لمحات

اشارة

لمحات - الشيخ لطف الله الصافي
الكتاب: لمحات
المؤلف: الشيخ لطف الله الصافي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر سيرة النبي والائمة

إلي هدي كتاب الله

إلي هدي كتاب الله
صفحه(٥)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -:
إذا التبست عليهم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع وماحل مصدق. من جعله أمامه قاده إلي الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلي النار.
صدق رسول الله الصادق المصدق الأمين، فلا ريب أن المسلمين لم يقعوا فيما وقعوا فيه من ذهاب العز وفقد المجد، و اختلاف الكلمة وتشتت الآراء وسلطة الأعداء و تكثر الحكومات والنظامات الجاهلية المستوردة من الشرق والغرب بدلا عن الحكومة الاسلامية الواحدة إلا بنبذهم الكتاب الكريم وراء ظهورهم وإخراجهم إياه عن شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فأصبحوا وكتاب الله متروكا وهو بين أظهرهم لا يعملون به ولا يتهمون بأمره، اكتفوا بتلاوته ودرسه وهم خارجون علي هداه وسلطان أحكامه ونظاماته يأولون آياته وأحكامه ويحملونها علي آرائهم وأهوائهم ولذا التبست عليهم الفتن كقطع الليل المظلم، وصاروا في بلادهم عبيدا أذلاء بعد ما كانوا في بلاد غيرهم أحرارا أعزاء.
(٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، العزّة (1)، الصدق (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجهل (1)
وهذه رسالة صدرت من مصلح مخلص وداع صادق من دعاة الحركة الاسلامية العامة الشاملة لجميع أقطار وطننا.
الاسلامي الكبير يدعو الأمة جمعاء إلي هدي القرآن والرجوع إليه. كتبها قبل قيام الثورة الاسلامية بسنوات، نشرناها لان حال غير إيران من بلاد المسلمين وأن أثرت فيها الثورة الاسلامية في إيران وحركة الغياري وأيقظت أبناءها لم تتغير من جهة نظاماتهم الفاسدة التي تعمل لمصلحة أعداء الاسلام نشرناها لان يد الاستكبار الأمريكي لم تقطع من بلادنا الاسلامية في الشرق الأوسط سيما في فلسطين ولبنان وفي إفريقيا والاحتلال الروسي المستكبر الآخر في آسيا وإفريقيا وبلاد مثل باكو و تاشكند وسمرقند وبخارا وتاجيكستان وعشق آباد و كارخستان وكرخيزيا وبلاد أفغانستان وغيرها.
نشرناها استنهاضا للمسلمين واستنصارا منهم لنصرة الاسلام واستعادة بلاد القرآن المنتصبة في شرق الأرض و غربها.
ونسأل الله تعالي أن يبارك لنا في ثورتنا الاسلامية. و يجعلها طليعة تجاه المسلمين. انه المنان علي المستضعفين وقاصم الجبارين ومبير المستكبرين.
قسم الدراسات الاسلامية
(٨)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (2)، أفغانستان (1)، القرآن الكريم (2)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ". 1 " إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن ".
- الحديث النبوي المشهور - هل نحن مسلمون؟
هل نحن مؤمنون؟
هل نتلوا القران حق تلاوته؟
هل نؤمن به، ونستعذب حياض معارفه وتعاليمه؟
هل اتخذناه منهاجا لدنيانا وآخرتنا، نحكمه في قضايانا الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، ومصدرا لأنظمتنا، ونظاما لأمورنا؟
أخي المسلم!
إنك إن كنت تريد استعادة مجدك الذاهب: مجد آبائك و أجدادك، إن كنت تريد النصر والغلبة علي أعداء أمتك،
(1) الفرقان / 30.
(٩)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (3)
وإن كنت تريد النجاة بنفسك، وإنقاذ أبناء أمتك من هذه الشبكات التي حاكتها يد الاستعمار، ونشرتها في بلادنا ومدارسنا وكلياتنا وأسواقنا، وحتي في بيوتنا، وإن كنت من طلاب الصلاح والاصلاح والفوز والفلاح، فتعال! تعال! لنستمسك بحبل القرآن، نهتدي بهداه ونستضئ بنوره، ونعيش في ظلاله بأمن وطمأنينة، ونستشفي به من أدوائنا، ونستعين به علي لاوائنا، ونرتله ترتيلا.
إننا يا أخي! مسؤولون غدا عند الله تعالي عن هذا القرآن في محكمته العادلة، " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتي الله بقلب سليم ". 2 وسيخاصمنا نبينا - صلي الله عليه وآله - إذا كنا من الذين نبذوه وراء ظهورهم، يحتج علينا بكل آية من آياته، ويحاكمنا علي كل حكم أهملناه من أحكامه.
إن داء المسلم المعاصر ليس إلا في تركه العمل بالقرآن والاكتفاء باسم الاسلام مسجلا علي بطاقة هويته، محققا بذلك قول الرسول الصادق الأمين: " سيأتي زمان علي أمتي لا يبقي من القرآن إلا رسمه ولا من الاسلام الا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس عنه ".
إنني أدعوك أيها المسلم لان ننظر بعين البصيرة إلي الآيات التالية. كرر، وأعد تلاوتها، وتفكر ثم تفكر في معانيها وما تستهدفه من أغراض حكيمة وتعاليم سامية، ثم عرج بالنظر إلي واقع عالمنا الاسلامي، وإلي النظم الاجتماعية في بلاد المسلمين.
فهل تجد بلدا طبق هذه الآيات، أو بعضها فيها، كمنهاج للحياة في نظمه الاجتماعية أو السياسية أو مناهجه التثقيفية أو التربوية؟
أنا لا أقول بأنك لم تسمع بالآيات التي سأتلوها عليك بل
(2) الشعراء / 89.
(١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (4)، الصدق (1)
لا شك من انك قد قرأتها كثيرا في صباحك ومسائك، وفي شهر صومك، وعند دعائك، وحينما أردت استكثار الثواب بقراءة كتاب الله تعالي، ولكن مجرد القراءة لا يكفينا ولا ينجينا إذا نحن لم نتفهم معانيه ومقاصده، ولم نأخذ بمضمون ما نقرأ، ولم نعمل بأوامره، ولم ننزجر بزواجره.
إن الغاية من نقلها إليك أيها الأخ المسلم، إنما هي محاولة الاستفادة من تعاليمها السامية علها تشحذ في الهمة، وتقوي عزائمنا، وتدفعنا إلي العمل علي ضوئها لنعيد بناء مجدنا وعظمتنا، ونترفع بأنفسنا التي أراد الله لها أن تظل كريمة عزيزة عن الاسعاف في الشهوات التي أدت بنا إلي هذا السقوط مما جعل أعداءنا يغزوننا في عقر دارنا، بعد أن كانوا هم هدفا لغزونا لهم في عقر دارهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله:
قال تعالي: " لا تجد قوما يؤمنون بالله يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه ". 3 " فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. " 4 " قل إن كان آبائكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي
(3) المجادلة / 22.
(4) النساء / 65.
(١١)
صفحهمفاتيح البحث: الشهوة، الإشتهاء (1)
الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ". 5 " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بضعهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ". 6 " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ". 7 " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ". 8 " وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ". 9 " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ". 10 " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ". 11 " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ". 12 " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ". 13 " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ". 14.
(5) التوبة / 24. 10) الحشر / 19.
(6) المائدة / 51. 11) آل عمران / 118.
(7) النساء / 144. 12) التوبة / 123.
(8) آل عمران / 139. 13) آل عمران / 103.
(9) الأنفال / 45. 14) الحجرات / 10.
(١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الظلم (1)، القتل (1)
" الذين يأكلون الربوا لا يقدمون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربوا و أحل الله البيع وحرم الربوا ". 15 " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ". 16 " ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ". 17 " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم علي أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ". 18 " يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلي الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ". 19 " الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم ". 20 " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ". 21 " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ". 22
(15) البقرة / 275. 19) التوبة / 38.
(16) الأحزاب / 59. 20) النساء / 34.
(17) آل عمران / 104. 21) المائدة / 50.
(18) آل عمران / 149. 22) الأنفال / 60.
(١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، النهي عن المنكر (1)، سبيل الله (2)، البيع (2)، الجهل (1)
" ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن. ". 23 " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ". 24 " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ". 25 " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ". 24 " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ". 27 " إن المبذرين إخوان الشياطين ". 28 " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين ". 29 " ولا تركنوا إلي الذين ظلموا فتمسكم النار ". 30 " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ". 31 هذه الآيات ومثيلاتها، مما تضمن تحديد السلوك العام للانسان المسلم والأمة المسلمة، يعرفها أنت ويعرفها كل مسلم غيرك، ولكن أين هو التطبيق؟
إقرأ القرآن - كتاب الله - ودستور دينك الذي تعتقد في قرارة نفسك أحقيته بالاتباع، وسموه علي كل كتاب ودين ودستور،
(23) النور / 31. 28) الاسراء / 27.
(24) التوبة / 34. 29) النساء / 135.
(25) النور / 2. 30) هود / 113.
(26) المائدة / 90. 31) الحج / 41.
(27) المائدة / 44.
(١٤)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)، الزنا (1)، الحج (1)
وقف عند كل آية من آياته بتدبر، ثم قارن بين ما تضمنته من أمر أو نهي، وبين سلوكك أنت، وسير النظام في بلدك، وطريقة حياة قومك. فهل تجد في كافة هذه الجهات من يأخذ بها؟ أو يبني مسلكه في الحياة علي هداها؟
بل إنك لن تجد غير الانفصال التام في حياتك ونظام حكومتك وسلوك مجتمعك عنها، لا بل سوف تجدها خارجة عن نطاق دنياك، وكأنها لا تعنيك ولا تقصدك في الخطاب.
أجل، إنني أكرر الطلب لمبادرة قراءة هذه الآيات، ثم البحث في مطاوي تاريخنا الاسلامي. فهل تجده قد تحدث في عصر من عصور أمتنا السالفة عن جيل اتخذ القرآن مهجورا كما اتخذه أبناء جيلنا في عصرنا وزماننا هذا؟
لعن الله العلمانية، ومن جاء بها، ومن سن شرعية هذا المبدء الخبيث الذي قلب الاسلام ظهرا لبطن.
تعال معي لنتجول في أسواق المسلمين، فنري أن أكثر ما يباع فيها سلع مستوردة من الأعداء، وأكثرها مما لا ضرورة في بيعها ولا في شرائها، بل منها ما له خطر الأثر علي مقومات وجودهم وأخلاقهم كأنواع الخمور وآلات اللهو وأدوات القمار.
ثم لنعرج معا علي معاهد العلم ومدارسه وكلياته، حيث لا نري في مناهجها وأساليب تعليمها إلا ما يدفع الشباب إلي الانحراف عن العقائد الصحيحة، ويشوقهم إلي ترك الالتزام بالآداب والتعاليم الاسلامية. وما ذلك إلا لأنها من وضع أعداء الاسلام، والمتربصين به وبأهله الدوائر.
ثم لنلق نظرة علي تكنات الجيش، ومراكز القوات المسلحة في البلاد الاسلامية، ومحافل موظفي حكوماتها، لنري أن أعظم شعار
(١٥)
صفحهمفاتيح البحث: القمار (اللعب بالقمار) (1)، القرآن الكريم (1)، السلاح (1)
إسلامي وهو الصلاة لا تقام في أوقاتها بينهم.
ثم انظر إلي الشوارع والأزقة والأسواق، لتراها غاصة بأفواج النساء المتبرجات السافرات العاريات تقريبا، وهن يزاحمن الرجال بالمناكب والصدور، وفي ذلك ما فيه اغراء للشباب، ودفعه إلي هاوية الرذيلة وانعدام الرجولة مما يؤدي حتما إلي انهيار المجتمع، و دماره وتفككه.
وهيا لنذهب، ونراقب ما يجري في قاعات البرلمان ومجالس الأمة، ونصغي إلي ما يطرحه أعضاؤها من مشاريع وقرارات، لنري كيف يسوغون لأنفسهم حق التشريع والتقنين حتي علي خلاف أحكام القرآن وضد مصالح المسلمين.
ولا تغفل يا أخي عن استعراض أراضينا المغتصبة من وطننا الاسلامي، وخصوصا الجزء المقدس منها أعني أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. فهل تري من سبب لبقائها في أيدي الأعداء إلا اختلاف الرؤساء المتغلبين علي بلاد المسلمين، وتفرقهم، وعدم اعتصامهم بحبل الله؟ وهل تجد لهؤلاء من عذر عند الله تعالي في تنصيب كل واحد منهم نفسه رئيسا أو أميرا أو سلطانا أو ملكا علي مجموعة من المسلمين في بقعة من بقاع وطننا الاسلامي الكبير من غير أن يتنازلوا عن هذه العروش لمصلحة الاسلام، واجتماع كلمة المسلمين ووحدتهم تحقيقا لقول النبي الأعظم: " وهم يد علي من سواهم "، حتي غدا العالم الاسلامي موزعا إلي دويلات ضعيفة واهية مشتقة متباعدة في المشارب والأهواء والسياسات.
فهذه عميلة لأمريكا، وتلك تعمل لمصلحة روسيا. هذه تقتل الفدائيين وتريد اجتثاثهم من الأرض، ومن كانت حاله أحسن منها في ذلك تترك نصرتهم بحجة أنها بعيدة عن منطقة المعركة، أو بدعوي
(١٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الحج (1)، الصّلاة (1)
ضعف إمكاناتها العسكرية والهجومية، إلي غير ذلك من الترهات والأباطيل.
ولقد أصبح المسلمون ويا للأسف الشديد كافة مظاهر حياتهم وعاداتهم وأوضاعهم مقلدين لأعدائهم. ولو كان هذا التقليد فيما ينفع، لكان نعمة وهو ليس بمعيب، إذ أن الأمم العاقلة هي التي تقتبس عن مثيلاتها كل ما تراه صالحا لها، ولكن الذي اقتبسناه نحن عن الأجنبي من عادات وتقاليد، أكثره يكمن فيه الضرر إن لم يكن جميعه كذلك.
فبالله عليك يا أخي قل، وليكن قولك الحق، أنحن في أكثر عاداتنا ومظاهر حياتنا، وقوانين حكوماتنا، مسلمون؟ أم إننا في واد، و تعاليم ديننا ومفاهيمه في واد آخر؟
ولن أتعرض لما عليه صحافتنا وسائر وسائل إعلامنا، فإن ما هي عليه من تريج الفساد وسوء الأخلاق والتشجيع علي الدعارة و الدعوة إلي الخلاعة والاستهتار بالقيم والحث علي الالحاد، كل ذلك امر بديهي، لا يحتاج إلي برهنة.
ومن أشد أمراضنا، مرض النفاق، إذ إننا نقول بإذاعاتنا و مآذننا وأثناء صلواتنا: " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وعبده ورسوله "، مع أننا خارجون عن سلطان دين الله و سلطان أحكامه، متمسكون بالمناهج الكافرة الداعية إلي الشرك أو الالحاد.
نقرأ القرآن، ونردد في مفتتح كل سورة " بسم الله الرحمن الرحيم "، إلا أن منا من يردد ويهتف افتتاحية مقاله، وفي الكتابات الرسمية وغيرها، باسم سمو الأمير، أو فخامة الرئيس، أو جلالة الملك والسلطان، غير آبهين بما أمرنا الله تعالي بالأخذ به، وجعله شعارا لهذه الأمة أمة التوحيد، من الابتداء باسمه المجيد.
(١٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الضرر (1)، الشهادة (1)، المرض (1)
الله أكبر! ما أبعدنا عن مفاهيم الاسلام وتعاليمه! ما الباعث لنا يا تري علي قبول الذل والصغار تجاه عبد ذليل مثلنا، مع اننا نسمع قول الله سبحانه ونردده " ولا يتخذ بعضا بعضا أربابا من دون الله ". 32 نؤمن لرسالة رسول الله محمد - صلي الله عليه وآله -، لكننا مع ذلك لا نتبع ما جاء به من عند الله ولا نتأسي به، ثم نأخذ بمبادئ أعدائنا. فإذا لم يكن ذلك من النفاق، فما معني النفاق إذن..؟
اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك مما نحن فيه من ضلال ماحق لعزنا، دافع لنا إلي نسيان ديننا وكتابنا وسنة نبينا.
ميلاد جديد أجل! إنه لا ريب ولا شك في تحقق جميع ما تقدم مما نحن عليه، إلا ان المسلمين، أو أكثرهم، من الواعين، قد أدركوا داءهم، وعرفوا دواءهم. ولولا نفوذ بعض المفاهيم الاستعمارية والدعاية الشديدة لها في عدة الأقطار من عالمنا الاسلامي بمختلف الأساليب الخداعة، ولولا سيطرة بعض الرؤساء والزعماء، ممن أعمي أبصارهم الجاه وحب الرئاسة، ولولا هذه التمزقات الإقليمية والعصبيات العنصرية والقومية، التي توزعت عالمنا الاسلامي وحالت بين كل إقليم وإقليم آخر، ولولا كل ذلك، لكان المسلمون اليوم علي هامة التاريخ يعيشون في عالم كله نور، وفي مدنية علمية وصناعية هي أرقي من جميع المدنيات.
وإننا ليحدونا الامل رضوخا لقول الله سبحانه: " لا تيأسوا من روح الله 33.. ولا تقنطوا من رحمة الله " 34، بانبعاث نهضة إسلامية واعية.
(32) آل عمران / 64. 34) الزمر / 53.
(33) يوسف / 87
(١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النسيان (1)
علي أيدي رجال مجاهدين، قد توزعوا هنا وهناك من بلاد المسلمين، قد آلوا علي أنفسهم أن يعيدوا الاسلام إلي واقع المسلمين، ويدفعوهم إلي طريق إعادة مجدهم الاسلامي الزاهر وبناء مجتمعنا علي دعائم العقيدة الاسلامية الحقة، والوقوف صفا واحدا في وجه نوايا الاستعمار الخبيثة.
وإننا لنجد في كل قطر رجالا مجاهدين، قد ثاروا علي الباطل، وتنبهوا لأحابيل الاستعمار ووقفوا في وجه كل دعاية أجنبية تهدف إلي النيل من قداسة الاسلام وعز المسلمين ووحدتهم.
ولقد قام الاستعمار من جانبه مستعملا كل ما لديه من قوة سياسية ومادية، لإبادة هؤلاء الابطال والتضييق عليهم ومطاردتهم، يساعدهم علي ذلك أعوانهم وعملائهم. ذلك لأنه يعلم بأن عمل هؤلاء المصلحين الدائب سوف يؤدي إلي تيقظ المسلمين، وبالتالي إلي وحدتهم ولو سياسيا، وذلك من أعظم الموانع دون تحقيق نواياه الخبيثة فيهم، إلا أنه بعون الله يفشل في العاقبة، وستفشل أحابيل الصهيونية المتمثلة بإسرائيل والدول المؤيدة لها والمنفقة عليها. فإن الحق لابد وان ينصر في النهاية علي الباطل مهما طال الأمد، والله ينصر من ينصره.
والوصول إلي الغاية، لا يتم إلا بالدعوة إلي الجهاد المتواصل والعمل علي إعادة مناهج الاسلام وإرشاداته، وإلي واقع حياتنا الاجتماعية والسياسية.
وذلك لا يتم إلا باشتراك الباحثين والكتاب المسلمين و مفكريهم ومصلحيهم في علاج جميع المشاكل، وبيانها لأبناء أمتهم، و عرض مفاهيم الاسلام وأساليبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها بأشكال واضحة ومفهومة لعموم المسلمين، حتي لا ينخدع الجهلة بهذه الحقائق بالمبادئ الكافرة والنظم المستوردة وللصحافة أكبر الأثر في القيام بهذا الواجب ونقل الأفكار الاسلامية إلي أبناء المسلمين.
(١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (3)، الوقوف (1)
ولا يخفي حاجتنا اليوم إلي دعاية إسلامية جامعة عالمية، تبلغ رسالات الاسلام في جميع نواحي الحياة إلي جميع الأجيال والأمم المعاصرة، وتعرض علي العالم الاسلامي مشاكل المسلمين في كل إقليم من أقاليمهم، وتطلب من الجميع العمل علي معالجة تلك المشاكل، و تشرح لجيلنا المعاصر، سيما الشباب والطلاب والطالبات، أهداف الاسلام وغاياته، وتقوم بالدفاع عن قداسة الاسلام ودفع شبهات المستعمرين عنه.
إنا نعلم باليقين أن العالم سيلجأ إلي الاسلام، ويقطع رجاءه وأمله عن المكتبات المادية والبرامج البهيمية الشرقية والغربية. فقد ظهر عجز تلك المكتبات عن حل المشاكل الانسانية، بل شددتها و كثرتها هذه المكتبات التي لا تري هدفا للحياة، ولا يعانيه البشر في هذه البسيطة، ولا تفسر لوجودنا وبقائنا هنا تفسيرا معقولا مرضيا تطمئن به النفوس، وتسوق نحو العمل والحركة.
فهذا من خواص المذهب المادي انه لا يعرف لهذا العالم مفهوما معقولا ومعني صحيحا، وقصدا وهدفا.
ويوما يوما تجرب البشرية، وتذوق مرارة المكتبات التي بنيت علي هذا الأساس، وتدرك أنها لا تشبع الانسان، ولا يقنع الانسان بها.
ولا شك أن الاسلام هو الدين الوحيد والمكتب الفرد الذي يحل كل المشكلات، ويفسر كل ما في العالم تفسيرا معقولا، ويقوي في النفوس حب العمل والخير والاحسان والتضحية دون الحق والعدالة.
إذا فعلي عاتق الجيل الحاضر، سيما العلماء والكتاب والمثقفين والشبان مسؤولية كبيرة، لان العالم يسير إلي نقطة لابد له من الالتجاء إلي الاسلام، وذلك لا يحصل إلا بالبلاغ المبين وعرض الاسلام بمبادئه
صفحه(٢٠)
ونظمه للجيل الحاضر.
فاليوم الاسلام بحاجة كبيرة إلي تبليغ أهدافه وتعاليمه و إرشاداته، كما أن العالم بحاجة ملحة إلي الاسلام وحكومته ونظاماته.
فالمستقبل للاسلام، و " إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " 35، " وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله و المؤمنون ". 34 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرره لطف الله الصافي الگلپايگاني
(35) الأعراف / 128.
(36) التوبة / 105.
صفحه(٢١)

أحاديث افتراق المسلمين علي ثلاث وسبعين فرقة

أحاديث افتراق المسلمين علي ثلاث وسبعين فرقة
صفحه(٢٣)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * هنالك روايات متواترة ينقلها الشيعة والسنة عن أن رسول الله - صلي الله عليه وآله - قد تنبأ بأن ما جري علي الأمم السابقة سيجري علي هذه الأمة أيضا. ويروي أبو سعيد الخدري عن الرسول الأعظم - صلي الله عليه و آله - قوله:
" لتتبعن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا ذراعا، حتي لو أن أحدهم دخل حجر ضب تبعتموهم ".
قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصاري؟ قال: فمن؟ " * ومن المسائل التي جرت علي الأمم السابقة، ووردت عنها أحاديث عن الرسول الكريم - صلي الله عليه وآله - هي مسألة " افتراق الأمم " ففي أمثال هذه الأحاديث يشير النبي
* مسند أحمد ٣ / ٩٤ و ٨٤، صحيح مسلم (شرح النووي) ١٦ / ٢١٩، (كتاب العلم). صحيح البخاري ٢ / ١٧١ (كتاب الأنبياء). كنز العمال ١١ / 123. مسند الطيالسي، ح 2178.
(٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو سعيد الخدري (1)، الكرم، الكرامة (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)
- صلي الله علي وآله - إلي افتراق أمتي موسي وعيسي - علي نبينا وآله وعليهما السلام - ويقول إن أمته أيضا سوف تفترق إلي ثلاث وسبعين فرقة، منها فرقة واحدة فقط هي الناجية ومن أهل الجنة، وسائر الفرق الباقية هالكة و من أهل النار.
ان هذه المقالة التي تمر تحت أنظار القارئ الكريم، دراسة إجمالية وجامعة تسعي إلي أن تتعرف علي " الفرقة الناجية " تعرفا أوسع وأفضل، وهي تقوم علي أسس من الدلائل والشواهد العقلية والنقلية.
إن المؤلف المحترم، باراءته هذه القرائن والدلائل، يثبت أن " الفرقة الناجية " ما هي إلا أتباع الأئمة الاثني عشر ومحبي أهل البيت - عليهم السلام - اللهم اجعلنا في زمرتهم. قسم الدراسات الاسلامية
(٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي سيد المرسلين أبي القاسم محمد، وآله الطاهرين.
أخرج جمع من أرباب المسانيد والسنن وجوامع الحديث كأحمد، وأبي داود، وابن ماجة، وابن حبان، والترمذي، والنسائي، والبغوي، والدارمي، أحاديث عن رسول الله - صلي الله عليه وآله -، أن أمته تفترق علي ثلاث وسبعين فرقة، منها ما لا نص فيه علي الهالكة من الفرق والناجية منها، ومنها ما فيه ان واحدة منها في الجنة والباقين في النار، وفي بعضها ان كلها في الجنة إلا الزنادقة. و عن الشمس محمد بن أحمد بن البشار المقدسي في " أحسن التقاسيم ": إن حديث " اثنتان وسبعون في الجنة، وواحدة في النار "، أصح إسنادا، و حديث " اثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية "، أشهر. ومنها ما لا تعرض فيه لتعين الهالكة والناجية، وفي بعضها ان الناجية هي الجماعة، وفي البعض الآخر أنه قال: " ما أنا عليه وأصحابي ".
وفي بعضها كرواية أخرجها أخطب خوارزم موفق بن أحمد المكي وابن مردويه علي ما حكي عنه، عن علي - عليه السلام -، و
(١) المناقب، ص 131، ط سنة 1326.
(٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن ماجة (1)، محمد بن أحمد (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)، الجماعة (1)
حديث رواه الحافظ محمد بن موسي الشيرازي في الجمع بين التفاسير العشرة 2 عن أنس بن مالك: تفترق هذه الأمة علي ثلاث وسبعين فرقة ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله عز وجل:
" وممن هدينا أمة يهدون بالحق وبه تعدلون " وهم أنا وشيعتي.
وأخرج الامام الحافظ حسن بن محمد الصغاني المتوفي سنة 650 في " الشمس المنيرة " 3،: " افترقت أمة أخي موسي إحدي وسبعين فرقة، وافترقت أمة عيسي علي اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة، كلها هالكة إلا فرقة واحدة. فلما سمع ذلك منه ضاق المسلمون ذرعا، وضجوا بالبكاء، وأقبلوا عليه، وقالوا: يا رسول الله كيف بعدك بطريق النجاة؟، وكيف لنا بمعرفة الفرقة الناجية حتي نعتمد عليها؟ فقال - صلي الله عليه وآله -: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ابدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي. إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ".
وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي بن أبي طالب، قال: " افترقت بنو إسرائيل بعد موسي إحدي وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة، و افترقت النصاري بعد عيسي علي اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة، وتفترق هذه الأمة علي ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة.
فاما اليهود فإن الله يقول: " ومن قوم موسي أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ". واما النصاري، فان الله يقول: " منهم أمة مقتصدة "، فهذه التي تنجو. واما نحن فيقول: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه
(2) روضات الجنات، الطبعة السابقة ص 508.
(3) نقلنا الحديث عن النسخة المخطوطة من هذا الكتاب، الموجودة في مكتبة " آستان قدس " برقم 1706.
(٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: علي بن أبي طالب (1)، أنس بن مالك (1)، محمد بن موسي (1)، الوفاة (1)

كلمات العلماء حول هذه الأحاديث

يعدلون "، فهذه التي تنجو من هذه الأمة ". 4 ويستفاد من بعضها أن الهالكة قوم يقيسون الأمور برأيهم، وهو ما رواه الحاكم في المستدرك، 5 كتاب الفتن، وصححه علي شرط البخاري ومسلم، عن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -: " ستفترق أمتي علي بضع وسبعين فرقة، أعظمها فرقة يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال، ويحللون الحرام ". 6 كلمات العلماء حول هذه الأحاديث وقد كثرت كلمات العلماء حول رجال هذه الأحاديث، و متنها، وتعارض بعضها مع بعض، وشرح ألفاظ الحديث، وتعيين الفرقة الناجية. فأنكر بعضهم صحته، وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير، و صححه، ولم يذكر الناجية والهالكة، وعلل بعضهم ما في أسانيده، محمد بن عمرو الليثي، وعباد بن يوسف، وراشد بن سعد، ووليد بن مسلم، وبعض المجاهيل.
واختلفوا في أن المراد بالأمة، هل هي أمة الدعوة، أم أمة الإجابة؟ وفي اختصاص الاختلاف بأصول الفرق دون فروعها، كما اختلفوا في العدد المأثور، وان العدد لمجرد التكثير أو إن العدد لا مفهوم له، فلا مانع من الزيادة علي العدد المأثور وإن لم يجز النقص، أو ان المقصود
(٤) الدر المنثور الجزء ٣، ص ١٣٦.
(٥) ج ٤، ص ٤٣٠.
(٦) وإن شئت الاطلاع علي أسناد هذا الحديث من طرق أهل البيت - عليهم السلام -، وما ورد عنهم في تفسيره، وكلمات أكابر العلماء وتحقيقاتهم الشافية حول هذه الأحاديث، راجع موسوعة " بحار الأنوار " الجزء ٢٨ من الطبعة الحديثة، " باب افتراق الأمة بعد النبي - صلي الله عليه وآله - علي ثلاث وسبعين فرقة " وما أفرده بعض علمائنا بالتأليف حول هذا الحديث
(٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، محمد بن عمرو (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب بحار الأنوار (1)
أصول الفرق دون فروعها. وقال الكوثري: إن تشعب الفرق لا ينتهي إلي انتهاء تاريخ البشر، فلا يصح قصر العدد علي فرق دون فرق، ولا علي قرن دون قرن، لاستمرار ابتكار أهواء وتلفيق آراء، مدة دوام الحياة البشرية في هذا العالم. فالكلام في الفرق من غير تقيد بعدد هو الا بعد عن الحكم، وهو الذي لا يكون مدعاة لهزء الهازئين من غير أهل هذا الدين. 7 واختلفوا في تعديد الفرق وتفصيل معتقداتهم، وقد وقعوا في اشتباهات وجهالات في هذا المقام، وقالوا عن الشيعة وغيرهم ما يدل علي جهلهم بأوضح المطالب التاريخية والكلامية مما ليس هنا محل ذكره.
واخترعوا مذاهب وفرقا لم تخرج بعد إلي عالم الوجود، فراجع " الفصل " لابن حزم، و " الملل والنحل " للشهرستاني، و " التبصير " لأبي المظفر الأسفرايني، وغيرها.
فلا ينبغي الاستناد في نقل مذهب أي فرقة من فرق المسلمين علي مثل هذه الكتب المليئة بالخرافات والجهالات، وما فيه شين للاسلام والمسلمين، والجامعة بين الغث والسمين، والصحيح والسقيم، و أعاجيب الأكاذيب. وإن شئت أن تكتب عن طائفة أو شخص من المسلمين وغيرهم، فلا تعز إلي شخص، ولا فرقة من الفرق، إلا ما سجل في كتبهم المعتمدة ومؤلفاتهم المعتبرة، ولا تلزم أحدا منهم بلازم قوله إلا إذا كان لازمه لزوما بينا.
واستشكلوا أيضا في كفر هذه الفرق ما عدا واحدة منها. فعن الشاطبي: أهل السنة لا يكفرون كل مبتدع، بل يقولون بإيمان أكثر الطوائف التي فسروا بها الفرق، (ورجح) ان الحكم بكون هذه الفرق في النار ما عدا الجماعة الملتزمة لما كان عليه - صلي الله عليه وآله - هو وأصحابه، لا يقتضي أنها كلها خالدة خلود الكفار. فجوز أن
(7) التبصير في الدين ص 8.
(٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الجماعة (1)
يكون منها من يعذب علي البدعة والمعصية، ولا يخلد في العذاب خلود الكفار المشركين أو الجاحدين لبعض ما علم من الدين بالضرورة. 8 فهذه الرواية لو لم نقل بدلالتها علي كون جميع الفرق مسلمة و معدودة من الأمة، لا تدل علي كفر الجميع إلا الواحدة. نعم قد دل بعضها علي دخول الجميع في النار ما عدا الواحدة منها.
ومن أعظم ما وقع الاختلاف فيه في هذه الأحاديث، تعيين الفرقة الناجية، والتي تكون علي ما كان عليه النبي - صلي الله عليه وآله وسلم -، وأصحابه (علي ما في بعض طرقه). قال الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقا: وأما تعيين أي فرقة هي الناجية، أي التي تكون علي ما كان النبي عليه وأصحابه، فلم يتعين لي إلي الان. فإن كل طائفة ممن يذعن لنبينا بالرسالة، تجعل نفسها علي ما كان عليه النبي وأصحابه - إلي أن قال - ومما يسرني، ما جاء في حديث آخر أن الهالك منهم واحدة. 9 فهذا فهرس موارد الاختلاف في هذا الحديث من حيث السند والمتن والدلالة. ولا يخفي عليك أن الفرقة التي تكون علي ما كان عليه النبي وأصحابه، والجماعة الملتزمة لما كانوا عليه، لا يثبت بنفس هذه الأحاديث، بل لا بد من الرجوع إلي غيرها من الروايات والآثار والأدلة العقلية، مضافا إلي أن أخبار " الجماعة " مطعون فيها من حيث السند، لاشتماله علي مثل أزهر عبد الله الناصبي، وعباد بن يوسف، وراشد بن سعد، وهشام بن عمار، ووليد بن مسلم، و عن الزوائد " إسناد حديث عوف بن مالك فيه مقال "، وليس ببعيد أن تكون زيادة " وهي الجماعة " من بعض الرجال، ففسر الحديث وبين
(8) تفسير المنار، ص 220، ج 8، الطبعة الثانية.
(9) تفسير المنار، ص 221 - 222، ج 8، الطبعة الثانية.
(٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، هشام بن عمار (1)، العذاب، العذب (1)، الإبداع، البدعة (1)، الجماعة (2)، كتاب تفسير المنار لمحمد عبده (2)
معناه علي وفق رأيه وما هو الصواب عنده، ويؤيده أن الدارمي خرج هذا الحديث، ولم يذكر هذه الزيادة، وحديث أنس مضافا إلي ما في سنده، أيضا معارض بحديثه الاخر، فإن لفظ الحديث في بعض طرقه:
" كلها في النار، الا واحدة، وهي الجماعة "، وفي بعضها " قيل يا رسول الله: من هم؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي ". فالاغترار بهذه الزيادات مع هذه المعارضات في نفس هذه الأحاديث، وابتلاؤها بالمعارضات الخارجية، بعيد عن الصواب. ويؤيد زيادة جملة " و أصحابي " بعد قوله " ما أنا عليه " في بعض متون هذه الأحاديث، و زيادة كلمة " الجماعة " في البعض الآخر، عدم استقامة مفادهما.
أما الأول، فلانه إنما نجا من نجا وينجو من هذه الأمة بسبب كونه علي ما عليه النبي - صلي الله عليه وآله -، ولا عبرة بكونه علي ما عليه غيره، كائنا من كان، وإن كان من أهل النجاة لأنه أيضا إنما نجا بكونه علي ما عليه النبي - صلي الله عليه وآله -. فما معني قوله " و أصحابي "؟ وإن كان المراد الكون علي ما هو عليه مدة بقائه في هذه الدنيا، وعلي ما عليه أصحابه بعد ارتحاله، فهذا أيضا لا يستقيم، لأنه لا شك في وجود المنافقين في الصحابة كما دلت عليه آيات كثيرة، كما لاشك في ارتداد كثير منهم كما دلت عليه أحاديث الحوض المتواترة، وغيرها.
ولأنه إذا كان الميزان قبل ارتحاله الكون علي ما هو عليه، و بعد ارتحاله الكون علي ما عليه الصحابة، فما هو الميزان بعد عصر الصحابة؟
مضافا إلي أنه كيف يمكن الكون علي ما عليه الصحابة مع ما حدث بينهم من الاختلاف، حتي ضرب بعضهم بعضا، ولعن بعضهم بعضا، ووقع بينهم ما وقع؟ هذا، ولا أظن بأحد من المسلمين القول بأن ميزان النجاة الكون علي ما عليه النبي وأصحابه - صلي الله عليه وآله
(٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، النفاق (1)، الضرب (1)، الجماعة (2)
-، بمعني عدم الكون علي ما عليه - صلي الله عليه وآله - موجبا للنجاة إلا إذا انضم إليه الكون علي ما عليه الأصحاب، إذا فما يقول هؤلاء، في نجاة النبي - صلي الله عليه وآله -؟ فهل هي أيضا متوقف عندهم علي كونه علي ما كان عليه أصحابه؟! نعوذ بالله من جرأتهم علي الله ورسوله، ومن زياداتهم واختلافاتهم في الأحاديث حبا للبعض وبغضا لأهل البيت العترة الطاهرة، ولأن يثبتوا باختلاقهم الأحاديث وإدخال الزيادات فيها، لغير أهل البيت، محنا لا يقاس بهم ما يشابه فضائلهم، ولكن الله عليم بذات الصدور، يظهر أكاذيبهم ومفتعلاتهم.
أما الثاني، وهو زيادة " الجماعة "، فالدليل - علي أنها زيادة لا يتعد بها، سيما مع عدم ذكرها في سائر المتون - أن المراد منها إن كان ما عليه جميع الأمة، فهو خلاف المفروض في الحديث من افتراق الأمة، وإن كان ما عليه السواد الأعظم والأكثرية، فكيف صار الكون منها أبدا موجبا للنجاة؟ فهذه سيدة نساء الجنة، حبيبة رسول الله - صلي الله عليه وآله - كانت تعتقد بعدم شرعية ولاية أبي بكر 10، وماتت وهي واجدة عليه. وأهل السنة يدعون أن الجماعة كانت تذهب إلي شرعية ولايته، مع أنك تجد في الأمة فرقا كثيرة أعظمها شيعة أهل البيت علي عقيدة سيدتنا فاطمة الزهراء - عليها السلام -، ولا تجد فيها فرقة، ولا واحدا، يشك في كونها من أهل النجاة، وأنها سيدة نساء العالمين، بل هذا دليل علي عدم صحة زيادة " وأصحابي " أيضا، لان عقيدتها
(10) حكي لنا سيدنا الأستاذ آية الله المغفور له السيد محمد تقي الخوانساري ما جري بينه وبين العلامة الشهير الشيخ حسن البناء مؤسس جمعية إخوان المسلمين من المباحثات حول المذهب، وذكر أن الشيخ بعد هذه المناظرات أعلن في المسجد الحرام، أو مسجد النبي - صلي الله عليه وآله - (الترديد مني) حسن عقيدته بالشيعة، واعتذر عنهم من عقيدتهم في الخلافة، وعدم شرعية خلافة غير الإمام علي - عليه السلام -، بان ذلك كان عقيدة فاطمة - سلام الله عليها -.
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجماعة (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، المسجد النبوي الشريف (1)، مسجد الحرام (1)
تفترق عن عقيدة جمع من الصحابة من حزب أبي بكر وعمر بن الخطاب.
اللهم إلا أن يقال بإرادة جميع الصحابة من قوله " وأصحابي "، وعليه يكون المراد أن أهل النجاة، من يقول بقول جميع الصحابة، ويأخذ بما اتفقوا عليه كلهم، وهذا قريب من رواية " كلهم في الجنة إلا الزنادقة "، وعليه فالواحدة هي الخارجة عما اتفق عليه كل الصحابة.
والعجب ممن كتب في الفرق المختلفة، ويقول: إن أول اختلاف وقع بين الأمة كان في أمر الحكومة وزعامة الأمة بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله - ويذكر مخالفة سيدتنا الزهراء - عليها السلام - وسائر بني هاشم وشيعتهم، ثم يتمسك بهذه الزيادة، و يقول: الفرقة الناجية هي " الجماعة "!
ويورد عليه - علي فرض صحة هذه الزيادة، وأن المراد منها السواد الأعظم - أن السواد الأعظم ثار علي عثمان، وأنكر عليه أفاعيله، وبدعه، واستعماله الخونة وبني أمية علي المسلمين، وصرفه بيت مال المسلمين في أقاربه وخواصه، وإهماله حدود الله، وطلبوا منه التوبة وإبطال بدعه وطرد الخونة عن الاستيلاء علي الأمور، إلا أنه لم يقبل منهم، ولم يعمل بنصح ناصح مثل الإمام علي - عليه السلام -، و أصر علي ما أغضب به رجالات الاسلام حتي قتل، فهل يعترف من يروي هذه الزيادة ويقول بصحتها، أن عثمان لم يكن من أهل النجاة؟
بل هو من أهل النار؟ وأمثلة ذلك كثيرة في تاريخ الاسلام.
ونسأل ونسأل، حتي نسأل هل الحنابلة المجسمة بما اعتقدوا في الله، علي خلاف سائر المسلمين وجماعتهم، من العين واليد، من أهل النجاة، أو من أهل النار؟
وابن تيمية مع آرائه المخلفة للجماعة، من أي الفريقين؟
(٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المذهب الحنبلي (1)، التاريخ الإسلامي (1)، بنو أمية (1)، ابن تيمية (1)، بنو هاشم (1)، القتل (1)، الجماعة (1)
والشيخ محمد عبده، والرشيد رضا، وفريد وجدي وغيرهم من أهل الثقافة الحديثة - المتأثرين بالمذاهب الفلسفية الغربية - الذين خالفوا جماعة العلماء وجماعة المسلمين من أيهما؟
والفرقة التي أحدثتها أيادي الاستعمار وسمت نفسها بالوهابية، وعملت أولا لانكلترا والآن تعمل لأمريكا وأثارت الفتن المخزية الدامية في الحرمين الشريفين، وهدمت المشاهد والمعالم التاريخية والبنايات الأثرية الاسلامية، التي كانت من أقوي الدلائل والشواهد علي أمجادنا التاريخية وسيرة الرسول الأعظم - صلي الله عليه وآله - و مشاهدها، من أي الفريقين؟
هذا، والاحتمال المعقول في زيادة " وما عليه أصحابي " و زيادة " الجماعة "، هو ما أشرنا إليه من كون المراد من الأصحاب و من الجماعة جميع الصحابة والأمة، وان أهل النجاة والفرقة الناجية، من لم يكن مذهبه مخالفا لما اتفقت عليه الأمة والصحابة، وعليه يقوي مثل حديث " كلها في الجنة إلا الزنادقة "، ويدخل في الناجية أكثر الطوائف سيما الشيعة، لأنهم معتقدون بما اتفق عليه جميع الصحابة، و يكفرون من أنكر أن ذلك. ولكن هذا الاحتمال المعقول معارض بروايات دلت علي أن هذا المقدار لم يكف في النجاة. فالأقوي في النظر، زيادة هاتين الكلمتين، وعدم صدورهما من رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وعلي فرض الصدور، لا يمكن الاعتماد عليهما لاجمالهما وعدم وضوح مضمونهما.
(٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الشهادة (1)، الجماعة (3)

تعيين الفرقة الناجية

* (تعيين الفرقة الناجية) * فإذا لا نجد مرجعا في نفس هذه الأحاديث لتعيين الفرقة الناجية، غير مثل حديث أخرجه أخطب خوارزم، وابن مردويه، والحافظ الشيرازي عن أنس، وغير حديث أخرجه الحافظ الصغاني، وقد دل الأول علي أنهم شيعة علي، والثاني علي أنهم هم المتمسكون بالثقلين، كتاب الله والعترة.
ونحن لا نحب الخوض في هذه المسائل الكلامية التي طال اشتغال الفريقين بها، ويغني الباحثين ما كتبه السلف فيها، إلا أن بعض من يكتب كذبا وزورا عن الشيعة ما يوافق هواه حيث تعرض لكلام المحقق الطوسي في شرح الحديث، واستشهد بزعمه به، لما يريد من إثارة الفتن بين المسلمين والافتراء علي الشيعة بأنها تخالف المسلمين في الأصول، وأوجب علينا أن نبين له ولأمثاله معني ذلك، و أنهم أرادوا بمباينتهم مع الجميع، ان الجميع يتشاركون في الأصول والعقائد الموجبة لدخول الجنة ولا يخالفهم أحد سوي الامامية. فإنهم اشترطوا فيه بالأدلة الصحيحة في ولاية الأئمة الاثني عشر أيضا، ومعني ذلك أنهم شاركوا الجميع في العقائد الاسلامية الموجبة لدخول الجنة، و
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب العقائد الإسلامية لمركز المصطفي (ص) (1)
باينوا الجميع لاشتراطهم في دخول الجنة وولاية الأئمة، فهم أهل النجاة فلابد لنا من نقل كلام المحقق الطوسي عمن هو الأصل في حكايته عنه، وهو العلامة الحلي في كتابه " منهاج الكرامة "، وإجراء الكلام علي سبيل الايجاز حول تعيين الفرقة الناجية.
قال العلامة في " منهاج الكرامة ": " الوجه الثاني في الدلالة علي وجوب اتباع مذهب الإمامية، ما قاله شيخنا الامام الأعظم خواجة نصير الحق والملة والدين محمد بن الحسن الطوسي - قدس الله روحه - وقد سألته عن المذاهب، فقال: بحثنا عنها، وعن قول رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " ستفترق أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة، واحدة منها ناجية، والباقي في النار "، وقد عين الفرقة الناجية والهالكة في حديث آخر صحيح متفق عليه، وهو قوله: " مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ". فوجدنا الفرقة الناجية هي الامامية، لأنهم باينوا جميع المذاهب، وجميع المذاهب قد اشتركت في أصول العقايد ".
وننقل أيضا كلام السيد الجزائري عن كتابه " الأنوار النعمانية "، قال بعد نقل كلام المحقق الطوسي: " وهذا تحقيق متين، وحاصله انه لو كانت الفرقة الناجية غير الامامية، لكان الناجي كلهم لا فرقة واحدة، وذلك لأنهم متشاركون في الأصول والعقائد الموجبة لدخول الجنة، ولا يخالفهم أحد سوي الامامية، فإنهم اشترطوا في دخول الجنة ولاية الأئمة الاثني عشر والقول بإمامتهم "، انتهي كلامه.
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: حديث السفينة (1)، محمد بن الحسن الطوسي (1)، العلامة الحلي (1)، الكرم، الكرامة (2)

الشيعة الامامية هي الفرقة الناجية

* (الشيعة الإمامية هي الفرقة الناجية) * ولتوضيح ما حققه المحقق الطوسي، نقول: الذي نحتج به لكون الفرقة الناجية هم الشيعة الإمامية وأتباع علي ولا أئمة من ولده، مضافا إلي ما أخرجه أخطب خوارزم، وابن مردويه، والحافظ محمد بن موسي الشيرازي، عن أنس، وعلي - عليه السلام - من أنهم شيعة علي وأصحابه، أمور:
1) إن النبي - صلي الله عليه وآله - عين الفرقة الناجية والهالكة صريحا في الحديث المشهور الصحيح الذي أخرجه جمع كثير من الحفاظ: " إن مثل أهل بيتي فيكم، مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك ". فالفرقة الناجية هي الفرقة المتمسكة بأهل البيت، والفرقة الهالكة هي المتخلفة عنهم. ولا ريب في استناد الشيعة في الأصول والفروع، وجميع العلوم الدينية كالتفسير والعقائد والفقه إلي أهل البيت - عليهم السلام -، وليس لغيرهم هذا الاستناد والاختصاص والتمسك بفتاويهم، لو لم نقل بإعراضهم عن أهل البيت.
فهذه كتب القوم مشحونة بالاحتجاج بأحاديث النواصب، وفتاوي أعداء العترة أمثال معاوية، وعمرو، وكعب الأحبار، وعكرمة،
(٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كعب الأحبار (1)، الهلاك (1)، السفينة (1)
ومقاتل، وعمران بن حطان، وحريز بن عثمان، ومروان، وغيرهم، ولم يخرجوا عن أهل البيت الا نزر قليل لا يتعد به جدا، كما لم يحتجوا بفتاويهم أيضا في الفقه. 11 2) وقد عينهم في غير أحاديث السفينة أيضا، في الأحاديث الكثيرة التي بعضها متواتر، مثل أحاديث الثقلين الدالة علي انحصار الامن من الضلال في التمسك بهم وبالكتاب، وعدم افتراقهم عنه، عصمتهم عن الخطأ، وأن التخلف عنهم سبب للهلاك، ويشهد لذلك الحديث الذي نقلناه عن " الشمس المنيرة " للحافظ حسن بن محمد الصغاني، ومثل أحاديث الأمان، وأحاديث الخلفاء والأئمة الاثني عشر، ومثل ما خرجوه في تفسير قوله تعالي: " إن الذين امنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " 12، عن ابن عباس، أنه قال - صلي الله عليه وآله - لعلي - عليه السلام -: تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين. " 13 ومثل ما ورد في أنه وشيعته، هم الفائزون يوم القيامة.
ومثل ما خرجه في منتخب كنز العمال 14: " علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يفترقا حتي يردا علي الحوض " (ك طس) عن أم سلمة.
وما أخرجه أيضا في المنتخب: 15 " من أحب أن يحيا حياتي
(١١) راجع في ذلك كتابنا " أمان الأمة " وكتاب " شيخ المضيرة " للأستاذ الشيخ محمود أبو رية، وكتاب " أبو هريرة " للشريف السيد شرف الدين.
(١٢) البينة / ٧.
(١٣) راجع الدر المنثور، والصواعق ص ١٥٩.
(١٤) المطبوع بهامش مسند أحمد، ج ٥، ص ٣٠.
(١٥) ص ٣٢.
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، يوم القيامة (1)، القرآن الكريم (2)، القتل (1)، الضلال (1)، السفينة (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أبو هريرة العجلي (1)
ويموت موتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فان ربي عز وجل غرس قضبانها بيده، فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لم يخرجكم من هدي، ولم يدخلكم في ضلالة " (طب ك) وتعقب، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم.
وأخرج أيضا 16: " من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، و يدخل الجنة التي وعدني ربي قضبابا من قضبانها غرسه بيده، وهي جنة الخلد، فليتول عليا وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدي، ولن يدخلوكم في باب ضلالة " (مطير والبارودي، وابن شاهين، وابن منده عن زياد بن مطرف).
وما أخرجه أيضا 17: " تكون بين أمتي فرقة واختلاف، فيكون هذا وأصحابه علي الحلق - يعني عليا - " (طب) عن كعب عجرة، والأحاديث بهذه المضامين كثيرة، وإحصاءها صعب جدا. 18 وانتهاء الامامية إلي علي - عليه السلام -، وذريته، و انقطاعهم إليهم، ظاهر من كتبهم في الحديث، ومذاهبهم في الفقه.
3) قد اتفقت مذاهب أهل السنة فيما هو السبب للنجاة والخلاص من النار، أي الشهادتين، والآتيان بالأركان الخمسة: الصلاة والزكاة والحج، والجهاد، ووافقهم الشيعة في جميع ذلك، وزادوا علي هذه الأمور ولاية الأئمة من أهل البيت - عليهم السلام - بدلالة روايات متواترة خرجها حفاظ الفريقين. فالامامية قد أخذوا بما هو ملاك النجاة عند أهل السنة ولا عكس، فيجب أن تكون الهالكة
(١٦) ص ٣٢، ٣٤.
(١٧) ص ٣٤.
(18) من أراد الاطلاع علي طائفة منها، وتحقق اسنادها ومتونها، وبحوث لا يستغني الباحث عنها، فليراجع كتابنا " أمان الأمة من الضلال والاختلاف ".
(٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، علي بن أبي طالب (1)، زيد بن أرقم (1)، الضلال (3)، الحج (1)، الحلق (1)، السب (1)
غيرهم.
4) قد اشتركت الشيعة، وأهل السنة في أصول العقائد من التوحيد، والنبوة، والمعاد، وغيرها، وفي الفروع مثل الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، والجهاد، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر وغيرها، وامتازت عن أهل السنة في مسألة الإمامة. فهي عندهم منصب إلهي يختار الله له من يشاء من عباده، وينصبه، ويأمر النبي بالنص عليه كما نص النبي - صلي الله عليه وآله - علي الأئمة الاثني عشر في الروايات الصحيحة، وقد نص النبي علي عددهم في الأحاديث المخرجة في أصح كتب حديث أهل السنة، كصحيح البخاري، و مسلم، ومسند أحمد، فإنه قد خرجه من أربع وثلاثين طريقا، وغيرهم من أرباب الجوامع، وأخرجوه عن غير واحد من الصحابة كجابر بن سمرة، وابن مسعود، وأنس. فهذه عقيدة تشهد علي صحتها ونجاة صاحبها صحاح الأحاديث. فالفرقة الناجية، إن كانت هي الشيعة فهي، وإن كانت غيرهم من أهل السنة، يجب أن تكون الشيعة أيضا من الناجية لاشتراكها مع أهل السنة في أصول العقائد الاسلامية، و في الفروع العملية، مع أن القول بكون الناجية أهل السنة، يرجع إلي القول بنجاة جميع الفرق، أو أكثرها، بخلاف ما لو كانت الشيعة هي الناجية. فالقول بنجاة أهل السنة، مستلزم للقول بنجاة الشيعة لاشتراكها مع سائر الفرق في ما هو سبب للنجاة، ولا عكس. (وهذا الوجه قريب من الوجه السابق.) 5) إن أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وآله - قد اختلفوا في مسائل كثيرة، ولم يحصل منهم الاتفاق علي جميع الأمور، ولم يعلم عصمة طائفة منهم بالخصوص، ولم يتفق الفريقان في جواز الرجوع إلي شخص معين منهم، إلا إلي علي وفاطمة والحسن والحسين -
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب العقائد الإسلامية لمركز المصطفي (ص) (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، الحج (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
عليهم السلام - فالمتمسكون بهداهم، الآخذون بحجزتهم، أهل النجاة والفلاح قطعا واجماعا بخلاف المتمسك بغيرهم، كائنا من كان. فان نجاة المتمسك بغيرهم غير مقطوع به، ولا متفق عليه.
6) إن الأخبار الصحيحة قد دلت علي ارتداد أكثر الصحابة إلا القليل منهم، مثل ما رواه البخاري في كتاب الحوض، 19 عن أبي هريرة أن رسول الله - صلي الله عليه وآله - قال: " بينما أنا قائم فإذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم! فقلت: أين؟
قال: إلي النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري. ثم إذا زمرة حتي إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم! قلت: أين؟ قال: إلي النار والله. قلت ما شأنهم؟ قال:
إنهم ارتدوا بعدك علي أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. " وهذا الحديث يدل علي ارتداد جمع كثير من الصحابة، فلا تكون متابعتهم مطلقا، وإن لم يثبت ثبات المتبوع، وعدم ارتداده سببا للاندراج في الفرقة الناجية، كما أن الحكم بنجاة جميعهم مخالف لصريح هذه الأحاديث. واتفق الفريقان علي أن عليا وفاطمة والحسن والحسين، و شيعتهم، كأبي ذر والمقداد وسلمان وعمار وغيرهم من الصحابة، لم يكونوا من المرتدين، فمن تمسك بهم، ولم يعدل عنهم إلي غيرهم في الأمور الدينية، سواء كانت اعتقادية أم عملية، يكون من الفرقة الناجية.
ومن الروايات المصرحة بذلك، ما أخرجه في كنز العمال، 20 عن يحيي بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، قال: كان علي - عليه السلام - يخطب، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من
(١٩) ص ٨٨، ج 4، ط مصر، سنة 1320.
(20) ج 8، ص 215، ح 3529.
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، أبو هريرة العجلي (1)
أهل الجماعة؟ ومن أهل الفرقة؟ ومن أهل السنة؟، ومن أهل البدعة؟ فقال: ويحك أما إذا سألتني فافهم عني، ولا عليك أن تسأل عنها أحدا بعدي، فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني، وإن قلوا، وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله - صلي الله عليه وآله -، فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتبعني، وإن كثروا، وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله - صلي الله عليه وآله - وإن قلوا، وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله - صلي الله عليه آله - العاملون برأيهم وأهوائهم، وإن كثروا، وقد مضي منهم الفوج الأول، و بقيت أفواج، وعلي الله قصمها واستئصالها عن جدبة الأرض - والحديث طويل، فيه بعض أحكام البغاة، وساقه إلي أن قال: - و تنادي الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين، أصاب الله بك الرشاد والسداد. فقام عمار، فقال: يا أيها الناس إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيس شعرة، وكيف يكون ذلك، وقد استودعه رسول الله - صلي الله عليه (وآله) وسلم - المنايا والوصايا وفصل الخطاب علي منهاج هارون بن عمران، إذا قال له رسول الله - صلي الله عليه (وآله) وسلم -: " أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي " فضلا خصه الله به اكراما منه لنبيه - صلي الله عليه (وآله) وسلم - حيث أعطاه ما لم يعط أحدا من خلقه، الحديث ".
وهذا الحديث وأشباهه لا تنطبق إلا علي الشيعة الإمامية المنيخين مطاياهم بفناء أهل البيت - عليهم السلام -، والمتمسكين بهم.
ويعجبني هنا ذكر أبيات ذكرها للشافعي، أحمد بن القادر العجيلي في كتابه " ذخيرة المآل "، والشريف الحضرمي في " رشفة
(٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، هارون بن عمران (1)، الضلال (1)، الجماعة (2)
الصادي " وهي هذه:
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم * مذاهبهم في البحر الغي والجهل ركبت علي اسم الله في سفن النجاة * وهم أهل بيت المصطفي خاتم الرسل وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم * كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل 21 إذا افترقت في الدين سبعين فرقة * ونيفا علي ما جاء في واضح النقل ولم يك ناج منهم غير فرقة * فقل لي بها يا ذا الزجاجة والعقل أفي الفرقة الهلاك آل محمد * أم الفرقة اللاتي نجت منهم؟ قل لي فإن قلت في الناجين فالقول واحد * وإن قلت في الهلاك خفت عن العدل إذا كان مولي القوم منهم فإنني * رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلي رضيت عليا لي إماما ونسله * وأنت من الباقين في أوسع الحل 22
(21) رشفة الصادي، ص 25.
(22) عبقات الأنوار، ج 2، م 12 / 50 - 51.
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الهلاك (2)، الخوف (1)

تنبيه

* (تنبيه) * أخرج الحاكم في المستدرك 23، في كتاب الفتن، قال: أخبرنا محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب، ثنا نعيم بن حماد، ثنا عيسي بن يونس، عن جرير بن عثمان، عن عبد الرحمان بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك (رض)، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " ستفترق أمتي علي بضع وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال، ويحللون الحرام "، هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
دل هذا الحديث علي ذم أعظم الفرق فرقة، وهي أكثرهم عددا وجماعة، وهم أهل القياس والرأي الذين يحرمون الحلال، ويحللون الحرام، ولا يخفي أن معظم أهل السنة والجماعة هم أهل الرأي والقياس.
ويؤيد هذا ظاهر حديثه الاخر، وهو ما أخرجه ابن ماجة عنه، 24 قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " افترقت
(٢٣) ص ٤٣٠.
(٢٤) ص ٤٧٩، ج 2 الطبعة الأولي.
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عيسي بن يونس (1)، جرير بن عثمان (1)، الفضل بن محمد (1)، إبن ماجة (1)، عبد الرحمان (1)
اليهود علي إحدي وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصاري علي ثنتين وسبعين فرقة، فإحدي وسبعون في النار، و واحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار. قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: الجماعة ". فان ظاهره السؤال عن الفرق التي تكون في النار فقال: الجماعة.
وسواء أكان ظاهر حديث ابن ماجة عنه هذا، أم لم يكن، فلا ريب أن حديث الحاكم عنه معارض لحديث فسر فيه الناجية بالجماعة، إلا إذا كان المراد منها ما نص عليه علي - عليه السلام - في حديث أخرجه عنه في كنز العمال. وإذا دار الامر بين الاخذ بحديث الجماعة، و حديث الحاكم، وجب الاخذ بالأخير، فان حديث الجماعة مطعون فيه من حيث السند والمتن والدلالة.
ومما لا شك فيه أن الشيعة ليست من الفرق العاملة بالقياس والرأي التي دل هذا الحديث الصحيح علي ذمها، لشدة تمسكهم بالكتاب والسنة وعدم جواز العمل بالقياس والرأي عندهم، وهذا معروف من مذاهب أئمتهم، مذكور في كتبهم. وقد بينا في بعض تصانيفنا أن سبب أخذ القوم بالقياس في الأحكام الشرعية، قلة مصادرهم، وميلهم عن أهل البيت، وعدم رجوعهم إلي الروايات المأثورة عنهم.
ثم لا يخفي عليك أن الأدلة الستة التي أقمناها علي أن الناجية من الفرق، هي الشيعة، قائمة عليها، وإن قيل بعدم صحة أحاديث افتراق الأمة.
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الأحكام الشرعية (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، إبن ماجة (1)، الجواز (1)، الجماعة (4)

