي قومه [127] . 68 _ ومنهم قرّة بن أياس بن هلال المزني (وهو جدّ إياس بن معاوية بن قرة ابن إياس بن هلال قاضي البصرة) نقل عن معاوية بن قرة قال: جاء أبي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو غلام صغير فمسح علي رأسه. وفي نقل آخر عن معاوية عن قرة، قال: أتيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في رهط من مزينة فبايعته، وإن قميصه لمطلق، ثمّ أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم [128] . ونقله ابن الأثير بلفظ آخر فراجع. 69 _ ومنهم يوسف بن عبدالله بن سلام: أدرك النبيّ(صلي الله عليه وآله) وهو صغير أجلسه النبيّ(صلي الله عليه وآله) في حجره ومسح علي رأسه وسمّ_اه يوسف [129] . [ صفحه 56] 70 _ ومنهم أبو محذورة: قال ابن محيريز: رأيت أبا محذورة صاحب رسول الله(صلي الله عليه وآله) وله شعر، فقلت: يا عمّ ألا تأخذ من شعرك؟ قال: ما كنت لآخذ شعراً مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) عليه ودعا فيه بالبركة. وفي لفظ أحمد: كان أبو محذورة لا يجزّ ناصيته ولا يفرّقها ; لأنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)مسح عليها [130] . وفي لف0: «ثمّ دعاني حين قضيت التأذين، فأعطاني صرّة فيها شيء من فضّة ثمّ وضع يده علي ناصية أبي محذورة، ثمّ أمرّها علي وجهه وثدييه، ثمّ علي كبده. 71 _ ومنهم حنظلة بن حذيم الحنفي _ حذيم بالحاء المهملة ثمّ الذال المعجمة علي وزن درهم _ أو التميمي أو الأسدي، وضع رسول الله(صلي الله عليه وآله) يده علي رأس حنظلة ودعا له بالبركة.

فكان يؤتي بالرجل قد ورم وجهه، والشاة قد ورم ضرعها، فيضع محلّ الورم من الوجه والضرع علي الموضع الذي مسّه كفّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) فيذهب الورم الذي كان أصابه. وفي الكنز «فيتفل في كفّه ثمّ يضعها علي صلعته ثم يقول: بسم الله علي أثر يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) ثمّ يمسح الورم فيذهب». وفي رواية: قال حنظلة: فدنا بي _ يعني أباه دني به _ إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فقال: إنّ لي بنين ذوي لحي ودون ذلك وإنّ ذا أصغرهم، فادع الله له. فمسح رأسه وقال: بارك الله فيك [131] . 72 _ ومسح النبيّ(صلي الله عليه وآله) عرق وجه علي(عليه السلام) فمسح به وجهه [132] أوردنا هذا [ صفحه 57] الحديث هنا استطراداً، حيث إ نّه كان خارجاً عن مورد البحث، ومفاده تبرّك الرسول العظيم(صلي الله عليه وآله) بعرق وجه وصيّه والولي بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) ولابدع في أن يتبرك رسول الله(صلي الله عليه وآله) بأمر الله تعالي بوليّ من أولياء الله تعالي، وهو الذي لا ينطق عن الهوي إن هو إلاّ وحي يوحي، كما يأتي أ نّه(صلي الله عليه وآله) قبّل يد سعد بن معاذ، وقبّل وجه عثمان بن مظعون بعد موته، ولعلّ هذا العمل منه(صلي الله عليه وآله)كان تعليماً للناس ليتبرّكوا بأمير المؤمنين(عليه السلام)، كما حثّهم علي ذلك في خطابه المشهور «لولا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمرّ بأحد من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من أثر قدميك يطلبون به البركة» [133] ، كما كان يتبرّك عمر بن الخطاب بالعبّاس عمّ النبيّ(صلي الله

عليه وآله)، ويتبرّك العبّاس بعلي والحسن والحسين(عليهم السلام)، وسيأتي تتمّة للبحث فانتظر. 73 _ ومنهم عمير بن سعد: قال في الشفا: إ نّه(صلي الله عليه وآله) مسح علي رأس عمير بن سعد _ وضبطه بعض عمر بن سعد _ ودعا له بالبركة في عمره وصحبته فمات وهو ابن ثمانين سنة، فما شاب (أي) ببركة مسّ يده الشريفة لم يشبّ رأسه وشعره ولم يهرم [134] . 74 _ ومنهم طلحة بن أمّ سليم: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) ناصية طلحة بن أمّ سليم فكانت له غرّة، ومازال علي وجهه نور من آثار أنواره [135] . 75 _ ومنهم عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب: مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي رأسه وهو صغير وكان دميماً أي حقيراً، ودعا له بالبركة في خلقته وسائر أموره ففرع [ صفحه 58] الناس طولا وتماماً، أي زاد عليهم في الطول وتمام سائر الأعضاء [136] . 76 _ ومنهم أمير المؤمنين(عليه السلام)، روي عن علي(عليه السلام) أ نّه قال: ما رمدت ولا صرعت منذ مسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجهي وتفل في عيني يوم خيبر [137] . 77 _ ومنهم النبيّ(صلي الله عليه وآله)، يتبرّك بنفسه الشريفة. روي عن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت: إنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) كان ينفث علي نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلمّا ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها [138] . وعن عائشة: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات ومسح بهما جسده [139] . 78 _ ومنهم النعمان الأنصاري، قال عبدالرحمن بن النعمان: حدّثني أبي عن جدّي: قد

أتي به النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح علي رأسه [140] . 79 _ ومنهم سعد بن أبيوقاص، قال: اشتكيت شكوي لي بمكة، فدخل عليّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) يعودني، قال: فوضع يده علي جبهته فمسح وجهي وصدري وبطني وقال: اللّهمّ اشف سعداً وأتم له هجرته. فما زلت يخيّل إليّ بأنّي أجد برد يده علي كبدي حتّي الساعة [141] . 80 _ ومنهم امرأة تبركت بمسحه(صلي الله عليه وآله) صدر ولدها. قال ابن عبّاس: إنّ امرأة [ صفحه 59] جاءت بولدها إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقالت: يا رسول الله، إنّ به لمما وإنّه يأخذ عند طعامنا فيفسد طعامنا. قال: فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) صدره ودعا له فتع تعة فخرج من فيه مثل الجرو الأسود فشفي [142] . 81 _ ومنهم أبو أبي أياس، نقل أبو أياس عن أبيه: أ نّه أتي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فدعا له ومسح رأسه [143] . والظاهر أ نّه قرة بن أياس المتقدّم ذكره تحت رقم 68 فإنّ أحمد قد نقل في المسند 4: 19، عن معاوية أبي إياس عن أبيه ذلك فأبوأياس هو معاوية وأبوه قرّة فراجع وتدبّر. 82 _ ومنهم عامر المزني، روي هلال بن عامر المزني عن أبيه قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يخطب الناس بمني علي بغلة وعليه برد أحمر، قال: ورجل من أهل بدر بين يديه يعبر عنه قال: فجئت حتّي أدخل يدي بين قدمه وشراكه [144] . 83 _ ومنهم البراء بن عازب وغيره، قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يأتينا فيمسح عواتقنا وصدورنا ويقول: لا تختلف صفوفكم [145] . 84 _ ومنهم كردم بن سفيان الثقفي،

قالت ميمونة بنت كردم: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) بمكّة وهو علي ناقته وأنا مع أبي وبيد رسول الله(صلي الله عليه وآله) درة كدرة الكتاب... فدنا منه أبي فأخذ بقدمه فأقرّ له رسول الله(صلي الله عليه وآله) [146] . 85 _ ومنهم التلب بن زيد التميمي قال: قلت: يا رسول الله استغفر لي، فقال [ صفحه 60] لي: إذا آذن لك أو حتّي يؤذن لك فغبر ما قضي له، ثمّ دعاه فمسح بيده علي وجهه ثمّ قال: اللّهمّ اغفر لتلب [147] . 86 _ عن غضيف بن الحارث قال: كنت صبيّاً أرعي نخل الأنصار، فأتوا بي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح برأسي وقال: كُلْ ما يسقط ولا ترم نخلهم [148] . 87 _ عن علي(عليه السلام) قال: اشتكيت _ إلي أن قال _ فمسحني _ يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله) _ ثمّ قال: اللّهم اشفه أو قال: عافه، فما اشتكيت ذلك الوجع بعد [149] . 88 _ وكان إذا لقاه الرجل من أصحابه مسحه ودعا له [150] . 89 _ وكان يزور الأنصار ويسلم علي صبيانهم ويمسح علي رؤوسهم [151] . 90 _ ومنهم أبوهريرة الدوسي، قال: خرج النبيّ(صلي الله عليه وآله) يوماً إلي المسجد، فقال: أين الفتي الدوسي؟ فقيل: هو ذاك يا رسول الله، يوعك في آخر المسجد. فأتاني النبيّ(صلي الله عليه وآله)، فمسح علي رأسي. الحديث [152] . 91 _ عن ابن الطفيل: دخلت يوماً علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وعندهم قدر تفور لحماً فأعجبني شحمه، فأخذتها فازدرتها فاشتكيت عليها سنة، ثمّ إنّي ذكرتها لرسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: إنّه كان فيها نفس سبعة أناس فمسح بطني فألقيتها خضراء

فوالذي بعثه بالحقّ ما اشتكيت بطني حتّي الساعة [153] . 92 _ كان بوجهه _ يعني أبيض بن حمال _ حرارة يعني قوباً قد التقمت أنفه، [ صفحه 61] فدعاه رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فمسح وجهه فلم يمس (يحر) ذلك اليوم وفي وجهه أثر [154] . 93 _ نقل عن ابن عباس (في قصّة طويلة) فأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) رجلا يصرخ أن أسيد بن أبي إياس قد آمن، وقد أمَّنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ومسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجهه وألقي يده علي صدره، فيقال: إنّ أسيداً كان يدخل البيت المظلم فيضيء [155] . 94 _ عن أنس، قال: كانت لي ذؤابة فقالت لي أمّي: لا أجزها كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يمدّها ويأخذها [156] . 95 _ عن جحدم بن فضالة: أ نّه أتي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح رأسه وقال: بارك الله في جحدم... [157] . 96 _ عن جرير بن عبدالله قال: كنت لا أثبت علي الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله(صلي الله عليه وآله)، فضرب يده علي صدري حتّي رأيت أثر يده في صدري، فقال: اللّهمّ ثبّته واجعله هادياً مهدياً، فما سقطتُ عن فرسي بعد [158] . 97 _ عن حصين بن أوس النهشلي قال: قدمت المدينة بابل... ثمّ دعاه النبيّ(صلي الله عليه وآله) فمسح يده علي وجهه ودعا له [159] . 98 _ عن عطا مولي السائب بن يزيد قال: كان وسط رأس السائب أسود وبقيّة رأسه ولحيته أبيض، فقلت له، قال: إنّي كنت مع الصبيان ألعب، فمرّ بي النبي(صلي الله عليه وآله)، فعرضت له، فسلّمت عليه، فقال: وعليك من أنت؟ قلت: أنا السائب ابن

يزيد، ابن اخت النمر بن قاسط، فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسي وقال: بارك الله فيك [ صفحه 62] فهو لا يشيب أبداً [160] . 99 _ عن عبدالله بن بسر أنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) وضع يده علي رأسه وفي لف0: قال: هاجر أبي وأمّي إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) وأنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) مسح بيده رأسي، وقال: ليعيش هذا الغلام قرناً... [161] . 100 _ عن محمّد بن فضالة، قال: جاءت بي أمّي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فسألته أن يبرّك عليّ. ففعل، ووضع يده في قفاي _ قال يونس ابنه _ فشابت كلّ شعرة من جسده ورأسه إلاّ ما مرّت عليه يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [162] . 101 _ عن أبي أسماء قال: ولدت علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فبايعته وصافحني، فآليت علي نفسي أن لا أصافح أحداً بعد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [163] . لعلّه هو أبو أسماء الشامي المتقدّم. 102 _ عن خلف بن تميم قال: دخلنا علي أبي هرمز نعوده، فقال: دخلنا علي أنس بن مالك نعوده، فقال: صافحت بكفّي هذه كفّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فما مسست خزّاً ولا حريراً ألين من كفّه(عليه السلام) أنس قال أبوهرمز: قلنا لأنس بن مالك: صافِحنا بالكفّ التي صافحت بها رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فصافَحنا. الحديث [164] . ينبغي مراجعة الحديث وفيه تبرّك المحدثين كذلك.

نظرة في الأحاديث

لا يخفي علي المتدبّر المنصف دلالة هذه الأحاديث علي تبرّكهم به(صلي الله عليه وآله)، يتبركون [ صفحه 63] بمسّه ومسحه(صلي الله عليه وآله) وقد صرّحوا بذلك في بعض الأحاديث كما في خبر معاوية بن ثور، حيث

قال: «أتبرّك بمسّك» وفي رواية زياد بن عبدالله، قال بنو هلال: «نتعرّف البركة في وجه زياد» حتّي قال شاعرهم في ذلك ما قال، وقد يستفاد ذلك من نقلهم ذلك مباهين ومفتخرين به ثمّ نقل العلماء الحفّاظ ذلك عنهم حفظاً لفضائلهم ومناقبهم ومفاخرهم، إذ لو كان ذلك عملا طبيعياً لم يكن وجه لنقله وضبطه ولا المباهاة به، بل لو كان عملا طبيعياً لم يكن وجه لصدوره عن رسول الله(صلي الله عليه وآله) بهذه الكثرة والخصوصيّة، ولا لأمره بذلك، كما في بعض الأحاديث. ويعلم أيضاً من نقل الصحابة والرواة والعلماء ذلك مشفوعاً ببيان آثار مسّ يده الشريفة المباركة أنّهم كانوا متبركين بذلك، إذ ذكروا أنّ عبدالرحمن كان دميماً فطال وتمّ خلقه، وعَيْنُ أميرالمؤمنين(عليه السلام) صحّت وعوفيت، ولم يتبيّن الشيب في رأس عمير بن سعد، ويسار، ومالك بن عمير، ومدلوك، وعمرو بن أخطب، وزاد سرعة نبات شعر رأس عبدالرحمن وعبدالله ابني عبد وهلب بن يزيد وعياذ، وظهرت غرّة في وجه طلحة، وكذا بالنسبة لأبي سنان، وزياد بن عبدالله وخزيمة، وذهاب وجع السائب بن يزيد و.... ويعلم ذلك أيضاً من طلب الناس مسّ خاتم النبوّة، أو أمر النبيّ(صلي الله عليه وآله) بذلك، كما في حديث عتبان، وأبي بهيسة، وأبي زيد، وقرّة بن إياس. وعلي كلّ حال، لا إشكال في دلالة الأحاديث علي تبرّكهم رضي الله عنهم بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله). ويستفاد أيضاً أنّهم قد كانوا يجتمعون علي التبرّك بالمسح، كما في حديث يعلي ابن مرة، وجابر بن سمرة، وأبي جحيفة السوائي، بل قد يبلغ الأمر إلي النزاع في التبرّك كما في رواية نزاع سلمة مع عيينية. ونجد أيضاً أ نّه قد يدعوهم النبي(صلي الله عليه وآله)، ويمسح وجوههم،

أو يأمرهم بمسح [ صفحه 64] الخاتم بل في روايتين أن مسحهم كان دأبه(صلي الله عليه وآله) في كلّ من لاقاه من الرجال والصبيان. وقد يصرحون كما في خبر عبدالرحمن بن أبي قراد بنيتهم، قال: «فجعل النّاس يتمسحون بعرقوبه، فقال: ما يحملكم علي ذلك؟ قالوا: حبّ الله ورسوله...». ويستفاد من هذه الأحاديث أيضاً جواز التوسّل والاستشفاء كما في حديث امرأة تبرّكت بمسحه(صلي الله عليه وآله) في شفاء ولدها، وحديث سعد بن أبيوقّاص، وحديث حنظلة بن حذيم، واستشفاء النّاس بموضع كفّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وحديث محمّد بن حاطب بل التبرّك توسّل واستشفاع واستشفاء في الحقيقة، لوضوح أنّ المتبرّك يطلب البركة والرحمة والشفاء بمسّه أو مسحه(صلي الله عليه وآله)، ولكنّه توسّل بشكل خاصّ لطيف. ومن النكات البديعة أنّ المسلمين قد يطلبون منه الدعاء، ويصرّحون بذلك وهو(صلي الله عليه وآله) يمسح ويمسّ أو ينفث ويتفل مشفوعاً بالدعاء أو بدونه، لتنبيههم إلي التبرّك والتوسّل والاستشفاء، وأ نّه هو الوسيلة إلي الله تعالي بأيّ نحو يريد ولا تختصّ فيوضاته وبركات وجوده الشريف بالدعاء فقط، ولا تنحصر كما قد يزعمه الزاعمون الجاهلون بمقام النبوّة، وشرافة العبوديّة الحقيقيّة.

التبرك بشرب دمه

قال دحلان في السيرة (2: 256 _ 257): «وكان الصحابة يتبرّكون بدمه(صلي الله عليه وآله)». شرب جمع من الصحابة دمه(صلي الله عليه وآله) تبرّكاً، فعلم النبيّ(صلي الله عليه وآله) بذلك ولم ينكر عليهم، بل ظاهر الأحاديث أ نّه أقرّهم علي التبرّك، وحثّهم عليه، وإن أنكر عليهم شرب [ صفحه 65] الدم من حيث حرمته وممنوعيّته، فعليك بالتدبّر فيما سنورده من النصوص، تدبّر منصف متحر للحقائق، وإليك هذه النصوص: 1 _ شرب مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري الخزرجي والد أبي سعيد

الخدري دمه(صلي الله عليه وآله) يوم أحد حين «مسح الدم عنوجهه ثمّ ازدرده،فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): من أحبّ أن ينظر إلي من خالط دمي دمه، فلينظر إلي مالك بن سنان» [165] . 2 _ شرب أبو طيبة _ بالمهملة _ مولي بني حارثة من الأنصار دمه(صلي الله عليه وآله)وتفصيل القصّة: أنّ أبا طيبة الحجام _ اسمه دينار أو نافع أو ميسرة _ مولي بني حارثة من الأنصار ثم مولي محيّصة بن مسعود، قال: حجمت رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأعطاني ديناراً وشربت دمه، فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): أشربت؟ قلت: نعم، قال: وما حملك علي ذلك؟ قلت: أتبرّك به، فقال: أخذت أماناً من الأوجاع والأسقام والفقر والفاقة، والله ما تمسك النار أبداً [166] . 3 _ عن عبدالله بن الزبير، قال: أتيت النبيَّ(صلي الله عليه وآله) وهو يحتجم، فلمّا فرغ قال: يا عبدالله اِذهب بهذا الدم فأهريقه حتّي لا يراك أحد، قال: فشربته، فلمّا رجعت قال: يا عبدالله... لعلّك شربته، قلت: نعم: قال: ويلٌ للناس منك، وويلٌ لك من النّاس [167] . [ صفحه 66] 4 _ نقل الحلبي في السيرة أنّ عليّاً(عليه السلام) شرب دم النبيّ(صلي الله عليه وآله) [168] . 5 _ سالم _ أو سالم بن أبي سالم وقال ابن حجر: سالم الحجام _ شرب دمه(صلي الله عليه وآله)، فقال: أما علمت أنّ الدم حرام كلّه؟ _ أو _ ويحك يا سالم، أما علمتَ أنّ الدم كلّه حرام؟ لا تعد [169] .

نظرات في الأحاديث

1 _ تري أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) لم ينكر علي أيّ منهم فعله في تبرّكه، بل قرّرهم عليه ورغّبهم فيه، فقال لمالك: «من أحبّ

أن ينظر إلي من خالط دمه دمي، فلينظر إلي مالك بن سنان» فأثني عليه لتبرّكه، وكذا قال لأبي طيبة: «أخذت أماناً من الأوجاع والأسقام والفقر والفاقة والله ما تمسّك النار»، فبشره بعافية الدنيا والآخرة بتبركه. 2 _ شرب الدم حرام، والظاهر أنّهم شربوه جهلا بالحكم، وقد نقل في كنز العمال وكتاب تبرك الصحابة ص15: أنّ الرسول(صلي الله عليه وآله) قال لسالم الحجّام: «أما علمت أنّ الدم كله حرام»، وعلي أيّ حال لم يكن شربهم إلاّ ناشئاً عن إيمانهم بالله ورسوله وتعظيمهم لمقام النبوّة وتبركهم به(صلي الله عليه وآله)، والأعمال بالنيات ولا يضرّ جهلهم بنيّتهم الخالصة، ومن هنا يتّضح أنّ ما نقله الحلبي من شرب عليّ(عليه السلام)لدمه(صلي الله عليه وآله) لا يصحّ لعدم إمكان صدور ذلك منه بعد علمه بحرمته، وهو باب علم النبي ووارثه حيث لا يحتمل في حقّه الجهل بالحكم مع أنّ الحلبي تفرّد بهذا النقل ولم يوافقه أحد في ذلك. [ صفحه 67] 3 _ الذي يحصل للمتدبّر هو وجود التبرّك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله) عند الصحابة، وكونه مركوزاً في أذهانهم، ولم يكن يعد ذلك وقتئذ شركاً وكفراً، ولم يردعهم النبي(صلي الله عليه وآله)ولم ينبّههم إلاّ إلي أنّ شرب الدم حرام، بقوله(صلي الله عليه وآله): «أما علمت أنّ الدم كله حرام؟» بل صدّق فعلهم في تبرّكهم ورغّبهم وحثّهم عليه، بل هؤلاء الناقلون للأحاديث من العلماء الكبار أيضاً لم يروه كفراً، ولم يتعرضوا للتنبيه علي وجود أيّ إشكال فيه، بل رأوه مثالا لعقيدة الصحابة بالنبيّ(صلي الله عليه وآله)، وإكرامهم وإكبارهم وإعظامهم له(صلي الله عليه وآله). [ صفحه 71]

تبرك الصحابة بفضل وضوئه و سؤره و بماء تفل أو مج فيه

يوجد في كتب التاريخ والحديث والسيرة قسم آخر من الأحاديث يمثِّل لنا تبرّك الصحابة

رضي الله عنهم بفضل ماء وضوئه، وكانوا يمسحون به، بل كادوا يقتتلون عليه، ويتنافسون فيه، بحيث عجب من فعلهم أبوسفيان بن حرب صباح فتح مكة، وعروة بن مسعود الثقفي في صلح الحديبية، فقفل قائلا لأهل مكّة: «وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه» وفي فتح مكة أيضاً انتزع العبّاس دلواً من ماء زمزم فشرب منه، وتوضّأ، فابتدر المسلمون يصبّون علي وجوههم منه، ولا تسقط قطرة إلاّ بيد إنسان إن كانت قدر ما يشرب شربها وإلاّ مسح بهاجلده. كان هذا التبرّك من المسلمين بمرأي من المشركين الذين أسلموا، ولما يدخل الإيمان في قلوبهم، حتّي تنازع فيه سلمة بن عرادة مع عيينية بن حصن، فلو كان فيه شائبة الشرك أو كان يشبه الشرك لنهاهم رسول الله(صلي الله عليه وآله) ; حفظاً للتوحيد ونهياً عن الشرك. كما أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبرّكون من البئار التي بصق فيها النبي(صلي الله عليه وآله) [ صفحه 72] أو مجَّ أو تفل فيها أو شرب منها كبئر زمزم والبئار العديدة التي في المدينة الطيبة المنوّرة. كما أنّهم كانوا يتبرّكون من سؤره، وقد شربت أمّ هاني بنت أبي طالب رحمها الله تعالي وهي صائمة، فأفطرت [170] لكي تشرب من سؤره(صلي الله عليه وآله)، ونجد آخر يتأسف من تركه سؤره(صلي الله عليه وآله) للصوم، ولا يؤثر ابن عبّاس بسؤره أحداً، ولا ترضي المرأة البذيَّة إلاّ بلقمة من فِيه(صلي الله عليه وآله)، فلمّا أكلته ذهبت بذاءتها، والمقداد لا يبالي بمن أخطأه إذا أصاب فضل غذائه (صلي الله عليه وآله). كما أنّهم كانوا يتبرّكون بماء غمس فيه يده(صلي الله عليه وآله)، وكان خدم أهل المدينة يأتون إليه(صلي الله عليه وآله)بآنيتهم إذا صلّي صلاة الغداة فيدخل

يده فيها في الغداة الباردة، كما أنّهم يستشفون بماء مجَّ فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله). بل هو(صلي الله عليه وآله) يبرّك علي عليّ(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) بإفراغ ماء وضوئه عليهما أو إفراغ ماء مجَّ فيه عليهما ويتمضمض ثمّ يمجّ في الدلو، ثمّ يأمر بصبّه في البئر في الحديبية، ويبصق في عجين امرأة جابر بن عبدالله الأنصاري في غزوة الخندق، ويأمر هو(صلي الله عليه وآله)امرأة طلبت منه شفاء ابنها أن تأتي بماء ثمّ يمجّ فيه ثمّ يقول: اسقيه واستشف الله، ويعطي إداوة من فضل طهوره(صلي الله عليه وآله) لبني حنيفة قائلا: «اكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء» وأعطي لبني سحيم إداوة من ماء قد تفل أو مجّ فيه، وأمرهم بأن ينضحوا به مسجدهم، وأعطي للسدوسي إداوة فيها ماء قائلا: «إذا أتيت بلادك رشّ به تلك البقعة واتخذها مسجداً» ويمضغ هو(صلي الله عليه وآله)قديدة ويناولها لبنات مسعود الأنصاريات. ويشرب من سويق لتحصل البركة ويعطيه لحنش بن عقيل. وينضح من ماء غسله علي وجه زينب بنت أمّ سلمة. ويمجّ في ماء ويأمر بأن تصبّ [ صفحه 73] في عين فيغتسل منها رجل ذو أدرة. وبالجملة، الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يتبرّكون بفضل وضوئه(صلي الله عليه وآله) وبماء مجّ فيه أو تفل فيه وبسؤر شربه وبماء مسّ جلده الشريف وهو(صلي الله عليه وآله) كان يقرّرهم ويحثّهم عليه، بل يأمرهم بذلك، وكفي بذلك دليلا وبرهاناً وحجّةً بالغةً لمن تعقل وأنصف، بل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) يشرب الماء المجتمع في جفونه من ماء غسله حين وفاته ويقول: إنّه علّة كثرة حفظه وفهمه، وهو وليّ الله ووصي رسوله وباب علمه ومقتدي أمّته وأحد الثقلين. وهل يبقي بعد ذلك

ريب ومجال للشكّ في جواز التبرّك؟ ولاسيما إذا أضيف إليه ما ثبت في كتب السيرة والتاريخ والحديث، أن قسماً كبيراً من معجزاته وآيات نبوّته(صلي الله عليه وآله) كان من بركات سؤره وبصاقه ومسّ يده. ألا تري أنه نفث علي ساق سلمة بن الأكوع، وعلي رأس زيد بن معاذ، ورجل آخر حين أصابهما السيف في قتل كعب بن الأشرف لعنه الله تعالي، ونفث علي ساق علي بن الحكم في الخندق، وعلي يد معوذ بن عفراء يوم بدر، وتفل في فم محمد بن حاطب ويده ومسح علي ذراعه حين انكفأت القدر علي ذراعه، ونفث علي عاتق خبيب يوم بدر، وعلي عين رجل ابيضت فأبصر، ونفث علي يده الشريفة فدلك بها جسد عتبة بن فرقد ظهراً وبطناً، ونفث في أثر سهم في وجه أبي قتادة في غزوة ذي قرد، وبصق في عيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)وهو أرمد في خيبر، وبصق في نحر كلثوم بن الحصين وقد رمي بسهم في يوم أحد، وتفل في شجة عبدالله بن أنيس، ومسح مكان الضرع من عناق في الدار فحلبها، وتفل في بئر قوم فانقلب ماؤهم المالح عذباً، ومسح علي رأس صبي أقرع فاستوي شعره وذهب داؤه، ومسح علي برص معاوية بن عفراء فأذهبه الله، وتفل في حثوة [ صفحه 74] من الأرض ثمّ أعطاها رسول ابن ملاعب الأسنة فأخذها وأتاه بها فشربها فشفاه الله من الاستسقاء، ومسح علي رجل عبدالله بن عتيك وقد انكسرت، ومضمض في ماء وغسل يديه ثمّ أعطاه قوماً فسقوا بها صبياً لا يتكلّم فبرئ وعقل، ومسح كف بعض الصحابة نبتت فيها سلعة فذهبت، ووضع يده علي خدّ بعض الصحابة فذهب وجعه [171] . كم من

ماء نبع من بين أصابعه! وكم من طعام كثر بمسّ يده المباركة وسبَّح الحصي في يده الكريمة [172] . وأضف إلي ذلك كلّه أ نّه (صلي الله عليه وآله) نخس بعير جابر حين أعيا فقام وأسرع، ونخس فرس جعيل بن زياد الأشجعي فصار يمشي في أوّل الناس، ومسح ضرع شاة [ صفحه 75] أمّ معبد فدرّت فحلب ما يكفيه ورفاقه وصاحب البيت، ومسح ضرع شاة عبدالله ابن مسعود وهو يرعي غنم عقبة بن أبي معيط فحلبها، ومسح الدم عن وجه عائذ ابن عمرو يوم حنين، ومسح علي رأس الهلب بن يزيد وهو أقرع فنبت شعره [173] إلي غير ذلك ممّا لا يحصي كثرة. الأمر الذي كان يزيد في إيمان ويقين الصحابة الكرام بأنّه (صلي الله عليه وآله) مبارك أينما كان، وحيثما حلّ، ومبارك كلّ أثر منه، ومبارك ما مسّه ولمسه أو تفل أو مجّ فيه أو بصق أو نفث فيه، وكلّ ما برَّك عليه بأي نحو كان، فإنّه يكون مباركاً كثيراً خيره بعيداً شرّه وضرّه. فإذا علم الصحابة رضي الله عنهم ذلك بعين اليقين، فكيف لا يتبرّك بما هو مبارك كلّه وجعله الله سبحانه مباركاً ورحمةً للعالمين؟! فالتبرّك إذن من علائم الإيمان ومحض اليقين وخالص التوحيد، إذ يري المتبرّك أ نّه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو الذي شرّفه وجعله مباركاً وفضّله وجعله منبع الخيرات، وكلّ ما يصدر منه أو يشاهد فيه فهو منه تعالي وهو عبده ورسوله، ففي الحقيقة التبرّك به تبرّك بالله سبحانه، وتوسل إليه واستمداد منه. هذا إجمال وسيوافيك التفصيل في النصوص التالية ومصادرها. تبرك الصحابة بفضل وضوئه وغسله(صلي الله عليه وآله) 1 _ عن أبي جحيفة قال: أتيت النبي(صلي الله عليه

وآله) وهو في قبّة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء النبي(صلي الله عليه وآله) والناس يتبادرون الوضوء; فمن أصاب شيئاً تمسّح به ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من بلل يد صاحبه. [ صفحه 76] وفي لفظ «خرج علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضّأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه ويتمسّحون به» [174] . 2 _ عن ابن شهاب قال: أخبرني محمود بن الربيع قال: وهو الذي مجَّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) في وجهه، وهو غلام من بئرهم وقال عروة عن المسوّر وغيره يصدّق كلّ واحد منهما صاحبه: «وإذا توضّأ كادوا يقتتلون علي وضوئه» [175] . 3 _ رأي أبوسفيان بن حرب _ في فتح مكة _ المسلمين يتلقون وضوء رسول الله(صلي الله عليه وآله) [176] . 4 _ في صلح الحديبية _ عند مجيء عروة بن مسعود الثقفي لمّا رجع إلي قريش قال: لا يتوضّأ وضوءاً إلاّ ابتدروه، ولا يبصق بصاقاً إلاّ ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلاّ أخذوه _ وفي رواية _ فوالله ما تنخم رسول الله(صلي الله عليه وآله) نخامة إلاّ وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون علي وضوئه [177] . [ صفحه 77] 5 _ وفي فتح مكة انتزع له العبّاس (رضي الله عنه) دلواً من زمزم فشرب منه وتوضّأ، فابتدر المسلمون يصبّون علي وجوههم _ وفي لفظ _ لا تسقط قطرة إلاّ في يد إنسان إن كانت قدر ما يشربها شربها وإلاّ مسح بها جلده [178] . 6 _ حنين (مصغراً) مولي لعبّاس بن عبد المطلب، كان غلاماً للنبي(صلي الله عليه وآله)

فوهبه للعبّاس عمّه فأعتقه، وكان يخدم النبيّ(صلي الله عليه وآله) وكان إذا توضّأ خرج بوضوئه إلي أصحابه، فحبسه حنين، فشكوه إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: حبسته لأشربه، الحديث. وزاد ابن الأثير في أسد الغابة بعد قوله: «أخرج وضوءه إلي أصحابه» فكانوا إمّا تمسّحوا به وإمّا شربوه قال: فحبس حنين الوضوء، فشكوه إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فسأله فقال: حبسته عندي فجعلته في جرّة، فإذا عطشت شربت، فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): هل رأيتم غلاماً أحصي ما أحصي هذا؟ ثمّ وهبه للعبّاس فأعتقه [179] . 7 _ وفد سالم بن حرملة إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فيمن وفد إليه، وهو حدث، وله ذؤابة، وقد كاد أن يبلغ، فتطهّر من فضل وضوء رسول الله(صلي الله عليه وآله) فشمّت عليه ودعا له [180] . 8 _ نازع سلمة بن عرادة بن مالك الضبّي عيينية بن حصن فضل وضوء رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): دع الغلام يتوضّأ، فتوضّأ، ثمّ شرب البقية، فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسه ووجهه بيده [181] . 9 _ أفرغ النبي(صلي الله عليه وآله وسلم) ماء وضوئه علي عليّ(عليه السلام) حين أولَم بمناسبة زواجه بفاطمة(عليها السلام). وفي رواية: مجّ في ماء فنضح علي عليّ(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) ثمّ قال: اللهمّ بارك فيهما [ صفحه 78] وبارك عليهما [182] . 10 _ وعن سعد قال: سمعت عدّة من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) فيهم أبو أسيد وأبو حميد وأبو سهل بن سعد يقولون: أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بئر بضاعة، فتوضّأ في الدلو وردّه في البئر، ومجّ في الدلو مرّة أخري وبصق فيها وشرب من مائها،

وكان إذا مرض المريض في عهده يقول: اغسلوه من ماء بضاعة فيغسل فكأنّما حلّ من عقال [183] . 11 _ نضح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجه زينب بنت أمّ سلمة رضي الله عنهما نضحة من ماء، فما كان يعرف في وجه امرأة من الجمال ما كان بها. وفي لف0: دخلت زينب رضي الله عنها علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وهو يغتسل فنضح في وجهها ماءً; فلم يزل ماء الشباب بوجهها حتّي كبرت [184] . 12 _ عتبة بن سالم بن حرملة وفد علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فتطهّر من فضل وضوئه فشمّت عليه ودعا له [185] . 13 _ أعطي النبي(صلي الله عليه وآله) لوفد بني حنيفة إداوة من ماء فيها فضل طهوره، فقال: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء، واتخذوا مكانها [ صفحه 79] مسجداً، الحديث [186] . 14 _ قدم وفد بني عامر بن صعصعة علي النبي(صلي الله عليه وآله) قال أبو جحيفة السوائي: فوجدناه بالأبطح في قبّة حمراء فسلّمنا عليه فقال: مَنْ أنتم؟ قلنا: بنو عامر بن صعصعة، قال: مرحباً بكم أنتم منّي وأنا منكم، وحضرت الصلاة، فقام بلال، فأذّن وجعل يستدير في أذانه، ثمّ أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بإناء فيه ماء فتوضّأ، وفضلت فضلة من وضوئه، فجعلنا لا نألوا أن نتوضّأ ممّا بقي من وضوئه، الحديث [187] . 15 _ عن طلق بن علي بن طلق السحيمي، قال: قدمنا علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فبايعناه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة وقال لنا: إذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وابنوها مسجداً. فقدمنا بلادنا وكسرنا بيعتنا واتخذناها مسجداً ونضحناها بماء فضل طهور رسول الله(صلي الله عليه وآله)

كان عندنا في إداوة تمضمض منها رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ومجّ فيها، وأمرنا أن ننضح بها المسجد إذا بنيناها في البيعة ففعلنا ذلك. وفي الطبقات بعد قوله «وأخبرناه أن بأرضنا بيعة»: واستوهبناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضّأ وتمضمض، ثمّ صبّه لنا في إداوة، ثمّ قال: اذهبوا به فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوها مسجداً قال: فقلنا: يا رسول الله إنّ الحرّ شديد والبلد بعيد والماء ينشف، قال: فامدّوه من الماء فإنّه لا يزيده إلاّ طيباً، الحديث [188] . 16 _ عن أنس بن مالك أ نّه(صلي الله عليه وآله) سكب من فضل وضوئه في بئر قبا، فما [ صفحه 80] نزفت بعد [189] . 17 _ قالوا في باب غسل النبي(صلي الله عليه وآله): «كان الماء يستنقع في جفون النبي(صلي الله عليه وآله)فكان عليّ يحسوه». وفي لفظ «كان الماء يجتمع في جفون النبي(صلي الله عليه وآله) وكان عليّ يشربه» وفي شواهد النبوّة «سُئل عليّ (رضي الله عنه) عن سبب زيادة فهمه وحفظه قال: «لما غسلت النبي(صلي الله عليه وآله)اجتمع ماء في جفونه فرفعته بلساني وازدردته وأري قوّة حفظي منه» [190] . 18 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما يقول: جاء رسول الله(صلي الله عليه وآله)يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضّأ وصبّ عليّ من وضوئه فعقلت [191] . 19 _ عن عائذ بن عمرو قال: كان في الماء قلّة فتوضّأ رسول الله(صلي الله عليه وآله) في قدح أو جفنة فنضحنا به، والسعيد في أنفسنا من أصابه، ولا نراه إلاّ وقد أصاب القوم كلّهم [192] . 20 _ عن عبد الجبّار بن وائل قال: حدّثني أهلي عن

أبي قال: أتي النبي(صلي الله عليه وآله)بدلو من ماء فشرب من الدلو، ثمّ مجّ في الدلو، ثمّ صُبَّ في البئر أو قال: شرب من الدلو ثمّ مجّ في البئر ففاح منها مثل رائحة المسك. الحديث [193] . 21 _ جاء أنّ ابن عبدالله بن أُبي قال: يا رسول الله ذرني أسقي والدي من [ صفحه 81] وضوئك لعلّ قلبه أن يلين، فتوضّأ(صلي الله عليه وآله) وأعطاه، فذهب به إلي أبيه إلي آخر ما يأتي [194] . 22 _ روي أنّ قوماً شكوا إليه ملوحة مائهم، فأشرف علي بئرهم وتفل فيها، وكانت مع ملوحتها غائرة فانفجرت بالماء العذب، فهاهي يتوارثها أهلها ويعدّونها أعظم مكارمهم، وهذه البئر بظاهر مكّة تسمي الزاهر واسمها العسيلة [195] . 23 _ أتي النبي(صلي الله عليه وآله) بدلو; فتوضّأ منه فمضمض، ثمّ مجّ في الدلو مسكاً، أو أطيب منه، واستنثر خارجاً منه [196] . 24 _ عن حذيفة بن اليمان (في حديث) فقام (يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله)) يغتسل وسترته ففضلت منه فضلة في الإناء، فقال: إن شئت فارعه وإن شئت فصبّ عليه قلت: يا رسول الله هذه الفضلة أحبّ إليّ ممّا أصبّ عليه. الحديث [197] . 25 _ عن أمّ حكيم عن أمّ إسحاق قالت: هاجرت مع أخي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)بالمدينة... فقدمت ودخلت علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو يتوضّأ قلت: يا رسول الله(صلي الله عليه وآله)قتل إسحاق وأنا أبكي وهو ينظر إليّ، فإذا نظرت إليه نكس في الوضوء، فأخذ كفّاً من ماء فنضحه في وجهي. قالت أمّ حكيم: ولقد كانت تصيبها العظيمة فتري الدموع في عينيها ولا تسيل علي خدّها [198] . 26 _ عن

جابر بن عبدالله، أنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) توضّأ في طست فأخذته فصببته في [ صفحه 82] بئر لنا [199] . 27 _ عن رفاعة بن رافع قال: خرجت أنا وأخي خلاد إلي بدر علي بعير لنا أعجف، حتي إذا كنّا بموضع البريد الذي خلف الروحاء برك بعيرنا.. إذ مرّ بنا رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: ما لكما؟ فأخبرناه أ نّه برك علينا، فنزل رسول الله(صلي الله عليه وآله) فتوضّأ ثم بزق في وضوئه، ثمّ أمرنا ففتحنا له فم البعير فصبّ في جوف البكر من وضوئه، ثمّ صبّ علي رأس البكر، ثمّ علي عنقه ثمّ علي حاركه ثمّ علي سنامه ثمّ علي عجزه ثمّ علي ذنبه، ثمّ قال: اللهمّ احمل رافعاً وخلاداً، فمضي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فقمنا نرتحل. الحديث [200] . 28 _ قال عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي لمعاوية: إنّ الحسن بن عليّ رجل عيّ، فقال معاوية: لا تقولا ذلك، فإنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قد تفل في فيه، ومن تفل رسول الله(صلي الله عليه وآله) في فيه فليس بعيّ [201] .

نظرة في الأحاديث

لا مجال للريب في هذه الأحاديث; بعد نقل الحفّاظ الأعلام لها في كتبهم وإخراجها في أسفارهم، سيما الصحاح كالبخاري ومسلم والنسائي وأبي داود وابن ماجة وغيرهم، مع تظافرها أو تواترها لفظاً أو معني. كما أ نّه لا مجال للشكّ في دلالتها; لوضوح كون أعمال الصحابة رضي الله عنهم التبركية، وتقرير النبي(صلي الله عليه وآله) لعملهم بل أمره لهم بذلك كما في حديث طلق بن عليّ وحديث وفد بني حنيفة وترغيبه(صلي الله عليه وآله) إيّاهم فيه كما في حديث حنين، أو جري [ صفحه 83] عمله(صلي الله عليه

وآله) علي ذلك كما في حديث إفراغ ماء الوضوء علي عليّ وفاطمة(عليهما السلام)كما أن شرب أمير المؤمنين(عليه السلام) ماء غسل النبي(صلي الله عليه وآله) من جفونه كعمل النبي(صلي الله عليه وآله)، وهو كلّ ذلك دليل قاطع علي الجواز. ويستفاد منها أيضاً جواز التوسل والاستشفاء، كما في حديث جابر، وحديث شرب عليّ(عليه السلام) ما اجتمع في جفونه(صلي الله عليه وآله)، وحديث سعد عن جمع من الصحابة، بل كلّ تبرّك توسل في الحقيقة، إذ المتبرّك يريد الوصول إلي البركة والرحمة والخير، بسبب المبارك الذي تبرّك به. هذا معني لطيف في هذه الروايات المتظافرة بل المتواترة، فعليك بالتدقيق والتنقيب في هذا المعني حتي تستفيد من الأحاديث الآتية أيضاً. وأوجّه أنظار القرّاء الكرام إلي ما أشرنا إليه سابقاً، من أنّ المسلم كان يأتي ويطلب منه الدعاء، وهو(صلي الله عليه وآله) يلبّي حاجته بالمسح، والمسّ، وإعطاء سؤره، وفضل وضوئه، أو تفله، وبصاقه، أو بما مجّ فيه، أو تمضمض وتفل فيه مشفوعاً بالدعاء أو بدونه، وهذا من ألطف التنبيهات علي عدم انحصار بركات وجوده الشريف بالدعاء فقط، بل هو رحمة كلّه ومنبع كلّ فيض ومنشأ كلّ خير.

التبرك بسؤره في شرابه و طعامه أو ماء مج أو تفل فيه

1 _ قال سعيد بن المعلّي: كنت أطلب البئار التي كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يستعذب منها، والتي برّك فيها وبصق فيها، فكان يشرب من بئر بضاعة وبصق فيها وبرّك [202] . وكان يشرب من بئر مالك بن النضر بن ضمضم، وهي التي يقال لها بئر أبي أنس، وكان يشرب من بئر جنب قصر بني هديلة اليوم، وكان يشرب من جاسم بئر أبي الهيثم بن التيهان، وكان يشرب من بئر السقيا، وكان يشرب من بئر [ صفحه 84] غرس وبرّك فيها [203]

. وكان يشرب من العبيرة، وقف علي بئرها فبصق فيها وشرب منها وبرّك، وكان يشرب من بئر رومة بالعقيق. وقال أنس بن مالك: جئنا مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) قبا، فانتهي إلي بئر غرس وأنه ليستقي منها علي حمار، ثمّ نقوم عامّة النهار ما نجد فيها ماء، فمضمض رسول الله(صلي الله عليه وآله)في الدلو وردّه فيها فجاشت الرواء. وعن سعد قال: سمعت عدّة من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) فيهم أبو أسيد وأبو حميد وأبو سهل بن سعد يقولون: أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بئر بضاعة فتوضّأ في الدلو وردّه في البئر ومجّ في الدلو مرّة أخري وبصق فيها وشرب من مائها، وكان إذا مرض المريض في عهده يقول: اغسلوه من ماء بضاعة، فيغسل فكأنّما حلّ من عقال. وعن محمود بن الربيع أنه يعقل مجّة مجّها رسول الله(صلي الله عليه وآله) في الدلو في بئر أنس. عن ابن طوالة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: شرب رسول الله(صلي الله عليه وآله) من بئرنا هذه [204] . 2 _ قال أبو موسي: دعا النبي(صلي الله عليه وآله) بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه ومجّ فيه، ثمّ قال لهما: اشربا منه وأفرغا علي وجوهكما ونحوركما. قال ابن حجر في الفتح: والغرض بذلك _ يعني المجّ _ إيجاد البركة فيه. وفي رواية عنه قال: كنت عند النبي(صلي الله عليه وآله) وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال، فأتي النبي(صلي الله عليه وآله) أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: أبشر، [ صفحه 85] فقال: قد أكثرت عليّ من أبشر، فأقبل علي أبي موسي وبلال كهيئة الغضبان فقال: رد البشري فاقبلا أنتما، قالا:

قبلنا ثمّ دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجّ فيه ثمّ قال: اِشربا منه وأفرغا علي وجوهكما ونحوركما وأبشرا، فأخذا القدح ففعلا فنادت أمّ سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمّكما فأفضلا لها منه طائفة [205] . 3 _ عن عبد الجبّار بن وائل قال: حدّثني أهلي عن أبي قال: أتي النبي(صلي الله عليه وآله)بدلو من ماء فشرب من الدلو ثمّ مجّ في الدلو ثمّ صبّ في البئر، أو قال: شرب من الدلو ثمّ مجّ في البئر ففاح منها مثل رائحة المسك. وفي رواية ابن ماجة: قال رأيت النبي(صلي الله عليه وآله) أتي بدلو فمضمض منه فمجّ فيه مسكاً أو أطيب من المسك واستنثر خارجاً من الدلو [206] . 4 _ في الحديبية: عن أبي مروان عن رجل من أسلم من ناجية يقول: دعاني رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين شكوا إليه قلّة الماء، فأخرج سهماً من كنانته ودفعه إليّ ودعاني بدلو من ماء البئر فجئته به فتوضّأ، فقال: مضمض فاه ثمّ مجّ في الدلو... فقال: إنزل بالماء فصبّه في البئر وأثر ماءها بالسهم، ففعلت [207] . 5 _ عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي عن أمّه، قالت: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) عند جمرة العقبة راكباً، ووراءه رجل يستره من رمي الناس... ثمّ انصرف فجاءته امرأة معها ابن لها به مسّ فقالت: يا نبي الله ابني هذا تعني أدع له قال: فأمرها فدخلت بعض الأخبية، فجاءت بتور من حجارة فيه ماء فأخذ بيده [ صفحه 86] فمجّ فيه ودعا فيه وأعاده وقال: اسقيه اغسليه منه قالت: فتبعتها فقلت: هب لي من هذا الماء فقالت: خذي منه فأخذت منه حفنة فسقيتها

ابني عبدالله فعاش، فكان من برئه ما شاء الله أن يكون _ الحديث _ [208] . 6 _ عن محمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي أنه قال: ما أنسي مجّة مجّها رسول الله(صلي الله عليه وآله) من بئر من دارنا في وجهي. وفي بعض الأسانيد: وأنا ابن خمس سنين [209] . 7 _ عن طاووس قال: أمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) أن يفيضوا نهاراً، وأفاض في نسائه ليلا وطاف بالبيت علي ناقته، ثمّ جاء زمزم فقال: ناولوني فنوول دلواً فشرب منها ثمّ مضمض فمجّ في الدلو، ثمّ أمر به فأفرغ في البئر يعني (زمزم) [210] . 8 _ وفد الأقعس بن سلمة إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) في وفد بني سحيم من بني حنيفة... فردّهم إلي قومهم وأمرهم أن يدعوهم إلي الإسلام، وأعطاهم إداوة من ماء قد تفل فيه أو مجّ وقال:... فلينضحوا بهذه الإداوة مسجدهم _ الحديث _ [211] . 9 _ عن عبدالله بن عمير السدوسي قال: حدّثني أبي عن جدّي أ نّه جاء بإداوة من ماء من عند رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأ نّه قال له: إذا أتيت بلادك رشّ به تلك البقعة واتخذها مسجداً (كذا في الإصابة). وفي لفظ أسد الغابة: أنه جاء بإداوة من عند رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وقد غسل النبي(صلي الله عليه وآله) [ صفحه 87] فيها ومضمض في الماء، وغسل يديه وذراعيه، ثمّ ملأ الإداوة وقال: لا ترون ماء إلاّ ملأت الإداوة علي ما بقي فيها فإذا أتيت بلادك _ الحديث _ [212] . 10 _ دخل رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي أمّ هاني بنت أبي طالب قالت: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله)دخل

عليها يوم الفتح، فأتته بشراب فشرب منه، ثمّ فضلت منه فضلة فناولها فشربته، ثمّ قالت: يا رسول الله لقد فعلت شيئاً ما أدري يوافقك أم لا، فقال: وما ذاك يا أمّ هاني؟ قالت: كنت صائمة فكرهت أن أردّ فضلك فشربته. وفي لف0: فكرهت أن أردّ سؤرك. وفي لفظ الطبقات: فقالت: لقد شربت وأنا صائمة قال: فما حملك علي ذلك؟ قالت: من أجل سؤرك، لم أكن لأدعه لشيء لم أكن أقدر عليه، فلمّا قدرت عليه شربته [213] . 11 _ عن نضر بن نضلة الغفاري، أن أباه لقي النبي(صلي الله عليه وآله) بمرس، فهجم عليهم شوائل فحلب لرسول الله(صلي الله عليه وآله) في إناء فشرب وشربت فضلة إنائه _ الحديث _ [214] . 12 _ عن أنس بن مالك (رجل من بني عبدالله بن كعب ثمّ أحد بني الحريش من بني عامر بن صعصعة) قال: أغارت علينا خيل رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأتيت النبي(صلي الله عليه وآله)وهو يتغدي فقال: ادن فَكُلْ، قال: قلت: إنّي صائم قال: اجلس أحدّثك عن الصوم والصيام... فيالهف نفسي هلاّ كنت طعمت من طعام رسول الله(صلي الله عليه وآله) [215] . 13 _ عميرة بن مسعود الأنصارية حدّثت أنّها دخلت علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)هي وأخواتها، وهن خمس يبايعنه فوجدنه وهو يأكل قديداً فمضغ لهن قديدة، ثمّ [ صفحه 88] ناولهن إيّاها، فقسمنها فمضغت كلّ واحدة منهنّ قطعة، فلقين الله عزّوجلّ، ما وجدن في أفواههن خلوفاً ولا اشتكين من أفواههن شيئاً [216] . 14 _ عن ابن عبّاس قال: دخلت مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) أنا وخالد بن الوليد علي ميمونة بنت الحارث، فقالت: ألا أطعمكم من هدية أهدتها

لنا أمّ عقيق؟ فقال: بلي، فجيء بضبّين مشويّين فتبزّق رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقال له خالد بن الوليد: كأنّك تقذره، قال: أجل، قالت: ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا؟ قال: بلي، قال: فجيء بإناء من لبن فشرب رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأنا عن يمينه وخالد عن شماله فقال لي: اشربه هو لك وإن شئت آثرت به خالداً، فعلمت ما كنت لأوثر بسؤرك عليّ أحداً _ الحديث _ [217] (والصحيح فقلت كما في الترمذي). 15 _ عن حنش بن عقيل وكان من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) قال: سقاني رسول الله شربة سويق; شَرِب أوّلها وشربت آخرها. يعني أ نّه (صلي الله عليه وآله) شرب أوّلا لتحصل البركة فيها ثمّ ناوله الإناء فشرب بقيّته قال: فما برحت أجد شبعها إذا جعت وريّها إذا عطشت [218] . 16 _ روي الطبراني عن امرأة بذيّة اللسان جاءته(صلي الله عليه وآله) وهو يأكل قديداً فقالت: أفلا تطعمني؟ فناولها من بين يديه، فقالت: لا، إلاّ الذي في فيك فأخرجه فأعطاه لها، فأكلته فلم يعلم منها بعد ذلك شيء ممّا كانت عليه من البذاءة [219] . [ صفحه 89] 17 _ شرب مقداد بن الأسود اللبن ولم يبق لرسول الله(صلي الله عليه وآله) شيئاً، ثمّ جاء رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقام فحلب له مرّة أخري، فشربه النبي(صلي الله عليه وآله) ثمّ شرب سؤره فقال: قلت: يا رسول الله كان منّي كذا وكذا، فقال: ما هذه إلاّ رحمة من الله لو كنت أيقظت صاحبيك فأصابا منها، فقلت: والذي بعثك بالحقّ ما أبالي إذا أصبتها وأصبت فضلك من أخطأها من الناس. وفي مسلم... قال: فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي

إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس.. وفي مسند أحمد... إذا أصابتني وإيّاك الكرامة فما أبالي من أخطأت [220] . 18 _ وفي الشفا أيضاً وأتاه رجل ذو إدرة _ وهي انتفاخ في الخصيتين _ فأمره أن ينضحها بماء من عين مجّ فيها، ففعل فبرئ [221] . 19 _ جلس ابن عبدالله بن أبيّ إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فشرب رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال له: بالله يارسول الله أما أبقيت فضلة من شرابك أسقها أبي لعلّ الله يطهّر بها قلبه؟! فأفضل له فأتاه بها فقال له عبدالله: ما هذا؟ قال: هي فضلة من شراب النبي(صلي الله عليه وآله)جئتك بها تشربها، لعلّ الله يطهر قلبك بها، فقال له أبوه: فهلاّ جئتني ببول أمّك فإنّه أطهر منها فغضب، وجاء إلي النبي(صلي الله عليه وآله) وقال: يا رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالله أما أذنت لي في قتل أبي؟ فقال النبي(صلي الله عليه وآله): بل ترفق به وتحسن إليه. وجاء أن ابنه قال: يا رسول الله ذرني أسقي والدي من وضوئك لعلّ قلبه أن يلين! فتوضّأ(صلي الله عليه وآله) وأعطاه فذهب به إلي أبيه فسقاه وقال له: هل تدري ما سقيتك؟ قال: نعم سقيتني بول أمّك، قال: لا والله لكن سقيتك بول رسول الله(صلي الله عليه وآله) [222] . [ صفحه 90] 20 _ عن أمالي الحاكم: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كان يوماً قائظاً [223] فلمّا انتبه من نومه دعا بماء فغسل يديه، ثمّ مضمض ماءً ومجّه إلي عوسجة، فأصبحوا وقد غلظت العوسجة وأثمرت وأينعت بثمر أعظم ما يكون في لون الورس ورائحة العنبر وطعم الشهد، والله ما أكل جائع إلاّ شبع ولا ظمآن

إلاّ روي ولا سقيم إلاّ برئ ولا أكل من ورقها حيوان إلاّ درّ لبنها، وكان الناس يستشفون من ورقها [224] . 21 _ عن سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال: أتي النبي(صلي الله عليه وآله) بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال: يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ قال: ما كنت لأؤثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله فأعطاه إيّاه [225] . 22 _ عن أنس بن مالك: أنّها حلبت لرسول الله(صلي الله عليه وآله) شاة داجن وهي في دار أنس بن مالك وشيب لبنها بماء من البئر التي في دار أنس، فأعطي رسول الله(صلي الله عليه وآله)القدح فشرب منه حتّي إذا نزع القدح من فيه وعلي يساره أبو بكر وعن يمينه أعرابي، فقال عمر: وخاف أن يعطيه الأعرابي أعطِ أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي علي يمينه ثمّ قال: الأيمن فالأيمن [226] . لِمَ خاف عمر من أن يعطيه الأعرابي؟ ولِمَ قدّم أبا بكر؟ فهل هذا إلاّ تشرّفاً وتبرّكاً بفضله وسؤره(صلي الله عليه وآله). 23 _ عن حكيم بن حزام قال: أتي النبي(صلي الله عليه وآله) بإناء فيه لبن وعن يمينه رجل من أهل البادية ومن يساره رجل من أصحابه وهو أسنّ منه، فلمّا قضي النبي(صلي الله عليه وآله) [ صفحه 91] حاجته من الشراب قال: يا فتي هذا لك، فتأذن لي فأسقيه؟ قال: هو لي؟ قال: نعم قال: لن أعطي نصيبي من سؤرك أحداً فناوله النبي(صلي الله عليه وآله) فشرب [227] . 24 _ عن عليّ قال: كنت أرمد من دخان الحصن، فدعاني رسول الله(صلي الله عليه وآله) فتفل عليه وغمزها باصبعه فما

رمدت بعد [228] . 25 _ كانت الأنصار تقول: من أكل الفريكة فضح قومه، وأنّ النبي(صلي الله عليه وآله) أتي بفريكة ففركها وتفل فيها من ريقه ثمّ ناولها غلاماً من الأنصار فأكلها [229] (عن أبي هريرة).

نظرة في الأحاديث

يستفاد من الأحاديث المتقدّمة أيضاً اهتمام الصحابة بآثار النبي(صلي الله عليه وآله)، ولذلك اهتموا بالآبار التي شرب منها النبي(صلي الله عليه وآله) أو بصق فيها أو تفل أو مجّ فيها، حتّي ضبطها العلماء الحفّاظ للآثار النبوية، وقد جمع شتاتها وأوضح مجملاتها السمهودي في كتابه القيّم وفاء الوفاء _ وسيأتي كلامه مختصراً _ بل كانوا يستشفون بتلك الآبار، ومرّ حديث سعد «وكان إذا مرض المريض في عهده (أي عهد النبي(صلي الله عليه وآله)) يقول: «اغسلوه من ماء بضاعة فيغسل فكأنّما حلّ من عقال». وأمر(صلي الله عليه وآله) بالاستشفاء بماء مجّ فيه ودعا فيه كما في حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص، وكذا أمر وفد بني حنيفة بأن يرشوا مسجدهم بماء وضوئه أو ماء تفل ومجّ فيه أو ماء مضمض فيه وغسل يديه وذراعيه، ومعلوم أ نّه أمر بالتبرّك وإلاّ فلا [ صفحه 92] خصوصية لهذا الماء المحمول من المدينة، وإتعاب النفس فيه كما هو واضح. وهذه الأحاديث كالأحاديث المتقدّمة والآتية، لا يحتاج إلي التدقيق في سندها ونقده لتواترها الإجمالي والمعنوي مضافاً إلي نقل الصحاح قسماً منها. ويظهر من الأحاديث أيضاً جواز التوسل والاستشفاء والاستشفاع، بل التبرّك في الحقيقة توسل كما تقدّم بيانه، بل السائل كان يطلب الدعاء وهو(صلي الله عليه وآله) يمجّ في الماء ويعطيه مشفوعاً بالدعاء أو بدونه.

التبرك بماء أدخل فيه يده أو بركه بشيء

1 _ عن أنس بن مالك قال: كان _ رسول الله(صلي الله عليه وآله) _ أشدّ الناس لطفاً، والله ما كان يمتنع في غداة باردة من عبد ولا أمة تأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه [230] . 2 _ عنه أيضاً قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا صلّي جاء خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء،

فما يؤتي بماء إلاّ غمس يده فيها، فربما جاؤوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها [231] . 3 _ قال عابس بن جعدة التميمي: كنت في مجلس رسول الله(صلي الله عليه وآله) فرشّ علي قوم في المجلس ماء، فأصابني من رشّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) [232] . 4 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري في غزوة الخندق _ في حديث طويل _ جاء النبي(صلي الله عليه وآله) يقدم الناس فأخرجت له عجيناً فبصق فيه وبارك، ثمّ عمد إلي برمتنا فبصق فيها وبارك [233] . [ صفحه 93] 5 _ مرّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) في غزوة تبوك علي ماء نزر لا يملأ الإداوة، فسمّي ذلك المكان تبوكاً، ثمّ استخرج مشقصاً من كنانته فقال: انزل فأغرسه، فنزل فغرسه فجاش عليه الماء _ وفي هذه القصّة _ قال إبراهيم بن بكر: جاء أبو عقال رجل من جذام كان يقال: إنّه من الأبدال فقال: دلوني علي هذه البركة التي جاء إليها رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهي حسي لا تملأ الأدواة، فدعا الله فبجسها فخرجنا به حتي وقف عليها فقال: نعم نعم هي هي والله، إنّ ماءً أنبطه جبرئيل وبرّك فيه محمّد(صلي الله عليه وآله) لعظيم البركة قال: فلم تزل علي ذلك حتي بعث عمر بن الخطّاب ابن عريض اليهودي فطواها. قال ابن حجر: وفي سند هذا الحديث من لا نعرفه [234] . وعن معاذ بن جبل قال _ في غزوة تبوك _ ثمّ قال: إنّكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك _ إلي أن قال _ ثمّ غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا، حتّي اجتمع في شيء قال: وغسل رسول الله(صلي الله عليه وآله)

فيه يديه ووجهه ثمّ أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر أو قال: غزير حتي استقي الناس [235] . 6 _ عن ثابت بن قيس عن رسول الله(صلي الله عليه وآله) أنه دخل علي ثابت بن قيس. قال أحمد: وهو مريض فقال: «اكشف الباس ربّ الناس» عن ثابت ابن قيس: ثمّ أخذ تراباً من بطحان، فجعله في قدح ثمّ نفث فيه بماء وصبّه عليه [236] . 7 _ عن البراء بن عازب قال: كنّا مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) في سفر فأتينا علي ركي [ صفحه 94] ذمة [237] فنزل فيها ستّة أنا سابعهم أو سبعة أنا ثامنهم قال ماحه [238] فأدليت إلينا دلو، ورسول الله(صلي الله عليه وآله) علي شفة الركي فجعلت فيها نصفها أو قراب ثلثها فرفعت الدلو إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، قال البراء: وكدت بإنائي هل أجد شيئاً أجعله في حلقي فما وجدت فغمس يديه فيها، وقال ما شاء الله أن يقول، وأعيدت إلينا الدلو بما فيها ولقد أخرج آخرنا بثوب مخافة الغرق ثمّ ساحت [239] . 8 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قد رأيتني مع النبي(صلي الله عليه وآله)وقد حضرت العصر، وليس معنا ماء غير فضلة، فجعل في إناء فأتي النبي(صلي الله عليه وآله)فأدخل يده فيه وفرّج أصابعه، ثمّ قال: حيّ علي أهل الوضوء البركة من الله، فلقد رأيت الماء يتفجّر من بين أصابعه فتوضّأ الناس وشربت، فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني فعلمت أ نّه بركة. والمعني أنه جعل يستكثر من شربه من ذلك الماء لأجل البركة [240] . 9 _ عن عبدالله قال: كنّا نعد الآيات بركة وأنتم تعدّونها تخويفاً، كنّا

مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) في سفر فقلّ الماء فقال: اطلبوا فضلة من ماء فجاءوا بإناء فيه ماء قليل فأدخل يده في الإناء، ثمّ قال: حيّ علي الطهور المبارك والبركة من الله فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ولقد كنّا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. وفي الدارمي «فتوضأوا وجعلت لا همَّ لي إلاّ ما أدخله بطني لقوله والبركة [ صفحه 95] من الله» [241] . 10 _ روي أن أعرابياً جاء إليه فشكي إليه نضوب ماء بئرهم، فأخذ حصاة أو حصاتين، وفركها بأنامله ثمّ أعطاها الأعرابي وقال: أرمها بالبئر، فلمّا رماها فيها فار الماء إلي رأسها [242] . 11 _ روي عن زياد بن الحارث الصيداوي صاحب النبي(صلي الله عليه وآله) في حديث «ثمّ قلنا: إنّ لنا بئراً إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليه وإذا كان الصيف قلّ ماؤها.. فادع الله لنا في بئرنا، فدعا بسبع حصيات ففركهن في يده ودعا فيهن ثمّ قال: «اذهبوا بهذه الحصيات، فإذا أتيتم البئر فالقوا واحدة واذكروا اسم الله» قال زياد: ففعلنا ما قال لنا، فما استطعنا إلي أن ننظر إلي قعر البئر ببركة رسول الله(صلي الله عليه وآله) [243] .

نظرة في الأحاديث

هذه الأحاديث أيضاً تفيد تبرّك الصحابة رضي الله عنهم بما مسّ جلده الشريف، بل تفيد أن ذلك كان سيرة مستمرّة لهم حتّي في الغداة الباردة ولا يشكّ في هذا متدبِّر منصف. إلاّ أنّ العجب ممّا في رواية إبراهيم بن بكر من إرسال عمر بن الخطّاب ابن عريض اليهودي لطمس آثار العين المذكورة ومحو أثر ماء أنبطه جبرئيل، وبرّك فيه محمّد(صلي الله عليه وآله) كما في الحديث. أما كان في

وسعه أن يتبرّك به كما كان يتبرّك به [ صفحه 96] الصحابة الكبار رضي الله عنهم، أو علي الأقل يسكت؟ أما شاهد تبرّكهم في مرأي ومسمع من الرسول(صلي الله عليه وآله) وتقريره لهم وأمره إيّاهم بذلك كما ثبت سابقاً؟ ولِمَ أرسل يهودياً أما كان في المسلمين غني وكفاية؟ أم كان المسلمون لا يطيعونه في ذلك، أم أن هذا مفتعل عليه، أو هو اجتهاد من الخليفة في مقابل أعمال الصحابة وتقرير النبي(صلي الله عليه وآله)بل في قبال أوامره الصريحة بذلك، وكلّ ذلك كان بمرأي منه ومسمع. وهذه المسألة يأتي الكلام حولها في التبرّك بمكان صلاة رسول الله(صلي الله عليه وآله)إن شاء الله تعالي.

تذنيب و تتميم

جمع العلاّمة السمهودي في كتابه القيم «وفاء الوفاء ج3 ص942» أسماء الآبار التي شرب منها النبي(صلي الله عليه وآله) أو توضّأ أو اغتسل منها أو بزق أو مجّ فيها، ولا بأس بنقل كلامه هنا مختصراً فنقول: قال السمهودي: إنّ المسلمين كانوا يتبرّكون ببئر أيّوب وقال في تعريف البخبخة: وبئر أيّوب وأن البئر عن يسار الطريق لمن يريد البقيع ويريد قبر عثمان قال: وإن من يريد طريق سيّدنا حمزة في يسار حديقة تعرف بالرباطية وقف رباط اليمنة، بها بئر، قال المراغي: تعرف ببئر أيّوب أيضاً يتبرّك بها الناس وهي بالقرب من الحديقة المعروفة بدار الفحل. وقال في ج3 ص951: وتقدّم في بيان المحل الذي ضرب منه اللِبِنْ للمسجد النبوي أن البئر المعروف اليوم بالرباطية وقف رباط اليمنة في شامي الحديقة المعروفة بالرومية بقرب دار فحل، يتبرّك بها الفقراء كما ذكره الزين المراغي وقال: إنّها تعرف ببئر أيّوب، وكذلك البئر ذات الدرج التي في شرقيها في الحديقة المعروفة بأولاد المصطفي تعرف ببئر أيّوب أيضاً.

[ صفحه 97] قلت: والمعروف اليوم ببئر أيّوب إنّما هي الثانية والظاهر أنّها بئر أبي أيّوب الأنصاري، وأمّا الأولي فالظاهر أنّها بئر أنس; لأنّها في جهة السرب الذي ذكره ابن شبه قرب منازل بني جديلة ولتبرّك الناس بها قديماً... وفي ص953 في بيان الآبار التي أتاها النبي(صلي الله عليه وآله) وشرب منها وتوضّأ قال: ومنها بئر أخري إذا وقفت علي هذه يعني بئر السقيا وأنت علي جادّة الطريق وهي _ يعني السقيا _ علي يسارك كانت هذه علي يمينك... ولم يزل أهل المدينة قديماً وحديثاً يتبرّكون بها ويشربون من مائها وينقل إلي الآفاق منها كما ينقل من ماء زمزم، ويسمّونها ب_ (زمزم) أيضاً لبركتها. ثمّ ذكر في ص954: بئر البُصَّة، وأنه(صلي الله عليه وآله) صبّ فيها غسالة رأسه ومراقة شعره. وأن الفقيه الصالح القدوة أبا العبّاس أحمد بن موسي بن عجيل وغيره من صلحاء اليمن إذا جاءوا للتبرّك بالبصة لا يقصدون إلاّ الكبري القبلية، ثمّ ساق في تعيينها كلاماً طويلا لا مجال لذكره. ثمّ قال في ص956: بئر بضاعة _ بضم الموحدة علي المشهور وحكي كسرها وبفتح الضاد المعجمة وأهملها بعضهم _ بصق(صلي الله عليه وآله) فيها وبرّك علي بضاعة، وكان إذا مرض المريض في أيّامه يقول: اغسلوني من ماء بضاعة، فيغسل فكأنّما ينشط من عقال. قالت أسماء: كنّا نغسل المرضي من بئر بضاعة ثلاثة أيّام فيعافون. ثمّ ساق الكلام في الآبار التي شرب منها النبي(صلي الله عليه وآله) أو توضّأ منها فذكر في ص959: أن بئر جاسوم قد شرب منها النبي(صلي الله عليه وآله) وفي ص960: بئر جمل وأن النبي(صلي الله عليه وآله) توضّأ منها وفي ص961: بيرحاء كان (صلي الله عليه وآله) يدخلها

ويشرب منها وص966: بئر ذرع توضأ(صلي الله عليه وآله) منها وبصق فيها وص967: بئر رومة وص971 بئر السقيا، وأطال الكلام فيهما فقال في ص973: وتقدّم في بئر إهاب: أنّ المطري تردّد في أنّ هذه السقيا لقربها من الطريق أم هي البئر المعروفة اليوم بزمزم، لتواتر [ صفحه 98] التبرّك بها... ثمّ ذكر في ص978: بئر العهن فقال: لم يذكروا شيئاً يتمسّك به في فضلها ونسبتها إلي النبي(صلي الله عليه وآله)، لكن لم يزل الناس يتبرّكون بها، والذي ظهر لي بعد التأمّل أنّها بئر اليسيرة، وأنّ النبي(صلي الله عليه وآله) نزل عليها وتوضّأ وبصق فيها. ثمّ ذكر في ص978: بئر غرس _ بضم المعجمة كما رأيته في خط الزين المراغي _ وقال: إنّه(صلي الله عليه وآله) شرب منها وبصق فيها (ثمّ أطال الكلام فيها). ثمّ ذكر في ص981 _ 982: بئر القراصة في حديقة جابر، وأ نّه(صلي الله عليه وآله) توضّأ منها ثمّ قام إلي المسجد فصلّي ركعتين. وكذا بئر القريصة، وأ نّه(صلي الله عليه وآله) توضّأ منها. وكذا بئر اليسيرة، وأ نّه(صلي الله عليه وآله) بصق فيها وبرّك فيها. ثمّ ذكر في ص984: عين كهف بني حرام، وأ نّه(صلي الله عليه وآله) توضّأ منها. وذكر في ص943: بئر ريس ونقل سقوط خاتم عثمان فيها، وساق الكلام فقال: في ص947: أ نّه(صلي الله عليه وآله) تفل فيها ونقل في ص949: بئر الأعواف أحد صدقات النبي(صلي الله عليه وآله)، فقال: إنّه (صلي الله عليه وآله) توضّأ علي شفة البئر، فسال الماء فيها ونبتت نابتة علي أثر وضوئه(صلي الله عليه وآله)، ولم تزل فيها حتّي الساعة. وغرضه من ذكر هذه الآبار، كما في عنوان الفصل، ذكر الآبار المباركات

بوقوع بصاقه فيها أو وضوئه أو شربه منها أو مجّه(صلي الله عليه وآله) فيها، وغرضنا من نقل كلامه بيان كون التبرّك بهذه الآبار شائعاً واضحاً عند الصحابة رضي الله عنهم، وكذا التابعين إلي زمن السمهودي المتوفي سنة 911، من دون أي إنكار من أحد من العلماء وغيرهم، وذلك واضح بعد التأمّل فيما تقدّم ويأتي من الأدلّة. [ صفحه 101]

التبرك بشعره

يوجد هنا قسم آخر من النصوص; يدلّ علي تبرُّك الصحابة رضي الله عنهم بشعره(صلي الله عليه وآله) وعرقه وبصاقه ونخامته وظفره، وكانوا يحفظون ويستشفون بشعره، ويحبّون أن يكون شيء منه عندهم، حتّي لقد قال أبو عبيدة: هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، وأمّ سلمة أمّ المؤمنين تحفظ شعره، فمن اشتكي من أهل المدينة أرسل إناءه إلي أمّ سلمة فتجعل فيه من شعرات رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وتغسلها فيه وتعيده فيشربه صاحب الإناء أو يغتسل به استشفاء فيحصل له الشفاء ببركتها. وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله) نفسه يقسِّم شَعره حينما يحلق رأسه بين أصحابه، ويأمر أبا طلحة أن يقسم شعره بين الناس في حجّة الوداع وعمرة الحديبية، ويطيف به أصحابه، ولا يسقط من شعره شيء إلاّ أخذوه، وما يريدون أن تقع شعرة إلاّ بيد رجل، ويذهب كلّ منهم بما أصابه من الشعر يحفظه، كما يحفظ صفراءه وبيضاءه، ويتبرّك به ويفتخر بكونه عنده. وهذه أمّ سليم تدوف عرقه في طيبها، وتجعله في قارورة بل تدوف شعره(صلي الله عليه وآله)في الطيب. [ صفحه 102] وهذا خالد بن الوليد يجعل شعره(صلي الله عليه وآله) في قلنسوته، ويستنصر علي الأعداء في الحروب ببركته، ولمّا سقطت قلنسوته يوم اليمامة شدّ علي الأعداء، ففرّقهم حتّي أخذها، فأنكر عليه بعض

الصحابة ذلك، (قبل علمهم بما فيها من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله)) لظنّهم أ نّه خاطر بنفسه لقلنسوة لا قيمة خطيرة لها، فأخبرهم بما فيها من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وأ نّه فعل ذلك كراهة أن تقع الشعرة بيد المشركين، فرضوا عنه وأثنوا عليه، بل إ نّه هو حينما قسّم شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) أخذه وجعله علي عينيه وفمه. وهذا ابن سيرين يقول: لأن يكون عندي منه شعرة أحبّ إليّ من الدنيا بما فيها. وهذا معاوية بن أبي سفيان يوصي أن يدفن معه شيء من شعره (صلي الله عليه وآله)وظفره، وإن كانت الوصية رياءً أو جلباً لرضا العامّة، وفيهم الصحابي وغيره، إذ يكشف ذلك عن نظر عامّة المسلمين وفيهم الصحابة في التبرّك بآثاره(صلي الله عليه وآله). وهذا الوليد بن أبي الوليد يغسل الشعر ويشربه. وهذا أنس بن مالك يوصي أن يجعل في حنوطه شعرة من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله). وهذه عائشة أمّ المؤمنين تحتفظ بشعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وتهتم به. وهذا محمد بن سيرين لمّا مات حنط بسك فيه شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وكان يعجبه أن يحنط به. وهذا يحيي بن خالد يحفظ شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) في جلجل، والناس يغسلونه ويتبرّكون به. وهؤلاء آل أبي عبيدة يحفظون فيما بينهم شعرات من رسول الله(صلي الله عليه وآله). وهذا عمر بن عبد العزيز يوصي أن يجعل شعره وظفراً من أظفاره(صلي الله عليه وآله) في كفنه. وهذا أحمد بن حنبل يوصي أن يجعل شعره(صلي الله عليه وآله) علي عينيه ولسانه. [ صفحه 103] وبعد هذا كلّه، أفيمكن أن يقال: إنّ الصحابة رضي الله عنهم

والتابعين لم يكونوا قائلين بجواز التبرّك أو كانوا بتبرّكهم مشركين _ والعياذ بالله تعالي _ وكان النبي(صلي الله عليه وآله)يقرّرهم علي الشرك أو يأمرهم به؟! حاشا ثمّ حاشا النبي العظيم وصحبه الكرام عن وصمة الشرك وتقريره. وهل يحتمل مسلم مؤمن بالله ورسوله(صلي الله عليه وآله) أن يكون النبي(صلي الله عليه وآله) بتقسيمه الشعر وأمره بالتقسيم، وكذا في إعطائه عرقه لشخص أو ترغيبه فيه معيناً علي الشرك والكفر وآمراً بهما؟! بل كان في التبرّك حقيقة التوحيد وخالص الايمان لايمانهم بأنّ ما يصدر عن الرسول(صلي الله عليه وآله) من إعطاء الله سبحانه وفضله عليه وشدّة إيمانهم بأنّه رسول الله وخيرته من خلقه والمقرّب عنده والمطاع في ملكوته، وهو عبده ورسوله ومبارك من عنده وبإرادته. وها نحن نتلو عليك بعض تلك النصوص كي تتدبّر فيها تدبّر ذي لب سلّم لله تعالي نفسه وقلبه.