الأحاديث الدالة علي نجاة الموحدين

* (الأحاديث) * * (الدالة علي نجاة الموحدين) * قد علمت مما سبق اشتراك جميع الفرق في أصول العقائد. يعني بذلك الايمان بالتوحيد، والنبوة، والبعث، والصلاة الخمس إلي القبلة، والحج، وصوم شهر رمضان، والزكاة، وغيرها من الأمور التي اتفقت الأمة في دخلها في الايمان، وعدم حصول النجاة بدون الايمان بها، وقد أعلن ذلك الصحاح الستة، وغيرها من كتب أهل السنة. فدلت رواياتهم علي نجاة من آمن بالله، ورسوله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتي الزكاة، وحج البيت، وصام شهر رمضان، بل في صحاحهم روايات كثيرة دلت علي نجاة مطلق الموحدين.
ففي صحيح البخاري، 25 في كتاب الرقاق، عن أبي ذر قال:
قال النبي - صلي الله عليه وآله وسلم: " قال جبرائيل: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. قلت: وإن زني، وإن سرق؟ قال:
وإن زني، وإن سرق ".
وفيه، 24 عن أبي هريرة: إن أعرابيا أتي النبي - صلي الله
(25) ج 4، ص 75.
(26) ج 1، ص 155.
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، شهر رمضان المبارك (2)، الزكاة (1)، الموت (1)، الصّلاة (2)، الحج (1)، السرقة (2)، الخمس (1)
عليه وسلم -، فقال: دلني علي عمل إذا عملته، دخلت الجنة. قال:
" تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان ". قال: والذي نفس بيده لا أزيد علي هذا.
فلما ولي، قال النبي - صلي الله عليه وسلم -: " من سره أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي هذا ".
وفيه، 27 في كتاب الرقاق، عن عتبان قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " لن يوافي عبد يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله، يبتغي به وجه الله، إلا حرم الله عليه النار ".
وأخرج في أسد الغابة، في ترجمة أبي سلمي راعي رسول الله - صلي الله عليه وآله -، قال: سمعت النبي - صلي الله عليه وسلم - يقول: " من لقي الله عز وجل، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وآمن بالبعث والحساب، دخل الجنة ". قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلي الله عليه وسلم -؟ فأدخل أصبعيه في اذنيه، فقال: سمعت هذا منه غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث، ولا أربع.
وإن شئت أكثر من ذلك، فراجع مصابيح السنة للبغوي، 28 وغيره من كتب الحديث.
وهذه الأحاديث، دالة علي نجاة الشيعة، وأنهم من أهل الجنة، لأنهم يشهدون بجميع ما فيها من التوحيد والنبوة والبعث والحساب، ويؤمنون بها، لا يشركون بالله شيئا، يقيمون الصلاة، و يؤدون الزكاة، ويصومون شهر رمضان، وشاركوا السنيين فيما هو عندهم ملاك الايمان والنجاة.
وقد أفتي بهذه النصوص، وإيمان المعتقدين بالأصول المذكورة،
(27) ج 4، ص 73.
(28) كتاب الايمان، ص 7 - ظ.
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب أسد الغابة لإبن الأثير (1)، يوم القيامة (1)، شهر رمضان المبارك (2)، الزكاة (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (2)
جماعة من علماء أهل السنة، فراجع " الفصول المهمة " إن شئت تفصيلا شافيا في ذلك كله، حتي تعلم أن التقريب بين المذاهب، والتفاهم بين الفرق، أمر ممكن، وأن ما عليه الشيعة من ولاية أهل البيت، والقول بإمامتهم، والتبري من أعدائهم، لا يمنع ذلك، ولا يخالف الأصول التي بني عليها الاسلام. فإن غير ما تلونا عليك مما ذهب إليه أهل السنة كلهم أو بعضهم، حتي تصويب ما صدر عن الشيخين، وعدالة الصحابة، ليس من أصول الدين في شئ، ولا دخل لهذه الأمور في الايمان أو في كماله، لا سيما إذا كان من يري خلاف ذلك، مجتهدا.
فمن يؤول رزية يوم الخميس (التي يقول عنها ابن عباس:
يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثم جعل تسيل دموعه علي خديه كأنها نظام اللؤلؤ، ويعذر عمر بن الخطاب وحزبه فيما قالوا لما قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ". فقال عمر - وهو أول من منعه عن ذلك -: إن النبي غلبه الوجع، وفي بعض طرقه فقالوا: هجر رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وفي بعضه الآخر قالوا: إن رسول الله يهجر، 29 وعن أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة، 30 فقال عمر كلمة معناها ان الوجع قد غلب علي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -، كيف لا يؤول قدح من يقدح في عدالة صحابي اجتهادا، ولا يقر خلافة الشيخين كما لم يقرها فاطمة وعلي وغيرهما من بني هاشم، والصحابة الذين
(29) راجع صحيح البخاري، باب كتابة العلم، ج 1 ص 21 و 22، والجزء الثاني منه، ص 111، باب جوائز الوفد، وفي باب مرض النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - ج 3، ص 58 بطريقين، وباب كرهية الخلاف، ص 167، ج 4، وراجع أيضا صحيح مسلم في كتاب الوصية ومسند أحمد من حديث ابن عباس.
(30) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ط مصر، ص 20، ج 2.
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، عبد الله بن عباس (2)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، رزية الخميس (1)، بنو هاشم (1)، أصول الدين (1)، عبد العزيز (1)، السقيفة (1)، المنع (1)، الغلّ (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، المرض (1)، الوصية (1)
امتنعوا عن البيعة.
ومن تأمل في ألفاظ هذا الخبر، يعلم أن عمر بن الخطاب هو أول من تكلم بأنه - صلي الله عليه وآله - يهجر - نعوذ بالله - وإن قاله غيره أيضا، قاله متابعة له. والتعبير بأنه قد غلبه الوجع، من النقل بالمعني لا باللفظ تأدبا وتحرزا عن نقل تلك الكلمة، ولو سلم انه لم يزد علي قوله: إن النبي غلبه الوجع! أفليس معناه أنه - صلي الله عليه وآله وسلم - يهجر أو يغلط؟
أليس هذا رد أمر رسول الله - صلي الله عليه وآله - ومعارضة صريحة؟ أتري في هذا الكلام دلالة علي غلبة الوجع وعدم الاعتداد بكلام المتكلم به، لو صدر مثله عن مريض يجوز أن يقال مثل هذا فيه؟
بالله يا أخي تأمل في مغزي هذه الحادثة.
فليس لأحد من الصحابة، كائنا من كان، رد قول النبي - صلي الله عليه وآله -، لا سيما وهو يريد كتابة وصية لن تضل الأمة بعدها أبدا.
وما معني الاجتهاد قبال الامر الصريح الصادر عن النبي الذي قال الله تعالي فيه: " ما ضل صاحبكم وما غوي، وما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي. " 31 وقال: " ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا " 32 فانظر بعين الانصاف تأولات القوم في هذه الرزية. فهذه حاشية السندي علي صحيح البخاري، باب كتابة العلم، فاقرأ فيها تأويلاتهم فيها حتي تعرف أنهم لم يأتوا في هذا الباب بشئ يسكن عنده
(31) النجم / 2 4.
(32) الحشر / 7.
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، الجواز (1)، الوصية (1)
النفس، ويقبله المنصف.
فالذي لا يعتريه الشك ان كلامه صريح في رد رسول الله - صلي الله عليه وآله -، ومعارضته له، وان الأمة حرمت بذلك عن الامن من الضلال، ولم يرد ابن عباس بقوله: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلي الله عليه وآله - وبين كتابه إلا هذا، لان حرمان الأمة من الامن من الضلال، رزية ليس فوقها رزية، ترتب عليها جميع المصائب والاختلافات. فلا إيراد علي المسلم المنصف، إن وقف عند هذه الواقعة العظيمة، وتفكر في مغزاها، كما لا اعتراض عليه إن قال: إن الامر الذي أراد كتابته، فمنعوه عنه، كان توثيق عهده لأخيه وابن عمه علي - عليه السلام - بالإمامة والخلافة بعده، ولكنهم لما علموا من تنصيصاته المتكررة في غدير خم، وحديث الثقلين الذي حصر فيه الامن من الضلال بالتمسك بالكتاب والعترة، وحديث المنزلة، وغيرها، صدوه عن كتابته، وهذا هو الامر الذي أبكي ابن عباس حتي خضب دمعه الحصباء، وقال: الرزية، كل الرزية..
ولو كان صاحب هذه الكلمة غير عمر، لكان موقفهم تجاهها غير هذا، ولكن الذي يهون الخطب عنده، ويسهل له قبول التأويلات المذكورة في حاشية السندي أن المتكلم بها عمر.
وليعلم أنه ليس غرضنا من هذا المقال، الطعن علي الخليفة، ولا علي غيره من المسلمين، ولا رد تأويلاتهم في ذلك، فحساب الخلق علي الله ولا تزر وازرة وزر أخري، بل غرضنا النظر في أمثال هذه الحوادث، من الناحية العلمية.
فمن يتأول رزية يوم الخميس وأمثالها، ولا يري في ذلك بأسا، ويجتهد لان يحملها علي المحامل الصحيحة، كيف لا يؤول قول من قدح في عدالة أحد من الصحابة اجتهادا ونظرا إلي مثل هذا الحديث الصريح
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حديث المنزلة (1)، حديث الثقلين (1)، عبد الله بن عباس (2)، رزية الخميس (1)، غدير خم (1)، الطعن (1)، الضلال (3)
في رده رسول الله - صلي الله عليه وآله -، ومعارضته معه، وهو في هذا الحال حتي اختصموا عنده، وأكثروا اللغو والاختلاف؟ وكيف يقول بقدح ذلك في الايمان، ولا يقول بقدح ما هو أقبح وأفظع منه؟
وإن شئت أن تعرف مبلغ أفاعيل السياسة، فقايس بين انهم منعوا النبي - صلي الله عليه وآله - عن كتابة وصية التي لو كتبها لن يضلوا بعده أبدا، وقالوا ما قالوا، ولم يردوا علي أبي بكر حين أراد الوصية في مرض موته، ولم يقولوا أنه يهجر، وحسبنا كتاب الله، بل كتب أبو بكر وصيته لعمر حين أغمي عليه وقبل أن ينص علي عمر، وقالوا أفاق بعد ذلك، وصوب ما كتب، ودعا لعثمان.
اللهم أنت الحكم العدل، فاحكم بين أهل بيت نبيك وبين من عاداهم، وأنكر فضائلهم، وأراد إطفاء نورهم، وأظهر كلمتهم الحق، وأبطل بهم باطل أعدائهم، واحشرنا مع محمد وآله الطاهرين، صلواتك عليهم أجمعين.
حرره لطف الله الصافي الكلپايكاني
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الموت (1)، المرض (1)، الطهارة (1)، الوصية (1)

من لهذا العالم؟

من لهذا العالم؟
صفحه(٥٣)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * من لهذا العالم الملئ بالفساد، والفواصل، والمظالم؟
من لدفع هذه الأساليب الإلحادية التي هوت بالانسانية في أسفل درجات الحيوانية؟ (من نص الكتاب).
هذا بيان جميل يفصح عن الواقع الكائن في المجتمع البشري المعاصر، هذا المجتمع الملئ بالجهل والضلالة، والظلم والجريمة والفساد وعدم المعرفة.. والذي ما فتئ سائرا في هذا المسير المنحط نحو مزيد من السقوط والتردي.
تري ما العمل؟ من ذا الذي ينجي هذا الانسان من بحر الفساد الهائج هذا؟
" كما تعرف تتقين، ان المبشر به في لسان الأنبياء، والكتب السماوية، والقرآن الكريم، والسنة النبوية، والأحاديث المروية عن العترة الطاهرة، والآثار المخرجة عن الصحابة، هو ابن الإمام الحسن العسكري بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - وهو الامام الثاني عشر، والعدل المشتهر، وصاحب الزمان، أرواح العالمين له الفداء ". (من نص الكتاب)
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، القرآن الكريم (1)، علي بن موسي بن جعفر بن محمد (1)، علي بن الحسين (1)
بهذا السمو ينهي مؤلف كتاب " من لهذا العالم " مقدمته، ثم يأخذ بذكر الآيات الإلهية، والأحاديث النبوية بخصوص إمامة ولي العصر، - عجل الله تعالي فرجه الشريف - ويشير في المقال إلي أسماء بعض من الصحابة وكتب مشايخ أهل السنة من الذين يشيرون إلي الروايات المبشرة بظهور الإمام المنتظر. وفي الختام يورد أسماء بعض من الكتب بعينها مما ألف حول هذا الموضوع.
لقد طبع هذا الكتاب عدة مرات، وطبع لأول مرة في بداية الجلد الثاني من كتاب " مكيال المكارم " الشريف كمقدمة له.
فعسي أن تكون مطالعة هذه الرسالة نافعة للقراء الكرام، وتجلب رضا إمام العصر، وسروره، أرواحنا فداه.
قسم الدراسات الاسلامية
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: العصر (بعد الظهر) (2)
* (من لهذا العالم؟) * من لهذا العالم الملئ بالفساد والفواصل والفوارق والمظالم؟
من لدفع هذه الأساليب الالحادية التي هوت بالانسانية في أسفل دركات الحيوانية؟
من لهذه التجهيزات الحربية التي ينفق عليها من أموال الفقراء، والبائسين في الدقيقة الواحدة أكثر من 4 / 3 مليون دولار (750 ألف دولار) وفي السنة 400 ألف مليون دولار، وهذا الرقم يساوي ما ينفق علي الصحة العامة مرتين ونصف؟ 1 وإحصائية أخري تقول:
بلغت النفقات العسكرية في العالم 3500 مليار فرنك فرنسي، وهذا المبلغ يكفي لتجهيز 35 مليون فراش للعلاج، وبناء 50 مليون مسكن، وملون كيلو مترا من الطرق الحديثة، وألف مدينة تتسع الواحدة 200 ألف ساكن. 2
(1) حضارة الاسلام ص 92 من العدد السادس من السنة التاسعة عشرة.
(2) حضارة الاسلام ص 146 من العدد الخامس والسادس من السنة السادسة عشرة عن مجلة الاكسبريس أيلول 1974.
صفحه(٥٧)
وإحصائية ثالثة تقول:
لقد باعت الولايات المتحدة في عام 1973 - 1974 من الأسلحة ما قيمته 83 مليار دولارا، والاتحاد السوفياتي ما قيمته 55 مليار دولار، وفرنسا ما قيمته 33 مليارا من الدولارات، وبريطانيا 13 مليارا 3 والولايات المتحدة تنفق علي تسليح كل جندي 60 مرة أكثر مما تنفق علي تعليم كل تلميذ. 4 وأيضا هذه الولايات المتحدة الأمريكية تنفق من أول اوكتبر 1978، لمدة اثني عشر شهرا في غضون سنة، ما يبلغ مليارين وتسعمأة وسبعة وسبعين مليون دولار، لصرفها علي المواد اللازمة لتوليد القنبلة النوترونية 5 وذلك ما يساوي مبلغ خمسة آلاف وسبعمأة وسبعة وستين دولارا تقريبا في كل دقيقة من دقائق هذه المدة.
من لهذه القنابل الذرية، والهيدروجينية، والنترونية التي تدمر البلاد الكبيرة، والممالك المعظمة، وتقضي علي المدنيات وتهدم كيان الانسانية، فكرة واحدة - في حجم البرتقالة الكبيرة - من مادة البلوتونيوم التي تنتجها المفاعلات الذرية الغريبة، قادرة علي قتل مليار انسان؟ 6 من لدحض هذه الشبهات التي أشغلت أفكار شبابنا وشبيبتنا، وفتياننا وفتياتنا؟
من لإزالة هذا الخوف والاضطراب والعناء الذي استولي علي جميع البرية؟
(3) حضارة الاسلام العدد 9 - 10 من السنة 17 ص 135.
(4) حضارة الاسلام العدد الثاني من السنة 19 ص 97.
(5) جريدة اطلاعات الإيرانية العدد 15743.
(6) حضارة الاسلام العدد 5 و 6 من السنة 16 ص 146.
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: القتل (1)، الإنفاق (2)، الخوف (1)
من لهذه النعرات الطائفية، والقومية والدعايات الممزقة؟
من لهذه الحكومات المستبدة التي استعبدت الأقوام والافراد وازدادت ديكتاتوريتها واستضعافها علي استبداد الأكاسرة، والقياصرة؟
من لهذه القوانين الكافرة المستوردة من الشرق والغرب؟
من لانقاذ البشرية من هذه المهالك والمساقط التي جاءت بها مكاتب الشرق والغرب، ودعاة الشرك والالحاد؟
من لهذه الأفلام السينمائية، والتلفزيونية التي تهبط بالمجتمع إلي مهاوي الشهوات، ورذائل الأخلاق؟
من لالغاء هذه الحكومات الإقليمية، والامبريالية، والماركسية، وإعلان حكومة الله العادلة العالمية علي الأرض؟
من ذا الذي يقوم بإذن الله بإزالة هذه الخلاعة، والدعارة التي شملت البلاد؟
من الذي يحارب هذه الجاهليات التي هي أخطر وأضر لمفاهيم الانسانية الصحيحة من الجاهليات الأولي؟
من هو الذي يحيي العدل والانصاف، ويميت الجور و الاعتساف؟
من هو الذي يرد الغيرة إلي الرجال، والحياء والشخصية و والعفة إلي النساء، ويزيل عنهن عار السفور والخروج إلي الأسواق والأندية، كاشفات عاريات، فأحسنهن حالا الأجيرة في المراقص و الملاهي؟
من الذي يرفع الله به المستضعفين، ويؤمن به الخائفين، وينجي به الصالحين، ويضع به المستكبرين، ويجتث به أصول الظالمين؟
من هو المصلح الذي بشر الله به الأمم بلسان أنبيائه، وما
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الظلم (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)
أوحي إليهم في كتبه وصحفه؟
من الموعود الذي يملا الله به الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا؟
من الذي يحقق الله علي يده الامن والأمان، ويمحو به الظلم و العدوان، ويفتح الله علي يديه مشارق الأرض ومغاربها؟
من هو الذي يجمع الكلم علي التقوي، ويرفع لواء القسط في الدنيا؟
من الذي يثور علي الظالمين، ويبيدهم، ويهدم قصورهم، و ديارهم، ويحطم آثارهم؟
من الذي يحيي الله به الأرض بعد موتها؟
فمتي يقوم بأمر الله القائم الذي لما قرأ دعبل قصيدته التائية المشهورة علي الرضا - عليه السلام - فذكره بقوله:
خروج إمام لا محالة لازم * يقوم علي اسم الله والبركات وضع الرضا - عليه السلام - يده لي رأسه، وتواضع قائما و دعا له بالفرج وقال:
اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه 7؟
وإلي متي في حجاب الغيبة، فقد ظهر كثير من علائم ظهوره وقيامه وعضنا البلاء، فمتي يظهر؟
فهاهي الفتن شملت الآفاق، والجور قد عم البلاد، وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصار المنكر معروفا، والمعروف منكرا، وخرجت النساء كاشفات عاريات متبرجات، خارجات من الدين، داخلات في الفتن، مائلات إلي الشهوات، مستحلات
(7) منتخب الأثر ب 3 ف 10 ح 3 و 4 ص 505 و 506.
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، الظلم (2)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الفرج (1)
للمحرمات 8، لم يبق من القرآن إلا الاسم، يسمون به وهم أبعد الناس عنه.
وها هي الصلاة قد أميتت، والأمانة قد ضيعت، والخمر يباع و يشرب علانية، وأهل الباطل قد استعلوا علي أهل الحق، والأموال الكثيرة تصرف في معصية الله، وتنفق في سخطه، والولاة يقربون أهل الكفر، ويبعدون أهل الخير، والحدود قد عطلت، والسلطان يذل المؤمن للكافر، والرجل يتكلم بشئ من الحق، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ويقول: هذا عنك موضوع، وظهر الاستخفاف بالوالدين، وكثر الطلاق، والنساء قد دخلن فيما لا ينبغي لهن دخوله، والقضاة يقضون بغير ما أنزل الله، واستحل الربا لا يري به بأسا، والرجال تشبهوا بالنساء، والنساء تشبهن بالرجال، وكثر أولاد الزنا، وظهرت القينات والمعازف، وتداعت علينا الأمم، كما تداعت الاكلة علي القصاع لكراهيتنا الموت وحبنا للدنيا، وركبت ذوات الفروج السروج، وتغنوا بالقرآن، وتعلموه لغير الله، واتخذوه مزامير وهدر فنيق الباطل بعد كظوم، وتواخي الناس علي الفجور، يمسي الرجل مؤمنا، ويصبح كافرا، تحزن ذوات الأولاد، وتفرح العواقر و.. و.. و. 9 فمتي تشرق شمس الاقبال والسعادة من مشرق بيت الوحي و الرسالة والولاية؟
سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما أطول هذا العناء و أبعد هذا الرجاء، كما أخبرنا به مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - 10.
(8) يراجع منتخب الأثر ب 2 ف 6.
(9) يراجع في ذلك كله منتخب الأثر ب 2 ف 6.
(10) نهج البلاغة خ 185.
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، القرآن الكريم (2)، الباطل، الإبطال (2)، الموت (1)، الصّلاة (1)، الربا (1)، كتاب نهج البلاغة (1)
فالله أكبر الذي جعل مع كل عسر يسرا، ولكل ضيق رخاء، ولكل فتنة مخرجا، ولكل شدة فرجا.
فلا تيأسوا يا إخواني من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
ولا تحسبوا قوة الظالمين وسلطة الكافرين شيئا، فإنهم علي شفا حفرة الهلاك والدمار، وعن قريب يزول ملكهم، ويبور سعيهم.
وان أمعنت النظر يا أخي في كتاب ربك القرآن الكريم، و في الأحاديث المروية عن نبيك والأئمة الطيبين من عترته صلوات الله عليهم أجمعين، زاد رجاؤك بالمستقبل الزاهر، وبعد عنك اليأس والكسل، ولبعثك النشاط والأمل إلي السعي والعمل، ولأديت واجبك من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعرفت مسؤولياتك، وما أنت مسؤول عنه قبال دينك، وكتاب دينك وأحكامه، ولعرفت ان الذي خلق العباد لا يهملهم سدي، ولا يتركهم في تيار هذه الخسارات والمهالك، وان الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا.
وتعرف ان البشرية ليست محكوما عليها بالبؤس والشقاء و الظلم، وان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين.
كما تعرف أيضا ان نهاية المطاف ليس إلا النور، وإلا العلم والمعرفة، وإلا العدل والأمان.
وتعرف ان العالم يسير نحو الكمال، ولا يرجع القهقري وإلي الوراء، وان الظلم والاستكبار والاستثمار والاستضعاف لابد وأن ينتهي، ومحكوم بالزوال والانقراض، وان النصر مع جنود الحق، وأنصار العدل، ودعاة الخير، والثائر علي الظلم والاستبداد، وان حزب الله هم الغالبون.
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، القرآن الكريم (1)، يوم عرفة (2)، حزب الله (1)، الهلاك (1)، الظلم (3)، الحج (1)، الصّلاة (1)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)

الآيات

كما تعرف ان العالم سيتخلص من هذه الحكومات المتشعبة المتفرقة التي تأسست لاستعباد الناس بعضهم بعضا، وستوحد الحكومات، وتسقط هذه الرايات والاعلام، وينشر لواء واحد باسم الله لواء الحق، لواء التوحيد، لواء رسالة الاسلام.
كما تعرف، وتتيقن ان المبشر به في لسان الأنبياء، والكتب السماوية، والقرآن الكريم، والسنة النبوية، والأحاديث المروية عن العترة الطاهرة، والآثار المخرجة عن الصحابة هو ابن الإمام الحسن العسكري بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - وهو الامام الثاني عشر، و العدل المشتهر، وصاحب الزمان أو راح العالمين له الفداء.
فالله لا يخلف الميعاد، وهو أصدق القائلين حيث يقول:
ونريد ان نمن علي الذين استضعفوا في الأرض، و نجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين، ونري فرعون وهامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون. 11 وقال تعالي جده:
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا. 12 وقال عز اسمه:
انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد 13.
(11) سورة القصص / 5 و 6.
(12) سورة النور / 55.
(13) سورة غافر / 51.
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، القرآن الكريم (1)، علي بن موسي بن جعفر بن محمد (1)، علي بن محمد (1)، سورة النور (1)، سورة القصص (1)، سورة غافر (1)

الأحاديث

وقال تبارك وتعالي:
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * انهم لهم المنصورون * وان جندنا لهم الغالبون * فتول عنهم حتي حين 14.
وقال رسوله الصادق المصدق:
لا تقوم الساعة حتي تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا 15.
وقال صلي الله عليه وآله:
لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم، حتي يملك رجل من أهل بيتي، يظهر الاسلام ولا يخلف وعده، وهو علي وعده قدير 16.
وقال صلي الله عليه وآله:
لو لم يبق من الدنيا إلا يوما واحدا لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا وظلما 17.
وقال صلي الله عليه وآله:
أبشروا بالمهدي - قالها ثلاثا - يخرج علي حين اختلاف من الناس، وزلزال شديد يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يملا قلوب عباده عبادة، ويسعهم عدله 18.
وقال صلي الله عليه وآله:
(١٤) سورة الصافات / ١٧٤١٧١.
(١٥) المستدرك ج ٤ ص ٥٥٧ - منتخب الأثر ح 19 ف 2 ب 1 وفي هذا الباب من الاخبار المبشرة بالمهدي ما يزيد علي ستمأة حديث.
(16) منتخب الأثر ح 23 ب 1 ف 2.
(17) منتخب الأثر ح 26 ب 1 ف 2.
(18) منتخب الأثر ح 80 ب 1 ف 2.
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصدق (1)، سورة الصافات (1)
الأئمة من بعدي اثنا عشر، أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل علي يديه مشارق الأرض، ومغاربها 19.
وقال - صلي الله عليه وآله - في حديث أبي سعيد الخدري:
الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين، فالتاسع قائمهم فطوبي لمن أحبهم 20.
وقال صلي الله عليه وآله:
إن عليا إمام أمتي من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر، الذي إذا ظهر يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن الثابتين علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله لولدك القائم غيبة؟ قال: إي وربي ليمحصن الذين آمنوا، ويمحق الكافرين، يا جابر إن هذا الامر من أمر الله، وسر من سر الله مطوي من عباد الله، و إياك والشك فيه فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر 21.
وقال صلي الله عليه وآله:
والذي نفسي بيده إن مهدي هذه الأمة الذي يصلي عيسي خلفه منا، ثم ضرب يده علي منكب الحسين - عليه السلام - وقال: من هذا من هذا 22.
وقال أمير المؤمنين:
تنقض الفتن حتي لا يقول أحد " لا إله الا الله "، وقال بعضهم:
(19) منتخب الأثر ب 4 ف 1 ح 2 وفي الباب 91 حديثا.
(20) منتخب الأثر ب 7 ف 1 ح 4 وفي الباب 107 أحاديث.
(21) منتخب الأثر ب 5 ف 2 ح 1 وفي الباب 214 حديثا.
(22) منتخب الأثر ب 8 ف 2 ح 3 وفي الباب 185 حديثا.
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، أبو سعيد الخدري (1)، جابر بن عبد الله (1)، الضرب (1)، الصّلب (1)، الصّلاة (1)
لا يقال " الله الله " ثم ضرب يعسوب الدين بذنبه، ثم يبعث الله قوما كقزع الخريف، واني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم 23.
وقال عليه السلام:
إن ابني هذا - يعني الحسين - السيد، كما سماه رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وسيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم، يخرج علي حين غفلة من الناس، وإماتة الحق، وإظهار الجور، ويفرح لخروجه أهل السماء و سكانها - إلي أن قال: - يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا 24.
وقال - عليه السلام - في بعض خطبه:
وليكونن من يخلفني في أهل بيتي رجل يأمر بأمر الله، قوي يحكم بحكم الله، وذلك بعد زمان مكلح مفصح يشتد فيه البلاء وينقطع فيه الرجاء ويقبل فيه الرشاء - الخطبة. 25 وقال - عليه السلام - في خطبة أخري:
فنحن أنوار السماوات والأرض، وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم، والينا مصير الأمور، وبمهدينا تقطع الحجج فهو خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة 26.
وقال الامام السبط الأكبر الحسن المجتبي، محدثا عن أبيه أمير المؤمنين - عليهما السلام - أنه قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -:
لا تذهب الدنيا حتي يقوم بأمر أمتي رجل من ولد الحسين، يملا الدنيا عدلا كما ملئت ظلما 27.
(٢٣) منتخب الأثر ح ٦٢ ب ١ ف ٢.
(٢٤) منتخب الأثر ب ١ ف ٢ ح ٦٤.
(٢٥) منتخب كنز العمال ج ٦ ص ٣٤ - منتخب الأثر ب 1 ف 2 ح 63.
(26) تذكرة الخواص ب 6 - منتخب الأثر ب 1 ف 2 ح 15.
(27) منتخب الأثر ب 8 ف 2 ح 2 وفي الباب 185 حديثا.
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الضرب (1)، كتاب تذكرة خواص الأمة للسبط إبن الجوزي (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)
وقال سيد أهل الاباء وأبو الشهداء، أبو عبد الله الحسين - عليه السلام -:
منا اثنا عشر، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو القائم بالحق يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق علي الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها قوم، ويثبت علي الدين فيها آخرون، فيؤذون ويقال لهم: " متي هذا الوعد إن ان كنتم صادقين ". أما إن الصابرين في غيبته علي الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهدين بالسيف بين يدي رسول الله - صلي الله عليه وآله - 28.
وقال الإمام زين العابدين علي بن الحسين - عليه السلام - في حديث رواه عنه أبو خالد:
تمتد الغيبة بولي الله عز وجل الثاني عشر من أوصياء رسول الله و الأئمة بعده. يا أبا خالد! إن أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كل زمان، لان الله تبارك وتعالي أعطاهم من العقول والأفهام ما صارت به الغيبة بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله، أولئك هم المخلصون حقا وشيعتنا صدقا، والرعاة إلي دين الله عز وجل سرا وجهرا. وقال:
انتظار الفرج من أفضل العمل 29.
وقال الإمام أبو جعفر محمد الباقر - عليه السلام - في حديث:
إن قائمنا هو التاسع من ولد الحسين - عليه السلام - لان الأئمة بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله - اثنا عشر، الثاني عشر هو القائم 30.
(28) منتخب الأثر ف 2 ب 10 ح 4 وفي الباب 148 حديثا.
(29) منتخب الأثر ب 24 ف 2 ح 1 وفي الباب 136 حديثا.
(30) منتخب الأثر ب 8 ف 1 ح 34 وفي الباب 50 حديثا.
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: مولد الإمام الحسين (ع) (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو عبد الله (1)، انتظار الفرج (1)، الشهادة (1)
وقال الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام -:
إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله - أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحق، بقية الله في الأرض، وصاحب الزمان الحديث 31.
وقال - عليه السلام - في حديث آخر:
هو الخامس من ولد ابني موسي ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثم يظهره الله عز وجل فيفتح الله علي يديه مشارق الأرض، ومغاربها، وينزل روح الله عيسي بن مريم - عليه السلام - فيصلي خلفه فتشرق الأرض بنور ربها، ولا تبقي في الأرض قطعة عبد فيها غير الله عز وجل إلا عبد الله عز وجل فيها، ويكون الدين لله ولو كره المشركون. 32.
وقال الإمام أبو إبراهيم، موسي بن جعفر الكاظم - عليه السلام - في حديث:
القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله، ويملأها عدلا كما ملئت جورا، هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا علي نفسه يرتد فيها أقوام، ويثبت فيها آخرون - ثم قال عليه السلام -: - طوبي لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين علي موالاتنا، والبرائة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم - الحديث 33.
وقال الإمام أبو الحسن علي بن موسي الرضا - عليه السلام
(31) منتخب الأثر ف 2 ب 27 ح 5 وفي الباب 91 حديثا.
(32) منتخب الأثر ف 2 ب 22 ح 4 وفي الباب 9 أحاديث.
(33) منتخب الأثر ف 2 ب 16 ح 3 وفي الباب 98 حديثا.
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو إبراهيم (1)، أبو عبد الله (1)، موسي بن جعفر (1)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)
- في حديث:
الإمام بعدي ابني محمد، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم، وهو المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، فيملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا وظلما 34.
وقال الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد - عليه السلام -:
إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمدا بالنبوة، وخصنا بالإمامة انه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحدا لطول الله ذلك اليوم حتي يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما - إلي أن قال: - أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج 35.
وقال الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي - عليه السلام - الإمام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القائم، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما 36.
وقال الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري - عليه السلام -:
أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله.
وقال - عليه السلام - في حديث آخر:
أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيه الوقاتون، فكأني أنظر إلي أعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة 37.
(34) منتخب الأثر ف 2 ب 17 ح 3 وفي الباب 95 حديثا.
(35) منتخب الأثر ف 2 ب 18 ح 1 وفي الباب 90 حديثا.
(36) منتخب الأثر ف 2 ب 19 ح 1 وفي الباب 90 حديثا.
(37) منتخب الأثر ف 2 ب 20 ح 2 و 3 وفي الباب 146 حديثا.
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام (1)، مدينة الكوفة (1)، انتظار الفرج (1)

رواة أحاديث المهدي عليه السلام من الصحابة والصحابيات

ومما وجد بخطه - عليه السلام -:
أعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب، ونسوا الله رب الأرباب، والنبي، وساقي الكوثر في مواطن الحساب، ولظي، والطامة الكبري، ونعيم يوم المآب. فنحن السنام الأعظم، وفينا النبوة، والإمامة، والكرم، ونحن منار الهدي، والعروة الوثقي، والأنبياء كانوا يغترفون من أنوارنا، ويقتفون آثارنا، وسيظهر الله مهدينا علي الخلق، والسيف المسلول لاظهار الحق، وهذا بخط الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - 38.
هذا غيض من فيض، وقطر من بحر، وقليل من كثير، ومن سبر كتب الأحاديث والجوامع المعتمدة، يعرف ان النبي، والأئمة من أهل بيته - عليه السلام - بشروا الناس بظهور المهدي - عليه السلام - في البشائر المؤكدة الصريحة المتواترة، وان ذلك كان عقيدة السلف من عصر النبي صلي الله عليه وآله، والصحابة، وقام اتفاق المسلمين عليه، ولا اعتناء بمناقشة البعض في بعض الخصوصيات والصفات لقلة مصادره أو لبعض الاغراض الفاسدة والدعايات الباطلة بعدما ورد فيه من الأحاديث المعينة لشخصه، وصفاته، ونسبه.
وقد أخرج محدثو الفريقين من أرباب الجوامع والكتب هذه الأحاديث عن جمع الصحابة مثل:
(1) أمير المؤمنين علي - عليه السلام -، (2) وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء - عليها السلام -، (3) والإمام الحسن المجتبي - عليه السلام -، (4) والإمام الحسين سيد الشهداء - عليه السلام -، (5) وأم سلمة (6) وعايشة، (7) وعبد الله بن مسعود، (8) و
(٣٨) مشارق أنوار اليقين ص ٤٨ و 49.
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الحسن بن علي بن محمد بن علي (1)، علي بن الحسين بن علي (1)، عبد الله بن مسعود (1)، جعفر بن محمد (1)، كتاب مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي (1)

أسماء أكابر أهل السنة الذين أخرجوا أحاديث المهدي عليه السلام في صحاحهم ومسانيدهم وجوامعهم

عبد الله بن عباس، (9) وعبد الله بن عمر، (10) وعبد الله بن عمرو (11) وسلمان (12) وأبي أيوب الأنصاري (13) وأبي علي الهلالي (14) وجابر بن عبد الله الأنصاري (15) وجابر بن سمرة (16) و ثوبان (17) وأبي سعيد الخدري (18) و عبد الرحمان بن عوف (19) وأبي سلمي (20) وأبي هريرة (21) وأنس بن مالك (22) وعوف ابن مالك (23) وحذيفة بن اليمان (24) وأبي ليلي الأنصاري، (25) وجابر بن ماجد الصدفي (26) وعدي بن حاتم (27) وطلحة بن عبيد الله (28) وقرة بن أياس المزني (29) وعبد الله بن الحارث (30) وأبي امامة (31) وعمرو بن العاص (32) وعمار بن ياسر (33) وأبي الطفيل (34) وأويس الثقفي.
كل هؤلاء من أصحاب رسول الله - صلي الله عليه وآله - ممن ظفرنا بأحاديثهم المبشرة بالمهدي عليه السلام، وأما أسماء أصحاب أمير المؤمنين، وسائر الأئمة - عليهم السلام - والتابعين، و تابعي التابعين وغيرهم فأكثر من أن تحصي.
ولا يخفي عليك أن أكابر أهل السنة من حفاظهم ومحدثيهم قد خرجوا طوائف كثيرة من هذه الأحاديث في مسانيدهم وسننهم و صحاحهم وجوامعهم، فقلما يوجد كتاب حديث لم تكن فيه رواية أو أثر في المهدي - عليه السلام -، فإليك أسماء بعض كتبهم:
(1) مسند أحمد (2) السنن للترمذي (3) كنز العمال لعلي المتقي الهندي المكي (4) منتخب كنز العمال له أيضا (5) سنن أبي داود (6) سنن ابن ماجة (7) صحيح مسلم (8) صحيح البخاري (9) ينابيع المودة للقندوزي (10) مودة القربي للسيد علي الهمداني (11) فرائد السمطين للحمويني الشافعي (12) المناقب للخوارزمي (13) المقتل له أيضا (14) الأربعين للحافظ ابن أبي الفوارس (15) مصابيح السنة
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، عبد الله بن عباس (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (2)، أبو أيوب الأنصاري (1)، أبو هريرة العجلي (1)، ابراهيم الحمويني الشافعي (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، أبو سعيد الخدري (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، عبد الله بن الحارث (1)، حذيفة بن اليمان (1)، المودة في القربي (1)، جابر بن عبد الله (1)، عبد الله بن عمرو (1)، عبد الله بن عمر (1)، المتقي الهندي (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (1)، عدي بن حاتم (1)، أنس بن مالك (1)، جابر بن سمرة (1)، الخوارزمي (1)، القتل (1)
للبغوي، (16) التاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف (17) الصواعق لابن حجر (18) جواهر العقدين للسمهودي (19) السنن للبيهقي (20) الجامع الصغير للسيوطي (21) تيسير الوصول لابن الدبيع الشيباني (22) جامع الأصول لابن الأثر، (23) المستدرك للحاكم (24 و 25 و 26) المعجم الكبير، والأوسط، والصغير للطبراني (27) الدر المنثور للسيوطي (28) نور الابصار للشبلنجي (29) اسعاف الراغبين للصبان (30) مطالب السئول لمحمد بن طلحة الشافعي (31) تاريخ أصبهان لابن مندة (32) حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني (33) تاريخ أصبهان له أيضا (34) تفسير الثعلبي (35) العرايس للثعلبي أيضا (36) فردوس الاخبار للديلمي (37) ذخائر العقبي لمحب الدين الطبري (38) تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي (39) فوائد الاخبار لأبي بكر الاسكاف (40) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (41) الغرائب للنيسابوري (42) تفسير الفخر الرازي (43) نظرة عابرة للكوثري (44) البيان والتبيين للجاحظ (45) الفتن لنعيم التابعي (46) العوالي لابن حاتم (47) تلخيص الخطيب (48) بدايع الزهور لمحمد بن أحمد الحنفي (49) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي (50) تاريخ ابن عساكر (51) السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (52) السنن لأبي عمرو الداني (53) السنن للنسائي (54) الجمع بين الصحيحين للعبدري (55) فضايل الصحابة للقرطبي (56) تهذيب الآثار للطبري (57) المتفق والمفترق للخطيب (58) تاريخ ابن الجوزي (59) الملاحم لابن المنادي (60) الفوائد لأبي نعيم (61) أسد الغابة لابن الأثير (62) الاعلام بحكم عيسي عليه السلام للسيوطي (63) الفتن لأبي يحيي (64) كنوز الحقائق للمناوي (65) الفتن للسليلي (66) عقيدة أهل الاسلام للغماري (67) صحيح ابن حبان (68) مسند الروياني (69) المناقب لابن المغازلي (70) مقاتل
(٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، كتاب تذكرة خواص الأمة للسبط إبن الجوزي (1)، كتاب نور الأبصار للشبلنجي (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (3)، كتاب تفسير الثعلبي للثعلبي (1)، إبن المغازلي (1)، إبن عساكر (1)، إبن الأثير (1)، محب الدين الطبري (1)، محمد بن أحمد (1)، محمد بن طلحة (1)، الثعلبي (1)، القتل (1)
الطالبيين لأبي الفرج الأصبهاني 39 (71) الاتحاف بحب الاشراف للشبراوي الشافعي (72) غاية المأمول للشيخ منصور علي ناصف (73) شرح سيرة الرسول لعبد الرحمان الحنفي السهيلي (74) غريب الحديث لابن قتيبة (75) سنن أبي عمرو المقري (76) التذكرة لعبد الوهاب الشعراني (77) الإشاعة للبرزنجي المدني (78) الإذاعة للسيد محمد صديق حسن (79) الإستيعاب لابن عبد البر (80) مسند أبي عوانة (81) مجمع الزوايد للهيثمي (82) لوامع الأنوار البهية للسفاريني الحنبلي (83) حجج الكرامة للسيد محمد صديق (84) ابراز الوهم المكنون له (85) مسند أبي يعلي (86) الافراد للدار قطني (87) المصنف للبيهقي (88) الحربيات لأبي الحسن الحربي (89) النظم المتناثر من الحديث المتواتر لمحمد بن جعفر الكتاني (90) التصريح بما تواتر في نزول المسيح للشيخ محمد أنور الكشميري (91) إقامة البرهان للغماري (92) المنار لابن القيم (93) معجم البلدان لياقوت الحموي (94) مقاليد الكنوز لأحمد محمد شاكر (95) شرح الديوان للميبدي (96) مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي (97) مناقب الشافعي لمحمد بن حسن الأسنوي (98) مسند بزار (99) دلائل النبوة للبيهقي (100) جمع الجوامع للسيوطي (101) تلخيص المستدرك للذهبي (102) الفتوح لابن أعثم الكوفي (103) لوامع العقول للكشخانوي (104) تلخيص المتشابه للخطيب (105) شرح ورد السحر لأبي عبد السلام عمر الشبراوي (106) الهدية الندية للسيد مصطفي البكري (107) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني (108) روح المعاني للآلوسي (109) لسان الميزان لابن حجر (110) أرجح المطالب للشيخ عبد الله آمر تسري الهندي
(39) ذكرناه في طي هذه الكتب لاشتهاره بين الفريقين، والا فمؤلفه شيعي زيدي، وقد اخرج بعض الأحاديث في المهدي عليه السلام غيره أيضا من الزيدية في كتبهم و جوامعهم يوجد عدة نسخ منها في مكتبتنا.
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، أبو الفرج الإصبهاني (الإصفهاني) (1)، كتاب الأنوار البهية للشيخ عباس القمي (1)، كتاب غريب الحديث لابن قتيبة (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، كتاب معجم البلدان (1)، ياقوت الحموي (1)، عبد الرحمان (1)، محمد بن جعفر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الحرب (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)

الكتب المفردة في المهدية

الحنفي (111) نهاية البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي (112) الجمع بين الصحاح الستة للعبدري (113) التاريخ الكبير (114) تاريخ الرقة للقشيري (115) الفقه الأكبر للمولوي المشهور بحسن الزمان (116) ميزان الاعتدال للذهبي (117) تذكرة الحفاظ له (118) المقاصد الحسنة للحافظ السخاوي (119) الفتاوي الحديثية لابن حجر المكي (120) أشعة اللمعات للشيخ عبد الحق (121) العرائس الواضحة للابياري (122) تمييز الطيب لابن الديبع (123) ذخائر المواريث للنابلسي الدمشقي (124) راموز الأحاديث للشيخ أحمد الحنفي (125) الفتح الكبير للنبهاني (126) التدوين للرافعي (127) سنن الهدي للقدوسي الحنفي (128) الاعتقاد للبيهقي (129) مشارق الأنوار للحمزاوي (130) السراج المنير للعزيزي (131) غالية المواعظ لنعمان أفندي (132) تاريخ الخميس للديار بكري (133) البدء والتاريخ للمقدسي (134) تاريخ الاسلام والرجال للشيخ عثمان العثماني (135) وسيلة النجاة لمحمد مبين الهندي (136) شرف النبي - صلي الله عليه وآله - للنبهاني (137) وسيلة المآل للحضرمي (138) الرياض النضرة لمحب الدين الطبري (139) شرف النبي - صلي الله عليه وآله - للخرگوشي (140) تاريخ بغداد للخطيب، وغيرها من الكتب والجوامع.
ولا يخفي عليك ان للقوم في المهدي المنتظر - عليه السلام -، وما يرجع إليه كتبا مفردة لا بأس بذكر أسماء بعضها مما اطلعت عليها:
1 - البرهان في علامات مهدي آخر الزمان للعالم الشهير ملا علي المتقي المتوفي س 975.
2 - البيان في أخبار صاحب الزمان للعلامة الگنجي الشافعي المتوفي س 658.
3 - عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر لجمال الدين يوسف
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عجل الله تعالي فرجه (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي (1)، محب الدين الطبري (1)، التاريخ الإسلامي (1)، جمال الدين (1)، الوفاة (1)
الدمشقي من أعلام القرن السابع.
4 - مناقب المهدي - عليه السلام - لأبي نعيم الأصبهاني المتوفي س 430.
5 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر المتوفي س 974.
6 - العرف الوردي في أخبار المهدي للسيوطي المتوفي س 911.
7 - مهدي آل الرسول لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي.
8 - فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر للشيخ مرعي.
9 - المشرب الوردي في مذهب المهدي لعلي القاري.
10 - فرائد فوائد الفكر في الإمام المهدي المنتظر للمقدسي.
11 - منظومة القطر الشهدي في أوصاف المهدي لشهاب الدين احمد الخليجي الحلواني الشافعي.
12 - العطر الوردي بشرح القطر الشهدي للبليسي.
13 - تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان لابن كمال باشا الحنفي المتوفي س 940.
14 - إرشاد المستهدي في بعض الأحاديث والآثار الواردة في شأن الإمام المهدي لمحمد علي حسين البكري المدني.
15 - أحاديث المهدي، وأخبار المهدي لأبي بكر ابن خيثمة.
16 - الأحاديث القاضية بخروج المهدي لمحمد بن إسماعيل الأمير اليماني المتوفي س 751.
17 - الهدية الندية فيما جاء في فضل ذات المهدية لقطب الدين مصطفي بن كمال الدين علي بن عبد القادر البكري الدمشقي الحنفي المتوفي س 1162.
18 - الجواب المقنع المحرر في الرد علي من طغي وتجبر بدعوي
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، كتاب القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر (1)، كتاب تلخيص البيان للمتقي الهندي (1)، كتاب العرف الوردي في اخبار المهدي عجل الله فرجه (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، محمد بن إسماعيل (1)، آخر الزمان (1)، الوفاة (2)
انه عيسي أو المهدي المنتظر للشيخ محمد حبيب الله بن مايابي الجكني الشنقيطي المدني.
19 - النظم الواضح المبين للشيخ عبد القادر بن محمد سالم.
20 - أحوال صاحب الزمان للشيخ سعد الدين الحموي.
21 - الأربعين (من أحاديث المهدي) لأبي العلاء الهمداني كما في ذخائر العقبي.
22 - تحديق النظر في اخبار المهدي المنتظر لمحمد بن عبد العزيز بن مافع (كما في مقدمة الينابيع).
23 - تلخيص البيان في اخبار مهدي آخر الزمان لعلي المتقي.
24 - الرد علي من حكم وقضي بان المهدي جاء ومضي لملا علي القاري المتوفي س 1014.
25 - علامات المهدي للسيوطي.
26 - المهدي لشمس الدين ابن قيم الجوزية المتوفي س 751.
27 - المهدي إلي ما ورد في المهدي لشمس الدين محمد بن طولون.
28 - النجم الثاقب في بيان ان المهدي من أولاد علي بن أبي طالب.
29 - الهدية المهدوية لأبي الرجاء محمد الهندي.
30 - كتاب المهدي لأبي داود صاحب السنن.
31 - الفواصم عن الفتن القواصم كما ذكر في السيرة الحلبية، ج 1، ص 227.
32 - رسالة في المهدي عليه السلام لابن كثير الدمشقي.
33 - كلمتان هامتان 1 - نصف شعبان 2 - المهدي المنتظر لمحمد زكي إبراهيم المعاصر.
34 - رسالة في رد من أنكر ان عيسي - عليه السلام - إذا نزل
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، كتاب تلخيص البيان للمتقي الهندي (1)، النصف من شعبان (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، محمد بن عبد العزيز (1)، شمس الدين محمد (1)، آخر الزمان (1)، الوفاة (2)
يصلي خلف المهدي - عليه السلام - صلاة الصبح.
35 - فصل الحكم بالعدل، وفضل الإمام العادل.
36 - التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح للشوكاني الزيدي.
ثم اعلم أن مضافا إلي ما ذكر، قد صرح جمع من أكابر أهل السنة بتواتر أحاديث المهدي - عليه السلام -، وباتفاق المسلمين علي ظهوره كما قد صرح جمع منهم هو ابن الإمام الحسن العسكري - عليه السلام -، وصرحوا بولادته، وتاريخه، وغيبته، وبقائه حيا إلي أن يظهره الله تعالي 40.
هذا مختصر الكلام في شأن الموضوع عند أهل السنة، و الزيدية، وكمال عناية أكابرهم وعلمائهم به.
واما الشيعة الاثنا عشرية فأحاديثهم ومقالاتهم، وكتبهم في ذلك أكثر من أن تحصي، فكن من الشاكرين علي ذلك، وإياك و التقصير في أداء تكاليفك، ومسؤولياتك، وأن يكون حظك من الايمان بذلك الظهور، وانتظار الفرج وكشف الغمة والتظاهر بالشوق إلي لقائه وانتظار دولته وأيامه، والدعاء لتعجيل فرجه، فتكتفي بالصراخ والندبة وتترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والحب في الله و البغض في الله، ومحادة من حاد الله ورسوله وتتقاعد عن العمل، و
(٤٠) يراجع في ذلك مقدمة كتاب (الجواب المقنع المحرر) و (غاية المأمول ص 362 و 381 و 382 ج 5) و (الصواعق ص 9 9 المطبعة الميمنية) و (حاشية الترمذي ص 46 ط دهلي س 1342) و (اسعاف الراغبين ب 2 ص 140 مصر س 1312) و (نور الابصار ص 155 ط مصر س 1312) و (الفتوحات الاسلامية ج 2 ص 200 ط س 1323) و (سبائك الذهب س 78) و (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ب 13) و (مقاليد الكنوز المطبوع بذيل مسند أحمد ج 5 ح 3571) والإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، والإشاعة لأشراط الساعة، وابراز الوهم المكنون، وكتبنا (منتخب الأثر) و (نويد امن و أمان) و (مع الخطيب) وغيرها.
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (2)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، انتظار الفرج (1)، الفرج (1)، الصّلاة (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب إسعاف الراغبين لابن الصبان الشافعي (1)، كتاب نور الأبصار للشبلنجي (1)، كتاب البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عجل الله تعالي فرجه (1)
الجهاد لاعلاء كلمة الله، وتصبح وتمسي كسلانا آيسا فارغا عما يقع في بلاد المسلمين، وما يصيبهم.
فمن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم، فما نسخ شئ من احكام الاسلام وفرائضه، فحلال محمد - صلي الله عليه وآله - حلال إلي يوم القيامة، وحرام محمد - صلي الله عليه وآله - حرام إلي يوم القيامة، ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
فسنن الله تعالي في عصر الغيبة هي سننه في عصر الحضور، ولن تجد لسنة الله تبديلا. فلا تجهل حقيقة هذا الامر، وما أريد منه من التمييز والتمحيص، ولا تتبع من يحرف الكلم عن مواضعه فلا اذن ولا رخصة لاحد في ترك الفرايض وفعل المحرمات والايمان بالمهدي - عليه السلام - ووجوده وظهوره يؤكد الشعور بالمسئولية ويجيب إلينا إقامة العدل والحق وإماتة الظلم والباطل.
فالمسلم المؤمن به هو القوي في دينه لا يخاف غير الله، ولا يتقاعد عن نصرة دينه فهو دائما في السير والحركة حتي يصل هو والعالم إلي نقطة الكمال ويملأ الله الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
قال الله عز وجل: وقل اعملوا فسيري الله علمكم ورسوله و المؤمنون.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
5 جمادي الثانية 1398.
لطف الله الصافي الگلپايگاني
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، شهر جمادي الثانية (1)، يوم القيامة (1)، عصر الغيبة (1)، الظلم (1)، الجهل (1)، الخوف (1)، الباطل، الإبطال (1)

العقيدة بالمهدية

العقيدة بالمهدية
صفحه(٧٩)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * " لا ريب أن العقيدة المهدوية عقيدة إسلامية خالصة نبعت من الكتاب والسنة واتفق المسلمون سلفا وخلفا عليها، وحكم بتواتر أحاديثها جمع من الأكابر والأفذاذ " " من نص الكتاب ".
إن القصد من هذه المقالة هو إثبات ما ورد في النص المذكور في أعلاه. فالكاتب المحترم، عند البحث في ذلك يورد مقدمة قصيرة جامعة حول " العقيدة بالمهدية " ثم يأخذ بعد ذلك بتعريف كتاب بعنوان " البرهان في علامات مهدي آخر الزمان " وبتوضيحه.
إن الكتاب المذكور من جملة الكتب المستقلة التي كتبت في هذه العقيدة الشريفة، ومؤلف الكتاب من مشاهير علماء أهل السنة، ويدعي " علي بن حسام الدين المتقي الشاذلي " (المتوفي سنة 977). انه ينقل في كتابه روايات المهدوية عن 28 من الصحابة، 45 من التابعين، و 42 من المشايخ وأرباب الجوامع من أهل السنة. إن أسماء هؤلاء مع أربعين حديثا من الروايات المذكورة في كتاب " البرهان " تأتي في ختام هذه المقالة.
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: آخر الزمان (1)، الوفاة (1)
واليوم، لما كانت هذه المقالة مفيدة ونافعة، فضلا عن كونها صغيرة الحجم أيضا، نعيد طبعها ونشرها، آملين أن يمن الله جل جلاله بالقبول الحسن علي الكاتب والناشر. و عجل الله فرج مولانا صاحب الزمان.
قسم الدراسات الاسلامية
صفحه(٨٢)
* (العقيدة بالمهدية) * لا ريب أن العقيدة بالمهدية عقيدة إسلامية خالصة، نبعت من الكتاب والسنة، واتفق المسلمون سلفا وخلفا عليها، وحكم بتواتر أحاديثها جمع من الأكابر والأفذاذ.
فهي فكرة إسلامية مبنية علي أقوي الأدلة، النقلية والعقلية، و يؤيدها التاريخ والشواهد الكثيرة، ولم يبلغنا إنكارها والشك فيها من أحد من المسلمين، خواصهم وعوامهم، إلا بعض الناشئة المتأثرين بدعايات الغربيين، والساقطين في شبكات الاستعمار، والذين لا يفسرون الثقافة إلا بانكار النصوص أو تأويلها بما يوافق أهواء الملحدين والماديين، وقد حاولوا بذلك فتح باب لو فتحت - ولا وفقهم الله له - لسقط الاعتماد علي السنة، والاستناد إليها، وبظواهرها، و ظواهر الكتاب، ووقعت الشريعة، والدعوة المحمدية في معرض التغيير والتحريف حسب ما يريده أهل البدع والأهواء. وإذا أمكن إنكار مثل هذه الأحاديث التي صرح رجال علم الحديث، ومهرة هذا الفن، من المتقدمين والمعاصرين بتواترها، فما ظنك بغيرها من الأحاديث المستفيضة والآحاد؟
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإبداع، البدعة (1)
وقد نبه بخطر هؤلاء الخارجين علي الكتاب والسنة، و جرأتهم علي الله ورسوله، جماعة من علماء الاسلام، وألفوا في تفنيد آرائهم الكتب والمقالات، ولا أري وراء ذلك إلا أيدي الذين يريدون تضعيف التزام المسلمين وتمسكهم بنصوص الشريعة. فما يمنعهم عن النفوذ في بلاد المسلمين والسلطة عليهم إلا تمسك المسلمين بالكتاب والسنة، ولم يفتح لهم باب ذلك إلا بعد ضعف هذا الالتزام والغفلة عنه. عصمنا الله تعالي من فتن أهل الزيغ والأهواء وأذناب الاستعمار.
ومما يضحك الثكلي أن هؤلاء الذين اتبعوا أهواءهم كثيرا ما استندوا في تضعيف هذه الأحاديث تارة بأن هذه العقيدة ليست في أصلها من عقائد أهل السنة القدماء، ولم يقع لها ذكر بين الصحابة في القرن الأول ولا بين التابعين.
وأخري بأنها سببت المنازعات والثورات علي الحكومات، والدعايات السياسية.
وثالثة ببعض اختلافات وقع في بعض أحاديثها مع البعض الآخر.
وهذا من غرائب ما تشبث به في رد السنة النبوية.
أما أولا: فأي دليل أقوي علي وقوع ذكرها بين الصحابة والتابعين، وان النبي - صلي الله عليه وآله - هو المصدر الأول لبث العقيدة بين المسلمين، من هذه الأحاديث المتواترة، ومن إجماع المسلمين، ومن انهم لم يردوا دعوي أحد من مدعي المهدوية بإنكار صحة خروج المهدي، بل ردوهم بفقدانهم الصفات والعلائم المذكورة له، كما تشهد بذلك حكاية محمد بن عجلان مع جعفر بن
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن عجلان (1)، الشهادة (1)
سليمان، وما قاله فقهاء أهل المدينة وأشرافهم. 1 فإذا لم تكن هذه الأحاديث مع كثرتها وتواترها، واتفاق المسلمين علي مضمونها، دليلا، فبأي دليل يستند علي صحة نسبة أية عقيدة إسلامية إلي الصحابة، وإلي الرسول الأعظم - صلي الله عليه و آله وسلم -؟
وثانيا: فلعلك لا تجد عقيدة ولا أصلا لم تقع حولها المنازعات، والمخاصمات وقد وقعت حول الألوهية وحول النبوات المنازعات والمخاصمات أكثر من المهدية بكثير، كما وقع النزاع بين الأشاعرة و غيرهم، وبين أتباع المذاهب من الشوافع، والأحناف، والحنابلة، و المالكية، وغيرهم، منازعات وحروب كثيرة، بل يمكن أن يقال: إن العدل والامن، وغيرهما من المفاهيم التي اتفق أبناء الانسان كلهم علي لزومها وقعت حولها وحول تحققها، ودفع من اتخذها وسيلة لمقاصدها السياسية، معارك دامية ولعلك لا تجد ضحايا موضوع أكثر من ضحايا البشرية باسم إقامة الحق ورعاية العدل والقسط، والحماية عن حرية الانسان وحقوقه.
والحاصل أن لبس الحق بالباطل، وعرض الباطل مقام الحق، وإن كان يصدر من أهل الباطل والمبطلين بكثير، غير أنه لا يضر الحق، والله تعالي يقول: " بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ".
هذا مضافا إلي أن قبول الدجاجلة المدعين للمهدية كثيرا ما يقع من أجل عدم الاهتداء بعلامات المهدي - عليه السلام -، و نسبه، وخصائصه المصرحة بها في الأحاديث، وإلا ليس فيه موضع للاضلال والتضليل. ومن واجب العلماء أن يبينوا هذه العقيدة، وما
(1) راجع " البرهان في علامات مهدي آخر الزمان "، ص 174.
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدرسة الأشاعرة (1)، المذهب الحنبلي (1)، الباطل، الإبطال (4)، كتاب البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عجل الله تعالي فرجه (1)
تهدف إليه، وما به يعرف المهدي من الدجاجلة المدعين لمهدوية وفق الروايات المأثورة.
وثالثا: إن من الفروق بين المتواتر وغيره، أن في المتواتر اللفظي التفصيلي يحصل القطع واليقين بصدور حديث معين بعين ألفاظ متنه، وفيه لا يمكن الاختلاف والتعارض إلا مع متواتر آخر، والمتبع فيه علاج التعارض بالتوفيق والجمع بينهما بحمل العام علي الخاص، أو المطلق علي المقيد، أو الظاهر علي الأظهر، وغير ذلك، والا فيتساقط ظاهر كل منهما من صلاحية الاستناد به، وفي المتواتر الاجمالي لا عبرة بالاختلاف وتعارض متون الأحاديث التي علم إجمالا بصدور واحد منها بلفظه بل يؤخذ ما هو الأخص مضمونا من الجميع.
وفي المتواتر المعنوي - وهو ما اتفق عليه عدة أحاديث يحصل القطع بها عليه وإن لم يكن بينها مقطوع الصدور بلفظه ومتنه، مثل ما جاء في جود حاتم من الحكايات الكثيرة، فإن من جميعها يحصل القطع بما هو القدر المشترك والمضمون العام بين الجميع، وهو وجود حاتم في زمان من الأزمنة وجوده - يؤخذ بالقدر المشترك والمضمون المتفق عليه بين الأحاديث.
فعليه، لا يضر بالتواتر اختلاف المتون والمضامين، بل في غير المتوتر أيضا من الأحاديث لا يضر الاختلاف بصحة ما هو الصحيح بين المتعارضين، وما هو أقوي بحسب السنة أو المتن أو الشواهد والمتابعات.
وهذه أمور لا يعرفها إلا الحاذق في فن الحديث، وإلا فلو أمكن ترك الأحاديث بمجرد وجود تعارض بينها، لزم ترك جلها لولا كلها، ولتغير وجه الشريعة في أكثر الاحكام الفرعية، لأنه قل موضوع في العقائد والاحكام والتاريخ وتفسير القرآن الكريم وغيرها يكون أحاديثه سليمة عن التعارض، ولو بالعموم والخصوص، والاطلاق والتقييد.
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الجود (1)
فالمتتبع في علاج هذه التعارضات التي لا يخلو حكام أهل المحاورة عنها و في تشخيص الحديث الصحيح عن السقيم، والقوي عن الضعيف، و المعتبر والحجة عن غير المعتبر، هي القواعد المعتبرة العقلانية، والرجوع إلي مهرة الفن، ورد بعض الأحاديث إلي البعض، والجمع والتوفيق بينها في موارد إمكان الجمع والاخذ بما هو أقوي سندا، أو متنا، أو أوفق بالكتاب والسنة الثابتة وغير ذلك، لا ردها والاعراض عنها.
والاخبار التي وردت في المهدية كلها تلاحظ علي ضوء هذه القواعد، فيؤخذ بمتواترها، ويعامل مع آحادها معاملة غيرها من أخبار الآحاد، فيقوي بعضها ببعض، ويفسر بعضها بعضا، ويؤخذ بالضعيف منها أيضا بالشواهد، والمتابعات، وغيرها من المؤيدات المعتبرة. فلا يرد مثل هذه الأحاديث إلا الجاهل بفن الحديث، والمثقف المعادي للسنة، والمتأثر بالدعايات الباطلة وأضاليل المستعمرين.
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (1)

ايحاءات العقيدة بالمهدية

* (ايحاءات العقيدة بالمهدية) * ولا يخفي عليك أن العقيدة بالمهدية عقيدة ينبعث منها الرجاء، والنشاط والعمل، وتطرد الفشل واليأس والكسل، وتشجع الحركات الاصلاحية والاسلامية، وتقوي النفوس الثائرة علي الاستكبار و الاستضعاف. فالاسلام لم يستكمل أهدافه، ولم يصل إلي تحقيق كلما جاء لأجل تحققه، والمستقبل للاسلام، ولا بد من يوم يحكم الاسلام علي الأرض، ويقضي علي كل المظلم والاستضعافات. والعالم سيلجأ إلي الاسلام، وحاجة العالم إلي الاسلام يبدو كل يوم أظهر من أمس، و يري نوره أسطع، وضياؤه ألمع من قبل، وفشل هذه الأنظمة السائدة المستكبرة، والأحزاب المتنمرة الملحدة، وما يعرضون من البرامج الاقتصادية والسياسية في بسط الامن والأمان، وتحقيق أهداف الانسانية، والقضاء علي الجهل والظلم والعدوان والعنصرية، يفتح القلوب لقبول الاسلام وبرامجه التي هي العلاج الوحيد للمشاكل اللاإنسانية.
فالبشرية الحائرة لا ولن تجد ضالتها في الأنظمة الغربية والشرقية، ولم تنتج هذه الأنظمة والمكاتب إلا زيادة البلة في الطين، و
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (1)، البعث، الإنبعاث (1)