تقسيمه شعره

1 _ عن أنس: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) لمّا حلق رأسه كان أبو طلحة أوّل من أخذ من شعره [244] . 2 _ عن المناسك للكرماني: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) لمّا رمي جمرة العقبة رجع إلي منزله بمني ثمّ دعا بذبائح فذبح، ثمّ دعا بالحلاّق فأعطاه شقّه الأيمن فحلقه ثمّ دفعه إلي أبي طلحة ليفرّقه بين الناس، ثمّ أعطاه شقّه الأيسر فحلقه ثمّ دفعه إلي أبي طلحة ليفرّقه بين الناس، قيل: وأصاب خالد بن الوليد شعرات من شعرات ناصيته(صلي الله عليه وآله) [ صفحه 104] وفي الشفا كانت شعرات من شعره(عليه السلام) في قلنسوة خالد، فلم يشهد بها قتالا إلاّ رزق النصر. انتهي من تاريخ الخميس ويأتي عن مسلم [245] . 3 _ عن أنس بن مالك: أنّ رسول الله(صلي الله

عليه وآله) أتي مِني فأتي الجمرة فرماها، ثمّ أتي منزله بِمِني ونَحَرَ ثمّ قال للحلاّق: خذ وأشار إلي جانبه الأيمن، ثمّ الأيسر، ثمّ جعل يعطيه الناس [246] . 4 _ بهذا الاسناد _ قال مسلم: أما أبو بكر فقال في روايته للحلاّق «ها» وأشار بيده إلي الجانب الأيمن هكذا، فقسّم شعره بين من يليه قال: ثمّ أشار إلي الحلاق وإلي الجانب الأيسر فحلقه وأعطاه أمّ سليم. وأمّا في رواية كريب فقال: فبدأ بالشقّ الأيمن فوزّعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثمّ قال: بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثمّ قال: هاهنا أبو طلحة، فدفعه إلي أبي طلحة [247] . 5 _ عن أنس بن مالك أيضاً: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) رمي جمرة العقبة ثمّ انصرف إلي البدن فنحرها، والحجام جالس، وقال بيده عن رأسه فحلق شقّه الأيمن فقسّمه فيمن يليه، ثمّ قال: احلق الشقّ الآخر، أين أبو طلحة؟ فأعطاه إيّاه [248] . 6 _ عنه أيضاً: لمّا رمي رسول الله(صلي الله عليه وآله) الجمرة، ونحر نسكه، وحلق، ناول الحلاّق شقّه الأيمن فحلقه. ثمّ دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إيّاه ثمّ ناوله الشقّ الأيسر فقال: احلق، فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: اقسمه بين الناس [249] . [ صفحه 105] 7 _ عنه أيضاً قال: لمّا رمي النبي(صلي الله عليه وآله) جمرة العقبة، ونحر هديه، حجم وأعطي الحجّام _ وقال سفيان بن مرّة أحد رواة الحديث _ الحجّام وأعطي الحالق شقّه الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة، ثمّ حلق الأيسر فأعطاه الناس [250] . 8 _ عنه أيضاً قال: لمّا أراد رسول الله(صلي الله عليه وآله) أن يحلق الحجام رأسه، أخذ أبوطلحة شعر أحد شق رأسه بيده، فأخذ

شعره فجاء به إلي أمّ سليم، فقال: فكانت أمّ سليم تدوفه في طيبها [251] . 9 _ عن أنس قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) والحلاّق يحلقه، وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلاّ في يد رجل [252] . 10 _ عن ابن سيرين عن أنس قال: لمّا حلق رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسه بِمِني أخذ شقّ رأسه الأيمن بيده، فلمّا فرغ ناولني، فقال: يا أنس انطلق بهذا إلي أمّ سليم فلمّا رأي الناس ما خصّها به من ذلك، تنافسوا في الشقّ الآخر هذا يأخذ الشيء وهذا يأخذ الشيء. قال محمد: فحدّثته عبيدة السلماني فقال: لاَن يكون عندي منه شعرة أحبّ إليّ من كلّ صفراء وبيضاء أصبحت علي وجه الأرض وفي بطنها [253] . 11 _ عن أنس لما حلق (صلي الله عليه وآله) بدأ بشق رأسه الأيمن فحلقه ثمّ ناوله أبا طلحة قال: ثمّ حلق شقّ رأسه الأيسر فقسّمه بين الناس [254] . [ صفحه 106] 12 _ عن عبدالله بن زيد: «فحلق رسول الله(صلي الله عليه وآله) رأسه في ثوبه فأعطاه فقسم منه علي رجال، وقلّم أظفاره فأعطاه صاحبه قال: فإنّه لعندنا مخضوب بالحناء والكتم يعني شعره [255] . 13 _ عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) لمّا حلق شعره يوم النحر، تفرّق الناس وأخذوا شعره فأخذ أبو طلحة منه طائفة. قال ابن سيرين: لاَن يكون عندي منه شعرة أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها [256] . 14 _ لما نحر رسول الله(صلي الله عليه وآله) الهدي دعا الحلاّق، وحضر المسلمون يطلبون من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأعطي

الحلاّق شقّ رأسه الأيمن، ثمّ أعطاه أبا طلحة الأنصاري، وكلَّمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه، فكان يجعلها في مقدّمة قلنسوته فلا يلقي جمعاً إلاّ فضّه [257] . 15 _ عن أبي بكر قال: نظرت إليه يعني خالداً، ورسول الله يحلق رأسه وهو يقول: يارسول الله ناصيتك لا تؤثر بها عليّ أحداً فداك أبي وأمّي فانظر إليه أخذ ناصية رسول الله(صلي الله عليه وآله) فكان يضعها علي عينه وفمه [258] . 16 _ قال:وسألت عائشة من أين هذاالشعرالذي عندكن؟قالت:إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)لمّا حلق رأسه في حجّته، فرّق شعره في الناس فأصابنا ما أصاب الناس [259] . 17 _ بايع جعشم الخير تحت الشجرة وكساه النبي(صلي الله عليه وآله) قميصه ونعليه وأعطاه من شعره [260] . [ صفحه 107] 18 _ كانت شعرات من شعره(صلي الله عليه وآله) في قلنسوة خالد، فلم يشهد بها قتالا إلاّ رزق النصر [261] . 19 _ روي في قصّة الحديبية (كما تقدّم)، أ نّه لا يسقط شيء من شعره إلاّ أخذوه [262] . 20 _ عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة _ السلماني _: عندنا من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)أصبنا من قبل أنس، أو من قبل أهل أنس، قال: لأن تكون عندي شعرة منه أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها [263] . قال في الفتح [264] : فيما يستفاد من الحديث «وفيه التبرّك بشعره(صلي الله عليه وآله)». 21 _ عن عبدالله بن موهب قال: أرسلني أهلي إلي أمّ سلمة بقدح من ماء وقبض إسرائيل [265] _ الراوي عن عثمان بن عبدالله بن موهب عن عبدالله _ ثلاث أصابع من قصة (فضة خ د) فيه

شعر من شعر النبي(صلي الله عليه وآله) وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبة فاطلعت في الحجل فرأيت شعرات حمراً. قال في الفتح: والمراد أ نّه كان من اشتكي أرسل إناءً إلي أمّ سلمة فتجعل فيه تلك الشعرات، وتغسلها فيه، وتعيده فيشربه صاحب الإناء، أو يغتسل به استشفاءً بها، ليحصل له بركتها [266] . [ صفحه 108] 22 _ عن عبدالله بن موهب قال: دخلت علي أمّ سلمة، فأخرجت إلينا شعراً من شعر النبي(صلي الله عليه وآله) مخضوباً [267] . 23 _ عن ابن موهب: أنّ أمّ سلمة أرته شعر النبي(صلي الله عليه وآله) أحمر [268] . 24 _ عن أنس: أنّ أمّ سليم كانت تبسط للنبي(صلي الله عليه وآله) نطعاً، فيقيل عندها علي ذلك النطع. قال: فإذا نام النبي(صلي الله عليه وآله) أخذت من عرقه وشعره، فجمعته في قارورة، ثمّ جمعته في سكك قال: فلمّا حضر أنس بن مالك الوفاة أوصي أن يجعل في حنوطه من ذلك السكك قال: فجعل في حنوطه [269] . 25 _ عثمان بن عبدالله بن موهب قال: دخلنا علي أمّ سلمة، فأخرجت إلينا صرّة فيها شعر من شعر النبي(صلي الله عليه وآله) مخضوباً بالحناء. قال عفان ويونس في حديثهما، والكتم [270] . 26 _ لما حضر معاوية الموت، أوصي بأن يدفن في قميص رسول الله وإزاره وردائه وشيء من شعره [271] . 27 _ عن الوليد بن أبي الوليد: أ نّه رأي شعراً من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله)مصبوغاً [ صفحه 109] بالحنّاء، وليس بشديد الحمرة، وكان يغسله بالماء ثمّ يشربه [272] . 28 _ جعل في حنوط أنس بن مالك صرّة مسك وشعر من

شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) [273] . 29 _ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن _ قال في حديث: _ فرأيت شعراً من شعره(صلي الله عليه وآله) فإذا هو أحمر، فسألت فقيل: أحمر من الطيب [274] . 30 _ أتي رجل من ولد الأنصار إلي الرضا علي بن موسي(عليهما السلام) بحقة فضة مقفل عليها، وقال: لم يتحفك أحد بمثلها ففتحها وأخرج منها سبع شعرات وقال: هذا من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، فميّز الرضا(عليه السلام) أربع طاقات منها وقال: هذا شعره... الحديث [275] . 31 _ عن أبي بكر أنه كان يقول: ما كان فتح أعظم في الإسلام من فتح الحديبية، ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عمّا كان بين محمد وربّه... لقد نظرت إلي سهيل بن عمرو في حجّة الوداع قائماً عند المنحر يقرب إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)بدنة، ورسول الله(صلي الله عليه وآله) ينحرها بيده، ودعا الحلاّق فحلق رأسه، وانظر إلي سهيل يلتقط من شعره وأراه يضعه علي عينيه، وأذكر إباءه أن يقرّ يوم الحديبية بأن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم.... [276] .

نظرة في الأحاديث

لا يخفي علي المتدبّر، أنّ الإختلاف في أحاديث شعر النبي(صلي الله عليه وآله) وقع من جهات، [ صفحه 110] ففي بعضها: «دعا بالحلاّق فأعطاه شقّه الأيمن فحلقه ثمّ دفعه إلي أبي طلحة ليفرّقه بين الناس، ثمّ أعطاه شقّه الأيسر فحلقه ثمّ دفعه إلي أبي طلحة ليفرّقه بين الناس» وفي رواية: «وأشار إلي جانبه الأيمن ثمّ الأيسر ثمّ جعل يعطيه الناس» وفي رواية: «أ نّه قسّم شعره الأيمن وأعطي أبا طلحة الأيسر» وفي لف0: «أنه قسّم الأيمن وأعطي الأيسر أمّ سليم» وفي آخر: «أنه أعطي الأيمن أبا طلحة وقسّم

الأيسر بين الناس» وفي آخر: «أنّ الأيمن أعطاه أبا طلحة وأما الأيسر فتقاسمه الناس هذا يأخذ شيئاً وذاك يأخذ آخر» وفي رواية: «أ نّه حلق رأسه في ثوبه فقسّم منه علي رجال». وللعلماء في هذا الاختلاف كلام يأتي فيما بعد، ولكن التدافع والاختلاف في الخصوصيات إمّا لنسيان أو خطإ أو كذب وافتعال لا يضرّ بالاستدلال علي أصل جواز التبرّك، وأ نّه(صلي الله عليه وآله) أمر بالتقسيم أو قسَّم شعره للتبرّك أو تقاسمه الناس أو أعطي أبا طلحة الأيمن أو الأيسر، وذلك للتواتر المعنوي في أصل المطلب، ولا ينافيه الخلاف في الخصوصيات. وقال في تبرّك الصحابة: فإن قيل في هذه الروايات شبه تدافع فالجواب: أ نّه لا تدافع، إذ يجمع بينها بأنّه ناول أبا طلحة كلاًّ من الشقّين: فأمّا الأيمن فوزّعه أبو طلحة بأمره بين الناس، وأمّا الأيسر فأعطاه لأمّ سليم زوجته بأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله)أيضاً، وزاد أحمد في رواية له: «لتجعله في طيبها» فأمره(صلي الله عليه وآله) بتفريق شعره بين أصحابه للتبرّك به، وحرصهم علي ذلك وازدحامهم عليه حتي ينال أحدهم الشعرة والشعرتين فيه أقوي دليل علي أنّ التبرّك بآثاره (صلي الله عليه وآله) كان أمراً مطرداً شائعاً بين أصحابه رضي الله عنهم شرعاً، لإقرارهم عليه، فلا ينكره إلاّ من لم يخالط بشاشية الايمان قلبه (راجع ص8). وقال: أيضاً ص9: وممّا هو معلوم من تبرّك أصحابه(صلي الله عليه وآله) بشعره الشريف [ صفحه 111] وبجميع ما خالط جسده الشريف، ما ثبت من جعل خالد بن الوليد بعض شعره في قلنسوته، فكان يدخل بها في الحرب ويستنصر ببركته(صلي الله عليه وآله)، ولمّا سقطت قلنسوته يوم اليمامة شدّ عليها شدّة حتّي أخذها، فأنكر عليه بعض

الصحابة ذلك قبل علمهم بما فيها من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، لظنّهم أ نّه خاطر بنفسه علي قلنسوة لا قيمة لها، فقال خالد: لم أفعل ذلك لقيمة القلنسوة، لكن كرهت أن تقع بأيدي المشركين وفيها من شعر النبي(صلي الله عليه وآله) فرضوا عنه وأثنوا عليه. انتهي. لكن جوابه في دفع الاختلاف ليس بصحيح إذ هو جمع بلا دليل، كما أ نّه جمع بين بعض الروايات فقط كما لا يخفي. وقال الحلبي في السيرة ج3 ص303: قال في النور: والحاصل أنّ الروايات اختلفت في صحيح مسلم، ففي بعضها أنه أعطاه الأيسر، وفي بعضها أنه أعطاه الأيمن، ورجح ابن القيم: أنّ الذي اختص به أبو طلحة هو الشقّ الأيسر، أقول: الذي في صحيح مسلم: قال للحلاّق «ها» وأشار بيده إلي جانبه الأيمن فقسّم شعره بين من يليه، وفي رواية فوزّعه الشعرة والشعرتين، ثمّ أشار إلي الحلاّق وإلي جانبه الأيسر فحلقه فأعطاه لأمّ سليم... والجمع ممكن بين هذه الروايات انتهي. ولم يذكر طريق الجمع، والحقّ هو ما ذكرناه من جواز الاستدلال بما تواتر منها معنًي، وترك ما اختلفت فيه منها علي حاله. وتختص هذه الأحاديث بذكرها أن رسول الله(صلي الله عليه وآله) قد باشر بنفسه تقسيم الشعر في عمرة الحديبية أو عمرة القضاء وحجّة الوداع. ويتبعه عمل الصحابة رضي الله عنهم في تبرّكهم بشعره(صلي الله عليه وآله)، كما في قصة قلنسوة خالد، ووضعه الشعر علي عينيه وفمه، وكما في حديث عبدالله بن موهب الدالّ علي مزاولة أهل المدينة للتبرّك والاستشفاء بالشعر الشريف، وإرسالهم الآنية إلي أمّ المؤمنين أمّ سلمة، لترسل لهم ماء مسّ شعره(صلي الله عليه وآله)، ليتبرّكوا به، وكذا [ صفحه 112] جعل الشعر في

الحنوط، في حديث أنس بن مالك، ووصية معاوية بن صخر (وإن كان رياءً أو تظاهراً). ويستفاد من هذه الأحاديث أيضاً حكم التوسل والاستشفاء; إمّا صريحاً، أو من أنّ حقيقة التبرّك هي التوسّل كما تقدّم بيانه. ودلالتها علي تبرّكهم بالشعر واستشفائهم ممّا لا يخفي علي أي إنسان، إذ تقسيمه(صلي الله عليه وآله) الشعر، وتقاسمهم له، وتنافسهم فيه، وحفظهم له، والإيصاء بالتحنيط به، أو جعله في الطيب، كلّ ذلك إنّما هو للتبرّك به، وأصرح من ذلك عمل أهل المدينة، وأمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي الله عنها.

تبرك التابعين بشعره

1 _ عن عكرمة بن خالد قال: عندي من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) مخضوب [277] . 2 _ عن يحيي بن عباد عن أبيه قال: كان لنا جلجل من ذهب، فكان الناس يغسلونه وفيه شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: فتخرج منه شعرات قد غيرت بالحناء والكتم [278] . 3 _ عن عثمان بن حكم قال: رأيت عند آل أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة شعرات من شعر رسول الله(صلي الله عليه وآله) مصبوغاً بالحناء [279] . 4 _ حينما حضرت عمر بن عبد العزيز _ الخليفة الأموي _ الوفاة، دعا بشعر من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، وأظفار من أظفاره، وقال: إذا مت فخذوا الشعر والأظفار، ثمّ [ صفحه 113] اجعلوه في كفني، ففعلوا ذلك [280] . 5 _ أعطي بعض ولد فضل بن الربيع أبا عبدالله _ يعني أحمد بن حنبل _ وهو في الحبس ثلاث شعرات، فقال: هذا من شعر النبي(صلي الله عليه وآله)، فأوصي أبو عبدالله عند موته أن يجعل علي كلّ عين شعرة، وشعرة علي لسانه، ففعل ذلك به بعد موته

[281] . وأضف إلي ذلك ما في كتاب «الآثار النبوية» فقد نقل فيه ما يعلم منه اهتمام المسلمين بشعره(صلي الله عليه وآله)، وحفظهم إيّاه تبرّكاً به، (ص81/82). قال ابن العجمي في تنزيه المصطفي، ثبت في الصحيحين بروايات أنه(صلي الله عليه وآله)حلق رأسه الشريف في حجّة الوداع، وقسّم شعره، أو أمر أبا طلحة وزوجته أمّ سليم بقسمته بين الصحابة الرجال والنساء. قال ابن حجر فيه: إنّه يسنّ بل يتأكّد التبرّك بشعره(صلي الله عليه وآله) وسائر آثاره، كما نقل عن العلماء في أحاديث الشعر، وأنه كيف وصل إلي ابن سيرين. ثمّ قال (في ص83): كان عند أبي عبدالله محمد بن أبي بكر المرشدي المولود سنة 763 والمتوفي سنة 829 شعرة أو شعرتان تلقّاها عن رجل ببيت المقدس. ثمّ قال: شعرة بتونس بقبر الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي أخذها يوم مِني في حجّة الوداع، ووضعها في قلنسوته إلي أن استشهد في القيروان فدفنت معه. وقال (في ص84): نقل ابن حجر الهيثمي: أنّ بمكة شعرة من شعره المكرّم مشهورة تزار، واتّفق الخلف عن السلف أنه من شعره(صلي الله عليه وآله). وقال(ص85): بدارالأشياخ بتونس شعرات بشعره(كذا)(صلي الله عليه وآله) وبقبر أبي شعرة. وقال (ص86): نقلا عن ابن حجر العسقلاني: إنّ الخلاطي الحنفي يزعم أن عنده ركاب رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ومن شعره(صلي الله عليه وآله)، وعن السخاوي: أن عند شمس الدين [ صفحه 114] محمد بن عمر، شعرة تنسب إلي النبي(صلي الله عليه وآله) وكذا بجامع برسباي بالخانقاة. وقال (ص89): إنّ بالمسجد الحسيني بالقاهرة شعرات باقية. وقال (ص90): إنّ برباط النقشبندية بالقاهرة شعرة. وقال (ص91): إنّ بالقسطنطينية شعرات. وقال (ص92): إنّ بالمشهد الحسيني بدمشق شعرة. وقال (ص93): إنّ بمقام

التوحيد بدمشق شعرة. وقال (ص94): شعرة ببيت المقدس، وشعرتان بعكا وحيفا، وثلاث شعرات بصفد وطبرية والناصرة موجودة. وقال (ص45): إنّ بطرابلس شعرتين وكذا في يهوبال الهند شعرة. وأضف إلي ما تقدّم من النصوص ما في دلائل النبوّة للبيهقي [282] وصفة الصفوة [283] والوفاء لابن الجوزي [284] وتاريخ الإسلام للذهبي [285] والبداية والنهاية [286] ومسند أحمد [287] .

التبرك بعرقه و بصاقه و نخامته و ظفره

هنا قسم آخر من النصوص الحاكية عن عمل الصحابة رضي الله عنهم في تبرّكهم بعرقه وبصاقه ونخامته وظفره(صلي الله عليه وآله). فهذه أمّ سليم تجمع عرقه (صلي الله عليه وآله) في قارورة تجعله في طيها، فيقول(صلي الله عليه وآله): «ما هذا [ صفحه 115] الذي تصنعين؟» فتقول: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب نرجو بركته لصبياننا، فيقول: «أصبت». بل جمعت عرقه وشعره في سكّ، فلمّا مات أنس بن مالك أوصي أن يجعل في حنوطه من ذلك السك، واستوهب منه محمد بن سيرين واستوهب منه أيّوب وأوصي محمد بن سيرين أن يحنّط به. وقد يعيّن(صلي الله عليه وآله) رجلا في تزويج ابنته بقارورة من عرقه(صلي الله عليه وآله). ويتبرّكون ببصاقه(صلي الله عليه وآله) في البئار القليلة الماء، أو التي يكون ماؤها مرّاً، كما أنّهم يتبرّكون ببصاقه للأطفال والمراضع يتفل في أفواههم. وقد تقدّمت بعض النصوص في ضمن الفصول المتقدّمة، وإليك نبذاً أخري منها: 1 _ عن أمّ سليم عن النبي(صلي الله عليه وآله) كان يأتيها فيقيل عندها، فتبسط له نطعاً فيقيل عندها، وكان كثير العرق، فتجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير، قالت: وكان يصلّي علي الخُمْرَة [288] . 2 _ عن أنس قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يدخل علي أمّ سليم فتبسط له

نطعاً فيقيل عليه، فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها وتبسط له الخُمْرَة فيصلّي عليها [289] . 3 _ عنه أيضاً قال: دخل علينا النبي(صلي الله عليه وآله) فَقالَ عندنا، فعرق فجاءت أمّي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: يا أمّ سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب [290] . 4 _ عنه أيضاً قال: كان النبي(صلي الله عليه وآله) يدخل علي بيت أمّ سليم فينام علي فراشها [ صفحه 116] وليست فيه. قال: فجاء ذات يوم فنام علي فراشها، فأتت فقيل لها: هذا النبيّ(صلي الله عليه وآله) نائم علي فراشك. قالت: فجئت وذاك في الصيف فعرق النبي(صلي الله عليه وآله) حتي استنقع عرقه علي قطعة أدم علي الفراش، فجعلت أنشف ذلك العرق وأعصره في قارورة، ففزع وأنا أصنع ذلك فقال: ما تصنعين يا أمّ سليم؟ قالت: يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا، قال: أصبت [291] . وفي لفظ آخر لمسلم ص (1816 ج4): عن أنس عن أمّ سليم: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله)كان يأتيها فيقيل عندها، فتبسط له نطعاً فيقيل عليه، وكان كثير العرق فكانت تجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير، فقال النبي(صلي الله عليه وآله): يا أمّ سليم ما هذا؟ قالت: عرقك أدوف به طيبي. 5 _ عنه أيضاً قال: «كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يأتي بيت أمّ سليم فينام علي فرشها، وليست أمّ سليم في بيتها، فتأتي فتجده نائماً، وكان(صلي الله عليه وآله) إذا نام ذفَّ عرقاً فتأخذ عرقه بقطنة فتجعله في مسكها» [292] . 6 _ وعنه: أنّ أمّ سليم كانت تبسط للنبي(صلي الله عليه وآله) نطعاً ;

فيقيل عندها علي ذلك النطع، قال: فإذا نام النبي(صلي الله عليه وآله) أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثمّ جمعته في سكّ. قال: فلمّا حضر أنس بن مالك الوفاة أوصي أن يجعل في حنوطه من ذلك السكّ قال: فجعل في حنوطه [293] . [ صفحه 117] قال ابن حجر في الفتح ج11 ص59 بعد ذكره ما نقلناه عن البخاري عن أنس: «إنّ أمّ سليم كانت تبسط للنبي نطعاً فيقيل عندها علي ذلك النطع، قال: فإذا نام النبي(صلي الله عليه وآله) أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثمّ جمعته في سك وهو نائم، قال: فلمّا حضر أنس بن مالك الوفاة أوصي إليَّ أن يجعل في حنوطه من ذلك السكّ. قال: فجعل في حنوطه». قال: وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصّة، وقد حمله بعضهم علي ما ينتشر من شعره(صلي الله عليه وآله) عند الترجل، ثمّ رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس، فإنّه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس: «أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) لمّا حلق شعره بِمِني أخذ أبو طلحة شعرة فأتي بها أمّ سليم فجعلته في سكها، قالت أمّ سليم: وكان يجيء فيقيل عندي علي نطعي، فجعلت أسلت العرق... الحديث [294] . فيستفاد من هذه الرواية أنّها لمّا أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلي الشعر الذي عندي، لا أنّها أخذت من شعره لما نام... 7 _ عن محمد بن سيرين عن أمّ سليم قالت: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقيل في بيتي فكنت أبسط له نطعاً فيقيل عليه فيعرق، فكنت آخذ سكّا فأعجنه بعرقه، قال محمد: فاستوهبت من أمّ سليم من ذلك السك فوهبت لي منه. قال أيوب:

فاستوهبت من محمد من ذلك السك فوهب لي منه فإنّه عندي الآن. قال: فلمّا مات محمد حُنِّط بذلك السك. قال: وكان محمد يعجبه أن يُحنّط الميّت بالسك [295] . 8 _ عن البراء بن زيد: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قال في بيت أمّ سليم علي نطع فعرق فاستيقظ رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأمّ سليم تمسح العرق، فقال: يا أمّ سليم ما تصنعين؟ قال: [ صفحه 118] فقالت: آخذ هذه البركة التي تخرج منك [296] . 9 _ عن أمّ سليم: كان النبي(صلي الله عليه وآله) يجيء يقيل عندي علي نطع وكان معراقاً، قالت: فجاء ذات يوم فجعلت أسلت العرق فأجعله في قارورة لي فاستيقظ النبي(صلي الله عليه وآله)، فقال: ما تجعلين يا أمّ سليم؟ فقلت: باقي عرقك أريد أن أدوف به طيبي [297] . 10 _ عن ثابت عن أنس قال: كان النبي(صلي الله عليه وآله) يقيل عند أمّ سليم وكان من أكثر الناس عرقاً، فاتخذت له نطعاً فكان يقيل عليه وخطّت بين رجليه خطّاً، فكانت تنشف العرق فتأخذه، فقال: ما هذا يا أمّ سليم؟ قالت: عرقك يا رسول الله أجعله في طيبي، فدعا لها بدعاء حسن [298] . 11 _ تقدّم في تبرّكهم بماء وضوئه(صلي الله عليه وآله)، أنّ عروة بن مسعود قال: فوالله ما تنخّم رسول الله(صلي الله عليه وآله) نخامة إلاّ وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده [299] . 12 _ تقدّم أيضاً في التبرّك بماء وضوئه(صلي الله عليه وآله) (في قصة الحديبية) عن عروة بن مسعود قوله: «لا يتوضّأ وضوءاً إلاّ ابتدروه، ولا يبصق بصاقاً إلاّ ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلاّ أخذوه» [300] .

[ صفحه 119] 13 _ مرّ ما يدلّ علي تبرّك الصحابة رضي الله عنهم ببصاقه(صلي الله عليه وآله) في النصوص الواردة في تبرّكهم بماء وضوئه وكذا تبرّكهم بتفله. 14 _ بزق (صلي الله عليه وآله) علي صدر عبدالله بن أبيّ بعد تكفينه [301] . 15 _ وقد مرّ وسيأتي: أنّ معاوية أوصي أن يدفن معه ظفره(صلي الله عليه وآله)، ويجعل علي عينه وفمه ومنخره [302] . 16 _ عن رجل من قيس قال: لمّا مات أبي جاء _ يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله) _ وقد شددته في كفنه، وأخذت سلاءة فشددت بها الكفن، فقال: لا تعذّب أباك بالسلا _ قالها حمّاد ثلاثاً _ قال: ثمّ كشف عن صدره، وألقي السلا، ثمّ بزق علي صدره حتّي رأيت رضاض بزاقه علي صدره [303] . 17 _ عن أنس قال: ما ورثتني أمّ سليم إلاّ ببرد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وقدحه الذي كان يشرب فيه، وعمود فسطاطه، وصلاية كانت تعجن عليها أمّ سليم الرامك بعرق رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يكون في بيت أمّ سليم فينزل عليه الوحي وهو علي فراشها، فيجدل كما يجدل المحموم فيعرق، فكانت أمّ سليم تعجن الرامك بعرقه [304] . 18 _ عن عائشة: أن رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يقول للمريض ببزاقه باصبعه بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربّنا [305] . 19 _ عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنّي [ صفحه 120] زوّجت ابنتي، وأنا أحبّ أن تعينني بشيء، فقال: ما عندي شيء، ولكن إذا كان غداً فأتني بقارورة واسعة

الرأس وعود شجرة... فلمّا كان الغداة أتاه بذلك فجعل النبي(صلي الله عليه وآله) يسلت العرق عن ذراعيه، حتّي امتلأت القارورة... الحديث [306] .

نظرة و تحقيق في الأحاديث

تكرّرت الروايات في أخذ أمّ سليم عرق النبي(صلي الله عليه وآله) بمضامين مختلفة ففي بعضها: أنّ سيرة رسول الله(صلي الله عليه وآله) استقرّت علي أن يقيل في بيت أمّ سليم، حتي اتخذت لذلك نطعاً، فكان يقيل عليه، وخطّت بين رجليه خطّاً فكانت تنشف العرق وتأخذه. وفي بعضها: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يأتي بيت أمّ سليم، فينام فيه، وليست هي في البيت فتأتي وتجده نائماً فتأخذ من عرقه. وظاهر بعضها أنّها كانت تمسح العرق عن وجهه، كما أنّ في بعضها أنّها كانت تجعل العرق في قارورة، وفي بعضها أنّها أخذت سكاً تعجنه بعرقه، وفي بعضها أنّ أمّ سليم كانت تأخذ العرق حين نزول الوحي علي النبي(صلي الله عليه وآله). فهنا عدّة أسئلة تواجهنا: فلِمَ ترك رسول الله بيوت نسائه وبناته وعمّاته، واستمر عمله علي القيلولة في بيت أمّ سليم؟ وقد نقل قيلولته كثيراً عند الشفا بنت عبدالله القرشيّة... التي كانت من عقلاء النساء وفضلائهنّ... [307] . وأيّة خصوصية لها [308] ، عدا أنّ ابنها كان خادماً لرسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ [ صفحه 121] وإلي أي حدّ كان(صلي الله عليه وآله) معراقاً حتّي يجري عرقه علي النطع ويستنقع حتّي تنشفه أمّ سليم؟ ثمّ.. كيف رخص(صلي الله عليه وآله) أمّ سليم، وهي امرأة أجنبية، أن تباشر مسح العرق عن وجهه(صلي الله عليه وآله)؟ [309] . وبأيّ طريق يجمع بين الروايات المختلفة علي نحو ما تقدّم؟ هذه أسئلة لا جواب لبعضها، ولكنّها لا تمنع من الاستدلال في مورد الاتفاق وهو جواز

التبرّك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله). ودلالتها علي التبرّك بمكان من الوضوح، سيما مع تصريح أمّ سليم برجاء البركة. كما أنّ ترغيب رسول الله(صلي الله عليه وآله) إيّاهم في التبرّك أيضاً لا يخفي علي المتدبِّر المنصف، ولاسيما في قصة إعطائه (صلي الله عليه وآله) عرقه لرجل يريد تزويج ابنته، ويطلب منه(صلي الله عليه وآله)الإعانة، فهل هذا إلاّ طلب البركة وإعانته بذلك إجابة لهذا الطلب؟ [ صفحه 125]

التبرك بقدحه و موضع فمه

ونعرض هنا للقرّاء الكرام طائفة أخري من النصوص الدالّة علي تبرّك الصحابة رضي الله عنهم بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)، كي يتدبّروا فيها سنداً ودلالة، تدبّر منصف محقّق سلّم نفسه لله تبارك وتعالي، حتي يتبيّن لهم كون التبرّك عند الصحابة أمراً مسلّماً ; لا مرية فيه ولا ريب يعتريه. إذ إننا نجد في تلك النصوص: أنّ أمّ سليم تقطع فم القربة التي يشرب منها الرسول العظيم (صلي الله عليه وآله)، لمسّ فمه فم القربة، وكذلك كبشة بنت ثابت، وكلثم جدّة عبد الرحمن. ونجد أيضاً أنّ سهل بن سعد الساعدي سقي النبي(صلي الله عليه وآله) في قدح عنده، فيقول أبوحازم الراوي عنه: فأخرج سهل لنا هذا القدح فشربنا منه ثمّ استوهبه منه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، فوهبه إيّاه، وكان عمر وقتئذ أمير المدينة. ومعلوم أنّ كلّ ذلك _ كما قال ابن حجر في الفتح _ للتبرّك بآثار الصالحين، فكيف التبرّك بالنبي العظيم(صلي الله عليه وآله)؟! وأنّ أنس بن مالك كان يحتفظ بقدح النبي(صلي الله عليه وآله) وقد بقي حتّي رآه البخاري في [ صفحه 126] البصرة وتبرّك بالشرب منه. وأنّ أبا أيّوب وأمّه كانا يتبرّكان بموضع أصابع النبي(صلي الله عليه وآله) من الطعام وقال: «نبتغي بذلك

البركة». وأنّ عمر بن الخطّاب الخليفة الثاني كان يتبرّك بالشرب في قدح النبي(صلي الله عليه وآله)وينضح من مائه علي وجهه. وأنّ أمّ عامر أخذت الشجب الذي شرب فيه النبي(صلي الله عليه وآله)، فدهنته وكانت تسقي فيه المرضي استشفاء، ويتبرّك الناس بالشرب فيه. وأنّ أسماء كانت تدير الكأس، وتتبع بشفتها لتصيب منه مشرب النبي(صلي الله عليه وآله). وأنّ عبدالله بن سلام يسقي أبا بردة في قدح شرب فيه النبي(صلي الله عليه وآله). والنصوص الدالّة علي ذلك كثيرة نذكر منها:

تبرك الصحابة بقدحه

1 _ قال أبو بردة: قال لي عبدالله بن سلام: ألا أسقيك في قدح شرب النبي(صلي الله عليه وآله)فيه؟ [310] . 2 _ عن سهل بن سعد في حديث قال: فأقبل النبي(صلي الله عليه وآله) يومئذ حتي جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثمّ قال: اسقنا يا سهل، فأخرجت لهم هذا القدح فأسقيتهم فيه (قال الراوي): فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا منه. قال: ثمّ استوهبه عمر بن عبد العزيز بعد ذلك فوهبه له [311] . قال ابن حجر في الفتح: كان عمر بن عبد العزيز حينئذ قد وُلي إمرة المدينة وليست الهبة هنا حقيقة، بل من جهة الاختصاص. [ صفحه 127] (يعني من أجل أنّ الآثارالنبوية لا تباع أو لا تملك، بل الذي تكون عنده يكون لهانحواختصاص به، وفي الحديث التبسط علي الصاحب...والتبرّك بآثار الصالحين). 3 _ عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبي(صلي الله عليه وآله) عند أنس بن مالك قد انصدع فسلسله بفضة. قال: وهو قدح جيّد عريض من نضار. قال: قال أنس: لقد سقيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في هذا القدح أكثر من كذا وكذا. قال ابن سيرين: إنّه كان

فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال أبو طلحة: لا تغيرن شيئاً صنعه رسول الله(صلي الله عليه وآله) فتركه [312] . قال في الفتح: تقدّم في فرض الخمس من طريق أبي حمزة السكري عن عاصم قال: رأيت القدح وشربت منه. وأخرجه أبو نعيم من طريق علي بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة ثمّ قال: قال علي بن الحسن: وأنا رأيت القدح وشربت منه. وذكر القرطبي في مختصر البخاري أنه رأي في بعض النسخ القديمة من صحيح البخاري: قال أبو عبدالله البخاري: رأيت هذا القدح بالبصرة وشربت منه، وكان اشتري من ميراث النضر بن أنس بثمانمائة ألف. أقول: وقال صاحب كتاب تبرّك الصحابة بعد نقل الحديث، ونعم ما قال: فقد كان هذا القدح محفوظاً عند الصحابة والتابعين للتبرّك بالشرب فيه ولم يسمع من أحد من الصحابة ولا من أئمّة التابعين إنكار ذلك ولا الاستخفاف به، فكيف يتوهّم جاهل بالسنة أن هذا التبرّك وشبهه منهيّ عنه، أو خلاف الأفضل، أحري أن يوصف فاعله بالضلال، أعاذنا الله منه؟! 4 _ عن صفية بنت بحرة قالت: استوهب عمّي فراس من النبي(صلي الله عليه وآله) قصعة رآه يأكل فيها فأعطاها إيّاها. قال: وكان عمر إذا جاءنا قال: أخرجوا لي قصعة [ صفحه 128] رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فنخرجها إليه فيملأها من ماء زمزم فيشرب منها، وينضحه علي وجهه [313] . 5 _ عن حجّاج بن حسان قال: كنّا عند أنس فدعا بإناء فيه ثلاث ضبات حديد وحلقة من حديد، فأخرج من غلاف أسود وهو دون الربع وفوق نصف الربع، وأمر أنس بن مالك فجعل لنا فيه ماء، فأتينا به فشربنا

وصببنا علي رؤوسنا ووجوهنا، وصلّينا علي النبي(صلي الله عليه وآله) [314] . 6 _ عن أنس: أنّ قدح النبي(صلي الله عليه وآله) انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم: رأيت القدح وشربت فيه [315] .

تبرك الصحابة بموضع فمه و آثار أصابعه من الطعام

1 _ عن أنس قال: حدّثتني أمّي: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) دخل عليها وفي بيتها قربة معلّقة، قالت: فشرب من القربة قائماً، قالت: فعمدت إلي فم القربة فقطعتها [316] . 2 _ عنه أيضاً: أنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) دخل علي أمّ سليم بيتها وفي البيت قربة معلّقة فيها ماء، فتناولها فشرب من فيها وهو قائم، فأخذتها أمّ سليم، فقطعت فمها فأمسكته عنها [317] . 3 _ عن أبي أيّوب الأنصاري قال: وكنّا نضع له العشاء (يعني حين كان (صلي الله عليه وآله)نازلا في داره) ثمّ نبعث فإذا رد علينا فضله تيمّمت أنا وأمّ أيوب موضع يده، فأكلنا [ صفحه 129] منه نبتغي بذلك البركة، حتّي بعثنا إليه ليلة بعشائه، وقد جعلنا له بصلا وثوماً، فردّه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ولم أرَ ليده فيه أثراً فجئته فزعاً، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي رددت عشاءك ولم أرَ فيه موضع يدك، وكنت حينما ترد علينا فضل طعامك أتيمّم أنا وأمّ أيّوب موضع يدك نبتغي بذلك البركة. وفي لفظ مسلم (في حديث نزول رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي أبي أيّوب): فتحوّل النبي(صلي الله عليه وآله) في العلو، وأبو أيّوب في السفل، فكان يصنع للنبي(صلي الله عليه وآله) طعاماً، فإذا جيء به إليه سئل عن موضع أصابعه، فيتبع موضع أصابعه، فصنع له طعاماً فيه ثوم، فلمّا ردّ إليه سئل عن موضع أصابع النبي(صلي الله عليه

وآله)، فقيل: لم يأكل، ففزع وصعد إليه فقال: أحرامٌ هو؟ فقال النبي(صلي الله عليه وآله): لا ولكنّي أكرهه... الحديث. وفي لفظ الإصابة: «قلت: يا رسول الله كنت ترسل إليّ بالطعام، فأنظر فأضع أصابعي حيث أري أثر أصابعك حتي كان هذا الطعام... الحديث [318] . قال الدكتور محمد سعيد البوطي (بعد نقل الحديث وبعد أن تكلَّم عن بعض ما يستفيده من الحديث ووصل البحث إلي التبرّك): والذي يهمّنا هنا هو التأمّل في تبرّك أبي أيّوب وزوجه بآثار أصابع رسول الله(صلي الله عليه وآله) في قصّة الطعام، حينما كان يرد عليهما فضل طعامه. إذاً فالتبرّك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله) أمر مشروع قد أقرّه(صلي الله عليه وآله) _ ثمّ ذكر الروايات التي نقلها البخاري ومسلم في التبرّك فقال: _ فإذا كان هذا شأن التوسّل بآثاره المادّية، فكيف بالتوسل بمنزلته عند الله جلّ جلاله؟ ثمّ علّق علي ذلك بقوله: [ صفحه 130] يري الشيخ ناصر الألباني: أنّ مثل هذه الأحاديث لا فائدة منها في هذا العصر... ونحن نري أنّ هذا الكلام خطير لا ينبغي أن يتفوّه به مسلم، فجميع أقوال الرسول وأفعاله وإقراراته تشريع، والتشريع باق مستمر إلي يوم القيامة ما لم ينسخه كتاب أو سنّة صحيحة، ومن أهمّ فوائد التشريع ودليله معرفة الحكم والاعتقاد بموجبه، وهذه الأحاديث الثابتة الصحيحة لم ينسخها كتاب ولا سنّة مثلها، فمضمونها التشريع باق إلي يوم القيامة، ومعني ذلك أ نّه لا مانع من التوسل والتبرّك بآثار النبي(صلي الله عليه وآله) فضلا عن التوسّل بذاته وجاهه... 4 _ عن كبشة بنت ثابت قالت: دخل عليّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) فشرب من فيّ قربة معلّقة قائماً فقمت إلي فمها فقطعته. وفي الاستيعاب «فقطعت

فمها فرفعته» [319] . 5 _ عن أمّ عامر _ واسمها فكيهة أو أسماء _ بنت يزيد بن السكن قالت: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) صلّي في مسجدنا المغرب فجئت منزلي فجئته بلحم وأرغفة، فقلت: تعش، فقال لأصحابه: كلوا فأكل هو وأصحابه الذين جاءوا... قالت: وشرب عندي في شجب فأخذته فدهنته وطويته، وكنّا نسقي فيه المرضي ونشرب منه في الحين رجاء البركة [320] . 6 _ عن عبد الرحمان بن أبي عمرة عن جدّته كلثم قالت: دخل علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله) وعندنا قربة معلّقة فشرب منها فقطعت فم القربة ورفعتها تبتغي البركة موضع فيّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) [321] . [ صفحه 131] 7 _ عن شهر بن حوشب: أنّ أسماء بنت يزيد بن السّكن إحدي نساء بني عبد الأشهل، دخل عليها يوماً (يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله)) فقرّبت إليه طعاماً فقال: لا أشتهيه فقالت: إنّي قنيت عائشة لرسول الله ثمّ جئته فدعوته لجلوتها فجاء فجلس إلي جنبها فأتي بعسّ لبن فشرب ثمّ ناولها النبي(صلي الله عليه وآله) فخفضت رأسها واستحييت. قالت أسماء: فانتهرتها وقلت لها: خذي من يد النبي(صلي الله عليه وآله) قالت: فأخذت فشربت شيئاً ثمّ قال لها النبي: أعطي تربك. قالت أسماء: فقلت: يا رسول الله بل خذه فاشرب منه ثمّ ناولنيه من يدك، فأخذه وشرب منه ثمّ ناولنيه، قالت أسماء: فجلست ثمّ وضعته علي ركبتي، ثمّ طفقت أديره وأتبعه بشفتي لأصيب منه مشرب النبي(صلي الله عليه وآله)... الحديث [322] .

عود إلي بدء

قد أسلفنا أنّ هذه الأحاديث بأسرها كما تدلّ علي جواز التبرّك أو استحبابه، فكذا هي تدلّ علي جواز الاستشفاء والاستشفاع والتوسّل، إذ التبرّك في الحقيقة

توسل، فكان المتبرّك يتوسّل بهذا الشيء المتوسل به إلي الوصول إلي ما يريد، وقد أشار إلي ذلك محمد سعيد البوطي فيما تقدّم من كلامه بقوله: «فإذا كان هذا شأن التوسّل بآثاره المادّية فكيف بالتوسّل بمنزلته عند الله جل جلاله؟!» حيث عبّر عن تبرّك أبي أيّوب الأنصاري وأمثاله من الصحابة الكرام بالتوسل ولنعم ما قال وحقّق. ويظهر من كلام ابن حجر في شرح الأحاديث الكثيرة استفادة جواز التبرّك أو استحبابه بآثار جميع الصلحاء، وكأنّه استنبطه من هذه الأخبار بإلغاء [ صفحه 132] الخصوصية، ويشهد له تبرّك الصحابة رضي الله تعالي عنهم بعضهم ببعض أو تبرّكهم بآل الرسول، وتبرّكهم بقبر حمزة سيّد الشهداء رحمه الله تعالي كما سنشير إليه.

التبرك بمنبره

1 _ كان عبدالله بن عمر يتبرّك بمقعد النبي(صلي الله عليه وآله) من منبره [323] . 2 _ عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القاري: أ نّه نظر إلي ابن عمر وضع يده علي مقعد النبي(صلي الله عليه وآله) من المنبر ثمّ وضعها علي وجهه [324] . 3 _ عن يزيد بن عبدالله بن قسيط قال: رأيت ناساً من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) إذا خلا المسجد أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم ثمّ استقبلوا القبلة يدعون [325] . 4 _ سنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) الأيمان علي الحقوق عند منبره وقال: من حلف علي منبري كاذباً ولو علي سواك أراك فليتبوأ مقعده من النار [326] . 5 _ وقال: لا يحلف أحد عند هذا المنبر أو عند منبري علي يمين آثمة، ولو علي سواك رطب، إلاّ وجبت له النار [327] . [ صفحه 133] 6 _ أيما امرئ من المسلمين حلف عند

منبري علي يمين كاذبة يستحقّ بها حقّ مسلم، أدخله الله النار، وإن كان علي سواك أخضر [328] (عن جابر). 7 _ لا يحلف أحد عند منبري هذا علي يمين آثمة ولو علي سواك أخضر إلاّ تبوأ مقعده من النار [329] (عن جابر). 8 _ لا يحلف أحد عند منبري علي يمين آثمة ولو علي سواك رطب إلاّ وجبت له النار [330] (عن أبي هريرة). 9 _ من حلف بيمين آثمة عند منبري هذا، فليتبوأ مقعده من النار ولو علي سواك أخضر [331] (عن جابر). 10 _ من حلف علي منبري ولو علي قضيب سواك أخضر كاذباً كان من أهل النار [332] (عن أبي هريرة). 11 _ منبري روضة من رياض الجنّة، فمن حلف عنده علي سواك أخضر كاذباً فليتبوأ مقعده من النار ليبلغ شاهدكم غائبكم [333] (عن ابن الجوزاء مرسلا). 12 _ لا يحلف أحدكم علي منبري هذا علي يمين آثمة ولو علي سواك أخضر إلاّ تبوّأ مقعده من النار [334] (عن جابر). أقول: هل كان هذا إلاّ بياناًلحرمة منبره، وحفظاًلشؤونه، وإكباراًله،علي اعتبار أن الحلف عنده كاذباً فيه هتك لهذه الحرمة وخلاف شأنه وإكباره، مع أنّ المنبر [ صفحه 134] عود من أعواد الأشجار وشيء جامد لا وجه لثبوت هذه الحرمة له إلاّ انتسابه إلي النبي الأقدس(صلي الله عليه وآله)، وصيرورته من مختصّاته كلباسه وسيفه وقدحه وشعره وظفره وسؤره وغيرها ممّا يناط به(صلي الله عليه وآله)، فكلّ ما يرجع إليه ويناط به يصير من شؤونه، ويحترم باحترامه، ويكرم بإكرامه، فيكون إعظامه إعظاماً له، وهتكه هتكاً له كمشاعر الله سبحانه، (ومن يعظِّم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب) وبهذا البيان يكون الرسول(صلي الله عليه وآله) وحرمته

وإكرامه وإعظامه وإكباره من شؤون الحقّ تبارك وتعالي، ومنوطاً به ومنسوباً إليه، لأنّه رسوله وعبده ووليّه، ومن أجل ذلك يتبرّك به جميع أولياء الله، ويتبرّك بهم وبآثارهم. 13 _ يتأبي زيد بن ثابت من الحلف علي المنبر تعظيماً له. قال البخاري: قضي مروان باليمين علي زيد بن ثابت علي المنبر فقال: احلف له مكاني فجعل زيد يحلف وأبي أن يحلف عند المنبر فجعل مروان يعجب منه [335] . أقول: جعل ابن حجر في الفتح التغليظ في اليمين: أن يكون في المدينة عند المنبر وفي مكّة وبين الركن والمقام، ثمّ نقل أنّ عثمان أمر شخصاً أن يحلف عند المنبر فأبي أن يحلف. وقال: أحلف حيث شاء غير المنبر، فأبي عليه عثمان أن يحلف إلاّ عند المنبر، فغرم له بعيراً مثل بعيره ولم يحلف. 14 _ قال(صلي الله عليه وآله): لا يحلف رجل علي يمين آثمة عند هذا المنبر إلاّ تبوّأ مقعده من النار، ولو علي سواك أخضر [336] . 15 _ ذكر الشيخ أحمد بن عبد الحميد المتوفي في القرن العاشر في كتابه عمدة الأخبار الطبعة الخامسة ص135: تبرّك الناس بأعواد منبر النبي(صلي الله عليه وآله). 16 _ روي عن مالك ويحيي بن سعيد الأنصاري شيخ مالك وكذا عن ابن عمر [ صفحه 135] وسعيد بن المسيب جواز مسح رمانة المنبر [337] . 17 _ منبره(صلي الله عليه وآله) كان بمكانه حتي احترق، وكان لإحراقه في سكّان المدينة الطيّبة وقع أليم، لما فاتهم من مسّ رمّانته التي كان يضع يده المباركة عليها ولمس موضع قدميه الشريفين [338] . 18 _ قال العاقولي بعد ذكره منبر رسول الله(صلي الله عليه وآله): ثمّ إنّ هذا المنبر تهافت علي

طول الزمان، فجدّده بعض خلفاء بني العبّاس، واتخذ من بقايا أعواد منبر النبي(صلي الله عليه وآله)أمشاطاً للتبرّك بها. ذكره بعض المؤرّخين [339] . كما أنّهم _ يعني الصحابة رضي الله عنهم _ كانوا يهتمّون بمسّه(صلي الله عليه وآله)، وقد ذكرنا موارد من ذلك بما لا مزيد عليه [340] وقد روي أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) جاء إلي السوق فوجد زهيراً _ زاهراً _! قائماًيبيع متاعاً فجاء من قبل ظهره وضمّه بيده إلي صدره، فأحسّ زهيربأنّه رسول الله(صلي الله عليه وآله)قال: فجعلت أمسح ظهري في صدره رجاء حصول بركته. وفي لفظ أحمد: فأتاه النبي(صلي الله عليه وآله) يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني مَنْ هذا؟ فالتفت فعرف النبي(صلي الله عليه وآله) فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي(صلي الله عليه وآله) حين عرفه، وجعل النبي(صلي الله عليه وآله) يقول: من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول الله إذاً والله ستجدني كاسداً. فقال النبي(صلي الله عليه وآله): لكن عند الله لست بكاسد أو قال: لكن عند الله أنت غال [341] . 19 _ قال أبو عبدالله الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام): «إذا فرغت من الدعاء عند [ صفحه 136] قبر النبي(صلي الله عليه وآله) فأت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه، وهما السفلان وامسح عينيك ووجهك به، فإنّه يقال: إنّه شفاء للعين» [342] . ونحن نقول للذين يحسبون أنّ تكريم آثار النبي(صلي الله عليه وآله) والتبرّك بها والتوسل والاستشفاع بها شرك: هلاَّ رجعوا إلي الأحاديث المتواترة الدالّة علي سيرة النبي الأكرم(صلي الله عليه وآله) وأصحابه رضي الله عنهم وأقواله وأقوالهم؟! هلاّ تدبّروا في أنّ التبرّك به وبآثاره(صلي الله عليه وآله) إنّما

هو لانتسابه إلي الله تعالي، فهو في الحقيقة تبرّك بما ينتمي إلي الله تعالي، وتوسل إليه سبحانه بما ينسب إليه، ولا يوجد مسلم موحِّد يتبرّك ويتوسّل بالنبي(صلي الله عليه وآله) مستقلاًّ مقطوعاً عن الله سبحانه، حتي يكون مشركاً كافراً؟!

كلام السمهودي

وإذا أحطت خبراً بما تلوناه عليك من الأخبار في تعظيمه منبره (صلي الله عليه وآله) بجعل الحلف عنده سنّة، أو تغليظاً في الحلف، وكذا في تعظيم الصحابة رضي الله عنهم إيّاه وتبرّكهم به، فلا بأس أن نذكر نبذاً ممّا جاء به السمهودي [343] وما بعدها في شأن المنبر الشريف. قال (بعد ذكره صنع المنبر وتاريخه وصانعه وكيفيته وعلّة صنعه والشجر الذي صنع منه): إنّ منبر النبي(صلي الله عليه وآله) جعل عليه منبر كالغلاف، وجعل في المنبر الأعلي طاق ممّا يلي الروضة فَيُدْخِل الناس منها أيديهم يمسحون منبر النبي(صلي الله عليه وآله)ويتبرّكون بذلك (نقله عن الطراز). وقال: الذي زاده معاوية ورفع منبر النبي(صلي الله عليه وآله) تهافت علي طول الزمان، وإنّ [ صفحه 137] بعض خلفاءبني العبّاس جدّده واتّخذ من بقايا أعوادمنبرالنبي(صلي الله عليه وآله)أمشاطاً للتبرّك [344] . ثمّ قال: قال يعقوب: سمعت ذلك من جماعة بالمدينة ممّن يوثق بهم. وعن ابن عساكر: وقد احترقت (في حريق الحرم الشريف) بقايا منبر النبي(صلي الله عليه وآله)القديمة، وفات الزائرين لمس رمّانة المنبر التي كان(صلي الله عليه وآله) يضع يده المقدّسة المكرّمة عليها عند جلوسه عليه، ولمس موضع جلوسه منه بين الخطبتين وقبلهما، ولمس موضع قدميه الشريفتين بركة عامة ونفع عائد. وفيه عوض من كلّ ذاهب وفائت... ويؤيّده ما تقدّم عن رحلة ابن جبير وصاحب الطراز (في كلام له حذفناه) بل ظفرنا بما يشهد لصحّة ذلك، فإنّه لمّا أراد

متولي العمارة تأسيس المنبر الرخام الآتي ذكره حفروا علي الدّكة التي تقدّم، أنّ المنبر كان عليها فَوُجِدَت مجوّفة كالحوض، وبه عبَّر ابن جبير عنها، فوجدوا فيما يلي القبلة قطعاً كثيراً من أخشاب المنبر المحترق _ أعني الذي كان فيه بقايا منبر النبي(صلي الله عليه وآله) _ فوضعها الأقدمون في جوف ذلك المحلّ حرصاً علي البركة [345] . ثمّ تكلّم في معني قوله(صلي الله عليه وآله): «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة» فقال: وتخصيص ما أحاطت به البنية المذكورة بذلك إمّا تعبّد وإمّا لكثرة تردّده(صلي الله عليه وآله)في بيته ومنبره، وقرب ذلك من قبره الشريف الذي هو الروضة العظمي [346] . وعلي كلّ حال فإنّه جعل سبب كونه روضة هو اكتسابه البركة من قربه من بيته(صلي الله عليه وآله)، وتردّده فيه كثيراً، ويعلم ممّا نقلناه من كلامه اهتمام المسلمين في جميع القرون من زمن الصحابة وما بعدها بمنبره(صلي الله عليه وآله)، وتعظيمهم له، وتبرّكهم به، اتباعاً لما سنّه النبي الأقدس من تعظيمه وتكريمه. [ صفحه 138]

تبرك الصحابة بالدنانير التي أعطاها رسول الله لهم

1 _ رووا في حديث شراء رسول الله (صلي الله عليه وآله) جمل جابر بن عبدالله الأنصاري أ نّه قال: فلمّا قدمت المدينة جئت به _ أي الجمل _ فقال: يا بلال زن له أوقية وزده قيراطاً قال: قلت: هذا قيراط زادنيه رسول الله(صلي الله عليه وآله) لا يفارقني أبداً حتّي أموت قال: فجعلته في كيس، فلم يزل عندي حتي جاء أهل الشام يوم الحرّة، فأخذوه فيما أخذوه (اللفظ لأحمد). وفي لفظ البخاري: فلمّا قدمنا المدينة قال: يا بلال اقضه وزده، فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطاً. قال جابر: لا تفارقني زيادة رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فلم

يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبدالله [347] . 2 _ روي بعضهن _ أي بعض النساء اللاّتي خرجن مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) إلي خيبر _ قالت: لمّا افتتح رسول الله(صلي الله عليه وآله) خيبر، رضخ لنا، وأخذ هذه القلادة ووضعها في عنقي، فوالله لا تفارقني أبداً وأوصت أنّها تدفن معها [348] .

الكلام حول الأحاديث

قد عرفت تظافر الروايات بل تواترها معنًي وإجمالا، فلا ينبغي الارتياب في سندها، كما أنّ دلالتها أيضاً ممّا لا ينبغي الشكّ فيها، إذ من المعلوم أنّ اهتمامهم بحفظ قدحه(صلي الله عليه وآله) وموضع فمه(صلي الله عليه وآله)، أو آثار أصابعه، ليس إلاّ من أجل التبرّك بها، مضافاً إلي تصريحهم بذلك، كما في حديث أبي بردة وأبي أيّوب وأمّ عامر وعبد الرحمان ابن أبي عمرة، كما استفاده أيضاً القاضي عياض من نقل عمل ابن عمر، والإمام مالك، ويحيي بن سعيد، والعاقولي، والسمهودي، كذا ورواية دحلان في نقل عمل [ صفحه 139] زهير، ومضافاً إلي أنّ أعمال الصحابة كلّها واضحة الدلالة علي التبرّك، كحديث سهل بن سعد وصفية وحجّاج وأنس وكبشة وزيد بن ثابت وغيرهم، مع أنّ جعل الرسول(صلي الله عليه وآله)منبره محلاًّ للأيمان علي الحقوق، تعظيم وتكريم له، كما أنّ أمر جعفر الصادق(عليه السلام)بمسح الرمّانة أمر بالتبرّك. وقد أسلفنا أنّ هذه الأحاديث كما تدلّ علي الرخصة في التبرّك عند الصحابة وشيوعه ووضوحه عندهم، فكذا تدلّ علي جواز التوسّل والاستشفاء والاستشفاع، وقد صرّح بذلك في حديث أمّ عامر، فتدبّر في هذا حتّي لا يشتبه عليك الأمر كما اشتبه علي بعض الناس. وزهير الذي تقدّم في حديث الإمام أحمد في مسنده: قد كان رجلا من البدو وكان يأتي النبي(صلي الله عليه وآله)

بالهدايا، فيجهّزه رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا أراد أن يخرج، وكان رجلا دميماً، راجع المسند [349] . [ صفحه 143]

التبرك بقبره

الاستشفاع بقبره

1 _ روي أن أعرابياً جاء واستشفع بقبره(صلي الله عليه وآله) مستنداً إلي قوله تعالي: (واستغفر لهم الرسول) ولم ينكر عليه أحد من الصحابة. وفي لف0: عن عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنّا رسول الله(صلي الله عليه وآله) بثلاثة أيّام، فرمي بنفسه علي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وحثي من ترابه علي رأسه، وقال: يا رسول الله! قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك...) الآية، وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر قد غفر لك [350] . 2 _ روي من أنّ الناس أصابهم القحط في خلافة عمر بن الخطّاب، فجاء بلال [ صفحه 144] ابن الحارث وكان من أصحاب النبي(صلي الله عليه وآله) إلي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وقال: يا رسول الله(صلي الله عليه وآله) استسق لأمّتك... فإنّهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المنام وأخبره أنّهم سيسقون [351] . 3 _ عن أوس بن عبدالله قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلي عائشة، فقالت: انظروا قبر النبي(صلي الله عليه وآله) فاجعلوا منه كوة إلي السماء حتي لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتّي نبت العشب وسمنت الإبل [352] . قال السمهودي: قال الزين المراغي: واعلم أنّ فتح الكوة عند الجدب سنّة أهل المدينة، حتي الآن يفتحون كوة في سفل قبّة الحجرة، أي القبّة الزرقاء المقدّسة من جهة القبلة، وإن كان السقف حائلا بين القبر الشريف

وبين السماء. قلت: وسنّتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف من المقصورة المحيطة بالحجرة والاجتماع هناك [353] . 4 _ روي أنّ عائشة كشفت عن قبر النبي(صلي الله عليه وآله) لينزل المطر فإنّه رحمة تنزل علي قبره [354] . 5 _ أخرج القاضي عياض بإسناده عن ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر [ صفحه 145] أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإنّ الله تعالي أدّب قوماً فقال: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الآية، وذمّ قوماً فقال: (إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات) الآية، وإنّ حرمته ميّتاً كحرمته حيّاً، فاستكان له أبو جعفر وقال: يا أبا عبدالله استقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ فقال: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم(عليه السلام) إلي الله تعالي يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالي، قال الله تعالي: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءُوك فاستغفروا الله) الآية [355] . 6 _ كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه قال: وكان يصيبه الصمات فكان يقوم كما هو يضع خدّه علي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) ثمّ يرجع فعوتب في ذلك، فقال: إنّه ليصيبني خطرة، فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبي(صلي الله عليه وآله) وكان يأتي موضعاً من المسجد في الصحن فيتمرّغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك. فقال: إنّي رأيت النبي(صلي الله عليه وآله) في هذا الموضع يعني في النوم [356] . 7 _ في الصواعق أنّ الإمام محمد بن إدريس الشافعي توسّل بأهل البيت(عليهم السلام)حيث قال: آل النبيّ ذريعتي++ وهم إليه وسيلتي [357] . [

صفحه 146]

تبرك الصحابة بقبره بلمسه و أخذ ترابه و وضع الخد عليه و...

1 _ قال السمهودي: كانوا _ يعني الصحابة وغيرهم _ يأخذون من تراب القبر _ يعني قبر النبي(صلي الله عليه وآله) _ فأمرت عائشة فضرب عليهم، وكانت في الجدار كوة، فكانوا يأخذون منها، فأمرت بالكوة فسدّت [358] . أقول: ليس ضربها عليهم وسدّها الكوّة لأجل أنّها تري ذلك شركاً وكفراً، أو معصية وفسقاً ; لأنّها كما تقدّم قد أمرت بالاستسقاء بقبره الشريف، بل هي استسقت بالقبر الشريف بنفسها، ولأنّ الآخذين من القبر كانوا من الصحابة، وكانوا يأخذون بمرأي من إخوانهم من الصحابة الكرام الآخرين، فلو كان ذلك شركاً لما أمرت بالاستسقاء بالقبر المبارك، ولما كانوا يأخذون التراب، ولنهاهم الآخرون وأنكروا عليهم من بدء عملهم، ولا يتركونهم علي شركهم حتي تضرب عليهم هي من دون أي تصريح بكون عملهم شركاً، بل كان الضرب عليهم من أجل أنّ أخذ التراب لو شاع وذاع; لأوجب نفاد تراب القبر الشريف، بل أوجب خراب القبّة المباركة. 2 _ رُويَ أنّ فاطمة سلام الله عليها جاءت فوقفت علي قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله)فأخذت قبضة من تراب القبر، فوضعت علي عينيها فبكت. وفي لف0: «فجعلتها علي عينيها ووجهها» [359] . 3 _ رُويَ أنّ ابن عمر كان يضع يده اليمني علي القبر الشريف. وأنّ بلالا وضع خدّه عليه [360] . [ صفحه 147] 4 _ عن داود بن صالح قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلا واضعاً وجهه علي القبر، فقال: أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيّوب، فقال: نعم. جئت رسول الله(صلي الله عليه وآله) ولم آت الحجر. سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقول: لا تبكوا علي الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا

وليه غير أهله [361] . قال الأحمدي: هذا عمل الصحابي العظيم أبي أيّوب الأنصاري(رضي الله عنه)، فهو يتبرّك بوضع وجهه علي القبر الشريف، اتّباعاً لسنّة الرسول الأقدس(صلي الله عليه وآله) وصحبه في التبرّك كما تقدّم، ويأتي بعض الأدلّة المتواترة القطعية. وهذه فتوي الأموي طريد رسول الله(صلي الله عليه وآله) وابن طريده، المتضلّع ببغض البيت الرفيع الهاشمي، والحاقد المنافق المتهاون بشأن النبي(صلي الله عليه وآله)، يعترض علي أبي أيّوب بعمله المشروع، وهو يجابهه بقوله: «نعم جئت رسول الله(صلي الله عليه وآله)...» الحي المرزوق عند ربّه بصريح القرآن الكريم، ثمّ يعقبه بما يسوؤه من قوله: «سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله)...» تعريضاً بما فيه من عدم الأهلية والصلاحية. فإذاً هنا سنّتان: سنّة رسول الله(صلي الله عليه وآله) التي عمل بها الصحابي الجليل، وسنّة الأموي الشانئ لرسول الله صلّي الله عليه وآله الطاهرين، وواضح أنَّ من الواجب علي كلّ مسلم هو اتّباع سنّة رسول الله(صلي الله عليه وآله) وصحبه، دون سنّة طريده. والرواية صحيحة لا يغمز فيها كما صرّح به الحاكم والذهبي، ويؤيّدها ما تقدّم ويأتي من عمل بلال مؤذِّن رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ومعاذ بن جبل، وفاطمة(عليها السلام). وفي كلام أبي أيّوب معني لطيف لا يدرك إلاّ بالتدبّر فتدبّر. [ صفحه 148] 5 _ عن عمر بن الخطاب: أ نّه خرج يوماً إلي مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فوجد معاذ بن جبل قاعداً عند قبر النبي(صلي الله عليه وآله) يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: يبكيني شيء سمعته من رسول الله(صلي الله عليه وآله)... الحديث [362] . 6 _ روي أنّ بلالا أتي قبر النبي(صلي الله عليه وآله وسلم) وجعل يبكي عنده، ويمرّغ وجهه عليه فأقبل

الحسن والحسين فجعل يضمّهما ويقبّلهما [363] . 7 _ قال صول ليزيد بن المهلب حين افتتح جرجان: هل في الإسلام من أجلّ منك لأسلم علي يده؟ قال: نعم سليمان بن عبد الملك، قال: فسرحني إليه لأسلم علي يده ففعل، فلمّا قدم عليه قال له مثل ما قال ليزيد، فقال سليمان: ليس اليوم في المسلمين أحد أجلّ منّي، ولكن لقبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) الفضل، قال: أسلم هناك، فسرّحه سليمان إلي المدينة فأسلم عند القبر ثمّ انصرف إلي عند يزيد.. [364] . 8 _ نقل السمهودي: أنّ الناس كانوا يتبرّكون بالصلاة إلي القبر قال: عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: كان الناس يصلّون إلي القبر، فأمر به عمر ابن عبد العزيز، فرفع حتي لا يصل إليه أحد [365] . لم يمنع عمر بن عبد العزيز من التبرّك بالصلاة إلي القبر، وإنّما منع من الوصول [ صفحه 149] إليه وقد يأتي أنّهم يرون الوصول إليه، واللزوق به، والدنو منه خلاف الاحترام، لا أنّ التبرّك به حرام، فانتظر لما يأتي. وهم يروون أنّ النبي كان يصلّي في مكّة إلي بيت المقدس، لكنّه كان يجعل الكعبة بين يديه.

تنبيه

هنا روايات وردت من طرق أهل البيت(عليهم السلام) في الاهتمام بزيارة النبي الأقدس(صلي الله عليه وآله)، والحثّ علي زيارة المشاهد وآثار الرسول(صلي الله عليه وآله) [366] ، بل يظهر من حديث رواه الحلبي عن أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما تأسّفه علي تغيير آثار رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): هل أتيتم مسجد قبا أو مسجد الفضيخ أو مشربة أمّ إبراهيم؟ فقلت: نعم. فقال: أما إنّه لم يبق من آثار رسول

الله(صلي الله عليه وآله) شيء إلاّ وقد غيّر. ولا يخفي علي من تدبّر هذه الأحاديث أنّ الترغيب والحثّ علي زيارة تلكم المشاهد والمساجد إنّما هو من أجل أنّها آثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)، يتبرّك بها، لا من أجل كونها مساجد فحسب، ولذلك أكّده بقوله(عليه السلام): «أما أ نّه لم يبقَ من آثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)...» [367] . كما أ نّه ورد أيضاً التبرّك بالمعرّس بين مكّة والمدينة (في ذي الحليفة) بأن يأتي المعرّس فيصلّي مكتوبة إن كان في وقتها، أو نافلة إن كان في غير وقت صلاة مكتوبة، فإنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قد كان يعرّس فيه ويصلّي فيه. وفي رواية: «والتعريس هو أن تصلّي فيه وتضطجع فيه ليلا مرّ به أو نهاراً». راجع الوسائل [368] وسيأتي [ صفحه 150] اهتمام ابن عمر أيضاً بالمعرّس (راجع تبرّك الصحابة) بأماكن مشي فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله).

تبرك الصحابة والتابعين بقبور الصالحين و جنائزهم

هذه الأحاديث المتقدّمة تبيّن لنا عقيدة الصحابة رضي الله عنهم في التبرّك والاستشفاء والاستشفاع بقبر النبي(صلي الله عليه وآله)، من وضع اليد والوجه عليه وتمريغ الوجه في ترابه، أو الأخذ من ترابه ووضعه علي الوجه والعين. وقد اقتفي أثرهم التابعون في التبرّك بقبره(صلي الله عليه وآله) وقبور الصالحين والاستشفاء والاستشفاع بقبره(صلي الله عليه وآله) وقبور الصالحين. وقد أورد السمهودي في وفاء الوفاء موارد كثيرة من تبرّك الصحابة والتابعين بآثاره(صلي الله عليه وآله) [369] . قال السمهودي بعد ذكر تبرّك المسلمين بتراب المدينة: أنّهم جرّبوا تراب قبر صهيب للحمي. ثمّ قال: وقال الزركشي: استثني _ من عدم جواز حمل تراب المدينة إلي غيرها لكونها حرماً _ تربة حمزة(رضي الله عنه) لإطباق الناس علي نقلها للتداوي

بها [370] . ثمّ قال: حكي البرهان بن فرحون عن الإمام العالم أبي محمد عبد السلام بن إبراهيم بن مصال الحاحاني قال: نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهرمزي قال: قال صالح بن عبد الحليم: سمعت عبد السلام بن يزيد الصنهاجي يقول: سألت أحمد بن بكوت عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرّك هل يجوز أو يمنع؟ فقال: هو جائز، وما زال الناس يتبرّكون بقبور العلماء والشهداء [ صفحه 151] والصالحين، وكان الناس يحملون تراب قبر سيّدنا حمزة بن عبد المطلب في القديم من الزمان. قال ابن فرحون عقيبه: والناس اليوم يأخذون من تربة قريبة من مشهد سيّدنا حمزة، ويعملون خرزاً يشبه التسبيح، واستدلّ ابن فرحون بذلك علي جواز نقل تراب المدينة، وقد علمت ممّا تقدّم أن نقل تراب قبر حمزة(رضي الله عنه) إنّما للتداوي، ولهذا لا يأخذونها من نفس القبر، بل من المسيل الذي عند المسجد [371] . أقول: قد صار التبرّك بقبره الشريف بل بقبور الصالحين سيرة جارية للعلماء والعباد وسائر المسلمين. قال المأمون الخليفة العبّاسي ليحيي بن أكثم: «فطائفة أبوا علينا ما نقول في تفضيل علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، وظنّوا أ نّه لا يجوز تفضيل عليّ إلاّ بانتقاص غيره من السلف. والله ما استحل، أو قال: استجيز أن انتقص الحجّاج فكيف السلف الطيّب؟ وأنّ الرجل ليأتيني بالقطعة من العود أو بالخشبة أو بالشيء الذي لعلّ قيمته لا تكون إلاّ درهماً أو نحوه فيقول: إنّ هذا كان للنبي(صلي الله عليه وآله) أو قد وضع يده عليه أو بأسافله أو مسّه، وما هو عندي بثقة ولا دليل علي صدق الرجل إلاّ أنّي بفرط النيّة والمحبّة أقبل ذلك فأشتريه بألف

دينار وأقلّ وأكثر، ثمّ أضعه علي وجهي وعيني وأتبرّك بالنظر إليه وبمسّه، فأستشفي به عند المرض يصيبني أو يصيب من أهتمّ به، فأصونه كصيانتي لنفسي، وإنّما هو عود لم يفعل هو شيئاً، ولا فضيلة له تستوجب به المحبّة، إلاّ ما ذكر من مسّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) له... [372] . وهذه القصّة تحكي لنا حال المسلمين أجمع بالنسبة إلي التبرّك بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)، فكيف بقبره(صلي الله عليه وآله)؟! وقد نقل ابن حجر في كتابه «الخيرات الحسان» في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان في الفصل الخامس والعشرين: أنّ الإمام الشافعي حين كان ببغداد كان يتوسّل بالإمام أبي حنيفة. قال: وقد ثبت أنّ الإمام أحمد [ صفحه 152] توسّل بالإمام الشافعي، حتي تعجب ابنه عبدالله فقال له أبوه: إنّ الشافعي كالشمس للناس. ولما بلغ الإمام الشافعي: أنّ أهل المغرب يتوسّلون بالإمام مالك لم ينكر عليهم، وفي الصواعق أنّ الإمام الشافعي توسّل بأهل البيت(عليهم السلام) حيث قال: آل النبي ذريعتي++ وهم إليه وسيلتي [373] . وقال أبو منصور الكرماني من الحنفية: إن كان أحدٌ أوصاك بتبليغ التسليم تقول: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان يستشفع بك إلي ربّك والمغفرة فاشفع [374] . قال السبكي: وبقي قسم (من أقسام الزيارة) لم يذكره _ يعني ابن تيمية _ وهو أن تكون الزيارة للتبرّك به من غير إشراك به، فهذه ثلاثة أقسام: أوّلها: السلام والدعاء له، وقد سلّم جوازه وأ نّه شرعيّ. والقسم الثاني: التبرّك به والدعاء عنده للزائر قال: وهذا القسم يظهر من فحوي كلام ابن تيمية أ نّه يلحقه بالقسم الثالث _ يعني في التحريم _ ولا دليل له علي ذلك، بل نحن

نقطع ببطلان كلامه فيه، وأنّ المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرّك ببعض الموتي، فكيف بالأنبياء والمرسلين؟! [375] . وقال إسحاق بن إبراهيم: وممّا لم يزل شأن من حجّ المرور بالمدينة والقصد إلي الصلاة في مسجد النبي(صلي الله عليه وآله)، والتبرّك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه، ومواطئ قدميه، والعمود الذي كان يستند إليه، ونزل جبرئيل عليه فيه، [ صفحه 153] وبمن عمّره وقصده من الصحابة والتابعين وأئمّة المسلمين والاعتبار بذلك كلّه [376] . ولمّا مات ابن تيمية كان تشييعه حافلا حتّي ضاقت الطريق لجنازته، وانتهي إليها الناس من كلّ فجٍّ عميق، واشتدّ الزحام وألقوا علي نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرّك...، وكسرت أعواد سريره لكثرة تعلّق الناس به، وشربوا ماء غسله للتيمّن به لما اشرب في قلوبهم من حبّه، واشتروا ما زاد من سدره ; فقسّموه بينهم، ويقال: إنّ الخيط الذي كان عليه الزيبق وعلّق علي جسده لدفع القمل، اشتروه بمائة وخمسين درهماً [377] . ومعروف الكرخي المتوفي سنة 200، قبره ظاهر ببغداد يتبرّك به، وكان إبراهيم الحربي يقول: قبر معروف ترياق مجرّب [378] . والناس يزورون قبر إسماعيل بن يوسف المعروف بالديلمي [379] ، وإبراهيم الحربي قبره ظاهر نتبرّك به [380] . قال أبو الحسن الدارقطني: كنّا نتبرّك بأبي الفتح القواسي وهو صبي [381] . قال ابن الجوزي في ترجمة عبد الصمد بن عمر بن محمد بن إسحاق: أبو القاسم الواعظ المتوفّي سنة 397 وقبره اليوم ظاهر يتبرّك به بمقبرة الإمام أحمد [382] . ونقل: أنّ أحداً أخذ من تراب سعد _ يعني سعد بن معاذ _ فذهب بها ثمّ نظر [ صفحه 154] إليها بعد ذلك، فإذا هي مسك [383] . والناس كانوا

يأتون قبر مسروق بن الأجدع ويستسقون فيسقون [384] . ونقل: أ نّه لمّا حجّ هارون فورد المدينة فقال ليحيي بن خالد: ارتد لي رجلا عارفاً بالمدينة والمشاهد، وكيف كان نزول جبرئيل (عليه السلام) علي النبي(صلي الله عليه وآله)، ومن أيّ وجه كان يأتيه وقبور الشهداء؟ فسأل يحيي بن خالد فكلّ دلّه عليّ فبعث إليّ _ يعني الواقدي نفسه _ فأتيته وذلك بعد العصر فقال لي: يا شيخ إنّ أمير المؤمنين أعزّه الله يريد أن تصلّي العشاء الآخرة في المسجد وتمضي معنا إلي المشاهد... فلمّا صلّيت عشاء الآخرة إذا أنا بالشموع، وقد خرجت، وإذا أنا برجلين علي حمارين. فقال يحيي: أين الرجل؟ فقلت: ها أنا ذا أتيت به إلي دور المسجد، فقلت: هذا الموضع الذي كان جبرئيل يأتيه، فنزلا عن حماريهما فصلّيا ركعتين ودعوا الله ساعة، ثمّ ركبا وأنا بين أيديهما، فلم أدع موضعاً من المواضع، ولا مشهداً من المشاهد إلاّ مررت بهما عليه، فجعلا يصلّيان ويجتهدان... الحديث [385] . قال مجاهد: كانوا _ أي الناس _ إذا أمحلوا كشفوا عن قبره _ يعني قبر أبي أيّوب الأنصاري _ فمطروا. هذه السيرة المستمرّة بين المسلمين في التبرّك بقبره(صلي الله عليه وآله) وقبور الصالحين أخذها الخلف عن السلف، حتي ينتهي إلي الصحابة رضي الله تعالي عنهم، وكفي بذلك [ صفحه 155] حجّة وبرهاناً; لأنّ سيرة الصحابة بل التابعين تكشف عن ترخيص رسول الله(صلي الله عليه وآله)لهم أو تقريره لعملهم. وممّا يمثِّل لنا احترام المسلمين لقبر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وتوسّلهم وتبرّكهم به وطوافهم حول قبره(صلي الله عليه وآله)، ما نقله المبرّد في الكامل من إلحاد الحجّاج وكفره لعنه الله وأخزاه، قال في تفسير رثاء الفرزدق [386]

ابني مسمع قال: «وممّا كفّرت به الفقهاء الحجّاج بن يوسف قوله _ والناس يطوفون بقبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) ومنبره وإن شئت قلت: يطيفون _ إنّما يطوفون بأعواد ورمة» [387] . ومراد هذا الملحد الملعون من الأعواد: المنبر، ومن الرمة: العظام المقدّسة لرسول الله(صلي الله عليه وآله)، فيسخر من المسلمين ويهزأ بهم ويوبّخهم في أنّهم يطوفون حول الأعواد والعظام البالية، خلافاً للكتاب والسنّة، وجرأةً علي الله ورسوله، واستخفافاً وإهانة بالنبي العظيم(صلي الله عليه وآله)، ومرادنا من نقله أ نّه يعطينا أنّ المسلمين كانوا وقتئذ يطوفون حول القبر الشريف، وعليه جري سيرتهم وفيهم العلماء والفقهاء _ كما يظهر من تكفيرهم للحجّاج وفيهم أيضاً التابعون الكبار، والصحابة الكرام حتي استخف بهم الحجّاج، وختم في أعناقهم [388] . ذكرابن أبي الحديدفي شرحه [389] قال:خطب الحجّاج بالكوفة فذكرالذين يزورون قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالمدينة فقال: تبّاً لهم إنّهم يطوفون بأعواد ورمة بالية، هلاّ طافوا بقصر أميرالمؤمنين عبد الملك، ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله؟! [ صفحه 156] والمراد أنّ الناس يدورون حول قبره متضرّعاً إلي الله تعالي ومتوسّلا إلي النبي(صلي الله عليه وآله)، لا أنّهم يطوفون أشواطاً سبعة، كما يطوفون حول الكعبة. كان الحجّاج علي الحجاز من حين قتل ابن الزبير سنة 73 شهر جمادي الأولي إلي 75 وورد المدينة سنة 74 واستخفّ ببقايا من فيها من صحابة رسول الله(صلي الله عليه وآله)ختم في أعناقهم وأيديهم، وشاهد في هذه المدينة طواف الناس علي قبر الرسول(صلي الله عليه وآله)فلمّا بعثه عبد الملك إلي الكوفة ; خطبهم وقال لهم ذلك. وممّا يدلّ علي اهتمام الصحابة بقبر النبي(صلي الله عليه وآله) والتبرّك والتوسّل به «إيصاء الصالحين أن

يدفنوا مع النبي(صلي الله عليه وآله) وقد عدّ دفنهما (أي الخليفة الأوّل والثاني) معه أعظم منقبة لهما، ولو كانت القبور ليس لها حرمة ولا شرف، ولا ترجي بركتها وبركة جوارها، فما الموجب لذلك؟! ولما أراد بنو هاشم تجديد العهد بالحسن بن علي(عليهما السلام)بجدّه وظنّ بنو أمية وأعوانهم أنّهم يريدون دفنه عند جدّه ; لبسوا السلاح ومنعوهم أشدّ المنع، قائلين: أيدفن عثمان في أقصي البقيع ويدفن الحسن عند جدّه؟ وإذا لم يكن للقبر شرف ولا بركة ترجي، فلماذا يأتي بنو هاشم بجنازة الحسن ليجدّدوا به عهداً بجدّه بوصيّة منه؟ وهل هذا إلاّ عين التوسّل والتبرّك بالنبي وبقبره بعد الموت؟...» [390] .

كلام العلامة المتتبع الشيخ الأميني

للعلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني رحمه الله تعالي كلام في الغدير [391] وما بعدها في زيارة القبر الشريف والتبرّك به، ولقد أجاد فيه وأفاد وجاء بما فوق المراد ونحن نختصر منه ونأتي هنا بمقدار يناسب هذا المقال: [ صفحه 157] قال: أدب الزائر عند الجمهور: ونحن نذكر نصّ ما وقفنا عليه من المصادر: 1 _ إخلاص النيّة فإنّما الأعمال بالنيّات [392] . 2 _ أن يكون دائم الأشواق إلي زيارة الحبيب الشفيع... إلي أن قال: لزوم الخضوع والخشوع حين يشاهد القبّة مستحضراً عظمتها يمثِّل في نفسه مواقع أقدام رسول الله(صلي الله عليه وآله)... 13 _ إذا شاهد المسجد والحرم الشريف فليزدد خضوعاً وخشوعاً يليق بهذا المقام... 15 _ يقف بالباب لحظة لطيفة كما يقف المستأذن في الدخول علي العظماء... 18 _ ينبغي للزائر أن يكون واقفاً وقت الزيارة كما هو الأليق بالأدب، فإذا طال فلا بأس بالجلوس متأدّباً جاثياً علي ركبتيه غاضّاً طرفه في مقام الهيبة والإجلال، مستحضراً بقلبه جلالة موقفه وأ نّه(صلي الله

عليه وآله) حي ناظر إليه ومطّلع عليه... 20 _ يتوجّه إلي القبر الكريم مستعيناً بالله تعالي في رعاية الأدب في هذا الموقف العظيم فيقف ممثلا صورته الكريمة في خياله بخشوع وخضوع تامّين بين يديه(صلي الله عليه وآله). 21 _ لا يرفع صوته ولا يخفيه بل يقتصد، وخفض الصوت عنده (صلي الله عليه وآله) أدب للجميع (أخرج هنا مناظرة المنصور الخليفة العبّاسي مع الإمام مالك كما تقدّم)... 25 _ ثمّ يرجع الزائر إلي موقفه الأوّل قبالة وجه رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فيتوسّل به في حقّ نفسه ويستشفع إلي ربّه سبحانه وتعالي ويكثر الاستغفار والتضرّع بعد قوله: يا خير الرسل إنّ الله أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه: ( ولو أنّهم إذ ظلموا [ صفحه 158] أنفسهم جاءُوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً). وإنّي جئتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلي ربّي ويقول: ونحن وفدك يا رسول الله وزوّارك، جئناك لقضاء حقّك، والتبرّك بزيارتك، والاستشفاع بك إلي ربّك تعالي.. فاشفع لنا إلي ربّك. قال القسطلاني في المواهب اللدنية: وينبغي للزائر له(صلي الله عليه وآله) أن يكثر من الدعاء والتضرّع والاستغاثة والتشفّع والتوسّل به(صلي الله عليه وآله)، فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله فيه... ثمّ إنّ كلاًّ من التوجّه والاستغاثة والتوسّل والتشفّع بالنبي(صلي الله عليه وآله) _ كما ذكره في تحقيق النصرة ومصباح الظلام _ واقع في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته. (ثمّ فصل ما وقع من التوسل والاستشفاع به(صلي الله عليه وآله)في الحالات المذكورة). ثمّ نقل عن الزرقاني [393] ما حاصله: وليتوسّل إلي الله بجاهه في التوسل ; لأنّ بركة شفاعته لا يتعاظمها

ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته وأضلّ سريرته. قال الأميني: وهناك جماعة من الحفّاظ وأعلام أهل السنّة بسطوا القول في التوسل، وقالوا: إنّ التوسّل بالنبي جائز في كلّ حال قبل خلقه وبعده مدّة حياته في الدنيا وبعد موته في مدّة البرزخ وجعلوه علي ثلاثة أنواع: 1 _ التوسّل به بمعني طلب الدعاء منه، وحكموا بأنّ ذلك جائز في الأحوال كلّها. 2 _ طلب الحاجة من الله تعالي به أو بجاهه أو لبركته، فقالوا: إنّ التوسّل بهذا المعني جائز في جميع الأحوال. [ صفحه 159] 3 _ الطلب من النبي(صلي الله عليه وآله) ذلك الأمر المقصود بمعني أ نّه(صلي الله عليه وآله) قادر علي التسبّب فيه بسؤاله ربّه وشفاعته إليه، فيعود إلي الأوّل في المعني، غير أنّ العبارة مختلفة وعدُّوا منه قول القائل للنبي(صلي الله عليه وآله): أسألك مرافقتك في الجنّة، وقول عثمان بن أبي العاص: شكوت إلي النبي(صلي الله عليه وآله) سوء حفظي للقرآن فقال: أدن منّي يا عثمان، ثمّ وضع يده علي صدري وقال: أخرج ياشيطان من صدر عثمان، وقال السبكي في شفاء السقام: والآثار في ذلك كثيرة أيضاً فلا عليك في تسميته توسّلا أو تشفّعاً أو استغاثة أو تجوهاً أو توجّهاً. ولا يسعنا إيقاف الباحث علي جلّ ما وقفنا عليه من كلمات أعلام المذاهب الأربعة في المناسك وغيرها، وقد بسط القول فيه جمع لا يستهان بهم، منهم: الحافظ بن الجوزي المالكي المتوفي سنة 597 في مصباح الوفاء، ومحمد بن نعمان المالكي المتوفي سنة 673 في مصباح الظلام، وابن داود المالكي في البيان والاختصار، والسبكي في شفاء السقام، والسمهودي في وفاء الوفاء، والقسطلاني في المواهب، والزرقاني في شرحه، والخالدي

البغدادي في صلح الأخوان، والعدوي في كنز المطالب، والغرامي الشافعي في فرقان القرآن.