الأصل في العقيدة بالمهدية

تعقيد الأمور، والمشاكل، والدعارة، والخلاعة، والفساد، والاستعلاء، والاستكبار.
والعقيدة بالمهدية توقظ شعورنا بكرامة الانسان، وان الأرض لله لا للظالمين والمستعمرين، وان العاقبة للمتقين، وان الله أرسل رسوله النبي الخاتم سيدنا محمدا - صلي الله عليه وآله - بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله، وتشربنا حب الحق والعدل والاحسان، وتنهضنا لاعلاء كلمة الله وإقامة حدوده وتنفيذ سلطانه، وتربطنا بمبادئنا الاسلامية، وتطالبنا بالعمل بمسؤولياتنا.
فالله تعالي أصدق القائلين حيث يقول: " هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون "، ويقول: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ". وحيث يقول تعالي شأنه: " ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين "، ويقول عز اسمه: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون ".
الأصل في العقيدة بالمهدية والأصل في العقيدة بالمهدية، وظهور الاسلام علي جميع الأديان وانتهاء العالم في سيره إلي حكومة الاسلام وحكومة أحكام الله، ووحدة القوانين والأنظمة، وخلافة المؤمنين الصالحين في الأرض، وتبديل خوف البشرية بالأمن، وزوال الاستضعاف بكل صوره و
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الخوف (1)، الإقامة (1)
مظاهره، هو ما في نفس دعوة الاسلام وعقيدة التوحيد وكلمة الاخلاص من القوة المبدئية للقضاء علي جميع مظاهر الشرك و الاستكبار، ولتحرير الانسان عن سلطان الطواغيت، وإخراج البشرية من ذل عبادة الناس إلي عز عبادة الله.
وما نري من أن العالم يسير في سيره إلي مجتمع بشري عالمي، و ادغام المجتمعات بعضها في البعض، وتقليل الفوارق السياسية والنظامية والعنصرية، والعلم والتقدم الصناعي، أتاح للبشرية أن تكون جملة واحدة، وأن تكون الملل ملة واحدة، وتوسع العلاقات والارتباطات بين الملل والأقوام، جعلهم كأهل بلد واحد ومحلة واحدة، فكما خلف البشرية المجتمعات القبلية، ووصلت في سيرها إلي المجتمعات المدنية التي تأسست علي أساس وحدات منطقية أو منافع سياسية أو اقتصادية أو عنصرية، تطلب كل واحدة منها التغلب والسلطة علي غيرها، يتخلص دوما البتة عن هذه الحكومات والوحدات الصغيرة إلي وحدة كبري وحكومة إلهية عالمية عظمي، لا تخص بفرد وطائفة ومنطقة و عنصر دون آخر إلا وهو حكومة الاسلام التي تشمل الجميع، والجميع فيها سواء.
وما وعد الله به المؤمنين والبشرية جمعاء في الكتاب المجيد، و بشرنا به علي لسان أنبيائه ورسله، وما أخبرنا به نبينا الصادق الأمين - صلوات الله وسلامه عليه -، فكما آمنا بكل ما أخبرنا به من المغيبات، وآمنا لملائكة الله وكتبه ورسله، وما ثبت إخباره به من تفاصيل المعاد والجنة والنار وغير ذلك من أمور لا يمكن إثبات أصلها أو تفصيلاتها إلا بالوحي وإخبار النبي - صلي الله عليه وآله - آمنا بذلك أيضا، ونسأل الله الثبات عليه وعلي جميع مبادئنا الاسلامية، والاعتقادات الصحيحة القويمة. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصدق (1)، الصّلاة (1)، الغلّ (1)

الكتب المفردة في المهدية

* (الكتب المفردة في المهدية) * اهتم علماء الاسلام بأحاديث المهدي واخراجها وتحقيقها و تثبيت الايمان بها في القلوب اهتماما كبيرا، فمضافا إلي إخراجها في كتب السنن والجوامع والمسانيد وغيرها، أفردوا فيما جاء فيه من الأحاديث، والآثار كتبا كثيرة، وقفت علي ما يربوا علي الثلثين، مما أفرده أكابر أهل السنة في ذلك، مثل كتاب " البيان في أخبار صاحب الزمان "، و " القول المختصر في علامات المهدي المنتظر "، و " عقد الدرر "، و " العرف الوردي "، وغيرها من الكتب التي أقل ما يثبت بها هو أن العقيدة بالمهدية عقيدة اسلامية، أصلها ثابت في الكتاب والسنة، وانها عقيدة جميع السلف والصحابة والتابعين، لا تختص بفرقة من فرق المسلمين، وهي أحد البراهين علي ختم رسالات السماء بنبينا محمد خاتم الأنبياء - صلي الله عليه وآله -، وأن شريعته لا تنسخ أبدا، وأن المهدي - عليه السلام - كما اختار أبو داود في سننه في كتاب المهدي، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة، خليفته الثاني عشر، الذين بشر الرسول الأعظم الأمة بهم في الأحاديث المروية بطرق كثيرة في المسند والصحيحين وغيرها.
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر (1)
ومن أراد الاطلاع علي قوة ما استند عليه المسلمون في العقيدة بالمهدية، وكثرة أحاديثها ومخرجها، واشتهارها بين علماء المسلمين، فليراجع كتب الجوامع والسنن والمسانيد والتفاسير والتاريخ والرجال واللغة وغيرها، ليعرف أن استقصاء هذه الأحاديث والكتب، المخرجة فيها، صعب جدا، ونحن نسرد الكلام فيما جاء في كتاب واحد حول هذا الموضوع كنموذج منها، ودليل علي كثرة ما في غيره، وهو كتاب " البرهان في علامات مهدي آخر الزمان ".
فنقول بحول الله تعالي وقوته:
أما الكتاب والمؤلف فهما غنيان عن التعريف، لان الكتاب معروف، توجد نسخه المخطوطة في عدة من المكتبات الكبيرة، وطبع أخيرا من النسخة الفتوغرافية التي مخطوطتها محفوظة في مكتبة المسجد الحرام بمكة المكرمة، ورأيت نسخة مخطوطة منه ومحفوظة في المكتبة جامع المغفور له الامام البروجردي بقم. وأما مؤلفه فهو العالم الكبير المحدث علي بن حسام الدين بن عبد الملك المتقي الشاذلي المديني الهندي، المتوفي سنة سبع وسبعين وتسعمائة، مشهور، ترجمته موجودة في كتب التراجم، كما انها مذكورة في مقدمة النسخة المطبوعة من كتابه هذا.
وأما ما جاء في هذا الكتاب مما أردنا الاطلاع عليه جملة فهي أسماء المشايخ والمحدثين وأرباب الجوامع والسنن والمسانيد، الذين خرجوا هذه الأحاديث في كتبهم، وأخرجها مؤلف هذا الكتاب عنهم، وأسماء جماعة من المشاهير والتابعين الذين رووا هذه الأحاديث و الآثار، وأسماء جمع من الصحابة الذين رووها عن رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -. وإليك أسماءهم:
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عجل الله تعالي فرجه (1)، مدينة مكة المكرمة (1)

أسماء المشايخ وأرباب الجوامع

أسماء المشايخ وأرباب الجوامع 1 - الطبراني، 2 - أبو نعيم الأصبهاني، 3 - الخطيب البغدادي، 4 - ابن أبي شيبة، 5 - نعيم بن حماد أحد شيوخ البخاري، 6 - الحاكم، 7 - أحمد، 8 - الماوردي، 9 - البزار 10 - الترمذي، 11 - الدارقطني، 12 - ابن ماجة، 13 - أبو يعلي الموصلي، 14 - ابن عساكر، 15 - مسلم، 16 - الثعلبي، 17 - أبو داود، 18 - ابن الجوزي، 19 - ابن أبي أسامة، 20 - تمام البجلي، 21 - الروياني، 22 - ابن مندة، 23 - الحسن بن سفيان الشيباني، 24 - عثمان بن سعيد الداني، 25 - أبو الحسن الحربي، 26 - ابن كثير، 27 - ابن سعد، 28 - الواقدي، 29 - أبو بكر بن المقري، 30 - ابن المناوي، 31 - أبو غنم الكوفي، 32 - ابن مردويه، 33 - ابن خزيمة، 34 - أبو عوانة، 35 - أبو بكر الإسكافي، 36 - الديلمي، 37 - القرطبي، 38 - ابن لهيعة، 39 - أبو بكر أحمد البيهقي، 40 - أبو الحسن الآبري، 41 - ابن حبان، 42 - أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة.
أسماء المشاهير من التابعين وغيرهم 1 - عاصم بن عمرو البجلي، 2 - سعيد بن المسيب، 3 - أبو جعفر محمد بن علي الباقر، 4 - إسحاق بن يحيي، 5 - شهر بن حوشب، 6 - الزهري، 7 - مطر الوراق، 8 - طاووس، 9 - صباح، 10 - عمرو بن علي، 11 - مكحول، 12 - كعب بن علقمة، 13 - قتادة، 14 - عبد الله بن الحارث، 15 - محمد بن جبير، 16 - أرطاة بن منذر، 17 - حكم بن عيينة، 18 - أبو قبيل، 19 - ابن أبي طلحة،
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الحافظ أبو نعيم (1)، الطبراني (1)، سعيد بن المسيب (1)، إبن عساكر (1)، أحمد بن محمد بن عبد الله (1)، عبد الله بن الحارث (1)، إسحاق بن يحيي (1)، الحسن بن سفيان (1)، الخطيب البغدادي (1)، عثمان بن سعيد (1)، عمرو بن علي (1)، إبن ماجة (1)، محمد بن جبير (1)، محمد بن علي (1)، الثعلبي (1)، الحرب (1)، التصدّق (1)

أسماء المشاهير من التابعين وغيرهم

أسماء المشايخ وأرباب الجوامع 1 - الطبراني، 2 - أبو نعيم الأصبهاني، 3 - الخطيب البغدادي، 4 - ابن أبي شيبة، 5 - نعيم بن حماد أحد شيوخ البخاري، 6 - الحاكم، 7 - أحمد، 8 - الماوردي، 9 - البزار 10 - الترمذي، 11 - الدارقطني، 12 - ابن ماجة، 13 - أبو يعلي الموصلي، 14 - ابن عساكر، 15 - مسلم، 16 - الثعلبي، 17 - أبو داود، 18 - ابن الجوزي، 19 - ابن أبي أسامة، 20 - تمام البجلي، 21 - الروياني، 22 - ابن مندة، 23 - الحسن بن سفيان الشيباني، 24 - عثمان بن سعيد الداني، 25 - أبو الحسن الحربي، 26 - ابن كثير، 27 - ابن سعد، 28 - الواقدي، 29 - أبو بكر بن المقري، 30 - ابن المناوي، 31 - أبو غنم الكوفي، 32 - ابن مردويه، 33 - ابن خزيمة، 34 - أبو عوانة، 35 - أبو بكر الإسكافي، 36 - الديلمي، 37 - القرطبي، 38 - ابن لهيعة، 39 - أبو بكر أحمد البيهقي، 40 - أبو الحسن الآبري، 41 - ابن حبان، 42 - أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة.
أسماء المشاهير من التابعين وغيرهم 1 - عاصم بن عمرو البجلي، 2 - سعيد بن المسيب، 3 - أبو جعفر محمد بن علي الباقر، 4 - إسحاق بن يحيي، 5 - شهر بن حوشب، 6 - الزهري، 7 - مطر الوراق، 8 - طاووس، 9 - صباح، 10 - عمرو بن علي، 11 - مكحول، 12 - كعب بن علقمة، 13 - قتادة، 14 - عبد الله بن الحارث، 15 - محمد بن جبير، 16 - أرطاة بن منذر، 17 - حكم بن عيينة، 18 - أبو قبيل، 19 - ابن أبي طلحة،
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الحافظ أبو نعيم (1)، الطبراني (1)، سعيد بن المسيب (1)، إبن عساكر (1)، أحمد بن محمد بن عبد الله (1)، عبد الله بن الحارث (1)، إسحاق بن يحيي (1)، الحسن بن سفيان (1)، الخطيب البغدادي (1)، عثمان بن سعيد (1)، عمرو بن علي (1)، إبن ماجة (1)، محمد بن جبير (1)، محمد بن علي (1)، الثعلبي (1)، الحرب (1)، التصدّق (1)

أسماء الصحابة والصحابيات

20 - كثير بن مرة، 21 - ابن سيرين، 22 - مجاهد، 23 - خالد بن سعد، 24 - أبو مريم، 25 - شريك، 26 - أبو أرطاة، 27 - ضمرة بن حبيب، 28 - حكم بن نافع، 29 - خالد بن معدان، 30 - محمد بن الحنفية، 31 - السدي، 32 - سليمان بن عيسي، 33 - بقية بن الوليد، 34 - وليد بن مسلم، 35 - قيس بن جابر، 36 - عمرو بن شعيب، 37 - ابن شوذب، 38 - دينار بن دينار، 39 - معمر، 40 - فضل بن دكين، 41 - سالم بن أبي الجعد، 42 - محمد بن صامت، 43 - حكيم ابن سعد، 44 - إبراهيم بن ميسرة، 45 - أبو أمية.
أسماء الصحابة والصحابيات 1 - علي بن أبي طالب، 2 - عمار بن ياسر، 3 - حذيفة بن اليمان، 4 - أبو سعيد الخدري، 5 - طلحة بن عبيد الله، 6 - ابن عمر، 7 - عبد الله بن مسعود، 8 - جابر بن عبد الله، 9 - عبد الرحمان بن عوف، 10 - عمر بن الخطاب، 11 - ابن عباس، 12 - أبو هريرة، 13 - أنس بن مالك، 14 - أبو أمامة 15 - الهلالي، 16 - أبو الطفيل، 17 - الحسن - عليه السلام -، 18 - الحسين - عليه السلام -، 19 - ثوبان، 20 - أبي بن الكعب، 21 - جابر بن سمرة، 22 - جابر الصدفي، 23 - عبد الله بن عمرو بن العاص، 24 - عمرو بن العاص، 25 - أم سلمة، 26 - عايشة، 27 - أسماء بنت عميس، 28 - أم حبيبة.
ثم إنا بعد ذلك رأينا لمزيد بصيرة القارئ، ولعدم خلو هذه الرسالة عن متون هذه الأحاديث، ولأجل كسب الثواب الموعود في
(٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو سعيد الخدري (1)، عبد الله بن عمرو بن العاص (1)، سالم بن أبي الجعد (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، علي بن أبي طالب (1)، جابر بن عبد الله (1)، عبد الله بن مسعود (1)، سليمان بن عيسي (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (1)، أنس بن مالك (1)، عبد الرحمان (1)، الكسب (1)، الشراكة، المشاركة (1)
أحاديث " من حفظ علي أمتي أو من أمتي.. " 2، إخراج أربعين حديثا من أحاديث هذا الكتاب التي تربو علي مأتين في هذه الرسالة، فيما يلي، وما توفيقي إلا بالله.
1 - أخرج أحمد، وابن أبي شيبة، وابن ماجة، ونعيم بن حماد، في الفتن، عن علي، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه و سلم -: " المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة " (ب 2، ح 1، ص 89).
2 - وأخرج أبو داود، وابن ماجة، والطبراني، والحاكم عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول:
" المهدي من عترتي، من ولد فاطمة " (ب 2، ح 2، ص 89).
3 - وأخرج الحاكم، وابن ماجة، وأبو نعيم، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول:
" نحن سبعة ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا، وحمزة، وعلي، و جعفر، والحسن، والحسين، والمهدي " (ب 2، ح 3، ص 89).
4 - وأخرج الترمذي - وصححه - عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتي يلي المهدي " (ب 2، ح 2، ص 90).
5 - وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق عمرو بن علي، عن علي بن أبي طالب انه قال للنبي - صلي الله عليه وسلم -: " أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منا، بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة
(2) نقل عن الشافعي أنه قال في هذه الأحاديث: المراد الحديث في مناقب علي بن أبي طالب - عليه السلام -، ولهذا حكاية عجيبة عن أحمد بن حنبل تطلب من كتاب الأربعين للشيخ أبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس (المتوفي في سنة 412).
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الحافظ أبو نعيم (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، الطبراني (2)، علي بن أبي طالب (1)، عمرو بن علي (1)، إبن ماجة (3)، أبو طالب عليه السلام (1)، أحمد بن حنبل (1)، محمد بن أحمد (1)، الوفاة (1)
الشرك " (ب 2، ح 7، ص 91).
6 - وأخرج نعيم بن حماد، وأبو نعيم من طريق مكحول عن علي، قال: " قلت يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي، أم من غيرنا؟
فقال: لا بل منا، يختم الله به الدين كما فتح، بنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم " (ب 2، ح 8، ص 91).
7 - وأخرج الحارث بن أبي أسامة، وأبو نعيم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " لتملأن الأرض ظلما وعدوانا، ليخرجن رجل من أهل بيتي حتي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت عدوانا وظلما " (ب 2، ح 10، ص 91 و 92).
8 - أخرج الطبراني في الكبير، وأبو نعيم عن ابن مسعود، قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " يخرج رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " (ب 2، ح 11، ص 92).
9 - وأخرج أبو نعيم عن حذيفة، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة، يقتلون و يخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي ليصانعهم بلسانه، و يفر منهم بقلبه وجنانه. فإذا أراد الله تعالي أن يعيد الاسلام عزيزا، قصم كل جبار عنيد، وهو القادر علي ما يشاء أن يصلح أمة بعد فسادها. يا حذيفة! لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتي يملك من أهل بيتي رجل، تجري الملاحم علي يديه، ويظهر الاسلام، لا يخلف وعده، وهو سريع الحساب " (ب 2، ح 12، ص 92).
10 - أخرج الحسن بن سفيان، وأبو نعيم، عن أبي هريرة،
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الحافظ أبو نعيم (5)، أبو هريرة العجلي (1)، الطبراني (1)، الحسن بن سفيان (1)، القتل (1)
قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة، ليملك فيها رجل من أهل بيتي " (ب 2، ح 13، ص 92).
11 - أخرج الروياني في مسنده، وأبو نعيم عن حذيفة، قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: المهدي رجل من ولدي، لونه لون عربي، وجسمه جسم إسرائيلي، علي خده الأيمن خال كأنه كوكب دري، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضي في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو " (ب 2، ح 16، ص 93 و 94).
12 - أخرج أبو نعيم عن الحسين - عليه السلام - أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال لفاطمة: " يا بنية! المهدي من ولدك " (ب 2، ح 17، ص 94).
13 - وأخرج ابن عساكر عن الحسين - عليه السلام -، أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: " أبشري يا فاطمة! المهدي منك " (ب 2، ح 17، ص 94).
14 - أخرج الطبراني في الكبير، وأبو نعيم عن الهلال 3 ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال لفاطمة: " والذي بعثني بالحق، منهما - يعني الحسن والحسين - مهدي هذه الأمة. إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم علي بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغيرا يوقر كبيرا، يبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غفلا، يقوم بالدين في آخر الزمان، كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا " (ب 2، ح 19، ص 94 و 95).
15 - وأخرج أيضا - يعني نعيم بن حماد - عن علي و
(3) في بعض النسخ " الهلالي ".
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الحافظ أبو نعيم (3)، الطبراني (1)، إبن عساكر (1)، آخر الزمان (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الهلال (1)
عائشة عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: " المهدي رجل من عترتي، يقاتل علي سنتي كما قاتلت أنا علي الوحي " (ب 2، ح 21، ص 95).
16 - وأخرج أيضا عن علي، عليه السلام، قال: " المهدي رجل منا، من ولد فاطمة " (ب 2، ح 23، ص 95).
17 - وأخرج الطبراني، عن عوف بن مالك ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: " يجئ فتنة غبراء مظلمة، تتبع الفتن بعضها بعضا حتي يخرج من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدركته فاتبعه، وكن من المهتدين " (ب 4، ف 1، ح 20، ص 103).
18 - وأخرج الداني عن الحكم بن عيينة، قال: قلت لمحمد بن علي: سمعت انه سيخرج منكم رجل يعدل في هذه الأمة. قال:
" إنا نرجو ما يرجو الناس، وإنا نرجو لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يكون ما ترجو هذه الأمة، وقبل ذلك فتن شر فتنة، يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليكن من أحلاس بيته " (ب 4، ف 1، ح 7، ص 104).
19 - وعن عمار بن ياسر: " إذا قتلت النفس الزكية، وأخوه تقتل بمكة صنيعة، نادي مناد من السماء ان أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقا وعدلا " أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن. - ب 4، ف 2، ح 7، ص 112).
20 - أخرج الطبراني في الأوسط عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي - صلي الله عليه وسلم -: " ستكون فتنة، لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانب، حتي ينادي مناد من السماء: ان أميركم فلان " (ب 1، ح 1، ص 71).
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة مكة المكرمة (1)، الطبراني (2)، طلحة بن عبيد الله (1)، الحكم بن عيينة (1)، أبو عبد الله (1)، عمار بن ياسر (1)، القتل (1)
21 - أخرج أبو نعيم، والخطيب في تلخيص المتشابه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " يخرج المهدي وعلي رأسه ملك ينادي: إن هذا مهدي فاتبعوه " (ب 1، ح 2، ص 72).
22 - وأخرج أبو نعيم عن علي، قال: " إذا نادي مناد من السماء: إن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي علي أفواه الناس، ويشربون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره " (ب 1، ح 4، ص 73).
23 - وأخرج أيضا (يعني نعيم بن حماد) عن شهر بن حوشب، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " في المحرم ينادي مناد من السماء: ألا إن صفوة الله (من خلقه) فلان، فاسمعوا له، أطيعوه في سنة الصوت المعمعة " (ب 1، ح 9، ص 75).
24 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال: " تختلف ثلاث رايات: راية بالمغرب، وراية بالجزيرة، وراية بالشام، وتدوم الفتنة بينهم سنة - ثم ذكر خروج السفياني وما يفعله من الظلم والجور، ثم ذكر خروج المهدي ومبايعة الناس له بين الركن والمقام، وقال: - يسير بالجيوش حتي يسير بوادي القري في هدوء ورفق ويلحقه هناك ابن عمه الحسني في اثني عشر ألف فارس، فيقول له: يا ابن عم أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن وأنا المهدي. فيقول له المهدي: بل أنا المهدي. فيقول له الحسني: هل لك من آية فأبايعك؟ فيومئ المهدي إلي الطير فيسقط علي يديه، ويغرس قضيبا. فيخضر ويورق. فيقول له الحسني: يا ابن عمي هي لك " (ب 1، ح 15، ص 76 و 77) 4.
25 - وأخرج نعيم، وأبو نعيم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " يكون عند انقطاع من الزمان وظهور
(4) هذا الحديث يدل علي أن المهدي - عليه السلام - من ولد الحسين - عليه السلام - كما دلت عليه أخبار كثيرة، ذكرناها في منتخب الأثر.
(٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الحافظ أبو نعيم (3)، الشام (1)، الظلم (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)
من الفتن رجل يقال له المهدي، يكون عطاؤه حثيا " (ب 1، ح 33، ص 84).
26 - وأخرج أبو نعيم، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " يكون عند انقطاع من الزمان ليبعثن الله من عترتي رجلا، أفرق الثنايا، أجلي الجبهة، يملأ الأرض عدلا، يفيض المال فيضا " - ب 1، ح 32، ص 84).
27 - وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد وجابر، عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال / " يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده " (ب 1، ح 28، ص 83).
28 - وعن حذيفة بن اليمان، عن النبي - صلي الله عليه و سلم - في قضية المهدي - عليه السلام - مبايعته بين الركن والمقام، وخروجه متوجها إلي الشام، قال: " وجبرائيل علي مقدمته، وميكائيل علي ساقته، يفرح به أهل السماء والأرض، والطير والوحش، والحيتان في البحر " أخرجه أبو عمر وعثمان بن سعيد المقري في سننه. (ب 1، ح 16، ص 77).
29 - وأخرج أحمد والبارودي في المعرفة، وأبو نعيم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " بشراكم بالمهدي، رجل من قريش من أمتي علي اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويقسم المال صحاحا بالسوية بين الناس، و يملا قلوب أمة محمد غني، ويسعهم عدله حتي أنه يأمر مناديا فينادي: من له حاجة؟ فما يأتيه أحد إلا رجل واحد، يأتيه يسأله، فيقول: ائت السادن يعطيك. فيأتيه، فيقول: أنا رسول المهدي إليك لتعطيني مالا.
فيقول: إحث. فيحثي، فلا يستطيع أن يحمله. فيخرج به ويندم، فيقول:
(١٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الحافظ أبو نعيم (2)، عبد الرحمن بن عوف (1)، حذيفة بن اليمان (1)، عثمان بن سعيد (1)، آخر الزمان (1)، الشام (1)، الغني (1)
أنا كنت أجشع أمة محمد نفسا، كلهم دعي إلي هذا المال فتركه غيري، فيرده عليه، فيقول: إنا لا نقبل شيئا أعطينا. فيلبث في ذلك ستا أو سبعا أو تسع سنين، ولا خير في الحياة بعده " (ب 1، ح 21، ص 79 و 80).
30 - وأخرج أيضا عن عبد الله، عن أبي سعيد، عن النبي - صلي الله عليه وسلم -: " المهدي منا، أجلي الجبهة، أقني الانف " (ب 3، ح 3، ص 99).
31 - وأخرج نعيم بن حماد عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " تكون بعدي فتن، منها فتنة الأحلاس، يكون فيها حرب وهرب، ثم بعدها فتنة أشد منها، ثم تكون فتنة. كلما قيل انقطعت تمادت حتي لا يبقي بيت إلا دخلته، ولا مسلم إلا ملته حتي يخرج رجل من عترتي " (ب 4، ح 3، ص 103).
32 - وأخرج نعيم عن علي، قال: " لا يخرج المهدي حتي يقتل ثلث، ويموت ثلث، ويبقي ثلث " (ب 4، ف 2، ح 4، ص 111 و 112).
33 - وأخرج ابن أبي شيبه عن مجاهد، قال: حدثني فلان - رجل من أصحاب النبي - صلي الله عليه وسلم -: " ان المهدي لا يخرج حتي تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فأتي الناس، فزفوه كما ترف العروس إلي زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط " (ب 4، ف 2، ح 6، ص 112).
34 - وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن حذيفة، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: - " يلتفت المهدي وقد نزل عيسي بن مريم كأنما يقطر من شعره الماء. فيقول المهدي: تقدم، صل بالناس. فيقول عيسي: إنما أقيمت الصلاة لك. فيصلي خلف رجل من ولدي " (ب 9، ح 9، ص 160).
(١٠١)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو سعيد الخدري (1)، الزوج، الزواج (1)، القتل (1)، الحرب (1)، الصّلاة (1)
35 - وأخرج الطبراني في الأوسط، والحاكم عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، يبايع الرجل بين الركن والمقام عدة أهل بدر، فيأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام، فيغزوه جيش من أهل الشام حتي انتهوا بالبيداء خسف بهم " (ب 4، ف 2، ح 18، ص 117).
36 - وعن محمد بن الحنفية - رضي الله عنه -، قال: 5 كنا عند علي - عليه السلام -، فسأله رجل عن المهدي، فقال: " هيهات!
هيهات! ثم عقد بيده تسعا، فقال: ذلك يخرج في آخر الزمان 6، وإذا قيل للرجل الله الله قيل 7، فيجمع الله له قوما قزعا كقزع السحاب يؤلف بين قلوبهم، لا يستوحشون علي أحد، ولا يفرحون بأحد، دخل فيهم علي عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا النهر معه " (ب 6، ح 8، ص 144).
37 - وأخرج ابن ماجة، والطبراني عن عبد الله بن الحارث ابن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:
" يخرج ناس من المشرق، فيوطئون للمهدي سلطانه " (ب 7، ح 2، ص 147).
38 - وأخرج أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن، عن علي بن أبي طالب، قال: " ويحا للطالقان! فأن لله بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته، وهم أنصار المهدي في آخر
(5) يعني وأخرج نعيم عن محمد بن الحنفية.
(6) قيل في معني ذلك أنه عقد بيده تسعا، عدد الأئمة التسعة من ولد الحسين عليه السلام فلما بلغ إلي المهدي - عليه السلام -، قال: ذلك يخرج في آخر الزمان.
(7) الظاهر أن الصحيح هكذا " إذا قال الرجل: الله تعالي قتل "، كما في كشف الأستار، وقال: أخرجه الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.
(١٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن الحنفية إبن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (2)، الطبراني (2)، عبد الله بن الحارث (1)، آخر الزمان (2)، إبن ماجة (1)، الشام (2)، مولد الإمام الحسين (ع) (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، أبو عبد الله (1)، القتل (1)
الزمان " (ب 7، ح 14، ص 150).
39 - وأخرج أبو نعيم عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " منا الذي يصلي عيسي بن مريم خلفه " (ب 9، ح 1، ص 158).
40 - وأخرج أبو بكر الإسكافي في فوائد الاخبار، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:
" من كذب بالدجال فقد كفر، ومن كذب بالمهدي فقد كفر " (ب 12، ح 2، ص 170).
هذا والحمد لله تعالي علي ما شرفني بإخراج هذه الأربعين من الأحاديث في المهدي - عليه السلام -، ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بتتبع كتب المسانيد والجوامع، والموسوعات الكبيرة كالبحار و العوالم، وكتاب كمال الدين للصدوق، وغيبة الشيخ الطوسي، و كفاية الأثر وكتابنا منتخب الأثر.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
12 رجب الخير / 1401 قم المشرفة - لطف الله الصافي الگلپايگاني
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، أبو بكر الإسكافي (1)، شهر رجب المرجب (1)، جابر بن عبد الله (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشيخ الطوسي (1)، الكذب، التكذيب (2)

رسالة في عصمة الأنبياء والأئمة وعلم الامام عليهم السلام

رسالة في عصمة الأنبياء والأئمة وعلم الإمام عليهم السلام
(١٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: علم المعصوم (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * من أعظم ما بني عليه اليقين بصدق الأنبياء و رسالاتهم السماوية إلي الرسالة الختمية الخالدة المحمدية و أمان المهتدي بهدي أئمة أهل البيت - عليهم السلام - من الضلال، عصمتهم عن المعاصي والخطأ والسهو والنسيان قد أشبع الكلام فيه علماء الاسلام بما لا مزيد عليه، وهذه رسالة فيها بعض ما يتعلق بالعقيدة بعصمة الأنبياء والأئمة المعصومين وعلمهم - عليهم السلام - وعلي طالب المزيد والتفصيل مطالعة كتب الأساطين كالمفيد والشيخ و الخواجة والعلامة وغيرهم أعلي الله مقامهم وشكر الله مساعيهم الجميلة.
قسم الدراسات الاسلامية
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الخلود (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي عباده الذين اصطفي، سيما سيدهم أبي القاسم محمد، وآله الطاهرين المعصومين.
وبعد فهذه رسالة وجيزة في الجواب عن أسئلة أرسلها بعض الاخوان الأذكياء من أهل الدعوة إلي هدي الاسلام في أمريكا إلي أحد أصدقائي من العلماء وأساتذة الحوزة العلمية، كتبتها التماسا للثواب، وامتثالا لأمر هذا الصديق العزيز، أدام الله أيامه، ونفع المسلمين بعلومه وبركاته.
والكلام بالنظر إلي الأسئلة يقع في مباحث:
المبحث الأول: في عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام المبحث الثاني: في علم الإمام عليه السلام المبحث الثالث: في اختلاف مستويات الأئمة عليهم السلام في الايمان والعلم والأخلاق
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: علم المعصوم (1)، الحوزة العلمية (1)، الصدق (1)، الصّلاة (1)، العزّة (1)، الطهارة (1)

المبحث الأول في عصمة الأنبياء والأئمة عليهم الصلاة والسلام

* (المبحث الأول) * (في عصمة الأنبياء والأئمة) * (عليهم الصلاة السلام) وهذا سؤاله بلفظه:
" ما هي أدلة عصمة الأئمة - عليهم السلام - من مصادر التشريع الاسلامي؟ وما هو نوعها؟ وما هو الفرق بينها وبين عصمة الأنبياء؟ " والجواب علي هذا السؤال في طي مسائل.
1: ما هي العصمة 2: ما أنواع العصمة؟ وما النوع الذي يجب اتصاف النبي والامام به؟
3: الأدلة علي عصمة الأنبياء والأئمة.
4: ما هي الدلائل العقلية علي عصمة الأنبياء والأئمة؟
5: ما هي أدلة عصمتهم من مصادر التشريع الاسلامي؟
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)

المسألة الأولي: ما هي العصمة؟

المسألة الأولي:
" ما هي العصمة؟ " والجواب:
إن العصمة قوة قدسية، وبصيرة ملكوتية، ونورانية ربانية راسخة في النفس، يحفظ بها صاحبها نفسها عن القبايح، وإتيان كل ما في فعله انصراف عن الحق ونسيان المولي.
وإن شئت قلت: حضور خاص للعبد عند مولاه لا يرتكب معه ما ينافي هذا الحضور، فلا يشتغل في هذا الحضور إلا بما يناسبه. ففي مثل هذا الموقف الأقدس لا ذنب ولا معصية، ولا انصراف عن الله تعالي.
وهذا مقام رفيع لا يناله ولا يفوز به إلا عباد الله المخلصين الكاملين الذين ليس لغير الله سلطان عليهم، وهم الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -.
وإن شئت مثالا لذلك - والمثال لا يسئل عنه -، فانظر إلي نفسك إذا كنت طالبا لسلعة، تذهب إلي السوق لشرائها، فيعرضها لك بايع بدينار، وآخر بدينارين، ولا شك أنك مختار في اشترائها من الأول أو الثاني، لكن لا تشتريها إلا من الأول لما فيك من قوة التمييز بين نفعك وضررك. والمعصوم في صفاء النفس والاتصال بعالم الغيب وقوة الدرك، حتي في ترك الأولي كترك المستحبات و
صفحه(١١٢)
فعلي المكروهات، أصفي نفسا منك ومن غيرك.
وبالجملة فالحضور ضد الغياب، والتوجه ضد الانصراف. فمن كان في محضر المولي ليس بغايب عنه، ومن ذاق حلاوة قربه ومؤانسته لا يبتغي عنها بدلا، ومن جلس علي بساط عبادته وأدرك لذة مناجاته، يقول كما قال زين العابدين - عليه السلام -:
" متي راحة من نصب لغيرك بدنه؟ ومتي فرح من قصد سواك بنيته؟ " قال العلامة الجليل السيد عبد الله شبر:
" العصمة عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا علي المعاصي كلها كجائز الخطاء. وليس معني العصمة ان الله يجبره علي ترك المعصية، بل يفعل به ألطاف يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل، وكمال الفطانة والذكاء، ونهاية صفاء النفس، وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالي. ولو لم يكن قادرا علي المعاصي، بل كان مجبورا علي الطاعات، لكان منافيا للتكليف، ولا إكراه في الدين.
والنبي أول من كلف، حيث قال: فأنا أول العابدين، وأنا أول المسلمين. وقال تعالي: " واعبد ربك حتي يأتيك اليقين ". ولأنه لو لم يكن قادرا علي المعصية لكان أدني مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين علي المعاصي التاركين لها. " 1 وقال الشريف الاجل شارح الصحيفة:
" العصمة في اللغة: اسم من عصمه الله من المكروه، يعصمه - من باب ضرب - بمعني حفظه ووقاه، وفي العرف: فيض إلهي يقوي به العبد علي تحري الخير، وتجنب الشر. " 2
(١) حق اليقين، ج 1، ص 90.
(2) رياض السالكين، الروضة السادسة عشر.
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الكراهية، المكروه (1)، الضرب (1)، كتاب حق اليقين للسيد الشبر (1)
وقال الراغب: " وعصمة الأنبياء حفظه إياهم أولا بما خصهم به من صفاء الجوهر ثم بما أولاهم من الفضائل الجسمية والنفسية، ثم بالنصرة وبتثبيت أقدامهم، ثم بإنزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق. " 3 وقال الشيخ الأكبر المفيد - قدس سره -: " العصمة من الله لحججه، هي التوفيق واللطف والاعتصام من الحجج بها من الذنوب والغلط في دين الله تعالي. والعصمة تفضل من الله تعالي علي من علم أنه يتمسك بعصمته، والاعتصام فعل المعتصم، وليست العصمة مانعة من القدرة علي القبيح، ولا مضطرة للمعصوم إلي الحسن، ولا ملجئة له إليه. " 4 وقال أيضا - رضوان الله تعالي عليه -: " العصمة لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمنع عنه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليها. " 5 وقال العلامة الحلي - رحمه الله تعالي -: " هي ما يمتنع المكلف معه من المعصية متمكنا فيها، ولا يمتنع منها عدمها. " 6 وقال الفاضل السيوري - قدس الله سره -: " قال أصحابنا ومن وافقهم من العدلية: هي لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية لانتفاء داعيه ووجود صارفه مع قدرته عليها، ووقوع المعصية ممكن نظرا إلي قدرته، وممتنع نظرا إلي عدم الداعي ووجود الصارف. وإنما قلنا: بقدرته عليها، لأنه لولاه لما استحق مدحا ولا ثوابا،
(٣) مفردات القرآن، في " عصم ".
(٤) تصحيح الاعتقاد، ص ٢١٤.
(٥) النكت الاعتقادية، ص ٤٥.
(٦) كتاب الألفين، المبحث السابع. وراجع في ذلك أيضا كلام العلامة - قدس سره - في شرح تجريد الاعتقاد، في المسألة الثانية من المقصد الخامس.
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة الحلي (1)، المنع (1)، القرآن الكريم (1)
إذ لا اختيار له حينئذ، لأنهما يستحقان علي فعل الممكن وتركه، لكنه يستحق المدح والثواب لعصمته إجماعا فيكون قادرا. " وقال الأشاعرة: " هي القدرة علي الطاعة وعدم القدرة علي المعصية ". 7 وقال بعض الحكماء: " ان المعصوم خلقه الله جبلة صافية، وطينة نقية، ومزاجا قابلا، وخصه بعقل قوي، وفكر سوي، وجعل له ألطافا زائدة، فهو قوي بما خصه علي فعل الواجبات، واجتناب المقبحات، والالتفات إلي ملكوت السماوات، والاعراض عن عالم الجهات، فيصير نفس الامارة مقهورة مأسورة مقهورة في حيز النفس العاقلة.
وقيل: هو المختص بنفس هي أشرف النفوس الانسانية، ولها عناية خاصة، وفيض خاص يتمكن به من أسر القوة الوهمية والخيالية الموجبتين للشهوة والغضب المتعلق كل ذلك بالقوة الحيوانية. " ولبعضهم كلام حسن جامع هنا، قالوا: " العصمة ملكة نفسانية يمنع المتصف بها من الفجور مع قدرته عليه، ويتوقف هذه الملكة علي العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات، لان العفة متي حصلت في جوهر النفس، وانضاف إليها العلم التام بما في المعصية من الشقاوة، والطاعة من السعادة، صار ذلك العلم موجبا لرسوخها في النفس، فتصير ملكة، ثم إن تلك الملكة إنما يحصل له بخاصية نفسية أو بدنية تقتضيها، وإلا لكان اختصاصه بتلك الملكة دون بني نوعه ترجيحا من غير مرجح، ويتأكد ذلك العلم بتواتر الوحي وان يعلم المؤاخذة علي ترك الأولي. " 8
(7) لا يخفي عليك بطلان هذه المقالة، لان القدرة علي الطاعة لا تتحقق إلا مع القدرة علي تركها، والقدرة علي ترك الطاعة، هي القدرة علي المعصية.
(8) اللوامع الإلهية، اللامع العاشر، ص 169 و 170.
(١١٥)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة الأشاعرة (1)، المنع (1)، الإختيار، الخيار (1)، الغضب (1)، الباطل، الإبطال (1)
أقول: لا ريب ان الاختصاص بتلك الملكة إنما يكون بجهة مرجحة يعلمها الله تعالي، وليس علينا السؤال عن هذه الجهة، وهذا كاختصاص كثير من المخلوقات بل كلها بأوصاف خاصة واختلافهم في الافراد والأنواع، واختصاص السماء والأرض بالخلق وغير ذلك.
وما هو المعلوم عقلا وشرعا ان كل ذلك لم يكن عبثا، ومن خلق هذا الخلق، وجعل هذا النظام المتقن في كله واجزائه لم يكن لاعبا وعابثا. فالنظام الحاكم علي عالم الانسان، والحاكم علي عالم الحيوان، والنباتات بأنواعها، والجمادات كلها تشهد بحكمته وتقدسه عن اللغو و العبث.
قال سبحانه وتعالي في وصف أولي الألباب: " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " 9.
وقال تعالي جده: " ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ". 10 وقال عز من قائل: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ". 11 وهذا لا يمنع عن القول بأشرفية البعض من البعض وأفضليته، بل غاية ما يقال فيه ان ذلك بتقديره وحكمته.
فالسؤال الذي ربما يختلج في بعض الأذهان في اصطفاء من اصطفاه الله من الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -، هو السؤال عن اختصاص كل ذي فضل في هذا العالم بنوعه أو فرده علي غيره.
(9) آل عمران / 191.
(10) ص / 27.
(11) المؤمنون / 115.
(١١٦)
صفحهمفاتيح البحث: المنع (1)، الشهادة (1)
والجواب علي النحو العام هو ان أفعال الله تعالي كلها متقنة محكمة صدرت منه لأغراض متعالية، والتفضيل المشاهد في العالم إما يحصل لعلل يقتضيها ضيق عالم المادة، وما جعل الله في كل جزء من أجزاء هذا العالم بتقديره من التأثير في غيره أو التأثر منه، وإما يحصل لعلل اختيارية تؤثر في كمال النفس وفضلها، وتؤثر في تفضيل بعض الافراد من الانسان والحيوان والنبات علي غيرها، وقد يحصل لعلل أخري اختيارية للعبد، وغير اختيارية، مما يوجب الترجيح ويؤثر فيه.
والجهات المرجحة كثيرة، لا يمكننا إحصائها ومعرفة تفاصيلها. فإذا وجد بإذن الله تعالي وتقديره شخص قابل لإفاضة غيبية وعناية ربانية كالعصمة والعلوم اللدنية لا يحرم منها، ويستحيل أن يمنع الله تعالي ذلك عنه، والله تعالي أعلم بموارد عناياته وإفاضاته.
هذا، ولنا أن نقول ان النظام لا يتم، وبل لا يقوم إلا علي التفضيل والاختصاص والاصطفاء. فاختصاص العين بالرؤية، والاذن بالسمع، وسائر الأعضاء بخاصية معينة، وكذا اختصاص هذا الشجر بهذا الثمر، وهذا بهذا، هو المقوم لهذا النظام بإذن الله تعالي، ولو لم يكن هذا الاختصاص لم يكن هذا العالم، و " ذلك تقدير العزيز العليم ". 12 فالاصطفاء والاختصاص والتفضيل أمر واقع في عالم التكوين مهما كانت علله، معلومة كانت لنا أو مجهولة عندنا. نري ذلك بالعيان، ونقرأه في تراجم الأنبياء والأولياء، وأرباب العقول الكبيرة وغيرها، كما نلمس عصمة الأنبياء، والأولياء من خلال سيرتهم وعباداتهم و خصائصهم وأخلاقهم لا يمكننا إنكار الواقعيات، والقرآن المجيد أيضا ناطق باصطفاء بعض الناس علي بعض، وبعض الأنواع علي البعض.
(12) يس / 38.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، المنع (1)
قال الله تعالي: " ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض. " 13 وقال سبحانه: " تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ". 14 وقال عز من قائل: " وإذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين " 15، (اي علي عالمي زمانها كما ورد في التفاسير) وقال جل شأنه: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم علي العالمين " 16، (اي علي عالمي زمانهم).
وقال الله تعالي: " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ". 17 وقال تعالي جده: " ان الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم و آل عمران علي العالمين ". 18 وقال تعالي شأنه: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ". 19 وقال تعالي: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم علي بعض ". 20 نعم يستفاد من بعض الآيات الدالة علي التفضيل وجهه أيضا كقوله تعالي: " وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما ". 21
(13) الاسراء / 55.
(14) البقرة / 253.
(15) آل عمران / 42.
(16) البقرة / 47.
(17) الاسراء / 70.
(18) آل عمران / 33.
(19) الفاطر / 32.
(20) النساء / 32.
(21) النساء / 95.
صفحه(١١٨)
وقوله عز شأنه: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ". 22 حيث يستفاد من الآية الأولي ان وجه تفضيل المجاهدين علي القاعدين هو جهادهم، ومن الثانية ان وجه رفع درجات المؤمنين والعلماء هو إيمانهم وعلمهم، كما يستفاد من البعض الآخر جهة التفضيل، كقوله تعالي: " منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسي بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس.. " 23 حيث يستفاد منه ان جهة تفضيل موسي علي بعض الأنبياء انه كلم الله، وجهة تفضيل عيسي البينات وتأييده من جانب الله تعالي بروح القدس.
وكما يستفاد من البعض الآخر ان التفضيل إنما يكون لحكمة أخري خارجة عن المفضل والمفضل عليه، وإن كانت فائدته ترجع إليهما وإلي النظام، كقوله تعالي: " ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ". 24 إذا فلا استبعاد في اختصاص بعض الناس بالاصطفاء والعصمة وغيرها من الفضائل، بعد ما يري مثلها في نظام الله تعالي في خلقه، وبعد ما جري عليه عادته وسنته. فلا يجوز السؤال عن ذلك حسدا أو اعتراضا، ولا فائدة فيه، قال الله تعالي: " أم يحسدون الناس علي ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة و آتيناهم ملكا عظيما ". 25 وروي شيخنا ثقة الاسلام الكليني في " الكافي "، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -: " لو أن قوما
(22) المجادلة / 11.
(23) البقرة / 253.
(24) الزخرف / 32.
(25) النساء / 54.
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: أحمد بن محمد بن أبي نصر (1)، عبد الله الكاهلي (1)، أبو عبد الله (1)، حماد بن عثمان (1)، الجواز (1)
عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشئ صنعه الله، أو صنعه رسول الله - صلي الله عليه وآله -: الا صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم، لكانوا بذلك مشركين. ثم تلا هذه الآية: فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. 26 ثم قال أبو عبد الله - عليه السلام -: عليكم بالتسليم ". 27
(26) النساء / 65.
(27) مرآة العقول، ج 4، ص 280.
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)، أبو عبد الله (1)، الزكاة (1)، الشراكة، المشاركة (1)، الصّلاة (1)

المسألة الثانية: ما هي أنواع العصمة؟ وما هو النوع الذي يجب ان يكون النبي والامام متصفين به؟

المسألة الثانية:
" ما هي أنواع العصمة؟ وما هو النوع الذي يجب أن يكون النبي والامام متصفين به؟ " والجواب:
إن العصمة تارة تطلق ويراد منها العصمة عن الكفر، والكذب في تبليغ الرسالة، والاخبار عن أحكام الله، والمعارف الدينية.
وتارة يراد منها العصمة عن الكفر، ومطلق الكذب، بعد النبوة أو مع قبلها.
وتارة يراد منها العصمة عن مطلق المعاصي، وكلما ينفر عنه، بعد النبوة أو مع قبلها.
وتارة يراد منها العصمة عن المعاصي، وكلما ينفر عنه، وعن ترك الأولي أيضا بعد النبوة أو مع قبلها.
هذه سبعة أنواع، كل نوع تحت نوع أوسع وأشمل حتي يصل إلي النوع السابع، وهو العصمة عن المعاصي، وترك الأولي، وكلما ينفر عنه قبل النبوة وبعدها، ولا ريب أن الدليل عليه دليل علي الجميع.
والأقوال في النوع المعتبر في النبي والامام مختلف، لا فائدة في
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
ذكرها هنا، من أراد الاطلاع عليها فليراجع كتاب تنزيه الأنبياء، والكتب المؤلفة في الكلام والفرق.
والذي نقول به ونعتقده، عصمة الأنبياء عن جميع المعاصي، وعما ينفر عنه، قبل النبوة، وبعدها عن الخطأ، والسهو، والاشتباه في كل ما يرجع إلي تبليغ رسالات الله تعالي، وعصمة نبينا محمد بن عبد الله - صلي الله عليه وآله - والأئمة المعصومين - عليهم السلام - عن جميع ذلك، وعن ترك الأولي وعن الخطأ والسهو في جميع الأمور.
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (1)

المسألة الثالثة: الأدلة التي تقام علي عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام هل هي عقلية أو سمعية؟

المسألة الثالثة:
" الأدلة التي تقام علي عصمة الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -، هل هي عقلية أو سمعية؟ وأعني بالثانية ما يستفاد من مصادر التشريع الاسلامي، وهل الأصل في إثبات هذا الموضوع هو العقل، أو النقل يكفي في ذلك؟ فإن لم تقم الأدلة العقلية عليه يجوز إثباته بالنقل؟ " والجواب:
أما عن الأول، فنقول: قد دل العقل والنقل علي وجوب عصمة الامام، وأدلتها العقلية والنقلية كثيرة جدا. فهذا كتاب " الألفين " لنابغة علوم المعقول والمنقول العلامة الحلي - رضوان الله تعالي عليه -، والنسخة المطبوعة منه، وإن كانت ناقصة، مشتملة علي ما يتجاوز عن ألف دليل عقلي وسمعي علي أن الامام يجب أن يكون معصوما.
وأما الجواب عن الثاني: فالأصل في الاعتقاد بعصمة النبي والامام، ووجوب كون الامام معصوما، هو حكم العقل، والشرع يؤيد العقل في حكمه هذا، وذلك لان العقل قاطع بوجوب اتصاف النبي والامام بالعصمة، والشرع إنما يكون المرجع الأول في كل مورد لو حكم فيه بالايجاب أو السلب لم يكن حكمة بأيهما مغايرا لحكم العقل.
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة الحلي (1)، الجواز (1)، الوجوب (1)
وبعبارة أخري: الشرع هو المرجع الأول في كل مورد لم يكن للعقل فيه بالايجاب أو السلب حكم، بحيث يكون حكم الشرع بالسلب أو الايجاب موضوعا لحكم العقل به أيضا أو لحكمه الآخر، كحكمه برمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة، فإن العقل بعد حكم الشرع به، يحكم به، كما يحكم بوجوب إطاعته، ووجوب الامر به، وذم تاركه. وضابطة أخري في ذلك: ان لا يكون حكم الشرع في مورد، تكون حجية حكم الشرع، أو أصل الشرع متوقفة علي حكم العقل به.
ففي مسألة عصمة الأنبياء، العقل هو المرجع الأول، ويحكم بوجوب كون النبي معصوما لأدلته، وأما الشرع فالعلم بأصله متوقف علي العلم بلزوم بعث النبي، وشرايطه، وأوصافه، والعلم بهذه لو كان ممكن الحصول من جانب الشرع لزم الدور، لان العلم بالشرع وما يخبر عنه النبي متوقف علي العلم بأوصافه، ولو كان العلم بأوصافه متوقفا علي إخبار النبي، لزم الدور.
فقد اتضح من ذلك أن ما في دائرة حكم الشرع به، والشرع هو المرجع الأول فيه، هو ما لم يكن للعقل فيه حكم إيجابي أو سلبي، و لم يكن مما يتوقف عليه العلم بالشرع.
وإثبات اشتراط العصمة في النبي خارج عن ذلك، وكذا إثبات اشتراط عصمة الامام، فإنه، وإن لم يكن مما يتوقف عليه العلم بالشرع، لكن العقل حاكم به بالايجاب، وعليه يكون الشرع فيه مرشدا إلي حكم العقل، ومؤيدا، ومقررا له. ومن هنا يعلم أن الحكم بوجوب إطاعة الله تعالي عقلي وإرشادي، كما أن الحكم بوجوب إطاعة النبي والامام شرعي ومولوي.
فإن قلت: إذا كان العقل هو المرجع الأول في تلك المسألة، فمن أي طريق نعرف عصمة النبي؟ وان المعجزة التي أتي بها دليل علي
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (4)، الوقوف (2)
صدقه ونبوته، وبالتالي علي عصمته، وبعبارة أخري صدق مدعي النبوة يثبت بالمعجزة إذا كان معصوما، ومن المعلوم عدم وجود دليل عقلي علي عصمة مدعيها إلا أن يقال ان المعجزة كما تدل علي صدق مدعي النبوة، تدل علي عصمته أيضا، وعليه كيف يكون العقل هو المرجع الأول؟
قلت: أولا ما قلنا بأن العقل هو المرجع الأول فيه، هو لزوم العصمة في النبي والامام، وفرق بين مسألة وجوب كون النبي والامام معصومين، وبين مسألة معرفة المعصوم. والمعجزة دليل علي صدق مدعي النبوة وعصمته بحكم العقل، فما يدل عليه العقل أولا بدون الاستعانة بالمعجزة هو لزوم بعث النبي ونصب الامام، ولزوم اتصافهما بالعصمة، وما يحكم العقل به بالمعجزة هو كون هذا الشخص المعين هو النبي المعصوم، والامام المعصوم.
وثانيا: المعجزة، وإن يثبت بها صدق النبي وعصمته، ليست من الأدلة السمعية والشرعية، بل هي مما يثبت بها الشرع وحجية السمع. فمعجزات الأنبياء والأولياء خارجة عن أدلة السمعية الشرعية، ومدلولها ليس من الأمور التي تثبت بإخبار النبي والامام. فظهر بذلك أن لا منافاة بين كون العقل حاكما بلزوم العصمة في النبي والامام، وبين كون المعجزة دليلا علي صدق النبي وعصمته وكذلك الامام، وان هذا أيضا حكم العقل وليس من الشرع وما يثبت حجيته وحقيته بالمعجزة بشئ.
نعم هنا أمر لا بأس بالإشارة إليه، وهو ان المعجزة إنما تكون دليلا علي العصمة إذا لم يكن في مدعي النبوة عملا وخلقا وخلقا ما ينافي العصمة، وإذا كان فيه ما ينافي ذلك كارتكاب القبائح، و سوء الأخلاق، فهو الدليل علي أن ما يظهره بعنوان المعجزة ليس معجزة، لان الله لا يؤيد عمل المبطلين، ولا يصلح عمل المفسدين.
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (4)، الوجوب (1)
وهكذا يجئ الكلام في النص الصادر من النبي علي نبوة من يأتي بعده، أو إمامته. فإذا كان المدعي لورود النص عليه غير مرضي الأخلاق والافعال لا يعتني بما يدعيه، ويعلم من ذلك أن ما يدعيه من النص لم يصدر أو في حق غيره.
صفحه(١٢٦)

المسألة الرابعة: ما هي الدلائل العقلية علي عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين؟

المسألة الرابعة:
" ما هي الدلائل العقلية علي عصمة الأنبياء والأئمة - صلوات الله عليهم أجمعين -؟ " الجواب:
أدلتها كثيرة، نذكر نموذجا منها مما يدل علي المعتقد الحق، فمنها:
إنهم لو لم يكونوا معصومين عن المعاصي، عمدا وسهوا، وعن الخطأ والنسيان، والسهو، في كل ما يرجع إلي ما يجب أتباعهم من أقوالهم و أفعالهم وسيرهم وسلوكهم، ليرفع الاطمينان والاعتماد عن أتباعهم.
والاقتداء والتأسي بهم، وتبطل فائدة بعث الأنبياء ونصب الأئمة، وينقض الغرض الباعث إلي إرسال الرسل، بل خطأهم ونسيانهم في الأمور العادية أيضا يضعف ذلك الاعتماد، وتنزههم عنه يقوي ذلك و يؤكد غاية التأكيد. فاللطف والحكمة يقتضي اختصاصهم بعنايات وألطاف تدفع عنهم السهو والنسيان.
لا يقال: إن ذلك غلو فيهم، وانهم ما فوق الانسان وأعلي منه.
لأنه يقال: اختصاصهم بتلك العنايات، وكون ذكرهم و توجههم دائميا، ليس فوق حد الانسان، ولا يقول ذلك إلا من قصر عن
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: النسيان (1)، الباطل، الإبطال (1)، الصّلاة (1)، السهو (1)
معرفة الانسان، ومراتب كماله، وما يصل إليه في سيره إلي الله تعالي.
قال الإمام أبو عبد الله الصادق - عليه السلام -، علي ما روي عنه: " الصورة الانسانية هي أكبر حجج الله علي خلقه، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين، وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ ".
وينسب إلي أمير المؤمنين - عليه السلام -:
وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر الغلو إنما يحصل برفعهم من مرتبة العبودية والمخلوقية، والفقر الذاتي إلي مرتبة المعبودية والخالقية والغني الذاتي.
والفضائل، وكثير من الصفات، وما به يتقرب العبد إلي المولي، ويتخلق بأخلاقه، مشتركة بين الانسان والملائكة، فلم يدل دليل علي امتناع اتصاف البشر بها، وإن لم تحصل إلا للأوحدي من الناس، وإثباتها لهم ليس غلوا فيهم.
وغاية ما يقال في ذلك أن هذه الصفات في الملائكة فعلية، و ليست بالاستعداد وبالقوة، والانسان لا بشرط في ذلك عن الفعلية والاستعداد، فبعض أفراد الانسان فيه هذا بالقوة وبعضهم حاصل فيه بالفعلية.
هذا مضافا إلي أن القول بأنهم ما فوق الانسان، إن أريد به رفعهم إلي مرتبة الملائكة، وإثبات هويتهم لهم، فليس هذا رفعا من مرتبتهم إن لم يكن إثباتا لقصر لهم، إذ الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة، لان عصمتهم عن المعاصي ليس معناها عدم تمكنهم منها، أو نفي ما كان يمكن أن يكون داعيا لهم. وكم فرق بين من لا يتحقق له الداعي إلي الاكل لعدم إمكان ذلك له - فلا يسند إليه ترك الاكل حقيقة، وإن أسند إليه فلا يكون إلا مجازا، كقول القائل: إن الحجر
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الأكل (1)
لا يأكل. فامتناعه عن الاكل ليس عن عمد واختيار، بل لا يصح أن يستند إليه الامتناع عن ترك الاكل -، وبين من يمتنع عنه بالاختيار، ويستند إليه كسائر أفعاله وتروكه الاختيارية. ولأجل هذا يقول المحقق الطوسي - قدس سره القدوس - في أفضلية الأنبياء علي الملائكة: والأنبياء أفضل لوجود المضاد.
وأما قوله تعالي: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي " 28، وقوله تعالي: " سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا " 29، فليس مفادهما ان إثبات صفات الملائكة لهم غلو، ورفع عن درجة الانسان إلي درجة أعلي، بل المراد نفي الغلو بإثبات صفات الله المختصة لهم، وإثبات الاستقلال لهم في عرض إرادة الله تعالي ومشيته، فهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. ليس لهم الاتيان بآية إلا بإذن الله تعالي. فمثل النبي الخاتم - صلي الله عليه وآله - الذي:
فاق النبيين في خلق وفي خلق * ولم يدانوه في علم ولا كرم وكلهم من رسول الله يلتمس * غرفا من اليم أو رشفا من الديم " ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي. " 30 وأيضا مثل هاتين الآيتين رد علي من يطلب من النبي - صلي الله عليه وآله - ترك ما هو ضرورة وجود الانسان كالأكل، والشرب، والمشي في الأسواق، زعما منه أن ترك ذلك كمال للنبي - صلي الله عليه وآله -، ولهذا قالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام
(28) الكهف / 110.
(29) الاسراء / 93.
(30) النجم / 3، 4.
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (1)، الإختيار، الخيار (1)، الأكل (4)
ويمشي في الأسواق ". وقال سبحانه وتعالي: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا. قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ". 31 ومن الأدلة التي أقيمت علي عصمة الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -: انه يجب في النبي والامام قوة الرأي والبصيرة، وعدم السهو، وكلما ينفر عنه. ومن المعلوم أن المعصية، كبيرة كانت أو صغيرة، من أعظم ما ينفر عنه، ومن أقوي الشواهد علي ضعف الرأي والسهو أيضا يذهب بمكانته الاجتماعية، وربما يصير سببا لاستهزاء الناس به، وإنكاره ما عليه وادعائه ما ليس له، وكل ذلك ينافي مصلحة النبوات.
ومنها: انه يجب متابعتهم وإطاعتهم، ولو لم يكونوا معصومين جاز أن يأمروا بالمعصية وما فيه المفسدة، وينهوا عن الطاعة وما فيه المصلحة، وذلك يؤدي إلي إغواء الناس وإضلالهم، وهذا ضد المقصود من بعث الرسل، لان الغرض فيه هداية العباد والبشارة والانذار.
ومنها غير ذلك من الأدلة التي تعد بالمئات، ذكرها العلامة في " الألفين " وفي سائر كتبه في الكلام والإمامة، وذكر طائفة منها غيره أيضا. من شاء أكثر من ذلك فليراجع هذه الكتب.
(31) الاسراء / 94، 95.
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب هداية العباد للشيخ لطف الله الصافي (1)، المنع (1)