التبرك بالقبر الشريف

لم نجد في المقام قولا بالحرمة فيه لأحد من أعلام المذاهب ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع، وإنّما القائل بالنهي عنه يراه تنزيهاً لا تحريماً، زاعماً أن الدنو من القبر الشريف يخالف الأدب، ويري أنّ البعد أليق. نعم، هناك أُناس شذّت عن شرعة الحقّ، وحكموا بالحرمة قولا بلا دليل ولا برهان، وها نحن نقدّم بين يدي القارئ ما يوقفه علي الحقيقة: [ صفحه 160] 1 _ لمّا رمس رسول الله(صلي الله عليه وآله) جاءت فاطمة رضي الله تعالي عنها، فوقفت علي قبره(صلي الله عليه وآله)، وأخذت قبضة من تراب القبر، ووضعتها علي عينيها، وبكت وأنشأت تقول: ماذا علي من شم تربة أحمد... الأبيات [394] . 2 _ ذكر قصة بلال كما تقدّمت. 3 _ ذكر قصة الأعرابي كما أسلفنا. 4 _ ذكر قصة أبي أيّوب ; وقد تقدّمت. ثمّ ذكر كلاماً في مروان وما تضلّعه من الأيمان. 5 _ ذكر قصة ابن المنكدر وقد مضت. 6 _ قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ويتبرّك بمسّه ويقبّله، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالي. قال: لا بأس [395] . 7 _ أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلاء، قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفّا0: أنّ الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وتقبيل منبره، فقال: لا بأس بذلك قال: فأريناه التقي ابن تيمية فصار يتعجّب من ذلك ويقول: عجبت من أحمد عندي جليل هذا كلامه أو معني

كلامه. [ صفحه 161] قال: وأي عجب في ذلك وقد روينا أ نّه غسل قميصاً للشافعي، وشرب الماء الذي غسله به؟ وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم، فما بالك بمقادير الصحابة؟! وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟! [396] . 8 _ ذكر الخطيب ابن حملة: أنّ عبدالله بن عمر كان يضع يده اليمني علي القبر الشريف، وأنّ بلالا (رضي الله عنه) وضع خدّيه عليه أيضاً [397] . 9 _ قال شيخ مشايخ الشافعية في شرح المنهاج: ويكره أن يجعل علي القبر مظلّة، وأن يقبّل التابوت الذي يُجعل فوق القبر، واستلامه وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء، نعم إن قصد التبرّك لا يكره كما أفتي به الوالد... 10 _ قال أبو العبّاس الرملي: «ولا يستلم القبر... نعم إن كان قبر نبي أو ولي أو عالم، واستلمه أو قبّله بقصد التبرّك فلا بأس به». 11 _ قال القاضي عياض في الشفاء: وجدير لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل، وتردّد بها جبرئيل وميكائيل، وعرجت منها الملائكة والروح... وأوّل أرض مسّ جلد المصطفي ترابها، أن تعظّم عرصاتها، وتنسّم نفحاتها، وتقبّل ربوعها وجدرانها _ ثمّ نقل عن الخفاجي: أنّ اللصوق بالقبر ومسّه وتقبيله مكروه ; لأنّه خلاف الأدب. ثمّ نقل عن ابن أبي ملكة استحباب البعد، وعن ابن أبي الصيف أحد علماء مكّة جواز التقبيل، وعن ابن حجر الاستدلال لجواز التقبيل من مشروعية تقبيل الحجر. وعن أحمد: نفي البأس عن تقبيل المنبر، وعن الزرقاني: كراهة تقبيل القبر الشريف إلاّ لقصد التبرّك. ثمّ نقل كلمات علماء المذاهب ولا نطيل بنقلها. وقد أطلنا الكلام في نقل كلام هذا المحقّق المتتبّع الفقيد رحمه الله تعالي، لما فيه [ صفحه 162] من كثير الفائدة ومن أراد

المزيد منها فعليه بالرجوع إلي كتابه القيّم الفخم «الغدير» وملاحظة ما فيه من مطالب كثيرة لم نذكرها.

تبرك أهل البيت و توسلهم بقبره الشريف

ولنختم الكلام في التبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله) بنقل ما ورد من تبرّك أهل البيت(عليهم السلام)بالقبر الشريف، وقد ورد عنهم(عليهم السلام) من القول والعمل في ذلك أحاديث كثيرة أخرجها علماء الإمامية رضوان الله عليهم في كتبهم، ونحن نشير إلي موارد منها للتيمّن والتبرّك: 1 _ لمّا مات الإمام الحسن بن علي السبط الأكبر(عليهما السلام) أوصي وقال في وصيّته: «فإذا قضيت نحبي... وأدخلني علي سريري إلي قبر جدّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)لأجدّد به عهداً ثمّ ردّني إلي قبر أمّي فاطمة(عليها السلام)». وفي لفظ الكافي: «ثمّ وجّهني إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) لأحدث به عهداً ثمّ اصرفني إلي أمّي فاطمة(عليها السلام)ثمّ ردّني إلي البقيع...» الحديث. وفي جواب الحسين(عليه السلام) لعائشة بعد كلام جري بينهما في تقريب جنازة الحسن(عليه السلام) من الروضة المباركة الطيّبة: «يا عائشة إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ليحدث به عهداً» [398] . 2 _ عن محمد بن أبي العلاء قال: سمعت يحيي بن أكثم قاضي سامراء بعدما [ صفحه 163] جهدت به، وحاورته وناظرته وواصلته وسألته عن علوم آل محمد، قال: بينا أنا ذات يوم أطوف بقبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) فرأيت محمد بن علي الرضا(عليه السلام) يطوف به.. الحديث [399] . 3 _ في حديث: أنّ علي بن الحسين(عليه السلام) كان يلتزق بالقبر [400] . 4 _ عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبدالله (الصادق)(عليه السلام) انتهي إلي قبر النبي(صلي الله عليه وآله) فوضع يده عليه... الحديث [401] . 5 _ عن ابن

فضال قال: رأيت أبا الحسن(عليه السلام) وهو يريد أن يودع للخروج إلي العمرة، فأتي القبر من موضع رأس رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعد المغرب، فسلَّم علي النبي(صلي الله عليه وآله)ولزق بالقبر... الحديث [402] . 6 _ لمّا عزم الإمام الحسين بن علي(عليهما السلام) الخروج من المدينة إلي مكّة بعد موت معاوية، خرج من منزله ذات ليلة وأقبل إلي قبر جدّه(صلي الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك. ثمّ جعل يبكي عند القبر حتّي إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه علي القبر، فأغفي فإذا هو برسول الله(صلي الله عليه وآله)... الحديث [403] . وفي لفظ ابن أعثم: خرج الحسين بن علي ذات ليلة وأتي قبر جدّه(صلي الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة أنا فرخك وابن فرختك، وسبطك في الخلف الذي [ صفحه 164] خلفت علي أمّتك، فأشهد عليهم يا نبيّ الله أنّهم قد خذلوني وضيّعوني، وأنّهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتّي ألقاك. فلمّا كانت الليلة الثانية: خرج إلي القبر أيضاً فصلّي ركعتين، فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول: اللهمّ إنّ هذا قبر نبيّك محمّد، وأنا ابن بنت محمّد، قد حضرني من الأمر ما قد علمت، إنّي أحبّ المعروف وأكره المنكر، وأنا أسألك ياذا الجلال والإكرام بحقّ هذا القبر ومن فيه ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضا. قال: ثمّ جعل الحسين يبكي حتّي إذا كان في بياض الصبح وضع رأسه علي القبر فأغفي ساعة... الحديث. 7 _ وقد تقدّم تبرّك فاطمة(عليها السلام) بتراب قبره(صلي الله عليه وآله) من أخذها من تراب القبر المبارك، ووضعه علي

عينيها ووجهها. 8 _ لمّا ورد البريد بإشخاص الرضا(عليه السلام) _ علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) _ كنت _ يعني الراوي نفسه وهو مخول السجستاني _ بالمدينة فدخل (يعني الرضا(عليه السلام)) المسجد ليودّع رسول الله(صلي الله عليه وآله)فودّعه مراراً، كلّ ذلك يرجع إلي القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب [404] . 9 _ عن الدرّ النظيم عن الرضا (علي بن موسي(عليهما السلام)) في حديث قال: لمّا أردت الخروج من المدينة إلي خراسان، جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا علي حتي أسمع بكاءهم، ثمّ فرّقت فيهم اثني عشر ألف دينار ثمّ قلت لهم: إنّي لا أرجع إلي عيالي أبداً، ثمّ أخذت أبا جعفر فأدخلته المسجد ووضعت يده علي حافّة القبر وألصقته به واستحفظته برسول الله(صلي الله عليه وآله)... الحديث [405] . 10 _ لمّا قبض الرشيد علي موسي بن جعفر(عليهما السلام)، وهو عند رأس النبي(صلي الله عليه وآله)قائماً [ صفحه 165] يصلّي، فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول: إليك أشكو يا رسول الله ما ألقي... الحديث [406] . 11 _ عن أبي جعفر (محمد بن علي الباقر) (عليه السلام) قال (في حديث): فبكي أبي وقال: يا بني إذهب إلي قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) فصلِّ ركعتين ثمّ قل: اللّهمّ اغفر لعلي بن الحسين خطيئته يوم الدين... الحديث [407] . 12 _ عن محمد بن إسحاق قال: قلت لأبي الحسن الأوّل(عليه السلام): ألا تدلّني علي من آخذ منه ديني؟ فقال: هذا ابني علي إنّ أبي أخذ بيدي فأدخلني إلي قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وقال: يا بني إنّ الله قال: ( إنّي جاعلك في

الأرض خليفة) [408] .

نظرة حول الأحاديث

هذه الأحاديث المتواترة، إجمالا أو معنًي; تدلّ علي أنّ الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان كانوا يتبرّكون برسول الله(صلي الله عليه وآله) وآثاره ; يتبرّكون بقبره ويحترمونه ويعظّمونه، وأنّ التبرّك والاحترام والتعظيم لم يكن شركاً عندهم، بل لم يكن يخطر ذلك في بالهم، بل يرون أنّ ذلك من شؤون الإيمان ومظاهره، وأنّ تعظيمه تعظيم وإجلال لله سبحانه، والتبرّك به توسّل ببعض شؤون الربّ سبحانه إليه واستشفاع برسوله إليه. ولكن هذه الأحاديث تدلّ علي أمور خاصّة _ وإن كانت من مصاديق التبرّك والاحترام _. منها: الاستشفاع برسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو مقبور راحل إلي ربّه تعالي، وهذا [ صفحه 166] الاستشفاع بمرأي من الصحابة الكرام رضي الله عنهم ومسمع، منهم مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وهو راوي الحديث الشريف في استشفاع الأعرابي المتمسّك في استشفاعه بالقرآن الكريم، ولم ينكروا عليه بفعل ولا قول ; مع قدرتهم علي النهي، وعندهم العدّة والعدد، فيجوز لكلّ مسلم أن يزور رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ويسأله أن يستغفر له، أو يطلب حاجته من الله تعالي أي حاجة كانت. ومن لطائف الحديث أنّ الأعرابي استشهد في عمله ذاك بقوله تعالي: ( ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءُوك...) الآية، فيفيد ذلك أنّ الأعرابي فهم من ظاهر الآية الكريمة أنّ شفاعة الرسول(صلي الله عليه وآله) المستفادة من هذه الآية المباركة لا تختص بحال الحياة، بل هي شاملة لحال مماته أيضاً، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة في هذا الاستدلال والاستفادة، فيعلم أنّهم أيضاً كانوا يفهمون من الآية الشريفة هذا المعني، ويلزم من ذلك أنّ جميع الآيات الدالّة علي شأن من شؤون النبي(صلي الله

عليه وآله)تشمل حالتي الحياة والموت، كقوله تعالي: ( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول) الآية [409] و( إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات) [410] و(لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) [411] و( لا تدخلوا بيوت النبي إلاّ أن يؤذن لكم) [412] و( إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) [413] وغيرها من الآيات الكريمة. ومنها: ما ورد من استسقاء بلال بن الحارث برسول الله(صلي الله عليه وآله) بقوله: [ صفحه 167] «يارسول الله استسق لأمّتك»، إذ لم يفرق بين موته وحياته، فاستسقاه وطلب منه الدعاء، ولعلّ علي هذا الأصل تمسّك الإمام مالك في احتجاجه علي الخليفة العبّاسي أبي جعفر بقوله: «يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإنّ الله تعالي أدّب قوماً فقال: ( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) الآية، وذمّ قوماً فقال: ( إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات) الآية، وإنّ حرمته ميّتاً كحرمته حيّاً، فاستكان أبو جعفر» [414] وإن كان يحتمل أن يكون الاستدلال من جهة استفادة الحكم في حال الحياة من الآية الكريمة، وتسريته إلي حال الموت من جهة قاعدة المساواة، ولكن الذي يستفاد ممّا ذكرنا أنّ قاعدة المساواة مستفادة من إطلاق الآية، كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم، وفي فهمهم واستدلالهم كفاية. ومنها: أنّ أمّ المؤمنين عائشة أمرت المسلمين بالاستسقاء بالتوسّل بقبره الشريف، فصار ذلك سنّة لأهل المدينة، وبيّنت ذلك بأن يرفع الحائل بين القبر المبارك وبين السماء حتي ينزل المطر، وفي رواية: أنّ عائشة هي التي فعلت ذلك. وعلي كلّ حال، فقد صار ذلك سنّة لأهل المدينة في الاستسقاء إلي زمن الزين المراغي. وليس ذلك طلب دعاء من رسول الله(صلي

الله عليه وآله) حتي يكون استشفاعاً واستسقاء بالمعني المتقدّم، بل هو استسقاء بالقبر المبارك، وجعله وسيلة إلي الله تعالي، كما في الرواية: «فإنّه رحمة تنزل علي قبره». وهذا قسم آخر من التوسّل والاستشفاع، كان لكشف قبره أثر معنوي في شمول رحمة الله تعالي ونزولها. [ صفحه 168] ولعلّ من هذا القبيل كان استشفاء ابن المنكدر _ أحد أعلام التابعين _ حينما كان يصيبه الصمات، حيث كان يضع خدّه علي القبر الشريف، وقد تقدّمت الإشارة في توضيح الأحاديث المتقدّمة إلي أن الراوي كان يطلب منه(صلي الله عليه وآله) الدعاء، وهو(صلي الله عليه وآله)كان يمسح أو يتفل أو يبصق في الجرح أو المرض، وفي هذا إشارة إلي أنّ شفاعة النبي(صلي الله عليه وآله)لا تنحصر في الدعاء والطلب منه سبحانه، بل هنا قسم آخر ألطف وأدقّ وهو الاستشفاع بأثر أو عضو منه(صلي الله عليه وآله). ويدلّ علي ذلك قوله تعالي: ( وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم) [415] وقد وردت أحاديث كثيرة تدلّ علي أنّ وجود رسول الله(صلي الله عليه وآله) أمان من العذاب، وإن شئت الوقوف عليها فراجع الدرّ المنثور، والطبري في تفسير الآية الكريمة. ومن هذا القبيل استشفاء أهل المدينة بتراب قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكذا تراب قبر حمزة سيّد الشهداء رضوان الله عليه وقبر صهيب كما تقدّم ويأتي، وكذا استشفاء الصحابة رضي الله عنهم بشعره وقدحه وغير ذلك كما سلف في ضمن الأحاديث المتقدّمة. ولا يمكن ردّ الآية الكريمة والأحاديث الكثيرة المتظافرة أو المتواترة بالأوهام والاستبعادات، مع أنّ الاستبعاد ليس في محلّه كما تقدّم، وسيأتي تفصيله في بيان جواز التوسّل مستقلاًّ إن شاء الله تعالي. ومنها: أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأخذون

تراب القبر الشريف ويتبرّكون به، حتّي صار ذلك سنّة فيهم، وطريقاً مألوفاً لديهم، حتي ضربت عليهم عائشة وسدّت الكوة، ولكن لم يصرّح في الحديث بكيفية تبرّكهم هل كان بالحفظ عندهم فقط أو هو مع السجود عليه أو هما مع أكله للاستشفاء والتداوي، [ صفحه 169] كما حكي ذلك في أخذ التراب من قبر حمزة رحمه الله تعالي، حيث كانوا يأخذونها للتداوي وصنع السبحة، ومن قبر صهيب يأخذونه للحمّي، بل كانوا يأخذون تراب المدينة ويحملونه معهم، وأطبق الناس علي نقل تربة قبر حمزة للتداوي، بل كانوا يتبرّكون بقبور العلماء والشهداء والصالحين. وشاهد الحال يحكي أنّهم كانوا يأخذون ذلك للحفظ وللتداوي والعبادة أيضاً. وقد صرّحوا أنّ فاطمة سيّدة نساء العالمين كانت تتبرّك بجعله علي عينيها ووجهها، وابن عمر كان يتبرّك بوضع اليد علي تراب القبر، وأبو أيّوب كان يتبرّك بوضع الوجه علي تراب القبر حتي اعترض عليه مروان، وبلال يتبرّك بتمريغ الوجه في تراب القبر والبكاء عنده، كما أنّ معاذاً كان يبكي عنده بمنظر من الخليفة عمر بن الخطّاب ولم يعترض عليه ولم ينكر، وإنّما كان كلام مروان _ كما قال العلاّمة المحقّق الأميني رحمه الله في الغدير _ دليلا علي أنّ «المنع عن التوسل بالقبور الطاهرة إنّما هو من بدع الأمويين وضلالاتهم منذ عهد الصحابة، ولم تسمع أذن الدنيا قط صحابياً ينكر ذلك غير وليد بيت أمية مروان الغاشم، نعم الثور يحمي أنفه بروقه. نعم لبني أمية عامّة ولمروان خاصّة ضغينة علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) منذ يوم لم يبق(صلي الله عليه وآله) في الأسرة الأموية حرمة إلاّ هتكها ولا ناموساً إلاّ مزّقه» [416] حتي نفي مروان وأباه ولعنهما. بل كان التبرّك بقبر كلّ شهيد

وصالح شائعاً عندهم، كما يعلم من التدبّر في الأحاديث المتقدّمة، وكذا كلّ شيء من الصلحاء، كماء غسله وتراب قبره، حيث أخذوا تراب قبر سعد بن معاذ وحمزة بن عبد المطّلب وصهيب رحمهم الله تعالي، وكانوا يستسقون بقبر أبي أيّوب، ومسروق بن الأجدع، وشربوا ماء غسل ابن [ صفحه 170] تيمية، وتبرّكوا ببقية سدره وخيط زيبقه، وبرّكوا عمائمهم ومناديلهم بإلقائها علي جنازته، وتبرّكوا بقبور تقدّم ذكرها. ومنها: تبرّك أهل البيت(عليهم السلام) بقبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) بإحضار موتاهم عنده حتي يحدثوا به عهداً، وهذا أيضاً استشفاع برسول الله(صلي الله عليه وآله)، وطلب استغفار منه وتوسل به إلي الله تعالي في غفران الذنوب وستر العيوب، كما أنّهم كانوا يتوسّلون بالبكاء عند القبر الشريف، والصلاة والدعاء عنده تارةً، ويتبرّكون باللزوق به أخري. وهذان القسمان داخلان في القسم الثاني من جعل قبره(صلي الله عليه وآله) أو شيء منه وسيلة إلي المولي سبحانه يتقرّب به ويتبرّك ويستشفي ويستشفع، ولكنّه من حيث أثر رسول الله وينتهي إلي الله سبحانه، وليس شركاً كما تقدّم. [ صفحه 173]

تبرك الصحابة والتابعين

التبرك بعصاه

هناك أحاديث تدلّ علي تبرّكهم بعصاه(صلي الله عليه وآله)، نذكر منها: 1 _ قال عبدالله بن أنيس _ بعد أن قتل سفيان بن خالد الهذلي ثمّ اللحياني (بكسر اللام وفتحها) بأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) ورجع إلي المدينة: _ فوجدت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المسجد فلمّا رآني قال: قد أفلح الوجه، قلت: أفلح وجهك يا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فوضعت رأسه _ أي رأس سفيان _ بين يديه، وأخبرته خبري فدفع لي عصا... فكانت تلك العصا عنده، فلمّا حضرته الوفاة أوصي أهله أن يدخلوها في كفنه ويجعلوها بين جلده

وكفنه ففعلوا [417] . وفي السيرة الحلبية [418] نقل هذه القصّة لعبد الله بن أنيس، حين قتل أسير بن رزام اليهودي قال: ثمّ أقبلنا علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فحدّثنا الحديث فقال(صلي الله عليه وآله): قد نجاكم الله من القوم الظالمين، وبصق في شجتي فلم تقع عليّ ولم تؤذني. قال: وفي رواية [ صفحه 174] زيادة علي ذلك وهي: وقطع لي قطعة من عصاه فقال: أمسك هذه علامة بيني وبينك يوم القيامة أعرفك بها، فإنّك تأتي يوم القيامة متخصّراً، فلمّا دفن عبدالله بن أنيس جعلت معه علي جلده دون ثيابه. انتهي [419] . أقول: تقدّم نظير ذلك لعبدالله بن أنيس هذا، حين أرسله (صلي الله عليه وآله) لقتل سفيان بن خالد الهذلي، وجاء برأسه إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فيحتمل أنّ هذا وهم من بعض الرواة، ويحتمل تعدّد الواقعة أي أعطاه عصاه أولا في تلك... ثمّ أعطاه إيّاها مرّة أخري ثانياً، ثمّ جعل العصوين بين جلده وكفنه ولا مانع. 2 _ كان عثمان يخطب وبيده عصا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأخذ جهجاه الغفاري العصا من يد عثمان; فكسرها يومئذ، ثمّ أخذته في ركبته الآكلة [420] . 3 _ عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك: أ نّه كانت عنده عصية لرسول الله(صلي الله عليه وآله)، فمات فدفنت معه بين جنبه وقميصه [421] . 4 _ بعث النجاشي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) ثلاث عنزات، فأمسك النبي(صلي الله عليه وآله) واحدة لنفسه، وأعطي علي بن أبي طالب واحدة وأعطي عمر بن الخطّاب واحدة، فكان بلال يمشي بتلك العنزة التي أمسكها رسول الله(صلي الله عليه وآله) لنفسه بين يدي رسول الله(صلي الله

عليه وآله)في العيدين، فيركز بين يديه فيصلّي إليها. ثمّ بين يدي أبي بكر ثمّ يمشي بها سعد القرظ بين يدي عمر بن الخطّاب وعثمان... وهذه العنزة التي يمشي بها اليوم بين يدي الولاة [422] . [ صفحه 175] 5 _ كان له(صلي الله عليه وآله) قضيب في شوحط يسمّي الممشوق، قيل: هو الذي كان الخلفاء يتداولونه (نقلا عن الأحكام السلطانية للماوردي) قال: «وأمّا القضيب فهو من تركة رسول الله(صلي الله عليه وآله) التي صدقة وقد صار مع البرد من شعار الخلافة». وكذا عن البداية والنهاية، حيث قال: وكانوا يهتمّون بهما كما يهتمّون بالبيعة وما زالت الشعراء تذكرهما _ ثمّ ذكر قسماً من الأشعار في ذلك... [423] . 6 _ وقال في كتاب الآثار النبوية: فيه (أي في رباط الآثار) قطعة من العنزة. يعني حفظوا ببعض تلك العنزة، احتراماً لها وتبرّكاً بعنزة الرسول(صلي الله عليه وآله) [424] . 7 _ عن الزبير قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص... فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه فمات... فكان الجهد أن نزعتها وقد انثني طرفاها، قال عروة، فسأله إيّاها رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأعطاه، فلمّا قبض رسول الله أخذها، ثمّ طلبها أبو بكر فأعطاه، فلمّا قبض أبو بكر سألها إيّاه عمر فأعطاه إيّاها، فلمّا قبض عمر أخذها ثمّ طلبها عثمان منه فأعطاه إيّاها، فلمّا قتل عثمان وقعت عند مال عليّ فطلبها عبدالله بن الزبير فكانت عنده حتّي قتل [425] . 8 _ جاء أبو حنيفة إليه (يعني إلي الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)) ليسمع منه، وخرج أبو عبدالله يتوكأ علي عصا، فقال له أبو حنيفة: ياابن رسول الله ما بلغت من السنّ

ما تحتاج معه إلي العصا، قال: هو كذلك ولكنّها عصا رسول الله(صلي الله عليه وآله) أردت التبرّك بها، فوثب أبو حنيفة إليه وقال له: أقبّلها ياابن رسول الله فحسر أبو عبدالله(عليه السلام) عن ذراعه، وقال له: والله لقد علمت أنّ هذا بشر [ صفحه 176] رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأنّ هذا من شعره فما قبّلته وتقبل عصا [426] . 9 _ (همّ المنصور بقتل أبي عبدالله(عليه السلام) فلمّا منع من ذلك منع الناس عنه) «حتي ألقي الله في روع المنصور أن يسأل الصادق(عليه السلام) ليتحفه بشيء من عنده لا يكون لأحد مثله، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي(صلي الله عليه وآله) طولها ذراع، ففرح بها فرحاً شديداً، وأمر أن تشق له أربعة أرباع... الحديث [427] .

التبرك بخاتمه

1 _ عن ابن عمر: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) اتخذ خاتماً من ورق فكان في يده، ثمّ كان في يد أبي بكر بعده، ثمّ كان في يد عمر بعده، ثمّ كان في يد عثمان، حتّي وقع في بئر أريس، نقشه محمد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [428] . 2 _ ذكر البخاري خاتمه(صلي الله عليه وآله)، وأنّ أبا بكر كان ختم به الكتاب إلي البحرين ثمّ ذكر نعله وكساءه [429] . وقد ذكر في البداية والنهاية [430] بحثاً حول الخاتم، ونقل هذه الرواية وأطال الكلام في ترك الخاتم، وأ نّه كان صنع من ذهب أو ورق أو حديد، وكيف توارثه الخلفاء الثلاثة فراجعه. [ صفحه 177]

التبرك بلباسه و ما اشتمله

لقد أبقي لنا السلف أحاديث كثيرة في التبرّك بلباسه(صلي الله عليه وآله)، كعمامته وبردته وجبَّته وقلنسوته وقميصه وردائه وإزاره وكسائه ودرعه وغيرها، وكان الصحابة والتابعون ومن بعدهم يحفظونها ويتبرّكون ويستشفون بها، وإليك طائفة من نصوصها، وعليك بالتدبّر فيها والإيمان بما يستفاد منها: 1 _ عمامته السحاب كانت عند علي(عليه السلام) ثمّ صارت لبني العبّاس [431] . 2 _ عن سعد قال: رأيت رجلا ببخاري علي بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء فقال: كسانيها رسول الله(صلي الله عليه وآله) [432] . 3 _ لما ولّي عثمان تعمّم بعمامة رسول الله(صلي الله عليه وآله) [433] . 4 _ عبدالله بن خازم _ بالمعجمتين _ أبو صالح الأمير المشهور كانت له عمامة سوداء يلبسها في الجمع والأعياد والحرب، فإذا فتح عليه تعمّم بها تبرّكاً بها، ويقول: كسانيها رسول الله(صلي الله عليه وآله) [434] . 5 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: أتي النبي(صلي الله عليه

وآله) عبدالله ابن أبيّ بعدما أدخل قبره، فأمر به فأخرج، ووضع علي ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه [435] . وفي لفظ أحمد [436] : [ صفحه 178] عن جابر لمّا مات عبدالله بن أبي أتي ابنه النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إنّ لم تأته لم نزل نعيّر بهذا، فأتاه النبي(صلي الله عليه وآله) فوجده قد أدخل حفرته فقال: أفلا قبل أن تدخلوه. فَأُخرجَ من حفرته فتفل عليه من قرنه إلي قدمه وألبسه قميصه. 6 _ عن نافع عن عبدالله قال: لمّا توفي عبدالله بن أبيّ جاء ابنه إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفّنه فيه، وصلِّ عليه، واستغفر له، فأعطاه قميصه [437] . وفي لفظ آخر للبخاري [438] : وقال أبو هريرة: وكان علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)قميصان، فقال له ابنه عبدالله: يا رسول الله ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك. قال سفيان: فيروون أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) ألبس عبدالله قميصه مكافأة لما صنع، وفي لفظ الطبري: «وألبسه النبي(صلي الله عليه وآله) قميصه وهو عرق». وفي الدرّ المنثور عن دلائل النبوّة للبيهقي عن ابن عبّاس أنّ عبدالله بن عبدالله بن أبيّ قال له أبوه: أي بني اطلب لي ثوباً من ثياب النبي(صلي الله عليه وآله)، فكفّني فيه ومره أن يصلّي عليّ. قال: فأتاه فقال: يا رسول الله قد عرفت شرف عبدالله وهو يطلب إليك ثوباً من ثيابك نكفّنه فيه وتصلّي عليه. فقال عمر: يا رسول الله قد عرفت عبدالله ونفاقه أتصلّي عليه؟... الحديث. ليس في هذه الرواية نصّ علي إعطاء القميص، ولكن نقل عن جابر، وفيه: فجاء ابنه إلي النبي(صلي الله عليه وآله)

فقال: أبي أوصي أن يكفّن في قميصك، فصلّي عليه وألبسه قميصه. [ صفحه 179] 7 _ عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة ببردة... قالت: يا رسول الله إنّي نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها رسول الله(صلي الله عليه وآله) محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنّه لإزاره، فجسّها رجل من القوم فقال: يا رسول الله اكسنيها، قال: نعم... ثمّ رجع فطواها، ثمّ أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت سؤلتها إيّاه، وقد عرفت أ نّه لا يرد سائلا فقال الرجل: والله ما سألتها إلاّ لتكون كفني يوم أموت. قال سهل: فكانت كفنه [439] . قال ابن حجر في الفتح في شرح ما يستفاد من الحديث: «وفيه التبرّك بآثار الصالحين» وقال في تعيين الرجل الذي فعل هذا: أفاد المحبّ الطبري في الأحكام له: أ نّه عبد الرحمن بن عوف وعزاه للطبراني، ولم أره في المعجم الكبير لا في مسند سهل ولا عبد الرحمن، ونقله شيخنا ابن الملقن عن المحبّ في شرح العمدة، وكذا قال لنا شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي: إ نّه وقف عليه لكن لم يستحضر مكانه، ووقع لشيخنا ابن الملقن في شرح التنبيه أ نّه سهل بن سعد وهو غلط» ثمّ نقل عن الطبراني، أ نّه سعد بن أبي وقاص، وعنه أيضاً في رواية أ نّه أعرابي. 8 _ عن أسماء بنت أبي بكر أنّها أخرجت جبّة طيالسة إليّ ذات أعلام خضر قالت: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يلبسها، فنحن نغسلها ونستشفي بها [440] . [ صفحه 180] 9 _ كان كعب بن زهير شديد الحرص علي المحافظة علي البردة التي أعطاها له رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وقصّته مشهورة ومختصرها: أنّ كعباً كان

من فحول الشعراء، وكان ممّن هجا النبي(صلي الله عليه وآله) قبل الإسلام، فلمّا كان يوم الفتح خرج هارباً ثمّ أسلم أخوه، فهجاه كعب وأهدر دمه لمّا سمع ما قال، فأشفق كعب علي نفسه، وقال قصيدة يمدح بها النبي(صلي الله عليه وآله)، ثمّ خرج إلي المدينة يريد الإسلام فنزل علي رجل من جهينة، فأتي به إلي المسجد، ثمّ أشار إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فقال: هذا رسول الله(صلي الله عليه وآله). فقام كعب إلي النبي(صلي الله عليه وآله) حتي جلس بين يديه فوضع يده في يده، ثمّ قال: يا رسول الله إنّ كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ فقال(صلي الله عليه وآله): نعم، فقال: أنا كعب بن زهير فقال(صلي الله عليه وآله): مأمون والله وألقي عليه بردته التي كانت عليه(صلي الله عليه وآله). وقد بذل معاوية بن أبي سفيان لكعب في هذه البردة عشرة آلاف من الدراهم فقال كعب: ما كنت لأوثر بثوب رسول الله أحداً، فلمّا مات بعث معاوية إلي ورثته بعشرين ألف درهم فأخذها منهم، وهي البردة التي كانت عند السلاطين وهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد [441] . 10 _ لمّا ثقل معاوية ويزيد غائب، أقبل يزيد ودخل علي معاوية، وهو يجود بنفسه، قال معاوية: أي بنيّ إنّ أعظم ما أخاف الله فيه ما كنت أصنع بك، يا بنيّ إنّي خرجت مع رسول الله، فكان إذا مضي لحاجته وتوضّأ أصبّ الماء علي يديه، فنظر إلي قميص لي قد انخرق من عاتقي فقال لي: يا معاوية ألا أكسوك قميصاً؟ قلت: بلي، فكساني قميصاً لم ألبسه إلاّ لبسة واحدة وهو عندي، واجتز ذات يوم

فأخذت [ صفحه 181] جزازة شعره وقلامة أظفاره فجعلت ذلك في قارورة، فإذا مت يا بنيّ فاغسلني ثمّ اجعل ذلك الشعر والأظفار في عيني ومنخري وفمي، ثمّ اجعل قميص رسول الله(صلي الله عليه وآله)شعاراً من تحت كفني إن نفع شيء نفع هذا [442] . أقول: في هذه الرواية مواضع للنظر والتأمّل لا تخفي علي المتدبّر. 11 _ عن أمّ عطية الأنصارية رضي الله عنها _ اسمها نسيبة بنت الحارث، وقيل بنت كعب، كانت من كبار نساء الصحابة، وكانت تغسل الموتي، وتغزو مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) _ قالت: دخل علينا رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين توفيت ابنته فقال: اغسليها ثلاثاً أو خمساً.. فإذا فرغتنّ فآذنّني، فلمّا فرغنا آذنّاه فأعطانا حقوه، فقال: اشعرنه إيّاها. تعني إزاره [443] . الحقو: بالفتح ويجوز كسرها وهي لغة هذيل، بعد المهملة قاف ساكنة، والمراد به هنا الإزار. قال في الفتح: قيل: الحكمة في تأخير الإزار معه إلي أن يفرغن من الغسل ولم يناولهنّ إيّاه أوّلا ; ليكون قريب العهد من جسده الكريم حتي لا يكون بين انتقاله من جسده إلي جسدها فاصل، وهو أصل في التبرّك بآثار الصالحين. 12 _ عن عائشة أمّ المؤمنين في حديث دفن رسول الله(صلي الله عليه وآله) قالت: «إنّ عبدالله ابن أبي بكر أعطاهم _ في تكفين الرسول(صلي الله عليه وآله) _ حلّة حبرة، فأدرج فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله)ثمّ استخرجوه منها، فكفن في ثلاثة أثواب بيض فأخذ الحلّة فقال: لأكفن نفسي [ صفحه 182] في شيء مسّ جلد النبي(صلي الله عليه وآله)، ثمّ قال بعد ذلك: والله لا أكفّن نفسي في شيء منعه الله عزّوجلّ نبيّه أن يكفّن فيه» [444] .

وفي لفظ الإصابة: عن عائشة قالت: كفّن رسول الله(صلي الله عليه وآله) في بردي حبرة حتي مسّا جلده، ثمّ نزعهما فأمسكهما عبدالله ليكفن فيهما. ثمّ قال: وما كنت لأمسك شيئاً منع الله رسوله منه فتصدّق بهما. 13 _ لمّا ماتت فاطمة بنت أسد; أمّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)«ألبسها رسول الله(صلي الله عليه وآله) قميصه، واضطجع معها في قبرها. فقالوا: ما رأينا صنعت ما صنعت بهذه؟ فقال: إنّه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها، إنّما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنّة واضطجعت معها ليهون عليها» [445] . في البحار [446] «ثمّ قال لعلي(عليه السلام): هذا قميصي فكفّنها فيه، فإذا فرغتم فآذنوني، فلمّا أخرجت صلّي عليها النبي(صلي الله عليه وآله) صلاة لم يصلِّ قبلها ولا بعدها علي أحد مثلها، ثمّ نزل علي قبرها فاضطجع فيه... قيل: يا رسول الله لقد صنعت بها شيئاً في تكفينك إيّاها ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك ما رأينا صنعته بأحد قبلها؟ قال: أما تكفيني إيّاها فإنّي لما قلت لها يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم فصاحت، وقالت: واسوأتاه فلبستها ثيابي وسألت الله في صلاتي أن لايبلي أكفانها حتي تدخل الجنّة... الحديث. [ صفحه 183] وفي لفظ السمهودي: «لمّا فرغ منه نزل فاضطجع في اللحد وقرأ فيه القرآن ثمّ نزع قميصه، فأمر أن تكفّن فيه». وفي لفظه الآخر: عن جابر: بينما نحن جلوس مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذ أتاه آت فقال: يا رسول الله إنّ أمّ علي وجعفر وعقيل قد ماتت. فقال رسول لله(صلي الله عليه وآله): قوموا إلي أمِّي ; فقمنا، وكأنّ علي رؤوس من معه الطير، فلمّا انتهينا إلي الباب

نزع قميصه فقال: إذا غسلتموها فاشعروها إيّاه تحت أكفانها... حتي انتهينا إلي القبر فتمعّك في اللحد، ثمّ خرج فقال: ادخلوها باسم الله وعلي اسم الله، فلمّا أن دفنوها قام قائماً فقال: جزاك الله من أمّ وربيبة خيراً، فنعم الأمّ ونعم الربيبة كنت لي. قال: فقلنا له أو قيل له: يا رسول الله لقد صنعت شيئين ما رأيناك صنعت مثلهما قط، قال: ما هو؟ قلنا: نزعك قميصك وتمعكك في اللحد قال: أمّا قميصي فأريد أن لا تمسّها النار أبداً إن شاء الله تعالي، وأمّا تمعكي في اللحد فأردت أن يوسع الله عليها قبرها. 14 _ لمّا صار عبدالله بن أبيّ في السياق، جاءه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وعاتبه فقال: يارسول الله ليس بحين عتاب هو الموت، فإن مت فاحضر غسلي وأعطني قميصك أكفّن فيه فأعطاه الأعلي _ وكان عليه قميصان _ فقال: الذي يلي جلدك فنزع قميصه الذي يلي جلده فأعطاه [447] . 15 _ عن محمد بن جابر قال: سمعت أبي يذكر عن جدّي أ نّه أوّل وفد وفد علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من بني حنيفة، فوجدته يغسل رأسه فقال: اقعد يا أخا أهل اليمامة فاغسل رأسك، فغسلت رأسي بفضلة غسل رسول الله(صلي الله عليه وآله)... فقلت: يا رسول الله [ صفحه 184] أعطني قطعة من قميصك استأنس بها، فأعطاني. قال محمد بن جابر: فحدّثني أبي أنّها كانت عندنا نغسلها للمريض يستشفي بها [448] . 16 _ لمّا مات عبد شمس بن الحارث بن عبد المطلب القرشي بالصفراء في حياة رسول الله(صلي الله عليه وآله)، دفنه في قميصه وقال: سعيد أدركته السعادة [449] . 17 _ خرج صيفي بن ساعدة الأنصاري مع

النبي(صلي الله عليه وآله) في بعض المغازي، فتوفي بالكديد، فكفّنه النبي(صلي الله عليه وآله) في قميصه [450] . 18 _ عبدالله بن ثابت الأنصاري توفي علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وآله) وكفّنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) في قميصه [451] . 19 _ عن عبدالله بن ربيعة بن الحارث الهاشمي قال: أرسلته أمّ الحكم بنت الزبير وهو غلام في أثر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وهو يريد بيت أمّ سلمة فأمرته أن يدرك رسول الله فينزع عنه رداءه، فالتفت إليّ فقال: مَنْ أنت؟ فأخبرته وقلت: أمّي أمرتني بهذا فلفّ رداءه ثمّ أعطانيه وقال: مر أمّك تشقّه فتختمر به هي وأختها [452] . 20 _ جاء قرّة بن هبيرة القشيري إلي النبي(صلي الله عليه وآله)... ثمّ قال: يارسول الله أكسني ثوبين قد لبستهما فكساه... الحديث [453] . 21 _ كان الوليد بن الوليد بن المغيرة محبوساً بمكّة، فلمّا أراد أن يهاجر باع مالا له بالطائف، ثمّ وجد غفلة من القوم فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام مشاة يخافون الطلب فسعوا حتي تعبوا... فدخل علي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فقال: يا [ صفحه 185] رسول الله حسرت وأنا ميّت فكفّني في فضل ثوبك، واجعله ممّا يلي جلدك ومات فكفّنه النبي(صلي الله عليه وآله) في قميصه [454] . 22 _ كانت الشفاء بنت عبدالله القرشية العدوية أمّ سليمان بن أبي حثمة ; من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يأتيها، ويقيل عندها، وكانت قد اتخذت له فراشاً وإزاراً ينام فيه، فلم يزل ذلك عند ولدها ; حتي أخذه منهم مروان ابن الحكم [455] . 23 _ لمّا أراد عمر أن يستسقي

; خرج ذلك اليوم، وعليه برد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [456] . 24 _ مات عبدالله بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم بالصفراء، فدفنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) في قميصه [457] . 25 _ توفي عبدالله بن سعد الأنصاري منصرفه(صلي الله عليه وآله) من تبوك، وكفّنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) في قميصه [458] . 26 _ كانت عائشة تحفظ كساءً ملبداً وإزاراً غليظاً. قالت: قبض رسول الله(صلي الله عليه وآله)في هذين. وفي لف0: عن أبي بردة قال: دخلت علي عائشة ; فأخرجت إلينا إزاراً غليظاً ممّا يصنع باليمن، وكساءً من التي يسمّونها الملبدة. قال: فأقسمت بالله أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)قبض في هذين الثوبين. وفي رواية عنه قال: أخرجت إلينا عائشة إزاراً وكساءً ملبداً، فقالت: في هذا [ صفحه 186] قُبض رسول الله(صلي الله عليه وآله). وفي لفظ البخاري: أخرجت إلينا عائشة كساءً وإزاراً غليظاً، فقالت: قبض روح النبي في هذين [459] . 27 _ عن محمد بن هلال قال: رأيت علي هشام بن عبد الملك بردَ النبي من حبرة له حاشيتان [460] . 28 _ عن عروة بن الزبير: أنّ ثوب رسول الله(صلي الله عليه وآله) الذي كان يخرج فيه إلي الوفد، رداء حضرمي طوله أربع أذرع، وعرضه ذراعان وشبر، فهو عند الخلفاء قد خلق وطووه بثوب يلبسونه يوم الأضحي والفطر [461] . وقد عقد السيوطي في تاريخ الخلفاء فصلا في شأن البردة النبوية قال: قال السلفي في الطواريات بسنده إلي الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء: أنّ كعب بن زهير(رضي الله عنه) لمّا أنشد النبي قصيدته _ بانت سعاد _ رمي إليه ببردة كانت عليه، فلمّا كان زمن

معاوية(رضي الله عنه) كتب إلي كعب: بعنا بردة رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعشرة آلاف درهم، فأبي عليه، فلمّا مات كعب بعث معاوية إلي أولاده بعشرين ألف درهم، وأخذ منهم البردة التي هي عند الخلفاء آل العبّاس، وهكذا قال خلائق آخرون. وأمّا الذهبي فقال في تاريخه: أمّا البردة التي عند الخلفاء آل العبّاس فقد قال يونس بن بكر عن ابن إسحاق في قصة غزوة تبوك: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) أعطي أهل أيلة [ صفحه 187] بردة مع كتابه الذي كتب لهم أماناً لهم، فاشتراها أبو العبّاس السفاح بثلاثمائة دينار. قلت: فكانت التي اشتراها معاوية فقدت عند زوال دولة بني أمية. أقول: تقدّم ذكر قصّة هذه البردة سابقاً. 29 _ عن جابر بن عامر، قال: أخرج إلينا علي بن الحسين (بن علي بن أبي طالب زين العابدين(عليهم السلام)) درع رسول الله(صلي الله عليه وآله) [462] . 30 _ كان متاع رسول الله(صلي الله عليه وآله) عند عمر بن عبد العزيز في بيت ينظر إليه كلّ يوم، وكان إذا اجتمعت إليه قريش أدخلهم ذلك البيت، ثمّ استقبل ذلك المتاع، فيقول: هذا ميراث من أكرمكم الله وأعزّكم به، قال: وكان سريراً مزملا بشريط ومزققة من أدم محشوة ليفاً وجفنة وقدحاً وثوباً ورحي وكنانة فيها أسهم، وكان في القطيفة أثر رشح عرق رأسه أطيب من ريح المسك، فأصيب رجل فطلبوا أن يغسلوا بعض ذلك الرشح فيسعط به، فذكر ذلك لعمر فسعط به فبرئ [463] . 31 _ إنّ أهل البيت عليهم الصلاة والسلام كانوا يحتفظون بميراثه من لباسه، عن ابن عاصم قال: أخرج إلينا عليّ بن الحسين سيف رسول الله(صلي الله عليه وآله) فإذا قبيعة والحلقتان اللّتان فيهما

الحمائل من فضة [464] . 32 _ عن عيسي بن طهمان قال: أمر أنس وأنا عنده فأخرج نعلا لهما قبالان فسمعت ثابت البناني يقول: هذه نعل النبي(صلي الله عليه وآله) [465] . 33 _ كان نعلا النبي (صلي الله عليه وآله) عند فاطمة بنت عبيدالله بن عبّاس [466] . [ صفحه 188] 34 _ عن جابر: أنّ محمد بن علي _ الباقر (عليه السلام) _ أخرج لهم نعل رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فأراني معقبة مثل الحضرمية له قبالان [467] . 35 _ قال هشام بن عروة: رأيت نعل رسول الله(صلي الله عليه وآله) مخصرة معقبة ملسنة لها قبالان [468] . 36 _ رأي عبدالله بن الحارث الأنصاري نعلي النبي(صلي الله عليه وآله) كانتا متقابلتين [469] . 37 _ كان أنس يحفظ نعلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وعائشة تحفظ إزاره [470] . 38 _ قال في الآثار النبوية: وأمّا السيف فالمراد به ذو الفقار كان وهبه لعلي(عليه السلام)ثمّ صار لبنيه، ثمّ كان عند محمد بن عبدالله بن الحسن، فلمّا أحس بالقتل أعطاه التاجر في دين عليه أربعمائة للتاجر، ثمّ اشتراه جعفر بن سليمان العبّاسي بأربعمائة دينار ثمّ أخذه منه المهدي [471] . 39 _ عن ابن سيرين قال: صنعت سيفي علي سيف سمرة وزعم سمرة، أ نّه صنع سيفه علي سيف رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكان حنفيّاً، وقد صار إلي آل علي سيف من سيوف رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فلمّا قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكربلاء عند الطفّ، وكان معه فأخذه عليّ بن الحسين زين العابدين، فقدم معه دمشق حين دخل علي يزيد بن معاوية. ثمّ رجع معه إلي المدينة.

فثبت في الصحيحين عن المسور بن مخرمة: أ نّه تلقاه إلي الطريق فقال له: هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقال: لا، فقال: هل أنت معطي سيف رسول الله(صلي الله عليه وآله) فإنّي أخشي أن يغلبك عليه القوم، وأيم الله، إن أعطيتنيه لا يخلص [ صفحه 189] إليه حتي يبلغ نفسي... الحديث [472] . 40 _ عنون البخاري باباً بقوله: باب ما ذكر من درع النبي(صلي الله عليه وآله) وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك، ممّا لم يذكر قسمته ومن شعره ونعله وآنيته ممّا تبرّك أصحابه وغيرهم بعد وفاته [473] . _ واتّبعه ابن حجر في الفتح [474] في شرح العنوان فقال: الغرض من هذه الترجمة تثبيت أ نّه(صلي الله عليه وآله) لم يورث ولم يبع موجوده، بل ترك بيد من صار إليه للتبرّك به، ولو كان ميراثاً لبيعت وقسّمت، ولهذا قال بعد ذلك: «ممّا لم تذكر قسمته» وقوله: «ممّا تبرّك أصحابه» أي به وحذف للعلم به. أقول: قوله(صلي الله عليه وآله): «إنّه لم يورث ولم يبع موجوده» فيه خلاف بين أهل السنّة والشيعة، وقد بحثوا فيه بحثاً ضافياً طويلا، وقد أشرنا إليه في كتاب مكاتيب الرسول(صلي الله عليه وآله)، ودليلهم علي عدم التوريث حديث انفرد به أبو بكر، فراجع وتدبّر. وعلي كلّ حال: فقد علم من عنوان البخاري وشرحه، كون جواز التبرّك عند الصحابة أمراً مسلماً مفروغاً عنه، فلاح0. 41 _ ذكر السمهودي: أنّ سيف عبدالله بن جحش الذي أعطاه له رسول الله(صلي الله عليه وآله) يوم أحد ; لم يزل يتوارث حتي بيع من بغا التركي بمئتي دينار [475] . 42 _ في خبر طويل عن سعيد

بن جبير، قال أبو خالد الكابلي: أتيت علي بن الحسين(عليهما السلام) علي أن أسأله هل عندك سلاح رسول الله؟ فلمّا بصر بي قال: يا [ صفحه 190] أبا خالد أتريد أن أريك سلاح رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ قلت: والله ياابن رسول الله ما أتيتك إلاّ لأسألك عن ذلك، وقد أخبرتني بما في نفسي. قال: نعم، فدعا بحق كبير وسفط فأخرج لي خاتم رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ثمّ أخرج لي درعه، وقال: هذا درع رسول الله(صلي الله عليه وآله). وأخرج إليّ سيفه، وقال: هذا والله ذو الفقار. وأخرج عمامته وقال: هذه السحاب. وأخرج رايته وقال: هذه العقاب. وأخرج قضيبه وقال: هذا السكب. وأخرج نعليه وقال: هذان نعلا رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأخرج رداءه، وقال: هذا كان يرتدي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) ويخطب أصحابه يوم الجمعة. وأخرج لي شيئاً كثيراً، قلت: حسبي جعلني الله فداك [476] . 43 _ بلغ عبد الملك أن سيف رسول الله(صلي الله عليه وآله) عنده «أي عند الإمام زين العابدين(عليه السلام)» فبعث يستوهبه ويسأله الحاجة، فأبي عليه، فكتب إليه عبد الملك يهدّده وإنّه يقطع رزقه من بيت المال فأجابه عليه السلام... الحديث [477] . 44 _ في حديث احتجاج علي بن الحسين(عليهما السلام) علي محمد بن الحنفية أنّ علي بن الحسين(عليهما السلام) قال: «وهذا سلاح رسول (صلي الله عليه وآله) عندي» الحديث [478] . 45 _ عن محمد بن الفضل الهاشمي قال: لمّا توفي موسي بن جعفر(عليهما السلام)أتيت المدينة، فدخلت علي الرضا (عليه السلام) فسلّمت عليه بالأمر _ إلي أن قال: _ ثمّ أخرج إليّ جميع ما كان للنبي(صلي الله عليه وآله) عند الأئمّة، من بردته وقضيبه

وسلاحه وغير ذلك. _ الحديث [479] . 46 _ قال الإمام أبي جعفر(عليه السلام): «عندي سلاح رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو فينا بمنزلة [ صفحه 191] التابوت في بني إسرائيل يدور معنا حيث درنا، وهو مع كلّ إمام [480] . 47 _ تقدّم في التبرّك بعرقه(صلي الله عليه وآله) حديث عن أنس بن مالك وأ نّه ورث البردة عن أمّ سليم. 48 _ عن حازم بن حزام قال: أتيت النبي(صلي الله عليه وآله) بصيد اصطدته ; فأهديتها، فقبلها (كذا) رسول الله(صلي الله عليه وآله) وكساني عصابته وسمّاني حزاماً [481] . 49 _ صلّي الحسين بن علي المقتول بفخ(رحمه الله)... فخطب بعد الصلاة وقال: «...أيّها الناس أتطلبون آثار رسول الله في الحجر والعود وتمسحون بذلك وتضيّعون بضعة منه...» [482] . 50 _ عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله(عليه السلام) أ نّه قال: ألا أريك قميص القائم الذي يقوم عليه؟ فقلت: بلي، فدعا بقمطر ففتحه، وأخرج منه قميص كرابيس فنشره، فإذا في كمّه الأيسر دم، فقال: هذا قميص رسول الله(صلي الله عليه وآله) الذي عليه يوم ضربت رباعيته. الحديث _ [483] . 51 _ (حديث في شأن القائم(عليه السلام)) يا أبا محمد! إنّه يخرج موتوراً غضبان أسفاً لغضب الله علي هذا الخلق، عليه قميص رسول الله(صلي الله عليه وآله) الذي كان عليه يوم أحد، وعمامته السحاب، ودرع رسول الله(صلي الله عليه وآله) السابغة، وسيف رسول الله(صلي الله عليه وآله)ذوالفقار... الحديث [484] . 52 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: كان نعل سيف رسول الله وقائمته فضة، وكان [ صفحه 192] بين ذلك حلق من فضة، ولبست درع رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فكنت أسحبها وفيها

ثلاث حلقات من فضّة من بين يديها، واثنتان من خلفها [485] .

ملابسه عند سائر المسلمين

نقل في كتاب الآثار النبوية بعض الآثار النبوية المحفوظة المتبرّك، بها فقال [486] : عن جمع نقلوا النعل التي كانت عند السيّدة عائشة. وقال [487] : إنّ نعلا كان بالأشرفية بدمشق قال [488] : وثمّة نعل أخري بدمشق، وقال [489] : وقطعة أخري كانت عند القاضي عبد الباسط، وقال [490] في عدّة النعال الشريفة النبوية الموجودة: النعل الشريفة التي بدار الشرفاء الطاهرين بفاس (انتهي بتلخيص وتحرير منّا). وقال في البداية والنهاية [491] : اشتهر في حدود سنة 600 وما بعدها عند رجل من التجّار يقال له: ابن أبي الحدرد نعل مفردة، وذكر أنّها نعل النبي(صلي الله عليه وآله) فسامها الملك الأشرف موسي بن الملك العادل أبي بكر بن أيّوب منه بمال جزيل، فأبي أن يبيعها، فاتفق موته بعد حين، فصارت إلي الملك الأشرف المذكور، فأخذها إليه وعظّمها، ثمّ لمّا بني دار الحديث الأشرفية إلي جانب القلعة، جعلها في خزانة منها وجعل لها خادماً، وقرّر له من المعلوم كلّ شهر أربعين درهماً، وهي موجودة الآن في الدار المذكورة. [ صفحه 193] أقول: قد نقلنا هذه الآثار، لنبيّن مدي اهتمام المسلمين بالآثار النبوية خلفاً عن سلف، وجيلا بعد جيل، وقرناً بعد قرن، بحيث لا يبقي مجال للشكّ والريب.

نظرة و تحقيق حول الأحاديث

هذه الأحاديث واضحة الدلالة علي جواز التبرّك، بل رجحانه، ولكن لتأكيد المطلب وإيضاحه نري أن نعود إلي بيانها مرّة أخري، فنقول: دلالتها علي المطلوب من وجوه: 1 _ عمل النبي الكريم(صلي الله عليه وآله) يدلّ علي المطلوب كعمله في تكفين ابنته، وكذا في تكفين بعض الصحابة، حيث كفّنهم ببعض ثيابه كقميصه وإزاره وردائه، وأمر باشعار ثوبه للميّت كما في تكفين فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، معلّلا

بقوله(صلي الله عليه وآله): «إنّما ألبستها قميصي لتكسي من حلل الجنّة» و«سألت الله في صلاتي أن لا يبلي أكفانها» أي كفّنتها في قميصي لكي تنجو من الحشر هي عارية، وبقوله(صلي الله عليه وآله): «أمّا قميصي فأريد أن لا تمسّها النار أبداً إن شاء الله تعالي» وفي تكفين عبد شمس بن الحارث قال: «سعيد أدركته السعادة». عمله(صلي الله عليه وآله) بنفسه يكون طلباً لبركة ثوبه، وبياناً لوجه البركة والفوائد المترتّبة عليها، فلكلّ مسلم به(صلي الله عليه وآله) أسوة حسنة، وكلّ مؤمن بالله تعالي وبنبيّه نبيّ الرحمة يريد أن يكسي من حلل الجنّة، وأن لا تمسّة النار أبداً، وأن لا يأتي عارياً يوم الحشر، وأي وازع وأي مانع من تبرّك المسلم تأسّياً بنبيّه(صلي الله عليه وآله) وابتغاء لهذه البركات؟ 2 _ عمل الصحابة أيضاً يدلّ علي ما ذكرنا، حيث كانوا يحتفظون بملابسه وآثاره متباهين بذلك، وطالبين للبركة، ونستفيد طلبهم للبركة من حفظهم ومباهاتهم، فكان علي(عليه السلام) يحفظ عمامته، وكان عثمان وعبدالله بن خازم يتعمّمان بها وطلب ابن عبدالله بن أبيّ قميصه (صلي الله عليه وآله) ليكفّن أباه فيه، أو طلبه عبدالله نفسه، وطلب [ صفحه 194] أحد الصحابة برده. أمّا عبد الرحمن بن عوف أو غيره وصرّح بقوله: «والله ما سألتها إلاّ لتكون كفني يوم أموت» وأسماء بنت أبي بكر تحفظ جبّته، ويحفظ كعب بردته ويشتريها منه معاوية بثمن غال، ثمّ يحفظها الملوك ويلبسونها في الأعياد. ويوصي معاوية أن يكفّن في قميص رسول الله(صلي الله عليه وآله) قائلا: «اجعل قميص رسول الله(صلي الله عليه وآله) شعاراً من تحت كفني إن نفع شيء نفع هذا» وترسل أمّ الحكم بنت الزبير عبدالله بن ربيعة لنزع ردائه عنه(صلي الله عليه

وآله). وتقول قرّة: «اكسني ثوبين قد لبستهما». ومعلوم أ نّه كان يري للبسه خصوصية ولا يطلب منه ثوباً فقط. وليس هذا إلاّ للتبرّك. ويوصي الوليد بقوله: «فكفّني في فضل ثوبك واجعله ممّا يلي جلدك». وتحتفظ الشفا بالفراش والإزار، ويبقي عند ولدها حتي أخذه منهم مروان. وتحتفظ عائشة بالكساء والإزار اللذين قبض فيهما رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ويحفظ الخلفاء بردته ويلبسونها في الأعياد وللاستسقاء، وكذا يحفظ عمر بن عبد العزيز المتاع وينظر إليه، وأهل البيت(عليهم السلام)يحفظون ملابسه(صلي الله عليه وآله) وعدّة يحفظون نعاله. وبعد هذا، فلا يبقي ريب للمتدبّر في أنّ هذا كلّه ما كان إلاّ للتبرّك، مضافاً إلي الأحاديث الدالّة علي التبرّك بعصاه حيث أوصي عبدالله بن أنيس أهله أن يدخلوها في كفنه، بين جلده وكفنه وفي رواية أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: امسك هذه علامة بيني وبينك اعرفك بها، فإنّك تأتي يوم القيامة متخصّراً، وأنّ أنساً كانت عنده عصيته فدفنت معه بين جنبه وقميصه، ثمّ كان الخلفاء والولاة يتبرّكون بعصاه فيمشي بها بين أيديهم، بل يهتمّون بالقضيب والبردة كما يهتمّون بالبيعة، وأبو حنيفة يريد أن يقبّل عصا رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وأبو عبدالله(عليه السلام) يصرّح بتبرّكه بها. 3 _ قد صرّح بعض الصحابة والتابعين وأهل البيت بالتبرّك كما في حديث أبي عبدالله جعفر بن محمّد(عليهما السلام) وعبدالله بن خازم، ووصيّة معاوية، ومحمد بن جابر [ صفحه 195] وابن عبدالله بن أُبي وعمر بن عبد العزيز وأسماء بنت أبي بكر. 4 _ بل المستفاد من حديث أسماء أنّهم كانوا يستشفون بغسل الجبّة وشرب غسالتها، وكذا حديث محمد بن جابر وعمر بن عبد العزيز وحديث أسماء نقله أصحاب الصحاح كمسلم وأبي داود،

مع أنّ روايات التبرّك نفسها تدلّ علي جواز الاستشفاع والاستشفاء ; لأنّ حقيقة التبرّك هي ابتغاء الوصول إلي البركة بسبب المتبرّك به كما لا يخفي. فالروايات كلّها تدلّ علي جواز التبرّك والاستشفاع والاستشفاء والتوسّل. ولا إشكال في الأحاديث من جهة الصدور لتواترها معنًي وإجمالا بالنسبة إلي التبرّك والتوسّل. [ صفحه 199]

التبرك بأماكن صلي فيها رسول الله أو بويع فيها

التبرك بأماكن صلي فيها الرسول أو دعا فيها

بقي هنا طائفة من النصوص الدالّة علي تبرّك الصحابة رضي الله عنهم بأماكن صلّي فيها، أو صلّي إليها الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله)، أو مكان مشي فيه وقد ذكرها لنا فطاحل الأعلام من علماء الإسلام وأدرجوها في كتبهم، ونحن نقتفي أثرهم، ونتّبع منهجهم في إيراد ما أوردوه، لما فيه من إيضاح الحقّ وإتمام الحجّة. فإليك نصوصهم وعليك بالتدبّر فيها: 1 _ عن موسي بن عقبة قال: رأيت سالم بن عبدالله يتحرّي أماكن من الطريق فيصلّي فيها ويحدّث أنّ أباه _ عبدالله بن عمر _ كان يصلّي فيها، وأ نّه رأي النبي(صلي الله عليه وآله)يصلّي في تلك الأمكنة [492] . قال ابن حجر في الفتح [493] في الذي يستفاد من الحديث: «عرف من صنيع ابن [ صفحه 200] عمر استحباب تتبّع آثار النبي(صلي الله عليه وآله) والتبرّك بها». 2 _ عن نافع عن ابن عمر: أ نّه كان يصلّي في تلك الأمكنة ثمّ ذكر تلك الأمكنة التي صلّي فيها ابن عمر بين مكّة والمدينة ; لأنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) صلّي فيها [494] . 3 _ قال أبو بردة: قدمت المدينة فلقيت عبدالله بن سلام فقال: ألا تدخل في بيت صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ [495] . 4 _ جاء عبدالله بن عمر إلي قرية من قري الأنصار، فقال: هل تدرون

أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم، وأشرت إلي ناحية منه... الحديث [496] . وفي لفظ أحمد: عن جابر بن عتيك أ نّه قال: جاءنا عبدالله بن عمر في بني معاوية _ قرية من قري الأنصار _ فقال لي: هل تدري أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم، فأشرت إلي ناحية منه... الحديث. 5 _ نزل رسول الله(صلي الله عليه وآله) في بني عمرو بن عوف علي سعد بن خيثمة ثلاث ليال، واتخذ سعد مكانه مسجداً يصلّي فيه ثمّ بناه بنو عمرو بن عوف [497] . 6 _ بني عمر بن أمية الثقفي عند مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالطائف، حين كان محاصراً لها، مسجداً [498] . 7 _ كان عبدالله بن عمر كثير الاتّباع لآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)، حتي إ نّه ينزل منازله ويصلّي في كلّ مكان صلّي فيه، وحتي إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) نزل تحت شجرة فكان ابن [ صفحه 201] عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس [499] . 8 _ عن محمود بن الربيع الأنصاري [500] : أنّ عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه وآله) ممّن شهد بدراً من الأنصار أتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري، وأنا أصلّي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلّي بهم، ووددت يارسول الله أنّك تأتيني فتصلّي في بيتي فأتّخذه مصلّي، قال: فقال له رسول الله: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول

الله(صلي الله عليه وآله)فأذنت له فلم يجلس حتي _ حين ذا _ دخل البيت ثمّ قال: أين تحبّ أن أصلّي من بيتك؟ قال: فأشرت له إلي ناحية من البيت فقام رسول الله(صلي الله عليه وآله) فكبّر... الحديث. وفي لفظ البخاري [501] : عن محمود بن الربيع الأنصاري: أنّ عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمي، وأ نّه قال لرسول الله(صلي الله عليه وآله): يا رسول الله إنّها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلّي. فجاءه رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: أين تحبّ أن أصلّي؟ فأشار إلي مكان من البيت فصلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله). [ صفحه 202] نقله البخاري عن أنس أيضاً مكرّراً وكذا عن محمود بن الربيع تارةً مفصّلا وأخري مختصراً، فراجع وكذا نقله الطبقات بسندين. وقال ابن حجر في الفتح [502] في شرح الحديث: «وإنّما استأذن النبي(صلي الله عليه وآله) لأنّه دعي للصلاة ليتبرّك صاحب البيت بمكان صلاته، فسأله ليصلّي في البقعة التي يحبّ تخصيصها بذلك...». وقال [503] : «وقد تقدّم في حديث عتبان وسؤاله النبي(صلي الله عليه وآله) أن يصلّي في بيته ليتخذه مصلّي وإجابة النبي(صلي الله عليه وآله) إلي ذلك، فهو حجّة في التبرّك بآثار الصالحين». وفي مسلم [504] : «إنّي أحبّ أن تأتيني فتصلّي في منزلي فأتّخذه مصلّي قال: فأتي النبي(صلي الله عليه وآله) ومن شاء الله من أصحابه فدخل وهو يصلّي في منزلي وأصحابه يتحدّثون فيما بينهم...». وفي لفظ [505] : فأرسل إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) تعال فخط لي مسجداً... الحديث. وأخرج [506] نصّاً موافقاً لما أخرجناه أوّلا عن البخاري. والروايات كلّها مع اختلاف

ألفاظها مشتركة في الدلالة علي تبرّك عتبان بمصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله). 9 _ قال أبو سنان: عن عبيد، سمعت عمر _ حين كان بالجابية _ يقول لكعب: أين تري أصلّي؟ _ فقال عمر _ أصلّي حيث صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) ليلة أُسريَ به فتقدّم إلي القبلة فصلّي [507] . 10 _ عن سيار بن معرور قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: أيّها الناس هذا [ صفحه 203] المسجد بناه رسول الله(صلي الله عليه وآله) ونحن معه المهاجرون والأنصار فصلّوا فيه [508] . 11 _ روي يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلّي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرّي الصلاة عند هذه الأسطوانة قال: فإنّي رأيت النبي(صلي الله عليه وآله) يتحرّي الصلاة عندها [509] . وفي الطبقات: «كان يزيد بن أبي عبيد يتحرّي موضع القحف يسبّح فيه، وذكر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يتحرّي ذلك المكان». 12 _ عن سعيد بن عبيدالله بن فضيل قال: مرّ بي محمد بن الحنفية وأنا أصلّي إليها _ يعني إلي الاسطوانة التي كان(صلي الله عليه وآله) يصلّي عندها بالليل _ فقال لي: أراك تلازم هذه الأسطوانة هل جاءك فيها أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمها فإنّها كانت مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من الليل. (أخرجه ابن النجار) [510] . 13 _ عن نافع: أنّ عبدالله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشي قبل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قبل ظهره فمشي حتي يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريباً من ثلاثة أذرع صلّي يتوخّي المكان الذّي أخبره به بلال، أنّ النّبي(صلي الله عليه

وآله)صلّي فيه [511] . 14 _ عن أنس بن مالك: أنّ أمّ سليم سألت رسول الله(صلي الله عليه وآله) أن يأتيها فيصلّي في بيتها فتتخذه مصلّي، فأتاها فعمدت إلي حصير فنضحه بماء فصلّي عليه وصلّوا معه [512] . 15 _ عن أنس بن مالك قال: صنع بعض عمومتي طعاماً، فقال للنبيّ(صلي الله عليه وآله): إنّي [ صفحه 204] أحبّ أن تأكل في بيتي وتصلّي، قال: فأتاه وفي البيت فحل من هذه الفحول فأمر بناحية منه فكنس ورش فصلّي وصلّينا معه. قال أبو عبدالله بن ماجة: الفحل هو الحصير الذي قد اسودّ [513] . 16 _ عن أنس بن مالك قال: كان رجل ضخم لا يستطيع أن يصلّي مع رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فقال للنبي(صلي الله عليه وآله): إنّي لا أستطيع أن أصلّي معك، فلو أتيت منزلي فصلّيت فأقتدي بك، فصنع الرجل طعاماً ثمّ دعا النبي(صلي الله عليه وآله)، فنضح طرف حصير لهم فصلّي النبي(صلي الله عليه وآله) ركعتين... الحديث. 17 _ عن أبي الشعثاء قال: خرجت حاجّاً فجئت حتي دخلت البيت، فلمّا كنت بين الساريتين مضيت حتي لزقت بالحائط، فجاء ابن عمر فصلّي إلي جنبي أربعاً فلمّا صلّي قلت: أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من البيت؟ قال: أخبرني أسامة بن زيد أ نّه صلّي هاهنا... الحديث [514] . 18 _ عن ابن عمر قال: سألت بلال بن رباح أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين دخل الكعبة؟ قال: بين الساريتين [515] . 19 _ عن ابن عمر: أ نّه سأل بلالا فأخبره أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) ركع ركعتين، جعل الأسطوانة عن يمينه وتقدّم قليلا وجعل المقام خلف ظهره [516]

. 20 _ عن سعيد بن العاص قال: اعتمر معاوية فدخل البيت فأرسل إلي ابن عمر وجلس ينتظره حتي جاءه فقال: أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) يوم دخل البيت؟ قال: ما كنت معه ولكنّي دخلت بعد أن أراد الخروج، فلقيت بلالا فسألته أين [ صفحه 205] صلّي؟ فأخبرني أ نّه بين الاسطوانتين فقام معاوية فصلّي بينهما [517] . 21 _ عن عبدالله بن عمر قال: وكنت رجلا شابّاً قويّاً، فبادرت الناس فبدرتهم فوجدت بلالا قائماً علي الباب، فقلت: أين صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ فقال: بين العمودين المقدمين، ونسيت أن أسأله كم صلّي» [518] .

فتوي الخليفة عمر بن الخطاب في التبرك

22 _ عن طارق قال: انطلقت حاجّاً فمررت بقوم يصلّون فقلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع النبي(صلي الله عليه وآله) بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب; فأخبرته، فقال: حدّثني أبي أ نّه كان فيمن بايع رسول الله تحت الشجرة، قال: فلمّا خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، قال سعيد: إن كان أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها أنتم [519] (واللفظ للبخاري والطبقات). 23 _ عن سعيد بن المسيب قال: كان أبي ممّن بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان، فقال: انطلقنا في قابل حاجّين فعمي علينامكانها، فإن كانت تبيّنت لكم فأنتم أعلم [520] . 24 _ عن طارق بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن المسيب فتذاكروا الشجرة فضحك، ثمّ قال: حدّثني أبي أ نّه كان ذلك العام معهم، وأ نّه قد شهدها فنسوها من العام المقبل [521] . [ صفحه 206] 25 _ عن نافع أ نّه قال: كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله تحتها بيعة الرضوان فيصلّون عندها، فبلغ

ذلك عمر فأوعدهم فيها وأمرهم بها فقطعت. (اللفظ للطبقات). وفي لفظ ابن أبي الحديد: كان الناس بعد وفاة رسول الله(صلي الله عليه وآله) يأتون الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها، فيصلّون عندها، فقال عمر: أراكم أيّها الناس رجعتم إلي العزّي، ألا لا أوتي منذ اليوم بأحد عاد لمثلها إلاّ قتلته بالسيف كما يقتل المرتدّ ثمّ أمر بها فقطعت [522] . 26 _ عن معرور قال: خرجنا مع عمر بن الخطّاب رضوان الله عليه في حجّة حجّها قال: فقرأ بنا في الفجر: (ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل )و(لإيلاف قريش) فلمّا انصرف فرأي الناس مسجداً فبادروه فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مسجد صلّي فيه النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم اتّخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له صلاة فليصلّ ومن لم تعرض له صلاة فليمض [523] . فيستفاد من هذه الأخبار أنّ التبرّك بالصلاة تحت شجرة بيعة الرضوان كان مشهوراً بعد حياة الرسول(صلي الله عليه وآله)، كما صرّح به في لفظ ابن أبي الحديد، وكذا في سائر الأحاديث، وكان مورد عناية من الصحابة حيث كانوا يتفقّدونها في حياة الرسول(صلي الله عليه وآله)، كما في الرواية عن سعيد بن المسيب، وإن صرّح هو بأنّ مكان الشجرة [ صفحه 207] لا يعرفها أصحاب محمّد(صلي الله عليه وآله) فكيف بغيرهم؟! فكأنّه ينكر علي الذين يصلّون هنا بأنّ المكان غير معلوم، لا أنّ التبرّك غير جائز، ولكن ظاهر عمل المصلّين وفيهم الصحابي وغيره أنّ المكان معلوم، ولذلك لم ينكر عليهم عمر لأجل ذلك، بل أنكره لأجل ما توهّمه من الرجوع إلي العزّي، وإن كان يظهر أنّ عمر لم يعرف المكان، ولذا سأل عنه. ولعلّ التعمية

كانت بعد قطع الشجرة ومحو أثرها كما هو الظاهر. وعلي أي حال فقد رأي الخليفة مبادرة الناس إلي المسجد، فسأل عن المسجد فقيل له: «هذا مسجد صلّي فيه النبي(صلي الله عليه وآله)» فقال: «أيّها الناس رجعتم إلي العزّي» أو قال: «هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم اتّخذوا آثار أنبيائهم بِيعاً» فأفتي بكون الصلاة في هذا المسجد شركاً، ودليله علي ذلك هو أنّ أهل الكتاب هلكوا كذلك. ولقد تفرّد الخليفة بهذه الفتوي من بين جميع الصحابة كما تقدّم، ويأتي بما لا يبقي معه ريب في جواز التبرّك برسول الله(صلي الله عليه وآله) وآثاره عند جميع الصحابة، إلاّ ما أسلفناه عن مروان طريد رسول الله(صلي الله عليه وآله)، بل إنّ اجتهاد الخليفة الثاني يخالف نصّ الرسول(صلي الله عليه وآله) علي جواز التبرّك قولا وعملا وتقريراً وإشارةً وتصريحاً، كما اتّضح ممّا قدّمنا أيضاً، واجتهد في مقابل النصوص فرأي التبرّك بالإقبال إلي الله سبحانه والصلاة تحت تلك الشجرة رجوعاً إلي العزّي، وموجباً للتعذيب والقتل كما يقتل المرتدّ، وأمر بقلع تلك الشجرة مع كون أعمال الصحابة وأقوال النبي(صلي الله عليه وآله) بمرأي منه ومسمع. يري المسلمين يتبرّكون بماء وضوئه وبماء مجَّ فيه أو بصق أو تفل فيه وبنخامته ودمه. ويري تبرّكهم بشعره(صلي الله عليه وآله) في حجّة الوداع والحديبية وأمره(صلي الله عليه وآله) بذلك. ويري تبرّكهم به(صلي الله عليه وآله) في تحنيك أطفالهم ومسحه رؤوسهم. [ صفحه 208] ويري تبرّكهم بإدخال يده(صلي الله عليه وآله) في ظروف مياههم. ويري تبرّكهم بسؤره في مطعمه ومشربه وفي ملبسه وقدحه حتي أنّ الخليفة عمر نفسه كان يتبرّك بقدح النبي(صلي الله عليه وآله). ويري تبرّكهم بآثار أصابعه في الطعام. ويري تبرّكهم بموضع صلاته في المساجد

وغيرها _ كما في قصّة عتبان بن مالك وأمّ سليم _ وغيرهما _ وأ نّه(صلي الله عليه وآله) أقرّهم علي ذلك، بل الخليفة نفسه تبرّك بموضع صلاته حين أسري به(صلي الله عليه وآله)، وهو نفسه أمر الناس بالصلاة في مسجد بناه النبي والمهاجرون والأنصار. يري كلّ ذلك ثمّ يجتهد في مقابل النصوص ويخطئ في اجتهاده. ولعلّه كان في نفسه شيء لم يرَ التصريح به صلاحاً إلاّ ما بدر منه من القول هنا، وبدر منه نظيره في تقبيل الحجر حيث رآه أمراً مستبشعاً لم يكن ليفعله لولا أ نّه رأي الرسول(صلي الله عليه وآله) كان يقبّله، وردّ عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وكذا ما بدر منه في الصلاة إلي أحجار صلّي إليها النبي(صلي الله عليه وآله) فرآها تارةً شركاً وأخري أمراً مرغوباً عنه، وكذا في أمره بطمس البئر التي برّكها الرسول(صلي الله عليه وآله) وكان الناس يتبرّكون بمائها، وكذا في أمره بدفن الجذع الذي كان يخطب النبي مستنداً إليه [524] . هذه موارد خمسة نقلت فيها هذه الفتوي الاجتهادية عن الخليفة بعد تلكم النصوص المتواترة الجليّة علي خلافها، ولا غرو فإنّ الإنسان مجبول علي الخطإ والنسيان. قال العلاّمة الفقيد الأميني رحمه الله تعالي: ليت شعري ما المانع من تعظيم آثار الأنبياء(عليهم السلام) وفي مقدّمهم سيّد ولد آدم محمد(صلي الله عليه وآله) إذا لم يكن خارجاً عن التوحيد [ صفحه 209] كالسجود إلي تماثيلهم واتخاذها قبلة، ( ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب)؟! ومتي هلكت الأمم باتخاذ آثار أنبيائهم بيعاً؟! وأيّ مسجد تكون الصلاة أزلف إلي الله سبحانه من مسجد صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟! وأيّ مكان أشرف من مكان

حلَّ به النبي الأعظم وبويع فيه بيعة الرضوان وحظي المؤمنون فيه برضي الله عنهم؟! أو لا يكسب ذلك المحلّ كلّه فضلا يزيد في زلفة المتعبّدين بفنائه؟ وما ذنب الشجرة المسكينة حتي اجتثت أصولها ولا من ثائر لها أو مدافع عنها؟! أوليس ذلك توهيناً للمحلّ ومشرّفه؟! أيسوغ أدب الخليفة قوله: «أراكم أيّها الناس رجعتم إلي العزّي»؟ والذين يرون حرمة تلكم الآثار ويعظّمونها ويصلّون عندها، إنّما هم حملة علم الدين من الصحابة العدول مراجع الخليفة في الأحكام والشرائع كان يعوّل عليهم حيث أعيته المسائل [525] . وقال ابن حجر (في تبرير عمل الخليفة في أمره بقطع الشجرة ونهيه عن الصلاة تحتها وإيعاد العاملين بذلك وعدّ ذلك رجوعاً إلي العزّي). قال في الفتح [526] في تفسير ما مرّ من رواية موسي بن عقبة عن سالم عن أبيه عبدالله بن عمر من تتبعه الأماكن التي صلّي فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله): «ومحصلّ ذلك أنّ ابن عمر كان يتبرّك بتلك الأماكن، وتشدّده في الاتّباع مشهور، ولا يعارض ذلك ماثبت عن أبيه أ نّه رأي الناس في سفر يتبادرون إلي مكان، فسأل عن ذلك فقالوا: قد صلّي فيه النبي(صلي الله عليه وآله)، فقال: من عرضت له الصلاة فليصلّ وإلاّ فلميض، فإنّما هلك أهل الكتاب; لأنّهم تتبّعوا آثار أنبيائهم فاتّخذوها كنائس وبيعاً ; لأنّ ذلك من عمر محمول علي أ نّه كره زيارتهم لمثل ذلك بغير صلاة أو خشي أن يشكل ذلك علي من [ صفحه 210] لا يعرف حقيقة الأمر فيظنّه واجباً، وكلا الأمرين مأمون من ابن عمر، وقد تقدّم حديث عتبان وسؤاله النبي(صلي الله عليه وآله) أن يصلّي في بيته ليتّخذه مصلّي وإجابة النبي(صلي الله عليه وآله)إلي ذلك فهو

حجّة في التبرّك بآثار الصالحين. وقال [527] : أعرف من صنيع ابن عمر، استحباب تتبّع آثار النبي(صلي الله عليه وآله)والتبرّك بها ثمّ قال: «وقد قال البغوي من الشافعية: إنّ المساجد التي ثبت أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) صلّي فيها لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعيّن المساجد الثلاثة (ثمّ تكلّم عن تعيين هذه المساجد التي صلّي فيها النبي(صلي الله عليه وآله)). أقول: هذه المحامل ما هي إلاّ تبرير لعمل الخليفة وفتواه، وإن كان مخالفاً لظاهر الأحاديث المروية في هذه القصّة، إذ في رواية ابن أبي الحديد يصرّح بأنّ الناس كانوا يصلّون فنهاهم عمر، ويصرّح بأنّ اتخاذ آثار الأنبياء بيعاً ومعابد هو الذي أهلك الأوّلين لا زيارة الأماكن. مع أ نّه لو حمل فتواه هنا علي هذين المحملين، فعلي ماذا يحمله في قصة البئر التي برّكها الرسول وتبرّك بها الصحابة، وفي الصلاة إلي الأحجار التي صلّي إليها رسول الله(صلي الله عليه وآله) وفي قصّة الحجر الأسود وفي قصة دفن الجذع؟! أمّا أنا فلا أري حملا أحسن وأوجه من أن يقال: إنّه أخطأ في اجتهاده في مقابل النصوص، وهو قد اعترف بذلك في مسائل كثيرة كما لا يخفي علي من له أدني تتبّع، وقد كان يري لنفسه الاجتهاد علي خلاف النصّ الصريح من الكتاب والسنّة [528] . واحتمال أن تكون هذه الفتوي مختلقة وكذباً علي الخليفة بعيد جدّاً بعد أن نقلها عنه أعلام الحديث وصحّحوها. [ صفحه 211] 27 _ قال السمهودي: روي ابن زبالة عن خالد بن عوسجة: كنت أدعو ليلة إلي زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار، فمرّ بي جعفر بن محمد يريد العريض معه أهله، فقال لي:

أعن أثر وقفت هاهنا؟ قلت: لا، قال: هذا موقف نبيّ الله بالليل إذا جاء يستغفر لأهل البقيع [529] . فتري أ نّه(عليه السلام) سأل خالداً عن علّة وقوفه للدعاء في هذا المكان، هل هو عن دليل وأثر فقال: لا أعلم أثراً، ثمّ بيّن له الإمام(عليه السلام) الأثر، وهو وقوفه في موقف دعاء النبي(صلي الله عليه وآله) تيمّناً وتبرّكاً بكونه موقف دعائه(صلي الله عليه وآله). قال السمهودي بعد نقله ما تقدّم من كلام الصادق(عليه السلام): قال الزين المراغي: «فينبغي الدعاء فيه. قال: وقد أخبرني غير واحد أنّ الدعاء عند ذلك القبر مستجاب ولعلّ هذا سببه، أو لأنّ عبدالله بن جعفر كان كثير الجود، فأبقي الله قضاء الحوائج عند قبره. قلت: ولم أقف في كلام المتقدّمين علي أصل دفن عبدالله بن جعفر هناك، بل اختلف أ نّه دفن بالمدينة أو بالأبواء، والمعتمد في سبب الاستجابة هناك ما ذكر أوّلا، ولهذا يستحبّ الدعاء في جميع الأماكن التي دعا بها النبي(صلي الله عليه وآله)، وكلّها مواطن إجابة [530] . أقول: لا ريب أنّ علّة استجابة الدعاء هناك إنّما هو بركة دعاء النبي(صلي الله عليه وآله)والمستفاد من كلام السمهودي [531] : أنّ زاوية دار عقيل كانت تسمّي بيت علي(عليه السلام)وكانت مقبرة بني هاشم فصارت بعد ذلك مقابر للأئمّة الطاهرين من ولد رسول الله(صلي الله عليه وآله): الإمام السبط الأكبر أبي محمد الحسن بن علي(عليهما السلام)، والإمام [ صفحه 212] أبي الحسن علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام)، والإمام أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام)، والإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)، وكذا دفن فيه العبّاس بن عبدالمطلب، وفاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وفاطمة

بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي قول ضعيف، بل دفنت فيها أمّ سلمة أمّ المؤمنين رحمها الله تعالي علي نقل. وفي جهة القبلة من القبور الطاهرة كان بيت الحزن تجلس فيه فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وتبكي علي مصائبها التي لو صبّت علي الأيّام صرن لياليا، وذلك يظهر أيضاً من كلام السمهودي [532] . ومن المعلوم أ نّه يستجاب هناك الدعاء، وتنزل البركات من السماء، وتحفّ الملائكة بالداعي، وتحيط الرحمة به، لكونه مدفن أوليائه وأصفيائه من الأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم.