المسألة الخامسة: ما هي أدلة عصمتهم من مصادر التشريع الاسلامي؟

المسألة الخامسة:
" ما هي أدلة عصمتهم من مصادر التشريع الاسلامي؟ " الجواب:
إن الأدلة الدالة عليها من مصادر التشريع الاسلامي كثيرة جدا، تجد المئات منها أيضا في كتاب " الألفين ". ونحن نشير إلي بعض تلك الأدلة بتعبير منا، فنقول: من الأدلة الدالة عليها من القرآن المجيد، قوله تعالي: " وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن، قال: إني جاعلك للناس إماما. قال: ومن ذريتي؟ قال: لا ينال عهدي الظالمين ". 32 فهذه الآية الكريمة صريحة في عظم أمر الإمامة، وإنها عهد الله تعالي لا ينال الظالمين. والظلم عنوان عام لكل ما لا يجوز فعله شرعا أو عقلا، كما تعرف ذلك من موارد استعمالاته في الكتاب والسنة واللغة.
لا يقال: إن الآية لا تدل علي أكثر من عدم لياقة الظالم لنيل منصب الإمامة في حال تلبسه بالظلم، ولا تدل علي عدم نيله إذا كان متلبسا به فيما مضي.
(32) البقرة / 124.
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الظلم (3)، الكرم، الكرامة (1)، اللبس (1)، الجواز (1)
لأنه يقال: أولا لا نسلم كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدء في الحال أي في حال الجري والنسبة، بل هو أعم منه ومما انقضي عنه المبدء.
ثانيا: ما هو الملاك في عدم نيل الظالم الإمامة، هو صدور الظلم عنه. فما يمنع شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة، والسارق، وغيرهم من الظالمين عن التشرف بمقام الإمامة، هو شرب الخمر، وقتل النفس، والسرقة، وإن صدر عنهم في الماضي وتابوا بعده. وليس المراد ان شارب الخمر أو الزاني أو عابد الأصنام في حال تلبسه بالزنا، والسارق في حال تلبسه بالسرقة، وعابد الأصنام في حال تلبسه بعبادة الأصنام وعدم توبته عن هذه الأفعال، غير صالح لهذا المقام اما بعد هذا الحال ولو ساعة ولحظة وبعد التوبة لا تقدح هذه المعاصي في صلاحيته، وهذا واضح يعرف بأدني تأمل.
إن قلت: فما هو معني قوله - صلي الله عليه وآله -: " الاسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها. " وقوله - صلي الله عليه وآله -:
" التائب من الذنب كمن لا ذنب له. "؟
قلت: لا ريب في ذلك، ولكن قد بينا لك أن الشرع إنما يحكم تأسيسا وهو المرجع الأول فيما لا حكم فيه للعقل. ففي دائرة الاحكام والتكاليف الشرعية، وضيعة كانت أو تكليفية، الاسلام يجب ما قبله، ويذهب بالآثار الشرعية المترتبة علي الافعال التي ارتكبها الشخص قبل إسلامه، علي التفصيل المذكور في الفقه، أما الآثار الوضعية الحقيقية ليست بتشريعية، ولا تنالها يد الانشاء والاعتبار، فليست قابلة للمحو بالاسلام والتوبة، فتنفر الطباع عمن ارتكب قبائح الأعمال والشرور، و عبد الأصنام قبل اسلامه وتوبته لا يزول بهما.
وكذا عدم الاعتماد علي الكذابين، والخائنين، وأهل الفجور
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (3)، الظلم (2)، اللبس (3)، المنع (1)، القتل (1)، الزنا (2)، السرقة (1)
والشر والفساد، أمر طبيعي لا يمكن رفعه بالانشاء. ومصلحة النبوات، وتربية العباد، وسياسة أمورهم تقتضي أن يكون النبي والامام من غيرهم.
وكم فرق بين من لم يكفر بالله طرفة عين، وكان له في سوالف عمره سوابق حسنة، وكانت حياته مضيئة بالخيرات، مشرقة بالصلح والسلم، والكرامة الانسانية، والرشد، والفلاح، ومنع الظلم، و رحمة الأيتام والضعفاء والمستضعفين، وبين من مضي برهة من عمره في عبادة الأصنام، وارتكاب القبائح، حتي وأد البنات بقساوة شديدة، قلما يري مثلها في تاريخ الانسان. 33 وثالثا: عدم نيل عهد الله تعالي الظالم في حال ظلمه، سيما إذا كان ظلمه عبادة الأصنام، وارتكاب الفجور، والظلم علي العباد بالاستعلاء عليهم واستضعافهم، واضح لا يحتاج توهمه إلي دافع، سيما إذا كان السائل نبيا جليلا كإبراهيم الخليل الذي بلغ في معرفة الله تعالي الغاية القصوي، ودفع توهمه خلاف البلاغة، فإذا ليس المراد منه إلا مطلق من صدر منه الظلم، بل خصوص من صدر منه الظلم في الماضي، أو يعلم الله بصدوره منه في المستقبل.
وأما المتلبس بالظلم، فعدم لياقته معلوم بالضرورة لا حاجة إلي التنبيه عليه.
نعم هذه الآية لا تدل علي أزيد من عصمتهم عن المعاصي.
(33) وهذا عمر بن الخطاب قد دفن فيما روي ستا من بناته في الجاهلية، وإن كان ليحفر لأحدهن الحفرة يريد أن يئدها فيها، فيتخلله غبار الحفر. فتنفض البنت عن أبيها غباره، وتمشط لحيته بأصابها حنانا ورقة، فلا يلين ذلك من قلبه شيئا حتي إذا انتهي، زجها في قبرها وأهال التراب بين بكائها وعويلها واستنجادها به: يا أبتاه!
(الأستاذ محمد سعيد الأفغاني، مجلة حضارة الاسلام، ط دمشق، ع 2، س 22، ص 21)
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: صلح (يوم) الحديبية (1)، الظلم (5)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، دمشق (1)، الجهل (1)، الدفن (1)
ومن هذه الآيات، قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الامر منكم ". 34 وهذه الآية دلت علي إطاعة الرسول، وأولي الامر، في كل ما يأمرون به وينهون عنه، ولو لم يكونوا معصومين لزم الامر بإطاعة غير المعصوم، والامر بإطاعته قبيح لكونه معرضا للامر بالقبيح والنهي عن الحسن.
ومنها قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ". 35 فإنه يدل علي وجوب الكون مع الصادقين، والكون معهم عبارة عن متابعة أقوالهم، والاقتداء بأفعالهم، والتزم سيرتهم، وعدم مفارقتهم.
فيجب أولا: عدم خلو الزمان منهم، وثانيا: كونهم معصومين عن المعاصي والخطأ والسهو، بل وترك الأولي.
وقد روي من طرق الشيعة وأهل السنة ان الصادقين هم أئمة أهل البيت - عليهم السلام -. 36 وللفخر الرازي في تفسيره الكبير كلام حول تفسير هذه الآية، يؤيد بالافصاح مذهب الشيعة الإمامية، وكلامه في غاية التحقيق، ولا عبرة بما قال في ذيل كلامه من الجواب عما تفطن به، فإنه في غاية الضعف ويستبعد خفاء ضعفه عن مثله. فلعله إنما قاله خوفا من النواصب الذين يرون إنكار فضائل أهل بيت النبي - صلي الله عليه
(٣٤) النساء / ٥٩.
(٣٥) التوبة / ١١٩.
(٣٦) يراجع في ذلك شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، ج ١، ص ٢٦٢ - ٢٥٩، والدر المنثور للسيوطي، ج ٣، ص ٩٠، وخصائص الوحي المبين لابن بطريق، الفصل الثالث والعشرون، ص 136، وغيرها من كتب أعلام الشيعة وأهل السنة. ولابن بطريق هنا استدلال لطيف استخرجه من الآية علي أن الأمان والتقوي لا ينفعان إلا بعد الكون مع أمير المؤمنين علي - عليه السلام -.
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب التفسير الكبير للفخر الرازي (1)، النهي (2)، الوجوب (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)
وآله - وبغضهم، من علائم كون الشخص من أهل السنة مع أن النبي - صلي الله عليه وآله - قال: " لا يحب عليا منافق، ولا يبغضه مؤمن ". 37 وقال علي - عليه السلام -: " عهد إلي النبي - صلي الله عليه وآله - انه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ". 38 ومن الآيات الدالة علي عصمتهم، قوله تعالي، حكاية عن إبليس،: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ". 39 وقوله تعالي: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ". 40 وقوله سبحانه: " أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون ". 41 وقوله عز وجل: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ". 42 وقوله عز من قائل: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "، 43 وغيرها مما يطول بنا المقام بذكرها و بيان الاستدلال بها.
إن قلت: إذا كان الامر بإطاعة غير المعصوم قبيحا لا يصدر عن الحكيم، كما ذكرتم في بيان الاستدلال بقوله تعالي: " أطيعوا الله و
(37) أخرجه الترمذي وأحمد، راجع المعجم المفهرس، ج 1، ص 201.
(38) راجع مسند أحمد، ج 1، ص 84، 95، 128، وغيره من الجوامع كسنن النسائي، وابن ماجة، والترمذي.
(39) ص / 83.
(40) الحجر / 42.
(41) يونس / 35.
(42) آل عمران / 31.
(43) الأحزاب / 33.
(١٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، إبن ماجة (1)
أطيعوا الرسول وأولي الامر منكم "، فما تقولون في امراء السرايا، وحكام البلاد، والمفتي، والقاضي، مع أن الأمة اتفقت علي وجوب إطاعتهم و عدم عصمتهم؟
قلت: أولا إنهم، وإن كانوا ممن تجب طاعته فيما علم بعدم خطأهم، وفيما لا طريق إلي العلم بخطأهم إلا أنه لو علم بخطأهم لم تجب إطاعتهم لأنه " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، وليس أمر امراء السرايا وحكم حكام البلاد بحيث لا يمكن تخلفه عن الواقع وفرض الخطأ فيه، كما هو الامر في أمر النبي والامام وحكمهما، لأنه لا يتخلف عن الواقع و دليل علي الشرع والشرع يعرف به كما يعرف بغيره من مصادر التشريع.
وثانيا: إن النبي والامام إذا أخطئا ليس من ورائهما نبي أو إمام ينبه علي خطأهما بخلاف امراء السرايا والحكام، فإن النبي والامام من ورائهم يحفظان الشريعة من التحريف والتغيير، وينبهان علي خطأ الامراء والعمال.
وثالثا، نقول: إما أن نقول بوجوب إطاعة النبي في جميع الأوقات، أو يخصص عمومه ببعض الأوقات، لا سبيل إلي الثاني فإن الأمة اتفقت علي وجوب إطاعته مطلقا وفي جميع الأوقات. وعلي هذا لو فرض كون الامام غير المعصوم، يمكن أن يقع في الخطأ في وقت ما، و يأمر علي خلاف ما أمر به النبي، فحينئذ إما أن يجب إطاعته ومخالفة النبي، فهذا باطل قطعا، وإما أن يجب إطاعة النبي ومخالفة الامام، فهو مخالف لوجوب إطاعة كل واحد منهما، لان الله ساوي بينهما، في الامر بإطاعتهما، وإما أن تجب كل واحد منهما، فهو محال وتكليف بما لا يطاق، فلا يبقي إلا الامر الرابع، وهو عصمة الامام كالنبي، وعدم وقوع المخالفة بينهما.
وعلي هذا، فنقول: فرق واضح بين إطاعة الامام وإطاعة أمراء
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الوجوب (2)
السرايا والحكام. فإن الله لم يساو بين إطاعتهم وإطاعة الامام والنبي، وإنما وجبت إطاعتهم بأمر النبي أو الامام وبتعيينهما إياهم لهذه المناصب. ولذا يجب أن يكون الامام كالنبي معصوما دون غيرهما من امراء السرايا والحكام.
هذا بعض الأدلة التي أقيمت علي عصمة الأنبياء والأئمة - عليهم السلام - من القرآن المجيد، المصدر الأول للتشريع الاسلامي بتقرير منا.
وهنا أيضا أدلة كثيرة من السنة التي هي المصدر الثاني للتشريع، نشير إلي طائفة منها.
فمنها: الأحاديث المتواترة المشهورة بين الفريقين بأحاديث الثقلين، 44 وهذه الأحاديث علي كثرتها وتواترها، وكثرة مخرجيها، ورواتها من الصحابة، قد دلت علي عدم خلو الزمان من إمام معصوم عن المعصية والخطأ، وحصر طريق الامن من الضلال والاختلاف بالتمسك بالكتاب والعترة الهادية المعصومة.
ومنها أحاديث السفينة 45 الدالة علي أن مثل أهل بيت
(44) منها ما أخرجه عبد بن حميد في مسنده، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي، أهل بيتي. إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض " - إحياء الميت بفضائل أهل البيت، ح 7.
ومنها ما أخرجه أحمد في مسنده ج 3، ص 17: " إني أوشك أن ادعي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز وجل وعترتي. كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي، أهل بيتي. وأن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما ".
(45) أخرج هذه الأحاديث من أعلام السنة ما يربوا علي المأة عن جمع من الصحابة ولفظها في بعض طرقها هكذا: " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ".
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الضلال (1)، السفينة (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، حديث الثقلين (1)، زيد بن ثابت (1)، الموت (1)
رسول الله - صلي الله عليه وآله - كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.
وهذه الأحاديث أيضا دلت علي وجود إمام معصوم من أهل البيت في جميع الأعصار.
ومنها أحاديث الأمان 46. وهذه الأحاديث أيضا دلت علي عدم خلو الزمان من معصوم من أهل بيت النبي - صلي الله عليه وآله -، يكون وجوده أمانا لأهل الأرض والتمسك به أمانا من الضلالة والاختلاف.
وقد أشبعنا الكلام حول هذه الأحاديث (أحاديث الثقلين، أحاديث السفينة، وأحاديث الأمان) واسنادها، ومتونها، ودلالتها، في كتابنا: " أمان الأمة من الضلال والاختلاف ".
ولا يخفي عليك أن الأحاديث في عصمة النبي والامام كثيرة جدا. والأحاديث المذكورة، وإن لم تدل علي عصمة النبي، إلا انها بعد الدلالة علي عصمة الامام، تدل علي عصمة النبي بالطريق الأولي، و إنما استشهدنا بهذه الأحاديث لتواترها، وشهرتها بين الفريقين، ومن أراد أكثر من ذلك، فليراجع الموسوعات والجوامع والبحار.
وقد ثبت بالأدلة العقلية والنقلية عصمة النبي والامام عن جميع المعاصي عمدا وخطأ وسهوا، وعن السهو والنسيان فيما يؤل إلي تبليغ أحكام الله تعالي وشؤون الرسالة والإمامة. وأما العصمة عن الخطأ والسهو والنسيان في الأمور العادية، وترك الأولي لغير نبينا والأئمة - عليهم السلام - من الأنبياء الماضين، فغير ثابتة، بل ربما يستظهر من بعض الآيات والأحاديث صدور هذه الأمور من بعضهم. وهذا، وإن
(46) ولفظها في بعض طرقها هكذا: " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف.. ".
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النسيان (2)، الضلال (1)، السهو (1)، السفينة (1)
كان قابلا للتأويل، إلا أنه ليس في البحث عنه كثير فائدة، لان مثل ذلك غير مضر بشؤون رسالاتهم، ومقامهم العلية الثابتة لهم، وليس من الأمور الاعتقادية التي تجب معرفتها، فيكفينا الاعتقاد في ذلك إن قيل بوجوب الاعتقاد فيه بما هو الواقع.
نعم لما قلنا أن العصمة هي أعلي مراتب حضور العبد عند مولاه، ونورانية نفسانية ملكوتية تذهب بكل الظلام، وتشرق كل وجود صاحبها، فلا شك أن لهذه النورانية مراتب ودرجات، أعلاها ما حصل لنبينا والأئمة - عليهم الصلاة والسلام -، وأدناها ما يصون الشخص عن المعاصي عمدا وسهوا، وعن الاشتباه والسهو والنسيان في أمر الرسالة وشئونها. فعلي هذا يمكن أن يوجد في عظماء الأنبياء نورانية و عناية ربانية دائمة تصرفهم عن ترك تصرفهم عن ترك الأولي، وتدفع عن قلوبهم غطاء السهو وحجاب النسيان.
وأما بالنسبة إلي نبينا - صلي الله عليه وآله - وأوصيائه و خلفائه الاثني عشر - عليهم السلام - فحيث انهم في أعلي مراتب القوة القدسية، والنورانية الربانية، ولا تفوق رتبتهم في الحضور عند المولي والجلوس علي بساط قربه وأنسه رتبة، فعدم صدور ترك الأولي عنهم كعدم صدور المعاصي في نهاية الوضوح، يظهر ذلك لكل من درس تاريخ حياتهم النورية، وأخلاقهم الإلهية، وأدعيتهم ومناجاتهم، و خشيتهم من الله تعالي، وإنابتهم إليه، وانقطاعهم عن الخلق.
فهم أكمل المظاهر لاخلاص العبد وترك الاشتغال بغير الله تعالي، لا يصدرون إلا عن أمره، كل فعالهم محمودة مرضية، وكل حالاتهم حميدة شريفة، لا تؤثر فيهم الدواعي إلا داعي الله. فكمال إخلاصهم يمنعهم عن الاعتناء بغير داعي الله تعالي، وعن الاشتغال بغير ذكره، وامتثال أوامره ونواهيه. قد خرقت أبصار قلوبهم حجب النور،
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النسيان (1)، الصّلاة (1)
فوصلت إلي معدن العظمة، وصارت أرواحهم معلقة بعز قدسه، جباههم ساجدة لعظمته، وعيونهم ساهرة في خدمته ودموعهم سائلة من خشيته، وقلوبهم متعلقة بمحبته، وأفئدتهم منخلعة من مهابته، انقطعت همتهم إليه، وانصرفت رغبتهم نحوه، لقاؤه قرة أعينهم، وقربه غاية مسؤولهم.
إذا فكيف يصدر ترك الأولي ممن بعض شؤونه وحالاته ما سمعت؟ رزقنا الله تعالي محبتهم، وولايتهم، وشفاعتهم، وحشرنا في زمرتهم.
ولا يخفي عليك ان ترك الأولي ليس معناه ترك المستحب أو فعل المكروه فحسب، بل ربما يكون بترك المستحب أو فعل المكروه، و ربما يكون بفعل المستحب وترك المكروه. والنبي والامام أعلم بموارد ترك الأولي، فلا يجوز نسبة ترك الأولي إلي النبي والولي - بل إلي غيرهما من الفقهاء العارفين بأحكام الله تعالي، وموارد تزاحم المستحبات والمكروهات بعضها من بعض - بمجرد ترك المستحب أو فعل المكروه، بل يمكن الاستدلال بفعلهما علي عدم كون هذا الفعل أو الترك مستحبا أو مكروها بقول مطلق، وإلا فلم يصدر منهما.
ثم إنه قد بقي هنا مطلب آخر، وهو النظر في بعض الآيات و الأحاديث التي توهم منه عدم عصمة الأنبياء، ولئلا يطول بنا المقام نحيل الباحثين إلي التفاسير المأثورة عن أهل بيت النبوة، أعدل القرآن الكريم، وكتاب " تنزيه الأنبياء "، " الشافي "، وتلخيصه و " اللوامع الإلهية "، " بحار الأنوار "، وغيرهما من كتب الكلام والحديث.
ومجمل القول في الآيات انها غير ظاهرة في عدم عصمة الأنبياء، ولو سلم ظهور لبعضها يجب تأويله وحمله علي المجاز لدلالة هذه القرائن العقلية علي عدم إرادة ظاهرها.
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب بحار الأنوار (1)، القرآن الكريم (1)، الكراهية، المكروه (4)، الإستحباب (4)، الجواز (1)
وأما الأحاديث، فأكثرها من الإسرائيليات، ومخرجة في كتب العامة. فهي إما موضوعة لا سند لها ولا أصل، كخبر الغرانيق، والإسرائيليات التي اخذت من اليهود، مثل كعب الأحبار، ووهب بن منبه في قصص الأمم الماضية وأنبيائهم، تجد فيها من الخرافات والأعاجيب ما يضحك به الثكلي، وأما ضعيفة السند لا يعتمد عليها سيما في أصول الدين، ومعارضة بأحاديث أخري صحيحة معتضدة بحكم العقل.
وبالجملة فلا تجد في الاخبار ما يصح التعويل عليه والركون إليه في نفي عصمة الأنبياء - صلوات الله علي نبينا وعليهم أجمعين -، والله الهادي إلي الصواب.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)، أصول الدين (1)، كعب الأحبار (1)

المبحث الثاني في علم الامام عليه السلام

* (المبحث الثاني) * * (في علم الإمام عليه السلام) * وإليك سؤال السائل العزيز بلفظه:
" هل يزداد علم الإمام المعصوم - عليه السلام - مع الأيام؟
وهل ان علمه - عليه السلام - قبل (بعد ظ) توليه الإمامة يختلف عنه قبل ذلك؟ وإذا كان الامر كذلك، فكيف يمكننا - والحالة هذه - الحكم بأفضلية الإمام علي - عليه السلام - علي الإمام الجواد - عليه السلام - الذي تولي الإمامة وهو ابن تسع سنين؟ " الجواب: قد عقد إمام المحدثين ثقة الاسلام الكليني - رضي الله عنه - في كتاب الحجة من الجامع الكافي أبوابا في علومهم، منها " باب لولا أن الأئمة عليهم السلام يزدادون لنفذ ما عندهم ". وإبداء الرأي في هذه الأبواب - لو لم نقل بكون بعضها من متشابهات كلامهم وأسرارهم - عليهم السلام -، موقوف علي ملاحظة جميعها وما فيها من الأحاديث، ورد مجملها علي مفصلها، وظاهرها علي صريحها و ملاحظة اسنادها، ثم شرحها وتفسيرها بما لا يخالف أصول المذهب، كأفضلية الامام أمير المؤمنين - عليه السلام - من سائر الأئمة -
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، علم المعصوم (2)، العزّة (1)، الجود (1)
عليهم السلام -، وأفضلية رسول الله - صلي الله عليه وآله - من الجميع.
فلو فرض وجود حديث معتبر يدل بلازمه الخفي مثلا علي أفضلية بعض الأئمة - عليهم السلام - من أمير المؤمنين - عليه السلام -، لا يحتج به، لان المعلوم من ضرورة المذهب وما يعرفه الخاص والعام من مذهب أهل البيت - عليهم السلام - اتفاقهم علي أفضلية أمير المؤمنين من غيره من الأئمة - عليهم السلام - فمثل هذا اللازم ليس المراد قطعا، وهذه القرينة القطعية تكفي في تعيين المراد، وعدم اعتبار مثل هذه اللوازم بل الظواهر.
إذا إذا عرضت هذه الأحاديث علي أهل الفن وعلي من له انس بأحاديثهم ومعرفة بمذاهبهم، لا يعتني بمثل هذه الاحتمالات، كما انك لا تحتمل إذا سمعت قائلا يقول: رأيت أسدا يرمي، ان مراده من الأسد هو الحيوان المفترس.
وبعد هذه المقدمة نقول: إن ازدياد علم الإمام المعصوم أمر ممكن معقول، قد ورد في الأحاديث. ولا شك في أن الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -، وإن علموا الأسماء كلها، وأن الأئمة - عليهم السلام - علموا علم ما كان وما يكون 1 إلا أنه لا شك في أن علم الجميع عند
(1) عقد في الكافي بابا بهذا العنوان: " باب ان الأئمة - عليهم السلام - يعلمون علم ما كان وما يكون، وانه لا يخفي عليهم الشئ "، كما عقد بابا بهذا العنوان: " باب ان الأئمة - عليهم السلام - يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلي الملائكة، والأنبياء، والرسل - عليهم السلام - "، وقال مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام -، علي ما في نهج البلاغة، خ 175، " والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه، ومولجه وجميع شأنه، لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله - صلي الله عليه وآله -. ألا وإني مفضيه إلي الخاصة ممن يؤمن ذلك منه. والذي بعثه بالحق واصطفاه علي الخلق، ما أنطق إلا صادقا، وقد عهد إلي بذلك كله، وبمهلك من يهلك، ومنجي من ينجو، ومآل هذا الامر، وما أبقي شيئا يمر علي رأس إلا أفرغه في اذني، وأفضي به إلي. "، وقال - عليه السلام - (خ 1):
" فسألوني قبل أن تفقدوني! فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة، إلا أنبأتكم بناعقها، وقائدها، وسائقها، ومناخ ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها، ويموت منهم موتا ".
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علم المعصوم (1)، الإخفاء (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، الهلاك (1)، القتل (1)، البعث، الإنبعاث (1)
علم الله، ليس إلا كما قال الله تعالي: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "، 2 ولذا خاطب نبيه الذي علمه ما لم يكن يعلم، وقال: " وقل رب زدني علما ". 3 فالامام كالنبي في حركته الكمالية، وسيره إلي الله تعالي، لا يقف علي حد، كما أن السير إلي الله تعالي في عين انه في كل مرحلة من مراحله مرتبة من الوصول، ونيل للمقصود، لا نهاية له ولا ينتهي إلي حد.
ففي هذا السير يسير الامام دائما إلي الامام، ولا يتساوي يوماه، بل كل يوم من أيامه أفضل من أمسه. وليس ابتداء هذا السير من حين الولادة الجسمانية، بل يبتدأ من حين وجوده النوري ويستمر في العوالم والنشات التي يسار به قبل هذا العالم، كما أن أمده لا ينتهي بارتحاله من هذه الدنيا، ولعل سائر الناس من الصلحاء في عالم البرزخ كان هذا حالهم، لا ينتهي سيرهم الكمالي بالموت العنصري، بل يمكن أن يكون الموت لهم بحسب صلاحياتهم وقابلياتهم مبدأ لمثل هذا السير، والله أعلم.
والحاصل ان مثل هذا السير لازم لكل سالك إلي الله، ولا نهاية له فهو لا يزال في حال الرجوع إلي الله تعالي، قال الله سبحانه: " إنا لله وإنا إليه راجعون ". 4 وقال: " ألا إلي الله تصير الأمور ". 5 ولو فرض لسلوكه وسيره ورجوعه انتهاء، فلا دخل لطول حياته العنصرية و
(2) الاسراء / 85.
(3) طه / 184.
(4) البقرة / 156.
(5) الشوري / 53.
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الموت (1)
قصرها فيه.
ولا يخفي عليك: إنا وإن عجزنا عن درك حقيقة هذا الشأن، والعلوم التي تفاض علي الامام، إلا أنه وجه لاستبعاد مثل هذا الشأن لهم. وكم لهم من الشؤون، بل ولغيرهم مما لا ندرك حقيقته، ولكن نعرفه بآثاره ونلمسه بعينه.
إذا فلا دخل لتولي الإمامة وعدمه في العلم التي يزداد الامام حتي يشكل الحكم بأفضلية الإمام علي - عليه السلام - علي الإمام الجواد - عليه السلام -.
نعم في العلوم المشار إليها بقوله سبحانه: " وعلم آدم الأسماء كلها "، وفيما هو من مؤهلات الإمامة، الأئمة - عليهم السلام - سواء، لا يتفاوت علمهم هذا بعد تولية الإمامة عن قبلها ولا يزدادون فيه بتوليتهم.
وعلي هذا يدفع توهم الاشكال في أفضلية الإمام علي - عليه السلام - من الإمام الجواد - عليه السلام - لتوليه الإمامة في صغر سنه لعدم ثبوت فضيلة له علي سائر الأئمة بذلك.
و مسألة تولي أمر الإمامة، أمر نظامي يرجع إلي الحكم و الإدارة، لا تنحصر شؤون الإمامة فيه، والامام صاحب هذه الشؤون قبل توليه الإمامة كبعد توليه. فمن جملة هذه الشؤون حجية أقواله وأفعاله في الأحكام الشرعية، والمعارف الاسلامية، فهذه ثابتة له مطلقا، و لا دخل لتوليه الإمامة في ذلك.
فالإمام الحسن المجتبي - عليه السلام - إمام وأسوة، وأقواله و أفعاله وسيرته وهداه حجة، يجب الاخذ بها، ويحرم ردها في حياة أبيه وقبل توليه الإمامة والنظام، كما أن الحسين - عليه السلام - أيضا قبل توليه الأمور في عصر أبيه وعصر أخيه كان أماما كما نص علي ذلك
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الأحكام الشرعية (1)، الحج (1)
رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وقال: " الحسن والحسين إمامان " قاما أو قعدا ". فهما إمامان حتي في عصر النبي - صلي الله عليه وآله -، وفي صغر سنهما.
والإمام علي أيضا كان إماما ووليا قبل توليه الإمامة والولاية في عصر الرسالة أيضا، ولا ينافي ذلك كونه مأمورا بإطاعة النبي - صلي الله عليه وآله -، وكون النبي صلي الله عليه وآله - متبوعا ونبيا وحاكما عليه، والامام - عليه السلام - تابعا له، ومقتديا به، وواحدا من أمته، ومستضيئا من أنوار علومه، ومتبعا لشريعته، وكون إمامة الامام وسائر الأئمة - عليهم السلام - أيضا جزء من شريعته ورسالاته.
ويدل علي ذلك الحديث الأول من باب حالات الأئمة - عليهم السلام - في السن، من كتاب الحجة من الكافي، والحديث طويل أخرجه بإسناده عن الكناسي، قال: سألت أبا جعفر - عليه السلام -.. (إلي أن قال) فقلت: جعلت فداك! أكان علي - عليه السلام - حجة من الله ورسوله علي هذه الأمة في حياة رسول الله - صلي الله عليه وآله -؟ فقال: " نعم يوم أقامه للناس، ونصبه علما، و دعاهم إلي ولايته، وأمرهم بطاعته ". قلت: وكانت طاعة علي - عليه السلام - واجبة علي الناس في حياة رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وبعد وفاته؟ فقال: " نعم، ولكنه صمت فلم يتكلم مع رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وكانت الطاعة لرسول الله - صلي الله عليه وآله - علي أمته، وعلي علي - عليه السلام - في حياة رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وكانت الطاعة من الله ومن رسوله علي الناس كلهم لعلي - عليه السلام - بعد وفاة رسول الله - صلي الله عليه وآله - وكان علي - عليه السلام - حكيما عالما ".
ثم إن لنا كلاما في المقام، لا بأس بالإشارة إليه، وهو ان أفضلية
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: حياة النبي (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الحج (1)، الفدية، الفداء (1)، الوفاة (1)
بعض الناس من بعض، وبعض الأنبياء من بعض، وبعض الأئمة من بعض، إنما يكون بقول مطلق في الصفات النفسية، والخصائص الذاتية، والتخلق بالأخلاق الإلهية، إذا كان المفضل في كل هذه الكمالات أقوي وأفضل من غيره، وأما في غيرها من الفضائل فربما لا يوجد من يكون باعتبار جميع العناوين والأوصاف أفضل من غيره.
فإن الامام عليا - عليه السلام - أفضل من ابنيه سبطي نبي الرحمة من جهة انه ابن عم الرسول، وزوج البتول، وأبو السبطين، فليس لهما ابن عم كابن عم أبيهما، وزوجة كزوجته، وابنين كابنيه، وهما أفضل من الامام - عليه السلام - من جهة ان لهما أبا مثل الامام، وجدا مثل الرسول - صلي الله عليه وآله -، وأما مثل سيدة نساء العالمين، وليس للأمير - عليه السلام - هذه الفضائل. وجعفر الطيار الشهيد أفضل من أخيه الامام من جهة ان له أخا كالامام، وليس للامام أخ كأخي جعفر - رضي الله عنه -.
و مسألة تولية الإمام الجواد - عليه السلام - والإمامة في صغر السن فضيلة، وإن شئت قل أفضلية من هذا القبيل. فالامام أبو الحسن الرضا - عليه السلام - استشهد وابنه الإمام الجواد - عليه السلام - في صغر السن لابد له من تولي الإمامة بعد أبيه، وقيامه مقامه، لأنه وسائر الأئمة - عليهم السلام - في مؤهلات تولي الامر في حال صغرهم وكبرهم سواء.
ومن هنا يعلم أن نبوة عيسي ويحيي في صغرهما، وكونهما صبيين لا يدل علي أفضليتهما من غيرهما من الأنبياء، لان نبوتهما في حال الصغر ليس لأنهما استأهلا لذلك، وغيرهما ممن صار نبيا بعد ما بلغ أشده لم يستأهل لذلك في حال الصغر، بل ربما كان ذلك لحكمة ومصلحة اقتضت ذلك فيهما، وتلك في غيرهم. فبقاء النبي في القوم أربعين
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشهادة (1)، الجود (1)، الزوج، الزواج (1)
سنة، وظهور صدقه وأمانته، ومكارم أخلاقه في الناس ربما كان هو المصلحة الموجبة لتأخر بعثه ومأموريته للدعوة إلي الله تعالي، كما ربما يكون ذلك لحصول الاستعداد اللازم في الناس لقبول الاسلام، وغير ذلك من المصالح التي لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم. " والله أعلم حيث يجعل رسالته ".
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)

المبحث الثالث في اختلاف مستويات الأئمة عليهم السلام في الايمان والعلم والاخلاق

* (المبحث الثالث) * * (في اختلاف مستويات الأئمة عليهم السلام) * * (في الايمان والعلم والأخلاق) * قال السائل المحترم - زاد الله في سداده ورشاده -: " كيف يمكننا درء الشبهة القائلة باختلاف مستويات الأئمة - عليهم السلام - إيمانا، وعلما، وخلقا؟ وذلك باعتبار ما يرويه لنا التاريخ من سيرهم. " أقول: إن كان المراد من المستويات، مقومات الأهلية للإمامة، وتولية الزعامة والقيادة، فكل واحد منهم - عليهم السلام - واجد لتلك المرتبة.
وإن كان المراد اختلاف مستوياتهم في الزايد علي هذه المرتبة، فالذي دل عليه الدليل هو أفضلية الامام أمير المؤمنين - عليه السلام - من سائر الأئمة، ومن أنبياء السلف - علي نبينا وآله وعليهم السلام -.
ويستفاد من بعض الأحاديث أم مولينا المهدي - عليه السلام -، وهو تابع الأئمة التسعة من ذرية الحسين، أفضل التسعة
(١٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الأكل (1)
- عليهم السلام -، كما أن الأحاديث الكثيرة التي دلت علي أنه - عليه السلام - يؤم عيسي بن مريم، وعيسي يقتدي به، صريحة في أفضليته من عيسي - علي نبينا وآله وعليه السلام -.
وإن كان المراد أن سيرهم التاريخية دلت علي اختلاف مستوياتهم، فنقول: أولا إن سيرهم التاريخية إنما دلت علي علو مستوي أرباب هذا السير، ولم نجد فيها ما يدل علي اختلاف مستوياتهم. ومجرد عدم حفظ التاريخ سيرة بعضهم وما صدر منه من العلوم، لا يدل علي أن مستوي غيره ممن حفظ عنه التاريخ ذلك، كان أرفع وأعلي منه سيما مع ما نعلم بأن السبب الوحيد في عدم حفظ ما صدر من بعض الأئمة - عليهم السلام - مثل الامامين السبطين - عليهما السلام -، إلا النزر اليسير، هو السياسات الغاشمة الجبارة الحاكمة علي المسلمين.
وإن شئت أن تعرف أفاعيل السياسة في ذلك، والخسارات، العلمية التي منيت بها هذه الأمة من أرباب هذه السياسات التي حرمت الناس حرياتهم في أخذ العلوم الاسلامية من منابعها الأصلية ومصادرها الأولية، راجع كتب التاريخ، وكتاب " النصائح الكافية " وكتابنا " أمان الأمة ".
نعم مرت علي هذه الأمة أزمنة كان أخذ العلم عن أهل البيت - عليهم السلام - وروايته، من أعظم الجرائم السياسية، يعذب محبيهم وشيعتهم شر تعذيب، وينكل بهم أشد التنكيل، ويقطعون أيديهم وألسنتهم، ويقتلونهم شر قتلة، ويسبون بطل الاسلام ونفس الرسول و باب علمه وخليفته ووصيه علي المنابر التي لم تقم في الاسلام إلا بمجاهداته وتضحياته وبطولاته.
ففي هذه الظروف والأحوال لم تسمح الفرص لبعض الأئمة - عليهم السلام - القيام ببث العلم كما سمحت للبعض الآخر مثل الامام
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الباطل، الإبطال (1)، القتل (1)، السب (2)
محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق - عليهما السلام -. ومع ذلك فما في أيدينا منهم يكفي في الدلالة علي علومهم اللدنية، وان مستوي كل واحد منهم في الايمان والعلم والأخلاق أعلي المستويات، وأنهم خزان العلم و معادن الايمان وينابيع الحكم وكنوز الرحمان، إليهم يفئ الغالي، وبهم يلحق التالي، وعلم كل واحد منهم علم الجميع.
فهذا الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - قد أخذ العلم منه جماعة يربو عددهم علي أربعة آلاف رجل حتي أن الحافظ الشهير ابن عقدة - المتوفي سنة 333 - صنف كتابا في أسماء الرجال الذين رووا عنه أربعة آلاف رجل، وأخرج لكل رجل حديثا وعلما رواه عن الصادق - عليه السلام -، وله أيضا كتاب من روي عن أمير المؤمنين، وكتاب من روي عن الحسن والحسين - عليهم السلام -، وكتاب من روي عن علي بن الحسين، وكتاب من روي عن أبي جعفر محمد بن علي - عليهم السلام -، وهو الذي قال في مجلس مناظرة له أنه يجيب بثلاثمائة ألف حديث من أحاديث أهل البيت - عليهم السلام -.
ومن سبر كتب الحديث، وأصول الشيعة، وكتب التراجم والرجال، وما بقي مما صدر عنهم في الأجواء المملوئة بالاضطهاد والاختناق في جميع حاجيات الانسان، المعنوية والمادية، يعرف أن مستواهم في جميع الكمالات أعلي وأنبل من أن يقاس إليهم أحد من الناس.
جعلنا الله تعالي من شيعتهم، ووفقنا لمتابعتهم، والاقتداء بهم، والمنتظرين لفرج قائمهم، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ليلة السابع عشر من رجب المرجب، سنة 1402 لطف الله الصافي
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، شهر رجب المرجب (1)، علي بن الحسين (1)، محمد بن علي (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)، الوفاة (1)

إيران تسمع وتجيب

* (إيران تسمع وتجيب) *
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * إن رسالة " إيران تسمع فتجيب " رد علي مزاعم كاتب وهابي مغرض. كان هذا الكاتب الذي يدعي " أبو الحسن ندوي هندي " قد زار إيران في عهد حكومة الطاغوت علي رأس وفد من عربستان (التي تدعي بالسعودية تجاوزا).
حيث اجتمع المذكور بعدد من الطاغوتيين وبشخصيات علمية ودينية، كما زار بعض من المساجد والمدارس التي ارتأي له رجال الامن زيارتها. وعندما رجع ندوي هذا إلي بلاده، كتب رسالة تحت عنوان " اسمعي يا إيران " راح فيها يأخذ بعض المآخذ غير الصحيحة ويورد الاتهامات الفاسدة علي الشعب المسلم في إيران.
وكتاب " إيران تسمع فتجيب " رد علي التساؤلات والاعتراضات التي يشير إليها هذا الوهابي، مما يكشف بوضوح سياسة الوهابيين الاستعمارية، وجواب عالم الاسلام عليها.
إن من المسائل المؤسفة التي ذكرها هذا الكاتب الوهابي هو: لماذا يجهل الناس في إيران موضوع قبر طاغوت كبير مثل هارون الرشيد بحيث ان أحدا لم يستطع أن يدلنا
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (6)، هارون الرشيد (1)، القبر (1)، السجود (1)، الجهل (1)، الزيارة (2)
عليه إننا بإعادة نشر هذه الرسالة نستهدف القضاء علي جذور أمثال هذه الاعتراضات والافتراءات التي لا تستند إلا علي التعرض وسوء النية.
قسم الدراسات الاسلامية
صفحه(١٥٨)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الحمد لله رب العالمين، وأفضل صلواته وأزكي تحياته علي خير خلقه محمد، وعترته الأطهار، ما تعاقب الليل والنهار.
وبعد، فقد قال - عز من قائل - في محكم كتابه الكريم ومبرم خطابه العظيم: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "، و " ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " 2.
لا ريب أن الشعوب الاسلامية، بحاجة ملحة إلي استعادة شخصيتها الاسلامية، وتنمية الاحساس بالاسلام، وبتوجيهاته السياسية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية، وإلي أن تقف موقفا حاسما، أمام التيارات المدمرة الملحدة الوافدة من خارج العالم الاسلامي، كي لا يجد المستعمر مجالا لزرع الأفكار الالحادية الهدامة كالصهيونية والشيوعية.
فالمسلمون يواجهون في عقر دورهم، وفي بلادهم، وفي نواديهم
(1) آل عمران / 103.
(2) سورة محمد - صلي الله عليه وآله - / 7.
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)
ومجتمعاتهم وجامعاتهم وشوارعهم وأسواقهم ومجلاتهم وجرائدهم، جاهليات كثيرة: جاهلية العصر الحاضر، جاهلية القرن، جاهلية الشرق، جاهلية الغرب، جاهلية الرأسمالية والامبريالية، جاهلية الشيوعية والماركسية..، جاهليات هي ليست أقل خطرا من الجاهلية الأولي ان لم تكن أخطر.
فحاضر المسلمين في مظاهرهم وظواهرهم، وفي ملابسهم، وفي مطبوعاتهم، وفي إذاعاتهم، وفي أفلام سينماءاتهم يدل علي أنهم أصبحوا بعيدين - كل البعد - عن الاسلام شكلا ومضمونا.
أما شكلا: فيلاحظ ذلك في عاداتهم، وآدابهم، وأزيائهم، ومخالطاتهم، ومعاشرتهم.
وأما مضمونا: فيلاحظ ذلك في قوانينهم وبرامجهم وأنظمتهم، إذ ان أكثر الجماعات الاسلامية، اتخذت العلمانية مبدأ رسميا وعمليا لها، فمن لم يتخذها رسميا اخذها عمليا. فنبذوا الاسلام وأصوله ومبانيه وتعاليمه السامية، وعزلوه عن إدارة المجتمع، وأصبح المثل الاعلي للمسلمين، والهم الأكبر لهم، رجالا ونساءا، هو مسايرة ركب الحضارة الغربية أو الشرقية ومتابعتها.. وأكثر ما يتجلي ذلك، في نداءات الكثير من قادتهم ومثقفيهم وكتابهم، بضرورة الاخذ بتلك الحضارات المليئة بالمضار والمفاسد والشرور، واتباعها.
ومن المحزن والمخزي أن العامة من الناس تستجيب لهذه النداءات المغرية، والدعوات الخلابة، وهي لا تعلم خلفياتها وحقيقتها وما تنطوي عليه، معتقدة بكل صدق وإخلاص وبراءة، أن هؤلاء الجهلة المأجورين يعالجون أدواءهم، فأصبحت لذلك مناهج التربية والتعليم، ووسائل الثقافة والاعلام، متأثرة بهذا الدواء (السم المعسول).
(١٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: التصديق (1)، الجهل (4)، الدواء، التداوي (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
وبذلك تحققت أمنية أعداء الدين الاسلامي والأمة الاسلامية، حيث كتب أحد المبشرين: " لقد قضينا علي برامج التعليم في الأفكار الاسلامية منذ خمسين عاما فأخرجنا منها القرآن وتاريخ الاسلام، ومن ثم أخرجنا الشبان المسلمين من الوسائط التي تخلق فيهم العقيدة الوطنية والاخلاص والرجولة والدفاع عن الحق. والواقع أن القضاء علي الاسلام في مدارس المسلمين، هو أكبر واسطة للتبشير، وقد جئنا بأعظم الثمرات المرجوة منه ". 3 ففي سبيل اجهاض تلك الحملات الالحادية الهدامة التي إن لم تهدد كيان الاسلام عقيدة ونظاما، فإنها تهدد كيان الفرد المسلم، يتحتم علي كل مسلم أن يضطلع بالمسؤولية الكبري الملقاة علي عاتقه، والتي لا يرضي الله تعالي بالاستخفاف والاستهانة بها.
وإذا لم تجابه أساليب الاستعمار لدفعها عن وطننا الاسلامي وإبعادها عن أراضينا، ومحو آثارها من اقتصادياتنا وتعطيل انعكاساتها علي حكوماتنا ومدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا ومعاهدنا العلمية الأخري، فلا يمكننا بأي شكل أو سبيل بناء صرح إسلامي جديد.
لذلك فإننا نقول: إن حجر الأساس في تحقيق هذه الأهداف، هو التمسك بحبل الله، والاعتصام به وبأحكامه وشرعه ومنهاجه القويم، والعمل لتحكيم النظام الاسلامي في جميع نواحي حياتنا المادية والمعنوية، واجتماع المسلمين علي صعيد واحد، تحت لواء واحد، وفي وطن واحد، وفي ظل سلطان الله وسلطان حكمه وتطبيق الكتاب والسنة، علي جميع المظاهر والظواهر.
وهذا يتطلب تيقظا أكثر، ووعيا أوفر، واتحادا أوثق، واتفاقا
(3) حضارة الاسلام، ع 14، ص 103، س 15.
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)

معوقات وحدة الكلمة

أضمن، ومجالا أوسع، وأفرادا صلحاء أنور ضميرا، وأوضح تفكيرا.
ونكاد لا نجد مسلما - شيعيا أو سنيا - لا يري ضرورة اتحاد الكلمة وتحقيق الوحدة الاسلامية، وحدة تشمل الجماهير المفترقة، والجماعات المتفرقة، في ظل حكومات مسماة بأسماء ليست من الاسلام في شئ، وحدة تعم جميع الفرق والمذاهب، ليعيشوا في ظلها إخوانا يشد بعضهم أزر بعض، ويكونوا كالجسد الواحد، إذا شكا منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالحمي والسهر.
معوقات وحدة الكلمة وكان المانع من تحقيق هذا الهدف المقدس إلي الان، هو الاستعمار (الحربي والعسكري أو الاقتصادي أو الثقافي)، ومن ثم حب الدنيا والمال والجاه، وعدم تقيد أغلب الرؤساء والامراء والملوك والحكام بنظم الاسلام، وعدم مراعاتهم لمصالحه. وبذلك فرقوا المسلمين وجعلوهم شيعا، واختلقوا في كل قطر وبلد حكومة، إن لم نقل إنها أسست في الأصل لمصلحة الاستعمار، فبالامكان القول إنها أسست علي قاعدة تجعل لكل حكومة سياسية خاصة وأهدافا مستقلة، لا ينتفع بها الاسلام والمسلمون، اللهم سوي الطغمة الحاكمة في تلك المنطقة.
والاستعمار بعد ذلك هو المستفيد الوحيد من هذه التفرقة تمام الفائدة، بل إنه يري بقاءه في وطننا الاسلامي الكبير، منوطا بهذه التفرقة، ومن ثمراتها. مع أن الاسلام يؤكد علي ضرورة أن يكون لجميع المسلمين، بل لجميع أبناء البشر، سياسة وحكومة واحدة، تحفظ جميع سكان الأرض، شرقها وغربها، إذا يقول الله تعالي:
" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " 4
(4) الأنبياء / 92.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الحرب (1)، الهدف (1)

وباؤوا خسرانا

وهناك مانع آخر كان له - فيما مضي - أثر كبير في ضعف المسلمين وتفريق كلمتهم، حتي وصل بهم الامر، لرمي بعضهم البعض بالكفر والشرك، ألا وهو النفاق واللجاج والعناد والتعصب الأعمي والقبلية! فالباحث في التاريخ الاسلامي، يقرأ الكثير عن الحروب الدامية والغزوات المدمرة، التي راح ضحيتها جماعات من المسلمين، أثر للبحوث الكلامية بين الأشاعرة والمعتزلة، والخلافات الشديدة بين معتنقي المذاهب الأربعة، والعصبيات التي قضت علي حرية التفكير الشيعي، وحالت دون أخذ التفسير والفقه وسائر العلوم الاسلامية، عن أئمة أهل البيت، عليهم الصلاة والسلام.
وباؤوا خسرانا وهذا المانع ضعيفا في عصرنا هذا، بفضل المصلحين.
وانبثق فجر تاريخ المسلمين، لا يفكر فيه المسلم - الشيعي أو السني - بكيفية الوقوف بوجه أخيه، بل أصبح علي العكس من ذلك، يفكر بكيفية القيام إلي جنبه أو وراءه، لعونه و نصرته ومؤازرته.
فالعالم الاسلامي، قد تحرك وانتفض، وانتبه واستيقظ من رقدته، وأخذ يسير في طريق انتشال حقه وانتزاعه. فهذه النهضات الاسلامية في جميع البلاد، قد أعيت السلطات التي ابتدعت وأوجدت لحفظ منافع الأعداء ومصالحهم، والقضاء علي المناهج الاسلامية السامية، والبرامج الدينية الرفيعة، كذلك الحركات التي تطالب بالرجوع إلي أحكام الاسلام، ابتدأت تقطف ثمار النصر والنجاح. ففي
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، مدرسة الأشاعرة (1)، مدرسة المعتزلة (1)
تركيا، مثلا، تشكلت وزارة ائتلافية بمنتهي الغرابة، من حزب الشعب الجمهوري، ذي الميول العلمانية، ومن حزب الانقاذ الوطني، ذي الاتجاهات الدينية المحافظة، والذي يزعمه نجم الدين اربيكان، ويدعو اربيكان إلي مكافحة الميوعة ومحاربة تردي الأخلاق، كما يبدو في أحاديثه وتصاريحه حنين إلي الإمبراطورية العثمانية، وقد وافق أجاديد زعيم حزب الشعب علي أمور طالبه بها شريكه في الحكم، منها إعادة فتح المدارس الثانوية، وتدريس الأخلاق في الكليات وغير ذلك. 5
(5) حضارة الاسلام، ع 1، ص 104، س 15.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: تركيا (1)

واجب العلماء والمصلحين

* (واجب العلماء والمصلحين) * بعد هذا العرض للمشاكل الاسلامية المعاصرة، يطرح السؤال التالي نفسه:
ما هو واجب العلماء والمصلحين في هذه الأدوار؟ وما الذي يجب عليهم أن يقوموا به لبناء المجتمع الاسلامي الصحيح؟
والإجابة علي هذا تنحصر في النقاط التالية:
1) يجب علي العلماء والقادة، تشجيع الجماهير الاسلامية، ولا سيما الشباب منهم، علي الاتجاهات الدينية، والتمسك بالآداب والسنن الاسلامية، ورفض العادات الأجنبية، وتحذيرهم من مكايد الاستعمار وشراك الالحاد الصهيوني والتبشيري والشيوعي، ونهيهم عن التفرق والتشتت والتمزق والاستبداد، وعن الركون إلي دعاة الكفر والضلال.
قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " 6.
(6) المائدة / 54.
(١٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الظلم (1)
وقال - عز من قائل -: " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " 7.
2) علي العلماء العاملين أن يعلنوا بطلان أي منهج وسياسة وقيادة ونظام، غير الاسلام، فان الحكم لله وحده، أمر أن لا يعبد ولا يطاع غيره، ولا يحكم إلا بحكمه: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ". 8 3) علي العلماء والقادة المصلحين إنشاء جمعيات من ذوي العزائم، المخلصين والغياري علي الاسلام وكتابه وسنته، لتقوم بمهمة الصلة بين الجماعات المسلمة في شتي الأقطار، وتؤيد الحركات الدينية المؤيدة بنص من كتاب أو سنة أو زعيم ديني، والمنبثقة من الجماهير، ولا سيما من الشباب والطلاب والطبقة المثقفة الواعية، وتوفد إلي البلاد المعتنقة للدين الاسلامي من يطلع علي شؤونهم، ويدرس مستواهم الثقافي والتربوي والاقتصادي والاجتماعي والحكومي، ويدرك مشاكلهم ومتطلباتهم وحاجاتهم المعنوية والمادية، وما يعانونه من الأعداء. وانهم لو غفلوا أو تغافلوا عن ذلك، خسروا كيانهم و مجدهم، ودينهم ودنياهم، وتجارتهم وأخلاقهم.
(7) المجادلة / 22.
(8) المائدة / 44.
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)

رابطة العالم الاسلامي

* (رابطة العالم الاسلامي) * إن رابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة، قبلة المسلمين، والبلد الحرام الذي يؤمه مئات الآلاف من الحجيج في كل عام، يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله أياما معلومات، هذا البلد الأمين مشرق شمس نبوة سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وآله -، والمدينة المنورة مهجره وحرمه ومرقده، وحسبنا مكة والمدينة، بما ترمزان إليه، لتكونان رابطة للعالم الاسلامي. وحسبنا هذا الحجيج رابطة تربط جميع أقطار العالم الاسلامي بعضها ببعض، فالحج أكبر وأعظم مظهر من مظاهر وحدة الأمة، وإن الجميع من العرب والعجم والبيض والسود، والفقراء والأغنياء، والقادة والسوقة، أمة واحدة في رحاب الله.
أسست في هذا البلد الطيب المبارك " رابطة العالم الاسلامي "، ظن الكثير انها أسست لتكون اسما ومسمي كذلك إن شاء الله تعالي، وقد تركت في نفوس المسلمين، وخاصة الشباب، أثرا كبيرا.
وكان المأمول فيها الدفاع عن مصالح المسلمين وتشجيعهم في
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (2)، المدينة المنورة (1)، الظنّ (1)
ميادين العمل ضد الاستعمار، ووضعهم في مصاف الحركات التحررية والتقدمية، وتوثيق عري الاخوة، والتجاوب والتعايش والتفاهم بين المسلمين، وأن تكون أنشودة هذا الجيل الحائر المتخبط في الاضطرابات الفكرية والاصطدامات العلمية، وأن تأخذ بأيدي الفتيان والفتيات الجامعيين والجامعيات، لئلا يسقطوا في مهاوي اليأس والشقاء، والخلاعة والفحشاء، والميوعة والدعارة والالحاد.
وقد كتبت، قبل سنتين أو أكثر، مقالا عرضت فيه علي تلك الرابطة بعض ما ينبغي أو يجب أن تقوم به في البلدان الاسلامية، وأشرت إلي ضرورة تشجيع النشاط الديني ومكافحة الأساليب الكافرة، وكان أملي وطيدا أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار. ولا أدري هل وصل مقالي إليها أم لم يصل، ولعل المسؤولين لم يروا مصلحة لهم في نشره في مجلتهم أو صحفهم.
وعلي أية حال، فالرابطة بدأت بمهمتها، وجعلت نفسها في غير موضعها، وأخذت تؤيد الحكومة السعودية التي أنشأها الاستعمار، وكانت - ولا تزال - في حضانته، يعرفها بهذه الخصيصة المسلمون وغيرهم. قد أحيت الحكومة الملوكية الخبيثة، وسمت نفسها وبلاد الحرمين الشريفين بالسعودية لتكون رمزا لمقاصدها المفرقة، واختصاص الحكم بعائلة خاصة. فأخذت الرابطة تؤيد الاستعمار بتأييدها هذه الحكومة، وبدعاياتها الوهابية التي هي كالأساس لهذه الحكومة وأهدافها الاستعمارية.
ولو كانت الرابطة تقوم بمهمتها سليمة بعيدة عن النزعات الاستعمارية والطائفية، لكان موقفها غير موقفها الحالي، ومسيرها غير هذا المسير. ولو أراد أعضاؤها والقائمون بأمرها خدمة الاسلام، لوجب
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الدولة السعودية (آل سعود) (1)، اليأس (1)

الإيفاد

عليهم أو ينزهوا الرابطة عن الدعاية للمستكبرين الذين استضعفوا عباد الله، وجعلوهم خولا، كما جعلوا مال الله دولا، كما وجب عليهم القيام بانتخاب أعضاء صالحين مصلحين مخلصين، غياري علي الاسلام، عالمين بحاضر العالم الاسلامي وبالأسباب والعوامل التي أدت إلي ضعف المسلمين وتخلفهم عن مواكبة ركب الحضارة الصناعية، ليدركوا حقائق ما يجري في كل منطقة، ويرشدوا ويوجهوا كل شعب، إلي سبل القضاء علي سيطرة الأجانب وأساليبهم الكافرة، ويتجنبوا ما يورث التفرق بين الافراد والجماعات، والاختلافات في الآراء المذهبية و تكرارها، في صحفهم ومجلاتهم، وعلي لسان وفودهم إلي الأقطار.
فالجيل الحاضر لا يكاد يقبل هذه العصيبات المذهبية، وهو يري أن الأصول الأولية الجامعة للمسلمين، والمقوية لكيانهم، أصبحت معرضة لخطر الالحاد وأفكاره الهدامة، بالإضافة إلي أن ذلك يزيد البلاء والمرض، ويورث عصبيات غيرهم وحساسياتهم ويدعو إلي الظن بهذه الجمعية التي نود أن تقف في وجه عملاء الاستعمار وتعمل لتحرير بلاد الاسلام من سلطة الحكومات العميلة.
الايفاد أوفدت جمعية رابطة العالم الاسلامي ممثلين وهيئات إلي البلدان الاسلامية، وهذا عمل كبير، وكلما كان الوفد أوسع فكرا، وأبعد نظرا، وأكثر تجنبا للعصبيات المذهبية، وأعرف بواقع العالم الاسلامي ومشاكله، وأكثر إخلاصا، كانت ثمراته أكثر ومنافعه أوفر. وبالعكس تماما لو كان الوفد غير خبير، ومتحيزا لفئة دون غيرها، ناظرا إلي العالم الاسلامي وجماهيره بمنظار مذهبه الشخصي ورأيه السياسي، غير عابئ
صفحه(١٦٩)
بالمسائل العامة التي اتفقت عليها آراء جميع الفرق، فإنه لا يعود إلا بالضرر والفشل والتنازع المنهي عنه في الكتاب العزيز.
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: العزّة (1)

وما أدراك ما إيران؟

* (وما أدراك ما إيران؟) * إيران، وما أدراك ما إيران؟ إيران المجاهدة، إيران الصامدة في وجه الاستعمار بفضل نضال شعبها وعلمائها المجاهدين، إيران التي أنجبت للاسلام والمسلمين علماء أعلاما ورجالا عباقرة، وكتابا ومحدثين، وفلاسفة ومتكلمين وغيرهم، إيران التي كانت ولا تزال محطا لنظر الاستعمار بكل صوره وأشكاله، والتي حاول بكل جهده القضاء علي كيانها الاسلامي وروحيتها المؤمنة، ولم ينجح - والحمد لله - كما نجح في بعض البلاد، إيران التي بقي شعبها ملتزما بالمظاهر الاسلامية والاحكام الدينية إلا من فتن منهم بالأساليب الغربية والدعايات الفارغة الكاذبة المضللة.
إيران، وما أدراك ما إيران؟ إيران التي ضحت وتضحي كل يوم في سبيل الدفاع عن الاسلام وأحكام القرآن، لقد ضحي علماؤها الاعلام، وطلبة العلوم الاسلامية والعصرية، والمؤمنون بالله ورسوله، المتمسكون بمبادئ الاسلام، المطالبون بتطبيق أحكام القرآن، فزجوا في السجون، وأبعدوا عن الأوطان، وعرضوا لأنواع التعذيب الروحي
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (11)، كتاب أحكام القرآن للجصاص (1)، القرآن الكريم (1)
* (إسمعي يا إيران!) * زار إيران وفد الرابطة برئاسة الأستاذ أبي الحسن الندوي، وبعد الزيارة، كتب الأستاذ المذكور رسالة تحت عنوان: " إسمعي يا إيران ". أخذ فيها علي الشعب الإيراني زيارته لمشهد الامام أبي الحسن علي بن موسي الرضا - عليه السلام -، ومشهد أخته السيدة فاطمة - عليها السلام -، وزعم أن عناية الشعب بالمساجد، هي أقل من عنايته بالمشاهد، وأن المشاهد المشرفة أكثر عمرانا وأشد ازدحاما، وأن كثيرا منها تشكو قلة المصلين، وأخذ فيها علي شعب إيران وجود صورة النبي - صلي الله عليه وآله - وصورة أمير المؤمنين علي - عليه السلام (بكثرة في المساجد والبيوت، وقال: قد رأينا ذلك، و عز علينا في مسجد سبهسالار، وبعض المساجد والبيوت، وعد ذلك من الذرائع إلي الشرك، كما أخذ علي الشعب الإيراني المسلم، حبه الشديد لأهل البيت - عليهم السلام -، وخشي أن يكون قد أخذ الشئ الكثير من حق النبوة حيث قال: " أخشي أن تكون قد جعلت الإمامة منافسة للنبوة، ومشاركة لها في كثير من الصفات "، إلي أن ساق الكلام إلي التقريب، وزعم أن الشيعي لا يطلب ذلك بالقلب، ولا يبسط في سبيل
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، دولة ايران (4)، الشهادة (2)، السجود (3)

إسمعي يا إيران!

والجسمي. إيران، وما أدراك ما إيران؟ إيران التي اتخذت حكومتها العلمانية (عمليا لا رسميا) أساس مناهجها وبرامجها، فصل الدين عن السياسة والدولة والقضاء والتربية والتعليم والاقتصاد والعمران، كأكثر البلاد الاسلامية.
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (3)
ذلك يده، وطلب من الشيعة إذا أرادوا التقريب، تغيير نظرهم في صحابة الرسول - صلي الله عليه وآله - وفي أزواجه، أمهات المؤمنين، كما حمل علي الشيعة بالتلويح في مطاوي كلامه في أكثر من موضع.
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)

مهمات الرابطة

* (مهمات الرابطة) * هذا بعض ما في رسالته مما له مساس بالشؤون الاسلامية، وهو بهذا لم يأت بجديد. فهذه أمور طرحت من قبل، واستوفت حقوقها من الجدل والكلام. ومع هذا نختصر الحديث، ونقول: " إن إيران تسمع فتجيب ":
أما مسألة زيارة القبور والمشاهد التي أثارها في رسالته، فإنها ليست مسألة جديدة تنبه لها الأستاذ الندوي وحده، بل هي من المسائل التي طال البحث والنقاش حولها، فحرمها فريق خاص بلا دليل أو برهان أو شاهد من كتاب أو سنة، وجوزها الآخرون استنادا إلي الكتاب والسنة، واتضح الحق بما لا مزيد عليه. وقد ألفت في ذلك مئات من الكتب، وكتبت مقالات حولها، وأريقت دماء محترمة بسبب التعصب في هذه المسألة، وقد خرجت بعد كل هذا من معرض التفكير، وإذا ما فكر فيها اليوم، مسلم، فإنما يفكر لمعرفة الواقع والحقيقة فقط، لا لإثارة النقاش والجدل..
وكأن الأستاذ الندوي قد زعم وتصور أن جمعية الرابطة حينما تشكلت في مكة المكرمة إنما تشكلت لدعم المذهب الوهابي فحسب،
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة القبور (1)، دولة ايران (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، الشهادة (1)

للضيافة احكام!!

فلم يلفت نظرها الواقع الاسلامي المعاصر، وما يهدد أحكام الاسلام والمجتمعات الاسلامية، من هجمة تقاليد الاستعمار الثقافي، والشرقي والغربي، ومن أساليب خداع الشباب، وإبعادهم عن تعليم دينهم و تقاليد بلادهم التي يكمن فيها الخطر، كل الخطر علي المسلمين.
فكأني بالأستاذ الندوي يري أنه ليس في أهداف الرابطة ومشاريعها التدخل في هذه الأمور، فلا يؤاخذ ولا يقول شيئا عما جنت أيدي الحكومات علي الاسلام والمسلمين، من استبدال المناهج التربوية والبرامج التعليمية الاسلامية بالبرامج الكافرة، في المعاهد والكليات والجامعات، ولا يشكو من القوانين التي توضع وتطبق كل يوم رغم أنف الشعوب الاسلامية (الشيعة والسنة) في جميع مرافق الحكومة وفي الإدارة والقضاء والمجتمع والجيش وحتي في الأوقاف والمستشفيات وغيرها.
وكذلك لا يشكو من إلغاء النظام الاسلامي الذي يؤمن به كل مسلم (شيعيا كان أو سنيا).
للضيافة أحكام!
نعم لا يشكو من ذلك لأنه كان في ضيافة مديرية الأوقاف التي لم تؤسس في إيران، إلا للقضاء علي نفوذ رجال الدين والعلماء الأفاضل، وللسيطرة علي المساجد ومراقبتها لئلا تكون مراكز للثقافة والارشاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر كي لا يعترض أحد علي أحد، لا سيما علي أرباب المناصب، فلا يقال للمسؤول - في أية رتبة كان - لم فعلت أو ارتكبت هذا المنكر؟ أو ذاك؟ ولم تجاوزت حدود الله والشرع؟ لماذا تصنعون التماثيل وتنصبونها في الميادين وغيرها وتعظمونها مع أن هذا أشد نكرا وضررا من عبادة الأوثان؟ إذ أن عبادة
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، دولة ايران (1)، الهدف (1)، السجود (1)
الأوثان لا تزيد في طغيان هذه الأوثان واستبدادها أو تكبرها وغيها، بينما تعظيم تماثيل الامراء والقواد، يزيد في جبروتهم، ويشجعهم علي التمادي في الغي والاستبداد والظلم.
لم يسأل الشيخ الندوي مضيفه، مدير الأوقاف، الذي احتفي به وأكرم ضيافته، عن المساجد الكبيرة القديمة الأثرية في إيران، كمسجد الشاه، ومسجد الشيخ لطف الله، والجامع العتيق في إصفهان وشيراز وغيرهما من المدن الإيرانية. لم يسأله لماذا تسمح الحكومة وأجهزتها بدخول السافرات والعاريات إلي بيوت الله، وفي هذا هتك لحرمتها!
لماذا لم يلفت السفور في النساء وأزيائهن المخزية والمؤسسات الربوية التي تزداد وتتضاعف يوما فيوما، نظر الشيخ الندوي، ولم يعترض علي مضيفيه؟
لماذا لم يسأل مدير الأوقاف عن سبب تشجيع الحكومة للحركات التي هي في محصلتها النهائية محاربة للاسلام ومحاولة للقضاء عليه؟ لماذا لم يأخذ عليه الأفلام السينمائية التي تفسد الأخلاق وتسوق الشباب إلي هاوية الفحشاء ومهاوي الفساد؟ لماذا لم ينصح أحدا في هذه الأمور في رسالته هذه؟ لماذا لم ينظر إلي الصحف والمجلات التي لا تهدف إلا إلي ترك السنن الاسلامية، وتدعو إلي الفسق والفجور والاستهتار؟
هذه مسائل يجب علي وفود الرابطة أن يدرسوها ويلحظوها، ويبحثوا عنها في كل بلد يفدون إليه، لا فرق بين إيران ومصر والجزائر وتونس والمغرب وباكستان وتركيا، وغيرها من البلاد الاسلامية.
يجب علي الوفد نصح الحكومات وشعوبها في هذه المسائل، وإبلاغهم البلاغ المبين: أن الاسلام يرفض كل قانون يخالف شريعة
(١٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (2)، مدينة إصفهان (1)، باكستان (1)، تركيا (1)، السجود (2)

الفكرة القومية

الله وينبذ كل سلطة لا تهتم بتطبيق الاحكام الاسلامية التي يؤمن بها المسلم الشيعي والسني علي حد سواء، فلا معني لهذه القوانين التي ليست من الاسلام في شئ، ولا تمت إليه بصلة، وكذلك نصحهم باعتماد أهداف الاسلام في نظمهم الاجتماعية والسياسية والتربوية والاقتصادية، ونبذ النظم الوافدة أو المستوردة من الخارج، وبالاستعداد للجواب يوم الحساب.
الفكرة القومية ثم ما هذه الفكرة الخبيثة التي جزأت العالم الاسلامي ومزقته شر ممزق، ونبذت تعاليم الكتاب والسنة في المجتمعات المسلمة؟ فكأنكم تصوبون وتؤيدون مبدأ العلمانية، فلا تناقشون الحكومات في هذه المسائل، وفي كل ما له دخل بالسياسة، ولا تحثون الشعوب علي أن يكونوا صفا واحدا أمام هذه التيارات الملحدة والسياسات المخزية، وكأن هذه الأمور الخطيرة ليست هما للمسلمين ولا تشكل منعطفا خطيرا وصعبا للعقيدة، بل تناقشون فقط زيارة المشاهد المشرفة، وما رأيتم في مسجد سبسهالار من صورة النبي - صلي الله عليه وآله - وصورة أمير المؤمنين - عليه السلام؟! هذا المسجد الذي وضعت الحكومة ومديرية الأوقاف يدها عليه، وهتكت حرمته بحجة أنه أثري، فسمحت للكفار بزيارته، للاستئناس به والتفرج عليه، ومن جراء ذلك عطلت الجماعة ومجالس الوعظ وقراءة القرآن والتفسير فيه، كما هو الشأن في مئات المساجد العامرة بالصلاة، وإقامة الجماعة والجمعة، ومجالس الوعظ ودرس القرآن والتفسير، في طهران وحدها، فضلا عن سائر المدن.
(١٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة طهران (1)، القرآن الكريم (2)، الحج (1)، الشهادة (1)، السجود (2)، الموت (1)، الإقامة (1)، الزيارة (1)، الجماعة (1)
ألم يعلم الموفد، أم لعله لم يشأ أن يعلم، أن كثيرا من العلماء الأفذاذ والخطباء الغياري علي الاسلام، هم إما سجناء، أو مبعدون عن الأهل والوطن، لا لشئ إلا لقيامهم بالواجب الديني من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولوقوفهم ضد اليهود والحركات الصهيونية.
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: النهي عن المنكر (1)

وفد الرابطة … ماذا زار؟ وبمن التقي؟

* (وفد الرابطة..) * * (ماذا زار؟ وبمن التقي؟) *.. لم يلتق وفد الرابطة في طهران ومشهد الرضا وقم المقدسة بالعلماء المجاهدين الربانيين الذين كرسوا حياتهم وأفنوا عمرهم في سبيل الدفاع عن الاسلام وأحكامه، وهم قمم وأعلام في شتي العلوم والمسائل الاسلامية. نعم لم يلتق الوفد إلا بمن سمحت مديرية الأوقاف بزيارته ولقائه.. لم يزر الوفد، في قم المشرفة، الجامعة العلمية ومعاهدها التي تدرس فيها المعارف الاسلامية، والتي هي مقر الأساتذة الجهابذة، والعلماء والخطباء، والكتاب والمؤلفين، كالمدرسة الفيضية، ودار الشفاء، والحجتية وأمثالها، عند إلقاء المحاضرات العلمية، وإقامة الجمعة والجماعة، التي تشترك فيها المئات من حملة العلم والعلماء والزهاد والطلاب، وقد لا يكون لها نظير في العالم الاسلامي، كما لم يزر مئات المساجد في قم عند أوقات الصلاة، ليري بأم عينيه اهتمام الشعب الإيراني بإقامة الصلاة جماعة، كما لم يزر المدارس الدينية ببلدة قم المقدسة، كالمدرسة الصادقية، والجوادية، والرضوية، والمنتظرية،
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مشهد المقدسة (1)، مدينة طهران (1)، الإقامة (1)، الصّلاة (2)، الزيارة (1)
والعلوية، والكرمانية، والحجتية الكبري، ودار الفقاهة، ومدارس آية الله الكلبايكاني، وآية الله المرعشي.
.. لم يزر الوفد، المكتبات العامة الكبيرة، المليئة بنفائس الكتب المخطوطة والمطبوعة لعلماء الشيعة والسنة، كمكتبة الامام آية الله البروجردي ومكتبة آية الله المرعشي وغيرها، كما لم يزر الجامع الكبير الذي أسسه وبناه أخيرا الامام الراحل السيد البروجردي، تغمده الله برحمته، والذي يعد من أكبر المساجد، ومن أكبر مراكز العلم ونشر الثقافة الاسلامية، ويلقي فيه مراجع الشيعة محاضراتهم العلمية علي جمع غفير من الطلاب والعلماء، في الفقه والأصول. وهذا المسجد هو آية من آيات الفن، يعرب عن مدي اهتمام الشيعة بأمر المساجد، كما لم ير الوفد في قم من ثمانية آلاف طالب علم، إلا النفر القليل المشتغلين في بعض فروع الحوزة العلمية.
فلو كان قد زار المراكز التي أشرنا إليها، وجالس أصحاب السماحة العلماء للنقاش والبحث، حول المسائل الاسلامية واطلع علي آرائهم السديدة وحججهم البالغة وأدلتهم الدامغة، لما أخذ علي الإيرانيين والشيعة ما أخذ عليهم في رسالته، ولعدل عن تفكيره الباطل حول عقائد الشيعة، ولا سيما عقيدتهم في أهل البيت، عليهم السلام، ولعلم أن الشيعة، هم أشد المسلمين وأكثرهم سدادا في التوحيد ي وفي تعظيم معالم النبوة والرسالة.
ولم يكن حال الوفد في مشهد سيدنا الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام، الذي ملأت العلوم المروية عنه الخافقين، بأحسن منه في قم، بل كان أسوأ، فإنه لم يلتق في تلك الربوع المشرفة بالعلماء الذين قلما يوجد مثلهم، اللهم إلا ببعض منهم، بطريق رسمي، كما لم
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، كتاب الجامع الكبير للطبراني (1)، الحوزة العلمية (1)، الباطل، الإبطال (1)، الشهادة (1)، السجود (3)، الزيارة (1)
يساعده التوفيق للالتقاء بالعلماء المصلحين المجاهدين المقاومين للتيارات الالحادية والأنظمة غير الاسلامية.
فالالتقاء بأمثال هؤلاء التقاء يفيد الاسلام والمسلمين، وإلا فاللقاءات المذكورة في " إسمعي يا إيران "، تحت إشراف الحكومة والأوقاف والامن وأجهزة المخابرات، ليست غير مفيدة فحسب، بل هي مضرة تورث يأس الشباب الناهض المتطلع إلي الاصلاح المنشود عن طريق الرابطة والعلماء.
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)

هذا ما نتوقع

* (هذا ما نتوقع) * وهنا أغتنم الفرصة لأخاطب أعضاء الرابطة بأن المتوقع منكم أن تختاروا الزيارة أي بلد من بلاد المسلمين من يدرك مشاكلهم، ويتفهم واقعهم الذي يعيشونه في المجالات السياسية والاجتماعية والتربوية، ويتعرف بسرعة وحذق وإخلاص علي المكائد والاشراك المنصوبة للمسلمين بجميع مظاهرها الطائفية والمذهبية، والتي ترمي إلي القضاء علي الاسلام بكل مظاهره، وعلي الكيان الاسلامي والشعائر والالتزامات الدينية عند الجميع، دونما أي تفريق أو تمييز بين مذهب وآخر.
فالمفروض علي الوفود، النظر إلي أوضاع البلاد التي يزورونها من هذه الجهة، وبمثل هذه الرؤية، ومطالبة المسؤولين والحكام بتطبيق أحكام الاسلام، وكذلك الالتقاء بالعلماء المجاهدين المصلحين الذين وقفوا في وجه الأفكار الهدامة الكافرة، وأبوا أن يكونوا اجراء للحكومات العميلة، وذلك بدعمهم والتنسيق معهم ومع مواقفهم.
وعليها التمعن في الأوضاع التعليمية والتربوية ومناهجها التي تسير علي غير المنهج الاسلامي عند الجميع، وبرمجة كيفية مؤازرة جماهير
صفحه(١٨٣)
المسلمين التي قابلت بكل صمود ومسؤولية الدعايات الفارغة الفاسدة، بالدعوة إلي المناهج الاسلامية، وفي كيفية الوقوف إلي جانبهم لاعلاء كلمة الاسلام، وتجنب الدعايات التي لم تأت إلا بالشقاق والتفرقة والضعف، وملاحظة تدبر مستوي كل شعب في الأخلاق والآداب والحكومة والحرية.
كما عليها أن تدع الكلام في المسائل الفرعية الخلافية، وتترك كل طائفة واجتهادها، ولا تكثر الجدل والنقاش وتتجنب ظن السوء بالمسلمين وتسأل عن الاقتصاد والصناعة والتجارة وسائر مقدرات المسلمين، كيف وقعت في أيدي اليهود، وبراثن الفرقة العميلة الضالة المضلة البهائية؟ هل سأل الوفد عن أصحاب المصانع الكبيرة والمعامل المهمة والمتاجر العظيمة، أهم من الشيعة الذين يزورون المشاهد - علي حد تعبير الندوي - أم اليهود وغيرهم من الفرق غير الاسلامية؟
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الجدال (1)، الظنّ (1)

هل … وهل … وهل … ؟

* (هل.. وهل.. وهل..؟) * هل عرفتم " القانيان " اليهودي التاجر الذي استولي علي قسم كبير من تجارة هذه المنطقة؟ هل عرفتم " حبيب الثابت " اليهودي البهائي الذي يمتص دماء الشعب المسلم بمعامله الكثيرة؟ هل عرفتم مؤسس معامل " أرج " لتعرفوا المسلمين بهم ليقاطعوا بضائعهم؟ إذ أن في إمارات الخليج والكويت وبعض البلاد العربية الأخري تباع منتوجات اليهود والبهائية، ويصرف ريعها لصالح الكفر والاستعمار، وللقضاء علي اقتصاد المسلمين في المنطقة؟!
هل عرفتم - يا رئيس الوفد! - من هذه الأمور شيئا؟ هل قرأتم الصحف والمجلات؟ وهل اطلعتم علي القوانين السائدة في البلاد، التي اتفق فقهاء الفريقين (السنة والشيعة) علي بطلانها؟ هل تتبعتم ما يجري علي الشعب الإيراني المسلم العريق، وما تقوم به الدولة من إحياء آثار المجوس، وأيام كورش، وتعظيم العادات والآداب التي قضي الاسلام (الشيعي والسني) عليها؟! هل فهمتم شيئا عن التيارات الالحادية الهادفة إلي إضعاف الاسلام في إيران وسائر البلاد الاسلامية؟!
هل رأيتم التماثيل المنصوبة في الساحات والميادين كالأصنام،
(١٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)، التجارة (1)
يجبر الناس علي تعظيمها؟ هل رأيتم التشريفات المزيفة التقليدية التي يجرونها ويقومون بها لاحترام الرؤساء والزعماء؟ هل درستم وضع المعاهد التي اختلط فيها الفتيان والفتيات السافرات؟
هل بحثتم مع من التقيتم به في قم ومشهد من العلماء، حول هذه المسائل؟ هل زرتم المعامل وكذلك المعاهد المنسوبة إلي المعارف وما إلي ذلك؟
هل سألتم عن جهاز الدولة: - من الحاكم والأمير والوزير والقائد والنائب (أنهم يحضرون جماعات المسلمين وجمعهم، أو يقيمون الصلاة في أوقاتها؟ هل سألتم عن إقامة الجمعة أو الصلاة فرادي في الجيش؟ وانهم ليأمرونهم بترك الصلاة والافطار في شهر رمضان المبارك؟!
هل اجتمعتم في مدينتي قم ومشهد - وفيهما آلاف العلماء والخطباء - بمن تبحثون معه في هذه المسائل التي تعم البلاد الاسلامية؟
وهل، وهل،، وألف هل؟؟
إذا لم تعرفوا هذه المسائل، أو لم يسمح لكم بمعرفتها، فما فائدة هذه الرحلات والجولات؟!
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)، الشهادة (2)، الصّلاة (3)

نظرة العين الواحدة

* (نظرة العين الواحدة) * رأيتم زيارة الناس للمشاهد، ولم تروا المنكرات والمظاهر المخالفة لروح التوحيد الاسلامي. أليس من الشرك أن يختص أحد الناس أو جماعة منهم باسم البرلمان بحق التشريع ووضع القوانين؟ ذلك الحق الذي هو خاص بالله تعالي وحده، أليس الحكم كله لله؟ أليس من الشرك أن تصدر المراسيم والبيانات الرسمية باسم جلالة الملك أو سمو الأمير أو سيادة الرئيس، بدل تصديرها بالبسملة؟ أو تدشين البنايات والمعامل والمعاهد والمستشفيات وغيرها باسم هؤلاء المستكبرين تبركا بأسمائهم التي لا خير فيها، ولا بركة؟
ألم تسم النظام المسيطر علي الحرمين الشريفين والحجاز، أرض الحجاز والمملكة بالسعودية؟ والأرض كلها لله، والأسرة السعودية وأمراؤها ليسوا أربابا من دون الله تعالي، وليسوا أولي بهذه الأراضي المقدسة من غيرهم من سكانها. ولولا القبلة التي ولي الله الناس إليها، ونشأة الرسول الأكرم والأئمة، وروضة الرسول، وما في تلك الديار مما يدل علي أمجادنا الاسلامية، والبنايات الأثرية التي تشهد بصحة تاريخنا المضئ بالاخلاص والبطولات، لما قدست تلك الجزيرة، ولما أمها
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الزيارة (1)

يا أعضاء جمعية الرابطة، ووفدها!

المسلمون، ولما أتوها من كل فج عميق.
يا أعضاء جمعية الرابطة، ووفدها!
هذه المصائب لم تصب إيران وحدها، بل تعاني منها جميع البلاد الاسلامية، وأنتم غافلون أو متغافلون عنها، وتصبون اهتمامكم في المآخذ التي تورث الشحناء والبغضاء والضعف والتفرقة، لماذا لا تحملون هذه الخلافات علي المحامل الصحيحة وعلي اجتهاد من يقول به؟
ذروا المسلمين واجتهاداتهم في هذه الأمور، واتركوهم ومذاهبهم واجتهادهم في الكتاب والسنة، وكونوا علي يقين أن أحدا من المسلمين الذين يتلون سورة التوحيد في صلاتهم ويتلون آية " إنما إلهكم إله واحد " ويتلون آية " ولا يشرك بعبادة ربه أحدا "، ولا يعبد القبور، ولا يشرك أولياء الله تعالي في شؤونه، فالامر كله لله، وبيده ناصية كل شئ، لا يملكون لنفسهم نفعا ولا ضرا. ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، نعبده ونستعين به وندعوه ونبتهل إليه، وأنكروا عليهم ما اتفق الكل علي خطره وتحريمه، وكونوا أشداء علي الكفار رحماء بينكم.
فكروا فيما يهم المسلمين، وفي الأمور التي تورث التودد وتوحيد الكلمة، وتوثق عري الاخوة الاسلامية، ولا تشغلوا أنفسكم وأوقاتكم بمباحث أكل عليها الدهر وشرب، وأدي التعصب فيها إلي فتن كبيرة وإلي إتلاف النفوس. فقد جرب المسلمون أضرار أمثال هذا الجدل والنقاش وأخطارها، وعرفوها، فاعرفوها أنتم واعتبروا بها، ولنذكر نموذجا منها، تلك الفتنة التي وقعت بين الحنابلة والشافعية، وكان السبب في إثارتها، أسلافكم الحنابلة وأصحاب أبي محمد البربهاري، كما يحدثنا ابن الأثير بما نصه:
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)، المذهب الحنبلي (2)، إبن الأثير (1)، القبر (1)، الأكل (1)، الغفلة (1)
" فخرج توقيع الراضي بما يقرأ علي الحنابلة ينكر عليهم فعلهم، ويوبخهم باعتقاد التشبيه وغيره، فمنه تارة أنكم تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة علي مثال رب العالمين، وهيئتكم الرذلة علي هيئته، وتذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين المذهبين والشعر القطط والصعود إلي السماء والنزول إلي الدنيا، تبارك الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. ثم طعنكم علي خيار الأئمة، ونسبتكم شيعة آل محمد - صلي الله عليه وسلم - إلي الكفر والضلال، ثم استدعاؤكم المسلمين إلي الدين بالبدع الظاهرة والمذاهب الفاجرة التي لا يشهد بها القرآن، وإنكاركم زيارة قبور الأئمة، وتشنيعكم علي زوارها بالابتداع، وأنتم مع ذلك تجتمعون علي زيارة قبر رجل من العوام ليس بذي شرف ولا نسب ولا سبب برسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - وتأمرون بزيارته وتدعون له معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، فلعن الله شيطانا زين لكم هذه المنكرات، وما أغواه " 9.
والنموذج الجديد، أفاعيل الوهابية، والفتن التي أثارتها إنكلترا في الحرمين الشريفين بيد عملائها من آل سعود في الاسلام فيها بخسارات كبيرة عظيمة، لعلك لم تجد مثيلها في تاريخ الاسلام. وبعد إنكلترا جاء دور أمريكا والصهاينة في التلاعب بالنظام السعودي، فجعلته تحت رعايتها وحصانتها، فذهب بثروات المسلمين الاقتصادية والمادية والمعنوية.
اجتمعوا وكونوا صفا واحدا، وإسما علي مسمي، رابطة بين المسلمين والعلماء الصالحين المصلحين وأصحاب الغيرة علي النواميس الاسلامية، لا مع الحكومات وعملائها، فان أكثرهم - كما تعلمون -
(9) الكامل لابن الأثير، الجزء 8، الصفحة 308.
(١٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، زيارة القبور (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المذهب الحنبلي (1)، التاريخ الإسلامي (1)، الدولة السعودية (آل سعود) (1)، القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، الإختيار، الخيار (1)، كتاب الكامل لإبن الأثير (1)
يهابون الوحدة الاسلامية ويخشونها، إيمانا منهم بأن وحدة الأمة الاسلامية تزيل سلطانهم وتزعزع أركان حكوماتهم، وتدك صروحهم، فتري بعض الحكومات في المجتمعات السنة، تحارب فكرة الوحدة السياسية والحكومية، ولا تسمح لاحد أن يعمل لها، أو يدعو إليها.
فكروا كيف ينبغي أن تعملوا لإعادة مجد الاسلام، وإعادة سلطان أحكام الله في الدول الاسلامية وفي مجتمعاتها، وكيف ينبغي أن نعمل لتحقيق الوحدة الاسلامية.. لا تبادروا إلي نشر مقالات ورسائل مثل " إسمعي يا إيران " و " الخطوط العريضة " 10، ولا تعاتبوا محبي أهل البيت - عليهم السلام - من الشيعة والسنة، ومن يأخذ بمذهبهم في الأصول والفروع، ويري أئمتهم أعدال الكتاب بمقتضي " حديث الثقلين " المسلم به بين الفريقين، وأحاديث كثيرة أخري، ولا تتهموهم بالغلو فيهم، ولا تقولوا ان الشيعة جعلت الإمامة - العياذ بالله - مشاركة للنبوة فإن الشيعة بريئون من هذه التهم، وبعيدون عما تقذفونهم به، وليس حبهم لأهل البيت - عليهم السلام - إلا مظهر من مظاهر حبهم واحترامهم للنبي الأعظم - صلي الله عليه وآله -، فإنه - صلي الله عليه وآله وسلم - أمر بحبهم ورغب فيه ترغيبات أكيدة، تشهد بذلك روايات متواترة، أخرجها الحفاظ وأرباب الجوامع والصحاح والمسانيد في كتبهم، ولا يلوم الشيعة علي ذلك إلا من في قلبه مرض أو نفاق!..
الشيعي متأثر بحب علي وفاطمة والحسنين وسائر الأئمة - عليهم السلام -، لان النبي - صلي الله عليه وآله - كان يحبهم ويأمر بحبهم، وكانوا أحب الناس إليه وأعزهم عليه.
(١٠) اقرأ ما كتبنا حول هذه الرسالة " مع الخطيب في خطوطه العريضة "،
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة ايران (1)
هم العروة الوثقي لمعتصم بها * مناقبهم جاءت بوحي وإنزال مناقب في شوري وسورة هل أتي * وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي وهم آل بيت المصطفي وودادهم * علي الناس مفروض بحكم وإسجال فماذا تنقمون من الشيعة في ذلك، ولماذا تأخذون عليهم ما هو من علائم الايمان وطهارة المولد؟
(١٩١)
صفحهمفاتيح البحث: طيب (طهارة) المولد (1)، سورة الأحزاب (1)

هذا رأينا

* (هذا رأينا..) * وأما ما رأيتم في مسجد سبهسالار وغيره من الصور، فقد مر الجواب عنه، وقد أفتي علماء الشيعة ببدعة هذه الصور وتركها، كما أفتوا بكراهة الصلاة في مكان فيه صورة. وإني لم أزر إلي الآن مسجد سبهسالار، ولكن لم أر في غيره من المساجد الكثيرة في طهران وقم وإصفهان ومشهد وغيرها من المدن، أية صورة!..
وأما ما اقترحتم علي الجعفريين من وجوب تغيير نظرتهم إلي بعض صحابة الرسول - صلي الله عليه وآله - وبعض أزواجه أمهات المؤمنين، إذا أرادوا التقريب، فإن أردتم بذلك أن يترك الشيعي إجتهاده، فأنتم تعلمون أن ترك مؤدي الاجتهاد والاعتقاد بخلافه غير جائز، ولا ينبغي لمجتهد أن يطلب من غيره، ترك ما أدي إليه اجتهاده وأما التقريب فليس معناه ترك السني أو الشيعي لمذهبه، بل معناه أن يؤاخذ كل واحد منهم الآخر بما لا يتنافي مع الاسلام في شئ، ويأخذ كل منهما، في مقام التجاوب والتفاهم، بالأصول الاسلامية، الجامعة المشتركة بين الجميع، وألا يدخلوا في الدين ما ليس
(١٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، مدينة إصفهان (1)، مدينة طهران (1)، الشهادة (1)، السجود (2)، الصّلاة (1)، الوجوب (1)، الشراكة، المشاركة (1)
منه من تأييد الحكومات غير الشرعية ونحوه، فإن عقيدة الشيعة لا تتجاوز في ذلك عقيدة بنت الرسول سيدة نساء العالمين، وسلمان وأبي ذر والمقداد وحذيفة وعمار ونظائرهم. فالواجب علي الشيعة وغيرهم أن يتبعوا في تلك المسائل اجتهادهم الحر في الكتاب والسنة والتاريخ الصحيح، إذا لا يجوز السير علي خلاف الاجتهاد إذا أدي إلي غلط فلان و خيانة فلان.
فان كان في الكتاب والسنة وتاريخ الاسلام، أدلة كثيرة قوية علي عدم عدالة بعض الصحابة، وعدم مبالاتهم بمصالح الاسلام والمسلمين وأفاعيلهم الموبقة كمعاوية وبسر بن أرطاة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم، من الذين كان يعتقد عمار بن ياسر أن دماءهم جميعا أحل من دم عصفور، فلا ينبغي مطالبة المجتهدين في إيمان هؤلاء وعدالتهم بترك هذه الأدلة.
وإذا لا يمكن تخليص الكتاب والسنة وتاريخ عصر الدولة والخلفاء وبني أمية وبني العباس من هذه الأدلة، ولا يمكن تخليص التاريخ من مثل حرب الجمل وصفين، فإنه لا يجوز عتاب من يجتهد في ذلك، ولا يجوز منع المسلمين من مطالعة التاريخ والنظر في تلكم الأدلة، كما لا يجوز سد باب التقريب بمطالبة ذلك، فان جميع الشيعة لو اتفقوا - العياذ بالله - حتي مع النواصب، فالكتاب والسنة وتاريخ الاسلام وتراثنا الاسلامي العلمي، يأتي بغيرهم شيعة لأهل البيت - عليهم السلام - من جديد، لان ذلك أمر طبيعي للبحث ومطالعة الكتاب والسنة والتاريخ.
نعم لا بأس أن يطلب أحد المذاهب من الآخر، تجديد النظر في أدلته، فالواجب علي الفريقين أن لا يجعلوا هذه المسائل سببا للعداوة
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: عقائد الشيعة الإمامية (1)، مروان بن الحكم (1)، بنو عباس (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، التاريخ الإسلامي (1)، المغيرة بن شعبة (1)، الوليد بن عقبة (1)، بنو أمية (1)، عمار بن ياسر (1)، عمرو بن العاص (1)، المنع (1)، الحرب (1)، الجواز (4)
والبغضاء، ولا يكفر بعضهم بعضا، ولا سيما في هذا العصر الذي أصبحت فيه نتيجة هذه المباحث، رأيا مجردا وعقيدة محضة لمن اعتقد.
وليس هناك أي مانع من وقوف الشيعة والسنة صفا واحدا، ما لم يتركوا التمسك بالكتاب والسنة، وتركوا اللجاج والعناد والعصبية العمياء.
فمن لم ير الخير والفضل والعدل في بعض الصحابة أو في معتقدهم، بل ولم يعرف ذلك الصحابي ولم يسمع باسمه، لا يكون مسؤولا عن ذلك، ولا يضر بإسلامه، ولا يؤاخذه الله تعالي به، لأنه لم يكلف عباده بمعرفة الصحابة والايمان بهم وبعدالتهم، ولم يجعل ذلك ركنا من أركان دينه، أو حكما من أحكام شريعته.
إذا فالسبب في التنافر والتباعد والتباغض، هو غلو بعض الجامدين والجاهلين في هذه المسائل، والاشتغال بها جهلا أو غفلة أو عمدا. أعاذنا الله من الجهل والغفلة.
وكذلك في أزواج النبي - صلي الله عليه وآله -، فإنهن - ولا شك - تشرفن بما لم تتشرف به غيرهن من النساء، وان لبعضهن مكانة مرموقة في العبادة والخير وكثرة الصدقة والفهم والحكمة، ومنهن من أطاعت أمر " وقرن في بيوتكن ". فلم يغادرن البيت حتي أن جميعهن حججن، غير سودة وزينب بنت جحش، فإنهما قالتا لا تحركنا دابة بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله -، لان رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - حج بنسائه عام حجة الوداع، ثم قال هذه الحجة، ثم ظهور الحصر، وهذه منقبة وفضيلة كبيرة لأمهات المؤمنين لا تضاهيها أية منقبة، فهنيئا لهن بتلك الكرامة حيث لم يدخلن أنفسهن في الفتن والحروب الدامية التي حدثت بعد النبي - صلي الله عليه وآله -،
(١٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حجة الوداع (1)، زينب بنت جحش (1)، الجهل (2)، الكرم، الكرامة (1)، الحج (1)، التصدّق (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
وحفظن الرسول في أمته.
نعم استنكر الشيعة وغيرهم، ما صدر عن بعض أمهات المؤمنين في الفتن التي أدت إلي قتل عثمان، والفتن التي أسفرت عن قتل جماعة من الصحابة من المهاجرين والأنصار، وفتحت علي المسلمين أبواب الفتن وويلات المحن، وأدت إلي حكومة جبابرة بني أمية، وإمارة أمثال الحجاج وبسر ومسلم بن عقبة وأضرابهم.
فمن تصفح التاريخ، استنكر ذلك ورأي ما صدر منها من عظيم المصائب التي حلت بالمسلمين، سواء حمل علي الاجتهاد، أو علي اتباع الهوي، وبغضها للإمام علي بن أبي طالب - عليه السلام - الذي قال له النبي - صلي الله عليه وآله -: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ". فالخسارة التي أصابت الاسلام والمسلمين بخروجها علي ولي الأمر، ومخالفتها له، وبغضها إياه، لم تجبر إلي الآن.. ولا عتب علي من يقرأ كتب الحديث والتاريخ، ويحلل الأمور، ولا يتمالك من الحكم عليها، حتي أن أهل بيتها وخاصتها كانوا يعيبون عليها خروجها وما أدخل عليهم يوم الجمل من العار، وقد روي أنها ركبت بغلة، وخرجت تصلح بين غلمان لها ولابن عباس، فأدركها ابن أبي عتيق وقال: يعتق ما تملك إن لم ترجعي. فقالت: ما حملك علي هذا؟ قال:
ما انقضي عنا يوم الجمل حتي يأتينا يوم البغلة 11.
ولا يمكن منع الباحثين، خاصة الشباب، الذين يتطلعون إلي حرية التفكير والبحث والتنقيب، بعدما سجل التاريخ ما لا نحب مما يمس كرامة أم المؤمنين عائشة، كما لا يمكن منع انتهاء البحث إلي الحكم عليها. فالاعتراف بخطأها أولي من الاصرار علي تبرئتها، رغم المصادر
(11) تهذيب التهذيب الجزء 6، الصفحة 11.
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، المهاجرون والأنصار (1)، مسلم بن عقبة المري (1)، بنو أمية (1)، القتل (2)، المنع (2)
الوثيقة التاريخية، والأحاديث النبوية، فمتابعة الدليل والبرهان، والقول بالحق، أولي من القول بلا دليل، والمكابرة في الأمور الجلية، فالجيل المعاصر يرد كل قول لا يدعمه دليل، ولا يقبل إلا ما أدي إليه أعمال الفكر الحر 12.
وتبرئة أم المؤمنين من أوزار حرب الجمل، ليست من العقائد الاسلامية، حتي يطلب ممن لا يراها الاعتقاد بها.
وليت شعري إن كان الفريقان في حرب الجمل وصفين مجتهدين فمن الباغي منهما؟ أم كيف يجوز الاجتهاد قبال الإمام علي - عليه السلام - الذي قال فيه رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -: " علي مع الحق، والحق مع علي، ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض يوم القيامة "، " علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتي يردا علي الحوض "، وهل الاجتهاد الممنوع في مقابل النص، سوي هذا؟
ففي مسأله كهذه - التي هي من القضايا التي قياساتها معها ومع هذه الوثائق التاريخية، لا يليق بمسلم أن يطلب من غيره الحكم لطرف معين، ويسير في بحثه وتنقيبه سيرا ينتهي به إلي نتيجة معينة قبل البحث، بل يجب أن يطلب من الباحثين، ترك العصبية، وتشجيعهم علي حرية التفكير.
والغرض من ذلك كله، أن اختلاف الآراء في مثل هذه المسائل، لا يمنع من التقريب واتحاد المسلمين، ولا يمكن حسم هذه الاختلافات ما دام التاريخ في معرض المطالعة والبحث. فكل من يراجع التاريخ، خاصة في العصر الحاضر، ولم يقنع بتبرئة أم المؤمنين
(12) راجع في ذلك ما كتبناه في " صوت الحق ودعوة الصدق ".
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، القرآن الكريم (2)، المنع (2)، الأكل (1)، الحرب (2)، الجواز (1)، العصر (بعد الظهر) (1)، الصدق (1)
عائشة ومعاوية وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم وأضرابهم، بعذر اجتهادهم، لا ينبغي تحميل رأي آخر عليه، ولا ينبغي عتابه علي رأي أدي إليه اجتهاده، ولا يجوز هجرانه وترك موالاته. فمن يري تصويب كل اجتهاد، أو يري حمل فعل المسلمين علي الاجتهاد، ويري مرتكبي إراقة الدماء المحترمة، وهتك الاعراض، ونهب الأموال في صدر الاسلام، مجتهدين معذورين، يجب عليه أن يري من نظر في التاريخ، وظهرت له خيانة زيد أو خطأ عمرو، مجتهدا معذورا، بل هذا أولي بالعذر ممن سبقه.
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: مروان بن الحكم (1)، عمرو بن العاص (1)، الجواز (1)

مقياس صدق الدعوة

* (مقياس صدق الدعوة) * وأما ما تمسك به في صفحة 35، من أن الناس قد اعتادوا أن يقيسوا صدق الدعوة بكثرة ما أبرزته هذه الدعوة من نماذج رائعة، وسوء النظر إلي الصحابة يضعف تأثير الدعوة وقيمة هذه التعاليم، ويضعف الايمان بمربيهم وقائدهم، فهذا كلام خطابي شعري، ليست له أية قيمة علمية، وإلا فيدعي ذلك بالنسبة إلي الله تعالي - العياذ بالله - ويستدل علي ضعف هدايته وتعاليمه، بقلة من اهتدي بهداه، وعلي قوة إغواء إبليس، بكثرة الكفار وأهل المعاصي، ويستدل لقوة تعاليم بوذا بكثرة مؤيديه.
علي أن دعوة الرسول - صلي الله عليه وآله - وتربيته، أثرت في جميع الصحابة حتي المنافقين منهم، فغير تفكيرهم ومسير حياتهم، فعرفوا للانسان حقوقا لم يكونوا يعرفونها، لولا هداية الله تعالي وتعليم رسوله، وقدمت في مجالات مختلفة رجالا وأبطالا، وإذا قسنا نجاح دعوة الاسلام بنجاح الدعوات الأخري، رأينا الاسلام أكثر نجاحا من الجميع. فالاسلام، وإن لم ينجح بعد في جميع أهدافه ومطالبه وأغراضه، لكنه قدم للبشرية مثالا رائعا ونموذجا حيا من الرجال الكمل، أمثال
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، التصديق (2)، النفاق (1)
أبي ذر وسلمان والمقداد وعمار وسعد بن معاذ وخزيمة بن ثابت وابن التيهان وخباب بن الأرت وحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي و غيرهم، وبهؤلاء الرجال والآلاف من الجهابذة والابطال ورجال التضحية والاباء والمثل الانسانية العليا، الذين أنجبهم الاسلام، خلال أربعة عشر قرنا، تعرف قيمة تربية الاسلام وأهدافه ومقاصده.
ولا يعاب علي الاسلام أو الدعوة إن ظهر فيها أشقي البرية كابن ملجم المرادي ويزيد ومسلم بن عقبة والحجاج، بل يجب أن نعرف الأسباب التي دعت للقيام في وجه هذه الدعوة، ومسخها حتي آل أمر الأمة إلي حكومة هؤلاء.
فلا ينبغي لنا تبرئة الخاطئين والخائنين رغم المصادر الوثيقة، ورغم ما نعرف عنهم من الخطأ والخيانة، من أجل أن لا يسئ أحد ظنه، خاصة إذا كان يجهل الأمور، ولا يعلم المقاييس الصحيحة، فإن الاسلام أعلي وأقوي برهانا من أن يمس كرامته هذا الزعم الفاسد.
وهذا المنطق يؤدي بنا، إذا ما أحسنا الظن واعتبرنا ما فعله بعض السلف والصحابة، حسنا وسليما وشرعيا، إلي اتهام الاسلام و تعاليمه، بأن هذه التعاليم وهذه المناهج لا تهدي - والعياذ بالله - إلي الرشاد والعدل والمساواة، والمواساة وإلي الصلاح والاصلاح.
والحق هو إسناد كل فعل حسن، صدر منهم إلي الاسلام و تربيته، وإلي هدي القرآن، وإسناد أفعالهم المخالفة لهدي القرآن وغير اللائقة بشأنهم، إلي أنفسهم.
فمثلا وقعة الحرة وأضرابها من الوقائع الكثيرة، التي وقعت أيام خلفاء بني أمية وبني العباس والتي سودت وجه التاريخ، ليست من آثار دعوة الاسلام، ولا علاقة لها - بعيدة أو قريبة - بالاسلام والتربية
(١٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: بنو عباس (1)، مسلم بن عقبة المري (1)، ابن ملجم المرادي لعنه الله (1)، حجر بن عدي الكندي (1)، خباب بن الأرت (1)، خزيمة بن ثابت (1)، بنو أمية (1)، عمرو بن الحمق (1)، سعد بن معاذ (1)، القرآن الكريم (2)، الظنّ (1)، الجهل (1)
الاسلامية، إلا علاقة التباين والتضاد، وهي بعيدة عنه بعد المشرقين.
وتبرئة الذين لم ينس التاريخ خياناتهم وخطيئاتهم، مردودة ومرفوضة عند الباحثين المنصفين.
فليس ما ذكرتم عذرا لتحسين الاعتقاد بهم وتصويب أخطائهم. وقد سبق هذا الكلام من الشيخ نظام الدين عبد الملك المراغي، أفضل علماء الشافعية في عصره، عند مناظرته للعلامة الحلي في المذهب، وقد أفحم آنذاك بالأدلة الساطعة، والبراهين القاطعة التي أقامها العلامة - رضوان الله عليه - بحيث ألم يبق للحاضرين شبهة، وبهت الشيخ وخجل، وأخذ في الثناء علي العلامة، وذكر محامده وقال:
قوة أدلة هذا الشيخ في غاية الظهور، إلا أن السلف منا سلكوا طريقا، والخلف، لالجام العوام ورفع شق عصا أهل الاسلام، سكتوا عن زلل أقدامهم، فبالحري أن لا تهتك أسرارهم..
والاخذ بهذه النصيحة إنما يفيد لو لم يسجل التاريخ، ولم تدون كتب الحديث والجوامع والمسانيد والصحاح ما صدر عن بعض الصحابة، ولم يكن صدر من النبي الأكرم - صلي الله عليه وآله وسلم - من أقوال في أهل بيته ومناقبهم وفضائلهم.
أما بعد ذلك وبعد مثل أحاديث الثقلين والروايات المتواترة كرواية " الأئمة اثنا عشر " وغيرها، وما حفظ التاريخ من الاحداث والفتن، رغم كونه تحت رقابة السياسة، فإن طلب السكوت وترك البحث والتنقيب، غير ممكنين ولا مجديين.
(٢٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، العلامة الحلي (1)، النسيان (1)

قبر هارون الرشيد

* (قبر هارون الرشيد) * قال رئيس الوفد في الصفحة 15: ولم نعرف أثرا لضريح الخليفة هارون الرشيد الذي دوي اسمه في الآفاق، ونال من الشهرة حظا لم ينله ملك من ملوك المسلمين أو ملوك الشرق، والذي قال لقطعة سحاب مرت علي رأسه: إمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك.
فإذا كان الأستاذ الندوي يريد من هذا تنبيه القراء بأن الدهر هكذا يفعل بالملوك وأهل الدنيا الجبابرة، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين، ولا تعرف قبورهم، وإن عرفت، فالناس يعرضون عنها ولا يسألون عنها، ولا يعتنون بها كاعتنائهم بآثار أولياء الله ورجال الدين والخير، فلا ريب أن ما ذكر إنما هو من العبر، وما أكثر العبر وأقل الاعتبار، وقد عزف عن قبر هارون والترحم عليه حتي أهل السنة، فلم يقصده أحد تقربا إلي الله تعالي، أو تقديرا لشخصيته في حين أن أكابر العلماء من أهل السنة، كانوا ولا يزالون يزورون مرقد علي بن موسي الرضا - عليه السلام - في البقعة الهارونية، ويقدسون قبره، ويروون عنه الكرامات، كما يزورون قبر والده الإمام موسي بن جعفر الكاظم - عليه السلام - في الكاظمية (بغداد)، الذي أخذه هارون ظلما،
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، مدينة الكاظمين (1)، يوم عرفة (1)، هارون الرشيد (2)، مدينة بغداد (1)، موسي بن جعفر (1)، القبر (5)، البكاء (1)، الكرم، الكرامة (1)
وحبسه، ثم أمر السندي بن شاهك بقتله وإن أراد بحديثه هذا، إبداء الأسف علي عدم معرفة قبر هارون، وكان يود أن يكون له ضريح كضريح الإمام الرضا - عليه السلام - ويحترمه المسلمون كاحترامهم للامام، فهذا أمر لا يتوقعه إلا من لم تكن له بصيرة بفلسفة الاجتماع وآثار مواقف الرجال، فموقف الإمام الرضا و سائر أئمة أهل البيت - عليهم السلام - موقف يجذب العواطف، وينفذ إلي أعماق القلوب، ويحبب صاحبه إلي كل قريب وبعيد، بينما موقف أعدائهم وظالميهم موقف يجعل صاحبه معرضا للطعن، وتنفر منه القلوب، وتشمئز منه النفوس، ويبغض صاحبه إلي كل قريب وبعيد.
وإن من أقوي الأدلة علي حرية التفكير الاسلامي واستقرار روح العدل والمساواة، والنفور من الدكتاتورية والظلم عند المسلمين، عدم اعتنائهم بآثار الجبابرة، واعتناءهم بآثار أهل البيت - عليهم السلام - والصحابة والعلماء والمصلحين المشهورين بالغيرة علي الاسلام والجهاد ضد استبداد المستبدين.
وإني - وقد ساقنا الحديث إلي هنا - أري أنه من الضرورة بمكان أن نعلن، كمسلمين واعين، عدم شرعية حكومة هؤلاء المستكبرين أو أولئك الذين ملكوا المسلمين، وأحيو سنن الملوكية بكل ما فيها من التواء وانحراف عن خط الرسالة وصفاء التعاليم السماوية المباركة، وسموا أنفسهم خلفاء، ويشهد التاريخ (كالكامل وغيره) علي سيرتهم غير المرضية، وإن منهاج الشريعة وبرامج الاسلام لا يمكن أن تنجب حكومات كهذه الحكومات، أو تعترف بها وبشرعيتها، كما لا يمكن أن تنجب من يعترف بشرعيتها ويدافع عنها.
فالاسلام والمسلم لا يفخر بهؤلاء، بل يفخر بمبادئه السامية
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، السندي بن شاهك (1)، القبر (1)، البغض (1)
البناءة، ومثله العليا، وقيمه الرفيعة، ورجاله المؤمنين، الذين أدركوا حقيقة رسالة الاسلام، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
فما هي صلة ملوك بني أمية وبني العباس في سيرتهم وسلوكهم الحكومي والسياسي والمالي بالاسلام؟ وما عذرنا عند الباحثين في مبادئ الاسلام وتاريخه إن اعتبرنا حكومة هؤلاء شرعية، واعتبرناهم مثلا لسياسة الحكم والإدارة واحترام حقوق الانسان ومبدأ المساواة و المواساة الانسانية في الاسلام، ومظهرا بارزا من مظاهر التربية الاسلامية؟
فما يريد من قبر هارون والمأمون والأمين والمتوكل والوليد ومعاوية ويزيد و عبد الملك وأمثالهم، من لم يكن في قلبه مرض وهوي نفسه مع الحكام الجبابرة، والذين استكبروا في الأرض وعتو عتوا كبيرا.
والمناهج التربوية الاسلامية أسمي وأنزه من أن تؤيد حكاما وقادة، يستضعفون الناس، ويتجاهرون بالفسق من الخمر والميسر، والظلم بمصادرة أموال الناس وقتل النفوس البريئة، ولم يكن هؤلاء أحسن سيرة ممن يتولون اليوم أمور المسلمين باسم الملك أو الأمير أو القائد. فهل تسمح يا أخي أن تسند سيرهم التي يعلن عنها في الإذاعات، وعلي شاشات التلفاز والصحف والمجلات، وسائر وسائل الاعلام، إلي الاسلام، وتقول إن الاسلام ونظامه التربوي، يرتضي حاكما يرقص مع النساء الأجنبيات في النوادي والحفلات والمجالس الرسمية، ويأتي بالمغنيات والراقصات المحسوبات علي المسلمات في مجالس ضيافته للكفار، ولا يحترم السنن الاسلامية، ويسمح باختلاط الرجال الأجانب بالنساء الأجنبيات، ولا يتجنب الآداب الغربية في ضيافاتها واستقبالاتها الرسمية، ويشوق النساء بترك الآداب
(٢٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: بنو عباس (1)، بنو أمية (1)، القبر (1)، القتل (1)، المرض (1)
الاسلامية ويهتك العفاف.
اعرف أيها المثقف مناهج الاسلام التربوية، وأهدافه في الحكم والإدارة، وتأمل في آيات القرآن الكريم والسنة والنبوية الشريفة وسيرة الأئمة الهداة المهديين، وأعرض سيرة هارون وغيره من رؤساء الاستكبار والاستعلاء علي كتاب الله تعالي، سيما علي مثل هذه الآية الكريمة: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " (القصص / 83).
حتي تعرف أن الاسلام وبرامجه وتعاليمه، لا ينجب حكاما مثل هؤلاء المستكبرين الذين أحيوا سنن الأكاسرة والقياصرة الجبارين، وتركوا سنن الأنبياء والمرسلين.
(٢٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)

هذا ما ينبغي

* (هذا ما ينبغي) * ما ينبغي لوفد الرابطة القيام به:
1) حث الشباب وخريجي المعاهد والكليات، علي التمسك بالمبادئ الاسلامية، والتحلي بالأخلاق الكريمة، والدعوة إلي الاسلام ونظامه.
2) زيارة المعاهد العلمية والجامعات وكليات العلوم الحديثة، والقاء المحاضرات علي طلابها، وتشجيعهم علي حفظ الاستقلال الاسلامي، والحفاظ علي آدابه، ونبذ ما سواه، ودعوتهم إلي الجد وبذل الجهد في طلب العلم، وتعلم الصناعات التي سيطر الغرب بها علي الشرق.
3) الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومطالبة الحكومات برفض الشعائر الكافرة، وعدم تقوية الفرق والأقليات الملحدة التي اختلقها الاستعمار حديثا لمقاصده والقضاء علي الاسلام، وعدم حمايتهم، كالقاديانية والبهائية وغيرها، التي يؤيدها الاستعمار لنواياه الشريرة، كالصهاينة والصليبية والمجوس، الذين تحيا آثارهم باسم " الفلكلور "، تقوية لقوميات مختلفة متشتتة، في عقر دار الأمة الاسلامية.
4) مطالبة الحكومات بنقض حكم السفور، وفرض الحجاب علي الفتيات في المدارس والمعاهد والكليات، وفصل كل من الجنسين
(٢٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الزيارة (1)
عن الآخر بمدارس خاصة، فإن المدارس المختلطة تبعد الطلاب والطالبات عن السنن الاسلامية وتميت فيهم روح الغيرة الاسلامية، وتظهرهم بمظهر الميوعة، وتذهب بكرم الأخلاق، وتأتي بالفحشاء والمنكر وفساد الأخلاق والدعارة والاستهتار.
5) تشجيع طلاب العلوم الاسلامية والمدارس الدينية من الشيعة والسنة، وحفزهم علي أداء واجبهم الديني في شرق الأرض وغربها، وتوحيد الكلمة وإعلاء كلمة التوحيد، ورفض النعرات الطائفية وترك المذاهب وشؤونها.
6) إطلاعهم علي مدي الخطر اليهودي والتبشير المسيحي والشيوعية بشتي مظاهرها علي الاسلام والمسلمين ومقدراتهم.
7) مناشدة المسلمين في العالم لتوحيد كلمتهم واسترداد حقوقهم المغتصبة، لأجل مستقبل اسلامي أفضل.
إلي غير ذلك.
تبصرة:
إنما لم نناقش ما أشار إليه من الرأي حول المسائل الفرعية والآراء الطائفية، لأنا لا نحب إجابة من يكرر هذه المناقشات لدواع معلومة سيما إذا لم يأت بجديد.
فعلي الباحث في هذه، مراجعة كتب أعلام المسلمين كالعلامة السيد محسن الأمين، والعلامة كاشف الغطاء، والعلامة شرف الدين، والعلامة السبكي الشافعي، والشيخ يوسف النبهاني وغيرهم من فحول العلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرر سنة 1395 هجرية قم المقدسة:
لطف الله الصافي
(٢٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة الشيخ كاشف الغطاء (1)

جلاء البصر

* (جلاء البصر) *
صفحه(٢٠٧)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * يتناول كتاب " جلاء البصر لمن يتولي الأئمة الاثني عشر " عددا من الروايات التي توهم أن عدد الأئمة - عليهم السلام - ثلاثة عشر إماما. وكان هذا الموضوع قد ورد ضمن أسئلة وجهت إلي آية الله العظمي الگلپايگاني - دام ظله - فأوكل سماحته حل هذا المعضل إلي كاتب هذه المقالة.
وقد جاءت المقالة في أربعة أقسام:
القسم الأول يتناول الاخبار التي توهم عدم موافقتها لتلك الأخبار الصحيحة والجمع عليها.
القسم الثاني حول أسنادها.
القسم الثالث حول نصوصها.
القسم الرابع حول ما يصح أن يقال في تأويلها والجمع بينها وبين غيرها من أحاديثنا المتواترة الموافقة لما استقر عليه مذهب أهل البيت - عليهم السلام - وشيعتهم الطائفة المحقة الاثني عشرية. " من نص الكتاب ".
بعد أن يقوم المؤلف بايراد توضيح علمي وفني حول أسناد تلك الروايات ونصوصها ودلالاتها، يستنتج أنها حتي
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)
وإن كانت واضحة وصريحة، فإنها ساقطة من الاعتبار إذ تدحضها أحاديث متواترة تروي عن طرق الشيعة والسنة تؤكد أن عدد الأئمة الأطهار اثني عشر إماما.
وبالإضافة إلي ذلك فان كتاب " جلاء البصر " يدحض كل هذه الاحتمالات والتوهمات، ويثبت انه حتي الروايات التي توهم ان ظاهرها علي كون الأئمة الأطهار ثلاثة عشر إماما، فإنها عند إعادة نظرة أدق تدل علي أن الأئمة اثنا عشر - عليهم السلام - لا أكثر.
قسم الدراسات الاسلامية
صفحه(٢١٠)

مقدمة

* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيد الأولين والآخرين أبي القاسم محمد المصطفي وآله الطاهرين حجج الله علي الخلق أجمعين.) * يرد في كل يوم من شتي أقطار العالم الاسلامي، علي بعض فقهاء العصر ومراجع الشيعة، ممن لا يرتضي التصريح باسمه الشريف عشرات من المسائل والاستفتاءات حول المعارف الاسلامية، والمفاهيم الدينية، والفروع الشرعية العملية وغيرها، بل قد تنوف في بعض الأيام علي المئة فيتصدي - مد ظله - للإجابة عليها مع ما هو عليه من الأعمال المرهفة المتعلقة بالحوزات العلمية، والجامعات الدينية - وبخاصة جامعة قم الاسلامية الكبري - من إدارة شؤونها، والقيام فيها بمهام التدريس العالي، والقاء المحاضرات العلمية يوميا علي مجموعة كبيرة من فضلاء الحوزة، الذين يحضرون مجلس بحثه للاستفادة من علمه الغزير وتحقيقاته القيمة، ذلك بالإضافة إلي نشاطه في خدمة العلم والدين، عن طريق تأسيس المشاريع العلمية، والدينية، كالمدارس والمساجد والمكتبات العامة، وتشجيع القائمين بأمثال هذه المشاريع ماديا ومعنويا.
يضاف إلي كل ما تقدم، تصديه لارسال المبلغين إلي شتي الأنحاء من المدن والقري، وانشاء مستشفي ضخم مجهز. هذا بعض ما يقوم
(٢١١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الطهارة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
به ذلك الرجل الكبير الرائد الذي لا يحب ان يذكر اسمه الشريف حياءا واستخفاءا، ولأنه يستقل ذلك كله في جنب الله تعالي، أطال الله بقاءه، فقد أصبح بنعمة الله تعالي، علما هاديا ونجما لامعا، يهتدي به المؤمنون.
ومما ورد من الأسئلة علي سماحته في هذه الأيام:
السؤال التالي:
ما وجه الجمع بين طائفة من الأحاديث التي تدل بظاهرها علي كون الأئمة الاثني عشر، من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -، أو من ولده، أو من ولده وولد علي، أو من ولد علي وفاطمة عليهم السلام - مع غيرها من الأخبار المتواترة التي، اتفق عليها الكل، من كون الأئمة مع مولانا أمير المؤمنين عليهم السلام اثني عشر، وان أحد عشر منهم من ولد رسول الله، صلي الله عليه وآله.
فهل يمكن الجمع بينهما علي نحو صحيح عرفي، أم يجب طرح الطائفة الأولي، وعدم الاعتداد بها؟
فأمرني بالإجابة علي هذا السؤال، وحل معضلاته، ودفع ما ربما يتوهم تربته علي ذلك من الاشكال.
وانني امتثالا لأمره الشريف أتصدي للإجابة عليه متوكلا علي الله تعالي ومستعينا به، فأقول:
اعلم! ان الأخبار المتواترة الدالة علي أن الأئمة اثنا عشر، مأثورة
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجنابة (1)
عن النبي - صلي الله عليه وآله - وأهل بيته - عليهم السلام - من طرق الفريقين.
وقد أخرج كثيرا منها، جمع من أكابر علماء العامة، كأحمد بن حنبل في مسنده من خمس وثلثين طريقا، والبخاري ومسلم في الصحيحين، والترمذي، وأبي داود، والطيالسي، والخطيب، وابن عساكر، والحاكم، وابن الديبع، والسيوطي، والمتقي، والبغوي، وابن حجر، والحميدي، والطبراني، والشيخ منصور علي ناصف، وأبي يعلي والبزاز وغيرهم 1.
وقد صنف محمد معين السندي من علماء الجمهور، كتابا في هذه الأحاديث اسماه: مواهب سيد البشر في أحاديث الأئمة الاثني عشر، كما قد روي هذه الأحاديث جمع من الصحابة (1) كأمير المؤمنين علي - عليه السلام - (2) وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء - سلام الله عليها - (3) والحسن (4) والحسين - عليهما السلام - (5)
(١) يراجع مسند أحمد ط مصر - الطبعة الميمنية - سنة ١٣١٣ ج ٥ ص ٨٦، ٨٧، و ٨٨، و ٨٩، و ٩٠، و ٩٢، و ٩٣، و ٩٤، و ٩٥، و ٩٦، و ٩٧، و ٩٨، و ٩٩، و ١٠٠، و ١٠١ و ١٠٦، و ١٠٧، و ١٠٨، وج ١ ص ٣٩٨، وصحيح البخاري ص ١٧٥ ط مصر سنة ١٣٥٥، وصحيح مسلم (ط مصر ١٣٤٨) ص ١٩١ ج ٢ ق ١، وسنن الترمذي ص ٤٥ ج ٢ (ط دهلي ١٣٤٢)، وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٠٧ ط مصر (الطبعة التازية) والمستدرك علي الصحيحين (ط حيدر آباد سنة ١٣٣٤) في كتاب معرفة الصحابة ص ٦١٧ و ٦١٨ ج ٣، ومسند أبي داود الطيالسي ح ٧٦٧، و ١٢٧٨، وتاريخ بغداد ط سنة ١٣٤٩ ج ٢ ص ١٢٦ رقم ٥١٦، وج ٦ ص ٢٦٣ رقم ٣٢٦٩، ج ١٤ ص ٣٥٣ رقم ٧٦٧٣، وتيسير الوصول (ط مصر سنة ١٣٤٦) ج ٢ ب ١ ف ١ ص ٣٤، وتاريخ الخلفاء ص ٧، والصواعق ف ٣ ب ١ ص ١٨ (ط مكتبة القاهرة)، وينابيع المودة ص ٢٥٨ و ٤٤٥، ومصابيح السنة (ط محمد علي صبيح) ج ٢ ص ٢٦٥، ومنتخب كنز العمال، المطبوع بهامش مسند أحمد ص ٣١٢ ج ٥، ومجمع الزوائد ج ٥ ص ١٩٠، وغيرها من جوامع الحديث.
(٢١٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، الطبراني (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب مسند ابي داود الطيالسي (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)
وعبد الله بن مسعود (6) وأبي جحيفة (7) وأبي سعيد الخدري (8) وسلمان الفارسي (9) وأنس بن مالك (10) وأبي هريرة (11) وواثلة ابن الأسقع (12) وعمر بن الخطاب (13) وأبي قتادة (14) وأبي الطفيل (5 1) وشفي الأصبحي (16) والمكحول (17) وعبد الله ابن عمر (18) وعبد الله بن أبي أوفي (19) وعمار بن ياسر (20) وأبي ذر، (21) وحذيفة بن اليمان (22) وجابر بن عبد الله الأنصاري (23) وعبد الله بن عباس (24) وحذيفة بن أسيد (25) وزيد بن أرقم (26) وسعد بن مالك (27) وأسعد بن زرارة (28) وعمران بن حصين (29) وزيد بن ثابت (30) وعايشة (31) وأم سلمة (32) وأبي أيوب الأنصاري (33) وجابر بن سمرة (34) وأبي أمامة (35) وأبي أمامة (35) وعثمان ابن عفان (36) وعبد الله بن عمرو بن العاص 2.
وهذه الأخبار علي طائفتين: فطائفة منها ليس فيها إلا التصريح بأن الخلفاء والأئمة اثنا عشر، والطائفة الأخري تتضمن أسماء الاثني عشر بعضهم أو جميعهم.
ثم إن هذه الأخبار، حسب استقصائنا الناقص، بلغت قريبا من الثلاثمأة حديث، والأخبار الدالة علي أن أمير المؤمنين عليا - عليه السلام - أول الأئمة - عليهم السلام - تزيد علي ذلك بكثير.
منها ما ينوف علي المئة وثلثين حديثا، من جملة الأحاديث الدالة علي أن الأئمة اثني عشر، حسب البيان المتقدم، فضلا عن غيرها 3 فلو وجد
(٢) يراجع في ذلك الكتب التي أشرنا إليها من كتب أهل السنة، وجوامع حديث الشيعة ومؤلفاتهم في هذا الموضوع كالصراط المستقيم إلي مستحقي التقديم في ثلاثة مجلدات، واثبات الهداة في سبعة مجلدات، وكفاية الأثر ومقتضب الأثر والمناقب لابن شهرآشوب وبحار الأنوار، والعوالم، والعمدة لابن بطريق، وكتابنا منتخب الأثر.
(3) ان شئت التثبيت في ذلك فراجع البحار، واثبات الهداة والصراط المستقيم.
(٢١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الأئمة الأطهار (ع) (1)، عبد الله بن عباس (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو سعيد الخدري (1)، عبد الله بن عمرو بن العاص (1)، عبد الله بن أبي أوفي (1)، حذيفة بن اليمان (1)، جابر بن عبد الله (1)، عبد الله بن مسعود (1)، حذيفة بن أسيد (1)، أسعد بن زرارة (1)، عمار بن ياسر (1)، زيد بن ثابت (1)، عمران بن حصين (1)، أنس بن مالك (1)، جابر بن سمرة (1)، زيد بن أرقم (1)، سعد بن مالك (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، ابن شهرآشوب (1)
حديث، لا يتوافق مع ظاهر هذه الأحاديث المتواترة، وجب تأويله ان أمكن، وإلا فيطرح لا ريب في ذلك.
بعد هذه المقدمة نطرق باب الدراسة والتحليل لهذه الطائفة من الاخبار، حتي يستبين الحق فيها، ويظهر المراد منها، ودراستنا هذه تدور حول أربع جهات:
الأولي: حول الأحاديث التي توهم عدم موافقتها لتلك الأخبار الصحيحة، والمجمع عليها.
الثانية: حول أسنادها.
الثالثة: حول متونها؟
الرابعة: حول ما يصح أن يقال في تأويلها، والجمع بينها، وبين غيرها من أحاديثنا المتواترة الموافقة لما استقر عليه مذهب أهل البيت - عليهم السلام -، وشيعتهم الطائفة المحقة الاثني عشرية، ان رأينا في هذه الأحاديث تعارضا مع غيرها من الاخبار.
صفحه(٢١٥)