التبرك بأماكن صلي إليها رسول الله

1 _ ورد أنّ الصحابة كانوا يتبرّكون بأحجار صلّي إليها الرسول العظيم(صلي الله عليه وآله)بين مكّة والمدينة [533] . 2 _ عن عائشة: إنّي لأعلم سارية من سواري المسجد، لو يعلم الناس ما في الصلاة إليها لاضطربوا إليها بالسهمان [534] . 3 _ عن مسلم بن أبي مريم وغيره أنه كان بيت فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المربعة التي في القبر. قال سليمان: قال لي مسلم: لا تنسَ حظّك من الصلاة إليها، [ صفحه 213] فإنّها باب فاطمة رضي الله عنها الذي كان عليّ يدخل عليها منه [535] . 4 _ عن أبي هريرة(رضي الله عنه) قال: صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) في مسجد الشجرة إلي الأسطوانة الوسطي استقبلها، وكانت موضع الشجرة التي كان النبي(صلي الله عليه وآله) يصلّي إليها [536] . 5 _ كان أهل البيت(عليهم السلام) يتبرّكون بحجر كان في بيت فاطمة(عليها السلام) وقيل: ذلك حجر كان النبي(صلي الله عليه وآله) يصلّي إليه إذا دخل إلي فاطمة أو كانت فاطمة تصلّي إليه [537] . 6 _ عن الشعبي قال: نزل عمر بالروحاء فرأي ناساً

يبتدرون أحجاراً، فقال: ما هذا؟ فقالوا: يقولون: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) صلّي إلي هذه الأحجار، فقال: سبحان الله ما كان رسول الله إلاّ راكباً مرّ بواد، فحضرت الصلاة فصلّي ثمّ حدّث فقال:... الحديث [538] .

التبرك بأماكن مشي أو وقف فيها رسول الله

1 _ كان ابن عمر يعترض براحلته في طريق عرض رسول الله ناقته فيه، وكان لا يترك الحجّ، فكان إذا وقف بعرفة يقف في الموقف الذي وقف فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله)(كذا في الإصابة والتبرّك) [539] . ونقل أبو عمر [540] «كان _ ابن عمر _ رحمه الله كثير الاتّباع لآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)» [ صفحه 214] وقال [541] : «وكان يتقدّم في المواقف بعرفة وغيرها إلي المواضع التي كان النبي(صلي الله عليه وآله) وقف بها». 2 _ كان عبدالله بن عمر كثير الاتّباع لآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله) حتي إ نّه ينزل منازله، ويصلّي في كلّ مكان صلّي فيه، وحتي أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) نزل تحت شجرة فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلاّ تيبس [542] . 3 _ عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه(رضي الله عنه): أن النبي(صلي الله عليه وآله) أري وهو في معرّسه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل له: إنّك ببطحاء مباركة. فقال موسي: وقد أناخ بنا سالم بالمناخ الذي كان عبدالله ينيخ به يتحرّي معرّس رسول الله(صلي الله عليه وآله)... الحديث [543] . وفي لفظ مسلم: فقال موسي: وقد أناخ بنا سالم بالمناخ من المسجد الذي كان عبدالله ينيخ به يتحرّي معرس رسول الله(صلي الله عليه وآله)... الحديث. وفي لفظ أحمد [544] : عن نافع أن عبدالله بن عمر كان ينيخ بالبطحاء التي بذي الحليفة

التي كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) ينيخ بها ويصلّي بها. ولفظ مسلم [545] موافق للفظ أحمد. 4 _ سيأتي تبرّك عبدالله بن عمر بمنحر رسول الله(صلي الله عليه وآله) في الهدي [546] . [ صفحه 215]

عود علي بدء

تبرّك الصحابة رضي الله عنهم بمكان صلّي فيه الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم)، أو صلّي إليه، أو نزل به، وحثّهم علي حفظ هذه الأماكن، وجعلها مساجداً، وكذا دعواتهم إلي تتبّع مواضع صلاته في هذه المساجد، وفي المسجد النبوي، والمكّة المكرّمة، ليس إلاّ أنّهم يريدون التبرّك بها والقرب من الله بواسطتها، وقد تقدّم بعض تلكم الآثار وإليك ما بقي منها: ونحن نلخص للقرّاء الكرام ما كتبه السمهودي في وفاء الوفاء: كانوا يتحرّون موضع نوافل رسول الله(صلي الله عليه وآله) من مسجده، أو موضع صلاة الليل منه. قال السمهودي [547] : قال ابن القاسم: أحبّ مواضع الصلاة في مسجده(صلي الله عليه وآله) في النفل العمود المخلق... ونقل المرجاني: أنّ في العتيبة ما لفظه: أحبّ مواضع التنفّل في مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله) مصلاّه حيث العمود المخلق... عن مالك: أ نّه سئل عن مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله) وقيل له: أي المواضع أحبّ إليك الصلاة فيه؟ قال: أمّا النافلة فموضع مصلاّه. وذكر [548] في تعيين اسطوان القرعة أو أسطوان عائشة أو الأسطوان المخلق أو أسطوان المهاجرين فقال: عن عائشة: إنّي لأعلم سارية من سواري المسجد لو يعلم الناس ما في الصلاة إليها لاضطربوا إليها بالسهمان، فخرج الرجلان _ مروان ورجل معه _ وبقي ابن الزبير عند عائشة، فقال الرجلان: ما تخلّف إلاّ ليسألها عن السارية، ولئن سألها لتخبرنّه ولئن أخبرته لا يعلمنا، وإن أخبرته عمد لها إذا [

صفحه 216] خرج فصلّي إليها فاجلس بنا مكاناً نراه ولا يرانا ففعلا، فلم ينشب أن خرج مسرعاً، فقام إلي هذه السارية فصلّي إليها، متيامناً إلي الشقّ الأيمن منها، فعلم أنّها هي، وسمّيت أسطوانة عائشة بذلك، وبلغنا أنّ الدعاء عندها مستجاب. ثمّ نقل عن الأوسط للطبراني ما يقرب ممّا تقدّم _ إلي أن قال _: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله)صلّي إليها بضع عشرة المكتوبة ثمّ تقدّم إلي مصلاّه... وإنّ أبا بكر وعمر والزبير بن العوّام وعامر بن عبدالله كانوا يصلّون إليها، وإنّ المهاجرين كانوا يجتمعون عندها. وعن زيد بن أسلم قال: رأيت عند تلك الأسطوانة موضع جبهة النبي(صلي الله عليه وآله). ثمّ تكلّم عن أسطوانة التوبة فساق الكلام إلي بيان معتكف النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: إنّ مالك بن أنس كان له موضع في المسجد قال: وهو مكان عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه)وهو المكان الذي كان يوضع فيه فراش رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا اعتكف... كان للنبي(صلي الله عليه وآله)سرير من جريد فيه سعفة يوضع بين الأسطوانة التي تجاه القبر وبين القناديل، كان يضطجع عليه رسول الله(صلي الله عليه وآله). وقال [549] بعد ذكره اسطوانة المحرس: إنّه كان علي بن أبي طالب يجلس في صفحتها التي تلي القبر ممّا يلي باب رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو مقابل الخوخة التي كان النبي(صلي الله عليه وآله)يخرج منها إذا كان في بيت عائشة إلي الروضة للصلاة، وهي الأسطوان الذي يصلّي عندها أمير المؤمنين يجعلها خلف ظهره، ولذا قال الأقشهري: إنّ أسطوان مصلّي علي كرّم الله وجهه اليوم أشهر من أن تخفي علي أهل الحرم، ويقصد الأمراء الجلوس والصلاة عندها إلي اليوم، وذكر أ نّه يقال لها مجلس

القادة لشرف من كان يجلس فيه. وظاهر هذا النص هو تبرّكهم بمصلّي أمير المؤمنين صلوات الله عليه أيضاً. [ صفحه 217] كما أ نّه نقل [550] عن مسلم بن أبي مريم وغيره أ نّه كان باب بيت فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المربعة التي في القبر. قال سليمان: قال لي مسلم: لا تنس حظّك من الصلاة إليها، فإنّها باب فاطمة رضي الله عنها الذي كان عليّ يدخل عليها منه. وظاهره التبرّك بباب فاطمة(عليها السلام) كذلك. ونقل ذلك [551] وزاد: «وقد رأيت حسن بن زيد يصلّي إليها». وذكر [552] : اسطوان التهجد وقال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يخرج حصيراً كلّ ليلة إذا انكفت الناس فيطرح وراء بيت علي، ثمّ يصلّي صلاة الليل _ وساق الكلام فقال [553] : وحدّثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: مرّ بي محمد بن الحنفية وأنا أصلّي إليها فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة هل جاءك فيه أثر؟ قلت: لا. قال: فالزمها، فإنّها كانت مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) من الليل. وقال [554] : وقال المطري في بيان موضع هذه الأسطوانة: هي خلف بيت فاطمة رضي الله عنها والواقف إليها يكون باب جبرئيل المعروف قديماً بباب عثمان علي يساره... وقد كتب فيها بالرخام هذا متهجّد النبي(صلي الله عليه وآله)... وهذه الأسطوانة آخر الأساطين التي ذكر لها أهل التاريخ فضلا خاصّاً. قال ابن النجّار: فعلي هذا جميع سواري مسجد النبي(صلي الله عليه وآله) يستحبّ الصلاة عندها ; لأنّه لا يخلو عن أنّ كبار الصحابة صلّوا إليها. انتهي. أقول: فقد حكم باستحباب وفضل الصلاة عند كلّ اسطوانة ; لأنّ كبار الصحابة صلّوا عندها، وهذا معني كون جواز

التبرّك أمراً ظاهراً عند جميع [ صفحه 218] المسلمين منذ زمن الصحابة والتابعين إلي الآن (إلاّ شرذمة لا يعبأ بها)، حتي لقد تبرّكوا بأماكن صلاة الصحابة رضي الله عنهم فضلا عن أماكن صلاة الرسول(صلي الله عليه وآله). ولذلك اهتمّوا بالأماكن التي صلّي فيها الرسول، أو أعاظم الصحابة، فذكروا كلّ مكان صلّي فيه بين مكة والمدينة وبين المدينة وخيبر وبين المدينة وبين تبوك، وذكروا أنّ المسلمين جعلوا هذه الأمكنة مساجد يصلّي بها تبرّكاً بمكان صلاة النبي(صلي الله عليه وآله)، ولقد أطال البخاري الكلام عن هذه المساجد، فراجع صحيحه [555] وابن حجر في فتح الباري [556] والسمهودي في وفاء الوفاء [557] . ونحن نلخّص للقرّاء الكرام ما قالوه في ذلك، مقتفين أثر السمهودي في وفاء الوفاء، فقد قال في ص797 وما بعدها: (بعد ذكره فضل مسجد قباء وشرفه وفضل الصلاة فيه) قال في تعيين مصلّي النبي(صلي الله عليه وآله) في مسجد قبا: روي ابن زبالة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله)صلّي إلي الأسطوان الثالثة في مسجد قبا التي في الرحبة _ وساق الكلام في ذلك _ وقال: فينبغي أن يتبرّك بالصلاة عند محراب القبلة، وعند المحلين من الاسطوانتين المذكورتين (أي الأسطوانة المخلقة الخارجة في رحبة المسجد وهي التي كان ابن عمر يصلّي إليها، وهذه الأسطوانة كانت مصلّي رسول الله قبل تحويل القبلة، وأمّا مصلاّه بعد تحويل القبلة فقد كان إلي الأسطوانة التي في صفّ هذه الأسطوانة ممّا يلي القبلة وهي الثالثة من اسطوانة الرحبة) وقد اقتصر يحيي في بيان مصلّي النبي(صلي الله عليه وآله)علي الأسطوان التي في الرحبة فذكر رواية ابن زبالة. ثمّ روي عن معاذ بن رفاعة قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يصلّي إلي الأسطوانة

الخارجة، وهي في صفّ المخلّقة وإنّما كان موضعها يومئذ كهيئة العريش. ثمّ ذكر أنّ [ صفحه 219] موسي بن سلمة حدّثه أ نّه رأي أبا الحسن علي بن موسي الرضا(عليه السلام) يصلّي إلي هذه الأسطوانة الخارجة. ثمّ قال: قال يحيي: ورأيت غير واحد من أهل بيتي منهم عبدالله وإسحاق ابنا موسي بن جعفر، وحسين بن عبدالله بن حسين، يصلّون إلي هذه الأسطوانة الخارجة إذا جاءوا قبا ويذكرون أ نّه مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: ورأيت من أهل بيتي من يأتي قبا، فيصلّي إليها ممّن يقتدي به ممّن لا أبالي أن لا أري غيره في الفقه والعلم. ثمّ قال _ بعد كلام له _: وأمّا الحظيرة التي بصحن المسجد فلم أرَ في كلام المتقدّمين تعرّضاً لذكرها، والشائع علي ألسنة أهل المدينة أنّها مبرك ناقة النبي(صلي الله عليه وآله)، وبه جزم المجد تبعاً لابن جبير في رحلته، فقال: وفي وسط المسجد مبرك الناقة بالنبي(صلي الله عليه وآله) وعليه حظيرة قصيرة شبه روضة صغيرة يتبرّك بالصلاة فيه. ثمّ قال [558] : كان النبي(صلي الله عليه وآله) نزل بقباء علي كلثوم بن الهدم وأخذ مربده فأسّسه مسجداً وصلّي فيه، ولم يزل ذلك المسجد يزوره النبي(صلي الله عليه وآله) ويصلّي فيه أهل قباء، فلمّا توفي(صلي الله عليه وآله) لم تزل الصحابة تزوره وتعظّمه. ثمّ قال [559] : في جملة ما ينبغي أن يزار بقباء: إنّ النبي (صلي الله عليه وآله) اضطجع في دار سعد بن خيثمة يدخله الناس للزيارة ويسمّونه مسجد علي(رضي الله عنه). ثمّ ذكر دار كلثوم بن الهدم وقال: وهي إحدي الدور التي قبلي المسجد أيضاً يدخلها الناس للزيارة والتبرّك.

المساجد المباركة بالمدينة الطيبة المعلومة المعينة

ثمّ شرع السمهودي في ذكر

المساجد المعلومة المعيّنة في زمانه في أواخر القرن التاسع (لأنّه توفي سنة 911 من الهجرة) وأوائل القرن العاشر فقال: [ صفحه 220] اعلم أنّ الاعتناء بهذا الغرض متعيّن، فقد قال البغوي من الشافعية: المساجد التي ثبت أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) صلّي فيها لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين، كما تتعيّن المساجد الثلاثة. واعتناء السلف بتتبّع آثار النبي معلوم _ سيما ما جاء في ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما _ وقد استفرغنا الوسع في تتبّعها [560] . ومراده ذكر المساجد التي صلّي فيها النبي(صلي الله عليه وآله)، حتّي يتبرّك بالصلاة فيها، تبعاً للسلف الصالح سيّما الصحابة رضي الله عنهم. فقال: منها: مسجد الجمعة وهو الذي أقام(صلي الله عليه وآله) فيه صلاة الجمعة وهي أوّل جمعة صلاّها بالمدينة. ومنها: مسجد الفضيخ _ بفتح الفاء وكسر الضاد المعجمة بعدها مثناة تحتية وخاء معجمة _ ويعرف اليوم بمسجد شمس صلّي(صلي الله عليه وآله) فيه حين حاصر بني النضير [561] . ومنها: مسجد بني قريظة: صلّي(صلي الله عليه وآله) في بيت إمرأة حين حاصر بني قريظة، فأدخل ذلك البيت في مسجد بني قريظة، وكان ذلك المكان شرقي بني قريظة عند موضع المنارة التي هدمت، فينبغي الصلاة في مسجد بني قريظة ممّا يلي محلّ المنارة في شرقي المسجد [562] . ومنها: مشربة أمّ إبراهيم: روي أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) صلّي في مشربة أمّ إبراهيم [563] . ومنها: مسجد بني ظفر: وروي عن محمد بن مسلمة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) صلّي في مسجد بني معاوية، وبني ظفر. وعن إدريس بن محمد بن يونس بن محمد المظفري عن جدّه: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) جلس

علي الحجر الذي في مسجد بني ظفر. وأنّ زياد [ صفحه 221] ابن عبيدالله كان أمر بقلعه حتي جاءته مشيخة بني ظفر، وأعلموه أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) جلس عليه فردّه. قال: فقلّ امرأة نزر ولدها تجلس عليه إلاّ حملت. قال يحيي بن عقبة: مسجد بني ظفر دون مسجد بني عبد الأشهل قال: وأدركت الناس بالمدينة يذهبون بنسائهم، حتي ربما ذهبوا بهنّ في الليل فيجلسن علي هذا الحجر. قلت: ولم يزل الناس يصفون الجلوس علي ذلك الحجر للمرأة التي لا تلد، ويقصدون ذلك المسجد لأجله [564] . ومنها: مسجد الإجابة وهو مسجد بني معاوية بن مالك قال: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)أقبل ذات يوم من العالية حتي إذا مرّ بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين... وفي الموطأ عن عبدالله بن جابر بن عتيك قال: جاءنا عبدالله بن عمر في بني معاوية وهي قرية من قري الأنصار، فقال: أتدرون أين صلّي النبي(صلي الله عليه وآله) في مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم، وأشرت إلي ناحية منه _ الحديث _. قلت: فينبغي أن يتحرّي بالصلاة ذلك المحلّ، وأن يكون الدعاء فيه قائماً بعد الصلاة للرواية المتقدّمة [565] . ومنها: مسجد الفتح والمساجد حوله في قبلته: قال: وروينا في مسند أحمد برجال ثقات عن جابر بن عبدالله، أنّ النبي (صلي الله عليه وآله) دعا في مسجد الفتح ثلاثاً: يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيبت له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرف البِشر في وجهه وقال جابر: فلم ينزل أمر مهمّ غليظ إلاّ توخيت تلك الساعة _ الحديث. ثمّ نقل حديثاً حذفناه رعاية للاختصار، ثمّ قال: ويستفاد منه أنّ الصلاة والدعاء هنالك يتحرّي بهما وسط المسجد في الرحبة ممّا

يلي سقفه... قال يحيي: [ صفحه 222] فدخلت مع الحسين بن عبدالله مسجد الفتح، فلمّا بلغ الأسطوانة الوسطي من المسجد قال: هذا موضع مصلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكان يصلّي فيه إذا جاء مسجد الفتح. وعن معاذ بن سعد، أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) صلّي في مسجد الفتح الذي علي الجبل وفي المساجد التي حوله. وفي قبلة المسجد المعروف بمسجد أمير المؤمنين جانحاً إلي جهة المشرق يلحق طرف جبل سلع الذي في قبلة المساجد رضم من الحجارة، رأينا الناس يتبرّكون بالصلاة بينها [566] وما بعدها. وذكر السمهودي حول هذه المساجد أحاديث كثيرة وبحوثاً ; حذفناها مخافة التطويل فراجع. ومنها: مسجد بني الحرام، قال [567] : وينبغي لقاصد مساجد الفتح أن يزور مسجد بني الحرام، وقد روي رزين عن يحيي بن قتادة عن مشيخة من قومه: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله)كان يأتي دور الأنصار فيصلّي في مساجدهم. ومنها: مسجد القبلتين قال: ونقل مشيخة بني سلمة: أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) صلّي في مسجد القبلتين [568] . ومنها: مسجد السقيا: صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله) حينما عرض المسلمين بالسقيا التي بالحرّة متوجّهاً إلي بدر [569] . ومنها: مسجد الذباب ويعرف بمسجد الراية. قال: صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله) [570] . ومنها: مسجد القبيح، وهو المسجد اللاّصق بجبل أحد والنبي(صلي الله عليه وآله) صلّي فيه [ صفحه 223] الظهر والعصر يوم أحد بعد انقضاء القتال [571] . ومنها: مسجد في ركن جبل عينين، قال المطري: إ نّه الموضع الذي طعن فيه حمزة رضي الله تعالي عنه. ومنها: مسجد العسكر في شمالي المسجد المذكور: وذكر المطري أ نّه يقال: إنّه مصرع حمزة(رضي

الله عنه) [572] . ومنها: مسجد أبي ذر الغفاري مسجد صغير جدّاً [573] . ومنها: مسجد أبيّ بن كعب علي يمين الخارج من البقيع: عن يحيي بن سعيد قال: كان النبي يختلف إلي مسجد أبيّ فيصلّي فيه غير مرّة [574] . هذه المساجد المعلومة المعروفة في عهد المؤلف بالمدينة الطيّبة، كان المسلمون يتبرّكون بالصلاة والدعاء فيها.

المساجد المباركة بالمدينة الطيبة غير المعينة

قال السمهودي [575] : المساجد التي علمت جهتها، ولم تعلم عينها بالمدينة المشرّفة، وذكروا أ نّه(صلي الله عليه وآله) صلّي بها ثمّ شرع في عدّها وتسميتها كما يأتي. قال: 1 _ منها مسجد بني جديلة. 2 _ ومنها مسجد بني حرام من بني سلمة بن الخزرج. 3 _ ومنها مسجد الخربة لبني عبيد [576] . [ صفحه 224] 4 _ ومنها مسجد جهينة وبلّي [577] . 5 _ ومنها مسجد بني غفار [578] . 6 _ ومنها مسجد بني زريق [579] . 7 _ ومنها مسجد بني ساعدة [580] . 8 _ ومنها مسجد بني خدّارة [581] . 9 _ ومنها مسجد راتج [582] . 10 _ ومنها مسجد واقم [583] . 11 _ ومنها مسجد القرصة [584] . 12 _ ومنها مسجد الشيخين [585] . 13 _ ومنها مسجد حارثة [586] . 14 _ ومنها مسجد بني دينار [587] . 15 _ ومنها مسجد بني عدي [588] . [ صفحه 225] 16 _ ومنها مسجد دار النابغة [589] . 17 _ ومنها مسجد بني مازن [590] . 18 _ ومنها مسجد بني عمرو [591] . 19 _ ومنها مسجد بقيع الزبير [592] . 20 _ ومنها مسجد صدقة الزبير [593] 21 _ ومنها مسجد بني حذرة من

الخزرج [594] . 22 _ ومنها مسجد بني الحارث [595] . 23 _ ومنها مسجد الشنح [596] . 24 _ ومنها مسجد بني الحبلي [597] . 25 _ ومنها مسجد بني بياضة [598] . 26 _ ومنها مسجد بني حظمة [599] . 27 _ ومنها مسجد العجوز [600] . [ صفحه 226] 28 _ ومنها مسجد بني أميّة الأوسي [601] . 29 _ ومنها مسجد بني وائل [602] . 30 _ ومنها مسجد بني واقف [603] . 31 _ ومنها مسجد بني أنيف [604] . 32 _ ومنها مسجد دار سعد بن خيثمة [605] . 33 _ ومنها مسجد التوبة [606] . 34 _ ومنها مسجد النور [607] . 35 _ ومنها مسجد عتبان [608] . 36 _ ومنها مسجد ميثب [609] . 37 _ ومنها مسجد المنارتين [610] . 38 _ ومنها مسجد فيفاء الخبار [611] . 39 _ ومنها مسجد الجثجاثة [612] . [ صفحه 227]

الدور المباركات بالمدينة الطيبة ومكة المكرمة

1 _ ثمّ ذكر السمهودي الدور التي صلّي فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله)، كدار الشفا بنت عبدالله القرشية العدوية (وقد تقدّم ذكرها في التبرّك بملابسه(صلي الله عليه وآله)). 2 _ دار عمر بن أميّة. 3 _ دار بسرة. 4 _ دار أمّ سليم. 5 _ دار أمّ حرام [613] . 6 _ الدار التي ولد رسول الله(صلي الله عليه وآله) فيها بمكّة، وصارت بعد لمحمد بن يوسف أخي الحجّاج، وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب، ولم تزل بيده ثمّ بيد أولاده بعد وفاته إلي أن باعوها لمحمد بن يوسف بمئة ألف دينار، فأدخلها في داره، وسمّ_اها البيضاء، وكانت الدار البيضاء عند الصفا. ثمّ بنتها

زينب المعروفة بزبيدة زوجة الرشيد وأمّ الأمين مسجداً لمّا حجّت، حيث أخرجت تلك الدار من دار ابن يوسف وجعلتها مسجداً، وقيل: إنّ التي فعلت ذلك هي الخيزران أمّ الرشيد أو بنتها إحداهما وعمّرتها الأخري، كما أنّ دار خديجة التي هي مولد فاطمة (عليها السلام)صارت مسجداً يصلّي فيه بناه معاوية أيّام خلافته، قيل: وهي أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام واشتهر المسجد بمولد فاطمة(عليها السلام) لشرفها سلام الله عليها [614] . وكان الناس يتبرّكون بمولده(صلي الله عليه وآله) ويصلّون في المسجد، ولمّا أخذ الوهابيون مكّة في عصرنا هذا هدموه، ومنعوا من زيارته علي عادتهم في المنع من التبرّك بآثار الأنبياء والصالحين، وجعلوه مربطاً للدواب [615] ، ثمّ صيّروه مكتبة عامة يدخلها [ صفحه 228] غير المطهّرين من الجنابة وغيرها علي ما حكاه لي بعض العلماء. سبحان الله كيف خربوا المسجد وتصرّفوا فيه وأخرجوه عن المسجدية؟! وكيف جعلوه مربطاً للدّواب؟! [616] أليس هذا تصرّفاً في الوقف والمسجد وهو حرام؟! أليس هذا إهانة للمسجد وإهانة لرسول الله(صلي الله عليه وآله)؟! نعم، لقد حُكِيَ عنهم ما هو أفظع وأكبر، إذ هم الذين خربوا مسجد الطائف ومنعوا من زيارة قبر النبي(صلي الله عليه وآله) والصلاة عليه، وإذا أردت الوقوف علي أعمالهم الشنيعة، وعقائدهم السخيفة، فراجع كتاب التوسل بالنبي(صلي الله عليه وآله) لأبي حامد بن مرزوق، والدرر السنية للسيد أحمد بن زيني دحلان، وشفاء السقام للسبكي، وتطهير الفؤاد للشيخ محمد المطيعي، والمنحة الوهبية لحسين حلمي، والبصائر لحمد الله الداجوي، وكلّ هؤلاء من علماء أهل السنّة، وراجع كشف الارتياب للعلاّمة السيّد الأمين رحمه الله تعالي، ولعلّنا نتعرّض فيما بعد لعقائدهم في التوسّل وتقبيل الضرائح إن شاء الله تعالي. ولكن الذي نستفيده من

الأخبار والآثار: أنّ هذه سيرة أمويّة موروثة وبدعة مروانيّة منذ استووا علي كرسي الرئاسة، وقعدوا علي سرير الخلافة، فشرعوا في الاستخفاف بمقام النبوّة، والحطّ من كرامة الرسالة، والاعتداء علي حدود الله سبحانه، وليس ذلك إلاّ من أجل محق الدين، ومحو آثار سيّد المرسلين ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمُّ نوره ولو كره الكافرون). وإليك النصوص التي تدلّ علي هذه الخطوط العريضة في طول التاريخ، فاقرأها وتدبّرها، ثمّ قسها بما صدر من هؤلاء الوهابية من الإهانة لقبره (صلي الله عليه وآله)والاستخفاف بسائر المشاعر ( ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب). [ صفحه 229] 1 _ تقدّم قول مروان للصحابي العظيم أبي أيّوب الأنصاري حين رآه واضعاً وجهه علي قبر النبي(صلي الله عليه وآله): «أتدري ما تصنع؟». فأجابه أبو أيّوب: «نعم، جئت رسول الله(صلي الله عليه وآله) ولم آتِ الحجر، سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقول: «لا تبكوا علي الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله». 2 _ وهذا معاوية يهزأ بحديث رسول الله(صلي الله عليه وآله) ويري في الربا والخمر والجمع بين الأختين، وغير ذلك ممّا هو خلاف الحكم المنصوص ممّا جمعه العلاّمة الأميني رضوان الله عليه في الغدير [617] . وللعلاّمة المحقّق المفضال السيّد جعفر مرتضي، كلام في رسالة «حديث الإفك» وكتاب: ما هو الصحيح في سيرة النبي(صلي الله عليه وآله) فأتي به بطوله بألفاظه، قال: 3 _ إنّهم يذكرون: أنّ زيد بن علي(عليه السلام) يقول: إنّه شهد هشام بن عبد الملك والنبي(صلي الله عليه وآله) يُسبّ عنده، فلم ينكر ذلك، ولم يغيره [618] . 4 _ ما ذكروه في ترجمة خالد بن سلمة المخزومي،

المعروف بالفافاء: أ نّه كان مُرجئاً، ويبغض علياً. وأ نّه كان يُنشد بني مروان الأشعار التي هجا بها المصطفي، وأ نّه يروي عنه أصحاب الصحاح الست ما عدا البخاري [619] . 5 _ وعمرو بن العاص أيضاً لا يرضي بضرب نصراني شتم النبي(صلي الله عليه وآله) [620] . 6 _ وتفاخر أموي وأنصاري، فذكر له الأموي الأمويين الذين توفي النبي(صلي الله عليه وآله)وهم عمّال له، فقال الأنصاري: صدقت، ولكنّهم حالفوا أهل الردّة علي هدم [ صفحه 230] الإسلام، فكأنّما ألقمه حجراً [621] . 7 _ قول الكميت: أ نّه كان إذا مدح رسول الله(صلي الله عليه وآله) اعترض عليه جماعة في ذلك، ولا يرضون به، يقول الكميت: إلي السراج المنير أحمده لا++ يعدلني عنه رغبة ولا رهب عنه إلي غيره ولو رفع الناس++ إليّ العيون وارتقبوا وقيل: أفرطّت بل قصدت، ولو++ عنّفني القائلون، أو ثلبوا إليك يا خير من تضمّنت الأرض++ وإن عاب قولي العيّب لجّ بتفضيلك اللسان، ولو++ أكثر فيك اللجاج واللجب ولعلّ الكميت قد أحسّ أنّ وراء هذه الأمور أمراً عظيماً حيث يقول: رضوا بخلاف المهتدي وفيهم++ مخبأة أخري تصاب وتحجب وتفسير هذا البيت بأنّ المخبأة هي تفضيل الخليفة علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) في غير محلّه، إذ إنّ ذلك لم يكن مخبأً، بل صرّح به عمّال الأمويين، مثل: خالد القسري والحجّاج بن يوسف، فلابدّ وأن تكون هذه المخبأة هي لطمس دين الله [622] أو تشويه صورة النبي(صلي الله عليه وآله) الحقيقية في أذهان الناس، ومن ثمّ طمس معالم الشخصية النبوية نهائياً... أو هذا كلّه [623] . 8 _ حديث مطرف بن المغيرة: أنّ معاوية قال للمغيرة _ بعد أن ذكر ملك

أبي [ صفحه 231] بكر وعمر وعثمان، وأنّهم هلكوا فهلك ذكرهم _: وأنّ أخا هاشم يصرخ به في كلّ يوم خمس مرّات: «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» فأي عمل يبقي مع هذا لا أمّ لك والله إلاّ ذفا ذفّا(دفناً دفناً _ شرح النهج) [624] . ويقال: إنّ السبب في نداء المأمون بلعن معاوية في سنة 212ه_ هو هذه القضية بالذات [625] . 9 _ روي أحمد بن أبي طاهر في كتاب: «أخبار الملوك» أنّ معاوية سمع المؤذِّن يقول: أشهد أنّ محمداً رسول الله، فقال: لله أبوك ياابن عبدالله لقد كنت عالي الهمّة، ما رضيت لنفسك إلاّ أن يقرن اسمك باسم ربّ العالمين [626] . 10 _ عن سلمة بن كهيل [627] قال: اختلفت أنا وذرّ المرهبي (من عبّاد أهل الكوفة، وأحد رجال الصحاح الستّ) في الحجّاج: فقال: مؤمن، وقلت: كافر. قال الحاكم: وبيان حجّته: ما أطلق فيه مجاهد بن جبير(رضي الله عنه) فيما حدّثناه من طريق أبي سهل أحمد القطان عن الأعمش، قال: والله لقد سمعت الحجّاج بن يوسف يقول: يا عجباً من عبد هذيل (يعني عبدالله بن مسعود) يزعم أ نّه يقرأ قرآناً من عند الله. والله ما هو إلاّ رجز من رجز الأعراب، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. 11 _ وقال الجاح0: خطب الحجّاج بالكوفة، فذكر الذين يزورون قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالمدينة، فقال: تبّاً لكم، إنّما يطوفون بأعواد ورمّة بالية، هلاّ طافوا [ صفحه 232] بقصر أمير المؤمنين عبد الملك؟! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله؟ وعند المبرد: أنّ ذلك ممّا كفّرت به الفقهاء الحجّاج، وأ نّه قال ذلك والناس يطوفون بالقبر [628] . 12 _

وقضية تفضيل الحجّاج الخليفة علي الرسول بحجّة أنّ خليفة الرجل في أهله خير من رسوله في حاجته. هذه القضية معروفة ومشهورة [629] . 13 _ وقد روي عبد الرزاق، عن الثوري عن مغيرة عن أبيه، قال: رأيت الحجّاج أراد أن يضع رجله علي المقام، فيزجره عن ذلك ابن الحنفية وينهاه عن ذلك [630] انتهي ما نقلناه عن الرسالة والسيرة. 14 _ وذبح الحجّاج ابن الزبير في داخل مسجد الكعبة _ لا رحم الله الحجّاج _ [631] فتري مدي احترامه لبيت الله الحرام، ومقدار مبالاته بالمشاعر لعنه الله تعالي، وهذا بعد أن خرب الكعبة بالأحجار الملقاة بواسطة المنجنيق! 15 _ الحجّاج يري عبد الملك معصوماً في كتابه إليه: «لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين المؤيّد بالولاية المعصوم من خطل الفعل، وزلل القول...» [632] . 16 _ عن ابن عياش قال: كنّا عند عبد الملك بن مروان، إذ أتاه كتاب من [ صفحه 233] الحجّاج يعظّم فيه أمر الخلافة، ويزعم: أنّ السماوات والأرض ما قامتا إلاّ بها، وأنّ الخليفة عند الله أفضل من الملائكة المقرّبين، والأنبياء المرسلين، وذلك أنّ الله خلق آدم بيده، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنّته، ثمّ أهبطه إلي الأرض وجعله خليفته، وجعل الملائكة رسلا إليه، فأعجب عبد الملك بذلك وقال: لوددت أن عندي بعض الخوارج فأخاصمه بهذا الكتاب [633] . 17 _ عن الربيع قال: قال الحجّاج في كلام له: ويحكم أخليفة أحدكم في أهله أكرم عليه أم رسوله إليهم؟ قال: ففهمت ما أراد، فقلت له: لله عليّ ألاّ أصلّي خلفك صلاة أبداً، ولئن وجدت قوماً يقاتلونك لقاتلتك [634] . 18 _ وعبد الملك هو الذي بني القبّة علي الصخرة، الأمر

الذي لم يكن المسلمون يعرفونه، نعم لقد عظّم عبد الملك شأن الصخرة بما بناه عليها، وجعل عليها الكسوة في الشتاء والصيف، ليكثر قصد الناس للبيت المقدّس، فيشتغلوا بذلك عن قصد ابن الزبير والناس علي دين ملوكهم. وقال عبد الملك في الصخرة: «هذه صخرة الرحمن التي وضع عليها رجله» [635] فمنع الناس الحجّ، فبني القبّة علي الصخرة والجامع الأقصي... وكانوا يقفون عند الصخرة، ويطوفون حولها، كما يطوفون حول الكعبة، وينحرون يوم العيد، ويحلقون رؤوسهم [636] . [ صفحه 234] 19 _ هذا يزيد بن معاوية يعلن بكفره وزندقته بقوله: لعبت هاشم بالملك فلا++ خبر جاء ولا وحيٌ نزل [637] . وكذا الوليد بن يزيد الذي أمر ابن عائشة أن يغنّيه بهذه الأبيات [638] وقرأ هو ذات يوم: ( واستفتحوا وخاب كلّ جبّار عنيد - من ورائه جهنّم ويسقي من ماء صديد) فدعا بالمصحف فنشبه غرضاً وأقبل يرميه، وهو يقول: أتوعد كلّ جبار عنيد++ فها أنا ذا جبّار عنيد إذا ما جئت ربّك يوم حشر++ فقل ياربّ خرّقني الوليد [639] . وقال الوليد أيضاً: تلّعب بالخلافةِ هاشميّ++ بلا وحي أتاه ولا كتاب فقل لله يمنعني طعامي++ وقل لله يمنعني شرابي [640] . وكُفر أبي سفيان ونفاقه أظهر من الشمس، وقد كان يبديه في كلماته حيناً ويكتمه حيناً خوفاً [641] . 20 _ قال الحجّاج: لا أجد أحداً أخذ بقراءة ابن أم عبد _ يعني ابن مسعود _ إلاّ ضربت عنقه، ولاحكّنها من المصحف ولو بضلع خنزير [642] . [ صفحه 235] وقال في خطبة له حين أراد الخروج من المدينة: الحمد لله الذي أخرجني من أم نتن، أخبث بلد، وأغشّه للخليفة، والله لولا ما كانت كتبه فيهم

لجعلتها مثل جوف الحمار، وأعواداًيعوذون بها، ورمة قد بليت يقولون: منبر رسول الله وقبر الرسول [643] . 21 _ كان الوليد بن يزيد يصلّي إذا صلّي أوقات إفاقته إلي غير القبلة، فقيل له، فقرأ: ( فأينما تولّوا فثمّ وجه الله) [644] . 22 _ أنفذ الوليد إلي مكّة بنّاءً مجوسياً ليبني له علي الكعبة مشربة [645] وحينما ولاّه هشام الحجّ حمل معه قبّة عملها علي قدر الكعبة ; ليضعها علي الكعبة، وحمل معه خمراً وأراد أن ينصب القبّة علي الكعبة ويجلس فيها... [646] . وفي الأغاني نقل قصة للوليد، لا تليق كتابتها هنا، فإذا أردت فراجع [647] . 23 _ كان خالد القسري يهدم المساجد، ويبني البيع والكنائس، ويولّي المجوس علي المسلمين، ويُنكِحُ أهل الذمّة المسلمات [648] . 24 _ قال ابن حنظلة، غسيل الملائكة: والله ما خرجنا علي يزيد بن معاوية حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء: إنّ رجلا ينكح الأمّهات والأخوات والبنات، ثمّ ذكر قذفه الكعبة بالمنجنيق في محاصرة ابن الزبير، وإحراقه البيت، وإحراق قرني الكبش الذي فدي الله به إسماعيل وكانا في السقف [649] . [ صفحه 236] وكان كلامه ذلك قبل وقعة الحرّة، وإباحة يزيد لأهل الشام دماء أهل المدينة، وأموالهم وأعراضهم ثلاثة أيّام، فوقع منهم ما سوّد وجه التاريخ، من هتك حرمة روضة النبي(صلي الله عليه وآله) ومسجده، أمر معروف ومسطور في التواريخ، فراجع. ثمّ قس ما صدر من هؤلاء في القرن الأخير بالنسبة إلي مكان ولادته(صلي الله عليه وآله)وإلي قبور الأولياء والصالحين ومسجد الطائف، والمساجد التي كانت بنيت علي قبور الشهداء. وممّا يكشف عن عقيدتهم الفاسدة، ما نقله في خلاصة الكلام [650] قال: كان محمد بن عبد الوهّاب

يقول عن النبي(صلي الله عليه وآله): إنّه طارش، وأنّ بعض أتباعه كان يقول: عصاي هذه خير من محمد، لأنّه ينتفع بها في قتل الحيّة ونحوها، ومحمد قد مات، ولم يبق فيه نفع، وإنّما هو طارش، ومضي [651] .

عود علي بدء

قال في تاريخ الخميس: واختلف أيضاً في مكان ولادته(صلي الله عليه وآله): قيل ولد بمكة في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجّاج، ويقال: بالشعب، ويقال: بعسفان كذا في المواهب اللدنية، وسيرة مغلطاي. وقال غيره: وتلك الدار في زقاق مكة معروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب بني هاشم من الطرف الشرقي لمكّة تزار ويتبرّك بها إلي الآن، وكان(صلي الله عليه وآله)ورث تلك الدار فوهبها لعقيل بن أبي طالب زمن الهجرة، فلم تزل في يد عقيل حتي [ صفحه 237] توفي، وبعد وفاته باعها أولاده من محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجّاج بن يوسف وأدخل ذلك البيت _ أي مولد النبي(صلي الله عليه وآله) _ في داره التي يقال لها البيضاء، ولم تزل كذلك حتي حجّت خيزران جارية المهدي أمّ هارون الرشيد، فزارت ذلك البيت وأخرجته عن تلك الدار، وجعلته مسجداً يصلّي فيه [652] . وفي تاريخ مكة للأزرقي: أنّ الخيزران أخرجته من الدار، وأشرعته في الزقاق الذي في أصل تلك الدار، يقال له: زقاق المولد، وأنّ ذلك لا خلاف فيه عند أهل مكّة، ثمّ نقل تبرّك الذين كانوا يسكنون البيت فأخرجوا منها. وفي المواهب اللدنية في بيان تاريخ ولادته(صلي الله عليه وآله) قال: «وقيل لاثني عشر (من شهر ربيع الأوّل) وعليه يحمل عمل أهل مكّة في زيارتهم موضع مولده في هذا الوقت». وفي الكافي «ولادته في شعب أبي طالب في دار محمد بن

يوسف في الزاوية القصوي عن يسارك، وأنت داخل الدار، وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيّرته مسجداً يصلّي الناس فيه». وفي أخبار مكّة للأزرقي: ومنزل خديجة بنة خويلد زوج النبي(صلي الله عليه وآله) وهو البيت الذي يسكنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وخديجة، وفيه ابتنا بخديجة وولدت فيه خديجة أولادها جميعاً، وفيه توفيت خديجة فلم يزل النبي(صلي الله عليه وآله) ساكناً فيه حتي خرج إلي المدينة مهاجراً، فأخذه عقيل بن أبي طالب ثمّ اشتراه منه معاوية، وهو خليفة فجعله مسجداً يصلّي فيه [653] . أقول: يحتمل أن يكون المراد من الشعب موضعاً خاصّاً لبني هاشم، وهو ما [ صفحه 238] يسمّي بشعب أبي طالب، وكان عند الصفا قريباً من المسجد، وهو غير الشعب الذي حبس فيه بنو هاشم ورسول الله(صلي الله عليه وآله) فذاك بالحجون وعليه فيجمع بذلك بين الروايات ولا منافاة كما أشار إليه في تاريخ الخميس. والغرض من بيان هذه التواريخ إيضاح كون التبرّك بمحلّ ولادة النبي(صلي الله عليه وآله) هو من السنّة الجارية عند المسلمين من دون نكير، حتي ظهرت سلطة الوهابيين فكفّروا المسلمين وصيّروا السنّة بدعة.

المساجد المباركة بين مكة والمدينة

ذكر السمهودي المساجد التي بين مكّة والمدينة، وقال: وفي الأخبار أنّ من أدب الزائر للمساجد التي بين الحرمين أن يصلّي فيها وهي عشرون موضعاً: 1 _ مسجد الشجرة، ويعرف بمسجد ذي الحليفة، وعن أبي هريرة(رضي الله عنه) قال: صلّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) في مسجد الشجرة إلي الأسطوانة الوسطي استقبلها، وكانت موضع الشجرة التي كان النبي(صلي الله عليه وآله) يصلّي إليها. وعن ابن عمر أ نّه أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة وصلّي بها [654] . 2 _ مسجد آخر بذي الحليفة [655] . 3

_ مسجد المعرس، وهو دون مصعد البيداء من ذي الحليفة، وعن ابن عمر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجّته حين حجّ تحت سمرة في موضع المسجد وكان إذا رجع من غزو كان في تلك الطريق أو حجّ أو عمرة هبط بطن وادي، فإذا ظهر من بطن واد أناخ بالبطحاء التي علي شفير الوادي الشرقية فعرس ثمّ حتي يصبح: وكان ثم خليج يصلّي عبدالله عنده. ثمّ ذكر [ صفحه 239] السمهودي الأخبار في ذلك عن ابن عمر [656] . 4 _ مسجد شرف الروحاء، وكان عبدالله بن عمر يعلم المكان الذي صلّي فيه رسول الله(صلي الله عليه وآله) [657] . 5 _ مسجد عرق الظبية، وكان فيه مشاورة رسول الله(صلي الله عليه وآله) لقتال أهل بدر [658] . 6 _ مسجد آخر بالروحاء. 7 _ مسجد المنصرف. 8 _ مسجد الرويثة. 9 _ مسجد ثنية ركوبة. 10 _ مسجد الأثاية. 11 _ مسجد العرج [659] . 12 _ مسجد المنبجس. 13 _ مسجد لحي جمل. 14 _ مسجد السقيا. 15 _ مسجد مدلجة تعهن. 16 _ مسجد الرّمادة. 17 _ مسجد الأبواء. 18 _ مسجد البيضة [660] . 19 _ مسجد حرش عقبة حرش. [ صفحه 240] 20 _ مسجد الجحفة. 21 _ مسجد غدير خم. 22 _ مسجد طرف قديد. 23 _ مسجد حرّة خليص. 24 _ مسجد خليص [661] . 25 _ مسجد بطن مرّ الظهران. 26 _ مسجد سرف. 27 _ مسجد التنعيم. 28 _ مسجد عائشة. 29 _ مسجد ذي طوي [662] . 30 _ موضع بدبّة المستعجل وشعب سير. 31 _ مسجد ذات

اجدال. 32 _ مسجد الجيزتين. 33 _ مسجد ذفران، قال: ومسجد ذفران يتبرّك به علي يسار من سلكه إلي ينبع فأظنّه مسجد ذفران، ورأيت قبل الوصول إلي طرف ذفران الذي يلي الصفراء علي يمين السالك في طريق مكة يريد الصفراء، رأيت عليها مسجداً مبنياً بالجصّ، مرتفعاً عن الطريق يسيراً يتبرّك الناس بالصلاة فيه، وليس بقربه مساكن. فالظاهر أ نّه أحد المساجد المذكورة.. ولعلّه قبر عبيدة بن الحارث [663] . 34 _ مسجد الصفراء. [ صفحه 241] 35 _ مسجد مبرك [664] . 36 _ مسجد بدر، وكان العريش الذي بني لرسول الله(صلي الله عليه وآله) عنده. 37 _ مسجد العشيرة. 38 _ مساجد الفرع (بضم الفاء). 39 _ مسجد الضيقة [665] . 40 _ مسجد مقمل [666] .

المساجد المباركة بين المدينة الطيبة و تبوك

1 _ مسجد تبوك. 2 _ مسجد ثنية مدران. 3 _ مسجد بذات الذرَّاب. 4 _ مسجد بالأخضر. 5 _ مسجد بيألي. 6 _ مسجد بطرف البتراء. 7 _ مسجد بشق تاراء. 8 _ مسجد بذي الحليفة. 9 _ مسجد بالشوشق. 10 _ مسجد بصدر حوضي. 11 _ مسجد بالحجر. [ صفحه 242] 12 _ مسجد بوادي القري. 13 _ مسجد بقرية بني عذرة. 14 _ مسجد بالرقعة. 15 _ مسجد بذي المروة. 16 _ مسجد بالفيفاء. 17 _ مسجد بذي خشب [667] .

المساجد المباركة بين المدينة الطيبة و خيبر

1 _ مسجد العصر. 2 _ مسجد الصهباء. 3 _ مسجدان قرب خيبر. 4 _ مسجد بين الشق والنطاة. 5 _ مسجد شمران، صلّي فيها رسول الله(صلي الله عليه وآله) حينما سار إلي خيبر [668] .

المساجد المباركة

1 _ موضع مصلاّه(صلي الله عليه وآله) بنخل. 2 _ مسجد علي ميل من الكديد [669] . 3 _ مسجد الشجرة بالحديبية. 4 _ مسجد ذات عرق. 5 _ مسجد الجعرانة، أحرم منه رسول الله(صلي الله عليه وآله). [ صفحه 243] 6 _ مسجد ليّة. 7 _ مسجد الطائف. قال السمهودي [670] : «وأمّا قبر حمزة فإنّه اليوم مبني مجصّص بالقصة لا خشب عليه، وفي أعلاه من ناحية رأسه حجر فيه بعد البسملة ( إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) هذا مصرع حمزة بن عبد المطلب(عليه السلام) ومصلّي النبي(صلي الله عليه وآله). وفي تاريخ الخميس [671] : ويستحبّ أن يؤتي مسجد قبا... يؤتي جميع المشاهد والمساجد بالمدينة، وهي ثلاثون موضعاً يعرفها أهل المدينة، ويقصد الآبار التي كان النبي(صلي الله عليه وآله) يتوضّأ منها ويغتسل ويشرب اتباعاً لفعله(عليه السلام)، وطلباً للشفاء والبركة، وهي سبع آبار يعرفها أهل المدينة.

الكلام حول الأحاديث

هذه الأحاديث والآثار دالّة علي جواز التبرّك والاستشفاع بآثار رسول الله(صلي الله عليه وآله)بل رجحانه، وأنّ الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وسائر المسلمين كانوا يعملون بذلك وكان الجواز عندهم من الوضوح بمكان لا يخفي علي أي إنسان متدبِّر منصف. ومن المعلوم تواتر هذه الأحاديث، أو تظافرها إجمالا أو معنًي، فلا مجال للإشكال في صدورها، مضافاً إلي أنّ قسماً منها نقله أصحاب الصحاح والمسانيد، وأمّا دلالتها فهي أيضاً كذلك، إذ دلالتها علي المطلوب يظهر من اهتمام الصحابة بحفظها ونقلها والمباهاة بها، ولا خفاء في الاهتمام بحفظ هذه الأماكن ونقلها وضبطها. [ صفحه 244] ولا شكّ في اهتمام ابن عمر وابنه سالم وعبدالله بن سلام وغيرهم بحفظها وليس ذلك إلاّ للتبرّك بهذه الأماكن، ولا يكون إلاّ

إذا كان ذلك جائزاً، ولا يمكن أن يقال بشرك الصحابة، أو ارتكابهم الحرام عمداً، ولا يحتمل في حقّهم الجهل بهذه المسألة، مع كثرة الابتلاء بها، وكونها بمرأي من النبي العظيم(صلي الله عليه وآله) ومسمع، من دون أيّ نكير منه(صلي الله عليه وآله)، بل نجد الصحابي كعتبان وغيره يطلب منه(صلي الله عليه وآله) أن يصلّي في بيته حتي يتّخذه مسجداً، فكيف يمكن أن يكون ذلك شركاً، والحال أنّ النبي(صلي الله عليه وآله)كان يجيبهم إلي ما يريدون فيأتي ويصلّي في بيوتهم؟! ولذا استفاد ابن حجر في الفتح من هذه الأحاديث: استحباب تتبّع آثار النبي(صلي الله عليه وآله) والتبرّك بها، كما اعترف بذلك في غير هذه الأحاديث ممّا تقدّم أيضاً. [ صفحه 247]

تبرك المسلمين بسائر آثاره

تبرك الصحابة والمسلمين بسائر آثاره

بقي من الأحاديث التي حفظها الأعلام في كتبهم وأسفارهم ; طائفة تدلّ علي المطلوب من جواز التبرّك أو رجحانه ونحن نذكرها هنا تأييداً لما تقدّم، وإيضاحاً للحقّ، وأداءً للواجب. وهي: 1 _ عن معاوية قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يمصّ لسانه أو شفته _ يعني الحسن ابن علي رضي الله عنهما _ وأ نّه لن يعذب لسان أو شفتان مصّهما رسول الله(صلي الله عليه وآله) [672] . 2 _ عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع، قال: وهو الذي مجّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) في وجهه، وهو غلام من بئرهم [673] . قال ابن حجر [674] : «وفعله النبي(صلي الله عليه وآله) مع محمود إمّا مداعبة معه أو ليبارك عليه [ صفحه 248] بها، كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة». وقال [675] : «والغرض بذلك إيجاد البركة بريقه المبارك». أقول: تقدّم هذا الحديث في التبرّك بسؤر وضوئه(صلي الله

عليه وآله). والغرض هنا: التبرّك بمجّه(صلي الله عليه وآله) في وجهه، وقد مضي نظائره كثيراً، فراجع. 3 _ عن عبدالله بن ثابت الأنصاري، أ نّه دعا بنيه فقال: ادهنوا رؤوسكم بهذا الزيت، فامتنعوا، فأخذ عصا فضربهم، وقال: أترغبون عن دهن رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟! [676] . 4 _ عن أبي وائل، قال: كان عند عليّ مسك، فأوصي أن يحنّط به، قال: وقال علي: هو فضل حنوط رسول الله(صلي الله عليه وآله) [677] . 5 _ كان ابن عمر يخبر: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) جلس تحت السمرة _ بتلعات بين مكة والمدينة _ وأنّ ابن عمر كان يصبّ الإداوة تحتها في أصل السمرة يريد بقاءها [678] . 6 _ وروي أنّ سلمان أتاه(صلي الله عليه وآله) فأخبره أ نّه قد كاتب مواليه علي كذا وكذا وديّة وهي صغار النخل كلّها تعلق..، قال الراوي: ثمّ قام(عليه السلام)[كذا في البحار]وغرسها بيده، فما سقطت واحدة منها، وبقيت علماً معجزاً يستشفي بتمرها [679] . 7 _ عن نافع، أنّ عبدالله بن عمر(رضي الله عنه) كان ينحر في المنحر قال عبيد الله: منحر رسول الله(صلي الله عليه وآله). عن نافع: أنّ ابن عمر كان يبعث بهديه من جمع آخر الليل حتي يدخل به [ صفحه 249] منحر النبي(صلي الله عليه وآله) من حجّاج فيهم الحرّ والمملوك [680] . قال ابن حجر في الشرح: قال ابن التين: منحر النبي(صلي الله عليه وآله) عند الجمرة التي تلي المسجد... وللنحر فيه فضيلة علي غيره، لقوله(صلي الله عليه وآله): هذا المنحر وكلّ مني منحر. انتهي. والحديث المذكور أخرجه مسلم من حديث جابر... وهذا ظاهره أنّ نحره(صلي الله عليه وآله)في ذلك الموضع وقع عن

اتفاق، لا لشيء يتعلّق بالمنسك، ولكن ابن عمر كان شديد الاتباع. أقول: كونه عن اتّفاق لا ينافي التبرّك، بل يؤيّد تعميم المنحر لكلّ مني. 8 _ في كتاب الآثار النبوية: وأمّا سريره إنّما كان له سرير ينام عليه، قوائمه من ساج بعث به إليه أسعد بن زرارة، وكان الناس يحملون عليه موتاهم تبرّكاً به، كما في سيرة ابن سيد الناس [681] . 9 _ أوصت زينب بنت جحش: أن تحمل علي سرير رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ويجعل عليه نعش، وقبل ذلك حمل عليه أبو بكر الصدِّيق، وكانت المرأة إذا ماتت حملت عليه، حتي كان مروان بن الحكم فمنع أن يحمل عليه إلاّ الرجل الشريف [682] . 10 _ قال: وفي رباط الآثار، قطعة خشب وحديد. يقال: إنّها من آثار الرسول(صلي الله عليه وآله)، وهي به اليوم يتبرّك الناس بها ويعتقدون النفع بها [683] . 11 _ قال: وفيه قطعة من العنزة، وقطعة من القصعة، والمرود وملقط ومخصف ومكحلة وميل ومشط [684] . [ صفحه 250] 12 _ وقال: وكان الناس يقصدون الرباط بسبب الزيارة في كلّ يوم أربعاء. ونقل عن نور النبراس حاشية ابن سيد الناس: أنّ مؤلفه زار هذه الآثار، نقله عن رحلة ابن بطوطة [685] . 13 _ ذكر في كتاب الآثار النبوية عدّة من آثاره(صلي الله عليه وآله)، ونحن نذكرها هنا باختصار، قال [686] : سن من الأسنان النبوية. نعلان نبّويان. البردة. حجر عليه أثر القدم الشريف. السجّادة النبوية. قبضة من سيف النبي(صلي الله عليه وآله). القوس النبوية. اللواء النبوي. ماء من الغسل النبوي. ميزاب من ذهب كان بالكعبة المعظّمة. غطاء باب التوبة. حلية كانت بمقام إبراهيم(عليه السلام) بالحرم المكّي. قطعة

من الخزف. سجّادة الصدِّيق. عمائم الخلفاء الأربعة، وسيوفهم، وسبحاتهم. [ صفحه 251] قبضات ستّة سيوف من سيوف العشرة المبشَّرة. رايتا الحسن والحسين. سيف جعفر الطيّار. سيف خالد. سيف شرحبيل بن حسنة. سيف معاذ. تاج أويس القرني. مصحف يزعمون أ نّه بخط الإمام علي(عليه السلام). مصحف يزعمون أ نّه بخط عثمان. وقال [687] : إنّ في مصر لواءً سمّوه أ نّه البيرق النبوي. قال ابن كثير: وقد بلغني أنّ بالديار المصرية مزاراً فيها أشياء كثيرة من آثار النبي(صلي الله عليه وآله)، اعتني بجمعها بعض الوزراء المتأخّرين، فمن ذلك مكحلة وقيل مشط وغير ذلك [688] . قال الأحمدي: إنّما نقلنا هذه الآثار مع خروجها عن شرط هذه الوجيزة، ومع عدم ثبوت نسبة هذه الآثار إلي النبي(صلي الله عليه وآله) لكي يعلم القارئ أنّ التبرّك والاحتفاظ بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله) كان أمراً مسلماً مفروغاً عنه عند جميع المسلمين من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولا شكّ فيه لأحد، ولم يكن يعد عندهم شركاً، بل يعدّونه تعظيماً وتكريماً للنبي(صلي الله عليه وآله)، وعلامة قوّة الإيمان واليقين، حتي إنّهم كانوا يتبرّكون بآثار العلماء والصلحاء من الصحابة وغيرهم، كالخلفاء والعشرة المبشّرة، وقد نقلنا تبرّكهم بقبور الصلحاء كأبي أيّوب وغيره. [ صفحه 252] 14 _ ينبغي لقاصد (مسجد بني حرام) أن يزور كهف بني حرام قرب شعبهم، لما عن عبد الملك بن جابر بن عتيك: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) توضّأ من العينية التي عند كهف بني حرام، وسمعت بعض مشيختنا يقول: قد دخل النبي(صلي الله عليه وآله) ذلك الكهف [689] . 15 _ كان الصحابة رضي الله عنهم، يتبرّكون بعود كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يضع يده المباركة الشريفة عليه، وإليك

ألفاظ الروايات: قال السمهودي: التنبيه الثاني في العود الذي كان في المصلّي الشريف: روينا في كتاب يحيي عن مصعب بن ثابت قال: طلبنا علم العود الذي كان في مقام النبي(صلي الله عليه وآله)فلم نقدر علي أحد يذكر لنا فيه شيئاً، قال مصعب: حتي أخبرني محمد بن مسلم السائب صاحب المقصورة، قال: جلس إليّ أنس بن مالك، فقال: أتدري لِمَ صُنع هذا العود _ وما أسأله عنه؟ _ فقلت: لا والله ما أدري لِمَ صنع؟ فقال أنس: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يضع عليه يمينه ثمّ يلتفت إلينا فيقول: استووا واعدلوا صفوفكم. وعن أنس بن مالك قال: لما سرق العود الذي كان في المحراب، فلم يجده أبو بكر، حتي وجده عمر(رضي الله عنه) عند رجل من الأنصار بقباء، قد دفن في الأرض أكلته الأرضة، فأخذ له عوداً فشقّه فأدخله فيه، ثمّ شعبه فردّه في الجدار، وهو العود الذي وضعه عمر بن عبد العزيز في القبلة، وهو الذي في المحراب باق [690] . روي ابن زبالة عن عمرو بن مسلم، قال: كان النبي(صلي الله عليه وآله) حين أسن قد جعل له العود الذي في المقام إذا قام في الصلاة توكّأ عليه قال: ثمّ ألصق إليه عوداً معه. روي هو أيضاً ويحيي من طريقه عن مسلم بن خباب قال: لمّا قدم عمر(رضي الله عنه) القبلة، فقد العود الذي كان مغروساً في الجدار فطلبوه، فذكر لهم أ نّه في مسجد بني عمرو بن عوف، أخذوه فجعلوه في مسجدهم، فأخذه عمر فردّه إلي المحراب، [ صفحه 253] وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا قام إلي الصلاة أمسكه بكفّه يعتمد عليه. الخبر [691] . 16 _ يظهر من السمهودي:

أنّ الناس كانوا يتبرّكون بجذعة كانت في المحراب القبلي المقابل للمصلّي الشريف وأنّها أزيلت منه. قال: وكان يحصل بتلك الجذعة فتنة كبيرة وتشويش علي من يكون بالروضة الشريفة من المجاورين وغيرهم. وذلك: أ نّه كان يجتمع إليها الرجال والنساء ويقال: هذه خزرة فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) وكانت عالية لا تنال بالأيدي، فتقف المرأة لصاحبتها، حتي ترقي علي ظهرها وكتفيها حتي تصل إليها، فربّما وقعت المرأة وانكشفت عورتها. فلمّا كان سنة إحدي وسبعمائة، جاور الصاحب زين الدين أحمد بن محمد بن المعروف بابن حنا المصري، فرأي ذلك فاستعظمه وأمر بقلع الجزعة فقلعت قال: وهي الآن في حاصل الحرم [692] . أقول: لم يكن الاستنكار والاستعظام من جهة كون ذلك شركاً أو أنّ التبرّك حرام، بل من أجل ما يقع من الأمور المستلزمة للمنكرات كما ذكره السمهودي من كشف العورات [693] . 17 _ وقال أيضاً: إنّ في الاسطوانة التي هي علم لمصلّي النبي(صلي الله عليه وآله) خشبة ظاهرة، مثبتة بالرصاص سدادة لموضع كان في حجر من حجارة الاسطوانة مفتوح قد حوط عليه بالبياض والخشبة ظاهرة، تقول العامة: هذا الجذع الذي حنّ إلي النبي(صلي الله عليه وآله)، وليس هو كذلك، بل هو من جملة البدع يجب إزالتها ; لئلاّ يفتن بها الناس، كما أزيلت الجذعة التي في المحراب القبلي. وقال المجد: إنّ الخشبة المذكورة كان يزدحم علي زيارتها والتمسّح بها، ويعتقد [ صفحه 254] الناس عامّة أنّها الجذع، فظنّ بعض أنّ هذا من المنكر الذي يتعيّن إزالته وصرّح بهذا في كتبه إلي أن وافق علي ذلك شيخنا العزّ بن جماعة فأمر بإزالتها. قلت: والذي يظهر، أنّ هذه الخشبة كانت من العود الذي كان النبي(صلي

الله عليه وآله) يضع يده عليه ويقول: عدّلوا صفوفكم [694] . وقال [695] : وشيوع أنّ تلك الخشبة من الجذع قديم، فقد قال ابن جبير في رحلته: إنّ بإزاء الروضة (يعني المصلّي الشريف منها) لجهة القبلة عموداً مطبقاً يقال: إنّه علي بقية الجذع الذي حنّ للنبي(صلي الله عليه وآله) وقطعة منه وسط العمود ظاهرة يقبّلها الناس، ويبادرون للتمسّك بلمسها، ومسح خدودهم فيها». أقول: إنّ هذا الإنكار في نظر هذا الفقيه لعلّه من أجل أنّ النسبة كانت مكذوبة مفتعلة، لا أنّ التبرّك حرام ; لأنّ من راجع كتاب السمهودي هذا، يري أنّ جواز التبرّك عند جميع المسلمين كان أمراً شائعاً لا ينكره أحد، ولا يخطر ببالهم إنكاره ; ولذلك قال [696] : «إنّ الاسطوانة التي هي علم للمصلّي الشريف كان بها خشبة ظاهرة محكمة بالرصاص، يقول الناس: إنّها من الجذع الذي حنّ للنبي(صلي الله عليه وآله). وأنّ المطري قال: إنّ الأمر ليس كذلك، وإنّ العزّ بن جماعة أمر بإزالتها، فأزيلت عام خمس وخمسين وسبعمائة. قال المجد: ورأي بعض العلماء أنّ إزالتها كانت وهماً منهما وذلك أنّ إتقان هذه الخشبة وترصيصها بين حجارة الأسطوان وإبرازها لم يكن سدًي، وإنّما شاهد الحال يشهد بأنّه كان من عمل عمر بن عبد العزيز، فالظاهر أ نّه كان من الجذع. فتري أنّ النزاع كان في صحّة كونها من الجذع أم لا، ولم يكن النزاع في [ صفحه 255] مورد التبرّك. 18 _ ذكر السمهودي: أ نّه بعد احتراق الحرم النبوي الشريف بقي من أطراف الخشب الذي احترق الشيء الكثير، فقال: «وأخذ الناس كثيراً من تلك الأخشاب، واتخذ متولّي العمارة وغيره منها سبحاً كثيرة» [697] . 19 _ وقال السمهودي في بيان

عمارة الحجرة الشريفة: وأمّا تأذير الحجرة بالرخام، فليس له ذكر في كلام ابن زبالة، وله ذكر في كلام يحيي فإنّه روي ما حاصله: أنّ بيت فاطمة الزهراء لمّا أخرجوا منه فاطمة بنت حسين وزوّجها حسن بن حسن، وهدموا البيت، بعث حسن بن حسن ابنه جعفراً، وكان أسنّ ولده فقال له: اذهب ولا تبرحن حتي يبنوا، فتنظر الحجر الذي من صفته كذا وكذا هل يدخلونه في بنيانهم، فلم يزل يرصدهم حتي رفعوا الأساس، وأخرجوا الحجر فجاء جعفر إلي أبيه فأخبره فخرّ ساجداً وقال: ذلك حجر كان النبي(صلي الله عليه وآله)يصلّي إليه إذا دخل إلي فاطمة، أو كانت فاطمة تصلّي إليه. الشكّ من يحيي. وقال علي بن موسي الرضا: ولدت فاطمة(عليها السلام) الحسن والحسين علي ذلك الحجر. قال يحيي: ورأيت الحسين بن عبدالله بن عبدالله بن الحسين، ولم أرَ فينا رجلا أفضل منه إذا اشتكي شيئاً من جسده كشف الحصي من الحجر فيمسح به ذلك الموضع، ولم يزل ذلك الحجر نراه حتي عمّر الصانع المسجد، ففقدناه عندما أزر القبر بالرخام، وكان الحجر لاصقاً بجدار القبر قريباً من المربعة [698] . فتري فيما نقله أنّهم يتبرّكون بحجر صلّي إليه رسول الله(صلي الله عليه وآله) أو صلّت إليه فاطمة صلوات الله عليها. أو ولدت الحسن والحسين(عليهما السلام) عليه ويستشفون بمسّه. [ صفحه 256] 20 _ يروي السمهودي: أنّ عمر بن الخطّاب كان يتبرّك بحصي وادي العقيق. قال: تقدّم أنّ عمر(رضي الله عنه) قال: احصبوا هذا المسجد _ يعني مسجد النبي(صلي الله عليه وآله) _ من هذا الوادي المبارك _ أي وادي العقيق _ وقال أبو غسّان: أخبرني غير واحد من ثقات أهل المدينة، أنّ عمر(رضي الله عنه) كان إذا

انتهي إليه أنّ وادي العقيق قد سال، قال: اذهبوا بنا إلي هذي الوادي المبارك، وإلي الوادي الذي لو جاءنا جاء من حيث جاء لتمسّحنا به [699] . فتري الخليفة يري أ نّه لا بأس بالتبرّك بحصا العقيق، ويتمسّح بمائه السائل يتبرّك به، فيعلم أنّ التبرّك والتمسّح كان عنده من الواضحات المفروغ عنها. 21 _ قال السمهودي: قال المطري: ورأيت بالطائف شجرات من شجر السدر يذكر أنّهن من عهد رسول الله، ينقل ذلك خلف أهل الطائف عن سلفهم... رأيتها قائمة سنة 796 وأكلت من ثمرها وحملت منه للبركة [700] . 22 _ وقال أيضاً: ذكر بعضهم: أ نّه لمّا مات الحسن بن علي أوصي أن تحمل جنازته، ويحضر بها قبر النبي(صلي الله عليه وآله)، ثمّ يرفع، ويقبر في البقيع، فلمّا أراد الحسين أن يجيز وصيّته ظنّ طائفة أ نّه يدفن في الحضرة فمنعوه [701] . وقد تقدّم في (التبرّك بقبره الشريف) أ نّه كان ذلك للتبرّك بقبر النبي(صلي الله عليه وآله)وتجديد العهد به. 23 _ وقال أيضاً في بيان بناء المقصورة المحيطة بالروضة الشريفة: «وتحقّق بسبب ذلك تعطيل لتلك البقعة، وحرم الناس التبرّك بأسطوان السرير فإنّ محلّه في شرقي اسطوانه كما تقدّم... وكذلك التبرّك بمربعة القبر ومقام جبرئيل كما قدّمناه [ صفحه 257] وبيت فاطمة رضي الله عنها، فإنّ ذلك كلّه في جوف المقصورة. وغرضنا من نقل ذلك إيضاح كيفية تبرّك الناس بالروضة الشريفة، قبل بناء المقصورة [702] . 24 _ ذكر أيضاً شيخنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن محمد: أنّ تمرة من غرس النبي(صلي الله عليه وآله) بيده ممّا دفعه النبي(صلي الله عليه وآله) إلي عبدالله بن عبّاس، ودفعه عبدالله إلي ابنه علي، ودفعه

علي إلي ابنه سليمان، ودفعه سليمان إلي ابنه جعفر، ثمّ إلي سعيد، ثمّ إلي أحمد، ثمّ إلي والدي محمد، ثمّ إلي أخي أحمد، ثمّ إليّ. وقال شيخنا أبو محمد: ومن العجب من هذه التمرة أ نّه إذا كان أيّام الرطب ترطّبت هذه التمرة، وهي ملفوفة في حريرة حمراء، فيسيل الدبس منها في الحريرة حتّي ترطبت الحريرة منها [703] . 25 _ في حديث: ألقي الله عزّوجلّ في روع المنصور أن يسأل الصادق(عليه السلام)ليتحفه بشيء من عنده، لا يكون لأحد مثله، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي(صلي الله عليه وآله)طولها ذراع، ففرح بها فرحاً شديداً، وأمر أن تشقّ له أربعة أرباع، وقسّمها في أربعة مواضع... الحديث [704] . 26 _ عن الحسن: أنّ سائلا أتي النبي(صلي الله عليه وآله) فأعطاه تمرة، فقال الرجل: سبحان الله نبيّ من الأنبياء يتصدّق بتمرة، فقال له النبي(صلي الله عليه وآله): أوما علمت أنّ فيها مثاقيل ذرّ كثير؟! فأتاه آخر فسأله فأعطاه تمرة فقال: تمرة من نبيّ من الأنبياء لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت، ولا أزال أرجو بركتها، فأمر النبي(صلي الله عليه وآله) له بمعروف، وما لبث الرجل أن استغني [705] . [ صفحه 258] 27 _ تقدّم عن أنس بن مالك أ نّه ورث البردة والقدح وعمود فسطاطه(صلي الله عليه وآله)وصلايةً كانت تعجن فيه أمّ سليم الرامك بعرق رسول الله(صلي الله عليه وآله) عنها. فراجع تبرّك الصحابة بعرقه(صلي الله عليه وآله). 28 _ عن أبي وائل بن سعد قال: كان عند عليّ مسك، فأوصي أن يحنّط به وقال عليّ: هو فضلة حنوط رسول الله(صلي الله عليه وآله) [706] . 29 _ عن حبّة العرني، عن عليّ بن أبي طالب، أنّ

أبا بكر أوصي إليه أن يغسله بالكفّ الذي غسّل به رسول الله(صلي الله عليه وآله)... [707] . 30 _ الجذع الذي كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يسند إليه ظهره حين يخطب قبل أن يصنع له المنبر أخذه أبيّ(رضي الله عنه)، فكان عنده إلي أن أكلته الأرضة، وعاد رفاتاً [708] .

نظرة تحقيق في الأحاديث

الأحاديث المذكورة بكثرتها وورودها في صحيح البخاري ومستدرك الحاكم وفتح الباري وغير ذلك لا تحتاج إلي التدقيق في صحّتها سنداً. وأمّا دلالتها علي تبرّك الصحابة رضي الله عنهم، وسائر المسلمين بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)، فممّا لا إشكال فيه ; لأنّ معاوية بن أبي سفيان يقول: «لن يعذّب لسان أو شفتان مصّهما رسول الله(صلي الله عليه وآله)» ببركة مصّه، وعبدالله بن ثابت يضرب بنيه بعصاه; لامتناعهم من الإدّهان بدهن رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وعليّاً(عليه السلام) يوصي أن يحنّط بفضل حنوط رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وابن عمر يريد إبقاء تلك السمرة احتفاظاً بآثاره(صلي الله عليه وآله)، [ صفحه 259] والمسلمين يستشفون بتمر شجرة غرسها الرسول(صلي الله عليه وآله)، وابن عمر يتقيّد بأن ينحر في منحر الرسول(صلي الله عليه وآله)، وزينب توصي أن تحمل علي سرير الرسول(صلي الله عليه وآله)، والصحابة كانوا يتبرّكون بالعود الذي كان النبي(صلي الله عليه وآله) يضع يده المباركة عليه، حتي بحث فيه العلماء بحثاً ضافياً، وكذا تبرّكهم بالجذع، والمسلمين يصنعون من أخشاب المسجد سبحاً كثيرة و... فهل تري ريباً في أنّ ذلك كلّه كان تكريماً للنبي(صلي الله عليه وآله) وتبرّكاً بآثاره(صلي الله عليه وآله)واستشفاعاً بها إلي رحمة الله تعالي وبركاته؟ فهل هنا وجه آخر تؤوّل به هذه الأحاديث؟

تبرك الصحابي والتابعي بشيء عبد الله فيه أو ينسب إلي الله تعالي

1 _ أوصي سعد بن أبي وقّاص، بأن يكفّن في ثوب لقي فيه المشركين يوم بدر وقال: إنّما كنت أخبوها لذلك [709] . قال ابن الأثير: ولمّا حضرته الوفاة دعا بخلق جبّة له من صوف فقال: كفّنوني فيها، فإنّي كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي عليّ «وإنّما كنت أخبوها لهذا» (أخرجه الثلاثة). 2 _ روي هارون بن سعيد: أ نّه

كان عنده سكّ أوصي أن يحنّط به وقال: فضل من حنوط رسول الله(صلي الله عليه وآله) [710] . 3 _ أوصي يوسف بن ماهك، حين حضره الموت، أن يكفّن في ثيابه، وكان يجمّع فيها، وأن لا يجعلوا علي وجهه حنوطاً [711] . [ صفحه 260] 4 _ عن أمّ عثمان أمّ ولد لعليّ(عليه السلام)، قالت: كانت لآل رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسادة عليها يجلس جبرئيل(عليه السلام) لا يجلس عليها غيره، فإذا عرج رفعت، وكان إذا عرج انتفض فسقط من زغب ريشه، فتقوم فاطمة فتتّبعه، فتجعله في تمائم الحسن والحسين(عليهما السلام) [712] . 5 _ روي أنّ جرير بن عبدالله أمر أهله أن يتوضأوا بفضل سواكه [713] قال ابن حجر في الفتح [714] : هذا الأثر وصله ابن أبي شيبة والدارقطني وغيرهما من طريق قيس بن أبي حازم عنه. وفي بعض ألفاظ الحديث: كان جرير يستاك ويغمس رأس سواكه في الماء، ثمّ يقول لأهله: توضأؤا بفضله. 6 _ أوصي القاسم بن محمد بن أبي بكر أن يكفّن في ثيابه، قال: كفّنوني في ثيابي الّتي كنت أصلّي فيها: قميصي وإزاري وردائي [715] . 7 _ روي جابر عن محمد بن علي _ أبي جعفر الباقر(عليه السلام) _: أ نّه أوصي أن يكفّن في قميصه الذي كان يصلّي فيه [716] . 8 _ كان أبو جعفر الباقر(عليه السلام) يحفظ قميص عليّ(عليه السلام) الذي قتل فيه، وفيه أثر دمه [717] . 9 _ أوصي محمد بن علي إلي جعفر بن محمد، وأمره أن يكفّنه في برده الذي كان [ صفحه 261] يصلّي فيه يوم الجمعة، وأن يعمّم بعمامته [718] . 10 _ إنّ علي بن الحسين(عليهما السلام) كان

يلبس الكساء الخز في الشتاء، فإذا جاء الصيف باعه، وتصدّق بثمنه، وكان يقول: إنّي لاستحيي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه [719] . أقول: الثياب التي عبد الله تعالي فيها إمّا بالصلاة، أو العمرة والحجّ، أو قراءة القرآن، أو الجهاد، أو الشهادة في سبيل الله، حصل لها انتساب إليه سبحانه، وصار لها شرف وفضل وبركة بهذا الانتماء، كثياب الكعبة، وأبواب المساجد، وغلاف القرآن وثياب النبي(صلي الله عليه وآله)، وسائر ما هو منسوب إليه، فكأنّ هذه النسبة تجعلها منه ومن شؤونه، بحيث تكون إهانتها إهانة له، وتكريمها تكريماً له، والتبرّك بها تبرّكاً به، وذلك كهدي البيت أو سائر المشاعر. فالتبرّك بهذه الثياب ليس تبرّكاً بغير الحقّ سبحانه وتعالي، والاستشفاع بها ليس استشفاعاً بدونه، ولا يخفي ذلك علي من تدبّر في الإضافات العرفية في المجتمع الإنساني، إذ من استشفع بابن الأمير فقد استشفع به، ومن أهان غلامه فقد أهانه نفسه، بل من أهان شيئاً ينتمي إليه فقد أهانه في الاعتبار العقلائي، ومن أكرمه فقد أكرمه، وهذا أمر واضح لا ارتياب فيه.