أما الأحاديث

* (اما الأحاديث) * 1 - فمنها ما رواه شيخنا ثقة الاسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني - قدس سره - عن محمد بن يحيي، عن عبد الله بن محمد الخشاب، عن ابن سماعة، عن علي بن الحسن بن رباط، عن ابن أدينة، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر - عليه السلام - يقول:
الاثنا عشر الامام من آل محمد - عليهم السلام - كلهم محدث، من ولد رسول الله - صلي الله عليه وآله -، ومن ولد علي، ورسول الله وعلي هما الوالدان - عليهما السلام - الحديث 1.
2 - ومنها ما رواه الكليني - رضي الله عنه - أيضا عن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن عبيد الله، عن الحسن بن موسي الخشاب.
عن علي بن سماعة عن علي بن الحسن بن باط، عن أذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر - عليه السلام - يقول:
الاثنا عشر الامام من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله - صلي الله عليه وآله - ومن ولد علي بن أبي طالب، فرسول الله - صلي الله
(1) الكافي، باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم - عليهم السلام - ج 1 ص 531 ط دار الكتب الاسلامية.
(٢١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن الحسن بن رباط (1)، علي بن أبي طالب (1)، عبد الله بن محمد (1)، الحسن بن موسي (1)، علي بن سماعة (1)، محمد بن يحيي (1)، علي بن الحسن (1)، محمد بن يعقوب (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
عليه وآله - وعلي - عليه السلام - هما الوالدان. 2 3 - ومنها، ما أخرجه ثقة الاسلام - رضوان الله عليه - عن محمد بن يحيي، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري، عن عمر بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: إني واثني عشر من ولدي، و أنت يا علي رز 3 الأرض يعني أوتادها [و] جبالها، بنا أوتد الله الأرض أن
(٢) الكافي الباب المذكور آنفا ص ٥٣٣ ج ١، ح ١٤.
(٣) كذا في النسخة المطبوعة الموجودة عندنا، قال في القاموس (ج ٢ ص ١٧٦):
رزت الجرادة ترز وترز: غرزت ذنبها في الأرض لتبيض كأرزت، والرجل طعنه، والباب أصلح عليه الرزة، وهي حديدة يدخل فيها القفل والشئ في الشئ أثبته.
وقال العلامة المجلسي قدس سره في مرآة العقول فقوله: يعني أوتادها كلام أبي جعفر - عليه السلام - أو بعض الرواة، والمعني انه شبههم - عليهم السلام - بالرز الذي هو سبب استحكام الأرض، وشدها، واغلاقها، كذلك هم في الأرض بمنزلة الجبال التي هي أوتاد الأرض بالنسبة إليها، فقوله: جبالها عطف بيان للأوتاد، كما قال تعالي: " والجبال أوتادا " وفي الغيبة " وجبالها " كما في بعض نسخ الكتاب، وهو أظهر فيكون عطفا علي " رز " من كلام الرسول - صلي الله عليه وآله - أو علي أوتادها، فيكون من كلام الامام - عليه السلام - والأول علي هذا أصوب.
وفي بعض النسخ: " زر الأرض بتقديم الزاء علي الراء المهملة، كما ضبطه في الوافي، ولعل هذا هو الأظهر والأبلغ، لبيان المراد.
قال في القاموس (ج ٢ ص ٣٨): الزر بالكسر، الذي يوضع في القميص، ج أزرار، وزرور، وعظم تحت القلب، وهو قوامه انتهي.
فعلي هذا أطلق عليهم ذلك لأنهم قوام الأرض، فلا تقوم إلا بهم، ولو بقيت الأرض بغير حجة لساخت بأهلها، كما لا يقوم أمر أهل الأرض إلا بهم، واتباع آثارهم والاقتداء بهم، والاهتداء بهديهم - عليهم السلام - قد ثبت ذلك بالروايات والنصوص الكثيرة، ويظهر من بعض الاخبار المخرجة من طرق أهل السنة أيضا، ان أمير المؤمنين - عليه السلام - كان يدعي في لسان الصحابة بهذا اللقب، ويعترفون له هذا العنوان.
قال في النهاية: في حديث أبي ذر قال يصف عليا - عليه السلام -: انه لعالم الأرض وزرها الذي تسكن إليه أي قوامها، وأصله من زر القلب، وهو عظم صغير يكون قوام القلب به، وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان. - انتهي كلام ابن الأثير -.
وهذا المقام الدال عليه المعني المتقدم الذي أفصح أبو ذر وسلمان بثبوته لمولينا علي - عليه السلام - هو مقام الولاية الكبري، والإمامة العظمي، التي لا يمكن تقلدها إلا بإذن الله ونصبه، وهو المنصب الإلهي، الذي يكون صاحبه واليا ومشرفا علي جميع أمور الدين والدنيا بعد النبي - صلي الله عليه وآله - وهو مقام الخلافة التي لا يليها إلا أئمة أهل البيت أعني الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام -، قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: اللهم بلي لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله و بيناته. (نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٨).
(٢١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، محمد بن يحيي (1)، محمد بن الحسين (1)، عمر بن ثابت (1)، محمد بن أحمد (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، العلامة المجلسي (1)، إبن الأثير (1)، الباطل، الإبطال (1)، الحج (2)، القميص (1)
تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي، ساخت الأرض باهلها ولم ينظروا 4.
4 - ومنها أيضا، ما أخرجه أبو جعفر الكليني بهذا الاسناد، عن أبي سعيد رفعه، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال:
قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: من ولدي اثنا عشر نقيبا، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق، يملأها عدلا كما ملئت جورا. 5 5 - ومنها أيضا ما رواه عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر - عليه السلام - عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:
دخلت علي فاطمة - عليها السلام - وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم - عليه السلام - ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي. 6
(٤) الكافي ج ١ ص ٥٣٤ ح ١٧.
(٥) الكافي ج ١ ص ٥٣٤ ح ١٨.
(٦) الكافي ج ١ ص ٥٣٢ ح 9.
(٢١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جابر بن عبد الله (1)، محمد بن يحيي (1)
وأخرجه الشيخ قدس سره بسنده عن جابر ين يزيد 7.
6 - ومنها ما رواه أيضا، عن محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله، ومحمد بن الحسين، عن إبراهيم، عن ابن أبي يحيي المديني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنت حاضرا لما هلك أبو بكر، واستخلف عمر، أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب، وتزعم يهود المدينة انه اعلم أهل زمانه، حتي رفع إلي عمر فقال له: يا عمر! إني جئتك أريد الاسلام، فإن أخبرتني عما أسئلك عنه، فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة، وجميع ما أريد أن أسأل عنه. قال: فقال له عمر: إني لست هناك، لكني أرشدك إلي من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة، وجميع ما قد تسأل عنه، وهو ذاك، فأومي إلي علي عليه السلام - ثم ذكر إحتجاج اليهودي علي عمر وما سأل أمير المؤمنين عنه إلي أن قال: فأخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدي؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟، وأخبرني من معه في الجنة؟
فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام -: إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدي من ذرية نبيها، وهم مني، وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن، وأما من معه في منزله فيها، فهؤلاء الاثني عشر من ذريته، وأمهم، وجدتهم، وأم أمهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد. 8 وأخرجه الشيخ - رضي الله عنه - بهذا الاسناد إلا أنه قال:
" عن إبراهيم بن أبي يحيي المدني "، وقال: " في منزله منها "، بدل " في
(٧) الغيبة ص ٩٢.
(٨) الكافي ج ١ ص ٣٥٢ ح 8
(٢١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، المدينة المنورة (1)، ابن أبي يحيي المديني (1)، إبراهيم بن أبي يحيي (1)، مسعدة بن زياد (1)، محمد بن يحيي (1)، محمد بن الحسين (1)، الهلاك (1)
منزله فيها " 9.
7 - ومنها ما أخرجه الشيخ أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله - رحمه الله - قال:
حدثنا رجاء بن يحيي أبو الحسن اليسرباني 10 الكاتب، قال: حدثنا محمد بن علاء بسر من رأي أبو بكر الباهلي، قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا ابن عوف، عن هشام بن يزيد، عن أنس بن مالك، قال سئلت رسول الله - صلي الله عليه وآله - عن حواري عيسي، فقال: كانوا من صفوته وخيرته، وكانوا اثني عشر - إلي أن قال - فقلت: فمن حواريك يا رسول الله؟ فقال: الأئمة بعدي اثنا عشر من صلب علي وفاطمة، وهم حواري وأنصاري، عليهم من الله التحية والسلام. 11 8 - ومنها ما خرجه الشيخ الخزاز قال: حدثني محمد بن وهبان قال: حدثني جدي إسحاق بن البهلول قال: حدثني أبي البهلول بن حسان قال: حدثني طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطا، عن عمير بن هاني العيسي، عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلت علي الحسن بن علي بن أبي طالب - عليه السلام - في مرضه - إلي أن قال - فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك؟ فقال: يا عبد الله بماذا أعالج الموت؟ فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم التفت إلي فقال:
والله انه لعهد عهده إلينا رسول الله - صلي الله عليه وآله - ان هذا الامر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي وفاطمة، ما منا إلا مسموم أو
(٩) الغيبة ص ٩٨.
(١٠) سند الحديث علي ما في البحار (ج ٣٦ ص ٣٠٩ ح ١٤٩) هكذا: أبو المفضل عن رجاء بن يحيي العبرتائي الكاتب عن محمد بن خلاد الباهلي عن معاذ بن معاذ عن ابن عون عن هشام بن زيد عن انس بن مالك.
(١١) كفاية الأثر في باب ما جاء عن انس بن مالك.
(٢٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، جنادة بن أبي أمية (1)، محمد بن عبد الله (1)، رجاء بن يحيي (2)، أنس بن مالك (3)، الحسن بن علي (1)، طلحة بن زيد (1)، علي بن محمد (1)، المرض (1)، الموت (1)، الصّلب (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)
مقتول 12.
هذا ما عثرت عليه من الاخبار، مما قد يوهم ظاهره خلاف ما دلت عليه الأخبار المتواترة، من حصر الأئمة في الاثني عشر، وان أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليهم السلام -.
(١٢) كفاية الأثر في باب ما جاء عن الحسن (ع)، وأخرجه في الصراط المستقيم ج ٢ ص ١٢٨ وفي الانصاف ص 121.
(٢٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)

أما الكلام في أسنادها

* (أما الكلام في أسنادها) * فنقول:
أما الرواية الأولي والثانية:
فقد صرح العلامة المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول بمجهوليتهما، وانما جعلتا روايتان، وتكرر نقلهما في الكافي لتعدد سندهما، وإلا فلا ريب من أنهما رواية واحدة، رواها زرارة، عن أبي جعفر - عليه السلام - كما لا ينبغي الاعتماد علي كل واحد من سنديهما.
أما السند الأول:
فمحمد بن يحيي هو أبو جعفر العطار القمي، من مشايخ الكليني، شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين، كثير الحديث، وعبد الله بن محمد من مشايخه، وهو أخو (بنان) أحمد بن محمد بن عيسي، فهو ليس بالخشاب، والصحيح عبد الله بن محمد، عن الخشاب، والظاهر أنه الحسن بن موسي الخشاب، كما وقع في السند الثاني، وهو من وجوه أصحابنا، مشهور كثير العلم والحديث.
وعلة السند في علي بن سماعة، لأنه غير مذكور في كتب الرجال، والمذكور أخوه الحسن بن سماعة، فيمكن وقوع التصحيف فيه،
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، أحمد بن محمد بن عيسي (1)، عبد الله بن محمد (2)، الحسن بن سماعة (1)، الحسن بن موسي (1)، علي بن سماعة (1)، محمد بن يحيي (1)

أما الرواية الأولي والثانية

* (أما الكلام في أسنادها) * فنقول:
أما الرواية الأولي والثانية:
فقد صرح العلامة المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول بمجهوليتهما، وانما جعلتا روايتان، وتكرر نقلهما في الكافي لتعدد سندهما، وإلا فلا ريب من أنهما رواية واحدة، رواها زرارة، عن أبي جعفر - عليه السلام - كما لا ينبغي الاعتماد علي كل واحد من سنديهما.
أما السند الأول:
فمحمد بن يحيي هو أبو جعفر العطار القمي، من مشايخ الكليني، شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين، كثير الحديث، وعبد الله بن محمد من مشايخه، وهو أخو (بنان) أحمد بن محمد بن عيسي، فهو ليس بالخشاب، والصحيح عبد الله بن محمد، عن الخشاب، والظاهر أنه الحسن بن موسي الخشاب، كما وقع في السند الثاني، وهو من وجوه أصحابنا، مشهور كثير العلم والحديث.
وعلة السند في علي بن سماعة، لأنه غير مذكور في كتب الرجال، والمذكور أخوه الحسن بن سماعة، فيمكن وقوع التصحيف فيه،
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، أحمد بن محمد بن عيسي (1)، عبد الله بن محمد (2)، الحسن بن سماعة (1)، الحسن بن موسي (1)، علي بن سماعة (1)، محمد بن يحيي (1)
وما في النسخة المطبوعة بهامش مرآة العقول، والنسخة التي أخرجنا منها الحديث " ابن سماعة " وعليهما فيحتمل أن يكون هو الحسن بن سماعة بن مهران، وهو واقفي لن تثبت وثاقته، ويحتمل أن يكون الحسن بن محمد بن سماعة، فإنه يروي أيضا عن علي بن الحسن بن رباط 1، وهو أيضا من شيوخ الواقفية، ثقة، كثير الحديث، وكان يعاند في الوقف، ويتعصب، ويحتمل أن يكون ابن سماعة، هو محمد بن سماعة بن موسي بن رويد، أو محمد بن سماعة بن مهران، وقد أنكر وجود الثاني صاحب تنقيح المقال.
والكلام في ترجيح هذه الاحتمالات بعضها علي بعض، لا ينتهي إلي ما يركن إليه النفس، ويخرج السند من الجهالة، فلذا لا نطيل الكلام في ذلك. فظهر أن علة هذا السند، هو كون الراوي عن علي بن الحسن بن رباط مجهولا، لم يعلم أنه علي بن سماعة، أو الحسن بن سماعة، أو الحسن بن محمد بن سماعة، أو محمد بن سماعة.
وأما علي بن الحسن بن رباط فهو ثقة، معول عليه من أصحاب مولينا الرضا - عليه السلام -.
وابن أذينة شيخ من أصحابنا البصريين، ووجههم روي عن أبي عبد الله - عليه السلام -.
وامر زرارة في جلالة القدر معلوم.
وأما السند الثاني:
فالظاهر أن أبا علي الأشعري، هو أحمد بن إدريس القمي، الثقة الفقيه، كثير الحديث، توفي بالقرعاء سنة ست وثلاثمأة.
(1) يراجع في ذلك الاستبصار، باب " ما يحرم جارية الأب علي الابن " ص 211 ج 3 ح 765، وباب " انه تحجب الام عن الثلث ". ص 141 ج 3 ق 2 ح 524، والتهذيب ص 285 ج 9 ح 1032، وص 291 ج 7 ح 1221.
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، كتاب تنقيح المقال في علم الرجال (1)، محمد بن سماعة بن مهران (1)، أحمد بن إدريس القمي (1)، الحسن بن محمد بن سماعة (1)، علي بن الحسن بن رباط (2)، الحسن بن سماعة (2)، علي بن سماعة (1)، محمد بن سماعة (3)، علي بن الحسن (1)

وأما الحديث الثالث

وأما الحسن بن عبد الله أو عبيد الله، فهو أيضا قمي، ولكنه مرمي بالغلو، وعلي بن سماعة، علي ما بيناه ليس مذكورا في كتب الرجال الا ان الشيخ - قدس سره - ذكر " الحسن بن سماعة " بدل " علي بن سماعة " 2 وهو كما قرأت واقفي، لم تثبت وثاقته، مع أن المفيد أيضا أخرجها عن علي بن سماعة، وبذلك يضعف احتمال التحريف، ويقوي جهالة السند.
ومثل هذا السند غير معتبر أيضا فلا يعتمد عليه.
وأما الحديث الثالث:
فمحمد بن يحيي، هو أبو جعفر العطار القمي المذكور في سند الرواية الأولي، ومحمد بن أحمد، هو محمد بن أحمد بن يحيي، وهو وان كان جليل القدر ثقة في الحديث، إلا أنه كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ولا يبالي عمن اخذ. 3 وكان محمد بن الحسن الوليد، يستثني من روايته، ما رواه عن جماعة سماهم، وهو صاحب كتاب " نوادر الحكمة "، كتاب يعرفه القميون بدبة شبيب 4.
ومحمد بن الحسين، هو ابن أبي الخطاب الهمداني، جليل من أصحابنا ثقة، عين، عظيم القدر، كثير الرواية.
(٢) غيبة الشيخ ص ٩٧.
(٣) يراجع في ذلك وغيره مما ذكرناه في هذه الرسالة من أحوال الرجال الكتب الرجالية مثل جامع الرواة، والفهرست، ورجال العلامة والنجاشي والكشي، وتنقيح المقال، ومنهج المقال وغيرها.
(4) شبيب فامي كان بقم له دبة ذات بيوت يعطي منها ما يطلب منه من دهن فشبهوا هذا الكتاب بذلك.
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن أحمد بن يحيي (1)، الحسن بن عبد الله (1)، الحسن بن سماعة (1)، علي بن سماعة (3)، محمد بن يحيي (1)، محمد بن الحسين (1)، محمد بن الحسن (1)، محمد بن أحمد (1)، كتاب جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي (1)، كتاب تنقيح المقال في علم الرجال (1)

وأما الحديث الرابع

والظاهر أن أبا سعيد العصفوري، وأبا سعيد العصفوري، وعباد بن يعقوب الرواجني واحد، كما نبه عليه شيخنا النوري - عليه الرحمة -.
وقال في جامع الرواة في عباد بن يعقوب: تقدم عن " جش " قول بأن هذا، وأبا سعيد العصفوري واحد " مح ".
قال ابن حجر: صدوق رافضي، وعن الذهبي: شيعي وثقة أبو حاتم له أخبار المهدي.
وأما عمرو بن ثابت، فهو ابن أبي المقدام من أصحاب مولينا الصادق - عليه السلام - ثقة علي الأظهر.
وأبو الجارود، هو زياد بن منذر، وإليه تنسب الجارودية، رويت في ذمه روايات تضمن بعضها كونه كذابا كافرا.
واما الحديث الرابع:
فهو مرفوع، وقد عرفت رجال سنده إلي أبي سعيد.
والحديث الخامس:
يظهر ضعف سنده، مما تقدم في أبي الجارود.
وأما الحديث السادس:
فقال المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول: سنده الأول صحيح، لكن الظاهر أن فيه إرسالا، إذ مسعدة من أصحاب الصادق - عليه السلام -، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، من أصحاب
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي (1)، العلامة المجلسي (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، أبو الجارود (1)، عباد بن يعقوب (2)، عمرو بن ثابت (1)، زياد بن منذر (1)

وأما الحديث الخامس

والظاهر أن أبا سعيد العصفوري، وأبا سعيد العصفوري، وعباد بن يعقوب الرواجني واحد، كما نبه عليه شيخنا النوري - عليه الرحمة -.
وقال في جامع الرواة في عباد بن يعقوب: تقدم عن " جش " قول بأن هذا، وأبا سعيد العصفوري واحد " مح ".
قال ابن حجر: صدوق رافضي، وعن الذهبي: شيعي وثقة أبو حاتم له أخبار المهدي.
وأما عمرو بن ثابت، فهو ابن أبي المقدام من أصحاب مولينا الصادق - عليه السلام - ثقة علي الأظهر.
وأبو الجارود، هو زياد بن منذر، وإليه تنسب الجارودية، رويت في ذمه روايات تضمن بعضها كونه كذابا كافرا.
واما الحديث الرابع:
فهو مرفوع، وقد عرفت رجال سنده إلي أبي سعيد.
والحديث الخامس:
يظهر ضعف سنده، مما تقدم في أبي الجارود.
وأما الحديث السادس:
فقال المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول: سنده الأول صحيح، لكن الظاهر أن فيه إرسالا، إذ مسعدة من أصحاب الصادق - عليه السلام -، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، من أصحاب
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي (1)، العلامة المجلسي (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، أبو الجارود (1)، عباد بن يعقوب (2)، عمرو بن ثابت (1)، زياد بن منذر (1)

وأما الحديث السادس

والظاهر أن أبا سعيد العصفوري، وأبا سعيد العصفوري، وعباد بن يعقوب الرواجني واحد، كما نبه عليه شيخنا النوري - عليه الرحمة -.
وقال في جامع الرواة في عباد بن يعقوب: تقدم عن " جش " قول بأن هذا، وأبا سعيد العصفوري واحد " مح ".
قال ابن حجر: صدوق رافضي، وعن الذهبي: شيعي وثقة أبو حاتم له أخبار المهدي.
وأما عمرو بن ثابت، فهو ابن أبي المقدام من أصحاب مولينا الصادق - عليه السلام - ثقة علي الأظهر.
وأبو الجارود، هو زياد بن منذر، وإليه تنسب الجارودية، رويت في ذمه روايات تضمن بعضها كونه كذابا كافرا.
واما الحديث الرابع:
فهو مرفوع، وقد عرفت رجال سنده إلي أبي سعيد.
والحديث الخامس:
يظهر ضعف سنده، مما تقدم في أبي الجارود.
وأما الحديث السادس:
فقال المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول: سنده الأول صحيح، لكن الظاهر أن فيه إرسالا، إذ مسعدة من أصحاب الصادق - عليه السلام -، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، من أصحاب
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي (1)، العلامة المجلسي (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، أبو الجارود (1)، عباد بن يعقوب (2)، عمرو بن ثابت (1)، زياد بن منذر (1)

وأما الحديث السابع

الجواد، والهادي والعسكري - عليهم السلام - لكن يروي هارون بن مسلم عنه كثيرا، مع أنه قال النجاشي فيه: لقي أبا محمد، وأبا الحسن، فيحتمل أن يكون مسعدة معمرا، روي عنه محمد.
أقول: لا يدفع بذلك احتمال الارسال لبعد عدم فوز مثل مسعدة بن زياد بلقاء مولينا الكاظم، والرضا، والجواد، - عليهم السلام - في مدة تزيد علي خمسين سنة، وعدم روايته عنهم ولو بالمكاتبة، أو بالواسطة، فالظاهر أنه توفي في زمان الصادق - عليه السلام -، وقد قبض في شوال سنة ثمان وأربعين ومأة أو أوائل عصر الكاظم - عليه السلام -، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، توفي في سنة اثنتين وستين ومأتين، وبذلك يستبعد رواية محمد بن الحسين عنه بلا واسطة، بل ورواية هارون بن مسلم، فبقي احتمال الارسال علي حاله، والله أعلم.
وأما سند الثاني فمجهول عامي، كما صرح به في مرآة العقول.
وأما الحديث السابع:
فضعيف، لم نعثر علي بعض رجاله في ما عندنا من كتب رجال الشيعة.
والحديث الثامن:
أيضا لم نعرف بعض رجاله، ولا يخفي عليك، ان الأحاديث والنصوص المخرجة في كفاية الأثر أكثر رجالها وأسنادها من العامة، فان مؤلفه - رضي الله عنه - صنف هذا الكتاب لتخريج ما روي
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، شهر شوال المكرم (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، مسعدة بن زياد (1)، هارون بن مسلم (1)، محمد بن الحسين (1)، الجود (1)

والحديث الثامن

الجواد، والهادي والعسكري - عليهم السلام - لكن يروي هارون بن مسلم عنه كثيرا، مع أنه قال النجاشي فيه: لقي أبا محمد، وأبا الحسن، فيحتمل أن يكون مسعدة معمرا، روي عنه محمد.
أقول: لا يدفع بذلك احتمال الارسال لبعد عدم فوز مثل مسعدة بن زياد بلقاء مولينا الكاظم، والرضا، والجواد، - عليهم السلام - في مدة تزيد علي خمسين سنة، وعدم روايته عنهم ولو بالمكاتبة، أو بالواسطة، فالظاهر أنه توفي في زمان الصادق - عليه السلام -، وقد قبض في شوال سنة ثمان وأربعين ومأة أو أوائل عصر الكاظم - عليه السلام -، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، توفي في سنة اثنتين وستين ومأتين، وبذلك يستبعد رواية محمد بن الحسين عنه بلا واسطة، بل ورواية هارون بن مسلم، فبقي احتمال الارسال علي حاله، والله أعلم.
وأما سند الثاني فمجهول عامي، كما صرح به في مرآة العقول.
وأما الحديث السابع:
فضعيف، لم نعثر علي بعض رجاله في ما عندنا من كتب رجال الشيعة.
والحديث الثامن:
أيضا لم نعرف بعض رجاله، ولا يخفي عليك، ان الأحاديث والنصوص المخرجة في كفاية الأثر أكثر رجالها وأسنادها من العامة، فان مؤلفه - رضي الله عنه - صنف هذا الكتاب لتخريج ما روي
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، شهر شوال المكرم (1)، محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، مسعدة بن زياد (1)، هارون بن مسلم (1)، محمد بن الحسين (1)، الجود (1)
بأسانيدهم، في النص علي الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام - فلا اعتداد بما في هذين الخبرين (السابع والثامن)، ان ثبت ان ظاهر بعض ألفاظهما يخالف مذهب الحق، ولا يقبل التأويل، بعدما ملا الخزاز كتابه هذا، بالأحاديث الصريحة علي عددهم، وأسمائهم، وأوصافهم من طرق العامة، فراجع كتابه حتي تعرف كثرة هذه الأحاديث من طرقهم.
هذا تمام الكلام في أسناد هذه الأحاديث، وقد عرفت عللها، وانها بنفسها لا تنهض حجة، ولا يعتمد عليها.
(٢٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الحج (1)

متون الأحاديث

* (متون الأحاديث) * اعلم أن متن الحديث الأول والثاني واحد، وحيث إن المروي عنه في كليهما أيضا واحد، وينتهي سند كل واحد منهما إلي علي بن الحسن بن رباط، عن ابن أذينة، عن زرارة، فلا ريب في اتحادهما، كما نبهنا عليه.
والظاهر أنه وقع في هذا المتن تحريف، فان المفيد - رضي الله عنه - أخرج هذا الحديث بسنده عن الكليني ومتنه هكذا:
الاثنا عشر الأئمة من آل محمد كلهم محدث: علي بن أبي طالب، وأحد عشر من ولده، ورسول الله - صلي الله عليه وآله - وعلي هما الوالدان.
وأخرجه الصدوق - رضي الله عنه - أيضا عن محمد بن علي ماجيلويه - رضي الله عنه - عن الكليني - رضوان الله تعالي عليه - بهذا اللفظ:
اثنا عشر إماما من آل محمد - عليهم السلام - كلهم محدثون، بعد
(1) الارشاد ص 375، في باب " ما جاء من النص علي إمامة صاحب الزمان الثاني عشر من الأئمة صلوات الله عليهم ".
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، الشيخ الصدوق (1)، الحسن بن رباط (1)، محمد بن علي (1)، الصّلاة (1)

متن الحديث الأول والثاني

* (متون الأحاديث) * اعلم أن متن الحديث الأول والثاني واحد، وحيث إن المروي عنه في كليهما أيضا واحد، وينتهي سند كل واحد منهما إلي علي بن الحسن بن رباط، عن ابن أذينة، عن زرارة، فلا ريب في اتحادهما، كما نبهنا عليه.
والظاهر أنه وقع في هذا المتن تحريف، فان المفيد - رضي الله عنه - أخرج هذا الحديث بسنده عن الكليني ومتنه هكذا:
الاثنا عشر الأئمة من آل محمد كلهم محدث: علي بن أبي طالب، وأحد عشر من ولده، ورسول الله - صلي الله عليه وآله - وعلي هما الوالدان.
وأخرجه الصدوق - رضي الله عنه - أيضا عن محمد بن علي ماجيلويه - رضي الله عنه - عن الكليني - رضوان الله تعالي عليه - بهذا اللفظ:
اثنا عشر إماما من آل محمد - عليهم السلام - كلهم محدثون، بعد
(1) الارشاد ص 375، في باب " ما جاء من النص علي إمامة صاحب الزمان الثاني عشر من الأئمة صلوات الله عليهم ".
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، الشيخ الصدوق (1)، الحسن بن رباط (1)، محمد بن علي (1)، الصّلاة (1)

وأما متن الخبر الثالث والرابع

رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وعلي بن أبي طالب منهم. - 2 فالمعول علي رواية المفيد والصدوق، عن الكليني، فإنها كما توافق غيرها من الروايات المتواترة، توافق عنوان الباب الذي أخرج الكليني فيه هذا الحديث، وتوافق الاخبار المخرجة في نفس هذا الباب.
وأظن أن التحريف في هذا المتن، ناتج عن نقل معني الحديث ومضمونه، دون تقيد بألفاظه، فاشتبه علي بعض الرواة، أو أن الناقل تسامح في مقام النقل، اتكالا علي وضوح كون عدد الأئمة اثني عشر، وان أمير المؤمنين عليه السلام منهم وأولهم، وليس خارجا عنهم، فلا تجد في فرق المسلمين من كان معتقدا بهذا العدد، ولا يري أن أمير المؤمنين عليه السلام منهم.
وكيف كان فالاعتماد علي متن الحديث، علي لفظ الارشاد، والخصال، وعيون أخبار الرضا - عليه السلام -.
وأما متن الخبر الثالث والرابع:
فلا ريب أيضا في وقوع التصحيف فيهما، فان أصل أبي سعيد، الذي روي عنه هذان الخبران، من الأصول الموجودة عندنا، وفيه تسعة عشر حديثا، ولفظ الحديث الثالث، في هذا الأصل هكذا:
إني وأحد عشر من ولدي، وأنت يا علي، زر الأرض، أعني أوتادها جبالها، وقال: وتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الأحد عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا. 3
(٢) العيون ج ٢ ص ٥٧، الخصال ص ٤٨٠ ج 2 ح 49، البحار ج 36 ص 393 ب 45، ح 6.
(3) أصل أبي سعيد ص 16 ح 6.
(٢٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الأئمة الأطهار (ع) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)

وأما الخبر الخامس

وهذا المتن كما تري تام مستقيم.
ولفظ الحديث الرابع:
قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: من ولدي أحد عشر نقيبا نجيبا [نقباء، نجباء خ ل] محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملأها [الأرض خ ل] عدلا كما ملئت جورا 4.
وهذا المتن أيضا موافق لألفاظ سائر الأحاديث المتواترة.
وأما الخبر الخامس:
فقد أخرجه الصدوق بطريقين: عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر - عليه السلام - عن جابر بن عبد الله الأنصاري بهذا اللفظ:
قال: دخلت علي فاطمة - عليها السلام -، وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثنا عشر آخرهم القائم - عليه السلام - ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي - عليهم السلام - 5.
وأخرجه أيضا في كمال الدين بهذا اللفظ 6.
وأوضح من ذلك شاهدا علي وقوع التحريف في خبر الكافي، وانه مختصر من متنه الطويل، ما أخرجه الصدوق - قدس سره - قال:
(٤) أصل أبي سعيد ص ٥ ح ٤، وفي المناقب ص ٣٠٠ ج 1، وفي حديث أبي جعفر - عليه السلام - قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: من أهل بيتي اثنا عشر نقيبا محدثون مفهمون، منهم القائم بالحق يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وهذا اللفظ أيضا موافق لألفاظ سائر الروايات المعتبرة.
(5) عيون أخبار الرضا ص 46 و 47، ح 6 و 7.
(6) كمال الدين ج 1، ص 269 ح 13، وص 311 ح 3 وص 313 ح 4.
(٢٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، جابر بن عبد الله (1)، الشيخ الصدوق (2)، الحسن بن محبوب (1)، الوصية (1)، الشهادة (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)

وأما متن الحديث السادس

حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، وأحمد بن هارون القاضي - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، عن مالك السلولي، عن درست بن عبد الحميد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن جبلة، عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر - عليهما السلام - عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
دخلت علي مولاتي فاطمة - عليها السلام - وقدامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الابصار، فيه اثنا عشر اسما ثلاثة في ظاهره، وثلاثة في باطنه، وثلاثة أسماء في آخره، وثلاثة أسماء في طرفه، فعددتها فإذا هي اثنا عشر اسما، فقلت: أسماء من هؤلاء؟ قالت:
هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي، وأحد عشر من ولدي، آخر هم القائم - صلوات الله عليهم أجمعين -.
قال جابر: فرأيت فيها محمدا، محمدا محمدا في ثلاثة مواضع، وعليا وعليا وعليا وعليا في أربعة مواضع 7.
فالعارف الخبير بفن الحديث، يعرف أن ما رواه الكليني في الكافي، والصدوق في العيون وكمال الدين، والشيخ في الغيبة، هو مختصر هذا الحديث.
وأما متن الحديث السادس:
فالظاهر أن موضوعه هو مجئ يهودي إلي عمر، للسؤال عما أراد وان عمر أرشده إلي أمير المؤمنين - عليه السلام - هو بعينه موضوع ما
(7) كمال الدين ج 1 ص 311 ح 2، عيون أخبار الرضا ج 1 ص 46 ح 5.
(٢٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، علي بن الحسين بن شاذويه (1)، عبد الله بن القاسم (1)، جابر بن عبد الله (1)، جعفر بن محمد بن مالك (1)، عبد الله بن جبلة (1)، أحمد بن هارون (1)، جابر الجعفي (1)، عبد الحميد (1)، الوصية (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)
رواه الكليني أيضا في هذا الباب ج 1 ص 529 و 530 ح 5 ج 1 ص 294 و 295 و 296 ح 3. وما رواه الصدوق في كمال الدين عن أبي الطفيل، وما رواه بسنده أيضا في كمال الدين عن أبي عبد الله - عليه السلام - ص 297 و 298 و 299 ج 1 ح 5 وفيه أيضا في ج 1 ص 299 و 300 ح 6 وفيه أيضا ح 7 ص 300 و ح 8 ص 301 و 302 وفي عيون أخبار الرضا ج 1 ص 53 و 54 ح 19 وفي الخصال 476 و 477 ج 2 ح 40، وفي مقتضب الأثر عن عمر بن سلمة ص 14 و 15 و 16 و 17، وأخرجه في ينابيع المودة ص 443 عن عامر بن واثلة، وفي فرائد السمطين علي ما في العبقات ص 240 ج 2 ح 12.
فالظاهر أن كل هذه الأحاديث حكاية عن واقعة واحدة، ولفظ الحديث في بعضها: ان لمحمد اثني عشر إمام عدل.
وفي بعضها: يكون لهذه الأمة بعد نبيها اثنا عشر إمام عدلا، والذين يسكنون معه في الجنة، هؤلاء الأئمة الاثنا عشر.
وفي بعضها: فان لهذه الأمة اثنا عشر إمام هادين مهديين، واما قولك: من مع محمد من أمته في الجنة، فهؤلاء الاثنا عشر أئمة الهدي.
وفي بعضها: ان لمحمد من الخلفاء اثنا عشر إماما عدلا، ويسكن مع محمد في جنة عدن معه أولئك الاثنا عشر الأئمة العدل.
ولفظ بعضها: يا هاروني! لمحمد بعده اثنا عشر إماما عدلا، ومنزل محمد في جنة عدن، والذين يسكنون معه، هؤلاء الاثنا عشر.
وبعضها هكذا: قال: كم لهذه الأمة من امام هدي، لا يضرهم من خالفهم؟ قال: اثنا عشر إماما قال: فمن ينزل معه (يعني مع النبي - صلي الله عليه وآله -) في منزله؟ قال: اثنا عشر إماما.
وبهذه المتون المعتبرة جدا يصحح متن الحديث المروي عن أبي
(٢٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، الشيخ الصدوق (1)، عامر بن واثلة (1)، عمر بن سلمة (1)

وأما الحديث السابع

سعيد الخدري. وتشهد كلها بوقوع التصحيف فيه، أو المسامحة في نقل ألفاظه أو مضمونه، فلا ريب في أن المعتمد عليه، هو هذه المتون الكثيرة. 8 وأما الحديث السابع:
فلم أعثر بعد علي متن آخر له.
واما الحديث الثامن:
فقد روي في كفاية الأثر في الباب الذي روي فيه هذا الحديث، حديثا آخر عن مولينا الامام أبي محمد الحسن السبط - عليه السلام - أيضا وساق الكلام إلي أن قال:
ولقد حدثني حبيبي عن جدي رسول الله - صلي الله عليه وآله -:
ان الامر يملكه اثنا عشر إماما من أهل بيته وصفوته.
وهذا المتن خال عن الاشكال، ولا يبعد احاده مع ما رواه جنادة بن أبي أمية عنه - عليه السلام - بل الظاهر اتحادهما.
وعمدة السبب في هذه الاختلاف في ألفاظ بعض الأحاديث رواية الحديث بالمضمون، والمدلول، وغفلة بعض الرواة أو تسامحه، وعدم اهتمامه بحفظ لفظ المعصوم، فلا بد من تصحيح مثل هذه المتون بغيرها من المتون المعلومة صحتها، ولا بد في ذلك من الرجوع إلي خبراء الفن العارفين بالمتون السليمة والسقيمة. وعندي ان هذا الفن يعني معرفة المتون من مهمات علم الحديث.
(8) راجع البحار ج 36 ب 42 باب نص أمير المؤمنين علي الأئمة عليهم السلام.
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، السب (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)

وأما الحديث الثامن

سعيد الخدري. وتشهد كلها بوقوع التصحيف فيه، أو المسامحة في نقل ألفاظه أو مضمونه، فلا ريب في أن المعتمد عليه، هو هذه المتون الكثيرة. 8 وأما الحديث السابع:
فلم أعثر بعد علي متن آخر له.
واما الحديث الثامن:
فقد روي في كفاية الأثر في الباب الذي روي فيه هذا الحديث، حديثا آخر عن مولينا الامام أبي محمد الحسن السبط - عليه السلام - أيضا وساق الكلام إلي أن قال:
ولقد حدثني حبيبي عن جدي رسول الله - صلي الله عليه وآله -:
ان الامر يملكه اثنا عشر إماما من أهل بيته وصفوته.
وهذا المتن خال عن الاشكال، ولا يبعد احاده مع ما رواه جنادة بن أبي أمية عنه - عليه السلام - بل الظاهر اتحادهما.
وعمدة السبب في هذه الاختلاف في ألفاظ بعض الأحاديث رواية الحديث بالمضمون، والمدلول، وغفلة بعض الرواة أو تسامحه، وعدم اهتمامه بحفظ لفظ المعصوم، فلا بد من تصحيح مثل هذه المتون بغيرها من المتون المعلومة صحتها، ولا بد في ذلك من الرجوع إلي خبراء الفن العارفين بالمتون السليمة والسقيمة. وعندي ان هذا الفن يعني معرفة المتون من مهمات علم الحديث.
(8) راجع البحار ج 36 ب 42 باب نص أمير المؤمنين علي الأئمة عليهم السلام.
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، السب (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)
هذا تمام الكلام في أسناد هذه الأحاديث ومتونها.
ولقد ظهر لك مما تقدم ان هذه الأسانيد بنفسها، لا تنهض حجة في قبال الأحاديث المتواترة، وأسانيدها بل ليست بحجة مطلقا، كما أن هذه المتون أيضا لا يحتج بها، فإذا كان ولا بد من الاحتجاج بها فلا يحتج إلا بما هو خال عن الاشكال، مؤيد بغيره، فان الاخبار يقوي بعضها بعضا.
وعليه فلا حاجة لنا إلي النظر في المتون المذكورة وتأويلها وشرحها، علي ما يوافق المذهب واتفق عليه أهل الحق.
ولكن لا بأس باجراء الكلام في ذلك أيضا تتميما للفائدة، وحرصا علي دفع هذه الشبهة، ووفاء بما وعدناه في ابتداء هذه الرسالة.
(٢٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (1)
* (ما يصح أن يقال في توجيه هذه الأحاديث) * اعلم أن بعض هذه المتون في انحصار الأئمة في الاثني عشر، وخروج أمير المؤمنين عليهم السلام منهم، كالحديث السادس و السابع، والثامن، بل الأول، والثاني، وهذا مخالف للضرورة واجماع الكل من عصر المعصومين - عليهم السلام - إلي زماننا، وهذا الاجماع والضرورة قرينة قطعية علي عدم إرادة ظاهرها، وان الكلام علي فرض صدوره جري علي ما جري للغلبة، أو لكون أكثرهم من صلب علي أو من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله -.
أو انه قد استعير لفظ الذرية للعترة، وأريد بها ما يعم الولادة الحقيقية، والمجازية، أو لوجوه أخري مذكورة في البحار 1 وفي مرآة العقول 2.
وثانيا: الظاهر أن كل من خرج هذه الأحاديث كشيخنا الكليني - قدس سره -، ومشايخه وتلاميذه، إنما خرجوها في باب ما جاء
(1) ج 36 ص 389.
(2) ج 1 ص 437.
(٢٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الصّلب (1)
في الاثنا عشر والنص عليهم، لأنهم رأوا أن هذه المتون تقبل الجمع مع غيرها من الروايات وبذلك يرتفع التنافي بينهما، علي فرض وجوده.
وثالثا: اننا إذا سبرنا الأحاديث يتحصل لنا منها انهم - عليهم السلام - سلكوا في إطلاقهم وألفاظهم في هذا الباب، مسلك المجاز، فأطلقوا علي الأئمة - عليهم السلام - ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله -، أو ولده أو انهم من ولد علي وفاطمة تغليبا لكون أكثرهم من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله - ومن ولد علي وفاطمة - عليهم السلام - ولمعلومية ان أمير المؤمنين - عليه السلام - ليس من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله - ومن ولد فاطمة - عليها السلام -، وبهذا يرتفع الاشكال.
فمن الاخبار التي أطلق فيها لفظ " الذرية " علي جميعهم ما أخرجه الخزاز بسنده عن مولينا سيد الشهداء الحسين - عليه السلام - قال:
دخل أعرابي علي رسول الله - صلي الله عليه وآله - يريد الاسلام ومعه ضب - وساق الحديث إلي أن قال - فقال الأعرابي:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله حقا، فأخبرني يا رسول الله هل يكون بعدك نبي؟ قال: لا أنا خاتم النبيين، ولكن يكون أئمة من ذريتي قوامون بالقسط كعدد نقباء بني إسرائيل أولهم علي بن أبي طالب هو الامام والخليفة بعدي، وتسعة من الأئمة من صلب هذا، ووضع يده علي صدري، والقائم تاسعهم يقوم بالدين في آخر الزمان، كما قمت في أوله - الحديث 3.
(٣) كفاية الأثر باب ما جاء عن الحسين عليه السلام، بحار الأنوار ج ٦ 3 ص 342 و 343 ح 208، وكتابنا منتخب الأثر ص 88 و 89 ف 1 ب 7 ح 17.
(٢٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آخر الزمان (1)، الصّلب (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، كتاب بحار الأنوار (1)
فمثل هذا الحديث صريح في أن هذه الاطلاقات، والتعبيرات انما صدرت مجازا واتكالا علي القرينة ووضوح المراد.
وأما الحديث الثالث:
فيحتمل فيه أن تكون فاطمة - عليها السلام - مشمولة به ضمن لفظ الاثنا عشر، بل إن ذلك هو الظاهر من الحديث، ومن قوله - صلي الله عليه وآله -: اني واثنا عشر من ولدي، وأنت يا علي رز الأرض.
هذا مضافا إلي صحة إطلاق الولد علي أمير المؤمنين، وعلي سائر الأئمة - عليهم السلام - تغليبا، وعطف " أنت " عليه من قبيل عطف الخاص علي العام تأكيدا وتشريفا، كعطف جبرئيل علي الملائكة. 4 وفي الحديث الرابع:
أيضا انما قال: من ولدي تغليبا أو لكون أكثرهم من ولده.
والحديث الخامس:
أيضا مثله، ويمكن أن يكون المراد من قوله: " فعددت " يعني فعددتهم مع والدهم اثنا عشر، آخرهم القائم، ثلاثة منهم، أي من ولدها محمد، وثلاثة منهم أي من ولدها علي. حيث إنه لا حاجة في مثل هذا المقام إلي ذكر أمير المؤمنين - عليه السلام - لأنه كان معروفا بالإمامة فلا يشك في إمامته من رأي الإمامة في ولده، وانما أخبر الراوي عن سائر من اسمه علي، لأنه لم تعلم إمامتهم كما علمت إمامة أمير المؤمنين، مع أن منهم من لم يكن موجودا في ذلك الزمان، وهما اثنان: الإمام علي بن موسي الرضا، والإمام علي بن محمد النقي - عليهما السلام -.
(٤) بحار الأنوار ج ٣٦ ص ٢٦٠.
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، علي بن محمد (1)، كتاب بحار الأنوار (1)
وحاصل ما ذكرناه في علل هذه الأحاديث أمور:
1 - ان اسنادها غير معتبرة، فلا يجوز الاعتماد عليها بنفسها.
2 - ان متونها مصحفة محرفة، يشهد بتصحيفها وتحريفها غيرها من الروايات المتواترة، فينبغي تصحيح متونها بها.
3 - ان لبعضها متونا أخري، بألفاظ صحيحة وسليمة عن الاشكال، فينبغي أن يكون الاعتماد عليها، لا علي غيرها.
4 - وعلي فرض صحة صدور هذه المتون، فاللازم انما هو الجمع بينها، وبين سائر الروايات بما ذكرنا، من حملها علي التجوز والتغليب، وغيرهما مما لا يأبي العرف وأهل اللسان صحته.
فان قلت:
فما وجه تخريج هذه الأحاديث في الجامع الكافي مع ما فيها من العلل، ولزوم حمل ألفاظها علي المجاز وترك ظواهرها.
قلت:
أولا: ان استعمال المجازات، ليس خارجا عن قانون المحاورة، وليس استعمال الألفاظ في معانيها المجازية أقل من استعمالها في معانيها الحقيقية لو لم يكن أكثر، ولافرق في حجية ظواهر الألفاظ بين الاستعمالات الحقيقية والمجازية، فكلهما حجة عند أهل اللسان.
وثانيا: ان مهرة فن الحديث، العارفين بعلل الأحاديث، وما وقع فيها من التغيير والتصحيف اسنادا أو متنا، لا يطرحون الحديث بمجرد هذه العلل بعد وضوح مورد التصحيف والتغيير، فكثيرا ما نري في كتب الخاصة والعامة، انهم يصححون الأسانيد، وأسماء رجالها، وطبقاتها بغيرها، ويصححون ألفاظ الحديث أيضا بألفاظ حديث آخر، ويحملون بعض الألفاظ علي المجاز، بقرينة غيرها من الروايات، ولا يشكون في
(٢٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (1)، الشهادة (1)، الجواز (1)
ذلك.
فبناءا علي ما تقدم نقول:
ان الكليني - رضي الله عنه - الخريت في صناعة معرفة الحديث، انما أدخل هذه الأخبار في باب ما جاء في الأئمة الاثني عشر، والنص عليهم، لعلمه الأكيد بان ليس لهذه الأخبار مرمي آخر، غير التنصيص علي الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام -، فلا يجوز رفع اليد عنها وتركها وطرحها، فان ذلك لا يصدر إلا من الجاهل الذي لا يعرف أحوال الأحاديث، ولا يدري ان الاخبار يفسر بعضها بعضا، ويبين بعضها إجمال بعضها الآخر، وان اسنادها يقوي، ويعتمد عليها بغيرها.
هذا ما وفقنا الله تعالي إليه من الكتابة حول هذه الأحاديث الشريفة مع كمال الاستعجال، وكثرة المشاغل، وتشتت البال، وقد ظهر بما لا مزيد عليه صحة الاستناد والاعتماد عليها، لاثبات إمامة الأئمة الاثني عشر - عليهم السلام -، الذين هم سادتنا، وشفعاؤنا، وأولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام -، وبعده ابنه الحسن عليه السلام -، وبعده الحسين - عليه السلام -، وبعده ابنه علي بن الحسين - عليهما السلام -، وبعده ابنه محمد بن علي الباقر - عليهما السلام - وبعده جعفر بن محمد الصادق - عليهما السلام -، وبعده موسي بن جعفر الكاظم - عليهما السلام -، وبعده علي بن موسي الرضا - عليهما السلام -، وبعده محمد بن علي الجواد - عليهما السلام -، وبعده علي بن محمد النقي - عليهما السلام - وبعده الحسن بن علي العسكري الأمين - عليهما السلام -، وبعده ابنه مولينا وسيدنا ناموس الدهر، وولي العصر الحجة بن الحسن المهدي عجل الله تعالي
(٢٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، موسي بن جعفر (1)، علي بن محمد (1)، الجهل (1)، الجواز (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
فرجه، وصلوات الله وسلامه عليه وعلي آبائه الطاهرين.
اللهم اجعلنا من أنصاره، وأعوانه ومقوية سلطانه.
قد تم تأليف هذه الرسالة في اليوم السابع والعشرين من جمادي الثانية من شهور سنة 1391. قم المشرفة لطف الله الصافي الگلپايگاني
(٢٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: شهر جمادي الثانية (1)، الطهارة (1)، الفرج (1)

ما يصح أن يقال في توجيه هذه الأحاديث 235 حول الاستقسام بالأزلام والاستخارة

* (حول الاستقسام بالأزلام والاستخارة) *
صفحه(٢٤١)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * قبل سنوات نشر شيخ الجامع الأزهر، محمود شلتوت، في مجلة " رسالة الاسلام " القاهرية مقالا في التفسير، فأورد الآية الشريفة " وأن تستقسموا بالأزلام " (المائدة / 3) التي تشير إلي هذه السنة الجاهلية المنهي عنها ويقرنها ب " الاستخارة " التي وردت في روايات معتبرة عن أهل البيت - عليهم السلام - والمتعارف عليها بين الشيعة.
فانبري المؤلف بأمر من المرجع الفقيد آية الله العظمي البروجردي - قدس سره - لكتابة هذه الرسالة ردا علي الشيخ شلتوت وتذكرة له، وبعث بها إليه.
يقوم الكاتب في هذه الرسالة بايراد تحقيق كامل عن الاستقسام بالأزلام ويثبت عدم مشابهته للاستخارة.
ومن جملة الأمور التي يذكرها المؤلف في نقد ما توهمه الشيخ شلتوت بهذا الخصوص هو أن المفسرين وإن اختلفوا في تفسير الاستقسام بالأزلام إلا أن القول المعتمد في تفسيره إن المشركين عند ما كانوا ينحرون بعيرا لأمر ما، كانوا يتوسلون بهذه الطريقة لمعرفة الشخص الذي يكون عليه دفع ثمن البعير، فأبطل الله تعالي تلك العادة الجاهية بانزال
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الجهل (1)، الإستخارة (1)
الآية المذكورة.
ان المؤلف، بما بذله من التدقيق والتمحيص بشأن " الاستخارة " يتوصل إلي اثبات أن الاختلاف بين الاستقسام بالأزلام والاستخارة كالاختلاف بين الشرك والتوحيد.
قسم الدراسات الاسلامية
(٢٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإستخارة (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين الذي ترك في أمته ما إن تمسكوا به لن يضلوا أبدا، كتاب الله، وعترته، أهل بيته، صلي الله عليه وعلي آله الطاهرين.
قال الله تعالي. " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح علي النصب وأن تستقسموا بالأزلام " 1.
قرأت في " رسالة الاسلام " 2 التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الكريم للأستاذ الشهير " الشيخ محمود شلتوت " 3، ووقفت فيه علي ما كتب حول تفسير هذه الآية الكريمة وقوله تعالي: " وأن تستقسموا بالأزلام "، وما اختاره فيه؟ وقد الحق فيما الحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الكريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت - عليهم السلام -، وزعم أن كل ذلك ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وأن القرآن المجيد يصير بذلك - والعياذ بالله - أداة الشعوذة.
(1) المائدة / 5.
(2) العدد الأول من السنة الخامسة.
(3) شيخ الأزهر الأسبق، توفي سنة 1383. وهذا النقد كتب في حياته عند ما نشر هذا العدد، وأرسل إليه وهذا الذي بيد قارينا العزيز هو ما ارسل إليه مع إضافات أضيفت إليه عند عرضه للطبع.
(٢٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، القرآن الكريم (2)، الكرم، الكرامة (2)، الطهارة (1)، الأكل (1)، العزّة (1)
ولا يخفي عليك أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو تركه، أو حكم الشرع برجحان فعله وتركه، ولا تنافي كرامة القرآن المجيد وكونه كتاب الهداية والارشاد بالتي هي أقوم، كما أنه لا ينافي ذلك التبرك به وبآياته، وقرائته لأجل الثواب، وحصول بعض المقاصد كشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الكثيرة المتواترة.
غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الافهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد ان لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينكر أثر التوكل والتفويض والدعاء والصدقة. ولذا تري بعضهم ينكرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، كقلب العص بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، وإحياء الموتي، وإبراء الأكمه والأبرص، ونصرة النبي - صلي الله عليه وآله - بالملائكة.
ومن لا ينكر ذلك منهم يؤوله، ويري الايمان به ضربا من الايمان بالخرافات، ويعد إنكاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلك في الكتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن - أعاذنا الله من شر هذه الثقافات -.
وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الايمان بالله وطلب الخير أو تعرفه منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفكير الاسلامي بشئ، فينكرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشركين وعاداتهم، وتارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع.
(٢٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأحكام الشرعية (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (1)، الشهادة (1)، الإستخارة (1)، التبرك (1)
هذا! ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، " وأن تستقسموا بالأزلام "، نذكر كلام الشيخ المذكور، ثم نتكلم حول تفسيرها بحول الله وقوته.
قال الشيخ محمود شلتوت: " ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الانسان احتفاظا يعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم كالطرق بالحصي، وضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الكريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما كان الله ليرضي أن يكون كتاب هدايته وإرشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أو مضلل أو محتال ".
أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: ان المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام.
وعلل بعضهم حرمة ذلك علي تضمنه العقيدة بالأصنام، ورده بعضهم بأن ذلك لم يكن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما كان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلك بأن هذا لا ينافي كون العلة تكريم الأصنام، فان الظاهر أن الأصل في ذلك عندهم أن يكون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، كما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمكن أن يكون لحرمته علل أخري.
وكيف كان، قال في لسان العرب: " قال الأزهري ":
الاستقسام مذكور في موضعه، والأزلام كانت لقريش في الجاهلية
(٢٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الجهل (1)، الإستخارة (2)
مكتوب عليها أمر ونهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الكعبة، يقوم بها سدنة البيت. فإذا أراد رجل سفرا أو نكاحا، أتي السادن، فقال: أخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الامر، مضي علي ما عزم عليه، وإن خرج قدح النهي، قعد عما أراده، وربما كان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرباه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما ".
وقال أبو البقاء في تفسيره: " كانت سبعة عند سادن الكعبة، عليها أعلام، كانوا يحكمونها (يجيلونها - خ ل)، فإن أمرتهم ائتمروا، وإن نهتهم انتهوا ".
وروي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: كانت هبل أعظم أصنام قريش بمكة، وكانت في بئر في جوف الكعبة، وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للكعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، كل قدح منها فيه كتاب - إلي أن قال: - كانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينكحوا منكحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشكوا في نسب واحد منهم ذهبوا به إلي هبل لمأة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به كذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا كما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فكأنهم يحكمونها أو يحكمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذكر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما كانوا فعلوه في المطاعم، وذلك أن الذبح علي
(٢٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، الضرب (1)، النهي (1)، الذبح (1)
النصب إنما كان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام كانوا يوقعونه عند البيت إذا كانوا هناك.
وقال بعضهم: وانما حرم ذلك لأنهم كانوا يحملون تلك الأزلام عند الأصنام. وهذا القول هو اختيار جمهور كما نقل الرازي في تفسيره، الا ان سياق الآية يأبي عن ذلك، فان الله تعالي قال في أول السورة: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " ثم ذكر استثناء أشياء بقوله تعالي:
" إلا ما يتلي عليكم ". وفي هذه الآية الكريمة ذكر تلك الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، وذكره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول وتوجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي وغيره، وقال: انه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، وهو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. وإلي هذا يرجع ما حكي عن مجاهد من أنه كعاب فارس والروم التي كانوا يتقامرون بها، وما حكي عن أبي سفيان بن وكيع من أنه هو الشطرنج.
وهذا القول إن كان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة - عليهم السلام -، وإن كان المراد منه تفسير الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، كما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت - عليهم السلام - الذين جعلهم النبي - صلي الله عليه وآله - عدلا
(٢٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الإختيار، الخيار (1)
للقرآن، وقال: " إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ".
وهذا القول كما في " مجمع البيان " وغيره، روي عن الامام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق - عليهم السلام -، وهو: " إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، وثلاثة لا انصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزؤونه اجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل وثمن الجزور علي من تخرج له التي لا انصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي ".
وذكر هذا القول، أبو السعود في تفسيره إلا أنه ترك التنويه بذكر قائله - عليه السلام -، فقال: وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الأنصباء المعهود. وذكره البيضاوي والسيوطي وغيرهما.
وقال الآلوسي في " روح المعاني ": وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الأنصباء المعلومة، اي طلب قسم من الجزور أو قسم الله تعالي منه، وهذا هو الميسر وقد تقدم ذلك. وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين - رضي الله تعالي عنهم -، ورجح بأنه يناسب ذكره مع محرمات الطعام، إنتهي كلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات. ومن هذا القليل يعرف المنصف أن الأمة لو تمسكوا بالكتاب و العترة، وأخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت - عليهم السلام -، أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم وتفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله - صلي الله عليه وآله - لم يأمر الأمة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلك.
(٢٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، القمار (اللعب بالقمار) (1)، علي بن إبراهيم (1)، علي بن الحسين (1)، جعفر بن محمد (1)، القرآن الكريم (1)، الطعام (1)، الضلال (1)
وقد فسر الزمان سر ذلك، فصدر منهم في المعارف الاسلامية والعلوم الحقيقية من التوحيد والتفسير والفقه والحديث والأخلاق والآداب وشرح معالم الانسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وقد اعترف بذلك الموافق والمخالف.
ثم إن من جميع ذلك يظهر أن لا وجه لالحاق الاستخارة بالقرآن المجيد وبحبات السبحة، بالاستقسام بالأزلام لوجود الفرق بين الاستقسام بالأزلام وبين الاستخارة. فان حقيقة الاستقسام علي القول الأول الذي ظهر لك ضعفه، يرجع إلي الشرك، واستعلام ما يكون في المستقبل، وطلب معرفة الخير والشر من الأصنام. والاستخارة حقيقتها، الدعاء، وطلب الحاجة، ومعرفة الخير من الله تعالي علام الغيوب.
والفرق بينهما، هو الفرق بين الشرك والتوحيد، مع أنه ليس في الاستخارة طلب معرفة ما يقع في مستقبل الحياة مثل الموت والمرض ووجدان الضالة وغيرها مما يكون مآله طلب معرفة الغيوب.
وإنما يستفاد منها إذا كان مؤداها الخير، أن الامر كيف وقع، ووقع أم لم يقع، يكون فيه الخير، وأن ما يقع هو أصلح الامرين أو الأمور.
ومثل هذا انما يؤثر في الاقدام علي الفعل أو تركه، ولهذا ورد النهي عن التفاؤل بالقرآن دون الاستخارة به. فان التفاؤل إنما يكون فيما سيقع كشفاء المريض وقدوم المسافر وغيرهما، بخلاف الاستخارة، فإنها طلب لمعرفة الرشد وما فيه الخيرة.
فعلي هذا الاستخارة بالقرآن الكريم وبالسبحة، ليس مخالفا للكتاب، ولا مانعا من هدايته وإرشاده للتي هي أقوم، ولو قلنا بالقول الأول في تفسير الاستقسام. واما بحسب القول الثاني والثالث، فلا ارتباط بين الاستقسام والاستخارة أصلا، ولا وجه لالحاقها به.
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (3)، الموت (1)، المرض (1)، النهي (1)، الإستخارة (5)، الحاجة، الإحتياج (1)
وبعد ذلك، فلا بأس بذكر بعض ما ورد في الاستخارة من الأحاديث فنقول: دلت الروايات من طرق العامة علي استحباب الاستخارة ومطلوبيتها:
فمنها: ما أخرجه أحمد والبخاري وغيرهما من أرباب السنن والمسانيد عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: " إذا هم أحدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك " الحديث.
ومنها: ما أخرجه أحمد في مسنده، ج 1 ص 168، قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " من سعادة ابن آدم، استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم، رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم، تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم، سخطه بما قضي الله عز وجل ".
وعن أنس بن مالك، لما توفي رسول الله - صلي الله عليه وآله -، قال: كان رجل ملحد، وآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا.
فبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه. فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له.
وهذا الحديث يدل علي أن الاستخارة بالسبحة جايز، لا إشكال في جوازها.
واما الاخبار من طرقنا. فأكثر من أن تحصي:
فمنها: ما رواه ثقة الاسلام في " الكافي " بسند صحيح، قال:
قال أبو عبد الله - عليه السلام -: " صل ركعتين، واستخر الله. فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار له البتة ".
ومنها: ما روي عن البرقي في " المحاسن " عن أبي عبد الله
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، جابر بن عبد الله (1)، أبو عبد الله (1)، أنس بن مالك (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (1)، الركوع، الركعة (2)، الإستخارة (2)
- عليه السلام -، قال: " قال الله عز وجل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، فلا يستخيرني ".
ومنها: ما روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله - - عليه السلام -، قال: قلت له: ربما أردت الامر، تفرق مني فريقان، أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني. قال: فقال: " إذا كنت كذلك، فصل ركعتين، واستخر الله مأة مرة ومرة، ثم انظر أجزم الامرين لك، فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله " وفي رواية عن أبي الحسن - عليه السلام -:
" ثم انظر أي شئ يقع في قلبك، فاعمل به " وفي رواية اليسع القمي عن أبي عبد الله - عليه السلام -: " انظر إذا قمت إلي الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يكون من الانسان إذا قام إلي الصلاة، أي شئ يقع في قلبك، فخذ به، وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي ".
وربما يستخار لرفع التحير وطلب تعرف ما فيه الخيرة بالسبحة، وهي أيضا مروية في طرقنا عن الصادق - عليه السلام -، وكذا بالرقاع، وهي أيضا مروية عن أبي عبد الله - عليه السلام -.
ومنها: ما روي عن أبي عبد الله - عليه السلام -: " إذا أراد أحدكم شيئا، فليصل ركعتين، ثم ليحمد الله وليثن عليه، ويصلي علي محمد وأهل بيته، ويقول: اللهم إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي، فيسره لي وأقدره، وإن كان غير ذلك، فاصرفه عني "، الحديث.
ومنها: ما روي في " الكافي " عن أبي جعفر - عليه السلام -، قال: " كان علي بن الحسين إذا هم بأمر حج وعمرة أو بيع أو شراء أو عتق، تطهر، ثم صلي ركعتي الاستخارة وقرء فيهما سورة الرحمان والحشر، والمعوذتين وقل هو الله أحد إذا فرغ وهو جالس في دبر الركعتين، ثم يقول:
(٢٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، سورة الرحمن (الرحمان) (1)، إسحاق بن عمار (1)، علي بن الحسين (1)، اليسع القمي (1)، الشقاء (1)، الركوع، الركعة (3)، الحج (1)، الصّلاة (2)، الطهارة (1)، الإستخارة (1)، البيع (1)
اللهم إن كان كذا وكذا خيرا لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله، فصل علي محمد وآله ويسره لي علي أحسن الوجوه وأجملها، اللهم وإن كان كذا وكذا شرا لي في ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله، فصل علي محمد وآله واصرفه عني ".
ومنها: ما روي عن محمد بن خالد انه سئل أبا عبد الله - عليه السلام - عن الاستخارة. فقال: " استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل، وأنت ساجد، مأة مرة ومرة "، قال: كيف أقول؟ قال " تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته " منها غيرها، مما هو مذكور في جوامع الحديث.
ولا يخفي عليك أنه يستفاد من مجموع هذه الأحاديث أن الاستخارة نوعان:
النوع الأول: مجرد طلب الخير بالدعاء، كما دلت عليه رواية محمد بن خالد.
النوع الثاني: طلب تعرف ما فيه الخير من الله تعالي، أو طلب العزم علي ما فيه الخيرة، كما دل عليه خبر اليسع القمي وأحاديث الاستخارة بالرقاع وبالقرآن المجيد وبالسبحة وحديث إسحاق بن عمار.
ومحل هذا النوع، تحير المستخير في أمرين مباحين، أو مستحبين، بل ومكروهين إذا لم يكن طريق رجحان أحدهما علي الآخر، لا من الشرع ولا من العقل، ولا من أحد يشاوره.
فإذا صار حاله كذلك، ولم يأت منه الجزم علي أحد الطرفين، يستخير الله تعالي لرفع تحيره وتحصيل الجزم علي أحد الطرفين، ويعمل علي مؤدي استخارته، ويبني علي أن ذلك هو الأرجح، كما أنه يصير أرجح أيضا من جهة أداء استخارته إليه وكونه عملا بما خار الله تعالي له.
(٢٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الليل (1)، إسحاق بن عمار (1)، اليسع القمي (1)، محمد بن خالد (2)، الإستخارة (1)
وليكن هذا آخر كلامنا في هذا البيان، ومن أراد التوسع في ذلك، فعليه بمراجعة جوامع الحديث وما كتب الأصحاب حول الاستخارة وآدابها وأنواعها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرره لطف الله الصافي الگلپايگاني
صفحه(٢٥٥)

تفنيد أكذوبة خطبة الامام علي الزهراء عليهما السلام

* (تفنيد أكذوبة خطبة الامام علي الزهراء عليهما السلام) *
(٢٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * لا يخفي علي من له إلمام بالتاريخ والحديث أن العلم والتاريخ والحديث تربي في حجر الحكومة بدلا عن أن تربي الحكومة في حجرها وأن سياسات الحكام الجائرة أثرت في نقل التاريخ ورواية الأحاديث، فنقل المؤرخون المأجورون تقربا إلي الحكام والطواغيت في التاريخ قصصا موضوعة وحكايات مفتعلة تؤيد سياساتهم كما أسقطوا عن الصحيح منها تارة وزادوا عليها أخري. وكذا دسوا في الأحاديث مالا أصل له و أسقطوا من بعضها وزادوا علي بعضها حسب ما ترتضيه سياسات الحكام. وقد وقع ذلك بالعمدة في الأحاديث المأثورة في فضائل أهل البيت - عليهم السلام - ومثالب أعدائهم من المنافقين والذين أخبر النبي - صلي الله عليه و آله - عن سوء حالهم في أحاديث الحوض فسعوا في ترك رواية تلك الطائفتين من الأحاديث أو تحريفها و إلا فتأويلها. ولذا لم يبق في الكتب التي ألفت في عصر ملوك بني أمية وبني العباس واشتهرت بين الناس و أصبحت من المصادر الحكومية الا النزر اليسير، وقد سعوا
(٢٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، بنو عباس (1)، بنو أمية (1)، النفاق (1)
أيضا في الأحاديث الراجعة إلي الفقه ونظامات الاسلام أيضا بترك الأحاديث المروية عن طرق أهل البيت حتي أمير المؤمنين علي - عليه السلام - إلا ما لا بد منه و استبدلت السياسة الرجال والعلماء بأفراد مأجورين مشبوهين معروفين بالفساد حتي عند أرباب تلك السياسات، وقد وقعت الأمة بذلك في محنة وبلاء عظيم.
ومن جملة ما دسوا في الأحاديث عداء لأهل البيت - عليهم السلام - أكذوبة خطبة الامام أمير المؤمنين علي الزهراء سيدة نساء العالمين - عليهما السلام - فاخترعوها و دسوها في بعض متون الأحاديث المتواترة المشهورة المروية بطرق كثيرة ومتون متقاربة التي مغزيها صحة موقفها و موقف الامام - عليهما السلام - قبال ما وقع بين الأمة في الحكم والنظام. وهذه رسالة وجيزة في بيان إبطال هذا الدس. والله الهادي إلي الصواب.
قسم الدراسات الاسلامية
(٢٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * وسلام علي عباده الذين اصطفي محمد وآله الطاهرين.
فهذه رسالة وجيزة في تفنيد أكذوبة خطبة الامام علي الزهراء - عليهما السلام -، كتبته ردا علي بعض نواصب العصر، وتقربا إلي الله ورسوله - صلي الله عليه وآله -، والله الموفق والهادي إلي الصواب.
ليس يخفي علي من له إلمام بكتب الحديث أن أعداء أهل البيت قد سعوا في إطفاء نورهم، وإبادة علومهم، وكتمان فضائلهم. وما بقي في جوامع الحديث من أحاديث فضائلهم، ليس إلا القليل منها، فتركوا رواية مناقبهم لأسباب سياسية. وكان في عصر الأمويين والعباسيين رواية الحديث في فضل علي وأهل بيته، من أكبر الجرائم، وكان من أهم الوسائل للتقرب إلي الحكام، وضع الأحاديث المشعرة بتنقيص أهل البيت ومدح آخرين، وفيما يكون مغزاه الاعتراف بشرعية الحكومات، وسيرة الخلفاء والامراء، وكانوا يعدون من أظهر العلائم لكون الرجل من أهل السنة، ميله عن أهل البيت، ومحبته للعثمانيين. 1 وكان أقل ما عملوا في ذلك، كتمانهم فضائل الإمام علي - عليه السلام - حتي أن أم المؤمنين عايشة تمتنع من التصريح باسم
(١) راجع في ذلك الكتاب " العتب الجميل " للحضرمي، و " النصائح الكافية " له، وكتابنا " أمان الأمة ".
(٢٦١)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الدولة الأموية (1)، الطهارة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)
علي - عليه السلام - في مثل حديثها في تمريض النبي - صلي الله عليه وآله وسلم -، وتقول: فخرج ويد له علي الفضل بن عباس، ويد له علي رجل آخر، وفي حديثها الآخر تقول: فخرج بين رجلين، تخط رجلاه في الأرض بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل اخر. 2 فتريها تصرح باسم الفضل وعباس، وتترك التصريح باسم علي - عليه السلام - مع أن في هذا ليس كثير فضل لمن هو من النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - بمنزلة هارون من موسي، وكان له مع رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - مشاهده المعروفة، ونزل في فضله ما نزل من الكتاب المجيد، ولا يبغضه إلا منافق، ولا يحبه إلا مؤمن، وهذا يدل علي شدة اهتمامهم لاخفاء مناقب أهل البيت، ومبالغتهم في ذلك. وازدادت شدتهم في عهد معاوية وملوك بني أمية وبني عباس، حتي ضربوا مثل عطية العوفي أربعمأة سوط وحلقوا لحيته لأنه أبي أن يسب أمير المؤمنين عليا - عليه السلام -، واستلوا لسان إمام العربية ابن السكيت لأنه لما خاطبه المتوكل وقال: من أحب إليك هما - يعني ولديه - أو الحسن والحسين؟ فقال: قنبر خير منهما. فأمر المتوكل باستلال لسانه، فاستلوه حتي مات، وقيل أمر الأتراك، فداسوا بطنه حتي مات.
ومن عجيب ما ادرج ودس في الأحاديث، أكذوبة خطبة أمير المؤمنين علي - عليه السلام - بنت أبي جهل علي سيدة نساء العالمين فاطمة البتول - عليهما السلام -، فزادوها علي الحديث المتواتر بين
(2) راجع صحيح البخاري، ص 21 و 22، ج 2، ط المطبعة العامرة س 1330.
وقال في حاشيته: قوله لم تسم عايشة، اي لم تذكر اسمه، ولم ترد ذكره وكانت - رضي الله عنها - واجدة علي سيدنا علي لما بلغها من قوله حين استشار نبينا - عليه الصلاة - في حديث الإفك " النساء سواها كثيرة "، انتهي. ولنا حول أحاديث عبيد الله بن عتبة بن مسعود مقال، ليس هنا محل ذكره.
(٢٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، بنو عباس (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، بنو أمية (1)، عطية العوفي (1)، الموت (2)، الجهل (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، الصّلاة (1)

شواهد موضوعية هذه القصة واختلاقها

الفريقين: " فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها " وفي رواية أخري " يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها "، كي تقبلها النفوس، وتقع مورد القبول، ولم يلتفتوا إلي ما يمس بهذه الزيادة كرامة مقام الرسالة، ومن لا ينطق عن الهوي.
ونحن مع الغض عما في هذه الزيادة من اضطراب المتن، وشده الاختلاف من حيث الألفاظ والمضامين، مثل ما في بعضها: " إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب "، وهذا لا يدل علي أنه - عليه السلام - خطبها، أو أراد خطبتها، وفي بعضها:
ان فاطمة أتت النبي - صلي الله عليه وآله -، وشكت من ذلك، وفي بعضها ليس ذكر عن أبي العاص، وغير ذلك مما يشهد بدس هذه الزيادة في الحديث مع ما في بعض رواتها من الانحراف عن علي - عليه السلام -، وكونه من الخوارج، وأتباع ابن الزبير والعثمانيين، نقول: تشهد بوضع هذه القصة واختلافها أمور:
الأول - عدم وجود هذه الزيادة في بعض طرق الحديث.
فأخرجه البخاري 3 هكذا: قال حدثنا أبو الوليد، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، ان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: " فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني ".
وأخرجه مسلم، قال: حدثني أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - " إنما فاطمة بضعة
(3) باب مناقب فاطمة.
(٢٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو الوليد (1)، الخوارج (1)، الشهادة (2)

الأول

الفريقين: " فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها " وفي رواية أخري " يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها "، كي تقبلها النفوس، وتقع مورد القبول، ولم يلتفتوا إلي ما يمس بهذه الزيادة كرامة مقام الرسالة، ومن لا ينطق عن الهوي.
ونحن مع الغض عما في هذه الزيادة من اضطراب المتن، وشده الاختلاف من حيث الألفاظ والمضامين، مثل ما في بعضها: " إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب "، وهذا لا يدل علي أنه - عليه السلام - خطبها، أو أراد خطبتها، وفي بعضها:
ان فاطمة أتت النبي - صلي الله عليه وآله -، وشكت من ذلك، وفي بعضها ليس ذكر عن أبي العاص، وغير ذلك مما يشهد بدس هذه الزيادة في الحديث مع ما في بعض رواتها من الانحراف عن علي - عليه السلام -، وكونه من الخوارج، وأتباع ابن الزبير والعثمانيين، نقول: تشهد بوضع هذه القصة واختلافها أمور:
الأول - عدم وجود هذه الزيادة في بعض طرق الحديث.
فأخرجه البخاري 3 هكذا: قال حدثنا أبو الوليد، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، ان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: " فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني ".
وأخرجه مسلم، قال: حدثني أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - " إنما فاطمة بضعة
(3) باب مناقب فاطمة.
(٢٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو الوليد (1)، الخوارج (1)، الشهادة (2)

الثاني

مني يؤذيني ما آذاها ". 4 الثاني - الظاهر أنه لا خلاف بين المسلمين في اختصاص هذا الحكم بفاطمة - عليها السلام - دون غيرها من أخواتها وساير النساء، ولم يفت أحد من أهل العلم فيما أعلم بعدم جواز النكاح علي ساير بنات رسول الله - صلي الله عليه وآله - وليس هذا إلا لما حازته - عليها السلام - من الفضلية والكرامة والدرجة الرفيعة عند الله تعالي، واختصاصها بفضائلها المشهورة، دون غيرها من النساء. ولو كان علة حرمة نكاح امرأة أخري عليها، اجتماع بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - وبنت عدو الله مكانا واحدا، لاشتركت معها في هذا الحكم أخواتها زينب ورقية وأم كلثوم، ولما يجوز نكاحهن من أبي العاص بن ربيع، وعتبة، وعتيبة ابني أبي لهب في حال كفرهم، بل لما يجوز نكاحهن بمن كان قبل الاسلام مشركا كافرا. فإنه إذا لم يجز تزويج امرأة مسلمة لكفر أبيها علي بيت رسول الله، ولا يجب الاسلام لها ذلك، لا يجوز نكاح بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - من مسلم كان قبل إسلامه مشركا، وكان أبوه وأمه أيضا مشركين، بل هذا أولي منه بهذا الحكم.
هذا مضافا إلي أن عثمان كان متزوجا بامرأة أخري، وتزوج معها رقية علي ما يظهر مما ذكره في الإصابة 5 في قصة إسلامه في ترجمة سعدي العبشمية، ولم ينقل انه طلق زوجته قبل نكاح رقية، ثم انه بعد وفاة رقية، تزوج أم كلثوم، ونكح علي رقية أو علي أم كلثوم رملة بنت
(٤) ج ٧، ط س ١٣٣٢، ص ١٤١.
(٥) ص ٤٢٧، ج 4، رقم 359.
(٢٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: تزويج أم كلثوم من عمر (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الزوجة (1)، الزوج، الزواج (1)، الجواز (2)

الثالث

عدو الله شيبة، ولا يتفاوت الامر في كون نكاحه رملة قبل عمرة القضية، أو في هذه السنة، فان عمرة القضية وقعت في سنة سبع، وموت أم كلثوم - رضي الله عنها - وقع في سنة تسع. ويشهد لذلك، أي لان عثمان كان متزوجا بامرأة علي بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - حديث مفارقته أهله في ليلة وفات أم كلثوم - رضي الله عنها - فعلي ذلك لا يستقيم أن يكون علة حرمة نكاح امرأة أخري علي فاطمة، ما ذكروه من عدم اجتماع بنت رسول الله وبنت عدو الله في مكان واحد.
الثالث - أتري عليا - عليه السلام - ناكحا ابنة أبي جهل لو طلب النبي وفاطمة - عليهما السلام - ترك نكاحها؟
أتري عليا يخالف النبي - صلي الله عليه وآله -، وفاعلا ما يغضبه؟ فإذا ما دعي النبي - صلي الله عليه وآله - بإعلان ذلك علي المنبر؟ وكيف لم يملك نفسه عن الغضب، وهو الذي قال الله تعالي في خلقه " أنك لعلي خلق عظيم " 6، مع ما في هذا الاعلان من تنقيص مجاهد الاسلام وابن عمه ووصيه والمدافع عنه بنفسه؟
حاشا رسول الله - صلي الله عليه وآله - وابن عمه من ذلك كله، وحاشا أن يستولي الغضب علي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - فيفعل ما لا يفعله إلا من لا يملك نفسه عند الغضب.
الرابع - إذا كان الزواج بامرأة أخري علي فاطمة - عليها السلام - حراما، وكان ذلك من خصايصها علي ما دل عليه
(6) القلم / 4.
(٢٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الزوج، الزواج (1)، الغضب (3)

الرابع

عدو الله شيبة، ولا يتفاوت الامر في كون نكاحه رملة قبل عمرة القضية، أو في هذه السنة، فان عمرة القضية وقعت في سنة سبع، وموت أم كلثوم - رضي الله عنها - وقع في سنة تسع. ويشهد لذلك، أي لان عثمان كان متزوجا بامرأة علي بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - حديث مفارقته أهله في ليلة وفات أم كلثوم - رضي الله عنها - فعلي ذلك لا يستقيم أن يكون علة حرمة نكاح امرأة أخري علي فاطمة، ما ذكروه من عدم اجتماع بنت رسول الله وبنت عدو الله في مكان واحد.
الثالث - أتري عليا - عليه السلام - ناكحا ابنة أبي جهل لو طلب النبي وفاطمة - عليهما السلام - ترك نكاحها؟
أتري عليا يخالف النبي - صلي الله عليه وآله -، وفاعلا ما يغضبه؟ فإذا ما دعي النبي - صلي الله عليه وآله - بإعلان ذلك علي المنبر؟ وكيف لم يملك نفسه عن الغضب، وهو الذي قال الله تعالي في خلقه " أنك لعلي خلق عظيم " 6، مع ما في هذا الاعلان من تنقيص مجاهد الاسلام وابن عمه ووصيه والمدافع عنه بنفسه؟
حاشا رسول الله - صلي الله عليه وآله - وابن عمه من ذلك كله، وحاشا أن يستولي الغضب علي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - فيفعل ما لا يفعله إلا من لا يملك نفسه عند الغضب.
الرابع - إذا كان الزواج بامرأة أخري علي فاطمة - عليها السلام - حراما، وكان ذلك من خصايصها علي ما دل عليه
(6) القلم / 4.
(٢٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الزوج، الزواج (1)، الغضب (3)

الخامس

بعض الأحاديث من طرق الشيعة أيضا 7، هل يمكن أن يكون علي وفاطمة - عليهما السلام - غير عالمين بهذا الحكم إلي هذا الوقت؟ وهل يوجد أرض من علي، وأسلم منه لله ورسوله؟ وهو الذي لم يسمع منه إلا التسليم المحض لله ولنبيه، ولم يذكر أحد أنه رد علي النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - في حكم، أو قضية، إذا فما معني هذه القصة؟ وما أريد من نقلها وافتعالها؟
الخامس - ومما يبعد ذلك أيضا، رواية علي بن الحسين - عليهما السلام - هذه الزيادة مع ما فيها من التلويح بتنقيص جده علي - عليه السلام -، بل وتعريض مقام جده رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - بما يجب أن ينزه عنه مقام الرسالة.
السادس - وأغرب من ذلك أن يقيس النبي - صلي الله عليه وآله - أبا العاص بن الربيع - الذي بقي في شركه إلي عام الحديبية، واسر مع المشركين مرتين، وفرق الاسلام بينه وبين زوجته بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله - فهاجرت مسلمة، وتركته لشركه، ولا يذكر التاريخ بعد اسلامه موقفا له في الاسلام غير كونه مع علي - عليه السلام - لما بويع أبو بكر - بأخيه وابن عمه أمير المؤمنين، مع سوابقه المحمودة ومشاهده المشهورة في نصرة الاسلام، ونصرة الرسول - صلي الله عليه وآله -، وفضائله ومكارم أخلاقه، ومع ما قال
(٧) راجع مناقب ابن شهرآشوب، ص ٣٣٠، ج ٣، ط المطبعة العلمية. وممن أفتي بذلك من أهل السنة عبد الله بن داود فراجع ذخائر العقبي للمحب الطبري، ص 38، ط 1356.
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن الحسين (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، محب الدين الطبري (1)، ابن شهرآشوب (1)

السادس

بعض الأحاديث من طرق الشيعة أيضا 7، هل يمكن أن يكون علي وفاطمة - عليهما السلام - غير عالمين بهذا الحكم إلي هذا الوقت؟ وهل يوجد أرض من علي، وأسلم منه لله ورسوله؟ وهو الذي لم يسمع منه إلا التسليم المحض لله ولنبيه، ولم يذكر أحد أنه رد علي النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - في حكم، أو قضية، إذا فما معني هذه القصة؟ وما أريد من نقلها وافتعالها؟
الخامس - ومما يبعد ذلك أيضا، رواية علي بن الحسين - عليهما السلام - هذه الزيادة مع ما فيها من التلويح بتنقيص جده علي - عليه السلام -، بل وتعريض مقام جده رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - بما يجب أن ينزه عنه مقام الرسالة.
السادس - وأغرب من ذلك أن يقيس النبي - صلي الله عليه وآله - أبا العاص بن الربيع - الذي بقي في شركه إلي عام الحديبية، واسر مع المشركين مرتين، وفرق الاسلام بينه وبين زوجته بنت رسول الله - صلي الله عليه وآله - فهاجرت مسلمة، وتركته لشركه، ولا يذكر التاريخ بعد اسلامه موقفا له في الاسلام غير كونه مع علي - عليه السلام - لما بويع أبو بكر - بأخيه وابن عمه أمير المؤمنين، مع سوابقه المحمودة ومشاهده المشهورة في نصرة الاسلام، ونصرة الرسول - صلي الله عليه وآله -، وفضائله ومكارم أخلاقه، ومع ما قال
(٧) راجع مناقب ابن شهرآشوب، ص ٣٣٠، ج ٣، ط المطبعة العلمية. وممن أفتي بذلك من أهل السنة عبد الله بن داود فراجع ذخائر العقبي للمحب الطبري، ص 38، ط 1356.
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن الحسين (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، محب الدين الطبري (1)، ابن شهرآشوب (1)
في حقه: " إن عليا مني، وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن بعدي، 8 وأما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبوة بعدي " 9، وقال له: " إن الله عز وجل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها، الزهد في الدنيا فجعلك لا تنال من الدنيا شيئا، ولا تنال الدنيا منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، ورضوا بك إماما، ورضيت بهم أتباعا. فطوبي لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فاما الذين أحبوك، وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك، ورفقاءك في قصرك، واما الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق علي الله أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة 10 " وقال: علي خير البشر، من شك فيه كفر (ع)، وفي رواية: فمن أبي فقد كفر (حظ) " 11، فحاشا رسول الله - صلي الله عليه وآله - ان يثني علي أبي العاص - رضي الله عنه - بما فيه التعريض بذم علي - عليه السلام - وحاشا رسول الله - صلي الله عليه وآله - أن ينسي مواقف الامام في الحروب ونجدته وبسالته وإيثاره نفس النبي علي نفسه، فمن كان أوفي بعهد رسول الله من الامام؟ ومن كان أدفع عن الاسلام منه؟
وأضف إلي ما ذكر: انك لا تجد في حياة النبي والامام والزهراء - عليهم السلام - مثيلا لهذه القصة، ولا ما يدفع استبعاد وقوعها في حياتهم، بل كلما سبرنا تاريخ حياة الرسول، وصهره العزيز، وبنته العزيزة، وجدنا حافلة بالشواهد والحكايات التي تكذب هذه القصة
(8) شرح النهج، ط مصر، ج 2، ص 450، ومصابيح السنة، ج 2، ص 275.
(9) صحيح مسلم، ج 7، ص 120.
(10) أسد الغابة، ج 4، ص 23.
(11) كنوز الحقائق، المطبوع بهامش الجامع الصغير، ج 2، ص 16، 17.
(٢٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، العزّة (1)، الزهد (1)، الصدق (1)، كتاب أسد الغابة لإبن الأثير (1)، كتاب صحيح مسلم (1)
جدا. فما أحسن من ترك هذه الزيادة - كالبغوي في مصابيح السنة -، واكتفي بتخريجه قوله - صلي الله عليه وآله -: " فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني، وفي رواية: يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها ".
فكأنهم تركوا هذه الزيادة لبعض العلل التي أشرنا إليها.
هذا ولعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد كلام حول هذا الحديث وقد نقل عن شيخه أبي جعفر الإسكافي كون هذه الزيادة من الموضوعات.
وقال السيد المرتضي في " تنزيه الأنبياء ": " هذا خبر باطل، موضوع، غير معروف، ولا ثابت عند أهل النقل - إلي أن قال - علي أن هذا الخبر قد تضمن ما يشهد ببطلانه، ويقضي علي كذبه من حيث ادعي فيه أن النبي - صلي الله عليه وآله - ذم هذا الفعل، وخطب بإنكاره علي المنابر، ومعلوم أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لو كان فعل ذلك علي ما حكي، لما كان فاعلا لمحظور في الشريعة، 12 لان نكاح الأربع حلال علي لسان نبينا محمد - صلي الله عليه وآله وسلم -، والمباح لا ينكره الرسول - صلي الله عليه وآله وسلم -، ولا يصرح بذمه، وبأنه متأذيه، وقد رفعه الله عن هذه المنزلة، وأعلاه عن كل منقصة ومذمة. ولو كان - عليه السلام - نافرا من الجمع
(12) لان علي قول من يأخذ بهذا الخبر، لم يكن نكاح امرأة علي فاطمة - عليها السلام - قبل نهيه - صلي الله عليه وآله محظورا، بل كان مباحا، لأنه لو كان محظورا لا يقدم عليه مثل علي بن أبي طالب - عليه السلام -. فليس مقبولا عند العقل ان ينكر النبي - صلي الله عليه وآله - علي من أراد فعل مباح قبل أن يصير ممنوعا في الشريعة، ويبالغ في إنكاره، بل يذمه علي ذلك، فان الأولي بل اللايق بخلقه الكريم ومقامه العظيم، أن يعلم ذلك عليا من غير ارتكاب هذه التعريضات.
(٢٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، مدرسة المعتزلة (1)، الشهادة (1)، الكرم، الكرامة (1)
بين بنته وبين غيرها بالطباع التي تنفر من الحسن والقبيح، لما جاز أن ينكره بلسانه، ثم ما جاز أن يبالغ في الانكار، ويعلن به علي المنابر، وفوق رؤس الاشهاد، ولو بلغ من إيلامه لقلبه كل مبلغ فما هو اختص في الحلم والكظم، ووصفه الله به من جميل الأخلاق وكريم الآداب ينافي ذلك، ويحيله، ويمنع من إضافته إليه وتصديقه عليه. وأكثر ما يفعله مثله في هذا الامر إذا ثقل عليه، أن يعاقب عليه سرا، ويتكلم في العدول عنه خفيا علي وجه جميل، ويقول لطيف.
وهذا المأمون الذي لا قياس بينه وبين الرسول - صلي الله عليه وآله وسلم - وقد أنكح أبا جعفر محمد بن علي - عليهما السلام - بنته، ونقلها معه إلي مدينة الرسول - صلي الله عليه وآله - لما ورد كتابها عليه تذكر أنه قد تزوج عليها أو تسري، يقول مجيبا لها، ومنكرا عليها: إنا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله تعالي. والمأمون أولي بالامتعاض من غيرة بنته، وحاله أجمل للمنع من هذا الباب، والانكار له.
فوالله إن الطعن علي النبي - صلي الله عليه وآله - بما تضمنه هذا الخبر الخبيث، أعظم من الطعن علي أمير المؤمنين - عليه السلام -. وما صنع هذا الخبر إلا ملحد قاصد للطعن عليهما، أو ناصب معاند لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع علي أصوله بالقدح والهدم.
علي أنه لا خلاف بين أهل النقل أن الله هو الذي اختار أمير المؤمنين - عليه السلام - لنكاح سيدة النساء - صلوات الله وسلامه عليها -، وأن النبي - صلي الله عليه وآله - رد عنها جلة أصحابه، وقد خطبوها وقال - صلي الله عليه وآله -: " إني لم أزوج فاطمة عليا حتي زوجها الله إياه في سمائه "، ونحن نعلم أن الله سبحانه
(٢٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الزوج، الزواج (2)، الطعن (2)، الصّلاة (1)
لا يختار لها من يغيرها، ويؤذيها ويغمها، فان ذلك من أدل دليل علي كذب الراوي لهذا الخبر.
وبعد فإن الشئ إنما يحمل علي نظائره، ويلحق بأمثاله، وقد علم كل من سمع الاخبار أنه لم يعهد من أمير المؤمنين - عليه السلام - خلاف علي الرسول - صلي الله عليه وآله - ولا كان قط بحيث يكره علي اختلاف الأحوال وتقلب الأزمان، وطول الصحبة، ولا عاتبه - عليه السلام - علي شئ من أفعاله مع أن أحدا من الصحابة لم يخل من عتاب علي هفوة ونكير لأجل زلة، فكيف خرق بهذا الفعل عادته. وفارق سجيته وسنته؟ - الخ ". 13 هذا وقد تلخص وتحصل من جميع ما ذكر، أن أكذوبة خطبة أمير المؤمنين - عليه السلام - بنت أبي جهل علي سيدة نساء العالمين - عليها السلام - أكذوبة اختلقها النواصب وأعداء أهل البيت - عليهم السلام - تكذبها سيرة رسول الله - صلي الله عليه وآله - وخلقه الكريم، وسيرة ابن عمه الإمام علي - عليه السلام -. فكل حالاته وسوابقه تشهد باختلاق هذه الأكذوبة.
قال الله تعالي: " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون " 14.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرره لطف الله الصافي
(١٣) راجع تنزيه الأنبياء، ص 173 - 171، ط سنة 1290.
(14) النحل / 105.
(٢٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الكذب، التكذيب (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الجهل (1)

حول البكاء علي سيدنا الحسين عليه السلام

* (حول البكاء علي سيدنا الحسين عليه السلام) *
(٢٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * حول البكاء علي مولانا سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين - عليه السلام - شهيد العبرة الأحاديث تجاوزت عن حد التواتر. فقلما يوجد موضوع وردت فيه الروايات بالحث والترغيب إليه كموضوع البكاء عليه وإظهار الحزن عليه وذكر مصائبه وإنشاد الشعر فيه.
وشعر الشيعة وأدبها وخلوصها في ولاء العترة الطاهرة بل وحياة الحق وروح التضحية لاقامته والدفاع عن حرمات الاسلام، والقيام في وجه الظلم والاستكبار و الاستضعاف تتمثل في الشعائر الحسينية، وهذه كلمة في فضيلة الالتزام بهذه الشعائر وأن الاحتفاظ بها احتفاظ بكيان الاسلام وانها كعلة مبقية لشريعة سيد الأنام - صلي الله عليه وآله -.
والسلام علي مولانا الحسين وعلي أولاده وأصحابه الذين واسوه بأنفسهم وبذلوا مهجهم فيه لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلي.
قسم الدراسات الاسلامية
(٢٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الشعائر الحسينية (1)، البكاء (2)، الشهادة (2)، الظلم (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * سلام الله عليكم يا أبا عبد الله!
يا سيد الشهداء!
يا منقذ الاسلام!
يا جمال الانسانية!
ويا من هدمت صروح المستكبرين، ونصرت الحق المبين بقيامك وتضحيتك نفسك الكريمة ونفوس أهل بيتك وأنصارك وأنصار الله وأنصار رسوله!
يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما!
أنتم والله معادن الحرية والكرامة، وشهداء الاسلام والحق والعدل ومبادئ الانسانية.
فلولا صوارمكم ووقع نبالكم * لم تسمع الآذان صوت بمكبر ولولا تضحياتكم لما قام للدين عمود، ولما أخضر للاسلام عود، ودلت الشريعة الإلهية، والرسالة المحمدية بالرجعة السفيانية، والجاهلية الأموية، والامارة الطاغوتية اليزيدية.
يا حسين الحق!
(٢٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الدولة الأموية (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (2)
يا حسين العدل!
ويا حسين القرآن!
يا بن رسول الله! نفسي لنفسك، ولنفس من يحبك، ويحب محبيك، ويسعد بزيارة قبرك، ويذكر مصائبك، ويبكي، ويبكي لها، وينوح عليك، الفداء يا بطل الاسلام!
أنت جددت فخر آل هاشم، وأسست مكتبا لا يغلق بابه أبدا.
وصيحاتك علي وجوه كل ظالم وغاشم وجبار، باقية مدي الدهر، تنذر الطواغيت ومستعبدة عباد الله بالخزي والخذلان.
الله أكبر! فما أكبر كلمتك الخالدة:
" إني لا أري الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا برما ".
لقد أكرمك الله تعالي يا سيدي بالشهادة، وأعدت باشتهادك في سبيل الله عز الاسلام.
فلا ينسي الاسلام وتاريخه ولا ينسي الانسانية مواقفك العظيمة.
ولا ينسي موقفك حين خاطبت والي المدينة المنورة، لما عرض عليك البيعة ليزيد، فقلت - صلوات الله عليك -:
" إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الرحمة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله ".
ولا ينسي ثباتك علي هذا المبدء الأصيل حتي في يوم عاشوراء الذي استشهد فيه شباب آل محمد ورجالات الاسلام وحماة الحق.
فلا ينسي موقفك العظيم في هذا اليوم حيث قلت - صلوات الله
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (1)، يوم عاشوراء (1)، المدينة المنورة (1)، سبيل الله (1)، القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (1)، البكاء (1)، الظلم (2)، الموت (1)، الصّلاة (2)، الشهادة (2)، الخلود (1)
عليك -:
" ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركزني بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة! يأبي الله ذلك لنا، ورسوله، والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس زكية، من أن نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام ".
الله أكبر! تاهت العقول في واقعة الطف، وفي معرفة أبطاله العظماء.
لقد أسس مولانا الحسين - عليه السلام - في يوم الطف مدرسته الكبري لكل من يريد الدفاع عن كرامة الانسان، ويحب الاستشهاد في سبيل الله، مدرسة لا تندرس تعاليمها وإرشاداتها، ولا تحمي آثارها.
يا أبا الشهداء!
يا جمال هذا الكون!
ويا نفحة الديان وصفوة الانسان!
علي رغم من قتلك، وقتل أصحابك، وأسر أهل بيتك، حرصا علي اجتثاث أصل الدين، وإطفاء نور الله، هذا لواء الاسلام يهتز في أرجاء البسيطة، وهذه شمس هدايته تشرق علي الأرض، وهذا صوت الاذان تسمع من المآذن والمذياعات في أوقات الصلوات، وهذه شعائر الاسلام تعظم في مشارق الأرض ومغاربها. كل ذلك ببركات نهضتك المقدسة، وإثارك الاسلام وأحكامه علي نفسك الكريمة، ونفوس أهل بيتك، وأصحابك - عليك وعليهم السلام -.
يا سيد الأحرار!
ويا معلم الشجاعة والغيرة والإباء!
(٢٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، يوم عاشوراء (2)، سبيل الله (1)، الكرم، الكرامة (2)، القتل (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)
هذه مجالس الشيعة ومحبي أهل البيت، وحقلاتهم تحيي بذكر مصائبك، وما تحملت في سبيل إعلاء كلمة الله من النوائب، وما علمت الانسانية من الدروس العالية في مدرسة كربلاء.
فذكراك، يا مولاي، ذكري الله تعالي، وذكري الرسول، وذكر والدك، بطل الاسلام، وذكري أمك، سيدة نساء العالمين، وذكري جميع رجالات الدين، وأنصار الحق، وحماة المستضعفين. لقد ظلمك بنو أمية وأتباعهم، واشتروا لأنفسهم اللعن الأبدي، كما ظلمك من أنكر فضيلة البكاء، والنياحة عليك، وإقامة المآتم وحقلات العزاء، وحركة المواكب والهيئات، مما جرت السيرة المتشرعة من الشيعة، خواصهم وعوامهم، عليه لما فيه من إحياء أمر أهل البيت - عليهم السلام -، والتأسي بهم. فهؤلاء - وإن ادعوا أنهم الشيعة -، ليس لهم التفكر الشيعي.
فالشيعة لا تشك فيما هو من ضروريات مذهبه، سيما إذا كان من مقومات مذهبه، ولا تشك فيما دلت السنة النبوية المروية من طرق الفريقين، والأحاديث المتواترة من طرق أهل البيت - عليهم السلام - علي مطلوبيته واستحبابه. لعن الله هذه الثقافة الغربية التي لا تهدف إلا إبعادنا عن الاسلام وعن أمجادنا وسنننا.
وإني لا يكاد ينقضي عجبي ممن يطلب مني ومن غيري تسجيل استحباب البكاء والتعزية، والابكاء، وإحياء الشعائر الحسينية، بكل شكل ونوع لم يكن منهيا عنه في الشرع، وقد أفتي به الأساطين، وسعوا في ترغيب الناس إليه، وألفوا فيه كتبا مفردة. فقلما تجد كثرة الروايات في موضوع من الموضوعات، مثل ما جاء في البكاء علي الحسين - عليه السلام -، والتباكي، والابكاء عليه، وإنشاء الشعر وإنشاده في مصائبه،
(٢٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، الشعائر الحسينية (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، بنو أمية (1)، البكاء (3)، الباطل، الإبطال (1)، الإقامة (1)
وإظهار الحزن عليه بكل نحو مشروع. وقد أخرج هذه الروايات في كل عصر وطبقة، الرواة الثقات ورجالات علم الحديث، وهي فوق التواتر، هذا مضافا إلي ما ورد من طرق العامة في ذلك.
ولا يخفي عليك يا أخي أن هذه الناشئة الخبيثة، التي هي من أذناب الاستعمار وعملائه، وتعد نفسها من أهل الثقافة، تريد صرف أذهان الناس عن هذه الشعائر، لأنها تحيي أمجادنا الاسلامية، وتوقظ شعور المسلمين، وتزين للنفوس التضحية في سبيل إحياء الحق، وتنفر الشعوب عن الظلمة والمستعمرين، وأولئك الذين اتخذوا الناس خولا، ومال الله دولا، ولا غرو فإن المستعمرين والطواغيت لا يرتضون سيرة الحسين - عليه السلام -، ولا يحبون إحياء ذكره، واهتداء الناس إلي مأساة كربلاء.
فهذه الشعارات الحسينية، وهذه الألوية التي تنصب علي بيوت التعزية، وتحمل مع الهيئات في الطرق والشوارع، تهدد كيان الظلمة والمستكبرين، وتشجع الشعوب للقيام والقضاء عليهم وإبطال باطلهم.
هذه الشعارات تقوي في النفوس حب الخير، وحب أولياء الله، وحب الشهادة في سبيل الله، وحب إعلاء كلمة الله، وحب أهل بيت رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وهل الايمان الا الحب؟
إذا فلا نعبأ بالاستعمار، ولا نتوقع من أذنابه تأييد هذه الشعائر، فكل إناء بالذي فيه يرشح.
فلا يضر التفكر الشيعي وأصالته الأصلية الاسلامية قول من يقول، عداء لأهل البيت - عليهم السلام -، ان الصفوية ابتدعوا هذه الشعائر، وحملوا الناس عليها، بعد ما دلت الأحاديث الصحيحة المتواترة علي أن النبي - صلي الله عليه وآله - والأئمة المعصومين - سلام الله
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، واقعة الطف (1)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، سبيل الله (1)، الشهادة (1)، الحزن (1)، الإناء، الأواني (1)
عليهم - هم الذين سنوا النياحة والبكاء والتباكي والابكاء علي مولينا الحسين عليه السلام -، وهم الأصل في الشعائر الحسينية، وهم الذين رغبوا الناس بذكراه وإنشاد الاشعار وغير ذلك، فصارت بذلك سنة إلي يوم القيامة لا يقدر علي محوها جبار ولا مستعمر ولا مستكبر. وبالجملة فلا تجد في عبادة مستحبة وعمل راجح ما ورد في ثواب النياحة والنوحة والبكاء علي سيدنا أبي عبد الله الحسين - عليه السلام -، وفي ثواب زيارة قبره، وكل ما يرجع إلي إحياء أمره من تذكر عطشه عند شرب الماء وتذكر مصائبه عند المصائب. ومن أنكر هذه الأمور فهو كمنكر الشمس في رائعة النهار.
فليس يصح في الافهام شئ * إذا احتاج النهار إلي الدليل وفي ختام هذه المقالة التي كتبتها عجالة وارتجالا، يعجبني أن أترنم بأبيات من قصيدتي باللغة الفارسية التي نظمتها لاظهار شدة شوقي إلي كربلاء وتقبيل تراب أقدام مجاوري روضة مولانا الحسين - عليه السلام -، وهي هذه:
كربلا! أي كربلا! أي كربلا! * قبله أحرار ومردان خدا پايگاه عشق وجانبازي تويي * مهد ايمان وسرافرازي تويي سر زمين غيرت ورادي تويي * مطلع أنوار آزادي تويي روشن از توتا ابد نور هدي خاك تو چشم ملك را توتيا كربلا، أي عاشقان راكوه طور * منبع فيضي ومحراب حضور از تو بانگ انقلاب آيد بگوش * واز تو خون مرد حق آيد بجوش قهرمانان تو از خرد وكبير * در شرافت، در فضيلت بي نظير خفته در تو جسم هفتاد ودوتن * در بلا ودر مصائب ممتحن مالكان ملك تلسيم ورضا * صابران بحر اندوه وبلا باده نوشان از خم روز ألست * جان بكف در رآه حق چون شير مست
(٢٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، مدينة كربلاء المقدسة (5)، يوم القيامة (1)، الشعائر الحسينية (1)، الإستحباب (1)، القبر (1)، الزيارة (1)
جان فدا كردند ودين راداشتند * در جهان تخم حميت كاشتند كربلا، أي شهر أنصار خدا * بارگاه همت وصبر ووفا پرچم دين از تو اندر اهتزاز * عاشقانرا سوي تو چشم نياز كربلا، أي وادي لب تشنگان! * در ره يزدان بخون آغشتگان همچو عباس توزاخوان صفا * كس نديده مرد ميدان وفا كربلا، أي عرش مجد واعتلا! * مشهد قرباني رآه خدا شاه مظلومان، حسين تشنه كأم * رهبر خوبان، امام ابن الإمام ديد چون دين از اثر افتاده است * وحي قرآن در خطر افتاده است ظالمان، حاكم بهرشهر وديار * روز مردم از ستم چون شام تار كرد بهر حفظ دين حق قيام * در زمين كربلا برزد خيام در رهش از أصغر وأكبر گذشت * از برادرهاي نام آور گذشت جان نثاري كردودين رازنده ساخت * رسم مردي وشرف پاينده سخات ظلم واستضعاف را محكوم كرد * روز ظالم را شب مظلوم كرد حرره أقل من أناخ مطيته بأبواب محبتي مولاه الحسين عليه وعلي أصحابه الكرام أفضل التحية والسلام.
لطف الله الصافي الگلپايگاني 24 - صفر الخير - 1392
(٢٨١)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة كربلاء المقدسة (4)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الظلم (1)، النوم (1)

حول آية التطهير

* (حول آية التطهير) *
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: آية التطهير (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * لا يخفي أن من أشهر الآيات التي تثبت بها طهارة أهل البيت - عليهم السلام - من رجس المعصية والخطأ آية التطهير التي دلت الروايات المتواترة المخرجة في كتب الحديث والتفسير علي أن المراد منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة و الامامان السبطان الحسن والحسين - عليهم السلام - ثم من بعدهم من قام مقامهم إلي خاتم الأئمة الاثني عشر مولانا المهدي المنتظر ابن الحسن العسكري بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام -.
وقد حاول بعض المعادين للعترة الطاهرة لما رأي عدم امكان إنكار نزولها فيهم لمكان هذه الروايات المتواترة عند الفريقين نفي دلالتها علي عصمتهم التي دلت عليها غيرها من الأدلة العقلية والشرعية أيضا، فأنكر دلالة الآية علي عصمتهم إذا كانت الإرادة فيها التكوينية، واما التشريعية فزعم انها تعم جميع المكلفين ولا تدل علي عصمتهم هذا وقد آلف المحققون من العلماء حول مفاد الآية
(٢٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، علي بن موسي بن جعفر بن محمد (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الطهارة (1)
وأن الإرادة فيها هي التكوينية وسائر الأدلة التي أقيمت علي عصمتهم كتبا مفردة وأثبتوا دلالة الآية علي فضيلتهم و عصمتهم، وعدم منافاة كون عصمتهم بالإرادة التكوينية وكونها من أعظم فضائلهم بما لا مزيد عليه.
ومع ذلك فهذه رسالة تثبت فيها دلالة الآية علي عصمتهم وإن تنزلنا عن كون الإرادة تكوينية وقلنا بأن المراد منها الإرادة التشريعية لم يسبق - فيما نعلم - مؤلفها بهذا البيان غيره فطالعه واغتنمه. قسم الدراسات الاسلامية
صفحه(٢٨٦)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي سيد رسله أبي القاسم محمد، وآله المطهرين المعصومين.
من الآيات التي استدل بها علي عصمة سادتنا الأئمة الهداة الميامين - عليهم أفضل صلاة المصلين -، وطهارتهم عن كل رجس، آية التطهير.
قال الله تعالي: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ". 1 وجه الاستدلال بها، مضافا إلي الأخبار الكثيرة المتواترة التي أخرجها أعلام المحدثين وأكابر المفسرين، من العامة والخاصة، في كتب الحديث والجوامع والمسانيد وكتب التفاسير عن النبي - صلي الله عليه وآله - وأهل بيته وأصحابه، أن لفظة " إنما " محققة لما ثبت بعدها، نافية لما لم يثبت.
والإرادة التي جاءت في الآية الكريمة، هي الإرادة الحتمية والتكوينية التي يتبعها التطهير، دون الإرادة المخصة والمطلقة التي ربما يعبر عنها بالإرادة التشريعية.
(1) الأحزاب / 33.
(٢٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية التطهير (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (2)
وذلك لأنه تعالي أراد التطهير عن الأرجاس عن جميع المكلفين بالإرادة المطلقة والتشريعية، فأمرهم بكل ما ينبغي أن يفعلوه، ونهاهم عن كل ما ينبغي أن يتركوه. والآية الكريمة تدل علي اختصاص الإرادة المذكورة فيها بأهل البيت - عليهم السلام -، دون غيرهم، فلا تكون الإرادة إلا الإرادة الحتمية التي يتبعها التطهير لا محالة.
وأيضا لا ريب في أن هذا التعبير الصريح في اختصاصهم بهذه الإرادة، صريح في المدح والتعظيم لأهل البيت - عليهم السلام -. وإذا كانت الإرادة غير حتمية، لا مدح لهم بها، ويختل نظام الكلام المنزه عنه كلام العقلاء، فضلا عن كلام الله تعالي.
وعليه، فلا مناص من القول بأن المراد منها هي الإرادة المستتبعة للتطهير وإذهاب الرجس.
وبذلك، يدفع توهم شمول الآية لغير أهل البيت - عليهم السلام - ممن ثبت عدم عصمتهم، كأزواج النبي - صلي الله عليه وآله -.
ومما يدل علي أن الإرادة هي الإرادة الحتمية، ان متعلق الإرادة في الآية إذهاب الرجس عنهم، الذي هو فعل الله تعالي، والإرادة التي تتعلق بفعله تعالي حتمية لا تتخلف عن المراد. ففرق بين ما يكون المراد فعله تعالي وبين ما يكون فعل غيره المختار.
فإذا كان متعلق الإرادة فعل الغير المختار، يصح أن تكون هي التشريعية، كما يجوز أن تكون التكوينية، وإن كان الظاهر من موارد الاستعمالات بلا قرينة صارفة هي الأولي.
وإذا كان متعلق الإرادة فعل الله تعالي، أو صدور الفعل عن غيره المختار بدون اختياره، كانت الإرادة حتمية لا تتخلف عن المراد،
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجواز (1)
وإلا لزم إسناد العجز إلي البارئ سبحانه وتعالي شأنه، المنزه كل عجز ونقص، والمتعالي عن ذلك علوا كبيرا.
ولا يخفي عليك أن في الآية ضروبا من التأكيد في المدح والتعظيم لأهل البيت - عليهم السلام -، كما يدل قوله " تطهيرا " أيضا علي عظم شأن هذا التطهير.
ان قلت: علي هذا إذا كان إذهاب الرجس عنهم بفعل الله تعالي وإرادته، الحتمية، كيف يوجه مدحهم وتفضيلهم علي غيرهم لأمر لم يكن من فعلهم ولا باختيارهم؟
قلت: إن عنايات الله الخاصة، بل والعامة، لا تشتمل إلا من له قابلية قبولها، وهو - عز وجل - أعلم بمحالها ومواردها:
قال الله تعالي: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ". 2 وقال - جل شأنه -: " الله أعلم حيث يجعل رسالته ". 3 وقال - سبحانه وتعالي -: " أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم ". 4 وهذا كالتوفيق والخذلان، فلا يفوز بالتوفيق من الله الذي هو ولي التوفيق، إلا من كانت له أهلية ذلك، كما لا يصيب الخذلان إلا من جعل نفسه في معرضه.
قال الله تعالي: " ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأي أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون ". 5
(2) الحجر / 21.
(3) الانعام / 124.
(4) الزخرف / 32.
(5) الروم / 10.
(٢٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)
فهذه أمور مرتبطة بالشؤون الربوبية، واستصلاح حال العباد، وما تقتضيه الحكمة الإلهية، وهو العالم بها وبمواردها، وهو الحكيم العليم الفياض الوهاب الجواد الذي لا يبخل، ولا ينفد خزائنه، ولا يمنع فيضه عمن له أهلية ذلك.
ألا تري اختلاف الناس في الاستعدادات والقوي النفسانية و الجسمانية؟ فالله تعالي أعطي من أعطاه من قوة الدرك والشعور بحكمته، ولأنه أهل لقبول عطيته وأخذ موهبته، ولم يحرم من لم يعطه ذلك، ولم يبخس حقه، بل أعطاه بقدر استعداده وظرفيته.
ونعم ما قاله الشاعر بالفارسية:
آنكه هفت إقليم عالم را نهاد * هر كسي را آنچه لايق بود داد گربر يزي آب را در كوزه أي * چند گنجد قسمت يكروز أي آب كم جوتشنگي آور بدست * تا بجوشد آبت از بالا وپست ثم إن بعض أهل الأهواء، والمغترين بالثقافة الغربية، ومن حذا حذوهم ممن نعتوا أنفسهم بالثقافة والتنور الفكري - وما هم بذلك -، زعم أن الإرادة لو كانت تشريعية، - ليكون أهل العصمة وغيرهم سواء - لكان اجتنابهم عن المعاصي والقبائح بالاختيار أدل علي فضيلتهم وكمال نفوسهم من اجتنابهم عن المعصية بصفة انهم معصومون، وان الله أراد عصمتهم عن المعاصي. وبهذا البيان المزخرف أراد نفي دلالة آية التطهير علي عصمتهم، وإنكارها من الأصل.
والجواب عن هذا الزعم الفاسد انه لا ملازمة بين العصمة وعدم الاختيار، ولا منافاة بينها وبين الاختيار، فإن الإرادة الحتمية والتكوينية تارة تتعلق بفعله وما يصدر عنه بلا واسطة أمر بينه وبين المراد، وبعبارة أخري تتعلق بوقوع أمر بدون واسطة أمر آخر، سواء كان في خارج عالم
(٢٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: آية التطهير (1)، المنع (1)، الجود (1)

تحقيق دقيق

الاختيار والأسباب والمسببات، أو في عالم الاختيار والأسباب، فلا تتخلف الإرادة عن المراد حتي إذا كانت متعلقة بأمر اختياري لولا هذه الإرادة، وبماله أسباب كثيرة، لأنه بعد ما أراد وقوعه مطلقا، أو بدون واسطة الأسباب واختيار فاعل مختار، يقع لا محالة كما أراد، وأخري تتعلق بما يصدر عن العبد بالاختيار، أو بوقوع ما يكون له أسباب متعددة كذلك أعني باختياره وبواسطة الأسباب. ففي مثله، حصول المراد وتحققه، وعدم تخلف الإرادة عن المراد، إنما يكون بصدوره عن العبد بالاختيار، وبكونه مسببا لهذه الأسباب. ففي هذه الصورة، لا تنافي بين إرادته المتعلقة بما يقع في عالم الاختيار، والأسباب والمسببات وتوسط الوسايط والأسباب، بل لو وقع بغير اختيار العبد أو تأثير الأسباب، لكان من تخلف المراد عن إرادته.
وبناء علي هذا، نقول: إن قضية إذهاب الرجس عنهم - عليهم السلام -، وتعلق إرادته تعالي به التي لا تتخلف عن مراده، هي عصمتهم وعدم صدور القبائح منهم وطهارتهم عن الأرجاس، حال كونهم مختارين في الفعل والترك، غير مقهورين محفوفين بشواغل عالم الطبيعة مما يدعو النفوس إلي الانصراف عن الملأ الأعلي، والاشتغال بذكر الله تعالي.
تحقيق دقيق ولنا تحقيق دقيق في سد ثغور دلالة هذه الآية علي عصمة الأئمة - عليهم السلام -، ألهمنا الله تعالي ببركة ما حققه الرجل الإلهي الفريد في عصره الامام في العلوم الاسلامية، سيدنا الأستاذ البروجردي - أعلي الله في الفردوس مقامه - في مباحثه في أصول الفقه، في مبحث
(٢٩١)
صفحهمفاتيح البحث: أصول الفقه (1)، الإختيار، الخيار (2)
الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، ورفع التنافي المتوهم بينهما، نذكره مماشاة لمن يصر علي كون الإرادة في الآية تشريعية.
فنقول مستمدين العون من الله تعالي:
إعلم أن الإرادة التشريعية هي عبارة عن الحكم بالشئ بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، أعني الأمر والنهي، والطلب والزجر، ليكون الامر داعيا للمأمور إلي فعل ما امر به، وزاجرا له عن فعل ما نهي عنه.
وبعبارة أخري هي إنشاء ما يصلح لان يكون داعيا إلي فعل المأمور به، وزاجرا له عن فعل المنهي عنه، لان ينبعث نحو الفعل من ينبعث بأمره، وينتهي عن الفعل من ينتهي بنهيه، ويتم الحجة علي غيره ممن يستخف بأمره ولا يعتني به.
وهذا أمر يجتمع مع الإرادة الحقيقية والجدية التي التي هي روح الحكم تارة، ويفترقها أخري. فإذا علم المولي من حال عبده أنه ينبعث بأمره وينزجر بنهيه، وان أمره يدعوه إلي طاعته وامتثاله، يريد منه بالإرادة الجدية، والطلب الحقيقي فعل ما أمره به، وترك ما نهاه عنه.
فأمره ونهيه وبالنسبة إلي هذا العبد يكون حقيقيا جديا.
وإذا علم من حاله أنه لا يؤثر فيه أمر المولي، ولا يحركه بشئ، ولا يصير داعيا له نحو الإطاعة والامتثال، فلا يعقل أن يكون أمره أو نهيه بالنسبة إلي هذا العبد حقيقيا، ولا يقترن مثل هذا الأمر والنهي بالإرادة الجدية من الآمر والناهي.
فالامر والطلب في الصورة الأولي يكون حقيقيا مجامعا للإرادة الجدية، وفي الصورة الثانية يكون صوريا، ولاتمام الحجة وقطع العذر.
وبالجملة، فلا يعقل إرادة الانبعاث الجدية والطلب الحقيقي ممن يعلم أنه لا ينبعث بأمر المولي. فلا يعقل أن يقول: " قم "، أو
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (3)، البعث، الإنبعاث (3)
" لا تزن "، أو لا تشرب الخمر "، ويريد القيام، وترك الزنا، وترك شرب الخمر بالإرادة الجدية ممن يعلم أنه لا ينبعث بهذا الامر، ولا يأتمر به، ولا ينزجر عن الزنا وشرب الخمر، ولا ينتهي بنهيه عنهما، حتي لو كان المولي من الموالي العرفيين، ولم يعلم ذلك من العبد، واحتمل في حقه تأثير أمره فيه وانبعاثه به وتحريكه نحو الفعل، لا تتأتي منه الإرادة الجدية بمجرد ذلك الاحتمال، بل إنما يأمر وينهي برجاء انبعاث عبده، أو انتهائه.
والحاصل انه لا يعقل تعلق الإرادة الجدية والطلب الحقيقي بصدور فعل عمن يعلم المريد أنه لا يفعله. والامر أو النهي في هذه الصورة لا يكون إلا صوريا.
وما ذكرناه يستفاد من كثير من الآيات القرآنية الكريمة كقوله تعالي: " لينذر من كان حيا ويحق القول علي الكافرين ". 6 وقوله تعالي: " إنما تنذر من أتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة واجر كريم ". 7 وقوله تعالي جده: " رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ". 8 وقوله سبحانه: " ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة ". 9 فإرادة قبول الانذار من المنذر، والانذار بقصد أن ينذر المنذر لا يكون حقيقيا إلا إذا كان المنذر ممن اتبع الذكر، وخشي الرحمان بالغيب، ويؤثر فيه الانذار. أما من لم يؤثر ذلك، ولا ينذر بالانذار،
(6) يس / 70.
(7) يس / 11.
(8) النساء / 165.
(9) الأنفال / 42.
(٢٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: شرب الخمر (2)، الزنا (2)، الكرم، الكرامة (2)، الحج (1)، البعث، الإنبعاث (1)، النهي (1)، الهلاك (1)
فإنذاره ليس إلا صوريا ولرفع عذره، ولئلا يكون له علي الله حجة.
هذا وإن شئت، قلت: إن الإرادة التشريعية علي ضربين:
ضرب منها ما يعلم المريد من حال المراد منه أنه ينبعث نحو المأمور به بأمره، ويحركه ويصير داعيا له، فيطلب منه ذلك بالطلب الحقيقي والإرادة الجدية.
وضرب منها ما يعلم المريد من حال المراد منه أنه لا يتأثر بأمره، فيحكم بأمره أو نهيه بما ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، وينشئ ما يصلح أن يكون داعيا له، ولكن لا طلب له حقيقيا في هذه الصورة، ولا يريد انبعاث المأمور بهذا الامر بالإرادة الجدية، بل لا يصح إطلاق الطلب والإرادة علي ذلك بنحو الحقيقة، إلا مجازا وبالتمحل، بخلاف الأول، فإن إطلاق الطلب والإرادة، وانه مريد وطالب، يكون علي نحو الحقيقة.
وعلي هذا نقول: إن الإرادة المذكورة في الآية، وإن كانت تشريعية، إلا انها من النوع الأول الذي أراد الآمر والناهي بالإرادة الجدية والطلب الحقيقي، انبعاث المأمور، وأمره ونهيه يصدر منه بداعي انبعاثه، وصراحة الآية في ذلك، ان الإرادة المذكورة ليست من النوع الثاني، في غاية الوضوح.
وإن أبي المعاند كل ذلك أيضا، وقال: إن الإرادة التشريعية عامة تشمل جميع المكلفين، المطيعين والعاصين، علي السواء، قلنا:
لا تنازع في الألفاظ والأسماء والاصطلاحات، وقد قيل من قديم " لا مشاحة في الاصطلاح ". فعرف الإرادة التشريعية بما شئت، وقل:
إن الإرادة التشريعية هي جعل يصلح لان يكون داعيا للعبد أو زاجرا له، أو إنشاء ما له قابلية الداعوية وبعث العبد نحو الفعل أو الترك.
(٢٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الحج (1)، البعث، الإنبعاث (1)
إلا إنك تعلم أن هذا مجرد الاصطلاح، ولا يحصر مفهوم الإرادة في ذلك، ولا ينفي ما هو واقع الامر، وهو أن المولي إذا علم من حال عبده أنه ينبعث بأمره ويتحرك بإرادته التشريعية، يطلب منه ما أمره به بالطلب الحقيقي، وبالإرادة الجدية، وإذا علم من حاله أنه لا ينبعث بذلك، ولا يؤثر أمره ونهيه في تحريكه أو امتناعه، لا يطلب منه ما أراده بالإرادة التشريعية حقيقة، ولا يعوه نحو فعل ما أمره به بداعي أن يفعله، بل يدعوه بداعي أن يتم عليه الحجة، وهذا ما نسميه بالامر الصوري، ومن راجع وجدانه يعرف منه ذلك.
بل يصح أن نقول ان إطلاق الإرادة علي التشريعية اطلاق مجازي، بخلافه علي الإرادة الجدية، فإنه إطلاق حقيقي.
وبالجملة، فهل يمكنك إنكار الإرادة الجدية بالمعني الذي تلوناه عليك؟
وهل يمكنك أن تقول انها تتعلق بما لا تؤثر الإرادة التشريعية في الانبعاث نحوه؟
وهل يمكنك إنكارها وتعلقها حقيقة بالانبعاث، وبوقوع الفعل عن العبد إذا كان الامر والطلب والإرادة التشريعية مؤثرا في بعث العبد أو زجره؟
وهل يمكنك أن تقول بعد ذلك: ظهور الإرادة المذكورة في الآية الإرادة التشريعية، دون الإرادة الجدية، مع عدم وجود قرينة صارفة عن المعني الحقيقي، ووجود الشواهد في الكلام علي أن المراد بالإرادة هي الجدية؟
وإن شئت قل: إن الإرادة علي قسمين: جدية، وتشريعية.
فالتشريعية عبارة عن طلب التكاليف من جميع المكلفين علي السواء بإنشاء ما يصلح أن يكون داعيا لهم والحكم بما ينبغي أو يجب أن يفعل
(٢٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
أو لا يفعل.
والجدية علي ضربين: تكوينية، وغير تكوينية. فالتكوينية منهما ما يتعلق بكون الشئ بدون واسطة فعل فاعل مختار، وغير التكوينية ما يتعلق بفعل فاعل مختار، إذا علم من حاله تحركه وانبعاثه بالطلب منه.
وبعد كل ذلك نقول: إن الله تعالي، وإن قطع بالإرادة التشريعية عذر عباده، وأنشأ بأوامره ونواهيه ما يصلح أن يكون داعيا للجميع نحو الفعل المأمور به، أو زاجرا لهم عن الفعل المنهي عنه، وجعل الكل في ذلك سواء، إلا أن المستفاد من الآية الشريفة انه لعلمه بحال هذه الذوات المقدسة أنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وما يشاؤون إلا أن يشاء الله، أراد بالإرادة الجدية - لا التكوينية - انبعاثهم نحو جميع الطاعات، وانزجارهم عن جميع المنهيات. فأمرهم بما أمرهم، ونهاهم عما نهاهم، لا لان يكون هذا الأمر والنهي لقطع العذر وإتمام الحجة عليهم، بل لانبعاثهم نحو ما أمروا به، وانزجارهم عما نهوا عنه، وليكون باعثا وداعيا لهم للامتثال تطهيرا لهم عن جميع الأرجاس.
وقد أخبرنا بذلك في هذه الآية الكريمة إعلاما بجلالة قدرهم، وعلو شأنهم، وسمو مقامهم، وكمال نفوسهم.
وعلي هذا، دلت الآية الشريفة علي أن فيهم ملكة قبول كل ما أمر الله تعالي به ونهي عنه، والاهتداء بهديه. ومن كان حاله هذا، يريد الله تعالي إذهاب الرجس عنه، ويوفر له أسباب التوفيق، ويخصه بعناياته الخاصة، ويجعله تحت رعايته الكاملة، يلهمه كل خير، ويميز له كل شر، لا يدعه في حال من الحالات، ولا في شأن من الشؤون، يختاره ويصطفيه من بين عباده، وهو القادر علي ما يريد، وبكل شئ عليم، لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.
(٢٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: النهي (1)، الكرم، الكرامة (1)، البعث، الإنبعاث (1)
لا يقال: ما ذكرت، حاصل لغير هؤلاء الذوات الكريمة أيضا من الذين يخشون الرحمان بالغيب، ويتبعون الذكر، ويقبلون المواعظ بحسب مراتبهم ودرجاتهم.
فإنه يقال: نعم، نحن نعرف كثيرا من الناس علي بعض مراتب تلك الصفة السامية، والملكة العالية القدسية، مطيعين لله، خائفين منه، أهل الخضوع والخشوع وقيام الليل، معروفين بالعدالة والزهد، ولكن لا نعرف علي صفة العصمة غير من شهد الله تعالي له بذلك، لان العصمة المطلقة لا تعرف إلا من طريق الوحي، والارتباط بعالم القدس والملكوت الاعلي.
وقد عرفنا الله تعالي في هذه الآية أهل البيت - عليهم السلام -، وأخبرنا بطهارتهم عن الأرجاس، وعصمتهم.
صلوات الله عليهم أجمعين، ورزقنا الله اتباعهم، والاقتداء بهم، وأماتنا بحبهم وولايتهم، ولا يفرق بيننا وبينهم طرفة عين أبدا في الدنيا والآخرة، إنه الكريم المتفضل الوهاب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 16 صفر الخير / 1403 حرره تراب أقدام محبي أهل البيت عليهم السلام:
لطف الله الصافي الگلپايگاني
(٢٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (2)، الشهادة (1)، الزهد (1)