تبرك الصحابة و التابعين بآل الرسول و ذويه

1 _ عن مسلم بن أبي مريم وغيره: أ نّه كان بيت فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المربعة التي في القبر. قال سليمان: قال لي مسلم: لا تنس حظّك من الصلاة [ صفحه 262] إليها،فإنّه باب فاطمة رضي الله عنها الذي كان عليّ يدخل عليها منه [720] . 2 _ لمّا خطب عمر بن الخطّاب أمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) قال: إنّي أحبّ أن يكون عندي عضواً من أعضاء رسول الله(صلي الله عليه وآله) [721] . 3 _ كان أهل البيت(عليهم السلام) يتبرّكون

بحَجَر في بيت فاطمة(عليها السلام)، وعن علي بن موسي الرضا(عليه السلام): أ نّه ولدت فاطمة (عليها السلام) الحسن والحسين علي ذلك الحجر. أو كانت فاطمة تصلّي إليها [722] . 4 _ كان الناس يتبرّكون بمولد فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) كما تقدّم في بيان الدور المباركات عن الحلبي في السيرة والأزرقي في أخبار مكّة فراجع. 5 _ روي عبدالله بن مسعود: أنّ عمر بن الخطّاب خرج يستسقي بالعبّاس فقال: اللهمّ إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك وقفية آبائه وكبر رجاله فإنّك قلت وقولك الحقّ: ( وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة) الآية، فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ الله نبيك بعمّه، فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين... الحديث [723] . وفي لف0: وروينا من وجوه عن عمر: أ نّه خرج يستسقي، وخرج معه العبّاس فقال: اللّهمّ إنّا نتقرّب إليك بعمّ نبيّك(صلي الله عليه وآله) ونستشفع به. فاحفظ فيه لنبيّك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما، وأتيناك مستغفرين ومستشفعين. ثمّ أقبل علي الناس فقال: استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً _ إلي أن قال _ فنشأت طريرة من سحاب فقال الناس: ترون ترون ثمّ تلاءمت واستتمّت ومشت فيها ريح [ صفحه 263] ثمّ هزّت ودرّت، فوالله ما برحوا حتي اعتقلوا الجدر، وقلصوا المآزر، وطفق الناس بالعبّاس يمسحون أركانه، ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين [724] . وفي لفظ ابن الأثير: واستسقي عمر بن الخطّاب بالعبّاس رضي الله عنهما عام الرمادة، لما اشتد القحط، فسقاهم الله به، وأخصبت الأرض، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلي الله والمكان منه. وقال حسّان بن ثابت: سئل الإمام وقد تتابع جدبنا++ فسقي الغمام بغرّة العبّاس عمّ النبي وصنو والده الذي++ ورث النبيّ بذاك دون

الناس أحيا الإله به البلاد فأصبحت++ مخضرّة الأجناب بعد الياس ولمّا سقي الناس طفقوا يتمسّحون بالعبّاس ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين، وكان الصحابة يعرفون للعبّاس فضله ويقدّمونه ويشاورونه. وفي لفظ للاستيعاب: روي ابن عبّاس وأنس بن مالك: أنّ عمر بن [ صفحه 264] الخطّاب(رضي الله عنه) كان إذا قحط أهل المدينة استسقي بالعبّاس. قال أبو عمر: وكان سبب ذلك أنّ الأرض أجدبت إجداباً شديداً علي عهد عمر زمن الرمادة، وذلك سنة سبع عشرة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين إنّ بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر: هذا عمّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)وصنو أبيه وسيّد بني هاشم فمشي إليه عمر، وشكا ما فيه الناس من القحط، ثمّ صعد المنبر ومعه العبّاس فقال: اللّهمّ إنّا قد توجّهنا إليك بعمّ نبيّنا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين... فقال عمر(رضي الله عنه): هذا والله الوسيلة إلي الله عزّوجلّ والمكان منه. ثمّ نقل بيتين من الأشعار المتقدّمة لحسّان. ثمّ قال: وقال الفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبي لهب: بعمّي سقي الله الحجاز وأهله++ عشيّة يستسقي بشيبته عمر توجّه بالعبّاس في الجدب راغباً++ فما كرّ حتي جاء بالمدينة المطر وفي كشف الارتياب بعد أن أخرج الخبر من طرق متعدّدة قال: بل في المواهب اللدنيّة للعلاّمة القسطلاني: «إنّ عمر استسقي بالعبّاس قال: يا أيّها الناس إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يري للعبّاس ما يري الولد للوالد فاقتدوا به في عمّه العبّاس واتّخذوه وسيلة إلي الله...». وكذا نقله فتح الباري عن الزبير بن بكّار عن ابن عمر وزيد بن أسلم عن أبيه. ثمّ قال: ويستفاد من قصّة العبّاس استحباب الاستشفاع بأهل الخير

والصلاح وأهل بيت النبوّة. أقول: قد أسلفنا أنّ الأخبار الدالّة علي التبرّك كلّها تدلّ علي جواز التوسّل ورجحانه، إمّا صريحاً أو التزاماً، ولكن ابن حجر زاد استحباب الاستشفاع بكلّ [ صفحه 265] أهل الخير والصلاح إلغاءً للخصوصية، والحقّ معه، إذ حقيقة التوسّل بأولياء الله تعالي هو الاستشفاع بما ينسب إلي الله تعالي إليه، ويرجع في الحقيقة إلي التوسّل بالله إلي الله، ولا فرق فيه بين الأفراد التي تنسب إلي الله سبحانه تعالي كنبيّه الأقدس وآله الكرام، أو بيته المطهّر، أو مشاعره العظام، أو أوليائه الصالحين. وقد نقل الحلبي في السيرة هذه القصة بنحو آخر في السيرة. قال بعد نقله ما تقدّم عن الاستيعاب: وذكر ابن حجر الهيثمي في الصواعق عن تاريخ دمشق: أنّ الناس كرّروا الاستسقاء عام الرمادة سنة سبع عشرة من الهجرة، فلم يسقوا. فقال عمر(رضي الله عنه): لأستسقينّ غداً بمن يسقيني الله به، فلمّا أصبح غدا للعبّاس رضي الله تعالي عنه فدقّ عليه الباب فقال: مَنْ؟ قال: عمر. قال: ما حاجتك؟ قال: اخرج حتي نستسقي الله بك. قال: اقعد. فأرسل إلي بني هاشم أن تطهّروا والبسوا من صالح ثيابكم فأتوه، وأخرج طيباً وطيّبهم، ثمّ خرج وعليّ أمامه بين يديه، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، وبنو هاشم خلف ظهره، وقال: يا عمر لا تخلط بنا غيرنا ثمّ أتي المصلّي فوقف _ الحديث _. ونقله أيضاً في ينابيع المودّة [725] عن تاريخ دمشق وروي عن أنس: أنّ عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه) كان إذا قحطوا استسقي بالعبّاس بن عبد المطلب(رضي الله عنه) فقال: اللهمّ كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا محمّد(صلي الله عليه وآله) فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا(صلي الله عليه وآله)فاسقنا [726] وفي لفظ

الطبقات في بعض طرقه: «هذا عمّ نبيّك(عليه السلام)، جئنا نتوسّل به إليك فاسقنا، فما رجعوا حتي سقوا» وفي [ صفحه 266] لف0: «اللّهمّ إنّا نستشفع بعمّ رسولك إليك». وفي الحديث الشريف إثبات لصحّة التوسّل والاستشفاع بالنبي(صلي الله عليه وآله)، وفيه أيضاً توسّل واستشفاع بالآل، حيث توسّل عمر بن الخطّاب بالعبّاس، وتوسّل العبّاس بأمير المؤمنين، والحسن والحسين(عليهم السلام) وبسائر بني هاشم، ثمّ هو يطلب من عمر أن لا يخلط بهم غيرهم. 6 _ لمّا خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكّة، مرّ بابن مطيع ; وهو يحفر بئره، فقال له: أين ; فداك أبي وأمّي؟ قال: أردت مكّة... (وذكر أ نّه كتب إليه شيعته بالكوفة) فقال له ابن مطيع: فداك أبي وأمّي متّعنا بنفسك ولا تسر إليهم، فأبي حسين. فقال له ابن مطيع: إنّ بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا بالبركة، قال: هات من مائها، فأتي من مائها فشرب منه، ثمّ مضمض ثمّ ردّه في البئر، فأعذب وأمهي [727] . قد تقدّم سابقاً أنّ أحدهم كان يأتي إلي الرسول(صلي الله عليه وآله) ويطلب منه الدعاء وهو(صلي الله عليه وآله)يتفل أو يمسح أو يمجّ هداية للسائل، إلاّ أنّ نبيَّ الله بركة كلّه، ورحمة كلّه، يؤثر مسحه وتفله ومجّه كما يؤثر دعاؤه(صلي الله عليه وآله)، وكذلك كان عمل الحسين صلوات الله عليه، حيث يطلب منه ابن مطيع الدعاء له بالبركة في بئره، وهو(عليه السلام)يشرب من مائها ويمضمض ويردّها في البئر بياناً لحقيقة خفيّة ولطف إلهيّ في أوليائه وأصفيائه. نعم، إنّ الإنسان التقيّ العارف بالله قد يصل إلي مرتبة كاملة من القرب إلي الحقّ تبارك

وتعالي فيرتّب الأثر علي إرادته ومسّه ومجّه ودعائه ونظره، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ولذلك فليعمل العاملون. [ صفحه 267] 7 _ لمّا بلغ الرضا (علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب(عليهم السلام)) نيسابور، واجتمع الناس حول دابّته، وأخرج رأسه من المحمل وشاهده الناس، فهم بين صارخ وباك، وممزّق ثوبه، ومتمرّغ في التراب، ومقبِّل لحافر بغلته، أو مقبّل لحزام بغلته [728] . وذلك في حديث طويل ينبغي مراجعته. 8 _ الحسن بن أبي الحسن البصري، حنّكه عمر بيده، وكانت أمّه تخدم أمّ سلمة زوج النبي(صلي الله عليه وآله)، فربّما غابت فتعطيه أمّ سلمة ثديها تعلّله بها إلي أن تجيء أمّه فيدرّ عليه ثديها فيشربه، فكانوا يقولون: فصاحته ببركة ذلك [729] . 9 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: إذا فرغت من التسليم علي الشهداء، أتيت قبر أبي عبدالله (الحسين بن علي(عليهما السلام)) ثمّ تجعله بين يديك، ثمّ صلِّ ما بدا لك [730] . 10 _ عن أبي اليسع قال: سأل رجل أبا عبدالله(عليه السلام) _ وأنا أسمع _ عن الغسل إذا أتي قبر الحسين(عليه السلام) قال: قال: اجعله قبلة إذا صلّيت قال: تنح هكذا ناحية. قال: آخذ من طين قبره ويكون عندي أطلب بركته؟ قال: نعم أو قال: لا بأس بذلك [731] . 11 _... عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت: إنّا نزور قبر الحسين(عليه السلام) كيف نصلّي عليه؟ قال: تقوم خلفه عند كتفيه... الحديث [732] . 12 _ الريان بن الصلت قال: كنت بباب الرضا(عليه السلام) بخراسان، فقلت لمعمر: إن [ صفحه 268] رأيت أن تسأل سيدي أن يكسوني ثوباً من ثيابه، ويهب لي من الدراهم

التي ضربت باسمه [733] ... الحديث. 13 _ عن أبي حبيب النباجي أ نّه قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المنام وقد وافا النباج، ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاجّ في كلّ سنة، وكأنّي مضيت إليه وسلّمت عليه، ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة، وفيه تمر صيحانيّ، فكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر... فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض بين يدي تعمر للزراعة، حتي جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا(عليه السلام)من المدينة... فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي(صلي الله عليه وآله)، وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني... فناولني قبضة من ذلك التمر... الحديث [734] . 14 _ أنشد دعبل الخزاعي قصيدته للرضا، فبعث إليه بدراهم رضوية فردّها، فقال: خذها فإنّك تحتاج إليها قال: فانصرفت إلي البيت، وقد سرق جميع مالي، فكان الناس يأخذون منها درهماً ويعطون دنانير فغنيت بها [735] . 15 _ لمّا نزل الرضا(عليه السلام) في نيسابور بمحلّة فوزا، أمر ببناء حمّام، وحفر قناة، وصنعة حوض من فوقه مصلّي، فاغتسل من الحوض، وصلّي في المسجد، فصار ذلك سنّة [736] . 16 _ عن ياسر الخادم عن الرضا(عليه السلام) في حديث قال: يا ياسر لا تفتصد قال: فافتصدت فورمت يدي واحمرّت، فقال لي: يا ياسر ما لكَ؟ فأخبرته فقال: ألم [ صفحه 269] أنهك عن ذلك؟ هلمّ يدك فمسح يده عليها وتفل فيها _ الحديث _ [737] . 17 _ عن أبي واسع محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق النيسابوري قال: سمعت جدّتي خديجة بنت حمدان بن پسنده، قالت: لمّا

دخل الرضا(عليه السلام)نيسابور، نزل محلّة الغربي ناحية تعرف ب_ «لاش آباد» في دار جدّتي پسنده، وإنّما سمّي پسنده; لأنّ الرضا(عليه السلام) ارتضاه من بين الناس... فلمّا نزل(عليه السلام) دارنا زرع لوزة في جانب من جوانب الدار، فنبتت وصارت شجرة، وأثمرت في سنة، فعلم الناس بذلك، فكانوا يستشفون بلوز تلك الشجرة، فمن أصابته علّة تبرّك بالتناول من ذلك اللوز مستشفياً به فعوفي، ومن أصابه رمد جعل ذلك اللوز علي عينه فعوفي، وكانت الحامل إذا عسر عليها ولادتها تناولت من ذلك اللوز فتخفّ عليها الولادة وتضع من ساعتها... الحديث [738] . 18 _ إنّ الرضا(عليه السلام) دخل نيسابور نزل في محلّة يقال لها الغرويني، فيها حمّام... فدخله الرضا(عليه السلام) واغتسل فيه، ثمّ خرج منه فصلّي علي ظهره، والناس ينتابون ذلك الحوض، ويغتسلون فيه، ويشربون منه التماساً للبركة، ويصلّون علي ظهره، ويدعون الله عزّوجلّ في حوائجهم فتقضي، وهي العين المعروفة بعين كهلان، يقصدها الناس إلي يومنا هذا [739] . 19 _ فلمّا فرغ (دعبل الخزاعي) من إنشادها (يعني القصيدة) قام الرضا(عليه السلام)فدخل إلي حجرته، وبعث إليه خادماً بخرقة خز فيها ستمائة دينار، وقال لخادمه: قل له: استعن بهذه في سفرك واعذرنا، فقال له دعبل: لا والله ما هذا أردت، ولا له خرجت، ولكن قل له: اكسني ثوباً من أثوابك وردّها عليه، فردّها الرضا(عليه السلام) فقال [ صفحه 270] له: خذها وبعث إليه بجبّة من ثيابه، فخرج دعبل حتي ورد قم، فلمّا رأوا الجبّة معه أعطوه فيها ألف دينار فأبي عليهم فقال: لا والله ولا خرقة منها بألف دينار. ثمّ خرج من قم، فاتّبعوه فقطعوا عليه الطريق، وأخذوا الجبّة، ورجع إلي قم فكلّمهم فيها [740] . 20 _ مرض

عليّ بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فعاده أبو الحسن (الرضا)(عليه السلام) وأنا (يعني الراوي سليمان بن جعفر) معه، فجلس حتي خرج من كان في البيت، فلمّا خرجنا أخبرتني مولاة لنا أنّ أمّ سلمة امرأة علي بن عبيدالله كانت من وراء الستر تنظر إليه، فلمّا خرج خرجت وانكبت علي الموضع الذي كان أبو الحسن فيه جالساً تقبّله وتتمسّح به، قال سليمان: ثمّ دخلت علي عليّ بن عبيدالله فأخبرني بما فعلت أمّ سلمة، فخبرت به أبا الحسن(عليه السلام)قال: يا سليمان إنّ علي بن عبيدالله وامرأته وولده من أهل الجنّة... الحديث [741] . 21 _ عن عمران بن محمد الأشعري قال: دخلت علي أبي جعفر الثاني(عليه السلام)وقضيت حوائجي، وقلت له: إنّ أمّ الحسن تقرئك السلام، وتسألك ثوباً من ثيابك تجعله كفناً لها... الحديث [742] . 22 _ عن محمد بن سهل بن اليسع قال: كنت مجاوراً بمكة، فصرت إلي المدينة فدخلت علي أبي جعفر الثاني(عليه السلام)، وأردت أن أسأله عن كسوة يكسونيها، فلم يتّفق أن أسأله حتي ودّعته... وخرجت من المدينة فبينما أنا كذلك، إذ رأيت رسولا ومعه ثياب في منديل [ صفحه 271] يتخلّل القطار، ويسأل عن محمد بن سهل القمّي حتي انتهي إليّ، فقال: مولاك بعث إليك بهذا، وإذا ملاءتان. قال أحمد بن محمد: فقضي الله أنّي غسلته حين مات فكفّنته فيهما [743] . 23 _ عن ابن حديد قال: خرجت مع جماعة حجّاجاً، فقطع علينا الطريق، فلمّا دخلت المدينة لقيت أبا جعفر(عليه السلام) في بعض الطريق، فأتيته إلي المنزل فأخبرته بالذي أصابنا، فأمر لي بكسوة وأعطاني دنانير. _ الحديث _ [744] . 24 _ عن أبي هاشم

الجعفري، قال: بعث إليّ أبو الحسن (عليه السلام) في مرضه، وإلي محمد بن حمزة، فسبقني إليه محمد بن حمزة، فأخبرني محمد: ما زال يقول: «ابعثوا إلي الحير»... فقال عليّ بن هلال: ما كان يصنع الحير هو الحير... ذكرت له قول عليّ بن هلال فقال لي: ألا قلت له: إنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يطوف بالبيت ويقبِّل الحجر؟ الحديث [745] . المراد من الحير حائر الحسين(عليه السلام)، أي ابعثوا رجلا يدعو في الحائر تبرّكاً به، وشبهه(عليه السلام) بالبيت والحجر. 25 _ خطب الحسين بن علي المقتول بفخ فقال: «أيّها الناس أتطلبون آثار رسول الله في الحجر والعود تمسحون بذلك، وتضيّعون بضعة منه؟! [746] . 26 _ المحراب الذي كانت فاطمة رضي الله عنها (بنت موسي بن جعفر(عليهما السلام)) تصلّي فيه موجود إلي الآن في دار موسي (بن الخزرج) ويزوره الناس [747] . 27 _ عن إبراهيم بن عبد الحميد (في حديث قال): فأتاني رسول من [ صفحه 272] أبي عبدالله (الصادق)(عليه السلام) فقال: يقول لك أبو عبدالله(عليه السلام): أقبل. فقمت مسرعاً، فسلّمت عليه فقال: تحبّ أن نعطيك بردة تكون كفنك؟ وأمر غلامه فأتاني ببردة، فقال: خذها [748] . 28 _ عن هشام بن أحمر قال: كتب أبو عبدالله رقعة في حوائج لأشتريها... وأخذت الرقعة فأدخلتها في زنفيلجتي وقلت أتبرّك بها. _ الحديث _ [749] . 29 _ عن أبي جعفر _ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)_ قال: دخل عليّ جابر بن عبدالله وأنا في الكتاب، فقال: اكشف عن بطنك، قال: فكشفت له فألصق بطنه ببطني _ الحديث _ [750] . 30 _ جاء أبو حنيفة إليه (يعني جعفر

بن محمّد(عليهما السلام)) ليسمع منه، وخرج أبوعبدالله يتوكّأ علي عصا، فقال له أبو حنيفة: يا ابن رسول الله ما بلغت من السنّ ما تحتاج معه إلي العصا، قال: هو كذلك، ولكنّها عصا رسول الله أردت التبرّك بها، فوثب أبو حنيفة إليه، وقال له: أقبّلها ياابن رسول الله، فحسر أبو عبدالله ذراعه وقال له: والله لقد علمت أنّ هذا بشر رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وأنّ هذا من شعره فما قبّلته وتقبّل عصا [751] . 31 _ وردت أحاديث كثيرة في التبرّك والاستشفاء بتربة الحسين بن علي(عليهما السلام)وفي السجود عليها، وأكلها للاستشفاء، وفي تجهيز الميت ودفنه، ونحن نورد هنا ما وقفنا عليه منها: 1 _ عند رأس الحسين(عليه السلام) لتربة حمراء، فيها شفاء من كلّ داء إلاّ السام (عن [ صفحه 273] أبي عبدالله الصادق(عليه السلام)) [752] . 2 _ عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين(عليه السلام) فينتفع به، ويأخذه غيره فلا ينتفع به، فقال: لا والله لا يأخذه أحد وهو يري أنّ الله ينفعه به إلاّ نفعه به [753] . 3 _ إنّ الله جعل تربة الحسين(عليه السلام) شفاءً من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف، فإذا أخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها علي عينه، وليمرّها علي جسده _ الحديث [754] _ (عن الصادق(عليه السلام)). 4 _ عن اليقطيني قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا(عليه السلام) رزم ثياب وغلماناً _ إلي أن قال _ فلمّا أردت أن اعتبئ الثياب، رأيت في أضعاف الثياب طيناً، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: ليس توجّه بمتاع إلاّ جعل فيه طيناً من قبر الحسين(عليه السلام) ثمّ قال الرسول: قال أبو الحسن(عليه السلام): هو

أمان بإذن الله _ الحديث [755] . 5 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: في طين قبر الحسين(عليه السلام) الشفاء من كلّ داء، وهو الدواء الأكبر [756] . 6 _ حنّكوا أولادكم بتربة الحسين فإنّها أمان [757] (عن الصادق(عليه السلام)). 7 _ عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّي رجل كثير العلل والأمراض، وما تركت دواء إلاّ تداويت به، فقال: وأين أنت عن طين قبر [ صفحه 274] الحسين(عليه السلام) فإنّ فيه الشفاء من كلّ داء، والأمن من كلّ خوف؟ _ الحديث _. 8 _ في طين قبر الحسين(عليه السلام): شفاء من كلّ داء، وهو الدواء الأكبر [758] (عن الصادق(عليه السلام)). 9 _ إنّ طين قبر الحسين(عليه السلام) شفاء من كلّ داء [759] (عن الصادق(عليه السلام)). 10 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: من أصابه علّة فبدأ بطين قبر الحسين(عليه السلام)، شفاه الله من تلك العلّة إلاّ أن تكون علّة السام [760] . 11 _ عن محمد بن مسلم في حديث: أ نّه كان مريضاً، فبعث إليه أبو عبدالله(عليه السلام)بشراب فشربه، فكأنّما نشط من عقال فدخل عليه، فقال: كيف وجدت الشراب؟ فقال: لقد كنت آيساً من نفسي، فشربته فأقبلت إليك، فكأنّما نشطت من عقال، فقال: يا محمد إنّ الشراب الذي شربته كان فيه من طين قبور آبائي وهو أفضل ما تستشفي به، فلا تعدل به، فإنّا نسقيه صبياننا ونساءنا، فنري منه كلّ خير [761] . 12 _ عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام) يقولان: إنّ الله عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أنّ الإمامة في ذريّته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره [762] . 13 _ عن النبي(صلي الله عليه وآله) أ نّه

أخبر بقتل الحسين(عليه السلام) _ إلي أن قال _ ألا وإن الإجابة تحت قبّته، والشفاء في تربته، والأئمّة من ولده [763] ... الحديث. 14 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: يؤخذ طين قبر الحسين (عليه السلام) من عند القبر علي سبعين ذراعاً [764] . [ صفحه 275] 15 _ إنّ لموضع قبر الحسين(عليه السلام) حرمة معروفة، من عرفها واستجار بها اُجير... الحديث [765] (عن أبي عبدالله(عليه السلام)). 16 _ عنه(عليه السلام) قال: التربة (البركة خ د) من قبر الحسين(عليه السلام) علي عشرة أميال [766] . 17 _ عن الكاظم(عليه السلام) في حديث: ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبرّكوا به فإنّ كلّ تربة لنا محرّمة، إلاّ تربة جدِّي الحسين بن علي(عليهما السلام)، فإنّ الله عزّوجلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا [767] . 18 _ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال: سألته عن الطين الذي يؤكل، فقال: كلّ طين حرام كالميتة والدم وما أهلّ لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام)، فإنّه شفاء من كلّ داء [768] . 19 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لو أنّ مريضاً من المؤمنين يعرف حقّ أبي عبدالله (الحسين بن علي)(عليه السلام) وحرمته وولايته، وأخذ من طين قبره مثل رأس أنملة، كان له دواء [769] . 20 _ سأل رجل أبا عبدالله(عليه السلام) قال: آخذ من طين قبر الحسين، يكون أطلب بركة؟ قال: لا بأس بذلك [770] . 21 _ إنّ الله عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أربع خصال: جعل الشفاء في تربته، [ صفحه 276] وإجابة الدعاء تحت قبّته [771] ... _ الحديث _. 22 _ إنّ الصادق(عليه السلام) مرض، فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيراً يدعو عند

قبر الحسين(عليه السلام)، فوجدوا رجلا فقالوا له ذلك، فقال: أنا أمضي ولكن الحسين إمام مفترض الطاعة، وهو إمام مفترض الطاعة، فرجعوا إلي الصادق(عليه السلام) وأخبروه، فقال: هو كما قال، ولكن ما عرف أنّ لله بقاعاً يستجاب فيها الدعاء، فتلك البقعة من تلك البقاع [772] . 23 _ عن يزيد بن عبد الملك، عن أبيه عن جدّه قال: دخلت علي فاطمة(عليها السلام)فبدأتني بالسلام ثمّ قالت: ما غدا بك؟ قلت: طلب البركة، قالت: أخبرني أبي وهو ذا (هو) أ نّه من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام، أوجب الله له الجنّة، قلت له: في حياته وحياتك؟ قالت: نعم وبعد موتنا [773] . 24 _ وردت الأحاديث في التبرّك بقبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)بالصلاة عنده، ووضع الخدّ عليه [774] ، كما أ نّه وردت بالتبرّك بقبر الحسين بن علي(عليهما السلام)وسائر الأئمّة(عليهم السلام) [775] . 25 _ قال أبو عبدالله(عليه السلام): الطين حرام كلّه... إلاّ طين القبر (قبر الحسين(عليه السلام)) فإنّ فيه شفاءً من كلّ داء، ومن أكله لشهوة لم يكن فيه شفاء [776] . 26 _ عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الطين فقال: أكل الطين حرام، مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، إلاّ طين الحائر، فإنّ فيه شفاءً من كلّ داء، [ صفحه 277] وأمناً من كلّ خوف [777] . 27 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث، أ نّه سئل عن طين الحائر، هل فيه شيء من الشفاء؟ فقال: يستشفي ما بينه وبين القبر علي رأس أربعة أميال، وكذلك قبر جدّي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وكذا طين قبر الحسن وعلي ومحمد فخذ منها، فإنّها شفاء من كلّ داء وسقم [778]

... الحديث. 28 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: أكل الطين حرام علي بني آدم ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام)، من أكله من وجع شفاه الله [779] . 29 _ عنه(عليه السلام) أ نّه قال: من أكل من طين قبر الحسين(عليه السلام) غير مستشف به، فكأنّما أكل من لحومنا [780] . 30 _ إنّ رجلا سأل الصادق(عليه السلام) فقال: إنّي سمعتك تقول: إنّ تربة الحسين(عليه السلام)من الأدوية المفردة، وإنّها لا تمر بداء إلاّ هضمته، فقال: قد قلت ذلك فما بالك... الحديث [781] . 31 _ كتبت إلي الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميّت في قبره، هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب:... توضع مع الميت في قبره، ويخلط بحنوطه [782] . 32 _ عن الصادق(عليه السلام) أ نّه قيل له: تربة قبر الحسين(عليه السلام) شفاء من كلّ داء، فهل هي أمان من كلّ خوف؟ فقال: نعم [783] . [ صفحه 278] 33 _ في حديث: وخذ طين قبر أبي عبدالله(عليه السلام) واعجنه بماء السماء، واجعل فيه شيئاً من العسل والزعفران، وفرِّقه علي الشيعة ليداووا به مرضاهم [784] . 34 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام): طين قبر الحسين شفاء من كلّ داء، وإن أخذ علي رأس ميل [785] . 35 _ وعنه(عليه السلام): إنّ في طين الحير الذي فيه الحسين(عليه السلام) شفاء من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف [786] . 36 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: يؤخذ طين قبر الحسين(عليه السلام) من عند القبر سبعين باعاً في سبعين باعاً [787] . 37 _ عن أبي جعفر(عليه السلام) يقول: طين قبر الحسين(عليه السلام) شفاء من كلّ داء، وأمان من كلّ خوف، وهو لما

أخذ له [788] . 38 _ عن الكاظم(عليه السلام): لا تستغني شيعتنا عن أربع... وسبحة من طين قبر أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) _ الحديث [789] . 39 _ عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: إنّ فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله)كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت(عليها السلام)تديرها بيدها تكبّر وتسبّح، حتي قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته، وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه عدل بالأمر إليه، [ صفحه 279] فاستعملوا تربته لما فيه من الفضل والمزيّة [790] . 40 _ تقدّم تبرّك المسلمين واستشفاؤهم بتربة حمزة رحمه الله تعالي في التبرّك بقبور الصالحين. 41 _ إنّ أبا عبدالله(عليه السلام) سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين(عليه السلام) والتفاضل بينهما، فقال(عليه السلام): السبحة التي هي من طين قبر الحسين(عليه السلام)تسبح بيد الرجل من غير أن يسبِّح _ الحديث [791] . 42 _ كان لأبي عبدالله(عليه السلام) خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله(عليه السلام)، فكان إذا حضرت الصلاة صبّه علي سجادته وسجد عليه، ثمّ قال: السجود علي تربة الحسين(عليه السلام) يخرق الحجب السبع [792] . 43 _ عن أبي الحسن(عليه السلام) يقول: ما علي أحدكم إذا دفن الميّت ووسّده بالتراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين (عليه السلام) ولا يضعها تحت رأسه [793] . 44 _ عن الصادق(عليه السلام) من أدارالحجير من تربة الحسين(عليه السلام) فاستغفرمرّة واحدة، كتب الله له سبعين مرّة، وإن مسك السبحةولم يسبِّح بهاففي كلّ حبّة منهاسبع مرّات [794] . 45 _ وأخيراً فقد أوردنا أحاديث كثيرة في رسالة السجود علي الأرض، تدلّ علي استحباب السجود

علي تربة الحسين(عليه السلام). وراجع البحار [795] . هذا قسم من الروايات الكثيرة الواردة في التبرّك بتربة الحسين(عليه السلام)، فمن أراد الإكثار فعليه بكتب الفقه والحديث، وفيما ذكرنا كفاية لمن أنصف وتدبّر. [ صفحه 280]

نكات و دقائق

كان الصحابة والتابعون وسائر المسلمين سلفاً عن خلف يعرفون أنّ لآل الرسول(صلي الله عليه وآله) ميزة اختصّوا بها، وهي انتماؤهم وانتسابهم إليه(صلي الله عليه وآله) وهم ولده، وهو أبوهم، وقد وردت في ذلك روايات كثيرة عن النبي الأقدس(صلي الله عليه وآله) وامتلأت بها الكتب والطوامير [796] . وهم مطهّرون يجب مودّتهم وحبّهم بنص من الله جلّ وعزّ حيث يقول: ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربي) وقال عزّ من قائل: ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهِّركم تطهيراً) [797] . وأنّ لحمهم لحمه، ودمهم دمه، وحربهم حربه، وسلمهم سلمه، وأ نّه يحبّهم ويحبّ من يحبّهم، ويحسن إليهم، إلي غير ذلك من الفضائل الكثيرة الثابتة لهم بالكتاب والسنّة المتواترة أو المتظافرة [798] . [ صفحه 281] ولذلك كان الناس يحبّونهم، ويتودّدون إليهم، ويتبرّكون بهم، ويحترمونهم ويعلمون أنّ التبرّك بلحم رسول الله(صلي الله عليه وآله) وبضعة منه أولي من التبرّك بعصاه وسؤره ولباسه وآثاره، كما قال الصادق(عليه السلام) لأبي حنيفة، وقال الحسين شهيد فخ في خطبته. فتبرّكَ الصحابة المؤمنون بالله ورسوله بالصلاة إلي المربعة التي فيها بيت فاطمة(عليها السلام)، وكانوا يتبرّكون بتقبيل حافر بغلة علي بن موسي الرضا(عليهما السلام)، وبقبر أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، والحسين والأئمّة من ولده(عليهم السلام)، ويتبرّكون بدراهم أعطاها الرضا(عليه السلام) لأحدهم، وبمحلّ اغتسل أو صلّي فيه، وبلوزة غرسها بيده المباركة، ويتبرّكون بلباس أعطاه الإمام أبو عبدالله الصادق والرضا وغيرهما

من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام). ويتبرّكون ويستشفون بتربة قبر الحسين(عليه السلام) بالسجود عليها، والأكل منها، والوضع لها مع الميت في قبره، وصنع السبحة منها. وبعد ذلك كلّه تري الخليفة عمر بن الخطّاب يعلّل تزويجه ببنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) [799] «أمّ كلثوم» بأنّه: «أحبّ أن يكون عندي عضو من أعضاء رسول الله(صلي الله عليه وآله)» ويعلّله في روايات أُخر بأني سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقول: «كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي». وأهل البيت يتبرّكون بحجر صلّت إليه فاطمة(عليها السلام)، أو ولدت عليه الحسن [ صفحه 282] والحسين(عليهما السلام)، ويستشفون به. والناس يتبرّكون بمكان ولادتها صلّي الله عليها. وعمر بن الخطّاب يستسقي بالعبّاس عمّ النبي(صلي الله عليه وآله) ويستشفع به، ويتقرّب به إلي الله تعالي، معلّلا ذلك بأنّه عمّ النبي(صلي الله عليه وآله)، وصنو أبيه، وسيّد بني هاشم، وأنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) يري للعبّاس ما يري الولد لوالده فاقتدوا به، (بعد قول كعب: إنّ بني إسرائيل إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء). فكانت هذه العلل كلّها كافية في التبرّك والتوسّل وحدها، فلا إشكال في الدلالة (بعد تواتر الحديث كما تقدّم) سيما بعد قول عمر: «هذا والله الوسيلة إلي الله عزّوجلّ والمكان منه». وهنا لطيفة أخري وهي توسّل العبّاس رحمه الله تعالي بعلي والحسنين(عليهم السلام)وسائر بني هاشم، وقوله لعمر: «لا تخلط بنا غيرنا» لإفادته ميزة خاصة لبني هاشم علي غيرهم، ولإظهار فضل لعلي وولديه(عليهم السلام) علي كلّ الناس، وهو الحقّ الذي لا ريب فيه لأي عاقل متدبّر منصف. أضف إلي ذلك كلّه تبرّك الناس بأمّ سلمة أمّ المؤمنين رحمها الله تعالي، وتمسّح الناس بأركان العبّاس وتبرّكهم به.

ومن الواضح تقرير آل النبي(صلي الله عليه وآله) ذلك، بل أمرهم به وحثّهم عليه وترغيبهم فيه وعدّهم ذلك من علائم الإيمان وثمرات اليقين، كما يظهر من عمل الحسين(عليه السلام) في بئر ابن مطيع، ومن تبرّكهم بحجر موجود في بيت فاطمة(عليها السلام)، وترغيبهم في الاستشفاء بتربة قبر الحسين(عليه السلام)، والسجود عليها، وأخذ السبحة منها، ودفنها مع الميّت، وجري عملهم علي ذلك، وتبرّكهم بحرم الحسين(عليه السلام)، وإرشادهم إلي استجابة الدعاء عنده، وإرسالهم شخصاً للدعاء فيه، وأخذ فاطمة(عليها السلام) السبحة من طين قبر حمزة عليه الرحمة والرضوان، وتبرّكهم بمسّ قبر [ صفحه 283] رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وقبر أميرالمؤمنين والحسين(عليهما السلام)، واللزوق به، والصلاة عنده، والاستغاثة والاستجارة به. وقد مرّ في فصل التبرّك بمسّ النبي(صلي الله عليه وآله) تبرّك رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعرق وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).

تبرك المسلمين بالصلحاء من الصحابة وغيرهم

لقد ورد في الأحاديث وكتب التاريخ والتراجم تبرّك بعض المسلمين ببعض، وقد تقدّم تبرّكهم بقبور الصالحين، وما ينتسب إليهم، والآن نورد هنا بعض ما يدلّ علي تبرّكهم بالأحياء، فنقول: 1 _ كان زياد يتبرّك ويتيمّن بمعقل بن يسار، لصحبته لرسول الله(صلي الله عليه وآله) [800] . 2 _ وأحمد بن حنبل يبعث بثوب له إلي رجل مع مال يردّه عليه ولا يقبله منه. قال صالح: فبلغني أنّ الرجل اتخذه كفناً [801] . 3 _ ذكر لأحمد بن حنبل صفوان بن سليم وقلّة حديثه، فقال: هذا رجل إنّما كان يستشفي بحديثه، ويستنزل القطر بذكره [802] . 4 _ روي أنّ سائلا سأل أحمد بن حنبل، فأعطاه الإمام قطعة، فقام رجل إلي السائل فقال: هبني هذه القطعة حتي أعطيك عوضها ما يساوي درهماً، فأبي فرقاه

إلي خمسين درهماً وهو يأبي، وقال: إنّي أرجو من بركتها ماترجوه أنت من بركتها [803] . 5 _ كان الناس يتزايدون في بطيخة ; لأنّ بشر الحافي لمسها حتي اشتراها [ صفحه 284] أحدهم بعشرين درهماً [804] . 6 _ كان الرشيد يقول: إنّه يتبرّك بأن يحمل المسيب بن زهير الحربة بين يديه [805] . 7 _ وفي قصة استسقاء سليمان والد أبي طيبة يقول: «ففشا في المدينة أنّ الله سقاهم الغيث بسليمان، فكان الناس يختلفون إليه ويتبرّكون به، فأنكر ذلك وال عليهم يقال له أبو الهفت، فحبس سليمان في السجن فهاج أهل المدينة وأنكروا ذلك من فعاله، وأخرجوا واليهم عن مدينتهم، وأطلقوا سليمان من السجن، وقالوا لأبي الهفت: عمدت إلي رجل سقانا الله به فحبسته وأردت هلاكنا، فضمن لهم أن لا يعود إلي مثلها فأعادوه والياً عليهم» [806] . 8 _ عن كهيل الأزدي وكانت له صحبة قال: أصيب الناس يوم أحُد وكثر فيهم الجراحات فأتي رجل النبي(صلي الله عليه وآله)، فقال: إنّ الناس قد كثر فيهم الجراحات. قال: انطلق فقم علي الطريق فلا يمرّ بك جريح إلاّ قلت: بسم الله ثمّ تفلت في جرحه... الحديث [807] . 9 _ عن بشر بن قحيف قال: شهدت عمر بن الخطّاب وهو يطعم، فجاءه رجل فقال: إنّي أريد أن أبايعك، فقال: أوما بايعت أميري؟ قال: بلي. قال: إذا بايعت أميري فقد بايعتني. قال: إنّي أريد أن تمسّ يدي يدك فأخذ عظماً وقال: يا عباد الله... الحديث [808] . 10 _ قال الصولي (في حديث): وما رأيت امرأة قط أتمّ من جدّتي هذه عقلا [ صفحه 285] ولا أسخي كفّاً، وتوفيت سنة 270، ولها نحو من مئة

سنة، وكان جدّي عبدالله يتبرّك بجدّتي هذه... الحديث [809] . 11 _ عن أبي عبدالله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) أ نّه قال: حججت في سنة ثلاثة عشر وثلاثمائة، وفيها حجّ نصر القشوري... فدخلت مدينة الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم) في ذي القعدة فأصبت قافلة المصريين، وبها أبو بكر محمد بن علي المادرائي، ومعه رجل من أهل المغرب، وذكر أ نّه رأي أصحاب رسول الله(صلي الله عليه وآله)فاجتمع عليه الناس وازدحموا، وجعلوا يمسحون به، وكادوا يأتون علي نفسه... الحديث [810] .

الاحاديث المرغبة في التبرك

وردت أحاديث كثيرة عن الرسول الأقدس(صلي الله عليه وآله) وأئمّة العترة الطاهرة، في التبرّك بأشياء مختلفة ترغيباً فيه، وتشويقاً إليه، فنحن نذكر منها ما عثرنا عليه. منها: ما ورد في التبرّك والاستشفاء بماء زمزم، والاهتمام به، حتي جعل التضلّع منه وعدمه علامة الإيمان والنفاق، وحتي استهداه النبي(صلي الله عليه وآله) من سهيل بن عمرو، فكان يحمل ماء زمزم من مكة إلي المدينة، وكذا عائشة أمّ المؤمنين تحمل ماء زمزم، وتخبر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يحمله في الأداوي والقِرب، وكان يصبّ علي المرضي ويسقيهم، وإليك نصوص الأحاديث: 1 _ عن ابن عبّاس قال: استهدي رسول الله(صلي الله عليه وآله) سهيل بن عمرو من ماء زمزم. [ صفحه 286] لفظ الإصابة: كتب إلي سهيل بن عمرو: إن جاءك كتابي ليلا فلا تصبحنّ أو نهاراً فلا تمسينّ حتي تبعث إليَّ مزادتين من زمزم. لفظ الوسائل: كان النبي(صلي الله عليه وآله) يستهدي من ماء زمزم وهو بالمدينة، والظاهر كما تشهد به الأحاديث الأُخر، أنّ

استهداءه(صلي الله عليه وآله) ماء زمزم ليس لخصوصية طبيعية وآثار كيماوية طبّية، بل للتبرّك به فحسب، إمّا لنفسه، أو لأهل بيته الكرام، أو آله وقرابته [811] . 2 _ عن الصادق(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): ماء زمزم دواء لما شرب له [812] . 3 _ عن أمير المؤمنين(عليه السلام) الاطلاع في بئر زمزم يذهب الداء، فاشربوا من مائها ممّا يلي الركن الذي فيه الحجر الأسود... [813] . 4 _ عن الصادق (جعفر بن محمد)(عليهما السلام): زمزم شفاء من كلّ داء وأظنّه قال: كائناً ما كان [814] . 5 _ عائشة كانت تحمل ماء زمزم، وتخبر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يفعله [815] . [ صفحه 287] 6 _ عائشة كانت تحمل ماء زمزم، وتخبر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يفعله، وحمله رسول الله(صلي الله عليه وآله) في الأداوي والقرب، وكان يصبّ علي المرضي ويسقيهم [816] . 7 _ عن ابن عبّاس عن رسول الله(صلي الله عليه وآله): ماءزمزم لما شرب له، فإن شربته تستشفي شفاك الله، وإن شربته مستعيذاً أعاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه [817] . 8 _ جاء رجل إلي ابن عبّاس فقال: من أين جئت؟ فقال: شربت من زمزم. فقال له ابن عبّاس: أشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك يا ابن عبّاس؟ قال: إذا شربت منها فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله، وتنفّس ثلاثاً، وتضلّع منها، فإذا فرغت منها فاحمد الله، فإنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: آية ما بيننا وبين المنافقين أنّهم لا يتضلّعون من زمزم [818] هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين. 9 _ (في ماء زمزم) أنّها طعام طعم،

وشفاء سقم [819] . 10 _ عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): التضلّع من ماء زمزم براءة من النفاق [820] . 11 _ كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم [821] . 12 _ عن ابن المعزي (المغري خ ل) قال: كنّا عند ابن عيينة، جاء رجل فقال: [ صفحه 288] يا أبا محمد ألستم تزعمون أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قال: ماء زمزم لما شرب له؟ قال: بلي. قال: فإنّي شربته لتحدّثني بمئتي حديث قال: اقعد فحدّثه بها. قال: وسمعت ابن عيينة يقول: قال عمر بن الخطّاب: اللّهم إنّي أشربه لظمأ يوم القيامة [822] . 13 _ عن ابن عبّاس ضع دلوك من قبل العين التي تلي البيت أو الركن، فإنّها من عيون الجنّة [823] . 14 _ عن أمّ معبد قال (كذا): مرّ بي بخيمتي غلام سهيل أزيهر معه قربتا ماء فقلت: ما هذا؟ قال: إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كتب إلي مولاي زهير يستهديه ماء زمزم، فأنا أعجل لكي لا تنشف القرب [824] . 15 _ إنّها مباركة، إنّها طعام طعم، يعني زمزم. (عن أبي ذرّ) [825] . 16 _ إنّها مباركة، وهي طعام طعم، وشفاء سقم. (عن أبي ذر) [826] . 17 _ ماء زمزم لما شرب له، من شربه لمرض شفاه الله، أو لجوع أشبعه الله، أو لحاجة قضاها الله. (عن جابر) [827] . 18 _ عن ابن عبّاس: خير ماء علي وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم وشفاء من السقم [828] . 19 _ عن جابر، عن النبي(صلي الله عليه وآله): ماء زمزم لما شرب له، وهو ذا أشرب هذا

لعطش يوم القيامة [829] . [ صفحه 289] 20 _ إنّ ماءها يذهب بالصداع، وإن الاطلاع فيها يجلو البصر... [830] . وإن شئت الوقوف علي الأحاديث الواردة في ماء زمزم وبركتها أزيد ممّا ذكرنا، فراجع الدر المنثور [831] ، والوسائل [832] والمستدرك للنوري [833] والمستدرك للحاكم [834] والبحار [835] وكنز العمّال [836] ، تجد أحاديث كثيرة في ذلك، وفي آداب شربها، والدعاء عند شربها. ولا ريب في دلالة الأحاديث علي المطلوب، سيّما مع التعليق علي القصد، إذ لو كانت آثاراً طبيعية كيماوية، لما توقّف التأثير علي القصد، ولا سيّما مع ترتّب بعض الآثار المعنوية كالعلم والإيمان والجنّة و... إذ الآثار المعنوية ليست آثاراً طبيعية مترتّبة علي ذات الشيء ولو من دون قصد ونيّة. فبأي قصد شرب ماء زمزم نفع من الجهة المقصودة، وهذا تدلّ عليه جميع الروايات، وهذا هو معني التوسّل والاستشفاع والتبرّك والاستشفاء، وقد صرّح فيها بأنّه شفاء من كلّ داء، وشفاء السقم، وأ نّه مبارك. وتفيد الأخبار ترغيب النبي(صلي الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في التبرّك بالشرب منه والتضلّع بقصد التبرّك والاستشفاء، وقيد بأنّه لا ينفع مع عدم القصد. وتفيد بأنّ عمل الصحابة وسائر المسلمين جري علي التبرّك، حتي نقل أنّ [ صفحه 290] عمر بن الخطّاب كان يشرب ويقول: أشربه لظمأ يوم القيامة، وكذا غيره فبه أمروا، وعليه عملوا، وجرت به السنّة. ومنها: ما ورد في ماء ميزاب الكعبة من الاستشفاء به للمريض: فقد روي ابن جبلة قال: اشتكي رجل من إخواننا حتي سقط للموت، فلقيت أبا عبدالله(عليه السلام) في الطريق. فقال: يا صارم ما فعل فلان؟ قلت: تركته بحال الموت. فقال: أما لو كنت مكانك لأسقيته من ماء الميزاب.

قال: فطلبنا عند كلّ أحد، فلم نجده فبينما نحن كذلك إذ ارتفعت سحابة، ثمّ أرعدت وأبرقت وأمطرت، فجئت إلي بعض من في المسجد فأعطيته درهماً وأخذت قدحاً، ثمّ أخذت من ماء الميزاب فأتيته وأسقيته، فلم أبرح من عنده حتي شرب سويقاً وبرّاً [837] . ويستفاد من الحديث: أنّ الاستشفاء بماء الميزاب كان أمراً متعارفاً عندهم، يأخذونه ويحفظونه ويدّخرونه ويتبرّكون به ; ولذلك كان الإمام حثَّ عليه، وهو صار يطلبه عند الناس، إذ لو كان أمراً بدعيّاً غير معروف عند الناس، لم يكن وجه لطلبه منهم. ومنها: ما ورد في التبرّك بكسوة الكعبة: 1 _ عن عبدالله بن عتبة قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا أن نلبس منها شيئاً؟ قال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدّة يبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالي [838] . 2 _ عن مروان بن عبد الملك قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن رجل اشتري من كسوة الكعبة شيئاً، فاقتضي ببعضه حاجته، وبقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ [ صفحه 291] قال: يبيع ما أراد، ويهب ما لم يرد ويستنفع به ويطلب بركته... الحديث [839] . ومنها: ما ورد في الاستشفاء بغبار المدينة وشجرها: 1 _ «غبار المدينة شفاء من الجذام» [840] . 2 _ «غبار المدينة يبرئ الجذام» [841] . 3 _ «غبار المدينة يطفئ الجذام» [842] . 4 _ «إنّ في غبارها شفاءً من كلّ داء» [843] . 5 _ «والذي نفسي بيده إنّ تربتها لمؤمنة، وإنّها شفاء من الجذام» [844] . 6 _ «مالكم يا بني الحارث روبي؟ قالوا: أصابتنا يارسول الله هذه الحمي، قال: فأين أنتم عن صعيب؟ قالوا: يارسول

الله! ما نصنع به؟ قال: تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ثمّ يتفل عليه أحدكم ويقول: بسم الله تراب أرضنا بريق بعضنا شفاء لمريضنا بإذن ربّنا. ففعلوا فتركتهم الحمي» [845] . قلت: نقل السمهودي بعد نقله هذا الحديث: أخذ الناس من تراب صعيب، وجري عملهم علي ذلك. وأطال الكلام فيه. 7 _ «كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا اشتكي الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح، قال بإصبعه هكذا، ووضع سبّابته بالأرض، ثمّ رفعها، وقال: بسم الله تربة أرضنا بريق [ صفحه 292] بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا» [846] . 8 _ «إنّ رجلا أتي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) وبرجله قرحة، فرفع رسول الله(صلي الله عليه وآله) طرف الحصير ثمّ وضع إصبعه التي تلي الإبهام علي التراب بعدما مسّها بريقه وقال: بسم الله ريق بعضنا بتربة أرضنا ليشفي سقيمنا بإذن ربّنا. ثمّ وضع إصبعه علي القرحة فكأنّما حلّ من عقال» [847] . أقول: ونقل السمهودي التبرّك بتمر المدينة، فراجع: وفاء الوفاء [848] . 9 _ عن أنس مرفوعاً: أُحُد جبل يحبّنا ونحبّه، فإذا جئتموه فكلوا من شجره ولو من عضاهه [849] . 10 _ وعن زينب بنت نبيط _ وكانت تحت أنس بن مالك _ أنّها كانت ترسل ولائدها فتقول: اِذهبوا إلي أُحُد فأتوني من نباته، فإن لم تجدن إلا عضاها فائتنّني به، فإنّ أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: هذا جبل أحُد يحبّنا ونحبّه، قالت زينب: فكلوا من نباته ولو من عضاهه. قالت: فكانت تعطينا منه قليلا قليلا نمضغه [850] . ومنها: ما ورد في التبرّك بماء الفرات وسؤر المؤمن: 1 _ قال أبو عبدالله(عليه السلام): في سؤر المؤمن

شفاء من سبعين داءً [851] . 2 _ من شرب سؤر المؤمن تبرّكاً به، خلق الله بينهما ملكاً يستغفر لهما حتي [ صفحه 293] تقوم الساعة [852] . 3 _ سؤر المؤمن شفاء [853] . 4 _ ما أخال أحداً يحنّك بماء الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت... الحديث [854] . 5 _ أما إنّ أهل الكوفة لو حنّكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا [855] . 6 _ الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من سبعين داءً أدناها الهمّ [856] . 7 _ كان يبعث إلي المطاهر، فيؤتي بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين [857] . 8 _ لو علم الناس ما فيه (يعني الفرات) من البركة، لضربوا الأخبية علي حافتيه [858] . 9 _ من شرب من ماء الفرات وحنّك به فإنّه يحبّنا أهل البيت [859] . 10 _ لو أن بيننا وبين الفرات كذا وكذا ميلا لذهبنا إليه واستشفينا به [860] . ومنها: ما ورد في التبرّك بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) كما ورد أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يتبرّك بالتمسّح بعرق وجهه ومرّ منّا الكلام في ذلك. قال رسول الله(صلي الله عليه وآله) لعليّ(عليه السلام) _ في حديث _: «والذي نفسي بيده لولا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم، لقلت فيك مقالا لا تمرّ [ صفحه 294] بأحد من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من أثر قدميك يطلبون به البركة». وفي لفظ الينابيع وعن أرجح المطالب: «إلاّ أخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به» [861] . ومنها: ما ورد في تتريب الكتاب وأ نّه مبارك وأ نّه أنجح للحاجة: 1

_ إذا كتب أحدكم فليترّبه فإنّه أنجح للحاجة [862] . 2 _ ترّبوا صحفكم، فإنّ التراب مبارك [863] . 3 _ ترّبوا صحفكم أنجح لها، فإنّ التراب مبارك [864] . 4 _ إنّ النبي(صلي الله عليه وآله) بعث إلي أهل قريتين بكتابين يدعوهم إلي الإسلام، فترّب أحد الكتابين، ولم يترّب الآخر، فأسلم أهل القرية التي ترّب كتابهم [865] . 5 _ كان أبو الحسن(عليه السلام) يترّب الكتاب [866] . [ صفحه 295] 6 _ إذا كتب أحدكم كتاباً فليترّبه، فإنّ التراب مبارك، وهو أنجح للحاجة [867] . 7 _ إذا كتبت كتاباً فترّبه فإنّه أنجح للحاجة، والتراب مبارك [868] . 8 _ ترّبوا الكتاب، فإنّ التراب مبارك [869] . 9 _ ترّبوا الكتاب وسجوّه من أسفله، فإنّه أنجح للحاجة [870] . 10 _ ترّبوا الكتاب فإنّه أعظم للبركة، وأنجح للحاجة [871] . 11 _ ترّبوا الكتاب، فإنّه أنجح له [872] . 12 _ ترّبوا صحفكم، فإنّه أنجح لها [873] . 13 _ إذا كتب أحدكم فليترّب كتابه، فهو أنجح [874] . 14 _ ترّبوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة _ الحديث _ [875] . 15 _ عن علي بن عطية، أ نّه رأي كتاباً لأبي الحسن(عليه السلام) مترّبة [876] . أقول: قال العلاّمة المجلسي(رحمه الله) في البحار [877] في بيان شرح الحديث: أي يذرّ علي مكتوبه بعد تمامه التراب، وقيل كناية عن التواضع فيه، وقيل المعني جعله علي الأرض عند تسليمه إلي الحامل ولا يخفي بعدهما. [ صفحه 296] ولعلّ منشأ القولين البعيدين هو أنّ القائلين لم يتعقّلا التتريب بمعناه الحقيقي وهو ذرّ التراب علي المكتوب، فأوّلا الحديث بجعل التتريب كناية عن التواضع في الكتاب، كالتواضع

في المقال، أو التواضع في إعطاء الكتاب، وكلاهما بعيد كما ذكره العلاّمة المحقّق رضوان الله عليه، ولا مناص من حمله علي معناه الحقيقي، كما تشهد به ألفاظ الحديث، حيث قال(صلي الله عليه وآله): «فإنّ التراب مبارك». وفي رواية أ نّه رأي كتاباً مترّباً. فإنّهما صريحان فيما قلنا، وقال في النهاية: وفيه أتربوا الكتاب، فإنّه أنجح للحاجة «يقال: أتربت الشيء ; إذا جعلت عليه التراب. فالأمر بجعل التراب علي الكتاب لعلّه إمّا حفظاً لما كان سنّة جارية عند العرب من التفأّل بذلك، أو لعلّه من قولهم: «تربت يداك» حيث يقال: تفأّلا بالخير (علي الخلاف في معناها كما في النهاية وأقرب الموارد)، أو كان ذلك للتواضع، بمعني أنّ الكتاب أقلّ من أن يؤثر في الإنجاح، بل الله هو المعطي والمانع، أو هو تعبّد محض، وإن كان ذلك بعيداً. ومنها: ما ورد في الاستشفاء بكتاب الله العزيز، وليس المراد من هذه الأحاديث الواردة: الاستشفاء بالعمل بكتاب الله كما في قوله تعالي: ( وشفاء لما في الصدور) بل المراد: الاستشفاء بالتبرّك بآياته الكريمة بالقراءة والنفث أو الكتابة والتعليق. فالكتاب الكريم مبارك بأي نحو استشفي به، فمن عمل به فقد استشفي من الأمراض القلبية والمعنوية، كما قال تعالي: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) ومن تبرّك به لدفع أمراضه الجسمية الظاهرية، فقد استعاذ بكلام الله المجيد، واستشفي بكتابه العظيم، فهانحن نذكر نبذاً من الأحاديث الدالّة علي ذلك، فمن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتب الحديث في الأبواب المختلفة. [ صفحه 297] 1 _ «عالجيها بكتاب الله» [878] . 2 _ «خير الدواء القرآن» [879] . 3 _ استشفوا بما حمد به الله نفسه قبل أن يحمده خلقه، وبما

حمد الله به نفسه الحمد لله. وقل هو الله أحد. فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله [880] . 4 _ «عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن» [881] . 5 _ «من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله» [882] . 6 _ «تبرّك بالقرآن فهو كلام الله» [883] . 7 _ ما اشتكي أحد من المؤمنين شكاية قط وقال بإخلاص نيّته _ ومسح موضع العلّة _: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً) إلاّ عوفي من تلك العلّة _ الحديث _ [884] . 8 _ يا ابن سنان! لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله _ الحديث _ [885] . 9 _ في حديث: أنّ أبا سعيد الخدري كان يرقي «فجعل يقرأ بأمّ القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرئ فنقلوه إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: «وما أدراك أ نّه رقية... الحديث [886] . [ صفحه 298] 10 _ عن ابن عبّاس في حديث: «فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب علي شاة فبرئت...» الحديث [887] . 11 _ عن عائشة قالت: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا آوي إلي فراشه نفث في كفّيه بقل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً، ثمّ يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده _ الحديث [888] . 12 _ عنها: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كان ينفث علي نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات _ الحديث [889] . 13 _ عن عبدالله بن جابر أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال له: ألا أخبرك بأخير سورة نزلت في القرآن؟ قلت: بلي يارسول الله، قال: فاتحة

الكتاب. وأحسبه قال: فيها شفاء من كلّ داء [890] . 14 _ عن السائب بن يزيد قال: عوّذني رسول الله(صلي الله عليه وآله) بفاتحة الكتاب تفلا [891] . 15 _ عن أبي سعيد الخدري، أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: فاتحة الكتاب شفاء من السمّ [892] . 16 _ عن عبد الملك بن عمير، قال: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): فاتحة الكتاب شفاء من كلّ داء [893] . 17 _ قال: هي أمّ القرآن وهي شفاء من كلّ داء (في حديث قرأ بعض الفاتحة [ صفحه 299] علي رجل جريح فبرئ) [894] . أقول: هذه الأحاديث قليل من كثير أخرجها العلماء في الاستشفاء بالقرآن، ونحن نقتنع منها بهذا المقدار، فمن أراد الوقوف علي أكثر من هذا فليراجع كتب الحديث من الصحاح وغيرها، والدر المنثور في تفسير الفاتحة، والتوحيد، والمعوّذتين. وأضف إلي ذلك ما ورد عن النبي(صلي الله عليه وآله) والصحابة [895] في الرقية والتعويذ والنشرة بغير القرآن من الدعاء والذكر، فتدبّر فيها كي تدلّك علي معتقد الصحابة في كون التبرّك والتوسّل والاستشفاء بالقرآن والأذكار وبعض الأشياء، هو غير الشرك والكفر ولكنّه قد يكون كفراً وشركاً، إذا اعتقد الاستقلال في التأثير، وقد يكون حراماً وذلك إذا اعتقد أ نّه وارد في الشرع ولم يكن وارداً فيه، من دون اعتقاد باستقلال هذه الأشياء في التأثير، وفي صحيح مسلم [896] : «لا بأس بالرقي ما لم يكن شرك»، وعليه يحمل ما ورد من أنّ الرقية شرك. ومنها: ما ورد في وادي العقيق، وقد مرّ الإيعاز إليها سابقاً، ونأتي هنا بما ظفرنا به بعده وذلك مثل: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): «أتاني الليلة آت من ربّي

فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك» يعني العقيق [897] . [ صفحه 300] قال عمر بن الخطّاب حين بني مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله): «ما ندري ما نفرش في مسجدنا؟ فقيل له: افرش الخصف والحصير قال: هذا الوادي المبارك فإنّي سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقول: «العقيق واد مبارك» [898] . قدم سفيان بن عبدالله الثقفي علي عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه) ومسجد النبي(صلي الله عليه وآله) غير محصوب فقال: أما واد لكم؟ فقال عمر: بلي، قال: فاحصبوه منه فقال عمر: احصبوه من هذا الوادي المبارك يعني العقيق» [899] . «عن ابن عمر: أري وهو في معرّسه بذي الحليفة ببطن الوادي قيل له: إنّك ببطحاء مباركة» [900] . وقدتقدّم الكلام في معرّسه(صلي الله عليه وآله)في بيان الأماكن التي أقام فيهارسول الله(صلي الله عليه وآله)فراجع. «عن عمر مرفوعاً: «العقيق واد مبارك» [901] . «اضطجع النبي(صلي الله عليه وآله) بالعقيق فقيل له: إنّك في واد مبارك» [902] . «عن النبي(صلي الله عليه وآله) أ نّه قال: وإنّي لأراني بالوادي المبارك» [903] . «عن عمر: اذهبوا بنا إلي هذا الوادي المبارك وإلي الماء الذي لو جاءنا جاء من حيث جاء لتمسّحنا به» [904] . «عن أبي عبدالله(عليه السلام) في قول الله عزّوجلّ: ( وأنزلنا من السماء ماء بقدر... )الآية قال: يعني ماء العقيق [905] . [ صفحه 301] للعلاّمة المجلسي(رحمه الله) في معني الحديث كلام ينبغي مراجعته، تركناه مخافة الإطالة. ومنها: التبرّك بالأيّام، حيث يأمرون بالخروج في يوم معيّن: 1 _ في حديث عن علي بن جعفر عن أخيه موسي(عليه السلام) «اخرج يوم الثلاثاء» [906] .

استقصاء في التحقيق والنقد

إنّ ما تقدّم من الأحاديث قليل من كثير ممّا

أخرجه أعلام الحديث والتاريخ ورواه العلماء الكبار من الفريقين... وهذه الأخبار تدلّ علي ترغيب النبي(صلي الله عليه وآله) قولا وعملا في التبرّك، وحثّه علي الاستشفاء والتوسّل، وعلي ذلك جري عمل الصحابة رضي الله عنهم، كما تقدّم بما لا مزيد عليه. فيستفاد من هذه الأخبار الكثيرة جدّاً، الاستحباب والمطلوبية عند الله وعند نبيّه الأقدس(صلي الله عليه وآله)، فكيف بالجواز والرخصة، نعم إذا استلزم الشرك بأن اعتقد المتبرّك والمستشفي والمتوسِّل استقلال الشيء المتبرَّك به والمستشفي به والمتوسَّل به في التأثير، كان حراماً وكفراً، وكذا إذا استلزم البدعة، وإدخال ما ليس من الدين فيه، أو التبرّك بما ليس بمؤثِّر، فإنّه يكون حراماً من أجل استلزامه البدعة، أو زعم الأثر في شيء ليس هو كذلك، إلاّ أن يكون الزاعم والمتبرّك جاهلا معذوراً. والمسلمون بأجمعهم لا يرون المؤثّر الحقيقي إلاّ الله سبحانه وتعالي، وكلّ ما دونه مخلوق مربوب له، وصائر إليه، ومطيع له ولا حول ولا قوّة إلاّ به، والأمر كلّه لله، وكلّ مؤثّر سواه وسائط وأسباب وعلل ومعلولات، فالكلّ قادر بقدرته، [ صفحه 302] وفاعل بقوّته، ومالك بإعطائه، وسبب بتسبيبه، وعلّة بجعله، ومشيئته، فهم يتوسّلون بالوسائط إليه، ويتسبّبون بالأسباب إلي لطفه ورحمته، فحيث إنّ الكلّ له ومنه وإليه، ففي الحقيقة يتوسّلون به إليه، ويستشفعون، ويستشفون، ويتبرّكون به. فهذه الأخبار المرغّبة ما هي إلاّ تنبيه للإنسان إلي ابتغاء الوسيلة والتوسّل بالأسباب، ومن الواضح أنّ الله تعالي يجري الأشياء بأسبابها، ويجب علي الإنسان أن يأتي من الأبواب، ويهيّئ الأسباب، ويؤمن بتقدير الله تعالي، ويذعن بالعلل وتأثيرها، ويسعي في إيجادها وتوجيهها نحو المطلوب. فكما أنّ الإنسان يستفيد من الدواء ويراجع الأطبّاء، فكذلك يتوسّل بالدعاء ويستشفع الأولياء، ويستشفي ويتبرّك بما أكرمه الله وأحبّه،

فهذه كلّها داخلة في سلسلة العلل، ومندرجة في أسباب القدر. فإذن لا استبعاد في أن تجري إرادة الله سبحانه بإعطائه ما نواه من شرب ماء زمزم; من المقاصد المادية والمعنوية، كما نطقت به الأحاديث الكثيرة، حتي يذهب بالنفاق، وينبت في القلب الايمان، ويشفي المريض، ويذهب بالصداع، وبعطش يوم القيامة، وكذلك ماء ميزاب الكعبة المكرّمة، أو كسوتها. ولا عجب إذن في الاستشفاء بتراب المدينة، ونبات أحُد، كما أ نّه ليس ببدع من الألطاف الإلهية أن يجعل في سؤر المؤمن شفاءً وبركة، وفي ماء الفرات أثراً في إيجاد الايمان والولاية. ولا مانع عقلا ولا عادة من إكرام الله أمير المؤمنين عليّاً صلوات الله عليه في جعل الأثر في تراب قدميه وفضل طهوره ; لأنّه وليّه وحامل علمه، وناصر نبيّه، وأحد الثقلين، ولا سيما إذ أخبر النبي العظيم بهذه المكرمة له(عليه السلام)، فكيف بعرق وجهه ونفثه ومسّ يده وقبره وضريحه؟! ولا يسوغ لأحد إنكار ذلك بعد نقل [ صفحه 303] فطاحل الأعلام له في كتبهم متظافراً بل متواتراً. وتتريب الكتاب قد وردت به الروايات من طرق الفريقين، فلا يصغي إلي ما ذهب إليه الترمذي من التضعيف بعد نقل الأعاظم به بإسناد صحيح، كما في الوسائل عن الكافي، وقرب الاسناد، وكما في البحار، فنحن نتبرّك به تعبّداً، وإن لم يتّضح وجهه لنا كما أشرنا إليه. والاستشفاء بكتاب الله والتبرّك بكلام الله تعالي ممّا لا ارتياب فيه، بعد دلالة القرآن الكريم، والأخبار المتظافرة الواردة في الصحاح وغيره عليه، وكذا الرقية بالدعاء والأذكار.

خاتمة المطاف

هذا غاية ما ساعدنا التوفيق في جمع الأدلّة من الأحاديث المروية في التبرّك بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله) من كتب الفريقين العامّة والخاصّة، وقد أتي بحمد الله

ومنّه سبحانه وتعالي بمقدار يكفي المنصف، ويهدي المتحرِّي المستسلم للحقّ، والمذعن بالواقع. وقد طبع ما سردنا من الأدلّة في المجلّة الدينية العلمية «الهادي» في جامعة قم صانها الله عن الحدثان، سلسلة مقالات سنة 1398ه_. وبعد ذلك جمعناها ورتّبناها وأضفنا إليها من المصادر الأُخر، والأحاديث التي عثرنا عليها بعد، ومن التحقيقات واللطائف التي استنفدناها من الأدلّة، فجاءت بهذه الصورة الموجودة. وبعد ذلك نعتذر إلي المولي سبحانه وإلي القرّاء الكرام، من قصور الباع وكلل اليراع، والعجز في البيان والسهو والنسيان. ومن اللاّزم إيقاف الباحثين بأنّا قد نقلنا لفظاً من الحديث، وذكرنا مصادر كثيرة له، مع أنّ ألفاظها فيها خلاف لا يضرّ كثيراً بالمقصود، وتركنا الإشارة إليه [ صفحه 304] في الغالب، اعتماداً علي تحقيق القارئ في المراجعة، وخوفاً من الإطالة بذكره مع عدم نفع عائد. ومن الواجب أيضاً أن يعلم الباحث المحقّق أنّا لا نعتمد علي حديث إلاّ علي شرائط من الصحّة والوثاقة، ولكن الأحاديث المندرجة في هذه الرسالة لكثرتها وبلوغها حدّ التواتر أو التظافر; لم تحتج إلي الدقّة في الاسناد، ونقد رجالها، فلو وقع هنا لفظ منها وكان مشتملا علي خلل وإشكال، فلابدّ من التحقيق والتدقيق والنقد والتعميق. [ صفحه 305]

بحث حول مسألة التقبيل شرعا «جوازا و منعا»

الكلام حول مسألة التقبيل شرعا «جوازا و منعا»

التقبيل بحسب البواعث الداعية والأشخاص ينقسم إلي أقسام ويختلف حكمه باختلاف أقسامه: القسم الأوّل: ما يقع من أجل الالتذاذ بمقتضي الغريزة البشرية ; لأنّ الإنسان مفطور علي الميل للالتذاذات الجسدية والنفسانية، ومنها التقبيل، وذلك لا يختص بجيل دون جيل، ولا بزمان ومكان دون آخر. وقد وردت أحاديث كثيرة تدلّ علي جواز هذا النوع ضمن الدائرة المحلّلة له كسائر اللذائذ، إلاّ ما حرّمه الله تعالي بلسان نبيّه الأقدس(صلي الله عليه وآله). القسم الثاني: ما يقع

عن رحمة وعطف وحنان، إذ الإنسان قد يظهر عطفه وحنانه وحبّه بالنسبة إلي الآخر بالمصافحة والمعانقة والتقبيل، وهذا كتقبيل الإنسان أولاده وأبويه ومن يحبّه ويهواه من أهل بيته وعشيرته وأصدقائه وأحبّته. وهذا القسم لا إشكال أيضاً في جوازه لوجوه: الأوّل: الأحاديث الواردة الدالّة علي مطلوبيّة التعاطف والتوادد، وإظهار الرحمة والودّ والحبّ للمؤمن، وهذه الأخبار كثيرة جدّاً، بحيث لا تخفي علي من له [ صفحه 308] أدني إلمام بكتب الحديث والسنن والصحاح، قال سبحانه وتعالي في مدح المؤمنين: ( أشدّاء علي الكفّار رحماء بينهم) وفي السنّة: «التودّد إلي الناس نصف العقل» [907] . ومن الطرق العقلائية لإظهار المحبّة والتعاطف: المصافحة والتقبيل والمعانقة، فلا يحتاج إثبات استحباب تقبيل المؤمن إلي دليل آخر بعد وجود هذه العمومات، بل عدم الاستحباب أو الحرمة والكراهة يحتاج إلي دليل مخصّص للعمومات. نعم، إذا كان في التقبيل إظهار الودّ للكافر والمنافق ممّن أمر الله سبحانه بمعاداتهم، أو ركون إلي الظالم، أو إعانة له أو ترويج للباطل وتقوية للكفر والفسق أو إهانة للحق وأهله، أو غير ذلك من العناوين المبغوضة للشارع المحرّمة في الشرع كان حراماً بلا ريب، بل التقبيل كسائر الأفعال يكون موضوعاً للأحكام الخمسة. الثاني: الأخبار الخاصّة الواردة في المسألة وإليك نصوصها: 1 _ عن يونس بن ظبيان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: إنّ لكم لنوراً تعرفون به في الدنيا، حتي أنّ أحدكم إذا لقي أخاه قبّله في موضع النور من جبهته» [908] . قوله(عليه السلام): «تعرفون» علي بناء المجهول، كأنّه إشارة إلي قوله تعالي: ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود) [909] ولا يلزم أن تكون المعرفة عامّة، بل تعرفهم بذلك الملائكة والأئمّة صلوات الله عليهم كما ورد في قوله

تعالي: ( إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين) [910] إنّ المتوسمين هم الأئمّة(عليهم السلام) ويمكن أن يعرفهم بذلك بعض الكمّل من المؤمنين أيضاً، وإن لم يروا النور ظاهراً، وتفرّس أمثال هذه الأمور قد [ صفحه 309] يحصل لكثير من الناس بمجرّد رؤية سيماهم بل لبعض الحيوانات أيضاً، كما أنّ الشاة إذا رأت الذئب تستنبط من سيماه العداوة، وإن لم تره قبل ذلك أبداً ومثل ذلك كثير. وقوله: «حتي أنّ أحدكم» يحتمل وجهين: الأوّل: أنّ الله تعالي إنّما جعل موضع القبلة المكان الخاصّ من الجبهة ; لأنّه موضع النور. والثاني: أنّ المؤمن إنّما يختار هذا الموضع لكونه موضع النور واقعاً، وإن لم ير النور ولم يعرفه، ويدلّ علي أنّ موضع التقبيل في الجبهة [911] . وعلي كلّ حال هذا الحديث يدلّ علي جواز التقبيل، وأنّ المستحبّ أن يكون موضع ذلك الجبهة; للعلّة المذكورة. 2 _ عن علي بن جعفر عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: ومن قبَّل (للرحمة خ ل) للرحم ذا قرابة فليس عليه شيء وقبلة الأخ علي الخدّ وقبلة الإمام بين عينيه [912] . من قبّل للرحم أي لا للشهوة والأغراض الباطلة، وقبلة الأخ أي النسبي أو الإيماني، وقبلة الإمام _ الظاهر أ نّه إضافة إلي المفعول وقيل إلي الفاعل _ أي قبلة الإمام ذا قرابة بين العينين، وكأنّه ذهب إلي ذلك لفعل النبي(صلي الله عليه وآله) ذلك بجعفر(رضي الله عنه). ولا يخفي ما فيه [913] . فإن كان للأغراض الباطلة كالعناوين المتقدّمة، أو العناوين المكروهة، كان حراماً أو مكروهاً. [ صفحه 310] 3 _ عن أبي الصباح مولي آل سام، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: ليس القبلة علي الفم إلاّ للزوجة (أ _ خ ل)

والولد الصغير [914] . 4 _ عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه، قال: سألته عن الرجل أيصلح له أن يقبِّل الرجل أو المرأة؟ قال: الأخ والابن والأخت والابنة ونحو ذلك فلا بأس [915] . أتي(عليه السلام) بأمثلة عن موارد التقبيل للعطف والرحمة والحبّ، وإن كان السؤال عامّاً يشمل جميع الأقسام، وحكم في ذلك كلّه بعدم البأس. 5 _ قال: إذا قدم أخوك من مكّة فقبِّل بين عينيه، وفاه الذي قبَّل به الحجر الأسود الذي قبّله رسول الله(صلي الله عليه وآله)، والعين التي نظر بها إلي بيت الله، وقبِّل موضع سجوده ووجهه... الحديث [916] . ظاهر الحديث يفيد أنّ المراد هو التقبيل للتبرّك ; لقوله: «الذي قبّله رسول الله(صلي الله عليه وآله)» وكذا قوله: «العين التي نظر بها إلي بيت الله، وقبّل موضع سجوده» ولكن ذكر الوجه يعطي أنّ المراد التقبيل للحبّ والحنان، فتكون الجمل السابقة لبيان الحكمة المورثة للحبّ والعطف. ويحتمل أن يكون المراد كلا التقبيلين فأتي لكلّ منهما بمثال. 6 _ عن ابن بسطام قال: كنت عند أبي عبدالله(عليه السلام) فأتي رجل فقال: جعلت فداك، إنّي رجل من أهل الجبل وربما لقيت رجلا من إخواني فالتزمته فيعيب عليّ بعض الناس، ويقولون، هذه من فعل الأعاجم وأهل الشرك، فقال(عليه السلام): ولِمَ ذاك فقد التزم رسول الله(صلي الله عليه وآله) جعفراً وقبّل بين عينيه؟! [917] . [ صفحه 311] 7 _ قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): إذا قبّل أحدكم ذات محرم قد حاضت: أخته أو عمّته أو خالته، فليقبّل بين عينيها ورأسها، وليكفّ عن خدّها وعن فيها [918] . فتحصّل من هذه الأخبار: أنّ التقبيل للرحمة والتعطّف جائز، وقد عيّن في هذه الأحاديث موضع

القبلة، وأنّ التقبيل للتبرّك أيضاً لا بأس به، وفيها إيعاز إلي أنّ العامّة لا يرخّصون في الالتزام، وأجاب الإمام(عليه السلام) بالجواز، مستدلاّ بفعل النبي(صلي الله عليه وآله)وأ نّه التزم جعفراً وقبّله، والالتزام هو المعانقة. الثالث: الأخبارالدالّة علي السيرة العمليّة للنبيّ(صلي الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام)والصحابة الكرام في ذلك، فلابدّ من نقل نصوصها حتي يكون القارئ علي بصيرة، فهاك النصوص:

الاخبار الدالة علي تقبيل النبي أهل بيته

تقبيله عليا

1 _ عن ابن عبّاس: أنّ عليّاً دخل علي النبي(صلي الله عليه وآله) فقام إليه وعانقه وقبّل بين عينيه [919] . 2 _ لمّا رجع عليّ عن بعض المغازي; استقبله النبي(صلي الله عليه وآله)، وقبّل ما بين عينيه [920] . 3 _ عن أبي ذرّ الغفاري قال: كنّا ذات يوم عند رسول الله(صلي الله عليه وآله) في مسجد قبا... فإذا نحن بعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) قد طلع، قام النبي(صلي الله عليه وآله) فاستقبله وعانقه، وقبّل ما بين عينيه [921] . [ صفحه 312] 4 _ عن أنس قال: صعد النبي(صلي الله عليه وآله) المنبر، فذكر قولا كثيراً ثمّ قال: أين عليّ؟ فوثب إليه فضمّه(صلي الله عليه وآله) إلي صدره، وقبّل ما بين عينيه [922] . 5 _ قال: كنت أنا والعبّاس جالسين عند النبي(صلي الله عليه وآله)، إذ دخل عليّ فسلّم فردّ عليه النبي(صلي الله عليه وآله) السلام، وقام إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه [923] . 6 _ عن أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله(صلي الله عليه وآله): يا أنس اسكب لي وضوءاً... فخرجت فتحت (يعني الباب)، فإذا علي بن أبي طالب(عليه السلام) فدخل يتمشّي فرأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين رآه وثب علي قدميه مستبشراً فلم يزل قائماً ;

وعليّ يتمشّي حتي دخل البيت فاعتنقه رسول الله(صلي الله عليه وآله)، فرأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يمسح بكفّه وجهه فيمسح به وجه عليّ ويمسح عن وجه عليّ بكفّه فيمسح به وجهه... الحديث [924] . 7 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: أقبل رسول الله(صلي الله عليه وآله) يوماً واضعاً يده علي كتف العبّاس، فاستقبله أمير المؤمنين(عليه السلام)، فعانقه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وقبّل بين عينيه [925] . ظاهر هذه الأحاديث هو كون التقبيل لإظهار الحبّ والودّ والتعاطف والتراحم، ولكن القرائن تشهد بكونه تقبيل تبرّك أو احترام. الأوّل: فلما نقلناه من مسحه(صلي الله عليه وآله) وجه عليّ(عليه السلام) بكفّه ثمّ مسحه وجهه عقيب مسحه وجه نفسه، ثمّ مسحه وجه عليّ(عليه السلام)، وقد تقدّم في فصل تبرّك الصحابة بمسحه(صلي الله عليه وآله)أ نّه: «مسح عرق وجه عليّ(عليه السلام) فمسح به وجهه» وتكلّمنا علي الحديث ثمّة، ولا عجب في تبرّك النبي(صلي الله عليه وآله) بعرق وجه وصيّه المنصوص من الله سبحانه، بعد النصوص التي قدّمناها الدالّة علي حثّه(صلي الله عليه وآله) علي التبرّك بعليّ(عليه السلام)بقوله(صلي الله عليه وآله): «والذي [ صفحه 313] نفسي بيده لولا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم; لقلت فيك مقالا لا تمرّ بأحد من المسلمين إلاّ أخذوا تراب قدميك يطلبون البركة» أو «إلاّ أخذوا تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به» إذ هو(صلي الله عليه وآله) الذي هداهم إلي ولايته وإلي مقاماته العالية المعنوية، حتي حثّهم علي التبرّك به، ثمّ عمل بما قال تحريضاً لهم وترغيباً وتشريفاً. وأمّا الثاني: فلما دلّ عليه قيامه واستقباله من الاحترام والإكرام، ويحتمل أن يكون تقبيل رسول الله(صلي الله عليه وآله)

عليّاً(عليه السلام) عملا ناشئاً من الكلّ، فيكون صادراً عن قلب مليء بالحبّ والإكرام، ويتبرّك أيضاً به، ولا منافاة بينها.

تقبيله فاطمة

1 _ كان النبي(صلي الله عليه وآله) كثيراً ما يقبّل عرف فاطمة(عليها السلام). 2 _ كان النبي(صلي الله عليه وآله) يقبِّل فاطمة(عليها السلام) وفاطمة تقبِّله. 3 _ عن عائشة أمّ المؤمنين: «ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاّ _ وفي رواية: حديثاً وكلاماً _ برسول الله(صلي الله عليه وآله) من فاطمة، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذها بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسه. وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبّلته وأجلسته مجلسها». وفي رواية عنها أيضاً: «ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاّ وهدياً برسول الله(صلي الله عليه وآله) في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله). قالت: وكانت إذا دخلت علي النبي(صلي الله عليه وآله) قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي(صلي الله عليه وآله) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبّلته وأجلسته في مجلسها، فلمّا مرض النبي(صلي الله عليه وآله) دخلت فاطمة(عليها السلام) فأكبّت عليه فقبّلته». [ صفحه 314] وفي رواية عنها أيضاً: «ما رأيت من الناس أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله(صلي الله عليه وآله) من فاطمة(عليها السلام)كانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقبّل يديها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحّبت به وقبّلت يديه...» الحديث. توجد هذه النصوص في كتب علمائنا الإمامية رضوان الله عليهم كثيراً، وإن شئت الوقوف عليها فراجع البحار 43: 25 و43: 44 ; وسفينة البحار 2: 374. [926] . 4 _ قدم رسول الله(صلي الله عليه وآله) في غزاة... فأتي فاطمة(عليها السلام)، فبدأ بها قبل بيوت أزواجه، فاستقبلته علي

باب البيت فاطمة فجعلت تقبِّل وجهه. وفي لفظ «فاه وعينيه وتبكي...». الحديث [927] . 5 _ عن أبي جعفر (محمد بن علي) الباقر وجعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام): أ نّه كان [ صفحه 315] النبي(صلي الله عليه وآله) لا ينام حتي يقبِّل عرض وجه فاطمة(عليها السلام)،... ويدعو لها [928] . 6 _ كان النبي(صلي الله عليه وآله) إذا اشتاق إلي الجنّة قبَّل فاطمة(عليها السلام) [929] . 7 _ عن جابر بن عبدالله قال: قيل: يارسول الله إنّك تلثم فاطمة وتلزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك، فقال: إنّ جبرئيل(عليه السلام) أتاني بتفاحة من تفاحة الجنّة... فأنا أشمّ منها رائحة الجنّة [930] . 8 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة(عليها السلام)فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله)... فما قبّلتها قط إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبي [931] . 9 _ عن عائشة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قبّل يوماً نحر فاطمة. وزاد الملاّ في سيرته «فقلت: يارسول الله فعلت شيئاً لم تفعله فقال: يا عائشة إنّي إذا اشتقت إلي الجنّة قبّلت نحر فاطمة [932] . 10 _ في حديث آية التطهير: «وأخذ عليّاً بإحدي يديه فضمّه إليه وأخذ فاطمة باليد الأخري فضمّها إليه» [933] . [ صفحه 316] هذه الأحاديث حيث تدلّ علي تقبيل والد كريم عطوف رؤوف رحمة للعالمين كريمته التي هي بضعته وروحه التي بين جنبيه، وواحدته التي يريبه ما رابها، ويؤذيه من آذاها، ويرضيه من أرضاها، التي تمثّلت فيها آماله ومنها ذريّته وأولاده. فيسبق إلي خاطر كلّ مطالع وقارئ أ نّه تقبيل رحمة وحنان لا غير، ولكن إذا تدبّرنا

في قيامه(صلي الله عليه وآله) إذا دخلت عليه، وأ نّه يقبِّل نحرها وصدرها وعرفها وعرض وجهها ويديها ويلثمها ويلزمها ويلتزمها ويجلسها في مجلسه، ويعلّل ذلك تارةً بأنّه يجد منها رائحة الجنّة، وأخري بأنّه يشمّ منها ريح شجرة طوبي، وأ نّه إذا اشتاق إلي الجنّة قبّلها، نعلم أنّ هذا التقبيل قد اندرج فيه معاني لطيفة، من عطوفة الأبوّة، وتكريم وتعظيم لمن يرضي الله برضاها، ويغضب لغضبها، وأنّها حوراء أنسية، وإجلال لمن خُلقت من تفاحة الجنّة للجنّة، ويفوح منها رائحتها، ورائحة طوبي، فهذا تقبيل رحمة، وتقبيل إجلال وإعظام.

تقبيله الحسن والحسين وإبراهيم

1 _ قبّل الرسول(صلي الله عليه وآله) الحسن والحسين بعد أن وجدهما [934] . 2 _ عن أبي هريرة قال: أبصرت عيناي هاتان وسمعت أذناي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو آخذ بكفّي حسين، وقدماه علي قدم رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وهو يقول: ترّق عين بقة قال: [ صفحه 317] فرقي الغلام حتيوضع قدميه علي صدر رسول الله(صلي الله عليه وآله) ثمّ قال له: افتح فاك ثمّ قبّله [935] . 3 _ عن يعلي بن مرّة: أنّهم خرجوا مع النبي(صلي الله عليه وآله) فإذا الحسين يلعب في السكّة فتقدّم النبي(صلي الله عليه وآله) أمام القوم، وبسط يديه، فجعل الغلام يفرّ من هاهنا، وهاهنا ويضحك النبي(صلي الله عليه وآله) حتي أخذه ; وجعل إحدي يديه تحت ذقنه والأخري في فأس رأسه فقبّله... الحديث [936] . 4 _ عن خلف: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) أخذ حسناً فقبّله [937] . 5 _ روي أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يوماً مع جماعة ماراً في بعض طرق المدينة،وإذا هم بصبيان يلعبون، فجلس النبي(صلي الله عليه وآله) عند صبيّ منهم،

وجعل يقبِّل ما بين عينيه... فقال بعض الأصحاب: يارسول الله... قد شرّفته بتقبيلك... قال: فإنّي رأيت هذا الصبي يوماً يلعب مع الحسين، ورأيته يرفع التراب من تحت قدميه ويمسح به وجهه وعينيه [938] . نقلت هذا الحديث هنا مع خروجه عن العنوان ; لأجل أ نّه(صلي الله عليه وآله) كان يقبّله لأجل الحسين(عليه السلام)، وتبرّك هذا الصبي بالحسين، أو إظهاره حبّه له، فيستفاد منه جواز التبرّك بتراب أقدام الأئمّة (عليهم السلام)، أو احترام تراب أقدامهم، وأنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قبّل هذا الصبي، وعطف عليه من أجل ذلك. 6 _ كان النبي(صلي الله عليه وآله) يقبِّل الحسين(عليه السلام) [939] . [ صفحه 318] 7 _ لقي أبو هريرة الحسن بن علي(عليهما السلام) في بعض طرق المدينة، فقال له: اِكشف لي عن بطنك فداك أبي، حتي أقبِّل حيث رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبّله فكشف عن بطنه فقبَّل سرّته [940] . 8 _ لمّا سمع عبدالله بن عمر بخروج الحسين(عليه السلام) إلي العراق قدّم راحلته وخرج مسرعاً، فأدركه في بعض المنازل... فلمّا أصرّ عليه بالرجوع ورأي إباءه عن الرجوع، قال: «يا أبا عبدالله، اكشف عن الموضع الذي كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبّله منك فكشف الحسين(عليه السلام) عن سرّته، فقبّلها ابن عمر ثلاثاً وبكي... الحديث [941] . 9 _ عن أنس بن مالك قال: دخلنا مع رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي أبي سيف القين وكان ظئراً لإبراهيم (ابن رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأخذ رسول الله إبراهيم فقبّله وشمّه... الحديث [942] . 10 _ عن أبي جعفر _ محمد بن علي الباقر(عليه السلام) _ قال: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا دخل

الحسين(عليه السلام) اجتذبه إليه، ثم يقول لأمير المؤمنين(عليه السلام): امسكه ثمّ يقع عليه فيقبّله ويبكي فيقول: يا أبة، لِمَ تبكي فيقول: يا بني أُقبِّل موضع السيوف منك... الحديث [943] . [ صفحه 319] 11 _ عن أبي هريرة: أنّ الأقرع بن حابس أبصر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو يقبِّل حسيناً فقال: إنّ لي عشرة... الحديث [944] .

تقبيله عشيرته

1 _ كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يصف عبدالله وعبيد الله وكثيراً من بني العبّاس ثمّ يقول: من سبق إليّ فله كذا وكذا قال: فيستبقون إليه فيقعون علي ظهره وصدره فيقبّلهم ويلزمهم [945] . 2 _ لمّا قدم جعفر وأصحابه _ من الحبشة _ استقبله رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقبَّل ما بين عينيه. كذا في الإصابة. وقال ابن الأثير: لمّا هاجر _ يعني جعفراً _ أقام بها عند النجاشي إلي أن قدم علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) حين فتح خيبراً، فتلقّاه رسول الله(صلي الله عليه وآله)واعتنقه وقبّل بين عينيه... الحديث [946] . 3 _ كان النبي(صلي الله عليه وآله) يقبِّل العبّاس [947] . 4 _ عن علي بن يونس المديني قال: كنت جالساً عند مالك بن أنس، فإذا سفيان بن عيينة يستأذن بالباب، فقال مالك: رجل صالح صاحب سنّة أدخلوه، [ صفحه 320] فدخل فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فردّ السلام، فقال: سلام خاص وعام عليك يا أبا عبدالله ورحمة الله. وقال: يا أبا محمد لولا أنّها بدعة لعانقناك فقال سفيان: قد عانق من هو خير منّا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال مالك: جعفراً؟! قال: نعم. فقال مالك: ذاك حديث خاص يا أبا محمد ليس بعام فقال سفيان: ما عمّ جعفراً

يعمّنا وما خصّه يخصّنا إذا كنّا صالحين أفتأذن لي أن أحدّث في مجلسك؟ قال: نعم، يا أبا محمد. فقال: حدّثني عبدالله بن طاووس عن أبيه عن عبدالله بن عبّاس، أ نّه قال: قدم جعفر من أرض الحبشة اعتنقه النبي(صلي الله عليه وآله) وقبّل ما بين عينيه وقال: جعفر أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً [948] .

تقبيله أصحابه و هم أحياء

1 _ النبي(صلي الله عليه وآله) يقوم ويقبِّل أبا بكر عندما طلع عليه [949] . 2 _ النبي(صلي الله عليه وآله) يقبِّل الخلفاء الأربعة ويقرّظهم بأحسن كلام [950] . 3 _ كان أسامة بن زيد قد أصابه الجدري أوّل ما قدم المدينة وهو غلام، فطفق رسول الله(صلي الله عليه وآله) يغسل وجهه ويقبِّله [951] . 4 _ جاء زيد بن حارثة من غزوة يستفتح، فسمع رسول الله(صلي الله عليه وآله) صوته فقام عرياناً يجر ثوبه فقبَّله [952] . [ صفحه 321] 5 _ لمّا رجع رسول الله(صلي الله عليه وآله) من تبوك، استقبله سعد بن معاذ الأنصاري فقال: ما هذا الذي أري بيدك؟ قال: من أثر المرّ والمسحاة أضرب وأنفق علي عيالي، فقبّل النبي(صلي الله عليه وآله) يده وقال: هذه يد لا تمسّها النار أبداً [953] . ليس سعد بن معاذ هو الصحابي المعروف الذي استشهد في غزوة الخندق بل هو رجل آخر مجهول، ذكره ابن حجر كذلك وعنونه الجزري بسعد الأنصاري، ونقل القصة، ثمّ نقل ما ذكرناه فقال: فإن حفظت هذه الرواية فلعلّه سعد بن معاذ آخر غير الخزرجي المعروف، فإنّه توفّي سنة خمس... إلي آخر كلامه حول ذلك. 6 _ أسلم نعيم بن عبدالله بعد عشرة، وكان يكتم إسلامه... ولم يزل بمكّة يحوطه قومه لشرفه فيهم حتي

كانت سنة ست، فقدم مهاجراً إلي المدينة ومعه أربعون من أهله، فأتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) مسلماً فاعتنقه وقبّله [954] . 7 _ لمّا أسلم أبو بكر وخطب فضربه المشركون، فحمل إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)فأكبّ عليه رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبِّله [955] .

تقبيله أصحابه بعد موتهم

1 _ لما مات عثمان بن مظعون كشف النبي(صلي الله عليه وآله) عن وجهه وقبّل بين عينيه وبكي. وفي رواية عن عائشة: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قبَّل عثمان بن مظعون وهو ميّت، وهو يبكي وعيناه تذرفان [956] . [ صفحه 322] 2 _ عن إسماعيل بن جابر قال: دخلت علي أبي عبدالله(عليه السلام) حين مات ابنه إسماعيل الأكبر، فجعل يقبّله وهو ميّت... الحديث [957] . أقول: نقلت هذا الحديث هنا ; وإن كان خارجاً عن العنوان; لكونه حاكياً عن فعل أحد أئمّة أهل البيت(عليهم السلام). وهو حجّة بنص حديث الثقلين المتواتر وغيره. القسم الثالث: التقبيل الذي يكون علي وجه التكريم والاحترام، كتقبيل يد نبيّ أو وصيّ أو رأسهما أو رجلهما وكتقبيل يد الوالد والوالدة والأستاذ والعالم الربّاني أو غيرهم من الكبار والعظماء، لله سبحانه وتعالي، أو كتقبيل يد أمير أو حاكم أو غني أو سلطان طمعاً في حطام الدنيا والمقامات الدنيوية والمادية. وهذا القسم هو محلّ النزاع ومعركة الآراء. وهنا قسم رابع يشترك مع الثالث في الحكم، وهو التقبيل للتبرّك والاستشفاء. فتوهم بعض حرمة هذين القسمين، إمّا يرونه بدعة، أو يرونه شركاً وكفراً (والعياذ بالله). ويأتي القسمان في تقبيل الإنسان غير الإنسان من الجمادات ; لكونها منسوبة [ صفحه 323] إلي الله تعالي كالمشاعر العظام، مثل: الحجر الأسود، وأركان البيت، وأبواب المساجد، والمصاحف وغلافها. أو لكونها

منسوبة إلي أحد الأولياء، كقبور الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)، وقبور الأولياء والصالحين، وقبر الوالدين، وضرائح تلكم القبور، وأبواب هذه المشاهد، لأنّ تقبيلها إمّا تكريم أو تبرّك ; لأنّ من أحبّ شيئاً أحبّ آثاره كما قال الشاعر: وما حبّ الديار شغفن قلبي++ ولكن حبّ من سكن الديارا وهذا أمر لا مرية فيه للمتدبّر البصير، لأنّ الإنسان يحبّ وطنه وبلدته وأمواله وعشيرته، كلّ ذلك حبّاً لنفسه ولما له تعلّق به ويضاف إليه، ومن هذا الباب كون حبّ المؤمن لكلّ شيء لله تعالي، فعلي ما ذكرنا يمكن أن يكون تقبيل القبور أو ما يضاف إلي النبي(صلي الله عليه وآله) والولي والصالحين احتراماً لمن أضيف إليه أو تبرّكاً به، وعلي كلّ حال فلابدّ قبل الشروع في بيان الأدلّة من تقديم أمر لعلّه يعيننا في حلّ المشكلة ودفع التوهّم فنقول: إن كان الإشكال من جهة التبرّك وأ نّه شرك وكفر ; فقد أسلفنا الكلام في ذلك في رسالة التبرّك مستوفًي، ومجمل القول هو أنّ التبرّك والاستشفاء بغير الله تعالي إن كان بنحو يراه المتبرّك مستقلاًّ في التأثير فهو شرك وكفر، ولا تجد أحداً من المسلمين يتوهّم ذلك، أو يخطر بباله في تبرّكه واستشفائه، وإن كان بنحو يراه من الأسباب والعلل المخلوقة لله تعالي وجوداً وتأثيراً. وبعبارة أخري يري أ نّه سبب وعلّة بتسبيب الله سبحانه وتعالي، وبيده وتحت قدرته، ويؤثّر بإذنه، ويفعل بإرادته، فليس شركاً، بل هو توحيد خالص ; لأنّ العالم كلّه علل وأسباب ومعلولات، وكلّ شيء معلول لعلّته وعلّة لمعلوله بتنظيم الله سبحانه ومشيئته، ولا يمكن إنكار ذلك ولا يعدّ اعتقاده شركاً، بل إنكاره يؤول إلي الكفر والشرك، وكما أنّ الدواء والعلل المادية تؤثر، فكذا الدعاء والتوسل والتبرّك تؤثّر

; لأنّها في [ صفحه 324] سلسلة العلل وإن كانت غير ماديّة، لأنّ العلل لا تنحصر في الماديّات. وإن كان الإشكال من أجل أنّ الاحترام غير جائز [958] فهو خلاف البديهيّ في الشرع الإسلامي، إذ من الواضح لكلّ مسلم جواز احترام المؤمن وإكرامه وتعظيمه وتبجيله بأي نحو كان إلاّ ما حرّمه الشرع كالسجود له، فيجوز تعظيم المسلم وتكريمه بالقيام والانحناء له. وقد صحّ أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) قام إلي فاطمة(عليها السلام)، وإلي جعفر(رضي الله عنه) لمّا قدم من الحبشة وقال للأنصار: قوموا إلي سيّدكم. ونقل أ نّه(صلي الله عليه وآله) قام لعكرمة بن أبي جهل لما قدم من اليمن فرحاً بقدومه [959] . وقد نقل أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كان يقوم للجنائز [960] وفي الحديث: «عظّموا كباركم» [961] و«عظّموا أصحابكم ووقّروا» [962] . و«دخل علي النبي(صلي الله عليه وآله) رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له وقال: إنّ حقّ المسلم علي المسلم إذا أراد الجلوس أن يتزحزح له» [963] . و«من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلي الباب» [964] . و«من قام من مجلسه تعظيماً لرجل؟ قال: مكروه إلاّ لرجل في الدين» [965] . و«لمّا رجع عليّ(عليه السلام) عن بعض المغازي استقبله(صلي الله عليه وآله) وقبّل ما بين عينيه» [966] . [ صفحه 325] و«لمّا جاءه بنو سليم تلقّاهم النبي(صلي الله عليه وآله) بلا رداء» [967] . و«أنّ العبّاس لم يمرّ بعمر ولا بعثمان إلاّ نزلا حتي يجوز العبّاس إجلالا له» [968] . و«قام النبي(صلي الله عليه وآله) لصفوان بن أمية لمّا قدم عليه» [969] . و«قام النبي(صلي الله عليه وآله) لعدي بن حاتم» [970] . و«كان يقوم(صلي الله عليه

وآله) لفاطمة ابنته كلّما تدخل عليه» [971] . و«كانت تقوم فاطمة(عليها السلام) لرسول الله(صلي الله عليه وآله) كلّما يدخل عليها» [972] . و«قام واستقبل جعفراً لمّا رجع من الحبشة» [973] . و«لمّا دخل عليّ علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) قام إليه» [974] . و«قام(صلي الله عليه وآله) لأبي بكر» [975] . و«قام لزيد بن حارثة» [976] . فالقيام للمسلم واحترامه بأي نحو كان مطلوب مرغوب فيه شرعاً، وإظهار الحبّ له والحنين إليه مستحب لا إشكال فيه، ولو وقع بالمصافحة والمعانقة والتقبيل. هذا كلّه مقتضي القاعدة المستفادة من الآيات والأحاديث. [ صفحه 326] «فإن قلت: قد قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): من أحبّ أن يتمثّل له الناس أو الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار [977] ونقل أ نّه (صلي الله عليه وآله) كان يكره أن يقام له، فكان إذا قدم لا يقومون لعلمهم كراهته ذلك، فإذا فارقهم قاموا حتي يدخل منزله لما يلزمهم من تعظيمه. قلت: تمثل الرجال قياماً هو ما تصنعه الجبابرة من إلزامهم الناس بالقيام في حال قعودهم إلي أن ينقضي مجلسهم ; لا هذا القيام المخصوص القصير زمانه، سلّمنا لكن يحمل علي من أراد ذلك تجبّراً وعلواً علي الناس، فيؤاخذ من لا يقوم له بالعقوبة، أما من يريده لدفع الإهانة عنه والنقيصة له فلا حرج عليه ; لأنّ دفع الضرر عن النفس واجب، وأمّا كراهته (صلي الله عليه وآله) فتواضع لله عزّوجلّ وتخفيف عن أصحابه، وكذا ينبغي للمؤمن أن لا يحبّ وأن يؤاخذ نفسه بمحبّة تركه إذا مالت إليه، ولأنّ الصحابة كانوا يقومون كما في الحديث ويبعد عدم علمه(صلي الله عليه وآله) بهم مع أنّ فعلهم يدلّ علي تسويغ ذلك» [978]

. إنّ هذا الإشكال الذي قد يخطر بالبال غير وارد ; لأنّ الله سبحانه شرع علي لسان نبيّه الأكرم(صلي الله عليه وآله) لكلّ من العالم والجاهل والكبير والصغير والجليل والحقير أحكاماً خاصّة بهم، إذ مع أنّ جميعهم يشتركون في الإنسانية، ولكن كلّ منهم له حكم خاص بحسب مكانته الاجتماعية أو العلمية أو السن، وهذا التمايز موجود حتي في القوانين الجارية في المجتمعات الراقية أيضاً إن استطاعت عقولهم أن تدرك هذا الحدّ من حِكَمِ التشريع، فالشارع الحكيم شرع للعالم والمسنّ أو ذي المقام، التواضع وخفض الجناح وعدم حبّ الرياسة، وأن لا يحبّ قيام الناس له، وأن يتزحزح ويعدّ نفسه كآحاد الناس والتخاضع لمن هو دونه وشرع للجاهل [ صفحه 327] والصغير تكريمه وتفخيمه وتوقيره، فإذاً لا منافاة ولا مضادّة بين هذين الحكمين: يكره للمؤمن حبّ القيام له وأمر بالتواضع وترك الترأس ويستحبّ للآخرين تكريمه وتعظيمه. وهذا كما كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يتواضع لأي مسلم ويتخاضع، وكأنّه أحدهم حتي قال سبحانه: ( واخفض جناحك للمؤمنين) [979] و( ولا تصعّر خدّك للناس) [980] و( ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) [981] مع أنّ الله عزّوجلّ أدّب المؤمنين وقال: ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) [982] و( لا تُقدّموا بين يدي الله ورسوله... ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي... ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) [983] . لقد أدّب الله سبحانه رسوله(صلي الله عليه وآله) بأحسن الأدب وأمره بأحسن الأخلاق ومكارمها، وأمر الناس أيضاً بإكرامه وتبجيله وتعظيمه والنبي(صلي الله عليه وآله) أيضاً أدّب الناس كما أدّبه الله بالتواضع والتخاضع وخفض الجناح والتعاطف والتراحم ورفض الكبر والترأس في أنفسهم وبتكريم غيرهم وتعظيمه.

هذا، وأمّا قوله(صلي الله عليه وآله): «لا تقوموا كما يقوم الأعاجم بعضهم لبعض» [984] . فلعلّ النهي فيه عن قيام مخصوص وهو التمثّل قياماً كما يقوم الأعاجم لعظمائهم كما مرّ، أو المراد نهيهم عن القيام له مطلقاً، حذراً عمّا يأتي من الأمراء الفجرة بعده، فيفعلون ما يفعله المتكبّرون، ويصحّحونه بفعل الصحابة ويموهون علي الناس بذلك. [ صفحه 328] وما روي من أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) نهي أن «يقوم الرجل للرجل من مجلسه» [985] فلعلّ المراد منه الجلوس في هذا المكان لا القيام، كما يظهر من الروايات التي نقلها أبوداود في سننه ج4 في كتاب الأدب أو المراد الحذر ممّا ذكرنا من أخلاق المتجبرين بعده(صلي الله عليه وآله)، وعن إسحاق بن عمّار [986] قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): من قام من مجلسه تعظيماً لرجل، قال: مكروه إلاّ لرجل في الدين. وهذا تفسير موافق للقواعد كما لا يخفي. وأنّ التدبّر في توقير الصحابة لرسول الله(صلي الله عليه وآله) وكيفيّة معاشرتهم له يوضّح ما قصدنا إليه، وإذا شئت الوقوف علي خلقه وأخلاق أصحابه(صلي الله عليه وآله) ومعاشرته لهم مع تواضعه(صلي الله عليه وآله) غاية التواضع، فراجع الشفا للقاضي عياض والبحار [987] لتقف علي جانب من تأديب الله سبحانه له(صلي الله عليه وآله) ولهم. وعلي فرض صحّة هاتين الروايتين أو ما بمعناهما ; وكون المراد هو النهي عن القيام مطلقاً، فلابدّ من التأويل لما عرفت من الروايات الدالّة علي عمل النبي(صلي الله عليه وآله)وقيامه في مقام الاحترام للآخرين. نعم، قد يكون التكريم والاحترام غير مطلوب أو غير جائز أصلا، وذلك فيما إذا لم يكن المكرّم _ بالفتح _ مؤمناً، أو كون الإكرام تقوية للظالم أو ركوناً إليه، أو

كون تركه ردعاً للفاسق ونهياً عن المنكر، أو كون التكريم فوق مقامه وجعله في مقام ليس أهلا لذلك أو كونه ترويجاً للباطل، فحينئذ لا يجوز الإكرام (سواء كان بالقيام أو المعانقة أو المصافحة أو التقبيل) إذ من المعلوم أنّ الحكم يختلف باختلاف الموضوع ذاتاً أو عنواناً، ومعلوم أيضاً أنّ للإكرام مراتب تختلف أيضاً حسب [ صفحه 329] اختلاف المكرّم كإكرام النبيّ(صلي الله عليه وآله) والوصيّ(عليه السلام) والعالم و... وقد أشير إلي هذه المراتب في قوله تعالي: ( إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم) فجعل للإكرام مراتب كما أنّ للتقوي أيضاً مراتب لابدّ من مراعاتها. والملاك الجامع في جواز التقبيل والتكريم كونه لله سبحانه وتعالي. وما ذكرناه كلّه يأتي في تقبيل الآثار من الجمادات كالقبر والضريح والباب. هذا كلّه مقتضي القاعدة في المسألة، وأمّا الأحاديث الخاصة المنقولة فهي طوائف نذكرها لكي يكون القارئ علي بصيرة من عقيدته. الطائفة الاُولي: ما دلّ علي الجواز وعدمه وهاك النصوص: 1 _ عن رفاعة بن موسي عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لا تقبّل رأس أحد ولا يده إلاّ (يد) رسول الله(صلي الله عليه وآله) أو من أريد به رسول الله(صلي الله عليه وآله) [988] ، الحديث صحيح. «قوله: أو من أريد به رسول الله من الأئمّة إجماعاً وغيرهم من السادات والعلماء علي الخلاف، وإن لم أرَ في كلام أصحابنا تصريحاً بالحرمة. قال بعض المحقّقين: لعلّ المراد بمن أريد به رسول الله الأئمّة المعصومون(عليهم السلام) كما يستفاد من الحديث. ويحتمل أن يشمل هذا الحكم، العلماء بالله وبأمر الله معاً العاملين بعلمهم والهادين للناس ; ممّن وافق قوله فعله، لأنّ علماء الحق ورثة الأنبياء، فلا يبعد دخولهم فيمن يراد به رسول الله(صلي الله

عليه وآله)، قال الشهيد قدّس روحه في قواعده: «يجوز تعظيم المؤمن بما جرت به عادة الزمان وإن لم يكن منقولا عن السلف لدلالة العمومات عليه. قال تعالي: ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب) [989] . [ صفحه 330] وقال تعالي: ( ذلك ومن يعظِّم حرمات الله فهو خير له عند ربّه) [990] . ولقول النبي(صلي الله عليه وآله): «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً» فعلي هذا يجوز القيام والتعظيم بانحناء وشبهه، وربّما وجب إذا أدّي تركه إلي التباغض والتقاطع أو إهانة المؤمن» [991] . قال الأحمدي: لا إشكال في جواز الاحترام بأنواعه، ومنها التقبيل طبقاً لمقتضي القاعدة كما تقدّم، وإن كان في مصادر أدلّة الشهيد(رحمه الله) ما لا يخفي. والحديث دال علي المناط في جواز التقبيل والاحترام كما قدّمنا، وهو كونه لله تعالي، فتقبيل يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) أو من أريد به الرسول(صلي الله عليه وآله) هو مصداق لهذا الكلّي، ويدلّ علي عدم الجواز فيما ليس كذلك، يعني هذا القدر من التواضع والاحترام مختصّ بما إذا كان لله تعالي، فلا يجوز في غيره، إمّا لأنّه تقوية باطل، أو ترويج فسق وكفر، أو لأنّه احترام في مرتبة عالية لا يليق بغيره. وظاهر الحديث أ نّه تقبيل احترام وتكريم، إذ تقبيل الأولاد لم يكن مورد شبهة حتي يقع السؤال عنه، بل الذي كان مورد الإشكال هو التقبيل للاحترام كما كانوا يقبِّلون الأرض بين يدي السلاطين والأمراء، ويقبِّلون رؤوسهم وأيديهم وأرجلهم، فوقع مورد نقض وإبرام فسئل عنه وأجيب، وأشير إلي القاعدة التي أسلفنا ذكرها وطريق استفادتها من الأدلّة. والحديث صحيح مؤيّد بالعمومات، ولا يقاومه ما مرّ

من قوله(صلي الله عليه وآله): «لا تقوموا كما يقوم الأعاجم بعضهم لبعض» مع ما مرّ من عمل الرسول (صلي الله عليه وآله) في القيام لأناس ذكرناهم، ويحتمل أن يكون المراد منه التمثّل قائماً كما مرّ، ويشهد له [ صفحه 331] قوله(صلي الله عليه وآله): «كما يقوم الأعاجم» إذ يدلّ علي أنّهم يقومون لأمرائهم قياماً مخصوصاً وفي الوسائل أ نّه يحتمل النسخ. وأمّا ما رواه الترمذي [992] عن أنس قال: لم يكن شخص أحبّ إليهم من رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيّته لذلك، فهو دليل علي عدم النهي، إذ لو كان هناك نهي وتحريم لعَلَّلَه به لا بكراهيّته التي قلنا إنّها من أخلاق الأنبياء والأولياء، وقد ذكرنا أنّ أولياء الحقّ سبحانه موظّفون بالتواضع وأنّهم عبيد له تعالي ولكن لا ينافي أن يستحب تكريم رسول الله بذلك. وأمّا حديث «من أحبّ أن يتمثّل الناس أو الرجال له قياماً...» فقد مرّ جوابه بما لا مزيد عليه. وأمّا ما ورد من أ نّه: «نهي رسول الله(صلي الله عليه وآله) عن المكاعمة» وفسّره بعضهم بالتقبيل فليس بثابت ; لأنّ المكاعمة أن يلثم الرجل الرجل ويضع فمه علي فمه وأن يضاجعه ولا يكون بينهما ثوب، إذ هو تقبيل مكروه لغير الزوجة كما في الحديث [993] هذا إذا كان المعني الأوّل مراداً وأمّا إذا كان المراد المعني الثاني، فلا ربط له بما نحن فيه ولكن في معاني الأخبار للصدوق رحمه الله تعالي ص300: نهي رسول الله(صلي الله عليه وآله)عن المكاعمة والمكامعة. فالمكاعمة أن يلثم الرجل الرجل والمكامعة أن يضاجعه ولا يكون بينهما ثوب من غير ضرورة. وعلي كلّ حال، فإنّ هذه الروايات علي

فرض صحّة أسانيدها واستقامة دلالتها لا تقاوم الروايات الكثيرة التي أوردناها في هذه الوجيزة الحاكية لفعل النبي(صلي الله عليه وآله) أو فعل الصحابة في مرأي ومسمع من النبي(صلي الله عليه وآله)، أو المروية عن أئمّة [ صفحه 332] أهل البيت(عليهم السلام) فتوًي وعملا، وقولهم وفعلهم أيضاً حجّة بحكم الكتاب والسنّة. كما أنّ الرواية عن الرضا(عليه السلام): «لا يقبّل الرجل يد الرجل فإنّ ذلك صلاة له» [994] مع إرسالها لا تقاوم ما تقدَّم وما يأتي، فتحمل علي ما لا يكون لله تعالي، فتكون إشارة إلي ما كان متعارفاً من تقبيل أمراء الجور والحكّام ولاسيما مع تعليله بقوله: «فإنّ ذلك صلاة له» إذ لو كان لله تعالي لكان عبادة لله تعالي لا عبادة له، أو يحمل علي الكراهة. وهنا أيضاً رواية ضعيفة السند عن أبي ذر(رحمه الله)، «انكبّ سلمان علي قدمي رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبّلهما، فزجره النبي(صلي الله عليه وآله) عن ذلك ثمّ قال له: يا سلمان لا تصنع بي ما تصنع الأعاجم بملوكها، أنا عبد من عبيد الله آكل ممّا يأكل العبد وأقعد كما يقعد العبد. ويمكن حملها علي كراهة تقبيل الرجل، أو نهي عن ذلك حذراً عمّا يقع بعده من أمراء الجور والحكّام والقضاة الجائرين فيصحّحون عملهم بالسنّة النبويّة. 2 _ «لا يجوز لأحد أن يقبِّل يد أحد إلاّ يد رجل من أهل بيتي أو يد عالم» [995] . قال في عون المعبود [996] في شرح حديث ابن عمر: «فدنونا منه فقبّلنا يده» وقد صنّف الحافظ أبو بكر الأصبهاني المقري جزءاً في الرخصة في تقبيل اليد ذكر فيه حديث ابن عمر وابن عبّاس وجابر بن عبدالله وبريدة بن الخصيب وصفوان بن عسال وبريدة

العبدي والزارع بن عامر العبدي، وذكر فيه آثاراً صحيحة عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وذكر بعضهم أنّ مالكاً أنكره وأنكر ما روي [ صفحه 333] فيه وأجازه آخرون، وقال الأبهري: إنّما كرهها مالك إذا كانت علي وجه التكبّر والتعظيم لمن فعل ذلك به، فأمّا إذا قبّل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئاً من بدنه ما لم يكن عورة علي وجه القربة إلي الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإنّ ذلك جائز، وتقبيل يد النبي(صلي الله عليه وآله) يقرّب إلي الله، وما كان من ذلك تعظيماً لدنيا أو لسلطان أو لشبهه من وجوه التكبّر فلا يجوز. انتهي كلام المنذري. أقول: نعم ما قال واستفاد من الأحاديث الشريفة كما تقدّم منّا آنفاً. الطائفة الثانية: تقبيل الصحابة النبي(صلي الله عليه وآله) وهو حيّ: 1 _ لمّا كان يوم الأحد اشتد برسول الله(صلي الله عليه وآله) وجعه فدخل أسامة من معسكره، والنبي مغمور وهواليوم الذي لدّوه فيه، فطأطأ أسامة فقبّله ورسول الله(صلي الله عليه وآله)لا يتكلّم [997] . 2 _ امرأة أسلمت وقبّلت قدم النبي(صلي الله عليه وآله). 3 _ نقلت أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدّها زارع وكان في وفد عبدالقيس قال: لمّا قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر فنقبِّل يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) ورجله [998] . 4 _ لمّا وفد عبد القيس كانوا يقبّلون يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) ورجله قال: بينما هو(صلي الله عليه وآله)يُحدّث أصحابه، إذ قال لهم: سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق... فقام عمر فتوجّه نحو مقدمهم فلقي ثلاثة عشر راكباً وقيل: كانوا عشرين راكباً وقيل: كانوا أربعين رجلا فقال: من القوم؟ قالوا: من بني

عبد القيس... فقال عمر للقوم: هذا صاحبكم الذي تريدون فرمي القوم بأنفسهم عن ركائبهم بباب المسجد بثياب سفرهم وتبادروا يقبِّلون يده ورجله(صلي الله عليه وآله) وكان منهم [ صفحه 334] عبدالله بن عوف الأشج وهو رأسهم... أخذ بيد رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقبّلها [999] . 5 _ عدّل رسول الله(صلي الله عليه وآله) الصفوف يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمرّ بسواد ابن غزيَّة... فطعنه رسول الله(صلي الله عليه وآله) بالقدح في بطنه وقال: استو ياسواد، فقال: يارسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق فأقدني، فكشف عن بطنه وقال: استقد، فاعتنقه، وقيل: قبَّل بطنه وقال: ما حملك علي هذا ياسواد؟ فقال: يا رسول الله حضر ما تري ولم آمن القتل، فإنّي أحبّ أن أكون آخر العهد بك وأن يمسّ جلدي جلدك [1000] «وقال أبو جعفر(عليه السلام): فقبّل بين عينيه». 6 _ عن سواد بن عمرو الأنصاري وكان يصيب من الخلوق فتلقّاه النبي(صلي الله عليه وآله)مرّتين أو ثلاثاً فنهاه، وأ نّه لقاه ذات يوم ومعه جريدة فطعن بها في بطنه فخدشه فقال: يارسول الله أقصّني أو أقدني، فحسر رسول الله عن بطنه وقال: اقتصّ. فلمّا رأي بطن رسول الله ألقي الجريدة وعلق يقبّلها [1001] . ولا اشتراك بين القصّتين حتي جعلهما أبو عمر في الاستيعاب واحدة حيث قال بعد ذكرها لسواد بن عمرو: «وهذه القصّة لسواد بن عمرو لا لسواد بن غزيَّة وقد رويت لسواد بن غزيَّة» فحكم بوحدتهما وأنّها لسواد بن عمرو وقد انتبه الجزري لما ذكرنا فذكرهما معاً. 7 _ عن أسيد بن حضير رجل من الأنصار قال: بينما هو يحدّث القوم وكان فيه مزاح، بينما يضحكهم، فطعنه النبي(صلي الله عليه

وآله) في خاصرته بعود فقال: أصبرني، فقال: [ صفحه 335] أصطبر، قال: إنّ عليك قميصاً وليس عليّ قميص، فرفع النبي(صلي الله عليه وآله) عن قميصه فاحتضنه وجعل يقبِّل كشحه، قال: إنّما أردت هذا يارسول الله(صلي الله عليه وآله) [1002] . 8 _ عن ابن عمر _ كان في يد النبي(صلي الله عليه وآله) جريدة _ أصاب النبي(صلي الله عليه وآله) بطن رجل فأدماه، فخرج الرجل وهو يقول: هذا فعل نبيّك بي، فسمعه عمر فأتي به رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال: «أحقّاً أنا أصبتك» قال: نعم. قال: فما تريد؟ قال: أريد أن أستقيد منك فأمكنه من الجريدة فكشف عن بطنه، فألقي الجريدة من يده وقبّل سرّته وقال: هذا أردت كيما ينقمع الجبّارون من بعدك [1003] . 9 _ عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله(صلي الله عليه وآله)وهوغضبان محمار، وجهه حتي جلس علي المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي... فقام عمر بن الخطّاب فقبّل رجله [1004] . 10 _ لمّا لقي طلحة بن البراء الأنصاري رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو غلام، فجعل يدنو منه ويلصق به ويقبِّل قدميه [1005] . 11 _ قال أبو بزة المكيّ المخزومي: دخلت مع مولاي عبدالله بن السائب علي النبي(صلي الله عليه وآله) فقبّلت يده ورأسه ورجله [1006] . [ صفحه 336] 12 _ في عمرة الحديبية _ أهدي إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) هدية، وكان الذي جاء بالهدية غلام، فكلّمه رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأعجبه كلامه _ حذفنا كلامه روماً للاختصار _ فأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) بكسوة فكسي الغلام، وقال الغلام: إنّي أريد أن أمسّ يدك أريد بذلك البركة. فقال رسول الله(صلي الله

عليه وآله): أدن، فدنا فأخذ يد رسول الله(صلي الله عليه وآله)فقبّلها، ومسح رسول الله علي رأسه وقال: بارك الله فيك [1007] . 13 _ قبّل أبو سعيد الخدري ركبتي رسول الله(صلي الله عليه وآله) [1008] . 14 _ قبّل أبو سفيان بن الحارث قدم النبي(صلي الله عليه وآله) في الركاب في وقعة حنين [1009] . 15 _ سلمان الفارسي يقبِّل ظهر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو يبكي [1010] . 16 _ عثمان بن عفّان يقبِّل رأس النبي(صلي الله عليه وآله) في الشفاعة لعبدالله بن سعد بن أبي سرح [1011] . 17 _ علي (عليه السلام) يقبِّل قدمي النبي(صلي الله عليه وآله) [1012] . 18 _ عن عبدالله بن عمر قال: كنت في سريّة من سرايا رسول الله(صلي الله عليه وآله)فحاص الناس حيصة فكنت فيمن حاص. فقلنا: كيف وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟!... فأتيناه _ يعني رسول الله(صلي الله عليه وآله) _ قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: من القوم؟ فقلنا: نحن الفرارون فقال: لا بل أنتم العكارون أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين. [ صفحه 337] قال: فأتيناه حتي قبّلنا يده [1013] . 19 _ روي عن عمرو بن قرّة الجملي عن عبدالله بن سلمة وهو أبو العالية الكوفي _ وهو بكسر اللام _ عن صفوان العسّال رضي الله عنهم: أنّ يهوديّاً قال لصاحبه: اِذهب بنا إلي هذا النبيّ قال: فقبَّلا يده ورجله. وأخرجه الترمذيوابن ماجة [1014] . 20 _ جاء شمردل بن قباب الكعبي فقبَّل ركبتي النبيّ(صلي الله عليه وآله) [1015] . 21 _ قال عبدالله بن أبي سبقة الباهلي: أتيت النبيّ(صلي الله عليه وآله) وهو واقف علي بعيره وكان رجله في غرزة لحماره

(كذا) فاحتضنتها فقرعني بالسوط فقلت: يارسول الله القصاص، فناولني السوط فقبّلت ساقه ورجله [1016] . 22 _ إنّ ألفاً من بني سليم أتوا رسول الله(صلي الله عليه وآله) فنزلوا عن ركائبهم يقبِّلون ما ولوا وهم يقولون: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله [1017] . 23 _ عن سلمان (في سرد قصّة إسلامه قال:) فسلّمت عليه ثمّ عدلت لأنظر في ظهره فنظرت إلي خاتم النبوّة كما وصف لي صاحبي قال: فأكببت عليه أقبِّل الخاتم من ظهره وأبكي [1018] . 24 _ ورقة بن نوفل يقبِّل رأس رسول الله(صلي الله عليه وآله) [1019] . [ صفحه 338] 25 _ عداس يقبِّل قدمي رسول الله(صلي الله عليه وآله). وفي لفظ «فانكبّ عليه يقبِّله» وفي لفظ «يقبِّل رأسه ويديه وقدميه» [1020] . 26 _ قال ابن سيرين: لولا أنّ أبا بكر قبَّل رأس رسول الله(صلي الله عليه وآله) لرأيت أنّها من أخلاق الجاهلية [1021] . 27 _ عن عبدالله بن عمر قال: كنّا نقبِّل يد النبي(صلي الله عليه وآله) [1022] . 28 _ عن ميمونة بنت كردم الثقفية قالت: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) بمكّة وهو علي ناقة له وأنا مع أبي، وبيد رسول الله(صلي الله عليه وآله) درّة كدرَّة الكتاب، فدنا منه أبي فأخذ بقدمه، فأقرّ له رسول الله(صلي الله عليه وآله) فما نسيت طول اصبع قدمه السبابة علي سائر أصابعه [1023] . في الحديث إشعار علي التقبيل فتدبّر. 29 _ قوم من اليهود قبّلوا يد النبي ورجليه [1024] . وفي عون المعبود مقال في هذا الحديث لا بأس بنقله لتكثير الفائدة، قال: روي عن عمرو بن قرّة الجملي عن عبدالله بن سلمة وهو أبو العالية

_ وهو بكسر اللام _ عن صفوان بن العسّال رضي الله عنهم أنّ يهودياً قال لصاحبه: اذهب بنا إلي هذا النبي(صلي الله عليه وآله) قال: فقبّلا يده ورجله. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة مطوّلا ومختصراً، وأخرجه الترمذي في موضعين من كتابه وصحّحه في الموضعين قال: وفي الباب عن يزيد بن الأسود وابن عمر وكعب بن مالك. وقال النسائي في حديث صفوان: وهذا حديث منكر. ويشبه أن يكون إنكار النسائي له من جهة عبدالله بن سلمة، فإنّ فيه مقالا. [ صفحه 339] 30 _ عن عائشة في حديث قالت: وقال _ تعني النبي(صلي الله عليه وآله) _ ذات يوم: يا عائشة هل علمت أنّ الله قد دلّني علي الاسم الذي إذا دعي به أجاب؟ قالت: فقلت: يارسول الله بأبي أنت وأمّي فعلّمنيه، قال: إنّه لا ينبغي لك يا عائشة، قالت: فتنحّيت وجلست ساعة ثمّ قمت فقبّلت رأسه... الحديث [1025] . 31 _ قالت عائشة: ثمّ قال _ تعني النبي(صلي الله عليه وآله) _: أبشري يا عائشة فإنّ الله قد أنزل عذرك وقرأ عليها. فقال أبواي: قومي فقبّلي رأس رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقالت: أحمد الله لا إيّاكما [1026] . 32 _ عن خزيمة بن ثابت أ نّه رأي في منامه أ نّه يقبِّل النبي(صلي الله عليه وآله)، فأتي النبي(صلي الله عليه وآله)فأخبره بذلك فناوله النبي فقبَّل جبهته [1027] . 33 _ جاءه(صلي الله عليه وآله) أعرابي من بني سليم _ في حديث طويل فيه شهادة الضبّ الذي عنده _ فأسلم وخرج الأعرابي من عند رسول الله(صلي الله عليه وآله) فتلقّاه ألف أعرابي من بني سليم فذكر لهم قصّته فأسلموا _ اختصرناه _ ثمّ أتوا النبي(صلي

الله عليه وآله) فتلقّاهم بلا رداء فنزلوا عن ركائبهم يقبِّلون ما ولوا منهم وهم يقولون لا إله إلاّ الله [1028] . 34 _ عن عبد الرحمان بن كعب بن مالك عن أبيه قال: لمّا نزل نوبتي أتيت النبي(صلي الله عليه وآله) فقبّلت يديه وركبتيه [1029] . 35 _ عن زيد بن ثابت قال: دخل سعد بن عبادة علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) ومعه ابنه [ صفحه 340] فسلّم، فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): هاهنا هاهنا وأجلسه عن يمينه وقال: مرحباً بالأنصار، مرحباً بالأنصار، وأقام ابنه بين يدي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقال رسول الله(صلي الله عليه وآله): اجلس فجلس، فقال: ادن فدنا فقبَّل يدي رسول الله(صلي الله عليه وآله) ورجله... الحديث [1030] . 36 _ عن ابن عمر قال: قبّلنا يد النبي(صلي الله عليه وآله) [1031] . 37 _ في حديث طويل أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعث سريّة أميرهم زيد بن حارثة ففتحوا ورجعوا... فلمّا رأي زيد رسول الله(صلي الله عليه وآله) نزل... وقبّل رجليه ثمّ قبَّل يده ورجله فأخذه رسول الله(صلي الله عليه وآله) فقبَّل رأسه، ثمّ نزل إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) عبدالله بن رواحة وقبَّل يده ورجله... الحديث [1032] .

نظرة تحقيق في الأحاديث

هذه الأخبار متّحدة في الدلالة علي جواز التقبيل للاحترام والتعظيم أو للتبرّك والاستشفاء، فتقبيل أسامة، وغيره كالمرأة التي أسلمت، وكعبد القيس وأبي بزة، وكأبي سعيد وعمر وأبي سفيان وسلمان وعلي(عليه السلام) وعثمان وابن عمر وأصحابه، واليهودي وشمردل وبني سليم وورقة بن نوفل وعداس وأبي بكر وعائشة وخزيمة وعبد الرحمان وزيد بن ثابت، يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) أو رجله أو رأسه أو ركبته، ظاهرة

كلّ ذلك التعظيم والإكرام، وإن كان يحتمل أن يكون بعضه للتبرّك وإظهار الحبّ. كما أنّ ظاهر تقبيل سواد بن غزية بل صريحه، وكذا تقبيل سواد بن عمرو وأسيد بن حضير ورجل حكاه ابن عمر وطلحة بن البراء والغلام في الحديبية، [ صفحه 341] وتقبيل سلمان للخاتم هو التبرّك، وكذا تقبيل عبدالله بن أبي سبقة. هذا.. والنبي يري ذلك ولا ينكر عليهم بل يقرّهم علي ذلك أو يحضّهم بقوله(صلي الله عليه وآله): «بارك الله فيك» ومسح رأسه، بل سعد بن عبادة أقام ابنه أمامه حتي أذن في الجلوس، وتقبيل اليد والركبة والرجل والرأس كلّه سواء في حكم الجواز كما ورد في الأحاديث. وظاهر بعض الأخبار كون التقبيل عملا مستمرّاً وسنّة جارية كما في قول ابن عمر: كنّا نقبِّل يد النبي(صلي الله عليه وآله)، إذ ظاهره حكاية حالة مستمرة، مع أنّ الأعمال بهذه الكثرة تثبت أنّ تقبيلهم يد النبي(صلي الله عليه وآله) ورجله ورأسه كان شائعاً وسنّة ثابتة وليس أمراً اتّفاقيّاً نادراً. وفي الحديث المشتمل علي أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) طعن بالقدح في بطن سواد بن غزيّة، أو طعن بجريدة في بطن سواد بن عمرو حتي خدشه، أو طعن في خاصرة أسيد بعود، أو كان في يده جريدة أصابت رجلا فأدمته، في كلّ ذلك نظر ; لأنّ راوي الحديث أو صانعه حسب أنّ نبي الله(صلي الله عليه وآله) كغيره من الناس يضرب أو يطعن فيزعج أو يدمي مع ذهولهم عن أ نّه معصوم بعصمة الله تعالي، ومحفوظ بحفظه، وليس له شيطان يعتريه، وقد جعل الله سبحانه بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم، ولعلّ لفظ الحديث واقعاً أ نّه أصاب من غير

أن يزعج ولا أن يدمي، ولكن الرسول(صلي الله عليه وآله) أراد أن يعلِّم الناس العدل والمساواة في الحكم والقانون، ووطّن نفسه علي القصاص والقود، حبذا هذه الحريّة وليحيي هذا الدين، وصلّي الله علي هذا الرسول العظيم الأقدس الأطيب الأطهر، حيث بعث عدلا وأقام عدلا وربّي الناس علي الحريّة والإنسانيّة. نحن لا نحكم بصحّة كلّ واحد واحد من تلك الأحاديث، ولا نحتاج إلي ذلك في الاستدلال حتي يورد إشكال في بعض المضامين كما مرّ فنحتاج إلي التأويل [ صفحه 342] والدفاع، بل المراد الاستدلال بالقدر الجامع، وهو جواز التقبيل تكريماً وترحّماً وتبرّكاً، والأحاديث متواترة في هذا المعني. فالقاعدة الكلّية المتقدّمة وهذه الأحاديث الحاكية لعمل الصحابة وتقبيلهم يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) أو رجله أو ركبته أو رأسه كافية في إثبات المطلوب، مضافاً إلي ما يأتي من الأحاديث أيضاً فانتظر.

تقبيل صحابة النبي وهو ميت

لمّا قبض النبي(صلي الله عليه وآله) أتاه أبو بكر فقبّله وقال: بأبي أنت وأمّي ما أطيب حياتك وأطيب مماتك! وفي رواية: إنّ أبا بكر لم يشهد موت النبي(صلي الله عليه وآله) فجاء بعد موته فكشف الثوب عن وجهه ثمّ قبَّل جبهته [1033] . 2 _ عن ابن عبّاس أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) لمّا فرغ من غسل النبي(صلي الله عليه وآله) كشف الإزار عن وجهه ثمّ قال: بأبي أنت وأمّي طبت حيّاً وطبت ميّتاً... ثمّ أكبّ عليه فقبّل وجهه [1034] . [ صفحه 343]

تقبيل رسول الله المشاعر

1 _ كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبِّل الركن اليماني ويضع خدّه عليه [1035] . 2 _ في حديث عابس بن ربيعة التميمي قال: رأيت عمر يقبِّل الحجر [1036] ، وروي البيهقي عن عابس بن ربيعة التميمي عن عمر أ نّه جاء إلي الحجر فقبّله فقال: إنّي لأعلم أنّك حجر ماتنفع ولا تضرّ، ولولا أنّي رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبِّلك ما قبّلتك [1037] . وفي رواية يعلي: رأيت عمر بن الخطّاب استقبل الحجر ثمّ قال: والله إنّي لأعلم أنّك حجر، ولولا أنّي رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبّلك ما قبّلتك ثمّ تقدّم فقبّله. وفي رواية سويد بن غفلة قال: كان عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه) يقبِّل الحجر ويقول: إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولكنّي رأيت أبا القاسم(صلي الله عليه وآله)بك حفيّاً. وفي رواية أبي حذيفة عن عمر، أ نّه قبَّل الحجر وقال: إنّي لأقبّلك وإنّي لأعلم أنّك حجر [1038] . [ صفحه 344] وفي رواية: أ نّه لما دخل _ عمر بن الخطّاب _ المطاف قام عند الحجر وقال: والله إنّي لأعلم أنّك حجر

لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) قبَّلك ما قبّلتك. فقال له علي رضي الله تعالي عنه: بلي يا أمير المؤمنين هو يضرّ وينفع، قال: ولِمَ؟ قلت: ذاك بكتاب الله قال: وأين من كتاب الله؟ قلت: قال الله تعالي: ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم علي أنفسهم) الآية [1039] وكتب ذلك في رقّ... فألقمه ذلك الرقّ وجعله في هذا الموضع... فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن [1040] . 3 _ قال جعفر بن عبدالله: رأيت محمد بن عبّاد بن جعفر قبَّل الحجر وسجد عليه ثمّ قال: رأيت خالك ابن عبّاس يقبِّله ويسجد عليه، وقال ابن عبّاس: رأيت عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه) قبّله وسجدعليه ثمّ قال: رأيت رسول الله فعل هكذا ففعلت [1041] . وفي رواية الطيالسي ثمّ قال عمر: لو لم أرَ النبي(صلي الله عليه وآله) قبَّله ما قبّلته. 4 _ عن أبي جعفر قال: رأيت ابن عبّاس(رضي الله عنه) جاء يوم التروية مسبّداً رأسه [ صفحه 345] فقبّل الركن ثمّ سجد عليه ثمّ قبّله ثمّ سجد عليه ثلاث مرّات [1042] . 5 _ عن ابن عبّاس قال: رأيت النبي(صلي الله عليه وآله) يسجد علي الحجر [1043] . 6 _ استقبل رسول الله(صلي الله عليه وآله) الحجر ثمّ وضع شفتيه عليه يبكي طويلا [1044] . 7 _ عن نافع قال: رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده وقبّل يده وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يفعله [1045] . 8 _ عن عطاء قال: رأيت جابر بن عبدالله وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وابن عبّاس

رضي الله عنهم إذا استلموا الحجر قبّلوا أيديهم، قال ابن جريج: قلت لعطاء: وابن عبّاس؟! قال: وابن عبّاس حسبت كثيراً [1046] . 9 _ عن أبي الطفيل يقول: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبّل المحجن [1047] . 10 _ سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله)يستلمه ويقبِّله [1048] . أقول: الأحاديث الواردة في استلام الأركان وتقبيلها وتقبيل الحجر عن [ صفحه 346] النبي(صلي الله عليه وآله) وعن الصحابة وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) كثيرة يطول المقام بذكرها ويخرج عن شرط هذه الرسالة وإن شئت الوقوف عليها فراجع: البداية والنهاية [1049] والوفاء لابن الجوزي [1050] ودلائل النبوّة للبيهقي [1051] والوسائل [1052] ومستدرك الوسائل [1053] ومستدرك الحاكم [1054] وتاريخ الخميس [1055] ومسلم [1056] وما بعدها وسنن ابن ماجة [1057] والبخاري [1058] وما بعدها وفتح الباري في شرح الأحاديث ومسند الإمام الشافعي هامش كتاب الأمّ [1059] والترغيب والترهيب [1060] وكتاب الأمّ للشافعي [1061] وما بعدها والنسائي [1062] ، والترمذي [1063] ومابعدها وسنن أبي داود [1064] والدارمي [1065] ومسند أحمد [1066] والبيان للسيد [ صفحه 347] الخوئي [1067] وكنز العمّال [1068] والغدير [1069] ، والمصنف لعبد الرزاق [1070] .

بحث حول الأحاديث

تفيد هذه الأحاديث المتواترة أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان يستلم الأركان، ويقبِّل الحجر ويسجد عليه، أو يقبِّله ويضع خدّه عليه أو يضع شفتيه عليه يبكي طويلا، أو استلم الحجر بيده وقبّل يده، أو يستلم الركن بمحجنه ويقبِّل المحجن، ولا منافاة بين كلّ ذلك لإمكان وقوع الجميع. وقد اقتدي به(صلي الله عليه وآله) الصحابة كعمر وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عبّاس وجابر ابن عبدالله وأبي

هريرة وأبي سعيد وغيرهم في تقبيل الركن واستلامه باليد أو المحجن وتقبيل اليد أو المحجن. فيقبِّل(صلي الله عليه وآله) الحجر أو يستلم الركن; لأنّه من المشاعر العظام، قال تعالي: ( ومن يعظِّم حرمات الله فهو خير له عند ربّه) [1071] وقال سبحانه: ( ومن يعظِّم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب) [1072] إذ تعظيم المشاعر يتحقّق باللمس والتقبيل والطواف والوقوف والصّلاة فيها وعندها، قال الطبري في تفسيره: «هي _ يعني المشاعر _ ما جعله الله اعلاماً لخلقه فيما تعبّدهم به من مناسك حجّهم من الأماكن التي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها والأعمال التي ألزمهم عملها في حجّهم» وقال: «وقد دللنا قبل علي أنّ قول الله تعالي ذكره: ( ومن يعظِّم شعائر الله) معنيٌّ به كلّ ما كان من عمل أو مكان جعله علماً لمناسك حجّ خلقه، إذ لم يخصّص من ذلك جلّ [ صفحه 348] ثناؤه شيئاً في خبر ولا عقل» [1073] . هذا وتقبيله(صلي الله عليه وآله) يده أو المحجن هو أيضاً من شؤون احترام المشاعر ; لأنّه(صلي الله عليه وآله)يقبِّل يده أو المحجن، لأنّه لمس الحجر أو الركن كما مرّ، ويأتي أنّ الصحابي يقبِّل يداً مسّت يد النبي(صلي الله عليه وآله) أو يقبِّل موضعاً قبّله. فإن كان ذلك حكم الركن والحجر، لأنّهما مَشعران بالمعني المتقدّم، فكيف بالنبي الأقدس الأعظم في احترامه وتعظيمه والتبرّك به وتقبيله واحترام ما مسّه أو لاقاه؟! وهذا أيضاً لم يكن محلّ ترديد وشكّ عند الصحابة كما مرّ في الفصل الأوّل من رسالة التبرّك. ولعلّ ذلك من أجل ما ذكرنا من فهم جواز ذلك من الآية بالأولوية، أو من الآيات الأُخر الدالّة علي لزوم احترام النبي(صلي الله عليه

وآله) كما تقدّمت الإشارة إليه، أو عملوه علي السيرة الجارية عندهم فأقرّهم النبي(صلي الله عليه وآله) وحثّهم عليه. وتفيد الروايات أنّ الخليفة عمر بن الخطّاب كان يستلم الحجر ويشبّهه بعبادة الحجر، ويصرّح: «لولا أنّي رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) قبّلك ما قبّلتك» و«إنّي لأقبّلك وإنّي لأعلم أنّك حجر» فهل توهم عبارة الخليفة أنّ الذين يقبِّلونه لا يرون أ نّه لا يضرّ ولا ينفع، أو لا يرون أ نّه حجر؟ فماذا أراد بقوله هذا في مجمع من المسلمين وبمحضر من الصحابة؟ والذي أظنّه هو أ نّه شبّهه بعبادة الوثن واحترام حجر لا يضرّ ولا ينفع ذهولا عن أ نّه جزء من الركن الذي هو جزء من البيت الذي هو لله تعالي وهو من المشاعر العظام فتقبيله عبادة لله سبحانه لا عبادة صنم وحجر ومدر ولعلّه لم يتوجّه إلي هذا المعني اللطيف العقلي والعرفي «إنّ الله سبحانه اختبر الأوّلين من لدن آدم صلوات الله عليه إلي الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرّ ولا تنفع ولا تسمع ولا تبصر فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياماً...» [1074] . [ صفحه 349] فقد أجاب أمير المؤمنين عن شبهة عرضت للخليفة بأنّه يضرّ وينفع ; لأنّ الله تعالي ألقمه عهود الناس، وهذا معني نتعبّد بالإذعان به وإن لم تدركه عقولنا، إذ أخبر به أمير المؤمنين(عليه السلام) عن النبي(صلي الله عليه وآله) ونحن نقول: آمنّا بالله ورسوله. ولعلّ هذه الشبهة كانت في أذهان كثير من الصحابة في الصفا والمروة من أجل أساف ونائلة، حتي قال سبحانه: ( إنَّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح...) [1075] . ولكن كيف وجدت الشبهة عند الخليفة في

التقبيل والاستلام، وعند الصحابة في الصفا والمروة، مع عمل النبي(صلي الله عليه وآله) وأمره؟ فهل يظنّون ويحتمل عندهم أن يرخص النبي(صلي الله عليه وآله) في عبادة أساف ونائلة وعبادة الأحجار؟! أجل، لولا تثبيت الله وتوفيقه لابتُلي الإنسان بهذا أو نظائره (أعوذ بالله من شرِّ الوسواس الخنَّاس الذي يوسوس في صدور الناس).

تقبيل رسول الله شيئا من النعم

1 _ عن ابن شهاب: أنّ النبي(صلي الله عليه وآله) كان يؤتي له الباكورة فيقبّلها ويضعها علي عينه [1076] . 2 _ كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) إذا رأي الفاكهة الجديدة قبّلها ووضعها علي عينيه وفمه... الحديث [1077] . 3 _ كان علي بن الحسين(عليهما السلام).... يقبِّل الصدقة قبل أن يعطيها السائل. قيل: ما يحملك علي هذا؟ قال: فقال: لست أقبِّل يد السائل إنّما أُقبِّل يد [ صفحه 350] ربّي... الحديث [1078] . 4 _ وعن عليّ(عليه السلام) في حديث الأربعمائة قال: إذا ناولتم السائل، وليردّ الذي يناوله يده إلي فيه فليقبّلها، فإنّ الله يأخذها قبل أن تقع في يده... الحديث. 5 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث: وكان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ثمّ ارتجعه منه فقبّله وشمّه ثمّ ردّه في يد السائل [1079] .

تقبيل المسلمين آل الرسول

1 _ عن علي بن مزيد السابري قال: دخلت علي أبي عبدالله(عليه السلام) فتناولت يده فقبّلتها، فقال: أما إنّها لا تصلح إلاّ لنبي أو وصي نبي [1080] . تصرّح الرواية بحرمة تقبيل يد غير المعصومين(عليهم السلام)، ولكن لا تقاوم الحديث المتقدّم سنداً ولا دلالة ; لأنّه يشير إلي قاعدة كلّية ثابتة، فالقاعدة تؤيّده، ولعلّ كلمة لا تصلح تناسب الكراهة فلا تنافي عندئذ. 2 _ عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): ناولني يدك أقبّلها، فأعطانيها، فقلت: جعلت فداك رأسك ففعل فقبّلته، فقلت: جعلت فداك رجلاك، فقال: أقسمت أقسمت أقسمت ثلاثاً وبقي شيء وبقي شيء وبقي شيء [1081] موثق كالصحيح. هذا الحديث حكاية عمل فيه تقرير المعصوم(عليه السلام)، فيدلّ علي جواز تقبيل اليد [ صفحه 351] والرأس للإمام(عليه السلام)، وأمّا امتناعه عن

إعطاء رجله للتقبيل فلا يدلّ علي الحرمة ; لأنّ العمل الصادر عن المعصوم(عليه السلام) لا يدلّ علي الحكم إلاّ إذا علم وجه العمل، وكذا لا يدلّ علي جواز تقبيل يد غيره. فقوله: «أقسمت» يحتمل وجوهاً: الأوّل: أن يكون علي صيغة المتكلِّم، ويكون إخباراً، أي حلفت أن لا أعطي رجلي أحداً يقبّلها، إمّا لعدم جوازه أو عدم رجحانه أو للتقية، وقوله: «بقي شيء» استفهام علي الإنكار، أي هل بقي احتمال الرخصة والتجويز بعد القسم؟ الثاني: أن يكون إنشاءً للقسم ومناشدة، أي أقسم عليك أن تترك ذلك للوجوه المذكورة، وهل بقي بعد مناشدتي إيّاك من طلبك التقبيل شيء، أو لم يبق بعد تقبيل اليد والرأس شيء تطلبه؟ الثالث: ماكان يقوله بعض الأفاضل(رحمه الله)، وهو: «أن يكون المعني أقسمت قسمة بيني وبين خلفاء الجور، فاخترت اليد والرأس وجعلت الرجل لهم، بقي شيء أي ينبغي أن يبقي لهم شيء لعدم التضرّر منهم» [1082] . 3 _ عن إبراهيم بن إدريس قال: رأيته يعني صاحب الزمان (عليه السلام) بعد مضيّ أبي محمد(عليه السلام) حين أيفع فقبّلت يده [1083] . 4 _ في حديث طويل عن محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة قال: ثمّ قال جعفر بن محمد: أيّها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبي عليّاً عند حط الأصنام من سطح الكعبة من المعاني التي أراد بها ; لقلت: إنّ جعفر بن محمد لمجنون، فحسبك من ذلك ما قد سمعت. فقمت إليه وقبّلت رأسه ويديه _ الحديث _ [1084] . [ صفحه 352] 5 _ في حديث لقاء جابر بن عبدالله الأنصاري مع أبي جعفر محمد بن علي الباقر(عليه السلام): «فقام جابر فوقع علي قدميه يقبّلهما» [1085] وفي لف0: «فقَبَّل

رَأسه» [1086] . وفي لفظ عن الباقر(عليه السلام) يحكي عمل جابر: «ثمّ أهوي إلي رجلي يقبّلهما». وفي لفظ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: دخل عليّ جابر بن عبدالله وأنا في الكتاب فقال: اكشف عن بطنك، فكشفت له فألصق بطنه ببطني [1087] . 6 _ كان الصادق(عليه السلام) تحت الميزاب ومعه جماعة، إذ جاءه شيخ فسلّم... ثمّ أكبّ علي أبي عبدالله(عليه السلام) يقبِّل رأسه ورجليه [1088] . 7 _ قبّل رجل رأس أبي عبدالله(عليه السلام) فمسّ أبو عبدالله(عليه السلام) ثيابه _ الحديث _ [1089] . 8 _ عن رفاعة بن موسي قال: كنت عند أبي عبدالله(عليه السلام) ذات يوم جالساً فأقبل أبو الحسن(عليه السلام) إلينا فأخذته ووضعته في حجري، وقبّلت رأسه، وضممته إليّ [1090] . 9 _ في حديث موسي بن عبدالله بن الحسن... ثمّ أذن لنا فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبّل رأسه... الحديث [1091] . 10 _ عن الفيض بن المختار _ في حديث طويل في أمر أبي الحسن(عليه السلام) حتي قال أبو عبدالله(عليه السلام) له مشيراً إلي أبي الحسن(عليه السلام) _: هو صاحبك الذي سألت عنه فقم [ صفحه 353] فأقرّ له بحقّه، فقمت حتّي قبّلت رأسه ويده. _ الحديث _ [1092] . 11 _ عن عيسي شلقان قال: دخلت علي أبي عبدالله(عليه السلام)... قال عيسي: فذهبت إلي العبد الصالح(عليه السلام)... فضممته إليّ وقبّلت بين عينيه. _ الحديث _ [1093] . 12 _ في حديث (أنّ إسحاق ومحمداً أخوي أبي الحسن الأوّل كانا عنده) فجيء بابنه علي فقال لاخوته: «هذا هو عليّ ابني فضمّوه إليه واحداً بعد واحد فقبّلوه». _ الحديث _ [1094] . 13 _ في حديث (دخول

أبي الحسن(عليه السلام) علي فضل بن يونس) فخرج الفضل ابن يونس حافياً يعدو حتي خرج إليه فوقع علي قدميه يقبّلهما. _ الحديث _ [1095] . 14 _ في حديث دخول أبي الحسن(عليه السلام) علي الرشيد الخليفة العبّاسي: «فقام الرشيد وقبّل بين عينيه ووجهه» [1096] . 15 _ في حديث المأمون الخليفة مع الرضا(عليه السلام): «فانصرف يعني المأمون ودخل عليه وحلّفه أن لا يقوم وقبّل رأسه وجلس بين يديه!... الحديث [1097] . 16 _ عن إبراهيم الكوفي قال: دخلت علي أبي عبدالله(عليه السلام) فكنت عنده إذ دخل أبو الحسن موسي بن جعفر(عليهما السلام) وهو غلام، فقمت إليه وقبّلت رأسه وجلست. _ الحديث _ [1098] . 17 _ عن معاوية بن وهب قال: كنت جالساً عند جعفر بن محمد إذ جاءه شيخ [ صفحه 354] قد انحني من الكبر... فدنا منه وقبَّل يده وبكي. _ الحديث _ [1099] . 18 _ عن علي بن سنان الموصلي عن أبيه قال: لمّا قبض سيّدنا أبو محمد العسكري... دخلنا دار مولانا الحسن بن علي(عليهما السلام) فإذا ولده القائم عجّل الله فرجه قاعد علي سرير... وقبّلنا الأرض بين يديه وسألناه عمّا أردنا. _ الحديث _ [1100] . 19 _ في حديث: دخل محمد بن عمر علي عليّ بن الحسين (عليهما السلام) فسلّم عليه وأكبّ عليه يقبّله» _ الحديث _ [1101] . 20 _ في حديث: «دخل محمد بن مسلم... وسلّم عليه _ يعني أبا جعفر محمد ابن علي(عليهما السلام) _ وهو باك وقبّل يده ورأسه. _ الحديث _ [1102] . 21 _ في تحاكم علي بن الحسين(عليهما السلام) ومحمد بن الحنفية إلي الحجر الأسود «فقبّل محمد بن الحنفية رجله وقال: الأمر

لك» _ الحديث _ [1103] . 22 _ في حديث: وقف علي عليّ بن الحسين(عليهما السلام) رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه... فقال له عليّ بن الحسين(عليهما السلام): يا أخي إنّك كنت قد وقفت عليّ آنفاً فقلت وقلت فإن كنت قلت ما فيّ فأستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيّ فغفر الله لك، قال: فقبَّل الرجل بين عينيه. _ الحديث _ [1104] . 23 _ عن محمد بن عبد العزيز البلخي قال: أصبحت يوماً فجلست في شارع سوق الغنم، فإذاأنابأبي محمد(عليه السلام) أقبل... فأسرعت إليه فقبّلت رجله. _ الحديث _ [1105] . [ صفحه 355] 24 _ عن الحسين: أنّ عليّاً(عليه السلام) لمّا قتل عمرو بن عبد ودّ احتزّ رأسه فألقاه بين يدي النبي(صلي الله عليه وآله)، فقام أبو بكر وعمر، فقبّلا رأس عليّ(عليه السلام) [1106] .

تقبيل الصحابة والتابعين بعضهم بعضا وهم أحياء

1 _ عن جميلة مولاة أنس بن مالك(رضي الله عنه) قالت: كان ثابت إذا جاء إلي أنس قال: يا جميلة ناوليني طيباً أمسّ به يدي فإن ابن أبي ثابت لا يرضي حتي يقبِّل يدي يقول: قد مسّت يد رسول الله(صلي الله عليه وآله) [1107] . 2 _ عن ابن جدعان قال: قال ثابت لأنس: يا أنس مسست يد رسول الله(صلي الله عليه وآله)؟ قال: نعم. قال: أرني أقبّلها. ونقله الدارمي في حديث وقال: فأعطنيها أقبّلها [1108] . 3 _ روي أنّ قريشاً جاءت إلي الحصين بن عبيد بن خلف الخزاعي وكانت تعظّمه فقالوا له: كلِّم لنا هذا الرجل فإنّه يذكر آلهتنا ويسبّهم، فجاءوا معه حتي جلسوا قريباً من باب النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: أوسعوا للشيخ وعمران (ابن الحصين بن عبيد) وأصحابه متوافرون فقال: ما

هذا الذي بلغنا عنك أنّك تشتم آلهتنا وتذكر وقد كان أبوك حصينة وخيراً؟ قال: يا حصين أسلم تسلم... فلم يقم حتي أسلم، فقام إليه عمران فقبّل رأسه ويديه ورجليه، فلمّا رأي ذلك رسول الله(صلي الله عليه وآله) بكي وقال: بكيت من صنيع عمران، دخل حصين وهو كافر فلم يقم إليه عمران ولم يلتفت ناحيته فلمّا أسلم قضي حقّه ودخلني من ذلك الرقة [1109] . [ صفحه 356] 4 _ قبّلت عائشة رأس فاطمة(عليها السلام) [1110] . 5 _ قبَّل عمر بين عيني عبّاس بن عبد المطّلب(رضي الله عنه) بعد الاستسقاء به المتقدّم ذكره في التبرّك [1111] . 6 _ في قصة طويلة «فأخذ عمر برأس علي(عليه السلام) فقبّل ما بين عينيه» [1112] . 7 _ أقبل الحسن علي الحسين(عليهما السلام) فأكبّ علي رأسه يقبِّله [1113] . 8 _ قبّل عبدالله بن الزبير رأس عائشة [1114] . 9 _ عمر يقبِّل ما بين عيني أبي مسلم الخولاني [1115] . 10 _ روي أنّ أبا عبيدة قبّل يد عمر [1116] . 11 _ ركب زيد بن ثابت فأخذ عبدالله بن عبّاس بركابه فقال له: لا تفعل يابن عمّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: (هكذا) أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يدك، فأخرج إليه يده فأخذها وقبّلها، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل (بيت) نبيّنا [1117] . 12 _ أبو ذرّ قبّل يد عليّ(عليه السلام) [1118] . 13 _ عن أبي رجاء العطاردي قال: دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين، ورأيت رجلا يقبِّل رأس رجل ويقول: أنا فداء لك لولا أنت هلكنا، فقلت: مَن [ صفحه 357] المقبِّل ومَن المقَبَّل؟ قالوا: ذاك عمر يقبِّل رأس أبي

بكر في قتاله أهل الردّة إذ منعوا الزكاة حتي أتوا بها صاغرين [1119] . 14 _ حجّ أبو بكر في خلافته فقبّل بين عيني أبي قحافة [1120] . 15 _ لمّا جاء عبد الله بن حذافة من الروم وحكي لعمر ما جري بينه وبين ملك الروم، قام فقبَّل رأسه [1121] . 16 _ قبّل علي(عليه السلام) وعمر بن الخطّاب أويس القرني [1122] . 17 _ قبّل خيثمة بن عبد الرحمن يد طلحة، وقبّل طلحة يد خيثمة [1123] . 18 _ قبّل مالك بن مغول يد طلحة وقبّل طلحة يد مالك [1124] . 19 _ عن صهيب قال: رأيت عليّاً قبّل يد العبّاس ورجله [1125] . 20 _ قبّل ابن عمر سرّة الحسين حينما سمع بخروجه إلي كربلاء، فقدّم راحلته وخرج مسرعاً فأدركه في بعض المنازل، فلمّا رأي إباءه (عن الرجوع) قال: يا أبا عبدالله اكشف لي عن الموضع الذي كان الرسول(صلي الله عليه وآله) يقبِّله منك، فكشف الحسين(عليه السلام)عن سرّته، فقبّلها ابن عمر ثلاثاً وبكي _ الحديث _ [1126] . 21 _ لمّا دنا عمر من أبي عبيدة _ عندما قدم عمر إلي بلاد الشام _ مدَّ أبو عبيدة يده إلي عمر ليصافحه فمدّ عمر يده فأخذها أبو عبيدة وأهوي ليقبّلها يريد أن [ صفحه 358] يعظّمه في العامة، فأهوي عمر إلي رجل أبي عبيدة ليقبّلها، فقال أبو عبيدة: مه يا أمير المؤمنين وتنحَّ، فقال عمر: مه يا أبا عبيدة فتعانق الشيخان ثمّ ركبا [1127] . يفيد أنّهما يريان التقبيل حلالا وإنّما تواضعا وتركا كما لا يخفي، وقد صرّح في كنز العمّال [1128] بأنّ أبا عبيدة قبّل يد عمر. 22 _ كان أبو وائل يقبِّل

يد عاصم بن أبي النجود [1129] . 23 _ عن أنس في حديث: رأيت أبا هريرة ينفض التراب عن أقدام الحسين(عليه السلام) يمسح بها وجهه، فقال له الحسين(عليه السلام): لِمَ تفعل هذا يا أبا هريرة؟ فقال: دعني يا ابن رسول الله، فوالله لو تعلم الناس مثل ما أعلمه من فضلك لحملوك علي أحداقهم [1130] . 24 _ قال إياس بن دغفل: رأيت أبا نضرة يقبِّل خدّ الحسن [1131] . 25 _ قال إياس بن دغفل: رأيت أبا نضرة يقبِّل خدّ الحسين [1132] . 26 _ رجل قال لعلي بن الحسين(عليهما السلام) كلاماً، فقال(عليه السلام): إن كنّا كما قلت فسنستغفر الله، وإن لم يكن كما قلت فغفر الله لك، فقام إليه الرجل فقبَّل رأسه [1133] . 27 _ علي بن محمد المقري البصري كان يقبِّل رأس عبدالصمد [1134] . 28 _ قال عبد الرحمن بن زيد العراقي: أتينا سلمة بن الأكوع بالربذة، فأخرج [ صفحه 359] إلينا يده ضخمة كأنّها خفّ البعير. قال: بايعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) بيدي هذه فأخذنا يده فقبّلناها [1135] . 29 _ نقل الشيباني عن أبي الحسن عن مصعب قال: رأيت رجلا دخل علي علي بن الحسين رضي الله عنهما في المسجد فقبَّل يده ووضعها علي عينيه فلم ينهه [1136] . 30 _ قبّل عمر الحسن والحسين(عليهما السلام) [1137] . 31 _ نزل يونس بن رزين وأصحابه الربذة يريدون الحجّ، قيل لهم: هاهنا سلمة بن الأكوع; صاحب رسول الله(صلي الله عليه وآله) فأتيناه فسلّمنا عليه، ثمّ سألناه فقال: بايعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) بيدي هذه، وأخرج لنا كفّاً ضخمة قال: فقمنا إليه فقبّلنا كفّه جميعاً [1138] . 32 _

لمّا قدم الحجّاج بن علاط إلي مكة _ في فتح خيبر والحديث طويل _ وجاء غلام عبّاس بن عبد المطّلب إليه يسأل عن أمر رسول الله(صلي الله عليه وآله) فرجع وبشّره بالفتح «قال: فوثب العبّاس فرحاً حتّي قبّل بين عينيه» [1139] . أقول: هنا قصص في التقبيل لا بأس بنقلها، وإن كانت خارجة عن عنوان الباب. كان أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني المتوفي سنة 470 إذا خرج إلي الحرم يخلون المطاف ويقبّلون يده أكثر من تقبيل الحجر [1140] . قال الأصمعي: دخل أبو بكر الهجري علي المنصور فقال: يا أمير المؤمنين [ صفحه 360] نفض فمي وأنتم أهل بيت بركة فلو أذنت فقبّلت رأسك لعلّ الله كان يمسك عليّ ما بقي من أسناني! قال: اختر بينها وبين الجائزة. فقال: يا أمير المؤمنين إنّ أهون من ذهاب درهم من الجائزة أن لايبقي في فمي حاكّة. فضحك المنصور وأمر له بجائزة [1141] . استأذن أبو دلامة المهدي في تقبيل يده فمنعه فقال: ما منعتني شيئاً أيسر علي عيالي فقد أمنه [1142] . دخل رجل علي هشام بن عبد الملك فقبَّل يده فقال: أفّ إنّ العرب ما قبّلت الأيدي إلاّ هلوعاً، ولا قبّلتها العجم إلاّ خضوعاً [1143] . استأذن رجل المأمون في تقبيل يده فقال: إنّ القبلة من المؤمن ذِلَّة، ومن الذمّي خديعة، ولا حاجة بك أن تذلّ ولا حاجة بنا أن نخدع [1144] . قالوا: قبلة الإمام في اليد، وقبلة الأب في الرأس، وقبلة الأخ في الخدّ، وقبلة الأخت في الصدر، وقبلة الزّوجة في الفم [1145] . دخل رجل علي عبد الملك بن مروان فقبّل يده وقال: يدك يا أمير المؤمنين أحق يد بالتقبيل

[1146] . دخل جعفر بن يحيي في زيّ العامّة وكتمان النباهة علي سليمان صاحب بيت الحكمة ومعه ثمامة بن أشرس فقال ثمامة: هذا أبو الفضل، فنهض إليه سليمان فقبّل يده [1147] . [ صفحه 361] كان لأهل دمشق في الشيخ مسعود بن عبدالله المغربي _ المتوفي سنة 985 _ كبير اعتقاد يتبرّكون به ويقبّلون يديه [1148] . عن سليمان بن داود بن ماحان قال: رأيت الثوري ومعمراً حين التقيا احتضنا وقبّل كلّ واحد منهما صاحبه [1149] . رأيت مسلم جاء إلي البخاري فقبّل بين عينيه وقال: دعني أُقبِّل رجليك [1150] . أبو بكر بن مجاهد يقبِّل الشبليّ، ويزعم أ نّه رأي النبي(صلي الله عليه وآله) في المنام يفعل به ذلك [1151] . كان أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي _ المتوفي سنة 476 _ كلّما مرّ علي بلدة خرج أهلها يتلقّونه بأولادهم ونسائهم، يتبرّكون به ويتمسّحون بركابه، وربّما أخذوا من تراب حافر بغلته [1152] . كان الشريف أبو جعفر الحنبلي يدخل عليه الفقهاء وغيرهم يقبِّلون يده ورأسه [1153] . كان الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي الحنبلي _ المتوفي سنة 600 _ إذا خرج في مصر إلي الجامع لا يقدر يمشي من كثرة الخلق يتبرّكون به ويجتمعون حوله [1154] . كان أبو بكر عبد الكريم بن عبدالله الحنبلي _ المتوفي سنة 635 _ منقطعاً عن [ صفحه 362] الناس في قريته يقصده الناس لزيارته والتبرّك به [1155] . لما وقعت فتنة القرامطة وحملوا الحجر عن مكانه وذهبوا به، كان المسلمون يتبرّكون بوضع أيديهم مكانه [1156] . روي ابن أبي الزناد عن أبيه عن الثّقة: أنّ العبّاس بن عبد المطلب لم يمرّ بعمر ولا بعثمان إلاّ

نزلا حتي يجوز العبّاس إجلالا له ويقولون: عمّ النبي(صلي الله عليه وآله) [1157] . لما طُعن معاذ بن جبل في راحته قال: فلقد رأيته ينظر إليها ثمّ يقبِّل ظهر كفّه ثمّ يقول: ما أحبّ أنّ لي بما فيك شيئاً من الدنيا _ الحديث _ [1158] . 33 _ عن البراء قال: دخلت مع أبي بكر أوّل ما تقدّم المدينة فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمّي، وأتاها أبو بكر فقال: كيف أنت يا بنيّة وقبّل خدّها [1159] . 34 _ عن مجاهد: أنّ أبا بكر قبّل رأس عائشة [1160] . 35 _ عن محمد بن سلام قال: استعمل عمر بن الخطّاب رجلا علي عمل، فرأي عمر يقبِّل صبيّاً له، فقال: تقبّله وأنت أمير المؤمنين. _ الحديث _ [1161] . 36 _ إنّ رجلا مرَّ علي أبي بكر الصدِّيق، وبنت لسعد بن الربيع صغيرة علي صدره يرشفها ويقبِّلها. _ الحديث _ [1162] . 37 _ أبو هريرة لقي الحسن(عليه السلام) في بعض طرق المدينة فقال له: اكشف لي عن [ صفحه 363] بطنك فداك أبي حتّي أُقبِّل حيث رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يقبِّله، فكشف عن بطنه فقبّل سرَّته [1163] . 38 _ عن عائشة قالت: جاء أعرابي إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: تقبِّلون الصّبيان فما نقبّلهم. فقال النبي(صلي الله عليه وآله): أو أملك إن نزع الله من قلبك الرّحمة؟ [1164] . 39 _ قبّل الزبير يد أمِّهِ حين الوداع [1165] .

تقبيل الصحابة والتابعين بعضهم بعضا وهم أموات

1 _ عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: لمّا قتل أبي يوم أحُد أتيته وهو مسجّي، فجعلت أكشف عن وجهه وأقبّله والنبي يراني فلم ينهني [1166] . 2 _ لمّا مات

أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي قبّل أبو بردة جبهته [1167] . عندما مات ابن تيميّة جلس جماعة عنده قبل الغسل وقرأوا القرآن وتبرّكوا برؤيته وتقبيله [1168] . وحضر غسل أحمد بن حنبل نحو مئة بيت من بيت الخلافة من بني هاشم فجعلوا يقبِّلون بين عينيه [1169] . كان الجزري محمد بن محمد _ المتوفي سنة 832 _ توفي بشيراز، وكانت جنازته [ صفحه 364] مشهورة تبادر الأشراف والخواصّ والعوام إلي حملها وتقبيلها ومسّها تبرّكاً بها، ومن لم يمكنه الوصول إلي ذلك كان يتبرّك بمن تبرّك بها [1170] .