حول تفسير آية الانذار وأحاديث يوم الدار

* (حول تفسير آية الانذار وأحاديث يوم الدار أو بدء الدعوة) *
(٢٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: آية الإنذار (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * الآيات النازلة في أهل البيت - عليهم السلام - سيما في فضائل أمير المؤمنين الامام أبي الحسن علي - عليه السلام - كثيرة جدا ذكرها الفريقان في كتبهم في أسباب النزول والتفسير وأفرد بعض الاعلام والحفاظ من أهل السنة كالحاكم الحسكاني في " شواهد التنزيل " كتبا في ذلك. ورغم جد أعدائهم في المنع عن رواية الأحاديث حول تفسير هذه الآيات أو تأويلها لم تخلص كتب الجوامع والمسانيد التي صنفت تحت إشراف هذه السياسات و رقابتها عنها.
ومن هذه الآيات آية الانذار التي تقرأ بعض ما يتعلق بها في هذه الرسالة المسماة " حديث يوم الدار " وتعرف أن إنكار ما ورد في شأن نزولها، مما يدل علي خلافة علي - عليه السلام - شنشنة أخزمية وخصلة أموية حركها بغض الامام - عليه السلام - الذي هو من أظهر آيات النفاق، قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق.
قسم الدراسات الاسلامية
(٣٠١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، آية الإنذار (1)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) * قال الله تعالي: " وأنذر عشيرتك الأقربين ".
الشعراء / 214 لا يزال يأتينا من الناصبة، وبقية الفئة البغية، والمرتزقة الذين يعيشون في أحضان الاستعمار - وهمهم الوحيد التفرقة بين المسلمين، وإشغالهم بخلافات مستحدثة، كيلا يلبوا دعوة المصلحين وعباقرة الأمة إلي توحيد الكلمة - ما يجرح العواطف، ويثير الفتنة والتباغض والتخالف، مما لا ربح فيه إلا للأعداء، ولا يزيدنا إلا الضعف والفشل.
وهذا إن دل علي شئ، فإنما يدل علي أنهم جعلوا أصابعهم في آذانهم، حتي لا يسمعوا صرخات المصلحين، لأنهم لا يحبون استيقاظ أمتنا الكبيرة التي لو استيقظت من نومتها، وعرفت صلاحياتها وطاقاتها وامكانياتها، لقامت بوجه كل استكبار واستضعاف، وقضت عليه ورفعت راية التوحيد، وأسست المدنية علي النظام الإلهي الخالص من الظلم والانظلام، وسلب الحريات التي منحها الله تعالي الانسان في شرايع الأنبياء، سيما الشريعة الاسلامية الخاتمية.
اي نعم: لو التفت الجيل الحاضر المسلم إلي مستقبله وإلي حاضره، وما يجري في العالم، وما أحاط البشرية من المشاكل التي فرضتها عليها الصهاينة وأذناب الاستعمار، والتبشير والالحاد وعبدة لنين
(٣٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الدار (1)، يوم عرفة (1)
وماركس، أدرك ما يجب عليه من القيام بابلاغ رسالة الاسلام لانقاذ البشرية والسعي للقضاء علي كل سلطة وسيطرة ألا سلطة أحكام الله تعالي، ويدك بذلك عروش الجبابرة والمستكبرين ويهدد كيانهم.
ولعمر الحق، ما علي البسيطة شئ أشد خطرا علي الاستكبار العالمي من تيقظ المسلمين من رقدتهم، واعتصامهم بحبل الله تعالي.
إذا فلا عجب من وقوفهم بوجه المصلحين وسعيهم في تفرقة كلمة المسلمين وتجزئة بلادهم ليكون كل إقليم ومنطقة تحت أمر حاكم عميل ونظام في خدمة الشرق أو الغرب.
فانظر إلي بلاد المسلمين بعين البصيرة والعبرة، لتدرك محنتها من هؤلاء الحكام والمهتمين بتفرقة المسلمين، ثم انظر هل تجد لهذه الحكومات المتخالفة في السياسة والنظام والإدارة، مفهوما غير أن الاستعمار لم يقم ولن يدوم في بلادنا إلا بها وأوجه ال سؤال إلي المسلمين المضطهدين تحت سيطرة هذه الحكومات الجائرة عن الحاكم الاسلامي الذي قرن الله طاعته بطاعة رسوله - صلي الله عليه وآله - من بينها، فمن هو إذن حاكم الأردن؟ أو تركيا؟ أو الجزيرة العربية المسماة باسم السعودية؟ أو حاكم الكويت؟ أو البحرين؟ أو قطر؟
أو أبو ظبي؟ أو سلطنة عمان؟ أو المغرب؟ أو تونس؟ أو الجزائر؟ أو باكستان؟ أو ماليزيا؟ أو أندونزيا؟ أو الصومال؟ أو لبنان؟ أو نيجريا؟ أو اليمن الشمالي؟ أو اليمن الجنوبي الماركسية؟
أو ليبيا الاشتراكية؟ أو السودان؟ أو مصر؟ أو العراق؟ أو تانزانيا؟
أو سوريا؟ أو أفغانستان؟ أو ازبسكتان؟ أو تاجيكستان؟ أو البانيا؟
أو بنگلادش؟ وأو.. وأو.. وأو..؟؟
فمن الذي يحكم من حكام هذه البلاد بحكم الاسلام؟ وأية هذه الحكومات حكومة شرعية اسلامية تمثل وحدة الأمة وحكومتها
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، دولة العراق (1)، جزيرة العرب (1)، دولة لبنان (1)، بنغلادش (1)، باكستان (1)، تركيا (1)، أفغانستان (1)
العالمية التي تسود العالم كله؟
فهل تري في هذه الأنظمة إلا سلطة أمريكا أو انكلترا أو فرنسا أو روسيا أو كوبا؟
وهل تعرف منها من لا يتحكم في مصيره الشرق الملحد أو الغرب المستعمر؟
ومن شبكات هؤلاء المستعمرين الذي لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ما ينفقون في سبيل تحققه الأموال الطائلة التي يحصلون عليها بامتصاص دماء الشعوب، وهو اختلاق الخلافات وانكار الحقائق الاسلامية، وإيجاد الشك في التاريخ الملئ بأمجادنا وبطولات أبطالنا، كما يحاولون أن تبقي اختلافات الفرق بحالها، فحينما يرون أن الشعور بالولاء لأهل البيت والتمسك بهم سيشمل جميع الأمة ويوحدها، ويذهب بالأحقاد التي أوجدتها السياسة ويقضي علي تفرقة الأمة بالفريقين الشيعة والسنة، ويلف الجميع حول الكتاب والعترة (الثقلين) ويوحد المذاهب أجمع، يتوسلون بأهل التعصب والعناد والنصاب يخيفونهم من ظهور الحق ويقظة الشباب المثقف وفهمهم ما وراء الوقائع الدامية والخلافات الطائفية من مؤامرات المنافقين ومبغضي أهل البيت - عليهم السلام - فيستأجرون لذلك أقلام عبدة الدنيا، ومحبي الجاه والضعفاء الذين لا يفهمون ما وراء هذا الأمور ولا يفكرون فيما يريده الاستعمار من الاحتفاظ بتفرق المسلمين. أي والله، لقد أدرك الاستعمار أن جيلنا المسلم قد استيقظ عن نومته، وانتبه إلي ما حوله وأدرك أن الخلافات المذهبية والسياسات العاملة لمنع الناس عن التمسك بالثقلين وأخذ العلم عن أهل البيت - عليهم السلام - الذين هم وحدهم حملته وسدنته تذوب بالامعان الخالص من التعصب في الكتاب والسنة والتاريخ، كما أدرك الكثير من أبناء أهل السنة،
(٣٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)
فلبوا دعوة المصلحين الأفذاذ، لترك العصبيات لطائفية، وفهموا أن شيعة أهل البيت - عليهم السلام - لا ذنب لها إلا ولاء أهل البيت وأخذ العلم عنهم في ظروف لم تكن موافقة لسياسة أرباب السلطة المتغلبين علي المسلمين فتحكموا في رقاب محبيهم ورواة فضائلهم ومناقبهم وحملة العلم عنهم ونكلوا بهم أشد التنكيل وساموهم سوء العذاب، حتي أصبح الرجوع إلي أهل البيت - عليهم السلام - ونقل الحديث عنهم، وحتي إعانة الذرية الطاهرة النبوية، من أعظم الجرائم السياسية.
وقد بقيت شرذمة ضئيلة من أبناء هؤلاء الذين يقولون بشرعية حكومات الطواغيت الذين علوا وطغوا واستكبروا في الأرض، أمثال معاوية ويزيد والوليد وهارون والمتوكل وغيرهم، وكان استكبارهم أكثر من استكبار طواغيت الجاهلية في روم وإيران.
وهؤلاء لا يزالون يصدون المسلمين عن التجاوب والتفاهم ويلبون دعوة الاستعمار لإثارة الضغائن وانكار الحقائق، ينظرون دائما إلي الخلف، ولا ينظرون إلي الامام. لا يقبلون من التاريخ والحديث إلا ما يؤيد آرائهم، ويجرحون كأسلافهم كل من يروي ما لا يوافق أهوائهم ويطعنون في كل حديث يخالف مذهبهم وإن بلغ في صحة ما بلغ أو يؤولونه. قد أعمت العصبية أبصارهم وبصائرهم. السنة عندهم بدعة، والبدعة عندهم سنة. يقتفون آثار السفيانيين، ويدافعون عن سيرة الجبابرة، ويعملون علي كتمان فضائل بطل الاسلام، ونفس الرسول وابن عمه وأخيه، وباب مدينة علمه، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعده، ومن لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. ينكرون مناقبه ومناقب أهل بيته ويرمون من روي فضائله بالكذب ووضع الحديث، ويعدون ولاء أهل بيت النبي - صلي الله عليه وآله - جريمة لا تغتفر، ولكن لو
(٣٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الذرية الطاهرة النبوية لمحمد بن أحمد الدولابي (1)، دولة ايران (1)، الباطل، الإبطال (1)، الجهل (1)، العذاب، العذب (1)
كانت هذه المناقب مروية في شأن أعداء آل النبي - صلي الله عليه وآله - لا يقابلونها بالانكار، وسيما إذا كان رجالها مطعونين بالنصب وقتل المسلمين وأقبح الظلم وأشنع الفسق. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* * * قرأنا في بعض المجلات (حضارة الاسلام، العدد الخامس من السنة الثامنة عشرة برجب 1397) نقدا من الكاتب محمد حسين علي تأليف للجنرال ا. أكرم، ترجمة الركن صبحي الجابي، فيه موارد هامة من الاشتباه، وقلب الحقائق، من أعظمها الاستناد إلي المنقولات الضعيفة والحكايات الواهية في شأن بدء الوحي وكيفية نزوله، مما لا يناسب شأن الرسالة المحمدية، فيتهم الرسول - صلي الله عليه وآله - بخشيته علي نفسه عندما نزل عليه الوحي وجاءه الملك الأمين جبرئيل - عليه السلام - يري كأنه - والعياذ بالله - لم يحصل له اليقين بما جعل الله علي عاتقه، وشرفه به من النبوة والرسالة، فانطلقت به السيدة خديجة أتت به ورقة بن نوفل.
وهذه، وإن كانت رواية البخاري ومسلم في بدء الوحي وكيفية نزوله، إلا انها مردودة عليهما وعلي شيوخهما، لان شأن الرسول - صلي الله عليه وآله - في المعرفة والادراك كان أنبل وأجل من الشك فيما أوحي الله تعالي به، وأمر الرسالة أيضا أعلي وأنزه من ذلك. وكيف لا يعرف الرسول - صلي الله عليه وآله - ما تعرفه و تؤمن به السيدة خديجة - رضي الله تعالي عنها - وقد كان تحت رعاية الله تعالي قبل البعثة، وخلق الله نوره قبل أن يخلق العالم، مضافا إلي أنه يجب أن يكون إلقاء الوحي والتعيين لهذا المنصب العظيم، سيما الرسالة المحمدية العظمي، علي نحو يحصل للمبعوث بها بنفسها اليقين والايمان علي أنه بعث إلهي ووحي سماوي. وبالجملة شأن الرسالة وشأن
(٣٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، شهر رجب المرجب (1)، الكرم، الكرامة (1)، الظلم (1)، البعث، الإنبعاث (1)

نقده الآخر

الرسول برئ من خشيته - صلي الله عليه وآله - علي نفسه.
اللهم إلا أن يكون المراد خشيته من الله تعالي لعظم ما أمره به وجعله علي عاتقه، ولا ريب أنه - صلي الله عليه وآله - كان أخشي الناس وأخوفهم من الله تعالي، وكان أعبدهم وأزهدهم، وأعرفهم بالله.
ولا ريب أن من كان أعرف الناس بالله، يكون أخوفهم منه وأرجي به منهم، اما الشك والخشية علي نفسه فلم يعرضه حتي لحظة واحدة وهذا امر يعرفه من سبر تاريخ حياته وأخلاقه الكريمة، وقد قال الله تعالي:
" آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه " فهو من أول ما نزل به الوحي، آمن بما انزل إليه وخرج من حرا وقلبه ملئ بالايمان بما نزل به.
نقده الآخر ثم انه أنكر علي المؤلف ما ذكر من أن النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - قد بقي مدة ثلاث سنوات يتلقي تعليمات ربه، دون أن يتكلم شيئا عن رسالته، ويوهم القارئ بأن عليا وخديجة وأبا بكر أسلموا في زمن واحدة، ولم يكن بين إسلام خديجة والامام واسلام أبي بكر فترة حتي يسيرة، مع أنه يظهر لمن يمعن النظر في الأحاديث الصحيحة والتاريخ، أن أبا بكر لم يسلم إلا بعد فترة طويلة لا يستبعد تقديرها بثلاث سنين. ولا يأبي العقل أن يكون النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - مدة ثلاث سنوات أو أكثر يتلقي تعليمات ربه، ولم يكن مأمورا باظهارها وتبليغها بغير خديجة وعلي من أهل بيته. فكانوا يعبدون الله بما تعبده الله به سرا، حتي إذا أمر الله النبي - صلي الله عليه وآله - باظهار الدعوة، بلغ عدد المؤمنين في ثلاث سنوات إلي الأربعين أو أكثر علي اختلاف الروايات في ذلك.
ويؤيد بل ينص علي ما قلناه الروايات الكثيرة التي دلت علي
(٣٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الكرم، الكرامة (1)

آية الأنذار وحديث الدار

أن عليا - عليه السلام - عبد الله تعالي مع رسوله - صلي الله عليه وآله - سبع أو تسع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة، وأن الملائكة صلت علي رسول الله - صلي الله عليه وآله - وعلي علي - عليه السلام - سبع سنين، لأنه لم يصل معه أحد غيره. 1 آية الانذار وحديث الدار ومما أخذ هذا الناقد علي هذا المؤلف وناقشه، أنه ذكر حديث الدار ويوم الانذار وتجاوز عن الحد في نقده، وحكم باختلاف الرواية بالأصل لوجود راو مشهور بالكذب وصنع الأحاديث بزعمه، وهو أبو مريم الأنصاري عبد القادر بن القاسم، الذي أثني عليه الحافظ ابن عقدة وأطراه، كما في لسان الميزان.
والرواية مشهورة مستفيضة أخرجها جمع من الحفاظ وأكابر المحدثين، واختصرها بعضهم، كما أبدل الطبري في تفسيره قوله - صلي الله عليه وآله -: " فأيكم يؤازرني علي هذا الامر علي أن يكون أخي و وصيي وخليفتي فيكم؟ " بلفظ: " فأيكم يؤازرني علي هذا الامر علي أن يكون أخي وكذا وكذا ":
وقوله - صلي الله عليه وآله -: " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا " بلفظ: " ان هذا أخي وكذا وكذا ".
والطبري، وهو الذي روي الرواية كاملة وتامة في تاريخه، يرويها بهذا الصورة المحرفة المشوهة المجملة حتي لا يفهم القارئ مغزاه،
١ - يراجع في ذلك كنز العمال، ج ١٣، ح ٣٦٣٨٩ و ٣٦٣٩٠ و ٣٦٣٩١، والخصائص العلوية للنسائي، ص ٣، وتاريخ الابن عساكر ترجمة الامام - عليه السلام -، ح ٧١ و ٨٠ و ٨١ و ٩١ و ٩٩ و ١١٢ و ١١٣ و ١١٤، وفرائد السمطين، ج ١، ح ١٩١ و ١٩٢ و ١٨٧ و ١٨٨، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٣٦، وأسد الغابة، ج ٤ ص ١٨، والرياض النضرة ج ٢ ص ٢١٧، وذخائر العقبي، ص 64، وغيرها.
(٣٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، آية الإنذار (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، أبو مريم الأنصاري (1)، كتاب أسد الغابة لإبن الأثير (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، إبن عساكر (1)
ولا يعرف خليفة رسول الله - صلي الله عليه وآله - المنصوص عليه في هذه الروايات وفي غيرها من الأحاديث، أو لا يرمونه أهل العناد والنصب بالرفض والتشيع، ولا يفعلون به ما فعله أهل دمشق بالنسائي صاحب السنن والخصائص العلوية.
وقد تبع الطبري في تفسيره ابن كثير في تاريخه، 2 وهذا إن لم يدل علي شئ، فقد دل علي أن السياسة هي القوة التي تعين منهج سير العلم والحديث والتفكر. فمثل هذه الكلمة القاطعة: " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا " لا يجوز سياسيا نقله والتحدث به، لأنها إعلان إبطال الحكومات المستبدة التي قبلت نظام الإدارة والحكم، وأحيت سنن الأكاسرة والقياصرة.
فالنظام الذي يقطع عرقوب مثل بشير بن مروان، ويضرب عطية العوفي أربعمائة سوط، ويحلق لحيته، لآبائهما عن سب الامام - عليه السلام - 3 لا يسمح مهما أمكنه التحدث بمثل هذه الأحاديث والاجهار بها، ويبالغ عن المنع عن ذلك تخويفا وتطميعا.
وهذا يحيي بن يعمر يبعث به من خراسان إلي الكوفة بأمر الحجاج لقوله: " إن الحسن والحسين ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله - 4.
٢ - البداية والنهاية، ج ٣، ص ٤٠.
٣ - تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٢٢٦، ج 10 ص 157 و 158.
4 - قال في وفيات الأعيان، ج 5، ص 222 و 223 / 868: حكي عاسم بن أبي النجود المقري المقدم ذكره أن الحجاج بن يوسف الثقفي بلغه أن يحيي بن يعمر يقول: ان الحسن والحسين - رضي الله عنهما (عليهما السلام) - من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - "، وكان يحيي يومئذ بخراسان، فكتب الحجاج إلي قتيبة بن مسلم والي خراسان - وقد تقدم ذكره أيضا - أن ابعث إلي بيحيي بن يعمر. فبعث به إليه، فقام بين يديه، فقال: " أنت الذي تزعم أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -؟ والله لألقين الأكثر منك شعرا أو لتخرجن من ذلك " قال: " فهو أماني ان خرجت؟ " قال: " نعم " قال: فان الله جل ثناؤه يقول: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا، ونوحا هدينا من قبل، ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون، وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيي وعيسي - الآية. " قال: " وما بين عيسي وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمد - صلوات الله عليه وسلامه - "، فقال الحجاج: " وما أراك إلا قد خرجت، والله لقد قرأتها وما علمت بها قط. "
(٣١٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة الكوفة (1)، عطية العوفي (1)، خراسان (3)، دمشق (1)، البعث، الإنبعاث (2)، السب (1)، الجواز (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، كتاب البداية والنهاية (1)
إذا فلا عجب بمؤاخذة هؤلاء المتعصبين للباطل للهيكل باخراجه رواية يوم الدار في تاريخه، حتي اضطر إلي حذفه منه في طبعته الثانية، ولا عجب منهم أن لم يؤاخذوا عليه تركه في تاريخه كثيرا من فضايل الامام التاريخية، وما وقع فيه من الأغلاط والاشتباهات فيما يرجع إلي سيرة النبي - صلي الله عليه وآله - ومواقف وصيه وأخيه الرشيدة. ولا تعجب من الكاتب محمد حسين، الذي يكتب في مجلة حضارة الاسلام، مؤاخذته علي الجنرال. ا. أكرم ومترجم كتابه بنقل حديث يوم الدار بالمضمون.
فتلك شنشنة أخزومية وسيرة أموية وبدعة مروانية، قد الزموا بها في رد الأحاديث الصحيحة، وجرح رواة فضائل أهل البيت - عليهم السلام - في حين انهم يحتجون بروايات أمثال: مغيرة بن شعبة، وبسر بن أرطاة، وزاهر الحرازي الحمصي، وحريز بن عثمان الرحبي، وخالد بن عبد الله القسري، وشبابة بن سوار، وعمر بن سعيد العاص الأموي، وعمران بن حطان وغيرهم. 5 فانظر كتبهم في الرجال وفي الجرح والتعديل، مثل: لسان الميزان والجرح والتعديل للرازي، وتدبر في كلماتهم في شأن أبي مريم الأنصاري، الذي روي هذا الحديث في عصر كان رواية مثله من أكبر الجرائم السياسية، وانظر هل تجد في ذلك الرجل موضع غمز وتنقيص
5 - راجع في ذلك كتابنا " أمان الأمة من الضلال والاختلاف. "
(٣١١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، خالد بن عبد الله (1)، عمر بن سعيد (1)، الكرم، الكرامة (1)، الضلال (1)
إلا المولاة ومودة ذوي القربي، ورواية مثل هذه الرواية؟.
فلا تجد غير ذلك سببا لتركهم حديثه وحديث أمثاله، فرموه لذلك تارة بالكذب، وتارة بعدم الوثاقة، وعلته الأصلية هو التشيع وروايته أحاديث الفضائل. فهذا أحمد بن حنبل يقول فيه، كما نقله الرازي عنه في الجرح والتعديل: " انه ليس بثقة، كان يحدث ببلايا في عثمان. " هو متروك الحديث، كان من رؤوساء الشيعة ".
وفي لسان الميزان قال: " يقال: كان من رؤوس الشيعة ". ثم أخرج عنه حديث " علي مولي من كنت مولاه ".
فهذا ذنب الرجل أنه أولا، كان يحدث ببلايا في عثمان، و ثانيا، أنه كان من رؤوساء الشيعة. وإذا كان الحديث ببلايا عثمان موجبا للقدح في أحد، فما يقولون في عايشة وطلحة والزبير وعمار وغير - هم من الصحابة، الذين كانوا من المتجاهرين في القوم ببلايا عثمان وذمه المشيرين عليه حتي قتل؟ وإذا كان عثمان أحدث في الاسلام ما أحدث، وصنع ما أغضب الصحابة مثل الصحابي الزاهد الكبير الذي قال رسول الله - صلي الله عليه وآله - في حقه: " ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر "، فأنكر عليه صنائعه غير المرضية، فنفاه عثمان إلي الربذة، فمات في منفاه وحيدا مظلوما، فما ذنب أبي مريم الأنصاري ان حدث ببلاياه؟ وإن كان هذا سببا للطعن فيه، فمن كان هذه بلاياه أحق وأولي بالطعن منه.
أتردون أن لا يقول أحد من التاريخ ومما جري علي هذه الأمة شيئا؟ ولا يعرف أحد ما وقع في عصر الصحابة؟ ولا يفهموا تلكم الحقائق التي ترتبط معرفتها بمعرفة رسالة الاسلام، ومناهجها العالية في السياسة والحكومة والمال وغيرها؟ لا والله، لا يمكن ذلك، وإن أمكن اخفاء تلك الحقائق التاريخية في العصور الماضية، لا يمكن ذلك في
(٣١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، أحمد بن حنبل (1)، القتل (1)، الظلم (1)
عصرنا الحاضر، عصر الطباعة والنشر، والثقافة والتفكر، الذي تيقظ فيه المسلمون من رقدتهم، وأدركوا سيما الشبان المثقفون، أن بلاءنا كله يرجع إلي صنائع بعض الأولين من أهل السياسة مما شوه وجه الاسلام في الحكم والإدارة.
وإذا كان كون الرجل من رؤساء الشيعة قدحا، فما يقول هؤلاء في رؤسائهم، مثل: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار بن ياسر، * وغير - هم من الصحابة المعروفين بالوفاء والولاء لأهل البيت - عليهم السلام -، ومن التابعين لهم باحسان؟ وما يقولون في أئمة الشيعة المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا؟ وما يقولون في شأن أول من سن التشيع، رسول الله - صلي الله عليه وآله -، وهو الذي لقب المؤتمين بأمير المؤمنين علي - عليه السلام - بالشيعة، وبشرهم بأنهم خير البرية؟
هذا، ويسئل عن حال من جرح أبا مريم الأنصاري، هل هو مرضي عند علماء الجرح والتعديل من أهل نحلته؟ فابن معين يتهم مثل أحمد بن حنبل بالكذب، وقال المقبلي: " نجد أحدهم ينتقل من مذهب إلي آخر بسبب شيخ أو دولة أو غير ذلك من الأسباب الدنيوية والعصبية الطبيعية ". وقال ابن معين: " ان مالكا لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي ". وقال الليث بن سعد: " أحصيت علي
* - قال الكاتب الشهير محمد كرد علي وهو من أبناء السنة في كتابه خطط الشام (6 / 245):
عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله - صلي الله عليه وسلم - مثل سلمان الفارسي القائل: " بايعنا رسول الله علي النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له ". ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول: " امر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة " ولما سئل عن الأربع قال: " الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ". قيل: فما الواحدة التي تركوها؟ قال: " ولاية علي بن أبي طالب ". قيل لها: وانها لمفروضة معهن؟ قال: " نعم هي مفروضة معهن " ومثل أبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت وأبي أيوب الأنصاري وخالد بن سعيد بن العاص وقيس بن سعد بن عبادة، وكثير أمثالهم.
(٣١٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عمار بن ياسر (1)، أحمد بن حنبل (1)، الطهارة (1)، أبوذر الغفاري (1)، أبو أيوب الأنصاري (1)، أبو سعيد الخدري (1)، شهر رمضان المبارك (1)، علي بن أبي طالب (1)، حذيفة بن اليمان (1)، خزيمة بن ثابت (1)، خالد بن سعيد (1)، سعد بن عبادة (1)، الشام (1)، الحج (1)، الصّلاة (1)
مالك سبعين مسألة، وكلها مخالفة لسنة الرسول صلي الله عليه وآله ". وقالوا في غيرهم من أئمتهم ما قالوا. 6 وعلي هذا لا يبقي اعتماد علي أقوالهم في الجرح والتعديل المبتنية علي ما سمعت في تعرف أحوال رجال الشيعة والمتشيعين ورواة فضائل أهل البيت - عليهم السلام -، ولا يجوز الركون عليها.
وبعد ذلك كله نقول بأن الرواية رويت باسناد أخري ليس فيه عبد الغفار بن القاسم. فرواه البيهقي في الدلائل عن ابن إسحاق، عن شيخ أبهم أسمه، عن عبد الله بن الحارث، إلي قوله: " أني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة "، 7 ولا أدري لماذا أبهم ابن إسحاق شيخه الراوي عن عبد الله بن الحارث، كما لا أدري ان عدم الانتهاء إلي آخر الحديث هل كان من البيهقي، أو ابن إسحاق، أو غيرهما؟ وكان خوفا عن النواصب، أو اخفاء للحق عنادا ونصبا؟ ولا يبعد أن يكون الشيخ الذي أبهم اسمه ابن إسحاق، هو عبد الغفار بن القاسم. * وعلي هذا الاحتمال، يكون السند في ذلك موافقا لسند الطبري، لا يثبت به وجود سند آخر للحديث غيره، إلا أنه جاء باسناد أخري ليس فيه هذا الرجل، كما تفطن به ابن كثير، فقال بعد ما قال في عبد الغفار:
" ولكن روي ابن أبي حاتم في تفسيره، عن أبيه، عن الحسين بن عيسي بن ميسرة الحارثي، عن عبد الله بن عبد القدوس، عن
(٦) يراجع في ذلك أضواء علي السنة المحمدية، ص ٢٨٩، والعتب الجميل وغيرهما.
٧ - دلائل النبوة، ج ١، ص ٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٣٠، البداية والنهاية، ج ٣، ص ٣٩ - ٤٠.
*) بل هو هو كما قال البيهقي قال أبو عمر أحمد بن عبد الجبار بلغني أن ابن إسحاق انما سمعه من عبد الغفار بن القاسم بن مريم المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث وكان ما أخفي النبي صلي الله عليه وسلم أمره واستسر به إلي أن أمر باظهاره ثلاث سنين من مبعثه. قلت: وقد روي شريك القاضي عن المنهال بن عمرو عن عبد الله الأسري عن علي في إطعامه إياهم تقريب (بقريب) من هذا المعني مختصر (مختصرا). دلائل النبوة ج ١ ص ٤٢٩ و 430.
(٣١٤)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الغفار بن القاسم (3)، عبد الله بن الحارث (3)، الجواز (1)، كتاب أضواء علي السنة المحمدية لمحمود أبو رية (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، الإخفاء (1)، الشراكة، المشاركة (1)
الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، قال: قال علي: لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين "، قال لي رسول الله - صلي الله علي وآله وسلم -: اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وإناء لبنا، وادع لي بني هاشم، فدعوتهم، وانهم يومئذ لأربعون غير رجل أو أربعون ورجل - فذكر القصة نحو ما تقدم إلي أن قال: - و بدرهم رسول الله - صلي الله عليه وآله - الكلام، فقال: أيكم يقضي عني ديني، ويكون خليفتي في أهلي؟ قال: فسكتوا، وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله، قال: وسكت أنا لسن العباس. ثم قالها مرة أخري، فسكت العباس، فلما رأيت ذلك قلت: أنا يا رسول الله، قال: أنت - الحديث ". 8 وقال ابن كثير:
" وهذه الطريق فيها شاهد لما تقدم، الا أنه لم يذكر ابن عباس فيها، فالله أعلم. وقد روي الإمام أحمد في مسنده من حديث عباد بن عبد الله الأسدي وربيعة بن ناجذ عن علي، نحو ما تقدم، أو كالشاهد له. " 9 فابن كثير كما يظهر من كلامه يقوي ضغف السند من طريق الطبري بغيره مما لا ضغف فيه، إلا أنه أيضا غلط في أصل تضعيف السند كغيره، كما أنه غلط غلطا كبيرا في الحكم علي عبد الغفار بن القاسم بأنه كذاب شيعي، ولم يأت بدليل علي ذلك غير أن ابن المديني وغيره اتهمه بوضع الحديث، وضعفه الباقون. ولا يخفي أن من يتق الله، ويعتقد حرمة عرض المسلم كحرمة ماله ودمه، لا يخوض في عرض المسلم بمجرد التهمة، ولا يسئ الظن به، ولا يجوز له أن يقول أزيد مما قيل فيه. إذا وجب ذلك، فمن أين قلت يا بن كثير أنه كذاب؟ وما كذبه؟
٨ - البداية والنهاية، ج ٣، ص ٣٩ و ٤٠. ٩ - البداية والنهاية، ج 3 ص 40.
(٣١٥)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، عبد الله بن الحارث (1)، ربيعة بن ناجذ (1)، بنو هاشم (1)، الشهادة (1)، الظنّ (1)، الجواز (1)، كتاب البداية والنهاية (2)
ومن أين علمت ذلك؟ وما جوابك حين يخاصمك عبد الغفار عند الله تعالي؟! 10 هذا، وقد ظهر لك أن للحديث طرقا كثيرة، بعضها فيها عبد الغفار، وبعضها ليس فيه هذا الرجل.
ونحن نذكر طائفة من هذه الطرق، ليظهر لك قوة أسنادها واشتهارها، وأن العلماء الحفاظ والمحدثين تلقوها بالقبول، فنقول.
١٠ - لا يخفي عليك أن أربابا الرجال والتراجم والفهارس من الشيعة، المشهورين بكمال التورع والاحتياط، سيما في الجرح والتعديل، صرحوا بوثاقة هذا الشيخ الجليل " أبي مريم عبد الغفار بن القاسم القيس الأنصاري " والرجل من أصحاب الإمام زين العابدين علي بن الحسين وابنه الإمام محمد بن علي الباقر وابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق - عليهم السلام -، ويكفيه ذلك فخرا وشرفا وفضلا. توجد ترجمته في فهرست الشيخ ورجاله، وفهرست النجاشي، والخلاصة للعلامة، ورجال ابن داود والكشي، والوجيزة، والبلغة، وجامع الرواة وغيرها.
ومما يؤيد حسن حال الرجال، ويزيد في تعرف حالهم معرفة شيوخهم وتلاميذهم ومن أخذ عنهم العلم. وللرجل في هذا شأن سامي ومكان عال، فان شيوخه الذين أخذ العقيدة والمذهب منهم، واتخذهم أئمة وتمسك بهم، واعتصم بحبل ولايتهم الذي حبل الله، هم من عرفتهم: الإمام زين العابدين والامام باقر علوم النبيين والإمام جعفر الصادق - عليهم السلام -. فقد تخرج هذا الرجل من مدرستهم الكبيرة، وتلمذ عندهم، وأخذ العلم من نميرهم الصافي (يراجع جامع الرواة، والكشي، والنجاشي وغيرها).
وقد روي الحديث عن عطاء، وعدي بن ثابت، والمنهال بن عمرو ونافع (الجرح والتعديل للرازي، ج ٣، ص ٥٣). وسمع منه يحيي بن سعد الأنصاري، وشعبة، وكان حسن الرأي فيه (الجرح والتعديل، ج ٣، ص ٥٣ و ٥٤). وروي عنه جماعة من الاجلاء والرواة، كالحسن بن محبوب، ومحمد بن موسي خوراء، وصالح بن عقبة، وموسي بن بكر، وعلي بن الحسن بن رباط، وأبو ولاد، وأبان بن عثمان، وهشام بن سالم، وعلي بن النعمان، وعثمان بن عيسي، وعبد الله بن المغيرة، وثعلبة بن ميمون، ويونس بن يعقوب، والقاسم بن سليمان، و عبد الرحمن بن حماد، ومحمد بن أبي حمزة، ومحمد بن عيسي، والعباس بن المعروف، وسيف، وفضالة، وإبراهيم بن سنان، وظريف، وأحمد بن عمر، وجميل بن صالح والحسن بن سري - جامع الرواة، ج ١، ص ٤٦١ و ٤٦٢).
ومما يظهر منه جلالة قدره، وحسن عقيدته، وايمانه بالأئمة الاثني عشر الذين بشر النبي صلي الله عليه وآله، الأمة بهم، كما جاء في الروايات المتواترة - ما روي الشيخ الجليل أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخراز في كتاب " كفاية الأثر في النصوص علي الأئمة الاثني عشر " بسنده عنه، قال " أبو مريم الأنصاري ":
" دخلت علي مولاي الباقر - عليه السلام - وعنده أناس من أصحابه، فجري ذكر الاسلام، قلت: يا سيدي! فأي الاسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، قلت: فأي الأخلاق أفضل؟ قال: الصبر والسماحة، قلت: فأي المؤمنين أكمل ايمانا؟ قال أحسنهم خلقا، قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده واهريق دمه، قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: أن تهجر ما حرم الله عز وجل عليك، قلت: يا سيدي! فما تقول في الدخول علي السلطان؟ قال: لا أري ذلك، قلت: اني ربما سافرت إلي الشام، فأدخل علي إبراهيم بن الوليد، قال: يا عبد الغفار! ان دخولك علي السلطان يدعو إلي ثلاثة أشياء: محبة الدنيا، ونسيان الموت وقلة الرضا بما قسم الله لك، قلت: يا بن رسول الله! فاني ذو عيلة وأتجر إلي ذلك المكان لجر المنفعة، فما تري في ذلك؟ قال: يا عبد الله! اني لست آمرك بترك الدنيا، بل آمرك بترك الذنوب، فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة، وأنت إلي إقامة الفريضة أحوج منك إلي اكتساب الفضيلة، قال: فقبلت يده ورجله وقلت: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، فما نجد العلم الصحيح إلا عندكم، واني قد كبرت سني ورق عظمي، ولا أري فيكم ما أسر به، أريكم مقتلين مشردين خائفين، واني أقمت علي قائمكم منذ حين، أقول أخرج اليوم أو غدا، قال:
يا عبد الغفار! ان قائمنا هو السابع من ولدي، وليس هو أوان ظهوره، ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " إن الأئمة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين، والتاسع قائمهم يخرج في آخر الزمان، فيملأها قسطا وعدلا بعد ما ملئت جورا وظلما. " قلت: فان هذا كائن يا بن رسول الله، فإلي من بعدك؟ قال: إلي جعفر، وهو سيد أولادي وأبو الأئمة صادق في قوله وفعله، ولقد سألت عظيما يا عبد الغفار، وانك لأهل الإجابة، ثم قال: ألا ان مفتاح العلم السؤال، وأنشأ يقول:
شفاء العمي طول السؤال وانما * تمام العمي طول السكوت علي الجهل منتخب الأثر
(٣١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب رجال ابن داود (1)، كتاب كفاية الأثر للخزار (1)، كتاب جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي (2)، كتاب جامع الرواة (1)، أبو مريم الأنصاري (1)، عبد الله بن المغيرة (1)، عبد الغفار بن القاسم (1)، علي بن الحسن بن رباط (1)، إبراهيم بن سنان (1)، محمد بن موسي خوراء (1)، أبان بن عثمان (1)، علي بن النعمان (1)، يونس بن يعقوب (1)، عثمان بن عيسي (1)، هشام بن سالم (1)، ثعلبة بن ميمون (1)، الحسن بن محبوب (1)، جميل بن صالح (1)، صالح بن عقبة (1)، آخر الزمان (1)، محمد بن عيسي (1)، موسي بن بكر (1)، أحمد بن عمر (1)، علي بن محمد (1)، محمد بن علي (1)، الشام (1)، الصدق (1)، الخوف (1)، الموت (1)، الصبر (1)، الصّلب (1)، القنوت (1)، التصدّق (1)
الطريق الأول: ما أخرجه ابن كثير في تاريخه عن ابن أبي حاتم في تفسيره، وهذا هو الطريق الذي مر نقله عنه، وليس فيه عبد الغفار.
الطريق الثاني: ما أخرجه البيهقي في الدلائل، عن ابن إسحاق، عن شيخ أبهم اسمه، أخرجه ابن كثير أيضا عن البيهقي وقد مر نقله أيضا.
الطريق الثالث: ما أخرجه الحافظ الكبير عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني بطريق ليس فيه عبد الغفار، قال:
(٣١٧)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن أحمد (1)
" حدثني ابن فنجويه، حدثنا موسي بن محمد بن علي بن عبد الله، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن صباح بن يحيي المزني عن زكريا ابن ميسرة، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال:
لما نزلت: " وأنذر عشيرتك الأقربين "، جمع رسول الله بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر عليا برجل شاة فآدمها، ثم قال: أدنوا بسم الله، فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتي صدروا، ثم دعا بعقب من لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا ببسم الله، فشرب القوم حتي رووا، فبدرهم أبو لهب، فقال: هذا أسحركم به الرجل! فسكت النبي - صلي الله عليه وآله - يومئذ فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد علي مثل ذلك من الطعام والشرب، ثم أنذرهم رسول الله - صلي الله عليه وآله -، فقال: يا بني عبد المطلب! اني أنا النذير إليكم من الله عز وجل، والبشير لما يجئ به
(٣١٨)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن عبد الله (1)، صباح بن يحيي (1)، عباد بن يعقوب (1)، علي بن هاشم (1)، الحسن بن علي (1)، الأكل (1)
أحدكم، جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يواخيني ويوازرني، ويكون وليي ووصيي بعدي، وخليفتي في أهلي، ويقضي ديني؟
فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: اطع ابنك، فقد أمره عليك ". 11 وأخرجه ابن البطريق بسنده عن الثعلبي في تفسيره. 12 الطريق الرابع: ما أخرجه الحافظ الشهير أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، المعروف بابن عساكر (ت 571) قال:
" أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي العلوي بالكوفة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان الشاهد، أنبأنا محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، عن علي بن أبي طالب، قال:
لما نزلت: " وأنذر عشيرتك الأقربين " قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " يا علي! اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وأعد قعبا من لبن - وكان القعب قدر ري رجل - قال:
ففعلت، فقال لي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -: " أجمع بني هاشم " وهم يومئذ أربعون رجلا أو أربعون غير رجل -، فدعا رسول الله - صلي
١١ - شواهد التنزيل، ج ١، ح ٥٨٠، ص ٤٢٠ و ٤٢١.
١٢ - العمدة لابن البطريق، الفصل الثالث عشر.
(٣١٩)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة الكوفة (1)، إبن عساكر (1)، محمد بن القاسم بن زكريا (1)، الحسن بن هبة الله (1)، علي بن أبي طالب (1)، عمر بن إبراهيم (1)، أبو عبد الله (1)، بنو هاشم (1)، عباد بن يعقوب (1)، محمد بن الحسين (1)، ابن البطريق (2)، محمد بن أحمد (1)، محمد بن جعفر (1)، الثعلبي (1)، الفرج (1)، الطعام (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)
الله عليه وآله وسلم - بالطعام، فوضعه بينهم، فأكلوا حتي شبعوا، وان منهم لمن يأكل الجذعة بأدامها، ثم تناولوا القدح، فشربوا حتي رووا وبقي فيه عامته، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر - يرون أنه أبو لهب -.
ثم قال: " يا علي! اصنع رجل شاة بصاع من طعام، وأعد بقعب من لبن " قال: ففعلت، فجمعهم، فأكلوا مثل ما أكلوا بالمرة الأولي، وشربوا مثل المرة الأولي وفضل منه ما فضل في المرة الأولي فقال بعضهم: " ما رأينا كاليوم في السحر ".
فقال في المرة الثالثة: " اصنع رجل شاة بصاع من طعام، وأعد بعقب من لبن " ففعلت، فقال: " أجمع بني هاشم " فجمعتهم، فأكلوا و شربوا، فبدرهم رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - بالكلام، فقال: " أيكم يقضي ديني ويكون خليفتي ووصي من بعدي؟ " قال: فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول الله - صلي الله عليه وآل وسلم - الكلام، فسكت القوم، وسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله، فأعاد رسول الله - صلي الله عليه وآله - الكلام الثالثة. قال: واني يومئذ لأسوأهم هيئة، اني يومئذ أحمش الساقين أعمش العينين ضخم البطن فقلت: أنا يا رسول الله، قال: " أنت يا علي، أنت يا علي ".
(٣٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، بنو هاشم (1)، الأكل (1)، الطعام (2)
الطريق الخامس: ما أخرجه ابن بطريق باسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي - عليه السلام - قال:
" لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين " جمع النبي - صلي الله عليه وآله - من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون رجلا، فأكلوا وشربوا ثلاثا، ثم قال لهم: " من يضمن عني ديني و مواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي؟ " فقال رجل لم يسمه شريك: " يا رسول الله! أنت كنت تجد من يقوم بهذا؟ " قال: ثم قال الآخر يعرض ذلك علي أهل بيته، فقال علي: أنا. " 13 الطريق السادس: ما رواه أيضا شمس الدين مفتي الفريقين محيي بن الحسن بن البطريق الأسدي بأسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيي بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله، عن علي - عليه السلام -، قال عبد الله: وحدثنا أبو خثيمة، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي - عليه السلام - قال:
لما نزلت: " وأنذر عشيرتك الأقربين "،
١٣ - العمدة، الفصل الثالث عشر.
(٣٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، حديث الدار (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يحيي بن عبد الحميد (1)، عبد الله بن أحمد (1)، أحمد بن حنبل (1)، الشراكة، المشاركة (3)
دعا رسول الله بأربعين رجلا من أهل بيته أن كان الرجل منهم ليأكل جذعة، وأن كان شاربا فرقا.
فقدم إليهم، فأكلوا حتي شبعوا، فقال لهم: " من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟ " فعرض ذلك علي أهل بيته، فقال علي: أنا، قال رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " علي يقضي ديني، وينجز مواعيدي ". ولفظ الحديث للحماني، وبعضه لحديث أبي خثيمة. 14 الطريق السابع: ما في المسند: " حدثنا عبد الله: حدثنا أبي: ثنا عفان: ثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي - رضي الله عنه - قال:
جمع رسول الله - صلي الله عليه وآله - بني عبد المطلب، فيهم رهط، كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتي شبعوا، وبقي الطعام كأنه لم يمس. ثم دعا بغمر، فشربوا حتي رووا، وبقي الشراب كأنه لم يمس ولم يشرب، فقال: " يا بني عبد المطلب! أني بعثت إليكم خاصة والي الناس بعامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيكم يبايعني علي أن يكون أخي وصاحبي؟ " قال: فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت إليه، وكنت أصغر القوم، فقال: " اجلس " ثلاث
١٤ - العمدة، الفصل الثالث عشر.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطعام (2)، الأكل (1)
كان في الثالثة ضرب بيده علي يدي.
وأخرجه ابن حجر وقال: " رواه أحمد ورجاله ثقات "، وأخرجه ابن عساكر بسنده عن ربيعة، 15 وروي ابن حجر نحوه وفيه:
فبدرهم رسول الله - صلي الله عليه وآله - فقال: " أيكم يقضي عني ديني "؟ قال: فسكت وسكت القوم، فأعاد رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - المنطق، فقلت: أنا يا رسول الله فقال: " أنت يا علي، أنت يا علي ".
(قال ابن حجر:) رواه البزار، واللفظ له، وأحمد باختصار، والطبراني في الأوسط باختصار أيضا. ورجال أحمد وأحد اسنادي البزار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة. " 16 الطريق الثامن: ما في المسند: " حدثنا عبد الله: ثنا أبي: ثنا أسود بن عامر: ثنا شريك، عن الأعمش عن المنهال، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي - رضي الله عنه - قال:
لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين " قال: جمع النبي - صلي الله عليه وآله وسلم - من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا، فقال لهم: " من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟ " فقال رجل لم يسمه شريك: " يا رسول الله! أنت كنت بحرا، من يقوم بهذا؟ " قال: ثم قال
15 - مسند أحمد ج 1، ص 159، مجمع الزوائد، ج 8، ص 302، تاريخ دمشق ترجمة الامام - عليه السلام -، ص 98.
16 - مجمع الزوائد، ج 8، ص 302 و 303.
(٣٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الطبراني (1)، إبن عساكر (1)، الضرب (1)، الشراكة، المشاركة (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2)، دمشق (1)
الآخر، فعرض ذلك علي أهل بيته، فقال علي - رضي الله عنه -: أنا. 17 الطريق التاسع: ما أخرجه علامة المعتزلة، عن شيخه أبي جعفر الإسكافي قال:
" وقد روي في الخبر الصحيح أنه كلفه في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الاسلام وانتشارها بمكة أن يصنع له طعاما، وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام، ودعاهم له، فخرجوا ذلك اليوم، ولم ينذرهم - صلي الله عليه وآله - لكلمة قالها عمه أبو لهب.
فكلفه في اليوم الثاني أن يصنع مثل ذلك الطعام، وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم، فأكلوا.
ثم كلمهم - صلي الله عليه وآله - فدعاهم إلي الدين، ودعاه معهم، لأنه من بني عبد المطلب. ثم ضمن لمن يوازره منهم وينصره علي قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته، وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال: " أنا أنصرك علي ما جئت به، وأوازرك وأبايعك "، فقال لهم - لما رأي منهم الخذلان ومنه النصر، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة، وعاين منهم الاباء ومنه الإجابة -: " هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي. " فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي
17 - مسند أحمد، ج 1، ص 111.
(٣٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة مكة المكرمة (1)، مدرسة المعتزلة (1)، الطعام (1)، الموت (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)
طالب: " اطع ابنك، فقد أمره عليك ". 18 الطريق العاشر: ما أخرجه المتقي عن علي - عليه السلام - قال:
" قال رسول الله صلي الله عليه وآله -: يا بني عبد المطلب! اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني علي هذا الامر علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: يا نبي الله! أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي، ثم قال: " هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا (ابن جرير، وفيه عبد الغفار بن القاسم، قال في المغني: تركوه) ". 19 أقول: لم يتركوه إلا لولائه لأهل البيت، ولروايته فضائل ابن عم النبي وأخيه ووصيه وخليفته.
الطريق الحادي عشر: ما أخرجه أيضا المتقي عن علي - عليه السلام - قال:
" لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين " جمع النبي - صلي الله عليه وآله - من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا، فقال لهم:
" من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟ " وقال رجل: " يا
18 - شرح نهج البلاغة، ج 13، ص 244.
19 - كنز العمال، ج 13، ص 114، ح 36371.
(٣٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الغفار بن القاسم (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)
رسول الله! أنت كنت بحرا، من يقوم بهذا؟ " ثم قال الآخر: فرض هذا علي أهل بيته واحدا بعد واحد، فقال علي: أنا (حم وابن جرير، وصححه الطحاوي ض). " 20 الطريق الثاني عشر: ما أخرجه أيضا المتقي عن علي - عليه السلام - قال:
" لما نزلت هذه الآية: " وأنذر عشيرتك الأقربين " دعا بني عبد المطلب، وصنع لهم طعاما ليس بالكثير، فقال: " كلوا بسم الله من جوانبها، فان البركة تنزل من ذروتها " ووضع يده أولهم، فأكلوا حتي شبعوا، ثم دعا بقدح، فشرب أولهم، ثم سقاهم، فشربوا حتي رووا، فقال أبو لهب: " لقدما سحركم؟ " وقال: " يا بني عبد المطلب! اني جئتكم بما لم يجئ به أحد قط، أدعوكم إلي شهادة أن لا اله إلا الله، والي كتابه. " فنفروا وتفرقوا. ثم دعاهم الثانية علي مثلها، فقال أبو لهب كما قال في المرة الأولي، فدعاهم، ففعلوا مثل ذلك، ثم قال لهم ومد يده: " من يبايعني علي أن يكون أخي وصاحبي ووليكم من بعدي؟ " فمددت وقلت: أنا أبايعك، وأنا يومئذ أصغر القوم، عظيم البطن، فبايعني علي ذلك.
قال: وذلك الطعام أنا صنعته " (ابن
20 - كنز العمال، ج 13، ص 128 و 129، ح 36408.
(٣٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (1)، الشهادة (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)
مردويه). 21 أقول: وهذه الطرق والمتون كلها تقوي ما أسنده الطبري في تاريخه بسند فيه عبد الغفار بن القاسم، ان فرضنا ضعفه به، فبرقي السند بهذه السند بهذه الطرق وبشواهد كثيرة صحيحة ومتواترة إلي درجة كمال الصحة والاعتبار. واما ما أخرجه الطبري فهو هذا:
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب، قال:
" لما نزلت هذه الآية علي رسول الله - صلي الله عليه وآله -: " وأنذر عشيرتك الأقربين " دعاني رسول الله - صلي الله عليه وآله - فقال لي: يا علي! أن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت اني متي أباديهم بهذا الامر أري منهم ما أكره، فصمت عليه حتي جاءني جبرئيل، فقال: " يا محمد! انك إلا تفعل ما تؤمر به، يعذبك ربك " فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملا لنا عسا من لبن، ثم أجمع لي بني عبد المطلب حتي أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم
21 - كنز العمال، ج 13، ص 149، ح 36465.
(٣٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، عبد الغفار بن القاسم (2)، عبد الله بن الحارث (1)، علي بن أبي طالب (1)، نوفل بن الحارث (1)، الطعام (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)
أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - جذبة من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة، ثم قال:
" خذوا بسم الله " فأكل القوم حتي ما لهم بشئ حاجة، وما أري إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفسي بيده وان كان الرجل الواحد منهم، ليأكل ما قدمت لهم جميعا، ثم قال: " اسق القوم "، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتي رووا منه جميعا، وأيم الله ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله - صلي الله عليه وآله - أن يكلمهم، بدره أبو لهب، فقال: " لقدما سحركم صاحبكم "، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله - صلي الله عليه وآله - فقال الغد: " يا علي! ان هذا الرجل سبقني إلي ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل ان أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي. " قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتي ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: " أسقهم "، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتي رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله - صلي الله عليه وآله - فقال:
" يا بني عبد المطلب! اني والله ما أعلم شابا في
(٣٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)
العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالي أن أدعوكم إليه. فأيكم يوازرني علي هذا الامر علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ " قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت - واني لأحدثهم سنا وأرمقهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال: " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. " فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: " قذ أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. " 22 ثم أعلم ان للحديث طرقا ومتونا أخري، وفيما أتينا بها من الطرق غني وكفاية، ولعل الفاحص المتتبع يجد أكثر مما اطلعنا عليه. وفي ختام الكلام ننبه علي أمور:
الأول: ان الاختصار الواقع في الأحاديث إنما هو لبعض الأسباب والاغراض: فتارة اختصر الحديث: لان مجلس إملاء الحديث كان مناسبا للاختصار، وأخري لان الراوي قصد من رواية الحديث التنبيه علي نكتة خاصة وموضوع خاص، وثالثة لأنه سئل عن موضوع خاص مربوط ببعض ما في الحديث، ورابعة لعلة خوف الراوي من المستملين والمستمعين، وخامسة، لمنافاة نقل تمام ألفاظ الحديث مع
22 - تاريخ الطبري، ج 2، ص 216، الكامل لابن الأثير، ج 2، ص 62 و 63، وأخرجه في كنز العمال عن أبن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم، ج 13، ص 131 و 132 و 133، ح 36419.
(٣٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الخوف (1)، كتاب الكامل لإبن الأثير (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب تاريخ الطبري (1)
أغراضه السياسية والدنيوية وغير ذلك. وكل ذلك وان كان ممكنا في الاختصار الذي عرض علي هذا الحديث، الا ان في مثله من أخبار فضائل العترة الطاهرة لما كان الحذف والتحريف والابدال والاختصار، وعدم التصريح بالأسامي، والتأويل، وحتي الاعراض عن سماع الحديث، وترك الاملاء، قد وقع في موارد كثيرة لا تحصي، الأظهر ان ما وقع في هذا الحديث الشريف أيضا من الاختصار والابدال انما وقع لاخفاء فضائلهم وكتمان مناقبهم. فمثل ابدال قوله - صلي الله عليه وآله -: " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا " بجملة: " ان هذا أخي ووصيي وكذا وكذا " ليس إلا لذلك عنادا ونصبا، كما أن تركهم تخريج المئات بل الألوف من تلك الأحاديث أو إعراضهم عن أخذ العلم والفقه عنهم، ليس إلا لذلك، ونعم ما قال خليل بن أحمد اللغوي الشهير لما سئل عن فضائل أمير المؤمنين علي - عليه السلام -:
" ما أقول في مدح امرئ كتم أحباؤه فضائله خوفا، وأعداؤه حسدا، ثم ظهر بين الكتمين ما ملاء الخافقين. " وهو الذي قال في شأن الامام - عليه السلام -:
" احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليل علي أنه امام الكل. " الثاني: انه قد ظهر لك ان حديث يوم الدار في التنصيص علي خلافة علي - عليه السلام - مستفيض بل متواتر، وعدم التصريح في متون بعض طرقها بالخلافة لبعض الأسباب التي ذكرناها في الامر الأول لا يضر بعدم وجودها في غيرها. وبعد ما علمنا
(٣٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)
ان أصل عدم الزيادة يقدم عند العقلاء علي أصل عدم النقيصة، سيما في مورد يمكن تعدد صدور الكلام وتعدد وقوع الواقعة، وسيما إذا كانت الروايات المتضمنة الزيادة، أقرب بحسب الاعتبار بالقبول، وخصوصا إذا كانت للزيادة في الأخبار الكثيرة شواهد لا تحصي.
الثالث: انه لا ريب أن الوراثة المذكورة في بعض متون هذا الحديث ليست الوراثة المالية، فإنها مضافا إلي عدم موافقتها لما عليه إجماع أئمة أهل البيت - عليهم السلام - وشيعتهم من أن البنت ترث جميع تركة الأب بالفرض والرد، ولا يرث معها غيرها من العمومة والخؤولة وأبنائهم، وأن ابن العم الأبويني يرث العم دون العم الابي من غير أن يكون هذا الحكم مختصا بأمير المؤمنين - عليه السلام -، لا توافق علي مذهب العامة أيضا، الخبر المكذوب علي رسول الله - صلي الله عليه وآله - المخالف للقرآن المجيد، وهو:
" نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة ".
والظاهر بدلالة هذه القرينة أن الوراثة المذكورة في هذا الحديث، انما أريد بها وراثة العلم والولاية.
الرابع: أجاب بعضهم عن هذا الحديث الصريح علي خلافة الامام بعد رسول الله - صلي الله عليه وآله - بلا فصل أحد، أن كلمة " بعدي " لا تقتضي أن يكون هو الخليفة بعده بلا فصل، بل الحديث صادق، وإن سبق عليه الثلاثة الذين تقمصوا بها قبل الامام - عليه السلام -.
وجوابه واضح غني عن البيان، فان قوله: " أنت خليفتي بعدي " صريح في عدم الفصل، ولو قال بعد ذلك: " أنت خليفتي بعد
(٣٣١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، التصدّق (1)
أبي بكر وعمرو وعثمان " لكان نوعا من التهافت أو الا حجية التي ينبغي تنزيه كلام الحكيم في مثل هذه المقامات عنهما، وهذا أصرح من أن يقول: " أنت الخليفة بعدي "، وان كان هذا أيضا صريح في ذلك.
ونظير هذا التصريح في شأن علي - عليه السلام كثيرا في الأحاديث، مثل:
" علي ولي كل مؤمن بعدي. " 23 وقوله - صلي الله عليه وآله -: " علي بن أبي طالب مولي كل مؤمن ومؤمنة، وهو وليكم بعدي. " 24 وقوله: " أنت ولي كل مؤمن بعدي. " 25 وقوله: " علي مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ". 26 وقوله: " ان عليا وليكم بعدي. " 27 وقوله - صلي الله عليه وآله -: " هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني وهو فاروق الأمة، ويعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو خليفتي من بعدي. " 28 الخامس: انك قد عرفت كثرة مخرجي هذا الحديث من أكابر أهل السنة، ك:
1 - أحمد في مسنده، و 2 - ابن أحمد، و 3 - ابن مردويه، و
23 - كنز العمال، ج 13، ص 142، ح 36444.
24 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام، ص 142، ص 399، ح 465.
25 - المستدرك، ج 3، ص 134، ومسند أحمد، ج 1، ص 331.
26 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام، ص 400، ح 466، وص 401، ح 467 و 468.
27 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام، ص 402، ح 479.
28 - ميزان الاعتدال، بترجمة عبد الله بن واهر بسنده عن ابن عباس.
(٣٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، يوم عرفة (1)، علي بن أبي طالب (1)، الصدق (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، إبن عساكر (3)
4 - الحسكاني، و 5 - ابن إسحاق، و 6 - البيهقي في سننه ودلائله، و 7 - الثعلبي في تفسيره، و 8 - الطبري في تاريخه وتفسيره، و 9 - ابن كثير في تاريخه، و 10 - الإسكافي، و 11 - ابن أبي الحديد، و 12 - النسائي في الخصايص، و 13 - الحاكم في المستدرك، و 14 - ابن أبي حاتم، و 15 - ابن عساكر، و 16 - الطحاوي، و 17 - الضياء المقدسي، و 18 - سعيد بن منصور، و 19 - ابن الأثير، و 20 - المتقي، و 21 - الحلبي، و 22 - الذهبي، و 23 - يحيي بن سعيد في ايضاح الاشكال، و 24 - البزار، و 25 - الطبراني، و 26 - جعفر بن محمد الخلدي، و 27 - الكنجي الشافعي، و 28 - الحموئي، و 29 - ابن قتيبة، و 30 - ابن عبد ربه، وغيرهم من الحفاظ وأرباب التاريخ، كابن حجر، وأبي نعيم الهيكل.
ولشهرة هذا الحديث ذكره - كما في المراجعات - عدة من الكتاب الافرنجيين في كتبهم الفرنسية والانكليزية والألمانية، واختصره توماس كارليل في كتابه " الابطال " المترجم بالعربية والفارسية.
ولكن هذا آخر ما كتبناه حول آية الانذار وحديث يوم الدار، حامدا لله تعالي، ومصليا علي النبي وأهل بيته، سيما ابن عمه سيف الله المسلول، ونفس الرسول، وزوج البتول الإمام علي بن أبي طالب - عليهم السلام -. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرره لطف الله الصافي
(٣٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، آية الإنذار (1)، الطبراني (1)، إبن عساكر (1)، إبن الأثير (1)، علي بن أبي طالب (1)، يحيي بن سعيد (1)، سعيد بن منصور (1)، جعفر بن محمد (1)، الثعلبي (1)، الباطل، الإبطال (1)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.