تعظيم قبور الأنبياء والأئمة والصالحين وتقبيلها

«هذا ما منعه الوهابية وكفّروا به المسلمين وأشركوهم وسمّوهم القبُّوريين وعبّاد القبور ونحو ذلك صرّح به الصنعاني» [1171] . قدّمنا في أوائل هذا البحث لزوم احترام المسلم والنّبي(صلي الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام) وأشرنا إلي أدلّة ذلك من الكتاب والسنّة، وقد ذكر القاضي عياض في الشّفا أدب معاشرة الصحابة مع النبي(صلي الله عليه وآله) «وقال عروة بن مسعود حين وجّهته قريش عام القضيّة إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ورأي من تعظيم أصحابه له، وأ نّه لا يتوضّأ إلاّ ابتدروا وضوءه وكادوا يقتتلون عليه، ولا يبصق بصاقاً ولا تنخم نخامة إلاّ تلقّوها بأكفّهم فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلاّ ابتدروها [1172] وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده ومايحدون النظر إليه تعظيماً له» [1173] . وهذا كلّه عملا بكتاب الله تعالي: ( لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) [1174] ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزّروه وتوقّروه) [1175] ( يا أيّها الّذين آمنوا لا تقدِّموا بين يدي الله ورسوله) [1176] ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا [ صفحه 365]

أصواتكم فوق صوت النّبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون - إنّ الّذين يغضّون أصواتهم عند رسول الله أولئك الّذين امتحن الله قلوبهم للتقوي لهم مغفرة وأجر عظيم) [1177] . ( ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً) [1178] . إلي غير ذلك من الآيات الدالّة علي لزوم احترام النّبي(صلي الله عليه وآله). هذا، وقد تقدّم أيضاً جريان حكم الحياة بعد الممات أيضاً، وعدم الفرق بين حياته ومماته(صلي الله عليه وآله) في مراعاة هذه الآداب والأحكام، مع أ نّه(صلي الله عليه وآله) حيّ بنص الكتاب الكريم والسنّة النبويّة، وكذلك المؤمنون، فكما تلاحظ حرمتهم في حياتهم فكذلك بعد مماتهم، وعلي ما ذكرنا جري عمل الصحابة والتابعين وبذلك استدلّ مالك علي المنصور الخليفة العبّاسي [1179] وكذلك استدلّ الأعرابيّ في محضر من المهاجرين [1180] ولم ينكر عليه أحد منهم. وقد وردت أحاديث في تسوية الحرمة بين الحياة والممات وإليك نصوصها: 1 _ في حديث عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إنّ الله حرّم منه ميتاً ما حرّم منه حيّاً» [1181] _ الحديث _. 2 _ عن أبي عبدالله(عليه السلام) في رجل قطع رأس الميت قال: «عليه الدية; لأنّ [ صفحه 366] حرمته ميّتاً كحرمته وهو حيّ» [1182] . 3 _ في حديث عن أبي عبدالله(عليه السلام): «حرمة الميّت كحرمة الحيّ» [1183] . 4 _ في حديث وفاة الحسن(عليه السلام) عن الحسين(عليه السلام): «إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياءً»... الحديث [1184] . 5 _ في حديث عن أبي عبدالله(عليه السلام): «حرمته ميّتاًأعظم من حرمته وهو حيّ» [1185] . 6 _ إنّ عائشة

زوج النبي(صلي الله عليه وآله) كانت تقول: كسر عظم المسلم ميّتاً ككسره وهو حيّ. تعني في الإثم [1186] . 7 _ عن العلاء بن سيّابة عن أبي عبدالله(عليه السلام) في بئر محرج وقع فيها رجل فمات فيها فلم يمكن إخراجه من البئر أيتوضّأ في تلك البئر؟ قال: لا يتوضّأ فيها ليعطل ويجعل قبراً، وإن أمكن إخراجه أخرج وغسل ودفن، قال رسول الله(صلي الله عليه وآله): «حرمة المسلم ميّتاً كحرمته وهو حيّ سواء» [1187] . فتفيد هذه الأحاديث أ نّه لا فرق بين الأحياء والأموات في احترام المؤمن وعدم جواز هتك حرمته، ولا سيما مع استدلال الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي(عليهما السلام) والإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) [1188] . [ صفحه 367] فإذن، فقد ثبت بالأدلّة المتقدّمة وجوب احترام المؤمن إذا كان تركه هتكاً له، أو استحبابه وجواز تقبيله وجواز تقبيل يد النّبي والوصيّ والعلماء إذا كان لله تعالي ولرسول الله(صلي الله عليه وآله)، وهكذا سائر التّكريمات والتعظيمات. فإذا ثبت كلّ ذلك له في حال حياته ; فقد ثبت له بعد موته أيضاً.. ومن المعلوم أنّ الإكرام قد يكون إكراماً لشخصه مباشرةً، وقد يكون إكراماً لما يتعلّق به، فإكرامه كما أ نّه يكون بإكرامه في نفسه بالقيام له ومعانقته ومصافحته عند اللّقاء، وتقبيل يده ورجله ورأسه وركبته وتقديم ما يسرّه إليه، والحذر عمّا يكرهه وقبول شفاعته و.. و.. و.. يكون أيضاً بإكرام ابنه وغلامه وعشيرته وخاصّته وكتابه و.. و.. و.. ممّا يتعلّق به. وهذا أمر عرفيّ لا يحتاج إلي إقامة برهان، ولعلّ من هذا الباب ما ورد من تقبيل عصا النبي(صلي الله عليه وآله) وحافر البغلة التي ركبها الإمام(عليه السلام)، أو كتاب الخليفة

وإليك نصّ الحديث: 1 _ جاء أبو حنيفة إليه _ يعني جعفر بن محمّد(عليهما السلام) _ ليسمع منه وخرج أبو عبدالله يتوكّأ علي عصا فقال له أبو حنيفة: يا ابن رسول الله ما بلغت من السنّ ما تحتاج معه إلي العصا، قال: هو كذلك، ولكنّها عصا رسول الله أردت التبرّك بها، فوثب أبو حنيفة إليه وقال له: أقبّلها ياابن رسول الله، فحسر أبو عبدالله عن ذراعه وقال له: والله لقد علمت أنّ هذا بشر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأنّ هذا من شعره فما قَبَّلْتَهُ وتُقَبّلُ عصاً» [1189] . 2 _ وروي أ نّه لمّا بلغ الرضا _ علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) _ في سفره إلي طوس بأمر المأمون (نيسابور) [ صفحه 368] واجتمع الناس حول دابّتِهِ وأخرج رأسه من المحمل، وشاهده الناسّ فهمّ بين صارخ وباك وممزّق ثوبه ومتمرّغ في التراب ومُقبّل لحافر بغلته أو مُقَبِّل لحزام بغلته [1190] . والحديث الأوّل يحكي فعل إمام مذهب الحنفية عند إمام من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وأ نّه ذاك يريد أن يقبِّل عصا النبيّ وهذا يأمره بتقبيل يده المباركة. والحديث الثاني ينبئ عن عمل أهل نيسابور، وفيهم جمّ غفير من العلماء والمحدِّثين الكبار وسائر الطّبقات من المسلمين بمرأي من إمام معصوم من الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم وهم يكرمونه بذلك. 3 _ روي أنّ معاذ بن جبل قبّل كتاب أبي بكر [1191] . 4 _ روي أنّ الحرّ بن يزيد الرياحي _ الشهيد بكربلاء(رحمه الله) _ قبّل الأرض بين يدي الصالحين [1192] . 5 _ روي أنّ عيينية والأقرع سألا رسول الله(صلي

الله عليه وآله) شيئاً، فأمر معاوية أن يكتب لهما ففعل، وختمها رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأمر بدفعه إليهما، فأمّا عيينية فقال: ما فيه؟ قال: فيه الذي أمرت به فقبّله وعقده علي عمامته [1193] . ولعلّ من هذا القبيل قول رسول الله(صلي الله عليه وآله): «المرء يحفظ في ولده» وما ورد من أمر الابن بإكرام أصدقاء أبيه، وما ورد من أنّ الرسول (صلي الله عليه وآله) كان يكرم من كانت صديقة لخديجة بعد وفاتها ; ويرسل إليهن بالهدايا. [ صفحه 369] ومن ذلك ما أخرجناه في رسالة التبرّك من تبرّك المسلمين بماء وضوء النبيّ(صلي الله عليه وآله)وسؤره في طعامه وشرابه وموضع فمه وأصابعه وملابسه وسريره وخاتمه وقدحه وعصاه ودراهمه ويد لمسته و.. و.. و.. فكلّ ذلك يدلّ علي أ نّه لا فرق في الإكرام لشخص بين إكرامه نفسه بالمباشرة وبين إكرام من وما يتعلّق به، وكذلك في الإهانة له، فمن أهان غلام رجل أو كتابه أو ولده فقد أهانه بحكم العرف. فعلي هذا، كما أنّ في حياة النبي(صلي الله عليه وآله) أو الإمام أو العالم أو المؤمن يستحبّ الإكرام بجميع أقسامه في كلّ شؤونه، فكذلك بعد الموت، ويحرم إهانته(صلي الله عليه وآله) وإهانة الإمام والعالم بل المؤمن بما يصدق عليه الإهانة والإذلال والتحقير عرفاً في حياته، بل قد يوجب الكفر، فكذا بعد مماته وكذلك سائر ما يتعلّق به، وإن كان ثمّة فرق بين بعد التعلّق وقربه، وكذا الإمام(عليه السلام) والعالم والمؤمن. فهل يحتمل عاقل أن يكون إكرام كتاب النبيّ حسناً، ولا يكون إكرام تراب ضمّ جسده الشريف مطلوباً؟! وهل يعقل أن يقبّل كتابه وملابسه ومراكبه بحكم الأدلّة المتقدّمة ولا يقبّل مثواه ومضجعه؟! ألا تري أنّ

الرسول (صلي الله عليه وآله) قبّل عثمان بن مظعون وهو ميّت، وقبّل أبو بكر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو ميّت، وقبّل علي(عليه السلام)رسول الله(صلي الله عليه وآله) وهو ميّت، وقبّل أبو عبدالله جعفر بن محمد ابنه إسماعيل وهو ميّت، وجابر بن عبدالله قبّل أباه وهو ميّت، وأبو بردة قبّل أبا وائل وهو ميّت، وقبّل الناس ابن تيميّة وأحمد بن حنبل وهما ميّتان؟ [1194] . فإذاً لا فرق في تكريم النبي(صلي الله عليه وآله) بين القيام له وتقبيل يده ورجله ورأسه وعصاه في حياته، وبين تقبيل قبره ولمسه ووضع الخدّ عليه وتمريغ الوجه [ صفحه 370] فيه، وتقبيل كتابه وشعره وملابسه بعد مماته...، وكذا غيره(صلي الله عليه وآله) من أولياء الله والمؤمنين. ولعلّ من هذا القبيل ما سلف من تبرّك الصحابة بتراب قبر النبي(صلي الله عليه وآله) وأخذه للاستشفاء حتي سدّت عائشة الكوّة عليهم [1195] واستسقاؤهم بقبره المبارك بأمر عائشة [1196] أو هي كانت تستسقي به [1197] وأ نّه كان ابن عمر يضع يده اليمني علي القبر الشّريف [1198] . وأنّ ابن المنكدر قد كان يصيبه الصمات، فكان يقوم كما هو يضع خدّه علي القبر الشريف [1199] . وأنّ فاطمة(عليها السلام) جاءت فأخذت من تراب القبر فوضعته علي عينيها ووجهها فبكت [1200] . وأنّ أبا أيّوب الأنصاري وضع خدّه علي القبر المبارك [1201] . وأنّ معاذ بن جبل جاء وجلس عند القبر يبكي [1202] . [ صفحه 371] وأنّ بلالا جعل يبكي ويمرّغ وجهه علي تراب القبر الشريف [1203] . وأنّ المسلمين كانوا يستشفون بتراب قبر حمزة رحمه الله تعالي وصهيب [1204] إلي غير ذلك ممّا مرّ في رسالة التبرّك من الاستشفاء بما يتعلّق برسول

الله(صلي الله عليه وآله) من شعره ولباسه و... فثبت ممّا ذكرنا مطلوبيّة إكرام النبيّ(صلي الله عليه وآله) والأوصياء(عليهم السلام) والعلماء والمؤمنين علي درجاتهم ومراتبهم من القرب من الله سبحانه وتعالي، من دون أيّ فرق بين الحياة والممات، وبين أنواع التّعظيم والاحترام من المسّ والتقبيل ونحوهما. ولعلّ من هذا القبيل أيضاً ما ورد من النهي عن الجلوس علي قبر المؤمن ففي مسند أحمد [1205] عن أبي هريرة يرفعه إلي النبي(صلي الله عليه وآله) قال: لأن يجلس أحدكم علي جمرة فتحرق ثيابه حتي تفضي إلي جلده خير له من أن يجلس علي قبر. عن جابر [1206] قال: سمعت رسول الله(صلي الله عليه وآله) ينهي أن يقعد الرجل علي القبر. وكذا ص339 وروي ذلك [1207] عن أبي مرثد الغنوي وعن ناعم [1208] مولي أمّ سلمة [1209] . [ صفحه 372] وذلك لأنّ القعود علي قبر المؤمن يعدّ نحواً من الإهانة للمؤمن، ولذا نهي عنه بهذه الشدّة. وكذا ما روي عن أبي هريرة عن النبي(صلي الله عليه وآله): لأن يجلس أحدكم علي جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إليه خير من أن يطأ علي قبر رجل مسلم [1210] . وكذا ما روي عن بشير مولي رسول الله(صلي الله عليه وآله) في حديث قال: بينما أنا أماشي رسول الله(صلي الله عليه وآله) مرّ بقبور المشركين فقال: «لقد سبق هؤلاء خيراً كثيراً» ثلاثاً ثمّ مرّ بقبور المسلمين فقال: «لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً» وحانت من رسول الله(صلي الله عليه وآله) نظرة فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان فقال: «يا صاحب السبتتين ويحك ألق سبتيّتيك» فنظر الرجل فلمّا عرف رسول الله(صلي الله عليه وآله) خلعهما فرمي بهما [1211] . ولعلّ من هذا القبيل

أيضاً جعل العلامة علي القبر، فقد روي أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)جعل علامةً لقبر عثمان بن مظعون وهاك نصّ الحديث: قال أبو عمر في الاستيعاب: «أعلم رسول الله(صلي الله عليه وآله) قبره بحجر وكان يزوره» [1212] . وفي الطبقات: «لمّا مات عثمان بن مظعون دفن بالبقيع فأمر رسول الله(صلي الله عليه وآله)بشيء فوضع عند رأسه وقال: هذا علامة قبره يدفن إليه» [1213] . وعن عمرو بن حزم قال: «رأيت قبر عثمان بن مظعون وعنده شيء مرتفع يعني كأنّه علم» [1214] . [ صفحه 373] عن المطّلب قال: لمّا مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، أمر النبي(صلي الله عليه وآله)رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله(صلي الله عليه وآله) وحسر عن ذراعيه... ثمّ حملها فوضعها عند رأسه وقال: أتعلّم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي [1215] . وفي الطبقات أيضاً: «فوضع رسول الله(صلي الله عليه وآله) حجراً عند رأسه وقال: هذا فرطنا..» [1216] . ومنه أيضاً ما ورد من الحثّ علي تعمير قبور الأوصياء والشهداء وتكريمها: 1 _ عن أبي جعفر قال: كانت فاطمة بنت رسول الله(صلي الله عليه وآله) تأتي قبر حمزة ترّمه وتصلحه [1217] . 2 _ عن أبي عامر النبهاني واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبدالله(عليه السلام) جعفر بن محمد(عليهما السلام) وقلت له: ياابن رسول الله ما لمن زار قبره _ يعني أمير المؤمنين(عليه السلام)_ وعمّر تربته؟ قال: يا أبا عامر حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه الحسين بن علي(عليهما السلام)عن علي(عليه السلام): أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال له: لتقتلنّ بأرض العراق وتدفن بها. قلت: يارسول الله ما لمن زار قبورنا

وعمّرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن... أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي وهم زوّاري غداً في الجنّة. يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها ; فكأنّما أعان سليمان بن داود علي بناء بيت المقدس [1218] . [ صفحه 374] 3 _ لمّا مات عبد الرحمن بن أبي بكر أمرت عائشة بفسطاط، فضرب علي قبره ووكّلت به إنساناً، وارتحلت فقدم ابن عمر وأمر برفعه [1219] . 4 _ ولمّا مات الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم ضربت امرأته القبّة علي قبره سنةً، ثمّ رفعت [1220] ولم ينكر عليها أحد. وامرأته فاطمة بنت الحسين(عليه السلام) من الهاشميات المحدثات الفاضلات. 5 _ وأمر عمر أن يُضرب فسطاط علي قبر زينب بنت جحش ولم ينكر عليه أحد [1221] . 6 _ لمّا حضر أبا هريرة (الموت) أوصي أن لا يضرب عليه فسطاط [1222] . وهذا الحديث يعطي كون هذا مرسوماً وشائعاً في المدينة، وهذه الأحاديث تدلّ علي استحباب تكريم قبور الصالحين وحفظها عن الاندراس والجهالة قولا وعملا. 7 _ وروي في دفن سعد بن معاذ «أنّ النبي(عليه السلام) مدّ ثوباً علي قبر سعد أو مدَّ وهو شاهد» [1223] . فتلخّص من جميع ما أوردناه أنّ مقتضي الأدلّة جواز تكريم المؤمن وتعظيمه بأيّ نحو كان من مصافحة ومعانقة وتقبيل، وغيرها ولا سيما العلماء والصالحون والأئمّة والأنبياء(عليهم السلام)، ولا يتقيّد بشكل خاص أو زمان أو مكان مخصوص. ولا يتقيّد ذلك بالحياة والموت، فهذه قاعدة كلّية ثابتة إلاّ ما أخرجه الدليل، [ صفحه 375] فما ثبت بحسب الأدلّة الصحيحة الصريحة حرمته فهو، وإلاّ فالأصل الجواز أو الاستحباب، كما أ نّه قد يكون واجباً فيما لو فهم أو استلزم من

تركه الإهانة والإذلال. وبعد ذلك كلّه ; فإنّه يدلّ علي جواز تقبيل القبر النبويّ الشريف، أو قبور الأئمّة(عليهم السلام) أو الصالحين، ما دلَّ علي استحباب تقبيل الحجر والبيت واستلام أركانه بعد ملاحظة الأحاديث الدالّة علي أنّ المؤمن أعظم حرمة من الكعبة، أو أنّ أمّة محمد(صلي الله عليه وآله) أعظم دماً وحرمة منها، فلو كان البيت له هذه الحرمة والمطلوب عند الله تعالي استلامه وتقبيله، فكيف بالمؤمن في نفسه وفيما يتعلّق به ولاسيما إذا كان عالماً؟ فكيف إذا كان إماماً للأمّة منصوباً من الله سبحانه أو نبيّاً كريماً علي الله وملائكته مع ملاحظة هذه الآيات الكريمة الواردة في القرآن بتعظيمه وتوقيره؟ وإليك النصوص: 1 _ عن ابن عمر قال: صعد رسول الله(صلي الله عليه وآله) المنبر فنادي بصوت رفيع فقال: يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلي قلبه لا تؤذوا المسلمين... قال _ يعني نافعاً _ ونظر ابن عمر يوماً إلي البيت أو إلي الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك! [1224] . ثمّ ذكر الترمذي سندين آخرين لهذا الحديث. 2 _ عن عبدالله بن عمر قال: رأيت رسول الله(صلي الله عليه وآله) يطوف بالكعبة ويقول: «ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده للمؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلاّ خيراً» [1225] وفي لف0: [ صفحه 376] 3 _ أنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) نظر إلي الكعبة فقال: «مرحباً بالبيت ما أعظمك وأعظم حرمتك علي الله! والله للمؤمن أعظم حرمة منك; لأنّ الله حرّم منك واحدة ومن المؤمن ثلاثة ماله ودمه وأن يظنّ به ظنّ السوء» [1226]

. 4 _ أخبرني عبدالله بن عثمان أنّ سعيد بن ميناء أخبره قال: إنّي لأطوف بالبيت مع عبدالله بن عمرو بعد حريق البيت إذ قال: أي سعيد أعظمتم ما صنع بالبيت؟ قال: قلت: وما أعظم منه؟ قال: دم المسلم يسفك بغير حقّه [1227] . ويدلّ علي جواز تقبيل القبر صريحاً ما نقل عن كفاية الشعبي وفتاوي الغرائب وخزانة الرواية قالوا ما هذا لفظه: لا بأس بتقبيل قبر الوالدين ; لأنّ رجلا جاء إلي النبي(صلي الله عليه وآله) فقال: يارسول الله إني حلفت أن أقبّل عتبة باب الجنّة وجبهة حور العين، فأمره أن يقبِّل رجل الأمّ وجبهة الأب فقال: يارسول الله إن لم يكن أبواي حيين؟ قال: قبِّل قبرهما. قال: فإن لم أعرف قبرهما؟ قال: خطّ خطّين إنوِ أحدهما قبر الأمّ، والآخر قبر الأب فقبّلهما ولا تحنث [1228] . [ صفحه 377] من وصيّته رحمه الله تعالي: ترك سماحته صيّةً قيّمةً تتضمن فوائد عديدة، نشير إلي بعض فقراتها: _... إنّي لست ذا مال حتّي أوصي به، إلاّ الدار التي أسكن فيها، ولزوجتي الحقّ في الاستفادة منها ومن كلّ الآثاث الموجودة فيها، مادامت هي علي قيد الحياة. _ أوصي أولادي وجميع ورثتي وخصوصاً أهل العلم منهم، بالاستفادة من مكتبتي، ولا سمح الله إن لم يكن فيهم من يستفيد منها، فإنّي أهديها إلي أي مكتبة من مكتبات الحوزة العلميّة كمكتبة الفيضيّة أو مكتبة آية الله المرعشي النجفي، فلعلّها تكون لي من الباقيات الصالحات. _ أُحبُّ أن يوجد في أهلي واحد أو أكثر من أهل العلم; ليشتغل في تحصيل العلوم الدينيّة، وطالما رجوتُ الله تعالي وتوسّلتُ إليه أن يُيسر ذلك في ذريّتي إنّه قريب مجيب. _ أوصي لأهلي أن

يجتنبوا من تجميل الأموات وهذا في الحقيقة تجميل لصالح الأحياء وأن لا يتوغلوا في معانات الأوهام المتعارفة. _ أرجو أن لا تنساني من الدعاء وأن يستغفروا لي...

پاورقي

[1] الأنبياء: 92.

[2] المؤمنون: 52.

[3] سبأ: 28.

[4] راجع علي سبيل المثال تفسير البرهان 1: 369، عن ابن شهر آشوب، وعن الفائق للزمخشري، وتفسير الميزان 4: 357، عنه وعن العيّاشي، ومعاني الأخبار: 52، وعيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 85، وعلل الشرائع: 127، والبحار 16: 95 و40: 45.

[5] الحجرات: 10.

[6] التوبة: 71.

[7] الكافي 2: 132، ط1388ه_.

[8] المصدر السابق.

[9] المصدر السابق، وراجع: صحيح مسلم 8: 20، ومسند أحمد بن حنبل 4: 270. [

[10] المصدر السابق: 131.

[11] هو ابن تيميّة.

[12] الإمامة والسياسة 1: 24 و 25.

[13] الطحلب كقنفذ وجندب وزبرج: خضرة تعلو الماء المزمن. أقرب الموارد.

[14] يوسف: 96.

[15] آل عمران: 118.

[16] الفتح: 29.

[17] السيرة الحلبيّة 2: 299، والاستيعاب هامش الإصابة 3: 631، والإصابة 3: 638، وأسد الغابة 5: 90، ومسند أحمد 4: 32.

[18] تبرّك الصحابة: 5.

[19] الإصابة 2: 457، في ترجمة عتيك بن بلال و3: 58، في ترجمة عبدالله بن أبي أمامة و4: 246 في ترجمة أسماء بنت يزيد.

[20] الإصابة 1: 5، وأشار إليه أبوعمر في مقدّمة الاستيعاب هامش الإصابة 1: 13.

[21] الإصابة 1: 5 عن مسلم.

[22] الإصابة 1: 5، عن المستدرك للحاكم، والغدير 8: 260، عن المستدرك 4: 479.

[23] الإصابة 1: 5.

[24] مسند أحمد 6: 52، والبخاري 8: 10 و7: 108.

[25] مسند أحمد 6: 212.

[26] صحيح مسلم 3: 1691، و1: 237 وكنز العمال 7: 94، الرقم 805 وزاد: ويدعو لهم.

[27] سنن أبي داود 4: 328، المرقّم 5106.

[28] السيرة الحلبية 2: 142 عن دلائل النبوّة للبيهقي، والمغازي للواقدي 2: 568، وسيرة

دحلان 2: 225.

[29] سيرة دحلان 2: 225.

[30] البخاري 8: 95.

[31] فتح الباري 1: 281 _ 282.

[32] البخاري 1: 66، وفتح الباري 1: 280، و9: 507 _ 508، وأبوداود 1: 102، والنسائي 1: 157، والترمذي 1: 104، وابن ماجه 1: 174.

[33] راجع أسد الغابة 3: 161، والإصابة 2: 309، والاستيعاب 2، هامش الإصابة: 301 _ 302، وصحيح مسلم 3: 1690، بأسانيد متعدّدة والسيرة الحلبيّة 1: 207 _ 211، و2: 85 ومسند أحمد 6: 93 _ 347، ونزهة المجالس 2: 136، والبخاري 7: 108، و5: 79، وفتح الباري 9: 507 _ 508، وكنز العمال 16: 86 _ 87 _ 88 _ 89 _ 90، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 211، كلّها بألفاظ وأسانيد مختلفة.

[34] أسد الغابة 3: 189، والإصابة 3: 60، والطبقات الكبري لابن سعد 8: 315 _ 316 _ 317، بأسانيد متعدّدة و5: 54، والاستيعاب هامش الإصابة 2: 313، والبخاري 2: 109 _ 160، و7: 191 _ 192، وصحيح مسلم 3: 1672 _ 1689، بسندين و1689 _ 1690، و4: 1910، ومسند أحمد 3: 160 _ 171 _ 175 _ 188 _ 196 _ 212 _ 213 _ 288، كلّها منقولة بألفاظ متقاربة المعني.

[35] البخاري 7: 108 _ 126، و8: 54 وصحيح مسلم 3: 1690، والإصابة 1: 96، والطبقات 4: 79، ق1، ومسند أحمد 4: 399، وأسد الغابة 1: 42، وكنز العمال 15: 239.

[36] صحيح مسلم 3: 1693، وأسد الغابة 4: 417، والإصابة 3: 480، وإنّما ذكرناه هنا مع أ نّه لم يُحنّك لدلالته علي عمل الأنصار واستمراره.

[37] أسد الغابة 3: 193، وذخائر العقبي: 227 _ 236، وفي السيرة الحلبيّة 1: 226، نقله عن ابن عبّاس عن أمّه أم

الفضل بنحو آخر أبسط وكنز العمال 16: 78، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 15.

[38] راجع الإصابة والاستيعاب وأسد الغابة في ترجمة عبدالله، والطبقات 2، ق2: 119، وذخائر العقبي: 227، ومسند أحمد 1: 314.

[39] السيرة الحلبيّة 1: 303، وينابيع المودّة: 73.

[40] الإصابة 1: 5، و3: 376، وفي أسد الغابة 4: 322، قال: حمله أبوه إلي رسول الله(صلي الله عليه وآله) فمسح رأسه وسمّاه محمّداً. والاستيعاب 3: 350، نقل القصّة ولم يذكر التحنيك وقال: فمسح رأسه وسمّاه محمّداً، وكنز العمال 16: 201.

[41] الإصابة 1: 97، وأسد الغابة 1: 322، وفي الاستيعاب هامش الإصابة 1: 98، ذكر القصّة ولم يذكر التحنيك.

[42] الاستيعاب هامش الإصابة: 2: 359، والإصابة 3: 61، وأسد الغابة 3: 190، والطبقات الكبري لابن سعد 5: 31، والبحار 18: 42.

[43] الاستيعاب هامش الإصابة: 1: 395، وأسد الغابة 2: 23، والإصابة 1: 335، وكنز العمال 15: 323.

[44] الاستيعاب هامش الإصابة 2: 82، والإصابة 2: 107، وليس فيه التحنيك بل ذكر التسمية فقط كما في أسد الغابة 2: 357.

[45] الإصابة 2: 105، وكنز العمال 16: 229، وفي الإصابة بالفاء.

[46] الاستيعاب 2: 271، والإصابة 2: 285، وأسد الغابة 3: 128، لكنّه أسقط «ورأسه»، وزاد: وبرك عليه والبخاري 5: 191، و8: 95، إلاّ أ نّه قال: «وكان رسول الله(صلي الله عليه وآله) قد مسح عنه» وفي نسخة في هامش فتح الباري 11: 127. «قد مسح عينيه». وفسّره ابن حجر فراجع.

[47] الاستيعاب 2: 281، وأسد الغابة 3: 139، والإصابة 3: 58.

[48] أسد الغابة 3: 139، والاستيعاب، هامش الإصابة 2: 281، والإصابة 3: 58.

[49] أسد الغابة 3: 295، والإصابة 3: 69، والاستيعاب، هامش الإصابة 2: 425، وسيرة دحلان 2: 227.

[50] أسد الغابة 4: 313،

والاستيعاب 3: 341، والإصابة 3: 473.

[51] الاستيعاب هامش الإصابة 3: 345، والإصابة 3: 370، وأسد الغابة 4: 312، وتاريخ البخاري 1: ق1، 16، وكنز العمال 16: 205.

[52] الإصابة 3: 477، وأسد الغابة 4: 331.

[53] الإصابة 3: 671، والاستيعاب 3: 672، وأسد الغابة 5: 100 والطبقات الكبري لابن سعد 5: 52.

[54] الاستيعاب، هامش الإصابة 4: 367.

[55] الإصابة 4: 338، والاستيعاب، هامش الإصابة 4: 324، وأسد الغابة 5: 483 _ 484، وملحقات إحقاق الحقّ 11: 4، وما بعدها عن المعجم الكبير للطبراني: 129، نسخة جامعة طهران، ولسان العرب في كلمة: «لبي» ومجمع بحار الأنوار 3: 241، وتاج العروس وكنز العمّال 16: 261، ومنتخبه بهامش المسند 5: 104، والبداية والنهاية 8: 33، ولفظه: فحنكه رسول الله بريقه وسمّاه حسناً، وفضائل الخمسة 3: 172، عن كنز العمال 8: 105، عن ابن مندة وأبي نعيم وابن عساكر، ومجمع الزوائد للهيثمي وقال: رواه الطبراني بسندين، والوسائل 15: 138 _ 140، وفيه: «وأدخل لسانه في فمه» والبحار 43: 240، عن معاني الأخبار، والعلل: 254، عن النهاية في «لبي».

[56] ملحقات إحقاق الحقّ 11: 258، والوسائل 15: 138 _ 140، وفيه: «وأدخل لسانه في فمه» والبحار 43: 241، عن معاني الأخبار والعلل: 243، عن أمالي الصدوق: 254 عن المناقب.

[57] الإصابة 1: 88 وأسد الغابة 1: 150.

[58] الإصابة 1: 53، المرقم 212: 155 _ 156، المرقّم 679، والطبقات الكبري لابن سعد 1، ق2: 47، وأسد الغابة 1: 190، والاستيعاب 3: هامش الإصابة: 408، علي اختلاف ألفاظه، ونقله كنزالعمّال 15: 267، مفصّلا وفيه: «فمسح رسول الله(صلي الله عليه وآله) علي رأسي ودعا لي بالبركة، وكانت في وجهه مسحة النبي(صلي الله عليه وآله)كأنّها غرة فكان لا يمسح

شيئاً إلاّ برء».

[59] الطبقات 1، ق2: 51، والإصابة 1: 558.

[60] الطبقات 1، ق2: 43، وسيرة دحلان 2: 226.

[61] أسد الغابة 2: 258، و5: 634، عن أبي نعيم وأبي موسي، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 302، وتبرك الصحابة: 7، عن البخاري والطبقات 1، ق2: 150، والبخاري 1: 59، و7: 156، و8: 94، و4: 227، وصحيح مسلم 4: 1823، والبداية والنهاية 6: 26، وفتح الباري 1: 257، والترمذي 5: 603، والإصابة 2: 12، والاستيعاب هامش الإصابة 2: 106، وكنز العمال 16: 52.

[62] الإصابة 1: 327، وأسد الغابة 2: 8، وكنز العمّال 15: 318.

[63] أسد الغابة 5: 549، والإصابة 2: 8، والاستيعاب هامش الإصابة 2: 104.

[64] مسند أحمد 4: 171، بسندين وص309، والبداية والنهاية 6: 24، بأسانيد متعدّدة.

[65] صحيح مسلم 4: 1814، والبداية والنهاية 6: 24، بأسانيد متعدّدة، وكنز العمال 15: 280.

[66] تبرّك الصحابة: 7، والبداية والنهاية 6: 24، بأسانيد متعدّدة، وصفة الصفوة 1: 189، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 301، والبخاري 4: 229، وفتح الباري 6: 417، ومسند أحمد 4: 161.

[67] مسند أحمد 4: 161 ودلائل النبوّه 1: 190، والاستيعاب، هامش الإصابة 3: 655، مع اختلاف ألفاظها.

[68] الإصابة 1: 351، وأسد الغابة 2: 44.

[69] رديح بالمهملات مصغراً، وسمرة بن عمرو العنبري بفتح السين وضمّ الميم وفتح الراء، ورخي مصغراً بالراء المهملة أو بالراء المعجمة بعدها الخاء المعجمة، وزبيب بموحدتين مصغراً ابن ثعلبة.

[70] القصد: ما كان من دون إفراط وتفريط.

[71] الإصابة 1: 490 المرقّم 2490.

[72] شمّت العاطس، دعا له بقول: يرحمك الله.

[73] الإصابة 2: 4، وأسد الغابة 2: 247.

[74] الإصابة 2: 66، وأسد الغابة 2: 329.

[75] الاستيعاب 2: 72.

[76] أسد الغابة 2: 356، والإصابة 2: 80.

[77] الإصابة 2: 88.

[78] ذخائر

العقبي: 227، والإصابة 2: 289، ومسند أحمد 1: 205، وكنز العمال 16: 66.

[79] الإصابة 2: 178، والطبقات 1، ق2: 54.

[80] الإصابة 2: 257، وأسد الغابة 3: 92.

[81] الإصابة 2: 22، وكنز العمال 16: 50.

[82] الإصابة 2: 31.

[83] الاستيعاب، هامش الإصابة 2: 51 وأسد الغابة 2: 271.

[84] الإصابة 2: 262، وأسد الغابة 3: 97.

[85] الاستيعاب، هامش الإصابة 2: 317، والسيرة الحلبية 1: 314، ومسند أحمد 1: 379.

[86] السيرة الحلبية 1: 314، والإصابة 2: 339، وأسد الغابة 3: 201، والاستيعاب 2: 337.

[87] الاستيعاب 2، هامش الإصابة: 366 _ 367، وأسد الغابة 3: 203.

[88] أسد الغابة 3: 271، والإصابة 2: 377 و4: 315، والاستيعاب 2، هامش الإصابة: 390، والبخاري 3: 174، و9: 98، ومسند أحمد 4: 233.

[89] العرقوب بالضمّ، العصب الغليظ الموتر فوق العقب من الإنسان.

[90] الإصابة 2: 419، وأسد الغابة 3: 320.

[91] الإصابة 2: 421.

[92] الإصابة 2: 452.

[93] الإصابة 2: 461، وأسد الغابة 3: 374.

[94] الاستيعاب، هامش الإصابة 2: 515، وأسد الغابة 4: 97، و5: 606 والترمذي 5: 594، وكنز العمال 16: 112.

[95] الاستيعاب 2، هامش الإصابة: 524، والإصابة 2: 522، و4: 78، والترمذي 5: 594، ومسند أحمد 5: 77، أخرجه بسندين و340 _ 341، بأسانيد متعددة وألفاظ مختلفة.

[96] الاستيعاب 2: 533، وسيرة دحلان 2: 266، وأسد الغابة 4: 91، والإصابة 2: 527.

[97] الاصابة 3: 8، وأسد الغابة 2: 155.

[98] الإصابة 3: 46.

[99] الإصابة 3: 62 _ 71. [

[100] الإصابة 3: 79، وأسد الغابة 3: 411.

[101] الإصابة 3: 203، وأسد الغابة 4: 117، والاستيعاب 3، هامش الإصابة: 204.

[102] الإصابة 3: 225، وسيرة دحلان 2: 226، ومسند أحمد 5: 28 _ 81، وأسد الغابة 4: 195.

[103] الإصابة 3:

247، وسيرة دحلان 2: 226.

[104] الإصابة 3: 252، وأسد الغابة 4: 219.

[105] الإصابة 3: 266 و4: 70.

[106] الاستيعاب، هامش الاصابة 3: 339 _ 340، وتاريخ البخاري 1، ق1: 17، بسندين ومسند أحمد3: 418، بسندين و4: 259، بسندين، والإصابة 3: 372 _ 438، وأسد الغابة 4: 314، وأشار إليه 5: 570، ومنحة المعبود 2: 346، وكنز العمال 10: 58 _ 59، بسندين وبلفظين و16: 211.

[107] الاصابة 3: 351.

[108] الإصابة 3: 395، والاستيعاب 4: 89، والطبقات الكبري 7: 149، وسيرة دحلان 2: 226، وأسد الغابة 4: 342، وكنز العمال 16: 207 بسندين.

[109] الإصابة 3: 400، وأسد الغابة 4: 247.

[110] الإصابة 3: 568، وأسد الغابة 5: 33.

[111] الإصابة 3: 569، والطبقات 7: 155، وأسد الغابة 5: 51، عنونه «هاني أبومالك الكندي» وكنز العمال 16: 216.

[112] الاستيعاب هامش الإصابة 3: 615، وسيرة دحلان 2: 227، ولكن فيها «المهلب» بزيادة الميم، وأسد الغابة 5: 69، والطبقات الكبري 6: 20، نقله لهلب بن يزيد.

[113] الإصابة 3: 648، وأسد الغابة 4: 354 ولفظه أصرح.

[114] الاستيعاب 3: 657، والإصابة 3: 660، وأسد الغابة 5: 116.

[115] الإصابة 3: 665، وأسد الغابة 5: 123.

[116] الإصابة 3: 673.

[117] الإصابة 4: 7، وأسد الغابة 5: 136.

[118] الإصابة 4: 23، وأسد الغابة 5: 151.

[119] الإصابة 4: 78، والترمذي 5: 594، ومسند أحمد 5: 77، أخرجه بسندين مرّ سابقاً المرقّم 35 بعنوان «عمرو بن أخطب».

[120] الإصابة 4: 96.

[121] الإصابة 4: 152.

[122] الإصابة 4: 201، والاستيعاب هامش الإصابة 4: 214، وأسد الغابة 4: 315.

[123] الإصابة 4: 260، وأسد الغابة 5: 416، والاستيعاب 4: 265، هامش الإصابة.

[124] الاستيعاب 4: 363، والإصابة 4: 369، وأسد الغابة 5: 512.

[125] الإصابة 4: 430، وأسد

الغابة 5: 565.

[126] الطبقات الكبري لابن سعد 1، ق2: 73.

[127] الطبقات 1، ق2: 80، وسيرة دحلان 2: 227.

[128] الطبقات 1، ق2: 132 _ 154، ومسند أحمد 3: 434، و4: 19، و5: 35، وأسد الغابة 4: 202، في ترجمة قرة، وكذا في الإصابة 3: 232.

[129] الاستيعاب هامش الإصابة 3: 680 _ 681، ومسند أحمد 4: 35، بأسانيد متعدّدة وكذا 6: 6، وأسد الغابة 5: 132، والإصابة 3: 671.

[130] الاستيعاب، بهامش الإصابة 1: 81، والشفا للقاضي عياض 2: 54، وسنن ابن ماجة 1: 234، في رواية طويلة، ومسند أحمد 3: 408 _ 409، وكنز العمال 8: 224 _ 225.

[131] سيرة دحلان 26 226، ومسند أحمد 5: 68، والإصابة 1: 359، وأسد الغابة 1: 57 _ 58، وكنز العمال 15: 327.

[132] المناقب للخوارزمي: 42، وراجع البحار 38: 128 _ 134.

[133] ستأتيك مصادره.

[134] سيرة دحلان 2: 226.

[135] سيرة دحلان 2: 226.

[136] سيرة دحلان 2: 227، وأسد الغابة 3: 295، وقد تقدّم في تحنيك الأطفال فراجع.

[137] ينابيع المودّة: 286، ومسند أحمد 1: 78 _ 99 _ 185، و4: 58، وفضائل الإمام أميرالمؤمنين من تاريخ ابن عساكر 1: 1556، وما بعدها، وكنز العمال 15: 108 _ 144، و14: 67، والبحار 39: 7 وما بعدها.

[138] البخاري 6: 13 _ 233، و7: 170، وفتح الباري 10: 168، وصحيح مسلم 4: 1733، بسندين وسنن أبي داود 4: 15، وسنن ابن ماجة 2: 1166، ومسند أحمد 6: 45 _ 104 _ 120 _ 124 _ 125 _ 126 _ 131 _ 256 _ 263، وكنز العمال 7: 191، و10: 61، و20: 65.

[139] البخاري 8: 78، ومسلم 4: 1733 بسندين.

[140] سنن الدارمي 2: 15.

[141] مسند أحمد

1: 171.

[142] مسند أحمد 1: 239 _ 254 _ 268، والسيرة الحلبيّة 3: 332، وسيرة دحلان، هامش الحلبيّة 3: 184.

[143] مسند أحمد 3: 435، و4: 19.

[144] مسند أحمد 3: 477.

[145] مسند أحمد 4: 297، ومنحة المعبود 1: 136.

[146] مسند أحمد 6: 366، والإصابة 4: 415، وأشار إليه أسد الغابة 5: 553، و4: 334.

[147] الطبقات الكبري لابن سعد 7، ق1: 28، وكنز العمال 15: 280، ولكنّه عنونه «تلب بن ثعلبة».

[148] كنز العمال 9: 168، عن (كر).

[149] كنز العمال 9: 124.

[150] كنز العمال 7: 94.

[151] كنز العمال 7: 94.

[152] كنز العمال 8: 92.

[153] كنز العمال 10: 60.

[154] كنز العمال 15: 239.

[155] كنز العمال 15: 253.

[156] كنز العمال 15: 258.

[157] كنز العمال 15: 281.

[158] كنز العمال 15: 299.

[159] كنز العمال 15: 323.

[160] كنز العمال 16: 52 وقد مرّ بنحو آخر.

[161] كنز العمال 16: 105 بسندين.

[162] كنز العمال 16: 205 _ 206، ويحتمل اتّحاده مع ما مرّ في الفصل السابق.

[163] كنز العمال 16: 232.

[164] البحار 76: 22، عن كتاب المسلسلات.

[165] أسد الغابة 4: 281، وعمدة الأخبار: 159، والسيرة الحلبيّة 2: 247، والإصابة 3: 346، وسيرة دحلان 2: 257، والمغازي للواقدي 1: 247، والرصف: 87 عن مسلم.

[166] البحار 17: 33، والسيرة الحلبية 2: 248.

[167] السيرة الحلبية 2: 248، والإصابة في ترجمة عبدالله والسنن الكبري للبيهقي 7: 67، وسيرة دحلان 2: 256، ذكر أنّ غلاماً لبعض قريش شرب دمه. والفتح المبين هامش دحلان 2: 311، والرصف: 77، عن الشفا للقاضي عياض عن الدارقطني وأبي نعيم في الحلية، وكنز العمال 19: 199، و16: 86 _ 87 _ 88، والبحار 17: 33.

[168] السيرة الحلبيّة 2: 248.

[169] السيرة الحلبية 2: 248، وتبرك الصحابة: 15،

والإصابة 2: 6، والاستيعاب، هامش الإصابة 2: 72، وأسد الغابة 2: 347، والرصف: 141، وكنز العمال 19: 199، و20: 10، كلّها بألفاظ متقاربة.

[170] الظاهر: أنّ صومها كان ندباً.

[171] كلّ ذلك يوجد في السيرة الحلبية 3: 316 وما بعدها، وسيرة دحلان 2: 186 وما بعدها، وفي نسخة في هامش الحلبية 3: 136 وما بعدها، والبحار 17: 225 وما بعدها و18: 4 وما بعدها، وسنن أبي داود 4: 12، وسنن الدارمي 1: 12 _ 15، وابن ماجة 1: 43، ومسند أحمد 1: 78 _ 99 _ 185 و3: 218 _ 358 _ 362 و4: ص52 _ 88 _ 351 و5: 333، والإصابة 2: 508، والبخاري 4: 232 وما بعدها، و5: 22 _ 170 _ 171، وفتح الباري 6: 425 وما بعدها، وفضائل علي بن أبي طالب من تاريخ ابن عساكر 1: 156 وما بعدها، مع هوامش المحقّق المحمودي، وكنز العمّال 10: 52 و16: 168 _ 174 _ 230 و14: 18 _ 19 _ 20 _ 30 _ 51 _ 67 _ 70 _ 71 _ 72 _ 73 و10: 254 _ 270 و2: 184، والبحار 39: 7 وما بعدها، ومجمع الزوائد 9: 122.

[172] راجع السيرة الحلبية وسيرة دحلان في المواضع المتقدّمة فقد نقل ذلك بطرق كثيرة، والبحار 17: 225 وما بعدها و18: 4 وما بعدها، والبخاري 1: 54 _ 61 _ 94 و7: 147 _ 89 و4: 232 _ 233 بأسانيد متعدّدة وص234 _ 235 و5: 157، وصحيح مسلم 4: 1783 بأسانيد متعدّدة وص2308 و3: 1354، وسنن الدارمي 1: 13، والنسائي 1: 60 _ 61، والترمذي 5: 596، ومسند أحمد 1: 324 و3: 132 _ 139 _

147 _ 165 _ 169 _ 170 _ 175 _ 215 _ 216 _ 248 _ 289 _ 292 _ 329 _ 358 _ 365 و4: 169 و5: 302 _ 298 وفتح الباري 1: 425، ومنحة المعبود 2: 123 _ 124، وكنز العمال 16: 14 و14: 79 و10: 303 _ 364 وهذه المعجزات كثيرة جدّاً لا تخفي علي من له أدني إلمام بالكتب الإسلامية من الحديث والتاريخ والسيرة والمعاجم، وإنّما غرضنا الإيعاز إلي بعض المصادر وبعض المعجزات، فمن أراد المزيد فليراجع الكتب المعدّة لذلك.

[173] سيرة دحلان 2: 224، والبحار 17: 225 وما بعدها، و18: 4 وما بعدها، والبخاري 3: 157 و4: 73 _ 231، ومسند أحمد 3: 293 _ 314 _ 373 _ 376، وراجع المصادر المتقدّمة.

[174] البخاري 1: 59 _ 105 و7: 199، وفتح الباري 1: 256 _ 408 و10: 264، ومسند أحمد 4: 307 _ 308، والشفا للقاضي عياض 2: 27 وشرحه للقاري: 67، والسنن الكبري للبيهقي 3: 157، وتبرّك الصحابة: 7، ودلائل النبوّة للبيهقي 1: 183، وصحيح مسلم 1: 360 _ 361، والنسائي 1: 87، وصفة الصفوة 1: 189، كلّهم نقلوها بمعني واحد وإن كانت الألفاظ مختلفة، ومسند أحمد 5: 427 _ 429.

[175] البخاري 1: 59 والأسماء والصفات للبيهقي، وفتح الباري 1: 157 _ 256 _ 257 قال: «وفعله النبي(صلي الله عليه وآله) مع محمود إمّا مداعبة أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة» ومسند أحمد 5: 427 _ 429 وابن ماجة 1: 216 _ 249.

[176] السيرة الحلبية 3: 91 _ 93 وتبرّك الصحابة: 7، ودلائل النبوّة للبيهقي: 183، والبحار 20: 129، والمغازي للواقدي 2: 816.

[177] مسند

أحمد 4: 324 _ 329 _ 330، والمصنف لعبد الرزاق 5: 336، والسنن الكبري للبيهقي 9: 219 والبحار 17: 32 _ 33 و20: 332، والسيرة الحلبية 3: 18، وسيرة ابن هشام 3: 328 وتبرّك الصحابة: 6، وفضائل الخمسة 1: 20، والمغازي للواقدي 2: 598، والبخاري 3: 254 _ 255، وتاريخ الخميس 2: 19، وكنز العمال 10: 311 _ 315.

[178] السيرة الحلبية 3: 101، ومنحة المعبود 2: 203.

[179] راجع الإصابة 1: 362، وأسد الغابة 1: 62.

[180] الإصابة 2: 4، وأسد الغابة 2: 24 وعنونه: 248 «سالم العدوي» ثمّ قال: هو سالم بن حرملة، وكذا الاستيعاب 2: 72.

[181] الإصابة 2: 62، وأسد الغابة 2: 339.

[182] ذخائر العقبي: 33 عن النسائي والدولابي والطبقات 8: 13، وأسد الغابة 5: 521، وينابيع المودّة: 174 _ 175 _ 196 _ 197، والسيرة الحلبية 2: 219، والإصابة 4: 378، وتاريخ ابن عساكر (فضائل الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)) 1: 226 وما بعدها مع تحقيقات المحمودي في الهامش، وكنز العمّال 16: 285، والبحار 43: 96 _ 116 _ 122 _ 137 _ 142.

[183] الطبقات الكبري لابن سعد 1: ق2، 184 _ 186، والأسماء والصفات للبيهقي: 100، وسيرة دحلان 2: 225، والرصف: 171.

[184] سيرة دحلان 2: 227، والاستيعاب هامش الإصابة 4: 220، والإصابة 4: 317، وأسد الغابة 5: 467، والسيرة الحلبية 3: 342.

[185] الإصابة 2: 453 ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ولم يذكر هذه القصّة، والذي أظنّه هو أنّ القصّة لأبيه سالم كما تقدّم تحت رقم (7) فقد صحّف باسم الابن.

[186] الطبقات الكبري 1: ق2، 56.

[187] الطبقات الكبري 1: ق2، 52 وقد مرّ عن أبي جحيفة تحت رقم (1) والظاهر اتحادهما، وإن كان اللفظ

مختلفاً، وهذا الحديث طويل أحببنا إيراده هنا، لاحتمال عدم الاتحاد.

[188] الاستيعاب هامش الإصابة 2: 240، والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 263، والطبقات 5: 402، وكنز العمّال 4: 235 و1: 285، وأسد الغابة 3: 64، والنسائي 2: 38 _ 39، ومسند أحمد 4: 23.

[189] سيرة دحلان 2: 225.

[190] تاريخ الخميس 2: 171، والسيرة الحلبية 3: 393.

[191] البخاري 1: 60 و7: 150 _ 157 و8: 185 _ 190 و9: 124 و6: 54، وفتح الباري 2: 261 عن أبي داود، والمصنف في الاعتصام ومسلم في الصحيح 3: 1235 بسندين، وسنن أبي داود 3: 119، والنسائي 1: 87،ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 2: 17.

[192] مسند أحمد 5: 64.

[193] دلائل النبوّة للبيهقي 1: 190، وسنن ابن ماجة 1: 216، والبداية والنهاية 6: 24، وسيرة دحلان 2: 227، وفتح الباري 6: 417، ومسند أحمد 4: 315 _ 316 _ 318 بألفاظ قريبة المعني.

[194] تأتي مصادره فانتظر.

[195] البحار 18: 28.

[196] كنز العمّال 9: 268.

[197] كنز العمّال 15: 314.

[198] كنز العمّال 16: 249 _ 250.

[199] كنز العمّال 14: 69.

[200] كنز العمّال 10: 254 _ 255.

[201] كنز العمّال 16: 258.

[202] الطبقات 1: ق2، 184.

[203] الطبقات 1: ق2: 185.

[204] الطبقات 1: ق2: 184 _ 186 نقلناه بطوله ; لإفادته اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بآثار الرسول(صلي الله عليه وآله)وتبرّكهم بها. والأسماء والصفات للبيهقي: 100 وسيرة دحلان 2: 225، والرصف: 171، وابن ماجة 1: 216 _ 249، ومسند أحمد 5: 427 _ 429.

[205] البخاري 1: 59 و5: 199، وفتح الباري 1: 256 و8: 37، وصحيح مسلم 4: 1943 في فضائل أبي موسي، وذخائر العقبي: 8 _ 29، والطبقات الكبري 8: 15 بأسانيد متعدّدة، وكنز العمّال 16:

219.

[206] مرّت مصادره في الفصل المتقدّم.

[207] المغازي للواقدي 2: 588، والبداية والنهاية 6: 16، والسيرة الحلبية 3: 14 _ 330، ودحلان 2: 215، وفي طبعة بهامش الحلبية 2: 166 بأسانيد متعدّدة، والبحار 18: 31 _ 38، والبخاري 4: 234 و5: 156، ومسند أحمد 4: 290، وفتح الباري 6: 425 وما بعدها، وكنز العمّال 10: 303 _ 304.

[208] الإصابة 3: 63، وأسد الغابة 3: 231، والطبقات 8: 225 وفيه اسم أمّه «أمّ جندب» ونقل الحديث في ترجمتها، ونقله ابن ماجة 2: 1168 عنها، وأحمد في المسند 6: 379 عنها في مسند أم سليمان بن عمرو ابن الأحوص، والسيرة الحلبية 3: 331 ودحلان هامش الحلبية 3: 184.

[209] الإصابة 3: 386، وأسد الغابة 4: 322، والاستيعاب 3: هامش الإصابة: 422، وسنن ابن ماجة 1: 216 والبخاري 1: 29 وفتح الباري 1: 157 _ 158 وقد مرّ سابقاً.

[210] الطبقات 2: ق1: 130 وسيرة دحلان 2: 225 ومسند أحمد 1: 372.

[211] الإصابة 1: 60 في ترجمة الأقعس.

[212] الإصابة 2: 355، وأسد الغابة 3: 237.

[213] مسند أحمد 6: 424، والطبقات 8: 109 ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 1: 191.

[214] الإصابة 3: 557 وأوعز إليه أبو عمر في الاستيعاب 3: 542، وأسد الغابة 5: 30.

[215] الإصابة 1: 132، والطبقات 7: 30، وأسد الغابة 1: 126 ولكنّه عنون الرجل ب_ «أنس بن مالك أبو أمية القشيري وقيل: الكعبي» ويحتمل تعدّد القصّة، وكنز العمّال 8: 380.

[216] أسد الغابة 5: 512، وسيرة دحلان 2: 246، والإصابة 4: 370.

[217] الطبقات 1: ق2: 111، والترمذي 5: 507، ومسند أحمد 1: 225 _ 284، وفتح الباري 5: 23، وابن ماجة 2: 1133 المرقم 3426، ومنحة المعبود 1:

333.

[218] سيرة دحلان 2: 246 _ 224، وفي طبعة في هامش الحلبية 3: 189.

[219] دحلان هامش الحلبية 3: 191 وفي المطبوع مستقلاًّ 2: 226، ومسلم 3: 1626، ومسند أحمد 6: 2 _ 3، ومنحة المعبود 2: 156، والبحار 66: 310 عن المحاسن و420 عنه أيضاً وعن كتاب الزهد للحسين بن سعيد و16: 281.

[220] راجع المصادر المتقدّمة.

[221] سيرة دحلان 2: 227، وبهامش الحلبية 3: 193.

[222] السيرة الحلبية 2: 307.

[223] أي مقيماً وقت شدّة الحرّ.

[224] البحار 18: 41.

[225] البخاري 3: 144 _ 147 _ 211 بسندين و7: 144، ومسلم 3: 1604، ومسند أحمد 5: 333، ومنحة المعبود 1: 322 و2: 129 وتكلّم ابن حجر علي هذا الحديث في الفتح 5: 22 _ 23.

[226] البخاري 3: 144، والفتح 5: 22 _ 23، ومسلم 3: 1603، ومسند أحمد 3: 197 _ 231، ومنحة المعبود 1: 332، وكنز العمّال 9: 138.

[227] كنز العمّال 9: 136 _ 137.

[228] كنز العمّال 10: 52.

[229] كنز العمال 20: 24. الفريكة: طعام يُلَتّ بالسمن ونحوه. وحب فرك وخلص.

[230] سيرة دحلان 2: 265.

[231] صحيح مسلم 4: 1812، ومسند أحمد 3: 137، والبداية والنهاية 6: 24 _ 25، وتبرك الصحابة: 7، وسيرة دحلان 2: 265، ودلائل النبوّة للبيهقي 1: 246، وكنز العمّال 7: 81.

[232] الإصابة 2: 242.

[233] سيرة دحلان 2: 217، والبخاري 5: 149، ومسلم 3: 1611، ودحلان هامش الحلبية 3: 171.

[234] الإصابة 4: 51 عن ابن شاهين، وأشار إليه أسد الغابة 5: 176.

[235] صحيح مسلم 4: 1784، والسيرة الحلبية 3: 330، ودحلان هامش الحلبية 3: 165، والظاهر اتّحاد القصّتين كما لا يخفي، وكنز العمّال 14: 28 _ 29.

[236] سنن أبي داود 4: 10.

[237] بئر ذمة أي

قليلة الماء وغزيرته ضد والمراد هنا الأوّل.

[238] ماحه مع: مايح وهو الذي دخل البئر فملأ الدلو لقلّة مائها ولا يمكن أن يستقي منها إلاّ بالاغتراف أي قال الذين دخلوا البئر للاستقاء.

[239] مسند أحمد 4: 297 وكنز العمّال 14: 2 _ 3.

[240] البخاري 7: 148 والفتح 10: 88 والبحار 18: 4 وما بعدها، ومسند أحمد 1: 402 و3: 175 عن أنس بن مالك، ودحلان هامش الحلبية 3: 164.

[241] البخاري 4: 235 والنسائي 1: 60 وسيرة دحلان 2: 214 وسنن الدارمي 1: 15 بسندين مع اختلاف في اللف0، وفتح الباري 6: 432 _ 433 عن أبي نعيم وغيره، ومسند أحمد 1: 460 ودحلان هامش الحلبية 3: 165، وكنز العمّال 14: 77 وصرح بأن الراوي عبدالله بن مسعود.

[242] البحار 18: 34.

[243] البحار 18: 35، وكنز العمّال 16: 14.

[244] البخاري 1: 54.

[245] التبرّك: 8 _ 9.

[246] مسلم 3: 947.

[247] مسلم 2: 947، والسيرة الحلبية 3: 303.

[248] مسلم 3: 947، ومسند أحمد 3: 208، والسنن الكبري للبيهقي 1: 25 بإسناده إلي مسلم والبخاري.

[249] مسلم 3: 948، والسيرة الحلبية 3: 303، وفتح الباري 1: 239، والترمذي 3: 255 وأبو داود 2: 203.

[250] مسند أحمد 3: 111، والسنن الكبري للبيهقي 5: 134.

[251] مسند أحمد 3: 146 _ 213 _ 239 و4: 324، وفضائل الخمسة 1: 21.

[252] مسند أحمد 3: 133 _ 137، والطبقات الكبري 1: ق2: 7، 13 _ 130 و4: 64، والسنن الكبري للبيهقي 7: 68، وسيرة دحلان 2: 254، والسيرة الحلبية 3: 303، وفضائل الخمسة 1: 21، والرصف: 79،وصحيح مسلم 4: 1812، والبداية والنهاية 5: 189.

[253] مسند أحمد 3: 256، والطبقات 3: 65 ق2.

[254] مسند أحمد 3: 214.

[255] مسند أحمد

4: 42، والسنن الكبري للبيهقي 1: 25، والطبقات 3: ق2: 87.

[256] السنن الكبري للبيهقي 7: 67 بإسناده وساقه أيضاً عن البخاري.

[257] المغازي للواقدي 3: 1108 _ 1109.

[258] المغازي للواقدي 3: 1108 _ 1109.

[259] المغازي للواقدي 3: 1109.

[260] الإصابة 1: 236، والاستيعاب 1: هامش الإصابة: 268، وأسد الغابة 1: 286.

[261] التبرّك: 9 عن تاريخ الخميس والسيرة الحلبية 3: 303، والمغازي للواقدي 3: 884 _ 1108 والإصابة 1: 414، والشفا للقاضي عياض: 54، وسيرة دحلان 2: 224، وكنز العمّال 15: 343.

[262] تقدّمت مصادره في التبرّك بماء وضوئه(صلي الله عليه وآله)، وراجع سيرة ابن هشام 3: 328، والبحار 17: 32 وفضائل الخمسة 1: 20، ومسند أحمد 4: 324، والمغازي للواقدي 2: 610 _ 615، والسيرة الحلبية 3: 32.

[263] البخاري 1: 54، وتبرّك الصحابة: 9، وسيرة دحلان 2: 254، والرصف: 80.

[264] الفتح 1: 239.

[265] بيان لصغر القدح، راجع فتح الباري 10: 298.

[266] البخاري 7: 207، والتبرّك: 10، والبداية والنهاية 6: 21 عن عثمان بن موهب، والرصف: 109، وفتح الباري 10: 298 _ 299 بألفاظ متقاربة.

[267] البخاري 7: 207، وفتح الباري 10: 299، ومسند أحمد 6: 296 بسندين وص319 _ 322.

[268] البخاري 7: 207، والفتح 10: 299، ومسند أحمد 6: 296، والطبقات 1: ق2: 139، والبداية والنهاية 6: 19 وما بعدها.

[269] البخاري 8: 78، والفتح 11: 59 وتأتي هذه الرواية بلفظ آخر، وللعسقلاني في سندها ولفظها تحقيق فراجع الفتح وقال: والسّك بضمّ المهملة وتشديد الكاف هو طيب مركّب، وفي النهاية: طيب يضاف إلي غيره من الطيب، والطبقات 7: 19 بنحو آخر يأتي.

[270] الطبقات 1: ق2: 139، والبداية والنهاية 6: 20، وسنن ابن ماجة 2: 1196.

[271] السيرة الحلبية 3: 109، وتبرّك

الصحابة: 16 عن شرح كتاب زاد المسلم 4: 212، والإصابة 3: 400 _ 399 ويأتي تفصيله إن شاء الله تعالي.

[272] الإصابة 3: 647.

[273] الطبقات 7: 19 وقد مرّ بنحو أبسط.

[274] البخاري 4: 228 ربيعة بن أبي عبد الرحمن المدني الفقيه، ربيعة الراي مولي آل المنكدر راجع ميزان الاعتدال 2: 44.

[275] البحار 49: 59.

[276] كنز العمّال 10: 302.

[277] الطبقات الكبري 1: ق2: 139 عكرمة هو ابن خالد بن سعيد المخزومي مكي معروف من مشيخة ابن جريج مات قبل العشرين ومئة (ميزان الاعتدال 3: 60).

[278] الطبقات الكبري 1: ق2: 139. لعلّه يحيي بن عباد بن هاني المدني تلميذ ابن جريح، أو يحيي بن عباد بن عبدالله بن الزبير أو يحيي عباد السعدي.

[279] الطبقات الكبري 1: ق2: 139. عثمان بن الحكم الجذامي، شيخ عبدالله بن وهب.

[280] الطبقات 6: 300.

[281] صفة الصفوة 2: 357.

[282] النبوّة للبيهقي 1: 155 _ 170 _ 171 _ 175 _ 176 _ 178.

[283] صفة الصفوة 1: 188 _ 480 _ 653.

[284] الوفاء لابن الجوزي 2: 589.

[285] تاريخ الإسلام 2: 298 _ 296.

[286] البداية والنهاية 6: 21، و5: 189.

[287] مسند أحمد 3: 213 _ 214 _ 239 _ 287.

[288] مسند أحمد 6: 377.

[289] مسند أحمد 3: 103.

[290] مسند أحمد 3: 136، وصحيح مسلم 4: 1815، والبداية والنهاية 6: 25، والرصف: 87.

[291] مسند أحمد 3: 221 _ 226، وصحيح مسلم 4: 1815 قريباً ممّا نقلناه، وكذا في سيرة دحلان 2: 256، والبداية والنهاية 6: 25، ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 2: 125.

[292] مسند أحمد 3: 230.

[293] البخاري 8: 78 وفاء الوفاء 3: 881 عنه والفتح 11: 59.

[294] الطبقات 8: 313.

[295] الطبقات 8: 313.

[296] الطبقات 8:

313.

[297] الطبقات 8: 314.

[298] مسند أحمد 3: 231.

[299] راجع لمزيد الاطلاع: البداية والنهاية 5: 205 و6: 24 _ 25، وتبرّك الصحابة: 19، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 302، وصفة الصفوة 2: 66، ودلائل النبوّة للبيهقي 1: 191 _ 192، وسيرة دحلان 2: 256، وفتح الباري 6: 417 و11: 59.

[300] راجع مسند أحمد 4: 323 _ 324 _ 329 _ 330، والمصنف لعبد الرزاق 5: 336، والسنن الكبري للبيهقي، 9: 219 وتبرّك الصحابة: 6، وفضائل الخمسة 1: 20 _ 21، والمغازي للواقدي 2: 598 والبحار 17: 32، والشفا للقاضي عياض 2: 37 وشرحه لملاّ علي القاري 2: 67، وتاريخ الخميس 2: 19، والبخاري 3: 254، وسيرة ابن هشام 3: 328، والسيرة الحلبية 3: 18.

[301] مسند أحمد 5: 73.

[302] السيرة الحلبية 3: 109، وتبرّك الصحابة: 16.

[303] مسند أحمد 5: 73.

[304] كنز العمال 7: 146.

[305] كنز العمّال 10: 60.

[306] سيرة دحلان 2: 255 والبداية والنهاية 6: 25 وفتح الباري 6: 417.

[307] الإصابة 4: 340، والاستيعاب 4: 340، وأسد الغابة 5: 486.

[308] لعلّ الخصوصيّة ما حدّثوه عن أنس: أنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) لم يكن يدخل بيتاً بالمدينة غير بيت أمّ سليم إلاّ علي أزواجه. فقيل له: فقال(صلي الله عليه وآله): إنّي أرحمها قتل أخوها معي. (البخاري 4: 33، ومسلم 4: 1908 باختلاف يسير، ومسند أحمد 4: 394 قريباً منه.

[309] لم تذكر مباشرتها مسح العرق عن وجهه(صلي الله عليه وآله) في الروايات.

[310] البخاري 7: 147، وتبرّك الصحابة: 11 عنه، وفتح الباري 10: 85.

[311] البخاري 7: 147، والفتح 10: 86، وصحيح مسلم 3: 1591.

[312] البخاري 7: 147، وتبرّك الصحابة: 12، والفتح 10: 86، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 354، والبداية والنهاية 6:

7، ومسند أحمد 3: 139.

[313] الإصابة 3: 202. قال: وأخرجه ابن مسندة فيمن اسمه خداش بالخاء المعجمة والدال المهملة والشين المعجمة، وأسد الغابة 4: 176، وكنز العمّال 14: 264.

[314] البداية والنهاية 6: 7، ومسند أحمد 3: 187.

[315] البخاري 4: 101.

[316] مسند أحمد 6: 376 _ 431 بسندين، ومنحة المعبود 2: 125.

[317] الطبقات 8: 313 بسندين.

[318] فقه السيرة للدكتور محمد سعيد البوطي: 188 _ 189، وتبرّك الصحابة: 11 عن زاد المسلم،والبداية والنهاية 3: 201، والإصابة 1: 405، والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 236، والطبقات الكبري 1 ق2: 110، وصحيح مسلم 3: 1623، ومنحة المعبود 1: 329، وأسد الغابة 1: 81، ومسند أحمد 5: 415 _ 420 واللفظ لفقه السيرة والباقون نقلوه بألفاظ متقاربة، وراجع كنز العمّال 20: 14، وسيرة ابن هشام 2: 144.

[319] الإصابة 4: 394، والاستيعاب 4: 395، وأسد الغابة 5: 536.

[320] الإصابة 4: 471، والطبقات الكبري 8: 234. الشجب: قربة تحزز من أسفلها ويقطع رأسها إذا خلقت شبه الدلو العظيم. كذا فسّره في الطبقات، وفي النهاية: الشجب بالسكون: السقاء الذي قد أخلق وبلي وصار شناً.

[321] أسد الغابة 5: 539 إلي قوله «فم القربة» وفي ابن ماجة 2: 1132 عن عبد الرحمان بن أبي عمرة عن جدة له يقال لها كبشة الأنصارية... الحديث والزيادة من ابن ماجة.

[322] مسند أحمد 6: 458.

[323] الشفا للقاضي عياض 2: 54، وكشف الارتياب: 440.

[324] الطبقات الكبري 1: ق2: 13.

[325] الطبقات الكبري 1: ق2: 13.

[326] الطبقات الكبري 2: ق2: 10 وفي الفتح 5: 210 عن النسائي عن أبي امامة «من حلف عند منبري هذا بيمين كاذبة يستحلّ بها مال امرئ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين «لا يقبل الله منه صرقاً

ولا عدلا» ومسند أحمد 3: 375 قريباً ممّا نقله الفتح.

[327] الطبقات 1: ق2: 10، الفتح 5: 210 عن مالك وأبي داود والنسائي وابن ماجة وقال: وصحّحه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم وابن أبي شيبة مع اختلاف في اللف1 ومسند أحمد 2: 518.

[328] كنز العمّال 22: 221.

[329] المصدر نفسه.

[330] المصدر نفسه.

[331] المصدر نفسه.

[332] المصدر نفسه.

[333] المصدر نفسه.

[334] المصدر نفسه.

[335] البخاري 3: 234، والفتح 5: 210.

[336] الطبقات الكبري 1: ق2: 12، وقريب منه ما في مسند أحمد 3: 344.

[337] الصارم المنكي: 132.

[338] الآثار النبوية: 31.

[339] الرصف: 163 وستأتي تتمّة لذلك فانتظر.

[340] تقدّم ذلك في فصل خاص به فراجع.

[341] سيرة دحلان 2: 267، والبداية والنهاية 6: 47 وصحّحه وقال: إنّ رجاله كلّهم ثقات، ورواه ابن حبان في صحيحه ومسند أحمد 3: 161.

[342] وسائل الشيعة 10: 270 عن الكليني والشيخ الطوسي رضوان الله عليهما والبحار 100: 151 عن كامل الزيارة، ومستدرك الوسائل 2: 192 كلّهم رووه عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام).

[343] وفاء الوفاء 2: 390.

[344] نقله ص406 عن المطري.

[345] راجع ص406.

[346] راجع ص431.

[347] مسند أحمد 3: 314 _ 376، والبخاري 3: 132، والفتح 4: 395، والنسائي 7: 299.

[348] السيرة الحلبية 3: 66.

[349] المسند 3: 161.

[350] كنز العمّال 2: 248 _ 249، والتوصل: 265، والصارم المنكي: 310 ودفع شبه من شبه: 74، وكشف الارتياب: 321 _ 322، والغدير 5: 143 _ 155 عن السمعاني وابن نعمان المالكي في مصباح الظلام وعلي ابن إبراهيم الكرخي والروض الفائق 2: 137، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 412، والمواهب اللدنية والخالدي في صلح الإخوان، والخمراوي في المشارق: 57، والبيان للعلاّمة الخوئي: 559 وفي نسخة من وفاء الوفاء 4: 1361 ويأتي في التوسل إن

شاء الله بألفاظه المختلفة، ورواه شفاء السقام: 52 عن محمد بن حرب الهلالي.

[351] التوصل: 248 عن البيهقي وابن أبي شيبة وقال: 251: إنّ ابن حجر صحّحه وكذا سيف في الفتوح ودفع شبه من شبه: 94 والاستيعاب هامش الإصابة 2: 464 والإصابة 3: 484، وكشف الارتياب: 280 عن البيهقي وابن أبي شيبة، وفتح الباري 2: 412 عن ابن أبي شيبة وصحّحه والفتوح للسيف، وكنز العمّال 8: 278.

[352] سنن الدارمي 1: 43 _ 44، وكشف الارتياب: 313 عن السمهودي في وفاء الوفاء 2: 549.

[353] وفاء الوفاء 2: 549، وكشف الارتياب: 313.

[354] اقتضاء الصراط المستقيم: 338 والتوصل: 259 عن الدارمي والدرر السنية لدحلان ودفع شبه من شبه ص93، والوفاء لابن الجوزي 2: 810، وسنن الدارمي 1: 44، وكشف الارتياب: 313، وشفاء السقام: 58 _ 128.

[355] نقل الحديث في الصارم المنكي: 244 وكشف الارتياب: 287 _ 305 _ 317، عن السمهودي، وخلاصة الكلام والسبكي والقسطلاني في المواهب اللدنية وابن حجر في تحفة الزوّار وصحّحوه ووثّقوه، والبحار 17: 33.

[356] وفاء الوفاء 2: 444، وكشف الارتياب: 436 _ 437. كان ابن المنكدر أحد أعلام التابعين.

[357] ينابيع المودّة: 151، والتوصل: 331 _ 336 عن الصواعق.

[358] وفاء الوفاء 1: 544 وفي طبعة: 69، وتاريخ كربلاء: 119.

[359] البيان للعلاّمة الخوئي: 559 قسم التعليقات المرقم 7 عن المنتقي لابن تيمية، والوفاء لابن الجوزي 2: 804، وكشف الارتياب: 436، وأهل البيت لتوفيق علم: 165، والفصول لابن الصباغ: 132، وسيأتي عن الغدير.

[360] كشف الارتياب: 434 وسيأتي بسند آخر.

[361] مسند أحمد 5: 422 والغدير 5: 148 عن المستدرك للحاكم 4: 515 وصحّحه هو والذهبي في تلخيصه، وشفاء السقام للسبكي، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 410 _ 443 وفي

طبعة 4: 1359 ومجمع الزوائد 4: 2، والبيان للعلاّمة الخوئي: 558 قسم التعليقات عن المستدرك للحاكم والمنتقي لابن تيمية 2: 261 _ 263، وشفاء السقام: 126 عن أخبار المدينة لأبي الحسن الحسيني.

[362] سنن ابن ماجة 2: 1320.

[363] البيان للعلاّمة الخوئي: 559 قسم التعليقات المرقم 19 عن المنتقي لابن تيمية، والغدير 5: 147 عن تاريخ ابن عساكر مسنداً بطريق في موضعين كما في شفاء السقام: 39 _ 40 في ترجمة إبراهيم بن محمد الأنصاري 2: 256 وفي ترجمة بلال... وقال: ورواه الحافظ أبو محمد الغني المقدسي في الكمال في ترجمة بلال وأبو الحجّاج المزي في التهذيب والسبكي في شفاء السقام: 39، وأسد الغابة 1: 208، ووفاء الوفاء 2: 408 وقال: سند جيّد و443 وفي طبعة 4: 1356 والقسطلاني في المواهب، والخالدي في صلح الاخوان: 57، والخمراوي في مشارق الأنوار: 57، وشفاء السقام: 44 وكشف الارتياب: 435 عن السبكي، وأحمد والسمهودي والطبراني في الكبير والأوسط.

[364] تاريخ جرجان: 247.

[365] وفاء الوفاء 2: 547.

[366] راجع وسائل الشيعة 10: 251 _ 280; والبحار 100 و 101.

[367] تكلم في التبرّك بقبر الرسول (صلي الله عليه وآله) تقي الدين السبكي في شفاء السقام.

[368] الوسائل 10: 289 _ 291.

[369] راجع 1: 67 _ 74.

[370] راجع 1: 69 _ 116.

[371] راجع ص116 وما بعدها.

[372] تاريخ بغداد لطيفور: 45.

[373] كشف الارتياب: 319.

[374] ينابيع المودّة: 151، والتوصل: 331 _ 336 عن الصواعق.

[375] الصارم المنكي: 322.

[376] الصارم المنكي: 148.

[377] البداية والنهاية 14: 136 _ 138، والكني والألقاب للمحدّث القمّي 1: 237.

[378] صفة الصفوة 2: 324.

[379] صفة الصفوة 2: 413.

[380] صفة الصفوة 2: 410.

[381] صفة الصفوة 2: 471.

[382] صفة الصفوة 2: 482.

[383] الطبقات الكبري 3: ق2، ص10، وتاريخ

الخميس 1: 500، والظاهر أنّ الذي أخذ التراب هو من الصحابة إذ الراوي هو محمد بن شرحبيل بن حسنة فهو حينئذ أخذ التراب بمرأي من الصحابة ولم ينكر عليه أحد، وفي كنز العمّال 16: 24 _ 25: أنّ سنده صحيح.

[384] الطبقات الكبري 6: 56.

[385] الطبقات الكبري 5: 315. وفي الموفقيات لزبير بن بكار ص332 نقل عمل سليمان بن عبد الملك السنة 82 قريباً من عمل هارون، فراجع.

[386] في المجلّد الأوّل: 130 ط مطبعة الاستقامة.

[387] راجع أيضاً النصائح الكافية: 81 عن الجاح1 والغدير 10: 51 عن النصائح عن الجاح1 وبهج الصباغة 5: 291، 319 عن العقد الفريد، وص338 عن كتاب افتراق هاشم وعبد شمس للجاح1 والعقد الفريد 5: 51، و وفيات الأعيان 2: 7.

[388] راجع تاريخ الخلفاء للسيوطي: 215.

[389] شرح ابن ابي الحديد 15: 242.

[390] كشف الارتياب: 432.

[391] الغدير 5: 130.

[392] هذه أرقام الغدير حفظناها مع إسقاط ما أسقط منها. أفرد جمال الدين عبدالله الفاكهي المكي الشافعي المتوفي سنة 972 آداب زيارة النبي(صلي الله عليه وآله) بتأليف سمّاه «حسن التوسّل في آداب زيارة أفضل الرسل».

[393] شرح المواهب 8: 317.

[394] رواه ابن عساكر في التحفة، وابن الجوزي في الوفاء، وابن سيد الناس في السيرة 2: 340، والقسطلاني في المواهب مختصراً، والقاري في شرح الشمائل 2: 210 والشبراوي في الاتحاف: 9، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 444، والخالدي في صلح الاخوان: 57، والخمراوي في مشارق الأنوار: 63، ودحلان في السيرة 3: 391، وعمر رضا كحالة في أعلام النساء 3: 1205، وابن حجر في الفتاوي الفقهية، والخطيب الشربيني في تفسيره 1: 349، والقسطلاني في إرشاد الساري 2: 390 وقد سلف قسم من المصادر فراجع.

[395] وفاء الوفاء 2: 443.

[396] نقله

عن فتح المتعال للمقري.

[397] نقله عن الوفاء 2: 442 وقد مرّ سابقاً.

[398] المناقب لابن شهرآشوب 4: 42 ط قم، والبحار 44: ط الإسلامية: 156 عن الخرائج و102: 264 عن الإرشاد للمفيد رحمه الله تعالي وص142 عن الكافي (الروضة: 167) وص154 عن الخرائج وإثبات الهداة 5: 143 والصواعق: 84، وملحقات إحقاق الحقّ 11: 171 عنه، وفضائل الخمسة: 256، وروضة الواعظين: 144، والإرشاد للمفيد: 175، والفصول المهمّة: 151، ووفاء الوفاء 3: 548.

[399] البحار 100: 127 عن الكافي 1: 353 و50: 68 أيضاً عنه.

[400] الوسائل 5: 267، ومستدرك الوسائل 2: 191، والبحار 100: 153.

[401] البحار 100: 154 عن الكامل لابن قولويه، والوسائل 5: 269، ومستدرك الوسائل 2: 191.

[402] البحار 100: 157 _ 158.

[403] البحار 44: 328، والفتوح لابن أعثم 5: 26 _ 27.

[404] البحار 49: 117 عن عيون أخبار الرضا(عليه السلام).

[405] الأنوار البهية للمحدِّث القمّي: 110.

[406] البحار 48: 221.

[407] البحار 46: 92.

[408] البحار 49: 24.

[409] الحجرات / 2.

[410] الحجرات / 2.

[411] الأحزاب / 53.

[412] الأحزاب / 54.

[413] الأحزاب / 57.

[414] وقال الإمام مالك في آخر كلامه: «وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم(عليه السلام) إلي الله تعالي يوم القيامة. بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالي، قال الله تعالي: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم) وذيل كلامه يشهد بما ذكرنا من استفادة قاعدة المساواة بين حياته وموته من نفس الآية الكريمة.

[415] الأنفال / 33.

[416] الغدير 5: 143 وما بعدها.

[417] السيرة الحلبية 3: 187، والمغازي للواقدي 2: 533، والطبقات الكبري 2: 36 ق1، ومسند أحمد 3: 496 ولكنه فيه «خالد بن سفيان» بدل «سفيان بن خالد» وراجع كنز العمّال 12: 305.

[418] السيرة الحلبية 3: 208.

[419] من كلام الحلبي.

[420] الاستيعاب 1: 253 هامش

الإصابة، وابن أبي الحديد 2: 149.

[421] البداية والنهاية 6: 6.

[422] الطبقات الكبري 3، ق1: 168، وقريب منه في كنز العمّال 15: 278.

[423] البداية والنهاية 6: 8، وكتاب الآثار النبوية: 19.

[424] كتاب الآثار النبوية: 39 نقلا عن البداية والنهاية.

[425] البخاري 5: 10، والسيرة الحلبية 2: 146. العنزة: محرّكة شبيه العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح، والعكازة بالضم عصا ذات زج في أسفلها يتوكّأ عليها الرجل.

[426] البحار 4: 28، والكني والألقاب 1: 25.

[427] البحار 47: 180. المخصرة كمكنسة مايتوكّأ عليها كالعصاونحوه ومايأخذه الملك يشير به إذا خاطبوالخطيب إذا خطب.

[428] الطبقات الكبري 1: ق2، 163 _ 164 _ 165، والاستيعاب 2: 494 هامش الإصابة، والبداية والنهاية 6: 2 _ 5، والرصف: 108، والبخاري 7: 201 _ 202 _ 203 وزاد فاختلفنا ثلاثة أيّام مع عثمان فننزح البئر فلم نجده و4: 101، ومسلم 3: 1656، وسنن أبي داود 4: 88، والنسائي 8: 196، ومسند أحمد 2: 22 كلّها بألفاظ متقاربة.

[429] البخاري 4: 101.

[430] البداية والنهاية 6: 2 _ 3.

[431] المغازي للواقدي 3: 1096.

[432] سنن أبي داود 4: 45، وكنز العمّال 16: 101 بسندين.

[433] الفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 375.

[434] الإصابة 2: 301، وكنز العمّال 16: 101 بسندين بنحو آخر.

[435] البخاري 2: 116 و7: 185 وأوعز إليه 4: 73، ومسلم 4: 2140 بسندين، ومسند أحمد 3: 371 _ 381، والسنن الكبري للبيهقي 3: 402، والمغازي للواقدي 3: 1057، وفتح الباري 8: 251 وما بعدها و3: 111، والنسائي 4: 38 _ 84، وراجع كنز العمّال 2: 217 بألفاظ متقاربة.

[436] ص371.

[437] البخاري 2: 97 _ 116 و7: 185 بسندين وج6 في تفسير سورة براءة: 66 _ 85، وصحيح مسلم 4: 1865 _

2141 عن ابن عمر، ومسند أحمد 2: 18، والسنن الكبري للبيهقي 3: 402، والبداية والنهاية 5: 35، والاستيعاب 2: 336، والإصابة 2: 336، والدر المنثور 3: 266 بطرق كثيرة، وفتح الباري 3: 110 _ 111 و8: 251، والنسائي 4: 36، والترمذي 5: 279، وتفسير الطبري 10: 138 في تفسير سورة براءة، وكنز العمّال 16: 103 كلّها بألفاظ متقاربة.

[438] البخاري 1: 116.

[439] البخاري 2: 98 و3: 80 و7: 189 و8: 16، وتبرّك الصحابة: 15، ومسند أحمد 5: 334، والطبقات الكبري 1: ق2: 150، والرصف: 102، وابن ماجة 2: 1177، ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 2: 121، وفتح الباري 3: 114 عن ابن ماجة والطبراني وغيرهما. قال: وفي رواية أبي غسّان: «فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي(صلي الله عليه وآله)»... كلّهم رووا ذلك بألفاظ متقاربة. وراجع أيضاً كنز العمال 7: 135 _ 136.

[440] سيرة دحلان 2: 225 عن مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة، والتبرّك: 16، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 351، ومسند أحمد 6: 348، والطبقات الكبري 1: ق2، 150 وزاد: «فلمّا توفي رسول الله(صلي الله عليه وآله)كانت عند عائشة فلمّا توفيت عائشة قبضتها» والرصف: 19 _ 348 _ 353 _ 354 بأسانيد متعدّدة وكلّهم بألفاظ متقاربة، فصل القلقشندي في مآثر الأناقة: 232، 233، 234، 235 2: الكلام في البردة والقضيب وكذا ص27، 36.

[441] تبرّك الصحابة: 17 _ 18، والإصابة 3: 296، وتاريخ الذهبي 2: 412 وأسد الغابة 4: 241، والسيرة الحلبية 3: 242، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 19.

[442] تبرّك الصحابة: 16 عن كتاب زاد المسلم _ اختصرناه _ والسيرة الحلبية 3: 109، والفتوح لابن أعثم 4: 264، والعقد الفريد 3: 232.

[443] البخاري 2: 92 _ 94

بأسانيد متعدّدة وص95 بسندين والفتح 3: 103 وما بعدها، ومسلم 2: 647 _ 648، ومسند أحمد 6: 407 _ 408، والسنن الكبري للبيهقي 4: 6 بأسانيد كثيرة، وذخائر العقبي: 166، والموطأ 1: 222، والطبقات الكبري، 8: 22 _ 23 _ 334 بأسانيد متعدّدة، والنسائي 4: 31 _ 32 بأسانيد كثيرة. كلّها بألفاظ متقاربة المعني.

[444] مسند أحمد 6: 132، وفي الإصابة 2: 284، وأسد الغابة 3: 199 قريباً من نقل أحمد، والطبقات 2: 67 ق2، ومسلم 2: 650 بسندين، ونور القبس المختصر من المقتبس لأبي عبدالله المرزباني: 292.

[445] الإصابة 4: 380، والاستيعاب هامش الإصابة 4: 382، وكنز العمّال 6: 228 المرقم 4049، والبحار 6: 241 _ 232 و18: 6 و81: 351، وصفة الصفوة 2: 54، وذخائر العقبي: 56 وأسد الغابة 5: 517، وينابيع المودّة: 201، والفصول المهمّة لابن الصباغ: 14، ووفاء الوفاء 3: 897 _ 898، وكنز العمّال 16: 247 بأسانيد متعدّدة و13: 130.

[446] البحار 6: 232.

[447] المغازي للواقدي 3: 1057، وفتح الباري 8: 251 _ 252، والدر المنثور 3: 266، وابن ماجة 1: 488، والمستدرك للحاكم 1: 341. هذه الرواية معارضة بما تقدّم من عدم توبته فراجع وتدبّر.

[448] الإصابة 2: 103 المرقم 3626.

[449] ذخائر العقبي: 241.

[450] الإصابة 2: 196 المرقم 4109، وأسد الغابة 3: 33.

[451] الاستيعاب 2: 270 هامش الإصابة، والإصابة 2: 284، وأسد الغابة 3: 138.

[452] الإصابة 2: 304، وأسد الغابة 3: 154 عن ابن مندة وأبي نعيم.

[453] الإصابة 2: 234، وأسد الغابة 4: 204.

[454] الإصابة 2: 640.

[455] الإصابة 4: 341 والاستيعاب هامش الإصابة 4: 340، وأسد الغابة 5: 486.

[456] الطبقات الكبري 3: 232.

[457] الاستيعاب 2: 279 هامش الإصابة، وأسد الغابة 3: 138، والإصابة

2: 292.

[458] الإصابة 2: 318، وأسد الغابة 3: 175. هو عبدالله بن سعد بن سفيان بن خالد لا عبد الله بن سعد المشهور.

[459] الوفاء لابن الجوزي 2: 789، وتاريخ الذهبي 2: 350، والبداية والنهاية 6: 8، والرصف: 101 عن البخاري، ومسلم 3: 1649 بأسانيد متعدّدة، والبخاري 7: 190 و4: 101، وفتح الباري 10: 235، وسنن أبي داود 4: 45، ومسند أحمد 6: 32 _ 131، وسنن ابن ماجة 2: 1176.

[460] الطبقات الكبري 1: ق2: 151، وتاريخ الذهبي 2: 346 قال: قلت: هذا البرد غير برد النبي(صلي الله عليه وآله)الذي يتداوله الخلفاء.

[461] الطبقات 1: ق2: 153 _ 154، والوفاء لابن الجوزي 2: 568، وتاريخ الذهبي 2: 412 _ 345، والآثار النبوية: 24، والسيرة الحلبية 3: 242 _ 379، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 19، والرصف: 100.

[462] الطبقات الكبري 1: ق2: 173، والوفاء لابن الجوزي 2: 668.

[463] الوفاء لابن الجوزي 2: 555.

[464] الوفاء لابن الجوزي 2: 668، والرصف: 117 عن الطبقات، وراجع البحار 47: 35 _ 112.

[465] الطبقات 1: ق2: 167، والبخاري 7: 199 و4: 101، والبداية والنهاية 6: 6، وفتح الباري 10: 262 _ 264.

[466] الطبقات 1: ق2: 167 بسندين، والرصف: 106 عنه.

[467] الطبقات 1: 166 ق2.

[468] الطبقات 1: ق2: 166 والرصف عنه.

[469] الطبقات 1: ق2: 167 بسندين.

[470] البخاري 7: 199، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 413.

[471] راجع 31 _ 34، من المصدر.

[472] البداية والنهاية 6: 6، والرصف: 118، والبخاري 4: 101، ومسند أحمد 4: 326، والترمذي 4: 101 نقل صدر الرواية، والفتح 6: 148 _ 149 وليراجع كلامه في شرح الحديث.

[473] البخاري 4: 101.

[474] الفتح 6: 148.

[475] وفاء الوفاء 1: 286.

[476] البحار 46: 35.

[477] البحار 46: 95.

[478] البحار

46: 112.

[479] البحار 49: 59.

[480] البحار 50: 53.

[481] كنز العمّال 15: 320.

[482] البحار 48: 164.

[483] البحار 52: 355.

[484] البحار 52: 361.

[485] البحار 66: 539.

[486] الآثار النبويّة: 105.

[487] الآثار النبويّة: 106.

[488] الآثار النبويّة: 110.

[489] الآثار النبويّة: 112.

[490] الآثار النبويّة: 114.

[491] البداية والنهاية 6: 7.

[492] البخاري كتاب الصلاة الباب 89 1: 130 وفتح الباري 1: 469 وكنز العمّال 6: 247 المرقم 4424 وما بعدها، والبداية والنهاية 5: 149 _ 150 والصارم المنكي: 129 والغدير 6: 147 والإصابة 2: 349، وفي الصارم المنكي: 108 عن الإمام مالك: أ نّه يستحبّ الصلاة في مواضع صلاة النبي(صلي الله عليه وآله).

[493] الفتح 1: 471.

[494] المصادر المتقدّمة.

[495] الطبقات 6: 187.

[496] الموطأ لمالك 1: 218 باب ما جاء: في الدعاء وتبرّك الصحابة: 20 عنه وإن خالف لفظه لفظ النسخة الموجودة من الموطأ عندي، ومسند أحمد 5: 445 وسيأتي الإشارة إليه أيضاً عن وفاء الوفاء: 829.

[497] تاريخ الإسلام للذهبي 2: 233.

[498] الإصابة 2: 524.

[499] أسد الغابة 3: 227 وسيأتي في الفصل الآتي، وكنز العمّال 16: 93.

[500] راجع البخاري 1: 115 _ 116 بسندين و170 _ 171 _ 175 و2: 73 _ 74 _ 75 و7: 94 وتبرّك الصحابة ص20 عنه، والطبقات 3: 97 ق2 وإرشاد الساري 1: 427 والأسماء والصفات للبيهقي: 100 _ 101 وفتح الباري 1: 433 _ 469 وصحيح مسلم 1: 61 _ 62 _ 455 _ 456 والنسائي 2: 80 _ 105 و3: 174 و4: 44 بسندين والإصابة 3: 386 ومسند أحمد 3: 174 و4: 44 بسندين و5: 449 _ 450 بأسانيد متعدّدة ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي 1: 26 ووفاء الوفاء 3: 820 _ 821 _ 877 _ 878

علي اختلاف ألفاظ الأحاديث، وراجع تقييد العلم: 94 وكنز العمّال 1: 265.

[501] البخاري 1: 170.

[502] فتح الباري 1: 433.

[503] فتح الباري 1: 469.

[504] صحيح مسلم 1: 61.

[505] صحيح مسلم 1: 62.

[506] صحيح مسلم 1: 455.

[507] الإصابة 4: 105 المرقم 134 ونقله كنز العمّال 17: 115 مفصّلا عن مسند أحمد.

[508] الفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 265.

[509] البخاري 1: 134 ومسلم 1: 364 ومسند أحمد 4: 48 _ 54 وفتح الباري 1: 476 والطبقات 4: ق2: 40.

[510] الرصف: 166 ووفاء الوفاء 1: 451.

[511] البخاري 1: 135.

[512] النسائي 1: 135.

[513] سنن ابن ماجة 1: 250 _ 251، ومسند أحمد 3: 130 بسندين وص184.

[514] مسند أحمد 5: 207 و6: 12 _ 14، وكنز العمّال 5: 166.

[515] مسند أحمد 6: 12 _ 13 _ 14 _ 15، ومنحة المعبود 1: 86، وكنز العمّال 5: 168.

[516] المصدر نفسه.

[517] مسند أحمد 6: 12 _ 13 _ 14 _ 15، ومنحة المعبود 1: 86، وكنز العمّال 5: 168.

[518] المصدر نفسه.

[519] الطبقات 2: ق1: 72 والدر المنثور 6: 73 والإصابة 3: 420 والبخاري 5: 159 وأسد الغابة 4: 367 وأوعز إليه في الاستيعاب هامش الإصابة 3: 442.

[520] مسند أحمد 5: 433.

[521] الطبقات 2: ق1: 72 وتدلّ هذه الأحاديث أنّهم يريدون أن يعلموا مكانها وأن يتبرّكوا بها ولكن نسوها. فتدبّر. ولعلّ نسيان المكان كان بعد قطع عمر الشجرة حتي عمي المكان كما هو الظاهر.

[522] الطبقات الكبري 1: ق1: 73 وشرح ابن أبي الحديد 1: 178 والغدير 6: 146 عن سيرة عمر لابن الجوزي: 107 والطبقات وشرح ابن أبي الحديد 4: 122 والسيرة الحلبية 3: 29 وفتح الباري 7: 345 وقد صحّحه، وإرشاد الساري للقسطلاني 6: 337

وشرح المواهب للزرقاني 2: 207 والدرّ المنثور 6: 73 وعمدة القارئ 8: 284 وقال: اسناده صحيح.

[523] الغدير 6: 147 عن سيرة عمر لابن الجوزي: 107، وشرح ابن أبي الحديد 3: 122، وفتح الباري 1: 469.

[524] في كنز العمّال 17: 104 «عن عمر: أ نّه لمّا أراد الزيادة في المسجد وضع المنبر حيث هو اليوم ودفن الجذع لئلا يفتتن به أحد».

[525] الغدير 6: 147 وما بعدها.

[526] فتح الباري 1: 469.

[527] فتح الباري 1: 471.

[528] راجع النص والاجتهاد للعلاّمة شرف الدين، والغدير 6: واعترف بذلك أحمد أمين في فجر الإسلام.

[529] وفاء الوفاء 3: 890.

[530] المصدر نفسه.

[531] وفاء الوفاء 3: 901 _ 902.

[532] وفاء الوفاء 3: 907 _ 918.

[533] كنز العمّال 1: 233 المرقم 4233 نقلا بالمعني.

[534] يأتي تفصيله فيما بعد تحت عنوان «ملخص الكلام».

[535] وفاء الوفاء 1: 450.

[536] وفاء الوفاء: 1002.

[537] وفاء الوفاء: 572.

[538] كنز العمّال 2: 228.

[539] تبرّك الصحابة: 19 _ 20، والاستيعاب 2: 344، والإصابة 2: 349، وأسد الغابة 3: 227 _ 230.

[540] الاستيعاب: 342.

[541] الاستيعاب: 344.

[542] أسد الغابة 3: 227، وكنز العمّال 16: 93.

[543] البخاري 3: 140 و2: 167، وصحيح مسلم 2: 981 _ 982، ومسند أحمد 2: 119 _ 136 تقدّم اهتمام أهل البيت(عليهم السلام) بمعرس رسول الله(صلي الله عليه وآله)بذي الحليفة فراجع فصل تبرّك الصحابة بقبره الشريف.

[544] 2: 119.

[545] 2: 981.

[546] نقله البخاري 2: 210.

[547] السمهودي 1: 368.

[548] في 2: 440 _ 441.

[549] ص448.

[550] 450.

[551] 467.

[552] 450.

[553] 451.

[554] 452.

[555] 1: 130.

[556] فتح الباري 1: 469.

[557] وفاء الوفاء 3: 806.

[558] ص809.

[559] ص813.

[560] راجع ص819.

[561] راجع ص823.

[562] راجع ص824.

[563] راجع ص825.

[564] راجع ص827.

[565] راجع ص828.

[566] راجع ص830.

[567] راجع ص838.

[568] راجع ص841.

[569] راجع ص843.

[570] راجع

ص845.

[571] راجع ص848.

[572] راجع ص849.

[573] راجع ص851.

[574] راجع ص852 _ 853.

[575] راجع ص854.

[576] راجع ص854.

[577] اُنظر ص855.

[578] ص856.

[579] ص857.

[580] ص858.

[581] ص860.

[582] ص861.

[583] ص862.

[584] ص864.

[585] ص865.

[586] ص865.

[587] ص866 _ 867.

[588] ص866 _ 867.

[589] اُنظر ص866 _ 867.

[590] ص868.

[591] ص868.

[592] ص868 _ 869.

[593] ص868 _ 869.

[594] ص870.

[595] ص871.

[596] ص871.

[597] ص871.

[598] ص872.

[599] ص872.

[600] ص872.

[601] انظر ص873.

[602] ص784.

[603] ص874.

[604] ص875.

[605] ص875.

[606] ص875.

[607] ص876 _ 877.

[608] ص876 _ 877.

[609] ص878 _ 879.

[610] ص878 _ 879.

[611] ص878 _ 879.

[612] ص880.

[613] راجع ص880 _ 882.

[614] اختصرناه ممّا ذكر الحلبي في السيرة 1: 73 _ 75، والبحار 15: 251 _ 252 عن الكافي.

[615] اختصرناه من أعيان الشيعة 2: 7 في ذكر ولادته(صلي الله عليه وآله).

[616] اختصرناه من أعيان الشيعة 2: 7 في ذكر ولادته(صلي الله عليه وآله).

[617] ج10.

[618] كشف الغمّة للأربلي 2: 352 وقاموس الرجال 4: 27 عنه عن دلائل الحميري.

[619] بحوث مع أهل السنّة والسلفية: 101.

[620] الاستيعاب 3: 193 وأخرجه البخاري في تاريخه بإسناد صحيح كما في الإصابة 3: 195.

[621] ربيع الأبرار 1: 708 _ 709.

[622] راجع في ذلك كلّه: بحوث مع أهل السنّة والسلفية: 101 _ 102.

[623] لا يخفي ذلك علي من راجع الصحاح الستّة وغيرها من كتب الحديث والتاريخ، إذ تجد فيها صوراً من عصمة النبي(صلي الله عليه وآله) وعلمه وشجاعته وحلمه وسائر صفاته فراجعها وراجع كتاب السير في الصحيحين والغدير.

[624] الموفقيات: 577، وشرح النهج 5: 126، 130، وقاموس الرجال 9: 20، ومروج الذهب 3: 454، ونهج الصباغة 3: 193 عن الموفقيات ومروج الذهب.

[625] مروج الذهب 3: 454 _ 455.

[626] شرح النهج للمعتزلي 1: 101.

[627] مستدرك الحاكم 3: 556، وتلخيص المستدرك للذهبي هامش نفس الصفحة، وتاريخ ابن عساكر 4: 69،

والغدير 10: 51 عنهما، وبهج الصباغة 5: 317 عن الربيف والبداية والنهاية 9: 130.

[628] النصائح الكافية لمحمد بن عقيل: 81 عن الجاح1 وليراجع الكامل للمبرد 1: 222 ط النهضة بمصر وشرح النهج للمعتزلي 15: 242، وبهج الصباغة 5: 338 أقول: سلف مصادر القصة فيما مرّت في ذكر التبرّك بقبره(صلي الله عليه وآله).

[629] العقد الفريد 2: 354: ولفظه «وكتابه (أي الحجاج) إليه _ يعني عبد الملك _ أنّ خليفة الرجل في أهله أكرم عليه من رسوله إليهم، وكذلك الخلفاء يا أمير المؤمنين أعلي منزلة من المرسلين» فليراجع في كفريات الحجّاج لعنه الله تعالي تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 51 _ 81.

[630] مصنف عبد الرزاق 5: 49.

[631] العقد الفريد 4: 418.

[632] العقد الفريد 5: 25. وهذا الكتاب ينبغي لك قراءته، لكي تقف علي غواية الحجّاج وفساد عقيدته.

[633] العقد الفريد 5: 51، وبهج الصباغة 5: 319.

[634] العقد الفريد 5: 52 وبهج الصباغة 5: 317 والبداية 9: 131 وفي عباسية الجاحظ «يفخر هاشم علي أميّة: بأنّهم لم يهدموا الكعبة ولم يحوّلوا القبلة ولم يجعلوا النبي أدني من الخليفة ولم يختموا في أعناق الصحابة ولم يغيّروا أوقات الصلاة ولم ينقشوا أكفّ المسلمين ولم يأكلوا ولم يشربوا علي منبر النبي(صلي الله عليه وآله)ولم ينهبوا الحرم ولم يطؤوا المسلمات في دار الإسلام بالسبا» (راجع بهج الصباغة 5: 337).

[635] توحيد ابن خزيمة: 108.

[636] ابن كثير في البداية والنهاية 8: 281، وليراجع تاريخ اليعقوبي 2: 261، ومآثر الإناقة 1: 119، وحياة الحيوان 1: 66 وغير ذلك اختصرنا ذلك من كتاب الإسرائيليات في الإسلام للعلاّمة المفضال السيد جعفر مرتضي.

[637] هو معروف فلا حاجة إلي ذكر المصادر.

[638] بهج الصباغة 3: 194 عن الطبري و5: 344 عنه

أيضاً وزاد: «أحسنت والله إنّي لعلي دين ابن الزبعري يوم قال هذا الشعر».

[639] بهج الصباغة 3: 193 و5: 339، ومروج الذهب 3: 216.

[640] بهج الصباغة 3: 193 و5: 339 وراجع: 344 تجد أشعاره في إنكار البعث، ومروج الذهب 3: 216.

[641] راجع بهج الصباغة 3: 124، 192 حين ضرب قبر حمزة برجله، وفرح بغلبة الروم في اليرموك، وكلامه في مجلس عثمان.

[642] بهج الصباغة 5: 317، البداية والنهاية 9: 130.

[643] بهج الصباغة 5: 291.

[644] بهج الصباغة 5: 338.

[645] بهج الصباغة 5: 340.

[646] بهج الصباغة 5: 340.

[647] بهج الصباغة 5: 343.

[648] بهج الصباغة 5: 343 عن الطبري وص337 ما معناه ذلك.

[649] بهج الصباغة 5: 341 أقول: هذا قليل من كثير من كفرهم، وبدعهم، وعدم اعتنائهم بالدين، وحطّهم مقام النبوّة، واستخفافهم بالرسالة، وإهانتهم للمشاعر. وإنّما تركنا ذكر الباقي لخروجه عن شرط الكتاب، ولكثرة وضوحه وشهرته، فلا يحتاج إلي الاطناب.

[650] ص220.

[651] كشف الارتياب: 139.

[652] تاريخ الخميس 1: 198، وأشار إليه في الروض الأنف 1: 184، والكامل لابن الأثير 1: 458 ط صادر، والطبري ط الاستقامة 1: 571، وأخبار مكة للأزرقي 1: 433، والمواهب اللدنية 1: 25.

[653] أخبار مكّة، للأزرقي 1: 433.

[654] راجع ص1002.

[655] راجع ص1005.

[656] راجع ص1005 _ 1007.

[657] راجع ص1007.

[658] راجع ص1008.

[659] راجع ص1010 _ 1013.

[660] راجع ص1014 _ 1017.

[661] راجع ص1017 _ 1019.

[662] راجع ص1019 _ 1022.

[663] راجع ص1023 _ 1024.

[664] راجع ص1025.

[665] راجع ص1026 _ 1027.

[666] راجع ص1026 _ 1027.

[667] راجع ص1029 _ 1031.

[668] راجع ص1027 _ 1028.

[669] راجع ص1032.

[670] راجع ص922.

[671] تاريخ الخميس 2: 177.

[672] منحة المعبود 2: 193، ومسند أحمد 4: 93.

[673] البخاري 1: 59، 213 و8: 95، 111، وفتح الباري 1: 157، 256 و11:

127، وسنن ابن ماجة 1: 216، 249.

[674] الفتح 1: 157.

[675] ص256.

[676] الإصابة 2: 285.

[677] المستدرك للحاكم 1: 361.

[678] المغازي للواقدي 3: 196 مرَّ نظيره فيما تقدّم فراجع.

[679] البحار 18: 28 _ 29.

[680] البخاري 2: 210، والفتح 3: 440 _ 441.

[681] راجع المصدر: 31.

[682] الطبقات 8: 77، والآثار النبوية: 31.

[683] الآثار النبوية: 35.

[684] راجع المصدر المتقدّم: 39 من البداية والنهاية.

[685] الآثار الباقية: 40 ونقل ذلك: 42 عن حسن المحاضرة ونقل كما في ص50 عدداً من هذه الآثار وأضاف مصحف عثمان ومصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وزاد في: 51: (القميص وشعرتان من اللحية الشريفة محفوظتان في زجاجة).

[686] ص73 _ 84.

[687] ص100.

[688] البداية والنهاية 6: 8.

[689] وفاء الوفاء 3: 839، 984.

[690] وفاء الوفاء 1: 380.

[691] وفاء الوفاء 1: 381.

[692] وفاء الوفاء 1: 372 _ 373.

[693] مرّ حديث انّ عمر أمر بدفن الجذع. راجع فتوي الخليفة في التبرّك عند الكلام حول صلاة النبي(صلي الله عليه وآله).

[694] وفاء الوفاء 1: 395.

[695] وانظر ص382.

[696] وانظر ص381.

[697] وفاء الوفاء 1: 381.

[698] وفاء الوفاء 1: 572.

[699] وفاء الوفاء: 1032 وسيأتي في الفصل المشتمل علي الأحاديث المرغبة في التبرّك ما يدلّ علي ذلك.

[700] وفاء الوفاء: 548.

[701] وفاء الوفاء 2: 548.

[702] وفاء الوفاء: 615.

[703] تاريخ جرجان: 278.

[704] البحار 47: 180 وقد ورد في فصل التبرّك بعصاه(صلي الله عليه وآله) أيضاً.

[705] كنز العمّال 7: 136.

[706] كنز العمال 15: 171 ومرّ عن المستدرك فراجع.

[707] كنز العمّال 14: 183.

[708] السيرة الحلبية 2: 147 _ 149 والطبقات 1: ق2: 11 وسنن الدارمي 1: 18 وسيرة دحلان 2: 208 ومسند أحمد 5: 137 _ 139 والبحار 17: 380.

[709] السيرة الحلبيّة 2: 242، وأسد الغابة 2: 293، والاستيعاب

هامش الإصابة 2: 26.

[710] ذخائر العقبي: 115 عن البغوي.

[711] الطبقات الكبري 5: 346.

[712] ذخائر العقبي: 134 عن الدولابي، وفي البحار 46: 47 نقل في الكافي بسند صحيح ما يقرب من ذلك عن علي بن الحسين (عليه السلام) فراجع ونحن نقلناه هنا استطراداً.

[713] البخاري 1: 59 الباب 40.

[714] الفتح 1: 256.

[715] الطبقات 5: 143.

[716] الطبقات 5: 237 وصفة الصفوة 2: 112 والاتحاف بحبّ الأشراف: 53.

[717] ينابيع المودّة: 150.

[718] البحار 47: 14.

[719] البحار 46: 106 وفي 47: 109 حديث يشعر بالتبرّك بثوب عبدالله فيه فراجع، سوف نذكره في الفصل الآتي.

[720] تقدّم في وفاء الوفاء 1: 450.

[721] ذخائر العقبي: 169.

[722] وفاء الوفاء 1: 572.

[723] ابن أبي الحديد 7: 274 واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: 338.

[724] الاستيعاب هامش الإصابة 3: 99، والتذكرة للعلاّمة الحلّي رحمه الله تعالي 1: 167، وذخائر العقبي: 200 / 236 والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 380، وأسد الغابة 3: 111، وأشار إليه عبد الرزاق في المصنف 3: 93، ونقله أيضاً أبو عمر عن ابن شهاب، وقاموس الرجال 5: 236، والسيرة الحلبية 2: 52، والغدير 7: 301، وكشف الارتياب: 304 _ 315، وغريب الحديث لابن قتيبة 3: 182، والطبقات 3: 319، وربيع الأبرار للزمخشري 1: 119 _ 134، والنهاية لابن الأثير 2: 33 و4: 94، والأسماء والصفات للبيهقي 1، والأغاني 11: 81، والعقد الفريد 4: 64، والبيان والتبيين 3: 279 وعيون الأخبار لابن قتيبة 2: 279، والأوائل لأبي هلال العسكري 1: 256، والمستدرك للحاكم 3: 334، ومآثر الأناقة في معالم الخلافة 1: 91 تأليف القلقشندي، وفتح الباري 2: 413، وينابيع المودّة: 306 عن تاريخ دمشق، وكنز العمّال 16: 120 عن أنس وابن عمر وص123 عن موسي بن

عمر وص124 عن عبد الرحمن بن حاطب وص130 عن أبي وجزة السعدي عن أبيه.

[725] ص306.

[726] راجع السنن الكبري للبيهقي 3: 352، والبخاري 2: 34 و5: 25، والطبقات الكبري 4: 19 بأسانيد متعدّدة و3: ق1: 232 بسندين، وكشف الارتياب: 314، والرصف: 400، وفتح الباري 2: 411 _ 412، وينابيع المودة: 306.

[727] الطبقات 5: 107.

[728] ينابيع المودّة: 364 والفصول المهمّة لابن الصباغ ط سنة 1381: 240 ونور الأبصار: 138 ط سنة 1310 والصواعق: 122 والبحار 49: 127 عن تاريخ نيسابور.

[729] صفة الصفوة 3: 47 _ 233.

[730] البحار 83: 320.

[731] البحار 83: 320.

[732] البحارج 49 ص29.

[733] البحار 49: 29 ورواه: 33، 56 بنحو آخر.

[734] البحار 49: 35.

[735] البحار 49: / 56.

[736] البحار 49: 60 ونقله: 123 بنحو أبسط يأتي.

[737] البحار 49: 86.

[738] البحار 49: 121.

[739] البحار 49: 123.

[740] البحار 49: 147 / 240 مفصلا و243 وفيه ; فقلت: يا سيدي إن رأيت أن تهب لي شيئاً من ثيابك ليكون كفني... وفي ص241 تبرك دعبل بفضل الجبّة في شفاء عين جاريته.

[741] البحار 49: 323 مختصراً.

[742] البحار 50: 43.

[743] البحار 50: 44.

[744] البحار 50: 44.

[745] البحار 50: 225 والوسائل 10: 422 والبحار 101: 112 _ 113.

[746] البحار 48: 164 عن مقاتل الطالبيين.

[747] البحار 48: 290.

[748] البحار 47: 109 / 147.

[749] البحار 47: 147. الزنفليجة: أعجمي معرب، وعاء شبيه بالكتف. اُنظر الهامش.

[750] البحار 46: 224 عن أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله تعالي، وص227 عن كشف الغمّة.

[751] البحار 47: 28 وقد مرّ التبرّك بعصاه (صلي الله عليه وآله).

[752] الوسائل 10: 409 _ 410 والبحار 101: 119 _ 122 _ 124 _ 125، وفي البحار 60: 156 حديث روي بسندين يرخص الاستشفاء بطين

قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسائر الأئمّة(عليهم السلام)، وللعلاّمة المجلسي (رحمه الله)فيه كلام فراجع.

[753] الوسائل 10: 409 _ 410 والبحار 101: 119 _ 122 _ 124 _ 125، وفي البحار 60: 156 حديث روي بسندين يرخص الاستشفاء بطين قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسائر الأئمّة(عليهم السلام)، وللعلاّمة المجلسي (رحمه الله)فيه كلام فراجع.

[754] الوسائل 10: 409 _ 410 والبحار 101: 119 _ 122 _ 124 _ 125، وفي البحار 60: 156 حديث روي بسندين يرخص الاستشفاء بطين قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسائر الأئمّة(عليهم السلام)، وللعلاّمة المجلسي (رحمه الله)فيه كلام فراجع.

[755] الوسائل 10: 409 _ 410 والبحار 101: 119 _ 122 _ 124 _ 125 وفي البحار 60: 156 حديث روي بسندين يرخص الاستشفاء بطين قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله) وسائر الأئمّة(عليهم السلام)، وللعلاّمة المجلسي (رحمه الله)فيه كلام فراجع.

[756] الوسائل 10: 410 _ 412 والبحار 101: 118 / 123 / 124 / 129 / 134 / 136.

[757] الوسائل 10: 410 _ 412 والبحار 101: 118 / 123 / 124 / 129 / 134 / 136.

[758] الوسائل 10: 410 _ 412 والبحار 101: 118 / 123 / 124 / 129 / 134 / 136.

[759] الوسائل 10: 410 _ 412 والبحار 101: 118 / 123 / 124 / 129 / 134 / 136.

[760] الوسائل 10: 410 _ 412 والبحار 101: 118 / 123 / 124 / 129 / 134 / 136.

[761] الوسائل 10: 412، والبحار 101: 120 و60: 157.

[762] الوسائل 10: 329.

[763] الوسائل 10: 352.

[764] الوسائل 10: 400 والبحار 101: 130 بأسانيد متعدّدة.

[765] الوسائل 10: 400 والبحار 101: 110 بأسانيد متعدّدة.

[766] الوسائل 10: 401.

[767]

الوسائل 10: 415 والبحار 101: 118 و60: 157.

[768] الوسائل 10: 415 والبحار 101: 120.

[769] الوسائل 10: 415 والبحار 101: 122 / 125.

[770] الوسائل 10: 415 _ 416 والبحار 101: 125.

[771] الوسائل 10: 421.

[772] الوسائل 10: 421 _ 422.

[773] الوسائل 10: 287.

[774] البحار 100: 226 _ 384، والوسائل 10: 293 وما بعدها.

[775] اُنظر البحار 100، والوسائل 10.

[776] الوسائل 16: 487، والبحار 101: 129 و60: 152.

[777] الوسائل 16: 488 والبحار 101: 130.

[778] الوسائل 16: 488 والبحار 101: 126.

[779] الوسائل 16: 488، والبحار 101: 130.

[780] الوسائل 16: 489، والبحار 101: 134، 60: 157.

[781] الوسائل 16: 489، والبحار 101: 135، 60: 157.

[782] الوسائل 16: 742، والبحار 101: 133.

[783] الوسائل 8: 313.

[784] الوسائل 9: 356 والبحار 101: 122.

[785] البحار 101: 125.

[786] البحار 101: 125.

[787] البحار 101: 131.

[788] البحار 101: 132.

[789] البحار 101: 132.

[790] البحار 101: 133، وراجع 85: 327 والوسائل 4: 1033.

[791] البحار 101: 133.

[792] البحار 101: 135.

[793] البحار 101: 136.

[794] البحار 101: 136.

[795] البحار 46: 79.

[796] راجع ينابيع المودّة: 136، 138، 182، 183، 214، 221، 222، 250، 255، 258، 259، والفصول المهمّة لابن الصباغ: 158، 159، وابن عساكر 4: 152، 202، 203، 204، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 126، وأمالي الشيخ الطوسي(رحمه الله): 10، 11، 12، 108، وكشف الغمة: 164، وإسعاف الراغبين هامش نور الأبصار: 123 _ 132 _ 133، وكفاية الطالب: 209، 235، 237 إلي غير ذلك من كتب الحديث والتاريخ والتراجم لا نطيل بذكرها. وإذا أردت الوقوف علي المزيد من ذلك فراجع الأحاديث الواردة في تفسير آية المباهلة والاتحاف بحبّ الأشراف.

[797] راجع إسعاف الراغبين: 105، والفصول المهمّة: 12، 166، ونور الأبصار: 112، وكفاية الطالب: 31 _ 32، وينابيع المودّة:

186/251، وأمالي الشيخ: 56 و169، ومقاتل الطالبيين: 33، والدر المنثور وتفسير الطبري ونور الثقلين في تفسير الآية الاُولي، وراجع تفسير آية التطهير في الدر المنثور، والطبري في تفسيرهما والفصول المهمّة: 8، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 204 وينابيع المودّة: 87، 104، 138، 188، 190، 245، 247، ونور الأبصار: 111، 112، وكفاية الطالب: 12، 227، 228، 232، ومجلّة الهادي: 118 من العدد الرابع من السنة الخامسة.

[798] هذه كلّها وردت في الأحاديث الكثيرة التي نقلها فطاحل الأعلام في أسفارهم وكتبهم فراجع المصادر المتقدّمة. فهذه السنن المتواترة أو المتظافرة مع ما ورد من حديث الثقلين والسفينة والمنزلة والطير المشوي وغيرها تدلّ علي عصمة الأئمّة الطاهرين من أهل البيت(عليهم السلام)، وعلمهم الغزير الإلهي، ومقاماتهم المعنوية، وتدلّ علي إمامتهم وولايتهم وقربهم من الحقّ سبحانه وتعالي، وإن شئت المزيد من ذلك فراجع المراجعات للعلاّمة الفقيد شرف الدين، وملحقات إحقاق الحقّ، والغدير، وعبقات الأنوار وغيرها.

[799] أنظر ص173 عن ذخائر العقبي.

[800] نور القبس المختصر من المقتبس: 172.

[801] صفة الصفوة 2: 346.

[802] صفة الصفوة 2: 156.

[803] البداية والنهاية 10: 330 عن البيهقي.

[804] نزهة المجالس 2: 166.

[805] تاريخ بغداد لطيفور: 20.

[806] تاريخ جرجان: 312.

[807] كنز العمّال 10: 270 / 277.

[808] كنز العمّال 1: 287.

[809] البحار 49: 90.

[810] البحار 51: 230.

[811] السنن الكبري للبيهقي 5: 202 بسندين، ومكاتيب الرسول 2: 526 عن الإصابة 1: 21 المرقم 38 وص30 المرقم 84 و4: 226 المرقم 22، ورسالات عبد المنعم خان: 154 المرقم 56، والسيرة الحلبية 2: 54، والوسائل 9: 350 _ 351 و17: 207، والمصنف 5: 119، والبحار 99: 244 والدر المنثور 3: 223 _ 321 بأسانيد متعدّدة. قال البيهقي بعد نقل الحديث: قال الشافعي: بلغنا أنّ سهيل

بن عمرو أهدي إلي النبي(صلي الله عليه وآله)منه.

[812] الوسائل 9: 351، والبحار 99: 243 عن الخصال و66: 450 _ 451، ومستدرك الوسائل 2: 142 والدر المنثور 3: 321.

[813] البحار 99: 243 / 245.

[814] البحار 99: 245 و66: 438، ومستدرك الوسائل 2: 142، وكنز العمّال 13: 194 والدر المنثور 4: 221، والوسائل 17: 207.

[815] السنن الكبري للبيهقي 5: 202.

[816] المستدرك للحاكم 1: 372 _ 373، والسيرة الحلبية 1: 315، والدر المنثور 3: 221.

[817] المستدرك للحاكم 1: 372 _ 373، والسيرة الحلبية 1: 315 وكنز العمّال 13: 194 _ 195 _ 196 والدر المنثور 4: 221 مع زيادة وص222. وفي المصنف لعبد الرزاق: «إنّ ابن عباس شرب زمزم يأخذ الدلو ثمّ يستقبل القبلة فيشرب منها حتي يتضلّع فإنّه لا يتضلّع منها منافق» وقد أخرج عبد الرزاق بعد هذا الحديث أحاديث في زمزم والتبرّك بمائه.

[818] المستدرك للحاكم 1: 372 _ 373، والسيرة الحلبية 1: 315 ونقل ذيله في كنز العمّال 13: 195: والدر المنثور 3: 221، والمصنف 5: 113.

[819] السيرة الحلبية 1: 315.

[820] السيرة الحلبية 1: 315 وكنز العمّال 13: 194، والدر المنثور 3: 221 _ 222.

[821] كنز العمّال 7: 90 المرقم 769.

[822] كنز العمّال 17: 100، والدر المنثور 3: 221 قريباً منه.

[823] كنز العمّال 17: 100.

[824] كنز العمّال 17: 100.

[825] كنز العمّال 17: 193.

[826] كنز العمّال 17: 193 و13: 195، والدر المنثور 3: 222 عن غيره.

[827] كنز العمّال 17: 194.

[828] كنز العمّال 13: 195 والدرّ المنثور 3: 221.

[829] الدر المنثور 3: 221.

[830] الدر المنثور 3: 222 وفي الوسائل: أنّ من روّي من ماء زمزم أحدث به شفاء وصرف عنه داء. والذي يفيد شيوع تبرّك المسلمين بزمزم ما

نقله الحلبي في السيرة 1: 38 من أنّ خالد بن عبدالله القسري «احتفر بئراً خارج مكة باسم الوليد بن عبد الملك وجعل يفضّلها علي زمزم ويحمل الناس علي التبرّك بها..».

[831] 3: 220 _ 223.

[832] 9: 351 _ 352 ; و17: 206.

[833] 2: 142.

[834] ج1.

[835] ج66 وج99.

[836] ج13 وج17.

[837] البحار 99: 245 و66: 457 عن المحاسن للبرقي، والوسائل 17: 208.

[838] الوسائل 9: 359 عن الكافي والصدوق.

[839] الوسائل 9: 360 عن الكافي والصدوق والشيخ.

[840] كنز العمّال 13: 205 ووفاء الوفاء 1: 67 _ 68.

[841] كنز العمّال 13: 205.

[842] كنز العمّال 13: 205 وفاء الوفاء 1: 68 وقريب منه في سفينة البحار 1: 122.

[843] وفاء الوفاء 1: 67.

[844] وفاء الوفاء 1: 68.

[845] وفاء الوفاء 1: 68 والبخاري 7: 172 وأبي داود 4: 13 ومسند أحمد 6: 93 وسنن ابن ماجة 2: 1163 وصحيح مسلم 4: 1724.

[846] وفاء الوفاء 1: 69 ونبذاً منه في البخاري 7: 172 وابن ماجة 2: 1163.

[847] وفاء الوفاء 1: 69.

[848] وفاء الوفاء 1: 68، 70.

[849] وفاء الوفاء 3: 936، وكنز العمّال 17: 115 و13: 231.

[850] وفاء الوفاء 3: 936، وكنز العمّال 17: 115.

[851] الوسائل 17: 208، والبحار 66: 434.

[852] الوسائل 17: 208، والبحار 66: 435.

[853] الوسائل 17: 208.

[854] الوسائل 17: 211 و10: 314 _ 316، والبحار 66: 448.

[855] الوسائل 17: 212.

[856] كنز العمّال 9: 186 المرقم 1506.

[857] كنز العمّال 7: 67 المرقم 547.

[858] الوسائل 10: 314 _ 316، والبحار 66: 447.

[859] المصدر نفسه.

[860] المصدر نفسه.

[861] شواهد التنزيل للحسكاني 2: 16 قسم التعليق عن أبي رافع مولي النبي(صلي الله عليه وآله)،ونور الثقلين 4: 609 عن الكافي، والدر الثمين: 47، ومناقب الخوارزمي: 220، وينابيع المودّة: 63

عن مؤمن بن أحمد و130 و131 عنه أيضاً، وعن المناقب عن جابر وعن مسند أحمد عن علي(عليه السلام) وابن مسعود وعن المناقب أيضاً عن الإمام الحسن بن علي(عليهما السلام) وسلمان وفضائل الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عن تاريخ ابن عساكر 1: 226 في الهامش عن ابن المغازلي وص304، والبحار 35: 315 عن كنز جامع الفوائد: 321 عن تفسير فرات الكوفي وص323 عن الكافي و47: 67 عن أمالي الصدوق و68: 137، وهامش إحقاق الحق 7: 293 عن علل الحديث لابن أبي حاتم 1: 313، ومقتل الحسين للخوارزمي: 45 ومناقبه: 245، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 219 و1: 425 (وفي الطبعة الحديثة) 18: 282، ومجمع الزوائد 9: 131، والينابيع في المواضع المتقدّمة، وأرجح المطالب: 454 وغزوة خيبر للشيخ قوام الدين: 102، ومسند أحمد 1: 160.

[862] الترمذي 5: 66، وأدب الإملاء والاستملاء: 174، وكنز العمّال 6: 289، ومستدرك الوسائل 2: 81.

[863] كنز العمّال 6: 289، وابن ماجة 2: 1240.

[864] ابن ماجة 2: 1240.

[865] الإصابة 2: 304 المرقم 4669.

[866] البحار 76: 48 و49: 104، والوسائل 8: 497 عن الكافي وقرب الاسناد.

[867] كنز العمّال 10: 145.

[868] كنز العمّال 10: 145.

[869] كنز العمّال 10: 145.

[870] كنز العمّال 10: 145.

[871] كنز العمّال 10: 145.

[872] كنز العمّال 10: 145.

[873] كنز العمّال 10: 192.

[874] كنز العمّال 10: 144.

[875] البحار 76: 49 وسفينة البحار 1: 122 والوسائل 8: 497.

[876] الوسائل 8: 497 عن الكافي.

[877] البحار 49: 104.

[878] كنز العمّال 10: 4.

[879] كنز العمّال 10: 4 وابن ماجة 2: 1169.

[880] كنز العمّال 10: 4.

[881] كنز العمّال 10: 4.

[882] كنز العمّال 10: 4.

[883] كنز العمّال 1: 463.

[884] نور الثقلين 3: 213.

[885] نور الثقلين 3:

214.

[886] البخاري 7: 170 / 173، والدر المنثور 1: 4 عن أبي عبيد وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي، وصحيح مسلم 4: 1727 _ 1728.

[887] البخاري 7: 171، والدر المنثور 1: 4 عن أحمد والبخاري والبيهقي.

[888] البخاري 7: 172، والدر المنثور 6: 415 عن ابن أبي شيبة والبخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

[889] البخاري 7: 174، وقريب منه في سنن ابن ماجة 2: 1166.

[890] الدر المنثور 1: 4 عن أحمد والبيهقي في شعب الايمان.

[891] الدر المنثور 1: 4 عن الطبراني في الأوسط والدارقطني في الافراد وابن عساكر بسند ضعيف.

[892] الدر المنثور 1: 5 عن سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في شعب الايمان.

[893] الدر المنثور 1: 5 عن الدارمي والبيهقي.

[894] الدر المنثور 1: 5 عن الثعلبي.

[895] راجع البخاري كتاب المرضي والطب والجنائز والدعوات وابن ماجة كتاب الطب والجنائز ومسند أحمد 1: 76 / 281 و3: 151 / 267 / 418 و4: 259 و6: 44 / 45 / 109 و115 / 126 / 127 / 131 / 261 / 278 / 332 / 438 (وراجع كلمة الرقية والشفا وبرك من المعجم المفهرس لألفاظ الحديث) وفتح الباري 10: 165 / 168 / 169 وما بعدها ومستدرك الحاكم 4: كتاب الرقي والتمائم.

[896] صحيح مسلم 4: 1727.

[897] كنز العمّال 5: 21 ووفاء الوفاء 3: 1037.

[898] وفاء الوفاء 2: 656.

[899] وفاء الوفاء 2: 656 و3: 1038.

[900] وفاء الوفاء 3: 1037.

[901] وفاء الوفاء 3: 1037.

[902] وفاء الوفاء 3: 1037.

[903] وفاء الوفاء 3: 1038.

[904] وفاء الوفاء 3: 1038.

[905] البحار 66: 449.

[906] البحار 59: 37.

[907] راجع كتاب العشرة من البحار 74: / 75، وأصول الكافي ج2.

[908] أصول

الكافي 2: 185، والوسائل 8: 166، ومستدرك الوسائل 2: 98، ومرآة العقول 9: 78 _ 79 والبحار 76: 37.

[909] سورة الفتح: 29.

[910] سورة الحجر: 75.

[911] البحار 76: 37، ومرآة العقول 9: 78 _ 79 ونقلناه لمزيد الإفادة.

[912] أصول الكافي 2: 186، والوسائل 8: 565، ومرآة العقول 9: 82، والبحار 76: 40، ومستدرك الوسائل 2: 98 وزاد: «وليس عليه شيء وقبلة الأمّ علي الفم».

[913] مرآة العقول والبحار في شرح الحديث.

[914] أصول الكافي 2: 186، والوسائل 8: 565، والمستدرك 2: 98، ومرآة العقول 9: 83، والبحار 76: 41.

[915] الوسائل 8: 566.

[916] الوسائل 8: 566، والبحار 99: 385.

[917] البحار 76: 43.

[918] البحار 76: 42.

[919] ينابيع المودّة: 204 عن أبي الخير القزويني والاتحاف بحبّ الأشراف: 9.

[920] نور الثقلين 5: 655، وذخائر العقبي: 67، 95 بأسانيد متعدّدة.

[921] البحار 38: 107.

[922] ينابيع المودّة: 213 عن شرف النبوّة لابن سعد.

[923] ينابيع المودّة: 266، 300 عن أبي الخير الفاكهي وكنوز المطالب.

[924] البحار 38: 128.

[925] البحار 38: 65.

[926] وفي كتب علماء أهل السنّة راجع الترمذي 5: 700، وأهل البيت لتوفيق علم: 144، والسيرة الحلبية 3: 56، والاستيعاب 4: 377، وسنن أبي داود 4: 355. وهامش إحقاق الحقّ 10: 250 عن سنن السجستاني والترمذي والاستيعاب والأدب المفرد للبخاري، والمستدرك للحاكم 3: 159 وفيه: «وكانت هي إذا دخل عليها رسول الله(صلي الله عليه وآله) قامت إليه مستقبلة وقبّلت يده» والسنن الكبري للبيهقي 7: 101، والعقد الفريد 2: 3، ومقتل الحسين للخوارزمي: 54، وذخائر العقبي: 40 _ 41 وفضل الله الصمد للجيلاني والمدخل لابن الحاج وسنن الهدي ووسيلة المآل ونظم درر السمطين للزرندي، وتاريخ الإسلام للذهبي، وجامع الأصول للجزري، ومشكاة المصابيح للخطيب كلّهم رووه عن عائشة. وفي

الهامش أيضاً 10: 254 عن فتح الباري 8: 111 (وفي نسخة ط بيروت عندي: 103) عن أبي داود والترمذي وابن حبان والحاكم والثغور الباسمة للسيوطي: 12، وأعلام النساء 3: 1217 والشرف المؤبّد: 53، وفتح الملك المعبود 3: 223 ومعالم العترة للجنابذي ومرآة الجنان لليافعي: 61 والاتحاف للزبيدي وذخائر المواريث للنابلسي، وينابيع المودّة: 172، وروضة الأحباب وإسعاف الراغبين والأنوار المحمّدية ومشارق الأنوار ومفتاح النجا، كلّهم رووه عن عائشة.

[927] كنز العمّال 1: 272 ومنتخبه هامش مسند أحمد 1: 53، وراجع البحار 43: 40.

[928] البحار 43: 42 عن المناقب وص55 / 78.

[929] نزهة المجالس 2: 179 عن النسفي.

[930] البحار 43: 5 عن العلل.

[931] البحار 43: 6 عن تفسير علي بن إبراهيم.

[932] راجع ذخائر العقبي: 36، وينابيع المودّة: 197، 290، وهامش إحقاق الحقّ 10: 85 / 238 عن ذخائر العقبي والحربي والملا في سيرته وكنوز الحقائق للمناوي وص119 عن ابن عساكر والجامع الصغير وينابيع المودّة: 260، ووسيلة المآل للحضرمي وراموز الأحاديث للشيخ أحمد والفتح الكبير للنبهاني والأنوار المحمّدية له، والبحار 43: 42 عن الشافعي والزهري وسعيد بن المسيب كلّهم عن سعد بن أبي وقاص وعن أبي معاذ النحوي وأبي قتادة عن سفيان الثوري بسنده عن عائشة وعن شرف النبي والاعتقاد للأشنهي والرسالة للسمعاني والأربعين للمؤذن والفضائل لأبي السعادات عن الصادق(عليه السلام).

[933] كنز العمّال 16: 256، وذخائر العقبي: 22 / 41 عن الترمذي وأبي داود والنسائي وأبي حاتم، ومسند أحمد 6: 172 / 296 / 304، والينابيع: 228 _ 229 (والتاريخ الكبير للبخاري 4: ق2: 415، وسنن ابن ماجة 1: 64، والطبراني في المعجم الكبير: 130، ومسند أحمد 4: 172 والأدب المفرد للبخاري، كلّهم في هامش إحقاق الحقّ 11: 265

رووا ذلك).

[934] راجع نزهة المجالس 2: 187، وينابيع المودّة: 227 / 328، وكنز العمّال 16: 274 _ 276، والبحار 43: 261، وذخائر العقبي: 24 عن مسلم وص122 / 126 / 133 / 147، وفتح الباري 4: 286 _ 287، ومسند أحمد 2: 228 ونور القبس: 252 والبخاري 3: 87.

[935] الاستيعاب هامش الإصابة 1: 383، وكنز العمّال 16: 259 / 274 / 276 بأسانيد متعدّدة.

[936] ينابيع المودّة: 116 / 223، ومسند أحمد 4: 172، والترمذي 1: 51.

[937] الإصابة 1: 473، ومسند أحمد 2: 241 / 514 و5: 47 و6: 296 / 305، والبخاري 8: 9 والترمذي 4: 318،وأنساب الأشراف 3: 6.

[938] المنتخب للطريحي 1: 202 _ 203، والبحار 44: 242.

[939] سنن أبي داود 4: 355 وينابيع المودّة: 222 عن أبي حاتم وسعيد بن منصور وص258 عن سليم و324 عن ابن أبي الدنيا و333 / 360. وهامش إحقاق الحق 11: 310 عن مجمع الزوائد وص312 عن مقتل الحسين للخوارزمي ومجمع الزوائد وذخائر العقبي وص313 عن مقتل الحسين وص314 عن ذخائر العقبي ووسيلة المآل وص316/323 عن آخرين (نقلنا الحديث بالمعني) وراجع البخاري 3: 87، ومسند أحمد 3: 269، وكنز العمّال 22: 77.

[940] راجع الإصابة 1: 156، ومسند أحمد 2: 255 / 488 / 493، وكنز العمّال 16: 260، وأنساب الأشراف 3: 18 وهامشه ففيه مصادر جمّة.

[941] راجع البحار 44: 313.

[942] راجع البخاري 2: 105، ومسلم 4: 1807 _ 1808 ومسند أحمد 3: 112، والإصابة 1: 95.

[943] البحار 100: 119 عن كامل الزيارة.

[944] سنن أبي داود مع عون المعبود 4: / 524.

[945] مسند أحمد 1: 214.

[946] راجع أسد الغابة 1: 287، والإصابة 1: 237، وسنن أبي داود 4: 356،

والمغازي للواقدي 2: 683، وذخائر العقبي: 214 _ 215، والطبقات الكبري 4: 23، والعقد الفريد 2: 446 / 126، وقاموس الرجال 2: 367، والسيرة الحلبية 3: 56، وفتح الباري 11: 51، والوسائل 8: 559، وكتاب الصلاة باب صلاة جعفر، ومستدرك الوسائل 2: 98، وكنز العمّال 15: 293 _ 294، وعون المعبود 4: / 524، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 16.

[947] قاموس الرجال 5: 232.

[948] العقد الفريد 2: 455، والسيرة الحلبية 3: 56، وفتح الباري 11: 54 / 55 ونقله في هامش العقد عن ميزان الاعتدال 2: 241 ولم أجده فيه في النسخة الموجودة عندي، وأشار إليه في البحار 76: 34.

[949] نزهة المجالس 2: 147.

[950] نزهة المجالس 2: 147.

[951] المغازي للواقدي 3: 1126، وكنز العمّال 15: 243.

[952] المغازي للواقدي 3: 1126، والإصابة 1: 564، وكنز العمّال 10: 373، والترمذي 5: 77.

[953] الإصابة 2: 38، وأسد الغابة 2: 269.

[954] الطبقات لابن سعد 4: ق1: 102، وأسد الغابة 5: 33.

[955] أسد الغابة 5: 580.

[956] راجع الإصابة 2: 464، والوفاء لابن الجوزي 2: 541، وأسد الغابة 3: 386 / 387، والاستيعاب هامش الإصابة 3: 85 وصفة الصفوة 1: 450 وسيرتنا: 139، والمصنف لعبد الرزاق 3: 596، والطبقات الكبري 3: 288 ق1، والرصف: 409، وابن ماجة 1: 469 المرقم 1456، والترمذي 3: 314، وسنن أبي داود 3: 201، ومسند أحمد 6: 43 / 55 / 206، ومنحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي، 1: 157 ومستدرك الحاكم 1: 361 وتلخيص الذهبي بهامشه وأيّده، وكنز العمّال 16: 137 عن ابن عساكر والديلمي، والسيرة الحلبية 2: 95، وقاموس الرجال 6: 286، وفتح الباري 3: 91 ومجمع الزوائد، 3: 20، ومستدرك الوسائل 1: 125.

[957] البحار 47:

267.

[958] راجع في احترام المؤمن: الترمذي 4: 378، وابن ماجة 2: 1297، والدارمي 2: 68، ومسند أحمد 1: 86.

[959] مرآة العقول 9: 80 ط الأخوندي.

[960] راجع كتب الحديث في كتاب الجنائز وفيه تعارض.

[961] راجع مرآة العقول 8: 9 وأصول الكافي ج2، والبحار كتاب الايمان والكفر والعشرة والآداب 67: 76 من الطبعة الحديثة والوسائل كتاب الحجّ، وكنز العمّال ج3 الأخلاق، ومسلم ص1999 وقبلها وبعدها.

[962] المصادر المتقدّمة.

[963] الوسائل 8: 560.

[964] الوسائل 8: 560.

[965] الوسائل 8: 560.

[966] مرّت مصادره آنفاً فراجع.

[967] ستأتي المصادر.

[968] سوف توافيك المصادر.

[969] السيرة الحلبية 3: 56.

[970] السيرة الحلبية 3: 56.

[971] السيرة الحلبية 3: 56 وقد أسلفنا مصادره فراجع.

[972] ذكرنا مصادره فيما تقدّم فراجع.

[973] مرّت المصادر فراجع ويظهر من رواية زيد بن ثابت أنّ سعد بن عبادة أقام ابنه أمام رسول الله(صلي الله عليه وآله) حتي أذن في الجلوس.

[974] مصادره مرّت فيما مضي.

[975] وقد مرّ ذكر المصادر.

[976] وقد مرّ ذكر المصادر.

[977] راجع الترمذي 5: 91 الباب 13 من الأدب والبحار 16: 240.

[978] مرآة العقول 9: 80 والبحار 76: 39.

[979] سورة الحجر / 88.

[980] سورة لقمان / 18.

[981] سورة آل عمران / 159.

[982] سورة النور / 63.

[983] سورة الحجرات / 1 _ 2.

[984] البحار 16: 240، والوسائل 8: 560 وزاد: «ولا بأس أن يتخلخل عن مكانه».

[985] مسند أحمد 4: 483.

[986] الوسائل 8: 56.

[987] البحار 17: 15 _ 33.

[988] أصول الكافي 2: 185 والوسائل 8: 166، ومستدرك الوسائل 2: 98، والبحار 76: 37.

[989] سورة الحج / 32.

[990] سورة الحج / 30.

[991] مرآة العقول 9: 79 _ 80، والبحار 76: 38 أوردنا هذا التحقيق هنا وإن كان يناسب البحث السابق / لأنّ العلاّمة المجلسي(رحمه الله) أتي به في

شرح هذا الحديث فاقتفينا أثره.

[992] الترمذي 5: 90.

[993] راجع النسائي _ كتاب الزينة الباب 20، وسنن أبي داود كتاب اللباس الباب 8، ومسند أحمد 4: 134 والدارمي كتاب الاستئذان الباب 20.

[994] مستدرك الوسائل 2: 98 عن تحف العقول.

[995] هامش إحقاق الحقّ 9: 497 عن محاضرات الأدباء.

[996] عون المعبود 4: 525.

[997] الطبقات لابن سعد 2: ق1: 137، والمغازي للواقدي 3: 1119، وابن أبي الحديد 1: 160، وفي كنز العمّال.

[998] سنن أبي داود مع عون المعبود 4: 525.

[999] السيرة الحلبية 3: 250 وتبرّك الصحابة: 48 عن الجامع الصغير للعزيزي عن مسلم والترمذي وسنن أبي داود 4: 357 وعون المعبود 4: 525. [

[1000] أسد الغابة 2: 375 والإصابة 2: 96، والمغازي للواقدي: 1: 57، وتبرّك الصحابة: 4، 50. والمصنف لعبد الرزاق 3: 184 وفي هامش المصنف أيضاً 9: 468، نقله عن مجمع الزوائد 6: 289، والحافظ ابن حجر في الإصابة والبغوي والطبراني.

[1001] أسد الغابة 2: 375، والاستيعاب 1: 122، والمصنّف لعبد الرزاق 9: 467، ولكنّه ذكره سوادة بن عمر.

[1002] تاريخ الإسلام للذهبي 2: 343، وسنن أبي داود 4: 356 واللفظ له، وكنز العمّال 19: 53 و7: 139، والمستدرك للحاكم 3: 288 وصحّحه الذهبي في التلخيص في هامش المستدرك 3: 288 وعون المعبود 4: 525.

[1003] الوفاء لابن الجوزي 2: 775، والمصنف 9: 466 من الحسن قريباً ممّا ذكر.

[1004] تبرّك الصحابة: 49 عن تفسير ابن كثير وقال: نقله غير واحد منهم السدي.

[1005] الإصابة 2: 227 وتبرّك الصحابة: 49 عنه وأسد الغابة 3: 57، والاستيعاب هامش الإصابة 2: 226 وكنز العمّال 16: 64.

[1006] تبرّك الصحابة: 50 عن الاستيعاب وأبي بكر المقري في رسالته في تقبيل اليد. وقال: «فهنيئاً لمن مسّ وقبّل

أي جزء من جسد رسول الله(صلي الله عليه وآله) ويا سعادة من رآه، وراجع الإصابة 4: 20 وقال بعد نقله بإسناده وأخرجه أبو بكر المقري في جزء الرخصة في تقبيل اليد عن أبي الشيخ واستدركه أبو موسي، وأسد الغابة 5: 147.

[1007] المغازي للواقدي 2: 593.

[1008] صفة الصفوة 1: 714.

[1009] صفة الصفوة 1: 520 والمغازي للواقدي 2: 809.

[1010] صفة الصفوة 1: 531 (فليراجع أحمد والطبراني في الكبير وابن إسحاق 1: 228 وما بعدها والخصائص للسيوطي 1: 48 عن دلائل النبوّة للبيهقي وأبي نعيم في الدلائل _ كذا في الهامش) وراجع أسد الغابة 2: 330 ومسند أحمد 5: 443.

[1011] المغازي للواقدي 2: 856.

[1012] الدرّ الثمين: 46.

[1013] تبرّك الصحابة عن تفسير ابن كثير في تفسير قوله تعالي: ( يا أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً) عن أبي داود والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم، وراجع سنن أبي داود 4: 46 و356 وعلّق عليه في عون المعبود في شرح سنن أبي داود 1: 524 _ 525، وسنن ابن ماجة 2: 1221، ومسند أحمد 2: 70.

[1014] عون المعبود 1: 524 _ 525 وسيأتي مفصّلا. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة مطولا ومختصراً، وأخرجه الترمذي في موضعين من كتابه وصحّحه في الموضعين، وأطال الكلام في ذلك، فراجع.

[1015] الإصابة 2: 156.

[1016] الإصابة 2: 194.

[1017] سيرة دحلان 2: 211 ويأتي مفصّلا.

[1018] الطبقات 4: 56 ق1 راجع الفتوحات الإسلامية لدحلان 1: 363، وأسد الغابة 2: 330.

[1019] الفتوحات الإسلامية 1: 406.

[1020] الفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 160، والإصابة 2: 466، وأسد الغابة 3: 390.

[1021] المصنف لعبد الرزاق 11: 441 _ 442.

[1022] العقد الفريد 2: 126 / 446.

[1023] سنن ابن ماجة 2: 1221، والترمذي 5: 77

وقد مرّ عن عون المعبود بنحو آخر.

[1024] المصدر السابق.

[1025] سنن ابن ماجة 2: 1268.

[1026] سنن أبي داود 4: 356.

[1027] مسند أحمد 5: 214.

[1028] سيرة دحلان هامش الحلبية 3: 157 _ 158 عن الدارقطني عن ابن عمر ثمّ قال: ولحديث ابن عمر طرق ورواه أبو نعيم وورد مثله عن علي(رضي الله عنه) ورواه ابن الجوزي عن ابن عبّاس ومن حديث عائشة وأبي هريرة وقد مرّ بنحو مختصر، وكنز العمّال 14: 11 في حديث طويل.

[1029] أدب الإملاء: 139.

[1030] كنز العمّال 17: 52.

[1031] ابن ماجة 2: 1221، مرّ الحديث تحت رقم 27 عن العقد الفريد.

[1032] مستدرك الوسائل 2: 98.

[1033] راجع الطبقات لابن سعد 2: ق2: 52 بأسانيد متعدّدة تبلغ ثمانية، وتاريخ الخميس 2: 173، والوفاء لابن الجوزي 2: 789، والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 396، وتاريخ الإسلام للذهبي 2: 394 _ 393، والسيرة الحلبية 3: 392، وسيرة دحلان هامش الحلبية 3: 387 / 391، والطبري 4: 1816 _ 1817 _ 1818، وسيرة ابن هشام 4: 306، والمصنف لعبد الرزاق 11: 441 _ 442 و3: 596، والترمذي 3: 314 الحديث رقم 989، وابن ماجة 1: 468، والبخاري 2: 90 و6: 17 / 220 و5: 8 و7: 164، والنسائي 4: 11 بأسانيد متعدّدة وفتح الباري 3: 91 و8: 98 ومسند أحمد 1: 5 / 334 / 367 و6: 45 / 31 / 117 / 55، ومنحة المعبود 1: 157 و2: 114، وتلخيص المستدرك بهامشه للذهبي 1: 361 من حديث ابن عبّاس وعائشة وجابر، وكنز العمّال 20: 228 و7: 156 / 159 / 160 / 161 بأسانيد متعدّدة و166 / 172 و5: 374 كلّهم نقلوه بألفاظ يقرب بعضها من بعض، وكذا تاريخ

الخلفاء للسيوطي: 70.

[1034] كشف الارتياب عن المجالس للمفيد(رحمه الله).

[1035] الوفاء لابن الجوزي 2: 526، وتاريخ الخميس 1: 126 وستوافيك المصادر فانتظر.

[1036] الإصابة 2: 243، والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 429، وأخبار اصفهان لأبي نعيم 1: 110، وراجع صحيح مسلم 2: 926.

[1037] السنن الكبري للبيهقي 5: 74، وجامع مسلم 2: 925 _ 926، والنسائي 5: 227، والترمذي 3: 214، ومسند أحمد 1: 16 / 46 / 26 / 36 / 53 / 54، والبخاري 2: 183 / 186، والبداية والنهاية 5: 153 بأسانيد متعدّدة، وفتح الباري 3: 369 بأسانيد متعدّدة عن عابس وغيره، وكنزالعمّال 5: 91، وسنن أبي داود 2: 175.

[1038] راجع السنن الكبري للبيهقي 5: 74، وابن ماجة 2: 981، ومسلم 2: 925 عن ابن عمر وابن سرجس وسالم عن أبيه، ومسند أحمد 1: 21 / 35 عن ابن عبّاس وص51 عن ابن سرجس وص53 عن ابن عمر وكذا: 54 / 34 / 39، والبخاري 2: 183 / 185 / 186، والنسائي 5: 227، والدارمي 2: 53، والبداية والنهاية 5: 154، ومنحة المعبود 1: 216، وكنز العمّال 5: 91 / 92، والموطّأ 1: 334. وفي المصنّف ج5 / 40 _ 41: عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت تقبيل الناس أيديهم إذا استلموا الركن، أكان ممّن مضي في كلّ شيء؟ قال: نعم، رأيت ابن عمر وأبا سعيد الخدري وجابر بن عبدالله وأبا هريرة، إذا استلموا قبَّلوا أيديهم. قال: قلت: فابن عبّاس؟ قال: وابن عبّاس _ حسبت قال كثيراً_ قال: قلت: أفتكره أن تدع تقبيل يدك إذا استلمت؟ قال: نعم، فلو استلم إذا لو قبل (وفي الهامش: ولعلّ النص كان: «فلم استلم إذا لم اقبل») وأنا أريد

بركته.

[1039] سورة الأعراف / 172.

[1040] السيرة الحلبية 1:188، والوسائل 9:406، ومستدرك الوسائل 2:148، ومستدرك الحاكم 1: 457 وتلخيص الذهبي هامش المستدرك، والبحار 99: 216 وما بعدها وص228، وفتح الباري3: 370، والدر المنثور3: 144 عن فضائل مكة والطولات والحاكم والبيهقي في شعب الايمان، والغدير 6: 103 عن الحاكم، وابن الجوزي في سيرة عمر: 106، والأزرقي في تاريخ مكة وإرشاد الساري للقسطلاني 3: 195 وعمدة القارئ 4: 606، والجامع الكبير للسيوطي كما في ترتيبه 3: 35 وابن أبي الحديد 3: 122، والفتوحات الإسلامية لدحلان 2: 486، وشرح السيوطي للنسائي في هامشه 5: 228، وكنز العمّال 5: 93، والغدير 6: 103 من مصادر جمّة.

[1041] السنن الكبري للبيهقي 5: 74، وسنن الدارمي 2: 53، والمستدرك للحاكم 1: 455 والنسائي 5: 227، والبداية والنهاية 5: 154، ومنحة المعبود 1: 215، والبيان لآية الله الخوئي قسم التعليقات: 558 المرقم 13.

[1042] السنن الكبري للبيهقي 5: 74، والأم للشافعي 2: 145.

[1043] السنن الكبري للبيهقي 5: 75.

[1044] سنن ابن ماجة 2: 982، ومستدرك الحاكم 1: 454.

[1045] السنن الكبري للبيهقي 5: 75، وفتح الباري 3: 378 / 380 / 381، ومسلم 2: 924، ومسند أحمد 2: 108.

[1046] السنن الكبري للبيهقي 5: 75 وكتاب الأمّ للشافعي 2: 146، وفتح الباري 3: 378، والترمذي 3: 215، ومسند أحمد 1: 338 وفيه «أنّه _ يعني ابن عبّاس _ كان عندالحجر وعنده محجن يضرب به الحجر ويقبّله».

[1047] صحيح مسلم 2: 893 / 924 / 927، وسيرة دحلان 2: 242، والسيرة الحلبية 3: 294، وسنن ابن ماجة 2: 983، ومسند الإمام الشافعي هامش كتاب الأمّ 6: 272 / 149، والبداية والنهاية 6: 12 وسنن أبي داود 2: 176. والمصنف لعبد

الرزاق 5: / 41 بسندين.

[1048] البخاري 2: 186، والسنن الكبري للبيهقي 5: 74، والسيرة الحلبية 1: 188، وكتاب الأمّ للشافعي 2: 145، والترمذي 3: 215، ومسند أحمد 2: 152، والبيان للسيد الخوئي: 558 قسم التعليقات التعليقة رقم 12.

[1049] البداية والنهاية 5: 153 _ 155.

[1050] الوفاء 2: 526.

[1051] دلائل النبوّة 1: 153.

[1052] الوسائل 9: 402 _ 413.

[1053] مستدرك الوسائل 2: 148 _ 149.

[1054] مستدرك الحاكم 1: 456.

[1055] تاريخ الخميس 2: 126.

[1056] مسلم 2: 924.

[1057] سنن ابن ماجة 2: 987 _ 983.

[1058] البخاري 2: 183.

[1059] كتاب الأمّ 6: 146.

[1060] الترغيب والترهيب 2: 152.

[1061] الأمّ 2: 145.

[1062] النسائي 5: 226، 228، 233، 262، 431.

[1063] الترمذي 3: 214، 292.

[1064] سنن أبي داود 2: 175، 176، 181.

[1065] الدارمي 2: 42، 46.

[1066] مسند أحمد 1: 214، 217، 237، 267، 291 ; و3: 430.

[1067] البيان: 558.

[1068] كنز العمّال 5: 91، 95.

[1069] الغدير 6: 103.

[1070] المصنف 5: 40، 41، 29، 43، 71.

[1071] الحج / 30.

[1072] الحج / 32.

[1073] تفسير الطبري 17: 114 / 115.

[1074] نهج البلاغة خ190.

[1075] البقرة / 158.

[1076] الطبقات الكبري 1: ق2: 105.

[1077] البحار 95: 347 عن أمالي الصدوق(رحمه الله)، والمستدرك للنوري 1: 540.

[1078] البحار 46: 74، و الوسائل 11: 303 عن عدّة الدّاعي بروايتين وفي احدهما ثم تلاهذة الآية: (ألم تعلم أن الله هو يقبل التوبة عن عباده و يأخذه الصدقات) و عن العياّشي بسند آخر.

[1079] الوسائل 11: 303 عن الخصال والعياشي. والمستدرك للنوري(رحمه الله) ج1 / 540 والوسائل ج11 / 303 عن الخصال والعياشي وعن عدّة الداعي بروايتين وفي إحدهما: ثمّ تلي هذه الآية: ( ألم يعلموا أنّ الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) (سورة التوبة: 104)،

وعن العيّاشي أيضاً بسند آخر.

[1080] أصول الكافي 2: 185، والوسائل 8: 566 والبحار 76: 39، ومستدرك الوسائل 2: 98.

[1081] أصول الكافي 2: 185، والوسائل 8: 566، والبحار 76: 39.

[1082] مرآة العقول 9: 81 والبحار 76: 39 / 40.

[1083] الوسائل 8: 566.

[1084] البحار 38: 82 المرقم 2 عن العلل ومعاني الأخبار و46: 227.

[1085] البحار 46: 223 عن أمالي الصدوق(رحمه الله).

[1086] البحار 46: 226 عن الخرائج والاختصاص، ورجال الكشّي وص227 عن كشف الغمّة وص228 «بزيادة والتزمه» وص295.

[1087] البحار 46: 227.

[1088] البحار 47: 122.

[1089] البحار 47: 132.

[1090] البحار 47: 145.

[1091] البحار 47: 280.

[1092] البحار 48: 14.

[1093] البحار 48: 24.

[1094] البحار 48: 56.

[1095] البحار 48: 108.

[1096] البحار 48: 131.

[1097] البحار 49: 84.

[1098] البحار 52: 129.

[1099] البحار 66: 22.

[1100] البحار 76: 64.

[1101] البحار 46: 113.

[1102] البحار 46: 257.

[1103] البحار 46: 30.

[1104] البحار 46: 55.

[1105] مستدرك الوسائل 2: 98.

[1106] البحار 20: 258 وفي الهامش: رواه في المستدرك.

[1107] أدب الإملاء: 139.

[1108] مسند أحمد 3: 111، وسنن الدارمي 1: 27.

[1109] الإصابة 1: 338 المرقم 1736.

[1110] نزهة المجالس 2: 183.

[1111] ذخائر العقبي: 236.

[1112] المناقب للخوارزمي: 52.

[1113] السيرة الحلبية 3: 325.

[1114] صفة الصفوة 2: 30.

[1115] صفة الصفوة 4: 208.

[1116] كنز العمّال 5: 54 الرقم 111 والفتوحات الإسلامية 2: 428، والعقد الفريد 2: 124 / 446.

[1117] العقد الفريد 2: 128 / 224، وعيون الأخبار لابن قتيبة 1: 269، وجامع بيان العلم 1: 155، والإصابة 2: 332 و1: 561، وكنز العمّال 16: 9 وبهامشه عن ابن عساكر والجامع الكبير والاتحاف بحبّ الأشراف: 4.

[1118] الغدير 8: 299 عن اليعقوبي.

[1119] صفة الصفوة: 250، 1:، وكنز العمّال 14: 138 مختصراً.

[1120] صفة الصفوة 1: 259، والطبقات 3: ق1: 132 و5: 355.

[1121]

الإصابة 2: 297 وكنز العمّال 16: 108 وفيه «فقال عمر: حقّ علي كلّ مسلم أن يقبِّل رأس عبدالله بن حذافة وأنا أبدأ فقام عمر فقبَّل رأسه».

[1122] صفة الصفوة 3: 233 / 47.

[1123] الطبقات 6: 201 / 215.

[1124] المصدر نفسه.

[1125] كنز العمّال 16: 130 عن تقبيل اليد لابن المقري والبخاري في الأدب.

[1126] البحار 44: 313.

[1127] الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل 1: 252، وفتوح أعثم 1: 294، وكنز العمّال 9: 134.

[1128] كنز العمّال 9: 134.

[1129] الطبقات 6: 224. عاصم بن أبي النجود أحد القرّاء السبعة هو عاصم بن بهدلة توفي سنة 127 وأبو وائل عبدالله بن بسحير شيخ عبد الرزاق وأبو وائل القاص غيره يروي العجائب.

[1130] المنتخب للطريحي 1: 204.

[1131] العقد الفريد 2: 126 / 446، وسنن أبي داود 4: 356.

[1132] العقد الفريد 2: 126 وفي هامشه عن تهذيب التهذيب 10: 388.

[1133] صفة الصفوة 2: 95.

[1134] صفة الصفوة 2: 479.

[1135] الطبقات 4: ق2، ص39.

[1136] العقد الفريد 2: 126 / 446.

[1137] الغدير 8: 91.

[1138] مسند أحمد 4: 54 _ 55، ومنحة المعبود 1: 364 و2: 129.

[1139] ينابيع المودّة: 344 ومسند أحمد 3: 138.

[1140] صفة الصفوة 2: 266، والغدير 5: 91 عنه وعن تذكرة الحفّاظ للذهبي 3: 346.

[1141] العقد الفريد 2: 127 / 447.

[1142] العقد الفريد 2: 447.

[1143] المصدر نفسه.

[1144] المصدر نفسه.

[1145] العقد الفريد 2: 128 / 447، ونزهة المجالس 2: 189.

[1146] العقد الفريد 2: 127.

[1147] المصدر نفسه.

[1148] الغدير 5: 92.

[1149] المصنف لعبد الرزاق 11: 442.

[1150] البداية والنهاية 11: 26.

[1151] نزهة المجالس 2: 77.

[1152] الغدير 5: 91 عن البداية والنهاية 13: 123، وشذرات الذهب 3: 350.

[1153] الغدير 5: 91 عن البداية والنهاية 12: 119.

[1154] الغدير 5: 92.

[1155] المصدر نفسه.

[1156]

السيرة الحلبية 1: 203.

[1157] الاستيعاب 3: 97، والسيرة الحلبية 2: 52.

[1158] مسند أحمد 1: 196.

[1159] كنز العمّال 22: 140، والبخاري 5: 82.

[1160] كنز العمّال 22: 140.

[1161] المصدر نفسه.

[1162] كنز العمّال 16: 36.

[1163] الإصابة 1: 156، ومسند أحمد 2: 255 / 427 / 488 / 493، وكنز العمّال 16: 260.

[1164] البخاري 8: 9، وابن ماجة 2: 1209 راجع الترمذي 4: 318، ومسند أحمد 2: 241 / 269 و6: 56،70، ومسلم 4: 1808، وابن ماجة 2: 129.

[1165] شرح ابن أبي الحديد 20: 119.

[1166] الطبقات 3: ق2، 105، والبخاري 2: 91، وفتح الباري 3: 91.

[1167] الطبقات 6: 69.

[1168] البداية والنهاية 14: 135.

[1169] البداية والنهاية 10: 341.

[1170] الغدير 5: 92.

[1171] كشف الارتياب: 429.

[1172] ذكرنا مصادر هذا الحديث في فصل التبرّك فلا نعيد.

[1173] البحار 17: 32 عن الشفا.

[1174] النور / 63.

[1175] الفتح / 9.

[1176] الحجرات / 1.

[1177] الحجرات / 2 _ 3 راجع تفسير الرازي 28: / 110.

[1178] النساء / 64.

[1179] راجع ما تقدّم وراجع الوسائل 19: 250 من احتجاج الحسين(عليه السلام) علي عائشة في دفن الحسن(عليه السلام)ومنعها من ذلك حيث استدلّ(عليه السلام) بالآية الكريمة علي عدم جواز دفن الميّت في الروضة بدون إذنه.

[1180] راجع التبرّك بقبر الرسول(صلي الله عليه وآله) في رسالة التبرّك.

[1181] الوسائل 19: 247.

[1182] المصدر نفسه.

[1183] الوسائل 19: 248 بأسانيد متعدّدة.

[1184] الوسائل 19: 250.

[1185] الوسائل 19: 251.

[1186] راجع الموطأ 1: 237 وتنوير الحوالك في هامشه: 237، وسنن أبي داود 4: 213، وابن ماجة 1: 516، ومسند أحمد 4: 246 و6: 58 / 100/ 105 / 169 / 200، ومستدرك الوسائل 3: 380 و19: 251، وسنن البيهقي 4: 58.

[1187] الوسائل 2: 875 و19: 251.

[1188] أنّ معاذ بن جبل

قبّل كتاب أبي بكر، راجع نزهة المجالس 2: 134 ويظهر من مسند أحمد 4: 181 أن عيينية قبّل كتاب رسول الله(صلي الله عليه وآله).

[1189] البحار 47: 28.

[1190] راجع ينابيع المودة: 364، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ ط سنة 1381: 240، ونور الأبصار: 138 ط سنة 1310 والصواعق: 122، والبحار 49: 27 عن تاريخ نيسابور.

[1191] نزهة المجالس 2: 134.

[1192] ينابيع المودّة: 344.

[1193] مسند أحمد 4: 181.

[1194] مضت مصادر هذه المذكورات فراجع.

[1195] وفاء الوفاء 1: 544.

[1196] سنن الدارمي 1: 43 _ 44، وكشف الارتياب: 313، ووفاء الوفاء 2: 549.

[1197] راجع اقتضاء الصراط المستقيم: 338 والتوصل: 259، والوفاء لابن الجوزي 2: 810، وسنن الدارمي 1: 44، وشفاء السقام: 58 / 128، وكشف الارتياب: 313.

[1198] كشف الارتياب: 434.

[1199] راجع وفاء الوفاء 2: 444، وكشف الارتياب: 436 _ 437.

[1200] البيان لآية الله الخوئي: 559 قسم التعليقات عن المنتقي لابن تيمية، والوفاء لابن الجوزي 2: 804، وكشف الارتياب: 436، وأهل البيت لتوفيق علم: 165، والفصول المهمة لابن الصباغ: 132.

[1201] مسند أحمد 5: 422، والغدير 5: 148 عن المستدرك للحاكم 4: 515 وصحّحه هو والذهبي في تلخيصه، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 440_ 443 وفي طبعة 4: 1359 ومجمع الزوائد 4: 2، والبيان للسيد الخوئي: 558 قسم التعليقات عن المستدرك، والمنتقي 2: 261 _ 263، وشفاء السقام.

[1202] سنن ابن ماجة 2: 1320.

[1203] البيان لآية الله الخوئي قدّس سرّه: 559 قسم التعليقات عن المنتقي، والغدير 5: 147 عن تاريخ ابن عساكر مسند في موضعين (كما في شفاء السقام: 39) في ترجمة إبراهيم بن محمد الأنصاري 2: 256 وفي ترجمة بلال... وقال: ورواه الحافظ أبو محمد المقدسي في الكمال في ترجمة بلال، وأبو الحجاج المزي

في التهذيب، وشفاء السقام: 39، وأسد الغابة 1: 208، ووفاء الوفاء 2: 408 وقال: سنده جيّد وص443 (وفي طبعة 4: 1356) والقسطلاني في المواهب، والخالدي في صلح الاخوان، والخمراوي في المشارق.

[1204] وفاء الوفاء 1: 116 وما بعدها.

[1205] مسند أحمد 2: 311، 444.

[1206] مسند أحمد 3: 295.

[1207] مسند أحمد 4: 135.

[1208] مسند أحمد 6: 299.

[1209] وراجع الموطأ لمالك 1: 232، وسنن أبي داود 3: 317، ومسلم 2: 667 بأسانيد متعدّدة، والترمذي 4: 367 وقال بعد نقله عن أبي مرثد: وفي الباب عن أبي هريرة وعمرو بن حزم وبشير بن الخصاصية ثمّ ذكر أسانيد أُخر، وابن ماجة 1: 499، والنسائي 4: 95 وعن مسند الطيالسي 4: 254.

[1210] مسند أحمد 2: 389 / 528، وابن ماجة 1: 499 عن عقبة بن عامر.

[1211] سنن أبي داود 3: 217، وابن ماجة 1: 499، ومسند أحمد 5: 83 / 84 / 224 وعن مسند الطيالسي 4: 112.

[1212] الاستيعاب 3: 86، وأسد الغابة 3: 387، وابن ماجة 1: 498.

[1213] الطبقات 3: 291 ق1 وراجع مستدرك الوسائل 1: 126 عن دعائم الإسلام.

[1214] الطبقات 3: 289 ق1.

[1215] سنن أبي داود 3: 212 وراجع السيرة الحلبية 2: 95 وزاد: «وأمر(صلي الله عليه وآله) أن يرشّ قبره بالماء» ومستدرك الوسائل 2: 126 عن الذكري. ونقل في الوسائل 2: 864 عن أبي عبدالله(عليه السلام): «قبر رسول الله(صلي الله عليه وآله)محصب حصباء حمراء» وفيه أيضاً نقل رواية عن أبي الحسن(عليه السلام) تتعلّق بالكتابة علي لوح وجعله في القبر أو عليه وأن يجصّص.

[1216] الطبقات 3: ق1، 289.

[1217] الطبقات 3: 11 ق1.

[1218] البحار 100: 120 _ 121 عن فرحة الغرّي بأسانيد متعدّدة، وعن التهذيب والوسائل 10: 298 بسندين، ومستدرك الوسائل

2: 195 بأسانيده وص196 عن كامل الزيارة.

[1219] البخاري 2: 119، وفتح الباري 3: 177.

[1220] البخاري 2: 111، وفتح الباري 3: 161، وقاموس الرجال 3: 145.

[1221] الطبقات 8: 80 بأسانيد متعدّدة.

[1222] الطبقات 3: ق2، ص2، والوسائل 2: 875.

[1223] المصدر نفسه.

[1224] الترمذي 4: 378.

[1225] ابن ماجة 2: 1297. قال السمهودي في وفاء الوفاء: انعقد الاجماع علي تفضيل ما ضمّ الأعضاء الشريفة حتّي علي الكعبة...نقله القضاضي عياض والقاضي أبوالوليد الباجي... راجع كشف الارتياب: 446 _ 447.

[1226] البحار 67: 71.

[1227] المصنف لعبد الرزاق 5: / 139.

[1228] كشف الارتياب: 440.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.